عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - Fatah Khatab

صفحات: [1]
1
أدب / من الشعر الكوردي المعاصر 8
« في: 13:23 25/04/2013  »


من الشعر الكوردي المعاصر  8  

ثلاث قصــــــائد

  للشاعر :  لطيف هلمت
  تـــرجمة : فتاح خطاب


الطفل

الطفل، قد لا يفهم
من هديل الحمامة
الذهبي
شيئاً
لكنه يعرف
لماذا تحلّق عالياً.

الطفل، قد لا يفهم
من هبَات الرياح
البيض، الرطبة
شيئاً
لكنه يعرف
أن الريح لا يَقبض عليها
بالشبكة.

الطفل،  قد لا يعرف شيئاً
البتة
عن النعرات القومية
وصراع الطبقات
لكنه يعرف
تمام المعرفة
لماذا تغطي الطائرات
الآفاق اللازوردية
ولماذا القرية تحاصرها الدبابات..‍‍‍



الشمس أكثر إشراقاً

الشمس أكثر إشراقاً
تقول أنباء هذا المساء
وهناك في الخارج
عواصف سود
تعبث في موسم الحقد
بلا توقف
وضفائر الشمس
سوف لا تداعبها
بعدَ
أيَ ريح..
إنهم يكذبون
مقاييس كل إذاعات العالم
فيها خلل وأخطاء
فليسقط هذا المسرح
إذاً
كل الأصوات كاذبة
إلا صوت الفقراء
فالشمس هناك
وراء هذا الجبل المتلفع
بضباب الليل
أكثر إشراقاً
وأجمل الأغنيات
تنبعث من فوهة ( برنو )
         ***



سيدة الأنوار

وطني ليس تابوتاً
كي تَلقيه في حفرة
تحت أحذية السنوات الموحلة

وطني قنبلة
وسينفجر يوماً
تحت بساطيل الظلم
حينئذ
تتوزع سيدة الأنوار
مثل المصابيح
على البيوت
كلها
قطرة فقطرة.

2
وصية حـــــالم

من الشعر الكوردي المعاصر
             
                    للشاعر : فريدون سامان

                       ترجمة : فتاح خطاب


لم يكن حلماً
بل كان هذيان شتاء
طلسمي قارس
وفيض طوفان ليل مشاكس
لا ينتهي.

ليلة احتراق ابراهيم
و انتشاء بوذا
حيث كانت روح الله
على حد السيف
ساعة انتظار لهيب الشعر 
حيث يخترق المدى.


ليلة كسرداب سجن
يحاكي أسرار جلاد نائم
يعاني الوحدة والانزواء
لا.. لم يكن حلماً
تلك الروح الجميلة المرفرفة على ذلك القربان
المقطوعة الرأس، هى أنا.


كنت أتلوى مضرجاً بدمائي
حيث سَلختُ جلدي
احتفاء بعيد القرابين
وها أني فريسة للطاعة والخذلان
ودمي تأشيرة وثيقة جواز مزورة
وجمجمة رأسي، هي ضريبة العبور
لمتاهات التهريب
بين أقانيم ( نعم ) و (لا )
أطرق رأسي عبثاً
مثلي كمثل قنينة فاليوم
لا أنعم بالنوم.

وها هو ذا قلمي
يبحث عن قصائد ضائعة
بين أوراق الذكريات
على رفوف جدران الذهن المتهرئة
منسية كاليتامى.       

توالت الأيام
فلم تأتِ
توالت الليالي
ولم تأتِ
لقد أنقضت السنين
ومرت فصول العمر كلها
بلحظة خاطفة
ومثل وردة ذابلة
تساقطت أوراق حياته
واحدة تلو الاُخرى
فتباعدت منازل الغرام
وتداعت مواعد اللقاء.
 
إنها ملحمة الدمار و الإنهيار
إنها ليست بداية الآلام
أو نهايتها
ولا هي حشرجة موت الكلمات المجنّحة
إذ أن الموت رجل شرير
يمتطئ حصان الرحلة المستحيلة
فيحيل كل ما بين الأرض والسماء
الى العدم.

الخرائب التي تذروها الرياح
ستصبح قصراً بلورياً
والملكة ذات الرأس الفارغة
تتوج ذهباً
والعرش الملكي، ما هو إلآ كومة من الجماجم
المتآكلة ورميم المقبرة العتيقة.

هذي الدنيا، مثل فنجان قهوة مقلوبة
ملؤه النقوش والصور
لا معنى لها ولا مغزى
كأن غجرياً عجوزاً     
بتفائل كاذب ومزيف
وبرؤية خنثية وشاذة
يفسر فيه أحلامنا.

الليل قفص حديدي
والشمس حمامة أسيرة
مرمية في زاوية مظلمة
بحزمة شعاعها
تصب نار الخلود في مكمن أسرار
تلك العيون الساهرة أبدا.
النصب الحجرية تدب فيها الحياة
ومرةً اُخرى يقع الليل رهينة
في كنف الشمس

ونحن نلوّح بأيدينا مودعين
وبهدوء وسكينة، نحني رؤوسنا
مثنا مثل بوذا
نرنوا لتلك النجوم التي سرقت منا

أحلام طفولتنا
ونقيم الصلاة لأجل هذي الأرض
التي حرّمتنا من أن نعشقها.

كنا مشدوهين
بذلك الدخان الذي كان بمثابة
قناع ذي ألوان متعددة
لزمن ما..
أغرب من ملامح وجه طفل صغير.
أني غدوت ضباباً طليقاً
نحو قامات الغيوم أتسامى.

ـ كان هذا ثمة حلم تراجيدي
في آخر فصل من ملحمة مهرّبة
حروفها لا تقرأ
لا ترى بالعين المجردة
وما خُفيت منها
ما أنفكت تسأل عني
بيتا.. بيتا
زقاقاً.. زقاقا
في السهول و الجبال
وفي السجون..
وتبحث عني
في المقابر
شبراً فشبرا

أنا نفسي، لا أعرف متى أموت
وما الأمر إلآ بيد كأس من السم المُحلّى
أو أزيز رصاصة طائشة.
بيد أن نهاياتي
هي بداية الجنون
بداية الهروب
بداية الانتحار. 

3
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  70       
                           
       
                           فتاح خطاب     

وقد إنتهى الجزء 69 ب :         
إذ قال محذراً الحرباء والحمار: أُحذِّركما من مجئ هذا البلوى
إلى المعهد مدرساً..! فوالله لو جاء وعاش بيننا في المعهد
سيفضحنا أمام الطلبة والمسؤولين، واحداً تلو الآخر

هكذا كان الوضع ولايزال تحت ظل حكومات داخل حكومة..!!
في غياب القانون والعدالة الإجتماعية واللا مساواة..
وهل يستوي البعثي الخائن والفاسد والسارق، المنتمي حديثاً للحزب
الحاكم والنصير الشريف الذي أفنى سنوات عمره نضالاً، تشرداً،
جوعاً وأنتظاراً؟
كل المؤشرات تدل على عكس ما كنا نحلم به. فالواقع المزري الذي نعيش
فيه خير دليل على ذلك. وما نراها في حياتنا اليومية وما نقرأ ونسمع عن
مظاهر الفساد والسرقات والمحسوبيات والوساطات غير العادية،
نكون قد وقعنا في فخ السياسة القذرة، حيث لا تنفعك ما عملت وما أنجزت
وماكنت وما قدمت من تضحيات، طالما أنك خارج دائرة الفساد
ولست من إهل الثقة ولا من آل بيت المال والمتاجرين السياسيين..
ولكي نحصر طروحاتنا في مثلث برمودا التربية والتعليم نسجل للتاريخ
بعض المواقف المشينة والسلوكيات المقيتة من قبل البعثيين القدامى
المنتمين حديثاً للحزب الحاكم:
فتاة شابة من لحمنا ودمنا وإنسانة محبة للفن والفنانين وتثق بهم. فأرادت.. تصوروا..!
علماً بأن فتياتنا بعد دراستهن على مدى خمس سنوات وتخرجهن،
يبتعدن ويتخفن وراء الجدران الأربعة ولا نجد لهن أثراً ولا نسمع لهن صدى
في عالم المسرح. لكن تلك الشابة الشجاعة، أرادت المشاركة في عمل مسرحي
ضمن فرقة يقودها استاذ طليعي له زنة ورنة وهو كالمغرفة لكل أنواع القدور
وما تحتويها من شوربات ( جفجير البلد) وأنه من جماعات (افتح يا سمسم)
بجدارة، كونه من رموز الفترتين..
فتوجهت الشابة إلى الفرقة في موعدها المقرر، فلم تجد هناك غير المخرج
الفطحل، وكانت الإجابات على تساؤلاتها عن الأعضاء الباقين، مدروسة
ومطمئنة لحد أغلاق الباب عليها والتحرش بها بشكل وحشي، مفاجئ وصادم،
لم يحصل منها سوى بصقة في الجبين وبضعة كلمات لا ينساها طوال عمره..
ولأنها كانت جريئة في فضحها له، رفض الأستاذ قبولها في المعهد..
هل عرفتم الآن من الذي يتحكم بأُمور الفن والثقافة، ومن الذي يقرر ويتأمر
ويُستشار ويرفع تقريراً عن نشاطات فتاح خطاب الفنية والثقافية التخريبية والتحريضية.. إن وُجِدَتْ.
لأنه كان هو السبب المباشر والوحيد لإيقاف البروفات
على مسرحية (التمثال) التي كتبت أصلاً في القاهرة بتاريخ
20 / 12 / 93. أي قبل منعها ب (16) عاماً..!!                       
أما الحكاية الثانية التي تتحدت عن محاولة إسقاطي سياسياً وأخلاقياً فهي كالتالي:
بعدما شعر المدير بأن هنالك أصواتاً بدأت ترتفع إستنكاراً لعشوائية المشتريات
غير الضرورية فأصبحت واحداً من لجنة المشتريات والمصروفات..
وحدث لأول مرة والأخيرة، إذ فاتحني رئيس القسم حول الإمضاء على وصولات،
لا أول لها ولا آخر.. فطلبت منه المشهادة العينية وجرد الحسابات حسب ما جاء
في الوصولات فرمى عليّ نظرة إشمئزاز وأستخفاء قائلاً: كم أنت صعب و وعر
يا استاذ..!
ــ وكم أنت سهل وشفاف يا استاذ..!
وراحت عليّ عزومات القسم والسفرة السنوية والمشاركة في لجنة القبول
ولجنة الإشراف على أُطروحات الطلبة ومن ثم لجنة تقييم الطلبة الخريجين..
و وراء كل منها حكاية، حكاية تشيب الضفدعة. ولكل إستفسار
جواب حاسم وقاطع.
ــ لماذا يا أساتذة..؟!
ــ لأنك لست بارتياً!
ــ وما الفرق بين إنسان شريف وإنسان غير شريف
ــ لا فرق البتة. سوى بالغير. ونحن في مقدورنا أن نغيّر مكانه، حسبما نريد.
  فيكون الشريف غير شريف ويكون غيرشريف شريفاً.



                                      للموضوع صلة
ِ

4
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  69     
                           
       
                           فتاح خطاب
 
وقد إنتهى الجزء 68 ب :
وها نحن الآن في زمن ما بعد الإنتفاضة وبعد عشرين سنة من الإستقرار
الأمني والإزدهار الإقتصادي..
لم نجد مدير مدرسة إبتدائية اومديراً عاماً او حتى مدير ناحية
إن لم يكن منتمياً للحزب الحاكم..

وأني لأجزم هنا، حسب تجاربي التي مررت بها.
بأن صلاحية الحزب الحاكم موزعة بين كتل وجماعات ومافيات فنية
تتحرك وفقاً لمصالحها الذاتية او المحسوبية او الشللية اوالمزاجية..
خارجة عن المعايير العلمية والأدبية والفنية اوالأقدمية والكفاءة والإستحقاق
الوظيفي في غياب تام لوجود القانون..
إذ لا قانون سوى ما يأمر به كائن حزبي ما في مكان ما.
فتشعر بأنك لست في دولة يحكمها القانون وإنما هنالك من يلتف على القانون
ويلوي عنقه حسبما يتطلبه الموقف، لما يخدم ويرضي فضوله ورغبته
ويشفي غليله.. حيث الطارؤون يحلون مكان الأُصلاء وتنقلب الإستثناءات
إلى قاعدة. وكلها بإسم الحزب الحاكم. الحزب الذي يقلد البعث بكل تفاصيله،
وهذا شئ حتمي، لكونه لملم في داخل تنظيماته ومفاصله ومؤسساته
ودوائره كل وساخات البعث وأكثرهم إنتهازية، حربنة وخبثاً..
وهؤلاء هم الذين يديرونها بالنيابة عن الحزب الحاكم ويقررون بدلاً عنه.
ولتوضيح ما أصبو إليه سأُدوَّن هنا بعض المقتطفات من المشاهد الكوميدية
في هذا الزمن الهزلي حد البكاء،
إثر رجوعي من ستوكهولم للمرة الثالثة، دون أن أحظى بالتعيين،
بعدما أنهيت رحلة العمر بين بغداد وأربيل وقدمت فيهما أكثر من عشر
مسرحيات وكنت عنصراً رئيسياً في تكوين فرقة المسرح الريفي
ومن ثم إلتحاقي بحركة الأنصار حيث قدمت خلالها ثلاث مسرحيات ونشرت
قصائد مترجمة عن اللغة الكوردية في الثقافة الجديدة ومن ثم سافرت
إلى اليمن وقدمت خلالها خمس مسرحيات، تأليفاً، إخراجاً وتمثيلاً..
وهناك بدأت بنشر كتاباتي النقدية والبحثية في الجرائد وفي مجلة
(المنتدى الثقافي)
وبعد أربع سنوات توجهت إلى ستوكهولم  وهناك شكلت  فرقة مسرحية
كوردية (فرقة الدراما) وقدمت خلالها مسرحيتين ( ذنب الأفعى، العنكبوت)
وساهمت في إذاعة 14 تموز بتقديم برنامج اسبوعي
( قراءات شعرية مترجمة ـ من الشعر الكوردي المعاصر)
ونشرت ثمانية كتب مسرحية وكلها على نفقتي الخاصة،
إذ لم يدخل في جيبي كرون واحد، رغم الجوع والتشرد والكبت الجنسي
والحنين إلى مدينتي ومسرحي ونقابتي وإتحادي المحتلات والمستباحات
من قبل البقية الباقية من جحوش البعث المقبور.           
وبينما كنت مشغولاً في أمر إعادة التعيين حسب قرار رئاسة الوزراء
ولأني لم أكن أعرف أحداً من القائمين بالشؤون الثقافية والفنية
او لأنهم كانوا نكرة في عالم الفن والثقافة، لم أرضى لنفسى بمجرد اللقاء بهم.
فبحثت عن أصدقائي القدامى عن طريق نقابة الفنانين.
وقد إستقلبني هناك ثلاثة من الجحيشات القدامى، وهم من كوادر معهد
الفنون الجميلة الأساسيين حزبياً ووظيفياً.
وبدأت النقاشات حول المسرح والفكر والثقافة وحول ما كتبت وأخرجت
وأين ومتى.. وأنتهى اللقاء الأول دون أن ننتهي من المواضيع المطروحةّ،
فطلبوا مني أن أجلب لهم في اليوم التالي كتبي المطبوعة في السويد،
فبدأت بقراءتها عليهم واحدة تلو الأُخرى..
وفي أثناء القراءة لم أكن أرى أمامي سوى أشكالاً ممسوخة،
كما الحمار، الحرباء و الحمل الوديع وأسمع بين حين وآخر تعليقات غبية وغير مقنعة.
وفي كل مشهد كنت أقرأه أُذكّرهم بتجارب الآخرين من الكتاب والمخرجين
العرب والأجانب.. وهم صُمّ، بُكم، لا يفقهون..
وبعد إنتهاء اللقاءات الميدانية والمطارحات الفنية والثقافية،
خرج الحمل الوديع من صمته يوماً، في جلسة سرية، أنكشف فيما بعد
من قبل أحد زملاء المهنة،
إذ قال محذراً الحرباء والحمار: أُحذِّركما من مجئ هذا البلوى
إلى المعهد مدرساً..! فوالله لو جاء وعاش بيننا في المعهد
سيفضحنا أمام الطلبة والمسؤولين، واحداً تلو الآخر،
ولن تقوم لنا قائمة..! إنه سيُعرينا لا محال،
وأنك إن عملت فستجني على نفسك أولاً..

ــ : obs لا أُخفي عليكم..! أن كلام الحمل الوديع طلع مضبوط 100%
  وهو الذي بادر بترك المعهد مُخَيّراً ولم أُصادف إن رأيته مشاركاً
 في أي عمل مسرحي. أما البقية الباقية فنصيبهم من الفضائح
كان أكبر مما تتصورون والبقية تأتي..!



                            للموضوع صلة

5
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  68     
                           
       
                           فتاح خطاب

وقد أنتهى الجزء67 ب :
كانوا أبسط مما كنا نتصورهم. كانوا يجلسون مع طلابهم ويتمازحون معهم
أينما كانوا وأينما وجدوا، على دكة في الطريق كانت او على حوافي الحديقة
العامة، مثلهم كمثل الطلبة.

والأنكى من ذلك كله، هو ما سمعت من تصريحات جوفاء وما رأيت من تصرفات وسلوكيات رئيس القسم (ز، ط) ا
لمشينة والمخزية الذي أنهى دراسته بأكاديمية
الفنون بسبع سنوات، لغباءه المفرط ولعدم إجادته للّغة العربية رغم بعثيته..
رأيته وهو بربطة عنق على شكل فراشة كما نراها في مهرجانات سينمائية
دولية او في أثناء الإنتخابات الأمريكية في عنق السيناتورية..
ومتى؟ في أثناء الدروس المسرحية وهي مليئة بالحركات التمثيلية والرياضية والخطابة والأفندي لابس قاط العريس
 بسلاسل ارستقراطية القرن الثامن عشر.. وعندما سألته عما إذا كان مدعواً في مهرجان دولي ونحن آخر من يعلم،
فأجابني وهو يعدل ياقته ليُظهر أمامي لياقته ولباقته وهو لاصوت له ولا صورة،
قائلاً: علينا أن لا نشبه الطلبة ونحاول أن نبقى مميزين لكي يحسوا بأننا أساتذة ومتعلمين وأنت بالذات يا استاذ عليك
أن تلبس ما يعجبه الآخرون
وبالأخص الطلبة..!
ــ ولكن الطلبة أيضاً يميزون بين الاستاذ الجاد والجيد والأستاذ الفاسد والسارق والكسول وهل بعمرك رأيت أساتذتك
في أكاديمية بغداد بهذه الصورة الكوميدية
في أثناء الدوام الرسمي؟ ماذا تعلمت منهم إذن؟!
أليس من الأفضل لك أن تركز على ما تُعّّلم الطلبة من دروس؟
فضحك الأستاذ البعثي سابقاً والبارتي حالياً،
قائلاً: أنا..؟ أنا مخرج مسرحي طليعي وكاتب مقالات صحفية.. أنا..
ــ نعم أنت أنت .. ولن تتغيير.. منذ أن كنت طالباً ولحد الأن، أنت، أنت..
هل تعرف فريدون سامان؟
ــ ما به؟
ــ وقد إلتقيت به ذات يوم، له عتب عليك..
ــ على ماذا؟
ــ إنك طلبت منه ترجمة جزء من كتاب (المسرح الفقير) لأجل عيون الطلبة
دون أي ثمن. ولكنك نشرت المقالة فيما بعد، نصاً، بإسمك الصريح.
هل هذا صحيح؟ وهل تعرف شهرام نامق و تانيا كريم..؟
ــ أنت شيوعي حاقد..!
ــ نعم أنا.. وهل تذكر حين دعوتني لمشاهدة بروفاتك المسرحية،
فقلت لك وأمام الطلبة أن الخطة الإخراجية والشخصيات والحركات المسرحية
وحتى الديكور، خطأ في خطأ من الساس إلى الرأس..؟
وهل تذكر ما أجريت من تعديلات جوهرية، إخراجاً وتمثيلاً،
لأربعة مشاهد رئيسية ولم من يبق منها سوى المشهد الأخير؟
حينها سألتني: والمشهد الأخير؟ فقلت لك: أنك أستاذ ومخرج العمل،
فعليك حسب المشاهد المعدلة، وضع اللمسات الأخيرة بنفسك،
لأن كل مخرج له رؤاه وتصوراته.. وتركتك في حيرة من أمرك وخرجت../ 
السؤال هنا: أين تكمن المشكلة؟
الجواب: إننا نحن الفنانين والكتاب عاصرنا فترتين عصيبتين
(زمن البعث وزمن ما بعد الإنتفاضة) والبطل الخاسر فيهما هو من نفذ بجلده
وإستطاع الحفاظ على مبادئه ونفسه وتواصله مع عالم الفن والثقافة والعطاء
ولم يكن لعبة مطواعة بأيدي العابثين والسماسرة السياسيين
الذين لا يهمهم في الوجود شيء سوى البقاء في السلطة بأطول وقت ممكن
وتغليب المصالح الذاتية والعشائرية على مصالح الشعب العليا.
متخذين من السياسة الميكافيللية، اسلوباّ وأداة، لتحقيق مآربهم السياسية.
وإذا كان البعث قد رفع شعارات كاذبة ومضضلة، مرحلياً،
تتمحور حول الوحدة العربية والإشتراكية العربية وعودة القدس
ونفط العرب للعرب وكل شيء من أجل المعركة ومن ثم > العراق سفينة
البعث وكل من لا يركب، يغرق..
ومن جانب آخر شرع بإستدراج الأحزاب اليسارية عن طريق العلاقات التجارية
مع الدول الشيوعية وشبه الإشتراكية وحين تَمَكّنه بدأ بتقطيع اوصال الأحزاب
اليسارية التي كانت محاصرة، متشرذمة، مكشوفة، مطمئنة، مستسلمة
وأمينة في الحفاظ على إتفاقيات الجبهة اللاوطنية من جانب واحد
وغير مستعدة للطوارئ لعدم إنشاء خلايا سرية اوعسكرية مسلحة
لإستخدامها عند اللزوم وكانت على الدوام تغض الطرف عن التجاوزات
والإعتداءات والإغتيالات وكان لإغتيال (محمد خضري) في بداية السبعينيات
والسكوت عنه هو إشارة واضحة في إشعال اول ضوء أخضر لجرائم البعث
المتوالية ولم نصادف إن قرأنا او سمعنا عن أي رد فعل على كل الجرائم
التي إرتكبها العفالقة..
فإن الأحزاب التقدمية هي التي صنعت صداماً بتسميتها له بالقائد الوطني
والراعي الأمين لطريق اللارأسمالية  وبسكوتها وتراجعها وتخليها
عن تنظيماتها الطلابية وفي داخل الجيش  ورضوخه الدائم كشريك وَفيّ
وصادق لأوامر العفالقة الكاسحة والماسحة والضاربة في الصميم
ومن ثم الإفلاس والهروب تحت سمع وبصر مراكز الإستخبارات
والدوائر الأمنية وتشردهم في بلدان شبه صديقة لتستلمهم لحماً ودماً
وترميهم عضاماً منخورة.
لم يسلم ولم يستفد منها سوى بعض النخبة البيروقراطية والشللية
وترك البقية الباقية لمصيرهم المجهول او لمحاربتهم نفسياً تخلصاً منهم ومن إنتقاداتهم..
وها نحن الآن في زمن ما بعد الإنتفاضة وبعد عشرين سنة من الإستقرار الأمني والإزدهار الإقتصادي..
لم نجد مدير مدرسة إبتدائية اومديراً عاماً او حتى مدير ناحية
إن لم يكن منتمياً للحزب الحاكم..
والآن..
الدنيا ربيع
والجو بديع
وقفل لي على كل المواعيد
والوعود والعهود
الجبهوية والسياسية..!
والسكوت عن الحق
يا أُستاذ لميع
للدكتاتورية الجديدة
وفراشات البعث الأنيقة
صنيع، صنيع، صنيع
صنيع



                                  للموضوع صلة

6
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  67      
                         
       
                                                    فتاح خطاب

               
وقد إنتهى الجزء 66 ب :
وكيف لنا في هذا الجو الفاسد أن نكسب ثقة سواد الناس وأن نشارك جميع
الطلبة في كل المراحل الدراسية في إقامة النشاطات الفنية والرياضية
والإجتماعية؟!

وكيف إذا كان أكثرية الفنانين والصحفيين والكتاب والأساتذة والطلبة
والخريجين المغبونين وممن يعانون البطالة والباعة المتجولين والكسبة
والأحزاب الأخرى وحتى المنتمين للحزب الحاكم لتمشية أُمورهم..
قد فقدوا الثقة بالحكومة المدارة بأوامر من الحزب الحاكم؟!
وكيف لي أنا كفنان وكاتب، أن أعترف بحزب ينظر للفن والأدب كعورة
يجب إخفاءهما وإستبعادهما عن أنظار الآخرين او بإعتبارهما من الكماليات
غير ذي أهمية؟
او يريد بقصد الإحتواء والسيطرة، أن يحط من شأن الفنانين والأدباء.
والدليل أن الحزب قد عيّن أُناساً أُميين في الفن والثقافة، لكونهم حزبيين لاغير وبخاصة (ز، ق)
الذي جاء به الحزب مديراً للمعهد وقد تحدثنا عن خربطاته
ومفسداته بإسهاب، إلا أنني لا أنسى ما قام به من تخريبات وتوجيه الإهانات
للأساتذة من الفنانين والحكاية تبدأ من هنا: قبل مجيئه محتلاً للمعهد
في وقت كان هناك أساتذة كبار، أقدم منه خدمة و خبرة في سلك التعليم
وأوسع ثقافة وشهرة في عالم الأدب والفن..
جاء والمعهد زاخر بالتماثيل الجميلة ورسومات ولوحات جدارية معبرة
عن هوية المعهد الفنية
وكانت الجدران الخارجية مزدانة بتلك اللوحات الفنية..
وإذا بقرار مجحف وغبي ورجعي يقضي على تلك الظاهرة الفنية التي كانت
تجلب أنظار المارة إليها للتعرف على ماهية الفن ودوره الجمالي والحضاري،
بمسح كل تلك اللوحات الفنية وكسر التماثيل الموزعة في الممرات
وفي حواشي حديقة المعهد، خوفاً من لومة لائم او من ردود أفعال
المتخلفين المتزمتين والمتعصبين من التكفيريين والإرهابيين او ترضية لهم
او أنه هو بذاته كان يستنكف أن يكون مديراً لمبدعي الفنون الجميلة،
لأنه أصلاً ليس منهم.
في تلك الفترة بالذات بدأت مشاكلي تتفاقم وحين عاتبته بإستفزاز ملحوظ،
لم تكن هنالك لغة مشتركة بيننا. فهو الدخيل على الفن ومدفوع من قبل الحزب،
دون وجه حق وأنا كنت أحس حياله بأن طاليبانياً بلبوس الأفندية
قد إحتل المعهد، مرتكباً الحماقات ما بعدها حماقات
وما لفت نظرى من منظره الخارجي ببدلته السموكن على زنة عشرة
وتصرفاته وطريقة كلامه وتكبره على الآخرين كما باقي الحزبيين
البيروقراطيين وكأنهم نسخ مستنسخة على بعضها البعض
مهيئين لدخول الباب العالي او لمراسم إحتفالية..
فكل بات يقلد قدوته الحكومية ولا أدري إن كان ذلك أمراً حزبياً
في أن لا يشبهون الآخرين من البشر ولا يخالطونهم ولا يلتقون بهم
إلا في العزائم والإجتماعات الحزبية؟!
علماً بأنني سبق وأن عاشرت أساتذة وفنانين كبار في بغداد وستوكهولم،
لم أصادف إن رأيت أحداً منهم بهذا الفورم الرسمي او سلوكيات آغاوية
و باشاوية، في أثناء الدوام الرسمي او في الحياة اليومية العادية.
(إنجمار بيريمان) هو من أكبر مخرجي السينما والمسرح، سويدياً وعالمياً،
كان معروفاً بقمصلته الصفراء اللون في لقاءاته التلفزيونية وفي أثناء البروفات
وفي عملية الإخراج السينمائي.
سكرتير حزب اليسار الشيوعي السويدي في أثناء مصاحبتنا له
(خلية كاملة مختلطة) في زيارة إلى البرلمان السويدي، كان سبورتاً
في هندامه كأي مواطن سويدي عادي
وهو الذي كان يوزع علينا قنينه بيرة عادية ( صفر) وقطعة او قطعتين
من الكعكة السويدية، ومن طرفته المشهورة عنه كأي تقليد سنوي،
وهي السباحة في نهر متجمد بعد كسر الثلوج المُتَبَلورة على سطح الماء.
الشاعر الكبير والمغني المشهور وعازف الجيتار (اولف لونديل)
الذي أُختير غناءة (اوبن لاندسكاب) من قبل الشعب السويدي
كسلام جمهوري او من أجمل الأغاني الشعبية.
كان يذكرني بمعزوفة ( شيش كباب) الرائعة التي أُشتهرت كسلام جمهوري
في عهد الزعيم الخالد عبدالكريم قاسم.
وهو معروف أيضاً بتقبله للعزومة من قبل الجيران او الساكنين قرب منزله،
إن كان فاضياً، وعلى شرف العزومة، كانت المشاركة للآخرين من الجيران
متاحة حسب مساحة الدار، فكان يأتي كأي إنسان آخر دون رسميات
مصاحباً أجمل الجميلات، حاملاً معه جيتاره وكتبه المطبوعة حديثاً
وحصتهما من المشروبات الروحية، ودق للصبح..
والعجيب في الأمر هو أنني لم أجده يوماً، لا في الصور ولا في المقابلات
التلفزيونية ولا في كونسيرتاته التي كان يشارك فيها الآلاف من محبيه،
إلآ وهو ( نص ردن) او كأي ( كاوبوي)
أما الفنانين العراقيين الكبار بحجم إبراهيم جلال، سامي عبدالحميد، قاسم محمد
والمخرج السينمائي عبدالله الحداد..
كانوا أبسط مما كنا نتصورهم. كانوا يجلسون مع طلابهم ويتمازحون معهم
أينما كانوا وأينما وجدوا، على دكة في الطريق كانت او على حوافي الحديقة
العامة، مثلهم كمثل الطلبة.
وأخص هنا الأستاذ الحداد الذي بدأ بإقامة عروضات سينمائية للأفلام الروسية
داخل المعهد. فكنا نحن الطلبة جالسين على المقاعد والصالة مكتظة بالطلبة
والأساتذة ولم يكن هناك أي مقعد فارغ..
وإذا بي أرى أمامي الأستاذ عبدالله الحداد الذي جاء متأخراً بعض الشيء.
فقمت من مكاني لأفسح له المجال للجلوس بإلحاح واضح..
فربت على كتفي مشكوراً وهو يقول: لا.. لا.. أنا من جاء متأخراً
فعليّ الجلوس هنا.
هنا أين..؟! هنا على الأرض لو سمحت..!
جلس هو مرتاح البال وأنا أحوص من شدة الخجل والتفكير به
وبتواضعه الجم..!!
لم أفهم من فحوى الفلم ولم أتعلم من الموقف شيئاً إلا درساً واحداً،
ألا وهو التواضع عند النفوس الكبيرة والقامات الشامخة.
حينها فقط فهمت.. أن السنابل المحملة والمثقلة بالحبوب
تنحني تواضعاً.

وآهٍ .. من رؤوس المرؤوسين الفارغات..!



                              للموضوع صلة

7
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  66     
                         
       
                           فتاح خطاب
 
وقد أنتهى الجزء 65 ب :
متناسين قصداً دور الفن والأدب والثقافة في المجتمع وتأثيره الإيجابي
على حياة الشعوب لأجل التطور والبناء والتقدم الحضاري
وأعطني خبزاً ومسرحاً
أُعطيك شعباً مثقفاً..!

لو كان في نيّة الحزب الحاكم بناء شخصية الشعب الكوردستاني،
لفتح في كل حي مكتبة عامة وفي كل مدرسة، صالة مسرح
(علماً لا توجد في أكاديمية الفنون اومعهد الفنون الجميلة،
أية صالة تصلح للعروض المسرحية..!!)
ولأقام مهرجانات فنية تشترك فيها المدارس والثانويات والكليات
والفرق الفنية بكل ألوانها وأطيافها، في كل زاوية من المدينة
او القرى النائية على طول أعياد نوروز لتترسخ في أذهان الأجيال الجديدة
كونها تقاليد شعبية متبعة، بدلاً من إهدار المال العام بفتح مقرات
ومنتديات وفرق تابعة له، لا عمل لها سوى السكر والعربدة
وإستزاف المال العام، كما عبّر عنها الكاتب الفنان لطيف نعمان
في مقاله المنشور في منتديات عنكاوا.
وهنالك فرق فنية مرخصة من قبل وزارة الثقافة. ولم يسئل الوزير
يوماً ما عما يعملون ويفعلون ولم يأخذ أي إجراء قانوني حيالهم
وإنما نجده وهو يمنح لمن هو أفسد وأكثر إحتيالاً منهم، جائزة التقدير
بتوصية من الحزب الحاكم المتمثل بأخ المحتفى به (ف،غ)
والذي هو أقوى منه سلطة ومركزاً عند الحزب الحاكم..
أو ليس عاراً على الثقافة والفن أن يجيّر الوزير لأجل  تكريم أُناس
لا يستحقون غير المحاكمة العادلة، لما إقترفوا من جرائم فساد
وإهدار للمال العام؟
أهذه هي اللعبة السياسية التي يؤمن بها الوزير الماركسي الموقر
أم أن الحزب الحاكم قد سحره بالتنويم المغناطيزي لكي يقوم بعمل بطولي
ومشّرف كهذا، وزير بدون صلاحية، يؤمر من صغار الفنانين، فيُطاع.
الوزير الذي زاد الطين بلّة.
ألم يسئل نفسه عن علاقة المحتفى به ب (ف، غ)
ولماذا وعلى ماذا وبرغبة من يُحتفى به هو بالذات، من دون الآخرين..؟!
أين حمرتك أيها الخجل..؟ 
هل باع الحزب الشيوعي الكوردستاني كل مبادئه وأخلاقياته الماركسية
لأجل وزارة غارقة في الفساد والمحسوبية، تحارب المبدعين الشرفاء
وتقمعهم وتمنح الجوائز لمن لا يستحقون؟!
وكيف لنا في هذا الجو الفاسد أن نكسب ثقة سواد الناس وأن نشارك جميع
الطلبة في كل المراحل الدراسية في إقامة النشاطات الفنية والرياضية
والإجتماعية ونحن نرى يوماً بعد يوماً، تراجعاً وإنكماشاً في الحركة الفنية
والثقافية الجادة؟
وكيف لا.. حين لا نجد في قلب الفنون الجميلة أية صالة مسرح صالحة للعروض.
أي نشاط فني او ثقافي نتحدث عنه في وقت لا توجد في عاصمة كوردستان
سوى مكتبة عامة يتيمة واحدة، تُمنع فيها أستعارة الكتب للمطالعات الخارجية.
علماً بأن في كل كومون في السويد توجد مكتبة عامة للكبار والصغار
وفيها إضافة  للكتب والبومات للوحات الفنية العالمية والمجلات والجرائد
بشتى لغات العالم، عشرات الكومبيوترات لمشاهدة الأفلام الروائية والوثائقية
وقصائد وقصص وأغاني مسجلة من قبل كتاب وشعراء وفنانين شهيرين
وصالات لإستماع الموسيقى والسيمفونيات الشهيرة..
والأجمل ما في الأمر، ليس شرطاً أن ما تطلبه من كتب او فلم او أي شيء أخر
لا يتوفر في مكتبة معينة..
ولي حكاية طريفة في ذلك: حينما كنت أسكن في (تينستا،( tensta 
بحث في مكتبتها عن مؤلفات بيتر وايس، الكاتب المسرحي الألماني
الذي عاش في السويد أطول من 40 عاماً من حياته المليئة بالعطاءات الأدبية
والفنية، فأستغربت من عدم وجود إحدى مسرحياته فيها (موكينبوت)
وهو كاتب معروف ومتزوج مع كاتبة وفنانة سويدية شهيرة،
فعاتبت بطريقتي الشرقية مسئولة القسم، لأُظهر نفسي أمامها بأنني فنان
ومثقف وكيف لا أجد ما أبحث عنه هنا في السويد عيب والله عيب..!!
وذكرت لها بأنني قد أخرجت ذات المسرحية في اليمن الديمقراطي
وإذا بي لا أجدها هنا في السويد..؟!
فناولتني إستمارة لأملأها فأنحرجت لأنني لم أفهم فحواها وبسبب خطي الرديء
جداً، فأعطيت لها إسمي وعنواني وإسم الكتاب،
قالت لي مبتسمة: سنحاول أن نبعث لك الكتاب المذكور وإن هو ليس كتاباً
مطبوعاً وإنما هو من مخطوطاته غير المطبوعة وعليك بإرجاعه خلال عشرة أيام
وإلا ستغرم وبعد أقل من أسبوع، رَنَّ  ساعي البريد الباب عليّ وفي يده مظروف
كبير قائلاً: عفواً.. هذا مرسل إليك فعليك بالتوقيع هنا للإستلام،
لأنه ليس بريداً عادياً. شكراً.
فتحت المظروف وتصفحت أوراق المخطوطة فوجدت فيها ملاحظات مدونة
في الحواشي حول خطة الإخراج والإضافات..
شعرت وكأنني جالس مع بيتر الذي ودعنا قبل ثلاثين عاماً.
والعجيب في الأمر أن أُسلوب الكتابة هو نفس اسلوب بريشت
أي على شكل بيـت شعري. حيث الجملة تنتهي موزونة ومقفات..
عجيب.. عجيب.. قرأتها (نص ستاو) وأنا في حيرة من أمري..
ومن ثم بدأت بكتاباته النظرية والسياسية فعرفت بأن بيتر وايس ليس سهلاً..
وعلي بقرأته من جديد ، إن فهمت..!
وأن ما نقرأ عنه باللغة العربية ليست سوى قمة جبل ثلج غارق في بحر واسع.
وأن الفلم الذي كتب السيناريو له وأخرجه (hagring، الضباب)
والذي يتناول فيه المأساة الإنسانية والمشاكل الإجتماعية المتفاقمة
تحت ظل الرأسمالية العالمية. حيث الإحتلال والإستغلال وسرقة موارد البلدان
التابعة لها..
ليست سوى تبسيط للمفاهيم الفلسفية والسياسية عن طريق الفن المرئي
تسهيلاً للفهم والإطلاع والتعلم للشعوب المُضطهَدة والبلدان المُستعمَرة..
ليكون المسرح مدرسة للشعوب.
لهذا سمي مسرحه بمسرح التعليم.
فأين هي مدارسنا من هذا النوع من المسرح
يا وزير الثقافة ويا وزير التربية والتعليم..؟!!



                               للموضوع صلة                 

8
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  65      
                         
       
                           فتاح خطاب
 
وقد إنتهى الجزء 64 :
وأحيانا يُخرج من جيبه ورقة قائلاً: أكتبوا..! فنكتب ما يُملي علينا
من شخبطات، بشكل متقطع في جوي من الفوضى وعدم التركيز،
تقضية للوقت، ليس إلآ، دون أي شرح او توضيح او الدخول في التفاصيل،

وماذا يفعل الطالب المسكين وبم يتلهى؟!
وأن من طبيعة الطالب الفنان هي أن يكون فضولياً ومراقباً للجو العام
ومقارناً فيما بين الطلبة والأساتذة عن طريق السمع ورؤية السلوكيات..
وإذا عرف السبب بطل العجب.
وإذا كان الأستاذ لا يُرضي فضوله ويحتويه ويملأ فراغه ويشاغله بدروسه
ويدمجه في عالم الفن والثقافة وتحفيز ما في داخله من طاقات إبداعية
وغرس حب المطالعة والمشاركة والمبادرة الإيجابية وترسيخ ثقته بنفسه
وتقوية إيمانه وعزمه بما يفعل،
يكون قد إنسلخ من عالمه الساحر والجميل فيزداد عنده الشعور بالإغتراب
والإنغلاق وعدم القدرة على التواصل والإنسجام،
معرضاً لمداهمة الشك والقلق والندم والتأنيب والإحساس بالذب والعدمية..
وقد يلجأ إلى أساليب ملتوية إنتقاماً من نفسه أولاً
ومن ثم شروعه بتأذية الآخرين ومعا كستهم بشكل إستفزازي..
وقد يتحول في النهاية إلى عنصر سلبي وحاقد على الفن والفنانين والثقافة
بشكل عام، لأنه لم يحقق أي نجاح ولم يلفت أنظار الآخرين إليه في مجال عمله
وفشل في الوصول إلى الهدف المنشود وخسر الرهان في تكملة مسيرته الفنية كمشروع حياة..
لذا ليس غريباً أن ينحرف فكرياً إلى الجهة المعادية لتشويه ماهية الفن والنيل
من القائمين به والتقليل من شأنهم وربما محاربتهم او تكفيرهم..
وما أكثر العقول الفارغة والجاهلة والنفسية المريضة والحاقدة وغير المتربية،
تتربص لكل ما من شأنه الدفاع عن أنسانية الإنسان وحقوق المرأة والطفل
والمهمشين وعن حرية الرأي والتعبير والوقوف بحزم ضد كل أشكال الإستعباد والإستغلال والظلم..
وهل هنالك أقدس من الفن والأدب الملتزمين بكل هذه القضايا الهامة
والضرورية والملحة؟
ولكن وللأسف الشديد أن زرع وإندساس أناس بعثيين خونة والفاسدين
والسراق والعبثيين وعديمي الأخلاق من قبل الحزب الحاكم
والمدافع عنهم على طول الخط، في الصروح الفنية والثقافية،
يدخل في إطار تمييع الفن والأدب والثقافة عموماً وتشويه سمعة القائمين بها،
بشكل منظم ومدروس لتعميق النظرة الرجعية السائدة حيال الأعمال الإبداعية
او أنهم أصلاً غير مثقفين وهذه هي الحقيقة المرة، لا مهرب منها،
لكونهم عاشوا في بيئة قاسية وحياة غير طبيعية، منعزلين، مبعدين ومتغربين،
ليس عن الحياة المدينية وحسب وأنما عن ذواتهم الأنسانية بكل أبعادها..
ولأن أكثريتهم تركوا خنادقهم  في سفوح الجبال و وديانها،
تعابى، جوعى، عرايا ولاهثين وراء مكتسباتهم ومصالحهم،
فنزلوا ليتربعوا على عرش براميل النفط.
متصورين أن مطالب الثورة وإحتياجات الشعب المادية والمعنوية وطموحاتهم
قد إنتهت، حيث ما جلس هم كحراس على الأبار النفطية والمتاجرة به
كما يحلوا لهم، أما عن كيفية صرف وإستثمار وتوزيع تلك الموارد النفطية
الضخمة حسب الأولويات والخطة المدروسة..
فهناك أثنان فقط أثنان، من المسؤولين والرقابة الماليين لا ثالث لهما، 
وليس من شأن أحد من المفكرين والإقتصاديين والأساتذة الجامعيين المختصين
التدخل في شؤون الكبار من المسؤولين الحزبيين الذين لا يعرفون
 بأنه ليس بالنفط وحده يحي الشعب
ولا يستغلون عائداته لأجل مشاريع مستقبلية وإقامة البنى التحتية كالمصانع
الثقيلة والمعامل الكبيرة والمزارع الإستهلاكية وتدشين وتوسيع
الثروة الحيوانية وفتح قنوات للثروة السمكية وإعطاء الأولوية
للمراكز العلمية والصروح التربوية والتعليمية والثقافية
وإنما كل همومهم ومشاغلهم تتركز على عسكرة المجتمع
وإزدياد أعداد المحيطين بهم وإرضاء المقربين إليهم بعطاءات وهبات سخية،
متناسين قصداً دور الفن والأدب والثقافة في المجتمع وتأثيره الإيجابي
على حياة الشعوب لأجل التطور والبناء والتقدم الحضاري
وأعطني خبزاً ومسرحاً
أُعطيك شعباً مثقفاً..!
او عيث في الفنون الجميلة
عبثاً، غباءً، سُخفاً و فساداً
ليعطك شعباً فاسداً، طفيلياً
متخلفاً وإنتهازياً..



                           للموضوع صلة

9
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  64     
                         
       
                           فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 63 ب:
ويبقى الشريف والمجتهد والمواظب والدؤوب منبوذاً،
أما الحزبيين وأصحاب الوساطات فهم دائماً في المقدمة
وفي التعيينات أيضاً.. أليس كذلك؟

أما ما كان يحدث من ردود أفعال وتمرد الطلبة ولا ابالياتهم وعدم إحترامهم
لأساتذة معينين ومطاردتهم بالصوت والصورة ونشر فضائحهم سراً
فيما بينهم، كان قد أحدث شرخاً في طبيعية العلاقات بين الأساتذة والطلبة
وفيما بين الطلبة أنفسهم.
فماذا يُنتظر من الطلبة أن يتعلم من أستاذ فاسد وسارق وغير خلوق
بعدما عرفه الطلبة على حقيقته..
جاءني ذات يوم وجلس معي في كافيتريا، طالب في المرحلة الثالثة،
دون إذن مني وقال لي بدون مقدمات: أتعرف يا أستاذ لماذا أنا هنا
بينما كل زملائي في الدرس؟ إنه بسبب الضحك اللعين.
ــ الضحك..؟! هل تعرف من هو يوربيدس؟
ــ يوربيدس..  درسنا عنه بعجالة، ما به؟!
ــ بينما كان هو يشرف على تعليم الكورس المسرحي لمشهد تراجيدي
وحدث أن ضحك أحد أفراد الكورس، فأنزعج يوربيس من ذلك
والتفت نحو المجموعة قائلاً: الظاهر أنه أبله وغير فاهم وإلا ما ضحك في حدث تراجيدي كهذا..!
ــ لا يا استاذ.. التراجيدية الحقيقية هنا عندنا.. أتعرف ما سبب ضحكي
على أستاذنا الفاسد؟
ــ تضحك على أستاذك الذي يعلمك الفن والثقافة؟
ــ بصراحة أنا لا أعتبره أستاذاً لي.. إنه سارق وفاسد وليس عنده ما يُعلّمنا به
ولكن الحزب سلّطه علينا، رغماً عنا، لسبب غير معروف وإن كان هو معروف
بتاريخه الأسود. إنه خبيث ومتآمر ومن يرضى به هو أنجس منه.
ولا نعرف سر تمسك الحزب الحاكم به، بعد كل تلك الفضائح..
وهناك قاعدة تقول: أن كل من دافع عن الفاسد والسارق هو أيضاً مثله.
وما يحيرني هو إدعاءه الكاذب بأنه كان وكان وكان.. علماً بأنه كان بعثياً حقيراً،
مهدداً طلابه بالإنضمام لحزبه الفاشي والمشكلة إنه يتغابى الأن ويتصرف معنا
وكأنه بطل قومي، فكيف لا نضحك يا أستاذ؟!
ــ وهل كان الضحك لذات السبب؟
ــ لم أكن أنا وحدي.. ولكن كما يقال: لا يقدر على الحمار فينهال
على البردعة ضرباً.
ــ وهل ضربك؟
ــ لا.. ما بالحيف؟ إنه أجبن مما تتصور
ــ ألم يكن من الأفضل لو ركزتم على دروسكم؟
ــ أي درس يا أستاذ.. أي درس..؟ نحن حقيقة نحسد طلاب المرحلة الرابعة.
وإعتزازاً بك نستنسخ ما يأخذون من محاضرات وهم بدورهم فخورون بك.
وقد إتفقنا معهم على شرح المواد المدروسة وعلى إندماج الصفين في الدروس العملية.
ــ فكرة جيد. ونحن أيضاً بحاجة للعنصر النسائي.
ــ إذن إتفقنا. سأذهب إليهم لأبشرهم بالخبر السعيد.
ــ ولكن بدون ضحك او عربدة.
ــ ما بالحيف..؟! ولكن يا استاذ.. حين ننظر إليكم من خلال نافذة الباب
نجدكم تغنون وتضحكون وتصرخون وتصفقون أيضاً.. ما الحكمة في ذلك؟
ــ اوهووو.. كل هذه المصنفات هي من صميم الفن المسرحي.
وبخاصة في البروفات والدروس العملية.
عندما يضحك الطالب يغلب على خوفه وخجله ولا يشعر بالملل
وكل هذه ليست لأجل الهزل وإنما تعتبر رياضة للأوتار الصوتية
والعضلات الجسدية ولكن كل شيء في وقته.
وأهم من ذلك هو شعور الطلبة بالإندماج في الحالة المسرحية التي يجب فيها
تقليص المسافات بين الأستاذ والطالب، لكونهم أصدقاء في العمل.
فكما يحاول الطلبة التعلم من استاذهم، على الأستاذ أيضاً أن يتعلم منهم ويفهمهم. والحياة بطولها وعرضهما هي منبع التعلم. ومن الضروري جداً
في عالم الفن أن يكون الأستاذ متواضعاً حيال طلبته ويتعامل معهم كفنانين كبار،
لهم رؤاهم وتصوراتهم وهم في الأخير شركاء في العمل.
أما في الدروس النظرية فهو المصدر والمعلم الأول والأخير فعلى الطلبة
الإصغاء إليه كما يجب لكونه أقدم منهم واوسع ثقافة وتجربة وحسب.
ويبقى في الأخير بأن الفنان هو الفنان إن صغر أو كبر..
وطالما الأمر كذلك فلا داع لوجود الحواجز النفسية والمهنية فيما بينهما..
وما أكثر ما صادفنا بأن طالباً ما قد تفوق على أساتذته في أعماله الإبداعية
وأنت بنفسك غير راض من أستاذك الكارثة. لماذا؟
ــ لأنه غير نزيه ويدعي بما ليس فيه، يدخل الصف فارغ اليدين، عنوة
وهو يعرف بأننا لا نطيقه ولا نريده أستاذاً لنا.
هل رأيت أستاذاً ليس له برنامج او خطة للتدريس؟
وأحيانا يُخرج من جيبه ورقة قائلاً: أكتبوا..! فنكتب ما يُملي علينا من شخبطات، بشكل متقطع في جوي من الفوضى وعدم التركيز، تقضية للوقت،
ليس إلآ، دون أي شرح او توضيح او الدخول في التفاصيل،
ومن ثم يبدأ بالتدخين او بالمكالمة في التلفون ويخرج معتذراً دون عودة.
وبين حين وآخر نسمع من طلابك بأنهم قد إنتهوا من تدريس ملزمة كاملة
حول بريشت او داريو فو.. ونحن لحد الآن لم ندرس سوى بضع وريقات
لا نفهم منها شيئاً.
وقد كنت جالساً ذات يوم مع أثنين من طلابك فقال الأول للثاني : يا أخي..!
حاول أن تفهم..! حينما تغيب حضرتك من الدرس، سيضطر الأستاذ
لإعادة الدرس من جديد ولو بعجالة، لأنه يؤمن بأن غياب الطالب
من حصة واحدة، يجعله ناقصاً في بناه الفنية والثقافية
فكيف تسمح لنفسك أن تغيب؟! هل صادفت يوماً أن يأتي هو متأخراً
ولو بخمس دقائق او أن يخرج مبكراً قبل إنتهاء الدرس؟                     
. . . . .
وقم للمعلم، وفيّه تبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
وإن كان الحزب الحاكم
قد جعل من وزارة التربية
غير رصينة وغير متربية


                              للموضوع صلة

10
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  63     
                         
       
                                               فتاح خطاب   
 
وقد إنتهى الجزء 62 ب :
والسؤال هنا: من عَلّمَ اولئك الطلبة الشباب حب العمل
والشعور بالإنتماء للوطن والتكاتف والمشاركة فيما بين
الذكر والأُنثى من الطلبة 
والعيش سوية بهارمونية جميلة ورائعة؟
 
وبالمقابل، أي شيطان او خائن او متوحش جاهل او ممسوخ ،
علّم شبابنا الطلبة على الكسل والكبت والإنكسار والإنغلاق والإنكفاء
والإنطفاء والتنافر وضرب الأسفين والتفريق فيما بين الجنسين،
حيث عليهما بمنطق العقل السليم والطبيعة البشرية والنفسية،
أن يتعارفا ويتصادقا ويتكاشفا وأن لا يُعقّدا بديهيات الأُمور الحياتية
والإجتماعية والإنسانية. لئلا يتغربا و وينقلبا و يعاديا ويحقدا
على بعضهما بعضاً..
وهذا ما شعرت به حين كنت مدرساً في معهد الفنون الجميلة بزمن البارتي
حيث أطلقت أيدي المتطرفين والإرهابيين الفكريين والعشائريين
والبعثيين القدامى، حيث كانت الطالبات يُهَدَدنَ في خفاء وسرية تامة
من قبل مزروعين ومندسين من الحزبيين وغير الحزبين من المتخلفين
والرجعيين والمتأسلمين، داخل المعهد، لتجميد وعرقلة المهام الأساسية
التي من شأنها المساهمة والمشاركة في الحراك الفكري والثقافي والفني،
لتنشئة جيل محب للمطالعة والإنفتاح والإنعتاق وأثبات الذات..
وكان المقصد والهدف واضحين للعيان فيما كان يرمي إليهما الحزب الحاكم
او الأطراف الأُخرى، هو أن يكون المعهد مفقصاً لتخريج الطلبة لأجل إمداد
الأجهزة الإعلامية والدعائية التابعة للحزب الحاكم بالكوادر الفنية والتقنية
او العمل في دوائر ذات صلة.. صحافة، سياحة، مطارات،
او مقرات حزبية اوالمديريات التابعة لوزارتي التربية والتعليم والثقافة،
حسب المستويات الحزبية والمحسوبية.
أما البقية الباقية ممن ليسوا بحزبيين فيُطرحون في سوق العمل
غير ذي أهمية..
وكل هذه الإجراءات التعسفية والظالمة كان لها وقعها السيء على نفسية
ومشاعر الطلبة عموماً وبخاصة الطالبات، حيث كنت أجدهن في الشهورالأولى
من قبولهن، فرحات، متفائلات ونشطات..
وبعد مضي سنة او سنتين من الدراسة الجادة والمشاركة الفعالة،
كنّ قد أصبحن في حالة من التوهان والجزع فاقدات الهمة والثقة بالنفس
وبالآخرين وعند توجيه السؤال إليهن عما يشغلهن فكانت الأجوبة
تنطوي على كثير من المعانات اليومية والهواجس والقلق والخوف
من المصير المجهول..
ـ يا أستاذ..! أن الدراسة في المعهد حلم جميل نعيش فيه وبه
ولكن الواقع شيء آخر. وما يعاني منه الفنانون والمثقفون في مجتمع متخلف
ورجعي وما نحن فيه أنفسنا،من صراعات وتنافسات غير شريفة
وتكتلات حزبية وفئوية وأنانيات مفرطة وإنتهازيات وسلوكيات بعض الأساتذة
غير اللائقة..
فمن جهة يُعلّمون الطلبة على أخلاقيات المسرح والمتابعة والتثقيف والحرص
والتفاني حسب مفاهيم ستانسلافكي الذي يقول: إن لم تكن إنساناً عظيماً
فمن المحال أن تكون فناناً عظيماً،
ومن جهة أخرى يستغلون وضع الطلبة، بأخذ الرشاوى وعدم دفع أُجرة مشاركة
الطلبة في إعمالهم المسرحية
او تهديدهم بالرسوب في حال مشاركتهم مع أستاذ أخر كما حصل معك.
تصور أن استاذاً يُرسّب بعض الطلبة في درسه ولا يقبل بتعديل الدرجة
إلا بعد دفع 75 الف دينار مقابل ذلك..
أما عن تقييمات الأساتذة للطلبة عند تخرجهم فحدث ولا حرج.
وأنت أدرى منى في مثل هذه الأُمور ويبقى الشريف والمجتهد والمواظب
والدؤوب منبوذاً، أما الحزبيين وأصحاب الوساطات
فهم دائماً في المقدمة وفي التعيينات أيضاً.. أليس كذلك؟
ـ سؤال محرج .. أليس كذلك؟
إنها سياسة الأرنب.. والأرنب أفضل من لاشيء. أليس كذلك؟
ـ ماذا..؟!!
ـ إذا تريد أرنباً، خذ الأرنب
وإذا تريد غزالاً، فخذ أرنباً..!
إتفقنا..؟
ــ اوفففففف .. حتى أنت يا أستاذ..؟!!
 
 
                            للموضوع صلة        

11
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  62     
                         
       
                           فتاح خطاب   
 
وقد إنتهى الجزء 61 ب :
 وكل الشروط الحياتية والإنسانية والصحية والتربوية والتعليمية والأقتصادية
مضمونة حسب القانون الدولي لحقوق الإنسان،
ومهما بقوا فيها سيرجعون يوماً، إلى أوطانهم

ولنسأل إفتراضاً، لا سمح الله، لو عادوا إلى كوردستان، ماذا سيحدث لهم
ولأولادهم الذين تربوا وتعلموا على أيد أساتذة مختصين مثقفين وإنسانيين
وفي جو منفتح ومشبع بالأُلفة والعاطفة الصادقة وبيئة حضارية مانعة للكذب
والنفاق والتفرقة والوساطة والمحسوبية والعشائرية والتفرد بالسلطة؟!
ثم أي وزارة او دائرة سيراجعون؟ لكي تسهل لهم أُمور الإقامة وإيجاد المسكن
المناسب وتأثيثه حسب أفراد الأُسرة وكيف تؤمن لهم إحتياجاتهم،
إقتصادياً ومعيشياً؟ وهل هناك فندق خاص للعائدين او مطعم مجاني
وملاعب للأطفال لحين ترحيلهم إلى شقتهم الخاصة وهل سيخصص راتب شهري
لكل طفل مايعادل 200 دولاراً، منذ اليوم الأول للولادة وحتى بلوغهم 18 سنة،
كما هو المعمول به في ديار الغربة؟
وهل ستضمن لهم نفقات الولادة والضمان الصحي والفحوصات الطبية والأدوية
وأُجرة الرقود في المستشفى وإجراء العمليات على نفقة حكومة إقليم كوردستان ؟
وهل سيخصص لكل فرد من الأُسرة طبيب خاص في كل الإختصاصات الطبية
وهل سيعلم كل طبيب حسب سجلات المستشفى مواعيد الفحوصات الطبية
بشكل دوري، ليرسل إليهم مذكرة المراجعة في موعدها المقرر؟
وهل هناك مديرية خاصة ضمن وزارة التربية والتعليم لإعطاء الطلبة
سلفة الدراسة ما تعادل 75% من الراتب الأصلي ولمدة 5 سنوات او أكثر،
على شرط إيفاء نصف المبلغ بعد تعيينه بأقساط مريحة 5% من الراتب؟
وهل هناك قسم داخلي وفيه لكل طالب او طالبة غرفة خاصة،
تشتمل على الحمام والتواليت مع مطبخ مشترك، في عموم المحافظات
التي فيها جامعة او معهد؟
وهل هناك مكتب العمل لمساعدة الباحثين عن العمل او تعويضهم
عن فترة البطالة ما يعادل 80 % من الراتب الأصلي، لحين توظيفهم
او إيجاد عمل مؤقت لهم حسب متطلبات سوق العمل؟
وهذا يعني بأن الحكومة السويدية في كل الأحوال هي المسؤولة الوحيدة
عن وضع تخطيط  وتنفيذ وتنظيم الحياة الإجتماعية بكل تفاصيلها
وتبعياتها ومستجداتها، بالإعتماد على المكاتب المختصة في شؤون و أُمور
تخص أفراد المجتمع بأكمله، دون تفرقة فيما بينهم او تفضيل طرف
على طرف آخر.
علماً بأن الفرد السويدي، رجالاً ونساءً، محب للعمل ويحارب الكسل.
وحتى الطلبة الشباب، في كلا الجنسين، لا يحبون الجلوس في البيت،
في أثناء العطلة الصيفية، منشغلين بالأعمال الصيفية المؤقتة،
فستجدهم أفواجا إفواجاً منذ الصباح الباكر،
بينما هم  يستمعون إلى أغاني التسجيلات الصامتة، يُشذبون ويُقطّعون
اغصان الأشجار المتدلية ويكنسون ويكوّمون الأوراق المتساقطة،
وهم فخورون بما يعملون ومعتزون بأنفسهم.
فالعمل بالنسبة إليهم دين الأرض وجوهر النفس الإنسانية،
لذا يستأنسون العمل ويتسلون به لتقضية أوقاتهم وترضية أنفسهم
في القيام بواجبهم تجاه مجتمعهم وبيئتهم وكذلك أستثمارهم لأوقات فراغهم
للكسب المادي من عرق جبينهم.
والسؤال هنا: من عَلّمَ اولئك الطلبة الشباب حب العمل
والشعور بالإنتماء للوطن والتكاتف والمشاركة بين الذكر والأُنثى من الطلبة 
والعيش سوية بهارمونية جميلة ورائعة؟
دون خوف او وجل او عقدة نفسية ومثلهم كمثل أسنان المشط
في مجتمع حضاري متمدن، عمادها العمل الجاد والإخلاص والصدق
ومظلتها العدل والإحسان والمساواة                               
ومشكلتنا نحن هي أننا وبفضل القوادات والخيانات والأنقلابات
والإحتلالات والعشائريات والمحسوبيات والأنانيات
والعسكريات والعنتريات والهلاليات والذيليات
والخُنثيات والإماميات والخرافيات
ما زلنا نحبوا فنكابر ونتنفس
وراء التاريخ..



                            للموضوع صلة

12
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  61      
                         
       
                           فتاح خطاب   

وقد إنتهى الجزء 60 ب :
وترسيخ أركانه وتطوير وتجديد آلياته الحضرية المدعومة بمفاهيم
وأفكار جديدة وبخاصة في سلك التربية والتعليم
الذي يُعتبر القاعدة الأساسية للإنطلاق نحو الغد الأفضل والأجدى،

إن ما أدهشني وأرهقني في الفترة التي كنت أزور حضانات الروضة
والمدارس الإبتدائية في ستوكهولم، كمترجم فوري ومباشر
بين أولياء الأُمور ومشرفي صفوف الأطفال، هو ذلك الإهتمام الزائد
وجدية التعامل مع قضية كائن صغير لازال عاجراً عن الكلام او التعبير عن نفسه
او إستيعاب ما يدور حوله من سؤال وجواب فيما يخصه من إملاء الإستمارات
وإحضار صور ملونة وما يعجبه من أنواع الأطعمة والألعاب واللّعابات والدمى 
وما هو أصله وفصله وديانته وما هو نوع العلاقة بين الوالدين،
هل هما منفصلين أم يعيشان مع الطفل المحضوض..
وكل سؤال كان صدمة بالنسبة لي أنا شخصياً.
إذ لم أُصادف أحداً طوال عمري ولحد هذه اللحظة، أن سألني عما أرغب وأحب
وأشتهي وأفضّل سوى (ألا تريد..! إنشاءالله ما أكلت!
إنشاءالله ما درست، إنشاءالله ما لبست، إنشاءالله ما خرجت،
إنشاءالله ما عَيّدت، إنشاءالله ما أحببت، إنشاءالله ما قبّلت، إنشاءالله ما نكحت!
هل تجلس راحة او نضربك؟ هل تتأدب او نأدبك؟ تصير بعثياً او نطردك؟ 
تصير بارتياً او نقطع راتبك؟
هل تحذف ما أشرنا إليه في كتابك، في مقالتك، في قصائدك في مسرحياتك
أم أنك لاتريد نشرها، إلآ بعد موتك؟
هل تحذف كلمة المخرج أم نوقف العرض ) 
والسؤال الحاسم والأخير، بعد شرح مطول، كان موجهاً لنا نحن الأثنين،
أنا كمترجم وأُم الطفل الكوردي..
المشرفة: حسناً، أنت تعرف بأن هنالك أصدقاء حميمين لأطفالنا الحلوين،
ولا يمكن الإستغناء عنهم. إنهم يلعبون مع بعضهم بعضاً وينامون ويستيقظون
سوية وأيضاً يتكلمون أحياناً..
وسؤالي هنا بالذات هو، هل لدى طفلها لعّابات او دمى معينة يحبها؟
إنها ضرورية جداً وقد تبخل الأُم الشرقية على أولادها، في مثل هذه الأُمور..
ولكن لا، لا، لا.. أن أقرب صديق لأي طفل (بارن، بيبي) هي اللعابة. نعم..
عندما تكون للطفل لعابته الخاصة به، لا يجزع ولا يخاف
ولا يشعر بالوحدة او الملل.
إنها تؤنسه فعلاً وتشاركه كأي صديق آخر.
وبهذه المناسبة على الأم أن تشتري له لعابة جديدة على رغبته هو
وليس على رغبة أي إنسان آخر.
مفهوم أليس كذلك؟
على الإنسان أن يختار صديقه هو بنفسه.  هذا كل ما في الأمر.
وأسألها إن كانت لديها أي سؤال او أستفسار..!
وتركتنا الأُم الكوردية وهي تهز برأسها يمنة ويسرى متعجبة،
وكأنها أستيقظت من حلم غامض لا تفسير له. وبقيت هناك ساعة كاملة،
وبينما كنت أراقب الطفل من بعيد، عله ينبس ببنت شفة او يطلب حاجة معينة
لأُترجم للمشرفة ما يرغب به سيادة الإمبراطور.
كنت أجمع وأطرح لأخرج بنتيجة لما يكلف الحكومة السويدية
من أموال طائلة في عملية التربية والتعليم..!!
واو.. حقيقة واو..
الأم جالسة في البيت لأنها مازالت تدرس والأب عاطل عن العمل
لأسباب مرضية ملفقة وأنا مترجم مؤقت والطفل له راتب شهري
مايعادل 200 دولاراً وكل ساعة اوساعتين من الترجمة تكلف 300 كروناً.
وإذا كان هناك مليونا لاجئ او أكثر فإحسب باللتي هي أسهل!
علماً بأن الغالبية العظمى من اللاجئين يدخلون إليها سالمين آمنين
وكل الشروط الحياتية والإنسانية والصحية والتربوية والتعليمية والأقتصادية
مضمونة حسب القانون الدولي لحقوق الإنسان،
ومهما بقوا فيها سيرجعون يوماً، إلى أوطانهم
وربما بدون سلام أو كلام اوحتى بدون كلمة شكر..!!
وإن كان البعض منا رجعوا إلى حيث ما كانوا، نادمين، لاعنين،
غاضبين لما رأوا من مظاهر صدامية وفوضى سياسية
وسيطرة الحزب الواحد على مقاليد الأمور..
وقد لا يحظى أحد بالتوظيف في المكان المناسب كشخص مناسب
إلآ عن طريق التزكية الحزبية من الحزب الحاكم الآمر الناهي، حصراً..!!!
فأسمعوا.. وعوا..!
ورحمَ الله أمرءً عرف
قَدرَ نفسه..!



                                للموضوع صلة

13
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  60    
                          
        
                                       فتاح خطاب  

وقد إنتهى الجزء 59 :
فأين هم الأساذة المختصين في مجالات التربية والتعليم الحديث وحاملي الشهادات العليا؟!
أين هم الأداريون والمنظمون والمفكرون والمثقفون والفنانون والصحفيون..

ألم يكن من الأجدر أن تعتمد الحكومة الموقرة على أناس ضحوا وقاسوا الأمرين في زمن البعث وأجتهدوا فتعلموا في بلاد الغربة وهم ينتظرون على نار، حالمين بالعودة ليستقروا في بلدهم معززين مكرمين، كما كُرموا في بلدان ليست ببلدانهم وعوملوا معاملة حسنة كإنسان له شعوره وكرامته
وطموحاته وإحتاجاته، دون أي قيد او شرط ، مع توفير السكن اللائق لهم، حسب أفراد الأُسرة والضمان الصحي والتعليمي
والعيش الكريم مثلهم كمثل أهل البلد الأصليين وربما أكثر.

علماً بأننا كنا أميين في لغتهم ولا حول لنا ولا قوة، إلتجأنا إليهم صفراليدين، جوعي، تعابى، مستضعفين.. إنهم هربوا من جحيم البعث، حفاظاً على ماء الوجه ولكي لا يكونوا ذيلاً او يداً آثمة للسلطة المستبدة وأكثرهم كانوا أساتذة في سلك التربية والتعليم وموظفين وطلبة جامعات ومثقفين، فعانوا ما عانوا..

والآن وبسبب أستحواذ السلطة والتكويش والسيطرة الكاملة على كل المؤسسات والدوائر والأجهزة الدعائية والإعلامية من قبل الحزب الحاكم،
إعتماداً على البعثيين القدامى والمأجورين والجحوش والآغاوات.. إذ بعد مضي أكثر من عشرين عاماً، لم يتخذ الحزب الحاكم أي إجراءات
اوتدابير لازمة لتهيئة الجو المناسب لإسترجاعهم وعوتهم إلى الوطن الأُم، ليعيشوا ما بقيت من أعمارهم القصار كمواطنين أصليين،
لهم حقوقهم وحصصهم من الموارد النفطية التي حُرموا منها أعواماً، نتيجة سياسة النهب والإستيلاء والفرهدة والعيش على حساب المظلومين
والمحرومين الذين أُغلقت في وجوههم منافذ الوطن وبقوا منسيين، مهملين عمداً، كما حدث في عهد صدام الذي كان يردد علناً، ملناً : نفط العرب للعرب وكل شيء لأجل المعركة، ثم أتى بالمصريين والفلسطينيين، مع إحترامنا وتقديرنا للطيبين منهم، ليحلوا محلنا نحن العراقيين الأنصار والهاربين من جحيم البعث. مع الفارق طبعاً. وكلنا يتذكر كيف كانت تصرفات وسلوكيات الشلة الصدامية وإبناءه وأقرباءه
المجرمين وسهراتهم وصَولاتهم وعربدتهم، حين كان العراق في حالة حصار وشد الأحزمة..!!

ولكن ما يدعوا للأسى والحزن الشديدين، هو أننا مازلنا نتجشم الخير وننتظر المزيد من العطاءات والمنجزات لتحقيق الحلم الكبير
الذي ضحى شهداءنا الأبرار بدمهم وأرواحهم الطاهرة لأجله، وكنا نتوقع أن نموت معاً او أن نعيش سوية، مرفوعي الرؤوس ورفيعي المقام..
إلآ أننا ما نعيشه اليوم وما نراه من تناقضات ومفارقات في التعامل والتفاضل والأحكام القرقوشية بين من كانوا يتلقون العجاج وبين من كانوا
يأكلون الدجاج. وبين هذا وذاك، تكبر هموم ومعانات المغتربين الذين إجتهدوا، درسوا، تعلموا وتثقفوا لأجل تدشين وتقويم المجمتع المدني وترسيخ أركانه وتطوير وتجديد آلياته الحضرية المدعومة بمفاهيم وأفكار جديدة وبخاصة في سلك التربية والتعليم الذي يُعتبر القاعدة الأساسية للإنطلاق نحو الغد الأفضل والأجدى، بعيداً عن المافياوية والطُفيلية والمحسوبية والبيروقراطية وعسكرة المجتمع.. وإلآ سيُعيد التاريخ نفسه وقد تكون الدورة الآتية، أكثر دموية وبشاعة..

اللهم أني قد بلّغَت ..!                          



                             للموضوع صلة

14
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  59    
                          
        
                           فتاح خطاب  

وقد إنتهى الجزء 58 ب:
والمتشردين في بلاد الغربة والممنوعين من التعيين والإستقرار
وإعادة الإعتبار لهم، بتعويضهم عما خسروا من أعمارهم وصحتهم وممتلكاتهم
وما عانوا من الإنتظار المميت..

لا داع لذكر المهازل والسلوكيات المهينة وما عانيت منها،
إثر عودتي إلى مدينتى المحتلة معنوياً وسياسياً..
بعد أن أفنيت سنين شبابي ونذرت بسعادتي الشخصية لأجل مقارعة الظلم
وإعلاء كلمة الشعب وما يريده وتركت ورائي كل ما كان يشدني إلى الحياة
من الأهل والأحبة والأصدقاء والصديقات وأُمي التي كانت تغسل ملابسي
أستعداداً لبدء الدوام الرسمي لإبنه المعلم،
وكتباً لم أنته من قرأتها، فأوصيت أُمي بدفن مكتبتي
إن بقيت معلقاً في سفري.
فدُفنتْ كتبي وأنا على قيد الحياة وأبيضت عينا أُمي من شدة وطول الإنتظار
ومن تحديقها الدائم في باب الدار المفتوحة دوماً لإستقبال إبنها
الذي تاه منها على حين غرة ولم يعد.
وسلمت الأُم روحها مرددة.. إن ذلك الشقي لم يأت اليوم، فسيأتي غداً لا محال..
أتركوا له الأبواب مفتوحة، عله يعقل ويعود..
إنه كان أعقلكم وأجمل منكم جميعاً.. ولكن أين هو الآن..؟!
إنه لا يسأل حتى عن أمه الذليلة.. هل الأبواب مفتوحة..؟
دعوها مفتوحة..!
وعندما عرف الرفاق خبر وفاتها ونحن في أصعب الظروف السياسية،
إثر إندلاع المناوشات والهجمات والمطاردة المتبادلة فيما بين الأحزاب الرئيسية
الثلاثة المسمى بإقتتال الأُخوة الأعداء في بِشتآشان،
وذلك بسبب كشف خيوط المؤامرة التي خطط لها صدام ونجح في شرذمة القوى الوطنية
وإحداث الفتنة السياسية وفي إرتداد فوهات البنادق إلى عكس الإتجاه،
فكانت الخسارة جسيمة مما زادت من معانات الشعب وأطال من مصير صدام
المحتم عشرين عاماً كاملاً..
إلا أن حيثيات الأمور والأسباب والمسببات لما حدث مازالت يكتنفها الغموض.
فلا بد من التحقق فيها، بجرأة وصراحة وأمانة تاريخية.
ولربما كان موت أُمي في أثناء حدوثها له دلالته على أن الخيانة قد أبعدتنا
من الهدف المنشود وأطالت علينا طريق العودة.
وها نحن مازلنا محكومون بالحرمان والإستبعاد ومعنا الآلاف من المنفيين
والمشردين في أرض الله الواسعة،
الذين قطعت عليهم طريق العودة إلى وطنهم لأسباب سياسية
وإقتصادية ومصالح حزبية ضيقة وعشائرية..
فأين هم الأساذة المختصين في مجالات التربية والتعليم الحديث
وحاملي الشهادات العليا؟!
أين هم الأداريون والمنظمون والمفكرون والمثقفون والفنانون والصحفيون
وآلاف من الناس الخيرين ؟!
أين يقع بيت الشاعر عبدالله بِشيّو، او رفيق صابراو حسن كَرمياني؟
أين يقع مكتب لجنة النزاهة او مكتب حقوق الإنسان او مكتبي الرقابة المالية
والرقابة الإقتصادية المستقلين
وأين هي مكاتب سوسيال المستقلة لتعوضني عن رواتبي المسروقة  
منذ سنتين وأربعة أشهر؟!
بصراحة أنا كإنسان شريف ونزيه بحاجة إلى مراجعة مكتب المدعي العام
المستقل لتقديم شكاوى عن المسؤولين الفاسدين والسراق..!
ولكن أين هو..؟!!                                
يا للحسرة..!


                             للموضوع صلة

15
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  58      
                          
        
                           فتاح خطاب  

وقد أنتهى الجزء 57 ب :
 وإلآ لما تركوا واجباتهم الأساسية، ليلتهوا بمصالحهم وأهوائهم الشخصية
والسرقات والفساد ومراقبة وتفتيش الطلبة ومضايقتهم
وبدون أسباب او مبررات معقولة..

وهل نحن بين نارين إذن..؟!
نيران الأصدقاء في الكفاح المسلح والهدف المشترك
لأجل وطن حر وشعب سعيد،
أصدقاء الدروب الوعرة والتشرد والجوع والإنتظار المميت،
أصدقاء في معارك هندرين وفي إقتتال الاخوة في بِشتآشان
والتضحيات الجسيمة على مر التاريخ،
أصدقاء في الإنتفاضات الشعبية والبيانات المشتركة والإتفاقيات الستراتيجية،
الأصدقاء الذين قُدمت لأجل بقاءهم وإستمرارهم، القرابين تلو القرابين..
وبعد أن تمكنوا إستولوا على جيش من كوادرنا المثقفة والإعلاميين..
وحاصرونا في زاوية النسيان وأهملوا مطالبنا ومنعونا في الإشتراك الفعلي
وحرمونا من حقنا الطبيعي ومن الإمتيازات والسلم الوظيفي والأدوار الريادية
والقيادية التي نستحقها بجدارة في كل المجالات وبخاصة في سلك التربية والتعليم.
وهنا لسنا بحاجة لنعيد ما صرح به سكرتير الحزب الشيوعي العراقي السابق
الرفيق عزيز محمد في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي الكوردستاني.
لكنني أتذكر وصية الرفيق فهد ( قووا تنظيمات الأحزاب الوطنية)
وهي تُعد من المبادئ الأساسية الحقة وتدل على بُعد نظره وسياسته الحكيمة.
أما ما رأيناه من سلوكيات الحزب الحاكم تجاه الأحزاب الوطنية وبشاهدة عزيزنا،
تصب في الإتجاه المعاكس.
وماذا لو قسنا حجم وأحصينا عدد البعثيين القدامى والجحوش الخونة وأبناءهم
الذين تبوأوا مراكز حساسة ومراتب وظيفية ومعاشات وإمتيازات
في كافة مؤسسات الدولة، بدون وجه حق وبخاصة في سلك التربية والتعليم.؟!!
علماً بأن صداماً بحجم قواته ورجالاته وظلمه وجنونه،
لم يفلح في تحقيق حلمه المريض في أن يجعل العراق، حسب قوله،
كل العراق سفينة البعث، فكل من لا يركب السفينة يغرق،
وبقي الشعب وتغربلت السفينة وتحطمت فغرقت دون رجعة وحدث ما حدث..
وها أن سفينة جديدة تحمل على متنها رُبّانيّن متناقضين، متنافسين،
ومتنازعين، فاقدين البوصلة والهدف، وفيها ما فيها من خونة ومندسين
ومتآمرين وهي تترنح يمنة ويسرى، وسط محيط من الأمواج المتلاطمة،
تتقاذفها العواصف المجنونة والرياح الدوارة.
والمسؤولون كل المسؤولين من دون إستثناء، لا يفكّرون ولا يهمهم شيء
في هذا الوطن الجريح والمستباح، سوى مصالحهم الذاتية والمافياوية
وكأنهم يرون في السياسة لعبة او مغامرة او ضربة حظ قد تصيب وسيبقون
مسمّرين في سدة الحكم بألاعيبهم وخدعهم وضحكهم على الذقون..
أما ما نسمعه من أصوات الجماهير وأهازيجها.. كذاب، كذاب، الفلان كذاب..!
يجعلنا نشعر بأننا قد خُدعنا فلا بد من مراجعة حساباتنا من جد وجديد..
رغم سيف الإرهاب المسلط على رؤوسنا كالبعبوع.
وتلك هي النار الثانية التي نتلظى بها فنحترق، ألا وهو الإرهاب الجبان
المتخفي في ثوب الإسلام الفضفاض وليس فيه من الإسلام بشيء
وإن تشبث بعض النفوس الضعيفة بالآيات المدينية
لما فيها من دعوات لإستخدام القوة والحزم عند اللزوم،
تبريراً لمواقفهم السياسية ليشفوا غليلهم إنتقاماً لما فقدوه من جاه وسلطان
ومن مكاسب سياسية ومكانة إجتماعية، فجاءوا ليسترجعوها
متخذين من الإسلام أسلوباً، قناعاً و واجهة، لما له من هيبة وثقل عند العامة،
والإسلام الصحيح والمتعارف عنه منهم براء.
وتلك هي مشكلة المشاكل، الإرهاب.
والإرهاب الفكري الذي يمارسه الحزب الحاكم في أكبر مؤسسة تربوية وتعليمية
حديثة وبخاصية في معهد الفنون الجميلة كمنبع فكري وفني وثقافي وحضاري،
عن طريق المدراء الحزبيين والمزروعين والمندسين البعثيين المنتمين حديثاً
للحزب الحاكم كبدلاء عنا نحن الأنصار المقموعين والمطرودين والمستبعدين والمتشردين
في بلاد الغربة والممنوعين من التعيين والإستقرار
وإعادة الإعتبار لهم، بتعويضهم عما خسروا من أعمارهم وصحتهم وممتلكاتهم
وما عانوا من الإنتظار المميت..
فلن تقوم لوطن قائمة ولن يستريح من استحوذ على السلطة ولن يهنأ بحياته
ولا حتى في قبره،
مادامت هنالك عيون تسهر وعيون تدمع وعيون تتربص
وعيون ترنو وعيون تنتظر ساعة الصفر..


                                 للموضوع صلة      

16
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  57      
                         
                       
                                              فتاح خطاب   

وقد أنتهى الجزء 56 ب :
ولأنه جاهل في امور الثقافة والفن، ينجر مع أعداء الفن والفنانين،
ليشارك مشرفاً على الحملة الإيمانية الطلفاحية الكاذبة،
مراقباً ومفتشاً لإحراج ومضايقة الطلبة،

والسؤال هنا: من أين جاءت هذه الفكرة الطلفاحية الشيطانية؟
وكيف وبأي وسيلة وصلت إلى أرقى صرح فني وثقافي
وما الدافع في قبول تلك الإجراءات المخزية؟
وإن كنا لا نستبعد حدوثه من قبل شخص وضعه الحزب الحاكم
في مكان او مكانة لا يستحقهما، ولأنه مجرد لعبة بيد الآخرين،
يؤمر فيُطاع دون تفكير منه او إتخاذ موقف مشرّف.
ولأن مجتمعنا لازال يعاني من تعدد السلطات او القوى المؤثرة،
وكل منا يعرف بأن القوى الظلامية والعدوة الاُولى لفكرة التحرر
وإقامة دولة مدنية تتحقق فيها نوع من الحريات وشيءٌ الديمقراطية،
قد بدأت بنشاطاتها التخريبية وتنظيم صفوفها وتطوير أساليبها
ونفث سمومها بتشجيع وتمويل ومساندة من قبل مكتب صدام أولاً
ومن غالبية الدول الجوار وحتى البعيدة ..
منذ اللحظة الاولى من إنتصار الإنتفاضات الشعبية وإقامة حكومة إئتلافية
ناقصة او فيفتي، فيفتي، في إقليم كوردستان، والشواهد كثيرة.
ولا زلنا نسمع هنا وهناك خطباً هيستسرية (تشق شقاً)
وآخرها كان بطلها رجل دين هيستيري وقد طل علينا من خلال شاشة التلفزيون
وفي كوردستان حصراً وبلغة كوردية مطعمة ومطعنة بمفردات حديثوية
مكفِّراً المجتمع بأكمله وكل من يتخذ من نوروز عيداً!!
قائلاً إن نوروز ليس عيداً والقبول به يعد كُفراً.
فليس لنا نحن الملسمين سوى عيدين في السنة الواحدة وهما عيد الفطر
وعيد الأضحى وأما الأعياد الأُخرى فهي بدع من أعمال الشيطان الرجيم
وعبدة النار، فكل من يتخذ من نوروز عيداً فهو كافر..!!
أما البطل الثاني والذي إستضافه برنامج (كه وانه) لم يسثني أحداً
من الكتاب والشعراء والفنانين الكرد، كباراً وصغاراً،
إلآ و وصمهم بالعار، واصفاً إياهم بأقذع الكلمات وأوسخها بلسانه الزفر
ما ذكرني بأن أنكر الأصوات لصوت الحمير.. ولا من مجيب!!
فكان من الأرجح أن يكون للجهات المسؤولة موقفاً وللجمعيات والنقابات
الثقافية والفنية وحتى القانونية رداً حاسماً لمثل هذه الترهات
والطروحات السخيفة حد الجنون وهذا ما كنا نقصده وندعوه بالإرهاب الفكري.
وكيف لنا أن نفرق بين هؤلاء الزاعقين والمتباكين على أمجاد الماضي الدفين
وبين واضعي الخطط والبرامج التربوية والتعليمية والقائمين بإدارة شؤون الوزارة والمدراء والمفتشين
العشائريين، الرجعيين والمتخلفين..؟!
وهم في أحسن الأحوال، ليسوا اوسع ثقافة وإنفتاحاً ورؤية،
قياساً لكل من عيّنه الحزب الحاكم مديراً للمعهد ومساعديه ورؤساء الأقسام..
وإلآ لما تركوا واجباتهم الأساسية، ليلتهوا بمصالحهم وأهوائهم الشخصية
والسرقات والفساد ومراقبة وتفتيش الطلبة ومضايقتهم
وبدون أسباب او مبررات معقولة..
وإذا أهانك واحد من أهل الفن والثقافة بهذا الأسلوب الرخيص والمهين،
فماذا بوسعك أن تنتظر من الآخرين المتخلفين الجهلة
الذين لا ينظرون إلى العالم والإنسان وما أبدعه الله من جمال ونعمة،
إلآ من خلال عورة إمرأة؟                                 
                             
وبهذه المناسبة وبمناسبة نوروز المفدى
سوف لن أخرج من البيت ولن أحتفل بعيد نوروز
لما لاقيت من ظلم وقمع وأضطهاد في زمن البارتي
لم أعاني بمثيلاتها في زمن البعث المقبور
فهذه رسالتي المفتوحة إلى رئيس الحزب..     

إلى السيد مسعود البارزاني رئيس اقليم كوردستان المحترم
تحية طيبة
      الموضوع: طرد المبدعين الشرفاء
إني الفنان والكاتب المسرحي فتاح خطاب حسين
بعد اربعين عاماً من خدمة الفن والادب والثقافة وحرب الأنصار
والتشرد في ارض الله الواسعة وسبع سنوات من التدريس
في معهد الفنون الجميلة بكل إخلاص وتفاني
وبسبب رفع الشكوى لوزير التربية والفرع الثاني في أربيل..
بشهادة مدرسين وطلاب المعهد، عن فساد وسرقات وتصرفات غير أخلاقية
من قبل بعض البعثيين القدامى المحتمين بالحزب، داخل المعهد.
وكانت النتيجة طردي من المعهد وقطع راتبي منذ سنتين..
وكل محادثاتي ومراجعاتي مع مسئولي الفرع الثاني للحزب في أربيل
باءت بالفشل.
وفي آخر اللقاء معهم طلبوا مني، دون خجل اوحياء،
الإنتماء للحزب الحاكم وإلا سأبقى محروماً من حقوق المواطنة والعيش الكريم
أطلب من سيادتكم التدخل في ايقاف هذه الإجراءات التعسفية والظالمة
وتحقيق أدنى مستوى من المساواة بيننا وبين البعثيين القدامى
ومستشاريهم والجحوش الخونة
مع فائق الاحترام.   
 


                        للموضوع صلة

17
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  56      
                         
                       
                                       فتاح خطاب 
 

وقد إنتهى الجزء 55 ب :
لمجرد أنه قد قال عن المرأة ما يقال عنها هنا علانية، في كوردستان
وفي كافة الدول العربية، على مدار الساعة، ألف مرة ومرة،
دون أي إجراء قانوني..!!!

ومادام ذلك الخطيب بكلماته المدمرة ومزاعمه الهاتكة للكرامة الإنسانية،
يحكم مسيطراً على النفوس الضعيفة والعقول المريضة، وما أكثرهم،
طليق اللسان والصوت عبر أجهزة الإعلام المرئية والسمعية، الرسمية منها
والممولة خارجياً، المدفوعة الثمن،
يدخل البيوت بدون إذن من أحد، فيُسمع ويُطاع، نظراً لمقامه الرفيع
المعلن عنه رسمياً وشعبياً..
فلا غرابة في أن يسود ويتسيد وأن يُنصِّب نفسه وكيلاً عليهم،
مانعاً، منافساً ومقارعاً لكل ما يجود به العقل الإنساني من أدب وعلم وتعليم
وفن وثقافة لأجل الحياة والإنسانية..
وليس عبثاً حين يُنعتون بطيور الظلام أو خفافيش الليل.
ففي الليل المدلهم الدامس تسكن النفوس الشريرة وتفعل فعلتها في الخفاء.
فالجهل والضعف الإنساني والأُمية والفقر والجبن والذل والمهانة
والمأساة الناجمة عن الحروب الطاحنة وما يعانيه أي شعب من ظلم وإضطهاد
وحرمان جراء سياسة الإستعباد والإخضاع والتعنت والترهيب وتسليط عفاريت
الترويع والسحرة المشعوذين عليهم، ليس إلا وجه آخر لحكومة مستبدة
لها إستراتيجيتها وخططها الشيطانية وتآمرها، بغية الوصول لمآربها الخفية
ولكل مرحلة لها دمى وبيادق وأوراقاً تلعب بها، كيفما تشاء،
في زمن ومكان مناسبين. 
وما الحصاد المر الذي جناه شعبا مصر والسودان من مجيء الإخوان
إلى سدة الحكم فيهما، إلا نتيجة للسياسة القذرة التي كان يلعبها السادات
والنميري بتوجيه ضرباتهما للقوى الثورية والتقدمية وزجم في السجون
وإستبعادهم وإقصائهم من مراكز القوى السياسية في إتخاذ القرارات الحاسمة والمؤثرة وإعطاء الضوء الأخضر للقوة الرجعية والسلفية..
ولم يكن صدام خارج الدائرة وقد بدأ هو أيضاً عن طريق وبمباركة خيرالله طلفاح بحملته الإيمانية منذ الأيام الأُولى من الإنقلاب الدموي وفي فترات متباينة
خلال صعوده وأُفوله، مستفيداً منهم في تشويه سمعة القوى المعارضة له
والرافضة لحكمه. وثلاثتهم وقعوا بأنفسهم في شراكهم،
وكان القتل والإعدام والمطاردة نصيبهم ..
فكيفما صعدوا، سقطوا. ولم يتركوا وراءهم سوى الخراب والدمار والفقر
والمرض وبعض الشعارات الطنانة الكاذبة..
وأن غداً لناظره قريب.
وقد قيل أن من يتخذ من السياسة ضحكاً على الذقون او لعبة لا يجيدها
وليس من أهل السياسة الراجحة كما يؤكد عليها ( أفلاطون)
واضعاً الأخلاق قبل السياسة. أي الاخلاق ثم السياسة. وإلا ستحل الكارثة..!
وإنها حقاً لكارثة. حين نجد أن جهوداً تبذل لإحياء التراث الصدامي
في السياسة ومنطلقاته الفكرية وسلوكياته العائلية والعشائرية
وأن تنصيب الوزير على رأس أكبر صرح تعليمي يتم عن طريق الحزب الحاكم،
ربما لإرضاء عشيرة معينة وليس لمكانته العلمية، خير دليل على ذلك
ويأتي ب (داود القيسي) ليجعله مديراً في معهد الفنون الجميلة
ولأنه جاهل في امور الثقافة والفن، ينجر مع أعداء الفن والفنانين،
ليشارك مشرفاً على الحملة الإيمانية الطلفاحية الكاذبة،
مراقباً ومفتشاً لإحراج ومضايقة الطلبة،
في وقت يطلق داخل المعهد أيادي بطانته للتحرش وإستغلال
الطلبة جنسياً، مادياً وحزبياً..
ويا ويلك ويا ظلام ليلك..!


                                للموضوع صلة

18
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  55     
                         
                       
                             فتاح خطاب 
 
وقد إنتهى الجزء 54 ب :

فضحكتْ مستهزئة وقالت: أي رياضة تتحدث عنها يا خال؟!
إن مدرستنا أشبه بسجن النساء، حيث تغلق علينا كل الأبواب
وكأننا في الأمن العامة..
لا رياضة تمارس فيها ولا سفرة مدرسية، لا مرسم ولا كافتيريا نجلس فيها..
 
أعود وأقول: ليس شرطاً أن يبرم العقد الإجتماعي بين الحاكم والمحكوم وحسب،
رغم نواقصه وثغراته وعدم الإيفاء بالوعود والعهود وترجمة الشعارات
التي رفعت والإدعاءات التي كانت تُقرع مسامعُنا بها، ليل نهار،
من قبل قادة الإحزاب الطليعية، إلى الواقع اليومي الملموس.. 
وإنما علينا أن نؤكد على ضرورة وجود نوع من التنسيق والهارمونيية
بين خطابات المؤسسات المدنية والعلمية والتربوية والجمعيات الثقافية والفنية والإجتماعية وبين الخطابات الدينية كوثيقة شرف،
أشبه بالعقد الإجتماعي فيما بينها وذلك لأجل بناء مجتمع مدني، متقدم
عنوانه الأمن والسلم والإستقراروالتعايش والمشاركة الإيجابية
 وتقبل الرأي الآخر.. 
وهنا أضع تحت الخطابات الدينية خطوطاً زرقاء، حمراء، خضراء، وصفراء
لأن الخطابات تختلف من شخص إلى شخص آخر ومن مذهب إلى مذهب آخر
ومن دولة إلى دولة أُخرىومن دين إلى دين آخر
وحتى من رجل دين إلى رجل دين آخر..
بإعتبار أن الدين لله والوطن للجميع.
وبما أننا بصدد موضوع يتناول الهموم التربوية والتعليمية في كوردستان
فلابد من أن نشير إلى بعض الخطابات والسلوكيات والفتاوى الدينية المبالغ
بها وغير المسؤولة وتأثيرها السلبي على نفسيات ومعنويات الشعب بأكمله
ومن ثم إنعكاس تلك الطروحات غير العقلانية في عملية التربية والتعليم
في صرح مدني وعلمي وعالمي حديث.
وما تحدث به الخطيب السالف الذكرفي إحدى خطبه عن يوم القيامة
ونزول قرص الشمس.. لا يقع في خانة التأويل او التفسير او القياس
او الشرح لما جاء في الآيات الكريمة من وعيد وتحذيرات
وإنما جاء من باب التهديد والإرهاب الفكري وغسل الأمغة وقتل المعنويات..
ومثل هذه التصريحات الخطيرة وغير المسؤولة وغير قابلة للتصديق
ولا يمكن لعاقل أن يقتنع بها، مهما كانت درجته من التدني والغباء الفكري
وضعف في الإدراك. والسؤال هنا:
كيف سمح الخطيب لنفسه وهو حامل للشهادة العليا في هذا المضمار،
بتمرير تلك الخطابات الخرافية وغير المنطقية، بإسم الدين الحنيف
وبإسم الله تعالى، رب العالمين جميعاً،
على سواد الشعب المسكين الذي إبتلى بمثل هذه النماذج الطارئة والشاذة
التي لاتريد الخير لشعبها ولا لوطنها.
وبدلاً من إسداء النصائح وجبر الخواطر والمواسات وإعلاء كلمة الحق
والفضائل الإنسانية والدعوة إلى الخير والتآلف والتسامح والرحمة والمحبة
والطمأنة والصبر الجميل..
تدعو إلى غياب العقل وتكبيت العواطف الإنسانية وتحطيم المعنويات
وتقنين الجهالة.. والله منها براء..!
والإشكال، كل الإشكال هنا. إذ ليس هنالك أي رقابة حكومية او شعبية
تتابع وتتحقق مما يجري في الخفاء وفي العلن حسب الإتفاقيات المعلنة عنها
سلفاً في (وثيقة الشرف) كما هي المعمول بها في الدول الديمقراطية والمتقدمة.
وهي عبارة عن إستمارة تضم شروطاً بعدة نقاط يجب الإلتزام بها
أثناء تأدية العمل، الموقعة من الطرفين وبخاصة في مجال الإعلام المرئي
والسمعي والمنابر والقنوات الدينية..
والشروط المفروضة ليست للحد من الإنتقادات الموجهة لأداء الحكومة
او الشخصيات العامة، فقل ما تشاء وأنتقد من تشاء
من أصغر موظف في الدولة إلى أكبر رأس فيها..
سأحكي لكم بهذا الصدد قصة سويدية طريفة:
وأنا في المرحلة الثالثة لدراسة اللغة السويدية، كان على كل طالب
أن يقدم بحثاً أدبياً (قراءة ومناقشة)  حول أديب او شاعر سويدي
فوقع إختياري على الشاعر والمغني الشهير (اولف لونديل)
فأختتمت بحثي بمقولة مشهورة له عن رئيس وزراء السويد آنذاك
(كارل بيلد) بما معناها ( أني لأتسائل، يا ترى كيف يترأى (كارل بيلد) للناظرين
وهو ينكح زوجته..؟!)
وبعد تواصل الضحك قالت المدرسة الخجولة: أنا أيضاً أتسائل..
كيف لم يخجل الطالب فتاه كتاب أن يختتم هذا البحث الشيق والرائع
بهذا الشكل البذيء..؟!
وشكراً.. وكأن شيئاً لم يكن.
ولكن هنالك محظورات وقد يجرم عليها كل من تجاوز الخطوط الحمراء..
ومنها على سبيل المثال، لا الحصر.
1 ـ إزدراء الأديان
2 ـ تكفير المجتمع
3 ـ الحث على التعصب القومي اوالعرقي او الديني
4 ـ الدعوة إلى الكراهية والحقد والعنف والإرهاب
5 ـ التعنيف ضد المرأة اوالإنقاص من شأنها او النيل من كرامتها
للتذكير: كان هناك شاب مغربي يدير إذاعة محلية باللغة العربية.
حُكِم عليه أكثر من مرة وأُغلقت إذاعته أكثر من مرة
لمجرد أنه قد قال عن المرأة ما يقال عنها هنا علانية، في كوردستان
وفي كافة الدول العربية، على مدار الساعة، ألف مرة ومرة،
دون أي إجراء قانوني..!!!                                             
إن كان هناك قانوناً.!


                            للموضوع صلة

19
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  54      
                         
                       
                             فتاح خطاب 

وقد إنتهى الجزء 53 ب :
والذين يعتمدون في دعواهم على الإرهاب الفكري والتهديد المبطن
بمجرد ( السلام والكلام ) بإسم ( العيب والخروج عن التقاليد والآداب العامة )
وكل ذلك بتنسيق وتشجيع غير مباشر من الحزب الحاكم..

وهذا العيب والخروج عن .. هو الدستور الحقيقي والعقد الإجتماعي المبرم
بين عبيد القرن الواحد والعشرين وبين سادة وسدنة المجتمع الحقيقيين.
أما العبد فهو كل من يخضع للأوامر المجحفة والظالمة وغير الإنسانية،
دون القناعة بها والإيمان النابع من التفكير الذاتي السليم.
أي التمثل والإنجرار لها إضطراراً وعنوة، لأسباب إجتماعية تافهة
ولظروف وضعية ونفسية قاهرة وغير طبيعية..
حين تكون الصغائر وتوافه الأمور من أساسيات ولزوميات الحياة الإجتماعية
المزيفة والمصطنعة..
حيث تُهمل الضروريات وتُشوه الحقائق الأرضية وتُجمد العقول،
وتُقمع الأفكار وتُحبط الطموحات الإنسانية وتُسرق الأحلام ويُقتل الأمل..
أما ما يسمى بالعقد الإجتماعي، ليس شرطاً أن يكون بين الحاكم والمحكوم وحسب
كما هو المعروف وإنما من شأنه أن يتوسع ويتشعب ويتداخل في أمور سياسية، إجتماعية، دينية وثقافية وحتى رياضية..
لما يترتب عليها من إشكالات وتعارضات وتناقضات وإن كانت جزئاً مهماً
من شؤون وزارات ذات صلة، بإعتبارها الجهة المسؤولة.
فبين التربية الدينية وممارسة الرياضة / التي أصبحت سمة العصر الحديث
لأهميتها وفوائدها، داخل الدوائر التابعة لوزارة التربية والتعليم،
علاقة مشبوهة، متنافرة، متضادة ومتقاطعة..
/على عكس الديانات الأُخرى في الدول الديمقراطية والمتقدمة
والتي تخلت مرغمة وغصباً عنها، عن كثير من تصوراتها الكهنوتية والخرافية والتعجيزية وغير العقلانية وعن أفكارها المتخلفة وغير المنسجمة مع مستجدات ومتغيرات العصر/
لذا لن ترى أحداً من رجال الدين، وهذا من رابع المستحيلات،
أن يتهور ويتشنج ويستغفر ربه ويلعن إمرأة ليوم القيامة،
لمجرد ركوبها على السيكل في الطريق العام
او تتريض شبه عارية على ساحل البحر
أو تسبح وتتشمس وهي عارية تماماً كما خلقها الله تعالى جميلة الجميلات.
التي لم يكن ينظر إليها أحد سواي أنا الشرقي المتخلف المكبوت،
أباً عن جد، جد، جد، جد..                     
ولتقريب الصورة وتوضيحها، نذكر حادثة عابرة، غير ذات أهمية.
لكنها تجسد مأساة شعب لازال يمارس عليه شتى أنواع الإرهاب الفكري
والوئد الجسدي والقتل المعنوي وهو الأخطر
من أي كارثة إجتماعية او حرب أهلية او إقتتال الأخوة الأعداء..
حدث إن زرت بيت أحد الأقارب المقربين. بعدما سمعت بأن إبنتهم الكبيرة
والطالبة في المرحلة المتوسطة، تعاني من ألم الرقبة المزمنة.
فأقترحت عليها القيام بممارسة الرياضة السويدية الخفيفة لمدة 10  دقائق
يومياً في البيت والمشاركة في مزاولة الرياضة المدرسية
وعند ذهابها وإيابها من المدرسة لها أن تحاول قدر الإمكان
النظر إلى أبعد نقطة فيما حولها..
فضحكتْ مستهزئة وقالت: أي رياضة تتحدث عنها يا خال؟!
إن مدرستنا أشبه بسجن النساء، حيث تغلق علينا كل الأبواب
وكأننا في الأمن العامة..
لا رياضة تمارس فيها ولا سفرة مدرسية، لا مرسم ولا كافتيريا نجلس فيها..
وماذا سيقول الناس عني لو إلتفتُ يمنة ويسرى وأنا ماشية في الطريق العام؟!
الظاهر أنك يا خال لا تستمع إلى خطب (حبيب الملايين) في أيام الجُمَع ..!
ــ وماذا قال ذلك الخطيب الذي كان ماركسياً ذات يوم فأنقلب على مبادئه وأفكاره
وأصبح يستهوي السباحة في أرقى فنادق بغداد السياحية، حينما كانت أربيل العاصمة
محاصرة من قبل شقاوة بغداد ؟!!
ــ يقول عكس ما تقوله أنت يا خال.
 وقد قال ذات يوم: أن كل فتاة، إذا ما رفعت بصرها من على الأرض
ونظرت للآخرين من الرجال أو إلتفتت يمنة ويسرى وهي في الطريق العام
فسوف تجد نفسها في جهنم وبئس المصير يوم القيامة، إن شاء الله.
عندها سينزل قرص الشمس فوق رأسها لتحترق وتتعذب مرات ومرات
بنارها ولهيبها..!
وهل لنا أن نسأل الآن، من أين يستهل شبابنا الطلبة مصادرهم التربوية
والتعليمية والثقافية وممن يستمدون قوتهم الشخصية وثقتهم  بأنفسهم
وشعورهم بإنسانيتهم وحقهم في الحياة
وكيف يتحررون من الأفكار الخرافية القاتلة، نفسياً ومعنوياً                 
وكيف لهم أن يعرفوا بأن لجسدهم حق عليهم
وأن العقل السليم في الجسم السليم
يا وزير التربية والتعليم؟!!!
 

                      للموضوع صلة

20
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  53     
                         
                       
                             فتاح خطاب 


وقد إنتهى الجزء 52 ب :
ويا لمأساتنا ونحن مازلنا نلملم جراحاتنا ونبحث عن رميم شهداءنا
وصور مفقودينا وننتظر عودة أبناءنا الذين تشردوا في أرض الله الواسعة
وطريق العودة مسدودة بوجوههم من حراس اللا وطن

وتلك هي ومع الأسف الشديد، الحقيقة المرة..!
حيث أننا نعيش في زمن أحزاب ذوات المراهقة الفكرية
التي وصلت إلى ثلث كرسي الحكم المشروط مسبقاً ببقاءها مرتبطة وأسيرة
بين فكوك حيتان السياسة المفترسة.
لا ضمان لها في الإستقرار والإستمرار إلآ في حالة الرضوخ والإمتثال
للأوامر العليا لمن هم أكبر شأناً وأوسع نطاقاً وأكثر تماسكاً ولهم أجندات
وعيون وأيادي ضاربة.
وقد تتأثر تجربتنا بتلك المعطيات والمؤشرات الناجمة من الضغوطات
والتحشدات والمناكفات الخارجية مما تولّد حالة من عدم الإستقرار السياسي
والضبابية والفوضى.
فمن الإستحالة تحقيق المبادئ الأساسية التي قامت الإنتفاضة لأجلها.
سيما أن القوى الرجعية والسلفية والمتواطئة والمتغلغلة في شتى المجالات
ولها الأرضية الصلبة، لايمكن تزحزها بهذه البساطة وبخاصة في الدوائر
التابعة لوزارة التربية والتعليم، نتيجة التنافس السياسي وفرض الأمر الواقع
في تسيير الأمور الحزبية على حساب المنجزات المرحلية النوعية
والمؤثرة في تهيئة المجتمع للإنطلاق نحو أفاق أوسع وأرحب
إستعداداً لتقبل المستجدات والتغييرات الجذرية قد تحصل في خضم
التفاعلات السياسية.
ولكن من الصعوبة بمكان الدخول في معترك الإصلاح السياسي
من دون أن يكون هنالك إصلاح جدي وشامل في المؤسسات والدوائر
التابعة لوزارة التربية والتعليم اولاً.
والخطأ الجسيم الذي إرتكبه الحزب الحاكم في تدخله السافر بشؤون الوزارة
وزج وزرع مواليه ورجالاته في كافة المراتب الوظيفية والأماكن الحساسة،
دون الأخذ بنظر الإعتبار مسألة الكفاءات والقدرات  على الإدارة
على مبدأ الشخص المناسب في المكان المناسب
او على أقل تقدير مراعات التدرج الوظيفي والأقدمية في المزاولة.
وكل تلك التدابير الصدامية المتأتية عن طريق الأوامر الحزبية او المزاجية والمحسوبية وحتى العشائرية..
تضع الوزارة أمام تساؤلات كثيرة حول سلبيات الوزارة وما ترتب عليها
من الضجر والجزع والضياع والشعور بالدونية وعدم الإنتماء
وفقدان الأمل بالحكومة والثقة بالحزب الحاكم 
وهزالة الشخصية الكوردستانية بشكل عام.
ناهيك عن ضغوطات وممارسات القوى الرجعية السلفية الخارجة أصلاً
من تحت عباءة البعث الغائب الموجود، حضوراً وممارسة
والتي فتح الحزب الحاكم لها الأبواب على مصراعيها
وبخاصة في الدوائر التابعة لوزارة التربية والتعليم
فأنقلب أسلوب التعليم الحديث إلى تلقين روتيني ممل وغير مجدي
وتحولت النشاطات اللاصفية من ممارسة الألعاب الرياضية المستمرة والدائمة،
لكلا الجنسين بكل أنواعها في الهواء الطلق وعلى مرأى ومسمع من كل الناس والمشاركة في الدورات والمسابقات الموسمية بدون إنقطاع،
إلى تشكيل لجنة ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) السرية وغير المعلنة.
وقد يشارك فيها كل المدراء والمفتشين العامين والمدرسين الأصوليين
وحتى الفراشين والفراشات وصولاً إلى أصغر موظف او موظفة في مدرسة
إبتدائية نائية.
والذين يعتمدون في دعواهم على الإرهاب الفكري والتهديد المبطن بمجرد ( السلام والكلام ) بإسم ( العيب والخروج عن التقاليد والآداب العامة )
وكل ذلك بتنسيق وتشجيع غير مباشر من الحزب الحاكم..
( حفظه الله )

               
                    للموضوع صلة                      

21
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  52     
                         
                     
                                                فتاح خطاب 
 

 
وقد أنتهى الجزء 51 ب :
  وصولاً إلى السيد مسعود البارزاني الديمقراطي
ورئيس أقليم كوردستان المحترم.
لكنني رغم ذلك، أحلم..
أحلم بجمهورية كوردستان
التي هي في خاطري.

وهل يا ترى تحول ما كنا نحلم به بالأمس، إلى كابوس مستديم
او صدمة عمر، ما بعدها صدمة؟!
وهل من حقنا أن نرى الكأس، بعد سقوط الصنم التكريتي، نصف مليئة،
بعدما كنا نراها نصف فارغة، وهل من حقنا أن نتشائل،
أم الملك هو الملك؟!
فالوجوه هي هي والسلوكيات هي هي، ولم تتغير سوى الأقنعة..
وأن الغالبية من سياسيينا يتاجرون بخيرات الوطن على حسابهم الخاص
ويتخذون من السياسة والمسؤولية الحزبية مطية للتحويش والإستحواذ..
وأن مأساتنا الكبرى تكمن في ضياع الخط الفاصل بين السياسة والمتاجرة.
ولنأخذ من التجربة السويدية أنموذجاً في أن كل من أراد التفرغ للعمل السياسي
يحظر عليه الإنشعال بالأعمال التجارية الخاصة وعليه أن يلتزم بشكل كامل
بميثاق الشرف الذي يتضمن كثيراً من المحذورات ومنها على سبيل المثال،
لا الحصر. عدم إستغلال النفوذ للمصالح الحزبية اوالمكاسب الشخصية
او التدخل في شؤون الدوائر المختصة ومكاتب التوظيف والقبولات
وإبرام الصفقات في التبادلات التجارية وعدم فرض الراي على اللجان المختصة
في كل المجالات وعدم إتخاذ القرارات او الإجراءات بشكل فردي
دون الرجوع إلى الدوائر القانونية ذات الشأن..
لا أخفي عليكم حزني الشديد وخوفي وقلقي على تجربتنا الفتية
التي بدأت مشوهة، ناقصة وغير سوية، تجربة مستنسخة، ممسوخة،
مستوحاة من قصص ومغامرات قراصنة البحر او العصابات المغامرة
او الإنقلابات المافياوية حيث قانون القوة الغاشمة، تحل محل قوة القانون
وإرادة القوة تحل محل قوة الإرادة الإنسانية..
ويا لمأساتنا ونحن مازلنا نلملم جراحاتنا ونبحث عن رميم شهداءنا
وصور مفقودينا وننتظر عودة أبناءنا الذين تشردوا في أرض الله الواسعة
وطريق العودة مسدودة بوجوههم من حراس اللا وطن
الذي لا نملك منه سوى أعلاماً نتخاصم بها ومن أجل بقاءها خفاقة
في السر حيناً وفي العلن أحياناً كثيرة.
ولأجل هذا اللا وطن، نذكر لمسؤولينا غير المسؤولين قصة الوزير السويدي
الذي تدخل في شأن توظيف إبنه غير المستحق، موظفاً
في منظمة  (  un) الدولية، تحسباً للوجاهة الإجتماعية والسياسية
بالإضافة للراتب والمخصصات والإيفادات..
فأستلمته الصحافة الحرة اصلاً.
وهي قادرة على عبور كل المصاعب والمعوقات ولا يمكن لأي كائن كان
أن يوقفها او يعرقل مهامها..
أرفع يديك فأنا صحفي..!
ويكفلها في ذلك القانون السويدي كسلطة رابعة بحق.
فأُجبر الوزير المحترم على تقديم إستقالته فوراً وطرد الإبن من وظيفته
ليختفيا عن الأنظار إلى أبد الآبدين..
ولم نسمع يوماً من الأيام بأن صحفياً قيل له أُف أو آسفين..!
وما بالك لو ضُرب او طرد او أُغتيل كما يحدث عندنا نحن الهمج..؟!
وماذا لو فتح تحقيقاً صحفياً حول ظاهرة الفساد والسرقات الكبرى؟!
تحت عنوان عريض (من أين لك هذا)
وليس كما حصل مع (مونا سالين) رئيسة الوزراء السويدية
على مبلغ من المال، ما يعادل 1000 دولار أمريكي،
فقط لأنها قد تأخرت في سداد ديونها في وقته المناسب،
فحاصرتها الصحافة وأجبرتها على تقديم الإستقالة وتم تجمديها من الحزب
ومنعت من المشاركة في النشاطات الحزبية لمدة ثلاث سنوات..!!
وما يحدث هنا هو العكس تماماً،
إذ مَن لايسرق لا يُحترم
ومن تجرأ على رفع الشكاوى لوزير التربية والتعليم والفروع الحزبية
وصولاً إلى السيد مسعود البارزاني، رئيس اقليم كوردستان
على مدى سنتين وأربعة أشهر، عن الفاسدين والسراق وعديمي الأخلاق
وبشهادة الشهود من الأساتذة والطلبة،
يُطرد شر طردة من وظيفته
ويحرم من راتبه ومن حقوقه كنصير وكإنسان..                                     
وأين حمرتك أيها الخجل؟!


                              للموضوع صلة

22
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  51      
                         
                                         
                                           فتاح خطاب 

وقد إنتهى الجزء 50 ب:
وإنما أتسائل: أ لم يكن من الأفضل إختيار المدرسين حسب كفاءتهم
ومستواهم وأخلاقياتهم العالية،
بعيداً عن المزاجية الحزبية ذات المصالح الذاتية الضيقة؟!

فأضيف وأقول: أليس من الأجدر أن يعمل الحزب الحاكم
على تقارب وجهات النظر وتوحيد صفوف الشعب الكوردستاني
بكل طوائفه وأحزابه وتوجهاته بإعطاء حق لكل ذي حق،
وأن يضع نصب عينيه تاريخ نضالاته المشرّف وأن يحافظ عليه
بتحقيق الأهداف السامية التي كان يرمي إليها وضحى من إجلها بكل غال ونفيس
وقدم شهداء لا أول لهم ولا آخر، في ملاحم بطولية
شاركت فيها القوى الثورية الخيرة
وتشهد لها قمم جبل هندرين المخضوضبة بدماء شهداءنا الأبرار
( لأجل تحقيق المطالب الشعبية المرحلية،
كما عبر عنها في وقتها البارزاني الخالد
حسب ما جاء في الصحف العالمية آنذاك،
ألا وهي ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي (اوتونومي)
لكوردستان لحد سلسلة جبل حمرين وجعل مدينة كركوك قلباً له..) 
والمضي قدماً في ترسيخ وتقوية البنى التحتية الحقيقية من المصانع والمزارع والمعامل والمراعي والشركات، على أقل تقدير، للإكتفاء الذاتي
أولاً ومن ثم تصدير منتجاتها للخارج والتفكير جاداً بكل ما من شأنها
تهيئة وتدشين الأرضية الخصبة لإقامة دولة مدنية حديثة مستقبلاً.
تسع للكل دون تفريق او تمييز، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
وليس الإنفراد بالسلطة وإهدار المال العام وتفريق الصفوف
وتقسيم أراضي كوردستان إلى إمارات وتحويل القوى الأمنية والدفاعية
النظامية إلى ميليشيات خاصة تحت إمرة الحزب الواحد
وتجميد مبكر لأعداد هائلة من الطاقات البشرية كجيش من البطالة
المقنعة الطفيلية، المستفيدين مادياً من القرارات الحزبية البحتة،
دون المشاركة الإيجابية والفاعلة لخدمة المجتمع..
والإتيان بوجوه ورموز من الماضي المقيت وإعطائهم الصلاحية الكاملة
في الحكم والتحكم، دون رقيب او مسائلة من جهة
وتهميش وإقصاء ممن ضحوا وعانوا من ظلم وإضطهاد حكم البعث
البائد الحاضر رغماً عنا،
في كافة مؤسسات حكومة الإقليم وبخاصة وزارة التربية والتعليم،
من جهة أُخرى.
والإشكالية الأخرى التي قد أصبحت ظاهرة سيئة من شأنها أن تصيب الإنسان
بمرض نفسى خطير، يستشري يوماً بعد يوم ويعدي الأخرين
من أفراد المجتمع والظاهرة هي تغييب المسائلة والمحاسبة القانونية
وإهمال شكاوى المواطنين في قضاياهم الملحة
وقطع الرواتب وطردهم من وظائفهم في نطاق وزارة التربية والتعليم
وعدم الإصغاء للمطالب الشعبية بالكشف عن أسماء الجناة وتسليمهم
للمحاكمة العادلة في قضية أحداث المظاهرات وما حدث فيها
من قتل أناس أبرياء عزل وخطف وإغتيال  الصحفيين وضربهم وتعذيبهم
بشكل وحشي وغير إنساني.
حيث السكوت عنها، حسب علم النفس التربوي،
لا يولِّد سوى الشعور بخيبة الأمل عند العامة من سواد الناس،
والإحساس بالدونية والعجز والإذلال وفقدان الثقة
برموز ورجالات السلطة الحاكمة، لعدم أستجابتها ورضوخها
في معاقبة الجناة وإنزال القصاص وإعتبارها شلة من المتآمرين الخونة
( وفي القصاص حياة) وتلك هي العقدة النفسية الملعونة
التي تدمر النفسية البشرية،
فحين ترتكب أي جريمة ضد أيَّ ما كان وتترك في حالها،
دون أي إجراء قانوني فيها، بدءً من البحث الجاد عن الجاني
وتوضيح حيثياتها ومسبباتها والإعلان عنها في وقتها المناسب،
ثم القبض على الجاني وتقديمه للمحاكمة
على مرأى ومسمع من الناس المعنيين ( كأنما قتل الناس جميعاً )
فهذا الشعور بالظلم والخيانة يجعل من أفراد المجتمع أناساً سوداوين،
سلبيين، فاقدي الأمل بالحياة وعديمي الثقة بالآخرين..
ما يؤدي إلى سقوط الرموز والمُثُل من عيون وقلوب الغالبية العظمة من الناس..
لا تحمد عقباه.
وأنا شخصياً مررت بهذه التجربة المريرة، منذ أن قدمت أولى الشكاوى
لوزير التربية والتعليم قبل أكثر من سنتين وذهبت بها
إلى أقصى الحدود الممكنة، بدءً من المدراء و رؤساء النقابات
وإتحادات المعلمين والفروعات الحزبية..
وصولاً إلى السيد مسعود البارزاني الديمقراطي ورئيس أقليم كوردستان المحترم.
لكنني رغم ذلك، أحلم..
أحلم بجمهورية كوردستان
التي هي في خاطري.


                    للموضوع صلة  

23
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ  50      
                         
                           فتاح خطاب

وقد أنتهى الجزء 49 ب :
وبينما كنا نتعاتب لمحت في غرفته (جهاز السيكل البيتي)
فأشرت إلى الجهاز قائلاً: شئ جميل ومفيد للرياضة البيتية.
هل هو من ضمن الميزانية السنوية للمعهد؟!

والسؤال هنا ما إستفادة ذلك الجهار لطلبة المعهد ومن تفتق ذهنه وفكر بشراءه؟! وكيف سُمح له وماذا كانت مبرراته في ذلك؟!
فإنه ليس غبياً بهذه الدرجة ليشتري جهاز السيكل البيتي،
عوضاً عن عشرات الكارتونات من أوراق الإستنساخ التي كنا نحتاجها
كوسيلة وأداة في عملية التعليم.
سوى أنه قد يستخدم طٌعماً او وسيلة لجذب أنظار الجنس الناعم
وإستدراجهنّ إليه.
وهذا ما حصل فعلاً في أكثر من مناسبة. والخبر اليقين عند الطلبة
الذين شهدوا بأم أعينهم فأشتكوا عن الحالة،
حتى وصلت إلى مسامعي عن طريق بناتنا اللواتي كنّ أشرف من بعض الأستاذة البعثيين الفاسدين..
ففجرتها في أثناء إنعقاد إجتماع المدرسين العام، موجهاً كلامي
للمدير الكارثة (ف، غ)
وبحضور المومى الية قائلاً: يا أستاذ..! لو كانت أختك أو زوجتك طالبة هنا
في معهد الفنون الجميلة، هل كنت تقبل لو أن استاذاً ما أراد إستغلالها جنسياً
لأجل إنجاحها او لتسهيل أُمورها الدراسية؟
فأجاب ب: لا لن أقبل.. فردت عليه : لماذا تسكت إذن عندما يعمل ببنات أُخريات
وفي داخل المعهد وهنّ بمثابة أخواتنا وبناتنا وهنّ أيضاً أمانة في عنقنا،
ولماذا لم تتخذ أي إجراءات قانونية ضد من وُجهت إليه التهمة
وأنت أعرف منا في ذلك؟!!
وأنا هنا لست بصدد توجيه الإتهام لبعض المسؤولين الحزبيين المرضى نفسياً
ولا أُبرّئ ساحتهم مما يحدت هنا وهناك من سلوكيات رعناء،
غير المنضبطة وغير المسؤولة
وإنما أتسائل: أ لم يكن من الأفضل إختيار المدرسين حسب كفاءتهم
ومستواهم وأخلاقياتهم العالية،
بعيداً عن المزاجية الحزبية ذات المصالح الذاتية الضيقة؟!
وما الحكمة بتشبث الحزب الحاكم بأُناس قد سبقتهم سيرتهم الإجتماعية السيئة؟!
وقد يقول قائل متعجباً: ماذا بك يا رجل؟!
تترك كل تلك الجرائم والسرقات الكبرى وتمسك بتلابيب الصغار لتحاسبهم،
كما جاء في قصيدة الجواهرى الكبير؟!
فأقول: أن الجرائم والسرقات الكبرى تتأتى من نفوس ضعيفة وعقول صغيرة،
وتقاس الأشياء والأفعال والسلوكيات حسب الموقع الذي تحدث فيه الموبقات.
ومهما كبرت رؤوس الفاسدين تكبر كبائرها.
والسارق الفاسد هو ذاته، إن كان هنا او هناك، صغيراّ كان او كبيراً.
والمثل السيء الذي يتردد (إذا سرقت فأسرق جملاً)
يظهر لنا حجم السرقة في عصر جاهلية العرب،
حسب مستوى معيشتهم الإقتصادية، فكان الجمل كبيراً في نظرهم.
وقد يتحول ذلك الجمل في عصرنا المتنفط إلى شراء القصور في نيويورك،
باريس ولندن او فتح قناة فضائية غير ضرورية
على حساب (ابو شوارب) والسارق هو السارق.             
وبين السارق الكبير والسارق تحت التمرين، نمرر هذا المثل السويدي.
حدث وأن صادف خلال وجودي في السويد، طلب بسيط
من الملك السويدي المعظم، حين كان نصب برج إستقبال للقنوات الفضائية،
مكلفاً بعض الشيء، فتشجع الملك المعظم وطلب من رئاسة الوزراء
عن طريق البرلمان السويدى، بمجرد نصب برج إستقبال للقنوات الفضائية،
لا بفتح قناة فضائية بملايين الدولارات.
فرُفض طلب سيادته مع الإعتذار لمقامه المبجل..
ويا عيني و يا عيني .. يا عيني ع الولد..!         
                   

                    للموضوع صلة


24
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 49    
                          
                          
                                          فتاح خطاب
                    

وقد أنتهى الجزء 48 ب :
 وإنما بضياعها كاملة، من قبل المدير والذي أصبح فيما بعد، بقدرة قادر،
مديراً عاماً للفنون والثقافة، دون ترك أي أثر..
والأنكي من ذلك كله، إنه قد أنكر أن سلمت له الرزمة كاملة..

ومن المؤسف حقاً أن شخصاً مثل ( ف، غ) المدير العام حاليا،
لكونه حزبياً، لاغير.
لا يعرف أي جهود بُذلت وبمدة قياسية، لأجل جمع كل تلك المصادر
وترجمتها، حتى أصبحت، فيما بعد، كتاباَ يضم بين دفتيه 320 صفحة.
يشتمل على أكثر الإتجهات والمدارس المسرحية بالإضافة
إلى تاريخ فن الإخراج المسرحي، منذ عصر السنسكريتي الهندي
وكوميديا الديللارتى ومسرح الأسرار الكنسية،
مروراً بتجارب المسرح الكلاسيكي والكلاسيكي الحديث والرمزي والطبيعي
والتعبيري والملحمي ومسرح الشمس والتجريبي..
هذا وبينما أنا كنت حبيس غرفتي، ليل نهار، منكباً على مشاغل الكتابة
والترجمة، كانوا هم منشغلين بإمتيازاتهم ومخصصاتهم وسرقاتهم، علناً ملناً، ويتفننون بجلب أنظار المسؤولين إليهم..
علماً بأن ما قمت به من جهود وما عانيت لأجل إنجاز ذلك الكتاب
وطبعه مؤخراً على نفقتي الخاصة،
لم تكن من فروض العمل التربوي وإنما لشعوري بالمسؤولية تجاه الطلبة
/ الذين كانوا يسمعون عن الإتجاهات والمذاهب المسرحية، دون أن يدركوا
ماهيتها، خصائصها، مميزاتها وخلفيتها الثقافية والفنية والفلسفية
ودون الخوض في التفاصيل وتبويبها ومقارنتها مع بعضها البعض
وعلاقتها بالأحداث التاريخية والحركات والتيارات الفكرية والفنية،
شكلاً ومضموناً، نظرياً وعملياً /
وإحساسي بقلة وندرة وضألة المصادر الأدبية والفنية والثقافية الضرورية
في هذا المجال مما أحتاجها أنا شخصياً لأجل التوصيل والتواصل في عملية التعليم والتثقيف، لأنني كنت على علم بما يجري داخل الصفوف من إسفاف وتسطيح
وترقيع وإهمال وتمويه وخلط الأوراق من قبل أساتذة بعثيين
كنا نسمعهم يقولون: لا تعلموا الطلبة بما فيه الكفاية، لكي لا نجعل منهم نداً لنا وينافسوننا في عملنا مسقبلاً، أن طلابكم أعداء لكم، فأبخلوا عليهم..!
تكفيهم حيازة الشهادة ليكونوا معلمين..!!
وكنت أراقبهم في كيفية إحتقارهم للطلبة وإهانتهم لأبسط الأسباب.
وإليكم بعض المشاهد المضحكة المبكية.
1 ـ دخل رئيس القسم علينا في غرفة المدرسين لاهثاً وهو يعدل هندامه،
كأنه خارج من حلبة المصارعة، قائلاً: إذا حدث وإن دخل الطالب فلان هنا
فسنضربه جميعاً، دون أي مقدمات.
فعرفت إنه يقصد ذات الطالب الذي يريد إرغامه على تخليه عن حبيبته
لصالحه هو، فخرجت من الغرفة ضاحكاً لألتقي بالطالب المسكين                      
المهدد بالفصل لأمنعه..
وبعد شهور من الحادثة، إتضحت الأمور فأنفضح رئيس القسم الذي عينه
فيه الحزب الحاكم وهو لا علاقة له بالفن المسرحي.  
2 ـ بعد ضياع المصادر المطبوعة من قبل المدير الذي وعدني بتوفير إستنساخها، أرسلت مع أحد الطلبة النسخة الأصلية المنشورة في مجلة (كاروان)
لغرض الإستنساخ وبعد إنتظار طويل ذهبت لأعرف سبب التأخير،
فوجدت الطالب ينتقل من قسم إلى آخر دون أن يستجيب له أحد.
فأخذت منه المجلة ودخلت غرفة المدير معاتباً متذمراً،
فقال لي : يا أستاذ أنك الوحيد بين الأساتذة تطلب منا ذلك،
لكننا الآن  في أزمة مالية. حاول أن تدبر أمرك باسلوب آخر..!
ولعلمك أن جهاز الإستنساخ عاطل..!
وبينما كنا نتعاتب لمحت في غرفته (جهاز السيكل البيتي)
فأشرت إلى الجهاز قائلاً: شئ جميل ومفيد للرياضة البيتية.
هل هو من ضمن الميزانية السنوية للمعهد؟!
ـ  طبعاً. وقد إشتراه رئيس قسمكم ( م، ع)
لعله يفيد للرياضة المسرحية..
فخرجت من الغرفة ضاحكاً مقهقهاً، لكي لا أبكي..


                     للموضوع صلة    

25
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 48     
                         
                                              فتاح خطاب
 
وقد أنتهى الجزء 47 ب :
وتستثنى منها القاعات الصفراء والخضراء والحمراء اوالبرتقالية..
وكان الجواب بعثياً صرفاً: دعك من هذه الأفكار الجنونية..!
قابل نحن عايشين في السويد؟!

وإذا عرف السبب بطل العجب..!
والعجب كل العجب يكمن في اللعبة السياسة والإدعاءات الكاذبة.
ولن يمر يوم واحد إلا ونحن ننبهر بتصريحات المسؤولين المجانية العابرة،
دون أي مقدمات ملموسة او تقديم دراسات مفصلة عما ينوون إنجازها
من خطط وبرامج تنموية، تربوية وتعليمية.
ولكن عند التطبيق العملي نجد أنفسنا قد وقعنا في ورطة تربوية وأخلاقية
مسرحية غير متوقعة.
وما كنا نأمل فيه خيراً، يكون عبئاً ثقيلاً علينا وإحراجاً أمام الطلبة
الذين قد إستفهموا أهمية التدريس بأسلوب حديث ودوره في عملية تعليم الفن المسرحي بكل أبعاده وعناصره وتشعباته، نظرياً وتطبيقياً،
وذلك بعد شرح مطول، فأستعدوا له ذهنياً ونفسياً.
وكان ذلك اول تجربة في كوردستان مكللة بالنجاح وبشاهدة أكثرية الطلبة
الذين مروا بتلك التجربة، بدليل أن غالبتهم تمسكوا بقدسية المسرح
وإحترامهم له من خلال إلتزامهم بأخلاقيات المسرح
(وما أدراك ما أخلاقيات المسرح) وإعتزازهم بأنفسهم كونهم
من فناني المسرح مستقبلاً.
علماً بأنهم كانوا في الأيام الأُولى من بدء الدراسة في المرحلة الرابعة
للإخراج المسرحي، يجهلون المبادئ الأساسية للفنون المسرحية
ويتلكؤون في أثناء النقاشات العامة، فاقدين روح المشاركة والمبادرة في التعبير
عما يدور في أذهانهم، متشنجين وسلبيين..
وحدث أن قال لي بعد أسبوع واحد من الدراسة، أكثر من طالب:
ــ ليكن في علمك يا أستاذ، أن ما أخذناه من دروس ومعلومات وما تعلمناه
من التطبيقات العملية يعادل عاماً دراسياً كاملاً عند ذاك الأستاذ البعثي الفاسد
والسارق وكل ما أخذناه من دروس نظرية خلال عام كامل هي سبع صفحات
يتيمة، جافة، ملغّزة، غير مفهومة، دون الدخول في التفاصيل او تطبيقها عملياً.
وها أنت ترى الآن بأننا عاجزون عن الحركة او تشكيل كتلة مسرحية كما ينبغي.
إنه أراد قتلنا فنياً ومعنوياً فجعلوه رئيساً للقسم المسرحي..
ونسمعهم بين حين وآخر وهم يقولون:
ــ  في كل الأحوال ستصبحون معلمين، لا أكثر..!
أنت الوحيد تتحدث عن دور الفن والثقافة في تطور المجتمعات والبلدان وتقدمها..  وكانت الفكرة الأسياسية للبرنامج التعليمي الخاص بالصف الرابع
للإخراج المسرحي، كالشكل التالي: نشر مقالات مسرحية عن المدارس والإساليب المختلفة، او عن رجالات المسرح العالميين، بحوثاً كانت او مترجمة
في أحدى المجلات الثقافية حسب متطلبات المحاضرات الصفية ويتم توزيعها
على طلبة الصف او إستنساخها فيما بعد.
وقبل قراءتها تباعاً من قبل الطلبة، أبدأ بعرض وشرح وإيضاح فحوى المحاضرة المخصصة بإحدى المدارس المسرحية إرتجالياً، مع الإتيان بالأمثلة
او المقولات الفنية والأدبية او ذكر بعض المشاهد المعروفة من الأفلام
والمسرحيات او من القصص المرتجلة المستوحات من الواقع المعاش،
مع بعض الكتابات او الرموز على السبورة..
وأهم من ذلك كله هو إشراك وجذب إنتباه الطلبة بأي شكل كان..
وتبسيط الطروحات الفلسفية والفنية وتقريب وجهات النظر
حسب فهم ومستوى الطلبة. ومع بدء القراءة الصفية تباعاً،
تكون الشروحات والتعليقات والإيضاحات أطول من الدرس المقروء
وقد تستغرق قراءة صفحة واحدة ثلاث محاضرات.
وبعد الإنتهاء من موضوع مدرسة مسرحية معينة،
تبدأ مرحلة التطبيق العملي وبذات الأسلوب.
كتابة، إخراجاً وتمثيلاً. وكل ذلك يتحمل عبئها الطلبة أنفسهم.
أي تقديم مشهد مسرحي، لا تقل مدته عن عشر دقائق
او إختيار مشهد من مسرحياتي.
وكانت الخطة تتطور يوماً بعد يوم،
ولكن المشكلة التي كنا نعاني منها هي الفساد المستشري والسرقات،
دون الإهتمام بمتطلبات ولزوميات التعليم الحديث.
وقد سبق أن أشرت إلى الطريقة السويدية في التعليم وما تصاحبها من مصادر وإستنساخات وتوفير الأجهزة والأدوات والوسائل التوضيحية..
وأنا شخصياً لم أكن أحتاج سوى لتسهيل امور الإستنساخات.
وقد تحدثت مع المدير الكارثة (ف، غ)
بل هو وصمة عار على جبين الفن والثقافة والذي كنت أخجل من نفسي
وأتقزز حين كنت أحادثه عن أُمور فنية وثقافية.
وهو الذي وعدني وأوصى الآخرين من مساعيه بتوفير مستلزمات الإستنساخ
وصدقته في وقته، فسلمت له كل المقررات المطبوعة
لغرض إستنساخها حسب أعداد طلبة الصف الرابع.
وأمهلته اسبوعاً كاملاً. ثم أكتشفت بعد محاولات عدة من المراجعات والإزعاجات، وصدمت ليس بعدم إستنساخ المقررات المطبوعة،
وإنما بضياعها كاملة، من قبل المدير والذي أصبح فيما بعد، بقدرة قادر،
مديراً عاماً للفنون والثقافة، دون ترك أي أثر..
والأنكي من ذلك كله، إنه قد أنكر أن سلمت له الرزمة كاملة..
أين ومتى؟!!
نعم. أين ومتى يا أقزام..؟!!
وقد تيقنت حينها، بأننا نعيش في إمارة أين ومتى..!                                         
ولكن بعد فوات الأوان.
ويا لخسارة دموع أمهات الشهداء والأنصار..!
يا خسارة..!

         للموضوع صلة

26
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 47     
                         
                                           فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 46 ب :
وأن الحزب الحاكم يسعي بكل ما اوتي من قوة لإقامة جمهوريته الخاصة به،
أما الآخرين من أمثالنا الدارسين المثقفين والإختصاصيين المستقلين
فلا شأن لهم بنا وسنبقى على طرفي النقيض،

أمّا على الصعيد السياسي او بالأحرى سياسة الحزب الواحد الإنتقائية
والمتلونة حسب الظروف الآنية التي تعيشها المنطقة برمتها
وتأثيرات القوى المتنفذة والكيانات المحيطة بها.
ناهيك عن القوى الداخلية المعلنة عنها اوالمستتبة منها،
بالإضافة إلى الطابور الخامس والمندسين في صفوف الحزب الحاكم،
إضطراراً او مسلماً بالأمر الواقع او لغرض في نفس يعقوب
والبقية الباقية من تركة البعثيين الثقيلة،
سواء أ كانوا كباراً او صغاراً، وبخاصة في سلك التربية والتعليم.
فعلينا ألآ نستهين بقدراتهم التخريبية والإحتيال والإفساد او في أحسن الأحوال،
لإبقاء الحال بما هو عليه، دون أي تغيير او تطوير..
ففاقد الشيء لا يعطيه.
وطالما أننا بصدد الأساليب الحديثة في التربية والتعليم،
نأتي ببعض الأمثلة والوقائع التي حدثت بيني وبين المديرين ( ز، ق وف، غ)
وهما أصلاً من أسوء ما أبتلى بهما معهد الفنون الجميلة في هذا الزمن الأغبر.
وكلنا يعلم بأن لنا مواسم ومناسبات، على غرار الدول المتقدمة،
لايمكن أن تمر دون إحياء كرنفالات او نشاطات ثقافية وفنية ورياضية..
وقد سبق أن تحدثنا عنا بإسهاب!
ومن تلك المواسم والمناسبات المناخية والوطنية، لا الحزبية،
هو موسم الربيع الذي يعد من أجمل أعياد الطبيعة والإنسان والروح الثورية
المستمدة من الملاحم الشعبية الخالدة.
وكذلك موسم الإحتفالات السنوية للمعاهد والجامعات
وهي أصلاً من الإحتفالات التقليدية في كثير من الدول المتقدمة.
وحدث أن طرحت برنامجاً كاملاً لتنظيم تلك الإحتفالات خارج إطار المعهد
وإختيار الأماكن في الميادين العامة والأثار التاريخية والحدائق العامة،
تتخللها عروضات مسرحية، معزوفات موسيقية، معارض فنية، عروض أفلام ،
دبكات وغناء وأنشطة رياضية عامة
بمشاركة جميع المنتديات والمراكز الثقافية لإحياء الندوات الثقافية
والسيمينارات الأدبية..
بدعم كامل من الأجهزة الإعلامية والدعائية في البث المباشر
وإجراء اللقاءات الحية، على مدار الساعات والأيام، مع  كل العاملين
والمشاركين الفعليين منهم وغير الفعليين لتكون إحتفالات شعبية بحق
دون تدخل الأهواء والأمزجة الحزبية فيها بشكل تام
وتستثنى منها القاعات الصفراء والخضراء والحمراء اوالبرتقالية..
وكان الجواب بعثياً صرفاً: دعك من هذه الأفكار الجنونية..!
قابل نحن عايشين في السويد؟!                     
 

                  للموضوع صلة

27
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 46    
                          
                          
                                                فتاح خطاب


وقد أنتهى الجزء 45 ب:
و هل أن برامجنا وخططنا التربوية والتعليمية هي وليدة عصرها
ومرآته الصادقة في الرؤى والرؤية ، فكرياً، تربوياً، علمياً، ثقافياً وإنسانياً؟
وهل هي قادرة على مواكبة التطورات الحاصلة في كل مجالات الحياة؟!!
 
أعتقد جازماً بأن الجواب، سيكون لا.
إستقراءً للحالة الفكرية والعقلية والنفسية المزرية التي  تسيطر على الجو العام،
لا فكاك منها إلا بالتخلص من تبعيات الماضي البغيض،
فكرياً، سياسياً وإجتماعياً.
وكيف يتم التخلص وماهي آليات وأدوات التغيير سوى القوى الثورية
الحقيقية والرموز الفكرية والثقافية والأحزاب السياسية التقدمية؟
وإذا ما أردنا التحدث عن الحالة الفكرية التي يتمتع بها بعض الرموز الثقافية،
تمثل أمامنا نماذج من المثقفين الدارسين، ولكنهم ومع الأسف الشديد،
رغم ثقافتهم الموسوعية، لم يعتادوا على جعل ما تعلموه من دروس ومفاهيم
وأفكار وحكم وتجارب حياتية أسلوباً لممارساتهم اليومية
وجزئاً عضوياً في مشاغلهم لأجل الإبتكار والتحديث والتجاوز..
وذلك لأنهم قد عاشوا في زمن كانت تحرم فيه القراءات والمتابعات
وكان الكتاب بحد ذاته اوضح دليل لكشف ما يؤمن به حامله من أفكار وتوجهات.
وكان الحذر في المناقشات  والمحادثات الجماعية سيد الموقف.
فباتت القراءة السرية منها والعلنية مجرد هواية للتثقيف الذاتي
والقراءة للقراءة وحسب. وفي الزمن الرمادي هذا، كنت قد التقيت شخصياً  
بأساتذة مثقيفين موسوعيين وذوي إختصاصات في السلك التربوي
ولكن حين كنت اوجه لهم أسئلة بهذا الصدد، كانوا يتهربون من الإجابة
او يمانعون الخوض فيها او يحسمونها بتعليق عابر، مبطن ملؤه اللمزة والغمزة،
مفاده إنه ليس لهم مكاناً في الإعراب وأن الحكومة لا تصغي سوى لرجالاتها
وما أكثرهم، أما نحن المهمشين، فلا  أحد يسأل عنا..
إن الحكومة منشغلة فقط  بلعبة الكراسي السياسية
وكل من لا يريد المشاركة لا يجد له مكاناً فيها.
وأن الحزب الحاكم يسعي بكل ما اوتي من قوة لإقامة جمهوريته الخاصة به،
أما الآخرين من أمثالنا الدارسين المثقفين والإختصاصيين المستقلين
فلا شأن لهم بنا وسنبقى على طرفي النقيض،
نحن في واد وهم في واد، وأن الثورة والعرش لا يلتقيان
وبيننا ضاع الخيط والعصفور..
والله يرحم أبانا وأمهاتنا الذين صرفوا علينا دم قلوبهم وعرق أتعابهم
وماتوا من الإنتظار في سنوات الجوع والتشرد،
ماتوا إنتظاراً، خوفاً، هماً وكمداً..
وهل هناك أي مجنون يقبل أن يكون هو المسبب في قتل أبويه؟!
وتجويع وضياع أفراد أُسرته لأجل وطن، تباع موارده وخيراته
في المزاد العلني لأجل عيون وإتخام ورفاهية أعداء الأمس
من الجحوش والمستشارين والمتآمرين، الملطخين أيديهم
بدماء أبناء شعبنا البررة؟!
وأنت ماذا حصلت بعد كل تلكم السنين، من إمتيازات
أو حتى وظيفة تليق بتاريخك وتضحياتك ومكانتك ككاتب ومن رواد الفنانين؟
طبعاً. لاشيء. لأنك من خارج سرب الحزب الحاكم.
إياك أن تحلم وكفاك هذراً..!


                         للموضوع صلة

28
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 45    
                         
                                   
                                               فتاح خطاب
 

وقد إنتهى الجزء 44 ب:           
فماذا جرى بهُنَّ يا وزارة التربية والتعليم؟!
ومن هو الجاني والمسؤول الحقيقي لكل هذه التراجعات والإنتكاسات؟!

وكل منا يعرف بأن وزارة التربية والتعليم من مؤسسات الدولة المدنية الحديثة،
تعمد على عملية التربية والتعليم المعاصرة والمسايرة مع متطلبات
الركب المجتمعي المتأثر دوماً بطرق وأساليب وإجتهادات مراكز
وصروح تربوية، علمية، فكرية وثقافية عالمية..
وإذا كان المسرحيون، على سبيل المثال، في بلادنا يتحدثون ويكتبون
ويترجمون ويطبقون الأساليب العالمية في الكتابة والإخراج والتمثيل
والديكور والإنارة والمؤثرات الصوتية ويشيدون بتجارب عالمية المتمثلة
برجالات ورموز المسرح العالمي، بشتى لغات العالم
وفي أثناء البروفات او الورشة المسرحية تطول النقاشات والمداخلات
والإضافات والإشادات والتحليلات..
وكل ذلك لأجل إقامة عرض مسرحي في صالة لا تستوعب أكثر من
ثلاث مِئة مشاهد. 
فكيف تكون الأبحاث والطروحات والإرشادات والإختيارات والتطبيقات الميدانية بأساليب علمية، عقلانية وحديثة،
قابلة للإستيعاب  والتقبل والفهم الصحيح في عملية التربية والتعليم
التي يشارك فيها أعداد هائلة، تقدر  بنصف أفراد المجتمع، رجالاً ونساءً،
أطفالاً وكباراً؟
ونظراً لأهميتها العلمية والأدبية والثقافية ودورها وصلتها ببناء مجتمع
معافى، متنور ومتطور، قادر على مواكبة المتغيرات والمستجدات
الحاصلة في هذا المجال الهام،
يجب التفكير في كيفية هيكلة وزارة التربية والتعليم،
بدء ً من الوزير وإنتهاءً بأصغر مفتشي التربية، لا كما يراه الحزب الحاكم،
حيث لا يرى سوى مصلحته الذاتية الضيقة، فيأتي بأُناس حسب إختيارات
عشوائية ومزاجية تسلطية،
مقلداً ومحتذياً لمن سبقوه من الإنقلابيين والمحتلين
الذين سقطوا وأنتهوا بذات الأسلوب الذي جاءوا به وحكموا.
والميزة الوحيدة والمشتركة فيما بينهم
هي أنهم أوقفوا عجلة التطور والتقدم الإجتماعي والثقافي،
فكانت وزارة التربية والتعليم هي الضحية والخاسرة الأكبر على طول الخط ،
من تلك السياسات الرخيصة الرعناء والتحزبية الفردية الضارة.
لذا لا عجب في أن نرى ذات العقليات والتوجهات تتحكم بسير العملية التربوية،
دون التفكير بإيجاد وإبتكار أساليب جديدة في هذا المضمار،
بالإستفادة من تجارب الشعوب التي كانت سباقة في إكتشاف الأجود والاجدر
والأكثر فائدة وتأثيراً على ذهنية ومعنويات الطلبة مما أثبتت صحتها
وقدرتها على تكوين وتقوية شخصية الطلبة وبلورتها
لتستجيب بشكل أكثر ديناميكية وحيوية لما تملى عليها من المواد التدريسية
في كافة المجالات والإختصاصات..
ولا مستحيل تحت قرص الشمس طالما هنالك أناس تربوا، تعلموا وتثقفوا،
على مدار الساعات والأيام والشهور والسنين،
ليس للحصول على درجة النجاح وحسب وإنما لأجل الحياة وإثبات الذات.
فأين نحن من كل تلك المعلومات والمعارف والثقافات والفنون الإنسانية
في حياتنا اليومية والدراسية؟!
وهل لنا الحق في أن نقول: طالما أن لنا وزيراً أُميّاً في الثقافة التعليمية
وفي الإستراتيجيات التربوية الحديثة، معيناً مزاجياً من قبل الحزب الحاكم،
فإن مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا تبشر بألف خير وعلى ما يرام؟
وأن برامجنا وخططنا التربوية والتعليمية هي وليدة عصرها
ومرآته الصادقة في الرؤى والرؤية ، فكرياً، تربوياً، علمياً، ثقافياً وإنسانياً؟
وهل هي قادرة على مواكبة التطورات الحاصلة في كل مجالات الحياة؟!!                 
   


                      للموضوع صلة

29
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 44    
                          
                                     فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 43 ب:
وهل من المعقول يا مدير أن تترك كل الشكاوى حول الفساد الإداري والتدريسي
وحتى الأخلاقي، جانباً وتأتي لتحاسبني على مد يد المساعدة للطلبة المحرومين
من حقهم القانوني والتربوي؟

إنه حقاً لشيء مخيف أن نرى مديراً صغيراً بهذا الحجم
ومع تلك الميزانية القليلة، يتفنن بإيجاد الثغرات القانونية والحيل الشرعية
لإستثمارها في المصالح الشخصية والكسب غير المشروع،
فكيف إذا ما كانت الإمكانات والفرص والصلاحيات الإدارية
في صرف وإهدار المال العام بشكل أكبر وأوسع
وبعيداً عن عيون الرقابة الإدارية والمسائلة القانونية؟!
وكيف إذا ما كانت ظاهرة الفساد والسرقات قد خرجت من الدائرة الفردية الضيقة لتشمل قطاعات واسعة وأغلبية ساحقة من المتحزبين المندسين الجدد؟!
وإن كنا آمنا بأن أي مسؤول حزبي او موظف حكومي
يكلف خزائن الحكومة المالية، أكثر مما يستحق من راتبه الشهري،
ولو بفلس واحد، ولو بفلس واحد، ولو بفلس واحد، ولو بفلس واحد، لا أكثر..!
 فهو غير نزيه  وغير شريف...
فكيف لنا أن نقييم وضعنا الحالي ونحن نكاد نغرق في مستنقع الفساد؟
وكيف سيكون المشهد العام إذا ما أصدرنا حكماً بقطع يد كل سارق
اومرتشي اومزور وصولات؟!
إنها حتماً ستُدعى بجمهورية ذات اليد الواحدة،
واليد الواحدة لا تصفق وإذا التصفيق لم يطرب أسماعنا،
سنهلل وإذا ما سمعنا الهلاهل، سنتهلهل..
ولا خير في أُمة تتهلهل شيئاً فشيئاً وتضمحل..
وكل تلك المصائب السياسية والكوارث الإنسانية
تأتي من ذلك الفلس الواحد الحراااااام.
ثم هل من العدل في أن يعيش كائن ساقط ، خائن و رخيص
في عهدين متتاليين (البائد والحاضر) عيشة الأُمراء والمرفهين،
رغم كل المثالب والمخازي، لمجرد تقديم الولاء للحزب الحاكم
زوراً، كذباً ونفاقاً،
ويحرم النصير الذي ذاق من سياسة البعث الأمرين
وأفني أجمل سنوات عمره خدمة لشعبه و وطنه، من أبسط حقوق المواطنة
ويكون من نصيبه الإقصاء والتهميش، وكأن شيئاً لم يتغير..!!
والظاهر أننا سنعيش ونستمر ونعيد الكرّة بعد حين وآخر، ذات المهازل
التي عشناها اوسمعنا عنها قصصاً وحكايات في عهود الإنتفاضات
والثورات والإنقلابات، حيث الحاكم بأمرالله يأتي ويتربع على عرش المملكة،
محاطاً بحاشيته وبطانته وحراسه وأبناء جلدته وعشائره، معززاً، مكرماً،
مهما أجرم وظلم وأرتكب الكبائر وعاث في الأرض فساداً،
طالما هو في عز قوته وزهوه وجبروته..
ولكن ما أن تبدأ الأرض بالإهتزاز من تحت قدميه وينخر السوس السياسي
والإجتماعي أطرافه وفروعه وليس هناك ما يمد له أسباب البقاء والإستمرار،
فيبدأ مصيره بالعد التنازلي
وكلما كانت ردود أفعاله شديدة وعنيفة وباطشة، رغبة للسطة وعزماً للبقاء،
كلما تلقى ضربات أشد وأعنف مما بادر هو بها
ولاتشفع له مآثر أجداده ولا سيرته هو، فيضيع أثره ولقبه وما خلفه إلى أبد الدهر. وهل رأيتم أحداً وهو لا زال يحمل لقب المستنصر بالله
اوالحاكم بأمر الله او حفظه الله؟ أبداً.
لكننا نرى بأن روح عبدالكريم قاسم مازالت ترفرف في سماءنا
وسيرته تركت أثراً طيباً في ذاكرة شعبنا.
فلا بد من أن تنتصر إرادة الشعب وإن طال الإنتظار.
لأنه فكّر وعمل لخير الشعب بأسره وفتح المدارس الحديثة
وأرسى قواعد متينة لحكومة تكنوقراطية وألغى الفروقات الطبقية
وأطلق الحريات وعمل جاهداً لتحقيق المساواة والعدالة الإجتماعية
وبقي أفراد أسرته وعشيرته كما هم،
بعيدين عن المناصب والإمتيازات..
وقد أولى إهتماماً كبيراً بعملية التربية والتعليم
وإن قارنا بين الصور التي أُلتقطت في المدارس والثانويات والكليات
بكاميرات أسود وأبيض في عهده والصور الحديثة الملونة
ذات التقنيات العالية (ديجيتال) في ذات الأماكن،
لوجدنا فرقاً شاسعاً بينهما. إذ نجد في الصور الأُولى،
جميع الطالبات والأساتذة بوجوه بشوشة، مشرقة،
يبتسمن جذلى وعيونهن تتألق أملاً وتفاؤلاً،
متشرئبات، مقبلات ومنفتحات على الحياة والناس،
عكس ما نراها الآن، حيث النكوص والإنكسار والتشمع والحزن والكآبة..
كأنهنّ يرين أمامهن أشباح الموت ويسمعن صرخات وتهديدات الإرهابيين القتلة..
فماذا جرى بهُنَّ يا وزارة التربية والتعليم؟!
ومن هو الجاني والمسؤول الحقيقي لكل هذه التراجعات والإنتكاسات؟!        

                    للموضوع صلة
                          

30
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 43     
                         
                           فتاح خطاب
 


وقد إنتهى الجزء 42 ب:
فأعطيته المائة من حسابي الخاص.
فشكرني وتركني مع قهقهات الأساتذة المحترمين المتصاعدة..
 
والنكتة الحقيقية هنا.
بعدما علم المدير بالقصة او الفضيحة صرف للطالب الميزانية فوراً،
وأوصاه بإرجاع المبلغ على جناح السرعة.
فعاد الطالب بالمبلغ المذكور، فرحاً بعض الشيء، وبعد إلحاح منه
رضيت بنصف المبلغ، ليكون على بينة من أمرنا في تقييم الأمور
وأخذ العبرة من أخلاقياتنا المسرحية وليس لإعتبارات أُُخرى.
لأن المسرح وجِد أصلاً لإسعاد الناس ومؤاساتهم والدفاع عن كرامتهم
وحقوقهم الإنسانية وإضفاء الجمالية والفنطازيا لروتينية ورتابة الحياة
وفتح قنوات الإتصال والتواصل مع أكبر عدد ممكن من الجماهير
وتوحيد صفوفهم ومشاركتهم في قضايا إنسانية ملحة،
وليس للإبتزاز والمتاجرة او الضحك على الذقون، كما يحلو للبعض تفسيره
بنظرة دونية وعقلية مرضية غير سوية
وإن كان المسرح ذا حدّين، فإن أُسيئ إستخدامه أفسد وخَرّّب جيلاً بكامله،
وإذا أُخِذ على التروي ودُعِّم فلسفياً وثقافياً وجمالياً، بشكل راق ومدروس،
يصبح مدرسة للشعب كله،
وأي شعب له مسرح متقدم ومتطورلا يقبل الذل والهوان والظلم والإضظهاد
ولا يمكن أن يُهزَم..
ونحن في هذا الجو من التسامي والترفع عن الرذائل والخساسة
والمفسدة الحزبية،
قابلني المدير الدخيل غير المرغوب فيه وغير المرحب به في عالم الفن الثقافة
وطرح سؤاله المستفز: لماذا يا سويدي تتدخل بما لا يعنيك؟
هل تريد بذلك كسب ود الطلبة لهدف الوصول إلى كرسي الإدارة
وأنت تعلم جيداً بأنك لست هنا سوى للتدريس، لاغير.
فلا تجعل من نفسك بطلاً، وما تعمله ليس من صالحك.
لا تتمادى أكثر من ذلك!
وبينما كان هو يتفوه بكلماته المتقاطعة كنت أستعيد في ذاكرتي ذات المواقف
المشتركة بينه وبين من سبقه من البعثيين.
فأستطردت قائلاً: نفس الطاسة ونفس الحمّام.
والذنب ليس ذنبك وإنما ذنب من جاء بك إلى هنا.
وأنت تدري بأنك جالس هنا بأمر حزبي، لاغير.
فعليك أنت أن تبحث عن عمل تجيده. أما شبعتم!
ألا تخجلون من وجودنا هنا وأنتم دخلاء ومزروعين في مكان ليس بمكانكم!
لقد ذقنا ضرعاً منكم ومن سرقاتكم..
أين النفط المخصص للمعهد؟! أين هي مخصصات المحاضرات الإضافية،
ماذا فعلتم بميزانية الأطروحات؟
هل من المعقول أن يتم طلاء الجدران وبعد أقل من شهر، يتشقق ويذبل ويتساقط ؟
هل من المعقول أن تبني في قاعات المحاضرات، خشبات مسرح
وبعد أقل من شهر تطمس وتهدم، مخلفة وراء ها حفراً مسرحية؟
هل من المعقول أن ترمى كل الكيلونات الصالحة للعمل (أقفال)
وتشترى الجديدات بدلاً عنها؟
وهل من المعقول يا مدير أن تترك كل الشكاوى حول الفساد الإداري والتدريسي
وحتى الأخلاقي، جانباً وتأتي لتحاسبني على مد يد المساعدة للطلبة المحرومين
من حقهم القانوني والتربوي؟
ولماذا لم تكن سباقاً في حل مشاكلهم المادية
لكي لا يشغلوا أنفسهم بمشاكل جانبية؟
أم أن في المسألة إنَّ؟!!                                     


            للموضوع صلة

31
أدب / أقول لكم
« في: 14:48 24/02/2013  »

أقــــــــــــول لـــــــــكم


 كلمات من وحي الطبيعة

فتاح خطاب



أقول:
ربما..
أظن..
أعتقد..
عسى ولعل..
أكاد أن اصدق..
كأي إنسان يخطئ ويصيب.
وإذا أصاب فله أجران
وإذا أخطأ فله شرف المحاولة
ولا يغير الله ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم
إله الكون وكل الكائنات
دونما تمييز او تفضيل او تفرقة
إنه فوق الاديان والتوجهات
فوق المزاعم والإدعاءات
فوق التشرذم والانشقاقات
فوق أرض الميعاد والاسرائيليات
فوق الانتسابات والنورانيات
فوق الهاشميات والقُريّشيات
وإنه وحده العليم الحكيم
وبه نستعين
ولا نقبل له وكيلاً او شريكاً
او متاجراً بالدين
الله الذي نهتدي إليه  
لا عن طريق السير الذاتية للأباطرة او الخلفاء والملوك الضالين
او أبناء الذين، إذا دخلوا قرية أفسدوها..
وإنما من خلال صيرورة وجمالية الطبيعة وعطاءاتها
ويبقى العقل الراجح والمتمرس والمتنور هو الميزان
أما إفساد العقول وتخدير النفوس بالخرافات والاساطير والحكايات غير المنطقية
هما بمثابة إنتحار جماعي او جريمة غير مرئية
أشد عذاباً وإيلاماً من القتل والغدر والخيانة
وها هو التاريخ يشهد بذلك
وإن كان هو الخصم والحكم
لأن التاريخ ورجالات التاريخ، قد أشاعوا الاخبار والمدونات
زوراً وبهتانا
خوفاً او تملقا
فأشبعوها غلواً ومبالغة
تشويهاً للحقائق الأزلية ولوياً لعنق نواميس الطبيعة الاُمّ
والنبيه تكفيه الإشارة
وهل هناك أبلغ مما قاله العالم المكتشف (جاليليو جاليلي)
بصدد دوران الأرض المزدوج؟
ألم يكن هو الأقرب إلى الله من الكهنوتيين الذين كانوا يبيعون صكوك الغفران
كبطاقة دخول إلى الجنة؟ حيث كانوا يوصفون من قبل اُناس جهلة،
اُميين، مخدوعين ومغلوبين على أمرهم، بظل الله على الارض
والوارثين الحقيقيين لله عزّ وجلّ
بعد كل تلك الحروب العقائدية الطويلة الامد
والمجازر ( الاحتفالية ) التي اُرتكبت بحق اناس أجتهدوا وجاهدوا لأجل إعلاء
كلمة حق عند سلطان جائر
بإسم الدين والثالوث المقدس وتعاليم المسيح منهم براء.
وقد كانت البراهين والإثباتات العلمية التي جاء بها جاليليو العالم والمفكر،
إيذاناً لبطلان كل الادعاءات الكاذبة والتصورات المرَضيّة لإقامة كيانات إرهابية
للتكفير والحسبة المعروفة ب (الهارونيات) و(محاكم التفتيش) السيئة الصيت.
وما أشبه الليلة بالبارحة..
حيث الانفجارات في الاماكن العامة والقصف العشوائي للبيوت الآمنة
والهجوم المسلح على النوادي والجمعيات الثقافية والاجتماعية
وإقامة كيانات إرهابية كسابقتها تحت يافطة ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)
وقد كانت أكثر شراسة وعدوانية وحقداً وأكثر إنتشاراً في بلدان متخلفة،
تابعة، خاضعة ومفتوحة الأفخاذ على طول التاريخ وعرضه،
إذ لم تصل إليه بعد أصداء مبادئ حقوق الإنسان والمساواة والديموقراطية الحقة..
وهذا (الأمر) هو أمرّ من سوابقه، لأن كائناً خرافياً، جاهلاً ومريضاً عقلياً وعقيدة،
ينبر ليأمر الأخرين بإسم الله تعالى مباشرة وينصّب نفسه وكيلاً لله عزّ وجلّ،
ليبيح قتل أعز ما خلقه الله وأكرمه والتنكيل به، ألا وهو الإنسان.
دون أن يعلم ب (أن الإنسان من بنيان الله، فملعون من يهدم هذا البناء)
وبأن الله لم يوكل أحداً قط ( لست بوكيل عليهم )
( ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
و( هل شققت قلبه؟ ) و (أنتم أعلم بشؤون دنياكم )
أقول لكم !
إن الإنسان كان موجوداً قبل ظهور الاديان والقوميات والاحزاب..
وسيبقى الإنسان هو الابقى والاجدى
وهو الذي سيجتهد وسيهتدي إلى أساليب جديدة للحياة
ليتجدد مع مستجدات الحياة
رغم الداء وأعداء الحياة وذلك بفضل دِياليكتية الوجود ونشوء التطور..




32

وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 42    
                         
                                          فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 41 ب:
إلا بعد قطع نصف راتبي الشهري على إعتبار كثرة غياباتي..!!
وما يحيرني هو أنني لا أتذكر إن غبت يوماً واحداً وحسب..!!
وهل من المعقول أن أعرف أكثر مما يعرفه الحزب الحاكم..؟!!

فالحكومة دائماً بريئة من هذه الجرائم غير المرئية
ولكننا مازلنا نعاني كما كنا نعاني من سياسة البعث المقبور
وكأن شيئاً لم يتغيير..!!
مع الفرق طبعاً، في أننا كنا في زمن البعث مستبعدين ومهمشين وغير مبالين
بما كان يحدث في أروقة الدولة ولم نكن ننتظر من العدو المحتل الغاشم
أي إيجابية تذكر، لكننا الآن في محك دائم مع من هم محسوبين على الحزب الحاكم
وإن كان معظمهم في الماضي القريب جزئاً من الجهاز القمعي التابع لأزلام صدام،
وبما أننا لسنا في زمن الحرب والنظام البائد قد سقط دون رجعة
وأن لنا حصة من موارد النفط بالتساوي وحسب الكثافة السكانية
ونسمع بين حين وآخرعن الطريقة السويدية في مجال التربية والتعليم
وهذا يعني إيلاء الإهتمام الكامل بالأساسيات والضروريات وتوفير مستلزمات
الدراسة والعمل الإبداعي للطلبة المحرومين من منحة الدراسة
ما تعادل 80% من الراتب الأصلي، سوءأ كان دارساً او عاطلاً عن العمل..
ولكن ما حدث في معهد الفنون الجميلة في زمن المديري(ز، ق و ف، غ)
قد زاد الطين بلة.
وهؤلاء الذين جاءوا عن طريق الحزب الحاكم،
إستغلوا فرصة وجودهم في المعهد للمتجارة بالفن
والحصول على نفقات الإيفادات والمخصصات والإستحواذ على الميزانية السنوية وتزوير وصولات المشتريات وسرقة المال العام
حتى وصل الأمر إلى إرغام الطلبة على توقيع في وصولات بيضاء،
مقابل تسهيل أمورهم في تقديم اطروحات التخرج..!!
وإليكم هذا المشهد من الكوميديا السوداء:
ذات يوم جاءني الطالب ( بارزان محمد سنجاوي)
بعدما ضاقت به السبل، شاكياً متذمراً من تعامل الإدارة معه،
ولعدم حصوله على منحة اطروحة التخرج حيث لم يبق لموعد العرض
سوى يومين،
وكانت الإدارة تشجع الطلبة على عدم تقديم الأطروحات، رغم التوقيعات
على وصولات بيضاء.
فوضحت له أمر الميزانيات وأكدت له إنها موجودة في حوزة المدير
فخيرته للذهاب إليه ليسأله عن الأمر لآخر مرة وإن لم يستجب فليأتي إليّ.
وبينما هو في طريقه إلى المدير بدأ كل أستاذ يدلو بدلوه.
فأتضحت كل خطط المتحزبين الشيطانية.
بدءً من السرقات والإفساد والضحك على الذقون.
أين؟ في معهد الفنون الجميلة التابعة لوزارة التربية.. ونعم التربية والتعليم!
ثم جاءني الطالب خائباً، يداري كسوفه ويكظم غضبه،
فسألته عما يحتاجه.. ونتيجة الضرب والتقسيم والإسغناء عن بعض الضروريات وحذف بعض المشاهد المكلفة مادياً
وصلنا إلى أقل من مائة دولار، وهذا أضعف الإيمان.
فأعطيته المائة من حسابي الخاص.
فشكرني وتركني مع قهقهات الأساتذة المحترمين المتصاعدة..
                         

 
                      للموضوع صلة

33
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 41     
                         
                                        فتاح خطاب
 
وقد إنتهى الجزء 40 ب:
فتبقى صورة العالم والبشرية في نظرهم وحدة متكاملة شاملة.
مستنفرين كل طاقاتهم المادية والمعنوية والبشرية والعلمية والأدبية والفنية والمختبرية.. لأجل بناء وتقوية شخصية الفرد السويدي

وهنا الحزن يتملكني حين أتذكر أيام المدير (ز،ق)
الذي جاء به الحزب الحاكم لإعتبارات بولوتيقية،
ضارباً كل المقاييس والأخلاقيات عرض حائطه النفطي..   
كيف لا والسراق الفاسدون يهدرون المال العام، يمنة ويسرى،
لكنهم لضروريات الأعمال الإبداعية، بخلاء وإن أعطوا،
فلهم منها حصد الأسد.
وكل ذلك لتدمير معنويات الفنان وتشتيت ذهنه الإبداعي وتشويه شخصيته
وإعاقة مشاريعه الفنية، حسب الخطة العفلقية بطراز كوردي محلي
وبعقلية أُمراء النفط ، حيث كل شيء قابل للبيع والشراء،
وأن الفن والأدب والثقافة في نظرهم، مجرد سلعة للتسلية وتقضية للوقت..
فتصوروا الحالة التي عشتها بعد رجوعي من عاصمة الفن والأدب والثقافة
والإنسانية وسيادة القانون إلى إمارة النفط والجشع والطمع والتحويذ والتحويش والإستيلاء..
حيث المافيات التجارية والفنية والأدبية وحتى الثقافية..
والكل يتحسسون جيوبهم السرية وينظرون بإتجاه واحد،
حيث الصقر الذهبي رابض على الأبار النفطية، يعطي من يشاء ويذل من يشاء
حسب التقارير والأمزجة الحزبية،
حتى الأحزاب الكارتولية والذيلية والتابعة والمتواطئة، لا هم لهم ولا هم يحزنون
إلا لمصالحهم الشخصية والذاتية الضيقة.     
لذا كانت لي هواجس وهموم غير عادية، قبل أن أبدأ الدوام في المعهد.
لأنني كنت أحدس  مسبقاً ما تنتظرني من مفاجآت ومؤمرات وفاجعات..
فمنذ اليوم الأول من الدوام الرسمي، أدركت هول الفاجعة الفنية والثقافية
الناجمة عن تخريب عملية التواصل الفني والثقافي وإفساد نفوس القائمين بها،
بشتى الطرق والإساليب بإستخدام أسلوب الترغيب والترهيب
والإبعاد والإقصاء وتفضيل المهرولين والإنتهازيين على من هم أكثر إبداعاً
وجدية وإلتزاماً وعطاءّ وأقدم خدمة.
وكلها لأجل عين الحزب الحاكم وما يريد..
وماذا يريد؟ إسفاف الفن والأدب والثقافة وإهدار المال العام لترضية الموالين له،
بدون قيود بالقواعد الفنية والجمالية والإبداعية او شروط فكرية وأخلاقية.
وماذا فعل الموالون له بالفن والفنانين؟
إليكم بعضاً من سخافاتهم وتخريباتهم:
طلب المدير من وزارة المالية ميزانية ضخمة لترميم وتجهيز وتطوير
خشبة المسرح وبعد الإستيلاء على الميزانية،
بدأ المدير الجاهل بعوالم المسرح السحرية وعديم الذوق بالجماليات الفنية،
كمسؤوليه الحزبيين،
بتشويه وتقليص وتضييق فضاءات وأبعاد المسرح ببناء  كونكريتي
على شاكلة منابر الجوامع وحدد عرض الخشبة من الجانبين
ببناء قوسين كبيرين ويا للجهالة..!!
وتم طلاء ما بني على الخشبة وفضاءاتها وعمقها باللون الأبيض،
ويا لسواد النيّات..!!
إنهم لم يكتفوا بما سرقوا وأفسدوا، وإنما أرادوا تخريب وتشويه
ما بقي من جماليات. 
وقد كتبت عن هذه التخريبات وتأثيرها السلبي على العرض المسرحي
بالتفصيل في إحدى مقالاتي النقدية عن عرض مسرحي
تم تقديمه على الخشبة ذاتها.
ولم أكن أعلم بمدى تأثير تلك المقالة على ذهنية المدير،
إلا بعد قطع نصف راتبي الشهري على إعتبار كثرة غياباتي..!!
وما يحيرني هو أنني لا أتذكر إن غبت يوماً واحداً وحسب..!!
وهل من المعقول أن أعرف أكثر مما يعرفه الحزب الحاكم..؟!!                         


                          للموضوع صلة

34
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 40    
                         
                         
                                          فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 39 ب :
ومع تراكمات السلبيات وعدم الفهم والتفاهم، ستكون الدراسة
على الطريقة السويدية عبئاً ثقيلاً وتورطاً، لا تحمد عقباه.

والعيب كل العيب فينا نحن، لأسباب قد ذكرناها سابقاً،
أما الأهم من ذلك كله هي مساهمة وزارة التربية والتعليم في توفير الكوادر
التدريسية المتمكنة والقادرة على تحمل المسئولية وتذليل العقبات
عن طريق فتح دورات تدريسية لهم أولاً وضمان عملية التفاعل والإندماج
بين طرفي المعادلة، بوسائل ومستلزمات تعليمية حديثة ذات ميزانية عالية
وتقديم الدعم الكامل لتهيئة الجو المناسب، بدءً من الخطوة الأولى
ومن اليوم الأول وإستمراراً بشكل تصاعدي تدريجياً حسب فهم وإستيعاب
المتلقي، مدعماً بالنشاطات اللا صفية والزيارات الميدانية والمختبرية التوضيحية.
وأن أكثر الدروس تلقى بشكل غير مباشر وغير صادم،
معتمداً على أحدث النظريات والطروحات التعليمية المنتقاة المختارات
من علم النفس التربوى والتعليمي،
تتحقق من خلالها الإستفادة المرجوة من عملية التربية والتعليم ووووالتثقيف
غير المباشر، تتخللها المتعة الذهنية والتسلية النفسية بإقحام المواضيع
والمواد ذات الصلة،
المزدانة بصور وتشكيلات تسرّ العين والنفس معاً
وذلك لكسر روتينية التدريس وتخفيف حدة جفاف المواد وتعقيداتها،
على سبيل المثال، حين تكون المادة الدراسية عن مسألة فيزيائية معقدة،
نجد بجانبها رسومات كاريكاتيرية بلمسات فنية راقية وجذابة
تتناول أقوال و وضعيات مختلفة للعالم الفيزياوى الكبير (إينشتاين)
وهكذا يكون الدارس للمادة قد فهم فحواها من خلال الوسائل التوضيحية
وأنطبعت في ذهنه تلك المقولات المطعمة بالرسومات، لايمكن نسيانها.
ما يدلل على أن واضعي المواد التدريسية لم يجردوا المواضيع المطروحة
من جماليات الفنون التشكيلية والتصاميم المعبرة ،
ذات الصلة بعلم النفس التربوي.
علماً بأن كل الدروس والمحاضرات المقررة في المدارس والمعاهد والجامعات
هي من صميم النظريات والمواضيع والمعطيات العلمية والمعرفة الإنسانية
والأرضية الوضعية والأدبية والفنية..                   
وحتى الأساطير والفنطازيات والمثاليات والحكايات الخرافية،
تُستنبط منها عِبَراً وحِكماً حياتية تؤول وتفسر بوجهات نظر عقلانية حديثة.
بعيداً عن التعصبات القومية والمذهبية،
فتبقى صورة العالم والبشرية في نظرهم وحدة متكاملة شاملة.
مستنفرين كل طاقاتهم المادية والمعنوية والبشرية والعلمية والأدبية والفنية والمختبرية..
لأجل بناء وتقوية شخصية الفرد السويدي دون فرق اوتمييز بين الأُنثى المدللة والمرفوعة على راحة اليد والذكر المسكين الملام دوماً على فعلته الصبيانية
المستوحاة من فروسية وعربدة أجداد أيام زمان.. 
كن إنساناً وإحترم نفسك يا جنتلمان..!

                      للموضوع صلة

35

  وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 39    
                         
                           فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 38 ب:

وأنتم أصلاً لستم بدارسى الفن ولا تفهمون هواجس الفنانين ومشاعرهم
وإنما مزروعين هنا من قبل الحزب الحاكم عنوة وظلماً،
فتظلمون الناس معكم، لأنكم أُميين، متخلفين، فناً، أدباً وثقافة..

وهذه هي مأساتنا. الهدم والتدمير بدلاً من البناء والتطور والسير قدماً.
وكلها تخرج من تحت عباءة السياسة العوراء التي لا ترى إلا بعين واحدة
وتعاني من قصر النظر وتنظر إلى الأشياء من زاوية المصلحة الحزبية الضيقة.
فتصوروا معي حين نفاجأ بتغيير الوزارات وتبديل كراسي المهام الوزارية،
فيأتي وزير الزراعة ليكون وزيراً للتربية والتعليم و وزير التربية
يتسنم مقام وزير الزراعة، دون فهم ودراية للمهام والمسؤوليات الملقاة
على عاتقهما..!!
وكل تلك الإجراءات جاءت كتقليد أعمى لسياسة البعث المقبور،
ومازلنا نتذكر كيف أن أحد بائعي الثلج والأُمي أصبح رئيساً للوزراء
في ذلك الزمن المغبر.
وكلها على حساب ومن أجل عين (أبو شوارب)
وكأننا جالسين في مقهى شعبي وهناك كراسي فارغة
تحت تصرف (علي بابا وأربعين حرامي)
ونحن في هذا الجو السريالي واللا معقول وغير المنطقي
والمشحون بالقبليات العصبيات والمزاجيات الحزبية..
نأتي لنتحدث عن الأساليب السويدية في التربية والتعليم ونريد أن نفرضها
على طلبتنا المساكين المكبلين منذ سنين طوال بعدة كتب مقررة وملزمة،
ملغزة، منفرة، صادمة ومعقدة، لا يجيدون فهمها كما ينبغي
ولا يرغبون متابعتها وليس هناك من يرشدهم ويسهل لهم الأمور الدراسية
والصدمة الكبيرة وغير المنتظرة تعصف بهم في الإمتحانات المقررة.
فيبقى الطالب يعاني من عقدة النقص والدونية أمام أُستاذ مومياء، ممتقع الوجه
وصارم لا يعرف غير ترديد الكلمات كالببغاء،
دون مشاركة الطلبة في المناقشات المستفيضة من كل الأوجه
وتبسيط المسائل الدراسية ودعمها بالخوض في تفاصيلها وتشعباتها وتعقيداتها.
والأهم من ذلك كله هي العلاقة السوية والمثمرة بين الطلبة والأُستاذ
لأجل التوصل والتواصل والتفاهم المشترك،
لا بالزجر والتعجل والإرباك والقطع والأوامر.. او إقرأوا في البيت..!
ومع تراكمات السلبيات وعدم الفهم والتفاهم، ستكون الدراسة
على الطريقة السويدية عبئاً ثقيلاً وتورطاً، لا تحمد عقباه.
والأمر يبدو كما لو أننا نأتي بكوردي، نلبسه سروالاً فضفاضاً قصيراً،
عاري الصدر معتمراً قبعة إفرنجية
ورافعا بيده مظلة مكتوب عليها I love you                                     
ونتركه يسرح بين نساء منقبات، محجبات 
في أحد الأسواق الشعبية بكوردستان.!!

                      للموضوع صلة

36
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 38    
                         
                         
                                   فتاح خطاب

وقد أنتهى الجزء 37 ب
يكونون أول الضحايا بزرع أناس فاسدين، سراق
وعراب السياسة التابعين للحزب الحاكم،
كما كانوا سابقاً مأجورين ومرتزقة عند البعث المقبور.

وما رأينا منهم وما سمعنا عن سلوكياتهم في نطاق معهد الفنون الجميلة
تحديداً وبعلم وتشجيع الحزب الحاكم لهم،
جعلتنا نادمين من حمل السلاح بوجه سيدهم ومحاربة مرتزقته،
بكل السبل الممكنة
ونادبين على ضياع أجمل سنوات العمر المدفونة في قلب جبال الثلوج
المترامية والتشرد في أرض الله الواسعة..
ثم نأتي بعد كل تلكم السنين العجاف لنرى وجوهاً أقبح مما هربنا من رؤيتها
وشطبناها شطباً من ذاكرتنا وسلوكيات أشنع مما كنا نرفضها،
نفضحها ونحاربها..  وأين؟! في معهد الفنون المحتل.
كيف وماذا حصل؟
إليكم بعض المشاهد الكوميدية على طريقة التربية والتعليم السويديين.
للعلم والإطلاع فقط ! نذكّر بأن ليس هناك في السويد أثنان من الطلبة،
ذكراً كانا اوأنثى، يتشابهان في الملبس او الطلعة.
ولا يمكن لأي كائن كان أن يتدخل او يتطفل او يجعل من نفسه هزلاً و مسخرة
بالتدخل في مثل هذه الامور الشخصية، كأن يقول لسان حالهم
(أنا حريتي، وإن سرقوها، سقطت الأرض كلها والسماء/ نزار)
هذا وفي زمن مدير معهد الفنون المحتل (ز،ق)
الذي كان من أسواء مدراء المعهد السابقين.
وبحكم أنه كانت لي الحصة الثانية من الدروس فجئت بعد بدء الدوام الرسمي
بأقل من ربع ساعة.
وإذا بي أرى كل مسئولي الإدارة، نازلين كمفرزة أمنية لتفتيش طالبات المعهد
وتقييم ما يلبسن في أثناء الدوام الرسمي ويا للمهزلة..!!!
وشاهدت حينذاك بعض الطالبات محجوزات في غرفة الحراسة
التابعة للإستعلامات ولم أر فيهن ما يخدش الحياء
وإنما ملابس عادية، كما نراها في أسواقنا وشوارعنا.
كل الطلبات كن ينظرنا ويدققن في ساعاتهن ويضربنا بكعابهن الأرض
ضجرات وكئيبات..
والأساتذة المحترمون الذين لهم سجلات أكثر فضاحة مما هم يفعلون..
وسألت آنئذ أشرفهم بإستهزاء واضح
ـ : ما الفرق بين شريف وغير شريف؟
فأجابني: لا فرق. سوى بالغير.. ونحن بإستطاعتنا تغيير موقعه،
فيصبح الشريف غير شريف، وغير شريف يصبح شريفاً.
فقلت: أن الشريف هو من لا يستفز الطلبة ولا يجعل من نفسه سيداً عليهم
ولا يكون سبباً في تأخير الطلبة عن دروسهم.
وأين؟ في معهد الفنون..!!
وأنتم أصلاً لستم بدارسى الفن ولا تفهمون هواجس الفنانين ومشاعرهم
وإنما مزروعين هنا من قبل الحزب الحاكم عنوة وظلماً،
فتظلمون الناس معكم، لأنكم أُميين، متخلفين، فناً، أدباً وثقافة..                           
 
                    للموضوع صلة

37
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 37  
                          
                                         فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 36 ب :
لعدم هضمه وفهمه وإستيعابه لهذه الطريقة العلمية الراقية
والحضارية للتربية والتعليم، مع كوادر تعليمية كسولة، متخلفة،
متزمتة، نمطية، متقولبة وغير مثقفة؟!!

وهذه الحقيقة المرّة، لا مهرب منها. مهما تكابرنا وأنكرنا ذلك.
ونحن نتلمس يوماً بعد يوم ما أصاب هذا الصرح من التراجع والنكوص
والإنكفاء، علمياً، ثقافياً وأجتماعياً، كبقية المؤسسات الحكومية،
ماعدا الأجهزة العسكرية المقنعة والأمنية والقوات الخاصة التابعة للحزب الحاكم
وكأننا مازلنا نعيش في حكم العسكر والحرامية.
ناهيك عن النفقات الهائلة وصرف الرواتب العالية للمنتسبين الفعليين
وغير الفعليين، ممن تركوا مدنهم، قراهم، مرعاهم وأراضيهم الزراعية،
ليعيشوا في عاصمة كوردستان، مساهمة منهم لإحداث أزمة السكن
وغلاء الإيجارات والسلع الإستهلاكية وأزمة المرور وإزدياد البطالة
بين السكان الأصليين وإفقارهم وتهميشهم، وإهداراً للمال العام،
دون أي فائدة ترجى منها سوى حماية مصالح الحزب الحاكم إفتراضياً..
وإن كانت كل تلك الإجراءات الإحترازية لأجل حماية الأمن والإستقرار
السياجتماعي وبسط سيادة القانون،
لبصمنا لها بالعشرة، صَفقّنا وصفّرنا وهللنا لها،
لكننا مررنا بتجارب صادمة وقاسية بالأمس القريب،
ما تركت في أنفسنا حزناً شديداً وأُصبنا جراءها بخيبة أمل كبيرة،
حين فوجئنا ، في اول يوم عيد المسلمين، بتفجير الفرع الثاني للحزب الديمقراطي والفرع الثالث للإتحاد الوطني وفي آن واحد،
وكانت الخسارة من الجانبين كبيرة، لا تعوض،
أخذت معها أرواح الشهداء المناضلين، ممن لهم تاريخ مشرف
ولا ننسى جريمة إغتيال المناضل فرانسو حريري الذي أفنى جل سنوات حياته
من أجل إستمرار وإنتصار الثورة الشعبية الكوردستانية..
والسؤال هنا: أين كان اولئك الأبطال الساهرون على حماية الأمن الإجتماعي والإستقرار السياسي؟
وهل يشهد أحد بوجود أحد خريجي معهد الفنون الجميلة، ضمن القائمين
بهذه الجريمة البشعة ضد الإنسانية اولاً؟
فلماذا إذن نجمع ونكدّس فيما حولنا أُناس طفيليين، مجمدين ومجندين،
غير منتجين، مقتلعين من مزارعم ومراعيهم، مستبعدين،
متغربين من أهاليهم ومحبيهم ومحال إقامتهم الأصلية؟
ومن جهة أخرى، نقتل معنويات أكبر شريحة إجتماعية،
بحرمانهم من أبسط حقوق المواطنة
 / المأكل والملبس والمسكن والعيش برفاهية ورخاء،
بإعتبارهم العناصر الأساس في بناء مجتمع متطور ومزدهر مستقبلاً..
وإذا حُرموا الآن من حقوقهم المدنية والإنسانية وهم في طورالتكوين،
فسوف يتعثرون في مسعاهم وتزداد أزماتهم النفسية،
ما تؤثر سلباً على تكويناتهم الذهنية والفكرية والعلمية والأخلاقية..
وهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟!!
لكننا نرى الآن بأن الآية قد إنقلبت تماماً.
طلبة الجامعات الذين قد حُرموا من حصصهم النفطية، منذ عشرين عاماً،
أي ما يجب أن يدفع لهم من منح دراسية، ماتعادل 80 % من الراتب الأصلي،
ينجدون ويتظاهرون من سوء التعامل وقسوة العيش
وهناك نصف مليون من البطالة المقنعين والسلبيين والكسالة والطفيليين
ينعمون ويتمنظرون بخيرات الحزب النفطية.  
وهذا هو الفساد بعينه وإهدار المال العام جزافاً وهوالجهل المطبق
وضيق الأفق سياسياً والظلم والإضطهاد والتهميش إجتماعياً..
وكأننا في دولة محتلة، تهتم فقط بعساكرها ومرتزقتها وأجهزتها الدعائية والإستخباراتية..
أما أهل العلم والتعلم والفن والثقافة المتمثل بوزارة التربية والتعليم
وهي الأساس والقاعدة ومركز إشعاع ونقطة الإنطلاق نحو إقامة مجتمع مدني، حضاري ومزدهر..
يكونون أول الضحايا بزرع أناس فاسدين، سراق وعراب السياسة
التابعين للحزب الحاكم، كما كانوا سابقاً مأجورين ومرتزقة عند البعث المقبور.                                


                     للموضوع صلة
[/b]

38
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 36    
                         
                                         فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 35 ب :
فتلك التراكمات من الممارسات والإجراءات غير العقلانية وغير القانونية
وغير الإنسانية، تؤدي حتماً إلى (السقوط المعنوي) في بادئ الأمر،
ثم يليه فيما بعد السقوط السياسي المدوي..

أما السقوط المعنوي، لو حددناه في نطاق وزارة التربية والتعليم وحسب
 / دون الخوض في التفاصيل للحياة اليومية ومشاكلها وتبعاتها و ردود أفعالها،
من لدن القطاعات الواسعة لمكونات الشعب الكوردستاني وما أكثرها /
نجد أن هنالك كثيراً من الظواهر العينية والمحسوسة تسترعي الإنتباه والتدارك،
لما لها من تأثيرات سلبية ومدمرة على الغالبية العظمى من المدرسين
والمشتغلين والمشاركين والدارسين التابعين لهذا الصرح الهام.
ولنأخذ تظاهرات الطلبة الرافضين لأُسلوب التربية والتعليم
على الطريقة السويدية..!!
فأن مهمة التربية والتعليم في السويد تبدأ مع اولى خطوات الطفولة
وتستمر حتى الرمق الأخير
وهي سلسلة مترابطة ومدروسة، بدءً من دور الوالدين المتعلمين
ومن ثم الروضة مع الدارسين المختصين والمثقفين،
وبعدها يأتي دور فلسفة التربية والتعليم في المدارس الإبتدائية والإعدادية،
بشكل دقيق وشامل، مع آلاف الكتب والكراريس والوسائل التعليمية
والإستنساخات بالهبل وبكميات هائلة وأرقام فلكية لا نهاية لها..
وربط مادة التدريس بالمصادر الخارجية للثقافة العامة
والتعاليم المختبرية والميدانية.
والسؤال هنا: هل رأيتم في يوم ما، خروج المعلم او المعلمة مع التلاميذ الصغار إلى الغابة او الجبل او حقول النباتات وبساتين الزهور او بحيرة الأسماك..
لشرح وتسمية وكيفية زرعها او تربيتها وخصائصها وفوائدها وعن كيفية التعامل معها وعن علاقاتها  بالبيئة والمناخ والفصول والشمس والهواءوالنور وضوء..
هل رأيتم في أي مدرسة إبتدائية، مكتبة خاصة لكتب تلاميذ الصف،
لدورة دراسية واحدة وحسب؟!
إذ كل تلميذ صغير عليه أن يكتب كتاباً خاصاً به، خواطر، شعر، قصة،
يوميات، رسائل صداقة..
عن الأكلات والنشاطات التي تعجبهم ويحبونها، موسيقى، رقص، مسرح،
فيلم، أفلام كارتون، أحلام وطموحات..
فيكتبون ويجمعون ويرقمّون ويلونون ويرسمون في الحواشي
ثم يصممون ويلصقون ببعضها البعض،
ليخرج الكتاب بغلاف مكتوب عليه، عنوان الكتاب
وإسم المؤلف وصورته الملونة طبعاً.
ولا يمكن لتلميذ صغير أن يحمل معه كل تلك الكتب والمصادر والإستنساخات
التي تزداد يوماً بعد يوم،
لذا كل تلميذ له مكتبته الخاصة او مخزنه الخاص به
في داخل الصف او في الممرات.
وكيف إذا كان دارساً في الجامعة؟!
وأعتقد جازماً، لو جاء تلميذ صغير وسأل وزير التربية والتعليم
في إقليم كوردستان،
سؤالاً عما تعلمه في زياراته الميدانية والمختبرية
عن أسماء النباتات والزهور والأسماك،
لما أستطاع وزيرنا الإجابة عليه، إلا إذا بدأ الدراسة
من جد وجديد على الطريقة السويدية.
او ليس من حق الطلبة إذن أن يصاب بلوثة عقلية وتشنجات عصبية
لعدم هضمه وفهمه وإستيعابه لهذه الطريقة العلمية الراقية
والحضارية للتربية والتعليم، مع كوادر تعليمية كسولة، متخلفة،
متزمتة، نمطية، متقولبة وغير مثقفة؟!!                         
                 

                     للموضوع صلة

39
فالانتاين
          

                            فتاح خطاب


كورال الاطفال: فالانتاين، فالانتاين، فالانتاين

الشاب: فالانتاين..آفاق حياتنا رحبة ومضيئة
   ونحن في انتظارك

كورال الاطفال: فالانتاين، فالانتاين

الفتاة: فالانتاين.. يا اجمل اغنية للحياة والطبيعة والانسان
   أنت من ضحى بحياته
   كي نعيش نحن بعزة وكرامة  
       لذا سنبقى نحذو حذوك الى ما لا نهاية

كورال الاطفال: فالانتاين، فالانتاين

الشاب: فالانتاين.. نهفوا اليك ونحب ورودك الحمراء
   فقولوا لنا إذن: نكون او لانكون  

كورال الاطفال: فالانتاين، فالانتاين

الفتاة: فالانتاين.. لأجلك نحيا ونحي ذكراك
   بكرنفالات ملؤها الافراح والغناء
   نلبس لنحاكي الوان حديقة غنّاء
   نضحك، نركض، نرقص بدون إنتهاء

الشاب والفتاة: فالانتاين، فالانتاين
   معاً ننشد للحب والحرية والسلام
صغاراً، كباراً نرفع اصواتنا عالياً
نعم للحياة
نعم للعدالة والمساواة
 نعم للحب والوفاء
 نعم للسلام والوئام      
 نعم نعم، نحن ايضاً من بني الإنسان

كورال الاطفال: فالانتاين، فالانتاين..

الشاب: فالانتاين.. بإسم كل الاجناس والالوان
   وفي كل بقاع ارضنا الطيبة  
   نقول لا للرق والعبودية لا للذل والهوان

 كورال الاطفال:  نقول ونردد        
فالانتاين.. فالانتاين..  

الفتاة: فالانتاين.. نحن ايضاً مولعون بالجمال والكمال والموسيقى
   بإسمك نرفع الرايات بالوان قوس قزح مترفرفة، خفاقة
   نمنح العالم ازهار السلام والحب بوجوه براقة وكفوف صفاقة        

كورس : فالانتاين، فالانتاين، فالانتاين..

40
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 35    
                         
                            فتاح خطاب

وقد إنتهى الجزء 34 : 
لا نريد حكومة تحمل على رأسها ريشة،
وإنما حكومة تضع نصب عينيها القانون

وهنا تحضرني مقولة ل (جومو كنياتا / رئيس جمهورية كينيا الأول)

(عندما كنت أقف أمام الجماهير وهي تهتف لي بكل حماسة وحرارة
كنت أُفكر دائماً بشئ واحد، ألا وهو أنهم قد أتوا اليوم مرحبين بي
وغداً سينقلبون هم أنفسهم عليّ
وسيضربونني، إن لم أكن عاقلاً..!)

هذه الصراحة الافريقية، تضعنا أمام إحتمالات كثيرة.
ومنها السقوط المعنوي الذي يسبق السقوط المادي المدوي والمأساوي
او الإحتفالي،  كما حصل لصدام وأعوانه.
وما ذكرناها من أمثلة في الجزء 34 المتمثلة ب: الممارسات السياسية الخاطئة والخطيرة في آن واحد، في نطاق وزارة التربية والتعليم، على سبيل المثال،
بإعتبارها تضم بين جنباتها أكبر شريحة إجتماعية، قوة، حيوية وتأثيراً، 
هي أن يعطي الحزب لمن يشاء ويذل من يشاء..
سواء أ كان سياسياً او مزاجياً، تصب في هذا الإتجاه.
والسقوط المعنوي غالباً ما يظهر للعيان في أثناء الإحتكاكات والتعاملات
والعلاقات بين الأساتذة أنفسهم وبين الأستاذة والطلبة من جهة أُخرى.
والمصيبة الكبرى أنه قد أُشيع بين أجيال الطلبة، منذ الإنتفاضة الشعبية العارمة،
بأن الحكومة الفتية قد خرجت من صلب شعبه وستكون وفية لما عاهدت به
من وعود وإلتزامات وستعمل جاهدة لتحقيق أماني وتطلعات الشعب
في الحياة الكريمة والعدالة الإجتماعية والمساواة، تحت سيادة القانون،
حيث لن يكون هناك أحد فوق القانون.. حسب إدعاءاتهم السابقة.
لكن الطلبة أنفسهم أكتشفوا من خلال معايشتهم اليومية وما رأوا من ممارسات وإجراءات الحزب الحاكم التعسفية وغير الإنسانية بالمرة،
في التفرقة والتمييز والتفضيل وإزدواجية المعايير،
ما تتناقض تماماً وتتقاطع مع الشعارات والإدعاءات
التي طرحت، في سابق الزمان، من قبل بعض القيادات الحزبية.
وإليكم بعض المشاهد الهزلية من عهد الحرية والديمقراطية..
1 ـ صناعة النجم بأمر الحزب الحاكم:
حدث وأن تخرج طالب من معهد الفنون الجميلة.
ضمن طلبة متفوفقين. ولكونه حزبياً وله علاقات مع بعض المتنفذين.
عُيّن مباشرة في المعهد ذاته، كأستاذ منتدب ضاربين قانون التعيين عرض الحائط ، وكوّنَ فرقة مسرحية لها ميزانيتها الخاصة جداً
وقدم خلال أقل من سنة، أكثر من أربع مسرحيات
وسافر بمعية فرقته ولأول في تاريخ المسرح الكوردستاني إلى المانيا وبلدان أخرى..  أما الطلاب الذين كانوا معه في ذات الدورة الدراسية،
إنتهى أمرهم بضياعهم في القرى والأرياف او بقوا عاطلين عن العمل
2 ـ الطلبة يضربون عن الدراسة
ويطردون استاذهم الفاشل والمفضوح:
جاءني أحد طلبة المعهد، لم ألتق به يوماً ولم أتذكره،
بدأ يعاتبني على برودة أعصابي ولامبالاتي بما وصلت إليه حال المعهد
من تدني مستوى التعليم وفساد إداري،
جراء تعيينات عشوائية وبتزكية حزبية،
فسألته عن الأستاذ الفاسد الذي سبق وأن رفعت عنه الشكوى
لوزير التربية أكثر من ثلاث مرات،
فقام من مكانه ليمثل مشهداً عما جرى لهم عند دخول الأستاذ الفاشل
لقاعة الدرس. حينها تفاجأ الطلبة بدخوله، فتركوه وحيداً في الصف،
رغم تهديدات الإدارة لهم، مستنكرين وجوده معهم، لأسباب كثيرة،
لم أتطرق إليها في الشكوى المذكورة
وتبين أن الطلبة يعرفون عن اللاعبين الأساسيين، أكثر مما نعرفه نحن.
فالمشكلة ليست في قبول او رفض الطلبة وإحتجاجاتهم
وإنما لها دلالات أُخرى أعمق وأشمل،
ألا وهي (أن التراكم الكمي يؤدي التغيير النوعي) كمصطلح سياجتماعي.
فتلك التراكمات من الممارسات والإجراءات غير العقلانية وغير القانونية
وغير الإنسانية تؤدي حتماً إلى (السقوط المعنوي) في بادئ الأمر،
ثم يليه فيما بعد السقوط السياسي المدوي..             

                    للموضوع صلة

41
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 34    
                         
                                    فتاح خطاب   

وقد أنتهى الجزء 33 ب :
أو ليس من حقنا إذن ، بعد كل تلكم التضحيات والتشرد،
أن نطالب بأدنى مستوى من المساواة بيننا نحن الأنصار
وبين جحوش البعث المقبور؟!!

وتلك هي الطامة الكبرى يا نفسي..!
ولا أدري كيف يواجه أستاذ ما، زمالائه، أصدقائه، أقاربه، طلابه،
زوجته وأطفاله وهو يعلم تماماً، إن كان مزكياً من حزب ما، لمفتشية التربية والتعليم او لرئاسة القسم او مديراً عاماً، عن غير وجه حق،
في ذات الوقت، هنالك أساتذة أقدم منه وأجدر وأكفأ  وأكثر إستحقاقاً،
والشاعر يقول:
قُمْ للمعلم ..! ووفيّه تبجيلا
كاد المعلم أن يكون رسولا
وكيف إذا أستاذ ما، قد غُبِنَ، من قبل حزب ما، وزير ما، مدير ما،
بسب نزاهته وإستقلاليته وإعتزازه بنفسه وإحترامه لشرف المهنة
وإخلاصه وتفانيه في الواجب الملقى على عاتقه،
لا لشيء سوى أنه إنسان يشعر بمسئوليته تجاه نفسه أولاً
وتجاه أفراد عائلته والمجتمع ككل.
فكيف تكون ردود أفعاله حيال تلك الممارسات القمعية والسلوكيات غير الإنسانية
وغير القانونية؟
فكثير من الأساتذة والفنانين والأُدباء والمثقفين الحقيقيين..
تركوا مدنهم وعوائلهم وأحبائهم، هاربين من جحيم البعث المقبور
وشاءت الصدف بأن يستقروا في دول متقدمة، متحضرة
/ تحميها القوانين الوضعية التي تضع حياة الإنسان في أولويات الأُمور
بإعتباره أثمن رأسمال في الوجود ويصون عطاءاتها ومنجزاتها
ورفاهيتها وأمنها وسلامتها، الوعي الجماعي
الذي يجمعهم في بودقة واحدة، ألا وهي الشعور بالمسؤولية والإخلاص في العمل والمراقبة الصناعية الحميدة والمحاسبة اليكترونياً،
لذا لا تجد أحداً قد غاب عن العمل او تقاعس في تأدية واجبه
او حصل على زمالة دراسية او ترقى إلى درجة أعلى في سلم الوظيفة
دون وجه حق، على إعتبار أنه إبن فلان او أن له إرتباطات بالحزب الحاكم
او شقاوة من شقاوات مدير الإستخبارات../
واولئك الذين قدعاشوا في تلك البلدان الراقية، لابد وأن تعلموا، تثقفوا، درسوا، شاهدوا، سمعوا، عرفوا وتعارفوا، أُعجبوا وتعجبوا..
وعن طريق التعليم والتثقيف والإعجاب، يكون الإنسان قد تغير نحو الأفضل
وأكتسب مفاهيم جديدة للوجود والحياة والعلاقات المشتركة
وأعتنق قناعات جديدة وأكتشف آفاقاً جديدة،
وكلها تتمحور حول علاقة الإنسان بالإنسان، في مجتمع إنساني صرف،
حين يكون كبير القوم خادمهم بالفعل وليس بالشعارات العاطفية الزائفة،
حاملاَ على عاتقه مجلدات القانون الثقيلة
وعليه عيون مفتوحة وأقلام مُشرَعة وعدسات كاميرات الصحافة
والمعارضة، شغالة على مدار اربع وعشرين ساعة في اليوم ،
وكل إنسان له حقوق المواطنة وعليه واجبات تجاه المجتمع ككل.
وكل من أفسد او أخطأ او تلكأ او زَوَّر او سرق..
يُرمى خارجاً كأي كلب أجرب، وتكون فضيحته بجلاجل،
مهما كبر شأنه او مركزه.
وهو في كل الأحوال يُنظر إليه كموظف في الدولة، لاغير،
ولا حصانة لمن يخطأ او يريد أن يلعب بذيله على مزاجه.
وإن حدث وعاد ذلك الرائي الذي تعلم وتربى وأكتسب مفاهيم جديدة
في التربية والتعليم.
كيف يكون موقفه يا وزير التربية والتعليم؟!
وهو يرى بأُم عينه ويسمع ويقرأ عن كل تلك الخروقات والإفساد
والسرقات في وطنه الذي ضحي من أجله بكل غال ونفيس؟!!
وحمل السلاح بوجه أعتى الديكتاتوريات دفاعاً عن كرامة شعبه
وتطلعاته للغد الجميل.
نعم..! نحن لم نحمل سلاحاً لنصنع ديكتاتوراً جديداً
او لإقامة حكومة تعيث في الأرض فساداً، تحمي الفاسدين والسراق
وتحارب الشرفاء. لا نريد حكومة تحمل على رأسها ريشة،
وإنما حكومة تضع نصب عينيها القانون
وليكن القانون فوق الجميع.
ولا فرق بين إنسان وإنسان إلا بالعمل الشريف والنزيه..!
وهل من مجيب؟

                    للموضوع صلة                            

42
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 33    
                         
                            فتاح خطاب   

وقد أنتهى الجزء 32 ب:
فتسألت بطريقة إستفزازية، ملؤها السخرية والتهكم قائلاً:
ـ أين هي صورة مام جلال يا أساتذة ويا فنانين آخز زمان؟
أما كنتم تعلقون سابقاً، صورتي صدام وبكر سوية؟

وقد أدت هذه السياسة الخرقاء في إمارتي أربيل والسليمانية السابقتين،
/ وإن كانت قد توحدتا شكلياً، في الآونة الأخيرة.
والتي ساهمت في تعميق الأزمة وتعميمها، كبريات المؤسسات
والدوائر الحكومية التابعة عنوة وإجباراً، لإمارتين إقليميتين
/ إلى تشتيت الكيان الكوردي وإضعاف قدرته في البقاء والإستمرارية والتطور،
فكرياً، إجتماعياً وثقافياً..
ومن تلك المؤسسات التي كان لها التأثير السلبي والمباشر على مجريات الأُمور وتبعاتها، هما  وزارتي التربية والتعليم في كلا الكيانين الصغرين،
لما لهما من إمكانية الإتصال والتواصل مع أكبر شريحة إجتماعية،
عدداً، حيوية ونشاطاً..
ومهما زاد العدد، زادت المأساة.
ومأساتنا هنا في أربيل العاصمة، تكمن في هيستيريا إستقطاب وكسب أكبر عدد ممكن، من الأرقام البشرية، ممن ليست لهم إرتباطات فكرية مع الأحزاب الوطنية الأُخرى،
او ممن لا يسمح لهم، أصلاً بالإقتراب منها، نظراً لهزالة شخصيتهم
وسيرتهم الإجتماعية السيئة وضيق اُفقهم الفكري والثقافي
او ممن بدأوا يتواجدون في سوق النخاسة السياسية، من أيتام وحثالات
البعث المقبور، بعد سقوط صنمهم المعبود.
ونحن مازلنا نتذكر أيام أواخر السبعينيات، إثر وصول شقاوة بغداد
إلى سدة الحكم. كيف أنهم قد بدأوا بإحتلال الصروح التعليمية والإعلامية والثقافية وأعلنوا بصراحة، عن شروطهم في قبول الطلبة للمعاهد والكليات
وفي التوظيف أيضاً، فهرب من هرب وأُستبعد من أُستبعد ولم يبق سوى القلة من المقاومين،
أما البقية الباقية من المغرر بهم او ممن فقدوا الأمل
او اُجبروا بحكم الخوف والمضايقة او الرغبة في المحافظة على مصالحهم الشخصية والوجاهة الإجتماعية والطبقية من أصحاب النفوذ والإقطاعيين وشيوخ العشائر
وأبناء الذوات والآغاوات ورموز ورجالات بعض المذاهب والكيانات الدينية
ـ الذين هم أصلاً قد اعماهم الحقد الأسود على إقامة جمهورية تعمل لأجل خروج العراق من التبعية والمعاهدات الدولية السيئة الصيت
وتحقيق مبادئ المساواة والعدل الإجتماعي ومناصرة الفقراء والفلاحين والعمال البسطاء والموظفين من ذوات الدخل المحدود الساعين للعيش الكريم ـ
ومن خلال اولئك الرموز والرجالات إستطاع البعث إستدراج المتعلمين منهم
وحاملي الشهادات ليتسنموا أرقى الوظائف في الدولة
ومنها على سبيل المثال وزارة التربية والتعليم،
أما الأُميين منهم فقد أصبحوا من حماة الدولة البوليسية والإستخباراتية،
كرؤساء الجحوش وحراس الحدود وأُمناء الإستخبارات والتنظيمات الخاصة
المرتبطة مباشرة بمكاتب القصر الجمهوري تحت إمرة صدام شخصياً.
وبما أن كل هموم صدام كانت منصبة على المؤسسات الحيوية، جماهيرياً وإعلامياً، لبث سمومه ونشرها بين جموع الشعب المغلوب على إمره،
فكانت وزارة التربية والتعليم هي الهدف والوسيلة وأكبر حاضنة
للتدجين والتطويع والتجنيد..
فبقي هذا الصرح الهام، على طول الخط ، تحت قبضتهم الحديدية.
وعندما قامت الإنتفاضة الشعبية ونجحت، لم يكن في قدرة الأحزاب والقيادات
المشاركة فيها، التحكم والسيطرة وإعادة تنظيم هيكلتها وإيجاد البديل لهم،
بإستثناء بعض المراكز القيادية والوظائف الرئيسية.
فجاءوا وفي أذهانهم تصورات وأفكار جاهزة في إقامة حكومة،
على انقاض حكومة سقطت.
لكنها خلّفت وراءها أنموذجاً سيئاً، في الحكم والتحكم، فكراً وممارسة،
وهي تُعد من أفشل الحكومات البوليسية والإستخباراتية،
معتمدة على أناس موتورين، حاقدين، تسلطيين وإنتهازيين،
ذوي توجهات عشائرية قومية شوفينية ورجعية متعصبة ومنغلقة..
فتمخضت عن التجربة الثورية المناهضة والرافضة لسياسة البعث المقبور،
حكومة تقليدية ومقلدة، لتسيير الأمور وتنظيم الشؤون الداخلية.
إلا أنها، نظراً للمصالح الحزبية والمنافسات السياسية الحادة،
فيما بين الحزبين الرئيسيين، باتت أسيرة الأمر الواقع،
وكلما كانت وتيرة الصراعات تزداد حدة وضراوة، كلما تراجعت القوى الثورية
إلى حيث ما بدأت وتخلت عن تصوراتها وطموحاتها في أقامة دولة مدنية حديثة.. وعندما تدوي أصوات المدافع تسكت العقول وتعجز قوة الإرادة.
فبقيت الحال كما هي.
والقوى المستفيدة الوحيدة من تلك الظروف غير الطبيعية
(حيث إقتتال الاخوة الأعداء والمطاردة والإغتيالات والإقصاءات
وهيستيريا الإستقطاب والكسب والإستحواذ وإحتلال المواقع والمؤسسات
والمنشئات الإستراتيجية كانت تجري على مدار الساعة)
هي القوى الواقفة على التل او تلك الشريحة الإجتماعية الواسعة
من الموظفين ورجالات الدولة، البعثيين التوابين العائدين تواً إلى أحضان الثورة الحنون، معززة مكرمة، محتفظين بكل حقوقهم ومكاسبهم وإمتيازاتهم..
أما القوى الثورية الاُخرى التي عاهدت جماهيرها بالمضي قدماً للتضحية والإستشهاد والصمود والثبات والصبر والإبتعاد عن الذاتية والأنانية،
فعليها أن تصمد وتصبر صبر أيوب ولا تنتظر من الثورة أي مكسب من مكاسبها،
لكي لا تتهم بالذاتية والأنانية البورجوازية..
وها هي الآن نرى كيف أصبحت وزارة التربية والتعليم
نسخة طبق الأصل لما سبقتها،
وذلك بفضل البعثيين القدامى وسياستهم الرشيدة.
وليرحم الله عبدالكريم قاسم الصوفي النزيه وشهداءنا البررة في السجون
وأقبية التعذيب وعلى سفوح جبل هندرين وبشت آشان وسهول اربيل ومداخلها
وفي كافة المحافظات، لأجل وطن حر وشعب سعيد..
وهل نحن حقاً سعداء ونعيش في وطن حر؟!
او ليس من حقنا إذن ، بعد كل تلكم التضحيات والتشرد،
أن نطالب بأدنى مستوى من المساواة بيننا نحن الأنصار
وبين جحوش البعث المقبور؟!!                           

          للموضوع صلة

43
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 32     
                         

                                              فتاح خطاب   

إنتهى الجزء 31 بسؤال إفتراضي

ـ وماذا لو أن أستاذاً دعى الأطراف السياسية، للمواجهات الفكرية
فيما بينهم وبحضور جميع طلبة القسم؟

إنني أجزم هنا، كان من الممكن أن تقوم القيامة ولن تقعد،
إلا بعد طرد الأستاذ من الوظيفة بشكل نهائي وحاسم،
ولحصلت مجزرة ولأُغلقت بوابة المعهد إلى أشعار آخر،
لا لأن الحزب الحاكم يريد ذلك وإنما المشكلة تكمن في بعض النفوس الضعيفة والعقليات الفاشية،
التي ترعرعت في زريبة البعث المقبور، وكل همهم أن يزداد رصيدهم
عند الحزب الحاكم، بهذه الطريقة المشينة والمخزية.
والهدف منها هو التستر لماضيهم الأسود وإيجاد فرصة ذئابوية،
لممارسة هيواياتهم المفضلة المتمثلة بالغدر والدونية والإنتقام
والمتاجرة بدماء الأبرياء والخيانة..
ومن هذه الممارسات المضحكة المبكية في آن واحد،
التي عانيت منها أنا شحصياً، أثناء تواجدي في معهد الفنون  الجميلة،
التابع ومع الأسف الشديد، لوزارة التربية
والوزارة، تابعة للحزب الحاكم،
والحزب الحاكم يعتمد كلياً على البعثيين القدامى المنتمين حديثاً للحزب الحاكم،
بكل ما يقولون وما يكتبون من التقارير السرية وما أسهلها..!
والنكتة بدأت بطرح رأي بسيط جداً، من قبل كاتب وفنان مسرحي متحضر وبرئ،
عائد من ستوكهولم تواً.
مفاده إنه لايمكن بعد الإنتفاضة، أن يطرد استاذ فنان من المعهد،
لعدم إنتماءه للحزب المسيطر او لأنه يُظاهر بولاءه لحزب وطني آخر،
في الوقت الذي كنا نرى فيه، أن أكثر الأساتذة سطوة وتحكماً،
هم أصلاً من بقايا البعث المقبور!!
أليست هذه من مهازل الديمقراطية الفالتة؟!
فبدأت المناقرات والمشاكسات والمناورات الذئبوية،
تزداد يوماً إثر يوم، والغلبة طبعاً للأكثرية السيئة السمعة..
وفيما بعد لُصقت بي تهمة مغازلة حزب الإتحاد،
وكانت هذه التهمة أسهل طريقة، للتخلص من إزعاجاتي وإستبعادي من المعهد،
وهم يعرفونني بأنني كنت ذات يوم، نصيراً شيوعياً..
والمهزلة الاُخرى التي لم أتمكن السيطرة على نفسي حيالها
تجبناً من تبعاتها..
وهي أن صور مام جلال بدأت تظهر وتتصدر كل الصحف والمجلات
المحلية والعربية وحتى العالمية، بعد تسنمه لمنصب رئيس الجمهمورية العراقية،
ولم أر له صورة واحدة وحسب معلقة في أي مكتب من مكاتب معهد الفنون الجميلة، بدءً من رئيس القسم وإنتهاءً برؤساء الأقسام،
وأكثريتهم وسبحان الله بقايا من بقاياهم.
ففي أحد إجتماعات القسم، تهرباً من الحديث عن الهموم الفنية والتدريسية
والتي أُصبت منها باليأس والضجر حد الغثيان،
فتسألت بطريقة إستفزازية، ملؤها السخرية والتهكم قائلاً:
ـ أين هي صورة مام جلال يا أساتذة ويا فنانين آخز زمان؟
أما كنتم تعلقون سابقاً، صورتي صدام وبكر سوية؟
أهي غالية بهذه الدرجة أم أنتم تنتظرون الأوامر العليا؟
فأنهالت علي إتهامات لم تكن على البال ولا ع الخاطر.!!
ما هكذا تتربى الأجيال وتتعلّم يا وزارة التربية!                           

              للموضوع صلة

44
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 31    
                        
                                  فتاح خطاب  

وقد أنتهى الجزء 30 بسؤال ذي شقيّن :

أم أن هنالك النيّة المبيتة لإفساد وتمييع الأجيال القادمة
ومن ثم تشويه سمعة الفن الجميل والفنانين كافة
والنيل من كرامتهم الإنسانية؟!

وهنا ينبغي علينا أن ندقّ ناقوس الخطر،
بما أننا لن يمر علينا يوم واحد إلا ونحن نسمع بأن فلاناً من المسؤولين
قد إجتمع ومجموعة من رموز الفن والثقافة وأكد على أنه سوف.. وسوف.. وسوف..
وأن هذه اللقاءات المجزية، تتكرر في كل مناسبة وطنية وقومية،
وتنشر الأخبار والصور وتبث لقطات مصورة صامتة وستايل،
دون أن نسمع او نرى أن أحد الفنانين او المثقفين قد تفتحت قريحته
لقول كلمة واحدة وحسب!! ولأجل ماذا دُعيوا أصلاً؟
هل سبق وإن إقترح أحد من هؤلاء المختارين سلفاً،
من قبل القيادات الميدانية العليا، حول رؤية او طريقة معينة
فيما تخص بخريجي الفنون الجميلة وتوزيع الملاكات حسب الإحتياجات
والضرورات الملحة، تخلصاً من العشوائية والمزاجية في إختيارات
تحكمها المزاجية والمحسوبية والتزكيات الحزبية،
ما تترك أثراً  سلبياً على البقية الباقية من المهمشين والمستبعدين
وبالأخص عند المتفوقين منهم،
أما الخريجات منهم، فلا تجد لهن أثراً في الأعمال الإبداعية
او في النشاطات المدرسية، فور تخرجهن.
وهذه الحالة الشاذة وغير المبررة وغير الإنسانية بالمرة،
تخلق عندهن شعوراً بالنقص وتأنيباً للضمير والإحساس بضياع الحلم
الذي، طالما تعبن، سهرن، درسن، إجتهدن، تنافسن، وتحدين نظرة المجتمع لهن،
لأجل تحقيقه وإثبات الذات أمام أفراد العائلة والمجتمع والعالم بأسره
فإن القتل النفسي والمعنوي، هو أشد من القتل بعينه..
وبوئدهن أحياءً، نكون قد قطعنا شرايين الحياة الثقافية وجمّدنا نواتها
وحيامنها وقضينا على أجندات التلاقح الثقافية،
تمهيداً لإستحمار وإستغباء أفراد المجتمع بكامله.
لأن أي مجتمع بلا فن وبلا ثقافة، يُعد من المجتمعات العاجزة والمشلولة..  
ولا يمكن أن يواكب تطورات العصر الحديث.
فلا يظنن أحد بأن تطور وإزدهار أي مجتمع مدني يعتمد أساساً
على الموارد النفطية وتثبيت وتقوية أركان الدولة من خلال تدابير وإجراءات سياسية  
للحزب الحاكم الفائز دوماً في الإنتخابات، المشربلة والمسكوت عن نواقصها،
لأننا مازلنا نعاني من عدم تكامل العملية الإنتخابية النزيهة والصحيحة،
بدءً من عدم وجود الرقم القومي او السري لكل مواطن،
وإنتهاءً بلجان المراقبة والتدقيق،
او دون عرض أي برنامج إنتخابي او المكاشفة حول الخطة الإستراتيجية
للمرحلة المقبلة، لكل حزب على حدا !!
وهنا ينبغي الإشارة إلى دور وزارة التربية والتعليم ( النائمة في الشمس)
في نشر الوعي الثقافي للإنتخابات وعن كيفية الإستعداد لها
وتوضيح النقاط المشتركة او المختلف عليها فيما بين الأحزاب،
دون إنحياز اوتفاضل طرف دون آخر.
والسؤال هنا .. كيف؟ فأقول: إنه من التقاليد الشائعة والمتبعة،
في البلدان الديمقراطية الحقة والمتطورة،
أن تتم إعادة تمثيل للحالة الإنتخابية، أي إقامة انموذج مصغر لها
في كل صف من صفوف المدارس الإعدادية والمعاهد وحتى الكليات،
وفي جميع المحافظات و القرى والأرياف، بصناديقها وكارتاتها وإستماراتها
وإختيار بعض الطلبة لتمثيل أدوار الأحزاب السياسية،
وكل واحد منهم يدلو بدلوه، دون خوف او خجل.
وقد يأخذ حزب ما المبادرة على عاتقه لغرض الدعايات الإنتخابية
والتعبئة الشعبية لأجل إقناع وكسب صوت المنتخب من خلال تقديم عرض مسرحي وثائقي حي، أمام حشد من الناس.
وعلى سبيل المثال، لا الحصر، رأيت بأُم عيني كيف وقفت سكرتيرة الحزب الشيوعي السويدي
وهي تشرح مبادئ الحزب وخططه المتعلقة بالتنمية الإقتصادية
والرفاء الإجتماعي وتقليص الفروقات الطبقية وردم الهوة بين الكيانات الإجتماعية ـ
الكل لأجل الواحد والواحد لأجل الكل،
مشيرة بين حين وآخر إلى البوسترات والكتابات والتوضيحات المعلقة هنا وهناك
وإجراء المقارنة بين رؤية الحزب وإختلافاتها مع الأحزاب المحافظة والبرجوازية الرأسمالية.
وقد تم ذلك كله من خلال مشهد تمثيلي، كمسرحية وثائقية حية.
هذا وكل الأحزاب السياسية لها حق الدخول والتواجد في كل المدارس
والمعاهد والكليات وحتى في أجهزة الإعلام والجمعيات والكيانات الثقافية
والإجتماعية عامة. الكل مفتوح ومباح للكل،
ولا يجوز إحتكارها او تجييرها من قبل أي حزب كان.
وأنا أيضاً رأيت بأُم عيني في معهد الفنون الجميلة بالذات،
أن شباباً من الأحزاب الأُخرى قد نكل بهم وشبعوا ضرباً وإهانة
لمجرد أنهم قاموا ببعض الأنشطة السياسية لصالح أحزابهم.
وماذا لو أن أستاذاً دعى الأطراف للمواجهات الفكرية فيما بينهم
وبحضور جميع طلبة القسم،
حتى وإن كان ذلك مجرد تمثيل في تمثيل؟!!                                                                        


                         للموضوع صلة

45
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 30    

                          فتاح خطاب 

وقد إنتهى الجزء 29 ب:       
ولم يبق من التجربة سوى السيرة الطيبة وسواد وجه الخونة والفاسدين.

كان الأستاذ الفنان بدري حسون فريد، يردد دوماً علينا نحن طلبة الفنون الجميلة
كلما شكونا من إضطهاد البعثيين لنا قائلاًً:       
إنه من الصعب جداً أن تكون إنساناً شريفاً
    ومن السهل جداً أن تكون نـــذلاً
وكذلك الأستاذ المبدع قاسم محمد والذي ترك علينا تأثيراته الإيجابية،
من خلال مسرحياته ومحاضراته ومحادثاته المُلغّزة.
وقد شاهدناه ذات يوم، في أحد العروض المسرحية وهو واقف أمامنا
بتحدي واضح ليقول: أن الكَصة السهلة، كَصة مو شريفة.. يا.. يابا..!!
ونحن في أصعب الظروف السياسية وكانت معنوياتنا ومقاومتنا
في العد التنازلي، يوماً بعد يوم، نظراً للضغوطات القاسية وكثرة المغريات بكافة أساليبها وألوانها،     
أن هذه الكلمة المعبِّرة، القصيرة وحسب، قد هزتنا من الداخل
وأنقذتنا من السقوط والإستسلام لأعداء الشعب والإنسانية جمعاء.
وكلما كان ينتابني الشعور بالضياع والضعف كنت ألجأ لفرقة الفن الحديث
لأرى تلك الوجوه المشرقة والجباه الناصعة، ليوسف العاني، زينب، خليل شوقي،
ناهدة الرماح، قاسم محمد، إبراهيم جلال والآخرين كثيرين..
حينها كنت أحس بأن العراق بخير وأنسى زبانية صدام وبطانته
المهزوزين المأجورين..
وهكذا بقينا مرفوعي الرؤوس ولم نتجير ولم نبع أنفسنا وأقلامنا وفننا
الذي ضحينا من أجله بالكثير وبقينا صامدين، مقاومين حد رفع السلاح
وتحملنا مصاعب الغربة والتشرد في بلاد الله الواسعة وتبعاتها..
لم نجزع وما ندمنا يوماً ولم نحزن على ما فقدناه من سقط المتاع..
لأننا رغم كل ما عانيناه، كسبنا أنفسنا فأصبحنا من الخيرين،
لم نخن، لم نتاجر بدماء أبناء شعبنا البررة،
لم نكن أداة طيعة في أيدي الظُلاّم والظلاميين،
لم نكن من المهرولين، الإنتهازيين.
لم نحني قاماتنا أمام أقزام التاريخ،
لم ننخدع بالشعارات الزائفة والإدعاءات الكاذبة،
فقلنا للجميل جميلاً وللقبيح قبيحاً ومازلنا، وهذا هو الأهم،
نقول كلمتنا في وجة الريح العاتية ونرفع أيادينا إحتجاجاً على كل ما يسيء
وما ينال من إنسانية الإنسان، هنا وفي كل مكان من عالمنا الصغير.
فأجمل ما في الإنسان هو أن يعيش كإنسان
له عقل يفكر وقلب ينبض حباً، عطاءً وجمالاً،
وضمير لم يثقل بالآثام والذنوب تجاه أخيه الإنسان أينما كان..
والفضل كل الفضل يرجع، لا إلى حكماء الصحراء والجبال والأنهار الميتة،
او إلى حِكم وحكايات الكتب الكلاسيكية المتهرئة
او إلى أجدادنا الأُميين المتقهقرين من ذوي النزعات القبلية  والأبوية
والإحتلالية والتَسلّطية والنزوات الشهوانية الحيوانية الإستباحية..
لا وإنما المعلم والمرشد الكبير، كان ذلك المكان الصغير،
الذي جمع على منصته وبين كواليسه كل المعارف الإنسانية
والفلسلفات الفكرية الخيرة والمحركة والدافعة للطاقات البشرية
الهائلة لأجل البناء والتنمية والتعلم والتثقيف والتحضر..
إلا وهو الأب الروحي لكافة أنواع وألوان الفنون الجميلة، (المسرح)
وأين هي وزارة التربية من هذا الفن الجميل؟!
وهل إحتلال صروح الفنون الجميلة من قبل الخونة البعثيين والعبثيين
والفاسدين والسراق وعديمي الضمير والأخلاق، هو الحل الأمثل؟!
أم أن هنالك النيّة المبيتة لإفساد وتمييع الأجيال القادمة
ومن ثم تشويه سمعة الفن الجميل والفنانين كافة
والنيل من كرامتهم الإنسانية؟!
لا يا وزارة التربية..!
لا.. والف لا.. لهذه السياسة العوجاء!   

                 للموضوع صلة                          

46
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 29    

                          فتاح خطاب  

وقد إنتهى الجزء 28 ب:
ـ : يا أستاذ أنا لست مذنباً بما حصل لكم. أن الاستاذ عدوك (ط ، ش، آ)
هو الذي أمرني بتغيير كيلون الباب، لكي يسجل عليكم الغيابات، فأحذر منه!        

والسؤال هنا: من أين أكتسب هذا الخرتيت تلك اللا أخلاقيات؟
أهي من الحزب الذي تعلم في إجتماعاته العفلقية الفباء الخيانة
والغدر والتخريب، ام ماذا؟
لأن من يعمل ويؤمن بقدسية المسرح ودوره الإيجابي في تهذيب
وتثقيف وتعليم الإنسان وتأثيره على تحريك وديلكة المجتمع نحو الرقي والتطور،
عليه أولاً الإلتزام بأخلاقيات المسرح.
ومنها على سبيل المثال، إحترام المواعيد، الإنسجام والمسايرة وعدم تعطيل
او قطع البروفات (أن قطع البروفات كقطع الساجد عن الصلاة)
الإبتعاد عن المزاجية والأنانية الشخصية، الإمتثال لمطالب المخرج وإحترام خياراته، الإلتزام بهدوء وسكينة خشبة المسرح والسير على أصابع القدمين
وعدم إحداث الفوضى والضجيج ما يؤثر على العملية الإبداعية،
ترك كل المشاكل والحزازات الخارجية وراء الباب الخارجي للمسرح
وإظهار روح الإيجابية لصالح العمل الجماعي..
هذا بعض من الأخلاقيات المسرحية العامة، لكل من يخطو خطواته الأُولى
إلى هذا العالم الساحر.
وكيف إذا كان من يسمى أستاذاً في هذا المجال؟!
وإليكم القصة..
كان ذلك بعدما رفعت الشكاوى إلى الوزير، حيث جُردتُ من مسئولية الإشراف
على اطروحات التخرج لطلبة السنة الأخيرة في قسم المسرح
وعوضت ذلك المنع، بالجلوس في البيت والبدء بترجمة المقالات المسرحية
إلى اللغة الكوردية وترجمة القصائد الكوردية إلى اللغة العربية
ونشر بعض القصائد والمقالات باللغتين وثلاث مسرحيات..
ولكن حصل أن بعضاً من طلابى الذين إستشاروني في إختيار النصوص
ليقدموها كاُطروحات التخرج، وفي كل مرة ألتقي بهم،
يسألوننى عن إشكالات بعض المشاهد والمواقف المسرحية
وعن كيفية إنجازها عملياً،
فوعدتهم بالزيارة بين حين وآخر..        
علماً بأن أكثرهم طلبوا من الإدارة رسمياً بإختيارهم لي
كي أكون مشرفاً وحيداً على أُطروحاتهم، إلآ أن الإدارة رفضت ذلك رفضاً قاطعاً.
ومن ضمن اولئك الطلبة الذين أصروا على إختيارهم بكل السبل الممكنة،
هو الطالب المجتهد والكوميدي الباكي والشاكي الدائم والمطارد العنيد ـ روازـ
فخصصت له يوماً لأزوره في أثناء سير البروفات..
وبعد إنتظار دام ساعتين وأطول، قضيتها بين مطعم كَراج بغداد وبؤفيه المعهد
ودعوات الطلبة ولومهم لي على أنني لم أزرهم وأخترت ـ روازـ اً، دونهم
لأنه يخرج مسرحية من تأليف ( داريو فو) الماركسي!!
ودخلت إلى القاعة وإذا بالطلاب يهلهلون ويصفقون..
وبدأت البروفة مع بعض الرتوشات البسيطة والأقتراحات القابلة للتنفيذ
ولم يبق منها سوى تنفيذ اللوحة الإخيرة..
وإذا برئيس القسم البعثي والسارق والفاسد،
بعد التخابر والإتصال به، فتح باب القاعة علينا، بدون سابق إنذار او تقديم الإعتذار، وقف خارج الباب مصفراً، خائفاً ومرتجفاً، وطلب من الطالب المخرج
إيقاف البروفات فوراً وهدّده بالرسوب وبعدم قبول المسرحية كأطروحة التخرج. فاستلمته أنا وفضحته أمام الطلبة الذين يعرفونه أكثر مما أعرفه أنا،
وأبتعد مهدداً المخرج المسكين
فرأيناه في باحة المعهد وهو يتخابر..
فأستغللت الموقف وأوضحت للطلبة بسرعة فائقة عن كيفية وضع اللمسات الأخيرة
لإنهاء المسرحية. وبقيت في إتصال دائم مع المخرج حتى تقديم العرض النهائي.
ولم يبق من التجربة سوى السيرة الطيبة وسواد وجه الخونة والفاسدين.

                    للموضوع صلة                    

47
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 28    

                          فتاح خطاب     

وقد إنتهى الجزء 27 ب:
 فبهذلوني بهذلة معتبرة وحرموني من راتبي الحلال على مدى سنتين
وأهانوني إهانة لم أتلق مثلها حتى في زمن صدام.

وإليكم بعض نُكات ونِكايات هذا الزمن الردئ
حيث تختلط الأوراق وتضيع المقاييس وتتبادل الأدوار ويكون الخائن
والفاسد والسارق سيد زمانه.
أما أنا العبد الفقير، فمنذ عودتي تنهال عليّ إتهامات ثلاثة لا فكاك منها
وكأنني إرتكبت الخيانة العظمى،
أولهم: كنت مجنوناً، لعدم إنتمائي لحزب البعث، لأن الآن هم الأكثرية
ومسيطرون على الوضع تماماً ولهم ثقلهم عند الحزب الحاكم والغلبة للأكثرية.
ثانيهم: هو إلتحاقي بحركة الأنصار من هَبَلي
وأنا من ضيع في الأوهام عمره، كما يرددها البعض على مسامعي.
وثالثم: وهو الأهم كيف أقبل على نفسي كل هذه الإهانات والإعتداءات والإقصاءات
من البعثيين المنتمين حديثاً للحزب الحاكم، ولا أُبادر لكي أكون واحداً منهم،
لأعيش حياتي المتبقية في رغد وإستقرار وسلام، ناهيك عن الإمتيازات والصلاحيات.. ولهذا جرى ما جرى..
فإضافة إلى سبع لامات، سبق وأن تحدثت عنها
أي (لم.. لم.. لم.. لم.. لم.. لم.. لم..) والتي تذكرني بقصة قصيرة، كتبها عزيز نسين تحت عنوان ( ترا لم لم، ترا لم) وإليكم القصة:
في اليوم الذي كانت لي الحصة الأولى من الدروس، كنت آتي مبكراً للمعهد،
لأراقب الجو العام، وبخاصة طلابي في الرابع/ قسم الإخراج.
لأدرس وضعيتهم النفسية والمعنوية، لأبدأ يومي حسب الإيقاعات الداخلية لهم
بشكل عكسي . او أن أختار من بينهم من يستحق الوخز الفني والثقافي
وإذا كان الجو بارداً، أحوّل الدرس إلى الرياضة المسرحية لمدة خمس دقائق
بين الضحك العالي والحوارات القصيرة وتحريك الأيدي وفركها ببعضها البعض، وبعدها أخرج لمدة دقيقتين ثم أدخل لأسئل أحداً منهم عن بعض إشكالات الدرس
الذي سبق وأن درسناه والذي يجب التأكيد عليه أكثر من مرة،
لغرض الإلمام بشئ فنياً، أدبياً وفلسفياً.
لأن التدريس مهما كان مثالياً ومتكاملاً، فأن إستيعاب الطلبة وإستجابتهم
للفهم والهضم لن يكون أكثر من 70%
ولكن مع التأكيد على دقائق الأمور وعنصر المفاجئة
من خلال الأسئلة غير المنتظرة وخارجة عن السياق العام
يزيد الطلبة الإنتباه والتركيز في الدروس اللاحقة
ويبقى على الدوام يفكر بأن الدرس الذي أخذه لم يكن سوى عموميات
أما الغور في التفاصيل، كتابة، إخراجاً وتمثيلاً
ومن ثم تأثيراً على المتلقي (الجمهور) يحتاج إلى ثقافة موسوعية
وموهبة غير عادية.
وكأنك تخلق عالماً فنطازياً بكل شخصياته وأجوائه وتناقضاته،
إعتماداً على عناصر الإخراج المسرحي، بدءً من الديكور، الإنارة، التمثيل،
المؤثرات الصوتية والموسيقية..
هذا ما كنت أُفكر به غالباً قبل بدء أي درس.
وأسلوب التدريس بالنسبة لي، كان عبارة عن ترجمة المقالات المنشورة سلفاً في المجلات الثقافية.
وهي موجودة عادة، ضمن بعض الكتب الدراسية ومختارات من مسرحياتي المطبوعة، بأعداد حسب عدد الطلبة، في داخل الصف
وقد نشرت مؤخراً ضمن كتاب مستقل يربو على 320 صفحة.
أي تنتهي السنة الدراسية ونحن مازلنا لم ننهي فحوى الكتاب
بكامله إلا بشق الأنفس..
وفي ذلك الصبح الجميل تناولت من جيبي المفتاح لكي أدخل الصف
وإذا بالقفل يأبى ولا يتراهم مع المفتاح،
وفتاح ينتظر ويحاول دون جدوى،
والطلبة بدورهم حاولوا بشتى السبل
وأنا كنت لا أريد أن أهدر الوقت جزافاً
فأتقنا تحويل الدرس النظري إلى العمل التطبيقي في الهواء الطلق
وغيرت الموضوع تماماً من المسرح الملحمي إلى كوميدية ديللارتي
ومسرح الشمس (مسرح الصحف الحي)
إنتهي الدرس وبدأنا بالدرس الثاني ولازال الباب يأبى أن ينفتح.
وفي اليوم الثاني فأجأتنا إدارة القسم برئاسة (ط ،ش، آ)
الذي سبق وأن رفعت الشكوى عن فساده وسرقاته المفضوحة لوزير التربية.
وفي هذه الأثناء وأنا واقف وحولي طلبة الصف.
مر أمامنا عامل الصيانة، فسألته عن الأمر،
فقال لي : ياأستاذ أنا لست مذنباً بما حصل لكم. أن الاستاذ عدوك (ط ، ش، آ)
هو الذي أمرني بتغيير كيلون الباب، لكي يسجل عليكم الغيابات، فأحذر منه!
فقلت للطلبة: هل فهمتم الآن الفرق، لا بين المسرح الملحمي وكوميدية ديللارتى
وإنما الفرق بين فنان وكاتب وأستاذ نصير
وهذا البعثي الحقير؟!!
             

                للموضوع صلة


48
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 27    

                          فتاح خطاب      
 
وقد إنتهى الجزء 26 ب:
ـ أن شغلك ليس هنا..
عليك أن تذهب وتتفاهم مع الحاج مدير المعاهد.
ـ ولكن هم الذين أهملوا توصية الوزير و خبأوا الأوراق..

فأقول: يا وزارة التربية..! أن هذين السطرين، قد لا يجلبان إنتباه الآخرين،
لكنهما يجسدان ما نحن فيه من مهازل سياسية وتغيير الأقنعة.
والسؤال هنا: من نبه هذه السكرتيرة، بأنني شخص غير مرغوب فيه
ولا أستحق كمواطن عادي أن آخذ من وقت الوزير ولو لخمس دقائق
او أن القضية لا تستأهل المجئ إلى الوزارة أصلاً.
وهل من صلاحية السكرتيرة أن تقرر بمزاجها وتمنع الآخرين من الوصول
او إيصال المعلومات إلى مركز القرارات..؟!
وقد تكون كلمة حق واحدة من شأنها تغيير مجرى الأحداث
او تقلب الموازين رأساً على عقب.
إنها كلمة حق يا سيدتي السكرتيرة!
ولو كنت مثقفة او قارئة جيدة لعرفت أن هنالك مئات من الروايات
والمسرحيات تتحدث عن الحالة ذاتها
ولربما سمعت عن ذلك الطفل الصادق الأمين الذي قال للملك الذي كان محاطاً
بحاشية، منافقة وكاذبة ومزورة للواقع المرئي.
أن ذلك الطفل فقط قال للملك المعظم ضاحكاً: أن ملكنا المعظم عار ومصلّخ تماماً.
وربما سمعت عن مسرحية (الصرخة المكبوتة) للكاتب الكبير (دوستوفسكي)
والتي أعدها للمسرح الكاتب والفنان الكبير جليل زنكَنة،
وفكرة المسرحية تدور حول أُناس خائفين، جبناء، منطويين، لا أباليين،
لا يجرأون على أن يشكو عما يعانون من الظلم والإضطهاد..
إلا بأستثاء واحد منهم، ألا وهو صاحب الصرخة المكبوتة.
او قصة الرجل الذي وقف أمام أمبراطور دموي قائلاً: أنك لا تستحق ثمناً أغلى
من ثمن بلطتك المطعّمة بالذهَب واللؤلؤ والمرجان..
وعلى كل الأحوال / أن قطع الطريق أمام استاذ وفنان وكاتب مشهور
وله تاريخ يشرف أكبر رأس في البلد، لنزاهته وتضحياته ومقاومته
لأشرس نظام فاشي،
جاء ليشتكى على أُناس، ذوي ماض أسود،  يسرقون، يعيثون الفساد في صرح فني، ثقافي وحضاري يعتدون، ينتهكون، يستغلون ويرهبون شبيبتنا
وهم في طور التكوين والإنطلاق نحو عالم الفن والثقافة والعطاء الخير لبناء الإنسان وإزدهار الوطن../
له دلالة واحدة وحسب، ألا وهو إعطاء الضوء الأخضر لكل من تسول له نفسه المريضة بالإفساد المتعمد والتخريب والكسب غير المشروع
وتعكير الجو العام وتشويه سمعة الفنانين بصورة عامة من جهة
وإرهاب وتكميم الأفواه وقمع وتهميش وإقصاء الخيرين الرافضين
لمثل هذه السلوكيات السيئة والمخزية من جهة أخرى.
وأنا أرى بأنه من الضروري فضح الموقف وكشف المستور بتحدي وإصرار،    
لكي نمنع إتساع دائرة الشر،
قبل أن تتحول إلى حالة مستفحلة ومستعصية على المعالجة، كظاهرة عامة.
هناك مثل بولوني مفاده، لو كل واحد من أفراد المجتمع، حرص على نظافة بيته وعتبات بيته، لبقي البلد كله نظيفاً ومُرتّباً.
وأهم من ذلك كله، هو فتح قنوات الحوار بين كل الأطراف المعنية وغير المعنية،
لا ليأتي واحد نكرة، غاطس في مستنقع الفساد والإفساد لحد الرقبة،
كي يقول لفتاح خطاب: من أنت لكي تسمح لنفسك التدخل في مثل هذه الامور!
ثم لإظهار بسالته وفروسيته، يلجأ لإتخاذ قراره القرقوشي،
ليعاقب النصيروالشريف النزيه ويجزي الخائن السارق!!
ولهذا السبب بالذات ( ناس تأكل دجاج وناس تتلقى العجاج) وبغير حق.
وهنا علينا أن نصيح: الفيل يا ملك الزمان، الفيل!
ونحن قمنا بدورنا ، حسبما يملي علينا ضميرنا الحي واليقظ ،
ليس لأجل الكسب المادي او لكسب ود البطرانين والبيروقراطيين
وإنما لأجل إحقاق الحق، والحق على أقوله شهيد.
على إعتبار( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)
وأنا أتذكر جيداً مبادرة السيد مسعود البارزاني/ رئيس إقليم كوردستان المحترم.
لإتخاذ الإجراءات الرادعة للوقوف ضد ظاهرة الفساد الإداري والسياسي،
وإن كانت مجرد تصريحات لم تر النور في الواقع العملي،
تحت شعار (جِاكسازي= الإصلاح) وأنا المسكين والصادق الأمين،
تحركت على هذا الأساس، فور سماعي لهذا التصريح الهام والحيوي،
لكنني وقعت في فخ المفسدين والطابور الخامس،
فبهذلوني بهذلة معتبرة وحرموني من راتبي الحلال على مدى سنتين
وأهانوني إهانة لم أتلق مثلها حتى في زمن صدام.            

               للموضوع صلة

49
  وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 26    

                          فتاح خطاب      

وقد أنتهى الجزء 25 ب :
وأدعوالله أن لا يجعلنا من النادمين الخاسرين،
لأننا رَفعنا، ذات يوم، السلاح بوجه الحاج صدام حسين..!

كيف؟ وما الداعي؟ وماذا حصل؟
حصل ما لم يكن في الحسبان!
وهذه قصتي مع وزير التربية السابق وسكرتيرته الخاصة
الذي لا يُعرف عنه إن كان من المدرسين المخضرمين او له أبحاث ودراسات
وكتب ومجلدات حول التربية والتعاليم الحديثة،
لذا أُختير وزيراً من دون خلق الله. والعلم عند الله سبحانه وتعالى.
ولكونه وزيراً رفعت إليه أكثر من شكوى حول ظاهرة الفساد
والسرقات والسلوكيات غير الأخلاقية وبشهادة عدد من المدرسين
والطلبة مع تدوين أسمائهم وأقوالهم.
والحق يقال إنه كان يوقّع على الشكاوى مطالباً بالتحقيق والمتابعة
وكانت الأوراق تحال إلى مكتبَيّ
(مدير المعاهد ـ إ،ب ومدير معاهد الفنون الجميلة ـ س، ص)      
ولأن الشكاوى كانت تختفي عندهما وتُهمل، دون أخذ أي إجراءات قانونية
او إصدار أي قرار في شأنها،  
فكنت أُعيد الكرّة من  جديد، مرة بعد مرة. ولا من مجيب!!
وبعد لقاءات عدة مع الأصدقاء والرفاق الذين لهم شأنهم في الحياة الثقافية
والسياسية، توصلنا او إنخدعنا بفكرة اللقاء المشؤم بالوزير مباشرة.
وقد يكون هو أفضل من غيره وأكثر شعوراً بالمسئولية..
فذهبت إلى هناك لأحكي له القصة شفوياً، وجهاً لوجه..
من تأ تأ إلى سلام عليكم.
فجلست بكل أحترام و وقار منتظراً دوري. فرأيت الناس يدخلون ويخرجون،
دون أي إنتظار او ينسقون أمرهم مع السكرتيرة
او السكرتيرة بنفسها تأتي إليهم مرحبة، لتُسهّلَ لهم أمر اللقاء بكل دقة وشفافية.
وبعد إنتظار دام أكثر من ثلاث ساعات، رأيت الوزير قد خرج من مكتبه
وخلت أنه سيرحب بنا على الطريقة السويدية.
(إذ أنه من المتبع كتقليد حضاري، أن المسؤول مهما كان مركزه الوظيفي
او السياسي، عليه أن يخرج هو بنفسه لمقابلة المراجعين
حسب الأقدمية في إنتظار الدور، ولكل مقابلة وقتها المحدد،
لايمكن التجاوز عليه وقد يبادر المسؤول بإرسال كتاب رسمي
موقعاً من قبله شخصياً، محدداً فيه موعد المقابلة بالدقائق
على سبيل المثال 10 :09 او 20: 10 وفي الموعد ذاته تراه ماثلاً أمامك،
مصافحاً معك ومرحباً بك..
ولا يقول لك تعال بعد العاشرة او بعد صلاة الظهر)
ولكن الوزير خرج دون أن يلتفت إلينا نحن المراجعين
وعمت الفوضى في قاعة الإنتظار..
وبدأ كل واحد من الجالسين، يشكو، يتذمر، يلعن ويحكي عن قصته ومشاكله
وعن أمراضه المزمنة وعن عدم أستجابة المسؤولين لشكواهم..
وهنا خرج أحدهم ليبشرنا بإمكانية عودة الوزير من جولاته التفقدية
بعد الساعة الواحدة ظهراً.. ربما و ربما لا..
فخرجت من قاعة الإنتظار لأتفسح قليلاً عند البوابة الرئيسية للوزارة
وإذا بصديق عزيز، الذي لم أره منذ السبعينيات وهو من الشخصيات المعروفة
أباً عن جَدّ، يستقبلني بحرارة ويتعجب من حضوري في الوزارة
لإنه كان يعرف بأنني لست من طارقي الأبواب..
فتحدثت له عن قصتي مع مسؤولي هذا الزمان الرديء..
وتحدث هو بدوره، عن نيته في العودة ولكن كيف وهو أب لأربعة أطفال
ولا يمتلك شبراً من الأرض في وطنه،
أما في الغربة وفي كنف دولة أجنبية لهم بيت يؤيهم ومستحقات تكفيهم وزيادة
وحياة الأطفال ومصاريفهم ودراستهم..
تكفل بها الدولة المُضيّفة..
وبعد ساعات من احاديث ملؤها اللوم والتشكي والحسرات،
جاءنا خبر حضور الوزير الموقر..
ولأنني كنت محصوراً بشكل غير عادي، فتقدمت لأُحدث مع السكرتيرة
التي عادت للظهور لتنقي من يستحق بزيارة الوزير
ودون أن أشرح لها ما جئت لأجلها قاطعتني وقالت : أن شغلك ليس هنا..
عليك أن تذهب وتتفاهم مع الحاج مدير المعاهد.
ـ ولكن هم الذين أهملوا توصية الوزير و خبأوا الأوراق..
ـ لو سمحت..! هنا مكان ليس للصراخ.. إذهب إلى حيث ما جئت..!
فقلت ما قلت وخرجت لاعناً اليوم الذي رفعت السلاح بوجه من كان يسمى بالديكتاتور.
وأنا خارج من البوابة الرئيسية. شاهدت مظاهرة للطلبة وهم رافعين لافتات
مكتوب عليها ( نحن طلبة القسم الداخلي.. لا ماء لنا ولا كهرباء.. أين نغتسل وكيف نُحضّر الدروس..!
حينها تذكرت بغداد وتذكرت أصدقائي في القسم الداخلي
حيث عشنا فيه أجمل سنوات عمرنا، غسلاً وطبخاً وقراءات حتى مطلع الفجر..
ثم لقاءات غرامية وتنزهات وقُبَلات ماركسية، في ثنايا زهور وأشجار حديقة الزوراء..
وقلت في سري.. أشهد بأنني قد عشت حياتي طولاً وعرضا،
والله يساعد هؤلاء المساكين المحرومين من أبسط حقوق المواطنة،
أما في السويد فحدث ولا حرج..!

               للموضوع صلة                        

50
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 25     

                          فتاح خطاب     

وقد أنتهى الجزء 24 بمشهد كوميدي:
( بهمس) يا أستاذ فتاح.. خذ بالك..  ذلك الملعون الذي كان بالأمس جالساً معنا. جاسوس إبن جاسوس.. إيه.. وبعثي حقيييييير.. خذ بالك!
لكنه ضحك كالبكاء..
وقد حدث معي أيضاً موقف مشابه، أين؟ في مديرية التربية.
والقصة التي أسميتها (القانون هو القانون) كما يلي:
كلما كان كلاب البعث يشتدون عليّ الخناق مطالبين الدخول إلى مزاريبهم
والإستسلام بالأمر الواقع،
كلما زادني العزم والإصرار والفخر بما أنا فيه من موقف التضاد
والوقوف بوجه قتلة عبدالكريم قاسم وجارنا الذي فقدناه وأنا طفل صغير
والحكايات عنهما كانت تدور في الحواري والمقاهي والمنتديات
و كنت أكبر شيئاً فشيئاً وأنا أستمع للسيرة الذاتية المشينة والخائبة لصدام
وخاله طلفاح وأقرأ بين حين وآخر مقتطفات من ترهات عفلق النازية الجديدة
المُغلّفة بالابجدية العربية.
وكل فترة طفولتي قضيتها في محيط نصب حمامة السلام،
هناك شاهدت وأنا طفل صغير مهرجانات وحلقات للدبكات الكوردية،
لافتات، شعارات وهتافات..
وهناك أيضاً أحببت ايقاعات الطبول وأصوات المزامير الساحرة..
وأشتطت غضبا وحقداً حين هدم البعثيون نصب الحرية
وهي جارتي التي كنت أنظر إليها كرمز من رموز نضالات شعبنا.
وكنت على سجيتي أُقارن بين من أتى بهذا الرمز المقدس (السلام) إلى مدينتي
وبين من هدمه وأستباح مدينتي وقصف القرى والقصبات وتأنفل أهلها المسالمين وأغتال وسجن وعذّب..
وبقيت هذه العقدة او الغصة تكبر معي. وكنت كلما رأيت بعثياً
او مسئولاً في أمن البلدة او التربية يدعوني إلى الإنضمام للبعث المقبور،
كلما تذكرت لحظة إستشهاد كرومي او محاولة إغتياله في شارع الرشيد
وإستشهاد جارنا البطل تحت التعذيب وهدم جارتي المباركة (حمامة السلام)
فكنت أضحك عالياً، رافضاً الإنتماء لهؤلاء الخونة
(هادمي حمامتي التي أحببتها، لأني كنت أُحس حيالها بالأمان والطمأنينة)
فسبحان الله.. بعدما إختفت الحمامة عن أنظارنا،
لم نر الخير بتاتاً، فكنا نخرج من متاهات حرب، لندخل إلى متاهات أُخرى
ولا أُخفي عليكم ما شعرت به من خوف وقلق وغضب، قبل أيام عدة،
حين لم أجد النصب البديل الجديد لحمامة السلام الذي بُني على أنقاض نصب الحرية الذي هدمه أزلام صدام.
(وقد أزاحته حكومتنا الجديدة (حفظها الله)
ولا أدري ما هو السبب او التبرير وراء إزاحة هذا المنجز الفني والحضاري!!
(شُلّتْ أيدي من قرر ومن نفّذ هذه الفعلة الشنيعة والمخزية
والموت لأعداء السلام والحرية والفن والجمال..)                                   
ولنرجع إلى أصل الحكاية!
والتي على أثرها كنت أتمرد على تعليمات مديرية التربية والتعليم
وأعتصم في البيت او أنشغل بإخراج المسرحيات مجاناً..
( وما أشبه الليلة بالبارحة!!
وكأنما صدام مازال حياً ولم يمت!!
والدليل: أن الحمامة التي كنت أحبها وأفتخر بوجودها في مدينتي، قد أُغتيلت للمرة الثانية)
وكنت أسمع خبر فصلي من الوظيفة كل 3 او4 أشهر مرة، من المخبرين
الذين كانوا يقتحمون بيتي عنوة او يتركون ورقة إستدعاء لدى العائلة
طالبين مني العودة إلى الوظيفة مرة ثانية و ثالثة ورابعة وهكذا دواليك..
ويا للأسف الشديد! على أن موظفاً في قسم العلاوات بعدما سلمت له كتاباً صادراً
من مجلس الوزراء لغرض إضافة الخدمة الخاصة ب (الأنصار)
جلس معي وهو ينظر إليّ بإندهاش وتعجب قائلاً: ما كل هذه الغيابات والإخطارات والإنذارات وأوامر الفصل والطرد؟!
فُصِلَ، عادَ، عادَ، فُصِل.. وكيف لي أن أحسب كل هذه الغيابات؟!
فتحدثت له عن قصتي مع البعث وأزلامه في مديرية التربية والتعليم.
ـ ولو يا أستاذ.. ولو.. القانون هو القانون!
فجمع وضرب وطرح ونقص من الخدمة الفعلية أكثر ثمانية شهور.
فشكرته وخرجت.
ومنذ تلك اللحظة تيقنت بأننا مازلنا نعيش تحت طائلة القوانين الصدامية
والإجراءات الصدامية والتخريجات الصدامية والسلوكيات الصدامية
وسنبقى نعاني من تبعاتها إلى أجل غير مسمى..
وأدعوالله أن لا يجعلنا من النادمين الخاسرين،
لأننا حملنا، ذات يوم، السلاح بوجه الحاج صدام حسين..!

                للموضوع صلة

51
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 24    

                          فتاح خطاب     

وقد أنتهى الجزء 23 بالتحذير من إعادة صنع الديكتاتورية محَليّاً:   

لكي لا يكونوا طفيليين او مرتزقة مأجورين وتابعين او بطالين مقنعين،
بإسم اوبرئاسة أي حزب كانت..!
وذلك بالسيطرة على أكثر الوزارات حيوية ونشاطاً
وهذا ما حاول المتأسلمون الحزبيون تطبيقها في مصر، مع الفارق طبعاً
بدءً بمؤسسات الإعلام، الجيش، وزارة العدل ومشيخة الأزهر وما تحت عباءتها..
وأعجب ما في الأمر، أن مدرساً جاءني ليطلب مني التوقيع على عريضة
مقدمة إلى وزارة الثقافة لغرض الحصول على راتب المبدعين،
لكونه شارك في إحدى مسرحياتي بدور كومبارس، وقّعت له مشكوراً،
دون أن أسأله عن وظيفته.
وبعد شهور تفاجأت بزيارته للمعهد فقلت له معاتباً:
ـ لا يا صديقي..! هنا ليس عندي فرصة للجلوس اولمجاملة الأصدقاء!
فقال ضاحكاً : لا أبداً. إنني جئت هنا بصفتي كمفتش تربوي.
ـ جميل.. جميل جداً.!! وأنا مازلت مدرساً فاشلاً..
 أعمل لي واسطة يا صديقي!
فعلّق أحد الجالسين: إنس، إنس! أن مثل هذه الوظائف الراقية،
مخصصة فقط للحزبيين
أما أنت، حتى الراتب الذي تأخذه حرام عليك.
ولا أدري كيف سمحوا لك بالدخول إلى المعهد؟!
ـ لماذا؟!
ـ لأنك لست حزبياً             
ـ لكنني على أقل تقدير، كنت نصيراً وأضعت نصف عمري في الغربة إنتظاراً
ـ هل كنت تتوقع أن تكون حالتك أفضل مما كانت؟
ـ لا. لكنني لم أكن أتوقع أن تكون أسوء مما سبق.
ـ أسوء؟!
ـ أنا مشكلتي مع الرؤوس العفنة، مع المغرر بهم ومغرورين
ـ تقصد..؟
ـ لا. أنا لا أقصد. أنا أعني
ـ ماذا تعني؟
ـ أعني إنه كانت هناك دجاجة دخلت من فتحة في جدار
فوجدت فضلات كثيرة، أكلت منها حتى شبعت،
وحين أرادت الخروج فلم تقدر
ـ قصدك..؟
ـ أنا لا قصد لي. سوى أنني أحتقر الإستحمار
ـ هنا دخل الأستاذ البصير الذي كان قد فقدك بصره في الصِغَر.
ونطق بإسم نديمي الذي كان جالساً معي.
ـ استاذ فتاح.. أينك ؟
ـ نعم. تفضل يا أستاذ!
ـ ( بهمس) يا أستاذ فتاح.. خذ بالك..  ذلك الملعون الذي كان بالأمس جالساً معنا. جاسوس إبن جاسوس.. إيه.. وبعثي حقيييييير.. خذ بالك!         

              للموضوع صلة

52
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 23    

                          فتاح خطاب    

وقد أنتهى الجزء 22 بسؤال غاضب وعلامة تعجب:  
أهكذا إذن يا أصحاب الشأن يزدهر المسرح
وتورق براعم المستقبل؟!

والكِتابُ كما يقال، باين من عنوانه
تصوروا..! أن كل من حارب الفن عموماً والمسرح بالذات،
أصبح بالتالي عدواً شرساً للحياة والتطور والإنسانية.
ولنا أن لا نتعجب حين نرى كائناً ما وهو يدعو زاعقاً لمحاربة الفن عموماً
ويتهم القائمين به بالضلالة والخروج عن جادة الصواب ويهددهم بالهلاك
وبئس المصير..
وهو بذاته يقف على مرتفع، أشبه بالمسرح تماماً ويمثل دوره بأتقان
كأي ممثل محترف، وإن لم يتخلص بعد من زعيقه وصراخه،
نظراً لثقافته المتدنية والمحدودة في هذا المجال الهام،
ولم يرشده أحد من العارفين او ينبهه بأن الزعيق والصراخ الدائم
هو عيب من عيوب الأداء المسرحي
والكلام على وتيرة واحدة وإعادة أي كلمة أكثر من مرة واحدة
تولد البلادة الذهنية والغباء المستديم عند المستمع ولا تفسح له مجالاً
للتفكير السليم بما سمعه من كلمات.
والصراخ عادة يتأتى من عدم الثقة بالنفس. واسلوب او علم الخطابة،
قبل أن يُدرّسَ في الثانويات والمعاهد والجامعات، كان أصلاً منذ القدم،
درساً من دروس الفن المسرحي وبالأخص في العصر اللغة السنسكريتية الهندية. والسؤال هنا، من أين جاء الصراخ ولماذا أستمر لحد يومنا هذا؟
والجواب على السؤال هو أن الصارخ المسكين لم يشارك او حرم من المشاركة
في الأنشطة اللا صفية حين كان تلميذاً في المدرسة الإبتدائية.
وحتى شعرائنا ورؤوسائنا ومذيعي تلفزيوناتنا، لا يجيدون غير الصراخ،
لأنهم أُميون في فن الخطابة ومحدثون فاشلون بدرجة مخزية،
قارنوا خطابات هتلر وأحاديث اولوف بالما او تلكات بوش الأب ولباقة اوباما،
وأكثر مسؤولينا لا يستطيعون الإستغناء عن الورقة المكتوبة ورغم ذلك يخطأون،
لغوياً وتعبيرياً ويعيدون الكلام أكثر من مرة بسماجة
والسبب يرجع إلى المشكلة ذاتها. ومن هنا تأتي الهزالة الشخصية.
فعليهم أن يدخلوا المدارس الحديثة، من جديد بأسرع وقت ممكن
وأن يشاركوا مع الأطفال الحلوين في نشاطاتهم اللا صفية.
وبالأخص وزير التربية والتعليم والأخرين من المسؤولين الحزبيين،
لكي لايقلدوا معمر القذافي في حركاته وهوساته..
فتصوروا يا سادة، يا كرام للأجل ماذا أن دولة مثل السويد او أية دولة ديمقراطية وعلمانية اخرى، تبذل كل جهودها
او (غصباً ما عليها أن ترضخ لمطالب الشعوب المثقفة والواعية وغير المدجنة وغير المخدرة بالتفاهات من الأمور)
بإعطاء الأولوية والإهتمام الكامل برعاية وإحتضان النشء الجديد (من الجنسين، دونما تفرقة او تمييز،
حيث يغنون معاً، يلعبون معاً، يرقصون معاً، يدرسون معاً، يخرجون معاً، يسافرون معاً، يتناقشون معاً، يعملون معاً،
يبنون معاً، يدافعون معاً ويحكمون معاً) وتخصيص المبالغ الخيالية لأجل تربيتهم وتعليمهم وتهذيبهم وتقويمهم
وإستقامتهم وتصقيلهم وتقوية شخصيتهم..
ليكونوا أحراراً، لا عبيداً، عاملين، منجزين، ومساهمين، مشاركين جديين وأيجابيين في البناء والتنمية والتطور،
لا ليكونوا طفيليين او مرتزقة مأجورين وتابعين او بطالين مقنعين، تحت أي حيل لا قانونية كانت اوبإسم وبرئاسة أي حزب كانت..!
علماً بأن هنا في كوردستان مئات الآلاف من الطاقات الشابة جُمدت وأُجيرت فداءً لعيون الأحزاب المتنفذة
وهنا أيضاً في الدوائر والمدارس والمديريات التابعة لوزارة التربية والتعليم آلافاً من البطالة المقنعة
تحت غطاء حزبي وأن أكثر المدارس والمعاهد والكليات محتلة من قبل عوائل هؤلاء المقنعين..
وهذا هو الفساد والإفساد بعينه!
أهذه هي ميزة وزارة التربية في دولة مدنية ديمقراطية
أم هي حاضنة الحزب الحاكم السياسية؟!

           للموضوع صلة

53
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 22    

                          فتاح خطاب   

وقد إنتهى الجزء 21 بتساؤل مشروع:
أ حقاً هي سياسة الحزب الحاكم
أم هي الإزدواجية في المعايير والتقييمات؟!
ولنضف على تساؤلنا، تساؤلاً آخر..
أم هي الأثنان معاً..؟ 
وإلى أين ستقودنا هذه المفاهيم السياسية الخرقاء
(أعمل ما بدا لك! أسرق، عث في هذا الصرح التربوي، فساداً على فساد..!
إعتدي على غير الحزبيين ، أهتك أعراض الناس..
بشرط أن تكون معنا!
وأي واحد قال: تتت.. سنُلقّنه درساً لا ينساه!
ولكي لا نُتّهَم بأننا مغرضين او حاقدين على ما يعيشها البعثيون الأبطال
المنتمين حديثاً للحزب الحاكم،
من حياة ترف وإمتيازات ومغامرات (راسبوتين) ية.
سنخرج قليلاً عن الأداب العامة، دون أن نعتذر من أحد،
لأن الساكت عن مثل هذه الرذائل، هو أرذل وأجبن ممن إرتكبوها..
تصوروا..! أن الأستاذ الذي كتب عن مسرحيتي
التي كانت قد كُتبت ما قبل الإنتفاضة وقبل تشكيل حكومة إقليم كوردستان،
تقريرأً مفصلاً عن فحوى المسرحية في أنها تُشبّه القيادة الكوردية بالفئران والجرذان..!!
وهذا ما صرح به أمام الطلبة المشاركين في المسرحية.
لا لشيء سوى أنني رفضت أستحواذه على ميزانية العمل،
لأنه معروف كسارق محترف.
راجعوا (فضيحة نورؤز تيفي)
والمسرحية أصلاً تتحدث عن تمثال ديكتاتور دموي،       
في النهار يُعبد وتُقدم له القرابين وحين يجن الليل ويكتمل القمر،
تدب فيه الحياة، فيخرج على الناس ليزيدهم إرهاباً وظلماً..
فأين هي الفئران والجرذان؟!
أما النكتة الحقيقية والضحك على ذقن وسذاجة الحزب
المنتمى إليه حديثاً فهي كالتالي:
دُعيت إلى ندوة حول الإنهاض بالمسرح الكوردي وإزدهاره..
وأول ما خاض الحديث فيها هو بذاته، بصفته الراعي والداعي الأول لها..
لم أفهم من طروحاته سوى.. إننا كأساتذة كورد وفنانين كورد.. والمسرح الكوردي، وحكومة الإقليم الموقرة.. كل شئ على مايرام، و وزارة الثقافة..
وإنشائيات على شاكلة الكلمات المتقاطعة..
وأن الشعراء يقولون ما لا يفعلون.. وكلمات لا ترتبط بالواقع العملي في شئ..
فأخرجت من جيبي ورقة مكتوبة، خوفاً من تزوير كلماتي
ولكي لا يتهمني بما لم أقل..
فكان الحديث عن طرق التدريس في المعهد والأساليب المتبعة في التعامل مع الطلبة والأخلاقيات المسرحية والسلوكيات غير المستحبة تجاه الطلبة.
بإعتبار أن المعهد يشكل اللبنة الاولى في بناء مسرح متطورومزدهر،
إذا ما أردنا العمل بجد وإخلاص وتسامينا على الصغائر..
وذكرت بعض المثالب، عن سلوكيته هو بالذات..
وفي اليوم الثاني وقف أمامي كالديك الرومي وبحضور الأساتذة، موجهاً إليّ
من أعجب وأغرب التهم قائلاً: هل تأتي إلى الندوات لتسبَّ حزبنا البارتي؟!!
فحصل ما حصل من مشاحنات وإتهامات لم تكن في صالحه..
فإنني لم أضرب طالباً مسالماً بالركلات لكونه ينتمي إلى الإتحاد،
لم أستدرج فتاة مثقفة وبريئة ومحبة للمسرح إلى الفرقة لغرض الإعتداء عليها.
لم أستغل الطلبة في التمثيل او كعامل تشغيل اومصور
أو ككاتب سيناريو او في ترجمة مقالات مسرحية، خارج المعهد،
دون أن أدفع لهم حق أتعابهم او ذكر أسمائهم،
لم أستلف الأجهزة والالكترونيات من المعهد دون إرجاعها.
لم أدخِل سيارتي إلى المعهد لأنقل بها ما أحتاجه إلى البيت
او إلى السوق السوداء،
لم أغش في إملاء محاضرالمخصصات او وصولات المشتريات
وأخيراً وليس آخراً، لم أكن سبباً في نقل أستاذ من المعهد
او منع أساتذة آخرين للتدريس في المعهد لكونهم مستقلين
او منتمين إلى أحزاب أخرى..
أهكذا إذن يا أصحاب الشأن يزدهر المسرح
وتورق براعم المستقبل؟!                           

            للموضوع صلة

54
   

                          

   وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ــــــــــــ    21


                                  فتاح خطاب  
 

وقد أنتهى الجزء 20 ب:
لكن تورط الجهات العليا في مسألة الفساد والسرقات والسلوكيات
غير الأخلاقية، يكون في موضع تساؤلنا وشكوكنا،
ونحن لا نقصد الشرفاء والمضحّين والمشاركين الفعليين في التجربة الثورية
التي خضناها معاً لأجل تحقيق المطالب المشروعة لشعبنا الكوردستاني
من أقصاها إلى أقصاها وأعتقد بأن ليس هناك بيتاً واحداً
لم يتلظى بنيران البعث المقبور
والمثل القائل ( وراء كل صخرة وكل شجرة هناك نصير رابض)
خير دليل على ذلك
وليس من حقي أن أُخوّّن أحداً..
ولكن في هذا الزمن الرمادي الذي أختلط فيه الحابل بالنابل
وبضربة عصا السياسة السحرية المخادعة،
أصبح الجلاد والخائن، بطلاً قومياً يُحتفى به
وتتحقق له كل رغباته الشخصية والعشائرية
ويتحول النصير الثوري والمُضحي، شحاذاً  منبوذاً، ثقيل الظل
عند الباب العالي الواطي..
وهذا ماكنت أشعر به فعلاً، حين كنت أراجع المسؤولين الحزبيين
والبيروقراطيين في سلك التربية والتعليم..
إذ لم أدخل على أحد من اولئك المسؤولين الحاليين،
إلا وكان بعثياً وقحاً او متواطئاً او حاقداً على الحركة الثورية
ورجالها المخلصين..
هل لنا أن نقول بأننا قد أخطأنا الإختيار في تحديد موقفنا من النظام البائد
وبذلنا كل طاقاتنا وجهودنا لأجل إسقاط الديكتاتورية؟
وعانينا ما عانيناه جراء إلتحاقنا بحركة الأنصار
ومن ثم تشردنا في أرض الله الواسعة..
وبعد كل تلكم السنين، نعود إلى الوطن لنرى أناس على غير أخلاقنا،
وعلى غير ما تربينا عليه، من أخلاقيات وإلتزامات..
وها هو الآن يقودنا قدرنا الأعمى إلى مكاتب مسؤولين محتلين
للمراكز والوظائف الفضفاضة،
لا يشعرون بأدنى مستوى من المسؤولية..
أليس من حقنا إذن أن نشك بهم ونعتبرهم جزءً أصيلاً من الطابور الخامس
او حكومة منتصف الليل.. إي حاميهم حراميهم!
وإذا مسؤول ما لا يقدر تضحياتي والجهود التي بذلتها والخدمات التي قدمتها
وما أعاني  الآن من أعمال تخريبية وفساد وسرقات في وضح النهار،
وهو ولا كأنه..
فكيف لي أن أحترم وجوده وأعتبره مسؤولاً أو حتى رئيساً للزبالين.
وما معنى أن تكون لنا مدير التربية أو مدير المعاهد او سكرتير أتحاد المعلمين
او مسؤول حزبي في الفروعات الحزبية، لا يرى، لا يسمع ولا يتكلم؟!
أ حقاً هي سياسة الحزب الحاكم
أم هي الإزدواجية في المعايير والتقييمات؟!
فينقلب حيالها الشريف النزيه إلى خائن
والخائن السارق الفاسد إلى بطل قومي..؟!
وآه .. يا زمن..!
زمن الرجال المقَنَّعين
وعلى الحبال راقصين


     للموضوع صلة

55
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 20     

                                            فتاح خطاب 
 

وقد أنتهى الجزء 19 ب :أن هذا المساعد (س، ص) قد أصبح بجرة قلم الخيانة،
 مديراً للمعاهد الفنية رغم كل سيئاته وشطحاته..
أن القائمين على تنظيم تعيينات خريجي المعهد وتوزيع الملاكات
حسب إحتياجات المدارس، وهو واحد منهم،
ما زالوا يعانون من عقدة البعث الخبيثة،
وهي التخلص من طلاب موهوبين متفوقين غير منتمين لحزبهم،
بإبعادهم إلى القرى البعيدة او نقلهم إلى وظائف لا علاقة لها بإختصاصهم
او رغباتهم، أما البقية الباقية من الجماعة إياهم فيختارون لهم وظائف
فضفاضة اكبر من حجمهم وقدراتهم وفي أماكن مريحة ومربحة       
كمدرسين في ذات المعهد الذي تخرجوا منه أو إنتدابهم وإشغالهم
كمدراء ومعديّ البرامج التلفزيونية..
فنرى أن كل الخريجين حاولوا تكملة دراستهم في الأكاديمية،
ورغم تخرجهم منها، نجدهم مرميين في دائرة النشاط المدرسي،
بدون مشروع أو عمل فني يُذكر..
أما الخريجات فرغم إزدياد أعدادهنَّ، عاماّ إثر عام، ولمدة عشرين سنة
من عمر الثورة والإنتفاضة الشعبية،
نكاد لا نرى لهن وجود في حياتنا الفنية والثقافية..!!
وكل هذه الكوارث الثقافية والتراجع والإنكماش والإنكفاء الحضاري،
خارجة من تحت تلك الرؤوس الفارغة العفنة..         
و اؤكد هنا، على أنهم كانوا وراء كل تلك المؤامرات الدنيئة السالفة الذكر،
بدءً من قطع أنصاص الرواتب، تسجيل الغيابات الوهمية، أستبعادنا من المشاركة
في اللجان المشرفة، منع المشاركة في تقديم العروضات الخاصة بالمعهد،
التحريم من المخصصات، وصولاً إلى إخفاء الشكاوى المرفوعة لوزير التربية،
وذلك تحت إمرة مدير المعاهد (إ،ب)
تجاه أناس مستقلين وجادين وملتزمين بأخلاقيات المسرح
والإتقان في تأدية الواجب الملقى على عاتقهم،
لا ذنب لهم سوى أنهم شرفاء وغير راضين من فعلتهم الشنيعة تلك..
تصوروا إنه تحقق سراً مع شهود العيان وآخرهم كان الأستاذ الفنان (وليد معروف) الذي أكد له بأن كل ما ذُكر في الشكاوى صحيح 100%
ورغم ذلك بقي ساكتاً عن الحق وأخفى آثار الجرائم لسبب من الأسباب..
ربما أنهم بهذه الطريقة يطبقون توجيهات وسياسة حزبهم
الذي يريد أن يتخذ من إنجازات صدام الفكرية والعقائدية وسلوكياته المجنونة
قدوة له أو أنهم فعلاً يلعبون دور الطابور الخامس
بغية النيل من التجربة الثورية التي أسقطت نظام اوسخ وأشرس ديكتاتورية في المنطقة،
لكن تورط الجهات العليا في مسألة الفساد والسرقات والسلوكيات
غير الأخلاقية، يكون في موضع تساؤلنا وشكوكنا،
لأننا نعيش في زمن مسؤولين غير مسؤولين البتة،
في زمن تضيع فيه المقاييس والتقييمات الصحيحة،
لغاية في نفس يعقوب..
ولا أحد يتصور بأن مثل هذه الإجراءات، مجرد حالات فردية او مزاجية
وليست لها أي علاقة بسياسة الحزب الحاكم!
بدليل أننا قد راجعنا ورفعنا الشكاوى بهذا الصدد، لأكثر المسؤولين
وأكبرهم شأناً،  مروراً بالمديريات كافة، ورؤساء النقابات والإتحادات كافة،
حتى وصلت أخبارنا إلى مسامع الفروعات الحزبية
وأخيراً وصلت الشكاوى إلى مكتب رئيس إقليم كوردستان شخصياً،
المتمثل بالسيد مسعود البارزاني المحترم..
وحسبي الله ونعم الوكيل..
وأنا غلبان..!
نصير غلبان،
فنان وكاتب ومواطن غلبان..
أربعون عاماً من خدمة الفن والأدب والثقافة..
وأنا غلبان..!

          للموضوع صلة

56
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 19    

                          فتاح خطاب 

وقد أنتهى الجزء 18 ب: لو بحثت في كل بقاع كوردستان،
سوف لن تجد خريجاً واحداً وحسب،
تنطبق عليه شروط الخريج المتكامل.
وكذلك لن تجد خريجاً من معهد الفنون الجميلة او الأكاديمية، إلا نادراً ما
وهو لايزال يحتفظ بعنفوانه الفني والأدبي وحماسه وحبه لعمله الإبداعي
وثقته بنفسه وإيمانه بقدسية رسالته و واجبه الإنساني
تجاه شعبه والبشرية جمعاء..
كون الفنان او الأديب بصفته كائناً كونياً.
ولا غرابة في أن نتخذ من بريشت، بيرانديلو، مكسيم غوركي،ماركس، غرامشي، سارتر، أميل زولا، مظفر النواب، محمد الماغوط، أحمد فواد نجم..
قدوة لنا. وهذ شيء وارد. إلا أننا نرى عكس ذلك تماماً.
يتخرج الفنان من المعهد، في وقتنا هذا، وهو خالي الوفاض،
لا حلم له ولا يفكر بمشروع فني إثباتاً لذاته وإستمراراً لهوايته المفضلة..
إذن ما هي المشكلة وأين الخلل؟
فأرجع وأقول أن الإشكالية تكمن في العقلية المتخلفة للحزب الحاكم
ونظرته الضيقة وعدم إدراكه لدور الفنون وأهميتها في حياة الشعوب عامة..
وإلا ما معنى أن تأتي بشخص نكرة في عالم الفن والثقافة
وتنصبه مديراً للمعاهد الفنية؟!
أليس هذا الإجراء الغبي والقرار القرقوشي
إهانة وتحقيراً لكل الفنانين والأدباء؟
أليس هنالك أساتذة آخرين بديلاً عن كل هؤلاء الفاسدين والفاشلين السراق
الذين يعيثون فساداً في هذا الصرح الفني والثقافي؟
أهذه مجرد قرارات حزبية، أم إنها مؤامرة خسيسة وحرب شعواء
على الكيانات الفنية والثقافية؟
ولي قصص وحكايات مع هذا النكرة حين كان مساعداً للمدير..
وقد إلتقيت بالطلبة المتوجهين إلى التطبيقات في المدارس،
فأوصيتهم بتحضير بعض المسرحية القصيرة والعمل فيها وتقديمها في مهرجانات مدرسية. مثلما كنا نحن قد إعتدنا عليها أثناء التطبيقات  ببغداد،
وأنا شخصياً قدمت في ذات المدرسة أربعة عروض مسرحية للأطفال
ضمن مهرجانات المدارس.
وبعد العرض المسرحي نتوجه للجمهور محديثين عن أهمية النشاطات اللا صفية وتشجيع التلاميذ الأطفال للمشاركة الإيجابية في مثل هذه الفعاليات
التي يكون لها دور كبير في إنماء مدارك الطفل ويزيده حيوية وثقة بالنفس..
ولكن عند مواجهة طلبة الخامس المسرحي مع المساعد النكرة،
رفض المساعد الفكرة وقال لهم بالحرف الواحد:
ــ إنسوا أنكم قد درستم المسرح! فأنتم بعد الآن ستصبحون معلمين في المدارس الإبتدائية، فعليكم بالحساب والتربية الوطنية.. دارا دوو دارى دى!               
فتصوروا كيف تصرف هذا الدارس لعلم النفس
لكي يلعّب النفس عند طلبة الفنون الذين كنا نلقنهم ونعلمهم ونداري شعورهم
ونشجعهم على خياراتهم، ليل نهار وعلى مدى خمس سنوات،
لكونهم سيصبحون فناني الشعب،
ليقوموا بدورهم في إنارة العقول ونشر الثقافة الإنسانية بين الناس
لأجل غد أجمل وأفضل..!!
هذا المساعد قد أصبح بجرة قلم الخيانة، مديراً للمعاهد الفنية
رغم كل سيئاته وشطحاته، ولم يتعلم طوال وجوده المكروه وغير المستحب،
بيننا نحن الفنانين والكتاب والمثقفين،
سوى أن يلعب علينا دور (ياجو) الخبيث والنمام..       
     

            للموضوع صلة  

57
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية ـــــــ 18    

                                          فتاح خطاب  

إنتهي الجزء 17 ب: إن قطع الراتب بحد ذاته يضرك في عدم الحصول
على علاوات الترفيع. أي أن راتبك سيبقى كما هو وأنت كما أنت..!!!

هل رأيتم سادية تفوق وحشية البعثيين المحتميين بالحزب الحاكم؟
الذين يطبقون سياسته في قمع وإستبعاد وتحريم رفاق الجوع والسلاح
نيابة عنه وإنتقاماً لما تعرضوا من إهانة وتحقير
وفقدانهم وإفتقادهم لجمهورية الخوف والإستبداد..
لعلهم يظنون بأنهم سوف يرجعون بهذه الطريقة، أمجاد الماضي
وإن كانت تحت إمرة أعداء الأمس
الذين سُجنوا، ذُبحوا،عُذبوا، قُصفوا، تأنفلوا وتشردوا بأيديهم
كجلادين وعبيد مأجورين..
ولا فرق عندهم طالما أن مصالحهم الذاتية مصونة
وأطماعهم الكارثية، تتحقق يوماً بعد يوم،
وما عادت ذاكرة الشعوب تحتفظ بشرورهم، جنونهم،
رذائلهم، مظالمهم وجرائمهم..
جراء ما يعانون الآن من ممارسات خاطئة، صبيانية  وإجراءات تعسفية،
ظالمة وقمعية تنم عن التراجع والإلتفاف على المبادئ الأساسية
التي تم الإتفاق عليها من قبل جميع القوى الثورية والوطنية التي شاركت
فعلياً في إسقاط نظام البعث المقبور..
ولكن ما تركه البعث من مخلفات فكرية وسياسية وسلوكية،
نراها تعود إلى الظهور من جديد، نظراً للمصالح الحزبية الضيقة
والأطماع الفئوية، متوائماً ومتسايراً مع مستجدات الأمور
وتمريرها بموافقة وإذعان وعدم إكتراث ولا أُبالية باقي الأحزاب الوطنية
التعبانة والمستسلمة إصلاً للأمر الواقع..
وعلى ضوء هذه المعطيات هنالك مؤشرات تنذر بالخطر المحدق،
قد يؤدي إلى كوارث سياسية وإجتماعية تحرق الأخضر واليابس
وستقع التجربة برمتها بين فكي القوى المتربصة التي تخطط من وراء كواليس الظلام للإنقضاض عليها بفارغ الصبر
ولها أجندات وأداة نشطة مزوعة داخل التنظيمات والمكونات الأكثر حصانة
والأكبر تأثيراً..  
أما الخطر الأعظم فيكمن في (خذوهم صغاراً إلى هاوية الجحيم)
كخطة بعيدة المدى..
أي تدليس المدارس الابتدائية وإهمالها وإفراغها من محتواها التربوية والتعليمية الصحيحة المبنية على أسس ونظريات علمية أثبتت جدارتها
ودورات ترفيهية إستكشافية وتجريبية مدروسة
وإعطاء جرعات تأديبية وتثقيفية عامة،
كبداية طريق للانفتاح والإنطلاق نحو أفاق أكثر رحابة وإنفتاحاً
في تكوين الشخصية (الإنسانية) الشاملة،
بعيداً عن الإملاءات التعبوية والدعائية
وخارجاً عن النزعات والنزوات والطقوسات والتحكمات والأوامر العليا..
أي التعليم من أجل الحياة ولأجل الحياة..
وترسيخ بنيتها التربوية والتعليمية والتثقيفية من خلال دروس
ودورات ومشاركات غير مباشرة، لكنها مدروسة ومجربة.
فأين هو موقف وزارة التربية المحتلة من قبل الدخلاء
والرموزالسياسية من كل هذه الطروحات؟
وإذا أردنا الدخول في التفاصيل..
نقول أن وزارة التربية والتعليم بسبب التدخل السافر والمقتحم
من قبل الحزب الحاكم وإنتقاء مسؤولين وأفنديين بيروقراطيين،
متخلفين، منغلقين، معقدين، إنتهازيين وجهلة في علوم وفنون التربية الحديثة.
فوجود مئات المدارس والثانويات وحتى الجامعات، بدون خريجي الفنون والرياضة وعلم الإجتماع..
تدلل على أننا مازلنا نفكر بعقلية الجبل
كما كانت العرب تفكر بعقلية الصحراء.
لذا لو بحثت في كل بقاع كوردستان، سوف لن تجد خريجاً واحداً وحسب، تنطبق عليه شروط الخريج المتكامل.              


         للموضوع صلة

58


الاحتراق تحت المطر


  
للشاعر : رفيق صابر
  ترجمة  : فتاح خطاب




عندما ابتعدتُ عن السفح
ضممتُ الجبل المُدمّى
بشدة..
الى صدري، للمرة الأخيرة.
وحفرت أسمكِ
على التراب والأحجار
في أعالي الجبال
وفي سفوحها
على قامة الجوع
وعلى جذور الأشجار
بأصابع مقطوعة الأظفار

عندما ابتعدتُ عن السفح
انتفضتْ المقبرةُ الرمادية
أمامي،
قرب القرية
كانت القبور..
لم يزل يقطر منها
أنين الدم
وتبعث الى روحي
أشتعالها
داخل عواصف وأمطار
ذلك المساء المرعب
فأشتعل سراجاً
كانت تأخذني صوب ضباب
ورماد ضفة التاريخ

هل هي قوة واندفاعة الدم
تزحف مثل ظلال العطش
والموت؟
أم أنه الضباب
يحمل التاريخ، مثل شبح
ويَسدّ علي الطريق
طوال السنين
في ظلمة تلك الدهاليز
وفي أعماق أزمة الحياة هذه
            ***
لا تدفعيني!
الى حضن هذا الفصل الحجري،
وفي رأسي كل هذي المشاعل
لا أستطيع..
وليست هناك، على تلك المنحدرات
الوعرة، غصون أشجار
ولا أحجار الأضرحة
الحادة، المجنونة
تُغرس في أعماق روحي
                 ***
لقد أنقضت هذه الليلة
أيضاً،
بيد أن الفرسان، لم يسألوا عنا
ولم يشعلوا النيران
على المرتفعات البعيدة


ربما، سيفيض الليلة
الطوفان هائلاً
أو أن يحاصروننا
بغتةِ،
من كل الأطراف
ونحن، لم نجمع بعد
خيَِم الضفاف
ولم نحفر خندقاً عميقاً
في بؤرة الليل
            ***
كلما وُلِدتِ، هنا
على هذه الضفة الرطبة
فستموتين هنا
في بركة المياه الراكدة
أيضاً
مدي لي ساعديّكِ
لأستلقي برهةً
ولتُبعدي عني
رائحة الكَفَن


رائحة العبودية
رائحة الرجال المومياء
خذي بيدي
مع هذا الغبش الخامد
في هدوء
مثل أُغنية الحياة الوردية
بين أحضان المودةِ
والى العالم الواسع الأرجاء
خذيني!
            ***
ريثما تشرق شمسُكِ
علينا
في وجه العدم
في وجه الضياع
نشق الأنهار
نقتحم الليل والأخطار
ندسّ على الجرح و الخوف
نمزق الضباب
هنا، في قلب الحرائق


في الضفة هذه
نحتضن حبكِ شامخاً
            ***
يا شمس كل العصور
نحن في انتظاركِ
الى ذلك اليوم
تحرقين من حولنا
كل الصقيع المتراكم
مثل اندفاعة زحف التاريخ
الأحمر.
آنئذ تغمرين كل حياتنا
وعمرنا المقتول
وفي قلب هذا الفصل الحجري
تفتحين لنا
نافذة واسعة الأركان
حينئذِ
نحن أيضاً
ننفض عنا غبار وثلوج
كل العصور

وتحت رايتك الحمراء
نواري أجداث موتانا
ونقف تحت أمطار التاريخ
مدى الحياة


59
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 17    

                                             فتاح خطاب     

إنتهى الجزء 16 ب : رغم التهديدات بالطرد او النقل او القتل
وتواطؤ الإدارة كلياً معه بدءً من (ز، ق) س، ص ( ج، ش) م، ع ) ط ، ش، آ)
ومسؤولين حزبيين كبار..
لُقِبَ الناصوري ب: 5% خمسة في المائة.
وهذه 5% خمسة في المائة، التي عانيت من إجلها سنة دراسية كاملة
وما تبعتها من ردود أفعال دنيئة وغير أخلاقية بالمرة.
ولا فرق إن كانت حزبية او شخصية بحتة.
ولربما كانت الردود خوفاً من تجاوز محاسبة الاستاذ لأحد طلابه
ضمن صلاحيته في تقييم أداء الطلبة ونشاطاتهم داخل الصف،
إيذاناً بالتدخل في الشؤون الإدارية للمعهد وإرتباطاتها بالجهات العليا
او لربما في الوصول إلى أسرار كيفية إنتقاء الكوادر التعليمية والإدارية
من قبل الطابور الخامس او الأيادي الخفية المتسللة داخل الحزب الحاكم
بطريقة ذكية وسهلة، ألا وهي الإنضمام إلى الحزب الحاكم
وتقديم الولاء له شكلياً، وصولاً إلى الهدف المنشود،
ليس حباً لعباس او علي وإنما إشتياقاً لأكل الثريد.
والهدف هنا له أبعاده السياسية والإجتماعية والشخصية. ويا محلاه..!
أولهم هو أن تقطع الطريق أمام دراويش حركة الأنصار وأبطال الإنتفاضة
(وأنت البعثي او من عائلة بعثية) باسلوب سهل وممتع،
هو أن تجمع حولك أشخاصاً من أمثالك، لمحاربتهم وإفشال مشاريعهم التربوية
أو الثقافية، بإيجاد حجج وتبريرات واهية والبحث عن أسباب الوقوع بهم
أو حتى إتهامهم بجرم لم يرتكبوها، تخلصاً منهم.
والدليل وقف العلاوات الوظيفية وإيقاف العرض المسرحي
أو في عدم إيجاز النصوص..
وقف العلاوات:
كان من المعتاد أن تعلن إدارة المعهد عند إشتداد الأزمة عن إجتماع المدرسين،
كان أكثر المدرسين في أثناء الجلسة صامتين عما يعرفون أو عما يرون
من مظاهر الفساد والتخريب والسرقات او سوء تصرفات بعض الإداريين والمدرسين.. وأنا كنت قد يئست  من الأوضاع الشاذة التي خلقها الحزب الحاكم بقصد ودراية.
إذ لم أر طوال وجودي في المعهد مسؤولاً إدارياً او رئيس قسم يتحلى بالنزاهة
والصدق والشفافية وكأنما الحزب لايريد الخير او التطور لهذا الصرح الفني والثقافي وإعطاء كل ذي حق حقه وإنما يحاول جاهداً في إفساد الجو العام
وخلق القلاقل فيما بين المدرسين والطلبة من جهة وبين المدرسين والإدارة
من جهة أُخرى وتفريغ المعهد من محتواه الفني والثقافي
وإبقاء الطلبة أسيراً عند رغبته وكسبهم لمؤسساته الإعلامية والدعائية..
كان الإجتماع قد بدأ وتكلم من تكلم وإذا بمدير المعهد (ز، ق)
يشير إلي ويطلب مني شخصياً التحدث قائلاً: إنك يا استاذ معروف عنك
بنشر الدعايات المغرضة ضدنا، فالأفضل لنا جميعاً أن نتحدث فيما بيننا
عن أمور تتعلق بأسرار المعهد..
فقمت من مكاني موجهاً سؤالي له:
ـ هل إذا ما تحدثت سوف لن ترفع عني تقاريرك؟
ـ لا.
ـ ولا تتخابر مع الجهات الأمنية؟                             
ـ لا.
ـ إذن خذ وسجل عندك ! فتحدثت بكل ما خطر ببالي عن السياسة
والأساليب الخبيثة والملتوية المتبعة من قبلهم وعن ظاهرة الفساد والسرقات
وعن تقاعس بعض المدرسين وعن عضاضة النظر عن غيابات بعض الطلبة
وإعفائهم من العقوبات المستحقة..
وتوجهت خارجاً وهنا سألني المدير ألا تنتظر الإجابة؟
ـ كل إجاباتك السابقة كانت غير مقنعة وأنت على طول الخط غير حقاني..
وهذا ليس ذنبك أنت وحدك وإنما الذنب يقع على الحزب الذي جاء بك إلى هنا
وأنت جالس في غير محلك..
أنت جئت هنا لتخدم وتداري مصالحك الخاصة.
وأنت أساساً شخص بيروقراطي فاسد..
وعند أخذ راتبي الشهري تبين إنه أستقطع من راتبي نصفه تماماً.
فطرقت عليه ودخلت قائلاً له: ألم يكن نصف الراتب قليلاً؟
لأن الحديث الذي أدليت به يستحق أكثر من ذلك بكثير.
لم أكن أتصور بأنك رخيص لهذه الدرجة.             
وعند خروجي قابلني طباخ كل هذه السياسات والإجراءات والمؤامرات..
أي ساعده الأيمن (س، ص) بضحكة صفراء وبلهاء
مستفسراً عن أحوالي ومعنوياتي..
ـ لاضير.. وقد طار مني نصف الراتب. وأنا لم أغب ولو ليوم واحد.
ـ ولو.. إن قطع الراتب بحد ذاته يضرك في عدم الحصول على علاوات الترفيع.
أي أن راتبك سيبقى كما هو وأنت كما أنت..
وإذا زادت الغيابات أكثر، فستُطرد من الوظيفة..
هل فهمت الآن اللعبة!
ـ فلتحيا الحكومة.. وكلاب الحكومة..!     

                     للموضوع صلة

60
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 16    

                                           فتاح خطاب    

وقد إنتهى الجزء 15 بسؤال ملؤه المرارة والغضب:
ماهي الإجراءات التي إتخذها مدير المعاهد (( المحاسب سابقاً ))  
بعدما طلب منه وزير التربية شخصياً بالتحقيق والمتابعة
الجواب : طبعاً لا شيء.
لأن الرجل بطبيعة مسؤليته الكبيرة ومهامه الجسيمة ، لا تشغله صغائر الأُمور، قد تحدث هنا او هناك.
ثم أن مسألة السرقات او الفساد السياسي والإداري، ظاهرة عالمية، كما يؤكد عليها بعض سياسيينا الفطاحل
وهم لم يزوروا بلداً غير لبنان وبعض البلدان المجاورة، لغرض الإستجمام والفحوصات الإستراتيجية،
على حساب المساكين والفقراء من الناس،
في دولة تجري من تحتها الآبارالنفطية. ثم ماذا لو تجرأ حزبي ما وسرق بعض المال؟  
( هذا ما صرحت به ذات يوم، فضيلة رئيسة القسم الأسبق)
ــ أليس كل أموال الدولة تحت يد الحزب وهو الذي يتصرف بها، كما يحلو له. إذن هي لنا نحن!!
وأنت مالك تتدخل بما لايعنيك؟
أن من يتمعن في مثل هذه التخريجات والطروحات والتُرُهات التي باتت تترسخ في ذهنية القاعدة الواسعة
من المتحزبين (الحرباويين والراقصين على الحبال) يدرك تماماً بأن الدولة الفتية تحمل في داخلها أوراماً خبيثة
قد تودي بحياتها، وأن مسيرتها مهما طالت، لأسباب وتأثيرات خارجية أ كانت ام داخلية، فمآلها الفشل
ولا يمكن أن تصل إلى بر الأمان.. أن الدولة، أية دولة كأي حضارة من الحضارات،
ستبقى تنمو وتزدهر وتتحدى المؤثرات والمسببات، طالما تحمل في داخلها عنفوانها، قوتها
وحيويتها الذاتية والموضوعية وسعيها الدؤوب للتجدد والديمومة، بقوة الإرادة، لا بإرادة القوة.
وبالإعتماد الكلي على الإرادة الجماعية وفتح قنوات الإتصال والتواصل لتطوير الإمكانات والملكات الذهنية
والفكرية والتعليمية والعمل على بلورة وإبراز شخصية الفرد من خلال الشعور بالمواطنة والإحساس بالمسؤولية
تجاه مجريات الأمور والمشاركة الإيجابية والفعالة ضمن الوعي الجماعي وشحذ الهمم للمبادرات والإبتكارات
بتكأفوء الفرص الممكنة حسب ما تقتضيه الضرورة الموضوعية.. وبما أننا بصدد وزارة التربية، ما لها وما عليها.
نجد أن كل هذه المفاهيم والبديهيات مفقودة تماماً من المهام الأساسية التي تضطلع بها الوزارة.
بكافة مديرياتها ومؤسساتها وفروعها التعليمية. (لا الحزبية!)
لكون الوزارة معنية بشؤون التربية أولاً ثم التعليم لكافة جموع الشعب، بلا تفرقة او تمييز،
لها إستقلاليتها وحصانتها المحمية بالقوانين الوضعية ولايمكن لأي حزب كان
أو مرجعية دينية، التدخل في شؤونها التنظيمية والإدارية وخططها التعليمية..
(أن الخوض في التفاصيل والإشادة بتجارب الشعوب والإتيان بالأمثلة الميدانية والمختبرية
يتطلب منا وضع مجلدات لا تقل عن ألفي صفحة من ذوات الحجم الكبير)
لذا نختصرها بإظهار الوجه الآخر لعملية التربية والتعليم في كوردستان ودور المؤسسات الحكومية فيها،
فالتربية عموماً لا تتم عن طريق (العصا لمن عصى) او بترديد الشعارات الحزبية او الفروض الدينية او
الخطابات الطائفية او المذهبية..
وهذه العصا لمن عصى كمفهوم إجتماعي اوحزبي اوديني او عشائري،
لازالت تمارس بشكل يومي في مؤسسات الدولة التربوية اوالتعليمية.
وليس شرطاً أن يدخل المعلم أو الاستاذ الدرس بمشيته العسكرية وهو يلوح بعصاه لغرض التبجح او التخويف
وفي داخله مئات من العقد النفسية وتحت فروة رأسه يحمل عقل القرد المقلد المحدود الصلاحية والإستيعاب،
بفعل التراكمات الوراثية والتقاليد الإجتماعية البالية وبحكم خضوعه سابقاً، للتعليم الخاطئ والتدريس غيرالممنهج
وقلة الدراية والفهم الصحيح للعملية التربوية والتعليمية باسلوبها العلمي الناجع،
النابعة من بواطن أمهات الكتب التي خرجت من تحت أيدي علماء وفلاسفة وأساتذة وكُتاب إجتماعيين ونفسانيين
ومختصين معروفين من ذوات الإختصاصات المتنوعة أثبتت جدارتها عالمياً..
وهنا في كوردستان، تمخضت الجبال فولدت فأراً.
وذلك أيضاً بحكم التدخلات الحزبية في الشؤون التربوية والتعليمية، فجَنَتْ على نفسها براقش،
وإن كان بشكل معكوس. وطالما أننا مازلنا في سياق موضوعنا الأساس
ألا وهو التربية والتعليم في كوردستاننا المتحررة،
دون أن تتحرر وزارة التربية من تحت الأيادي والأوامر الحزبية ومن تحت عصا الروتين والبيروقراطية
والفساد والسرقات.. الغليضة ..                
ولتقريب الصورة في ما حلت بكوردستان من تخريب وتنكيل وتشويه للبنية الأساسية لهذا الصرح التربوي والتعليمي،
جراء ما تعرضت له من محاولات السيطرة والإخضاع والإستباحة من قبل الحزب الحاكم.
ولنا تجربة مريرة وقاسية في القضية ذاتها تقع ضمن التزوير العلني والإحتيال في الحصول على شهادات علمية، فنية وأدبية،
كما حصل مع مسؤولين حزبيين كبار بحصولهم على الشهادات الجامعية اوالعليا عن طريق الوساطة او التزكية الحزبية،
دون وجه حق والخارج عن القانون والعرف التربوي..
والذي حصل معي كان أغرب من أحتلال حزب للجامعات والمعاهد التعليمية.
كان هنالك شرطي أمن (آسايش) كنت أراه أحياناً في باحة المعهد، عند المدير، في غرفة المدرسين،
او في الأقسام الأخرى وهو يتمختر مع هذا وذاك من أصدقائه المدرسين والمدرسات،
وفي أثناء الدوام الرسمي!!
وبعد مرور السنين تفاجأت بأن هناك طالب، عندي ولم أره في الصف، رغم بدء الدوام منذ شهرين،
وإذا به يأتي متأخراً ويدخل دون طرق الباب!!
ـ أستاذ..! لو سمحت.. سأتي بعد قليل
وبدأ الطلبة ينطلقون ضحكاً وتعليقاً على ما شاهدوا من مشهد كوميدي
ـ جميل.. مشهد كوميدي كامل ومكمل.. أريدكم الآن أن تحضروا ليوم غد مشهداً على غرار ما شاهدتم..
وأعتبروا ذلك إمتحاناً فصلياً. وأي واحد يغيب يعتبر راسباً!        
ـ وهو يا أستاذ؟
ـ أستاذ.. هذا لم يعتاد الجلوس على الرحلة
ـ أستاذ.. كن حذراً منه! إنه من أسايش البارتي
ـ أستاذ.. هذا كل في الكل..
ـ ويقبض ثلاثة رواتب في أن واحد
ـ الكل يخافون منه.. حتى الأساتذة
ـ وأنا واثق أنك أيضاً ستُنَجِحَه، وستكون دراجاته أعلى منا جميعاً.
ـ والله يا أستاذ هذا ظلم
ـ يا أستاذ.. أنا آتي مشياً على الأقدام ولم أغب يوماً وهو عنده سيارة من زمان، لكنه يتحداكم جميعاً..
ـ لا يا أستاذ.. ربما أنه مصاب بداء الناصور.. لذا تراه دائماً يتنزه في الساحة مع صديقاته.            
وبعد مرور الأيام والشهور، رغم التهديدات بالطرد او النقل او القتل وتواطؤ الإدارة كلياً معه
بدءً من (ز، ق) س، ص ( ج، ش) م، ع ) ط، ش آ ) ومسؤولين حزبيين كبار..
لُقِبَ الناصوري ب: 5% خمسة في المائة.
وذلك بسبب حصوله في إمتحان كل فصل على خمسة في المائة لاغير، ليكون المعدل السنوي أيضاً
خمسة في المائة كرمز من رموز الفساد السياسي والإداري والأخلاقي..  
فرغم كل تلك المحاولات الدنيئة وقطع أنصاص الرواتب وتحريمي من المخصصات والمشاركة في اللجان..
بقيت خمسة بالمائة علامة فارقة في تاريخ معهد الفنون الجميلة.
ولكن الناصور.. رغم سقوطه أكثر من سنة دراسية ومعدله الزفت، قُبل أيضاً في أكاديمية الفنون الجميلة وتخرج منها بتفوق..
ولربما سيحصل على منحة الدراسة العليا، كما الآخرين من أمثاله،
إذا ما بقي الحزب على رأس السلطة.    

                 للموضوع صلة  

61
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 15    

                                           فتاح خطاب    


وقد إنتهى الجزء 14 ب : وإذا ما حصلت المعجزة بظهور إنسان
مثل فتاح خطاب للوقوف أمام هذه الظاهرة السيئة،
فالحكومة مكفولة بإنزال أقسى العقوبات عليه والدفاع المستميت
عن هؤلاء الجلاوزة من خونة الأمس،
تحقيقاً للمصالح المشتركة فيما بينهم،
وقد كان تضييق الخناق تجاه الأقلية الشريفة والنزيهة،
من قبل البعثيين والعبثيين والموتورين، المنتمين حديثاً للحزب الحاكم
في أربيل العاصمة، واضحاً للعيان.
وكل تلك المحاولات، كما يظن البعض من ذوي الافاق الضيقة وقاصري النظر،
كانت تصب لمصلحة الحزب الواحد الذي فتح الباب لهم على مصراعيه.
وكلما إزدادوا نشاطاً وحركة في هذا الإتجاه أي (المضايقة، الصد، التحجيم،
الإستبعاد، تكميم الإفواه والترهيب او الترغيب، الاستدراج، التودد، التغازل،
التراضي، ثم الإنجرار والكسب وإنكسار الرقبة.. سيكونون أكثر تقبلاً وأكبر شأناً عند الحزب الحاكم.
كل هذه الحالات الهزلية كانت ماثلة أمام أعيننا في دقائق الأمور
وفي كل المجالات.
وكان زرع الطُعُم والإستفزاز والإغراء السياسي..
أكثر اللعبات على العقول والذقون قذارةً وفضاحة.
فعندما كنا نعبّر عن إستغرابنا وتعجبنا وإستهجاننا ورفضنا لتعيين أناس بعثيين، عبثيين، سطحيين وأغبياء، غير مؤهلين، وغير مستحقين
ومتطفلين على الفن والأدب والثقافة
ولهم ما لهم من تاريخ أسود ومن سجلات تحقيق ملؤها الخزي والعار،
ناهيك عن مثالبهم وسيرتهم السيئة عند الأوساط الفنية والأدبية والثقافية عموماً
وعند لجان التحقيقات المالية والفضائحية.            
وإذا بنا نراهم قد عُينوا كمستشاريين من الدرجة الاولى
ومدراء ومدراء عامين ونوابهم ومساعديهم ورؤساء أقسام
ومفتشين تربويين عن دون وجه حق.
وإذا سألتَهم عن هذه الخروقات والخزعبلات لقالوا لك:
طالما أنك وأمثالك لاتريدون الإستجابة معنا، فلا بديل..!!
وكلما كثرت فضائحهم، ترقوا أكثر فأكثر.. والجواب لابديل.
ومن مهازل الصُدَف إن بعض التعيينات او لعبة الكراسي وتبديل المراكز الحيوية كانت تقتصر على عدة وجوه محددة، لاغير. والجواب: لا بديل!
وبالأخص في المعاهد والنقابات والفرق والجمعيات الثقافية
وكلهم بلا إستثناء وبلا إنتخابات حرة ونزيهة،
كانوا يُزكّون بأمر من الحزب الحاكم
و... لا بديل!
أ هذه هي الديمقراطية التي يتشدقون بها، ليل نهار؟!
أم هي تقليد أعمى لما قام بها إعداءهم من الحكام الطغاة ومجرمي الحرب؟  
خجل خجل خجل خجل خجل خجل
أين حمرتك أيها الخجل
فأنا كنت أخجل من نفسي أن أتقرب منهم اوأُجاملهم  
لذا لم أكن أذهب إلى الإدارة إلآ عند إستلام الراتب ولم ألتقي بأي مدير من أولئك القاصرين وشبه أُميين في الفن والثقافة،
إلآ عند قطع نصف راتبي الشهري من قبلهم، ذلك لأنني كنت صريحاً وأميناً
في طرح مسائل تخص حياتنا الثقافية والأخلاقية،
ولوضع حد  لعربدتهم ونزقهم وإفسادهم للحياة الدراسية..
أخص منهم (ز،ق) و (ف، غ) واللذين إبتلى بهما طلاب المعهد،
حتى باتوا يتململون من الدراسة لكثرة سماعهم ورؤيتهم لما يقومان به من تحايل وتزوير وإستغلال السالفة الذكر..
ومنها على سبيل ( لا يمنح الطالب منحة أطروحة التخرج
إلآ إذا وقّع على وصولات بيضاء!!!
وكذلك الحال مع النقابات والفرق والجمعيات اللا ثقافية..
أذكر أن أحدأً من هؤلاء قد أسس فرقة مسرحية، منذ أمد بعيد دون تقديم أي مسرحية تذكر،رغم شمولها بالمنحة المالية.
ذهب إلى ذات الفرقة قبل العيد بيوم واحد، جامعاّ أعضائها الأساسيين
فيما بينهم لإجتماع طاريء ومهم..
وإذا برئيس الفرقة يطلب من أمين الصندوق بتوزيع المبالغ الموجودة على أعضاء الفرقة حسب الأقدمية، كعيديات لهم...!!    
والسؤال هنا: من دنّس ينابيع الفن والثقافة الكوردية؟
من عَلّم الفنانين والأدباء والصحفيين البلاطيين على التجسس والإفساد والشحاذة؟
من جلب أساتذة البعثية على الطلاب الكرد الذين لا يجيدون لغتهم ولا يفهمونهم؟
من أنتقى كل هؤلاء السراق الفاسدين وعديمي الأخلاق، ليديروا المعهد على هواهم
وعلى هوى المسؤولين الكبار؟
وأخيراً وليس آخراً..
ماهي الإجراءات التي إتخذها مدير المعاهد (( المحاسب سابقاً ))  
بعدما طلب منه وزير التربية شخصياً بالتحقيق والمتابعة
إثر رفع الشكاوى من قبل النصير والفنان الشريف
والكاتب المسرحي الملتزم والناقد النزيه
والمترجم مجاناً وعلى نفقته الخاصة الأستاذ فتاح خطاب؟!          

                             للموضوع صلة

62
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 14     

                                       فتاح خطاب   

وقد إنتهى الجزء 13 بلقاء شؤم مع المحاسب القديم (إ، ب)
الذي أرتقى إلى منصب مدير المعاهد بضربة شاطر
وكنت أعرف مسبقاً بأن له مشاغل جمة تتعلق بالتطورات الحاصلة
في سلك التربية والتعليم، عالمياً ومحلياً..
نظراً لثقافته الموسوعية، فأنتهزت فرصة ذهبية لكي اوجّه لسيادته سؤالي البليد:
لماذا إذن تخفي الحقائق ولأجل ماذا تسكت عن الإفساد والسرقات
والسلوكيات غير الأخلاقية؟
وقد طلب منك الوزير بشخصه، أن تقوم بواجبك،
ألا وهو التحقيق في القضية،
إذا كنتُ أنا مذنباً فعاقبوني وإذا كنت محقاً فيما كتبت من شكاوى للوزير،
فعليك بأخذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبيها..
لاأُخفي عليكم بأنني تعلمت منه درساً قيماً في أداب المحادثة،
وأن أقصر طريق للتخلص من إزعاجات الفضوليين والحاسدين مثلي،
هو أن تزجر المقابل وتطرده وتحرمه من راتبه مدى العمر،
ليستفهم الأمر كي لا يكرر حماقته فيتدخل في شؤون المسؤولين الكبار.
وقد قال لي بعظمة لسانه: ومن أنت لتحاسب هؤلاء؟!
فأجبته ناظراً لعينيه الذابلتين: أنا إنسان بسيط ولكني على خلق،
لست بسارق او فاسد. لم أغب ولو ليوم واحد من التدريس،
لم أتأخر عن الدرس ولم أخرج من الدرس ولو لخمس دقائق
ولحد هذه اللحظة لم أطلب إجازة ولو ليوم واحد.
ثم أنا أُدرّس في إختصاصى و لي كتابات منشورة أكثر من 300 صفحة
تخص التدريس وأنا نصير قديم وفنان وكاتب ومترجم
ولي 22 كتاباً مطبوعاً وخدمتُ حركة الفن والأدب والثقافة عموماً
ما يقارب أربعين سنة، فرأيت أن من حقي الوقوف
أمام ظاهرة الفساد والسرقات والسلوكيات غير الأخلاقية..
أما أنت فقد أخفيت طلب الوزير في التحقيق أكثر من مرة،
وأنت مازلت تدافع عن هؤلاء الفاسدين وتعاقبني أنا ..
هل عرفت الآن من أنت؟           
أن هذا المحاسب القديم، كان عليه أن يعيد حساباته
ويبحث بجد عن خيوط الفساد والسرقات بناءً على المعلومات التي
في حوزته مشكوراً، إذا كان جاداً في حفظ الأموال العامة والأخلاقيات المهنية
والأمانة الحزبية والمبدئية، إن لم يكن هو شخصياً متورطاً او مشاركاً في الجريمة.
إذ أن من طبيعة الأمور في الظروف الطبيعية، هي أن تتحرك الجهات
المسؤولة بأسرع وقت ممكن لمعالجة الموقف وأستبيان نتائجها وتبعاتها،
لا بالسكوت عنها او بإخفاء آثار الجريمة أو بطرد الشرفاء
الذين لهم مواقفهم المشرِّفة على طول الخط..
لكن المحاسب القديم قد خانته الذاكرة منذ أن تسنم منصب مدير المعاهد،
فأًصيب بعمى الألوان وبداء الزهايمر فبات لايفرق بين مناضل وخائن،
بين شريف وفاسد حتى أصبح الفساد سمة المرحلة الراهنة،
وهى تختلف في تنوعاتها ومزاياها، بإختلاف الرموز
والشخصيات والنفسيات والأخلاقيات..
في السابق كان البعثي المنتمي يريد أن يعيش، أما الآن،
بعد أن أعطاه الحزب الحاكم الأمان وفضّله على الناجين من جحيم البعث،
من المناضلين الشرفاء ممن قاوموا البعث دفاعاً عن قضية شعبهم العادلة،
جاء لينتقم ويسترجع مكانته ونفوذه محتمياً بالحزب الحاكم.
وأفضل جهاد عنده هو التخريب والإفساد وسرقة الجمل بما حمل،
وإذا ما حصلت المعجزة بظهور إنسان مثل فتاح خطاب
للوقوف أمام هذه الظاهرة السيئة، فالحكومة مكفولة
بإنزال أقسى العقوبات عليه، ليكون عبرة لمن أعتبر،
والدفاع المستميت عن هؤلاء الجلاوزة من خونة الأمس،
تحقيقاً للمصالح المشتركة فيما بينهم،
على هدى بأن الغلبة للأكثرية.
أما الأقلية الشريفة فعليها السكوت والخنوع والإنصياع
وعدم التدخل في شؤون الدولة العظمى..

         للموضوع صلة

63
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 13    

                                          فتاح خطاب 
وقد أنهينا الجزء 12 بتسائل محيّر:
أ هذه الإجراءات، تقع ضمن الإصلاحات السياسية والإدارية
التي كنتم تتحدثون عنها في أكثر من مناسبة،
أم هي تدشين عهد جديد من السياسة القرقوشية يا وزارة التربية الموقرة؟!
إذ أنني عشت في السويد ما يقارب 17 عاماً ولم أر مسؤولين تربويين
يحجزون من 3 إلى 4 سكرتيرات (آخر موديل)
اويحتلون صالونات ضخمة صدامية ملؤها الأثاثات والترفيهيات
او أن تكون له صلاحية مطلقة، يحكم ويتأمر كما يشاء،
يأتي للدوام حسب مزاجيته، يتمتع بإجازة مفتوحة على هواه،
وفي أثناء الدوام الرسمي يزور المقابر ويحضر في الجنازات والتعازي..
كما رأيت هنا عند مسؤولين حزبيين!!
ليس هذا وحسب وإنما يتخذون  أحياناً قرارات فردية، قرقوشية،
لا علاقة لها بالإجراءات القانونية البتة. وهنا مربط الفرس! سأحكي لكم:
هناك في السويد عبارة مشهورة جداً، مفادها (الورقة هي التي تحكم)
أي ما مكتوب في الورقة هي التي يُتخذ بها، دون أية إعتبارات اُخرى.
إنني مازلت أتذكر جيداً، في أواخر السبعينيات جزعت تربية البعث مني
لكثرة الغيابات واللا أُبالية.. فأحد الحقراء في تربية أربيل
( قياساً لمدراء هذه الأيام، يعتبر ملاكاً) سألني عن سبب الغيابات
فقلت له: بصراحة أشعر بالغبن، فأنا فنان مسرحي وهذا قدري،
لذا أتوق إلى العمل في المسرح، أكثر من تلهفي وراء المادة.
وأنتم ترون كيف أعمل مجاناً وأنا في غاية السعادة،
أنا لم أتخرج من بغداد بعد كل تلك المتاعب والمصروفات،
لأتعين في غير إختصاصي. وأني أستغني عن الراتب وأنا الممنون..
فأرسلني إلى معهد المعلمين وهناك فوجئت بوجود أحد البعثيين الأقحاح،
وأول ما سألني: هل أنت يا فتاح بعثي؟ فأجبته على الفور: لا.. بل أنت البعثي!
فسكت. لأني شعرت حقاً بإهانة كبيرة.
وكان أحد الجالسين هناك فنان موسيقي (زياد خيرالله) بدون شروط الإنتماء،
لكونه كبير السن وشخصية معروفة. إلآ أنني خرجت من الغرفة دون أخذ او رَدّ.
فلحق بي الأستاذ زياد وبادر بالحديث: كيف ترضى لنفسك أن تأتي إلى هنا
لتقابل هذا الكلب الخائن؟!
إذهب إلى الجحيم ولا تأتي إلى هنا مرة ثانية.
فوضحت له سبب مجيئى، فطردني: إذهب، إذهب.. هذا المكان لا يليق بفنان مثلك.
كن رجلاً كما عهدناك! شكرته وخرجت.                               
وما أشبه الليلة بالبارحة!!
تصوروا لقد حث معي الموقف ذاته، بعد قرابة ثلاثين عاماً!!
إذ بعد خروجي من وزارة التربية، لاعناً خائباً من الأوضاع المزرية
التي خلقتها الأحزاب او المزاجيات الفردية..
حاملاً معي الشكاوى التي كنت قد رفعتها للوزير، فوّقّع عليها طلباً للتحقق
كما في سابقتها التي أخفاها مدير المعاهد وسكت عن كل تلك السرقات والتحايلات والسلوكيات غير الأخلاقية، أكثر من مرة،
وهذا المدير الذي كان في وقتها محاسب مغمور، مهمش ومستبعد
في ( سره ره ش) الرأس الاسود! ويا سواد ليلك يا فتاح!
وقد ذكّرني بذلك البعثي الحقير ( لا عفواً.. إن ذلك البعثي لم يستقبلني
بكل تلك الحقارة والصلافة ولم يتطاول عليّ ولم يطردني ولم يقطع راتبي)
تعال وشوف ماذا يفعل ذلك المحاسب الذي ترقى إلى منصب (مدير المعاهد!!!)
في العهد الجديد الذي كنا نحن قد ضحينا من أجله بكل غال ونفيس،
وكيف يتصرف مع نصير، كاتب وفنان وموظف أقدم منه وأكبر منه شأناً وشهرة؟! لمجرد أنني قلت له (لماذا تخفي الحقائق ولأجل ماذا تسكت عن الإفساد والسرقات والسلوكيات غير الأخلاقية؟
وهنا يطلب منك الوزير بذاته، أن تقوم بواجبك، ألا وهو التحقق في القضية،
إذا كنتُ أنا مذنباً فعاقبوني وإذا كنت محقاً فيما كتبت من شكاوى للوزير،
فعليك بأخذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبيها..
أليس الوزير أكبر منك منصباً ومكانة. إلتفت إليّ قائلاً: ولماذا لم تأت إلى هنا
 قبل ذهابك للوزارة..
أنا بصراحة لا أعرفك ولم أسمع بإسمك، أنا فقط أعرف مدير التربية والوزير..
فرمى الأوراق أمامه وقال بعصبية محققي الأمن: أن كلام الوزير لا يمشي هنا. وأنت اخرج من هنا..!!!
أنا شخصياً أُقدر حالاته النفسية وإنفعالاته الحزبية في هذه الفترة الإنتقالية
التي تعرضوا فيها إلى إنتقادات قاسية ومؤثرة من الأحزاب المعرضة.
ولربما أحسبني واحداً من المشتغلين في قنوات المعارضة التي تعرض مشاهد مغرضة، غير مسموحة وغير رسمية...
وأنا مشاهد بريء لا أفهم في السياسة. لأن السياسة خياسة.
ترفع من تشاء وتطرد من تشاء..
وأرجو من رب العالمين أن يحفظنا ويبعدنا عن خياسة السياسيين
وعن قرقوشية السياسيين وشرورهم..!
وعند جُهينا الخبر اليقين..!                           

         للموضوع صلة

64
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 12    

                                   فتاح خطاب


وقد إنتهى الجزء 11  ب : نطالب حكومتنا المحترمة
بتحقيق أدني مستوى من المساواة بيننا نحن الأنصار الشرفاء
وبين جحوش البعث ومستشاريه الخونة.  
وهنا أقتطع بعض الردود على الحالة ذاتها عبر الإنترنت
ـ أنني قلت هذا الكلام ليعرف من يتشدقون
ليل نهار بالحرية والديمقراطية والمساواة
إنها مجرد شعارات لإنخداع وإستهبال وإستغباء الجماهير
وحسب. ولا تحمل بين طياتها أي معنى حقيقي
ـ عندما نطالب بالمساواة بيننا وبين الخونة
فهذا يعني أننا نعيش في أسوء الحالات..
ـ أن مستخدمي مثل هذه الشعارات الطنانة، لكاذبون ومخادعون
ويجب تعريتهم أمام الرأي العام
ـ أما من يتمسكون بالسلطة ويسرقون قوت الشعب
دون التفكير بتضحية الآخرين ممن عانوا وناضلوا
وشاركوا بكل شجاعة وإخلاص في إسقاط الطاغية،
فعلينا توضيح الأمر للآخرين..
ـ هذه الجملة الأخيرة تدل بأننا
نعيش في كنف أناس، لايعرفون معنى الديمقراطية والمساواة
ـ إنهم حقاً يستخدمون أسلوباً قرقوشياً في الحكم
أي معاقبة الشريف وإجزاء الخونة..
وهذا يعني، إما أنهم خونة فعلاً او إنهم لايريدون إعطاء كل ذي حق حقه
فأين حقي يا قرقوش العصر الرمادي؟
أهذا هو الحق أن تعيّن كل بعثي سارق، فاسد او مزور وصولات
او إنتهازي حاقد، اوفنان فاشل وغير خلوق..
مديراً للمعاهد اومديراً عاماً في شؤون الفن والثقافة
او مديراً لمعهد الفنون الجميلة او رئيس قسم او مشرفاً تربوياً..
عن دون وجه حق؟!
أهذا هو الحق أن تعيّن أحد طلابي الفاشلين، بعد التخرج مباشرة،
رئيساً لقسم المسرح الذي كنت أُدرّسه فيه؟
أهذا هو الحق أن تعيّن أحد النكرة في عالم الفن والثقافة
وليست له أي علاقة بالفنون مديراً للمعهد
او تعيّن خريجاً من اللغة العربية رئيساً لقسم المسرح؟!        
أهذا هو الحق أن تحرم غير الحزبيين من تكملة دراستهم العليا،
رغم درجاتهم العالية وتقبل أحداً معدله الدراسي 69% ورسوبه
في مراحل دراسته أكثر من مرة؟
أهذا هو الحق أن تسرق راتب نصير وكاتب وفنان مسرحي على مدى سنتين متتاليتين، لمجرد أنه رفع شكوى لوزير التربية وبشهادة أساتذة وطلبة المعهد
عن المفسدين والسراق وعديمي الأخلاق،
رغم التحقيقات التي أثبتت صحة كلامه وصدقه فيما كتبه من أستشهادات،
رغم أنه قد تسامى على ذكر بعض المواقف المخزية وغير الأخلاقية بالمرة..؟!      
أ هذه الإجراءات، تقع ضمن الأصلاحات السياسية والإدارية
التي كنتم تتحدثون عنها في أكثر من مناسبة،
أم هي تدشين عهد جديد من السياسة القرقوشية يا وزارة التربية الموقرة؟!
 
                           للموضوع صلة


65
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 11  

                        فتاح خطاب
 
وقد إنتهى الجزء العاشر ب : إذ أن البعثيين والفاسدين والسراق،
هم الذين يحاكموننا الآن ويعاقبوننا وهم الخصم والحكم  
وهاكم الدليل والشواهد:
بعد رجوعي من السويد وتلهفي وإشتياقي لعالم المسرح الساحر
الذي كنت أُجازف في زمن البعث المقبور، بحياتي لأجل تقديم مسرحية
تتحدث عن الظلم الواقع على شعبي، مجسداً معاناته اليومية ومؤازراً لطموحاته وتطلعاته للحياة الكريمة ومضيه قدماً لبناء مستقبل أكثر زاهواً وإزدهاراً..
من خلال تقديم مسرحيات ذات المضامين التقدمية الملتزمة،
لاقت قبول الجماهيرسواء كان في أربيل او في بغداد
وكنت وجهاً معروفاً بين طلبة المعهد الرافضين والمتمردين
على السلطة آنذاك، بشكل قطعي..    
لذا دفعت الثمن إختياراً، مدركاً لعواقب الأمور سلفاً..
فحرمت من القبول في أكاديمية الفنون الجميلة،
تركت إضطراراً الوظيفة ثلاث مرات،
رافضاً الإنتماء لحزب البعث وبعد كل فصل من الوظيفة،
كان يداهم بيتي أحد جلاوزة أمن البلدة، لغرض التحقيقات عن سبب الغيابات
وعن رفضي للإنتماء.
وكان الجواب دوماً: أنا فنان معروف فيجب الحفاظ على إستقلاليتي..
وكنت أكرر ـ دع السياسة للسياسيين، أنا أصلاً لا أفهم شيئاً في السياسة
والسياسة خياسة، يمعود خلينا من وجع الرأس؟ ـ
وأثناء أحد التحقيقات كان الشهيد ـ كوجرـ
موقوفاً في الغرفة المقابلة وعند إطلاق سراحه، أستقبلني بشوق لا يوصف
وأخذني في الأحضان قائلاً: الآن تيقنت بأنك أكبر ممثل في العالم..
وكيف عرفت؟ كنت أنظر اليك من ثقب الباب،
حينها فقط تلاشى الخوف والقلق عني بشكل نهائي كما لو أني خرجت
للتو من عرض مسرحي في غاية الجمال.
لقد زرعت فيّ الأمل أيها المسرحي!
وهكذا كانت الأيام تمر. وكان الخوف والقلق واليأس سيد الموقف.
حتى خرجنا من مدينتنا ملتحقين بحركة الأنصار..
لكن عند عودتي من الغربة، دامت ربع قرن دُهشت بوجود اوسخ وأحقر البعثيين
وهم يتسنمون أعلى المناصب في وزارتي الثقافة والتربية حصراً.
ومن أعجب الغرائب ما رأيت في حياتي هو وجود عدد من الأساتذة في أكاديمية الفنون الجميلة في أربيل العاصمة وهم معروفون بماضيهم الأسود والمخزي.
اولهم كان قد عين معيداً في أكاديمية بغداد وهو الوحيد الذي سألني من بين الأساتذة الكبار، قاسم محمد وسامي عبدالحميد..
إن كنت بعثياً أم لا وهل يمكن أن أنتمي للبعث؟!
فأجبته ب: لا.. إذن لا قبول.. شكراً جزيلاً.
وكان هناك معي أحد الطلاب الفاشلين، لأنه كان بعثياً فقُبل
وهو ذات الشخص الذي أراد العراك مع فاروق كوردستاني
بمساندة الآخرين من البعثيين، بعد جدال دام بينهما بخصوص تصريحات
ميشيل عفلق في مجلة ( الآفاق العربية) والتي كنا نسميها ب (الأفاق) أي (المغفل) فضربته أمام القصر الجمهوري الواقع مقابل المسرح الوطني.
دفاعاً عن فاروق، ليس إلا..
وإذا بي أُفاجأ بتعيينه أستاذاً في أكاديمية أربيل.
والسؤال هنا: من الذي أتى به إلى أربيل او بالأحرى من الذي قطع راتبي الحلال على مدى سنتين متتاليتين؟
ألا يعني هذا بأن هنالك أيادي خفية او طابور خامس او مافيا فنية بعثية، تتجمع وتتآلف كالبكتريا القاتلة في مياه بركة أسنة، من دون علم النائمين في العسل؟
اوليس من حقنا إذن أن نطالب حكومتنا المحترمة
بتحقيق أدني مستوى من المساواة بيننا نحن الأنصار الشرفاء
وبين جحوش البعث ومستشاريه الخونة. وهذا أضعف الإيمان
في زمن السياسيين العميان،
في هذا الزمن الأغبر الذي أختلط  فيه الحابل بالنابل..
المساواة يا سادة.. يا ديمقراطيين.. المساواة..!                                      
 
                   للموضوع صلة


66
من الشعر الكوردي المعاصر .............. 5




           هذا الإنسان

  


                                    للشاعر : رفيق صابر

                                    تـــرجمة : فتاح خطاب            

في الصِغَرْ،
كان قلبه يخفق
مع خرير الأنهار
ويضحك بوجوه الأنجم.


في الصِغَرْ،
تعلّم أن يُحبَ الجبالَ
والعصافير

تَعوَّد قلبُه، أن يترنَّمَ
لتلك الأمطار
التي يُكبّلونها،
كي لا تُمطرَ على أكتاف
ونهود الأيام
الآتية.

في الصِغَرْ
تعلّمَ أن يشُكّ
في كل نهرهادئ،
بطئ.
وأن يرتاب من نجمة الصباح
الكاذبة.
         ***
هذا الإنسان
يشعل أحزانَه، تارةً
في وحدته،
كالمصابيح
وتارةً،
يحمل في أحضانه
حزمة ضوء الشمس
المقطوعة الرأس
مشرّداً في طرقات المدينة،
كالمجنون
         ***
هذا الإنسان  
هو مثلك أيضاً،
يعشق الحياة.
وحينما يرقص مع حبيبته
أو يجلسان على ضفة النهر
يخفي أصابعه بين جدائلها
كأن يكون،
على جناح نجمة
سابحة،
في فضاءآت الكون
         ***
هذا الإنسان
هو مثلك أيضاً،
مُولََعٌ بالموسيقى والجمال.

هذا الإنسان
هو مثلك أيضاً،
يعشق الحياة.
ولكن
حين يرى وطنه، مرمياً
على أرصفة الشوارع ،
ممدداً تحت ظلال السكاكين
الطويلة.
يرجم أبواب المدينة
بالحجارة،
حتى تُشَلَّ يداه..
ويملأ وجوه الباشوات
بُصاقاً
         ***
هذا الإنسان،
عيناه.. مفتوحتان، وسع السماء
في زاوية، من هذا العالم
الواسع الأرجاء.

ـ كأنك لأول مرة
  ترى هذه الأرض!
 
 كأنما الأرض،
  تضحك بوجهك
  لأول مرة.
ـ عيناك مفتوحتان
   ملء الكون.
ـ تتأمل الظواهر
  بهدوء.
ـ تفكر في أشياء معقدة
   وجميلة.
  وها أنت الآن،
  في هذا الليل المرعب
  وسط العواصف الثلجية
  والأمطار،
  تحمل هذا العالم  
  صوب أحضان الحقيقة  

67
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 10    

                                                      فتاح خطاب

إنتهى الجزء التاسع ب : أن هنالك مئات القضايا من هذه الشاكلة،
يلفها الغموض وعدم الشفافية، لأسباب سياسية او خوفاً من عواقب الأُمور..
(كما حصل لي أنا بالذات وأنا لم أتطرق إلآ لمسائل صغيرة وتافهة جداً
ولكن يبدو أن وراء تلك المسائل الصغيرة والتافهة، رؤوس كبيرة)
ذلك لأن سياسة الأحزاب المتطاحنة التي قسمت كوردستان
إلى ثلاث مناطق منغلقة، منعزلة عن بعضها البعض.
وأن مدينة أربيل شهدت ولازالت تشهد المجازر والإحتلالات
وإقتتال الأُخوة الأعداء.
وإن كانت الأساليب قد تغيرت من الصراع الدموي إلى منازعات
بسط النفوذ وإحتلال مؤسسات الدولة المؤثرة وغير المؤثرة ومراكز حكومية متنفذة. وكلها مرتبطة بسياسة الحزب الذي يترأسها بإرادة القوة والتعنت.
(والحزب وما يريد) و (الكل يتحكمه رأس واحد)
وهل ينفصل الرأس أحياناً عن الجسد. وهل الشعارات التي يرفعها الحزب
هي  التي تسود في التطبيقات، وقد يأتي الفساد والعفن من الرأس اولاً
ومن ثم يسري وينتشر في داخل وخارج الجسد كله.
ألا يتعفن السمك من الرأس اولاً وأخيراً؟
وقد يكون الرأس عفناً، أصلاً وأساساً..       
أنظروا ماذا فعل الحكام الفاسدون وعديموا الوطنية والإنسانية ببلدانهم!
وعلى سبيل المثال، لا الحصر مبارك أولاً
ومن ثم القذافي، زينل وعلي بن صالح  ومن لف لفهم.
وقد باع الأراضي وما تحتها لمصلحته الشللية وجلاوزته
ومن ثم سلّمها في أيدي خفافيش الليل المتأسلمين الإرهابيين القتلة.!
وبذلك قتل الروح المصرية مرتين ورجّع مسار التاريخ إلى ما قبل الجاهلية..
وإذا الأحزاب الليبرالية والعلمانية لم تتحرك فأقرأ على البلد السلام..!
والسبب الرئيس في إنهيار دولته والقضاء على منجزات ثورة يوليو
يرجع بالاساس إلى تفشي الفساد السياسي والإداري والمالي
ولعدم الإصغاء للمنتقدين من القوى الخيرة والوطنية..
وهنا في كوردستان الحبيبة
(التي لا تعير إهتماماً لصرخات الإستغاذة ونداءات محبيها
الذين ضحوا من أجلها بكل غال ونفيس، وكل ما يعملونه وما يتمنون
ليس لأجل حفنة من الدولارات الملطخة بالخيانة والبيع الرخيص
وأنما لأجل أن تبقى كوردستان زاهية مزدهرة ملؤها الكبرياء والشموخ..)
هنالك إياد خفية وخبيثة المتبقات من العهد البائد تريد أن تعبث بها
وإستحالتها إلى إميريات ومقاطعات وأجزاء متقطعة تحت سيطرة الكارتلات
وسماسرة وتجار السوق السوداء..
وما عانيت على مدى عامين متتاليين وما رأيت وشاهدت من مهازل الفساد
والسرقات والفوضى المنظمة واللا أبالية والزجر والإستبعاد
والقمع وتكميم الأفواه..
أيقضت في رأسى مئات من علامات الإستفهام والتعجب..
وكأننا لم نحمل سلاحاً ولم نكن جزئاً من التجربة الثورية (إن صح التعبير)
ولم نعاني من إضطهاد البعثيين ولم نتشرد في ارض الله الواسعة..
إنما العكس هو الصحيح. إذ أن البعثيين والفاسدين والسراق
هم الذين يحاكموننا الآن ويعاقبوننا وهم الخصم والحكم
وهاكم الدليل والشواهد..
         
         للموضوع صلة

68
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 9    

                                      فتاح خطاب                                     

إنتهى الجزء الثامن بالتحقيقات عن سرقة المخصصات،
 فأتضح  أنها كانت تأتي بشكل دوري كما في السابق،
إلآ أنها كانت تتحول وتستقر سراً في جيوب رئيس القسم (ط ، ش ،آ)
وآه منك آه.. وشوفوا وقاحة البعثيين..!
أتى البطل المغوار إلى مدينة أربيل عائداً من الموصل، بعدما كان قد تعيّن في ذات المعهد الذي تخرج منه مباشرة. ومتى؟ في زمن البعث المقبور!!! 
وما السر في ذلك؟ عفواً.. إنه لم يعد سراً،
وإنما السر المعلن بين طلبة المعهد حينذاك، ومنهم من تحدث عن موقف بطولي لهذا الاستاذ الجهبذ، حين جمّع كل الطلبة الكرد، كأي أستاذ عفلقي
وهو رافع مسدسه المهداة من الرئيس القائد آنذاك،
في وجوههم قائلاً: إللي ما يصير بعثي أنا أعرف وين أدزه!)
وهنا في أربيل كان له ملف خاص عند لجنة التحقيقات في وزارة الثقافة،
حول حيازة مبالغ ضخمة بخصوص مشاريعه الفنية الوهمية المتراكمة
من مسرحيات وأفلام ومسلسلات..
علماً بأن التحقيقات لشدة تعقيداتها ولتدخل بعض الرموز السياسية فيها،
قد أُغلقت، نظراً لخطورة الأمر وطلباً للستر..
لربما قد نسوا قول الشاعرـ إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت البعثي تمردا ـ 
وقد تحدث لي أحد المعنيين بالتحقيقات عن تلك السرقات المافياوية المنظمة
وهو يقفز في الهواء جزعاً.. وما خفي كان أعظم..
وقد شكل هؤلاء الأبطال القدماء، فيما بينهم (مافيا فنية)
من الصعوبة بمكان إختراقها أو الدخول في عوالمها ودهاليزها..
وقد حصل معي إثر رجوعي من السويد، موقف لا أنساه ما عشت..
وأنا أعتبرت ذلك مزحة او قفشة كوميدية لتلطيف الجو
ـ أثناء خروجي من غرفة المدرسين، صاحني رئيس القسم السابق الذي
(علّم أجيالاً من المدرسين عن كيفية التحايل في إملاء نماذج المخصصات
وتزوير الوصولات و(إستعارة) الأجهزة الكهربائية والاليكترونية
ومن ثم تبديلها بأجهزة أخرى أو الإحتفاظ بها، إن مشت الأمور)
وناولني مبلغاً من المال قائلاً: وقد إتفقنا أنا والزملاء المدرسين
على أن تمنح أنت أيضاً، من الآن فصاعداً، قسماً من خيرات المخصصات..
فهذا حقك لأنك كنت إيجابياً معنا..
فالتفتُ إلى الأساتذة المرحين، فاتحاً ذراعي تجاههم: عظيم، إنكم لعلى خلق عظيم.
خير من الله.. لنوقع إذاً..!
فتعالت الضحكات.. حينها إقترب مني الزعيم قائلاً: عن أي توقيع تتحدث يا مغفل؟
أنا هنا لأنوب عنكم جميعاً. سأريحكم ع الآخر..
وأنت يا أخي أشتري لك ملابس جديدة.. غير موديلاتك.. غيّر..غيّر..!
مرت الشهور على هذا المنوال وفي آخر المطاف وصل بهم الأمر أن يتنازعوا ويتصارعوا، لأجل الحصول على أكبر قدر من الإمتيازات والمكاسب..
وبدأت الإتهامات وكشف المستور ونشر غسيل بعضهم البعض،
والأكبر دهاءً والأقرب من الرموز الحزبية، يكون له القول الفصل والحاسم،
أمّا البقية الباقية سيفرّغون شحنات غضبهم عند مسؤولين أقل شأناً..
حتى (إذا كان الخبر اليوم بفلوس، سيكون بكرة ببلاش)
وأعتقد جازماً بأن ما حصل من تحقيقات في وزارتي الثقافة والتربية
لا يحتسب على ذكاء وحرص الرقابة الحزبية اوالمالية،
وقد يكونون هم أنفسهم جزء ً من هذه اللعبة القذرة التي إعتادوا عليها،
منذ أن بدأت التعيينات وإحتلال الكراسي حسب أمزجة القيادة السياسية،
وإنما السبب الحقيقي يعود إلى الاطراف المتنازعة فيما بينهم.
وأعتقد أيضاً بأن هنالك مئات القضايا من هذه الشاكلة،
يلفها الغموض وعدم الشفافية، لأسباب سياسية او خوفاً من عواقب الأُمور..
(كما حصل لي أنا بالذات وأنا لم أتطرق إلآ لمسائل صغيرة وتافهة جداً
ولكن يبدو أن وراء تلك المسائل الصغيرة، رؤوس كبيرة)
والسؤال هنا.. ما الجريمة التي ارتكبتها ليكون جزائي الطرد من الوظيفة وقطع راتبي لمدة سنتين؟!
هنا.. سأضع النقاط على الحروف وتحت الحروف أيضاً، لأُبين لكم أبعاد المكون السياسي ودوره وتأثيراته وتداعياته وتبعاته في الدولة العميقة.

         للموضوع صلة

69
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 8  

                    فتاح خطاب

                

إنتهى الجزء السابع بصرخة إدانة لكل من يقف وراء تلك المحاولات الدنيئة
للنيل من فننا وثقافتنا..      
يا لمصيبتنا.. ويا لغبائنا المفرط  حد الخيانة العظمى!                                                          
أليست هي الخيانة بعينها، أن تنصب شخصاً نكرة (س) في عالم الفن والثقافة،
مديراً للمعاهد الفنية؟!!
ألم يكن هو بذاته موجوداً في المعهد، أثناء ما حدث من سرقات وإعتداءات
وسلوكيات غير إخلاقية؟
ألم يكن هو جالساً عند المدير، حين قرر بقطع راتبي لمدة 15 يوماً،
لمجرد أنني قلت ما يجب أن يقال؟ ألم يقل له الاستاذ (وليد معروف)
أثناء التحقيقات حول سرقات (ط) بأن كل ما قاله وما كتبه فتاح خطاب
من شكاوى مرفوعة لوزير التربية (صحيح مائة في المئة)؟
ألم يقل لي أنا شخصياً، بأن للفاسدين والسراق.. وساطة قوية ومتنفذة داخل الحزب ولا تستطيع الوقوف أمامهم؟
ألم يشارك هو ومدير المعاهد (إ، ب) في طمس وإخفاء مطالب الوزير
بلزوم إجراء التحقيقات حول قضية سرقات وإعتداءات (ط)
أكثر من ثلاث مرات ولمدة ثلاث سنوات؟
ألم يكن هو جالساً عند مدير المعاهد (إ،ب) حين وجهت سؤالي له
قائلاً: لماذا تخفي عندك مطالب الوزير؟
هل أنت أكبر منه مقاماً؟ ولماذا تسكت وتدافع عن المفسدين والسراق؟
ألأنك راض كل الرضا عن فعلتهم تلك أم ماذا؟ تصوروا.. إنه لم يقل شيئاً حول القضية سوى قولاً واحداً: أن كلام الوزير لا يمشي عندنا واخرج برّة!!!      
إذن المصيبة تكمن في وجود مثل هؤلاء الجبناء والإنتهازيين
والساكتين عن الحق في الهرم الوظيفي، لأكون أنا الضحية والمتهم
لأنني أغرد خارح سرب الفاسدين والسراق وغير الأخلاقيين..
والقضية كل القضية ليست شخصية بالمرة ولا تتعلق بي شخصياً
وإنما رأيت أن فناناً عائداً من السويد، وأنا لا علاقة لي به ولم أعرفه،
لا من بعيد ولا من قريب، سوى أنه فنان مسرحي جاء من السويد ليحاضر عندنا
في المعهد، وكل نهاية شهر يسأل من رئيس القسم (ط ، ش، آ)  
عن مخصصاته في إلقاء المحاضرات. وبقي على مدى ستة شهور،
هو يسأل و(ط) يجيبه بأن المخصصات متوقفة بأمر وزير المالية..!!!
وعندما سمعت الخبر تذكرت ما حصل لي سابقاً، مع هذه الشلة،
إذ أنا أيضاً حرمت من مخصصات المحاضرة لمدة سنتين متتاليتين.
وكان عندي حينذ طللب مسؤول في لجنة شؤون الطلبة وهو من الطلاب الجريئين فقلت له أنا لا أطلب حقي من هؤلاء السراق والمفسدين إلآ أنه عيب علينا
أن نسكت عن هذا الظلم وأنا واثق بأن المخصصات عادة تسرق من رؤساء الأقسام وأنتم تعرفون من هو رئيس القسم الآن؟
إفعل شيئاً وإلآ سأتحرك أنا! أخذت منه الوعد لرفع الشكوى عن طريق الحزب.. وأتضح أخيراً أن المخصصات كانت تأتي بشكل دوري كما في السابق،
إلآ أنها تتحول وتستقر في جيوب رئيس القسم (ط ، ش ،آ) وآه منك آه..
فتبدأ التحقيقات من وراء كواليس الحزب وترجع الأموال إلى أصحابها الحقيقيين.. ولكن المسبب الحقيقي بقي يتمتع بحصانته الحزبية وبقائه في مكانه
لحد هذه اللحظة، معززاً مكرما..
أما أنا المسكين والغريب في مدينته والباحث عن الحقيقة المرّة،
بقيت محروماً من راتبي على مدى سنتين ولحد هذه اللحظة..
وآه من لساني آه.. ورقصني يا جدع على إيقاعات زوربا
وعلى رنين وخشخشة الفلوس الحراااااااااام..

         للموضوع صلة                          

70
     وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 7                          
                        
                             فتاح خطاب                      

إنتهى الجزء السادس بتسائل وإطلاق لقب على كاتب التقارير..
ـ لماذا..؟ هل أنا السارق أم المعتدي على أعراض الناس..
أم تراني فاشلاً في التدريس مثلك أنت؟
أم ضربت طالباً (شهرام نامق) لكونه  إتحادياً..؟
من الآن فصاعداً سأسميك سرطان المسرح الكوردي..
ارفع تقريرك وسنتواجه يا كاتب التقارير!

هكذا ببساطة كتابة التقارير، مُنعت المسرحية التي كتبت في الغربة،
لطالما حلم كاتبها بالعودة إلى الوطن لأجل عرضها على خشبة مسرح
إفتقده إثر إلتحاقه بحركة الأنصار قرابة ربع قرن، هرباً من ظلم وإضطهاد البعثيين.. وها هم الآن يعودون عن طريق حزب منتفخ بهؤلاء الخونة،
ليظهر ذاته ديمقراطياً أمام الرأي العام، حتى وإن كان ذلك
على حساب معاناتنا وشقائنا وحرماننا من أبسط  حقوق المواطنة.
ويا ليت لو كان هنالك شيء من المساواة بيننا وبين أولئك الخونة
من الجحوش والبعثيين ومرتكبي الأنفال..
إن الحزب الحاكم يظن بأنه سيتقوى بهؤلاء الأرقام والكارتات المحترقة سلفاً،
إلآ أننا نرى بأن الحزب ذاته قد فقد أصالته ومصداقيته وحتى وطنيته
غدت في موضع تساؤل وقد تكون عاقبته وخيمة،
إذ أن كل المؤشرات تُظهر بأن الحزب قد تطبع بطباع هؤلاء الدخلاء من الإنتهازيين والطفيليين والفاسدين، لا يرون أبعد من مصالحهم الذاتية
وهنا تكمن الكارثة. وأن ظاهرة الفساد والإفساد والسرقات والتخريب وأشاعة  الفوضى الإجتماعية وإحداث البلبلة السياسية
وضرب الأسفين بين الأحزاب المؤتلفة وزرع أسباب النفاق والشقاق فيما بينها..
تدل على أن هنالك أيادي خفية تحاول النيل من هذه التجربة الفتية التي لازالت تعاني الضعف والهشاشة، عنوانها الوساطة والوصولية والمحسوبية والعشائرية والعشوائية وشيلني وأشيلك..
تكون قد وصلت إلى قمة الهاوية.. ولنبدأ بصغائر الامور وصولاً إلى الكبائر..
عند وصولي إلى مدينتي زرت المعهد وأول سؤال كان عن شخصية مدير المعهد، لكوني تخرجت من معهد كان المدير فيه أكبر فنان رائد إلا هو الاستاذ حقي الشبلي ورئيس قسم المسرح كان بهنام ميخائيل الذي
كان قد إشتهر ب (ستانيسلافسكي العراق)
وكان من أساتذتي، قاسم محمد، بدري حسون فريد ومحمد علي جواد
الذين يعتبرون من أجود وأبدع ما أنجبهم العراق من أساتذة وفنانين..
إلآ أنني فوجئت وأنا في المعهد بسماع إسم نكرة في عالم الفن والأدب والثقافة عموماً، وليست له أي علاقة تربطه بهذا الصرح الفني والثقافي..
أليس هذا تخريباً وتقليلاً من شأن الفن والثقافة؟!! وهل هنالك طرف آخر غير الحزب الحاكم، ممن ارتكب هذه الحماقة؟
وبعد إلتحاقي بالمعهد رأيت المهازل ما بعدها مهازل..
تصوروا يا عالم، يا ناس..!
كان في المعهد وفي قسم المسرح بالذات رئيس قسم بأمر الحزب الحاكم،
وهو خريج اللغة العربية ليصبح الآمر الناهي علينا نحن الرواد،
ليس هذا وحسب وإنما كان يحاضر أيضاً في شؤون الفن المسرحي
(أين حمرتك أيها الخجل!)
لكنه لم يدم طويلاً وذلك بكثرة الشكاوي عليه وتعريته في إجتماع المدرسين
بصراحة تامة، لكونه فاسداً وسييء الأخلاق..
ها نحن الآن نرى أن المهازل قد كبرت أكثر فأكثر..
تصوروا ما يحدث الآن بأوامر حزبية، لتخريب ما بقي من ظاهرة الفن والثقافة..
أن مدير المعاهد الفنية شخص نكرة أيضاً في عالم الفن والثقافة عموماً
وهو الذي كان سابقاً المسؤول الإداري الثاني في المعهد..
معهد الفساد الإداري والتعليمي والسرقات في وضح النهار
تحت ظل حكومة منتصف الليل..  
يا لمصيبتنا.. ويا لغبائنا المفرط  حد الخيانة العظمى!

            للموضوع صلة

71
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 6                          
                        
                             فتاح خطاب
 
إنتهى الجزء الخامس من ذلك الحوار المبطن ب (قلت وقال..)
فتاح : طالما أنني لست بارتياً وأنت المدير.. فداكم نصف الراتب. باي!
المدير: إنك لست في السويد..! فيجب عليك التفكير على طريقتنا نحن،
وإلا ستندم!
بعد هذا اللقاء بدأت المؤامرات والدسائس تُدَبّر بشكل يومي.
إستبعدوني من لجنة المشتريات، قطعوا عني مخصص المحاضرات،
منعوني من المشاركة في لجنة القبول والإشراف على اطروحات الطلبة..
وبدأت الغيابات الوهمية والمختلقة تزداد حسب المواقف وإدلاء الرأي
او توجيه النقد اوالمكاشفة خلال اجتماعات المدرسين..
حتى بدأت المغازلة الأدبية والفنية بإعطائي الفرصة بالمشاركة في المهرجان السنوي للمعهد وذلك بإخراج إحدى مسرحياتي،
شوفوا ذكاء البعثيين المتبارتيين حين يريدون الإيقاع بأحد!
البروفات اليومية قد بدأت، المساعي في الحصول على ميزانية العمل كانت تجري على قدم وساق، التطمينات الصورية تبعث الفرح والسرور في النفس..
وعلى حين غرة، يبدأ الإستنفار في قسم المسرح ويتم الإجتماع المقرر
حول المهرجان السنوي وأنا (يدي على قلبي)
لأنني عودت نفسي على أسوأ الإحتمالات
وهؤلاء الذين كنت دائماً أنظر إليهم كحثالات المسرح الكوردي والمافيا الفنية
وبقايا نظام البعث.. فلا يمكن الوثوق بهم،
فحدث ما كنت أتوقعه فعلاً. جلس رئيس القسم، ناظراً إليّ بخوف وتوجس،
وبدأ حديثه بتأتأته المعهودة: بصراحة المعروف عن الأستاذ بجديته في العمل
وإن كان يسيء التصرف معنا أحياناً،
لأنه عائد من السويد ناسياً الجو العام هنا في كوردستان
ولكن له الحق في المشاركة حتى وإن لم ينتم لحزبنا..
وبغض النظر عن أفكاره المتطرفة.
وأنا شخصياً لدي ملاحظات بخصوص كتاباته. المهم أن المسرحية ستعرض ولكن المشكلة تكمن في كيفية صرف الميزانية.
وأنا كرئيس قسم لي حق الإشراف عليها. وهذا شرطي الوحيد!
فما رأيك يا استاذ؟
فتاح : أليس من المعقول في أن نختار لجنة خاصة بالمصروفات؟
ر. قسم: هذا يعني أنك لا تثق بنا.
فتاح : بصراحة، بصراحة. أن اللجنة أفضل مني ومنك
(وانفض الإجتماع)
ر. قسم : أنت لا عليك سوى بالإخراج!
فتاح : وأنت عليك أن تكف من الإفساد المالي والإداري!
لا يمكن أن تتكرر معي أنا بالذات هذه السخافات..
ر. قسم : أنت واحد فوضوي
فتاح : وأنت بعثي وسارق.
ر. قسم : سأُريك من أنا.. حسناً..!
وبعد الظهر دخلت قاعة البروفات فلم أجد أحداً من الطلاب.
ثم جاءني (ط) ليوضح لي الإمور قائلاً : إذا تريد أن تعمل، دع الأمور تسير حسب رغبته. إنه هنا كل في الكل، ولايسمح بأي عمل إذا لم يحصل هو حصة الأسد فيه.  ومن ثم جاءني أحد الطلبة معتذراً: يا استاذ أن رئيس القسم قد هددنا بالرسوب،
إذا ما شاركنا في هذا العمل! ولكن رغم ذلك إنهم ينتظرون هنا..
خرجت من القاعة وإذا برئيس القسم يراقب من بعيد، فأقتربت منه لأستفسر حول تهديداته للطلبة..
فتاح : كيف تهدد الطلبة لكي لا يشاركوا في عمل مسرحي؟
أ هذا ما تعلمته في الأخلاق المسرحي.
ر.قسم : من قال لك هذا؟ ما أسمه؟
ثم أن الطلاب أنفسهم لا يريدون العمل معك.
(هنا تجمّع كل الطلبة)
فتاح : أنت ما زلت على أخلاقيات البعث..
ر.قسم : وأنت مازلت تعادي القيادة الكوردية..
فتاح : أنا جزء من حركة الأنصار والأنتفاضة الشعبية
ر.قسم : أنا قصدي نصوصك المسرحية. وهذا هو التقرير!
سأبعثه إلى آسايش. وليعلم الجميع بأن النص ذاته يُشبّه القيادة بالفئران والجرذان. كما جاء في هذا التقرير.. وكل من يشارك في هذه المسرحية، ليعتبر نفسه راسباً من الآن..
فتاح : لو رفعت مائة تقرير فلن تحصل على فلس واحد.
ر. قسم : أنت مكانك ليس هنا..!
فتاح : لماذا..! هل أنا السارق أم المعتدي على أعراض الناس..
أم تراني فاشلاً في التدريس مثلك أنت؟ أم ضربت طالباً (شهرام نامق) لكونه  إتحادياً..؟ من الآن فصاعداً سأسميك سرطان المسرح الكوردي..
ارفع تقريرك وسنتواجه يا كاتب التقارير!        
        
                                   للموصوع صلة

72
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية >>> 5                        
                        
                             فتاح خطاب

 
كان الجزء الرابع قد إنتهى ب (حالة هيستيريا كوميدية)
من رئيسة القسم وهي تزعق: أتضحك؟ الآن سأتخابر مع أكبر رأس في الحزب،
فسترى من أنا..! شيوعي وفي معهد الفنون الجميلة؟!! لا.. لا يمكن!
الحقيقة أنني لم أتمالك نفسي فكانت الضحكة مدوية.
لأنني لم أفهم الحالة التي وقعت فيها رغماً عني.
إذ كيف بعد كل تلكم السنين من الإضطهاد البعثي وحرب الأنصار والعيش في الغربة وما عانيت وتشردت وجُعت وما قدمت من نتاجات فنية وأدبية،
أُعتبر أنا كائناً غريباً في المعهد؟!
وغير مرغوب فيه بين كل هؤلاء البعثيين
الذين خانوا، ظلموا، أستباحوا، سرقوا وتاجروا بدماء شعبنا؟
ومتى؟ بعد الإنتفاضة الشعبية وسقوط الصنم..
ألم يكن من حقي إذن كأي مواطن، فقد نصف عمره في مقاومة البعثيين
وصمد أمام كل مغريات الدنيا وعاش مخلصاً لقضية شعبه العادلة ومدافعاً
عن حقه في العيش الكريم، أن يستقر في بلده وأن يساهم في الحياة الثقافية والفنية، شأنه شأن الآخرين من المثقفين والأدباء والفنانين،
لا أن يُنظر إليه ككائن غريب،
لأنه لم يكن من القتلة البعثيين اوالواقفين على التل من الإنتهازيين والطفيليين
او لأنه لم يلتحق ولم يبع نفسه للحزب الحاكم الجديد
حفاظاً على ماء وجهه ومحافظاً على نفسه وموقفه وفلسفته في الحياة..  
أليس من الظلم والغدر والخيانة أن يُفضّل البعثيون والعبثيون والسراق والمفسدون على الشرفاء من المناضلين الأوفياء، في كل المجالات والوظائف الحكومية؟
وقد ينبري أحد ليتهمني بأنني مغرض او مبالغ او حاقد على حكومتنا الفتية التي مازالت تتراوح في مكانها أو أستخف بمنجزاتها الجبارة في قطاعات الصناعة الثقيلة والتقنيات والاليكترونيات وبناء الجسور غير العسكرية او المستوردة
والسيطرة على الطبيعة بمد السكك الحديدية تحت الأنفاق فيما بين المنتجعات السياحية والمزارع والحقول والأحراش والغابات الجبلية وبناء المعامل
لمنتجاتنا الزراعية والحيوانية والضروريات في حياتنا اليومية..
وما ذنبي أنا حين نستشف ونقرأ ونرى في يوميات سياسيينا من غرائب الأمور.. وإليكم بعضاً منها:
في أحد إجتماعات المدرسين في المعهد، إنتقدت مدير المعهد بكونه بيروقراطياً وفاسداً، وغير جدير بمسؤولية إدارة المعهد،
إذ كان يهتم بغرفته أكثر من أن يفكر بمستلزمات المعهد الضرورية،
فأمر هو ومساعده (س) بغيابي 15 يوماً وبقطع نصف الراتب،
( وقد تكررت معي هذه الإجراءات أكثر من مرة، وأنا لم أتأخر ولم أخرج يوماً قبل إنتهاء المحاضرة ولو بخمس دقائق. وكان من المعتاد أن يقول لي الطلاب: يا أستاذ.. مطلوب عشرين دقيقة! وأنت مازلت مستمراً في التدريس.    
وفوق هذا وذاك كان يختلق أموراً في الترميم والتجديد كما حصل في بناء خشبة المسرح اوشراء معدات وأجهزة لا علاقة لها بالأعمال الفنية
او تغيير كيلونات وأقفال الأبواب الصالحة للإستعمال،
لغرض هدر الأموال جزافاً وسرقة ما بقي منها عن طريق ملء الوصولات المزورة أصلاً.
هل يتصور أحد بأن تُبنى خشبات مسرح داخل الصفوف وبعد عدة أسابيع تطمس وتنخلع واحدة تلو الأخرى؟!
هل يتصور أحد بأن تطلى وتُصبغ القاعات والممرات وبعد شهر واحد،
يذبل ويتساقط وكانه أصاب بمرض جدري..؟!
وقد سأل الطالب (آزاد جلال) المقاول في وقتها عن ذلك اللغز المُحيّر
فقال بالحرف  الواحد: وما ذنبي أنا، إن المسؤولين عن ذلك قالوا لي إننا سننتقل إلى البناية الجديدة، فحاول قدر الإمكان لطش وتلطيخ الجدران والكلام بيننا..
وأنا أخذت حقي!!
وفي موقف آخر أرسل المدير الموقر لطلبي، وبعد إنتهاء المحاضرة ذهبت                                    
إليه على مضض ( كان هو ومساعداه (س وج) جالسين في إنتظاري.
وبعد تبادل النظرات الخبيثة بينه وبين مساعده (س) فاجأني بتهديده قائلاً: شوف يا استاذ فتاح المشاكس، يقال أنك مرشح لأن تكون مديراً للمعهد،
إننا هنا لنحذرك كما حذرنا (ط)
وإذا حاولت سنجد لك تهمة التحرش بإحدى الطالبات.
سنأتي بها لكي تعترف عليك.. وهذا يعني طردك من المعهد او ربما السجن.
فقمت من مكاني موجهاً غضبي وكلامي له قائلاً: هذا لا يخفى عليك بأنني ضد وجودك هنا. لأنك جئت هنا عن طريق حزب وأنت لا تستحق هذا المنصب، لأنك فاسد وجاهل في امور الفن والثقافة.. ثم أنني لا أنتظر أن أكون مديراً او حتى مسؤول قسم
لأنني لم أكن بعثياً في السابق ولا بارتياً في اللاحق
وأنا أعرف سياسة البارتي، فكل ممن أتوا كان بعثياً وسخاً وسارقاً وعديم الأخلاق
او كان مثلك أنت وأنت تعرف نفسك.. أليس كذلك؟
المدير: ها .. نسيت أن أقول لك. أن غياباتك قد كثرت!
فتاح : طالما أنني لست بارتياً وأنت المدير.. فداكم نصف الراتب. باي!
المدير: أنت لست في السويد فيجب عليك التفكير على طريقتنا نحن،
وإلا ستندم!

                             للموضوع صلة

73
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية    4                        
                        
                             فتاح خطاب


كان الجزء الثالث قد إنتهى بخروجي من صالة الرفيق القافز
الموصف بالرقم الثاني،
غالقاً عليه باب الفكر والفن والثقافة إلى أبد الآبدين.
والظاهر في تصرفاته الحالية والآنية، إن القلم قد تبرأ منه أيضاً،
لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
لا أُخفي عليكم بأنني كنت مذهولاً بالتقلبات الفكرية والنفسية
والمواقف الإنسانية عند هؤلاء القافزين،
إذ كيف للإنسان السوي والمثقف، أن يتجرد من منابعه وأصوله الفكرية والفلسفية ويعيش فاقداً لمُثُله العليا،
لطالما آمن بها ودافع عنها وتحمل ما تحمل من حرمان وإقصاءات وعذابات..
ثم يأتي كأي ضحية، ليقلد جلاديه ويحذو حذوهم في قساوتهم وعنتهم..؟!
وقد صادف أن رأيت أناساً مناضلين، تركوا تنظيمهم السياسي وأكتفوا بالتركين والتجميد ولكنهم ظلوا يقظين
وحاولوا قدر الإمكان أن يدلوا بدلوهم في المناقشات العامة،
خارج التنظيم السياسي
وقد تحركهم الحمية والقناعة الذاتية الفكرية ليستعدوا للنهوض والتحرك
حين اللزوم في ظروف عصيبة، تستوجب التضامن والتكاتف والمناصرة..
وهذا ما حصل فعلاً مع رفاق قدامى في فترات متباينة.
أمّا هؤلاء القافزين الذين تساقطوا في ربيع الإنتفاضة،
دون أن يكون هناك تأثير خارجي اوتهديد جدي او إرهاب فكري عليهم
وإنما السبب الحقيقي يكمن في ضعف النفوس البشرية وفقدان الإرادة والأمل
والرغبة في الحصول على الغنيمة والإمتيازات..
قد لا يجدونها عند حزبهم المحاصر والمقموع والمخنوق بقفازات حريرية، ناعمة..
أمّا عند الحزب الحاكم فحدث ولا حرج.
إذ أنها مجرد كلمة ( إفتح يا مسمسم )
ستجد أمامك كل الابواب الموصدة مفتوحة الأفخاذ
ولا مستحيل تحت شمس الحزب..
وما رأينا من عجائب الزمان من قرارات وتعيينات وتوصيات وتزكيات عشوائية، تقشعرّ لها الأبدان
والأمثلة كثيرة وهي أكبر من أن تستوعبها موسوعة غييتس!!
والسؤال هنا.. على أي أساس وتحت أي بند قانوني، تم تعيين وترقية هذين الرفيقين القافزين السالفي الذكر؟
كمدراء عامين ومسؤولين إعلاميين وثقافيين من الوزن الثقيل،
وماذا كان لهما يا ترى من ملكات أو موهبة او تحصيل علمي من شهادات
أو حتى من نتاجات فكرية، أدبية  اوثقافية؟!
وقيس على ذلك كل الإجراءات والقرارات الحزبية الكارثية
وغير القانونية بالمرة..!
وبما أننا بصدد وزارة التربية التي تعتبر واجهة تربوية، علمية وثقافية
والتي يسيطر على إدارتها وتنظيم شؤونها التعليمية والتعبوية والدعائية،
الحزب الحاكم وذلك بإندساس وزرع الكوادر التعليمية (المتحزبة) حديثاً
وتعيينها في قمة الهرم ومفاصلها الهامة وأقسامها، قيادة وإدارة..
والنتيجة المترتبة على تلك الخروقات والتخريبات بدت واضحة في رداءة
وسوء مستوى التعليم عموماً وفي تفشي الفساد الإداري والمالي..
وأنا مالي أنا، مالي؟!
وهذا ما يذكرني بموقف كوميدي وحزبي يميت من الضحك على تصرفات بعض المحسوبين على الحزب الحاكم، وإن كانوا بالأمس من البعثيين الأقحاح..
وهنا أختار لكم بضعة مشاهد من المهزلة الحزبية:
نثرية الاقسام للعزائم الشخصية:
لن أطيل عليكم الحكاية، لذا أختصرها في ديالوج قصير مع رئيسة قسم المسرح.
فتاح: أراكِ تتصرفين مثل من سبقكِ، رغم أننا فضحناه على الملأ،
فأن النثرية ليست مخصصة لكِ وحدك ولعزائمك.
ر. قسم: إني أُحذرك! لا تتدخل بما لا يعنيك!
فتاح: وقد سمعت أكثر مرة، بأنك استوليت على أكثر من أجهزة الكترونية ك (إستعارة)    ولم ترجعيها لحد الآن.
ر. قسم: إن من سبقني فعل أكثر مما فعلت. ثم ما شأنك أنت؟
فتاح : مبروك عليكم. إلآ أنني اتسائل عن كيفية توزيع مخصصات المحاضرات،
إنها تملأ بشكل عشوائي ومبالغ فيها، وتأتي وتوزع بشكل عشوائي فيما بينكم أنتم الحزبيين أيضاً. والمستفيدون منها لا علاقة لهم بإلقاء المحاضرات الفعلية.
ر. قسم : نعم. نحن لنا الحق فيها لأننا حزبيون وأنت واحد شيوعي..
   عليك أن تشكر ربك في أننا قبلناك بدخول المعهد أصلاً ! ألا تتذكر ماذا فعل الإتحاديون؟ إنهم طردوا الكل ولم يبقوا سوى جماعتهم.
فتاح : والبارتي فعل نفس الشيء. ألا تتذكرين الصراع الذي دار بين أزاد جلال وفرهاد شريف؟
ر. قسم : وأنت مالك تتدخل فيما لايعنيك؟! لا، لا.. هذا كثير علينا. إنني مضطرة لأرفع عليك تقريراً للجهة المسؤولة. أنت هنا كائن غريب ويجب التخلص منك بأسرع وقت ممكن.. أتضحك؟! الآن سأتخابر مع أكبر رأس في الحزب، فسترى من أنا..! شيوعي وفي معهد الفنون الجميلة؟!! لا..
لا يمكن!

                                            للموضوع صلة

74
إغتيال حمامة السلام في أربيل العاصمة

                                 فتاح خطاب


حين تجرأ صدام المجرم في منتصف السبعينيات،
في أن يشوه المنجز الفني للفنان التشكيلي الشهير (فائق حسن)
بمسح حمامات السلام من على (جدارية فائق) الشامخة في ساحة الطيران،
قامت الدنيا ولم تقعد.. وبدأ الشعراء والكتاب والصحفيين والفنانين..
بفضح تلك الفعلة الشنيعة التي إقترفتها أيادي البعث الحاكم الآثمة،
والتي شكلت علامة فارقة في وحشية وشراسة تلك الزمرة الغاشمة.
وقد بادر شاعر العراق الكبير سعدي يوسف بإصدار ديوانه المسمى
ب (تحت جدارية فائق حسن). وكانت نظرة واحدة من قبل المارين
من هناك، في تلك الجدارية المنتهكةوالمشوهة،
وأنا كنت واحداً منهم، تكفي لتثير فيهم الغضب والإستنكار والإستياء
من حكم البعث المقبور وتكفي أيضاً لرفع روح المقاومة والمثابرة
على العمل الجاد لإسقاط الديكتاتورية.
وحصل ما كنا نحلم به حين رأينا كيف أن الأطفال والرجال والنساء
يسحلون رأس تمثاله البرونزي قرب ساحة الطيران ذاتها،
وهم ينهالون عليه بنعالهم ويمطرونه بصاقاً.
وقد بدأ صدام مشواره التتري من تحت جدارية فائق حسن تلك
وهناك أنتهى عهده الظلامي..
وهنا في أربيل العاصمة، نتفاجأ بإغتيال التمثال الشهير والتاريخي والجميل
الذي كان قد بُني على أنقاض تمثال (حمامة السلام) والذي بُني في عهد  
عبدالكريم قاسم وهدمه البعث الفاشي فيما بعد.
لكن المنطقة برمتها لا تزال تُعرف بإسم حمامة السلام
ولايمكن، بل من رابع المستحيلات محوها من ذاكرة أربيل التاريخية والشعبية.
هنا تحت تمثال حمامة السلام، أحسسنا ولأول مرة، ونحن لما نزل أطفالاً أو شبيبة عبدالكريم قاسم بحق، بالسلام والأمان وذقنا طعم الحرية والإستقلال..
أحببناه بصدق وعلقنا آمالنا به، كان الفرح يملأنا حين كنا نرى الجماهير الغفيرة
وهم يتزاحمون صوب الساحة والأيادي تتشابك في تشكيل حلقات وحلقات
للدبكات الكوردية على قرع الطبول وأصوات المزامير تتخللها خطب وشعارات ثورية من قبل الأحزاب الوطنية والتقدمية..
هناك كنا.. وهناك ترعرعرنا وتمتعنا بدخول المدارس الجديدة ولبسنا لبوسات جديدة، مُنحنا كتباً، كرايس، أقلاماً ودفاترة جديدة..
إستمعنا لإذاعة بغداد وهي تبث خطب الزعيم الخالد وإبن الشعب البار عبدالكريم قاسم، فاتح العهد الجديد ضد الإقطاعية والإستعمار والإستغلال
والتأكيد على الاخوة والمساواة والعدل الإجتماعي..
وكانت ساحة حمامة السلام تزدهي وتزدهر يوماً بعد يوم والأحلام تكبر..
حتى جاء يوم أيلول الأسود حين طالت يد الغدر والخيانة الثورة الفتية،
كما طالت يد التخريب والغدر هذا المعلم الحضاري والرمز التاريخي لنضالات شعبنا
من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة..
إن هذه الفعلة الشنيعة والجريمة السياسية ليست أقل مما أقدم عليها الطالبان
حين دمروا في أفغانستان تلك التماثيل التاريخية والتي كانت سبباً مباشراً في إشعال الحروب والمنازعات بين القوى الديمقراطية والقوى المتعصبة والظلامية.
إن ما حدث في أفغانستان لم تكن سوى تفجير التماثيل البوذية، لكنها كانت منجزاً فنياً جباراً، قل وجوده في العالم،
لكنه لم يكن في أحسن الأحوال، يعبر عن رمز فكري وسياسي
وعن كفاح وأحلام الشعوب المتعطشة للحرية والعيش الكريم
كما كان الحال مع تمثال حمامة السلام الذي كان رمزاً لأيام الخير والإزدهار
والسلام والأمان.. فإن من إغتال حمامة السلام، لا يريد الخير لشعب كوردستان. إنها لجريمة شنيعة لا تغتفر وتخريب بقصد مسح الذاكرة الشعبية وطمس رموزنا الوطنية.. عاشت حمامة السلام والموت والإندحار لإعداء السلام والوئام..!

75
   وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية 3

                                       فتاح خطاب


كان الجزء الثاني قد إنتهى بلقاء الغرباء مع الرفيق القافز..
حيث قلت له:
جئت أطلب حقي، دون أن أبيع نفسي او أن أكون رقماً تافهاً في سجلاتكم..
فخرج الرفيق القافز، هائجاً، مائجاً من قاعته الفخمة، دون أن يجلس،
ملوّحاً بإصبع الإتهام والتهديد قائلاً: أنت الرقم..
فأجبته على الفور: أنا لم ولن أبيع نفسى وتاريخي، لكي أتحول إلى رقم..
إثر خروجنا، عاتبني الأصدقاء على تصرفي بذلك الشكل المستفز والصادم،
مشيرين إلى أنني قد فتحت باب الجحيم على نفسي
وأضعت فرصة ذهبية، كانت من شأنها تقليب الموازين..
حتى أتعين وإستقر وأن أحصل على إمتيازات..
لحظتها شعرت  بسعادة عارمة لأنني قلت ما يجب أن يقال،
على أقل تقدير، لم أرض على تعييني عن طريق هؤلاء السماسرة السياسيين،
والعتب كل العتب على الحزب الحاكم الذي يقلد ويطبق بإمتياز سياسة
الإستقطاب والإستحواذ على طريقة الفاشيين الجدد. والتي أكد عليها
صدام بقوله ( أن من يريد العيش في العراق، عليه أن يركب سفينة البعث)
(لاحظوا التطابق والتماثل!) وذلك بإستخدام الأموال العامة وإيرادات النفط ،
على حساب الفقراء والمساكين وخريجي الكليات العاطلين عن العمل
والأطفال المشردين والأرامل والعجزة والمسنين وتلاميذ القرى والمناطق النائية المحرومين من التعليم والرعاية الصحية والإجتماعية.. لأجل أن يعيش هؤلاء الأرقام والطفيليين الخراتيت، عيشة الأمراء المدللين
ممن كانوا أصلاً بعثيين، مأجورين، مخبرين وجحوشاًً فكريين ومسلحين بإمتياز  
لذا لم أتعيّن ورجعت إلى السويد، معززاً مكرماً..
/ وأعجب ما في الأمر هو أن بعض مسؤولي (آخر زمان)
يتحدثون ليل نهار، عن الطريقة السويدية في التعليم والتربية
وهم لا يفقهون ولا يفهمون عن كنه وكيفية وأهمية وخلفيات
تلك التعاليم الحديثة، ولا يلتفتون إلى قانون الضمان الإجتماعي
وسياسة الكومونات وصندوق العاطلين عن العمل واللجان الشعبية..
وأقول: ووووووو.. لأنهم مازالوا يبحثون، يتناقشون ويجربون،
يتصلون ويتواصلون، ليس مع الجحوش والبائعين المخلصين او الإرهابيين المتعصبين والعرابين السياسيين،
وإنما مع ذوي الإختصاصات وعلماء نفسانيين وإجتماعيين وكتاب ومثقفين كبار../        
وبعد مضي أكثر من عام كنت جالساً أمام التلفاز وإذا بأحد الممثلين الذين شاركوا معي في الأعمال المسرحية التي كنت أخرجها مجاناً..
يطل علينا من خلال مقابلة تلفزيونية، متحدثاً عن هموم المسرح والمسرحيين،
فتسائل عن الفنانين المتغيبين والمغتربين وبغتة نطق بإسمي قائلاً: يا عزيزي فتاح خطاب إرجع! المسرح ينتظركم. تعالوا لنخدم المسرح كما كنا سابقاً!
المسرح الذي ضحينا من أجله بالكثير..
حينها كانت زوجتي جالسة بجانبي، فبكيت بصمت.
فأتفقنا على العودة من جديد. رغم أنني كنت دائماً اؤكد لها
بأنني أُحس أن مدينتي ومسرحي ونقابتي ومعهدي محتلين
من قبل البعثيين والفاسدين والعبثيين وأشباه الفنانين والإنتهازيين
المحميين من الحزب الحاكم الذي يحاول السيطرة على المؤسسات الإعلامية والثقافية عموماً ترهيباً او ترغيباً وبفلوس نفطنا نحن..
ويا ريتني ما رجعت! والسبب هو أن رفيقاً آخر
طقمص دور جوبلز الهتلري فأصبح لايطيق رؤية رفاق مثقفين أحرار،
مازالوا مرفوعي الرؤوس، رافضين الإستسلام والخنوع
والعيش في كنف امراء النفط ، عبيداً أو رقماً تافهاً في سجلات بائعي النفط ،
لشراء الذمم والأقلام وخطف الكوادر من الأحزاب المحاصرة أصلاً
والمحرومة من الإستحقاقات النضالية..
بالتآمر والتواطؤ مع الأحزاب الذيول والتابعين والمدجنين على طول الخط ،
ليصنعوا بسكوتهم عن الإعتداء والتجاوزات والتحويش، ديكتاتوراً آخر
وذلك بإسم الديمقراطية والإختيارالحر والحفاظ على المكتسبات والمنجزات
و وحدة الصف الوطني والوقوف معاً أمام تحديات الوضع الراهن..!!!
لم يفكروا بأن الحرية هي أن يتمتع جميع الكتل السياسية والتنظيمات الإجتماعية والجمعيات المستقلة، الثقافية منها او الفنية..
بالحقوق المدنية والإقتصادية والفكرية، مستفيدة من خيرات وثروات
البلد على قدم المساواة  
وأن الديمقراطية هي الحفاظ على الكيانات السياسية والشعبية وفتح قنوات الإتصال والتواصل، تحقيقاً لمبدأ الشراكة الفعلية في الحكم والتحكم  وحرية الإختيار، دون المساس او التدخل في شؤونها الداخلية والتنظيمية وإشاعة روح التضامن والتسامح وقبول الرأي الآخر في القضايا المشتركة، تسودها الشفافية والوضوح في التعاملات
السياسية والإقتصادية والتجارية وفي إتخاذ القرارات الحاسمة والمصيرية،
بعيداً عن الإنفراد والتسيّد والتهميش والإقصاء..
/ وهذا ما يذكرني بالرفيق المدير العام لكونه، ليس من المبدعين
او الفنانين المعروفين، وإنما من المستفلسين القافزين من على قطار الألف ميل
ولجؤه إلى الحزب المسيطر على مقدرات الشعب ،
ليتمتع بهبات الرئيس القائد والإمتيازات المقطوعة أصلاً من رواتب المطرودين والمحرومين والمستبعدين من رفاقهم القدامى..
والقصة بدأت أو بالأحرى المسرحية الفاشلة والمفضوحة سلفاً،
حيث أن الوزير يتظاهر بأنه قد وافق على التعيين ويجيز نصاً مسرحياً، بغية الحصول على ميزانية العمل، على الرحب والسعة.
وهذا ما جعلني أندم على سوء ظني بهم وحكمي المسبق عليهم
بأنهم شلة من المستفيدين والبيروقراطيين والإنتهازيين..
يحاولون جاهدين محاربة المبدعين الشرفاء الذين لهم تاريخ مشرف
في مقاومة البعث والكفاح المسلح
وفي النزاهة والعطاءات الفكرية والفنية والأدبية..
كان الطريق بين قصري الوزير والمدير العام القافز لم يكن سوى بضع خطوات،
إلآ أنه قد طال من شدة الندم وكثرة اللوم وتوجيه النقد الذاتي.. لا يا فتاح الفوضى!
إن بعض الظن إثم..! لا,لا.. أنت فاهم غلط..!
وماذا إذا ما قفزوا؟! ليس كل من سقط  خان..
وأن الوزير قد وافق ووقّع وماذا تريد أكثر مما كان؟!
فطرقت الباب ودخلت وأنا في حالة يرثى لها من شدة الخجل وسواد الوجه..
وإذا بالمدير العام القافز يفاجئني بطلعته البهية
وهندامه الملوكي وعنجهيته من وراء مكتبه الصدامي،
موجهاً لي أوامره الخشبية: كيف تجرؤ فتدخل مكتب الوزير دون أن تراجعني أنا؟!
أنا هنا المدير العام وأنت مازلت تبحث عن العمل.
ومن قال لك بأنني سوف اوافق على طلباتك يا من لا صفة له بعد
فأقتربت منه ممزقا أوراقي وناثراً عليه قصاصاتها وأنا أقول له: لكنك حامل صفة لاتزول، هي أنك بعت تاريخك ونفسك وقلمك لأجل محاربة المثقفين والفنانين الشرفاء من أمثالي أنا الذي لم ولن يبيع نفسه وفنه وقلمه.. مثلك أنت الجاهل والرخيص.. وخرجت غالقاً عليه باب الفكر والفن والثقافة إلى أبد الآبدين. والظاهر في تصرفاته الحالية والآنية، إن القلم قد تبرأ منه أيضاً
لأن فاقد الشيء لا يعطيه.        
                        
                          للموضوع صلة
[/b]

76



ذلك الكتاب المتمرد

                    فتاح خطاب



في ثنايا كل تلك الكتب البراقة
الغليظة، الثمينة والمعتبرة رسمياً
كان هناك ثمة كتاب وحيد، مهلهل ومكفهّر
ذلك الكتاب المهلهل
كان قد أبطل كل الاكاذيب المنمقة
وأسقط كل تلك الاقنعة المزيفة
لرؤية الحقائق الكونية، كان بمثابة مرآة صافية
ولتصحيح المغالاة والاخطاء التاريخية، كان فرصة وافية
*****
ذلك الكتاب المكفهّر
كان مختفياً، ضائعاً بين عناوين تلك الكتب البراقة
المسموحة رسمياً
والعناوين كانت:
ـ كيف تتعلم الركوع والسجود لآلهات العصر الحديث
ـ كيف تتعلم أن تكون قاتلاً محترفاً براتب وزير شاعر
ـ كيف تصبح قائداً وترليونيراً
حسب الطريقة اللارأسمالية
ـ كيف تخفي آثار الجرائم السياسية
   بمحاكمات صورية وبهبات خيالية
ـ كيف تكسر عيون الصحفيين والادباء والفنانين   
   يؤمنون بالرأي الآخر
   ويتحدثون عن لغة الارقام الفلكية
   بلسان حاد وساخر
ـ ملك الملوك
ـ كبير الآلهات
ـ شجرة العائلات المقدسة والعائلات المدنسة
ـ سيوف وخوازيق ما بعد الحداثة
ـ العصا السحرية
ـ صك الغفران
ـ من تمنطق، تزندق
ـ فن اللطم والتزنجل
ـ عن طريق اللطم وصلنا الى الحكم
ـ تسقط الحكومة برمتها في الربيع
   وتُبعث شُبه حيّة في بورصات عالمية
ـ بيع نفسك ! إذ ليس لديك متسع من الوقت!
ـ فوائد الخوف واليأس والخنوع والكبت الجنسي 
*****
ذات يوم، التجأ إلي ذلك الكتاب المتمرد
بطرََقات متسارعة على الباب 
إثر تعرضه لنوبات اليأس والكآبة
ما لبث إن فتحت الباب
حتى تراءت لي هناك في الخارج
فريقاً حكومياً من آذان راصدات وعيون جاحظات
مع كومة من اللحى المصطنعة والمستوردة خصيصاً
وثمة جبين بماركات مسجلة
رافعين لافتات تقول:
( بالروح بالدم نفديك يا هدّام )
يا هدّام.. يا هدّام
نفديك يا هدّام..


77

وداعاً.. يا كتابي
          

                                   للكاتب المسرحي: فتاح خطاب



لا تحزن..!
ها أني أتركك كما يُترك لقيط جميل ومنبوذ
على رصيف الشارع
في مدينة ناسها لا تقرأ ولا تحبذ وجع الرأس
بالقيل والقال
إنهم يفضلون السجود والركوع والامتثال
بكل خشوع وإجلال
لأولياء نقمتهم الاشرار
لا يجيدون غير لغة الدم والدمار  
ولا يستسيغون الكلام
إلآ عن الحرام والحلال
فلا تحزن..!
أتركك بعد كل تلك المعانات
والأسفار التي لاتنتهي
بحثاً عن كل جدّ وجديد
ولشدّة ما تشبثت بالتجديد
غدوت أنا نفسي من المُعَتّقات
لا تحزن..!
أتركك لوجه الله والحقيقة
بالمجان
إذ أرفض المتاجرة بمقدساتي
كما كنت في سابق عهدي
وزهدي في الحياة، عدا الخمر والسيجار
والوجه الحسن، على ما أقوله شهيد
لأجلك
جعتُ حد الكفر
سهرت حتى مطلع الفجر
تخاصمت، طُردتُ، قاتلتُ، ترحلتُ
تشردت في مدن لا تغيب عنها الشمس
وهي تلوّح مكرهةً
ودُفنت في ثنايا ثلوج مدينة تبخل عليها الشمس
بضوئها.. فتُعبد عبادةً
وفي كلا الحالتين كنت التجئ الى احضان الطبيعة الاُم
أفكّ لغزها السهل الممتنع وأرهف السمع لنداءاتها
فأنطلق بحثاً عن نصفي الآخر، لأرفع رايتي بين التفاحات
بيضاً كانت كالثلج او سمراء كالقهوة اليمنية
ولكي لا أقع في جحيم (رامبو) فاُخذَل أمام التاريخ
وألآ أكون من قتلة (اولوف بالما) فأخترت مبادلة الحب
اسلوباً لحياتي و وفاءً لنصفي الجميل
دونما تفريق او تمييز فيما بين اللغات
وما دمت إنساناً، فكل الناس مني
وأنا منهم. غير آبه بالخرافات
ولأننا من ساكني هذه الارض الحبلى بالتنبؤات
ستبقى في نظري كل التفاحات متشابهات، مشتاهات  
بغض النظر عن المعتقدات والاصوليات
او القبليات العصبيات
وأما بنعمة الطبيعة الاُم فحدِّثْ!
إذ نحن منها وإليها سنعود
فلا تحزن..!
لأنك الابقى والاجدى
من كل مخلوقات الدنيا والآخرة
والأجر على الله اولاً وآخرا
وعزائي الوحيد هو أنني تركتك من بعدي
شاهداً، مستشهداً..
فلا تحزن.. يا كتابي
سيكون عمرك أطول من عمري المسروق
من قبل طغاة صغار
نفوس صغار
عقول صغار
وسراق كبار، كبار
سراق الفرح
سراق الأمل
سراق الحياة
لم يفقهوا سر الوجود
ولم يفهموا بأن ( أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود )
فرجائى ألآ تحزن!
أقلًها كنا أعقل من جلجامش
الذي طفق يبحث عن عشب الحياة
فخسر الرهان وعاد بخُفيّ حُنين
أمّا الحياة ذاتها قد جعلتني أهتدي إليك
لاُدلي بشهادتي عن الناس والحياة
وها أنت الآن تشق دربك وحيداً
لتبشّر الناس بحكاياتي..
بكلمات نابضة، دافئة كلحظة حب
لم يألفها ولم يقلها أبناء جلدتي
وتلك هي سر بقاءك
فلا تحزن!
قد تُحبس في حجرة جاهل طفيلي زمناً
قد تَقبع في غُرف المُهملات زمناً
قد يتحفظ عليك مثقف أناني زمناً
قد يخفونك عن الانظار
او يلقونك في أتون النار
او يمنعونك عن الإصدار
او ينفونك فيما وراء البحار      
فلا تحزن..!
لأنك ستعود ذات يوم مجدداً
رغم كل العواصف والاقدار
ستشقّ أمامك كل الحدود والسدود
وستكتسح كل الخطوط الحمراء
ستعود لتحيا بأبهى صورك
لأحيا معك
وستعبر الجبال والصحارى والانهار
ستهبط في عواصم جديدة
وستُبعث في أجواء جديدة
مع اناس جدد
لا يفقهون سوى لغة الحب والإيثار
لا يعرفون سوى جمالية الفن والادب الرفيع
والرقص والضحك والغناء على أنغام القيثار
حينئذ ستستريح بين أيد أمينة
يخافون عليك من بلل الامطار
من عبث اطفال صغار
من فضولية قططهم الأليفة
او من رماد السيجار
سيمسدّون بأناملهم الرقيقة وجهك المشرق
لكي لا تُثار  
فلا تنغر..!
إن رأيت إشراقة دمعة في عيني راهبة
او ممثلة مستجدة
لا تنغر..!
إن ذُكر إسمي في مهرجانات أُممية
لا تنغر..!
إن وجدتني بعد عصور وعصور
بين جميلات الازمان والدهور
وأنا اُصفق ل ( فالانتاين ) لإجادة دورها وحسب
او حتى إن قبّلت ( انتيجونا، ازميرة، آفروديت، آزادة
جولالة، يولدز او أستير)
وذلك لإجادة دورهن، لاغير
فرجائي آلآ تنغر!  
ثم ما شأنك
قد أرقص سامبا او صلصة برفقة كاترينا اوسوزان
قد أنشر يداي وسع الفضاء
على أنغام ثيودوراكس، مثلي كمثل زوربا
غارقاً في عيني فينوس الزرقاوين.
وعلى أنغام صالح ديلان أستسمح
لأدبِّك تحت ضوء القمر مع بنات أفكاري.
واحدة تلو الاُخرى..  
لا.. لا تقل: أرى إن ربك يسهل لك الامور حسب رغباتك!  
بل قل إن ربك ُيعوِّض لك ما فقدت من عمرك الجميل
وما حُرمت منها في حياتك!
قل: ربي زدني علماً، فناً ، أدباً وجمالاً.. لا جهماً ولا جهلا
وأرزقني بأولاد كتب صالحين!
آمين يا رب العالمين.
آمين.

                      
•   الاسماء الواردة في هذه القصيدة
  هي من شخصيات مسرحياتي

78
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية 2

            فتاح خطاب

كان الجزء الأول قد انتهى بقولنا : أمّا إختيار الوزراء والمدراء والمفتشين ورؤساء الأقسام والمساعدين تحت (التمرين) وسكرتيراتهم ونادلاتهم وخادماتهم..
حسب التزكية والأمزجة الحزبية، فهو الخراب بعينه..!
ويا ليت كل الإجراءات والقرارات تأتي من الحزب الحاكم
لنكون على بينة من أمرنا.. إنها الفوضى ما بعدها فوضى.
لكي أُقرّب واوضح الصورة سأتحدث عن تجربتي ومعايشتي الخاصة
في هذا الصرح التربوي الذي تحول، على أيدي أناس عبثيين وبعثيين
قدامى ومتسلقين وإنتهازيين ومخربين ومتخلفين،
أتى بهم زمن المنافسات الحزبية في أستقطاب واستدراج الكوادر القديمة،
لغرض إنضمامهم إلى تنظيمات الحزب الحاكم المدفوعة الثمن.
وأعجب ما في الأمر، هو ظاهرة دفع الرواتب للمنتسبين الحزبيين
وزجهم في وظائف مؤقتة او الدوام في منظمات حزبية او مخابراتية
اوفي مؤسسات الدولة الرسمية، براتب إضافي،
قد يعادل الراتب الأصلي، بإسم (الوظيفة لمؤقتة)
هي الاولى والفريدة من نوعها في عالم السياسة ، إذ لم نسمع عن مثل هذه التخريجات في تجربة أي حزب من بلدان العالم،
في إهدار الأموال العامة للمصالح الحزبية،
إعتمادها الكلي على التحزب والوساطة والمحسوبية،
وكان من طبائع الأمور الحزبية، أن شخصاً واحداً،
كان بإستطاعته أن يحصل على ثلاثة رواتب في شهر واحد، دون أن ينتج شيئاً يذكر!!!    
هذا ما عدا الإنخراط في الأعمال التجارية والوساطة في تسهيل أمور المتعهدين والمقاولين ومندوبي الشركات والمعامل مقابل فوائد مالية خيالية.
لاتعرف مصادرها الحقيقية!!!
هل هي نابعة من الأوامر الحزبية  الفوقية أم من الطابور الخامس؟
وهو الجهة الوحيدة القادرة على إختراق التنظيمات والمحذورات والتسلل والوصول إلى أصحاب القرار والشأن من خلال إقامة علاقات المصالح المتبادلة بينهم
وبين رموز السياسة او الزمرة غير المحصنة والمتساهلة والمنفتحة،
لا تشغلها الهموم والإلتزامات المبدئية بقدر ما تشغلها المصالح الذاتية
وإستغلال النفوذ والظروف المتآتية بقصد المتاجرة السياسية،
وبالاخص الرموز المتنفذة داخل التنظيمات الحزبية المتداخلة والمتورطة في شؤون التجارة غير المسموحة بها أصلاً، لمن له مسؤوليات إدارة الدولة.  
نعم. إنه بلا شك الطابور الخامس
الذي كان ولازال، له اليد الطولى في تسيير الأُمور المافياوية وغسيل الاموال
والسيطرة على تسويق المواد الأساسية والمربحة كقطاعات النفط والشركات العملاقة لاستيراد المكائن والسيارات ومواد البناء والتأسيسات الضرورية والتدخل في إنشاء الكيانات والبؤر التآمرية لضرب المصالح الوطنية والشعبية
وإشاعة الفوضى والبلبلة السياسية وزرع أسباب الشقاق والنفاق
بين الكيانات والرموز السياسية وإختلاق الأزمات الإجتماعية
التي من شأنها تقويض الأستقرار السياسي والأمن الإجتماعي، من حيث ندري او لاندري. وله ايضاً الدور البارز في تشويه الحقائق وتوجيه الضربات للكيانات والقوى الوطنية المخلصة والرموز الخيرة
التي تحاول جاهدة النهوض بالبلاد من كبوتها وتأمين سيرها
في بر الأمان والتقدم والتطور الإيجابيين والتخلص
من سلبيات وتبعيات الماضي المقيت.
وهذا ما يهمنا الخوض فيها وهذا هو مربط الفرس.
إذ رأينا بأُم أعيننا وتلمسنا وجود خراتيت الخراب وبومات الشؤم
والحاقدين على المناضلين الشرفاء الذين ضحوا وقدموا القرابين
لأجل التخلص من الديكتاتورية وإقامة دولة ديمقراطية
يحكمها القانون ويتمتع فيها الشعب كل الشعب، دون تفرقة او تمييز
بحقوق المواطنة والحياة الكريمة والكل امام القانون سواسية..
ونحن كنا جزءً من هذه القوى الخيرة التي ضحت وعانت الأمرين في زمن البعث والبعثيين المحليين، الذين كانوا أداة القمع والتعذيب والملاحقة بيد السلطة الغاشمة
وهم أنفسهم، بعد تغيير المواقع والأقنعة
قد أصبحوا أكثر شراسة وشيطنة، في إستخدام أساليب المحاربة والإحتراب،
تحت حماية وتشجيع النظام الجديد الذي أراد تقوية أركانه بالإستفادة من تجربتهم وخبرتهم التنظيمية والإدارية..
وهم بدورهم تحولوا إلى نخبة مستفيدة، جراء ما قام به النظام الجديد من إستبعاد وتهميش القوى التضامنية في النضال المشترك، من المشاركة الفعلية في الحكم والإدارة..
وما صرح به المناضل العتيد ( عزيز محمد)
بعد مضي عشرين عاماً على الإنتفاضة، في المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي الكوردستاني، مفاده: إننا نتسائل لماذا ليس هنالك أي مدير مدرسة او مدير ناحية منتمياً لحزبنا؟
اليس للحزب كادراً بإستطاعته إدارة مدرسة إبتدائية
أو أن يكون مدير ناحية..؟
ولماذا كل من قفز من الأحزاب يحصلون على إمتيازات..
ونحن بدورنا نضيف على ما صرح به هذا الرمز والقائد ونتسائل:
من هم الذين يديرون الآن شؤون وزارة التربية والتعليم
ومن هم الذين تبوأوا المناصب العليا من المفتشين التربويين ولفوق جداً جداً..
ألم يكونوا من البعثيين الاقحاح والعباقرة؟                        
والدليل كالآتي:
بعد رجوعي من السويد، أكثر من مرة، بعد كل تلكم السنين الطوال،
من الإضطهاد والحرمان والمطاردة وحرب الأنصار
والعيش في الغربة أطول من ربع قرن.
لم أتعين ، لا في زمن الإتحاد ولا في زمن الحزب الديمقراطي..
وذلك لإعتبارات حزبية أيضاً.. (لاحظوا التطابق والتماثل)  
وكان في وقتها يقال بأن لبقاءنا في الغربة فائدة للطرفين،
أي نحن  والحكومة الموقرة..
فعلينا أن نبقى عالة على الدول الأجنبية لغرض تحويل العملات الصعبة إلى أهالينا، وليكفي الله الحكومة، شر العائدين من الدول المتمدنة والديمقراطية.
ولأن الحكومة لم تكن قادرة على دفع الرواتب سوى لرجالاتها
والمحسوبين والمنسوبين إليها فقط ،
فكانت تصرف النظر عن تعيين الموظفين الجدد،
فليس على الهاربين من جحيم البعث، ومن الجوع والبطالة وإقتتال الاخوة الأعداء
وعدم الاستقرار.. إلآ الإنتظار.
وبعد سقوط الصنم تعافت القدرات الإقتصادية وقد أصبح من الممكن للموظفين القدامى ممن فُصلوا من وظائفهم في زمن البعث المقبور، العودة إلى وظائفهم السابقة
وأنا كنت واحداً منهم. وحدث معي هذا الفصل البائخ والمخجل،
و(ما أشبه الليلة بالبارحة) ولكن أين حمرتك ايها الخجل؟
طلع القرار من مجلس الوزراء، وبدأنا برفع الدعاوى
وأُحيلت الأمور من وزارة التربية الى مجلس الوزراء،
حيث الأثنان من الخبراء الأميين والمتبقيين من العهد البائد،
كان لهما شأنهما الخاص في إتخاذ القرارات بشأننا نحن اللاجئين الجدد
والهاربين من وجه العدالة، فكانت الأسئلة الغبية وغير المسؤولة على هذه الشاكلة:
لماذا رجعت؟ هل تصلي؟ هل تصوم؟ هل أكلت لحوم الخانزير؟
كيف تثبت بأنك قد فصلت من الوظيفة،
هل كنت هارباً من وجه العدالة لكونك شيوعياً،
كيف تقول أنك كنت نصيراً؟ هل تنتمي للحزب الحاكم الآن؟
دع اوراقك هنا وأخرج وتعال بعد ثلاثة شهور او أكثر، إذ ليس هناك شيئ مؤكد.
لا تتحدث معي هكذا وإلآ سأجلب الشرطة!
هنا ليس السويد، أنسى، أنسى.. هاي هاي.. ويريد أن يتعيّن!!!
رح صلي وتعال! يا آكل لحوم الخنازير..
وبعد ستة أشهر من المراجعات والتوصيات والدوران في دائرة الحكومة المفرغة،
تبين أن أوراق التعيين قد ضاعت.. (بفعل فاعل)  
ولم أتعيّن. وبدأت بمراجعة وزارة التربية من جديد وبعد طلوع الروح رجعت إلى الوظيفة، كأي خريج جديد دون أي إضافة على الراتب القديم..
ولكن إلى أين؟ إلى نفس القرية التي تم نقلي إليها، قبل ثلاثين عاماً، بسبب عدم إنتمائي لحزب البعث، لأكون عبرة للآخرين (لاحظوا التطابق والتماثل)
وأثناء وجودي في مدينتي إلتقتيت ببعض الكتاب والفنانين
الذين يعرفونني عن كثب، فأقترحوا أن التقي بأحد الذين ركبوا الموجة بإقتدار
والذي كان ينتمي سابقاً للحزب ذاته وكان معنا في فترة حرب الأنصار،
فتأثرت له وحزنت عليه                                            
وبالأخص حين قرأت له كتابه اليتيم (الإنهيار)
حتى أصابه هو الإنهيار التام والضياع في دنيا المصالح الذاتية والإمتيازات..
ويا لمفارقة الأقدار في أن يلتقي الرفيقان كالغرباء، بفعل سياسة الإستقطاب
وخياسة سوق النخاسة..
كنت جالساً في مكتبه الفخم والضخم، وحيداً، مستغرباً، متسائلاً ومتعجباً من امور وسلوكيات هكذا ناس، إذ كيف يستريح النصير المقاتل
وحامل مشعل الحرية وراية التغيير، في كنف الأحزاب البيروقراطية
ذات الخلفيات والتوجهات الإقطاعية والعشائرية..
لأجل التمظهر واللقمة الدسمة ولعب دور القامع والمضطِهد والجلاد،
بعدما كان هو والأبوين المناضلين والعائلة الكريمة من ضحاياهم؟
وعانوا ما عانوا من الظلم والاضطهاد..
والإنكى من ذلك أنني كنت معروفاً كمخرج مسرحي وهو مازال طالباً مراهقاً.
وإذا بأقدار السياسة تجعله في هذا الزمن الأغبر مسؤولاً على تعيين
من هو أكبر منه شأناً، ثقافة وإبداعاً..
وهذا ما كان يقصد به عزيزنا السكرتير..
حين أكّدَ على ( القافزين من الحزب..)
وأنا بدوري قلت له، وهو في طريقه إليّ : إنني رجعت وأطلب حقي في العودة
إلى وظيفتي السابقة، دون أن أبيع نفسي
أو أن أكون رقماً تافهاً في سجلاتكم..
            للموضوع صلة !


79

من الشعر الكوردي المعاصر   4  ترجمة : فتاح خطاب





            آه.. لو أحتكم  بنفسي..!



للشاعر  :  رفيق صابر

ترجمة  :   فتاح خطاب



لوأقدر..
لو أقدر..
على:
أن أرجع الى بداية البدايات
أن أخلق مسارعمري المديد بنفسي 
أن أبتدع أسلوبأ جديدأ للرؤى   
أن أقتنص فرصة للتوحد
والتكيف مع الذات
مع الصخر
والدهر
ومع كل الأزمنة.
أو أن أخضّ كل الخلايا في جسدي
محرضا،
كي تشق عنها كل الأستار.
لتبوح  كل ماعندها،
من أسـرار.
من أسـرارالروح
الأزلية 
                                             
2

لو أقـدر..
على:
أن أتحرر من قيود الزما ن
ومن زنزانة هذا المكان                   
وأن أوقد رماد الأيام الخوالي   
أن أفرش ظلي كالبساط
لتلكم ألأشــــياء

وأن أهب تكوينات جديـدة
للضــــــــــياء
فرصة سانحة للتشــاور
مع الـــــــــذات                                 
وتحاور ألأعمــاق
أوأن أبتكر موسـمأ آخــــر
لموت آخر
للتأمل
والعشــــــــق
لشـمولية الذهـن وانبساط الخيـال
فـي يـوم ميــلاد جديـــــد 
آخر

3

لو أقدر..
على:
أن أواجه نفسي
وأن أفاتحها
أن أخاطب نفسـي بلغـة أخـرى
لم نألفها 

أن أحـل لغزهـا القـابع فــي دواخلهـا 
وأن أجعل كل خلية فـي جســـــــدي
تتآخى                                   
مع هــــــارمونية الروح
وتناغمهــــا       

4

أنا،
لم أكن أنـا نفســــي
بل أنـا كنـت أنتـم
أنتم كلكم
لا.. لم أكن أنـا نفســـي
أنــــا ذاك الطفـل الشـارد 
الذي تاه عن أحضــان أمه
وطفولتي،
هـا هـي ذي، مرمـية فــي صـــقيع
طرقات  الليــل البــارد
أما أنــا
فكلي صـحوة للشـك المريــب

فلا ريـب  فـي أن تروا جبيني المعفـر
قد لوح بألـوان الصـخر
ومـلامح وجهـي الحــالم                             
تحاكـي حــالة الغــروب 
في القفـر

فأنا..
كنـت أنتم
ولم أكن أنـــا نفســي
ويا ليـتني أكون أنــا
أنـا نفســـي. 

5                   

هــا أنا ذا..
أتســلق قـامة نفسـي
مثلي، كمـثل موجة ضـاربة 
فـي الصـخر
كالمـد على ســواحل البحـر
ويـا ليـت شــعري..!
آلآ أتيـه فـي دوائر نفســي

ريثما أسـتقر
في عوالم نفسـي

6   

ولكـن،
يا ترى ماذا بقـي مني؟
 وهـذا الجســـد وتلـك الروح
إلى أي مـدى، 
متفقـيّن                                                                                                                   
ومتوافقيّن؟
تـرى
مـاذا
من ملكات الماضـي 
بـاق مني؟

7
فـي حظوة النـور
والضــــياء..
أتفـتح مثـل زهـرة
منتشية ألأهــواء

أعطـر جسـدي بندى الصـبح الباكر
وكذلك، روحـي   
أُصقلهـا بنار الشـك
وبشعاع الضـياء 
آه..! لو أحتكم بنفسـي
لو أقـدر..
لو أقـدر..
عـلى:
أن أتجـاوز نفسـي
أن أتجـاور مع نفسـي
أو.. بكل ما أوتيت من قـوة
أن أهـرب من نفسـي   
                 ***


80
قصة كوردية مترجمة ـ فتاح خطاب 

الفارس
       
      للقاص : رؤوف بيكَه رد
      ترجمة  : فتاح خطاب



في البدء كنا نحرك أنفسنا على الشكل التالي:
خطوة إلى الأمام، خطوتين إلى الوراء
خطوتين إلى الامام، خطوة إلى الوراء
طوال الفصول كنا يدأ بيد والطمأنينة كانت ثالثنا، ظناً منا أن سلوكيتنا تلك لشئ طبيعي. إذا كان واحد منا قد خالف او غيّر شيئاً من تلك الحركات أستناداً إلى فكرة ( لا قدرة لنا أفضل مما كان) او ( الانفصال هو الموت بعينه )           
وهكذا تقاسمنا على أنفسنا، موروثاتنا التي لم يصدر حكم إطلاق النار عليها بعد. مرت الفصول واحداً تلو الآخر ونحن نغذي خطواتنا إلآ أننا مازلنا نتراوح في ذات المكان. حيثما حلّ فصل آخر، وقد أطلق الرأي العام عليه (فصل الصقر) قديماً كان الصقر يطلق على جمهرة من الناس وفور هبوطه على أي واحد منهم ينصّب ملكاً عليهم. ولكن صقر فصلنا هذا، كان ينبغي القبض عليه عنوة وتحت حراسة أثنين من الجنود الاشقياء الواقفين في كلا الجانبين، الأيمن والايسر. وقد هبّ الجيران كلهم بحثاً عن الصقر، بغض النظر عن قربهم أو بعدهم عن المكان. فأي واحد قُدِّرَ له النيل من الصقر كان يتوّج ملكاً. ونحن في ذلك الهرج والمرج كنا ندور حول انفسنا، نتناكف ونصطدم ببعضنا البعض..
لأجل القبض على الصقر ولكي ننزع عنا تلك الملابس الرثة التي أورثناها ممن سبقونا والإستغناء عنها، بأرتداء الأجود والأحدث منها. كان الجيران بوجوههم الممكيجة قد أبدوا إخلاصهم لنا قائلين:
ـ ها نحن اولى قد القينا القبض على الصقر وأصبحنا ملوكاً. إن القبض على الصقر ليس سهلاً. وكل من يتمكن منه يجب أن يحافظ عليه. ولكي لا تقعوا في المشاكل والنوائب، تعالوا وأنضموا إلينا وسوف نعيش سوية كالاُخوة!
كان هناك ثمة أشخاص بيننا، ممن يشكرهم على ذلك الإخلاص ويثني عليهم وثمة شخص كان يضحك في سره واضعاً الخطط في كيفية القبض على الصقر. كان كل واحد منا يفكر بطريقة مختلفة.                           
ـ الجندي الواقف في الجهة اليسرى فهيم وشجاع، إنه يسير على الاسس المعلوماتية، يعرف الناس جيداً ومُلّم بمعطيات الامور التي تجعلهم يتصادمون فيما بينهم. إذا لم يساعدنا هو في إختيار مكان الصقر، لوقعنا في هاوية مغامراتنا.
ـ الجندي الواقف في الجهة اليمنى مقتدر ومتمكن، يفعل ما يحلو له وإذاما أنبس أحد ما بكلمة، سيقطع لسانه دونما تردد. إنه بفضله هو فقط حظي جيراننا بذلك الصقر.
ـ إن الذين قبضوا على الصقر لم يكونوا أفضل وأكثر عدداً منا. إذا لم نألوا جهداً أكبر ونشقى أكثر لأجل الحصول على الصقر، فإننا سوف لا نقدّر أهميته.
آنئذ بدأنا بالبحث والاستكشاف. فكرنا، أنتظمنا وهيئنا قوافلنا للسير في الطرق البعيدة، مالبث حتى تفاجأنا بضربات القصف وإشتعال النيران عمت المنطقة برمتها.. أينما وليّت بوجهك، لن ترى سوى رماداً، تاركاً أثره عميقاً في الذاكرة. كان أهل القرى المجاورة قد فقدوا كل ما لديهم من ممتلكات متروكة. ومنهم من بات قوتاً للنيران التي أضرمها الحقد الأسود. وما أن خمدت النيران حتى لاح من بعيد راكب حصان، كان الحصان ثقيل الخُطى، متطأطئ الرأس. اقترب الراكب وصاح:
ـ أنا سأقبض على الصقر.. أنا سأقبض على الصقر
أُنظروا إلي! ها أن البرق يومض من تحت حوافر جوادي
فيشيع الرعب في مهرجان زخات المطر
ـ يا أيها الفارس! يا حادي قافلة البرق
اسأل سؤالك بحرقة قبل الكرّ والفرّ
فالسؤال كالنعش الذي تحُشرُ فيه
أجداث الجبناء
ـ يا أيها الفارس لاتخف، فالغيوم تُسقط أمامك أمطار الموت!
ـ أنا المطر.
بات الحصان المتهالك يتراخى ويتململ تحت زخات المطر والفارس قد لُفّت حول عنقه شِباك كائن ممسوخ وممكيج، فيما لم يزل صوته  قد فارق حنجرته المختنقة بعد، قال لنا:
ـ قبل أن تبحثوا عن الصقر، عليكم البحث عن جواد أصيل!
كانت آخر قطرات الدمع ما برحت جفوننا بعد وإذا بعاصفة جواد آخر قد هبت من بعيد، حيث أن الفارس كان يقتحم المدى لإثبات الذات، يلفلف ويجرف بإندفاعاته الخاطفة كل بقايا الأشجار المتآكلة والمتيبسة وراءه، كان رمقهم الأخير ينتهي بآخر شهقة على تراب الارض. لقد متّعنا أنظارنا برؤيته، وكان الفرح قد لوّن شفاهنا الباسمة، حين رأينا أن صقراً قد إستقرّ بين أبصعيّ فارس عركته التجارب، صقّلته الحياة فأنطلق هتافنا عالياً:
ـ فليسلم الجواد الأصيل، إذ لولاه لما أصبحنا ملوك أنفسنا.
كنا نمُسّد براحات أيدينا أطراف وجه الحصان وأضلافه ونقبّل جبينه ونحن ندور حول الفارس. معاهدين له بأننا سوف نحافظ على الصقر ونذود عنه بدمائنا فقال الفارس:
ـ لا داع للخوف، دبّكوا وأحتفلوا ما استطعتم! وليشارك كل الجيران في إحتفالاتكم. و الجندي الواقف في الطرف الايسر، قد عاهدَنا بأن كل تكاليف الفرح سيكون على نفقته الخاصة. فأرخينا أحزمة بطوننا، أكلنا حد الشبع ورفعنا  بغية السكر والعربدة كؤوس الملوكية مترعات. وكانت الجرعة الثانية كطلقة حمراء إخترقت عين الصقر اليسرى، فأنهمد في مكانه، عاجزاً عن خفقة جناحيه وكما يسقط الحجر أرطدم الصقر بالارض. فامتزج دم الصقر وشراب السُكّرِ معاً وتماهت الالوان.
ورمى كائن ممسوخ وممكيج شِباكه مجدداً، فلقفته أيادي شيوخنا الاشراف ليلفّوها بأنفسهم معتزين ومتفاخرين حول رقبة الفارس. كانت الامطار تزخ بجنون ولكي لا نبتل، هرب بعض منا تحاشياً ومختبئاً تحت السقوف والاستار وبقي البعض متشابكين حول الجواد الذي مازال ينتظر فارسه المنتظر. وعندما خفت الامطار وطأتها رأينا الفارس معلقاً على أعواد المشنقة. لم يبق ما يقوله سوى: وقد أصبحتم الآن تملكون الجواد الأصيل. إذا لم تحظوا اليوم بالصقر فإن غداً لناظره قريب. ولكن عليكم أن تثقوا بأنفسكم فقط!
آنذاك قد انتفض الجواد الاصيل جامحاً من مكانه وانطلق كالبرق، يهز الارض بحوافره ويطلق صهيله طالباً بفارسه الذي سوف يأتي بالصقر. وقد حاول الكثيرون ممن كانوا يعتبرون أنفسهم فوارساً، أن يمسكوا به من رسنه اولجامه. ولكن الجواد الاصيل كان يصهل بوجوههم وينتفض حيالهم رافضاً وضاربا بحافريه كل من أراد الإقتراب منه، ريثما ظهر من بعيد راجل وهو يقطع طريقه متوجهاً صوب الجوادالاصيل. ولما أقترب أكثر عرفنا بأنه أحد المبعدين والمغضوبين عليهم مثلنا. كان الجواد الاصيل قد هدأ من روعه حين بدأ الآخر يمسّد بكفيه أطراف وجهه ويعانقه برقة ورأفة. كان يبدو عليه علامات الإرتياح كأنه وجد فارسه الحقيقي فبدأ هو الآخر يبادله الشعور بدعابته المعهودة. وفور الركوب على صهوته، تحرك الجواد الاصيل بخيلاء وبشئ من التحدي. وفي الجانب الآخر كان الشيوخ الشرفاء يلفّون على بطون جلاوزتهم الجحوش أحزمة من الشباك. فرُميتْ الشباكُ من كل صوب وحدب، يميناً ويسارا. بينما كان الجواد الاصيل يغطي رأس الفارس بذيله وقايةً، يقطع ويفضّ شباك الخيانة واحدة تلو الاخرى، كاسرا أعناق المتحزمين بشارات الخيانة.
وشرع الفارس ينطلق على صهوة الجواد الاصيل، ليبحثا معاً عن الصقر. وفي بداية النصف الثاني من فصل (الصقر)
تهادت الى مسامعنا بشرى سارة مفادها: أننا قريباً سوف نحظى بإمتلاك الصقر وسنكون عندئذٍ ملوك أنفسنا. هذا ما سمعناه وعندما يصل الفارس والحصان الاصيل ومعهما الصقر المنتظر، ستبدأ رواية حكاية جديدة.


81
وزارة التربية وهزالة الشخصية الكوردية

            فتاح خطاب


كلمة السر: لماذا..؟! الجواب: هكذا.
بعدما وصلت إلى ستوكهولم، أُصبت بمرض الطفولة والتطفل والتساؤل الدائم،
لأني أول ما تعلمته من مفردات وكلمات هي كلمة > لماذا؟
وفي أكثر الأحيان كان الجواب، هكذا..!!!
وبمرور الأيام السخية والمليئة بالقواميس وانسكلوبيديات التعلم والتعليم والتأديب الإنساني..
أتضحت لي بأن كلمة (هكذا) تعني البديهيات من الامور والمسائل والشؤون..
ولا داع للخوض فيها. ومن خلال هذه الكلمة البسيطة غير الطنانة،
وصلت الى قناعة بأن هذا الشعب المتطور، المتمدن، المتأدب ،المتربي والمتواضع
لا يحبذ لعب دورالبطولة الكلاسيكية او دور المعلم الفاهم، الفطحل
او مثلما يصرخ ويزعق رؤساء الأحزاب والخطباء ومرشحوا الإنتخابات..
عندنا نحن القابعين خارج التاريخ البشري،
لأن الكلام الفارغ والإدعاء الكاذب، كالطبل الأجوف،
يثير ويطنطن، دون إي نتيجة تذكر او وعود يوفى بها،
وكلما كثرت الأكاذيب والمخادعة، يزداد الرنين والطنين علواً.
فدعونا الآن من السخافات واللامجديات! ولننظر بعين الإعتبار
إلى تجارب الآخرين من الشعوب في إطار رؤيتنا للامور التربوية والتثقيفية
ضمن مناهج تعليمية مدروسة ومجربة منذ عشرات السنين من قبل مختصين
في مجالات التعليم الحديث وعلم النفس التربوي، بعيداً عن نصائح رجالات الكنائس وأبطال حرب الأنصار من الحزبيين والمتحزبين والخارجين من تحت عباءآتهم..
بأية صفة كانت. لأنهم مهما بقوا وأستمروا فإنهم لزائلون..
وإذا دخلوا او تدخلوا في شؤون التربية بصفة مندوبين حزبيين او مختارين من قبل الحزب الحاكم، فأقرأ على التربية والأدب والفن والثقافة.. السلام.
إني لأرى بأن الحزبيين ممن خاضوا تجربة الكفاح المسلح، كباراً وصغاراً،
والمقربين إليهم والتابعين لهم..              
بحاجة ماسة إلى دروس ومحاضرات خصوصية وتمهيدية، قبل الآخرين
لأجل أعادتهم إلى الحياة الطبيعية ولتقبل المستجدات والمعطيات من الأمور التربوية والثقافية والسلوكية المجتمعية عموماً..
بقصد التأهيل والتطبيع والتمكين في إتخاذ القرارات والإختيارات الصائبة وعدم الإنجرار وراء شهواته وإشتهاءآته ومزاجياته وذاتياته..
وما حرم منها في ظروف طارئة وقاهرة وغير طبيعية
من مراحل حياته السابقة،
فالشعور بالنقص والغبن والعوز ونزعة الإنتقام..
قد يترك في أعماق النفس أثره وتأثيراته السلبية، من الصعوبة بمكان إكتشافها والسيطرة عليها حين يجد الجد
في ظروف أكثر إنفتاحاً وإنجراراً لتحمل المسؤوليات في التواجد والقيادة والمواجهة.. وشتان بين أمرين!
وقد أثبتت التجارب بأن كل محاولات القفز والتغلغل والإقتحام..
لغرض إثبات الوجود وإستغلال الفرص في ترسيخ مكانة الحزب الحاكم
ودوره في الاستقطاب والإنتشار والسيطرة والتحكم،
على حساب التعليم الجيد والنوعي والمثالي،
باتت ضرباً من الخيال والفنطازية الهتلرية..
هنا يلزم الرجوع إلى بداية الموضوع وإلى سؤالنا الأول، لماذا؟
* لماذا ينظر للطفل وهو مازال في الروضة،
بأنه ربما سيكون ذات يوم رئيساً او رئيس وزراء اوعالِماً، كاتباً او فناناً كبيراً..؟ وبنظرهم أن رئيس الدولة والوزراء والمسؤولين الحزبيين،
مهما بقوا في السلطة ( لخدمة الشعب والقيام بالواجب على أكمل وجه،
كموظفين حكوميين مؤقتين، مع المراقبة المشددة والدائمة
والمطارَدة دوماً من قبل الرقابة العليا والسلطة الرابعة
(الصحافة) التي لا تهادن ولا تساوم وإنها لهم بالمرصاد أينما كانوا وأينما وجدوا..
(هنالك طرائف وغرائب ومغامرات صحفية كثيرة.. يجب الخوض فيها وإلقاء الضوء عليها ولكن هذا ليس موضوعنا) ولنبقى مع سؤالنا الأهم
* لماذا يمنح الطفل وهو مازال في بطن اُمه،
راتباً شهرياً ما يعادل 200 دولار أمريكي مهما كان مستواه الإجتماعي؟
* لماذا لكل طفل طبيبه الخاص منذ ولادته؟  
* لماذا يمنح الطالب بعد الثانوية قرضاً مُيسَراً ما يعادل 80%
من الراتب الأصلي (دون إشتراطات حزبية على طريقة اخواننا الجِلبية)
ولماذا يمنح له ذات المبلغ بعد التخرج إذا ما بقي عاطلاً عن العمل يا وزير التربية والتعليم ويا وزير التخطيط؟
* لماذا كل أطفال المدارس لهم جداول زمنية لزيارة المتاحف والبرلمان والآثاروالمكتبات العامة والمسارح وحديقة الحيوانات.. يا وزير المالية؟
* لماذا كل الأطفال يشاركون في النشاطات اللاصفية أكثر مما يدرسون
* لماذا كل الأطفال يرسمون، يُطبّلون ويعزفون ويلعبون ويغنون ويرقصون ويضحكون ويفرحون ويتحاضنون يا مفتشون حزبيون؟                
والجواب هنا بالتأكيد هو (هكذا)
لأنه من بديهيات الاُمور في الحياة الطبيعية
عندما يكون القائد في مستوى المسؤولية
أمّا إختيار الوزراء والمدراء والمفتشين ورؤساء الأقسام والمساعدين تحت التمرين وسكرتيراتهم ونادلاتهم.. حسب التزكية والأمزجة الحزبية
فهو الخراب بعينه..!
وعندما يعم الخراب إقرأ على الديموقراطية
الفاتحة!

                                     للموضوع  صلة

82
صراع بغداد/ اقليم
وإشكالات الحكم

         فتاح خطاب

منذ أن استولت القوى السياسية مقاليد الحكم من قبل الطرفين
عن طريق الإنتخابات غير الاعتيادية وفي ظروف غير طبيعية بالمرة،
برزت هنالك ثمة مشاكل سياسية فيما بين طرفي الصراع ،
ما أدت إلى أطلاق تصريحات ومشادات إعلامية، لإظهار المكانة والقوة السياسية التي يتمتع بها هذا الطرف او ذاك..
لإثبات الوجود وإملاء الشروط حسب الظروف السياسية التي تمر بها البلاد،
من الكر والفر ومن مؤشرات الصعود والنزول حسب المصالح المشتركة
والسياسة المتبعة من مراكز القوى الخارجية او الداخلية المؤثرة والمباشرة أحياناً على الاوضاع السياسية عموماً.  
وقد شارك في تأجيجها وإدامتها، النخب السياسية وأصحاب الشأن والمصالح،
من كلا الطرفين. فأنضم إليهما رموز ورجالات الإعلام والسياسة، ليدلوا بدلوهم، مندفعين او مدفوعين او ملقَنين، من قبل القوى المتنفذة والآمرة.
وليس عجباً أن نجد كل الطروحات السياسية والمقالات الصحفية
مجرد إنشاءات سطحية وإملاءات مدفوعة الثمن،
ذات أهواء وأمزجة طائفية، شوفينية، اقليمية، بعيدة كل البعد عن التحليلات المنطقية والحلول العقلانية الراجحة.
وكأنها اُثيرت لأجل إلهاء الناس ولصرف النظر عما يعاني الشعب العراقي عموماً من مشاكل سوء الخدمات وتوفير أبسط شروط ومقومات الحياة الكريمة للمواطن العراقي وفي تطبيق الالتزامات الدستورية والقانونية في تحقيق وأيفاء العقد الإجتماعي
بين الحاكم والمحكوم وفي توفير الامن وفرص العمل وتعزيز روح المواطنة وتكريس مبدأ المساواة فيما بين المواطنين جميعاً..
بغض النظر عن قومياتهم، دياناتهم او إلتزاماتهم الفكرية والسياسية.
إننا لنرى بأن كل هذه الصراعات والمناوشات والمناورات الإعلامية والسياسية،
مفتعلة وغير مبررة وغير مجدية البتة،
إلآ في ذر الرماد في عيون المغفلين والمغلوبين على امورهم الدنيوية والآخرة
وإشغال الرأي العام بمسائل ثانوية لا تمت بحياتهم وبمشاغلهم وبمعاناتهم اليومية بأية صلة. ولا طائل من ورائها سوى المتاجرة والمزايدة السياسية
وخلق عدو وهمي لأجل تحويل وتدوير الصراعات الداخلية إلى خارج نطاقها،
لتحميل وإدانة وإحراج وإلقاء التهم واللوم على الطرف الثاني من المتنافسين السياسيين، ممن لهم مآخذهم في الشؤون السياسية والتلاعب بالمقدرات والإستحقاقات..
بعدم الإستجابة والإنصياع لمطالب الشعب الآنية والإكثر وطنية وضرورية من النزاعات الحزبية. على شاكلة ـ إذا تريد غزالاً، خذ أرنباً، وإذا تريد أرنباً، خذه وأنا الممنون..    
وذلك لإعطاء الصورة المثالية لمواقفهم الوطنية في الدفاع والمقاومة لأجل تحقيق المطالب الشعبية حسب ظنونهم ومزاعمهم الواهية..                              
أمّا ما يدور في الداخل من منازعات وصراعات سياسية
وما يعانيه الشعب من الظلم والإضطهاد والحرمان والإقصاء
وما يحدث من إنقسامات وتشرذمات ومقاطعات..
جراء سياسة الإستحواذ والتكويش والحكم المطلق لحزب لا يرى
ولايحس ولا يشعر بوجود الآخرين ولا يعترف بحقوقهم
كباقي الكتل السياسية ممن لهم سجل مشرّف في النضال السياسي
والمقاومة والصمود أمام أعتى الديكتاتورية..
ناهيك عن الحركات والمنظمات الثورية التي أثبتت جدارتها وقيمتها السياسية
من خلال عملها الدؤوب وإنشغالها بإظهاروإبراز مطالب الشعب الأكثر حيوية وضرورة والإنحياز الدائم للمظلومين والمحرومين والمضطهدين..
من قبل الحزب الواحد القهار.. سواء إن كان هنا او هناك..
ويبقى السؤال عن حقيقة ما يجري بين الأطراف السياسية منذ أمد بعيد،
هل كل هذه الضجة وإثارة العجاجات من أجل إحقاق الحق وإنتزاع الحقوق المشروعة، أم إنها مجرد محاولة لتعكير الاجواء السياسية وجر البلاد والعباد إلى أتون الحرب الوهمية التي من شأنها التأثير المباشر في أنفلات الاوضاع الأمنية وإعطاء الفرص الذهبية لكل من تسول له نفسه الدنيئة في إشعال النزعات والنعرات الطائفية
وفي إضرام الحرائق التي تحرق الاخضر واليابس،
وفوق هذا وذاك إزدياد قوة وشراسة واطماع ونذالة الطابور الخامس والمافيا الحزبية
للتوغل الاكثر في الفسق السياسي والفساد والسرقة في حكومات داخل حكومات لا ترى ابعد من مصالحها الذاتية 
للقضاء على كل المكتسبات الثورية التي ضحينا من أجلها الكثير
وقدمنا لها القرابين من أنبل أبناء وبنات شعبنا سواء في حرب الأنصار
او أثناء الإنتفاضات الشعبية الثورية الحقة في أهوار الجنوب..
أن أشعار مظفر النواب، الجواهري، سعدي يوسف، رشدي العامل، عبدالله كَوران، رفيق صابر، عبدلله بِشيو، شيركو بيكه س، دلشاد مريواني، وروايات بهاءالدين نوري، أبو الفوز، حيدر حيدر، وقصص إبراهيم أحمد وحمه فريق حسن.. خير دليل على ذلك. والآن ونحن في دوامة الصراعات السياسية والنزعات الطائفية..
نرى أن هناك ممن أتى بهم الحظ الأغبر ليخوضوا التجربة في الحكم والتحكم
بمصير شعب قد عانى ما عانى من الظلم والإضطهاد طوال ثلاثين عاماً،
ليفتعلوا الصراعات لأجل البقاء على هرم السلطة مهما تطلب ذلك من تخريب البيوت وتشتيت الطاقات التي من شأنها تقديم المزيد والمزيد من أمدادات، إسنادات ومقومات البناء والتنمية والإزدهار لأجل الغد الأفضل..            

أن من يريد الخير والعافية لشعبه يُسعده بإنجازاته ويساعده في العيش الكريم ويسهر لأجل راحته وطمأنته. ولا يبحث عن عدو وهمي ليقلق راحته..
وقد علمنا التاريخ بأن من ظلم شعبه يُظلم.. إن عاجلاً أم  آجلا.


83
قصيدة

مرايا بلياتشو

          للكاتب المسرحي : فتاح خطاب



خرج بلياتشو
من باطن الطبيعة الأم المثلى
وهو يضحك في العلن
رغم الداء والاعداء
ويبكي خفية
بصمت وإباء
***  
نزل بلياتشو
مخّيراً والكتاب بين يديه يتجلى
كتاب تنبض فيه أبجديات الحياة
الحياة كما أبدعتها  آلهة الخير والخصب والجمال ..    
لم يمسها جنون البشرية
لم تقننها شرائع الجاهلية
لم تنل منها الشطحات الجنونية الفردية
لم تشوهها نظريات اللاجدوى
لم ترهنها إرادة القوة
المستبدة، لقاء  كل صولات وجولات
تخريبية، دموية
في حروب وغزوات عقائدية  
***
فكانت النفوس والأرواح فيها زرقاء صافية
كالبحور والسماوات اللازوردية
والاحلام وردية  كما الرؤى الطفولية

***
ارتقى بلياتشو
والاضواء تتباهى بإيماءآته الجذلى
وبراءته الفضلى
لينشر بين الناس
كل الناس، بلا تفرقة او حسبان
عصارة فكره ومكنونات قلبه
من مشاعر الحب والجمال
وقدسية إنسانية الإنسان
فتصور أي مهرجان يضاهي
لقاءآت المحبة والتكامل والمناشدة
من القلب إلى القلب
كُتل، تشكيلات وثنائيات منسجمة، متجانسة
من الذكر والأُنثى
كما خلقهما الله
ليتعارفوا، يتحابوا ويختاروا
بلا وكيل او مسيطر او خذلان    
حياة أمّا هي
وجوه مشرقة شفافة
عيون تضحك
قلوب تخفق
شفاه تعتسل فرحاً
وأيادي طليقة تلوح شوقاً وإعجاباً
وتصفق ثناءً  وإمتنانا
......
وإذا بالأعلام السود ورايات القراصنة
تلقي بظلالها على مشارف المدينة المسالمة
والحناجر الخشنة تصم الآذان
ما جعلت الحمامات تهجر إعشاشها
والأطفال ملاعبها
والصبايا عشاقها..
خوفاً وفزعا  

***
ها هو بلياتشو
يدخل معترك الحياة مسيّراً
بين اُناس، عاديين، سُفليين
متنافرين، عدوانيين  
***
لم يكن يعلم بأن الحياة السفلى
ستقوده إلى مالا تحمد عقباه
والناس تشمت بأنه
قد نزل في زمن ليس بزمانه  
زمن يرتقي فيه ذوو القلوب الغليظة ،المتحجرة
ممن ثقلت ضمائرهم بالأثام والجرائم الكبرى
ورجال مقنّعين بالرياء والنفاق والمهادنة
أمّا الذين في جنباتهم قلوب تنبض حباً، خيراً، جمالاً وإنسانية
يُتركون في الظل بهمومهم، خيباتهم، أرقهم وأحلامهم المسروقة
مصلوبين على جدار الصمت والانتظار المميت
***  
أجال بلياتشو بنظره فلم يرى سوى
أُناس بلا وجوه، وجوه بلا عيون، عيون بلا رؤية
مموهين، مواربين، متصنعين
ضحك بلياتشو في سره وهو يقفز في الهواء
ثم يستقر كالرمح، ماشياً على يديه
فأنقلبت الدنيا في ناظريه
أحذية تعلوا
قبعات تنكس
ضحك بلياتشو مقهقهاً
فأثار فضول المارة
تجمعوا.. تسائلوا..
إذ لم يروا مخلوقاً من مخلوقات الله التعسة
يضحك.. يضحك ويمشي على يديه
ضارباً كل التقاليد والأعراف عرض الحائط
والضحك بلا سبب من قلة الأدب
فكل من لا يشبه الآخرين، هو كائن ساقط
فأنبرى بلياتشو دفاعاً عن وجهة نظره
ملفتاً أنظارهم إلى مخلوقات الله الجميلة
من الطيور والزهور والزواحف والدابة
فالطيور على أشكالها تقع وترفرف
والزهور بألوانها وطيوبها وفوائدها تُعرف
أمّا أنتم، يا احفاد سمسون .. !
ففي الشكل والمضمون
كألحاد القبور تتشابهون
والشبه هو الموت والإنعدام بعينه
***
خرج من بين الجموع أشطرهم
ليمارس هوايته القديمة
ألا وهو البحث عن النفائس والعجائب من الاشياء
ليقدمها إلى الباب العالي، لقاء عطايا مجزية
فخاطبهم الشاطر بكلمات ملغزة
وفور ما غمزهم أنفضت الناس من حوله
ماهي إلآ نظرة، ضحكة ،عناق ومشية
حتى وصلا إلى الباب العالي
ومن هناك بدأ المشوار  
***    
استلطفه الأب الروحي ودعاه إلى خلوته
موضحاً له إلتزاماته
* عدم الخروج من قصر الرئاسة
* عدم التكلم في السياسة
* تبديل الأقنعة حسب أمزجة الأخوة الاعداء
  والتعامل معهم بكل أدب وكياسة
ومرت الأيام والشهور والاعوام
حتى مات الأب الروحي من الضحك الدائم
خائراً، مهزوماً
أمام شرارة عيني بلياتشو
أمام تساؤلات بلياتشو
أمام بلاغة بلياتشو
أمام مرايا بلياتشو
أمام إنسانية بلياتشو  
مات مفتوح العينين، مزموم الشفتين
مستلاً بيده اليمنى مقبض سيفه
وكل الدلائل تشير بأنه
قد مات نادماً..
نادماً على مسألة تخص بلياتشو
                                

     16 / 12 / 2012                                                    

84
             قصـــــــائد
         
         

                       للشاعر : حمه سعيد حسن

                 ترجمة : فتاح خطاب




الحلم


بالأمس
كنت قد متّ في الحلم
وأمام عرش الله
أنتظر خائفا
            مرتجفاً
                   يائساً   
على تذكرة الدخول إلى جهنم
وحين جاء دوري
قال لي جلّ جلاله:
لمَ أنت خائف هكذا؟
الجنّة نصيب كل من رزح تحت حكم الطاغية
ولم يكن واحداً منهم.
      

 

الســــــفر


كلما
أترك بلداً،
مدينة
كلما
أصل بلداً،
مدينة
تجتاح جحافل الهموم كل كياني
فرغم كل تلك المحطات
رغم كل تلك المرافئ والمطارات
لا امرأة حسناء ودعتني فيها بقبلة وردية
ولا امرأة جميلة استقبلتني فيها بباقة ورد
لا أدري
كيف قمت بكل تلك الأسفار
ولم أمت من الهم والكمد.

 

المستحيل والرؤى

           إلى التي جعلت حياتي علقماً.. الى  شيرين
 

في تلك الليلة،
كان القمر يجرح زهوَ الينابيع بضوئه الغَرّ
وشرارة عينيك تضرم النار في عمري.
ذات الليلة التي عرفتك  فيها، أضعت ذاتي.
كنت أُريد أن أبني من حشائش الأيام الخوالي
عُشاً للغد الآتي.
أنت مَن أحرقَتْ كلّ تاريخ حياتي.
 لذا كنت أستنشق الظلام، لكي أشتعل أكثر تألقا
فأظهرت لي أنياباً وأظافر حادة كالسكين، أنت!

بين المستحيل والرؤى.. محتار
لا أعرف أي طريق أختار
قفص بدني هذا سجن لروح ممزقة

وعالمي قرية صغيرة، ناسها لا يعرف بعضهم بعضا

لا أدري علامَ يرصدني الجلادُ  ثانيةً    
ولمَ  يصدّنى الموت والإيثار
لا نهاري مضيء، لا ليلي مخبأ للراحة  
هذه الأرض عارية
كامرأة واقفة على  ضفة بحيرة من الدموع        
تمتص دم الشمس.

حين يتهاوى ورق الشجر
يضطرب قلب الغصن.  
لا أُريد غيم أحد
تفترش أرض بيتي.
ولست سعيداً بكبوة أي فارس  
قلبي خال من داء الثأر
ويداي زاخرتان بألوان العشق.

رُبّ خرائب عمري قد غدت منبراً لبلاغة الشعر.
وإلآ
فلماذا لا تنتهي  من عمري
قصة الحرمان والضجر.         

تُرى أيمكن أن يكون عادلٌ ما قائداّ..؟
إن .. بَلا
فلماذا ينتصر دوماً الشر؟‍‍!

لشدّة ما تتمسك بي الحياة
ازددت اشتياقاً لشراب الموت.

كان البحر مقصدي
لكنني وجدت مسيل الدموع في طريقي
كنت في انتظار رؤية حديقة، لم أر غير وردة ذابلة  
ليس هنالك طيف أُمنية  يبهرني  
وليس في خاطري ألق رغبة يؤرقني
ترى.. هل أزف وقت رحيلي الأبدي..؟

ها أني الآن في انتظار امرأة، لتتوسد بصدرها رأسي
بدغدغة شفتيها ونبضات قلبها تغرقني
                         في بحر النوم الأبدي

  
                                                                

85
        

                


حسـرات أوديسـا    
            

  للشاعر : رفيق صابر  / ترجمة  : فتاح خطاب
                  
 إلى فرانس  بعد ثمانية عشر عامأ   
               


على ساحل البحر أترك الغروب للنوارس
وأطوي عتمة اللـيل كالكتـاب..
فوصلك فى ثنايا الليل،
هو مبتغـاي.
كي أقف أمامك بكل خشوع وإجلال
وكراية بيضاء، أفرد كل خطـاياي
وأنثر كل أحلامي عنــد موطيء قدميك
كأوراق بالية صفراء      

                   ***            
زوجتى العزيزة       *PENELOPE                     
وقد خمدت آوار الحرب منذ زمن
إلآ أن السلم لم يأت بعد.

منذ متى تركتك..؟
لا أتذكر..
وقد أختلط الزمن عندي  
وطريق العودة إليك تاه مني
لاشيء البتة  في الأْ فق حيث أرنوا..
لا اللقاء الأول، ولا أيام الحرب الضروس..
لا.. ولا إرهاصات الروح وضياعها في قلب العواصف
والرياح الدوارة..    
لاشيء يهمني الآن
لا.. ولا يخيفـني عقاب بوسايدون*
التي أثارت البحر ضدي             
لا.. ولا لعنـاتها المتلاحقة بـي  
وأسماء الرفاق الذين قتلوا في الحرب    
قد طواها النسيان عندي  
أولئك الرفاق الذين لم يعرفوا لأجل ماذا تحاربوا..  
لم يعــرفوا، ولم يسـألوا
لأجل مـاذا  قتـلوا..
لم السؤال والتساؤل إذن؟
حين يكون قدر الأنسان سهماً  قاتلاً
        ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ في قوس آلهة الحــرب
      
                  ***                            
زوجتي الحنونة Penelope  
من هنا أسترسل النظـر في الأفق
دونما هدف اوغاية  
ولا شيء يلوح لي
وماذا بقي لي.. من بعدك
كي أْوصي بها الغيب؟
وهل لي من سر خاف كي أكشفه للنور؟
وقد كنت للجمال قاصداً..
فقـادني الحلم الأنساني صوب الناس
والحـب أرشــدني إليـك
بدونك لا أمتلك  قسطاً من الزمـان
ولا شـبراً من المكـان  
وبدونك تنفصم الأشياء كلها عن بعضها البعض
وتتبعـثر
فتحدث شرخاً مبيناً فــي الوجـــود
وجرحاً عميقـاً فـي النفس البشــرية
ْْ
                     ***
لم أكـن أعـلم  بأن العشـق هكــذا  
مفعـم بالفتـنة والمخـاض
ويكون الحب سبباً لكل تلكم الحـــروب التي لا تنتهي!
لا، لـم أكن أعلم بأن الفـراق
يبلي الروح بجروح أبـدية  .
لو تريـن..!
أي ديـار مهجـورة،
هو جســدي
لو تعلمـين.. أي صحـراء قاحـلة،
هي روحـي
                       
                     ***                                                                   
كل أملي، هو أن أحظـى بلقـاك  
قبـل بزوغ الفجـر
كي أضـع كل أحـلامي، كإكلـيل من الزهـور المغضنة
عنـد قـدميـك الجميـــلتين
ولـكن
آه.. يا غـاليتي!
إذ أن طريــق العـودة إلـيك
أطـول من الحياة ذاتهـا  

                   ***
فأنا قـد أضعت زمني في أسـفاري التى لا تنتهي
ها هنــا..
فـي جزيـرة، مداهـا
فـراغ فـي فـراغ..
لا شيء سوى الفــراغ..
أنـا الذي من ربـح العــالم كله
لكنني خسـرت      
خسـرت نفسـي.
                                      
                 ***                
       
                                                                                                                
  * زوجة اوديسا ، الشخصية الأسطورية في ملحمة اوديسا.. تأليف هوميروس  


86
من الشعر الكوردي المعاصر

عصفور على كَتِف الفَزّاعة
                
         
للشاعر : طلعت طاهر

                      
ترجمة : فتاح خطاب


ها أني أحسد عينيّ طفلتي الصغيرة
إنها تستطيع أن تُعاند
وتُصّر على أن يكون الشُعاع سُلّماً
لكي تَذوق طعمَ الشمس
وتُقبّل النجوم
أن تَحشوَ القِصة في لُقمة الخُبز
أن تملأ حقيبتها المدرسية بشلال ماء
لتتباهى بها.
المطر في نظرها هو للتطّيين وحسب
إنها لا تبالي بحفريات الشوارع وركامها
إذ تظنها قطعاً من البسكويت        
وكل صباح بدلاً من إمضاء الدائرة
تغسل رجليّ لعابتها
                  ***
أثناء شُرب حليبها، تحدّق بأغلفة كتبي
وتطالب بسيف جنكيزخان
لثرم السَلطة        
إنها لا تفقه شيئاً من أسرار وجود الجدران
شقوقها تترآى لها كاليراعِ
يطارد النِمل
إنها لغافلة من غدر الانسان أزاء الحديد
حين تُصنع منه الأقفال والسلاسل
همها الوحيد أن تجد عنزة تتحذى
إنها تتعجب من أولئك الناس
حين يتعاملون على قطعة من القماش
بوجوه تَحمرّ وتَصفرّ  
بكل هذه القامات والضخامة
يُبدون أهميةً كبرى
وجدية أكبر
لشراء.. البطاطة
إنها ليست مغفلة لهذه الدرجة
أن تعلمنا بأن الدنيا
جميلة بوجودها  
إنها تجعلني أتشكك حيال الكتب
فما فائدة من أن تعرف دانتي أم لا
حين تشكو من ألم الأسنان؟
            ***
دون أن تكون شاعرة
لا تتعثر بالقوافي
تحب الباذنجان، بقدر ما تحب البرتقال
عندها، كل مريض يُشفى بالقُبَل
والجرادة هي فراشة عادية
إنه لشيءٌ طبيعي، في نظرها، أن يكون للقطة
مكان على سفرة الأكل
أو حمامة تُنصب حاكمة
بكفيها الصغيرتين تدافع عن الخنزير الذي
يطرده الفلاح
من حقل الرز خارجاً
في أحد الأفلام الكارتونية
إنها مشدوهة بالألوان
لذا يتساوى عندها لون الدّم
ولون الزهرة الحمراء
            ***
أن الزمن، في قلبها بُرعم أخضر
أن المكان، في الخارج لا يشوه الأشياء
وأن العقل لا يبيد اُصول الأشياء
وتسوية كل القضايا تتم بالتصافح
والاحتضان
            ***

تملأ جيوبها بالحلويات والقوافي
لأجل ذلك الخروف
السجين في حديقة الدار
إنها لا تعلم بأن حبيبها
سوف يكون ضحية لمائدة العزومة
إنها لا تعرف شيئاً عن الأسعار
لها فلسفة واحدة في الحياة
وحسب
هي أللآ تفتح فمها أثناء الأكل
            ***

إنها تنصح المواعين المتسخة
أن لا تعبث، مرة أُخرى، بالمأكولات
   ***
لها قلب من حديد
لا تساؤل عنده حول الرياح السوداء  
            ***
أُجيب على تساؤلاتها ببساطة
لا أُهوّلها
لا أقطع خيوط أحلامها
لا أقول لها بأنها
لا تقدر على الصعود الى القمر
بدراجتها ذات الثلاث عجلات
وأن البحر أفسح من ذاك الطست
الذى تسبح فيه
وأن السماء اوسع من طاقيتها
وإن كان فيها اثنان من الدببة
            ***
لا.. لن أُصحح ما لديها من معلومات
حولنا، في أن أصلنا يرجع
الى فصيلة القرود
لتفهم ما تفهم..
لا بأس
أن النجوم هي قطع من ذات المرآة
المهشمة التى يحلق جدُها الذقن أمامها
لا بأس
أن الموت واحدٌ من الأقارب
لا بأس
أحسد عينيّ طفلتي الصغيرة
إذ لم يحرمها الزمن بعد
من أن تتعلم أكثر
أن تُرتّبَ النعال
على شكل الحديقة المعلقة
أن التعلم لم يُسوّس أسنانها بعد
كل معارفها الجغرافية هي كالآتي :
من الممكن جعل الأُرجوحة وطناً
    وعلم الماتماتيك عندها سهل و بسيط
هو: خروج الكبير خارجاً يساوي
إتيان عدد من قطع الشكولاته
            ***
قد يأتي يوم، هي نفسها تصبح
حكاية لا تصلح لترنيمة الاطفال
سوف تكون ماءً ولكن بشهادة السراب
ستغدو غيمةً ولكن لمجاراة رمال الصحراء
ستغدو مطراً ولكن لإطفاء حرقة الزمن
ستكبر..
حينئذِ ستكون على دراية و تؤمن
بأن هذي الدنيا
ليست سوى سفينة نوح، لا تحمل على متنها
الفقراء والمساكين
الدنيا هذه تقول لقلوب العاشقين المفتوحة:
يعطيك الله!
هذه الدنيا لن تكون مجرد جذوة نار
لتشعل لفافة عجوز متعب
جالس على باب الله لبيع المسابح
آنئذ.. ستكون على يقين
بأن عينيها الجميلتين
ما خلقتا لتعداد.. أسراب الطيور الخريفية
وإنما للبكاء
ستكبر وسوف تحجز بطاقة الدخول
لمشاهدة الأرانب
ستتأنق وتلبس أجملَ ما عندها
لأجل أكل السمك خارجاً
سوف تكره الرياح السوداء
وشيئاً فشيئاً ستكون على كره منها
واحدة من الآخرين                      
ِوبعيدة عن نفسها، ستذوب هي الاُخرى
في ذوات الآخرين..
***
أحسد عينيّ طفلتي الصغيرة
ولمَ لا أحسد عينيّ طفلتي الصغيرة؟!


87
قصيدتان سورياليتان

                   للكاتب المسرحي : فتاح خطاب






عصرية صفراء في مقهى عنتر


في عاصمة البؤساء التاريخية
وفي زمن إهتزاز شبك مرمى الديمقراطية
بأربعة إهداف كويتية
وخروج التحزب منها صفر اليدين
كنتيجة حتمية
وهنا.. في ذات الوقت
بعد انقضاء أربعين عاما من التخندق والضياع في الجبال
واقتتال الاخوة الاعداء والتشرد في منافي الإذلال
جلس الكاتب العاطل عن العمل
منذ ولادته القيصرية
فكراً، ممارسة وإبداعاً
في إحدى زواية المقهى
الواقع بين القلعة ومنارة اربل
وهو يتحسس جيوبه النظيفة
والفارغة إلا من قلم ومناديل ورقية
جلس بعد إنقضاء عشرين شهراً بيروقراطياً
ذهاباً وإياباً
لاعناً، خائباً
بين وزارة الآغاوات والفروع الحزبية
الجيستابوية
إثر إستبعادات قسرية
ذات أبعاد أخلاقية، ثقافية وفكرية
وإستقطابات حزبية
بأهواء ونزعات شوفينية
جلس ينظر إلى الأعلام والإعلانات الضوئية
وإشارات المرور السياسية
ضوء أصفر ثم أصفر ثم أصفر..
لاشيء سوى الإصفرار
حتى باتت المدينة غارقة في الإصفرار
وجوه صفراء
أرقام صفراء  
قاعات صفراء
أقلام صفراء
تقارير صفراء
جرائد صفراء
كتب صفراء
جمعيات صفراء
وزارات صفراء
مديريات صفراء
شركات صفراء
مقاولات صفراء
تهديدات صفراء
غزوات صفراء
بنوك صفراء
سيارات فارهات صفراوات
حتى شارات الاذرع صفراء
صفراء، صفراء، صفراء
النجدة.. النجدة..!
إني أغرق

                2012 / 11 / 11






               دوار النفط                  
      
                
( يا أشراف مدينتي
وقد تهدمت خيمتي
وتهجول أهل ديرتي
ها أني جالس هنا مكتوف اليدين
مقوس الظهر
ويا خوفي من ثالوث القدر
ألا وهو الفراق والفقدان والفقر)

                             
                         من ملحمة أصيلة وكرم         

يا فطحل الإستشارية
في الموارد النفطية والبنى التحتية
اطلق مكابح غرائزك البتروكيمياوية
واتبع خطى اُمراء الجزيرة العربية
وشيّد الابراج للمترفين والمحسوبين
والمرتشين والمتاجرين بالعملة الصعبة  
على طريقة البنائين السرية
واستورد الأيدي العاملة والخدم والرياضيين
وحتى الفنانين والمهرجين والمهللين والمحللين بلا حدود
لإقامة أميرية أفلاطونية
كما تستورد البصل والخيار، كما الإبرة والمسمار
ويا للعار
ولا تنسى النقاب والحجاب والجُبّة والجلباب ودشاديش قصار
او علبة كبريت والسيجار
حتى اللبن والجبن وحليب الابقار
والتي كانت، أصلاً، من صنع أجدادنا الكبار
تأتينا من الدول الاجنبية
يا عجبي!
لم يبق سوى أن تزرع في رأس كل كوردي
نخلة اصطناعية
لتطبيع العلاقات الاخوية العربية الكوردية
على مرمى المدافع والصواريخ البعيدة المدى
ولا تمد يدك لمن هم أقرب إليك من ظلك
وأستخف بكل الرموز والكيانات المجتمعية
لتكون في مأمن من الهزات السياسية الداخلية
يا عجبي!
اجمع حولك خونة الأمس وعواهر الفكر الطلقاء
قسّم الاراضي التي تشبعت بدماء الشهداء
وأطرحها في السوق السوداء
وهجّر السكان الاصليين قسراً، من قلب المدينة
وشتتهم في جزر نائية
واستوطن الغرباء فيها
بَغيَة التغييرات الطوبوغرافية
يا عجبي!
خرّب بيوت من يعارضك
أقطع موارد من ليس معك
أرهب كل من لا يبايعك
وأحسب كل من تفوه ب:
الشخص المناسب في المكان المناسب
واحداً من أعدائك
أُقتل وقدم الإعتذارات
وأمشي خلف الجنازات
ثم أهذر بكلمات متقاطعة عن الحرية والمساواة
كن أول الباكين وآخر المتكلمين عن تضحيات الرفاق
ثم أجزي، في الخفاء والعلن، شياطين الشقاق والنفاق
والمثل يقول: قطع الرقاب ولا قطع الارزاق
يا عجبي!
ضع المفسدين والمهرولين والطبالين والحرباويين
في الصفوف الاولى
واقطع الشك باليقين
بتطبيق نصائح الاولين
بأن يكون الأقربون هم الأولى
أما الذين هلكهم البعث وضحوا بكل غال ونفيس
أعتبرهم شلة من المدعين والمخربين والجواسيس
يا عجبي!
وعوضاً عن بناء المسارح والمزارع
والمعامل والمساكن الشعبية
وفتح المكتبات والمنتديات الثقافية
والكومونات التضامنية
شيّد السجون والمكاتب السرية
وافتح المقرات والثكنات الردعية
رمم ، وسع، جدد ونور المقابر والمزارات المنسية
يا عجبي!
وبما أن اُمراء النفط لا شأن لهم بالاشغال الخدمية
فعلى سواد الناس ممن لاحق لهم في الإيرادات النفطية
أن يدبروا بأنفسهم امورهم الثانوية..  
عطّل مصلحة الركاب ومنشآت السكك الحديدية
اوقف العروضات والاحتفالات والتنزهات الليلية
لتجبر الناس على منع التجوال والتزاور بعد المغربية
ليعيشوا حياتهم اليومية
 كما الدجاجات والحيوانات الأليفة
تحت رحمة الامزجة الباذنجانية
التي تمنع الفرح والإستماع للأغاني العاطفية والوطنية
تمهيداً لتحديد المسارات والأهداف الاستراتيجية
التي تؤدي، في افضل الاحوال، إلى طريقين مسدودين
لا ثالث لهما..
إمّا بقاء الحال على ماهو عليه من طغيان
وإمّا الإتيان  بطاغية!!!
يا عجبي!  








88
قصيدتان جديدتان
      للكاتب المسرحي: فتاح خطاب   

   تحت أنقاض المدينة

رجل تحت أنقاض المدينة يبكي
يبكي ليس على نفسه
وإنما لما سيأتي
يبكي متذكراً صيحاته، صرخاته الجنونية
في الشوارع والمقاهي والمسارح والمنتديات
وعبر الكتب والجرائد والإذاعات
. . . . .
صرخة في وجه الأخ الأغبر
الذي يأكل، يبيع ويتاجر بلحم ودم اخوته الصغار
كان ولازال الخادم الأمين للأجانب الشُطار
أمّا لأهل بيته فهو مغامر جبار
لا يتوانى من إرتكاب الكبائر، إذا ما أقتضى الأمر
في بسط سطوته وتسليط سيفه البتار
. . . . .
صيحة في وجه جوبلز المحلي الملقب بالشعّار
الذي اُختير بعد مداولات مطولة، من تحت الأستار
كأفضل عبد مخصي من عبيد الأفكار  
ليكمل ما بدأ به مَن سَبقه، من الخزي والعار
تاركاً ورائه، أطناناً من التجاوزات
والمسائلات القانونية المسكوت عنها
والواقعة تحت بنود الآمر الناهي
للحزب الواحد القهار
في السيطرة والإحتكار والإهدار  
. . . . .
صيحة في وجه وزير التعاليم والمشاورات الحزبية
لا يجيد غير تكميم الافواه والإستغباء والإستبعاد والاحتجاب
وتسفيه التربية الفنية والرياضية
وإنعدام النشاطات اللا صفية
وبث النزعات العبثية والعدوانية
وتعيين المدراء والمشرفين المشفّرين
حسب الموالات العشائرية والمحسوبية
يا شعب..
وقد أدركوا بأن التربية هو الأساس
فأضاعوا علينا البوصلة والمقياس
يا شعب..
هذا هو المساس والتدليس بعينه
كي يبرهنوا بأن شجرة الحرية التي رويناها بدمائنا
لم تكن سوى لأجل سريان السوس
لا يا شعب..!
أن سريان السوس
آت من فراغ الرؤوس، من سواد النفوس
وقرع الكؤوس
فأطرق يا شعبي ثلاثاً
ولتبدأ الجلسة
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه
 



اشتياق

يا أبتاه..!
رحلت عنا دون ترك أي رسالة او وصية
منذ زمن بعيد لم تأت إلينا
ولم تسأل عنا
ونحن ما زلنا ندور وتدور بنا الدنيا  
باحثين عن بقايا من بقاياك
نمخر لجج البحر
موجة فموجة
في المد وفي الجزر
ونطوي البراري على وسعها
برداً كان او عاصفة
زفير صحراء كان او رياح دوارة
عَلّنا نعثر على أثر قدم
او علامة ضاربة في القِدم
خرقة كانت، او رقيماً او قشة، نتشبث بها  
او صدى من عمق التاريخ
استدلالاً بوجودك
لتبييض وجوهنا الكالحة الممرغة
بأطيان الجهالة والقتامة والسفاهة
يا أبتاه..!
وقد قيل عنك الكثير
والاكثر مما قيل تحول إلى تدابير ودساتير      
إلى ممنوعات وتحاذير
عقولنا أصابها الخلل
قلوبنا أنهكتها العلل
أجسادنا غزاها الشلل
حتى غدت حياتنا  مجرد تراكمات
من الزلل والملل والكلل
يا أبتاه..!
كلماتنا تتشابه
ميولنا تتشابه
قيودنا تتشابه
معاناتنا
أفراحنا
نكاحنا
مضاجعنا
قيامنا
جلوسنا
ركوعنا
أيقوناتنا
مراحيضنا
حماماتنا
سجوننا
محاكمنا
مدافننا
مراسمنا
طقوساتنا
حتى ظُلاّمنا، ظلماتنا وتظلماتنا تتشابه
ولشدة ما شعرنا باليأس والقنوط والضياع
ازداد إشتياقنا إليك
عدّ إلينا..
يا أبتاه..!


89
ولِدتْ عَورة
   النجدة، النجدة..! يا رب العالمـــين
   هنا ينقرض نصفي المضيء والجميل
       بإسم جلالتك.. وأنت أرحم الراحمين
                                                       فتاح خطاب     

 في زمن وئد الكائنات الجميلة وسحق الزهور الملونة
وازدراء الفن والادب والفلسفة
إعلاءً لكلمة الله
في زمن حرق المكتبات الحديثة ومداهمة النوادي الثقافية  
وهدم التماثيل والرموز التاريخية
إرضاءً لله
في زمن الانفجارات العشوائية وإطلاق السراويل الطويلة والدشاديش القصيرة
جهاداً في سبيل الله
في زمن تفريق الجنسين في المدارس والدوائر والباصات
وترهيب الطالبات وترغيب الاعلانات التلفزيونية للتقليعات
الخليجية للالبسة الداخلية والخارجية المطرزة حسب التقاليد المجتمعية
حفاظاً على شرع الله
في زمن تلويث الطبيعة وتشويه خلق الله وتعتيم العقول وطمس الحقائق الازلية
تطبيقاً لسنة الله
في زمن القنوات الفضائية المأجورة الغاضبة والمتجهمة
والفتاوى المجانية، غير المسؤولة  
دفاعاً عن ثوابت دين الله
في زمن قلع ونبش القبور ومسح الشواهد الإيمانية
ونهب محتوياتها، حسب الهوية الطائفية..
إثباتاً لوجود وكلاء الله
. . . . .
ولِدتْ هنا في قلب الظلمات
اميرة الاميرات
أينعت وفي عينيها بريق التساؤلات
عن البحر والقمر والزهور والطيور ورقصة النحلات
كانت ترسم وترقص وتغني بشتى اللغات
محاكاة لألوان الربيع وخفة الفراشات  
وحين تستعرض برائتها امام المرآة
بإبتسامتها الساحرة  
وهي تمشط شعرها بعفوية ربانية
تتباهى المرآة بوجودها
كأنما خُلقت لمثل هذه الطلعات
فغدت هي والمرآة صنوان
في البراءة والجمال والصراحة
منهما كانت تغار البشاعة والكآبة والشرور
ويقبل عليهما خفافاً الفرح والسرور
. . . . .
ما لبثت حتى قامت الساعة
بإرادة تآمرية شيطانية مبيّتة
من سواد العقول وسوء النيّات
فحدث ما حدث من إنفجارات
مخلفة ورائها دماء وأشلاء مفحّمة من بنيان الله
الزجاجات المزركشة تهشمت والرسومات الملونة تبعثرت  
الزهور والبراعم الواعدة أُغتيلت وأنشرخت مرآة الحياة
فأسودت الدنيا في عيني اميرة الاميرات
انقلبت عندها الآيات وزادت المعانات
نسيت ما كانت لها من أحلام وردية وطموحات مجدية
مستسلمة لمقدرات الامور، ضائعة في متاهات الحياة
حتى احترقت بينها وبين العالم كل المسافات
وباتت لا تفرق بين الخير والشر
بين الحق والباطل
بين القبح والجمال
بين النياشين والاساور
. . . . .
هنا في قلب الظلمات
تُمسخ المرأة غراباً ودجاجة وتُنعت بأحط الصفات
فوراء كل إمرأة مهزوزة فاشلة، رجل حقير    
حسب ما تؤمر، تصير
كيفما تساق تسير
تُذل فتشكر اولياء الامور
تُظلم وتُدفن بين الجدران الاربعة
فتصبر وتدعو الله لإدامة نعمة القردة  
وكلما كبرت، صغر العالم في عينيها الذابلتين
حتى غدت هي الاخرى نقطة صفر
لا تُرى بالعين المجردة

       2012-10-28







عصرية صفراء في مقهى عنتر

في عاصمة البؤساء التاريخية
وفي زمن إهتزاز شبك مرمى الديمقراطية
بأربعة إهداف كويتية
وخروج التحزب منها صفر اليدين
كنتيجة حتمية
وهنا.. في ذات الوقت
بعد انقضاء أربعين عاما من التخندق والضياع في الجبال
واقتتال الاخوة الاعداء والتشرد في منافي الإذلال
جلس الكاتب العاطل عن العمل
منذ ولادته القيصرية
فكراً، ممارسة وإبداعاً
في إحدى زواية المقهى
الواقع بين القلعة ومنارة اربل
وهو يتحسس جيوبه النظيفة
والفارغة إلا من قلم ومناديل ورقية
جلس بعد إنقضاء عشرين شهراً بيروقراطياً
ذهاباً وإياباً
لاعناً، خائباً
بين وزارة الآغاوات والفروع الحزبية
الجيستابوية
إثر إستبعادات قسرية
ذات أبعاد أخلاقية، ثقافية وفكرية
وإستقطابات حزبية
بأهواء ونزعات شوفينية
جلس ينظر إلى الأعلام والإعلانات الضوئية
وإشارات المرور السياسية
ضوء أصفر ثم أصفر ثم أصفر..
لاشيء سوى الإصفرار
حتى باتت المدينة غارقة في الإصفرار
وجوه صفراء
أرقام صفراء  
قاعات صفراء
أقلام صفراء
تقارير صفراء
جرائد صفراء
كتب صفراء
جمعيات صفراء
وزارات صفراء
مديريات صفراء
شركات صفراء
مقاولات صفراء
تهديدات صفراء
غزوات صفراء
بنوك صفراء
سيارات فارهات صفراوات
حتى شارات الاذرع صفراء
صفراء، صفراء، صفراء
النجدة.. النجدة..!
إني أغرق
                2012 / 11 / 11



آربائيللو
           إلى روحَيّ محسن النجار وناصر يوسف
               الهائمتين في سماء مدينتي     
في غابة البشرية هذه
في هذه المدينة التاريخية التي لا تاريخ لها
سوى إنها كانت مفتوحة الافخاذ على مر العصور
ومقبرة للمحتلين الغرباء
بدءً من ذوي القرون والجنس الاصفر والاحمر والفرس والاتراك
والمستعربين العدنانيين المهجولين من صحارى نجد ونجران وعرعر
بمنطق القوة والدمار والاخضاع والاستعباد
وفق معطيات مقرونة بالاستبداد
فاقدة منذ زمن هويتها وأصالتها  
إلا أنها مازالت تجري من تحتها الانهار
والذهب الاسود يتنفط من أطرافها
. . . . .
في هذه المدينة المستباحة
ولدتُ مجهول الهوية والتاريخ
ولدت كما يولد الآخرون
من ذوي النفوس الميتة والإرادة المسلوبة
لم يفهموا من صيرورة التاريخ شيئاً
ولم يأخذوا من دروسه البالغة أي عبرة
سوى اللعبة واللهو المسموحة حسب التقاليد المشرعَنة
والمتّبَعة منذ مئات السنين
لتقضية اوقات حياتهم كاملة
من المهد الى اللحد
ومن الجحيم الى الجحيم
واللعبة المفضلة عندهم هي:
 لعبة التابع والمتبوع
الرئيس والمرؤوس  
العبد والسيد
الراكب والمركوب
الفاعل والمفعول به
السادي والمازوخي
الحجاج المنتصر بالله والشعب مضروب على قفاه
الأمر بالسكوت والإستسلام  والنهي عن الكرامة والإقدام
والدليل.. إننا ما زلنا نبرر السرقات
والجرائم التاريخية والمذهبية والسياسية والعقائدية الكبرى
بالاقوال المأثورة  
. . . . .
في هذه الغابة البشرية سأموت ذات يوم
ولكن ليس كما يموت الآخرون
وبعيداً عن الطقوسات والمراسيم والكليشات المصطنعة الكاذبة
والمعدة سلفاً من قبل أعداء الله والطبيعة والإنسان
لكسر كرامة الانسان
. . . . .
سأبني مأواي الأخير الجديد والمتجدد دوماً
بكلمات لا تموت
سيزورنى حينها الاحرار والشرفاء
من كل الاجناس والالوان
آنئذ سأحكي لهم حكاياتي مع الزمن
مع القادة المتسولين
والرؤساء المندحرين
والمتاجرين بالدين
وإذا تجرأ أحد منهم الاقتراب مني
سأنهض من غفوتي لأملأ وجهه البشع  
بُصاقاً  
 




الرجوع الى الطبيعة                    
 

لا تسأل
من أين جئت وإلى أين أرحل
لا تسأل
من أكون وماذا علي أن أفعل
لا تقل هذا حرام وذاك حلال
هذا ممكن وذاك محال
إني يا هذا..
أحمل عقل الله الراجح في رأسي
وأنت غارق في اوهام اليأس
مازلت تتنافخ، تتحاجج
وتغض الطرف عما ارتكب اسلافك
من جرائم حرب وسفك دماء واحتلال
. . . . .
وجهك يا هذا.. يخيفني
صراخك يا هذا.. يؤلمني
خُطبك الطنانة تثير السخرية والشكوك
في نفسي
نظرتك الرمادية للحياة تُؤرقني
ولطماتك التراجيكوميديا  تستفزني
فأنا إنسان أنتمي للحياة
أعشق كل ما فيها من معطيات وجماليات
أعشق الموسيقى والباليهات
أعشق الوان الربيع وما فيه من نفحات وإنبعاثات
ولن اعير إهتماماً لما فات
ولن أُشغل بالي بما سيحدث لي بعد الممات
من مواجهات ومحاكمات        
وطالما عشت على وجه هذي الأرض الانثى
سأمارس حقي في الحياة
كإنسان يحارب القبح بالجمال،
ويقاوم السواد بأجمل الكلمات
والحب، لا الغصب، هو اول الرسالات  
ولن اكون جاحداً بما وهب الله لي
من نِعَم وافراح ومسرات  
أكون بشوشاً، متألقاً، متأنقاً  كما ألوان الربيع
وديعاً، هادياً، إنسيابياً، كما النسائم في الربيع
وأستشيط غضباً كالبركان الهادر
إذا ما زُجر بي كالقطيع
. . . . .
هكذا ببساطة دوران الارض وشروق الشمس
في البرد، البس ما اريد
لا كما يريده الآخرون
في الحَرّ، أنزع ما اريد
لا كما يأمرني الآخرون
فأنا إنسان اُساير نواميس وأخلاقيات الطبيعة
ولا شأن لي بذوات الطبائع الغليظة المكتسبة
والعقول المتحجرة
من اولاد الذين لا يقرأون الأرض كما ينبغي
ولا يعرفون الله على حقيقته
فيحرقون الأخضر واليابس
يفقأون، يبقرون ويقننون الظلم والافتقار      
لأجل إقامة دولة الاستحمار
أما أنا.. سأظل رافعاً رأسي نحو العلى
إنتظاراً للمطر
وما أدراك ما المطر؟
 

 
 
غرفتي
      
            مهداة للفنان المسرحي لطيف نعمان


غرفتي هي وطني وتاريخ حياتي
لا تجد فيها ستائر حرير مذهبة او فازات كريستال مشعشعة
في مجون الليالي
او باقات ورود طرية مغروسة في عروق بني جلدتي
ولا صورة لوالدي او لأفراد عشيرتي
لا آية من آيات السلطنة
تتبوأ صدارة غرفتي
او صورة لجحيم دانتي
او نسخة من خطط هتلر الشيطانية
. . . . .
جدرانها العتيقة ملأى بديدان القز
تنطلق منها فراشات كسولة متأملة
توحي لي بإشارات ورموز ودوائر دياليكتيكية
كي تثير فيّ الحزن والضحك في آن  
إنها تتشبث بي ولا تحبذ الطيران
كأنما اكتشفت سر أسفاري التي لم تنته بعد
ومخاضات السنين العجاف
لم يبق منها سوى بضع وريقات
غير قابلة للتداول او فكّ رموزها الممتنعة
ويا خوفي من أن تبقى أحلامي
مدفونة في غرفتي
وخيوط عنكبوت تذكرني بكهوف الانبياء المصطنعة
وسرير حديدي من زمن الحروب الباردة
والمحكومين بالاشغال الشاقة المؤبدة
وبعض شطحات فكرية وتوصيات و( لاءات ) محفورة في جدران الذاكرة
ـ لا اريد حكومة تعربد وتتراقص على إيقاعات الجاز الامريكي المجنونة
والناس نيام!
ـ لا اريد أن تتحول عنكاوا مضطجعا للجواري السياسية والعشيقات المستوردة
 على مرأى ومسمع الاحزاب الكارتونية الهامدة الساكتة والمتواطئة
ـ لا لمغتصبي القاصرات والسبايا المخطوفات بملئ إرادتهن
على الطريقة الديمقراطية الفالتة
ـ لا للسيوف المشرعة في زمن الكومبيوترات والنيوترونات
ـ لا يا قزم..! إننا لم نحمل سلاحاً وما تشردنا في ارض الله الواسعة
 لإقامة دولة المضحَكة
ـ واخيراً وليس آخراً.. ارفض الدكتاتورية الضاحكة!
. . . . .
هنا في عالمي الأكبر
نظرة جيفارا الثاقبة وكركرة آليدا
كتبي المتربة المركونة المحزّمة بالإقامة الجبرية
وردة فالتاين المصلوبة على الجدار منذ ولادتها  
علبة غمدان ومنفضة بلورية مسخمة لم تفقد سخونتها البتة
ملصقات إباحية ، بيانات عاجلة وقصائد غير مدجّنة
تقاسمني هموم الغرفة ومشاغلها
وحلقات الدخان الهائمة نحو السماء
تملأ الكون ضجيجاً
. . . . .
عبر نافذة الغرفة المفتوحة قسراً
أرى غيمة عابثة فوضوية
تحاكي وجوه من أحببت ومن كرهت
من مخلوقات الدنيا الواقعية منها والميتافيزيكية
جباه ناصعة وعيون واسعة بريئة
كعيون المجدلية
واخرى مدمغة مقطّبة كإعلانات حرب غير معلنة
حتى اللحايا على غير شاكلة لحية دوستوفسكى او غروتوفسكى او هوميروس
والشيطان يكمن في التفاصيل..
    
4 قصـــائد
         للكاتب المسرحي: فتاح خطاب


إلى عبدالسادة

يا سيد العبيد
يا العبد السيد
يا فلتة هذا الزمان
زمن الانقلابات والتقلبات السياسية
حسب امزجة الدول الاستحمارية  
خيوط مآربك واضحة كخيوط العنكبوت التأمرية
إلا أن أسماءك الخشنة المستترة منها والمستعارة
في كوبونات البنوك والشركات اللا مركزية
والمشاريع الوهمية لتمويل وتسليح الإرهابيين الإجرامية
والتعهدات التجارية الخاصة بالاغذية والادوية الفاسدة
مخفية محيرّة
غير دالّة البتة، كبصمات سارق او قاتل او جاسوس محترف  
حيثما تعيش في اللا مكان
كما العزرائيل او البكتريا القاتلة
إلا إنني أراك رغم أنفي
الف مرة ومرة على مدار الساعة
حيث لا ارغب أن أراك
تكون ماثلاً أمامي ، وقتما تمد إمرأة هالكة عاجزة
يدها، مستجدية لأجل قوتها اليومي
وحصتها من النفط المسروق، الف قطعة وقطعة من الذهب الخالص
أراك، حينما لايجد العاشقان سقفاً يؤيهما
وحياتهما حسب مسودة الدستور المؤقت مكفولة
أراك، حينما يستبيح جاهل حاقد دم عشاق الحياة والفكر والانسانية
وهو حسب القانون والعرف والشريعة يد الله الممدودة
المنتصبة في ارض المستضعفين
والمغلوبين على امورهم الدونيوية والآخرة      
أراك، حينما يهرق دم الباحثين عن المتاعب والحقائق والارقام الفلكية
وهم في نظر الاغاوات الجدد، يُعَدون شلة من الغوغاء المتربصين  
أراك، مستهزئاً بيّ أنا أيضاً،
أنا المبشر الحقيقي للثورة الدائمة
أنا الفن والادب والثقافة
وسيرة حياتي كتاب مفتوح للرائين المتبصرين
قولاً وعملاً / فناً وكتابة / فكراً وإبداعاً
لم أتعثر/ لم اتراجع / لم أركع / لم أخُنّ..
لم أُعلق الاجراس على جروحي
لم اصنع من كلماتي كرسياً
وما ساومت يوماً خوفاً او خذلاناً
وأنا الذي كنت اسبق طلوع الشمس
في أعالي الجبال واتسنجر ليوم ميلاد جديد
وإذا الثورة سُرقت
وأيام اللاجدوى دارت
في دوائر مفرغة للثورة المضادة
بأسلحة مهرّبة وأجندات مجرّبة
لمهام وتوصيات محددة
عام 1961
عام 1971
عام 1983
عام 1996
عام 2004
عام 2010
وهلم جرّا
وإذا المقبرة الجماعية إنتفضت
والاعلام تشابكت
والخلايا النائمة تحركت
والدويلات انشطرت
والمراكز الجاسوسية العالمية استقرت
وانابيب النفط غيرت مسارها
فبأي وطن نحتمي وأي طريق نقتدي
وها أناذا الآن ضحية الثورة المسروقة، علناً ملناً
محروم من ابسط حقوق المواطنة
على مدى خمسين سنة شمسية
لأنني قلت ذات يوم : إن الثورة والفساد لا يلتقيان إلا على جثتي







دبابتان على جسر التحرير


ها أنت الآن أيها القرد القميء
يا آخر القرود العظماء
بعدما هبط غراب الحظ العاثر
على رأسك المنتفخ بالهرمونات الجنونية  
أراك مبتسماً ملء شدقيك / cut
تطلق ضحكاتك البلهاء / cut
تتلاعب بصولجانك
كما يهز الكلب الاجرب ذيله /  cut  
مائة عام ونحن نضحك
مائة عام ونحن نندب
مائة عام ونحن نندم
مائة عام ونحن نتقلب  
على الصفيح الساخن
أعجب ما فيك هو
أنك لا تشبه القذافي
وليست لك صلة القربى بمجانين عصرنا السياسيين
إلا أنك حذوت حذوهم وقلّدتهم بإمتياز
متجاهلاً حكمتي وحكم التاريخ عليك
بأن من أهان شعبه
يُهان
ومن ظلم شعبه
يُظلم
وأن كرامة القائد من كرامة شعبه
ومن جرح كرامة شعبه لا كرامة له
أما رأيت ما فعلت الشعوب ببطرانيها وزعاطيطها
يوم ما ثارت ثائرتها؟!
وقد استعرت من بعضهم اسوأ ما عندهم من ترهات
عسكرة المجتمع / cut    
نظام العائلة الحاكمة والتوريث /  cut
تخريب وتدمير القطاع العام / cut
الفساد الاداري /  cut
غسيل الاموال /  cut
سرقة الاموال العامة وإستثمارها للمصالح الخاصة /  cut
تحزيب مؤسسات الدولة /  cut
الجمع بين السياسة والمتاجرة /  cut
الاستيلاء على الاراضي والمنتجعات السياحية والابنية الحكومية / cut
واخيراً تزوير الانتخابات وكل شيء من أجل فوز الحزب الحاكم / cut  
ما هكذا تُبنى الاوطان يا مقلد القرود! Cut




الأمر بالإنقلاع..!


ما دمت لا تخجل افعل ما شئت
تاجر بإسم الوطنية
الديمقراطية
وحدة حرية إشتراكية
بإسم القومية والعشائرية
تاجر..!
بإسم القطاع الخاص والانفتاح والسوق الحرة
بإسم الثورة المجيدة والانتفاضات الالكترونية
بإسم مستلزمات الاوضاع الراهنة والتغييرات الجذرية
تاجر.. ولك تاجر..!
بإسم الرجوع الى الزمن الجميل والاخلاقيات الراقية
تاجر..!
دق على الاوتار الحساسة ما شئت
وشغل الاسطوانات العتيقة المشروخة ما استطعت
وأخيراً لك أن تتاجر باُمك وزوجتك وبنات خالاتك..
لكن اوعى أن تتاجر بإسم رب العالمين
وأنت من أذناب المحتلين!


سؤال لوجه الله !
         

هل الارض لمن يحرقها..؟
هل الزوجة لمن يغتصبها..
هل المُلك القاروني من فضلات رَبّه..
هل النفط نعمة ام نقمة
هل الحب حرام والقتل حلال
هل كل من سار على درب وصل
هل كل من سهر الليالي حظي بالعُلا
هل الدنيا عاهرة.. لينعم بها القوادون والسماسرة
هل يحب الله القبح والجهل والقتل والإدمان
ويكره الجمال والحب والسلام والأمان  
هل يفرق الله عَزّوجَلّ بين الشعوب والاديان
أو بين الاُنثى والذكر
ليثير فيهم اسباب الشقاق والنفاق
إذا كان الله الذي خلقنا
واحد أحد
وحِدوه إذن..!
والشمس التي تُدفئُّنا واحدة
أصلنا، فصلنا واحد
وحِدوه..!
أرضنا واحدة، مشربنا واحد
مصدر رزقنا واحد
منبتنا واحد
وحِدوه..!
وإذا الكل أولاد تسعة
أليس الاجدر بنا إذن
أن يكون لنا نسق فكر إنساني واحد؟    
لا تقتلْ
لا تظلم
لا تسرق
لا تكذب
لا تفرّق
لا تشي
لا تَشحذ
لا ترتزق
لا تُسئ
لا تقطع
لا تَحرم  
لا تزجر
لا تتعصب
لا تتقاعس
لا تتعالى
لا تأخذ ما ليس لك
ولا تنكح أكثر من إمرأة
فأنت من أحباب الله








 وداعاً.. يا كتابي
          
لا تحزن..!
ها أني أتركك كما يُترك لقيط جميل ومنبوذ
على رصيف الشارع
في مدينة ناسها لا تقرأ ولا تحبذ وجع الرأس
بالقيل والقال
إنهم يفضلون السجود والركوع والامتثال
بكل خشوع وإجلال
لأولياء نعمهم الاشرار
لا يجيدون غير لغة الدم والدمار  
ولا يستسيغون الكلام
إلآ عن الحرام والحلال
فلا تحزن..!
أتركك بعد كل تلك المعانات
والأسفار التي لاتنتهي
بحثاً عن كل جدّ وجديد
ولشدّة ما تشبثت بالتجديد
غدوت أنا نفسي من المُعَتّقات
لا تحزن..!
أتركك لوجه الله والحقيقة
بالمجان
إذ أرفض المتاجرة بمقدساتي
كما كنت في سابق عهدي
وزهدي في الحياة، عدا الخمر والسيجار
والوجه الحسن، على ما أقوله شهيد
لأجلك
جعتُ حد الكفر
سهرت حتى مطلع الفجر
تخاصمت، طُردتُ، قاتلتُ، ترحلتُ
تشردت في مدن لا تغيب عنها الشمس
وهي تلوّح مكرهةً
ودُفنت في ثنايا ثلوج مدينة تبخل عليها الشمس
بضوئها.. فتُعبد عبادةً
وفي كلا الحالتين كنت التجئ الى احضان الطبيعة الاُم
أفكّ لغزها السهل الممتنع وأرهف السمع لنداءاتها
فأنطلق بحثاً عن نصفي الآخر، لأرفع رايتي بين التفاحات
بيضاً كانت كالثلج او سمراء كالقهوة اليمنية
ولكي لا أقع في جحيم (رامبو) فاُخذَل أمام التاريخ
وألآ أكون من قتلة (اولوف بالما) فأخترت مبادلة الحب
اسلوباً لحياتي و وفاءً لنصفي الجميل
دونما تفريق او تمييز فيما بين اللغات
وما دمت إنساناً، فكل الناس مني
وأنا منهم. غير آبه بالخرافات
ولأننا من ساكني هذه الارض الحبلى بالتنبؤات
ستبقى في نظري كل التفاحات متشابهات، مشتاهات  
بغظ النظر عن المعتقدات والاصوليات
او القبليات العصبيات
وأما بنعمة الطبيعة الاُم فحدِّثْ!
إذ نحن منها وإليها سنعود
فلا تحزن..!
لأنك الابقى والاجدى
من كل مخلوقات الدنيا والآخرة
والأجر على الله اولاً وآخرا
وعزائي الوحيد هو أنني تركتك من بعدي
شاهداً، مستشهداً..
فلا تحزن.. يا كتابي
سيكون عمرك أطول من عمري المسروق
من قبل طغاة صغار
نفوس صغار
عقول صغار
وسراق كبار، كبار
سراق الفرح
سراق الأمل
سراق الحياة
لم يفقهوا سر الوجود
ولم يفهموا بأن ( أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود )
فرجائى ألآ تحزن!
أقلًها كنا أعقل من جلجامش
الذي طفق يبحث عن عشب الحياة
فخسر الرهان وعاد بخُفيّ حُنين
أمّا الحياة ذاتها قد جعلتني أهتدي إليك
لاُدلي بشهادتي عن الناس والحياة
وها أنت الآن تشق دربك وحيداً
لتبشّر الناس بحكاياتي..
بكلمات نابضة، دافئة كلحظة حب
لم يألفها ولم يقلها أبناء جلدتي
وتلك هي سر بقاءك
فلا تحزن!
قد تُحبس في حجرة جاهل طفيلي زمناً
قد تَقبع في غُرف المُهملات زمناً
قد يتحفظ عليك مثقف أناني زمناً
قد يخفونك عن الانظار
او يلقونك في أتون النار
او يمنعونك عن الإصدار
او ينفونك فيما وراء البحار      
فلا تحزن..!
لأنك ستعود ذات يوم مجدداً
رغم كل العواصف والاقدار
ستشقّ أمامك كل الحدود والسدود
وستكتسح كل الخطوط الحمراء
ستعود لتحيا بأبهى صورك
لأحيا معك
وستعبر الجبال والصحارى والانهار
ستهبط في عواصم جديدة
وستُبعث في أجواء جديدة
مع اناس جدد
لا يفقهون سوى لغة الحب والإيثار
لا يعرفون سوى جمالية الفن والادب الرفيع
والرقص والضحك والغناء على أنغام القيثار
حينئذ ستستريح بين أيد أمينة
يخافون عليك من بلل الامطار
من عبث اطفال صغار
من فضولية قططهم الأليفة
او من رماد السيجار
سيمسدّون بأناملهم الرقيقة وجهك المشرق
لكي لا تُثار  
فلا تنغر..!
إن رأيت إشراقة دمعة في عيني راهبة
او ممثلة مستجدة
لا تنغر..!
إن ذُكر إسمي في مهرجانات أُممية
لا تنغر..!
إن وجدتني بعد عصور وعصور
بين جميلات الازمان والدهور
وأنا اُصفق ل ( فالانتاين ) لإجادة دورها وحسب
او حتى إن قبّلت ( انتيجونا، ازميرة، آفروديت، آزادة
جولالة، يولدز او أستير)
وذلك لإجادة دورهن، لاغير
فرجائي آلآ تنغر!  
ثم ما شأنك
قد أرقص سامبا او صلصة برفقة كاترينا اوسوزان
قد أنشر يداي وسع الفضاء
على أنغام ثيودوراكس، مثلي كمثل زوربا
غارقاً في عيني فينوس الزرقاوين.
وعلى أنغام صالح ديلان أستسمح
لأدبِّك تحت ضوء القمر مع بنات أفكاري.
واحدة تلو الاُخرى..  
لا.. لا تقل: أرى إن ربك يسهل لك الامور حسب رغباتك!  
بل قل إن ربك يُعوِّض لك ما فقدت من عمرك الجميل
وما حُرمت منها في حياتك!
قل: ربي زدني علماً، فناً ، أدباً وجمالاً.. لا جهماً ولا جهلا
وأرزقني بأولاد كتب صالحين!
آمين يا رب العالمين.
آمين.
                      
•   الاسماء الواردة في هذه القصيدة
  هي من شخصيات مسرحياتي
                         1/ 1 / 2012      




دوار النفط                  
      ( يا أشراف مدينتي
      وقد تهدمت خيمتي
      وتهجول أهل ديرتي
      ها أني جالس هنا مكتوف اليدين
      مقوس الظهر
ويا خوفي من ثالوث القدر
ألا وهو الفراق والفقدان والفقر)
   من ملحمة أصيلة وكرم         

يا فطحل الإستشارية
في الموارد النفطية والبنى التحتية
اطلق مكابح غرائزك البتروكيمياوية
واتبع خطى اُمراء الجزيرة العربية
وشيّد الابراج للمترفين والمحسوبين
والمرتشين والمتاجرين بالعملة الصعبة  
على طريقة البنائين السرية
واستورد الأيدي العاملة والخدم والرياضيين
وحتى الفنانين والمهرجين والمهللين والمحللين بلا حدود
لإقامة أميرية أفلاطونية
كما تستورد البصل والخيار، كما الإبرة والمسمار
ويا للعار
ولا تنسى النقاب والحجاب والجُبّة والجلباب ودشاديش قصار
او علبة كبريت والسيجار
حتى اللبن والجبن وحليب الابقار
والتي كانت، أصلاً، من صنع أجدادنا الكبار
تأتينا من الدول الاجنبية
يا عجبي!
لم يبق سوى أن تزرع في رأس كل كوردي
نخلة اصطناعية
لتطبيع العلاقات الاخوية العربية الكوردية
على مرمى المدافع والصواريخ البعيدة المدى
ولا تمد يدك لمن هم أقرب إليك من ظلك
وأستخف بكل الرموز والكيانات المجتمعية
لتكون في مأمن من الهزات السياسية الداخلية
يا عجبي!  
اجمع حولك خونة الأمس وعواهر الفكر الطلقاء
قسّم الاراضي التي تشبعت بدماء الشهداء
وأطرحها في السوق السوداء
وهجّر السكان الاصليين قسراً، من قلب المدينة
وشتتهم في جزر نائية
واستوطن الغرباء فيها
بَغيَة التغييرات الطوبوغرافية
يا عجبي!
خرّب بيوت من يعارضك
أقطع موارد من ليس معك
أرهب كل من لا يبايعك
وأحسب كل من تفوه ب:
الشخص المناسب في المكان المناسب
واحداً من أعدائك
أُقتل وقدم الإعتذارات
وأمشي خلف الجنازات
ثم أهذر بكلمات متقاطعة عن الحرية والمساواة
كن أول الباكين وآخر المتكلمين عن تضحيات الرفاق
ثم أجزي، في الخفاء والعلن، شياطين الشقاق والنفاق
والمثل يقول: قطع الرقاب ولا قطع الارزاق
يا عجبي!
ضع المفسدين والمهرولين والطبالين والحرباويين
في الصفوف الاولى
واقطع الشك باليقين
بتطبيق نصائح الاولين
بأن يكون الأقربون هم الأولى
أما الذين هلكهم البعث وضحوا بكل غال ونفيس
أعتبرهم شلة من المدعين والمخربين والجواسيس
يا عجبي!
وعوضاً عن بناء المسارح والمزارع
والمعامل والمساكن الشعبية
وفتح المكتبات والمنتديات الثقافية
والكومونات التضامنية
شيّد السجون والمكاتب السرية
وافتح المقرات والثكنات الردعية
رمم ، وسع، جدد ونور المقابر والمزارات المنسية
يا عجبي!
وبما أن اُمراء النفط لا شأن لهم بالاشغال الخدمية
فعلى سواد الناس ممن لاحق لهم في الإيرادات النفطية
أن يدبروا بأنفسهم امورهم الثانوية..  
عطّل مصلحة الركاب ومنشآت السكك الحديدية
اوقف العروضات والاحتفالات والتنزهات الليلية
لتجبر الناس على منع التجوال والتزاور بعد المغربية
ليعيشوا حياتهم اليومية
 كما الدجاجات والحيوانات الأليفة
تحت رحمة الامزجة الباذنجانية
التي تمنع الفرح والإستماع للأغاني العاطفية والوطنية
تمهيداً لتحديد المسارات والأهداف الاستراتيجية
التي تؤدي، في افضل الاحوال، إلى طريقين مسدودين
لا ثالث لهما..
إمّا بقاء الحال على ماهو عليه من طغيان
وإمّا الإتيان  بطاغية!!!
يا عجبي!    





عودة نصير

حين عدنا الى الوطن
لم يستقبلنا أحد
إنما كان هناك أشباه رجال
شبعوا من دماء شهداءنا
وأستولوا على ميراثنا المتبقي
من سنوات النار والجوع والتشرد
اصابتهم العمى ومرض النسيان المستديم
غافلوا واستغفلوا
أنكروا واستنكروا
وكان هناك من يرثي لحالنا
كأننا ارتكبنا الكبائر
لأننا ذات يوم نذرنا حياتنا وأجمل سنوات عمرنا
لإشعال ثورة اُجهضت قبل أوانها
ولم نقبض سوى الريح
كأن شيئاً لم يكن
ونحن ببرائتنا المعهودة
كان الكتاب قبلتنا
والجدال مهنتنا
إذ كان الفن والأدب والفلسفة عنواننا
ورواية الحكايات والقصص الجبلية والجزر الصحراوية النائية
حيث تركنا فيها مآثرنا وأناشيدنا المنسية
هي ما كانت تستهوينا
ولكن
الذين نصّبوا انفسهم امراء على الابار النفطية
تخلوا عنا وتركونا لمصيرنا المحتوم
والذي فاز في القرعة لم يستجب لمكالماتنا
والرفيق الذي سقط من فوق حصانه
وتمرغ جبينه بوحل الخيانة
اصبح ملكياً اكثر من الملك ذاته
والذي ذُُكر اسمه في الكتاب الاسود
قد غدا حجر عثرة في طريقنا
وهذا ما كان يعجب حيتاننا السياسيين
وها نحن الآن نقف في مفترق الطرق
كما لو أننا لم نحمل سلاحاً ولم ننتفض
الى أي وجهة إذن
نولي وجوهنا؟
صوب الجبال ام صوب المنافي
او نبقى لنستمر في مشاهدة هذه الكوميديا السوداء
حتى النهاية المفجعة.            



كوميديا كونية

هنا وهناك
في الزمن الغابر او في عصرنا الحديث
حدث ومازال يحدث
بأن الملايين من البشر
على اختلاف أديانهم وقومياتهم وأجناسهم
من جراء الخوف ام الجوع او بالغصب والتعنت
انجرّوا وراء أعدائهم الالداء
وبمرور الزمن، انصهروا شيئاً فشيئاً، فذابوا وانعدموا
فاقدين هوياتهم وخصائصهم الثقافية وتقاليدهم الاجتماعية
ها هم الآن يتكلمون، يتجادلون ويتناقرون
بلغة ليست بلسان حالهم
يسجدون لإله ليس بإله لهم
يضحّون بأنفسهم في حرب ليست بحروبهم
ليل نهار يبكون ويولولون لذكرى ومآثر  
لا تمت لهم بصلة
يدفنون نصفهم الجميل والمرهف وئداً
بين الجدران الاربعة
زاعمين بأنها ناقصة العقل والإيمان
لذا لا تستحق الحياة.
يقتلون اخاهم يوسفاً، تبرؤاً منه
لإنه لا يشبه أهل البيت.
وإذا ما احتججتَ على ما يقولون وما يفعلون
لقالوا لك: إنك أنت الآخر، لا تؤمن بالرأي الآخر
  

 





تقنين الجهالة

وحش خرافي مقزز فجّر جهالته
فقالوا: نال الشهادة والباقون الى بئس المصير
وحين تمالكني الضحك
قالوا: لا تضحك!
حين بدأت بالغناء
قالوا: لا تغني!
رفعت يداي الى السماء على إيقاعات زوربا
قالوا: لا ترقص!
عندما قرأتُ ملحمة اللاءات
قالوا: لا تقرأ اللاءات!
نظرت الى جماليات رَبّي
قالوا: لا ترفع البصر!
عندما أشتهيّت النصف الآخر
قالوا: لا إشتهاء!
حين بدأت افكّر بالحياة وبالطبيعة وبمعايشة الاخرين
قالوا: لاتفكّر.. له مُدَبّر!
وعندما مُتُّ
لم يقل لي أحد لا تمت
لأن الموت بأي طريقة كان
شنقاً او ذبحاً
تفجراً كان او رجماً
جوعاً كان او كَمَداً  
فالموت بنظرهم هو الحق، كل الحق
أما أنت يا نديمي!
إقرأ
فكر
ارفع رأسك عالياً
إضحك، ارقص وغني
ابحث عن جمال الله وكماله
في معطيات الامور
وإلعَنّ كل من تسول له نفسه الموسوسة
النيل من إنسانية الانسان.
  




يا ليل يا عين

سنوات النار والجمر قد ولّت
الأسرى الموتى، والأحياء المحرومين
انطلقوا ،أنتشروا فتشردوا
والذين ارتكبوا الجرائم الكبرى
قد تناسيناهم عمداً
كما نسينا وتساومنا على دماء شهدائنا المجهولين
و ودّعنا خنادقنا، سنابلنا، كتبنا الممنوعة وأناشيد العشق
على طيب خاطر
وفي ما بين ليس اليوم وإنما غداً
ليس غداً وإنما بعد، بعد، غد
ذبلت وريقات العمر واحدة تلو الاخرى
جزافاً والعوض على الله
يا ليلي يا عين.. يا ليل
يا عيني يا ليل..
. . . . .
وغدت مدينتي الفاضلة عاصمة للسراق والمفسدين
حيث أن
كاتب التقارير الاعرج وذو الماضي الاسود
كان واصبح حامي حماة اناس محرمين
قبل وبعد ربيع الثورات القاصرة
وحامل مسدس عتيق قد نصب سكرتيراً للفنانين    
وأحد المجرمين العتاة قد اصبح حاكم الحكام المطلق
وإرهابي حد النخاع قد أُنتسب أميناً للسلام والأمان
وأحد مأجوري الأنفال قد تسنم عضو شرف البرلمان
ومراهق هاو قد غدا بين ليلة وضحاها نجم المهرجان
وحامل كارت الجوكر قد مُنحَ بقدرة قادر شهادة الماستر
وإقطاعي يشار له بالبنان
 قد تربع على عرش المدينة وبه لا يستهان
يا ليلي يا عين.. يا ليل
يا عيني يا ليل..
. . . . .
وأنا المدثّر وحولي الجبال المحروقة المهجورة
بقينا عرايا كما نحن
نموء كما القطط الجوعى
بوجه الميسرين من وارثي الثورات
اباً عن جدّ
نموء ولا حياة لمن تنادي
نموء ولا حياء لمن تنادي
نموء.. نموء
ونموء..!    
مياو..
 


تحت أنقاض المدينة

رجل تحت أنقاض المدينة يبكي
يبكي ليس على نفسه
وإنما لما سيأتي
يبكي متذكراً صيحاته، صرخاته الجنونية
في الشوارع والمقاهي والمسارح والمنتديات
وعبر الكتب والجرائد والإذاعات
. . . . .
صرخة في وجه الأخ الأغبر
الذي يأكل، يبيع ويتاجر بلحم ودم اخوته الصغار
كان ولازال الخادم الأمين للأجانب الشُطار
أمّا لأهل بيته فهو مغامر جبار
لا يتوانى من إرتكاب الكبائر، إذا ما أقتضى الأمر
في بسط سطوته وتسليط سيفه البتار
. . . . .
صيحة في وجه جوبلز المحلي الملقب بالشعّار
الذي اُختير بعد مداولات مطولة، من تحت الأستار
كأفضل عبد مُخصّى من عبيد الأفكار  
ليكمل ما بدأ به مَن سَبقه، من الخزي والعار
تاركاً ورائه، أطناناً من التجاوزات
والمسائلات القانونية المسكوت عنها
والواقعة تحت بنود الآمر الناهي
للحزب الواحد القهار
في السيطرة والإحتكار والإهدار  
. . . . .
صيحة في وجه وزير التعاليم والمشاورات الحزبية
لا يجيد غير تكميم الافواه والإستغباء والإستبعاد والاحتجاب
وتسفيه التربية الفنية والرياضية
وإنعدام النشاطات اللا صفية
وبث النزعات العبثية والعدوانية
وتعيين المدراء والمشرفين المشفّرين
حسب الموالات العشائرية والمحسوبية
يا شعب..
وقد أدركوا بأن التربية هو الأساس
فأضاعوا علينا البوصلة والمقياس
يا شعب..
هذا هو المساس والتدليس بعينه
كي يبرهنوا بأن شجرة الحرية التي رويناها بدمائنا
لم تكن سوى لأجل سريان السوس
لا يا شعب..!
أن سريان السوس
آت من فراغ الرؤوس، من سواد النفوس
وقرع الكؤوس
فأطرق يا شعبي ثلاثاً
ولتبدأ الجلسة
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه  


إختفاء الشاعر

مهداة لروح الشهيد عبدالفتاح اسماعيل..
                  شاعراً، قائداً ورئيساً
 
صمتاً ايها الرجال
ها هو ذا النجم
كما عهدناه
عارياً كوجه الحقيقة
يعلو في سماء الذاكرة
هادياً، مبشرا
ويستقر منزهاً في سويداء القلب
هلمّ إذن..
لنتبعه الى آخر خيط الدم
الدم الذي تفجّر ذات صباح
كإشراقات غدنا الجميل
فأضاءت دياجير ليل الشؤم
وأبطلت تعاويذ الدراويش
في الساحة
تُرى..
هل قرأوا الارض كما ينبغي؟
هل عرفوا الماركس على حقيقته؟
ام جاءوا ملوكاً وسلاطين
في ملبس الفكر
يسحلون اذيال العار
وهم مثقلون بالآثام
معبئون بجنون نيرون
إن عدن مدانة
لأن شاعراً قد سقط
صريع الغدر
إن عدن مهيبة
لأن روح الشعر
فيها هي القدر
ماذا نقول يا عدن للأصدقاء؟
ماذا نقول للأعداء
يا عدن؟
أنقول جئنا لنبق
والمقاولون السماسرة
كانوا بالأمس ها هنا
يمرحون ويتسامرون
ماذا يا عدن؟
ماذا نقول عن جبل هيل؟
عن البوارج التي دنّست معابد الفكر
وعن إختفاء الشاعر المتنبئ
ماذا عسانا أن نقول؟
قالوا : إن الثورة تأكل أبنائها
قلنا : إن من يزرع الموت والدمار
   ليس منا
أما القافلة، فستواصل مسيرها
وسيبقى الناس الخيرين
كل الخيرين
هم الجمّالة.
      عدن 86

 



صوب كرنفالاتٍ جديدة

منذ القدم
كانت للإنسان طقوساتٌ كرنفالية
يرقص فيها للفرح الآتي
حالماً بربيع العمر الأخضر
يشدو لسخاء الأرض الحبلى
واهبة الخيرات والنِعم للبشرية جمعاء
دون أن تنتظر منا ثناءً او ثمنا
او كلمة وفاء
لخيوط الشمس يرنو..
لتويجات الزهر
للبحر
والقمر
والمطر
ناشراً جناحيه، على ايقاعات الطبول
يحاكي الآلام
يناجي الدهر
يهز الارض صخباً
يتصبب العرق دماً
لربما..
لربما يستجيب له القدر
يرسم احلامه
على وجنات الغبش الاُرجوانية
علها تزهر.
وها نحن أولى
نبتكر كرنفالات جديدة
لعرسنا الاكبر
نشعل قناديل الخِضر
ذات الوان قزحية زاهية
مناراً..
لبني البشر
فمجداً للإنسان
والفكر
ونجمنا الاحمر
           
              عدن   86    
      



سلاماً يا قبلة العشاق

عُدّتَ سلاماً يا عيد الاجمعين
عدت، وعدن تنهض من كبوتها
تتحرر من اسارها
ومن خوفها الدفين
إنها كعادتها،
تغتسل وتتجمل بماء الورد
الكاذي والياسمين
وتنطلق في دورة الاشياء العجلى  
كما الحورية في البحر
فارعة النهدين
محنّاة الكعبين
جاءت تبحث عن العفص والسكة
وعن كتاب الأقدمين
فسلاماً..
سلاماً يا وعد المحبين
....
أنتم يا من هناك
ايها الآتون مع الفجر
يا رجال الشمس
من هنا الطريق اليها
فأعبروا خاشعين
ولا تنسوا لغز مدينتها الفاضلة:
لا تُخِل
لا تَقتل
لا تُخاتِل
فلا تخف من أحد.
تزودوا بحفنة من الرمل
وكثير من الأمل
والعمل
والجدل
فستجدونها أجمل مما كانت
وأنقى.
                 عدن 86



قلب طفل

قالوا لي لم لا تحب
   فقلت أن هذا القلب المجنون
   لايعرف كيف ومتى يحب
   إنه كطفل غرّ، قد يصرخ في وقت
   يُمنع فيه الكلام
   او يرقص على ارض
   حبلى بالالغام
   فكيف لي أن احب
   او لا أُحب



سؤال برئ

أما آن الأوان
ليسقط هذا الصنم المتربع  
على جماجم بني الإنسان
خجلاً
أما آن الأوان
لتضحك تلك الجماجم او تحرك ساكناً
لكل تلك المهازل الارضية والفكرية
او تتحول حسب نظرية التراكم الكمي يؤدى الى التغيّر النوعي
الى مادة تي ن تي او الصاروخ الذكي
لبناء عالم بلا أصنام
 
    


البحث عن الذات الانسانية

إذا لم نجد العالم
   مثله مثل الحلم
   سنحلم بعالم أجمل وأجدى
   حينها نحتكم بالعقل وبالقلم
   لتحقيق ذات الحلم  



تناقضات جوهرية

الإنسان، الإنسان
ذلك المجنون العاقل
العاقل المجنون   
نصف إله و نصف شيطان
الإنسان ، الإنسان
ذاك الذي له وجهان
وجه ضحية و وجه قاتل
الإنسان، الإنسان
ذاك الذي له يدان
يد تزهق الأرواح ويد تبني الأوطان
يد، يد، يد.. يا دنيا، يا دنيا..
ذلكم هو الإنسان




قبل فوات الاوان

أنتم..!
يا كبار القوم
يا طبول الغجر الفارغة
لا تَدَعوا البتة هذا المقاتل الجريح أن يستريح
فى ظل مدينته المستباحة
لخراتيت موتورين، مبطّرين ومفسدين
من تجار الحروب الخاسرة
والإنتكاسات الفاضحة
المدفوعة الثمن.
لا تَدَعوه أن يداري براعمه الجميلة
أن يشعل شموعه المقدسة
أن يوصل نداء العشق والجمال
الى مسامع الناس
أن يحقق بعضاً من احلامه الضائعة
بكشف عورة إله الشر والحرب
وإبطال سحره اللعين
تعالوا إذن!
مثلكم مثل أعداء الامس
قَلّدوهُم كالقردة
أحرموه من جماليات المسرح وفضاءآته الرحبة
أقلعوه من مدينته الفاضلة
ودَنّسوا محرابه المقدس
كي يصعد هو الآخر الى أعلى قمة في جبل قنديل
مثله مثل أي وليد جديد
ليرقص ويغني عارياً، مجرداً كالحقيقة
وبعد أن يعمّ الطوفان أرجاء الدنيا
سيقرأ عليكم سورة الفاتحة




ذلك الكتاب المتمرد

في ثنايا كل تلك الكتب البراقة
الغليظة، الثمينة والمعتبرة رسمياً
كان هناك ثمة كتاب وحيد، مهلهل ومكفهّر
ذلك الكتاب المهلهل
كان قد أبطل كل الاكاذيب المنمقة
وأسقط كل تلك الاقنعة المزيفة
لرؤية الحقائق الكونية، كان بمثابة مرآة صافية
ولتصحيح المغالاة والاخطاء التاريخية، كان فرصة وافية
*****
ذلك الكتاب المكفهّر
كان مختفياً، ضائعاً بين عناوين تلك الكتب البراقة
المسموحة رسمياً
والعناوين كانت:
ـ كيف تتعلم الركوع والسجود لآلهات العصر الحديث
ـ كيف تتعلم أن تكون قاتلاً محترفاً براتب وزير شاعر
ـ كيف تصبح قائداً وترليونيراً
حسب الطريقة اللارأسمالية
ـ كيف تخفي آثار الجرائم السياسية
   بمحاكمات صورية وبهبات خيالية
ـ كيف تكسر عيون الصحفيين والادباء والفنانين  
   يؤمنون بالرأي الآخر
   ويتحدثون عن لغة الارقام الفلكية
   بلسان حاد وساخر
ـ ملك الملوك
ـ كبير الآلهات
ـ شجرة العائلات المقدسة والعائلات المدنسة
ـ سيوف وخوازيق ما بعد الحداثة
ـ العصا السحرية
ـ صك الغفران
ـ من تمنطق، تزندق
ـ فن اللطم والتزنجل
ـ عن طريق اللطم وصلنا الى الحكم
ـ تسقط الحكومة برمتها في الربيع
   وتُبعث شُبه حيّة في بورصات عالمية
ـ بيع نفسك ! إذ ليس لديك متسع من الوقت!
ـ فوائد الخوف واليأس والخنوع والكبت الجنسي  
*****
ذات يوم، التجأ إلي ذلك الكتاب المتمرد
بطرََقات متسارعة على الباب  
إثر تعرضه لنوبات اليأس والكآبة
ما لبث إن فتحت الباب
حتى تراءت لي هناك في الخارج
فريقاً حكومياً من آذان راصدات وعيون جاحظات
مع كومة من اللحى المصطنعة والمستوردة خصيصاً
وثمة جبين بماركات مسجلة
رافعين لافتات تقول:
( بالروح بالدم نفديك يا هدّام )
يا هدّام.. يا هدّام
نفديك يا هدّام..

 


عقول وعقول

الانبياء: أن الانسان من بنيان الله
الشيطان: أن الانسان مخلوق أناني
سيمون دوبيفوار: أنا انسان إذن أنا فيمينيست
ماركس: أن الانسان أثمن رأسمال
انجلس: أن الانسان كائن سياسي
فرويد: أن الانسان كائن جنسي
كانت: أن الانسان كائن وجودى
داروين: أن الانسان من مخلوقات الطبيعة
ديكارت: أن الانسان كائن مفكر
كازان زكى: حين يتعب الانسان الشجاع يغني فرحاً
بيرانديللو: الانسان هو الكائن الذي يبحث عن الحقيقة
سارتر: أن الانسان الوجودي يدافع عن أخيه الانسان أينما كان
كامي: أن الانسان كائن سيزيفي
بريشت: أن الانسان قابل للتغيير
عمر: أن الانسان خلق حراً
لوكسينبيري: أن الانسان الحقيقي هو المغيِّر الحقيقي
فتاح: أن الانسان نصف إله ونصف شيطان
هتلر: أن الانسان الألماني.....
أمّا ملفطوا نفطنا، قبل اكتشاف المولدات الكهربائية، قد أثبتوا
بأن الانسان حيوان عشائري.







إشتياق

يا أبتاه..!
رحلت عنا دون ترك أي رسالة او وصية
منذ زمن بعيد لم تأت إلينا
ولم تسأل عنا
ونحن ما زلنا ندور وتدور بنا الدنيا  
باحثين عن بقايا من بقاياك
نمخر لجج البحر
موجة فموجة
في المد وفي الجزر
ونطوي البراري على وسعها
برداً كان او عاصفة
زفير صحراء كان او رياح دوارة
عَلّنا نعثر على أثر قدم
او علامة ضاربة في القِدم
خرقة كانت، او رقيماً او قشة، نتشبث بها  
او صدى من عمق التاريخ
استدلالاً بوجودك
لتبييض وجوهنا الكالحة الممرغة
بأطيان الجهالة والقتامة والسفاهة
يا أبتاه..!
وقد قيل عنك الكثير
والاكثر مما قيل تحول إلى تدابير ودساتير      
إلى ممنوعات وتحاذير
عقولنا أصابها الخلل
قلوبنا أنهكتها العلل
أجسادنا غزاها الشلل
حتى غ

صفحات: [1]