2
عام واحد ام عامان
كل عام و انتم بخير, كل عام و شعبنا النازح و البعيد عن دياره و اصوات كنائسه بالف خير.
نعم نردد هذه العبارات التي تقال في مثل هذه الايام و لكن بفتو ر وباحساس يختلف عن بقية السنين. كيف لا و شعبنا ما زال يفترش الطرقات و الشوارع و الذي كان اوفر حظا فقد عثر على زاوية او ركن في هذه الخيمة او تلك.
ودعنا عام و ها نحن نستقبل عام جديد و لكن ما الذي تغير فالازمة نفسها و المعاناة ازدادت شدة و انقساماتنا ازدادت حدة فابنائونا الذين في ارض الوطن ما زالوا يعانون من برد الشتاء و قساوة الحياة و الغربة و هم في وطنهم و هم بعيدون عن ديارهم بضعة كيلومترات و لكنها بالنسبة لهم تعد بالالاف لانهم لا يستطيعون تجاوزها و الوصول الى ديارهم تلك الديار التي امظوا حياتهم ببنائها طوبة طوبة. لقد كانت مواد البناء ( السمنت و الجص ) تمتزج بعرقهم و دمائهم و كان البناء ياكل من سنين حياتهم و لكنهم كانوا فرحين و مسرورين عند اكتمال تلك الدور و كانوا يبداون رحلة اخرى باختيار اثاثهم و مستلزمات دورهم. كل هذه الاشياء احتاجت سنين لتكتمل و لكنها ذهبت ادراج الرياح بدقائق قليلة و جلسوا بعدين عنها و هم يجرون الحسرة و الالم ومن شدتها فقدنا الكثير من ابنائنا وشيوخنا رحلوا من هذه الدنيا لانهم ببساطة لم يتحملوا تلك الصدمة التي لم يكن لديهم اي ذنب فيها قدموا حياتهم ثمنا لتمتلئ جيوب غيرهم من قطاع الطرق ووحوش السنين الغابرة الذين رفعوا الرايات السوداء واستياحوا البلدان و النساء. نعم لقد انهار كل شيء امامهم في دقائق معدودة فمنهم من قضى نحبه و منهم ما زال يعاني و يصرخ هو و اطفاله و لكن من الذي سيسمع صوتهم فرجال السياسة التي دخلوها مستغلين الظروف منهمكين في صراعاتهم و انقساماتهم و البحث عن بنوك جديدة ليضعوا بها دولاراتهم و هم ابعد ما يكونوا عن معاناة المهجرين والنازحين اما قادتنا الروحين و الكنسيين فهم جزء من هذه المعناة بكثرة انقساماتهم واتهاماتهم الواحد للاخر وهم من يحتاج الى صلاة فاتهاماتهم الواحد للاخر تكاد تملئ صفحات الانترنيت. فيا للاسف عندما نسمع او نشاهد هذا الاسقف او ذاك او هذا الكاهن او ذلك ينشر غسيلة ( !!!! ) عبر هذه الصفحات و هذه المواقع و كأنه ليس لهم دور او اماكن مقفلة يمكن نشر غسيلهم فيها و معالجة مشاكلهم داخلها فالكل قد اصبح مفضوح و منشور و لم يبقى هناك سرمن الاسرار الكنيسة الا وانكشف امام الكل وامام كل من يهم الامر او لا يهمه . لا نعرف ما الحكمة من ان يخرج هذا الاسقف او ذاك و ينشر مثل هذا الغسيل عبر هذه الوسائل و كل من هب و دب دخل و علق على اسرار هي من اختصاص الكنيسة وحدها. (ارجو ان اتلقى اجابة مقنعة من المعنين بذلك او من يستطيع ان يسعفنا باجابة لتساؤلاتنا هذه , لماذا نلجيء الى هذه المواقع لكشف المستور؟ لماذا لا نناقش امورنا بيننا وفي داخل كنائسنا وملحقاتها التي تتسع لنصف اعداد النازحين من ابنائنا
و ما العبرة من ان اطعن او اهدد هذا الكاهن او الاسقف و اطلق الشتائم و الالفاظ البذيئة عبر هذه الوسائل والمواقع ؟ هل حلت مشاكلنا بهذه الطرق؟ هل استجاب المنقسمون و عادوا الى جادة صوابهم بهذا التشهير؟
الجواب بالطبع كلا. اذ ان الفجوة بينهم ازدادت اكثر والكل متمسك بموقفه بعد ان افتضح امره اما المسافة بينهم وبين شعبهم فحدث ولا حرج وبدت الثقة مهزوزة تماما بينهم فهم في حيرة من امرهم وهم لا يستطيعون ان يضعوا ثقتهم بروساء من هذا القبيل لا الروحيين منهم ولا السياسيين فالكل للاسف الشديد بعيد عن قيم رسالته. منهم يدعون الناس الى الوحدة و الثبات و هم للاسف منقسمون و يدعون الناس الى المحبة و التواضع فاين هي في تصرفاتهم ,و يدعون الناس الى الصبر و الهدوء و هم يغضبون من اقل كلمة و اقل فعل بقصد او بغير قصد وغيرها الكثير الكثير التي لا تتسع اسطرنا لملئها. فكيف بمشاكلنا اذن ان تجد طريقها للحل و من له القدرة على حلها و هو بهذه الحال. نعم انني اعترف بقسوة هذا الكلام وهذه العبارات قاسية علينا جميعا ولكنها تمثل واقع حالنا واعتذر من الكل ان كانت كلماتي بهذه القساوة و لكنها سبيلنا الوحيد للتعبير عن ما الت اليه احوالنا . و لكني في الوقت نفسه انادي مثلما الكثيرون مثلي ينادون اتحدوا ايها الرجال اتحدوا من اجل كنائسكم وكنيستكم العريقة تلك التي بناها رجال سطروا احرف اسماءهم بنور في كتب التاريخ وما زالت اسمائهم وافعالهم لامعة, اتحدوا من اجل شعبكم النازح هنا وهناك وهم في كل يوم يتحملون اثقالا اكبر بكثير من طاقاتهم وانتم بمواقفكم هذه تضيفون الى احمالهم احمالا, انظروا الى روح رسالتكم وتمعنوا فيها جيدا وانكروا ذاتكم كما نكر معلمكم ذاته لكم ولنا وانقلوا لنا وللعالم رسالة المحبة والسلام لاننا بحاجة اليها اليوم اكثر من اي يوم مضى , انقلوها لنا من خلال تصريحاتكم , انقلوها من خلال افعالكم وتصرفاتكم تجاه شعبكم وهو بهذه الظروف, خصوصا و نحن مطرودين من ديارنا بهذه الطريقة حتى من كان في المهجر فهو مطرود من دياره لانه لو خير لاختار اغلبهم الرجوع. اتحدوا و حلوا مشاكلكم داخل دوركم فدوركم كبيرة و حديثة و ملينة بكل ما تتمناه النفس و لها من الامكنة الشيء الكثير فما المانع من تحل داخلها و ما المانع ان تكون تلك الانقسامات سرا من اسراركم ؟ بالصوم والصلاة تزول كل العقبات وتعود المياه الى مجاريها , فاننا لسنا بحاجة لمعرفتها والخوض فيها فاننا لا نحتاج منكم غير رسالة المسيح نقلها الينا بامانة و صدق اما بقية الاسرار فانها من اختصاصكم لانكم انتم من اوجدتموها , اننا لا نريد ان ننظر الى كنيساتنا العريقة و هي بهذا الانقسام و هذا التشرد لا نريد ان نرى كنسيتنا العظيمة التي بنائوها رجال عظام بنوها بعلمهم و ثقافتهم و قبلها ايمانهم و عفتهم.
فاجلعوا منابركم منابر لنقل الرسالة كيفما يراد لها وكيفما انزلت لكم ولنا و ليس لتبادل الاتهامات و تجريح الاخرين وكشف اسرار هذا وذاك لاختلافنا معه في الرأي , ولتكن الحكمة سيدة في مواقفنا سيدة في تصرفاتنا ومن لم يملكها فليصلي ويطلب من الرب ان يمن عليه بها , فان الوقت يمضي والتاريخ يسجل مواقفكم , صححوها قبل فوات الاوان , قبل ان تجدوا كنائسكم خالية تماما الا من الصور والتماثيل التي ملئتموها.
ان شعبكم ينظ ر اليكم بما بقي من ثقة واعتزاز وينظر الى سياسييه ايضا علكم تجدون مخرجا لازماتكم ومن ثم ازماتنا كل في مجال اختصاصه لنحصر تلك الازمات في عام واحد وليس عامان , فها اننا قد ودعنا عاما مليئا بالجراح وقبلها الدروس والعبر ونحاول طي صفحاته المؤلمة لنستقبل عاما جديدا عله يكون مختلف عن سابقه وعند ئذ سنطلب من الجميع ان يأتي ويطفيء شمعاته ليضيء شمعات جديدة ويفتح صفحات بيضاء وجديدة بقلب نقي ورجاء صالح.
ايها النازحون هنا وهناك انتظروا فان هذا العام سيكون افضل من سابقه وسيشهد نهاية لمعاناتكم انشاء الله
كل عام وانتم بخير....................كل عام والرجاء الصالح لبني البشر
خالد شعيا
ساسكاتون – كندا
عرض المشاركات