عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - وحيد كوريال ياقو

صفحات: [1]
1
الاستاذ نبيل المحترم
تحياتي الحارة
فيما يخص احتفالات النبي ناحوم في القوش اود ان اشير الى ما ورد في كتاب " رحلة بنيامين الثاني "
             ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا وصف جميل ومفصل من مشاهدات المؤلف نفسه وهو حاخام يهودي خلال زيارته الى القوش في منتصف القرن التاسع عشر ،
نشرتها قبل ما يقارب العشر سنوات في هذا الموقع تحت عنوان ( قصص مثيرة من كتاب رحلة بنيامين الثاني – الجزء الثالث ) نقتبس منها :-     
                 
ذكرنا في الجزء الاول والثاني من هذا الموضوع بعض القصص المثيرة التي ذكرها المؤلف في رحلته التي كانت في اواسط القرن التاسع عشر الى الشرق الاوسط   وبالتحديد الاراضي المقدسة ولبنان وسوريا وتركيا ، واما في هذا الجزء فسنتناول بعض القصص المثيرة التي اشار اليها المؤلف خلال جولته في العراق ومنها :-

القوش واحتفالات معبد النبي ناحوم :-
يقول المؤلف :-
القوش بلدة يبدو عليها القدم ، فيها قبر النبي ناحوم ، اصطحبني اليها بعض اليهود من قرية ( صندور ) لأحضر الاحتفال السنوي الذي يقام حول معبد النبي ناحوم الواقع في ساحة واسعة بالقرب من الجبل داخل بناية واسعة تحتوي على غرفة واحدة فقط ، تتسع الساحة لأكثر من الف شخص ، لا وجود لليهود في هذه المدينة ، يبدو المعبد غريبا وموحشا فيه قبر النبي ناحوم محاط بسياج ومغطى بقماش نفيس خيوطه من الذهب ، فوقه قطع نقدية منثورة ذات قيم عالية تغطي القماش تقريبا ...
يأتي اليهود لزيارة هذا المعبد من الموصل واربيل وكركوك ومدن كردستان الجبلية ومن مدن بعيدة قد يستغرق الوصول اليها اسبوعا او اسبوعين ، وعلى الزوار ان يحضروا قبل الاحتفال بأسبوع او اسبوعين للتعبد قبل بدأ الاحتفال ، سكان البلدة يؤجرون غرفا او دورا للمحتفلين بهذه المناسبة وقد يستخدم اصحاب الدور مصطباتها ، ساحاتها او سطوحها ..
الزوار يجلبون معهم كتبهم المقدسة كالتوراة وغيرها ، يضعونها فوق الضريح ، ثم تدخل النساء ليبدأن القراءة وتلاوة الصلوات المختلفة بكل احترام وجدية مقرونة بالدوران سبع مرات حول القبر ، بعدها تبدأ النسوة بترتيل صلاة خاصة موجهة الى النبي ناحوم مع اناشيد الفرح من اجل النبي في العربية والكردية ، ثم يباشرون بالرقص والغناء حول الضريح برغبة عارمة وحماس شديد يستمر لمدة ساعة او اكثر ..
في المساء الاول من هذا العيد الذي يقام في الخامس من الشهر السادس يتجمع الزوار في المعبد الذي يضاء بأكثر من الف مصباح او قنديل زيتي ، ثم يدخلون غرفة المعبد حين بدأ موعد الخدمة واداء الصلوات ، واما الباقون فيستمعون بكل وقار وجدية الى جميع هذه الصلوات والابتهالات ، بعد الانتهاء من اداء هذه الصلوات يذهبون الى غرفهم لتناول اقداح القهوة طوال الليل ..
وفي الصباح تبدأ الصلوات ويحمل الرجال التوراة وكذلك يحملون البنادق والمسدسات والخناجر وكأنهم ذاهبون الى حرب حقيقية ، يسيرون بصفوف متراصة ومنتظمة وينشدون اناشيد الحرب قاصدين الجبل ليذكرهم بنزول الوصايا العشر على جبل سيناء ، ثم يرتلون صلاة خاصة لفترة ، ثم يبدأون بالنزول قبل ان يتفرقوا قسم منهم يؤدي العابا مسلية كركوب الخيل والعاب بهلوانية وغيرها كتمثيل مشاهد الحرب وكأنهم في حالة حرب حقيقية مصحوبة بالموسيقى الحماسية الحربية واغاني البطولة والشجاعة مصحوبة بأصوات العيارات النارية الخالية من الرصاص ، وتسمع صليل السيوف والخناجر وبعض المفاجأت الغريبة مع اصوات عالية ..
ان الغاية من هذه هي للتحضير حسب اعتقادهم لقدوم المسيح المنتظر ، حيث يعتقدون ان الحروب الطاحنة والمعارك الشرسة سوف تشب عند مجيء المسيح ، وعليه فأن جذوة الحماس يجب ان تستمر وهم متهيأون لقتال كل من يقف بوجههم او ضدهم عند دخول الارض الموعودة ، ثم يتخلصون من حكم الغرباء وينالون حريتهم واستقلالهم ، في هذه الثناء تأتي النساء مع الاتهن الموسيقية مشجعات الرجال بأغانهن ورقصهن كي يزيد من حماس الرجال ويزيد من اندفاعهم ملتحقات بالرجال في اداء هذه الحركات والاغاني ، وتشترك الاقوام الاخرى معهم في احتفالاتهم وافراحهم ..
وبعد مضي حوالي نصف النهار يعودون الى المعبد ويعيدون كتبهم الى اماكنها ويتجولون في المدينة ، وعند المساء تبدأ زيارة الضريح ثانية لتقديم الصلوات والابتهالات ، ومن بعدها يذهبون الى مكان مريح عند سفح الجبل لتناول الخمور والتسلية والاستماع الى الاحاديث المختلفة ، اما النساء فيرقصن على انغام الموسيقى التي هيأتها لهم ابناء البلدة ..
وفي اليوم الثاني وعند مغيب الشمس يسرعون الى المعبد لتقديم الصلوات قبل مغادرتهم القوش الى اماكن سكناهم ، يجزلون العطاء الى مرقد النبي ناحوم لصرفها على صيانته وتزيينه وخدمته ..
وبهذه المناسبة يجلب الزوار مرضاهم كي يوضعوا في حجرة النبي ناحوم ثم تقفل عليه الغرفة ليبقى وحيدا ، فأذا استطاع التغلب على الخوف والفزع الذي ينتابه وهو بمفرده في غرفة مظلمة مقفلة فأنهم يعتقدون بأن المرض قد زال عنه ، حيث التقاليد والمعتقدات تقول انه في منتصف الليل يتحرك نعش النبي ويشفي المريض ويقولون ايضا ان شبحا ينهض من التابوت يخاطب المريض ، ماذا تريد ؟ ما غايتك ؟ اذا اجاب المريض دون خوف فأنه سيشفى ، اما اذا خاف وارتجف وارتعدت فرائسه ربما يموت وينتهي ، ولا يسمح لغير المريض المبيت في هذه الحجرة , ولكني اردت المجازفة ودخلت الحجرة خلسة دون علم احد واتخذت الاحتياطات اللازمة فأخفيت نفسي تحت الستارة السميكة الفضفاضة المفروشة على القبر ، وبعد ان اسدل الليل سدوله واطفئت معظم القناديل وذهب الجميع الى اماكنهم ، خرجت من تحت الستارة وفتشت عما موجود في الغرفة ، فوجدت اوراقا مكتوب عليها سفر ناحوم ثم بدأت بقراءتها فلم اجد ما يثير الدهشة ، ثم شعرت بعدم الراحة فتركت القراءة وانتابتني الهواجس كأن صوتا يناديني وشعرت بحركة خفية داخل الغرفة ، ولكني في الحال استعدت شجاعتي وعدت الى القراءة الى ان انهيت الاوراق التي في متناول يدي وكذلك فصول من التوراة وعدت الى هدوئي واتزاني وشعرت بصداع خفيف بسبب ما تنفثه القناديل الزيتية من غازات سامة وروائح لم اتعود عليها ، وشعر ان افكاري قد تشتتت وتشابكت واني غير قادر على التركيز والانتباه وانا في الحقيقة راغب في ان ارى معجزة او شيء من هذا القبيل ولكن لم يحدث شيء يستحق الذكر ، وعند انتصاف الليل بدأت دقات قلبي تسرع وجسمي يرتجف كذلك شعرت بتعب شديد ثم غلبني النعاس ولم استيقظ اِلا في الصباح الباكر عندما فتح الباب هؤلاء الرجال المتمسكين بحرفية الدين والمغالين في التدين لأقامة صلوات الصباح ، فوجئوا جميعا عندما رأوني عند قبر النبي ، فتجمعوا حولي وسألوني يعصبية واستفزاز عن سبب وجودي في هذا المكان في مثل هذا الوقت ، ثم امطروني بالأسئلة الكثيرة والمحرجة عما رأيت وكيف قضيت الليلة وغير ذلك من الاسئلة العديدة التي لم اشأ الاجابة عنها لكي لا اغير ما في عقولهم ومعتقداتهم التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم ..
ان هذه الحادثة انتشرت بين الناس كأنتشار النار في الهشيم وكل يصوغها بالشكل الذي يعجبه ويرتأيه مع الاضافات التي ما انزل بها الله من سلطان ، فتركتهم يقولون ما يشاؤون ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 118 )


2
مهزلة الانتخابات المبكرة ومعمعة تشكيل الحكومة
اعادتني بالذاكرة الى مقال قديم
( برلمان شراكة .. نعم ، حكومة شراكة .. كلا )


وحيد كوريال ياقو
تشرين اول ٢٠٢١ - مشيكن

منذ ان بدأت عملية الانتخابات البرلمانية في العراق بعد تغيير النظام السابق سنة ٢٠٠٣ ، كنت اجد ان من واجبي الاخلاقي ان احرص دائما على المشاركة في الانتخابات وان ادلي بصوتي واساهم في اختيار أحد المرشحين في البرلمان ، وكنت ايضا احاول بقدر الامكان ان احث كل من حولي على المشاركة في الانتخابات ايمانا مني انه واجب وطني واخلاقي واعتقادا ان الانتخابات هي الوسيلة الديمقراطية الوحيدة التي تضمن كافة الحقوق والحريات لكافة ابناء الشعب وخاصة ابناء المكونات والطبقات الضعيفة  ..
وكنت في نفس الوقت اجد ان من واجبي الانساني ان اكتب شيئا عن هذه الممارسة الديمقراطية التي كانت جديدة علينا ، واحاول قدر الامكان ان اشير الى بعض السلبيات وبعض الايجابيات التي كنا نلاحظها او نسمع بها ، لكني كنت دائما احاول ان اقنع نفسي ان هذه الممارسة الديمقراطية بالرغم من كل السلبيات التي ترافقها والمخالفات التي تحصل فيها كنت اقول انها ما زالت تجربة جديدة وفتية ولا بد ان تتحسن وتتطور في المستقبل بالممارسة مرة بعد اخرى ، ولهذا كنت احاول ان اعطي صورة حسنة عنها فيها بعض الامل وبعض التفاؤل من ان الاجيال القادمة من ابناء الشعب العراقي عامة وابناء الاقليات والطبقات الضعيفة خاصة ستتمكن من العيش بأمن وامان وسلام في العراق وستنعم بنوع من الحرية والديمقراطية التي طالما حلمنا بها نحن الاجيال التي حرمنا منها خلال العقود الماضية وايضا سيشهد العراق نوعا من التطور والتقدم حاله حال باقي البلدان في المنطقة والعالم .. 
وهذا ما كنت افعله في كل الانتخابات السابقة وبكل اصرار بالرغم من اننا بطبيعة الحال لم نكن نعيش في العراق الا انه كنا نشعر وكما يقال ان العراق كان يعيش فينا ...
لكن الان وبعد ما يقارب العقدين من الزمن وبمناسبة اجراء الانتخابات المبكرة يوم الاحد الماضي ١٠\١٠\٢٠٢١ استطيع وبكل صراحة ان اقول انني لم اجد اية حاجة او ضرورة للمشاركة في هذه الانتخابات ، مع العلم انه لم يكن متاحا لنا المشاركة فيها لأنها اقتصرت على من هو داخل العراق فقط ولا نعرف ما السبب في ذلك ؟ ..   
ولكن ما نريد ان نقوله انه حسنا فعل ما يقارب ثلاثة ارباع الشعب العراقي من داخل العراق الذين قاطعوا الانتخابات ولم يشاركوا فيها ، وهذا دليل قاطع على رفضهم لها جملة وتفصيلا كعملية غير مجدية في الوقت الحاضر في العراق مع هذه الظروف المعقدة السائدة في البلدالتي تعيق سير الانتخابات وفقا للقانون والنظام وفي نفس الوقت تحرف النتائج التي لا يمكن الاعتماد عليها او العمل بموجبها ، ولذلك يؤسفنا ان نقول ان من يكون في مجلس النواب لهذه الدورة مع احترامنا وتقديرنا للكثير منهم لكن لا يحق له ان يدعي انه منتخب من الشعب او ان يعتبر نفسه انه يمثل الشعب لأن اكثرية الشعب لم ينتخب ولا نريد ان نقول اي شيء اخر عن الانتخابات التي كانت فعلا مهزلة ..
واما فيما يخص الامر الاخر الاهم وهو معمعة تشكيل الحكومة التي نستطيع ان نطلق عليها طامة تشكيل الحكومة او الطامة الكبرى ، فبعد ان جرت الانتخابات واصبحت امرا واقعا شئنا ام ابينا بالرغم من مقاطعة غالبية الشعب العراقي لها وهذا ما كان واضحا من خلال قلة الاقبال والمشاركة فيها وبالرغم من كل المحاولات التي جرت لتلافي واخفاء ذلك لكنهم لم يفلحوا  ، فكان ذلك واضحا وضوح الشمس لكل من يريد ان يستخدم عينيه او اذنيه ، وايضا بالرغم من التجاوزات والخروقات والمخالفات سواءا التي اعلن عنها ام التي استطاعوا اخفائها ، لا بد من الاعتراف بالواقع رغم مرارته وهو ان الانتخابات قد جرت وانتهت وان من فاز بها حتما سيكلف بتشكيل الحكومة المقبلة التي ستحكم في العراق وهنا ستبدأ المعمعة التي هي الطامة الكبرى التي لا بد من التوقف عندها والاشارة اليها ، والمعمعة قد بدأت بالفعل فمنذ اللحظات الاولى من اعلان النتائج الاولية بدأ جميع الاطراف المشاركة في الانتخابات ، الفائزون والخاسرون يتصارعون ويتعاركون ، يهددون وينذرون بعضهم البعض من اجل حصصهم ومصالحهم الخاصة ولا احد يعرف متى ستنتهي هذه المعمعةاو كيف ستنتهي ؟ ، ولكن في الاخير كالعادة سيضطرون الى ان يتفقوا الى اشراك الجميع في الحكومة المقبلة التي سيسمونها حكومة الشراكة الوطنية ..
وحكومة الشراكة الوطنية هذه اذا ما تشكلت كسابقاتها على هذا الاساس فهي سوف لن تختلف عن سابقاتها في اي شيء وسوف لن تستطيع من ان تغير اي شيء وسوف لن تستطيع ان تبني او ان تعمر اي شيء ولا حتى ان تضع حجرا على حجر ، وتأثيرها سيكون اكثر بكثير من تأثير كل التجاوزات والخروقات والمخالفات التي حصلت في الانتخابات ولهذا نقول ان معمعة تشكيل الحكومة هي فعلا الطامة الكبرى لأننا نعتقد :ـ
 
ان حكومة الشراكة او التوافق او اشراك الجميع في الحكومة ، يعني ابقاء الوضع المتدهور على ما هو عليه من التدهور لا بل المزيد من التدهور والانحطاط والتخلف ..
 
وان توزيع المناصب الوزارية بحسب الاستحقاق الانتخابي ، يعني المزيد من الفساد والسرقات والفلتان ..
 
وان ابقاء الرئاسات بحسب الاستحقاق القومي والطائفي والمذهبي ، يعني المزيد من هذه المسميات المقيتة ..
 
ومهما يكن فسوف لن يتغير اي شيء في العراق وسوف لن يجني ابناء العراق سوى المزيد من الظلم والحرمان ، واعتقد انه مهما كتبتنا في هذا الموضوع سوف لن يكون اكثر مما ذكرناه قبل ما يقارب العشر سنوات في مقال كتبته ونشرته في هذا المنبر بعنوان :-   
 
( برلمان شراكة .. نعم ، حكومة شراكة .. كلا  )

 وكان ذلك بمناسبة الانتخابات التي جرت سنة ٢٠١٠ ، وبالرغم من كل المتغيرات التي جرت على الساحة العراقية والدولية الى انني وجدت ان ما ذكرناه في هذا المقال ما زال يصلح لهذه الايام العصيبة التي يمر بها العراق ، ولهذا رغبت في اعادة نشره ، فأرجو ان لا اكون مخطأ في هذا .
       

       برلمان شراكة .. نعم     
                              حكومة شراكة .. كلا

 الديمقراطية = حكومة + معارضة 
من هذه المعادلة الافتراضية البسيطة يستطيع كل من يتابع المشهد السياسي العراقي وكل من يسمع اخبار العراق ويشاهد ما يجري وما يدور بين الكتل والاحزاب الكبيرة الفائزة في الانتخابات التشريعية من محادثات ولقاءات واتفاقات واختلافات وما يذهبون اليه او ما يرومون الذهاب اليه في سبيل تشكيل الحكومة المرتقبة التي يدعون انها ستكون حكومة وحدة وطنية او حكومة شراكة وطنية او حكومة شاملة او ما الى ذلك , فأنه يلاحظ بوضوح انهم بذلك يبتعدون ابعد ما يكون عن الديمقراطية , او انهم بذلك لا يتجهون نحو الديمقراطية ولا يسيرون نحو تطبيقها ,  ويلاحظ ايضا او يتأكد من انهم لا يريدون الديمقراطية اساسا او انهم لا يرغبون في تطبيقها ابدا ولا يسعون اليها اطلاقا ..
 ومن نظرة سريعة الى هذه المعادلة السياسية الافتراضية البسيطة نستطيع ان نقول انها كالمعادلات الرياضية تحتاج الى موازنة وتتطابق لمكونات طرفيها لكي تتحقق , او انها لا تتحقق او لا تتكامل بالصورة الصحيحة الا بوجود اوبموازنة كل مكونات طرفيها  ..  فالطرف الاول وهو ( الديمقراطية ) التي تسعى اليها كل الشعوب وتتمناها كل الامم وتتدعي بها كل الحكومات في كل الدول سواء التي تمارسها فعلا بحق وحقيقة او التي تتظاهر بها او تتدعي بها بأي شكل من الاشكال , لا يمكن ان تكون ما لم يكن هناك الطرف الثاني اي ( الحكومة و المعارضة ) , ولكي نوضح بعض ما نريد ان نقوله في هذا الموضوع لا بد من ذكر  شيئا عن هذه المكونات ومن زوايا مختلفة :- 
فالديمقراطية او من التعاريف البسيطة او المبسطة للديمقراطية اوالديمقراطية بمفهومها الشعبي هي انها حكم الشعب او ان تكون الحكومة من الشعب او على الاقل اشتراك الشعب في الحكومة وهذا يعني ببساطة ان يقوم ابناء الشعب بأختيار الحكومة ولفترة محدودة طبعا ..
واما سياسيا فالديمقراطية او من المفاهيم الاساسية للديمقراطية اوالمتطلبات الضرورية لبناء الدولة الديمقراطية فتكمن في وجود حكومة منتخبة او مختارة من قبل الشعب تعمل ما تراه صالحا للوطن ومفيدا للناس وفق ايدلوجية معينة وبحسب اسلوبها  الخاص ورؤيتها الخاصة مع وجود من يراقب عملها ويقيم ادائها ويحاسبها على اخطائها بأستمرار , ويكون لهذا المراقب سلطة تكون احيانا اكبر من سلطة الحكومة نفسها , وتصل احيانا الى عزل الحكومة او تغييرها اذا اقتضى الامر عن طريق القضاء الذي يجب ان يكون مستقلا ويكون له القرار الفصل , وهذا المراقب هو ما يسمى وفق المصطلحات السياسية بـ ( المعارضة ) ..
والديمقراطية لها مباديء اساسية وتعاريف مختلفة ومفاهيم كثيرة ولكن كلها تدل على قيام ابناء الشعب بأختيار اركان الحكومة الاساسية من خلال انتخابات حرة, اي قيام ابناء الشعب باختيار من يمثلهم او من يثقون به ليقوم بوضع او تشريع القوانين اي ( البرلمان ) , ومن يكلف بتنفيذ او تطبيق تلك القوانين اي ( الحكومة التنفيذية ) وهي التي تحصل على اكثر الاصوات في الانتخابات ,  ومن يراقبها في عملها وادائها وهي ( المعارضة ) التي لم تحصل على اكثر الاصوات في الانتخابات , بالاضافة الى ( القضاء ) الذي يكون له القرار الفصل ..
 فالديمقراطية من الناحية النظرية تتسم بمفاهيم عظيمة لا مثيل لها ومعاني نبيلة لا بديل لها ومباديء سامية لا نظير لها ابدا اينما كانت ومتما كانت .. واما من الناحية العملية او الفعلية او التطبيقية فأن الامر هنا حتما سيكون مختلفا  سواء في ايجابيات الديمقراطية وحسناتها او في سلبياتها ومساوئها بسبب سوء فهم مبادئها او تحريفها او عدم تطبيقها بصورة صحيحة او بشكل عادل  , وان ذلك لا يكون الا بسبب عدم الموازنة الصحيحة لمكونات المعادلة اعلاه , وهذا يعني بلغة اخرى عدم التوزيع الصحيح او الفصل التام في صلاحيات المكونات الثلاث المكونة للحكومة اي البرلمان والقضاء والحكومة التنفيذية , وهذا لا يأتي الا من غياب من يراقب او يحاسب هذه المكونات الثلاث لتحديد صلاحياتها والفصل التام بينها ويكون هذا المراقب هو المسؤول الاول والاخير عن كل ذلك وهو ( المعارضة ) .
ففي الولايات المتحدة الاميركية مثلا يعتمدون  اساس المراقبة والموازنة والفصل بين الصلاحيات لمنع اي قسم من اقسام الحكومة من ان يصبح ذو قوة اكبر او صلاحيات اكثر لكي لا يتسلط على غيره او ينفرد بأتخاذ القرار ...     
فوجود المراقبة التي تكون من قبل المعارضة خاصة امر ضروري جدا وخاصة فيما يخص عمل واداء الحكومة التنفيذية لغرض تقويمها ومحاسبتها على اخطائها او عند اخفاقها او تلكؤها في مهامها او عند عجزها في حماية الحقوق الاساسية للمواطنين او في توفير الامن والامان لهم او في انجاز المشاريع الخدمية والانتاجية والمعمارية وتوفير فرص العمل مما يكفل الرفاهية والحياة الحرة الكريمة لجميع ابناء الشعب وهذه هي ما تدل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية اوتشير الى تطبيقها بصورة صحيحة ..
فالديمقراطية يجب ان تبنى على اساس الرأي والرأي الاخر المعارض , وهو الذي يغذيها ويجعلها تستمر وتدوم , وان عدم وجود الرأي الاخر يعني عدم وجود ديمقراطية  او ان عدم الاخذ بالرأي الاخر  يعني انهاء للديمقراطية .. لأن الرأي الاخر المعارض هذا ( اي المعارضة ) هو الذي يولد الديمقراطية وهو الذي يجعلها تستمر وهو الذي يجددها ويطورها مع الزمن وبحسب متطلبات العصر المتجدد دائما وابدا ...
واذا ما اخذنا الولايات المتحدة الاميركية كنموذج او كمثال وذلك لسببين اولهما انها هي التي فرضت الديمقراطية على العراق , وثانيهما ان كلاهما يتميزان بتنوع شديد سواء في الموارد البشرية او في الموارد الطبيعية وهذا التنوع يعتبر في الولايات المتحدة الاميركية المصدر الرئيسي لقوتها وجبروتها وسبب تقدمها وتطورها , ولهذا لا بد ان تكون الديمقراطية المفروضة على العراق بنفس مقاييس ديمقراطيتها او بحسب مواصفاتها , ففي الولايات المتحدة الاميركية يتم تشكيل الكونكرس ( الذي هو السلطة التشريعية للبلد ) بفرعيه بطريقة الشراكة , فمجلس الشيوخ يتم تشكيله بطريقة شراكة لجميع الولايات المتحدة التي يتكون منها البلد ( لكل ولاية ممثلين اثنين ) واما مجلس الممثلين فيتم تشكيله بطريقة شراكة ايضا لجميع السكان في جميع الولايات وبحسب عدد النفوس لكل ولاية , بينما الحكومة يتم تشكيلها من قبل الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية فقط وكما يشاء او وفق ما يشاء وممن يشاء , بينما يبقى الذي لم يفوز في الانتخابات في الكونكرس بالمرصاد له ... فلا يجوز مطلقا ان تتوحد الاكثرية التي فازت في الانتخابات مع الاقلية التي لم تفوز لتشكيل حكومة موحدة , واذا ما حصل هذا فأن ذلك يعني انهاء للديمقراطية لان مثل هذه الوحدة لا تكون الا ضد الشعب او على حساب مصالح ابناء الشعب الذي اختارهم وانتخبهم ...
فالديمقراطية في حقيقتها هي فعلا حكم الاكثرية , الاكثرية العددية التي تأتي من ممارسة الية الديمقراطية او المدخل الرئيسي لها التي هي الانتخابات ... ولكن من تطبيقات الديمقراطية المعتمدة يجب ان تكون الاكثرية الفائزة في الانتخابات في الحكومة التنفيذية  او هي التي تشكل الحكومة التنفيذية , بينما تبقى الاقلية في البرلمان كمعارضة للحكومة التنفيذية وهي بذلك لا تقل شأنا عنها ابدا ...
وهنا لا بد من ان نشير ايضا ان الديمقراطية بمفهومها الفلسفي هي رؤية حضارية لنظام حياة للمجتمع او طريقة لتعايش الناس قبل ان تكون نظام حكم او نظام لتداول الحكم , فهي يجب ان تكون او ان تمارس في كافة مؤسسات المجتمع ومنظماته المدنية وحتى داخل العائلة وليس فقط في مؤسسات الدولة الرسمية او في الهيئات الحكومية وتشكيلاتها  , والديمقراطية لا تنتهي بعد اعلان نتائج الانتخابات واستيلاء الاكثرية على الحكم كما يفهمها البعض او كما يحلو للبعض ان يفسرها هكذا , او كما يسعى الى ذلك البعض الاخر لاقصاء الاقلية او تهميشها او الغائها .. وهي في نفس الوقت لا تجوز تقسيم الحكم على الكل او على اسس دينية او طائفية او مذهبية او قومية او ما الى ذلك , فهي وسيلة لضمان حقوق الكل والحفاظ على كل تلك المسميات وتحقيق المساوات والعدالة لها وليس لألغائها او التسلط عليها او لتحقيق اطماع خاصة من خلالها ...   
من هذه المقدمة الطويلة نستطيع ان نقول ان ما يحصل الان في العراق بعد ان فرضت عليه الديمقراطية فرضا قسريا , لا يمت بصلة الى الديمقراطية ابدا , وان كل ما يجري هناك هو في غياب الديمقراطية او الاصح هو تغييب للديمقراطية , وهذا ما يدل اما على عدم فهم للمباديء الاساسية للديمقراطية ليس فقط من قبل عموم ابناء الشعب , بل حتى من قبل بعض المسؤولين والسياسيين وصناع القرار( وهذا امر نستبعده طبعا ) , او التعمد في تجاهل ذلك لغايات واغراض خاصة , او عدم فهم  لثقافة المعارضة الضرورية للديمقراطية التي يجب ان تكون لمراقبة اداء الحكومة , او عدم التمييز بينها وبين المعارضة المعادية التي تروم الى القضاء على الحكومة او الانقلاب عليها , او التعمد بدمج مفهوم هاتين المعارضتين لخلط الاوراق او لأغراض خاصة او لتبرير عدم القبول بالرأي الاخر المعارض ... 
فالمعارضة الضرورية  ليس بالضرورة ان تكون دائما ضد الحكومة , فقد تتفق احيانا هذه المعارضة مع الحكومة على امور كثيرة وتتوحد الكلمة على بعض القضايا المهمة مثل القرارات المصيرية او العلاقات الخارجية وتصبح بذلك سندا للحكومة , وهذا هو ما يميزها عن الانظمة الشمولية الدكتاتورية التي تنفرد في الحكم وتنفرد في اتخاذ القرارات المهمة والغير المهمة على حد سواء  ولهذا يكون لها عادة او تنشأ لها دائما معارضة معادية تحاول القضاء عليها ...
ان ما يدور هذه الايام من محادثات بين الكتل والاحزاب الكبيرة الفائزة في الانتخابات ومحاولاتها الاتفاق على تشكيل حكومة شاملة او حكومة شراكة فيما بينهم وادعائهم بأشراك كل الاطراف فيها للوصول الى اتفاق او لارضاء كل الاطراف  يقودنا الى التساؤل :-
هل يجوز ان يحكم الشعب كله او ان يكون الشعب كله في الحكم ؟ فهل يجوز ان يحكم الكل على الكل ؟ ومن سيراقب هذا الكل الحاكم ؟ وكيف سيعرف ابناء الشعب ان هذا الكل الحاكم يحكم بعدل اذا كانوا كلهم في الحكم ؟ .
واستنادا الى هذا نقول انه لا بد من وجود من يحكم ولا بد من وجود من يراقب هذا الذي يحكم , ولا بد من ان يستطيع الذي يراقب ان يحاسب الذي يحكم لكي يستقيم ولكي يعدل في تحقيق العدل والمساوات للجميع , هذا بالاضافة الى ان وجود هذا المراقب سيكون حافزا للذي يحكم او سيدفعه الى تقديم الافضل ...
وعلى هذا الاساس نرى انه يجب ان يتم تشكيل الحكومة من قبل الاكثرية الفائزة في الانتخابات وتوزيع المناصب الوزارية اعتمادا على الخبرة والكفاءة والاخلاص وليس لأي اعتبار اخر لتكون حكومة قوية وقادرة على تنفيذ برامجها , وتكون هي المسؤولة على ادارة كافة شؤون الدولة وهي التي تتحمل مسؤولية كل ما يتطلب ذلك , بينما تبقى الاقلية في البرلمان كمعارضة لتراقب اداء تلك الحكومة وعليها تقع مسؤولية محاسبتها , وبذلك يتم ضمان ديمومة الديمقراطية وسلامة ممارستها التي ستضمن او تتيح الفرصة للتناوب على السلطة بين الحكومة والمعارضة من خلال الاصوات التي ترمى في صناديق الاقتراع في الانتخابات التي تمثل رأي ابناء الشعب وقرارهم العادل الذي يجب ان يحترم وان يكون ملزما للكل او فوق الكل ...
وختاما نعود ونقول لا يجوز مطلقا توزيع المناصب الوزارية على الاكثرية والاقلية لغرض ارضاء الجميع او لمراعات مصالح الجميع ..  نعم يجوز تشكيل برلمان يضم ممثلي كل ابناء الشعب من كل الفئات ومن كل الشرائح ومن كل المناطق , ولكنه لا يجوز مطلقا تشكيل حكومة مشتركة بين الاكثرية والاقلية بأسم حكومة توافق او حكومة شراكة وطنية او حكومة الوحدة الوطنية او تحت اي مسمى اخر ..
 فنعم لبرلمان شراكة .. وكلا لحكومة شراكة .

     وحيد كوريال ياقو
       حزيران – 2010
     

3
صديقي العزيز الشماس اديب كوكا المحترم
تحياتي الحارة

في البداية لا بد ان نشكركم على هذا المقال القيم لهذا الموضوع المهم وبهذا الاسلوب الراقي في النقد البناء الذي انما يدل على محبتكم الصادقة للكنيسة وحرصكم عليها ، وانا شخصيا لم استغرب من هذا حيث منذ ان تعرفت على حضرتكم في ثمانينيات القرن الماضي ضمن مجموعة اصدقاء الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد ، عرفت فيكم انكم كنتم رجل الكلام المناسب في الوقت المناسب ، وهذا ما بقينا نلاحظه فيكم خلال النشاطات والفعاليات واللقاءات التي كانت تقام في الجمعية الثقافية انذاك ، وبعدها في جمعية اشور بانيبال ومهرجاناتها السنوية وثلاثاءها الثقافي الاسبوعي ، والى هذا المقال الافتتاحي لكم في هذا الموقع الموقر عنكاوا كوم الذي اعتبره المقال المهم في الموضوع المهم ...

اذكر هذا لأنني على يقين انكم خير العارفين ان هذه المشكلة قديمة وليست جديدة ولا وليدة اليوم ، وقد سبق وان تكلمنا عنها كثيرا وبمرارة قبل اكثر من اربعين سنة خلال لقاءاتنا في الجمعية الثقافية ، اذن انها لم تأتي الان او بعد ٢٠٠٠ سنة كما في عنوان المقال وانما قبل ذلك ببضعة عقود ، وكذلك انني على يقين انكم تتذكرون انه كلما كانت تتاح لنا الفرصة لسؤال احد رجال الكنيسة عن هذا الموضوع ، فلم نكن نسمع سوى جوابا واحدا وهو ان الكنيسة مسؤولة عن الايمان وليس عن اللغة ، وهو هذا الذي تقوله الكنيسة منذ ذلك اليوم ولحد الان وبتعاقب اربعة بطاركة على رئاستها ، وهو ايضا ما جاء في رد البطريركية على مقالكم ، فما الجديد الان ؟

ولكن ما دام الموضوع قد استحدث وطرح مجددا من قبل رئاسة الكنيسة نفسها ، فمن الطبيعي ان يكون هناك ردود افعال مختلفة مؤيدة او مبررة او معارضة مستنكرة ، لكن ما اريد ان اقوله بهذا الصدد هو انني اعتقد انه لو كانت ردود الافعال المعارضة ومن ضمنها هذا المقال وغيره من المقالات الاخرى وكل ما كتب في هذا الموضوع من قبل الكثير من الاساتذة الافاضل وكل ما جاء في المداخلات والتعليقات ، لو كان كل هذه قد صيغت بشكل رسائل خاصة مرسلة الى رئاسة الكنيسة الكلدانية الحالية التي ورثت هذه المشكلة القديمة ، اعتقد لكان مردودها افضل ، انه مجرد رأي .
   

4
شكر وامتنان

بأسمي وبأسم عائلة الدكتور المرحوم ابرم حنا ايشو ، زوجته واولاده وبناته واخوته واخواته وجميع اهله واقربائه نقدم جزيل شكرنا وامتناننا لجميع الذين شاركونا في مصابنا الاليم برحيل فقيدنا المغفور له الدكتور ابرم حنا ايشو ونشكر جميع الذين قدموا لنا تعازيهم الحارة وعبروا عن مشاعرهم الطيبة كل بحسب ما استطاع وبحسب الوسيلة المتاحة له في هذه الظروف الصعبة للغاية بسبب الحضر من انتشار جائحة كورونا :-
نشكر جميع الذين استطاعوا الحضور بشكل شخصي الى الكنيسة والذين رافقونا الى المقبرة وقدموا تعازيهم الحارة لنا بشكل مباشر متحدين بذلك وباء كورونا اللعين ..
ونشكر ايضا جميع الذين لم يستطيعوا الحضور بشكل مباشر سواء بسبب الحظر الصحي او بسبب بعد المسافة وانعدام المواصلات ، فقدموا تعازيهم الحارة لنا وعبروا عن مشاعرهم الطيبة تجاه الفقيد عبر الاتصال بالهاتف ..
كذلك نشكر جميع الذين قدوموا تعازيهم الحارة وعبروا عن مشاعرهم الطيبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة من خلال التعليقات والمشاركة والاعجاب ..
وايضا نقدم جزيل الشكر الى جميع الذين قدموا تعازيهم الحارة وعبروا عن مشاعرهم الطيبة وذكرياتهم القديمة وانطباعاتهم الطيبة عن الفقيد من خلال المداخلات والردود التي سطروها في موقعي عنكاوا كوم والقوش نت واستذارهم واحتفاظهم لهذه الذكريات طوال هذه الفترة الطويلة انما هي من صدق مشاعرهم الطيبة ..
وايضا نقدم بشكرنا الجزيل للاباء والشمامسة في كنيسة ام المعونة الدائمة في مدينة وورن لما قدموه من خدمات روحية من اقامة القداس وصلاة الجنازة على روح الفقيد الطاهرة على اكمل وجه في الكنيسة والمقبرة ..
وكذلك نقدم بشكرنا الجزيل لمنتسبي ( ميرسي فيونر هوم ) لجهودهم الطيبة في استلام الجثمان والاعتناء به وتنظيم مراسيم النقل والتشييع على اكمل وجه ..
الراحة الابدية وملكوت السماوات للمرحوم ولكم جميعا الصبر والسلوان وطول العمر .
 

5
الدكتور ابرم حنا ايشو في ذمة الخلود

انتقل الى الاخدار السماوية الدكتور ابرم حنا ايشو مساء يوم الثلاثاء 9 حزيران 2020 في ولاية مشيكن الامريكية بعد صراع طويل مع مرض عضال ...
المرحوم هو ابن المرحومين حنا ايشو متي وشوشي شابا ، وزوج السيدة ليلى عزيز يوسف ووالد كل من صميم في العراق ورنين ورنة ورين في مشيكن ...
واخ كل من ياقو وجورج وميخا وريجو وحني وجورجيت ...
المرحوم هو من مواليد 1942 ، هاجرت عائلته من قرية ازخ الى القوش قبل ان يكمل السادسة من عمره لغرض الدراسة ..
وهناك في القوش اكمل دراسته الابتدائية والثانوية بتفوق ثم انتقل الى بغداد ليلتحق بكلية الطب في جامعة بغداد التي تخرج منها سنة 1967 ... 
بعد اداء الخدمة العسكري الالزامية تعين في دهوك وخدم في مؤسساتها الصحية المختلفة لمدة 28 سنة وكان متفانيا في عمله ومخلصا في اداء واجبه كطبيب فنال ثقة الناس في دهوك والقرى المجاورة والقوش وغيرها ..
بعد تدهور الاوضاع الامنية في العراق هاجر الى الولايات المتحدة الامريكية سنة 1998 واستقر في ولاية مشيكن ... 
الراحة الابدية وملكوت السماوات للمرحوم ولجميع افراد عائلته واهله وذويه الصبر والسلوان .
مراسيم القداس وصلاة الجنازة والتشييع ستكون كالاتي :-
القداس وصلاة الجنازة ستكون يوم السبت القادم المصادف 13 حزيران 2020 الساعة 11 صباحا في كنيسة ام المعونة الواقعة على الميل 12 بين شارعي فان دايك وهوفر في مدينة ( وورن ) على العنوان التالي :- Our Lady of Perpetual Help
11200 E 12 Mile Rd Warren MI 48092
ومنها الى مثواه الاخير في مقابر ( وايت جابل ) White Chapel Memorial Cemetery الواقعة على تقاطع الميل 18 وشارع ( كروكز ) في مدينة ( تروي )
ملاحظة :- بسبب الظروف الحالية والحظر الوقائي من جائحة كورونا وعدم السماح باقامة التعازي الجماعية المباشرة ستقتصر تقديم التعازي عن طريق الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة مع شكرنا الجزيل للجميع 
 

6
صديقي العزيز كيوركيس اوراها المحترم
تحياتي الحارة
شكرا جزيلا لمروركم على الموضوع ولمداخلتكم الرائعة اعلاه وكما اشكركم على مشاعركم الطيبة تجاه ما ورد في هذه القصة وايضا اثمن تقييمكن لكتاباتي القليلة طبعا ولكن هذا ما تسمح به الظروف ...
صديقي العزيز :-
جميل ان يلتقي الاصدقاء القدامى من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ويناقشوا من جديد افكارهم المستجدة دائما مع بعضهم البعض من خلال المداخلات والتعليقات ، ولكن تبقى ذكريات اللقاءات المباشرة التي كانت بالنسبة لنا في بغداد سواءا في الجمعية الثقافية مع مجموعة الاصقاء او في جمعية اشور بانيبال فيما بعد تبقى اجمل واحلى ..
واما فيما يخص مداخلتكم القيمة ، فكما قلنا في مداخلة سابقة انه لا يجب ان نستغرب من تشابه الطبيعة في قرانا شمال العراق ، كذلك يجب ان لا نستغرب من تشابه الظروف الامنية والحياتية التي مرت بها بغظ النظر عن السبب او المسبب فالنتيجة كانت واحدة على ابناء شعبنا وهي الظلم والاضطهاد والاقصاء والتهميش والهجرة والتشرد داخل الوطن واخيرا التشتت في بلدان العالم المختلفة التي كما ذكرتم تحترم الانسان او يتمتع فيها الانسان بكل حريته وينال كافة حقوقه مهما كان لونه او عرقه او جنسه ، ولكن نتمنى ان يصاحب ذلك الحفاظ على الوجود والهوية .
مع تحياتي الحارة لكم ولجميع الاصدقاء القدامى
     

7
الاستاذ شوكت توسا المحترم
تحياتي الحارة
شكرا جزيلا لمروركم على الموضوع ومشاعركم الطيبة تجاه القصة وتقييمكم لما جاء فيها ...
اتابع باستمرا كتاباتكم القيمة التي تعبرون من خلالها عن افكاركم النيرة حول جميع الاحداث المهمة التي تخص ابناء شعبنا... 
فشكرا جزيلا لكم .

السيد بولص ادم المحترم
تحية طيبة
سرني كثيرا وصفكم وتقييمكم للقصة ...
واما فيما يخص القرية التي حصلت فيها القصة فهي فعلا ( ازخ ) ولكني لم اذكرها لكي لا اشخص الموضوع وكما انني لا استغرب ان كان هناك تشابه في الطبيعة مع قريتكم الجميلة ( ديري ) والكثير من القرى الاخرى ايضا ، بالرغم من انه لم يسعفني الحظ بمشاهدة قريتكم ( ديري ) عن قرب لكني رأيتها مرة واحدة فقط من الشارع عندما كنا في سفرة عائلية فعجبنا المنظر كثيرا فقررنا استراحة قصيرة في احد البساتين القريبة من الشارع تحت شجرة جوز كبيرة قطفنا منها قليلا طبعا بدون علم صاحبها فارجو ان لا تخبره لأن ذلك كان قبل ما يقارب الثلاثين سنة ...
تقبل تحياتي الحارة 

رابي اخيقر يوخنا المحترم
تحياتي الحارة
شكرا جزيلا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه ، واتفق معك بان هناك الكثير من العادات والتقاليد التي توارثناها عن الاباء والاجداد متشابهة في الكثير من قرى المنطقة ، وفعلا يمارسها الكثير من الناس كمجرد عادات ...
واما ما اشرتم اليه حول السؤال في نهاية القصة ، فهو فعلا المقصود ليس فقط في السؤال بل في مضمون القصة ايضا ، حيث ان كورونا فعلا قد اسقط الكثير من المفاهيم التي كان الكثير من الناس يعتبرها مسلمات وكذلك بسبب كورونا ستتغير الكثير من العادات والممارسات التي تعودنا عليها ولا نستغرب من الذين يقولون ان العالم بعد كورونا سوف لن يكون كما كان من قبل ...
تحياتي الحارة لكم ولكل من يقرأ ويحلل اوكما يقال يقرأ ما بين السطور
     

8
الصراع مع الشيطان
هل يزيد من مناعة الجسم
؟

( قصة بين الواقع والخيال )

 
وحيد كوريال ياقو
ايار – 2020  - مشيكن
 
راودتني فكرة نشر هذه القصة في هذه الايام التي اصبح حديث الناس كله عن الجائحة اللعينة التي تسمى ( فايروس كورونا ) التي اجتاحت مؤخرا العالم كله وانتشرت بسرعة في كافة البلدان والاقطار وحيرت الحكومات والرؤساء وشلت حركة الناس وعطلت اعمالهم واجبرت معظمهم المكوث في البيت وشغلت كافة وسائل الاعلام المرئية منها والمسموعة والمقروءة ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي حيث سببت ازمة حياتية لم يشهدها التاريخ من قبل ...
وبطبيعة الحال فقد اختلف الناس كثيرا عن مصدر هذا الفايروس اللعين ، فمنهم من يقول انه خرج من مختبر ومنهم من يدعي انه خرج من سوق ، ومنهم من يقول انه من صنع الانسان ومنهم من يعتقد انه من صنع الطبيعة واخرون يدعون انه عقاب من الله على الانسان لسوء سلوكه ...
وقد اختلف الناس ايضا في طريقة الوقاية من هذا الفايروس والوسائل التي يجب اتباعها للتجنب من اخطاره وشروره ومنها او في مقدمتها تقوية مناعة الجسم ، فكثرت وصفات الاطعمة والاكلات التي تعتقد الناس انها تقوي مناعة الجسم وهكذا الفواكه والخضراوات التي تزيد من مناعة جسم الانسان واصبحت الشغل الشاغل للكثير من الناس وخاصة ربات البيوت ، وهذا ما جعلني اتذكر هذه القصة التي رواها لي احد اصحابي القدامى عندما التقيت به قبل مدة قصيرة من زمن كورونا اللعين ...
 المقدمة :-
 عندما التقيت احد اصحابي القدامى قبل مدة قصيرة من زمن كورونا اللعين ، وبعد ان سلمنا على بعضنا البعض وتصافحنا بحرارة وقبلنا بعضنا البعض ، قادني الى مكان جلوسه المفضل في حديقة داره الخلفية ، وهناك جلسنا جنبا الى جنب حيث لم يكن هناك كورونا بعد ...
وكالعادة بدأنا السؤال عن الصحة والاحوال وكعادتنا نحن في العراق نكرر هذا السؤال اكثر من مرة ، ولفت انتباهي ان صاحبي كغير عادة معظم الناس الذين يكون جوابهم بتواضع خوفا ان لا تصيبهم عين ، فقد كان صاحبي يجيبني في كل مرة بكل ثقة وعزم وتفاؤل ويقول :-
ـ انا صحتي جيدة جدا !!!.
فقلت وانا اجامله :-
+ هذا امر جيد ان يكون الانسان بهذا العمر وهو ما زال يتمتع بصحة جيدة في هذا الزمن .
فأجابني بسرعة :-
ـ لكنني كما تعرف لست من هذا الزمن ، وان صحتي لم تأتي من هذا الزمن الخالي من الصحة ، هذا زمن الرفاه والرخاء والكسل هو الذي جلب للناس كل هذه الامراض الكثيرة من الضغط والسكر والقلب والكلسترول وغيرها ...
فقلت مقاطعا :-
+ وهل انت من زمن اخر ؟ السنا كلنا نعيش في هذا الزمن ؟ وهل هناك زمن فيه صحة وزمن ليس فيه صحة ؟
فأجاب :-
ـ نعم لكل زمن مزاياه وعطاياه ، فأنا وانت وكل من في عمرنا عشنا في زمن الاتعاب والشقاء والحرمان وهي التي اكسبتنا القوة والتحمل والصبر والمقاومة والصحة ...
فقلت مؤيدا :-
+ بالتأكيد هذا صحيح وانا اتفق معك ان الانسان عندما يعيش حياة متعبة وشاقة ويمر بظروف صعبة وعصيبة واحوال متدهورة وغير مستقرة كالتي عشنا نحن فيها ، لربما تقوي الجسم وتعوده على الصبر والتحمل وتكسبه المناعة ضد الامراض ...
فقال وهو يهز رأسه :-
ـ نعم هذه حقيقة يعرفها الجميع ، ولكن بالنسبة لي لم تكن هذه فقظ ...
فقلت مستغربا :-
+ وهل هناك اكثر من التعب والشقاء والظلم والحرمان وعدم الاستقرار ؟
فأجابني فورا :-
ـ نعم صحيح كلنا عشنا التعب والشقاء والظلم والحرمان وعدم الاستقرار ، وهي بالتأكيد تقوي الجسم وتعوده على الصبر والتحمل ، ولكن بالنسبة لي فقد كان هناك شيئا اخرا بالأضافة الى كل هذه ...
فقاطعته :-
+ وما هو هذا الشيء الاخر ؟
فتنهد وسحب نفسا عميقا وقال :-
ـ انا عندما كنت صغيرا تصارعت مع الشيطان !!!
فقلت بأندهاش :-
+ ماذا ؟ تصارعت مع الشيطان ؟؟؟
فأجاب بكل هدوء :-
ـ نعم تصارعت مع الشيطان ، فأخذت منه بعضا من قوته الشريرة ، وهذه القوة الشريرة اكسبتني مناعة قوية ضد جميع الامراض الشريرة ...
قلت مستغربا :-
+ متى حصل هذا ؟ وكيف ؟
اجاب :-
ـ انها قصة قديمة وطويلة وقد لا تصدقها ...
فقلت وانا ابتسم :-
+ احكيها لنسمعها ومن ثم نحكم ، وسواء صدقناها او لم نصدقها فهذا سوف لن يغير شيئا منها ...
 
فنهض من مكانه ودخل الى داخل البيت ، ظننته سيجلب كتابا او قصة مكتوبة ، لكنه رجع وبيديه كأسين من الخمر الاحمر ، وناولني احد الكأسين وقال :-
ـ تفضل انا اعرف انك مثلي تحب الخمر ، ثم جلس في مكانه بجانبي كما كان ...
فقلت بعد ان تناولت الكأس من يده :-
+ شكرا ، ولكن ما لزوم الخمر الان ؟
فهز رأسه وقال وهو يبتسم :-
ـ  لأنه مع الخمر تحق الحقيقة اكثر ويحلو الحديث اكثر ، وسوف لن تمل اذا ما اطلت الكلام ...
 
فضحكنا كلانا وقرعنا كأسينا بصحة الجميع ...
وبدأ يروي لي القصة بالتفصيل ، وانا بدوري انقلها الى القاري الكريم فأرجو ان لا تكون مملة ، وسواء يصدقها او لا يصدقها فسوف لن تكلفه سوى كأس خمر .
 
القصة :-
 كما رواها لي صاحبي حيث قال :-
 
عندما كنت في الخامسة من عمري او قبل ذلك بقليل في بداية الستينيات من القرن الماضي ، كنت انذاك اعيش في القرية التي ولدت فيها شمال العراق ، وهي قرية صغيرة محاطة بالجبال العالية من كل الجهات وبيوتها قليلة واهلها اناس طيبون يعملون في الزراعة وتربية المواشي ...
وحصل ان ساءت الاحوال الامنية في المنطقة بسبب الحرب التي بدأت للتو بين الحكومة والاكراد ، وبدأت الطائرات تحلق في سماء المنطقة وتقصف القرى وتهدم البيوت على من فيها ، واما في الليل فكانت المنطقة كلها تتعرض الى القصف العشوائي بالمدفعية التي كانت تطلق من المناطق الجنوبية التي تسيطر عليه القوات الحكومية ...
وحصل ان وصل الى مسامع اهل القرية ان القوات الحكومية بصدد التقدم الى المنطقة ، ولهذا فقد اضطروا ان يتركوا بيوتهم ويلجأوا الى الكهوف والمغاور الموجودة في الكلي الكبير خلف القرية ، وتوزعوا كل بضع عوائل في كهف ، وكانت عائلتي من ضمن المجموعة التي سكنت في كهف كبير يقع في جوف الكلي يسمى ( كهف الحمام ) لأن كان يعيش فيه الكثير من الحمام ...
ولأن الوقت كان صيفا فقد كانت كل عائلة قد اتخذت لها مكانا خاصا تحت شجرة كثيفة الظل امام الكهف للجلوس هناك وللطبخ والاكل وقضاء ساعات الليل الاولى قبل الذهاب للنوم داخل الكهف وبحسب ما كانت تسمح به الظروف ، واتذكر ان والدي كان قد اختار لنا مكانا تحت تحت شجرة كبيرة وقريبة من الكهف ، ولأن السفح كان شديد الانحدار فقد كان قد عدل الارض وسواها لتكون صالحة للجلوس ومريحة للنوم عندما ننام هناك احيانا ...
ويستطرد صاحبي ويقول :-
وكان اهل القرية يقضون النهار كله بالعمل في الحقول والبساتين وفي المساء يعودون الى اماكنهم تحت تلك الاشجار التي اصبحت بمثابة بيوتهم ...
واما نحن الاطفال فقد كنا نقضي النهار كله اما مع اهلنا في العمل او في التجول بين الحقول والبساتين وحول الكروم وعلى سفوح الجبال المحيطة بالقرية ، نلعب احيانا ونتسلق الاشجار احيانا ونصيد العصافير احيانا اخرى الى المساء ، وقبل ان تغيب الشمس وقبل حلول الظلام كنا نعود الى بيوتنا الجديدة تحت تلك الاشجار القريبة من الكهف ...
وكنا بضع مجموعات صغيرة بحسب الاعمار المتقاربة ، وقد شاء القدر ان يكون ضمن مجموعتنا الصغيرة صديقا شقيا مشاكسا معروفا بعدم مبالاته ، وكان اهل القرية البسطاء يعتقدون ان الشقاء والمشاكسة والوكاحة والعصيان هي صفات من الشيطان وهو ( الشيطان ) يمنحها لمن يطيعه ويعمل بمشيئته فيساعده ويعطيه بعضا من قوته الشريرة حيث يصبحان كالأصدقاء ...
وحدث في احد الايام عندما كنا نحن الاطفال نتجول معا في المساء وصادف ان نكون خلف كرمة تعود لنا تقع خلف القرية بجانب عين ماء القرية ، وبدأ هذا الصديق يحاول ان يعبث بسياج الكرمة ، فحاولت ان امنعه من ذلك ولكن من دون جدوى وتمادى اكثر وبدأ يعبث ببعض عرائش الكرمة ولم تجدي معه كل محاولاتي ومن كان معنا لمنعه من ذلك ، فتطور الامر الى عراك بيني وبينه وبدأنا نضرب بعضنا البعض بالأيدي والارجل كعادة كل الاطفال عندما يختلفون ويتخاصمون ، واشتد العراك بيننا فتلازمنا وأوقعنا بعضنا البعض على الارض وكان هو الاقوى بطبيعة الحال فتدخل بقية الاصدقاء وانهوا الصراع بيننا فتحول صراعنا الى شتائم ومسبات وتهديد ، وكان اصدقاؤنا منهم من كان يحرضنا ومنهم من كان يحاول ان يصلح بيننا ، وبعد فترة قصيرة تصالحنا وانتهى كل شيء ورجعنا معا الى بيوتنا الجديدة تحت الاشجار بعد حلول الظلام بقليل ...
 
وهنا توقف صاحبي قليلا وكأنه يريد ان يتذكر تفاصيل اخرى ، فأخذ رشقة من كأسه ثم واصل كلامه قائلا :-
لقد دارت معركتنا هذه كما قلت خلف كرمتنا التي تجري بجانبها ساقية ماء عين القرية ، وكان بالقرب منها ساقية اخرى فيها بركة صغيرة تستخدم للاستحمام وغسل الملابس لجميع اهل القرية ، وكان هناك اعتقاد سائد منذ القديم لدى اهل القرية ان الجن والشياطين تختبيء في البرك وسواقي المياه في النهار وتخرج في الليل مع حلول الظلام ، ولهذا فقد كان من عادة اهل القرية عندما يعبرون فوق سواقي المياه المنتشرة بين الحقول والبساتين او يمرون بجانبها في الليل ان يرسموا علامة الصليب على وجوههم لكي لا تخرج الجن والشياطين عليهم ...
وعلى اي حال فبعد هذه المعركة الدامية بيني وبين صديقي بأيام قليلة صادف ان مرضت مرضا شديدا واصبحت طريح الفراش لا اقوى على المشي ولا الحركة ، حصل هذا لي ونحن في تلك الظروف العصيبة فلا مستشفى ولا مستوصف ولا طبيب ولا حتى ممرض حيث كل الطرق مسدودة ، فبقيت اصارع مرضي بنفسي ، لكن حالتي لم تتحسن بل بدأت تسوء يوما بعد يوم ...
فكانت والدتي تحاول جاهدة ان تخفف عني ألمي وتعمل لي الاطعمة التي تعتقد انها ستخفف من مرضي وتحضر لي الاعشاب التي يقولون لها نساء القرية انها مفيدة ، بينما كان والدي لا يكف السؤال اذا ما كان هناك طبيب او ممرض او حتى حكيم في القرى المجاورة او القريبة التي يمكن الوصول اليها ، ولكن من دون جدوى ...
ومع مرور الايام اشتد علي المرض اكثر وساءت حالتي الصحية اكثر واكثر واهلي جميعهم من حولي لا يعرفون ماذا يفعلون ، وانقطعت عن الطعام ولم يعد بأمكانهم حتى اطعامي بالرغم من كل محاولاتهم ...
وهنا توقف صاحبي عن الكلام مرة اخرى ليقول لي :-
الى هنا القصة هي بحسب ما اتذكرها انا ، واما فيما بعد فهي كما روتها لي والدتي التي بقيت بجانبي ولم تفارقني ابدا لا في النهار ولا في الليل ، وهي التي اخبرتني بها لاحقا :-
انه مساء احد الايام دخلت في غيبوبة تامة فتجمع معظم اهالي القرية حولي وكانوا يعتقدون ان نهايتي ستكون في تلك الليلة حيث كان معظمهم مستغربين من مرضي ويقولون انه مرض غريب ولم يروا مثله من قبل ، ويعتقدون ان عدم شفائي هو لربما هو بسبب اني مضروب من قوة شريرة او ( مكفوخ ) من قبل الشيطان الذي كان يساعد صديقي الذي تعاركت معه قبل ايام ، وخاصة اننا تعاركنا بالقرب من بركة المياه حيث يختبيء فيها الشياطين وما زاد يقينهم بذلك ان الوقت كان مساءا اي وقت خروج الشياطين ولعل الضربة كانت من اكثر من شيطان ولهذا فلا جدوى من شفائي ...
 
وهنا توقف صاحبي مرة اخرى عن الكلام ونظر الى كأسه وكان ما زال فيه القليل من الخمر فأخذ رشقة اخرى منه واستطرد قائلا :-
واما ما حصل بعد ذلك وبحسب ما اخبرتني والدتي ايضا ، انه بعد ان يئس الجميع من شفائي اقترح بعضهم احضار قس القرية للصلاة علي واعطائي مسحة الموتى قبل فوات الاوان وقبل ان يصبح الوقت متأخرا في الليل ، وكان قس القرية يعيش مع عائلته في مغارة صغيرة عند مدخل الكلي ، وكان يقوم بكل واجباته الدينية لأهالي القرية واهالي القرى المجاورة حتى في تلك الظروف الصعبة ، فذهب اليه بعضهم ولم يمضي الا وقت قصير وكان القس عندنا ..
وتقول والدتي :-
جلس القس بجانبي وبدأ يصلي ويصلي طويلا ويطلب من الله ان يشفيني ويزيل عني المرض ، وبعد ان انهى صلاته بدأ يناديني بأسمي عدة مرات ويسألني ان اجيبه ان كنت اسمعه وان اخبره عما يوجعني ، ولكن من اين لي ان اسمعه او ان اجيبه وانا في غيبوبة تامة ...
وقد كرر ذلك مرات ومرات وفي كل مرة يسألني ان كنت اسمعه او عما يوجعني ، فلم اكن اجيبه ولكن في احد المرات وهو يعيد نفس الكلام سألني :-
ـ هل انت جائع ؟ هل تريد ان تأكل ؟
فأجبته بصوت خافت :-
+ اي ...
وهنا خفق قلب والدتي فرحا واراد ان يخرج من صدرها فقفزت لتحضر لي بعض من الطعام الذي كانت قد اعدته لي طوال النهار ، وفتحت فمي واطعمتني بضع ملاعق بلعتها بصعوبة وبعدها غفيت لفترة قصيرة ، ثم أيقضتني واطعمتني بضع ملاعق اخرى ، وكررت ذلك الى ان استطعت ان احرك رأسي ويدي قليلا فأجلسوني ووضعوا خلف ظهري بضع مخدات واطعمتني والدتي من جديد بضع ملاعق اخرى وعندها استطعت ان افتح عيني قليلا لأرى بعض من كان حولي ، ففرح جميع من كان هناك ، وبعدها اغمضت عينيي وخلدت الى نوم عميق ونمت طوال الليل بدون حراك وقد تفرق جميع من كان هناك تباعا بينما والدتي كانت بين الحين والاخر تتفقدني لتتأكد اني ما زلت اتنفس وان قلبي ما زال ينبض ...
وفي صباح اليوم التالي عندما ايقضوني كانت صحتي قد تحسنت قليلا حيث استطعت ان اجلس وان اتكلم وان اأكل بنفسي وبعدها زالت عني كل علامات المرض ، ولم تكن الا ايام قليلة وخرجت العب مع اصدقائي مرة اخرى ...
واختتم صاحبي كلامه قائلا :-
ومنذ ذلك اليوم لم اتعارك مع احد مهما اختلفت معه ولكن الأهم من هذا كله هو انني منذ ذلك اليوم والى هذا اليوم وقد تجاوزت الستين من عمري لم اصب بأي مرض ولم اراجع طبيبا الا لحالات بسيطة ونكسات موسمية ، ولهذا فأنني اعتقد ان هذا كان بسبب صراعي مع ذلك الشيطان الذي كان يساعد صديقي الذي تعاركت معه ، وان مقاومتي له قد اكسبتني قوة ومناعة ضد كل الأمراض ...
هكذا انهى صاحبي كلامه وبعدها تناول كأسه وافرغ ما كان قد بقي فيه من خمر في فمه ومسح شاربيه بيده والتفت الي وكأنه يريد ان يتأكد من مدى تأثري بقصته ... 
 
فما كان لي الا ان اقول له :-
+ ان قصتك يا صاحبي العزيز فعلا غريبة لأنها تجمع بين الواقع والخيال وفيها الكثير من الحقيقة والقليل من التخمين ، فسواء كان مرضك بسبب ضربة من الشيطان ام لا ، فهذا لا احد يستطيع اثباته ، وسواء كان شفاؤك بسبب صلاة قس القرية ام لا ، فهذا ايضا لا احد يستطيع ان يؤكده ، ولكن ما استطيع ان اقوله انه حسنا فعلت ولم تتعارك طوال حياتك مع اي احد بعد صراعك مع صديقك الذي كان يساعده الشيطان ، ويا حبذا ان يفعل ذلك جميع الناس ، فلا احد يتعارك مع احد سواء كان له شيطانا صديقا ام لا ، لكي لا يتعرض الى ما تعرضت اليه خاصة أنه سوف لن يجد قسا في هذا الزمان يستطيع ان يشفيه ...
 وهكذا انتهى لقائي مع صاحبي الذي تصارع مع الشيطان ، فودعته بالمصافحة والتقبيل لأنه كان ذلك كما قلنا قبل زمن كورونا ...
واما الان ونحن في زمن كورونا فلست ادري ان كانت لدى صاحبي مناعة ضد كورونا ام لا ؟ ولكني عرفت انه الان لا يخرج من البيت حاله حال جميع الناس ...
مع تمنياتي له وللجميع بالصحة والعافية والعمر الطويل . [/b][/size]

9
عندما ( فك البنج )
امتلأت ساحة التحرير بـ ( التك تك )

وحيد كوريال ياقو
تشرين ثان 2019

قد لا يكون عنوان هذا الموضوع  مفهوما لدى البعض وخاصة ممن لا يعرف اللهجة العراقية ، ولكن من يتكلم اللهجة العراقية يعرف جيدا ماذا يعني مصطلح ( فك البنج ) الذي يتداوله العراقيين بكثرة ، واما ( التك تك ) الذي لم يكن معرفا لدى العراقيين انفسهم ، فقد عرفه العالم كله عن طريقهم هذه الايام ، ولهذا لا بد من بعض التوضيع للذين لا يعرفون معنى ( فك البنج ) ...

عندما يخضع المريض لعملية جراحية كبرى ويستوجب استئصال ورم كبير ، يقوم الاطباء والمختصين بتخدير جسم المريض تخديرا عاما وهذا ما يسمى في العراق ( بنج عام ) ، فيبقى المريض تحت تأثير هذا المخدر طيلة فترة اجراء العملية وبعدها لفترة ما بحسب حجم العملية ، وكلما كانت العملية كبيرة وتتطلب جرعة تخدير كبيرة كلما طال الوقت الذي يبقى فيه المريض تحت تأثير المخدر بعد العملية ..
وخلال تلك الفترة لا يعرف المريض ما يجري حوله ولا يعي ما يقال له او عنه ولا يعي ما يقوله هو ايضا ولا ما يفعله الى ان ينتهي مفعول المخدر ويزول فيرجع الى وعيه الكامل وعندها يقولون انه قد ( فك البنج ) عنه فتكتمل الفرحة لنجاح العملية وشفاء المريض ورجوعه الى كامل وعيه ...

اوردت هذه المقدمة لانني اعتقد ان هذا يشبه كثيرا لما حصل في العراق للكثير من ابناء الشعب العراقي ، فبعد العملية الكبرى التي حصلت في العراق سنة 2003 وازالة الورم الكبير ، بات الكثير من ابناء العراق تحت تأثير المخدر الديني الطائفي المذهبي ذو الفعالية العالية والامد الطويل وخاصة انه تم حقنه لهم من قبل خبير تخدير كبير متمرس وبمباركة خبراء التخدير العامين اصحاب العمائم بكل انواعها واشكالها والوانها الذين يحاولون ليل نهار تخدير الناس بهذا المخدر وابقائهم تحت تأثيره دائما ابدا وقد جاء هذا كله بمساعدة قادة الاحزاب الدينية مجتمعة الذين وجدوا في ذلك فرصتهم الذهبية في استغلال عقول الناس البسطاء لتحقيق مصالحهم الشخصية ...

وعلى ما يبدو انهم قد نجحوا في ذلك نجاحا كبيرا وعلى ما يبدو ايضا ان جرعة التخدير هذه كانت كبيرة جدا وفعالة جدا ، فبقي الكثير من ابناء هذا الشعب المسكين تحت تأثير هذا المخدر الفعال طيلة هذه السنين كلها ، وهم لايعرفون ما يقولونه ولا يعون ما يفعلونه ولا يرون ما يجري من حولهم ، فجرى ما جرى في العراق ...

ولكن وكما يقال اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولابد للليل ان ينجلي ، وكما هو معروف فأن جرعة التخدير مهما كانت كبيرة ومهما كان المخدر فعال فلا بد ان ينتهي مفعوله ولو بعد حين ولا بد ان ( يفك البنج ) ويصحى المريض ويعود الى كامل وعيه من جديد ...

وهذا ما اعتقد انه قد حصل في الاول من تشرين الاول الماضي حيث كانت بداية ( فك البنج ) واما في الخامس والعشرين منه فعلى ما يبدو انه قد زال تأثير هذا البنج نهائيا عن الكثير من ابناء العراق ...
حيث ان ما جرى في الخامس والعشرين من تشرين الاول الماضي وما زال مستمرا في ساحة التحرير ببغداد والكثير من المحافظات الاخرى من مظاهرات سلمية واعتصامات مدنية شارك فيها شباب ورجال ونساء من كل فئات الشعب ، انما يدل انه قد ( فك البنج ) .
وان من يشاهد المظاهر الحضارية والمواقف البطولية السلمية والتلاحم والتعاون والتكاتف التي يسطرها المتظاهرون جميعا من اصحاب ( التك تك ) الذين فاجأؤا العالم بحركاتهم السريعة وشجاعتهم الفائقة الى الاطباء والمهندسين والفنيين والمسعفين والمتبرعين وكل الاختصاصات الاخري ، انما يدل ان هؤلاء قد عرفوا ان ما يجمعهم هو الوطن الواحد العراق وليس اي شيء اخر ...

وان من يتمعن في قائمة المطاليب المشروعة التي يطالبون بها من اسقاط النظام وتعديل الدستور واجراء انتخابات مبكرة بأشراف دولي وفصل الدين عن الدولة ومحاسبة الفاسدين وارجاع اموال الشعب المنهوبة والى المطلب الاكثر تميزا ( ايران برا برا ) ، انما يدل كل هذا على انهم يريدون وطن حر وحياة كريمة ...

واما مشاركة العنصر النسوي ودخوله الى المظاهرات بهذا الشكل من الثقة والشجاعة الذي لم يكن مألوفا في السابق ، فقد ابهر العالم حيث كسرن كل الحواجز والقيود ودخلن ساحة التحريربكل ثقة واقتدار وهتفن للنصر والتغيير وعالجن المصابين وطبخن الدولمة ونظفن الشوارع ، فأعطين للعالم صورة حضارية على رقي هذا الشعب ...
كل هذه المواقف البطولية حتما سيخلدها التاريخ وستبقى دروسا لمعاني التضحية بالغالي والنفيس وحب الوطن ، وستصبح هذه المواقف الشجاعة ايقونة للنضال السلمي ضد الاستبداد والفساد ونبذ الطائفية والمذهبية المقيتة ...
لهؤلاء جميعا نقول :-
لقد ادمعتم عيوننا يا ابطال ساحة التحرير ويا معتصمي برج بابل الجديد ويا منتفضي كل المحافظات الاخرى ، فدموعكم التي سالت في ساحة التحرير بسبب القنابل المسيلة للدموع قد اسالت الكثير من الدموع خارج ساحة التحرير لبسالتكم وشجاعتكم وحبكم للوطن ..
وفي الختام لا يسعنا الا ان نقول :-
لا يهم ان تحققت الان كل المطالب المشروعة ام لا ، المهم انه قد ( فك البنج ) ولا بد للمطالب ان تتحقق عاجلا ام اجلا ، ولكن ما  نتمناه هو ان ( يفك البنج ) عن البقية الباقية من ابناء العراق الطيبين . 
فالف تحية للجميع [/size][/b]     

10
لماذا يا اعز الأصدقاء ؟؟؟
       وحيد كوريال ياقو
بداية ايار 2018  - مشيكن

منذ ان كنت طفلا صغيرا اعيش في قريتنا الجميلة التي خلفها تمتد جبال عالية وامامها تنبسط سهول واسعة ، وفي تلك البيوت الصغيرة المليئة بالحب والحنان والصدق والامان ، كنت واصدقائي الصغار نتطلع الى تلك القمم العالية في السماء الممتدة خلف القرية وكلنا شوق الى تسلقها لعلنا نعرف ماذا يوجد فوق تلك القمم العالية ؟
وعندما كنا ننظر الى الحقول الخضراء المنبسطة امام القرية المحاطة بالاشجار الكثيفة المليئة بكل ما لذ وطاب من الثمار كنا نتمنى ان تدوم خضراء هكذا طوال ايام السنة ...
وطوال النهار كنا نلعب فوق التلال والهضاب المحيطة بالقرية ، واحيانا كنا ننحدر الى الوديان العميقة المليئة بالاشجار الباسقة الكثيفة الظلال ...
واما في الليل فقد كنا ننام فوق سطوح تلك البيوت البسيطة ، وقبل ان ننام كنا نحاول مرارا وتكرارا ان نحسب النجوم الساطعة اللامعة في سماء القرية الصافية ، لكننا كنا نخاف من فعل ذلك لأنهم كانوا يقولون لنا ان من يستطيع ان يحسب النجوم كلها يصبح مجنونا !!!.
فكنا نبقى حائرين نفكر كثيرا في امر تلك النجوم المعلقة في السماء وكنا نستغرب كثيرا من وجودها بكثرة في سماء القرية ، وكنا احيانا نخاف من ان تسقط بعض هذه النجوم فوق بيوت قريتنا الصغيرة !!! .
واما بعد ان كنا ننام  فقد كنا غالبا ما نحلم اننا نطير كالنسور التي كنا نشاهدها تحلق في السماء عاليا فوق قمم تلك الجبال الشاهقة الممتدة خلف القرية ، واحيانا كنا نحلم اننا نطير كالعصافير التي كانت طوال النهار تطير فوق الحقول والبساتين وتنتقل من غصن الى غصن ومن شجرة الى اخرى ..
فكنا نستمتع كثيرا بتلك المناظر الخلابة سواء التي كنا نشاهدها في النهار او التي كنا نحلم بها في الليل ، وكنا نستمتع اكثر عندما كنا نستمع الى خرير المياه المنحدرة بهدوء في السواقي التي كانت تسقي كل الحقول والبساتين وتفيض الى القرى الاخرى في الجنوب ...
كل هذه كانت احلامنا نحن الاطفال الصغار ايام كنا نعيش في قريتنا الجميلة ..
وعندما اصبحت في الخامسة عشر من عمري تعرفت على حكيم عليم من اهل قريتي كان قد اقترب من العقد الرابع من عمره انذاك ، وكان لديه علم غزير وفهم سليم وادراك عميق في كل نواحي الحياة ...
ومن ذلك الحكيم العليم عرفت لماذا تحلق النسور عاليا في السماء فوق قمم الجبال الشاهقة ؟ ولماذا تختبيء الثعالب في الجحور المظلمة في بطون الوديان المنخفضة ؟
ولماذا تطير العصافير فوق الحقول والبساتين في النهار بينما تخرج الخفافيش في الليالي المظلمة ؟
ومنه تعلمت ايضا ان النجوم لا تسقط على الارض او فوق بيوت القرية لتخربها لأنها يجب ان تكون دائما في السماء ساطعة لتنير بيوت القرية .
وهو الذي علمني ايضا ان الذي يحسب النجوم لا يصبح مجنونا لكن لا احد يستطيع ان يحسب كل النجوم الساطعة في السماء لأنها كثيرة ! .
وهكذا أصبحنا انا والحكيم العليم صديقين حميمين تعلمت منه كل ما لم اكن اعرفه ...
وكان الناس انذاك في قريتنا منشغلون طوال ايام السنة يحرثون اراضيهم ويزرعونها ثم يسقونها من مياه العيون العذبة ليجنوا منها كل ما يحتاجون اليه ، فيملأون عنابر بيوتهم من محاصيل حقولهم وثمار كرومهم الطيبة ، فكانوا يحبون العمل ويعشقون الطبيعة ويعيشون بسلام ومحبة هانئين مطمئنين امنين ...

في تلك الايام حصل ان شاخ مختار قريتنا وضعف بدنه ، او هكذا قيل لنا حيث لم يكن طاعنا في السن كثيرا ، فتولى المختارية قريبا له شابا قويا مراهقا متكبرا ومغرورا ...
وهكذا صبح لقريتنا مختارا جديدا قويا طموحا ، تظاهر بالتواضع والطيبة اولا وادعى مساعدة المحتاجين واالفقراء ثانيا وبناء بيوت جديدة لجميع اهل القرية لاحقا ، ومن اجل ذلك طلب صداقة الحكيم العليم ومساعدته في شؤون المختارية من اجل اصلاح احوال الناس في القرية .. 
فكان له كل ما اراد من صديقنا الحكيم العليم ...
فرح الكثير من اهل القرية لمجيء المختار الجديد ، ورقص البعض الاخر ايام وليالي لصداقته مع الحكيم العليم ، بينما استغرب البعض الاخر كثيرا من هذه الصداقة ، في الوقت الذي كان البعض الاخر يبررها ويقول لعل الحكيم العليم يرشد المختار الجديد الى الصراة المستقيم ...
ومضت الايام سريعا كسر المختار الجديد ديوان المختارية القديم وبنى ديوانا جديدا ، ولم تأتي رياح تلك الايام بما كان يشتهي اهل القرية ولا بما كان في بال صديقنا الحكيم العليم ، حيث بدأ المختار الجديد يذل كل عزيز في القرية ويعز كل ذليل ، فأمتلأ ديوانه الجديد بالمنافقين والدجالين واشباه الرجال اي بلغة اهل القرية ( الشعيط والمعيط ) ...
فتعالى المختار الجديد على اهل القرية المساكين فعم الخوف وشاع الخضوع والخنوع ، وأصيب المختار الجديد بالغرور ، فأبتعد الحكيم العليم وكل الطيبين من ديوانه الجديد ، ولم يتسنى لهم حتى البقاء في القرية فهربوا الى القرى المجاورة والبعيدة ...
مضت ايام طويلة على اهل قريتنا وهم على هذا الحال يعانون من بطش مختارهم المغرور الذي اصبح لا يعلو على صوته صوت ، وبدأ يتجاوز على القرى المجاورة ، ساعيا الى بناء مجدا عظيما له في القرية وسلطانا على جميع القرى المجاورة ...
لكن الامور لم تجري كما كان يطمح لها المختار المغرور ، فكانت نهايته في الاخير اسوء بكثير من نهاية كل الملوك والحكام الظالمين ، فرحل بقدرة قادر وانتهت مختاريته كليا وذهبت احلامه ادراج الرياح العاتية التي هبت على القرية ولم تترك اي اثر لا للمختار المغرور ولا لمختاريته الجديدة ...
فرح اهل القرية من جديد وغنوا ورقصوا كثيرا لرحيل مختارهم المغرور ظنا منهم انهم  سيعيشون بسلام بعد رحيل مختارهم المغرور وسينعمون بالامن والامان والاطمئنان بعد انتهاء مختاريته في القرية ...
 لكن قدرهم كان على ما يبدو مكتوبا عليهم ان لا ينعموا بالسلام ولا بالامن والامان ولا الاطمئنان ، حيث حال رحيل المختار المغرور تفاجاوا بخروج الثعالب المختبئة من جحورها المظلمة في بطون الوديان المنخفضة وباتت تسرح وتمرح في كل مكان من ارض القرية وتعبث بالحقول وتتلف محاصيلها وتلوث مياه سواقيها ..
واما صديقنا الحكيم العليم فقد عاد هو الاخر الى القرية مع من كان في القرى المجاورة والبعيدة ينتظر رحيل المختار المغرور كي يبدأوا من جديد في في اصلاح ما خربه المختار المغرور ويعيدوا بناء بيوت القرية من جديد ، لكن الثعالب الماكرة كانت قد سبقتهم وكانت قد انتشرت في كل مكان وعبثت في كل بقعة من ارض القرية ...
فاصبح صديقنا الحكيم العليم وكل الطيبين من اهل القرية كمن لا حول لهم ولا قوة ، وهو الان قد تجاوز الثمانين من عمره وبالرغم من انه قد ازداد حكما وكثر علما الا انه باطلا يحاول ترويض الثعالب الماكرة ويرشدها كي لا تعبث بأرض القرية وكي لا تتلف محاصيل حقولها ، يفعل ذلك وهو العارف اكثر من غيره ان شيمة الثعالب هي الحيلة والمكر دائما وابدا ...
فما نتمناه لصديقنا العزيز الحكيم العليم هو ان لا ينسى الحكمة القديمة التي تعلمناها منذ ان كنا صغارا التي تقول :-
ان التاريخ يعيد نفسه ... كي لا يعيد ما حصل له من صداقة المختار المغرور .
وما نرجوه منه ان لا يستخف بالمقولة الجديدة التي اصبحت الان على كل لسان :-
المجرب لا يجرب ... كي لا يفقد ذكره الطيب لدى اهل القرية من اجل ما لقيصر .
واخيرا لا يسعنا الا ان نختتم كلامنا بما قاله الديك للثعلب الماكر في  قصيدة يعرفها جيدا صديقنا الحكيم العليم وكل الطيبين من اهل قريتي :- 
[/size]
  برز الثعـــــــلب يوما *** في شعــــــار الواعظــــــــــــينا
فمشى في الأرض يهـــذي *** ويســـب المـــــــاكرينا
ويقول: الحـــــــمد لله *** إلـــــــــه العــــــالـمــــــــــينا
يا عــــــــــباد الله توبوا *** فهو كهــــــــــف التــــــائبينا
وازهدوا في الطير إن الـ *** عيش عيش الزاهـــدينــــا
واطلبوا الديـــك يؤذن *** لصـــلاة الصــــــــــــبح فينــــا
فأتى الديك رســــــول *** من إمــــــــــام الناســــكينا
عرض الأمر عليــــــه *** وهـــــو يرجــــــــــو أن يلينــــا
فأجـــــاب الديـك عذرا *** يا أضـــل المهـــــتدينـــــــــا
بلـــــغ الثعلب عنـــي *** عن جـــــــدودي الصالحـــينا
عن ذوي التيجان ممن *** دخــــــل البطــــــــن اللعينا
إنهم قــــــــــالوا وخير الـ *** قــــــول قــــول العـــارفينا
” مخطـــئ من ظن يومــــا *** أن للثعــــــــلب ديـــــنا “

11
ماذا لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 ؟؟؟
[/b]

وحيد كوريال ياقو
منتصف ايلول 2017

بداية يجب ان نقول ونعترف ونقر ان حق تقرير المصير لاي شعب هو حق مشروع ومكفول وفق القوانين الدولية وانظمة الامم المتحدة ولا جدال في ذلك من حيث المبدا ، ولكن يجب الاخذ بنظر الاعتبتار الظروف العامة والخاصة ومدى ملاءمتها لكي تكون العملية سليمة وصالحة لجميع الاطراف ...
ولكن هذا ليس بالموضوع الذي اريد التطرق اليه في هذا المقال ، وانما ما اريد الاشارة اليه هو سؤال خطر ببالي وانا اتابع عن كثب الجدل القائم هذه الايام على قدم وساق حول موضوع الاستفتاء المزمع اجرائه في اقليم كوردستان العراق يوم 25 ايلول الجاري 2017 وهو :-
ماذا لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 مباشرة بعد بيان 11 اذار الخاص بمنح الحكم الذاتي للاكراد ؟؟؟
ولكن السؤال هذا قادني الى اسئلة كثيرة جدا لا مجال لذكرها كلها ولكني  سأختار منها سؤالين فقط للضرورة وهما :- 
-   ماذا كان سيحصل في العراق اكثر مما حصل او بدلا مما حصل لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 واستقال الاقليم وانفصل عن العراق ؟
وفي المقابل او للجانب الاخر :-
-   وماذا كان سيحصل في الاقليم اكثر مما هو حاصل الان لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 وتحقق حلم الاكراد التاريخي بتكوين الدولة الكوردية المستقلة ؟
طبعا هذه اسئلة افتراضية لم تحصل وقد فات عليها الزمن ولكني ارتأيت ان اثيرها فمن يدري لربما التاريخ سيعيد نفسه من جديد ..
ولهذا نقول ومن متابعة بسيطة لما يجري الان حول موضوع الاستفتاء وما يقال عنه من اقوال متضاربة وافكار متفاوتة ، انه لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 ، فأنه على الاقل لما كانت المواقف المختلفة سواءا المؤيدة او الرافضة قد وصلت الى هذه الدرجة من الاختلاف والتناقض والتقاطع ، ولما كان اصحاب هذه المواقف المختلفة قد اصبحوا بهذا القدر من الشدة والتطرف والعداء التي هم عليها الان ..
ومن ناحية ثانية فبالطبع لا احد يعرف بالضبط ماذا كان سيحصل في العراق لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 ، ولكن الكل يعرف جيدا ماذا حصل في العراق بعد سنة 1970 بسبب عدم جدية الحكومة في منح الحكم الذاتي الحقيقي وليس الشكلي للشعب الكوردي ..
ولتوضيح ما نريد ان نقول يكفي ان نلقي نظرة عابرة وسريعة لاهم الاحداث المتسلسلة والمترابطة التي حصلت في العراق بعد سنة 1970 ، تلك الاحداث التي عايشناها عن قرب بكل تفاصيلها نحن ابناء جيل النصف الثاني من القرن العشرين ، وشاهدنا بأم اعيننا معانات ابناء الشعب العراقي بكل مكوناته ومن مختلف اطيافه من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ومن دون استثناء ، وهذا ما يجعلنا نعتقد انه لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 اي قبل ما يقارب النصف قرن من الان ، لربما لما كان قد حصل كل ما حصل في العراق ، ولما كنا قد شاهدنا كل ما شاهدناه من احداث متسلسلة ومترابطة نذكر منها بأختصار شديد :-
-   عودة الاقتتال بين الحكومة والاكراد سنة 1975 بسبب عدم جدية الحكومة في منح الحكم الذاتي للاكراد ، هذا الاقتتال الدامي الذي انهك الحكومة العراقية واجبرها على توقيع اتفاقية الجزائر سنة 1975 مع شاه ايران والتي بموجبها تنازلت الحكومة العراقية مرغمة عن اراضي ومناطق عراقية لايران مقابل الكف عن دعم الحركة الكوردية التي كانت قد اصبحت في اوج قوتها انذاك ، ولكن بسبب هذه الاتفاقية انهارت وتلاشت تماما في ليلة واحدة فقط !!!.
-   الحرب العراقية الايرانية سنة 1980 التي دامت ثمان سنوات طوال ، هذه الحرب التي كان سببها الوهمي والمعلن حماية البوابة الشرقية للوطن العربي من امتداد الثورة الاسلامية التي قامت في ايران ، ولكن سببها الحقيقي كان محاولة النظام واستغلال فرصة سقوط الشاه وقيام نظام الملالي الضعيف انذاك في طهران لأستعادة الاراضي والمناطق التي وهبها للشاه ، فكانت الحرب التي طالت كثيرا وراح ضحيتها الالاف من خيرة الشباب واستنزفت كل طاقات العراق ونفذت كل ثرواته ودمرت الاقتصاد واوصلته الى الحضيض وخرج الطرفان من الحرب لا غالب ولا مغلوب عسكريا ولكن اقتصاديا يكفي فقط ان نشير الى ان الدينار العراقي كان قبل الحرب يساوي ( 3.3 ) دولار امريكي ولكن بعد الحرب اصبح الدولار يساوي اكثر من ( 3 ) دينار عراقي .
-   غزو الكويت سنة 1990 الذي ايضا كان سببه المعلن عائدية الكويت الى العراق او كما روج انذاك عودة الفرع الى الاصل ، ولكن السبب الحقيقي كان معروفا وهو محاولة النظام معالجة وضعه الاقتصادي المنهار بسبب الحرب التي خاضها مع ايران ، واما نتيجة الغزو فكانت ان اتت عاصفة الصحراء بما لم يكن يشتهي النظام في العراق  فراح الاصل ولم يعد الفرع ...
-   حرب الخليج التي سميت عاصفة الصحراء سنة 1991 التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية على العراق لطرد النظام من الكويت الذي اصر البقاء فيها ، والنتيجة كانت هذه المرة اسوء من سابقاتها حيث القيت الاف الاطنان من القنابل على رؤوس العراقيين ودمرت البنية التحتية تماما حيث لم يبقى حجر على حجر في عموم العراق الى ان اجبر النظام على الانسحاب من الكويت وهو يجر اذيال الخيبة وراءه واستجاب لجميع المطاليب الامريكية صاغرا واجبر على دفع قيمة ما سرقة من الكويت اضعاف مضاعفة ..
-   الحصار الجائر من سنة 1990 الى سنة 2003 ، هذا الحصار الذي فرضه التحالف الدولي على النظام في العراق بسبب غزوه للكويت ولكن النظام استطاع ان يحوله على الشعب العراقي مضاعفا فاصبح حصارا مزدوجا على الشعب العراقي ، حصار التحالف الدولي من جهة وحصار النظام من جهة اخرى الى ان جعلوه يأكل خبز النخالة ونشارة الخشب ، واما النتيجة اقتصاديا فكانت ان اصبح الدولار الامريكي يساوي ثلاثة الاف دينار عراقي سنة 1996 ..
-   سقوط النظام واحتلال العراق من قبل امريكا سنة 2003 وحل كافة مؤسسات الدولة الوطنية وتحويلها الى مؤسسات طائفية ومذهبية وتسليم ادارتها الى اناس غير اكفاء بحسب نظام المخاصصة ، فانشغلوا بنهب وسرق المال العام من دون ان يقدموا اية خدمات ، فاصبح العراق بلا ماء ولا كهرباء ولا امن ولا امان ..
-   حكومات الطائفية والمذهبية بعد سنة 2003 التي انشغلت بالصراعات الطائفية والمذهبية وتركت اللصوص والسراق ( الحرامية ) يستولون على مقدرات الدولة لينهبوا ويسرقوا كل ثروات العراق والمال العام ، وفي المقابل تركوا الارهابيين من القاعدة وداعش وغيرها من المسميات وما اكثرها يسرحون ويمرحون في كل ارجاء العراق الى ان اوصلوا العراق الى ما هو عليه الان ..
وخلاصة كل هذا نستطيع ان نقول ان هذه الاحداث التي حصلت في العراق والتي جاءت متسلسلة ومترابطة ، لما كانت لتحصل لو كانت الحكومة العراقية جادة في منح الحكم الذاتي حقا للاكراد سنة 1970 ..
واما فيما يخص الجانب الاخر اي الاقليم ، فلو كان الاستفتاء قد جرى سنة 1970 وكان الاقليم قد استقال وتحول الى دولة كوردية مستقلة ، فطبعا لا احد يستطيع ان يتنبأ بما كان سيحصل لهذه الدولة المفترضة ، فهل كانت الاحلام الوردية ستتحقق ام انها كانت ستصطدم بالواقع الغير المتوقع ؟ وبذلك كان الشعب الكوردي يخسر الدولة والاقليم  كما خسر النظام العراقي الفرع والاصل نتيجة خطأ حسابي وسوء تقدير؟...
واخيرا ما نريد ان نقوله بهذا الصدد ، لو كان هذا الاستفتاء قد جرى سنة 1970 ومهما كان قد حصل انذاك ومهما كان يترتب على ذلك ، لما كان اسوء مما سيحصل الان اذا ما جرى الاستفتاء في موعده المقرر يوم 25 ايلول الجاري 2017  ..
ومن ناحية ثانية نقول ايضا ان هذا الاستفتاء لو كان قد جرى سنة 1970 ، فكل ما كان سيترتب عليه من عواقب ، لكنا قد تحملناها نحن ابناء جيل النصف الثاني من القرن العشرين بدلا من كل ما تحملناه مما حصل فعلا  او اضافة اليه ، فلم يكن يفرق كثيرا ولكان كل شيء قد انتهى الان ، وبذلك كنا قد وفرنا على اجيالنا الجديدة الكثير ، ولكنا تركناهم ينعموا بقليل من الامن والامان والسلام .   
 

12
        الاختيار الصعب
بين الكذاب الثرثار والمحتال المكار

        " خاطرة بعد منتصف الليل "

وحيد كوريا ياقو
مشيكن – تشرين ثان 2016

في يوم من ايام خريف هذا الزمان
وبعد منتصف ليلة من لياليه الطوال
وقبل ان انام ..
كنت جالسا مع كأسي سهران
اتأمل في سحره
وانظر الى لون خمره 
واستغرب من غرابة امره
فسألته عن سره
وطيبة طعمه
ومدى قوة فعله ..
لكن كأسي لم يكن يبالي 
ولم يجيب على سؤالي 
لعله لم يرق له كلامي
* * * * *
فسألته عما يجري في هذا الزمان
وما يحدث في عالم الاوطان 
وفي كل البلدان
بين مختلف الاقوام
من صراع واقتتال
وغدر واحتيال
وهل يعقل ان يكون كل ذلك بسبب الاموال ؟
وكيف ستصير الاحوال ؟
فأصفر كأسي خجلا من هذه الاقوال
واحمر ندما على كل حال من الاحوال
لكنه لم يجيب على سؤالي
لعله لم يرق له استفساري
    * * * * *
تركت كأسي ما دام لا يبالي
ولا يجيب على سؤالي
ولا يروق له حتى استفساري   
وسألت نفسي وحالي
عما يدور في الحوالي
وعن من يدير الاحوال ؟   
فخطرت فكرة على بالي
لربما من صنع الخيالي
قادتني الى عالم الاوهام 
* * * * *
حلمت اني في جزيرة خضراء وسط البحار
وعلى جانبيها تمتد المحيطات الكبار
وعلي ان ابحر اربعة ايام
وقد تطول الى ثمان
بحسب الاحوال ..
وكان امامي احد الاختيار :-
قارب يقال ان من يقوده كذاب ثرثار
واخر يقال ان من يقوده محتال مكار
ولا بد ان اختار
فأي القاربين اختار ؟؟؟
لكني لم استطع الاختيار
      * * * * *
رجعت الى كأسي
لعله يدلني الى افضل الاختيار
فسألته :-
اي القاربين اختار ؟
هل اختار قارب الكذاب الثرثار ؟
ام الافضل ان اختار قارب المحتال المكار ؟
حيث لا بد ان اختار ..
لكني كأسي لم يجيب على سؤالي 
ولم يدلني على افضل الاختيار
لأنه كان قد نفذ ..
* * * * *
جددت كأسي
واكثرت من خمري
وكررت سؤالي :-
واملي ان اجد افضل الاختيار
اي القاربين اختار ؟
حيث لا بد ان اختار
فهل اختار قارب الكذاب الثرثار ؟
ام اختار قارب المحتال المكار ؟
وهل الكذاب الثرثار سوف لن يكذب علي طيلة اربعة ايام ؟
وسوف لن يتركني اتيه وسط البحار ؟
ام الافضل ان اختار قارب المحتال المكار ؟
ولكن يا مصيبتي من هذا الاختيار
فهل المحتال المكار سوف لن يحتال علي طيلة اربعة ايام ؟
وسوف لن يقلب القارب بي الى اعماق البحار ؟
ولكن كأسي الجديد لم يجيب ..
فرفعت رأسي ونظرت اليه
وكان هو الاخر قد نفذ ..
فبقيت في حيرتي امام هذا الاختيار
فأي القاربين اختار ؟؟؟
      *  *  * * *     


13
       الاختيار الصعب
بين الكذاب الثرثار والمحتال المكار

        " خاطرة بعد منتصف الليل "

وحيد كوريا ياقو
مشيكن – تشرين ثان 2016

في يوم من ايام خريف هذا الزمان
وبعد منتصف ليلة من لياليه الطوال
وقبل ان انام ..
كنت جالسا مع كأسي سهران
اتأمل في سحره
وانظر الى لون خمره 
واستغرب من غرابة امره
فسألته عن سره
وطيبة طعمه
ومدى قوة فعله ..
لكن كأسي لم يكن يبالي 
ولم يجيب على سؤالي 
لعله لم يرق له كلامي
* * * * *
فسألته عما يجري في هذا الزمان
وما يحدث في عالم الاوطان 
وفي كل البلدان
بين مختلف الاقوام
من صراع واقتتال
وغدر واحتيال
وهل يعقل ان يكون كل ذلك بسبب الاموال ؟
وكيف ستصير الاحوال ؟
فأصفر كأسي خجلا من هذه الاقوال
واحمر ندما على كل حال من الاحوال
لكنه لم يجيب على سؤالي
لعله لم يرق له استفساري
    * * * * *
تركت كأسي ما دام لا يبالي
ولا يجيب على سؤالي
ولا يروق له حتى استفساري   
وسألت نفسي وحالي
عما يدور في الحوالي
وعن من يدير الاحوال ؟   
فخطرت فكرة على بالي
لربما من صنع الخيالي
قادتني الى عالم الاوهام 
* * * * *
حلمت اني في جزيرة خضراء وسط البحار
وعلى جانبيها تمتد المحيطات الكبار
وعلي ان ابحر اربعة ايام
وقد تطول الى ثمان
بحسب الاحوال ..
وكان امامي احد الاختيار :-
قارب يقال ان من يقوده كذاب ثرثار
واخر يقال ان من يقوده محتال مكار
ولا بد ان اختار
فأي القاربين اختار ؟؟؟
لكني لم استطع الاختيار
      * * * * *
رجعت الى كأسي
لعله يدلني الى افضل الاختيار
فسألته :-
اي القاربين اختار ؟
هل اختار قارب الكذاب الثرثار ؟
ام الافضل ان اختار قارب المحتال المكار ؟
حيث لا بد ان اختار ..
لكني كأسي لم يجيب على سؤالي 
ولم يدلني على افضل الاختيار
لأنه كان قد نفذ ..
* * * * *
جددت كأسي
واكثرت من خمري
وكررت سؤالي :-
واملي ان اجد افضل الاختيار
اي القاربين اختار ؟
حيث لا بد ان اختار
فهل اختار قارب الكذاب الثرثار ؟
ام اختار قارب المحتال المكار ؟
وهل الكذاب الثرثار سوف لن يكذب علي طيلة اربعة ايام ؟
وسوف لن يتركني اتيه وسط البحار ؟
ام الافضل ان اختار قارب المحتال المكار ؟
ولكن يا مصيبتي من هذا الاختيار
فهل المحتال المكار سوف لن يحتال علي طيلة اربعة ايام ؟
وسوف لن يقلب القارب بي الى اعماق البحار ؟
ولكن كأسي الجديد لم يجيب ..
فرفعت رأسي ونظرت اليه
وكان هو الاخر قد نفذ ..
فبقيت في حيرتي امام هذا الاختيار
فأي القاربين اختار ؟؟؟
      *  *  * * *   
   

14
السيد binjamin toma المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمداخلتكم المهة حول اسم ( اهل البرا ) ونظرة الاستعلاء التي كانت فعلا موجودة لدى البعض ولا احد يستطيع ان ينكر ذلك وهي موجودة في كل مكان وفي كل مدينة وحتى في كل قرية في بلداننا طبعا ، حيث هناك نوع من حب التفضيل على الغير ولكن بنسب مختلفة طبعا ... 
ولكن الا ترى ان الوجود الكبير لأهل ( البرا ) في الموصل بأختلاف اشكالهم والوانهم التي ذكرناها في المقال انما يدل على ان غالبية الشارع الموصلي كان يتقبل هذا الوجود ؟ ...
واخيرا نشارككم الرأي بعودة السلم والامان الى الموصل ولكن ما نتمناه هو عودة اهل الموصل الى ما كانوا عليه ليعود اهل ( البرا ) الى الموصل من جديد .

15
الاستاذ القدير شوكت توسا المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه واشكركم جزيل الشكر لمشاعركم الطيبة تجاه الموضوع ...
وكما ذكرتم كلنا نتمنى عودة مدينتنا العزيزة نينوى التاريخية وموصل الحالية الى التنوع الذي كانت عليه لتعود من جديد مدينة ام الربيعين .

16
صديقي العزيز عماد داويذ رمو
تحياتي الحارة
اشكرك جزيل الشكر على هذه المشاعر الطيبة تجاه هذا الموضوع واثني على جهودك على هذا الوصف الرائع لمدينة الموصل التي كانت فعلا كما وصفتها من المدن الحية ، وقد اعجبني كثيرا مصطلح ( المدينة المفقودة الان ) وكذلك مصطلح ( وطن كان اسمه العراق ) ...
اخي عماد
استطيع ان اعتبر تعليقكم هذا مقال كامل عن الموصل بأبعاد تاريخية وثقافية وحضارية ، واني لا استغرب هذا منك حيث عرفناك ومن خلال جولاتك السياحية للمدن الاوربية تقوم بنبش تاريخ وحضارة كل مدينة تزورها وكل قرية تمر بها ، فكيف لا تفعل ذلك للموصل التي حتما تعرفها اكثر مني حيث كنت دائما الاقرب اليها وقد درست في جامعتها وتخرجت منها وتزوجت منها وعشت فيها لفترة ما ...
واستطيع ايضا ان اعتبر تعليقكم هذا الجزء الثاني للموضوع ان لم يكن الاول لما فية من ابعاد تاريخية وحضارية ثقافية لم اتطرق اليها انا ، حيث انني اردت ان اتطرق الى الموصل ( المفقودة الان ) من زاوية واحدة فقط وهي الاختلاف ( الاثني والعرقي ) الذي كنا نشاهده في الموصل ( عندما كانت مدينة حية ) وكيف كان الشارع الموصلي يتسع لكل هؤلاء الذين ذكرناهم وهذا طبعا له دلائل كثيرة  ، وقلما نجده في مدينة اخرى ...
واخيرا كلنا نتمنى ان تعود الموصل بسلام الى اهلها وان يعود اهلها الى الطيبة ورحابة الصدر التي كانوا يتحلون بها لكي تعود الموصل ( مدينة حية ) من جديد ولكي يعود اهل ( البرا ) الى الموصل من جديد . 
 

17
السيد مايكل سيبي المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع ....
وانا اتفق معكم في كل ما ذكرتموه في الاسطر الخمسة الاولى ، وهي واضحة وضوح الشمس حيث التاريخ والجغرافيا يثبتان ذلك ...
ولكني بصراحة لم اعرف ما علاقة ما جاء في السطر الاخير من تعليقكم في موضوعي هذا ؟
مع الشكر

18
هل ستعود الموصل الى اهلها ؟
وهل سيعود اهل ( البرا ) الى الموصل ؟ 

وحيد كوريال ياقو
تشرين اول - 2016

لست ادري لماذا اندفعت لا اراديا الى كتابة هذا الموضوع عن مدينة الموصل بعد سماعي لخبر اعلان ساعة الصفر فجر يوم الاثنين الماضي الموافق 17 – 10 - 2016 لبدء ما تسمى معركة ( تحرير الموصل ) ..
ولست ادري ايضا لماذا حضيت الموصل بالذات مني بأكثر من خمس مقالات خلال العشر سنوات الماضية لأتناول فيها احداثا مختلفة ومتباعدة من التفجيرات الارهابية في الكنائس وقتل رجال الدين الى تفجير باصات طلاب الجامعة ومقتل المطران ( فرج رحو ) والى تحطيم الاثار والى طرد ابناء شعبنا وبقية المكونات الاخرى من الموصل في 2014 بعد اجتياح ( داعش ) وسيطرتهم على المدينة ليكون عنوان المقال الاخير ( وداعا نينوى ) ظنا مني ان ابناء شعبنا سوف لن يعودوا الى الموصل وانا سوف لن اكتب عن الموصل مرة اخرى ...
بالرغم من انني لا اعرف الكثير عن تاريخ الموصل الحديث ولا عن حاضرها المعاصر ، حيث لم يتسنى لي ان اعيش فيها او ابقى فيها لفترة طويلة ، ولكن من خلال زياراتي الكثيرة لها تكونت عندي انطباعات كثيرة عنها جعلتني احبها كثيرا واشتاق الى زيارتها دائما ، ولربما لهذا كثرت زياراتي لها ولربما ايضا لهذا كانت كتاباتي عنها ..
وبالرغم من ان تلك الزيارات كانت كلها زيارات قصيرة استطيع ان اسميها خاطفة حيث لم تكن تستغرق سوى ساعات معدودة وفي احسن الاحوال يوم واحد او يومين اثنين ، ولكنها تركت في نفسي ذكريات جميلة لا تنسى لما كنا نشاهده في شوارع الموصل واسواقها خلال ما سأسميها هنا ( جولات التمشي ) ...
ومن خلال هذه الذكريات سأحاول قدر الامكان ان اعبر عما اريد ان اقوله في هذا الموضوع الذي هو حول ( تحرير الموصل ) ، ولهذا افضل ان اصنف زياراتي الى الموصل الى نوعين وهي حتما نفسها للكثير من الناس  :-
+ الزيارات القصيرة الخاصة :-
وكانت هذه الزيارات كثيرة ولأسباب عديدة لحضور مناسبات مختلفة منها خاصة ومنها عامة نذكر بعضا منها ..
-   زيارات عائلية للأقرباء والاصدقاء حيث كان لدينا الكثير من الاقرباء والاصدقاء الذين كانوا يعيشون في الموصل ، وكان لزاما علينا ان نزورهم ونحضر مناسباتهم ، واما بعد الزيارة او خلالها وهذا هو المهم في هذا الموضوع الذي نحن بصدده ، فكان لا بد من جولة تمشي في اسواق الموصل للتسوق والتبضع او لقضاء بعض الوقت ...
-   وقد تكون الزيارة لغرض زيارة قريب او صديق في المستشفى ، وايضا كان لا بد ان تتبعها جولة تمشي في اسواق وشوارع مركز الموصل ...
-   وقد تكون الزيارة لحضور مناسبة عامة كمهرجان الربيع الذي كان يقام في الموصل سنويا والذي كان يحضى بحضور جماهيري واسع حيث كان المهرجان الاكثر تنوعا في العراق ، وايضا كان لا بد بعد الاستمتاع بفعاليات المهرجان من جولة التمشي والتسوق في اسواق الموصل ...
-   وقد تكون الزيارة اساسا للتسوق والتبضع حيث كانت اسواق الموصل عامرة ويتوفر فيها كل ما يحتاجون اليه ابناء المناطق المحيطة بالموصل القريبة والبعيدة ( اهل البرا ) ، حيث كنا اذا ما احتجنا لشراء قميص نفضل الذهاب الى الموصل ، وبعد التسوق نقضي ساعات طويلة من التمشي في مركز الموصل ...
-   وقد تكون الزيارة نزهة مع الاصدقاء ايام الشباب للتمشي في ( السرجخانة ) و ( الدواسة ) مرورا بـ ( باب الطوب ) لمشاهدة فلم مصري جديد في احدى صالات السينما ، او للتمتع بوجبة غداء دسمة في احد مطاعمها الشهيرة بالتكة والكباب التي كانت رائحتها تسيل اللعاب ، وحتما كان بعد هذه الوجبة الدسمة لا بد من جولة تمشي في مركز الموصل لهضم التكة والكباب التي التهمناها ...
-   واخيرا قد تكون الزيارة للقاء بعض الاصدقاء الطلاب في الجامعة والاستمتاع بأجواء جامعة الموصل الرائعة والتعرف على اصدقائهم الذين كانوا من مختلف المناطق والقرى ومن جميع انحاء العراق ، فهذا من القوش او تلكيف وذاك من قرقوش او برطلة او كرمليس وقد يكون من عنكاوا او من زاخو او غيرها ، وهذا من الموصل او بغداد وذاك من البصرة او الناصرية او الديوانية ، وهذا من دهوك او العمادية وذاك من اربيل او السليمانية ، ومن اينما كانوا فهذا لم يكن يهم ولكن الذي كان الاهم هو اننا كنا نتوج لقاءنا بجولة تمشي في مركز الموصل واحيانا باعداد كبيرة لم يكن يتسع الشارع لنا جميعا لنسير معا ...
+ زيارات المرور في الموصل :-
لقد قيل ان اسم الموصل مشتق من التوصيل حيث انها توصل الاقاليم المختلفة ببعضها لأنها تتوسط هذه الاقاليم ، فهي توصل الشمال بالجنوب والشرق بالغرب والسهل بالجبل والقرية بالمدينة وما الى ذلك ...
وسواءا كان هذا صحيحا او لا ، لكني شخصيا لا استطيع ان اعد او احصي عدد المرات التي مررت بالموصل خلال سفري من الشمال الذي انا منه الى بغداد التي اصبحت اعيش فيها لاحقا ، وايضا من بغداد التي استقرينا فيها الى الشمال الذي كنا نحن اليه دائما ، حيث كان لزاما علينا ان نمر بالموصل ونتوقف فيها ، وكان لا بد من جولة تمشي سريعة للتسوق في مركز الموصل فمن ( باب الطوب ) حيث كراج بغداد الى ( الدركزلية ) حيث موقف سيارات الشمال مرورا من فوق ( الجسر الحديدي ) كنا نشق طريقنا بصعوبة من كثرة الازدحام ومن كثرة ما كنا نحمله من اكياس التفاح والبرتقال اوعلب السجق والحلقوم اوصواني البقلاوة وحلاوة خضر الياس او غير ذلك ...
ومهما يكن فأن جولات التمشي هذه في اسواق الموصل هي التي جعلتني احب الموصل واشتاق الى زيارتها دائما بالرغم من كل ما كنا نسمعه من النكات المضحكة والتعليقات المتداولة عن اهل الموصل ، لأن ما كنا نشاهده في اسواق الموصل من تنوع الناس وتنوع ازيائهم التي كانت تشكل لوحات فنية رائعة الجمال من الازياء المختلفة المتنوعة التي كانت تحول شوارع الموصل وارصفتها الى فسيفساء رائعة الجمال لا استطيع ان اصفها مهما حاولت وسوف لن استطيع من اعطاء صورة كاملة لكل ذلك التنوع ...
فهذا العربي بزيه المميز بعباءته الطويلة وعقاله المضبط وذاك الكوردي بشرواله العريض ويشماغه الملفوف بحسب منطقته فهذا الاربيلي السوراني وذاك الدهوكي البهديناني ، وهذا المسيحي الكلداني والاشوري والسرياني وكل بزيه المميز بحسب منطقته فهذا القوشي وذاك تلكيفي او بطناوي اوباقوفي او من تللسقف ، وهذا قرقوشي او كرمليسي او من برطلة وذاك من احدى قرى الشمال التي كل واحدة منها تتميز بأزيائها الخاصة بها ، وهذا الايزيدي البعشيقي والبحزاني او الشيخاني والباعذري وذاك السنجاري ذو الضفائر الطويلة ، وهذا التركماني التلعفري وذاك الشبكي وغيرهم لا يعدون ولا يحصون ...
كل هؤلاء كانوا يأتون الى الموصل ويحصلون على كل ما يحتاجونه من الموصل ويبيعون كل ما لايحتاجونه في الموصل ...
كل هؤلاء كانوا يتجولون في شوارع الموصل باختلاف اشكالهم واجناسهم وثقافاتهم ومعتقداتهم واديانهم ولغاتهم ولهجاتهم وازيائهم رجال ونساء صغار وكبار يتمشون بكل حرية واطمئنان ...
والاهم من هذا كان اهل الموصل بالمقابل يرحبون بكل هؤلاء ويأخذون منهم ويعطون لهم بكل رحابة صدر ...
كل هذا كنا نشاهده بأم اعيننا خلال زياراتنا القصيرة واثناء جولات التمشي في اسواق الموصل .
والان لنترك الذكريات ولنعود الى ما نريد ان نقوله الان حول ما يسمونه ( تحرير الموصل ) من عصابات ( داعش ) ..
بلا شك الكل يتمنى تحرير الموصل وطرد ( داعش ) منها وتخليص اهلها من افكارهم الخرافية ، والكل يرحب بعودة الموصل الى ما كانت عليه قبل ( داعش ) ...
ولكن السؤال الذي يبقى مطروحا بعد ان حصل ما حصل في الموصل هو من شقين :-
-   هل سيتم تحرير الموصل فعلا بمجرد طرد ( داعش ) منها ؟؟؟
-   وهل سيعود اهل الموصل الى ما كانوا عليه قبل ( داعش ) ؟؟؟
واما السؤال الذي ابقى حائرا وعاجزا من جوابه فهو من ثلاثة اجزاء :-
-   هل ستعود شوارع الموصل لتتسع من جديد لكل هؤلاء الذين كنا نشاهدهم اثناء جولات التمشي ؟
-   وهل ستعود اسواق الموصل لتوفر كل ما يحتاجه كل هؤلاء الذين كنا نراهم اثناء جولات التمشي ؟
-   وهل ستعود جامعة الموصل ليدرس فيها طلاب من البصرة والناصرية ودهوك واربيل والسليمانية ؟ 
ولكن يبقى السؤال الاخير الذي لا استطيع ان اتخيل له جواب :-
-   كيف سيواجه من رحب بداعش ومن قبل بداعش ان لم نقل من تحول الى داعش مع من طرده داعش من الموصل ومع من استولى داعش على داره وممتلكاته ومع من دنس داعش مقدساته وانتهك عرضه وسبا نسائه واغتصب بناته ؟؟؟
لا اريد ان اسبق الامور واحكم ، ولكن ما اتمناه ان لا تكون نتيجة معركة ( تحرير الموصل ) مثل نتيجة عملية ( تحرير العراق ) ، وان لا يحدث في الموصل بعد ( التحرير ) ما حدث في العراق بعد ( التحرير )  .
       

19
المنبر الحر / رد: متى ننقاد للعقل
« في: 23:18 05/09/2016  »
الصديق العزيز الياس متي منصور
تحياتي الحارة
بالرغم من انني لست من هواة كتابة الردود على المواضيع ، ولكني افرح كثيرا عندما اجد احد اصدقائي القدامى يكتب موضوعا ما او يعلق على موضوع معين ، ولهذا وجدت نفسي مندفعا للرد على موضوعكم هذا المختصر جدا والمهم جدا في نفس الوقت ، ولكن بصراحة ليس لأنني اعتقد ان هذا سيغير شيئا من الواقع الاليم الذي يعيشه ابناء شعبنا سواء في استراليا او اينما كانوا لأنني على يقين انه لا مقالكم هذا ولا ردي هذا سيغير شيئا من هذا الواقع المرير ، ولكن اردت فقط التواصل معكم ومع بقية الاصدقاء القدامى الغيورين على مصير ابناء هذا الشعب المقسم المشتت في جميع انحاء العالم ...
وبهذا الخصوص اردت ان اقول :-
-   ان عنوان مقالكم كان بصيغة سؤال ( متى ننقاد للعقل ) ولكنكم نسيتم ان تضعو علامة الاستفهام ( ؟ ) وهي مهمة جدا ويقينا مقالكم يحتاج الى اكثر من علامة استفهام ...
-   انني لا استغرب ابدا من ضياع هذه الفرصة التاريخية المهمة جدا التي وفرتها لكم الحكومة الاسترالية مشكورة لتوحيد الاسم واللغة ، ما دامت ورش العمل تجري تحت امرة من لا يريدنا ان ننقاد للعقل بل للوهم الذي يضمن لهم البقاء في مناصبهم وعلى كراسيهم ، هؤلاء الذين اشار اليهم بعض الاخوة المعلقين بصراحة ومنهم الصديق كيوركيس اوراها منصور ...
-   اتفق معكم ان ورش عمل كنائس ابناء امتنا تعمل على قدم وساق من اجل اثبات اننا ثلاثة شعوب وثلاث لغات ، ولكني لا اتفق معكم بأن ذلك حدث بقدرة قادر في ليلة وضحاها ، حيث ان ذلك حدث منذ قرون طويلة ومنذ ان اصبحنا لا ننقاد الى العقل بل ننقاد الى اوهام اصحاب الورش  ...
-   صحيح ان الحق يقال ان الكثير من ابناء امتنا الغيورين يتطوعون دائما للعمل لكن ليس وفق ما يريدون ، بل بحسب ما يريده اصحاب المناصب والكراسي ولهذا فمن الطبيعي ان ينقسموا بحسب عدد المناصب واكثر من عدد الكراسي ...
وتقبل تحياتي الحارة 
   

20
الصديق العزيز يوئيل حيدو
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع وشكرا للاضافة والتوضيح

الصديق العزيز ثائر حيدو
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه واتفق معكم ان الكثير من طيبة الانسان العراقي قد ضاعت ولكن المشكلة الاكبر هي ان الكثير من العراقيين الطيبين قد ضاعوا ايضا والسبب واحد 
تقبل تحياتي الحارة

21
اين اختفى هذا المواطن العراقي ؟؟؟
[/b][/size]

وحيد كوريال ياقو
تموز – 2016

بداية لست ادري كيف  شاء القدر لي ان اكون من المهتمين بمتابعة الاخبار وانا في فترة مبكرة من العمر ، لأصبح فيما بعد من هؤلاء الذين استطيع ان اسميهم الان ( المصابين بمرض متابعة الاخبار او المبتلين بعاهة متابعة الاخبار ) وخاصة اخبار العراق وكل ما كان يتعلق بالعراق وبالتحديد من بعض الاذاعات الاجنبية التي كنا نستطيع الاستماع اليها انذاك ليلا فقط وبصعوبة كبيرة وبحذر شديد ، لأن معظم تلك الاخبار كانت عن الحروب التي كان يخوضها النظام السابق ، الداخلية منها والخارجية ، واكثرها كانت تنتقد ممارسات النظام اللاانسانية تجاه ابناء الشعب العراقي ، وغالبا ما كانت تسلط الضوء على معانات ابناء الشعب العراقي ، ومن خلال هذه الاخبار ايضا كنا نسمع بين الحين والاخر شيئا عن طبيعة الانسان العراقي او شخصية المواطن العراقي وبعض الصفات التي يتميز بها المواطن العراقي ...
وبصراحة كان معظم ما كنا نسمعه انذاك في هذا المجال صفات سلبية تشير الى خشونة الانسان العراقي وقساوته وتميزه بالازدواجية وبعضها تذهب اكثر من ذلك لتتهمه بالنفاق استنادا الى بعض الاقوال القديمة والقليل من المصادر الحديثة ..
وهذا ما كنا نأسف عليه ويضعنا في حيرة ويجعلنا نتساءل دائما :-
-   هل حقا ان المواطن العراقي يتصف بالخشونة ؟
-   وهل صحيح ان المواطن العراقي يتميز بالقساوة ؟
-   وهل فعلا ان المواطن العراقي لديه ازدواجية ؟
واما ما دعاني ان اتذكر هذا ، هو في الحقيقة انني قبل ايام كنت اتحدث مع احد العاملين معي وهو من جنوب العراق وقد زار العراق مؤخرا ، فسألته عن الوضع في العراق وعن انطباعه عن العراق وما يجري في العراق الان وما يفعلة قادة العراق وهم في معظمهم من جنوب العراق وتوقعت انه سيكون مؤيدا لهم او على الاقل مبررا لما يحصل على نفس طريقة المسؤولين الحاليين في العراق ...
ولكن ما سمعته من صاحبي لم يكن سوى السب والشتم لكل المسؤولين الحاليين في العراق وخاصة المسؤولين المحليين ...
فقلت له بعد ان انتهى من سبه وشتمهه للمسؤولين العراقيين :-
-   ولكن انت من الجنوب وان معظم المسؤولين الحاليين في الحكومة المركزية هم من الجنوب وان جميع المسؤولين في الحكومات المحلية هو من ابناء الجنوب ، اليس فيهم من هو جيد ؟
فأجاب صاحبي على الفور وبلغة عراقية :-
-   كلهم ( كوا... وحرامية ) ...
فقلت له :-
-   ولكن من منهم تعتقد انه الافضل ؟
فأجاب بعصبية وبلهجة ابناء الجنوب :-
( ما بيهم واحد زين ) واضاف ( واحد انكس من اللاخ ) ...
وبدأ يسرد لي قصص كثيرة عن معانات اهله واقربائه واهل الجنوب عامة مما شاهده خلال زيارته الاخيرة للعراق ، وفي كل مرة كان يشكر الله انه قد تخلص منهم وان عائلته واطفاله ليسوا هناك ...
ثم اخذته النشوة وسرد لي قصة مجيئه الى امريكا في منتصف التسعينيات من القرن الماضي بعد قمع انتفاضة اهل الجنوب حيث كان هاربا من العسكرية اثناء حرب الكويت وشارك في الانتفاضة سنة 1991 ، وبعد قمع الانتفاضة لم يكن امامه الا الهروب الى السعودية ، وهناك بقي في معسكر ( رفحة ) مع الكثير من اهل الجنوب لما يقارب الثلاث سنوات ، وسرد لي قصص مأساوية كثيرة حصلت لهم في هذا المعسكر لسنا بصددها الان ...
واما تفاصيل رحلته الى امريكا سنة 1995 التي استغرقت ثلاثة ايام فقد كانت فيها قصص مثيرة فعلا حيث فقال :-
-   كنت من المحظوظين الذين قبلوا كلاجئين الى الولايات المتحدة الاميركية سنة 1995 بعد ثلاث سنوات من المعانات في معسكر ( رفحة ) ، وكان يوم الفرح الكبير عندما ركبنا الطائرة الكبيرة الخاصة التي اعدتها لنا الامم المتحدة لنقلنا الى امريكا وكان عددنا يزيد عن (350 ) شخص ، رجال ونساء واطفال ، واستمرت رحلتنا ثلاثة ايام بسبب اضطرار طائرتنا للهبوط الاضطراري لخمس مرات في دول مختلفة بسبب سوء تصرف البعض وخاصة النساء في استخدام المرافق الصحية ، حيث كان معظم من كان معي يركب الطائرة لأول مرة ومعظمهم لم يسافر خارج العراق والكثير منهم لم يشاهد مدينة كبيرة ، ولهذا حصلت لنا قصص محرجة كثيرة خلال هذه الرحلة سرد لي تفاصيل بعضها لا مجال لذكرها الان ...
ولكن القصة التي حصلت في مطار نيويورك هي التي دعتني اكتب هذا المقال وبهذا العنوان عن المواطن العراقي ...
يقول صاحبي :-
-   بعد هذه الرحلة الطويلة هبطت طائرتنا اخيرا في مطار نيويورك ، وهناك قادنا من كان يرافقنا من الامم المتحدة الى جهة من المطار لكي يتم توزيعنا الى الولايات التي سنذهب اليها وفق اختيارنا المسبق ، وكان الجميع متعب وعلامات الاستغراب تبدو على وجوهنا جميعا ، فكل ما في المطار غريب وكل ما نشاهده خارج المطار من خلال النوافذ الزجاجية الكبيرة لا يصدق ، وحركة المسافرين وهيأتهم وملابسهم وخاصة النساء كلها غريبة ، وكنا نحن ايضا نبدو مختلفين عن كل ما هو محيط بنا ، وكنا نحدق طويلا وباستغراب وتعجب في كل شيء من حولنا والمسافرين ينظرون الينا ايضا بأستغراب وكأننا من عالم اخر ...
وما حصل ان امرأة عربية ( من المغرب ) كانت تتجول في المطار لقضاء الوقت لحين موعد طيرانها وشاهدتنا ونحن بهذا الوضع الغريب الشاذ ، فأنتبهت الينا وعندما شاهدت النساء وهن لابسات الزي الجنوبي المميز ومرتديات العباءة العراقية ركضت مسرعة الى زوجها العراقي وقالت له :-
-   هناك جمع كبير من الناس في المطار نساؤهم يلبسون نفس ملابس والدتك ( التي كانت قد شاهدتها في الصورة المعلقة على الحائط في بيتها ) وهم قد يكونوا من اهلك ، ودعته ان يأتي معها لكي يراهم ...
ولكن الرجل استغرب وقال لزوجته :-
-   لا احد من اهلي يستطيع الخروج من العراق حاليا وانت تقولين جمع كبير من الناس ، اكيد انهم ليسوا من العراق ...
ولكن الزوجة اصرت على زوجها ان يأتي معها لتريه هؤلاء الناس .
ويستطرد صاحبي ويقول :-
-   اضطر الرجل ان يأتي مع زوجته ، وعندما وصلا الى عندنا وكانت زوجته تجره من يده وقف مستغربا جدا ، وعندما عرف اننا عراقيين بدأ يسلم علينا واحدا واحدا وقبلنا جميعا على الطريقة العراقية ، وبعد اخذ وعطاء معه حكينا له قضيتنا بأختصار فقال وهو يحدق في وجوهنا ودموعه كادت ان تنزل :-
-   انني الان اشعر بسعادة كبيرة واشعر انني بين اهلي الذين افتقدتهم ولم اراهم منذ مدة طويلة ...
وبعد حديث قصير معه وهو يعبر عن سعادته لرؤيتنا ويهنئنا بسلامة الوصول ، عرفنا انه رجل غني ويملك مجموعة من محلات الاسواق في نيويورك ، وكعادة العراقيين الطيبين سألنا الرجل ان كنا نحتاج شيئا ما وعلى الطريقة العراقية قال :-
-   محتاجين شيء .. ماكلين .. شاربين ؟
فأجاب بعض الذين لم تستهويهم الاكلات التي قدمت لنا خلال الرحلة ، حيث البعض منهم لم يستذوقها والبعض الاخر لم يأكلها لأنه لم يكن متأكدا انها حلال ام حرام ، فقالوا له باللهجة العراقية الصريحة ؟
-   صارلنا ثلاثة ايام ميتين من الجوع !!!
فما كان من الرجل الا ان ذهب الى المطعم الذي كان بجانبنا ، وبعد فترة قصيرة وجدنا عمال المطعم يحملون عشرات العلب من البيتزا ليوزعوها علينا وبعد دقائق مجموعة اخرى وهكذا الى ان حصل جميعنا على كفايته من البيتزا التي تذوقناها لأول مرة ...
ثم رجع الينا الرجل وهو يبتسم وعلامات الفرح تبدو واضحة على وجهه وبعد ان تأكد ان الكل حصل على كفايته من البيتزا قال لنا :-
-   هل اهلكم يعرفون انكم قد وصلتم الى هنا ؟
-   فأجبناه بالنفي .
فقال لنا :-
-   من لديه رقم تلفون اهله ويريد ان يتصل بهم ليذهب الى هناك ، واشار الى كابينات التلفونات المرصوفة على الحائط ...
وهناك بدأ معنا واحدا واحدا يفتح لنا الخط بواسطة بطاقة الائتمان الخاصة به ( الكارد ) ويعلمنا كيف ندير الرقم ليؤمن الاتصال ثم يذهب الى الكابينة الثانية ويفعل نفس الشيء وهكذا اصبح يتنقل من كابينة الى اخرى ومن شخص الى اخر الى ان اتصل معظمنا باهاليهم ، وبقي معنا الى ان اخبرته زوجته ان موعد طيرانهم قد حان ، فودعنا بعجالة وتمنى لنا الموفقية وذهب مسرعا مع زوجته واختفى عن انظارنا ...
فقلت لصاحبي :-
-   وهل عرفتم من هو ومن اية منطقة هو ؟ وهل اتصلتم به فيما بعد ؟
فأجاب صاحبي :-
-   للاسف الشديد الوضع المربك الذي كنا فيه لم يدعنا نسأله ، فهو الذي كان يسألنا دائما الى ان ودعنا بعجالة واختفى عن انظارنا ...
فقلت في نفسي :-
-   نعم لقد اختفى بعجالة هذا المواطن العراقي الطيب عن انظار صاحبي ومجموعته كما اختفى الالاف من امثاله من العراقيين الطيبين عن ارض العراق بعد ان اصبح من يحكم العراق من لا اريد ان اصفهم او اقول بحقهم ما قاله صاحبي في بداية كلامه ، ولكني اريد ان اذكرهم بقول الشاعر الذي لا يحضرني اسمه الان :-
ولا ارى في بلاد كنت اسكنها            الا حثالة ناس قاءها الزمن


22
الشرطة الامريكية في مدينة ( رويل اوك ) بولاية مشيكن
تذكرنا بالشرطة العراقية في عهد النظام السابق

وحيد كوريال ياقو
اذار – 2016

من منا لا يتذكر الشرطة العراقية وما كانت تعمله  في عهد النظام السابق ، ومن منا لا يتذكر الاعلانات الكبيرة الملونة التي كنا نشاهدها في كل مكان والشعارات الرنانة التي كانت تبثها وسائل الاعلام ليل نهارعن الاجهزة الامنية القمعية التابعة للنظام ومنها جهاز الشرطة السيء السيط ، وما اتذكر من هذه الشعارات :-
-   الشرطة في خدمة الشعب ...
-   الشرطة في حماية الوطن والمواطن ...
-   الشرطة هم الرجال الساهرون على راحة ابناء الشعب ...
وغيرها من الشعارات والادعاءات التي لم يكن احد من العراقيين يصدقها ..
واستطيع ان اقول ان جميع العراقيين كانوا يعرفون ان الطبقة الاكثر فسادا في العراق مهنيا كانت طبقة الشرطة ..
وكما استطيع ان اجزم ان جميع العراقيين كانوا يعتبرون ان احقر مهنة في العراق في عهد النظام السابق كانت مهنة الشرطة ..
وايضا استطيع ان اؤكد ان جميع العراقيين كانوا ينظرون الى الشرطة نظرة احتقار وعدم ثقة واطمئنان ..
او لنقل كان هذا انطباعي انا على الاقل عن الشرطة في العراق ، وكنت اعتقد ان الشرطة هي هكذا في كل مكان ..
ولكن عندما انتقلت الى الولايات المتحدة الاميركية ، وللامانة اقولها فقد تغيرت نظرتي الى الشرطة ، حيث وجدت ان الشرطة هنا هي فعلا في خدمة الشعب ، والشرطة هي فعلا لحماية ابناء الشعب ، والشرطة هي التي تسهر على راحة ابناء الشعب ، والشرطة هي التي يتصل بها ابناء الشعب لطلب المساعدة اينما كانوا سواءا في البيت او في العمل او في الطريق او في اي مكان اخر ...
اقول هذا بصراحة في الوقت الذي وجدت ان الكثير من ابناء شعبنا هنا في امريكا كانوا وما زالوا ينظرون الى الشرطة الامريكية كما كانوا ينظرون الى الشرطة العراقية ، ومنهم زوجتي التي ما زالت تخاف كثيرا من الشرطة وخاصة اثناء السياقة ، لان الشرطة هنا حريصة على تطبيق قوانين المرور وشروط السير وتحاسب المخالفين بشدة لضمان امن وسلامة المواطنين ، ومهما احاول ان اقنعها ان الشرطة هنا ليست كالشرطة في العراق ، فهي هنا تطبق القانون لحماية الناس وليس للاعتداء عليهم ، وهي تعمل لمساعدة الناس عندما يحتاجون الى اية مساعدة مهما كانت المساعدة .
ولكن على ما يبدو لم اكن محقا في كل ما كنت اتصوره عن الشرطة الامريكية ، وقد خاب ظني بهم عندما شاهدت فيديو لما حصل يوم الخميس الماضي 17 – 3 – 2016 في مدينة ( رويل اوك Royal Oak  ) بولاية مشيكن من تصرفات لشرطة المدينة مع احد ابناء شعبنا لخلاف شخصي في بار ( الفيديو رقم 1 المرفق في نهاية المقال )  .. 
وهو ما ذكرني بتصرفات الشرطة العراقية او تهيأ لي ان مجموعة من الشرطة العراقية ومن عهد النظام السابق قد ظهرت في هذه المدينة في ذلك اليوم ...
والقصة تكمن ان خلافا او شجارا قد حصل مع احد ابناء شعبنا في احد بارات مدينة ( رويل اوك ) المشهورة بباراتها ومطاعمها التي هي على الطراز الاوروبي اثناء الاحتفالات بمناسبة يوم ( سانت باتريك  St. Patrick's   )  ..
وبالرغم من انني لا اعرف اي شيء لا عن تفاصيل المشكلة ولا عن الشاب الذي حصلت معه المشكلة ، الا ان الفيديو المصور بواسطة تلفون لصديق لهذا الشاب يؤكد ان الموضوع مجرد خلاف شخصي بحت ...
ولكن ما دعاني اشير الى هذا الموضوع هو طريقة تعامل الشرطة الامريكية مع هذا الشاب ومع هذا الحادث الشخصي الخاص ...
وما اثارني هو تصرفات الشرطة المبالغ بها واعتدائهم الغير المبرر على هذا الشاب الذي استسلم اليهم ولم يكن يبدي اية مقاومة ...
ولكن الذي يشاهد الفيديو يتهيأ له انهم كانوا يعالجون امرا في غاية الخطورة وانهم يتعاملون مع شخص يهدد الامن القومي الامريكي !!!
وانا شخصيا لم اصدق ما شاهدته اول الامر ولم اصدق ان هؤلاء هم شرطة امريكا حيث  كانت تصرفاتهم بالضبط كتصرفات الشرطة العراقية في عهد النظام السابق ..
واما دعاني اكثر الى ان اكتب هذا الموضوع هو مصادفة اني شاهدت فيديو اخر في مكان اخر لموضوع اخر في غاية الاهمية ولشخص في غاية الخطورة ، وهو فيديو القاء الشرطة البلجيكية القبض على مخطط هجمات باريس التي هزت العالم في حينها قبل ما يقارب الاربعة اشهر والتي شملت تفجير واعتداء على ما يقارب سبع مواقع مهمة في قلب باريس وراح ضحيتها ما يزيد عن ( 130 ) شخص ، ومنذ ذلك التاريخ والشرطة الفرنسية والبلجيكية تبحث عن العقل المدبر والمخطط لهذه الهجمات الارهابية ، حيث استطاعت مؤخرا الشرطة البلجيكية من القبض عليه في عملية مداهمة فريدة من نوعها ..
ولكن الذي لاحظته هو انه بالرغم من خطورة هذا الشخص وبالرغم من حجم العمل الارهابي الذي قام به ، الا ان الشرطة البلجيكية على ما يبدو في الفيديو على الاقل لم تتعامل معه بنفس الطريقة التي تعاملت الشرطة الامريكية مع الشاب الذي نحن بصدده في مدينة ( رويل اوك ) .
ولتأكيد ما اقوله ولمعرفة المزيد مما لم استطع التعبير عنه ، ارفق ادناه كلا الفيديووين لنبين الفرق بين تعامل الشرطة البلجيكية مع هذا الارهابي الخطير وبين تعامل الشرطة الامريكية مع الشاب المسالم الذي حتى لم يكن يقاوم ...
وايضا لنبين مدى التشابه بين تصرفات الشرطة الامريكية في مدينة ( رويل اوك ) وبين ما كانت تعمله الشرطة العراقية في زمن النظام السابق ..
1 – فيديو يبين تصرفات الشرطة الامريكية في مدينة ( رويل اوك ) مع شاب من ابناء شعبنا بسبب خلاف شخصي في بار ...
 http://rare.us/story/cell-phone-video-capturing-st-patricks-day-arrest-has-many-claiming-police-brutality/

2 – فيديو يبين لحظة القاء القبض على مخطط هجمات باريس الارهابية من قبل الشرطة البلجيكية ...
 https://www.youtube.com/watch?v=tooeKIFc9KA


   

23
الدكتورة كافي دنو القس يونان
الف مبروك على الدكتوراء في مجال الاحصاء التطبيقي الذي اتمنى لك النجاح والتوفيق في الحياة العملية في المستقبل ..
ولكني اريد ان انتهز هذه الفرصة لأهنئك على شهادة الدكتوراء في الكفاح والمثابرة والصبر والتحمل طيلة فترة الدراسة هذه والصور خير دليل ...
نتمنى لك العودة الى الوطن والى الاهل بسلامة ومعك كل هذه الشهادات ..   

24
شكرا للاداريين والمشرفين في موقع عنكاوا كوم
لأعادة هذه المقالة الى الصفحة الرئيسية للموقع لتأخذ وقتها المقرر حيث كانت قد اختفت لخطأ ما واخص بالذكر الاخ اسكندر بيقاشا الذي راسلته وتفهم الامر وعمل المطلوب ..
فشكرا للجميع 

25
اخي العزيز جان يلدا خوشابا
اشكر مروركم على الموضوع ومحبتكم للذكريات القديمة في مناطق بغداد ومشاعركم الطيبة حول الموضوع ..
وكما اشكركم جزيل الشكر على مساهمتكم الرائعة التي عبرتم فيها بصدق عن مشاعركم الطيبة تجاه الصديق الراحل يونان هوزايا ..
وتقبل تحياتي الحارة

26
الاعزاء الاداريين والمشرفين في موقع عنكاوا كوم
تحياتي الحارة
يؤسفني اعلامكم ان مقالتي هذه قد اختفت من الصفحة الرئيسية للموقع صباح هذا اليوم الاحد 24 - 1- 2016 حيث لم تبقى سوى يوم واحد فقط اي يوم السبت 23 -1- 2016 فقط وبذلك لم تأخذ وقتها المقرر الكافي بينما هناك الكثير من المقالات المنشورة قبلها بومين ما زالت موجودة في الصفحة الرئيسية لحد هذه اللحظة ...
ولست ادري ان كانت قد رفعت من الصفحة الرئيسية لسبب ما ؟
ام انه قد حصل سهوا ما ؟
مع التقدير

27
الاستاذ حنا شمعون
شكرا لمروركم على الموضوع وعلى كلماتكم المشجعة ..
واما بخصوص مجموعة الاصدقاء التي نحن بصددها فهم كانوا مجموعة من الشباب اخذوا زمام الجمعية في نهاية السبعينيات ، واما المجموعة التي ذكرتها انت فهم النخبة من مؤسسي الجمعية في بداية السبعينيات ، ولكن الكثير منهم كان ما زال موجودا وحاضرا ويتردد الى الجمعية ومنهم هرمز شيشا كولا حيث كان رئيس تحرير المجلة الى ان توقفت عن الصدور بعد غلق الجمعية في منتصف الثمانينيات وكذلك كان العلامة روئيل منصور موجودا وكان مرجعنا اللغوي والثقافي والتاريخي وكذلك كان زيا نمرود كانون موجودا ومشاركا في النشاطات ومحاضرا في الندوات وكذلك كان بنيامين حداد بالرغم من انه كان قليل التواجد في الجمعية انذاك ..
واما جميل روفائيل فبحسب علمي كان خارج العراق انذاك وكذلك كان على ما اعتقد سعيد سيبو ، واما سعيد شامايا فقد كان مختفيا لاسباب سياسية ..
كنا في حينها نعتز بأسماء هذه النخبة وغيرهم من مؤسسي الجمعية ونحاول الاقتداء بهم لتكملة مسيرتهم ..
مع تحياتي الحارة لكم ولجميع النخبة من مؤسسي الجمعية

28
الاخ العزيز اسكندر بيقاشا
تحياتي الحارة
لقد كانت تلك الايام فعلا احلى ايام العمر بالرغم من قساوة الظروف السائدة انذاك في العراق حيث انها كانت ايام الشباب والعطاء والصداقة الحقيقية ...
شكرا للصورة الرائعة المعبرة فعلا عن الموضوع حيث جمعت عدد كبير من الاصدقاء والاحبة المبتسمين جميعا فرحين يوم افتتاح معرض الخط السرياني الاول وما افرحني اكثر اني لمحت احدى لوحاتي خلف الصورة ، ولو كانت عندي لوضعتها في مقدمة الموضوع ..
تحياتي القلبية الحارة لجميع الاحبة في الصورة وخاصة الذين فاتني ذكر اسمائهم فأرجو ان يسامحونني .   

29
الاخ العزيز سيزار ميخا هرمز
تقبل تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه ..
واتفق معكم فيما ذهبتم اليه بخصوص الاخ الياس متي فقد كان له نفس الدور انذاك وكان دائما منهمكا في اعداد وتحضير كل ما يتطلب لمناسبات الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية ومن ثم جمعية اشور بانيبال مع تحياتي الحارة له واتمنى ان يبقى دائما مبتسما مع تمنياتي لكم وله بالموفقية .

الصديق العزيز الياس متي
تحياتي الحارة لكم ولجميع الاصدقاء القدامى وخاصة الذين شاركوا في لقائي استراليا وفرنسا وكنت فعلا اتمنى ان اكون معكم ولكن الظروف لم تسمح بذلك ونتمنى ان نلتقي في المستقبل ..
وكما اشكركم جزيل الشكر لاعادة نشر قصيدتي القديمة واعجابكم بها ، واتذكر اني القيتها في احدى مناسبات الجمعية ومن ثم نشرت في مجلة ( قالا سوريايا ) فشكرا لتذكيري بها مع تحياتي الحارة للجميع .

الصديق العزيز ثائر حيدو
شكرا لمروركم على الموضوع وكلماتكم الطيبة تجاه الذكريات التي لا تنسى فعلا ..
لقد اطلعت على الموضوع الذي اشرت اليه المشور في عنكاوا كوم حول منطقة ( كراج الامانة ) وكان جميلا وممتعا بالرغم من انه كان محدودا ، شكرا لمن قام بهذا العمل  ونتمنى ان نرى مواضيع اوسع واشمل مع تحياتي الحارة لكل من يبذل جهدا مهما كان في هذا الخصوص

30
الاستاذ العزيز شوكت توسا المحترم
تحياتي الحارة
اشكركم جزيل الشكر لمروركم على الموضوع والتعليق عليه ولمشاعركم الطيبة وتقييمكم لما ورد في الموضوع ، ولكن صدقني انني مجرد هاوي كتابة وان ما وجدته في الموضوع كان من مشاعر الصداقة الحقيقية مع الصديق الراحل يونان هوزايا وبقية الاصدقاء ...
نتشرف بصداقتكم وخاصة ان اخوكم الاصغر منكم ( قيس ) كان من اصدقائي الاعزاء
 

31
ذكرياتي مع الصديق الراحل يونان هوزايا
ومجموعة اصدقاء الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية

وحيد كوريال ياقو
كانون ثاني 2016

اللقاء الاول – التعارف :-

في سبعينيات القرن الماضي كنت من قراء ومتابعي ومقتني مجلة ( قالا سوريايا – الصوت السرياني ) التي كانت تصدرها الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية التي تأسست في بغداد سنة 1972 ...
وفي نهاية السبعينات عندما كنت في الصف السادس الثانوي في القوش ، ارسلت بعض الاعمال الادبية والفنية الى المجلة ، وكانت تلك الاعمال تشمل بعض القصص التراثية التي كانت تحكى للاطفال قديما وبعنوان ( قصص الصغار في قرى الشمال ) بالاضافة الى بعض اعمال الخط باللغة السريانية حيث كنت مولعا في هواية رسم الخط السرياني باشكال مختلفة ، ولصعوبة وسائل الاتصالات انذاك فقد ارسلتها كلها في رسالة واحدة ، ولربما لم اكتب اسمي على كل عمل او على كل ورقة ...
وقد فرحت كثيرا عندما صدر العدد الجديد من المجلة وفيه بعض القصص التي ارسلتها ، ولكني تفاجأت عندما وجدت ان احدى لوحات الخط التي كانت عبارة عن كلمة ( قالا سوريايا ) التي رسمتها بشكل مزهرية فيها ثلاثة ورود مشكلة من كلمات ( كلداني ، اشوري ، سرياني ) قد نشرت بأسم شخص اخر !!! .
فغضبت كثيرا على ذلك وما زاد من غضبي انهم كانوا قد اضافوا اليها بعض الشعارات بالعربية ووضعوا صورة ( صدام حسين ) في وسط اللوحة ، فحزنت كثيرا على لوحتي التي سرقت مني وشوهت باضافات مطبوعة بالعربية ...
ولكن ما العمل فأنا في القوش والمجلة تصدر في بغداد وقد صدرت وانتهى كل شيء ...
بعد نهاية السنة الدراسية وتخرجي من الثانوية قبلت في الجامعة التكنولوجية في بغداد ، وعندما سافرت الى بغداد في بداية السنة الدراسية الجديدة وهناك تكلمت مع بعض الاصدقاء والمعارف بخصوص لوحتي المسروقة ، فحرضوني على الذهاب الى الجمعية والمطالبة بحقي المسلوب ، ولكني لم اكن اعرف احدا في الجمعية سوى ان رئيس تحرير المجلة هو السيد ( هرمز شيشا كولا ) وهو من القوش ولكني لا اعرفه شخصيا ..
وهكذا في احد الايام قررت الذهاب الى الجمعية ومعي النسخة الاصلية من لوحتي المسروقة ، وطوال الطريق كنت افكر فيما اقوله وكيف اعاتبهم على فعلتهم الشنيعة هذه ، فوصلت الى الجمعية غاضبا جدا ومتوترا وعصبيا ، فضغطت على زر الجرس الموجود في الباب الخارجي بشدة ، وانتظرت لدقائق طويلة واذا بشاب قصير القامة مملوء الجسم يخرج من الباب الداخلي ويتقدم نحوي مسرعا وهو يهز يديه بسرعة الى الامام والى الخلف وهو يبتسم ويقول :-
-   تفضل .. تفضل لا داعي للجرس فباب الجمعية مفتوح ، تفضل بالدخول ، وكرر ذلك اكثر من مرة وهو ما زال يتقدم نحوي وانا بقيت واقفا في محلي ، ومد يده من بعيد لمصافحتي وابتسامته العريضة ما زالت على وجهه ، فصافحته وعرفني بنفسه :-
-   الياس ( الياس متي )
فقلت له بعصبية :-
-   هل السيد ( هرمز شيشا ) موجود ؟
فأجابني وكانت ابتسامته العريضة ما زالت على وجهه :-
-   لا .. للاسف انه لم يأتي بعد ، ولكن تفضل .. تفضل بالدخول لربما يأتي بعد قليل فهو موجود كل يوم ولا اعرف لماذا لم يأتي اليوم ؟ ولكن ما الامر لربما نستطيع ان نساعدك نحن ...
فحكيت له القصة بأختصار شديد وبعصبية اشد ..
فقال لي وهو يحاول ان يهدئني :-
-   لا .. لا هذا لا يجوز ، انت على حق وانا معك ولكن لربما حصل ذلك سهوا ولكن يجب ان نعالج الموضوع ، تفضل ادخل وارتاح قليلا ..
وبعد حديث قصير مع ( الياس ) اقنعني بالدخول بعد ان ازال عني الكثير من الغضب والعصبية بسبب كلامه الطيب وابتسامته العريضة ..
وهكذا دخلت الجمعية لأول مرة والى غرفة الادارة مباشرة التي كان فيها مجموعة كبيرة من الشباب جالسين هناك ، فسلمت عليهم وبدأت بمصافحتهم واحدا واحدا والسيد ( الياس ) يعرفني بأسمائهم وبحسب ما اتذكر :-
( نزار ، اديب ، يونان ، اسكندر ، سلام ، جميل ، كيوركيس ، روبن ، بولص  .. ) واصدقاء اخرين اعتذر منهم لعدم ذكر اسمائهم لأني لست متأكدا ان كانوا موجودين ام لا ؟
وبعد السلام والترحيب قص عليهم ( الياس ) الحكاية من جديد ، بينما انا كنت اريهم النسخة الاصلية من اللوحة وبعضهم يقارنها بالنسخة المنشورة في المجلة ، فتأسف من تأسف منهم وضحك من ضحك منهم وقال بعضهم ان ( رابي هرمز ) احيانا تتلخبط الامور عليه ولكنه انسان طيب للغاية ...
وهكذا قضيت امسية ممتعة في تلك الغرفة الضيقة مع هؤلاء الاصدقاء الجدد الطيبين الذين ازالوا عني غضبي بسبب لوحتي المسروقة والمشوهة ..
وكان ذلك لقائي الاول مع الصديق الراحل يونان هوزايا ...

اللقاء الثاني :-
في اليوم الثاني قصدت الجمعية مرة اخرى لكي اقابل ( رابي هرمز ) واسأله عن سبب نشر اللوحة بأسم شخص اخر وعن الاضافات التي وضعها مع اللوحة ..
وعندما وصلت الجمعية وجدت صدفة الصديق ( اسكندر ) في باحة الجمعية فرحب بي بحرارة واخبرني ان ( رابي هرمز ) موجود ،  ولكن قبل ان ندخل الى غرفة الادارة نصحني بأخوة ان لا اتطرق الى الاضافات وخاصة صورة ( صدام حسين ) ، ثم دخلنا معا غرفة الادارة وعرفني على ( رابي هرمز ) فرحب بي كثيرا وخاصة عندما عرف اني قادم من القوش ، وبعد ذلك حكى له ( اسكندر ) القصة التي جئت من اجلها ، لكنه بكل هدوء وببرود تام قال وهو يبتسم :-
-   يبدو انني قد كبرت يا اسكندر واصبحت لا اميز كثيرا ولا اعرف كيف حصل هذا ، ولكن قد لم يكن هناك اسم على اللوحة فحسبتها لشخص اخر يرسلنا دائما مثل هذه الاعمال ، الى ان قال ولكن هذا لا يهم اعطينا اعمال اخرى وسننشرها بأسمك !.
وهنا تدخل ( اسكندر ) ضاحكا :-
-   طبعا اذا اعطانا اعمالا اخرى سننشرها بأسمه ، لكنه يريد ان يعرف لماذا نشرت لوحته بأسم شخص اخر ؟ والشيء الاخر هناك اضافات على اللوحة لماذا حصلت هذه ؟ وكيف سنعالج الموضوع ؟ 
ولكن ( رابي هرمز ) لم يكن يستصعب الامور كثيرا فبقينا نتكلم عن الموضوع قليلا وفي الاخير لم يكن امامنا الا ان نتفق ان ينشر في العدد القادم اعتذار او تنويه لما حصل وانتهى كل شيء ...
ولكن الشيء الطريف الذي حصل ان هذا الموضوع اصبح حديث الساعة انذاك ، فكلما يأتي احدا كانوا يعرفونه بي ويعيدون عليه القصة فيضحك من يضحك ويعلق من يعلق ما يشاء ..
ولكن الاهم من كل هذا كان عندما اصطحبني الصديق ( اسكندر ) الى غرفة ثانية ليريني بعض الاعمال وهناك التحق بنا الصديق ( يونان ) وقال لي وهو يبتسم :-
-   اشكر الله ان ( رابي هرمز ) لم ينشر اللوحة بأسمك !!!.
فأجبته باستغراب وتعجب :-
-   لماذا ؟؟؟
فأجاب بصراحة تامة :-
-   انني اعرف انك متأثر بسبب الاضافات اكثر من تأثرك لعدم نشرها بأسمك ، ولكن بصراحة لا يمكن معالجة موضوع الاضافات لان الموضوع كما تعلم خطير ..
وصراحته هذه جعلتني اشعر لأول مرة بالقرب من هذا الانسان الرائع ، فتصافحنا بحرارة وتعاهدنا ان نلتقي فيما بعد لنكمل الحديث ...
ورجعنا الى غرفة الادارة وكان ( رابي هرمز ) قد غادر وقضينا امسية ممتعة مع هؤلاء الاصدقاء الطيبين الذين طلبوا مني بالحاح ان اكرر الزيارة ...
وكان ذلك اللقاء الثاني لي مع الصديق الراحل يونان هوزايا .   

اللقاء الثالث :-

بعد ايام قليلة كنت في جولتي المعتادة التي كنت اقوم بها اغلب الايام ، جولة التمشي مساءا واحيانا ليلا في شارع السعدون ، وقد كنت ابدأ جولتي من ساحة النصر حيث كنت اسكن بالقرب منها في منطقة البتاوين بأتجاه الكرادة احيانا الى منطقة الجندي المجهول ( القديم ) واحيانا الى ساحة الكهرمانة ( الاربعين حرامي ) حيث مفرق الكرادتين ، فأما ان اذهب الى الكرادة داخل الى سوق ارخيتة او اكثر الاحيان الى الكرادة خارج الى منطقة المسبح حيث نادي بابل الكلداني وهناك كنت التقي مع مجموعة اخرى من الاصدقاء ...
ولكن في ذلك اليوم وبعد ان مشيت قليلا وقبل ان اصل الى منطقة سينما النصر وكان شارع السعدون كالعادة مكتظا بالناس ، لاحظت من بعيد مجموعة كبيرة من الشباب يتقدمون بالاتجاه المعاكس لي ، فانحرفت عن الطريق لأفسح لهم المجال ولكن قبل ان اجتازهم اوقفني احدهم ولم يكن يعرف اسمي وقال لي :-
-   عفوا .. عفوا الم تكن انت في الجمعية قبل ايام ؟   
فنظرت اليه ولم اكن اعرف اسمه ولكني اجبته بالايجاب ..
فقال :-
-   انا ( سلام ) من الجمعية وهؤلاء الاصدقاء كلهم من الجمعية ..
فسلمت عليهم جميعا وكانوا نفس مجموعة الاصدقاء الذين التقيتهم في الجمعية ( اسكندر ، يونان ، جميل ، اديب ، الياس ، نزار ، سلام ، كيوركيس ... واخرين ) وبقينا نتحدث لبعض الوقت وعندما عرفوا اني في جولة تمشي طلبوا مني ان اتمشى معهم ، فلبيت طلبهم ومشيت معهم رجوعا الى ان عبرنا ساحة النصر وهناك طلب منا ( اسكندر ) ان نذهب الى بيته لشرب الشاي ، فأردت الاعتذار ولكنه اصر ان اذهب معهم فوافقت مضطرا ..
وهناك في بيت ( اسكندر ) وجدت ان الكل يعرف اهل البيت ويتعاملون معهم كأنهم اهل ، وبعد ان شربنا الشاي شعرت بانني فعلا  بين اهلي ، وعندما غادرنا بيت ( اسكندر ) طلب منا ( جميل ) ان نرافقه الى بيته الذي كان في منطقة الاورفلية لكي يرينا بعض الافلام على عارضته الجديدة التي اقتناها مؤخرا حيث كان طالبا في اكاديمية الفنون الجميلة ...
فأعتذر بعض الاصدقاء الذين يسكنون في مناطق بعيدة مثل بغداد الجديدة وضواحيها لان الوقت اصبح متأخرا ، ولكنه اصر علينا نحن الذين نسكن في منطقة البتاوين والاورفلية ان نذهب معه ...
وهناك في بيت ( جميل ) وفي غرفة خاصة اعدها لهذا الغرض قضينا سهرة ممتعة مع افلامه الممنوعة والمحضورة انذاك ...
وكان ذلك ثالث لقاء لي مع هؤلاء الاصدقاء ومنهم الصديق يونان هوزايا ، ولكنه كان اول يوم لي ادخل بيوت هؤلاء الاصدقاء واتعرف على اهلهم الطيبين ...

وبعدها توالت اللقاءات وكثرت :-
وبعد هذا اللقاء فقد اصبحنا اكثر من اصدقاء ، فكثرت لقاءاتنا واستمرت وبدأت اتردد الى الجمعية باستمرار واحيانا بشكل يومي حيث الجميع يتواجد هناك ومنهم الصديق ( يونان هوزايا ) بالرغم من انه كان يدرس في جامعة الموصل ، الا ان حضوره كان اكثر من الكثير من الاصدقاء ومشاركاته في نشاطات الجمعية كانت اكثر منا جميعا ومساهماته في فعاليات الجمعية كانت فعالة اكثر منا جميعا ..
واما النشاطات والفعاليات التي اقيمت في تلك الفترة فقد شملت باختصار  :-
-   اصدار مجلة ( قالا سوريايا – الصوت السرياني ) ..
-   اقامة دورات تعليم اللغة السريانية .. 
-   عقد ندوات ومحاضرات ثقافية ..
-   احياء الحفلات الترفيهية والسفرات الطلابية ..
-   اقامة معرض الخط السرياني الاول ، وكان ذلك النشاط الابرز والمتميز انذاك وبالرغم من ان افتتاحه صادف مع بداية او في  يوم اعلان الحرب العراقية الايرانية  على ما اتذكر ، الا انني اعتقد انه كان من ابرز نشاطات الجمعية وخاتمة اعمالها ، وفيما يخص هذا المعرض بالرغم من اني كنت من المشاركين الرئيسيين فيه من حيث عدد اللوحات ، الا اني كنت اقول وما زلت عند رأيي ان الاصدقاء الذين لم يكن لديهم لوحات في المعرض هم الذين اقاموا المعرض حيث هم الذين كانوا اصحاب فكرة اقامة المعرض وهم الذين خططوا للمعرض وهم الذين دعوا الفنانين للمشاركة في المعرض وهم الذين جمعوا الاعمال وهم الذين عملوا ورتبوا كل شيء ومنهم او في مقدمتهم كان الصديق ( يونان هوزايا ) ..
وكانت هذه الاعمال والنشاطات تجعلنا نلتقي باستمرار ونعمل معا بمحبة واخلاص وكنا احيانا كثيرة نتوج لقاءاتنا هذه بجلسة عشاء في احد المطاعم وخاصة مطعم قصر الصنوبر ، واحيانا اخرى بسهرة ليلية في احد النوادي الاجتماعية ..
وهكذا بقينا الى ان الغيت الجمعية في منتصف الثمانينيات وعوضت بمكتب في اتحاد الكتاب والادباء العراقيين الذي كان مقره في ساحة الاندلس ، فاقتصرت لقاءاتنا هناك ولكنها استمرت في المناسبات العائلية والاجتماعية .

تجدد اللقاءات في جمعية اشور بانيبال :-
بعد تسعينيات القرن الماضي بعد ان كان الكثير من الاصدقاء قد سافر ( هاجر ) الى الخارج بسبب الظروف الامنية والحروب المستمرة في العراق ، والبعض الاخر من الاصدقاء قد انشغل بأمور الحياة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة المتردية جدا بسبب الحصار المفروض على العراق ..
وبالرغم من كل هذا لم يكن للبقية الباقية من هؤلاء الاصقاء ان يهدأ لهم بال الا ان يلتقوا ، فكانت جمعية اشور بانيبال هي الملتقى ، فتجددت اللقاءات هناك وكثرت من جديد واثمرت عن اقامة الكثير من النشاطات والفعاليات ولكن بحذر شديد هذه المرة وتوجت باحياء مهرجانات ثقافية كبيرة ، ولكن ما تميزت به هذه الفترة كانت ندوة ( الثلاثاء الثقافي ) حيث في كل يوم ثلاثاء كان هنا ندوة ثقافية او محاضرةد علمية في مختلف المجالات ..
واتذكر ان اخر لقاء لي مع الصديق ( يونان هوزايا ) كان في احد ايام ( الثلاثاء الثقافي )  الذي كان هو احد المحاضرين فيها بالاشتراك مع الاستاذ ( بنيامين حداد واستاذ اخر لا يحضرني اسمه الان ) وكانت الندوة حول اسطورة ( قاطيني ) المحكية بشكل ابيات شعر ، وقد كنت قد نشرت جانبا منها في مجلة ( قالا سوريايا ) سابقا تحت عنوان ( قصص الصغار في قرى الشمال ) ..
وبعد انتهاء المحاضرة التقيت مع الصديق ( يونان ) وهويحمل في يده ملف مملوء بالاوراق وقال لي بعد ان هنأته على المحاضرة :-
-   لقد كان لي الكثير لأقوله حول هذه الاسطورة وكيف تقال في مناطق مختلفة وكنت اريد ان اشير الى الابيات التي نشرتها انت في ( قالا سوريايا ) ولكن الوقت لم يسمح بذلك ..
فشكرته على ذلك وهنأته مرة اخرة على الجهود التي بذلوها في المحاضرة ..
وكان ذلك اللقاء الاخير لي معه حيث اختفى بعد ذلك ولم يتواجد في الجمعية ولم اجده في اية مناسبة اخرى الى ان عرفت من بعض الاصدقاء انه في شمال العراق ..
وبعدها كنت اتابع اخباره من بعض الاصدقاء وخاصة صديقي العزيز المرحوم ( فائز وديع كجو ) الذي كان يقول لي انه حل محلي مع هؤلاء الاصدقاء في تلك الفترة ، ومنه عرفت ان الصديق ( يونان ) قد التحق مع الحركة الديمقراطية الاشورية واصبح فيما بعد عضوا بارزا فيها ثم اصبح وزيرا للكهرباء في حكومة اقليم كوردستان بالاضافة الى نشاطاته الثقافية والادبية المتنوعة وخاصة في مجال اللغة السريانية والشعر .

بعد الهجرة الى الخارج وبعد 2003 :-
واما بعد الهجرة الى الخارج  وخاصة بعد 2003 بعد سقوط النظام السابق ومجيء اللانظام الحالي فقد تفرق معظم هؤلاء الاصدقاء من جديد وهاجر الكثير ممن كان قد اصر على البقاء في العراق حالهم حال معظم ابناء شعبنا ، وامام هذا اعتقدنا ان لقاء هؤلاء الاصدقاء قد اصبح مستحيلا حيث كل واحدا منهم اصبح في دولة ان لم نقل في قارة ..
ولكن وسائل الاتصالات الحديثة قد اثبتت غير ذلك ، فقد اصبح معظم هؤلاء الاصدقاء يتواصلون مع بعضهم البعض من خلال الانترنيت وعبر المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي وغيرها ..
والاكثر من هذا استطاع بعض هؤلاء الاصدقاء من ترتيب لقائين كبيرين عبر القارات بعنوان ( لقاء اصدقاء الجمعية ) الاول في استراليا والثاني في فرنسا ضم عدد لا باس به من الاصدقاء ومنهم كان الصديق الراحل ( يونان هوزايا ) ، وللاسف لم استطع انا المشاركة فيها لظروفي الخاصة بالعمل ، ولكن كلي امل ان تستمر هذه اللقاءات في المستقبل ...

رحيل الاديب والشاعر يونان هوزايا :-

بتاريخ 30 – 12 – 2015 عند دخولي الى موقع عنكاوا كوم صعقني الخبر المنشور في الصفحة الرئيسية الذي كان عنوانه :-
( رحيل الاديب والشاعر يونان هوزايا )
فوقفت طويلا اتأمل الخبر واعيد قراءته مرات ومرات ، فما كان بوسعي الا ان ارثيه بكلمات قصيرة ، ولكني عاهدت نفسي ان اكتب شيئا عن هذا الصديق الذي رحل مبكرا في غير اوانه لكي نبقى نتذكر يونان هوزايا :-
-   الانسان المتواضع دائما ..
-   الانسان المبتسم المتفائل بأستمرار ..
-   الانسان المجد المبدع في اكثر من مجال ..
-   الانسان المضحي بالفعل وليس بالقول ..

فارجو ان اكون قد وفيت بعهدي لأقول اخيرا :-
وداعا ايها الصديق العزيز يونان هوزايا ، نم قرير العين .. 
فالذكر الطيب يبقى للانسان الطيب .

32
وداعا ايها الصديق العزيز يونان هوزايا
ببالغ الحزن والاسى تلقينا نبأ رحيل الصديق العزيز يونان هوزايا الذي تشرفت بمعرفته منذ ثمانينيات القرن الماضي من خلال الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد وما وجدت فيه فيما بعد وما كان يتميز به انه كان :
الانسان البسيط المتواضع دائما ..
الانسان المبتسم المتفائل باستمرار ..
الانسان المجد المبدع في اكثر من مجال ..
الانسان المضحي بالفعل وليس بالقول من اجل قضية شعبه ..
ما نستطيع ان نقوله الان لقد رحلت مبكرا جدا ايها الصديق العزيز يونان ..
ولكن الذكر الطيب يبقى للانسان الطيب ..
وما نرجوه لك هو الراحة الابدية وملكوت السماوات
والصبر والسلوان للعائلة الكريمة ولجميع الاهل والاقرباء ولكافة الاصدقاء والمحبين . 
 

33
الاخ سيزار ميخا هرمز المحترم
شكرا لهذا الموضوع الذي هو في الحقيقة استذكار سنوي لمذبحة صوريا الاليمة سنة 1969 ..
 وهو بالتأكيد موضوع تاريخي مهم وعام  لايخص فقط اهالي قرية صوريا الضحية ، لأن ما تعرض اليه اهالي قرية صوريا في هذه المذبحة الاليمة ( التي ما هي الا واحدة من المذابح الكثيرة التي تعرض اليها ابناء شعبنا في العراق خلال تاريخهم الطويل ) يمثل نموذجا حيا لما يتعرض اليه حاليا ابناء شعبنا في بلدهم الام العراق مع شركائهم من المكونات الاخرى ...
وهذه حقيقة يجب ان لا نبتعد عنها وقد اكد عليها بوضوح مصمم النصب التذكاري لمذبحة صوريا ( المهندس المبدع بشار الكزنخي ) وحسنا فعل في ابراز اللحمة الانسانية بين اهالي قرية صوريا من الكلدان المسيحيين والاكراد المسلمين ...
واستنادا الى هذا فأنني ارى ان مكان اقامة هذا النصب الرائع كان يجب ان يكون في احدى ساحات مركز محافظة دهوك ان لم يكن في اربيل عاصمة الاقليم تجسيدا لهذه اللحمة الانسانية بدلا من عزله في قرية صغيرة ...
وبالمناسبة في مثل هذه الايام قبل خمس سنوات كتبت قصة عن هذه المذبحة بعنوان ( كيف نجا الطفل باسم رشو من مذبحة صوريا ) نشرتها في بعض المواقع الالكترونية ومنها موقع عنكاوا كوم على الرابط ادنا ، ارجو ان تكون مكملة لمقالكم هذا ...
مع تحياتي الحارة لكم ولمحاوركم المهندس المبدع بشار الكزنخي وتمنياتي له بالنجاح والموفقية ومواصلة الابداع مع متابعة الموضوع لاكمال انجازه .

http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,442709.msg4820207.html#msg4820207




34
الاخ العزيز عماد المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه واثمن مشاعركم الطيبة تجاه اهالي قرية ازخ في محنتهم الجديدة هذه ...
واما بخصوص ما اشرتم اليه مما يجري في المنطقة بالرغم من انني لم ازرها منذ مدة طويلة الا انه من خلال الاخبار التي نسمعها سواء من الاهل والاصدقاء هناك او من الذين يسافرون الى هناك كلهم يؤكدون ان هناك تغيير كبير قد حصل في المنطقة منذ تشكيل الاقليم وكلهم يؤكدون ان هناك تقدم وازدهار كبير وخاصة من الناحية الاقتصادية والمعمارية وما القصور الفارهة التي اشرتم اليها الا دليل على ذلك ...
ولكن ما نستطيع ان نقوله هنا هو انه يبقى بناء الانسان اهم من بناء القصور ...
فالمشكلة هنا تكمن في الفساد المالي والاداري الذي اصاب بعض المسؤولين في الاقليم الذين اشرت اليهم الذين يتجاهلون تضحيات من اوصلهم الى ما هم عليه وبعضهم الاخر لا يعرف ذلك اساسا حالهم في ذلك حال معظم المسؤولين في العراق الذين ابتلى بهم الشعب العراقي باكمله ...   

35
ازخ تحترق من جديد
( رسالة مفتوحة الى رئاسة حكومة اقليم كوردستان العراق )
[/size][/b]


وحيد كوريال ياقو
مشيكن – اب 2015

حملتنا اخبار الايام القليلة الماضية وبالتحديد يومي الاربعاء والخميس 19 – 20 اب 2015 خبر اندلاع حريق في اراضي قريتنا ازخ  ، مما تسبب في حرق الكثير من المزروعات والبساتين واشجار الفواكه والكروم واضرار اخرى ...
وبكل اسف نقول ان تلك الاخبار كانت في طياتها ان الحكومة المحلية في المنطقة التي كان احد مراكزها السبب في نشوب الحريق لم تتحمل مسؤوليتها بصورة جيدة لا في اخماد الحريق ولا في التعامل مع اهالي القرية بعد الحريق ...
وهذا هو السبب الحقيقي الذي دعاني ان اتطرق الى هذا المموضوع ، ولكن قبل هذا لا بد ان اعطي فكرة عن قرية ازخ لمن لا يعرفها ...
ازخ هي احدى قرى ابناء شعبنا المسيحي في شمال العراق ضمن اقليم كوردستان العراق ، وهي قرية قديمة تمتد جذورها الى عمق التاريخ ، وبالرغم من كونها قرية صغيرة سواء من حيث عدد السكان او من حيث مساحة الاراضي الزراعية التابعة لها ، الا انها اثبتت بقائها بالرغم من كل المحن التي حلت عليها والصعوبات التي مرت بها ...
ولمن لا يعرف موقع قرية ازخ فهي تقع الى الشرق من مدينة اتروش مركز ناحية المزوري بمسافة قصيرة ، وناحية المزوري تتبع قضاء الشيخان الذي مركزه عين سفني ضمن محافظة نينوى ( الموصل ) هذا بحسب خارطة العراق الادارية ، واما الان فان اتروش هي مركز قضاء تابع لمحافظة دهوك ضمن اقليم كوردستان العراق ...
ان هذا الموقع الذي هو ضمن المناطق المتنازع عليها بين المركز والاقليم جعل من قرية ازخ قرية منكوبة دائما وخاصة بعد نشوب الحركة الكوردية بعد منتصف القرن الماضي ، حيث كانت ازخ دائما على خط النار لان قضاء الشيخان كان دائما تحت سيطرة القوات الحكومية واما اتروش فكانت ساحة المعركة واما ازخ والقرى المجاورة فقد كانت هي التي تتلقى الضربات الاولى التي تكون عادة اقوى واشد ، وكانت ازخ اول من تصلها القوات الحكومية التي كانت تتقدمها القوات المتجحفلة معها التي كانت تسمى ( الجتة او الجحوش ) التي كانت تسرق وتسلب وتنهب ومن ثم تحرق البيوت بما فيها ...
وفي كل جولة اقتتال بين الحكومة العراقية والمقاتلين الاكراد كانت ازخ تتعرض الى القصف بالطائرات والمدفعية قبل تقدم القوات الحكومية والى السرق والسلب والنهب والحرق بعد تقدمها ، فقد احرقت اكثر من ثلاث مرات وفي الاخير هدمت وسويت بيوتها مع الارض بالجرافات ضمن حملة الانفال السيئة السيط ...
وفي كل جولة اقتتال كان اهالي ازخ يضطرون الى ترك بيوتهم واملاكهم ويهاجرون الى مناطق اخرى ابعد واامن ، واما بعد توقف الاقتتال خلال الفترة التي كانت تسمى ( الهدنة ) كانوا يعودون الى بيوتهم ليجدونها مسروقة او مهدومة او محروقة ، فيعيدون بنائها من جديد ويعيدون زراعة اراضيهم والاعتناء بما تبقى من بساتينهم وكرومهم ، ولكن الوضع لم يكن ليدم طويلا حيث تنتهي فترة ( الهدنة ) من غير اتفاق وتبدأ جولة الاقتتال من جديد وتبدأ معاناتهم وماساتهم من جديد ...
وهكذا لم يذق اهالي ازخ طيلة هذه الفترة لا الطمأنينة ولا الاستقرار ولم يجدوا الامن والامان اطلاقا وقد عاشوا في حالة هجرة دائمة ...
كل هذا كان في زمن النظام السابق وقد اشرنا الى ذلك بالتفصيل لمن يريد الاطلاع عليها في موضوعنا العام ( تحقيقات بلدانية عن قرية ازخ ) المنشور في بعض المواقع الالكترونية ومنها موقع عنكاوا كوم في زاوية مدننا وقرانا بين الماضي والحاضر وعلى الرابط المرفق ادناه في نهاية المقال ...
واما بعد زوال النظام السابق او قبل ذلك اي منذ تشكيل الاقليم فقد استبشرنا خيرا بتشكيل حكومة لاول مرة من ابناء المنطقة وتعمل من اجل مصلحة المنطقة وتحترم اهل المنطقة ، وهذه ليست مجاملة ولا محابات فالعالم كله يشهد على ما يجري الان في اقليم كوردستان العراق من بناء واعمار وتقدم وتطور وما الى ذلك ...
اردت ان اسرد هذه المقدمة الطويلة التي ابعدتني عن موضوع الحريق لأبين مدى الاذى الذي اصاب اهالي قرية ازخ في عهد النظام السابق والصعوبات التي واجهوها خلال الثورة الكوردية والتضحيات التي قدموها من اجل الحفاظ على قريتهم ازخ ...
ولكي لا نطيل نعود الى موضوع الحريق ، فنحن نعرف ان الحرائق تحدث في كل مكان سواء عن قصد او عن اهمال او اغفال ، ومهما يكن فأن ما يلفت النظر هنا ان هذا الحريق ليس الحريق الاول من نوعه في ازخ ، ففي العام الماضي 2014 وفي مثل هذه الايام بالذات كان هناك ايضا حريق من نفس النوع في ازخ سببه سارق مجهول تم التعرف عليه لاحقا ولكن الحكم عليه بقي مجهولا ! ، واما هذا الحريق الذي نحن بصدده فسببه مقر من مقرات الجيش ( البيشمركا ) في المنطقة وبالرغم من انه لا احد يستطيع ان يثبت انه كان عن قصد ولكنه بالتأكيد كان عن اهمال ، وكما هو معروف ان المهمل لا يجوز ان يحميه القانون او يستثنيه من المحاسبة اذا ما كان هناك قانون ...
وبحسب الاخبار التي وردتنا من اهالي القرية ان الحريق كان مصدره مركز للبيشمركا الموجود على قمة الجبل الذي بين ازخ واتروش بسبب قيام بعض عناصر المركز بحرق النفايات التابعة للمركز ، ومنها انتشر الى الجبل الذي يمتد امام ازخ ومنه الى الاراضي والحقول والبساتين التي تقع  امام القرية والى الغرب منها ، ومنها الى الجبل الذي خلف القرية ...
ولم يستطع اهالي ازخ وبعض القرى المجاورة مثل هرماشي وديرا خطرا وبعض عناصر الحكومة المحلية في اتروش الذين قيل انهم كانوا متفرجين اكثر من مشاركين ، ولهذا لم يتمكنوا من اخماد الحريق بشكل نهائي بسبب الرياح التي كانت تعيد اندلاعه في اماكن اخرى وهكذا استمر اكثر من يومين ...
واما بعد الحريق وهذا هو الاهم فقد ذهب بعض ابناء القرية الى مركز البيشمركا الذي كان السبب في اندلاع الحريق لتقديم شكوى عما حصل ، ولكن على ما يبدو ان المسؤولين هناك لم يتجاوبوا مع طلب اهالي القرية ولم يقدروا ما تعرض اليه اهل القرية ولم يحترموا حتى مشاعرهم حيث قالوا لهم :-
( يجب ان تشكروا الله اننا هنا نحميكم من داعش ) !!! 
( ولو لا نحن لكان داعش قد اخذ نساؤكم ) !!!
( هل تريدوننا ان نطفيء لكم الحريق ايضا ) ؟؟؟
واستنادا الى هذا نستطيع ان نقول ان بعض المسؤولين في مركز البيشمركا هذا يقينا لا يعرفون ما تطرقنا اليه في مقدمة هذا المقال ولا يعرفون ما تعرضت اليه ازخ خلال الثورة الكوردية ولا يعرفون ماذا قدمت ازخ لأبائهم البيشمركا القدامى الذين اوصلوهم الى هذا المكان ولا يعرفون كيف كان اهالي ازخ يطعمون ويضيفون قوافل المقاتلين البيشمركا القدامى اثناء مرورهم بالقرية ، وعلى ما يبدو ان بعضهم الاخر صغار في السن لا يتذكرون ولم يسمعوا من ابائهم ان زعيم الثورة الكوردية المرحوم الملا مصطفى البرزاني عندما كان متواجدا في المنطقة في بداية الثورة وبات في بيت احد ابناء القرية وعندما حاول صاحب البيت ان يهيء له احسن المنام فأخذ مخدة جيدة من تحت رأس طفله ليقدمها للزعيم ، فلاحظه الزعيم البرزاني فطلب منه ان يعيد المخدة الى مكانها تحت رأس الطفل ولم تجدي نفعا محاولات صاحب البيت حيث اصر الزعيم على ذلك ، ثم وضع حذائه تحت رأسه وبات ليلته عليها ، فأين هم ممن اوصلهم الى هذا المكان ؟ ...
واما في الختام فما نتمناه وما نأمله من حكومة الاقليم ان لا تغظ النظر عن مثل هذه المواقف الشاذة اينما كانت لكي يبقى الاقليم نموذجا يفتخر به الجميع .
رابط تحقيقات بلدانية عن قرية ازخ
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,431149.0.html


36
الصديق العزيز كيوركيس اوراها منصور
تحياتي الحارة
شكرا لأختياركم لهذا العنوان المثير ( اليوم ولدت لنا رابطة ) لهذا الموضوع المهم الذي هو ( تأسيس الرابطة الكلدانية ) ...
قبل كل شيء لا بد ان نشكر كل الذين قاموا بتأسيس الرابطة الكلدانية وان نقيم جهودهم ومسعاهم ومن ثم لا بد ان نهنيء كافة ابناء شعبنا بتأسيس الرابطة الكلدانية التي نتمنى لها كل النجاح والتوفيق عساها ان تقدم ما فيه خير لأبناء هذا الشعب المنكوب الذي يتعرض الى الانقراض في بلده الام العراق والى الضياع في بلدان المهجر ...
هذا الشعب المنقسم دائما وابدا في كل شيء خلال تاريخه الطويل وحاضره الاليم ..
المنقسم دينيا من خلال مذاهبه المختلفة وكنائسه المتصارعة ..
والمنقسم عقائديا من خلال احزابه السياسية ومنظماته المدنية التي تريد ان تأكل بعضها البعض ..
والمنقسم فكريا وهذا ما يتضح جليا من خلال التعليقات المتناقضة جدا على كل المواضيع المهمة والمصيرية المطروحة ومنها طبعا هذا الموضوع المهم ..
وما نريد ان نقوله هنا لا ضرر من اغناء هذا الموضوع المهم بالاراء المختلفة ولكن رجائي من الاخوة المعلقين كافة التريث قليلا في اصدار الاحكام القطعية النهائية حتى يتبين الخيط الابيض من الاسود وعندها سيكون لكل حادث حديث ...
مع شكري وتقديري للجميع   

37
الصديق العزيز فريد شكوانا المحترم
تحياتي الحارة
اشكركم لمروركم على الموضوع واثمن مشاعركم الطيبة حول موضوع القصة التي فعلا كان الهدف من نشرها هو للاستفادة وخاصة للذين يستصعبون العمل ، فهي كما ذكرتم مثال جيد للارادة القوية وتحدي الصعوبات وكذلك هي مثال جيد للاستفادة من استخدام التقنيات الحديثة لتذليل الصعوبات والاهم من هذه فيها حب المساعدة ، مساعدة الانسان لاخيه الانسان من اي لون كان .

38
الصديق العزيز كيوركيس اوراها المحترم
تحياتي الحارة
مرة اخرى اشكركم على مروركم على الموضوع والتعليق عليه ..
في الحقيقة كان اختياري لهذه القصة الحقيقية بالاضافة الى ما ذكره الاخوة المعلقين قبلكم من اهمية العمل والارادة والوعي التي نحن بأمس الحاجة اليها وخاصة في المهجر ، كان لأسباب متعددة منها :-
1 – رسالة الى ابناء شعبنا في المهجر وخاصة القادمين الجدد وبالاخص ممن هم في العقد الرابع او الخامس ( اي بنفس عمر الرجل العامل المثابر البطل الاول في هذه القصة ) من الذين يستصعبون العمل في هذا البلد متحججين بذرائع مختلفة اكثرها او في الغالب هي مجرد حجج ، وهذا ما يجعلهم يعتمدون على المساعدات الانسانية ويحاولون بشتى الطرق البقاء عليها وهذا ما لا يليق بمعظمهم مع الاسف الشديد .
2 – انها في نفس الوقت رسالة واضحة الى الاجيال الشابة من ابناء شعبنا الذين هم بنفس عمر الشاب الطالب المتعلم ، من ان الدراسة ومعرفة استخدام التقنيات الحديثة تسهل الكثير من الامور لهم ولغيرهم من اوليائهم وذويهم واقاربهم الذين يستصعبون الامور كثيرا هنا .
3 – واما السبب الثالث فهو ما اشرتم اليه وهو الانسان والانسانية ، حيث ان شخوص القصة من اجناس مختلفة وفئات غير معروفة ، فالاول هو عامل كادح مثابر ولونه اسود ، واما الثاني فهو طالب علم من شريحة اخرى ولونه ابيض ومستوى مادي مختلف بدليل مكان سكنه ، واما الثالث وهم الناس المتبرعين فلا احد يعرف ما لونهم ولا جنسهم ولا من اية شريحة هم ، ولكن كلهم التقوا في صفة واحدة تجمعهم معا وهي كما ذكرتم الانسانية بغض النظر عن اللون او الجنس او الشكل او الفكر او الانتماء او ما الى ذلك من الاختلافات ..
كل ذلك بفضل القانون الذي وضعه الانسان من اجل الانسان .   

39
السيد سلام يوسف المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه واوافقكم الرأي ان الدول تتطور بالعمل وليس بالكلام ولكن اسمح لي ان اضيف ايضا ان الشعوب تتطور بالسعي لتحسين المستقبل وليس البكاء على الماضي مهما كان الماضي ...

الاستاذ شوكت توسا المحترم
تحياتي الحارة
اشكركم لمروركم على الموضوع وابداء رأيكم الصائب حول البطل الحقيقي لهذه القصة الذي هو ( الارادة ) ..
بالمناسبة قبل ان اقرأ ردكم التقيت صدفة مساء هذا اليوم بالاستاذ موفق حكيم من هيئة تحرير مجلة السنبلة التي نشرت فيها القصة حيث كان قد طلب مني كتابة مقالة للمجلة ، شكرني على القصة وقال انه قد قرأها اكثر من مرة لأعجابه بارادة هذا الرجل المثابر ...
نعم الارادة ليس لها حدود متى ما توفرت في الانسان .

الصديق العزيز ثائر حيدو المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لمروركم على الموضع والتعليق عليه وابداء الرأي ان الوعي والارادة هما البطلان في هذه القصة ..
اتفق معكم ان الوعي والارادة احدهما يكمل الثاني اذا ما اجتمعا معا ..
ولكن يبقى السؤال متى يجتمعان اي الوعي والارادة ؟
الا توافقني الرأي بانه قلما تجتمع الوعي والارادة في شخص واحد وفي وقت واحد ؟
والدليل في هذه القصة ان الارادة كانت في شخص ( العامل ) والوعي كان في شخص اخر ( الطالب ) .

الصديق العزيز كيوركيس اوراها المحترم
شكرا لمروركم على الموضوع وتعليقكم فيه جوانب كثيرة يتطلب الرد عليها المزيد من الوقت وسيكون الرد لاحقا في وقت اخر مع تحياتي الحارة

40
من هو بطل هذه القصة الحقيقية ؟؟؟
[/b][/size]

ملاحظة :- كتبت هذه القصة لمجلة السنبلة التي تصدرها جمعية مار ميخا الخيرية في مشيكان _ العدد 65 السنة 2015

وحيد كوريال ياقو
اذار - 2015

القصص التي تحكي عن بطولات الناس المتميزين الذين يقومون بأعمال متميزة في مجالات مختلفة من الحياة هي حتما كثيرة ومتنوعة ويتشوق اليها الكثير من الناس وخاصة الذين يرغبون سماع او مشاهدة ما يقدمه هؤلاء المتميزون من اعمال متميزة يصبحون ابطالا فيها  بعد بذل الكثير من الجهد والمثابرة والتدريب وكل ما يتطلب العمل المتميز ...
ولكن ان ياتي العمل المتميز من شخص عادي من دون ان يخطط الى ذلك او يسعى الى ان يكون متميزا او حتى ان يعرف انه سيصبح متميزا ، فأن هذا نادرا ما يحصل وقلما نسمع به ، ولكنه حصل في هذه القصة الحقيقية التي نحن بصددها التي حصلت في مدينة ديترويت وضواحيها وهي تتكون من جزئين لكل جزء بطل من دون ان يخطط لكي يصبح بطلا او ان يسعى الى ذلك ولم يكن يتوقع ذلك اصلا :-
+ الجزء الاول :-
هي قصة رجل اسود استخدم جهده العضلي ليتحدى الصعاب التي واجهته ليضرب مثلا عاليا في الصبر والتحمل والمثابرة ، فنال المكافأة التي لم يكن يتوقعها او ينتظرها او يسعى اليها ...
وقصته تتلخص ان هذا الرجل الاسود الذي يبلغ من العمر ( 56 ) عاما كان يعيش في قلب مدينة ( ديترويت نفسها   Detroit city ) لكنه كان يعمل في شركة تقع في مدينة ( راجستر هيلز    Rochester Hills ) التي تبعد عن مسكنه ( 21 ) ميلا ، وكانت لديه سيارة قديمة موديل ( 1988 ) يستخدمها في ذهابه وايابه للعمل ، وشاء القدر ان تعطل سيارته القديمة هذه ولم يستطع من تصليحها او تبديلها ، لكنه اصر على مواصلة عمله في الشركة بأستخدام الباص المعروف بقلة استخدامه وندرة وجوده وعدم وصوله الى كل الاماكن المطلوبة ، فكان يضطر الى تكملة مشواره مشيا على الاقدام لمسافات طويلة ...
وهكذا كان عليه ان يقوم برحلة شاقة وطويلة يوميا للذهاب الى عمله والرجوع الى مسكنه وحسب هذا الجدول الذي وضعه لنفسه بنفسه :-
- ينهض يوميا حوالي الساعة السادسة ( 6 ) صباحا ليتهيأ لرحلته الشاقة هذه .
- يخرج من البيت الساعة الثامنة ( 8 ) صباحا ويمشي لمدة نصف ساعة الى ان يصل الى اقرب موقف للباص الذي موعده الساعة الثامنة والنصف ( 8:30 ) صباحا .
- يركب الباص الذي يوصله الى منطقة ( السمر سيت التجارية Somerset Mall ) التي تقع في مدينة ( تروي    Troy ) على الميل السادس عشر بالقرب من تقاطع شارع ( كروكز   Crooks ) حوالي الساعة التاسعة والنصف ( 9:30 ) صباحا حيث نهاية خط الباص .
- ومن هناك يبدأ بالمشي مسافة ما يقارب السبع ( 7 ) اميال على شارع ( كروكز  Crooks ) شمالا الى ان يصل الى مكان عمله في مدينة ( راجستر هيلز  Rochester Hills ) بالقرب من الخط السريع ( ام 59 - M ) الساعة الثانية عشر والنصف ( 12:30 ) ظهرا .
- كان عمله يبدأ الساعة الثانية ( 2:00 ) بعد الظهر فكان يقضي هذا الوقت في الراحة وشرب القهوة والتحدث مع بعض مسؤوليه حول العمل او الاخبار المهمة او امور اخرى الى ان يحين وقت العمل .
- يبدأ العمل الساعة الثانية ( 2:00 ) ظهرا الى الساعة العاشرة ( 10:00 ) مساءا .
- بعد ذلك يبدأ رحلة العودة الى البيت بالمشي على شارع ( كروكز   Crooks ) جنوبا راجعا الى موقف الباص في منطقة ( السمر سيت التجارية   Somerset Mall ) نفسها حيث موعد انطلاق الباص الساعة ( 12:59 ) بعد منتصف الليل .
- يركب الباص الذي يوصله الى جنوب الميل الثامن ( 8 ) في مدينة ( ديترويت ) الساعة ( 1:35 ) ليلا .   
- ومن هناك يمشي مرة اخرى لمسافة ( 5 ) اميال الى ان يصل الى البيت حوالي الساعة الرابعة ( 4:00 ) صباحا .
- ينام في البيت لما يقارب الساعتين فقط اي الى حوالي الساعة السادسة ( 6:00 ) صباحا لينهض ويتهيأ لرحلة جديدة ليوم جديد ...   
وهكذا استمر على هذا الحال لمدة ( 10 ) اعوام بصيفها وشتائها ، يعمل ( 5 ) ايام في الاسبوع ، يمشي اكثر من ( 8 ) ساعات في اليوم الواحد مهما كانت الظروف الجوية المتقلبة كثيرا في مشيكن ، ولا يثنيه اذا كان الجو حارا او باردا ولا اذا كان مطرا او ثلجا .
( بالرغم من اننا لا نعرف الاسباب الحقيقية لا عن عدم امكانية هذا الشخص من تصليح سيارته القديمة او استبدالها بأخرى بالرغم من كونه يعمل ويتقاضى اجورا لا بأس بها ولا عن عدم تغيير مكان سكنه ليصبح قريبا من محل عمله حيث كان بأمكانه فعل ذلك بسهولة ، فهذه تعتبر هنا امور خاصة وشخصية لا يمكن التطرق اليها ولا علاقة لأحد بها ) ..
ولكن الغريب انه كان لديه مواظبة جيدة جدا في الشركة واكثر من كل زملائه الذين كانوا يستخدمون سياراتهم الخاصة .
في شباط الماضي ( 2015 ) نشر احد الصحفيين قصة هذا الرجل في جريدة ( ديترويت فري بريس   Detroit Free Press ) الالكترونية لكونها مثالا جيدا في التحدي والمثابرة ، وشاءت الصدفة ان يطلع عليها احد الطلاب في جامعة ( وين ستيت    Wayne State University ) في ديترويت الذي كان يدرس علوم الكومبيوتر والذي اصبح بطل الجزء الثاني لهذه القصة .
ولمن لا يعرف المنطقة ننشر هذا المخطط التوضيحي لرحلة هذا الرجل الذي نشرته جريدة ( ديترويت فري بريس  Detroit Free Press )
 


+ الجزء الثاني :-
هي قصة شاب ابيض يدرس علوم الكومبيوتر في جامعة ( وين ستيت   Wayne State University ) استخدم عقله وفكره ومعرفته في استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة لمساعدة ذلك الرجل الاسود ، فحقق الاثنين معا ، اي مساعدة الرجل الاسود بما لم يكن يتوقعه هو نفسه ومن ثم حقق لنفسه شهرة عالية لم يكن يتوقعها ايضا ..
وقصته تتلخص انه طالب يبلغ من العمر ( 19 ) سنة يسكن في مدينة ( مكومب    Macomb City ) ويعمل في مدينة ( تروي   Troy ) ويدرس علوم الكومبيوتر في جامعة ( وين ستيت  Wayne State University ) في مدينة ( ديترويت   Detroit ) ..
ولهذا كان عليه ان يسوق ما يقارب الساعة يوميا من مسكنه الى عمله ومن ثم الى جامعته ، وما كان يزعجه كثيرا كان ازحام الطريق الذي غالبا ما كان يصادفه مما يجعله يتأخر عن عمله او جامعته او مسكنه ...
شاءت الصدفة احد الايام عندما كان في الجامعة ان يطلع على قصة الرجل الاسود المنشورة في جريدة ( ديترويت فري بريس    Detroit Free Press ) الالكترونية ، فتأثر بقصة هذا الرجل المثابر الذي يقوم بهذه الرحلة الشاقة الطويلة يوميا مقارنة برحلته التي لا تستغرق سوى اقل من ساعة واحدة في سيارته المريحة والمكيفة صيفا وشتاءا .
وعندما اطلع الى قسم التعليقات في الجريدة وجد ان هناك الكثير ممن يبدي استعداده لمساعدة هذا الرجل ولكنه لا يعرف كيف يستطيع من ذلك ؟
فما كان من هذا الشاب الا ان يمد يده الى جيبه ليخرج هاتفه النقال وخلال دقائق معدودة فقط استطاع ان يفتح موقعا الكترونيا خاصا له نشر فيه قصة هذا الرجل الاسود وفتح فيه باب التبرع له لغرض جمع مبلغ قدره ( 5000 ) دولار يكفي لشراء سيارة لهذا الرجل المثابر ...
وبعد ساعة واحدة فقط وجد ان مبلغ التبرع وصل الى ( 2000 ) دولار ، وهذا ما جعله يتشجع ويرفع سقف المبلغ المطلوب جمعه الى ( 10000 ) دولار ، فأنهالت عليه التبرعات من كل صوب ( الكتروني ) وكل حدب  ( تكنولوجي ) فأرتفع مبلغ التبرع الى اضعاف ما هو مطلوب وفاق ما كان متوقعا ، فعرفت رئاسة الجامعة بذلك فأجرت معه لقاءا خاصا لتشكره على عمله الجيد هذا ، استغرق اللقاء ( 17 ) دقيقة ، وخلال فترة اللقاء هذه ارتفع مبلغ التبرع بمقدار ( 2000 ) دولار ، واما بعد ثلاثة ايام فقد اصبح اجمالي مبلغ التبرع ( 289000 ) دولار ! ( واما في ساعة كتابة هذا المقال 22 اذار 2015 فقد اصبح المبلغ حوالي 350000 دولار ) !!! .
يقول هذا الطالب انه لم يكن يتوقع ابدا انه يستطيع ان يجمع مثل هذا المبلغ بهذه السهولة ، ولم يكن يتوقع ان المتبرعين يصدقونه بهذه السهولة حيث كانوا يتبرعون وهم لا يعرفون الى من هم يتبرعون ...
على اي حال فقد انتشر الخبر بسرعة ووصل الى وسائل الاعلام الرئيسية في عموم الولايات المتحدة الاميركية وبعض المؤسسات الاخرى والى كل انحاء العالم الالكتروني ، وعلى اثر ذلك قامت شركة ( فورد ) لصناعة السيارات بأهداء سيارة جديدة موديل ( 2015 ) لذلك الرجل الاسود الذي حصل بالاضافة الى ذلك على كامل مبلغ التبرع ( 289000 ) دولار الذي جمعه له ذلك الطالب انذاك !!! .
انتهت القصة بجزئيها ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه هو :-
من هو البطل لهذه القصة بجزئيها ؟
هل هو العامل الذي اعتمد على جهده العضلي ؟
ام هو الطالب الذي استخدم عقله وفكره ؟
( ادناه صورة لبطلي هذه القصة الحقيقية )
 
صورة الرجل العامل المثابر مع الشاب الطالب

   
 
مع ممثل من شركة فورد لصناعة السيارات والسيارة الجديدة الهدية 

41
الاستاذ يعكوب ابونا المحترم
مقالة رائعة وجلسة محاكمة مهنية تماما ومهمة جدا ...
ولكني ارى انه قد حدث اشتباه في القضية اعلاه المرفوعة ضد الله ، حيث يبدو لي ان هناك متهمان في القضية اعلاه وليس متهم واحد :-
+ المتهم الاول هو الله الذي خلق الانسان على احسن تقويم وهو الذي اشرت اليه في مقدمة المقال وهو الذي برأته محكمة الاستئناف الموقرة ..
+ المتهم الثاني وهو المتهم الحقيقي في القضية هو شبيه الله الذي خلقه الانسان لنفسه على مرامه ومزاجه وبحسب حاجته وهو المتهم الذي حكمت عليه محكمة الابتداءالموقرة ..
وحسنا فعلت هذه المحكمة ان ادانته وحملته المسؤولية كاملة ..
ولكن على ما يبدو ان محامي الدفاع في هذه القضية الذين كثروا هذه الايام واصبح لهم نفوذ كبير قد استطاعوا من التلاعب في القضية وخلطوا الاوراق واحتالوا على محكمة الاستئناف ، فبدلا من ان يقدموا اوراق المتهم الثاني المدان الى محكمة الاستئناف قدموا اوراق المتهم الاول البريء ...
وهكذا استطاعوا ان يحصلوا على براءة موكلهم المدان .
مع تحياتي 

42
نعم قم وغادر سريرك ايها الصديق العزيز يونان وتبا للمرض اللعين ...
لقد فاجأني الصديق اسكندر بيقاشا عندما اخبرني برسالة قصيرة لقراءة هذه القصيدة التي هي عن الصديق يونان هوزايا وقال لي انه طريح الفراش ...
نتمنى الشفاء العاجل للصديق يونان والصحة الدائمة والعمر الطويل والعودة الى نشاطه الدائم  وعطائه الكثير الذي كان دائما بنكران ذات ...
 

43

الصديق العزيز فريد شكوانا المحترم
تحياتي الحارة
شكرا لطرحكم لهذا الموضوع المهم للمناقشة .. ولكني بصراحة وجدت ان المدخل كان فيه بعض التناقض ، حيث قلتم ( يجب ان تكون مناقشة الامور من الواقع الذي نعيشه وان يكون لنا الشجاعة لقول الحق ... )
واما ما جاء بعد ذلك فأعتقد انه لم يكن من الواقع الحالي الذي نحن فيه ...
وعلى سبيل المثال :-
+ هل تعتقد ان الواقع الذي نحن فيه الان فيه ما يدل على ان الكاهن يكفر بالشيطان واعماله وممتلكاته ( واؤكد هنا على كلمة ممتلكاته ) ؟
+ وهل تعتقد ان الواقع الذي نحن فيه الان فيه ما يدل ان الكاهن هو ملك المذبح والكنيسة ، ام ان كل من المذبح والكنيسة قد اصبحا ملكا للكاهن ؟
وهل تعتقد ان الواقع الذي نحن فيه الان فيه ما يدل ان الكاهن هو مجرد خادم للكنيسة ، ام ان الكنيسة ( الشعب ) يجب ان يخدم ويطيع الكاهن ؟
+ واخيرا هل تعتقد ان الكاهن في وقتنا الحالي هو فعلا قدوة صالحة ؟ 
مع اعتذاري الشديد للكثير من الاباء الكهنة الذين نجلهم ونحترمهم ولكن الواقع الذي نعيشه يفرض علينا ان نطرح هذه التساؤلات التي لم نكن يوما نتمنى ان نطرحها ...
احييك على تساؤلاتك المشروعة حول هذا الموضوع المهم التي طرحتها فعلا بشجاع  والتي اجاب على الكثير منها الاخوة المعلقين قبلي بشجاعة ايضا فشكرا لهم ،ولكن بخصوص مجمع الكنائس الشرقية او ما يسمى بصراحة بـ ( وزارة المستعمرات ) تذكرت امرا كان يخطر ببالي منذ مدة طويلة عنما حضرت رسامة مطارنة جدد في بغداد وكان القسم الذي يؤديه المطران الجديد بحسب ما اتذكر يحتوي على جملة ما يحتويه ( ان اكون عميلا للرومان ) !!! .
وبصراحة لم اصدق اذنيي انذاك ، فهل ما زالت هذه الجملة على حالها في القسم الان ؟
مع تحياتي الحارة لكم وللاخوة المعلقين . 

44
بطريرك في الامم المتحدة
( مبادرة تاريخية )
[/size][/size]


وحيد كوريال ياقو
نهاية اذار 2015

في مقال سابق حول نفس المضمون بعنوان ( مطران في الجامعة ) اشدنا بمبادرة سيادة المطران ( فرنسيس قلابات ) مطران الكنيسة الكلدانية في مشيكن لألقائه محاضرة في جامعة ( وين ستيت ) في مدينة ديترويت حول معانات المسيحيين في العراق ..
وذكرنا اننا قد تعودنا غالبا ان نجد رجال الدين في الكنائس يعتلون المنابر للصلاة امام الناس المؤمنين وكما تعودنا على مشاهدتهم في المناسبات الدينية وحضورهم في الاحتفالات الرسمية ووجودهم في المناسبات الاجتماعية العامة والعائلية الخاصة ، ولكن ما لم نتعود عليه هو وجودهم في الجامعات والمعاهد العلمية ...
واما في هذا المقال فنستطيع ان نضيف الى ذلك ان ما لم نسمع به ايضا هو وجودهم في المحافل الدولية الرسمية لأيصال معانات ابناء شعبهم الى صناع القرار مباشرة ، واما وجود بطريرك في الامم المتحدة فهذا ما لم نسمع به ابدا وبحسب علمي لم يحصل سابقا ..
لقد كانت مبادرة تاريخية من سيادة البطريرك ( مار لويس ساكو ) بطريرك الكنيسة الكلدانية حيث كان يوم الجمعة الماضية 27 اذار 2015  وبرفقة معاونه المطران ( باسيليوس يلدو ) وسيادة المطران ( فرنسيس قلابات ) مطران مشيكن في الامم المتحدة لألقاء كلمة في اجتماع خاص لمجلس الامن الدولي المخصص لضحايا الانتهاكات والاضطهادات على اسس دينية او عرقية في الشرق الاوسط ...
وهي حتما مبادرة تاريخية فريدة من نوعها ان يقوم هؤلاء الزعماء الدينيين في قمة الكنيسة الكلدانية في ايصال معانات ومأسات ابناء هذه الكنيسة وبقية الكنائس الاخرى بالاضافة الى معانات ابناء المكونات الصغيرة الاخرى في العراق الى قمة المحافل الدولية ...
وخاصة ان سيادة البطريرك ( مار لويس ساكو ) على دراية تامة وكاملة لكل ما يجري في المنطقة ولكل ما يتعرض اليه ابناء هذه المكونات من اضطهاد وتمييز وتهميش من الجهات الرسمية ، وهو على علم تام لكل ما حصل وما زال يحصل لأبناء هذه المكونات من اعمال عنف وقتل وتهجير واختطاف وسلب ونهب على ايدي الجماعات المسلحة المجهولة سابقا والمعلومة حاليا ...
وهو الادرى بالاوضاع المأساوية لأبناء هذه المكونات المضطهدة دائما في عموم الشرق الاوسط ...
وهذا ما يتبين جليا في كلمته التي القاها في مجلس الامن مؤخرا ، حيث نستطيع ان نقول بأختصار شديد انه وضع النقاط على الحروف لتصبح الصورة كاملة وواضحة امام المجتمع الدولي التي صادفت في الذكرة المئوية لمذابح المسيحيين سنة 1915 التي كانت لنفس الاسباب ...
واما المطاليب فكانت هذه المرة صريحة وواضحة ومحددة وواقعية ملموسة يمكن تطبيقها على ارض الواقع ، نختصرها بما يلي :-
+ اقامة دولة مدنية مسؤولة عن حماية الجميع والحفاظ على حقوقهم الكاملة وتضمن التعايش الايجابي على اسس العدالة والسلام وروح المحبة والمواطنة ...
+ اصلاح الدساتير بحيث تحقق العدالة والمساوات والكرامة للجميع ...
+ اصلاح برامج التربية في المدارس ...
+ توفير حماية دولية ومناطق امنة لأبناء المكونات الصغيرة ...
+ تعويض المتضررين ماديا ومعنويا عن الاضرار التي لحقت بهم ...
+ الطلب من رجال الدين الى عدم تسييس الدين والمتاجرة به ...
وقد تضمن الخطاب مطاليب ضمنية اخرى كثيرة لا مجال لذكرها ... 
في الوقت الذي نحن نعرف ان هذه المطاليب الكبيرة سوف لن تتحقق في الوقت الحاضر ، ولكن ما نتمناه هو ان يبقى زعمائنا الدينيين كافة على هذا النهج وان يصروا بثبات على ما جاء في هذا الخطاب ...
ومن ناحية اخرى ما نرجوه من قادتنا السياسيين الذين يضعون مصلحة ابناء شعبنا في مقدمة مهامهم ان يوحدوا مطاليبهم وفق هذا النهج ، وان يتوحدوا مع زعمائنا الدينيين على هذه المطاليب الى ان يتحقق ولو بعض منها .
وفي الختام لا يسعنا الا ان نشيد بهذا الخطاب التاريخي لسيادة البطريرك ( مار لويس ساكو ) ونود ان نشير الى نقطة اخرى تميز بها وهو ان سيادة البطريرك استطاع ان يلخص جملة مطاليب مهمة ومصيرية محددة بنقاط الى الحاضرين في مجلس الامن ، وطالب الحاضرين بأصدار قرارات دولية فعالة لضمان تحقيق هذه المطاليب على ارض الواقع لأنهاء معانات ابناء هذه المكونات ، من دون ان يطلب من الحاضرين ان يصلوا ويطلبوا من الله من اجل انهاء معانات ابناء هذه المكونات كما يفعل عادة معظم رجال الدين ...
وهذا ما دعاني اطرح هذا السؤال :-
+ لماذا لم يطلب سيادة البطريرك ساكو من الحاضرين في مجلس الامن ان يصلوا او يطلبوا من الله ان ينظر بعين العطف الى ابناء هذه المكونات لتخفيف معاناتهم وخاصة الاطفال والنساء والشيوخ المشردين والمهجرين الذين يعيشون في العراء لكي يعودوا الى بيوتهم ويعيشوا فيها بسلام وامن وامان ؟
+ هل لأنه يعرف ان الحاضرين امامه في مجلس الامن وهم الذين بيدهم القرار لا يصلون ولا يعرفون الصلاة ولا الى من ترفع الصلاة ؟
+ ام انه يعرف ان معانات ابناء هذه المكونات قد فاقت كل الحدود ويدرك ان ما سيتعرضون اليه لاحقا سيكون مخيفا ، وان الصلاة وحدها سوف لن تكفي لوضع حد لها ؟
+ ام انه على يقين ان المعتدين على ابناء هذه المكونات لم يعد يجدي معهم الصلاة ؟
+ ام ان الثلاثة معا ؟   


45

الصديق العزيز نبيل دمان المحترم
شكرا لكلماتكم الجميلة ومشاعركم الطيبة حول هذا الموضوع ...
ونحن ايضا نتمنى ان تتكرر هذه المبادرة وان تعم لتشمل الكثير من رجال الدين الذين هم اهل لمثل هذه المحاضرات التي حتما ستكون افضل كلما تكررت وسيكون تأثيرها اكثر واوسع من المواعظ التي يلقونها داخل الكنيسة على المؤمنين الجالسين خاشعين صامتين يسمعون فقط لا يسألون ولا يشاركون ...
مع تحياتي الحارة

السيد صباح قيا المحترم
شكرا لمداخلتكم القيمة وانا اتفق معكم ان الموضوع ليس سهلا وان الطريق ليس مبلطا او مفروشا بالسجاد والزوالي كما هو الحال في الكنيسة ، ولكن الوضع يتطلب ذلك وللضرورة احكام ، وما زيادة عدد الملحدين الذين اشرت اليهم وغير المؤمنين الساخرين من الكتاب المقدس الا دليل على ان الجهود المبذولة داخل الكنيسة لا تكفي ...
هذا بشكل عام واما فيما يخص كنيستنا الكلدانية فبالرغم من ان حالة الالحاد والسخرية من تعاليم الكتاب المقدس غير معلنة في الوقت الحاضر لأسباب خاصة ، الا ان هناك ظاهرة الانتقال الى الكنائس الاخرى منتشرة وفي تزايد ، وهذا ايضا يدل على ان الجهود الحالية المبذولة داخل الكنيسة اما غير كافية او ان هناك خطأ ما ...
وتقبل تحياتي الحارة   

46
المنبر الحر / مطران في الجامعة
« في: 11:40 10/03/2015  »
مطران في الجامعة

وحيد كوريال ياقو
اذار – 2015  - مشيكن

بالرغم من ان معظم رجال الدين وخاصة في كنيستنا الكلدانية هم خريجو جامعات ومؤسسات علمية ، وان معظم اساقفتنا الاجلاء يحملون شهادات عليا وبعضهم اكثر من واحدة ، ولبعضهم نشاطات كثيرة وبحوث عديدة وللكثير منهم كتب ومؤلفات لا تعد ولا تحصى ، ويبذلون جهودا كبيرة في ارشاد الناس في الكنائس وتوعية الشباب وتعليم الاطفال في مدارس التعليم المسيحي الملحقة بالكنائس ...
فقد تعودنا غالبا ان نجدهم في الكنائس وهم ببدلاتهم المميزة بالوانها الزاهية يعتلون المنابر امام الناس لأداء الصلاة والمراسيم الدينية المختلفة ، وكما تعودنا ايضا مشاهدتهم في كافة المناسبات الدينية وحضورهم في الاحتفالات الرسمية ووجودهم في المناسبات العائلية ...
ولكن ما لم نتعود عليه او ما لم نسمع به كثيرا او لنقل قلما نسمع به هو وجودهم في الجامعات والمعاهد العلمية يحاضرون للطلبة والشباب الذين هم بأمس الحاجة الى ارشاداتهم وتوصياتهم وتوجيهاتهم ، ومن ثم ليستمعوا الى هؤلاء الطلبة والشباب ليطلعوا الى وافكارهم وارائهم الجديدة والمستجدة دائما وما يعملونه وما ينوون عمله ...
لقد فرحت كثيرا عندما اتصلت بي ابنتي يوم الخميس الماضي 5 – 3 – 2015 لتخبرني بانها سوف تتأخر قليلا في الجامعة حيث هناك محاضرة لسيادة المطران ( فرنسيس قلابات ) راعي ابرشية مار توما الرسول في مشيكن حول احوال المسيحيين في العراق ، يلقيها في جامعة ( وين ستيت ) في مدينة ديترويت ...
وفي الحقيقة كانت فرحتي لأكثر من سبب :-
اولها انني نادرا ما سمعت بمثل هذا الخبر اي ان مطرانا يلقي محاضرة مفتوحة في جامعة امريكية مثل جامعة ( وين ستيت ) التي فيها طلبة من مختلف الاديان والمذاهب ومن مختلف الاعراق والاجناس ، مؤمنين وملحدين ، وفيها عدد كبير من ابناء شعبنا ومن منطقة الشرق الاوسط وشبه القارة الهندية وبلدان شرق اسيا ودول اوربية مختلفة ومن الامريكتين ومن اللونين الابيض والاسود ..
والسبب الثاني كون المحاضرة حول معانات ابناء شعبنا المسيحي في العراق التي ازدادت كثيرا في الفترة الاخيرة ، وان تعريف هؤلاء الطلبة والشباب وخاصة الذين هم من مناطق  بعيدة بما يعانيه ابناء شعبنا في بلده الام العراق انه شيء في غاية الاهمية ...
واما السبب الثالث فكان ان ابنتي تريد ان تحضر هذه المحاضرة لتسمع المزيد مما تسمعه في البيت حول معانات اهلنا في العراق ...
فما كان مني الا ان اشجعها على ذلك وطلبت منها ان تحدثني عما يجري في المحاضرة لاحقا في عطلة نهاية الاسبوع حيث يكون لدينا الوقت الكافي للحديث حول هذا الموضوع ...
وهكذا كان يوم الاحد موعدنا للحديث حول هذه المحاضرة التي كانت على ما يبدو محاضرة متواضعة سواء من حيث الحضور الذي لم يتجاوز المئة طالب وطالبة واكثر من نصفهم من ابناء شعبنا ، او من حيث المضمون الذي اقتصر على الجانب الديني او الايماني فقط دون الاشارة الى الجوانب الاخرى او طلب المساعدة كما كان في عنوان المحاضرة ...
الا انني استطيع ان اقول انها مبادرة سباقة من سيادة المطران ( فرنسيس قلابات ) وخطوة مهمة في هذا المجال للتحدث الى هذه الشريحة التي هي الاهم او الاساس في المجتمع ، لأنه وكما هو معلوم للجميع ان الطلبة هم الذين سيقودون المجتمع في المستقبل وما يتعلمونه في هذه المرحلة سيكون الاساس الذي سيعتمدون عليه في المستقبل ...
ومن ناحية اخرى ان هؤلاء الطلبة والشباب او الكثير منهم هم بحاجة اكثر الى ارشاداتهم وتوصياتهم من الذين هم في الكنيسة ، حيث ان الذين يأتون الى الكنيسة سواءا كانوا كبارا او صغارا فهم يأتون الى الكنيسة ليتعلموا من الكنيسة وليعملوا وفق ما تريده الكنيسة ، وهم في هذه الحالة بمثابة ( الابن الكبير ) للكنيسة ، بينما الذين هم في الجامعة ومنهم من لا يأتي الى الكنيسة ومنهم من لا ينتمي اساسا الى الكنيسة فهو بمثابة ( الابن الضال ) وعليه فهو بحاجة اكثر الى محبة الاباء في الكنيسة وارشاداتهم وتوصياتهم ...
ومن ناحية اخرى ان هؤلاء الطلبة والشباب يعتبرون اليوم الوسيلة الاسرع في نقل الخبر الى اقرانهم واصدقائهم واوليائهم وعوائلهم واقربائهم ونشره ليصل بسهولة الى كل انحاء العالم من خلال ما يمتلكونه من خبرات في وسائل الاتصالات الحديثة المتطورة السريعة التي يحملونها في حقائبهم او حتى في جيوبهم ..
نتمنى ان نرى المزيد من هذه المحاضرات وان نجد الكثير من الكهنة والاساقفة في الجامعات اينما كانوا مع شكرنا وتقديرنا لجهودهم جميعا.   
   

47

الصديق العزيز كيوركيس اوراها منصور المحترم
شكرا لمروركم على الموضوع وانا اتفق معكم ان حضارة وادي الرافدين لا يمكن ان تنتهي مهما فعل الاشرار لانه وكما قال احد الاصدقاء ان ما زال منها تحت الارض هو اكثر مما هو فوق الارض وانا اضيف هنا ان ما اكتشف واخرج فوق الارض الكثير منه هو الان في اماكن امنة ، ولكن ما احزننا كثيرا هو مشهد سقوط تلك التماثيل التي صمدت لألاف السنين خلال لحظات على ايدي هؤلاء الذين سميتهم اشرار القرن الواحد والعشرين ...
لقد ذكرتني بما كنا نناقشه معا في ثمانينيات القرن الماضي عندما كنا نلتقي ومجموعة من الاصدقاء في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد حول هذا الموضوع ، وكنا في حينها نتهم الغرب بسرقة اثارنا وكنا نعتبر ذلك جريمة كبرى وهي كذلك طبعا ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الان هو :-
ماذا لو كانت الاثار المسروقة من قبل الغرب موجودة الان في نينوى ؟؟؟
مع تحياتي الحارة

السيد قشو ابراهيم نيروا المحترم
اشكركم كثيرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه بهذه الاحرف الجميلة بالرغم من انني قرأت الخط بصعوبة ولكني فرحت كثيرا لأنني ما زلت استطيع القراءة في لغتي الحبيبة ، فشكرا لكم على هذا ايضا ، مع تحياتي الحارة   

48
الصديق العزيز ثائر حيدو
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه وانا اتفق معكم بان هناك تداخل في بعض العبادات في بعض الاديان مع عبادة الاصنام ، ولكن موضوع القتل لا اعتقد انه عادة او غريزة انسانية اذا ما لم يكن هناك ما يحرض الانسان على القتل كما هو الحال هنا في هذه الايات والنصوص وغيرها كثيرة التي لا تصلح لهذا الزمن والتي تسيء الى اصحابها قبل غيرهم ولهذا قلنا ان مسؤولية معالجتها تقع عليهم قبل غيرهم ، مع تحياتي الحارة

الصديق العزيز فريد شكوانا
فرحت لانضمامكم الى هذا المنتدى واشكركم لمروركم على الموضوع والتعليق عليه ...
لا اعتقد ان هؤلاء الذين يقومون بهذه الاعمال يفعلونها لانهم يعبدون الصنم ، لانني لا اعتقد ان الاصنام التي كانت تعبد قديما كانت تأمر عبادها بهذه الاعمال ، ولكن المشكلة انهم يدعون انهم يعبدون الله ، والله بحسب مفهومهم هو الذي يأمرهم بهذه الاعمال وانهم يقومون بها ارضاءا له بحسب هذه الايات والنصوص التي يعتقدون ان الله انزلها عليهم ولهذا لا يمكن المس بها او تغييرها او تعديلها لأن ذلك يعتبر كفر ...
مع تحياتي الحارة 
   

49
ايهما افضل عبادة الاصنام ام عبادة الاوهام ؟؟؟

وحيد كوريال ياقو
نهاية شباط 2015

استيقطنا صباح يوم الخميس الماضي 26 – 2 – 2015 على اصوات المعاول والمطارق تملأ الفضائيات والمواقع الالكترونية ومختلف وسائل التواصل الاجتماعي التي تسارعت الى نقل اصوات تلك المعاول والمطارق وهي تحطم بعض التماثيل القديمة والمنحوتات الاثارية في نينوى التي كانت عاصمة الامبراطورية الاشورية قبل بضع الاف من السنين ..
وقبل ان نستطيع من فتح اعيننا كاملة لنتأكد ان ما نراه هو حقيقة وليس حلم او كابوس مخيف من الكوابيس المرعبة التي اصبحنا نراها هذه الايام بكثرة في يقظتنا اكثر من منامنا ، كانت اصوات بعض التراتيل التي كانت تؤدى بصوت فصيح تطغو على اصوات هذه المعاول والمطارق التي كانت تنهال على تلك التماثيل والمنحوتات ، لتبرر سبب قيام هؤلاء الناس بتحطيم تلك التماثيل والمنحوتات ، او انهم يحطمونها استنادا الى ما جاء في تلك التراتيل ، الى ان يظهر احدهم امام احد التماثيل العريقة والكبيرة ليؤكد صحة ذلك واحقية ما يقومون به وليذكر ايات اخرى ونصوص اوضح واوامر ملزمة لهم للقيام بهذا العمل مهما بلغت قيمة هذه التماثيل من المليارات فهي تهون امام امر من هذه الاوامر الملزمة ...
وهكذا يستمر المشهد والمعاول تنهال على تلك التماثيل القديمة التي صمدت لالاف السنين لتتهاوى على الارض الواحدة تلو الاخرى وتتحطم الى اجزاء متناثرة خلال لحظات معدودة ..
في الحقيقة لا اريد التكلم عن اهمية هذه التماثيل وقيمتها لأن ذلك لا يحتاج الى كلام جديد حيث قيل عنها الكثير وكتب عن اهميتها المزيد والعالم كله يعرف ذلك ، ولكني اريد التطرق الى تلك الايات والنصوص التي استند عليها هؤلاء في تحطيم تلك التماثيل ، وهي في الحقيقة ( الايات والنصوص طبعا ) وفرت الكثير من الجهد والوقت لكل من يريد البحث والتقصي لمعرفة سبب قيام هؤلاء بمثل هذه الافعال المخيبة وغيرها من الافعال الشنيعة التي كثرت هذه الايام مع شدة التمسك الحرفي بهذه الايات والنصوص مثل قتل الابرياء وحرق الاحياء وسبي النساء وما الى ذلك التي يستندون فيها الى هذه اليات والنصوص ... 
في الوقت الذي نحن نعرف جيدا انه مهما قلنا سوف لن نزيد شيئا مما جاء في تلك الايات والنصوص من اسباب موجبة واوامر ملزمة لهؤلاء الناس للقيام بكل هذه الاعمال الشنيعة ، ومهما كتبنا سوف لن نقلل شيئا او نغير قدرا من وقع تلك الايات والنصوص في عقول هؤلاء الناس لتثنيهم من القيام بمثل هذه الاعمال المخزية ...
ولكن ما نستطيع ان نفعله الان هو ان نسأل اصحابنا الاعزاء الذين تخصهم هذه الايات والنصوص وهم يعرفونها اكثر من غيرهم :-
هل هذه الايات والنصوص موجودة فعلا ؟
وان كانت موجودة فعلا ، هل تصلح لتستخدم بهذه الطريقة في هذا الزمن ؟
ألا يمكن معالجتها لكي تصبح مقبولة لدى الغير ومناسبة مع الزمن ؟
ومن ثم من قال ان هذه التماثيل التي حطمت كانت تعبد من دون الله ؟
وحتى لو كانت تعبد في ذلك الزمن الذي لم يكن الناس يعرفون الله الرحمن الرحيم ، هل كانت هذه التماثيل تأمر عبادها بقتل الاخرين الذين لا يعبدونها ؟
ومهما كان الجواب لا بد ان ندعوهم الى اعادة النظر بهذه الايات والنصوص والتفكير بها بقليل من الواقعية ومعالجتها لكي تصبح مقبولة ومناسبة لأن الاساءة الاولى من استخدامها بهذه الطريقة هي عليهم اكثر من غيرهم ، وعليه فأن مسؤولية معالجتها تقع على عاتقهم قبل غيرهم ...
وامام هذا ليسمح لنا الجميع بهذا السؤال الذي يطرح نفسه بهذه المناسبة :-
لو كانت الناس قد بقيت على عبادة الاصنام والتماثيل والشمس والقمر والنجوم والكواكب وحتى الابقار والجرذان ، هل كنا سنشهد هذه الافلام المرعبة التي شاهدناها خلال الاشهر القليلة الماضية التي فيها قتل الابرياء وحرق الاحياء وذبح الاسرى وسبي النساء وتهجير الناس ؟
وللتذكير ندرج ادناه بعض الروابط لنماذج مختلفة لهذه الافلام التي فيها الكثير من هذه الافعال الشنيعة التي عرضت من قبل ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) الذي ما زال عمره بالايام والاشهر ، فماذا سنشاهد لو اصبح عمره بالسنين والقرون ؟
الروابط :-
1 – فيديو تحطيم التماثيل والمنحوتات الاثارية في نينوى  . 
https://www.youtube.com/watch?v=4vvn6GTR2Tg

2 – فيديو ذبح الاقباط المصريين في ليبيا . https://www.youtube.com/watch?v=J55ciVi0nvc
3 – فيديو حرق الطيار الاردني في سوريا . . http://www.alalam.ir/news/1673081
4 – فيديو ذبح الرهينة الصحفي الاميركي في سوريا .  https://www.youtube.com/watch?v=pQbXuaDKL2o
https://www.youtube.com/watch?v=HUl1QPCMGK8
5 – فيديو قتل طلاب القوة الجوية الشيعة في معسكر سبايكر في تكريت العراق . https://www.youtube.com/watch?v=o4PFCXAcWgs
6 – فيديو سبي النساء الايزيديات في سنجار العراق .
https://www.youtube.com/watch?v=laKDLDxQKlY
7 – فيديو تهجير المسيحيين من موصل العراق . https://www.youtube.com/watch?v=wKz8ZD84o0A
 https://www.youtube.com/watch?v=11OZLbBrtWc
 

50
الاخ العزيز نبيل حكيم المحترم
اسعدت كثيرا بأنضمامكم الى هذا المنبر الحر الذي اتشرف ان اكون احد اعضائه ايضا ...
واسعدت اكثر بمقالكم هذا الذي يتسم بالواقعية والسرد الحقيقي لواقع الانسان المسيحي في العراق لأكثر من الف سنة ...
ولكن اسمح لي في البداية ان اعلق على قولكم ( المسيحي في العراق يولد ميتا ويعيش ميتا ويموت ميتا ) ان اقول ان المسيحي في العراق ( يولد انسانا ويعيش انسانا ويموت انسانا ) بالرغم من كل الذي حصل ، واما اذا ما كان العراق قد فقد هويته المسيحية ( والمقصود هنا الانسانية ) فهذه مشكلة من افقد العراق هذه الهوية ...
ولكن هنا على المسيحي العراقي ان يعي هذه المشكلة وان يعترف بها ، وان يعترف بكل ما جرى له خلال هذه الالف سنة مما ذكرته انت في هذه المقالة ...
وانا اتفق معكم تماما ان القائمين على ادارة البلد هم جهلة وحمقى لا يمتون بصلة الى مصلحة الوطن والمواطن ، ولكني اضيف انهم سيبقون هكذا ، وعلى المسيحي العراقي ان يعرف هذا الامر وان يتخذ القرار المناسب له ولعائلته ( اي مستقبله ) سواءا في البقاء مع الحكام الجهلة والحمقى الى ان يأذنوا لهم بتأسيس كيان خاص بهم على اطلال حضارة اجدادهم التي سكنتها الاشباح ، او الهجرة الى الخارج والضياع في الغربة كما ذكرتم في المقال ويذكرها دائما الكثير من الكتاب ...
ولكن اسمح لي ايضا ان اسألكم وبعض الكتاب الاعزاء المعلقين على مقالكم :-
هل البقاء في بلد يحكمه الجهلة والحمقى افضل من الهجرة الى بلدان تحكمها القوانين والدساتير التي تضمن حرية الانسان وكرامته ؟
وهل تأسيس كيان خاص في دولة يحكمها الجهلة والحمقى اسهل من تأسيس كيان في دولة حكامها لا يستطيعون الخروج عن القانون والدستور ؟
مع تحياتي الحارة وتمنياتي لكم بالسلام والامان

51

اسئلة في العام الجديد 2015 
الى كل من يهمه الامر

وحيد كوريال ياقو
اوائل كانون ثان 2015
ونحن نودع عام 2014 باسف شديد والم كبير في قلوبنا لما يعانيه ابناء شعبنا في العراق في هذا العام الذي نستطيع ان نقول انه كان الاسوء في تاريخ العراق الحديث والاكثر دمويا في حياة الشعب العراقي عامة والاكثر قساوة لأبناء المكونات الصغيرة والأكثر ضررا لأبناء شعبنا المسيحي وخاصة في نينوى وما حولها الذين اجبروا من قبل قوى الظلام والجهل والتخلف الى ترك بيوتهم ومدنهم وقراهم وهربوا الى المجهول ، الى حيث لا يعرفون الى اين هم ذاهبون ، فباتوا في العراء والخيم والكرفانات ...
في ظل كل هذا الذي جرى خلال عام 2014 الذي افضل ان اسميه عام الخيم والكرفانات ، وعشية استقبال العام الجديد 2015 الذي مع الاسف الشديد لا نرى فيه اي مؤشر يبشر بالخير والسلام للقادم من الايام  ، بل العكس تماما نرى ان الوضع سائر الى المزيد من التدهور والانحدار نحو الهاوية المظلمة ...
وامام هذا لا بد للمرء ان يسأل اسئلة كثيرة عن احوال ابناء شعبنا ومصيرهم في العراق بعد ان انسدت امامهم كل الطرق والسبل واصبحت الهجرة املهم والخارج قبلتهم ...
سوف اكتفي ببعض الاسئلة في هذا المقال اوجهها الى كل من يهمه الامر من قرائنا الاعزاء وكتابنا الافاضل ومن خلالهم الى مسؤولينا السياسيين المحترمين وقادتنا المدنيين الكرام وزعمائنا الدينيين الاجلاء ، ارجو ان تكون اسئلة موفقة :-

1 – لماذا نحن نفكر دائما ونتكلم باستمر بما لا نستطيع ان نعمله ، اكثر مما نفكر او نتكلم بما نستطيع ان نعمله ؟ واستنادا الى هذا لماذا نبكي على وجودنا في العراق الذي يتعرض الى الانقراض من دون ان نذرف دمعة واحدة على مصيرنا في الخارج الذي يتعرض الى الضياع ؟

الكل يعرف ان ما يتعرض اليه ابناء شعبنا في العراق من ظلم واضطهاد وقتل وتهجير وسلب ونهب واقصاء وتهميش هو ليس بالشيء الهين ، والكل يقول ان هذا يسير وفق مخطط كبير مرسوم بدقة من جهات كبيرة بطاقات هائلة وامكانيات ضخمة تفوق كثيرا امكانية اي من المكونات الصغيرة في العراق ، والكل يقر ان النتيجة النهائية شئنا ام ابينا لا بد ان تكون لصالح هذه الجهات ، ولا بد ان يتحقق الهدف المرسوم من قبلها وهو افراغ المنطقة من المكونات الصغيرة عاجلا ام اجلا ، وبلغة اخرى ان مصير ابناء شعبنا في العراق هو الانقراض اي لا مستقبل لهم هناك ..
واما في الجانب الاخر ( الخارج ) الذي اصبح قبلة ابناء شعبنا ، فبرأيي المتواضع ان ما يتعرض اليه ابناء شعبنا من حيث الوجود والهوية لا يقل خطورة عما يتعرض اليه في الداخل اذا ما استمر الحال على ما هو عليه الان حيث النهاية ستكون حتما الضياع وفقدان الهوية ...
والكل يعرف ان ما يستوجب عمله في الخارج يختلف كثيرا عما يستوجب عمله في الداخل وهو اسهل بكثير بالاضافة الى انه ضمن طاقاتنا المحدودة وامكانياتنا البسيطة بعكس ما يستوجب عمله في الداخل الذي هو فوق الامكانيات والطاقات المتاحة ...
واستنادا الى هذا ، اليس من الافضل ان نفكر بما نستطيع ان نعمله في الخارج بدلا من ان نحلم بما لا نستطيع ان نعمله في الداخل لكي لا نصبح كهؤلاء الذين يعيشون في حلم دائم بعيدين عن الواقع ولكي لا نتحول الى هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون ؟ 

2 – لماذا نطالب وخاصة نحن الذين نعيش في الخارج على ابقاء ابناء شعبنا في العراق بحجة الحفاظ على الهوية والوجود القومي في ارض الاباء والاجداد ؟ هل الحفاظ على الهوية والوجود القومي ضرورة فقط في ارض الاباء والاجداد دون الحفاظ عليها في الخارج ؟ 
كلنا نعرف جيدا الحقيقة المرة التي لا مجال لنكرانها وهي ان عدد ابناء شعبنا في الخارج قد اصبح اكثر منه في الداخل وهو في تزايد مستمر شئنا ام ابينا بسب الهجرة التي ستنهي وجودنا في العراق ...
وكلنا نعرف جيدا الحقيقة المرة الثانية التي هي ان الهجرة هي معانات كبيرة للجيل الحالي ، لكنها او لعلها ستكون ضمان لمستقبل الاجيال القادمة في الخارج اذا ما تقبلناها كأمر مفروض علينا وتعاملنا معها بواقعية وأيجابية ، وبذلك سنجعل من الهجرة ثمن يدفعه الجيل الحالي للاجيال القادمة التي لا بد ان تعرف قيمة هذا الثمن الغالي لكي يحافظوا على هويتهم من الضياع لأن :-
ضياع الهوية في الخارج لا يختلف كثيرا عن انقراض الوجود في الداخل ...

3 – هل الحفاظ على الهوية والوجود القومي وضمان الحقوق لأبناء شعبنا في العراق اسهل من الحفاظ عليها في الخارج ؟
يطالب الكثير من ابناء شعبنا بحقوقهم المشروعة كمواطنين اصلاء في العراق والحفاظ على كيانهم ووجودهم القومي وهو حق مشروع لا خلاف عليه ، ويذهب البعض الاخر بالمطالبة بالحكم الذاتي واخرين يطالبون بالحكم المحلي وغيرهم بالمحافظة الخاصة واخرين يطالبون بتوفير الحماية وباشكال مختلفة مرة من الحكومة المركزية ومرة من حكومة اقليم كوردستان وثالثة حماية دولية ، ولكن لا احد يتكلم عن امكانية تحقيق هذه المطاليب فعليا ولا عن كلفة اي شكل من اشكال تلك الحماية وما يرافق ذلك من شروط وموافقات وتسليح وتدريب بكلف باهضة وتضحيات جسيمة كلها تبقى مجرد امنيات وتمنيات ان لم نقل احلام سوف لن يكون لها وجود على ارض الواقع وحتى لو حصل شيء منها سوف لن يدوم طويلا ...
بينما في الخارج لا نحتاج الى كل هذا ، وكل ما نحتاجه هو بناء مدارس بسيطة بتكاليف متواضعة تعلم الاطفال ( الب – بيث ) وتعرفهم بهويتهم وتاريخ حضارتهم ولماذا نحن هنا ، وعندما يكبر هؤلاء الاطفال سيأخذون على عاتقهم القيام بكل ما هو مطلوب للحفاظ على الكيان والهوية من دون الحاجة لا الى حكم ذاتي ولا الى حكم محلي ولا حماية داخلية ولا خارجية ولا تسليح مركزي ولا تدريب اقليمي ولا قاتل ولا مقتول ولا هم يحزنون ...

4 – بعد ان اصبح غالبية ابناء شعبنا في الخارج ، ما جدوى التشبث بمفهوم أرض الاباء والاجداد وخاصة بعد ان فسدت تلك الارض ؟ اليس من الافضل البحث عن ارض جديدة صالحة ؟
واستنادا الى هذا ايهما افضل لأبناء شعبنا البقاء مهمشين صاغرين مهددين في ارض كانت في الماضي السحيق ارض ابائهم واجدادهم ، ام العيش بحرية وكرامة وسلام في ارض جديدة فيها امن وامان ستصبح ارض ابنائهم واحفادهم في المستقبل ؟
كلنا نعرف ان من اقاموا الحضارة في ارض الرافدين سواء في بابل او في نينوى لم يقيموها هناك لأنها كانت ارض ابائهم واجدادهم ، بل اقاموها هناك لأنهم كانوا بناة حضارة وطلاب علم ومحبين للعمل يسعون دائما الى المزيد من المعرفة ويعشقون التطور ...
والان بعد ان اصبحت الهجرة امرا واقعا مفروضا علينا وبعد ان اصبح غالبية ابناء شعبنا في الخارج وبعد ان فسدت ارض الاباء والاجداد ، اليس من الافضل التفكير ببناء وجود جديد او كيان جديد او حتى حضارة جديدة في ارض جديدة ؟
قد يتصور البعض ان هذا امر مستحيل او ضرب من الخيال لا يمكن تحقيقه ولكن لنبدأ رحلة الالف ميل بخطوة من دون ان ندفع اي ثمن وهي حث المهاجرين الجدد التوجه قدر الامكان الى الدول والمدن التي يتواجد فيها ابناء شعبنا بكثرة ، ومن ثم الطلب من المهاجرين القدامى المتواجدين في اماكن متفرقة الانتقال قدر الامكان ايضا الى هذه الدول او المدن لتكوين تجمعات كبيرة فيها ، تتمكن من انشاء مدارس وجمعيات ومؤسسات ومنظمات واعمال خاصة بهم يستطيعون من خلالها تعليم اولادهم اللغة والعادات والتقاليد الايجابية التي تتناسب الزمان والمكان ، وتتمكن من توعية الناس وحثهم على احترام القوانين واتباع الانظمة المتبعة ، وفي نفس الوقت تعريف المجتمعات الاخرى بهويتنا وعاداتنا وتقاليدنا بصورة ايجابية بعكس ما هو موجود الان ،  وبذلك نضمن العيش بحرية وكرامة ونحافظ على هويتنا وكياننا خارج ارض ابائنا واجدادنا وكلما سعينا اكثر سيكون لنا اكثر ...

5 – هل هناك من ما زال يعتقد انه سيأتي يوما يصبح فيه العراق صالحا لكي يعيش فيه ابناء شعبنا بحرية ومساوات من دون تمييز ديني او تفريق قومي ؟ وهل سيكون لهم تمثيل حقيقي في الحكومة اكثر مما لديهم الان ؟
خلال تاريخ العراق الحديث نستطيع ان نقول ان احسن مشاركة او تمثيل لأبناء شعبنا في الحكومة من حيث العدد هو ما موجود حاليا ، وبلغة الارقام لا تتعدى الـ ( 5 ) نواب من مجموع ( 320 ) نائبا يشكلون البرلمان في العراق ، وهي بالطبع نسبة ضئيلة واقل من الاستحقاق ومحددة اي غير قابلة للزيادة ، هذا من حيث العدد ، واما من حيث الاهمية فأعتقد انها لا تتعد كونها شكلية لأغراض سياسية معروفة ...
واما في الخارج فالامر يختلف كثيرا حيث ان الفرص موجودة ومتوفرة وغير محدودة وغير محجوزة وكل ما يتطلب الحصول عليها هو التأهيل فقط ...
وعلى سبيل المثال أذا ما اخذنا دولة السويد التي هي في اقصى الشمال الاوروبي وهي بالطبع ليست ارض ابائنا واجدادنا وان تواجد ابناء شعبنا فيها لا يتجاوز القرن من الزمان ، ولكن بحسب معلوماتي البسيطة ان عدد ابناء شعبنا في البرلمان السويدي هو اكثر مما لدينا في البرلمان العراقي ، ناهيك ان ما يستطيع القيام به هؤلاء البرلمانيين في السويد هو حتما اكثر وافضل بكثير مما يستطيع القيام به نظرائهم في العراق ...
وبحسب معلوماتي البسيطة ايضا ان ذلك كان بجهود شخصية او فردية او ما شابه ذلك ، فكيف لو كان ذلك بجهود جماعية منظمة ؟ .
واستنادا الى هذا استطيع ان اقول انه لو توفرت الجهود الجماعية المنظمة في دول اخرى لتمكن ابناء شعبنا من تحقيق ما هو افضل مما تحقق في السويد ، وعلى سبيل المثال ايضا الولايات المتحدة الاميركية هذه الدولة التي تتزعم العالم حاليا والتي هي في اقصى الغرب وهي ابعد دولة مسافة من ارض الاباء والاجداد ولكن فيها تواجد كبير لأبناء شعبنا في ولايات كثيرة فيها ، وللكثير منهم مؤهلات جيدة وامكانيات عالية ، فلو كان هناك جهود جماعية منظمة وقليل من التوعية لأستطاعوا من تحقيق اكثر مما تحقق في السويد واضعاف ما موجود في العراق ...
اكتفي بهذا القدر من الاسئلة في الوقت الذي اتمنى ان يكون العام الجديد 2015 عام خير وسلام وامان للجميع وخاصة لأبناء شعبنا في العراق وبالاخص الذين ما زالوا في الخيم والكرفانات ...
واختم كلامي بقول للفيلسوف الفرنسي فولتير اتمنى ان يكون اختياره مناسبا لهذه الاسئلة :-
لا تقف كثيرا على الاطلال خاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها ، والاشباح عرفت طريقها ، وابحث عن صوت عصفور وراء الافق مع ضوء صباح جديد ...       
[/size]

52
كل الشكر والتقدير لمؤلف كتاب ( كلدان ديترويت ) السيد جيكوب بقال ...               
وكل الشكر والتقدير لكل من يقدم عملا مفيدا لأبناء هذا الشعب المنكوب الذي يتعرض الى الانقراض في ارض الاباء والاجداد والضياع في ارض الشتات ...
برأيي المتواضع ، بالرغم من انني لم اطلع على الكتاب ومحتوياته واتمنى ان يكون المحتوى مثل العنوان ، ولكني استطيع ان اقول ان مثل هذه الاعمال وغيرها التي يستطيع الكثير من ابناء شعبنا في الخارج القيام بها هي افضل بكثير من البكاء من دون جدوى على بقايا اطلال في ارض الاباء والاجداد التي لم نعد نستطيع ان نعمل شيئا هناك ولا ان نغير شيئا مما يجري هناك ...
وبأعتقادي ايضا ان بمثل هذه الاعمال وغيرها التي تتطلب جهود ممكنة لدى الكثير من ابناء شعبنا في الخارج  نستطيع ان نعرف العالم بهويتنا وتاريخنا وحضارتنا القديمة وثقافتنا الجديدة ...
ولكن قبل هذا وهو الاهم طبعا ان بمثل هذه الاعمال نستطيع ان نعرف اجيالنا الجديدة بذلك ايضا لأنهم المعنيين قبل غيرهم بمعرفتها والحفاظ عليها اينما كانوا سواء في ديترويت او في غيرها من مدن العالم المتحضر التي يتواجدون فيها بكثرة ...
مرة اخرى نقدم كل الشكر والتقدير للجهود التي بذلها المؤلف السيد جيكوب بقال وكل من ساعده في اخراج كتاب ( كلدان ديترويت ) ...
ونتمنى له الموفقية والى المزيد .

53
الاخوة الاعزاء في موقع عنكاوا كوم المحترمون 
شكرا لجهودكم المبذولة في ادامة الموقع وتطويره ... 
ولكن يؤسفني ان اخبركم بظاهرة لاحظتها خلال الاسابيع الماضية لست ادري ان كانت بسبب التصميم الجديد ام انها كانت موجودة ايضا في التصميم القديم ؟ 
ظاهرة التلاعب في ترتيب المقالات على الصفحة الرئيسية للموقع اي تقديم بعض المقالات وتأخير اخرى لضمان بقائها في الصفحة الرئيسية مدة اطول ... 
اخذت بعض الصور للصفحة الرئيسية لثلاثة ايام متتالية احتفظ بها ولكني لم ارغب في نشرها لكي لا احرج احدا حيث انني لست متأكدا ان كان ذلك بسب خلل فني في النظام الجديد ام انه من فعل فاعل ؟ 
فأذا كان ذلك بسبب النظام الجديد واتمنى ان يكون ذلك ، فيرجى معالجته بأسرع وقت ممكن لأن ذلك يعتبر تجاوز وعدم انصاف كتاب الموقع .. 
واما اذا كان ذلك من فعل فاعل فهذا بالطبع يعتبر فعل معيب لا يليق لا بموقع عنكاوا كوم ولا بأي كاتب في عنكاوا كوم ، لذا يستوجب وضع حد لمثل هذه التجاوزات ان وجدت فورا لكي لا يفقد الموقع مصداقيته ولكي يبقى عنكاوا كوم موقع الجميع 
مع تحياتي الحارة 

54
الاستاذ الكاتب المثابر بولص شليطا المحترم
شكرا لمروركم على الموضوع والتعليق عليه ..
في الحقيقة لقد امطرتني بأسئلة محيرة كثيرة كان يجب ان توجه الى الجهات المعنية التي ذكرتها في تعليقك لانها هي المعنية ان تقول ما العمل لأيجاد الحل المناسب لمعاناة هذا الشعب ...
واما بالنسبة الى سؤالك ان كانت الكتابة وحدها هي الحل ، فهو السؤال الوحيد الذي استطيع ان اعطي رأيي المتواضع فيه ، فسواء كانت الكتابة هي الحل ام لا ، لا بد ان تستمر الى ان يأتي الحل والى ما بعد الحل ايضا ...
مع تحياتي الحارة .




الصديق العزيز ثائر حيدو المحترم
شكرا لمشاركتكم للموضوع في الفيس بوك ..
واما بخصوص التعليق فأنا اتفق معكم تماما ان شعبنا يحتاج الى السياسي والمفكر والكنيسة كلها معا ولكني اضيف ايضا الى كل فرد مهما كان فقط يجب ان يكون له شعور بالانتماء الى هذا الشعب ، وهذا برأيي المتواضع هو اهم من السياسي والمفكر والكنيسة واية جهة اخرى ..
دعني اورد لك ما حصل عندنا في مشيكن في خصوص الموضوع الذي نحن بصدده :-
قبل اسبوع وبالتحديد يوم الاحد الذي هو يوم عطلة دعت ( 15 ) منظمة من منظمات ابناء شعبنا العاملة بنشاط هنا في مشيكن لمسيرة استنكار لما يتعرض اليه ابناء شعبنا في الموصل ، وكنت انا احد المشاركين الذين لم يتجاوز عددهم الـ ( 200 ) شخص لـ ( 15 ) منظمة !!!
وبعد بضعة ايام وبالتحديد يوم الجمعة الماضي الذي ليس يوم عطلة دعت احدى كنائسنا التسعة في مشيكن للتظاهر لنفس الغرض والشيء المفرح هنا ان عدد الحضور كان اكثر من ( 2000 ) شخص !!!
وامام هذه المفارقة نستطيع ان نقول ان هناك خطأ كبير لدى كل الاطراف ، حيث لا الاحزاب والمنظمات التي ليس لها قواعد شعبية تقدم لنا الحل ولا الكنيسة التي لها قاعدة شعبية كبيرة تقدم لنا الحل ، وهنا تكمن الطامة الكبرى ...
مع تحياتي الحارة     

55
           
   وداعا نينوى
( بين وداع نينوى ووداع اورمي قرن من الظلم والاضطهاد ) 




وحيد كوريال ياقو
نهاية تموز 2014 – مشيكن




قبل ما يقارب القرن من الزمان وبينما كان العالم على شك نهاية الحرب العالمية الاولى وبالتحديد في تموز 1918 ، ودع بعض ابناء شعبنا مدينة اورمي وداعا اليما قلما شهد التاريخ مثله ... 
والان في تموز ايضا سنة 2014 والعالم على وشك ان يصبح كله قرية واحدة ، يودع بعض اخر من ابناء شعبنا مدينة الموصل – نينوى وداعا لا احد يصدق انه يحصل في هذا الزمان ...
وبين وداع اورمي ووداع نينوى ما يقارب المائة عام ... 
مائة عام من التقهقر والضعف والانقسام وكل انواع الاقصاء والتهميش والاذلال ...
مائة عام من الظلم والاضطهاد وكل انواع العنف والقتل والذبح على الهوية ، من سيفو واورمي الى سميل وصوريا والى نينوى وكل مدن العراق حاليا ...   
مائة عام من التشرد والهجرة الى جهات مختلفة ، تارة من الشمال الى الجنوب وتارة من الجنوب الى الشمال واخرها من الداخل الى الخارج  ..
مائة عام وابناء شعبنا يودعون الغالي والنفيس وكل عزيز ولا يحصلون الا على نتيجة واحدة وهي الضعف ولا يواجهون الا مصيرا واحدا وهو الضياع ...   
ويأتي وداع نينوى الان فوق كل هذه المعاناة واستكمالا لكل هذه المأساة ، حيث أنه لا يختلف كثيرا لا عن وداع اورمي الذي كان قبل مائة عام ولا عن كل الوداعات ( ان صح الجمع ) التي حصلت فيما بعد ، فهي كلها متشابهة من حيث الشكل والمضمون ، وهي كلها لشعب واحد ولسبب واحد ولهدف واحد ولها غرض واحد  ..
في كلام سابق حول ما كان يتعرض اليه ابناء شعبنا في الموصل من اعمال عنف وقتل وتهجير وتهديد سنة 2008  قلنا :- لقد ادمعت عيوننا يا ام الربيعين ...
فماذا نستطيع ان نقول الان ونحن نشاهد مرة اخرى كل هذا الذي يجري في الموصل ؟
وماذا نستطيع ان نكتب الان ونحن نرى كل ما  يتعرض اليه ابناء شعبنا مرة اخرى في الموصل ؟
وكيف نستطيع ان نعبر عن مأساة ابناء شعبنا في الموصل وهم يجبرون مرة اخرى على الخروج من مدينتهم تاركين بيوتهم وممتلكاتهم واموالهم واعمالهم وكل ما لديهم هاربين من الموت الحقيقي وامامهم خيارين لا ثالث لهما اما موت الروح او موت الجسد !!! ...
كأننا نعيش مرة اخرى تلك المشاهد المؤلمة التي حصلت في اورمي قبل قرن من الزمان ، تلك المشاهد المؤلمة من اجلاء اورمي التي نستطيع ان نستذكر بعضا منها من كتاب ( اغا بطرس – وداعا اورمي –  للكاتب نينوس نيراني في صفحة 157  :-
+ شعب بكامله يهجر هربا من الموت ويسير الى المجهول ...
+ حشود هائلة وطوابير طويلة على امتداد الطريق وجوانبه ...
+ صراخ الاطفال وولولت النساء وانين المرضى والمتعبين ...
+ نساء واطفال قطيعي الانفاس من كثرة العطش .. وهم ينادون ماء .. ماء ...
+ حشود العوائل من النساء والصبيان والاطفال يهربون طلبا للنجاة وتشبثا بأسباب الحياة ...
+ رجل مسن على قارعة الطريق يطلب اطلاقة الرحمة لكي لا يقع بأيدي الاعداء ...
+ عجوز تطلب من ابنها الذي كان يحملها طوال الطريق اطلاقة رحمة ليذهب هو في سبيله ...
+ طفل صغير يبكي وينادي امي امي اين انت ...
+ العذارى والصبيات القين بأنفسهن في البحيرة كي لا يدنسن ...
وغيرها من المشاهد المؤلمة والصور البشعة من اجلاء اورمي التي كلها تتكرر الان في الموصل ...
ان ما نشاهده الان في الموصل يجعلنا نقول اننا نعيش مرة اخرى تلك المشاهد المؤلمة التي حصلت في اورمي قبل مائة عام ...
وان ما نراه الان في الموصل من صور بشعة لا احد يستطيع ان يصدق انها تحدث في هذا العصر الذي اصبح العالم كله على وشك ان يصبح عبارة عن قرية واحدة او اقل ..
واما ما نسمعه الان من الموصل فهي نفس الصيحات التي كانت تنادي في اورمي قبل مائة عام :-
وداعا اورمي يا ارض الاباء ...
ها هي الان تنادي في الموصل وتصيح :-
وداعا نينوى يا مدينة الاجداد .   
[/size][/b]

56
تقسيم العراق ابغض الحلول
[/b]

وحيد كوريال ياقو 
تموز – 2014 - مشيكن

من يتابع اخبار العراق وما يجري في العراق حاليا من خراب ودمار ، لا بد ان ينتابه الخوف لا بل الهلع على مستقبل هذا البلد العريق الذي تمتد جذوره الى عمق التاريخ  ...
واما من يستمع الى ما يقوله او يدعي به البعض ممن يحكم العراق حاليا ، لا بد ان يتيقن لا بل ان يجزم ان هؤلاء البعض لا يمكن ان يكونوا من ابناء العراق ولا يمكن ان يكون لهم اي ولاء للعراق ... 
لأنه من المعروف انه لا يمكن لأبن اي بلد مهما كان ، لمجرد ان يكون له ولو ذرة حب لبلده ان يقبل بما يجري في العراق حاليا ، وان كان له  قطرة اخلاص لشعبه لا يمكن ان يرضى بما يتعرض اليه الناس في العراق حاليا ...
واما بشكل عام فنستطيع ان نقول انه لا يمكن لأي انسان مهما كان ومن اي بلد كان ، لمجرد ان يكون انسان ويحمل صفة واحدة من صفاة الانسان ، ان يقبل بما يجري في العراق او يرضى بما يتعرض اليه الناس في العراق ...

نقول هذا في الوقت الذي نعرف جيدا وكما يعرف الجميع ان الناس في العراق او في بعض اجزاء العراق قد تعودت كثيرا على اشكال مختلفة من الظلم والاضطهاد في السابق وتعرضت الى انواع متنوعة من القتل والتهجير والتشريد وذاقت مرارة الجوع وفقدان الامن والامان وعدم الاستقرار والاطمئنان وكل انواع الحرمان بسبب مغامرات الحكام ومن اجل اشباع غرائز المسؤولين واهوائهم واطماعهم ...
ولكن ما لم يتعود عليه الناس في العراق خلال العهود السابقة وما لم يألفوه في حياتهم الماضية ، هو هذا الكم الهائل من التمييز الكبير بين ابناء الشعب الواحد على اسس القومية والطائفية والمذهبية .. هذا التمييز الذي ضرب اطنابه بين الناس جميعا واصبح الشغل الشاغل لديهم .. هذا التمييز الذي لم يقتصر على جزء من اجزاء العراق بل شمل كل انحائه وطال كل فئات الشعب العراقي من اقصاه الى ادناه ومن شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ... 

في الوقت الذي نلاحظ ان الكثير من الذين يقودون العراق حاليا يحاولون ليل نهار التطبيل لهذا التمييز ، ويزمرون له في كل اوقاتهم للتفريق بين الناس بموجبه ، ويجاهدون زرع اوهام هذا التمييز في عقول الناس البسطاء الى ان تجذرت في رؤوس الكثير منهم وترسخت في نفوسهم وأغشت عيونهم ، فأصبح هؤلاء الناس لا يرون شيئا الا من خلال هذه الاوهام ، ولا يميزون امرا الا وفقا لها ، ولا يعملون الا من اجلها ، ولا يتكلمون الا عنها ، ولا يقررون شأنا الا بموجبها ، الى ان اصبحوا لا يفكرون الا من خلال هذه الاوهام  التي غرقوا الى فوق اذانهم بها ،  والى ان قيدوا ايديهم قبل ارجلهم بقيودها ..
كل هذا يحصل في العراق بفضل بعض هؤلاء الذين يحكمون العراق حاليا ، هؤلاء الذين اصبح البعض منهم يطبل لهذه الاوهام ليل نهار ، والبعض الاخر يزمر لها ما استطاع ، والثالث يرقص لها فرحا وابتهاجا ...

هذه الاوهام التي يعرف الجميع انها قد اصبحت من الماضي وقد اكل عليها الدهر وشرب وقد تجاوزتها كل الشعوب المتطورة وغير المتطورة ، واهملتها كل المجتمعات المتحضرة وغير المتحضرة ، وباتت في خبر كان في قوانين ودساتير كل الدول المتقدمة وغير المتقدمة ، واصبحت منسية لا يعرف عنها شيئا الاجيال الجديدة في اي مكان بأستثناء العراق .. العراق الذي يعرفه العالم كله انه مهد الحضارات وموجد الكتابة ومنظم الزمن ومخترع العجلة وغيرها من الامور التي تتنعم الان بفضلها البشرية جمعاء ... 

وامام هذا لابد للمرء ان يسأل :-
- لماذا حصل كل هذا في العراق ؟
- ومن ادخل هذه الاوهام في عقول الناس في العراق ؟
- وهل ان هؤلاء الذين يطبلون لهذه الاوهام هم فعلا من ابناء العراق ؟
- وان كانوا كذلك هل لديهم ولاء للعراق ؟

لقد كان الكثير منا يشك احيانا كثيرة بالكثير مما كان يقوله او يفعله الكثير من قادة العراق الحاليين ، وكنا احيانا كثيرة نبرر لهم بعض اقوالهم المسيئة والكثير من افعالهم المشينة لا لسبب الا لأننا كنا نعتقد انهم يعملون من اجل العراق ، ولكن ما يحدث الان في العراق يجعلنا نجزم ان هؤلاء الحكام الذين يحثون الناس الى التمسك بهذه الاوهام ويطلبون من الناس ان لا يتخلوا عن هذه الاوهام ويأمرون الناس ان لا يتراجعوا عنها وان لا يقبلوا بغيرها ، ويحاولون غرس المزيد منها في عقول الناس البسطاء لكي يبنوا جدرانا عالية تفصلهم عن بعضهم البعض ، هؤلاء لا يمكن ان يكون لهم اي ولاء للعراق ، ولا يمكن ان يكون في قلوبهم اي حب لأبناء العراق .

فهم اذن يتحملون مسؤولية ما يحدث الان في العراق وما سيحدث في المستقبل لأنهم هم الذين خلقوا هذه الحالة التي لم يكن يعرفها الناس في العراق من قبل ..  هذه الحالة التي انتشرت بين الناس كأنتشار النار في الهشيم وترسخت في عقول الناس البسطاء وجعلتهم يعتقدون انها هي التي تحييهم وتميتهم وهي التي تجلب لهم الماء والهواء والطعام .
 
وعلى ما يبدو انهم قد نجحوا في مسعاهم وافلحوا في خداع الناس البسطاء بهذه الاوهام ، وعلى ما يبدو مع الاسف الشديد ان البسطاء قد كثروا قي العراق وهذا ما يؤسف عليه فعلا ان يحصل هذا في بلد مثل العراق الذي يعرفه العالم انه بلد العلم والمعرفة لا بلد الاوهام والخرافات . 

 ومهما يكن فأن هذا الذي يحصل في العراق اليوم يجعلنا نعتقد اننا امام مشهد من مشاهد تقسيم العراق بحسب سيناريو كبير مخطط له ضمن خارطة مرسومة مسبقا وفقا لالوان علم العراق الثلاث التي نشاهدها على خارطة العراق والتي لم يستطع قادة العراق الحاليين من تبديلها او تغييرها او الغائها ، وهذا ما يجعلنا نعتقد اننا قد اقتربنا كثيرا من تقسيم العراق او ان تقسيم العراق قد اصبح قاب قوسين او ادنى ..

وبهذا الخصوص لا يسعنا الا ان نقول :-
اذا كان تقسيم العراق على اوهام الطائفية هو الحل الذي يرضي قادة العراق ، فهو ابغض الحلول ..
واذا كان تقسيم العراق وفقا لاوهام المذهبية هو الذي يضع حدا لكل ما يجري في العراق وينهي كل ما يتعرض اليه الناس في العراق ، فهو ايضا ابغض الحلول ..
ومهما يكن يبقى تقسيم العراق ابغض الحلول .     
[/size]

57
السيد المشرف على المنبر الحر في عنكاوا كوم

تقبل تحياتي الحارة

هذه المقالة لم تظهر في الصفحة الرئيسية للموقع ، هل هي الاخرى بسبب الوثائق المعتمدة لدى المفوضية ام ماذا ؟؟؟

58
السيد حكيم البغدادي المحترم

شكرا لمروركم على الموضوع والاضافة اليه ...
لقد سمعنا الكثير من القصص والحكايات المتناقضة عن هذا الموضوع والتباين في الاجراءات المتبعة في المراكز الانتخابية في الخارج ..
هذا الموضوع الذي اعتقد انه لا يمكن حصره في المراكز الانتخابية اي ان نلوم الموظفين العاملين في المراكز الانتخابية فهم مجرد منفذين لأوامر وتعليمات غير واضحة تصدر لهم من جهات عليا ، اي ان الامر اكبر من ذلك بكثير ..
مع تحياتي الحارة 

59
الاخ سيزار ميخا هرمز المحترم

اسعدني كثيرا مروركم على الموضوع واتفق معكم ان المعايير المتبعة ليست ثابتة ليس فقط في المفوضية بل في كل مؤسسات الحكومة في العراق ولهذا طبعا تبرز مسألة الاجتهادات التي تؤدي الى الفساد ...
تقبل تحياتي الحارة وبالمناسبة من خلال قراءتي لمقالاتكم كنت اظن انكم في السويد ولكني تفاجأت انكم في استراليا اتمنى لكم التوفيق .

الاخ سامي هاويل المحترم

تحياتي الحارة
اتمنى ان يصبح الذهاب والاياب من موظف الى اخر في الدوائر العراقية من الذكريات كما ذكرتم في تعليقكم ، ولكن مع الاسف الشديد ما زال موجودا حتى في الدوائر العراقية في الخارج والدليل ما حدث لكم في القنصلية العراقية في سدني وهو بعكس ما هو متبع في دوائر الدول الغربية حيث ان الشخص يراجع موظف واحد وهو الذي يكمل المعاملة من الاف الى الياء ...

السيد يوسف ابو يوسف \ ظافر شابو المحترم

تحياتي الحارة
نعم لو كانت القوانين مدروسة ومن يضعها دارس لما كان حال العراق هكذا ولما كنا نحن في الخارج ...

السيد اشور ايشو المحترم

شكرا لتقييمكم للمقالة
نعم لقد حرم الكثير من العراقيين من المشاركة في الانتخابات بسبب الوثائق المعتمدة من قبل المفوضية بحجة ضمان نزاهة الانتخابات ولكن الجميع يعرف ان هذه مجرد حجة لاغراض اخرى والدليل ان الانتخابات سوف لن تكون نزيهة كالمرات السابقة ..
ما نحتاجه هو ليس وثائق ورقية قابلة للتلاعب والتزوير بقدر ما نحتاج الى نظام لوضع الوثائق وما نحتاجه اكثر هو اناس نزيهين يصدرون هذه الوثائق واناس يعرفون قراءة هذه الوثائق لكي يعرفون من هو عراقي حتى لو لم يكن يحمل اية وثيقة تماما كما عرفك موظف الحدود في ديترويت ...
وتقبل تحياتي الحارة ...

60
كيف اصبحت زوجتي غير عراقية
بحسب قوانين المفوضية العليا للانتخابات ؟؟؟
[/size]


وحيد كوريال ياقو
28 نيسان 2014

عشية الانتخابات البرلمانية في الخارج كنت اتابعها من خلال القناة العراقية عندما بدأت اولا في نيوزلندا واستراليا ، وكانت القناة تعرض بشكل مباشر اقبال الناس الى الانتخابات ووقوفهم في طوابير طويلة للادلاء باصواتهم وتجري مقابلات ولقاءات مع بعض المشاركين الذين كانوا يعبرون عن فرحتهم بهذه المناسبة التي كان معظمهم يصفها انها مناسبة سعيدة او عرس عراقي ، وبعضهم يعبر عن تقييمه للقائمين عليها والاجراءات المتخذة والوثائق المطلوبة وبعض الاشكالات التي حدثت بسبب الوثائق  ، وهكذا بقيت اتابعها الى ان بدأت في ايران والامارات ومن ثم في تركيا وبعدها في دول اوروبا المختلفة الى ان اصبحت في ساعة متأخرة جدا من الليل .

في اليوم التالي يوم الاحد 27 – 4 – 2014 يوم الانتخابات عندنا في مشيكن قررنا انا وزوجتي كالمرات السابقة ان نشارك في الانتخابات انطلاقا من شعورنا انه واجب وطني مفروض على كل مواطن عراقي ، وخدمة نقدمها خاصة لمن هو في العراق ، واستنادا الى هذا ايضا اقتنعت ابنتي التي اصبح يحق لها المشاركة في الانتخابات ان تأتي معنا بالرغم من انها لا تتذكر شيئا عن العراق سوى ما تسمعه منا ، ولا تعرف شيئا عن الانتخابات ولا عن المرشحين ، ولكنها قررت المشاركة ارضاءا لنا وتلبية لرغبتنا او كما قالت لتجعلنا نفرح بهذه المناسبة ، وقررت ان تعطي صوتها لمن نختاره نحن لتسعدنا اكثر .
وهكذا احضرت كافة الوثائق العراقية التي نحتفظ بها في حقيبة خاصة حيث نعتز بها ، ولكن المشكلة التي صادفتنا هنا كانت ان هوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية لزوجتي كنا قد ارسلناها الى بغداد قبل اسبوعين ، ولكن من خلال متابعتنا للدعايات الانتخابية واعلانات المفوضية العليا للانتخابات ، عرفنا ان هناك وثائق اخرى تفي بالغرض ، ونحن لدينا اكثر من واحدة منها قد تكون كافية لأثبات عراقية زوجتي وحقها في الانتخابات ...

توجهنا الى المركز الانتخابي في منطقتنا في مدينة ( وورن ) الذي كان في قاعة نعرفها جيدا ولا تبعد عن مسكننا كثيرا ، وفي الطريق لم اجد اية علامة دالة الى المركز لكي تدل من لا يعرف هذه القاعة او لمن يأتي من منطقة بعيدة ، الى ان وصلنا الى تقاطع الشارع الذي يؤدي الى القاعة مباشرة فكانت هناك قطعة صغيرة مشدودة بين عمودين ولكن الرياح كانت قد قلبتها ولم نستطع قراءة ما مكتوب فيها ، واما عندما وصلنا الى القاعة وجدنا العلم العراقي على مدخل السياج وبعض الاعلانات القليلة المتفرقة على السياج ، ومن مشاهدة الساحة التي لم تكن مكتظة بالسيارات كثيرا توقعت ان الاقبال ليس كثيرا بعكس ما شاهدته في استراليا او ما كان في الانتخابات السابقة التي شاركنا فيها كلها ..
وعند دخولنا الباب الخارجي للقاعة وجدنا كامرات التصوير منصوبة واضويتها القوية موجهة الى الممر ، ولكننا تفاجأنا بـ ( عركة ) عراقية مضبوطة في الممر عند باب القاعة حيث كان احدهم يتعارك مع بعض الموظفين ويصيح ويسب ويشتم بصوت عال ، وعندما سألنا عما يجري عرفنا انه لم يسمح له بالتصويت لعدم امتلاكه الوثائق المطلوبة ..  
فقلت لزوجتي مازحا :- ارجو ان لا نضطر نحن ايضا ان نتعارك مثله بسب الوثائق ..
فقالت بثقة :- لماذا نتعارك نحن لدينا الكثير من الوثائق المطلوبة ..
وعند باب القاعة الداخلي جرى ( لي فقط ) تفتيش شكلي لا اعتقد انه كان يفي بالغرض ، في الوقت الذي لاحظت ان عدد الموظفين الذين يذهبون ويجيئون في الممر ويحملون باجات المفوضية كان اكثر من عدد المشاركين !!!.
وبعدها رحب بنا اكثر من موظف الى ان قادتنا احدى الموظفات الى احدى المحطات الفارغة من المشاركين .
 
وكان هناك ثلاثة موظفين جالسين خلف الطاولة ينتظرون قدوم المشاركين ، وبعد السلام والترحيب قدمت الوثائق الخاصة بي الى الموظفة الاولى التي تفحصتها وقالت انها اكثر من كافية واعطتها الى الموظف الثاني الذي بجانبها فسألني عن المحافظة فقلت انا كنت اسكن في بغداد ولكن هويتي صادرة من نينوى فأين يحق لي التصويت ؟ فقال في نينوى واعطاني بطاقة التصويت بعد ان اشر عليها ( نينوى ) وهذا ما حصل لابنتي ايضا واما فيما يخص زوجتي وهو المهم في هذا الموضوع فجرى ما يلي :-  
- قلنا لهم :- ان هوية الاحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية غير موجودة حاليا ولكن لدينا نسخا منها ...
- فقالوا :- لا يقبلون بالمستنسخ .
- فقلنا :- لدينا جواز سفر عراقي ... وقدمناه لهم .
- فقالوا بعد تفحصه ومشاورات مع بعضهم البعض :- انه غير نافذ .
وهنا لاحظت الموظف الثالث ينظر الينا ويهز رأسه اشارة الى عدم رضاه لما يجري ...
- فقلنا :- لدينا اجازة السياقة العراقية .. واعطيناها لهم .
- فقالوا بعد تدقيقها :- انها منتهية وغير مجددة ...
ومرة اخرى لاحظت الموظف الثالث يهز رأسه بتأسف ...
- فقلنا :- لدينا هوية نقابة المعلمين ... وحاولنا ان نعطيها لهم فلم يستلموها ...
- فقالوا :- ( ما تمشي ) انها ليست ضمن قائمة الوثائق المعتمدة ...
- قلنا :- لدينا بطاقة المشاركة في الانتخابات السابقة وقد قالوا لنا في حينها انها ستعتمد في الانتخابات اللاحقة دون الحاجة الى الوثائق .. وحاولنا اعطائها لهم .
فقالوا :- هذه لا يعترفون بها اساسا ، ورفضوا حتى استلامها !!! .
وكان الموظف الثالث ما زال يهز رأسه معبرا عن عدم رضاه لما يجري ...
- واخيرا قلنا ما الفرق اذا كان الجواز نافذا او غير نافذ ؟ فهو في كلا الحالتين يدل على ان صاحبه عراقي ،  ونفس الشيء فيما يخص اجارة السياقة العراقية ما الفرق اذا كانت مجددة ام غير مجددة ؟ ...
- فقالوا :- الامر ليس بيدنا ، واظهروا لنا ورقة فيها تعليمات المفوضية العليا للانتخابات مدرجة فيها الوثائق المعتمدة ، واخبروننا باننا نستطيع ان نقابل رئيس المركز الانتخابي ...

وهكذا اضطررنا ان نقبل بالامر الواقع واكملنا التصويت انا وابنتي من دون زوجتي التي بقيت ترافقنا ، وعندما كنا نضع البطائق في الصندوق ، سألنا الموظف الواقف هناك عن سبب عدم تصويت زوجتي ، فشرحنا له الموضوع فأشار الى موظف اخر كان جالسا بالقرب منه ان يأخذنا الى مدير المركز ، لكن بعد ذهاب واياب في الممر وسؤال هذا وذاك عن مدير المركز لم نجده ولم يعرف احدا اين هو ، فأعادنا الموظف الى المحطة نفسها التي كانت ما زالت خالية من المشاركين ، ولكن كانت هناك موظفة رابعة موجودة  وعلى ما يبدو كان لها صلاحيات اكثر ، فشرح لها الامر واعلمها بالوثائق التي بحوزتنا ، فقالت فورا ، نعم يحق لها المشاركة ، ولكن بعد مشاورات مع الموظفين الجالسين في المحطة ومناقشات مع بعض الموظفين الاخرين الذين جاؤوا الى هناك حول كون هذه الوثائق رئيسية او ساندة وكونها نافذة او غير نافذة وغير ذلك من الكلام الفارغ ، توصلوا الى نتيجة انه لا يحق لزوجتي المشاركة وان هذه الوثائق غير معتمدة من قبل المفوضية وكأنها كلها لا تثبت عراقيتها !!! ...
وهنا لم يتمالك الموظف الثالث اعصابه فصاح بعصبية عراقية معروفة :- اذا كانت هذه غير عراقية فمن هي عراقية اذن ؟؟؟!!!.
فلم يكن هناك اي جواب من اي احد .
فقلت لزوجتي هذا يكفي ولا حاجة لنا للدخول في معركة خاسرة كالتي شاهدناها عندما دخلنا القاعة ، فقررنا ان نغادر المركز من دون ان تصوت زوجتي حيث اصبحت غير عراقية بحسب قوانين المفوضية العليا للانتخابات ...
وفي الختام ليس لي ما اقوله للمفوضية العليا للانتخابات سوى ان زوجتي عراقية وستبقى عراقية سواء صوتت ام لم تصوت .    
[/size]

61
لثيران المخصية تعمل اكثر وافضل[/b]
( رسالة مفتوحة الى الناخب العراقي قبل الانتخابات البرلمانية )

وحيد كوريال ياقو
مشيكن  4 – 4 - 2014
  

هذه رسالة مفتوحة الى الناخب العراقي ، اي كل من قرر المشاركة في الانتخابات البرلمانية 2014 ...  
بالرغم من انني شخصيا لم اقرر ذلك بعد لأنني بصراحة لست متأكدا ان كنت سأجد من يستحق صوتي ام لا ؟ وكذلك لا علم لي لحد الان اذا ما كان يحق لنا المشاركة ام لا ؟ وايضا اذا ما سيكون لنا مركز انتخابي هنا في مشيكن ام لا ؟.
ولكني مع هذا قررت ان اضع هذه الرسالة امام الناخب العراقي اينما كان كمشاركة مني في الانتخابات عسى ان تكون مفيدة ...
واما اذا ما اتيحت لنا فرصة المشاركة في الانتخابات فساسعى جاهدا الى ان اجد من يستحق صوتي وفق هذه الرسالة فأتمنى ان اجده .
    
ومهما يكن ارجو ان يكون اختياري لعنوان هذه الرسالة ( الثيران المخصية تعمل اكثر وافضل ) لمناسبة الانتخابات البرلمانية في العراق 2014 مناسبا وموفقا ، وهو بالحقيقة عنوان مقال كتبته استكمالا لمقال سابق لي منشور لمناسبة اخرى كان بعنوان ( عندما يقع الثور .. ) والذي كان مقارنة بين ثيران العراق الكبيرة التي تقع تباعا والتي كانت طبعا قد جاءت بالانتخابات وبين ثيران اهل قريتي التي كانت تشترى مصادفة ..
حيث قلنا ان ثيران العراق عندما تقع ، الكل يكثر لها السكاكين تطبيقا للمثل القائل ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) بينما ثيران اهل قريتي عندما كان احدها يقع او يغطس في طين فالكل كان يسرع لأنقاذه واخراجه من الوحل الذي وقع فيه ..

ولهذه المفارقة كان السؤال المطروح :-
لماذا كان اهل قريتي البسطاء المعروف عنهم انهم اكثر الناس ايمانا بالحكم والامثال والتزاما بكل ما قاله الاولون ، لا يطبقون هذا المثل على ثيرانهم ؟؟؟ .
واما الجواب فقد كان واضحا حيث قلنا ان ثيران اهل قريتي كانت نافعة ومفيدة ووديعة وتعمل لأصحابها اعمالا كثيرة وتنجز لهم اشغالا شاقة ، ولهذا كان اصحابها يحبونها  كثيرا ويهتمون بها دائما ولم يكونوا يودون التخلص منها ولهذا السبب كانوا لا يطبقون هذا المثل على ثيرانهم عندما كانت تقع ...

واما السؤال الذي يطرح نفسه الان فهو :-
لماذا كانت ثيران اهل قريتي نافعة ومفيدة وتعمل لأصابها بينما ثيران العراق لا تفعل ذلك او هي بعكس ذلك تماما ؟؟؟ .
والجواب على هذا السؤال هو الموضوع الذي اريد ان اتطرق اليه في هذا المقال :-
لقد قلنا ان الثيران كانت اغلى ما كان يمتلكه اهل قريتي ثمنا واكبرها حجما واقواها بدنا واكثرها عملا ، فهي التي كانت تشق لهم الارض وتسويها كما يشاؤون ليزرعوها بما يرغبون ومن ثم هي التي كانت تصفي لهم البيدر الذي كان يملأ مخازن بيوتهم بما يطيب لهم ، ولهذا فهم كانوا يولون اهتماما كبيرا بثيرانهم فيسرحونها في احسن المراعي في النهار ويجلبون لها اطيب الحشائش في المساء واما في الليل فيأوونها في اأمن الاماكن وأدفأها ، وكانوا يتباهون بها كما كانوا يتباهون بأولادهم عندما كانت تسمن اكثر وتقوى اكثر ، لأنهم كانوا يعرفون ان كل ذلك سيعود بالفائدة اليهم ..

ولكنني على يقين تام ان هذا لم يكن هو السبب الذي كان يجعل هذه الثيران تعمل اكثر او يدفعها للعمل الافضل لأنها كانت مجرد ثيران لا تفهم ولا تعي ولم تكن تعرف ذلك او تحس بذلك ..
اذن لا بد من انه كان هناك سبب اخر كان يجعل هذه الثيران تعمل اكثر وافضل من ثيران العراق التي تتمتع بأضعاف مضاعفة مما كانت تتمتع بها ثيران اهل قريتي .

فثيران العراق سواء القدامى منها التي عاشت في زمن النظام السابق او الجديدة التي ظهرت في زمن اللانظام الحالي ، وسواء التي سقطت منها او التي لم تسقط بعد ، فهي كلها تتمتع بكل ما لذ وطاب لها من خيرات العراق الوفيرة والغزيرة ، فهي تنهش من علف ارض الرافدين العالي الدسم طوال اليوم ، وترعى في مراعي المنطقة الخضراء الامنة او المؤمنة من الصباح الى المساء ، ولها من يجلب كل ما يطيب لها بعد المساء والى ما بعد منتصف الليل وحتى ساعات الصباح ، وبالاضافة الى هذا وذاك فهي تعي وتفهم جيدا ، وتعلم كيف حصلت على كل هذا وتعرف من يضمن لها كل ذلك وتدرك من يؤمن لها مراعيها في المنطقة الخضراء ، ولكنها بالرغم من كل هذا فهي لا تعمل شيئا ولا تنجز عملا لاصحابها اهل العراق ..
وهذا ما جعلنا نعتقد ان هناك حتما سبب اخر يجعل هذه الثيران لا تعمل  لاصابها اهل العراق !!! .

ولمعرفة هذا السبب قادتني ذاكرتي الى القرية لاتحقق فيما كان اهلها يفعلون لثيرانهم فيجعلونها تعمل اكثر وافضل ، وعندها لم اجد صعوبة في اكتشاف هذا السر العجيب الذي قد لا يصدق ، هذا السر الذي ورثوه اهل قريتي البسطاء من ابائهم واجدادهم القدامى الذين تعلموه بدورهم من الطبيعة ، انه في الحقيقة كان عملا بسيطا للغاية ولكن بهذا العمل البسيط كانوا يجعلون ثيرانهم تعمل لهم اكثر وافضل ..
فهل تريدون ان تعرفوا ما هو هذا السر ؟؟؟
عذرا ولكني يجب ان ابوح به ...
انهم ببساطة كانوا يخصون ثيرانهم !!!
نعم كانوا يخصون ثيرانهم وهي عجول صغيرة ، اي قبل ان تصبح ثيرانا قوية ، وبذلك كانوا يقضون على غرائزهم الجنسية وشهواتهم الحيوانية وشراستهم الوحشية ، وهكذا كانت تصبح هذه الثيران القوية للعمل فقط ولخدمة اصحابها فقط ..

واذا ما كان لاي احد شك في هذا فما عليه الا ان يذهب الى المنطقة الخضراء ، مرعى ثيران العراق ، ليتحقق بأم عينه ان هذه الثيران لا تفكر لا بالعراق ولا بأهل العراق ، وانما كل همها هو اشباع غرائزها الجنسية وشهواتها الحيوانية ، فهي تأكل وتشرب في هذا المرعى المؤمن لها من قبل الغرباء ليل نهار  لتصبح اسمن واقوى ليس لتعمل اكثر وافضل للعراق ، بل لكي تصبح اقوى واجبر على اهل العراق  ...

ولهذا فعلى اهل العراق ان يقتدوا بأهل قريتي البسطاء ، وان يفعلوا لثيرانهم التي لم تقع بعد او التي ستأتي فيما بعد ، ما كان اهل قريتي يفعلونه لثيرانهم لكي يجعلونها تعمل للعراق اكثر وتخدم اهل العراق افضل  او على الاقل لكي يحددوا من نسلهم الخبيث كي تتخلص الاجيال القادمة من شرور افعالهم ...

 
وفي الختام لا يسعنا الا ان نقول :-
عزيزي الناخب لا يهم ان كنت حزبيا منتميا او مواطنا مستقلا ، ولا يهم ان كنت من هذه القومية او تلك ، ولا من هذه الديانة او غيرها ، ولا يهم ان تكون من هذه الطائفة او هذا المذهب او ذاك ، فأعلم ان هذه كلها قيود لكبد حريتك كأنسان حر، وخدع لسلب حقوقك كمواطن عراقي .
فأذا استطعت ان تكسر هذه القيود الدينية وتحطم الفوارق القومية وتتجاوز المحددات الطائفية والمذهبية المقيتة وترتقي فوق المصالح الحزبية الضيقة وتختار مرشحك بمسؤولية اخلاقية عن قناعتك الشخصية بشجاعة وامانة ، فأنك بذلك تكون قد قد شاركت في تغيير الوضع المـأساوي الذي يعاني منه اهل العراقي جميعا .
وبعبارة اخرى أن استطعت ان تعطي صوتك لمرشح ليس بالضرورة ان يكون من قوميتك او ديانتك او مذهبك ،  فأنك بذلك تكون قد ساهمت في وضع حجرا قويا في بناء العراق الجديد .
واما اذا كنت لا تستطيع ذلك ، فثق انك تكون من حيث تدري او لا تدري قد ساهمت في ابقاء العراق على ما هو عليه الان ان لم نقل ارجاعه الى الخلف .
مع شكري وتقديري واحترامي لكل المتحررين من هذه القيود اللعينة .        
[/size]

62
الصديق العزيز كيوركيس منصور
تحياتي الحارة لكم جميعا وكل عام وانتم بألف خير وشكرا لمرورك على الموضوع والتعليق الرائع ..
نعم نحن شعب مشتت ولا يحمل تسمية ولا يعرف من هو ، ولكني لا اعتقد ان حال الشعب الكوردي عندما ظهرت هذه الاغنية كان افضل من حال شعبنا الان ...
نعم هناك صراع بين الاخوة الاعداء السياسيين الراكضين وراء الجاه والمال والكراسي ، ولكن الامنية هذه ليست مطلوبة منهم ، بل من الادباء والمثقفين والفنانين لأنها وكما قلنا مجرد اغنية لا اقل ولا اكثر عسى ولعلى ان تقدم شيئا لأبناء شعبنا حتى لو كان ذلك في المستقبل البعيد ...

الاخ العزيز نوئيل يوانيس
شكرا لمرورك على الموضوع والتعليق عليه وتقديمك مثالا اخرا لكون الاغاني الثورية محفزة ومؤثرة وقصة ما حصل او ما كان سيحصل لقريبك في كراج الموصل لولا تنبيهه من قبل احدهم خير دليل على ذلك ..
وبالمناسبة انا كان لي ايضا قريب يعيش في دهوك في نفس الفترة وحصلت معه قصة مشابهة في سيطرة الحكومة  ( نقطة التفتيش ) التي كانت في ( الفايدة ) التي كان الناس يعانون مضايقات كثيرة منها حيث بعد التفتيش الدقيق للاشخاص والسيارات يفتحون ما يشبه محضر تحقيق عن الهوية والمعلومات الشخصية والعمل وان كان له قرابة او معرفة او علاقة بأحد المسؤولين واسباب السفرة وغير ذلك من الاسئلة ، وبينما كان قريبي راجعا من الموصل الى دهوك مع زوجته وطفله البالغ من العمر بضع سنوات ، واثناء التحقيق معه في السيطرة بدأ الطفل يغني اغنية ( وا هاتن بيشمركا ) التي كان التلفزيون الكوردي يعرضها كثيرا انذاك ، فأنتبه اليه رجل السيطرة وفتح معه تحقيقا اخرا له بداية ولم يكن له نهاية الا بعد دس مبلغا كبيرا من المال في جيب رجل السيطرة ...
نعم انا معك نحن نحتاج الى ان نتقبل الاخر لكي نعرف من نحن ؟
مع تحياتي للجميع     

63
امنية في العام الجديد 2014
ان يكون لنا اغنية ( كينا ام – من نحن ؟ ) !
[/b]


   وحيد كوريال ياقو
بداية كانون الثاني 2014  

في البداية ارجو ان لا تكون امنيتي هذه غريبة بعض الشيء ، حيث اننا تعودنا دائما ان تكون امنياتنا في الاعياد والمناسبات السعيدة واستقبال العام الجديد بكلمات المحبة والسعادة والترحيب ودعوات بالافراح والمسرات والتوفيق والنجاح والسلام والاستقرار والاطمئنان والزواج والانجاب وما الى ذلك من الكلمات التي تتداولها الناس وتدعو لبعضها البعض بالخير والرفاه ، ولكن النتيجة اننا في الغالب قلما نجد شيئا من هذه الامنيات تتحقق ، بل على العكس من ذلك في اكثر الاحيان تصبح الاحوال اسوء مما كانت عليه ، هذا بشكل عام واما بالنسبة الى ابناء شعبنا وخاصة الذين ما زالوا في العراق ، فالاوضاع هي دائما من سيء الى اسوء واحوالهم في تدهور مستمر سواء بمناسبة او من غير مناسبة ...

ولهذا اردت ان تكون امنيتي لابناء شعبنا في هذا العام الجديد 2014 مختلفة بعض الشيء وفي نفس الوقت بسيطة وقابلة للتحقيق حيث انها مجرد اغنية لا اكثر ولا اقل يستطيع اي فنان ان يحققها عسى ان تجلب بعض الخير لابناء شعبنا في المستقبل ...

واما لماذا اخترت هذه الاغنية الكورية بالذات ، فهذا ما لا بد ان اوضحه في الاسطر القليلة التالية ..
في ليلة رأس السنة الجديدة 2014 وبعد الانتهاء من الاحتفال العائلي وفي ساعة متأخرة من الليل اي في الساعات الاولى من السنة الجديدة ، لست ادري كيف وسوس الشيطان في رأسي وجعلني افتح الكومبيوتر ( الملعون ) واتفقد معيننا الدائم ( كوكل ) ومسعدنا ومفرحنا صباحا ومساءا والى ساعات الليل المتأخرة ( يوتيوب ) ولا اتذكر الخطوات التي اتبعتها ليكون احد الاختيارات الموجودة امامي على الشاشة هذه الاغنية الكوردية التي سبق وان سمعتها عشرات المرات ومنذ عشرات السنين ، فكانت اول اغنية اسمتعها في العام الجديد ، وبينما كنت استمع اليها خطر ببالي اكثر من سؤال :-
اين كان الشعب الكوردي عندما سمعت هذه الاغنية لأول مرة ؟
وكيف كانت احواله انذاك ؟
واين اصبح الان في هذه اللحظة التي انا اسمع هذه الاغنية مجددا ؟
وهل كان لهذه الاغنية تأثيرا لما تحقق للشعب الكوردي ؟.
واسئلة اخرى كثيرة لا مجال لذكرها ...
بالطبع لا استطيع الجزم بأنه كان فعلا لهذه الاغنية تأثيرا لما تحقق للشعب الكوردي ، ولكني بصراحة لا اريد ان اقول انني اؤمن بذلك ولكني افضل ان أقول اعتقد ذلك .
ولهذا تمنيت ان يكون لنا نحن ايضا مثل هذه الاغنية يكتبها احد ادبائنا ويؤديها احد مغنينا ، لعلها تحقق لنا شيئا مما عجز عن تحقيقه لنا القادة والزعماء والمسؤولين وكل حاملي الالقاب الكبيرة والصغيرة ...

واما قصتي مع هذه الاغنية او معرفتي واعجابي بها فتعود الى بداية الثمانينيات من القرن الماضي عندما سمعتها لأول مرة وانا في بغداد حيث جلبها لي احد معارفي مسجلة على شريط مسجل ( كاسيت ) اقترضه من زميل كوردي له في العسكرية ، لكي اسجله له حيث كان لي في حينها جهاز مسجل ( دبل كاسيت ) مع تسجيل سريع كان يعتبر جهازا متطورا جدا انذاك على الاقل لنا نحن في العراق ، فقمت بتسجيل نسخة له ونسخة لي ، وفي الايام القادمة بدأ يجلب لي كل الاغاني الممنوعة انذاك التي كانت بحوزة صديقه الكوردي واكثرها كانت للمغني ( شفان برور ) وانا اسجلها نسخة له ونسخة لي بسرية تامة وحذر شديد ، حيث لم يكن مسموحا لنا انذاك ان نسمع سوى اغاني تمجيد القائد الاوحد وحزبه الواحد وحروب الكثيرة .
وهكذا بمرور الايام اصبح لي عددا لا بأس به من هذه الاشرطة المسجلة لهذه الاغاني الممنوعة التي كنت احفظها في مكان سري جدا واسمعها بحذر شديد ، لأن اقتنائها كان يعتبر جريمة كبرى واما سماعها فكانت بمثابة خيانة عظمى للوطن والحزب والقائد ...
وفي هذا الصدد لا بد لي ان اذكر ما كنت قد سمعته انذاك مما نقل عن القائد الاوحد عندما كان في عنفوان قوته وعظمة كبريائه ، ففي احد اجتماعاته مع قادته واتباعه وهو يناقش القضية الكوردية التي كانت قد بدأت تتفاقم من جديد انذاك حيث قال :-
( اننا نبذل جهودا كبيرة لتوعية الشعب الكوردي ونقدم لهم خدمات كثيرة ... ولكننا نعرف انه يأتي مغني كوردي ويقدم لهم اغنية واحدة فيهدم كل ما نبنيه ... ) .
وان صح هذا القول المنقول ، فأعتقد انه كان بالتأكيد يقصد هذه الاغنية التي نحن بصددها .

ومهما يكن فلا بد ان اوضح شيئا مما اعرفه عن هذه الاغنية لمن لا يعرفها :
- اغنية ( كينا ام ) من نحن ؟ اغنية كوردية ثورية بأمتياز تعبر عن حال الشعب الكوردي ومعاناته ...
- كاتبها شاعر كوردي هو السيد ( جكر خوين ) الذي على ما يبدو من كلمات الاغنية انه كان يعرف من هو شعبه وما هو اصل شعبة وممن يتكون شعبه وما يعاني منه ابناء شعبه سواء من الشعوب التي يعيش معهم او المجاورة له او داخليا من بعضهم البعض ...
- واما منظمها ومؤديها فهو المغني الكوردي ( شفان برور ) الذي سخر صوته وطنبوره لقضية شعبه فأبدع في اداء هذه الاغنية التي تعتبر من اروع ما قدمه ...
اذن نستطيع ان نقول انها اغنية كوردية قلبا وقالبا ، وهنا لربما قائل يقول ما لنا وهذه الاغنية الكوردية ؟ وهو بلا ادنى شك سؤال محق ، ولكن اذا ما سمحنا لأنفسنا ان نضع الكلمات والمسميات جانبا ونركز على المضمون فسنلاحظ انها اغنية تصلح لكل الشعوب المظلومة ومنهم او في مقدمتهم شعبنا ، حيث ان الحالة هي نفسها تقريبا او مطابقة تماما في المضمون .

في الختام اتنمنى ان يكون اختياري لهذه الأمنية لأبناء شعبنا في العام الجديد 2014 في محله .
وكما اتمنى من كل من يسمع هذه الاغنية ان يركز على المضمون والاداء والتجاوب .
انها فرصة لكي نسأل انفسنا :- من نحن ؟؟؟
فعندما نعرف من نحن ، سنعرف اننا ابناء تلك الارض الواحدة مهما اختلفت تضاريسها .
وعندما نعرف من نحن ، سنعرف اننا ابناء ذلك الشعب الواحد مهما اختلفت اسمائنا .
وعندما نعرف من نحن ، سنعرف اننا نواجه نفس المصير الواحد مهما اختلفت ارائنا وافكارنا .
وعندما نعرف كل هذا ، حتما سنعرف الطريق الذي يقودنا الى الهدف الذي نتمناه جميعا .
اذن هي دعوة لنعرف من نحن ؟؟؟ .
مع كل الشكر والتقدير لكل من يعرف من نحن ؟؟؟ .

ادناه بعض الروابط لتسجيلات مختلفة لهذه الاغنية :-
1 – الرابط الاول :- اغنية ( كينا ام ) مع الكلمات مترجمة الى العربية ، لأبناء شعبنا الذين لا يجيدون اللغة الكوردية .  
http://www.youtube.com/watch?v=cyggUUo50-U
2 – الرابط الثاني :- اغنية ( كينا ام ) حفلة في كوردستان العراق 1991 بحضور قادة الاكراد المختلفين انذاك ، لأبناء شعبنا الذين ما زالوا في العراق .
http://www.youtube.com/watch?v=-dPNdbbJVAI
3 – الرابط الثالث :- اغنية ( كينا ام ) حفلة المانيا 2009 ، الى ابناء شعبنا في الخارج البعيدين عن معانات من هم في الداخل .  
 http://www.youtube.com/watch?v=qjdZzF_hTzQ

  

  
[/size]

64
[size=
16pt]دعوة لمشاهدة هذا الفيديو
( كلدان في اميركا )
Chaldeans in America
[/b][/size]

وحيد كوريال ياقو
بداية تشرين الثاني 2013

هذه دعوة لكافة ابناء شعبنا اينما كانوا لمشاهدة هذا الفيديو المنشور في ( اليوتيوب ) وبعض المواقع الالكترونية بعنوان :-
( Chaldeans in America – Our Story )  
( الرابط الموجود في نهاية المقالة )
حيث انه يظهر بعض ما حققه بعض ابناء شعبنا في منطقة ديترويت بولاية مشيكن الاميركية من نجاح وتفوق في اعمالهم الخاصة ، انه فيديو يستحق المشاهدة فعلا لانه باعتقادي المتواضع وباختصار شديد انه يشير الى النصف المملوء من الكأس او لنقل الجزء المتبقي من النصف المملوء من الكأس .

ولهذا اقدم دعوة خاصة الى كافة الكتاب الاعزاء والمهتمين بالشأن القومي لأبناء شعبنا مهما اختلفوا في ارائهم وافكارهم واتجاههم الفكري والسياسي لمشاهدة هذا الفيديو ليتيقنوا ان ما توصل اليه هؤلاء لم يكن الا من خلال العمل الحقيقي والفعل الواقعي والاخلاص والتفاني فيه وليس من خلال القول والادعاء التي يدعي بها ليل نهار معظم مسؤولي ابناء شعبنا من دون ان يعملوا شيئا ، ولهذا نرجوهم ( الكتاب ) ان يكتبوا عن من يعمل وليس عن من يقول ويدعي .

وبهذه المناسبة نتمنى من كافة الفنيين والمختصين في الانتاج الفني اينما كانوا لأنتاج المزيد من مثل هذه الاعمال التي تسلط الضوء على الجانب الايجابي البناء لأبناء شعبنا في كافة مجالات الحياة  حيث هناك الكثير من ابناء شعبنا ممن افلحوا في حياتهم وابدعوا في اعمالهم وحققوا نجاحات باهرة وقدموا الكثير لأبناء شعبنا وللانسانية ، انهم يستحقون حقا الذكر الطيب .

واخيرا لا اريد الحديث عن تفاصيل الاحداث الواردة في هذا الفيديو ، ولا عن اسماء الشخوص المذكورة فيه ، ولا عن من قام بأنتاجه ونشره ، مع كل الشكر والتقدير لهم جميعا ولجهودهم المتناهية ومشاعرهم الطيبة النبيلة ، لكي لا تكون دعوتي هذه  دعاية لهم فأرجو ان لا تفهم كذلك ، ولكن ما نريد ايصاله هو مضمون هذا الفيديو الذي هو :-
- العمل الجاد والاخلاص والتفاني فيه مهما كان نوع العمل ...
- الشعور بالانتماء الى الاصل والافتخار به والالتزام بالقيم والمباديء الاصيلة مهما حصل واينما وصل ...
- التواصل مع الابداع والتطور الذي يجري في العالم ...
فعندما نحقق ذلك نستطيع ان نقول بجدارة :-
- اننا ابناء واحفاد لأجداد عظام ...
- واننا اصحاب تاريخ قديم ...
- وورثة حضارة عريقة ...  
مع كل الشكر والتقدير لكافة القائمين بهذا العمل الرائع والى المزيد .

Hope – Faith – Work – Family
From ancestors to grandparents to parents to children
  الرابط
   https://www.youtube.com/watch?list=PL2A41914B0D1243DE&v=ik46WXaNJlk
[/size]

65
المنبر الحر / رد: في رثاءِ أبي
« في: 10:11 01/07/2013  »
الاستاذ العزيز وديع بتي حنا وكافة افراد العائلة

نشارككم احزانكم لوفاة والدكم المربي الفاضل بتي حنا
وبهذه المناسبة الاليمة لا يسعنا الا ان نقدم لكم جميعا مواساتنا وتعازينا القلبية الحارة
نرجو للمرحوم والدكم الراحة الابدية وملكوت السماوات
ولكم جميعا الصبر والسلوان

    وحيد كوريال ياقو
    فائزة الياس يوسف


66
المنبر الحر / رد: مزايدات وطنية!!
« في: 09:59 25/03/2013  »
السيد متي كلو المحترم
تحياتي
بالرغم من اني لست من هواة التعليق على المقالات ولكني بصراحة من قراء مقالاتك حيث اجد فيها الدقة والواقعية والتشخيص السليم والقرب من الحدث ...
واما بخصوص هذه المقالة فاستطيع ان اقول :-
انه كلام جميل وتحليل منطقي ورأي صائب لا غبار عليه عن الحالة التي فيها معظم مسؤولي ابناء شعبنا والتناقض فيما يقولونه وما يفعلونه سواء كانوا في الداخل او في الخارج ..
ومن الطبيعي ان ضيفك الذي تتكلم عنه لا يختلف كثيرا عن الذين سبقوه وخاصة عندما تقول عنه :-
( يتحدث عن التحالف الذي جمع اخيرا بين التنظيمات السياسية في الوطن الام ، والذي اصبح صوتا واحدا موحدا ، شعارهم الوحدة والاتحاد والقوة والخطاب الواحد والهدف الواحد والرغيف الواحد في السراء والضراء ونكران الذات ...... ) .
وكذلك عندما تقول لصديقك :-
( ان ما قاله هذا والذين سبقوه لا يحوي عي شيء من الحقيقة بل مزايدات " وطنية " وخلافات لا تعد ولا تحصى .... ) .
وهذا هو ما دعاني ان اكتب هذا التعليق فأسمح لي بسؤال :-
هل ان رأيك هذا جديد ؟ اي انك عرفت هذه الحقيقة المؤسفة مجددا ؟ ام كنت تعرفها في السابق ؟
اذا كنت قد عرفت هذه الحقيقة مجددا ، فهذا شيء جيد ، واما اذا كنت تعرف هذه الحقيقة في السابق ، فأسمح لي ان اذكرك بتعليقك على احدى مقالاتي القديمة المنشورة في منتديات عنكاوا القديمة بتاريخ 20 – 2 – 2005 بعنوان ( برصوما القرن الخامس وبراصمة القرن العشرين ) والذي قلتَ فيه :-
( اكثرية ابناء شعبنا الان في مرحلة المصافحة والاتحاد فيما بينهم والكل يطمح بالصوت الواحد .... والان انت تأتي لكي تثير النعرات المذهبية بين الشعب الواحد ... ) .
تستطيع ان تعود اليها فهي ما زالت في المنتديات القديمة ..
انها للتذكير فقط لأن الموضوع قديم ، ولكن التهمة كانت كبيرة وثقيلة وبعكس مضمون مقالتي التي كانت عن هؤلاء المسؤولين الذين تتكلم عنهم انت الان ..
وتقبل تحياتي ثانية وتمنياتي لكم بالموفقية .  


67
                                  مدخنة الفاتيكان ودخانها الاسود والابيض

وحيد كوريال ياقو
  اذار 2013

من المعروف ان الاشياء الجميلة تجذب انظار الناس اليها مهما اختلفت الناس في اذواقهم وافكارهم ومزاجاتهم واعمارهم ، ومن المألوف ان الاحداث المثيرة تشد انتباه الناس اليها مهما اختلفت الناس في اجناسهم واعراقهم واشكالهم والوانهم ..
ولكنه من غير المألوف ولا المعروف ان تتجه انظار الملايين من الناس من جميع انحاء العالم على اختلاف انواعهم والوانهم واشكالهم واجناسهم واعراقهم واعمارهم وبلدانهم ولغاتهم ولهجاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم وافكارهم وانتماءاتهم وغيرها من الاختلافات ، الى مدخنة عادية منصوبة فوق بناية قديمة ، شكلها قديم ومنظرها لا يجذب النظر وليس فيها ما يوحي الى العجب او الاستغراب ، ودخانها لا يختلف شكلا ولونا عن دخان غيرها من المداخن التي تعلو سطوح المنازل والبنايات الاخرى فهو اما ابيض او اسود او ما بينهما ..
انها مدخنة الفاتيكان التي كانت محط انظار الملايين من الناس من جميع انحاء العالم خلال الايام القليلة الماضية ، انه حقا امر يثير العجب والاستغراب   ..
وهذا ما دعاني ان اقف قليلا امام هذه المدخنة وأتساءل :-
- ما هي قصة هذه المدخنة ؟ وما اهميتها ؟ وما هي وظيفتها ؟
- وماذا يعني لون الدخان المنبعث منها ؟
- ولماذا ما زالت موجودة في الفاتيكان ؟
واسئلة اخرى سنذكرها لاحقا .
انا شخصيا لم اكن قد شاهدت هذه المدخنة من قبل ، ولم اكن اعرف عنها اي شيء ولا عن دخانها الاسود او الابيض سوى ما كنت قد سمعته منذ ايام الطفولة وبحسب ما اتذكر انه عند انتخاب البابا الجديد فأن الروح القدس يحل عليه من السماء ليباركه ويعطيه سلطانا على الارض ، ولذلك يتصاعد الدخان الابيض من المداخن !!! .
واما بعد ذلك فقد عرفنا ان هذا الدخان انما هو وسيلة للاعلان عن اتمام او انتهاء اختيار البابا الجديد وعن طريقه يتم اعلام الناس عن قدوم البابا الجديد .
وقبل ايام قليلة  شاهدت هذه المدخنة لاول مرة من خلال لقطات قصيرة وصور لبعض العمال وهم يتسلقون احد السطوح لاحدى البنايات في الفاتيكان وهم يقومون بنصب او تهيئة هذه المدخنة واجراء التحضيرات اللازمة لها .
ولكن ما شدني الى هذه المدخنة اكثر هو ما شاهدته يوم الثلاثاء 12- 3 – 2013 اثناء متابعتي لمراسيم انتخاب البابا الجديد بشكل مباشر عبر مختلف وسائل الاعلام والقنوات التلفزيونية والفضائيات العالمية التي كانت تنقل الخبر بشكل مباشر وباهتمام كبير ..
حيث كانت انظار جميع الناس المحتشدين في ساحة الفاتيكان متجه الى هذه المدخنة ..
وكل الكامرات مسلطة على هذه المدخنة ..
ووسائل الاعلام جميعها تتكلم عن هذه المدخنة ..
والتعليقات والتصريحات كلها تدور حول هذه المدخنة ..
والكل كان ينتظر الدخان الذي سينبعث من هذه المدخنة ..
والكل كان يقول اذا كان الدخان اسودا فهذا يعني انه لم يتم انتخاب بابا جديد واما اذا كان ابيضا فهذا يعني قدوم بابا جديد ..
وما كانت الا دقائق قليلة واذا بالدخان الاسود ينبعث بكثافة من هذه المدخنة ، وعرفنا حالا انه لم يتم انتخاب بابا جديد ، اي لم يحصل اي من الكرادلة المرشحين على التاييد المطلوب الذي هو ثلثي الاصوات ..
واما يوم الاربعاء 13- 3 – 2013 فقد كان الامر مدهشا اكثر ، حيث شاهدنا الدخان الابيض ينبعث من هذه المدخنة ويتصاعد بخفة في بداية الامر ومع اشتداد الدخان ووضوح لونه الابيض بدأت الدموع تنهمر من العيون المنتظرة لهذا الدخان بشوق وحنان وفرح وسرور حيث انها البشرة بقدوم البابا الجديد ..
وفرحنا كثيرا مع فرحة هؤلاء الناس المحتشدين في ساحة الفاتيكان ومع فرحة الملايين من الناس التي عبرت عن فرحتها وسرورها بهذا الحدث الكبير اي قدوم البابا الجديد الذي نأمل ان يكون حقا بابا جديد لعصر جديد يعرف ماذا يتطلب العصر الجديد ..
وبعدها عمت التهاني والتبريكات الى جميع الناس في جميع انحاء العالم والتبشير بقدوم البابا الجديد من خلال الدخان الابيض المنبعث من هذه المدخنة ..
وهذا ما دفعني الى معرفة المزيد عن هذه المدخنة ..
فقصدت الشيخ الكبير ( كوكل ) المعروف بكرمه دائما وسألته عن هذه المدخنة ؟
ولكن شيخنا الكريم ( كوكل ) لم يكن كريما معي هذه المرة ، حيث لم يقدم لي كل ما كنت ارغب معرفته عن هذه المدخنة ، فكل ما قدمه لي كان بأختصار :-    
- ان هذه المدخنة المنصوبة فوق سطح احدى الكنائس في الفاتيكان ترتبط بموقدين موجودين في مقدمة هذه الكنيسة ..
- الموقد الاول بني سنة 1938 لغرض حرق اوراق الاقتراع بعد انتهاء كل جولة لكي لا يتم الرجوع اليها فيما بعد ..
- اما الموقد الثاني فقد بني سنة 2005 لتحديد لون الدخان المطلوب ( الاسود او الابيض ) حيث يختلط دخان هذا الموقد مع دخان الموقد الاول خلال مروره بالمدخنة ..
- كان في السابق يتم اضافة كمية من القش الرطب لصنع دخان اسود ..
- سنة 1958 بدأ بأستخدام مواد كيمياوية لتحديد نوع الدخان ( على الارجح كلوريد البوتاسيوم الذي يشتعل بسهولة وينتج دخانا ابيضا ، وباضافة صبغة سوداء اليه ينتج دخانا اسودا ) ..
- سنة 2005 بدأ بقرع الاجراس لتأكيد انتهاء عملية انتخاب البابا الجديد ..
هذه كانت بعض المعلومات التاريخية المختصرة من بعض المقالات التي اظهرها (كوكل ) عن هذه المدخنة ..
ومهما يكن فسواء كانت هذه المعلومات كافية ام لا ، فان هذه المدخنة تبدو للناظر اليها  مدخنة عادية ليس في شكلها ما يختلف عن بقية المداخن ولا في دخانها ما يميزه عن غيره فهو اما اسود او ابيض او ما بينهما ..
ولكن ما يميز هذه المدخنة عن غيرها هو وظيفتها فهي ليست للتدفئة واما لون دخانها الابيض الذي لا بد ان ينبعث منها في النهاية هو ما ينتظره الملايين من الناس من جميع انحاء العالم سواء الذين يهمهم الامر بشكل مباشر او بشكل غير مباشر ..
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ونحن نعيش في هذا العصر ، عصر التكنولوجيا الحديثة والتقنيات العالية التطور ووسائل الاتصالات الحديثة هو :-
- اليس هناك وسيلة اخرى حديثة من هذه التكنولوجيا المتطورة للاعلان عن قدوم البابا الجديد بدلا من هذه المدخنة القديمة ؟
- اليس بأمكان الفاتيكان استخدام احدث الوسائل التكنولوجية للاعلان عن البابا الجديد ؟
- ماذا يعني الابقاء على هذه المدخنة ؟ هل هي المحافظة على التقاليد القديمة المتوارثة اي الاصالة  ؟
فاذا كان الامر هكذا فما بالنا نحن ابناء كنيسة المشرق بكل فروعها وخاصة المشتتين في المهاجر نستحي من الاصالة ونبتعد عن العادات والتقاليد الاصيلة ونتخلى عن التراث ونغير الطقسا في كنيستنا ؟؟؟
انه مجرد سؤال لكل من يهمه الامر ولكنه يدفعني الى سؤال اخر في نفس السياق ومن نفس الحدث :-
- ماذا يعني الاعلان الاول عن اسم البابا الجديد حصرا باللغة اللاتينية التي لا يفهمها غالبية الناس في العالم لا بل حتى في ايطاليا نفسها ؟
انه سؤال موجه الى كل من يقول او كان يقول ( ان الكنيسة مسؤولة عن الايمان وليس عن اللغة ) ..
نتمنى ان نتعظ قليلا من مدخنة الفاتيكان في الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا الاصيلة وان نتعلم شيئا من لغة اهل الفاتيكان في الحفاظ على لغتنا وهويتنا .   [/size]    

68
                        البطريرك الجديد
                    ( الرجل المعتدل لليوم المضطرب )


وحيد كوريال ياقو
بداية شباط – 2013

بداية لست ادري ان جاز لي تحوير المثل الشعبي المتداول كثيرا ( القرش الابيض لليوم الاسود ) الى هذه المقولة ( الرجل المعتدل لليوم المضطرب ) التي وضعتها كعنوان لهذا الموضوع بدلا من المقولة الرائعة المعروفة ( الرجل المناسب في المكان المناسب ) التي هي الاخرى تتناسب جدا مع مضمون هذا الموضوع الذي نحن بصدده ، ولكن هذه المقولة ( الاخيرة ) قد استخدمت كثيرا بمناسبة وبغير مناسبة ، ولمن كان مناسبا او غير مناسب الى الحد الذي فقدت معناها او مدلولها ولم نعد نميز المناسب عن غير المناسب في هذا الزمن الغير المناسب ، لذا فما نحن نحتاجه الان هو رجل معتدل ( اي ابيض ) لينفع في هذا اليوم المضطرب ( اي الاسود ) ..
هذا ما اردت توضيحه في هذه المقدمة القصيرة لهذا الموضوع الذي هو بمناسبة انتخاب بطريرك الكنيسة الكلدانية الجديد الذي اعلن عنه في روما يوم الجمعة 1-2 - 2013 ..
ومن ثم نقدم اجمل التهاني والتبريكات لسيادة البطريرك الجديد المنتخب مار لويس روفائيل الاول ساكو الجزيل الاحترام بمناسبة انتخابه بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ..
وبعد ذلك لا بد ان نقدم كل الشكر والامتنان لجميع الاباء المطارنة الكلدان المجتمعين  في روما لأجتيازهم هذه المحنة بسلام ومحبة ووئام ، واجماعهم على اختيار البطريرك الجديد بهذه الطريقة الحضارية ، ونأمل منهم ان يبقوا عونا له في مهمته الشاقة ، وان يكونوا سندا له لأجتياز كل الصعوبات والمعوقات والعراقيل الكثيرة التي لا بد انه سيواجهها خلال مهامه الجديد في هذا الزمن الصعب وهذه الايام المضطربة جدا ..
وبهذه المناسبة العظيمة لا يسعنا الا ان نهنيء كافة ابناء شعبنا في العراق والعالم بقدوم البطريرك الجديد الذي يعرف عنه انه رجل الثقافة والانفتاح والاعتدال ، فهو فعلا الرجل المعتدل الذي ينفع في هذا اليوم المضطرب ..
كلنا نعرف ان المهمة صعبة لا بل شاقة في هذا الزمن الصعب المليء بالصعوبات الجمة والتعقيدات الكثيرة الداخلية منها اوالخارجية وهذه المرحلة  الحساسة جدا والمضطربة للغاية التي تتميز بالتعصب والتطرف والارهاب ..
ولكن كلنا امل ان البطريرك الجديد سيستمر على النهج الذي تبناه منذ ان كان كاهنا ، وكلنا ثقة من ان البطريرك الجديد سيتغلب على هذه الصعوبات والمعوقات بما يتميز به من الاعتدال ، وسيجتاز هذه المرحلة الصعبة بما له من حب للحوار البناء وقبول الاخر ..
ولنا امل كبير انه سينهض بالكنيسة الكلدانية من جديد ويقودها الى بر الامان ..
ليصبح بطريركا للمحبة والسلام والوئام ..
وبطريركا للتجديد والتحديث والتطوير ..
وبطريركا للحوار الدائم وقبول الاخر ..
لكي يتمكن من ان ينتشل هذه الكنيسة من المحنة التي هي فيها ويقودها الى الامام في الطريق الصحيح والسليم ..
ولكي يتمكن من انقاذ هذا الشعب من الضعف الذي يعاني منه والانقسام الذي يهدده والضياع الذي يتعرض اليه ..
وليتمكن ايضا من لم شمل ابناء هذا الشعب المشتتين في جميع انحاء العالم ، ويوحد كلمتهم ويعيد وحدتهم ويحافظ على هويتهم ويصون لغتهم الواحدة وتاريخهم العريق وطقسهم المتميز وعاداتهم الجميلة وتقاليدهم الاصيلة ..
هذا هو رجاؤنا من بطريركنا الجديد مار لويس روفائيل الاول ساكو مع تمنياتنا لسيادته بالتوفيق في مهامه الجديد وله العمر المديد .    
 

69
تهنئة خاصة لسيادة البطريرك الجديد مار لويس روفائيل الاول ساكو الجزيل الاحترام بمناسبة انتخابه بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ..
وشكر خاص لجميع الاباء الاساقفة الكلدان لأجتيازهم هذه المحنة بسلام ومحبة ووئام واختيارهم للبطريرك الجديد ، ونأمل ان يكونوا عونا له في مهمته الشاقة هذه ، وسندا له لأجتياز كل الصعوبات والمعوقات التي حتما سيواجهها في هذا الزمن الصعب ..
وبهذه المناسبة العظيمة نهنيء كافة ابناء شعبنا في العراق والمهجر بقدوم البطريرك الجديد الذي يعرف عنه انه رجل الثقافة الجديدة والانفتاح على الكل والاعتدال مع الجميع ..
ولا يسعنا هنا الا ان نقول :-

                    ( ما انفع الرجل المعتدل في اليوم المضطرب )

كلنا امل ان يستمر بطريركنا الجديد على النهج الذي تبناه منذ ان كان كاهنا 
ليصبح بطريركا للمحبة والسلام والوئام ..
وبطريركا للتجديد والتحديث والتطوير ..
وبطريركا للحوار المتمدن وقبول الاخر .. 
ليستطيع قيادة كنيستنا الكلدانية الى الامام في الطريق الصحيح والسليم في هذا الزمن الصعب وهذه الظروف العصيبة ..
وليتمكن من لم شمل هذا الشعب المشتت في جميع انحاء العالم وانقاذه مما يتعرض اليه من الضعف والانقسام والضياع .. 
تمنياتنا القلبية للبطريرك الجديد بالتوفيق في مهامه الجديد والعمر المديد .

وحيد كوريال ياقو
     مشيكن   

70
تهنئة خاصة لسيادة البطريرك الجديد مار لويس روفائيل الاول ساكو الجزيل الاحترام بمناسبة انتخابه بطريرك بابل على الكلدان في العراق والعالم ..
وشكر خاص لجميع الاباء الاساقفة الكلدان لأجتيازهم هذه المحنة بسلام ومحبة ووئام واختيارهم للبطريرك الجديد ، ونأمل ان يكونوا عونا له في مهمته الشاقة هذه ، وسندا له لأجتياز كل الصعوبات والمعوقات التي حتما سيواجهها في هذا الزمن الصعب ..
وبهذه المناسبة العظيمة نهنيء كافة ابناء شعبنا في العراق والمهجر بقدوم البطريرك الجديد الذي يعرف عنه انه رجل الثقافة الجديدة والانفتاح على الكل والاعتدال مع الجميع ..
ولا يسعنا هنا الا ان نقول :-

                    ( ما انفع الرجل المعتدل في اليوم المضطرب )

كلنا امل ان يستمر بطريركنا الجديد على النهج الذي تبناه منذ ان كان كاهنا 
ليصبح بطريركا للمحبة والسلام والوئام ..
وبطريركا للتجديد والتحديث والتطوير ..
وبطريركا للحوار المتمدن وقبول الاخر .. 
ليستطيع قيادة كنيستنا الكلدانية الى الامام في الطريق الصحيح والسليم في هذا الزمن الصعب وهذه الظروف العصيبة ..
وليتمكن من لم شمل هذا الشعب المشتت في جميع انحاء العالم وانقاذه مما يتعرض اليه من الضعف والانقسام والضياع .. 
تمنياتنا القلبية للبطريرك الجديد بالتوفيق في مهامه الجديد والعمر المديد .

وحيد كوريال ياقو

     مشيكن   


71
المنبر الحر / رد: نحن الى اين؟
« في: 10:56 31/01/2013  »
الاخ الياس متي المحترم

اشكرك جزيل الشكر لاثارة هذا الموضوع المهم الذي توجته بوضع هذه الصورة الرائعة في مقدمته والتي بصراحة لولاها لكان الموضوع عاديا كغيره من المواضيع الكثيرة التي نمر عليها يوميا مرور الكرام ، ولكنك حسنا فعلت ووضعت هذه الصورة التي تجمع الاباء الاجلاء / رئاسات كنيسة المشرق ، حيث انها فعلا صورة تاريخية رائعة ونادرة ، وخاصة لنا نحن الذين حضرنا احداث هذه الصورة وتفاصيل حج كنيسة كوخي جنوب بغداد في 23 - 31  / 11 / 2000 ايام كان الحوار حول وحدة الكنيسة جار على قدم وساق ..
هذه الاحداث التي لا يمكن ان ننساها ابدا حيث كان لنا في ذلك الوقت رجاءا في هذه الوحدة واملا ان شيئا ما سيحصل او ان تغييرا ما قد يحدث لابناء هذا الشعب الذي يعاني من الانقسام والضعف والهجرة والضياع ، ولقد تحاورنا وتجادلنا كثيرا حول هذا الموضوع في تلك الايام وكنا على ثقة او امل بأن موضوع الوحدة طالما طرح للحوار  الرسمي والعلني بين رئاسات الكنيسة فلا بد انه سيحصل لا محال ..
وهذا هو حتما ما جعلك تدون تحت هذه الصورة تلك الجمل الرائعة ( ما اروع هذا المشهد – عراب الوحدة المثلث الرحمات مار روفائيل الاول بيداويذ ، يضم اخويه مار دنخا الرابع ومار ادي الثاني جاعلا من يديه الكريمتين جسرا من المحبة محاولا هدم كل الحواجز النفسية والاجتماعية التي جاءت بفعل الخلافات المذهبية لكنائسنا ... ) .
ولكن مع كل الاسف لقد خابت تلك الامال كلها لان الوحدة لم تتحقق وقد خابت الثقة ايضا لان ما جرى كان مجرد مظاهر احتفالات باليوبيل 2000 ، وانتهى كل شيء بمجرد انتهاء الاحتفالت ..
والان وبعد كل هذه المدة هل تريد ان تعرف لماذا اقول هذا ؟
حسنا ، ولكني لا اريد ان اطيل كثيرا ، فقط اريد ان اذكرك بحدث اخر بعد عام تقريبا من ذلك التاريخ وفي جمعية اشور بانيبال في بغداد وكنت انت وانا من الحاضرين عندما استضفتم سيادة المطران مار نرسي دي باز مطران كنيسة المشرق الاشورية في لبنان انذاك لالقاء محاضرة حول هذا الموضوع اي وحدة الكنيسة التي لم تتحقق ، وبعد عرض لكل ما جرى وما تحقق وما لم يتحقق اجاب سيادته لسؤال مباشر من احد الحاضرين عن سبب عدم تحقيق الوحدة ؟
فأجاب سيادته بالحرف الواحد وبكل صراحة بما يلي :-
( لقد كنت انا رئيس اللجنة المكلفة بالحوار حول هذا الموضوع من جانب كنيسة المشرق الاشورية وكنت مخولا بكل الصلاحيات من قبل الباطريرك مار دنخا الرابع والموافقة على كل شيء من اجل الوحدة بأستثناء الانضواء تحت لواء روما ..
وفي المقابل كان سيادة المطران مار عمانوئيل دلي / المعاون الباطريركي انذاك والباطريرك المستقيل حاليا / هو رئيس اللجنة من الكنيسة الكلدانية وكان هو الاخر بحسب ما قال لي صراحة مخولا بكل الصلاحيات من قبل الباطريرك مار روفائيل الاول بيداويذ والموافقة على كل شيء من اجل الوحدة بأستثناء الانفصال عن روما ...
ولهذا فنحن لم نستطع من تحقيق الوحدة حاليا ولكننا سنستمر بالحوار لعله يأتي من بعدنا من يستطيع من ذلك
.. ) انتهى كلام سيادة المطران مار نرسي دي باز وانتهت الندوة انذاك بخيبة امال الحاضرين ..
ولكننا ما زلنا ننتظر من يأتي من بعدهم وسنبقى والاجيال القادمة ننتظر من يأتي من بعدهم وسيبقى المتحاورون حول هذا الموضوع كل يقول ما يحلو له ، ولكنني لا اعتقد انه سيأتي من يقول ما يحلو للجميع .. مع تحياتي للجميع ...

وحيد كوريال ياقو  
 

72
                       عندما يقع الثور ... !!!

ملاحظة :- كتب هذا المقال لمجلة السنبلة التي تصدرها جمعية ما ميخا الخيرية في ولاية مشيكن الاميركية قبل ما يقارب السنة

وحيد كوريال ياقو
       مشيكن

من منا لم يسمع بالكثير من الحكم والامثال التي قالها الأولون والتي يرددها الناس في كل زمان ومكان ؟
ومن منا لا يعرف ان هذه الحكم والامثال المتوارثة عبر الاجيال المتعاقبة والمنقولة عبر الازمان المتتالية من الاباء والاجداد الى الابناء والاحفاد شفاها ، انما هي دروس مختصرة وعِبر مكثفة لنا لتقويم سلوكنا وارشادنا وتوجيهنا في حياتنا ؟   
ومن من لم يسمع بهذا المثل الشعبي الذي يقول ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) والذي اردت ان يكون عنوانا لهذا المقال حيث يعرفه الناس جميعا وهم يعرفون جيدا لماذا يستعمل ومتى يقال ولمن يضرب ؟ ..
هذا المثل الذي سمعته منذ ان كنت لا اعرف ماذا تعني الامثال ، ومنذ ان كنت لا اعرف ما في الحكم من احكام ولا ما في الاقوال من اِقوام ، كان ذلك منذ ايام الطفولة المبكرة حيث كان اهل قريتي البسطاء اكثر الناس استعمالا لهذا المثل الشعبي  حيث كانوا يملكون الكثير من الثيران ...
ولكن الغريب ان اهل قريتي المعروف عنهم انهم كانوا يلتزمون كثيرا بالامثال التي يرددونها ويتمسكون بالحكم التي يعرفونها ويأمنون ايمانا مطلقا بكل ما قاله الاولون ، كانوا لا يطبقون هذا المثل على ثيرانهم او لنقل انهم كانوا اقل الناس تطبيقا لهذا المثل الذي نحن بصدده فيما يخص الثور بالذات !!! .
أتعرفون لماذا ؟؟؟
لأن ثيران اهل قريتي وبأختصار شديد كانت وديعة ومفيدة ونافعة ، وبصراحة فقد كانت اغلى ما كانوا يملكونه ثمنا واكبرها حجما واكثرها عملا واقواها تحملا ، فهي التي كانت تجر لهم محاريثهم لتشق لهم الارض طولا وعرضا وهي التي كانت تسويها لهم بحسب ما يرغبون وكما يشاؤون لكي يزرعونها بما يريدونه وما يحتاجونه لتنبت لهم فيما بعد من المحصول كل ما لذ وطاب لهم ، وثيرانهم هذه هي التي كانت تصفي لهم البيدر الذي كان يملأ عنابر بيوتهم بما وهب الله لهم من الخير والخيرات الوفيرة ، واما هي ( الثيران ) فلم يكن لها سوى التبن والقشور وكل ما لا ينفع ..
هكذا كانت ثيران اهل قريتي ، ولهذا كان اهل قريتي يحبون ثيرانهم كثيرا ولا ابالغ اذا ما قلت انهم كانوا يهتمون بها اكثر مما يهتمون بأنفسهم او حتى بأولادهم ، فكانوا يسرحونها في احسن المراعي في النهار ويجلبون لها اطيب الحشائش في المساء ومن ثم يأوونها في ادفأ الاماكن في الليل ويتباهون بها عندما كانت تسمن اكثر وتقوى اكثر لانهم كانوا يعرفون ان ذلك سيعود بالفائدة اليهم ، ولهذا فعندما كان يقع احد ثيرانهم فقد كان الجميع يسرع لأيقافه والكل يهرع لأنقاذه واخراجه من الوحل الذي وقع فيه ، فلم يكونوا ابدا يفكرون بذبحه ، ولم يكونوا ابدا يكثروا له السكاكين ، ولم يكونوا اطلاقا يطبقوا على ثيرانهم هذا المثل الذي نحن بصدده ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) ... 
ان ما جعلني اتذكر هذه الذكريات القديمة عن قريتي الصغيرة واتذكر هذا المثل الذي كان اهلها البسطاء يرددونه كثيرا بمناسبة وبغير مناسبة لبعضهم البعض من دون ان يطبقونه على ثيرانهم ، هو  بالحقيقة ما نسمعه وما نشاهده هذه الايام عن الثيران الكبيرة التي تقع في العراق ، هذه الثيران التي سمنت كثيرا من علف العراق العالي الدسم ،  هذه الثيران التي كان من المفروض عليها ان تجر محاريث ابناء العراق لتشق لهم تلك الارض الطيبة المليئة بالخير والخيرات الوفيرة والكثيرة ، وهي التي كان المعول عليها ان تصفي لأهل العراق بيدرهم المليء بكل ما انعم الله على ارضهم الطيبة كما كانت تفعل ثيران اهل قريتي ، ولكن  الغريب العجيب ان حال وقوع احد هذه الثيران ، يبدأ الكلام عنه من كل حدب وصوب ، وتوجه له كل التهم الخطيرة وتُلقى عليه كل الاخطاء الكبيرة والصغيرة سواءً كان قد فعلها او لم يفعلها ، فالكل يكثر له السكاكين والكل يريد التخلص منه وانهائه تطبيقا لهذا المثل الذي نحن بصدده ..
أتعرفون لماذا ؟؟؟   
ليس لأن اهل قريتي يختلفون عن اهل العراق ، لا ابدا لأن اهل قريتي هم حتما من اهل العراق الاصلاء ، وان اهل العراق هم ايضا مثل اهل قريتي اوفياء ، ولكن على ما يبدو ان ثيران العراق تختلف كثيرا عن ثيران اهل قريتي ، او انها بعكس ثيران اهل قريتي تماما ، فهي ثيران غير نافعة وغير مفيدة وهي ليست وديعة ايضا ، فهي تسرح وتمرح في المنطقة الخضراء في النهار وتأكل وتشرب من خيرات العراق من الصباح حتى المساء واما في  الليل فهي تنهب حتى طعام الفقراء والمساكين ، فهي لا تعمل شيئا لأبناء العراق ابدا ولا تخدم اهل العراق اطلاقا ..
ولهذ فثيران العراق هذه عندما تقع تكثر لها السكاكين تماما كما جاء في هذا المثل الذي نحن بصدده ( عندما يقع الثور تكثر السكاكين ) او تطبيقا له ..
والله يكون في عون اهل العراق من الثيران التي لم تقع بعد ...
   

73
                                             بين نار الوطن وجنات المهجر
                                                      - اين نحن - ؟؟؟



وحيد كوريال ياقو
ايلول – 2012  

في الوقت الذي كنت بصدد كتابة مقال حول موضوع الهجرة والضياع الذي يتعرض لها ابناء شعبنا المشتتين في بلدان المهجر ، هذا الموضوع الذي يتعلق بمصير ومستقبل ابناء هذا الشعب المهدد بالانقراض في الوطن الام العراق والضياع في المهاجر ، لفت انتباهي الى مقال لصديق قديم لي منشور في موقع عنكاوا كوم بتاريخ 10 – 9 – 2012 بعنوان ( ابناء شعبنا في المهجر يعيشون حياة حرة كريمة ) وهو الكاتب ( كيوركيس اوراها ) الذي يعيش حاليا في المهجر ، ومن معرفتي القديمة لهذا الصديق منذ ان كنا في العراق ومن خلال تواجدنا معا في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية ومن بعدها في جمعية اشور بانيبال ، اعرفه جيدا انه كان من المهتمين جدا بكل ما يتعلق بأحوال أبناء شعبنا وتاريخهم وحضارتهم ، وكان في حينها من المتمسكين والمتشبثين في البقاء في الوطن الام العراق موطن الاباء والاجداد ، ولكن من عنوان المقال يتبين ان صديقي قد فقد الامل ، كل الامل في الوطن الام والدليل انه الان في المهجر ، واما الدليل القاطع فهو مضمون المقال الذي كان في الحقيقة رد على على مقال اخر لكاتب اخر منشور ايضا في موقع عنكاوا كوم بتاريخ 8 – 9 – 2012 بعنوان ( حياة ابناء شعبنا في المهجر ) للكاتب ( خوشابا سولاقا ) الذي يعيش في الوطن الام ويعرف عن قرب كل ما يعانيه ابناء شعبنا هناك من ظلم واضطهاد ومعانات وصعوبات وتهديد وقتل وتهجير وتهميش واقصاء وغير ذلك ، وهو قد زار المهجر لمرات عديدة واطلع على واقع الحياة هناك وبعض التفاصيل والخبايا الدقيقة للحياة اليومية لأبناء شعبنا في المهجر ، وخلص الى ان ابناء شعبنا في المهجر يعانون من صعوبات كثيرة ويعيشون في مذلة العيش ، ولهذا يدعو ابناء شعبنا الى البقاء في الوطن حيث العزة والكرامة والمستقبل الزاهر ، وبالرجوع الى كتاباته يتبين انه كاتب دقيق ومهتم بأحوال ابناء شعبنا وكل ما يخص حاضرهم ومصيرهم ومستقبلهم ..
اذن نحن الان امام رأيين مختلفين او متناقضين لكاتبين كلاهما من دون شك مهتمين بقضية ابناء هذا الشعب وبكل ما يتعلق بحاضرهم ومستقبلهم ومصيرهم ووجودهم القومي ، وكل منهما له اسبابه وحججه واثباتاته  ..
ولأن هذا الموضوع برأيي الشخصي مهم جدا ولا يخص فقط الكاتبين المذكورين ، بل انه يخص معظم ابناء شعبنا سواء الذين في الوطن الام ام في المهجر وان معظمهم يختلف على هذا الامر ، لذلك اردت ان اشير اليه في هذا المقال وارتأيت ان اجعله بشكل حوار بين طرفين لكي تكتمل الفكرة اكثر وتصل الى القاريء بشكل مباشر وسهل :-
+ طرف يدعو الى البقاء في الوطن الام العراق ، ونعتمد على بعض ما جاء في مقال السيد ( خوشابا سولاقا ) والكثير مما نسمعه كل يوم من بعض ابناء شعبنا الذين يؤيدون هذا الرأي ، وسنطلق على هذا الطرف ( كاتب من الوطن ) .
+ وطرف ثان يعتقد انه لا جدوى من البقاء في الوطن ولا بد من الهجرة ، ونعتمد على بعض ما ورد في رد السيد ( كيوركيس اوراها ) وايضا الكثير مما نسمعه من الكثير من ابناء شعبنا وخاصة الذين في المهجر ممن يؤيدون هذا الرأي ونطلق على هذا الطرف ( كاتب من المهجر ) .
ولمتطلبات الحوار سيتم تقديم بعض الجمل المتقاربة المضمون وتأخير بعضها الاخر وربطها ببعضها البعض لأكمال فقرات الحوار وايصال الفكرة بصورة اسهل وبشكل مباشر ، ارجو ان لا يعتبر ذلك خروجا او تجاوزا على ما ورد في كلا المقالين ..

- يقول كاتب الوطن :-
الهجرة من ارض الوطن لها تداعيات كبيرة على مستقبل الوجود القومي لابناء شعبنا ، وهي قضية امة تواجه خطر الانقراض ، فالهجرة تعتبر قلع جذور امة اعطت للبشرية ما لم تعطيه غيرها من الامم ...  

- يرد كاتب المهجر :-
الوطن الحقيقي للانسان في هذا الزمن هو الذي يحترمك كانسان ويمنحك الامان والحرية والفرص من دون تمييز ، ان حياة ابناء شعبنا الحقيقية وحريتهم الانسانية وكرامتهم الفعلية قد بدأت في بلدان المهجر ..
اوليس الافضل لنا ان نعيش في بلد ليس ببلدنا ولكنه في الحقيقة بلد الجميع ؟ امريكا هي بلد كل الشعوب حتى الذين يشتمونها ليل نهار ..

- كاتب الوطن :-
 الوطن الام هو الحاضنة الامنة لأستمرار وديمومة وبقاء الوجود القومي للامة ، ولهذا يجب  على ابناء شعبنا البقاء في ارض الوطن الام والتحلي بالصبر والتضحية والتشبث ببلد الاباء والاجداد الذي له من الثروات الطبيعية ما لا تنضب وتكفي لأن يعتاش عليها مئات الملايين من البشر لسنوات طويلة ..

- يجيب كاتب المهجر :-
بلدنا الاصلي سلب مواطنيتنا وحقوقنا وشردنا واعتبرنا كفرة وذبح ابنائنا وفجر كنائسنا ودمر مصادر رزقنا وابادنا ..
بينما في امريكا الحرية الحقيقية والسلام والامان والفرص المتكافئة للجميع من دون تمييز وحقوق كاملة كفلها الدستور ونظمتها القوانين التي لا تفرق بين انسان واخر مهما كان لونه او دينه او قوميته او معتقده الفكري والسياسي .
- كاتب الوطن مرة اخرى :-      
ان ابناء شعبنا في المهجر يعانون من الواقع المعاشي المزري ومذلة البحث عن لقمة العيش والشعور بالغربة ، وهم يفقدون لغتهم وتقاليدهم وطقوسهم وثقافتهم القومية والوطنية ، حيث غياب وانعدام مؤسسات اجتماعية وثقافية للحفاظ ورعاية هذه العادات والتقاليد واللغة ، ودور الكنيسة هو عدم المبالات بهذا الجانب وكأن الامر لا يعنيها بأي شكل من الاشكال ، ودور الحركات والاحزاب السياسية لا يختلف عن دور الكنيسة وليس بأحسن منه ، وهذا يعتبر تحديا كبيرا للذات القومية والوطنية لأبناء شعبنا في المهجر ...

- ويرد كاتب المهجر ويقول :-
لابناء شعبنا في امريكا مؤسسات وقنوات فضائية وشخصيات مؤثرة وقد قلت انك التقيت بالكثير منهم ..
الذل الحقيقي والمهانة الحقيقية هي التي يتعرض لها ابناء شعبنا في العراق ( بلدنا الاصلي ) ،  وهم ضحايا الاسلام السياسي المتطرف الذي لا يؤمن بالتعايش السلمي ويرفض قبول الاخر ولا يؤمن بمباديء السلام الانساني ، وكل الدلائل تشير الى ان الكراهية ضد ابناء شعبنا هي السائدة ، ووجود نظام استبدادي ديني طائفي مذهبي ...  

- يعود كاتب الوطن ويقول :-
ان هذه فترة انتقالية في تاريخ وتطور هذه البلدان والتوجه نحو الدولة الديمقراطية المدنية ، وان المد الاسلامي السياسي المتشدد ظاهرة انية ايلة الى الفشل والزوال في غضون فترة قصيرة ..
ان خلاص ابناء شعبنا ووجودنا القومي لا يأتي من خلال هجرة ارض الوطن الى المهاجر ، ولهذا نطالب كتاب المهجر بالكف عن تشجيع الهجرة ...

- كاتب المهجر :-
ان ابناء شعبنا يهاجرون ويتركون الوطن الام ليس بسبب البحث عن الملذات ، بل انهم يهاجرون مجبرين هربا من الظلم والموت المحدق بحياتهم وبحثا عن الحياة والاستقرار والحرية ..
الذين يطلبون من ابناء شعبنا البقاء في ارض الوطن عليهم ان يوفروا الامان والحرية وفرص العمل والحياة الحرة الكريمة وتطبيق القوانين على ارض الواقع  ، لماذا لا تقومون بتوفير مسببات البقاء في الوطن من امن واستقرار وتوفير فرص العمل للجميع وتعديل بنود الدستور لأيقاف نزيف الهجرة ولربما سيؤدي ذلك الى الهجرة المعاكسة ...

 
- كاتب الوطن مرة اخرى :-
امريكا تعاني من حالة الركود الاقتصادي وتأثير ذلك على حياة ابناء شعبنا واضح وكبير وخطير مما دفع الكثير منهم الى الانحراف وممارسة الجريمة والاتجار بالمخدرات وممارسة القمار والتفسخ الاخلاقي والانسلاخ عن المجتمع والانصهار في المجتمعات الكبيرة والتعرض للضياع في متاهات الفسق والرذيلة ..

- يرد كاتب المهجر ويقول :-
عليك كمثقف ان تبحث وتكتشف الحقيقة قبل ان تحكم ، ومن دون ان تعتمد على من لا يعرفون حقيقة الحياة في امريكا او الذين لا يريدون مواكبة التطور الهائل والنقلة الكبيرة في كافة مجالات الحياة .
فالاقتصاد الامريكي في تصاعد مستمر وفرص العمل متوفرة للجميع ، ولكن هناك من ابناء شعبنا من يكتفي بالمساعدات الانسانية الممنوحة له ولعائلته التي تضمن لهم الحد الادنى من المعيشة ، وبينما هناك في المقابل من يريد تطوير نفسه وله اكثر من عمل او له عمل ودراسة ، ومهما يكن فالثراء ليس اساس الحياة الحرة الكريمة وليس بالضرورة ان يكون الانسان ثريا لكي تكون حياته حرة كريمة وهانئة بل الحرية والامان والاستقرار الى جانب القناعة هي التي تجلب راحة البال ...

- كاتب الوطن :-
على ابناء شعبنا اتخاذ قرار العمر بين البقاء في ارض الوطن والعيش بكرامة وعزة نفس والحرية التي تصون انسانية الانسان وبين الهجرة الى بلدان المهجر والغربة والعيش بمذلة البحث عن لقمة العيش من دون كرامة في ظل الحرية التي تمسخ انسانية الانسان ...

- يرد كاتب المهجر :-
ان قلوبنا تقطر دما ونفوسنا تعيش الحزن على ما الت اليه حياة ابناء شعبنا في العراق ، وهم يعيشون حياة الذل والفقر والحرمان من الحرية والامان والتعرض للمزيد من المخاطر في ظل فقدان الامن ...
امريكا التي تعطينا كل هذه الحقوق وتمنحنا الحرية والامان والحياة الكريمة ، علينا ان نحترمها من خلال احترام الانظمة والقوانين ودفع مستحقات الضرائب ..

- يعود كاتب الوطن ليرد ثانية على كاتب المهجر :-
امريكا التي تجلها وتقدسها هي السبب في كل ما يحصل لأبناء شعبنا في العراق وهي المسؤولة عن كل الجرائم التي ترتكب بحق الشعوب الاخرى ..
امريكا هي التي صنعت تنظيم القاعدة الارهابي للقتال ضد السوفييت في افغانستان ..
وامريكا هي التي صنعت الانظمة القومية العسكرية الفاشية في بلدان الشرق الاوسط لمواجهة المد اليساري ..
وامريكا هي التي صنعت ثورات الربيع العربي للاطاحة بتلك الانظمة التي حكمت شعوبها بالحديد والنار بعد ان انتفت حاجتها اليها ..
وامريكا هي التي اتت بقوى الاسلام السياسي الى سدة الحكم في هذه البلدان ..
وامريكا هي السبب في وفاة العالم والاثاري ( دوني جورج ) بسبب ما كان يملكه من ادلة واسرار عن اختفاء وسرقة وتهريب اثار المتحف العراقي ومنها النسخة الاصلية لتوراة اليهود التي وصلت الى اسرائيل ..
البلد الذي يمارس كل هذه الشرور والافعال الشنيعة بحق الشعوب والامم الضعيفة لا يمكنه ان يعطي الحياة الحرة الكريمة الى المهاجرين من ابناء شعبنا ..

- ورجع كاتب المهجر ثانية ليرد على كاتب الوطن :-
ان تهجمك على امريكا تشبه اعدائها الذين يلقون بكل اخفاقاتهم على شماعة امريكا ..
لقد قلت ان امريكا تمارس الاجرام بحق الشعوب من دون ان تذكر الاسباب ولا التضحيات التي قدمتها امريكا ..
وقد قلت ان امريكا سرقت اموال الشعب العراقي وانت تعرف جيدا من هم السراق الحقيقيين لاموال الشعب العراقي ..
وقلت ان امريكا متهمة بقتل عالم الاثار الدكتور ( دوني جورج ) من دون تقديم دليل ملموس او سبب مقنع وتعلم جيدا ان امريكا هي التي ساعدت الدكتور المرحوم بعد ان هددته عصابات جيش المهدي وبعد ان حدد دوره وسحبت منه صلاحياته وجرد من جميع المهمات والمسؤوليات الكبيرة التي كان يتحملها في مجال الاثار ..  

ولست ادري ان كان الكاتبين سيستمران في هذا الحوار ام لا ، ولكني سأكتفي بهذا القدر منه  لكي لا اطيل كثيرا على القراء مع شكري الجزيل للكاتبين وتقديري الكبير لرأي كل منهما ، في الوقت الذي انا على يقين من ان هذا الحوار الذي هو حديث كل ابناء شعبنا سيستمر ما دام ليس هناك من يثبت لأبناء شعبنا اين يكمن فعلا وجودهم القومي الحقيقي وما دام ليس هناك من يثبت لهم حقيقة ان البقاء في الوطن هو الافضل ولا من يبرهن لهم ان الهجرة هي الاضمن ..
وبين هذا وذاك سؤال يطرح نفسه :- اين نحن ؟؟؟ .  

74
كتاب
" بوابة التاريخ "
بوابات كثيرة لكل من يحب التاريخ

  وحيد كوريال ياقو
   تموز – 2012

كتاب ( بوابة التاريخ ) للكاتب والباحث الدؤوب ( سالم عيسى تولا ) مشيكن 2012  هو بحث في علاقة التاريخ بعلم الاثار وهو قصة انسان يبحث عن الماضي ليعرف الحاضر ، بذل فيه الكاتب قصارى جهده في جمع وتصنيف مصادر كثيرة لأنتهال المزيد من العلوم والمعارف التي تتعدى الزمان والمكان ، فيه غزارة معلومات قيمة واحداث ممتعة واكتشافات مذهلة لأماكن كثيرة وازمان عديدة ، فهو بذلك ليس بوابة واحدة وانما يعتبر بوابات كبيرة ومداخل كثيرة للتاريخ تنقل القاريء الى اماكن كثيرة من العالم وعبر ازمان عديدة من التاريخ ..  
فغلاف الكتاب صورة لبوابة قديمة في ( القوش ) لطالما مررنا امامها ونحن صغارا في طريقنا الى المدرسة من دون ان نعرف او نعير اية اهمية لها  ولكن ما كان يجذب انتباهنا انذاك هو قدوم السياح الاجانب من اماكن بعيدة لمشاهدة هذه البوابة القديمة نسبيا ووقوفهم امامها طويلا والتقاط الصور لنقوشها ، وكنا نستغرب في حينها ونتساءل لماذا يأتي هؤلاء السياح لمشاهدة مثل هذه الاماكن القديمة ويلتقطون الصور لها تاركين ما في بلدانهم من مناظر جميلة وخلابة وعمارات عالية وناطحات سحاب ؟ ولم نكن نعرف في حينها ان عماراتهم العالية وناطحات سحابهم مبنية على الاسس التي اكتشفوها في هذه الاثار المدفونة تحت التراب !!! .
وبوابة الغلاف هذه جعلتني اعتقد في بداية الامر ان الكتاب يخص تاريخ هذه البلدة العريقة ( القوش ) ولكن عندما قلبنا الصفحات الاولى من الكتاب وجدنا ان هناك بوابات كثيرة لأماكن عديدة من العالم ولأزمان مختلفة من التاريخ نذكر ادناه بعضا منها :-  
- البوابة الاولى تدخلك الى تماثيل روما العريقة المدفونة تحت التراب منذ ازمان سحيقة ومحاولات اكتشافها والحفاظ عليها ومنها تماثيل ( حديقة العروس ) المكتشفة في مدينتي ( هيركيو لانيوم ) و ( بومبي ) الرومانية المدفونة تحت انقاض البركان منذ الاف السنين وقصة اختفاء هاتين المدينتين تشبه الى حد ما قصة مدينتي ( سدوم وعمورة ) التي وردت في الكتاب المقدس ...
- واما البوابة الثانية فتنقلك الى اثار الفراعنة المشهورة التي تشمل المعابد والاهرامات والمسلات التي تحكي عن تاريخ ملوك الفراعنة وديانتهم ومدافنهم وانتصاراتهم المذهلة وكل ما يخص حضارة وادي النيل العريقة وتلك الاعمدة الحجرية والكتابات والرسومات التي عليها وعملها المتقن وهندستها الدقيقة المحاطة بالسرية والطلاسم والكنوز والمجوهرات المدفونة لالاف السنين ...  
- واما البوابة الثالثة فتأخذك الى اثار ما بين النهرين مهد الحضارات حيث  الاثار المكتشفة في بابل ونينوى واسرارها المدفونة لأكثر من خمسة الاف سنة مضت ومحاولات الباحثين لأكتشاف وفك رموزها وقراءتها بجهود مجدية وصبر لا محدود لدراسة هذه الحضارة العريقة التي اغنت المتاحف الاوربية بكنوزها في شتى مجالات العلوم والفنون ...
- واما البوابة الرابعة فتأخذك بعيدا عن هذه المنطقة الى حيث العالم الجديد فحضارة ( مايا ) الاميركية وامبراطوريتها المكتشفة في خرائب المدن والمعابد التي لم يتطلع عليها الناس ، حيث الفنون المشوقة والرسوم المنحوتة بطريقة رومانتيكية والاقواس الحجرية والبنايات الكبيرة والمدن العظيمة ، هذه الاكتشافات التي دحضت اعتقاد الشعب الاميركي من ان السكان الاصليين هم اناس متوحشون نصف عراة وبدون حضارة وبدون علم او معرفة !!! وثبت انه في الوقت الذي كانت حضارة ( مايا ) منتعشة ومزدهرة وفيها فنانين ونحاتين ومعماريين ومبتكري التقويم الذي يعتمد على علم الفلك وحركة الاجرام السماوية ، هذا التقويم الذي يعتبر اكثر دقة من التقويم ( الكريكوري ) الذي نستعمله اليوم ، كانت اوروبا تعيش في العصور المظلمة !!! .
- واما البوابة الخامسة فتعيدك الى كنوز طروادة مدينة الشاعر ( هوميروس ) الغنية بالذهب والمجوهرات وقطع الاسلحة المختلفة ، هذه المدينة المسورة بسور عظيم مشيد من صخور ضخمة وذات شوارع واسعة وابراج عالية وابواب حصينة ، ومنها الى جزيرة كريت الجميلة وجبالها المغطاة بالثلوج وسهولها الواسعة وبساتينها النضرة وشعبها السعيد الذي يعيش في بيوت بسيطة ، هذه الجزيرة التي تتميز بصخورها المتراصة التي عليها كتابات غريبة وقصر الملك ( ميناس ) المشيد منذ الف وخمسمائة سنة قبل الميلاد ، هذا الملك الذي لم يكن يعتبر ملكا فحسب بل كان يعتبر اله متجسد على الارض ابن الاله ( ميمون ) ...
- واما البوابة السادسة فتقودك الى مخطوطات البحر الميت المكتوبة على الجرار المخبأ داخل كهوف جبل اليهودية الذي يشرف على البحر الميت والتي يزيد عمرها على الفي عام ، والتي تسمى ( برديات البحر الميت ) في المنطقة التي تسمى الان ( خربة قمران ) حيث كانت مستوطن للمتعبدين والزهاد المنعزلين عن العالم الذين كان يطلق عليهم ( الاسينيين ) الذين هجروا الحياة ومطاليبها وملذاتها ، وكانوا يأتمرون بأمر شخص واحد يطلق عليه ( المعلم الصالح ) ...
- واما البوابة السابعة فتنحدر بك جنوبا الى زمبابوي العظيمة في اقصى الجنوب الشرقي من افريقيا حيث الصحراء والرمال الكثيفة ولا شيء اخر في الوقت الحاضر، لتريك ما كان هناك في الماضي السحيق من البيوت الحجرية والقلاع والابراج والبنايات الكبيرة المبنية من الصخور الكرانيتية المثيرة والمدهشة ذات الشكل البيضوي والسقوف المخروطية والمداخل المقوسة ذات المدرجات الحجرية التي يعتقد انها نسخة من قصر الملك سليمان المشيد على جبل موريا جنوب فلسطين !!! ...
- واما البوابة الثامنة فتعيدك الى شمال افريقيا الى حيث الصحراء الكبرى والصور المرسومة على الصخور التي يقدر عمرها بألاف السنين المرتبة بترتيب زمني متسلسل ، هذه الصور التي تقوم مقام الكتابة تماما والتي جعلت البعض يعتقد ان افريقيا هذه هي مهد البشرية ، حيث هناك اكتشفت متحجرات لجمجمة وساق لبقايا اقدم انسان يقدر عمرها بأكثر من مليون ونصف المليون سنة قبل انسان ( جاوا ) !!! ...
- والبوابة التاسعة تأخذك الى الشرق الى المدن المفقودة على نهر الاندوس في شبه القارة الهندية حيث معابد البوذيين القديمة على امتداد نهر الاندوس المبنية سنة 1500 ق م من الطابوق الاصفر بشكل مستطيل وشوارع مستقيمة متقاطعة بزوايا قائمة والمغطاة الان بطبقات سميكة من الطمى بسبب فيضان نهر الاندوس السنوي ، ومنها الى معابد بوذا في مدينة ( تانهوانك ) قرب منطقة ( كانسوا ) التي كانت قبل اكثر من الف واربعمائة عام حيث الكهوف المنحوتة في الجبل والتماثيل القديمة لبوذا مع الخيول والالات الموسيقية وصور التنين الراقد ...
- واما البوابة العاشرة فتعيدك مرة اخرى الى ماضى العالم الجديد وكيف وصل الانسان القديم اليها برا عبر سيبيريا والاسكا ولماذا اتجه جنوبا الى الاميركيتين ملتحقا بقطعان الغرلان والحيوانات الاخرى التي كانت تبحث عن غذائها بعد ذوبان الثلوج وظهور الاعشاب الذي حصل منذ ازمان سحيقة ، هذه الرحلة الطويلة للانسان والحيوان معا التي استغرقت مئات الالاف من السنين ادت الى ان يصل الانسان الى هذه المنطقة ويستقر فيها ويؤسس فيها حضارات عدة مثل حضارة مايا وانكان وازتك وغيرها ...
- واما البوابة الاخيرة فتأخذك الى جنوب هذا العالم الجديد ، الى جزيرة ( استر ) التي تقع في اقصى الجنوب من قارة امريكا الجنوبية بالقرب من مضيق ( ماجلان ) ، هذه الجزيرة التي لها اسماء كثيرة وعديدة ولكنها سميت بهذا الاسم لأنها اكتشفت يوم عيد القيامة سنة 1722 م ، فتماثيلها العملاقة الهائلة المختلفة في حجومها والمتشابهة في تكوينها ونحتها ومادتها ، هذه الجزيرة الغنية بكنوزها واسرارها واثارها الغريبة الغامضة المنحوتة من الصخور الكبيرة والاهرامات الناقصة والابنية المثيرة ...
هذه كانت بعض البوابات التي اوردها الكاتب الاستاذ ( سالم عيسى تولا ) في كتابه الاخير ( بوابة التاريخ ) التي حاول فيها اعادة صفحات الماضي التي يجب ان لا تنسى ابدا ، انها فعلا بوابات كثيرة او لنقل مداخل كبيرة لكل من يحب ان يعرف التاريخ ...
مع تمنياتنا لأستاذنا الفاضل ( سالم عيسى تولا ) بالصحة والتوفيق والعمر المديد والعطاء الدائم .              

75
الاخوة والاخوات ابناء الاستاذ المرحوم نوئيل قيا بلو الاعزاء
زوجة المرحوم وكافة اخوانه واخواته وجميع افراد العائلة وذويهم الكرام

ببالغ الحزن والاسى تلقينا خبر وفاة استاذنا الفاضل الذي عرفناه منذ ان كنا اطفالا في مدرسة القوش الابتدائية للبنين وهو الاستاذ المجد والمربي الفاضل والكاتب المثابر الذي كان يبحث عن كل ما هو مفيد ليدونه بقلمه المعطاء ..
وهنا لايسعني الا ان اتذكر اخر لقاء لي معه هنا في مشيكن عندما طرقنا باب شقته انا واحد اقربائي الذي كان يسكن بجواره لنسلم عليه فوجدناه منهمكا بالكتابة ، ولما سألناه عما يكتب اجاب انه موضوع عن الحب ، وبادرنا فورا بالسؤال :- هل تعرفون كم نوع هو الحب ؟ او كم نوع هناك من الحب ؟
وقبل ان نجيب بدأ يقلب اوراقه الكثيرة ليعدد لنا تسعة انواع من الحب !!!
انه كان فعلا انسانا محبا ، يحب الحياة ويحب عائلته ومجتمعه والناس جميعا ، ويحب وطنه وكان مغرما بحب مدينته القوش وتراثها وتاريخها وكل ما فيها ..
وبهذه المناسبة الاليمة لا يسعنا الا ان نقول الذكر الطيب للانسان الطيب ..
تعازينا القلبية الحارة لجميع افراد العائلة ونطلب لهم الصبر والسلوان وان تكون اخر الاحزان ، وللفقيد الراحل الراحة الابدية وملكوت السماوات .

            وحيد كوريال ياقو والعائلة
                      مشيكن 
   

76
   
انهم يريدون تحويل كوردستان الى تورابورا
وحيد كوريال ياقو
7 كانون الاول – 2011

كوردستان التي عرفناها عن قرب بجبالها الشماء وقممها المرتفعة نحو السماء  عاليا ووديانها المنخفضة نحو قراها الصغيرة الجميلة وسهولها المنبسطة امام مدنها الكبيرة التي تمتاز بتنوعها السكاني اكثر من تنوعها الجغرافي ، انما كانت ارض الأخاء والمحبة والوئام ، وبلد الكفاح والنضال وموطن الاحرار وكل الساعين الى الحياة الحرة الكريمة ، ومنهم هؤلاء المناضلين الاشداء الذين قالوا ( كوردستان يان نه مان ) ، هؤلاء الرجال الذين ناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس الى ان تمكنوا وخلال اقل من نصف قرن ان يحولوا تلك الجبال النائية المهملة الى كوردستان اليوم ، كوردستان التي نالت اعجاب العالم اجمع كنموذج فريد للتقدم والتطور والتحضر ، كوردستان التي  اصبحت بلاد الامن والامان والاستقرار ورمز السلام والتعايش السلمي بين ابناء مختلف المكونات والقوميات والاديان التي تعيش على ارضها ..
الكل يعرف كيف كانت كوردستان منذ منتصف القرن الماضي موطنا للثوار والاحرار وكل الساعين الى الحياة الحرة الكريمة ، والكل يعلم كيف اصبحت كوردستان بعد تسعينيات القرن الماضي ملاذا امنا ليس فقط للاكراد بل لكل المظلومين والمضطهدين من قبل النظام السابق في العراق ، ولا يخفي على احد ما قدمه اقليم كوردستان للعراق اثناء تغيير ذلك النظام الظالم في 2003 ، واما بعد ذلك فالكل يشهد ويعترف كيف اصبح هذا الاقليم منبرا حرا وملاذا امنا لكل ابناء الشعب العراقي وخاصة ابناء المكونات الصغيرة ومنهم ابناء شعبنا عندما تعرضوا الى القتل والتهديد والتهجير من قبل الارهاب والتطرف والجهات التي يسمونها مجهولة في كافة المدن العراقية وخاصة بغداد والموصل والبصرة ، فكانت كوردستان قبلتهم وحاضنتهم مثلما كانت قبلة المناضلين والاحرار من قبل ..
ولكن ها هي كوردستان اليوم تتعرض هي الاخرى الى هجمات الظلاميين والمتخلفين من نفس تلك الجهات المجهولة التي لم يكن احدا يتوقع ان تصل يوما الى كوردستان العراق ..
فالأحداث التي حصلت في زاخو ودهوك وامتدت الى مناطق اخرى من اقليم كوردستان في الثاني والثالث وما تلتها من ايام هذا الشهر التي كانت في ظاهرها حرق بعض محال الخمور والمساج ولكن في باطنها كان اكثر من ذلك بكثير ، فهي انما هي حرق لكل ما يمت بصلة الى الحياة المعاصرة والى التطور والتقدم والتحضر ، وان مؤشراتها واضحة ومقاصدها تدل على رغبة هؤلاء المتطرفين الذين استطاعوا غسل عقول هؤلاء الشباب اليافعين بهذه الافكار المتخلفة وتمكنوا من تحريضهم للقيام بهذه الاعمال التخريبية ، فهم بذلك انما يريدون تحويل جبال كوردستان الزاهية الجميلة لتصبح مثل جبال تورابورا المظلمة ..
انها فعلا احداث غريبة ومفاجئة تثير الدهشة والاستغراب لأنها لم تكن متوقعة ان تحصل في كوردستان اليوم ، لأنها معاكسة تماما للنهج الذي ناضل من اجله اباء هؤلاء الشباب المخدوع بهم وهي ايضا ضد مسار التمدن والتحضر الذي يسير عليه الاقليم في الوقت الحاضر ، ولا تخدم الكورد ابدا ولا القضية الكوردية اطلاقا ، في الوقت الذي تعتبر هذه الاحداث سابقة خطيرة في تاريخ اقليم كوردستان وانذار لحكومة الاقليم وتنبيه لكافة سكان الاقليم لكي يستفيقوا ويدركوا مدى خطورة الامر ، ولكي يعرفوا ان ما حصل لم يكن بالامر الاعتباطي الذي يحلو للبعض ان يصفه هكذا ، حيث ان كل المؤشرات تدل وتؤكد ان هذه الاحداث كانت مدبرة مسبقا ومخطط لها من قبل وورائها جهات متطرفة محلية وغير محلية تسعى الى تدمير كل ما يشهده الاقليم من تطور وتحضر وتقدم ، وهي تهدف الى اعادة الاقليم الى ايام الجهل والظلام والتخلف اسوة بما تدعو اليه تلك الجهات المجهولة في مناطق اخرى من العراق والمنطقة ، انهم فعلا يريدون تحويل كوردستان الى تورابورا .
ومن ناحية اخرى ان هذه الاحداث انما تشير الى وجود خلل كبير في ادارة الاقليم وتدل على وجود ثغرات واسعة في مؤسساته المدنية واجهزته الحكومية ، حيث ان ما ادهشنا من خلال متابعة الاحداث كان عدم تواجد قوات الامن والشرطة او الجيش ، وما ادهشنا اكثر كان بطء تحرك هذه القوات وضعف ادائها بعد الاحداث ، انها حالة تثير القلق لا بد من الانتباه اليها ولا بد من معالجتها قبل كل شيء وقبل فوات الاوان ...
فعلى حكومة اقليم كوردستان ان لا تدع هذه الاحداث تمر كما مرت بقية الاحداث التي حصلت في مناطق اخرى من العراق بحق ابناء الاقليات ، فلا بد من اجراء رادع وسريع ، ولا بد من محاسبة كل من يقف وراء تحريض هؤلاء الشباب المغرور بهم  لكي لا تتكرر هذه الاعمال التخريبية مرة اخرى ، ولا بد من وضع حد لكل من يحاول غسل عقول الناس بهذه الافكار المتخلفة لكي لا ينخدعوا بهم ، ولكي يسود القانون في الاقليم ويعم الامن والاستقرار والاطمئنان من جديد لتستمر حالة التطور والتقدم والتحضر ولكي يبقى الاقليم فعلا نموذجا فريدا في المنطقة كلها ...
املنا ان ستتخذ حكومة اقليم كوردستان خطوات جدية وفعالة وسريعة لمعالجة الموضوع  وحل هذه المعضلة ، وان تقوم بحماية حقوق ابناء كافة المكونات التي تعيش في الاقليم وضمان حرياتهم ، وان لا تحذو حذوة الحكومة العراقية في معالجة هذا الموضوع .
الايام القليلة القادمة حتما ستكشف الكثير ولكن ما نتمناه ان يبقى الاقليم رمزا للسلام والمحبة والاخاء ونموذجا للامن والامان والرخاء وموطنا لكل من يريد الحياة الحرة الكريمة التي ناضل من اجلها كل من ناضل في كوردستان العراق منذ اكثر من نصف قرن لكي لا تتحول جبال كوردستان الجميلة الزاهية الى جبال تورابورا المظلمة .  
               

77
لماذا يشعر ابناء شعبنا بالغربة وهم في وطنهم الام العراق ؟

وحيد كوريال ياقو
تشرين ثان – 2011

في مقال سابق حول هذا الموضوع وتحت عنوان ( لماذا يفضل ابناء شعبنا الاغتراب على العيش في وطنهم الام العراق ؟ ) ذكرنا تعريفا بسيطا للغربة على انها ظاهرة اجتماعية او حالة نفسية يشعر بها الانسان عندما يعيش بعيدا عن المكان الذي ولد او تربى فيه ، او بعيدا عن المجتمع الذي عاش معه ، وبتعبير اخر عندما يصبح الانسان في غير المكان الذي اعتاد عليه او المجتمع الذي تعود عليه ، فتتولد لديه معاناة بسبب هذا البعد او الفرق الذي يكون عادة بسبب الهجرة ( بأستثناء حالات خاصة او معينة يشعر بها الانسان بالغربة وهو في وطنه الام من دون ان يهاجر ) ...
ونحن الان في هذا المقال بصدد هذه الحالات الخاصة التي يشعر فيها الانسان بالغربة وهو في وطنه الام والتي تكون عادة هي السبب الرئيسي للهجرة والابتعاد عن الوطن ، وعادة يقال ان الغربة التي تأتي من الهجرة والابتعاد هي مرة وقاسية وصعبة ، ولكننا  هنا نستطيع ان نقول ان الغربة التي تأتي من غير الهجرة لهي امر واقسى واصعب وان الشعور بهذا النوع من الغربة هو اخطر بكثير من النوع الاول ...
ولهذا فأننا في هذا المقال الذي هو بالحقيقة مكمل للمقال السابق سنتناول هذا النوع من الغربة لأننا نعتقد ان هذا النوع من الشعور بالغربة هو الذي حصل وما زال يحصل لأبناء شعبنا في العراق وهذا كان السبب الرئيسي لهجرتهم من العراق ..
واما ما جعلني اكتب او اتطرق الى هذا الموضوع هو بالحقيقة بعض الردود والتعليقات التي وردت على المقال السابق عند نشره في بعض المواقع التي تسمح بالرد والتعليق ومنها على سبيل المثال تعليق السيد ( فؤاد زاديكة ) صاحب الموقع الذي بأسمه وهو طبعا يعيش في الغربة حيث قال ( ... أن اصبحنا غرباء في دول اخرى فهذا اهون من ان نعيش غرباء في اوطاننا ... ) وهي اشارة واضحة الى ان الشعور بالغربة في الوطن الام امر من الغرب في الخارج ، وبودي ايضا ان اشير الى ما ذكره احد الاخوة من الكتاب الكورد في مقال له في هذا الصدد وهو يتحدث عن فئة مهمشة من المجتمع الكردي من الذين عملوا وناضلوا وضحوا بالغالي والنفيس من اجل القضية الكردية الى ان اوصلوها الى ما هي عليه الان ، ولكنهم الان مهمشون ويشعرون بالغربة وهم في وطنهم حيث يقول ( ان تكون بوطن ليس بوطنك او داخل منظومة غريبة عنك ، فمن الطبيعي ان تشعر بالاغتراب ، ولكن ان تكون في وطنك وداخل منظومة سعيت بكل جهد لبلورة شكلها النهائي ، وعلاوة على ذلك تشعر بالاغتراب ، فهذا ما ليس بالطبيعي ... ) ( ئارام باله ته ى .. ماجستير في القانون .. مقال منشور في موقع عنكاوا كوم ) وهذا تأكيد اخر على ان الغربة في الوطن الام اقسى واصعب من الغربة في الخارج .
هذا طبعا بالاضافة الى ما نسمعه كل يوم من قصص وحكايات لا تعد ولا تحصى لمعاناة ابناء شعبنا في العراق فهي كلها تؤكد ان الشعور بالغربة في الوطن اخطر من الغربة في المهجر ..
ولأعطاء ارضية لهذا الموضوع لابد مرة اخرى ان نرجع الى التاريخ ، فهو خير شاهد على ذلك ، فنظرة خاطفة على تاريخ العراق سواء القديم الغير البعيد او الحديث القريب والى التاريخ المعاصر وما تعرض اليه ابناء هذا الشعب خلال كل تلك الحقبات من ظلم واعتداء وسوء معاملة وعدم اعتبارهم مواطنين اصلاء في هذا البلد ، فهي تكفي لأثبات او لبيان لماذا يشعر ابناء هذا الشعب بالغربة وهم في بلدهم الام العراق  .. 
فمنذ سقوط بابل ونينوى وبعد اعتناق ابناء هذا الشعب المسيحية فقد تعرضوا الى شتى انواع الظلم والاضطهاد التي جعلتهم يشعرون بالغربة وعدم الاطمئنام وهم في وطنهم والتي لا داعي لسردها او الدخول في تفاصيلها ولكن فقط للتذكير لا بد من الاشار الى بعضها  كمجازر الفرس المستمرة في القرون الاولى للمسيحية ومن بعدها ما حصل اثناء الفتوحات الاسلامية ومن ثم مجازر العهد العثماني وبدرخان والامير الاعور وغيرها كثيرة وهي كلها مدونة في كتب التاريخ ..
ولكي لا نبقى دائما اسرى للتاريخ القديم ، فلا بد ان نأخذ الواقع الحالي ولكن لا بأس ان نشير الى الماضي القريب لاثبات ما نريد ان نقوله في هذا الصدد ...
ففيما يخص الماضي القريب الذي كان فيه معظم ابناء شعبنا يعيشون في قرى متناثرة في شمال العراق ، ولكي نبتعد عن الاستنتاج او الاعتماد على المصادر المحلية وخاصة المكتوبة من قبل ابناء شعبنا وهي حتما صادقة ولا نشك فيها ولكن بودي ان اشير الى كتاب وقع بين ايدينا مؤخرا ، احداثه في منتصف القرن التاسع عشر ، مؤلفه ليس من ابناء شعبنا ولم يكن هدفه تدوين معاناة ابناء شعبنا ولكنه شاهد عيان زار المنطقة ودون بكل دقة كل ما شاهده بأم عينه ، حيث ان الكاتب يهودي روماني كان يبحث عن ابناء قومه اليهود الضائعين في الشرق ليدون مظالمهم ومعاناتهم ومأساتهم ، ولكن القاريء يستطيع ان يجد فيما بين السطور وهي واضحة تماما ان حال ابناء شعبنا لم يكن بأحسن من حال هؤلاء اليهود ، هذا بالاضافة الى انه يذكر ايضا ان ما يصيب ابناء قومه هو نفسه ما يصيب المسيحيين ( النساطرة ) الذين كانوا يعيشون مثل اليهود في قرى متناثرة في شمال العراق ، فمن جملة ما يذكره ان هؤلاء كانوا يعيشون تحت حماية رئيس العشيرة ( الاغا ) ويعتبرون ملكا خاصا له ، وكان للاغا سلطة مطلقة على الجميع ، وحماية الاغا هذه كان لها مقابل ، فمن الناحية المعنوية كانت الطاعة والخضوع الى درجة الخنوع احيانا ، واما من الناحية المادية فقد كانت مكلفة ايضا حيث كان يتطلب اداء الكثير من الاعمال للاغا في مختلف مواسم السنة بالمجان وكذلك كان يتطلب دفع بعض المبالغ احيانا ، ويسرد تفاصيل لأعمال معيبة ومشينة لا داعي لذكرها هنا .. 
( كتاب رحلة بنيامين الثاني لمؤلفه اليهودي الروماني جوزف اسرائيل بنيامين ، رحلة الى الشرق 1845 – 1850 ، ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا ، مشيكن اواخر 2010 ، الفصل الثالث عشر  صفحة 160 ) ..
واما فيما يخص ابناء شعبنا الذين كانوا يعيشون في المدن الكبيرة في تلك الفترة مثل بغداد والموصل وبلدات سهل نينوى الكبيرة نسبيا ، فلا اعتقد ان حالهم كان بأفضل من حال الذين كانوا يعيشون في القرى الصغيرة حيث لم يكن وضعهم العام يختلف كثيرا من هذه الناحية في تلك الفترة .
واما بعد تكوين الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي ، وهذا هو الاهم طبعا حيث ظهور مفهوم الوطن والمواطنة والمساوات لجميع ابناء الشعب من دون تمييز او تفريق على اساس الدين او العرق او المذهب او ما الى ذلك ، نستطيع ان نقول بصورة عامة انه لم يحصل اي تحسن ملموس في هذا الجانب ، لا بل العكس صحيح حيث انه في بعض الاوقات اصبح الحال اسوء من ذي قبل وخاصة بالنسبة للذين كانوا يعيشون في القرى والارياف ، وقد تفاقم الوضع اكثر وخاصة بعد منتصف القرن الماضي بعد اضطرار معظم ابناء شعبنا النزوح الى المدن الكبيرة وهذا ما جعلهم يشعرون بالغربة اولا وهم في بلدهم الام العراق ...
ولتوضيح ذلك وبأختصار شديد لا بد من تقسيم هذه الفترة الى ثلاث مراحل تاريخية مختلفة من تاريخ العراق الحديث :-
1 – مرحلة العهد الملكي :-
( منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والى منتصف القرن العشرين )
في هذه المرحلة كان معظم ابناء شعبنا ما زالوا يعيشون في قراهم ومناطقهم التاريخية في شمال العراق ، وقد استمرت احوال هؤلاء على ما كانت عليها قبل تكوين الدولة العراقية بسبب عدم قدرة الدولة على فرض سلطتها على تلك المناطق في تلك المرحلة المبكرة ، فبقيت سلطة رئيس العشيرة ( الاغا ) هي السلطة الفعلية فيما يخص الحياة اليومية والاحوال العامة لابناء شعبنا ..
واما الذين كانوا يعيشون في المدن الكبيرة فنستطيع ان نقول انه بتفانيهم في العمل واخلاصهم للوطن فقد استطاعوا الى حد ما ان يلفتوا انظار الجهات الرسمية الى وجودهم كشريحة من المجتمع العراقي ، فأتيحت بعض الفرص لبعضهم الا انها كانت محدودة جدا ومقتصرة جدا وعلى بعض المستويات الخاصة وليس على المستوى العام .
واما فيما يخص الشأن القومي والموقف الرسمي للحكومة العراقية الحديثة ، فيكفي فقط ان نشير الى مجزرة ( سميل ) سنة 1933 فهي خير دليل على الموقف الرسمي للحكومة من قضية ابناء شعبنا ..

2 – مرحلة النظام السابق :-
( منذ استيلاء النظام السابق على السلطة سنة 1963 والى سقوطه سنة 2003 ) 
هذا النظام الذي اطاح بالثورة التي غيرت النظام الملكي المفروض على العراق من قبل بريطانيا الى نظام جمهوري ، ابتدأ منذ اللحظة الاولى بأراقة دماء ابناء الشعب في الشوارع والساحات العامة ، هذا النظام الذي لا احد يستطيع ان يعد او يحصى جرائمه التي ارتكبها ضد الشعب العراقي ، ولا احد يستطيع ان يصف تماما ما فعل بالعراق والعراقيين الى ان اوصل العراق الى ما هو عليه الان بسبب سياسته القمعية وحروبه الداخلية والخارجية ، ولكننا نستطيع ان نقول انه كان عادلا في توزيع الظلم على كافة ابناء الشعب العراقي الذين لم يأمنوا بمباديء حزبه ولم يشاركوا في ( ثورته ) ولم يسيروا بحسب اهوائه من دون تمييز او تفريق على اساس الدين او العرق او المذهب ، فكل من يخالفه الرأي فهو خائن وكل من هو على غير منهجه فهو عدو الوطن والثورة وعميل للاجنبي ولا يستحق الحياة ويجب ان يموت لا محال ، ومنهم طبعا الكثير الكثير من ابناء شعبنا ، فسواء الذين عارضوه وناضلوا ضده في احزاب وطنية معارضة له وكانوا مثالا للنضال والوطنية والتضحية ، او الذين رفضوه ونبذوه وارادوا الابتعاد عنه وعن شروره  مضحين بكل ما يملكون وما لا يملكون من اجل كرامتهم وحريتهم وهويتهم التي حاول الغائها وخاصة عندما خيرهم اما ان يكونوا عربا او اكرادا ، 
وما كانت هجرتهم الى الخارج اِلا اكبر ( لا ) بوجه ذلك النظام في تلك الايام التي لم يكن احدا يستطيع ان يقول ( لا ) ..
ومن ناحية اخرى لا بد ان نشير الى ان باكورة انجازات ( ثورة ) هذا النظام فيما يخص ابناء شعبنا على المستوى الرسمي كانت مجزرة قرية ( صوريا ) الشهيدة سنة 1969 التي راح ضحيتها الكثير من ابناء شعبنا المسالمين لا لسبب سوى كونهم مسيحيين .
3 – مرحلة اللانظام الحالي :-
( بعد زوال النظام السابق سنة 2003 والى يومنا هذا )
اما بعد زوال النظام السابق فقد كان متوقعا ان ينال كل ابناء الشعب العراقي بعضا من حقوقهم المسلوبة دائما وابدا ، ومنهم طبعا ابناء شعبنا كمواطنين اصلاء في البلد ، ولكن ما حصل ان ابناء الشعب العراقي كافة وجدوا انفسهم من حيث لا يدرون في خضم صراع طائفي واقتتال مذهبي من اجل السلطة ومن اجل الحفاظ على المصالح الضيقة الطائفية والمذهبية وحتى الحزبية والعشائرية والى العائلية من دون اي مراعات للمصالح الوطنية العامة ، وهكذا فقد الشعب العراقي عامة بالاضافة الى حقوقه المسلوبة دائما وابدا ، الأمن والأمان والاستقرار وكل انواع الخدمات ايضا ..
واما فيما يخص ابناء شعبنا فبالاضافة الى هذا كله فقد حصلوا على اوامر تهديد بالقتل والتهجير في كافة المدن الكبيرة التي كانوا يتواجدون فيها مثل بغداد والبصرة والموصل من قبل جهات يقال انها مجهولة ولكنها بالحقيقة معروفة ومعلومة وخططتها مدروسة بدقة ، وهذا ما دعاهم الى الهروب من هذه المدن والهجرة ثانية الى مناطق تواجدهم التاريخية في شمال العراق التي هاجروها قبل ما يقارب النصف قرن حيث وجدوا ان الكثير من الامور قد تغيرت هناك وهكذا كان الاختيار للكثير منهم هو الهجرة الى الخارج بعد ان تأكدوا ان ما سيحصلون عليه من الحكومة العراقية الجديدة سوف لن يكون افضل مما حصلوا عليه من الحكومات السابقة وما يحصلون عليه الان من الجهات المجهولة ، وسوف لن يكون اكثر من التمييز والتهميش وطمس الهوية وعدم المساوات ، هذا بالاضافة الى فقدان الامن والامان التي راح بسببها الكثير من ابناء شعبنا وزائدا المعاناة الكثيرة التي يعاني منها كل ابناء الشعب العراقي بسبب قلة الخدمات وعدم توفير المستلزمات الاساسية للحياة اليومية وخاصة الماء والكهرباء والغذاء غيرها  ...
وختاما نقول انه ليس من السهل على الانسان ان يعيش في وطن لا يشعر فيه بالامن والاستقرار ، او ان يعيش في وطن لا يوجد فيه من يحميه اومن يحفظ له كرامته ويضمن له حقه في الحياة الحرة الكريمة ولا حتى من يعتبره مواطن  ..
انه حتما يشعر انه غريب بالرغم من انه في وطنه الام ...
اليس هذا هو ما يجعل ابناء شعبنا يشعرون بالغربة وهم في بلدهم الام العراق ؟؟؟ .
انه مجرد رأي وليس سؤال للاجابة لأن الاجابة واضحة من دون ادنى شك .       

78
واخيرا القذافي زعيم الزعماء وملك ملوك افريقيا هو " النِكست " الجديد 

وحيد كوريال ياقو
اواخر اب – 2011   

منذ ان تعلمنا القراءة والكتابة عرفنا ان ليبيا هي الكلمة التي سواء كتبتها من اليمين الى اليسار او من اليسار الى اليمين فهي تبقى نفسها لا تتغير ولا تتبدل ولا تختلف ..
وبعد ان درسنا الجغرافيا تعلمنا ان ليبيا هي من اكبر بلدان المغرب العربي مساحة في شمال افريقيا ولها ساحل طويل على البحر الابيض المتوسط مقابل القارة الاوربية وقريب منها ، وكان معلم الجغرافيا يقول لنا ان هذه الميزة جيدة جدا ، وستستفاد منها ليبيا كثيرا في المستقبل حيث ان القرب من اوربا هذه القارة المتطورة والمتحضرة ستلقي بظلالها على ليبيا بسهولة وخاصة ان ليبيا فيها الكثير من الموارد الطبيعية وبالأخص النفط ، وهذا ما سيجعل ليبيا تتطور اكثر وتتقدم اسرع بسبب هذا القرب لسهولة الوصول اليها ، وان هذه الصفة لا تتوفر لدى بلدان كثيرة مثل العراق ودول الخليج وكذلك دول جنوب وشرق اسيا البعيدة جدا عن اوربا حيث يستغرق الوصول اليها ايام واسابيع وشهور ، ولهذا فمن الممكن ان تصبح ليبيا قريبا مثل دول اوربا المتطورة !!! ، كان ذلك قبل اكثر من اربعين عاما ..
واما معلم التاريخ فقد كان يقول لنا ان ليبيا هي بلد المناضلين الاشداء امثال ( عمر المختار ) صاحب المقولة الشهيرة ( نحن ننتصر او نموت ) وغيره من المناضلين الذين ناضلوا وكافحوا من اجل ليبيا الى ان نالت استقلالها ، وكان ذلك ايضا قبل اكثر من اربعين عاما  ..
واما بعد ذلك فلست ادري كيف ان ليبيا هذه الكلمة التي لا تتغير ولا تتبدل قد تحولت في غفلة من الزمن الى ( الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ) ؟ وهل كان ذلك بقدرة قادر ، ام بمكر ماكر محتال ومجنون أرعن استهتر بالقيم والاخلاق واستهزأ بالمباديء ، فخان ملكه اولا وانقلب عليه واستطاع بعد ذلك ان يحول ليبيا الى ملك صرف له ولأولاده ليتوارثوها من بعده ؟ ..
هذا المجنون الذي أفسد كل شيء في ليبيا واصبح رمزا للاستعلاء والرعونة والاستهتار ، فأعتبر نفسه القائد الاعلى والفاتح الاول وزعيم الزعماء وملك الملوك وغير ذلك من الالقاب التي اطلقها على نفسه بنفسه ، فأصبح بذلك مصدرا للسخرية ليس فقط في ليبيا وبقية الدول العربية بل في العالم اجمع ، فوصفوه واطلقوا عليه صفاة كثيرة منها مجنون ليبيا وعيل ليبيا وغيرها من الصفات التي تليق به ..
ولكن مهما يكن فقد استطاع هذا المجنون المحتال الذي درس في مدرسة ( العروبة الخاصة لصناعة الدكتاتوريات ) وتخرج منها بأمتياز بأطروحة في اسلوب تفجير الطائرات المدنية التي سبق فيها ( بن لادن ) ، استطاع ان يتسلط على رقاب ابناء ليبيا لأكثر من اربعة عقود طويلة من الزمن الصعب ، استطاع خلالها ان يحول اسم ليبيا الى هذه التسمية الطويلة التي لا مثيل لها في العالم ( الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ) بعد ان جرد ليبيا من مضامين كل هذه الاسماء ومدلولاتها الحقيقية ، فاصبحت ليبيا لا جماهيرية ولا شعبية ولا اشتراكية ولا عظمى ولا حتى دولة ولا دستور ولا مؤسسات ولا حقوق ولا حريات ولا هم يحزنون ، لا بل اراد ان يحولها الى ( المملكة القذافية ) تشبها او على غرار بقية الممالك العربية مثل المملكة السعودية والمملكة الهاشمية ومملكة ال صباح وال نهيان وغيرها من الممالك التي لم يعلن عن تسميتها الرسمية بعد ..
فأصبح بذلك من اكبر اثرياء العالم واكثرهم بطشا وطغيانا ولكن ثمن ذلك كان باهضا جدا دفعه ابناء ليبيا مرغمين مضطرين وهم يعانون من الظلم والبطش والفقر والحرمان ، والحصيلة كانت جفاف ارض ليبيا حيث لم يبقى فيها شيئا اخضرا سوى ( الكتاب الاخضر ) الذي ألفه بنفسه واراد له ان يكون دستورا ليس فقط لليبيا بل للعالم ايضا ، فوضع فيه نظريته الخيالية المحفورة على رمال الصحراء المتحركة ، لملم فيها افكار الشرق والغرب واراد لها ان تكون بديلا عن النظرية الاقتصادية الماركسية والرأسمالية على حد سواء ، اي ان تصبح النظرية العالمية الثالثة في العالم وعلى مدى التاريخ ، والاكثر من هذا فقد قيل انه اراد لهذا الكتاب ان يكون بديلا عن ( القران ) ايضا حيث اعتقد انه سيغير به وجه الكون ومسار الشمس وحركة الكواكب والنجوم !!! .
وهكذا استطاع هذا المجنون ان يجعل ليبيا بعد اربعة عقود من الزمن ، بعيدة جدا عن اوربا القريبة منها جغرافيا وجعلها ابعد ما تكون عن تطورها وتحضرها وتقدمها التكنولوجي ، فأصبحت ليبيا ابعد عن اوربا حتى من ابعد بلدان شرق اسيا التي بينها وبين اوربا عشرات او مئات الالاف من الاميال بعكس ما كان يقول لنا معلم الجغرافيا قبل اكثر من اربعين سنة ...
كل هذا بفضل هذا المحتال المجنون الذي اسمه او لقبه ( القذافي ) نسبة الى جده الاعلى ( قذاف الدم ) ، هذا المحتال الذي أتى من عمق الصحراء واراد ان يصبح ملكا للادغال والرمال والبداوة ، فصنع لنفسه الخيمة الشهيرة التي نصبها أينما حل في عواصم العالم وفي ساحاتها العريقة وبجانب قصورها الفخمة وامام فنادقها الراقية ، هذه الخيمة التي تكدس عليها غبار الصحراء والبداوة والتخلف فتجمع حولها الذئاب المفترسة والثعالب الماكرة والافاعي المتلونة وكل انواع الحشرات الضارة ..
ولكنه لم يكن يعلم انه سيأتي يوما ستهب على خيمته هذه رياحا قوية تقلعها من اساسها وترميها الى مزابل التاريخ ولم يكن يعلم ايضا انه سيكون هناك ليلة ليلاء تهب فيها عواصف شديدة تقلع كتابه الاخضر المنصوب في كل ساحات ليبيا وتحوله الى ركام من حجر ،  ولم يكن يتوقع انه في يوم ما سيظهر  شباب الانترنيت والفيس بوك وبمجرد ان يعملوا ( كلك ) على ( الماوس ) سيفضحون كل اكاذيبه وادعاءاته التي كان يطلقها طيلة هذه العقود من خلال قنواته الفضائية والاعلامية التي كانت تنقل له ليل نهار خطاباته وادعاءاته وامجاده المزعومة ، ولم يكن يتصور ابدا انه في يوم ما سينتفض عليه وعلى غيره من الحكام المعمرين هؤلاء الشباب ويرفعون بوجهم شعارهم العتيد ( الشعب يريد اسقاط النظام ) ، ويقولون له ولأمثاله من الزعماء المدمنين على الحكم ( ارحل .. ارحل .. ارحل )  وعندها سيلتف حول هؤلاء الشباب كل ابناء الشعب ، فتنهار امبراطوريته الوهمية المبنية على الكذب والدجل فوق كثبان صحراء افريقيا ، وبذلك يسدلون الستار على عصر الجهل والظلم والطغيان ليشرق يوم جديد ويظهر عصر جديد ، عصر العلم والمعرفة والتكنولوجيا ، عصر الانترنيت والفيس بوك ، هذا العصر الذي فضح جهل هؤلاء الحكام وهدم جبروتهم وكسر قوتهم وبطشهم لينهي بذلك مرحلة الانظمة الشمولية الاستبدادية التسلطية التي نُصبت على رقاب الشعوب خلال القرن الماضي ، ليكون عصر من غير بطل تحرير ومن غير قائد ضرورة او زعيم ابدي او ملك ملوك ، هذا العصر الذي غيَر ملامح هؤلاء الحكام الطغاة المستبدين المدمنين على الحكم فاضطربت احوالهم وانقلبت اقوالهم رأسا على عقب ، فهؤلاء المتجبرون الذين كانوا الى حين يدعون انهم يصنعون التاريخ وانهم يمنحون الحياة للناس ويدعون أما هم او الفوضى واما هم او الارهاب واما هم او الدمار ، ها هم الان يتسارعون الى التنازل عن كل ما كانوا يدعون به وينادون بالاصلاح وتعديل الدستور والنظر في مطالب الناس واجراء الانتخابات ويؤكدون بعدم الترشيح لولاية ثانية ويقسمون انهم سيمنعون اولادهم من الترشيح ايضا  ، انهم يظهرون بمظهر الخراف الوديعة ولكن بعد فوات الاوان حيث ان الشعب قد قال كلمته وخير ما فعل ، فحذاري من هؤلاء الحكام المخادعين كلهم ، وحذاري من تصديق اقوالهم حيث انهم من افعالهم يعرفون ومن اموالهم ينكشفون، فهم ذئاب مفترسة وافاعي سامة وحرباء متلونة ، وعلى ابناء الشعوب العربية عدم تصديق اقوالهم الفارغة وادعاءاتهم الباطلة ، بل يجب دعم مساعي هؤلاء الشباب الثائرين ضدهم لقلعهم من جذورهم واساساتهم ، انه عصر تغيير الطغاة الذي بدأ بفارس الامة في بغداد العراق شرقي البلاد وفُتح الباب على مصراعيه في تونس في غربي البلاد ليشمل حكيم الامة وكبيرها في مصر في قلب البلاد والان جاء دور زعيم الامة وملك ملوكها الذي قال لابناء شعبه انهم ( جرذان ) و ( عملاء ) و ( ان لم تحبونني فلا تستحقون الحياة ) ، ثم بعد حين يصحى فيعود ويقول ( ان الشعب الليبي كله يحبني ومستعد للتضحية من اجلي ) !!! ، فها هو الشعب الليبي يثبت له هذا الحب ويبرهن له هذه التضحية ، وها هم  هؤلاء الشباب الثائرين في ليبيا الذين أبوا الا ان يكونوا عند حسن ظن معلمهم الاول ( عمر المختار ) وان يطبقوا مقولته ( نحن ننتصر او نموت ) فها هم  يقذفون بالقذافي الى مزابل التاريخ مكللا بعاره ومبجلا بأثمه وليثبتوا للعالم انه اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر .
 نتمنى للشعب الليبي الحرية والتقدم والتطور ، وان تعود ( الجمهورية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمة ) الى ليبيا الكلمة التي لا تتغير ولا تتبدل ، وان تبقى ليبيا الدولة الكبرى في المغرب العربي حرة ، وان تصبح ليبيا قريبة من اوربا لكي على الاقل لا نكذٌب ما قاله لنا معلم الجغرافيا قبل اكثر من اربعين عاما ..
والى ذلك سيبقى ابناء الشعوب العربية الاخرى يتساءلون ( هو اِز ذَ نِكست ) ؟ وسواء كان هذا ( النِكست ) من شرق البلاد او من غربها او حتى من جنوبها فهذا لا يهم ، المهم ان يكون هناك دائما ( نِكست )  ..
والى ان يأتي هذا ( النِكست ) الجديد الذي ننتظره بفارغ الصبر سيكون لنا كلام اخر ...

79
   
لماذا يفضل ابناء شعبنا الاغتراب على العيش في وطنهم الام العراق ؟
وحيد كوريال ياقو   
   ايار – 2011

ملاحظة :- ( كتبت هذا الموضوع قبل اكثر من سنة عندما استقبلت بعض الاقارب الذين هاجروا الوطن مؤخرا واصبحوا في المهجر بعد معانات كثيرة مفضلين الغربة على العيش في وطنهم الام ، وانشره الان بعد ان عرفت ان بعض الكتاب ممن كانوا يكتبون من العراق ومن دول جوار العراق قد اصبحوا الان في المهجر ايضا ..
نتمنى لجميعهم طيب الاقامة والاستقرار والاستمرار بالكتابة ... ) 

لطالما راودني هذا السؤال عندما كنت في وطني الام العراق في نهاية القرن الماضي , اي قبل ان اعرف الغربة او ان اصبح اعيش فيها , ولطالما كنت اقف حائرا محتارا امام هذا السؤال في تلك الايام التي كان النقاش يدور طويلا حول هذا الموضوع , فكلما نلتقي بصديق او قريب ونعلم برحيل او بنية رحيل ثالث لنا , كان الحديث يأخذ منا ساعات وساعات طويلة وكانت الاراء بطبيعة الحال تختلف وتتباين وتتناقض وتتقاطع احيانا كثيرة  وتصل الى حد الجدال في اكثر الاحيان من دون الوصول الى اية نتيجة او الاتفاق على اي شيء او الاجماع على اي رأي , حيث كانت النتيجة دائما وابدا ان الثالث هذا قد حزم امره واتخذ قراره وهاجر لا محال وفارق اهله واقربائه واحبائه ووطنه مفضلا الغربة والاغتراب عليهم ...
وهذا ما كنا في حينه نأسف له كثيرا ونحمل له هما كبيرا , ولكن مع تكرار الحالة وانتشارها بكثرة في ذلك الوقت واصبحنا نعيشها بشكل يومي فقد تعودنا عليها واخذنا على فراق حتى احب الناس الينا , ولكننا كنا نتساءل بحيرة واستغراب وقلوبنا ملؤها الحسرة والاكتئاب :- لماذا يفضل هذا العزيز الهجرة والاغتراب والعيش بعيدا عن الاهل والاصدقاء والاقرباء والوطن ويفضلها عليهم ؟!!! 
في ذلك الوقت الذي لم نكن نعرف عن الغربة سوى ما كنا قد قرأناه في الكتب والروايات من قصص الغربة والاغتراب التي كانت تصفها بالمرة او القاسية او الصعبة , وكذلك مما كنا نسمعه من حكايات وما يردنا من قصص ومعانات بعض الذين ذاقوا مرارتها من الذين هاجروا واغتربوا من قبل , وهذا ما كان يكفي لكي نعرف او نعتبر ان الغربة امر مهم او خطير وهي معانات يعيشها الانسان بسبب الهجرة او كنتيجة للهجرة حيث انها لا تأتي الا من الهجرة ( بأستثناء حالات خاصة او معينة يشعر فيها الانسان بالغربة وهو في وطنه من دون ان يهاجر او يفارق اهله او اقربائه او مجتمعه وهذا موضوع اخر ويحتاج الى مقال اخر ) ...
فالغربة بحسب ما يعرفها بعض الفلاسفة والمفكرين وبحسب ما وردت في بعض المصادر وبحسب ما قرأنا عنها مؤخرا في بعض المقالات لا مجال لذكرها الان , هي ظاهرة اجتماعية او حالة نفسية يشعر بها الانسان عندما يعيش بعيدا عن المكان الذي ولد فيه او تربى على تربته او بعيدا عن المجتمع الذي عاش معه او بينه , وبتعبير اخر عندما يصبح الانسان في غير المكان الذي اعتاد عليه او المجتمع الذي تعود عليه ...
ولا يخفي على احد ان ما يترتب على ذلك هو كثير وقد يفوق في كثير من الاحيان طاقة الانسان وخاصة الذي يجد نفسه بين ليلة وضحاها في الغربة وبالاخص اذا كان مجبرا عليها , فيشعر بهذا البعد ويحس بذلك الفرق ويلتمس تلك الاختلافات فتتولد لديه حالة من اليأس وعدم الاقتدار من التكيف او التأقلم في المكان الجديد وعدم الرغبة في العيش والانسجام مع المجتمع الجديد فيشعر بما يسمى الغربة او الاغتراب التي لا شك ان لها مخاطر كثيرة ومساويء عديدة بسبب تدهور علاقات الفرد الاجتماعية نتيجة عدم ارتباطه او انسجامه مع المجتمع الجديد مما قد يؤدي الى فقدان التوازن وبالتالي تدهور الحالة النفسية لديه فيشعر انه غريب عن كل ما من حوله وان كل ما يتوفر لديه لا قيمة له وان كل ما يتمتع به لا طعم له  ...
هذا طبعا من الناحية النظرية , واما من الناحية الفعلية او الواقعية فأن الامر قد لا يكون كذلك دائما بل قد يختلف عن ذلك في اكثر الاحيان لان الهجرة في الوقت الحاضر قد اصبحت حالة اعتيادية ومنتشرة لدى كل المجتمعات وتمارسها كل الشعوب وقد اعتاد عليها الناس كثيرا وخاصة عندما تكون طوعية او اختيارية اي ان يختارها الانسان من تلقاء نفسه من دون اكراه او اجبار ومن دون ان تفرض عليه فرضا سواء بشكل مباشر او غير مباشر ..
ولكن مهما يكن فأنه ليس من السهل على الانسان اي انسان مهما كان ان يعيش في وطن ليس بوطنه وان يتعامل مع مجتمع يختلف عن مجتمعه سواء استوعب ذلك ام لا , فلا بد وان يشعر بالغربة ولو بدرجة ما او لفترة ما ...
هذا بشكل عام واما فيما يخص ابناء شعبنا في العراق , فاذا ما رجعنا والقينا نظرة خاطفة على تاريخهم الحديث والاحداث التي مرت عليهم وخاصة بعد تكوين الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن الماضي اي بعد ظهور او تحديث مفهوم الوطن والمواطنة وضمان حقوق المواطنة لجميع ابناء الشعب من دون تمييز او تفريق بسبب الدين او العرق او المذهب او ما الى ذلك , وفيما يخص الموضوع الذي نحن بصدده فأننا سنلاحظ ان حالة الهجرة والاغتراب لم تكن غريبة على ابناء شعبنا , بل كانت الهجرة صفة ملازمة لهم , فهناك الكثير من حالات الهجرة الفردية الى اماكن بعيدة داخل العراق وخارجه والتي كانت لاسباب مختلفة ومتعددة منها اقتصادية او معاشية او لاسباب شخصية او خاصة او لطلب حياة افضل وخاصة ان الكثير من ابناء شعبنا  كانوا تواقين دائما للبحث عن الافضل والاحسن ..
ولكن بعد منتصف القرن العشرين فقد اتخذت الهجرة طابعا اخر عندما اضطر معظم ابناء شعبنا الى ترك قراهم ومدنهم في مناطق تواجدهم التاريخية في شمال العراق والتجأؤوا الى المدن الكبيرة وخاصة بغداد وقسم منهم الى الخارج وذلك بسبب الظروف الامنية والحياتية التي تدهورت كثيرا بعد نشوب الحركة الكردية التي لم يكونوا طرفا فيها ..
واما في نهاية القرن العشرين فقد استفحل الامر اكثر مع ازدياد موجات الهجرة الى الخارج التي ما زالت مستمرة وبتفاقم كبير وخطير وهي النزيف الذي يعاني منها شعبنا في الوقت الحاضر , واما اسبابها فهي معروفة وتكمن في تدهور الاوضاع الامنية في العراق وتردي الاوضاع الاقتصادية بسبب الحروب الكثيرة هذا من ناحية , وما يتعرض اليه ابناء شعبنا من ظلم واستبداد وعدم الاستقرار من ناحية اخرى   ..
وهذا ما دعاني الى ان اتذكر سؤالي القديم او ان اسأل نفسي من جديد :- لماذا يفضل ابناء شعبنا الاغتراب على العيش في وطنهم الام العراق ؟ فهل هذه الاسباب التي ذكرناها هي وحدها التي جعلت معظم ابناء شعبنا يفضلون الهجرة والاغتراب على العيش في وطنهم الام العراق ؟ ام هناك اسباب اخرى ؟ 
لا شك ان هذه الاسباب لهي كافية لاي انسان مهما كان في ان يفكر اكثر من مرة في الهجرة والاغتراب وترك الوطن او ارض الاباء والاجداد ...   
ولكننا نعتقد انه مع كل هذا الذي جرى وكل ما يجري الان وما يتوقع ان يجري في المستقبل فأن الكثير من ابناء شعبنا ما كانوا ليغادروا ارض الاباء والاجداد بل كانوا سيقاوموا كل هذه التحديات ويتحملوا كل تلك الصعوبات ويتمسكوا بأرض ابائهم واجدادهم ما لم يكن هناك اسباب اخرى اقوى من تلك الاسباب او فوق تلك الاسباب جعلتهم او بالاحرى اجبرتهم على التخلي عن قرارهم  في البقاء والتنازل عن التزامهم في الوجود .. 
فلو كان هناك مثلا في العراق من يحسب لهؤلاء حساب ولو كان هناك من يستمع لهؤلاء ولو كان هناك من يضمن لهم الحد الادنى من حقوق المواطنة او لو كان هناك على الاقل من يقيم اخلاصهم في عملهم ووفائهم لوطنهم  , لما ترك الكثير منهم وطنهم ولما فكر الكثير منهم بالهجرة والاغتراب , فما زاد الطين بله انه بالرغم من كل ما يعانونه هؤلاء من الظلم والاضطهاد والقتل والتهديد من قبل جهات عديدة لنقل انها مجهولة , فأن الجهات المعلومة اي الرسمية في الدولة والحكومة لا تحرك ساكنا تجاههم , لا بل تحاول هي الاخرى اقصائهم وتهميشهم واذلالهم واعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية لا حقوق لهم ، او اشعارهم بذلك .. 
وفي المقابل فهناك في الجهة الثانية ( في المهجر ) الكثير الكثير مما يطمح له ويسعى اليه هؤلاء البعض من ابناء شعبنا الساعين دائما الى التجدد والتطور والحياة الحرة الكريمة .. 
وهذا طبعا ما لم نكن نعرفه قبل ان نصبح في الغربة او قبل ان نتعرف على الانسان الذي في الغربة ونتعرف على قيمة هذا الانسان وما له من حق وحقوق محفوظة ومصانة من قبل القانون .. القانون الذي صنعه ذلك الانسان بنفسه ويطبقه من اجل نفسه ووضعه فوق كل شيء من اجل الحفاظ على انسانيته وكرامته وحقه في الحياة الحرة الكريمة .. 
وامام هذا لا بد وان نسأل اليس الانسان في العراق هو الذي اول من اوجد القانون واول من دون القانون واول من طبق القانون ومنه اخذ العالم كله هذا القانون ؟ ... 
فاين هذا من كل ما يعانيه ابناء العراق عامة وابناء شعبنا خاصة بسبب عدم وجود القانون ؟   
اليس هذا هو الذي يجعل ابناء شعبنا يفضلون الاغتراب على العيش في وطنهم الام العراق ؟! .   

80
           حوار حول " النكست " الجديد  

وحيد كوريال ياقو
  اذار – 2011  

حول الاحداث الدامية التي تجري هذه الايام في المنطقة العربية وما تقوم به الجماهير الشعبية من احتجاجات وانتفاضات عارمة مطالبة بتغيير انظمتها الشمولية الاستبدادية ورحيل حكامها الطغاة المدمنين على الحكم مدى الحياة ، هذه الاحداث التي اصبحت تتصدر نشرات الاخبار على مدار الساعة وعناوين الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية  واصبحت حديث الساعة لدى جميع الناس في جميع انحاء العالم ، حول هذه الاحداث جرى حوار عبر الهاتف بيني وبين احد اقربائي الذي كان قد قرأ مقالتي السابقة حول هذا الموضوع ( هو اِز ذَ نِكست ؟ ) من الاحق ؟ والتي كانت بالتحديد حول ثورة الشعب التونسي الذي استطاع من خلال انتفاضته الشعبية السلمية اجبار رئيس نظامه التخلي عن السلطة والهروب الى خارج البلاد وبذلك اشعل شرارة الثورات الشعبية في المنطقة ودشن بداية تغيير الحكام ، فأعقبه الشعب المصري الذي انتفض ايضا واستطاع اجبار رئس نظامه التنحي عن السلطة التي تربع عليها لأكثر من اربعة عقود ، وكان لنا مقالة حول هذا الموضوع ايضا بعنوان ( باركوا لمبارك هذا النكست الجديد ) ، وهذا ما جعل قريبي يسألني حال رفعه لسماعة الهاتف ( هو اِز ذَ نِكست ) ؟  
- فقلت :- ومن سيكون برأيك انت ؟
- اجاب :- قل انت الاول لأنك صاحب السؤال  
- فقلت له :- في الحقيقة هناك منافسة شديدة بين كل من ليبيا واليمن حول هذا " النكست " او للأتيان بهذا " النكست " الجديد ، ولكن من خلال متابعتي للموضوع وقراءتي لمجريات الامور اعتقد ان ( القذافي ) هو الذي سيكون " النكست " الجديد ..
- فقاطعني قريبي وقال :- ولماذا القذافي ؟
- فقلت :- لأن الكثير من المعطيات سواء الداخلية منها او الخارجية تشير الى ذلك ، فعلى الصعيد الداخلي فقد تفاقم الوضع في ليبيا كثيرا وقد تحولت المظاهرات السلمية من انتفاضة شعبية الى مواجهات عسكرية شملت معظم مدن ليبيا ، وقد سقطت ضحايا كثيرة مما يشير الى قرب النهاية التي ستكون اما بأختفاء القذافي او هروبه او رحيله حاله حال من سبقه في ذلك ، واما على الصعيد الخارجي فقد تسارعت الكثير من الدول الكبرى واعلنت عن موقفها الصريح والواضح الرافض لممارسات نظام القذاقي القمعية وابدت تعاطفها مع المعارضين له وضرورة الاستجابة لمطالبهم ، وكما اعلنت عزمها على حماية المتظاهرين من قمع النظام ، والطريف في الامر انه حتى جامعة الدول العربية التي لم نسمع في يوم من الايام انه كان لها موقف واضح وصريح تجاه مثل هذه الامور ، فقد كانت السباقة في اتخاذ موقف حازم وصارم ضد نظام الحكم في ليبيا واعلنت صراحة وقوفها مع المعارضين له ودعمهم  ومساندتهم ، والاكثر من هذا انها دعت الامم المتحدة للتدخل في الموضوع والاسراع في اتخاذ خطوات سريعة وملموسة لحماية هؤلاء المدنيين المتظاهرين ضد القذافي ..
- فقاطعني قريبي على الفور حيث انه على مايبدو لم يقتنع برأيي هذا وخاصة عندما تكلمت عن الجامعة العربية وقال :- نعم ، نعم هذا صحيح وانا ايضا اعرف ان كل هذا قد حصل ، ولكني ارى ان ( علي عبد الله صالح ) هو الذي سيكون " النكست " الجديد ..
- وقبل ان اسأله لماذا ؟
- قال :- ليس لأنه اسوأ من القذافي او ان القذافي افضل منه ، وليس لأنه ظلم شعبه اكثر من القذافي او اضطهده اكثر او جوعه اكثر ، وليس لأنه حكم اكثر من القذافي او غير ذلك من هذه الامور التي لا اعتقد ان قرار التغيير يتوقف عليها ..
- فقاطعته :- اذن على ماذا يتوقف قرار التغيير ؟
- فقال :- على الجانب الثاني الذي هو الشعب ومدى جاهزيته للتغيير !!!
- فقلت :- وماذا يختلف الجانب الثاني هذا في اليمن عنه في ليبيا ؟
- فأجاب :- كما تعلم ان الشعوب المغلوب على امرها هي نفسها في كل مكان ، ولكن الفرق هو ان الشعب اليمني او بعضا منه قد عارض نظام حكمه منذ مدة طويلة ووقف ضده وقطع شوطا في ذلك ، وان بعضا ممن عارضه قد نظم نفسه الى حد ما واطلع العالم على قضيته التي اثارها امام انظار الجميع فأصبح معروفا لدى العالم وجاهزيته لأستلام السلطة اصبحت اكثر من الشعب الليبي الذي لم تكن معارضته لنظام حكمه بالمستوى المطلوب بالرغم من ان فترة طغيان نظامه اطول وتماديه في القمع اكثر ، هذا طبعا فيما يخص الشأن الداخلي ، واما ما يخص الشأن الخارجي وهو الاهم طبعا فهو ايضا يوفر حظا اوفر لعلي عبد الله صالح ان يكون هو " النكست " الجديد ..
- فقلت وكيف ذلك ؟
- فقال :- ان مما لا شك فيه ان الدول الكبرى التي تسارعت واعلنت موقفها الرافض لممارسات القذافي القمعية لمعارضيه فهي انما تذرف دموع التماسيح على ابناء هذا الشعب المغلوب على امرهم ، ولكن في الحقيقة ان دموعها الحقيقية هي على مصالحها الخاصة في ليبيا ، وانني اعتقد ان لهذه الدول مصالح استراتيجية كبيرة وطويلة الامد في ليبيا اكثر بكثير مما لديها في اليمن ( المقصود هنا طبعا هو النفط ) وان هذه المصالح  مهمة ويجب ان تبقى في ايدي امينة ولهذا فأنها تحتاج الى وقت لترتيب ضمان بقائها بعد التغيير ..
- فقاطعته مرة ثانية :- ولكن الدول الكبرى الان بصدد اتخاذ خطوات جدية وفعلية ضد القذافي وخاصة دول الاتحاد الاوربي ( طبعا كان هذا الحوار قبل ان تبدأ هذه الدول  فعليا بفرض الحظر الجوي على ليبيا وتوجيه الضربات على القواعد العسكرية ) ..
- فقال :- ان هذه الخطوات هي فعلا جدية وان ما تسعى اليه هذه الدول سيتحقق لامحال ، ولكن نتائجها ستعتمد على الجانب الثاني كما قلت اي مدى استجابة الشعب لمطالب هذه الدول واستعداده لحماية مصالحها والحفاظ عليها وهذه سوف لن تكون اكثر مما يقدمه لها النظام الحاكم ، وهو الان مستعد ان يهب لها كل ما في ليبيا مقابل البقاء ، ولهذا فأن هذه الخطوات وكل الاجراءات التي ستتخذ سوف لن تكون اِلا لأضعاف قوة النظام بعض الشيء ولموازنة الصراع الدائر بينه وبين معارضيه لكي يدوم ويطول اكثر ، وهكذا سيتم عزل النظام عن المجتمع الدولي تماما كما حصل للنظام العراقي في تسعينيات القرن الماضي عندما فرضت الامم المتحدة الحصار الدولي عليه وكذلك فرضت منطقة الحظر الجوي ، فكانت النتيجة اضعاف النظام وتحديد قدرته القمعية وظهور اقليم كردستان في شمال العراق ، فالاجراءات التي ستتخذ في ليبيا لا تختلف كثيرا عن التي اتخذت في العراق ، وستكون نتائجها على الاكثر ظهور اقليم في الشرق وقد يتطور هذا الاقليم ليصبح ليبيا شرقية الى جانب ليبيا غربية كما كان هناك يمن جنوبي ويمن شمالي ، فأنني ارى ان هذه الدول سوف لن تتخلى بسرعة عن القذافي بسبب مصالحها الاستراتيجية في ليبيا وبالمقابل انها ستتخلى بسهولة عن حاكم اليمن وسوف لن تدعمه بأية طريقة ، فيصبح من دون قاعدة يقف عليها ولا ظهر يستند اليه مما يجعل ازاحته اسهل واسرع ولهذا فهو الذي سيكون " النكست " الجديد ...
ولكنني بطبيعة الحال لم اقتنع برأي قريبي مثلما لم يقتنع هو برأيي الى ان انهينا المكالمة بعد ان اتفقنا ان الايام القليلة القادمة حتما ستكشف عن هذا " النكست " الجديد وسيتبين من منا كان على صواب ؟  
ولكن مهما يكن ومهما كانت النتيجة فسواء كان قريبي على حق ام انا فهذا لا يهم ، ولكن المهم ان يكون هناك " نكست " جديد ، هذا " النكست " الذي تنتظره الملايين من ابناء المظلومين والمضطهدين والمحرومين ..
وسواء كان هذا " النكست " من ليبيا او من اليمن او من اي بلد اخر فهذا لا يهم ايضا ، ولكن المهم ان يكون هناك دائما " نكست " جديد ..
والى ان يأتي ذلك " النكست " الجديد الذي ننتظره بفارغ الصبر سيكون لنا كلام اخر .              

81

       قصص مثيرة من كتاب " رحلة بنيامين الثاني "  
                   ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا
                                  ( الجزء الخامس والاخير )


وحيد كوريال ياقو
اذار – 2011

في هذا الجزء الذي هو الاخير من سلسلة هذه القصص المثيرة المختارة من كتاب رحلة بنيامين الثاني سيكون عن رحلته الى بلدان شمال افريقيا ومدنها التي تقع على ساحل افريقيا الشمالي والتي دونها في كتابه الثاني حيث شملت كل من مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ، ومنها اخترنا بعض القصص المثيرة والعادات الغريبة لشعوب هذه المناطق ومنها :-

+ مدينة الاسكندرية المصرية وتخت المتزوجين :-
يقول المؤلف :-
بالرغم من وجود الكثير من العجايب المدهشة في مصر كالاهرامات مثلا ، الا انني لم اتطرق اليها حيث انها وصفت من قبل المؤرخين والجغرافيين والسواح العاديين بما فيه الكفاية ، ولكنني سأشير الى بعض العادات الخاصة ومنها هذه العادة في مدينة الاسكندرية ، هذه المدينة المعروفة لدى الجميع والمشهورة بالحركة التجارية النشطة التي تنمو وتزدهر ، والتي بناياتها على الطراز الاوربي وشوارعها عريضة واسواقها كثيرة وعامرة وحقولها الجميلة تحيط بالمدينة ...
ويقول :-
زرت في الاسكندرية احد بيوت اليهود الافارقة في يوم السبت ، وجدت في غرفة واسعة تخت ( سرير خشبي قليل الارتفاع ) مفروشا ، عليه غطاء واحد وواسع يغطي هذا التخت الكبير ، ينام عليه عدد من الرجال والنساء المتزوجين من نفس العائلة ، كل زوجين في زاوية من هذا التخت ، اي ثمانية اشخاص على هذا الفراش يتغطون جميعهم بغطاء واحد ، كذلك الاب والام والبنت وزوجها !!! .
سألتهم بأبتسامة :- هل هذا النظام من النوم شائع عندكم ؟
فأجابوا بالايجاب !!! .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة - 332) .
+ في تونس – حفلة شفاء امراض النساء بالاتحاد مع الشيطان !!!
في تونس سن الزواج للفتاة هو الثالثة عشر ، ان جميع النساء يعتقدن بالروح الشريرة والاشباح ويعتقدن ان سبب جميع الحوادث السيئة هو عدم ارضاء الشيطان ، فأذا تمرضت امرأة ولم تشفى خلال ثلاثة ايام فيقولون ان الشيطان قد عذبها ويقولون ان لا علاج لها الا باتحادها مع الشيطان ، تتحد مع الروح الشريرة بزواجها منه ! .
ولتنفيذ ذلك عليها ان تقوم بأداء احتفال غريب ، فالمريضة تدعو كل الاقارب والمعارف من النساء الى حفلة عشاء التي تتكون من سبعة انواع من الاطعمة ، تجلس النساء حول المائدة والمرأة المريضة تبقى في فراشها ، والموسيقيون يستمرون في اداء عملهم دون توقف بألات الطرب الصاخبة بأصوات عالية ، ومن الطريف ان جميع اعضاء الفرقة الموسيقية يجب ان يكونوا من العميان ، النساء يجلسن حول المائدة اكبرهن سنا تأخذ معلقة وسخة وكبيرة وتملأها بجميع انواع الاطعمة السبعة وترمى في المرحاض او البالوعة الموجودة في ساحة الدار ، هذه هي حصة الشيطان ، اما النساء فيلتهمن الطعام بشراهة .. وفي نهاية تناول الوجبة تبدأ النساء بالرقص والقفز وهن في اقصى درجات الانفعال والفرح ، وفي هذه الحالة يخلعن ملابسهن على مراحل ، ثم تؤخذ المريضة من فراشها وتسحب وتلحق مع الراقصات العاريات تماما اللواتي يدرن حول انفسهن على شكل دائرة مستمرة في الدوران ويجعلونها ترقص معهن بحالة جنونية مع الصياح والزعيق والغناء ، الى ان يسمع صوت عال جدا ، يعتقدون انه صوت الشيطان ، حينها الكل يسقطن على الارض وهن في حالة اجهاد وتعب شديدين ، فينحدرن حول انفسهن على الارض في حالة هستيرية ، في هذه اللحظة بالذات يعتقدن ان الشيطان قد اتحد مع المريضة ...
بعد هذا الاحتفال الجنوني على المريضة ان تشفى واذا لم تشفى فأن الشيطان لا يحبها ولم يقترب منها ...
في الكثير من الحالات تشفى المريضة وقد يكون سبب ذلك عوامل نفسية ...
بعد ان تشفى المريضة عليها ان تلبس ملابس خاصة لتعرف انها من مجموعة الشيطان ، ويقولون ان الشيطان الذي اشفى المريضة هو مسلم اذا كانت المرأة مسلمة ، او ان الشيطان مسيحي ان كانت المرأة مسيحية ، وكذلك يقولون ان الشيطان يهودي ان كانت المريضة يهودية !!! .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة – 370 ) .
+ مدينة بنزرت وعادات ( اوساوي ) :-
تقع مدينة بنزرت الى الغرب من مدينة تونس على البحر ، اهل المدينة عرب ينتمون الى طوائف مختلفة ، يطلق عليها ( اوساوي ) وتقسم الى بضعة فئات ، كل فئة اختارت لها حيوانا معينا ليمثلها وتسمى بأسمه ، وعليه يوجد اوساوي السباع والدببة والجمال والنعامة ... كلهم يذهبون للحج ويعودون سوية من مكة ويسيرون بأبهة داخل المدينة على شكل صفوف متراصة بشكل جدي يملأهم الفرح والفخر ...
لهذه الطوائف تصرفات غريبة ، حيث انهم يتصرفون وكأنهم الحيوانات الوحشية التي اتخذوها لأنفسهم رموزا ، يزأرون كالاسود ويصرخون كالدبب .. ويقال ان طريقة تناولهم للطعام تشبه كثيرا الحيوانات التي ينتمون اليها ، مثلا :-
ان طائفة الاوساوي التابعة الى الاسود والدببة يأكلون اللحم النيء ، حتى انهم يمزقون الدجاج او يقطعون رؤوسها بأسنانهم ويبتلعونها وهي حية ، في الوقت الذي نجد طائفة اوساوي النعامة يلتهمون قطع الحجارة والزجاج الى ان تخرج الدماء من افواههم ، اما الذين يرمزون الى الجمل فيأكلون الاشواك والعاقول ...
وهم يذهبون ابعد في طباعهم وتصرفاتهم وتفكيرهم حيث يسودهم الاعتقاد بأنهم فعلا متوحشون وعليه يربطون بالسلاسل الحديدية وعند وصولهم الى الشيخ الذي يأمر كل صنف بتنفيذ اوامره بأن يربت على اكتافهم فيسيطر على تصرفاتهم المتوحشة ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة – 376 ) .
+ قصة زوليكا :-
في مدينة ( تانسا ) المراكشية تعيش عائلة يهودية بسعادة وقناعة ، تتكون من زوج قنوع وزوجة فاضلة وبضعة بنات جميلات كالورود ، اسم احداهن ( زوليكا ) التي كانت في ربيعها الثاني عشر ، وقد وهبتها الطبيعة صفاة جيدة غير متوفرة في غيرها من الجمال والقوام الحسن والخلق الرفيع والادب الجم ...
المسلمون يحسدونها على جمالها واخلاقها وتصرفاتها الجيدة ، ويقولون انها جريمة ان تبقى هذه الجوهرة ملكا لليهود ...
ادعى المسلمون ان زوليكا راغبة في اعتناق الاسلام ، فذهبوا الى دار ابيها الذي يتسم بالهدوء والحكمة ، اخذوا زوليكا عنوة من بين احضان والديها ليقدموها كهدية غالية لولي العهد ، ليعمل بها ما يشاء ، عندما شاهدها اعجب بها كثيرا وانبهر بها وظل واقفا يمعن النظر في هذا الجمال الخارق .. قدم لها كل ما تشاء وكل ما يملك من عرش ومجوهرات مقابل ان تعتنق الاسلام كي يتزوجها ، ولكنها بكل هدوء وصراحة رفضت جميع مغرياته وامواله ومركزه وجميع محاولاته ذهبت سدى حيث كانت تتصرف وكأنها اميرة رغم صغر سنها حيث قالت للامير :-
اذا وضعت كل اموال الدنيا تحت اقدامي سوف لن احيد عن طريقي وايماني قيد انملة ، وانا مستعدة للموت من اجلها ، واذا اراد الله ان اكون ضحية له فأنا مستعدة لأقدم نفسي له بكل فرح وسرور ، افعل ما تشاء ولكني لن ارضخ لطلبك ..
عندما رأى الامير ان كل محاولاته ومغرياته وحتى تهديداته لم تفد معها ، امر ان توضع زوليكا في الزنزانة وتبقى بدون طعام وشراب كي تخور قواها وتقل مقاومتها ، ارسل اليها بعض النسوة اليهوديات اللواتي عبرن الى الاسلام كي تقنعنها بالعدول عن عنادها والتمتع بمغريات الامير .. ولكن عملهن ذهب مع الريح ، حيث قالت لهن :-
هل تريدون اقناعي ؟ ان ساعة واحدة من العذاب لا تساوي شيئا بالنسبة الى الفرح الابدي ، فدعا الامير حاخامات المدينة وقال لهم :- ان حياة جميع اليهود هي في خطر اذا لم تستطيعوا اقناع زوليكا كي تكون زوجة لي وتعتنق الاسلام ، فأرتجف الحضور خوفا على حياتهم وحياة جميع اليهود ، فنزل الحاخامات الى الزنزانة وحاولوا اقناع زوليكا واتوا لها بمثال ( استير ) التي خلصت سبطها من العذاب .. ولكن زوليكا استطاعت اسكاتهم حيث قالت لهم ان ( استير ) لم تجبر على ترك دينها ...
فصدر الامر بنقلها الى مكان تنفيذ الحكم ، لأنه لم يسمع احدا من قبل انه رفض طلب الامير الذي امر السياف ان يحاول للمرة الاخيرة قبل قطع رأسها بالعدول عن رأيها ، فهيأ المشنقة وجميع ادوات تنفيذ الحكم وطعنها بالسيف من رقبتها عدة طعناة فقالت له :- نفذ الحكم ولا تضيع وقتك ايها الكافر .. وفي الحال وبضربة واحدة تم قطع راسها ..
ثم بعد ان هدأ غضب الامير ندم كثيرا على فعلته الشنعاء هذه ولكن بعد فوات الاوان .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة – 397 ) .
+ بعض بعض عادات وتقاليد يهود شمال افريقيا :-
يقول المؤلف :- ان حالة اليهود في شمال افريقيا هي اسوأ من حالتهم في بلاد فارس ، وان يهود شمال افريقيا جميعهم متدينون وحاخاماتهم ينفذون التلموذ ، ولكنهم يثقفون انفسهم بالتعاليم القبلانية ويتاجرون بالتمائم وقضايا السحر ، وبالرغم من كونهم اكثر ثقافة من غيرهم ، علاوة على كونهم اغنياء وامتلاكهم مراكز تجارية عديدة ، ولكنهم غير سعداء لسوء معاملتهم من قبل الغير وتشمل هذه المسيحيين والاوربيين ايضا حيث يتعاملون معهم بالوحشية والبربرية بأستثناء المدن الواقعة على البحر لأن القناصل الاوربية يهتمون بالاجانب ويحمونهم ...
وليهود شمال افريقيا عاداتهم وتقاليدهم واحتفالاتهم الخاصة بهم نذكر بعضا منها :-
+ الصلاة :-
ايام السبت والمناسبات الدينية تحفظ وتحترم جيدا ، يذهبون فيها الى المعبد ويؤدون الصلوات ولا يقومون بأي عمل خلالها ..
النساء اليهوديات معظمهن اميات ، لا يحضرن الصلاة في المعبد عدا بعض المسنات ويحضرن احيانا اثناء اجراء الختان فقط ..
في عيد الفصح يقرأون الفصل المتعلق بخروج اليهود من مصر ، احد الحاضرين ينهض ويمسك بيده صحنا مملوءا بالطعام لأعادة الذكرى الى الاذهان لتلك الايام ، ويضع الصحن على رأسه ، واذا امتنع شخص عن القيام بهذا التقليد سوف يؤنبه ضميره ويعتقد بانه سوف لن يحالفه الحظ طوال حياته ..
في اسيا يمارس تقليد اخر في هذه المناسبة وهو :-
ان صبيا يرتدي ملابس الحجاج وبيده عصاه وعلى كتفه كيس الخبز يدخل على هؤلاء المجتمعين قبل ان يبدأ بالقراءة ، رئيس الجلسة يسأل الولد :-
- من اين اتيت ايها الحاج ؟
- يجيب الولد :- من  مزراجيم ( المقصود ارض مصر ) .
- ثم يسأله ثانية :- هل اتيت من ارض العبودية ؟
- الولد :- نعم انا حر وقادم من هناك .
- ثم يسأله :- الى اين انت ذاهب ؟
- الولد :- انا ذاهب الى اورشليم !!!
ثم ينهض الجميع ويحتضنونه بالفرح والسرور ...
اما احتفال يوم الغفران فالكل ينتظمون على شكل خط مستقيم ويصلون ثم يأتي موعد صلاة المساء التي تؤدى في المعبد ، ان الشخص الذي يقود الصلاة عليه ان يعري نفسه الى الوسط ويتكي على احد اعمدة المعبد ، ثم بعد انتهاء الصلاة يبدأ المصلون بضربه ، ثم عليه ان يذهب الى الحمام البارد ..
عندما جاء دوري لأداء هذا الطقس رفضت القيام به وقلت لهم :- اخوتي انا رجل اوربي لا نمارس هذه الطقوس والعادات ولا اسمح لأي واحد ان يضربني ، عندما سمعوا جوابي بالرفض سخروا مني لبرهة ثم تركوني .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة – 403 ) .
+ الولادة :-
عند ولادة طفل ذكر يجري ما يأتي :-
من يوم ولادة الطفل حتى يوم ختانه تقام احتفالات الفرح من تقديم الطعام والشراب يصحبها الغناء والرقص احيانا كل مساء في نفس الدار يدعون الاقارب والمعارف ، الليلة الاولى تقدم وجبة طعام على اسم ( ايليا ) والليلة قبل الختان تسمى ( بلادا ) يجتمع فيها كل الاصدقاء والاقارب والحاخام يقرأ لمدة ساعتين تقريبا ثم تستمر القراءة وتأدية التراتيل حتى الصباح ...
وفي صباح اليوم الثاني تتم عملية الختان في المعبد بكل جدية ووقار ، جميع الاصدقاء مع الحاخام يدعون الى الاحتفال بالطفل الجديد ، يسلم الى الحاخام الاول الذي يسلمه الى الحاخام الثاني وهذا بدوره يسلمه الى الثالث وهكذا الى ان تتقبله جميع ايدي الحاخامات ومن ثم تتلقفه جميع ايدي الحاضرين ، ليضعوا بعض النقود في مهده ، تعطى جميعها الى القابلة ..
وقبل ان يبلغ الثالثة عشر من عمره يعلمه الحاخام بعض الجمل ويقوم الولد ببعض الخدمات للمعبد ، ثم يؤهل لتأدية بعض الواجبات ويحتفل بهذه المناسبة  ، حيث يلبس النساء ملابس جميلة خاصة بالحفلات ويدعون المعارف والاصدقاء لتناول الطعام ، ويأتي الحلاق لحلاقة شعر رأسه كله ، وكل ضيف يعطي قطعة من النقود للحلاق ، وبعد هذا يضع الحاخام الشال الذي يستعمل اثناء الصلاة على اكتافه ويؤخذ الولد الى المعبد ويصلي عليه الحاخام ويمنحه البركات ، والجميع يهنؤون الولد ويأخذونه الى البيت حيث الاحتفال قد هيئ ثانية ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة – 411 ) .
+ الزواج :-
عندما يعتزم اليهودي الزواج ، عليه ان يذهب الى المعبد يوم السبت ، يتجه العريس نحو الهيكل ويقرأ قصة ذهاب ( اليعازر ) خادم ( ابراهيم ) ليفتش عن عروسة لأبنه ( اسحق ) ، عندما يبدأ بقراءة فصل ما بصوت عال يختارون بضعة اطفال ليقرأوا معه بالعبرية ومجموعة اخرى بلغة ذلك البلد ..
تقام احتفالات الزواج يوم السبت ، يذهب الخطيب والخطيبة لى المعبد مساء يوم عقد الزواج ، بينما يجتمع الاهل والاقارب والحاخام في دار العروسة ، وقد هيئ كرسي جميل وبجانبه عدة كراسي في ساحة الدار ، تجلس العروس على الكرسي الخاص بها ويجلس بجانبها الحاخام ومن ثم الوالدين وبقية الاقارب ، حيث تؤدى الصلوات والتراتيل ..
وفي صباح يوم العرس يذهب العريس والعروسة واصدقائهم وصديقاتهم كل على حدة الى الحمام ، وفي المساء يذهب الجميع الى المعبد مع الحاخام حيث يؤدون صلاة المساء ، ثم يعودون الى بيت العريس ، يهيأ كرسي عال ومزخرف ليجلس عليه الحاخام ، عندما تأتي العروس وقد غطى وجهها بحجاب تجلس على الكرسي ثم يأتي العريس ويجلس على يمينها ، يقوم الحاخام بوضع شال العريس على كليهما ثم يقرأ صلاة خاصة ليمنحهم البركات ثم يعطيهم حلقات الزواج ، فيبدأ الحاضرون بالغناء حسب مزاجهم ليضفوا على الحفلة جو الفرح والسرور ، ثم يوثق هذا الزواج ويعلن على الملأ ويوقع عليه الشهود ثم يقرأ بصوت عال ، وبهذا تتم مراسيم الزواج ، وينتشر الجميع ويذهب كل الى داره ليهيء نفسه للاحتفال ، واما العروسان فيذهبان الى دار العريس ويجلسان لوحدهما في غرفة مهيئة لهما ..
وبعد فترة يخرج العريس وهو فرحان وسعيد ويخبر الحضور ان العروسة هي كما كان متوقعا ، فيهنئونه الحضور وهم سعداء ، ثم يتناولون وجبة الغداء مع قرع الطبول والموسيقى والغناء تستمر الليل كله الى شروق الشمس ، وهكذا تستمر الاحتفالات لمدة سبعة ايام  في كل مساء يحتفلون ويرقصون ويغنون ..
وفي يوم السبت الذي يلي الزواج يذهب العريس الى المعبد بينما العروس تبقى في البيت ، ويمنح العريس الكثير من الهدايا الى الحاخام وكذلك الى الفقراء ، ثم يذهب الى دار العروسة لتناول وجبة العشاء التي هي الهدية الاخيرة التي يمنحها والد العروسة الى نسيبه والتي تستمر حتى الصباح ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 413 ) .

وبأحتفالات الزواج هذه وافراحها نأتي الى نهاية هذه القصص المثيرة التي اخترناها من كتاب ( رحلة بنيامين الثاني ) لمؤلفه الروماني ( بنيامين اسرائيل جوزف ) الذي ترجمه الى العربية الاستاذ ( سالم عيسى تولا ) في ولاية مشيكن الاميركية اواخر 2010 ..
هذا الكتاب الذي كان حول رحلة المؤلف الى بعض بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا والذي اعتقدت قبل ان اقرأه ان مؤلفه ( بنيامين ) هو احد من ابناء شعبنا ، واما بعد ان قرأته فتمنيت لو كان كذلك فعلا ، لا بل تمنيت لو كان عندنا الكثير من امثال ( بنيامين ) هذا الذي بذل اكثر من المستحيل من اجل الوصول الى اقصى المناطق التي ينتشر فيها ابناء قومه خلال رحلته هذه التي كانت في اواسط القرن التاسع عشر ، هذه الرحلة التي تحمل فيها المشقات الكثيرة وتجاوز الصعوبات الكبيرة وتعرض الى المخاطر الحقيقية المميتة التي لم تثنيه ولم تقلل من عزمه من الوصول الى ابناء قومه المتشتتين والضائعين في تلك البلدان التي يتعرضون فيها الى شتى انواع الظلم والاضطهاد وهم في نفس الوقت غارقون في الجهل والتخلف ، ليطلع على احوالهم وليرشدهم ويقدم لهم نصائحه ومن ثم ينتقد عاداتهم الخاطئة وممارساتهم المشينة ويصصح عباداتهم المنحرفة من دون ان يذمهم او يهينهم او يحتقرهم او يتعالى عليهم او يعتبر نفسه افضل منهم ، بل عاش معهم ببساطة وتعامل معهم بما يتطلب واقعهم ، واستطاع بذلك من تسجيل معاناتهم ومأساتهم بكل صدق وامان وايصالها الى العالم وادخالها الى التاريخ من خلال هذا الكتاب الذي ترجم الى اكثر من لغة واخرها طبعا كانت هذه النسخة العربية ..  
وهذا ما جعلني او كان احد الاسباب التي جعلتني اهتم اكثر بهذا الكتاب ، فشكرا لجهود المترجم وتمنياتنا له بالموفقية والعطاء الدائم والى المزيد .  

82
           قصص مثيرة من كتاب " رحلة بنيامين الثاني "   
                       ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا
                                         ( الجزء الرابع )

وحيد كوريال ياقو
شباط 2011

بعد ان عرضنا في الاجزاء السابقة بعض القصص المثيرة من رحلة بنيامين الثاني التي كانت في اواسط القرن التاسع عشر الى كل من فلسطين وسوريا ولبنان وتركيا والعراق ، نعرض في هذا الجزء بعض القصص المثيرة والعادات الغريبة وبعض التقاليد والممارسات للاقوام المختلفة التي مر بها المؤلف خلال رحلته الى كل من الهند وافغانستان وبلاد فارس ، هذه المناطق التي تزدهر كثيرا بتعدد الاقوام فيها وتشتهر بأختلاف عاداتهم وتقاليدهم وتباين عباداتهم التي سمعنا عنها واطلعنا عليها بشكل عام ، ولكن الكثير منا وانا منهم لم يطلع على تفاصيل  ممارساتهم اليومية الغريبة التي شاهدها المؤلف عن قرب ، ولهذا فقد اخترنا بعضا من هذه الممارسلت لبعض هذه الاقوام المختلفة ومنها :-

البانيان او البانيانس :-
البانيان هم على بضعة مجموعات منها عبدة النار وعبدة الماء وعبدة البقر ، وكل طائفة من هذه الطوائف لها علامة خاصة في ملابسهم كي يعرف انتمائهم ، وهذه العلامات لها معان خاصة وبعد تاريخي او ديني ، وجميع هذه الطوائف نباتيون يشمئزون من اللحم حتى انهم لا ينظرون اليه ...
+ عبدة البقر :-
يتم اختيار ( البقرة ) عن طريق القضاء والقدر منذ ولادتها يقرر رجال الدين ان هذه البقرة سوف تكون الاها لهم الى النهاية ويجب ان لا تستعمل للعمل او التحميل ، ويجب ان يكون علفها من احسن انواع الحنطة ويجب ان تكون سمينة ، جلدها ناعم الملمس وبراق ..
اتباع هذا المعتقد يجتمعون يوميا في مكان خارج المدينة ويشكلون دائرة حول تلك البقرة ، احد رجال الدين يبدأ بالوعظ ويأخذ ما يشبه المزهرية يجمع فيها ادرار البقرة ثم يضاف اليه اللون الاحمر ويصبغ رجل الدين اصبعه في هذا المزيج ويعمل شارة على حواجب الحاضرين ..
هؤلاء القوم لا يأكلون اللحم ولا يشربون الحليب ويعيشون على النظام النباتي ، يتزوج الاطفال منهم وهم في الثالثة او الرابعة من عمرهم ، واذا توفي احدهما فيبقى الثاني دون زواج طيلة حياته ..
المتوفي لا يدفن وانما يحرق ، وينثر رماده في الهواء ، وقد تأخذ عائلة المتوفي قليلا منه ويحفظه في قنينة للذكرى ..
لا يعتقدون بالأخرة وانما يعتقدون بأتلاف الجسد بحرقه ويعتقدون ان ما يفعلونه هو الصواب ...
+ اتباع زرادشت :-
معظم اتباع هذه الديانة كانوا في السابق يعبدون الكواكب والشمس والقمر ويعتبرونها الهة ...
من طقوس هذه الطائفة انهم يجتمعون مساء كل يوم في الخلاء ، ويؤدون ادعيتهم بأوقات مختلفة حسب معبودهم ، الشمس او القمر او النجوم ..
فالذين يعبدون الشمس يتجهون نحوها وينظرون الى مصدرها ، واضعين اياديهم على رؤوسهم ، وكذلك يفعل عبدة القمر ، اما عبدة النجوم فأنهم يؤدون عبادتهم بعد مغيب الشمس وانظارهم نحو السماء ، اما الذين يعبدون الماء ، فيذهبون الى موقع قريب من البحر او النهر ويدخلون في الماء الى ركبهم ويتلون صلواتهم ويؤدون طقوسهم ..
+ الهندوس :-
يعبدون الماعز !
يعتبر الهندوس الاقدم والأردأ والاوحش والاكثر تخلفا من جميع الاقوام التي تعيش في الهند ، عندهم اله خاص هو الماعز !!! .
على كل مؤمن ان يعبد عنزته المربوطة بباب داره ..
يحلبونها ثم يرمون حليبها في البحر او النهر وبهذه الطريقة يؤدون عبادتهم كاملة ، يأكلون اللحوم ومن ضمنها الطيور ، ليس لديهم وجبات جماعية لأن كل واحد منهم يأكل لوحده ، ويلبسون ملابس خاصة بهم ..
بربريانس :-
على ضفاف نهر الكنج يعيش شعب يدعى ( بربريانس ) لديهم عادات وتقاليد خاصة ، منها انهم لا يدفنون موتاهم وانما يرمونهم في الحقول ..
اما عن مرضاهم فيعاملونهم بطريقة سهلة جدا وهي :-
يأخذون المريض الذي على فراش الموت بقارب الى وسط النهر ، ويمسكون بأذانه ويغطسونه ثلاث مرات في النهر ، فأذا فارق الحياة يرمونه في النهر ، واذا عاش يأخذونه ثانية الى البيت حيث من المحتمل شفائه ، فيلبسونه ملابس بيضاء طويلة مع زناد حول وسطه وعصا وصولجان بيده ، وعليه ان يترك المكان ولا يسمح له بالعودة ثانية الى بلده ، تشبها لما حصل لـ ( قايين ) اخو ( هابيل ) ...
ولهذا فأن نهر الكنج فيه الكثير من جثث ابناء هذه الطائفة ...
+ طائفة ملك افغانستان وعادة حرق الزوجة الارملة مع زوجها المتوفي :-
( هذه الطائفة لها تقليد يستوجب بموجبه حرق الزوجة الارملة مع زوجها المتوفي )
تعيش في افغانستان طوائف عديدة ، لكل منها معتقداتها الخاصة بها وتقاليدها الموروثة ، بعض هذه التقاليد غريبة وعجيبة ، من جملتها تقليد غريب متبع لدى الطائفة التي ينتمي اليها الملك في مدينة ( ميتام يكي ) ومفادها :-
تجبر الزوجة التي مات عنها زوجها وتركها بدون اطفال وجوب حرقها مع زوجها !!! .
ولكن عندما وصل الامر الى ابنة الملك الوحيدة حيث مات زوجها وهي لا تزال في ريعان الشباب ، نفذ رجل الدين تعاليم دينه واحرق الزوجة التي هي ابنة الملك استنادا الى تعاليم الدين التي تشمل الجميع ، غضب الملك كثيرا وقتل رجل الدين ، فهاجت الجماعة وقاموا بما يشبه الثورة ضد الملك مما جعله يلتجيء الى الانكليز لحماية نفسه وتاجه ...
( وهناك طوائف اخرى من طقوسهم الغريبة انهم يجتمعون في الخلاء ويباشرون في الشجار ويضرب بعضهم بعضا بالعصا والاحجار والاوساخ والقاذورات ) ...
وللله في خلقه شؤون .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 232 – 240 ) . 

قصص من بلاد فارس :-
+ محجبات مدينة شيراز :-
يقول المؤلف :-
لقد شاع خبر وجودي في مدينة ( شيراز ) بسرعة ، فزارني عدد كبير من الرجال منذ الصباح حتى الليل يطلبون مني النصيحة والمساعدة لحل مشاكلهم ، يأخذون اقوالي وافكاري كأشياء ثابتة ومقدسة ..
في احد الايام امتلأت غرفتي بالنساء المحجبات بنقاب ابيض ، توجهن نحوي الواحدة بعد الاخرى ، النساء اليهوديات نقابهن اسود ، وذكروا لي انهن من العوائل التي تركت اليهودية قسرا ، واعتنقن الاسلام قهرا ولكنهن لا زلن متمسكات بدينهن في دواخلهن ، كشفن لي عن وجوههن وقبلن جبيني ويدي ..
ذكرت لهن بعض الجمل من التوراة عن ارتدادهن عن اليهودية ، فبكين بكاءا مرا مصحوبا بالحسرة والالم ...
+ حرز زعيم الثوار :-
بعد ايام من وجودي في ( شيراز ) جاء زعيم الثوار الى ( ناسي ) ليعرض عليه ضرائب جديدة ، وعندما وجدني هناك سأل عني ، فأجاب الناس انه حاخام من بيت المقدس ، حالما سمع الفارسي هذا قال لي :-
كنت قد عرفت ان الحاخامات ذو معرفة واسعة ، ومتعلمون جيدون ويفهمون بعمل الاحراز او التمائم ( السحر ) ، فأعمل لي حرز ليحميني اثناء القتال ...
في البداية اردت ان ارفض ولكني عندما وجدت اثار الدم على سيفه خضعت لمشيئته وقلت له سيكون جاهزا غدا ...
اخذت اسماء عشرة من اولاد ( هامان ) كتبتها داخل مربع على قطعة من الجلد مع بعض الكلمات السحرية التي تومي بأنها من عند الله ، ثم اعطيته للفارسي الذي فرح به كثيرا ، وقلت له ان هذا الحرز يفيد عندما تظهر القوة والشجاعة اثناء الحرب ..
وبعد يومين اشترك هذا الرجل الثائر في معركة ضد السلطة فأنتصر ، فأعتقد ان حرزي هو سبب انتصاره ، فجلب لي الهدايا واعتقد بأني رجل الله فمنحني الكثير من الامتيازات ... ( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 275 ) .
+ قصة الراقص جكويل ( جاكويل ) :-
كان رجل يهودي رقيق الحال يعيش في مدينة اصفهان التي تعتبر من احسن مدن بلاد فارس ، يعمل في بيع الاحجار الكريمة واسمه ( اغابابي ) وكان له ثلاثة اولاد ، احدهم اسمه ( جكويل ) اشتهر بكونه راقصا ماهرا متمرسا ، عدد كبير من اهالي البلدة يستمتعون بفنه وادائه وكانوا لا يبالون بدينه وينسون انه يهودي ..
وبمناسبة زيارة الشاه للمدينة هيئت اجواء جميلة لأستقباله ، منها قيام ( جكويل ) كراقص يؤدي دوره بكل مهارة وكفاءة عالية ، وكان له قابلية خارقة في القفز استطاع ان يقبل يد الشاه اثناء تأدية دوره ، تعجب بمواهبه وقدر شجاعته وسمح له بدخول قصره الملكي ...
كبر الشاب ( جكويل ) تحت رعاية سيده الملك واثبت اخلاصه وشجاعته ، وقد جربه بالمغريات كي يتأكد ان ما يفعله ليس تمثيلا ، وهكذا صار ( جكويل ) صديقا حميما لأبن الشاه ، كانا يتشاركان في المزاح ، طلب منه يوما ان يأكل اللحم غير الحلال فقبل ذلك لأنه لم يعارض طلبات الامير ، ثم طلب منه اعتناق الاسلام ففعل وسماه ( اسماعيل ) ..
بعد فترة استوجب حضور الشاه مع جيشه الى مدينة مشهد ، اصطحب معه اسماعيل ( جكويل ) ، واثناء ذلك حوصرت مشهد من قبل الثوار .. خسر الشاه المعركة ، وسمح الثوار لجيش الشاه بالفرار ففروا جميعا وتركوا الشاه وحيدا بدون حماية ، ظل اسماعيل معه في هذا الوقت الحرج ، امتطيا جواديهما وهربا بسرعة البرق والثوار يلاحقانهما ، فصاح الشاه :- انقذ نفسك وانا سألاقي مصيري ، اجاب اسماعيل سوف لن اتركك ياسيدي ، مصيري مرهون بمصيرك ، فهربا سوية الى داخل غابة وبقيا فيها ستة ايام ، اعتقد الشاه بأنهما سيموتان جوعا ولكن اسماعيل اعطى الشاه بضع قطع من البسكويت كان يحملها في جيبه ، ثم امتطى الشاب النبيل فرسه ليجد بعض الطعام فألتقى برجل فارسي اعطاه قليلا من الخبز فعاد به مسرعا الى سيده ولكنه لم يجده فبحث عنه في جميع اطراف الغابة فوجده منهكا جائعا خائرا فأعطاه الخبز فأنتعش قليلا ، وفي اليوم السابع عثر عليهما من قبل بضعة فرسان جاؤا لأنقاذ الملك ...
بعد وصول الشاه طهران امر ان يتسنم اسماعيل اعلى منصب في الدولة ، فنصب رئيسا للوزراء التي قام بها بكل جدارة حتى وفاة الشاه .. وعندما كان الشاه على فراش الموت اوصى ابنه بأسماعيل انه صديق مخلص وخادم امين ، اوصيك بأبقائه في منصبه لأنه اهل له ومخلص لك ..
بعد فترة حدث عصيان في مدينة اصفهان ، فأراد الشاه اخمادها بقوة السلاح ، فأختار اسماعيل فنجح فيما كلف به .. وكذلك حصل عصيان في مدينة ( اكند ) واستطاع اسماعيل من اخمادها ايضا ..
وهكذا بقي اسماعيل يعيش في القصر الملكي في طهران والكل يحيطونه بالرعاية والتقدير والمحبة .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 282 ) . 
+ بعض الافعال الغريبة :-
+ لا يسمح لليهودي السير قرب الجامع ولا يسمح له بأستعمال الحمامات العامة ، وعندما يسير اليهودي في الشارع يلتحق به الاطفال والصبيان وبعض الرعاع ويركضون خلفه ويرمونه بالحجارة والقاذورات واحيانا يضرب ويهان امام اعين اولياء امورهم ، لأنهم يعتقدون انهم يقومون بعمل يرضي الله ورسوله كي يخيفوا ويرعبوا الكافر ...
+ ممنوع على اليهودي ان يخرج من مسكنه اثناء سقوط المطر ، لأن المطر ينظف اليهودي وقذارته تسقط على الارض ، وربما هذه القذارة تتعلق بأحذية المسلم واقدامه فيتنجس !!!.
+ لا يحق لليهودي ان يلمس البضاعة التي يروم شراؤها ، بل عليه ان يقف يعيدا ويدفع ثمنها ثم يستلمها ، وان لمسها سهوا فعليه ان يدفع المبلغ الذي يقرره صاحبها ...
+ لا يحق لليهودي ان يمتلك متجرا او دكانا ، وعليه ان يحمل بضاعته على كتفه ويتجول بها لكسب قوته اليومي ...
+ لا يقترب المسلمون من اليهود على اعتبار انهم اناس قذرين وانجاس وكفار ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 291 – 308 ) .

والى الجزء الخامس والاخير الذي سيشمل بعض القصص المثيرة من الكتاب الثاني من رحلة بنيامين الثاني الى شمال افريقيا .

83
          باركوا لمبارك ، هذا " النِكست " الجديد !!!

وحيد كوريال ياقو
12شباط 2011

في مقال سابق حول هذا الموضوع الجديد المستجد في كافة البلدان العربية التي تعاني شعوبها من انظمتها الشمولية الاستبدادية القمعية الفاسدة ومن ظلم حكامها الطغاة المتجبرين المتسلطين على رقاب شعوبهم مدى الحياة ، وبالتحديد بعد انتفاضة الشعب التونسي البطل الذي اطاح بنظام حكمه بنفسه واجبر رئيس نظامه التخلي عن الحكم والفرار الى خارج البلاد ، وهذا ما ادى الى ان تبدأ موجات من المظاهرات والانتفاضات الشعبية العارمة في معظم البلدان العربية لتطالب حكامها بالرحيل وتغيير انظمتها الشمولية الدكتاتورية التي لا تروم الحكم مدى الحياة فقط ، بل توريثه ايضا لأبنائهم واحفادهم من بعدهم ، وقلنا في عنوان المقال ( بعد العراق وتونس " هو اِز ذَ نِكست " ) ؟ من هو اللاحق ؟
وذكرنا ايضا انه على هذا " النِكست " القادم تتجه انظار الملايين من ابناء الشعوب العربية من المحرومين والمظلومين وكل الذين يعانون من الفقر والبؤس بسب هؤلاء الحكام الطغاة المستبدين ...
فها هم ابناء هؤلاء المظلومين والمحرومين في مصر يخرجون الى الشوارع والساحات  ، الى ميدان التحرير في القاهرة وكل ميادين المدن الاخرى لينفضوا عن اكتافهم الغبار العفن المتراكم عليها منذ ثلاثة عقود واكثر ويطالبون بتغيير النظام  وبالحرية والعدالة والعمل والحياة الحرة الكريمة ..
وهنا لا بد ان نشير الى نقطة مهمة وهي انه بالرغم من ان عصر سقوط الطغاة قد بدأ فعليا في بغداد ، ولكن ظاهرة سقوط الطغاة قد اثمرت في تونس حيث تمت بأيدي ابنائها ، وها هي الان تنضج اكثر وتتوطد اكثر في مصر وبأيدي ابنائها ايضا ...
فها هم ابناء مصر بكل قواهم الوطنية يوحدون كلمتهم مع كلمة شباب مصر الثائرين الغاضبين الصارخين بوجه طاغيتهم :- ارحل ارحل ..
وها هم شباب مصر ، شباب العلم والعولمة والانترنيت والهاتف النقال يلتقون من خلال تقنياتهم الحديثة هذه وبها يوحدون كلمتهم ويخرجون الى الساحات ويصيحون :- نريد حرية ، نريد عدالة ، نريد عمل ، نريد رفاهية ، نريد ان نعيش مثل بقية شعوب العالم ...
وها هم هؤلاء الشباب بأكثر من ثمانية ملايين ولأكثر من ثمانية عشرة يوما يصرون على مطالبهم ، محافظين على وحدتهم ،  يهزون بذلك عروش كل الطغاة المستبدين ، فبدأ كل واحد من هؤلاء الطغاة يتنازل عن عليائه ويتخلى عن كبريائه وينكر جبروته واستبداده ويستجيب لمطاليب شعبه قبل ان يطلب منه ويوعد الناس انه سوف لن يرشح نفسه او ابنه للحكم ، وهكذا استمر هؤلاء الشباب الى ان استجاب لهم القدر وخذل لهم  طاغيتهم وتنحى مجبرا عن الحكم بعد محاولات وتوسلات الى الاسياد الذين قالوا ( اِت اِز تو ليت ) لقد فات الاوان حيث لا ينفع الندم  ..
وهكذا كان القدر ان يأتي ابناء مصر بهذا " النِكست " الجديد ، هذا " النِكست " الذي اتى هذه المرة من وسط البلاد ، من مصر ام الدنيا وارض الكنانة والحضارة ...
نعم لقد بدأ عصر سقوط الطغاة في العراق ، عراق الحضارات العريقة ايضا ، عراق   النهرين ، دجلة والفرات ، وقد قيل قديما ان دجلة سمي هكذا لأنه عندما يفيض يكون غاضبا فيهجم كالنمر الثائر فيغرق الحقول ويقلع الاشجار ويدمر المزروعات ، وهذا ما حصل فعلا في العراق مع كل الاسف بعد تغيير نظامه ...
ولكنه قد قيل ايضا انه عندما يفيض النيل فهو يفيض هادئا ليجلب الخير الى مصر بمياهه الفائضة ليروي الحقول والمزروعات والبساتين ، فنتمنى ان يحصل هذا وان يأتي الخير الى مصر بعد فيضان ابناء شعب النيل  ...
فيا ابناء مصر تذكروا ان مصر ام الدنيا وان مصر ارض الكنانة وانها موطن الخير والخييرين ، فلا بد ان تبقى مصر هكذا ، فلا ترضوا بغير ذلك ، ولا تقبلوا ان تتحول مصر من ام الدنيا الى ام الجياع ومن ارض الكنانة وموطن الخير الى بلد الفقر والفقراء ومن منبع الحضارة والثقافة والفن الى موطن الجهل والتخلف ...
و تذكروا انه قد قيل ايضا ان مصر تكتب ولبنان تطبع والعراق يقرأ ، فأكتبوا لمصر تاريخا جديدا وكما ينبغي ان يكون ، واكتبوا لمصر دستورا جديدا وكما يستوجب ان يكون ليضمن لكم كل ما تريدون وكل ما تسعون اليه وكل ما تطالبون به ، ليضمن العدالة للجميع بغض النظر عن اللون او الجنس او الدين او الانتماء الفكري او السياسي ، وليضمن الحياة الحرة الكريمة لجميع ابناء الشعب بكل فئاته المختلفة وطبقاته المتفاوتة من دون استثناء ، وليضمن بناء نظام ديمقراطي جديد ، نظام علماني يفصل الدين عن الدولة لا يدع فرصة لظهور طالبان جديد في مصر ولا ولاية فقيه ، فمصر يجب ان تبقى مصر ام الدنيا وام الثقافة والفن ...
فباركوا لمبارك ، هذا الـ " نِكست " الجديد ...
ومجدوا لمن اتى بهذا الـ " نِكست " الجديد ...
وستبقى الشعوب العربية دوما تتساءل : - ( هو اِز ذَ نِكست ) ؟   
وسواء كان هذا  الـ " نِكست " من شرق البلاد او من غربها او حتى من وسطها فهذا لا يهم ، فالمهم ان يكون هناك دائما " نِكست " ..
والى ذلك الـ " نِكست " القادم الجديد تلتفت انظار الملايين من ابناء الشعوب المظلومين والمحرومين والمضطهدين ..
وعن ذلك الـ " نِكست " الجديد الاتي قريبا ان شاء الله سيكون لنا كلام اخر ...       

84
[


          قصص مثيرة من كتاب " رحلة بنيامين الثاني "
             ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا
                          ( الجزء الثالث )

وحيد كوريال ياقو
كانون الثاني 2011

ذكرنا في الجزء الاول والثاني من هذا الموضوع بعض القصص المثيرة التي ذكرها المؤلف في رحلته التي كانت في اواسط القرن التاسع عشر الى الشرق الاوسط   وبالتحديد الاراضي المقدسة ولبنان وسوريا وتركيا ، واما في هذا الجزء فسنتناول بعض القصص المثيرة التي اشار اليها المؤلف خلال جولته في العراق ومنها :-

القوش واحتفالات معبد النبي ناحوم :-
يقول المؤلف :-
القوش بلدة يبدو عليها القدم ، فيها قبر النبي ناحوم ، اصطحبني اليها بعض اليهود من قرية ( صندور ) لأحضر الاحتفال السنوي الذي يقام حول معبد النبي ناحوم الواقع في ساحة واسعة بالقرب من الجبل داخل بناية واسعة تحتوي على غرفة واحدة فقط ، تتسع الساحة لأكثر من الف شخص ، لا وجود لليهود في هذه المدينة ، يبدو المعبد غريبا وموحشا فيه قبر النبي ناحوم محاط بسياج ومغطى بقماش نفيس خيوطه من الذهب ، فوقه قطع نقدية منثورة ذات قيم عالية تغطي القماش تقريبا ...
يأتي اليهود لزيارة هذا المعبد من الموصل واربيل وكركوك ومدن كردستان الجبلية ومن مدن بعيدة قد يستغرق الوصول اليها اسبوعا او اسبوعين ، وعلى الزوار ان يحضروا قبل الاحتفال بأسبوع او اسبوعين للتعبد قبل بدأ الاحتفال ، سكان البلدة يؤجرون غرفا او دورا للمحتفلين بهذه المناسبة وقد يستخدم اصحاب الدور مصطباتها ، ساحاتها او سطوحها ..
الزوار يجلبون معهم كتبهم المقدسة كالتوراة وغيرها ، يضعونها فوق الضريح ، ثم تدخل النساء ليبدأن القراءة وتلاوة الصلوات المختلفة بكل احترام وجدية مقرونة بالدوران سبع مرات حول القبر ، بعدها تبدأ النسوة بترتيل صلاة خاصة موجهة الى النبي ناحوم مع اناشيد الفرح من اجل النبي في العربية والكردية ، ثم يباشرون بالرقص والغناء حول الضريح برغبة عارمة وحماس شديد يستمر لمدة ساعة او اكثر ..
في المساء الاول من هذا العيد الذي يقام في الخامس من الشهر السادس يتجمع الزوار في المعبد الذي يضاء بأكثر من الف مصباح او قنديل زيتي ، ثم يدخلون غرفة المعبد حين بدأ موعد الخدمة واداء الصلوات ، واما الباقون فيستمعون بكل وقار وجدية الى جميع هذه الصلوات والابتهالات ، بعد الانتهاء من اداء هذه الصلوات يذهبون الى غرفهم لتناول اقداح القهوة طوال الليل ..
وفي الصباح تبدأ الصلوات ويحمل الرجال التوراة وكذلك يحملون البنادق والمسدسات والخناجر وكأنهم ذاهبون الى حرب حقيقية ، يسيرون بصفوف متراصة ومنتظمة وينشدون اناشيد الحرب قاصدين الجبل ليذكرهم بنزول الوصايا العشر على جبل سيناء ، ثم يرتلون صلاة خاصة لفترة ، ثم يبدأون بالنزول قبل ان يتفرقوا قسم منهم يؤدي العابا مسلية كركوب الخيل والعاب بهلوانية وغيرها كتمثيل مشاهد الحرب وكأنهم في حالة حرب حقيقية مصحوبة بالموسيقى الحماسية الحربية واغاني البطولة والشجاعة مصحوبة بأصوات العيارات النارية الخالية من الرصاص ، وتسمع صليل السيوف والخناجر وبعض المفاجأت الغريبة مع اصوات عالية ..
ان الغاية من هذه هي للتحضير حسب اعتقادهم لقدوم المسيح المنتظر ، حيث يعتقدون ان الحروب الطاحنة والمعارك الشرسة سوف تشب عند مجيء المسيح ، وعليه فأن جذوة الحماس يجب ان تستمر وهم متهيأون لقتال كل من يقف بوجههم او ضدهم عند دخول الارض الموعودة ، ثم يتخلصون من حكم الغرباء وينالون حريتهم واستقلالهم ، في هذه الثناء تأتي النساء مع الاتهن الموسيقية مشجعات الرجال بأغانهن ورقصهن كي يزيد من حماس الرجال ويزيد من اندفاعهم ملتحقات بالرجال في اداء هذه الحركات والاغاني ، وتشترك الاقوام الاخرى معهم في احتفالاتهم وافراحهم ..
وبعد مضي حوالي نصف النهار يعودون الى المعبد ويعيدون كتبهم الى اماكنها ويتجولون في المدينة ، وعند المساء تبدأ زيارة الضريح ثانية لتقديم الصلوات والابتهالات ، ومن بعدها يذهبون الى مكان مريح عند سفح الجبل لتناول الخمور والتسلية والاستماع الى الاحاديث المختلفة ، اما النساء فيرقصن على انغام الموسيقى التي هيأتها لهم ابناء البلدة ..
وفي اليوم الثاني وعند مغيب الشمس يسرعون الى المعبد لتقديم الصلوات قبل مغادرتهم القوش الى اماكن سكناهم ، يجزلون العطاء الى مرقد النبي ناحوم لصرفها على صيانته وتزيينه وخدمته ..
وبهذه المناسبة يجلب الزوار مرضاهم كي يوضعوا في حجرة النبي ناحوم ثم تقفل عليه الغرفة ليبقى وحيدا ، فأذا استطاع التغلب على الخوف والفزع الذي ينتابه وهو بمفرده في غرفة مظلمة مقفلة فأنهم يعتقدون بأن المرض قد زال عنه ، حيث التقاليد والمعتقدات تقول انه في منتصف الليل يتحرك نعش النبي ويشفي المريض ويقولون ايضا ان شبحا ينهض من التابوت يخاطب المريض ، ماذا تريد ؟ ما غايتك ؟ اذا اجاب المريض دون خوف فأنه سيشفى ، اما اذا خاف وارتجف وارتعدت فرائسه ربما يموت وينتهي ، ولا يسمح لغير المريض المبيت في هذه الحجرة , ولكني اردت المجازفة ودخلت الحجرة خلسة دون علم احد واتخذت الاحتياطات اللازمة فأخفيت نفسي تحت الستارة السميكة الفضفاضة المفروشة على القبر ، وبعد ان اسدل الليل سدوله واطفئت معظم القناديل وذهب الجميع الى اماكنهم ، خرجت من تحت الستارة وفتشت عما موجود في الغرفة ، فوجدت اوراقا مكتوب عليها سفر ناحوم ثم بدأت بقراءتها فلم اجد ما يثير الدهشة ، ثم شعرت بعدم الراحة فتركت القراءة وانتابتني الهواجس كأن صوتا يناديني وشعرت بحركة خفية داخل الغرفة ، ولكني في الحال استعدت شجاعتي وعدت الى القراءة الى ان انهيت الاوراق التي في متناول يدي وكذلك فصول من التوراة وعدت الى هدوئي واتزاني وشعرت بصداع خفيف بسبب ما تنفثه القناديل الزيتية من غازات سامة وروائح لم اتعود عليها ، وشعر ان افكاري قد تشتتت وتشابكت واني غير قادر على التركيز والانتباه وانا في الحقيقة راغب في ان ارى معجزة او شيء من هذا القبيل ولكن لم يحدث شيء يستحق الذكر ، وعند انتصاف الليل بدأت دقات قلبي تسرع وجسمي يرتجف كذلك شعرت بتعب شديد ثم غلبني النعاس ولم استيقظ اِلا في الصباح الباكر عندما فتح الباب هؤلاء الرجال المتمسكين بحرفية الدين والمغالين في التدين لأقامة صلوات الصباح ، فوجئوا جميعا عندما رأوني عند قبر النبي ، فتجمعوا حولي وسألوني يعصبية واستفزاز عن سبب وجودي في هذا المكان في مثل هذا الوقت ، ثم امطروني بالأسئلة الكثيرة والمحرجة عما رأيت وكيف قضيت الليلة وغير ذلك من الاسئلة العديدة التي لم اشأ الاجابة عنها لكي لا اغير ما في عقولهم ومعتقداتهم التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم ..
ان هذه الحادثة انتشرت بين الناس كأنتشار النار في الهشيم وكل يصوغها بالشكل الذي يعجبه ويرتأيه مع الاضافات التي ما انزل بها الله من سلطان ، فتركتهم يقولون ما يشاؤون ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 118 )

النساطرة هم يهود من بقايا الاسباط العشرة المفقودة !!! :-
انه مجرد رأي لا اكثر ولا اقل ..
ولكن سبب ذكري لهذا الرأي هو انني تذكرت ما كنت قد سمعته قبل ما يقارب العشرين عاما ، ففي تسعينيات القرن الماضي عندما كان يتجمع في محل عملي في بغداد مساء كل يوم بعض المتقاعدين وكبار السن المثقفين حيث كان ملتقاهم هناك ، ويتحاورون في مواضيع مختلفة من تجاربهم في الحياة وكل بحسب خبرته وما تعلمه من عمله وخلاصة ما خرج به من علمه ومعرفته ، ومن المواضيع التي كانت تثار دائما كان موضوع التسميات العديدة لأبناء شعبنا واصولهم ..
وكان احدهم يصر على اننا من بقايا اليهود المسبيين المعتنقين للمسيحية ، وكانت حججه التقارب الكبير بين المسيحيين واليهود في العراق والتشابه في عاداتهم وتقاليدهم وممارساتهم اليومية ، ويذكر لنا امثلة كثيرة من مشاهداته من خلال معايشته لليهود خلال منتصف القرن العشرين وما سمعه عن ذلك من قبل ، ولست ادري ان كان رأيه هذا مبنيا على مصدر ما او كتاب قرأه ام لا ، ولكني متأكد انه لم يكن قد اطلع على هذا الكتاب الذي نحن بصدده والذي يقول مؤلفه في هذا الخصوص مستفسرا :-
من اين جاء يهود ونساطرة كردستان ؟
اذا سئل اي من اليهود والنساطرة عن موطنه الاصلي قبل مجيئه الى هنا ، يجيب انهم طردوا من فلسطين وجيء بهم كأسرى واسكنوا هذه المناطق قبل هدم الهيكل الاول ، وكما يذكر ( بنيامين التطيلي ) ان الاسباط العشرة يعيشون في الجبال المظلمة بعد طردهم من فلسطين قبل هدم الهيكل من قبل الملوك الاشوريين ، يؤكد اليهود ان اجدادهم جيء بهم كأسرى الى هذه الاماكن ، وكما نجد اشارة اخرى من قبل الملوك الشوريين ، ان الملك الشوري تغلات بلاصر استولى على شعب اسرائيل وحملهم بعيدا كأسرى الى بلاد اشور واقليم كردستان هو جزء منها ، والى الان هو تابع الى باشوية الموصل التي لا تزال عاصمته تحمل الاسم القديم نينوى ..
ولكن المبشر الامريكي ( كرانت ) الذي درس المنطقة وسكانها قال ان مجموعة من المسيحيين النساطرة الذين يعيشون في كردستان هم بقايا الاسباط العشرة التي اسرت واسكنت في كردستان ، واعتنقوا المسيحية فيما بعد واستطيع التأكد من ذلك للاسباب التالية :-
- ان اكثرية النساطرة يقولون انهم من اصل اليهود الذين طردوا من فلسطين ولكنهم لا يعلمون متى ولا يعرفون من اي سبط انحدروا ، مستندون على ما ورثوه شفاها عن الاباء والاجداد ..
- النساطرة يتعاملون مع اليهود بكل حب وصداقة في الوقت الذي يتجنبون التعامل مع الكرد الذين يمتازون بالخشونة والبداوة ..
- كان النساطرة ينادون اليهود بالقريب ونفس الشيء بالنسبة لليهود .
- النساطرة واليهود مضطهدون من قبل الكرد المسلمين ...
- النساطرة يتجمعون في مجتمعات خاصة لأداء فرائضهم الدينية كما يفعل اليهود في تجمعاتهم ..
- ليس لديهم رموز دينية كالصلبان والنواقيس ويقدسون يوم السبت وفي هذه الحالة يقتربون من اليهود المسبيين الذين لم يحتفظوا بكتبهم لقلة ثقافتهم الدينية فأعتنق عدد منهم الديانة الجديدة وهي المسيحية ...
( يعلق المترجم ان هذا الكلام غير دقيق حيث ان النساطرة يقدسون الصليب وكنائسهم لا تخلو من النواقيس ويقدسون يوم الاحد وليس السبت ) .
ولكن مهما يكن انه مجرد رأي ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 155 ) . 

يهود كردستان والضرائب ومهر الزواج :-
كان اليهود موزعون في كردستان هنا وهناك ، ويعتبرون ملك خاص لرئيس عشيرة كردي يؤدون له الضرائب ، ويعملون له عدة مواسم من السنة في الحقول للحراثة والزراعة وجني المحصول بالمجان او ما يسمى السخرة ، وكان الاغا الكردي ذا سلطة مطلقة على جميع عبيده ...
ومن التقاليد المتوارثة عند الاغوات الكرد والشيوخ السائدة في المنطقة ، انه اذا اراد شاب من اليهود او النساطرة ان يتزوج من فتاة ، عليه ان يدفع مهرها الى الشيخ او الاغا بحجة ان زواجها سوف يخسر الاغا ما يستلم من ضريبتها السنوية ، بالاضافة الى ذلك على العروس قبل ان تنتقل الى بيت زوجها ان تمكث في بيت الاغا ، وتعرض نفسها عليه ، وله الحق في ممارسة الجنس معها قبل زوجها ...
ولكن في السنوات الاخيرة انحسرت هذه العادة السيئة واستعيض عنها بدفع مبلغ من المال ، حصل هذا نتيجة حصول حادثة اريقت فيها الدماء ، وهي ان عروسا رفضت طلب الاغا ولكنه اصر على طلبه بكل وقاحة وقوة وجبروت ، فأضطرت الى قتله ..
وعلى اثر ذلك تركت هذه العادة القذرة واستعيض عنها بدفع المال ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 160 ) .

بعض التقاليد والممارسات الغريبة :-
يقول المؤلف :-  ان اليهود الذين يقطنون مناطق مجاورة لكردستان هم شبه اميين في الدين والشريعة ، ويمارسون عادات وتقاليد غريبة منها :-
+ عندما يزور حاخام اورشليم يهود كردستان :- 
فعندما يزور الحاخام المقيم في اورشليم هذه المناطق وهذا نادر جدا ، يذهب الجميع لاستقباله باجلاء واحترام ، يقبلون اكتافه ولحيته وحتى اقدامه ، ثم يحملونه بأحتفال مهيب الى دار رجل الدين ( ناسي ) ثم ينزعون احذيته ويغسلون ارجله ، والماء الذي يستعمل لهذا الغرض يجمع ليشربونه .. وان اول من يشرب هذا الماء هو اعلى درجة منهم ، والباقي من الماء يقسم بين النساء والاطفال والاغرب ان هذا الماء القذر والوسخ يحتفظ به لشفاء جميع الامراض ... 
+ في موسم قطف الاثمار والاعناب والحصاد :-
عندما يجمع الحاصل في موسم قطف الاثمار والاعناب والحصاد ، يترك جزء منه للارامل واليتامى وكذلك للطيور ، ويسمح لهم بأخذ الحزم الساقطة على الارض ، تؤكل بعد غليها في الماء في نفس الحقل ، ولا يحق لهن اخذها الى بيوتهن ، وكذلك بالنسبة للعنب من حقهن ان يأكلن كفايتهن وهي في الكرم ولا يحق لهن بأخذ العنب او الاثمار الى البيت ، واما باكورة الحاصلات واجودها فتقدم كهدايا الى المعلم او القاضي ..
+ فدية جريمة القتل :-
اذا وجدت جثة شخص ما مرمية في مكان ما ، فالسلطات تذهب الى نفس المكان وتأخذ القياسات لمعرفة المسافة بين الجثة واقرب مدينة او قرية منها ، وذلك لأخذ ( الفدية ) ضريبة الدم من سكان تلك القرية او المدينة ودفعها الى اهل المتوفي ...
+ احترام الفارس الكردي :-
اذا صادف فارس كردي يهوديا او نسطوريا يسير في الطريق ، فعلى اليهودي او النسطوري الركض بأقصى سرعته دون توقف كي يفتح له باب الاسطبل ...
+ تقديس المعابد :-
من العادات المتبعة هي نزع الاحذية عند الدخول الى المعابد لأنها كما يعتقدون هي بيوت الله ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 161 ) .

يهود بغداد :-
قد لا تكون هذه قصة مثيرة او قد لا تكون قصة اساسا ، الا انني اردت ان اشير اليها لأكثر من سبب :-
اولها انني فعلا اندهشت لحالة اليهود الذين كانوا يعيشون في بغداد في تلك الفترة كما وصفها المؤلف ، بالرغم من انني قد اطلعت على بعض ما هو متوفر عن هذا الموضوع مما ورد في تاريخ العراق الحديث وما قد سمعته مما هو منقول شفاها من بعض كبار السن الذين عايشوا يهود بغداد في منتصف القرن العشرين وما كان لديهم من شأن كبير وثقل ملموس في كافة مجالات الحياة ، وايضا ما شاهدته بنفسي بعد ذلك مما تركوه في بغداد من بيوت كبيرة وبنايات فخمة وقصص كثيرة عن اعمالهم وشركاتهم ، الا انني مع ذلك استغربت كثيرا عندما قرأت ما ذكره المؤلف عن حالة اليهود في بغداد في منتصف القرن التاسع عشر ...
والسبب الثاني هو سؤال لطالما سمعته من الكثيرين وخاصة كبار السن الذين عايشوا اليهود وهو :- الم يكن خطأ كبيرا التفريط بهذه الشريحة المهمة من نسيج المجتمع العراقي عندما هجروا قسرا في اواسط القرن العشرين ؟ الم يكن ذلك خسارة كبيرة للعراق ؟ ...
واما السبب الاخر فهو الاهم والاحدث ، وهو المقارنة بين حالة اليهود وما كان لليهود في تلك الفترة مع حالة المكونات العراقية الاصيلة الموجودة الان في بغداد ومنهم ابناء شعبنا المسيحيين وما يتعرضون اليه وما يعانونه من الظلم والاضطهاد والقتل والتهجير وما الى ذلك ، فهل هذا هو تحقيق لما كان يقوله هؤلاء اليهود من ان ( الاحد يأتي بعد السبت ) ؟ ام انه استكمال لمخطط كبير وقديم ؟ ...
لنعود الى الموضوع حيث يصف المؤلف بغداد في ذلك الوقت فيقول :-
بغداد مدينة مقسمة الى قسمين غير متساويين بواسطة نهر دجلة (الكرخ والرصافة) القسم الكبير هو مدينة بغداد وهي محاطة بسور تعلوه القلاع والابراج يتم الدخول اليها من باب الموصل ، والقسم الثاني من المدينة يستقبل القوافل الكثيرة القادمة من اماكن بعيدة ، الجسر الذي يربط الجانبين هو في حالة سيئة يصعب استعماله ، فيلتجيء الناس الى استعمال القف والقوارب الطويلة للعبور ..
يتألف سكان بغداد من العرب وهم الاكثرية واليهود والمسيحيون ثم الفرس وكذلك الهنود ، واللغة المستعملة هي العربية والتركية والفارسية واليطالية ..
التجارة في بغداد نشطة جدا وواسعة ومعروفة لدى العالم بقوافلها الكبيرة التي تتجاوز احيانا الفي جمل ...
تصميم الدار البغدادية هو باحة في الوسط تحيط بها غرف ، وفي اكثر الاحيان تتكون الدار من طابقين ...
واما عن حالة اليهود في بغداد فيقول :-
عندما وصلت الى بغداد استقبلت على احسن ما يرام وبكل حفاوة من قبل يهود بغداد ، ويضيف :- لم اجد في حياتي ومن خلال جولاتي يهودا اغنياء وسعداء في حياتهم اليومية مثل يهود بغداد ، وهم متنورون لا يؤمنون بالخرافات والتقاليد البالية القديمة ، ان افكار وثقافة يهود بغداد احسن بكثير من يهود الاقطار الشرقية الاخرى ، يرحبون بالضيوف ويمارسون العادات الجيدة ويمتازون بثقافة عامة ، يحبون عمل الخير ، يوزعون الصدقات للايتام والارامل والفقراء والمعوزين وخاصة عند بداية نهار السبت بكل فرح وسرور وكما يقيمون الولائم للفقراء ، يتعاملون بأسلوب حضاري لا يقل كثيرا عن الاوربيين ، بينهم العلماء والصناعيون والاغنياء وكبار التجار او تجار من الدرجة الاولى ...
رؤساء الدين عندهم يمتازون بالثقافة والعلم ، لبعضهم صلاحيا الحاكم ( ديامين اي الديان ) لتطبيق العدالة ، ولبعضهم صلاحية اصدار القرارات ، حاخامهم يتم تعيينه من قبل الباب العالي في اسطنبول وينوب عنهم عند السلطان وله مساعدين معروفين برجاحة العقل والنزاهة ، واما الراباي فيمتاز بالجدية وتبدو عليه مظاهر النبل والشهامة ، علاقته مع الباشا جيدة جدا ، له اربعة حراس وجندرمة وخمسة خدم ، يخرج من داره راكبا فرسه وامامه ثلة من الجنود ليعطي له هيبة وتقدير ليشبه الامير في تصرفاته ، له خدم وحشم ، يتمتع بالصلاحيات والامتيازات في الحكومة العثمانبة ، سلطته مستمدة من الباشا نفسه وارتباطه معه مباشرة ...
لليهود في بغداد مدرسة لتخريج رجال الدين ، ولهم تسعة معابد ، وبالرغم من انهم يعيشون في محلة خاصة بهم ولكن بأمكانهم العيش اينما يشاؤون مع المسلمين ...
تتوقف الاعمال عندهم مساء يوم الجمعة وتغلق جميع البيوت المالية ، ويذهب كل شخص الى داره يرتدي احسن ملابسه ويذهب الى المعبد حيث تبدأ الخدمة المسائية والصلوات التي تنتهي قبل مغيب الشمس ، فيعود الجميع الى عوائلهم وينشدون الاناشيد الدينية ويتناولون البراندي المطعم بالانسون ، وبعد مغيب الشمس يؤدون صلاة ( كريات سكيما ) ثم يتناولون العشاء ...
واما نهار السبت فيذهبون الى المعبد لتأدية صلاة الصبح ثم يعودون لتناول الفطور وقراءة الاسفار بصورة جدية ، يخرجون الى الهواء الطلق ويؤدون الاناشيد والصلوات بصورة جماعية ..
الاغنياء منهم لهم بساتين النخيل على نهر دجلة فيها بيوت صيفية يعيشون فيها بفرح وسرور ومشاعر جياشة .. 
يمارسون تعاليم الدين ويتمسكون بالقيم الاخلاقية العالية ، يعيشون حياة راضية هانئة سعيدة بعيدا عن الاضطهاد والتمييز الديني ..
الى ان يقول :- ان هذا ما جعلني اطير فرحا واعتبرها كواحات غناء في صحراء الزمن الرديء الموحش ، ولكن اجد نفسي في حالة يأس وقنوط عندما اقارن حالهم مع حالة اليهود الاخرين ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 177 ) .
والى الجزء الرابع الذي سيشمل بعض القصص المثيرة من الهند وافغانستان وايران

85
            بعد العراق وتونس " هو إز ذَ نِكست " ؟

وحيد كوريال ياقو
كانون الثاني 2011

بداية نتمنى لتونس الخضراء ان تبقى خضراء وان لا تتحول الى حمراء او سوداء او اي لون اخر ...
وكما نتمنى للشعب التونسي الثائر ان يحقق كل ما يصبو اليه في هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي يحاول فيها تغيير نظامه الدكتاتوري بنفسه ، وان لا يحصل له ما حصل للشعب العراقي بعد تغيير نظامه الدكتاتوري من قبل غيره ...
وكما نتمنى ايضا ان تكون نتيجة هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي قام بها الشعب التونسي الغاضب ، هي استرداد حقوق ابناء الشعب المهضومة وتحقيق الحريات المفقودة واحقاق العدالة الاجتماعية المطلوبة التي تنادي بها الجماهير المنتفضة الغاضبة التي خرجت الى الشوارع لتصرخ بأعلى صوتها وتناشد العالم كله من اجل ( الخبز والحرية والكرامة الوطنية ) ، فنرجو ان تكون النتيجة تحقيق كل ما تطالب به هذه الجماهير المنتفضة الغاضبة  ..
في الوقت الذي يعلم الجميع ان الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكل ما تعاني منه الناس من الظلم والاستبداد والحرمان والفساد الاداري والمالي ونهب الاموال العامة وارتفاع الاسعار وفقدان فرص العمل وانتشار البطالة وازدياد معدل الفقر والجهل وازمة السكن وعدم توفير الحد الادنى من الخدمات الاخرى المطلوبة وما اكثرها ، هي نفسها في كافة البلدان العربية ذات الانظمة الاستبدادية الفاسدة وحكامها الطغاة المتسلطين على رقاب شعوبهم ..
وفي نفس الوقت الجميع يعلم ايضا ان تغيير اي نظام من هذه الانظمة الدكتاتوية من قبل ابناء الشعب ومن خلال انتفاضة شعبية سلمية عفوية كما هو الحال الان في تونس ، انه ضرب من الخيال او انه امر صعب جدا او لنقل على اقل تقدير انه ليس بالأمر الهين او الممكن ..
ولكن الشعب التونسي بأنتفاضته هذه قد تجاوز هذا الامر بجدارة حيث انه فعلا اراد الحياة ولهذا فقد استجاب له القدر ، وبذلك حطم حاجز الخوف لدى كافة ابناء الشعب الراضخين لنير الدكتاتورية والاستبداد والذين يعانون من شتى انواع الظلم والطغيان والحرمان منذ زمن بعيد حالهم بذلك حال بقية الشعوب العربية ..
ان ما فعله الشعب التونسي من خلال انتفاضته الشعبية العارمة انما هو انذار شديد اللهجة او درس بليغ الاهمية في رسالة مزدوجة او لنقل رسالتين في ان واحد :-
الرسالة الاولى الى الحكام الطغاة وجميع الانظمة الاستبدادية تقول لهم ان الشعوب بدأت تبحث عن الحرية والديمقراطية ، وانها بدأت فعلا تحاول التخلص منهم والقضاء عليهم وسوف لن تدوم لهم مدى الحياة ، فعليهم الاستفادة من هذا الدرس واعادة النظر فيما هم عليه ، وفيما يعملونه بحق شعوبهم وفيما يخططون له لتوريث الحكم لأبنائهم واحفادهم ، وليعلموا ان القدر قد استجاب فلا بد من ان يسمعوا الى ما يقوله الشعب ، وان لا  فعليهم ان يحزموا حقائبهم ويجهزوا انفسهم ويحضروا طائراتهم التي تقلهم الى حيث من جاء بهم الى الحكم قبل فوات الاوان وقبل ان ينقلب عليهم ، لأنهم لا يعرفون متى ستندلع شرارة غضب شعوبهم المتقدة التي سوف لن ترحمهم ..
والرسالة الثانية هي الى كافة الشعوب العربية المغلوب على امرها التي ترضخ تحت نير هؤلاء الحكام الطغاة وتلك الاجهزة الاستبدادية ، هذه الشعوب التي تعودت على الصبر والتحمل التي وصلت الى درجة العبودية ، لكي تنهض من جديد وتعلن عن مشاعرها الجياشة المكبوتة ولكي تعلن عن رغبتها في الحياة الحرة الكريمة وتعلن عن موقفها الصريح تجاه حكامها وانظمتها والشروع بمحاربتها وتغييرها وبناء بدلا عنها انظمة جديدة ديمقراطية تضمن تحقيق الامن والامان والعدل والمساوات والعيش الكريم لكافة ابناء الشعب من دون استثناء او تمييز على اساس الجنس او الدين او القومية او المذهب او الانتماء الفكري او السياسي او غير ذلك ..
فتحية الى الشعب التونسي البطل الذي كان السباق على كافة الشعوب العربية ، والذي قال كلمته في هذه الانتفاضة التاريخية التي زعزعت اركان كافة الحكام المستبدين والتي ستكون نقطة تغيير ليس فقط في تاريخ تونس بل في تاريخ المنطقة برمتها حيث ستصبح مثالا تقتدي بها جميع الشعوب العربية  ..
ولكن في نفس الوقت نقول ونؤكد على الشعب التونسي اتخاذ الحيطة والحذر ، كل الحذر من الذين يجيدون تغيير الوان ابدانهم من احتواء هذه الانتفاضة او الانقضاض عليها او الالتفاف على اهدافها والسيطرة على زمام الامور من جديد واستلام السلطة ثانية وتحويل النتائج وفق مصالحهم الخاصة واعادة الكرة بأشكال والوان اخرى ..
وعلى الشعب التونسي ايضا الحرص ، كل الحرص على الاستمرار بالمطالبة على تحقيق كافة المطاليب التي تنادي بها الجماهير المنتفضة ، لكي لا تذهب تضحيات ابناء الشعب التونسي هدرا وهباءا ..
وعلى الشعب التونسي ايضا الاصرار كل الاصرار على تغيير النظام بأكمله وقلع جذوره وليس فقط الاكتفاء بتغيير شخص او مجموعة اشخاص ، بل بناء نظام ديمقراطي جديد ، نظام علماني يفصل الدين عن الدولة ، نظام يؤمن بالتداول السلمي للسلطة وفق الاليات المتبعة في كافة الدول الديمقراطية ، نظام يضمن تحقيق العدل والمساوات لكافة ابناء الشعب ..
وعلى الشعب التونسي ايضا ان لا يدع قوى الجهل والظلام التي تتربص الان الوضع عن كثب من استغلال الفراغ  وفرض نفسها ووجودها على الساحة لتبني ديمقراطية على مرامها وعلى الطريقة التي تريدها وبالمقاييس التي ترغبها ، ديمقراطية ترتكز على اسس الجهل والتخلف تبدأ بعزل محال الحلاقة وغلق النوادي الثقافية والاجتماعية وتحديد ملابس النساء وتنتهي بجر البلد الى الهاوية ...
وفي الختام لا يسعنا الا ان نقول ونكرر على الحكام العرب ان يعرفوا جيدا وان يعوا انه بعد ان حطم سجين نصب الحرية في بغداد قضبان سجنه وخرج ليطالب بالحرية والديمقراطية والحياة الحرة الكريمة ، ها هو الشعب التونسي يخرج الى الشارع ليحقق مضمون قصيدته الرائعة ( اذا الشعب يوما اراد الحياة  فلا بد ان يستجيب القدر ) فها هو القدر يستجيب ، وها هو القيد ينكسر ، وسينجلي الليل لا محال وستشرق شمس الحرية على كافة الشعوب العربية التي تنتظرها على احر من الجمر وهي تتساءل  من سيكون اللاحق ؟ او باللغة التي يفهمها هؤلاء الحكام ( هو اِز ذَ نِكست ؟ ) .
وسواءا كان هذا ( النِكست ) من شرق البلاد او من غربها او حتى من وسطها  فهذا لا يهم ، فالمهم ان يكون هناك دائما ( نِكست ) ، والى ذلك ( النِكست ) القادم تلتفت انظار الملايين من المظلومين والمقهورين والمحرومين ، وعن ذلك ( النِكست ) الاتي قريبا ان شاء الله ، سيكون لنا كلام اخر .  

86
[


            قصص مثيرة من كتاب " رحلة بنيامين الثاني "    
                   ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا
                                      ( الجزء الثاني )

 وحيد كوريال ياقو
كانون الثاني 2011

ذكرنا في الجزء الاول من هذا الموضوع ان كتاب " رحلة بنيامين الثاني " هو كتاب قديم ونادر من تأليف الرحالة الروماني ( بنيامين اسرائيل جوزف ) في اواسط القرن التاسع عشر , قام بترجمته الى العربية بتصرف الاستاذ ( سالم عيسى تولا ) في ولاية مشيكن الاميركية اواخر 2010 وذكرنا ايضا بعض القصص المثيرة التي اشار اليها المؤلف في جولته الى الاراضي المقدسة والتي كانت حول تقاليد ومعتقدات ابناء قومه اليهود المشرقيين ابناء الاسباط العشرة التي كان يبحث عنهم ..
واما في هذا الجزء فسنذكر بعض القصص المثيرة التي اشار اليها المؤلف خلال زيارته الى مناطق اخرى من الشرق الاوسط مثل لبنان وسوريا وتركيا والتي ستكون عن اقوام اخرى غير اليهود , ومنها اخترنا :-    

بعض ممارسات دروز لبنان :-  
بعد الاراضي المقدسة يجول المؤلف في جبال لبنان من خلال اقتفاء اثار طرق قديمة تدور حول خرائب وبقايا بنايات قديمة , شاقا طريقه فوق هذه الجبال العالية التي يقول عنها انها غنية بأشجارها المثمرة ذات الانتاجية العالية والنوعية الممتازة وكذلك الاعناب التي تنتج احسن انواع الخمور , ويذكر ملاحظات عن اللبنانيين بشكل عام الذين يشتهرون بتربية المواشي والابقار بالاضافة الى زراعة القطن وتربية دودة القز , ويشير الى مكونات الشعب اللبناني ومنهم الدروز الذين لديهم عادات وتقاليد غريبة  فيقول :-  
الدروز يشكلون فئة مهمة من الشعب اللبناني ويمتازون بالشجاعة والاقدام واقتحام المصاعب وهم مقاتلون جيدون , ويعتبرون من القوميات الرئيسة في لبنان , يدينون بدين مزيج من المسيحية والاسلام , ولكن لديهم عادات وممارسات غريبة , ومن بين ما ذكر لي عن هذا المعتقد ان الاب يتزوج ابنته والاخ اخته , ولأثبات ذلك اذكر ما حدث بصورة واقعية :-
ان يهوديا كان على علاقة صداقة حميمة مع رئيس قبيلة درزية , ونظرا لهذه الصداقة المتينة طلب ابن الشيخ من صديق ابيه اليهودي ان يتوسط له كي يتزوج من شقيقته , فرفض الاب قائلا :- انها لي , اريد ان اتزوجها انا , حيث قررت ذلك !!! .
ان الذي روى لي هذه الواقعة هو اليهودي الذي كان وسيطا لزواج ابن الشيخ نفسه ..
ويضيف المؤلف :-
بالرغم من ان اليهود يعيشون منعزلين , الا ان علاقتهم بالدروز جيدة , ويعملون معهم بالزراعة والتجارة بعكس المسيحيين ( المارونيين ) الذين هم في حرب سجال مع الدروز ..
ويذكر ايضا :- ان هناك الكثير من القصص والحوادث التي حصلت في الماضي , ومنها هذه الحادثة , من المعروف ان بنات اليهود تذهبن لرعي الماشية تشبها بـ ( راحيل ) , ويقال ان شابة يهودية كانت ترعى الاغنام على الجبل , هاجمها درزي يريد اغتصابها , فرفضت وتوسلت اليه ان يتركها , ولكنه عاملها بقسوة وقوة , وكان الدرزي عديم الرحمة , ولم تفد معه توسلاتها , فسحبت مسدسها واطلقت عليه النار فأردته قتيلا .. وعندما قدمت الفتاة الى المحاكم امر الحاكم ببراءتها واثنى عليها كثيرا لشجاعتها وتمسكها بشرفها ..
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 74 ) .

طريقة دراسة الكتب المقدسة عند يهود حلب :-
حلب مدينة سورية لها اسمان ( زوفا ) عند اليهود و ( حلب ) عند غيرهم , وهي مدينة محاطة بأسوار عالية وسميكة , لها تجارة رائجة مع الموصل وبغداد وديار بكر وحتى مصر والهند وانكلترا وفرنسا ..
كانت في السابق عاصمة لمملكة صغيرة في زمن الملك ( داؤد ) , ولليهود فيها معبد قديم جدا يقال انه شيد من قبل ( يوأب ) قائد جيش داؤد ...
يهود حلب مشهورون بأتحادهم ومحبتهم واخلاصهم لرجال الدين , ولهذا فأن دراسة الكتب المقدسة لديهم يعتبر شيئا صعبا ولكنهم يحاولون ذلك بغض النظر عن العمر او الحالة الاجتماعية او العلمية , ولهذا فقد اختاروا لهم مكانا مناسبا هادئا للدراسة وهو قرب جدول ماء يحدث فقاعات اثناء جريانه تفسر على استمرار الحياة وديمومتها ..
يبدأ الدوام في منتصف الليل يوميا في هذا المكان , وعندما يجتمعون داخل هذا المعبد يشعرون بالسعادة والصبر , ويصطحبون معهم النساء والشيوخ والاطفال , يستمرون في الصلاة والعبادة برغبة عارمة يقرأون التلموذ والسوهار حتى شروق الشمس  ثم يلتحقون بأعمالهم اليومية عدا ليلة الجمعة على السبت فهي مخصصة للصلاة دون العمل , وتتخلل المناسبات الدينية وايام السبت اعمالا ترفيهية كاللعب والغناء والرقص ومشاهدة التمثيليات وغيرها والكل يشتركون سوية بغض النظر عن الحالة الاجتماعية .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 83 ) .

كهوف اورفا ومهد ابراهيم والمحرقة :-
اورفا هي مدينة الرها او اورهاي التي تقع جنوب تركيا , ويعتقد البعض ان اورفا هي مدينة اور الكلدانية التي خرج منها ابراهيم التي ذكرت في الكتاب المقدس والتي تقع بالقرب من مدينة الناصرية جنوب العراق ...
في هذه المدينة ( اي اورفا ) تماثيل كثيرة وكهوف من عمل الانسان , ومنها الكهف الذي يقال انه ولد فيه ابراهيم وهو منقور في صخرة كبيرة جدا ومعزولة بقربها صخرة اخرى كبيرة بيضاء تشبه مهد الطفل , والكهف مسدود يحرسه بعض العرب يتقاضون مبلغ من المال من زائريه , حيث يستعمل هذا المهد لشفاء الاطفال المرضى , حيث يوضع الطفل المريض في هذا المهد الذي يسمونه ( مهد ابراهيم ) طوال الليل , وفي صباح اليوم التالي اذا وجد الطفل ميتا  فيدفن , واذا وجد حيا فيعتقدون ان صحته سوف تتحسن وسوف يشفى ...
واما المحرقة فهي عبارة عن اخدود محاط بممر , يقال انها المحرقة التي هيئت لحرق ابراهيم فيها , او التي رمي فيها ابراهيم من قبل نمرود لحرقه , ولكن الله جعلها باردا جدا عوضا عن النار الملتهبة , ثم تحول هذا الاخدود الى جدول ماء تتشكل منه بركا كثيرة يعيش فيها السمك بكميات هائلة , يحرم صيدها نظرا لقدسية المكان فتكاثر عدده واصبح لا يخاف الانسان , ويعتقدون ان من يصيد سمكة جزاءه الموت ..
وعلى بعد خمسين خطوة من المحرقة يوجد عمودان صخريان كبيران مثبتان مع بعضهما في الارض , يقال ان نار المحرقة كانت شديدة جدا بحيث لا يستطيع الانسان الاقتراب منها فكانوا يرمون الضحية فيها عن بعد , اي من فوق هذان العمودان ..
وبالقرب من هذا المكان وعلى سفح الجبل يوجد عدة بنايات وعدد كبير من الكهوف المربعة الشكل باحجام كبيرة , سقوفها ملساء واعمدتها قطع صخرية قسم منها لا تزال واقفة تسند السقف , والغريب ان جميع هذه الاعمدة مجوفة تعشعش فيها الثعابين والعقارب القاتلة , ويعتقدون ان نمرود الذي اشتهر بالصيد وتأسيس المدن قد سكن هنا .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 90 )

اسرار اسوار ديار بكر :-
ديار بكر مدينة مهمة تقع جنوب تركيا اسمها القديم ( امد ) , سكانها يتكلمون العربية والتركية والارمنية , وهي مشهورة بتجارتها الواسعة مع الاناضول ودمشق وحلب والموصل وبغداد وكردستان , وتشتهر بمنتوجاتها الفضية وصناعة الدروع والزرد ..
بناياتها جميلة جدا , اسواقها عامرة وكبيرة , نافوراتها بديعة مزينة بأعمدة مرمرية , بيوتها انيقة , جامعها جميل , تحيطها حدائق غناء محاطة بسور عال بني منذ زمن الرومان , وهو سور متين جدا يمتد مع سلسلة جبال صخورها جرانيت المعروفة بزواياها الحادة , وهي اسوار عريضة بحيث تستطيع العربات الدوران حول نفسها وهي فوقها , يتم الصعود اليها بواسطة درج داخلي وفوقها عدة بيوت , وعن قصة هذه البيوت يقول المؤلف :-
كنت اسير يوما على قمة السور حيث استمتعت بأجمل المناظر الخلابة للمدينة والمناطق المجاورة , اردت ان اعرف ماذا في داخل هذه الغرف وما مهمتها ؟
نصحني المرافقين لي بالابتعاد عن هذا الموضوع , لأنهم يعتقدون بأنها مسكونة بالارواح الشريرة وان كل تطفل منا يعرضنا للخطر ...
ولكني لم اتوقف عن معرفتي ما في داخل هذه الغرف رغم نصائحهم , فدخلت دون مبالات احدى هذه الدور , ولم ارى فيها شيئا , ولكن عندما حاولت دخول البيت الثاني جاءتني اطلاقة نار بالقرب مني , فخرجت فورا ...
وبعد خروجي قالوا لي وهم خائفون :- ان المسلمات يجتمعن مع شباب الارمن بصورة سرية في هذه البيوت لممارسة الجنس , انه سر يجب عدم افشائه , وكان من الافضل ان تتسلح عند دخولك اليها , لا بل من الاحسن ان لا تقترب منها لأنك تدفع حياتك ثمنا لهذه المجازفة !! .
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 100 ) .  

جبال ارارات وفلك نوح :-
على مسيرة ست ساعات من مدينة ( زاخو ) التي تقع على نهر الخابور صعودا الى قمم الجبال المرتفعة التي تتصل بجبال كردستان هناك جبال عالية ذات زوايا حادة , يعتقد انها جبال ( ارارات ) التي رست فوقها سفينة نوح واستقرت عليها بعد الطوفان ...
وعلى سفح الجبل يوجد اربع اعمدة صخرية , يقول الاهالي عنها انها بقايا مذبح قديم يعود لزمن نوح بعد نجاته من الطوفان , ويضيفون مؤكدين ان نوح مدفون هنا ولكنهم لا يستطيعون تحديد مكانه ..
واما عن الطوفان وفلك نوح فقد ذكروا لي اشياء كثيرة غريبة وعجيبة منها هذه القصة :-
احدى القبائل الكردية ( وقد تكون ايزدية بحسب رأي المترجم ) تصعد الجبال في نهاية الشهر السادس , وتقضي يوما كاملا في التعبد والدوران حول مكان معين هناك , حاملين الشموع , يعتقدون انهم من سلالة الملك ( سنحاريب ) ولهم تقاليدهم الخاصة التي تقول ان الملك سنحاريب نفسه كان يقدم الابتهالات والصلوات الى الله كي لا يعيد عليهم الطوفان ثانية ...
وبعد انتهاء المراسيم وفي طريق عودتهم من الجبل , يجلبون معهم بعض من بقايا قطع على شكل الواح عليها اثار القير لونها رصاصي وقسم منها سوداء فيها ثقوب عديدة , يعتقدون انها بقايا من سفينة نوح , وبحسب معتقداتهم ان السفينة لا زالت مدفونة تحت الارض في هذا المكان ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 110 )
والى الجزء الثالث الذي سيشمل بعض القصص المثيرة في العراق .

[/size][/size]

87

                 قصص مثيرة من كتاب " رحلة بنيامين الثاني "  
                     ترجمة وتحقيق الاستاذ سالم عيسى تولا
                                         ( الجزء الاول )

( رحلة بنيامين الثاني ) كتاب قديم ونادر من تأليف الرحالة ( بنيامين اسرائيل جوزف ) قام بترجمته الى العربية بتصرف الاستاذ ( سالم عيسى تولا ) في ولاية مشيكن الاميركية اواخر 2010 ..
لم اتردد من اقتناء هذا الكتاب حال سماعي به لاكثر من سبب , فهو قبل كل شيء كتاب تاريخي قديم من ادب الرحلات , وقد اعتقدت في البداية ان مؤلفه ( بنيامين ) هو احد ابناء شعبنا وان رحلته هذه التي كانت الى الشرق في اواسط القرن التاسع عشر حتما ستكون حول تاريخ ابناء شعبنا في تلك الفترة التي نحن بأمس الحاجة الى اية معلومة عنها , واما السبب الاخر فهو معرفتي الشخصية بالمترجم ( الاستاذ سالم عيسى تولا ) كونه باحثا جديا دقيقا يبحث عن المهمات من الامور وثقتي العالية لما يمتاز به من قدرات ثقافية عالية وواسعة , وانه لم يكن ليقوم بعمل كبير كهذا ما لم يكن هناك ما يستوجب ذلك ...
واما بعد قراءتي لمقدمة الكتاب المترجم التي سطرها بجدارة الاستاذ ( نوئيل قيا بلو ) , فقد عرفت ان المؤلف ( بنيامين ) روماني وانه لا يمت الى ابناء شعبنا , وان رحلته هذه كانت بحثا عن ابناء قومه اليهود المشرقيين , وهكذا بقي دافعي لقراءة هذا الكتاب هو ثقتي بأن المترجم لم يكن ليبذل كل هذا الجهد ما لم يكن هناك امرا هاما ...
وفعلا كان ذلك حيث وجدت في الكتاب الكثير من المعلومات التاريخية الدقيقة والكثير من التفاصيل الجغرافية المبسطة والكثير الكثير من العادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية الغريبة للشعوب والاقوام المختلفة التي مر بها المؤلف خلال رحلته هذه والتي دونها بكل دقة وامانة ولم يترك شاردة او واردة الا وتطرق اليها ولم يترك مدينة او حتى قرية نائية فيها بضع عوائل من اليهود الا ان وصلها واطلع على احوالهم متحديا بذلك كل المخاطر الكبيرة والصعوبات الكثيرة والمعوقات التي واجهته خلال رحلته هذه التي كانت لغرض البحث عن ابناء قومه واخوته في الايمان ابناء الاسباط العشرة المفقودة او الضائعة بحسب قوله , ذلك الموضوع الذي كان يحلم به منذ طفولته حيث كان قد سمع عن هذه الاسباط انها قد هجرت الى منطقة جبال مظلمة , وان لهم ملوك يحكمونهم بالعدل والمساوات وانهم يعيشون سعداء بعكس ابناء سبطي يهودا وبنيامين الذي هو منهم حيث يعانون الظلم والاضطهاد والتشرد في بلدان الغرب , وخاصة بعد ان عرف ان ابناء هذه الاسباط العشرة كانوا اكثر فسادا من غيرهم , وهذا ما جعله في حيرة  من امره , وهنا خطر بباله سؤال كبير وخطير ( لماذا كان الله مع الفاسدين ؟! ) ...
ولايجاد الجواب الشافي لهذا السؤال الخطير الذي شغل فكره وعقله واعصابه لفترة طويله , فقد كان اختياره الوحيد هو السفر والبحث عن الحقيقة على ارض الواقع ليتأكد بنفسه من ان ما يصيب ابناء هذه الاسباط هو نفسه ما يصيبهم هم ان لم يكن اسوأ , اي انهم يعيشون حالة واحدة ومعاناة ذاتها , وهذا ما جعله يقول في نهاية رحلته هذه عن المناطق التي زارها بعد عودته انها بلاد الظلم والاضطهاد , هذا بالاضافة الى عدم وجود الامن والامان حيث يقول بخصوص ذلك ان المجموعات البدوية التي تنتشر على الطريق لغرض الحراسة هي اشد خطرا من اللصوص وقطاع الطرق لأنهم انفسهم يهاجمون القوافل ويسلبونها ..
ومهما يكن فهذا هو ما دعاه الى القيام بهذه الرحلة الشاقة والخطرة معرضا نفسه الى مخاطر كثيرة الى ان شاهد الحقيقة المرة بأم عينه  ولكن ما يهمنا نحن من هذه الرحلة بالاضافة الى المعلومات التاريخية والجغرافية , هي الكثير من القصص المثيرة والحكايات الغريبة والممارسات العجيبة التي تجذب الانتباه وتثير الاستغراب , ولهذا أردت ان اشير الى بعض منها ليس لغرض ما وانما كمعلومات للاطلاع فقط ...
ولكن قبل ذلك يجب ان اشير او اكرر ما قاله المترجم ( الاستاذ سالم ) من اننا لسنا من المؤمنين او المصدقين او المدافعين لما جاء في هذا الكتاب , واضيف ايضا لما ذهب اليه او من اجله مؤلف هذا الكتاب ...
وملاحظة اخرى لا بد لي ان اشير اليها وهي انه بالرغم من كل محاولاتي لأختصار هذا الموضوع لعدم رغبتي في الاطالة , الا انني وجدت نفسي في النهاية امام عدد كبير من القصص المثيرة والغريبة المهمة , فحاولت الاقتصار فقط على بعضها التي اعتقدت انه لا بد من ذكرها وبحسب المناطق المختلفة التي زارها المؤلف , ولكن مع هذا فقد وجدت انها اكثر من ان تكون في مقال واحد , ولهذا فضلت ان اقسم الموضوع الى اجزاء بحسب المناطق واختار من كل منطقة بعضا من هذه القصص المثيرة اوالغريبة , ولمن يريد المزيد منها عليه اقتناء نسخة من هذا الكتاب ...
وهذا هو الجزء الاول من هذه القصص التي اخترتها من بعض مناطق الشرق الاوسط وتحديدا فلسطين , وستليه اجزاء اخرى لقصص اخرى اكثر اثارة في مناطق اخرى ..

اورشليم والهيكل المدمر :-
مدينة اورشليم التي يصفها المؤلف بالمدينة الخالدة او مدينة الله الابدية وتاج المدن وملكة الامم , اورشليم المدينة المقدسة التي ملأ اسمها العالم كله , المدينة التي سقطت وصارت اطلالا , فهل سقطت لأنها جميلة ومزهوه من الخارج وفاسدة من الداخل ؟!
اورشليم المدينة التي بنى الملك ( سليمان ) فيها الهيكل , هذا الهيكل الذي هدم اكثر من مرة , هذا الهيكل الذي دمر لأكثر من سبب , عن هذا الهيكل يقول المؤلف ان بضعة ملوك حاولوا اعادة بنائه , وحتى خليفة مسلم ايضا , ولكنهم لم يستطيعوا وذلك تحقيقا لقول الانبياء ( اذا الله لا يريد ان يبني بيته فلا يقدر على ذلك البناؤون .. ) .
وعن قصة الخليفة المسلم يقول :-
من بين الملوك الذين حاولوا اعادة بناء الهيكل هو السلطان ( سليمان ابن السلطان سليم الاول ) الذي شيد بناية بالقرب من الهيكل وقصرا له الى الغرب منه , ثم اهملت البناية وتحولت الى انقاض , فأستخدمها الناس كمجمع للنفايات وحتى الهيكل نفسه , وعن هذا الموضوع حكاية منقولة مفادها :-
ان السلطان شاهد امرأة مسنة رقيقة الحال تسحب كيسا كبيرا من الازبال لترميه على انقاض الهيكل التي شكلت تلالا صغيرة من القاذورات , فسألها السلطان :-
لماذا ترمين الازبال في هذا المكان ؟
فأجابته :- اني لم افعل شيئا يؤذيك وانما جرت العادة هكذا ..
ثم اردفت قائلة :- بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ومجيء حكام جدد اصدروا امرا بجعل هذا المكان مجمعا للنفايات , ترمى فيه الاوساخ مرتين في الاسبوع بالنسبة للاماكن القريبة , ومرتين في الشهر بالنسبة الى الاماكن البعيدة .. ارجو ان لا يغضب سيدي السلطان من عبدته المطيعة ..
فأمر السلطان بسجن المرأة للتأكد مما قالته , وبعد اطلاعه على حقيقة الامر , اصدر امرا بحراسة المكان واعتقال كل من يرمي الاوساخ فيه , ولمعرفة ماذا يوجد تحت هذه الاكوام من الازبال , باشر السلطان بالحفر والتنظيف بنفسه ثم حذا حذوه جميع موظفيه وخدمه نساءا ورجالا , وجاءت الحشود من جميع ابناء الشعب تساهم في الحفر ونقل النفايات الى اماكن بعيدة , وكان السلطان يرمى النقود سرا بين هذه النفايات ليجعل الناس يعملون بجد ونشاط , الى ان ظهرت خرائب الهيكل وحائطه الطويل ..
وبعد الانتهاء من العمل امر السلطان ان كل من يلوث هذا المكان مصيره الاعدام , ثم امر السلطان كبار اليهود لمواجهته ليعتذر عما حصل للمعبد قائلا لهم :-
امرني الله انكم سوف ترون وتشاهدون بواسطتي ان المعبد سوف يقام ثانية كما كان في السابق واجمل لأن الذي شيده هو النبي سليمان وانا اسمي سليمان ايضا ..
اما هؤلاء اليهود الحزانى فقد ذرفوا الكثير من الدموع وهم ساكتون بين مصدق ومكذب لما يسمعونه اذ سألهم السلطان عن سبب بكائهم قائلا لهم :-
افرحوا وامرحوا لأن الله لم ينساكم ..
ثم تقدم كبيرهم من السلطان وقال :- نبتهل الى الله ايها السلطان العادل ان يجعل عمرك كعمر الارض , نتوسل اليه تعالى ان لا ينسى ما تقوم به من احسان عظيم في اعادة بناء الهيكل , اننا نمجد الله ونفخر بعملك , ولكن بموجب كتبنا المقدسة التي تقول اننا سوف لن نعيد بناء المعبد , وانما الذي يبنيه هو الله وحده وبواسطة من لا يخطر على بالنا , وهو ليس يهوديا , انما اعجوبة ستحصل ويتم اعادة البناء من قبل شخص ليس من بني اسرائيل وانما احتراما وتقديرا لأسم الله وحده , وعندما يأتي هذا الملك ويصلي في الهيكل سوف يسمع صوته في السماء ...
فقال السلطان :- انا سأبني الهيكل من اجل الله وله فقط , وان الملك سليمان هو الذي شيد الهيكل الاول وانا سليمان مستعد ان ابني الثالث ...
ولا تذكر القصة ان كان السلطان قد بنى الهيكل ام لا , ولكن المؤلف يذكر ان هذه القصص والمنقولات ربما ليست حقيقية , وانما اختلقت  لتمنح الامل وحب الحياة للاجيال القادمة وكذلك لتبين مدى تأثير الايمان في الانسان ...    
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 35 )


صخرة جبل صهيون :-
فوق جبل صهيون يوجد بناية قديمة والى الجنوب منها يوجد معبر الى كهف يؤدي الى طريق يوصل الى اورشليم , وهناك توجد صخرة مكتوب عليها ( ان هذا المكان يوصلك الى مثوى بضعة ملوك من سلالة النبي داؤد ) ..
وعن هذه الصخرة هناك قصص وروايات كثيرة , منها قصة ذكرها ( التطيلي وهو رحالة اندلسي من ابناء القرن الثاني عشر للميلاد ) :- ان مطرانا اراد ان يكسر هذه الصخرة ليستعمل حجارها في تجديد كنيسته الفقيرة , فجاء برئيس العمال وعماله ولكنهم امتنعوا عن العمل خوفا من العاقبة , فتحداهم بأزاحة الصخرة .. واثناء ذلك وجد العمال لوحا كبيرا وثقيلا من المرمر لم يقدروا من رفعه او ازاحته , ولكن بعد محاولات شاقة استطاعوا من تحريك الصخرة , فوجدوا تحتها مدخلا لكهف واسع , اراد البعض من العمال الدخول فيه ليعرفوا ما في داخله , فهبت عليهم ريح شديدة رمتهم على الارض وهم في حالة اغماء شديد .. فطلب المطران ان يحضر شخصان منهم ليسمع منهما ما شاهدوه فقالا :-  
لقد وجدنا طبلتين من الذهب مع تاج وعصا الملوكية وسيف وكل مستلزمات الملك , ولكنهما لم يستطيعا الدخول الى الكهف لأنهما سقطا على الارض ولم يعرفا ماذا حدث لهما بعد ذلك ...
وبعد سماع المطران واقتناعه , امر ان تسد الفتحة بحائط .. ومما يقال عن هذا المكان ان الملك سليمان قد اخفى كنوزه هناك ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 43 )

حبرون مدينة الخليل ( مدينة اربا ) :-

حبرون هي مدينة الخليل , كان اسمها في السابق ( كريات اربا ) وكانت هذه المدينة عاصمة لدولة صغيرة يقال ان عائلة من العمالقة كانت تسكن فيها تتكون من اربعة اشخاص هم الاب واولاده الثلاثة , المتنفذ فيها يسمى نفسه ( اربا اي اربعة ) ..
واما بحسب التلموذ فمعنى اسم ( كريات اربا ) هو لوجود اربعة ازواج كانوا مدفونين فيها وهم :-
ادم وحوا – ابراهيم وسارة – اسحق ورفقة – يعقوب وليا ...
ويذكر ان حبرون قد تأسست زمن تشتت اليهود حيث بنوا برج بابل .. واما حبرون المدينة الحديثة اي الخليل فقد قامت حول كهف , ويوجد فوق الكهف بناية جميلة جدا , يقال ان حجر الاساس وضع من قبل الملك سليمان وان استير امرت بأعادة بناء هذه المدينة الجميلة , وكذلك الامبراطورة هيلينا قد اهتمت بها كثيرا ..
وقد شيد المسلمون في داخلها جامعين , احدهما فوق ضريح ابراهيم يحمل اسمه والثاني فوق قبر يعقوب بأسم جامع يعقوب , ولا يسمح بزيارتهما لغير المسلمين ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 51 )

ثريا الراباي سيمون التلموذيb]

على بعد نصف ساعة من قرية ( ميرم ) التي تقع على بعد ساعتين من بلدة ( زيفان ) , هناك بناية كبيرة وواسعة مسيجة وبجانبها شجرة سامقة جميلة , وبقربها بناية قديمة تحتوي على غرفة كبيرة وغرفتان صغيرتان في احداهما قبر الراباي سيمون التلموذي .. يجري في هذا المكان احتفال سنوي كبير في ذكرى وفاة الراباي سيمون التلموذي حضره المؤلف فيصفه ويقول :-
في 18 من شهر ايار وصل الى هذا المكان الاف الحجاج اليهود لزيارة هذا المكان من فلسطين وسوريا وبلاد فارس وافريقيا واماكن اخرى لقضاء بضعة ايام قبل حلول موعد الاحتفال السنوي بذكرى وفاة الراباي سيمون ..
خيم الجميع بالقرب منه , بينما اخذ الربانيون اماكنهم عند القبر والدور المجاورة , بدأ الاحتفال بقراءة فصول وكتابات عن الراباي سيمون , تبدأ الاناشيد في منتصف الليل والصلوات والتكلم باصوات غير مفهومة مصحوبة بالرقص والغناء بصوت عال طوال الليل , وتشعل الاضوية العالية الساطعة لتضفي على الاحتفال رونقا وبهاءا .. وفي هذا اليوم يشعلون الثريا الكبيرة التي تحتوي على مائة قنديل زيتي معلقة في القسم الاول من البناية , ويتم اشعالها وتعليقها بالمزايدة من قبل الحاضرين بواسطة قنديل صغير , الكثير من الاغنياء يتبرعون بملابسهم الثمينة المرصعة بالذهب لتشعل في هذه الثريا كفتائل حيث يعتقدون ان طلباتهم ستستجاب ... ويطلق على هذا الاحتفال اسم ( خلولا درابي سيمون ) اي عرس الراباي سيمون , حيث يعتقدون انه عندما مات الراباي سيمون فرحت السماء وفتحت ابوابها على مصراعيها لاستقباله بالحفاوة والتكريم وعليه يجب تكرار هذا الاحتفال سنويا ...
( رحلة بنيامين الثاني – صفحة 59 )
والى الجزء الثاني الذي سيشمل بعض القصص المثيرة التي اخترناها من رحلة المؤلف الى كل من لبنان وسوريا وتركيا .

   وحيد كوريال ياقو  
كانون الثاني 2011size]size]

88
    حذاري من امية المهجر التي اصابت ابناء شعبنا

بداية لا اعتقد ان هناك احدا لا يعرف ما هي الامية ؟ او ماذا تعني الامية ؟
ولا اعتقد ايضا ان هناك احدا ممن يجيد كتابة اسمه يقبل ان يقال له انه امي لانه يعرف جيدا ان الامية ليست فقط عدم معرفة القراءة والكتابة وانما تعني اشياء اخرى كالجهل والتخلف وعدم المعرفة وهي ايضا سبب للفقر والمرض وما الى ذلك من الصفات التي لا تليق ولا تتناسب مع اي انسان متعلم ومتحضر ...
فهل الامية هي فعلا كذلك ؟ وهل الامية تساوي الجهل ؟ وهل انها مرادف للتخلف ؟ وهل الامية هي مجرد عدم معرفة القراءة والكتابة فقط ام انها تعني امور اخرى وتشمل اشياء اكثر ؟ .
ولكي لا نحكم على الموضوع بأنفسنا ونعطي جوابا من عندنا لكون الموضوع مهم وخطير , ولكي لا يكون الجواب على ذمتنا بل على ذمة المختصين والمهتمين به وخاصة الجهات الرسمية والمسؤولة عنه , فقد ارتأينا ان ننقر على ( كوكل ) لكي نعرف ما هو التعريف الاصح للامية وماذا تشمل الامية ؟
ومن بحث بسيط في منظومة ( كوكل ) عما كتب عن الامية في بعض المواقع الالكترونية , فقد وجدنا ان لها اكثر من تعريف وان لها اكثر من تفسير , فهي قبل كل شيء تعتبر مرض كان يعاني منه كل المجتمعات في السابق وكانت بسبب التخلف الاجتماعي والاقتصادي او كنتيجة لها , وهي ايضا تعتبر ظاهرة مأساوية ولها ابعاد خطيرة على المجتمع , وانها ايضا كارثة حقيقية ما زال يعاني منها الكثير من الشعوب , وغير ذلك من الاوصاف السوداء والظلماء المخيفة التي وجدناها في بعض المقالات التي استطعنا الاطلاع عليها ... 
واما بحسب مفهوم منظمة الامم المتحدة للعلوم والثقافة والفنون ( اليونسكو ) فهي عدم القدرة على القراءة والكتابة مع فهم بسيط لشؤون الحياة اليومية , وقد يبدو هذا التعريف للوهلة الاولى هاديء او بسيط الا انه في الحقيقة معقد وواسع ومتشعب وخاصة ما جاء بعد كلمة ( بسيط ) ولهذا فقد فضلنا الاعتماد على هذا التعريف فيما نريد ان نقوله في هذا المقال , لانه بالاضافة الى انه صادر من الجهة العالمية  الرسمية الوحيدة المسؤولة عن هذا الموضوع , فقد وجدناه الاعم او الاوسع او الاشمل اي الاصح , وخاصة ان منظمة الامم المتحدة هذه قد اولت اهتماما كبيرا وواسعا لهذا الموضوع وبذلت جهود جبارة من اجله واعتبرت القضاء على الامية من مهامها الاساسي او همها الرئيسي ومن اولويات عملها وان القضاء على الامية لا تكون الا بالتعليم اي نشر التعليم بواسطة تعليم القراءة والكتابة لجميع الاعمار , الصغار والكبار من الرجال والنساء ..
ونرجو ان لا يستغرب احدا اذا ما قلنا انه بحسب احصائيات الامم المتحدة نفسها ان ما يقارب من نصف سكان العالم كانوا لا يجيدون القراءة والكتابة باية لغة الى منتصف القرن العشرين , اي انهم كانوا اميين , في الوقت الذي اذا ما رجعنا الى التاريخ فان معظم الدراسات والابحاث تشير الى ان الانسان قد اهتم بالقراءة والكتابة قبل اكثر من ستة الاف سنة , وان ما يهمنا هنا اكثر او يخصنا اكثر هو ان اكثر هذه الدراسات تشير الى ان اولى الكتابات المكتشفة للمقاطع والكلمات والحروف قد ظهرت في بلاد ما بين النهرين ( اي العراق حاليا الذي كان يعيش فيه اجداد اجدادنا ) وذلك في اوائل الالف الثالث قبل الميلاد ...
وهنا لا بد من سؤال فاذا كان الانسان في ذلك الزمان مهتما بالقراءة والكتاية فلماذا بقي نصف سكان العالم ومنهم سكان بلاد ما بين النهرين طبعا ومنهم ابناء شعبنا ايضا الى منتصف القرن العشرين لا يعرفون القراءة والكتابة ؟ ولكن هذا يبقى مجرد سؤال لانه لا احد يستطيع ان يقول شيئا بحق اي احد من هؤلاء الذين لم يحالفهم الحظ في تعلم القراءة والكتابة الى ذلك التاريخ لان اسبابها كانت عامة ودواعيها كانت خارجة عن ارادة اي انسان في ذلك الوقت, ولكن هذا ما يدعونا الى القاء نظرة خاطفة الى تاريخ التعليم في بلاد ما بين النهرين خلال وبعد تلك الاحصائية , فبعد تكوين الدولة العراقية الحديثة في عشرينيات القرن العشرين نجد انه بالرغم من ان التعليم كان منتشرا في البلاد , وانه كان هناك للتعليم اهمية خاصة وللمتعلم مكانة مرموقة ولكنه كان محصورا لفئات معينة ومحدودة وفي الغالب كان مقتصرا على الاغنياء والاثرياء , واما بعد منتصف القرن العشرين اي بعد ثورة 14 تموز 1958 فقد تم تعميم التعليم والزامه وهذا ما ادى الى نشر التعليم اكثر بين كافة فئات ابناء الشعب وخاصة الطبقات الفقيرة , وبالاضافة الى هذا فقد تم انشاء صفوف لمحو الامية لتعليم الكبار من الرجال والنساء, وقد استفاد فعلا من هذا الكثير من ابناء الشعب , ولكن سرعان ما اغلقت هذه الصفوف بعد فترة قصيرة بسبب التغيرات السياسية التي حصلت في البلاد , واما ما حدث خلال الربع الاخير من القرن العشرين من فتح مدارس لمحو الامية فقد كانت مجرد حملات لها اغراض سياسية سرعان ما الغيت او اهملت لان اهدافها لم تكن اساسا لمحو الامية بل ان ما جرى بشكل عام خلال تلك الفترة قد قاد الشعب كله نحو الامية بسبب الحروب الكثيرة والمدمرة التي ادت الى تردي الاوضاع الاقتصادية وانحطاط مستوى التعليم بشكل عام , وهكذا انتشرت الامية مرة اخرى وشملت هذه المرة قطاعات واسعة واصبحت بنسب عالية وخاصة بين اصحاب الدخل المحدود وبالاخص في القرى والارياف وبشكل اخص النساء ..
في الوقت الذي كانت الامم المتحدة انذاك قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال لدى شعوب اخرى واعتبرت التعليم الاساسي حقا للجميع سواء الاطفال او الشباب او الكبار من الرجال والنساء , وكانت قد سخرت لهذا الغرض جهود كبيرة وواسعة للقضاء على الامية على المستوى العالمي , وكانت قد ظهرت نتيجة لذلك دراسات كثيرة وابحاث عديدة ومصطلحات جديدة وتعاريف حديثة صنفت الامية الى اصناف وقسمتها الى انواع  منها مثلا :-
+ الامية الهجائية او الامية الابجدية :- وهي ببساطة عدم معرفة القراءة والكتابة في اية لغة , وهذه الامية هي التي كان يعاني منها نصف سكان العالم الى منتصف القرن العشرين ومنهم طبعا ابناء شعبنا في وطنهم الام العراق , ونحن لا نعني هذه الامية في هذا المقال , بل نؤكد مرة اخرى انه لا يحق لاي كان ان يلوم احدا على هذه الامية لاسبابها الخارجة عن ارادة الناس في ذلك الوقت ...
+ الامية الحضارية :- وهي عدم قدرة المتعلمين ( اي الذين يجيدون القراءة والكتابة ) على فهم مقبول لشؤون الحياة اليومية ( اي ما ورد في الشطر الثاني من تعريف الامية بحسب مفهوم منظمة الامم المتحدة - اليونسكو ) .. وهذا هو بالتحديد ما نريد ان نتطرق اليه في هذا المقال , لان هذا يشير بوضوح ويؤكد بما لا يقبل الشك على عدم قدرة هؤلاء المتعلمين على مواكبة معطيات العصر الحضارية من الثقافة والفنون والعلوم والتكنولوجيا والامور الصحية وغيرها بسبب توقف التعليم , مما يؤدي الى عدم القدرة على معرفة مستجدات الحياة وعدم الامكانية على استخدام المستحدثات التقنية المعاصرة التي دخلت كافة مجالات الحياة اليومية المعاصرة منها مثلا الكومبيوتر , ولا يخفي على احد اهمية هذا الموضوع في الوقت الحاضر , فلا احد يستطيع ان ينكر ان عدم القدرة على استخدام هذه التقنيات الحديثة حاليا لا تقل اهمية عن عدم القدرة على القراءة والكتابة في السابق , ونستطيع ان نقول انها قد اصبحت هي بمثابة القراءة والكتابة في الوقت الحاضر ولكنها ليست بديلة عنها ..
وهنا لا بد من سؤال اخر يقربنا اكثر الى ما نريد ان نقوله , فاذا ما كان اجداد اجدادنا قد اوجدوا الكتابة في اوائل الالف الثالث قبل الميلاد واتقنوا الحساب ووضعوا القانون وابدعوا في علوم الفلك واخترعوا العجلة التي هي الاساس في كل ما وصلت اليه التكنولوجيا الحديثة , فلماذا هناك الكثير من ابناء شعبنا لا يعرفون كل ذلك الان ونحن في بداية الالف الثالث بعد الميلاد ؟ ..
انها فعلا لظاهرة غريبة تستوجب الوقوف امامها طويلا , ولابد من اخذها بنظر الاعتبار لمعرفة سبب تفشي هذه الظاهرة بين الكثير من ابناء شعبنا الذين اصبح مصيرهم في المهجر , هؤلاء الذين كانوا في مقدمة الساعين الى العلم والمعرفة  وكانوا السباقين الى التطور والتقدم والتحضر والتواقين الى كل جديد وبالاخص الذين كانوا هم من يعلمون القراءة والكتابة ويدعون اليها ليل نهار ويعتبرونها من اوليات الحياة ويضعونها فوق كل شيء , فهل هم الان مازالوا كذلك ؟ وهل هم الان ما زالوا على نفس مواقفهم او بنفس ارائهم ؟  وهل هم الان ما زالوا يتعلمون او يدعون الى التعليم ؟ ام انهم قد تخلوا عن كل ذلك واحالوا عقولهم الى التقاعد مثلما تقاعدوا من وظائفهم ؟
ان ما يثير الدهشة والاستغراب ان الكثير من هؤلاء مع الاسف الشديد قد تخلى عن كل ذلك ,  وهذا ما يؤسف له حقا وهو ما دعانا الى اثارة هذا الموضوع ودعوة كل من له علاقة بالموضوع من قريب او من بعيد الى الانتباه الى هذه الظاهرة السلبية الخطيرة التي اصابت هذه الطبقة المتعلمة والمثقفة من ابناء شعبنا في المهجر , فهي كارثة لا تقل اهميتها عن الكوارث الكثيرة التي اصابت ابناء شعبنا في السابق ...
ولربما لا يتفق البعض معي على هذا , ولكني ادعوهم الى القاء نظرة تأمل الى ما هم عليه الان الكثير من ابناء شعبنا في المهجر وسيتأكدون بانفسهم ان نسبة عالية من هؤلاء المتعلمين السابقين والمثقفين المخضرمين والسياسيين المحنكين لا يجيدون القراءة والكتابة بلغة الدولة التي يعيشون فيها ولا يستطيعون حتى التحدث مع ابناء الشعوب التي يعيشون معها او التفاهم معهم , وما يؤسف له اكثر ان نسبة اعلى من هؤلاء قد اراحوا انفسهم من استخدام التقنيات الحديثة المعاصرة التي دخلت الى كل مجالات الحياة  المعاصرة , وبذلك فهم قد وضعوا بقرار منهم حاجزا منيعا بينهم وبين ثقافة وحضارة تلك الشعوب , حيث فقدوا اهم وسيلة للتواصل معها واصبحوا بعيدين عن الحياة المعاصرة التي يعيشها ابناء تلك الشعوب وباتوا يعيشون مع كل الاسف على هامش تلك المجتمعات المتحضرة, وهذا بطبيعة الحال امر مرفوض ومخيب للامال ويدعونا الى التساءل مرة اخرى :- 
هل يعقل ان ابناء شعب كان اجدادهم قد اوجدوا الكتابة قبل الاف السنين , يعانون الان من عدم معرفة القراءة والكتابة ؟!
وهل يعقل ان ابناء شعب كانوا في الامس القريب من اوائل الداعين الى العلم والمعرفة والتواقين الى التطور والتقدم والتحضر والسباقين الى كل جديد , يقفون الان عاجزين عن استخدام التقنيات الحديثة الجاهزة المجهزة ؟! 
نتمنى ان لا تستمر هذه الحالة وان لا تسود هذه الظاهرة وكما نتمنى ان تصل هذه الرسالة الى كل من يهمه الامر والى كل من له علاقة بهذا الموضوع سواء بشكل مباشر او غير مباشر لايجاد الحلول المناسبة لهذه الظاهرة السلبية التي اصابت الكثير من ابناء شعبنا في المهجر التي نستطيع ان نقول انها امية جديدة او انها امية المهجر او سميها ما شئت ان تسميها ولكن حذاري منها ... 
مع شكرنا وتقديرنا الفائق لكل من يحاول جاهدا ان يتجاوزها ...   

وحيد كوريال ياقو
كانون اول 2010
     مشيكن           

89
       بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة وما تلتها
        من يتحمل مسؤولية ما يعانيه ابناء هذا الشعب المنكوب ؟

ان من يقرأ التاريخ لا يحتاج الى دليل لكي يعرف ان الارض التي تسمى الان العراق كان فيها شعب عريق اصيل بنى فيها حضارة عريقة اعطت للبشرة الكثير الكثير مما لم تعطيه اية حضارة اخرى على مدى التاريخ ...
وان من يؤمن بالسماء وبما انزلت السماء على الارض لاصلاح من في الارض لا يحتاج لمن يقول له من كان يعيش في هذه الارض التي تسمى الان العراق ...
واما الذي يتطلع على احوال من تبقى من ابناء ذلك الشعب المتبقي منهم في العراق , ويشاهد ما يجري لهم ويسمع ما يقع عليهم من ظلم واستبداد وقتل وتهجير واقصاء وتهميش وويلات ومجازر كثيرة ومستمرة واخرها وليس اخيرها مجزرة كنيسة سيدة النجاة في بغداد وما تلتها من اعتداءات على البيوت في وضح النهار وامام انظار الجميع , سيقف حائرا محتارا يثيره العجب والاستغراب امام كل ما يجري لابناء هذا الشعب المنكوب ...
وامام هذا لابد ان يقف المرء ويتساءل :- من المسؤول عن كل هذا الذي جرى ومازال يجري لابناء هذا الشعب المسالمين المغلوب على امرهم في وطنهم الام العراق ؟؟؟
فاذا ما استثنينا ما حصل في الماضي بسبب العوامل الخارجية التي كانت خارجة عن ارادة ابناء هذا الشعب والتي ادت الى كوارث وويلات كثيرة لسنا بصدد ذكرها الان , وهي التي اوصلت ابناء هذا الشعب الى ما هم عليه في الوقت الحاضر ..
واذا ما استثنينا ايضا دور المسؤولين في الحكومات المتعاقبة والحالية في المنطقة الذين لاشك من انهم يتحملون المسؤولية الكاملة اولا واخرا عن كل ما يجري في المنطقة وعن كل ما يعانيه ابناء هذا الشعب من جراء ذلك ...
فلا بد من ان نؤكد على الشأن الداخلي لابناء هذا الشعب الذي له ايضا الدور الكبير في هذه الويلات والكوارث والمعانات ,  ولا يمكن ان نستثنيه او ان نغظ النظر عنه لان الشأن الداخلي لاي شعب المفروض او يجب ان يكون اولا وفق ارادة ابناء ذلك الشعب وبحسب ما تتطلبه مصلحتهم العامة وفقا لظروفهم الداخلية والخارجية وثانيا فأن الشأن الداخلي هو اول ما يكون بأستطاعة ابناء الشعب الاعتراض عليه او رفضه او تغييره ...
فنحن نعلم ان الذي جرى بين زعماء هذا الشعب في السابق من خلافات واختلافات على امور وهمية او معنوية قادت ابناء هذا الشعب الى صراعات ونزاعات كثيرة وادت الى اخطاء تاريخية فظيعة كانت نتائجها الانقسامات والاختلافات التي ما زال ابناء هذا الشعب يعيشونها ويتذوقون مرارتها , فهي لا تختلف كثيرا عما يجري الان بين القادة والزعماء والمسؤولين وبعض المفكرين والقائمين على امور ابناء هذا الشعب من الخلافات والصراعات التي تعصف بهم  والجارية بينهم على قدم وساق بسبب مصالحهم الخاصة الشخصية منها او الحزبية اوالمذهبية وهي تكفي لمن يتابعها او يتطلع فقط على المعلن منها ليشعر بخيبة امل لما هم عليه الان وخاصة في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها ابناء هذا الشعب في العراق  ..
انه لأمر مؤسف ان نرى قادتنا وزعمائنا يتصارعون من اجل مصالحهم الخاصة ويتنازعون من اجل امور وهمية او تافهة ولا يبالون لما يجري لابناء شعبهم ولا يهتمون لما سيؤول اليه مصيرهم ومستقبلهم ..
وانه لامر مضحك مبكي ان نرى بعض قادتنا وزعمائنا قد اصبحوا في غفلة من امرهم لا يدرون ما يفعلون ولا يفقهون ما يقولون ولا يعرفون الى اين هم سائرون ... 
وامام هذا لا يسعنا الا ان نسأل هؤلاء البعض من القادة والزعماء او ان نضم صوتنا الى كل من سألهم من قبلنا :-
هل هذا هو الوقت المناسب لتصفية خلافاتكم الشخصية او الحزبية الضيقة او البت في بعض الامور المعنوية التي لا تقدم ولا تؤخر في الوقت الحاضر ؟
هل هذا هو الوقت المناسب لحل الاشكالات المذهبية القديمة التي توارثناها منذ قرون طويلة والتي كانت السبب في كل ما نحن عليه الان ؟
اليس من الافضل او الاهم او الاولى تأجيل هذه الامور المعنوية والاشكالات المذهبية الى المراحل اللاحقة والاهتمام بالواقع الفعلي المأساوي الذي يعيش فيه ابناء شعبكم في الوقت الحاضر للحفاظ على سلامة ابنائهم وضمان ديمومتهم وجودهم في بلدهم الام العراق ؟ 
اذن لماذا كل هذا الاصرار وكل هذا التزمت في مواقفكم ياقادتنا الاعزاء ويا زعمائنا الاجلاء ؟ ولماذا لا تتوحدون او توحدون كلمتكم على الاقل في الوقت الحاضر ؟ او لماذا لا تلتفون حول المصلحة العامة التي تدعون بها جميعكم وتعتبرونها فوق كل شيء ؟
وامام هذا لا بد ان نسألكم ايضا من يتحمل اذن مسؤولية كل هذا الذي يعانيه ابناء هذا الشعب الذي انتم تقودونه وتتزعمونه ؟؟؟
نقول هذا في الوقت الذي نحن على يقين من انكم سوف لن تجيبوا على هذه الاسئلة ولا على غيرها لانكم لا يمكن ان تتنازلوا عما انتم عليه مهما حصل لابناء شعبكم , ولكننا لابد ان نقولها لكم ولا بد ان نكررها على مسامعكم دائما وابدا .. 
ونقول هذا في الوقت الذي نحن نعرف ان الجماع على امر ما في الوقت الحاضر من قبلكم قد اصبح في غاية الصعوبة ان لم يكن مستحيلا , وان الوحدة التي تدعون بها وتناشدون ابناء شعبكم اليها ما هي الا لتمرير مصالحكم الخاصة وتبرير مواقفكم المتزمتة  وحتى لو فرضنا جدلا اتباع احدث الطرق المعاصرة المتبعة لدى المجتمعات المتحضرة ذات الانظمة الديمقراطية المتطورة التي تشرد اليها معظم ابناء شعبكم التي تأخذ برأي الاكثرية وفق اليات معينة مثل الانتخابات والاستفساءات والاحصاءات وغيرها من الوسائل المعاصرة والحديثة والمتحضرة , فنحن على يقين انه حتى هذه الطرق سوف لن تدعكم تتنازلون عما انتم عليه وسوف لن توحدكم او تجمعكم على راي واحد موحد في الوقت الحاضر وسوف لن تؤدي بكم الا الى المزيد من الانقسام والتشرذم والابتعاد ..   
ايها القادة الاعزاء والزعماء الاجلاء ان ما هو مطلوب منكم الان هو التعاون وليس الوحدة لاننا نعرف ان وحدتكم اذا ما كانت ممكنة فستكون بعد وحدة كنائسكم المختلفة , وان وحدة كنائسكم اذا ما كانت ممكنة فسوف لن تكون الا بعد وحدة الامة العربية بقرون واما تحقيق ما يصبو اليه بعضكم من احلام رومانسية قديمة سوف لن يتحقق الا بعد تحرير فلسطين ورمي اليهود في البحر .. 
ولهذا ومن اجل وضع حد لمأساة ابناء شعبكم او التخفيف منها في الوقت الحاضر نرجوكم وندعوكم الى التعاون فقط فما نريده منكم الان هو التعاون فقط وليس الوحدة .. التعاون فيما بينكم بأختلاف ارائكم وافكاركم .. التعاون الذي يجب ان يسبقه الاعتراف ببعضكم الاخر وقبول هذا البعض الاخر كما هو بما يحمل من افكار واراء ومميزات وخصوصيات .. هذا التعاون الذي سيقودكم الى توحيد الخطاب على الاقل في الوقت الحاضر .. وهذا التعاون حتما لا يتطلب الكثير منكم  فقط الوقوف قليلا والنظر الى الواقع المأساوي المزري الذي فيه الان ابناء شعبكم واعتبار هذا الواقع الاساس للانطلاق منه او الدستور الذي لا يمكن الخروج عنه او التجاوز عليه او الغائه او تهميشه او اقصائه , وفي نفس الوقت لا يجوز اعتبار اي جزء منه هو الكل او الاصل  مهما كان هذا الجزء ومهما كان اسمه بل هو جزء من الكل وليس الكل ...
ومن دون هذا يؤسفنا ان نقول لكم ايها القادة الاعزاء والزعماء الاجلاء ومعكم كل اصحاب الاراء المتزمتة , انكم ستكونون في مقدمة من يتحمل مسؤولية ما يتعرض اليه ابناء هذا الشعب المساكين من ويلات ومظالم ومأساة جديدة ومجازر لاحقة تضاف الى مجازره الكثيرة خلال تاريخه الطويل ...
وفي الختام وللتذكير فقط لا يسعنا الا ان نقول لكل من يدعي ان سميل كانت اثورية ولكل من يقول ان صوريا كانت كلدانية فها هي سيدة النجاة سريانية .. فأفهموا واتعظوا وكفاكم شرذمة والا فأنتم ستكونون من يتحمل مسؤولية ضياع هذا الشعب المنكوب ...


      وحيد كوريال ياقو
    تشرين ثان – 2010   

90
    كيف نجا الطفل ( باسم رشو ) من مجزرة صوريا ؟!!!

في مثل هذه الايام من كل عام يستذكر ابناء شعبنا في العراق وفي كافة انحاء العالم المجزرة التاريخية البشعة التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا المسالمين في قرية ( صوريا ) في 16 – 9 - 1969 ..
هذه المجزرة التي ارتكبت بحق هؤلاء الناس البسطاء الابرياء من دون ذنب اقترفوه ولا جرم ارتكبوه سوى انه شاء القدر ان ينفجر لغم مزروع على الطريق القريب من قريتهم تحت عجلة عسكرية كانت تمر من هناك .. 
وهذه المجزرة طبعا ليست الوحيدة التي ترتكب بحق ابناء شعبنا خلال تاريخهم الطويل بل هي واحدة من المجازر الكثيرة التي ارتكبت بحق ابناء هذا الشعب وخاصة بعد اعتناقهم المسيحية خلال القرن الاول الميلادي .. فمن مجازر شابور والفرس وما لحقتها من مظالم واعتداءات كثيرة بسبب اعتناقهم المسيحية ومرورا بمذابح بدرخان والامير الاعور  والى مجازر سيفو وكوارث هكاري واورمي واسبابها المعروفة وانتهاءا بسميل وصوريا والمجازر الحديثة التي ما زالت مستمرة على ابناء هذا الشعب وخاصة على من بقي منهم في العراق وبالاخص بعد سقوط النظام السابق الحاكم في العراق الذي كانت هذه المجزرة التي نحن بصددها تعتبر باكورة منجزات ( ثورته ) التي قام بها في شباط 1963 وانقلابه في تموز 1968 ,  فهي تعتبر اول مذبحة جماعية بعد استلام النظام للحكم في العراق وثان مذبحة جماعية في تاريخ الدولة العراقية الحديثة بعد مذبحة ( سميل ) سنة 1933 , حيث قام بتنفيذها احد ازلام النظام الذي كرم ورفع بعد تنفيذه لهذه الجريمة التي لم يكن لها اي مبرر , حيث يروى ان هذا الضابط امر بجمع اهالي القرية وطلب منهم ان يأتوا بالذي وضع اللغم على الطريق , ومن ثم اطلق النار عليهم وامر بأحراق القرية من دون ان يكترث لتوسلات اهالي القرية البسطاء ومن دون ان يجدي معه محاولات الكاهن الذي صادف ان يكون هناك ومحاولاته لاقناعه بأنه لا علاقة لأهل القرية بذلك لثنيه عن قراره .. ومن دون ان يستجيب هذا الضابط لأستعطاف الشيوخ له وصرخات النساء وفزع الاطفال ومحاولات بعضهم وخاصة ابنة المختار ( ليلى ) التي قيل انها اندفعت تستجدي هذا الضابط لكي لا يقتل والدها المختار , الا انه اطلق عليه النار وارداه قتيلا فما كان منها الا ان هجمت عليه وانتزعت منه رشاشته فسحب مسدسه واطلق عليها النار وقتلها , وفي رواية اخرى ان احد الجنود قام بقتلها , ومهما يكن فالنتيجة هي نفسها وقيل ايضا انه عقابا لها القيت جثتها في النار بعد ان احرقوا القرية .. وبذلك فأن هذه المجزرة تعتبر الاسرع تقريرا والاسهل تنفيذا على مدى التاريخ  حيث لم يكن اتخاذ القرار لها الا دقائق معدودة واما تنفيذها فلم يستغرق سوى دقائق معدودة ايضا , وبعد تلك الدقائق المعدودة انتهى كل شيء وطويت صفحتها وذهب من ذهب فيها واما من بقي فلم يستطع حتى الكلام عنها او حتى ذكرها , وهكذا بقيت مكتومة طيلة العقود الماضية التي كان النظام السابق الحاكم في العراق يتستر عليها حيث كان المسؤول الاول عنها وعن غيرها من الجرائم اللاحقة التي ارتكبت بحق العراقيين جميعا ..
هذه المجزرة التي اختلفت كثيرا عن كل المجازر التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا  وانفردت عنها وتميزت بكون ضحاياها لم يكن لهم اية علاقة بالسبب المباشر الذي ارتكبت من اجله الجريمة فهي حدثت نتيجة الصراع الدموي الذي كان يجري بين الحكومة العراقية التي كانت تحاول القضاء على ما كانت تسميه التمرد الكردي وبين المقاتلين الاكراد الذين كانوا يطالبون بحقوقهم المشروعة , ولم يكن لهؤلاء الضحايا من ابناء شعبنا اية علاقة بالموضوع اطلاقا ..
هذه المجزرة التي تعتبر بحق مجزرة لأنها لم تفرق بين رجل وامرأة ولا بين طفل وشيخ مسن , ولم ينجو منها احدا سوى الذين وقعوا تحت الجثث ومنهم طفل عمره اربعون يوما وكان في مهده وقد حملته امه الى هناك مع مهده لكي لا توقظه , وجدوه حيا تحت الجثث بعد المذبحة وقد كانت امه قد حمته بجسدها , واطفال اخرون وقعوا تحت اجساد ابائهم او لربما ان ابائهم قد ضموهم تحت اجسادهم في لحظاتهم الاخيرة .. ومن هؤلاء الاطفال الذين كتب لهم النجاة كان محدثنا السيد ( باسم رشو ) الذي كان في السادسة من عمره انذاك والذي شاء القدر ان يكون هناك يوم وقوع الجريمة وشاء له القدر ايضا ان ينجو منها بأعجوبة لأنه وقع تحت جثة والده , وهكذا كتب له النجاة مع بقية من نجا من اهالي القرية ليكونوا شهود عيان على تلك المجزرة البشعة التي كتب عنها الكثيرين من الاخوة الكتاب وقد ابدعوا جميعهم بما كتبوا ولكن لا يمكن لأي كان ان يصفها بصدق وامان اكثر مما يصفها من رأها وشاهدها بأم عينه ولا يمكن لأحد ان يتكلم عنها بمشاعر من عاش احداثها ونجا منها بأعجوبة ومنهم محدثنا السيد ( باسم رشو ) بالرغم من صغر سنه انذاك الا انه مازال يتذكر تلك اللحظات المأساوية وتلك الاحداث المروعة ولذلك نكتفي بما يتذكره هذا الشاهد الذي عاش المجزرة بكل احداثها وتفاصيلها , وقد طلبنا منه ان يروي لنا الواقعة كما يتذكرها بالضبط من دون اية اضافة حيث ان ذلك ليكفي لمعرفة بشاعة المذبحة وفظاعتها .. 
يقول السيد ( باسم رشو ) واسمه الصحيح ( جبرائيل يلدا رشو ) ولكن يدعونه في البيت ( باسم ) :-   كنا نعيش في بغداد التي هاجرنا اليها سنة 1963 من قريتنا ( صوريا ) التي ولدت فيها في نفس السنة وذلك بسبب تعرض القرية الى اعتداءات وتجاوزات كثيرة   من قبل القوات الحكومية التي كانت تحاول القضاء على ما كانت تسميه التمرد الكردي بعد نشوب الحركة الكردية في شمال العراق سنة 1960 ..
وهناك في بغداد عندما اصبحت في السادسة من عمري اي في سن الدخول الى المدرسة كان لزاما ان يكون لي هوية الاحوال المدنية ( الهوية العراقية )  ولهذا السبب سافرنا انا ووالدي واختي التي كانت تكبرني بأقل من سنتين الى قريتنا ( صوريا ) لغرض   الحصول على هوية الاحوال المدنية اللازمة لتسجيلنا في المدرسة ..
وهكذا شاء القدر ان نصل الى القرية قبل ايام معدودة من يوم وقوع الكارثة , وهناك في القرية قضينا وقتا ممتعا خلال تلك الايام المعدودة مع جدي وجدتي وبقية اهلنا الذين كانوا ما زالوا يعيشون فيها  وكانوا فرحين جدا بقدومنا ووجودنا معهم وخاصة جدتي التي لم تراني منذ ولادتي فلم تكن تصدق وجودنا معهم وكانت لا تعرف ماذا تفعل لنا وماذا تقدم لنا طيلة تلك الايام .. 
واما في صباح يوم الحادثة وكان يوم ثلاثاء فأتذكر اننا كنا جالسين في بيت جدي نتناول الفطور البسيط الذي اعدته لنا جدتي العجوز التي كانت فرحة جدا وهي تعد لنا الطعام , وفي تلك الاثناء سمعنا بمرور قافلة عسكرية بالقرب من القرية وكان ذلك امرا اعتياديا وقد تعود عليه اهل القرية , وقد توقفت القافلة امام بيت اخ المختار القريب من الشارع  فتم استضافتهم كالعادة من تقديم الماء واللبن ( الشنينة ) لهم  ثم واصلوا طريقهم .. وبعد فترة وجيزة تفاجأنا بصوت انفجار بالقرب من القرية فأستغرب اهالي القرية من ذلك الانفجار  ووقع خوف بينهم فهرب بعضهم وخاصة الشباب الذين كانوا في سن العسكرية الى الوادي القريب من القرية واختبؤوا هناك , وبينما كان الكاهن الذي صادف ان كان حاضرا هناك لأداء القداس لأهالي القرية يحاول طمأنة الناس وتهدئتهم كي لا يخافوا حيث كان يقول انه سيتكلم معهم ويخبرهم بأنه لا علاقة لأهل القرية بذلك وهم حتما سيأخذون بكلامه لأنه كاهن ..
ولم يدم طويلا حيث رأينا القافلة العسكرية قد رجعت الى القرية ورأينا بعض العسكريين يطوقون القرية واخرون يدخلون البيوت ويخرجون الناس عنوة من بيوتهم واجبروهم بالتجمع في قطعة ارض مسيجة بجانب القرية .. وهكذا تم جمع كافة اهالي القرية صغارا وكبارا نساءا ورجالا في تلك الارض المسيجة التي كانت مسيجة لحمايتها من الحيوانات ولم تكن حظيرة حيوانات كما قيل في بعض الروايات ..
واتذكر انه عندما وصلنا انا ووالدي واختي بصحبة جدي وجدتي الى هناك  كان الجنود يطوقون المنطقة  وكان معظم اهالي القرية هناك وفي مقدمتهم الكاهن والمختار  وكانوا قد امروا ان يقف الرجال على جهة والنساء على جهة ثانية .. وما اتذكره انني كنت واقفا امام والدي وكان والدي يضع كلتا يديه فوق كتفي .. وبعدها حدثت فوضى وصياح وعويل واطلاق نار على جهة الرجال اولا , ولا اعرف ماذا حدث بعد ذلك ولكني شعرت بأن والدي كان يضغط على كتفي بقوة من دون ان اعرف لماذا ولا اتذكر ما الذي جرى اثناء ذلك بالضبط الى ان وجدت نفسي تحت الجثث ورأيت بعضهم يهربون من خلال فتحة في السياج الخشبي الذي حطموه  فهربت معهم من دون ان اعرف لماذا ولا الى اين انا ذاهب , وهكذا هربت مع هؤلاء الفارين وبعدها لحق بنا ابن عمتي الذي كان في نفس عمري فمشينا سويا مع هؤلاء الهاربين المفزوعين من دون ان نعرف الى اين نحن ذاهبون .. وبعد حين وبعد ان قطعنا مسافة رأيت امرأة تتقدم نحونا لم اكن اعرفها وكانت تصرخ وتبكي وتولول , فحملتني على ظهرها وحملت ابن عمتي على صدرها ومشت بنا مع هؤلاء الناس الهاربين الى ان اوصلتنا الى قرية ( افزروك ) القريبة من قريتنا وهناك تركتنا في بيت احدهم وعادت مسرعة الى القرية ..
وفي المساء رجعت الينا ومعها جدي وجدتي وكان جدي مصابا برجله بينما كانت جدتي مصابة بذراعها وكانت يدها على وشك ان تنقطع .. وعندها عرفت ان تلك الامرأة هي عمتي الثانية التي كانت تسكن في قرية ( بخلوجا ) المجاورة لقريتنا والتي لم اكن قد رأيتها منذ ولادتي وقد جاءت مع من جاء من القرى المجاورة لنجدتنا .. وعندها عرفت ايضا ان والدي قد قتل وكذلك اختي ورضيع عمتي التي كانت تحمله على صدرها مع بقية  من قتل من اهل قريتي من مسيحيين ومسلمين في هذه المجزرة التي انا شاهد عيان عليها ... 
وفي اليوم التالي لم يستطع اهالي القرية الناجين من المجزرة وبمعاونة اهالي القرى المجاورة من دفن الضحايا بسبب خوفهم من قصف الطائرات التي كانت تجوب سماء المنطقة وهكذا بقيت الجثث في مكانها الى اليوم الثالث ولهذا لم يستطيعوا من فرزها ودفنها بشكل منفرد بسبب تعفنها  ورائحتها فتم دفنهم في مقبرة جماعية بجانب القرية .. 
واما الجرحى فقد كان هناك امر عسكري بعدم ادخالهم الى المستشفى لأعتبارهم من العصاة والمتمردين على الحكومة , وقيل انه سيقتل كل من يراجع المستشفى , وهكذا بقي الجرحى من دون علاج وجروح بعضهم تنزف وتتلوث وحالتهم تسوء الى ان تدخل بعض رجال الدين فسمح لهم اخيرا بتلقي العلاج ولكن الوقت كان متأخرا بالنسبة لبعضهم .. ففيما يخص جدتي مثلا فقد تم بتر ذراعها من كتفها بسبب تلوث جرحها نتيجة ذلك التأخير ..   
ويختتم السيد ( باسم رشو) كلامه عن قصة نجاته من تلك المجزرة فيقول :
هكذا شاء القدر ان اكون هناك في تلك المجزرة التي ارتكبتها قوات الحكومة العراقية والتي راح ضحيتها الابرياء المسالمين من اهل قريتي الذين لم يكن لهم اي ذنب بما حصل , ومنهم والدي الذي كان ينوي حصولي على هوية الاحوال المدنية العراقية التي تثبت بأنني عراقي ومولود من ابوين عراقيين بالولادة ..
وهو يطالب الان الجهات الرسمية المسؤولة في العراق بالتعويض عما فقده وخسره في تلك المجزرة  ويطالب ايضا بأعتبارها جريمة ابادة جماعية ...
ونحن بدورنا لا يسعنا الا ان نضم صوتنا الى صوت هذا الشاهد العيان الذي شاهد كل شيء عن تلك الجريمة البشعة والتي نجا منها بأعجوبة فهي فعلا تعتبر جريمة ابادة جماعية لانها لم تفرق بين رجل وامرأة ولا بين كبير وصغير ولا حتى رجل دين ...
الراحة الابدية لأرواح شهداء صوريا الذين التحقوا بقوافل الشهداء السابقين والصبر والسلوان لابناء هذا الشعب الذي كثرت مذابحه وتعددت مجازره والسبب واحد ...

    وحيد كوريال ياقو
    ايلول – 2010
         مشيكن         

91
               لماذا كان بتو يرتبك عندما كان يكذب ؟!!!           

منذ اكثر من اربعين عاما وهذا السؤال البسيط عالق في ذهني ( لماذا كان بتو يرتبك عندما كان يكذب؟ )  وما دعاني لذكره الان هو بالحقيقة ما نراه وما نشاهده وما نسمعه هذه الايام من كثرة الذين يكذبون على الناس من دون ان يرتبكوا او ينحرجوا او على الاقل ان تظهر عليهم علامات ذلك بعكس ما كان يحصل لبتو تماما .. هؤلاء الذين نشاهدهم كل يوم في الفضائيات وامام انظار العالم كله ونسمعهم في الاذاعات ونقرأ لهم في مختلف وسائل الاعلام الاخرى .. هؤلاء الذين يدعون ما يدعونه ليل نهار من انهم في خدمة الناس والوطن والشعب والامة .. هؤلاء الذين يتلونون كل يوم بلون او بأكثر من لون وبحسب الوان بدلاتهم الداكنة واكثر من الوان اربطة اعناقهم الزاهية ,  هذا طبعا ان كانوا يستطيعون لبسها وان لم تكن حرام او محرمة عليهم  .. هؤلاء الذين يخرجون علينا كل يوم بوجه جديد وتصريح جديد ويدعون انه الحل الوحيد لمعانات الناس والامل المتبقي لمستقبل الشعب بعد ان كانوا قد صرحوا بغير ذلك قبل يوم او اكثر .. هؤلاء الذين يختلفون كثيرا عن بتو الذي سأعرفه للقراء بعد قليل , حيث انهم  يعيشون في الجهة الثانية من الحياة التي كان يعيش فيها بتو , ويمتلكون كل ما لم يكن يمتلك شيئا منه بتو .. هؤلاء الذين يخدعون الناس باكاذيبهم المستمرة ليل نهار وادعاءاتهم المتناقضة .. هؤلاء الذين يتحكمون بمصير الناس الذين بينهم وبين بتو .. هؤلاء الذين يكذبون ولا يرتبكون ابدا ولا ينحرجون اطلاقا ولا حتى يخجلون على الاقل .. لهؤلاء جميعا نقول لماذا لا ترتبكون عندما تكذبون مثلما كان بتو يرتبك عندما كان يكذب ؟ ولماذا لا تعملوا ما كان يعمله بتو عندما كان يكذب ؟ .
ولكن قبل ان نعرف قصة بتو يجب ان نذكر ان موضوعنا هذا ليس عن الكذب الذي هو صفة عامة لجميع الناس او انه قد اصبح في الوقت الحاضر حالة طبيعية لدى بعض الناس او لنقل الكثير من الناس العاديين حتى اصبحوا يصنفونه الى اصناف واشكال والوان  ابيض وغير ابيض ويعطون له اسباب ومبررات يقنعون بها انفسهم  على الاقل .. في الوقت الذي نحن نعرف ان الكذب هو صفة من صفات الانسان تلازمه دائما وابدا وفي نفس الوقت نستطيع ان نقول انه لا يوجد انسان مهما كان لا يكذب ابدا , فقد يكذب الانسان لأسباب عديدة وقد يكون احيانا مجبرا او مضطرا على ذلك او رغبة منه في تحقيق امر ما او للحصول على شيء معين او غير ذلك من الاسباب والمبررات التي لسنا بصددها الان , ولكن ما نريد ان نتكلم عنه في هذا الموضوع هو رد فعل الانسان عندما يكذب او عندما يقول شيئا لا يكون واثقا منه او عندما يدعي فعلا لم يقم به او عملا سوف لا يعمله او لا يستطيع ان يعمله , وبعبارة اخرى تأثير الكذب على الانسان او شعوره واحساسه تجاه كذبه ومن ثم ما يجب ان يفعله الانسان عندما يكذب او على الاقل عندما يعرف ان الناس قد عرفت انه يكذب اي رد فعله تجاه الكذب . 
وفي هذا السياق نستطيع ان نقول ان الناس  تتباين كثيرا في هذا الامر , فهناك من الناس من يجيد الكذب  بطلاقة وجدارة ويتقن صناعته  ويتفنن في ادائه  , فمهما كذب او قال من مغالطات او مفارقات كبيرة او ادعاءات كثيرة فلا تظهر عليه علامات الكذب ولا يستطيع الانسان ان يميز بين صدقه وكذبه او ان يكتشف كذبه او ادعائه , وفي المقابل فهناك من الناس من يرتبك وينفعل لمجرد ان يقول شيئا لا يكون واثقا منه او لمجرد ان يفكر في ان يقول شيئا لا يكون واثقا منه او متأكدا منه حتى لو كان مجبرا على ذلك , وبين هؤلاء وهؤلاء الكثير الكثير .
ولكن ما يجذب الانتباه والاستغراب هذه الايام  ما وصل اليه الكذب والادعاء لدى بعض الناس الغير العاديين ( لنسميهم هكذا تمييزا ) اي الناس الذين يتحكمون بمصير الناس العاديين .. هؤلاء الناس الذين اصبح شغلهم اليومي الكذب على الناس , واصبحوا يرتزقون او بالاحرى يغتنون من الكذب على الناس  فاصبحوا يتباهون بالكذب ويتسابقون بالكذب  ويجيدون صناعة الكذب بصورة فائقة ويتقنون ادائه بدرجة عالية , ولم يعد كذبهم يقتصر على شخص معين او مجموعة معينة من الناس او فئة محددة من الناس , بل اصبحوا يكذبون على جميع الناس وامام انظار جميع الناس وفي كل اوقات الناس ومن دون اي احساس او ارتباك ولا انفعال ولا احراج ولا هم يحزنون ...
وهذا هو ما دعاني الى ان اتذكر قصة بتو المسكين وارتباكه وانفعاله عندما كان يكذب او عندما كان يحس ان الناس قد عرفت انه يكذب , وكنت في حينها اتساءل مع نفسي لماذا كل هذا الانفعال ؟ ولماذا كل هذا الارتباك ؟ وهو مجرد انسان بسيط او اقل بكثير من اي انسان بسيط وهو مجرد او محروم من كل النعم التي يتمتع بها الانسان البسيط ! .
وهنا لا بد لي ان اسرد للقاريء الكريم قصة بتو المسكين هذا , وساحاول ان أختصرها قدر الامكان فأرجو ان لا تكون مملة لأنها طبعا ليست من قصص الخيال او من صنع الخيال لكي تكون مدهشة , ولا هي اسطورة من اساطير التاريخ الكثيرة لكي تكون ممتعة , وانما هي قصة حقيقية واحداثها واقعية ولهذا ارجو ان لا تكون مملة وان كانت كذلك فارجو المعذرة مقدما من القاريء الكريم ...
قصة بتو المسكين :-
كان بتو ينتمي الى عائلة فقيرة جدا وقد وصل بها الفقر  الى اقل من حالة العدم .. والدا بتو من احدى قرى الشمال .. وبسبب الظروف الامنية والحياتية التي سادت المنطقة , ضاقت بهم الحياة كثيرا وانسدت امامهم كل السبل فنزحا جنوبا حالهم بذلك حال معظم ابناء المنطقة , الى ان استقرا في بلدة طيبة , وهناك في تلك البلدة الطيبة رأى والدا بتو مأوا دافئا وطعاما ساخنا وشعرا بأمن واطمئنان وسكنا في بيت ثلثيه كهف وثلثه الامامي فقط بناء ولا شيء اخر ..
وبما ان الناس في تلك البلدة الطيبة كانوا طيبين , فقد تعاملوا مع عائلة بتو بطيبة وعطف وقدموا لهم ما استطاعوا من طعام ومنام وملابس وحاجيات اخرى , وعندها كان بتو شابا في مقتبل العمر بقامة منتصبة وهندام جيد وشكل معتدل ومقبول واوصاف حسنة , رشيقا لونه يميل الى الاشقرار .. ولكن المسكين كان اخرسا لا يستطيع الكلام واطرشا لا يسمع بسهولة وبالاضافة الى هذا وذاك فقد كان المسكين متخلفا عقليا لا يفهم شيئا ولا يجيد عملا .. وهذا ما زاد من عطف الناس عليه وعلى عائلته وخاصة ان والداه كانا عجوزين وغير قادرين على العمل ..
ولهذا فقد بدأ بتو حياته في هذه المدينة الطيبة معتمدا على مساعدات اهلها الطيبين وعطاياهم , فكان كل يوم يخرج الى الطرقات ويمر من امام البيوت ليراه الناس فيعطفون عليه ويساعدونه ويقدمون له بعضا مما  لديهم , وكان الناس لمجرد ان يرونه يدعونه للطعام وللمساعدة , وهكذا اصبح بتو يحصل على كل ما يحتاج اليه من طعام وملابس وحاجيات اخرى له ولعائلته ايضا  بسهولة وحتى من دون ان يطلبها .. وبمرور الايام تعلم بتو فنون عمله هذا اكثر او لنقل ان الايام قد علمته اكثر , فتعرف على الناس اكثر وعرف من منهم يساعده اكثر فيتواجد عنده اكثر وكذلك عرف اين يمشي اكثر اومتى يمشي اكثر واي البيوت يحصل منها اكثر .
ثم بعد ذلك عرف بتو انه عندما يكون في سوق البلدة فأن بعض الناس يكلفونه بحمل بعض ما يتبضعون لأيصالها الى بيوتهم , فيحصل على حصته منها بالاضافة الى وجبة الطعام اذا صادف ذلك في اوقات الطعام , وهكذا تعلم بتو ان يتواجد في سوق المدينة الوحيد الذي فتح له بابا اخرا ليحصل على بعض مما كان يريده ويحتاجه .
ثم رأى بتو ان الناس في هذه البلدة الطيبة يذهبون الى الكنيسة , فذهب معهم او وراءهم , وعندها عرف انه عندما يذهب الى الكنيسة فأن الناس ترضى عليه اكثر وتساعده اكثر فيحصل على اكثر .. وهكذا بدأ بتو يذهب الى الكنيسة كل يوم , صباحا ومساءا , فكان اول من يدخل باب الكنيسة ويقف في باحتها قبل بدء الصلاة ليراه كل الناس ثم يدخل معهم عندما يدخلون للصلاة فيقف عندما يقفون ويجلس عندما يجلسون ولم يكن يعرف لماذا او لم يكن ليعرف شيئا اكثر من ذلك .. وكان اخر من يخرج من الكنيسة لعله يحصل على شيء من اخر عجوز تخرج من تلك الكنيسة التي جلبت له رضى الناس ومحبتهم ومساعدتهم وعطاياهم ايضا .
وهكذا كان بتو يقضي يومه او ايامه  بين هذه الاماكن الثلاث , في الطرقات والازقة وامام البيوت في اوقات الطعام وفي السوق ما قبل وما بعد ذلك وفي الكنيسة اثناء الصلاة في الصباح والمساء , في تلك الايام التي لم يكن هناك  منافسا لبتو في تلك البلدة الطيبة او لنقل لم يكن هناك من هو اشد حاجة منه فيها , فكان احيانا يحصل على اكثر من ثلاث وجبات من الطعام في اليوم الواحد في الوقت الذي كان معظم الناس يلاقون صعوبة في توفير هذا لأبنائهم في تلك الظروف الصعبة ..
ولكن حياة بتو  هذه رغم بساطتها لم تكن تخلو من مشاكل وصعوبات ومشقات , وايامه تلك لم تكن كلها تمر من دون مضايقات او احراجات ومشاكسات بعضهم وخاصة الاطفال المشاكسين الذين كانت امهاتهم توبخهم دائما لأنهم لا يأكلون كثيرا مثلما كان يأكل بتو الذي كان يلتهم الاكل امامهم , فيريدون او يتعمدون الانتقام منه وخاصة عندما كانوا يرونه يأكل اكثر من وجبة وفي اكثر من بيت , وهنا كانت تكمن مصيبة بتو المسكين وطامته الكبرى عندما كان يأكل اكثر من وجبة في ان واحد ويدعى انه جائع اولم ياكل ,  فيكشف هؤلاء الاطفال المشاكسين امره امام الجميع من انه قد اكل في بيت اخر قبل ان ياكل عندهم , وبذلك يكون يكذب حيث ياكل اكثر من وجبة طعام , فيقولون له الم تاكل قبل قليل في البيت الفلاني ؟  وهذا كان يكفي لايقاع المسكين في حرج كبير ويصبح في حيرة من امره ولا يعرف كيف يتصرف وهو لا يستطيع ان يتكلم طبعا لينفي ذلك او يبرره او يتحجج في شيء , فيتغير لونه ويرتبك ويرتجف جسمه كله ويتوقف عن اكله ولا يعرف ماذا يفعل فيلطم راسه بقوة بكلتا يديه ويخفي عينيه خلف ذراعيه وينهض لينهزم بسرعة منحني القامة فتلتف رجليه حول بعضها البعض واحيانا كثيرة يتعثر مرة او مرتين قبل ان يختفي عن انظار الجالسين الذين يهمون بالضحك عليه ويستغربون كثيرا من تصرفه هذا .. ولم يكن يرجع الى ذلك البيت الا بعد مرور عدة ايام حيث ينسى ذلك او لربما كان يعتقد ان الناس قد نسيت ذلك .. وغالبا ما كان بعض الاطفال يتعمدون في احراجه واتهامه في هذا حتى لو لم يكن المسكين قد اكل في بيت اخر , وذلك ليضحكوا على منظره وهو في غاية الاحراج والانفعال والارتباك .
وكنت في حينها استغرب كثيرا على تصرفه هذا وارتباكه وانفعاله اللامحدود لمجرد ان يقول له احدا حتى لو كان طفلا انه قد اكل مرتين او وجبتين اي انه كان يشعره انه قد اكل اكثر من حاجته ,  وهذا كان كافيا ليسبب له كل ذلك الارتباك وكل ذلك الانفعال وهو ذلك الانسان البسيط والمغلوب على امره ولا يفهم شيئا ولا يملك مالا  وكل ما فعله هو انه كذب من اجل وجبة طعام او لقمة زائدة ولا غير ..
فاين هذا من كل ما نسمعه الان وما نشاهده هذه الايام من بعض ممن يتمتعون بكل نعم الحياة من العقل والنطق والكلام والى المال والجاه والبنين والبنات ولكنهم يكذبون ويكذبون وما زالوا يكذبون ليل نهار ويدعون ما يدعونه من تناقضات ويقولون ما يقولونه من مفارقات ويأكلون ما يسرقون من مال حرام من دون ان يخجلوا او ينفعلوا او يرتبكوا على الاقل ؟!
فلنقارن بينهم وبين بتو المسكين الذي لم يكن يملك اي شيء مما يملكون , هذا المسكين الذي  نستطيع ان نقول انه كان يعيش في الجهة الثانية من الحياة التي يعيشونها هم , او لنقل انه كان يعيش في اسفل وادي الحياة بينما هم يعيشون فوق قممها واعاليها .. ولنقارن بين حجم كذب بتو وحجم اكاذيبهم المستمرة .. وبين ما كان بتو يكذب من اجله وما هم يكذبون من اجله , او بين ما كان يسرقه بتو وبين ما يسرقونه هم  .. وبين ما كان يترتب على كذب بتو وبين ما يترتب على اكاذيبهم .. والاهم من كل هذا وذاك فلنقارن بين احساس بتو بكذبه مع عدم احساس هؤلاء تجاه اكاذيبهم المستمرة ..
لهؤلاء نقول صحيح ان بتو لم يكن يملك شيئا ولم يكن يفهم  شيئا مقارنة بكم , ولكنه كان يعرف انه انسان ولهذا فقد كان له احساس انسان ومشاعر انسان .. فأين انتم من احساس بتو ومشاعر بتو ؟
 نتمنى لو كان بتو ما زال حيا لكي يتعلم منه هؤلاء الصدق مع النفس على الاقل .

وحيد كوريال ياقو   
اب 2010 - مشيكن             

92
حكومة الشراكة الوطنية سوف لن تكون افضل من كهرباء الشبكة الوطنية !!!


في مقال سابق حول موضوع تشكيل الحكومة في العراق التي طال انتظارها كثيرا تطرقنا اليه من وجهة نظر معينة ووفقا لما تتطلبه المفاهيم الاساسية للديمقراطية وبحسب ما هو متبع ومعمول به في معظم الدول التي تمارس الديمقراطية بحق وحقيقة , وذكرنا بأنه لا يجوز مطلقا تشكيل حكومة شراكة وطنية تضم كافة الاطراف المتنافسة لأنها ستكون او ستصبح غير وطنية , لأن ذلك لا يكون الا على حساب ادائها في عملها او في تنفيذ برامجها اي على حساب مصالح ابناء الشعب , لأن اية حكومة يجب ان يكون لها معارضة او حكومة ظل تراقبها في عملها وتنتقدها في ادائها وتحاسبها عند تقصيرها لكي تستقيم وتندفع اكثر لتقديم كل ما هو احسن وافضل ولكي تستطيع على الاقل توفير المستلزمات الاساسية والضرورية للحياة لجميع ابناء الشعب سواء الامنية او المعاشية او الخدمية التي هي جميعها مفقودة الان في العراق ...
ولندع الان الكلام عن الجانب الامني ليس لأنه موجود او غير مهم , ولكن لاننا نعرف جيدا ان ما يحاك الان في العراق في هذا المجال هو اكبر من حجم الحكومة او فوق طاقتها سواء كانت حكومة شراكة وطنية ام غير شراكة وطنية ..
ولندع الان ايضا الكلام عن الجانب المعاشي ليس لأنه غير مهم او ضروري , بل على اعتبار ان الامر ما زال مبكرا للكلام عن هذا الموضوع لأن الدولة ما زالت في طور التكوين او الاصح اعادة تكوين مؤسساتها المنحلة ..
ولنتكلم فقط عن المستلزمات الخدمية الاساسية التي لا بد من ان توفرها اية حكومة حال تشكيلها وفور استلامها للسلطة , ومن هذه الخدمات الاساسية او في مقدمتها يأتي الماء والكهرباء التي لايخفي على احد اهميتها في حياة الانسان اليومية , وفي ما يخص الماء ولأجل الاختصار نذكر جملة واحدة فقط وهي اية من الكتاب الذي يدعي جميع المسؤولين في العراق انهم يؤمنون به ويعملون وفق تعاليمه وهي ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) ومن يتمعن في هذه الاية قليلا سيعرف جيدا ما اهمية الماء في الحياة , واذا كان الماء مفقودا في العراق , فهذا يعني ان المسؤولين في العراق لا يقومون بتوفير اهم ما هو ضروري للحياة ألا وهو الماء وهذا انما يدل اما انهم لم يقرأوا هذا الكتاب او انهم لا يعملون بحسب تعاليم هذا الكتاب , واما الكهرباء فكلنا نعرف ما اهميتها في الوقت الحاضر بعد ان دخلت كل مفاصل الحياة الى ان اصبح كل شيء مرتبط بها بشكل او بأخر , ففي الدول المتقدمة والمتطورة قد اصبحت كافة امور الحياة اليومية كبيرها وصغيرها تعتمد اعتمادا كليا على الكهرباء الى درجة ان الانسان لا يستطيع ان يتخيل كيف ستصبح حياة هؤلاء من دون كهرباء , وقد يتصور الانسان ان الحياة ستتوقف برمتها من دون كهرباء .. وهذا ما حدث فعلا او كاد ان يحدث في الولايات المتحدة الاميركية عندما انقطعت الكهرباء عن بعض الولايات الشرقية سنة 2003 لعدة ايام , حيث كادت الحياة فعلا ان تتوقف لولا الاستعانة ببعض المولدات الصغيرة والخاصة لتمشية بعض الامور المهمة , فقد توقفت كافة الاعمال تقريبا وتعطلت المعامل الكبيرة والمصانع الضخمة والشركات العملاقة وانقطعت الاتصالات وتوقف البيع والشراء الى حد ما وانقطع الماء ايضا .. نعم انقطع الماء الذي هو في كل شيء حي بسبب انقطاع الكهرباء .. اي ان الكهرباء قد اصبحت هي التي تجلب لنا الماء الذي هو في كل شيء حي , وهي التي توصل هذا الماء الى بيوتنا , اي لا وجود للماء في بيوتنا من دون كهرباء , ومن هذا يمكننا ان نعرف اهمية الكهرباء في حياتنا المعاصرة , فأذا كان الماء في كل شيء حي وان الكهرباء هي التي اصبحت تجلب لنا هذا الماء وتوصله الى بيوتنا ,فعلى هذا نستطيع ان نقول أن الكهرباء قد اصبحت نبض كل شيء حي وغير حي ايضا في الوقت الحاضر ...
وما دعاني للتركيز على الكهرباء في هذا المقال هو ما شهدته بعض مدن العراق مؤخرا وخاصة الجنوبية منها مثل البصرة والناصرية من مظاهرات عارمة لأول مرة تطالب الحكومة بتحسين وضع الكهرباء التي على ما يبدو اصبحت مشكلة مستعصية في العراق بالرغم من وجود او توفر كل المستلزمات الضرورية لها سواء الطبيعية منها او البشرية , وبالرغم من مرور سبع سنوات على استلام الحكومات الجديدة للسلطة في العراق بعد تغيير النظام السابق الذي كان السبب الرئيسي في كل مشاكل العراق ومنها مشكلة الكهرباء ...
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا اصبحت مشكلة الكهرباء معقدة وعويصة الى هذه الدرجة التي لا يمكن حلها او على الاقل التخفيف منها او وضع حد لها ؟ بالرغم من كل التخصيصات الخيالية التي صرفت لهذا الموضوع الا ان المشكلة تتفاقم اكثر واكثر يوما بعد يوم وتزداد سوءا ..
وامام هذا كان بودنا ان نذكر تجارب شعوب اخرى سبقونا في هذا المجال , ولكننا لكي لا نذهب دائما في امثلتنا بعيدا عن العراق ولكي لا يقال ان الحالة مختلفة او غير متطابقة ,  فهنا لا بد لنا ان نذكر السادة المسؤولين الحاليين في العراق بتجربة المسؤولين السابقين في العراق في هذا المجال , هؤلاء المسؤولين السابقين الذين كانوا السبب الرئيسي في ايصال معظم المسؤولين الحاليين الى هذه المناصب التي لم يكونوا ليحلموا بها في السابق مطلقا , ولكنهم الان يتباهون بها ويتفاخرون بها ويتصارعون عليها ومن اجلها حيث يغتنون منها , واننا اذ نذكرها هنا فقط كمثال وليس كتجربة للاقتداء بها او الاشادة بها مع ملاحظة اننا قلنا المسؤولين في العراق وليس المسؤولين العراقيين في كلتا الحالتين لكي لا يعتقد البعض ما يحلو له ان يعتقد , ولكي يعرف المسؤولين الحاليين لماذا كان المسؤولين في النظام السابق يولون كل تلك الاهمية للكهرباء ولكي يعرفوا ايضا ما بذله مسؤولو النظام السابق في اعادة اعمار قطاع الكهرباء عندما رفع النظام شعاره المعروف ( تبا للمستحيل ) او ( يعمر الاخيار ما دمره الاشرار ) او غيرها  من الشعارات الرنانة التي رفعها في بداية التسعينيات من القرن الماضي بعد ان تم تدمير كافة محطات توليد الكهرباء بالكامل وتعطيل معظم شبكات النقل من قبل نفس القوات الاميركية الحالية والقوات المتحالفة معها في حرب الخليج التي شنت على العراق لأجبار قواته للانسحاب من الكويت التي احتلتها خلال ساعات معدودة ..
فبعد هزيمة القوات العراقية وانسحابها من الكويت وخضوع النظام السابق لكافة شروط ومطاليب القوات الاجنبية مقابل البقاء في السلطة , فأن اول ما فكر به النظام السابق كان الكهرباء واول ما تقرر اعادة اعماره كان قطاع الكهرباء , وعلى ما يبدو فأن قادة النظام السابق كانوا على دراية  بأهمية الكهرباء اكثر من القادة الحاليين حيث كانوا يعون جيدا اهمية الكهرباء ليس طبعا في حياة الناس التي لم تكن مهمة بالنسبة لهم , بل في بناء القوة  والقدرة اللازمة لأعادة جبروت النظام وتسلطه على الناس التي كانت قد انهارت تماما , بعكس  المسؤولين الحاليين الذين لا يحركون ساكنا في هذا المجال ..
ففور انتهاء العمليات العسكرية التي دمرت كل البنية التحتية في العراق ومنها طبعا الكهرباء , امر النظام السابق الى عقد مؤتمر خاص لأعادة اعمار قطاع الكهرباء وبأمر خاص من رئيس النظام نفسه وبأشراف مباشر من اقرب المقربين له وبمشاركة اكثر من ثلاثة وزراء ذو علاقة بالموضوع وبتواجد ارفع المسؤولين والمقربين من رأس النظام , ودعي الى هذا المؤتمر كافة المسؤولين والمهندسين والفنيين والمهنيين العاملين في مجال الكهرباء بالاضافة الى الكثير من المهندسين والفنيين من كافة الدوائر الاخرى كمستمعين وقد صادف ان اكون منهم لأرى بنفسي واشاهد كل ما جرى عن قرب , وقد عقد المؤتمر في قاعة مسرح الرشيد المقابل لفندق الميليا منصور في منطقة الصالحية في بغداد , التي كانت اكبر قاعة للمسرح شيدها النظام السابق لعرض مسرحياته الدعائية المسيسة على اختلاف انواعها واشكالها والوانها , وكان المؤتمر الاول لثلاثة ايام وبمعدل جلستين في اليوم جلسة صباحية وجلسة مسائية وبينهما فترة غداء , واتذكر جيدا كيف كان المهندسين والفنيين يبذلون قصارى جهدهم وبحذر شديد في شرح وتوضيح كل ما يتطلب الامر وكل ما يستوجب عمله وكل ما يحتاجونه وما يقومون به وما يبذلونه من جهود جبارة في اعادة تشغيل محطاتهم المدمرة بالكامل حيث كانوا يواصلون الليل بالنهار في عملهم الدؤوب , بينما كان المسؤولين المتربعين على كراسيهم العريضة في الصفوف الامامية يتزايدون بوطنياتهم ويبالغون بمجاملاتهم ويتفاخرون بتملقاتهم اللامحدودة امام الوزراء والمسؤولين الاخرين ويدلون باشاراتهم الواضحة التي تدل على الضغوطات القاسية التي يمارسونها على المهندسين والفنيين وكافة العاملين في قطاع الكهرباء ..
وكنا نحن المشاركين المستمعين نشكر الله في حينها لاننا لم نكن من منتسبي قطاع الكهرباء فلا مسؤولية لنا ولا خوف علينا ولا هم يحزنون وان كل ما يجري وما يدور في القاعة لا يعنينا بشكل مباشر , ولهذا كنا نجلس في الصفوف الخلفية في اعلى المدرج نستلقي على الكراسي المريحة وكان بعضنا ياخذ غفوته هناك لبعض الوقت الى ان يحين موعد اهم فقرة عندهم التي كانت وجبة الغداء المفتوحة في فندق الميليا منصور ..
ومهما يكن فالنتيجة كانت انه بعد اشهر قليلة اصبح معدل القطع للتيار الكهربائي في مدينة بغداد ساعتين في النهار وساعتين في الليل محددة بالساعة والدقيقة ومعروفة مسبقا لكل منطقة ومعلنة في التلفزيون الرسمي ايضا , وهذا يعني عشرين ساعة كهرباء في اليوم الواحد لكافة مناطق واحياء بغداد ..
وامام هذا لا نستطيع الا ان نقول للحكومة الحالية في العراق , حكومة الديمقراطية المصتنعة محليا في العراق  وفق مقاييس المخاصصة الطائفية والمذهبية التي تشكلت منذ سبع سنوات بعد تغيير ذلك النظام الذي استطاع ان يعيد الكهرباء المدمرة كليا خلال اشهر وهو تحت وطأة حصار شديد مفروض عليه من قبل الامم المتحدة , ونسأل كافة المسؤولين عن الكهرباء ونضم صوتنا مع المتظاهرين المطالبين بالكهرباء في مدن الجنوب المشتعلة بحرارة الصيف العالية :- اين الكهرباء ؟ واين المبالغ الخيالية التي صرفت من اجل للكهرباء ؟
نقول هذا في الوقت الذي نحن نعتقد ان تلك العقول التي استطاعت اعادة الكهرباء المدمرة كليا خلال اشهر ما زالت موجودة في العراق , وان اولئك المهندسين والفنيين الذين عملوا المستحيل وواصلوا الليل بالنهار الى ان اعادوا الكهرباء ما زال اكثرهم في العراق وما زالوا بنفس الكفاءة ان لم تكن أكثر , واما التخصيصات فكانت وما زالت خيالية في كلتا الحالتين , فأين تكمن المشكلة اذن ؟ ولماذا لا تحل مشكلة الكهرباء في العراق ؟  ..
نسأل هذا ونحن نعرف جيدا ان الجواب سوف لن يأتي لأننا نعرف جيدا ان مشكلة الكهرباء في عراق اليوم وكما يعرف الجميع هي ليست مشكلة فنية او مهنية تتعلق بالقدرات والكفاءات والامكانيات وما الى ذلك , بل هي مشكلة سياسية بحتة تخص السياسيين والمسؤولين حالها حال بقية المشاكل في العراق التي اصبحت كلها مستعصية ومعقدة واخرها واهمها مشكلة تشكيل الحكومة التي طال انتظارها لاكثر من اربعة اشهر وهي تتعقد يوما بعد يوم اكثر واكثر , فبعد ان تقاسموها في السابق على اسس طائفية ومذهبية يريدون الان ان يتقاسموها وفق اسس توافقية تحت ذريعة الشراكة الوطنية ...
فهل ستكون حكومة الشراكة الوطنية المزمع تشكيلها افضل من حكومة المخاصصة الطائفية والمذهبية ؟
وهل ستستطيع حكومة الشراكة الوطنية حل مشكلة الكهرباء الوطنية التي استعصت على حكومة المخاصصة الطائفية والمذهبية ؟ .
اننا نعتقد ان حكومة الشراكة الوطنية المزمع تشكيلها سوف لن تكون افضل من كهرباء الشبكة الوطنية الحالية  !!! .


وحيد كوريال ياقو
تموز – 2010         

93
                 برلمان شراكة .. نعم     
                              حكومة شراكة .. كلا

 الديمقراطية = حكومة + معارضة 
من هذه المعادلة الافتراضية البسيطة يستطيع كل من يتابع المشهد السياسي العراقي وكل من يسمع اخبار العراق ويشاهد ما يجري وما يدور بين الكتل والاحزاب الكبيرة الفائزة في الانتخابات التشريعية من محادثات ولقاءات واتفاقات واختلافات وما يذهبون اليه او ما يرومون الذهاب اليه في سبيل تشكيل الحكومة المرتقبة التي يدعون انها ستكون حكومة وحدة وطنية او حكومة شراكة وطنية او حكومة شاملة او ما الى ذلك , فأنه يلاحظ بوضوح انهم بذلك يبتعدون ابعد ما يكون عن الديمقراطية , او انهم بذلك لا يتجهون نحو الديمقراطية ولا يسيرون نحو تطبيقها ,  ويلاحظ ايضا او يتأكد من انهم لا يريدون الديمقراطية اساسا او انهم لا يرغبون في تطبيقها ابدا ولا يسعون اليها اطلاقا ..
 ومن نظرة سريعة الى هذه المعادلة السياسية الافتراضية البسيطة نستطيع ان نقول انها كالمعادلات الرياضية تحتاج الى موازنة وتتطابق لمكونات طرفيها لكي تتحقق , او انها لا تتحقق او لا تتكامل بالصورة الصحيحة الا بوجود اوبموازنة كل مكونات طرفيها  ..  فالطرف الاول وهو ( الديمقراطية ) التي تسعى اليها كل الشعوب وتتمناها كل الامم وتتدعي بها كل الحكومات في كل الدول سواء التي تمارسها فعلا بحق وحقيقة او التي تتظاهر بها او تتدعي بها بأي شكل من الاشكال , لا يمكن ان تكون ما لم يكن هناك الطرف الثاني اي ( الحكومة و المعارضة ) , ولكي نوضح بعض ما نريد ان نقوله في هذا الموضوع لا بد من ذكر  شيئا عن هذه المكونات ومن زوايا مختلفة :- 
فالديمقراطية او من التعاريف البسيطة او المبسطة للديمقراطية اوالديمقراطية بمفهومها الشعبي هي انها حكم الشعب او ان تكون الحكومة من الشعب او على الاقل اشتراك الشعب في الحكومة وهذا يعني ببساطة ان يقوم ابناء الشعب بأختيار الحكومة ولفترة محدودة طبعا ..
واما سياسيا فالديمقراطية او من المفاهيم الاساسية للديمقراطية اوالمتطلبات الضرورية لبناء الدولة الديمقراطية فتكمن في وجود حكومة منتخبة او مختارة من قبل الشعب تعمل ما تراه صالحا للوطن ومفيدا للناس وفق ايدلوجية معينة وبحسب اسلوبها  الخاص ورؤيتها الخاصة مع وجود من يراقب عملها ويقيم ادائها ويحاسبها على اخطائها بأستمرار , ويكون لهذا المراقب سلطة تكون احيانا اكبر من سلطة الحكومة نفسها , وتصل احيانا الى عزل الحكومة او تغييرها اذا اقتضى الامر عن طريق القضاء الذي يجب ان يكون مستقلا ويكون له القرار الفصل , وهذا المراقب هو ما يسمى وفق المصطلحات السياسية بـ ( المعارضة ) ..
والديمقراطية لها مباديء اساسية وتعاريف مختلفة ومفاهيم كثيرة ولكن كلها تدل على قيام ابناء الشعب بأختيار اركان الحكومة الاساسية من خلال انتخابات حرة, اي قيام ابناء الشعب باختيار من يمثلهم او من يثقون به ليقوم بوضع او تشريع القوانين اي ( البرلمان ) , ومن يكلف بتنفيذ او تطبيق تلك القوانين اي ( الحكومة التنفيذية ) وهي التي تحصل على اكثر الاصوات في الانتخابات ,  ومن يراقبها في عملها وادائها وهي ( المعارضة ) التي لم تحصل على اكثر الاصوات في الانتخابات , بالاضافة الى ( القضاء ) الذي يكون له القرار الفصل ..
 فالديمقراطية من الناحية النظرية تتسم بمفاهيم عظيمة لا مثيل لها ومعاني نبيلة لا بديل لها ومباديء سامية لا نظير لها ابدا اينما كانت ومتما كانت .. واما من الناحية العملية او الفعلية او التطبيقية فأن الامر هنا حتما سيكون مختلفا  سواء في ايجابيات الديمقراطية وحسناتها او في سلبياتها ومساوئها بسبب سوء فهم مبادئها او تحريفها او عدم تطبيقها بصورة صحيحة او بشكل عادل  , وان ذلك لا يكون الا بسبب عدم الموازنة الصحيحة لمكونات المعادلة اعلاه , وهذا يعني بلغة اخرى عدم التوزيع الصحيح او الفصل التام في صلاحيات المكونات الثلاث المكونة للحكومة اي البرلمان والقضاء والحكومة التنفيذية , وهذا لا يأتي الا من غياب من يراقب او يحاسب هذه المكونات الثلاث لتحديد صلاحياتها والفصل التام بينها ويكون هذا المراقب هو المسؤول الاول والاخير عن كل ذلك وهو ( المعارضة ) .
ففي الولايات المتحدة الاميركية مثلا يعتمدون  اساس المراقبة والموازنة والفصل بين الصلاحيات لمنع اي قسم من اقسام الحكومة من ان يصبح ذو قوة اكبر او صلاحيات اكثر لكي لا يتسلط على غيره او ينفرد بأتخاذ القرار ...     
فوجود المراقبة التي تكون من قبل المعارضة خاصة امر ضروري جدا وخاصة فيما يخص عمل واداء الحكومة التنفيذية لغرض تقويمها ومحاسبتها على اخطائها او عند اخفاقها او تلكؤها في مهامها او عند عجزها في حماية الحقوق الاساسية للمواطنين او في توفير الامن والامان لهم او في انجاز المشاريع الخدمية والانتاجية والمعمارية وتوفير فرص العمل مما يكفل الرفاهية والحياة الحرة الكريمة لجميع ابناء الشعب وهذه هي ما تدل على ترسيخ الممارسة الديمقراطية اوتشير الى تطبيقها بصورة صحيحة ..
فالديمقراطية يجب ان تبنى على اساس الرأي والرأي الاخر المعارض , وهو الذي يغذيها ويجعلها تستمر وتدوم , وان عدم وجود الرأي الاخر يعني عدم وجود ديمقراطية  او ان عدم الاخذ بالرأي الاخر  يعني انهاء للديمقراطية .. لأن الرأي الاخر المعارض هذا ( اي المعارضة ) هو الذي يولد الديمقراطية وهو الذي يجعلها تستمر وهو الذي يجددها ويطورها مع الزمن وبحسب متطلبات العصر المتجدد دائما وابدا ...
واذا ما اخذنا الولايات المتحدة الاميركية كنموذج او كمثال وذلك لسببين اولهما انها هي التي فرضت الديمقراطية على العراق , وثانيهما ان كلاهما يتميزان بتنوع شديد سواء في الموارد البشرية او في الموارد الطبيعية وهذا التنوع يعتبر في الولايات المتحدة الاميركية المصدر الرئيسي لقوتها وجبروتها وسبب تقدمها وتطورها , ولهذا لا بد ان تكون الديمقراطية المفروضة على العراق بنفس مقاييس ديمقراطيتها او بحسب مواصفاتها , ففي الولايات المتحدة الاميركية يتم تشكيل الكونكرس ( الذي هو السلطة التشريعية للبلد ) بفرعيه بطريقة الشراكة , فمجلس الشيوخ يتم تشكيله بطريقة شراكة لجميع الولايات المتحدة التي يتكون منها البلد ( لكل ولاية ممثلين اثنين ) واما مجلس الممثلين فيتم تشكيله بطريقة شراكة ايضا لجميع السكان في جميع الولايات وبحسب عدد النفوس لكل ولاية , بينما الحكومة يتم تشكيلها من قبل الذي يفوز في الانتخابات الرئاسية فقط وكما يشاء او وفق ما يشاء وممن يشاء , بينما يبقى الذي لم يفوز في الانتخابات في الكونكرس بالمرصاد له ... فلا يجوز مطلقا ان تتوحد الاكثرية التي فازت في الانتخابات مع الاقلية التي لم تفوز لتشكيل حكومة موحدة , واذا ما حصل هذا فأن ذلك يعني انهاء للديمقراطية لان مثل هذه الوحدة لا تكون الا ضد الشعب او على حساب مصالح ابناء الشعب الذي اختارهم وانتخبهم ...
فالديمقراطية في حقيقتها هي فعلا حكم الاكثرية , الاكثرية العددية التي تأتي من ممارسة الية الديمقراطية او المدخل الرئيسي لها التي هي الانتخابات ... ولكن من تطبيقات الديمقراطية المعتمدة يجب ان تكون الاكثرية الفائزة في الانتخابات في الحكومة التنفيذية  او هي التي تشكل الحكومة التنفيذية , بينما تبقى الاقلية في البرلمان كمعارضة للحكومة التنفيذية وهي بذلك لا تقل شأنا عنها ابدا ...
وهنا لا بد من ان نشير ايضا ان الديمقراطية بمفهومها الفلسفي هي رؤية حضارية لنظام حياة للمجتمع او طريقة لتعايش الناس قبل ان تكون نظام حكم او نظام لتداول الحكم , فهي يجب ان تكون او ان تمارس في كافة مؤسسات المجتمع ومنظماته المدنية وحتى داخل العائلة وليس فقط في مؤسسات الدولة الرسمية او في الهيئات الحكومية وتشكيلاتها  , والديمقراطية لا تنتهي بعد اعلان نتائج الانتخابات واستيلاء الاكثرية على الحكم كما يفهمها البعض او كما يحلو للبعض ان يفسرها هكذا , او كما يسعى الى ذلك البعض الاخر لاقصاء الاقلية او تهميشها او الغائها .. وهي في نفس الوقت لا تجوز تقسيم الحكم على الكل او على اسس دينية او طائفية او مذهبية او قومية او ما الى ذلك , فهي وسيلة لضمان حقوق الكل والحفاظ على كل تلك المسميات وتحقيق المساوات والعدالة لها وليس لألغائها او التسلط عليها او لتحقيق اطماع خاصة من خلالها ...   
من هذه المقدمة الطويلة نستطيع ان نقول ان ما يحصل الان في العراق بعد ان فرضت عليه الديمقراطية فرضا قسريا , لا يمت بصلة الى الديمقراطية ابدا , وان كل ما يجري هناك هو في غياب الديمقراطية او الاصح هو تغييب للديمقراطية , وهذا ما يدل اما على عدم فهم للمباديء الاساسية للديمقراطية ليس فقط من قبل عموم ابناء الشعب , بل حتى من قبل بعض المسؤولين والسياسيين وصناع القرار( وهذا امر نستبعده طبعا ) , او التعمد في تجاهل ذلك لغايات واغراض خاصة , او عدم فهم  لثقافة المعارضة الضرورية للديمقراطية التي يجب ان تكون لمراقبة اداء الحكومة , او عدم التمييز بينها وبين المعارضة المعادية التي تروم الى القضاء على الحكومة او الانقلاب عليها , او التعمد بدمج مفهوم هاتين المعارضتين لخلط الاوراق او لأغراض خاصة او لتبرير عدم القبول بالرأي الاخر المعارض ... 
فالمعارضة الضرورية  ليس بالضرورة ان تكون دائما ضد الحكومة , فقد تتفق احيانا هذه المعارضة مع الحكومة على امور كثيرة وتتوحد الكلمة على بعض القضايا المهمة مثل القرارات المصيرية او العلاقات الخارجية وتصبح بذلك سندا للحكومة , وهذا هو ما يميزها عن الانظمة الشمولية الدكتاتورية التي تنفرد في الحكم وتنفرد في اتخاذ القرارات المهمة والغير المهمة على حد سواء  ولهذا يكون لها عادة او تنشأ لها دائما معارضة معادية تحاول القضاء عليها ...
ان ما يدور هذه الايام من محادثات بين الكتل والاحزاب الكبيرة الفائزة في الانتخابات ومحاولاتها الاتفاق على تشكيل حكومة شاملة او حكومة شراكة فيما بينهم وادعائهم بأشراك كل الاطراف فيها للوصول الى اتفاق او لارضاء كل الاطراف  يقودنا الى التساؤل :-
هل يجوز ان يحكم الشعب كله او ان يكون الشعب كله في الحكم ؟ فهل يجوز ان يحكم الكل على الكل ؟ ومن سيراقب هذا الكل الحاكم ؟ وكيف سيعرف ابناء الشعب ان هذا الكل الحاكم يحكم بعدل اذا كانوا كلهم في الحكم ؟ .
واستنادا الى هذا نقول انه لا بد من وجود من يحكم ولا بد من وجود من يراقب هذا الذي يحكم , ولا بد من ان يستطيع الذي يراقب ان يحاسب الذي يحكم لكي يستقيم ولكي يعدل في تحقيق العدل والمساوات للجميع , هذا بالاضافة الى ان وجود هذا المراقب سيكون حافزا للذي يحكم او سيدفعه الى تقديم الافضل ...
وعلى هذا الاساس نرى انه يجب ان يتم تشكيل الحكومة من قبل الاكثرية الفائزة في الانتخابات وتوزيع المناصب الوزارية اعتمادا على الخبرة والكفاءة والاخلاص وليس لأي اعتبار اخر لتكون حكومة قوية وقادرة على تنفيذ برامجها , وتكون هي المسؤولة على ادارة كافة شؤون الدولة وهي التي تتحمل مسؤولية كل ما يتطلب ذلك , بينما تبقى الاقلية في البرلمان كمعارضة لتراقب اداء تلك الحكومة وعليها تقع مسؤولية محاسبتها , وبذلك يتم ضمان ديمومة الديمقراطية وسلامة ممارستها التي ستضمن او تتيح الفرصة للتناوب على السلطة بين الحكومة والمعارضة من خلال الاصوات التي ترمى في صناديق الاقتراع في الانتخابات التي تمثل رأي ابناء الشعب وقرارهم العادل الذي يجب ان يحترم وان يكون ملزما للكل او فوق الكل ...
وختاما نعود ونقول لا يجوز مطلقا توزيع المناصب الوزارية على الاكثرية والاقلية لغرض ارضاء الجميع او لمراعات مصالح الجميع ..  نعم يجوز تشكيل برلمان يضم ممثلي كل ابناء الشعب من كل الفئات ومن كل الشرائح ومن كل المناطق , ولكنه لا يجوز مطلقا تشكيل حكومة مشتركة بين الاكثرية والاقلية بأسم حكومة توافق او حكومة شراكة وطنية او حكومة الوحدة الوطنية او تحت اي مسمى اخر ..
 فنعم لبرلمان شراكة .. وكلا لحكومة شراكة .

     وحيد كوريال ياقو
       حزيران – 2010           

94

                       انهم يستهدفون عدوهم الاول العلم  

هاهم دعاة الجهل والتخلف يظهرون مرة اخرى .. وهاهم يخرجون من جحورهم المظلمة هذه المرة ليقوموا بعمل قذر اخر , ويشنون هجوما غادرا اخر على ابناء شعبنا  العزل ... فهاهم يستهدفون هذه المرة عدوهم الاول العلم  وطلاب العلم والساعين اليه والساهرين من اجله , فيستهدفون  حافلات نقل الطلبة الجامعيين ..
ان استهداف حافلات نقل الطلبة الجامعيين من بغديدا ( قرقوش ) الى جامعة الموصل الذي حدث يوم الاحد الثاني من ايار الحالي بالرغم من انه ما هو الا واحدا من الهجمات الارهابية المنظمة المستمرة والمتكررة التي تشن على ابناء شعبنا في العراق عموما والموصل خصوصا لاسباب اصبحت معروفة وواضحة للجميع , الا ان استهداف الطلبة الجامعيين ( هي ورقة جديدة ) لها مدلولات اخرى واغراض اضافية ..  
فكيف لا يستهدفون هؤلاء الطلبة ما دام هم طلاب علم وثقافة وفنون ؟ وكيف لا يقضون على هؤلاء الابرياء الذين يسعون الى كل ما هو جديد ومتطور , ويسهرون من اجل ذلك ويحلمون بالمستقبل الزاهر السعيد لجميع الناس ؟ وكيف لا يتخلصون من هؤلاء الطلبة الذين يواصلون الليل بالنهار من اجل القضاء على الجهل والتخلف والمتشبثين بها ؟ فكيف لا يقتلون هؤلاء الطلبة الذين يحملون معهم كل تلك المعدات والاليات والمستلزمات التي هي كلها ضد الجهل والتخلف ؟
فأقلامهم كلها بنادق موجهة ضد الجهل ...
وكتبهم كلها اسلحة معادية للتخلف ...
ودفاترهم كلها مفخخة بأفكار حديثة للقضاء على الجهلة والمتخلفين ...
واما حاسباتهم  وبرامجهم وخططتهم فهي اسلحة دمار شامل لأبادة كل ما بقي من افكار الجهل والتخلف ...
اذن كيف لا يجب القضاء على هؤلاء الطلبة الجامعيين ؟ وكيف لا يجب تصفية هؤلاء المددجين بكل هذه الاسلحة الخطيرة ؟ وكيف لا يتم استئصال هذه الشريحة التي تطلب العلم والمعرفة ؟ اليست هي اللبنة الاساسية لبناء الوطن والمستقبل ؟ فكيف يدعون هؤلاء الطلبة يذهبون الى الجامعة ويكملون دراستهم ويحققون امالهم واحلامهم وما يسعون اليه في العلم والتطور والتقدم والتحضر ؟
ان هؤلاء الطلبة اخطر اعداء دعاة الجهل والتخلف ولهذا كان القرار بأستهدافهم لغرض ايقافهم عن تحقيق ما يسعون اليه .. وهكذا تم استهدافهم من قبل هؤلاء يوم الاحد الثاني من ايار الحالي , وحيث ان هذا الحادث ليس الاول من نوعه فقد سبق وان استهدفت حافلات نقل الطلبة الجامعيين مرات عديدة في السابق وهذا ما يشير او يدل الى وجود خطة او تخطيط لغرض منع هؤلاء الطلبة من مواصلة دراستهم ولغرض ايقاف عجلة التقدم العلمي والتطور الحضاري لهم ,  وهي انما محاولة لجعل الساعين الى العلم والتعلم والداعين الى  التحضر والتطور في العراق لا يشعرون ابدا بالأمن والامان ولا يطمأنون على سلامة حياتهم , فأما ان يعيشوا في الجهل والظلام مثلهم او ان يتركوا بلدهم ويغادروه من غير رجعة , وهي بذلك محاولة لأفراغ العراق من هؤلاء المواطنين الصالحين المسالمين المتسامحين الداعين الى الخير والسلام دائما ...  
ان افراغ البلد من هذا المكون الاصيل بسبب هذه الهجمات المتكررة والمستمرة انما هو جريمة من جرائم التطهير العرقي , وخاصة عندما يحصل هذا امام انظار السلطات الحاكمة في العراق والمسؤولين عن صنع القرار فيه وهم لايحركون ساكنا ولا يقومون بعمل لوضع حد لهذه الاعتداءات المستمرة ولا حتى يذكرونها او يدينونها في اكثر الاحيان , ولهذا فهي فعلا تعتبر جريمة من جرائم التطهير العرقي ترتكب بحق هذا المكون العراقي الاصيل .
 ومن جانب اخر فأن هؤلاء الذين انحطت القيم الانسانية لديهم وانقلبت كل المقاييس والموازين عندهم , عندما يقومون بهذه الاعمال الاجرامية ويهاجمون المواطنين الابرياء العزل من ابناء شعبنا ومن دون تمييز او تفريق لهذا الاعتبار اوذاك , انهم في ذلك  انما يعطون لنا رسالة مهمة حيث انهم يقولون لنا انكم واحد مهما كنتم ومصيركم واحد  مهما اختلفتم ومهما اختلفت أسمائكم ومذاهبكم وافكاركم فأنكم واحد , وهم بذلك لا يميزون بيننا ولا يفرقون بيننا للاسباب والاعتبارات التي نميز ونفرق نحن انفسنا بها , انها فعلا رسالة مهمة بل درس بالغ الاهمية لنا جميعا وخاصة لقادتنا ومسؤولينا وسياسيينا المختلفين والمتخاصمين دائما بسبب مصالحهم الشخصية ومكاسبهم الحزبية الضيقة ...  
فعلينا اذن ان نفهم هذه الرسالة جيدا وعلى قادتنا ومسؤولينا  ان يعوا اهمية هذه الرسالة ايضا وعليهم ان يستفيدوا من هذا الدرس المهم ويتوقفوا عن صراعاتهم ونزاعاتهم ويدعوا خلافاتهم جانبا ويبادروا الى التعاون والتفاهم فيما بينهم ويوحدوا خطابهم على الاقل في هذه المرحلة ويتفقوا على الاساسيات والعموميات والضروريات التي تجمع كل ابناء شعبنا في الوقت الحاضر وعليهم تقع مسؤولية اتخاذ التدابير القوية اللازمة الجدية الملموسة في توفير الامن والامان وحماية كافة ابناء شعبنا في كافة انحاء العراق وبشكل خاص في الموصل لكي يتمكنوا ان يعيشوا بسلام وامان واطمئنان ...
الرحمة للشهداء الابرار والشفاء العاجل للجرحى والمصابين .

وحيد كوريال ياقو
5 - ايار – 2010          

95
        هل ان ( 73 ) الف ناخب هو كل ما لدينا ؟
         الى متى يبقى ابناء شعبنا ينظرون الى النصف الخالي من الكأس ؟!

في كلمة سابقة عن الانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في العراق تطرقنا اليها بصورة عامة كونها ظاهرة حضارية تمارسها جميع الشعوب المتحضرة في معظم الدول المتقدمة والمتطورة في العالم , ومن هذا المنطلق رأينا انه مجرد اتباعها لاختيار اعضاء مجلس النواب في العراق , فهي تعتبر خطوة نحو الامام بالرغم من كل نواقصها وكل اخطائها وبالرغم من الطريقة التي جرت فيها سواءا كانت نزيهة ام لا , وبالرغم من نتائجها ايضا سواءا كانت مرضية ام لا ...
 واستنادا على هذا فقد كان يستوجب على كل من يريد الخير للعراق , وعلى كل من يدعي التحضر وكل من يؤمن بالتطور او التقدم  , كان يستوجب عليه ان يؤيدها على الاقل كونها ظاهرة حضارية , ومن ثم كان يستوجب ان يشارك فيها ويدلي بصوته لمن يشاء ويختار من يفضل او من يراه مناسبا او الانسب ...
وعلى هذا الاساس ايضا كان المفروض على ابناء شعبنا وبالاخص الذين في خارج العراق , حيث انهم كانوا وما زالوا السباقين الى كل ما يشير الى التحضر او التقدم  اوالتطور ونبذ التخلف , كان من المفروض بهم ان يكونوا اول الداعين اليها واكثر المؤيدين لها اواكثر المشاركين فيها , وخاصة انهم كانوا دائما يتميزون بالتقدم والتطور ويتصفون بمفاهيم التحضر عندما كانوا في بلدهم الام العراق , وكانوا فعلا يمارسونها ويطبقونها في حياتهم اليومية والاعتيادية في العراق  قبل ان يعرفها او يسمع بها غيرهم , والاكثر من هذا ان غيرهم هذا كان غالبا ما يتهمهم بشتى الاتهامات الغير اللائقة والغير المرغوب فيها  بسبب ذلك , وكانت احيانا تصل مع الاسف الشديد الى حد اتهامهم بالانحراف اوالفساد الاجتماعي او حتى الاخلاقي ..
 ولا يخفي على احد ان هذا كان احد الاسباب او في مقدمة الاسباب التي دعت الكثير منهم الى الهجرة وترك بلدهم الام العراق بحثا عن حياة افضل او مكان فيه تحضر اكثر او فيه حرية اكثر هذا من ناحية , وهربا من التقيد او رفضا لواقع التخلف المحيط بهم والمفروض عليهم الذي كان يحد من حريتهم ورغبتهم التواقة الى التغير والتطور من ناحية اخرى , وهكذا كان قدرهم ان يتشتتوا في العالم  وان ينتشروا او يتواجدوا في اكثر دول العالم تحضرا وتطورا وتقدما ...
وهناك في تلك الدول المتحضرة والمتطورة التي وصلوها , قد وجد بعضهم فعلا ما كان يحلم به وما كان تواقا اليه , ولكن الكثير منهم مع الاسف الشديد, قد تخلى عن ذلك او قد ابتعد عن ذلك كثيرا , فمنهم من انساق خلف مغريات الحياة ومضاهرها في المجتمع الجديد , ومنهم من وقع او اوقع نفسه تحت طائلة متطلبات الحياة الجديدة المكلفة واللامحدودة , وهذا ما منعهم او اعاق سعيهم من الاستفادة من ثقافة وتطور المجتمعات الجديدة المتحضرة التي اصبحوا يعيشون فيها ومنعهم من اللحاق بركب تلك المجتمعات المتحضرة , فاصبحوا في اخر الركب , لا بل ان بعضهم اصبح  يعيش على هامش تلك المجتمعات , والاسوء من ذلك ان بعضهم ونقولها بألم شديد , انه قد اصبح عالة على تلك المجتمعات المتحضرة , وهذه ظاهرة لا تليق ابدا بأبناء شعبنا الذين كانوا دائما وابدا تواقين الى العمل والابداع , ولكن هذا طبعا ليس بموضوعنا الان في هذا المقال .
 ولكن ما نريد التطرق اليه الان هو مدى استجابة ابناء شعبنا وخاصة من هم في الخارج مع مستجدات الحياة التي تجري في بلدهم الام العراق حيث ما زال الكثير من اهلهم واقربائهم يعيشون هناك ويعانون ما يعانونه من ظلم واضطهاد وتهميش , وبالاخص المستجدات المهمة التي تمس حياة هؤلاء بشكل مباشر ولها تأثير كبير على حياتهم اليومية وعلى تقرير مصيرهم وتحديد مستقبلهم ...
ومن هذه المستجدات هي الانتخابات التشريعية التي جرت في العراق مؤخرا , وهي حتما تعتبر من المستجدات المهمة والمؤثرة على واقع ابناء شعبنا المتبقي في العراق سواءا رضينا ام ابينا ولها تأثير مباشر على حياتهم اليومية وهي التي تقرر مصيرهم وتحدد مستقبلهم ... 
ولهذا فأننا نرى انه كان من المفروض على ابناء شعبنا وخاصة الذين يعيشون في الخارج ان يعوا اهمية هذه الانتخابات , وكان من المفروض عليهم ان يشاركوا فيها او ان يكونوا اكثر المشاركين فيها , وخاصة ان الدول التي يعيشون فيها تعتبر الانتخابات او طريقة التصويت الوسيلة الامثل المتبعة في كل امور حياتهم اليومية الكبيرة منها والصغيرة ,واما المشاركة في الانتخابات التي يتم فيها تشكيل الحكومة مثلا , فأن ذلك يعتبر واجب وطني على مواطن , ويجب كل مواطن ان يؤديه , وايضا او في نفس الوقت يعتبر حق من حقوق المواطنة لا يجوز ان يحرم منه احدا, فعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة الاميركية التي يتواجد فيها اكثر عدد من ابناء شعبنا , يخضع المتقدم لنيل الجنسية الاميركية الى امتحان فيه اسئلة كثيرة وعديدة وخاصة في مجال  الحقوق والواجبات الخاصة فقط بالمواطن الاميركي حصرا , فما يخص الواجبات مثلا هناك سؤال يقول :-  اذكر احد الواجبات التي هي فقط لحملة الجنسية الاميركية ؟ واحد الاجوبة هو ( التصويت في الانتخابات الفدرالية ) , ويليه مباشرة السؤل الذي يخص الحقوق :- اذكر احد الحقوق التي هي فقط لحملة الجنسية الاميركية ؟ واحد الاجوبة ايضا او الجواب الاول هو ( التصويت في الانتخابات الفدرالية ) وهو نفسه الجواب السابق الخاص بالواجبات , وطبعا من لا يعرف هذا فأنه حتما سوف لن يمنح الجنسية الاميركية , ومن هذا يتبين ان المشاركة في الانتخابات هي حق من حقوق المواطنة مثلما هي ايضا وفي نفس الوقت واجب وطني على كل مواطن , فأين ابناء شعينا الذين يعيشون في الولايات المتحدة الاميركية على الاقل من هذا ؟ وهذا يشمل ايضا الذين يعيشون في بقية الدول التي لا تختلف عنها كثيرا , الم يكن لزاما عليهم ان يشاركوا في تلك الانتخابات ؟ الم يكن من المفروض ان تكون نسبة مشاركتهم فيها اكثر من غيرهم ؟ ...
حيث ان نتائج الانتخابات قد بينت ان الكثير من ابناء شعبنا قد تخلى عن حقه هذا ولم يلتزم بواجبه الوطني ايضا , فقراءة اولية لنتائج الانتخابات سواء الكمية منها او النسبية تؤكد ذلك بوضوح وتشير الى عزوف الكثير منهم من المشاركة فيها , وهذا ما يدعو الى التساؤل :-  هل يعقل ان شعب تعداده يفوق المليون ونصف المليون واكثر من ثلاثة ارباعه يعيش في اكبر الدول تحضرا وتقدما وتعتمد الانتخابات في كل كبيرة وصغيرة في حياتها , ان يكون اقل نسبة مشاركة في الانتخابات ؟ وهل يعقل ان مجموع من شارك وصوت لقوائم ابناء شعبنا المسماة بالكوتا هو فقط ( 73 ) الف ناخب ؟ وحتى لو اضفنا اليه من صوت لغير قوائم الكوتا التي معظم التخمينات تشير الى انها كانت قليلة جدا او ضئيلة , فأنها لم تكن بالمستوى المطلوب ابدا , الم يكن من الممكن الحصول على هذا الرقم في الولايات المتحدة الاميركية فقط ؟ هذا ان لم نقل في ولاية مشيكن فقط التي يتواجد فيها الكثير من ابناء شعبنا ؟ طبعا بالرغم من اننا لا نستطيع قطعا الجزم في ذلك  بسبب عدم وجود اية احصائيات دقيقة لابناء شعبنا لا في العراق ولا في خارج العراق , ولكن هناك مؤشرات كثيرة لاماكن عديدة لتواجد وحضور ابناء شعبنا نستطيع منها ان نستنتج ذلك او ان نتشجع لنقول ذلك , ومن هذه الاماكن او اهمها او في مقدمتها هي طبعا الكنائس المختلفة والمتنوعة التي يؤمها الناس بكثرة, فلو كان مثلا قد شارك في الانتخابات كل من حضر قداديس عيد القيامة في جميع كنائس ابناء شعبنا او بنسبة ( %62 ) التي كانت نسبة المشاركة العامة في العراق , او كان قد شارك فيها كل من كان من المفروض ان يشارك وبنفس النسبة , فأننا نعتقد انه لكان بالامكان رفع القاسم الانتخابي لهذه القوائم الى اكثر من ( 100 ) الف صوت بدلا من ( 14 ) الف فقط , وعند ذلك لكنا نستطيع ان نقول على الاقل ان استحقاق ابناء شعبنا في البرلمان هو ما لا يقل عن ( 10 ) مقاعد ان لم يكن ( 15 ) مقعدا , وليس ( 5 ) مقاعد فقط كما اقرت حاليا على اساس ان قانون الانتخابات قد حدد مقعدا واحد لكل مائة الف نسمة , وكنا بذلك قد اثبتنا لمن شرعوا هذا القانون ولغيرهم وللعالم اجمع مدى الاجحاف الذي الحق بنا من جراء هذا القانون الذي خصص ( 5 ) مقاعد ككوتا لابناء شعبنا ...
وامام هذا الواقع يجب ان نقف ونتساءل : من المسؤول عن ذلك ؟ او من يتحمل المسؤولية في ذلك ؟ فهل ان مسؤولية ذلك تقع فقط على عاتق القادة والمسؤولين السياسيين بسبب صراعاتهم ونزاعاتهم واختلافاتهم الكثيرة ؟ ام ان ابناء الشعب ايضا يتحملون جزءا من المسؤولية ؟
ففي حالة القادة والمسؤولين فقد تطرقنا الى ذلك في مقالات عديدة سابقا, وقد تطرق ايضا الكثير من الاخوة الكتاب في مقالات كثيرة وعديدة الى ذلك وكل من خلال وجهة نظره ,  ولا داعي للمزيد منها ولا نريد تكرار ما قيل وذكر في هذا الشأن , واما ما يخص الطرف الثاني , اي ابناء الشعب , فأننا نعتقد في هذه الحالة انهم ايضا يتحملون جزءا من المسؤولية , او الجزء الاكبر منها في هذه الحالة , وخاصة لو عرفنا ان عزوف الكثير منهم كان من دون سبب , او ان السبب لم يكن يستوجب ذلك , فاذا ما تمعنا قليلا في اسباب عدم مشاركتهم في الانتخابات او سبب عزوفهم عنها , فقد يندهش المرء او قد يصيب بصدمة بسبب ذلك , لانه بالحقيقة لا يجد سببا حقيقيا او مهما يستوجب ذلك او يدعوا الى ذلك , نقول هذا في الوقت الذي نحن نعرف ان البحث عن الاسباب الاساسية او الحقيقية التي ادت الى ذلك لا يمكن ايجازها في مقالة او عدة مقالات ولكنها بالتأكيد تتطلب بحوث ودراسات كثيرة , ولكن لغرض تبسيط الامر وايصال الفكرة , يستطيع كل منا ان يبحث في محيطه الخاص ويتعرف على من لم يشارك في الانتخابات ويستفسر ببساطة عن سبب ذلك , وعندها سيكتشف الامر بنفسه , فمن محيطي الخاص فأنني وجدتهم  ثلاث مجموعات او ثلاثة اسباب دعتهم او ادعوا بها لعدم مشاركتهم في الانتخابات وهي  :-   
+ المجموعة الاولى او السبب الاول الذي كان وبامتياز عامل الوقت , وطبعا عامل الوقت هو دائما الشماعة القوية التي نعلق عليها كل ما لا نريد ان نعمله او لانرغبه , حيث ادعى الكثير منهم , انهم لم يشاركوا في الانتخابات بسبب الوقت , حيث لم يكن لديهم الوقت الكافي لذلك , وهذا طبعا يعتبر مجرد ادعاء لا غير لان الانتخابات في الخارج جرت لثلاثة ايام ولساعات طويلة بالاضافة الى انها كانت في عطلة نهاية الاسبوع وذلك لاتاحة الفرصة الكافية للجميع للمشاركة فيها , وسوف لن اكشف سرا اذا ما قلت انني شخصيا اعرف ان بعض من ادعى ذلك , يتردد باستمرار الى نفس القاعة التي اجريت فيها الانتخابات , واحيانا لاكثر من مرة في الاسبوع ولكن لاسباب واغراض اخرى ...
+ المجموعة الثانية او السبب الثاني كان الاعتقاد بعدم جدوى الانتخابات , حيث ان الكثير يعتقد بعدم جدوى الانتخابات ويرى انه لا فائدة منها فهي لا تقدم ولا تؤخر وسوف لن تغير شيئا او انها سوف لن تأتي بأي جديد وسوف لن يتحسن الوضع وسوف لن .. ولن ..  وما اكثر اللنات ان صح الجمع ..
ونحن في الوقت الذي نتفق مع هؤلاء بأن هذه الانتخابات بالذات سوف لن تغير شيئا ,  وان من يفوز فيها سوف لن يكون له عصا سحريا ليحل بها كل مشاكل ابناء شعبنا او مشاكل العراق , ولكننا نعتقد انها ( الانتخابات ) تعتبر الطريقة المثالية للتغيير او افضل الطرق او افضل ما موجود , وانها ايضا تعتبر خطوة لا بد منها اذا ما اردنا التغيير ..
+ واما المجموعة الثالثة فبالحقيقة لم يكن لها سبب ولكن امرها كان اغرب او غريبا جدا ومضحكا جدا وكما يقال فشر البلية ما يضحك , حيث ادعوا بأنهم لم يسمعوا بالانتخابات ولم يعرفوا بموعدها ولا بمكانها , وامام هذا فأننا لا نريد ان نعلق شيئا على هؤلاء ولكننا نستغرب كثيرا لاننا لا نعرف في اي عالم قد اصبح يعيش هؤلاء ؟ وماذا بقي او تبقى لهؤلاء من صلة بأهلهم وبجذورهم ؟ .
نقول هذا في الوقت الذي نحن نعرف اننا ابناء شعب او بقايا شعب قد عانى من الظلم والاضطهاد خلال تاريخه الطويل ما لم يعانيه اي شعب اخر على وجه المعمورة كلها , فمنذ سقوط نينوى وبابل قبل اكثر من ( 25 ) قرنا , قد فقد هذا الشعب الاستقلال والسيادة واصبح ابنائه يعيشون تحت ظلم المحتلين والغزاة , وهذا بطبيعة الحال ما انعكس سلبا مع تعاقب الاجيال على معظم ابناء هذا الشعب وجعلهم دائما ينظرون الى الجانب السلبي من الاحداث التي تدور حولهم ويعتبرون ان هذه الاحداث لا تخصهم اولا تعنيهم او انهم غير معنيين بها ما داموا لا يستطيعون تغييرها , ويعتقدون ايضا انها سوف لن تغير او تحسن شيئا من واقعهم , وسوف لن تبدل امرا مما يعنيهم او يخصهم , وهكذا اصبحوا ينظرون اليها بعدم الجدية او يأخذونها بقليل من الجدية , ولهذا فقد اصبح رد فعلهم تجاه تلك الاحداث دائما وعلى مر التاريخ لا يتصف بالجدية الكافية , او لا يرتقي الى المستوى المطلوب ان يكون على الاقل عندما يخص قضاياهم القومية او المصيرية , وهذا بطبيعة الحال يعتبر امرا غريبا وغير طبيعيا واقل ما نستطيع ان نصفه انه امر سلبي ان لم نقل انه  شاذ , وان  استمراره لفترة طويلة ولاجيال عديدة وانتساره بشكل واسع في الوقت الحاضر ليشمل اكثرية ابناء الشعب , فأنه بذلك يشكل خطورة على واقع هذا الشعب ومستقبله  ...
فالشعب القوي يجب ان يكون جديا دائما وان يتصف ابنائه بالمثابرة والحيوية وان تكون ردود افعالهم ايجابية وخاصة تجاه ما يتعلق بقضاياهم المصيرية والمستقبلية , ويجب ايضا ان يكون موحدا ومتحدا ومتماسكا وواعيا وملتزما ومنتجا في عمله ومثابرا في سعيه وباحثا عن الفرص وغير يائسا هذا بالاضافة الى ان يكون ملما او مسلحا دائما بالعلم والمعرفة , بعكس الشعب الضعيف الذي يكون مفرقا وممزقا ومختلفا وجاهلا وكسولا ومستهلكا وغير ذلك من الصفات التي لا تليق ابدا بأبناء شعب عريق مثل شعبنا وهذا هو ما يدعون الى ان نتساءل :- أين ابناء شعبنا في الوقت الحاضر من كل هذا ؟ والى متى يبقى ابناء هذا الشعب ينظرون الى النصف الخالي من الكأس ؟؟ .
وحيد كوريال ياقو
مشيكن – نيسان 2010                       

96
    كلمة لابد منها بعد انتهاء الانتخابات وبغض النظر عن النتائج

لقد انتهت الانتخابات التشريعية في العراق بأيجابياتها وسلبياتها وانتهت معها كل الدعايات والادعاءات وكل الصراعات والمخاصمات وكل القيل والقال وكلها ستصبح في ذكر الماضي حيث سيبدأ المتخاصمون والمتنازعون والمتصارعون الفائزون الاشداء بالتنازل والتحاور والتشاور مع بعضهم البعض لعقد الصفقات من اجل مصالحهم الخاصة وحصصهم الدسمة ومكاسبهم الثمينة  لاربع سنين معطاء سيتربعون خلالها من جديد على صدور العراقيين التي ضاقت بهم كثيرا في هذا الزمن التعيس ومن دون ان يقدموا شيئا مما وعدوا به او ادعوا به لا للعراق ولا للعراقيين , ولكنهم حتما سيذهبون وبلا رجعة في نهاية المطاف لامحال ...
وبغض النظر عما جاء في نتائج هذه الانتخابات وعمن فاز  فيها , سواء كان يستحق ذلك ام لم يكن , حيث  من الواضح ان من فاز فيها ما زال يحمل صفة المخاصصة الطائفية والمذهبية اللعينة , وقد فاز اصلا لانه يحمل هذه الصفة  او انه قد فاز لهذا السبب فقط ولا شيء غير ذلك , وهذا طبعا هو ما يؤسفنا ويؤلمنا كثيرا , ولكنه الواقع المرير الذي لا بد منه ولا بد من القبول به حاليا لتغييره في المستقبل , ولان  العراق سيبقى بقيادة هؤلاء في دوامة المخاصصة الطائفية والمذهبية التي اطلقوا عليها مؤخرا اسم التوافقية اي بمعنى الاتفاق على مصالحهم الضيقة ومكاسبهم الخاصة ...
 وبالرغم من انه لم يفوز في هذه الانتخابات اي من القوى الوطنية او الديمقراطية او العلمانية التي تسعى لبناء الدولة الديمقراطية العلمانية في العراق , دولة الحداثة والمواطنة والعدالة , دولة الدستور والمؤسسات , دولة ضمان حقوق الانسان ودولة توفير الامن والامان والرفاه لجميع ابناء الشعب من دون تمييز او تفرقة بسبب الدين او المذهب او الطائفة او القومية او العرقية او الجنس او العقيدة السياسية او غيرها من الاختلافات التي يزخر ويزدهر بها العراق من دون غيره من دول المنطقة , هذه القوى التي تسعى الى جعل صندوق الاقتراع هو الذي يقرر بحق واستحقاق من يمثل الشعب ومن يقود الشعب , وهو الذي يجب ان يقرر شكل الحكومة وفقا للمصلحة الوطنية والمهنية وليس وفقا لمصالح المخاصصة القومية والطائفية والمذهبية المقيتة ...
وبغض النظر ايضا من ان الكثير من العراقيين لم يشاركوا في هذه الانتخابات هذه المرة ولاسباب كثيرة وعديدة لسنا بصددها الان , ولكنهم حتما سيشاركون فيها في المرات القادمة لو استمرت وتكررت هذه التجربة واصبحت انظف وانزه , وسيدلون باصواتهم وسيختارون من يمثلهم وسيجدون عندها من يستحق صوتهم  وسيصبحون بذلك هم  الذين سيقررون  شكل الحكومة التي ستعمل لبناء الدولة الديمقراطية الحقيقية التي تضمن حق المواطنة لجميع المواطنين وتوفر الامن والامان لجميع ابناء الشعب وتعيد كتابة الدستور لتفصل الدين عن الدولة  لتحقيق العدل والعدالة للجميع ولضمان حقوق الانسان واعادة سيادة العراق  وغير ذلك من متطلبات بناء الدولة المعاصرة التي يتمناها الجميع ونأمل ان يكون ذلك قريبا ...
وبغض النظر ايضا ان كانت هذه الانتخابات قد جرت بالشكل الذي كنا نتمناه ام لا , وان كان قد فاز فيها من صوتنا له ام لا, ولكننا نرى انها  تعتبر خطوة نحو المستقبل ولا بد منها ولا بد من القبول بنتائجها التي لا بد انها ستتغير بالاستمرار في ممارسة هذه التجربة والمشاركة الفعالة فيها  وضمان تكرارها  وتطويرها في المستقبل , وعند ذلك نستطيع  ان نقول وبكل ثقة واعتزاز ان العراق هو الذي فاز في هذه الانتخابات لانه بدأ يمارس هذه العملية الحضارية الحديثة والمعاصرة التي تتبعها معظم الدول المتحضرة والمتقدمة والمتطورة في العالم اليوم ...
 وبالرغم ايضا اذا ما كانت هذه الانتخابات نزيهة ام لم تكن هذه المرة , ولكنها حتما ستصبح انزه في المرات القادمة واللاحقة اذا ما استمرت وتكررت في المستقبل , وبالرغم  من كل ما قيل وما زال يقال من ان ممارسات غير ديمقراطية وغير حضارية قد مورست خلال هذه الانتخابات  , لكنها حتما ستزول كلها في المرات القادمة اذا ما استمرت وتكررت هذه التجربة التي انفرد بها العراق من دون غيره من دول المنطقة .
 وكحاصل تحصيل نستطيع ان نقول انه مجرد ممارسة هذه التجربة او اتباعها في الوقت الحاضر مع ضمان استمرارها وتكرارها في المستقبل لهو ضمان لتطويرها ولكي تصل الى الحد الادنى من المقاييس الديمقراطية المتبعة في الدول المتقدمة في العالم ,  وعندها سيكون العراق بحق هو الفائز الاول وسيبقى هو المنتصر الاول على كل من لا يريد له الانتصار , وعلى كل من لا يريد لهذه التجربة النجاح والاستمرار , وعلى كل من يخاف هذه التجربة الحضارية المعاصرة , وعلى كل من لا يؤمن بهذه التجربة الديمقراطية , وعلى كل من يحاول اجهاض هذه التجربة الفتية في العراق ...
وبهذه المناسة لا يسعنا الا ان نهنيء العراق اولا واخرا كدولة اصبحت تمارس هذه التجربة الحضارية المعاصرة التي انفرد بها في المنطقة  , وبعد ذلك نهنيء الشعب العراقي كافة بكل مكوناته القومية والعرقية المختلفة وبكل اطيافه الدينية والمذهبية المتعددة وبكل تنظيماته السياسية  التي شاركت في هذه الانتخابات  , ومن ثم نهنيء كل الذين شاركوا في هذه الانتخابات ممن رشحوا انفسهم لها سواء فازوا ام لم يفوزا , وبالاخص من كان يستحق الفوز ولكنه لم يفوز هذه المرة , ولكنه حتما سيفوز في المرات القادمة عندما تصبح انظف وانزه في المستقبل لا محال , وايضا يجب ان نشكر كل من ساهم في هذه التجربة الحضارية وكل من ادلى بصوته فيها واختار من اختار وبغض النظر عمن اختار سواء اجاد الاختيار هذه المرة ام لم يجيده , ولكنه حتما سيجيد ذلك في المستقبل , وسواء استحق من صوت له ام لم يستحق ولكنه بالتأكيد سوف لن يصوت الا لمن يستحق صوته في المستقبل ... وسوف لن يصح الا الصحيح ...

             وحيد كوريال ياقو – نيسان 2010 – مشيكن      

97
المنبر الحر / شكرا يا سويد
« في: 10:41 14/03/2010  »
                               شكرا يا سويد

بعد اتخاذ البرلمان السويدي قراره التاريخي يوم الخميس 11 اذار 2010 باعتبار الجرائم التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا في تركيا العثمانية سنة 1915 م بانها جرائم ابادة جماعية , لابد من تسجيل وارسال كلمة شكر الى هذا البرلمان والى من يمثل هذا البرلمان والى كل من كان وراء امرار هذا القرار التاريخي فنقول :-  
شكرا يا سويد .. شكرا يا شعب السويد .. شكرا يا برلمان السويد .. شكرا يا ممثلي الشعب السويدي .. شكرا يا ابناء شعبنا في البرلمان السويدي .. شكرا يا كل من عمل وطالب وصوت من اجل امرار قرار السويد التاريخي , بأعتبار المجازر التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا سنة ( 1915) م في تركيا العثمانية بجرائم ابادة جماعية .
انه فعلا لقرار تاريخي وانه فعلا لخبر عظيم  ان يصوت برلمان دولة  مثل السويد في قضية قديمة وشبه مهملة رسميا تخص شعب لم يبقى له لا حول ولا قوة , ولا صلة له بهم اطلاقا لا من قريب ولا من بعيد , ولا تأثير له عليهم ابدا , ولا مصلحة لهم عنده بتاتا .. انه فعلا لشيء رائع ان يهتم شعب يعيش في اقصى شمال المعمورة بمأساة بقايا شعب عاش بعيدا عنهم بالاف الاميال , ويتخذ قراره العادل ومن دون ان يبالي لكل محاولات تركيا لثنيه عن موقفه هذا , ومن دون ان يهتم بكل ما بذلته تركيا من جهود وبكل ما تملك من امكانياتها مستغلة بذلك علاقاتها الدولية وفي مثل هذا الزمن الذي تسود فيه المصالح الدولية وما يترب على تلك المصالح من اجل عدم امرار هذا القرار ..  
الا ان ارادة الشعب السويدي كانت الاقوى وكلمة الحق كانت الاهم .. فكان القرار الصائب , القرار التاريخي الذي اتخذه البرلمان السويدي باعتبار الجرائم التي ارتكبت بحق ابناء شعبنا في تركيا قبل ما يقارب القرن بانها جرائم ابادة جماعية , ولو انه جاء بفارق صوت واحد فقط ( 131 مقابل 130 ) , الا ان هذا الصوت الواحد هو الذي حسم الموقف وهو الذي سيحسم الكثير من الامور في المستقبل , وهو الذي سيكشف الكثير من خفايا التاريخ في المستقبل , وهو الذي حتما سيجلب اصواتا اخرى في المستقبل في برلمانات اخرى وفي دول اخرى وهو الذي سيكون السبب في اعادة كتابة تاريخ هذا الشعب لكشف كل الخفايا التي حاول البعض طمسها ..
وبهذه المناسبة لا يسعنا الا ان نقول مرة اخرى وبكل فخر واعتزاز شكرا يا سويد , شكرا يا شعب السويد وشكرا يا برلمان السويد ,  ويسرنا ان نبعث بـ ( 131 ) الف تحية احترام وتقدير الى الـ ( 131 ) برلماني سويدي صوت لهذا لقرار .. واضعافها الى اولئك الابطال من ابناء شعبنا في البرلمان السويدي , والى كل من ساهم وعمل من اجل امرار هذا القرار ..
وبهذه المناسبة ايضا نتمنى ان تعم هذه الظاهرة وتنتشر او تنتقل الى دول اخرى وان يكون لهذا الشعب ممثلين من امثال هؤلاء البرلمانيين في برلمانات دول اخرى وبشكل خاص في البرلمان العراقي الذي يعاني فيه ابناء هذا الشعب من مظالم كثيرة ومجازر كبيرة لا تقل عن تلك المجازر القديمة .. وليطالبوا بقوة ويعملوا بجدية واصرار واخلاص ونكران الذات من اجل قضية  هذا الشعب المظلوم ومن اجل ابنائه الذين يقتلون ويذبحون حاليا على الهوية في العراق  .. ولكي يعرف العالم كله حجم هذه المظالم التي حلت وما زالت تحل على ابناء هذا الشعب العريق لكي يعاد النظر في قضيته ويعاد النظر في كتابة تاريخه الطويل والعريق ... وصدق من قال ما ضاع حق وراءه مطالب .

  وحيد كوريال ياقو -  مشيكن – اذار – 2010      

98
                     الانتخابات وثعالب السياسة وديك احمد شوقي

بداية يجب ان نذكر ان  كل من يعرف احمد شوقي او قد سمع باحمد شوقي يعرف جيدا انه لم يكن  مربيا للدواجن ولم يكن يملك ديكا ولم يكن يوما مهتما بأمور الحيوانات اطلاقا لا الاليفة  منها ولا الغير الاليفة  .. ولكنه كان انسانا مهتما بامور الناس الذين يعيشون معه  وشاعرا يحس بمشاعر الناس واحاسيس الناس الذين من حوله ويعرف ما معنى ان يكون الانسان انسانا وكيف يجب ان يكون ليبقى انسانا ..
 والذين يعرفون احمد شوقي جيدا يعرفون تماما ما معنى ان يكون الانسان شاعرا  ويعرفون ما معنى ان يشعر الانسان بما يشعر به الناس ويقدر مشاعرهم واحاسيسهم .. ويعرفون ايضا ان احمد شوقي كان يربي اجيال .. اجيال من البشر .. من الناس الذين يعيشون معه ومن الناس  الذين سيأتون من بعده وستبقى اجيال اخرى من الناس تتغذى من عطائه وافكاره التي كان يجسدها في اشعاره وكتاباته التي كان يكرسها لخدمة الانسان والانسانية ..
ومن هذه الاعمال قصيدة بعنوان ( الثعلب الماكر ) التي تدور احداثها بين الثعلب الماكر وضحيته الديك , وقد وقعت هذه القصيدة في يدي مؤخرا بطريقة الصدفة من احد الاخوة الاصدقاء من اليمن عندما كان يكلمني عما يجري ويحدث في اليمن هذه الايام وتصرفات القادة هناك وتحايلهم على الناس الابرياء , واستشهد بابيات من هذه القصيدة تشبيها بتصريحات وادعاءات بعض قادتهم  , وفي اليوم الثاني جلب لي مشكورا  نسخة من هذه القصيدة , فأعجبتني كثيرا ولهذا أردت ان اكتب شيئا من مضمونها حول ما يحدث في العراق اليوم وخاصة هذه الايام التي فيها نحن مقبلون على الانتخابات التشريعية والكل يعرف ما تتطلب هذه الانتخابات من دعايات وادعاءات والكل يسمع ويشاهد ما تفعله بعض الناس وتدعي به من اجل هذه الانتخابات .. 
ولكن قبل هذا يجب ان اشير بأنني لا اعتقد ان هناك انسان لم يسمع عن مكر الثعالب او لا يعرف كون الثعالب ماكرة  .. وايضا لا اعتقد ان هناك انسان لا يعرف ان من يتحايل على الناس او ان من يخدع الناس او ينقلب عليها يسمى بـ ( ثعلب ) او ( ماكر ) , وفي العراق يسمونه باللهجة المحكية ( واوي ) ويجمعونها ( واوية ) ...
وطبعا لا يخلو اي مجتمع مهما بلغ في رقيه او تقدمه وتطوره من مثل هذه الثعالب الماكرة التي تعتاش من تحايلها على الناس او اخداعها للناس البسطاء .. وفي العراق حاله حال غيره من البلدان كان هناك الكثير من هذه الثعالب الماكرة او ( الواوية ) وكانت هذه ( الواوية ) تمارس مهنة التحايل على الناس البسطاء بطرق مختلفة ولاسباب مختلفة ايضا ومنها لكسب الرزق ( الحلال جدا ) وكانت هذه ( الواوية ) تنشط عادة بكثرة او بصورة اكثر بين الطبقات الفقيرة والفئات المعدومة من المجتمع , اي بين الناس البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة , لان هناك تجد او تتمتع هذه ( الواوية ) بقوة اكبر وسلطة اكثر وبكل ما يمكنها من التحايل اكثر على هؤلاء الناس البسطاء والمغلوب على امرهم .. وكان عدد هذه ( الواوية ) يتزايد اكثر او يصبح اكثر كلما اصبح الناس بحاجة اكثر , وكانت هذه ( الواوية ) تتواجد اكثر في اي مجال يحتاجه الناس اكثر .. اي  انها كانت تظهر اكثر كلما كانت هناك فرص اكثر للتحايل , او كلما كانت هناك فرص اكثر للحصول على اكثر , وبحسب ما يتطلب الوضع , اي انهم يتواجدون لزيادة حاجة الناس وليس لتقليلها او الحد منها .. 
واخيرا فقد رأت هذه ( الواوية ) ان في السياسة فرصا كثيرة لها لممارسة نشاطها التحايلي هذا , وان  السياسة توفر لها  مجالا واسعا للتحايل على الناس او انها تسهل لها التحايل على الناس والاهم من هذا وذاك ان في السياسة فرصا اكثر للاغتناء اكثر وان فيها كل ما يحلمون به وكل ما يتمنونه من مال وجاه وسلطة ونفوذ وقوة وما الى ذلك .. فدخلوها وتسارعوا في دخولها مستخدمين في ذلك خبرتهم في التحايل .. وفعلا وجدوا فيها كل ما كانوا يتوقعونه .. وحصلوا وبكل بسهولة على كل ما كانوا يحلمون به .. وهناك ومن خلال عملهم في السياسة اكتشفوا ايضا انهم عندما يلصقونها ( السياسة ) ببعض الامور التي هي اقرب الى مشاعر الناس البسطاء واحاسيسهم التي لا يمكن ان يتساوموا عليها مثل الدين او المذهب او الطائفة او القومية وحتى العشائرية , فأن ذلك يسهل لهم الامر كثيرا ويمكنهم اكثر ويزيد من تسلطهم اكثر فيحصلون على اكثر , فأسرعوا الى تسييس كل هذه المسميات , فحولوا الدين الى سياسة , واسسوا للقومية احزاب , وشكلوا للطائفية فرق , وللمذهبية كتل وكيانات سياسية وحسب اهوائهم ومصالحهم .. وهكذا تمكنوا من تحويل كل هذه المسميات الى سياسة , اوهكذا تمكنوا من تحويل السياسة الى تحايل ومكر من خلال هذه المسميات .. وبدأوا يدعون الناس اليها , ويطلبون منهم ان يتمسكوا بها ويلتزمونها  ويمارسونها في حياتهم اليومية  ومن خلالها يطلبون او يطالبون بما لهم وما ليس لهم ويطلبوا او يأمروا الناس ان لا يقبلوا بغير ذلك حتى وان تطلب ذلك ان يتحولوا او ينقلبوا على بعضهم البعض سواء بحجة الدين تارة او المذهب والطائفة تارة  اخرى او بحجة الوطن والوطنية او المصلحة العامة تارة ثالثة او غيرها من الشعارات الاخرى التي يخدعون بها الناس البسطاء من اجل مصالحهم الخاصة .. تماما كما فعل الثعلب في قصيدة احمد شوقي ( الثعلب الماكر ) التي نحن بصددها , هذه القصيدة التي يكلم فيها الناس من خلال الحيوانات او بواسطة الحيوانات ويظهر فيها المشاعر الصادقة لحيوان ضعيف مغلوب على امره وهو الديك الضحية دائما تجاه ادعاء الثعلب الماكر دائما  وابدا ..
واما قصة هذه القصيدة وكما يتبين من عنوانها ( الثعلب الماكر ) فهي  حول الثعلب الماكر والمحتال دائما وبين الديك الضحية دائما .. وتتلخص في ان يظهر الثعلب يوما بثياب الواعظين التائبين المؤمنين بالله كثيرا والداعين الى الايمان والتقوى مجددا , ويدعي انه قد تاب عن مكره واهتدى الى الله وبدأ يسب الماكرين والمحتالين جميعا اينما كانوا ومن كانوا , ويشكر الله ويحمده ويقول الحمد لله رب العالمين الذي هدانا واعطانا نعمته هذه , ويدعو عباد الله الى التوبة وحياة الزهد حيث لا حياة الا للزاهدين , ويطلب ان يأذن لهم الديك لصلاة الفجر , فيبعث بأمام ناسك من اتباعه الصالحين جدا كرسول لاقناع الديك بذلك ..  ولكن الديك وهو وحده الذي يعرف جيدا حقيقة الثعلب المحتال وجوهره الماكر دائما وابدا كونه ( الديك ) هو ونسله اول من يغدر بهم الثعلب دائما وكونه ضحية الثعلب الاولى دائما , فيعتذر عن ذلك ويقول لهذا الرسول الضال :
بلغ الثعلب عني وذكره بأجدادي الصالحين اصحاب التيجان الذين في بطنه اللعينة , هم الذين قالوا وخير القول ( طبعا ) هو قول العارفين :
              ( مخطيء من ظن يوما              ان للثعلب دينا )
وبهذا البيت الرائع الذي ينهي  الديك رده على رسول الثعلب التائب هذا , يختم احمد شوقي قصيدته الرائعة هذه ..  ولكن طبعا قصة الديك مع الثعلب لم تنتهي وسوف لن تنتهي بالتاكيد ما دام هنالك ثعالب ماكرة , وهكذا ايضا فأن قصتنا نحن  في العراق اليوم  سوف لن تنتهي حتما ما دام هناك انواع كثيرة واعداد غزيرة من هذه ( الواوية) التي دخلت السياسة مؤخرا وبدأت تخدع الناس  وتتحايل عليها من خلالها , وخاصة في هذه الايام التي ستقبل الناس فيها على الانتخابات , وما تتطلبه  هذه الانتخابات من لبس الوان  واشكال مختلفة وانواع عديدة ومتعددة من الاثواب والازياء ..
 وقصتنا في عراق اليوم  سوف لن تنتهي ما دام هناك  مثل هذه ( الواوية )  ممن يلبس ثوب الداعين للانتخابات , ولكنه حتما سينزعه في اليوم التالي لها مباشرة ..
وقضيتنا سوف لن تنتهي ما دام هناك مثل هذه ( الواوية ) ممن سيقول ما  سيقوله وسيدعي ما سيدعيه  قبل الانتخابات ولكنه حتما سيتخلى عنه  بعدها مباشرة ..
وانها سوف لن تنتهي ما دام هناك مثل هذه ( الواوية ) ممن يقبل بالظاهر ويرفض بالباطن .. او ما دام هناك مثل هذه ( الواوية ) ممن يقبل اليوم ويرفض غدا ..
 وهكذا فأن مأساتنا سوف لن تنتهي ما دام هناك مثل هذه ( الواوية ) ممن يريد ان يحول كل معتقدات الناس الى سياسة او من يريد ان يحول  الدين الى سياسة او السياسة الى دين  او من يعتقد انه يحق له ان يقرر مصير الناس على الارض او يعتقد او يظن ايضا  ان مفاتيح السماء في يده او هكذا يتوهم  ..
 واخيرا انها حتما سوف لن تنتهي ما دام هناك  ( واوية ) , وسوف لن تنتهي ما دام هناك من يصدق اقوال هذه ( الواوية ) , وسوف لن تنتهي ما دام هناك من يتبع هذه ( الواوية ) وسوف لن تنتهي ما دام هناك من يعتقد ان لهذه ( الواوية ) مبدأ او دينا ..
 ولهذا فلا بد ان يعرف الجميع , او ان يقر الجميع بما قاله ديك احمد شوقي :
( انه سيبقى مخطئا دائما وابدا              كل من يظن ان ( للواوية ) دينا ) ..
طبعا مع الاعتذار لروح الشاعر احمد شوقي للتصرف في نص هذا البيت ولتحويله الى اللهجة العراقية .. وشكرا
               
            وحيد كوريال ياقو – مشيكن – شباط - 2010
                           

99
      
      
دعوة لقراءة هذا الخبر المنشور في عنكاوا كوم

هذه دعوة لاخواننا المسلمين قبل المسيحيين وخاصة العراقيين منهم الذين يعيشون في دول الغرب لقراءة هذا الخبر المنشور في موقع عنكاوا كوم – زاوية اخبار شعبنا بتاريخ 19 – 12 – 2009 , ونرجو منهم احكام العقل والضمير عليه لكي تتبين لهم او لكي يعرفوا كيف يتم تحريف الحقائق والالتفاف عليها من قبل بعض المسؤولين العراقيين , علما ان هذا الخبر او التصريح لم يأتي من شخص مسؤول فقط وانما هو من مسؤول يقف على رأس السلطة التشريعية في العراق وهو رئيس البرلمان العراقي .
عنوان الخبر :- رئيس البرلمان العراقي يقول ( تيارات التطرف تشكل معول هدم للقيم الانسانية للاديان ) , فيا له من عنوان جميل وجذاب ويا له من كلام حكيم , ويا ليت كل المسؤولين العراقيين يقولون ذلك .. ويؤمنون بذلك .. ويعملون وفق ذلك للقضاء على هذه التيارات المتطرفة وللتخلص منها ... ولكن عند قراءة الخبر سيتفاجأ القاريء بما ذهب اليه السيد رئيس البرلمان وسيلاحظ ان الخبر يحمل غير ذلك ويشير الى شيء اخر لا علاقة له بالموضوع اطلاقا ...
وبالرغم من اننا في العراق قد تعودنا كثيرا على تصريحات مسؤولينا اللامسؤولة , ونعرف جيدا ان ما يصرحون به هو مجرد كلام , والكلام شيء والفعل شيء اخر بعيد عن الواقع وغير قابل للتحقيق , ولكن ما لم نتعود عليه , مع الاسف الشديد , هو ان يكون السؤال عن شيء بينما يأتي الجواب عن شيء اخر لا علاقة له بالسؤال او ان يكون الجواب مخالفا للسؤال تماما او مناقضا له اساسا ...
واليكم الخبر كما هو منشور في موقع عنكاوا كوم :
مع استمرار الجرائم البشعة التي ترتكب بشكل يومي تقريبا ضد المسيحيين في عدة مدن عراقية , وخصوصا في الموصل .. عنكاوا كوم تستطلع الاراء حول تواصل الهجمات الارهابية ضد المسيحيين .. بغداد – عنكاوا كوم خلود ال بنيان :-
اكد رئيس مجلس النواب العراقي اياد السامرائي ان التيارات المتطرفة تشكل معول هدم للقيم الانسانية للاديان ..
واضاف السامرائي في تصريح لـ ( عنكاوا كوم ) ان تيارات التطرف موجودة في الغرب والشرق .. فلا زال هناك معاناة للفرد المسلم من الاضطهاد في المجتمعات المسيحية بالرغم من التشريعات الموجودة هناك تسانده كما ان الكنائس تقف معه .. وان التيارات المتطرفة تشكل معول هدم للقيم الانسانية للاديان
واكد في الوقت نفسه وجود تيارات متطرفة داخل الدين الواحد تعادي بعضها البعض مما ينعكس سلبا على الشعب الواحد ..
مشددا ان ما موجود من نزاعات يأتي بسبب عدم وجود معايير العدل ..
انتهى تصريح او اجابة السيد رئيس مجلس النواب العراقي الذي كان من المفترض ان يكون ضمن موضوع الاستطلاع الذي كان بخصوص الهجمات الارهابية على مسيحيي العراق والموصل تحديدا , كأن يستنكرها مثلا او يدينها او ان يعاهد المسيحيين بالوقوف ضد مرتكبيها او ان يطالب بتشريع قانون لحمايتهم بأعتباره رئيس السلطة التشريعية او ما الى ذلك مما يخص الموضوع او السؤال الموجه اليه .
في الوقت الذي نحن نعرف ان المسؤول او السياسي الدبلوماسي عادة لا تكون اجاباته مباشرة اي بنعم او لا , ولكنه غالبا ما يحاور اويناقش السؤال واحيانا يماطل وقد يلف ويدور على السائل لكي لا يؤخذ عليه  مأخذ او لا يصطدم بواقع معاكس , ولكن ما جاء في هذا التصريح لم يكن شيئا من هذا , وانما كانت الاجابة بعكس السؤال تماما او انها جاءت لنقض السؤال اساسا , فبينما كان السؤال عن مسيحيي العراق الذين يعانون من الهجمات الارهابية المنظمة التي تستهدف وجودهم المهدد في بلدهم الام العراق , كانت الاجابة حول معانات الفرد المسلم المهاجر الى دول الغرب هربا من الظلم والاضطهاد الذي يعانيه وفي بلده الام .. ولا نعرف ما علاقة هذا بذلك ولكن لو فرضنا جدلا ان لها علاقة او ان السيد رئيس مجلس النواب قد قصد ذلك , الا يعني هذا انه يبرر ان لم يكن يؤيد هذه العمليات الارهابية التي تشن ضد مسيحيي العراق كي يربطها بما قد يعاني منه الفرد المسلم في دول الغرب من بعض احداث لافراد متطرفين ان وجدت هنا وهناك ؟ فهل هذه هي العدالة ؟ وهل تصلح هذه المقارنة ؟ او هل يصلح هذا الربط ؟  اليس  هذا هو ما نسميه بالعراقي الصريح ( دوس ع البطن ) او بلهجة اهل الموصل الذين يخصهم الموضوع اكثر ( فوق حقو دقو ) ...
وامام هذا لا نعرف ماذا نقول لرئيس مجلس نوابنا المعين على تصريحه هذا , ولكننا نترك ذلك لاخواننا المسلمين العراقيين طبعا الذين شاء لهم القدر ان يعيشوا في دول الغرب ان يقولوا الحقيقة فهم يعرفونها اكثر من غيرهم , ونرجو منهم ان يردوا على هذا التصريح وغيره فهم ادرى بما لهم في هذه الدول من حقوق دينية وغير دينية وهم اعرف بما يتمتعون به في هذه الدول التي فيها مجتمعات مسيحية علما انها ليست دول دينية لا مسيحية ولا غير مسيحية , وهم جميعهم يعرفون ويعترفون بما يعانيه مسيحيو العراق سواء من الارهاب المنظم او من عدم قدرة الدولة لحمايتهم او بالحقيقة عدم رغبتها في حمايتهم بالاضافة الى محاولات الجهات المتنفذة في الدولة الى تهميشهم والغاء هويتهم ووجودهم ..
ولكننا نعود ونسأل الجميع ما الرابط بين الموضوع المطروح للاستطلاع وبين ما ذهب اليه السيد رئيس البرلمان الموقر ؟ , وما علاقة بعض الاشكالات الفردية التي قد تحصل لبعض اخواننا المسلمين في بعض دول الغرب ( ان وجدت ) من قبل افراد متطرفين مع ما يعانيه المسيحيين في العراق ؟ , فالجميع يعرف ان ما يصيب المواطن في هذه الدول سواء كان مسلما او مسيحيا او غير ذلك فهي لا تتجاوز عن كونها مجرد اعمال فردية وليست جماعية او منظمة , وبالمقابل هناك دولة وهناك حكومة تحمي المواطن وعائلة المواطن مهما كان هذا المواطن وهناك قانون يضمن له حق المواطنة بغض النظر عن دينه او جنسه او عرقه او لونه او شكله او ما الى ذلك .. فأين وجه المقارنة بين هذا وذاك  ؟ .  
ولكننا في الختام من حقنا ان نعاتب القائمين على موقعنا الجميل ( عنكاوا كوم ) وابتداءا بمن اجرى اللقاء لاكتفائه بهذه الاجابة العديمة الصلة بالموضوع , حيث كان من المفترض طرح اسئلة اخرى ملحقة تدع المحاور او تجره او تعيده الى صلب موضوع الاستطلاع , وعتبنا ايضا على المشرفين على الموقع لنشرهم لهذا الخبر وامراره من دون اي تعليق , ونسألهم ايضا عن الربط بين موضوع الاستطلاع وبين ما اشار اليه السيد رئيس البرلمان المحترم ؟
مع شكرنا وتقديرنا لكل من يقول الحقيقة ويعترف بها مهما كانت مخالفة للواقع .
       وحيد كوريال ياقو – مشيكن
         كانون اول 2009            

100
                         برلمان الهرج وبضاعته الفاسدة   
انا شخصيا لا اعرف بالضبط لماذا تسمى بعض الاسواق الشعبية باسواق الهرج , ولا اعرف بالضبط ما مصدر هذه الكلمة ( الهرج ) من الناحية اللغوية , ولا من اين هي ؟ وهل هي كلمة عربية اصيلة ام دخيلة او مقتبسة ؟ ولكني اعرف جيدا ان كل ما يحدث في الاسواق الشعبية التي تسمى باسواق الهرج او بالبغدادي ( سوك الهرج ) هو اللانظام واللاانتظام واللاالتزام , والاشياء القديمة  والمستهلكة الكثيرة والمكدسة فوق بعضها البعض اوالمبعثرة هنا وهناك ولا على التعيين اي من غير ترتيب , وكما هناك ايضا في ( سوك الهرج ) الصراخ والصياح والعويل والقيل والقال ومن دون انقطاع مما يسبب تمازج الاصوات او تراكبها فتسبب ضوضاء وضجيج , هذا بالاضافة الى كثرة وجود الغش والكذب والتحايل التي يتميز بها اكثر باعة هذه الاسواق , مما يؤدي الى انعدام الثقة بين البائع والمشتري , اي عدم اعتماد المشتري على كلام البائع , وهذه بجد ذاتها تعتبر مشكلة كبيرة ..
ورواد هذه الاسواق يعرفون ذلك جيدا ويختصرون كل ذلك بكلمة واحدة شاملة ومعبرة ومعروفة لدى الجميع وهي ( الكلاوات ) , ويعرفون ايضا ان كل ما يقال في ( سوك الهرج ) ما هو الا ( كلاوات ) , ويعرفون كذلك ان في ( سوك الهرج ) من يتكلم اكثر يحصل على اكثر , ومن يصرخ اعلى يحصل على اكثر , ومن يقاطع غيره ولا يدعه يتكلم يفوز عليه , ومن لا يثق بكلام غيره ولا يسمع او يستمع الى كلام غيره فهو الذي يربح , ولهذا ففي ( سوك الهرج ) الكل يتكلم والكل يصيح ويصرخ بصوت عال  فلا احد يستطيع ان يفهم شيئا مما ينادون به او يصرخون من اجله ..
وقد اصبحت هذه الكلمة ( الهرج ) معروفة جدا لدى العراقيين وخاصة بعد انتشار هذه الاسواق بكثرة في عدد كبير من المدن العراقية الكبيرة والصغيرة وفي كافة انحاء العراق .. وقد اصبحت هذه الكلمة متداولة ايضا وتستخدم بكثرة خارج هذه الاسواق بمناسبة وبغير مناسبة, وتطلق على كل جلسة او تجمع حتى وان كان عائلي بمجرد ان تكون فيه اصوات عالية او اكثر من متكلم واحد في وقت واحد مما يسبب ضوضاء وضجيج في المكان بسبب تداخل الاصوات , فيقال انه ( سوك هرج ) , وكذلك تطلق على كل مكان غير مرتب او غير منظم وتكون فيه الاشياء مكدسة او مبعثرة هنا وهناك ولا على التعيين ( اي مخربطة ) فيقال انه ( سوك هرج ) .
وبحسب معلوماتي فقد كان هناك ( سوك هرج ) واحد فقط في بغداد , ولربما كان هناك واحدا مثله في بقية المدن الكبيرة في العراق , ولكن مع ازدياد عدد الفقراء والمعدومين ومع تزايد حاجتهم الماسة الى مثل هذه الاسواق بسبب انخفاض مستواهم المعاشي من جهة , وفقدان البضاعة الجديدة سواء المصنعة محليا او المستوردة من الخارج وارتفاع اسعارها من جهة ثانية ,  وخاصة بعد تسعينيات القرن الماضي , وذلك بفضل النظام السابق الحاكم في العراق وبسبب حروبه الكثيرة, فقد انتشرت ظاهرة الاسواق الشعبية هذه اكثر لتشمل كل احياء ومناطق بغداد وكذلك كل احياء ومناطق المدن العراقية الاخرى ايضا باستثناء منطقة القصر الجمهوري طبعا , حيث كان لهذه المنطقة اسواق من نوع خاص وبضاعة من نوع اخر حيث ان الناس هناك كانوا من نوع اخر ...
وبالرغم من كون ظاهرة الاسواق الشعبية هذه تنتشر غالبا في المناطق الشعبية الفقيرة وفي الدول الفقيرة , الا انها موجودة ايضا حتى في الدول الغنية والمتطورة والغربية وتسمى هناك  بــ ( فلي ماركت ) والناس هناك يتسلون بما يسمونه ( كراج سيل ) امام بيوتهم في عطلة نهاية الاسبوع وخاصة في فترة الصيف , ولكن طبعا على طريقتهم الخاصة كما هو حالهم في كل مجالات الحياة الاخرى ..
 وكما هو معروف ان اسواق الهرج هذه معروفة بنوعية البضاعة المتداولة فيها , حيث غالبا ما تكون البضاعة قديمة ومستهلكة ورخيصة الثمن وغير نظيفة ايضا مما يعرض رواد هذه الاسواق الى امراض مختلفة ومشاكل صحية متعددة ..
وفي العراق كانت هذه الاسواق تسمى اما بالمناطق التي تقع فيها مثل ( سوك هرج الميدان ) و ( سوك هرج الباب الشرجي ) اي الباب الشرقي  و ( سوك هرج النهضة ) او باسماء شعبية معروفة مثل ( سوك مريدي ) و ( سوك العورة ) و ( سوك الارملة ) وغيرها من الاسماء العديدة والكثيرة التي لا يمكن ان نتذكرها كلها ...
واما بعد تغيير النظام السابق الحاكم في العراق الذي كان السبب في انتشار او كثرة انتشار هذه الاسواق .. وحيث كان الناس يتاملون ان تختفي هذه الاسواق ويتخلصوا من بضاعتها القديمة والمستهلكة كما تخلصوا من النظام السابق او القديم الذي كان السبب فيها , وكانوا يحلمون في بضاعة جديدة وبنوعية جديدة , ولكن مع الاسف ان ما حصل كان العكس تماما , حيث ان ظاهرة اسواق الهرج هذه استفحلت اكثر لتشمل كل انواع البضاعة القديمة والجديدة واشياء اخرى وحتى الادوية ,  وانتشرت اكثر وتكونت اسواق هرج من نوع جديد في كافة انحاء العراق وبدون استثناء ودخلت حتى في منطقة القصر الجمهوري التي تسمى حاليا بالمنطقة الخضراء , واصبح هناك اكثر من ( سوك هرج ) من النوع الجديد , ومن الطبيعي ان تسمى اسواق الهرج الجديدة هذه الموجودة داخل المنطقة الخضراء بالمعالم الموجودة هناك , كأن تسمى ( سوك هرج الرئاسة ) او ( سوك هرج الوزراء ) او ( سوك هرج النواب او البرلمان ) الذي نحن فيه الان او يصدده الان ...
فمن يتابع جلسات مجلس النواب العراقي ( البرلمان ) يتأكد تماما لما جاء في هذه المقدمة الطويلة نوعا ما , فهو لا يشعر الا وكانه في ( سوك هرج ) وان ما يشاهده ما هو الا نفس ما يشاهده في ( سوك هرج ) او نستطيع ان نقول انه لا يشاهد الا ما يشاهده في ( سوك هرج ) وهو لا يسمع الا ما يسمعه في ( سوك هرج ) من اصوات صراخات وصياحات ...
وقد حصل ان شاهدت احدى هذه الجلسات وتابعتها لبعض الوقت طبعا , وقد كانت الجلسة مخصصة لمناقشة قانون الانتخابات المعدل .. هذا القانون الذي تماطل فيه مجلس النواب كثيرا ومن دون ان يتمكن اعضائه من الاتفاق على تعديله الا بعد جلسات عديدة اتفقوا فيها على صيغة توافقية بينهم تضمن مصالحهم الخاصة بهم وباحزابهم , ومن ثم رفعوه الى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه في الوقت الضائع , وما حصل ان احد نواب رئاسة الجمهورية ولاسبابه الخاصة قد نقضه والقاه في ساحتهم ثانية فيما بعد الوقت الضائع , مما جعلهم في حيرة وحرج كبير لم يكن يتوقعونه ..
وهذا ما جعل او سبب ان تتحول هذه الجلسة بحق الى ( سوك هرج ) , فكانت الفوضى والضجيج يعمان كل مكان , واصوات عالية ومتداخلة ومقاطعة هنا وهناك , نواب يلتفتون يمينا ويسارا ويتحركون بشكل عشوائي ذهابا وايابا  وكانهم في ( سوك هرج ) , بعضهم يخرجون وبعضهم يدخلون وبلا تحديد , اكثرهم ملتهون باحديث جانبية مع بعضهم البعض او يتكلمون بهواتفهم المحمولة , هذا بالاضافة الى ان الكثير منهم كان خارج القاعة لسبب ما او لاسباب مختلفة كأن يكون مقاطعا او ضجرا ومنزعجا او لقضاء حاجة ما ...
  المتكلم منهم لا يستطيع ان يواصل كلامه لكثرة الضجيج والمقاطعات العشوائية , ومن يريد ان يستمع فلا يستطيع ان يسمع المتكلم بسبب ذلك ايضا , فمثلا اراد احد ممثلي المكون المسيحي الجالس امام منصة السيد رئيس البرلمان التكلم , فرفع يده لمرات ومرات عديدة ولمدة طويلة ولم يسمح له بالكلام الا بعد ان تأزم الموقف واشتد الخلاف وعندما تكلم ليقدم مقترحا بخصوص تعديل الفقرة الخاصة بمن يمثلهم , لم يستطع الاستمرار بسبب الضجبج مما اضطر الى التوقف ثم اكمل كلامه بسرعة , وكانت الاجابة من قبل السيد رئيس البرلمان اسرع حيث قال ( هسا مو وقت تسميات ) اي ان الان ليس وقت تسميات , وعمت الفوضى من جديد ... 
فكانت الجلسة بحق اشبه بـ ( سوك هرج ) ان لم نقل اكثر من ذلك , فاصواتهم كانت اعلى من اصوات ( سوك هرج ) وضجيجهم كان اكثر من ضجيج ( سوك هرج ) وكلامهم كان بنفس اسلوب ( سوك هرج ) , فعندما يتحول البرلمان الى ( سوك هرج ) فماذا نتوقع ان تكون قراراته او ( بضاعته ) ؟ انها حتما ستكون بضاعة فاسدة وستكون اسوء بكثير من بضاعة ( سوك هرج ) المستهلكة ...
ختاما نقول اذا كان العراقيون قد تعودوا على انتشار اسواق الهرج في احياء مدنهم واضطروا على قبول بضاعتها القديمة والمستهلكة التي زادتهم فقرا وحاجة , فأنهم لم يتعودوا على تحويل مؤسسات دولتهم الى اسواق هرج , وحتما سوف لن يقبلوا ببضاعة برلمانهم الفاسدة هذه بعد ان تحول الى برلمان الهرج لانهم يعرفون جيدا ان كل ما يقال في برلمان الهرج ما هو الا نفس ( كلاوات ) اسواق الهرج ,  وان بضاعة اسواق الهرج المستهلكة هي افضل بكثير من بضاعة برلمان الهرج الفاسدة التي ستفسد بلدهم او ما تبقى منه وستقتل ابنائهم او من تبقى منهم وستدمر مستقبلهم المدمر اساسا , فلهم الحق اذن ان يرفضوها لانها بضاعة فاسدة حقا ...
         وحيد كوريال ياقو – مشيكن – كانون اول 2009   

             
 

101
الاخوة الاعزاء اعضاء فرقة شيرا / الدانمارك المحترمين
الاخوة والاخوات القائمين على مسرحية ( حبا رابا ) المبدعين والمبدعات
كل الاحترام والتقدير لاعمالكم الرائعة هذه التي انما تدل على مدى حبكم والتزامكم بتراث وحضارة شعبكم  العريق .. ونثمن جهودكم المبذولة في انجاز مثل هذه الاعمال التي تعرفون بها الشعوب الاخرى بثقافة وحضارة شعبكم العريقة , ومن جهة ثانية تقربون وتوحدون بين فئات ابناء شعبكم المتفرقة والتي عجز عن هذا القادة والمسؤولين والقائمين على امور هذا الشعب , ومن جهة ثالثة تقومون بالتخفيف من معاناة ابناء هذا الشعب من الهجرة والاغتراب وابقائهم على ارتباط مع جذورهم في الوطن  .. فلكم كل الاحترام والتقدير
مسرحيتكم هذه او احتفاليتكم الرائعة هذه ( حبا رابا ) التي انتهت برقصة تعانق فيها ( بتو مع زيا ) ويتزوج فيها ( يوسف من نهرين ) ويبصر فيها ( سمو ) الاعمى وينطق فيها ( ايشو ) الاخرس , انها فعلا احتفالية رائعة وبهجة حقيقية واخبار مفرحة ودروس صادقة ومفيدة تعتبر رسائل مهمة لعلها تصل الى القائمين على امور ابناء شعبنا ..
نتمنى لكم كل التوفيق والى المزيد .. مع الشكر والتقدير
 وحيد كوريال ياقو والعائلة
         مشيكن
 

102
           واخيرا تم تعديل قانون الغابات ليصبح قانون البحار والمحيطات

ان من يعرف القانون ويؤمن به يعرف جيدا لماذا يسمى كل ما هو خارج القانون او كل ما لا يخضع الى القانون بنظام او قانون الغابات الذي فيه تفترس الحيوانات القوية الضعيفة منها او تسيطر عليها ..
وان من يريد تطبيق القانون والعمل  بالقانون فهو يعرف جيدا ان ما يجري في اعماق البحار والمحيطات حيث ان هناك الكائنات الكبيرة تأكل كل الكائنات الصغيرة ومن دون تمييز  فلا يمكن ان يسمى ذلك بقانون ..
واما من يريد ان يعيش تحت حماية القانون ويريد ان تكون جميع الناس تحت حماية ومحاسبة نفس هذا القانون ومن دون اي تمييز فهو يعرف جيدا اهمية هذا القانون للناس ومدى تاثير تطبيقه  على حياة الناس وخاصة عندما لا يستثنى احدا من ذلك  ..
ولكن عندما يغيب القانون او يغيَب او لا يطبق او لا ينفذ او لا يشمل الجميع , فعندها حتما سيسود اما قانون الغابات والبراري  او قانون البحار والمحيطات .. وعندها سوف لن تفرق كثيرا بالنسبة للذين يؤمنون بالقانون ويحلمون بتطبيقه اي من هذين القانونين سيكون , فهم يعرفون جيدا ان ما يحصل في اعماق البحار والمحيطات للكائنات الصغيرة ليس بأحسن مما يصيب الحيوانات الضعيفة في الغابات والبراري ان لم يكن اسوء بكثير ...
واستنادا الى هذا نستطيع ان نقول ان من يعيش في العراق الان ويعاني ما يعانيه بسبب فقدان القانون او غياب القانون او عدم تطبيق القانون , فلا تفرق عنده سواء كان هناك قانون من هذا النوع او لم يكن وسواء يعدل هذا القانون او لم يعدل , ما دام هذا القانون لا يطبق او لا يشمل الجميع , وما دام هناك ناس فوق هذا القانون وفئات لا تعترف بالقانون ولا تلتزم بالقانون , فماذا ستفرق اذن لديهم وجود  القانون من عدم وجوده ؟ وماذا سيستفادون  من  تعديل مجحف لقانون غير عادل اصلا ؟ فماذا ستفرق لديهم سواء عدل ام لم يعدل ؟ حتما سيكون العكس صحيح ويصبح التعديل اسوء بكثير ...
فمن قراءة اولية لقانون تعديل قانون الانتخابات  ليوم الاحد 8 تشرين الثاني 2009 هي كافية ليعرف المرء لمصلحة من هو هذا القانون اصلا ومن اجل من يعدل .. واما الطريقة التي تم الاعلان عنه او التقديم له فهي واضحة جدا لمعرفة لماذا عدل هذا القانون وكيف تم تعديله ؟ وهي خير دليل او انه دليل قاطع على مدى انانية من قام بتعديله ومدى سعيهم للاستحواذ على كل شيء والسيطرة على اغلبية مقاعد المجلس ومناصب الحكومة والحد من مشاركة الاخرين , وهذا دليل قاطع على رفضهم لمبدأ التعدد والتنوع او قبول الاخر , فاين العدالة اذن في تعديل هذا القانون ؟ واين الديمقراطية التي يدعون بها هؤلاء ؟  ...
ولمن لم يقرأ خبر تعديل هذا القانون نورد ادناه فقط الصيغة التي تم فيها التقديم له او اعلانه :
 الاحد 8 تشرين الثاني 2009
مجلس النواب يصوت على قانون تعديل قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 ..
( بعد انتظار طويل وجهود متواصلة بذلتها هيئة رئاسة مجلس النواب والكتل النيابية تم التمكن من الوصول الى توافق بهذا الشأن معتبرا ذلك انجازا من ضمن انجازات المجلس السابقة ) ..
هكذا تم اعلان الخبر او تقديمه من قبل النائب الاول لرئيس المجلس الى الناس الذين طال انتظارهم كثيرا لتعديل هذا القانون , هؤلاء الناس الذين كان قلقهم يزداد يوما بعد يوم مع زيادة شدة صراعات نوابهم المتخاصمين دائما , املين ان يروا في هذا التعديل ولو بصيص امل لمستقبلهم ومستقبل اجيالهم القادمة , ولطي بعض صفحات الماضي الداكنة ولفتح صفحة جديدة في تاريخ العراق الجديد ..
ولكن ما جاء بالقانون الجديد او بالتعديل الجديد مع الاسف لم يكن ما كانوا ينتظرونه ولم يكن هذا ما يتوقعونه وقد خيب امالهم , ولم يحل حتى ما كان النواب يدعون انهم مختلفين ومتخاصمين من اجله وهي مسألة كركوك .. ومن صيغة التقديم يتبين ان ما حصل هو مجرد انهم تمكنوا من الاتفاق على ضمان بقائهم  والحفاظ على مناصبهم ومصالحهم الشخصية ومصالح احزابهم الطائفية او الفئوية الضيقة ولا شيء غير ذلك , وحتى مسألة كركوك فلم تحل ولم يتم تقديم اية صيغة واضحة لحلها فعليا , وكل ما هناك فقد اجلت لتتعقد اكثر ولتبقى شماعة قوية تتحمل كل ما يريدون تعليقه عليها في المستقبل , ومقابل ذلك حصل كل منهم على حصته الاضافية ...
ومن ملاحظة بعض ما جاء في هذا القانون المعدل كافية ليعرف المرء مدى الاجحاف والتهميش التي وردت فيه وهي حتما تتعارض  مع مفاهيم الديمقراطية التي يدعون بها ان لم يكن تهديدا لها , وتشير الى مدى ابتعاد هؤلاء النواب عنها وعن من يمثلونهم  وعدم قبولهم بالاخر .. ففي السطر الاول من المادة اولا ورد ( يتألف مجلس النواب من عدد من المقاعد بنسبة مقعد واحد لكل مائة الف نسمة .. ) بينما في السطر الذي يليه مباشرة يحدد المقاعد التعويضية بواقع ( 5% ) اي ما يقارب ( 15 ) مقعد بعد ان كانت ثلاثة اضعاف هذا العدد قبل التعديل , وطبعا هذه المقاعد هي فقط المخصصة لابناء الشعب من المكونات الصغيرة والاحزاب الديمقراطية والقوى الوطنية والعلمانية البعيدة عن الطائفية والمذهبية والتي يبقى املها على الاستحقاق الوطني لانها حتما سوف لن تحصل المقاعد من الاستحقاق الانتخابي لاية محافظة بسبب سيطرة الكتل الطائفية والمذهبية الكبيرة والمتنفذة عليها , وخاصة عندما تخصص نسبة من هذه المقاعد التعويضية ( 8 ) منها الى المكونات الصغيرة  , واما باقي المقاعد فهي طبعا من حصة الاسود والحيتان الكبيرة , وهذا لا يمكن ان يسمى بقانون ولا يمكن ان يكون تعديل عادل لقانون غير عادل ..
وفيما يخص المكونات الصغيرة او العراقية الاصيلة التي يفترض ان يكون لها حقوق مضمونة حتى من دون اصوات او انتخابات كما هو معمول في الكثير من الدول , وفيما يخص ابناء شعبنا الذي وردت تسميتهم بالمكون المسيحي فقد خصص لهم ( 5 ) مقاعد موزعة في خمس محافظات , وهذه النسبة طبعا مجحفة بحق هذا المكون الاصيل ولا تتناسب مع حجم وثقل المكون المسيحي , هذا بالاضافة الى ان هذه الفقرة تتناقض مع ما جاء في السطر الاول من هذا القانون الذي حدد التمثيل بمئة الف نسمة للمقعد الواحد , فاذا كان مقعد واحد لكل مئة الف نسمة فكيف يكون خمسة مقاعد لاكثر من مليون ونصف المليون مسيحي عراقي ؟ , هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فان توزيع المقاعد على المحافظات غير عادل ايضا , فهل ان بغداد مثل غيرها من المحافظات ؟ وهل ان الوجود المسيحي في بغداد هو نفسه او يساوي ما هو في غيرها من المحافظات ؟ وماذا عن الوجود المسيحي في محافظات اخرى مثل البصرة والسليمانية مثلا او الخارج ؟ , ومن ناحية ثالثة فهل ان عدد المسيحيين في بغداد مثلا هو بعدد الصابئة المندائيين لكي يكون لكل منهم مقعد واحد وهذا طبعا اقل من استحقاقهم هم ايضا ؟ او هل ان عدد المسيحيين في نينوى هو بعدد المكون الشبكي فيها ليكون لكل منهم مقعد واحد ؟ فاين العدالة في هذا يا نوابنا الافاضل ويا من تدعون العدالة ؟ وهل ان الاستيلاء على حقوق المكونات الصغيرة والضعيفة هو قانون او تعديل لقانون ؟ اليس هذا هو ما يحصل في الغابات والبراري ؟
واما ما جاء في المادة ثالثا / الفقرة رابعا ( تمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة التي حصلت على عدد من المقاعد بحسب نسبة ما حصلت عليه من الاصوات ... ) فهو اجحاف اخر وابتعادا عن التعددية وانتهاكا للديمقراطية ان تستولي الكتل الكبيرة على هذه البقايا من الاصوات التي كان من المفروض ان تعطى للقوى التي لا تحصل على الاستحقاق الانتخابي في المحافظات ولكن من حقها الاستحقاق الوطني لانها قوى وطنية وتسعى الى خدمة الوطن باخلاص وتفاني , فهل هذه هي العدالة في تعديل القانون ؟
واما ما ورد في نهاية هذا القانون فهو حقا مضحك وكما يقال فشر البلية ما يضحك .. حيث يذكر ( ان الاسباب الموجبة لهذا القانون هو لغرض اجراء انتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة في العراق وبغية الارتقاء بهذه الانتخابات الى المستوى المطلوب وفق المعايير الدولية المعتمدة والمطالب الشعبية , شرع هذا القانون ) وهذه طبعا كلها ادعاءات باطلة ولا اساس لها من الصحة وقد اعتاد عليها العراقيين كثيرا وهي للدعاية او الاعلام فقط او ما يسمى للاستهلاك المحلي او الداخلي  وبعبارة اخرى وصريحة او مفهومة فهي للضحك على الناس الابرياء حيث ان الجميع يعلم ان هذه الانتخابات سوف لن تكون باحسن من الانتخابات السابقة وسوف لن تكون حرة ما دامت القوى الكبيرة والمتنفذة سوف لن تدعها تمر من دون تدخلها , وسوف لن تكون ديمقراطية ما دامت تلك القوى الكبيرة والمتنفذة لا تعرف الديمقراطية ولا تؤمن بالتعددية ولا تقبل الاخر , وسوف لن تكون نزيهة لان هذه القوى بعيدة كل البعد عن النزاهة وهي لا يهمها سوى مصالحها ومصالح احزابها وطوائفها ومذاهبها , ولهذا فسوف لن ترتقي الى المستوى المطلوب وسوف لن تصل الى الحد لادنى من المعايير الدولية المعتمدة لان اغلب المتنفذين في هذه الكتل الكبيرة هم من ادنى المستويات واوطئها وبعيدين جدا عما يجري في الدول التي تعتمد نظام الانتخابات , او انهم لا يؤمنون ولا يعترفون بهذه الانظمة , وايضا فانها سوف لا تلبي المطالب الشعبية التي شرع هذا القانون من اجلها لان المتنفذين في هذه الكتل لا يعرفون  ما يحتاجه ابناء الشعب او لا يهمهم ذلك ولا يعترفون بما يطلبه ابناء هذا الشعب ...
ولهذا نستطيع ان نقول ان كل ما حصل بعد كل هذه المدة وبعد كل هذا الصراع هو مجرد انه تم تعديل هذا القانون ليتحول من قانون الغابات ليصبح قانون البحار والمحيطات .. فمبروك للشعب العراقي هذا القانون وهذا التعديل وهذا الانجاز لمجلس نوابهم المنتخب .

وحيد كوريال ياقو -  تشرين الثاني – مشيكن               

103
                           هل هي بلبلة لسان جديدة ؟ 
من يتابع اخبار ابناء شعبنا في العراق في الوقت الحاضر , ويتامل في ما يحصل لهم وما يقع عليهم كل يوم من ظلم واعتداء وتهديد وتهجير وغيرها من اعمال العنف والاضطهاد , هذا بالاضافة الى ما يتعرضون اليه من محاولات التهميش والاقصاء والغاء الوجود , ومن جهة ثانية يلاحظ حجم التناقضات الكبيرة والاختلافات الكثيرة القائمة بين فئات ابناء شعبنا المختلفة , ويطلع على الخلافات الدائرة على قدم وساق بين قادته ومسؤوليه وزعمائه ومفكريه الذين يسيرون في طريق تقسيمه الى فئات وكتل عديدة ومتعددة بعد ان كانوا منقسمين الى مذاهب وطوائف عديدة , ومتشتتين في ارجاء العالم المختلفة الذين هم او اغلبهم في طريقهم الى الضياع وفقدان الهوية .. ان من يلاحظ هذه ويتامل فيها ليستغرب كثيرا على هذه الاختلافات التي لا مبرر لها اصلا , ويندهش اكثر على تلك التناقضات التي لا اساس لها اطلاقا , ويشعر بحيرة تامة وهو يتساءل مرات ومرات عن سبب كل هذه الاختلافات وعن مصدر كل هذه التناقضات , ومن اين اتت الينا ؟ ومن جلبها لنا ؟ ولماذا اتتنا في هذا الزمن بالذات ؟ وهل هناك فعلا اسبابا حقيقية لها ؟ وحتى لو كان هناك اسبابا لها او مبررات , لماذا كل هذا التمسك بها ؟ وكل هذا الاصرار عليها ؟ ألا يكفي انقسام الشعب الى كنائس ومذاهب وطوائف الذي اصبح لا امل في اصلاحه ؟ ألا يكفي ما اصاب هذا الشعب من جراء تلك الانقسامات التي ورثناها من ابائنا واجدادنا الذين لم يكن لهم اية مصلحة فيها ؟ .
ان من يلاحظ هذا ويتامل فيه قليلا ويلقي نظرة على ما يجري في مؤسساتنا ومنظماتنا وما يجري بين احزابنا المختلفة وما يدور بين كتابنا ومثقفينا ومفكرينا , ليشعر بخيبة امل تجاه مصير ومستقبل هذا الشعب  المسكين وهو يرى مكوناته او تشكيلاته بالمشهد او المشاهد التالية : -
+ الكنيسة منقسمة وما زالت تنقسم وتختلف وتسير نحو انقسامات جديدة , وبعض اقسامها تبدو وكانها بعيدة عن كل ما يحصل لابناء هذا الشعب ولا علاقة لها بذلك , او تعتبر ان هذا ليس من مسؤولياتها , فهي في اكثر الاحيان لا تحرك ساكنا او يكون تدخلها غير موفقا او اسوء من عدم تدخلها او بطيئة الاستجابة لمتطلبات الساحة , الى الحد الذي مل من وضعها هذا رجل الدين قبل المؤمن من عامة الناس , وما حصل ويحصل لرجال الدين في الفترة الاخيرة الذين وصل الحال ببعضهم الى ان يهجرها او ينتقدها بشدة او لا يطيعها ولا يستمع اليها , فهذا دليل قاطع على وضعها المتردي الذي وصل الى ان يقر بذلك اناس من داخل الكنيسة نفسها , ويشهد على ذلك الكثير من المقربين جدا منها الذين كثرت مطاليبهم اومطالبتهم باصلاح الكثير من الامور في الكنيسة واشراك العلمانيين في اتخاذ القرارات المهمة , ولكن من دون جدوى .. فلا احد يرضى ان تكون كنيسته بهذه الصورة وبهذا الحال الذي حتما يحتاج الى اصلاح .
+ الاحزاب السياسية مختلفة ايضا وبشدة ومتناحرة مع بعضها البعض وقلما بقي حزبا يتفق مع غيره , ولم يبقى حزبا الا وانقسم على نفسه , وما ان نسمع بتاسيس حزبا جديدا الا واصبح حزبين , معظمها قد تأسس وفق خصوصيات معينة او محدودة , قياداتها هي نفسها لا تتغير ابدا مهما حصل وكانها مملوكة او اصبحت وكانها من املاكها الخاصة وقد يورثونها الى اولادهم واولاد اولادهم اذا استطاعوا ذلك ..
واذا ما فرضنا جدلا ان هذا هو حال السياسة او ان هذه حالة طبيعية في السياسة , وان اختلاف الاحزاب حالة اعتيادية وعامة وسائدة دائما في كل مكان وزمان , ولكن ما يجري بين احزابنا يفوق ذلك ويتجاوز ما هو متعارف في السياسة ولا يقف عند حد الاختلاف في الراي او النهج , بل يتجاوز ذلك الى حد الصراع والنزاع ومخاصمة الاخر او الغائه , ولو كان بامكان اي منهم او لو امتلك القدرة لقضى على غيره من الاحزاب المختلفة معه .. وهذا بطبيعة الحال مؤشر خطير , بل خطير جدا ولا يتواجد الا في الاحزاب الشمولية والاصولية المتشددة , وهذا ما لا نرضاه ولا نقبله لاحزابنا السياسية مهما كانت ومهما اختلفت في الراي والاتجاه .. انه فعلا لامر عجيب وغريب جدا هذا الذي يحدث بين احزابنا السياسية ! .
+ المنظمات والمؤسسات المدنية والاجتماعية والثقافية التي يفترض ان تكون او يجب ان تكون متفقة في ارائها ومتعاونة في اعمالها ومكملة لبعضها البعض ليصب خرجها في الصالح العام للشعب , وهذا فعلا ما نلاحظه لدى مؤسسات ومنظمات شعوب اخرى , او لدى شعوب مختلفة , فهي متفقة في ارائها ومتعاونة في اعمالها لتقديم كل ما هو صالح لشعوبها , ولكن ما يدور في مؤسسات ابناء شعبنا المدنية والاجتماعية وحتى الثقافية فهو غير ذلك فهي مختلفة ومنقسمة ومتخاصمة ايضا وكأنها احزاب سياسية متنافسة , وهذا ما يحير المرء اكثر ويدعونا الى السؤال , ما مصلحة هذه المؤسسات في مخاصمة بعضها البعض ؟ ولماذا تختلف اصلا الى الحد الذي تنقسم على نفسها ؟ وهنا يكفي فقط ان نسأل ما هو السبب الذي يدعو الى انقسام اتحاد الادباء مثلا ؟ او لماذا هناك الان اكثر من ثلاث اتحادات للادباء ؟ وهكذا هو الحال طبعا لدى معظم مؤسساتنا ومنظماتنا الاخرى ؟ واذا قبلنا فرضا باسباب انقسام الكنيسة ومبررات اختلاف الاحزاب السياسية فما هي دواعي اختلاف وانقسام مؤسساتنا المدنية ؟ انها لحالة شاذة فعلا تدعو الى القلق وتستوجب الوقوف عندها كثيرا .
+ الكتاب والمثقفون والمفكرون اصبح حالهم حال السياسيين اصحاب الاحزاب المملوكة , مختلفون ومتخاصمون وغير متفقين على اي شيء , ومنهم من يختلق الخلافات ايضا , ولدى الكثير منهم كم هائل من التهم الجاهزة يلقيها على من يشاء ومتى ما يشاء ,هذا طبعا بسبب تبعيتهم وعدم استقلاليتهم , فمن يتابع كتابات معظم كتابنا , لا يرى فيها غير جدالات ونزاعات وصراعات واكثر من ذلك ايضا , وهذا ايضا يعتبر بطبيعة الحال مؤشرا خطيرا جدا عندما يتحول الاختلاف في الراي لدى هذه الطبقة الى صراع ونزاع وحتى شتائم او تهم جاهزة وخطيرة تصل حد التخوين من دون براهين ولا اثباتات ولا مبررات , وهو شيء مؤسف حقا ان يصل الحال ليطال هذه النخبة المميزة من ابناء شعبنا .
+ عامة الناس حالهم كحال عامة الناس في بقية الشعوب لا حول لهم ولا قوة , ولكن زد على ذلك فان عامة الناس لدى ايناء شعبنا اصبحوا في حالة يأس من اوضاعهم وفقدان الامل بمستقبلهم وخاصة من منهم في العراق حيث ان معظمهم اصبحوا يعتقدون او باتوا على يقين انه لا جدوى من بقائهم هناك , وباتوا في حيرة تامة من امرهم , ومعظمهم فقدوا الثقة بكل ما من حولهم وحتى في انفسهم احيانا , فكل ما يثقون به او من يثقون به يخيب امالهم , واصبحوا لا يعرفون من هو معهم ومن هو ضدهم , ولا ما هو لصالحهم وما هو لغير صالحهم , ولا من احد يريهم ولو بصيص امل لمستقبلهم او كما يقال ضوء في نهاية هذا النفق المظلم والمخيف الذي يعيشون فيه , انها فعلا حالة مأساوية ويرثى لها والله يكون في عونهم جميعا .
وامام هذا المشهد او المشاهد المخيفة التي يعاني منها ابناء شعبنا بكل فئاته وتشكيلاته  في هذه الظروف الصعبة والعصيبة , ليقف المرء حائرا محتارا فيما يقول , لا يستطيع ان يقول شيئا ولكنه لا يستطيع ان يبقى صامتا ايضا .. انه فعلا امر غريب ويدعو الى الاستغراب , فلا احد يعرف ما هو سبب كل ذلك , ومن يقف وراء كل هذا , فما هذا السر اللعين الذي ابتلى يه شعبنا ؟ فهل هي بلبلة لسان جديدة انزلها الله على شعبنا لكي يفرقهم ولكي لا يستطيعوا ان يوحدوا كلمتهم في هذا الزمن الذي هم بأمس الحاجة الى هذه الكلمة الموحدة ؟ كما فعل مع بناة برج بابل وفرق السنتهم وجعلهم يتكلمون بلغات مختلفة لا يفهم احدهم الاخر لكي لا يستطيعوا من بناء برجهم العالي الذي كان سيوصلهم الى الله ! ؟ .
ولكن ابناء شعبنا لا يريدون بناء برجا عاليا كبرج بابل ليصعدوا الى اعلى مما يحق لهم او يحصلوا على اكثر مما يحق لهم , ولا يريدون ان يخرجوا عن طاعة الله او يتجاوزوا على كلامه او من ينوب عنه او من يعتقد انه ينوب عنه , ولا حتى ان يبنوا برجا كالذي بناه غيرهم من دون ان يعاقبهم الله , فكل ما يريدونه هو ان يعيشوا بسلام وينعموا بامان ويشعروا باطمئنان ويتقاسموا خيرات ارض ابائهم واجدادهم مع غيرهم واسوة بغيرهم وحالهم حال غيرهم ولا شيء غير ذلك ...
فلماذا اذن يفعل الله كل هذا بابناء هذا الشعب المسكين ؟ ويعاقبهم ويبلبل لسانهم ؟ ويفرقهم هكذا ويشتتهم في ارجاء العالم المختلفة ليضيعوا هناك ؟ ويجعل قادتهم مختلفين دائما وزعمائهم متناحرين ابدا ؟ وماذا فعل ابناء هذا الشعب لينالوا غضب الله ؟ وهم اول من امن به واتبع كلمته وبشر بها الى غيره , فلا يوجد اذن سبب يدعو الى غضب الله على هذا الشعب الذي يؤمن به , ولا يوجد مبرر يستوجب ان الله يقاضي هذا الشعب الذي يعمل بكلمته .
واستنادا الى هذا نعود ونقول انه فعلا لامر غريب ويدعو الى الاستغراب ويتطلب الوقوف عنده وتحليله ومعرفة اسبابه الحقيقية , ومن هنا لا نستطيع الا ان نقول انه يجب مراجعة النفس .. مراجعة النفس لكل منا نحن ابناء هذا الشعب من عامة الناس ومسؤولين وقادة وزعماء وكتاب ومفكرين , وليسأل كل واحد نفسه قبل ان يسأل غيره عن سبب هذه الخلافات الكثيرة وهذه التناقضات الكبيرة المختلقة لمعرفتها اولا والاعتراف بها ثانيا ومن ثم لنسأل قادتنا وزعمائنا :-
 ما سبب كل هذا التمسك بهذه الاختلافات المختلقة التي ليست من مصلحة شعبنا ؟ ولماذا كل هذا الاصرار على تبريرها وتعميمها والالتزام بها ؟ ولماذا لا يتم على الاقل في الوقت الحاضر الاتفاق على ما هو مشترك للجميع كما يفعل غيرهم قادة وزعماء شعوب اخرى قريبة منهم ؟ فلماذا اذن الكل يختلف مع الكل وينقلب على الكل ويحاول ان يفرض رايه على الكل ؟  وعندما لا يكون عندهم جواب لهذه الاسئلة وغيرها او لا نسمع منهم على اي جواب يكون من حقنا ان نناشدهم جميعهم ونقول لهم :- 
انتم ايها السادة المسؤولين يا من كنتم املنا وضحيتم كثيرا من اجلنا , ويا من تدعون خدمتنا وتعملون من اجلنا وتحرصون على وحدتنا , نقول لكم وانتم تقفون فوق ابراجكم العالية هذه التي صنعتموا لانفسكم على حسابنا , انظروا من حول ابراجكم الى ابناء شعبكم وما حل بهم وباحوالهم بسببكم وبسبب ابراجكم المزيفة , نناشدكم ونقول لكم لقد حان وقت النزول من ابراجكم العالية هذه , وقد حان وقت التنازل عن مصالحكم الشخصية والحزبية الضيقة, وقد حان وقت التخلي عن كبريائكم ايضا .. فمن منكم يتنازل اولا ويضع يده في يد غيره اولا , يسجل اسمه في سجل خدمة شعبه اولا , هذا ان كنتم ترغبون فعلا تسجيل اسمائكم في سجل هذا السفر الخالد .. والا سوف لن يرحمكم ابناء شعبكم ولن يغفر لكم احفادكم مهما كانت اسبابكم ومبرراتكم ...
واما انتم ايها الزعماء الاجلاء , يا من نعتز بكم جميعا , ويا من تقرأون الانجيل كل يوم وترفعونه فوق رؤوسكم ونقبلون غلافه بشفائفكم وتدعون الناس جميعا للعمل بكل ما فيه من وصايا معلمكم العظيم ومنها ان يحبوا بعضهم بعضا , نناشدكم ونقول لكم لماذا اذن انتم لا تحبون ايضا بعضكم بعضا ؟ ولماذا لا توحدون كلمتكم ؟ وكنيستكم ؟ ان شعبكم اليوم بأمس الحاجة الى كلمتكم الواحدة وكنيستكم الموحدة , وانتم تعرفون ذلك جيدا , فهذا هو اليوم الذي يجب ان تحبوا بعضكم بعضا وهذا هو اليوم الذي يجب ان توحدوا كلمتكم وتجعلوا كنيستكم واحدة وموحدة وكما يريدها صاحبها الذي اوصاكم ان يكون كبيركم خادمكم .. فاين انتم من هذه الوصية وغيرها من وصاياه العظيمة ؟ نناشدكم ان تصعدوا فوق قبب كنائسكم العالية ومن هناك انظروا الى الخراف التي ترعونها وستعرفوا كيف هي الان , وكم منها ضلت , وكم منها ستضل اذا ما بقيتم هكذا في امجادكم ,فعليكم ان تفعلوا ما يفعله الراعي الامين الذي يصعد على المرتفعات ليرى قطيعه ويطمئن على خرافه , وان راى بعضا منها قد انقطع فلا يتاخر ابدا بالنزول الى اسفل الوادي لاعادة هذا البعض المنقطع لكي لا يصبح فريسة للذئاب مهما كلفه ذلك من جهد وتعب .. وان لم تفعلوا هذا فيؤسفنا ان نقول لكم اقرأوا متي ( 7 ) وستعرفون من هم ( الذين بأتون بثياب الحملان ومن الداخل ذئاب خاطفة ) وغير ذلك من اقوال معلمكم العظيم الذي كلمكم بالحكم والامثال واوصاكم على خرافه , او على الاقل اقرأوا ما كتبه مؤرخ كنيستكم فهو يكلمكم بصراحة ووضوح وليس بالحكم والامثال .
واما انتم يا كتابنا الاعزاء , يا من تسهرون الليالي من اجلنا وتجهدون ليل نهار من اجل ان تنيروا لنا الطريق , ويا من تحرمون اطفالكم وعائلاتكم من وجودكم , نناشدكم ايضا لاننا نعرف ما اهمية ما تسطرونه باقلامكم الجميلة  ونطلب منكم فقط ان تراجعوا ما تكتبونه قبل ان تنشرونه , وان يكون ما تكتبونه رايكم لا راي غيركم , وما نريده منكم ان تكونوا احرار لا اتباع , ومحايدين لا منحازين , ومعتدلين لا متطرفين او متشددين , ومقربين لا مبعدين او مفرقين .. فاين انتم من كل هذا يا كتابنا الاعزاء ؟
ختاما نناشدكم جميعكم في الوقت الذي نحن على ثقة تامة من انكم تستطيعون لو اردتم من تغيير هذا المشهد المخيب للامال وتقدرون من اخراج شعبكم من هذا النفق المظلم المخيف , وفقط نذكركم باننا مقبلين على الانتخابات وانتم تعرفون جيدا ما اهمية هذه الانتخابات وما يلزم  لهذه الانتخابات وما لهذه الانتحابات من تأثير على مستقبل ابناء شعبكم , نناشدكم ان لا تضيعوا هذه الفرصة في هذه المرة ايضا , ونحن على ثقة تامة من ان :-
 الكل يعرف اننا شعب واحد ..  والكل يؤمن باننا امة واحدة ..
 والكل يعرف ان لدينا تاريخ مشترك واحد .. والكل يشهد ان لدينا حضارة عريقة واحدة ..
والكل يريد ان يعمل من اجل هذا ومن اجل هذا الشعب ووحدته ومصلحة ابنائه جميعا ..
والكل يدرك جيدا ان هذا الشعب امام تحديات واحدة ويواجه مصيرا واحدا ..
فلماذا اذن لا يعمل الكل مع الكل ومن اجل الكل ؟
نتمنى ان لا تكون بلبلة لسان جديدة لشعبنا ...

         وحيد كوريال ياقو 
         مشيكن - اميركا                     
        تشرين اول - 2009
                               

104
الاخ الدكتور وديع بتي حنا المحترم
بمناسبة تعيينكم سفيرا لبلدكم العراق يسعدنا ان نقدم لكم أحر التهاني واجمل التبريكات , ونتمنى لكم النجاح والموفقية في مهامكم الجديد ونأمل ان تكونوا ممثلين حقيقيين لبلدكم وشعبكم ومن دون تمييز ..
ونحن على ثقة بأنكم اهل لهذا الاختيار وجديرين لهذا المنصب , وهذا ما لمسناه وعرفناه من خلال كتاباتكم في المواقع الالكترونية في السنين الاخيرة , وايضا ما سمعناه عن مثابرتكم واجتهادكم وما كنتم تتصفون به من نشاط وحيوية منذ ايام الدراسة في الجامعة , حيث كلمتني عنكم زوجتي ( فائزة الياس يوسف ) التي كانت في نفس مرحلتكم في جامعة الموصل , وهي تشاركني مع زميلتيها ( نجوى سمعان توما ورواء بهنام سليمان ) من قسم الفيزياء جامعة الموصل  بتقديم التهاني لكم لاختياركم لهذا المنصب ونتمنى لكم التوفيق في مهامكم الجديد هذا اينما كنتم خدمة لبلدكم وشعبكم .. ودمتم
 
     وحيد كوريال ياقو
     فائزة الياس يوسف
     مشيكن - اميركا   

105
         ما مصير شعب قادته يفترسون بعضهم بعضا       
ان المتابع لاخبار شعبنا يلاحظ بجلاء يوما بعد يوم ارتفاع حدة الصراع وشدة النزاع بين قادة بعض احزاب شعبنا وتنظيماته ومؤسساته المختلفة والمتعددة جدا .. هذا الصراع الذي لا يدفع ثمنه الا ابناء هذا الشعب .
وقد كان بودي منذ مدة طويلة ان اكتب شيئا عن هذا الموضوع او عما اريد ان اكتب عنه الان او بالاحرى عما اريد ان اكتب شيئا عنه الان , ولكن في كل مرة كنت اتردد واتراجع عن الكتابة قبل ان ادع الفكرة تتبلور وتكتمل وتصبح جاهزة للكتابة .. وهكذا كانت هذه الفكرة تتلاشى من مخيلتي في كل مرة تشتد فيها صراعات بعض قادة احزاب شعبنا مع بعضهم البعض وضد بعضهم البعض , وعندما نسمع تصريحاتهم التي يصرحون بها ويدعون ان صراعاتهم هذه هي من اجل الشعب والوطن , وكذلك عندما نقرأ لهم ما يكتبونه باسلوبهم المتميز جدا ويتهمون بعضهم البعض بمختلف التهم الجاهزة , او عندما ينوب عنهم احد من اتباعهم المطيعين جدا والمخلصين لهم دوما ..
وكان بودي ان لا اكتب هذه المرة ايضا وذلك تقديرا لجهود البعض الاخر منهم وتثميتا لما يبذله هذا البعض الاخر وما يقدمه وما يحققه فعلا وعملا من اجل هذا الشعب المغلوب على امره سواءا اصابوا ام اخفقوا , وهنا يكفي ان نقول بحقهم ان مجرد بقائهم هناك وتحملهم المسؤولية مهما كانت وفي هذه الظروف الصعبة والعصيبة , لهو دليل قاطع على حبهم لشعبهم ووطنهم او بالاحرى يجب ان يكون هكذا , ولهذا يجب علينا ان نعترف بذلك كما يجب علينا ان نعتز بذلك ايضا ونعتبره  تضحية من اجلنا نحن جميعا , وخاصة نحن الذين هربنا من هناك سواءا بارادتنا او بغير ارادتنا فيجب علينا ان نثمن دور هؤلاء القادة ونكون اخر من يتكلم ..
ولكن ما وصل اليه بعض هؤلاء القادة , قد فاق حدود الصبر والتحمل فعلا , فاصبح الصراع شغلهم الشاغل وهمهم الاول الذي لا يفارقهم حتى في احلامهم ولا يهدأ لهم بال الا بالقضاء كليا على كل من ينافسهم او لا يوافقهم او يختلف معهم في الراي وامحاء اثره من الوجود نهائيا .. ومن اجل هذا اصبحوا يعملون ليل نهار وكأنه لا شيء اهم من هذا الصراع لان مصير الشعب اصبح يتوقف على نتيجته .. لذلك فهم قد تركوا قضايا شعبهم جانبا وانشغلوا او تفرغوا كليا لصراعاتهم ونزاعاتهم التي لا مبرر لها اساسا , وسخروا كل شيء وكل ما بمسؤوليتهم من اجل هذا , وحتى مواقع الانترنيت ومنابرها الثقافية التي كان من المفروض ان يستغلوها لارشاد الناس وتوعيتهم واعلامهم بكل جديد ومستجد على الساحة وعلى مدار الساعة , لكنها لم تسلم من صراعاتهم فحولوها الى ميادين لنزاعاتهم التي باتت دائمية ومستمرة .
واما هذا ليصبح المرء مجبرا ان ينتقد هؤلاء القادة وهؤلاء المسؤولين واقصد هنا اعمالهم السلبية وافعالهم المسيئة وكل ما يصدر عنهم مما هو غير مقبول وغير صالح بحكم مسؤولياتهم التي تحملوها بارادتهم , وايضا ما يصرحون به ليل نهار ويدعون بانهم يعملون من اجل الشعب والوطن .. لأن اعمالهم المسيئة هذه وتصرفاتهم المخزية وتصريحاتهم المتناقضة دائما اصبحت بالحقيقة لا تليق ليس فقط بهم كقادة ومسؤولين بل انها لا تليق حتى بالانسان الذي لا يعرف ما معنى كلمة الشعب او الوطن ولا يفهم ما هي المسؤولية او المصلحة العامة , هذا ان لم نقل انها لاتليق حتى بالاطفال الذين يجهلون هذه المفردات اساسا .
ان الصراعات المستمرة هذه والتصرفات المسيئة والتصريحات المتناقضة دائما لا يدفع ثمنها الا ابناء الشعب وخاصة الذين هناك في الوطن ( في الساحة ) حيث تختلط الامور وتتشابك القضايا كثيرا بسبب هذه الصراعات الى الحد الذي لا يستطيع المرء التمييز بين ما هو صالح فعلا وما هو طالح , وبين ما هو للصالح العام وما هو للصالح الخاص او الشخصي , وبين ما يقود الى الامام وما يجر نحو الخلف , وحتى بين ما هو خير وما هو شر وما الى ذلك .. وخاصة بعد ان جرت هذه الصراعات ( مع الاسف الشديد ) بعض كتابنا الى ان يصبحوا جنودا اوفياء لاصحاب هذه الصراعات ومدافعين اكفاء عن نزاعاتهم المستمرة , وباتوا يبذلون اكثر من طاقاتهم للدفاع عن شرف هذا او نزاهة ذاك الذي كان من الافضل تركه لحكم ابناء الشعب فهم ادرى بذلك واعرف بما يحصل لهم وما يقع عليهم .. هؤلاء الكتاب انما يفعلون هذا فهم بذلك يزيدون من حدة هذه الصراعات وشدة تلك النزاعات وهم بذلك يوقدونها اكثر بدلا من اخمادها , ويدعمونها اكثر ويشجعون استمرارها بدلا من ادانتها والوقوف ضدها لوضع حد لها او انهائها نهائيا .. واننا نرى ان هؤلاء الكتاب لو كانوا قد بذلوا جهودهم هذه مثلا او على سبيل المثال فقط في نقل تجارب الشعوب والامم التي يعيشون فيها وما وصل اليه الناس في البلدان التي يقيمون فيها وتاريخهم وحضارتهم ( ولا استثني هذه المقالة طبعا من ذلك ) , لكان لنا الان كم هائل من تجارب شعوب مختلفة وامم متعددة وخزين ثقافي كبير يستفاد منه ابناء شعبنا واجياله القادمة , ولكنا نفتخر بهم ونعتز بجهودهم ولكانوا قد خدموا شعبهم اكثر بكثير من دفاعهم المستميت عن هذه الصراعات العقيمة التي لا مبرر لها اصلا .
وامام هذا فقد اصبح الحال ان يكون لكل موقف او عمل معارض او اكثر لسبب او لغير سبب , ولكل فكرة نقيض او اكثر سواءا كانت بناءة او هدامة , ولكل شخص عدو او اكثر سواءا كان مخلصا او منتفعا .. وقد يقول قائل بان الاختلاف حالة طبيعية وايجابية, فهي كذلك فعلا ولكن في حالة المنافسة وليس المصارعة , ففي حالة المنافسة يكون الاختلاف في الراي امرا طبيعيا وضروريا ايضا والمنافسات الشريفة حقا مشروعا لكل انسان , وهكذا تبنى المجتمعات الراقية ولكنها في حالة المصارعات والمنازعات كالتي تجري الان على قدم وساق بين قادة بعض احزابنا فانها حتما تكون هدامة ولا يمكن ان تفيد الشعب ولا يمكن ان يبنى مجتمعا على مثل هذه الصراعات وهذه النزاعات التي تحول المجتمع الى متناقضات تاكل او تنهي بعضها البعض , فمن يعتقد ان ما فيه خيرا فان غيره يظنه شرا ولا يدعه يتحقق ابدا , ومن يعتبر ما هو تقدم فغيره يعتبره تأخر ولا يمكن ان يقبل به ابدا ولا يمكن ان يسمح ان يتحقق بتاتا , ومن يتصور فيما هو عام فغيره يصنفه خاص ولا يؤيده ولا يجب ان يلقى تأييد اي انسان اخر , وهكذا اصبح حال الناس بسبب هذه الصراعات لا يعرفون ما هو لصالحهم وما هو لغير صالحهم , ولا يميزون بين من هو معهم ومن هو ضدهم , وبين من يعمل لهم ومن يعمل لغيرهم واصبحوا لا يستطيعون حتى من النطق باسمهم المعتاد او اسمهم الذي تعودوا عليه على الاقل ومهما قالوا فهناك من يعارضهم ويقف ضدهم ويتهمهم بمختلف التهم الجاهزة التي تصل حد الخيانة .. فماذا يكون حال شعب ابنائه لا يستطيعون اختيار اسمهم  او النطق باسمهم المعتاد ؟ وماذا سيكون حالهم وهم يعيشون هذا الوضع وهم لا يرون غير ما يحدث في النهار , واما ما يحدث في الليل فهم يحدث في ظلام دامس وعلى ما يبدو انها ستكون ليلة سوداء جدا وطويلة جدا .
وامام هذا ايضا فهم اشبه بمن يكون في بحر هائج تتلاطم فيه الامواج القوية وتقذفهم العواصف الشديدة حيثما تشاء واينما تشاء دون ان تميز بينهم وبين ما يحتويه البحر من غير البشر , فهؤلاء لا يكون همهم وهم امام هذه العواصف الشديدة الا ان تهدأ تلك العواصف لتهدأ نفوسهم ولا يتمنون الا ان يستقر البحر لتستقر ارواحهم في اجسادهم ليطمأنون على حياتهم مهما كانت تلك العواصف قد ابعدتهم عن الشواطيء الامنة .
واما من هو خارج هذا البحر الهائج وبعيدا عن امواجه القوية وعواصفه الشديدة , فمنهم (وللاسف الشديد هناك الكثير منهم ) ممن قد ادار ظهره على هذا البحر الهائج بما فيه وعلى من فيه ولا يهمه شيئا ما دام هو خارجه وبمأمن عما يحدث فيه وطبعا هذا شأنه ولا نريد الكلام عنه الان ولكننا لا نتمنى ان يحسده احد لانه قد انتهت الحياة عنده فعلا قبل ان تنتهي فعليا ولا نريد ان نزيد عن هذا شيئا لاننا لسنا بصددهم الان .. واما من هم خارج هذا البحر الهائج ولكنهم لا يستطيعوا الا ان يكون وجهم صوبه حيث عاشوا فيه وذاقوا مياهه المالحة وتعرضوا الى عواصفه الشديدة وامواجه القوية الى ان اصيبوا بدواره والى ان قذفتهم امواجه القوية الى هذه الشواطيء العالية , فأن مصيبتهم اكبر وهمومهم اكثر عندما يرون من في البحر تتقاذفهم الامواج بعيدا عن الشواطيء التي يقفون هم عليها بأمان واستقرار ..
ولكي لا نطيل في الكتابة ولا نتيه اكثر في متاهات هذا البحر الهائج على من فيه , نعود الى ما نريد ان نقوله في هذا المقال بخصوص ما يحدث بين بعض قادة احزابنا ومسؤولي تنظيماتنا ومؤسساتنا وزعمائنا من صراعات ونزاعات بصورة دائمة ومستمرة وبهذا الشكل المتدني جدا , نقول انه فعلا لامر مخزي ومخجل حقا ومعيب بهم بلا شك .. حيث ان ما نسمعه من تصريحاتهم المتناقضة لينحدر الى المستويات الدنيا من اللياقة الكلامية لا بل الى ادنى من مستوى كلام الشارع في احيان كثيرة , واما ما يدور بينهم من مشاحنات ومطاحنات كلامية وكتابية وتكون في مجملها ادعاءات وتلفيقات وتهم جاهزة لينحدر الى اوطأ درجات احترام الذات قبل احترام الاخرين .
انها لمصيبة حقيقية فعلا تصيب هذا الشعب ومن داخله هذه المرة ايضا , وانها لكارثة حتما لو استمر الحال هكذا وخاصة اذا ما عرفنا ان ما يدور في الواقع اكثر بكثير من هذا وهو لا ينذر الا بمصير مجهول ومستقبل مظلم لابناء هذا الشعب المنكوب دائما , هذا الشعب الذي بقي في مؤخرة الشعوب كلها ليس لانه شعب لا يستحق ما تستحقه بقية الشعوب , وليس لان ابنائه لا يعملون كما يعمل ابناء بقية الشعوب , او لا يعلمون ويعرفون كبقية ابناء الشعوب , او انهم على غير ما هم عليه ابناء بقية الشعوب .. لا ابدا ليس هذا , فالتاريخ يشهد بامجاد هذا الشعب وحضارته وعراقته وما قدمه للبشرية منذ الاف السنين , والحاضر يشهد ايضا ويقر ويعترف ما لابناء هذا الشعب من طاقات وقابليات وامكانيات فكرية وعملية وفي كافة مجالات الحياة .. ولكن السبب في بقاء هذا الشعب دون بقية الشعوب واقل من بقية الشعوب هو لان ابنائه قد ابتلوا بمثل هؤلاء القادة وبمثل هؤلاء المسؤولين وزعماء الشرف الذين قسموهم وشتتوهم في السابق ويذلوهم ويشردوهم في الوقت الحاضر , هؤلاء القادة والزعماء الذين قضوا على الامل في نفوس ابناء هذا الشعب وقتلوا كل طموح فيهم , فبدلا من ان يتنافسوا فيما بينهم لخدمة شعبهم ويتسابقوا لتقديم افضل ما يمكن لابنائه , فهم يتصارعون ليل نهار مع بعضهم البعض وضد بعضهم البعض وضد ابناء شعبهم المغلوب على امرهم .
وبعد هذا كله فلا نريد ان نقول بحقهم اكثر مما ما قاله احدهم وبكلمة واحدة فقط ( كم رزليلن ) وهم جميعا يعرفون معنى هذه الكلمة .. وقبل ان نختتم كلامنا يؤسفنا ان نقول لهم استقيلوا جميعكم فالشعب بدونكم سيكون بأفضل .. وسنكون لكم شاكرين ...

    وحيد كوريال ياقو
    مشيكن – اذار 2009                 

 

106
              لكي لا يتطابق طرفي المعادلة
              هـ 1 + هـ 2 – هـ ك = ض ك
 ( مقال في الهجرة والضياع )
من منا لا يتذكر هذه المعادلة او ما كان يشبهها او بمثلها .. ومن منا لا يحن الى تلك الاحرف المرقمة وغير المرقمة ..ومن منا لا يشتاق الى تلك الايام التي كان يواصل فيها الليل بالنهار لمعرفة مدلولات تلك الاحرف ليظفر بتحقيق او تطابق طرفي تلك المعادلات التي كانت الشغل الشاغل له و المسعى لكل من يريد النجاح ويطمح بمستقبل زاهر ..
وقد يتصور القاريء الكريم من ملاحظة عنوان الموضوع انه امام معادلة في الرياضيات او الهندسة كالتي كان يواجهها ايام الدراسة في المراحل المتوسطة او الاعدادية , حيث كانت معظم الاسئلة تعطى بهذا الشكل ( س + ص = ك ) او ما يشابهها , بالاضافة الى معطيات اخرى تتعلق بهذه المكونات بشكل مباشر او غير مباشر , كأن تكون ( س ) تساوي كذا جزء من ( ص ) او كذا اضعافها اوما الى ذلك .. وعادة تكون هذه المعطيات غامضة وغير معروفة او بشكل الغاز مبهمة يصعب معرفتها بسهولة في تلك المرحلة .. وكان دائما المطلوب اثباته هو تساوي او تطابق طرفي المعادلة اي موازنتها .. وبقدر ما كان الطالب يفهم تلك المعطيات ويعرف كيف يعوضها بدل مكونات المعادلة الاساسية بالشكل الصحيح , بقدر ما كان يسهل عليه حل المعادلة , وبذلك يصل الى نتيجة صحيحة ويتمكن بسهولة من اثبات تطابق طرفي المعادلة وموازنتها .. وكان ذلك هو المطلوب اثباته طبعا او الحل الصحيح , وهذا كان يعني النجاح الذي كان بطبيعة الحال يسعى اليه كل طالب ويتمناه كل الاهل والاقرباء لابنائهم .. واما من لم يكن يفهم هذه المعطيات ولا يعرف كيف يتعامل معها , فكان يتيه في حل المسألة ويلف ويدور في خطوات فارغة لا تؤدي به الى نتيجة وبالتالي لا يتمكن من حل المسألة ويمر الوقت عليه بسرعة وهو يتخبط بين هذه الخطوات ولكن من دون جدوى حيث ينتهي الوقت من دون ان يتمكن من اثبات تساوي او تطابق طرفي المعادلة بالرغم من انه قد اجتهد وبذل قصارى جهده في ذلك لكنه في النهاية يشعر بخيبة امل حيث تكون النتيجة الرسوب طبعا وضياع المستقبل ويتخلف عن زملائه الذين ينتقلون الى مراحل اعلى ويدخلون كليات جيدة ويحصلون على شهادات عالية يضمنون بها مستقبلهم ومستقبل ابنائهم من بعدهم ويتباهى بهم اهلهم واقربائهم ويفتخر بهم كل من يعرفهم ومن لا يعرفهم ايضا ...
ولهذا كان الناس يعطون اهمية كبيرة لهذا الموضوع ويوجهون ابنائهم دائما للاهتمام به ,وكان الطلاب وهم في تلك المراحل كثيرا ما يتكلمون عن هذه المسائل ويرددون هذه الاحرف ( س , ص , وغيرها ) في احاديثهم اكثر من اي شيء اخر .. ونستطيع ان نقول ان اكثر ما كنا نسمعه منهم واكثر ما كان يشغلهم ويتردد في كلامهم كان هذه الاحرف ( س , ص ) حيث كانت هذه الاحرف همهم الاكبر وشغلهم الشاغل .. كيف لا وهي التي تقرر مصيرهم ومستقبلهم .
وما دعاني لذكر هذه المقدمة وربط هذا الموضوع بما اريد ان اقوله في هذا المقال , هو اننا اذا ما لاحظنا  الناس في الوقت الحاضر وخاصة الطلاب الذين في مثل هذه المراحل ونتأمل بما يشغلهم وما يتحدثون عنه دائما وما يتردد في كلامهم اكثر وما هو الأهم او ما اصبح الاهم في حياتهم وما بات يحدد مصيرهم ومستقبلهم , فبلا شك فاننا سنجد بان الامر قد تغيركثيرا حيث لم يبقى لذلك الموضوع نفس الاهمية ولا لتلك الاحرف تلك الاهمية , فلا ( س ) ولا ( ص ) ولا غيرها من الاحرف ولا المسائل الرياضية ولا الدراسة اساسا ولا حتى العلم كله قد اصبح له ذكر الان ... وانما حل بدلا عنها اشياء اخرى وبدأت تظهر في كلامهم كلمات اخرى تتردد دائما في احاديثهم وطغت على تفكيرهم , بحيث اصبحنا اليوم لا نسمع منهم سوى كلمات اخرى هي التي تحدد مصيرهم ومستقبلهم مثل ( هاجر .. هاجروا .. يهاجرون ) او لنقولها كما تقال ان جاز ذلك ( طلع .. طلعوا .. يطلعون ) وقد اصبحت هذه الكلمات وللاسف هي التي تحدد المصير وتقرر المستقبل بدلا من ( س ) و( ص) والمسائل الرياضية والدراسة والشهادات العالية .. وهكذا اصبح مضمون هذه الكلمات ( وهو الهجرة ) الهم الاكبر والشغل الشاغل لجميع ابناء شعبنا وهم في وطنهم الام العراق .
فهل اصبحت الهجرة هي حقا المستقبل ؟ وهل اصبحت الهجرة فعلا هي التي تحدد المصير ؟ واذا كانت هكذا فماذا جنى ابناء شعبنا من هجراتهم الكثيرة ؟
 وهنا لابد من ان نتكلم قليلا عن الهجرة او نستعرض بعضا من هجرات ابناء شعبنا الحديثة لنعرف ما فقدناه وما كسبناه من هذه الهجرات  . 
فبالرغم من ان الهجرة كانت في السابق صفة ملازمة لابناء شعبنا منذ القديم ولكنها بعد منتصف القرن الماضي اتخذت طابعا جماعيا او اصبحت بشكل نزوح جماعي , وهذا يعني ان مجتمعا باكمله ينتقل من منطقة الى منطقة اخرى جديدة , اي من بيئة الى بيئة اخرى مختلفة وجديدة عليه , وما يترتب على ذلك من تداعيات وتغيرات وما يتوجب من التزامات وتضحيات للتكيف مع البيئة الجديدة مع المحافظة على القيم والعادات والتقاليد وكل ما يتعلق بالبيئة القديمة وما يدل على الهوية ,وهذه ما لايدركها ولايقدر اهميتها بصورة جيدة الا الذي عاشها ومارسها فعلا , وهنا تظهر اهمية الموازنة .. اي موازنة القيم والعادات والتقاليد التي تربوا عليها وكانوا يمارسونها قبل الهجرة والتي سيمارسونها بعد الهجرة للحفاظ على كل ما هو مطلوب الحفاظ عليه .. فهي معادلة فعلا يستوجب موازنتها والحفاظ على طرفيها وبخلاف ذلك سيفقد الانسان هويته اي يضيع , وبما اننا نتكلم عن شعب وليس عن فرد فسيكون ضياع شعب وهو ضياع كبير ( ض ك ) اي الطرف الثاني من المعادلة التي وضعناها كعنوان لهذا المقال وهي تشبه تماما تلك المعادلات الرياضية او الهندسية حيث ان كلا منها يتكون من طرفين ومعطيات بشكلها العام , ولكنها تختلف عنها في نتيجتها , ففي المعادلات الرياضية يكون تطابق طرفي المعادلة نتيجة جهد ومعرفة ودراية وهو المسعى المطلوب اثباته والنتيجة تكون النجاح والمستقبل الزاهر الجيد , بينما في هذه المعادلة ( المفروضة على شعبنا طبعا ) يكون تطابق طرفي المعادلة نتيجة جهل او قلة معرفة او عدمها اواهمال او تقصير واما النتيجة فهي الفشل والضياع مع الاسف .   
ولكي ندخل في صلب الموضوع فاذا ما القينا نظرة اجمالية على الاحداث التي حلت على ابناء شعبنا  وخاصة بعد منتصف القرن الماضي  وشملت معظم ابناء شعبنا مما اضطروا بسببها ان يهاجروا ولاكثر من مرة و بشكل نزوح جماعي كما قلنا , فنستطيع ان نوجز هذه الهجرات كالاتي :- 
1 – هجرة ابناء شعبنا من قراهم ومدنهم في مناطقهم التاريخية في شمال العراق الى المدن الكبيرة مثل بغداد والموصل والبصرة وغيرها .. ولو فرضنا ان هذه الهجرة هي الهجرة الاولى في الفترة التي نحن بصددها ولهذا رمزنا لها ( هـ 1 ) لتكون المكون الاول في هذه المعادلة  ..
واذا ما بحثنا في تداعيات هذه الهجرة ومعطياتها فيتبين ذلك واضحا من القاء نظرة عامة على احوال شعبنا قبل الهجرة وما ال اليه بعد الهجرة .. وايضا لو فرضنا انه لو لم يكن هناك هجرة اصلا .. لنلاحظ تأثيرات وانعكاسات هذه الهجرة الايجابية والسلبية على ابناء شعبنا ولنقارن بعد ذلك .
فمن الواضح ان معظم ابناء شعبنا تركوا قراهم ومدنهم ومناطقهم التاريخية ونزحوا الى المدن الكبيرة مضطرين بسبب الظروف الامنية والحياتية , تاركين وراءهم بيوتهم واراضيهم وممتلكاتهم وقسم كبير من عاداتهم وتقاليدهم وبعض من مقومات هويتهم وفي مقدمتها طبعا اللغة التي تعتبر من المقومات الاساسية لوجود اي شعب .. حيث كانت اللغة الضحية الاولى من جملة تضحيات كثيرة ..
وهناك في المدن الكبيرة لربما استطاع الكثير من ابناء شعبنا ان يعوضوا عما فقدوه من اموال وممتلكات وامور مادية اخرى بعملهم الدؤوب واخلاصهم ووفائهم حيث استطاعوا ان يمتلكوا بيوتا فخمة افضل بعشرات المرات مما كان لديهم وكذلك امتلكوا اعمالا افضل مما كان لديهم وحصلوا على وظائف ومناصب اعلى مما كانوا وغيرها من الامتيازات المادية الجيدة وهذا كان الجانب الايجابي طبعا ..
واما الجانب السلبي فانهم بالرغم من هذا كله فلم يستطيعوا ان يعوضوا عما فقدوه من الناحية المعنوية وخاصة ما يتعلق بالهوية والارض , حيث فقدوا الكثير من مقوماتهم كشعب وككيان ومعظم عاداتهم وتقاليدهم وكل ما يدل على هويتهم كأمة .. وكمثال على ذلك نكرر مرة اخرى اللغة , حيث حلت او كادت ان تحل محلها اللغة العربية , وكانت الامهات يتسابقن لتعليم اولادهن اللغة العربية والتكلم معهم بالعربية فقط وذلك لاسباب كثيرة وعديدة لسنا بصددها ولا مجال لذكرها الان ...
2 – هجرة ابناء شعبنا الحالية ( المعاكسة ) التي بدأ فيها معظم ابناء شعبنا بالعودة الى قراهم ومدنهم المنتشرة سواء في كردستان العراق او في مناطقهم التاريخية الاخرى مضطرين ايضا بسبب الظروف الامنية والحياتية التي تشهدها معظم هذه المدن الكبيرة التي يتواجد فيها ابناء شعبنا , وبسبب التهديدات المختلفة التي يتلقونها سرا وعلنا بسبب انتمائهم الديني مما اضطر معظمهم مرة اخرى الى ترك بيوتهم وممتلكاتهم واموالهم واعمالهم وكل ما جنوه والعودة او الهروب الى قراهم ومدنهم الامنة نسبيا حفاظا على حياتهم وسلامة ابنائهم وعوائلهم .. ولو اعتبرنا ان هذه الهجرة هي الهجرة الثانية لابناء شعبنا في وطنهم الام خلال هذه الفترة ولهذا رمزنا لها ( هـ 2 ) لتصبح المكون الثاني لمعادلتنا هذه التي نحن بصددها .
وايضا لو تمعنا في تداعيات ومعطيات هذه الهجرة للاحظنا مدى الضرروالخسارة التي لحقت بابناء شعبنا سواء من النواحي المادية او المعنوية , حيث اضطروا لترك كل ما يملكون في بيوتهم التي امتلكت من قبل غيرهم وكذلك تركوا اعمالهم ووظائفهم وما الى ذلك .. وهناك في مناطقهم وجدوا ان امور كثيرة قد تغيرت ومتطلبات عديدة تستوجب منهم لكي يبدأوا حياتهم من جديد وفي مقدمة هذه المتطلبات نقول ونكرر مرة اخرى اللغة .. وهنا لست ادري ان كانت الامهات سيتسارعن مرة اخرى لتعليم اولادهن اللغة الكردية كما فعلن في السابق وعلمن اولادهن اللغة العربية ام لا ؟ حيث ان اللغة الكردية هي الان اللغة الرسمية في كردستان العراق .. ومهما يكن فليس بمقدور احد الان ان يتنبأ بالمستقبل ليعرف ماذا سيحصل لابناء شعبنا بعد هذه الهجرة , ولكننا نستطيع ان نقول ان ما جنيناه كنتيجة لهاتين الهجرتين الاولى والثانية , فقط نستطيع ان نتذكر المثل الشعبي القائل ( تيتي تيتي .. مثل ما رحتي جيتي ) ولكن بعد نصف قرن من الزمن طبعا وما ادراك من النصف قرن هذا في حياة الشعوب والامم  . 
3 – اما الهجرة الاخرى لابناء شعبنا وهي بمثابة نزيف كبير لا يتوقف وهي الهجرة الى الخارج وخاصة في الفترة الاخيرة  ونستطيع ان نطلق عليها الهجرة الكبيرة ولهذا رمزنا لها ( هـ ك ) لتكون المكون الثالث لمعادلتنا هذه  .
واما تداعيات واسباب هذه الهجرة فهي كثيرة وعديدة ولكن كلها تتعلق بالظروف الامنية والحياتية ايضا .. واما كلفة هذه الهجرة فمن الناحية المادية هي كل ما يملكون وما لايملكون حيث تكاليف الطرق القانونية وغير القانونية .. ومحظوظ هو من يصل سالما ...
واما هناك في الخارج فيتفاجأ بأمور كثيرة لم يكن يتوقعها ولايتصورها , ويلاقي صعوبات كثيرة لم تكن في الحسبان ولاسباب كثيرة وعديدة وفي مقدمتها اللغة ايضا , وهناك تختلط عليه الامور مما يضطر مجبرا الى التخلي عن امور كثيرة ويتنازل عن التزامات اكثر وفي مقدمتها واهمها تربية اولاده وتعليمهم العادات والتقاليد وكل ما يمت بصلة الى الهوية وفي مقدمتها طبعا تعليم لغة الام .. وهناك ايضا يتسارعن الامهات لحث اطفالهم للتكلم بلغة البلد الذي نزلوه مما يؤدي الى ابتعاد هؤلاء الاطفال عنهم او فقدانهم للوسيلة الوحيدة التي تبقيهم على صلة بكل ما يتعلق بعادات وتقاليد ابائهم واجدادهم وبذلك يفقدون هويتهم وهناك سيكون الضياع الكبير الذي هو الطرف الثاني لمعادلتنا هذه وقد رمزنا له ( ض ك ) .
واذا اعدنا كتابة هذه المعادلة بشكل اخر ستكون كالاتي :
الهجرة الاولى + الهجرة الثانية – الهجرة الى الخارج = الضياع الكبير 
وبكلام اخر فأن حاصل تحصيل هجرة ابناء شعبنا من قراهم ومدنهم في مناطقهم التاريخية الى المدن الكبيرة مع العودة اليها مرة ثانية بعد نصف قرن مطروحا منه من هاجر الى الخارج خلال هذه الفترة ستكون النتيجة ضياع هذا الشعب ككيان وكأمة .. وهذا هو الضياع الكبير .
وهنا سيكون الامتحان .. الامتحان الكبير طبعا .. وهو نفس الامتحان الذي كان يقرر مصير الطالب ويحدد مستقبله ولكنه هنا سوف لن يقرر المصير او المستقبل فقط بل يقرر الوجود ايضا , والنتيجة سوف لن تكون رسوب سنة دراسية او عدم الحصول على شهادة جامعية او عدم ضمان مستقبل افضل .. لكنها ستكون ضياع المستقبل باكمله ... 
قد يتصور البعض ان هذه مجرد نظرة تشاؤم وان الامور على العموم ليست بهذه الصورة ولا تسير وفق هذا السياق .. انا شخصيا اتمنى ذلك .. واتمنى ان تكون هذه النظرة خاطئة وكما اتمنى ومن كل قلبي ان لا تكون الامور تسير بهذا الشكل لكي لا يتحقق الطرف الثاني من هذه المعادلة , هذا الطرف الذي يستطيع ابناء شعبنا التحكم به وجعله لا يتحقق بالرغم من كون الطرف الاول بكل مكوناته مفروض عليهم .. وانا على يقين بان معظم ابناء شعبنا يتمنون ذلك ايضا والكثير منهم يبذل الغالي والنفيس ويسعى بكل ما يستطيع لكي لا يتحقق الطرف الثاني من هذه المعادلة ...
وهذا لا يعني الوقوف ضد الهجرة او المطالبة بعدم الهجرة , ايمانا منا انه ليس من حق اي انسان مهما كان ان يعطي لنفسه هذا الحق , اي ان يقول لاي كان لا تهاجر او حتى لماذا تهاجر ؟ ولكن من حق كل انسان غيور ان يقول لكل من يهاجر وبكل بساطة , لا تضيع او لماذا تضيع ؟؟ وخاصة وانت في البلد الجديد فقد زالت كل الاسباب التي كانت ترغمك على نكران هويتك وتلاشت كل المعوقات التي كانت تجبرك على عدم المطالبة بحقك وانت في بلدك الام , ففي معظم هذه البلدان الجديدة التي هاجر اليها ابناء شعبنا يوجد هناك مجالات كثيرة وافاق واسعة لتحقيق ذلك وبوسائل شتى ولكننا لسنا بصددها الان .
وختاما لا يسعنا الا ان نقول ونطلب من جميع ابناء شعبنا وخاصة الذين في المهجر ان لا يدعوا طرفي هذه المعادلة تتطابق وننادي ونقول للجميع :-
من اجل عظمة بابل وجنائنها المعلقة لا تدعوا طرفي هذه المعادلة تتطابق ..
ومن اجل كبرياء ملوكها وقوانين مسلتها لا تدعوا طرفي هذه المعادلة تتطابق ..
ومن اجل صروح نينوى واجنحة ثيرانها لا تدعوا طرفي هذه المعادلة تتطابق ..
ومن اجل شهداء المشرق ودمائهم الزكية وصلبانهم الوفية لا تدعوا طرفي هذه المعادلة تتطابق ..
ومن اجل الطفولة وبراءة الاطفال لا تدعوا طرفي هذه المعادلة تتحقق في الاطفال ..
مع كل تمنياتنا وامالنا ان لا يتحقق تطابق طرفي هذه المعادلة . 

        وحيد كوريال ياقو
       مشيكن – كانون ثان - 2009     


   

107
              المادة ( 50 ) هل الغيت ام سرقت ؟ ومن الذي سرقها ؟         

قبل اكثر من شهر تم اقرار قانون مجالس المحافظات من قبل مجلس النواب العراقي بعد ان الغيت منه المادة ( 50 ) التي كانت تضمن بعض الحقوق او الحد الادنى منها لابناء المكونات الصغيرة في العراق .. حيث كانت تخصص لهم بعض المقاعد في مجالس بعض المحافظات التي يعيشون فيها بكثرة ولا شيء غير ذلك , وكان ذلك اجحافا بحق ابناء هذه المكونات وتهميشا لدورهم في بناء العراق , ولهذا فقد سميناه في مقال سابق بأنه اقرار قانون الغابات وليس المحافظات , وقد ثبت الان بعد ان تم تعديله مؤخرا واعادة النظر في المادة ( 50 ) الملغية وذلك بتقليل المقاعد المخصصة الى النصف اي من 12 الى 6 وزيادة الاستحقاق الى الضعف اي من الاجحاف والتهميش الى الى الاذلال والانتقاص ايضا , فتأكد انه فعلا قانون الغابات وان من اقره يريد فعلا ان يعيش في الغابات او انه كان فعلا يعيش في الغابات .
ولكن الغريب في الامر انه لحد الان لا احد يعترف بمسؤوليته عن الغاء هذه المادة ولا احد يعرف من الغى هذه المادة او من كان السبب في الغائها وما هي اسباب الغائها ؟ فكل المسؤولين العراقيين يصرحون بانهم مع هذه المادة وضد الغائها , وكل الجهات الرسمية والمعنية بالامر تحاول ان تتبرأ من من مسؤولية الغائها , وكل طرف يحاول ان يلقي بالمسؤولية على الطرف الثاني .. فالسيد رئيس مجلس النواب يقول انه لم يلغي هذه المادة وان مجلسه قد اقرها وارسلها الى مجلس رئاسة الجمهورية الذي نقضها فهو يتحمل مسؤولية الغائها .. واما هو فشخصيا كان موافقا عليها ومؤيدا لها , لا بل هو الذي اوجدها واخرجها من جيبه واعطاها كهدية لابناء هذه الاقليات مدعيا ومكررا عبارته هذه لمرات عديدة بقوله ( ان الكريم يخرج من جيبه ويعطي ) وقد علقنا على كلامه هذا في مقال سابق بعنوان ( المشهداني والمشاهد المخيفة في كلامه مع قناة عشتار الفضائية ) .
واما مجلس رئاسة الجمهورية فالحالة اسوء من ذلك وفيها ضبابية كبيرة , فالسيد رئيس الجمهورية كان خارج العراق ولم يكن موجودا ولا يعرف ماذا جرى وماذا يجري ولهذا فهو شخصيا لا علاقة له بنقض او الغاء هذه المادة اطلاقا وان احد نائبيه ايضا لم يكن حاضرا او موجودا اثناء نقض هذه المادة ولهذا فهو ايضا لا علاقة له بنقض او الغاء هذه المادة , ولم يبقى غير النائب الثاني المتبقي لوحده في مجلس رئاسة الجمهورية فقد قيل عنه انه لم ينقض هذه المادة بالذات وانما تم نقض امور اخرى غير هذه المادة واعاد القانون الى مجلس النواب وهو الذي الغى هذه المادة ...
وامام هذا فالسؤال الذي يطرح نفسه هو : من الذي الغى هذه المادة اذن ؟ حتما ان هناك من قام بالغائها او اضاعتها لانها لم تعد موجودة في القانون الذي اقره مجلس النواب بالاجماع .. فان لم يكن من الغاها احد هذين الطرفين اي لا مجلس النواب ولا مجلس الرئاسة , فحتما هناك جهة اخرى قامت باضاعت او سرقة هذه المادة .. اذن انها قد تكون قد سرقت ولم تلغى !!! ولكن من الذي سرقها  يا ترى ؟ ومن لديه مصلحة في اختفاء هذه المادة ؟ ومن لا يريد ان تكون هذه المادة في هذا القانون ؟ ومن لا يريد القانون اصلا ؟
ما دام الامر لم يحصل لا في مجلس النواب ولا في مجلس الرئاسة فحتما هناك جهة ثالثة قد اضاعت هذه المادة او سرقتها .. ولكن بما انه لا يوجد جهة رسمية او مؤسسة اخرى ذات علاقة بالموضوع بين مجلس النواب ومجلس الرئاسة لذلك فليس هناك غير احتمال واحد وهو ساعي البريد ( البوصتجي ) الذي ينقل البريد بين مجلس النواب ومجلس رئاسة الجمهورية التي كلاهما في المنطقة الخضراء وسط بغداد , وذلك مشيا على الاقدام او راكبا دراجته الهوائية او البخارية او حتى ممتطيا بعيره .. وهذا احتمال وارد جدا حيث ان بعض من اعضاء مجلس النواب العراقي والحكومة العراقية يعتقدون انهم ما زالوا يعيشون في ذلك الزمن الذي كان ساعي البريد ( البوصتجي ) ينقل البريد مشيا على الاقدام او على دراجته الهوائية او البخارية , والكثير منهم يريدون ويتمنون ان يعودوا ويعيشوا في ذلك الزمن او في زمن اقدم منه بكثير عندما كان الخليفة او الوالي يرسل اوامره الى وزرائه وقواده بواسطة رسول يسير مشيا على الاقدام او ممتطيا جواده او بعيره عندما تكون المسافة بعيدة .. وغالبا ما كان يحصل ان تصل الرسالة ناقصة او مختلفة وخاصة عندما تكون شفهية لأن الكثير منهم لم يكن يعرف القراءة والكتابة , واحيانا كانت تضيع واخرى تسرق.. وهؤلاء الاعضاء سواء في مجلس النواب او في الحكومة يحاولون جهد امكانهم لأعادة العراق والعراقيين الى ذلك الزمن .. زمن الماضي المزدهر ايام كان اجدادهم يستخدمون البعير بدلا من السيارات الحديثة الفخمة والفاخرة التي يستخدمونها هم الان .. ولهذا فهم يقومون بتفخيخ السيارات وتفجيرها للتخلص من جميع السيارات الموجودة في العراق , وبذلك سيتخلصون من ازمة الوقود والبنزين التي هي احدى اكبر الازمات التي يعاني منها ابناء الشعب العراقي الذين يعيشون في اكبر دولة نفطية في العالم .. وهكذا سيقضون على بقية الازمات التي يعاني منها الشعب العراقي في كافة مجالات الحياة وبنفس الطريقة .
فساعي البريد هذا عندما كان ينقل البريد الذي فيه قانون مجالس المحافظات بين مجلس النواب ومجلس الرئاسة مشيا على الاقدام اراد ان يجلس قليلا تحت ظل نخلة من النخلات القليلة المتبقية هناك ليرتاح من شدة الحر القاتل الذي يعاني منه اهل بغداد وكل اهل العراق بسبب درجات الحرارة العالية وعدم وجود اجهزة تبريد او الاصح عدم استطاعة الناس من تشغيلها بسبب عدم وجود الكهرباء .. وكذلك ليفكر قليلا في همومه الكثيرة التي يحملها في رأسه بسبب المعانات الكثيرة التي يعاني منها نتيجة ظروفه المادية الرديئة ووضعه الامني المتردي وحالته المعاشية الاكثر تردي بسبب الازمات الخانقة التي يعاني منها حاله في ذلك حال كل ابناء الشعب العراقي .. واثناء ذلك تعرض الى حادث من الحوادث الكثيرة التي يتعرض اليها العراقيين اينما كانوا سواء في البيت او الشارع او العمل وحتى في المنطقة الخضراء التي لم يبقى فيها شيئا اخضرا سوى اسمها فقط .. ولكن بما انه لا احد من ابناء الشعب العراقي العاديين يستطيع الدخول الى المنطقة الخضراء , لذلك لا نعرف بالضبط ماذا حصل له والى اي حادث قد تعرض , الا انه حتما يكون قد تعرض الى احد هذه الحوادث المنتشرة بكثرة في العراق ومنها :-
1 – الحادث الاول :- حادث السرق
عندما كان ساعي البريد هذا جالسا مسترخيا تحت ظل تلك النخلة ليرتاح قليلا من شدة الحر وكثرة الهموم التي يعاني منها اخذته غفلة ونام على اثرها نوما عميقا , وفي هذه الاثناء جاءت مجموعة من اللصوص والسراق ( الحرامية ) الذين يعملون في المنطقة الخضراء في النهار وخارج المنطقة الخضراء في الليل ويسرقون اموال الدولة وممتلكات الشعب وكل ما يستفيد منه الناس وما يخص الناس ولم ينجو منهم حتى الاثار , وحيث ان هذه المادة كانت تعتبر من ممتلكات الشعب وكان سيستفاد منها بعض ابناء الشعب ولهذا فقد سرقوها حالها حال كل ما سرقوه وما يسرقونه يوميا وما سيسرقونه قي المستقبل .. وبذلك ضاعت هذه المادة واختفت من قانون مجالس المحافظات ..
ولكن ساعي البريد لا يستطيع ان يعترف بذلك لسببين , اولهما اذا ما قال انها سرقت منه وهو نائم فأنه بذلك سيعرض نفسه الى محاسبة قانونية بتهمة التقصير في اداء العمل لأنه نام اثناء الواجب , وهي حالة مرفوضة جدا وغير مقبولة ابدا وغير موجودة اطلاقا في دوائر الدولة ولا يسامح عليها القانون بتاتا وسوف يخسر عمله بسبب ذلك وسيطرد من وظيفته وسيموت اطفاله من الجوع .. واما السبب الثاني فهو اخطر من الاول وعقوبته اكبر ايضا , حيث اذا قال انها سرقت من قبل لصوص او سراق ( حرامية ) في المنطقة الخضراء فكأنه بذلك يتهم الحكومة واعضاء البرلمان بأنهم حرامية لانه لا يوجد غيرهم هناك ولا يستطيع اي عراقي غيرهم الدخول الى المنطقة الخضراء , فأن تجرأ وقال ذلك فأنه سيعرض حياته الى خطر حقيقي وسيكون مصيره ومصير عائلته الموت حتما .. ولهذا فهو لا يستطيع الاعتراف بهذا الحادث ابدا ...
2 – الحادث الثاني :- حادث الاختطاف
واما الحادث الثاني الذي قد يكون ساعي البريد هذا قد تعرض اليه فهو الاختطاف , فعندما كان جالسا تحت تلك النخلة, لم يكن قد نام المسكين كما اتهمناه , ولكنه كان متكيا على جذع تلك النخلة واثناء ذلك هجمت عليه مجموعة من الارهابيين الذين تعج بهم المنطقة الخضراء واختطفوه الى جهة مجهولة بعد ان كبلوا يديه وقدميه وشدوا عينيه كما يفعلون مع الكثير من ابناء الشعب من الفئات الضعيفة .. وبعد اتصالات ومفاوضات مع عائلته تم الافراج عنه مقابل مبلغ من المال بالدولار ( عدد من الدفاتر كما يسمونها ) كفدية دفعت من قبل اهله واقربائه واصدقائه ومعارفه وحتى جيرانه , وقد قام بعض اهله ببيع اثاثهم وممتلكاتهم لجمع هذا المبلغ الكبير الذي دفعوه الى الارهابيين كفدية لانقاذ حياة قريبهم ساعي البريد هذا الذي افرج عنه بعد تعذيبه وكسر كل عظامه ثم سلبوه وسرقوا منه هذه المادة لانها تخص بعض ابناء الشعب الذين يختطفونهم دائما ...
وهنا ايضا لا يستطيع ساعي البريد الاعتراف بهذا الحادث ايضا لانه ان فعل هذا فسيتهم هو واهله بان لهم علاقة مع الارهابيين وهم على اتصال بهم ومتعاونين معهم لا بل يمولونهم بدليل انهم دفعوا لهم مبلغ الفدية هذا .. وبذلك سيكون مصيره ومصير اهله واقربائه مجهولا وفي خبر كان .
3 – الحادث الثالث :- عواصف رملية
وقد لا يكون ساعي البريد هذا قد تعرض لا الى السرقة ولا الى الاختطاف , بالرغم من ان هذه الحالات قد اصبحت حالات طبيعية واعتيادية في العراق , ولكن هناك احتمال اخر فعندما كان جالسا تحت ظل تلك النخلة ومتكيا على جذعها واضعا يديه فوق رأسه وبريده بجانبه , واثناء ذلك هبت عاصفة رملية قوية من تلك التي شهدها صيف بغداد هذه السنة , وان رياح تلك العاصفة القوية هي التي طيرت ورقة هذه المادة لانها كانت اخف ورقة وتحمل اقل حقوق لاقل عدد من الناس بعكس بقية الاوراق الثقيلة اوالمثقلة بالكثير من الحقوق والامتيازات التي تخص الناس ذو الاكثرية بالعدد .. وقد حملت رياح هذه العاصفة ورقة هذه المادة شرقا لان الرياح التي عصفت بالعراق مؤخرا كانت غربية , فطارت الورقة نحو الشرق وقد تكون الان قد وصلت الى ايران وهي ستحتفظ بها كأمانة لانها تخص ابناء الشعب العراقي كما احتفظت سابقا بالطائرات العراقية التي طارت اليها هربا من القصف الاميركي على العراق في تسعينيات القرن الماضي ...
ولكن ساعي البريد لا يستطيع ان يعترف حتى بهذه العاصفة لانه ان قال انه هبت عاصفة رملية على بغداد فكأنه يقول ان اجواء بغداد غير صافية وسمائها غير نقية حالها بذلك حال شوارعها واحيائها ومناطقها وهذا يمس اداء الحكومة وكأنه يتهمها بالتقصير , وهذا لا يجوز ومرفوض نهائيا لأن الحكومة لا يمكن ان تقبل بهذا وهي تقوم بكامل واجباتها تجاه الشعب والدولة وحماية امنها واستقلالها ولا يوجد اي تقصير .. وان قال هذا فسيعرض نفسه الى مساءلة قانونية ليس على استعداد لها وحتما سيخسر عمله بسببها على اقل تقدير وبعدها يتم تصفيته حيث لديهم خبرة جيدة في هذا المجال .
4 – الحادث الرابع :- غارة اسرائيلية
ان لم يكن احد الحوادث السابقة وهي كلها داخلية ومنتشرة بكثرة في العراق قد حصلت لساعي البريد هذا , فلا بد ان نفكر بجدية اكثر وننظر الى ابعد .. الى خارج المنطقة الخضراء ومن فيها , لا بل الى خارج العراق .. وهنا لا بد وان تتجه انظارنا وكالمعتاد الى الشماعة الجاهزة , الى من هو عدو الشعوب الضعيفة المبتلية بحكامها , هذه الشماعة التي دائما يعلق عليها هؤلاء الحكام سبب فشلهم واخطائهم ومظالمهم واضطهادهم لشعوبهم .. الا وهو الاستعمار والصهيونية وصنيعتهما اسرائيل عدوة الشعوب الضعيفة والمستضعفة وحليفة الحكام الاقوياء والمتجبرين على شعوبهم .. تماما كما كان يحصل في عهد النظام السابق , حيث كانت كل القرارات والقوانين التي كانت لمصلحة الشعب العراقي الضعيف انذاك تلغى او لا تنفذ بسبب الاستعمار العالمي والصهيونية واسرائيل المحتلة .. وسبب كون هذا الاحتمال وارد , هو ان بعض من اعضاء الحكومة الحالية والكثير من اعضاء مجلس النواب لديهم خبرة كبيرة وواسعة في هذا المجال اكتسبوها من عملهم مع النظام السابق حيث كانوا متنفذين فيه ويتولون مناصب عالية ومسؤوليات مهمة انذاك , وهؤلاء يريدون ان ينقلوا خبرتهم هذه الى سياسة الحكومة الحالية ليطبقوها على فئات الشعب الضعيفة لأن هذه السياسة لا يصلح تطبيقها الا على الضعفاء , حيث كانت هذه السياسة ناجحة جدا وتعطي نتائج جيدة جدا عند تطبيقها على الشعب العراقي الذي كان كله ضعيفا في عهد النظام السابق ..
ولكن السؤال هنا هو كيف استطاعت اسرائيل ان تسرق هذه المادة من مجلس النواب العراقي او الحكومة العراقية المنتخبة من قبل الشعب والمعروفة بوطنيتها واستقلاليتها وانها غير تابعة او عميلة لأية جهة اجنبية لا القريبة منها ولا المحيطة بها ولا حتى البعيدة عنها التي اتت بها الى الحكم .. واما اسرائيل فأنها عدوتها الاولى بدليل ان مجلس النواب قد طرد احد نوابه ورفع عنه الحصانة وطلب تقديمه الى المحاكمة لأنه قام بزيارة لاسرائيل التي يفاوضها الفلسطينيون اصحاب القضية الاساسية ويحجها معظم زعماء العرب سرا وعلنا .. فكيف اذن تستطيع اسرائيل ان تسرق هذه المادة من الحكومة العراقية الوطنية او من مجلس النواب المنتخب ؟
من النظر الى تاريخ اسرائيل يتبين انها مشهورة بعمليات المباغتة السريعة ومعروفة بقابليتها الفائقة في تنفيذها لها .. فلا بد انها قامت بعملية من هذا النوع كالتي قامت بها في بداية الثمانينيات من القرن الماضي وضربت مفاعل الطاقة الذرية في بغداد بكفاءة عالية ودقة متناهية , وقد كانت الحكومة انذاك ايضا معروفة بوطنيتها واستقلاليتها التامة .. ولكننا نعرف ان اسرائيل لا تستطيع الان شن مثل هذه العملية لا على الحكومة العراقية ولا على مجلس النواب لأن حلفائهم الذين اتوا بهم الى الحكم لا يقبلون بذلك ولا يوافقون عليها .. ولهذا فقد اختارت اسرائيل بذكاء مفكريها ونباهة مدبريها مكانا اخرا يقع ما بينهما ولم يكن غير تلك النخلة التي كان يجلس تحتها المسكين ساعي البريد هذا ليرتاح .. فأغارت عليه بعملية مباغتة سريعة جدا واخذت منه هذه المادة التي تخص بعض فئات الشعب الضعيفة لانها وكما قلنا عدوة الشعوب الضعيفة دائما , وخاصة ان من بين هذه المكونات هناك المسيحيين الذين يتبعون المسيح الذي رفضه ابائهم وصلبوه وقبل ذلك فأن اجداد هؤلاء المسيحيين قد سبوا اجداد هؤلاء اليهود الاسرائيليين وساقوهم من اورشليم الى بابل ونينوى وهناك استعبدوهم , ولهذا فأن اسرائيل تريد ان تنتقم من احفاد هؤلاء الاجداد الذين سبوا اجدادهم قبل الاف السنين .. ولهذا فلا يمكن السكوت على اسرائيل وعلى ابناء هذه المكونات محاربة الاستعمار والصهيونية والقضاء على اسرائيل لكي ينالوا حقوقهم .. وبناء على هذا فأنه يجب على ابناء هذه المكونات ان يطلبوا من قادتهم وزعمائهم وخاصة الدينيين منهم ان يعدلوا عن دعواتهم ويكفوا عن توجيهاتهم الحالية التي يدعون فيها الى المحبة والتسامح والاخوة والسلام وغير ذلك مما لايفيد ولا يضمن الحقوق , وليدعوا ابنائهم الى الجهاد ومحاربة الاستعمار والصهيونية والقضاء على اسرائيل لكي يعيدوا هذه المادة ولكي ينالوا كامل حقوقهم تماما كما فعل الفلسطينيون ومنذ اكثر من نصف قرن ورموا جميع اليهود في البحر ونالوا استقلالهم الكامل وبنوا دولتهم المستقلة وتنعموا بالسلام الذي لا احد في العالم يحسدهم عليه ...
ولكن مهما يكن وبالرغم من هذا الحادث الكبير فأن ساعي البريد لا يستطيع ايضا الاعتراف بحقيقة ما حصل ولسببين ايضا , اولهما انه قد لا يصدق ويتهم بالكذب وعدم قول الحقيقة وسيحاسب على ذلك ووفقا للقانون وخاصة ان المسؤولين العراقيين لا يحبون الكذب ابدا وانهم يقولون الحقيقة دائما , والثاني هو انه حتى لو صدقوه فأنه سيتهم انه عميل لأسرائيل وله اتصالات سرية معها سيحاسب عليها وفقا للقانون ايضا وسيطرد من عمله ويقدم للمحاكمة كما فعلوا مع نائب مجلس النواب .
5 – استخدام خاص :-
وان لم يكن اي من الحوادث التي ذكرناها سابقا قد وقعت لساعي البريد هذا , فهنا لابد ان نوجه اصابع الاتهام اليه هو شخصيا , حيث لم يبقى اي احتمال اخر الا ان يكون هو شخصيا قد سبب ضياع هذه المادة , ولكنه شخصيا ليس لديه اية مصلحة تدعوه ليقوم بذلك بأستثناء احتمال واحد فقط وهو انه عندما كان جالسا تحت ظل تلك النخلة اراد ان يقضي حاجته هناك بدلا من قضائها في المرافق الصحية في الدائرة والتي لا يطيق تحمل رائحتها الكريهة التي تزكم الانوف بسبب مستخدميها من جهة وعدم توفر الخدمات الصحية بالشكل المطلوب من جهة ثانية .. وهناك وجد ان هذه الورقة غير مهمة او انها اقل اهمية او لا اهمية لها اطلاقا , وان فقدانها او ضياعها لا يسبب له اية مشكلة لأنه لا يوجد هناك من يطالب بها .. فأستخدمها الرجل ورماها في اكداس الزبالة والانقاض المنتشرة في كل مكان من بغداد وغير بغداد وحتى في المنطقة الخضراء ...
ولكنه بعد ان قام بعمله هذا ورمى الورقة عرف انه ايضا لا يستطيع الاعتراف بفعلته هذه ولسببين ايضا , اولهما ان عمله هذا يمس اداء الحكومة حيث انه بذلك يتهمها بالتقاعس في عملها وعدم القيام بواجباتها وخاصة توفير الخدمات وبالاخص الصحية منها والا لماذا لم يستخدم المرافق الصحية الموجودة في مجلس النواب او مجلس الرئاسة ؟ وهنا ايضا سيعرض نفسه الى مساءلة قانونية بالاضافة الى استياء كل من يستخدم تلك المرافق الصحية التي ليست صحية , واما السبب الثاني فهو اخطر من هذا بكثير ولم يكن في باله او حسبانه ابدا اثناء ما قام بفعلته الشنيعة هذه , وهو ان هذه الورقة بالرغم من كونها غير مهمة الا انها كانت تحمل اسماء وتواقيع مسؤولين كبار في الدولة والحكومة وان استخدامها بهذا الشكل اهانة كبيرة لهم وسيحاسب عليها اشد حساب واما رمي اسمائهم في الزبالة فهذا اخطر بكثير لأنه سيتهم بأنه يريد ان يرميهم هم في الزبالة , وهذا امر خطير وسيعرض نفسه الى ما لا يحمد عليه , ولهذا فهو سوف لن يعترف بفعلته هذه ابدا مهما كلف الامر ...
واخيرا واستنادا الى كل ما تقدم يتبين ان المادة ( 50 ) لم تلغى لا من قبل اعضاء مجلس النواب ولا اعضاء مجلس الرئاسة , بل سرقت ولهذا فأن جميع المسؤولين العراقيين الذين سمعنا تصريحاتهم واقوالهم المعسولة وادعاءاتهم الكثيرة بأنهم مع هذه المادة ومع حقوق جميع المكونات وخاصة الاصيلة منها , لم يستطيعوا اعادتها الى قانون مجالس المحافظات لأنها سرقت ولم تعد موجودة في اصل القانون فهي :- 
- اما ان تكون الان بحوزة الحرامية الذين تعج بهم المنطقة الخضراء ويسرقون الاخضر واليابس , ولهذا فان هذه المادة سوف لن تعاد الى القانون الا بعد تنظيف المنطقة الخضراء من جميع هؤلاء الحرامية , وهذا بطبيعة الحال امر صعب جدا ...
- او انها الان تحت سيطرة الارهابيين الملثمين الذين يسيطرون على معظم انحاء العراق ويخطفون ويقتلون من يشاءون وكما يشاءون , ولهذا فأن هذه المادة سوف لن تعاد الا بعد القضاء على جميع الارهابيين والمتشددين الذي يمولون هؤلاء الارهابيين , وهذا امر مستحيل في الوقت الحاضر ...
- او انها قد تكون ترقد الان بأمان وسلام في ايران الجارة الحميمة وانها سوف لن تعاد الا بعد ان يرتدي جميع ملالي ايران اربطة عنق او ان يسمحوا بذلك للناس على اقل تقدير , وهذا ابعد من الخيال طبعا ...
- وقد تكون الان في المخابيء السرية للدولة العبرية وتحت حراسة مشددة , ولهذا فأن اعادتها لا يتم الا بالقضاء على اسرائيل ورمي جميع اليهود في البحر , وهذا ضرب من الخيال ...
- واخيرا ان لم تكن لا هنا ولا هناك , فأنها الان تحت اكداس الانقاض والقمامة العالية التي سوف تحرق في يوم ما ويصعد دخانها ليملأ سماء بغداد ويرتفع الى اعالي السماء كدخان القرابين التي كانت تقدم للالهة قديما وسوف تشتم هذه الالهة رائحتها وسترضى على ابناء هذه المكونات فتلين قلوب الحكام والمسؤولين في العراق ليعطفوا عليهم ويمنحونهم حقوقهم ويساوونهم بالاخرين ..
والى ذلك يجب ان ينتظر ابناء هذه المكونات وهم منكبين ليل نهار على الصوم والصلاة والدعاء لتلك الالهة القديمة التي ستعيد لهم هذه المادة . 
   
            وحيد كوريال ياقو
        تشرين ثاني – مشيكن         
     

108
           المشهداني والمشاهد المخيفة في كلامه مع قناة عشتار الفضائية 

لم يكن لقاء السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي مع قناة عشتار الفضائية على اثر الغاء المادة ( 50 ) من قانون مجالس المحافظات من قبل مجلسه غريبا على ابناء الشعب العراقي عموما وعلى ابناء ما يسمونهم بالاقليات الصغيرة خصوصا .. ولم تكن تصريحاته ولا تبريراته ايضا غريبة عليهم ولا توقيت لقائه طبعا .. حيث تعود ابناء هذا الشعب دائما ان يطل عليهم احد المسؤولين بعد كل كارثة او مصيبة يسببونها لهم او تحل عليهم بسببهم , لكي يتبرءوا منها ويغسلوا ايديهم منها .. او لكي يبرروا حصولها ويلقوها على عاتق غيرهم او يعلقوها على شماعاتهم الجاهزة دائما .. او لكي يخففوا من حجمها ويقللوا من تأثيرها واهميتها , هذا طبعا ان لم يكن بالامكان نفيها ونكرانها .
ولقاء السيد محمود المشهداني الذي نحن بصدده لم يكن مستثنيا عن هذا الاسلوب او شاذا عن هذه القاعدة ولا خارجا عن هذا السياق ابدا لا في مضمونه ولا في توقيته .. فقد جاء اللقاء لتبرير الغاء هذه المادة التي كانت تضمن بعض الحقوق لبعض ابناء الشعب في بعض المحافظات التي يعيشون فيها , وقد كان الغاء هذه المادة اجحافا كبيرا بحق ابناء هذه الاقليات وتهميشا لدورهم في ممارسة حقوقهم المشروعة .. وقد جاء اللقاء ايضا في الوقت المناسب اي بعد الغاء المادة مباشرة في الوقت الذي كان ابناء هذه الاقليات ينتظرونه على احر من النار لمعرفة سبب هذا الالغاء وسبب هذا الاجحاف وهذا التهميش ومن يقف ورائها .
وقد ابدع الرجل فعلا في هذا اللقاء وامتاز بشجاعة فائقة وهو يحاول ان يبرئ موقفه ويغسل يديه لاكثر من مرة من مسؤولية الغاء هذه المادة التي القاها على عاتق مجلس رئاسة الجمهورية بكل جرءة وبمنتهى الصراحة ( وهذا ما اشرنا اليه وذكرناه في موضوع سابق بعنوان – بين الطالباني والمشهداني ضاعت لحانا – ولكنه يحتاج الى موضوع لاحق يضا لمعرفة من كان السبب او وراء الغاء هذه المادة ) .. وكما ابدع واجاد في التقليل من اهمية هذا الخطأ الكبير , وكذلك التخفيف من حدة هذا الاجحاف الاليم ونفي بشدة ان يكون هناك اي تهميش مدعيا ان العراقي اي كان لا يمكن ان يهمش ابدا , ومواعدا بمعالجة الموقف في اسرع وقت وانه اساسا كان ضد هذا الالغاء وسيحاول وبكل جهده وامكانياته وعلاقاته مع جهات اخرى عديدة لمعالجة هذا الموضوع ومهما كلفه الامر في ذلك .. ولا داعي لنقل كل الكلام الجميل الذي قاله في هذا الخصوص لأن معظم ابناء هذه الاقليات قد شاهدوه حتما وسمعوا كلامه ووعوده لهم لايجاد ما هو افضل واحسن لهم .. وحاله بذلك حال معظم المسؤولين العراقيين حينما يتكلمون عن العراق ومستقبل العراق  والشعب العراقي الذي ابتلى بهم .
ولكن فيما بين سطور كلام السيد محمود المشهداني الجميل هذا كان هناك شيئا اخر وصور اخرى ومشاهد ثانية تختلف عما في السطور .. وهي صور ومشاهد مخيفة ومرعبة لابد من الوقوف عندها وكشفها الى كل من يهمه الامر ولكي يعرفها ويطلع عليها كل ابناء هذه الاقليات , وخاصة ان هذه المشاهد المخيفة هي من كلام رئيس مجلسهم المنتخب والمسؤول عن سن وتشريع واقرار القوانين التي تضمن العدالة والمساوات للجميع ..
ومن هذه المشاهد المخيفة التقطنا ما يلي :-
1 – المشهد المخيف الاول : - ( بيع وشراء ابناء المكونات الصغيرة )
يقول السيد محمود المشهداني في معرض كلامه عن المادة ( 50 ) ما يلي ( لقد اوجدنا هذه المادة وضميناها الى قانون مجالس المحافظات لحماية ابناء هذه الاقليات الصغيرة لكي لا يباعوا ولا يشتروا من قبل الاخرين ) وهذا يعني ان هذه المادة لم تكن اساسا من ضمن قانون مجالس المحافظات او من اساسياته او من فقراته الاساسية وانما اوجدوها وضموها اي اضافوها لاحقا .. فهي اذن مضافة لسبب ما وكما اوجدت ايضا لسبب ما .. ولكن لماذا اوجدت ولماذا اضيفت ؟ هل لضمان حقوق هذه المكونات كما كان المفروض ان تكون ؟ ولكن الجواب يأتي في الجملة الثانية من هذا الكلام ( لحماية ابناء هذه الاقليات ) .. اذن ليس لأعطائهم او منحهم او ضمان حقوقهم التي يستحقونها ولكن لحمايتهم فقط !! وهذا يعني وبكل وضوح ان هناك خطر عليهم او انهم في خطر , طبعا بالاضافة الى الاخطار التي يواجهونها يوميا بسبب الوضع الامني والارهاب , والا لماذا هذه الحماية ؟ ويأتي الجواب واضحا في الجملة الثالثة من الكلام نفسه ( لكي لا يباعوا ولا يشتروا ) اذن ليس لحماية امنهم وسلامتهم ووجودهم وكيانهم .. ولكن حمايتهم من عدم البيع والشراء , ولكن من هم الذين يبيعونهم ويشترونهم ؟ فالجواب واضح ايضا غي الجملة الاخيرة ( من الاخرين ) وكلنا نعرف من هؤلاء الاخرين .. فبالتأكيد انهم ليسوا من خارج العراق ولا من خارج الحكومة العراقية ولا حتى من خارج المنطقة الخضراء نفسها .. ولا هم الارهابيين طبعا الذين يقتلون بهم يوميا وامام انظار الجميع .. ولا اية جهة اخرى تهدد امن العراق والعراقيين .. وانما وهو واضح في كلامه ان هؤلاء الاخرين هم الكتل الكبيرة التي ستشكل الحكومة والبرلمان فيما بعد .. اذن اساسا ان هذه المادة قد اوجدت للاخرين وبسببهم وليس لسواد عيون ابناء هذه المكونات .. وهذا بحد ذاته يدعو الى الخوف والقلق على ابناء هذه الاقليات .. لانه على ما يبدو هناك صفقات بيع وشراء تجارية وليس سن وتشريع واقرار قوانين وانظمة وضمان حقوق وواجبات الناس واجراء انتخابات وغير ذلك ..  فاذن هناك تجار يمارسون البيع والشراء في سوق تجاري او بورصة كالبورصات التي يباع ويشترى فيها الاسهم والاموال والممتلكات .. ولكن حتى هذه البورصات فيها قوانين وانظمة ثابتة وخاصة بها لا يمكن تغييرها او الغائها .
فهل تحول ابناء هذه الاقليات الى سلع تباع وتشترى وبدون قوانين ومن غير انظمة كالسلع المستهلكة التي تباع في الاسواق الشعبية التي لا تخضع الى اي قانون مثل سوق ( الهرج ) وسوق ( مريدي ) وغيرها من اسواق ( الوكفة ) المنتشرة في كل مناطق بغداد ؟ انه فعلا مشهد مخيف ويدعو الى القلق .
2 - المشهد المخيف الثاني : - ( التصدق على ابناء المكونات الصغيرة )   
يقول السيد محمود المشهداني وهو على ما يبدو كان يرد على الرافضين لهذه المادة او المعترضين على وجودها او اضافتها الى القانون ( انا اوجدت هذه المادة للاقليات .. وقلت الكريم يخرج من جيبه ويعطي ) ويكرر عبارته هذه لمرات عديدة خلال اللقاء .. وهذا بالاضافة الى كونه يؤكد ما قلناه اعلاه , فأننا لا نعرف من هو هذا الكريم الذي يعطي من جيبه الخاص لغيره ؟ وماذا يملك ايضا في جيبه الخاص هذا ؟ ولماذا يملك هو في جيبه الخاص اكثر من غيره ؟ ولماذا غيره هذا لا يملك في جيبه الخاص ايضا ما يملكه هو ؟ او ليس لديه ما لدى السيد رئيس مجلس النواب وغيره من المعارضين لهذه المادة ؟ واسئلة اخرى كثيرة وعديدة ليس لها اجابة الا اذا كان السيد رئيس مجلس النواب والمعارضين لهذه المادة يعتقدون ان غيرهم هذا لا يملك شيئا وليس اساسا من هذه الارض التي يملكونها هم الان واما غيرهم هذا فقد دخل اليها كمتسول يطلب منية وصدقة مجلس النواب وليس ابن هذه الارض وصاحبها الاصلي ويفترض ان يكون له ما لدى غيره ممن اعترضوا على هذه المادة ان لم يكن اكثر .. ان عدم الاعتراف بأبناء هذه المكونات كمواطنين اصلاء في هذا البلد وعدم اعتبارهم جزءا من الشعب العراقي ولهم ما لغيرهم من حقوق وامتيازات , والنظر اليهم وفق هذه النظرة الاستعلائية انه فعلا امر يدعو الى القلق وهو بالتأكيد مشهد مخيف .
3 – المشهد المخيف الثالث : - ( الحيتان الكبيرة تأكل ابناء المكونات الصغيرة ) 
يقول السيد المشهداني ( بدون هذه المادة فأن ابناء هذه الاقليات سيبلعهم الحيتان ) من المؤلم حقا ان نشهد هكذا مششهد مخيف لا بل مرعب يحصل او سيحصل في العراق حيث يبدو ان السيد المشهداني وغيره ممن يقودون العراق اليوم قد فقدوا السيطرة على سفينتهم هذه ( العراق ) , وقد غرقت هذه السفينة وهوت بمن فيها الى اعماق البحار والمحيطات التي يعيش فيها الحيتان الكبيرة والجائعة دائما والتي قانونها الطبيعي هناك او نظامها هو ان الكائنات الكبيرة تأكل الصغيرة .. ووفقا لهذا القانون فأن الكتل الكبيرة التي سماها السيد المشهداني او شببها بالحيتان ستأكل او تبتلع الفئات الصغيرة او الضعيفة من ابناء الشعب العراقي بدلا من حمايتها ورعايتها وبالضبط مثلما قال السيد المشهداني , وقد صدق فعلا في هذا لأنهم سيقودون العراق الى عالم اخر , عالم اعماق البحار والمحيطات المظلم وليس عالمنا هذا الذي يعيش فيه كل البشر بكرامة وحرية ومساوات .
4 – المشهد المخيف الرابع : - ( اذلال ابناء المكونات الصغيرة والانتقاص من دورهم )
يقول السيد المشهداني وهو يصف ابناء هذه الاقليات ( انهم ورود يزينون المكان ولكنهم لا يؤثرون على النخيل ) انه كلام جميل واجمل ما فيه انه يشبه او يصف ابناء هذه الاقليات بالورود الجميلة التي تزين المكان وهذا ما يقوله فعلا او دائما الناس المحبين للتنوع والتعدد والذين يؤمنون بضرورة وجود الاختلاف في النوع والشكل والحجم وما الى ذلك , ويقولون ان الحديقة كلما كثرت انواع ازهارها وتنوعت ورودها واختلفت الوانها واشكالها واحجامها كلما كانت احلى واجمل , ويقولون ايضا ان باقة الورد كلما تعددت وكثرت الوانها كلما اصبحت اجمل , وغير ذلك من الاوصاف الجميلة للازهار والورود التي تزرع في الحدائق والمتنزهات وتنمو الى جانب بعضها البعض .. ولكن كلام السيد المشهداني كان فيه اكثر من هذا او لم يكتفي بهذه الصورة الجميلة , وعلى ما يبدو انه لم يكن يقصد  هذه الصورة الجميلة للازهار والورود التي تزين الحدائق والمتنزهات لانه يشير الى وجود هذه الورود في بستان او غابة فيها نخيل عالية والورود مزروعة تحت ظل هذه النخيل الكبيرة والعالية وهذا واضح في الجزء الثاني من كلامه ( ولكنهم لا يؤثرون على النخلة ) .. وطبعا هذا كلام صحيح اذ كيف تؤثر الورود الصغيرة على النخيل العالية ؟ فالصحيح هو ان النخيل الكبيرة تؤثر على الورود الصغيرة اذا ما زرعت تحتها او في ظلها حيث انها حتما ستحجب عنها اشعة الشمس وتمنع عنها الهواء والغذاء وهكذا ستذبل هذه الورود وستموت لامحال .. وفي هذا المثل او التشبيه مفارقة كبيرة وازدواجية واضحة فهل المقصود هو المدح الذي في الجزء الاول ( انهم ورود يزينون المكان ) ام هو الاذلال والانتقاص الذي يشير اليه في الجزء الثاني ( ولكنهم لا يؤثرون على النخلة ) والذي هو من المرجح ان يكون هو المقصود على الاكثر ولهذا فهو تشبيه غير عادل وكلام مؤسف ومشهد مخيف ايضا .
هذه بعض المشاهد المخيفة التي التقطناها من كلام السيد محمود المشهداني رئيس مجلس النواب العراقي في المقابلة التي اجراها معه السيد حسن البغدادي لقناة عشتار الفضائية التي تبث برامجها لابناء هذه الاقليات والتي شاهدناها عند اعادة بثها بعد الساعة الثالثة من بعد منتصف الليل من نفس يوم المقابلة ولمرة واحدة فقط ( ولهذا فللامانة نقول قد لا تكون بعض هذه الكلمات هي نفسها بالضبط التي قالها السيد المشهداني ولكن معناها هو بالضبط ) ولست ادري ماذا كان سيكون تصوري لها لو كنت قد شاهدتها اثناء بثها الاول الساعة الثالثة ظهرا او لو كنت قد شاهدتها لاكثر من مرة ؟ وقد اجلت نشر هذا الموضوع لسببين  الاول ما حصل لابناء شعبنا في الموصل من قتل وتهديد وتهجير والتي كانت مكملة او كنتيجة لموضوع الغاء هذه المادة , والثاني هو ان السيد محمود المشهداني كان طيلة المقابلة يقول ويتوعد بأنه سيحاول ومع اطراف اخرى بمعالجة الموضوع وقبل ( 15 – 10 ) اي قبل الخامس عشر من الشهر العاشر وقد مر هذا التاريخ ولم نسمع اي شيء لا من المشهداني ولا من غير المشهداني الذين ادعوا بمثلما ادعى هو واكثر .   
ولكنه يكفي ان نقول في هذا الصدد .. ان لم يكن الغاء المادة ( 50 ) من قانون مجالس المحافظات من قبل مجلس النواب العراقي الذي يرأسه السيد محمود المشهداني اجحافا وتهميشا لابناء هذه الاقليات كما قال وادعى مرارا وتكرارا طيلة فترة المقابلة , فأن فيما بين سطور هذا الكلام الكثير الكثير من الاجحاف والتهميش والاذلال والانتقاص ايضا بحق ابناء هذه الاقليات الاصيلة في العراق .
                وحيد كوريال ياقو –  نشرين اول – مشيكن
 
           
       
     

109
                      لقد ادمعتِ عيوننا يا ام الربيعين

قبل ايام قليلة مضت كنا نعيش ما نستطيع ان نسميه ايام الاجحاف والتهميش لابناء شعبنا في العراق .. تلك الايام التي فيها سلب كل ما كان قد تبقى من حقوقهم في العراق وحرموا من ابسط ما كان من المفروض ان يتمتعوا به وهو ضمان تمثيلهم في مجالس المحافظات التي يعيشون فيها , وذلك بسبب الغاء المادة ( 50 ) من قانون مجالس المحافظات , التي كانت مجرت تخصص لهم بعض المقاعد ليس الا , من قبل مجلس النواب العراقي او الاصح الشبه عراقي , وكان هذا القرار اجحافا بحقهم وتهميشا لدورهم والغاءا لوجودهم , والحق بهم ضررا كبيرا واوقع عليهم ظلما جديدا في هذا الزمن الذي يدعون فيه بالعدل والمساوات ..
وهذا ما دعا ابناء هذا الشعب لينتفضوا منددين بالقرار ومستنكرين بالاجحاف ورافضين التهميش ومطالبين بحقوقهم المشروعة .. وهذا ايضا ما جعل الكتاب والمثقفين يسخرون اقلامهم من اجل هذا الموضوع لفضح النوايا الشريرة لمن يقف وراء هذا الاجراء الغير العادل واطلاع العالم الى ما يعانيه ابناء هذا الشعب .. داعين الجهات المعنية وكل الخيرين في العراق والعالم للقيام بما يستوجب القيام به واتخاذ ما يمكن اتخاذه والعمل ما باستطاعتهم تجاه هذا الموضوع لانصاف ابناء هذا الشعب المظلومين ورفع الظلم عنهم ومعالجة الاجحاف والتهميش الذي اصابهم .
وقد كنا نأمل ان نسمع اخبارا طيبة بهذا الصدد ونتمنى ان نرى اعمالا خيرة بهذا الشأن ونترقب عن كثب ان تقوم الجهات المسؤولة بتدارك الموقف واحتواء الازمة ومعالجة هذا  الموضوع وتصحيح هذا الخطأ الكبير الذي ارتكبوه نتيجة موقفهم الملام هذا .. ان لم يكن من اجل اعادة الحق الذي سلبوه لاصحابه او لارضاء اصحاب الحق المسلوب او لتطييب خاطرهم على الاقل او غير ذلك مما كان يخفف عنهم مظلوميتهم هذه , فأن لم يكن من اجل هذا , فليكن من اجل انفسهم هم ومن اجل مصداقيتهم ومن اجل اثبات ما يدعون به من انهم يعملون من اجل الوطن وخدمة الشعب وتحقيق العدالة والمساوات وضمان الامن والامان للجميع وغير ذلك مما كان سيثبت على ما يدعونه ويصرحون به ليل نهار وباستمرار .
وقد كنا ايضا نتفاءل عندما كنا نسمع تصريحات بعض المسؤولين ومن معظم الجهات المختلفة وادعاءاتهم بانهم ضد الغاء هذه المادة ويجب بل لا بد من معالجة هذا الموضوع وباسرع وقت ولا بد من انصاف ابناء هذا الشعب الاصيل .. مواعدين ببذل كل ما بوسعهم ومتعهدين ان يحاولوا بكل ما باستطاعتهم ومصرين ان يتخذوا كل ما يجب اتخاذه لمعالجة هذا الموضوع واصلاح هذا الخطأ الكبير وانصاف هذا الشعب المظلوم وغير ذلك من الادعاءات ..
وعلى ما يبدو انهم فعلا بذلوا كل ما في وسعهم وحاولوا بكل ما باستطاعتهم وقاموا بمعالجة الموضوع ولكن بطريقتهم الخاصة وباسلوبهم الخاص والمتميز وباوامرهم العادلة التي يأخذونها من مسؤوليهم ومراجعهم العليا التي تسيرهم وتوجههم سواء من داخل العراق او من خارجه , وبتوجيهاتهم التي يبعثونها الى كل الذين هم بمسؤوليتهم وبمعيتهم ورهن اشارتهم  في تنفيذ اوامرهم السديدة او الشديدة , والتي جاءت نتائجها فعلا سريعة ومضمونة وواضحة لانصاف ابناء شعبنا في الموصل . 
وان مانسمعه وما نشاهده اليوم في الموصل لما يحصل لابناء شعبنا هناك من عمليات قتل وذبح وتهديد علني وفي وضح النهار وامام انظار الجمبع ما هي الا استجابة لتصريحات هؤلاء المسؤولين وتطبيقا لادعاءاتهم وتنفيذا لاوامرهم وتحقيقا لرغباتهم واستكمالا لمخططات اسيادهم وزعاماتهم العليا .. والا لماذا حصل كل هذا وما الذي يبرر حصوله في هذا الوقت وامام انظارهم ولا احد منهم يحرك ساكنا ولا احد منهم يعمل شيئا ولا حتى يقول ولو كلمة ضد هذه الجرائم البشعة وضد هذه الاجراءات التعسفية .. هذا ان لم يكن بأمكانهم ايقافها او منعها او وضع حد لهذه المظالم الجديدة التي تمارس بحق ابناء شعبنا هذه الايام في الموصل .
ان سكوتهم هذا حتما يشير الى موافقتهم عليها وموقفهم هذا دليل قاطع على رضاهم على كل ما يجري هناك , لا بل اثبات قاطع لتشجيعهم لكل ما يقوم به هؤلاء الارهابيين ضد ابناء شعبنا في الموصل لاجبارهم على ترك بيونهم واعمالهم وارغامهم على الهروب من المدينة لاخلائها ممن تبقى منهم هناك ..
وكل هذا يجري وفقا لمخططات وبرامج قياداتهم العليا ومراجعهم الاصلية او الحقيقية ووفقا للمقولة او المثل المعروف لدى كل العراقيين ( اشوفك الموت حتى ترضى بالسخونة ) الذي يتداوله كل العراقيين ويعرفون معناه ومضمونه جيدا , وفي مقدمتهم هؤلاء المسؤولين وقياداتهم العليا الذين فعلا يطبقونه الان على ابناء شعبنا في الموصل .
فبعد ( السخونة ) التي رفضها ابناء هذا الشعب والمتمثلة بالاجحاف والتهميش التي اصابتهم بسبب الغاء المادة ( 50 ) من قانون مجالس المحافظات .. يرينهم الان ( الموت ) الذي هو فعلا الموت الحقيقي المتمثل بعمليات القتل والتهديد والتهجير وكل ما يجري هذه الايام في الموصل والتي بسببها حتما سيقبلون مرغمين بـ (السخونة ) التي رفضوها سابقا .
وهذا ما حصل فعلا , فها هم ابناء شعبنا يهربون من الموصل الان ويهاجرون منها تاركين بيوتهم واعمالهم واموالهم وممتلكاتهم وكل ما لديهم هربا من الموت الحقيقي الذي  يلاحقهم والكل يتفرج ولا احد يحرك ساكنا .
وكأننا نعيش مرة اخرى مشاهد جديدة من وداع اورمي ولكن هذه المرة في نينوى.. وكأننا نشاهد اليوم نفس المناظر من هروب ابناء نفس الشعب باطفالهم وعوائلهم ولكن هذه المرة من الموصل .. وكأننا نسمع من جديد تلك الصيحات التي كانت تقول وداعا اورمي يا ارض الاباء ولكن هذه المرة تقول وداعا يا موصل يا مدينة الاجداد .
وهكذا اراد الاشرار ويتمنون ان تتعالى الصيحات مجددا لتقول : لا نريد شيئا .. لا نريد مالا .. لا نريد ارضا .. لا نريد تمثيلا .. لا المادة خمسين ولا ما تبقى من حقوقنا ولا حتى ما يثبت وجودنا .. فقط دعونا نعيش .. فقط دعوا اطفالنا يعيشون وعوائلنا يسلمون .. فقط اتركونا نعيش بامن وسلام ونشعر بأطمئنان وسنترك لكم كل ما عداهم .. وهكذا يتحقق حلم هؤلاء الاشرار ومن يقف وراء هؤلاء الاشرار . 
لقد ادمعتِ عيوننا يا ام الربيعين وجددتي الامنا يا مدينة الساحلين .. فميمنك اليوم حزين على ميسرك واصوات اجراس كنائسك تناشد العالم وتقول : اوقفوا قتل الابرياء في الموصل .. اوقفوا قتل المسالمين في الموصل .. اوقفوا قتل المسيحيين في الموصل .
وحيد كوريال ياقو
تشرين اول 2008
مشيكن                   

110
                   بين الطالباني والمشهداني ضاعت لحانا
 
لقد ضاعت لحانا فعلا بين الطالباني والمشهداني او بين مجلس الطالباني ومجلس المشهداني .. لقد ضاعت لحانا كلها او الاصح ما تبقى من لحانا او القليل المتبقي من لحانا .. ولم يبقى منها لا الابيض ولا الاسود , وحالها بذلك حال لحية ذلك الرجل الذي ضرب به هذا المثل القديم والمشهور ( بين حانة ومانة ضاعت لحانا ) ولو ان لحانا كانت معظمها قد ضاعت قبل هذا بكثير وحتى قبل ان ينوجد هذا المثل المشهور اساسا .
ومن يعرف قصة هذا المثل يعرف جيدا ما المقصود بعنوان هذا المقال ويعرف ايضا ما نريد ان نقوله في هذا الموضوع .. واما من لم يسمع به ولا يعرف قصته فلا بأس ببعض الايجاز عنها .. ولكن قبل ذلك يجب ان نعرف اين ومتى يضرب هذا المثل ولماذا ؟ .
فبصورة عامة يضرب هذا المثل على من يقع بين طرفين متخاصمين او فريقين متنازعين او جهتين مختلفتين او حتى موقفين متباينين او مكانين متفارقين او متباعدين او ما شابه ذلك , وبسبب ذلك يخسر هذا الانسان ما لديه او يفقد ما عنده او ما كان يسعى الحصول عليه او غير ذلك مما كان له او مما كان يجب ان يكون له .
واما قصة هذا المثل فيحكى انه كان هناك رجلا مسكينا مبتليا على حاله ومتزوجا بامرأتين مختلفتين دائما وكالعادة , احداهما كبيرة في السن واسمها ( حانة ) والثانية شابة صغيرة واسمها ( مانة ) , وكان الرجل يحبهما كلتاهما ولا يريد ان يفرق بينهما ولم يكن يرفض لأية منهما اي طلب , ولكن الزوجتين فقد كانت كل واحدة تريده ان يكون زوجا لها فقط  وتريده ان يبدو كما تريد هي , ولهذا فقد كانت الزوجة الكبيرة ( حانة ) تريد ان يبدو زوجها هذا رجلا كبيرا وقورا ليناسبها هي , واما الزوجة الصغيرة ( مانة ) فقد كانت تريده ان يكون شابا صغيرا نشطا مثلها لكي لا تشعر انها متزوجة من رجل عجوز .. فكان الرجل كلما يتواجد مع زوجته الكبيرة ( حانة ) تحاول ان تتخلص من بعض شعرات لحيته السوداء لكي تبدو البيضاء منها فقط ليبدو زوجها كبيرا في السن ويناسبها هي اكثر من ضرتها ( مانة) , واما الزوجة الصغيرة ( مانة ) فكلما كان زوجها يتواجد معها تحاول ان تتخلص من كل شعرات لحيته البيضاء لكي لا يبدو زوجها كبيرا لا يناسبها .. وبمرور الايام وجد الرجل نفسه بدون لحية ( لا بيضاء ولا سوداء ) في ذلك الزمن الذي كانت تعتبر اللحايا من شيمة الرجال ويصفونها بزينة الرجال ولا رجل بلا لحية ولا يعتبر الرجل رجلا اذا لم يكن لديه لحية .. وهكذا ضرب هذا المثل المشهور ( بين حانة ومانة ضاعت لحانا ) على هذا الرجل المسكين المبتلي الذي فقد لحيته بين او بسبب زوجتيه المختلفتين المتخاصمتين دائما وابدا .
وما حصل لهذا الرجل هو ما حصل ويحصل لشعبنا في العراق اليوم وهذا هو حال ابنائه الان حيث هم الان بين فرق كبيرة وصغيرة مختلفة ومتخاصمة , متنازعة ومتحاربة على مصالحها الخاصة بها , وبسبب هذا الصراع خسر ابناء شعبنا وما زالوا يخسرون حقوقهم وامتيازاتهم وكل ما لديهم وما يجب ان يكون لديهم ,واخرها كان ضياع حقوقهم او بالاحرى ما تبقى من حقوقهم المتمثلة بالمادة ( 50 ) التي كانت تمثل الحد الادنى من حقوقهم والتي الغيت من قانون مجالس المحافظات  الذي اقره مجلس النواب العراقي مؤخرا وبالاجماع .. هذه المادة التي كانت مجرد تخصص لهم بعض المقاعد في مجالس بعض المحافظات التي يعيشون ويتواجدون فيها ولا شيء غير ذلك . 
وقد الغيت هذه المادة بين مجلسين للشعب او منتخبين من قبل الشعب , مجلس رئاسة الجمهورية المتمثل بالسيد جلال الطالباني ومجلس النواب الذي يرأسه السيد محمود المشهداني .. اي ان المادة الغيت بين مجلسي هذين الشخصين الطالباني والمشهداني .. ولا احد يعرف من الغى هذه المادة .. او من كان السبب في الغائها .. او ماهو السبب الحقيقي لالغائها واختفائها من قانون مجالس المحافظات ( وهذا يتطلب موضوعا اخرا ) .
واما موضوع ضياع حقوق شعبنا بين طرفين متخاصمين او متنازعين او متحاربين فليس بموضوع جديد ولا حديث , بل قديم جدا وقد حدث كثيرا في السابق .. فقد ضاعت حقوقنا قديما بين الفرس الساسانيين عبدة النار والرومان البيزنطيين المسيحيين , المتخاصمين والمتنازعين على دولتيهما دائما وبعدها ضاعت بين الفرس المجوس نفسهم والعرب المسلمين الفاتحين ثم ضاعت بين الاتراك العثمانيين والاكراد الميديين المختلفين دائما وابدا كما ضاعت حديثا بين العرب المقاومين والانكليز المستعمرين وتضيع الان بين الغرب ( المسيحي ) او ما يسمى بالصليبيين او المشركين او الكفار وبين المسلمين المتطرفين المتشددين بايمانهم او الارهابيين وما تبقى منها ضاعت اخيرا بين الطالباني والمشهداني ومجلسيهما ..
وهذا ما جعل ابناء شعبنا ان يتعودوا على العيش بدون حقوق كل هذا الزمن ولكن ما يدعوا الى العجب والاستغراب هو ان كل هذا حدث وما زال يحدث وقادتنا ما زالوا مختلفين وغير متفقين .. وكل هذا حصل وما زال يحصل وزعمائنا ما زالوا يصلون من اجل كل هؤلاء ويطلبون من الله ان يغفر لهم جميع ذنوبهم ويدخلهم ملكوت السماوات .. وما سلطانهم الا من عند الله .. وما ظلمهم علينا الا بأمر من الله .. وما اضطهادهم لنا الا بسبب خطايانا نحن الخطاة ..
 ولكن ومهما يكن فقد ضاعت حقوق هذا الشعب المسكين مجددا بين مجلسيه كما ضاعت لحية ذلك الرجل المسكين بين زوجتيه .. وقد اصبح ابنائه المسالمين شعبا بلا حقوق كما اصبح ذلك الرجل رجلا بلا لحية .
وحيد كوريال ياقو
تشرين اول 2008   
    مشيكن      

111
                 اقرار قانون الغابات وليس المحافظات         
انها لفاجعة جديدة تحل على شعبنا في العراق في هذا الزمن الذي يشهد فيه العالم ما يشهده من تطور وتقدم في كافة المجالات وعلى كافة الاصعدة ومن ضمنها طبعا مجال حقوق الانسان وحقوق المواطنة وما يترتب على ذلك من حقوق وامتيازات وضمانات لأمن وسلامة الانسان اي كان ومن اي جنس او عرق كان حيث انه انسان ويجب ان يعيش كانسان .. حرا وكريما ومطمئنا لسلامته وضامنا لوجوده ومستقبله ليواصل مسيرته في الحياة .
هذا ما كنا نأمله ونتمناه لابناء شعبنا في العراق بعد التغيرات الكبيرة التي حصلت فيه وبعد كل الذي جرى ويجري فيه الان وبعد ان عانى ابناء هذا الشعب كل ما عانوا في السابق من كل اشكال وانواع الظلم والاضطهاد والحرمان عبر تاريخهم الطويل المليء بالماسي والمظالم والتي لا داعي لذكرها هنا لانها معروفة للجمبع ونتائجها واضحة وتتبين حتى من واقع هذا الشعب حيث لم يبقى منه حاليا في العراق بسبب هذه المظالم وهذه الاضطهادات الا ما يسمى الان بـ ( مكون صغير ) بعد ان كان شعبا يملأ تلك الارض وما حولها والتي بنى عليها اقدم واعظم حضارة في تاريخ البشرية .. وبسبب هذه المظالم ايضا فقد هذا الشعب هذه الارض وفقد كل ما كان يملك ويمتلك واصبح ما يسمى الان بالمكون الصغير .. وما زالت هذه المظالم مستمرة ومتواصلة لسلب كل ما تبقى لديه حتى وهو كمكون صغير بهدف الغاء وجوده نهائيا .
واخر هذه المظالم ما حدث قبل ايام في مجلس النواب العراقي , عندما اقر هذا المجلس وبالاجماع القرار المجحف بحق هذا الشعب عند اقراره ما سمي بقانون مجالس المحافظات وكان من الافضل ان يسمى بقانون مجالس الغابات وليس المحافظات لانه اشبه بالقوانين التي تقرها قطعان من الذئاب المفترسة والشرسة المتصارعة فيما بينها على فرائسها في الغابات ..
انه فعلا قانون اشبه بقوانين الغابة وقد اقر في مكان اشبه بغابة من غابات بغداد الكثيرة وليس في مكان متحضر كمجلس للنواب وقد اقره من هم اشرس من قطعان الذئاب الشرسة المفترسة المتصارعة وليس من قبل نواب يمثلون الشعب .. ولو لم يكن هكذا فلماذا اذن اقر بهذه الطريقة المخزية ؟ ولماذا كل هذا الاجحاف بحق ما يسمى بالمكونات الصغيرة ؟ ولماذا التهمت الاكثرية حقوق هذه المكونات الصغيرة المسالمة التي لا حول لها ولا قوة ؟ اليس هذا هو نفس صراع قطعان الذئاب الشرسة والمفترسة التي تصارع بعضها البعض في الغابات والبراري وتحاول كل منها ان تقضي على البقية ؟ وبسبب هذا الصراع فهي تفترس وتلتهم كل الكائنات الصغيرة والمخلوقات الضعيفة والحملان المسالمة التي تصادفها في طريقها او تقف امامها .
وهنا لابد من سؤال ماذا ستفعل هذه الذئاب المفترسة بعد ان تلتهم وتقضي على كل هذه الكائنات الصغيرة والمخلوقات الضعيفة والحملان المسالمة ؟ وثم ماذا سيحصل بعد ذلك اذا ما بقيت هذه القطعان الشرسة على حالها واستمرت على ما هي عليه في صراعها مع بعضها البعض في هذا المكان الذي حولوه الى غابة مظلمة ؟
انها حتما ستاكل بعضها البعض ثم ستاكل كل اخضر في الغابة وبعدها ستقضي على كل شيء نافع ومفيد فيها وستتحول غابتهم هذه الى صحراء قاحلة جرداء لا يستطيع ان يعيش فيها غيرهم الا الثعالب الماكرة التي تختبيء في جحور تحت الارض مع الافاعي الملونة السامة.
فيا اسفي عليك يا عراق .. يا بلد النهرين ويا مهد الحضارتين ويا منبع الخيرات ويا موطن القوانين ويامنظم الدساتير لهذه الحالة التي انت فيها الان ولهذا الوضع الذي فيك الان ولكل ما يحصل لك الان واخرها هذا المشهد الذي اقره واثبته مجلس النواب العراقي يوم 24 – 9 – 2008 عند اقراره قانون مجالس المحافظات والغائه المادة ( 50 ) الخاصة بحقوق ما يسمى بالمكونات الصغيرة والتي تضمن اقل من الحد الادنى من حقوق هذه الاقليات بعد صراعات ونزاعات الكتل الكبيرة في البرلمان من اجل مصالحها الخاصة ومكاسبها الطائفية وامتيازاتها المذهبية المقيتة ادى الى الغاء حقوق هذه المكونات الصغيرة وفي مقدمتها حقوق ابناء شعبنا بهدف الغاء وجودهم في وطنهم الام العراق الذي يعتبرون هم سكانه الاصليين , في الوقت الذي كان من الاجدر من هذه الكتل الكبيرة حماية هذه الاقليات الصغيرة وضمان ليس فقط حقوقهم بل منحهم امتيازات اخرى لكونهم سكان اصليين في هذا البلد اسوة بما هومعمول به في الكثير من دول العالم المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الاميركية التي جاءت بهذه الكتل الكبيرة وما زالت ترعى مصالحها .
وهنا لابد وان نسأل هذه الكتل الكبيرة المختلفة والمتصارعة دائما متى كنتم متفقين هكذا لكي تتخذوا هكذا قرار بالاجماع ؟ ومتى اتخذتم قرارا في السابق بالاجماع ( باستثناء قراركم قبل ايام ايضا ضد احد نوابكم المعروف بوطنيته وشجاعته التي افزعتكم ) ؟ ومتى كانت قراراتكم وهي جميعها غير منفذة لمصلحة الشعب ؟ وهل هناك برلمان في العالم قد اتخذ هكذا قرار بالاجماع ( باستثناء مجلس قيادة الثورة في عهد النظام السابق حيث كانت كل قراراته بالاجماع الكامل والتصفيق الحار والهتافات العالية ) ؟ فما الفرق اذن بين قراركم هذا وتلك القرارات التي وان لم تكن عادلة ولكنها على الاقل كانت ارحم ؟ .
ولا نستطيع ان نقول اكثر من هذا بحقكم وبحق قراركم المجحف هذا .. في الوقت الذي نناشدكم بالاعتدال عنه ومعالجة هذا الخطأ الكبير بحق العراق اولا وبحق شعبنا ثانيا وبحق كل المكونات الصغيرة التي تعيش في العراق ايضا .. وفي الجانب الاخر نناشد قادة احزابنا السياسية وزعماء شعبنا ومسؤولي منظماتنا المدنية مهما كانت احجامكم واشكالكم وانواعكم ومهما كانت اختلافاتكم مع بعضكم وفيما بينكم ومهما كانت مواقفكم واتجاهاتكم , انها فرصة لكي تتوحدوا.. ولكي تتفقوا.. ولكي تقفوا صفا واحدا.. وتتخذوا موقفا واحدا وتقولوا كلمة واحدة وموحدة ضد هذا القرار المجحف بحق شعبنا والخطير على مصير ابنائه ومستقبل امتنا هذا اذا كنتم فعلا تحبون هذا الشعب وتعملون من اجل مصلحة هذه الامة ..
حيث انه لدرس كبير يجب ان تتعظوا منه كثيرا وتعرفوا جيدا انه ما لم تتوحدوا فلن تنالوا شيئا وسيكون مصير شعبنا الزوال ولا احد غيركم يتحمل المسؤولية ..
فمتى ستتفقون ان لم تتفقوا الان ؟ ومتى ستتوحدون ان لم تتوحدوا الان ؟ ومتى ستقولون كلمتكم ان لم تقولوها الان ؟ انها اسئلة متروكة لكم ولكن وكما تعرفون فأن الفرص لا تتكرر دائما وان التاريخ لا يرحم ابدا , وعليكم الان تقع هذه المسؤولية , والكل يعرف جيدا انها مسؤولية كبيرة وخطيرة ولكنكم قد عاهدتم بها انفسكم بارادتكم وبمطلق حريتكم على تحملها لضمان حقوق شعبنا وحرية ابنائه وامنهم وسلامتهم وخاصة وهم يعيشون في هذه الظروف الصعبة ..
فدعوا مصالحكم الخاصة ومصالح احزابكم الضيقة جانبا وحولوا اختلافاتكم وتعددكم الى قوة وتكامل كما هو في المجتمعات المتطورة وليس الى ضعف وتفرقة كما هو الان .
وانتم يا كتابنا الاعزاء ويا مفكرينا الكرام ويا جميع مثقفي شعبنا مهما اختلفت ارائكم ومهما تباينت افكاركم ومهما تعددت انتماءاتكم , انها فرصة لتجتمع اقلامكم الملونة الجميلة وتتوحد كلمتكم الحرة ولتتسع صدوركم الرحبة لبعضكم البعض , لانكم من ينير طريق هذا الشعب بافكاركم المختلفة وانكم من يرشد ابناء هذا الشعب باقلامكم الملونة هذه , فانكم القادة الحقيقيين لهذا الشعب فعليكم ايضا تقع مسؤولية توحيد كلمة هذا الشعب لانقاذ ابنائه من هذه المحنة  الجديدة .
وحيد كوريال ياقو
ايلول 2008 مشيكن               

112
    ابناء الشعب يوصلون الطلب الى الرئاسة الاميركية المقبلة قبل القادة والزعماء
     
( ابناء شعبنا يجتمعون بالمرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية المقبلة .. ويعبرون عن قلقهم تجاه ابناء شعبهم في الوطن الام العراق .. ويطالبون بالحقوق القومية على ارض الوطن العراق .. )
هذا ملخص ما جاء في الخبر الذي قرأناه في موقع عينكاوا ضمن زاوية اخبار شعبنا ليوم 18 – 8 – 2008 بعنوان ( اجتماع مهم لابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري مع المرشح الجمهوري السناتور جون ماكين ) .
لقد ورد الخبر ككل الاخبار التي قبله والتي بعده التي تخص فعاليات ونشاطات ابناء شعبنا في العراق والعالم , وما اكثرها هذه الايام , وان اكثرها تبشر بالخير لابناء شعبنا وتنقل لهم بعض ما ينجز لهم في مجالات مختلفة وعلى اصعدة متعددة .. وان كثرة هذه الاخبار وخاصة المفرحة منها انما يدل على ان ابناء هذا الشعب ما زالوا يعملون , وهذا يعني ان هذا الشعب ما زال شعبا حيا وان ابنائه يسعون النهوض به من جديد وهذا شيء مفرح طبعا ..
والخبر الذي نحن بصدده الان يأتي ضمن هذه الاخبار المفرحة التي تنصب كلها ضمن هذا الاطار وتسير وفق هذا النهج اي النهوض بهذا الشعب .. وان ما دعاني اقف عند هذا الخبر هو انني رأيته مختلفا عن بقية الاخبار التي قبله والتي بعده سواء من حيث المضمون او من حيث الشكل ..
فمن حيث المضمون انه فعلا خبر مهم وانه فخر لهذا الشعب ان يلتقي بعض ابنائه بالمرشح الاول للرئاسة الاميركية , هذه الدولة التي تعتبر حاليا الاقوى في العالم .. هذا من ناحية , ومن ناحية ثانية ان يتخلى هؤلاء الاشخاص , وهم رجال اعمال ومتبرعين للحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري , عن مصالحهم الشخصية ومشاريعهم الخاصة التي كان من المفترض كما يجري في الحالات الاعتيادية في مثل هذه اللقاءات عادة ان يستغلوا هذه الفرصة ليطرحوها امام المرشح للرئاسة الاميركية المقبل .. ولكنهم غضوا النظر عن كل مصالحهم وكل مشاريعهم وبدلا عنها عرضوا قضية شعبهم امام المرشح الجمهوري وطرحوا معانات ابناء شعبهم امامه وعبروا له وبصراحة عن قلقهم على مصير شعبهم في الوطن الام وطالبوا بأنهاء معاناتهم وايجاد حل لقضية هذا الشعب المظلوم لينال حقوقه القومية على ارض الوطن .
انه حقا خبر مهم وشيء مفرح ان يعرف ابناء الشعب ان مصلحة شعبهم اهم من مصالحهم الشخصية واولى من مشاريعهم الخاصة واكبر من كل اعمالهم .. فخير ما فعلوا وبارك الله بهم وبجهودهم هذه ووفق مسعاهم الى ما فيه الخير لهم ولكل ابناء شعبهم ..
واما فيما يخص الشكل او طريقة صياغة الخبر , فحسنا فعل كاتب الخبر اذ كتبه بهذا الشكل المتواضع وهذه الصورة المجردة من كل انواع المدح والتمجيد والتعظيم التي تعودنا عليها .. حيث ذكر ان وفد من ابناء شعبنا وليس مسؤولي شعبنا او قادة شعبنا او زعماء شعبنا او اية صفة اخرى من هذه الصفات او ما يشبهها والا لكان الخبر قد اتخذ طابعا اخر ..
فما اجمل ان يكون ابناء الشعب وهم الذين يعملون هم الذين يقررون وليس الذين يفضلون مناصبهم ويحبون كراسيهم اكثر من مصالح شعبهم ولا يتنازلون عنها مهما كلف الامر , هذا ايضا من ناحية ومن ناحية ثانية فانه حتى اسماء الاشخاص التي ذكرت في هذا الخبر المهم قد جاءت مجردة من كل الصفات والالقاب .. فلم يكن امامها اية صفة من صفات التمجيد والتعظيم ولا بعدها اية صفة من صفات القيادة والزعامة الطويلة والعريضة التي مللنا منها ..
انه فعلا خبر مفرح بشكله ومضمونه ولا يسعنا الا ان نقول عساه ان يكون مثمرا وان يجلب الخير لابناء هذا الشعب المظلوم ..
فتحية لكل من يخطو ولو خطوة واحدة على هذا الطريق ..
وشكرا لكل من يضع مصلحة شعبه وابناء شعبه قبل مصلحته ..
ونتمنى ان نسمع الكثير الكثير من مثل هذه الاخبار .. وان نرى المزيد المزيد من مثل هذه الاعمال .. ليس فقط في مشيكن او بقية الولايات الاميركية او حتى في البيت الابيض نفسه , بل في كل بقعة من العالم يتواجد فيها ابناء شعبنا من كندا الى استراليا الى كافة الدول الاوربية .. لكي يعرف العالم كله مدى الظلم الذي وقع على هذا الشعب خلال تاريخه الطويل الذي يمتد الى الاف السنين .. ولكي يطلع رؤساء العالم على حجم المعانات التي يعاني منها ابناء هذا الشعب حاليا في وطنهم الام العراق الذي هم سكانه الاصليين وبناة حضارته العريقة التي يفتخر بها العالم كله .
  وحيد كوريال ياقو
مشيكن – اب – 2008       

113
          هل يحتاج المسيحي العراقي الى قصة لكي يقبل كلاجيء ؟
من المؤسف ان يصبج اللجوء الباب الوحيد المتبقي امام ابناء شعبنا المسيحي في العراق .. هذا الباب الذي لايطرقه الا الذي تصبح حياته في خطر ويتعرض وجوده الى زوال .. هذا الباب الذي لايؤدي الا الى طريق مليء بالمتاعب والصعوبات والمشقات , ولكنه وللاسف الشديد اصبح كطريق الالام واصبح لزاما على ابناء شعبنا سلوكه لكي يخلصوا وينجوا وابنائهم من الظلم والاضظهاد الذي تعرضوا ويتعرضون اليه في العراق بسبب انتمائهم هذا , فلم يبقى امامهم سوى باب الهجرة واللجوء وخاصة بعد ان اصبحت قضية اضطهادهم هذه قضية جماعية شملت جميعهم واصبحت امام انظار الجميع  وعلى مسامع العالم والمجتمع الدولي باكمله , مما حدا بالمنظمات الانسانية ومنظمات حقوق الانسان وجهات اخرى عديدة لحث الامم المتحدة لفتح مكاتب لها في بعض دول جوار العراق التي امتلأت باللاجئين العراقيين الهاربين من الظلم والاضطهاد والتهديد وخاصة الشرائح الضعيفة منهم وفي مقدمتهم المسيحيين طبعا .
ومن المؤسف جدا ان يصبح مصير هذا الشعب العريق اللجوء والعيش في الغربة .. هذا الشعب الذي يمتد وجوده الى عمق التاريخ عبر الاف السنين .. والذي اعطى للبشرية خلالها الكثير الكثير .. هذا الشعب الذي يكفي ان نقول انه هو الذي علم الناس الكتابة التي اوصلتهم الى ماهم عليه الان في الدول التي يهرب اليها .. وهو الذي وضع للناس اسس القانون الذي يطبقونه في الدول التي يريد اللجوء اليها .. وهو الذي اخترع  العجلة وما فعلته هذه العجلة في حياة الناس وتطور المجتمعات  في الدول التي يتمنى العيش فيها .. وهو الذي وضع التقويم ونظم الزمن وقسم السنة الى فصول واشهر وايام محددة بالساعات والدقائق التي بها ينظم الناس حياتهم في الدول المتطورة التي يحلم الوصول اليها ...
ولكن ومهما يكن فهذا هو قدر هذا الشعب وهذا هو واقعه المرير .. الواقع المؤلم الذي يعانيه حاليا ويعيشه يوميا .. الواقع المفروض عليه سواء قبلناه او رفضناه .. هذا الواقع الذي لابد ان نعترف به اولا ثم نتكلم عنه ما نشاء وما لا نشاء ويعدها نعمل ونطالب لمعالجته ممن يستطيع ومهما كان الجهد ومهما كلف الثمن ...
ولكن من المحزن ان يكون موقف العالم والامم تجاه ابناء هذا الشعب العريق بهذا الشكل المتفرج واللامسؤول واللامنصف ايضا والغير العادل ابدا ..
ومن المضحك ان تكون اجراءات الامم المتحدة المتبعة حاليا مع ابناء شعبنا بهذا الشكل وتسير  بهذا الاسلوب .. فبعد كل ما جرى ويجري في العراق وكل ما تعرض ويتعرض له ابناء شعبنا هناك من قتل وتهديد وتهجير وحرق كنائس وقتل رجال دين وغير ذلك من انواع الظلم والاضطهاد الجماعي التي تمت في وضح النهار وامام انظار الجميع بحيث تناقلته وسائل الاعلام وكتبته الصحافة وبثته الفضائيات الى كل انحاء العالم وتضمنته تقارير المنظمات الانسانية ولجان حقوق الانسان وحتى لجان الامم المتحدة نفسها .. هذا الاضطهاد الذي شمل الجميع وبدون استثناء ليس لسبب الا لأنهم من هذا الشعب , ومن دون ان يستطيع احد التدخل لايقافه او منعه او وضع حد له .. هذا الاضطهاد الذي اجبر معظم ابناء شعبنا الى ترك بيوتهم وممتلكاتهم واعمالهم واموالهم والنزوح الى بعض المناطق الامنة او الهجرة الى الخارج لطلب اللجوء من الامم المتحدة وخاصة بعد ان فتحت لها مكاتب في بعض دول جوار العراق نتيجة الضغوطات الدولية عليها .. فبعد كل هذا الظلم وهذا الاضطهاد الجماعي والتهجير القسري , من المحزن ان تكون اجراءات الامم المتحدة بهذه الصورة وان تسير وفق هذه الشاكلة المتبعة حاليا .. حيث ما زال موظفوالامم المتحدة يتعاملون مع قضية ابناء شعبنا وكأنها حالات فردية او مشاكل شخصية , وما زالوا يطلبون منهم ملء تلك الاستمارات الروتينية التي لا تتناسب ووضعهم العام ولا تصلح لقضيتهم الجماعية ولا تعبر عن معاناتهم الحالية .. ويطلبون منهم ايضا تقديم ما يسمى بالقصة .. قصة يثبت فيها انه شخصيا مضطهد او مهدد او حياته في خطر وكأنه ليس هناك شيئا قد جرى لهم في العراق .. وهذه القصة طبعا هي التي فقط تؤخذ بنظر  الاعتبار وهي التي تثبت كونه مضطهد ومهدد وحياته في خطر .. وبهذا فهي فقط التي ستقرر مصيره ومصير عائلته ..
فكيف اذن لا يتم ترتيب هذه القصة وجعلها بالشكل الذي يريدها موظف الامم المتحدة , بل بالشكل الذي يشتهيها لكي يوافق عليها , وبالاسلوب الذي يجعله يتأكد من ان طالب اللجوء هذا هو حقا مضطهد ومهدد وحياته في خطر حقيقة ؟
 اليس هذا الاسلوب هو الذي يجبر طالب اللجوء وهو انسان مضطهد ومحروم الى ترتيب كلامه او قصته كما يسمونها ؟ او المبالغة فيها ؟ او سرد قصة حصلت لغيره ؟ ولو كان هو قد بقي لحصلت له ايضا ولربما اسوء منها بكثير ولتعرض الى اكثر مما ذكر في قصته هذه ؟ اليس الواقع الحقيقي لابناء شعبنا في العراق اسوء بكثير واخطر بكثير من كل هذه القصص؟ والعالم كله يعرف ذلك جيدا ويسمع ويشاهد يوميا ما يحدث لابناء شعبنا في العراق , وموظفو الامم المتحدة يدركون ذلك تماما ويطلعون على تفاصيل هذا الظلم وهذا الاضطهاد الجماعي , ويعلمون علم اليقين ان هذا الظلم ليس الا بسبب هذا الانتماء .. 
فأية قصة هي هذه التي يريدونها ؟ واية حقيقة هي التي يبحثون عنها ؟ وأي عدل هو هذا الذي يطبقونه ؟
 ولكي يتأكدوا من ذلك يكفي ان يسألوا طالب اللجوء من ابناء شعبنا اي كان اذا كان بأمكانه كتابة قصته هذه بلغته او ان كان بأستطاعته ان يتكلم عن قضيته بلغته او حتى ان كان بمقدوره ان يشرح معاناته بلغته ؟؟؟ فان استطاع ذلك فليرفضوه او يتبعوا معه اسلوبهم هذا , وان لم يستطع فعندها يجب عليهم ان يعيدوا النظر في اجراءاتهم ومطاليبهم هذه ولا يتعبوا انفسهم ويضيعوا وقتهم في طلب تفاصيل اخرى ..
وعندها سيرون كم من ابناء شعبنا يستطيع من ذلك وسيتأكدون بأنفسهم كم هو هذا الشعب بأكمله مضطهد ومظلوم ومحروم من كل حقوقه حيث ان هذا لهو خير دليل على ذلك فالذي يحرم من لغته لا يمكن ان يكون له حقوق اخرى ويكون حتما محروما من كل حقوقه .. وطبعا حتى هذه المقالة فأن كاتبها لا يستطيع كتابتها بلغته وحتى لو استطاع ذلك هو او غيره بجهوده الخاصة فأن 99% من القراء سوف لا يسنطيعون قراءتها !! ..  فأي ظلم هذا ان يحرم الانسان من لغته ؟ اليس هذا ظلم واضطهاد جماعي ؟ اليس هذا حرمان من كل الحقوق ؟ اليس هذا تهديد لوجود شعب بأكمله ؟ فهل يحتاج ابن هذا الشعب اذن الى قصة لكي يقبل كلاجيء ؟؟؟
نقول هذا في الوقت الذي نسمع ما نسمعه من قصص واحاديث كثيرة واسئلة غريبة وعجيبة تدور في اروقة مكاتب الامم المتحدة في دول جوار العراق لا تتسع لها هذه المقالة ولا غيرها مهما طالت ولا داعي لذكرها ايضا او الاشارة الى اسلوبها حفاظا على كرامة ابناء هذا الشعب من ناحة واحتراما لهيبة الامم المتحدة من ناحية ثانية وايضا لكي لا يتحول هذا المقال الى بحث او تقرير ولكننا فقط نقول ونسأل العالم والمجتمع الدولي والامم المتحدة نفسها:
ابهذه الاسئلة سيعرفون من هو مضطهد من غيره ؟ ام بهذه الطريقة سيميزون من هو ارهابي من غيره ليمنعوه من دخول بلدانهم المليئة بالارهابيين الذين يسرحون ويمرحون فيها ويتمتعون بكل حقوقهم وبكامل حرياتهم ؟ ابهذا الاسلوب سيعيدون للناس حقوقهم ويمنحونهم حريتهم ويحفظون لهم كرامتهم ؟ اهكذا يكون تطبيق العدالة ؟؟انه لأمر غريب حقا ما نسمعه وشأن خطير جدا ان يبقى الحال هكذا وخطأ كبير جدا ان يستمر الوضع هكذا وعلى هذه الشاكلة وبهذا الاسلوب ..
لقد ان الاوان مرة اخرى للمجتمع الدولي والمنظمات الانسانية وكل الجهات الخيرة التي طالبت الامم المتحدة لفتح مكاتب لها في دول جوار العراق ووضع هذه البرامج لقبول اللاجئين , لقد ان الاوان لها ان تتدخل مرة اخرى لوضع حد لما يجري لابناء شعبنا في مكاتب الامم المتحدة ولتغيير هذا الاسلوب المتبع حاليا مع ابناء شعبنا ولايقاف هذه المهازل المذلة بحق ابناء شعبنا وخاصة مهزلة القصة الملفقة .. القصة المضحكة المبكية التي اصبح لا داعي لها ابدا .. ومهزلة الاسئلة المعروفة اجوبتها مسبقا التي اصبح لا فائدة لها ايضا مثل ( ماذا حصل لك ؟ اوماذا سيحصل لك اذا عدت الى العراق ؟ ) .. ومهزلة الاستجواب الاستفزازي والمقابلات الطويلة والعديدة التي اصبح لا مبرر لها نهائيا .. ومهزلة الاطالة والانتظار التي اصبح لا معنى لها ولا داعي لها .. وبدل كل ذلك الاكتفاء في التحقيق الجاد في اثبات الهوية .. هوية فقط .. هوية يثبت فيها انه عراقي وانه ينتمي الى هذه الشريحة وانه من هذا الشعب المظلوم الذي يتعرض الى اضطهاد جماعي بهدف الغاء وجوده .. هذه الهوية لهي خير دليل وخير اثبات على ان هذا الشخص مضطهد ووجوده مهدد وحياته في خطر بسبب هذه الهوية .
       وحيد كوريال ياقو 
     مشيكن – اب - 2008         

114
[b]size=20pt]قادة احزاب شعبنا وزعمائه
                 يجب ايضا ان يجتمعوا في قطر[/
b]
 [/size] كان المتتبع للشأن اللبناني قبل فترة وجيزة وهو يرى حدة تباين واختلاف الاراء والمواقف بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين المتخاصمين , يرتجف خوفا من هول المخاطر التي كانت تحيط بلبنان وشعب لبنان .
ولعل من كان يتابع اخبار لبنان عن كثب ويسمع ويشاهد الاحداث التي كانت تجري في لبنان يعتقد ان البلد ذاهب لامحال الى حرب اهلية , واما المراقب للخطاب السياسي اللبناني  فكان يدرك مدى المخاطر التي سوف تنتج من خطاب كل طرف من اطراف الصراع .. هذا الصراع الذي كان كل طرف يدعي انه من اجل لبنان ومستقبل لبنان ومصلحة شعب لبنان , ولو كان قد حصل لمزق لبنان ارضا وشعبا .. 
لبنان هذا البلد الجميل .. لبنان هذا المركب الرائع .. لبنان هذا المكون المتعدد والمتنوع طبيعيا وبشريا .. ولبنان هذا البلد الصغير الجريح المتألم بسبب هذه الصراعات وهذه الاختلافات بين الفرقاء السياسيين .
فقد كان كل طرف وهو يتكلم عن لبنان ومستقبل لبنان لايقبل بأقل من تدمير لبنان وما حول لبنان ...
وخطاب كل طرف وهو يتكلم عن شعب لبنان ومصير شعب لبنان لايرضى الا بجعل لبنان من غير شعب او شعب لبنان من غير مصير ...
وكادت لبنان ان تنزلق مرة اخرى الى هاوية حرب اهلية , وفعلا اصبحت بين فكي هذه الحرب المقيتة ...
وكاد شعب لبنان ليكرر مأساة هذه الحرب الموغلة في الطائفية والمذهبية التي لا نهاية لها .. بالرغم من كل جهود المصالحة المبذولة من قبل مختلف الجهات .. وبالرغم من كل وساطات الاطراف العديدة العربية منها والعالمية .. وبالرغم من كل محاولات تقريب وجهات النظر للفرقاء المختلفين المتخاصمين المعلنة منها والغير المعلنة ايضا والتي كانت حتما اكثر .
الا ان التصعيد كان قائما وعلى كافة الاصعدة والاقتراب من المواجهة كان يتسارع اكثر لأدخال البلد مرة اخرى في اتون حرب اهلية لا نهاية لها .
لولا قدرة قادر وسحر امير قطر الذي دعا الفرقاء السياسيين اللبنانيين المختلفين المتخاصمين بشدة الى الاجتماع في قطر , ورعايته لهذا الاجتماع حيث كان سمو امير قطر يدرك تماما جوهر القضية اللبنانية ويعرف جيدا تركيبة الدولة اللبنانية ويعرف اكثر تاريخ الأزمة او الأزمات اللبنانية منذ نشوئها .. فقد كان صريحا جدا مع جميع الفرقاء وكشف حقيقة كل منهم وما هم عليه وما هم ذاهبون اليه وما سيرتكبونه من اخطاء في المستقبل وما ستجلب هذه الأخطاء من ماسي وويلات على لبنان وشعب لبنان . . وبذلك استطاع من اخماد نار فتنتهم واعاد كل منهم ليعيد حساباته وهو في قطر ..  وهكذا هدأت النفوس ورجع كل طرف وتنازل قليلا عن بعض من مصلحة لبنان وشعب لبنان حسبما كان يدعي سابقا عندما كان في لبنان ...
وهكذا كان اتفاق قطر الذي انقذ لبنان وشعب لبنان هذه المرة ايضا من ويلات الحرب الاهلية المقيتة القذرة , وجعل الفرقاء المتخاصمين على مصلحة لبنان يتفقون على لبنان ومن اجل لبنان ...
وهكذا خرجوا من اجتماع قطر كما قيل وكتب ( بلا غالب ولا مغلوب ) وكان ( الغالب لبنان والمغلوب الفتنة ) وصار للبنان رئيسا منتخبا بعد كل هذه المدة وكل هذا القيل والقال .
فالحمد للله والشكر لسمو امير قطر الذي انهى المشهد اللبناني بهذه الصورة السحرية .. هذا المشهد الذي نراه يتكرر دائما ليس فقط في لبنان بل في كافة بلداننا وهو المشهد نفسه القائم حاليا في العراق والقائم ايضا مع قادة وزعماء احزاب شعبنا المسيحي في العراق بكل مسمياتهم ..فمن يتتبع اخبار قادة احزاب شعبنا يتأكد ان المشهد هو نفسه ..
فالكل يتكلم عن مصلحة هذا الشعب ..
والكل يدعي خدمة هذا الشعب ..
والكل يطالب بوحدة هذا الشعب ..
والكل يعترف انه شعب واحد وله تاريخ واحد ويواجه مصير واحد .. 
ولكن الكل يريدها على طريقته ولا يقبل بغير طريقته  ويدعي انه هو فقط يعمل لمصلحة هذا الشعب وهو فقط يستطيع ان يصنع المستقبل لهذا الشعب وانه فقط يعرف كيف يوصل هذا الشعب الى بر الامان وهو فقط الذي سيحقق لهذا الشعب كل ما يريد وكل ما يطمح وكل ما يصبوا اليه ..
واما غيره فلا ولم ولن ... وهم جميعا اعداء هذه الامة ولا يريدون مصلحة هذا الشعب ولهذا فانه يجب ان لايتفق معهم ابدا ولا يعمل معهم مطلقا بل واجب عليه ان يحاربهم لكي لا يبقى احد منهم على وجه الوجود وانه سوف لن يتنازل عن ذلك ابدا وسوف لن يتراجع عن اية كلمة قالها مطلقا حتى لو كلف ذلك حياته او حياتهم جميعا ..
تماما كما كان الفرقاء اللبنانيين يقولون ويدعون ويخطبون .. فمن يتابع اليوم اخبار شعبنا وقادة احزاب شعبنا وزعمائه يتأكد من ذلك ويتأكد من خطورة المشهد , واما المراقب القريب لما يجري بين قادة احزاب شعبنا وزعمائه فانه يدرك تماما مدى المخاطر الناجمة والتي ستنجم عن هذه المواقف وهذه الخلافات التي لا مبرر لها اصلا .
فهؤلاء القادة يبدو انهم لم يستفيدوا من تجارب الشعوب المتنوعة الافكار والمذاهب والمعتقدات ولم يتطلعوا على بعض ما تفعله بعض الدول المتقدمة في هذا المجال , فعلى سبيل المثال في كتاب الوطنية للصف الرابع الابتدائي في الولايات المتحدة الاميركية يعلمون الطلاب ان السبب الاول والاهم لقوة اميركا هو في  التنوع .. فلماذا لا يتعلم خريجوا المدارس الحزبية لدى ابناء شعبنا ما يتعلمه طلاب الصف الرابع الابتدائي في الولايات المتحدة الاميركية ؟
 فهؤلاء القادة لا يسعون الى استثمار هذا التعدد في الافكار والمذاهب والمعتقدات لدى ابناء شعبنا لتقوية الاواصر بينهم للوصول الى حالة من الوفاق والتوافق .. ولا يولون اهمية لتنشئة اجيال جديدة تؤمن بوحدة هذا الشعب ولا يحركون ساكنا لاصلاح ما خربه الزمن عبر مئات السنين ولاسباب يعرفونها هم جيدا .
هؤلاء القادة يبدو انه حتى لو اتفقوا او توافقوا او تكتلوا وقتيا فهم لا يعملون ذلك لمصلحة هذا الشعب بل لمصالحهم الخاصة وهم لا يأبهون لما تتركه هذه المواقف والخلافات من اثار سلبية كتطبيع الفرقة والتعصب في نفوس ابناء هذا الشعب ولا ينتبهون الى الجراحات العميقة التي يعاني منها ابناء هذا الشعب ولا الى النتائج النفسية السيئة التي قد يتطبع عليها ابناء هذا الشعب بمرور الزمن ولا يهتمون الى اتساع الهوة بين فئات هذا الشعب بسبب هذه المواقف وهذه الخلافات التي يدفع ثمنها ابناء هذا الشعب الذين يقتلون يوميا وفي وضح النهار ليس الا لانهم من هذا الشعب .. ويعانون من المعانات ما لم يعانيه شعب اخر .. ويواجهون من المظالم ما لم يظلم به شعب اخر .. ويهجرون قسرا وتسلب دورهم وممتلكاتهم ويغتربون في وطنهم ويتشردون في ارجاء العالم ويعاني ابنائهم من الجوع والحرمان ليس لانهم فقراء او لايملكون بل لانهم من هذا الشعب .
كل هذا وانظار ابناء هذا الشعب المسكين مازالت تتطلع الى قادة احزابه وزعمائه واليوم الذي سيتفقون فيه  ويتوحدون به .. وهم يعلمون علم اليقين وبلا ادنى شك ان قادة احزابهم هم نخبة ممتازة وطموحة ويمتازون بالجرئة والشجاعة بدليل انهم يعملون في هذه الظروف الصعبة جدا ويحاول كل منهم ان يقوم بدور قيادي ومتميز لهذا الشعب ويطمح ان يقود هذا الشعب الى بر الامان .
ولكن يجب على كل واحد منهم فقط ان يتقبل الاخر ويتحلى بمتطلبات القيادة ويتصف بمواصفات القادة الحقيقيين ليتمكن من تحويل الاختلاف في الراي الى قوة وليس ضعف .. ويستطيع ان يحول التنوع في المذاهب الى وحدة وليس الى انقسام وخاصة في هذا الوقت الذي يتميز بنضوج الوعي الثقافي لدى ابناء شعبنا بحيث اصبح معظمهم يفهم ويعي اهمية وحدة هذا الشعب ويدرك بأن الحوار والاتفاق وقبول الاخر امر ضروري ولا بد منه لتحقيق وحدة هذا الشعب ...
فمتى سيجتمع قادة احزاب هذا الشعب وزعمائه ويجمعون من اجل هذا الشعب ؟
ومتى سيتفقون ويوافقون على مصلحة هذا الشعب ؟
ومتى سيكون لهذا الشعب قادة كقادة بقية الشعوب ؟
ومتى سيصبح هذا الشعب شعبا كبقية الشعوب ؟
هذه مجرد اسئلة واسئلة اخرى كثيرة وخطيرة وللاجابة عليها نرى :-
ان قادة احزاب شعبنا وزعمائه يجب ايضا ان يجتمعوا في قطر او في غير قطر كما اجتمع فرقاء لبنان المتخاصمين .. وبرعاية امير قطر او غير قطر ولكن المهم ان يكون بشجاعة امير قطر وصراحة امير قطر ليصارحهم بالحقيقة والواقع .. ويكشف لهم حقيقة انفسهم .. وما هم عليه .. وما هم ذاهبون اليه .. وما سيرتكبونه بحق شعبهم في المستقبل .. ويفند حججهم الجاهزة تجاه بعضهم البعض .. ويقول لهم كيف يتفقون لكي لا يكون هناك غالب ولا مغلوب بينهم بل يكون الشعب هو الغالب والمنتصر والموحد واما المغلوب فيكون الفرقة والانقسام والضعف والضياع التي يعاني منها هذا الشعب ...
انهم فعلا بحاجة الى مثل هذا الاجتماع ...

       وحيد كوريال ياقو
  مشيكن – حزيران 2008

           

115
يعيش في اميركا
ويتمنى ان لا يبقى ولا مسيحي في العالم

قبل مدة كنت استمع الى برنامج خاص في احدى الاذاعات التي تبث باللغة العربية في الولايات المتحدة الاميركية وبالتحديد في مدينة ديترويت في ولاية مشيكن هذه المدينة التي يقطنها الناس من مختلف الاجناس والانواع والالوان ومن كافة الاديان والمذاهب ومن شتى بقاع العالم ..
ففيها من الاجناس الاوروبي والاسيوي والافريقي بمختلف انواعهم واشكالهم ..
وفيها من الالوان الابيض والاسود والاسمر والاصفر وما بينهم ..
وفيها من الاديان المسيحي واليهودي والمسلم والبوذي والهندوسي وغيرهم مما وجد من الاديان وحتى من الذين لا دين لهم ..
وفيها من المذاهب الكاثوليكي والارثوذوكسي والبروتستاني والسني والشيعي وما الى ذلك من المذاهب والمعتقدات التي لا حصر لها ..
وفيها المؤمن وفيها الملحد وما بينهما ..
كما فيها الغني المليونير الذي يملك ما يحسب وما لا يمكن ان يحسب , وفيها الفقير المعدوم الذي لايملك حتى لقمة الاكل , والمتسول الذي ليس لديه حتى مكان للنوم ويسمى هنا ( هوم ليس ) .. وهناك ما بينهما وبحسب ما هو مقسوم لكل انسان او بقدر ما يعمل ..
وفيها بالاضافة الى هذا وذاك الكثير الكثير من التباين .. والكل يعيش على طريقته وعلى ما هو عليه وبكامل حريته , ولا احد يستطيع ان يقول انا الاصح .. او انا الافضل .. ولا ان يتجرأ ويتجاوز على حق غيره مهما كان .. وحالها بذلك حال معظم المدن الاميركية .
ولا يخفي على احد ان هذا من فضل القانون .. اوبصورة ادق تطبيق القانون .. وقد يعترض البعض على هذا حيث كنا قد تعودنا في بلداننا ان نرى في مثل هذه الحالات شعار ( هذا من فضل ربي ) الذي كان يعلق على ابواب البيوت والمحال التجارية وحتى المركبات كدلالة على النجاح والتوفيق .. ولكنه بما ان القانون هو من فضل الله فبذلك يكون المبدأ نفسه او هو هو , اي ان هذا من فضل الله , ولهذا يجب ان نعلق على بوابة كل مدينة من هذه المدن شعار ( هذا من فضل ربي ) وبما ان الانسان هنا في الغرب لا يحب ان يبقى على شاكلة معينة بل يريد ان يتغير او يتطور دائما وبما ان هذا الشعار غير قابل للتغيير لذا يجب ان نضيف اليه او نعلق بجانبه شعار اخر لا يختلف عنه كثيرا ولكنه يكمله وهو ( ومن يعمل بكلام ربي ) لكي نستطيع ان نعرف لماذا يفضل الله بقعة من الارض وينزل عليها افضاله هذه دون غيرها ...
اوردت هذه المقدمة لكي يتصور القاريء الكريم مدى التباين والاختلاف في نوعية البشر الذين يعيشون جميعهم بسلام ومساوات في هذه المدينة المتباينة التي كان يبث فيها هذا البرنامج الخاص .
وكان مقدم البرنامج وهو صاحب الاذاعة نفسه , يقدم برنامجه الخاص هذا على الهواء مباشرة بمناسبة استشهاد المطران بولص فرج رحو رئيس اساقفة الموصل للكلدان .. وكان الناس من الذين يتكلمون العربية ويستمعون الى البرنامج المباشر هذا ويتصلون به للتعبير عن ارائهم ومواقفهم ومشاعرهم تجاه هذا الحدث المؤسف الاليم الذي ادانه واستنكره الجميع بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية التي اشرنا اليها في بداية الموضوع هذا .. الا واحدا .. واحدا فقط من الذين يعتقدون انهم اختيروا من قبل الله لينوبوا عنه على الارض , وينفذوا اوامره على الناس ..
فقد اتصل هذا الواحد بالبرنامج ليعاتب مقدم البرنامج والمتصلين الذين كانوا يلقون مسؤولية الحادث على جماعات ارهابية خارجة عن كل القيم الدينية والانسانية ويتخذون من الاسلام غطاءا لأعمالهم الاجرامية هذه .. ليقول : الذين اختطفوا المطران ناس مجهولين ولا احد يعرف من هم .. وليس بالضرورة ان يكونوا مسلمين .. وقد يكونوا مسيحيين او يهود , من يدري .. أليس صحيح ؟؟؟ !!! .
فأجابه مقدم البرنامج : " الله يسامحك " ..
وهذا ما اثار غضبه اكثر .. اذ كيف لا يوافقه على رأيه .. وكيف يقول له الله يسامحك وهو الذي لا يخطأ ابدا ؟ ! .. مما جعله يتمادى في حديثه اكثر ليختتم كلامه بفتوى لم يطلقها احد غيره من قبل ليقول ( وانشاء الله ما يبقى ولا مسيحي في العالم ) !!! وانهى الاتصال ...
فما كان من مقدم البرنامج الا ان يرد عليه بما مكنته ذاكرته في تلك اللحظة من استحضار العبارات والجمل والكلمات التي تليق به واكثر ..
ثم انهالت المكالمات والاتصالات على البرنامج من المسلمين قبل المسيحيين لتمطر على هذا المتصل بكل ما في اللغة العربية واحيانا الانكليزية ايضا من مفردات وعبارات الذم والتحقير والاهانة وحتى الشتم الصالحة وغير الصالحة التي يستحقها هذا المتصل ...
ومهما يكن فقد استطاع هذا المتصل من تغيير مسار البرنامج وموضوعه المقرر حول الحادث الاليم باستشهاد المطران بولص فرج رحو الى فتوته هذه ..
والان لندع البرنامج وهذا المتصل الذي تورط واطلق علنا فتوته هذه التي تمنى فيها ان لا يبقى اي مسيحي على وجه الارض , حيث ان المتصلين قاموا بكل ما يلزم , هذا من ناحية , ومن ناحية ثانية انه مهما كان فهو حدث محلي ورأي شخص ولا يصلح ان يعمم ..
ولكن شئنا ام ابينا سواء كنا مسيحيين او مسلمين فان هذه الفكرة موجودة .. وان امنية هذا المتصل قائمة ولم تكن ابدا من ابداعه او اختراعه , وقد يكون هو مجرد قد تورط بها وقالها علنا ..
 فمن اين اذن هي هذه الفكرة .. وما هو مصدرها .. ومن اين اتت الى ان وصلت الى هذا المتصل الذي يعيش في الولايات المتحدة الاميركية وينعم بخيراتها ويتمتع بكل امتيازاتها التي تضمن له حق الحياة بكرامة وحرية كانسان .. هذا الحق الذي مكنه من ان يعلن عن ما بداخله علنا وعلى الهواء مباشرة  ؟..
 ومن يقف وراء هذه الفكرة .. ويدعمها .. ويغذيها .. وينشرها ؟ .
ومن يوصلها ليس فقط لهذا المتصل الذي قد يكون يعادي الولايات المتحدة الاميركية بسبب حروبها الكثيرة وسيطرتها على العالم .. ولكنها وصلت الى الكثيرين غيره ممن يعيشون في انحاء اخرى من العالم ليس لها علاقة بما تقوم به الولايات المتحدة الاميركية في بعض المناطق التي هي مصدر لهذه الفكرة وغيرها من الافكار العفنة التي لا تقل عنها خطورة ؟ ..
انها ليست بالسهولة ان تصل هذه الافكار الى الناس الذين يعيشون في مجتمعات ودول مختلفة مثل اميركا وكندا واستراليا ودول اوربا وحتى العراق قبل هذه الظروف .. لولم يكن وراءها مجموعات كبيرة .. ولو لم يكن تدعمها منظمات كثيرة .. ولو لم يكن تغذيها مؤسسات ضخمة ترتقي الى حد الدول ..
اذن هناك هي المشكلة وهناك مصدر المصيبة .. وهناك يكمن حل القضية ..
وعليه فعلى " هناك " يجب ان توجه الانظار .. كل الانظار .
وعلى " هناك " يجب ان ينهال الكلام .. كل الكلام .
ومن اجل " هناك " يجب ان تتكاتف الجهود .. كل الجهود .
وتجاه " هناك " يجب ان يتعاون الجميع ويقفوا موقفا واحدا تماما كما وقف المتصلين بالبرنامج تجاه المتصل .. وتتخذ الاجراءات وكل ما يلزم ومن المسلمين قبل المسيحيين لأنهم اقرب الى " هناك " واعرف بـ " هناك " من اجل القضاء على هذه الافكار التي تنبعث من تحت العمائم العفنة واللحايا القذرة ومن اجل ان يعيش الناس .. جميع الناس من مسيحيين ومسلمين ويهود وكل الاديان الاخرى بسلام ووئام في هذا العالم .
وعندها نستطيع ان نعلق على الارض كلها قطعة كبيرة واحدة من الشرق تقول ( هذا من فضل ربي ) وقطعة اخرى مماثلة لها من الغرب تقول ( ومن يعمل بكلام ربي ) ..
 وعلى الارض السلام وبين الناس المسرة .

          وحيد كوريال ياقو
               مشيكن
           نيسان 2008[/size]

116
الاخ العزيز روبن تيدي بيت شموئيل المحترم
احلى التهاني وازكى التبريكات بمناسبة حصولكم على شهادة الماجستير في الاداب من جامعة لايدن الهولندية على اطروحتكم الموسومة ( المدارس الاشورية الخاصة في العراق في القرن العشرين ) .
وفي نفس الوقت نشكركم على هذا الموضوع المهم والذي كان يشغلكم منذ زمن بعيد وما زال .. هذا الموضوع الذي اعادني بالذاكرة الى بداية الثمانينيات من القرن الماضي وتلك الدورة البسيطة لتعليم قواعد اللغة السريانية في الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد .. ومواضيع مجلتها ( قالا سوريايا ) الصوت السرياني .. وبعض الاصدارات الادبية والشعرية الحذرة جدا .. واقامة اول معرض للخط السرياني انذاك رغم كل الصعوبات والمعوقات في تلك الايام البائسة التي اندلعت فيها نار الحرب العراقية الايرانية التي اخمدت كل النشاطات وطمرت كل الطموحات ..
ومن ثم نشاطات جمعية اشور بانيبال والثلاثاء الثقافي فيها ومهرجاناتها السنوية وما تلتها من اعمال ونشاطات في اماكن اخرى ..
فمن تلك الدورة البسيطة لتعليم قواعد اللغة قبل اكثر من عقدين ونصف من الزمان الى شهادة الماجستير من جامعة هولندية وفي موضوع اللغة نفسها .. انه لعمل عظيم وانجاز كبير يستحق الشكر والثناء حقا لانه جاء نتيجة تصميم جاد وعزم قوي وجهود جبارة ومثابرة طويلة لا تأتي الا لمن يكمن في قلبه حبا كبيرا وصادقا لهذه اللغة وهذه الامة .. ويعرف ما مدى اهمية اللغة لنهضة اية امة ..
نهنئكم مرة ثانية والف مبروك والى الدكتوراء ان شاء الله .. مع تمنياتنا لكم بالنجاح والموفقية دائما .
           وحيد كوريال ياقو
               مشيكن

117
المطران الشهيد   
والمرحلة الخامسة عشرة من درب الصليب

منذ الفي عام والناس تؤمن بالمسيح مخلص الناس ..
ومنذ الفي عام والناس تتكلم عن حب المسيح للناس ..
ومنذ الفي عام والناس تتذكر الام المسيح التي تحملها من اجل الناس .. كل الناس , هذه الالام التي ما كان ليتحملها لو كان يحب نفسه كأنسان .. هذه الالام التي ما كان ليتحملها لو لم يكن يحب الناس .. ولو لم تكن من اجل الناس .. جميع الناس .. الناس الذين جاء لانقاذهم وخلاصهم بتقديم نفسه ضحية وفداء عنهم جميعا ..
ومنذ ان تأسست الكنيسة وبنيت على هذه الصخرة القوية . صخرة الحب والوفاء .. صخرة الالام والتضحية .. صخرة التسامح والمساوات .. صخرة القيامة .. منذ ذلك الحين نظمت الكنيسة هذه الالام بما يعرف الان " درب الصليب " التي تؤدى في الكنيسة استذكارا لهذه الالام التي تحملها المسيح , وذلك كل يوم جمعة ولعدة اسابيع قبل ان يحل موعد ذكراها في يوم جمعة الالام العظيمة التي فيها صلب المسيح اي قبل احد القيامة او العيد الكبير .
الذين يعرفون درب الصليب ويمارسونها , يعرفون جيدا انها طريق الالام والتضحيات التي تحملها المسيح وهو يشق طريقه حاملا صليبه الثقيل نحو الجلجلة من اجل خلاص البشرية .. ويعرفون جيدا تفاصيل ادائها بمراحلها الاربعة عشرة التي نسميها ( شنياثا ) ومفردها ( شنيثا ) اي انتقالة او خطوة .. ويعرفون جيدا ماذا تعني وتدل كل واحدة من هذه المراحل الاربعة عشرة , ومعانيها السامية ورموزها العظيمة التي يجب على كل انسان ان يتعظ منها ويقتدي بها .
واما الذين لا يعرفون درب الصليب ولا يعرفون معانيها ورموزها وطريقة ادائها فنقول : -
انها صلاة تجسد الالام التي تحملها المسيح والتضحيات التي قدمها من اجل البشرية منذ القاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة واصدار الحكم بالصلب عليه ومرورا بطريقه الى الجلجلة حاملا صليبه الثقيل على كتفه وانتهاء بصلبه وموته على خشبة الصليب فوق قمة الجلجلة من اجل خلاص البشرية جمعاء ..
وتنظم هذه الصلاة كطواف حول الكنيسة من الداخل وفيها اربعة عشرة مرحلة او محطة توقف للصلاة تمثل المراحل او المحطات التي توقف فيها المسيح اثناء اقتياده نحو قمة الجلجلة لصلبه هناك .. وهذه المراحل او محطات التوقف لم تكن للاستراحة او اعادة النشاط او شرب الماء , وانما كانت لاعطاء الدروس والحكم للانسان ..
هذه الصلاة هي التي كان يؤديها المطران الشهيد بولص فرج رحو قبل اختطافه مباشرة في كنيسة الطاهرة بالموصل ..
وفي هذه الصلاة جسد الام المسيح اربعة عشرة مرة في الاربعة عشرة مرحلة ..
وفي هذه الصلاة صلى من اجل الناس .. جميع الناس في الاربعة عشرة مرحلة ..
وفي هذه الصلاة طلب من الناس ان يحبوا بعضهم بعضا في الاربعة عشرة مرحلة ..
وفي هذه الصلاة رجا الناس ان يعفوا عن بعضهم البعض في الاربعة عشرة مرحلة ..
وفي هذه الصلاة حث الناس ان يحبوا اعداءهم ويحسنوا الي مبغضيهم في المرحلة الرابعة عشرة كما فعل المسيح من فوق خشبة الصليب حين قال ( يا ابتي اغفر لهم لأنهم لايعرفون ماذا يفعلون ) وبذلك عمل ارادة ابيه السماوي واكمل ما جاء من اجله , وهكذا اكمل المطران الشهيد كل ما اوصاه به معلمه وفاديه المسيح المخلص وهو يكررها اربعة عشرة مرة مع الناس المؤمنين كما هو مقرر في هذه الصلاة وقبل ان ينتقل هو ورفاقه الى الخارج .. الى المرحلة الخامسة عشرة التي لم تكن مدرجة ضمن هذه الصلاة الاستذكارية التي تؤدى داخل مبنى الكنيسة , بل كانت مدرجة ومكتوبة ضمن ما كان يؤمن هو به وما كان يعمل هو من اجله وما كان قد كرس حياته له ..
المرحلة الخامسة عشرة التي اداها مع رفاقه خارج مبنى الكنيسة .. هذه المرحلة التي قام بها هو ورفاقه الشمامسة الثلاثة الذين طبقوها على انفسهم وبذلوا حياتهم من اجله واستشهدوا بدلا منه , واما هو فقد القي القبض عليه واختطف واقتيد الى المكان المجهول وهناك استشهد , والله وحده فقط يعرف الالام التي تحملها والمشقات التي واجهها والاهانات التي لاقاها .. لكنه لم يضعف ولم يتنازل وفضل الاستشهاد .. وكيف يتنازل وهو الذي كان يعلم الناس ويطلب منهم ان يتحملوها خلال اربعة عشرة مرحلة اداها قبل ساعات داخل مبنى الكنيسة ..
المرحلة الخامسة عشرة التي اداها خارج مبنى الكنيسة جسد فيها ما في اربعة عشرة مرحلة ليس استذكارا , بل ممارسة وتطبيقا ..
المرحلة الخامسة عشرة عاشها بنفسة وتحمل الام ومشقات المراحل الاربعة عشرة .. وبذلك اقترب اكثر واكثر من المسيح .. وعرف اكثر واكثر عن المسيح .. وذاق طعم الام المسيح التي عرف منها المعنى الحقيقي للتضحية والفداء والخلاص .. هذه المعاني التي تعلمها من قبل وامن بها وكرس نفسه لها وضحى بحياته من اجلها .. ولم يتنازل عنها لانه كان يعرف انه لا قيمة لحياته لو تنازل عنها .
فهنيئا لك ايها الشهيد الخالد ..
يا من توجت قائمة شهداء المشرق ودخلت سجلها الخالد ..
يا من جمعت مطارنة المشرق في كنيسة واحدة .. وفي قداس واحد .. قداس وداعك الاخير وانت تحدق في كل واحد منهم بأبتسامتك الخفيفة من خلال صورك المعلقة على اعمدة الكنيسة القوية وجدرانها المتينة وكأنك تقول لهم ابقوا هكذا مجتمعين دائما مع بعضكم البعض ..
وليتباهى بك كل من يؤمن بما امنت انت به ..
وليفتخر بك كل من يعمل بما عملت انت به وكرست حياتك من اجله ..
ولتبقى ذكراك الطيبة خالدة يتذكرها الناس .. كل الناس من جيل الى جيل والى الابد .. امين .

           وحيد كوريال ياقو
           مشيكن – اميركا
          15 – اذار – 2008   

118
اكثر من سؤال
الى قناتنا العزيزة عشتار الفضائية
قبل اكثر من عامين استبشرنا خيرا مع انطلاق البث التجريبي لقناتنا العزيزة عشتار الفضائية , وانتظرنا بفارغ الصبر يوم الافتتاح الذي صادف مع احتفالات ابناء شعبنا باعياد الميلاد المجيد ة وراس السنة الميلادية الجديدة ...
وكانت فرحة الناس كبيرة وهم يستمتعون بمشاهدة المناظر الخلابة لقراهم ومدنهم سواء في الجبال العالية او السهول المنبسطة لمناطقهم التاريخية ..
وكانت الفرحة اكبر للذين يعرفون ماذا يعني ان يكون لهذا الشعب قناة فضائية خاصة به ..
وهكذا بدات انظار جميع ابناء شعبنا ومن جميع انحاء العالم تنصب حول هذه القناة الجميلة , وتبني عليها الامال , علها تصبح هذه المؤسسة الاعلامية قادرة ان تقدم شيئا ولو يسيرا لهذا الشعب المحروم والمظلوم دائما , وعساها ان تكون قادرة على لم شمل ابناء هذا الشعب الممزق والمجزء , وتحد من فرقته التي  بداها رجال الدين في السابق ويقودها رجال السياسة في الوقت الحاضر ..
ولكن على ما يبدو فان الرياح لا تاتي دائما كما يشتهي هذا الشعب المظلوم , فبعد كل هذه الامال وكل هذا الشوق وبعد كل هذه المدة , ما زلنا نلاحظ في قناتنا العزيزة عشتار الكثير مما نستطيع ان نسميه عدم التطور او عدم التقدم , هذا بالاضافة الى اننا لا نرى فيها دائما كل ما يشفي الغليل وما يسعف النفوس المحرومة ..
فمن ملاحظات بسيطة لما نشاهده لبعض البرامج التي تعرض من على شاشة قناة عشتار الفضائية , تبدو وكانها ما زالت في الايام الاولى من البث او احيانا نشعر اننا نشاهد قناة محلية وليس قناة فضائية تبث الى جميع انحاء العالم ..
ومن خلال نقاشات كثيرة مع بعض الاصدقاء حول هذا الموضوع وحول ما وصلت اليه قناة عشتار وحول ما كنا نتمنى ان تصل اليه , وظهور الانتقادات الكثيرة لبعض ما يجري فيها , كنت ابرر ذلك بانها تجربة جديدة وهي قناة فتية وما زالت في بداية الطريق وان ابناء شعبنا ليس لديهم خبرات طويلة في هذا المجال لانهم كانوا محرومين منه في السابق ..
ولكن مع نفسي كنت اشك في تبريري هذا واعتقد انه غير صحيح لانني على يقين ان لدى الكثير من ابناء شعبنا طاقات كبيرة وامكانيات هائلة وخبرات واسعة وخاصة وهم ينتشرون في معظم انحاء العالم ويتعايشون مع شعوب كثيرة ومختلفة في الثقافات والعادات والتقاليد ولو استغلت هذه الطاقات بشكل صحيح لاستطاعوا ان يجعلوا من عشتار اجمل قناة في العالم ..


ومن ملاحظة ما كتبه بعض الاخوة من الكتاب في الفترة الاخيرة حول هذا الموضوع ومن ملاحظاتنا الخاصة لما نشاهده في بعض البرامج استخلصنا بعض النقاط نضعها كاسئلة وملاحظات امام المسؤولين والقائمين على هذه القناة العزيزة ليس انتقاصا من اعمالهم وليس لاننا لا نثمن جهودهم ولا نقدر اتعابهم , لا ابدا , بل لاننا نحب عشتار ونريد لها التقدم والازدهار ... ونطلب منهم ملاحظتها والاخذ بنظر الاعتبار كل الاراء المختلفة لدفع مسيرة القناة الى الامام ...  
الاسئلة والملاحظات :
1 – هل ان الاخبار التي تقدم خلال نشرة الاخبار التي تكرر ثلاث مرات وبثلاث لغات هي فعلا اهم الاخبار التي تهم شعبنا وهو في مثل هذه الظروف الصعبة ؟ وهل ان طريقة تقديم الاخبار بهذا الشكل هي حقا افضل الطرق ؟ فعلى سبيل المثال هل ان رسامة شماس في احدى الكنائس ( مع احترامنا الكبير لهذه الدرجة وتقديرنا للخدمات التي يقدمها كل الشمامسة ) هو الخبر الاهم لدى ابناء شعبنا لكي يتصدر نشرة الاخبار الرئيسة في قناة فضائية تبث الى القارات الخمسة ؟  او ان قيام مختار لقرية صغيرة بزيارة الى جهة معينة ( مع احترامنا وتقديرنا لكلا الطرفين ) هو كل ما ينتظره ابناء شعبنا وهم يعيشون في هذه الظروف الصعبة ويعانون ما يعانونه من كل انواع الظلم والتهجير والتهميش ؟ في الوقت الذي كنا قد سمعنا من مدير القناة السابق ( السيد جورج منصور ) لدى افتتاح القناة ان الاخبار ستكون حسب اهمية الخبر نفسه وليس لاية اعتبارات اخرى .. فاين هذا من ذاك ؟
الا يمكن درج مثل هذه الاخبار وغيرها ( وهي كثيرة ) والتي تتعلق بفعاليات ونشاطات محلية في نشرة اخرى كان تكون نشرة الاخبار المحلية او اخبار شعبنا او اي اسم اخر ؟
او تغيير طريقة تقديم الاخبار الى شكل اخر لمعالجة هذا الموضوع , مثلا جعل نشرة الاخبار التي تقدم باللغة الكردية تشمل الاخبار العامة والمهمة لاقليم كردستان وخاصة التي لها علاقة وخصوصية القناة , ونشرة الاخبار باللغة السريانية تشمل كل اخبار ونشاطات وفعاليات كافة ابناء شعبنا سواء في اقليم كردستان او في العراق او في بقية انحاء العالم , وهنا يمكن درج الاخبار المشار اليها اعلاه وغيرها وهي كثيرة وتستحق اكثر من نشرة , ضمن هذه النشرة , واما نشرة الاخبار باللغة العربية فتخصص للاخبار المهمة في العراق والعالم وحسب اهميتها واستنادا الى سياسة القناة العامة .
2 – الا يكفي الاشارة الى المساعدات التي يقدمها المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري الى ابناء شعبنا في نشرة الاخبار بدلا من بث التفاصيل الكاملة والدقيقة لها ؟ وهل ان بث التفاصيل الكاملة هي لتغطية الخبر فقط ام هي لاعتبارات اخرى ؟
وهنا ليس المقصود المساعدات نفسها حيث ان ابناء شعبنا وهم يعيشون هذه الظروف الصعبة وخاصة النازحين منهم بامس الحاجة اليها , وقد جاءت في الوقت المناسب فعلا مع كل الشكر والتقدير لكل من يدعمها ويساهم في تقديمها .. ولكن المقصود هو بث التفاصيل الدقيقة لعملية توزيع المساعدات الى ابناء شعبنا الذين لم يعتادوا على هذا ابدا, بل تعودوا دائما الى اعطاء المساعدات وليس اخذها .
3 – هل ان البرامج التي تخص نشاطات وفعاليات ابناء شعبنا هي فعلا لاحياء تراثنا وتعريف العالم بعاداتنا وتقاليدنا التي نعتز بها ؟ وان كان كذلك فهل ان عرض التفاصيل الكاملة والدقيقة لحفلات الغناء والرقص هي فعلا تؤدي هذا الغرض ؟  
وهل ان عرض التفاصيل الكاملة للحفلة مهما كانت تعطي مردودا ايجابيا ؟ على الاقل يجب معالجة او تلافي بعض المشاهد واللقطات الخاصة وهذا ابسط ما يكون ..
وثم هل يتم نقل وتغطية هذه النشاطات والفعاليات بصورة مقبولة ومتوازنة وفي اوقاتها المناسبة ؟ فلماذا اذن نشاهد بعض هذه الفعاليات متاخرا جدا او لا نشاهد الكثير منها او اية اشارة اليها ؟ فعلى سبيل المثال شاهدنا بعض النشاطات التي جرت في الولايات المتحدة الاميركية – ولاية مشيكن مثل مناسبة التناول الاول ومسيرة استنكار الاعتداءات على المسيحيين واستشهاد الاب رغيد كنا ورفاقه , وكذلك مناسبة الاحتفال بعيد ماركيوركيس وغيرها بعد اسابيع كثيرة من تاريخها .
4 – هل ان البرامج التي تعرض ايام الاعياد والمناسبات الدينية هي فعلا لاحياء هذه المناسبات العظيمة والاحتفاء بكل ما تتطلبه المناسبة من الناحية الدينية ؟ ام هي لاعتبارات اخرى لسنا بصددها ؟ اذن ما معنى عرض عدة قداديس وبصورة كاملة وفي يوم واحد ؟ فهل هذا يدل على كثرة الايمان والتدين ؟
وهنا ارجو ان لا يفسر السؤال بصورة اخرى حيث ان المقصود ليس القداس نفسه بل التكرار في اليوم الواحد .  
5 – هل اختفاء بعض مقدمي البرامج مع برامجهم وبصورة مفاجئة يندرج ضمن خطة مدروسة مسبقا للقناة ام ان هناك شيئا اخر ؟ ومهما يكن اليس من الافضل اشعار المشاهد ولو في اعلان بسيط بان هذا البرنامج سيتوقف وسيحل بدلا عنه برنامج اخر افضل , وحتى لو كان ذلك من دون ذكر الاسباب , وهذا من حق القناة طبعا .. وذلك بهدف جعل المشاهد على علم ودراية بما يجري في قناته المفضلة لكي تبقى ثقته عالية بها .
6 – واستنادا الى السؤال السابق , هل يتم اختبار العاملين في القناة واختيارهم وفقا للكفاءة والمهارة الفنية , ام وفق اعتبارات اخرى ؟ وهل يتم تدريب وتاهيل المنتسبين ليصبحوا كفوئين في عملهم ويجيدون التصرف اثناء كل المواقف وخاصة المستجدة منها انيا ويعرفوا كيفية التخلص من المواقف المحرجة دون ان ينحرجوا ويحرجوا معهم حتى المشاهد ؟ .
7 – واستنادا الى السؤال السابق ايضا , لماذا اذن ينجر بعض مقدمي البرامج في حديثهم الى مواضيع خاصة او ذو خصوصية محدودة تصلح ان تبث في تلفزيون محلي لمدينة معينة او منطقة محدودة وليس في فضائية تبث الى جميع انحاء العالم ؟
8 – الا يمكن تغيير او تطوير او تجديد طريقة تقديم بعض البرامج المهمة والمفيدة لتصبح اكثر اثارة واكثر تشويقا بدلا من تقديمها بطريقة عادية او روتينية لا تجذب الانتباه كثيرا ؟
فعلى سبيل المثال الا يمكن تغيير طريقة تقديم برنامج ( رموز شعبنا ) وجعلها اكثر اثارة لكي تجذب انتباه عامة الناس , حيث من حق هؤلاء الاعلام علينا جميعا ان نعرف بعضا مما قدموه لنا ولكن بطريقة مشوقة يتقبلها الجميع وليس المختصين بالامر فقط ...
9 – لماذا لا يتم دراسة ومعالجة موضوع اللغة في القناة ؟ هذا الموضوع المهم والملح جدا , وخاصة ان القناة لها خصوصية معروفة وتخص شعبا له مقوماته الخاصة ومن اهم هذه المقومات واولها هي اللغة , فلماذا لا يتم دراسة ومعالجة هذا الموضوع بشكل يصلح ويرضي الذين يجيدون اللغة والذين لا يجيدونها بصورة جيدة , هذا من جهة , ومن جهة ثانية ليتلائم مع واقع شعبنا من حيث اختلاف اللهجات ؟
10 – لماذا لا يتم فتح مكاتب للقناة في بعض دول الخارج التي يتواجد فيها الكثير من ابناء شعبنا مثل الولايات المتحدة الاميركية مثلا وغيرها ايضا وذلك لنقل اخبارهم من جهة ولابقاء تواصلهم مع الوطن الام من جهة اخرى  وتغطية نفقات ذلك من نشاطاتهم واعلاناتهم التجارية كما هو معمول به في الكثير من المؤسسات الاعلامية ؟
هذه بعض الاسئلة وليس كلها ولا اهمها نطلب من المسؤولين والقائمين على قناتنا العزيزة عشتار ملاحظتها وملاحظة ما كتبه بقية الاخوة من قبلي لدفع مسيرة القناة نحو التقدم والازدهار ولتحقيق اهدافها لخدمة هذا الشعب المظلوم والمشتت واعلان هويته الحقيقية التي يستمدها من تاريخ حضارته الممتدة الى عمق التاريخ .

           وحيد كوريال ياقو
          مشيكن – اميركا
          شباط - 2008

119
 ملاحظة :-
 انشر هذه القصة بمناسبة صرحة الاستغاثة التي اطلقها غبطة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي , بطريرك الكنيسة الكلدانبة في العراق والعالم ونداء قداسة البطريرك مار دنحا الرابع , بطريرك كنيسة المشرق الاثورية وكذلك البيان الذي اصدره قداسة مار ادي , بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة , حول معانات ابناء شعبنا في العراق من جراء تصاعد الممارسات اللاانسانية ضدهم في الفترة الاخيرة .
حيث ان القصة تنصب في هذا الجانب وقد كتبتها قبل اشهر وهي توجز بأختصار شديد تاريخ امتنا الطويل ومعاناتها المستمرة عبر العصور السابقة والتي فاقت حدها في الوقت الحاضر وفي خاتمة القصة صرخات لابناء شعبنا لأنهاء هذه المعانات .
نتمنى ان تعلو اكثر واكثر هذه الصرخات لتصل الى مسامع المسؤولين لوضع حد لهذه الممارسات اللاانسانية التي يعامل بها شعبنا في العراق , وليكبر جميعنا صرخات ابائنا الاجلاء .
القصة :-   
  الخرابة القديمة والدار المنشودة
                   " قصة قصيرة لحكاية طويلة "

في حديث الزمان كان هناك ثلاثة اخوة اشقاء من اب واحد يعيشون في خرابة قديمة جدا .. جدرانها متهدمة وليس فيها سقف .. بينما كان اجدادهم في قديم الزمان يعيشون في قصور فخمة بنوها بأنفسهم وعمروها بأيديهم ووضعوا فيها من العجائب والغرائب ما يصدق وما لا يصدق .. وكان ذلك قبل كل الناس وقبل ان يكون للناس بيوتا ولا حتى اكواخ ...
وقد حصل ان وقعت فرقة بين اباء هؤلاء الاخوة الثلاثة , فطمع فيهم الاشرار وهجموا عليهم فتمكنوا منهم بسبب فرقتهم .. فدمروا قصورهم وخربوها ثم احرقوها .. وسلبوا اموالهم .. ونهبوا ممتلكاتهم .. وشردوا ابنائهم ...
ومنذ ذلك الزمان اصبح هؤلاء الابناء يعيشون من دون مأوى .. يواجهون الصعوبات الكبيرة ويعانون المظالم الكثيرة  وتحت احقاد اولئك الغرباء .. وباتوا هم يعيشون كالغرباء بين انقاض وبقايا قصور اجدادهم .
ثم جاءهم شخص غني جدا لديه كنوز كثيرة ويملك كرمة كبيرة , ودعاهم للعمل فيها .. فاستجابوا له قبل كل الناس , وبدأوا يعملون في هذه الكرمة الكبيرة بجد ونشاط واخلاص .. وهكذا تعلموا  فيها الكثير مما لم يكونوا قد تعلموه في السابق ,  فأطعموا الناس عنبا لذيذا .. وأسقوهم  خمرا طيبا .. وعلموهم كيف يعملوا وكيف يحبوا وكيف يصنعوا الخمر الجيد .. وهذا ما زاد من حقد الاشرار عليهم اكثر .. فكرهوهم اكثر واكثر .. وزادوا في ظلمهم  اكثر فاكثر .. ولكنهم استمروا العمل في هذه الكرمة الكبيرة واستمروا العيش في تلك الخرابة القديمة بين انقاض وبقايا قصور اجدادهم .

ثم هطلت عليهم امطار كثيرة , وهبت رياح شديدة , وضربتهم عواصف قوية , ولكنهم بقوا في تلك الخرابة القديمة يواجهون الرياح القارسة شتاءا واشعة الشمس الحارقة صيفا , وبدأت الذئاب المفترسة تهاجمهم ليلا والوحوش المخيفة نهارا , والحشرات المضرة تتغلغل الى اماكنهم وتعبث بمقتنياتهم في كل حين .. ولكنهم بقوا في تلك الخرابة وكأنه قد كتب عليهم ان يعيشوا هكذا ومن دون مأوى ...
ثم تكاثفت الغيوم فوقهم واسود لونها كثيرا وانحجبت الشمس عنهم فباتوا لا يميزون الاشياء عن بعضها ..  فضرب المنطقة كلها برق قوي من الغرب , فدمر كل ما حولهم وهدم كل بناء وخرب ما كان قد بقي من جدران الخرابة .. وبعثر كل شيء فيها .. فبات  هؤلاء الاخوة وابنائهم في العراء مكشوفين من كل النواحي  تلاطمهم الرياح شمالا وجنوبا وتقذف بهم العواصف قريبا وبعيدا ..
 وهكذا اصبح لزاما عليهم ان يفكروا في بناء دار لهم جميعا ليحميهم وابنائهم من الامطار والعواصف قي الشتاء والشمس الحارقة في الصيف والذئاب المفترسة في الليل والوحوش المخيفة في النهار وعبث الحشرات في كل حين .. .
فأجتمع الاخوة الثلاثة وهم ينادلك ويروثا وينايرس لهذا الغرض ولكي يتفقوا على بناء هذه الدار المنشودة .
- قال يروثا :- هيا لنبني دارا لنا جميعا.. حيث نحن اخوة .
- وقال ينادلك :- نعم .. لقد حان الوقت .. هيا لنبني لنا دارا .. ليكن لنا جميعا حيث نحن اخوة .
- وقال ينايرس :- نعم .. نحن الان بحاجة اليها كثيرا .. هيا لنبني لنا دارا .. لنا جميعا لأننا اخوة .

وهكذا اتفق الاخوة الثلاثة على بناء دار لهم جميعا لحاجتهم الماسة اليها فبداوا يستعدون ويتهيئون لذلك .
- فقال يروثا :- نعم .. ذلك صحيح , لقد حان الوقت لكي نبني لنا دارا , واننا الان بحاجة اليها كثيرا .. وكم قلت لكم ذلك في السابق , ولكنكم لم تهتموا لكلامي .. واما انا فقد جلبت بعض الحجر وبعض الحطب الازمة لهذا الغرض .. ولهذا يجب ان يكتب اسمي على باب هذه الدار .
- فقال ينادلك :- ولكن انا اكبركم , ولي ابناء اكثر منكم .. وسيعمل ابنائي جميعهم في بناء هذه الدار .. ولهذا يجب ان يكتب اسمي انا ايضا على باب هذه  الدار .
- فقال ينايرس :- وماذا عني انا ؟ ألا يكتب اسمي على باب الدار ؟ ان هذا ليس بعدل .. يجب ان يكتب اسمي انا ايضا على باب الدار . 

وهنا بدأ الاخوة يتحدثون ويتجادلون حول كتابة اسمائهم على باب الدار .
- ثم قال يروثا :- انا يروثا .. وكان ابي يحب اسمي كثيرا , وقد سماني يروثا لكي ارث اسمه واسم اجدادنا العظام حيث كان معظمهم يحملون اسمي هذا .. وعندما نكتب اسمي على باب الدار سيعرف الناس ان هذه الدار تعود لنا وهي ملك لنا.. نحن احفاد اؤلئك الاجداد العظام.. وبهذا سنعيد كرامة ومجد اجدادنا العظام .
- فرد ينادلك :- وانا ايضا كان بعض اجدادنا يحملون اسمي , وان جميع ابنائي الان يحملون اسمي ويعتزون به .. فكيف تريد ان يعمل ابنائي في بناء الدار ثم يكتبوا اسمك فقط على باب الدار ؟ ان هذا غير ممكن .
- فقال ينايرس :- وانا ايضا .. كيف تريدون مني ان نعمل معا في بناء الدار .. وفي الاخير لا يكتب اسمي على باب الدار .. لا , هذا لا يجوز , يجب ان يكتب اسمي انا ايضا على باب الدار .

وهنا تدخل الابناء عندما رأوا ان ابائهم قد اختلفوا فيما بينهم وانشغلوا بأمر كتابة اسمائهم على باب الدار وتركوا بناء الدار نفسها .. وارادوا ان يصلحوا بينهم , فأقترحوا عليهم ان يكتبوا اسمائهم الثلاثة على باب الدار لكي يتفقوا على بناء الدار التي ستقيهم من برد الشتاء وحرارة الصيف وتحميهم من الذئاب المفترسة في الليل والوحوش المخيفة في النهار وعبث الحشرات في كل حين .

فرجع الاخوة الثلاثة للحديث مع بعضهم البعض للاتفاق على بناء الدار ولكن الحديث كان بصراحة اكثر .
- فقال يروثا مخاطبا ينادلك :- انت اخي وانا احبك وان ابناؤك هم اولادي , ولكن اسمك غريب .. وان والدنا لم يسميك بهذا الاسم ابدا .. فقد اطلقه عليك احد العاملين في الكرمة .. ولهذا لا يجب ان نكتب اسمك على باب الدار , ولكنك تستطيع ان تكتبه على الجدران الداخلية للدار .
 وألتفت الى ينايرس وقال له :- كذلك تستطيع ان تفعل هذا انت ايضا يا اخي  ينايرس , وكما تشاؤون .
- فأجاب ينادلك :- لا , ان هذا غير صحيح .. فقد كان بعض اجدادنا يحملون اسمي .. وان اولادي الان جميعهم يحبون اسمي ويعتزون به ولا يمكن ان نتخلى عنه .. ويجب ان يكتب اسمي على باب الدار وليس في اي مكان اخر .. ولا اوافق على غير ذلك .
- فقال ينايرس :- وانا لا يمكن ان اعمل في بناء هذه الدار اذا ما لم يكتب اسمي على باب الدار .

وهنا تدخل الابناء مرة اخرى وبعض المقربين والخيرين  والطيبين بعد ان رأوا انهم قد اختلفوا اكثر بعد ان تكلموا بصراحة اكثر ..  وحاولوا ان يصلحوا بين هؤلاء الاخوة وطلبوا منهم ان يتفقوا على بناء الدار التي ستأويهم وابنائهم جميعا وتحميهم مما حولهم من مخاطر وتنجيهم مما فوقهم من عواقب , وليختاروا اسما يناسبهم جميعا لكي يكتب على باب الدار .

فرجع الاخوة الثلاثة هذه المرة لا للحديث بل للجدال بعد ان حاول كل منهم ان يأخذ بعضا من اثاث ومقتنيات البيت لنفسه . 
- فقال يروثا :- انكم بهذا لا تريدون ان نبني دارا لنا .. ولا تريدون ان يعرف الناس ان هذه الدار هي ملك لنا .. نحن احفاد اؤلائك الاجداد العظام الذين كانوا يعيشون في تلك القصور الفخمة وتلك القلاع العالية التي كانت تطل وتشرف على كل الاراضي المحيطة بها .
- فقال ينادلك :- ان الدار يجب ان تكون ملكا لنا نحن جميعا , وتحمل اسمي انا ايضا .. ولهذا يجب ان يكتب اسمي على باب الدار لكي يعرف الناس ان هذه الدار هي ملك لنا .. نحن احفاد أؤلائك الاجداد العظام الذين علموا الناس ما في الارض وما في السماء .
- فقال ينايرس :- نعم .. يجب ان تكون الدار ملكا لنا جميعا .. ولكن يجب ان تحمل اسمي انا ايضا .. لكي يعرف جميع الناس اننا جميعا اخوة .. واحفاد أؤلائك الاجداد العظام وابناء أؤلائك الاوفياء الذين عملوا بجد واخلاص في الكرمة الكبيرة واطعموا الناس العنب الطيب واسقوهم الخمر اللذيذ .

وهكذا دار الحوار بين هؤلاء الاخوة الثلاثة حول بناء هذه الدار المنشودة واستمر الى ان قال احدهم ورفض الثاني .. وقال الثاني واعترض الثالث .. وقال الثالث ولم يوافق الاول .. وقال الثلاثة ورفض الثلاثة .. وهكذا قالوا وهكذا رفضوا .. ثم قالوا ثم رفضوا .. وما زالوا يقولون وما زالوا يرفضون .. وما زال الابناء ينتظرون .. وما زالت الامطار تتساقط فوق رؤوسهم .. وما زالت الرياح تهب عليهم .. وما زالت العواصف تعصف بهم .. وما زالت الذئاب تفترسهم .. وما زالت الوحوش تهاجمهم .. وما زالت الحشرات تعبث بمقتنياتهم , وهم ما زالوا يصيحون بابائهم :-
 كفاكم .. كفاكم كلاما .. كفاكم جدالا .. كفاكم فرقة .. كفاكم كفاكم .. هيا لنبني الدار .. هيا لنبني الدار .

        وحيد كوريال ياقو
        مشيكن - اميركا
       نيسان - 2007   
 

120
المنبر السياسي / كارتون بسورث
« في: 19:49 24/11/2006  »
                  كارتون بسورث !!!

من البديهي ان كل بناء يبدا بالاساس .. ومن المعروف انه كلما كان الاساس قويا وسليما , كان البناء متينا وصالحا .. ومن المعروف ايضا ان البناء لا يقتصر على البناء العمراني فقط , مثل بناء المساكن والمشاريع الصناعية والخدمية وغيرها .. وانما هناك انواع اخرى من البناء .. وهي اهم من البناء العمراني.. وتعتبر اساسا له .. مثل بناء الشخصية وبناء العائلة وبناء المجتمع .. وعلى هذه يرتكز البناء العمراني , واذا ما كان هذا البناء فسيكون هناك البناء العمراني .. وعليه فاذا كان هذا البناء قويا وسليما , يكون البناء العمراني كذلك , وبخلافه يكون هشا وغير صالحا , وقد لا يدوم طويلا ..
ومن ملاحظة ما يدور وما يجري في شمال العراق , وفيما يخص ابناء شعبنا بكل مسمياته .. نلاحظ انه هناك الكثير من البناء , وفي مختلف المجالات , وعلى كافة الاصعدة , ولو ان الكثير منه لم يبدا من الاساس , او ليس له اساس , بل جاء لمتطلبات الظروف الحالية , وكان لا بد منه , وهو يبهر الكثيرين ويجدر الكلام عنه .. وقد تختلف الاراء هنا , فهناك من هو مع هذا البناء ويعمل لاستمراره.. وهناك من يتامل خيرا منه واملا لمستقبل ابناء شعبنا.. وهناك من يعتقد ان هذا البناء لا ينصب في مصلحة ابناء شعبنا .. وهناك من يعتقد انه ليس بناءا صالحا وسوف لن يدوم .. وهناك من يعتبره انه ليس ببناء اساسا .. وهناك ايضا من يريد ان يعيق هذا البناء .. واخيرا هناك من يقف بين هذا وذاك .. وهذه كلها اراء يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار .. ومهما يكن , فانني الان لست بصدد الكلام عن هذا النوع من البناء .. البناء العمراني الجاري على قدم وساق في شمال العراق .. وانما بصدد نوع اخر من البناء .. يختلف عنه كثيرا , وابسط منه كثيرا .. ولكنه اولى منه كثيرا .. وقد لا يجذب انتباه الكثيرين , ولكنه جذب انتباهي كثيرا , وهو ما جعلني اقول هذا الكلام .. وهو ببساطة عبارة عن فلم كارتون للاطفال , عرض على شاشة قناة عشتار الفضائية التي تبث من شمال العراق ..وهنا ايضا لست بصدد الكلام عن قناة عشتار ذاتها , ولا عن طاقاتها وامكانياتها المادية , ولا عن ابداعات الكادر الذي يعمل فيها , ولا عن تقنية اجهزتها الحديثة والمتطورة .. فبالرغم من كون كل هذا رائعا مما جعلها تقدم برامج رائعة وممتعة ومن صميم خصوصيات شعبنا , وجعلها مرئية في مختلف ارجاء العالم الذي ينتشر فيه ابناء شعبنا .. ولكنني بصدد الكلام عن هذا الفلم الكارتوني البسيط , حيث جذب انتباهي كثيرا .. اكثر من بقية البرامج واكثر من كل مشاريع البناء والعمران ..
والفلم اسمه " كارتون سارا " قدم مدبلجا بالسورث وهو على شكل مسلسل في حلقات قصيرة جدا .. ولا استطيع ان انسى اليوم الاول الذي شاهدت فيه هذا الكارتون , فقد كنت نائما عندما جاءت ابنتي الصغيرة مهرولة لتوقظني وهي تصيح مستغربة " بابا.. بابا .. كارتون بسورث " .. واستيقظت فعلا وجلسنا جميعا امام التلفزيون نتفرج " كارتون سارا بالسورث " في احدى حلقاته التي تقدم كل يوم احد ..ولنسمع ولاول مرة شخصيات كارتون تتكلم بالسورث , وكنا نلتفت بين حين واخر الى بعضنا البعض ونضحك مع كل كلمة تطلقها الطفلة الجميلة سارا وبقية اصدقائها
من شخوص الكارتون .. وكانت سارا تبدو جميلة جدا وهي تتكلم السورث .. وهكذا كان يبدو جميع شخوص الكارتون وهم يتكلمون السورث .. وكذلك كانت النمل تبدو جميلة وانيقة وهي تتكلم السورث .. وحتى العنكبوت , الذي هو مشكلة مشاكل النظافة في البيوت , وتلعنه كل ربات البيوت , ولكنه كان يبدو نظيفا ومحبوبا عندما كان يتكلم السورث ...
وانتهى عرض الحلقة بسرعة في التلفزيون .. ولكنه بقي يشغلني كثيرا .. ويثير لي اسئلة كثيرة وكثيرة .. واول هذه الاسئلة : لماذا ايقظتني ابنتي وهي التي تعلمت ان لا تيقظني عندما اكون نائما الا اذا كان الامر هام ؟ .. ولماذا اعجبها هذا الفلم الكارتوني البسيط وهي التي تشاهد يوميا العشرات من احدث افلام الكارتون وبرامج الاطفال المنتجة في كبريات الشركات الاميركية والعالمية ومن مصادرها الاصلية حيث تعرض في القنوات الخاصة بالاطفال وعلى مدار الساعة والموجودة منها في الانترنيت ؟ .. ولماذا لم يكن لدينا نحن في ايامنا افلام كارتون ؟ ولا حتى تلفزيون ؟ .. ولماذا لا يتم انتاج الكثير من مثل هذه البرامج بالسورث ؟ .. واسئلة اخرى كثيرة وكثيرة جدا .. ثم اعود واسال نفسي : هل ان عرض فلم كارتون امر مهم ؟؟ وماذا سنجني من مجرد عرض فلم كارتون بالسورث ؟ .. وماذا سيقدم هذا الكارتون  لشعب محروم من كل الحقوق ؟ .. واين سيكون موقعه امام غيره ممن سبقونا كثيرا في هذا المجال ؟ . وادع الجواب للقارئ الكريم لكي يجيب بحسب ما يشاء .. ولكني اقول انها مبادرة طيبة , واتمنى ان تكون الخطوة الاولى .. نعم الخطوة الاولى لبناء طفل السورث .. بناء طفل السورث بصورة صحيحة وسليمة ليتم بناء مجتمع السورث بصورة صحيحة وسليمة ايضا , وهو بطبيعة الحال مطلب الجميع وامل الكثير , ونتمنى ان يتحقق على اساس سليم ومتين .. واين سيكون هذا الاساس ان لم يكن في الطفل ؟ .. وكيف سيكون صحيحا ان لم يبدا بالطفل ؟ .. وكيف يكون الطفل سليما ان لم يبنى وهو طفل ؟ وكيف سيعرف الطفل نفسه ان لم يعرفها وهو طفل ؟ ثم كيف سيعرف الطفل شعبه وامته ان لم يعرفهما وهو طفل ؟ .. هذه مجرد اسئلة اتمنى ان تكون مشروعة ..
واخيرا لا يسعني الا ان اقول شكرا لكل من ساهم في هذا العمل البناء .. صغارا وكبارا , والقائمة طويلة وتعرض على شاشة قناة عشتار الفضائية .. وشكرا ايضا لقناة عشتار الفضائية لهذه المبادرات البناءة وبقية البرامج الرائعة .. ونتمنى ان تكون كعشتار التي عندما كانت تصعد من العالم السفلي الى السماء.. كانت الحياة تنبعث معها.. وتخضر الارض .. وتخرج الكائنات كلها لتبدا بالحياة من جديد ...
نامل المزيد من هذه البادرات , ونتمنى ان لا تكون مدبلجة بالسورث فقط .. وانما يكون انتاجها بالسورث .. وشخوصها من السورث .. ويلبسون ملابس السورث .. ويتكلمون عن اهل السورث .. وبلغة السورث ...

               وحيد كوريال ياقو
                     مشيكن
              22 - 11 -2006     

صفحات: [1]