عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - نافــع البرواري

صفحات: [1]
1
شهادة شهود عيان عن ظهورات يسوع بعد قيامته من الأموات – الجزء الثاني -

نافع شابو

مقدمة
في الجزء الأول من المقالة تطرّقنا على حقيقة قيامة يسوع المسيح من الأموات من خلال شهود عيان، كدليل وبرهان ما دوّنه هؤلاء الشهود، كما جاء في الأناجيل، وأعمال الرسل، ورسائل بولس الرسول، ويوحنا. وقد أحدثت المقالة ردود أفعال بعض الأخوة، فكتبوا تعليقات يمكن الرجوع اليها *.
إنّ حقيقة المسيحية مبنية بصورة كبيرة على القيامة. فإن كان يسوع قد قام من القبر، فمن رآهُ؟ والى أيّ مدى كان شهود العيان أهل ثقة؟ أمّا من عاينوا يسوع المقام فقد ذهبوا ليقلبوا العالم راسا عل عقب. وقد مات مُعظمهم، بسبب كونهم أتباع يسوع المسيح، وبسبب شهادتهم بحقيقة يسوع المسيح وموته على الصليب وقيامته وظهوراته لشهود عيان. ونادرا ما يموت الأنسان من أجل معتقد ضعيف.
لقد أزال يسوع عدم إيمان الرسل بعد ظهوراته لهم فأعطاهم علامة عن واقع قيامته. أفهمهم الكتب المقدَّسة وحدّد مهمّتهم كشهود للقيامة. فحضور يسوع الحيّ يجعل من الرسل شهوده في العالم. ويمنحم الروح القدس الذي سيعمل فيهم حسب ما يروي لوقا في سفر الأعمال.

ما قيل نقلا عن شهود عيان لظهورات يسوع المسيح بعد قيامته من الأموات
جاء في كتاب تاريخ يسوع: القضية التاريخية لوجوده وصلبه وقيامته - عن "أصل الأيمان المسيحي":
يعلم الجميع أن المسيحية نشأت في منتصف القرن الأول الميلادي، لكن هذا يثير السؤال الواضح: لماذا نشأت؟ ما سبب بدء هذه الحركة؟ حتى علماء العهد الجديد المتشككون يدركون أن الإيمان المسيحي يدين بأصله إلى اعتقاد التلاميذ الأوائل أن الله قد أقام يسوع من بين الأموات. في الواقع، لقد ربطوا كل شيء تقريبًا بهذا الاعتقاد.
هناك أربعة حقائق يجب استخدامها هي (1) موت يسوع بسبب الصلب، (2) والتجارب اللاحقة التي اقتنع التلاميذ بأنها ظهورات فعلية ليسوع القائم من الموت، (3) والتحول المقابل للتلاميذ، و (4) ظهور اهتداء بولس، الظهور الذي يعتقد أيضًا أنه ظهور للمسيح المقام. هذه الحقائق الأربع “الجوهرية” مقبولة على نطاق واسع على أنها تاريخ معروف أكثر من بقية الحقائق، وقد تم قبولها من قبل جميع العلماء الناقدين تقريبًا.
لم يكن بولس بحاجة إلى الاعتماد على شهادة شخص آخر ليسمع عن القيامة. يشرح [بولس] أن يسوع القائم قد ظهر له أيضًا.
(أ) قدم بولس هذه المعلومات أكثر من مرة (1 كورنثوس 9: 1، 15: 8؛ قارن غلاطية 1: 16).
(ب) تأكيد غير بولسي لشهادة بولس يظهر ثلاث مرات في أعمال الرسل (9: 1-9؛ 22: 1-11؛ 26: 9-19).
لا يُنكَر أن بولس قد تحول إلى الإيمان المسيحي. ومع ذلك، فإن مثل هذا التحول الجذري-من كونه باحثًا شابًا استثنائيًا ومضطهد الكنيسة الرئيسي (1 كورنثوس 15: 9؛ غلاطية 1: 13-14؛ فيلبي 3: 4-7) -يتطلب بالتأكيد تفسيرًا مناسبًا. كان بولس واثقًا من أنه التقى بيسوع القائم من بين الأموات. (1)
يقول فيليب يانسي في كتابه يسوع الذي لم أكن اعرفه:
"لقد علّم يسوع أن حياتنا لا تنتهي بعد موت الجسد. وكان تصريحه المدهش كما جاء في انجيل يوحنا: “أنا هو القيامة والحياة. مَن آمنَ بي ولو ماتَ فسيحيا.” يوحنا 11: 25-26". وبالنسبة لمَن عاينوه من المقرّبين إليه(تلاميذه)، فلقد أثبت يسوع قدرته على القيامة من الموت بعد صلبه ودفنه بثلاثة أيام. وهذا هو الإيمان الذي أعطى الرّجاء للمسيحيّين من حوالي ألفي سنة.
كتب أتباع يسوع أنه ظهر لهم حيّاً بعد صلبه ودفنه. لقد صرّحوا أنهم لم ينظروه فقط، بل أيضاً تناولوا طعاماً معه، لمَسته أيديهم، وأمضوا معه أربعين يوماً.
إن ادّعاء القيامة أمرٌ أساسيّ للإيمان المسيحي. إن كان الله قد أقام المسيح من الأموات، فإنّ يسوع يملك أوراق الاعتماد والشهادة الثبوتية التي لا يملكها أي قائد ديني آخر. بوذا مات. محمّد مات، (ولكن المسلمون يؤمنون بان المسيح حيُّ رفع الى السماء). موسى مات. كونفوشيوس مات. ولكن بحسب المسيحيّة فإن يسوع المسيح حيّ.
ويضيف فيليب يانسي فيقول:
“لقد توصّلتُ للنتيجة أن قيامة يسوع المسيح هي إمّا واحدة من أشرّ وأعنف الأكاذيب التي خدعت عقول البشر، أو أنها أروع حقيقة في التاريخ “انتهى الأقتباس". ( 2)
يقول العلّامة الراحل بولس الفغالي -وهوعالم في الكتاب المقدس واللغات الشرقية - في مقال منشور بعنوان “ العنصرة - حلول الروح القدس":
" إذا كان كُلُّ شيء قد تمّ في المسيح، وإذا كان التاريخ البشري قد أُستُعيد فيه، إلّا أنّ العمل ما زال هنا في مدى زمني لبشرية يجب أن تَتَحَرّر لكي تصبح قيامة المسيح قيامتها.
لقد قدّم لنا المسيح ملء حياة الله، ولكنه لم يفرضها علينا. فيبقى إذن أن يأخذ كُلّ إنسان هذه الحياة التي تَتفجّر من القبر، بقرار حُرّ.
في ظهورات يسوع لتلميذي عمّاوس سنكتشف حدث القيامة "راجع لوقا 24: 25-27" ، التي سيعرضها يسوع المسيح للتلميذين إنطلاقا من الكتب المقدّسة من النبوءات (أي نبوءات عن المسيح في العهد القديم) . " كان يجب على المسيح أن يقاسي هذه الآلام ليدخل في مجده". أي أنّه كان يجب أن يتألم يسوع وأن يقوم من بين الأموات في اليوم ألثالث. بدأ يسوع مع موسى يشرح وجال على جميع الأنبياء، ففسَّر لهما (لتلميذي عمواس) ما يختص به في الأسفار كلها". شكوك وارتياب رسل المسيح في قيامته حينئذ يدعوهم، يسوع، الى التأكيد من واقع جسده، ثُمَّ يبين لهم آثار جراحاته (راجع لوقا24:39) (يوحنا 20 :20)، ويدعوهم الى لمسه (لوقا 24: 39،يوحنا 20 :27) بل يأكُل معهم (لوقا 24 : 43،اعمال الرسل 1 : 4 ، 10 :41 ،يوحنا 21 : 9-12).وما أن يقتنع الرسل حتى يُحدّثهم يسوع عن الرسالة المحفوظة لهم (لوقا 24 :48) ، (أعمال الرسل 1 :8) ، (متى 28 : 18-20)،(يوحنا 20 :21-23).
يظهر يسوع لرسله [ظل السيد المسيح على الأرض أربعين يومًا بعد قيامته بعدها صعد الى السماء بحضور التلاميذ] ليسلم إليهم مهمّة وهي تجعل منهم أسس الكنيسة.
غير أنّ هذه المهمة تتضمن شهادة، وهذه الشهادة لن تفعل فعلها قبل ان يقتنعوا بواقعية القيامة. لهذا يذكر ألأنجيل شكوكهم، لأنَّ هذه الشكوك فُرضت عليهم بان يرتكزوا على براهين أكيدة بأنهم لم يكونوا امام سراب أو خيال.هذا الاهتمام هو قريب من ذاك الذي ميّز الكرازة (التبشير) الرسولية او اعتراف الأيمان في 1كورنثوس 15 فذكر قيامة يسوع يتبعه ذكر لظهورات نعم بها الرسل.
وهكذا شكّلت هذه الظهورات للمسيحيين الأساس المباشر لإيمانهم حين روى هذه الظهورات هو ان يبيّن ان المسيحي يرتكز على أساس متين ...خبر قيامة وظهورات يسوع المسيح لا يفرض نفسه فقط على ايماننا، على أساس براهين تبقى موضوع تساؤل، بل على ذاتنا كُلّها، على كلّ حياتنا وشعورنا. انه يحوّل وجودنا ويعطيه معنى جيدا “(3)
يقول كوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير":
قيامة المسيح فاتحة "اليوم الأخير". هذا "اليوم ألأخير" دشّنهُ قيامة المسيح. فبها بدأ تجديد الإنسان والكون (الخليقة الجديدة). إنَّ التجديد قد تَجلّى أوّلا في إنسانية المسيح المُمجَّد بالقيامة. وقد كشف لنا ألإنجيل بعض معالم هذه الإنسانية المتجدّدة، التي هي باكورة الكون الجديد. فمنهُ نعرف أنّها إنسانيّة حقّة:
فيسوع (في ظهوراته) يُجلس ويُلمَس بعد القيامة "انظروا الى يديّ ورجليّ، أنا هو بنفسي. المسوني وتحقّقوا فإنَّ الشبح ليس له لحم ولا عظم كما ترون لي " لوقا 24 : 39".
"هات اصبعك الى هنا فأنظر يديّ، وهات يدك فضعها في جنبي ...." يوحنا 20: 27" . يأكل أمام تلاميذه (راجع لوقا 24 : 41-43) ، يتحدّث إليهم . ولكنّها مختلفة جذريّا عن وضعه السابق: فيسوع الناهض يدخل (العُليّا) والأبواب مُغلقة ، يتراءى ثُمَّ يحتجب ، لا يُعرف إلّا إذا عَرَّفَ هو عن نفسهِ (لوقا 24 : 30-31، 25، يوحنا 20 :15-16، يوحنّا 21 :4-7". لا تُطاله صروف الدهر من ألمٍ ومرض وموت "روية 6 :9".
إنَّها إذن إنسانية متحرّرة من محدوديّتها وقيودها. (4)
جاء في كتاب "المحيط الجامع للكتاب المقدس":
"تَدُلّ إخبار الظهوران كيف جعل يسوع الشهود الذين أختارهم "يرونه " بحسب رغبته "أعمال 10 :14"، وكيف ثبَّتَهم في يقين يقول لهم إنّهُ باقٍ معهم. تراءى يسوع حيّا لتلاميذه ورسله. وقد لاحظوا أنّ القائم من الموت في أحد الفصح هو مصلوب الجمعة العظيمة "لوقا2 :39، يوحنا 20 :27". وتجلَّى جسَدُهُ فصار مجيدا "روحيّا " "لوقا 24 :36" يوحنا 20: 19- 26)
وهكذا نحن أمام شكلٌ جديد من حضور المسيح ذاته، ولسنا أمام إعادة الروح الى جُثَّة. وإن أُعطي لهؤلاء الشهود أن "يلمسوه " فلكي يتعرّفوا إليه، لا ليحقِّقوا من واقعهُ الجسدي" وَفِيمَا هُمَا (مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى) مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ" متى 28: 9"
وهكذا يكتب الأنجيلي يوحنا في رسالته الأولى:
"اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا، مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ.فَإِنَّ الْحَيَاةَ أُظْهِرَتْ، وَقَدْ رَأَيْنَا وَنَشْهَدُ وَنُخْبِرُكُمْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ الآبِ وَأُظْهِرَتْ لَنَا" 1يوحنا :1 :1".
يرى يوحنا الأنجيلي ظهورات يسوع انها تدلُّ عل أنّه دوما حاضر وسط أخصّائه. هذا الحضور يختلف عن الحضور الجسدي، ولكنه أهم منه. القيامة هي في الوقت عينه عودة الى حدث من تاريخ يسوع الناصري، وتعلّق بشهادة الرسل، وإدراك عميق للحياة المسيحية. هي تعني أنّ يسوع يعيش ما وراء الموت فيدلّ هكذا على لاهوته، ويفتح للبشر الطريق للدخول الى حياة الله الحميمة. وحين أظهر يسوع القائم من الموت نفسه لتلاميذه، أرسلهم الى العالم. "وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ. وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا. فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ»."متى 28: 16-20". يبقى على التلاميذ أن يجعلوا من البشرية "جسد المسيح " الذي هو الكنيسة. عبّرت الكرازة الفصحية والتعابير الإيمانية أيضا عمّا يعنيه للبشر الحدثُ الذي حصل ليسوع. هو "سيّد الحياة "، "نبع الحياة".(5)
وهذا ما جرى حيث هؤلاء التلاميذ الذين كانوا متألمين يائسين خائفين مرعوبين حزانى، بسبب موت المسيح على الصليب، أصبحوا بعد قيامة يسوع المسيح وظهوره لهم وبقائه معهم أربعين يوما سيصبحون شهود عيان ليس فقط في اورشليم (القدس) وفلسطين، بل الى العالم اجمع وسوف يغيّرون تاريخ البشرية..
"لي ستروبل " صحفي امريكي مشهور كان ملحدا ولكنه بعد بحثه عن -حقيقة قيامة المسيح - من خلال ادلة علمية تؤيد هذه الحقيقة ، وقام بجهود مضنية في لقاءاته مع العلماء في مختلف الاختصاصات العلمية ، واستغرق ذلك سنوات طويلة ، ليؤلف بعد ذلك ثلاثة كتب هي: " 1- القضيّة ... الخالق" ،"2 - القضية ...الأيمان " ، "3 - القضية ...المسيح")
في كتابه ا "القضيّة ... المسيح" يقول عن ظهورات المسيح:
"إنّ بُرهان ظهورات يسوع بعد القيامة لم تتطوّر تدريجيا عبر السنوات كما شوّهت ألأسطورة ذكريات حياته. بل بالأحرى فإنَّ قيامته كانت "ألأعلان المركزي للكنيسة الأولى منذ لحظة البداية" كما قال خبير القيامة اللامع جاري هابير ماس : "إنّ القانون القديم من 1كورنثوس 15 يذكر (بولس الرسول) افراد معيّنين لاقوا المسيح القائم. وقد تحدى بولس متشكّكي القرن الأول للتحدُّث مع هؤلاء الأفراد شخصيا لتحديد حقيقة الأمر لأنفسهم".
وسفر أعمال الرسل منثورة في ثناياه تأكيدات مبكرة جدا عن قيامة يسوع، بينما تصفُ الأناجيل لقاءات عديدة بالتفصيل. استنتج اللاهوتي البريطاني مايكل جرين: “إنّ ظهورات يسوع مُوثَّقة تماما كأيّ شئء في الأصالة ...ولا يُمكن أن يكون هناك شك عقلاني بحدوثها".
وقدَّم بروفيسور مورلاند برهانا مفصّلا أكَّد توثيقا قويّا للقيامة
أولا: كان التلاميذ في وضع فريد لمعرفة ما إذا كانت القيامة قد حدثت، وقد ضحّوا بحياتهم لإعلان صدقها. لا أحد يموت طوعا وعن معرفة من أجل أكذوبة.
ثانيا: بغضّ النظر عن القيامة، ليس هناك سبب مقنع يدفع مثل أولئك المتشكّكين كبولس الرسول ويعقوب أسقف اورشليم للأيمان والموت في سبيل ايمانهم.
ثالثا: أثناء أسابيع الصلب، صار آلاف اليهود مقتنعين بأنّ يسوع قد كان إبن الله، وأبتدأوا يتبعونه تاركين الممارسات الاجتماعية الرئيسية التي كانت لها أهمية دينية واجتماعية قصوى لقرون. (بل ان المسيحية بدات من اليهود). لقد آمنوا أنَّهم خاطروا بالإدانة لو كانوا على خطأ.
رابعا: فإنَّ أسرار التناول والمعمودية قد أكَّدت عل قيامة يسوع وأُلوهيَّته.
خامسا: الأنبثاق الأعجازي للكنيسة في مواجهة الاضطهاد الروماني الوحشي "يَشُقُّ ثُقبا عظيما في التاريخ، ثُقبا بحجم وبشكل القيامة " كما قال مول C.F.D Moule
ويضيف لي ستروبل فيقول:
بتجميع الأمور، استنتجتُ أنّ شهادة هذا الخبير تُشكّل برهانا قويّا أن يسوع كان ما نادى به – ابن إله الوحيد. والإلحاد الذي أعتنقتهُ طويلا جدا التوى تحت ثقل الحق التاريخي. (6)
ظهورات المسيح بعد القيامة تؤكّد القيامة نفسها، وحتّى يُدرك الجميع أنّ المسيح كسرَ شوكة الموت وغلب الموت بالموت وقام لينعم الجميع بالخلاص. هل حقا رأى الناس يسوع حيا بعد موته؟ سنبدأ تحقيقنا من خلال النظر أولاً في الأدلة على ظهورات قيامة يسوع:

1 - لقد ظهر يسوع المسيح بعد قيامته لمريم المجدلية.
"وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلًا لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا" راجع مرقس 16: 9-11" ، "يوحنا 20 : 18
2 - وللنساء الآخريات عند القبر في صباح يوم الأحد.
فَخَرَجَتَا سَرِيعًا مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ.
وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لاَقَاهُمَا وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمَا». فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ.
فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: «لاَ تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولاَ لإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي»راجع متى 28: 8-10
3 - وظهر لتلميذه بطرس في اورشليم
"فَقَامَا(تلميذي عمواس) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَرَجَعَا إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَا الأَحَدَ عَشَرَ مُجْتَمِعِينَ، هُمْ وَالَّذِينَ مَعَهُمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: «إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ وَظَهَرَ لِسِمْعَانَ!» لوقا 24 : 33-34"
4 - ظهور يسوع لتلميذي عمواس
" فَلَمَّا اتَّكَأَ مَعَهُمَا، أَخَذَ (يسوع ) خُبْزًا وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَنَاوَلَهُمَا،
فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَرَفَاهُ ثُمَّ اخْتَفَى عَنْهُمَا....وَأَمَّا هُمَا فَكَانَا يُخْبِرَانِ بِمَا حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ، وَكَيْفَ عَرَفَاهُ (يسوع )عِنْدَ كَسْرِ الخبز.! “لوقا 24 : 30، 31 ، 35"

5 – ظهور يسوع لتلاميذه العشر والأبواب مغلقة .
"وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ."يوحنا 20 :10-18
6 – ظهوره لجميع التلاميذ ومعهم توما .
وَبَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ كَانَ تَلاَمِيذُهُ أَيْضًا دَاخِلًا وَتُومَا مَعَهُمْ. فَجَاءَ يَسُوعُ وَالأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ، وَوَقَفَ فِي الْوَسْطِ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!»
ثُمَّ قَالَ لِتُومَا: «هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا».أَجَابَ تُومَا وَقَالَ لَهُ: «رَبِّي وَإِلهِي!»يوحنا 20 :26-28
7 - وظهر يسوع للتلاميذ السبعة...."بعدَ هذَا أَظْهَرَ أَيْضًا يَسُوعُ نَفْسَهُ لِلتَّلاَمِيذِ عَلَى بَحْرِ طَبَرِيَّةَ........ فَقَالَ ذلِكَ التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطْرُسَ: «هُوَ الرَّبُّ!» فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ، اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كَانَ عُرْيَانًا، وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ...." راجع يوحنا 21"
8 – ظهر للأحد عشر تلميذا على الجبل.
" وَأَمَّا الأَحَدَ عَشَرَ تِلْمِيذًا فَانْطَلَقُوا إِلَى الْجَلِيلِ إِلَى الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ.وَلَمَّا رَأَوْهُ سَجَدُوا لَهُ، وَلكِنَّ بَعْضَهُمْ شَكُّوا.فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلًا: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ."متى 28 :16-20
9 – وظهرلأكثر من خمسمائة شخص"وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيًّا، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ".1كورثوس 15 :6"
10 - وظهر ليعقوب أخو الرب والرسل جميعا
"ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً"1 كورثوس 15 :7
11 – من شاهدوه صاعدا الى السماء “
"وَفِيمَا هُوَ يُبَارِكُهُمُ(التلاميذ) انْفَرَدَ عَنْهُمْ وَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ."راجع التفاصيل في لوقا 24 :44-49 ، أعمال الرسل 1 : 3-8"
12- بعد ذلك ظهر يسوع المسيح لبولس الرسول وآخرين.
قائمة شهود عيان بولس، المذكورة في 1 كورنثوس 15: 3-8، بعد قيامته من الأموات تثبت حدوث مثل هذه الظهورات.
لنلقي نظرة سريعة على كل ظهور في قائمة بولس لنرى ما إذا كان من المعقول وقوع مثل هذا الحدث بالفعل.
من الأدلة التي يجب فحصها،هناك قائمة شهود عيان في رسالة بولس الرسول ، المذكورة في 1 كورنثوس 15: 3-8، عن ظهورات يسوع بعد قيامته

نظرة سريعة على كل ظهور في قائمة بولس لنرى ما إذا كان من المعقول وقوع مثل هذا الحدث بالفعل:
جاء في رسالة بولس الرسول الأولى الى مؤمنين كورنثوس :
"فَالْوَاقِعُ أَنِّي سَلَّمْتُكُمْ، فِي أَوَّلِ الأَمْرِ، مَا كُنْتُ قَدْ تَسَلَّمْتُهُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَسِيحَ مَاتَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ دُفِنَ، وَأَنَّهُ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَفْقاً لِمَا فِي الْكُتُبِ، وَأَنَّهُ ظَهَرَ لِبُطْرُسَ، ثُمَّ لِلاثْنَيْ عَشَرَ. وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ لأَكْثَرَ مِنْ خَمْسِ مِئَةِ أَخٍ مَعاً مَازَالَ مُعْظَمُهُمْ حَيًّا، فِي حِينِ رَقَدَ الآخَرُونَ.ثُمَّ ظَهَرَ لِيَعْقُوبَ، وَبَعْدَ ذلِكَ لِلرُّسُلِ جَمِيعاً. وَآخِرَ الْجَمِيعِ، ظَهَرَ لِي أَنَا أَيْضاً"1كورنثوس 15 : 3- 8".
هنا نجد نواة إعلان الأيمان المسيحي الذي سيدخل في قانون تتلوه الكنيسة في اجتماعاتها. فبعد شهادة العهد القديم (راجع مزمور 16: 8-11، اشعيا 53: 6 ،11" نجد شهادة شهود العيان. نجد ستة ظهورات: بطرس (كيفا) أي الصخر. ألأثنا عشر تلاميذ يسوع، 500 أخ، يعقوب، جميع الرسل، بولس. وهكذا استند بولس الرسول الى هذه الشهادات كما إنطلق مما تعلّم من المسيحيين الذين عاش معهم. مات يسوع حقّاً. دُفِنَ حقّاً. قام حقّاً. ذاك هو قلب الأنجيل.
الرسول بولس يؤكد هنا انّه يوجد في كُلّ عصر أُناس يزعمون أنّ الربّ يسوع لم يمت ولم يقم من الأموات. والرسول يؤكد لنا هنا انّ أناسا كثيرين قد رأوا الرب يسوع بعد قيامته منهم خمسمائة اخ دفعة واحدة.
شهادة بولس الرسول الذي ظهر له أيضا يسوع المسيح بعد فترة قصيرة عندما كان يضطهد المسيحيين وهو في طريقه الى دمشق. فمن أعظم الأدلة على رسولية بولس هو انه كان شاهد عيان للمسيح المقام إذ جاء في أعمال الرسل:
وَفِيمَا هُو(بولس) َ مُنْطَلِقٌ إِلَى دِمَشْقَ، وَقَدِ اقْتَرَبَ مِنْهَا، لَمَعَ حَوْلَهُ فَجْأَةً نُورٌ مِنَ السَّمَاءِ، فَوَقَعَ إِلَى الأَرْضِ وَسَمِعَ صَوْتاً يَقُولُ لَهُ: «شَاوُلُ! شَاوُلُ! لِمَاذَا تضطهدني"؟
فَسَأَلَ: «مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟» فَجَاءَهُ الْجَوَابُ: «أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ، صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ الْمَنَاخِسَ».
فَقَالَ وَهُوَ مُرْتَعِدٌ وَمُتَحَيِّرٌ: «يَا رَبُّ مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ؟» فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ، وَادْخُلِ الْمَدِينَةَ فَيُقَالَ لَكَ مَا يَجِبُ أَنْ تفعله “عمال الرسل 9 :3-6"
عندما سافر بولس (كان اسمه شاول قبل ان يؤمن) الى دمشق متتبعا المسيحيين، واجه المسيح المقام، وتقابل مع حق الأنجيل وجها لوجه. .. يشير بولس الى هذا الأختبار أنّه بداية حياته الجديدة في المسيح. إنّ بولس لم يعاين رؤيا لكنه عاين المسيح المقام ذاته. كان بولس يظنُّ انه يضطهد هرطقات إلّا أنّه كان يضطهد المسيح ذاته. وإن من يضطهد المؤمنين اليوم يصير مجرما باضطهاده يسوع ذاته.
واليوم أيضا ألأحياء من المؤمنين يستطيعون أن يشهدوا - كما شهد بولس الرسول وهو من الرسل من بعد التلاميذ - شهادة تدلُ على متانة ألأيمان بالقيامة. فالرسول بولس ما رأى الرب خلال حياته على الأرض. ولكن خبرة دمشق بدَّلت حياته كُلّها.
عبر التاريخ الملايين تحوّلوا الى المسيحية والأيمان بالرب يسوع المسيح لانّهم اختبروه في حياتهم. وحتى في ايّامنا نسمع اختبارات الكثيرين من أناس مع يسوع المسيح، والمؤمنون بيسوع المسيح أصبح لهم رجاء القيامة من الموت. وكُلّ مسيحي عندما يموت يُكتب على قبره "هنا يرقد (فلان) على رجاء القيامة". فلا يوجد موت في المسيحية، بل الموت هو باب للأنتقال الى الحياة الأبدية.
قال يسوع ل"مرثا" أُخت لعازر الذي كان ميتا واقامه يسوع من الموت: «أَنَا هُوَ ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟ "يوحنا 11 : 25-26"
الرب يسوع له سلطانا على الحياة والموت، كما أنّ له سلطانا لمغفرة الخطايا. ذلك لأنّه خالق الحياة إذ يقول" أنا هو الطريق والحقُّ والحياة"يوحنا 14 :6".
قال الرب يسوع المسيح للصدّوقيين اليهود الذين ينكرون امر القيامة: "الله ليس إله أموات، بل هو اله أحياء “لوقا 20 :38". لهذا يقول كاتب الأنجيل الرابع يوحنا الحبيب (الذي احبّه يسوع وهو رمز لكل واحد منا) :"هكذا أحبّ الله العالم حتّى وهبَ إبنه ألأوحد، فلا يهلك كُلُ من يؤمن به، بل تكون له الحياة ألأبدية " يوحنا 3 : 16".
نعم هذه هي الحقيقة التي نؤمن بها نحن المسيحيين أن الله "محبّة" خلقنا بمحبّته لنا. فبقيامة ابنه الوحيد من الأموات، وهو بكر الخليقة الجديدة، وهب لنا نعمة القيامة والحياة الأبدية " فمن يؤمن بالأبن، فله الحياة ألأبدية" يوحنا 3: 36" أي منذ الآن تبدأ الولادة الروحية أي امتلاك حياة الله التي هي ابدية بطبيعتها.
عن قيامة يسوع المسيح يُخبرنا الشاهد متى كاتب الأنجيل، أنّ القيامة تأتي بالفرح لا بالخوف، وإنَّ المسيح ليس هنا (في القبر أي ليس ميّتا) ، ويجب أن لا نبحث عنه بين الأموات . فيسوع هو الحي الى الأبد مع شعبهِ المؤمنين به. يسوع يسكن فينا وبيننا ونحنُ هيكل الروح القدس. فالقبر فارغ، وما زال فارغا. فالقيامة حقيقة تاريخية. إنّ غير المؤمنون يبحثون عن الحي وسط الأموات، ولكننا نبحث عن الحي بين القائمين من الموت. والذين يبحثون وسط الأموات فهم أموات روحيّا وأدبيا، والذين يبحثون عن الحي فهم احياء.
إنَ المؤمنين يشاركون المسيح منذ الآن في موته وقيامته. نحن ندخل في أحداث الماضي، ولكن نتائجها ما زالت حاضرة. فقيامة المسيح هي الآن حاضرة، والمسيحي يشارك فيها حقا، كما يشارك في آلام المسيح وموته.
ماذا يُريد المسيح منّا اليوم؟
يسوع يريد منّا ان نقوم من سبات الموت وننتصر على الموت ونقهره. فالقوّة التي أعادت يسوع للحياة متاحة للجميع لتُعيد النفوس المائتة روحيّا الى الحياة، كما يقول بولس الرسول “أعرف المسيح وأعرفُ القوّة التي تجلَّت في قيامتهِ وأُشاركهُ في آلامهِ وأتشبَّه في موتهِ، على رجاء قيامتي من بين الأموات “فيلبي 3 : 10، 11"
علينا نحن ايضا، كما فعلن النسوة، وحملن البشارة الى التلاميذ كذلك نحن أيضا نبشّر بالأخبار الطيبة (البشارة) عن قيامة الرب يسوع"الذي وطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور".
لماذا تُهمّنا قيامة المسيح؟
قيامة يسوع تُعطينا البرهان أن في المسيحية فقط هناك ضمان للحياة ما وراء الحياة الأرضية. وانّ ايمان المسيحي مبني على شخص حي قائم من بين الأموات، وهو يوعدنا بالحياة ألأبدية إذ يقول:"أنا القيامة والحياة الأبدية من آمن بي لايموت"يوحنا 11 :25". وأخبرنا أنّنا سنقوم معه فلماذا نتعب نفوسنا
يقول الرسول بولس "فالحياة عندي هي المسيح، والموتُ رُبحٌ "فيلبي 1 :21". فالمسيح هو ينبوع (وسرُّ) فرح بولس الدائم، (وهو سرّ فرحنا نحن أيضا). وهو سرّ فرحه في الآلام والأضطهادات وحتى عندما كان في السجن. هكذا يقول أيضا "إذا كان الأموات لا يقومون فماذا ينفع الذين يقبلون المعمودية من اجل ألأموات ؟ ولماذا نتعرّض للخطر كُلِّ حين ؟ فأنا أذوقُ الموت كلّ ّيوم ".1كورنثوس 15 :29-31".
إذا لم يقم المسيح من بين الأموات فشهادتنا باطلة .
يسوع المسيح ليس شبح وخيال، بل هو الحاضر الحي بيننا ونحن نختبر المسيح الحي. إنها خبرة روحية، والمعمودية هي رمز الموت والقيامة. هي رمز الخلاص ورمز الحياة الجديدة (الخليقة الجديدة). يسوع المسيح الذي كان بالجسد وصلب ومات، قام بالجسد الممجَّد وأصبح اليوم معنا بروحه القدّوس.
في كتابه "الله والشر والمصير " يقول كوستي بندلي عن القيامة:
"القيامة أتت تصديقا لمنهج يسوع، وكشفت حقيقة الله وحقيقة الأنسان.
إنّ الله ليس عدوّ ألإنسان، وإنّهُ ، إن كان يوقظ فيه رغبة لا تستطيع موجودات الكون أن تحققها ، فإنّ ذلك ليس بقصد العبث بالأنسان ، بل لأنّه أعد له نصيبا أفضل وهو أن يتّحد بخالقه وخالق الموجودات قاطبة ويشاركه فرحه الأبدي.
إنّ الأنسان ابن الله لا عبد له يتلاعب به الله كما يشاء، وإنّه لا يحقق ذاته ويبلغ ذاته ويبلغ غاية رغبته اللامتناهية إذا أنكفأ على ذاته ونصبها ألوهة زائفة يتنكر بها لمحدوديّته، بل إذا عاش بنوّته الإلهية انفتاحا الى الله أبيه وتجاوزا للنفس نحوه ورأفة وحنانا بخلائقه. هكذا توّج يسوع بالقيامة "قائدا لنا الى الخلاص" (عبرانيين 2 :10). يحرّرنا من أوهامنا القاتلة ويكشف لنا حقيقة الله وحقيقة ذواتنا ويرشدنا الى الحياة. ولكن هذا الإرشاد ليست مجرّد عملية ذهنية أو قناعة فكريّة، إنّه تحوّل كياني تتمِّمُهُ القيامة فينا إنطلاقا من معموديّتنا التي، من خلال عمل حُسّي يكتنفه روح الله، تزرع فينا طاقة المشاركة في قيامة المسيح “راجع كولوسي 2 :11”، تلك الطاقة التي يبقى عليها أن تتحوّل الى فعل محيي عبر جهاد الأيمان.
وعن أهمية القيامة يقول كوستي بندلي :
أ – القيامة تنقل المسيح الى داخلنا كما يقول الرسول بولس “مع المسيح صُلِبتُ. فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا في “غلاطية 2 :19، 20". ذلك أنّ المسيح الممجّد بالقيامة لم يعد محصورا ضمن حدود الزمان والمكان، بل اصبح مالئا الكُلّ يصوّره الروح القدس في كُلّ واحد منّا:" فإنّكم وقد إعتمدتم جميعا في المسيح، قد لبستم المسيح "غلاطية 3 :27". ومن لبس المسيح فقد لبس الأنسانية الجديدة التي تجلَّت فيه، وصارت له نظرة المسيح الى الحياة. الى الله والأنسان، تلك النظرة التي تحرّرنا من اوهامنا المميتة.
ب – ثمّ إنّ مساهمتنا في قيامة المسيح تنقل إلينا فيما نحن لا نزال في جسدنا الترابي ووضعنا المأساوي، طاقة الحياة التي انتصرت في المسيح الناهض من بين الأموات، فنختبر في ذواتنا تباشير تلك الحياة الظافرة، قوّة وفرحا وتجدّدا في كياننا، ونشعر مع الرسول بولس إنّه "إذا كان الأنسان الظاهر فينا سائرا الى الخراب، فالأنسان الباطن يتجدّد يوما بعد يوم" 2كورثوس 4 :16"
وعن علاقة موت المسيح بخلاصنا جاء في هامش الكتاب: القيامة أتت تصديقا لمنهج يسوع، وكشفت حقيقة الله والأنسان.
يقول احد الأخصّائيين في تفسير الكتاب المقدس ، في دراسة له عن "الآخرة في العهد الجديد" :"إنّ هذا الاكتمال الذي بلغهُ يسوع بالقيامة يمثّل "نعم" الله لنمط معيّن من الوجود البشري ، وهو وجود منفتح كُلّيا على الله وعلى خدمة الآخرين "...ألأنسان يسوع المسيح توَّج النهج الذي سلكه طيلة حياته ، على نقيض الوضع الإنساني الراهن ، وذلك بغية تقويم هذا الوضع ، الذي ماثله وغايره في الوقت عينه ، وافتتاح وضع جديد نتحرر به من هزالة عتاقتنا وبؤسها وننتقل الى عالم القيامة الذي دشّنه لنا...انحدار الله الينا ، في الأبن المتجسّد المنفتح بالكلّية الى مقاصد الآب، ليشاركنا ،حُبّا ،في جحيم غُربتنا وشقائنا ، ويُفجّر فيه من الداخل طاقة حياته المحرّرة .(4)
جاء في شرح الكتاب المقدس عن أهمية القيامة في المسيحية
1- بسبب قيامة المسيح من الأموات غيّر ملكوت السماوات تاريخ الأرض. فالعالم الآن يتجه نحو الفداء وليس البلاء، فإنّ قوّة الله القدير تعمل للقضاء على الخطية وتخلق حياة جديدة وتعدنا للمجيء الثاني للمسيح.
2- بالقيامة انهزم الموت، ونحن كذلك سنقوم من الأموات لنحيا مع المسيح الى الأبد.
3- القيامة تعطي شهادة الكنيسة في العالم سلطانا. اهم رسالة وشهادة نادى بها الرسل هي قيامة يسوع المسيح من الأموات
4- القيامة تعطي معنى لاحتفال الكنيسة بعشاء الرب. فنحن، كتلميذي عماوس، نكسر خبزا مع ربنا الذي جاء في قوة ليخلصنا.
5- القيامة تعيننا على ان نجد معنى واهمية حتى في وسط المآسي الكبرى. فبغض النظر ما يحدث لنا، سنمضي مع الرب، لأن القيامة رجاء للمستقبل
6- القيامة تؤكد لنا ان المسيح حي، يملك على ملكوته، وانه ليس اسطورة او خرافة، لكنه حي، وحقيقي
7- ان قوة الله الاب التي اقامت يسوع من الأموات، متاحة لنا، حتى نحيا له في عالم شرير.
8- إنّ القيامة تضمن أن من سيملك في ملكوت الله ألأبدي هو المسيح الحيّ، وليس مجرّد فكرة أو أمل او حلم.
9- إنّ القيامة هي أساسا شهادة الكنيسة للعالم، فنحن لا نقدّم للعالم مجرّد دروس من حياة معلّم صالح، لكننا نعكس حقيقة قيامة
يسوع المسيح.

الخلاصة** :
عندما يُقدّم الدليل في المحكمة فعلى المستمع إليه أن يختار. وكذلك من يقرأ الأناجيل وسفر اعمال الرسل والرسائل وسفر الرؤيا، يجب عليه أن يختار ويقرّر، هل يسوع المسح هو إبن الله أم لا؟ فأنت هنا المُحَكَّم والمقرّر ، وقد عُرض أمامك الدليل ، ولا بُدَّ أن تتخذ قرارا
لقد حفظ الرب يسوع وعده أننا سنقوم من ألأموات، لذلك نستطيع أن نثق أنّه سيتمم كُلّ وعوده الأخرى.فنستطيع أن نتغيّر وننمو" 1كورنثوس 15:12-19".إنّ قوّة الله التي اقامت جسد يسوع من الموت، متاحة لنا لإقامة نفوسنا المائتة أدبيا وروحيا الى الحياة.
بحسب ما جاء في العهد الجديد، يسوع صلب ومات وأقامه الله من الأموات وظهر لشهود عيان كثيرين وصعد إلى السماء، وجلس عن «يمين الله»، وسيعود ثانية ليتمم بقية النبوة المسيانية مثل قيامة الأموات، ويوم القيامة وتأسيس ملكوت الله.
صدق القول أننا:
"إذا متنا معهُ عشنا معهُ
وإذا صبرنا ملكنا مَعَهُ
وإذا أنكرناهُ أنكرنا هو أيضا
وإذا كُنّا خائنين بقي هو أمينا
لانّه لا يمكن أن ينكر نفسه" 2 تيموثاوس 2 : 11-13"

المراجع
المراجع الرئيسية في هذا البحث هي
أولا : الكتاب المقدس "التفسير التطبيقي "
ثانيا: الكتاب المقدس "قراءة رعائية"
ثالثا : المحيط الجامع للكتاب المقدس
المراجع الأخرى
(1)
كتاب تاريخ يسوع: القضية التاريخية لوجوده وصلبه وقيامته
https://www.difa3iat.com/74831.html/
(2)
كتاب"المسيح الذي لم أكن اعرفه" للكاتب فيليب يانسي
(3)
بولس فغالي راجع الموقع التالي
https://peregabriel.com/saintamaria/1835/
(4)
كوستي بندلي في كتابه " الله والشر والمصير"
(5)
كتاب المحيط الجامع للكتاب المقدس:
(6)
كتاب " القضيّة ...المسيح " للكاتب " لي ستروبل "
*
مقالة في موقع الحوار المتمدن بعنوان " شهادة شهود عيان عن حقيقة قيامة يسوع من الأموات– الجزء الأول-

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=821252

**
راجع مقالة للكاتب بعنوان "الموت باب القيامة في الأيمان المسيحي"
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=773511


2
سلام المسيح اخي وردا
موضع مهم وهو الصراع في حياتنا مع قوات الشر الروحية
وكما خاض يسوع المسيح التجربة مع الشيطان هكذا نحن ايضا في كل لحظة وفي كل يوم نخوض صراعا مع الشيطان الذي يحاوال اغراءنا بامور دنيوية مادية . والرب يسوع خاض التجربة  مع  الشيطان وهزمه من خلال  التجارب الثلاثة وفي القيامة انتصر الرب يسوع على الشيطان وهزمه
وما على المؤمنين سوى ان يطلبوا من الرب يسوع ان لا يسمح للشيطان ان يجربنا  كما جاء في الصلاة التي علمنا اياها يسوع "ابانا الذي في السمواوات"
شكرا على هذا الموضوع وهو في الحقيقة مكلمل لموضوع الجهاد في المسيحية وانا بصدد اعداد الجزء الثاني للمقال
تحياتي

3
شكرا اخي وردا على هذه الأضافة على موضوع الجهاد في المسيحية
نعم الجهاد هو بذل الجهد وليس جهاد السيف او الجهاد من اجل فرض المعتقد او الدين على اللآخرين
جهادنا جهاد روحي وجهاد ايماني وجهاد عمل من اجل خير الأنسانية وجهاد من اجل نشر المحبة والسلام وقبل كل شيء نشر بشارة الأنجيل الى العالم كله ليتمتعوا ببشرى الخلاص الذي قدّمه لنا الرب يسوع المسيح
تحياتي

4
شهادة شهود عيان عن حقيقة قيامة يسوع من الأموات– الجزء الأول-
نافع شابو
مقدمة
قيامة يسوع هي سرُّ مفتاح المسيحية. فلا يكفي ان نقرأ عن المسيح كإحدى الشخصيات، أو أن ندرس تعاليمه، لكن بإيماننا أنّه الله الظاهر في الجسد نتكل عليه ليخلصنا، ونقبله ربّا لحياتنا. اليهود لم يدركوا أنّه، لا الحجر (على باب القبر)، ولا الختم ، ولا الحُرّاس ، ولا جيشا بأكمله ، كان يمكن أن يحول ُ بين الله وقيامته من الأموات .إنّ قيامة الرب يسوع المسيح من الأموات هي الحقيقة المحورية لتاريخ المسيحية . ففيها تبني الكنيسة وبدونها لن يكون هناك كنيسة للمسيح لانّ بقيامة يسوع المسيح الحادث الذي حصل في التاريخ هو حادث فريد وإنَّ عقيدة القيامة هي الحقيقة التي تتميز بها المسيحية من كُلّ الفلسفات والعقائد الأخرى. وشهادة الشهود، فلأن يسوع قام وغلب الموت، نعلم يقينا أننا سنقوم أيضا. فكما يقول الرسول بولس: “وإذا كان المسيح ما قام، فأيمانكم باطل ٌ وأنتم بعدُ في خطاياكم، وكذلك الذين ماتوا في المسيح هلكوا” (1كورنثوس 15/ 17).
القيامة تثبتها الكتب المقدّسة وأنّها جزء رئيسي في خطة الله لخلاصنا وتبريرنا، لذلك تحقيقها كان أمرا ضروريا . وأنّ الرسل أخذوا يفهموا ما ورد في الكتاب المقدس عندما حلّ الروح القدس عليهم في العنصرة . ومن هذا المنطلق أنّنا كمؤمنون نؤمن بالقيامة بناء على شهادة الرسل وما ورد في الكتب المقدسة وتقليد الكنيسة المقدسة. القيامة هي فتح ألأبواب الأبدية.
جاء في كتاب المحيط الجامع
حوالي سنة 1960 ، وداخل جدال حول "يسوع التاريخ ويسوع الإيمان" ، كان نقدُ  حول تاريخيى قيامة المسيح . إنطلق التفسير التاريخي النقدي من النصوص فبيّن أنّ تحليل هذه النصوص يتيح لنا لا أن نثبت الحدث الذي حصل يسوع ، بل حدث ايمان الجماعة التي تعلن انّ يسوع حيّ. وتدخّلت العلوم البشريّة بدورها: استنتجت البيولوجيا أنّه يستحيل إحياء جثة من جديد. وندّدت السيكولوجيا بلعبة اللا وعي ، فانكرت الموت لتؤكّد بقوّة رغبة الحياة المطلقة . وكشفت السيكولوجيا القناع عن ايدويولوجيّة الأستعفاء  الخفّي في اسقاط محاولات (فشلت) تبديل الكون في العالم الآخر . هذه التساؤلات  دفعت الإيمان المسيح الى ان يوضح ذاته :
قيامة يسوع المسيح حدث تاريخي وواقعي وإيماني هو لا  يؤكّد إعادة الروح الى جثّت ميت ، بل عبور الله في يسوع عبورا يجتذب البشرية في خطاه.هذا الأيمان لا ينفي انكار الموت فيلعب لعبة اللاوعي البشر بل يقرّ ان الموت ليس له الكلمة الأخيرة .
لا يتوخّى الأيمان اليوتوبيا (المثالية او المدينة الفاضلة)، بل يعيدنا الى هذا العالم كموضع ظهور ملكوت الله .... يبقى أن ننظر الى القيامة كحدث تاريخي في الأيمان الذي تُحرِّكُهُ في قلب الشهود، وهذا الأيمان هو إعلان يهب الحياة.... إنّ تأكيد قيامة يسوع هو في قلب اعتراف الأيمان المسيحي وكرازة (تبشير) الكنيسة. وهو في الأصل التاريخي للعهد الجديد. القيامة هي في الوقت عينه عودة الى حدث من تاريخ يسوع الناصري، وتعلُّق بشهادة الرسل وإدراك عميق للحياة المسيحية. هي تعني أنّ يسوع يعيش وراء الموت فيدلُّ هكذا على لاهوته، ويفتح للبشر الطريق للدخول الى حياة الله الحميمة. فالأيمان الذي يُعلنه الكتاب المقدّس (والذي استمد المسيحيّون منه قانون ألأيمان الذي يرددونه في صلواتهم) يرتكز على أمانة الله لمواعيده ويتجذّر في الرجاء المسيحاني". (1)
أمّا الأب لويس حزبون - في كتابه "قيامة المسيح وأبعادها التاريخية والإيمانية والروحية - يقول:
قيامة المسيح هي حدث تاريخي. لم يشرح لنا أحد من الإنجيليين كيف قام، ولكن كشفوا لنا أبرز علامات قيامة المسيح كحدث تاريخي، وهو القبر الفارغ. لماذا كان فارغاً؟ هناك احتمالان: إمَّا أنَّ هناك تفسيرات مزعومة، وإمَّا ان المسيح قام حقا.
قيامة المسيح من بين الأموات معجزة كبرى، يؤكدها التاريخ، إنها حقا حدثٌ تاريخيّ حيث يتساءل القديس يوحنا الذهبي الفم بقوله "فما الغرض في أن المنديل الذي كان على رأسه (رأس المسيح) ليس موضوعًا مع الأكفان، بل ملفوفًا في موضع وحده"؟! أجبتك: لتعلم أن هذا الفعل ما كان فعل من كان مسرعًا ولا مضطربًا، فمِن هذا الفعل صدقوا قيامته". إنّ قيامة يسوع تتم كواقع تاريخي في الأيمان الذي تحرّكه في قلب الشهود ، وهذا الأيمان هو اعلان يهب الحياة .


 (2)
 
فعندما يستشهد المسيحيّون بالقبر الفارغ يفسّر البعض الكتاب المقدس ويقولون أنّ النسوة أخطأن وذهبن الى قبر آخر غير قبر يسوع.
- أو أنّ يسوع كان مغمى عليه ولم يمت وهو على الصليب، ولكنه كان فاقدا للوعي عندما وضع في القبر، ثُمّ استرد وعيه أي لم يمت.
-وهناك من يقول أنّ لصوص مجهولون سرقوا جسد يسوع.
-وآخرون قالوا ويقولون أنّ التلاميذ سرقوا جسد يسوع
- بل هناك من قالوا إن القادة الدينين اليهود سرقوا جسد يسوع للأحتفاظ به.
هذا ما ورد في الكتاب المقدس عن مزاعم اليهود 
أمّا اليوم فهناك مزاعم جديدة لاتستند الى حقائق تاريخية ولا حتى على المخطوطات والآثار، بل مزاعم مثل:
- قالوا ان قيامة المسيح خُرافة
-واخرون قالوا انّ قيامة يسوع المسيح هذيان
-واخرون قالوا، وخاصة في أيّامنا هذه، ان قيامة يسوع المسيح هي اسطورة.
وبرغم، الألفي عام من البراهين والشهادة، ما زال الكثيرون يرفضون أن يؤمنوا.
عندما تختلف الآراء ولا تستند الى أدلة وشهادة شهود فإن المحاكم الشرعية لا تعترف بها قانونيا. وهذا ينطبق على كُل هؤلاء الذين يطعنون بموت وقيامة ربنا يسوع المسيح.
وللرد على هذه المزاعم التي لا تؤمن بموت وقيامة الرب يسوع المسيح، سنأتي بأدلة من الكتاب المقدس عن شهود عيان شهدوا وأستشهدوا بسبب شهادتهم بقيامة يسوع المسيح في اليوم الثالث بعد موته على الصليب. وشهادات شهود عيان عن ظهور يسوع المسيح لهم بعد قيامته من الأموات.
نبوات يسوع عن موته وقيامته.
تنبأ يسوع بموته وقيامته ثلاثة مرات :
قال المسيح: " هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَالكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ، فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ (راجع مرقس 10:33 و34)
"إنقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه" راجع يوحنا 2 :19".
كان يسوع يقول عن هيكل جسده. فلما قام من الأموات تذكر تلاميذه انه قال هذا فأمنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع” (يو18:-22). وكأنه كان يقول لهم: اقتلوا هذا الجسد، جسد المسيح، وسوف يقوم في اليوم الثالث، إذ أن أعظم آياته هي موته وقيامته من الموت في اليوم الثالث.
وقال يسوع لنيقاديمس -معلم الناموس اليهودي الذي زار يسوع في الليل : "كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل له الحياة الأبدية"يوحنا 3 : 14"
ولكن التلاميذ لم يفهموا قصده، بل ظلّوا يتجادلون بجشع على أماكنهم في الملكوت.
ويمكن أن نختصر هذه الأدلة الواردة في الكتاب المقدس من خلال شهود عيان او شهود نقلوا عن شهود عيان.
ولكن قبل أن نشهد من خلال شهود عيان عن موت وقيامة يسوع علينا ان نردّ على المزاعم التي لا تؤمن بموت وقيامة الرب يسوع المسيح. لانّه يوجد اليوم من يحاولون إنكار قيامة يسوع المسيح بالقول بانّه لم يكن قد مات.
التفسير الأول: المزعوم: ان يسوع كان مغمى عليه ثم استردَّ وعيه. أي لم يمت .
لم يكسر الجنود الرومان ساقي يسوع، بعد صلبه، لأنّه كان قد مات فعلا. وواحد من الجنود طعن جنب يسوع بحربة." فجاءَ الجنود وكسروا ساقي كلا الرجلين المصلوبين مع يسوع. أمّا يسوع، فلمّا وصلوا اليه وجدوهُ قد مات، فلم يكسروا ساقيه" راجع انجيل يوحنا 19 : 32، 33".
لقد أخبر جندي روماني بيلاطس الحاكم أن يسوع قد مات .“فَتَعَجَّبَ بِيلاَطُسُ أَنَّهُ مَاتَ كَذَا سَرِيعًا. فَدَعَا قَائِدَ الْمِئَةِ وَسَأَلَهُ: «هَلْ لَهُ زَمَانٌ قَدْ مَاتَ؟» وَلَمَّا عَرَفَ مِنْ قَائِدِ الْمِئَةِ، وَهَبَ الْجَسَدَ لِيُوسُفَ". (راجع انجيل مرقس 15: 44،45)-
التفسير الثاني: أخطأت النسوة وذهبن الى قبر آخر
شهادة متى ينفي هذا الأدعاء. يجيب متى الإنجيلي ان مريم المِجدَلِيَّة ومريم ام يوسي رأتا يسوع وهو يُوضع في القبر كما جاء في الانجيل "أَخذَ يوسُفُ الجُثْمانَ ولَفَّه في كَتَّانٍ خالِص، ووضَعَه في قَبرٍ لَه جديد كانَ قد حفَرَه في الصَّخْر، ثُمَّ دَحَرجَ حَجَراً كبيراً على بابِ القبرِ وانصَرَف. وكانت هُناكَ مَريمُ المِجدَلِيَّة ومَريمُ الأُخرى جالِسَتَينِ تُجاهَ القَبر" (متى 27: 59-61)،
ويؤكد انجيل يوحنا أن بطرس ويوحنا ذهبا الى نفس القبر "فخرَجَ بُطرُسُ والتَّلميذُ الآخَرُ وذَهَبا إِلى القَبْرِ" (يوحنا 20: 3).

التفسير الثالث: سرق لصوص مجهولون جسد يسوع.
في الحقيقة، وكما جاء في انجيل متى، كان القبر مختوما ومحروسا بحرس الهيكل ويرجّح أن كان معهم جنود رومانيون أيضا."فقَالَ لَهُمْ بِيلاَطُسُ: «عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ. "فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ." متى 27: 65، 66".
التفسير الرابع: سرق التلاميذ جسد يسوع
وضع الرومان حراسة على القبر بناءً على طلب المجلس الأعلى لليهود خوفًا من أن يقوم التلاميذ بسرقة الجثمان.
في اعمال الرسل ان افراد من الجماعة المسيحية الأولى كانوا على استعداد للموت لأجل إيمانهم في المسيح القائم، إذ "قَبَضَ المَلِكُ هيرودُسُ على بَعضِ أَهلِ الكَنيسة لِيُوقِعَ بهِمِ الشَّرَّ، فقَتَلَ بِحَدِّ السَّيفِ يَعقوبَ أَخا يوحَنَّا. فلَمَّا رأَى أَنَّ ذَلك يُرْضي اليَهود، قَبَضَ أَيضًا على بُطرُس" (أعمال الرسل 12: 2 -3). لذلك فإن سرقوا جسد يسوع لكان إيمانهم بيسوع باطلا واستشهادهم لأجله لا معنى له.
التفسير الخامس: سرق رؤساء الكهنة والفريسيون جسد يسوع للاحتفاظ به.
من ناحية يُبين متى الإنجيلي ان القبر كان محروسا ومختوما؛ ومن ناحية أخرى، لو أنّ القادة الدينيين قد أخذوا جسد يسوع، لأظهروه لوقف الشائعات عن قيامته. "فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ."  متى 27: 66"
التفسير السادس: قيامة المسيح خرافة
لو كانت القيامة خرافة لَمَا استطاع المسيحيون ان يبشّروا بها في المكان نفسه، في اورشليم دون ان يتوقعوا التكذيب؟ والواقع أن رؤساء اليهود لم يكذبوا الامر، بل اكتفوا بالبحث عن تفسير آخر له وهو أن "التلاميذ سرقوا جثمانه".
موت وقيامة يسوع حدث تاريخي ثابت وحقيقي، ولا زال موضع القبر موجودا في اورشليم (القدس) ، وهي تعزير  لشهادة الجندي وبيلاطس ويوسف والقادة الدينيين والنسوة اللواتي شاهدن دفنه . لقد مات يسوع حقيقة على الصليب، وإنّ المسيح قام حقّا قام.وليس هذا فقط بل أنّ ظهورات يسوع المسيح للتلاميذ والرسل ومئات آخرين بعد قيامته ستكون شهادات لشهود عيان ، لايمكن إلّا قبولها وإلّا فكُل ألأحداث المدونة في  التاريخ سيكون  عليها شكوك ، وعلامات استفهام ، مالم يصادق العالم على حقيقة موت وقيامة يسوع المسيح . (2)
التفسير السابع كان هذياناً أو هلوسة
لما وقف القديس بولس أمام الملك أغريباس يُحدِّثه عن المسيح «أول قيامة الأموات» (أع 26: 23)، ردَّ عليه فستوس الوالي قائلاً: «أنت تهذي يا بولس!» (أع 26: 24)
وإلى اليوم يقول المُتشكِّكون في قيامة المسيح إن كرازة الرسل بقيامة المسيح من بين الأموات كانت بمثابة ”هذيان“. والهذيان أو الهلوسة هي حالة فردية يرى فيها الإنسان أشكالاً وأُناساً هو يريد أن يراهم، بينما لا تكون هذه الأشياء حقيقية. ويقول علماء النفس إن الهذيان حالة فردية لا جماعية، وتحدث في وقتٍ ما وليس في كل الأوقات. فليس من المعقول أن يختبر 500 شخص من مختلف الطبقات انطباع الرؤية والسمع واللمس لشخص المسيح، وفي وقتٍ واحد، ثم يُقال إنها حالة”هذيان“.
وشاول أشد المضطهِدين للمسيحيين أيام الرسل، فوجئ وهو في طريقه إلى دمشق ليقبض على المسيحيين، وكان ينفث تهديداً وتقتيلاً للمسيحيين؛ فوجئ بصوت يقول له: «شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟»، ولما سأله: «مَن أنت؟»، قال له الصوت: «أنا يسوع الذي أنت تضطهده». وقد ذكر فيما بعد أنه رأى الرب يسوع (1كو 9: 1). فكيف ينطبق عليه هنا مفهوم ”الهذيان“، أي أن يرى ما يشتاق أن يراه، بينما كان يضطهده؟!
 التفسير الثامن : كان حدث القيامة أسطورة
بعض المتشكِّكين يُرجعون حَدَث القيامة إلى” أسطورة“ بدأت بواحد أو أكثر يدَّعون أنهم رأوا المسيح قائماً حيّاً بعد أن مات ودُفِنَ في القبر.
هناك 3 مشاكل كبرى في تطبيق هذه النظرية على خبر القيامة:
1. الأساطير نادراً ما تحدث في حالة وجود عدد من شهود العيان يكونون أحياءً، حتى يمكن لأحدهم أن يدحض الأسطورة.
2. الأساطير تنشأ من تقاليد شفهية، وليس من وثائق تاريخية معاصرة مكتوبة يمكن التأكُّد من صحتها. والأناجيل الإزائية كُتبت على مدى 3 عقود (العقد = 10 سنوات) من حادثة القيامة، وليس أكثر من ذلك، وكان الأشخاص الذين وردت عنهم هذه الوثائق ما زالوا أحياء
3. نظرية الأسطورة لم تستطع أن تشرح، بطريقة مُقنعة، لا القبر الفارغ، ولا الاعتقاد المُحقَّق تاريخياً لدى الرسل بأن الرب يسوع رجع حيّاً بعد موته ودفنه
جاء في مجلة مرقس الشهرية مقالة بعنوان "قيامة المسيح
حقيقة تاريخية، ببراهين وشهود":
كان ”موريسون“ الذي جاهد ليدحض القيامة مذهولاً بالحقيقة التي تقول: ”إن حركة صغيرة بلا أهمية استطاعت أن تسود على نظام يهودي مُحكَم بارع، وكذلك على عظمة سلطة روما“. فلماذا انتصرت هذه الحركة في وجه كل هذه التحديات المضادة؟
وهكذا كتب:
-” خلال 20 سنة، كانت بشارة فلاحي "الجليل" قد دحرت الكنيست اليهودي، وفي أقل من 50 سنة هدَّدت سلام الإمبراطورية الرومانية. وبعد أن نكون قد قلنا كل ما يمكن أن نقوله، فحينئذ نحن نقف لنتواجه مع أعظم سرٍّ على وجه الإطلاق. فلماذا، إذن، انتصرت (المسيحية).
بكل هذه الحقائق، كان يجب أن تموت المسيحية على الصليب، حينما هرب التلاميذ ونجوا بحياتهم. ولكن بعد رؤية القيامة، بدأ الرسل في تأسيس حركة مسيحية متنامية.
ويصف الأب متى المسكين هذا المنظر قائلاً: ”انظر إلى الرسل، كيف تقبَّلوا أولاً أخبار الصلب والموت، بدون قيامة، فملأت الرعدة أوصالهم، وانتابهم جزع وخوف أليم، فكادوا يندمون، أو هم ندموا، على زمنٍ تقضَّى مع هذا المصلوب المائت... حتى كادوا يتبدَّدون! ثم انظر ما حدث لما انطلقت بشارة القيامة، كيف تجمَّعوا، بل كرزوا وبشَّروا؟ فصار لهم العار والمهزأة فخراً، وصار العذاب والألم فرحاً، والصليب والموت إكليلاً!
ويعتقد كثير من الباحثين في كلمات أحد آباء الكنيسة القدامى:” دم الشهداء بذار الكنيسة“. ويقول المؤرخ” ويل ديورانت“:” قيصر والمسيح تلاقيا معاً على ساحة المعركة، وانتصر المسيح".
النهاية المفاجئة: المسيح قام، حقّاً قام:
وتحوَّل” موريسون“ من الاعتقاد بالخرافة، والهذيان، والخطأ التشريحي؛ إلى برهان القبر الفارغ الذي لا يُدحض، وبشهود المسيح بالجسد، وإلى شهود العيان لظهوره حيّاً، وإلى التغيير المفاجئ للتلاميذ، وتأثيرهم على العالم، وشهادتهم الواثقة بأنهم ”رأوه“؛ حيث أصبح ”موريسون“ مقتنعاً بخطأ تحيُّزه ضد قيامة يسوع المسيح. وفي الحال بدأ في كتابة كتاب جديد مختلف سمَّاه: ”مَن دحرج الحجر؟“ ليُفصِّل النتائج الجديدة التي توصَّل إليها. وكانت المفاجأة أن براهينه السابقة على إنكار القيامة قد قادته إلى الإيمان بالقيامة.
ولم يكن ”موريسون“ وحيداً، فإن أعداداً لا تُحصَى من المتشكِّكين فحصوا براهين القيامة واقتنعوا بأن قيامة الرب يسوع هي حَدَثٌ تاريخي حقيقي، وقَبِلوها باعتبارها أكثر حقائق تاريخ البشرية إثارة للدهشة.(3)
هل كان جسد يسوع غائبا حقا عن قبره؟
جاء في كتاب " القضيّة ...المسيح " للكاتب " لي ستروبل":
"ويليام لين كاريج الذي حصل على شهادتي دكتوراة، وكتب كتبا كثيرة عن القيامة، قدّم الدليل المدهش أن الرمز الدائم للقيامة – وهو قبر يسوع الفارغ- كان حقيقة تاريخية. فالقبر الفارغ مُسجّل او متضمن في المصادر المبكرة – انجيل مرقس، والقانون (قانون الأيمان المسيحي ) في 1كورنثوس 15- التي الى فترة أقرب جدا من الحدث الذي لايمكن بحال من ألأحوال ان تكون نتاجات الأسطورة .
فحقيقة تقرير ألأناجيل انّ النسوة قد اكتشفن القبر الفارغ تدعم اصالة القصة لان شهادة النسوة افتقدت المصداقية في القرن الأول، ومن هنا لم يكن هناك دافع لتقرير انهن وجدن القبر الفارغ لو لم يكن هذا حقيقيا. لقد كان موقع قبر يسوع معروفا بالنسبة للمسيحيين واليهود، وللرومان، ومن ثم فقد كان من الممكن أن يتعرّض للفحص من قبل المتشككين. في الواقع، لا أحد- ولا حتى السلطات الرومانية، أو القادة اليهود -أكّدَ على الأطلاق أنّ القبر كان لا يزال يحوي جسد يسوع. وبدلا من هذا كانوا مجبرين لإختلاق القصة السخيفة بأنَّ التلاميذ- رغم عدم توافر دافع او قصة – قد سرقوا الجسد. وهي نظرية لا يؤمن بها اليوم حتى أكثر النقاد تشكيكا. (4)
قيامة يسوع المسيح من الأموات كما جاء في الكتاب المقدس.
جاء في كتاب المحيط الجامع للكتاب المقدّس:
"عن إعلان يسوع هويّته اللاهوتية أمام المحكمة العليا اليهودية "السنهدرين" راجع متى 26 :63-64". أسَّسَت الأناجيل تاريخية الأحداث التي توردها، على سلطة شهود الساعات الأولى:
إكتشاف النساء للقبر الفارغ صباح الفصح "متى 28: 1-8".
إنّ خبر إكتشاف القبر على يدّ النسوة، صباح القيامة، يُنير واقعا يقول إنّ يسوع حيّ من خلال موته.
ومنذ الآن طبعت قيامة يسوع بطابعها نهاية الأزمنة "متى 28: 2-5".(1)
أولا: شهادة متى الأنجيلي عن قيامة يسوع المسيح
جاء في انجييل متى:" وفي اليوم الثالث - أي يوم الأحد - جاءت مريم المجدليّة ومريم الأخرى لزيارة القبر. وفجأةً وقع زلزال عظيمٌ، حين نزل ملاكُ الربِّ من السماء  ودحرج الحجرَ عن باب القبر وجلس عليه . وكان منظرهُ كالبرقِ وثوبهُ أبيض كالثلجِ. فارتعب الحرسُ وصاروا مثل الأموات. فقال الملاك للمرأتين:" لا تخافا . أنا أعرفُ أنّكما تطلبان يسوع المصلوب.ما هوهنا، لأنّه قام كما قال"متى 28 : 1-7"
كانت جماعة من القادة الدينيين اليهود يتآمرون كيف يحجبون أخبار القيامة
تفرَّد متى فبيّن ما في حيلة عظماء الكهنة اليهود من تصرّف مضحك: أرادوا ان يوقفوا مسيرة القيامة والحياة، ولكن عبثا. توخّى متى بشكل غير مباشر أن يدل على كذب الشيوخ الذين "تشاوروا"، كما اعتادوا أن يفعلوا في الماضي لكي يتآمروا على يسوع. تآمروا عليه في موته وهم يتآمرون عليه في قيامته. إن كان الجنود (حُرّاس القبر) رأوا التلاميذ يسرقون جسد الرب، فلماذا لم يمنعوهم؟ وإذا كانوا لم يروهم "ليلا"، فكيف يؤكّدوا مثل هذا الكلام؟ هم شهود زور في قيامته، كما كانوا شهود زور في موته ."وبينما هما (النسوة) ذاهبتان رجع بعضُ الحرس الى المدينة وأخبروا رؤساء الكهنة بكل ما حدث(قيامة يسوع ) . فإجتمع رؤساء الكهنة والشيوخ، وبعدما تشاوروا رشوا الجُنود بمالٍ كثير، وقالوا لهم:" أشيعوا بين الناس أنّ تلاميذَ يسوع جاؤوا ليلا وسرقوهُ ونحنُ نائمون"متى 28 : 11-13"
السؤال هنا: كيف ينام "حُراس" وواجبهم هو السهر لكونهم حُرّاس الليل؟ اليس هذا مسخرة؟ كُلنا نعرف أنّ حُراس الليل يجب ان لا يناموا. وحجج كهنة اليهود وشيوخهم بان التلاميذ سرقوا جثة يسوع لا يمكن ان تقبلها المحاكم، بل يجب محاسبة هؤلاء الجنود “الحُرّاس" إذا كانت سرقة الجثة صحيحة.
السؤال الثاني: كيف تمّ دحرجة الحجر المختوم من القبر -وهو حجر كبير -ولم يستيقض الحُرّاس؟
إذن ما أُشيع من ان التلاميذ سرقوا جثة يسوع ليس لها أساس من الصحة ولا يمكن ان تستند عليها المحاكم الشرعية.
ثانيا : شهادة مرقس الأنجيلي عن قيامة يسوع المسيح
" وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ.
 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ
 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟
 فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا.
 وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ.
 فَقَالَ لَهُنَّ: «لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ.
 لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ".مرقس 16 :1-7"
هنا يذكر الملاك ( الذي ظهر للنسوة ) بطرس بصفة خاصة ليبين انه رغم انكار بطرس المتكرر، فإنّ الرب يسوع لم ينكره ، فهناك مسؤوليات خطيرة  سيضعها الرب يسوع على بطرس للقيام بها في الكنيسة التي لم تكن قد ولدت بعد . (وهذا ما سوف نوضحه في شهادة بطرس عن قيامة يسوع المسيح)
ثالثا: شهادة لوقا الأنجيلي عن قيامة يسوع المسيح
جاء في انجيل لوقا عن ذكرالملاكان النساء بما تنبأ به الرب يسوع بدقة عما حدث له:"لماذا تبحثنَ عن الحي بين ألأموات ؟ إنّهُ ليس هنا ، ولكنه قد قام! أُذكرنَ ما كلّمَكُم به إذ كان بعدُ في الجليل فقالَ “إنّ ابن الأنسان (يسوع) لابد أن يسلم الى ايدي أناس خاطئين فيصلب، وفي اليوم الثالث يقوم.. ““لوقا 24 : 6 ،7"
يسوع ليس بين الأموات، إنّه حي. فهو يملك على قلوب المسيحيين، وهو رأس الكنيسة. فهل تبحث عن يسوع بين الأحياء؟ وهل تتوقع ان يعمل في العالم وفي وسط المؤمنين؟ إبحث إذا، عن علامات قوّته وسلطانه، ستجدها في كُلِّ مكان.
قيامة يسوع قيامة فريدة وعقيدة متميزة. فكل العبادات الأخرى لديها نظم أدبية أخلاقية قويّة، ومفاهيم عن الفردوس، كما أنّ لها كتبها المقدسة الخاصة بها. لكن ليس سوى المسيحية تقول إنّ الله صار جسدا، ومات بالحقيقة لأجل البشر ثمّ قام من الأموات في قوّة ومجد ليملك على كنيسته الى ألأبد
رابعا: شهادة يوحنا الأنجيلي عن قيامة يسوع المسيح
في صباح يوم الأحد ذهب بطرس ويوحنا (تلميذي يسوع) الى نفس القبر . " فخرج بطرس والتلميذ الآخر(يوحنا) وتوجّها الى القبر .... وانحنى التلميذ الآخر فرأى الأكفان مُلقاة على الأرض، ولكنه لم يدخل . ثم وصل سمعان بطرس في أثره الى القبر ودخله، فرأى أيضا الأكفان ملقاة على الأرض. والمنديل الذي كان على رأس يسوع وجدهُ ملفوفا وحده في مكان منفصل عن الأكفان. عند ذلك دخل التلميذ الآخر، الذي كان قد وصل الى القبر أولا، ورأى وأمن “. يوحنا 20 :3-8"
التلميذ الآخر هو كاتب الأنجيل يوحنا. رأى وآمن. رأى في القبر الفارغ والمنديل المطوي علامة قادته لكي يفهم أنّ الجسد لم يُسرق ولم يُنقل من موضع الى آخر. وهكذا وصل الى الأيمان بقيامة يسوع. "هذَا هُوَ التِّلْمِيذُ الَّذِي يَشْهَدُ بِهذَا وَكَتَبَ هذَا. وَنَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَتَهُ حَقّ ٌوَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ الْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ الْكُتُبَ الْمَكْتُوبَةَ. "يوحنا 21: 24، 25"
لقد إحتفظت الجماعة اليوحناوية بهذا الأنجيل وهذه الشهادة، وهي بدورها تشهد للتلميذ الذي كان يسوع يُحبُّهُ. لا يستطيع الكتاب أن يحمل في طيّاته كُلِّ أعمال يسوع وأقواله. فلا يبقى لنا سوى العودة الى المسيح الذي حلَّ فيه ملء اللاهوت حلولا جسديّا.
يقول التقليد إنّ يوحنا بعد ما أمضي سنوات عديدة منفيا في جزيرة بطمس عاد الى أفسس حيث مات شيخا في نهاية القرن الأول الميلادي. وهذا يؤكد لنا أن شهادته هي شهادة صادقة والّا فما الداعي أن يصرُّ هذا الأنسان في شهادته ليسوع المسيح ابن الله (كلمة الله) لو لا انه اختبر حقيقة شخصية يسوع عن قرب فهو ليس شاهدا عاديا فقط كما في المحاكم بل يقول:"الذي كان من البدء،الذي تأملناه ولمسته أيدينا من كلمة الحياة، والحياة تجلّت فرأيناه والآن نشهدُ لها ونبشّركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وتجلت لنا ، الذي رأيناه وسمعناه نبشركم به لتكونوا انتم أيضا شركاءنا ، كما نحن شركاء الآب وابنه يسوع المسيح".1يوحنا 1 : 1-4"
كان التلاميذ على إستعداد لأن يموتوا لأجل إيمانهم، ولو أنّهم سرقوا جسد يسوع لكان إيمانهم بلا معنى." وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ مَدَّ هِيرُودُسُ الْمَلِكُ يَدَيْهِ لِيُسِيئَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ الْكَنِيسَةِ،فَقَتَلَ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا بِالسَّيْفِ .وَإِذْ رَأَى أَنَّ ذلِكَ يُرْضِي الْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ
عَلَى بُطْرُسَ أَيْضًا.وَكَانَتْ أَيَّامُ الْفَطِيرِ."اعمال الرسل 12 : 1-3".
خامسا : شهادة بطرس الرسول عن قيامة يسوع المسيح كما جاء في سفر اعمال الرسل  :
بدأ الرسول بطرس خطابه بإعلان قيامة السيد المسيح، في وقت كان الكثيرون من شهود العيان يصدقّون على كلامه. وكانت كلمته هذه موفّقة وقويّة للغاية لأنّ الكثيرين الذين كانوا يصغون كانوا موجودين في أورشليم قبل ذلك بخمسين يوما، في عيد الفصح، ولعلّهم قد رأوا أو سمعوا عن صلب هذا "المعلم العظيم". وكانت قيامة يسوع المسيح العلامة الأخيرة عل أنّ كُلّ ما قاله الرب يسوع عن نفسه حقيقي وصحيح. فبدون القيامة ما كان هناك من سبب أن نؤمن بالرب يسوع.
"فَيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، اسْمَعُوا هَذَا الْكَلامَ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ رَجُلٌ أَيَّدَهُ اللهُ بِمُعْجِزَاتٍ وَعَجَائِبَ وَعَلامَاتٍ أَجْرَاهَا عَلَى يَدِهِ بَيْنَكُمْ، كَمَا تَعْلَمُونَ..... أَيُّهَا الإِخْوَةُ، دَعُونِي أَقُولُ لَكُمْ صَرَاحَةً إِنَّ أَبَانَا دَاوُدَ مَاتَ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ مَازَالَ عِنْدَنَا حَتَّى الْيَوْمِ. لأَنَّ دَاوُدَ كَانَ نَبِيًّا، وَعَارِفاً أَنَّ اللهَ أَقْسَمَ لَهُ يَمِيناً بِأَنْ يَجِيءَ الْمَسِيحُ مِنْ نَسْلِهِ وَيَجْلِسَ عَلَى عَرْشِهِ، فَقَدْ تَكَلَّمَ عَنْ قِيَامَةِ الْمَسِيحِ كَمَا رَآهَا مُسْبَقاً، فَقَالَ إِنَّ نَفْسَهُ لَمْ تُتْرَكْ فِي هُوَّةِ الأَمْوَاتِ، وَلَمْ يَنَلْ مِنْ جَسَدِهِ الْفَسَادُ. فَيَسُوعُ هَذَا أَقَامَهُ اللهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَنَحْنُ جَمِيعاً شُهُودٌ لذلك. “عمال الرسل 2 :22، 29-32"
تابعونا في الجزء الثاني بعنوان " شهادة شهود عيان عن ظهورات يسوع بعد قيامته من الأموات".
-------------------------------------------------------------
1- المحيط الجامع في الكتاب المقدّس
2– كتاب "قيامة المسيح وأبعادها التاريخية والإيمانية والروحية
3-  -قيامة المسيح حقيقة تاريخية ، براهين وشهود
https://www.stmacariusmonastery.org/old/st_mark/sm051004.htm
4-  كتاب "القضيّة ...المسيح " للمؤلف لي ستروبل
مراجع الكتاب المقدس
1-   التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
2-    قراءة رعائية للكتاب المقدس
3-    سلسلة أبحاث كتابية قراءة في العهد الجديد (5)








5
الشهادة والتبشير- هي رسالة المؤمن - بيسوع المسيح

نافع شابو


الأنجيل هو الخبر الطيّب الذي يحدّثنا عن خلاص قدّمه الله عبر حياة يسوع وموته وقيامته . يسوع هو ألأسم البشري يعني "المُخلّص" . المسيح يدلّ على الصفة الملوكيّة . وكُلّ هذا ينتهي بلقب ابن الله.
"بشارة يسوعَ المسيح إبن الله ، بدأت كما كتب النبي ُّ إشعيا : "ها أنا أرسلُ رسولي (يوحنا) قُدّامك ليُهيئ طريقَكَ"مرقس 1 :1، 2"
عندما تُثيرُك حادثة عظيمة، فمن الطبيعي أنّك تُريد أن تخبر الآخرين بها، فرواية الحادثة تبعثُ فيك من جديد النشوة التي اختبرتها من قبل . وعندما تقرأ الكلمات الأولى لمرقس، تستطيع أن تُدرِك مدى إحساسهِ بها. تصوّر نفسك بين الجموع التي شاهدت يسوع يشفي ويُعلّم. أو تصوّر نفسك أحد التلاميذ وتجاوب مع كلماته، كلمات المحبة والتشجيع، وأذكر أنّ يسوع قد جاء لكل رجل وأمرأة وطفل، ولنا نحنُ الذين نعيش الآن ، كما للذين عاشوا من نحو ألفي سنة مضت .
يقول الله على لسان اشعيا النبي في العهد القديم:
ما أجمل أقدام المبشرين، المنادين على مسامعنا بالسلام، الحاملين على الجبال بشارة الخير والخلاص " اشعيا 52: 7"
يعتقد البعض أن لا علاقة للعهد القديم بالعهد الجديد (الحاضر) ، لكن في الحقيقة فإنّ صفحات العهد القديم والعهد الجديد نجد يسوع المسيح . هناك طرق مختلفة للرسالة، ولكن رسالة واحدة. ويقول أحد الآباء: ألعهد القديم هو ظلّ العهد الجديد ولا يمكن فهم العهد القديم الّا على ضوء (نور) العهد الجديد .
يقول الله على لسان النبي دانيال (العهد القديم): " ويضيء الحُكماء كضياء الأفلاك في السماء، واللذين هدُوا كثيرا من الناس الى الحق يضيئون كالكواكب الى الدهر والأبد " دانيال 12 :3".
يحاول كثير من الناس أن يكونوا نجوماً في عالم الترفيه ليشعروا بنجوميّتهم فقط بصورة وقتية. ويخبرنا الله كيف نكون نجوما أبدية بأن نتحلّى بالحكمة ونقود الكثيرين الى بر الله. فإذا شاركنا الآخرين يمكن أن نكون نجوما حقيقية تشع جمالا في نظر الله.
يقول اشعيا النبي:"أنتم شهودي ...ذُريّة عبدي الذي إخترتهُ لأنكم علمتم وآمنتم بي.. “اشعيا 43 :10"
كانت مهمة بني إسرائيل هي أن يُخبرون العالم عمَّن هو الله وعمّا فعله. والمؤمنون الآن يشاركون في مسؤولية أن يكونوا شهودا لله .فهل يعلم الناس من هو الله الحقيقي ، من خلال كلماتُكَ وقدوتكَ؟. فهم لا يستطيعون أن يروا الله مباشرة، ولكنهم يستطيعون ان يروه فيك.
أنّ َ الرب يسوع يُعلن الأمر بصراحة ووضوح أن حولنا حصادا مستمرا ينتظر جمعه وحصدهُ. فلا عذر للمؤمن أن يكون فاترا في شهادته ليسوع المسيح المخلص، إذ يقول “إنّني أُرسلكم لتحصدوا ما لم تتعبوا فيه فغيركم تعبوا وأنتم تجنون ثمر أتعابهم " يوحنا 4 :34". فالتلاميذ الحصّادين في الأزمنة الأخيرة، بعد أن عمل الأنبياء قبلهم، وهيّأ يسوع هذا العمل بشكل خاص. فما عاد لهم سوى أن يجنوا ثمرة أتعابه.
وعد يسوع تلاميذه قائلا: مثلما يَعرفُني الآب وأعرف أنا الآب، وأُضحّي بحياتي في سبيل خِرافي .ولي خراف أُخرى من غير هذه الحضيرة ، فيجب علي أن أقودها هي أيضا " يوحنا 10: 16".
هنا يتحدث يسوع المسيح عن معرفة متبادلة بينه وبين خرافه (المؤمنين به) ، وبالتالي محبة متبادلة تجد ينبوعها في المحبّة التي تربط الآب والأبن. في البداية آمن بعض اليهود بيسوع، وكم أراد أن يجمعهم كلهم. وفي بداية الكنيسة كان اليهود واليونانيون معا ويجب ان يكونوا في حظيرة واحدة. تشتت الكنيسة وتقسّمت فتطلعت الى المسيح الذي صلّى من اجل وحدتها "يوحنا 17: 21-22"
تشير كلمة "الخراف الأخرى" الى الناس الآخرين من غير اليهود. فقد جاء الرب يسوع ليخلّص الأمميّين الى جانب اليهود وهذه نظرة الى إرساليته العالمية: أن يموت من أجل خطايا العالم أجمع.
يوجد في كل امّة وفي كُلّ شعب قلوب تتجه نحو الله، مستعدة أن تقبل الأنجيل، لكن ينبغي أن يحمل أحدنا ألأنجيل الى هذه القلوب. إنّ البحث عن الله لايكفي، فيجب على الأنسان أن يجده.
بالرغم من وجود موانع وحواجز كثيرة لنشر البشارة في الكثير من دول العالم، لكن يظهر أن الرب كسر وحطَم جميع هذه الحواجز والموانع وأستطاع أن يغزو قلوب الملايين المتعطشة الى منبع الحياة ألأبدية.
يقول الله على لسان اشعيا النبي : قلتُ، "ظهرتُ لمن لا يسألون عنّي ووجِدتُّ لمن لا يطلبونني ، وقلت ها أنا ، ها أنا هنا لأمة لا تدعو بأسمي" اشعيا 65 : 1" .
فالله "يريد كل الناس ان يخلصوا والى ملكوت الله يدخلون"1تيموثاوس 2 :4".
يجب ان نشارك الناس في البشارة عن يسوع المسيح، فليس هناك خبر أهم من ذلك. يجب ألّا ننسى من يهلكون لحاجتهم لهذا الخبر السار. يجب ألّا ننشغل بإيماننا فنهمل مشاركة الذين حولنا فيه، بل يجب ألّا ننتظر على "بشارتنا"حتى طلوع الفجر، (كما قال أولئك البرص في سفر الملوك الثاني) "راجع 2ملوك 7 :3-10"
انّ دور الكنيسة ليس الجلوس مابين أربعة جدران، بل الخروج الى الناس اينما كانوا. وكذلك وحدة الكنائس ومسؤولية المؤمنين عن جميع الكنائس وليست كنيستهم فقط.
انَّ جوهر رسالة الخلاص التي يُطالب بها ربنا يسوع المسيح هو وحدة الكنائس، وعلى كل المؤمنين أن لا يركزوا على بناء الكنائس الحجرية، بل بناء الناس وملكوت الله. الكنيسة لم تعد شعبا يعيش بين أربعة جدران حجرية، فالكنيسة، كما يقول الرب يسوع المسيح، يجب أن تبحث عن الخراف الظالة وعن المتألمين والمهمشين والمنبوذين والمتروكين وحتى الأغنياء ورجال المال والسلطة والنفوذ، الذين هم فقراء بالروح بالرغم من شبعهم المادي، ولكنهم هم ايضا اختبروا أنّ الغنى والمال والسلطة، سراب وقبضة ريح كما يقول الحكيم.
يقول البابا فرنسيس في الأرشاد الرسولي "فرح الأنجيل" لسنة 2012 بأنه "يفضّل كنيسةً مجروحة ومتّسخة لأنها خرجت إلى الشوارع والطرقات، على كنيسة تهتم بمركزيتها وتنغلق على ذاتها في تشابك هواجس وإجراءات. وإن كان هناك ما يجب أن يثير اهتمامنا فهو أن هناك العديد من إخوتنا الذين يعيشون بدون صداقة يسوع".

أما البابا بيندكتس السادس عشر فيقول:
" الإيمان هو عطية، لا يمكننا أن نحتفظ بها لأنفسنا، وإنما يجب علينا أن نتقاسمها. فإن أردنا الاحتفاظ بها فقط لذواتنا، لتحولنا إلى مسيحيين متقوقعين، وعقيمين ومرضى. إن إعلان الإنجيل يشكل جزءًا من كوننا تلاميذًا للمسيح وهو التزام مستمر ينعش حياة الكنيسة بأسرها. إن حماسة التبشير هي علامة واضحة على نضوج الجماعة الكنسية" (بيندكتس السادس عشر، إرشاد رسولي. كلمة الرب)
ولو راجعنا ألأنجيل المقدس في العهد الجديد لعرفنا أهمية التبشير، فقد كانت آخر كلمات الرب يسوع المسيح لتلاميذه قبل صعوده الى السماء هي التبشير بالأنجيل لكل الأمم ابتداء من اورشليم:
" اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والأبن والروح القدس ، وعلموهم أن يعملوا بكل ما اوصيتكم به ، وها انا معكم طوال ألأيام ، الى انقضاء الدهر " ( متى 28:19)
"أذهبوا الى العالم كله، وأعلنوا البشارة الى الناس أجميعين " مرقس 16:15"
" وتُعلن باسمه بشارة التوبة لغفران الخطايا الى جميع الشعوب "لوقا 24:47"
وعندما نقرأ سفر أعما ل الرسل وتاريخ الكنيسة (سواء الكنيسة الشرقية او الغربية) سنصاب بالصدمة وتأنيب الضمير وسنعرف مدى فتور إيماننا المسيحي في هذا العصر، مقارنة بالمؤمنون الأولون، الذين كانوا شعلة من نار الروح القدس في ايصال بشارة الخلاص الى العالم “أعمال 8: 4” وسنعرف مدى تقصيرنا نحن ابناء أولئك الشهداء الذين انطلقوا من شرقنا لينقلوا بشرى الخلاص الى الأخرين من اخوتنا في هذا العالم.
أصبحنا اليوم نحن أبناء هذه الكنيسة العريقة والأصيلة، متقوقعين خانعين ، خائفين ، منقسمين ، حاملين هوية المسيح وصليب المسيح ، ولكننا في الحقيقة ، فاترين في ايماننا بسبب اننا غير متكلين على قوة الروح القدس ، بل اصبحنا نركز على الطقوس والفرائض والشريعة ومظاهر التدين والتمسك بحرفية الكتاب المقدس بدل ان نحيا في الروح ، في حين كان آبائنا شعلة من نار، بسبب قوة الروح القدس الذي كان يلهب قلوبهم فكانوا يذهبون لتبشير الشعوب شرقا وغربا ، شمالا وجنوبا عابرين الجبال والصحارى والبحار في كل انحاء المعمورة ،متحملين كل المخاطر والظروف الصعبة والاضطهادات ،عاملين بوصية سيدهم رب المجد يسوع المسيح ".، وتكونون لي شهودا في أورشليم واليهودية كلها والسامرة، حتى اقاصي الأرض "اعمال1 : 8 ".
اليوم يا للأسف أصبحنا نخاف أن نبشر باسم المسيح حتى في أوطاننا، لابل هناك من يمنع التبشير بحجة أنّه يشكل خطورة على سلامة المسيحيين في هذه الدول. ونسينا قول المسيح لنا "لاتخافوا فأنا معكم الى نهاية العالم ".
ان جزء من مسؤوليتنا كمؤمنين هو أن نعاون الآخرين ليقفوا ويفكروا فيما ستنتهي اليه حياتهم، وأن نبين لهم عواقب تجاهل رسالة المسيح وخاصة في هذا الشرق المضطرب، والذي يبدو أن قوات الشر الروحية لها الغلبة في نشر الظلام والرعب والموت في نفوس الكثيرين من الناس الأبرياء.
ولكن بالمقابل هناك كنائس لها ارساليات ومبشرين الى انحاء العالم وتتحمل الاضطهادات والآلام وحتى الشهادة، ويقول البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة يوم الأرسال العالمي 2013 " عدد الشهداء يفوق الآن اعدادهم في القرون الأولى - الذين يحتملون بثبات رسولي مختلف أنواع
الاضطهادات، ويخاطرون بحياتهم ليحافظوا على أمانتهم لإنجيل المسيح.لا إنجيل حقيقياً بدون هذا "الموت" في الأرض" (انتهى الأقتباس)
اخر إحصائية لمؤسسة "الأبواب المفتوحة" عن اخطر 50
دولة في العالم بالنسبة للمسيحيين ، تشير الى ان اكثر من 340 مليون مسيحي حول العالم مضطهدون بسبب ايمانهم*.
لايمكن أن نسمي أنفسنا بالمسيحيين إذا نحن تقوقعنا على ذواتنا وركزنا على خلاص أنفسنا دون ان نحاول أن نجذب اخوتنا الى المسيح لكي يتمتعوا بملكوته ويشربوا من ماء الحياة ويذوقوا الخبز النازل من السماء، يسوع المسيح، ويشاركوننا فرحنا وسلامنا.
يقول الكاتب والمفكر الروسي المشهور "لي تولستوي: “لا أحد له الحق أن ينبسط (يفرح) لذاته، بل أن يفكر بالآخرين ويحبهم وإلّا لا سعادة".

يقول الأب العلاّمة بولس الفغالي:
" أُلقيت على التلاميذ مهمة حمل النور الإلهي الذي يجتذب الأمم ... وهذا النور هو المسيح (يو 8: 12). كشفَ الله عن نفسه لشعبه، ليجعله منارة ونوراً في خدمة قصد حبه من أجل جميع البشر.
"جعلتك نوراً للأمم ليصل خلاصي إلى أقاصي الأرض" (أش 49: 6)..
وفسَّر أحد المعلمين: "كما أن الزيت يحمل النور إلى البشر، هكذا يكون شعبُ الله نورَ العالم". وكنيسة المسيح ليست نوراً في حدّ ذاتها. ليست ينبوع النار. إنها كالزيت الذي يحترق بنار الكلمة، بنار حبّ الله الذي ينير العالم .. نحن مدعوون لنكون انعكاس المسيح النور الذي تجرّأ وحده أن يقول: "أنا نور العالم" يوحنا 8:12".. والمسيحي هو الذي يرغب أن يتشبّه بالذي أحبّنا، أن يصير كاملاً في الحب على مثال الآب.
سُلِّم الإنجيل إلى التلاميذ ثمّ إلى الجماعات الأولى. وعليه أن ينتقل إلى العالم. ولكن كيف ينتقل؟ إنه ملح يعطي الحياة طعمها. إنه خمير يخمّر العجين ". هذا يعني أنه يختفي في حياة البشر كالحبة المزروعة في الأرض" أنتم ملح الأرض، أنتم نور العالم" متى5: 13- 14
ما اشبه اليوم بالباحة! فيسوع المسيح ولد بين شعب يؤمن بالكتب المقدسة وله تاريخ طويل وخبرة مع الله، ومع ذلك لم يقبلوه في قلوبهم بل تآمروا على يسوع المسيح وقتلوه، وهكذا رذل الشعب الذي كان لديه كتب تتنبىْ بقدوم المسيح وولادته في بيت لحم ، بينما الوثنيين الغرباء قبلوه وآمنوا به مثل المجوس والعالم الوثني .
للأسف اليوم هناك مسيحيين بالهوية يحملون اسم المسيح ويعلقون الصليب في صدورهم كتميمة أو كفأل حسن في حياتهم، دون أن يقيموا علاقة مع رب المجد الذي أحبهم وفدى حياته من أجهلهم.
هكذا اليوم، نحن مسيحيي هذا الشرق، الكثيرون منا رفضوا ولادة المسيح في قلوبهم، علما بان لنا تاريخ الكنيسة وشهادات آبائنا المؤمنين وخبراتهم مع يسوع المسيح، ومع ذلك اصبح المسيح غريبا عنا، وها هو اليوم يسبي قلوب الملايين من الوثنيين الذين فتحوا قلوبهم له، فيدخلون ملكوت أبيه ، بينما نحن نبقى خارجا .
كم من الرعاة في كنائسنا يمارسون الطقوس الدينية في يوم الأحد كوظيفة روتينية وكواجب مقابل أن يعيشوا حياة هادئة وكأنهم أصبحوا موظفين يعملون مقابل أجرة؟
كم من الناس الذين يحملون اسم المسيح متمسكين بقشور التدين يأتون الى الكنيسة في يوم الأحد أو المناسبات الدينية كعيد الميلاد وعيد الفصح ويمارسون الطقوس الدينية وكأنها عادات وتقاليد وواجبات، دون أن يفهموا جوهر هذه الأحتفالات بكونها لقاء مع المسيح وتناول جسده ودمه من خلال سر القربان المقدس، التي فيها يجدد المؤنون تناولهم لخبز الحياة، وان هذا التجمع هو فرح اللقاء مع الأخوة المؤمنين لتجديد الشكر والامتنان لفاديهم يسوع المسيح ؟
كم من الناس المولودين بالوراثة في عائلة مسيحية، ولكنهم للأسف لايعرفون قيمة هذه النعمة التي وهبها الله لهم من خلال المعمودية ولا يعيشون فرح الخلاص والسلام الذي مصدره يسوع المسيح؟
كم من ألأموال تصرف على الزينة والملابس والبذخ على الولائم والأحتفالات في مناسبات الأعياد وغيرها، فيما هناك الملايين من الفقراء والأطفال يحتاجون الى الخبز اليومي ليكفي رمقهم وجوعهم ،بل محتاجين الى من يزرع الفرح في قلوبهم لأن يسوع المسيح يحبهم؟
وعن مخاطر التبشير يقول الرب يسوع المسيح: " ما اقوله لكم في الظلام قولوه في النور، وما تسمعونه همسا، نادوا به على السطوح، لا تخافوا الذين يقتلون الجسد ولا يقدرون أن يقتلوا النفس ، بل خافوا الذي يقدر أن يهلك الجسد والنفس معا في جهنم " متى 10:26- 28"،
يقول الرب لتلاميذه: "تشجعوا، أنا غلبت العالم" يو 16، 33 "
المسيحي الحقيقي هو الذي يحمل صليبه ويتبع المسيح في آلامه وعذاباته وموته لأنّ حبَّة الحنطة ان لم تمت فلن تعطي الثمر. نعم قد تكلف المؤمن مسؤوليته تجاه الآخرين الكثير من قيم هذا العالم، المجد، والشهرة، واوقات الراحة، والأصدقاء وحتى الأقرباء، لكن قيمة كوننا مؤمنون تلاميذ المسيح هي استثمار سيدوم الى الأبد، فعلى كل انسان أن يحسب الكلفة كما يقول الرب.
المسيحي الحقيقي هو جندي في جيش المسيح يحارب بسلاح الروح والحق كل اجناد الشر الروحية لخلاص الآخرين فكما ان َّ الجندي في
هذا العالم يدافع ويضحي عن وطنه، فكم من الأولى على المؤمن المسيحي أن يدافع عن الحق ويجاهد ويجاهر به دون خوف لأيصال بشارة الملكوت الى الآخرين. وهاهو بولس الرسول يشجع معاونه ثيموثاوس على القيام بواجبه كمعلم ومبشر وكجندي في جيش الله، وان يكون قدوة للمؤمنين في ألأيمان والصبر والمحبة والمثابرة وتحمل آلام ألأضطهاد وأن لايخجل في تبليغ الشهادة (راجع رسالة بولس الرسول الثانية الى تلميذه تيموثاوس).
يقول الرسول بولس لتلميذه ثيماثاوس: " سلّم ما سمعته مني بحضور كثير من الشهود، وديعةٌ الى اناس امناء يكونون أهلا ليعلموا غيرهم ".
2تيموثاوس 2 : 2 ".
في أعمال السينودس الذي عقد في الفاتيكان من السابع وحتى الثامن والعشرين من تشرين الأول أوكتوبر عام 2012 حول موضوع "البشارة الجديدة بالإنجيل لنقل الإيمان المسيحي". يكتب البابا فرنسيس: "أرغب في التوجه إلى المؤمنين المسيحيين لدعوتهم لمرحلة بشارة جديدة مطبوعة بهذا الفرح وتقديم طرق جديدة لمسيرة الكنيسة للسنوات القادمة. وناشد الحبر الاعظم الدول الاسلامية توفير الحرية الدينية للمسيحيين
"اخذا بالاعتبار الحرية التي يتمتع بها المسلمون في الدول الغربية".
المسيح هو رب كل الأرض وقد مات من أجل خطايا كل ألناس. نحن قد لا نكون مبشرين، ولكننا جميعا قد نلنا مواهب نستطيع أن نستخدمها لتحقيق ألأرسالية العظمى " راجع اكورنتوس 12: 1-11 ". فلا يجب ان نسمع الكلمة فقط بل ان نعمل على تحقيق الحق وايصال بشارة الخلاص الى جميع الناس، وان يحمل المؤمن نور المسيح حتى يشرق في حياته ويعكس هذا النورعلى الاخرين ليجدوا الله .
يقول الرسول بولس : "
"ألأيمان من السماع، والسماع هو من التبشير بالمسيح "روما 10: 17 ".
وعلى المسيحيّين اذا أن يجعلوا النور على منارة. أن يُعلنوا البشرى بصورة واضحة، وهكذا يستنير البيت ويستنير العالم.
اليوم اخوتنا في هذا الشرق هم أحوج الى الخلاص، وخاصة في هذه الظروف العصيبة، وهم في احتياج الى مساعدتهم في التخلص من قيود الإبليس الذي كبَّلهم بقيود العبودية وجعلهم يحاربون أخوتهم وأبناء وطنهم وجيرانهم.
انَّ اعلان البشارة للعالم هي من صلب الأيمان المسيحي لابل هي رسالة وامانة يجب ان يوصلها المؤمن لكل الناس اينما كانوا ومهما كانت الظروف. لذلك يقول الرب يسوع المسيح، ومن لا يقومون باستخدام مواهبهم الروحية في توصيل بشارة الخلاص لأخوتهم في الإنسانية، سينطبق عليهم قول الرب “سيأخذُ الله ملكوته منكم ويسلِّمُهُ الى شعب يجعلهُ يُثمر "متى 21: 43 ".
ان المحبة تعني العمل والعمل يعني: آنَّني أقوم بتطبيق ما اؤمن به والا فلا معنى لما اؤمن به، وخيرعمل يقوم به المؤمن هو خلاص الآخرين بإيصال البشارة لهم، لكي يكمل فرحه، والرسول بولس خير شاهد على هذه الحقيقة عندما يقول : "فاذا بشّرت فلا فخر لي . لأن َّ التبشير ضرورة فرضت علي. والويل لي ان كنت لا أُبشِّر "1كور 9:16"
اليوم علينا أن نقرّر من نطيع والله يريدنا أن نختار الحياة. يقول بطرس الرسول في سفر الأعمال "فتذكّرت ما قاله الرب لنا: إنّ يوحنا عمَّد بالماء ، وأمّا أنتم فستعمّدون بالروح القدس " اعمال 11 : 16"
فعند قبولنا للمسيح ومعموديّتنا بالماء والروح القدس ستتغيّر حياتنا الى الأبد. وهذه هي شهادة المؤمنين للعالم، عند قبولهم الرب وهكذا تغيّر الوثنيّون عندما قبلوا المسيح وتعمّدوا وحلّ الروح القدس عليهم.
لا تفترض أنّ الأنسان المتديّن يعرف الكثير عن يسوع (اعمال 17 : 23)
عندما وجدوا الفلاسفة الأبيقوريّين والرواقيّين أن بولس يبشّر بيسوع والقيامة من الموت قال بعضهم:"ماذا يعني هذا المدعي الأحمق بكلامه؟ "اعمال 17 :18”. وقال آخرون "يبدو أنّه ينادي بآلهة غريبة". شرح الرسول بولس لهؤلاء المتعلّمين من أهل أثينا من هو الإله الحقيقي الواحد. وبرغم أنّهم كانوا مُتديّنين بصفة عامة، لم يعرفوا هذا الإله.
ونحنُ اليوم نعيش في مجتمع "مسيحي ". ولكن الله لا زال مجهولا لمعظم الناس. فيلزم ان ننادي (نبشّر) ونشهد بمن هو الله، وأن نوضح ما فعله الله بواسطة إبنه يسوع المسيح لاجل كل البشرية .ولا يمكن ان نفترض ان يعرف الناس الرب يسوع بصورة حقيقية حتى المتدينين منهم او انهم يدركون أهمية الأيمان بالمسيح.
اليوم وبسبب الوسائل الكثيرة للأتصالات والميديا والقنواة الفضائية ووجود الكتاب المقدس عبر الأنترنت ومطبوعا بلغات غالبية الشعوب في العالم، أصبح اليوم من السهولة التعرف على شخصية يسوع السميح ورسالته الخلاصية. وبالرغم من وجود موانع وحواجز استطاع الرب ان يكسر ويحطم جميع هذه الحواجز والموانع واستطاع ان يغزو قلوب الملايين المتعطشة الى منبع الحياة الأبدية. يقول الرب على لسان اشعيا النبي : " ظهرتُ لمن لا يسألون عنّي ووجدتُ لمن لا يطلبونني ، وقلتُ ها أنا ، ها أنا هنا لامّةٍ لا تدعو باسمي" اشعيا 65:1". ما على المؤمن سوى أن يشرح للمتعطشين الى نبع الحياة من هو يسوع المسيح .
قد يضحكوا الناس ويستهزئوا بك، وقد يريد البعض منك المزيد من المعرفة وقد يؤمن القليلون منهم. ولكن لا تتردد في مخاطبة الآخرين عن المسيح خشية ألّا يؤمن أحد.
وأيضا لا تنتظر استجابة جماعية إيجابية لشهادتك بل ولو آمن القليلون فقط فذلك يستحق المحاولة والجهد (راجع اعمال 17 :23 ، 26 : 28"
أحيانا عندما نسأل أشخاص هل تعرف أقوال ألأنبياء (كما فعل بولس الرسول مع الملك أغريباس) ولكن كان رد الملك هو السخرية من بولس الرسول عندما فأجاه :" قليلا بعدُ ، وتقنعني بأن اصير مسيحيا" أعمال 26 :28" . هكذا أجاب أغريباس على كلام بولس بتعليق ساخر. ولكن لم يرد بولس بالرفض لكنه قدّم نداء شخصيا تمنى استجاب له كل الحاضرين المستمعين
"إنّ النداء الشخصي الجاد أو الشهادة الشخصية قد تبدي عمق اهتمامنا بالآخرين، وقد تنفذ داخل القلوب المتقسّية.
ينبغي علينا ان نحيا كما قال المسيح مقدمين الأيمان للغير مهما كان الثمن. وقد لا نُضرب أو نُسجن، ولكن قد نتعرّض للسُخرية والهزء او النبذ من المجتمع او ألأساءة الى سمعتنا. يجب ان نتذكّر آلام المسيح من اجل الحق . فكيف يمكن إذا للباحث عن الله أن يجده دون أن يدلّه أحد على الطريق؟ هل طلب الله منك أن تبيّن لأحد الطريق إليه؟
يقول الرب لتلاميذه:"ها أنا أرسلكم مثل الخراف بين الذئاب ...وأيّ بيت دخلتم، فقولوا أولا: السلام على هذا البيت، فإن كان فيه من يحبُّ السلام، فسلامكم يحلُّ عليه، وإلّا رجع إليكم" لوقا 10 : 3-5". السلام هو تمنِّ بالصحة والسعادة والبركة. ويسوع تمنَّ أن يتمتّع الذين يسمعون الخبر السار وان يقبلوا المسيح وتجاوبوا معه؟
شهادة المسيح تحمل: المحبّة، السلام، الخير، الخلاص. هذه هي خلاصة ما بشّر به يسوع المسيح. ولايمكن لانسان في كُلّ زمان ومكان أن لايتمناها، إلّا الذين غلبهم الشيطان ووقعوا في فخه لان الشيطان هو رئيس هذا العالم. بينما يسوع المسيح جاء ليحرّرنا من قيود الشيطان ليغمرنا بحبه وسلامه لنعيش السعادة الأبدية.
-------------------------------------------------------------------

المراجع
الكتاب المقدس
رسالة البابا فرنسيس
بمناسبة اليوم الإرسالي العالمي 2013

http://w2.vatican.va/content/francesco/ar/messages/
missions/documents/papa-francesco_20130519_giornata-missionaria2013.html
البابا فرنسيس يعلن عن الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”
جhttp://www.boulosfeghali.org/boulos/index.php/site/
content?page=4&Cat=397
البابا فرنسين -ألأرشاد الرسولي-فرح ألأنجيل
إصلاح الكنيسة والحرية الدينية للمسيحيين في العالم الإسلامي -
http://www.almustaqbal.com/v4/Article.aspx?Type=np&Articleid=596308
ملح الأرض ونور العالم
الأب بولس الفغالي
http://www.boulosfeghali.org/boulos/index.php/site/content?page=11&Cat=397
*
لائحة بأخطر 50 دولة تضطهد المسيحيين حول العالم
https://www.youtube.com/watch?v=Hrk4gKfxiUA

6

مفهوم الجهاد في المسيحية – الجزء الثاني
نافع شابو
ما هو الجهاد المسيحي؟
في الحقيقة موضوع الجهاد في المسيحية، كما حاولنا شرحها في الجزء الأول* هي جهاد روحي وجسدي أي جهاد الأنسان المخلوق على صورة الله ويحاول ان يتشبه بمثله ليشارك الله في ملكوته. لهذا في العهد الجديد شاركنا الله بتجسّد إبنه ليتضامن معنا في أفراحنا وآلامنا وجهودنا، ليقودنا ويرشدنا الى طريق الحق والحياة. فيسوع المسيح يريد ان نكون كاملين إذ يقول " فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ" متى 5 : 48"."
إنّه مثال رفيع يقدّمه يسوع لنا. لا شكّ في أنّ المؤمن لا يبلغ بسهولة هذا الكمال، ولكن كلام الأنجيل يبقى له النور الذي يوجّه طريقه.
يقول الواعظ الدكتور ماهر صموئيل في محاضرة بعنوان: الجهاد الروحي وأثره الحاضر والأبدي:
"مبدأيا الجهاد المسيحي هو جهاد روحي يصنعنا. أي نحن نجاهد لكي نكون جهادٌ يصنعنا. وغرض الجهاد (هدف الجهاد) أن نصير شبه يسوع المسيح وليس الهدف ان نكسب او نحصل على الخلاص. فالخلاص بالأيمان بنعمة الرب. ليس الجهاد وسيلة للخلاص، لكننا في الجهاد يجعلنا مشابهين لصورة يسوع المسيح.في الجهاد نتقدم في صيرورتنا كشركاء في الطبيعة الإلهية"(انتهى الأقتباس).
يقول بولس الرسول: إنّنا في معركة روحية
(افسس 6 : 1-12) . ويقول يوحنا أنّ الحرب مازالت تشتعل إلّا أنّ النتيجة قد حُسمت بالفعل. فإنّ الشيطان وأتباعه قد انهزموا بالفعل وسيفنون. ومع ذلك فإنّ الشيطان يحارب يوميا ليجذب مزيد من الناس الى صفوفه وليحتفظ بأتباعه من الأنحياز الى جانب الله. أمّا من ينتمون الى المسيح فيقاتلون في صف الله وهو يضمن لهم النصر ، ولن يخسر الله هذه الحرب ، ولكن يجب علينا نحن أيضا أن لا نخسر هذه المعركة في أرواحنا. لاتتردّد في التزامك للمسيح
  تذكّر دائما أنَّ المكافأة العظمى التي تنتظرك في السماء تفوق بكثير تعب أو ألم قد يواجهك .
الجهاد في المسيحية هي الشهادة ليسوع المسيح (الكلمة) "إن كُنّا نصدق الشهادة التي يقدمها الناسُ، فالشهادة التي يقدمها الله أعظم، لأنّها شهادة الهية شهد الله بها لأبنه " 1يوحنا 5 :9".  فمن يؤمن بابن الله يثق في قلبه بصحة هذه الشهادة، أمّا من لا يصدق الله ، إذ يرفض تصديق الشهادة ، التي شهد بها لأبنه ، فهو يتهم الله بالكذب " 1يوحنا 5 :10"
جهاد المسيحي هي من اجل الزيادة في التشبه بالمسيح: "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ".(1يوحنا 3 :2، رومية 8 :29) ولن تكتمل هذه العملية الا حين نراه وجها لوجه. هوهدفنا الأسمى تدفعنا أن نحيا الحياة التي تزداد كل يوم تشبها بالمسيح.هذه هي الحياة المسيحية .
*الجهاد المسيحي هو ان نطبّق تعاليم الرب يسوع المسيح وأعماله، لنصبح خُدّأما ونصنع خيرا كما كان يسوع يجول ويصنع الخير .
فلكي نقتدي بالمسيح علينا ان نفكّر مثل المسيح ولكي تتغيير رغباتنا لنكون أكثر شبها برغبات المسيح نحتاج الى قوّة الروح القدس "فيليبي 1: 19"، والى تأثير المؤمنين الأمناء والى طاعة كلمة الله، وليس مجرد قراءتها وحفظها (وهذا ما يسمّى بالتدين الظاهري) ، بل المؤمن يحتاج الى الخدمة المضحيّة فعمل مشيئة الله هو الذي يجعلنا أن نشتهيها . فالجهاد في المسيحية إذن هي خدمة بلاعيب خدمة في الداخل وخدمة في الخارج
فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم أكن أعرفه" يقول:
"المسيح يريد منّا أن نسمو ونعلو ونتحدّى كُلّ العوائق والموانع والصعاب التي تواجهنا في حياتنا والقليلون هم الذين يقبلون هذه التحدّيات.. كُلّ دعوة هي إقتلاع ونداء من أجل التخطّي. وهو النداء الذي يوجّهه يسوع إلينا! "تعال وأتبعني". "من حفِظَ حياتهُ يخسَرُها، ومن خسِرَ حياتَهُ من أجلي يحفظها"متى 10 :39". إنّ المسيح يقتلعنا من راحتنا وثُقلنا وضماناتنا وقناعاتنا وميلنا الى النظر نحو الوراء وتعلُّقنا بالماضي وتقهقُرنا نحو فتور الحشا الوالدي. إنّه قوّة إقتلاع تهزُّ خمولنا، وتشجب انسحابنا وتكشف أعذارنا، وتحطّم أغلال عاداتنا، وتُحرّرنا من عبوديّتنا. لهذا فإنّه يرسل إلينا روحه الذي يساعدنا من الداخل على أن ننموا، ويحُثُّنا على النضج ويعيد إلينا حُرّيتنا المسلوبة. ويعيدنا الى إنسانيّتنا، وينهضنا، ويدفعنا الى الأنخراط في مغامرة الحريّة. لقد غامر يسوع هذه المغامرة بنفسه قبل أن يدعونا اليها، وقد كلَّفه الأمر غاليا. لأنّه تجرّأ أن يعلن كلمة عدلٍ في وجه جميع التسويات والألتباسات، كلمة حق، كلمة حُرّيّة، فأصبح القوّة الثورية الكبرى في التاريخ. لقد دفع حياته ثمنا لذلك" فمن يريد خوض معركة الحُرّية، عليه أن يعرف أنّه سيواجه العقبات والمعارضة والمقاومة والرفض والأضطهاد. ويسوع المسيح يقول "فكما أنّهمم اضطهدوني، كذلك سيضطهدونكم" يوحنا 15 :20"(انتهى الأقتباس)
المسيح يقول "إحمل صليبك وإتبعني"(متى 16: 24)
يعني المسيح بهذا القول: الإستعداد للموت في سبيله. هذا هو "الموت عن الذات". وهي دعوة للخضوع الكامل. بعد أن أوصى المسيح بحمل الصليب قال: "فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي فَهَذَا يُخَلِّصُهَا. لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَأَهْلَكَ نَفْسَهُ أَوْ خَسِرَهَا؟" (لوقا 9: 24-25. ورغم أن هذه دعوة صعبة، إلا أن المكافأة لا مثيل لها.
". فالمسيحي سيعاني في هذه الحياة، ولكن مثل الجندي في جبهات القتال، يدافع عن وطنه وشعبه ليخلصهم من العدو. ولكن في المسيحية معاناة المسيحي المبشّر بالمسيح هو من أجل إيصال بشرى الخلاص (كلمة الله) للعالم جمعاء لكي لايقع الأنسان في فخ الشيطان. إيصال الأنجيل الى اقاصي الأرض.
وفي (كولوسي 1 :28) يهتم بولس بان يوصل كل انسان الى الكمال بالمناداة والتعليم."به (أي بالمسيح) ننادي ونبشّر جميع الناس ونعلّمهم بكل حكمة لنجعل كل انسان كاملا في المسيح، ولأجل هذا أتعب وأُجاهد بفضل قدرته التي تعمل فيّ بقوة" كو 1 :28"
ويقول كسوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير "نقلا عن عالم الرياضيات ورئيس الاتحاد الدولي للميكانيك النظرية والتطبيقية، والسكرتير الدائم لاكاديمية العلوم في باريس: 
"هذا العالم هو الذي يجب إعاده وتحويله وتطويره ليصبح أهلا للهبة الختاميّة، غير الممكن توقّعها إطلاقا، الذي سوف تأتي من الربّ. ولا يستطيع المسيحي أن يتفلَّت من هذه المطالبة (بتحويل العالم) ...إنّه مستمد للعمل مع الناس الآخرين ... من أجل أن يحلّ في قلب البشر وفي المجتمعات الأنسانية، ما يشكّل بالنسبة إليه تقدما نحو ملكوت الله. ..ألأنسان يصنع نفسه مشاركا الآخرين  " (انتهى الأقتباس)
جاء في كتاب للأب هنري بولاد اليسوعي بعنوان "لا للقدر كيف أكون حُرّا"
" السماء نتيجة جُهد(جهاد). إنّها سعي وفتح وإنتصار. السماء هي شيء آخر، ليست سعادة بل السماء التي لاتُكتسب لن تكون سماء، السماء تُربح . السماء هي المجد تشير الى واقع مكتسب نتيجة الجهد والصراع والتجاوز.
تخيّلوا أولادا يتحضَّرون لسباق. إنّهم هنا، باللبس الرياضي، على خط البداية ، مسرورون ومرتعدون . ويقترب منهم مليونير في فمه سيجارة ويسألهم:
-   ماذا تريدون؟
-   ان نربح الكأس!
-   أتريدون أن تربحوا الكأس كُلكم؟
-   فيجيبونه معا:
-   نعم بكلّ تأكيد!
-   حسنا، انتظروا بضع دقائق، سأقدّم لكم مفاجأة
ويذهب الرجل الى بائع الكؤوس، ويشتري دزينةً منها، ويوزّعها على الأولاد ويقول لهم:
-   إفرحوا! هو ذا كأس لكلّ واحدٍ. كأسٌ أجمل من التي حضّروها لكم. هل أنتم مسرورون؟

وينظر الأولاد بعضهم الى بعض مندهشين، ثمّ يصرخ أحدهم ساخرا!:
إحتفظ بكؤوسك لنفسكَ، فهي لاتُهمّني. ربّما كانت كأسك جميلة وأغلى، لكنّها عديمة القيمة بالنسبة إلينا. فما يهمُّنا هو كأس نربحها.
وألأمر مشابه بالنسبة إلى السماء. فهي ليست سعادة مقدّمة، سعادة تُنال، سعادة بماء الورد. إنّها سعادة مُكتسبة، مستحقّة، مقتحمة بضربات قبضة اليد. إنّها ثمار جُهدٍ (جِهاد) وتجاوز وانتصار. السماء هي المجد.
ما نقوله هنا، يجيب على إعتراضٍ نسمعهُ غالبا. بما أنّ الله عالمٌ بكلِّ شيء، ويعرف مُسبقا مصير كُلِّ خليقة من خلائقه، لِمَ لم يكتفِ بخلق كائنات مصيرها السماء فقط، ويبعد الآخرين؟الجواب هو: حينئذٍ تكون حُرّيتنا وهمٌ صرف. لأنّنا سنكون جميعنا مدعوّين الى السماء مُسبقا ومُختارين لها ومبرمجين عليها ومقادين إليها ...فأين حينذاك حُرّيتنا وكرامتنا البشرية واستحقاقنا؟ إنّ الله يحترمنا احتراما زائدا ، فلا يحضر لنا سماءٌ كهذه . السماء هي المحبّة!  ومن يقول محبّة يقول حُرّيّة. فإمّا ان يكون الحبُّ حُرّا أو لايكون "إنتهى الأقتباس"
يقابل بولس الرسول بين ترويض على مستوى الجسد وترويض على مستوى التقوى، فكما ان الرياضي يروّض جسده من أجل ان يفوز ويحصل على الكأس، في المقابل المؤمن يجاهد ويروّض نفسه على مستوى التقوى. فيبين سموّ هذا على ذاك "تيم 4 :8، غلاطية 2 :2 1كو 9 :24-37"
فحين يستعدُّ المؤمن أن يخسر كُلِّ شيء من أجل المسيح، عند ذاك يربح كُلّ شيء
بولس الرسول كان يهودي "فريسي "غيور قبل إهتداءه الى المسيح وكان اسمه "شاول" فكان لايزال يفورُ بالتهديد والقتل على تلاميذ الرب
عندما سافر بولس(شاول) الى دمشق متتبّعا المسيحيين واجه المسيح المقام (اعمال 9 :2،3)، وتقابل مع حق الأنجيل (الخبر السار) وجه لوجه. لعلَّ شاول كان يعتقد أو يظن أنّه باستئصاله المسيحية من دمشق قد يمنع انتشارها للمناطق الأخرى، لكن في طريقه الى دمشق إختبر شاول رؤيا الرب "لّمعَ حوله فجأة نورٌ من السماء" (اعمال 9 : 3). إنّ بولس لم يُعلنَ رؤيا لكنه عاين (شاهد)المسيح المقام ذاته (فقد ظهر يسوع له في الطريق الى دمشق) (اعمال 9 :17). وأعترف بولس بيسوع ربّا وسلّم حياته ليسوع..
كان بولس يظنُّ أنّه يضطهد هرطقات، إلّا أنّه كان يضطهد يسوع ذاته "شاول شاول لماذا تضطهدني". إنّ من يضطهد المؤمنين اليوم يصير مجرما باضطهاده يسوع ذاته (أعمال 9 :5) (متى 25:45)، لأنّ المؤمنين هم جسد المسيح على الأرض.
كان بولس يسوق المؤمنين الى الموت، ولكن الله رحيم وحنون غيّرَ قلب بولس ".... لقد أخترتُ هذا الرجل ليكون إناءً يحمل اسمي الى الأمم والملوك وبني إسرائيل " اعمال 9: 15 ،16"
قال لاهوتي مؤمن:"حيثما هناك إضطهاد للمؤمنين فهناك تكون الكنيسة الحقيقية". أي أنّ الأضطهاد وعبر تاريخ الكنيسة كان السبب الرئيسي لانتشار المسيحية في العالم، الى يومنا هذا
فالأضطهاد يأتي ويكون قصيرا، نعم قد يؤدي الى الموت ولكن لايخاف المؤمن . الأستشهاد جهاد والمنتصر في الحلبة ينال "ألأكليل" ، والأكليل هو "الحياة الأبدية""روميا 2 :10 ، 3 :1"....لاتخف كن أمينا حتى الموت ، وأنا أعطي أكليل الحياة" رؤيا 2 :10". فالذي يبقى أمينا مع يسوع المسيح، بعد جهاد الصبر  والثبات والأمانة ، التي هي بنت الأيمان ، فهو لا يخاف صعوبات الحياة . "الغالب لايؤذيه الموت الثاني " رؤيا 2 :11”. المؤمن لايخاف من موت الجسد لأنّه انتصر على الموت. لهذا يقول يسوع
"لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لاَ يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ." (مت 10: 28).
هكذا اليوم الاف من القتلة والمجرمين والظالمين يرجعون الى الله وتتغير حياتهم الى الأبد، فبدل ان يضطهدوا المسيحيين والأبرياء يصبحوا رسل المسيح يبشرون بالمحبة والسلام والتضحية حتى بحياتهم من اجل المسيح الحق.
إنّ الله يدعونا الى التسليم (تسليم حياتنا له) وليس الى الراحة، ووعده لنا هو أن يكون معنا في الألم والضيقة، لا أن يحفظنا من الألم والضيقة.
هكذا أصبح بولس من مضطهد للمسيحيين الى كارز ومبشّر بالمسيح. كان يعمل بحسب قيادة الله. إستخدم الله إضطهاد بولس للكنيسة كفرصة له للشهادة (استخدم قوّة غيرته السابقة). بل وصار أعداؤه أيضا يقدّرون المكان له ليخاطب المجلس اليهودي عن المسيح (اعمال 22:30).
كان بولس كمفكّر وموهوب يقدر أن يسحر سامعية بحججه العقلية وفصاحته المقنعة، ولكنه فضّل، في توصيل رسالة المسيح البسيطة، أن يترك الروح القدس يقود كلماته. ويجب علينا عند توصيل ألأنجيل للآخرين أن نحذو حذو بولس، وأن تكون رسالتنا بسيطة وأساسية، وسيمنح الروح القدس القوّة لكلماتنا ويستخدمها لتمجيد الرب يسوع "1كورنثوس 2 :1-5".
هكذا بولس الرسول مضطهد المسيحيين المؤمنين بيسوع تحوّل الى رسول يتحمّل السجون والصعوبات القاسية وأخطار الموت، فهو يقول:"إنّه صارع الوحوش في أفسّس. كما يشير الى الشدائد في آسية التي عاصمتها افسس "2كو 1 :8”. ولكن كل هذه الاضطهادات والصعوبات لم تمنعه أن يشهد للمسيح حتى الاستشهاد.
وهنا يُطرح سؤال، وعلى كُلّ إنسان أن يتأمّل فيه: من الذي غيّر هذا الأنسان - مثل بولس الرسول ، الذي كان شاهدا على استشهاد اول مؤمن مسيحي وهو اسطيفانس وبعد ذلك تغيّر ليصبح أعظم رسول -؟ ألا يجب أن نقرأ وندرس ونتأمَّل فيما كتبه هذا الرسول لنتعلم منه دروس في حياتنا نحن اليوم أيضا؟
-------------------------------------------------------------------------------------------------
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1050191.0.htmlمفهوم الجهاد في المسيحية - الجزء الأول -emg1psgw

7
اخي وردا
يقول الرب يسوع المسيح( لليهود الذين لم يعترفوا به كونه المسيح الذي تنبأ عنه أنبياء العهد القديم): "تفحصون الكتب المقدّسة حاسبين أنَّ لكم فيها الحياة ألأبديَّة ، هي تشهد لي"يوحنا 39:5" . يسوع المسيح واضح في قوله أنّ دراسة الكتاب المقدس يوصلنا الى "الكلمة" المتجسّد الذي هو المصدر وينبوع ماء الحياة ، فالأنسان الباحث عن الحق عليه أن يتأمل في الكتاب المقدس لمعرفة الله الحقيقي لتكون له الحياة ، وكاتب رسالة الى العبرانيين يقول"كلّم الله آبائنا من قديم الزمان بلسان ألأنبياء مرّات كثيرة وبمختلف الوسائل ، ولكنّه في هذه ألأيّام ألأخيرة كلّمنا بأبنه..." عبرانيين 1"1". فالكتاب المقدس هو شاهد على الحقيقة التي يشتاق اليها كُلِّ أنسان والحقيقة تجسّدت في شخص يسوع المسي

8

أخي وردا
شكرا على تقييمك للمقال والأضافات المهمة التي اضفتها عن الجهاد في المفهوم المسيحي
في الحقيقة الجهاد في المفهوم المسيحي هو طريق الحياة لان يسوع المسيح يقول "أحمل صليبك واتبعني"
وهذا يعني أنّنا طالما نعيش في هذا العالم الذي يحكمه الشيطان فهناك حرب يشنها الشيطان ضد المؤمنين بيسوع المسيح
وليس امام المؤمن المسيحي الا  الجهاد لمحاربة قوات الشر الروحية بسلاح الحق والأيمان  والخلاص 
وهذا ما سوف نحاول ان نتطرق اليه في المقالات التالية عن الأسلحة التي سنحارب بها سلطان هذا العالم
فجهادنا جهاد روحي حيث بقوة الروح القدس نستطيع مواجهة قوات الشر الروحية
مع خالص تحياتي

9
اخي وردا
شكرا على هذا الموضوع المهم
العهد الجديد لايمكن فصله عن العهد القديم
هل تستطيع الشجرة ان تنمو بدون جذورها
هكذا العهد الجديد هو امتداد وتتمة للعهد القديم
بل العهد القديم هو مثل أساس انبنى عليه الكتاب المقدس ليوصلنا الى العهد الجديد
ويسوع المسيح نفسه كان يستشهد بنبؤات العهد القديم لا بل وهو على الصليب كان يصلي المزمور 22 "الهي الهي لماذا تركتني"
فكيف نستطيع ان نستغني عن العهد القديم وهو الكتاب الذي فيه اكثر من 300 نبوة عن مجيء المسيح ؟
ولهذا سوف نقرأ عشرات الآيات في العهد الجديد منقولة نصا من العهد القديم .
والعكس تماما لا نستطيع فهم وتفسير العهد القديم إلّا على ضوء العهد الجديد

10
مفهوم الجهاد في المسيحية - الجزء الأول -
نافع شابو

وردت كلمة الجهاد في الكتاب المقدس بعهديه، بكل مصادرها ، تقريبا 22 مرة
جاء في معجم المعاني الجامع – عربي عربي أنّ كلمة جِهاد (أسم) الجَمع (جُهد)
مفهوم الجهاد في المسيحية هو مشتق من الجُهد المبذول في الطريق المؤدي الى الحق والحياة. اي الجهاد من اجل ان نعيش في مملكة الله ،أي الحياة مع الله الخالق واخوتنا في الأنسانية وليس الجهاد من اجل الموت في سبيل الله. ولقد بذل المسيحيون عبر التاريخ الكثير من الجهد في الجهاد في سبيل الله، وذلك من خلال نشر الإنجيل(بشارة الخلاص) ومساعدة الفقراء والمحتاجين ومقاومة الشر و الظلم والاضطهاد في هذا العالم .
جهاد المسيحي هو لمعرفة الله "الحقيقي" . يسوع من خلال تجسّده وحياته على الأرض جسّد لنا حقيقة الله وما علينا إلّا أن نجاهد لنتعمّق في معرفة الهنا وخالقنا من خلال علاقتنا بيسوع المسيح .هكذا نحصل على هبة الله لنا للحياة والتقوى بفضل معرفة الذي دعانا بمجده وعزّته (2بطرس 1 :3"
جهادنا هو جهاد لنيل الأيمان المجاني وذلك بمعرفة يسوع المسيح (بطرس 1 :1).
جهادنا أن نبتعد عمّا في هذه الدنيا من فساد الشهوة (2بطرس 1 :3،4) ، ونكون بسطاء لنشارك يسوع المسيح في طبيعته وحياته فهو تخلّى عن أمجاد هذا العالم وشهواته (راجع التجربة على الجبل) . وعلينا أن لا نحبّ إمتلاك ألأشياء من أجل الشهوة ، بل أن نشارك الطبيعة الإلهية . هذا هو جهادنا الحقيقي بالحصول على الفضائل السبعة الواردة في الرسالة الثانية لبطرس الرسول وهي : ألأيمان ، الفضيلة ، والمعرفة ، والعفاف ، والصبر ، والتقوى ، والأخاء ، والمحبّة (راجع 2بطرس 1 :3). هذه الدعوة هي أساس الملكوت الذي أسسه يسوع المسيح . مشاركة طبيعة الله لاتعني أننا أصبحنا آلهة أو من طبيعة أو جوهر الله ، مثل ألأبن الوحيد يسوع المسيح ، بل أقام فينا الله بروحه القدوس" "...وتصيروا شُرُكاء الطبيعة الإلهية. ولهذا إبذلوا جهدكم(جاهدوا) لتُضيفوا الفضيلة الى إيمانكم ، والمعرفة الى فضيلتكم ، والعفاف الى معرفتكم ، والصّبرَ الى عفافكم ، والتقوى الى صبركم ،وأخاء الى تقواكم ، والمحبّة الى إخائكم " (2بطرس 1 :4 - 7)
جاء في مقال منشور على موقع الحوار المتمدن للأخ منسي موريس عن مفهوم الجهاد في المسيحية ما يلي :
"الجهاد فى المسيحية ليس بعقيدة بل حالة وفرق كبير بين العقيدة والحالة.
فمثلاً لو قلت ( على الطبيب أن يجاهد ضد المرض) هل هذا معناه أن الطبيب أصبح " جهادى " ؟ ويتبنى فكر إجرامى؟ أم أن الطبيب يكافح والكفاح هنا حالة ؟.: الآيات التى وردت فيها كلمة " جهاد " تعنى الكفاح والتخلص من الشرور الأخلاقية والروحية وليست " جهاد " بمعنى العقيدة التى تدعو لقتل الناس لفرض الإيمان بالقوة .
المسيح نفسه نهى عن " عقيدة " الجهاد فى سبيله " كما يقول الرب يسوع : «مملكتي ليست من هذا العالم. لو كانت مملكتي من هذا العالم، لكان خدامي يجاهدون لكي لا أسلم إلى اليهود. ولكن الآن ليست مملكتي من هنا) (إنجيل يوحنا 18: 36):
المسيح لم يرفع يوماً سيفاً ولا أحد من تلاميذه فعل هذا الشىء فلو كان " الجهاد " فى سبيل المسيح عقيدة لكان التلاميذ الذين ضحوا بحياتهم فى سبيل نشر رسالة الحب مارسوها لكن هذا لم يحدث مطلقاً.(انتهى الأقتباس)

نعم ليس دعوة يسوع لتلاميذه ان يستخدموا السيف٬ والّا ما كان ليعارض السيد المسيح استخدام بطرس للسيف عندما فعل . فنجد بطرس يلجأ الي السيف وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. فقال له يسوع "رد سيفك الي مكانه" ، بل ويقرر ان مصير من استخدم القتل والإرهاب هو الهلاك " لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" مت 26: 52"
اما الرسول بولس في رسالته الى روميا يقول :
"لاتجازوا احدا شرّ بشّر ، وأجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس ، سالموا جميع الناس ان أمكن ، على قدر طاقتكم ،"(روما 12:17,18 )

يسوع المسيح هو مثال المجاهد الحقيقي في حياته على الأرض. يسوع هو الحق والحق هو جوهر تعليم المسيح هو ان نسير في الحق وفي المحبّة ونجاهد لنمارس هاتين الفضيلتين ممارسة ملموسة في حياتنا اليومية (2يوحنا 1 : 4-6) لتحقيق الحق والمحبّة والحياة والعدالة في هذا العالم الذي يحكمه الشر. ولكونه أيضا رئيس السلام ، فقد جاهد لتحقيق السلام في هذه الأرض ، فهوعلّمنا كيف ننشر السلام في العالم اجمع " «سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ.إنجيل يوحنا (14 :27)
السلام في مفهوم المسيحية ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر . الراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل. السلام يأتي من يقين استجابة الصلاة. يقول كاتب المزمور: ”بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام”(مزمور 3:5 )”
. ولأنّ يسوع المسيح هو "المحبّة" فقد جاهد وحارب الحقد والكراهية من اجل نشر المحبة والسلام والعدالة
نعم مفهوم الجهاد في المسيحية قد يختلف عن مفهومه عند الخارجين عن الأيمان المسيحي، حيث لا يُقصد به القتال أو الحرب، وإنما يُقصد به جهاد البذل والعطاء والدفاع عن الحق والعدالة والمحبة والسلام
*الجهاد في المسيحية هو أن نقتدي بيسوع المسيح في تعاليمه وفي سيرة حياته على الأرض، مهما كان الحق مؤلما، لكي نصل الى عمق العلاقة مع المسيح واللاعودة الى الوراء حتى الموت. هو البقاء أمينا لله، يجب ان لايساق المؤمن وراء الرأي العام او ضغوطه. جهادنا جهاد سلوك الطريق الى الحق والحياة .
*الجهاد في المسيحية هو جهاد روحي، وجهاد ايماني ، وجهاد الصلاة
* الجهاد في مفهوم المسيحية هو ايضا جهاد من اجل المعرفة والخير والعدالة والمساواة والحُرّية والرأفة والكرامة البشرية
*الجهاد في المسيحية هو العطاء سواء كان في العمل من أجل خير البشرية وتقديس الجهد البشري كُلّه. فالأنسان مدعوٌّ لأكمال مسيرة التطوّر العظيمة بواسطة عمله وجهده اللذين يوصلان الكون الى كماله النهائي
الجهاد في المسيحية هو تحمل الآلام والأضطهادات وحتى الموت في سبيل تحقيق ملكوت الله
فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ، وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ، وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً، وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ، وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى، تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا."روميا 8 :38 ، 39"
يسوع المسيح يقول في انجيل يوحنا "
“اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.” (يو12: 24)
هذا هو وضع يسوع ، فآلامه وموته تقوده الى القيامة التي تجمع المؤمنين في كنيسة واحدة . إنَّ مبدأ الحياة مرَّ في الموت ، لكي يحمل الحياة الى المائتين. فما لم تُدفن حبّة الحنطة لن تصبح سُنبلة قمح تنتج سنبلا كثيرا . وقد مات الرب يسوع ليبيّن سلطانه على الموت . وقيامته تثبت أنّ له الحياة الأبدية. وبسلطانه الإلهي يمكنه أن يهب هذه الحياة الأبدية لكلّ من يؤمن به .

رأى المسيح في مجيء اليونانيين باكورة الحصاد الذي سيحصد بواسطة موته. فحبة الحنطة تشير للمسيح الذي سيدفن بعد صلبه ليأتي بالأمم واليهود. والمسيح انتهز الفرصة ليعلن اقتراب ساعة موته والتي بها سيكون الخلاص لكل العالم يهودًا ويونانيين أي يهودًا ووثنيين.
الجهاد في المسيحية هو جهاد الخدمة للبشارة بالخبر السار (الأنجيل)والتضحية حتى الموت من أجل حياة ابدية مع خالق هذا الكون الذي خلقنا على صورته كمثاله ولن نرتاح الا في ان نعيش معه ونشاركه ملكوته الأبدية مع جميع اخوتنا البشر.
الناس على استعداد دائم لدفع ثمنٍ غالٍ لما يقدرونه. فهل في ذلك مفاجأة أن يطلب الرب يسوع هذا الألتزام ممّن يتبعونه؟ وهناك ثلاثة شروط، على الأقل ، ينبغي أن يُتمّمها من يريد أن يتبع المسيح . فعليه الأستعداد لإنكار الذات، وحمل صليبه، وتسليم حياته له . وكل ما دون ذلك هو خدمة وعلاقة سطحية “ان اراد أحد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني” لوقا 9 :23"
يقول فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم اكن اعرفه":
"لقد أصبحت المسيحية ديانة الصليب . قد يعتقد البعض أنّ من مات ميتة يسوع قد فشل، إلّا أنّ الرسول بولس يقول عن المسيح"أنّه جرّد الرياسات والسلاطين، أشهرهم جهارا منتصرا عليهم بالصليب"
قد كان الصليب معركة بين ابن الله والشيطان، جرد الرب يسوع فيها قوة الشيطان إذ جرّد الرياسات والسلاطين أي نزع سلاحهم ظافراً بهم فيه ( أي في الصليب ) ( رسالة كولوسي 15:2 ) .
اوّل ما يتبادر الى ذهني أولئك الذين يجرّدون البعض من قوّتهم: إنّ مناصروا التمييز العنصري الذين وضعوا مارتن لوثر في الزنزانة، والسوفيت الذين سجنوا سولجنستين ، وحكام تشيوسلوفاكيا الذين سجنوا فاتسلاف هافيل ، والفلبيون الذين إغتالوا أكينو ، وسلطات جنوب أفريقيا التي سجنت نلسن مانديلا (وما يحدث اليوم من جرائم بحق الشعب الفلسطيني خاصة وشعوب الدول العربية عامة ). كُل هؤلاء (وغيرهم عبر التاريخ) إعتقدوا أنهم حلّوا المشكلة، ولكن على العكس فقد كشف ذلك عنفهم وظلمهم.. عندما مات يسوع على الصليب تأثّر الجندي الروماني القاسي (الذي كان مشرف على صلب المسيح) تأثرا كبيرا وقال: "حقّا كان هذا إبن الله "مر 15: 39". فقد رأى التناقض الواضح بين زملائه اللصوص وبين ضحيّتهم يسوع الذي غفر لهم، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة. إن صاحب الوجه الشاحب المسمّر على الصليب كشف القوى الحاكمة في العالم على أنّها آلهة زائفة لم تفي بوعودها ولم تحقق العدالة. إنّ رجال الدين وليس أهل العالم هم الذين صلبوا يسوع المسيح. لقد كان هدفهم هو حماية قوّتهم وسلطانهم فقط.
واظهر اللصان المصلوبان مع يسوع (على شمال ويمين يسوع) استجابتين مختلفتين: ألأول سخر من ضعف يسوع " المسيّا الذي لا يستطيع أن يُخلّص نفسه " ، أمّا الثاني فقد أدرك نوعا آخر من القوّة. وبالأيمان طلب من يسوع قائلا:"اذكرني يا رب متى جئتُ في ملكوتُكَ"لوقا 23 :42". لم يخاطب أحد يسوع- عدا الذين سخروا منه – على أنّه ملك ورب إلّا هذا اللص الذي رأى بوضوح أكثر من أي شخص آخر طبيعة مملكة المسيح.
إنّ اللصين يمثلان الأختيار الذي على الأنسان أن يقرره عن الصليب طوال التاريخ.هل تنظر الى ضعف المسيح كمثل على ضعف الله ، أم كدليل على محبّته ؟
كتب" إم. سكوت بيك "هناك العديد من الطرق للتعامل مع الشر وطرق عديدة أيضا للقضاء عليه. وكلها مجرد مظهر للحقيقة، حتى أن الطريقة الوحيدة لهزيمة الشر هي أن تدعه يتسرّب داخل كائن حي يرغب في ذلك. وعندما يُمتص مثل الدم في الإسفنج أو الحربة في قلب شخص ما، عندئذ يفقد قوّته، ولا يعد له أثر ".إنّ القضاء على الشر يمكن أن يتحقق فقط بمحبة الأفراد .
إنّ ميزان القوى تغيّر تغيّرا قويّا في يوم الجلجلة (يوم صلب المسيح) بسبب يسوع الذي أمتصّ الشرّ. ولو كان يسوع ضحية بريئة مثل مارتن لوثر كنج أو مانديلا او هافيل او سولجنسين لكان قد ترك بصمته في التاريخ، ثُمَّ إختفى من المشهد. ولم تظهر له أي عقيدة بعد موته. ولكن الذي غيّر التاريخ هو يقظة التلاميذ ومعرفتهم أنَّ الله على أنّه الشخص الذي كان يرغب في التعبيير عن قوّته بالحب. إنّ القوّة تسبب المعاناة بينما الحب يمتصها، وفوق تلال الجلجلة تخلّى الله عن المسيح من أجل الآخرين. بنعمة يسوع المسيح الذي قدّم بكل اللطف النعمة . لقد غفر يسوع للزانية واللص على الصليب، وللتلميذ الذي انكره وقال : إنّي لا أعرفه . وطلب من نفس هذا التلميذ الخائن أن يؤسس الكنيسة كما أنّه سامح شاول الذي كان يضطهد الكنيسة والذي سوف يلقّب رسول الأمم (بولس الرسول) . إنّ النعمة تمد حتى الى الذين سمّروه على الصليب:"يا أبتاه اغفر لهم :لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون "لوقا 23 : 34". كانت هذه من بين أواخر الكلمات التي تفوه بها المسيح على الأرض.
ويقول يانسي في مكان اخر من كتابه:
ينبغي أن لاندع فكرة الشيطان تستحوذ علينا. إنّ من كان مأخوذا بمحبة الله له ومشغولا بخدمة الله لا يكاد يجد الوقت ليفكر ب "الخصم". ولكنه، الى ذلك، يعرف أنّه، على حدود منطقة النور التي فيها يحيا ويتحرك ، تتربص قوّة مظلمة ينبغي درء هجماتها الدائمة الاحتمال ، يجب ان نكون في يقظة وثقة ، وينبغي أكثر من ذلك ، الجهاد لإرغامها على التراجع كي تتسع باستمرار فينا ، وفي الكون قاطبة ، بتعاوننا مع قوّة الله الظافرة ، رقعة الملكوت النورانيّ . وكما انّ المسيح حقّق بحياته وموته وقيامته، غلبة حاسمة ونهائية على الشيطان .
في قصة للكاتب الروسي دستوفيسكي بعنوان "ألأخوة كرامازوف" وربما تكون من أعظم الروايات كُتبت حتى الآن ، والتي تلفت الأنتباه للتناقض بين إيفان الذي يعتنق مذهب اللا أدريين ، وأخوه التقي أليوشا . ويستطيع إيفان أن ينتقد فشل الجنس البشري وكُلّ نظام سياسي، ولكنّه لم يعطي أيّ حلّ للبشرية: الحُبّ. فيقول أليوشا (أخيه المؤمن) : إنَّني لا أعرف الحل لمُشكلة الشرّ ، ولكنّني أعرف الحُبّ"
السؤال ماذا تعلّم فيليب يانسي في جهاده في الحياة؟ يجاوب يانسي باختصار
"تعلّمتُ انّ الله في داخل الأنسان "ملكوت الله في داخلكم" من الكاتب الروسي تولستوي، بإتباع المُثل العليا في الأنجيل
كان تولستوي معذب مسيحي يناضل(يجاهد) طول حياته، ومثل سمكة السلمون التي تضع بيضها .وفي النهاية انهار بسبب الصراع والأنهاك الروحي .ورغم هذا فإني أشعر بأنني مدين له لملاحقته الدؤوبة للأيمان الأصيل والحقيقي والتي تركت فيّ أثرا عميقا . ووجدت في رواياته وقصصه القصيرة مصدرا للقوّة الأخلاقية. وبدون أدنى شك فقد رفع نظرتي للأمور.
وتعلّمتُ قيمة تأثير النعمة لخلاص الأنسان من الكاتب الروسي فيودور دوستوفسكي . فبينما كان يحاول تولستوي أن يُحسّن من ذاته، أضاع دوستوفيسكي صحته في شرب الخمر ، وتبديد الثروة في المقامرة . وارتكب دوستوفيسكي أخطاء كثيرة، ولكنه فعل شيئا واحدا صحيحا فإنّه عبّر عن ايمانه بالنعمة والفغران بنفس قوّة تولستوي .
لم يفق دستوفيسكي من التجربة التي كاد فيها أن يموت (بمشنقة) وأصبحت حياته بالنسبة له ذات قيمة كبيرة، وقال "إنّ حياتي الآن سوف تتغير وأولد من جديد" وهو في طريقه بالقطار نحو سيبيريا حيث يقضي مدة سجنه، سلّمته امرأة تقيّة نسخة من العهد الجديد، وهو الكتاب الوحيد المسموح به في السجن .. وبعد عشرة سنوات خرج من السجن بإيمان ثابت، كما شرح في العديد من كتاباته المشهورة قائلا: " إذا أثبت لي
أحدهم أن يسوع لا يقول الحق ، فإنني أُفضّل أن اظل مع يسوع من ان ابقى مع الحق"." إنتهى الأقتباس"
التاريخ البشري يخبرنا دائما أنّ المنتصر "هو الحق". ولأن يسوع المسيح هزم الخطيئة والموت و الشيطان على الصليب بقيامته ، فهو يدعونا أيضا في أن نجاهد لنحارب الخطيئة وننتصر على الموت بالقيامة ونهزم قوات الشر الروحية في حياتنا .يسوع هو الكلمة وسلاحه كان سلاح الحق يحارب رجال الدين المراؤون بهذا السلاح ، ولم يستخدم القوّة الجسدية فهو القائل "وَمَنْ أَخَذَ سَيْفًا فَسَيَهْلِكُ بِالسَّيْفِ"(متى 10: 34-38). هذا هو مفصل الأيمان المسيحي فإما ان نختار طريق الرب يسوع المسيح -لانّ الحياة انطلقت من آلامه وموته على الصليب حيث انتصر بالقيامة على الخطيئة والموت والشيطان- أو نختار الطريق المؤدي الى الموت والعيش في الظلام. يسوع المسيح يقول لنا : «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي" يوحنا 14 :6"
يسوع المسيح لانّه كان بارأ ولم يحمل خطيئة وهو القائل "من يبكتي على الخطيئة؟" فهو علّمنا كيف نحارب الخطيئة وإغراءات الشيطان. علّمنا يسوع انّ الله روح ووهب لنا الروح القدس هو القدوة لنا في جهادنا الروحي لنحارب به قوات الشر الروحية.
يقول يوحنا في رسالته الأولى "أنتم من الله وغلبتم (بجهادكم) الأنبياء الكذّابين لأن الله الذي فيكم (الروح القدس) أقوى من أبليس الذي في العالم ...من يعرف الله يسمع لنا من لايعرف الله لايسمع لنا" 1 يوحنا 4 :4 ،6"
يمكن أن ندخل في تفاصيل آيات في الكتاب المقدس عن مفهوم الجهاد في المسيحية تابعونا في المقالات التالية:

11

شهادة شهود عن حقيقة يسوع المسيح ابن الله – الجزء الأول-
نافع شابو
مقدمة

"إنّ الحقيقة التي يشهد لها الأناجيل – وكل الكتاب المقدس - تتجاوز بكثير الحقيقة التي يسعى اليها المؤرخون، فهي تقوم على كشف المسيح وإعلان خلاصه. جاء في المجمع الفاتيكاني الثاني دستور عقائدي في الوحي الإلهي 2 :1":
"إنّ الحقيقة الكاملة، التي يكشفها الوحي، بشأن الله وبشأن خلاص الأنسان تجلّت لنا في المسيح، وهو وسيط الوحي كُلّه وكماله في آنٍ واحد". (انتهى الاقتباس)

 في كتابه "يسوع المسيح الذي لم أكن اعرفه يقول فيليب يانسي:"لقد حدّد العالِم اليهودي "كلود مونتي فيوري" خصوصيّة المسيحية في قوله هذا: “بينما تصف الديانات الأخرى الإنسانيّة بأنها تسعى إلى الله، فإن المسيحيّة تعلن عن إله يبحث عن الإنسانيّة… علَّم يسوع أن الله لا ينتظر توبة الخاطئ؛ بل يذهب يطلبه ليدعوه إلى نفسه".  لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا"1 يو 4: 10".

تميل كتب اللاهوت لتعريف الله بتعريفات خاطئة: "الذي لايموت"، الذي لانراهُ، غير المحدود. ولكن ماذا يشبه الله؟ بالنسبة للمسيحي، فإن يسوع أجاب على مثل هذه الأسئلة الهامة. لقد قال الرسول بولس عن يسوع إنّه: "صورة الله غير المنظور". لقد كان يسوع هو نسخة طبق الأصل من الله:"لانّ الله سُرَّ ان يعطيه كُلِّ الملء". وأقول كلمة واحدة: إنّ الله هو شبه المسيح. لقد قدّم لنا المسيح الله مجسّدا.. ففي هذا النموذج المجسّم يمكننا ان نرى ملامح الله بوضوح أكثر. وشهادة الأبن للآب هي "ما من أحد رأى الله. الإله الأوحد الذي في حضن الآب هو الذي أُخبر عنهُ “يوحنا 1 :18"
إنّ يسوع يكشف لنا عن إله يبحث عنّا إله منحنا الحرية إله حسّاس وسريع التأثير، وفوق كل هذا فإنّ يسوع كشف لنا عن الله الذي هو محبّة.
يقول القس هنري نووين:"إنّ يسوع نفسه أصبح مثل الأبن الضال من أجلنا "ترك بيت الأب، وجاء الى الأرض، وفعل كل هذا لا كابن متمرّد على أبيه، ولكن كالأبن المطيع. ولقد أُرسل لكي يأتي بكل الأبناء الضالين الى الله. "وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ."  يو 17: 3"
إنّ يسوع هو الأبن الضال الذي تخلّى عن كل شيء منحه إيّاه الآب حتى أصير أنا مثله وأعود معه لبيت الآب. وباختصار شديد فإنّ الكتاب المقدس يُخبرنا عن قصة إله له الرغبة الشديدة لكي يسترد عائلته. لقد أدهش الله البشرية عندما أعلن عن المصالحة بإرساله ابنه في رحلته الطويلة الى كوكبنا. وكان المشهد الأخير في الكتاب يشبه مثل الأبن الظال. وينتهي بفرح شديد إذ يعود مرة أخرى الى بيت الآب ".(1)
الرسول بولس يعرض أيضا قصد الله في العالم. يعرض هذا "السر" الذي يقوم في ان يجعل من البشر أبناءه بالتبني في المسيح يسوع، وأن يصالح كل شيء في المسيح لحمد مجده. ذاك هو المعنى الأخير للخليقة "افسس 1 :3-14"
إنّ الله نفسه قد إرتضى لفرط حبّه، أن ينحدر بنفسه الى الكون الذي هو مبدعه، وأن يتّحد نفسه به بشكل فائق التماس ّ، ليجدّده لا بالأغتصاب بل بهذا الحضور المكثّف بالذات، وكأنّه يعيد خلقه من جديد . رأينا انّه سمة أساسية في تعاطي الله مع الكون، هو أنّه، لما انحدر اليه، لم يتّخذ شكلا فائقا، بل شكل انسان كسائر الناس " الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلًا للهِ.لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذًا صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِرًا فِي شِبْهِ النَّاسِ"فيلبي 2 :6 ،7".(2)
فأيماننا بيسوع المسيح قائم على حقيقة هذا الشخص كونه "كلمة الله “، ابن الله الذي تجسّد وولد من مريم العذراء وصار انسانا مثلنا قبل حوالي 2000 سنة وعاش حوالي 30-33 سنة وصُلب ومات وقام في اليوم الثالث وظهر لتلاميذه ولعشرات، بل المئات من الإخوة، وكانوا التلاميذ شهود عيان ودوّنوا احداث تاريخية وأدبية ولاهوتية وايمانية عن يسوع المسيح. واخرون نقلوا شهادتهم عن شهود عيان.
كشف الوحي الإلهي عن سرّ يسوع المسيح للتلاميذ فشهوده يدركون أنّ مشروع الله تحقّق على يده، تلك الحال مع عماد يسوع: السماوات تنشق، صوت من السماء يُسمع فيكشف (ليسوع أو للشهود بحسب الروايات المختلفة) سرّ الأبن ومعنى رسالته "وَلِلْوَقْتِ وَهُوَ صَاعِدٌ مِنَ الْمَاءِ رَأَى السَّمَاوَاتِ قَدِ انْشَقَّتْ، وَالرُّوحَ مِثْلَ حَمَامَةٍ نَازِلًا عَلَيْهِ. وَكَانَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاوَاتِ: «أَنْتَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْت."  (مرقس 1 :10-11).
وهكذا الحال مع التجلّي على الجبل: فالرؤيا التي تلقاها بطرس ويعقوب ويوحنا، كشفت لهم مجد الأبن الذي يجب أن يسمعوه ويتبعوهُ، حتى وإن أنبأ هو عن آلامه. ويحدث أحيانا ان نكشف رؤيا لشخص معين المعنى الذي تنطوي عليه حياته كُلّها، أي الدعوة التي يوجهها الله إليه. تلك هي الحال مع روايتي البشارة: الى زكريا ، وقد أنبئ بمولد يوحنا المعمذان (لو 1 :8-20) وإلى مريم ، وقد بُشّرت بميلاد المسيح ، إبن الله (لوقا 1 : 26-38). وهكذا أيضا رؤيا بولس، على طريق دمشق (أعمال 9 : 22 ، 26 ) حين قلبت حياته وأعادت توجيهها بشكل تام .
نحنُ اليوم مدعوون للتأمل بقصة تجلّي حب الله الفريدة في شخص "إبنه الحبيب" يسوع الذي رسم ألأنجيليون (شهود عيان) ملامحه، إنطلاقا من وحي القيامة، وفي ضوء الأسفار المقدسة، وبنور الروح القدس للأسباب التالية:
1 – ليرسّخ أيماننا بالمسيح القائم
أتذكر قول أحد شُرّأح الكتاب المقدس يقول:"يمكن أن يموت الناس من أجل ما يؤمنون أنّهُ حقيقي، ولكن لايموت أحد من أجل ما يعلم أنّه ليس حقيقي".
2- ويجيب على تساؤلاتنا. يسوع المسيح هو الشخص الوحيد الذي يجاوب على كُلّ أسئلتنا عن الخلق وهدف الحياة والوجود وما بعد الموت .... الخ
3 – ويسندها في مسيرة حياتنا وراء يسوع الحي عندما نجعله يرافقنا في الطريق ، على غرار تلميذي عمّاوس ، ويفسّر لنا الكتب ، ليفتح عيوننا وآذاننا ، لنفهم سرّ ملكوت الله والخلاص الذي اتى به يسوع المسيح ، فنشعر مثل تلميذي عماوس كيف "كان قلبنا مُتّقدا فينا وهو يحدّثنا في الطريق" (لوقا 24 :32).
تلك هي، صورة خلاصنا، وذاك هو طريق الحياة الذي أعلنه الأنبياء، ورتّبه المسيح، ونقله الرسل (كشهود عيان اختبروه وعاشوه في حياتهم) وتبلّغهُ الكنيسة الى أبنائها، في الأرض كلها. (3)
يسوع ليس مُرسلٌ بسيط من السماء. ومخطّط الله هذا يبقى خارج العقل البشري ولا معنى له بمعزل عن ابن الله.
 الله يتدخَّل ليحقّق مواعيدهُ "اشعيا 63: 19"، فيفعل بأرسال الروح القدس، نلاحظ في هذا المشهد، ألأقانيم الثلاثة: الآب يتكلم، الأبن يعمَّد. الروح القدس ينزل على ألأبن. حين حلّ الروح على الأبن، دلّ على أنّه المخلّص الموعود به.
 مشروع الله لخلاص العالم هو "سرّ". والمسيح هو الذي جاء يكشف عن هذا "السر"، سرّ الأنجيل، كمشروع الله. وبحسب بولس الرسول نحن وكلاء أسرار الله. وقد عرّفنا الله سرّ مشيئته (افسس 1 :9). يُشدّد العهد الجديد مرارا على ان سر الله الذي صوّر منذ البدء، قد ظلّ مخفيا زمنا طويلا وبقي مجهولا لدى رؤساء هذا العالم. أمّا اليوم وبسبب مجيء المسيح، فقد كُشف هذا السرّ بالروح، لا للقديسين وحسب، بل للوثنيين الذين وُجّه اليهم الأنجيل (روما 16: 25). وتدل لفظة "سر" أيضا على حقيقة خاصة ابقاها الله خفيّة، ثم كشفها للمؤمنين. هذا يدخل في إطار الفداء الذي حقّه.
في يسوع المسيح أعطيت المعرفة التامة، التي وُعِد بها لزمن العهد الجديد:
أولا : في الأناجيل الأزائية.
كان يسوع وحده قادرا على كشف الآب (لوقا 10 :22)
وحده شرح سرّ الملكوت (ملكوت الله ) متى 13 :11
وحده علّم بسلطان (متى 7 :29) فأعجب الناس بتعليمه (متى 7 :29)
رفض يسوع ان يرضي الفضول الباطل (اعمال 1 :7) فما كان تعليمه نظريا، بل بدا بشكل "خبر طيب" ونداء الى التوبة (مرقس 1 :14-15). بيسوع صار الله قريبا ، يبقى علينا ان نكتشف حضوره ، ونفهم علامات الأزمنة (لوقا 12 :15) ونستعد ان نتقبّله (متى 25 :10). وقد أضاف يسوع الى أقواله المعجزات التي هي علامة رسالته.
ولكن كل هذا كان تهيئة وإعدادا. ما فهم أعداءه (مرقس 3 :5) . بل تلاميذه أنفسهم لم يفهموا (مرقس 6 :22) . ولكن حين يُهرق دم العهد الجديد (لوقا 22 :2) يظهر النور كاملا "حينئذ فتح أذهانهم ليفهموا الكتب "لوقا 24 :45". وأفاض الروح القدس (أعمال 2 :33). وهكذا اقيمت الأزمنة الأخيرة، ازمنة معرفة الله الحقيقية. 
ثانيا : في انجيل يوحنا
كان يوحنا أوضح من الأناجيل الأدائيين. فدلّ على مراحل هذا الوحي. يجب أولا ان نترك الآب يُعلّمنا. فالذين يطيعونه يجتذبون الى يسوع
يعرفهم يسوع ويعرفونه فيقودهم الى ابيه
غير ان كل ما يقول يسوع وما يفعل يبقى بالنسبة إليهم لغزا (يوحنا 16 :25) ، الى ان يرتفع على الصليب . فهذا الأرتفاع المجيد وحده يعرفونه. وحده هذا الأرتفاع يحصل للتلاميذ على عطيّة الروح. والروح يكشف لهم كل بُعد أقوال يسوع واعماله، ويقودهم الى الحقيقة كله (يوحنا 16 :13). هكذا يعرف التلاميذ يسوع، وبواسطة يسوع يعرفون الآب (يوحنا 14 : 7 ،20)
شهادة يوحنا تقوم على ان هناك علاقة جديدة تقوم مع الله: جاء ابن الأنسان فأعطانا الفهم لكي نعرف الله الحقيقي (1يوحنا 5: 20 ) فلا تحديد آخر للحياة الأبدية : هي تقوم بان "نعرفك أنت الإله الحقيقي والذي أرسلته يسوع المسيح "(يوحنا 17 :3). هي معرفة مباشرة تجعل المسيحيين بدون حاجة الى من يُعلّمهم ولكن هذه المعرفة يسميها يوحنا اتحادا (1يو 2 :27) ، راجع (ارميا 31 34. متى 23 :8). لأنّها مشاركة في ذات الحياة ، ووحدة تامة في حقيقة المحبة  .يقول الله على لسان ارميا النبي:"اجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها في قلوبهم"(ارميا 31 :34).(4)
الشهود في العهد القديم
الشاهد في العهد القديم هو الذي يشهد حدثا، أو يكون حاضرا امام معاملة قانونية (بيع وشراء التزام). وهو يستطيع ان يؤدي شهادته في المحكمة، او الله نفسه شاهد. وقد يكون المدافع أيضا. من اجل شهادة يصدر عنها حكم الأعدام لابدّ من شاهدين اثنين، وهما اللذان يرميانه بأول حجر في حالة الرجم. والشاهد هو الذي يكون بحياته ذاتها، علامة عن عمل الله أو كلمته.
يقول الله لبني إسرائيل (في العهد القديم) على لسان اشعيا النبي:" أنتم شهودي ... ذرية عبدي الذي أخترته لأنكم علمتم وآمنتم بي وفهمتم أنّي "أنا هو"..."اشعيا43 :10"..... وقال لخادمه" أجعل منك نور الأمم" اشعيا 49 :6"
كانت مهمّة بني إسرائيل هي أن يكونوا شهودا (اشعيا 44: 8) يُخبرون العالم عمَّن هو الله وعمّا فعله. معرفة الرب تتعدّى أرض يهوذا. ومن يقوم بهذه المهمة؟ النبي، بل الشعب كله يُطلب منهم أن يكونوا جماعة أنبياء يعلنون تدخل الله في التاريخ، هكذا يكونون شهودا له.
الشهود في العهد الجديد
ترد اللفظة اليونانية "مرتيس"(شاهد) 35 مرة. إنّ ألأناجيل الأزائية والرسائل البولسيّة تستعمل اللفظة في معناها العادي كشاهد عيان، وفي معناها القانوني كشاهد في المحكمة. ونرى أيضا المعنى القانوني في عبارات يؤخذ فيها الله كشاهد "روميا 1 :9، 2كورنتوس 1:23. فلبي 1 :8. 1تسالونيكي 3: 5 ،10".
في العهد الجديد صار الله يسكن مع شعبه ويعاني ما يعانيه الشعب ويتألم ويصلب ويموت ويقوم في اليوم الثالث بشهادة شهود رأوه بعيونهم، وسمعوه بآذانهم ولمسوه وفهموا سرّ ملكوته، وقبل صعوده الى السماء قال لتلاميذه "اذهبوا الى العالم كُلِّه، وأعلنوا البشارة (بشارة الخلاص) الى الناس اجمعين" مرقس 16 ك 15". في العهد الجديد يسوع المسيح هو نور العالم والتلاميذ يعكسون نوره.
قبل أن يولد عبد الرب، المسيّا، أختاره الله ليأتي بنور الأنجيل (بشارة الخلاص) للعالم (اعمال 13: 27). فقد وهب المسيح الخلاص لكل الأمم، وبدأ رُسله في حركة الكرازة لحمل الأنجيل الى كل أطراف الأرض، وهم يواصلون العمل كمرسلين الآن، ارسالية الرب يسوع العظيمة، حاملين نور الأنجيل الى كُلّ الأمم، والى اقصى الأرض، كما وصّى يسوع تلاميذه قبل أن يصعد الى أبيه السماوي “لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ»." (أع 1: 8).
يسوع هو الذي اختار تلاميذه وهو يختار المؤمنين ليشهدوا له:"لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، وَأَقَمْتُكُمْ لِتَذْهَبُوا وَتَأْتُوا بِثَمَرٍ، وَيَدُومَ ثَمَرُكُمْ، لِكَيْ يُعْطِيَكُمُ الآبُ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ بِاسْمِي." (يو 15: 16"
بدأت بشارة يسوع الميسح كما كتب النبي اشعيا "ها أنا أرسل رسولي قدّامك ليهيء طريقُكَ. صوتٌ صارخٌ في البريّة:هيئوا طريق الربّ، وأجعلوا سبله مستقيمة " مرقس 1 : 2 ،3". طريق الربّ الإله، كما جاء على لسان النبي ملاخي، صار هنا طريق المسيح. "ملاخي 3 :21"
هذا يعني أنّ المسيح هو الإله الذي يعدُّ له يوحنا المعمدان الطريق. وكان يوحنا يبشّر ويقول: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُس»."مرقس 1 :7".
أولا: شهود حياة يسوع.
انطلق بطرس الرسول (وهو احد تلاميذ يسوع المسيح وشاهد عيان ) في خطبته من نبوءة يوئيل النبي " أفيضُ روحي على كُلّ بشر ....وكُل من يدعو باسم الربّ يخلص "(3 :1-5) فكشف المعنى المسيحاني  في حدث العنصرة، يوم حلول الروح القدس على التلاميذ ،  وأعلن جوهر التعليم المسيحي : حياة يسوع ، نشاطه في تحرير الأنسان ، قيامته التي حملت الخلاص الى العالم ،  وعطية الروح . فشهادة بطرس تتضمن موت يسوع وقيامته "اعمال 2 :24" وصعوده "اعمال 2 : 33،36"، ثمّ تفاصيل حول مهمّته التي بدأت مع يوحنا المعمدان ، وحول التعاليم والمعجزات وانتهاءا بظهورات القائم من الموت وفيض الروح القدس
قال بطرس في خطابه:"يسوع هذا أقامه الله، ونحن جميعا شهود لذلك " (سفر اعمال الرسل 2 : 32).(5)
راجع الكتاب المقدس قراءة رعائية
في لوقا 24 :48”، اعمال الرسل، وسفر الرؤيا تَتّخِذ لفظة الشاهد معنى مسيحيا خاصا. هي تدلُّ عند لوقا دوما على الرسل، ما عدا في اعمال 22: 20.
 الرسل هم الشهود الذين أقامهم الله وسلّمهم رسالة (اع 1 :11، 5 :32). وهذا المدلول للشاهد يتضمّن عند لوقا عناصر مختلفة.
1 الشاهد هو بالضرورة شاهد عاين أو سمع، فيشهد بما رأى وسمع. هو يشهد لواقع تاريخي (لوقا 24 :48)، (اعمال 1 :8) وموضوع الشهادة خاص بلوقا: يتلخّص منذ البداية في قيامة المسيح (اعمال 1 :22، 4 :33). وهذا ما نفهمه بالانقلاب الروحيّ الذي احدثه رؤية القائم من الموت لدى الرسل، ثم لدى بولس، وبأنّ كرازة الرسل كانت باطلة لولا قيامة المسيح (1كو 15 :15). ولكن ما عتّم موضوع الشهادة أن توسّع نرى آثاره في أعمال الرسل 1: 21"حيث تفرض الجماعة: ان يكون الرسول عاش مع يسوع ويشهد على حياته الأرضية كلها وهذا ما ورد في عظة بطرس الورادة في سفر اعمال الرسل عندما يقول:”.. ونحن شهودٌ على كُلّ ما عَمِلَ (يسوع) من الخير في بلاد اليهود وفي أورشليم . وهو الذي صلبوهُ وقتلوهُ. ولكن الله أقامه في اليوم الثالث وأعطاهُ أن يظهر، لا للشعب كلّهُ بل للشهود الذين اختابرهم الله من قبلُ، أي لنا نحنُ الذين أكلوا وشربوا معه بعد قيامته من بين الأموات " (اعمال 10: 39- 41، 13 :31) .
2 - بالأضافة الى ذلك احتفظت لفظة "شاهد" عند لوقا بالوجهة القانونيّة. لهذا كانت العبارة "شهود المسيح" (اعمال 1 :8 ،2 :32 ،3 :15) اتخذ الرسل موقفا بالنسبة الى المسيح ضدّ العدالة اليهودية وضدّ الشعب الذي طلب قتله. لهذا نال الشهود موهبة الروح، التي أنبأ بها الأنبياء للأزمنة المسيحانية. شهود العيان شهدوا بتأييد الروح القدس ودفاعه عنهم. ألهمهم الروح في أجوبتهم أمام المحاكم (مت 10 :18). بل شهد الروحُ معهم (اعمال 5 :32). فالروح القدس هو المحامي المدافع عن الشهود وأعطاهم القوّة والشجاعة اللتين بهما أدّوا شهادتهم (اعمال 4: 33) في الاضطهادات التي تميّز الأزمنة المسيحانية (متى 10 :18). (4)
الروح هو الذي يعطي التلاميذ النور والقوة فيكونون الشهود وحملة عمل يسوع حتى اقاصي الأرض. فابتداء بدء رسالة يسوع حين عماده على يد يوحنا المعمدان، هناك حل الروح القدس على يسوع  ، وسيحل الروح على التلاميذ في العنصرة . فمع الروح يصل التلاميذ الى الحق كله الذي يتجلّى في شخص الأبن المتجسد. "فمتى جاء هو، أي روح الحق ،أرشدكم الى الحقّ كُلَّهُ لانَّه لن يتكلم من عنده، بل يتكلّم بما يسمع ويُخبركم بما سيحدث " يوحنا 16 :12-13".
الروح يجعل حضور يسوع الى جانب التلاميذ متواصلا. وهو بصفته "روح الحق" يكشف عن سرّ الله ويجعل المؤمنين يفهمون أنّ يسوع هو مُرسل الآب. كما يُمكِّن التلاميذ من أن يشهدوا بحق، ويؤيّدهم ضد العالم الذي نال دينونته مسبقا(يوحنا 16 :10-11)
إحتجّ اليهود بأنَّ دعوة يسوع فاسدة شرعا، لأنّ ليس لديه شهود. فأجاب يسوع بأنّ شاهدهُ المصدّق على كلامه هو الله ذاته. ويُشكّل هو مع الله شاهدين وهو العدد المطلوب للشهود في الشريعة"تث 19 :15"
يوحنا المعمذان "لم يكن هو النور، بل شاهدا للنور" (مرقس 2 :16 ،17).
 "جاء يشهد للنور (أي ليسوع المسيح) حتى يؤمن الناس على يده"(يوحنا 1 :7)
إنّنا مثل يوحنا المعمدان، لسنا مصدر نور الله، لكننا نعكس فقط ذلك النور. أمّا النور الحقيقي فهو يسوع المسيح. إلّا أنّ المسيح قد اختار ان يعكس نوره من أتباعه على العالم غيرالمؤمن، رُبّما لأنّ غير المؤمنين لايقدرون على احتمال المجد الكامل المبهر لنوره مباشرة.
 إنّ كلمة"شاهد" تشير الى دورنا(اليوم) كافراد نعكس نور المسيح (يو1 :8) على العالم الغير المؤمن، ربّما لان غير المؤمنين لايقدرون على احتمال المجد الكامل المبهر لنور يسوع المسيح مباشرة (يوحنا 1 :18).. إنّنا لن نقدّم أنفسنا أبدا الى الآخرين على أننا النور، بل نوجّههم دائما الى المسيح النور الحقيقي.
اليوم نستطيع ان نرى ونؤمن، شأننا شأن الشعب اليهودي. ولكن هنيئا لنا إن آمنا دون أن نرى الآيات التي قام بها يسوع المسيح، وهذا هو وضع الكنيسة اليوم. ترافقها كلمة الله فتواصل مسيرة المسيح في الشهادة للآب بفعل الروح القدس. فالروح القدس يُذكّرنا بكل ما قاله يسوع المسيح "يوحنا 14 :26"
والروح القدس، الساكن فينا، يلهمنا عند الحديث عن المسيح "متى 10 :19، 20" والروح القدس هو استمرار لوجود يسوع المسيح معنا "متى 18 :19، 20". والروح القدس "يكشف الحقيقة" ويجعلها تتجلّى. ففيما يترك يسوع أحبّاءه، يؤكدّ لهم أنّ "له أشياء كثيرة يقولها" . "هذه الأشياء" هي ذاتها ينقلها شهود يسوع في الأناجيل بعد أن فقهوا كامل معانيها، على ضوء ما جرى للمسيح من أحداث مجيدة، وعلى ضوء ما استناروا به من اشراقة روح الحق" (المجمع الفاتيكاني الثاني، دستور في الوحي الإلهي ، عدد 19)
لقد أتاح لهم روح "الحق" أن يفهموا الحقائق الآتية "يوحنا 16 :13" ويقدّموها بعد ان أعلنت في الكتاب المقدس، وتحقّقَت في يسوع .لهذا يقول يسوع لتلاميذه الذين عاشوا معه وسمعوا أقواله
"وَلكِنْ طُوبَى(هنيئا ) لِعُيُونِكُمْ لأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَنَّهَا تَسْمَعُ. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا، وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا." (مت 13: 16-17).

ثانيا: شهود الخلاص

يجب ان نفهم في الخط عينه شهادة استتفانوس"اعمال 22:20"، مع العلم اننا لم نعد امام شاهد عيان لقيامة المسيح، بل امام شهادة اُدّيت لحقيقة الخلاص الذي تمّ بموت المسيح وقيامته. ونفهم بالطريقة عينها مدلول الشهادة في "رؤ2 :13 ،11:3”. مع انّ بولس الرسول كان بشكل خاص الكارز بالخلاص، فقد جعل لوقا من كرازته شهادة على مثال شهادة الأثني عشر. وهكذا التقى لوقا مع أفكار معلمه الذي استند الى رؤيته للرب القائم من الموت (اكو 9 :1-3) فطالب بالحق بأن يُدعى رسولا، شأنه شأن الأثني عشر.إنّ الشاهد يخبر بما رأى وسمع، وذاك هو وضع بولس كما كان وضع الرسل الأثني عشر .هذا الخلاص الذي حمّله يسوع بآلامه وموته وقيامته:"إله آبائنا اقام يسوع الذي علقتّموهُ على خشبةٍ وقتلتموهُ" (اعمال 5:30).(4)
الحقبات الثلاثة في تاريخ الخلاص
1-   إسرائيل ، وهو الشعب المختار الذي تلقى مواعيد الأنبياء ويوجز إنجيل الطفولة (لوقا 1-2) تاريخ إسرائيل برمته ،عبر عدد من الوجوه : الكاهن زكريا ، ويوحنا المعمدان بصفته آخر نبي  ، ولكن أيضا الشيخ سمعان والنبية حنة ، وكُلّهُم حيوا ، في يسوع الطفل ، الإله الذي اتى ليفتقد شعبه (نشيد زكريا ):"يا ربُّ ، تمَّمت الآن وعدَكَ لي ، فاطلق عبدك بسلام . عينايَ رأتا الخلاص الذي هيَّئتهُ للشعوب كُلَّها نورا لهداية الأُمم ومجدا لشعبك إسرائيل"(لوقا 2 : 29-32) . وتمثل مريم مساكين الرب الذين قبلوا المسيح (نشيد مريم):
"فَقَالَتْ مَرْيَمُ: «تُعَظِّمُ نَفْسِي الرَّبَّ، وَتَبْتَهِجُ رُوحِي بِاللهِ مُخَلِّصِي، لأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى اتِّضَاعِ أَمَتِهِ. فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي، لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ، وَرَحْمَتُهُ إِلَى جِيلِ الأَجْيَالِ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ. صَنَعَ قُوَّةً بِذِرَاعِهِ. شَتَّتَ الْمُسْتَكْبِرِينَ بِفِكْرِ قُلُوبِهِمْ. أَنْزَلَ الأَعِزَّاءَ عَنِ الْكَرَاسِيِّ وَرَفَعَ الْمُتَّضِعِينَ. أَشْبَعَ الْجِيَاعَ خَيْرَاتٍ وَصَرَفَ الأَغْنِيَاءَ فَارِغِينَ. عَضَدَ إِسْرَائِيلَ فَتَاهُ لِيَذْكُرَ رَحْمَةً، كَمَا كَلَّمَ آبَاءَنَا. لإِبْراهِيمَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ» لوقا 1 :46-55"
2-   يسوع هو المركز من كلّ التاريخ. إنّه يتم المواعيد التي قيلت لإسرائيل:" رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ، لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ، وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ" وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ». (لوقا 4 :18-21)، ويحمل الخلاص الى جماعة التلاميذ الذين يؤمنون به. إنهم يعترفون انه المسيح، وهو صاعد الى اورشليم (لوقا 19: 38) ، ولكنه ، على غرار الأنبياء ،رفضه شعبه ، في الناصرة (لوقا 4 :28 - 30) ومن ثم في اورشليم(لوقا 19 :41-44)
3 – الكنيسة: لقد فتحت القيامة زمن الكنيسة وزمن الوثنيين. فيسوع الرب أرسل روحه الى شهوده (العنصرة اعمال الرسل 2) ليؤسسوا جماعات تعيش من وحيه. وامتدت الرسالة، إنطلاقا من اورشليم، اليهودية والسامرة وحتى اقاصي الأرض (اعمال الرسل 1 :8).(4)
السؤال كيف ، اليوم،نجذب النفوس الى المسيح؟ "متى 4 :18-20"
طلب الرب يسوع من بطرس وأندراوس ان يتركا صيد السمك ليربحا الناس الى ملكوت الله "اتبعاني، أجعلكما صيّادي بشرٍ"
وكان معنى هذا أنّه يستطيع أن يعلّمهم كيف يأتون بالآخرين الى الله. فكان يسوع يدعوهم من أعمالهم المريحة، ليكونوا منتجين روحيا. وجميعنا في حاجة الى السعي لاصطياد النفوس من قبضة الشيطان. فلو أنّنا أتبعنا مثال المسيح وتعاليمه، ومارسناها عمليا، فإننا نستطيع أن نجذب من حولنا الى المسيح، مثل الصياد الذي يجذب السمك بالشباك الى قاربه.
والمؤمنون الآن يشاركون في مسؤولية أن يكونوا شهودا لله. فهل يعلم الناس من هو الله، من خلال كلماتك وقدوتك؟ فهم لايستطيعوا ان يروا الله مباشرة، ولكنهم يستطيعوا ان يروه فيك. وكما قال الرب يسوع لتلاميذه "أنتم نور العالم “. متى 5 :14"
أحيانا، يتعلّل المسيحيّون ويعتذرون عن الشهادة بحجة أنّ أهلهم أو أصدقائهم غير مستعدين للأيمان إلّا أنّ الرب يسوع يعلن الأمر بصراحة ووضوح، أنّ حولنا حصادا مستمرا ينتظر جمعه وحصده (يو4 :35). فـأحرص الّا يجدك الرب يسوع تتلمس الأعذار. تلفَّت حولك، وستجد أناسا مستعدين لسماع كلمة الله.
عرفنا من خلال هؤلاء الشهود أنَّ الله محبّة وان الجهاد ليس بالسيف والحروب (كما هو دارج عند بعض الديانات)، فسلوك يسوع المسيح عبّر نهائيا عن وجه الله الحقيقي في إنسانية المسيح "اغمد سيفك...."متى 26: 52". الله يحترم حريّة المحبوب الى حدّ القبول بمعاناة رفضه الكامل، القاتل لها. الله يحترم حريّة المخلوق. هكذا مثَّل يسوع المسيح حقيقة الله عند القاء القبض عليه. والتلاميذ شهدوا ذلك الحدث المريع. فبعد ان كانت صورة المسيح مقترنة في الذهنية اليهودية التي نشا عليها التلاميذ وتشبّعوا بها والتي كانت مقترنة بصورة الاقتدار الكلي والجبروت. فالمسيح، بموجب هذه الذهنية، وأن لم يكن قد اتضح جليا بعد أصله الإلهي، إنّما يعتبر بحق ممثل الله في الأرض والمنفّذ الأسمى لمقاصده في التاريخ. فالمسيح كشف لنا صورة الله الحقيقية، بحيث تبيّن بأن الله ليس الإله المنتقم الذي يقابل الشر بالشرّ، بل هو ذاك الذي يُنعم بخيراته على الأخيار والأشرار على حدّ سواء، ذاك الذي هو "رحيم" أي واسع القلب الى حدّ أنَّه يشمل برحابة الأبرار والأثمة.
المحبة تُفترض إختيارا متبادلا بين واحد وآخر، ولكن يسوع يشدّد هنا أنّه هو الذي بدأ واختارنا. هكذا فعل مع كُلّ التلاميذ: اتبعني، فتبعه. اختار التلميذ، أقامه، أي أعطاه وظيفة ودورا ومهمّة مع الوسائل الكفيلة بالقيام بما يطلب منه.
هناك بديهية فرضت نفسها، بالنسبة الى المسيحيين الأولين، شهود قيامة يسوع: فيسوع، بالرغم من موته على الصليب، هو حقا ذاك الذي أتمَّ مواعيد الله. ومنذئذ راحوا يعيدون، دون كلل قراءة الأسفار المقدسة، ويكتشفون فيها كيف أنّ العهد الجديد بيسوع المسيح هو تمام العهد الأول (العهد القديم) واكتماله.
السؤال كيف، اليوم نجذب النفوس الى المسيح؟ "متى 4 :18-20"
طلب الرب يسوع من بطرس وأندراوس ان يتركا صيد السمك ليربحا الناس الى ملكوت الله "اتبعاني، أجعلكما صيّادي بشرٍ"
وكان معنى هذا أنّه يستطيع أن يعلّمهم كيف يأتون بالآخرين الى الله. فكان يسوع يدعوهم من أعمالهم المريحة، ليكونوا منتجين روحيا. وجميعنا في حاجة الى السعي لاصطياد النفوس من قبضة الشيطان. فلو أنّنا أتبعنا مثال المسيح وتعاليمه، ومارسناها عمليا، فإننا نستطيع أن نجذب من حولنا الى المسيح، مثل الصياد الذي يجذب السمك بالشباك الى قاربه.
والمؤمنون الآن يشاركون في مسؤولية أن يكونوا شهودا لله. فهل يعلم الناس من هو الله، من خلال كلماتك وقدوتك؟ فهم لايستطيعوا ان يروا الله مباشرة، ولكنهم يستطيعوا ان يروه فيك. وكما قال الرب يسوع لتلاميذه "أنتم نور العالم “. متى 5 :14"
أحيانا، يتعلّل المسيحيّون ويعتذرون عن الشهادة بحجة أنّ أهلهم أو أصدقائهم غير مستعدين للأيمان إلّا أنّ الرب يسوع يعلن الأمر بصراحة ووضوح، أنّ حولنا حصادا مستمرا ينتظر جمعه وحصده (يو4 :35). فـأحرص الّا يجدك الرب يسوع تتلمس الأعذار. تلفَّت حولك، وستجد أناسا مستعدين لسماع كلمة الله.
عرفنا من خلال هؤلاء الشهود أنَّ الله محبّة وان الجهاد ليس بالسيف والحروب (كما هو دارج عند بعض الديانات)، فسلوك يسوع المسيح عبّر نهائيا عن وجه الله الحقيقي في إنسانية المسيح "اغمد سيفك...."متى 26: 52". الله يحترم حريّة المحبوب الى حدّ القبول بمعاناة رفضه الكامل، القاتل لها. الله يحترم حريّة المخلوق. هكذا مثَّل يسوع المسيح حقيقة الله عند القاء القبض عليه. والتلاميذ شهدوا ذلك الحدث المريع. فبعد ان كانت صورة المسيح مقترنة في الذهنية اليهودية التي نشا عليها التلاميذ وتشبّعوا بها والتي كانت مقترنة بصورة الاقتدار الكلي والجبروت. فالمسيح، بموجب هذه الذهنية، وأن لم يكن قد اتضح جليا بعد أصله الإلهي، إنّما يعتبر بحق ممثل الله في الأرض والمنفّذ الأسمى لمقاصده في التاريخ. فالمسيح كشف لنا صورة الله الحقيقية، بحيث تبيّن بأن الله ليس الإله المنتقم الذي يقابل الشر بالشرّ، بل هو ذاك الذي يُنعم بخيراته على الأخيار والأشرار على حدّ سواء، ذاك الذي هو "رحيم" أي واسع القلب الى حدّ أنَّه يشمل برحابة الأبرار والأثمة.
المحبة تُفترض إختيارا متبادلا بين واحد وآخر، ولكن يسوع يشدّد هنا أنّه هو الذي بدأ واختارنا. هكذا فعل مع كُلّ التلاميذ: اتبعني، فتبعه. اختار التلميذ، أقامه، أي أعطاه وظيفة ودورا ومهمّة مع الوسائل الكفيلة بالقيام بما يطلب منه.
هناك بديهية فرضت نفسها، بالنسبة الى المسيحيين الأولين، شهود قيامة يسوع: فيسوع، بالرغم من موته على الصليب، هو حقا ذاك الذي أتمَّ مواعيد الله. ومنذئذ راحوا يعيدون، دون كلل قراءة الأسفار المقدسة، ويكتشفون فيها كيف أنّ العهد الجديد بيسوع المسيح هو تمام العهد الأول (العهد القديم) واكتماله.
معنى الأنجيل
جاء في مقدمة الكتاب المقدس العهد الجديد "القراءة الرعائية"
كلمة "انجيل" هي إحدى مفردات اللغة اليونانية التي وُضِعت بها الأناجيل وتعني "البشارة السارة" او"الخبر الطيب"الذي يحدّثنا عن خلاص قدّمه الله عبر حياة يسوع وموته وقيامته. وقد وُضِعت هذه الكلمة أصلا، للدلالة على الرسالة التي كلَّفَ الله يسوع تأديتها لشعبه. وقوام هذه الرسالة أن يُرسّخ يسوع ملكوت الله بين بني البشر. فهي اذن ملازمة ليسوع المسيح الى درجةٍ يُمكن معها القول: إنَّ يسوع نفسه هو الأنجيل، البشرى السارة، التي أُعلنت للناس أجمعين.
ومدلول كلمة إنجيل لم يتّسع الا في القرن الثاني من عهدنا الجديد ليشمل الكتب الأربعة المختصّة بحياة المسيح يسوع وموته وقيامته. فالأناجيل إعلان لرسالة المسيح على يد متى ومرقس ولوقا ويوحنا الذين دوّنوا كتبهم بوحي من "روح الله" فغدت هذه الكتب، بفضل هذا الوحي، كلام الله المكتوب، وهذا الكلام يكشف لنا عن حقيقة يسوع "الكلمة" الحي.
فانجيل متى يؤكد على ان يسوع المسيح هو من حقق النبوءات في العهد القديم، ويؤكّد ان يسوع هو مصدر الشريعة.فالمسيح هو إبن  الله الحي وابن داود أي إبن الأنسان . لم يأتي المسيح ليملك في هذا العالم، بل "ليخدم" ويبذل حياته عن آخرين . والمسيح هو عبد الرب وخادمه جاء يحمل عاهاتنا وامراضنا.
 أمّا مرقس فيؤكّد على انّ هذا الشخص هو كمال الأنسان والصورة الحقيقية لما يريده الله من البشر، فيكتب عن هذا الشخص في مقدمة انجيله:"بشارة يسوع المسيح إبن الله “مرقس 1 :1". اي بدء بشارة (انجيل) (راجع تكوين 1 :1 في البدء خلق). نحن أمام خلق جديد ليصل الى انّ هذا الشخص هو أيضا إبن الله بقهره الموت والشيطان.
وتلميذ آخر هو لوقا لكونه طبيب ومؤرخ يركّز على المشاعر الأنسانية لشخص يسوع منذ طفولته الى يوم صلبه وقيامته، فهو يخبرنا على تجسد الله في التاريخ ليؤكد لنا ان يسوع المسيح فعلا يجسّد حقيقة الله الذي يبكي ويحزن ويتألم من اجل البشرية.
 ويأتي التلميذ الآخر، يوحنا، ليصف لنا مشاعره وعلاقته مع يسوع المسيح ويرفعنا من عالم الجسديات الى عالم الروحانيات، ليسمو بنا كالنسر الذي يحلّق في السماء ويرى ما لا يراه الآخرون في شخص يسوع المسيح."...والكلمة صار بشرا فسكن بيننا فرأينا مجده" يوحنا 1 :14"
الكلمة لدى الله الخالق، الحياة والنور الذي لايُدرك ولا يُفهم. يوحنا الأنجيلي، هو مرسل، شاهد الكلمة حاضر في العالم ولكن العالم لم يعرف الأبن الوحيد، في الله، كشف عن غنى الله واشركنا فيه . يوحنا، شهادته أنّ الكلمة صار بشرا جعلنا نرى المجد الذي من الآب (6)
 فشهادة يوحنا هدفها كما يقول "لتؤمنوا بأنّ يسوع هو ابن الله، ولتكون لكم، إذا آمنتم، الحياة باسمه". واسم يسوع يعني "المخلّص". هو المولود من الله. حينما تجمَّع عليه الجند، في جسيماني، قال يسوع "أنا هو"، فسقطوا كلهم الى الأرض ساجدين أمام هذه العظمة التي ظهرت لحظة في كُلّ بهائها"يو 18 :5،6”. ولكن بما ان الكلمة هو الله، فهذا يعني ان الله جاء يقيم بيننا "يوحنا 1 :14" فرأينا مجده. فحينما يقول يسوع "أنا هو " يعود بنا الى ألإسم الإلهي الذي أوحى لموسى في سيناء (خروج 3 :14)
 فشهادة التلاميذ والرسل هي تتلخّص في البشارة لشخص يسوع المسيح. فيسوع هم اسم بشري يعني "المخلّص". أما لقبه المسيح يدلُّ على الصفة الملوكية وكل هذا ينتهي بلقب إبن الله.
 أعلن بطرس، احد تلاميذ المسيح، أنّ يسوع هو المسيح، وقائد المئة الذي كان آمر الجنود الذين صلبوا المسيح شهد وقال" حقا كان هذا الأنسان ابن الله" مرقس15: 39"
والأناجيل يمكن أن تُعتبر أيضا كلام أُناس نقلوا بأمانةٍ كلام الله تحت توجيه الروح القدس. والأنجيليون لم يكونوا مجرّد ناقلين لنصوص سمعوها او أحداث عاشوها، بل كانوا تلامذة يسوع المسيح، فشاركوا في الخدمة والشهادة ليسوع الكلمة. وكتبهم ليست مجرّد وثائق تاريخية معدّة لإعلام القُرّاء، بنوع خاص عن الثلاث سنوات الأخيرة التي عاشها يسوع المسيح على الأرض، وإنَّما هي كتابات ملتزمة تستوجب تفاعل مع من وُجّهت إليهم.
الله وحده يُعلن الخلاص ويمنحه، لأنّه الإله الحقيقي، لأنّه المخلّص وحده. لا خلاص الّا بيسوع، "فما من اسم اخر تحت السماء وهبه الله للناس نقدرُ به أن نُخلّص" اعمال 4:12”. الخلاص الذي أعلنه الرسل في الكرازة والشهادة ليسوع المسيح وفتحوا الطريق لجميع البشر بالأيمان به سيكون السؤال المركزي في "مجمع " اورشليم (اعمال 5 :31، 13 :23). إنّ الحقيقة التي تشهد لها الأناجيل – وكُلّ الكتاب المقدَّس- تتجاوز بكثير الحقيقة التي يسعى إليها المؤرخون، فهي تقوم على كشف المسيح وإعلان خلاصنا.
شهادة الرسل هي "للحقيقة" أي التعليم عن موت المسيح وقيامته "افسس 4 :21" . ذكر بولس الرسول " يسوع " وما ذكر المسيح، ليدّل على انّ الحقيقة (الحق)  تجسَّدت في حياة يسوع على الأرض.
الرسول : هو من كَلَّفَهُ يسوع بمهمة خاصة "مرقس 6 :30".إنَّ الخليقة الجديدة المدعوّة لتكون صورة المسيح ، تدفعنا الى ان نلبس المسيح ، في التصرف الجديد الذي نكتشفه عند المؤمن الجديد.

لماذا اناجيل أربعة؟
قد يقول قائل لماذا في المسيحية وجود أربعة اناجيل وليس انجيلا واحدا؟ الأجابة على هذا السؤال يمكن ان يكون معكوس وهو: أليس من الأفضل في المحاكم أن يكون هناك أكثر من شاهد واحد لتحقيق العدالة لحكم القاضي في المحكمة؟
هل الأصح أن تكتب عن سيرة إنسان في التاريخ بمصدر واحد أم عدّة مصادر، إذا عرفنا ان كل انسان اعطاه الله أسلوبه الخاص وشخصية متميّزة عن الآخر؟ المهم هو المضمون، فطالما هناك اتفاق في الأناجيل الأربعة على شخصية يسوع المسيح (كونه انسان واله ) فهذا يعزّز شهادة شهود عيان قانونيا .
الأناجيل الأربعة تعتبر قانونية في المحاكم كشهادة شهود اربعة على حقيقة المسيح التاريخي واعماله,وقد قام القاضي المعروف سام جرين ليف بفحص الأناجيل الأربعة بطريقة قانونية وقام بتحليل الأدلة. وقد لاحظ تنوع روايات شهود العيان الموجودة في الأناجيل الأربعة. والتي نجد فيها إتفاقاً برغم تنوع إختيار الكاتب لإضافة أو حذف التفاصيل، ولكنها مصادر موثوق بها ويمكن قبولها في أي ساحة من ساحات القضاء كأدلة نافذة. ولو كانت الأناجيل تحتوي على نفس المعلومات، وكتبت من نفس وجهة النظر، لكانت أظهرت أن الكُتّاب قد تجمعوا معاً "وحاولوا توحيد القصص" لمحاولة تعضيد مصداقية ما قاموا بكتابته. ولكن التنوع القصصي الموجود في الأناجيل يدل على الإستقلالية الكتابية. وهكذا فإن الطبيعة المستقلة للأناجيل، وإن كانت من حيث الإتفاق في التفاصيل وتنوع وجهة النظر، والعدد المحتوى من التفاصيل، تدل على أن السجل الكتابي الموجود بين يدينا اليوم هو سجل دقيق وموثوق به.(6)

 فلا اختلاف في الأناجيل طالما مضمون الأناجيل الأربعة متوافقة. إنّ جمال الكتاب المقدس هو في هذا التنوع في الخوض في تفاصيل حياة يسوع.
 ان أربعة اناجيل هي لأربعة شهود عاشوا في زمن المسيح ورأوه وسمعوه عدى شهود اخرين رافقوا شهود عيان وسمعوا عنهم وكتبوا ما قالوه هؤلاء الشهود ومنهم الرسول لوقا وبولس ويعقوب أخو الرب وكاتب الرسالة الى العبرانيين. اما بطرس فهو تلميذ المسيح كاتب رسالتين باسمه.
هذا هو السبب الذي من اجله تقدّم لنا الأناجيل أربعة رسوما متنوعة وانما متكاملة، وكأنّها أربعة ابعاد تجسّم وتجسّد حقيقة يسوع المسيح، التاريخية واللاهوتية، بدلا من ان تقتصر على منظور تاريخي محض وتنحصر فيه. وهذا هو سبب التباين والتشابه فيما بينها. الهرم يمكن النظر اليه في اتجاهات أربعة، لكون له أربع واجهات، ليتم رسم الصورة الحقيقية المجسّمة للهرم، وقد يكون الوصف للهرم وصف مجازي، ولكن الأناجيل الأربعة تعطينا شهادات لأربعة اشخاص هم شهود عيان لأحداث عاشوها وشاهدوها وسمعوها واختبروها عن شخص يسوع المسيح.
"إنّ كل الكتاب هو موحى به من الله .." (تيموثاوس الثانية 16:3)، فقد إستخدم الله أشخاص لهم خلفيات وشخصيات مختلفة لتحقيق أهدافه من خلال كتاباتهم. كان لكل ممن كتبوا الأناجيل هدف مميز من الإنجيل الذي كتبه، وللوصول إلى ذلك الهدف قام كل منهم بالتركيز على جوانب مختلفة في شخصية وخدمة الرب يسوع المسيح.
لم يستطع بولس الرسول ان يقول ما رأى وما سمع (أعمال 22:15) لانّه لم يعرف يسوع خلال حياته على الأرض، ولكنه يقول أنّ الشهود الأثنى عشر ظهر لهم يسوع وهم الآن شهود له عند الشعب "فظهر أيّاما كثيرة للذين صعدوا معه من الجليل الى اورشليم. وهم الآن شهودٌ عند الشعب "اعمال 13: 31 ،32"
هؤلاء التلاميذ الأثنى عشر هم شهود قيامة يسوع المسيح من بين الأموات. وها هو بولس الرسول يقول:"نُبشّركم" نحنُ أيضا (بولس وبرنابا) كما الرسل. كذلك يكرز بولس وبرنابا اللذان هما ايضا رسولان.
كاتب رسالة العبريانيين يشهد من خلال العهد القديم عن حقيقة يسوع المسيح كونه لايتحدث بلسان الله فقط، بل هو الله ذاته وهو أزلي أبدي، به خلق الله العالم (عبرانيين 1:1،2)(يو 1 :3) (كو1 :16) . وهو الأعلان الكامل لله، ولن يجد الأنسان صورة لله أوضح من ان يتطلع الى يسوع المسيح. إنّ يسوع المسيح هو التجسّد الكامل لله.
يقدّم سفر أعمال الرسل رواية وشهادة عيان لانتشار لهيب عمل الروح القدس او مولد الكنيسة وانتشارها. وإذ إبتدأت بجماعة صغيرة من التلاميذ في اورشليم إنتقلت الرسالة الى ارجاء الأمبرواطورية الرومانية، وأجرت معجزات الشفاء، وأظهرت الحبّ، وقد عملت كُلّ هذا في المجامع والبيوت والأسواق والمحاكم، في الطرقات وعلى التلال وفي السفن، وفي الطرق البريّة، وأينما أرسله الله، فتغيَّرت حياة آلاف الناس وتبدَّل التاريخ.
لم يكن هؤلاء الرسل فقط شهود للمسيح، بل قاموا بمعجزات باسم يسوع المسيح وعندما قام بطرس بشفاء الكسيح أصاب الناس الحيرة فلما رآهم بطرس على هذه الحال قال لهم:"يا بني إسرائيل ما بالكم تتعجبون مما جرى؟ "اعمال 3 :12"وهذا السؤال وغيره مطروح الى يومنا على البشرية كلها:
 لماذا يتعجّبون عن انتشار الأيمان بشخص ولد قبل 2000 سنة؟ من هو هذا الأنسان؟ ولماذا المؤمنون به يشهدون له دون خوف حتى من الموت؟
تاريخ الكنيسة يشهد ان المؤمنين كانوا يشهدون ويستشهدون، وخير دليل استشهاد غالبية تلاميذ المسيح الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنّهم تمسكوا بايمانهم بشخص المسيح ولأنهم كانوا شهود عيان على تعاليمه ومعجزاته وصلبه والأهم قيامته ولقاءه بهم قبل صعوده الى السماء.
لقد شّهِد بطرس ويوحنا وفيليبس (تلاميذ المسيح) وبولس الرسول وبرنابا وآلاف اخوة آخرون لايمانهم بالمسيح، وبالشهادة الشخصية والتبشير والدفاع أمام السلطات. أُضطُهِدَ المسيحيّون من اليهود والأمميّين وعوقبوا بالسجن والجلد والمؤآمرات والهياج ضدهم والتمرد عليهم. إلّا أنّ المقاومة صارت محفّزا لنشر المسيحية. وقد أظهر ذلك أنّ المسيحية ليست من عمل الأنسان، بل الله (لانه نادرا ان يضحي الأنسان بنفسه في قول الحقيقة الّا إذا كان قد اختبر حضور الله في حياته).
لهذا طرح ويطرح هذا السؤال حول كيان يسوع ورسالته "لماذا تتعجّبون مما جرى “؟ ذلك هو قلب كرازة الرسل الأساسية. يسوع، فتى (عبد) آبائنا، الذي لم تفهمه امته فقتلته، ولكنه صار يسوع حياة. والله يدعو شعب إسرائيل (وشعوب العالم اجمع) لكي يتقبل تعليم المسيح الذي جاء يتمّ قصد الله في شعبه وفي العالم (اعمال 3 :12).
 الحقيقة هو أنّ المسيحية بدأت في نقطة صغيرة من الكرة الأرضية قبل 2000سنة وهي اليوم تصل الى أقاصي الأرض وتنتشر مثل النار في السعير لان الكتاب المقدس صالح لكل زمان ومكان. وكُلِّ مؤمن هو رسول وشاهد يحمل الروح القدس الذي به يستطيع ان يُميّز الأرواح والحق عن الباطل ويوصل كلمة الله الى الآخرين.
"المسيحية الكتابية لاتحصر الدين الى مجرّد مسائل أخلاقيات، لكن كُتّاب الكتاب المقدَّس لم يروا أنَّه من المناسب أن يحصروا تأكيداتهم عن الله الى المجال الغير الواقعي –كما توصف كُلّ الديانات- لكن المسيحية الكتابية –لأنَّها ليست مجرَّد مبنية على ألأيمان ، بل وعلى الحقائق أيضا- الكتاب المقدس يرسم بوضوح  ظهورات يسوع كأحداث تاريخية . والمسيحية تؤكّد هذه الأحداث قد حدثت فعلا ".(7)
وسوف نأتي بتفاصيل شهادات هؤلاء التلاميذ والرسل عن حقيقة شخصية يسوع المسيح
تابعونا
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المراجع الرئيسية
1-   التفسير التطبيقي للكتاب المقدس
2-    الكتاب المقدس -قراءة رعائيّة
3-   المحيط الجامع في الكتاب المقدس والشرق القديم

مراجع أخرى
1 – فيليب يانسي كتاب "يسوع المسيح الذي لم اكن اعرفه"
2 – "كوستي بندلي "الله والشر والمصير"
3 - راجع سلسلة أبحاث كتابية [6] قراءة في العهد الجديد الجزء 2
4 - راجع المحيط الجامع ص
5 – المصدر 3 اعلاه خطاب الوداع ص 232
6 –لماذا أعطانا الله أربعة أناجيل؟راجع الموقع التالي
https://www.gotquestions.org/Arabic/Arabic-four-gospels.html
7 – القضية ... الخالق لي ستروبل(العالم الطبيعي والفيلسوف ستيفن مير  ) ص98





12
يسوع المسيح هو -الحق المتجسّد-.
نافع شابو

يردّد المسيحيون آلاف المرات يوميا في كل انحاء العالم اسم بيلاطس القائد الروماني فقط لأن هذا ألأسم حدد في سنوات قليلة تاريخ موت الله الظاهر في الجسد". عندما سألَ بيلاطس البنطي،الحاكم الروماني، يسوع المسيح في يوم الحكم على المسيح بالصلب :"هل أنت ملك اليهود؟ أجاب يسوع :"مملكتي ليست من هذا العالم ، ولو كانت من هذا العالم لحارب أتباعي ، لكي يمنعوا اليهود من القبض عليَّ ، ولكن مملكتي من مكان آخر "يوحنا 18: 36"
وقال يسوع لبيلاطس : لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي"
وعندما سأل بيلاطس يسوع "ماهو الحق !" يوحنا 18:38؟" لم يجب المسيح على سؤال بيلاطس لأن ألأخيركان بعيدا كُل البعد عن معرفة الحق ، ولايعرف أنّ الواقف أمامَه هو"الحق المُتَجسّد "
بيلاطس يعترف بالحق ولكن إختار ان يرفضُهُ .إنّها لماساة أن نفشل في معرفة الحق وألأعتراف به. والمأساة ألأفظع أن نعرف الحق ولكن نخفق في ألأنتباه اليه.
على ضوء جواب يسوع لبيلاطس الحاكم الروماني علينا ان نبحث عن حقيقة شخص المسيح لنفهم هل هو يقول الحق ؟ وعندما نتأكَّد من أنّه هو الحق فعندها ليس امامنا سوى خيارين إمّا أن نعترف به ونقبله في حياتنا ربّا والها ، او نُنكره كما فعل السنهدرين اليهودي وبيلاطس الحاكم الروماني الذين قضواعلى حكم يسوع المسيح بالصلب وهوالبريء دون وجه حق ؟
هناك الكثيرون يسألون : ماهو الحق؟ ولكن قلة من الناس تبحث عن الحق . بيلاطس كان يسأل عن الحق ولم يكن يبحث عن الحق . يسوع المسيح يقول:
فمن يبحث عن الحق يسمع كلام الله الحق ، أمّا الذين لايريدون البحث عن الحق فهم لن يعرفوا الحق ، ولايمكن معرفة الله إلآ بالروح والحق .
قال يسوع"من كان من أبناء الحق يستمع الى صوتي ...." يوحنا 18 : 37 "أي الذي لايعرف المسيح (الحق) لن يستطيع معرفة الحق.
يسوع لايشبه شخص اخر او نبي آخر ولا يشبه كونفوشيوس وسقراط ، وأن يسوع لم يكن يبحث عن الحقيقة ، ولكن كان يشير الى نفسه على انَّه هو الحق.
يسوع المسيح هو سر الله وصورة الله وكلمة الله ، وقد عمل هو نفسه عمل الله
"المسيح شخصية كاملة ولاتستطيع البشرية إنجاب شخص مثله لأنّه كامل ، ولايوجد كامل الاّ الخالق .أحد المفكرين درس ألأنجيل وقرأءه بتأنّي ولم يكن مسيحيا . فبعد قرائته للأنجيل وتأمُّله في شخصية المسيح توصل الى حقيقة تقول:
"نعم يستحق أن تعبدوه ".
كُلِّ الديانات أشخاصها يُقدّمون تعاليم راقية ، عدا المسيح الذي هو نفسُهُ الذي يُشرِّع ، وهو الذي جسّد التعاليم بشخصه ،أي كان يقول ويطبق اقواله في الواقع،
..كانت شهادات وكفاءات يسوع هي شخصه. فهو لم يكتب كتابا ، ولم يقُد جيشا ، ولم يعتل مركزا سياسيا ، ولم يملك عقارا . وعندما نُقارن يسوع مع بقيّة الزعماء الدينيين ،يظهر لنا تميُّزا ملحوظا . لقد درس "رافي زكريا" ،ألذي نشأ في ثقافة هندوسية ، ديانات العالم ولاحظ فروقات أساسية بين يسوع المسيح وبين مؤسسي الديانات الرئيسية ألأخرى . ففي جميع هذه ، يبرز أمامنا إرشاد ، طريقة العيش . فأنت لاتتجه الى زرادشت بل أنت تستمع لزرادشت . ليس بوذا الذي ينقُذك ، بل هي حقائقه النبيلة التي ترشدك ، وليس محمد الذي يُغيّرك ، بل هوجمال القرآن الذي يلمسك . أمّا يسوع لم يكن يُعلّم أو يشرح رسالته فقط ، إنَّما كانت شخصيته متطابقة مع رسالته "...لقد كان يسوع نبيّا عظيما ، بالطبع شخصا ممتعا ، كان عنده الكثير ليقوله على غرارما قاله أنبياء عظماء آخرين سواء كان إيليّا أو محمد أو بوذا أو كونفوشيوس .
في الواقع لايسمح لكم المسيح بذلك . فهو لايترككم تفلتوا من الصنارة ، المسيح يقول ، كلاّ ، أنا لا أقول أنّي مُعلّم ، لا تدعوني معلما .أنا أقول أنّي نبيّا ....أنا أقول أنّي الله المتجسّد . ويجيب الناس :لا ،لا ، من فضلك كن فقط نبيا ." فنحنُ نقدر أن نستوعب فكرة النبي أمّا فكرة كونك الله فهذا فوق عقولنا".
يقول متي البشير عن يسوع المسيح :كان يُعلِّم كمن له سُلطان ، وليس كالكتبة"..كان له افكاره الخاصة"سمعتم انه قيل اما انا اقول لكم" اي انه هو مصدر التعاليم والشريعة ، وعندما كان يتكلم لم يجعل فرق بينه وبين الله كان يقول :"من رآني رأى الله"يوحنا 14 : 9
شهد التلاميذ الثلاثة ، كل من بطرس ويوحنا ويعقوب ، انهم في جبل التجلي شاهدوا مجد يسوع حيث تجلّت هيئة وجههِ وصارت ثيابه بيضاء لمّاعة...وسمعوا صوتا آتيا من السحابة يقول: "هذا هو إبني الذي أخترتهُ . لهُ اسمعوا !" (لوقا 9: 29 ،35). نعم لقد أعلن الله بوضوح أن يسوع المسيح هو ابنه المختار ، وقال للتلاميذ الثلاثة (كونهم شهود لِما رؤوا ) ان يسمعوا ليسوع ابنه . إنّ يسوع كابن الله ، له قوة الله وسلطانه .
هذا الأعلان ألآب عن إبنه للتلاميذ على الجبل وكشف ألأبن لنا ان أبيه السماوي هو ايضا أبينا حينما يدعونا ألأبن اخوة له (عبرانيين 2 : 11) حيث أعلن ، يسوع المسيح ألأبن ، لتلاميذه أن قلب المخلّص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كاعضاء في أُسرة الله ، فبيسوع المسيح إبن الله أستطاع البشر،لأول مرّة أن ينادى الله "أبانا الذي في السماء".
يقول فيليب يانسي عن علاقة يسوع بالآخرين في كتابه "المسيح الذي لم اكن أعرفه"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا " وهذه السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3). وقال يسوع لليهود " ما زال ابي يعمل الى ألآن . وأنا ايضا أعمل ! " لهذا إزداد سعي اليهود الى قتله ، ليس فقط لأنَّه خالف سُنَّةَ السبت ، بل ايضا لأنّه قال إنَّ الله أبوه مُساويا نفسَهُ بالله " يوحنا 5 :17 ،18"
يسوع المسيح إمّا ان يكون مجنونا " فقد صوابه" كما قال بعض اليهود عنه "مرقس 3 : 21" او فيه بعلزبول، وهو برئيس الشياطين يطرد الشياطين"مرقس 3 :22" . أو أن يكون المسيح هو إبن الله يقول الحق وليس هو الاَّ الحق ، وما يفعله ويقوله هو تجسيد لهذه الحقيقة .
يسوع المسيح قلب مفهوم الحرية عندما قال : "تعرفون الحق والحق يحرركم "
"يوحنا 8 : 32 "اي ان الأنسان الذي لايعرف المسيح "الحق" لن يعرف معنى الحرية الحقيقية ، وبالتالي فهولازال يعيش في العبودية ، سواء عبدودية لأشخاص اوالعبودية للمال والشهرة والسلطة ومغريات هذا العالم، وهذه العبودية في الكتاب المقدس هي التي كانت سبب سقوط الأنسان في فخ الشيطان . جاء المسيح ليحرّرنا ونصبح ابناء الله بالتبني ونعيش الحياة الأبدية مع الله ، فهو الموعود في (الأنبياء والكتب) والذي طال انتظاره ، قد أتى أخيرا والأدلة كثيرة .
معرفة يسوع المسيح يعني التحرّر ، هو الحق الذي يُحرِّرنا من عبودية الخطيئة والموت وقوات الشر، وهو مصدرالحق والمقياس الكامل لما هو حق وصائب (غلاطية 5 :1) (يوحنا 8 :32)
كتب دورثي سايرز: "إنّ يسوع هو ألأله الوحيد الذي سُجِّل له تاريخ في تاريخ البشرية " ، ولا توجد هناك كلمات تثير الدهشة أكثر مما كتب في قانون ألأيمان عنه :" اله حق من اله حق".
استطاع يسوع المسيح أن يبرهن لليهود وبحجج منطقية وعقلية وعملية أنَّه هو الحق والحقيقة، من خلال أقواله وأعماله التي تشهدان له (مرقس 3 :22-30)
إذا ليس أمامنا خيار آخر سوى ألأيمان بيسوع المسيح كونه له القدرة والسلطة والقوّة (الخارقة للطبيعة) . وهو الذي يغفر ويشفي ويقيم ألأموات بسلطة لم يمتلكها شخص آخر غيره لاقبله ولا بعده . لهذا يجب ان نستسلم لهذه الحقيقة وعندها فقط نستطيع أن نستمر في الطريق المؤدي الى الحق والحياة .
عندما سأل بطرس يسوع :"ياربَّ الى اين تذهب؟ "يوحنا 13 :36". وعندما سال توما يسوع المسيح قائلا :" ياربّ إننا لانعرفُ الى أين تذهب ؟ أجاب يسوع :"لاتضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله ، فآمنوا بي أيضا " يوحنا 14 :1" ..."اني ذاهب لأعدَّ لكم مكانا . فقال توما :"ياسيّد ، لانعرف أين أنت ذاهب ، فكيف نعرف الطريق؟. فاجابه يسوع : "أنا الطريق والحقّ والحياة ".
لم نسمع نبي ولا انسان عبر تاريخ البشرية قال ما قاله يسوع المسيح :
نعم كُلِّ الطرق تؤدي الى المسيح ولكن طريق واحد يؤدي الى الحياة
كُلِّ الديانات لها طرق كثيرة ، ولكن ليس لهم طريق المؤدي الى الأبدية . يقول اشعيا النبي :" كُلُّنا ضَلَلنا كَالغَنَمِ، وَكُلُّ واحِدٍ ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ."اشعيا 53: 6
لأنَّ " الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله " روما 3 : 23 "
والمسيح يدعونا بكل بساطة الى التخلي عن كبريائنا واللجوء اليه لأنّه هو الحق الوحيد.لأنّه لم يقل هو فقط يعرف الحق ، بل قال "أنا أُجسِّد الحق" ،لأنَّه إعلان الذات ألأِلهية. كل المخلوقات قد تعكس جزء من النورالساقط عليها ولكن ، عندما ننظر الى المسيح فسوف نرى مصدر هذا النور . فهو يقول :"أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ."... (يو 8: 12-16
فالذي يسلك في الطريق الذي يقوده الى مصدر النور لن يتيه بل يقوده هذا الطريق الى نور الحق والحياة يسوع المسيح . إنَّ الرب يسوع هوالله وإنسان معا ، وبإتحاد حياتنا به نتّحَد بالله . فهو الطريق الوحيد،لأنَّه سبيلنا الى ألآب ، وهو الحق لأنّه تحقيق كل وعود الله في الكتاب المقدس ، وهو الحياة ،لأنَّه يربط حياته ألألهية بحياتنا ألآن وأبديا . يشهد الرسول يوحنا عن حقيقة المسيح فيقول:
"في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ...فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نورَ الناس ......الكلمة ُ هو النورُ الحق ، جاء الى العالم لينير كُلِّ انسان ...والكلمة صار بشرا وعاش بيننا ، فراينا مجدَهُ مجدا يفيضُ بالنعمة والحق "يوحنا 1 : 1 -14 "
" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ورايناهُ بعيوننا ، الذي تأملناه ولمستهُ ايدينا من كلمة الحياة ، والحياة تجلَّت فرأيناها ، والآن نشهدُ لها ونُبشِّركُم بالحياة ألأبدية " 1يوحنا 1 : 1 ،2 "
"فكما أنَّ الآب هو في ذاته مصدر الحياة، فكذلك اعطى ألأبن أن يكون في ذاته مصدر الحياة "يوحنا 5 :26 " ، وهو أيضا "خبز الحياة.. ومن يأكل من هذا الخبز النازل من السماء لايموت".يوحنا 6 : 48 ،50 "
فالباحث عن الحق والحقيقة ينتهي الى يسوع المسيح الأنسان الكامل والأِله الكامل الذي بِهِ خَلقَ العالم، وهو بهاء مجد الله وصورة جوهره "عبرانيين 1:1-4 "
فقبل مجيء المسيح لم يكن الناس يعرفون الله إلا جزئيا .أمّا بعد مجيء المسيح فقد امكن للناس يعرفوا الله بالكامل لأنّهُ صار ملموسا ومرئيا لهم في المسيح .إنّ المسيح هو التعبير الكامل لله في صورة بشرية
يسوع المسيح هو"..هوممتليءٌ بالنعمة والحقِّ ...فمن إمتلائه أخذنا جميعا ونلنا نعمةً على نعمة ، لأنَّ الشريعة أُعطيت على يد موسى ،أمّا النعمة ُ والحقُّ فقد تواجدا بيسوع المسيح "يوحنا 1 : 14 ،16 ،17 ،18"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران إذ يقول: "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا " وهذه السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3).
بيسوع المسيح عرفنا أنّ الله هو "محبّة " .
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." يو 15: 13
فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ ونشارك مع ابنه ملكوكته السماوية ؟
و لايستحي يسوع المسيح أن يدعونا أخوة له (عبرانيين 2 : 11) . أعلن يسوع ان قلب المخلص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كأعضاء في اسرة الله .
يسوع المسيح يعلمنا أن ندعو أباه ُ"أبانا " ، وهذا هو إعلان عن ذلك الحق المدهش المفعم بالتشجيع والفداء ، وهو ان الله يحبنا كما يحب ابنه وهذا ما قاله يسوع في صلاته ألأخيرة "أحببتهم كما أحببتني " يوحنا 17 : 23 "
وبأختصار، فإنَّ الكتاب المقدّس يُخبرنا عن قصة حب إله له الرغبة الشديدة لكي يسترد عائلته . وتُعلِّق ألأناجيل على المدى الذي ذهب إليه الله لكي يحقق خطة إنقاذ البشر ، حتى ارسل إبنه كفّارة لخطايانا " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه "يوحنا 15 : 13"لأنّهُ هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد ..."يوحنا 3 :16 "
إنّ من يعرف شخص يسوع المسيح سوف يقف مندهش ومشدوه ويصيبه العجب والذهول ،امام هذا ألأنسان، وهو في نفس الوقت إبن الله ، جاء ليزورنا ويعيش آلامنا وافراحنا وهمومنا واحزاننا وفوق كل ذلك ليحمل عنا خطايانا واوزارنا وليفدي نفسه عنا على الصليب من اجل خلاصنا من الموت والخطيئة وقوى الشر، لنعيش الى ألأبد معه ، ونشاركه ملكوت ابيه السماوي . فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ؟
لايوجد في تاريخ البشرية شخص انتصر، بموته على الصليب ، على الموت وقام وصعد الى السماء، وجلس عن يمين الله وهو الذي قال لمرتا أُخت مريم ولعازر :" أنا القيامة والحياة . من آمنَ بي يحيا وإن ماتَ " يوحنا 11:25 "
وهو الذي قال لتلاميذه :"لاتضطرب قلوبكم ،أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي ايضا .في بيت ابي منازل كثيرةٌ ..أنا ذاهبٌ لأهيئء لكم مكانا "يوحنا 14 : 2 ، 3"
وهو الذي وعد الرسل والمؤمنين به أن يَرسل المعزي ليبقى معهم الى الأبد ، وهو روح الحق الذي لايقدر العالم ان يقبلهُ ،لأنه لايراهُ ولا يعرفهُ ،أمّا المؤمنون فيعرفونه لأنَّهُ يقيم معهم ويكون فيهم وهو الذي يرشدهم الى "الحق "يوحنا 14 : 15-17"

13
ميلاد يسوع المسيح - رئيس السلام -

نافع شابو


" وظهر مع الملاك بُغتة جمهور من جُند السماء يُسبِّحون الله ويقولون المجد لله في العُلى وفي ألأرض السّلام للحائزين رضاه"(لوقا 14:2 ) .
انهّا أُنشودة الخلود التي سوف يُردّدها جميع الأجيال منذ ولادة المخلّص"يسوع المسيح" وسوف تبقى انشودة تلهم الموسيقيين والملحّنين والمنشدين وهي أعظم انشودة فرح وسلام تسمعها البشرية من الملائكة وسوف تبقى ترنيمة مفضّلة في كل الأوقات ، وقد كانت الأساس الذي بُني عليه العديد من الأعمال الموسيقية وترانيم الميلاد وفرق الترنيم والألحان الليتورجية القديمة ، فمنذ سقوط الأنسان في وحل الخطيئة والموت والخروج من الفردوس التي كان فيها ابوينا ادم وحواء يتمتعان بسلام في محضر الرب ظلّ الأنسان يعيش في صراع رهيب مع نفسه ومع أخيه الأنسان وخيّم الظلام على حياة البشرية وعاش الأنسان في ظلام دامس لانّ"نور العالم" لم يكن قد تجلّى بعد ولأنّ الأنسان فقد السلام والأمان لأبتعادهِ عن الله ، ولأنّ الخطيئة قطعت هذه الصلة بين الله وبين ابوينا فعاش الأنسان في خوف ورعب وساد الموت والحروب والمآسي ، ولكن الله كان له مشروع خلاصي ، مشروع مصالحة ، مشروع اعادة الصلة المفقودة بينه وبين الأنسان . الله أحب الأنسان لأنه" خلقه على صورته كمثاله"فبرغم من كلّ العصيان والتمرّد والخيانة ونقض العهود من قبل الأنسان الا أن الله ظلّ أمينا على عهده مع ابراهيم والآباء كما يخبرنا الكتاب المقدّس
تجسّد المسيح:
انه أعظم حدث في التاريخ البشري قد وقع منذ زهاء الفين سنة من الآن ، انهّ تدخّل إلهي ليعيد السلام والمصالحة مع الأنسان ، انّه تجسّد الكلمة ( ابن الله) الذي نزل من السماء ليأخذ صورة بشريتنا و ليعيش بيننا ويصالحنا مع أبيه السماوي ولكن بثمن باهض هو الصلب والموت لفدائنا. ياله من أعلان عجيب وبشرى سارة لكل الّذين يقبلونه ليولد في قلوبهم فتتغيّر حياتهم الى الأبد.
ياله من خبر سار كان بني اسرائيل ينتظرونه منذ مئات السنين ، وها هو اشعيا النبي يتنبأ عن هذا اليوم العجيب (يوم ولادة المسيح) فيقول :"ولكن السيّد الرب ّ نفسه يعطيكم هذه الآية: ها هي العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمّانوئيل(الذي تفسيره الله معنا)"( اشعي14: 7 ) .
"لأنه يولد لنا ولد ويعطى لنا أبناً وتكون الرئاسة على كتفه ويكون مشيرا إلاهاً قديرا وأبا ابديا ورئيس السلام ، سلطانه يزداد قوّة ، ومملكتهِ في سلام دائم"( اشعيا 9:5,6 ) .
نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال "نور لجميع الأمم"* ، وهو ايضا "رئيس السلام " لجميع الأمم . والسلام هي صفة خاصة بالله وبالأزمنة المسيحانية ،لانّ مملكته تقوم على السلام وهو سيغير التاريخ كلّه ويقلب كل المعتقدات السابقة القائمة على قوّة السيف وجبروت الجيوش والأمبراطوريات التي كانت تقوم على الحروب والمعارك والغزوات لتبني حضارتها على جماجم البشريّة وسحق الضعفاء وتطبيق شريعة الغابة . لكن يسوع المسيح ومنذ ولادته جلب معه السلام بشهادة الملائكة ، "....وفي الأرض السلام" (لوقا 2: 14 ) .
ويخبرنا البشير لوقا كيف أنّ الملاك جبرائيل بشّر العذراء مريم بولادة المخّلص يسوع المسيح وأول كلمة قالها الملاك لمريم لكي لاتخاف هي كلمة السلام "فدخل اليها الملاك وقال لها:السّلام عليك يا من أنعم الله عليها.الربّ معك"(لوقا 1:28 ) .
والعجيب عندما نتأمّل في أنجيل لوقا أنّه عندما سلّمت مريم العذراء على اليصابات نسيبتها تحرّك الجنين(يوحنا او يحيا في القران ) في بطن اليصابات وامتلأت من الروح القدس (لوقا 1:41 ) ، وعرفت اليصابات نتيجة هذا السّلام أنّ مريم العذراء تحمل الرب في بطنها فرنمت وانشدت قائلة:
"مباركةً أنتِ في النساء ومباركُ ثمر بطنك ، من أنا حتّى تجيء اليّ أمّ ربّي ؟ ما أن سمعتُ صوت سلامكِ حتّى تحرّك الجنين من الفرح في بطني" (لوقا 1:42 ) .
فالسلام الذي اتى به رئيس السلام جلب معه المحبّ’ والفرح للبشريّة فالمحبة والفرح والسلام ثالوث متلازم في مملكة المسيح الجديدة ، انّها فرحة السماء والأرض بمصالحة الله مع البشريّة ، فما اعظم هذا الفرح الذي لا يستطيع العالم أن يوفره للبشرية الآ رئيس السلام يسوع المسيح الذي جاء ليعيد البهجة والفرح والرجاء في قلوب اليائسين وليمحي الخوف من الموت للذين يسلّمون حياتهم له ويعطي الرجاء لكل الحزانى والمساكين ويوهب الحياة لكل المائتين روحيّا ويخلصّ المنسحقين في الروح ويعزي المتروكين(مزمور 34:19 ) ، نعم الهنا اله السلام جاء الى هذه الأرض ليؤسس مملكة السلام والمحبة والرجاء فالسلام الذي يمنحه الرب يسوع المسيح هو:
السلام مع الله (بالمصالحة مع الله ) ،
السلام مع النفس ( بالتصالح مع الذات ) ،
والسلام مع الآخرين من أخوتنا( بنزع كل الأحقاد والضغائن والكراهية من القلوب) .
في هذا الجزء سنتكلّلم عن السلام مع الله على امل ان نتأمل في الجزء القادم عن السلام مع النفس والسلام مع الأخرين من أخوتنا في الأنسانية .
أولا: السلام مع الله .
الله يزيح ستار الزمن ليكشف للأنبياء ما هو مُزمع أن يحدث ، وقد حدثت المعجزة بولادة ملك السلام ومخلّص كل من يأتي اليه ، لقد تطلّع الناس في عهد اشعيا النبي الى الأمام ، ولكننا نحن اليوم ندرك هذه الحادثة العجيبة التي حدثت بولادة المخلّص يسوع المسيح ولكن ويا للأسف الملايين لايستمتعوا بحضور المسيح في حياتهم ، ينطبق عليهم قول الرب "تركوني انا نبع الماء الحي وفضّلوا الابار المتشققة" ، نعم الكثيرون يعيشون في الظلام ولا يستمتعون بسلام المسيح الحي الذي يسكبه بالروح القدس على الذين قبلوه في حياتهم ، والكثيرون وحتّى المسيحييين بالولادة ، لم يختبروا سلام المسيح لانّهم منغمسين في شهوات هذا العالم الزائل.
وأذ نعيش هذه الأيّام ذكرى ولادة الرب يسوع المسيح ، فكم نحن بحاجة الى مراجعة محطّات حياتنا لنبني ونجدد حياتنا بأن نسمح للمسيح أن يولد في قلوبنا لينور عقولنا ويمنحنا السلام الحقيقي لنعيش السلام مع الرب خالقنا ومع أنفسنا ومع جميع أخوتنا في البشرية . يقول الرب على لسان اشعيا النبي:" ها أنا أبسط السلام عليها كالنهر وغنى الشعوب كجدول فائض ، فترضعون وتحملون في الأحضان وتدلّلون كالطفل على الركبتين .كمن تعزيه أمه اعزيكم أنا"اشعيا 66:12"
تنبأ الأنبياء في العهد القديم عن انّ الله سياتي ليعيش مع شعبه (عمّانوئيل الذي تفسيره الله معنا) ويقيم معه عهدا جديدا ليس كالعهد القديم الذي فيه خان الشعب الأسرائيلي عهده مع الله ، وهنا يقول الله على لسان أرميا النبي:
"وستأتي أيّام أعاهد بها بيت أسرائيل وبيت يهوذا عهدا جديدا لا كالعهد الذي عاهدتّه مع ابائهم .....امّا العهد الجديد الذي أعاهد به بيت أسرائيل بعد تلك الأيّام فهو هذا:أجعل شريعتي في ضمائرهم وأكتبها على قلوبهم وأكون لهم الهّا وهم يكونون لي شعبا ، فلا يعلّم بعدُ واحدهم الاخر والأخ أخاه ، أن يعرف الرب فجميعهم من صغيرهم الى كبيرهم سيعرفونني لانّي سأغفر ذنوبهم ولن أذكر خطاياهم من بعد"(ارميا 31:31,32,33,34 ) .
انّ الرب يسوع المسيح حقق هذا الوعد في العهد الجديد فكل من يؤمن به سيكون الله معه ، ولم يقتصر عمل المسيح بتحريرنا من الخطيئة فقط بل كان دوره ايضا هو انّه صالحنا مع الله والمصالحة تعني انّ لنا سلام مع الله يختلف عن السلام الذي يعطيه العالم كما يقول يسوع المسيح :" سلاما أترك لكم، سلامي أعطيكم ،لاكما يعطيه العالم اعطيكم أنا ، فلا تضطرب قلوبكم ولا تفزع "(يوحنا 14:27 ) .
إنّ نتيجة عمل الروح القدس في حياتنا هي السلام العميق الدائم ، وعلى عكس سلام العالم الذي يُعرف عادة بأنّه عدم الصراع ،فإنّ هذا السلام هو ثقة أكيدة في وسط أيّ ظرف . وبهذا النوع من السلام لسنا بحاجة لأن نخاف من الحاضر او المستقبل . فلو أمتللأت حياتك بالضغوط دع الله يملأك بسلامه الحقيقي .
الخطيّة والخوف والشك والريبة وعدم اليقين وقوى أخرى كثيرة تحاربنا من الداخل . ويتحرك سلام الله الى داخل قلوبنا ويحيا ليحد من هذه القوات المعادية ويقدم العزاء والراحة عوض الصراع والحرب . وقد قال الرب يسوع انه سيعطينا هذا السلام ان كنا مستعدين لقبوله منه .
فالسلام مع الله يعني أننا قد تصالحنا معه فلم تعد ثمّة عداوة بيننا وبينه وليس ثمة خطية تعطّل طريق الأتصال به ولم يعد هناك حاجز (الخطيئة) يفصلنا عن الله .انّ هذا الصلح هو أثمن هديّة للأنسان التي لم يكن يوما يحلم بها انّه سلام الأمان والثقة والرجاء واليقين ، انه سلام لا غش فيه ولا نفاق ولا مصلحة . صار السلام ممكنا عبر إتحاد عميق بمشروع الله بالطاعة للآب. يرتبط السلام بشخص يسوع ، على الخلاص الذي يُتمّه يسوع بالنسبة الى تلاميذه ، كما يدل على السعادة مع الله والأنسجام الروحي معه بعد المصالحة.
"فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ"روميا 5 :1" .ألآن لنا سلام مع الله يختلف عن الأحساسات بالسلام مثل اليقين والأمان والثقة ، فالسلام مع الله يعني أننا يقد صولحنا معه فل تعد ثمة عداوة بيننا ، ليس ثمة خطية تعطل طريق الأتصال به .
يعلّق القديس يوحنا ذهبي الفم " عمل الأبن الوحيد أن يوحّد المنقسمين ويصالح الغرباء " والسلام مع الله لاياتي الا لأن الرب يسوع قد دفع ثمن خطايانا بموته على الصليب . وفي هذا الصدد يقول القديس اوغسطينوس :"يكون كمال السلام حيث لاتوجد
مقاومة ".
في مستهل رسالة بولس الرسول الى مؤمني كورنثوس يقول:"لتكن لكم النعمة والسلام من الله ابينا ومن الرب يسوع المسيح "
يسوع المسيح رئيس السلام جاء ليؤسس ملكوته على الأرض وهو ملكوت برّ وفرح وسلام ، وانجيله (بشرى سارة)
"ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة"2كورنثوس 5 :18". الله هو الذي بادر بمصالحتنا بابنه يسوع المسيح الذي فدانا بدمه على الصليب ، مع العلم ان البشر هم الذين خطئوا فصاروا أعداء الله ، إلا أنّ الله بدأ بهذه المصالحة(سلام مع البشر) ، وترك للبشر زلاتهم . فيسوع هو البار الذي أخذ على صليبه خطايانا ، فكان تبادل عجيب أخذ خطيئتنا واعطانا برّه ، اخذ موتنا وأعطانا حياته .
هذا السلام عطية مجانية (نعمة)، ويفترق كل الأفتراق عن سلام يحمله العالم وترافق الحرب ، لهذا ، لا مكان للأضطراب والفزع .
لم يعد هناك خوف لأن الله يحفظنا من كلّ عدو لنا مهما كانت قوّته وجبروته لأننا بهذا السلام دخلنا ملكوت الله ونحن في الأرض. يقول الملك داود في مزمور 27" واذا اصطفّ عليّ جيش فلا يخاف قلبي ، وان قامت عليّ حرب فأنا أبقى مطمئنّا"( مزمور 27:3 ) ، وهذه الحقيقة يختبرها المؤمنون الحقيقيّون عندما يواجهوا الحروب والمشاكل والأمراض فنراهم يعيشون في سلام لأنهم يعرفون أن الله معهم حتى في محنتهم وآلامهم ، وملكوت الله تعني انّه صار هو المسؤول عنا لانّنا خرجنا من مملكة العالم ، ولهذا يقول الرب :" ما هُم من العالم ، وما أنا من العالم"(يوحنا 17:16 ) ، فالمؤمنون اصبحوا من عائلة الله لانّنا اصبحنا أبناء الله (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنون بأسمه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله " (يوحنا 1:12 ).
بتجسّد الكلمة ونزول الله ليعيش معنا وموته على الصليب تمّت المصالحة بين الله والأنسان فالصليب هو بُعد عمودي وبُعد أفقي ويسوع المسيح المصلوب على هذا الصليب هو الوسيط بين الله والآنسان( يرمز اليه البعد العمودي للصليب) ولا يمكن التصالح مع الله الا بشخص يجمع الطبيعة الألهية والطبيعة البشريّة ولأن يسوع المسيح يحمل الطبيعتين( فهو الله وهو الأنسان) .فالأيمان بشخص يسوع المسيح ( كإله وكأنسان كامل ) يعني انّنا تصالحنا مع الله عن طريق ابنه الذي بذل نفسه وحمل خطايانا على خشبة الصليب. فعمل المسيح لم يقتصر على تحريرنا (من الخطيئة التي أبعدتنا عنه منذ سقوط أبوينا ادم وحواء) بل تبرّرنا بدمه المقدّس لنتأهل الرجوع الى الله والمصالحة معه ، وهذه المصالحة تعني أنّنا لنا سلام مع الله وهو سلام يفوق الوصف ، حيث أختبر النبي داود هذا السلام ووصفه بأروع مزمور يقول فيه:
"الرب نوري وخلاصي فمّمَنْ أخاف؟
الرب حصن حياتي فممّن ارتعب ؟"(مزمور27:1 )
وفي مزمور أخر يقول " لو سرت في وادي ظلّ الموت لا أخاف شرّا ، لأنك أنت معي "(مزمور 23:4 ) ، في يديك أستودع روحي ...أبتهج وأفرح برحمتك"(مزمور 31:6,8 )
يقول النبي اشعيا:"أنت يارب ُّ تحفظ سالما من يثبت ويحتمي بك "اشعيا ,26:3 ".....يا رب أعطيتنا السلام (اشعيا 26"12 ،"...لكنّ الروح ُ تفيض من العلاء فتصير البريّة جنائن ....ومع العدل يجيء السلام وحيث الطمأنيّة والراحة والهنّاء"(اشعيا 32:15,17,18 ) .
ويقول الله على لسان اشعيا النبي أيضا:
" اسكن في الموضع المرتفع المقدّس ، كما أسكن مع المنسحق والمتواضع الروح ، فانعش أرواح المتواضعين وقلوب المنسحقين "(أشعيا 57:15 ) .
"ذوقوا تروا ما أطيب الرب ، هنيئا لمن يحتمي به."(مزمور 34:9 ) .
وقال الرب:"رنّمي وأفرحي يا بنت صهيون ، فها أنا آتي واسكن في وسطك "(زكريا 2:10 )
"ابتهجي يا بنت صهيون ، واهتفي يا بنت أورشليم ها ملككِ ياتيكِ عادلا مخلّصا وديعا راكبا على حمار، على جحش أبن اتان"(زكريا 9:9)"في ذلك اليوم لاتحزنين يا أورشليم بما تمرّدت عليّ "(صفنيا3:11 ) .
وقد تحققت النبوات أعلاه عندما دخل الرب يسوع المسيح في أحد الشعانين الى أورشليم راكبا جحش ابن أتان وها هو البشير لوقا يسجّل هذا الحدث العظيم حيث اصبح انشودة تسبيح وتهليل لرب المجد يسوع المسيح ويردده الملايين من المؤمنين حتى في أيامنا:
وكانت الجموع التي تتقدم يسوع والتي تتبعه تهتف:" المجد لأبن داود تبارك الآتي باسم الربّ المجدُ في العلى "متى 21 : 9"
(هوشعنا لأبن داود هوشعنا للأعالي)
" تبارك الملك الأتي باسم الربّ .السّلام في السماء والمجد في العلى " (لوقا 19:38 )
وها هو النبي ميخا يتكلّم مسوقا بالروح القدس عن هوية الشخص القادم في ملأ الزمان ليولد في بيت لحم فيقول:
"لكن يابيت لحم أفراتة ، صغرى مدن يهوذا ، منك يخرج لي سيّد على بني أسرائيل يكون منذ القديم ، منذ أيّام الأزل "(ميخا 5 :2) .
أما النبي أشعيا فيلقب الآتي باسم الرب يسوع المسيح فيلقّبه ب"رئيس السلام " الذي هو واحد من عدّة القاب لايستحقها إلا الرب يسوع المسيح الذي جاء ليفتح للبشريّة الأساس لتحقيق السلام في هذا العالم المضطرب والذي يعيش في حروب واضطرابات فزرع الرب يسوع المسيح بذور السلام في هذا العالم وأعطانا نحن المؤمنين بعد قيامته من بين الأموات وقبل صعوده الى السماء مسؤولية صنع السلام والبشارة بالخبر المفرح لجميع الأمم في هذا العالم
لقد نزل الله المتعالي القدوّس الى مستوانا ليخلصنا ، لأنّه من المستحيل أن نرتفع نحن الى مستواه لنخلص نفوسنا وها هو زكريا الكاهن ينشد نشيد الخلاص كما ورد في أنجيل يوحنا فيقول :"لأنّ الهنا رحيم رؤوف يتفقّدنا مُشرقا من العُلى ليضيئ للقاعدين في الظلام وفي ظلال الموت ويهدي خطانا في السّلام" يوحنا 1:78,79 "
ويقول بولس الرسول: "لأنّ الله شاء أن يحل في الملءُ كلّه وأن يصالح به كلّ شيء في الأرض كما في السماوات فبدمه على الصليب حقّق السّلام"(كولوسي الأولى 1:19,20 ).
ويتنبأ أشعيا النبي عن مخلص العالم يسوع المسيح الآتي ليصالحنا مع الله فيقول:
"...وهو مجروح من أجل معاصينا ، مسحوق لأجل خطايانا ، سلامُنا أعدَّه لنا ، وبجرحه شُفينا "(اشعيا 53 ) ، ( في مكان اخر يقول الله على لسان أشعيا النبي ايضا:".....ومن شفتيّ تخرج ثمرة السّلام ، السّلام للقريب والبعيد وأشفي شعبي"(أشعيا 57:1953:4 ) .
بدلا من ان نظل مرتعبين مما يحدث في العالم من الحروب والكوارث الطبيعية والمآسي ، وهي صورة مظلمة وكئيبة لكنها في النهاية ستكون سببا لا للقلق والأضطراب بل لفرح عظيم .وعندما يرى المؤمنون هذه ألأحداث تتم يعلمون ان مجيء المسيح ، ثانية ، وشيك ، ويتطلعون نحو حكم العدل والسلام . وبدلا من ان نظل مرتعبين ، مما يحدث في العالم ، ينبغي علينا ان ننتظر مجيء الرب يسوع بكل ثقة (لوقا 12: 28"
من مشرق الشمس ومغربها يهلل بقدومك البشر ويباركون أسمك القدوس لانك من فوق اتيت يارب ، فانت الجلال والجمال والسناء والبهاء .
تأملوا هذا الطفل الوديع ايّها المفتخرون بمجد هذا العالم الزائل ، امّا هو فيعطيكم مجدا أبديا فتعيشوا في ملكوته الى الأبد.
أطلبوه بفرح ياجميع الشعوب واستقبلوه في قلوبكم ياجميع المتعطشين الى الخلاص وهو يجلب لكم الفرح والسلام ويهدي عواصف حياتكم .
أنت ياطفل المذود أحببتنا ، منذ أن خلقتنا والى الأبد هو عهد حبك لنا ونحن ( كما يقول القديس أُوغسطينوس ) الذين خلقتنا من روحك لن نرتاح في هذه الحياة إلّا بين راحتيك .
لننشد ونُرنَّم ونهتف ونسبّح يسوع المسيح طفل المغارة في هذه الأيّام المباركة حيث في بيت لحم ولد طفل لنا و مجد الرب أضاء حولنا وأزال الظلام من قلوبنا ، حبّه لنا فوق الأدراك ولا تستوعبه عقولنا جاء ليمسح دموعنا ويشفي اسقامنا ويزيل كل اثامنا ويمنحنا السلام في حياتنا ويزيل كل مخاوفنا ويفتح أذهاننا وعيوننا ويعيش في قلوبنا .

14
 سلام المسيح اخي وردا
شكرا على مواضيعك الروحية التي تغني المنبر الحر للمواضيع الدينية
وشكرا لك لهذا الموضوع الجوهري في لاهوت يسوع المسيح "الكلمة".
جاء في الرسالة الى العبرانيين :
اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ،كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ،الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ
كاتب رسالة العبريانيين يشهد من خلال العهد القديم عن حقيقة يسوع المسيح كونه لايتحدث بلسان الله فقط، بل هو الله ذاته وهو أزلي أبدي ، به( بالكلمة )خلق الله العالم (عبرانيين 1:1،2)(يو 1 :3) (كو1 :16) . وهو الأعلان الكامل لله، ولن يجد الأنسان صورة لله أوضح من ان يتطلع الى يسوع المسيح. إنّ يسوع المسيح هو التجسّد الكامل لله.
يسوع هو كلمة الله التي جاءت شخصا حيّا وتجسّدت في البشر ، أنبأ بها اشعيا النبي :"لأَنَّهُ كَمَا يَنْزِلُ الْمَطَرُ وَالثَّلْجُ مِنَ السَّمَاءِ وَلاَ يَرْجِعَانِ إِلَى هُنَاكَ، بَلْ يُرْوِيَانِ الأَرْضَ وَيَجْعَلاَنِهَا تَلِدُ وَتُنْبِتُ وَتُعْطِي زَرْعًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلآكِلِ، هكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجعُ إِلَيَّ فَارِغَةً، بَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ." (إش 55: 10-11).
الكلمة (لوغس) يعني "شخص" والكلمة بالعربي نعم هي مؤنثة ولكن في الأصل الكلمة مذكر، يقوم بعمل الله ذاته فيوحنا الأنجيلي "1:1" يتحدث عن يسوع كلمة الله المتجسد
هو يعمل في الخليقة، كما في التاريخ البشري " في البدء خلق الله السماوات والأرض بالكلمة " تكوين 1 :1" 
في يسوع المسيح، كلمة الله ، نعرف أسرار الله ، فهو ما عاد مخفيا في السماء ، بل جاء يعيش معنا ، يسكن بيننا ، كما الرب وسط شعبه في بريّة سيناء . والمسيح ككلمة الله المتجسّد قال: "قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن "يوحنا 8 :58" أي أنا يهوه (كما في العهد القديم)، أنا الرب ، أنا الكائن  منذ الأزل . وُجِد الكلمة قبل العالم ، والعالم به كُوِّنَ "يوحنا 1 :3". إذن رأى موسى مجده "يوحنا 12 : 41" . وحين عاد الكلمة الى الآب ، مجّده الآب بالمجد الذي له قبل انشاء العالم "يوحنا 17 : 5 "
وبمناسبة ميلاد "الكلمة" من امنا مريم العذراء قبل 2000 سنة نهنئ كُلّ المؤمنين بهذه المناسبة السعيدة حيث ولد المسيح ليخلصنا ويرجعنا الى بيت ابيه السماوي فهو اليوم يولد في قلوب كل من يؤمن به
ونطلب من ربنا يسوع ان يعم السلام والمحبة والأيمان في قلوب الناس جميعا
 

15
  "الشعب السالك في الظلام رأى نورا ساطعا والجالسون  في أرض الموت وظلاله  اشرق عليهم النور(9:1  اشعيا) . في زمن الظلمة  الحالكة ، وعد الله بأرسال نور  يشرق على كل انسان جالس في ظل الموت وهو"عجيب مشير اله قدير" لقد تحققت نبوءة اشعيا هذه في مولد المسيح واقامة ملكوته الأبدي ، حيث يقول الرسول بولس:" لأنّ الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة ,هوالذي أشرق في قلوبنا ، لأنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع.
شكرا اخي وردا على هذا الموضوع عن تجسد المسيح وميلاده من العذراء مريم والذي بتجسده صار الله قريب منا بل اصبح واحد منا يعاني ما نعانيه ويتالم معنا ويفرح معنا ونحن بدورنا نشركه في ملكوته الأبدي لكونه صالحنا مع ابيه السماوي
 ونحن اذ نحتفل بذكرى ميلاده فهو في الحقيقة اصبح ميلاده في قلوبنا فهو فينا ونحن فيه الى الأبد امين

16

شكرا اخي العزيز وردا على هذه الأضافة الجميلة لحقيقة الوهية يسوع المسيح وانسانيته
نعم يسوع المسيح هو بكر الخليقة الجديدة التي بميلاده غير مجرى التاريخ والخليقة كلها
يسوع المسيح تجسّد بموجب مخطط الله لخلاص البشرية وتاسيس مملكة الله على الأرض
الرب يباركك ويبارك اهلك 
ميلاد سعيد وراس سنة مباركة وكل عام انت والأهل بخير وفرح وسلام
 

17
من هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله
نافع شابو البرواري

"إنّ يسوع بهاء مجد ألآب : "لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله ، لكنه أخلى نفسه آخذا
صورة عبد"فيلبي 2 :6،7"

يقول فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم أكن أعرفُهُ":
منذُ أكثر من 1900 سنة قال المؤرخ ه. ج ويلز:"إنَّ مؤرخا مثلي ، لايسمّي نفسهُ مسيحيا ، يجد أنَّ كُلِّ التركيز، وبشكل لايُقاوم ، موجّه الى حياة شخصية أهم إنسان . إنَّ المؤرّخ يقيس عظمة ألأشخاص بما تركوهُ لينمو ويكبر.هل جعل الناس يُفكِّرون فيه بحماس أو بالقدر الذي يَتَذَكّرون بعد موتِهِم ؟. وبهذا المقياس يكون يسوع في المُقدِّمة ". ويمكنك َ قياس حجم السفينة التي عبرت عندما ترى قدر المياه وألأمواج الذي تحرّكها خلفها .
وبالرغم من ذلك ، فأنا لا أكتب كتابا عن يسوع لأنّه رجل عظيم غيّر التاريخ . فليست لدي أي رغبة للكتابة عن يوليوس قيصر، أو أمبراطور الصين الذي بنى السور العظيم . ولكنني مُنجذب الى يسوع بطريقة لاتُقاوم،لأنَّه هو الذي أحدث نقطة التحول في حياتي .قال يسوع :
" مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،"متى 10 :32". وطبقا لذلك، فإنَّ إعتقادي عنه ، وكيفية تجاوبي معهُ سوف يُقرّران مصيري ألأبدي.
إنَّ تصريحات يسوع الجريئة عن نفسه تُمثِّل المشكلة الرئيسية في كُلِّ التاريخ . وهي النقطة التي تفصل بين المسيحيين وألأديان ألأخرى . وبالرغم من أنّ المسلمين واليهود يحترمون المسيح كمعلم ونبي عظيم ، فلا يمكن لمسلم أن يتخيَّل أنّ محمدا يدّعي أنَّه ُ الله ، ولا ايِّ يهودي يتخيّل أنَّ موسى يدّعي أنّه يهوه . وبالمثل فإنَّ الهندوس يؤمنوا بالتجسّد ، ولكن ليس في تجسد المسيح ، في حين أنَّ البوذيين ليس لهم أي مقولة تدعي أنَّ الله أصبح إنسان .
إنَّ التلاميذ كما تصورهم ألأناجيل قاوموا فكرة إلوهية المسيح . وعندما كان يسوع معهم في ألليلة ألأخيرة ، وبعد أن سمعوا كُلِّ ما قاله ، ورأوا كُلِّ المعجزات ، قال أحدهم : "يا مُعلم أرنا ألآب ". حتى تلك اللحظة لم يستطيعوا فهم أنّه هو والآب واحد ، ولم يكن المسيح أكثر وضوحا عندما قال لهم :"من رآني رأى ألآب ".
إنّها حقيقة تاريخية لاتقبل الجدل إنّ اتباع المسيح الذين كانوا يحكّون رؤوسهم لدى سماعهم كلماته في العشاء ألأخير . هم انفسهم بعد أسابيع قليلة من قيامته اعلنوا أنّه هو "القدوس البار"، "والرب خالق الحياة" ، وفي إنجيل يوحنا "وكان الكلمة الله "،"خالق كُلِّ ألأشياء بكلمة قُدرته ". وعبّر يوحنا في رسالته قائلا :" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ، ورأيناهُ بعيوننا ، والذي شاهدناهُ ، ولمستهُ ايدينا من جهة كلمة الحياة "1يوحنا 1 :1".
لماذا قال تلاميذ المسيح هذه ألأنطباعات الشخصية ؟
إنَّ أتباع محمد وبوذا الذين كانوا على استعداد أن يضحّوا بحياتهم من أجل سيّدهم ، لم يقوموا بهذه الطفرة المنطقية . فلماذا يُطالبنا تلاميذ المسيح – الذين قبلوا افكاره ببطء- بالأيمان بامور يصعب تصديقها ؟ لماذا يصعّبون ألأمر، ولا يُسهِّلونه، لكي نقبل المسيح ؟
عندما يقول المسيح :"أنا الطريق والحق والحياة.لأ أحد يأتي الى ألآب الاّ بي" يو 14 :6 ". هنا المسيح لايترك لنا خيارات ،فإذا لم يكن المسيح هو الله عندئذ فإنه يكون قد خدعنا وضلّلنا .
يقول سي .اس . لويس في هذا الصدد :"إنَّ التناقض الواضح بين العمق والدهاء في تعاليم يسوع المسيح ألأخلاقية والأفراط في جنون العظمة التي لابد وأنّها هي التي كانت وراء كُلِّ تعاليمهُ اللاهوتية ما لم يكن هو الله حقا . إن ألأنسان الذي يقول مثل هذه الأشياء التي قالها المسيح لن يكون معلما عظيما للأخلاق فحسب . فهو إمّا ان يكون مجنونا أو شيطانا . وعليك أن تختار ، إمّا أن ذاك الرجل هوابن الله ، وإلا فإنّه يكون رجلا مجنونا او اسوأ من ذلك "....ما قاله سي .أس . لويس ، إنَّ يسوع لم يتهاون في إثبات شخصيَّته. وفهم الناس في عصره أنّه إمّا أن يكون إبن الله الذي جاء ، ليُخلّص الناس في عصره أو أنَّهُ دجال ومحتال يستحق الصلب .(1)
جاء في كتاب "القضيّة .....المسيح للكاتب لي ستروبل
عن "بن ويزنجتون الثالث" مؤلف كتاب
The Christology of Jesus
"..كان يسوع لديه وعي بالذات سامٍ وفائق . وبناء على الدليل
"هل آمن يسوع أنّه كان إبن الله ، مسيح الله ؟والأجابة نعم قال وبزنجتون :
" هل رأى نفسهُ بإعتباره المسيا ألأخير؟ نعم، هذه هي الطريقة التي رأى بها نفسهُ. هل آمنّ أن اي إنسان أقلُّ شأنا من الله يمكنه خلاص العالم ؟ لا ، لستُ أؤمن بذلك ". قال الباحثون إن ّ إشارة يسوع المتكررة الى نفسه بإعتباره إبن ألأنسان لم تكن تأكيدا على الناسوت ، بل كانت إشارة الى دانيال "7 : 13-14"، حيثُ يُرى إبن ألأنسان وهو له السلطان الكلي والمُلك ألأبدي ، والذي يقبل عبادة كُلِّ ألأمم . قال باحث :" وهكذا ، فإنَّ تأكيد أنَّ يسوع إبن ألأنسان هو تأكيد على ألألوهية ".
قال إدوبن باموسب من جامعة ميامي – وهو خبير بارز في التاريخ القديم :" لدينا توثيق تارخي عن يسوع أفضل مما لدينا عن مؤسس أيّة ديانة قديمة أُخرى ". فالمصادر من خارج الكتاب المقدّس تؤيد أنَّ كثيرون آمنوا أنّ يسوع أجرى مُعجزات شفاء ، وأنَّهُ كان المسيا ، وأنَّهُ صُلِبَ ، وأنَّهُ رغم موته المخزي ، فإنَّ أتباعهُ الذين آمنوا أنَّهُ كان لايزال حيا قد عبدوهُ كالله .وثّقَ أحد الخُبراء 39 مصدرا قديما أكَّدت أكثر من مائة حقيقة حول حياة يسوع ، وتعاليمهُ ، وصلبِهِ ،وقيامَتِهِ. فهناك سبعة مصادر مدنية ، والعديد من القوانين المسيحية المبكرة تخص لاهوت يسوع ، وهو تعليم "حاضر تماما في الكنيسة ألأولى" وفقا للدكتور جاري هابيرماس الذي كتب "يسوع التاريخي ".
أمّا جاري كلولنز – أُستاذ علم النفس لمدة 20 عاما ، ومؤلف 45 كتابا متعلقا بعلم النفس – قال :"إنَّ يسوع لم يُبيّن مشاعر غير مناسبة ، بل كان متصلا بالواقع ، وكان لامعا ذات افكار مدهشة في الطبيعة ألأنسانية ، وقد تمتع بعلاقات مستمرة عميقة . واستنتج كولنز :" لا ارى علامات أنّ يسوع كان يعاني من ايِّ مرض عقلي معروف." وبالأضافة الى ذلك ، فقد دعّم يسوع تأكيده بأنَّه الله من خلال ألأعمال ألأعجازية للشفاء ، والأظهارات المدهشة لسلطانه على الطبيعة ، والتعليم الذي لايُنافس ، والفهم ألألهي للبشر ، وقيامته التي كانت الدليل الجوهري لألوهيّته .(2)
يقول فيليب يانسي :"إنني ارى الآن أنّ حياة يسوع تواصل سيرها ، أو تُهاجم بناء على إدِّعائه أنَّهُ إبن الله . ولا أستطيع أن أثق في غُفرانه الذي وعد به ما لم تكن له السلطة التي تُدعم هذا الوعد. ولايمكنني أن اثق فيما قاله عن الجانب ألآخر من الحياة : "أنا ذاهب لأعد لكم مكانا ". ما لم أؤمن بما قاله أنَّهُ جاء من عند ألآب ، وسيعود الى هناك .
ومن المهم للغاية- ما لم يكن هو الله – أن انظر الى الصليب على أنّهُ عمل إلهي قاس أكثر منه محبّة وتضحية . ويقول الرسول بولس :"إنَّ الله في المسيح صالح العالم لنفسه".، وبطريقة يصعب فهمها إختبر الله في الصليب بنفسه . وإلاّ فإنّ الجُلجُثّة تُسجِّل في التاريخ على أنَّها إساءة لأنسان كوني ، وليس ما نسميه بالجمعة العظيمة (يوم صُلِبّ المسيح) ".
يسرد لنا فيليب يانسي قصة حدثت بجامعة هارفارد فيقول:
"يتذكّر جورج بتريك القس السابق بجامعة هارفارد عندما كان الطلبة يحضرون الى مكتبة ، ويعلنون:"أنا لا أؤمن بالله "، ويرد عليهم جورج بتريك بكلمات تُعطِّل فعالية هذا الأعلان: "إجلس واخبرني اي اله لاتؤمن به . من المحتمل أنني أيضا لا أؤمن بالله ". ثُمَّ يبدا القس بتريك يتحدث إليهم عن يسوع الذي يُصحِّح كُلِّ إدّعاءاتنا عن الله .
وتميل كتب اللاهوت لتعريف الله بتعريفات احيانا تكون خاطئة :" الذي لايموت ، الذي لانراه ُ ، غير المحدود ". ولكن ماذا يُشبه الله ؟ بالنسبة للمسيحي ،فإنّ يسوع أجاب على مثل هذه ألأسئلة الهامة . لقد قال الرسول بولس عن يسوع أنَّهُ :"صورة الله غير المنظور " لقد كان يسوع هو نسخة طبق ألأصل من الله : لأنَّ الله سُرَّ أن يُعطيهِ كُلِّ الملء . واقول كلمة واحدة :إنَّ الله هو شبه المسيح . لقد قدَّم لنا المسيح الله مجسَّدا الذي إمّا أن نأخُذُهُ أو نتركهُ، نُحبُّهُ أو نتجاهَلَهُ. ففي هذا النموذج المجسَّم يُمكِنُنا أن نرى ملامح الله بوضوح أكثر ...يجتمع الذين يؤمنون بالله في منازلهم الخاصة ، فيرنمون ، ويتحدّثون مع الله على أنّهُ اباهم (وهي الصلاة التي علمها يسوع المسيح لتلاميذه وتُسمّى الصلاة الربانية ) . لم يعد هناك خوف ، ولا طقوس معيَّنة تُتَّبع ، لا داعي للذبائح ، والموت غير موجود في العبادة فيما عدا فريضة العشاء الرباني. بهذه الطريقة أدخل يسوع تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب منا . ولليهود الذين لايجرؤون أن ينطقوا باسم الله ، جاء يسوع بالكلمة الآرامية " آبا " ، إنّها كلمة مالوفة للآراميين للتعبير عن العواطف الأسرية ، فكلمة بابا أوّل كلمة يطلقها الطفل ، ولكن قبل المسيح لم يفكر احدٌ على ألأطلاق بالنطق بكلمة (أبانا) ليهوة إله الكون العظيم . وبعد المسيح اصبحت كلمة التخاطب المتداولة حتى في المجتمعات اليونانية ، وهم في ذلك يقلِّدون المسيح ، فاستعاروا الكلمة ألأجنبية ، ليعبّروا عن علاقتهم الوثيقة بالآب . يسوع المسيح أظهر تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب مِنّا . واليهود الذين يعرفون إلها بعيدا عنهم . جاء المسيح برسالة تقول بأنَّ الله يهتم بِعُشب الحقل ويُطعِم عصافير السماء ويُحصي شعور رؤوسنا .إنّ يسوع يكشف لنا عن إله جاء يبحث عنا ، اله منحنا الحرية حتّى كلَّفهُ هذا حياة إبنهِ .إله يحب ويشتاق أن نُحبُّهُ.وهو يقول لنا :" لوكُنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضا"يوحنا 14 :6"
حادثة حدثت عندما كان يسوع معلقا على الصليب صادقت على ألألفة الجديدة بالكنيسة الوليدة .يقول البشير مرقس :أنّ يسوع عندما كان يلفظ أنفاسه ألأخيرة :" إنشقَّ حجاب الهيكل الى نصفين من أعلى الى اسفل.كان هذا الحجاب بمثابة لقدس الأقداس حيث حضور الله . وكما كتب الرسول للعبرانيين : إنَّ شق الحجاب يبين بما لايدع مجالا للشك ما حقّقه موت المسيح . لم يعد هناك حاجة الى ذبيحة ، ولم يعد رئيس الكهنة يرتعش ، وهو يدخل قدس الأقداس (سقط الحاجز بين الله والأنسان بذبيحة المسيح الفادي للبشرية ).ونحنُ الذين في العصر الحديث قد عشنا في ظلِّ علاقة وثيقة جديدة مع الله لمدة طويلة حتى ان الأمر أصبح عاديا بالنسبة لنا . فنرنّم لله ، ونتحادث معه في الصلاة . وفكرة الذبيحة بالنسبة لنا تبدو شيئا بدائيا . إنَّنا ننسى بسهولة كم كلَّف هذه الأمر المسيح لكي ياتي بنا الى ألأقداس ، لنستمتع بالحضور ألدائم في حضرة الله . نحنُ نعرف الله على أنّه ابونا المحب على اساس عمل المسيح (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنونَ بإسمِهِ ، فأعطاهم سُلطانا أن يصيروا أبناء الله "يوحنا 1 :12" ...إنَّ يسوع يكشف لنا عن إله يبحث عنا ، إله منحنا الحرية حتى كلَّفهُ هذا حياة إبنهُ . إله حسّاس وسريع التاثير . وفوق كل هذا فإن يسوع كشف لنا عن الله الذي هو محبّة.
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." يوحنا 3 : 16" (3)
أمّا كوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير " يقول:
"إنَّ يسوع ، على هذه الشفافية الناصعة لنور الله ، كشف لنا حقيقة الله كاملة ، إن بسلوكه أو بتعليمهِ
1 – بسلوكه :
أ – جواب يسوع عن سؤال يوحنا المعمدان الذي كان ينتظر شأنه شأن فرقة "ألأسينيّين " وهم رهبان يهود عاشوا في ذلك العصر (راجع مخطوطات قمران)، الذين كانوا يؤمنون أن يأتي الله بقوّة ساحقة ليبيد أعدائه ويقيم على أشلائهم مملكة البرّ "متى 3 : 10-12"هاهي الفاسُ على أُصول الشجر.." وقد إعترف ، يوحنا المعمذان ، بالروح على أنّ يسوع هو المسيح المُنتظر ."متى 11 :2،3" .
عندما سمع يوحنا المعمذان ، وهو في السجن ، بأعمال المسيح ، أرسل إليه بعض تلاميذه ، يسألهُ :"أأَنتَ هو ألآتي (اي المسيح المنتظر)، أم ننتظر غيرك؟. أدرك يسوع قصد يوحنا من سؤاله فما كان جوابه اليه؟:
"إذهبو أخبروا يوحنا بما تسمعون وترون : العُميُ يُبصرون ، والعُرجُ يَمشون ، والبُرصُ يطهَّرُون ، والصُم يَسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشِّرون . وطوبى لِمَن لايشكُّ فيَّ". وكأنّه يقول له : إنَّك تنظرأن يُعلن الله عن نفسه بالغضب الساطع المُدّمِر : ولكنه بالفعل إنّما يكشف إقترابه بالرحمة المُحبّة والمحرّرة الممنوحة لمسحوقي ألأرض والتي سبق للنبي أشعيا ان تحدث عن بزوغها في يوم مجيء الرب "اشعيا 26 :19 ،29 :18 ، 35 :5 ،16 : 1"
يوحنا المعمذان شهد على حقيقة كون يسوع المسيح جاء من السماء اذ يقول :"من جاء من فوقُ، فهو فوقَّ الناس جميعا . ومن كان منَ ألأرض ِ ، فهو أرضيٌّ وبكلام أهل ألأرض يتكلَّم . من جاء من السماء ، فهو فوق الناس جميعا ، يشهد بما رأى وسَمِعَ ولا أحد يقبلُ شهادَتُه . من قبل شهادتَهُ شهد أنَّ الله صادق .."يوحنا 3 :31- 33".
وهذا ما قاله يسوع المسيح لنيقاديمس رجل الدين اليهودي :
"ما صعَدَ أحدٌ الى السماء الاّ إبنُ ألأنسان الذي نَزل مِنَ السماء ."يوحنا 3 : 13".
وقال يسوع للفريسون والعلماء اليهود:"...أنتم من أسفل أمّا أنا من فوق .. أنتُم مِن هذا العالم . وما أنا من هذا العالم " يوحنا 3 : 23 "
أمّا شهادة الحق فلن تُفرض نفسها بالقوة الساحقة بل بشق طريقها عبر إخلاص حتى الموت ...والقيامة .
بهذا البرنامج الذي رسمه وحققه المسيح لرسالته ، قلب المفاهيم الشائعة عن نمط تدخل الله في ألأرض ليقيم فيها مملكته . وإنّنا لنجد ذات البرنامج في تلك الخطبة التي القاها يسوع في مجمع الناصرة ودشن بها رسالته :"روح الربَّ علي لأنّهُ مسحني لأْبشّر المساكين ، أرسلني لأنادي للأسرى بالحريّة ، وللعميان بعودة البصر اليهم ،لأحرِّر المظلومين,وأُعلن الوقت الذي فيه يقبلُ الربُّ شعبه "لوقا 4 :18"
ب – جواب يسوع على طلب وجّهَهُ اليه يعقوب ويوحنا إبنا زبدي ، اللذان طلبا من يسوع المسيح ان يُنزل النار على قرية للسامريين لأنهم رفضوا استقبال المسيح والتلاميذ ، فانتهرهما يسوع (لوقا 9 :51-54) ووصفهما ب"اولاد الرعد" وقال لهمها ": لستما تعلمان من أيّ روح أنتما ،" فإنَّ إبن ألأنسان لم يأتي ليهلك نفوس الناس بل ليخلّصها"."الله ارسل إبنه الى العالم لا ليدين العالم ، بل ليُخلِّص به العالم " يوحنا 3 :17"
ج- تصرف يسوع عند القاء القبض عليه كانت صورة المسيح (ألآتي) مقترنة في الذهنية اليهودية التي نشا عليها التلاميذ وتشبَّعوا منها ، كانت مقترنة بصورة ألأقتدار الكلي والجبروت . فالمسيح ، بموجب هذه الذهنية ، وإن لم يكن قد إتَّضح جليا بعد أصله ألألهي، إنَّما كان يُعتَبَر بحق ممثل الله في ألأرض ، والمُنفّذ ألأسمى لمقاصده في التاريخ . من هُنا ألأعتقاد الشائع بأنَّهُ سيسود في ألأرض دون مُنازع ،لأنَّ قُدرة الله ستسحق ألأعداء تحت قدميهِ . لذا لم يكن يؤبه لتلك المقاطع الغامضة من نبؤءة إشعيا النبي المتعلقة بشخصية "خادم الرب " المتألم " وبغيرها من النبؤاة المماثلة ، التي تُصوّر المسيح على أنَّهُ "رجل اوجاع"راجع اشعيا 53"، وبالعكس كانت تُبرز الى الواجهة نصوص تؤخذ بمعناها الحرفيّ وهي تتحدَّث عن عزَّة المسيح وإقتداره الساحق " قال الربُّ لربّي : إجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك "مزمور 110" ."عصا قوّة يرسل لك الرب من صهيون فتسود وسط اعدائك ... معك الرئاسة في يوم قوّتك .."..الخ
تلك هي بالضبط الصورة التي قفزت الى أذهان التلاميذ عندما تيقّنوا بأنَّ يسوع هو مسيح الله .يسوع خيّب آمالهم واحلامهم ، فيُعلن المرّة تلو المرة عن قُرب آلامه وموتهه ، والتلاميذ لايفهمون . وكيف لهم أن يفهموا أن يفشل المسيح في إقامة ملك ظاهر في ألأرض . بمجرَّد التفكير بفشل المسيح كان يُزعزع مُجمل تصوّرهُم عن الله ، إذ كيف يُعقَل أن يقبل الله بفشل ممثّلُهُ ومُنفّذ أوامره دون أن يُزلزل ألأرض بالمتآمرين ويسحقهم سحقا ويبيدهم من أمام وجههِ ...لقد كان إنباء يسوع عن إقتراب آلامه ، وما تراءئ لهم عبر هذا ألأِنباء من ضعف ظاهري لله نابع من إحترامه المُذهل لحُرّية المخلوق . لقد كان هذا ألأعلان بمثابة طعنة عنيفة للتلاميذ ، فثار بطرس وزجَر يسوع على كلامه هذا ، فنال منه جوابا قاسيا وبَّخَهُ فيه المُعلّم على إنقياده الى "أفكار الناس" (الناس الذين تشوّهت فيهم صورة الله فلم يعودوا قادرين على تصوّره بغيرصورة ألأله الساحق الماحق) دونَ "افكار الله "
يقول الله على لسان إشعيا النبي :
«"لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ." إش 55: 8"
لقد صعقوا التلاميذ حين أتى الجُند ليلا ووضعوا اليد على مسيح الله دون أن تنشقُّ ألأرض وتَبتَلِعَهم . وكأنّى ببطرس ، في تلك اللحظة الرهيبة ، يقوم بحركة يائسة يُعبِّر فيها عن مرارة إنهيار أحلامِهِ ، فيستلّ سيفهُ ويضرب به أحد خُدام رئيس الكهنة فيقطع أذُنِهِ . وإذا بيسوع يُعاتِبُهُ في هذه المرّة ايضا فيقول له :
"إغمد سيفك ّ ، فمن يأخُذ بالسيف يهلُك. أو تظُنّ إنّي لا أستطيع أن اسال ابي فيمدُّني في الساعة بأكثر من إثني عشر فيلقا من الملائكة ؟ (متى 26 :52)
وكأنّ المسيح يقول له : إنّ الله كُلّي ألأقتدار فعلا ليبيد أعدائي واعداءهُ ...ولكن الله يعلو على إقتدارهِ هذا لأنّهُ محبّة "حنونيّة " ،(ذلك هو "الحب الجُنوني " الذي تحدّث عنهُ مكسيموس المعترف ونقولا كاباسلاس ) يحترم حُرّية المحبوب ، الى حدّ القبول بمعاناة رفضهِ الكامل ، القاتل ، لها . من هُنا إنَّني لم أسأل أبي أن يتصرَّف خلافا لحقيقته ، وهذا هو معنى هُتافي "لا كما أنا أشاء ، بل كما أنتّ تشاء" .ذلك الذي أطلقتهُ في بستان الجسمانيّة حيث عُشتُ المخاض العسير الذي عبره سطعت في إنسانيّتي صورة الله على حقيقتها الناصعة العجيبة .إنّ سلوك يسوع المسيح هذا عبّر عن وجه الله الحقيقي المُتجلّي في إنسانيّة المسيح . من هنا لايُمكن أن تكون لنا معرفة صحيحة عن الله ، معرفة لاتشوبها اسقاطاتنا ، إلاّ تلك التي نجنيها من رؤيتنا لأنسانية يسوع . بهذا المعنى قال السيّد :"من رآني فقد راى الآب"يوحنا 14 :9" وايضا:"لايعرف ألآب إلاّ ألأبن ومن أراد ألأبن ان يكشف له "متى 11 :27". وعن المسيح قال الرسول بولس إنّهُ "صورة الله الذي لايُرى"كولوسي 1 : 15": "الله واحد والوسيط واحد بين الله والناس وهو ألأنسان يسوع المسيح "1تيموثاوس 2 : 5"
2- بتعليمه
ومما يؤكّد كون يسوع أيَّد بتعليمه عن الله صحّة صورة الله التي تتجلّى في سلوكه ألأنساني . فمثلا نرى أنّ محبة ألأعداء التي نادى يسوع بها إتّخذت نموذجا لها سلوك الله نفسه ،بحيث تبيّن بأن الله ليس ألأله المنتقم الذي يقابل الشرَّ بالشرّ ، بل هو ذاك الذي يُنعم بخيراته على ألأخيار وألأشرارعلى حدّ سواء ، ذلك الذي هو "رحيم "أي واسع القلب الى حدّ أنّه يشمل برحابة حُبِّه ألأبرار والأثمة . "أحبّوا أعداءكم ......فتكونوا بني ابيكم الذي في السماوات ،لأنّه يطلع شمسه على ألأشرار والأخيار ، وينزل غيثه على ألأبرار والفُجّار "مى 5 : 44-45". ...كونوا رُحماء كما أنَّ أباكم رحيم "لوقثا 6 : 35 -36 "(2)
هكذا يسوع المسيح وهو مسمّر اليدين والرجلين على الصليب ، أشفق على صالبيه الذين كانوا يستمتعون بتعذيبه وتعييره وإذلاله والأستهزاء به ، فطلب من أبيه السماوي ان يغفر لهم قائلا:" إغفر لهم يا ابي لأنَّهم لايعرفون ماذا يعملون "لوقا 23 :34 ".
المصادر
تم اقتباسي للموضوع من خلال قرائتي للكتب التالية:
( 1) كتاب "المسيح الذي لم اكن اعرفهُ " للكاتب فيليب يانسي
(2) كتاب "القضية...المسيح " للكاتب لي ستوبل
( 3 ) المصدر (1) اعلاه
(4)كتاب "الله والشر والمصير" كوستي بندلي

18
سلام المسيح اخي وردا
موضوع مهم جدا عن واجبات الأنسان نحو الطبيعة ومستقبله

وَرَأَى اللهُ كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا. وَكَانَ مَسَاءٌ وَكَانَ صَبَاحٌ يَوْمًا سَادِسًا." (تك 1: 31.
عبر الله بطريقة بشرية ، عن ملئ رضاه امام هذه الخليقة، التي هي تتمّة مقصده حين خلقها . لقد سُرَّالله بكّل ماخلق ، لأنّه كان حسنا من كل وجه . ونحن جزء من خليقة الله
واي تشويه او تلاعب بالطبيعة التي خلقها الله فهي خطئية
واليوم للأسف هناك تلوث للطبيعة بالغازات المنبعثة والحرائق والقضاء على المساحات الشاسعة من الأراضي الخضراء ...الخ
إن تقسيم اللاهوت إلى "لاهوت طبيعي" و"لاهوت الوحي" له جذوره في كتابات اللاهوتي الكاثوليكي توماس الإكويني(1224 – 1274 م). ففي إطار محاولة لتطبيق منطق أرسطو على الإيمان المسيحي، أكد الإكويني قدرة الإنسان على إدراك حقائق معينة عن الله من خلال الطبيعة وحدها. (يسمّى الأعلان العام) أي انّ الله معلن من خلال الطبيعة والكون )
فككلّ من يحاول تشويه صورة هذه الطبيعة كانه يشوه صورة الله لان الأنسان يستطيع معرفة الله من خلال خلائقه
نحن مسؤلين عن الطبيعة والخليقة كلها بالحفاظ عليها لتعكس طبيعة الله الخالق

محبتي

19
سلام المسيح اخي وردا مقال رائع عن المحبة في الكتاب المقدس
المسيحية قائمة على ثلاثة أركان هي: ألأيمان ، الرجاء، المحبة. وأعظم هذه الثلاثة هي المحبّة.
نعم المحبة هي محور الكتاب المقدس وجاء المسيح ليختصر كل الكتاب المقدس بوصية الله «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ»." (لو 10: 27).
 ويعبّر الله عن محبّته لشعبه على لسان النبي هوشع بأروع تعبير فيقول:
"وأنا الذي علّمهم المشي وحمَلَهم على ذراعه...جذبتهم اليَّ بحبال الرحمة وروابط المحبة، وكنتُ لهم كأب يرفعُ طفلا على ذراعهِ ويحنو عليهم ويطعمهم".
"يقول الرسول يوحنا تلميذ يسوع المسيح:"هكذا أحبّ الله العالم حتّى وهب أبنه الأوحد, فلا يهلك كُلِّ من يؤمن به , بل تكون له الحياة ألأبدية"يوحنا 3 :16".
محبتي

20
سلام المسيح اخي وردا
 
عندما خلق الله آدم، قال الله بأنّ كل ما صنعه "هو حسن" ثم خلق المرأة لتكون معينا للرجل، لانّه رأى أن "ليس جيدا أن يكون آدم وحده "تكوين 2 :18". هذا سرٌّ عميق: الرجل والمرأة، الذكر والأنثى ينتميان معا كصورة لشخصية الله، وكلاهما يمكن ان يوجد في الله ، ومعا يصيران كيانا لايمكن ان ينفصل او يتجزأ
لاشيء على الأطلاق أكثر صعوبة على المرء من ان يتحمل الوحدة. فقد قيل أنّ المساجين في السجن الأنفرادي يفرحون لدى رؤيتهم للعنكبوت فقد رأوا على الأقل شيئا ينتمي الى عالم الأحياء.
لقد خلقنا الله لنكون كائنات إجتماعية متقاسمة. في حين أنّ عالمنا المعاصر مجرد من العلاقات وبشكل فظيع.. لقد تمخَّض التقدم التكنولوجي عن افساد المجتمع في مجالات متعددة من الحياة، وبشكل متزايد، فقد جعلت الآلة الناس يبدون غير ضرورين.
نعم الزواج مكرم ومقدّس. وفي العهد القديم يستخدم الأنبياء الزواج لوصف علاقة الله مع شعبه. "وأخطبك لنفسي الى الأبد. وأخطبك لنفسي بالعدل والحق والأحسان والمراحم. أخطبك لنفسي بالأمانة فتعرفين الربّ "هوشع 2 :19-20". هنا يُعلن الله محبّته بطريقة خاصة لجميع الناس، ممثلا في الرباط الفريد بين الزوج وزوجته. هذا في العهد القديم. أمّا في العهد الجديد يُستخدم الزواج كرمز للوحدة بين المسيح وكنيسته. ففي انجيل يوحنا يُشبّه المسيح بالعريس، وفي سفر الرؤيا نقرأ انّ " عُرس الحمل قد جاء، وأمرأته هيّأت نفسها" رؤيا 19 :7". وتحويل المسيح للماء الى خمر في عرس قانا، لم يكن امرا بلا مغزى، فمن الواضح انه كان لديه فرحا عظيما بمسألة الزواج. لكن من الواضح أيضا انّ الزواج في نظر المسيح امر مقدّس، وينظر اليه بجدية ويتحدث بصرامة بلا مساومة ضد ادنى خطوة ترمي الى تدمير الزواج او التحلل من رباطه، اسمعه يقول : "إذا  ليس بعدُ أثنين بل جسدٌ واحدٌ. فالذي جمعه الله لايفرقه انسان "متى 19 :6"
محبتي

21
سلام المسيح اخي وردا
المسيحي الحقيقي هو من يعيش يوميا وفقا لوصايا الإنجيل -بحيث يتضامن كليا مع اخوته - كما عاش يسوع المسيح مع تلاميذه، لأن طريق المسيح ليس طريقا فردانيا، وإنما طريق الجماعة والتضامن، والكنيسة المتّحدة، والتوكل الكامل على إرشاد الروح القدس، والاقتداء بحياة الكنيسة الرسولية، التي تعتبر منهل الحياة المسيحية. جهادنا هو جهاد روحي لنشر المحبة والسلام والتبشير ببشارة الخلاص بيسوع المسيح الذي غلب الموت بقيامته ليقيمنا نحن ايضا لنعيش في ملكوته الأبدية.نحن اخوة باتحادنا مع المسيح الذي اختارنا لابسبب استحقاقنا الخاصة ، بل بنعمة مجانية منه من أجل رسالة (تسالونيكي 1 :4)
يقول المطران ميشال قصارجي في مقالة له بعنوان "نحن الكلدان، شهودٌ للكلمة وشهداء الحق” :
"الشاهد الأوَّل والشهيد الأكبر، الذي غلب الموت بسلطان الحب وسلّمنا كلام الحياة زاداً لطريق السماء، ان نبقى بنعمته شهوداً لكلمته فنعيشها ونتّخذها لنا مصباحاً يُنير خُطانا ويهدي سبيلنا الى الحياة، ولئن هبّت علينا عواصف الدهر العاتية، له المجدُ مع ابيه وروحِه القدوسِ الى الأبد.”
لقد شهدت بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان موقفاً هامّاً لقداسة البابا فرنسيس في يوم الأحد 12 نيسان 2015، هو بمثابة علامة رجاءٍ جديدةٍ لنا؛ إذ اعترف قداستُه علناً بالإبادة الأرمنيّة، ولكن أيضاً السريانيّة والأشوريّة والكلدانيّة… مؤكّداً على كون كنيستنا كنيسةَ الشهادة الرافعة لواءَ الإنجيل ببسالةٍ. “
 أضاف “الكنيسة الكلدانية هي “كنيسةُ الشهداء” وبهذا الاسم عُرِفَت. لقد استشهد مبشّرها القديس توما الرسول دفاعاً عن إيمانه بالرب يسوع، وعلى خُطى الشهادة سار البطريرك يوحنا سولاقا وقبله شمعون برصبّاعي(انتهى الأقتباس).”
نعم تاريخ الكنيسة -سواء الكنيسة الشرقية او الغربية- شاهد حي على الشهادة والأستشهاد ، تطبيقا لقول المسيح :" إذهبوا الى العالم كُلّه ، وأعلنوا البشارة الى الناس أجمعين "مرقس 16: 16"
وكما يقول بولس الرسول:" وانا لا استحي بإنجيل المسيح، فهو قدرة الله لخلاصِ كُلِّ من آمن .."رومة 1 :16"




22

الأخ وردا إسحاق
شكرا اخي وردا على ما اضفته من المعلومات عن جريمة قاعة الهيثم في بغديدا والتي راح ضحيتها اكثر من 120 شهيد
نعم هناك مخطط تهجير وافراغ الشرق الأوسط من المسيحيين ،وهذا المخطط لن يتم الا بالترهيب والقتل والأختطاف واحتلال الأراضي والممتلكات للمسيحيين خاصة في العراق وبالذات في سهل نينوى . والمخطط برأيي الشخصي هو قديم قدم احتلال ارضنا ومقدساتنا وكان اخرها دولة الخلافة الأسلامية (داعش) وبعدها الميليشيات الشيعية والحكومات الفاسدة التي تعيث في الأرض فسادا وتحاول احتلال سهل نينوى وهو اخر معقل للمسيحيين في العراق .
نعم حريق قاعة العرس في بغديدا هو ليس الأول في تاريخ الجرائم بحق المسيحيين ولن يكون الأخير طالما هناك ايدولوجية تريد القضاء على الوجود المسيحي في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة
رحم الله شهداء بغديدا فدمهم لن يذهب هباءا والعدالة الإلهية لايمكن الا ان تسود في النهاية والحق يجب ان يظهر ولو طال الزمن
تعازينا الحارة لعوائل الشهداء طالبين من الرب ان يعطي الصبر والسلوان للعوائل التي فقدت اعز أبنائها صلاتنا وطلباتنا للرب ان يغمرهم بمحبته وحنانه ، فهم احياء ولم يموتوا بل انتقلوا من الموت الى الحياة الأبدية

23

من يتحمّل مسؤولية شهداء حريق "قاعة الهيثم" في الحمدانية؟
نافع شابو
مقدمة
التقرير الصادر في 127 صفحة، "دبحونا من جوا": تحقيق في انفجار 4 أغسطس/آب في بيروت"، يعرض أدلة على السلوك الرسمي، في سياق الفساد وسوء الإدارة منذ زمن طويل في المرفأ، الذي سمح بتخزين أطنان من المركّب الكيميائي القابل للانفجار نيترات الأمونيوم عشوائيا وبطريقة غير آمنة لست سنوات تقريبا. تسبَّب انفجار المادة الكيميائية بأحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ، ودمّر المرفأ، وألحق أضرارا بأكثر من نصف المدينة.
•   تشير الأدلة إلى تورط مسؤولين لبنانيين كبار في انفجار 4 أغسطس/آب 2020 في بيروت، لكن المشاكل البنيوية في النظامين القانوني والسياسي تسمح لهم بتجنب المساءلة.
•    قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها الصادر في 3 آب 2021 إن الأدلة تشير إلى تورط مسؤولين لبنانيين كبار
•   بعد مروراكثر من ثلاثة سنوات، ما زالت آثار الانفجار، الذي قتل 218 شخصا وأصاب 7 آلاف وهجّر أكثر من 300 ألف شخصا، محفورة في المدينة، وما زالت عائلات الضحايا بانتظار الإجابات. (1)
. وما بعد مأسات تفجير ميناء بيروت الى يومنا هذا هناك عراقيل لأجراء التحقيق في سبب هذا الأنفجار
عندما نرجع الى حدث انفجار ميناء بيروت   ونقارنه بحريق قاعة الهيثم في الحمدانية سنكتشف انهما وكانهما وجهان لعملة واحدة. حيث أدى اشتعال حدث خلال عدة دقائق في مرفأ بيروت إلى انفجار كبير وهائل هز بيروت العاصمة اللبنانية والمناطق المحيطة، وترددت أصداؤه في المدن والبلدات المحيطة على مسافة 40 كيلومتراً. هكذا كذلك يروي شهود عيان لحريق قاعة الهيثم الى اشتعال القاعة خلال عدة دقائق وحصول ما يشبه انفجار، مما يطرح تساءلات عديدة حول ماهي أسباب هذه الحادثة -وغيرها كثيرة طبعا -؟ وهل هناك من يقف وراء هذه الجرائم البشعة؟ وهل انتشار الفساد والرشوى وسيطرة الميليشيات على مؤساست الدولة في هذه الدول هي المسؤولة المباشر لهذه الحوادث؟
هناك أيضا هدف وراء هذه الحوادث هو تهميش المسيحيين وتهجيرهم - سواء في العراق ولبنان، وسوريا - وإحدى تلك الوسائل هي تفجير ميناء بيروت وحريق قاعة الهيثم في الحمدانية. حيث أشارت تقارير عن تهجير 300 ألف لبناني (غالبيتهم مسيحيين متضررين من الأنفجار) وهكذا ما حدث في سوريا ويحدث في سهل نينوى. الهدف منه هو تهجير ما تبقى من المسيحيين في المنطقة لكي تسيطر الميليشيات والحشد العميلة لأيران على هذه المناطق وخاصة سهل نينوى، التي كان يقطنه الغالبية من المسيحيين عبر الاف السنين 
  إنّ التغيير الديموغرافي للأستيلاء على سهل نينوى هو جاري على قدم وساق وما قرار رئيس الجمهورية الحالي بشأن نزع صلاحيات البطريرك لويس ساكو الا مؤشر خطير لبدايات تنفيذ مخطط إيران في البلدان الثلاثة (العراق سوريا ولبنان) ومن خلال عملائها التي على راسها الحكومة الموالية الحالية وميليشياتها وخاصة حزب الله في لبنان وسوريا والعراق. ولا ننسى السبب الأهم وهو انتشار الفساد والرشوى الذي ينخر بهذه الدول.
جاء في نشرة الكترونية لصحيفة   "اندبيندت" INDEPENDENT    موضوع بعنوان: الفساد في العالم العربي: انتشار سراً وعلناً مايلي:
ان الفساد ليس مرضا عابرا، أو وعكة صحية يمكن الشفاء منها ببعض المسكنات. فقد أصبح انتشاره يشبه الآفة، أو الوباء بعدما توغل في المؤسسات الحكومية، ليخرج من الدواوين الرسمية إلى الشارع، ومن ثم يتحول إلى ثقافة عامة، تعتبر الوسيلة الأنجع في قضاء المصالح، وإنجاز المهمات.
مؤشر مدركات الفساد 2021، الذي أصدرته "منظمة الشفافية الدولية" كشف عن أرقام صادمة، تدق ناقوس الخطر في الوطن العربي، فكُرة كرة ثلج الفساد التي تكبر وتتدحرج، على الرغم من القوانين التي سنتها أغلب الدول لمكافحتها والهيئات التي دشنت تحت مسميات براقة نحو مكافحة، ونزاهة، والوقاية، ألقت بظلالها على ملفات عدة، إذ تسرب الفساد إلى الاقتصاد والسياسة والمجتمع. (2)
دول عربية سجلت أسوأ الدرجات.. تقرير عالمي يؤكد ارتباط الفساد والعنف
خلص مؤشر مدركات الفساد لعام 2022، إلى أن "الحكومات الفاسدة تفتقر إلى القدرة على حماية الشعوب، بينما من المرجح أن يتحول السخط العام هناك إلى أعمال عنف". (3)"
حريق قاعة الهيثم في الحمدانية
اندلع حريق في قاعة زفاف بقضاء الحمدانية، التابع لمحافظة نينوى في 26 سبتمبر 2023، وكانت نتائج هذا الحريق موت أكثر من 120 شخص الى الآن ولازال الرقم مرشح للزيادة مع إصابة المئات بمختلف دراجات الأصابة.
نعم يتهمون الدفاع المدني وصاحب القاعة وموظفين مامورين في حين الحيتان الكبيرة هي التي تتحكم بمصير الشعب، وهي المسؤولة عن هذه الجرائم ويجب ان تحاسب.
 التحقيقات الأولية مع مالك "قاعة الهيثم" تثبت تورط "بابليون" في الفاجعة. "نار الفساد" تحرق أهالي الحمدانية ...اسامة الكلداني زعيم مافية مسلّحة تتحكّم بمصير مسيحيي سهل نينوى. وكل الفصائل الموالية (لأيران) والحشد الشعبي هي تتحمل المسؤولية. هذه الفصائل لها حصص في جميع المشاريع في العراق. لذا هناك خشية من التأثيرات السياسية على سير التحقيق في حادث حريق الحمدانية. (4)
حريق بغديدا في قضاء الحمدانية وروايات الناجين..
الأدلة التي تم الحصول عليها في كون حريق "قاعة الهيثم" في الحمدانية قد يكون مفتعل ومخطط له:
1-   فيديو متداول لشاب يرفع "علامة النصر" أثناء الحريق - في حفل زفاف في قاعة الهيثم في "الحمدانية"- يثير شكوكا وتساؤلات .(5)
2- احد المدعوين يقول: صاحب القاعة فكّك جهاز حفظ معلومات كامرات المراقبة وفرّ هاربا
3   - شهود يقولون الكارثة لم تكن بسب الألعاب النارية (لأنها مصممة خصيصا لهذه المناسبات وهناك ادلة من خلال مشهد لمصور قبل الحريق وهو يمر من خلال شعلة الألعاب النارية ولم يصب باي حريق)
-يقول شاب عراقي عاش الحدث: الحريق مفتعل ومتفق عليه ومرتب قبل ان يذهبوا العرسان للعرس
والدليل هو هذا الجهاز للألعاب الناري (ويقوم الشاب بتشغيله) لايحرق الورق ولا حتى كيس النايلون. لأن الجهاز مصمم خصيصا للأعراس. يضيف الشاب ويتسائل: الى من توجه أصابع الأتهام؟ فيجاب بالتأكيد هو ريان الكلداني. يا للأسف هو كلداني لأنه بدل ان يكون سندا للمسيحيين فهو باعهم وضحى بهم
4- شهود: شخص ابلغ صاحب القاعة أن أجهزة التبريد قد أُطفئت دون أن يعلم انها كانت تحترق لحوالي نصف ساعة دون ان ينتبه لها احد ، والذي اشعل جدران القاعة من الخلف
5- شهود: صاحب القاعة قطع التيار الكهربائي عن القاعة فزاد التدافع وعدد الضحايا حيث سادت العتمة والظلام فظلّ الحاضرون طريق النجاة وكثر التدافع 
يقول شاهد عيان الذي فقد طفله وأصبح رمادا!!!!!: في اللحظات الأولى من اندلاع الحريق أطفأ صاحب القاعة التيار الكهربائي عن كامل صالة الحفلة، وعندما اردت حمل قواطع الكهرباء مجددا اخبرته ان القاعة مظلمة والمحتفلون ليس بإمكانهم من الرؤيا، منعني وطردني من الغرفة وقال لي لاعلاقة لك بالأمر. لقد فكّك نظام حفظ معلومات كامرات المراقبة، كما ترون هنا (إشارة الى موقع نظام حفظ معلومات كامرات المراقبة) واخذ الأموال التي كانت في الخزنة وجميع اغراضه الشخصية وهرب من الشباك بعد ان كسر زجاج النافذة بالكرسي وخرج هاربا.
ويضيف الشاهد فيقول: اريد ان اسأل هذا الأنسان (صاحب القاعة) كيف يطاوعك قلبك ان تهرب هكذا وتترك هؤلاء الأبرياء داخل القاعة تلتهمهم النيران. ويضيف فيقول: لقد انقذت لوحدي عشرين سيدة واخرجتهن خارج القاعة ومن بينهن زوجتي أيضا كانت احدى تلك النساء وكانت حاملا.
ويضيف الشاهد فيقول: بعد ان خرج صاحب القاعة من النافذة اشتدت النيران بسبب دخول الهواء الى الداخل
6 - قال غاندي بشار، طبال «عرس الحمدانية» بالعراق: «خلال 10 ثواني كانت القاعة مشتعلة كلها والكهرباء انطفت وصار ضباب والناس اتخنقت ووقعت بالنيران». وقُتل بالحريق 107. وأعلن العراق الحداد 3 أيام وأرجعته الشرطة لـ«الألعاب النارية».(6)
7- وان نيوز تكشف حقيقة حريق الحمدانية. "قاعة الهيثم" تعود لأسامة الكلداني وغير خاضعة لمعايير السلامة والأمان. (7)
8- الأعلامي قحطان عدنان يكشف احداث جديدة عن فاجعة الحمدانية بادلة مصورة بفيديوهات تكشف عن حريق غير عادي وكانه مطر من النار (دخان ونار وكأنه بركان نازل من السقف. يجب على المختصين في التحقيقات عن أسباب الحريق التحقق من هذا الحريق الغير العادي).
ويضيف فيقول: انّ الحريق ليس بسبب الأهمال لان القاعة منذ سنة 2017 تستغل للأحتفالات والأعراس ولم يحدث خلالها أي حادث حريق. إنّه عمل مدبّر (أي هناك وراء هذا الحريق من قام به). ومن المستحيل ان يكون تماس كهربائي او العاب نارية كما رأينا المصور وهو يقفز فوقها برجليه دون ان يحدث له حرق
9 – العرافة المشهورة في الوطن العربي " ليلى عبد اللطيف" التي تتنبا بالمستقبل بكوارث طبيعية -والتي تم كشف حقائق عن استلامها مبلغ 150 الف دولار بصك - لاحداث قد تحدث في المستقبل. يقول الأعلامي قحطان ان ليلى عبد اللطيف تعمل عند سياسيين وتحصل على الاف الدولارات وباعترافها في أحد اللقاءات على احدى القنواة الفضائية. ليلى عبد اللطيف "تنبات" عن حريق الحمدانية.
أسئلة يطرحهها الأعلامي قطحان فيقول: لماذا تستلم هكذا أموال من السياسيين التي تلتقي بهم اليس هذا لكي يتم تبرير الحوادث المدبرة مثل حريق الحمدانية لكي يقتنع المواطن بانها كوارث طبيعية تنبات بها ليلى عبد اللطيف؟ (8)
ليلى عبد اللطيف لا تتوقع احداث فلكية، بل تروج لمخططات ما وهذه تحدث. قالت عن العراق قبل أسابيع:
".. ستكون مغلقة بسبب أحداث طارئة وحرائق ولهب وحصر الناس. ستتحول أجواء الفرح الى حزن وعزاء!!!!!!!
هل هذا الكلام عن الحريق صدفة ام معلومة مطبقة؟
تساؤل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي حول ليلى عبد اللطيف المعروفة ب “سيدة التوقعات". وهناك من يقول ان ما قالته ليلى عبد اللطيف عن حريق الحمدانية هو حريق مدبّر ومفتعل. (9)
10- الحريق لم يبدأ من السقف فقط بل بدأ من جوانب القاعة أيضا وكأن الأمر مدبر وهذا ما سنلاحظه في فيديو مصور منشور
وان المدخل اشتعل فيه النار سريعا بعد ثواني او دقائق!!!. (10)
11 - اعتراف رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني بوجود "تقصير وإهمال" وراء مأساة حريق الحمدانية.
وتعهد بـ "محاسبة جميع المسؤولين عن التقصير". (11)
12- المنشاْ المدني مقام على أرض زراعية مملوكة للدولة تسقى مطرا. لايجوز تحويل ارض زراعية الى سكنية الا بموافقة عشرة وزراء. القائمقام والدائرة المدنية يعرفون ان هذا المشروع قائم على أرض متجاوزعليها،علما ان القاعة هذه قريبة من الضغط العالي للكهرباء ولا يجوز قانونيا (قانون دولي) انشاء ابنية تحت خطوط الضغط العالي واقرب منشا مدني او تجاري او صناعي يجب ان يبعد مالايقل عن 40 من من خطوط الضغط العالي، الذي يحمل 132 الف فولت.دائرة زراعة نينوى هي التي غضَط النظر عن هذا التجاوز. لايجوز تحويل ارض زراعية الى سكنية الا بموافقة عشرة وزراء.(12)
سؤالين مطروحين اليوم عن مأساة شهداء حريق “قاعة الهيثم في بغديدا" قضاء الحمدانية وهما:
1.   من يتحمل مسؤولية شهداء بغديدا الذين احترقوا وماتوا في قاعة الأعراس؟
2.   وهل هو عمل مفتعل أم هو نتائج الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وحتى المجتمع؟
الجواب لهذين السؤالين -وغيرهما من التسائلات - سنسمعها باختصار، من المطران نيقوديموس داود رئيس الكنيسة السريانية في كركوك ونينوى وإقليم كوردستان، إذ يقول:" انّ الفساد هو سبب كل الكوارث بالعراق وعلى المسؤولين الأستقالة".
 يضيف قائلا: " هناك مئات القاعات والأبنية تمنح اجازات بدون وجه حق ودون المواصفات الفنية ولا شروط السلامة. موضوع خطير على الحكومة الأستقالة وحتى البرلمان وكل من لديه القرار ومسؤول في هذه الدولة لأنهم لم يستطيعوا الحفاظ على أرواح الناس 120 شهيد والعدد في تزايد. لايوجد شرف ولاناموس ولا إنسانية هل نحن نعيش في قانون الغاب. العرس يتحول الى إبادة. ويضيف فيقول: حريق مستشفى بغداد والعبّارة في الموصل ووووالخ أصبح الموت بالجملة. إن ما حدث في الحمدانية لم يحدث في عهد داعش، مبيناً أن مطالب المسيحيين في العراق غير معلومة المصير.
وأردف: أي مسؤول ذو كرامة يجب أن يستقيل بسبب حادثة الحمدانية، مشدداً على أن زيارة المسؤولين لا تخفف من معاناة أهالي الحمدانية. (13)
أمّا الأب بطرس شيتو وفي مؤتمر صحفي يعلّق على تقرير اللجنة التحقيقية في فاجعة الحمدانية فيقول:
"التحقيق غير شفاف بالمطلق هذا التقرير او النتائج الأولى للتحقيق اتضح انه مسيس من قبل سياسيين لانعترف به سنذهب الى اعتصام مفتوح وبالتالي نذهب الى خطوات أخرى قد تكون تحقيقات دولية لأنه من ظمن الأشخاص الذين كانوا موجودين توفوا في الحادث ومنهم اختي أمريكية الجنسية فسناتي بالأمريكان ليحققون وليس العراقيين لن نقبل بان نبرر الجريمة بالمس الكهربائ او سندويج بنل، بل تحقيق مهني والقضاء يحضر الموقع ويحقق بواقعية ويحترمون مشاعر المنكوبين. (14)
في كلمة لغبطة الكاردينال البطريرك لويس ساكو تعليقا على ماسات حريق الحمدانية يقول:
” هذه النكبة سوف تبقى حية ليس في ذاكرة أهالي قره قوش، وانما في ذاكرة العراقيين المسيحيين.انها مأساة كيف في لحظة تحولت الحياة الى الموت والفرح الى حزن موجع…على الحكومة ان تضع ضوابط للمستثمرين في مشاريع البناء، فحياة الناس ليست لعبة بيدهم.. كيف يمكن ان تمنح الحكومة اجازة بناء من دون أن يراعي المستثمر ضوابط البناء واعتماد مواد جاهزة كالساندويش بانل ولاوجود لشروط السلامة وعدم تزويد القاعة بمنظومة إطفاء الحريق. (15)
لاننسى مرسوم أصدره الرئيس الحالي عبد اللطيف رشيد بسحب المرسوم الجمهوري الخاص بالبطريرك ساكو بتاريخ 3 يوليو 2023 والذي سحب بموجبه قرار تعيين غبطة أبينا الكاردينال البطريرك لويس ساكو بموجب المرسوم الجمهوري المرقم 147 لعام 2013 الذي يمنح صلاحيات قانونية للبطريرك بإدارة أوقاف الكنيسة الكلدانية، والذي كان قد صدر سنة 2013 من قبل الرئيس الراحل جلال الطالباني، بحجة عدم استناده للدستور العراقي.
تحدث شهود عيان لـبي بي سي من موقع الحدث عن لحظة اندلاع الحريق أثناء حفل الزفاف:
على الحكومة ان تضع ضوابط للمستثمرين في مشاريع البناء، فحياة الناس ليست لعبة بيدهم.. كيف يمكن ان تمنح الحكومة اجازة بناء من دون أن يراعي المستثمر ضوابط البناء واعتماد مواد جاهزة كالساندويش بانل ولاوجود لشروط السلامة وعدم تزويد القاعة بمنظومة إطفاء الحريق. (16)
ألأعلامي المشهور "قحطان عدنان" (الذي صدر بحقه منع السفر بقرار من "مجلس القضاء الأعلى العراقي") يكشف تفاصيل حريق قاعة الهيثم في الحمدانية. وينصح الأعلاميين الحقيقيين ان يكشفوا الحقائق للمواطنين، وما حدث في حادث حريق قاعة الحمدانية هناك ادلة ووثائق يجب كشفها: ماذا حدث في حريق الحمدانية؟ ومن هم الذين يستخدمون دم المسيحيين بالأنتخابات؟
يقول هذا الأعلامي- بعد صلاته لشهداء الحمدانية والعراقيين وطلب الرحمة والغفران من الله -: 
"دم شهداء الحمدانية أصبح انتخاب سياسي. المفروض الكل يتحاسب بدم الشهداء في حريق الحمدانية، من صاحب القاعة الى اعلى مسؤول، والى أعلى حزبي والى اعلى ميليشياوي. أسباب الكوارث في العراق هو ان العراق سُلّم لقتلة ومجرمين خاضعين لأوامر إيران. (17)
-------------------------------------------------------------

المصادر
راجع المواقع التالية
1-
https://www.hrw.org/ar/video-photos/interactive/2021/08/02/379408#:~:
2-
 https://www.independentarabia.com/node/332246
3-
https://www.alhurra.com/arabic-and-international/2023/01/31
4-
https://www.youtube.com/watch?v=Ug6zci-wXxU
5-
شاب يرفع "علامة النصر" أثناء حريق حفل زفاف الحمدانية يثير ...
https://www.youtube.com/watch?v=3PqqsHU-Vak
6-
https://www.youtube.com/watch?v=3PqqsHU-Vak
7-
https://www.youtube.com/watch?v=0s9HjZ7VJVk
8-
https://www.youtube.com/watch?v=ogcEan-HQQA
9-
https://www.youtube.com/watch?v=kkczbS1fnFs
-10
https://youtu.be/pTUUrY-A-Uk?t=70
11-
https://www.bbc.com/arabic/articles/cw039600wndo
12-
https://www.youtube.com/watch?v=TVewzlyJ3vs
13-
https://www.youtube.com/watch?v=qTHFnJvPn7s
14-
https://www.facebook.com/RudawArabi/videos/832893648539165
15-
https://de.search.yahoo.com/search?fr=mcafee&type=E210DE91082G0&p=
16-
https://www.bbc.com/arabic/articles/c84k7mzkgv2o
17-
https://www.youtube.com/watch?v=eSn0u1Bxg4c











24
سلام المسيح اخي وردا
مقال رائع عن رمز الصليب في المسيحية
يوحنا البشير يصوِّر المسيح على الصليب كالملك على عُرشه"يوحنا 19: 19 ". كان الصليب رمز الذُلِّ والهوان، والخُذلان والأحتقار والأستهزاء والتعييرات ، وأداة اللعنة ، والعار، والخسران "اشعيا 53 : 3 ". ولكن يسوع المسيح حوّل هذا الرمز، رمز الصليب، عند اليهود والرومان، الى رمز الأنتصار والخلاص والغفران والعطاء، ورمز التألُّم لأقرار الحق والبر والسلام ، ورمز بذل الذات والتضحية من أجل الآخرين ، وهو رمز المحبة والرجاء والحياة ، بقهر الموت بالموت وتحرير الأنسان من عبودية الشر والخطيئة
الصليب ببعده العمودي هو رمز المصالحة بين الله والبشرية

بشخص المسيح(الطبيعة الالهية) الذي علق بين السماء والأرض

والصليب ببعده الأفقي(يسوع المسيح فاتحا ذراعيه ليحضن البشرية)

هو رمز المحبة الفائقة بين يسوع المسيح(الطبيعة البشرية)واخوته البشر .
وكما تفضلت اخي وردا فنحن لا نعبد خشبة الصليب، بل نحن نعبد المصلوب ونسجد له. يسوع المسيح حمل خطايانا التي ترمز الى الشر "الحيّة القديمة" وسمّرها على خشبة الصليب. وهو يقول لنا: " وكما رفع موسى الحيّة في البريِّة فكذلك يجب ان يُرفع ابن الأنسان لينال كُلِّ من يؤمن به الحياة ألأبدية "يوحنا 3 : 14 ، 15 "
عندما نحمل الصليب على صدورنا فهذا رمز وليس تمثال نعبده بل نحن نحمل هذا الرمز لقول المسيح :  إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَتْبَعْنِي (لوقا 9 : 23).

25

الأخ سامي ديشو
شكرا اخي  على ما تفضلت به في تعليقك على المقالة وثناءك  ومداخلتك المختصرة والعميقة المعاني المستمدة من تعاليم المسيح ومحبته التي لاتفرّق بين الناس مهما كان لونهم وجنسهم وخلفيتهم ، بل هو جاء من اجل الخطات وليس فينا من يفتخر بكونه بريئا فكلنا خطاة . لهذا علينا ان لاندين الآخرين مهما كانوا، بل ان نحبهم. وهذا هو نهج البابا الحالي فرنسيس، حتى للمثليين جنسيا
  ولكن البابا لم يشجع او يدعو يوما الى زواج المثليين ولا الى توحيد الأديان كما يدعي البعض بل ذهب بعضهم الى اتهامه بالماسونية دون ان يقدموا دليلا واحد ا وأخيرا وليس اخرا اتهموا البابا بانه استقبل "ريان الكلداني " في الفاتيكان " وطبلوا وزمروا لهذا اللقاء المزعوم ، ولكن في الأخير ظهرت الحقيقة ان البابا لم يكن له أي موعد او لقاء خاص مع ريان الكلداني ، بل كان ريان ضمن الكثيرين الذين كانوا في ساحة الكنيسة في الفاتيكان وحياهم البابا حاله حال الأخرين دون موعد خاص معه .
اخي العزيز سامي ، ختاما نحن كمسيحيين نؤمن ان الحق سينتصر في النهاية مهما طال الزمن

26
شكرا اخي وردا على تعليقك على مضمون المقالة الخاصة باتهامات وطعن في قداسة الباب فرنسيس
عزيزي وردا اعتقد ان الكثيرين من اخوتنا لايعرفون حقيقة البابا فرنسيس وحرصه على كل كلمة يقولها ولكن احيانا كثيرة ترجمة كلامه الى اللغات الأخرى قد يكون خطأ ولهذا هؤلاء الذين يطعنون بما يقوله البابا لا يفتشون عن الحقيقة ما كان يقصده البابا وخاصة في ما قاله عن المثليين وحرصه على احترامهم ومحبتهم لأنهم خليقة الله ويحملون صورة الله كونهم بشر مثلنا ولكن لايعني هذا سماحه بزواج المثليين كما فهم الكثيرون للأسف
هكذا ايضا في موضوع التهمة الموجه له كونه ماسوني ويريد توحيد الأديان ولايقبل التبشير  و...الخ
شكرا على الشرح الذي تفضلت به عن هؤلاء الذين يطعنون في قدسية البابا اما لانهم جهلاء في معرفتهم حقيقة البابا وهذه مصيبة واما هم يسمعون من وسائل اعلامية معادية للكنيسة الكاثوليكية وعلى راسها قداسة البابا فرنسيس وهذه مصيبةاعظم
تحياتي ولرب يبارك جهودك

27
نعم اخي أبو اوجين  تجارب الشيطان لايوب هي تمثل تجاربنا نحن في كل زمان ومكان حيث الشيطان يجرب حتى القديسين لابل ازيدك قولا لاحد القديسين ان الشيطان لايهتم بالساقطين في فخاخه بل هو يركز على المؤمنين والقديسين
شكرا لهذا المقال عن تجارب الشيطان والذي لم يستثنى يسوع المسيح منها لكنه انتصر على الشيطان بحوار  ليدحض اقوال الشيطان الذي يتكلم بانصاف الحقائق مستشهدا بالكتاب المقدس ورد عليه المسيح من الكتاب المقدس أيضا
وانا في احد مقالاتي بعنوان "الموت باب الحياة" استشهدت بايوب عندما يقول
وهو يصوّر الفداء الذي سيكون بيسوع المسيح فيقول: “أعرف أنّ شفيعي حيٌّ، ويقومُ آجلا على التراب، فتلبسُ هذه الأعضاء جلدي، وبجسدي أُعاين الله ” (أيوب 19/ 25-26). فما أعظم الأيمان الذي كان لأيوب حتى عرف ان الله لن يتركه، وسيقيمه من الموت الى الحياة الأبدية.

28
الحملات التشكيكية والتُهم الباطلة بحق قداسة البابا فرنسيس الأول
نافع البرواري
مقدمة :
ما أشيع مؤخرا بين وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية عن تعاليم وأقوال للبابا فرنسيس ليس لها اي مرجعية من الفاتيكان أو توثيق لما قيل عنه ، حيث يتعرّض قداسة البابا فرنسيس الأول منذ تنصيبه على كرسي الرسول بطرس الى انتقادات لاذعة وصلت الى حد التجريح ووصف بانه يدعو الى بدعة "توحيد الأديان" و"الماسونية " وتشجيع الزواج المثلي " ومنعه التبشير" كما وصَّى المسيح ..وتنازله واذلاله لأنّه يقبل ارجل الناس ...الخ من الطعونات والأتهامات .
هذه الحملة الشعواء ،غير مسبوقة ولا تمتُّ بالصلة الى المسيحية الحقيقية ، بحق الكنيسة الكاثوليكية عامة و شخصية قداسة البابا الحالي خاصة ، والذي يمثّل أب روحي لأكثرمن مليار ونصف مسيحي في العالم
يقول احد الآباء:
لانعرف هل لأن هذا البابا متواضع وفقير وقريب من شعبه ، لهذا عليه هذه الحملات وهناك متشككين يشكّون به كونه مسيحي وزادت عليه الهجمات؟
إنّها حملات هدم وليس بناء وتجريح والمس برمز من رموز الكنيسة وليس نقدا بناء ، بل طعنا بقداسته. يقول الرب يسوع المسيح " من غضب على اخيه استوجب حُكم القاضي ، ومن قال لأخيه : ياجاهل استوجب حكم المجلس ، ومن قال له : يا أحمق استوجب نار جهنّم ..أحبّوا اعدائكم ، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم ، فتكونوا ابناء أبيكم الذي في السمّاوات"متى 5 : 21-22، 44-45"
"انَّ هذه الحملات النابعة من الحقد والكراهية هي بعيدة كل البعد عن وصية الله المحبة وتعاليم المسيح ، بل انها حملات للشهرة وتمجيد الذات . و بهذا العمل فإنَّ هؤلاء يقسّمون الكنيسة بدل ان يوحّدوها كما ارادها المسيح "كونوا واحدا كما انا والآب واحد". ويقول الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس :
إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاساً يَطِنُّ أَوْ صَنْجاً يَرِنُّ. وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ فَلَسْتُ شَيْئاً. وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئ
الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ. وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدا ا(كورنثوس 13 : 1-8)ً
من انت أيّها ألأنسان لكي تُدين اخوك الأنسان ؟ الم يقل الرب يسوع المسيح :"لاتُدينوا لكي لاتُدانوا "
هؤلاء للأسف بدل ان يوحّدوا الكنيسة فهم يمزقونها ، وبدل ان يجمعوا فهم يفرّقون
هؤلاء الذين يصفون البابا فرنسيس بانه عدو المسيح او ضد المسيح وماسوني ويشجع الزواج المثلي ويمنع التبشير اصبحوا قضاة يدينون و يحكمون على الآخرين حسب ما هم يعتقدون دون ان يبحثوا عن الحقيقة ، في كون هذا البابا بالذات- وبشهادة الملايين من غير المسيحيين - معروفا في كونه بابا الفقراء والمهمشين والمساكين واللاجئين والمنبوذين والمتألمين ..الخ
نحن كمؤمنين مسيحيّين لانستغرب ان تكون هذه التهم تأتي من غير المؤمنين بالمسيح اوالمنتسبين الى الديانات الأخرى لأنّ حتى المسيح في ايامه تعرض للتجريح والأهانات والتعيير من قبل اليهود ومن الأمم حتى اتهم بالتجديف على الله وكان سبب صلبه ،لكن الألم والحزن ، والمرارة والأسف ان يأتي هذا التجريح وتوصيفه بانه ملعون ، وضدّ المسيح ، عندما يأتي من بعض الذين يدّعون انهم ينتمون للمسيح، فهذا ما يُحزن ويدمي القلوب . ولكن نحن لانستغرب فحتى المسيح رفض من اقرب الناس له ، رفض من اهله واقاربه ووطنه كما جاء في انجيل مرقس (6 : 1- 6) حينها قال الرب يسوع:
"لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهه "
ولكُلّ هؤلاء الذين اساءوا ويسيئون الى قداسة البابا فرنسيس نقول لهم :"الرب يغفر لكم ويسمامحكم والروح القدس يُرشدكم الى معرفة الحق ، ونصلي من اجلكم ، كي تبصروا نور المسيح الذي يزيح عن قلوبكم هذا الحقد والكراهية ويفتح عيونكم لكي تبصروا واذانكم لكي تفهموا وترجعوا الى تعاليم المسيح الذي احب الجميع بلا محابات ." لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يو 3: 16 )
يقول الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس :
"إذا كان لأحدكم دعوى على أحدِ ألأخوة ، فكيف يجرؤُ أن يُقاضيه الى الظالمين ، لا الى ألأخوة القديسين؟ أما تعرفون أنَّ القدّيسين هم الذين سيدينون العالم؟...وإذا وقع خلافٌ بينكم على مثل هذه القضايا ، أتعرضونه على من تحتقرهم الكنيسة للحكم فيه ؟ أقولُ هذا لتخجلوا " 1كورنثوس 6 : 1-4"
اي ان الخصومات بين الأخوة المؤمنين يجب ان تقدم للكنيسة للحكم فيه وليس بانفراد والحكم دون وجود شهود واخوة .اي معالجة المنازعات بين بعضنا البعض وليس التشهير والتجريح والأدانة عبر المنابر والقنواة الفضائية ووسائل التواصل الأجتماعي، كما يفعل البعض اليوم .
ولناتي ببعض ألأتهامات التي يروّج لها البعض عبر وسائل التواصل الأجتماعي والفيس بوك ..الخ:
أولا: اتهام البابا بانه يحاول توحيد الأديان. اي ديانة واحدة شمولية وان ذلك يوافق ما تعمله الماسونية العالمية
اتهم البابا من قبل الكثيرون بانه رسول لوسيفر (الشيطان ) في الكنيسة الكاثوليكية وانه يتبع الماسونية العالمية وانه يدعو الى ديانة عالمية واحدة وو...الخ
هل فعلا البابا فرنسيس يحاول توحيد الأديان كما يدَّعي بعض المنسوبين الى المسيحية ؟ أم ان البابا يريد وحدة الأديان للتعايش السلمي والأخوّة ألأنسانية ؟ وهناك فرق بين المفهومين. فالدعوى ليس الى دين واحد بل الهدف هو توحيد رأي الأديان للسلام والمحبة والعيش المشترك والأخوّة ألأنسانية .هذا هو هدف البابا فرنسيس واساس حوار الأديان الذي انطلق من المجمع الفاتيكاني الثاني . وهدف المجلس البابوي للحوار بين الأديان هو:
تعزيز التفاهم، والاحترام، والتعاون المتبادل بين الكاثوليك، وأتباع التقاليد الدينية الأخرى
وتشجيع دراسة الأديان ، و تعزيز تكوين الأشخاص المتفانين في الحوار.
لايوجد اي دليل او وثيقة تصريح من الفاتيكان او من البابا الحالي فرنسيس ألأول حول ما يقوله البعض ، دون وجه حق ، عن انّ البابا يريد "توحيد الأديان". وكُلُّ ما يقال هو تشويه للحقائق وتشهير بقداسة البابا ، واتهامه بانه يريد توحيد الديانات لتصبح دين واحد . وكُلّ ما قاله البابا يمكن تلخيصه في خطاباته وكلماته التي قالها في زيارته الأخيرة للعراق (5-7 مارس 2021
يقول البابا مخاطبا الرئيس العراقي برهم صالح وسياسيين ودبلوماسيين ومن مختلف اطياف المجتمع العراقي:
"إذا استطعنا نحن الآن أن ننظر بعضنا إلى بعض مع اختلافاتنا، وكأعضاء فى العائلة البشرية الواحدة، يمكننا أن نبدأ عملية إعادة بناء فعالة، ويمكننا تسليم عالم أفضل للأجيال القادمة، أكثر عدلا وأكثر إنسانية، فى هذا الصدد فإن الاختلاف الدينى والثقافى والعرقى الذى ميز المجتمع العراقى، مدة آلاف السنين، هو عون ثمين للاستفادة منه، وليس عائقا للتخلص منه، والعراق اليوم مدعو إلى أن يبين للجميع، خصوصًا فى الشرق الأوسط، أن الاختلافات، بدلا من أن تثير الصراعات، يجب أن تتعاون فى وئام فى الحياة المدنية"(1).
نحن نحتاج الى حوار خالص صريح كنفه الأحترام المتبادل ، العدل ، هذه التحديات صعبة يجب ان نضاعف من جهودنا ...كلنا بنات وابناء نفس الخالق "
"كُلِّ الأطراف ذات الصلة ان يقدّموا ألأحترام ، ألأعتراف ، الحماية لكل ألأديان وأتباعهم "
نحن الأخوة والأخوات من جميع ومختلف الأديان ، نحن هنا في بيت واحد ونعمل سوية لنحقق احلام العائلة الأنسانية ، عندها سننظر الى السماء سوية
صلاة البابا في اورمسقط راس ابينا ابراهيم هي رسالة الى التعددية والحوار والتفاهم بين جميع اطياف الشعب العراقي وهي دعوى عالمية لنشر السلام.(2)
– يؤكد قداسة البابا فرنسيس على الحوار والتواصل مع مختلف الثقافات ورسالة مصالحة مع جميع الطوائف المختلفة ، وعدم السماح للتفرقة بين الطبقات و الطوائف ومختلف الديانات ، وعدم السماح بوجود نظام طبقي يجعل من الأقليات درجة ثانية او ثالثة او رابعة.
زيارات البابا للدول العربية والأسلامية هي لتحقيق رؤيته حول التعايش بين المسلمين والمسيحيين
هذه هي الرسالة التي يريد البابا فرنسيس ايصالها الى جميع الأديان والمجتمعات الأنسانية وليس ، كما يقول البعض ان البابا يريد ديانة عالمية واحدة
يقول البابا :"نحن جميعا أبناء الله بغض النظر عن الأديان أو المعتقدات الدينية”وكما قال في احد المناسبات.
وعن اتهام البابا بانه ينتمي الى الماسونية العالمية
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية صور ومقاطع مصوّرة على أنها تُظهر البابا فرنسيس وهو يقبّل يد يهود أثرياء من عائلة روتشيلد (باعتبار هذه العائلة هي قادة الماسونية )، لكن هذا الادعاء خطأ وهذه المشاهد تُظهره في الحقيقة وهو يقبّل يد يهود ناجين من محرقة النازيين في الحرب العالمية الثانية.
خلال زيارة البابا فرانسيس إلى اسرائيل عام 2014، وقد قابل خلال الزيارة ستة ناجيين من المحرقة النازية ومنهم صاحب الصورة الذي ادعت المنشورات أنه روتشيلد،والستة هم Avraham Harshalom (Friedberg) Chava (Eva) Shik Joseph Gottdenker Moshe Ha-Elion Eliezer (Lolek) Grynfeld Sonia Tunik-Geron
وكما هو واضح من الأسماء لا يوجد بينهم اسم روتشيلد سواء كان الاسم الأول أو اسم العائلة، وصاحب الصورة هو أليعازر غرينفيلد.(3).
البابا فرنسيس لاعلاقة له بالماسونية ، ولايوجد اي دليل لهؤلاء الذين يريدون تشويه صورة البابا . والأدلة كثيرة في كون البابا يطبق اقوال وافعال المسيح في حياته عندما يقبّل ايادي ضحايا النازية ويدعو الى محاربة الأرهاب والدعوة الى صنع السلام والمحبة في العالم اجمع هو خيردليل وتاكيد على حقيقة شجبه للظلم والقهر وألأستعباد وشجب الأرهاب والفساد وقهر الشعوب الضعيفة والفقيرة ،في كل مكان .
ثانيا : أُتُّهم البابا فرنسيس بالخنوع والأذلال عندما يقبَّل ارجل الناس .
هؤلاء الذين لايعرفون رمز ومقاصد البابا ،لأنهم لايعرفون تعاليم المسيح والمغزى العميق لهذا العمل:
يقول الرب يسوع في الموعظة على الجبل :
هنيئا للمساكين بالروح .. هنيئا للودعاء.. هنيئا لصانعي السلام .."انجيل متى الأصحاح 5"
قال البابا فرنسيس لرئيس جنوب السودان ونائبه، قبل ان يُقبل أرجلهما :
""أسألكم من كل قلبي أن تحافظا على السلام
البابا يطبّق اقوال واعمال المسيح، وما قام به المسيح عندما غسل ارجل التلاميذ ليعلمنا التواضع والخدمة والفقر الروحي عندما يقول لتلاميذه " ليكن ألأكبر فيكم كالأصغر ، والرئيس كالخادم " لوقا 22 : 26".
وقد قبّل قداسة البابا أقدام رئيس جنوب السودان ونائبه، لمساعدتهم على تعزيز اتفاق السلام الذي يهدف لإنهاء الحرب الأهلية في أحدث دولة في العالم ويتوسّل لرئيس السودان ونائبه لوضع حد للقتل والموت في جنوب السودان . هذا دليل على ان البابا ينظر الى كُلّ انسان بأنه صورة الله ، وهو تاج الخليقة . وعندما يهدر دم الأنسان فان دمه غالي عند الله ، يصرخ الى الله كما جاء في سفر التكوين عندما قتل قابيل اخوه هابيل يقول الله :"ماذا فعلتَ ؟ دم أخيك يصرُخُ اليَّ من ألأرض "تكوين 4 :10" .
فما قام ويقوم به البابا هو قمة التواضع والمحبة ومشبعا بروح التواضع والفقر والتجرد من اجل خدمة الأنسان .
يسوع المسيح غيَّر وقلَبَ مفاهيم السُلطة والحُكم والرئاسة والقيادة والرعاة . فهو يدعوهم جميعا ليكونوا هم أيضا خُدَاما لشعوهم ويضحُّون بأنفسهم من اجلهم. يسوع المسيح لم يكن ضعيفا او جبانا ،ولم يتنازل عن الحق حتى دفع ثمن ذلك حياته .
يقول جبران خليل جبران، عن السيد المسيح ، في كتابه العواصف: "الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولوداً كالفقراء عائشاً كالمساكين مهاناً كالضّعفاء فتبكيه وترثيه وتندبه، وهذا كل ما تفعله لتكريمه. منذ تسعة عشر جيلاً والبشر يعبدون الضّعف بشخص يسوع، ويسوع كان قويّا ولكنّهم لا يفهمون معنى القوّة الحقيقيّة. ما عاش يسوع مسكيناً خائفاً، بل عاش ثائراً وصلب متمرداً ومات جباراً.
ثالثا: إتهام ، البعض ، لقداسة البابا فرنسيس أنّه سمح بالزواج المدني للمِثليين
اوردت العناوين الرئيسية العالمية ان البابا فرنسيس يؤيد الزيجات المدنية للمثليين ..
وللأسف طبّل وزمّر الكثيرون من الأخوة على منابر القنواة الفضائية والأعلامية انّ قداسة البابا الحالي قد سمح بالزواج المدني للمثليين ،وذلك بتحريفهم وتلاعبهم بكلمات التي نطق بها قداسته عن موضوع المثليين جنسيا
التلاعب بالكلام وترجمة غير صحيحة للغة الأنكليزية حول اقوال البابا عن المثليين
هي السبب الحقيقي للهجوم على البابا واتهامه عندما يقولوا ان البابا قال:
"أنّ المثليين الجنسيّين عندهم حق ان يعملوا عائلة ويتزوجوا وان يكون لهم اولادا ايضا "
في مقابلة قديمة (حتى المقابلة ليست جديدة) سألوا البابا فرنسيس عن هذا الموضوع وفي حينها البابا رد عليهم . اليوم ايضا حدث شيء جديد ، وهي انّ احدى العائلات لها ابن مثلي الجنس ، فسالوا البابا فرنسيس ياترى ماذا نفعل بامره ، هل نطرده خارج البيت ؟ هنا ياتي رد البابا فرنسيس عليهم ونأتي بالرد كما هو:
" المثليين لهم الحق ان يكونوا جزء من عائلاتهم "
They have the Right to Family
وليس كما ترجمت الجملة بالخطأ الى اللغة الأنكليزية بالقول ان البابا قال لهم الحق لتكوين عائلة
They have the Right to make family
كان البابا يجاوب على سؤال العائلة ان هؤلاء المثليين هم جزء من عائلتكم فكيف تطردوهم ؟ يجب ان تهتموا بهم حالهم حال الأبناء الطبيعيين ، مهما كانت توجهاتهم ، او افكارهم .هؤلاء اولادكم . ويقول للعائلة حرفيا:"إنّهم أبناء الله ولهم الحق ان يكونوا في عائلة ، لايجب ان نرمي احد خارجنا:
هذا واضح لالبس عليه. اما بخصوص الزواج المدني قالوا :
ان البابا فرنسيس يشرع لهم الزواج المدني (وباللغة الأنكليزية
)Marage (
بينما البابا قال :
اي اجتماع مدني. اي الدولة تشرع لهم و تعطيهم صفة مدنية Savel Unian
وكما رئيس الكهنة يسوع المسيح احتضن المرضى والفقراء والمحتاجين و ذوي الأحتياجات الخاصة واحبهم هكذا الكهنة في المسيحيية يعتبرون آباء ونحن اولادهم روحيا وليس حرفيا (طبيعيا )بل مجازيا ويرعوا شعبهم المؤمنين ،هكذا يجب على العائلة والدولة ان ترعي المثليين لأنهم ابنائنا واخوتنا . وهؤلاء بحاجة أكثر لنا لرعايتهم والأهتمام بهم . وهذا ما قاله البابا فرنسيس أنا راعي الكنيسة والكل
ابنائي.
هنا نقول كل شخص له الحق ان يعمل مايريد وهذا لايعني احنا راضين عن ما يعمله هذا الشخص ولا يعني نحن نفكر مثله . ياتي واحد ويقول انا لا اريد ان اتزوج ، فله الحق ان لايتزوج ، وليس معناه ان اقول له يجب ان تتزوج ،أو انا معك ان لاتتزوج ، يجب ان نفرق بين الفكرتين.(4)
ولتاكيد حقيقة نفي الفاتيكان عن ان البابا يشجع زواج المثليين جاء تصريح من متحدث باسم البابا فرنسيس في 15– 3 - 2021:
"أنَّ الكنيسة الكاثوليكية وكهنتها لايمكن لهم مباركة زواج المثليين". وجاء في بيان في صفحتين نشره الفاتيكان ،أنَّ هذا التاكيد مترجما بسبعة لغات ،ردّا على سؤال عن راي البابا بزواج المثليين . واضاف البيان انّه لايمكن قبول ومباركة زواج المثليين بشكل رسمي وشرعي من قبل الكنيسة ، ولاتوجد هناك أي اسباب للأعتراف بالزيجات ، التي لاتشبه باي حال من الأحوال الزواج الذي اراده السيد المسيح والذي يقود الى نعمة الحياة الزوجية".
وجاء صدور هذا البيان بعد عن تردّد على لسان قداسة البابا فرنسيس ، قبل حوالي ستة اشهر، من انه يبارك زواج المثليين ، حيث كان حينها يقول : "إنّ المثليين هم ابناء الله ، لهم الحق في تكوين عائلة .
وجاءت تعليقات البابا هذه ، أثناء مقابلة له مع محطة تلفزيونية مكسيكية ، كانت جهات في الفاتيكان قد حذفت اجزاء منها ، وقامت لاحقا بنشرها كاملة .
وأكَّد بيان الفاتيكان "أنّ الرب لايمكن له استثناء أحد من نعمته ، ومن ضمن من ينعم ويتمتع بنعمة الرب المثليّون . لكن الفاتيكان لا ولن يبارك الخطيّة ومرتكبيها ".
واضاف : "إنّ الكنيسة الكاثوليكية لاتمتلك الصحلايات لتبارك ألأشخاص المثليين "
قال البابا فرنسيس:
" إن كان شخص ما له ميول جنسية مع شخص آخر مثله ، ويحاول التقرُّب من الرب ، من أنا لأحكم عليه "(5).
نعم حتى لو قاله البابا فإن الدينونة هي لله . وهذا ما قاله الرب يسوع المسيح :
""لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم
(متى 7 :1،2)
الله يحبُّ الخاطئ ولكنه يكره الخطيئة . يقول يسوع المسيح :
لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ»." مرقس 2: 17".
بابا الفاتيكان يرفض زواج المثليِّين..."لا نبارك الخطيئة""
"الخطيئة لا تبارك" لذا ترفض الكنيسة الكاثوليكية مباركة زواج المثليين. هو حسم من البابا فرانسيس للجدل الذي أثير حول الموضوع
"من أنا حتى أحكم على المثليين" عبارة قالها البابا فرنسيس عام 2013، عرضت في وثائقي من إخراج أفجيني أفينفيسكي، وهو روسي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، حيث تعمد أفينفيسكي عدم إيضاح توقيت المقابلة ، ما أدى إلى استهدافه في حملة إعلامية ممنهجة
البابا فرانسيس تعرّض لهجوم إثر تحريف كلامه أكثر من مرة، وهو ينطلق من عقيدة أن اللين وليس الصلابة، النعومة وليس الجلافة، والحب والحنان والعطاء والرحمة، مفاهيم تعتبر جوهر الرسالة المسيحية، لكن لا يمكن أن تمتد المباركة إلى زواج المثليين.(6)
تصريح من الفاتيكان إن التعليقات التي أدلى بها البابا فرنسيس بشأن قوانين الارتباط المدني، تم إخراجها من سياقها ولا تشير لتغيير في عقيدة الكنيسة بشأن المثليين أو دعم الزواج من نفس الجنس
وقالت المذكرة: "من الواضح أن البابا فرنسيس كان يشير إلى بعض أحكام الدولة وبالتأكيد ليس عقيدة الكنيسة، التي أعاد تأكيدها عدة مرات على مر السنين".(7)
رابعا: اتهام الباب بأنه مَنَعَ التبشيراثناء زيارته للمغرب .
جاء في موقع الباطريكية اللاتينية في القدس مقال نشر بتاريخ 3 ابرل 2019 توضيحا لما قاله البابا فرنسيس للمسيحيين في اثناء زيارته للمغرب مايلي :
"حذر البابا فرنسيس مسيحيي المغرب من القيام بأية أنشطة تبشيرية أثناء خطاب ألقاه في كاتدرائية الرباط ضمن فعاليات اليوم الثاني لزيارته المملكة بدعوة من الملك محمد السادس.وقال البابا متوجهًا إلى الحاضرين في هذه الكاتدرائية الواقعة وسط العاصمة الرباط :“إن دروب الرسالة لا تمر من خلال أنشطة التبشير التي تقود دوما إلى طريق مسدود“.وخرج عن نص خطابه المكتوب ليؤكد ’رجاءً لا تبشير!‘، مذكرًا الحاضرين أن رسالتنا كمعمدين وكهنة ومكرسين لا يحدّدها بشكل خاص العدد أو المساحة التي نشغلها، وإنما القدرة على خلق التغيير والدهشة والتعاطف" انتهى الأقتباس
حديث البابا نابع من قرارات مجمع الفاتيكاني الثاني، ولا يتكلم البابا الا ضمن قرارات هذا المجمع . جاء في موقع البطريكية اللاتينية في القدس:
"أن رسالتنا كمعمّدين وكهنة ومكرّسين لا يحدّدها بشكل خاص العدد أو كميّة المساحة التي نشغلها وإنما القدرة التي نملكها على خلق التغيير والدهشة والتعاطف؛ من خلال الأسلوب الذي نعيش فيه كتلاميذ ليسوع وسط الذين نشاركهم الحياة اليومية والأفراح والآلام والمعاناة والرجاء (راجع.المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الرعائي فرح ورجاء، عدد ١). بمعنى آخر، إنَّ دروب الرسالة لا تمرُّ من خلال أنشطة ’الضم البغيض"‘ (proselitismo)
. من فضلكم، لا تمرُّ من خلال أنشطة ’الضم البغيض‘ ! لنتذكرالبابا بندكتس السادس عشر: “إن الكنيسة لا تنمو من خلال أنشطة ’الضم البغيض‘ بل بواقع الجذب والشهادة“. لا تنمو من خلال أنشطة التبشير، التي تقود دومًا إلى طريق مسدود، وإنما من خلال أسلوبنا في التعاطي مع يسوع ومع الآخرين.وبالتالي فالمشكلة ليست في أن يكون عددنا قليلًا وإنما في أن نكون غير جادين ونصبح ملحًا لا طعم للإنجيل فيه
أو نورًا لا ينير شيئًا أبدًا (را.متى ٥، ١㿟١٥
عدم الدقّة في الترجمة
ماذا قصد البابا فرنسيس بكلمة
؟ لم يقصد التبشير حتما prosolotysm
لا يقصد البابا فرنسيس في خطابه أمام الإكليروس المحلي بالمغرب، التبشير كعمل إرسالي.فكيف ينفي وصيّة السيد المسيح الأخيرة للرسل قبل صعوده إلى السماء؟
وكيف له نفي رسالة الكنيسة الجوهرية؟ بالتأكيد ليس هذا هو المقصود.حتى أن البابا فرنسيس خصص شهر تشرين أول ليكون شهرًا خاصًا ترفع فيه الصلوات من أجل المرسلين والإرساليات
ما لا يرغب به البابا هو النشاط الذي يهدف إلى استقطاب الآخرين واستمالتهم إلى المسيحية بوسائل منافية لحرية الإنسان في اختيار معتقده، أو نتيجة استغلال لأوضاع مادية أو نفسية أو اجتماعية…وبالتالي، يرغب قداسته في التأكيد على أن المسيحي هو مسيحيًا نتيجة لقاء حقيقي مع السيد المسيح، وليس ثمرة استقطاب أو استمالة أو اقتناص، تهدف فقط إلى زيادة الأعداد .
وبمعنى آخر، فرّق البابا فرنسيس أمام الإكليروس المحلي في المغرب بين “عرض الإيمان للآخرين“ من خلال الأعمال وشهادة الحياة، وبين “فرض الإيمان على الآخرين“.وبالتالي، فإن تصريحات البابا فرنسيس تأتي متوافقة مع تعليم الكنيسة الكاثوليكية الرسميّ وتعليم البابوات السابقين في هذا الشأن(البابا بندكتس السادس عشر والبابا القديس يوحنا بولس الثاني).
بدورها، قالت الزميلة هالة الحمصي في جريدة النهار اللبنانية :
"المسألة برمتها تتعلق بترجمة تعبير بابوي إلى العربية، والترجمة لم تصب المعنى كما يجب".
هاجم مستخدمون مسيحيون البابا فرنسيس على صفحاتهم وحساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية تعبير ورد في خطابه امام الكهنة والمكرسين والمجلس المسكوني للكنائس في كاتدرائية الرباط في ٣١ آذار ٢٠١٩، وتسببت ترجمته الى العربية بحملة تجن على الحبر الاعظم".
ولكن ما حصل هو ان التعبير الذي استخدمه في خطابه اسيئت ترجمته إلى العربية، في وقت لم تكن هي الحال في الإنجليزية والفرنسية…ما دعا اليه البابا فرنسيس هو “عدم الاقتناص"
)proselytism)
"وليس " عدم التبشير
كما نشر . (Evangelization)،
ماهو ال
(بالأيطالية) ـproselytism، أو proselitismo
ترجم“معجم الايمان المسيحي“للاب صبحي حموي اليسوعي (دار المشرق) إلى“نزعة دخيلية“. وفي الشرح، هذا التعبير يعني “مواقف أو وسائل تخالف الروح الإنجيلي، يحاول بعضهم أن يستميلوا بها الناس إلى جماعتهم، مستغلّين جهلهم أو فقرهم".
ويوضح المدير الوطني للاعمال الرسولية البابوية في لبنان الخوري روفايل زغيب لـ“النهار“ان“الترجمة
لتعبير "ألأقتناص " ، ومعناه يختلف كليّا عن التبشير proselytism او prosélytisme الأفضل
". Evangelization
ويتعمق في الشرح قائلا: “الاقتناص يعني العمل على استمالة الناس الى المسيحية باستغلال فقرهم وجهلهم لتغيير دينهم.وهذا ما ترفضه الكنيسة الكاثوليكية، على رأسها البابا، وتندد به وتعارضه.اما البشارة التي تدعو اليها الكنيسة، ويؤكدها البابا في رسالته “فرح الانجيل“، فهي عمل مجاني.
انها رسالة فرح لا يمكن المسيحي ان يحفظها لنفسه، بل عليه ان ينشرها مجانا، ولكن ليس من أجل اقتناص الاشخاص، بل من اجل مشاركتهم في فرحه.ولهذا السبب يتكلم البابا على الجذب والشهادة، وليس الذهاب للتبشير بالمسيح بطريقة اقتناصية. نعم، على المسيحي ان يتكلم على المسيح، ولكن ليس بالاقتناص "، بل بالجذب والشهادة".(8)
وهذا ما لمسناه في بعض الكنائس في اوربا عندما استغلوا اللاجئين ، باغراءات مادية او بمحاولات الضغط على الحكومات لمنح اللاجئين اقامة دائمية في هذه الدول، مقابل تحوّل اللاجئين الى الدين المسيحي بغض النضرعن ايمانهم او عدم ايمانهم بالمسيحية ، وهذا بالضبط ما يقصده البابا فرنسيس.
يقول البابا فرنسيس في احدى المناسبات:
"إنّ شموليّة الإنجيل(الخبر السار) ضمن لغة تصل إلى كلّ إنسان هي من المفاتيح الأساسيّة:" مع أنّني كتبت هذه الرسالة انطلاقاً من قناعاتي المسيحيّة التي تدعمني وتغذّيني، حاولت فعل ذلك بطريقة تسمح للتأمّل بالانفتاح على الحوار مع جميع أصحاب الإرادة الحسنة".
البابا ينطلق في كل خطواته بالرجوع الى الكتاب المقدس كمصدر ومنبع لكل قول او عمل يقوم به . بالأضافة الى التزامه بقرارات مجمع الفاتيكاني الثاني.
جاء في الدستور الرعائي في الكنيسة في عالم اليوم وهو نتائج مجمع الفاتيكاني الثاني الذي يركّز على حرية الدين والمعتقد حيث جاء نص بعنوان "عظمة الحرية" مايلي :
".. أن الإنسانَ يتجه نحو الخيرِ بملءِ حريته. هذه الحرية التي يعتبرُها معاصرونا إعتباراً عظيماً ويبحثون عنها بكل حماسٍ، وهم في ذلك على حق. ولكن غالباً ما يعززونها بطريقةٍ منحرفةٍ إذ يعتقدون أنها إستباحةٌ لكلِّ شيءٍ يجلب السرورحتى وإن كان شراً. غير أن الحريةَ الحقيقيةَ هي في الإنسانِ علامةً مميزة عن صورةِ الله فيه. لأن الله أرادَ أن "يتركه لمشورته الخاصة" حتى يتمكن بذاتِهِ من أن يبحث عن خالقِهِ، ويلتحقَ به بحريةٍ، ويبلغ هكذا إلى تمام سعادتِهِ الكاملة. إنَّ كرامةَ الإنسانِ تتطلَّبُ منه أن يتصرَّفَ إستناداً إلى إختيارٍ حرٍّ وواعٍ مدفوعاً بإقتناعٍ شخصيٍّ يُحدِّدُ موقفَهُ، لا تحت الدوافعِ الغريزية أو الضغط الخارجي" انتهى الأقتباس
في رسالة البابا فرنسيس بمناسبة الذكرى المئوية لإصدار الرسالة الرسولية "المهمة العظمى“ حول نشاط، عمل، كرازة المرسلين في العالم.
يقول البابا فرنسيس :
إنه يجيب على دعوة يسوع الدائمة:"اذهبوا الى العالم كلّه ،وإعلنوا البشارة الى الخلق أجمعين"مرقس 16 :15"
الكرازة هي النعمة الموهوبة للكنيسة ودعوتها الخاصة، وذاتيتها وهويتها
إنَّ الكنيسة التي ارسلها المسيح كي يظهر محبة الله وتوصّلها للخلق اجمعين وللشعوب كافة ، تُدرك أنّه ما يزال عليها القيام بعمل تبشيري ضخم "...يجب علينا ان لا نفقد التوق الى اعلان البشارة (التبشير)" الى اولئك الذين هم بعيدين عن المسيح ،لأن هذه هي المهمة الأولى للكنيسة ..والقضية التبشيرية يجب ان تكون الأولى.(9)
وكما يقول الأب بولس فغالي :
"كُل مسيحي مؤمن عليه ان يمتلئ من الأنجيل و يحمل الكلمة ويكون رسولا للمسيح ، وهذا يبدأ من قراءة الأنجيل يوميا ليشبع من محبة المسيح وعشقه حتى يشع المسيح في أعماله واقواله وحياته، لتكون شهادة للآخرين ...حضور المؤمن وشهادة حياته بين الجماعة بصمت وبتواضع ومحبة ، ليكون مثل الملح في الطعام ومثل سراج على الجبل ، اي نورا للآخرين ومثل الخميرة في العجين ، اي يترجم اقواله باعماله كما فعل المسيح ،ليكون فعالا في المجتمع الذي يعيش فيه ، بهذا يستطيع ان يكسب الآخرين ويغيّر حياتهم لينجذبوا الى المسيح " . هذا هو التبشير الحقيقي
-------------------------------------------------------------------------------------------
(1)
https://www.mobtada.com/details/1024799
(2)
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712385
(3)
موقع مسبار
البابا فرنسيس لم يقبل يد زعيم الماسونية
(4)
https://www.facebook.com/bkhggjkjg/videos/356531688751407
(5)
بيان هام من الفاتيكان حول زواج المثلين.
https://www.youtube.com/watch?v=DkgtZUJVIrQ
(6)
موقع الميادين بابا الفاتيكان يرفض زواج المثليين ...لانبارك الخطيئة
(7)
RT موقع
الفاتيكان يوضح تصريحات البابا فرنسيس حول المثليين جنسيا : تم اخراجها من سياقها
(8)
البطريركية اللاتينيةفي القدس مقال بعنوان ماذا قصد البابا بكلمة
PROSOLOTYSM
(9)
http://www.october2019.va/content/dam/october2019/documenti/formazione/riflessioni-dal-mondo/approfondimenti-/Guida%20MMS%20AR.pdf
(10)
برنامج الكلمة سلسلة لقاءات الأب بولس فغالي على اليو تيوب

29
عزيزي وردا
المقال رائع وفي الصميم حيث نحن في القرن الواحد والعشرين وبسبب الحرية الخارجة من حدود المسؤولية  في الدول الغربية وخاصة في امريكا طهرت المثلية بصورة علنية بتشريعات قاونونية من هذه الدول
إتهام ، البعض ، لقداسة البابا فرنسيس أنّه سمح  بالزواج المدني للمِثليين 

اوردت العناوين الرئيسية العالمية ان البابا فرنسيس يؤيد الزيجات المدنية للمثليين ..

وللأسف  طبّل وزمّر الكثيرون من الأخوة على منابر القنواة الفضائية والأعلامية انّ قداسة البابا الحالي قد سمح بالزواج المدني للمثليين ،وذلك  بتحريفهم وتلاعبهم بكلمات التي نطق بها قداسته عن موضوع المثليين جنسيا  وشكرا لك لانك اوضحت ما قاله البابا بخصوص المثليين
مع شكري وتقديري


30

المسيح الثائر هو المحرِّر الحقيقي للأنسان من قيود العبودية
نافع البرواري
بعيدا في الخوض في سر الثالوث واللاهوت ، يمكن معرفة شخصية يسوع المسيح من خلال تعاليمه وأقواله وحياته على هذه الأرض . في الحقيقة تتوقّف حياة ألأنسان الروحية على معرفة شخص يسوع المسيح ، فها هو يوحنا المعمذان ، وهو أعظم ألأنبياء ، يشهد للمسيح فيقول : "من جاء من فوق ، فهو فوق الناس جميعا . ومن كان من ألأرض ، فهو أرضيٌ وبكلام أهل ألأرض يتكلَّم ....فمن أرسلهُ الله يتكلَّم بكلام الله ، لأنَّ الله يهب الروح بغير حساب " يوحنا 3 : 31 -34 " . حين بدأ المسيح خدمته على الأرض، وجمع حوله تلاميذه الاثنى عشر، وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله، ويشفوا المرضى، التفَّت الجماهير حوله وصارت تتبعه في كل مكان، وأحدث ذلك هزة أخافت رؤساء الكهنة والشعب والقادة. ويقول الكتاب المقدس ، إن المسيح عندما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة : من هو هذا ؟ وما تزال حتى اليوم المدن ترتج ... وما تزال العقول ترتج ... وما يزال العالم كله يرتج ويقول " من هو هذا ؟....من هو هذا ؟ . أمَّا هيرودس الملك أهتز عرشه عندما سمع أنّ جموع الناس تتبعهُ فخاف على سلتطه السياسية فقال : " يوحنا أنا قطعتُ رأسه فمن هو هذا ؟ "لوقا 9 : 9 "
لم يرد في التاريخ من يشبهه ... يدعى إسمهُ عجيباً مشيراً إلهاً قديراً .." إشعياء 9: 6 " . لم يكن له عبيد ولكنه سُميّ السيد ، وهو يحرِّر ألأنسان من الداخل حتى لوكان ذلك الأنسان عبدا في هذا العالم أو سجينا أو فقيرا أو منبوذا من المجتمع . لم يكن له جيوش ولكن أعدائه كانوا ولا يزالون يخافون منهُ ، ولم يكن له سلطة سياسية أو دينية ولكن الساسة ورجال الدين يهابونه ويرتعبون عند سماع اسمه لأنَّ " شريعة الحق كانت في فمه ولا جور في شفتيهِ " ملاخي 2 : 6 ". لم يكن له تاج ملكي ولكن الملوك سجدوا ولا زالوا يسجدون له . لم يكن له أراضي أو أملاك أو مال ، ولم يكن له موضع ليضع عليه رأسه ، ولكن ذاع أسمه في اقاصي الأرض المسكونة وبنيت آلاف الكنائس في العالم أجمع لتمجيد اسمه. لم يكن معروفا في العالم عندما ولد في قرية صغيرة نائية ولكن اليوم هواشهر انسان في الوجود وأصبح اسمه ممجدا في العالم كله فشهرته انتشرت في الآفاق ، وغزى قلوب الناس وأسَّرهُم بمحبّته . مات على خشبة الصليب كمجرم وملعون ، ولكن الملايين من المؤمنين باسمه يعلقون الصليب على صدورهم علامة ألأنتصار على الموت وافتخارا باسمه . لم يكن له ابناء أو بنات أو أخوة أو خوات بل كان وحيدا لأهله وأبيه ، ولكن اليوم جميع المؤمنين باسمه صاروا له أبناء وبنات وإخوة وأخوات " أما الذين قبلوه ، المؤمنون بإسمه ،فأعطاهم ُسلطانا أن يصيروا أبناء الله".يوحنا1: 12 "
لم يكن له شهادة دراسية ولكن دعي بالمعلم وكان يتكلم كمن له سلطان . لم يكن كاهنا أو عالم للشريعة ولكنه هو نفسه واضع الشريعة ومُعلمها . عاش في هذه ألأرض فقيرا مكتفيا بالخبز اليومي ، ولكنه يطعم الملايين بالخبز الحي النازل من السماء ويروي العطاشى الى الحياة ألأبدية . لم يكن له شهادة جامعية في الطب ، ولكنَّه لقِّبَ بالطبيب ألأعظم ، وكان ، ولا يزال ، يشفي المرضى ويقيم الموتى . لم يرتكب خطيئة واحدة في حياته ومع ذلك كان يُغفر للخاطئين ويطلقهم من عبودية الخطيئة ، وهو يقول لنا في كُلِّ حين " تعالوا إليَّ ياجميع المُتعبين والرّازخين تحتَ أثقالكُم وأنا أُريحُكم . إحملوا نيري وتعلَّموا منّي تجدوا الرّاحة لنُفوسِكم ، فانا وديعٌ متواضِعُ القلبِ ، ونيري هيِّن وحملي خفيف "متى :11 : 28 – 30 " . يسوع المسيح
حمل خطايا البشرية جمعاء على خشبة الصليب "حمل عاهاتنا وتحمَّلَ أوجاعانا ، حسبناهُ مصابا مضروبا من الله ومنكوبا ، وهو مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل خطايانا ، سلامُنا أعدَّه لنا ، وبجراحهِ شُفينا " اشعيا 53 : 4 – 5 ". فصرخة يسوع المسيح على خشبة الصليب ، وهو في قمة ألآلام ، هي صرخة كُلِّ متروك وصرخة كُلِّ المهمشين والمقهورين والمظلمومين والمشردين والمستعبدين سواء بقيود الخطيئة أو قيود السلاطين والحُكَام ، أو المستعبدين بقيود الشر وألأرواح النجسة . انَّ الظُلمة والزلازل وقيامة الكثيرين من الناس من القبور، عند ما سلَّم يسوع المسيح حياته الى أبيه السماوي ، هي رموز تُنذِر العالم أنَّ المسيح ابن الله جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله ، وهي رمز لكل انسان لكي يقوم من النوم العميق (الموت) لينتقل الى الحياة الأبدية .
لم يدعو يسوع المسيح الى الثورة ولا الى قلب الأنظمة الدكتاتورية ولكنه دعى الى الثورة على الذات ، فتحرير ألأنسان يبدأ من الداخل ، لأنَّ الجراحات هي تأتي من الداخل وكل شر ينبع من القلب . وأعدَ لنا سلاما وبشّر بالسلام والمحبة والغفران "سلاما أترك لكم ، سلامي أُعطيكم ، لا كما يُعطيه العالم أُعطيكم أنا " يحنا 14 : 27 " . جاء للعالم بالسلام والبهجة والفرح ، فهو ينعش النفس ويهدينا سبيل الحقَّ وينشر العدل والبر والرحمة ، وهو شافي للقلوب وجاء" ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام " لوقا 1 79 "
كلام يسوع المسيح هو كلام من له سلطة سماوية فبكلمة منه يستطيع أن يهب الحياة حتى للموتى إذ يقول" أنا القيامة والحياة .......لي سلطان أن أضع ذاتي ولي سلطان أن آخذها "، وقام من الموت في اليوم الثالث " ، ويقول " أنا نور العالم " وفتح عيون الملايين ليعرفوا من هو الله الحقيقي . كان يسوع يُدهش سامعيه بتعاليمه التي لم يستطع حتى ألأعداء ان يواجهوه نظرا لقوة الحق التي تحمُلها كلماته .
يسوع المسيح لم ياتي ليفرض قوانين السماء على الأرض بالقوة أو بالأكراه بل قال قوله المشهور " اعطو ما لقيصر لقيصر وما لله لله "متى 22 : 21 " فهنا أعطى يسوع الحرية الدينية والحرية السياسية ، فليس الناس على دين ملوكهم كما كان يحدث أيّام القرون الوسطى . فملكوت الله ، ليس مملكة تُنافس أو تُزاحم مملكة قيصر (السلطة السياسية) ، لأنَّ ملكوت الله من نظام آخر ويقف على مستوى آخر . المسيح لاياتي ليحلَّ محلَّ قيصر(الذي يمثل كلِّ سُلطات أرضية ) ويحقق مسيحانية سياسية ودينية (كما كان اليهود يعتقدون وكما يعتقد الكثيرون من الأحزاب ألأسلامية اليوم ) ، بل قد أتى ليؤسِّس ملكوت الله وهو الذي يقول " ليست مملكتي من هذا العالم" يوحنا 18 : 36 " . وهكذا أكَّد أنّ ملكوت الله لا يتداخل مع مملكة البشر.
يسوع المسيح هو طريق الثوابت . ثبات في المبادئ والقيم والمثل العليا ، وثبات في الحق والعدالة والمحبّة ، وألأمانة ، والصدق وألأخلاص والرحمة والحنان والتواضع ، والتماسك والوضوح والبساطة وبذل الذات ، وثبات في مجابهة كل المخاطر وألأهوال ، حتى دَفعَ أغلى ثمن في سبيل ألحفاظ على هذه الثوابت والقيم والمبادئ ، و كانت منهج حياته وتعليمه ، فلم يكن في تعليمه تناقض مع حياته ولا تعارض ، ولا أزدواجية بين التعليم والحياة ، وبين القول والعمل ، ومثال على ذلك عندما يقول "احبّوا أعدائكم .." فهو صلى على صالبيه وقال " يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم لا يعرفون ماذا يفعلون " وكذلك عندما يتكلم عن المحبة فهو عاشها ومات مضحيا بحياته من أجل محبيه "هكذا أحبَّ الله العالم حتَّى وهب إبنهُ ألأوحد ، فلا يهلك كُلِّ من يؤمن به ، بل تكون له الحياة ألأبدية "يوحنا3 : 16 " . مبادئ المسيح لم تهزُّ يوما ما نتيجة الظروف أو الخوف أو ألتهديد أو اليأس أو نتيجة الشعور بالمرارة أو الغضب . طريق المسيح كان واضحا ونهج تعاليمه ومبادئه ثابة وبسيطة وفيها شفافية ، ففي حياته ، كما في تعليمه ، لانجد أيُّ غموض أو تعقيد بل وضوحا وبساطة ، ولم تكن هناك عقد أو مفاهيم غير واضحة للناس ، بل العكس كان كلامه لا لبس فيه ولا ضبابية بل يفهمه كل انسان أراد معرفة الحق ، وفي نفس الوقت عينه كان كلامه عميقا ومتجددا ويأسر القلوب . كان الطريق الذي انتهجه يسوع المسيح ايضا هو السهولة والصعوبة في آن واحد ، فهو سهل لأنّ المسيح يخاطب قلب ألأنسان ومشاعره وعقله وروحه ونفسه ، فهو كصديق واخ وحبيب وأب يخاطب محبيه بمحبة وحنان ويصف ذلك بقوله " ها أنا واقفٌ على الباب أقرعه فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب دخلتُ اليه وتعشيتُ معهُ وتعشّى هو معي" رؤيا 3 : 20 ". وطريق المسيح ضيِّق وصعب وشائك والقليلون يستطيعون السير فيه ، لأنَّ السير في طريق الحق هو كمن يسير عكس التيار .
يسوع المسيح قام بثورة ضد قوات الشر الروحية وكان سلاحه هو سلاح الكلمة فلم يكن له جيوش ولا أسلحة الدمار والهلاك ، بل جاء ليحرر ألأنسان من قيود قوات الشر الروحية"زكريا 12 : 3 – 4 " . فيسوع المسيح يحفظنا من الشر ويحطَّم كل اسهم ألأشرار وسيوف الغدر . إنَّ سلطان المسيح هو على السماء وعلى ألأرض وعلى كُلِّ المخلوقات ، وهو مع المؤمنين به الى انتهاء العالم "متى 28 : 18 – 20 " جاء الى هذه ألأرض ليقيم الجسور بين ألأنسان وخالقه ويصالح السماء مع ألأرض .
لقد حررنا يسوع المسيح من اعتى أعدائنا ألا وهو الموت , وأعطانا الحياة الأبدية " اين شوكتك ياموت واين غلبتُكِ ياهوية ؟ " ونقلنا من الظلمة الى النور ومن التعاسة الى السعادة ومن النجاسة الى الطهارة والقداسة ، ومن العبودية للشهوات الجسدية الى الحرية الروحية ومن الخوف الذي يجعل ألأنسان مرتعبا ومشلول ألأرادة ، الى السلام الذي يفوق الوصف . وهو الذي نقلنا من اليأس الى الرجاء والأمل ، ومن الفقر الروحي الى الغنى الروحي ، وفتح عيوننا لكي نبصر وآذاننا لكي نسمع ونصغي الى الحقائق الألهية ، وغيّر قلوبنا الحجرية الى قلوب تنبض بالمحبة والحياة ، وعلّمنا كيف نختار الطريق الذي يؤدي الى الكمال والتسامي والحياة الأبدية .
نعم يسوع المسيح علّمنا في هذه الحياة ماهي أولوياتنا وكيف نسير لبلوغ الهدف والحصول على أكليل الفوز في مملكة الله

"وما من أحدِ يَضَعُ خمرا جديدا في أوعيةِ جِلدٍ عتيقةٍ لئلاّ تنشقُّ ألأوعيةُ فَتَسيلَ الخمرُوتَتلَف ألأوعية ، بل توضعُ الخمرُ الجديدة في أوعية جديدةٍ ، فتسلمُ الخمرُ وألأوعيةُ"متى 9 : 17 " .
ثورة المسيح أحدثت صراع وحرب بين المفاهيم القديمة قبل مجيئ المسيح ومفاهيم جديدة بعد المسيح فتعاليمه تشبه الخمرالجديد الذي يوضع في القرب(الوعاع) الجديد ، فقد حرّرنا من قيود الشريعة , وأعطانا شريعة المحبّة وشريعة الروح ، هذه الشريعة الحيّة هي شريعة الحياة الجديدة في العهد الجديد " ..والله بكلامه على "عهد جديدٍ" جعل العهد الأول قديما ، وكُلِّ شيئٍ عَتَقَ وشاخَ يقترِب من الزوال"عبرانيين 8 : 13 ".
إنَّ شريعة الحلال والحرام والمسموح والمحظور غير موجودة بالنسبة الى ألأنسان البالغ ، الأنسان الروحاني الناضج ، لأنَّه تجاوزها ، فالشريعة ضرورية حتى مرحلة معيَّنة من نموُّنا، وينتهي زمنها عند من أستولى الروح القدس عليه"غلاطية 5 :16 -18 " . فحين يتكون الضمير(الذي هو قبس من الروح القدس) ، يصبح ألأنسان قادرا على الحكم بنفسه بين الخير والشر وفقا لما هو خير وما هو شر. فالممنوع لايأتيه من الخارج ، بل ينبعث من الداخل ، لايفرضه الله عليه بل يولد من تَطلُّبٍ داخليَ يقبلهُ بكُلِّ حريّة . فيسوع المسيح فتح ، للأنسان ، الذي يحييه الروح القدس ، آفاقا جديدة وحريّة لنعبد الله بالروح والحق "روميا 7 :6 " ولكننا ألآن تحرَّرنا من الشريعة ِ ، لأنّنا مُتنا عمّا كان يقيُّدنا ، حتى نعبدَ الله في نظام الرَوح الجديد ، لا نظام الحرف القديم " ، نعم "الحرف يَقتُل أمّا الروح يُحيي". يسوع المسيح يطلب من الأنسان أن يتخطّى الشرائع المكتوبة ليصبو ويتطلع الى ما هو أبعد منها ، فالوصايا العشرة ليست الاّ الحد ألأدنى ، انّها تُعبِّر ، وبطريقة فظَّة عن جزء صغير جدا من شريعة كياننا. فهل نحن نتبع يسوع المسيح الذي حرّرنا بسلطانهِ السماوي ، أم نتبع مئات القوانين والتشريعات التي وضعها الفريسيّون قبل الفي سنة ، ولا زال الكثيرون من رجال الدين يضيفون اليها المزيد في عصرنا الحاضر ؟.
المسيح أعطانا الشريعة ألأخلاقية ( نستطيع أن نسميّها شريعة الضمير)، وهي شريعة ديناميكية متغّيرة منفتحة للتقرب أكثر فاكثر نحو مصدر النور( يسوع المسيح) ، بينما الشريعة القديمة ،المكتوبة ، ساكنة ومنغلقة لا تعترف بالتغيير . فمثلا في العهد القديم و في العهد الجديد لم يكن هناك مفاهيم متبلورة عن مشكلة تلوث البيئة أومسألة الغنى الفاحش والظلم ألأجتماعي وتجارة المخدرات والتجارة بالأطفال والعلوم الحديثة التي تشجِّع البعض على اجراء تغييرات وراثية في جينات ألأنسان أو المخلوقات ، وهكذا مسالة ألأجهاض . بينما اليوم هذه أصبحت خطايا مميتة تشجبها الكنيسة الجامعة ، فليس كُلِّ شيئ مكتوب في الكتاب المقدس ، ولكن الرب يسوع المسيح أعطانا شريعة الروح ، لأنّ الروح القدس الذي يسكن في المؤمنين ، يرشدهم الى الحق ، وبه نستطيع أن نحكم على ما هو خير وما هو شر . وهكذا نستطيع أن نقول مع كاتب العبرانيين ، عن العهد الجديد :" هذا العهد هو الذي أُعاهدهم إيّاهُ في ألأيّام ألآتية ، يقول الرب :ساجعلُ شرائعي في قلوبهم وأكتبها في عقولهم " .
يسوع المسيح قلب مفاهيم هذا العالم ، الذي كان يؤمن بالعدالة في الفعل ورد الفعل المساوي له ، حتى في جرائم القتل ، لهذا يدعونا المسيح في عِظَّتهِ على الجبل ، الى البحث عمّا هو اعمق والسعي الى ماهو أسمى ، فهو جاء ليضع مفاهيم جديدة عن العدالة ليقول للمؤمنين بشريعة العين بالعين والسن بالسن (تلك الشريعة التي تحاول الحد من سفك دم ألأخوة في ألأنسانية ، ولكن هي شريعة لا تعالج لب وجذور المشكلة ألأنسانية ) أنَّ القتل هو من نتائج الغضب ، فحتى الغضب هو خطيئة يستحق من يغضب على أخيه ألأنسان المحاكمة "متى 5 :21، 22".
وهو الذي غيّر مفهوم العالم عن الطهارة والنجاسة ، فالطهارة تكون من الداخل وليس من الخارج ، اي طهارة القلب "مرقس 2 :23 –28
هكذا بالنسبة للزنى في مفهوم العهد القديم الذي كان ينص على أنَّهُ من الخطأ أن يمارس أحدٌ الجنس مع أيُّ شخص غيرُ شريك الحياة بينما جاء المسيح ليقول : حتى الشهوة الجنسية مع شخص آخر غير الشريك فهو زنى فكري ، وبذلك هو خطية ، فاذا كان الفعل خطية ، فالنية أيضا خطية ، وألأمانة مع شريك الحياة بالجسد ، ولكن ليس بالفكر ، أيضا هي خيانة للثقة الحيوية للزواج السليم "من نظر الى أمرأةٍ ليشتهيها ، زنى بها في قلبه "متى5 : 28
عندما يتمرّض الأنسان عليه أن يذهب الى الطبيب لكي يعالجه ، هكذا يسوع المسيح هو الطبيب ألأعظم ، كما هو الثائر ألأعظم ، يعالج جذورأمراضنا الجسدية والنفسية والروحية . فكما الطبيب الحكيم عندما يشخص الأنسان المريض عليه أن لا يعالج مرضه دون التفتيش عن أسباب وجذور هذا المرض فيسال المريض أسئلة عن الأمراض الوراثية للمريض التي أنتقلت من الأب او ألأم أو حتى الأجداد لكي يعرف جذور المرض ، هكذا سيسأل عن البيئة التي يعيش فيها المريض وعن ألأمراض التي عانى منها هذا المريض في مراحل حياته .....الخ ، عندها سيقوم هذا الطبيب الحكيم بمعالجة المرض بعد اطِّلاعه على جذور الأسباب التي أدت الى اصابة المريض بهذا المرض . وهذا عينه ما فعله ويفعله يسوع المسيح في حياة الناس فهو يقلع الخطيئة من جذورها فيعالج الخطيئة وليس نتائجها ، هذه الخطيئة التي تجذَّرت في الطبيعة الأنسانية عبر التاريخ وقادت الأنسان الى الموت الروحي.

فعندما يقول : " قيل لكم ...... أمّا أنا فأقول لكم" (هذه الجملة التي تختصر الموعظة على الجبل بطريقة جوهرية) ... لاتُقاوموا من يسيء أليكم ....أحبّوا أعدائكم ، وصلّوا لأجل الذين يضطَهدونكم .....فاذا أحسنت الى أحد ، فلا تُطَبِّل ولا تُزمِّر مثلما يعمل المراؤون في المجامع والشوارع حتى يمدحُهم الناس ....أمّأ أنت فاذا أحسنت الى أحد فلا تجعل شمالك تعرف ما تعمله يمينك ... ، فاذا صليّت فادخل غرفتك وأغلق بابها وصلِّ لأبيك....أغفروا يغفر لكم ....لا تُدينوا لكي لا تُدانوا....الحياة خيرٌ من الطعام والجسد خيرٌ من اللباس.....لا يَهمُّكم أمر الغد ، فالغد يهتم بنفسه ..كونوا كاملين كما أنَّ أباكم السماوي كامل...الخ(راجع الموعظة على الجبل )( متى :5).
ثورة المسيح هي ثورة ضد التقاليد والعادات التي تجعل الأنسان يعيش في كهوف الماضي المتخلف وضد ألأستبداد والطبقية والعنصرية والأنانية . هي ثورة
ضد المفاهيم الخاطئة التي كانت تقيّم الأنسان على اساس الغنى والمقام الرفيع والمعرفة والعلم والفكر المتعالي . بينما المسيح جعل الكل سواسية لا فرق بين أُميّ ومتعلم ولا فرق بين فيلسوف وجاهل ولا فرق بين ملك وجندي أو بين سيد وعبد فالكل سواسية في مملكة المسيح . جاء المسيح ليوقض البشرية من سباتها الطويل عبر آلاف السنين ، ليعطي قيمة حقيقية للأنسان كونه صورة الله على هذه ألأرض وله سلطة من الخالق ليكون سيد هذا الأرض لا بل أعطى المسيح قيمة للأنسان لا يصدقه العقل ولم تسمع به اذن ولم تراه عين ، عندما وعد البشرية بارض جديدة وحياة جديدة فيها يغمرنا بحبه وحنانه لنكون إخوته في مملكة أبيه السماوي التي لا تنتهي حيث لا يوجد فيها الم ولا بكاء ولا ظلام ولا ظُلم . فيسوع المسيح أعطانا نعمة لا نستحقها وأعطانا حياته لكي نتشبه به في حياتنا ويكون قدوة لنا بل مثالا نحتذي به لنستطيع أن نسمو الى العلى والى الأنفتاح على الكون لأنّه هو مركز هذا الكون وهو يدعونا الى وليمته الأبدية . ثورة المسيح لا تنتهي في زمان او مكان فهي ثورة مستمرة طالما الأنسان يشدو الى الكمال الى المجد الى السعادة الى السلام الى الأبدية . ثورة المسيح هي ثورة متجددة تسعى الى الجمال الذي لا يزول والى الديمومة والأستمرارية في التغيير نحو الحياة ألأفضل . "ثورة المسيح كما قال جبران خليل جبران:"هي عاصفة جاءت تزعزع كُلِّ شيئ لترده الى أُسُسِه ألأصلية".
يقول جبران خليل جبران في كتابه "يسوع ابن ألأنسان" :
الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولوداً كالفقراء عائشاً كالمساكين مهاناً كالضعفاء مصلوباً كالمجرمين فتبكيه وترثيه وتندبه وهذا كلّ ما تفعله لتكريمه.
منذ تسعة عشر جيلاً والبشر يعبدون الضعف بشخص يسوع، ويسوع كان قويّاً ولكنّهم لا يفهمون معنى القوّة الحقيقيّة.
ما عاش يسوع مسكيناً خائفاً ولم يمت شاكياً متوجّعاً بل عاش ثائراً وصُلِبَ متمرّداً ومات جبّاراً.
لم يكن يسوع طائراً مكسورَ الجناحين بل كان عاصفةً هوجاء تكسر بهبوبها جميعَ الاجنحةَ المعوجةَ.
لم يجئ يسوع من وراء الشفق الأزرق ليجعل الألم رمزاً للحياة بل جاء ليجعل الحياة رمزاً للحق والحريّة.
لم يخف يسوع مضطهديه ولم يخشَ اعداءَه ولم يتوجّع أمام قاتليه بل كان حُرّاً على رؤوس الأشهاد جريئاً أمام الظلمِ والاستبدادِ، يرى البثور الكريهة فيبضعها، ويسمع الشرّ متكلّماً فيخرسه، ويلتقي الرياء فيصرعه.
لم يهبط يسوع من دائرة النور الأعلى ليهدم المنازل ويبني من حجارتها الاديرة والصوامع، ويستهوي الرجال الأشداء ليقودهم قسوساً ورهباناً، بل جاء ليبث في فضاء هذا العالم روحاً جديدة قويّة تقوّض قوائم العروش المرفوعة على الجماجم وتهدم القصور المتعالية فوق القبور وتسحق الأصنام المنصوبة على أجساد الضعفاء المساكين.
لم يجئ يسوع ليعلّم الناس بناء الكنائس الشاهقة والمعابد الضخمة في جوار الأكواخ الحقيرة والمنازل الباردة المظلمة، بل جاء ليجعلَ قلبَ الإنسانِ هيكلاً ونفسَه مذبحاً وعقلَه كاهناً.
هذا ما صنعه يسوع الناصري وهذه هي المبادئ التي صُلب لأجلها مختاراً، ولو عقل البشر لوقفوا اليوم فرحين متهلّلين منشدين أهازيج الغلبة والانتصار.
وأنت أيّها الجبّار المصلوب، الناظر من أعالي الجلجلة إلى مواكب الأجيال، السامع ضجيج الأمم، الفاهم أحلام الأبديّة، أنت على خشبة الصليب المضرجة بالدماء أكثر جلالاً ومهابةً من ألفِ ملكٍ على ألفِ عرشٍ في الفِ مملكةٍ. بل انت بين النزع والموت أشدّ هولاً وبطشاً من ألفِ قائدٍ في ألفِ جيشٍ في الفِ معركةٍ.
كان يسوع المسيح إنسانا حرا متمردا على التقاليد الدينية والاجتماعية، يعشق الفرح ويحمل إلى الناس رسالة الغفران والمحبة والجمال .
يسوع المسيح أخلى ذاته صائرا بشرا مثلنا وعاش بيننا وتالّم معنا وقاس معنا ظلم العالم الذي يعيش في وحل الخطيئة وذاق مرارة كأس الموت مصلوبا من أجل البشرية ليكون نموذجا ومثالا حقيقيا للقائد الثائر مضحيا بنفسه من أجل أن يفتح لنا الطريق الذي يقودنا الى ألأنتصار على الموت ، وليحررنا ويطلق سراحنا من عبودية الشهوات والغرائز التي أستعبدتنا وجعلتنا عبيدا للخطيئة . لتكون للأنسان الحياة الأفضل بعد تحريرنا من قيود الخطيئة وسحقه للروح الشريرة وأنتصاره على الموت بالقيامة التي هي محور ألأيمان في المسيحية.



31
لماذا يهاجمون  قداسة البابا فرنسيس ؟

نافع شابو 

مقدمة : 

ما أشيع مؤخرا بين وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات  الفضائية عن تعاليم وأقوال للبابا فرنسيس ليس لها اي مرجعية من الفاتيكان أو توثيق لما قيل عنه ، حيث يتعرّض قداسة البابا فرنسيس الأول منذ تنصيبه على كرسي الرسول بطرس الى انتقادات لاذعة وصلت الى حد التجريح ووصف بانه يدعو الى بدعة “توحيد الأديان” و”الماسونية ” وتشجيع الزواج المثلي ” ومنعه التبشير” كما وصَّى  المسيح ..وتنازله واذلاله لأنّه يقبل ارجل الناس …الخ من الطعونات والأتهامات . 

هذه الحملة الشعواء ،غير مسبوقة ولا تمتُّ بالصلة الى المسيحية الحقيقية ، بحق الكنيسة الكاثوليكية عامة و شخصية قداسة البابا الحالي خاصة ، والذي يمثّل  أب روحي لأكثرمن مليار ونصف مسيحي في العالم   

يقول احد الآباء: 

لانعرف هل لأن هذا البابا متواضع وفقير وقريب من شعبه ، لهذا عليه هذه الحملات وهناك متشككين يشكّون به كونه مسيحي وزادت عليه الهجمات؟ 

إنّها حملات هدم وليس بناء وتجريح والمس برمز من رموز الكنيسة وليس نقدا بناء ، بل طعنا بقداسته. يقول الرب يسوع المسيح ” من غضب على اخيه استوجب حُكم القاضي ، ومن قال لأخيه : ياجاهل استوجب حكم المجلس ، ومن قال له : يا أحمق استوجب نار جهنّم ..أحبّوا اعدائكم ، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم ، فتكونوا ابناء أبيكم الذي في السمّاوات”متى 5 : 21-22، 44-45″

“انَّ هذه الحملات النابعة من الحقد والكراهية هي بعيدة كل البعد عن وصية الله المحبة  وتعاليم المسيح ، بل انها حملات للشهرة وتمجيد الذات . و بهذا العمل  فإنَّ هؤلاء يقسّمون الكنيسة بدل ان يوحّدوها كما ارادها المسيح “كونوا واحدا كما انا والآب واحد”. ويقول الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس :

إِنْ كُنْتُ أَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ النَّاسِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَقَدْ صِرْتُ نُحَاساً يَطِنُّ أَوْ صَنْجاً يَرِنُّ. وَإِنْ كَانَتْ لِي نُبُوَّةٌ وَأَعْلَمُ جَمِيعَ الأَسْرَارِ وَكُلَّ عِلْمٍ، وَإِنْ كَانَ لِي كُلُّ الإِيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ فَلَسْتُ شَيْئاً. وَإِنْ أَطْعَمْتُ كُلَّ أَمْوَالِي، وَإِنْ سَلَّمْتُ جَسَدِي حَتَّى أَحْتَرِقَ وَلَكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلاَ أَنْتَفِعُ شَيْئ

الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّؤءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ. وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدا ا(كورنثوس 13 : 1-8)ً

من انت أيّها ألأنسان لكي تُدين اخوك الأنسان ؟ الم يقل الرب يسوع المسيح :”لاتُدينوا لكي لاتُدانوا ”

هؤلاء للأسف بدل ان يوحّدوا الكنيسة فهم يمزقونها ، وبدل ان يجمعوا  فهم  يفرّقون

هؤلاء الذين يصفون البابا فرنسيس بانه عدو المسيح او ضد  المسيح وماسوني ويشجع الزواج المثلي ويمنع التبشير  اصبحوا قضاة يدينون و يحكمون على الآخرين حسب ما هم يعتقدون دون ان يبحثوا عن الحقيقة ، في كون هذا البابا بالذات- وبشهادة الملايين من غير المسيحيين – معروفا في كونه بابا الفقراء والمهمشين والمساكين واللاجئين والمنبوذين والمتألمين ..الخ 

نحن كمؤمنين مسيحيّين لانستغرب ان تكون هذه التهم تأتي من غير المؤمنين بالمسيح  اوالمنتسبين الى  الديانات الأخرى لأنّ حتى المسيح في ايامه تعرض للتجريح والأهانات والتعيير من قبل اليهود ومن الأمم  حتى اتهم بالتجديف على الله وكان سبب صلبه ،لكن الألم والحزن ، والمرارة والأسف ان يأتي هذا التجريح وتوصيفه بانه ملعون ، وضدّ المسيح ، عندما يأتي من بعض الذين يدّعون انهم ينتمون للمسيح، فهذا ما يُحزن ويدمي  القلوب . ولكن نحن لانستغرب فحتى المسيح رفض من اقرب الناس له ، رفض من اهله واقاربه ووطنه  كما جاء في انجيل مرقس (6 : 1- 6) حينها  قال الرب يسوع:

“لَيْسَ نَبِيٌّ بِلاَ كَرَامَةٍ إلاَّ فِي وَطَنِهِ وَبَيْنَ أَقْرِبَائِهِ وَفِي بَيْتِهه ”

ولكُلّ هؤلاء الذين اساءوا ويسيئون الى قداسة البابا فرنسيس نقول لهم :”الرب يغفر لكم ويسمامحكم والروح القدس يُرشدكم الى معرفة الحق ، ونصلي من اجلكم ، كي تبصروا نور المسيح  الذي يزيح عن قلوبكم هذا الحقد والكراهية  ويفتح عيونكم لكي تبصروا واذانكم لكي تفهموا  وترجعوا  الى تعاليم المسيح الذي احب الجميع بلا محابات .” لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.” (يو 3: 16 )

يقول الرسول بولس في رسالته الأولى الى كورنثوس :

“إذا كان لأحدكم دعوى على أحدِ ألأخوة ، فكيف يجرؤُ أن يُقاضيه الى الظالمين ، لا الى ألأخوة القديسين؟ أما تعرفون أنَّ القدّيسين هم  الذين سيدينون العالم؟…وإذا وقع خلافٌ بينكم على مثل هذه القضايا ، أتعرضونه على من تحتقرهم الكنيسة للحكم فيه ؟ أقولُ هذا لتخجلوا ” 1كورنثوس 6 : 1-4″

اي ان الخصومات بين الأخوة المؤمنين يجب ان تقدم للكنيسة للحكم فيه وليس بانفراد والحكم دون وجود شهود واخوة .اي معالجة المنازعات بين بعضنا البعض وليس التشهير والتجريح والأدانة عبر المنابر والقنواة الفضائية ووسائل التواصل الأجتماعي، كما يفعل البعض اليوم . 

ولناتي ببعض ألأتهامات التي يروّج لها البعض عبر وسائل التواصل الأجتماعي والفيس بوك ..الخ:

أولا: اتهام البابا بانه يحاول توحيد الأديان. اي ديانة واحدة شمولية وان ذلك يوافق ما تعمله الماسونية العالمية 

اتهم البابا من قبل الكثيرون بانه رسول لوسيفر (الشيطان ) في الكنيسة الكاثوليكية وانه يتبع الماسونية العالمية وانه يدعو الى ديانة عالمية واحدة وو…الخ

هل فعلا البابا فرنسيس يحاول توحيد الأديان كما يدَّعي بعض المنسوبين الى المسيحية ؟ أم ان البابا يريد وحدة الأديان للتعايش السلمي والأخوّة ألأنسانية ؟ وهناك فرق بين المفهومين. فالدعوى ليس الى دين واحد بل الهدف هو توحيد رأي الأديان للسلام والمحبة والعيش المشترك والأخوّة ألأنسانية .هذا هو هدف البابا فرنسيس واساس حوار الأديان الذي انطلق من المجمع الفاتيكاني الثاني . وهدف المجلس البابوي للحوار بين الأديان هو:

تعزيز التفاهم، والاحترام، والتعاون المتبادل بين الكاثوليك، وأتباع التقاليد الدينية الأخرى

وتشجيع دراسة الأديان ، و تعزيز تكوين الأشخاص المتفانين في الحوار. 

لايوجد اي دليل او وثيقة  تصريح من الفاتيكان او من البابا الحالي فرنسيس ألأول حول ما يقوله  البعض ، دون وجه حق ، عن انّ البابا يريد “توحيد الأديان”. وكُلُّ ما يقال هو تشويه للحقائق وتشهير بقداسة البابا ، واتهامه بانه يريد توحيد الديانات لتصبح دين واحد . وكُلّ ما قاله البابا يمكن تلخيصه في خطاباته وكلماته التي قالها في زيارته الأخيرة للعراق (5-7 مارس 2021 

يقول البابا مخاطبا الرئيس العراقي برهم صالح وسياسيين ودبلوماسيين ومن مختلف اطياف المجتمع العراقي: 

“إذا استطعنا نحن الآن أن ننظر بعضنا إلى بعض مع اختلافاتنا، وكأعضاء فى العائلة البشرية الواحدة، يمكننا أن نبدأ عملية إعادة بناء فعالة، ويمكننا تسليم عالم أفضل للأجيال القادمة، أكثر عدلا وأكثر إنسانية، فى هذا الصدد فإن الاختلاف الدينى والثقافى والعرقى الذى ميز المجتمع العراقى، مدة آلاف السنين، هو عون ثمين للاستفادة منه، وليس عائقا للتخلص منه، والعراق اليوم مدعو إلى أن يبين للجميع، خصوصًا فى الشرق الأوسط، أن الاختلافات، بدلا من أن تثير الصراعات، يجب أن تتعاون فى وئام فى الحياة المدنية”(1).

نحن نحتاج الى حوار خالص صريح كنفه الأحترام المتبادل ، العدل ، هذه التحديات صعبة يجب ان نضاعف من جهودنا …كلنا بنات وابناء نفس الخالق ”

“كُلِّ الأطراف ذات الصلة ان يقدّموا ألأحترام ، ألأعتراف ، الحماية لكل ألأديان وأتباعهم ”

نحن الأخوة والأخوات من جميع ومختلف الأديان ، نحن هنا في بيت واحد ونعمل سوية لنحقق احلام العائلة الأنسانية ، عندها سننظر الى السماء سوية 

صلاة البابا في اورمسقط راس ابينا ابراهيم هي رسالة الى التعددية والحوار والتفاهم بين جميع اطياف الشعب العراقي وهي دعوى عالمية لنشر السلام.(2)

– يؤكد قداسة  البابا  فرنسيس على الحوار والتواصل مع مختلف الثقافات  ورسالة مصالحة مع جميع الطوائف المختلفة ، وعدم السماح للتفرقة بين الطبقات و الطوائف ومختلف الديانات ، وعدم السماح بوجود نظام طبقي يجعل من الأقليات درجة ثانية او ثالثة او رابعة.

زيارات البابا للدول العربية  والأسلامية هي  لتحقيق رؤيته حول التعايش بين المسلمين والمسيحيين 

هذه هي الرسالة التي يريد البابا فرنسيس ايصالها الى جميع الأديان والمجتمعات الأنسانية وليس ، كما يقول البعض ان البابا يريد ديانة عالمية واحدة

يقول البابا :”نحن جميعا أبناء الله بغض النظر عن الأديان أو المعتقدات الدينية”وكما قال في احد المناسبات.

وعن اتهام البابا بانه ينتمي الى الماسونية العالمية 

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي باللغة العربية صور ومقاطع مصوّرة على أنها تُظهر البابا فرنسيس وهو يقبّل يد يهود أثرياء من عائلة روتشيلد (باعتبار هذه العائلة هي قادة الماسونية )، لكن هذا الادعاء خطأ وهذه المشاهد تُظهره في الحقيقة وهو يقبّل يد يهود ناجين من محرقة النازيين في الحرب العالمية الثانية.

خلال زيارة البابا فرانسيس إلى اسرائيل  عام 2014، وقد قابل خلال الزيارة ستة ناجيين من المحرقة النازية ومنهم صاحب الصورة الذي ادعت المنشورات أنه روتشيلد،والستة هم                                                                                                                                                           Avraham Harshalom (Friedberg)  Chava (Eva) Shik  Joseph Gottdenker   Moshe Ha-Elion  Eliezer (Lolek) Grynfeld  Sonia Tunik-Geron

وكما هو واضح من الأسماء لا يوجد بينهم اسم روتشيلد سواء كان الاسم الأول أو اسم العائلة، وصاحب الصورة هو أليعازر غرينفيلد.(3).

البابا فرنسيس لاعلاقة له بالماسونية ، ولايوجد اي دليل لهؤلاء الذين يريدون تشويه صورة البابا . والأدلة كثيرة في كون البابا يطبق اقوال وافعال المسيح في حياته عندما يقبّل ايادي ضحايا النازية  ويدعو الى محاربة الأرهاب والدعوة الى صنع السلام والمحبة في العالم اجمع  هو خيردليل وتاكيد على حقيقة شجبه للظلم والقهر وألأستعباد وشجب الأرهاب والفساد وقهر الشعوب  الضعيفة والفقيرة ،في كل مكان . 

ثانيا : أُتُّهم البابا فرنسيس بالخنوع والأذلال عندما  يقبَّل ارجل الناس .

هؤلاء الذين لايعرفون رمز ومقاصد البابا ،لأنهم لايعرفون تعاليم المسيح والمغزى العميق لهذا العمل:

يقول الرب يسوع في الموعظة على الجبل :

هنيئا للمساكين بالروح .. هنيئا للودعاء.. هنيئا لصانعي السلام ..”انجيل متى الأصحاح 5″

قال البابا فرنسيس لرئيس جنوب السودان ونائبه، قبل ان يُقبل أرجلهما :
“”أسألكم من كل قلبي أن تحافظا على السلام 

البابا يطبّق اقوال واعمال المسيح، وما قام به المسيح عندما غسل ارجل التلاميذ ليعلمنا التواضع  والخدمة والفقر الروحي عندما يقول لتلاميذه ” ليكن ألأكبر فيكم كالأصغر ، والرئيس كالخادم ” لوقا 22 : 26″. 

وقد قبّل قداسة البابا  أقدام رئيس جنوب السودان ونائبه، لمساعدتهم على تعزيز اتفاق السلام الذي يهدف لإنهاء الحرب الأهلية في أحدث دولة في العالم ويتوسّل لرئيس السودان ونائبه لوضع حد للقتل والموت في جنوب السودان . هذا دليل على ان البابا ينظر الى كُلّ انسان بأنه صورة الله ، وهو تاج  الخليقة . وعندما يهدر دم الأنسان فان دمه غالي عند الله ، يصرخ الى الله كما جاء في سفر التكوين عندما قتل قابيل اخوه هابيل يقول الله :”ماذا فعلتَ ؟ دم أخيك يصرُخُ اليَّ من ألأرض “تكوين 4 :10” . 

فما قام ويقوم به البابا هو قمة التواضع والمحبة ومشبعا بروح التواضع والفقر والتجرد من اجل خدمة الأنسان .

يسوع المسيح غيَّر وقلَبَ مفاهيم السُلطة والحُكم والرئاسة والقيادة والرعاة . فهو يدعوهم  جميعا  ليكونوا  هم أيضا خُدَاما لشعوهم ويضحُّون  بأنفسهم من اجلهم. يسوع المسيح لم يكن ضعيفا او جبانا ،ولم يتنازل عن الحق حتى دفع ثمن ذلك حياته  . 

يقول جبران خليل جبران، عن السيد المسيح ، في كتابه العواصف: “الإنسانيّة ترى يسوع الناصري مولوداً كالفقراء عائشاً كالمساكين مهاناً كالضّعفاء فتبكيه وترثيه وتندبه، وهذا كل ما تفعله لتكريمه. منذ تسعة عشر جيلاً والبشر يعبدون الضّعف بشخص يسوع، ويسوع كان قويّا ولكنّهم لا يفهمون معنى القوّة الحقيقيّة. ما عاش يسوع مسكيناً خائفاً، بل عاش ثائراً وصلب متمرداً ومات جباراً.   

ثالثا: إتهام ، البعض ، لقداسة البابا فرنسيس أنّه سمح  بالزواج المدني للمِثليين 

اوردت العناوين الرئيسية العالمية ان البابا فرنسيس يؤيد الزيجات المدنية للمثليين ..

وللأسف  طبّل وزمّر الكثيرون من الأخوة على منابر القنواة الفضائية والأعلامية انّ قداسة البابا الحالي قد سمح بالزواج المدني للمثليين ،وذلك  بتحريفهم وتلاعبهم بكلمات التي نطق بها قداسته عن موضوع المثليين جنسيا 

 التلاعب  بالكلام وترجمة غير صحيحة للغة الأنكليزية حول اقوال البابا عن المثليين

هي السبب الحقيقي للهجوم على البابا واتهامه عندما يقولوا ان البابا قال:

“أنّ المثليين الجنسيّين عندهم حق ان يعملوا عائلة ويتزوجوا وان يكون لهم اولادا ايضا ”

في مقابلة قديمة (حتى المقابلة ليست جديدة) سألوا البابا فرنسيس عن هذا الموضوع وفي حينها البابا رد عليهم . اليوم ايضا حدث شيء جديد ، وهي انّ احدى  العائلات لها ابن مثلي الجنس  ، فسالوا البابا فرنسيس ياترى ماذا نفعل بامره ، هل نطرده خارج البيت ؟ هنا ياتي رد البابا فرنسيس عليهم ونأتي بالرد كما هو:

” المثليين لهم الحق ان يكونوا جزء من عائلاتهم ” 

They have the Right to Family 

وليس كما ترجمت الجملة بالخطأ الى اللغة الأنكليزية بالقول ان البابا قال لهم الحق لتكوين عائلة   

They have the Right to make family

كان البابا يجاوب على سؤال العائلة ان هؤلاء المثليين هم جزء من عائلتكم فكيف تطردوهم  ؟ يجب ان تهتموا بهم حالهم حال الأبناء الطبيعيين ، مهما كانت توجهاتهم ، او افكارهم .هؤلاء اولادكم . ويقول للعائلة حرفيا:”إنّهم أبناء الله ولهم الحق ان يكونوا في عائلة ، لايجب ان نرمي احد خارجنا:

هذا واضح لالبس عليه. اما بخصوص الزواج المدني قالوا :   

ان البابا فرنسيس يشرع لهم الزواج المدني (وباللغة الأنكليزية     

)Marage (

بينما البابا قال :

 اي اجتماع مدني. اي الدولة تشرع لهم و تعطيهم صفة مدنية  Savel Unian

وكما رئيس الكهنة يسوع المسيح احتضن المرضى والفقراء والمحتاجين و ذوي الأحتياجات الخاصة واحبهم  هكذا الكهنة في المسيحيية يعتبرون آباء ونحن اولادهم روحيا وليس حرفيا (طبيعيا )بل مجازيا ويرعوا شعبهم المؤمنين ،هكذا يجب على العائلة والدولة ان ترعي المثليين لأنهم ابنائنا واخوتنا . وهؤلاء بحاجة أكثر لنا لرعايتهم والأهتمام بهم . وهذا ما قاله البابا فرنسيس أنا راعي الكنيسة  والكل 

ابنائي.

هنا نقول كل شخص له الحق ان يعمل مايريد وهذا لايعني احنا راضين عن ما يعمله هذا الشخص ولا يعني نحن نفكر مثله . ياتي واحد ويقول انا لا اريد ان اتزوج ، فله الحق ان لايتزوج ، وليس معناه ان اقول له يجب ان تتزوج  ،أو انا معك ان لاتتزوج ، يجب ان نفرق بين الفكرتين.(4) 

ولتاكيد حقيقة نفي الفاتيكان عن ان البابا يشجع زواج المثليين جاء تصريح من متحدث باسم البابا فرنسيس في  15– 3 –  2021:

“أنَّ الكنيسة الكاثوليكية  وكهنتها لايمكن لهم مباركة زواج المثليين”. وجاء في بيان في صفحتين نشره الفاتيكان ،أنَّ هذا التاكيد مترجما بسبعة لغات ،ردّا على سؤال عن راي البابا بزواج المثليين . واضاف البيان انّه لايمكن قبول ومباركة زواج المثليين بشكل رسمي وشرعي من قبل الكنيسة ، ولاتوجد هناك أي اسباب للأعتراف بالزيجات ، التي لاتشبه باي حال من الأحوال الزواج الذي اراده السيد المسيح والذي يقود الى نعمة الحياة الزوجية”.

وجاء صدور هذا البيان بعد عن تردّد على لسان قداسة البابا فرنسيس ، قبل حوالي ستة اشهر، من انه يبارك زواج المثليين ، حيث كان حينها يقول : “إنّ المثليين هم ابناء الله ، لهم الحق في تكوين عائلة .

وجاءت تعليقات البابا هذه ، أثناء مقابلة له مع محطة تلفزيونية مكسيكية ، كانت جهات في الفاتيكان قد حذفت اجزاء منها ، وقامت لاحقا بنشرها كاملة .

وأكَّد بيان الفاتيكان “أنّ الرب لايمكن له استثناء أحد من نعمته ، ومن ضمن من ينعم ويتمتع بنعمة الرب المثليّون . لكن الفاتيكان لا ولن يبارك الخطيّة ومرتكبيها “.

واضاف : “إنّ الكنيسة الكاثوليكية لاتمتلك الصحلايات لتبارك ألأشخاص المثليين ”

قال البابا فرنسيس:

” إن كان شخص ما له ميول جنسية مع شخص آخر مثله ، ويحاول التقرُّب من الرب ، من أنا لأحكم عليه “(5).

نعم حتى لو قاله البابا فإن الدينونة هي لله . وهذا ما قاله الرب يسوع المسيح :

 “”لا تدينوا لكي لا تدانوا، لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم

 (متى 7 :1،2)

الله يحبُّ الخاطئ ولكنه يكره الخطيئة . يقول يسوع المسيح : 

لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».” مرقس  2: 17″. 

بابا الفاتيكان يرفض زواج المثليِّين…”لا نبارك الخطيئة””

“الخطيئة لا تبارك” لذا ترفض الكنيسة الكاثوليكية مباركة زواج المثليين. هو حسم من البابا فرانسيس للجدل الذي أثير حول الموضوع

“من أنا حتى أحكم على المثليين” عبارة قالها البابا فرنسيس عام 2013، عرضت في وثائقي من إخراج أفجيني أفينفيسكي، وهو روسي يحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، حيث تعمد أفينفيسكي عدم إيضاح توقيت المقابلة ، ما أدى إلى استهدافه في حملة إعلامية ممنهجة

البابا فرانسيس تعرّض لهجوم إثر تحريف كلامه أكثر من مرة، وهو ينطلق من عقيدة أن اللين وليس الصلابة، النعومة وليس الجلافة، والحب والحنان والعطاء والرحمة، مفاهيم تعتبر جوهر الرسالة المسيحية، لكن لا يمكن أن تمتد المباركة إلى زواج المثليين.(6)

تصريح من  الفاتيكان إن التعليقات التي أدلى بها البابا فرنسيس بشأن قوانين الارتباط المدني، تم إخراجها من سياقها ولا تشير لتغيير في عقيدة الكنيسة بشأن المثليين أو دعم الزواج من نفس الجنس

وقالت المذكرة: “من الواضح أن البابا فرنسيس كان يشير إلى بعض أحكام الدولة وبالتأكيد ليس عقيدة الكنيسة، التي أعاد تأكيدها عدة مرات على مر السنين”.(7)

رابعا: اتهام الباب بأنه مَنَعَ التبشيراثناء زيارته للمغرب . 

جاء في موقع الباطريكية اللاتينية في القدس مقال نشر بتاريخ  3 ابرل 2019   توضيحا لما قاله البابا فرنسيس للمسيحيين  في اثناء زيارته للمغرب مايلي   :

“حذر البابا فرنسيس مسيحيي المغرب من القيام بأية أنشطة تبشيرية أثناء خطاب ألقاه في كاتدرائية الرباط ضمن فعاليات اليوم الثاني لزيارته المملكة بدعوة من الملك محمد السادس.وقال البابا متوجهًا إلى الحاضرين في هذه الكاتدرائية الواقعة وسط العاصمة الرباط :“إن دروب الرسالة لا تمر من خلال أنشطة التبشير التي تقود دوما إلى طريق مسدود“.وخرج عن نص خطابه المكتوب ليؤكد ’رجاءً لا تبشير!‘، مذكرًا الحاضرين أن رسالتنا كمعمدين وكهنة ومكرسين لا يحدّدها بشكل خاص العدد أو المساحة التي نشغلها، وإنما القدرة على خلق التغيير والدهشة والتعاطف” انتهى الأقتباس

حديث البابا  نابع من قرارات مجمع الفاتيكاني الثاني، ولا يتكلم البابا الا ضمن قرارات هذا المجمع . جاء في موقع البطريكية اللاتينية  في القدس: 

“أن رسالتنا كمعمّدين وكهنة ومكرّسين لا يحدّدها بشكل خاص العدد أو كميّة المساحة التي نشغلها وإنما القدرة التي نملكها على خلق التغيير والدهشة والتعاطف؛ من خلال الأسلوب الذي نعيش فيه كتلاميذ ليسوع وسط الذين نشاركهم الحياة اليومية والأفراح والآلام والمعاناة والرجاء (راجع.المجمع الفاتيكاني الثاني، الدستور الرعائي فرح ورجاء، عدد ١). بمعنى آخر، إنَّ دروب الرسالة لا تمرُّ من خلال أنشطة ’الضم البغيض”‘ (proselitismo)

. من فضلكم، لا تمرُّ من خلال أنشطة ’الضم البغيض‘ ! لنتذكرالبابا بندكتس السادس عشر: “إن الكنيسة لا تنمو من خلال أنشطة ’الضم البغيض‘ بل بواقع الجذب والشهادة“. لا تنمو من خلال أنشطة التبشير، التي تقود دومًا إلى طريق مسدود، وإنما من خلال أسلوبنا في التعاطي مع يسوع ومع الآخرين.وبالتالي فالمشكلة ليست في أن يكون عددنا قليلًا وإنما في أن نكون غير جادين ونصبح ملحًا لا طعم للإنجيل فيه 

أو نورًا لا ينير شيئًا أبدًا (را.متى ٥، ١٣-1١٥

عدم الدقّة في الترجمة

ماذا قصد البابا فرنسيس بكلمة 

؟ لم يقصد التبشير حتما  prosolotysm

لا يقصد البابا فرنسيس في خطابه أمام الإكليروس المحلي بالمغرب، التبشير كعمل إرسالي.فكيف ينفي وصيّة السيد المسيح الأخيرة للرسل قبل صعوده إلى السماء؟

 وكيف له نفي رسالة الكنيسة الجوهرية؟ بالتأكيد ليس هذا هو المقصود.حتى أن البابا فرنسيس خصص شهر تشرين أول ليكون شهرًا خاصًا ترفع فيه الصلوات من أجل المرسلين والإرساليات

ما لا يرغب به البابا هو النشاط الذي يهدف إلى استقطاب الآخرين واستمالتهم إلى المسيحية بوسائل منافية لحرية الإنسان في اختيار معتقده، أو نتيجة استغلال لأوضاع مادية أو نفسية أو اجتماعية…وبالتالي، يرغب قداسته في التأكيد على أن المسيحي هو مسيحيًا نتيجة لقاء حقيقي مع السيد المسيح، وليس ثمرة استقطاب أو استمالة أو اقتناص، تهدف فقط إلى زيادة الأعداد .

وبمعنى آخر، فرّق البابا فرنسيس أمام الإكليروس المحلي في المغرب بين “عرض الإيمان للآخرين“ من خلال الأعمال وشهادة الحياة، وبين “فرض الإيمان على الآخرين“.وبالتالي، فإن تصريحات البابا فرنسيس تأتي متوافقة مع تعليم الكنيسة الكاثوليكية الرسميّ وتعليم البابوات السابقين في هذا الشأن(البابا بندكتس السادس عشر والبابا القديس يوحنا بولس الثاني).

بدورها، قالت الزميلة هالة الحمصي في جريدة النهار اللبنانية :

“المسألة برمتها تتعلق بترجمة تعبير بابوي إلى العربية، والترجمة لم تصب المعنى كما يجب”.

هاجم مستخدمون مسيحيون البابا فرنسيس على صفحاتهم وحساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، على خلفية تعبير ورد في خطابه امام الكهنة والمكرسين والمجلس المسكوني للكنائس في كاتدرائية الرباط في ٣١ آذار ٢٠١٩، وتسببت ترجمته الى العربية بحملة تجن على الحبر الاعظم”.

ولكن ما حصل هو ان التعبير الذي استخدمه في خطابه اسيئت ترجمته إلى العربية، في وقت لم تكن هي الحال في الإنجليزية والفرنسية…ما دعا اليه البابا فرنسيس هو “عدم الاقتناص” 

 )proselytism) 

 “وليس ” عدم التبشير 

 كما نشر .  (Evangelization)،

ماهو ال

(بالأيطالية) ـproselytism، أو proselitismo 

ترجم“معجم الايمان المسيحي“للاب صبحي حموي اليسوعي (دار المشرق) إلى“نزعة دخيلية“. وفي الشرح، هذا التعبير يعني “مواقف أو وسائل تخالف الروح الإنجيلي، يحاول بعضهم أن يستميلوا بها الناس إلى جماعتهم، مستغلّين جهلهم أو فقرهم”.

ويوضح المدير الوطني للاعمال الرسولية البابوية في لبنان الخوري روفايل زغيب لـ“النهار“ان“الترجمة

  لتعبير “ألأقتناص ” ، ومعناه يختلف كليّا عن التبشير proselytism او prosélytisme  الأفضل 

“. Evangelization

ويتعمق في الشرح قائلا: “الاقتناص يعني العمل على استمالة الناس الى المسيحية باستغلال فقرهم وجهلهم لتغيير دينهم.وهذا ما ترفضه الكنيسة الكاثوليكية، على رأسها البابا، وتندد به وتعارضه.اما البشارة التي تدعو اليها الكنيسة، ويؤكدها البابا في رسالته “فرح الانجيل“، فهي عمل مجاني.

انها رسالة فرح لا يمكن المسيحي ان يحفظها لنفسه، بل عليه ان ينشرها مجانا، ولكن ليس من أجل اقتناص الاشخاص، بل من اجل مشاركتهم في فرحه.ولهذا السبب يتكلم البابا على الجذب والشهادة، وليس الذهاب للتبشير بالمسيح بطريقة اقتناصية. نعم، على المسيحي ان يتكلم على المسيح، ولكن ليس بالاقتناص “، بل بالجذب والشهادة”.(8)

وهذا ما لمسناه في بعض الكنائس في اوربا عندما استغلوا اللاجئين ، باغراءات مادية او بمحاولات الضغط على الحكومات لمنح اللاجئين  اقامة دائمية في هذه الدول، مقابل  تحوّل اللاجئين الى الدين المسيحي بغض النضرعن ايمانهم او عدم ايمانهم بالمسيحية ، وهذا بالضبط ما يقصده البابا فرنسيس.

يقول البابا فرنسيس في احدى المناسبات:
“إنّ شموليّة الإنجيل(الخبر السار) ضمن لغة تصل إلى كلّ إنسان هي من المفاتيح الأساسيّة:” مع أنّني كتبت هذه الرسالة انطلاقاً من قناعاتي المسيحيّة التي تدعمني وتغذّيني، حاولت فعل ذلك بطريقة تسمح للتأمّل بالانفتاح على الحوار مع جميع أصحاب الإرادة الحسنة”.

البابا ينطلق في كل خطواته بالرجوع  الى الكتاب المقدس كمصدر ومنبع لكل قول او عمل يقوم به . بالأضافة الى التزامه بقرارات مجمع الفاتيكاني الثاني. 

جاء في الدستور الرعائي في الكنيسة في عالم اليوم وهو نتائج مجمع الفاتيكاني الثاني  الذي يركّز على حرية الدين والمعتقد حيث جاء نص بعنوان “عظمة الحرية” مايلي :   

“.. أن الإنسانَ يتجه نحو الخيرِ بملءِ حريته. هذه الحرية التي يعتبرُها معاصرونا إعتباراً عظيماً ويبحثون عنها بكل حماسٍ، وهم في ذلك على حق. ولكن غالباً ما يعززونها بطريقةٍ منحرفةٍ إذ يعتقدون أنها إستباحةٌ لكلِّ شيءٍ يجلب السرورحتى وإن كان شراً. غير أن الحريةَ الحقيقيةَ هي في الإنسانِ علامةً مميزة عن صورةِ الله فيه. لأن الله أرادَ أن “يتركه لمشورته الخاصة” حتى يتمكن بذاتِهِ من أن يبحث عن خالقِهِ، ويلتحقَ به بحريةٍ، ويبلغ هكذا إلى تمام سعادتِهِ الكاملة. إنَّ كرامةَ الإنسانِ تتطلَّبُ منه أن يتصرَّفَ إستناداً إلى إختيارٍ حرٍّ وواعٍ مدفوعاً بإقتناعٍ شخصيٍّ يُحدِّدُ موقفَهُ، لا تحت الدوافعِ الغريزية أو الضغط الخارجي” انتهى الأقتباس 

في رسالة البابا فرنسيس بمناسبة الذكرى المئوية لإصدار الرسالة الرسولية “المهمة العظمى“ حول نشاط، عمل، كرازة المرسلين في العالم.

يقول البابا فرنسيس :

إنه يجيب على دعوة يسوع الدائمة:”اذهبوا الى العالم كلّه ،وإعلنوا البشارة الى الخلق أجمعين”مرقس 16 :15″

الكرازة هي النعمة الموهوبة للكنيسة ودعوتها الخاصة، وذاتيتها وهويتها

إنَّ الكنيسة التي ارسلها المسيح كي يظهر محبة الله وتوصّلها للخلق اجمعين وللشعوب كافة ، تُدرك أنّه ما يزال عليها القيام بعمل تبشيري ضخم “…يجب علينا ان لا نفقد التوق الى اعلان البشارة (التبشير)” الى اولئك الذين هم بعيدين عن المسيح ،لأن هذه هي المهمة الأولى للكنيسة ..والقضية التبشيرية يجب ان تكون الأولى.(9) 

وكما يقول الأب بولس فغالي :

“كُل مسيحي مؤمن عليه ان يمتلئ من الأنجيل  و يحمل الكلمة ويكون رسولا  للمسيح ، وهذا يبدأ من قراءة الأنجيل يوميا  ليشبع من محبة المسيح وعشقه حتى يشع المسيح في أعماله واقواله وحياته، لتكون شهادة للآخرين  …حضور المؤمن وشهادة حياته بين الجماعة  بصمت وبتواضع ومحبة ، ليكون مثل الملح في الطعام ومثل سراج على الجبل ، اي نورا للآخرين ومثل الخميرة في العجين ،  اي يترجم اقواله باعماله  كما  فعل المسيح ،ليكون فعالا في المجتمع الذي يعيش فيه  ، بهذا يستطيع ان يكسب الآخرين ويغيّر حياتهم لينجذبوا الى المسيح ” . هذا هو التبشير الحقيقي

——————————————————————————————-

(1)

https://www.mobtada.com/details/1024799

(2)

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=712385

(3)

موقع مسبار 

البابا فرنسيس لم يقبل يد زعيم الماسونية   

(4)

https://www.facebook.com/bkhggjkjg/videos/356531688751407

(5)

بيان هام من الفاتيكان حول زواج المثلين.

https://www.youtube.com/watch?v=DkgtZUJVIrQ

(6)

موقع الميادين بابا الفاتيكان يرفض زواج المثليين …لانبارك الخطيئة 

(7)

RT موقع 

الفاتيكان يوضح تصريحات البابا فرنسيس حول المثليين جنسيا : تم اخراجها من سياقها 

(8)

البطريركية اللاتينيةفي القدس مقال بعنوان  ماذا قصد البابا بكلمة 

PROSOLOTYSM

(9)

http://www.october2019.va/content/dam/october2019/documenti/formazione/riflessioni-dal-mondo/approfondimenti-/Guida%20MMS%20AR.pdf

(10)

برنامج الكلمة سلسلة لقاءات الأب بولس فغالي على اليو تيوب   

32
قداسة البابا فرنسيس الأول ، وزيارته للعراق - دلالاتها ورموزها- ج3
نافع شابو

"علينا ألا نسمح لغيوم الكراهية أن تحجب نور الحق"
(البابا فرنسيس الأول)
مقدمة
كانت كلمات البابا فرنسيس وستبقى محفورة في قلوب ومنقوشة في وجدان العراقيين وكُل انسان يريد الخير والمحبّة والسلام ان يعم العراق والمنطقة كلها بل العالم اجمع.
لأنّ دلالاتها ورموزها تتخطى الأديان والعقائد والطوائف . إنَها كلمات تمسُّ المشاعر الأنسانية في كُلِ مكان . كلمات نطق بها البابا من بلاد الرافدين حيث مهد الحضارات الأنسانية ومهد الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والأسلام . البابا فرنسيس يعود الى جذور انطلاق الحضارات والأديان ليخاطب العالم اجمع انّ بلاد الرافدين هي كالنبع الأصيل لما وصلت اليه الحضارة الأنسانية اليوم ويقول :
"من هنا حيث نشأت الحكمة في القديم"،و إنّ الأنسانية لن تعيش بسلام اذا لم يعم السلام في وادي الرافدين . وبعد رجوعه من زيارته للعراق التي استمرت ثلاثة ايام حذّر قداسة البابا العالم ، من الأنهيار اذا لم يفعل شيئا للعراق وقال : إنّ الشعب العراقي له الحق في العيش بسلام وله الحق في استعادة كرامته ،إذ تعود جذوره الدينية والثقافية الى آلاف السنين .
يقول البابا:"العراق مثل سجّادة رائعة حاكها الله بعدّدة ألوان . خلق الله التنوع ،إنّها لوحة فنية رائعة بهذا ركز البابا على المحافظة على التنوع ".
جاء البابا ليبث الأمل والرجاء للشعب العراقي بكافة اطيافه. جاء البابا نورا ليسلطه على الظلام وينور كل العراقيين ليخرجوا من عتمة الليل الذي هم فيه .
هو رسول السلام والمسيح ارسل الرسل الى انحاء العالم ولكل البشرية وليس فقط للمسيحيين
يتسائل احدهم فيقول :"الوحي عندنا والكتب عندنا والديانات انبثقت من ارضنا ولكن ايضا المصائب عندنا كلها لماذا؟
فيجاوب على سؤاله ويقول :"لأنّ الجغرافية والسياسة غيَّبوا ألأنسان وصنعوا الدكتاتور ، ليحكم ويعيش ليستعبد الشعوب ولتصبح هذه الشعوب قطعان يسوقها كما يشاء وجرّدوا الأنسان من كرامته واخلاقه حتى اصبح لايفكر بالمستقبل"انتهى الأقتباس".

كلمة قداسة البابا فرنسيس اثناء قدّاس في كنيسة كاتدرائية مار يوسف في بغداد لليوم الثاني من زيارته للعراق تلخّص مضمون هذه الزيارة، وكلماته مستمدّة من " الموعظة على الجبل " لأنجيل متى:5 ، عندما طوّب(هنَّأ ) الرب يسوع المسيح المساكين والفقراء والمتالمين والمضطهدين والحزانى والجياع الى الحق وانقياء القلب وصانعي السلام .
يقول البابا:
"يُكمّل يسوع الحكمة المشخّصة ، هذا ألأنقلاب في الأنجيل ،وليس في اية لحظة ، ولكن منذ البداية
في اول خطاب له في التطويبات ألأنقلاب كامل . حيث قال :
"إنّ الفقراء والباكين والمضطهدين هم مطوَّبون. كيف يكون ذلك ؟. في نظر العالم الأغنياء والأقوياء واصحاب الشهرة هم المطوّبون .اي له قيمة من يملك او من يقدر او من كان معتبرا ، ولكن ليس كذلك في نظر الله . في نظر الله ليس الكبير من يملك بل الفقير في الروح . ليس الذي يستطيع ان يفرض كل شيء على غيره ، بل الوديع مع الجميع . ليس من تهتف له الجموع ، بل من يرحم اخاه . هنا يمكن ان يراودنا شكّ وسؤال ، إن كنتُ أعيش كما يطلب ُيسوع ، ماذا أكسب من ذلك ؟ أنا أُخاطر بان ادعو ألآخرين يدوسونني تحت اقدامهم ! . عرض يسوع هل هو مناسب ام خاسر ؟ عرض يسوع ليس خاسرا لكنه حكيم . عرض يسوع حكيم لأنّ المحبة التي هي قلبُ التطويبات ، حتى لو بدت ضعيفة في نضر العالم ، فإنّها في الواقع تنتصر .
بيّن يسوع على الصليب أنّه اقوى من الخطيئة ، وفي القبرِ هزم الموت .إنّهاا لمحبة نفسها التي جعلت الشهدء ينتصرون في المحنة ، وكم كانوا كثيرين في القرن الماضي ، أكثر منهم في القرون الماضية .
المحبَّبة ُهي قوَّتُنا . وقوّة لنا كثيرين اخوة واخوات عانوا هنا ايضا من احكام مسبقة والأساءات وسوء المعاملة والأضطهاد ات من اجل اسم يسوع . وبينما تزول قوّة العالم ومجدهُ وأباطيله ، المحبّة تبقى ، كما قال لنا الرسول بولس : "المحبَّة لاتسقط أبدا " . العيش بحسب التطويبات وبالتالي ان نجعل الزمنية العابرة أبديا وأن نُنزل الساء الى الأرض .
ولكن كيف نعيش التطويبات؟ لايقتضي الأمر منا ان نقوم باشياء غير عادية أو بأعمال تفوق قدراتنا ، ما يُطلبُ منّا هو شهادة حياتنا اليومية . طوبى لمن يعيش في وداعة ، ولمن يُمارس الرحمة اينما كان ولمن يحتفظُ بقلب نقي حيثما كان ، حتى نكون مطوّبين ، ليس من الضروري ان نكون ابطالا بين الحين والآخر ، بل ان نكون شهودا كُلَّ يوم . الشهادة هي الطريقة لتجسيد حكمة يسوع ، هكذا يُغيّر العالم . ليس بالسلطان او بالقوة ، بل بالتطويبات .لأنَّ هذا ما فعله يسوع ، عاش حتى النهاية ما قاله منذُ البداية .كُلُّ شيءِ يكمنُ في الشهادة لمحبة يسوع ، تلك المحبة نفسها التي وصفها القديس بولس بصورة بليغة في القراء الثانية لهذا اليوم لنرى كيف وصفها بولس الرسول:
أولا: المحبّة تصبر . لما توقع هذه الصفة ، تبدوا المحبة مرادفة مع الصلاح والكرم واعمال الخير
ومع ذلك قال بولس : المحبّة قبل كُلّ شيء صابرة . وردت هذه الكلمة في الكتاب المقدّس في كلامه على صبر الله .ظلَّ ألأنسان عبر التاريخ يخون العهد مع الله ويقع في خطاياه المعتادة . والله لم يتعب ولم يترك الشعب بل بقي أمينا كل مرة وغفر وبدأ من جديد . الصبرُ والبدأ من جديد في كل مرة هو الصفة الأولى للمحبّة ، لأنّ المحبَّة لاتغضب بل تنطلق دائما من جديد ، ولا تحزن بل تفرح ، ولا تأيئس بل تبقى خلاّقة ، وأما م الشرّ لاتستسلم ولا ترضخ . من يُحبُّ لاينغلق على نفسه عندما تسوء ألأمور ، بل يجيب على الشرِّ بالخير ، ويتذكّر حكمة الصليب المنتصرة .إنَّ الشاهد لله يفعل هذا ، ليس انهزاميا ولايخضع للحتمية ، ولايعيش تحت رحمة الضروف والغريزة واللحظة ، بل يرجو دائما لأنه مؤسس على المحبة التي تَعذرُ كُلَّ شيء ، وتُصدّق كُلَّ شيء وترجو كُلَّ شيء وتتحملُّ كُلَّ شيء .
يُمكن ان نسأل انفُسنا ، وأنا ، كيف نتصرّفُ أمام المواقف الصعبة ؟ أمام الشدائدِ تُراودنا دائما تجربتان:
التجربة ألأولى : هي الهروب . نهربُ ونتركُ كل شيء ، ولانريد ان نعرف اي شيء بعد ألآن
والتجربة الثانية : اللجوء الى الغضب والقوّة . هذا ما حدث للتلاميذ في الجسمانية(ليلة القبض على يسوع المسيح ) ، عند ألأ رتباك. هرب الكثيرون ، وأخذ بُطرس السيف ، لكن لا الهرب ُ ولا السيف ،أفاد شيئا . أمّا يسوع فقد غيّر التاريخ ، كيف ذلك ؟ بقوّة المحبة المتواضعة ، وبشهادته الصابرة . الى هذا نحنُ مَدعوّون . هكذا يُتمّم الله وعوده . الوعود ، إنّها حكمة يسوع التي تجسَّدت في التطويبات ، تطلب الشهادة ،وتعد بالمكافئة ، التي تتظمَّنها الوعود الألهية . نرى في الواقع أنَّ كُلِّ تطويبة يتبعها وعد ، فمن عاش بحسبها كان له ملكوت السماوات ، او سيُعزّى او يُشبع او سيرى الله . وعود الله تضمن فرحا لامثيلا له ، ولاتُخيّبُ ألآمال . لكن كيف تتم ؟ من خلال ضعفنا طوَّب الله الذين يسيرون حتى النهاية في طريق فقرهم الداخلي . هذا هو الطريق ، ولايوجد طريقٌ آخر غيره .
لننظر الى أبينا ابراهيم ، وعده الله بنسل كبير ، لكنه هو وسارة زوجته ، كانا متقدمين بالسن ودون أبناء ، وفي شيخوختهما تحديدا ، وبسبب صبرهما وثقتهما بالله ، صنع الله لهما امورا عظيمة وأعطاهما ابنا . ولننظر الى موسى ، وعده الله انه سيحرر الشعب من العبودية ، ولهذا طلب الله منه ان يكلّم فرعون ، فلفت موسى نظر الله الى انه ثقيل اللسان ، ومع ذلك فإنَّ الله سيتمّم الوعد من خلال كلامه . ولننظر الى سيدّتنا مريم العذراء ، بحسب الشريعة لاتستطيع ان يكون لها ابن ، والله دعاها لتكون أُمّا . ولننظر الى بطرس ، لقد انكر الرب ويسوع دعاه هو ليُثبِّتَ اخوته .
يواصل البابا القاء كلمته فيقول :
إخوتي واخواتي الأعزاء ، في بعض ألأحيان نستطيع ان نشعر بأنّنا لانقدر ان نعمل شيئا ، ولا فائدة لنا . لانُصدِّق ذلك ،لأنَّ الله يُريد ان يصنع العجائب ، بالتحديد، من خلال ضُعفِنا !!!
إنَه يُحبُّ أن يعمل ذلك ، وقد قال لنا في هذا المساء ، ثمانية مرات طوبى ، حتى نفهم اننا طوباويّيون حقا معه . بالطبع نحنُ معرّضون للمحن ، ونقع كثيرا ، ولكن يجب ان لا ننسى مع يسوع نحنُ طوباويّون . ما يسلبه العالم منّا لايُقارن بالحب الحنون والصابر الذي به يتمّم الربُّ وعوده لنا .
اختي العزيزة واخي العزيز ، رُبّما تنظر الى يديك فتراها فارغة ، وربّما يتسرب الى قلبك عدم الثقة
ولا تشعرُ بان الحياة تعوّضك ، إذا كان الأمر كذلك فلاتخف ، التطويبات هي لك . لك انت الحزين والجائع والعطشان للعدالة والمضطهد ، وعدك الربّ واسمك مكتوب في قلبه في السماوات . واليوم انا اشكره معكم ومن اجلكم .لأنّه هنا حيث نشأت الحكمة في القديم ، ظهر في هذه الأوقات شهودٌ كثيرون ، غالبا ما تتجاهله الأخبار والأعلام ، ولكنهم اعزّاء في عيني الله .هؤلاء الشهود الذين يعيشون التطويبات ، هم اعوان الله يساعدونه في تحقيق وعده بالسلام " انتهى الأقتباس.(1)
.
وقف البابا فرنسيس ، على اطلال الكنائس الأثرية القديمة والأبنية المدمرة في الموصل ، يوم الأحد المصادف 7 مارس 2021 متاملا حجم الدمار الهائل وحجم الماسات التي مر بها كافة الطوائف وخاصة اليزيديين والمسيحيين في سنوات حكم الدولة الأسلامية (داعش) وكانت الموصل من اكثر المدن الحضارية التي شملها الدمار الشامل وقال :
"ألأرض بيتنا المشترك لنعيش بعضنا مع البعض وكل انظارنا متجه للرب لأنه خالقنا وابينا السماوي وعلينا ان نضع يدنا مع بعضنا البعض ..من يؤمن بالله ليس له هناك جماعة ليقاتلهم".
حين صلّى البابا في ساحة حوش البيعة في الموصل ، كان هناك رجلان لم تسعهما الأرض من شدة الفرحة: الراهب الفرنسي أوليفييه بوكيون المقيم في العراق، والمؤرخ العراقي ابن الموصل عمر محمد المقيم في فرنسا
يقول الراهب اوليفيه بوكيون " أن هناك جيلاً كاملاً من شباب المدينة(مدينةالموصل) لم يشهدوا الحياة المشتركة التي كانت تضجّ في أحيائها عبرالسنين، قبل تهجير جزء كبير من سكانها على دفعات، كانت أشدها بعد عام 2014 عند سيطرة داعش على المدينة، وإعلانها عاصمة لدولته.
الموصل كانت على مدى قرون جسراً يجمع الثقافات، ومن المدن القليلة خلال عهد الدولة العثمانية حيث كان يعيش أتباع الطوائف كلها في أحياء مختلطة، ولم يكن هناك حي للمسلمين وآخر للمسيحيين أو اليهود.
وخلال السنوات الماضية، "خسرت الموصل مسيحيّيها"، كما يقول الراهب الذي يعتقد أنّه من حقّ الجيل العراقي الصغير في السنّ أن يستعيد ذلك التنوّع.(2)
: "إذا كان الله هو إله الحياة - وهو كذلك - فمن الخطأ أن نقتل إخوتنا وأخواتنا باسمه. إذا كان الله هو إله السلام - وهو كذلك - فمن الخطأ أن نشن الحرب باسمه. إذا كان الله هو إله المحبة - وهو كذلك - فمن الخطأ أن نكره إخوتنا وأخواتنا"
واردف قائلا :
""نؤكد قناعتنا بأن الأخوّة أقوى من صوت الكراهية والعنف
"لايجوز أن نقتل أو نشنُّ حربا باسم الله وهو ربُّ السلام "
وختم الصلاة قائلاً: "نعهد إليكم بكل من قطعت حياتهم على الأرض بفعل عنف إخوتهم وأخواتهم. كما نصلي من أجل كل من تسبب في مثل هذا الأذى لإخوانهم وأخواتهم. عسى أن يتوبوا، متأثرين بقوة رحمتك
وقال البابا : " إنّ التناقص المأساوي في أعداد المسيحيين، ضررٌ جسيمٌ لا يمكن تقديره، ليس فقط للأشخاص والجماعات المعنيّة، بل للمجتمع نفسه الذي تركوه وراءهم. في الواقع، يضعف النسيج الثقافيّ والدينيّ الغنيّ بالتنوّع بفقدان أي من أعضائه، مهما كان في الظاهر صغيرا ".
واضاف قائلا:"ألأرض بيتنا المشترك لنعيش بعضنا مع البعض وكل انظارنا متجه للرب لأنه خالقنا وابينا السماوي وعلينا ان نضع يدنا مع بعضنا البعض ."من يؤمن بالله ليس له هناك جماعة ليقتلهم".(3)

وفي كلمة لقداسته في كنيسة الطاهرة في قرقوش ، في اليوم الثالث من زيارته(7 مارس ) مخاطبا الحاضرين في القداس :
"تذكّروا ان يسوع المسيح معكم ، لاتستسلموا ، القديسون في السماء معكم. يحلمون كبار
السن احلام ويمكن الشباب ان يأخذوا هذه ألأحلام ليسيروا في المستقبل ، لننظر الى ابنائنا ليس فقط ليستعيدون الأرض بل ثمار ألأيمان. لاتستسلموا الى اليأس بل ليكن لكم رجاء.قديسون يعيشون بيننا إنهم كثيرون ، دعوهم يوافقونكم بمستقبل افضل ، مستقبل مليء بالأمل ، صمودكم في ألأيمان والمحن سيثمر للمستقبل. هذه أرض القديسيين ، أشجّعكم ان لا تنسوا من انتم ومن اين انتم ، حافظوا على جذوركم . حافظوا على الروابط بينكم . ، دعوهم يوافقونك بمستقبل أفضل ، مستقبل مليء بالأمل . صمودكم في ألأيمان سيثمر للمستقبل"
ودعا قداسة البابا فرنسيس في كلمة له عقب اكبر قداس في اربيل ، في ملعب الشهيد فرنسيس الحريري، في اليوم الأخير لزيارته قائلا :
"في العراق كثيرون هم إخوانكم وأصدقاؤكم، يحملون جراح العنف والحرب المرئية وغير المرئية"
وأضاف: "يجب أن يكون القلب طاهرا من الكذب والازدواجية المضطربة".
وتابع: "نحن بحاجة إلى أن نزيل من قلوبنا الطمع بالسلطة".
"العراق مثل سجّادة رائعة حاكها الله بعدّدة ألوان . خلق الله التنوع ،إنّها لوحة فنية رائعة . بهذا ركز البابا على المحافظة على التنوع ".
كما حذّر قداسة البابا العالم من الأنهيار اذا لم يفعل شيئا للعراق. وكان هو سبّاقا في تحدّيه لمرض الكورونا والخطورة الأمنية ، ومع ذلك تحدى هذين العدويين وقام بزيارة العراق . يقول ايضا :" انا مقتول وأنت مظلوم علينا عدم استخدام الدين لقمع الآخرين" . وعندما ننسجم مع الجار المسلم المناهض للتعصب ، فنحن اكثرية ، عندها لن تكون هناك اكثرية واقلية . المستقبل مسؤليتنا نحن في الحاضر . المجتمعات الروحية عليها مسؤولية محاسبة القيادات السياسية وتقييمها على ضوء الأخوة الأنسانية".

في تغريدات للبابا بعد رجوعه الى الفاتيكان وبعد زيارته للعراق التي استمرت ثلاثة ايام يقول فيها :
"إذ أفكر بالعديد من العراقيين المهاجرين أود أن أقول لهم: لقد تركتم كل شيء، مثل إبراهيم، حافظوا مثله على الإيمان والرجاء، وكونوا ناسجين للصداقة والأخوة أينما حللتم، وعودوا إذا أمكنكم"
رسالة أخوّة جاءت من أربيل المدينة التي استقبلني فيها رئيس إقليم كردستان العراق
ورئيس وزرائه والسلطات والشعب. أشكر مرّة أخرى الشعب الكردي على استقباله الحار
أنا ممتنٌّ أيضًا للسلطات الدينية، بدءًا من آية الله العظمى السيستاني، الذي كان لي لقاء معه لا يُنسى. ليمنح الله، الذي هو السلام، العراق والشرق الأوسط والعالم أجمع مستقبل أخوّة!
و اضاف "بعد الزيارة إلى العراق، امتلأت روحي بالامتنان لله ولجميع الذين جعلوا هذه الزيارة ممكنة: لرئيس الجمهورية ولحكومة العراق، لبطاركة وأساقفة البلاد.
كما دعا إلى مواصلة الصلاة قائلا:"لنواصل صلاتنا من أجل العراق والشرق الأوسط. في العراق، وعلى الرغم من جلبةِ الدمار والأسلحة، استمرت أشجار النخيل، رمز الوطن، في النمو وفي أُتيان الأثمار. وهكذا أيضًا هو الأمر بالنسبة للأخوَّة: هي لا تُحدث ضوضاء، لكنها تثمر وتجعلنا ننمو"(4).



وأوضح قداسة البابا فرنسيس متحدثا إلى الصحفيين على متن الطائرة التي تقله في رحلة العودة من العراق إلى الفاتيكان، أنه يدرك أن بعض الكاثوليك المحافظين سيرون لقاء آية الله العظمى علي السيستاني بمثابة "خطوة واحدة من الهرطقة"، لكنه قال: "أحيانا تكون المخاطرة ضرورية في العلاقات بين الأديان".
وأضاف: "فكرت بشأنها(الزيارة) كثيرا وكذلك صليت كثيرا. وفي النهاية اتخذت القرار بحرية. نبع من داخلي وقلت ا‬‬لرب الذي يسمح لي باتخاذ قرار على هذا النحو سيشمل الناس برعايته".
ومضى يقول: "هكذا اتخذت القرار بعد الصلاة والوعي بالمخاطر
لكنه قال إنه شعر بأنه "ولد من جديد" بعد "الشعور كما لو أنني كنت سجيناً" بسبب قيود فيروس كورونا. وأضاف أن "84 عاماً لا تأتي دون معوقات"، مضيفاً أنه لا يمكنه الجزم ما إذا كان سيحد من زياراته في المستقبل(5).
بعد رجوعه يوم 10مارس 2021 الى الفاتيكان ، بعد زيارته للعراق ، صرّح البابا فرنسيس بان زيارته للعراق حققت مشروع القديس يوحنا بولس الثاني . سمح لي الرب بزيارة العراق ، وقد ارادت العناية الألهية ان يحدث هذا الآن كعلامة امل بعد التوبة . سنوات من الحرب والأرهاب واثناء جائحة كورونا . في رحلة الحج هذا شعرت بقوة وباحساس ،إذ لم استطع ألأقتراب من هذا الشعب المعّذب تلك الكنيسة الشهيدة دون ان احمل باسم الكنيسة الكاثوليكية الصليب الذي يحملونه منذ سنوات
إنّ الشعب العراقي له الحق في العيش بسلام وله الحق في استعادة كرامته ،إذ تعود جذوره الدينية والثقافية الى آلاف السنين . الحرب هي دائما الشبح الذي يُغيّر نفسه مع تغيير العصر ويستمر في التهام الأنسانية .ولكن ألأجابة على الحرب لاتكون بحرب اخرى ، والأجابة على ألأسلحة لاتكون باسلحة اخرى .ألأجابةهي الأخوّة . من اجل هذا التقينا وصلينا معا مسيحيين ومسلمين . مع ممثلي الديانات ألأخرى في اور ، حيث تلقّى ابراهيم دعوة الله منذ حوالي 4000 سنة . لهذا لنواصل من فضلكم الصلاة من أجل اخوتنا واخواتنا المبتلين حتى يكون لديهم القوّة للبدء من جديد . ولنسبح الله على هذه الزيارة التاريخية ولنستمر في الصلاة من اجل تلك ألأرض ومن اجل الشرق ألأوسط والعالم أجمع"(6).



بعد هذه الزيارة دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى "الحوار الوطني"
وقال في كلمة له بمناسبة انتهاء زيارة البابا فرنسيس إلى العراق: "على أساس هذه المسؤولية التاريخية، وفي أجواء المحبة والتسامح التي عززتها زيارة قداسة البابا لأرض العراق، أرض الرافدين، نطرح اليوم الدعوة إلى (حوار وطني) لتكون معبرا لتحقيق تطلعات شعبنا".
وأضاف: "إننا ندعو جميع المختلفين، من قوى سياسية وفعاليات شعبية وشبابية احتجاجية، ومعارضي الحكومة، إلى طاولة الحوار المسؤول أمام شعبنا وأمام التاريخ، وندعو قوانا وأحزابنا السياسية إلى تغليب مصلحة الوطن والابتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي، وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح شعبنا فرصة الأمل والثقة بالدولة وبالنظام الديمقراطي"(7).

يقول رئيس مجلس الحوار الديني العراقي "جواد الخوئي " عن زيارة البابا للعراق:
ان زيارة البابا لمدينة "اور " التاريخية وصور الأستقبال الحار من جميع اطياف الشعب العراقي يلخص تاريخ الحاضر والمستقبل للعراق .لأن العراق متنوع بطبيعته ومميز بتنوعه الديني والعرقي والفكري والثقافي . هناك وعي وهناك تطوّر ونضوج لدى كُلِّ الشرائح في المجتمع العراقي .أنا متفائل ومستبشر بزيارة قداسة الباب للعراق ، ربّما هي نتيجة لجهود مكثّفة خلال سنوات . ونحن متفائلون بمستقل مشرق .
ويضيف فيقول:
"إن كانت النخلة في العراق مسلمة فجذورها مسيحيّة . والعراق بدون مسيحيين او الصابئة او اليزيديين يعني التصحُّر بعينه "
زيارة البابا لها دلالات أمنية يمكن ان تستثمر اقتصاديا . فمجرد زيارة قداسة البابا لمدينة اور يعني اعطاء رسالة واضحة لمسيحيي العالم ان العراق بلد امن يستحق زيارة هذا البلد . الكنيسة في العراق كانت تحتاج الى دعم معنوي . وان قداسة البابا طلب من المسيحين الذين هاجروا الى خارج العراق بالرجوع الى وطنهم لانهم ملح الأرض ومواطنون اصلاء".(8)
علّق الرئيس الأمريكي "جو بايدن" على زيارة البابا فرنسيس إلى العراق معتبرا أنها "زيارة تاريخية وبعثت برسالة مهمة، وهي أن الأمل أقوى من الموت، وأن السلام أقوى من الحرب.
يكتب بولس الرسول في رسالته الى اهل كورنثوس :
"فمن هو بولس؟ ومن هو أبلوس؟ بل خادمان آمنتم بواسطتهما، وكما أعطى الرب لكل واحد
أنا غرستُ وأبلوس سقى ، لكن الله كان ينمي . إذا ليس الغارس شيئا ولا الساقي، بل الله الذي ينمي "كورنثوس 3 :5 ،6 ، 7"
نعم وكما قال الرسول بولس ، قد لانلمس تاثير ونتائج زيارة البابا للعراق في وقتها ولكن البابا زرع بذور المحبة والسلام والأخوّة الأنسانية في قلوب العراقيين . ولايمكن الا ان يحصد العراقيون ، في المستقبل القريب ، إنشاء الرب، ثمار مازرعه قداسة البابا ، لأن الرسول بولس يقول ايضا :
"فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضا"غلاطية 6 :7"

(1)
https://www.youtube.com/watch?v=XAiapW6z5Ts

(2)
https://www.bbc.com/arabic/art-and-culture-56316729

(3)
عربي سكاي نيوز مقال بعنوان :
رسالة للبابا من الموصل: "الأخوة أقوى من صوت الكراهية"

(4)
عربي- دولي مقال بعنوانRT راجع موقع
بعد عودته من العراق ...ماذا قال البابا فرنسيس ؟

(5)
https://al-ain.com/article/pope-francis-visit-iraq-god-protect

(6)
في مقابلته العامة البابا فرنسيس يتحدّث عن زيارته الرسوليّة إلى العراق
https://www.youtube.com/watch?v=GCLDE1hlpMQ

(7)
مقال على ار تي
الكاظمي يدعو إلى "حوار وطني" يضم القوى السياسية والشبابية والمحتجين

(8)
قناة سكاي نيوز عربية




33
قداسة البابا فرنسيس الأول ، وزيارته للعراق - دلالاتها ورموزها- الجزالثاني
نافع شابو


مقدمة
زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق للفترة (5-7 مارس 2021)

زيارة البابا فرنسيس للعراق حملت دلالات ورموز ورسائل المحبة والسلام والأخوة الأنسانية . جاء كطبيب ليضمد جراح المتالمين والمهمشين والمتروكين والفقراء والمساكين . جاء في اصعب واحلك الضروف ليتحدى الصعوبات والعراقيل التي تضعها قوات الشر . إنّ البابا فرنسيس هو رسلول السلام الحقيقي الذي اتى في الضروف التي يحتاجها كل انسان عراقي عانى سنين من القهر والظلم والتهميش والتهجير والعنف ، ولا زال هذا الشعب يتالم من جروحات غائرة في قلوب الملايين .
يسوع المسيح ترك عرشه السماوي وتجسد مثلنا كانسان ليتضامن مع آلام الأنسان ويتذوق الموت مصلوبا مضحيا بنفسه من اجل كل انسان . جاء البابا فرنسيس الى العراق ليطبق قول المسيح في المطالبة بالرحمة لكل المحتاجين بان نطعم الجياع ونأوي من لابيت لهم ، ونزور المرضى والمجروحين والمتالمين، مطبّقا قول المسيح .
"لأنّي جعتُ فاطعمتموني ، وعطشتُ ، فسقيتموني ، وكنتُ غريبا فآويتموني ، وعُريانا فكسوتموني ، ومريضا فزرتموني ، وسجينا فجئتم اليَّ ..."(انجيل متى 25 :35).
بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس معروف في دعوته لأستقبال اللاجئين وإنتقد في خطاب له سياسات رفض استقبال اللاجئين والمهاجرين، معتبراً أن استضافتهم والعناية بهم "واجب مقدس .. وشدد البابا على أن استقبال المهاجرين "يستند إلى القيمة المقدسة للضيافة الموجودة في مختلف التقاليد الدينية.
وفي احد عظّاته، أشار البابا الأرجنتيني إلى أن ذلك يذكر بأنه لا يجب قضاء الوقت في "البكاء على مصيرنا، بل مسح دموع من يعاني" و"خدمة الفقراء"، مشددا أنه مبدأ مسيحي. وأضاف آسفا أن المؤمنين "المتعطشين للترفيه والنجاح والدنيوية في الأغلب يجهلون حسن المعاملة"
وقال البابا فرنسيس :"إن عيد الميلاد(ميلاد يسوع المسيح ) يجب أن يجعل الجميع يفكرون في "ظلمنا تجاه الكثير من إخوتنا وأخواتنا" بدلا من السعي وراء "رغبتنا التي لا تنتهي في الحصول على الممتلكات" والمتع الزائلة.
هذا ما فعله قداسة البابا فرنسيس . فقد ترك كل شيء وزار من يحتاجون الى تعزيته في آلامهم وجاء الى العراق في احلك الضروف سواء من الناحيةألأ منية اوا لصحية ، متحديا كل الصعوبات والمخاطر ، وهاملا كلّ الأنتقادات التي وجهت له بسبب زيارته للعراق في هذه الأوقات الصعبة . ونسى هؤلاء المنتقدين المثل القائل :"عندّ الشدائد تُعرفُ ألأخوان ".
الله خلقنا لانه يحبُّنا وأحد صفات الله في الكتاب المقدس هو "الله محبّة " فهو كُلّيُّ المحبة ، اي انه يحب بدون شروط حتى الخُطات وهو يكره الخطيئة . الله كامل في صفاته والكمال يعني كلي المحبة اي انه يحب بدون شروط وبلا محاباة . هو يحب لأنّ طبيعته المحبة (1يوحنا 4 : 8 ،9، 10" روميا 5 :8"
الذي لايحبُّ لايعرف الله :"الله بيّن محبته لنا ونحن بعد خطات . ومات ابنه الوحيد من اجلنا ". ويقول المسيح :
"إن احببتم الذين يحبونكم فاي فضل لكم ". كذلك الله كان ينتظر الأبن الظال في انجيل متى "5 : 43-48".
البابا الحالي كان ولايزال يتابع جروحات وآلام المسيحيين في الشر ق الأوسط ، والأقليات الأخرى كاليزيديين ، خاصة في العراق، لابل شمل المعانات جميع شعوب المنطقة عامة سواء مسلمين بكافة طوائفهم ، او المسيحيين والأزيديين والصابئة ، بسبب الحروب والقمع وظلم الساسة ورجال الدين وتدخلات الدول في تأجيج الصراعات الطائفية والقومية والمذهبية في المنطقة والتجارة بالدين على حساب حياة الملايين من البشر .
زيارة البابا تحمل في حقيقتها امور رمزية كثيرة نسشعرها من خلال معانيها الروحية والحضارية والثقافية وقبل هذا وذاك معانهيا الأنسانية العميقة. هذا الأنسان الذي خلقه الله على صورته كمثاله وله قيمة وكرامة لايمكن تشويهها . قال الله :"لنصنع ألأنسان على صورتنا ، كمثالنا "كما جاء في سفر التكوين 1 :26". نحن كبشر شركاء الله في الخلق والخلاص ، ونحن كُلُّنا إخوة في الأنسانية، وقتل انسان كاننا نقتل عائلة بكاملها . خلق الله الأنسان ليكون ملك الخليقة كلها فهو اسمى من كل الخليقة. ومن اجل الأنسان خلق الله كل شيء . فمن مسَّ صورة الأنسان مسّ صورة الله ، لأنّ الأنسان فيه نسمة الله، وعندما يحاول ألأنسان ان يشوّه صورة الله فعندها يخلق لنفسه الجحيم لأنه ينفصل على الله .
فيما يلي مقتبسات لكلمة البابا فرنسيس في قصر الرئاسة في بغداد في 5 مارس 2021
مخاطبا الرئيس العراقي برهم صالح وسياسيين ودبلوماسيين ومن مختلف اطياف المجتمع العراقي:

"انا سعيد جدا بان احضى بهذه الفرصة لزيارة العراق بعد انتظار طويل هذه الزيارة اردتها وارتأيتها
في جمهورية العراق ، هذه الأرض مهد الحضارات وهي مرتبطة من خلال سيدنا ابراهيم وباقي ألأنبياء بقصة
"انا اتيت هنا حاجا لكي اشجعكم على مواصلة شهادتكم باسم الأيمان والرحمة والمغفرة هنا في مجتمعكم "
"إذا نظرنا الى عائلة انسانية واحدة سننشأ عال أفضل اكثر عدلا وأنسانية ..يحتاج العيش معا الى الحوار وهذا يتطلب جهد للتغلب على روح العداء وال
"اتمنا ان نواصل هذا الطريق معا كاخوة متشبثين بقيم الدين التي تدعونا الى التمسك بقيم السلام بقيم الأعتراف المتبادل ، ألأخوة البشرية ، والتعايش السلمي "
"إنّ المتطرفين لايقبلون بتعايش المجموعات العرقية والدينية ، ولايقبلون بالتعدد الفكرية والدينية وهذا ما ادى الى الموت ، الدمار ، المجازر . ليس على الصعيد المادي فحسب بل ألأضرار اوخم عندما نتذكر جراحات القلوب . الكثير من الأفراد والجماعات سيتطلب الأمر منهم سنوات وسنوات لكي يتعافوا وتتضمّد جراحاتهم . يجب ان نتذكر الأيزيديين . هذه الجماعة التي كانت ضحية بريئة للوحشية والهمجيّة واللابشرية ، الذين اضطهدوا بسبب دينهم وبسبب هويتهم إن حياتهم وبقائهم على قيد الحياة كان محل تهديد ".
"نحن نحتاج الى حوار خالص صريح كنفه الأحترام المتبادل ، العدل ، هذه التحديات صعبة يجب ان نضاعف من جهودنا ...كلنا بنات وابناء نفس الخالق "
"كُلِّ الأطراف ذات الصلة ان يقدّموا ألأحترام ، ألأعتراف ، الحماية لكل ألأديان وأتباعهم "
"إعادة البناء أمرٌ غير كافٍ ، يجب إعادة البناء بشكل جيد ، لكي يحضى الجميع بحياة كريمة "
"يجب ان نحارب آفة الفساد ، ولكن هذا غير كاف ، يجب علينا كذلك ان نبني العدالة ونشجع الشفافية والنزاهة . يجب ان نعزز المؤسسات .إن ارتأينا ان يتعزز الأستقرار يجب ان نقود سياسات صحيحة نزيهة ، تقدم للجميع لاسيما للشباب وهم كثر هنا في هذا البلد"
"انا جئت حاجا باسم السلام ، بإسم المسيح امير السلام . صلينا وصلينا من قبل من اجل السلام في العراق . القديس البابا الراحل يوحنا بولس الثاني صلّى لهذا . الربُّ دائما يُنصت لنا ويسمعنا . والآن الوقت لنا ان نسمع الرب وان نسير في صراطه "
" لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين.. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام"!!!!
"يجب ان نضع حدا للتطرف ، للعنف ، لعدم التسامح . يجب ان نضمن كل الحقوق ألأساسية للعراقيين "يجب على المجتمع الدولي ان يلعب دورا مهما كذلك في النهوض بالسلام وتعزيزه ، هنا في هذه الأرض وفي كلِّ الشرق ألأوسط
"احيّي كل المنظمات والوكالات الكاثوليكية التي تساعد وتدعم وتوافي العراقيين والمجتمع العراقي وتحاول الأستجابة لأحتياجاتهم الأساسية ، بحثا منهم عن الرحمة والعدل ، وهذا ما يساهم في السلام المستدام في العراق ".
"اسم الرب لايمكن ان يستعمل كحجة واهية لتبرير العنف ، ألأرهاب .إن الله الذي انشا الناس سواسية في دينهم وحقوقهم ، يطلب منا الحب ، الرحمة ، المصالحة . ونحن ككنيسة كاثوليكية ، هذا ما نقوم به في كل العالم ، لكي نساهم في الحوار البناء مع كل الأديان خدمة للسلام "
"إن حضور المسيحيين في هذه الأرض ومساهماتهم في حياة الشعب العراقي ، هي تراث ٌ ثريٌّ يجب ان يكون دائما في خدمة ألآخر .إنَّ مساهمة المسيحيين في الحياة العمومية العراقية ، كون هؤلاء المواطنين يحضون بحقوقهم ويوفون بواجباتهم ، هذا بفضل التعددية الدينية والثقافية والحضارية للعراق وهذا ما سيساهم في رفاه وسلام العراق ".(1)
كما زار قداسة الباب كنيسة "سيدة النجاة" وسط بغداد التي بعد 11 عاما على هجوم تنظيم القاعدة عليها وارتكاب مجزرة راح ضحيتها أكثر من 100 شهيد بين قتيل وجريح . كما اقام قداسته يوم السبت المصادف 6 مارس ، قداسا في كاتدرائية ماريوسف للكلدان .
اليوم نحن ابناء العراق كأخوة بحاجة الى الرجوع الى ابينا ابراهيم ليكون بركة لنا ونكون اخوة حقيقيين ، ونترك كُلِّ احقادنا وانانيتنا وعنصريتنا وشهواتنا الى السلطة والمال ، لنعود الى العيش بسلام مع بعضنا البعض . يقول احد الآباء :"الهنا اله عائلة ليس إله واحد ، ويدعو جميع البشرية كلها الدخول الى هذه العائلة
في كلمة البابا خلال لقاء الأديان في مدينة أور التاريخية

هنا في مدينة سيدنا ابراهيم . هنا استمع ابراهيم الى صلاة الرب .وراينا ثمار هذه الصلاة وهذه الرحلة . نظر ابراهيم الى السماء ، وبدأ بحساب النجوم وفي النجوم راى الوعي لهذه
الأمة رآنا يهودا ومسيحيين ومسلمين وكافة الأديان ونظر الى السماء واستمر في رحلته .
بعد آلاف السنين والسماء لديها نفس النجوم . وهذه السماء، سمائنا جميعا ، تعطينا رسالة الوحدة وتقول لنا يجب ان لانستسلم . هذا يعزز اخوتنا يجب ان لاننسى اخوتنا . نحن احفاد ابراهيم . نحن نسمع اخواتنا واخوتنا ونصلي الى ابينا في السماء وجميعنا بحاجة الى السماء . لانعمل بمعزل احدنا عن ألآخر ، يجب نحن ان نعمر هذه الأرض لتبقى عيوننا على السماء ....يجب ان نحترم حرية الدين لأنه حق اساسي... عندما هاجم الأرهاب هذا البلد ، هاجم جزء من التاريخ ، الكنائس وغيرها ، ولكن في هذه الفترة المظلمة اشرقت النجوم ..المسيحيّون والمسلمون بدأوا في صناعة السلام وعملوا سوية .
مجيئنا لهذه الأماكن المقدسة لنحيي هذه الأماكن المقدسة ، وايماننا بالله يصبح شيء جوهري لجميعنا ..لننظر الى السماء ، وهي نفس السماء التي نظر اليها أبينا ابراهيم ، وعندما ننظر الى السماء لن نشعر بالخوف وانما نتشجع .هذه الأمور العظيمة التي استمرت طوال الأزمان .ابراهيم بدا رحلته من اور ، وعندما غادر اور قدّم الكثير من التضحيات . النبي ابراهيم ترك بيته وارضه واهله ، ولكنه اصبح ابا لجميع الأديان ، حدثت امور رائعة لنا .ألأيمان اجبرته على ترك امور كان متعلقا بها ، ولكنه حصل على حب اخوته الآخرين . يجب ان نخرج من انفسنا وان نتطلّع الى ماهو ابعد من ذلك .
لن نستطيع ان ننقذ انفسنا لوحدنا من الجائحة وانما بالعمل الجماعي ..لن يكون هناك سلام دون ناس الذين يساعدون بعضهم البعض . لويفكر الآخرون بانفسهم ولم يفكروا بنا لن يكون هناك سلام ، فقط ستزيّد الفرقة ....الله ليس له اعداء ، الله له فقط اصدقاء
رحلة ابراهيم تعطينا القوة والصبر والشجاعة اليوم لتخطي جميع العراقيل كما واجه ابينا ابراهيم مصاعب في رحلته . الأمر متروك لنا نحن البشر اليوم .
نحن الأخوة والأخوات من جميع ومختلف الأديان ، نحن هنا في بيت واحد ونعمل سوية لنحقق احلام العائلة الأنسانية ، عندها سننظر الى السماء سوية .
صلاة البابا في اور مسقط راس ابينا ابراهيم هي رسالة الى التعددية والحوار والتفاهم بين جميع اطياف الشعب العراقي وهي دعوى عالمية لنشر السلام في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة .
يقول البابا :" يَدعونا الإلهُ العليّ، مِن فَوق، إلى عدمِ الانفصالِ أبدًا عن الأخِ الـمُقيمِ إلى جانبِنا. اللهُ الـمُتعالي من فوق، يدفعُنا نحو أخينا الـمختلف عنَّا”
والبابا ينادي بالمواطنة اكثر من الأنتماء الى الدين او الطائفة . ويدعو الى الأنسانية التي تجمعنا وليس الدين . فالدين هو لخدمة الأنسانية . وكما قال المسيح : "السبت للأنسان وليس الأنسان للسبت" . اي انَّ الشريعة وضعت للأنسان وليس الأنسان وضع من اجل الشريعة .
قال البابا فرنسيس في أور حيث ولد النبي إبراهيم "من هذا المكان ينبوع الإيمان، من أرض أبينا إبراهيم، نؤكد أنّ الله رحيم، وأن أكبر إساءة وتجديف هي أنْ ندنس اسمه القدوس بكراهية إخوتنا. لا يَصْدُرُ العداء والتطرف والعنف من نفس متدينة: بل هذه كلّها خيانة للدين.
وقال البابا: "نحن المؤمنون لا يمكن أن نصمت والإرهاب ينتهك حرمة الدين".
وأضاف: "علينا جميعا أن ندرك أي سوء فهم ... ألا نسمح لغيوم الكراهية أن تحجب نور الحق".
وضرب البابا مثلا بمعاناة اليزيديين الذين "قُتل منهم رجال كثيرون، واغتُصبت آلاف السيدات والفتيات
والأطفال، وبيعوا كعبيد، وخضعوا لأهوال من العنف الجسدي وأُجبروا على التحوّل عن دينهم".(2)

الله اعطانا نعمة الحرية والأرادة والعقل . ولايجبرنا او يكسر ارادتنا اويلزمنا على اتباع دين او عقيدة او فكر ، دون آخر، بل اعطانا الحرية الكاملة لنختار، ويقول الله ، لكل انسان ،في سفر التثنية العهد القديم:
"«"اُنْظُرْ. قَدْ جَعَلْتُ الْيَوْمَ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْخَيْرَ، وَالْمَوْتَ وَالشَّرَّ،" (تث 30: 15
"قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ،"تث 30: 19"
فعلى الأنسان أن يقرّر ان يختار الحياة ليعيش مع اخيه الأنسان بمحبة وسلام والعيش المشترك
البابا يدعو الى الأهتمام بكل انسان يعاني من التهميش والفقر والأضطهاد بغض النضر عن انتمائه الديني او الطائفي. يقول يوحنا الأنجيلي :
لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يو 3: 16
نعم الله لايفرق بين سيد وعبد بين ابيض او اسود بين المراة والرجل فكلنا ابنائه وهو خلقنا لأنّه يُحبّنا و لنحبُّه ونعيش الفرح والسلام مع اخوتنا اينما كانوا.
كما انّ مهمة البابا هي التركيز على صناعة السلام ، فكما يقول :لا يكفي البناء بل صناعة السلام" والتآخي والمحبة والدعوى الى ما يبني الحياة والكرامة الأنسانية ، وترك صناعة السلاح الذي يقود الى الموت والدمار .
الزيارة هي الفرصة الذهبية للشعب العراقي بجميع اطيافه ليعرف تاريخه ويتجذّر في ارضه ويعيش التفاهم والحياة المشتركة .
اللقاء في اور ذهب ابعد من حريّة الدين والمعتقد بل اكّد البابا على تكامل الحضارات وتلاقحها وتنوعها حتى مع اختلافاتها ، حيث أكَّد على التعدُّدية والدولة المدنية ليكون المواطنين كلهم سواسية بمختلف دياناتهم وعرقهم وانتماءاتهم واحترام هذا التنوع واسقاط مفهوم الأقلية بترسيخ العدالة الأجتماعية وعدم التمييز، والمساوات في الواجبات والحقوق . والبابا يطالب المسؤولين في العراق وكل العالم بتطبيق هذه المبادئ الأنسانية على ارض الواقع .
كذلك زار قداسته النجف والتقى بفضيلة الشيخ علي السستاني الذي يعتبر المرجعية الشيعية في العراق والعالم الشيعي . هذا اللقاء هو لأستكمال رسالة "ألأخوة الأنسانية " التي بدأها قداسة البابا في ابوظبي عاصمة الأمارات . والتي وقع مع شيخ ألأزهر احمد الطيب كممثل للطائفة السنية في العالم ألأسلامي .
وقال متحدث باسم البابا إن رسالة زعيم الشيعة الروحي عن السلام أكدت على "حُرمة الحياة البشرية وأهمية وحدة الشعب العراقي".
نقل لنا غبطة الباطريرك لويس ساكو الحوار الذي جرى بين قداسة البابا فرنسيس وبين سماحة السيد علي السستاني المرجع الشيعي في العراق فيقول :
سماحة السيد السستاني عبّر بكلمات مؤثرة جدا عندما قال :" أنتم جزء منّأ ونحن جزء منكم "، وهو نداء للمسيحيين في النهاية . وايضا البابا قال "جميعكم اخوة ". يضيف الباطريك ساكو فيقول: امنيتي ان العراقيين لايضيعون هذه الفرصة بل يستغلوها .. البابا تحدث بشكل علني عن خطورة السلاح .. السيد علي السستاني مسك يدي البابا ورحب به وعبر عن محبته له ومعرفته عن البابا كونه صديق الفقراء ورد البابا بالمثل وقال انا احبك واقدر حكمتك . وصرح المرجعية الشيعية بقوله :" أنا خادم للأنسانية " ورد البابا وقال :"أنا حاج للسلام ". واتفق الطرفين على الحوار البناء وليس حوار المجاملات والبابا تجاوب مع كل ما طرحه السيد السستاني . وسماحة السيد السستاني ابلغ البابا بان السياسيين خيّبوا امله . ونوّه السستاني على ان الدول تستغل الشعبوب وتفتش عن مصالحها على حساب الآخرين . فاجابه البابا ساخرا نعم "الكل يفتّش ما في جيبه"
بعد هذه الزيارة دعا رئيس الوزرا الكاظمي الى "الحوار الوطني".(3)
تابعونا في الجزء الثالث والأخير
(1)
https://www.al-binaa.com/archives/290488
(2)
https://www.youtube.com/watch?v=R4PRZYbLRPM
(3)
https://www.youtube.com/watch?v=ZjVdGSYuwRg


34

قداسة البابا فرنسيس الأول ، وزيارته للعراق - دلالاتها ورموزها- الجزء الأول
نافع شابو
2021 / 3 / 13

قداسة البابا فرنسيس الأول ، وزيارته للعراق - دلالاتها ورموزها-
الجزء الأول
مقدمة
يقول جبران خليل جبران
"في قلب كل شتاء ربيع يختلج ، و وراء نقاب كل ليل فجر يبتسم"
زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق للفترة (5-7 مارس 2021) هي زيارة تاريخية
تحمل شعار "أنتم جميعكم أخوة" (من إنجيل متى)، وقد أُخذ من عنوان رسالته الحبرية الأحدث "جميعنا أخوة"، الصادرة في خريف 2020. وفيها يكتب: "إن المساعدة المتبادلة بين الدول تعود بالفائدة على الجميع في النهاية. والبلد الذي يتقدّم انطلاقًا من ركيزته الثقافية الأصلية، هو كنز للبشرية جمعاء. يجب علينا أن ننمّي الوعي بأننا اليوم إمّا أن نخلص جميعًا أو لا يخلص أحد".
جاء في مقدمة "الوثيقة الأنسانية من اجل السلام العالمي والعيش المشترك" الذي تم التوقيع عليه بين قداسة البابا فرنسيس الأول وبين شيخ ألأزهر احمد الطيب في مدينة ابو ظبي في الأمارت مايلي:
"يحمل الأيمان المؤمن على ان يرى في الآخر أخا له ، عليه ان يؤازره ويحبه .وانطلاقا من ألأيمان بالله الذي خلق الناس جميعا وخلق الكون والخلائق وساوى بينهم برحمته ،فإنَّ المؤمن مدعوللتعبير عن هذه "الأخوة ألأنسانية " بالأعتناء بالخليقة وبالكون كله ، وبتقديم العون لكل انسان ،لأسيّما الضعفاء منهم والأشخاص ألأكثر حاجة وعوزا " .
راجع الموقع التالي
http://files1.24.ae/files/images/watheeqapope.pdf
يُشيرقداسة البابا فرنسيس إلى دور الديانات “في خدمة الأخوّة في العالم”، مُستعيداً نداء أبو ظبي، لأنّ ما يذكره البابا في المقدّمة هو الصِلة بين هذه الرسالة الحبريّة وذكرى زيارة القديس فرنسيس الأسيزي إلى السلطان المصري الملك الكامل (سنة 1219)، مع زيارته الرسوليّة إلى الإمارات العربية المتحدة التي أدّت إلى توقيع الوثيقة حول "الأخوّة الإنسانيّة " مع الشيخ أحمد الطيب إمام الأزهر.
يقول البابا فرنسيس في احدى المناسبات:
"إنّ شموليّة الإنجيل(الخبر السار) ضمن لغة تصل إلى كلّ إنسان هي من المفاتيح الأساسيّة:" مع أنّني كتبت هذه الرسالة انطلاقاً من قناعاتي المسيحيّة التي تدعمني وتغذّيني، حاولت فعل ذلك بطريقة تسمح للتأمّل بالانفتاح على الحوار مع جميع أصحاب الإرادة الحسنة”.
منذ المجمع الفاتيكاني الثاني [الأولى: /1962م، والثانية: /1963 م، والثالثة: - /1964م، والرابعة: /1965م] صدر عن المجمع أربعة دساتير، وتسعة مراسيم، وثلاث تصريحات منهم تصريح عن علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية. .. وقد قرر المجمع الفاتيكان الثاني عقيدة خلاص غيرالمؤمنين في جلسته الرابعة في أكتوبر 1965
ومن ضمن القرارات الصادرة من المجمع والتي توضح إمكانية " الخلاص" (خلاص البشرية) بغض النظر عن الإيمان بالمسيح وممارسة المعمودية والانتماء للكنيسة ، جاء في الفقرة " أ " مايلي:
أ - "وحدة شعب الله الجامعة (يقصد كل البشرية) هذه يسعى إليها بطرق شتى المؤمنون الكاثوليك، أو سائر المؤمنين بالمسيح، أو جميع الناس بوجه عام المدعوين بنعمة الله إلى الخلاص.. إن الخلاص هو في متناول جميع من هم من ذوي الإرادة الحسنة.. إن الأخوة المنفصلين عن الشركة التامة مع كرسي روما، وأولئك الذين ينتمون إلى الديانات غير المسيحية، هم أيضًا يملكون حقائق وعندهم كنوز.. وهناك أناس يتجهون صوب الله من نواحي شتى من بينهم ذلك الشعب (اليهودي) الذي قبِل المواعيد وأُعطى العهود والذي ظهر المسيح منه بحسب الجسد، وأيضًا أولئك (المسلمون) الذين يعترفون بالخالق ويؤمنون إيمان إبراهيم، ويعبدون الإله الواحد الذي سيدين البشر في اليوم الأخير، وأخيرًا يقول المجمع إن الكنيسة ليست بعيدة عن أولئك (الوثنيين) الذين يفتشون عن الله من وراء الصور والظلال ويجهلون بدون قصد إنجيل المسيح وكنيسته. فهؤلاء ليس الخلاص ببعيد عنهم، وهم يحاولون أن يتمموا مشيئة الله التي وضعها في ضمائرهم".
من خلال الفقرة "أ" أعلاه فإن الخلاص للبشرية متاح لكل الناس لهم ضمير حي يحب الخير والمحبة والسلام . وهذا المجمع فتح الأبواب للأنسانية كلها في الحوار والدعوى الى السلام والأتفاق على كل ما يخدم الأنسانية للعيش كأخوة في ألأنسانية واحترام حقوق ألأنسان
كان قداسة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني أُسقفا صغيرا (38) سنة عندما اشترك في أعمال المجع الفاتيكاني الثاني وعيّن في المجمع الحبري للعائلة ، وكان الرب يعُّده ليصبح على رأس الكنيسة الجامعة سنة 1978 لينطلق بالكنيسة لتصبح كالنسر في السماء ولينفتح على العالم كُلّه ليسير على الطريق المعبّد الذي فتحه المجمع الفاتيكاني الثاني . وفي أوّل خطاب له قال :"لاتخافوا أفتحوا الأبواب ليدخلوا الناس".
أراد أن يزور العراق سنة 2000 ، ويقوم برحلة ايمانيّة انطللاقا من اور الكلدانيين, المدينة التي انطلق منها ابونا ابراهيم في رحلته الأيمانيّة, ليقول للديانات الثلاثة(المسيحية اليهودية الأسلامية) انه يريد أن يوحّد هذه الأديان ليعم السلام بينها, ولكن للأسف حارب الشيطان مقاصد البابا السابق, لانّ العراق حينه قد ساد فيه الشرّ ولم يتحقٌق حُلمه الجميل, وحلمنا نحن ايضا ابناء ابراهيم..
اما البابا الحالي ، فرنسيس الأول ، وفي أول لقاء له مع الصحفيين من مختلف أنحاء العالم شرح حبر الفاتيكان سبب اختياره لهذا الاسم (فرنسيس ) المرتبط بالفقراء وبالزهد. وطالب البابا أن تكون الكنسية الكاثوليكية "فقيرة على الله وترعى الفقراء. حتى سميّ"بابا الفقراء".


قال البابا فرنسيس (يوم الأربعاء الثالث من آذار/مارس 2021) اي قبل زيارته للعراق بيومين : إنه ذاهب إلى العراق، الذي لم يتمكن البابا الراحل يوحنا بولس من التوجه إليه عام 2000، لأنه "لا يمكن خذل الناس مرة ثانية".
حقّق قداسة البابا فرنسيس حلم البابا الراحل وجاء الى العراق حاجا للفترة (5-7 مارس 2021) لزيارة مواقع دينية في العراق ، ولقاءه مع المسؤولين في الدولة والمراجع الدينية المسيحية والأسلامية وقام بزيارة لآثار مدينة اور التاريخية مسقط راس ابراهيم عليه السلام ، بالأضافة الى زيارته لعدة كنائس في بغداد والموصل وقرقوش في سهل نينوى وختمها بقداس احتفالي كبير في اربيل
جاء قداسة البابا فرنسيس ليعزّي المؤمنين وليشد أزرهم ليواجهوا المعركة مع قوات الشر في كل الأتجاهات. جاء ليبث فينا الأمل أنّ العهد لازال قائما ، عهد الله مع ابراهيم عليه السلام، كما جاء في الكتاب المقدس (سفر التكوين17 :1،2)
"وعندما كان أبرام في التاسعة والتسعين من عمره (قبل ان يسمّى إبراهيم ، اي اب الشعوب)، ظهر له الربُّ قائلا: "أنا هو الله القدير . سِر أمامي وكُن كاملا ، فأجعل عهدي بيني وبينك وأُكثِرُ نسلك جدّا"
قال البابا فرنسيس في رسالته للعراقيين : "آتيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب".
زيار قداسة البابا فرنسيس للعراق كبلد يحمل في عمقه تاريخ الحضارة البشرية وتاريخ الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والأسلامية التي تبلورت وانطلقت من وادي الرافدين ، وكان اول شخص استجاب لنداء الله الخالق هو إبراهيم عليه السلام. وكما جاء في سفر التكوين في الكتاب المقدس عندما قال الله لأبراهيم (اب االمؤمنين):
" إرحل من أرضك وعشيرتَك وبيت ِ أبيك الى الأرض التي أُريك، فأجعلك أُمَّة عظيمة وأُبارِكُكَ وأُعظّم أسمك وتكون بركة ، وأُبارك مباركيك والعن لاعنيك ، ويتبارك بك جميع عشائر ألأرض"تكوين 12 :1 "
إذن البركة هي لأبراهيم ومن خلاله لكل البشرية . ابراهيم ابو البشرية في الأيمان ترك كل شيء وتبع الله خالقه
نعم انتقل إبراهيم بالأيمان من اور الكلدانيين الى حاران ومنها الى كنعان ، فقطع الله معه عهدا وأخبره أنّه سيكون مؤسسا لأمّة عظيمة . وقال له ايضا إنّه لن يبارك هذه الأمة فحسب ، بل ستتبارك بها أمم العالم ألأخرى ، وكلّ ذلك من اجل ابراهيم .
اليوم رسالة البابا فرنسيس الينا ، نحن ابناء العراق ، كأخوة بحاجة الى الرجوع الى ابينا ابراهيم ليكون بركة لنا ونكون اخوة حقيقيين ، ونترك كُلِّ احقادنا وانانيتنا وعنصريتنا وشهواتنا الى السلطة والمال ، لنعود الى العيش بسلام مع بعضنا البعض . يقول احد الآباء :"الهنا اله عائلة ليس إله واحد ، ويدعو جميع البشرية كلها الدخول الى هذه العائلة"
صلاة البابا في اور مسقط راس ابينا ابراهيم هي رسالة الى التعددية والحوار والتفاهم بين جميع اطياف الشعب العراقي وهي دعوى عالمية لنشر السلام في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة
زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق للفترة (5- 7 مارس 2021)
ابتدات زيارة البابا في اول يوم من وصوله الى مطار بغداد (5 مارس ) بالأستقبال الرسمي له من قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في قاعة الشرف حيث كانت مراسيم الترحيب .ثم غادر قداسته الى القصر الرئاسي حيث اقام الرئيس العراقي برهم صالح مراسم الترحيب بالبابا فرنسيس . هناك في القصر الرئاسي اقيم مراسيم الترحيب للبابا حضره الشخصيات الحكومية والدبلوماسيين واطياف من المجتمع المدني العارقي
وقد القى السيد برهم صالح كلمة ترحيب مؤثرة ، ومن بعده القى قداسة البابا ايضا كلمة مهمة وتاريخية. ثم غادرموكب البابا لزيارة كنيسة "سيدة النجاة " للسريان الكاثوليك في بغداد . تلك الكنيسة التي شهدت مجزرة قام بها الدواعش بحق المسيحيين الذين كانوا في صلاة وراح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى . وهناك التقى الباب بألأساقفة والكهنة والمكرسين والأكليريكيين واساتذه التعليم المسيحي .
في اليوم الثاني من زيارته المصادف يوم السبت 6 مارس قام توجه الأب الأقدس الى النجف والتقى بفضيلة السيد علي السستاني ، كونه المرجعية الشيعية في العالم الأسلامي ودام لقائه 50 دقييقة . ليتوجه بعدها الى مدينة اورالأثرية مدينة ابراهيم عليه السلام .هذه المدينة تابعة اليوم الى محافظة ذي قار جنوب العراق وفي هذا الموقع المهم القى قداسة البابا كلمة تاريخية سنعود اليها في مقالاتنا التالية . بعدها رجع قداسة البابا الى بغداد واقام قداسا في كاتدرائية كنيسة مار يوسف الكلدانية ، بحضور شخصيات من الحكومة العراقية وعلى راسهم برهم صالح.
وفي يوم الأحد المصادف 7 مارس توجه الحبر ألأعظم الى اربيل عاصمة اقليم كردستان حيث استقبله في مطار اربيل الرئيس مسعود البارزاني رئيس وزراء ألأقليم ، وشخصيات عديدة من حكومة الأقليم . وتوجه بعد ذلك قداسة البابا الى الموصل حيث توقف على اطلال هذه المدينة العريقة التي دمّر الكثير من معالمها التاريخية . و زار قداستنه "حوش الكنيسة " في الموصل وصلى هناك من اجل راحة انفس ضحايا الحرب التي دمّرت المدينة خلال حكم داعش وتم هدم العديد من الكنائس والآثار العراقية . ثم زار قداسته كنيسة "الطاهرة " الكبرى في قره قوش ،التي احرقها الدواعش وهجّر سكانها، حيث تلا صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين . ثم عاد الى اربيل ليختم رحلته الشاقة باحتفال بالقداس ألألهي في ملعب "فرنسيس حريري".

افتتحت جريدة بي بي سي نيوز هذا الوصف لزيارة البابا للعراق بالقول:
"لسنوات طويلة اعتادت وسائل الإعلام على نقل صور الموت والدمار والتفجيرات والدماء والسبي والخطف من العراق
للمرّة الأولى منذ عقود، وبمناسبة زيارة البابا فرنسيس إلى بلاد ما بين النهرين، رأى العالم العراقيين بصورة جديدة: يدبكون، يزغردون، يهللون، ويرقصون في الشوارع.
بين استقبال البابا بدبكة الجوبي العراقية التقليدية في المطار، وبين مشاهد الأطفال يرقصون في الشوارع بأزياء تشبه ملابس العيد، وبين الزغاريد التي رافقت خطوات الحبر الأعظم أينما حلّ، ظهر أنّ الفرح ممكن في هذه البلاد، ولو كان ذلك وسط الدمار".
يصف غبطة الباطريرك لويس ساكو قداسة البابا فرنسيس بانه انسان متواضع ومحب وانسان بسيط وخادم للفقراء وشخصية متجرّدة .
وعن مظاهر ألأستقبال للبابا وصف غبطة الباطريك هذا الأستقبال بطريقة مؤثرة فيقول :انا متاثر كثيرا بحدثين :
اولا : ترحيب العراقيين الحار وبشغف للبابا فرنسيس . ثانيا : كان العراقيون كأنهم فريق واحد في فترة زيارة البابا لأنجاح هذه الزيارة من رئاسة الجهمورية ورئاسة الوزراء والمرجعيات الشيعية والسنية والكنيسة والأجهزة الأمنية والأعلام . هذه الوحدة والعمل معا هي التي انجحت الزيارة . ومن هنا استطعنا ان نفشل كل المتشكّكين بفشل الزيارة ..امنيتي ان نبقى متوحدين بالرغم من اختلافاتنا وتنوعنا . رسالة البابا معبرة جدا هي "ألأخوّة البشرية ".
البابا وهو في العراق وجه رسائل الى سوريا ولبنان واليمن ...البابا تفاجأ بهذا الأستقبال الغير المتوقع من جميع اطياف الشعب العراقي مسؤولين وشعبا والفرق الفنية
وختاما
لا بد للخير أن ينتصر على الشر لا بد للنور أن يهزم الظلام
لا بد للحق أن يهزم الباطل ، ولا بدّ للحب أن ينتصر على الحقد

تابعونا في الجزء الثاني من المقال عن زيارة البابا للعراق دلالاتها ورموزها

35
أحوال المسيحيّين في عهد المغول بعد سقوط بغداد سنة 1258م الجزء الثاني

نافع شابو
 
المقدمة

جاء في مقال لغبطة الباطريرك لويس ساكو:

في عام 1258 سقطت الخلافة العبّاسيّة تحت ضربات الغزو المغوليّ، فلم تكن أحوال المسيحيّين في حكم المحتلّ الجديد على وتيرة واحدة. فقد مال بعض ملوك المغول إلى المسيحيّة وأظهر تعاطفًا مع الكنيسة. وكان الخليفة المعتصم قد طلب من البطريرك مكيخا الثاني التفاوض مع هولاكو المغوليّ لعقد هدنة. وعندما سقطت بغداد بأيديهم سُمح للبطريرك بالمكوث في أحد قصور العبّاسيّين. فقد كانت المسيحيّة قد انتشرت بين القبائل المغوليّة في آسيا الوسطى حتى أنّ عبد يشوع الصوباوي (ت عام 1318) أعدّ قائمة بسبع وعشرين كرسيًّا متروبوليتيًّا ومئتي أسقفيّة خاضعة لجاثليق المشرق، وما يقارب ثمانية ملايين مؤمن! غير أنّ فترة التسامح لم تدم طويلاً، فقد وضع غازان خان، بعد اعتناقه الإسلام رسميًّا، قيودًا كثيرة على المسيحيّين، ودمّر بعض الكنائس وحوّلها إلى مساجد كما نهب مقرّ البطريركيّة، فبدأ نجم أهمّ كنيسة إرساليّة في العصور الوسيطة بالأفول. وفي عهد تيمورلنك (1336-1405) اعتنق معظم المغول الإسلام فبدأ اضطهاد المسيحيّين وتدمير الكنائس بشكلٍ منظّم، ممّا دفعهم إلى اللجوء نحو مناطق كردستان الجبليّة. وغدت الأبرشيّات النائية معزولة عن مركز رئاستها الأمّ، وامّحت شيئًا فشيئًا(1)
تناولنا في الجزء الأول من المقال عن سقوط الحكم العباسي على يد المغول بقيادة هولاكو سنة 1258م في عهد اخر الخلفاء العباسيين وهو المستعصم بالله ، واشرنا ، الى بعض الجرائم التي ارتكبها المسلمون بحق المسيحيين في عهد ملوك المغول [غير الجرائم التي ارتكبها المغول ] قبل ان يدخلوا ألأخيرين في الأسلام ليكون دين الدولة الرسمي(راجع الجزء الأول كما في الموقع ادناه).
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=706415
يقول البير ابونا في كتابه "تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية الجزء الثالث ": بعد سقوط بغداد حدث من الفوضى والدمارفي هذه البلاد.وبعد ذلك جاء العهد الجلائري وماخلفه من ألأرتباك والحروب في سبيل الهيمنة على مقاليد السلطة . ثم جاء اجتياح تيمور لنك وسدّد ضربة قاسية الى حكام البلاد . وعجزت سلطة القرة قوينلو ثم ألآق قوينلو عن توطيد السلام وألأستقرار في ربوع هذه البلاد التي غرقت في بحر من الحروب والثورات المتلاحقة .
حاول المسيحيّون ان يتكيّفوا مع مختلف النظم المتتابعة ، وان يبرهنوا عن كونهم عنصرا مسالما وتوّاقا الى الخير والبنيان . وإذا لم يفلحوا دوما في اكتساب تقدير السلطات ،فإنّهم استطاعوا مع ذلك ان يحافظوا على كيانهم وان يبذلوا الجهود الكبيرة في سبيل حمل مشعل الثقافة والعلم في حقبة لم يحظ فيها العلمُ برصيد كبير بين اقوام فضّلوا سلوك طريق القوة والبطش والأستغلال.
لقد ظهر علماء وأدباء سريان في هذه الحقبة الطويلة ، واستطاعوا ، بالرغم من الظروف ، القاسية التي مرّوا بها ، أن يسخِّروا امكاناتهم الفكرية في خدمة العلوم وألآداب ، لاسيما الكنسية منها ، ولو ان انتاجاتهم لم تبلغ الجودة والأصالة اللتين نلقاهما لدى كتبة العصور الذهبية .
تحوّل العراق بعد سقوط بغداد (سنة 1258 م ) بعد هذه الكارثة الى ولاية من ولايات الأمبراطورية الأيلخانية المترامية الأطراف التي شملت في اوج قوتها البلاد الواقعة ما بين نهر جيحون والمحيط الهندي ، ومن السند الى الفرات ، مع جزء من آسيا الصغرى وبعض القوقاز ، قاعدتها أذربيجان ، وتابعة من الناحية الشكلية لأمبراطورية المغولية الكبرى . واصبحت تبريز ثم السلطانية قاعدتي الأيلخانيين الرئيسيين .
المغول كانوا من خلفيات دينية عديدة وخاصة في بدايات حكمهم فمنهم بوذيين ، ومنهم ملوك وامراء مسيحيين وكان بين الجيش جنود مسيحيين وكانت داقوق زوجة هولاكو مسيحية .
لا يمكن الاّ ان نقول بأن في عصر المغول تمّ القضاء على الغالبية من المسيحيين في الشرق الأوسط والشرق الأدنى من سوريا الى الصين وهدّمت آلاف الكنائس والأديرة . وعندما قضيَّ على المسيحيين يعني ذلك القضاء على الحضارة . فقد كان العلماء غالبيتهم المطلقة من المسيحيين سواء في الطب اوالتعليم اوالهندسة وعلم الفلك ..الخ. مضايقات من الطرفين (المغول والمسلمين ) ضد المسيحيين استمرت ، هجومات لعصابات الأكراد على الكنائس والأديرة وقرى مسيحية وكمثال على ذلك ، تكريت ظلّت الى سنة 1279م كانت عامرة بالكنائس الشهيرة . اضطهادات في تكريت – بغداد- موصل - شام – مصر طرابلس. عاثوا المسلمين فسادا في مناطق زاخو نهب – أسر النساء والصبيان والفتيات
لم يكد البطريرك مكيخا (125 1265) م يُمضي سنته ألأولى على كرسي كنيسة المشرق (في كوخي قرب بغداد حاليا والى الجنوب من قطيسفون عاصمة الساسانيين)، حتى جاء الزحف المغولي واجتاح مناطق الشرق الأوسط برمتها وخلق جوّا من الرعب والهلع والفوضى، بالأضافة الى ألأبادة والدمار في المنطقة كلها
احوال المسيحيين في فترة الملوك الذين اتو بعد هولاكو:
1 – عهد "أباقا خان" (1266- 1282) م
هو ابن هولاكو ، وتولى الحكم بعد ابيه. وكان لدى وفاة والده في منطقة مازندران في آسيا الصغرى .هو اول من انفصل عن حكومة جنكيزخان ألأصلية واعلن استقلاله .
حكم اباقا خان ثماني عشرة سنة وقام باعمال كبيرة واصلاحات ..تزوج مريم ابنة ملك القسطنطينية ولكنه توفي قبل وصولها اليه ، واطلق عليها اسم "دسبينا خاتون" . وكان في ايامه وايام والده علماء كثيرون ، مثل نصير الدين الطوسي وغيره .ولدى عودة اباقا من بغداد في مطلع سنة 1282 ، توجّه الى همدان . ويقول ابن العبري أنّ اباقا خان "في يوم عيد النصارى الكبير لتلك السنة ، دخل الى البيعة في تلك المدينة وعيّد مع النصارى .ويوم ألأثنين ثاني العيد ، أقام له شخص فارسي مسيحي اسمه بهنام وليمة كبرى في داره . وليلة الثلاثاء تغيّر مزاجه وصار يروي خيالات في الهواء . ويوم ألأربعاء وهو اول يوم من نيسان لتلك السنة ، وهو العشرون من ذي العقدة سنة 681 هجرية انتقل من هذا العالم (ممكن مات مسموما).
2 – عهد " تاكودار –أحمد" (1282) م
هو ابن هولاكو من زوجته قوتاي خاتون واخو اباقا خان . وهو اول من اسلم من اولاد هولاكو ودعي اسمه "احمد". وكان السلطان احمد كريما. وحال تسلمه الحكم اخرج من الخزائن والأموال شيئا كثيرا وقسم على الأولاد والأمراء والعساكر ، واظهر الأحسان والشفقة الى جميع المغول والى الأمم الباقية وخصوصا الى اكابر النصارى ... . قتل السلطان احمد في سنة 1284
كان السلطان احمد يميل الى الأسلام ويضطهد المسيحيين . وفي زمنه كان بطريرك الكنيسة هو الجاثليق "يهبالاها الثالث المغولي(1281-1317) . وكان على صلة وثيقة بالملك والأمراء . وظهر اسقفان هم ايشوعسبران مطرافوليط تنكوت وشمعون اسقف أرنى، ودفعهما الحسد الى الوشاية بالبطريرك ، زاعمين انه موال لأرغون ابن أباقا خان الراحل . ووجدت وشايتهما اذنا صاغية عند السلطان احمد . فاستدعى مار يهبالاها والربان صوما والأمير اشموط المسيحي الى المحكمة . وانكشف كذب الوشاة ، ومع ذلك فقد أبقى البطريرك قيد التوقيف اربعين يوما ، وهو يعاني مضض ألآلام والحزن . ولكن تدخّل قوتاي خاتون والدة الملك والأمراء أنقذه ، فأعاد اليه احمد كرامته وأُطلق سراحهُ.
انقلبت الأمور على السلطان احمد ، وتمكن أرغون من ألأستيلاء على زمام ألأمور في المملكة . إذ ذاك ذهب الجاثليق بصحبة ألأساقفة والرهبان لتقديم التهاني للملك الجديد "ارغون" . فسرَّ به ارغون وغمره بهباته ، وعلم بما قاساه من الظم في عهد أحمد .
3 – عهد " أرغون" ( 1284 – 1291 )م.
هو ابن اباقا خان وحفيد هولاكو وقوز خاتون . كان ارغون بوذيا ، وعرف ان يتخلص من عمه السلطان احمد . حكم ارغون ثماني سنوات . ويقول عنه ابن الفوطي انه كان عادلا محمود السيرة رؤوفا بالرعية . ويقول عنه ابن خلدون انه كان قد عدل عن دين ألأسلام واحب دين البراهمة من عبادة الأصنام وانتحال السحر والرياضة ، ووفد عليه بعض سحرة الهند ، فركّب له دواء لحفظ صحته ودوامها ، فاصابه منه صرع ومات . وقيل ايضا انه كان شهما مقداما كافر النفس شديد البأس ، سفاكا للدماء عظيم الجبروت . ويقال انه سُمَّ ، فإتهموا بذلك وزيره سعد الدولة اليهودي بقتله ، فمالوا على اليهود قتلا ونهبا وسلبا ...كان هذا الملك متسامحا طيب الشعور نحو المسيحيين ، وقد واصل المفاوضات التي بدأها اباقا مع الدول الغربية بغية مساعدته على محاربة مصر . وتوفي في 6 ربيع الأول سنة 1291م
يروي ابن العبري عن ذلك الزمان (التاريخ السرياني ص 557) انّ أرغون عين في مطلع عهده مسعود بن قرطي حاكما على الموصل ونواحيها (كان مسيحي) . ففرح المسيحيون بذلك ،إلاّ أنّهم حزنوا ايضا على مقتل اشموط ألأمير الراهب ألأيغوري على ايدي ابناء جلال الدين طوران .ويروي ايضا إنّ عصابة خرجت في سنة 1285 على منطقة اربيل ونهبت قرية عمكاباد (مدينة عينكاوة الحالية) والقرى المجاورة وقتلت العديد من سكانها ، وإنَّ عصابات كردية وتركمانية وعربية ، بالتعاون مع الجيوش المصرية هاجمت الموصل وأعملت فيها الخراب والدمار ، وقتلت العديد من سكانها دون تمييز بين ألأديان ، وحتى المسيحييون الذين التجأوا الى دار نقيب العلويين لم ينجوا من هذه الكارثة . أمّا الذين إختبأوا في منازلهم فلم يلحقهم اي اذى .. وتجدر الأشارة الى ان ابن العبري توفي في مراغة ، شمال ايران حاليا ، ليلة الثلاثاء 30 تموز 1286 م وكان الجاثليق يهبالاها الثالث هناك . فامر بألا يخرج احد الى السوق ولا يفتح دكانا . وقرعت النواقيس واجتمع الشعب كله الى دار المفريانية . وارسل الجاثليق اساقفته مع شموع كبيرة . واشترك في المأتم جميع المسيحيين من الطوائف كلها وصلوا على جثمانه ودفنوه في الهيكل الصغير الذي كان فيه يصلي ويقيم القداس . وقد نقل جثمانه في وقت لاحق الى دير مار متي.
عاد الربان صوما الى المشرق (وكان قد ارسله البطريك يهبالاها بتوصية من السلطان ارغون الى روما والغرب) وقابل الملك ارغون ، وقدّم كتاب البركات مع الهدايا التي حملها من البابا والملوك الأفرنج ، وروى له ما لقيه من الحفاوة ، وكيف تلقوا التوصيات التي حملها اليهم ، والعظائم التي رآها هناك .فسُرَّ الملك أرغون وشكره ، واراد الملك ان يبقيه عنده في خدمة كنيسته المتنقلة . ولكنه إعتذر وفضَّل ان يقوم الجاثليق نفسه بهذه المهمة . وفي السنة التالية 1289 جاء الملك ارغون في شهر ايلول الى المقر البطريري في مراغة لزيارة الجاثليق ، وكان قد عمّد ابنه "خدابندة" في شهر اب ، سماه نيقولاوس تيمُّنا باسم البابا ، وناوله القربان المقدس . وهكذا سار كل شيء للمسيحيين على ما يرام . وحينما توفي الملك ارغون سنة 1291 ، خيّم الحزن على المسيحيين قاطبة بموته.
4 – عهد "كيخاتو" (1291 -1295) م
استلم زمام الأمور في المملكة كيخاتو اخو الملك الراحل ارغون، في شهر آب سنة 1291 وكان كيخاتوعادلا ولم يحد عن خطة آبائه في اقرار السلام . رفع كيخاتو الظلم وبسط العدل والرأفة بالناس ، وفتح ابواب الدفائن والخزائن ، وصار يبذل بكرم وسخاء . وفي آب ، عيد انتقال العذراء ، دخل الملك الجديد الى الكنيسة التي اقامتها طاووس خاتون (دقوزخاتون) في المعسكر الذي كان حينذاك في الجبل المدعو ألأداغ. واقام البطريرك يهبالاها القداس وحضره الملك وسرّ كثيرا واجزل العطاء للجاثليق ، وارتفع شأن الكنيسة في عيون الجميع اما الربان صوما فقد حصل من الملك على امر يسمح ببناء كنيسة في مراغة ، فبنى كنيسة فاخرة في مراغة على اسم ماري ومار كيوركيس ...لكن المرض داهم الربان صوما وتوفي في بغداد في 10 كانون الثاني سنة 1294 ، ودفن في دار الروم.
وحزن الجاثليق يهبالاها عليه حزنا عميقا ، لأنه كان ساعده الأيمن في كل شي.
وما أن استتب الحكم لكيخاتو، حتى هبّ ألأعداء ألمصريون وذهبوا وحاصروا مدينة عكا التي كانت بايدي ألأفرنج. ودافع هؤلاء عنها ببساله وقتلوا اكثر من 20 الفا من المحاصرين ولكن حينما قُتل رئيسهم الكونت الكبير،ارتخت ايديهم ، فتمكن المسلمون من اقتحام المدينة التي دارت فيها معارك رهيبة . وكان ذلك في نيسان سنة 1292 م ، ثم إقتحم المسلمون قلعة الروم وسبوا سكانها مع الجاثليق ألأرمني والرهبان الذين معه ، وقادوهم الى اورشليم ومنها الى مصير مجهول. لكن الملك كيخاتو مال الى الشرب واللهو والفسق وداوم على معاطاته واشتدت شهوته مع النساء والغلمان وخلط الحلال بالحرام وساءت سمعته بهذه الأعمال (راجع ابن العبري التاريخ السرياني ص 579).
تغيرت نياتُ ألأمراء في طاعة السلطان كيخاتو ، وارسلوا "بايدو" وكان في داقوق(قرب كركوك حاليا) ، يعرفونه انهم اتفقوا على طاعته وتمليكه. فاعاد الجواب بقبول ذلك فقبضوا على السلطان كيخاتو وقتلوه سنة 1295 ، وكان عمره آنذاك نحو ثلاثون سنة .
5 – عهد "بايدو" (1295) م
هو ابن طرغاي خان بن هولاكو . تولى الحكم بعد مقتل كيخاتو سنة 1295 ولم يستقر في المُلك ، حتى ظهر غازان بن ارغون لحربه ومقارعته . فلما علم غازان بما جرى للسلطان كيخاتو ، وكان في خراسان ، عظم ذلك عليه ، واقبل بعساكره ، ومعه ألأمير نوروز ، وقصد بايدو وهو في اذربيجان . ودارت معارك بينهما ، فقُتل بايدو وكان عمره اربعين سنة ، وقد حكم 7 اشهر فقط .
6 – عهد "غازان" (1295- 1303)
هو ابن ارغون . تولى السلطة بعد مقتل بايدو. ودخل تبريز وصلى في جامعها.واسلم بواسطة نائبه نوروز وسمُّي محمود غازان ، وبه انتشر الأسلام بين المغول . واصدر امرا في دعوة المغول الى قبول الأسلام ، وأن يحكموا بالعدل بين الناس ، وأن تُقوّض دور ألأصنام والكنايس(اليهودية) ومعابد المجوس وتحّول البيع(الكنائس) الى مساجد. وامر بالزام أهل الذمة بلبس الغيار . فكانت علامة النصارى شد الزنار في اوساطهم ، واليهود خرقة صفراء في عمائمهم .وداموا على ذلك شهورا...وفي سنة 1301 ، وضع التاريخ الأيلخاني ، وبه طبق التاريخ الهجري القمري مع الشمسي . لكن هذا الأجراء لم يدم طويلا ....وقد اشتهر في ايام السلطان ألأعظم غازان محمود شخص يُدعى فخر الدولة وهو ابو محمد ابراهيم بن عيسى بن هبة الله النصراني الموصلي . كان هذا حاكما على الموصل ، كريما سخيا ، قصده الشعراء والأدباء والعلماء ، فاحسن صلتهم وأنعم عليهم .
كانت المحن على موعد مع البطريرك والمسيحيين . فما أن قُتل بايدو ، حتى اصدر احد ألأمراء اسمه نوروز امرا بهدم الكنائس وبقتل رؤساء الدين المسيحي واليهودي . وفي تلك الليلة ، أُلقي القبض على الجاثليق في مراغة ، ونُهب المقر البطريركي . أمّا الجاثليق فعلّقوه منكس الرأس وضربوه بالعصي واهانوه وطالبوه بإعتناق ألأسلام ، ثم طالبوه بأموال.
فذهب احد تلاميذه واقترض 15 الف درهم وافتداه . ودخل الرعاع وهدموا كنيسة مار شليطا الكبيرة . اما الكنيسة التي بناها الربان صوما فقد حفظت ، إذ كان ملك الأرمن هيثم حالاّ فيها ، ودفع هذا مبالغ كبيرة في سبيل صيانتها . وقد هرب الجاثليق واحتمى عنده. وفي اليوم التالي ، جاء رسول من نوروز يطالب بتسليم الجاثليق لقتله . واستطاع ماريهبالاها الهروب من هناك ، كما تمكن الملك الأرمني ارضاء الرسول بالرشاوي ، فغادر مراغة .
وبعد ايام قلائل ، ذهب الملك الأرمني الى تبريز ، ورافعه اليها مار يهبالاها متنكرا . وكان الملك غازان قد وصل الى هناك . وأختبأ الجاثليق هناك سبعة ايام ، الى ان قابل الملك الأرمني غازان واطلعه على قصته . فاستدعاه الملك ووجه اليه سؤالين : من اين انت ؟ وما اسمك ؟ فاجاب الجاثليق على سؤاليه وباركه . ولكنه لم يحظَ بشيء من عنده سوى التجهّم . فاضطر البطريرك الى العودة الى مراغة خائبا . وبعد عيد الميلاد سنة 1296 جاءه رجال نوروز يطالبونه بعشرة آلاف دينار كان قد اخذها في عهد كيخاتو . وبعد ان دفع لهم الفي دينار،استطاع الهرب منهم ليلا.
كان القائد نوروز من وراء جميع هذه الأجراءات التعسفية ضد المسيحيين . فقد اصدر امرا بتدمير الكنائس ومعابد الأصنام وكنايس اليهود ، وبقتل الكهنة ، وبفرض ضرائب باهظة على غير المسلمين وبلبس الغيار وهو الزنار للمسيحيين وعلامة في العمامة لليهود .وبدأ الغوغاء بتدمير الكنائس في تبريز ، وامتدت الفوضى الى مناطق اخرى . واشتدت محنة المسيحيين ، خاصة في بغداد حيث لم يكن المسيحي يتجاسر على الظهور في الأسواق ...ثم اصدر الملك غازان اوامر اخرى الى جميع البلدان ، وارسل السعاة المغول الى كل المناطق لتدمير الكنائس ونهب الأديرة . لكن المسيحيين كانوا يدفعون اموالا للسعاة فيجتازون عنهم دون الحاق الأذى بكنائسهم . وحينما وصل السعاة الى اربيل ، انتظروا ان يدفع المسيحيون لهم شيئا فيرحلون ولم يتقدم احد من المسيحيين ، حتى ولا المطرافوليط . لذا فقد دمروا هناك ثلاث كنائس جليلة ، في 28 تشرين الثاني 1296 . ولما سمع اهل نينوى بذلك ، جمعوا 15 الف دينار من اموال الكنائس وآنيتها المقدسة ودفعوها للسعاة ، فسلمت كنائسهم من الدمار ...وفي 20 حزيران 1297 ، هاجم مسلمو سوريا بقيادة علاء الدين ، مدينة آمد وعاثوا فيها فسادا وسبّوا نحو 12 الف من سكانها ، وقتلوا فيها العديد من المسيحيين ، منهم غريفوريوس مطران المدينة ، ونهبوا كنيسة والدة الله الكبيرة واضرموا فيها النار التي ظلت مشتعلة فيها نحو شهر كامل. فعلوا ذلك كله بذريعة ان اهل آمد (المسيحيين) قد تمردوا على الملك الصالح صحب ماردين (راجع ابن العبري ، التاريخ السرياني ، ص 595 – 598)
في نهاية الشتاء ارسل الجاثليق شخصا الى الملك غازان في مقره الشتويى في موغان ، واطلعه على جميع الأحداث . فتأثر الملك لدى سماعه بالمعاملات السيئة التي تعرّض لها الجاثليق ، وامر بان يُعفى المسيحيون من الجزية ، وبالأّ يتخلى احد منهم عن ديانته ، وبأن يكون الجاثليق رئيسا على الكنيسة ، وبأن يعاد الى الجاثليق والأساقفة ما أخذ منهم من ألأموال . وارسل الملك خمسة آلاف دينار للجاثليق لمصرفه ، ريثما يأتي ويواجهه.
وكان دمار كبير قد لحق بالكنائس في مناطق اربيل وتبريز وهمدان والموصل وبغداد. وخلال تلك ألأضطرابات ، وبتأثير من نوروز ، استولى المسلمون على الكنيسة والبطريركية التي كان الجاثليق مكيخا قد اقامهما ، بامر هولاكو ودقوق خاتون ، في دار الدويدار في بغداد ، واضطر المسيحيون الى نبش القبور في الكنيسة وأخذ بقايا رفاة البطريركيين مكيخا ودنحا ونقلها الى كنيسة سوق الثلاثاء(راجع صليبا في كتاب المجدل ص 122و125).
وحينما عاد الشخص المرسل الى الملك غازان حاملا الى البطريرك اوامر الملك الصريحة ، تنفس الجاثليق الصعداء وفتح المقر البطريركي في مراغة ، واجتمع اليه المؤمنون ، وشرع الظالمون يعيدون ألأموال التي ابتزوها من المسيحيين . وفي تموز سنة 1296 ، الموافق لشهر رمضان ، توجه الجاثليق الى موغان وقابل الملك غازان الذي استقبله باكرام مع الأساقفة مرافقيه ، مما اثار المزيد من الحسد في قلوب الأعداء ...في سنة 1297 ، نزل الملك لقضاء الشتاء في بغداد ، ومكث الجاثليق في مراغة . فدخل الى مراغة شخص يُدعى شاخ التيمور وادَّعى ان لديه أمرا يقضي بقتل كل مسيحي لايجحد دينه . فلما سمع المسلمون هاجوا وماجو وهجموا على المقر البطريكي ونهبوا كل ما فيه ، وذلك في الصوم الكبير . ولما انكشفت خدعة هذا الشخص المنافق ، اقتضى ألأمر إعادة ألأموال المسلوبة كلها . ولكن حينما اجتمع المسلمون امام ألأمراء واعدت العصي لتأديبهم ، إذا بهؤلاء المسلمين يهاجمون معا ألأمراء بالحجارة ، حتى اضطروهم الى الهرب الى بيوتهم ، وانهالوا على المسيحيين ضربا وتعذيبا ، ووصلوا البطريركية ونهبوها ودمّروها تماما.
محنة قلعة اربيل :
لاحت بوادر الخلاف بين المسلمين والمسيحيين على اثر مقتل شخص كبير من المسلمين على ايدي القياجيين المسيحيين (قوم من سكان الجبال) . وكان نوروز السبب في ذلك . فإنه أثار اضطرابا كبيرا في المملكة كلها على اثر تمرده على الملك . واشتد حصار المسلمين على قلعة اربيل التي كانت بأيدي المسيحيين . وتمكن المحاصرون من القاء القبض على المطرافوليط ابراهيم وعلى عدد من الكهنة والمؤمنين ، فقتلوا منهم وباعوا ألآخرين بأثمان باهظة .واجتمع مختلف الشعوب لحصار القلعة ، آملين نهب المسيحيين والقضاء عليهم .واستمر الحصار من اثنين شصوم الباعوث حتى عيد الصليب من سنة 1297. وفي شهر آب ، قضي على المتمرد نوروز . لكن ازمة قلعة اربيل لم تنفرج وأذاع المسلمون أخبارا ملفقة مفادها ان المسيحيين يقتلون كل مسلم يلقونه دون رحمة ، وابلغوا تلك الأخبار الى الملك نفسه الذي كان يميل الى ألأسلام .وكان الجاثليق اذ ذاك يسير مع المعسكر اذ لم يبقى له مقام مستقر . فارسل الملك يقول للجاثليق انه يرغب في اخراج المسيحيين من القلعة واعطائهم اراضي وممتلكات في مواضع اخرى . فتنهّد البطريرك وقال للموفدين:
جميع المراكز البطريركية في بغداد ومراغة وتبريز وهمدان قد دُمِّرت وسُلبت ، ولم يبقى سوى مركز قلعة اربيل مع نفر من المسيحيين فيها.وهؤلاء ايضا تريدون تشتيتهم ونهبهم ؟. فليامر الملك بعودتي الى بلادي أو الذهاب الى بلاد الجورجيين لانهي هناك حياتي .وعندما ابلغوا هذا الجواب للملك امر بالاّ يخرج المسيحييون من القلعة .وعلى اثر تدخل السلطات المغولية تم الصلح في اربيل بين المسلمين والمسيحيين ...وفي ذلك الزمان ، استصدر ناصر الدين صاحب الديوان امرا من الملك يقضي بان يدفع المسيحيون الجزية ، وان يلبسوا الزنار ويسيروا في اسواق مدينة السلام . فاصبحوا بذلك موضع سخرية واحتملوا ألأهانة الى ان ابعد الله عنهم هذه المحنة .
توفي الملك غازان في يوم العنصرة سنة 1303م عن عمر بلغ 33 سنة ، وكانت مدة حكمه نحو ثماني سنوات
7 – عهد الملك "أُلجايتو"
تم نقل السلطة بهدوء ، إذ استدعى الأمراء الجايتو المسمّى خدابنده اخ الملك الراحل "غازان" ، وكان في مقاطعة خراسان ، واقاموه ملكا في 12 تموز سنة 103، وكان الجايتو قد نال العماد في صغره في عهد ابيه أرغون (اي كان مسيحييا) ، وكان لديه دالّة عند البطريك يهبالاها، مع امه اركو خاتون المسيحية. وسُرّ الجاثليق بجلوسه على العرش ، وكان يعقد عليه آمالا كبيرة للشعب المسيحي . ولكن خابت آماله ، إذ كان الجايتو قد أسلم وتلقى تربية اخرى . ولما التقاه الجاثليق مرتين ، ابدى له الملك اكراما ظاهريا . وشرّع الملك يساعد المسلمين في كُلِّ شيء ، حتى ارادوا ألأستيلاء على الدير وعلى الكنيسة واوقافها في مدينة تبريز .إلاّ أنّ خال الملك ، ألأمير ايرنجين ، منع الملك من ذلك .
مجزرة المسيحيين في اربيل :
عادت الأحقاد فظهرت بين المسلمين والمسيحيين في اربيل ، وعزم المسلمون على إبادة المسيحيين والأستيلاء على أموالهم وممتلكاتهم . وكان ناصر الدين يذكي نيران الحقد في قلوب المسلمين ويستعد للقتال ويجلب المزيد من ألأسلحة الى البرج الذي كان يسكنه عند مدخل القلعة ، وكان يوغر صدر الملك على سكان القلعة متّهما إيّاهم بالعصيان عليه . ولما تفاقم الشر ، اصدر الملك امرا باحتلال القلعة ما لم ينزل منها العصاة . وكان الجاثليق يهبالاها في القلعة لايصدّق احتمال وقوع مثل هذه الأمور . وتغافل المسيحيون عن الذهاب الى المعسكر واطلاعه على شؤونهم .
وفي يوم الأربعاء 9 آذار سنة 1310 ، صعد الى القلعة بعض الأمراء وانزلوا منها الجاثليق وجاؤوا به الى دير مار ميخائيل ترعيل ، وقال له ألأمير الذي كان يحبه كثيرا أنّ ألأمر يقضي بنزول الجبليين (القياجيين) من القلعة وبقاء ألآخررين فيها.فتم الأتفاق بان يدعوهم الى النزول . وارسل الجاثليق من عنده شخصا من ألأساقفة يُدعى عبديشوع وهو اسقف حنيثا ، وارسل الأمير شخصا من ألأمراء يُدعى ساطي بك ، لكي يتفاوضا معهم وينزلاهم . ولكنهم رفضوا النزول . واعاد الجاثليق الكرة ، فارسل اليهم وفدا مكونا من مطرانين ورهبان ورئيس دير مار ميخائيل ترعيل ، ودخلوا القلعة وتكلموا معهم ، فرفضوا بالنزول . لكن المسلمين بزعامة ناصر الدين كانوا لهم بالمرصاد عند البرج ، ودارت معركة بين الطرفين قُتل فيها عدد من المسلمين والمسيحيين . ولما علم ألأمير سوتي ، أسرع واحاط بالقلعة بجيشه ، واحتجزوا الجاثليق والذين معه.
اما المدينة ذاتها فصارت مسرحا للقتل ، وحصد السيف كُلّ مسيحي وُجد فيها، ودُمِّرت الكنائس ألأربعة التي فيها . وأستعد المسلمون لاقتحام القلعة . فأرسل الجاثليق رسالة الى مطرافوليط اربيل الذي كان قد التجأ الى قرية بيت صيادي ، وطلب منه ألأسراع في اخبار المعسكر . ووصل بغداد في اربعة ايام واطلع المعسكر على جميع ما جرى . فكتبوا رسالة شديدة اللهجة الى الأمير سوتي . وانتقم هذا من الجاثليق وأساء معاملته ، ثم سمح للمسلمين بسلب كل ما كان عنده وبقتل الذين عنده . لكن أمرا صدر عن الملك يقضي بعقد السلام بين الطرفين المتخاصمين . واتوا بالجاثليق الى أربيل وطلبوا منه ان يأمر سكان القلعة بالنزول ، واسمعوه كلاما قاسيا . وإذ لم تكن النوايا سليمة ، حيث المسلمون قتلوا جميع الذين نزلوا من القلعة ، ونهبوا جميع اموال القلاية ، واحتالوا على الجاثليق واصعدوه الى القلقة . واضطر الأمير سوتي الى مغادرة الموضع ، وبقي فيه ألأكراد واهل المدينة .[هذه هي نهاية المسيحة في أربيل التي منذ ذلك الحين استولى عليها الأكراد وغيرهم من المسلمين بعد ان كانت قلعة المسيحيين واسمها يدل على ذلك اربيل ، اربا ايلو ، اي الآلهة الأربعة هذا هو اسمه منذ زمن الآشوريين]
استؤنف القتال في اليوم التالي، وحوصرت القلعة واشتد فيها الجوع والفاقة . وظلّ الجاثليق وثلاثة اساقفة معه وبعض الرجال في القلعة وهم يعانون من الجوع والعطش والحاجة. وأوغر المسلمون صدر الملك على الجاثليق متّهمين إياه بالتواطؤ مع المتمردين . فاصدر الملك أمرا بالحصار الشديد وشن الحرب على القلعة ... . واستطاع الجاثليق اقناع المتبقين من النزول وكانوا 150 رجلا بالأضافة الى النساء والأطفال . وخرجوا من القلعة دون سلاح . ولكنهم ما ان خرجوا حتى انقضَّ المسلمون عليهم وقتلوا الرجال وسبوا النساء والأطفال ...وكان المسلمون قد عقدوا العزم على القضاء على الجاثليق . وكان المطرافوليط يتوجس خيفة من ذلك .فالتمس من ألأمير كيجك ان يرسل من عنده شخصا الى اربيل لتجنب شر طوغائين . لكن رسول الملك وصل بعد ان تمّت المجزرة . فجاء الموفد وسلم على الجاثليق وطوغائين وابرز لهما امرالملك الذي كتبه امير ألأمراء جوبان بشأن الجاثليق . فامتقع لون طوغائين وناصر الدين وتوجسا خيفة ، ولاسيما ان الموفد قد ابصر الجاثليق . وعند غروب الشمس رافعا الموفد ميلا خارج المدينة ، في طريقه الى قرية عمكاوا(عينكاوة)
موت الجاثليق يهبالاها :
الجاثليق يهبالاها مع المغول والأساقفة الذين معه الذين جاؤوا من عند الأمير كيجك ليأخذوه ، فقد ذهبوا الى الملك . زار الجاثليق الملك " الجياتو" ، فاكرمه ، ولكنه لم يتبادل معه اي حديث. فتركه الجاثليق حزينا ، إذ لم يكترث احد بالأحداث الماساوية التي دارت في اربيل وبعد ان مكث شهرا ، عاد الجاثليق الى الدير الذي بناه بجوار مراغة ، وقد نوى الا يذهب من بعد الى المعسكر قائلا:
"لقد سئمتُ من خدمة المغول !".وامضى شتاء سنة 1311 في الدير ..وامضى الجاثليق شتاء 1312 في الدير وكذلك الصيف ، ولما بلغ خبره الى الملك ، عيّن له خمسة آلاف دينار كل سنة لقوته وخصص له بعض القرى في منطقة بغداد.
وكان عدد المطرافوليطين وألأساقفة الذين رسمهم الى ذلك الحين 75 شخصا .
وعاش مار يهبالاها (المغولي ) في الدير الذي بناه في مراغة الى ان توفي ليلة الأحد 15 تشرين الثاني سنة 1317 ، ودفن في الدير ذاته ....هكذا تنتهي قصة يهبالاها الثالث . كان الجاثليق يهبالاها الثالث وديعا ومحبا للخير ، وكانت له علاقات ممتازة مع ممثلي الكنائس
ويشيد ابن العبري بمناقب الجاثليق ، ويقول انه كان مطبوعا على الخير ومحبة الله ، وانه عامله هو وطائفته بمحبة كبيرة . وقد برهن عن ذلك في مأتم ابن العبري . إنّ هذه الأنعطاف الطبيعي لدى رجل مغولي تلقى ثقافته في الصين ، قد أبداه ايضا تجاه المرسلين اللاتين الذين قدموا الى الشرق . ويبدو أنّ هذا الأنفتاح لم يكن يرضي اساقفته النساطرة .
ويخبرنا الدومنيكي ركولدو دي مونتي كروجي على الحالة التي لاحظها لدى مروره في الشرق ومقابلته الجاثليق سنة 1290 . إنّ قصة مار يهبالاها لاتظهر لنا اي خلاف بين الجاثليق واساقفته ، ما خلا الأفتراء الذي تعرض له من اسقفين في بدء عهده .
إلاّ ان السبب الحقيقي لأنحطاط كنيسة المشرق في القرن الرابع عشر لم يكن عدم التآلف بين ألأساقفة والجاثليق يهبالاها ، بل تقلبات السياسة . فمنذ سنة1286 وقعت القطيعة بين الملك "غازان " والملك ألأكبر "طوغون" تيمور وهو حفيد قوبلاي ، مما ادى الى صعوبة العلاقات بين الكنيسة ألأم وبين المقاطعات الواقعة في آسيا الداخلية والصين . فلم يستطع المرسلون الوصول الى تلك المناطق ، في حين أنّها كانت بأمس الحاجة الى نورهم ومؤازرتهم لدعم الوجود المسيحي هناك . ظلّ ألأقليروس ينعم بشي من الرعاية من قبل السطلات الحاكمة ، حتى ان ألأمبراطور كان مايزال يهتم سنة 1335 بالطقوس الواجب اتباعها في الكنيسة النسطورية حيث يرقد جثمان والدة الخانين ألكبيرين "مانكو" و"قوبلاي" . إلاّ ان الثورات ضد السلالة المغولية الحاكمة بدأت تنتظم في مختلف المقاطعات ، وادّت سنة 1369 الى قيام سلالة اخرى هي سلالة مينغ التي اكتسحت كل النظم التي وضعها المغول. وهكذا نرى ، قبل غروب القرن الرابع عشر، أنَّ الديانة المسيحية كادت أن تتلاشى من جديد في تلك الأصقاع الصينية النائية .
وفي ذلك الوقت ايضا تلاشت الجماعات المسيحية في آسيا الداخلية .فإنّ الكتابات الجنائزية التي لدينا من منطقة سميريتجيا لا ترقى الى ما قبل سنة 1345. والجماعات المسيحية في بيشبيك وطقماق ابتُليت بالطاعون سنة 1338 و1339 ، ثمّ دُمّرت من جرّاء المضايقات المتنوعة . واحدث كتابة عُثر عليها في مقبرة الملك ترقى الى سنة 1371 . كما إنّه وُجد انجيل بالفارسية حسب الطقس النسطوري تمَّ استنساخه في سمرقند سنة 1374 . وقد قضى تزمُّت تيمورلنك للأسلام على آخر الفرق المسيحية . أمّا في بلاد فارس وبين النهرين حيث قُتل العديد من المسيحيين في تلك الفترة ، فقد جاءت الفوضى في العهد الجلائري ، بالأضافة الى التعصُّب الشيعي ، وكبَّدَت المسيحية خسائر فادحة .
وهكذا فاننا نكاد نجهل تماما تاريخ كنيسة المشرق في القرن الرابع عشر . ولدينا معلومات ضئيلة عن انتخاب طيمثاوس الثاني خلفا ليهبالاها الثالث ، وقد تم انتخابه بالنظر الى معرفته اللغات ، كما يقول عبد يشوع مطران نصيبين الذي كان احد الناخبين ، في مجموعته القانونية . وقد توفي عبد يشوع سنة 1318 ، ومجمع طيمثاوس الثاني هو آخر حدث يعرفه . وبعد هذا ، لدينا فجوة كبيرة تشمل قرنين فيها يجب النظر الى الأحداث والى لوائح البطاركة بكثير من التحفظ.
ما ان توفي البطريرك يهبالاها الثاث ، في نهاية سنة 1317 ، حتى توجهت انظار الناخبين الى يوسف ، واتفقت ألآراء على اقامته جاثليقا على كنيسة المشرق ، وذلك بالنظر الى
نشاطه وشخصيته ، والى علمه الغزير ومعرفته للغات وحكمته في ألأدارة . فسمي إذ ذاك طيمثاوس وهو الثاني بهذا الأسم بين جثالقة كنيسة المشرق . وبعد انتخابه ، انتهز فرصة وجود ألأساقفة مجتمعين ، لكي يعقد مجمعا في مطلع سنة 1318 . واسفر هذا المجمع عن سنة 13 قانونا تتعلق بالأدارة الكنسية وبالتحرض على ألألتزام بالقوانين الرسولية وبقوانين آباء كنيسة المشرق....ويبدو ان طيمثاوس الثاني مكث في اربيل حتى وفاته سنة 1332 . وقد اجتمع في هذه المدينة البقية الباقية من المسيحيين ونظموا شؤونهم ، بعد ان عاد الهدوء الى المنطقة . وفي هذا الزمان حدثت اضطرابات في مراغة ، واستولى المسلمون على الكنائس والأديرة فيها. فاضطر المسيحيون الى نقل رفات مار يهبالاها الثالث من مراغة الى اربيل والى دفنها في دير مار ميخائيل ترعيل . (2)

المصادر
(1)
https://www.radiomariam.org/patriarca-sako/
(2)
"تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية " للأب البير ابونا الجزء الثالث"



36
أحوال المسيحيّن في عهد المغول بعد سقوط بغداد سنة 1258م الجزء الأول
نافع شابو

مقدمة
جاء في مقدمة كتاب"تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية "الجزء الأول للأب البير ابونا مايلي:
"إنّ التاريخ للأمّة بمثابة العمر للأنسان . فكلما تقدّم الأنسان في سنيه إزداد خبرة الحياة ، إن هو أراد أن يعتبر بعِبَر الحياة في مراحلها السابقة .وكذا الشان مع التاريخ ، الذي قيل أنّه أكبر معلم للبشرية .أجل إنّ التاريخ تجربة البشرية وحصيلة معطياتها يتيح للأنسان استقراء الظواهر وألأحداث وتحليلها ومقارنتها وإدراك طبيعة السنن والقوانين التي تحكم نشاط الجماعات البشرية وتطور الحضارات وعوامل سقوطها . وعلى المؤرخ ان يتلافى النظر الى تاريخ العالم كاحداث عمودية وكعالم جامد مسطح ، بل أن ينظر اليه كحركة حية متطورة تاخذ شتى ألأتجاهات والأبعاد ، فيتدبرها افقيا بكل عناصرها وأبعادها . وعليه ان يعايش التاريخ أنطلاقا من تجاربه النفسية والفكرية والعقيدية لكي يدرك جوهر التاريخ ويقدم لمعاصريه عصارة هذه التجارب بعبارات تنبض حيوية وتتدفق نورا .أما المعايشة التاريخية فتعني أن المؤرخ يحيل التاريخ الى عملية حيوية ويخلصه من التجريد ويدخل الى صميم الحدث ، لا أن يقف خارج ألأسوار وينظر من بعيد . ذلك لأن التاريخ ليس حصيلة أحداث خارجية فحسب ، بل هناك القوى الداخلية والطاقات الروحية للأنسان في عملية تقييم مجرى التاريخ وتحديد مصيره (1).
يكتب غبطة الباطريرك لويس ساكو عن تاريخ الكنيسة المشرقية فيقول :
ربّما كان ينطبق على كنيسة المشرق اليوم، ومن غير مبالغة، كلامُ النبيّ أشعيا: «لا صورة له ولا بهاءَ فننظرَ إليه، ولا منظرَ فنشتهيَه» (2،53). غير أنّه يكفي أن نزيح حجاب الأحداث الراهنة لنرى جمال وجهها المشوّه! فهذه الكنيسة، التي يستهدفها اليوم مسلّحو داعش في شمال العراق وسوريا والعثمانيون في سفربرلك(1915-1919)، قد حافظت على الوجود المسيحيَ في بلاد ما بين النهرين، الذي يعود إلى عهد الرسل. فقد نشأت وسط الاضطهادات، في شبه عزلة واستقلاليَة وعرفت في القرون الوسيطة اندفاعة إرساليَة لا مثيل لها، قادتها إلى أقاصي الصين. ولم تكن أبدًا في تاريخها كنيسة قوميَة بالمعنى الإقصائيّ للكلمة، إذ جمعت تحت جناحيها شعوبًا وأممًا عديدة من بلاد الرافدين إلى الخليج العربيّ، ومن الهند إلى الصين. لذلك فإنّ محاولة تحويلها من سرّ مقدّس وُهب للعالم إلى قوميّة متقوقعة – كما يريدها البعض – يعني تحنيطها. فالكنيسة تتخطّى حدود الأعراق واللغات والقوميّات، لأنّ الكنيسة هي بشرى حياةٍ تتجسّد في كلّ الحضارات والثقافات
ازدهار واضطهاد
ثلاث خصائص أساسيّة ميّزت هذه الكنيسة عبر التاريخ: الاستشهاد تحت الحكم الفارسيّ، الحياة الرهبانيّة التي ازدهرت بعد الاضطهاد، وتشبّثها بالإيمان وبرسالتها خلال العهد الإسلاميّ
عندما جاء العرب المسلمون إلى ما يُسمّى اليوم بالعراق وهزموا الجيوش الفارسيّة، كان أكثر من نصف السكّان مسيحيّين ذوي لغة وثقافة سريانيّة. وانتشرت اللغة العربيّة بسرعة، وذلك أيضًا لأنّ الخليفة الأمويّ عبد الملك (685-705) كان قد جعلها اللغة الرسميّة للإدارة العامّة. وسهّل هذا الجوّ الاجتماعيّ الاقتصاديّ السياسيّ الجديد المسيحيّين في تبنّي لغة القادمين، في حين انحسرت اللغة السريانيّة إلى الليتورجيا والأدب(2)
يتسائل الأب جوزيف قزّي في مقدمة كتابه "بين المسيحية والأسلام" فيقول:
"ماذا بين المسيحية والأسلام ؟ حوار أم جدال؟ قبول أم رفض ؟ تسامح أم تصادم؟..لأ احد يسعهُ أن يجزم ،لأنّ تعاليم ألأثنين تعدو ، من جهة ، الى المحبة والقبول والحوار . ومن جهة ثانية ، نرى الممارسات المسلكية والتطبيقات العقادية مشحونة بالتصادم والقتل .
هناك في الحقيقة مواجهة عنيفة كانت منذ بداية ألأسلام : فكان غزو ، وتهجير، وجهاد ، وفتح وقتال ، وتصنيف للناس بين كافرين ومشركين وأهل ذمة ، وغيرذلك . والله نفسه (في ألأسلام طبعا) يدعو الى الجهاد ، حتى يدعو الناس إسلامهم ، إذ "إنَّ الدين عند الله ألأسلام "" ومن يبتغي غير الأسلام دينا فلن يُقبل منه" و" من يُرِد الله أن يُهديه يشرح صدره للأسلام .
ولايجب أن يبقى في جزيرة العرب دينان ، بحسب وصية النبي الأخيرة .....بينما في المسيحية : الله خالق الجميع ، وإله الجميع ، ويدعو الجميع الى الخلاص: الله "يُريد جميع الناس يخلصون ويبلغون الى معرفة الحق ""1طيموثاوس 2:4
(انتهى ألأقتباس)(3)
في الحقيقة منذ انتشار المسيحية في الشرق، وصولا الى الهند والصين ، كانت هذه الكنيسة مضطهدة، وفي كل عهودها وعبر عصورها. فمنذ عهد الساسانيين وبعدهم غزوات العرب المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيّين ،مرورا بعهد المغول بعد سقوط بغداد (1258)م ومن بعدهم الجلائريون والأتراك والعثمانيّون وحتى بعد سقوط الخلافة الأسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى(1915-1920) ،وصولا الى يومنا هذا . عان المسيحيّون وعبرهذه الحقبات التاريخية من الأضطهاد والظلم والأستعباد والقتل وحتى ابادات جماعية وتهجير وتشريد وتدمير مقدساتهم . كان المسيحيّون في اغلب الأحيان تحت مطرقة الغزوات والحروب التي تُشن من خارج بلدانهم فكان المسيحيّون المسالمون الغير المسلحون في الغالب من اوائل الضحايا والظلم والأستعباد. بينما في الداخل ، كان المسيحيّون تحت سندان الخلفاء والسلاطين والحكام المسلمين يمارسون اشنع وابشع الوسائل الهمجية والغير الأنسانية بحق المسيحيين ، وكان آخرها هي ألأبادة الجماعية للأرمن والسريان والآشوريين والكلدان في تركيا الحالية ، والتي راح ضحيتها حوالي 2 مليون انسان . ولم يتوقف الأضطهاد والتهجير والظلم في البلدان العربية والأسلامية ،بحق المسيحيين ، بل مازال الجرح ينزف دما حتى عصرنا الحالي .هكذا اصبحت المسيحية في دول الشرق اقلية بعد ان كانوا يمثلون نسبة كبيرة خاصة في الدول العربية والفارسية والتركية .

اضطهاد المسيحيين في العهد المغولي
جاء في كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني:
منذُ سقوط بغداد بيد هولاكو ( 1258) مرت ستة قرون تخللها الكثير من الحروب والأنقلابات ، واعتراها الكثير من الغموض والألتباس .إنها العصور المظلمة لتاريخ البلاد وتاريخ الكنيسة التي عاشت في هذه البلاد. فعلى الصعيد السياسي ، عمّت الفوضى وساد ألأستبداد وأستشرى ألأستغلال ، منذ أن اطاح الغزو المغولي بالحكم العباسي الذي كان ، رغم ضعف إدارته في العهود ألأخيرة ، يضمن للناس شيئا من ألأستقرار والنظام والأزدهار ، على الصعيدين المادي والفكري . فجاء الأجتياح المغولي ضربة قاضية على ما انشاته ألأجيال من الحضارة والثقافة بجهود جبّارة ، وعلى ما أسفرت عنه تلك الجهود المتواصلة من النتائج الباهرة . فغرقت البلاد في بحر من الذعر والدمار ، وتفكّكت النظم الجميلة التي كانت سائدة فيها ، وأحتل السيف والقتل والنهب مكان الثقافة والنظام والقانون ...
وتوالت العهود المختلفة في البلاد، من المغول الى التركمان ، الى عهد تيمورلنك الدموي ، الى العهود العثمانية ألأولى ،بالأضافة الى تدخلات شاهات الفرس الصفويين التي زادت مشاكل البلاد تعقيدا ، وكلفتها المزيد من الخراب والدمار .وحاولت كل فئة أن تستغل ثروات البلاد بجشع دون حدود.فكثرت المظالم ، وضاعت المقاييس ، وعمّت الفوضى في طول البلاد وعرضها .
أمّا المسيحيّون المنتشرون في شتى ارجاء هذه البلاد ، فلم تكن حالهم بافضل من حال أخوانهم المسلمين[خاصة العرب]،بل كانوا غالبا ما يصبحون ضحايا سهلة للغزاة الذين كانت اطماعهم تملي عليهم مواقف تعسفية تجاه الجميع ، ولاسيما تجاه الفئات المستضعفة التي كانت تحاول دوما أن تعيش في سلام في ظل مختلف الأنظمة التي سيطرت على البلاد،وأن تتعاون معهم للخير والبنيان ، دون ان تفلح دوما في اقناعهم بنزاهتها أو درء اساليبهم التعسفية عن جماعاتها المسالمة.
وفي خضمّ هذه الفوضى المتفاقمة ، كاد سراج العلم أن ينطفيء (منذ حكم المتوكل بالله في العصر العباس الأخيرعندما سيطر فكر النقل على العقل وحورب العلماء والمفكرون ) ، فقلت النتاجات الفكرية ، وارتبك المؤرخون القلائل في تدوين الأحداث فلا عجب والحالة هذه ، ان تكون في تاريخ هذه الحقبة الطويلة فجوات مؤسفة او تناقضات في الروايات نتيجة انحياز المؤرخين او عدم حريتهم في التعبير عن ألأحداث بطريقة موضوعية وتقييمها [بل تم قلب الحقائق التاريخ في الكثير من ألأحيان من قبل الحكام والسلاطين المسلمين ].
كانت كنيسة المشرق ، في شطريها الشرقي والغربي(شرق الفرات وغربه) ، تعيش في جو من القلق وتبحث دوما عن الطرق الكفيلة بحفظ كيانها واستمرارية حيويتها ونشاطها . ولقد تعرضت لكثير من الأرتباكات من جرّاء التغييرات المستمرة الطارئة على ألأنظمة السياسية . ولم يكن من السهل على الكنيسة أن تفرض احترامها على أُناس طُبعوا على الهمجية والتخلُّف ، وهم لايقيمون وزنا لما تقدّمهُ هذه الكنيسة لشعوب المنطقة كلها من المثل العليا والقيم الأنسانية والروحية الأصيلة ، وما تسهم به في رفع شان الثقافة والعلوم(4) .
كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني
اواخر العصر العباسي:
شهدت العهود ألأخيرة من الخلافة العباسية ضعفا في الأدارة وفي السيطرة على مختلف ارجاء المملكة المترامية الأطراف ، مما ادى الى نشأة دول عديدة وامارات مستقلة في قلب الخلافة وعلى أطراف مناطقها .فالخليفة قد اضاع منذ مطلع القرن العاشرسلطته الفعلية حتى على بغداد نفسها .
أما ألأسباب الحقيقية لهذا الضعف ، الذي ادى الى الأنهيار التام للسلطة العباسية
على البلاد فهي كثيرة منها:
1 – الكثير من الفتوحات الأسلامية لم تكن الاّ اسمية
2 – لم تكن طريقة الحكم وما رافقها من اساليب ألأستغلال لموارد البلاد وجباية الخراج ضامنة لأستقرار الحال وثباتها .
3 – كما انّ الفوارق والحواجز بين طبقات الشعب- من العرب وغير العرب ، والعرب المسلمين والموالي ، والمسلمين واهل الذمة ..الخ ظلت بارزة طوال تلك العهود
4 – ظلت العصبية القبلية متاصّلة في نفوس العرب ذواتهم تثير الضغائن بين اهل الشمال والجنوب . ولم تتم عملية الأمتزاج بين الفرس ألأيرانيين والترك الطورانيين والبربر الحاميين والعرب الساميين
5 – وظهر ضمن نطاق الدين (ألأسلامي) نفسه من النزاعات المنتنافرة ، مالايقل عن ألأحزاب السياسية ، أثرا في تمزيق ألأواصر . ومن هذه النزاعات نشأت الشيعة وحركة القرامطة وجماعة الحشاشين وغيرهم ..
زحف المغول:
يجمع المؤرخون على ان غزو المغول للشرق ألأوسط هو افدح كارثة حلّت بالأنسانية . ويعود الفضل في جمع المغول وتوحيد صفوفهم الى شخصية قوية هي : شخصية "جنكيزخان " الذي استطاع ان يجتاح بجحافل المغول بلدان التمدن القديم في وحشية مدمّرة ومتعطّشة الى الدم ....انطلق من قلب اسيا (من قبائل منغولية اطلق عليهم التتار). ) وفي زحفه نحو الغرب التقى خوارزمشاه ، واراد جنكيزخان اقامة علاقات طيبة معه ، وارسل اليه ثلاثة تجار مسلمين للتفاوض معه ، حاملين له هدايا نفيسة ، .إلاّ أنّ خوارزمشاه قتل الموفدين بغباوة ، مما اثار عليه سخط جنكيز خان الذي جمع نخبة جيشه وسار بها بنفسه الى خوارزم ، يرافقه اولاده .فسقط امامه المدن والقلاع واحدة تلو الأخرى ، ودمَّر بخارى الشهيرة بعد حصار وجيز.

ثم جاء دور سمرقند وغيرها من المدن الكبرى . وسيَّربعض كتائبه لتعقب الشاه الذي فرّ من امامه والتجأ الى جزيرة في بحر الخزر . وهناك توفي سنة 1221.
حين اجتاح المغول الدولة الخوارزمية سنة 1220 قاموا بقتل جل مسيحيي المدن الكبرى كسمرقند وبخارى ومرو بدون تمييز. وهو الأمر الذي جعل الأوربيون يترددون في الدخول في حلف معهم.

على اثر هذه الفتوحات الصاعقة عاد جنكيزخان الى موطنه ألأصلي لأخذ قسط من الراحة .وهناك وافته المنية سنة 1227
واصل ابنائه فتوحات ابيهم ، فتم لهم اخضاع اوربا الشرقية ، وفتحوا عاصمة البلغار وروسيا وبولندا والمجرما بين سنة 1237،1243م . ثم أُعلن "منكو" أحد احفاد جنكيزخان ،"خانا"أعظم . فعهد منكوخان سنة 1253 م لأخيه "هولاكو" بمهمة القيام باخضاع ما تبقى من بلدان الشرق ألأوسط وفتح آسيا الغربية كلها . فغادر هولاكو بلاد المغول ، في جيش جرّار وهو يقصد القضاء على "الحشّاشين " والخلافة(العباسية) معا . فدمّر قلاع الأسماعيليين (الحشاشين)[ كانوا يشبهون دواعش اليوم ] ، واسر زعيمها خورشاه،سنة 1256 م ثم وصل الى همدان في السنة التالية . ومن هناك ارسل الى الخليفة العباسي "المستعصم " يتهدده ويتوعده مطالبا اياه بالأستسلام .لكن الخليفة رفض هذا الطلب (5).
تاب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزءالثاني

سقوط بغداد سنة 1258:
كان الخليفة المستعصم (اخرخلفاء العباسيين ) محاطا بمستشارين اردياء مثل الوزير مؤيد الدين العلقمي المتواطئ مع المغول . هؤلاء المستشارون حملوا الخليفة على اتخاذ موقف التصلب والرفض الذي ادى الى الكارثة والدمار...
في كانون الثاني سنة 1258 م اشتبكت القوات العباسية بقيادة الدويدار الصغير مجاهد الدين ايبك مع القوات المغولية عند الدُجيل(قرب بغداد).وانتهت المعركة
بتحطيم الجيش العباسي ..وتقدم هولاكو من خانقين بالجيش المغولى الرئيسي المؤلف من 200000 محارب الى بغداد. وفشلت محاولات الخليفة التوصل الى حل سلمي ، بعد فوات الأوان ، إذ أوفد الى هولاكو الوزير "إبن العلقمي" مع جاثليق النساطرة للمفاوضة بالصلح ، وكان لهولاكو زوجة مسيحية تُدعى "دقوز خاتون ". إلا ان هولاكو رفض مقابلتهما . إقتحمت عساكر هولاكو مدينة بغداد في شهر شباط 1258م . اضطر الخليفة مع 300 وقيل 3000 من خاصته وقضاته الى المجيء الى هولاكو خاضعين مستسلمين دون قيد او شرط . لكن هولاكو امر بقتلهم . وقتل الخليفة . ثم أطلق الفاتحون أيديهم ببغداد واهلها قتلا ونهبا وتمثيلا سبعة ايام او يزيد ، حتى قضوا على أكثر سكانها ، ولم يستثنوا اسرة الخليفة ، ولم يميزوا بين الرجال والنساء والأطفال ، حتى قيل ان عدد القتلى فيها بلغ 800000 نفس بل قيل الف الف (مليون )نفس ولم يبقى من اهل المدينة ومن اهل السواد الا القليل . والقيت النار في المساكن واستولى الخوف في المدينة . فتراكم القتلى في الدروب والأسواق كالتلول. عدا من أُلقي من ألأطفال في الوحل ومن هلك في القنى والآبار والسراديب ، فمات جوعا وخوفا. وثقل الهواء بما حمله من رائحة كريهة ، رائحة الجيف المنتنة واشلاء القتلى المطروحة في شوارع المدينة . بحيث اضطر هلاكو الى الأبتعاد عن المدينة اياما [ كما فعل محمد الفاتح العثماني بمسيحيي القسطنطينية (اسطنبول حاليا) عندما دخلت جيوشه المدينة سنة1453م وعمل مثل ما عمل هولاكو ولكن الفرق هو ان محمد الفاتح سمح لجنوده بالقتل والذبح وهتك الأعراض لمدة 3 ايام ]
كان هولاكو نفسه وثنيا ، ولكنه اظهر العطف على البوذيين والمسيحيين ، إبتغاء مرضاة زوجته المسيحية دقوز خاتون . وعامل جاثليق المشرق معاملة حسنة ، وابقى على بعض المدارس والمساجد.
توفي هولاكو سنة 1265 م ، بعد ان دوّخ العالم بفتوحاته ، وقضى على الكثير من معالم التمدن والحضارة .ودفنت معه غانيات جميلات ، عملا بالعادات المغولية .
وفي عهد الأليخان السابع "غازان محمود"1295-1303" تبنى المغول الديانة ألأسلامية التي اصبحت منئذ دين الدولة المغولي الرسمي .
منذ سقوط بغداد ،وما احدثه غزو هؤلاء ألأقوام من الفوضى والدمار والأبادة في بغداد العاصمة وفي المناطق الأخرى من البلاد ( في بلاد بين النهرين وما يجاورها من بلدان الشرق ألأوسط ) لم يكن هناك شعب يتمتع بالأستقلال سواء كانوا مسلمين او مسيحيين عرب او كردا او سريان او اشوريين .
فبالرغم من حماية داقوزخاتون ، زوجة هولاكو للمسيحيين ، الا ان المسيحيين لم يكونوا في وضع مستقر ، بل غالبا شاطروا مصير اخوانهم المسلمين، وتعرضوا للقتل والنهب والسلب من قبل السلطات المغولية عديمة الرحمة . فقد اصدر هولاكو امرا بابادة المسيحيين في تكريت ،بحيث لم ينجى منهم سوى القلائل من الشيوخ والعجائز.(6).
تاريخ الكنيسة الجزء الثاني الأب البير ابونا
يزودنا إبن العبري ، في التاريخ السرياني او تاريخ الزمان ، وفي تاريخ مختصر الدول بأحداث كثيرة تخص المسيحيين جرت في عهد المغول :
ففي سنة 1259 ، صعد عزالدين سلطان قونيا الى دير ماربرصوما ووعد البطريرك ديونيسيوس بكل خير ومساعدة . وفي 20 تموز من السنة نفسها ، توفي الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ ابو الفضائل صاحب الموصل(والي الموصل) ، وخلفه ابنه الملك صالح اسماعيل . ومن طريف مايروى عن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أنّ الخليفة العباسي ألأخير المستعصم كتب اليه يطلب منه جماعة من اهل الطرب !!!. وفي تلك الحال ، وصل رسول السلطان هولاكو يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار . فقال بدر الدين: "أُنظروا الى المطلوبّين ، وأبكو على ألأسلام "[ ينطبق على الخليفة المستعصم المثل المشهور: "عرب وين وطمبورة وين "]. وما ان اقبلت سنة 1260م حتى نزل هولاكو بصحبة 400 الف جندي الى المناطق بين النهرين العليا . فاستسلمت حران والرها ، واقتحموا سروج واحتلوها عنوة . ومدوا جسورا على الفرات واجتازت العساكر الى سوريا ، مع ملك الملوك ودقوزخاتون الملكةالمسيحية . وجرت مجزرة رهيبة في منبج ، وأجتاح المغول الحصون والقلاع في تلك المنطقة . وحاصروا حلب ، فقاومهم الملك ابن صلاح الدين . ولكنه لم يصمد طويلا امام جيوش هولاكو. فدخل المغول مدينة حلب وجرت فيها مجازر قتل فيها أكثر مما قُتل في بغداد لدى استيلائهم عليها .ثم استولوا على الشام ، ورتَّب هولاكو فيها اميرا كبيرا يُدعى كتبوغا ، وهو تايماني مسيحي ، ومعه عشرة آلاف فارس . وكان ابن العبري نفسه مطرافوليطا في حلب لدى سقوطها في ايدي المغول . فذهب ليقدّم الخضوع لهولاكو . فسجنه هذا مدة في قلعة نجم . ثم عاد هولاكو الى بين النهرين ، وحاصر ماردين واستولى عليها بسبب الوباء الذي تفشّى فيها . وقد قُتل كتبوغا بعد ذلك في معركة جالوت .
ولدى اجتياز شمس بن يونس بناحية برطلي(في سهل نينوى) تشاور مع رؤوساء النصارى فيها ، وأطلعهم على ان الملك الصالح صاحب الموصل عازم على قتل زعماء النصارى في منطقة نينوى،فسارع المسيحييون في الذهاب الى اربيل .
وإثرهروب الملك الصالح من الموصل (والي موصل العباسي)، دخلها قوم من المناوئين ، وثار اهل الموصل على النصارى ، ونهبوا بيوتهم وقتلوا الذين لم يعتنقوا ألأسلام .وكثيرون من الكهنة والشمامسة والرؤساء والشعب جحدوا دينهم تجنبا للأضطهاد. ونزل الأكراد ايضا من الجبال المجاورة ودخلوا الموصل ومناطقها واقترفوا المجازر بين المسيحيين ، واستولوا على دير الراهبات في بلدة خوديدة (قره قوش) ، وقتلوا فيها خلقا كثيرا . ومن هناك صعدوا الى دير مار متي وحاصروا فيه الرهبان طوال اربعة اشهر. واقتطعوا جزءا من الجبل ودحرجوه على الدير . لكن الرهبان سدوا الثغرة التي احدثتها الصخرة في جدار الدير واستمروا في مقاومة الغزاة المعتدين . وأصيبت في المعركة عين ابي نصر رئيس الدير . في الأخير ، تفاوضوا على السلام ، وقبل ألأكراد ،لأنهم خافوا من قدوم المغول ، وأخذوا اموالا طائلة من الدير وعادوا ادراجهم . وكان مسيحيّوا آخرون قد فرّوا من الموصل واحتموا في دير الخنافس.
لكنهم غادروه وقصدوا الزاب يريدون الذهاب الى اربيل . إلا ان عصابة قوتلو بك صادفتهم وفتكت بهم وأبادتهم عن بكرة ابيهم .
واشتهر في ذلك الزمان القائد المغولي المسيحي "سمداغو" الذي لعب دورا هاما في الحروب الدائرة في منطقتي الموصل والجزيرة . فقد تمكن هذا القائد من الوصول الى الموصل سنة 1263م وأعادة النظام فيها. ثم ذهب وحاصر الجزيرة منذ الشتاء حتى الصيف . وكان حنانيشوع اسقف المدينة النسطوري خارج المدينة آنذاك .، فاخبر ملك الملوك انه يعرف صناعة الكيمياء وان بوسعه ان يطبع له من الذهب بمقدرا ما يشاء . ونال من هولاكو امرا بصيانة حياة سكان الجزيرة . فاستسلمت المدينة ودخلها الجيش المغولي بقيادة سمداغو الذي هدم اسوارها ورتّب فيها الرؤساء ، وعيّن حنانيشوع حاكما عليها .
في مطلع الصوم الكبير توفي هولاكو .ويقول عنه المؤرخ المسيحي "ابن عبري" انّه كان حكيما حليما ذا فهم ومعرفة يحب الحكماء والعلماء . وفي الصيف التالي تبعته الى القبر دقزوز خاتون ، وكانت ايضا عظيمة في رايها وخبرتها . وخيّم الحزنُ على المسيحيين بموتها لأنهما كانا يدعمان الديانة المسيحية.
وفي الثامن عشر من نيسان سنة 1265 ، توفي ايضا البطريرك الشرقي مكيخا ودفن في البيعة (كنيسة) الجديدة التي بناها بدار الخليفة ، وكانت رئاسته اكثر من ثماني سنين بقليل ، وخلا الكرسي بعده سبعة اشهر وخمسة عشر يوما .
بعض الجرائم ،التي ارتكبها المسلمون بحق المسيحيين في عهد ملوك المغول [غير الجرائم التي ارتكبها المغول ] قبل ان يدخلوا ألأخيرين في الأسلام ليكون دين الدولة الرسمي:
1 – في حزيران 1268 ، حاصر البندقدار صاحبُ مصر مدينة انطاكيا(ذات الغالبية المسيحية) واحتلتها جيوشه وأَعملوا فيها السيف والدمار واحرقوا كنائسها الشهيرة . وفي ذلك الصيف ،القي القبض على حنانيشوع اسقف الجزيرة النسطوري وصدر امر بقتله ، فقطعوا رأسه وعلقوه فوق باب مدينة الجزيرة .
2- وفي مطلع الصوم الكبير سنة 1271 هاجم بعض الرعاع المسلمين علاء الدين صاحب الديوان في بغداد وطعنوه بالسكاكين , وزعم المسلمون ان الجناة كانوا من المسيحيين الذين ارسلهم الجاثليق لهذا الغرض. فالقي القبض على الأساقفة والرهبان والرؤوساء المسيحيين في بغداد وأودعوا السجن !!!. والقى "قوتلوا بك" اميرُ اربيل القبض ايضا على الجاثليق مار دنحا وعلى اساقفته وسجنهم ، ومكثوا في هذه المحنة طوال الصوم ، الى ان جاء امر من المعسكر يقضي باخلاء سبيلهم . إذ ذاك ذهب الجاثليق المظلوم واستقر في مدينة اشنو في اذربيجان .
3- سنة 1274 م اراد مسيحيّوا اربيل ان يحتفلوا بعيد السعانين ،حسب تقاليدهم ، ولكنهم شعروا بان المسلمين سيسببون لهم المتاعب ، فاستنجدوا ببعض المغول المسيحيين الذين جاؤوا ورفعوا الصلبان فوق رماحهم ، وتقدموا موكب السعانين راكبين خيولهم ، يتبعهم المطرافوليط مع المؤمنين . وما ان وصلوا الى القلعة (قلعة اربيل) ، حتى انهال المسلمون عليهم رجما بالحجارة .فتشتت موكبهم وعادوا الى بيوتهم خائفين . وفي هذه السنة ايضا توفي نصير الدين الطوسي الفيلسوف صاحب الرصد في مدينة مراغة ، وكان حكيما عظيم الشأن في جميع فنون الحكمة .
4 – وفي سنة 1275 ، هاجم المصريون مناطق قليقية ودمروا البلاد ، وقتلوا 25 راهب في دير باقسماط ، مع الربان شليمون الشيخ الجليل وأمين سر البطريرك مار اغناطيوس السرياني ، واحرقوا الدير مع سائر الأديرة الأخرى في المنطقة .فاضطر البطريرك السرياني الى الهرب واللجوء الى قلعة بهغا .
5 – وفي 17 شباط سنة 1276 نزل غباراحمر كثيف في مناطق الموصل واربيل ، ودام ست ساعات ، واثار الرعب بين السكان . وفي ألأثنين السابق لعيد القيامة عند المسيحيين ، قتل الأتراك اسقف مدينة ارزنجان ألأرمني مع ثلاثين آخرين من الكهنة والرهبان والمؤمنين .
6 – وفي سنة 1277 ، هاجم الأكراد جبل ألألوف ، وقبضوا على عشرة رهبان من دير مار متى ، فقتلوا واحدا منهم وباعوا التسعة الآخرين باربعة آلاف درهم.
7 – وحينما رات الملكة قوتاي خاتون ، سنة 1279 م ،أنه منذ ان كفَّ المسيحيّون من تقديس ماء النهر(نهردجلة) يوم الدنح (عماد المسيح ) ، وذلك بسبب ما كانوا يتعرضون له من مضايقات المسلمين ، عمَّ البلاد بردٌ شديد ، جاءت الى مراغة ، وامرت المسيحيين بان يخرجوا كعادتهم ، مع صلبان معلقة على رؤوس الرماح . وعندما قاموا بهذه الرتبة ، منَّ الله عليه ، فتلطَّف المناخ ونبت الكلاْ وصار الشتاء معتدلا مثل الربيع ، وعمّت البهجة جميع الناس
8 - وفي مطلع عام 1282 عاد اباقا خان من بغداد الى مدينة همدان . وفي احد القيامة ، ذهب الى الكنيسة واحتفل بالعيد مع المسيحيين مبتهجا . وفي يوم ألأثنين اقام له احد كبار الفرس المسيحيين اسمه بهنام وليمة فاخرة في داره. وفي ليلة الثلاثاء تغيّر مزاجه واضطرب وصار يرى الخيالات في الهواء . ويوم ألأربعاء ، وهو اليوم ألأول من نيسان لتلك السنة ، وهو العشرون من ذي القعدة ، وافته المنية . وفي 26 نيسان توفي اخوه مانكو تيمور ايضا . وبعد موتهما ساد ألأضطراب في منطقة نينوى ، والتجأ المسيحيون الى دير مار متى ، حيث حلّ بهم الوباء وتوفي نحو 30 راهبا (6).
تابعونا في الجزء الثاني عما حدث للمسيحيين بعد تحول المغول الى الأسلام
------------------------------------------------------------------------
(1)
"تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية "الجزء الأول للأب البير

(2)
البطريك ساكو يكتب "كنيسة المشرق":الفا عام من الأضطهاد والرسالة
https://www.radiomariam.org/patriarca-sako/

(3)
الأب جوزيف قزّي في مقدمة كتابه "بين المسيحية والأسلام"

(4)
كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني:
(5)
المصدر (4) اعلاه
(6)
تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثالث
مصادر اخرى مهمة
لمن يريد المزيد عن موجز لتاريخ الكنيسة منذ بداية عصر الساسانيين الى سقوطها على يد العرب وبداية الأسلام يمكنه مراجعة المواقع التالية .
راجع مقال للكاتب بعنوان "احوال المسيحيين في عهد الخلفاء العباسيين "
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=828275.0

الحروب الدينية بين الفرس والروم البيزنطينيّين في عهد كسرى الثاني للفترة (590-628)م ج2

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690483
الحروب الدينية بين الفرس والروم البيزنطينيّين في عهد كسرى الثاني للفترة (590-628)م ج1
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689146
إنتشار المسيحية في عهد كسرو الثاني قبل الحروب الساسانية البيزنطية ج3
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=652010
انتشار المسيحية في عهد الأمبراطورية الساسانية قبل ظهور الأسلام ج2
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=645449
انتشار المسيحية في عهد الأمبراطورية الساسانية قبل ظهور الأسلام ج1
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=644780
جذور ألأسلام النصرانية وأكذوبة "العصر الجاهلي" في التراث الأسلامي
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=641826



37

الخليقة الجديدة - او الولادة من فوق ، اي الميلاد الثاني بالروح. 
الجزء الأول
نافع شابو
ما يشير في العهد القديم الى  مشروع الله في سر الخلاص و الولادة الجديدة  الروحية
في البدء  خلق الله السمَوات والأرض ، وإذ كانت ألأرض مشوّشة ومُقفرة  وتكتنف الظلمة  وجه المياه ، وإذ كان روحُ الله يُرَفرف  على سطح المياه" تكوين 1 : 1 ، 2"
جاء في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس عن الصورة المرسومة لروح الله يرفرف على ألأبخرة المظلمة(أو على سطح المياة العميقة ) تُشبه روح الله بطائر يعتني بصغاره (تثنية 32 : 11،  اشعيا 31 :5) . لقد كان روح الله عاملا فعّالا في خلق العالم .
نقرأ في سفر المزامير هذه الأية "ترسل روحك فتخلق وتجدد  وجه الأرض "مزمور 104:30". انّ الروح القدس هو روح الله ....ودعي قدوسا ويقدس حياة المؤمنين . اذاً فالروح القدس يتمتع بكافة الصفات ألألهية.
قال الله :لنصنع الأنسان حسب صورتنا كمثالنا" (تكوين 1 : 26)
لم يُخلق ألأنسان عبدا ، بل هو فوق الخليقة ، فالأنسان امتلك في الأصل ، السيادة على الحيوانات فاستطاع ان يدعوها باسمائها .(تكوين 2 : 49- 52)
لماذا يستخدم الله صيغة الجمع عندما يقول : لنصنع الأنسان على صورتنا ، كمثالنا؟ هناك رأي بأنَّ هذه إشارة الى الثالوث : الله ألآب ، والله ألأبن (يسوع المسح ) ، والله الروح القدس ، والثلاثة إله واحد . ويقول راي آخر  إنّ صيغة الجمع تُستخدم هنا للتعظيم ، فاليوم يستخدم كثير من الملوك صيغة الجمع  في الحديث عن أنفسهم . وبالرجوع الى (ايوب 33:4 ومزمور 104 :30)  نجد انّ الله الروح القدس كان مشاركا في الخلق ومن رسالة الرسول بولس (كولوسي 1 : 16) نعرف أنّ المسح ، إبن الله ، كان له دوره في الخلق ايضا.
يقول يوحنا ذهبي الفم :هذا يدل على كرامة الأنسان السامية والأنسان الذي خُلق في نهاية أعمال الله ، يشبه ملكا يدخل الى مدينة هيئ له فيها كُلّ شيء. اما التوجه الأول ، فهو يتركز على الأنسان المخلوق على صورة الله ومثاله . فالكون والخلائقة صنعت لأجل الأنسان  ، هو كملك يدخل منتصرا : القواد والرؤساء والحرس الشخصي والعبيد يسيرون امامه لكي يستقبلوا الملك بكرامة عظيمة . ليس الأنسان على صورة ملاك ، بل صورة واحدة ومثالا واحدا . كما قال المسيح " فتكونوا أبناء ابيكم الذي في السماوات"متى 5 :  45"
أمّا كيف خُلقنا على صورة الله ؟ لا تعني العبارة "لنصنع ألأنسان على صورتنا كمثالنا" أنّ الله خلقنا مثلهُ تماما ، وبخاصة بالمعنى الطبيعي (الجسدي) ، بل بالحري أنّنا نعكس مجد الله .الله بلا خطية سرمدي غير محدود . لايمكن ان نكون مطلقا مثل الله تماما ،لأنّه هو خالقنا  ألأسمى  .
يقول متى المسكين في كتابه "الخليقة الجديدة للأنسان في الأيمان المسيحي":
-الله خلقنا على صورته كمثاله ، على صورة الله خلقه، ذكرا وانثى خلقهم (تكوين 1 : 26- 28)
-ونفخ في انفه نسمة الحياة (تكوين 2 :7)،أي انّ النفس والروح في الأنسان هي التي خُلقت على صورة الله كشبه كالطبيعة بالنسبة للأصل .
-الله خلق الأنسان اصلا ليكون حبيبا وصديقا ..فلما سقط آدم وحواء من أمام وجه الله (انفصلا عن الله ) وعاد الى ألأرض التي منها أُخذ (لأنك من التراب والى التراب تعود) "تكوين 3 :19". صمّم الله أن يُنفّذ خطة خلقته ألأولى للأنسان ، وبدأ بعمل على إعادة خلقته (الخليقة الجديدة او الولادة من فوق اي الميلاد الثاني بالروح).
-هذه المرة صمم الله أن يخلقه لا على صورته كشبهه فقط ،بل من روحه وجسد إبنه بحال قيامته من بين ألأموات خلقه . وليس من تراب ألأرض بل من روحه وبرّه وقداسته في الحق .
-إذن واضح للغاية أنّ خلقتنا الروحية  الكاملة والنهائية التي وضع الله خطوطها ألأولى في اصل تدبيره – قبل خلقتنا الترابية وقبل خلق الكون– هي ذات صلات وثيقة جدا بالمسيح الذي هو ألأبن الكلمة .
-بهذا نفهم أنّ خلقة ألأنسان الكاملة والروحية هي أرفع واهم وأعظم من كل خليقة اخرى..
"فنحن خُلقنا في تدبير الله قبل تاسيس العالم لنكون ابناء الله في ألأبن الوحيد وعلى صورة الأبن في البر
وقداسة الحق "روميا 8 :29"
-طبعا هذا ينطبق على روح ألأنسان وليس على جسده الترابي .
متي  المسكين كتاب " الخليقة الجديدة في الأيمان المسيحي" الجزء الأول
داوود النبي يناجي الرب  وهو يعرف انه لايستطيع الخلاص بسبب خطاياه الكثيرة الا بقلب نقي وبروح مستقيمة
الروح القدس يخلق نفسًا جديدة وروحًا محييًا وقلب نقيًا لذا صرخ داود النبي بعد سقوطه في الخطية "قلبا نقيا اخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي لا تطرحني من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه مني رد لي بهجة خلاصك وبروح منتدبة أعضدني" (مز51) وقال أيضًا "تحجب وجهك فترتاع تنزع أرواحها فتموت والى ترابها تعود ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض" (مزمور 104: 30)
وتنبأ حزقيال النبي عن عمل الروح القدس في المؤمنين بالله "وأعطيكم قلبا جديدا واجعل روحا جديدة في داخلكم وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم واجعل روحي في داخلكم وأجعلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها وتسكنون الأرض التي أعطيت آباءكم إياها وتكونون لي شعبا وأنا أكون لكم إلهًا وأخلصكم من كل نجاساتكم" حزقيال:  26"
معرفة الله لاتكون الا بالروح القدس ، والشعب الأسرائيلي كان ميتا روحيا والنبي حزقيال يقدم لنا العهد الجديد بالنبوة الموجهة الى الروح  على العظام الرميمة ، وهي رمز الرجاء . بيت اسرائيل المحطم في منفاه ، بهدف إعادة ترميمه كشف الله وبعثه مجددا : "فقال لي الربُّ : تنبّا للروح ، تنبأ يا إبن الأنسان وقل للروح : هكذا قال السيد الرب : هلمَّ ايُّها الروح من الرياح ألأربع ، وهب في هؤلاء المقتولين فيحيوا"حزقيال 37 :9"...واضع روحي فيكم فتحيون" حزقيال 37 :14" .
التجديد هي إعادة الطبيعة التي فسدت الى طبيعة طاهرة مقدسة  فالولد الذي ولد من بطن امه في الطبيعة الجسدية يحتاج الى ولادة من فوق ، الولادة من السماء "المولود من الجسد هو جسد والمولود من الروح هو من الروح ". ليس الولادة الجديدة جنس كما يفهما البعض بل بمعنى البلاغي  ولادة النور من النار اي اخذ طبيعة الله .قلب جديد وروحا جديدة كما يقول الله على لسان حزقيال النبي: "وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا، وَأَجْعَلُ فِي دَاخِلِكُمْ رُوحًا جَدِيدًا، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِهِمْ وَأُعْطِيهِمْ قَلْبَ لَحْمٍ  ..... وَيَكُونُوا لِي شَعْبًا، فَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا(حزقيا 11 :18 ،19)
الله على لسان النبي اشعيا وعد بحلول الروح القدس على شعبه  اذ يقول :
أمّا أَنَا فَهذَا عَهْدِي(الذي سيتحقق في العهد الجديد) مَعَهُمْ، قَالَ الرَّبُّ: رُوحِي(الروح القدس) الَّذِي عَلَيْكَ، وَكَلاَمِي الَّذِي وَضَعْتُهُ فِي فَمِكَ لاَ يَزُولُ مِنْ فَمِكَ، وَلاَ مِنْ فَمِ نَسْلِكَ، وَلاَ مِنْ فَمِ نَسْلِ نَسْلِكَ، قَالَ الرَّبُّ، مِنَ الآنَ وَإِلَى الأَبَدِ." (إش 59: 21
وجاء في سفر يوئيل  النبي :
"أفيض روحي على كُلِّ بشر ، فيتنبأ بنوكم وبناتكم ، ويحلم شيوخكم احلاما ، ويرى شبابكم رؤى"يوئيل 3 : 1"
اما  ارميا النبي فيتنبأ عن العهد الجديد ومجي المسيح وسكن الروح القدس في قلوب المؤمنين فيقول:
هذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ، يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. وَلاَ يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ، وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: اعْرِفُوا الرَّبَّ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي مِنْ صَغِيرِهِمْ إِلَى كَبِيرِهِمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، لأَنِّي أَصْفَحُ عَنْ إِثْمِهِمْ، وَلاَ أَذْكُرُ خَطِيَّتَهُمْ بَعْد(ارميا 31 :33)
-طبعا هذا ينطبق على روح ألأنسان وليس على جسده الترابي
العهد الجديد  والخليقة الجديدة – الولادة الروحية
لمّا جاء المسيح (إبن الله في الجسد)  ليعلن بدء استعلان ملكوت الله الذي هو موطن ألأنسان الروحي في كمال خلقته .بدأ – في نفس الوقت – يعلن عن ضرورة خلقة ألأنسان الثانية  التي ستاتي من طبيعة ألأبن بحال قيامته من  بين ألأموات . حتى يؤهل بها ألأنسان لدخول ملكوت الله

يخبرنا العهد الجديد ان الروح القدس كان يرافق يسوع المسيح في تجسده في بطن مريم العذراء فقد حبل بالروح القدس (متى 1 :20) واعتمد بالروح القدس (متى 3 :16) ومُسح بالروح القدس (لوقا 4 :18" ونال قوّة من الروح القدس ( لو 4 : 14" وارشد واقتيد بالروح القدس"مت 4 :1 " لوقا 4:1
وكما ذكرنا ، الله الروح القدس كان مشاركا في الخلق ومن رسالة بولس الرسول "كو 1 : 16" نعرف ان المسيح إبن الله ، كان له دوره في الخلق أيضا . فيسوع المسيح لايعكس صورة الله فحسب ولكنه يعلن الله لنا.
يقول القديس ايريناوس :
"حيث تكون الكنيسة هناك يكون ايضا روح الله وحيث يكون روح الله ، هناك تكون الكنيسة وكل نعمة"
ونحن نعرف ان الكنيسة الأولى نشأت  بعد حلول الروح القدس على تلاميذ المسيح  في عيد العنصرة
"وَعِنْدَمَا جَاءَ عِيدُ يُومِ الخَمْسِينَ، كَانُوا كُلُّهُمْ مُجتَمِعِينَ مَعًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ. 2 فَإذَا بِصَوْتٍ مِنَ السَّمَاءِ يُشْبِهُ هُبُوبَ رِيحٍ عَنِيفَةٍ، مَلأ جَمِيعَ أرجَاءِ البَيْتِ الَّذِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهِ. 3 وَإذَا بِألسِنَةٍ شَبِيهَةٍ بِنَارٍ تَظْهَرُ لَهُمْ، وَتَتَوَزَّعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. 4 فَامْتَلْأُوا جَمِيعًا مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ، وَبَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ أُخْرَى، كَمَا مَكَّنَهُمُ الرُّوحُ مِنْ أنْ يَتَكَلَّمُوا
(اعمال 2 : 2، 3 ) .
يقول الرسول بولس في 1كورنثوس 16:3 "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم"؟ هذه هي المسيحية الحقيقية: سكنى الروح القدس، أو سكنى روح المسيح فينا
فالروح القدس يُذكّرنا بكلام الله ومواعيده ووعوده . والروح القدس يذكرنا بتعاليم الرب وحياته . والروح القدس يُنشيء فينا ألآرادة والعمل لأجل مرضاته . والروح القدس الساكن فينا يعني اننا ناضجين روحيا فنستطيع وتصبح لنا القدرة على تناول الطعام القوي،لأن الحواس قد تدربت بالممارسة الصحيحة ، على التمييز بين الخير والشر (عبرانيين 5 :14). فقدرة المؤمن حلّ فيه الروح القدس ليتغذى بامور الله العميقة ، تتجدّد بنمونا الروحي ، فكثيرا ما نسعى الى وليمة الله قبل ان نصبح قادرين ، روحيا ، على هضمها . وكلما نما المؤمن في الرب وجد انه يتغذى على مائدته بصورة اكبر . فالمؤمن بالمسيح عليه ان يتخذ الخطوات التاليه كاساس لهذه المبادئ:
1 – التوبة  2 – الأيمان 3 – العماد  4-  التبشير .

جاء في التفسير التطبيقي للكتاب المقدس:
كان العهد القديم ، عهدا للناموس  بين الله وبني  إسرائيل . أمّأ الطريق ألأفضل والأحدث فهو عهد النعمة ، التي هي تقدمة المسيح لمغفرة خطايانا وإحضارنا أمام الله بذبيحة موت المسيح . وهذا العهد جديد في حدوده فهو يمتد فيما وراء إسرائيل ويهوذا الى كل الأمم ، وهو جديد في تطبيقه فهو مكتوب في قلوبنا وأذهاننا وعقولنا ، ويقدم طريقا جديدا للمغفرة ليس من خلال الذبائح الحيوانية لكن من خلال الأيمان . (عبرانيين 8 : 7-12)
ففي ظل العهد الجديد لله نجد أنّ ناموس الله موجود داخلنا ، فالروح القدس يُذكِّرنا بكلمات المسيح ، كما أنَّه يحيي ضمائرنا وينعشها ويؤثّر في دوافعنا ورغباتنا ويجعلنا طائعين . وهكذا تحقق ما اوحى به الله على لسان ارميا النبي (إرميا 31 : 31- 34) .
الله وعد نا على لسان ارميا النبي انه سيستعيظ عن العهد القديم الذي كسره الشعب  ، بعهد جديد، واساس هذا العهد هو المسيح "عبرانيين 8 :6" وهو تغيير ثوري ، لايشمل اسرائيل ويهوذا فقط ، بل ألأمم ايضا ، ويوجد علاقة شخصية فريدة مع الله نفسه ، ومع شرائعه مكتوبة على قلوب الأفراد، عوضا عن الحجر. لقد تطلع ارميا  النبي الى اليوم الذي فيه سياتي الرب يسوع ليقيم هذا العهد. وهذا ما تححق لنا الآن ، فالعهد قائم ، إذ لنا الفرصة الرائعة  لنبدأ بداية جديدة ، ونقيم علاقة شخصية مع الله
يقول الأب هنري  بولاد اليسوعي في كتابه " لا للقدر كيف أكون حُرّا" في مقارنته بين العهد القديم والعهد الجديد:
في العهد الجديد لا يتقدم السيد المسيح كمعلم خارج عنا ، ليقدم لنا وصاياه، لكنه دخل إلينا، في حياتنا، ليغير طبيعتنا ويجددها بروحه القدوس، ويكون هو نفسه الوصية والحياة والقيامة والبرّ فينا
الوصايا في العهد القديم كانت منقوشة على لوحي حجر التي ستصبح بالعهد الجديد منقوش على قلوب الناس . في العهد القديم كان مؤسس على الناموس بينما في العهد الجديد مبني على الرغبة في حب الله وخدمته ، عهد النعمة التي هي تقدمة المسيح لمغفرة خطايانا واحضارنا أمام  الله بذبيحة موت المسيح . هو عهد جديد في تطبيقه ، فهو مكتوب في قلوبنا وأذهاننا وعقولنا ، ويقدم طريقا جديدا للمغفرة . ليس من خلال الذبائح الحيوانية لكن من خلال ألأيمان . العهد القديم كان يمثّل علاقة قانونية بالله بينما يمثل العهد الجديد علاقة شخصية بالله . في ظل العهد الجديد لله نجد أنّ ناموس الله موجود داخلنا ، فالروح القدس يُذكّرنا بكلمات المسيح ، كما أنّه يحيي ضمائرنا وينعشها ويؤثر في دوافعنا ورغباتنا ، ويجعلنا طائعين .
واصبحت شريعة الروح القدس في قلوبنا لأن الروح القدس نفسه يسكن فينا  لنصبح خليقة جديدة ، خليقة متجددة بالروح والحق "المعزي يسكب الروح القدس محبة الله في قلوبنا "روميا 5 :5" فننفذ الوصايا بحب وحرية وليس اوامر او فرض ، حلال ام حرام  . كانت العلاقة مع الله  في العهد القديم هي علاقة الموظف بمرؤوسه  ولم تكن مبنية على المحبة والعلاقة الشخصية. امّا في العهد الجديد سيكون الله نفسه
معنا (عمّانوئيل) (اشعيا 7 :14)


يقول بولس الرسول في سفر اعمال الرسل"
"فإنَّ يوحنّا عمّد الناس بالماء ، امّا أنتم فستعمدون بعد ايام قليلة بالروح القدس" (اعمال 1 : 5)
فالروح القدس 1 -  يميز بداية الأختبار المسيحي. فلايمكن ان ننتمي الى المسيح بدون روحه ، ولايمكن ان نتحد بالمسيح بدون روحه ولايمكن ان نصير جسد المسيح الا بمعمودية الروح القدس
2 – الروح القدس هو قوة حياتنا الجديدة ، فالروح يبدأ فينا عملية تغيير تمتد طوال الحياة لنصير كالمسيح. وعندما نقبل  المسيح بالأيمان نبدا على الفور بعلاقة شخصية مباشرة مع الله ، ويعمل الروح القدس فينا ليعيننا كي نصير مثل المسيح .
3 -  الروح القدس يوحّد المؤمنين في المسيح .إنّ الجميع يمكنهم ان يختبروا الروح القدس الذي يعمل في الكل .
" ... اننا جميعا ، نحن الذين تعمّدنا إتّحادا بالمسيح يسوع ، قد تعمدّنا اتحادا بموته . وبسبب ذلك دُفنّا معه بالمعمودية للموت ، حتى كما أُقيم المسيح من الأموات بمجد ألآب ، كذلك نسلك نحن ايضا في حياة جديدة" روما 6 : 3،4"
يقول الرب يسوع إنَّ من يؤمن به "فله" الحياة الأبدية ( وليس "سينال " الحياة ألأبدية) .وهكذا فإنَّ الحياة ألأبدية تبدا في لحظة الولادة الروحية .إنّ نوال الحياة ألأبدية معناه امتلاك حياة الله التي هي ابدية بطبيعتها ، إنَّ نوال هذه الحياة ألآن يضمن حياة ابدية مع الله "يوحنا 3 : 36".

وهكذا ادخل المسيح على الأنسان العادي (الخاطئ) إمكانية ولادة أخرى ثانية من الروح ، فصار ألأنسان نفسه المولود من الجسد مولودا ايضا من الروح . ولكن المسيح اعطى ألأنسان طبيعة جسدية ، إذ قال :"جسد ٌ هو " ثم عاد واعطى ألأنسان نفسه حينما يولد ثانية  من الروح طبيعة الروح ، إذ قال "هو روح".... فعندما أخفقت الخليقة ألأولى في ذاتها الترابي ، صمّم الله هذه المرّة أن يخلقها من طبيعة إبنه القائم من بين ألأموات ، الروحانية غير القابلة للموت أو الفساد ! فأرسل "كلمته" الذاتي حاملا فكر الله ، وبنوَّته ومشيئته وفعله .
عندما يحل الروح القدس على ألأنسان (المؤمن بالمسيح ) فإنّه يتغير فلا تعود شهواته القديمة تغوية ، إذ اصبح هدفه الرئيسي الآن هو ارضاء الله وطاعة الله .
"فلا حكم بعد ألآن على الذين هم في المسيح يسوع ، لأنّ شريعة الروح الذي يهبنا الحياة في المسيح يسوع حرّرتك من شريعة الخطيئة والموت  وما عجزت عنه هذه الشريعة ، لأنّ الجسد اضعفها ، حقّقه الله حين ارسل ابنه في جسد يشبه جسدنا الخاطئ ، كفارة للخطيئة، فحكم على الخطيئة في الجسد ليتم ما تتطلبه منا احكام الشريعة ، نحن السالكين سبيل الروح لا سبيل الجسد ، والذين يسلكون سبيل الروح يهتمون بامور الروح . والأهتمام بالجسد موتٌ ، واما ألأهتمام بالروح فحياة وسلام " روميا 8 : 1 – 6"
"الروح مانح ألحياة " هو الروح القدس ، كان موجودا عند خلق العالم وهو القوة العاملة في الولادة الجديدة لكل مؤمن وهو الذي يمنحنا القوة اللازمة لكي نحيا الحياة المسيحية
"أمّا انتم فلا تسلكون سبيل الجسد ، بل سبيل الروح ، لأنّ روح الله يسكن فيكم . ومن لايكون له روح المسيح ، فما هو من المسيح ..فالروح حياة لكم لأنّ الله برّركم "روميا 8 :9 : 10"
متى المسكين
قال المسيح للمرأة السامرية
"كل من يشرب من هذا الماء يعود فيعطش ولكن الذي يشرب من الماء الذي أعطيه أنا ، لن يعطش بعد ذلك أبدا ، بل إنّ ما اعطيه من ماء يصبح في داخله نبعا يفيض فيعطي حياة أبدية ".
فكما يجوع الجسد ويعطش كذلك الروح . إلا أن الروح يتطلب طعاما وماء روحيين . وقد خلطت المراة السامرية بين نوعين من المياه ، لان احدا لم يكلمها من قبل عن عطشها وجوعها الروحيين.  اننا لانفكر في حرمان الجسد من الأكل او الماء عندما نجوع او نعطش ، فلماذا نحرمُ الروح ؟. إنّ يسوع المسيح كلمة الله الحيّة والكتاب المقدس الكلمة المكتوبة قادران على اشباع جوع وعطش نفوسنا
سَأَلَ الْفَرِّيسِيُّونَ المسيح : "مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟ " أَجَابَهُمْ: "لاَ يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ بِمُرَاقَبَةٍ وَلاَ يَقُولُونَ: هو ذَا هَهُنَا أو: هو ذَا هُنَاكَ لأنهَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ
ملكوت الله موضوع روحاني وهو يعمل داخل الناس عندما يسكن الروح القدس في قلوب المؤمنين وحياتهم جاعلاً إياهم مطاوعين لإرادة الله وراغبين في العيش حسب ارادته
ملكوت الله شخصي  وليس لشعب او لسلالة او لعرق . كما إنّ دخوله يتطلب التوبة والولادة الثانية الروحانية . نادى يسوع فيما بعد بأنّ ملكوت الله قد بدأ "بالفعل " في قلوب المؤمنين من خلال وجود الروح القدس . وسيتحقق الملكوت بكماله عندما يجيء يسوع ثانية ليدين العالم ويزيل كل شر الى ألأبد(يوحنا 3 :3).
وسوف نخوض ، في الجزء الثاني من المقال ، في سر المعمودية بالمفهوم الروحي كمدخل للخليقة الروحية الجديدة





المصادر
الكتاب المقدس " التفسير التطبيقي"
ألأب متى المسكين في كتابه "الخليقة الجديدة"
ألأب هنري بولاد اليسوعي في كتابه "لا للقدر كيف اكون حُرّا"

38
دراسات في الكتاب المقدّس : الكفّارة - الذبيحة - الفداء
    
    
نافع شابو
    
    مقدمة
لكي نفهم العهد الجديد علينا أن نعرف رموز العهد القديم و كيف كان الشعب الأسرائيلي يمارس طقوس الذبائح الحيوانية وماذا كانت مقاصد الله من هذه الطقوس وعلى ماذا كانت ترمز ، ومن خلال هذه الدراسات سنتناول طقوس الذبائح الحيوانية في العهد القديم وماذا كانت مقاصدها ومغزاها والى ماذا كانت تشير روحيا .
ولكي نعرف ما معنى كفارة و ذبيحة وفداء الرب يسوع المسيح من أجل خلاص المؤمنين به علينا أن نخوض في معنى طقوس الذبائح في العهد القديم ونتكلم عن كل طقس ، وقبل الدخول في هذه الدراسة علينا أن نعرف ماذا يعني سفك الدم في الكتاب المقدس ؟
الدم يعني "الحياة" واذا استنزف الدم من شخص حي فلابد أن يموت, وحيث أنّ الله هو الذي خلق الحياة ومنحها للأنسان, فله وحدهُ حق أخذ الحياة, لقداخطأ أبوينا ادم وحواء ضد الله, اماّ قايين فقد أخطأ ضد الله والأنسان معا ولكن مع ذلك يقول الله لقايين المُرتعب بعد قتلهِ اخيه:
"اذاَ, كلِّ من يقتل قايين فسبعةُ أضعاف يُنتقم منهُ" تكوين4:15 .
فحياتنا عند الله غالية جدا ولهذا عندما قتل قايين أخوه هابيل قال الرب لقايين: ماذا فعلت؟ دم أخيك يصرخ الي من الأرض "تكوين 9:4
ولهذا نهى الله في العهد القديم أكل أو شرب الدم
"فنفس كل جسد هي في دمهِ....لاتأكلوا دم جسد ما" لاويين 17:14
كان أكل الدم ممارسة وثنية شائعة وكثيرا ما كان يتم ذلك على أمل اكتساب خصائص الحيوان (القوّة, السرعة....الخ). وقد نهى الله عن أكل الدم وشربهِ لاسباب عديدة منها
اولا: كان يجب أن تكون ممارسات اسرائيل مختلفة ومتميزة عن ممارسات الآمم الوثنية المحيطة بهم
ثانيا: كان الدم يمثل حياة الحيوان الذي ذبح عوضا عن الخاطيء, فكان شربه يغيّر من المعنى الرمزي للذبيحة(فالدم يشرب عوضا من أن يسفك).
ثالثا: كان سفك الدم هو الثمن الذي يلزم دفعه ليصبح الأنسان مقبولاً عند الله, إذ كان برهانا على أنّ الحياة قد قدّمت ذبيحة عوضا عن الخاطيء. فكان في شرب الدم اعدام الدليل على تقديم الذبيحة, لهذا تحيّر الناس في العهد الجديد عندما قال لهم يسوع المسيح"من أكل جسدي وشرب دمي يثبت هو فيّ, وأثبت أنا فيه" يوحنا6:56 "
كانت رسالة المسيح هذه مثيرة, فقد بدت عملية أكل الجسد وشرب الدم وحشية, ولم يقدر رؤساء اليهود أن يحتملوا قول الرب, لأن الشريعة, كما قلنا تُحرّم شرب الدم ، وبالطبع هو لم يقصد ذلك حرفيا, ولكن الرب يسوع المسيح باعتباره الله المتجسد والذبيحة النهائيّة عن الخطايا. كان يطلب من المؤمنين أن يتحدوا به, فهو يريدنا أن نجعل حياته حياتنا, كما يريد أن يشاركنا حياتنا, لكن الكثيرين من اليهود( وكما اليوم) لم يقدروا أن يقبلوا هذا المفهوم. "فدم المسيح الذي هو في العهد الجديد والذي يسفك من أجل الكثيرين لمغفرة الخطايا "متى 26:28

أولا: الكفارة
ما معنى الكفارة في العهد القديم؟
الكفارة هي رفع عقاب الله عن خطايانا والكلمة العبرية كفر تعني "غطّى" فكان الشعب الأسرائيلي يقدم الذبائح ويسفك الدم (دم الحيوانات) لتغطية خطايا الشعب وليس ازالة الخطايا .كان رئيس الكهنة في العهد القديم لايستطيع الدخول الى قدس الأقداس( في الطرف الأقصى من خيمة الأجتماع) الا مرة واحدة في السنة, وكان هناك يسأل الله ويطلب المغفرة للشعب. "لاويين 16:1 وكان هذا اليوم من أعظم أيام السنة عند بني اسرائيل ويسمّى "يوم الكفارة" فيه يأتي الكاهن بثور لذبيحة الخطيئة وكبش لمحرقة. وفي ذلك اليوم كان كل الشعب يعترفون بخطاياهم كاملة, وكان رئيس الكهنة يدخل الى قدس الأقداس للتكفير عن خطاياهم ونجاستهم"الخروج 30:  10" "لاويين 16:18,19".
    كان يوم الكفارة يذكرهم أنّ الذبائح اليومية والأسبوعية والشهرية, لم تكن لتستر الخطايا الأ وقتيّا, لقد كانت رمزا للرب يسوع المسيح, الكفارة الكاملة الذي يستطيع أن يمحو الخطايا الى الآبد. كان الناس في نظام العهد القديم لا يستطيعون الأقتراب الى الله الآ من خلال كاهن و ذبيحة حيوانية. أمّا الآن (في العهد الجديد) فيستطيع حميع الناس أن ياتوا الى الله مباشرة بالأيمان لأنّ موت الرب يسوع وحمله خطايانا عنا قد جعلنا مقبولين في عيني الله "رومية3"
    
فذبائح العهد القديم لم تقدر أن ترفع (تزيل) خطايا بل تغطيها فقط. ولكن بني اسرائيل, من وجهة نظرهم المحدودة لخطة الله لم يستطيعوا أن يميزوا بين الخطايا المغطّاة, والخطايا التي طُهّرت ورفعت تماما بتقديم المسيح نفسه كفارة للخطايا ويقول بولس الرسول عن عمل المسيح الكفاري: "والذي جعله الله كفارة في دمه لكلّ من يؤمن به"روميا 3 : 25
نعم اصبح الرب يسوع المسيح الكفارة البديلة حيث حمل خطايانا في جسده عندما مات مصلوبا على الخشبة لكي نموت بالنسبة للخطايا فنحيا حياة أبدية, فالله رفع عقاب خطايانا بذبيحة المسيح يسوع الكاملة"1بطرس2:24 .
فدم المسيح هو الذي يبرّرنا فهو الكفارة البديلة وهو الذي رفع عقاب الله عن خطايانا (أي حياته مقابل رفع خطايانا)" .....الذي قدّمه الله كفّارة,عن طريق الأيمان وذلك بدمه"روما "روما 3:25 .هكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد"يوحنا 3:16 .
    كيف يُكفِّر الدم الخطية؟
    تفاصيل مراسيم الكفارة : "لاويين 16 :5- 28"
    كان تقديم الذبيحة والدم المسفوك منها ، عندما تُقدّم بدافع صحيح ، يجعل غفران الخطية ممكنا .فمن جانب كان الدم يُمثّل حياة الخاطيء والتي نهايتها الموت ، وفي الجانب الآخر كان الدم يُمثِّل الحياة البريئة للذبيحة التي قُدّمت عوضا عن الشخص المذنب الذي قدّمها . فموت الذبيحة (وكان الدم هو الدليل على الموت) وفَّى عقوبة الموت ، فكان الله يمنح الغفران للخاظئ اللاويين " 17: 11-14"
    
    في يوم الكفارة كان الكاهن (منذ هارون الكاهن) يأخذ من شعب اسرائيل تيسين من المعز لذبيحة الخطية ، وكبشا للمحرقة  ، وكان هذان التيسان يمثلان الطريقتي اللتين يتعامل بهما الله مع خطية اسرائيل .
    (1) كان يغفر خطيتهم من خلال التيس ألأول الذي قدم ذبيحة
    (2) ثم ينقل ويزيل عنهم ذنبهم من خلال التيس الثاني ، تيس يسمّى (عزازيل) اي كبش الفداء الذي كان الكاهن يضع يده على ظهر التيس(ليحمل خطايا الناس) ويطلق الى الصحراء. ويصور لنا هذا الطقس كيف كان الله يرفع خطايا الشعب . وكان يجب إجراء هذا الطقس كل سنة
    
    ولكن موت الرب يسوع المسيح قد حلّ محل هذا النظام مرة واحدة والى ألأبد ، ففي أيّ وقت يمكن أن تُغفر خطايانا ويرفع عنا ذنبنا باتكالنا على المسيح . فهو لنا ،على الدوام، الذبيحة للمرموز لها بالتيس الذي أطلق للصحراء "عبرانيين 10 : 1- 10 " " ولكن في عملية تقديم الذبائح المتكرّرة كل سنة تذكيرا للعابدين بخطاياهم . فمن المستحيل أن يزيل دم الثيران والتيوس خطايا هذه  الناس . لذلك قال المسيح ، عند مجيئه الى هذه الأرض :إنَّ الذبائح والتقدمات ما أردتها ، لكن أعدت لي جسدا بشريا ".[لهذا ابطلت الطقوس في العهد القديم الا الشريعة ألأدبية].
    "...ها انا آتي لأعمل إرادتك يا الله .هذا هو المكتوب عني في صفحة الكتاب "عبرانيين 10: 3-7"
    فهو (المسيح ) إذا يُلغي النظام السابق ليضع محله نظاما جديدا ينسجم مع إرادة الله .صرنا مقدسين إذ قرّب يسوع المسيح ، مرة واحدة ، جسده عوض عنا "عب 10 :10"
    كان كل كاهن يقف يوميا أمام المذبح ليقوم بهمته ، ليقدم لله تلك الذبائح عينها . مع انها لم تكن قادرة على ازالة الخطايا اطلاقا .
    ولكن المسيح رئيس كهنتنا قدّم ذبيحة واحدة عن الخطايات ، ثم جلس الى ألأبد عن يمين الله (عبر 10: 11-12)
    فلا يقدر دم الحيوان ، أبدا ان يمحو الخطية ، لكنه يزيلها أمام النظر (يغطيها)
    لكن الرب يسوع مسح الخطية تماما ودائما .
    السؤال :إذا كيف كان الشعب في العهد القديم ينال الغفران ؟
    الجواب كان ذلك ، كما هو الحال ألآن ، من خلال نعمة الله التي يقبلونها ، بالأيمان


ثانيا : الذبيحة

  عندما سقط أبوينا ادم وحواء في الخطيئة تعّروا (العري يعني في الكتاب المقدس رمز الخطيئة) ، ولهذا هربوا من وجه الله بسبب خجلهُما من الخطيئة التي ارتكباها واختبئوا في الجنّة حالما سمعا أنّ الله يقترب منهما (تكوين2:10
ولكن الله كان له مشروع لخلاص الأنسان من الموت بسبب الخطيئة ، فحتّى بعد سقوط ابوينا صنع الرب ردائين من جلد الحيوان وكسا (غطّى) عري (خطيئة) أبوينا "تكوين 3:8,9,10,21
 وهذا العمل الذي صنعه الله (سفك دم حيوان بريء ليُغطي بجلده خطايا الأنسان منذ سقوطه هو اشارة الى عمل ابنه الخلاصي في ملء الزمان عندما اتى وسفك دمه ليس ليُغطي خطيئتنا بل ليزيلها بدمه الطاهر الذي سفكه على الصليب).
في العهد القديم كان يوجد اربعة انوا ع من الذبائح  الطقسية :
أولا: ذبيحة ألأثم "لاويين 5 :16"
كانت ذبيحة الأثم وسيلة أخرى لعلاج الخطية التي اقترفت عن جهل بحق الآخرين او بحق الله . فإذا كانت الخطية ضد الله يقدم كبش بلاعيب وأما بحق ألآخرين يتم تعويضهم مع اضافة 20% ضريبة .
ثانيا : ذبيحة الخطية"لاويين 4 :3 "
كانت ذبيحة الخطية تقدم من الذين ارتكبوا خطية دون ان يدركوا ذلك او ارتكبوا خطية نتيجة ضعف او اهمال في مقابل العصيان الصريح ضد الله.(موت المسيح ابطل هذه الذبيحة ).
ثالثا : ذبيحة السلامة "لاويين 3 :1"، "صموئيل 11 :15".
كان الشخص يقدم ذبيحة شكر(او سلام) تعبيرا عن إعترافه بالجميل ووسيلى لترسيخ الشركة بينه وبين الله ."وان قرب احد ذبيحة سلام من بقر او ثورا او عجلة فليقدم قربانا للرب سليما من كل عيب "لاويين3:1"
رابعا ذبيحة المحرقة:"لاويين 1: 3-4"
للتكفير عن الخطايا . تبين تكريس الأنسان لله. وكان موت المسيح هو التقدمة الكاملة .
كان الحيوان المقدم للمحرقة بلا عيب الذي يرمز الى الكمال ألأدبي الذي يطلبه الله القدوس ، والطبيعة الكاملة للذبيح الحقيقي ألآتي :يسوع المسيح
السؤال لماذا لاينبغي تقديم ذبيحة بها عيب ؟"ملاخي 1 : 6 -8 "
"...عندما تقرّبون الحيوان ألأعمى ذبيحة أليس ذلك شرّا"؟. أو عندما تقدمون الحيوان ألأعرج والمريض اليس هذا شرّا؟"
تتطلب شريعة الله أن تقدم الذبائح الى الله من حيوانات كاملة لايشوبها عيب "لا 1:3"
 فكيف مع الله ؟. الله يريد ذبيحة كاملة ،لأنّ يسوع المسيح إبنه انسان كامل واله كامل ولاعيب فيه . يقول العهد الجديد:"إنّ حياتنا يجب ان تكون ذبائح حيّة لله "روميا 12 :1"
فإذا قدّمنا لله بقايا أوقاتنا أو أموالنا أو جهدنا ، فإننا نكرر بذلك نفس خطية أولئك المتعبدين (المتديّنين) الذين لم يريدوا أن يحضروا لله شيئا ذا قيمة . فما نقدمه يعكس بحق موقفنا الحقيقي تجاه الله .
معنى الذبيحة:
انّ معنى الذبيحة هو أنّ دما بريئا قد سفك ، ولكي ينجو أسرائيل من ضريبة الموت كان يلزم ذبح حمل بلا عيب ورش الدم على العتبة العليا والقائمتين لباب كل بيت، كان الحمل الذبيحة البديلة عن الشخص الذي كان مفروضا أن يموت (لأنّ أجرة الخطيئة هو الموت)"خروج 12:3,4
عيد الفصح:
ان عيد الفصح عيدا سنويا لتذكار الليلة التي "عبر"فيها ملاك الرب عن بيوت الأسرائيلييّن. قد نفّذ العبرانييّون تعليمات الله فرشّوا دم الحمل على الأعتاب العليا وقوائم بيوتهم ، وفي تلك الليلة مات كلّ بكرٍ في كلّ بيت لم يرش الدم على عتبة بابه العليا وقائمتيه. وكان لا بدّ من ذبح الحمل للحصول على دمه اللازم لحمايتهم (وكان صورة مسبقة لدم المسيح, حمل الله, الذي سفك دمه لأجل كل من يؤمن به)"....فيكون الدم على البيوت التي أنتم فيها علامة لكم ، فأراه وأعبر عنكم ولا أفتك بكم وأهلككم اذا ضربت أرض مصر"خروج 11:13
فالشريعة ومنذ العهد القديم  توصي بأن يتطهّر كلّ شيء تقريبا بالدم ، ولا غفران الآ بسفك دم"عبرانيين 9:22 "
وكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ النَّامُوسِ بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ!" عبرانيين 9 :22"
الله هو الدّيان ، مُطلق السيادة على الكون وهو قدّوس قداسة مطلقة، وكديّان للجميع ، يدين الخطية ويقضي بأنها تستحق الموت، وكان الله في العهد القديم يقبل موت حيوان بديلا عن الخاطيء، فكان دم الحيوان المسفوك دليلاً على أنّ حياة بُذلت لأجل حياة أخرى، فمن جهة كان الدم يرمز الى موت الحيوان ، ولكن من الجهة الأخرى كان يرمز الى الحياة التي نَجتْ نتيجة لذلك ومن الطبيعي أنّ موت الحيوان الذي كان يؤدي في العهد القديم ,الى الغفران, لم يكن الآ تدبيرا وقتيّا يتطلّع الى المستقبل الى موت الرب يسوع المسيح(عبرانيين9:9,10
فالدم في الذبائح يرمز الى تقديم الذبيحة، وكان الكاهن (في العهد القديم) هو الذي يجب أن يقدمها، كان الهدف من الطقوس والفرائض والذبائح هو العبادة القلبية ، فكانت هذه الطقوس والفرائض أفضل السبل التي تساعد الشعب كي يُركّزوا قلوبهم على الله ، لقد طلب الله من الشعب تقديم هذه الذبائح ليس لأنّ الذبائح في ذاتها كانت مرضيه ، بل لأنّها جعلت الشعب يدرك خطيّته ، ويعكفون للعيش لله ، وقد كانوا يقدّمون الذبائح بأمانة ، ولكنهم نسوا سبب تقديمهم لها (كما اليوم الكثيرون منا يأكل ويشرب جسد المسيح ولكن لا يعرف هدف ومغزى وما يرمز اليه هذا القربان) ، وهكذا كانوا يعصون أوامر الله .
وقد ذكّر ارميا النبي الشعب بأنّ القيام بالطقوس الدينية ، لامعنى له الآّ متى كانوا مستعدّين لطاعة الله في كل مجالات الحياة "أجمعوا محرقاتكم الى ذبائحكم وكلوا لحمها "ارميا7:21
كانت المحرقة تحرق كُلّها على المذبح ولا يؤكل لحمها (لاويين1:8,9
أمّا في الذبائح العادية فيأكل مقدم الذبيحة وأصحابه من لحم الذبيحة علامة اتحادهم بالرب. ولكن الله هنا( وعلى لسان النبي ارميا ) سيرفض كل ذبيحة تقدّم اليه ،
ولهذا ياتي العهد الجديد ليقول لنا يسوع المسيح :"هذا هو دمي ، دم العهد الذي يسفك من اجل ناس كثيرين "مرقس 14 :24"
كان موت يسوع المسيح على الصليب حتما لأتفاق جديد بين الله والجنس البشري
فبينما كان اتفاق العهد القديم يتضمن غفران الخطايا بدم ذبيحة حيوانية يقدم بلا  عيب على المذبح "خروج 24:6,7,8 "
لكن الشعب لم يستطع في العهد القديم أن يقترب الى الله (لأنّ الشخص الخاطيء لايستحق الأقتراب من اله كامل) الآ عن طريق الكهنة ونظام الذبائح"خروج 29:1-26 "
ان الذبيحة أو التضحية هي علامة خارجية للأيمان الداخلي ، كما يؤكد لنا الكتاب المقدس
ما فائدتي من كثرة ذبائحكم؟...وبتقدماتكم الباطلة لا تجيئوا اليّ ، فرائحة ذبائحكم مُعيبة عندي...ولا أطيق مواسمكم واحتفالاتكم "اشعيا 1:10,11,12 ,13,14
اما الذبيحة المقبولة فيقول الرب على لسان كاتب المزمورهي:
قدموا ذبائح البرّ ، واتكلوا على الرب"مزمور4:5 "
فالذبائح والقرابين هي أفعال خارجية ترمز لتوبة داخلية والخضوع لله بانسحاق القلب والطاعة ،كما فعل ابراهيم عندما اطاع الله في تقديم ابنه كذبيحة لأنه امن ان الله سيفدي ابنه بدم كريم كما لحمل بلا عيب  وهو يسوع المسيح (الذبيح العظيم) . إمتحن الله ابراهيم ، ولكن الهدف من هذا ألأمتحان ليس أو لم يكن سقوطه ، بل بالحري كان غرض الله الحقيقي هو تقوية قدرة إبراهيم على طاعته . هكذا تتقوّى شخصيّته وإيمانه . وكما يُنقّي النار الذهب من الشوائب ، ينقينا الله بالظروف الصعبة . وعندما نتعرّض للأمتحان ، فإمّا أن نشكو ونتذمّر ،أو أن نرى كيف يوسّع الله تخومنا لتقوية شخصيتنا .

فالتأمل في اسباب الذبيحة هي أهم من الذبيحة نفسها ، والا تصبح فارغة بلا معنى الا اذا تمت عن محبة وطاعة "فالتدين"  (الذهاب الى الكنيسة والصلاة والعطاء)" لايكفي ، ان كنا لا نعمل ذلك بدافع المحبة والطاعة لله ،
يقول الله على لسان صموئيل الأول "أبي المحرقات مسّرة الرب وبالذبائح؟ أم بالطاعة لكلامه؟" صموئيل 1  15 :22-23"
الذبيحة : هي علاقة خارجية للأيمان الداخلي (اشعيا 1 : 10-14).الله يطلب إيمانا مُخلصا وعبادة صادقة . والذبائح هي علاقة خارجية ، والهدف منها ايمان قلبي .
اليوم ايضا كثيرون يضعون ايمانهم في طقوس دينية أكثر مما في الله الذي يعبدونه .إنّ الله لايسرُّ لممارساتنا الخارجية إذا لم يكن هناك إيمان في الداخل .
جاء يسوع المسيح (حمل الله بلا عيب) ليُقدّم نفسه ذبيحة لغفران الخطيئة مرة واحدة والى الأبد ، والآن يستطيع كل واحد منّا أن يأتي مباشرة الى الله بواسطة يسوع المسيح لأنّه مزّق الحجاب الذي كان يفصل قدس الأقداس عن الشعب وهو على الصليب مذبوحا من أجلنا فكل الأنظار تتجه نحو الصليب (في العهد القديم والعهد الجديد) الى حمل الله الحامل خطايا العالم والذي بفدائه على الصليب وبموته وقيامته فتح لنا الطريق للتصالح مع الله ومشاركة ملكوته الأبدي.

ثالثا : الفداء
كيف استطاع ابن الله المتجسد ان ياخذ في جسده وفي نفسه خطايا ألأنسان وموته ولعنته؟
نعلم ، ومنذ اول خدمة المسيح ، كيف ظهرت خطة الله في تقديم ابنه حاملا جسد ألأنسان وخطيته ذبيحة على الصليب . فقد كشف المعمدان خطة الله كأول استعلان عن عمل المسيح.

الفداء هو الموضوع المحوري في الكتاب المقدس ففي العهد القديم، كان تقديم الحيوانات ذبائح، هو الوسيلة التي رسمها الله لغفران خطية الأنسان، فكان كل فرد يقدم حيوانا ثمينا ذبيحة، ليبيّن أنه لابد من دفع عقوبة الخطيئة. وفي العهد الجديد، تمم يسوع المسيح عمل الفداء على الصليب لأجل خطايانا، وهكذا لم تعد للذبائح الحيوانية ضرورة، فقد كان هو البديل. وكان دمه هو الدم الثمين الذي دفع عقابا عن خطايانا"
"عالمين أنّكم أُفتديتم لا باشياء تَفنى ، بفضة أو ذهب ، من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من ألآباء ، بل بدم كريم ، كما من حَمل بلا عيب ولادنس ، دم المسيح ، معروفا سابقا قبل تاسيس  العالم .."1بطرس 1 : 18 – 20
ماهو الفداء ؟
الفداء في الكتاب المقدس، يعني التحرّر من عبوديتنا  للخطيئة، فجميعنا قد أخطأنا وسنخطئ أيضا مما يجعلنا عبيدا للخطية، ولا نستطيع ان نُخلّص انفسنا من عواقبها.
وهنا يأتي الفداء الذي يتكوّن من جزئين:
أولا : الفدية، أي الثمن الذي يدفع عقابا عن الخطيئة.
ثانيا : البديل الذي يدفع العقوبة عنّا.

كان الحدث عن دم المسيح في القرن ألأول المسيحي هو الحديث عن موت المسيح ، فموته يشير الى حقّين رائعين :

 الفداء والغفران ، فالفداء هو الثمن الذي يُدفع لعتق العبد (لا 25 : 47-54).
فقد دفع المسيح بموته الثمن لعتقنا من عبوديتنا للخطية . وكان الغفران يمنح في العهد القديم على أساس سفك دم حيوانات (لا 17 : 11- اي موت الحيوان).
"هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم "يوحنا 1:29".بمعنى ان يكون ذبيحة خطية عن العالم . وقد صدّق المسيح على ذلك مرارا بقوله انه سيتألم ويصلب ويموت وفي اليوم الثالث يقوم ، بمعنى ان المسيح بحسب تدبير ألآب رضي ان يكون كفّارة عن خطايا وذنوب ألأنسان ليفديه، بأن ياخذ معه عوبة الموت واللعنة في جسده وفي نفسه على الصليب، وبهذا يكمِّل فداء ألأنسان،علما بان الخطة كانت جاهزة قبل تاسيس العالم.

والآن غفرت خطايانا على أساس سفك دم المسيح لأنّه مات وكان الذبيحة الكاملة والنهائية "ففيه لنا بدمه الفداء ، اي غفران الخطايا ، بحسب غنى نعمته التي جعلها تفيض علينا مصحوبة بكل حكمة وفهم "(افسس 1 :7)
السؤال : ماذا حدث للناس الذين عاشوا قبل مجئء المسيح وموته من أجل الخطية ؟ إذا دانهم الله فهل يكون ظالما؟وإذا خلّصهم الا يكون معنى ذلك انّ ذبيحة المسيح لم تكن لازمة ؟:
الرسول بولس يبين ان الله قد صفح عن كل خطايا البشر في صليب يسوع ، فكان مؤمنوا العهد القديم يتطلعون الى ألأمام بالأيمان الى المسيح الآتي ، وهكذا خلصوا ، ولو انهم لم يعرفوا اسم يسوع أو تفاصيل حياته على ألأرض ، أمّا مؤمنوا العهد الجديد فيتطلعون الى الوراء بالأيمان الى مخلصهم المصلوب.فأنت تعرف ما لم يعرفه مؤمنوا العهد القديم ، تعرف الله المكتوب عنه :"هكذا احبّ الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد"يوحنا 3 :16".
يقول الرسول بولس في رسالته الى مؤمني رما :" فهم يُبرّرون مجّانا ، بنعمته بالفداء بِالمسيح الذي قدّمه الله كفارة ، عن طريق ألأيمان وذلك بدمه ".(روما 3 :24-25) 

ولكن كيف كان يمكن لشخص من العهد القديم أن يدرك فكرة موت المسيح لأجل خطايانا حاملا العقاب الذي كنا ، في الواقع ، نستحقه؟
لقد كانت الذبائح تعطي هذه الفكرة ، ولكن أن تذبح حملا شيء ، وأن ترى أن عبد الله المختار هو هذا الحمل شيء اخر تماما . ولكن الله كان يزيح ستار الزمن ليجعل الناس ، في زمن اشعياء يتطلعون الى الأمام ، الى آلام المسيا في المستقبل ، والغفران الناتج عن ذلك ، والذي سيُتاح لكل البشر .
"..وعبدي البار يبررُ بمعرفته كثيرين ويحمل آثامهم ..لأنَّه سكب للموتِ نفسه ُ وأحصي مع أثمة . وهو حملَ خطيئة كثيرين ، وشفع في المذنبين "اشعيا 53 : 12،11"
حمل خطايا البشرية جمعاء على خشبة الصليب "
"..لكنه حمل احزاننا وتحمّل أوجاعنا ، ونحنُ حسبنا أنّ الربَّ قد عاقبه وأذلَّه ، إلا أنّه كان مجروحا من اجل آثامنا ومسحوقا من أجل معاصينا ، حَلَّ به تأديبُ سلامنا وبجراحه برئنا " 53 :4 ، 5"
اما في العهد الجديد يقول الرسول بولس:
"إن المسيح يسوع جاء إلى العالم ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا" (1تى1: 15). وقال " بذل نفسه لأجلنا يفدينا من كل إثم" (تى2: 14). وقال أيضًا "المسيح افتدانا من لعنه الناموس" (غل2: 13)..
فالمسيح ، العبد البار ، هو مخلصا وربأ للمؤمنين به ، الذي برّرهم ليس باعمالهم هم ، بل بعمله العظيم الذي عمله على الصليب .
فنحن لم نقدر أن نتخلّص من الخطيئة بذواتنا بل أنّ حياة ابن الله تحرّرنا "كُلُّنا كغنم شردنا وتهنا كل واحد الى سبيله ، فاثقل الربُّ كاهله بأثم جميعنا"اشعيا 53 :6"

فنحن نسمع ونقرا عبر التاريخ أنّ الأسرى في الحروب كانوا يتحررون (يطلق سراحهم) امّا بفدية مالية(ثمن يدفع) أو بفدية نفس عن نفس ، وكما يقال فدَيته بمالي أو فديته بنفسي.
الفداء هو أن يحمل اخر آلامك واحزانك وخطاياك ويفدي نفسه من أجلك ، والسبب لأنّه يحبك حتى أنّه يُفديك بدمه ، ويسوع المسيح احبنا ومات من أجلنا على الصليب الذي يرمز الى هذه المحبة. فالمحبّة الغير المشروطة تجعل لذبيحة المسيح قيمتها الفدائية والتكفيرية فوجود شخص الأبن الألهي في المسيح ، ذلك الشخص الذي يفوق البشر وفي الوقت نفسه يشمل جميع اشخاص البشر.
والرسول بولس يقول:"والله اشتراكم ودفع الثمن، فلا تصيروا عبيدا للناس"1كورنثوس7:23
كان الرق(العبيد) أمرا شائعا في الأمبراطورية الرومانية، وكان بعض المسيحيين في كورونثوس من العبيد، ويقول الرسول بولس انّهم وأن كانوا عبيدا للناس، الآ أنّهم أحراراً من سلطان الخطيئة على حياتهم. وهذا يعني انّ الناس يبقون عبيدا للخطيئة الى أن يسلّموا حياتهم للمسيح الذي يستطيع وحده أن يقهر قوّة الخطية، فلا يعود لها سلطان على الذين اشتراهم المسيح وحررهم من العبودية للخطيئة لانّه حرر المؤمنين به . انّ كل من يعمل الخطيئة يكون عبدا للخطيئة " وماذا ينفع الأنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟ وبماذا  يفدي الأنسان نفسه؟"متي 16:26 .

لقد ظنّ تلاميذ المسيح انّ حياة يسوع وقوته(معجزاته) ستخلّصهُم من سلطان روما، ولكن يسوع قال انّ موته هو الذي يخلّصهم من الخطيئة، وهي عبودية أقسى من عبودية روما

المسيح جاء ليخلصنا من الخطايا
.يقول الرب يسوع المسيح"لآنّ ابن الأنسان جاء لا ليخدِمَهُ الناس، بل ليَخدِمَهُم ويفدي بحياته كثيرا منهم"مرقس 10:45
الفداء هو غرض موت المسيح وهو الذي دفع الثمن(ثمن التحرير من الخطية والموت)وبدمه الطاهر جعل الذين قدّسهم كاملين الى الأبد"عبرانيين 9:15

لما رفع ابراهيم لذبح ابنه اسحاق قال له الله :"ابراهيم ابراهيم ، فاجاب :" نعم" فقال (ملاك الرب) لاتمد يدك الى الصبي ولا  توقع به ضُرّا  لأني علمت انك تخاف الله ولم تمنع ابنك وحيدك عني "."تكوين  22:13".
الله قدم الكبش لأبراهيم لكي يقدمه ذبيحة عن ابنه اسحاق وهكذا المسيح نفسه الذي قُدِّمَ  على الصليب عوضا عنا . وبينما منع الله ابراهيم من تقديم ابنه ذبيحة ، لم يشفق على ابنه يسوع المسيح من الموت على الصليب . فلو لم يمت يسوع لمات كل الجنس البشري  لقد ارسل الله ابنه الوحيد ليموت عنا حتى ننجو نحن من الموت الأبدي الذي نستحقه ، وعوضا عن الموت ننال  الحياة الأبدية ." فالكبش او الحمل الذي اعطاه الله لأبراهيم ليقدم ذبيحة بدل عن ابنه اسحاق هو رمز لأبن الله يسوع المسيح الذي  حمل خطايا البشرية كلها وقُدّم ذبيحة ليس بدل ابراهيم فقط بل لكل البشرية .
"هذا هو حمل الله الحامل خطايا العالم " (الذبح االأعظم)
 وليس هناك التحرر من الموت والخطيئة الآ بالأيمان بالتبرير المجاني  بنعمة المسيح
يسوع  الذي افتدانا وصار دمه كفارة لكل من يؤمن به "روميا 3:24,25

السؤال الذي يُطرح دائما: لماذا يسوع المسيح وحده فادي البشرية؟
لماذا لا يمكن أن يفدي انسان أخيه الأنسان للخلاص الأبدي؟
لو فرضنا ان انسان مُذنب وقف امام القاضي وهو مستحق الموت بسبب جريمة قام بها فهل يمكن أن يطلب من القاضي ان يدفع المال او شخص بديل عنه مقابل اطلاق سراحه؟ الأجابة طبعا لا يقبل هذا الفداء من القاضي. فما بالنا ونحن البشر وكلُّنا مذنبين نقف امام عرش الله القدوس في يوم الدينونة ونحنُ مذنبون؟
فكلنا مذنبون ومستحقون الموت امام محكمة الله
يقول كاتب المزمور"الأنسان لا يَفتدي نفسَهُ ولا يُكفِّر لله عنها. فدية النفس باهضة (غير محدودة ) ولا تكون ابدا كافية"مزمور49:8,9
كل البشر خاطئين لا يستطيعون فداء انفسهم لانّهم اسرى عبودية الخطيئة
نعم فدية النفوس باهضة وغير محدودة ولا يمكن دفعُها مدى الحياة فقط يسوع المسيح هو الشخص الوحيد والفريد والعجيب الذي تنطبق عليه شروط الفدية وهو الشخص الوحيد القادر على خلاص البشرية من حكم الموت بسبب الخطيئة اللامحدودة ضد الله
1 - فدم المسيح الطاهر يستطيع ان يُطهّرنا من الخطيئة فهو كانسان كامل لم يحمل خطيئة و لم يستطع حتى اعدائه أن يبكّتوه على خطيئة "من منكم يبكّتني على خطيئة"
ويقول الرسول بطرس"فالمسيح تألّم من أجلكم ...ما ارتكب خطيئة ولا عرف فمه المكر....وهو الذي حمل خطايانا في جسده على الخشبة حتى نموت عن الخطيئة فنحيا للحق"1بطرس2" .
اما اشعيا النبي فيقول عن المسيح:"ظُلم واُذلَّ، ولكنه لم يفتح فاه، بل كشاة سيق الى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها "اشعيا 53:7 .
2 - هو الوحيد الفريد الذي عاش حسب شريعة الله وحسب مطاليب الله واطاعة الله حتى الموت، موته على الصليب فهو وحده الذي له الحق في أن يُطلقنا "يحررنا" من" الحكم " لأنّه وحده الذي عاش حياة كاملة من كل وجه(عبرانيين7:26,27
وكما أنّه بمعصية انسان واحد صار البشر خاطئين ، فكذلك بطاعة انسان(يسوع المسيح)واحد يصير البشر ابرارا"روما 5:19 .

ولكي يحرّرنا من عواقب الخطيئة (الموت) فلا بدَّ من دفع ثمن باهظ بدل عنا وهذا مافعله المسيح على الصليب لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل لتكون له الحياة الأبدية.
" أنت الذي يحقُّ له أن يأخذ الكتاب ويفضّ ختومه، لأنّك ذُبحت وافتديت أُناسا لله بدمك من كلّ قبيلة ولسان وشعب وامّة"رؤيا5"9

3 - الخطيئة غير محدودة وعقوبتها غير محدودة " والخطيئة دخلت العالم بانسان واحد ، وبالخطية دخل الموت. وسرى الموت الى جميع البشر لأنّهم كُلّهم خطئوا" روما:5:12
ولهذا يجب أن يكون الفادي قدّوس غير محدود ولا تنطبق هذه الصفات الا على شخص يسوع المسيح الآله الغير المحدود وفي نفس الوقت هو انسان كامل يستطيع أن يمثل الأنسان كوسيط بين الله والأنسان ( انسان واله) و شفيعا لدى الله لكونه ابن الله ، لأنّ الوسيط يجب ان يحمل صفات بشرية وصفات الهية للتصالح بين الله وبين البشر(ونستطيع ان نقول يجب أن يكون الوسيط مترجم بين لغة الله ولغة البشر للتفاهم على العهد الجديد عهد المصالحة بين السماء والأرض "...فاذا كان الموت بخطية انسان واحد ساد البشر ...فبالأولى أن تسود الحياة بواحد هو يسوع المسيح أولئك الذين ينالون فيض النعمة وهبة البرِّ"روما 5:17
وها هو يوحنا المعمذان يعترف بيسوع المسيح حامل خطايا العالم فيقول
"ها هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم"يوحنا 1:
نعم كان دفع عقوبة الخطية يتم بتقديم ذبيحة وقد اختار الله أن يقدم الذبيحة بنفسه

- 4 - يجب ان لا يحمل الفادي الطبيعة البشرية الفاسدة ، لأنّ الكتاب يقول عن نسل ابوينا ادم وحواء انّهم أخطئوا واعوزهم مجد الله وليس هناك انسان بار أو صالح ولا احد الجميع زاغوا وفسدوا"روما 3:9,10,11,12 .
اما يسوع المسيح فولادته معجزيّة من ام عذراء محبولة( بلا دنس )من الروح القدس. فهو لا يحمل الطبيعة الساقطة كما نحملها نحن المولودين بالطبيعة الجسدية(من التراب) نتيجة الخطية التي شوهت صورة الأنسان فجاء المسيح ليعيد بهاء هذه الصورة ويعيد علاقتنا مع الله
وحده يسوع البار يستطيع تبريرنا فهو القاضي في المحكمة الذي يستطيع ان يقول للمتهم"غير مذنب" هكذا عندما يمحوا الله ذنوبنا وتصبح صفحتنا بيضاء ناصعة

- 5 - لا تستطيع حتى الملائكة أن تفدي البشرية لأنّها هي ايضا مُلكها لله فكيف تعطي للبشرية ما ليس لها وهكذا الأنسان لا يستطيع ان يفدي انسان اخر لأنّ حياته ليست ملكه ولأنّ الكتاب المقدس يقول "وقلّما يموت احدً من أجل انسان بار"روميا 5:7  فما بالنا من انسان بار يموت من أجل خاطيء. وحده الرب يسوع المسيح قال عن نفسه "لي سلطان أن أخذها ولي السلطان أن استردها."الأنسان لا يَفتدي نفسَهُ ولا يُكفِّر لله عنها. فدية النفس باهضة ولا تكون ابدا كافية"مزمور49:8,9
ماذا حدث في جثسيماني ؟
يقول متى المسكين
ماحدث في جثسيماني كان هو المرحلة الحاسمة من مراحل الفداء ،الخفية بين ألآب وألأبن لأنّنا راينا في ألأخلاء الذي أجراه الكلمة الذاتي في نفسه أول عمل من أعمال الفداء التي قام بها ابن الله لخلق طبيعة جديدة للأنسان سماوية ، يحيا بها في السماء.أمّأ العمل الثاني بلا منازع فكان التجسُّد ، حيث إن الكلمة ابن الله بعد ان أفرغ ذاته من مجد لاهوته (وليس من لاهوته)، إتّخذ لنفسه جسد عبد ، أي إنسان ، وإتّخذه لنفسه الى الأبد . فكان التجسّد أعظم حدث تمّ على مستوى السماء والأرض،وربط ألأنسان بالله الى الأبد.
والآن نأتي الى المرحلة الحاسمة من الفداء:
كيف يفدي المسيح ألأنسان من الموت واللعنة ؟
وهنا نسمع المسيح وهو يصلي في جثسيماني الى الآب "بصراخ شديد ودموع" كما يقول سفر العبرانيين (5 :7) . وكما تصفه ألأناجيل الثلاثة أنه كان يصلّي "باشد لجاجة ، وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض" (لوقا22 :44"مصرحا امام تلاميذه ان نفسه قد بلغت من الحزن حد الموت!!"نفسي حزينة جدا حتى الموت" متى 26 : 38"، ثم انكشف السبب الذي زلزل هكذا نفسية المسيح ابن الله الكلمة المتجسّد . إذ ظهر ان محور طلبة المسيح وتوسّله الشديد الى ثلاثة مرات بصلاة وركوع هو لكي يُجيز(يعبر) ألآب عنه "هذه الكأس"!!!!

أما ماهي هذه الكأس ؟ فقد عجز علماء اللاهوت عن التعرُّف على" هذه الكاس "إذ قالوا إنّها رعبة الموت ، وأن المسيح جاء في النهاية وارتعب من الموت !!!!
وهذا التفسيير معيب لايتناسب قط مع المسيح . فالمسيح  ليس اقل من الشهداء الذين كانوا يسخرون من الموت ومن الجلادين ويقدمون اجسادهم للنار وللوحوش بفرح بسبب قوة الرجاء والحياة التي فيهم . فهل يقشعر المسيح من الموت ويتخاذل ويصرخ بدموع الى ألآب أن ينجيه من الموت ؟
فلماذا إذن اخلى ذاته ؟(وهو يعرف انه سيموت يوما) ولماذا تجسّد؟ وبحسب قوله :" لأجل هذا أتيبتُ الى هذه الساعة!!"يوحنا 12 :27".
هناك فرق بين كاس الموت وكأس  الخطايا :فأمّا كاس الموت ،فقد جاء للبشرية عن رضى اما كاس خطايا البشرية فكيف يشربه ويقف قدام ابيه كالعاصي والمجدف والزاني والشرير؟
الحقيقة فهي ان هذه الكاس تعبّر عن كيف سيشرب المسيح خطايا البشرية وعارها ، ويظهر علنا على الصليب حاملا فضيحتها من زنا وقتل وتجديف على الله . فامام حمل الصليب كان عليه ان يقرر هل يقبل ان يكون صانع كل هذه الخطايا حتى يمكن ان يصلب ويموت ؟وإلاّ لو كان المسيح تقدم بجسده على انه هو القدوس فكيف يحكم عليه بالموت؟ بل وكيف يموت ولايموت الا من كان خاطئا ، وكيف يقبل اللعنة على الصليب الا من كان مجدّفا على الله ؟
والآن كيف يقبل ابن الله المتجسد كلي القداسة والمجد ان يقف امام ابيه كانسان زان ونجس وقاتل ومجدّف ؟ كيف والعلاقة بين ألأبن والآب لاتسمح ، فسمة الأبن ألأولى والعظمى هي الطاعة لأبيه ...واضح هنا ان طبيعة الأبن وذاته القدوسة وجفت وارتعبت بحكم قداستها من ان تقف امام ألاب مجدّفة . وظل ألأبن رافضا كاس خطايا ألأنسان وفضيحته أن تُنسب ذاتيا للأبن ، فهذا يطال علاقته بالأب فكيف يقبل؟ ولن يدخل هنا عنصر التجسد ، اي وضع الأبن الجديد أمام الآب حاملا اصلا ما ليس له ، وهو جسد الأنسان . فمشيئة ألأبن يدخلها عنصر ما ليس له ،إذ يدخل فيها حال الجسد البشري الذي يلبسه ، الذي امتنع عليه قبول هذه الخطايا وهو القدّوس . وهنا بلغت المضادة اقصى توترها . وبعد رفض الآب لثلاثة مرات ايضا وهو يرفض إعتذار الأبن وتمنعه ، سلّم الأبن المتجسد المشيئة للآب وقبل المسيح أن يشرب كاس خطايا البشرية طاعة للآب فقط "لتكن لا ارادتي بل ارادتك "لوقا 22: 42" 
وكان هذا هو الفداء ألأعظم أو أعظم ما في الفداء .
الصليب عند الهالكين جهالة امّا عندنا فهو عربون الحياة الجديدة في العهد الجديد حيث تمم يسوع عمل الفداء نهائيا بتقديم حياته ذبيحة على الصليب لأجل خطايانا، بعد أن حررنا يسوع المسيح ودفع ثمن الخطيئة وهو الموت بموته على الصليب وقيامته  فالخلاص والمصالحة مع الله  لم يكن ليتم لولا ثمن باهض وفادي عظيم . الصليب هو الذبيحة الوحيدة للمسيح الوسيط الوحيد بين الله والبشر
وهنا تبدأ المضادة دخوله عمليا على حياة المسيح . كيف يمارس المسيح حكم الموت واللعنة مع (من اجل) البشرية كلها؟!!! إلاّ بحكم إدانة رسمية عالمية موثّق عليه من ألأرض كلها بكل شعوبها
اولا: من قضاة الناموس القوّامين على الناموس الذي يقضي وحده بالموت امام الله ،
ثانيا : ثم يتحتم لكي يُنفّذ حكم الموت ان يصدّق عليه كل ألأمم ممثلين في محكمة عالمية لها قاضيها الرسمي . وبعد مناقشة واتهام وثبوت التهمة حتى يموت امام العالم . وهذا ماتم . والمسيح كان صامتا لايدافع حتى عن نفسه في المحكمتين(راجع  51-52 من الكتاب)
وألآن يتضح امام القارئ ان المسيح اخذ عمليا كل خطايا الأنسان فهو مجدّف على الله ،ومفسد للأمة ، وصانع شر ، ولكن اخطرها انه يجدّف على الله التي عقوبتها الصلب كملعون ."إنه "حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة (1بطرس 2 :24" وصلب بمقتضاها ومات .
كذلك "المسيح افتدانا من لعنة الناموس ، إذ صار لعنة لأجلنا ، لأنه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة ".(غلاطية 3:13".
هنا الفداء يأخذ اقوى معناه ، بل اقوى فعله ، إذ مات المسيح حاملا خطايا الأنسان واللعنة على الصليب ، ونزل الى القبر ودُفن وبقي في حالة الموت ثلاثة ايام ليُحسب موتا كاملا ، وذلك بجسده حاملا البشرية بكل خطاياها ولعنتها وكل عارها .
ولكن يتحتم ان ينتبه كل انسان ان الخطايا واللعنة التي حملها المسيح في جسده ومات بها ، ليست خطاياه، فهو بقي كما هو القدوس الذي بلا خطية .

لذلك تحتّم ان يقوم من بين ألأموات بجسد بشريته نفسه الذي مات به ، ولكن بعد ان اكمل  في جسد بشريته عقوبة الأنسان بالموت واللعنة .وهكذا قام بجسد البشرية وقد سقطت جميع الخطايا عنه ، وسقط الموت واللعنة ايضا [وهكذا دخلت الحياة الى البشرية بانسان واحد] فاصبح جسد بشريته جديدا طاهرا قدوسا غالبا الخطية والموت والهاوية ، واذ ارتفع عن الأرض اوضح بالبرهان المنظور نوع القوة الألهية الرافعة من الموت والتراب ..هكذا برهن بالبرهان العملي المنظور كيف بعد القيامة سيرتفع بنا المسيح لنستوطن السماء معه وفيه .

هكذا يسوع المسيح قدّم نفسه لله بروح ازلي ذبيحة لا عيب فيها يُطّهر ضمائرنا من ألأعمال الميّتة لنعبد الله الحي ، فموته يشير الى الفداء والغفران ، فبالفداء دفع ثمن تحريرنا من موت الخطية وبسفك دمه على الصليب غفر خطايانا ومسحها فكان الذبيحة الكاملة والنهائية.
اعظم امتياز عجيب هو ان تستطيع مشاركة الله في توصيل بشارته للآخرين ، بشارة الله بالفداء والخلاص والسلام . اشعيا 52 : 7"
لقد حررنا يسوع المسيح من اعتى أعدائنا  ألا وهو الموت , وأعطانا الحياة الأبدية " اين شوكتك ياموت واين غلبتُكِ ياهوية ؟ " ونقلنا من الظلمة الى النور ومن التعاسة الى السعادة ومن النجاسة الى الطهارة والقداسة ، ومن العبودية للشهوات الجسدية الى الحرية الروحية  ومن الخوف  الذي يجعل ألأنسان مرتعبا ومشلول ألأرادة ، الى السلام الذي يفوق الوصف
"وسمعت كلّ خليقة في السماء والأرض وتحت الأرض وفي البحر والكون كلُّه تقول:"للجالس على العرش وللحمل الحمد والأكرام والمجد والجبروت الى أبد الدهور"رؤيا 5:13
فهل آمنت بالمسيح وأتكلت عليه ؟
 19 : 9""  هنيئا للمدعوِّين الى وليمة عُرس الحمل!"رؤيا
-------------------------------------------------------------------------------------------------
المصدر
التفسير التطبيقي للكتاب المقدس

39

أحوال المسيحيّن في عهد المغول بعد سقوط بغداد سنة 1258م الجزء الأول
نافع شابو
مقدمة
جاء في مقدمة كتاب"تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية "الجزء الأول للأب البير ابونا مايلي:
"إنّ التاريخ للأمّة بمثابة العمر للأنسان . فكلما تقدّم الأنسان في سنيه إزداد خبرة الحياة ، إن هو أراد أن يعتبر بعِبَر الحياة في مراحلها السابقة .وكذا الشان مع التاريخ ، الذي قيل أنّه أكبر معلم للبشرية .أجل إنّ التاريخ تجربة البشرية وحصيلة معطياتها يتيح للأنسان استقراء الظواهر وألأحداث وتحليلها ومقارنتها وإدراك طبيعة السنن والقوانين التي تحكم نشاط الجماعات البشرية وتطور الحضارات وعوامل سقوطها . وعلى المؤرخ ان يتلافى النظر الى تاريخ العالم كاحداث عمودية وكعالم جامد مسطح ، بل أن ينظر اليه كحركة حية متطورة تاخذ شتى ألأتجاهات والأبعاد ، فيتدبرها افقيا بكل عناصرها وأبعادها . وعليه ان يعايش التاريخ أنطلاقا من تجاربه النفسية والفكرية والعقيدية لكي يدرك جوهر التاريخ ويقدم لمعاصريه عصارة هذه التجارب بعبارات تنبض حيوية وتتدفق نورا .أما المعايشة التاريخية فتعني أن المؤرخ يحيل التاريخ الى عملية حيوية ويخلصه من التجريد ويدخل الى صميم الحدث ، لا أن يقف خارج ألأسوار وينظر من بعيد . ذلك لأن التاريخ ليس حصيلة أحداث خارجية فحسب ، بل هناك القوى الداخلية والطاقات الروحية للأنسان في عملية تقييم مجرى التاريخ وتحديد مصيره (1).
يكتب غبطة الباطريرك لويس ساكو عن تاريخ الكنيسة المشرقية فيقول :
ربّما كان ينطبق على كنيسة المشرق اليوم، ومن غير مبالغة، كلامُ النبيّ أشعيا: «لا صورة له ولا بهاءَ فننظرَ إليه، ولا منظرَ فنشتهيَه» (2،53). غير أنّه يكفي أن نزيح حجاب الأحداث الراهنة لنرى جمال وجهها المشوّه! فهذه الكنيسة، التي يستهدفها اليوم مسلّحو داعش في شمال العراق وسوريا والعثمانيون في سفربرلك(1915-1919)، قد حافظت على الوجود المسيحيَ في بلاد ما بين النهرين، الذي يعود إلى عهد الرسل. فقد نشأت وسط الاضطهادات، في شبه عزلة واستقلاليَة وعرفت في القرون الوسيطة اندفاعة إرساليَة لا مثيل لها، قادتها إلى أقاصي الصين. ولم تكن أبدًا في تاريخها كنيسة قوميَة بالمعنى الإقصائيّ للكلمة، إذ جمعت تحت جناحيها شعوبًا وأممًا عديدة من بلاد الرافدين إلى الخليج العربيّ، ومن الهند إلى الصين. لذلك فإنّ محاولة تحويلها من سرّ مقدّس وُهب للعالم إلى قوميّة متقوقعة – كما يريدها البعض – يعني تحنيطها. فالكنيسة تتخطّى حدود الأعراق واللغات والقوميّات، لأنّ الكنيسة هي بشرى حياةٍ تتجسّد في كلّ الحضارات والثقافات
ازدهار واضطهاد
ثلاث خصائص أساسيّة ميّزت هذه الكنيسة عبر التاريخ: الاستشهاد تحت الحكم الفارسيّ، الحياة الرهبانيّة التي ازدهرت بعد الاضطهاد، وتشبّثها بالإيمان وبرسالتها خلال العهد الإسلاميّ
عندما جاء العرب المسلمون إلى ما يُسمّى اليوم بالعراق وهزموا الجيوش الفارسيّة، كان أكثر من نصف السكّان مسيحيّين ذوي لغة وثقافة سريانيّة. وانتشرت اللغة العربيّة بسرعة، وذلك أيضًا لأنّ الخليفة الأمويّ عبد الملك (685-705) كان قد جعلها اللغة الرسميّة للإدارة العامّة. وسهّل هذا الجوّ الاجتماعيّ الاقتصاديّ السياسيّ الجديد المسيحيّين في تبنّي لغة القادمين، في حين انحسرت اللغة السريانيّة إلى الليتورجيا والأدب(2)
يتسائل الأب جوزيف قزّي في مقدمة كتابه "بين المسيحية والأسلام" فيقول:
"ماذا بين المسيحية والأسلام ؟ حوار أم جدال؟ قبول أم رفض ؟ تسامح أم تصادم؟..لأ احد يسعهُ أن يجزم ،لأنّ تعاليم ألأثنين تعدو ، من جهة ، الى المحبة والقبول والحوار . ومن جهة ثانية ، نرى الممارسات المسلكية والتطبيقات العقادية مشحونة بالتصادم والقتل .
هناك في الحقيقة مواجهة عنيفة كانت منذ بداية ألأسلام : فكان غزو ، وتهجير، وجهاد ، وفتح وقتال ، وتصنيف للناس بين كافرين ومشركين وأهل ذمة ، وغيرذلك . والله نفسه (في ألأسلام طبعا) يدعو الى الجهاد ، حتى يدعو الناس إسلامهم ، إذ "إنَّ الدين عند الله ألأسلام "" ومن يبتغي غير الأسلام دينا فلن يُقبل منه" و" من يُرِد الله أن يُهديه يشرح صدره للأسلام .
ولايجب أن يبقى في جزيرة العرب دينان ، بحسب وصية النبي الأخيرة .....بينما في المسيحية : الله خالق الجميع ، وإله الجميع ، ويدعو الجميع الى الخلاص: الله "يُريد جميع الناس يخلصون ويبلغون الى معرفة الحق ""1طيموثاوس 2:4
(انتهى ألأقتباس)(3)
في الحقيقة منذ انتشار المسيحية في الشرق، وصولا الى الهند والصين ، كانت هذه الكنيسة مضطهدة، وفي كل عهودها وعبر عصورها. فمنذ عهد الساسانيين وبعدهم غزوات العرب المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيّين ،مرورا بعهد المغول بعد سقوط بغداد (1258)م ومن بعدهم الجلائريون والأتراك والعثمانيّون وحتى بعد سقوط الخلافة الأسلامية العثمانية في الحرب العالمية الأولى(1915-1920) ،وصولا الى يومنا هذا . عان المسيحيّون وعبرهذه الحقبات التاريخية من الأضطهاد والظلم والأستعباد والقتل وحتى ابادات جماعية وتهجير وتشريد وتدمير مقدساتهم . كان المسيحيّون في اغلب الأحيان تحت مطرقة الغزوات والحروب التي تُشن من خارج بلدانهم فكان المسيحيّون المسالمون الغير المسلحون في الغالب من اوائل الضحايا والظلم والأستعباد. بينما في الداخل ، كان المسيحيّون تحت سندان الخلفاء والسلاطين والحكام المسلمين يمارسون اشنع وابشع الوسائل الهمجية والغير الأنسانية بحق المسيحيين ، وكان آخرها هي ألأبادة الجماعية للأرمن والسريان والآشوريين والكلدان في تركيا الحالية ، والتي راح ضحيتها حوالي 2 مليون انسان . ولم يتوقف الأضطهاد والتهجير والظلم في البلدان العربية والأسلامية ،بحق المسيحيين ، بل مازال الجرح ينزف دما حتى عصرنا الحالي .هكذا اصبحت المسيحية في دول الشرق اقلية بعد ان كانوا يمثلون نسبة كبيرة خاصة في الدول العربية والفارسية والتركية .

اضطهاد المسيحيين في العهد المغولي
جاء في كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني:
منذُ سقوط بغداد بيد هولاكو ( 1258) مرت ستة قرون تخللها الكثير من الحروب والأنقلابات ، واعتراها الكثير من الغموض والألتباس .إنها العصور المظلمة لتاريخ البلاد وتاريخ الكنيسة التي عاشت في هذه البلاد. فعلى الصعيد السياسي ، عمّت الفوضى وساد ألأستبداد وأستشرى ألأستغلال ، منذ أن اطاح الغزو المغولي بالحكم العباسي الذي كان ، رغم ضعف إدارته في العهود ألأخيرة ، يضمن للناس شيئا من ألأستقرار والنظام والأزدهار ، على الصعيدين المادي والفكري . فجاء الأجتياح المغولي ضربة قاضية على ما انشاته ألأجيال من الحضارة والثقافة بجهود جبّارة ، وعلى ما أسفرت عنه تلك الجهود المتواصلة من النتائج الباهرة . فغرقت البلاد في بحر من الذعر والدمار ، وتفكّكت النظم الجميلة التي كانت سائدة فيها ، وأحتل السيف والقتل والنهب مكان الثقافة والنظام والقانون ...
وتوالت العهود المختلفة في البلاد، من المغول الى التركمان ، الى عهد تيمورلنك الدموي ، الى العهود العثمانية ألأولى ،بالأضافة الى تدخلات شاهات الفرس الصفويين التي زادت مشاكل البلاد تعقيدا ، وكلفتها المزيد من الخراب والدمار .وحاولت كل فئة أن تستغل ثروات البلاد بجشع دون حدود.فكثرت المظالم ، وضاعت المقاييس ، وعمّت الفوضى في طول البلاد وعرضها .
أمّا المسيحيّون المنتشرون في شتى ارجاء هذه البلاد ، فلم تكن حالهم بافضل من حال أخوانهم المسلمين[خاصة العرب]،بل كانوا غالبا ما يصبحون ضحايا سهلة للغزاة الذين كانت اطماعهم تملي عليهم مواقف تعسفية تجاه الجميع ، ولاسيما تجاه الفئات المستضعفة التي كانت تحاول دوما أن تعيش في سلام في ظل مختلف الأنظمة التي سيطرت على البلاد،وأن تتعاون معهم للخير والبنيان ، دون ان تفلح دوما في اقناعهم بنزاهتها أو درء اساليبهم التعسفية عن جماعاتها المسالمة.
وفي خضمّ هذه الفوضى المتفاقمة ، كاد سراج العلم أن ينطفيء (منذ حكم المتوكل بالله في العصر العباس الأخيرعندما سيطر فكر النقل على العقل وحورب العلماء والمفكرون ) ، فقلت النتاجات الفكرية ، وارتبك المؤرخون القلائل في تدوين الأحداث فلا عجب والحالة هذه ، ان تكون في تاريخ هذه الحقبة الطويلة فجوات مؤسفة او تناقضات في الروايات نتيجة انحياز المؤرخين او عدم حريتهم في التعبير عن ألأحداث بطريقة موضوعية وتقييمها [بل تم قلب الحقائق التاريخ في الكثير من ألأحيان من قبل الحكام والسلاطين المسلمين ].
كانت كنيسة المشرق ، في شطريها الشرقي والغربي(شرق الفرات وغربه) ، تعيش في جو من القلق وتبحث دوما عن الطرق الكفيلة بحفظ كيانها واستمرارية حيويتها ونشاطها . ولقد تعرضت لكثير من الأرتباكات من جرّاء التغييرات المستمرة الطارئة على ألأنظمة السياسية . ولم يكن من السهل على الكنيسة أن تفرض احترامها على أُناس طُبعوا على الهمجية والتخلُّف ، وهم لايقيمون وزنا لما تقدّمهُ هذه الكنيسة لشعوب المنطقة كلها من المثل العليا والقيم الأنسانية والروحية الأصيلة ، وما تسهم به في رفع شان الثقافة والعلوم(4) .
كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني
اواخر العصر العباسي:
شهدت العهود ألأخيرة من الخلافة العباسية ضعفا في الأدارة وفي السيطرة على مختلف ارجاء المملكة المترامية الأطراف ، مما ادى الى نشأة دول عديدة وامارات مستقلة في قلب الخلافة وعلى أطراف مناطقها .فالخليفة قد اضاع منذ مطلع القرن العاشرسلطته الفعلية حتى على بغداد نفسها .
أما ألأسباب الحقيقية لهذا الضعف ، الذي ادى الى الأنهيار التام للسلطة العباسية
على البلاد فهي كثيرة منها:
1 – الكثير من الفتوحات الأسلامية لم تكن الاّ اسمية
2 – لم تكن طريقة الحكم وما رافقها من اساليب ألأستغلال لموارد البلاد وجباية الخراج ضامنة لأستقرار الحال وثباتها .
3 – كما انّ الفوارق والحواجز بين طبقات الشعب- من العرب وغير العرب ، والعرب المسلمين والموالي ، والمسلمين واهل الذمة ..الخ ظلت بارزة طوال تلك العهود
4 – ظلت العصبية القبلية متاصّلة في نفوس العرب ذواتهم تثير الضغائن بين اهل الشمال والجنوب . ولم تتم عملية الأمتزاج بين الفرس ألأيرانيين والترك الطورانيين والبربر الحاميين والعرب الساميين
5 – وظهر ضمن نطاق الدين (ألأسلامي) نفسه من النزاعات المنتنافرة ، مالايقل عن ألأحزاب السياسية ، أثرا في تمزيق ألأواصر . ومن هذه النزاعات نشأت الشيعة وحركة القرامطة وجماعة الحشاشين وغيرهم ..
زحف المغول:
يجمع المؤرخون على ان غزو المغول للشرق ألأوسط هو افدح كارثة حلّت بالأنسانية . ويعود الفضل في جمع المغول وتوحيد صفوفهم الى شخصية قوية هي : شخصية "جنكيزخان " الذي استطاع ان يجتاح بجحافل المغول بلدان التمدن القديم في وحشية مدمّرة ومتعطّشة الى الدم ....انطلق من قلب اسيا (من قبائل منغولية اطلق عليهم التتار). ) وفي زحفه نحو الغرب التقى خوارزمشاه ، واراد جنكيزخان اقامة علاقات طيبة معه ، وارسل اليه ثلاثة تجار مسلمين للتفاوض معه ، حاملين له هدايا نفيسة ، .إلاّ أنّ خوارزمشاه قتل الموفدين بغباوة ، مما اثار عليه سخط جنكيز خان الذي جمع نخبة جيشه وسار بها بنفسه الى خوارزم ، يرافقه اولاده .فسقط امامه المدن والقلاع واحدة تلو الأخرى ، ودمَّر بخارى الشهيرة بعد حصار وجيز.

ثم جاء دور سمرقند وغيرها من المدن الكبرى . وسيَّربعض كتائبه لتعقب الشاه الذي فرّ من امامه والتجأ الى جزيرة في بحر الخزر . وهناك توفي سنة 1221.
حين اجتاح المغول الدولة الخوارزمية سنة 1220 قاموا بقتل جل مسيحيي المدن الكبرى كسمرقند وبخارى ومرو بدون تمييز. وهو الأمر الذي جعل الأوربيون يترددون في الدخول في حلف معهم.

على اثر هذه الفتوحات الصاعقة عاد جنكيزخان الى موطنه ألأصلي لأخذ قسط من الراحة .وهناك وافته المنية سنة 1227
واصل ابنائه فتوحات ابيهم ، فتم لهم اخضاع اوربا الشرقية ، وفتحوا عاصمة البلغار وروسيا وبولندا والمجرما بين سنة 1237،1243م . ثم أُعلن "منكو" أحد احفاد جنكيزخان ،"خانا"أعظم . فعهد منكوخان سنة 1253 م لأخيه "هولاكو" بمهمة القيام باخضاع ما تبقى من بلدان الشرق ألأوسط وفتح آسيا الغربية كلها . فغادر هولاكو بلاد المغول ، في جيش جرّار وهو يقصد القضاء على "الحشّاشين " والخلافة(العباسية) معا . فدمّر قلاع الأسماعيليين (الحشاشين)[ كانوا يشبهون دواعش اليوم ] ، واسر زعيمها خورشاه،سنة 1256 م ثم وصل الى همدان في السنة التالية . ومن هناك ارسل الى الخليفة العباسي "المستعصم " يتهدده ويتوعده مطالبا اياه بالأستسلام .لكن الخليفة رفض هذا الطلب (5).
تاب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزءالثاني

سقوط بغداد سنة 1258:
كان الخليفة المستعصم (اخرخلفاء العباسيين ) محاطا بمستشارين اردياء مثل الوزير مؤيد الدين العلقمي المتواطئ مع المغول . هؤلاء المستشارون حملوا الخليفة على اتخاذ موقف التصلب والرفض الذي ادى الى الكارثة والدمار...
في كانون الثاني سنة 1258 م اشتبكت القوات العباسية بقيادة الدويدار الصغير مجاهد الدين ايبك مع القوات المغولية عند الدُجيل(قرب بغداد).وانتهت المعركة
بتحطيم الجيش العباسي ..وتقدم هولاكو من خانقين بالجيش المغولى الرئيسي المؤلف من 200000 محارب الى بغداد. وفشلت محاولات الخليفة التوصل الى حل سلمي ، بعد فوات الأوان ، إذ أوفد الى هولاكو الوزير "إبن العلقمي" مع جاثليق النساطرة للمفاوضة بالصلح ، وكان لهولاكو زوجة مسيحية تُدعى "دقوز خاتون ". إلا ان هولاكو رفض مقابلتهما . إقتحمت عساكر هولاكو مدينة بغداد في شهر شباط 1258م . اضطر الخليفة مع 300 وقيل 3000 من خاصته وقضاته الى المجيء الى هولاكو خاضعين مستسلمين دون قيد او شرط . لكن هولاكو امر بقتلهم . وقتل الخليفة . ثم أطلق الفاتحون أيديهم ببغداد واهلها قتلا ونهبا وتمثيلا سبعة ايام او يزيد ، حتى قضوا على أكثر سكانها ، ولم يستثنوا اسرة الخليفة ، ولم يميزوا بين الرجال والنساء والأطفال ، حتى قيل ان عدد القتلى فيها بلغ 800000 نفس بل قيل الف الف (مليون )نفس ولم يبقى من اهل المدينة ومن اهل السواد الا القليل . والقيت النار في المساكن واستولى الخوف في المدينة . فتراكم القتلى في الدروب والأسواق كالتلول. عدا من أُلقي من ألأطفال في الوحل ومن هلك في القنى والآبار والسراديب ، فمات جوعا وخوفا. وثقل الهواء بما حمله من رائحة كريهة ، رائحة الجيف المنتنة واشلاء القتلى المطروحة في شوارع المدينة . بحيث اضطر هلاكو الى الأبتعاد عن المدينة اياما [ كما فعل محمد الفاتح العثماني بمسيحيي القسطنطينية (اسطنبول حاليا) عندما دخلت جيوشه المدينة سنة1453م وعمل مثل ما عمل هولاكو ولكن الفرق هو ان محمد الفاتح سمح لجنوده بالقتل والذبح وهتك الأعراض لمدة 3 ايام ]
كان هولاكو نفسه وثنيا ، ولكنه اظهر العطف على البوذيين والمسيحيين ، إبتغاء مرضاة زوجته المسيحية دقوز خاتون . وعامل جاثليق المشرق معاملة حسنة ، وابقى على بعض المدارس والمساجد.
توفي هولاكو سنة 1265 م ، بعد ان دوّخ العالم بفتوحاته ، وقضى على الكثير من معالم التمدن والحضارة .ودفنت معه غانيات جميلات ، عملا بالعادات المغولية .
وفي عهد الأليخان السابع "غازان محمود"1295-1303" تبنى المغول الديانة ألأسلامية التي اصبحت منئذ دين الدولة المغولي الرسمي .
منذ سقوط بغداد ،وما احدثه غزو هؤلاء ألأقوام من الفوضى والدمار والأبادة في بغداد العاصمة وفي المناطق الأخرى من البلاد ( في بلاد بين النهرين وما يجاورها من بلدان الشرق ألأوسط ) لم يكن هناك شعب يتمتع بالأستقلال سواء كانوا مسلمين او مسيحيين عرب او كردا او سريان او اشوريين .
فبالرغم من حماية داقوزخاتون ، زوجة هولاكو للمسيحيين ، الا ان المسيحيين لم يكونوا في وضع مستقر ، بل غالبا شاطروا مصير اخوانهم المسلمين، وتعرضوا للقتل والنهب والسلب من قبل السلطات المغولية عديمة الرحمة . فقد اصدر هولاكو امرا بابادة المسيحيين في تكريت ،بحيث لم ينجى منهم سوى القلائل من الشيوخ والعجائز.(6).
تاريخ الكنيسة الجزء الثاني الأب البير ابونا
يزودنا إبن العبري ، في التاريخ السرياني او تاريخ الزمان ، وفي تاريخ مختصر الدول بأحداث كثيرة تخص المسيحيين جرت في عهد المغول :
ففي سنة 1259 ، صعد عزالدين سلطان قونيا الى دير ماربرصوما ووعد البطريرك ديونيسيوس بكل خير ومساعدة . وفي 20 تموز من السنة نفسها ، توفي الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ ابو الفضائل صاحب الموصل(والي الموصل) ، وخلفه ابنه الملك صالح اسماعيل . ومن طريف مايروى عن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أنّ الخليفة العباسي ألأخير المستعصم كتب اليه يطلب منه جماعة من اهل الطرب !!!. وفي تلك الحال ، وصل رسول السلطان هولاكو يطلب منه منجنيقات وآلات الحصار . فقال بدر الدين: "أُنظروا الى المطلوبّين ، وأبكو على ألأسلام "[ ينطبق على الخليفة المستعصم المثل المشهور: "عرب وين وطمبورة وين "]. وما ان اقبلت سنة 1260م حتى نزل هولاكو بصحبة 400 الف جندي الى المناطق بين النهرين العليا . فاستسلمت حران والرها ، واقتحموا سروج واحتلوها عنوة . ومدوا جسورا على الفرات واجتازت العساكر الى سوريا ، مع ملك الملوك ودقوزخاتون الملكةالمسيحية . وجرت مجزرة رهيبة في منبج ، وأجتاح المغول الحصون والقلاع في تلك المنطقة . وحاصروا حلب ، فقاومهم الملك ابن صلاح الدين . ولكنه لم يصمد طويلا امام جيوش هولاكو. فدخل المغول مدينة حلب وجرت فيها مجازر قتل فيها أكثر مما قُتل في بغداد لدى استيلائهم عليها .ثم استولوا على الشام ، ورتَّب هولاكو فيها اميرا كبيرا يُدعى كتبوغا ، وهو تايماني مسيحي ، ومعه عشرة آلاف فارس . وكان ابن العبري نفسه مطرافوليطا في حلب لدى سقوطها في ايدي المغول . فذهب ليقدّم الخضوع لهولاكو . فسجنه هذا مدة في قلعة نجم . ثم عاد هولاكو الى بين النهرين ، وحاصر ماردين واستولى عليها بسبب الوباء الذي تفشّى فيها . وقد قُتل كتبوغا بعد ذلك في معركة جالوت .
ولدى اجتياز شمس بن يونس بناحية برطلي(في سهل نينوى) تشاور مع رؤوساء النصارى فيها ، وأطلعهم على ان الملك الصالح صاحب الموصل عازم على قتل زعماء النصارى في منطقة نينوى،فسارع المسيحييون في الذهاب الى اربيل .
وإثرهروب الملك الصالح من الموصل (والي موصل العباسي)، دخلها قوم من المناوئين ، وثار اهل الموصل على النصارى ، ونهبوا بيوتهم وقتلوا الذين لم يعتنقوا ألأسلام .وكثيرون من الكهنة والشمامسة والرؤساء والشعب جحدوا دينهم تجنبا للأضطهاد. ونزل الأكراد ايضا من الجبال المجاورة ودخلوا الموصل ومناطقها واقترفوا المجازر بين المسيحيين ، واستولوا على دير الراهبات في بلدة خوديدة (قره قوش) ، وقتلوا فيها خلقا كثيرا . ومن هناك صعدوا الى دير مار متي وحاصروا فيه الرهبان طوال اربعة اشهر. واقتطعوا جزءا من الجبل ودحرجوه على الدير . لكن الرهبان سدوا الثغرة التي احدثتها الصخرة في جدار الدير واستمروا في مقاومة الغزاة المعتدين . وأصيبت في المعركة عين ابي نصر رئيس الدير . في الأخير ، تفاوضوا على السلام ، وقبل ألأكراد ،لأنهم خافوا من قدوم المغول ، وأخذوا اموالا طائلة من الدير وعادوا ادراجهم . وكان مسيحيّوا آخرون قد فرّوا من الموصل واحتموا في دير الخنافس.
لكنهم غادروه وقصدوا الزاب يريدون الذهاب الى اربيل . إلا ان عصابة قوتلو بك صادفتهم وفتكت بهم وأبادتهم عن بكرة ابيهم .
واشتهر في ذلك الزمان القائد المغولي المسيحي "سمداغو" الذي لعب دورا هاما في الحروب الدائرة في منطقتي الموصل والجزيرة . فقد تمكن هذا القائد من الوصول الى الموصل سنة 1263م وأعادة النظام فيها. ثم ذهب وحاصر الجزيرة منذ الشتاء حتى الصيف . وكان حنانيشوع اسقف المدينة النسطوري خارج المدينة آنذاك .، فاخبر ملك الملوك انه يعرف صناعة الكيمياء وان بوسعه ان يطبع له من الذهب بمقدرا ما يشاء . ونال من هولاكو امرا بصيانة حياة سكان الجزيرة . فاستسلمت المدينة ودخلها الجيش المغولي بقيادة سمداغو الذي هدم اسوارها ورتّب فيها الرؤساء ، وعيّن حنانيشوع حاكما عليها .
في مطلع الصوم الكبير توفي هولاكو .ويقول عنه المؤرخ المسيحي "ابن عبري" انّه كان حكيما حليما ذا فهم ومعرفة يحب الحكماء والعلماء . وفي الصيف التالي تبعته الى القبر دقزوز خاتون ، وكانت ايضا عظيمة في رايها وخبرتها . وخيّم الحزنُ على المسيحيين بموتها لأنهما كانا يدعمان الديانة المسيحية.
وفي الثامن عشر من نيسان سنة 1265 ، توفي ايضا البطريرك الشرقي مكيخا ودفن في البيعة (كنيسة) الجديدة التي بناها بدار الخليفة ، وكانت رئاسته اكثر من ثماني سنين بقليل ، وخلا الكرسي بعده سبعة اشهر وخمسة عشر يوما .
بعض الجرائم ،التي ارتكبها المسلمون بحق المسيحيين في عهد ملوك المغول [غير الجرائم التي ارتكبها المغول ] قبل ان يدخلوا ألأخيرين في الأسلام ليكون دين الدولة الرسمي:
1 – في حزيران 1268 ، حاصر البندقدار صاحبُ مصر مدينة انطاكيا(ذات الغالبية المسيحية) واحتلتها جيوشه وأَعملوا فيها السيف والدمار واحرقوا كنائسها الشهيرة . وفي ذلك الصيف ،القي القبض على حنانيشوع اسقف الجزيرة النسطوري وصدر امر بقتله ، فقطعوا رأسه وعلقوه فوق باب مدينة الجزيرة .
2- وفي مطلع الصوم الكبير سنة 1271 هاجم بعض الرعاع المسلمين علاء الدين صاحب الديوان في بغداد وطعنوه بالسكاكين , وزعم المسلمون ان الجناة كانوا من المسيحيين الذين ارسلهم الجاثليق لهذا الغرض. فالقي القبض على الأساقفة والرهبان والرؤوساء المسيحيين في بغداد وأودعوا السجن !!!. والقى "قوتلوا بك" اميرُ اربيل القبض ايضا على الجاثليق مار دنحا وعلى اساقفته وسجنهم ، ومكثوا في هذه المحنة طوال الصوم ، الى ان جاء امر من المعسكر يقضي باخلاء سبيلهم . إذ ذاك ذهب الجاثليق المظلوم واستقر في مدينة اشنو في اذربيجان .
3- سنة 1274 م اراد مسيحيّوا اربيل ان يحتفلوا بعيد السعانين ،حسب تقاليدهم ، ولكنهم شعروا بان المسلمين سيسببون لهم المتاعب ، فاستنجدوا ببعض المغول المسيحيين الذين جاؤوا ورفعوا الصلبان فوق رماحهم ، وتقدموا موكب السعانين راكبين خيولهم ، يتبعهم المطرافوليط مع المؤمنين . وما ان وصلوا الى القلعة (قلعة اربيل) ، حتى انهال المسلمون عليهم رجما بالحجارة .فتشتت موكبهم وعادوا الى بيوتهم خائفين . وفي هذه السنة ايضا توفي نصير الدين الطوسي الفيلسوف صاحب الرصد في مدينة مراغة ، وكان حكيما عظيم الشأن في جميع فنون الحكمة .
4 – وفي سنة 1275 ، هاجم المصريون مناطق قليقية ودمروا البلاد ، وقتلوا 25 راهب في دير باقسماط ، مع الربان شليمون الشيخ الجليل وأمين سر البطريرك مار اغناطيوس السرياني ، واحرقوا الدير مع سائر الأديرة الأخرى في المنطقة .فاضطر البطريرك السرياني الى الهرب واللجوء الى قلعة بهغا .
5 – وفي 17 شباط سنة 1276 نزل غباراحمر كثيف في مناطق الموصل واربيل ، ودام ست ساعات ، واثار الرعب بين السكان . وفي ألأثنين السابق لعيد القيامة عند المسيحيين ، قتل الأتراك اسقف مدينة ارزنجان ألأرمني مع ثلاثين آخرين من الكهنة والرهبان والمؤمنين .
6 – وفي سنة 1277 ، هاجم الأكراد جبل ألألوف ، وقبضوا على عشرة رهبان من دير مار متى ، فقتلوا واحدا منهم وباعوا التسعة الآخرين باربعة آلاف درهم.
7 – وحينما رات الملكة قوتاي خاتون ، سنة 1279 م ،أنه منذ ان كفَّ المسيحيّون من تقديس ماء النهر(نهردجلة) يوم الدنح (عماد المسيح ) ، وذلك بسبب ما كانوا يتعرضون له من مضايقات المسلمين ، عمَّ البلاد بردٌ شديد ، جاءت الى مراغة ، وامرت المسيحيين بان يخرجوا كعادتهم ، مع صلبان معلقة على رؤوس الرماح . وعندما قاموا بهذه الرتبة ، منَّ الله عليه ، فتلطَّف المناخ ونبت الكلاْ وصار الشتاء معتدلا مثل الربيع ، وعمّت البهجة جميع الناس
8 - وفي مطلع عام 1282 عاد اباقا خان من بغداد الى مدينة همدان . وفي احد القيامة ، ذهب الى الكنيسة واحتفل بالعيد مع المسيحيين مبتهجا . وفي يوم ألأثنين اقام له احد كبار الفرس المسيحيين اسمه بهنام وليمة فاخرة في داره. وفي ليلة الثلاثاء تغيّر مزاجه واضطرب وصار يرى الخيالات في الهواء . ويوم ألأربعاء ، وهو اليوم ألأول من نيسان لتلك السنة ، وهو العشرون من ذي القعدة ، وافته المنية . وفي 26 نيسان توفي اخوه مانكو تيمور ايضا . وبعد موتهما ساد ألأضطراب في منطقة نينوى ، والتجأ المسيحيون الى دير مار متى ، حيث حلّ بهم الوباء وتوفي نحو 30 راهبا (6).
تابعونا في الجزء الثاني عما حدث للمسيحيين بعد تحول المغول الى الأسلام
------------------------------------------------------------------------
(1)
"تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية "الجزء الأول للأب البير

(2)
البطريك ساكو يكتب "كنيسة المشرق":الفا عام من الأضطهاد والرسالة
https://www.radiomariam.org/patriarca-sako/

(3)
الأب جوزيف قزّي في مقدمة كتابه "بين المسيحية والأسلام"

(4)
كاتب تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثاني:
(5)
المصدر (4) اعلاه
(6)
تاريخ الكنيسة للأب البير ابونا الجزء الثالث
مصادر اخرى مهمة
لمن يريد المزيد عن موجز لتاريخ الكنيسة منذ بداية عصر الساسانيين الى سقوطها على يد العرب وبداية الأسلام يمكنه مراجعة المواقع التالية .
راجع مقال للكاتب بعنوان "احوال المسيحيين في عهد الخلفاء العباسيين "
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=828275.0

الحروب الدينية بين الفرس والروم البيزنطينيّين في عهد كسرى الثاني للفترة (590-628)م ج2

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=690483
الحروب الدينية بين الفرس والروم البيزنطينيّين في عهد كسرى الثاني للفترة (590-628)م ج1
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=689146
إنتشار المسيحية في عهد كسرو الثاني قبل الحروب الساسانية البيزنطية ج3
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=652010
انتشار المسيحية في عهد الأمبراطورية الساسانية قبل ظهور الأسلام ج2
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=645449
انتشار المسيحية في عهد الأمبراطورية الساسانية قبل ظهور الأسلام ج1
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=644780
جذور ألأسلام النصرانية وأكذوبة "العصر الجاهلي" في التراث الأسلامي
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=641826



40

 "ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت " مزمور 104 : اية 24"
نافع البرواري

مقدمة
هذه الدراسة هي جهد صديق طلب مني نشرها وهو لايريد ذكر اسمه الحقيقي .أرجو أن تستمتعون وتتأملون في حقيقة لايمكن إلا ان نمجد الله الخالق من خلال خليقته ونقول مع صاحب المزمور:
"اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ." مز 19: 1
نعم السماوات والأرض تُمجِّد هذا الخالق العظيم الذي خلق الكون العجيب ليكون ألأنسان هو تاج هذه الخليقة. وما العلم الا وسيلة لأكتشاف عجائب هذه الخليقة التي لايمكن ان تكون صدفة ابدا ، بل أنَّ العقل والمنطق يشيران الى مصمم عظيم للكون والحياة . العلم يكشف لنا معجزة الخالق من خلال مخلوقاته ويعطينا ادلّة عن نظام دقيق وجمال وروعة المخلوقات، وحقائق لايمكن ان نعزوها الى الصدفة والعشوائية ابدا.
يقول عالم ألأحاثة والمتصوّف واللاهوتي " تيار دي شاردن " في كتابه "الجو ألأِلهي" :
"العلوم الوضعية حولنا تكشف باستمرار روابط جديدة بين عناصر الكون. وفي داخلنا نحنُ تستيقض وتثبت عوالم متجانسة موحَّدة ، وإنَّ التوق نحو الواحد ألأوسع ، وألأكثر تنظيما ، هو بذاتهه معرفةٌ مُعلمة ٌ عند المفكّرين الحقيقيين ، وسذاجة مُدَّعية عند أنصاف المثقفين ".
كتب الدكتور جورج رشيد خوري في مقال بعنوان :" الخلية العجيبة وأنواعها في ألأحياء " .
" دليل بالي وهو فيلسوف انكليزي اثبت وجود الله من خلال العقل ، فكتب: "انَّ كل آلة لها صانع . وان دراسة تشريح العين مثلا يبين لنا غاية واضحة وقصدا بيِّنًا, وهي انها صنعت للنظر. ودراسة تشريحها يبين لنا انها صنعت على مثال عجيب. ولا يعقل وجود آلة, أو آلاة معقدة كهذه, لها مثل هذه الدقة في الغرض الذي تؤديه, دون ان يكون لها صانع صممها بحكمته ونفذها بقدرته حتى تأتي بمثل هذه الدقة بالاعمال "

مقارنة الحواس الخمسة عند الحيوانات مع الحواس الخمسة عند الأنسان :
عند الحيوانات
أولا : الرؤية واستشعار الضوء(الإحساس البصري) (العيون) عند الحيوانات
12 عدد العيون .....نجم البحر لديه ثمانية عيون - قنديل البحر(جيللى فيش) لديه ثمانية عيون - العقرب لديه
عين - يوجد نوع من الاسماك لديه اربعة عيون (اوعينان فقط ، لكن كل واحدة منهما منقسمة) تستطيع ان ترى ما فوق سطح الماء وماتحت سطح الماء فى وقت واحد.
حجم العيون ..... أكبر العيون هي عين الحبار العملاق (قطرها
38 سنتيمتر) اي حجم كرة السلة او حجم رأس الإنسان - أكبر
اي حجم كرة السلة او حجم رأس الإنسان - أكبر
العيون فى الثدييات هي عين الخيول - عين النعامة أكبر من دماغها
# حدة الابصار..... أقوى حدة الابصار في جميع المخلوقات هى عيون الصقرو النسر...تستطيع رؤية فريستها من مسافة 3 كيلومترات
# مجال الابصار..... مكان العينين في رأس بعض الحيوانات تسمح لها برؤية مجال ابصار اوسع من الانسان قد تصل الى 300 درجة في وقت واحد(اى رؤية ما خلفهم دون تحريك راسا).. مثلا الحصان – الحمار – الاغنام – الحوت – الأرانب - الببغاوات -
الرؤية بكل عين مستقلة (اى يمكنها النظر فى اتجاهين مختلفين في نفس الوقت )...مثلا الحرباء (شاميليون)
يدير دورة الرأس دورة كاملة دون أن تحرك جسمها ..... البومة
بصر فائق التطور(عيون معقدة جداً) .... الحشرات(مثلا الذباب) لديهاعيون سداسية تتكون من آلاف العدسات الصغيرة بحيث تلتقط كل عدسة جزء من الصورة... ثم تتجمع الصور مع بعضها لتكون الرؤية الكاملة
200# حركة العيون و الاشياء..... الذباب قادرعلى إدراك شئ متحرك بسرعة كبيرة...تستطيع التقاط
لقطة في الثانية... مما يسمح لهم بالهروب السريع( لذا لا تستطيع قتلها بسهولة)
عيون مثل التيليسكوب..... = تستطيع ان تعمل فوكاس (زووم ) على جزء ما من شئ تراه(تشبه كاميرا السينما)...مثلا
النسور وهى فى الجو تستطيع تركيز نظرها (تعمل زووم)على كائن يسير على الأرض ...لكي ترى تفاصيله بوضوح
الجفن الثالث..... لحماىة العين من وهج الشمس و من الغبار والتراب و الرمال ....مثلا عيون الطيور والحيوانات
أهداب العين (الرموش) الطويلة..... وقد تكون ثلاث مجموعات لحماىة العين من الغبار والتراب و الرمال.. مثلا الجمل
حدقة العين(الننى)(البؤبؤ)... عند الانسان هى مستديرة ....لكنها مستطيلة عند الماعز والأخطبوط (غير معروف السبب , قد تكون وقائية للعين ).
0,5 مم .# البقعة الصفراء فى شبكية العين (الماكيولا - الفوفيا).....عند الانسان هى دائرة قطرها
...بعض الحيوانات مثلا الفهد ( شيتا) هى عبارة عن شريط ضيق طويل أفقي= يمكنها اكتشاف الفريسة في أي مكان داخل شريط الرؤية
ملاحظات
-1
الحواس الخمس عند بعض الحيوانات افضل (اكثر تطورا) من حواس الانسان (فى التركيب الفسيولوجى والكفاءة ) لتلاءم طريقة معيشتها و ظروفها البيئية... هذا يعنى ان الحواس الخمس عند الإنسان قاصرة و قد تكون خادعة و قد تخطئ (أخطاء فى الإدراك الحسي)... ...مثلا عدم رؤية الشىء (حاسة البصر) بالعين المُجردة لا يعنى عدم وجود الشىء
-2
75% من البصر 13% من السمع 6% من اللمس 3% من الشم استقاء المعلومات عن طريق الحواس
3% من التذوق
حواس خاصة (بصرية) لدى بعض الحيوانات وليست لدى البشر
رؤية الأشعة فوق البنفسجية(الترا فايلوت),تسبب رؤية الاشياء ازهى (اكثر تألقا) مما يراها الانسان..... مثلا الطيور والحشرات وألأيائل.
الطيور مثل الصقور وطيور العوسق تسنطيع تحديد موقع الفئران بسهولة ...ذلك لان بول وبراز الفار يحتويان على مواد
كيميائية تمتص الاشعة فوق البنفسجية
الحشرات(النحل مثلا يرى الزهور ازهى مما نراه)
الرنة (ايائل) في جبال ألاسكا الثلجية.. فى موسم الثلوح فرائسها تتوهج بلون أرجواني على ارضية من الثلج الابيض بينما ترى
الذئاب تبدو سوداء على ارضية من الثلج الابيض (شئ مدهش جدا)
) استشعار الأشعة تحت الحمراء(انفرا ريد) = (حساسية كشف درجة حرارة فرائسها
إدراك عندما يكون كائن حي آخر في مكان قريب مثلا بعض الثعابين (الأفاعى) خاصة السامة لديها حفر في الجزء العلوي (مثلا بين العينين) هذة الحفر تحتوي على مستقبلات ... يمكنها اكتشاف الحرارة المنبعثة من شخص حولها ...إنشاء صورة متعددة الأبعاد.تراها باللونين الأحمر و الأزرق.... تتيح لها تحديد مكان الفريسة في جميع مستويات الإضاءة درجة من الدقة بحيث تتمكن الأفعى استهداف أجزاء الجسم الضعيفة من الفريسة (شئ مدهش جدا)
ملحوظة... الخنافس لديها أجهزة استشعار تكشف عن الأشعة تحت الحمراء الناتجة عن حرائق الغابات على بعد 50 ميل
# الرؤية بالحركة البطيئة.....= رؤية العالم كانه يتحرك حركة بطيئة = يرى أسرع الحركات فوراً وكأنها حركة بطيئة(كأنه يراها بالتصوير البطيء)...مثلا اليعسوب (فرس النبي) - الذباب اليعسوب (فرس النبي).... يرى 500 صورة في الثانية يمكنه تحديد وتتبع اى شئ في 1 - 500 من الثانية (الانسان يرى 60 صورة في الثانية)
ملحوظة...هذه الحشرة المفترسة تصطاد 95٪ من فرائسها، بينما يصطاد الأسد 40٪ فقط الذباب يستطيع رؤية الاشياء المتحركة و كأنها بطيئة (مثل التصوير البطئ فى الأفلام)
# اكتشاف الضوء المستقطب.... = اى ان الضوء فقط يتأرجح في اتجاه واحد= تستطيع ان تكشف عن الأنماط الدقيقة خاصة فى الأيام الملبدة بالغيوم....مثلا النحل - الحبار - بعض الخنافس - روبيان(جمبري) السرعوف الأخطبوطات...تحتوي بشرتها على أنماط (غير مرئية للعيون البشرية) تعمل على استقطاب الضوء = مثل النظارات الشمسية المستقطبة روبيان(جمبري) السرعوف ...يمكنه استقطاب الضوء استقطاب دائري = (في اتجاه أو عكس عقارب الساعة)
ملحوظة... روبيان السرعوف هو الحيوان الوحيد على وجه الأرض...يمكنه استقطاب الضوء استقطاب دائري(شئ مدهش جدا)
التلؤلؤ الذاتى..... = يمكن أن تنتج ضوءها من خلال التفاعلات الكيميائية التي تخلق توهج...مثلا بعض الحشرات – بعض القشريات - الأسماك الكاردينالية ربما لهذا السبب تخشى الحيوانات التى تفترسها من اكلها حتى لا تتلألأ - وبالتالي تصبح هى مرئية للحيوانات المفترسة الاخرى
الرؤية الليلية ..... = تستطيع الرؤية فى درجة اضاءة منخفضة... مثلا الحيوانات الليلية التى تصطاد في الليل البومة تستطيع الرؤية فى درجة اضاءة منخفضة مائة مرة عما يحتاج إليه الإنسان للرؤية و رؤيتها ثلاثية الابعاد(3 دى) الضفادع تتمتع بقدرة رائعة على الرؤية الليلية، لتتفوق على جميع الحيوانات الأخرى و قادرة على رؤية الالوان في الظلام
الأسماك في اعماق البحار المظلمة مزودة بمصابيح تعكس الضوء الذي يسقط لرؤية الأشياء ملحوظة....النمل ..حاسة الرؤية عنده ضعيفة جدا (لا يرى الأشياء) ولكنه يفرق فقط بين الضوء والظلام # عيون تلمع في الظلام ..... مثلا عيون النمر - الشيتا - الأسد - القطط - الكلاب تحتوي شبكية العين عندها على طبقة تسمى (تابيدم ليوسيدم)..... تعمل كالمراه وهى مسؤولة عن حدوث بريق عيون(هذه الطبقة لا توجد في الإنسان).
ملاحظات
-1
) الطيف الكهرمغناطيسي ....المرئى للانسان(الاشعة المرئية
-2
الطيف الكهرمغناطيسي ....غير المرئى للانسان(الاشعة غيرالمرئية)....الاشعة فوق بنفسجية - الأشعة تحت الحمراء - إشعاع ميكروويف وموجات الراديو.
-3
الحيوانات العمياء( التى تعيش تحت الارض او فى اعماق البحار المظلمة) لا تحتاج لحاسة البصر على الأطلاق.... تستخدم مجموعة أخرى من الحواس حتى تتمكن من الحياة
مثلا...حيوان الخلد ذو الأنف النجمي - أسماك اعماق البحار - أسماك الكهف العمياء - سمكة الكهف المكسيكية العمياء (التتر المكسيكية)
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
ثانيا : حاسة السمع( ألأحساس السمعي)(ألأذان) عدد الحيوانات.
سماع الموجات تحت الصوتية (انفرا سونيك).....مثلا الفيل - الزرافة – التمساح تستخدمها للتواصل عندما يكونون بعيدين عن بعضهم
الفيل الأفريقي .... تتصل بعضها ببعض من مسافة تتعدى 4 كيلومترات ، يمكنهم سماع عواصف رعدية بعد 500كم
سماع الموجات فوق الصوتية (الترا سونيك)..... مثلا الكلب(يدرك اقتراب العاصفة او الزلزال قبل الانسان) - الحصان – الحمار - تارسيوس(قرد صغير) - البومة
استخدام خاصية الصدى(السونار) لتحديد الموقع.....مثلا الحوت – الدولفين- الخفاش(الوطواط) تنبعث من حنجرة الخفافيش موجات فوق الصوتية (لا يسمعها البشر) ، تبعث من خلال فمهم أو أنفهم... تنتشر موجاتها أمام الخفاش الطائر....اذا ارتطمت بأي عائق في طريقه... ترتد بعد ذلك ... تستقبلها الخفافيش بأذنيها الفائقة التطور ... يترجمها بسرعة ويقدر المسافة بينه وبين هذا العائق وسرعته-...تحديد (تحديد مسافة، و سرعة) الأشياء الموجودة حولها ...تشبه جهاز سونار اكثر تعقيدا من كل الاجهزة الموجودة في الغواصات الاكثر تطورا الدلافين: تصدر الموجات فوق الصوتية (سونار) من جهاز فى الانف ....تستطيع الدلافين تعديل قوة انبعاث السونار منه يمكنها تفقد الأطفال الجنين داخل رحم النساء الحوامل (سونار)
ملاحظات
-1
20 و 20000هيرتز (دورة في الثانية )) تستطيع اذن الانسان ان تسمع تردد ذبذبات الصوت بين
-2
(10 كيلومترات ) اقصى مسافة يسمع منها الانسان(اعلى شدة صوت.. انفجار مثلا) حوالى
-3
20000 هيرتز موجات فوق الصوتية كثير من الحيوانات قادرة على سماع ترددات صوتية اعلى من
-4
كثير من الحيوانات قادرة على سماع ترددات صوتية
اقل من 20 هيرتز موجات تحت الصوتية (انفرا سونيك)
اى آذان أكثر تعقيدًا وحساسية من آذان الانسان
-5
) بعض الحيوانات لديها قدرات سمعية اخرى ليست عند الانسان مثلا اصدار السونار الحيوى - تحديد الموقع بالصدى
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
ثالثا : حاسة الشم(الشم ) عند الحيوانات
7 مرات من الكلاب (حوالي 70000 مرة الدببة..... قدرة الدببة على الشم(خاصة الدب الأسود) أكثر حساسية
أكثر من حساسية من البشر).
الكلاب البوليسية..... قادرة على شم أي شيء من العقاقير إلى السرطان
الكلاب..... قدرة الكلاب على الشم أكثر حساسية 10000 مرة من ألأنسان ...أي انها تستطيع شم ما يشمُه ألأنسان إذا خفف 10000 مرة .
سمك القرش..... لديه حاسة شم قوية و حوالى 40 % من دماغ القرش مكرس للأحساس بالرائحة والشم .
الخلد ذو الانف النجمية ( حيوان اعمى)..... لديه حاسة شم قوية جدا جدا تستخدمها لإيجاد الطعام
الفئران..... لديها حاسة شم قوية جدا تستخدمها لإيجاد الطعام ، قدرتها على عزل المعلومات من كل منخر على حده (=كل انف تعمل بشكل مستقل )... يمكن استخدامها للمساعدة في الكشف عن السل والسرطان و الألغام الأرضية
الشامات(موول) (الخلد)..... ذات الأنف النجمي تعيش تحت الأرض ، هي عمياء - كل انف تعمل بشكل مستقل ... يمكن
استخدامها للمساعدة في الكشف عن الألغام الأرضية والمتفجرات الأخرى
# الخفاش مصاص الدماء..... هذه الثدييات تتغذى على دم فرائسها - أنوفها تحتوي على أعصاب حساسة تكتشف للحرارة تسمح لهم بإيجاد فرائسهم في الظلام – تشم الأوردة
الحشرات..... لديها مستقبلات حاسة الشم على هوائياتها(الانتينا)
ملحوظة.... انثى البعوض انوفيليس تتبع مسار اوردة الانسان لامتصاص الدماء (ترى الاوردة سوداء داكنة واضحة) لانها تحتاج الكالسيوم لتكوين البيض.. و هنا من الممكن ان يصاب الانسان ب الملاريا
ملحوظة.... ذكر البعوض انوفيليس نباتى لذا لا يقرص الانسان و لا يحتاج الدم
النحلة القاتلة..... عندما تتعرض للتهديد ، فإنها تطلق فرمون ...يصل الى المستعمرة بأكملها .... يأتي باقى النحل للمساعدة
الديدان الطفيلية..... تستخدم حاسة الشم للعثور على المضيف الذى ستتطفل عليه (لها روائح جذابة)
ملاحظات
-1
حاسة الشم عند الانسان هي أضعف حواسنا الخمس
-2
لدى الأنسان 6 مليون جهاز استشعار للرائحة .
حواس خاصة (شمية ) لدى بعض الحيوانات وليست لدى البشر :
عضو جاكوبسون....العديد من الحيوانات (الثدييات - الزواحف - الثعابين – السحالي - عث دودة القز) لديها عضو جاكوبسون(عضو مجهري) فى الانف اوتجويف الفم ...... يستخدمه الذكر للكشف عن الفيرومونات التى يفرزها الجهاز التناسلى للانثى لجذب الذكور للتتكاثر
ملحوظة....الثعابين والسحالي .... لسانها المشقوق يلتقط جزيئات الرائحة ...و يوصلها اإلى عضو جاكوبسون
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .......ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
رابعا حاسة اللمس (الحسيّة الجسدية عند الحيوانات):
-1
. تحتوي بشرتنا على العديد من مستقبلات عصبية تكشف عن الضغط - الحرارة - البرودة - الملمس - الألم
-2
) اكثر المناطق التي تحتوي على مستقبلات اللمس هي الشفاه وأطراف الاصابع(= اكثر حساسية
-3
تشوش الحس .....هو إحساس بالوخز أو وخز أو التنميل في الجلد قد يكون ناتج عن تلف الأعصاب الطرفية
-4
فقدان أو ضعف قدرة الاحساس بشيء نلمسه يسمي التخدير اللمسي قد يكون ناتج عن تلف الأعصاب الطرفية
حواس خاصة (لمسية) لدى بعض الحيوانات وليست لدى البشر:
الشامات(الخلد) ذات الأنف النجمي ....تعيش تحت الأرض ، هي عمياء .... لديها 22 زوائد صغيرة – تحتوي على ما يقارب 1000000 من ألألياف العصبية – (أي ستة أضعاف عدد مستقبلات اللمس التي توجد على يد الانسان)
تتحرك المخالب مثل المكنسة السريعة جدا(أسرع من ان تستوعبها العين البشرية).. تساعدها فى العثورعلى الطعام
التمساح.......المطبات التي تغطي جسام التمساح تساعده على إدراك التغيرات الطفيفة في الضغط والاهتزاز من حوله
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
خامسا :حاسة التذوّق عند الحيوانات
الفئران ... لسان الفأر به مستقبلات تذوق أكثر من الإنسان.
الأفاعي ...لسانها (مشقوق – متشعب) يستخدم للتذوق و الشم ... تلتقط جزيئات الرائحة وتنقلها عبر قنوات متخصصة في الفم ، إلى عضو جاكوبسون
سمك السلور ....يعيش في المياه الموحلة (= صعوبة الرؤية )..... لديه ما يقرب من 100000
برعم تذوّق في جميع أنحاء الجسم ... تساعده على اكتشاف نكهة الفريسة
الذباب والفراشات.... لديها أعضاء تذوق على أقدامها (= تستطيع الفراشة ان تتوق بارجلها
دودة الأرض .... المستقبلات الكيميائية تغطي جسمها بالكلمل... للتذوق و لتكتشف التغيرات الكيميائية
الدجاج......اقل حيوان لديه براعم التذوق
ملاحظات
-1
براعم التذوق فى اللسان تستطيع ان تميز خمسة حواس تذوق أساسية ... حلو - مر - مالح - حامض - لذيذ
-2
حاسة النكهة ، وهي مزيج من إدراك الذوق والشم
حواس اخرى خلاف الحواس الخمسة موجودة لدى الحيوانات وليست موجودة لدى البشر
-1

الاستقبال الكهربائي - الاستقطاب الكهربائي - التدفّق الكهربائي
2 –
الاستقبال الكهربائي : اكتشاف الحقول الكهربائية في الماء باستخدام المستقبلات الكهربائية.....مثلا أسماك القرش – الدلافين - العناكب - خلد الماء (منقار البط) – النحل
أسماك القرش.... تمتلك أسماك القرش أفضل موصل بيولوجي للكهرباء فى العالم يطلق عليه (لورين زيني جيللى) ، ويملأ شبكة من المسام حول وجه القرش .
النحل.... تتكون شحنة صغيرة موجبة أثناء طيران النحل، والزهور لها شحنة سالبة - يحدث انجذاب بين هذه الشحنات المعاكسة – وتتغير شحنة الزهرة – لذا لا تذهب النحلات الاخرى الى نفس الزهرة و تبحث عن زهرة اخرى سالبة الشحنة
الاستقطاب الكهربائي
الدلافين.... الثدييات المائية الوحيدة المعروفة بإثبات الاستقطاب الكهربائي
خلد الماء(منقار البط) (بلاتي بوس) ....:.... لا يشابهه أي حيوان ثديي آخر في العالم فى حدة الإحساس بالانحراف الكهربائي
التدفق الكهربائي
ثعبان البحر(الأنقليس الكهربائي).......... ينطلق منه شحنات كهربائية
بعض الاسماك (السمك الكهربائي).... ينطلق منه شحنات كهربائية تصل الى (300 فولت) يمكن ان يقتل حصانا – تتدفق الكهرباء إما دفاعا عن النفس او لالتقاط الفريسة
داخلية) الشعور المغناطيسي.(تشبه بوصلة -حاسة التوجه المغناطيسي )
-2
حاسة التوجه المغناطيسي – الشعور المغناطيسي (تشبه بوصلة داخلية)
مثل ...النحل - السلاحف البحرية - الحمام الزاجل - الطيور المهاجرة -سمك التونة –السلمون - أسماك القرش
كيفية شعور هذه الحيوانات بالحقل المغناطيسي للأرض غير معروفة
اذا اخذنا بيضة مخصبة من اوربا الى مصر و فقست البيضة ...يستطيع الفرخ ان يرجع وحده الى اوربا (ربما يعتمد على المجال المغناطيسى او حركة النجوم او ؟؟؟
ربما يمتلك النحل (الشغالات) معادن مغناطيسية في بطنه ... تخلق شيئا يشبه البوصلة ( تخبرهم عن اتجاه الشمال).
ربما يمتلك الحمام تراكيب معدنية ضمن مناقيرهم ...يسمح لهم بتحديد موقعهم الجغرافي
ربما تمتلك الدودة الدائرية(طولها 1مليمتر ) عصب واحد ....يكتشف المجال المغناطيسي للأرض
ربما تمتلك البكتيريا المغنطيسية بناء مغناطيسى داخلها .... لتحديد اتجاهها بالنسبة للحقل المغناطيسي للأرض
3-
إدراك الرطوبة... القدرة على اكتشاف التغيرات في محتوى الرطوبة في البيئة
4-
ادراك ألأهتزازات .. أقدام وجذع الفيل حساسة لألتقاط ألأهتزازات على مسافة تصل الى 10 أميال تستخدم الفيلة هذه الخاصية للتواصل مع بعضهم البعض .
-5
حاسة الكشف عن التيارات المائية والدوامات ... خط جانبي للأسماك وبعض البرمائيات حساس أيضا للأهتزازات منخفضة التردد
6-
حاسة اكتشاف التغييرات في الضغط وتوقع وضع الطقس ....سمك الشبوط.
7-
حاسة استقبال ميكانيكية ...تستخدم العناكب هذه الخاصية في تقدير حجم – وزن – حركة ألأشياء
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
أعضاء فريدة موجودة لدى الحيوانات وليست موجودة لدى البشر:
1-
الهُلب الحساسة قشرة كيتينية عند معظم الحشرات واللافقاريات لها حساسية عالية و تستجيب لأي تذبذبات أو تيارات هوائية خارجية
-2
قرون الاستشعار (الانتينا)( الزبانيات) على رأس الحشرات والقشريات تستخدم فى تحسس الاشياء والشم وكشف التغيرات في التيارات الهوائية .
سلوكيات فريدة لدى الحيوانات :
1-
ألوان التخفي (كيموفلاج).... لتشابة الوان البيئة المحيطة بها
-2
التظاهر (ميميك).... تتظاهر بعض الحيوانات لتشبه الحيوانات السامة لكي تخدع الحيوانات المفترسة
-3
تغيير لونها.... الحرباء تستطيع تغيير لونها بسرعة فى دقائق معدودة
الرأس قدميات القدرة على تغيير لونها باستخدام كروماتوفورس في بشرتها
-4
افراز مادة حبرية زرقاء... الحبار
-5
البحث عن الزوج كثير من الحيوانات تتزواج فقط في أوقات معينة من السنة
-6
التغيرات الموسمية
-7
الغرائز والأفعال المنعكسة ...مثلا العث و الفراشات تطيربعد خروجها من شرنقتها مباشرة دون احتياج وقت لتتعلم الطيران
-8
مغازلة او صراع التزاوج
الطاووس الذكر يفتح ذيله بشكل مروحة جذابة ليلفت نظر الأنثى
العصافير تغرد والضفادع
إطلاق روائح خاصة(من الذكور او من الإناث) لاجتذاب الأزواج
طريقة مشي أو رقصة خاصة لاجتذاب الأزواج
مبارزة بين ذكرين والفائز هو من يفوز بالزوجة
-9
لغات التواصل بين الحيوانات... التواصل بين المفترس والفريسة - التواصل بين الفريسة و المفترس - التواصل بين افراد النوع الواحد.
وسائط.التواصل..... سمعية(الغناء او الاصوات) - بصرية(طريقة المشى او الرقص) - شم (افرازات كيميائية) - كهربائية لمسية - حرارية - لغة الجسد(التعبير بالوجه وبالجسم )
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
ظواهر فريدة لدى الحيوانات :
-1
تجديد أجزاء من أجسادهم
السحالي(تجديد الذيل اذا قطع).
الحبار والأخطبوط (تبتر زوائدها عندما تتعرض للتهديد).
خيار البحر يتخلص من أعضائه الداخلية ، ويطردها من فتحة الشرج(كوسيلة للهروب من الحيوانات المفترسة)
-2
النمل المتفجر في ماليزيا تخفي السم في أجسامها .... عندما يهدد حيوان مفترس مجتمعهم...تخرج السم ... تنفجر....للحفاظ على المستعمرة
-3
سحلية تكساس ذات القرون في حالات الخطر القصوى ..تخرج الدم من عينيها ، من أجل إحباط و اخافة عدوها
-4
) تطفل الحضانة بعض الطيور تخدع الطيور الأخرى و تضع بيضها او فراخها فى عش طيور اخرى لرعاية فراخها مع فراخ الام ألأصلية
-5
) شعور الملعب... كثير من الطيور و الحيوانات تشعر إذا كان نظامهم الغذائي يفتقر إلى عناصر غذائية .. تتوحم على هذا الطعام وتبجث عنه
ملحوظة... ربما يكون توحم الحمل هو (شعور الملعب) و ربما يكون قئ الحمل للتخلص من غذاء غير مفيد او ضار على الام الحامل
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
رؤية الألوان عند الحيوانات :
-1

لدى ألأنسان 3 انواع من المخاريط (كوون) فى شبكية العين تستطيع رؤيه الالوان الثلاثه، الاحمر والاخضر
والازرق(رؤية ثلاثية الألوان)
-2
رؤية ثنائية اللون رؤيه لونين فقط (غياب المخاريط الخاصه باحد الالوان).
حوالي ا من كل 12 من الذكور و 1 من كل 200 من ألأناث لديهم عيوب في رؤية ألألوان (يرون اللون لكن بصعوبة ) وغالبا ما يجدون صعوبة في تحديد الفرق بين ألألوان
-3
عمى الالوان الكلي أمر نادر الحدوث فى الانسان ( يرى العالم كما ترى في فيلم أبيض وأسود)( رؤية أحادية اللون) نوع مخروطي واحد
-4
) رؤية ثلاثية الألوان موجودة عند البشر والقرود(قرده النسناس والقردة العليا
ملحوظة......فقط رؤية الألوان البني و الازرق و الاصفر.. الكلاب - القطط
-5
رؤية ثنائية اللون موجودة لدى العديد من الثدييات غير الرئيسيات مثلا الكلاب والقطط ومعظم حيوانات الحقل المستانسه
البقرة لا ترى مراعيها خضراء بل تراها حمراء وبرتقالي و تضخم الأشياء بنسبة بسيطة عن حقيقتها
-6
رؤية أحادية اللون نوع مخروطي واحد
يري العالم بدرجات من اللون الرمادي، إلى جانب بعض درجات الأبيض والأسود... - الحصان – الحمار
ترى العالم باللونين الأبيض و الأسود فقط.... اسماك القرش
يري العالم وكل شئ اما باللون الأزرق أوالأخضر ....الغزلان - الفئران
-7
) هناك العديد من الحيوانات المصابة بعمى الألوان وفقا لما ذكرته صحيفة "الديلى ميل" البريطانية على موقعها الرسمى
الذئاب - القيوط - الثعالب - الثيران - الكلاب - القطط - الغزلان - أسماك القرش - الماشية
الحيوانات الليلية بشكل عام ليست في حاجة إلى التمييز بين الألوان لأنها تصطاد في الليل... لديها قوة شم كبيرة
في رياضة مصارعة الثيران، تثار الثيران من الحركة وليس من اللون الأحمر(عمى الوان)
-8
) رؤية لونية رباعية الألوان .... اربع اقماع(مخاريط) ...القمع الرابع لرؤية الاشعه فوق البنفسجيه .... العديد من فروع مملكة الحيوان ، وخاصة الحشرات و الطيور)
-9
رؤية لونية خماسية الألوان .... الحمام (أفضل المخلوقات على وجه الأرض في رؤية الألوان) ...يرى الملايين من ظلال الألوان المختلفة
-10
12 نوعا مختلفا من مستقبلات ألألوان . روبيان السرعوف(جمبرى) لديه
من نظم هذا الابداع الدقيق؟؟ من ابدع هذا النظام الدقيق؟؟ .........ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت
الاستنتاج
حواس الانسان الخمسة قاصرة و خادعة و قد تخطئ
اذا المعلومات الواصلة الى المخ عن طريق الحواس الخمس هى قاصرة ايضا
عدم رؤية (حاسة البصر) الشىء بالعين المُجردة لا يعنى عدم وجود الشىء ....مثلا عدم رؤية الكهرباء او المغناطيسية او البكتريا او االفيروسات.... الخ لا يعنى عدم وجودها - عدم رؤية النفس او الروح او الافكار بالعين لا يعنى عدم وجوده
يختلف فهمنا وتأويلنا لما نستقبله بالحواس (أخطاء فى الإدراك الحسى)
حواس الحيوانات تفوق الانسان احيانا - وجود حواس فى الحيوانات غير موجودة فى الانسان
لماذا لا يمكننا رؤية في الاشعة فوق البنفسجية ؟
لان الاشعة فوق البنفسجية ضارة على شبكية العين
لان العين البشرية تقوم بتصفية الضوء فوق البنفسجي لتحسين حدة البصر (لهذا يرتدي المتزلجين نظارات صفراء التي تمنع الاشعة فوق البنفسجية أثناء التزلج لتحسين الرؤية )
ما أعظم أعمالك يا رب! كلها بحكمة صنعت -- عجيبة هي أعمالك، ونفسي تعرف ذلك يقينا
اشكر حضراتكم و اتمنى ان اكون قد وفقت فى تقديم هذا الموضوع اليكم
اراكم قريبا ان اعطانى الله عمرا فى موضوع اخر
ALL IN ONE

41



من هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
نافع شابو البرواري
"إنّ يسوع بهاء مجد ألآب : "لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله ، لكنه أخلى نفسه آخذا
صورة عبد"فيلبي 2 :6،7"

يقول فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم أكن أعرفُهُ":
منذُ أكثر من 1900 سنة قال المؤرخ ه. ج ويلز:"إنَّ مؤرخا مثلي ، لايسمّي نفسهُ مسيحيا ، يجد أنَّ كُلِّ التركيز، وبشكل لايُقاوم ، موجّه الى حياة شخصية أهم إنسان . إنَّ المؤرّخ يقيس عظمة ألأشخاص بما تركوهُ لينمو ويكبر.هل جعل الناس يُفكِّرون فيه بحماس أو بالقدر الذي يَتَذَكّرون بعد موتِهِم ؟. وبهذا المقياس يكون يسوع في المُقدِّمة ". ويمكنك َ قياس حجم السفينة التي عبرت عندما ترى قدر المياه وألأمواج الذي تحرّكها خلفها .
وبالرغم من ذلك ، فأنا لا أكتب كتابا عن يسوع لأنّه رجل عظيم غيّر التاريخ . فليست لدي أي رغبة للكتابة عن يوليوس قيصر، أو أمبراطور الصين الذي بنى السور العظيم . ولكنني مُنجذب الى يسوع بطريقة لاتُقاوم،لأنَّه هو الذي أحدث نقطة التحول في حياتي .قال يسوع :
" مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،"متى 10 :32". وطبقا لذلك، فإنَّ إعتقادي عنه ، وكيفية تجاوبي معهُ سوف يُقرّران مصيري ألأبدي.
إنَّ تصريحات يسوع الجريئة عن نفسه تُمثِّل المشكلة الرئيسية في كُلِّ التاريخ . وهي النقطة التي تفصل بين المسيحيين وألأديان ألأخرى . وبالرغم من أنّ المسلمين واليهود يحترمون المسيح كمعلم ونبي عظيم ، فلا يمكن لمسلم أن يتخيَّل أنّ محمدا يدّعي أنَّه ُ الله ، ولا ايِّ يهودي يتخيّل أنَّ موسى يدّعي أنّه يهوه . وبالمثل فإنَّ الهندوس يؤمنوا بالتجسّد ، ولكن ليس في تجسد المسيح ، في حين أنَّ البوذيين ليس لهم أي مقولة تدعي أنَّ الله أصبح إنسان .
إنَّ التلاميذ كما تصورهم ألأناجيل قاوموا فكرة إلوهية المسيح . وعندما كان يسوع معهم في ألليلة ألأخيرة ، وبعد أن سمعوا كُلِّ ما قاله ، ورأوا كُلِّ المعجزات ، قال أحدهم : "يا مُعلم أرنا ألآب ". حتى تلك اللحظة لم يستطيعوا فهم أنّه هو والآب واحد ، ولم يكن المسيح أكثر وضوحا عندما قال لهم :"من رآني رأى ألآب ".
إنّها حقيقة تاريخية لاتقبل الجدل إنّ اتباع المسيح الذين كانوا يحكّون رؤوسهم لدى سماعهم كلماته في العشاء ألأخير . هم انفسهم بعد أسابيع قليلة من قيامته اعلنوا أنّه هو "القدوس البار"، "والرب خالق الحياة" ، وفي إنجيل يوحنا "وكان الكلمة الله "،"خالق كُلِّ ألأشياء بكلمة قُدرته ". وعبّر يوحنا في رسالته قائلا :" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ، ورأيناهُ بعيوننا ، والذي شاهدناهُ ، ولمستهُ ايدينا من جهة كلمة الحياة "1يوحنا 1 :1".
لماذا قال تلاميذ المسيح هذه ألأنطباعات الشخصية ؟
إنَّ أتباع محمد وبوذا الذين كانوا على استعداد أن يضحّوا بحياتهم من أجل سيّدهم ، لم يقوموا بهذه الطفرة المنطقية . فلماذا يُطالبنا تلاميذ المسيح – الذين قبلوا افكاره ببطء- بالأيمان بامور يصعب تصديقها ؟ لماذا يصعّبون ألأمر، ولا يُسهِّلونه، لكي نقبل المسيح ؟
عندما يقول المسيح :"أنا الطريق والحق والحياة.لأ أحد يأتي الى ألآب الاّ بي" يو 14 :6 ". هنا المسيح لايترك لنا خيارات ،فإذا لم يكن المسيح هو الله عندئذ فإنه يكون قد خدعنا وضلّلنا .
يقول سي .اس . لويس في هذا الصدد :"إنَّ التناقض الواضح بين العمق والدهاء في تعاليم يسوع المسيح ألأخلاقية والأفراط في جنون العظمة التي لابد وأنّها هي التي كانت وراء كُلِّ تعاليمهُ اللاهوتية ما لم يكن هو الله حقا . إن ألأنسان الذي يقول مثل هذه الأشياء التي قالها المسيح لن يكون معلما عظيما للأخلاق فحسب . فهو إمّا ان يكون مجنونا أو شيطانا . وعليك أن تختار ، إمّا أن ذاك الرجل هوابن الله ، وإلا فإنّه يكون رجلا مجنونا او اسوأ من ذلك "....ما قاله سي .أس . لويس ، إنَّ يسوع لم يتهاون في إثبات شخصيَّته. وفهم الناس في عصره أنّه إمّا أن يكون إبن الله الذي جاء ، ليُخلّص الناس في عصره أو أنَّهُ دجال ومحتال يستحق الصلب .(1)
جاء في كتاب "القضيّة .....المسيح للكاتب لي ستروبل
عن "بن ويزنجتون الثالث" مؤلف كتاب
The Christology of Jesus
"..كان يسوع لديه وعي بالذات سامٍ وفائق . وبناء على الدليل
"هل آمن يسوع أنّه كان إبن الله ، مسيح الله ؟والأجابة نعم قال وبزنجتون :
" هل رأى نفسهُ بإعتباره المسيا ألأخير؟ نعم، هذه هي الطريقة التي رأى بها نفسهُ. هل آمنّ أن اي إنسان أقلُّ شأنا من الله يمكنه خلاص العالم ؟ لا ، لستُ أؤمن بذلك ". قال الباحثون إن ّ إشارة يسوع المتكررة الى نفسه بإعتباره إبن ألأنسان لم تكن تأكيدا على الناسوت ، بل كانت إشارة الى دانيال "7 : 13-14"، حيثُ يُرى إبن ألأنسان وهو له السلطان الكلي والمُلك ألأبدي ، والذي يقبل عبادة كُلِّ ألأمم . قال باحث :" وهكذا ، فإنَّ تأكيد أنَّ يسوع إبن ألأنسان هو تأكيد على ألألوهية ".
قال إدوبن باموسب من جامعة ميامي – وهو خبير بارز في التاريخ القديم :" لدينا توثيق تارخي عن يسوع أفضل مما لدينا عن مؤسس أيّة ديانة قديمة أُخرى ". فالمصادر من خارج الكتاب المقدّس تؤيد أنَّ كثيرون آمنوا أنّ يسوع أجرى مُعجزات شفاء ، وأنَّهُ كان المسيا ، وأنَّهُ صُلِبَ ، وأنَّهُ رغم موته المخزي ، فإنَّ أتباعهُ الذين آمنوا أنَّهُ كان لايزال حيا قد عبدوهُ كالله .وثّقَ أحد الخُبراء 39 مصدرا قديما أكَّدت أكثر من مائة حقيقة حول حياة يسوع ، وتعاليمهُ ، وصلبِهِ ،وقيامَتِهِ. فهناك سبعة مصادر مدنية ، والعديد من القوانين المسيحية المبكرة تخص لاهوت يسوع ، وهو تعليم "حاضر تماما في الكنيسة ألأولى" وفقا للدكتور جاري هابيرماس الذي كتب "يسوع التاريخي ".
أمّا جاري كلولنز – أُستاذ علم النفس لمدة 20 عاما ، ومؤلف 45 كتابا متعلقا بعلم النفس – قال :"إنَّ يسوع لم يُبيّن مشاعر غير مناسبة ، بل كان متصلا بالواقع ، وكان لامعا ذات افكار مدهشة في الطبيعة ألأنسانية ، وقد تمتع بعلاقات مستمرة عميقة . واستنتج كولنز :" لا ارى علامات أنّ يسوع كان يعاني من ايِّ مرض عقلي معروف." وبالأضافة الى ذلك ، فقد دعّم يسوع تأكيده بأنَّه الله من خلال ألأعمال ألأعجازية للشفاء ، والأظهارات المدهشة لسلطانه على الطبيعة ، والتعليم الذي لايُنافس ، والفهم ألألهي للبشر ، وقيامته التي كانت الدليل الجوهري لألوهيّته .(2)
يقول فيليب يانسي :"إنني ارى الآن أنّ حياة يسوع تواصل سيرها ، أو تُهاجم بناء على إدِّعائه أنَّهُ إبن الله . ولا أستطيع أن أثق في غُفرانه الذي وعد به ما لم تكن له السلطة التي تُدعم هذا الوعد. ولايمكنني أن اثق فيما قاله عن الجانب ألآخر من الحياة : "أنا ذاهب لأعد لكم مكانا ". ما لم أؤمن بما قاله أنَّهُ جاء من عند ألآب ، وسيعود الى هناك .
ومن المهم للغاية- ما لم يكن هو الله – أن انظر الى الصليب على أنّهُ عمل إلهي قاس أكثر منه محبّة وتضحية . ويقول الرسول بولس :"إنَّ الله في المسيح صالح العالم لنفسه".، وبطريقة يصعب فهمها إختبر الله في الصليب بنفسه . وإلاّ فإنّ الجُلجُثّة تُسجِّل في التاريخ على أنَّها إساءة لأنسان كوني ، وليس ما نسميه بالجمعة العظيمة (يوم صُلِبّ المسيح) ".
يسرد لنا فيليب يانسي قصة حدثت بجامعة هارفارد فيقول:
"يتذكّر جورج بتريك القس السابق بجامعة هارفارد عندما كان الطلبة يحضرون الى مكتبة ، ويعلنون:"أنا لا أؤمن بالله "، ويرد عليهم جورج بتريك بكلمات تُعطِّل فعالية هذا الأعلان: "إجلس واخبرني اي اله لاتؤمن به . من المحتمل أنني أيضا لا أؤمن بالله ". ثُمَّ يبدا القس بتريك يتحدث إليهم عن يسوع الذي يُصحِّح كُلِّ إدّعاءاتنا عن الله .
وتميل كتب اللاهوت لتعريف الله بتعريفات احيانا تكون خاطئة :" الذي لايموت ، الذي لانراه ُ ، غير المحدود ". ولكن ماذا يُشبه الله ؟ بالنسبة للمسيحي ،فإنّ يسوع أجاب على مثل هذه ألأسئلة الهامة . لقد قال الرسول بولس عن يسوع أنَّهُ :"صورة الله غير المنظور " لقد كان يسوع هو نسخة طبق ألأصل من الله : لأنَّ الله سُرَّ أن يُعطيهِ كُلِّ الملء . واقول كلمة واحدة :إنَّ الله هو شبه المسيح . لقد قدَّم لنا المسيح الله مجسَّدا الذي إمّا أن نأخُذُهُ أو نتركهُ، نُحبُّهُ أو نتجاهَلَهُ. ففي هذا النموذج المجسَّم يُمكِنُنا أن نرى ملامح الله بوضوح أكثر ...يجتمع الذين يؤمنون بالله في منازلهم الخاصة ، فيرنمون ، ويتحدّثون مع الله على أنّهُ اباهم (وهي الصلاة التي علمها يسوع المسيح لتلاميذه وتُسمّى الصلاة الربانية ) . لم يعد هناك خوف ، ولا طقوس معيَّنة تُتَّبع ، لا داعي للذبائح ، والموت غير موجود في العبادة فيما عدا فريضة العشاء الرباني. بهذه الطريقة أدخل يسوع تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب منا . ولليهود الذين لايجرؤون أن ينطقوا باسم الله ، جاء يسوع بالكلمة الآرامية " آبا " ، إنّها كلمة مالوفة للآراميين للتعبير عن العواطف الأسرية ، فكلمة بابا أوّل كلمة يطلقها الطفل ، ولكن قبل المسيح لم يفكر احدٌ على ألأطلاق بالنطق بكلمة (أبانا) ليهوة إله الكون العظيم . وبعد المسيح اصبحت كلمة التخاطب المتداولة حتى في المجتمعات اليونانية ، وهم في ذلك يقلِّدون المسيح ، فاستعاروا الكلمة ألأجنبية ، ليعبّروا عن علاقتهم الوثيقة بالآب . يسوع المسيح أظهر تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب مِنّا . واليهود الذين يعرفون إلها بعيدا عنهم . جاء المسيح برسالة تقول بأنَّ الله يهتم بِعُشب الحقل ويُطعِم عصافير السماء ويُحصي شعور رؤوسنا .إنّ يسوع يكشف لنا عن إله جاء يبحث عنا ، اله منحنا الحرية حتّى كلَّفهُ هذا حياة إبنهِ .إله يحب ويشتاق أن نُحبُّهُ.وهو يقول لنا :" لوكُنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضا"يوحنا 14 :6"
حادثة حدثت عندما كان يسوع معلقا على الصليب صادقت على ألألفة الجديدة بالكنيسة الوليدة .يقول البشير مرقس :أنّ يسوع عندما كان يلفظ أنفاسه ألأخيرة :" إنشقَّ حجاب الهيكل الى نصفين من أعلى الى اسفل.كان هذا الحجاب بمثابة لقدس الأقداس حيث حضور الله . وكما كتب الرسول للعبرانيين : إنَّ شق الحجاب يبين بما لايدع مجالا للشك ما حقّقه موت المسيح . لم يعد هناك حاجة الى ذبيحة ، ولم يعد رئيس الكهنة يرتعش ، وهو يدخل قدس الأقداس (سقط الحاجز بين الله والأنسان بذبيحة المسيح الفادي للبشرية ).ونحنُ الذين في العصر الحديث قد عشنا في ظلِّ علاقة وثيقة جديدة مع الله لمدة طويلة حتى ان الأمر أصبح عاديا بالنسبة لنا . فنرنّم لله ، ونتحادث معه في الصلاة . وفكرة الذبيحة بالنسبة لنا تبدو شيئا بدائيا . إنَّنا ننسى بسهولة كم كلَّف هذه الأمر المسيح لكي ياتي بنا الى ألأقداس ، لنستمتع بالحضور ألدائم في حضرة الله . نحنُ نعرف الله على أنّه ابونا المحب على اساس عمل المسيح (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنونَ بإسمِهِ ، فأعطاهم سُلطانا أن يصيروا أبناء الله "يوحنا 1 :12" ...إنَّ يسوع يكشف لنا عن إله يبحث عنا ، إله منحنا الحرية حتى كلَّفهُ هذا حياة إبنهُ . إله حسّاس وسريع التاثير . وفوق كل هذا فإن يسوع كشف لنا عن الله الذي هو محبّة.
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." يوحنا 3 : 16" (3)
أمّا كوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير " يقول:
"إنَّ يسوع ، على هذه الشفافية الناصعة لنور الله ، كشف لنا حقيقة الله كاملة ، إن بسلوكه أو بتعليمهِ
1 – بسلوكه :
أ – جواب يسوع عن سؤال يوحنا المعمدان الذي كان ينتظر شأنه شأن فرقة "ألأسينيّين " وهم رهبان يهود عاشوا في ذلك العصر (راجع مخطوطات قمران)، الذين كانوا يؤمنون أن يأتي الله بقوّة ساحقة ليبيد أعدائه ويقيم على أشلائهم مملكة البرّ "متى 3 : 10-12"هاهي الفاسُ على أُصول الشجر.." وقد إعترف ، يوحنا المعمذان ، بالروح على أنّ يسوع هو المسيح المُنتظر ."متى 11 :2،3" .
عندما سمع يوحنا المعمذان ، وهو في السجن ، بأعمال المسيح ، أرسل إليه بعض تلاميذه ، يسألهُ :"أأَنتَ هو ألآتي (اي المسيح المنتظر)، أم ننتظر غيرك؟. أدرك يسوع قصد يوحنا من سؤاله فما كان جوابه اليه؟:
"إذهبو أخبروا يوحنا بما تسمعون وترون : العُميُ يُبصرون ، والعُرجُ يَمشون ، والبُرصُ يطهَّرُون ، والصُم يَسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشِّرون . وطوبى لِمَن لايشكُّ فيَّ". وكأنّه يقول له : إنَّك تنظرأن يُعلن الله عن نفسه بالغضب الساطع المُدّمِر : ولكنه بالفعل إنّما يكشف إقترابه بالرحمة المُحبّة والمحرّرة الممنوحة لمسحوقي ألأرض والتي سبق للنبي أشعيا ان تحدث عن بزوغها في يوم مجيء الرب "اشعيا 26 :19 ،29 :18 ، 35 :5 ،16 : 1"
يوحنا المعمذان شهد على حقيقة كون يسوع المسيح جاء من السماء اذ يقول :"من جاء من فوقُ، فهو فوقَّ الناس جميعا . ومن كان منَ ألأرض ِ ، فهو أرضيٌّ وبكلام أهل ألأرض يتكلَّم . من جاء من السماء ، فهو فوق الناس جميعا ، يشهد بما رأى وسَمِعَ ولا أحد يقبلُ شهادَتُه . من قبل شهادتَهُ شهد أنَّ الله صادق .."يوحنا 3 :31- 33".
وهذا ما قاله يسوع المسيح لنيقاديمس رجل الدين اليهودي :
"ما صعَدَ أحدٌ الى السماء الاّ إبنُ ألأنسان الذي نَزل مِنَ السماء ."يوحنا 3 : 13".
وقال يسوع للفريسون والعلماء اليهود:"...أنتم من أسفل أمّا أنا من فوق .. أنتُم مِن هذا العالم . وما أنا من هذا العالم " يوحنا 3 : 23 "
أمّا شهادة الحق فلن تُفرض نفسها بالقوة الساحقة بل بشق طريقها عبر إخلاص حتى الموت ...والقيامة .
بهذا البرنامج الذي رسمه وحققه المسيح لرسالته ، قلب المفاهيم الشائعة عن نمط تدخل الله في ألأرض ليقيم فيها مملكته . وإنّنا لنجد ذات البرنامج في تلك الخطبة التي القاها يسوع في مجمع الناصرة ودشن بها رسالته :"روح الربَّ علي لأنّهُ مسحني لأْبشّر المساكين ، أرسلني لأنادي للأسرى بالحريّة ، وللعميان بعودة البصر اليهم ،لأحرِّر المظلومين,وأُعلن الوقت الذي فيه يقبلُ الربُّ شعبه "لوقا 4 :18"
ب – جواب يسوع على طلب وجّهَهُ اليه يعقوب ويوحنا إبنا زبدي ، اللذان طلبا من يسوع المسيح ان يُنزل النار على قرية للسامريين لأنهم رفضوا استقبال المسيح والتلاميذ ، فانتهرهما يسوع (لوقا 9 :51-54) ووصفهما ب"اولاد الرعد" وقال لهمها ": لستما تعلمان من أيّ روح أنتما ،" فإنَّ إبن ألأنسان لم يأتي ليهلك نفوس الناس بل ليخلّصها"."الله ارسل إبنه الى العالم لا ليدين العالم ، بل ليُخلِّص به العالم " يوحنا 3 :17"
ج- تصرف يسوع عند القاء القبض عليه كانت صورة المسيح (ألآتي) مقترنة في الذهنية اليهودية التي نشا عليها التلاميذ وتشبَّعوا منها ، كانت مقترنة بصورة ألأقتدار الكلي والجبروت . فالمسيح ، بموجب هذه الذهنية ، وإن لم يكن قد إتَّضح جليا بعد أصله ألألهي، إنَّما كان يُعتَبَر بحق ممثل الله في ألأرض ، والمُنفّذ ألأسمى لمقاصده في التاريخ . من هُنا ألأعتقاد الشائع بأنَّهُ سيسود في ألأرض دون مُنازع ،لأنَّ قُدرة الله ستسحق ألأعداء تحت قدميهِ . لذا لم يكن يؤبه لتلك المقاطع الغامضة من نبؤءة إشعيا النبي المتعلقة بشخصية "خادم الرب " المتألم " وبغيرها من النبؤاة المماثلة ، التي تُصوّر المسيح على أنَّهُ "رجل اوجاع"راجع اشعيا 53"، وبالعكس كانت تُبرز الى الواجهة نصوص تؤخذ بمعناها الحرفيّ وهي تتحدَّث عن عزَّة المسيح وإقتداره الساحق " قال الربُّ لربّي : إجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك "مزمور 110" ."عصا قوّة يرسل لك الرب من صهيون فتسود وسط اعدائك ... معك الرئاسة في يوم قوّتك .."..الخ
تلك هي بالضبط الصورة التي قفزت الى أذهان التلاميذ عندما تيقّنوا بأنَّ يسوع هو مسيح الله .يسوع خيّب آمالهم واحلامهم ، فيُعلن المرّة تلو المرة عن قُرب آلامه وموتهه ، والتلاميذ لايفهمون . وكيف لهم أن يفهموا أن يفشل المسيح في إقامة ملك ظاهر في ألأرض . بمجرَّد التفكير بفشل المسيح كان يُزعزع مُجمل تصوّرهُم عن الله ، إذ كيف يُعقَل أن يقبل الله بفشل ممثّلُهُ ومُنفّذ أوامره دون أن يُزلزل ألأرض بالمتآمرين ويسحقهم سحقا ويبيدهم من أمام وجههِ ...لقد كان إنباء يسوع عن إقتراب آلامه ، وما تراءئ لهم عبر هذا ألأِنباء من ضعف ظاهري لله نابع من إحترامه المُذهل لحُرّية المخلوق . لقد كان هذا ألأعلان بمثابة طعنة عنيفة للتلاميذ ، فثار بطرس وزجَر يسوع على كلامه هذا ، فنال منه جوابا قاسيا وبَّخَهُ فيه المُعلّم على إنقياده الى "أفكار الناس" (الناس الذين تشوّهت فيهم صورة الله فلم يعودوا قادرين على تصوّره بغيرصورة ألأله الساحق الماحق) دونَ "افكار الله "
يقول الله على لسان إشعيا النبي :
«"لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ." إش 55: 8"
لقد صعقوا التلاميذ حين أتى الجُند ليلا ووضعوا اليد على مسيح الله دون أن تنشقُّ ألأرض وتَبتَلِعَهم . وكأنّى ببطرس ، في تلك اللحظة الرهيبة ، يقوم بحركة يائسة يُعبِّر فيها عن مرارة إنهيار أحلامِهِ ، فيستلّ سيفهُ ويضرب به أحد خُدام رئيس الكهنة فيقطع أذُنِهِ . وإذا بيسوع يُعاتِبُهُ في هذه المرّة ايضا فيقول له :
"إغمد سيفك ّ ، فمن يأخُذ بالسيف يهلُك. أو تظُنّ إنّي لا أستطيع أن اسال ابي فيمدُّني في الساعة بأكثر من إثني عشر فيلقا من الملائكة ؟ (متى 26 :52)
وكأنّ المسيح يقول له : إنّ الله كُلّي ألأقتدار فعلا ليبيد أعدائي واعداءهُ ...ولكن الله يعلو على إقتدارهِ هذا لأنّهُ محبّة "حنونيّة " ،(ذلك هو "الحب الجُنوني " الذي تحدّث عنهُ مكسيموس المعترف ونقولا كاباسلاس ) يحترم حُرّية المحبوب ، الى حدّ القبول بمعاناة رفضهِ الكامل ، القاتل ، لها . من هُنا إنَّني لم أسأل أبي أن يتصرَّف خلافا لحقيقته ، وهذا هو معنى هُتافي "لا كما أنا أشاء ، بل كما أنتّ تشاء" .ذلك الذي أطلقتهُ في بستان الجسمانيّة حيث عُشتُ المخاض العسير الذي عبره سطعت في إنسانيّتي صورة الله على حقيقتها الناصعة العجيبة .إنّ سلوك يسوع المسيح هذا عبّر عن وجه الله الحقيقي المُتجلّي في إنسانيّة المسيح . من هنا لايُمكن أن تكون لنا معرفة صحيحة عن الله ، معرفة لاتشوبها اسقاطاتنا ، إلاّ تلك التي نجنيها من رؤيتنا لأنسانية يسوع . بهذا المعنى قال السيّد :"من رآني فقد راى الآب"يوحنا 14 :9" وايضا:"لايعرف ألآب إلاّ ألأبن ومن أراد ألأبن ان يكشف له "متى 11 :27". وعن المسيح قال الرسول بولس إنّهُ "صورة الله الذي لايُرى"كولوسي 1 : 15": "الله واحد والوسيط واحد بين الله والناس وهو ألأنسان يسوع المسيح "1تيموثاوس 2 : 5"
2- بتعليمه
ومما يؤكّد كون يسوع أيَّد بتعليمه عن الله صحّة صورة الله التي تتجلّى في سلوكه ألأنساني . فمثلا نرى أنّ محبة ألأعداء التي نادى يسوع بها إتّخذت نموذجا لها سلوك الله نفسه ،بحيث تبيّن بأن الله ليس ألأله المنتقم الذي يقابل الشرَّ بالشرّ ، بل هو ذاك الذي يُنعم بخيراته على ألأخيار وألأشرارعلى حدّ سواء ، ذلك الذي هو "رحيم "أي واسع القلب الى حدّ أنّه يشمل برحابة حُبِّه ألأبرار والأثمة . "أحبّوا أعداءكم ......فتكونوا بني ابيكم الذي في السماوات ،لأنّه يطلع شمسه على ألأشرار والأخيار ، وينزل غيثه على ألأبرار والفُجّار "مى 5 : 44-45". ...كونوا رُحماء كما أنَّ أباكم رحيم "لوقثا 6 : 35 -36 "(2)
هكذا يسوع المسيح وهو مسمّر اليدين والرجلين على الصليب ، أشفق على صالبيه الذين كانوا يستمتعون بتعذيبه وتعييره وإذلاله والأستهزاء به ، فطلب من أبيه السماوي ان يغفر لهم قائلا:" إغفر لهم يا ابي لأنَّهم لايعرفون ماذا يعملون "لوقا 23 :34 ".
المصادر
تم اقتباسي للموضوع من خلال قرائتي للكتب التالية:
( 1) كتاب "المسيح الذي لم اكن اعرفهُ " للكاتب فيليب يانسي
(2) كتاب "القضية...المسيح " للكاتب لي ستوبل
( 3 ) المصدر (1) اعلاه
(4)كتاب "الله والشر والمصير" كوستي بندلي

42
-أعوذ بالله من كلمة -أنا-!!
نافع شابو
في لقاء قناة الرشيد مع السيدة " أفراح محمد علي" مديرة مصرف الرافدين.
جرى الحوارحول الراتب التقاعدي للعراقيين وعلاقة الراتب التقاعدي باسعار النفط المنخفضة والتي تؤدي الى عجز في الموازنة(لأيرادات والنفقات)
وردت كلمة "آني"حوالي (92) مرة على لسان السيدة افراح في اللقاء الذي استمر حوالي (47) دقيقة
هناك قول مشهور يردده العرب:
"أعوذ بالله من كلمة "أنا"!!
من هو ألأناني؟
اسم منسوب إلى (أنا)(راجع الهامش): على غير قياس.
من لا يضع نُصْب عينيه إلاّ مصلحته الشخصيّة ولا يهمّه سوى ذاته، محِبّ لذاته، من آثر نفسه وأعجب بذاته وأغفل الآخرين "شخص أنانيّ- يحرص الأنانيّ على أن يكون له الخير والنفع دون سواه".
هوشخص مبالغ في حب نفسه والإعجاب بها والتمتع دون سواه بكل مفيد(راجع معجم اللغة العربية المعاصرة ).
بالمناسبة ليس هدفنا في تجريح او الطعن في شخصية السيدة افراح او (اي شخص آخر) ، ولكن نحن نراقب الثقافة والفكر السائد في العراق ما بعد سقوط بغداد سنة 2003 الى يومنا هذا ، وكيف تراجعت هذه الثقافة والفكرالذي كان سائدا قبل سقوط بغداد ونقارنه مع الثقافة الهابطة والفكرالمتخلف المنتشر خاصة في الطبقة والأحزاب الحاكمة في العراق وانتشار هذه الثقافة والفكر في المجتمع العراقي وتوغلها في مؤسسات الدولة العراقية في هذه المرحلة من التاريخ .
لقد دوَّنتُ كلمة "آني " التي نطقتها السيدة افراح في لقائها على قناة الرشيد وكما يلي:
تقول السيدة افراح :"بإعتباري مديرة مصرف الرافدين "!!!
بكل الأحوال "آني" اتكلم عن ما يتعلق ألأمر بمصرف الرافدين
"آني "شخصيا قبل حضر التجوال لحد اليوم...الخ
"آني " دافعة ل 500 دائرة ومؤسسات الدولة رواتبها[وكأنَّ الست افراح تدفع رواتب موظفي الدولة من حسابها الشخصي]
"آني" من الناس ادفع للموضفين
اريد اوضح لقناتكم "آني" مثل ما قلت لك قبل حضر التجوال
"آني" ناطية 500 دائرة رواتبها
ف "آني" هسّة دأمنح لبعض الدوائر التي صار عليها مواعيد رواتبهم خلال فترة الحضر
ف"آني "إذا جائني توجيه...الخ
"آني " طبعا اذا جاني التوجيه آخذه من وزارة المالية..الخ
بأعتباري"اني " مملوكة لوزارة المالية (دائرتي قصدي)
لأنه"آني" ما اكدر استقطع ...الخ
"آني " اليوم من داومت ...الخ
شكد"آني" اعطيت قروض مال سيارات..الخ
"آني" بناء على توجيه وزارة المالي... الخ
"آني" سأوجِّل دفع الأقساط لأصحاب السيارات لمدة شهرين..الخ
"آني " من اعفي..الخ
"آني" هذه المبالغ التي امنح منها القروض
"آني " دا انطي فوائد عليها ..الخ
ف"آني" تعرف انت نهاية كل سنة مالية ..الخ
"آني" تدري العام الفات شكد دافعة [ من جيبها خطية ]؟..الخ
العام"آني " دافعة 360 مليار فوائد توفير ودائع ثابة!!!
ف "آني" أكيد لازم بالمقابل استحصل اقساط وفوائد ..الخ
"آني" تمويل ذاتي[تقصد مصرف الرافدين تمويل ذاتي!!]
ف"آني" بداية اول ما استلمت الأدارة انا اصلا بنت المصرف !!!
"آني" هم اكيد اريد احقق لي ربح!![قصدها ربح للمصرف]
لأن "آني " تعرف رواتبي مستحقاتي كُلها من عندي ليست من الدولة [اسمعوا يا عراقيين هذا هو صوت الأحزاب التي تحكمنا، كأنَّ العراق لهم وهم يصرفون علينا ]
سعر الفائدة مو"آني" بكيفي اتصرف ...الخ
للعلم"آني" اخذت مقارنة..الخ
تعرف "آني " في سوق منافسة
ف "آني" لازام مثل الشاطر يكسب الزبون له
ف"آني " من سويت مقارنة باسعار الفوائد..الخ
أكيد"آني "شفت انّهُ فوائدي اكثر من البقية
"آني" اكولك "..الخ
"آني" شفت كذا مقترض صار عنده ذكاء..الخ
بالنتيجة التي اخذها "آني" من الفوائد
"آني" دا اخذ نسبة من ودائع الزبائن الذين عندي!!!!!
أيضا "آني" دا انطيهم فوائد تجميعية
يعني "آني" الي حاط فلوس عندي بالتوفير [قصدها فلوس الناس في التوفير كأنَّ الناس حاطين عندها الفلوس!!!ههههه).
"آني" شهريا وسننويا دا أعطيه فائدة [هي تنطي الفائدة لمودعي المال من جيبها ههههههه]
مثل ما "آني" ابو القرض امنحهُ سنويا فائدة ...الخ
المبالغ التي مأخذتها "آني" من الزبائن اعطيها ايضا فوائد سنوية
فاكيد لازم "آني" احط فائدة لأغطي التكلفة...الخ
وإلاّ "آني" او صدقني مرات اخلي(اني) سعر فائدة حتى ما احقق ربح بس حتى اغطي الكلفة "مالتي"!!
"آني" اعطي سلف ...الخ
"آني " اعطي ميزة اجذب الزبون "إليَّ"
"آني" صح اعطي فائدة اعلى ..الخ
"آني" هذه الفائدة التي آخذها !! مقابلها اعطي فائدة للمواطن !!
"آني" ما ياتي توجيه من وزارة المالية..الخ
"آني " تمويل ذاتي [ هي تمويل ذاتي يعني انها تمول الآخرين بفلوسها وليس بفلوس الشعب]
"آني" قللت سعر الفائدة للقروض
قروض السيارات"آني " اول ما استلمت..الخ
فإذا "آني" أمَّنت...الخ
"آني" لا داكول عن الوفاة..الخ
"آني" اكول في حالة عدم السداد
ف"آني " من اخلي السعر اي سعر الفائدة ...الخ
ف"آني " لازم اغطي هاي التكلفة
"آني"يجيلي في كل الأحوال تمويل التقاعد من وزارة المالية ...الخ
شكد ما يجيني"آني"..الخ.
"آني" جهة تنفيذية
مو "آني" احدد شكد ازيد او اقلل..الخ
"آني" اوزع الرواتب
"آني" اعترف عن بعض المنافذ..الخ
لأن "آني" بدرايا بها ..الخ
و"آني" ذاك الشهر...الخ
صدقني "آني" على درايا بهذا الموضوع ..الخ
هذه "آني" بعيني اشوفها
أسماء "آني " اشوفها
"آني" و"أحنا" مساهمين في شركات ..الخ
"آني " اشوف وأطلع عليها
خصوصا "آني"جنت عضو مجلس ادارة في الشركة العالمية للبطاقة الذكية
ترى "آني" عندي فروع مفتوحة بالمحافظات
ف"آني" حتى قبل ما يصير استثناءنا من حضر التجوال ..الخ
ف"آني" اصلا قبل ما يصير استثناءنا من حضر التجوال ..تكرار
اصلا"آني" فاتحة بحدود 50 فرع لصرف الأجور اليومية للعمال
"آني" كتلك بحدود 50 فرع عندي مفتوح
القصد مو "آني" اكولك
"آني" مثلا لو عندي سقف ائتماني محدود..الخ
"آني" أكدر ضمنه هذا السقف...الخ.
"آني "أكدر اشتغل...الخ.
ف"آني" مثل ماقلت لحضرتك...الخ.
"اني " اوقف الخدمة....الخ
قروض السيارات كان بيها تلكؤ"آني "شسويت ..الخ
"آني" لازم استرجع اموالي
من شفت"آني" خليت ضمان ...الخ
"آني" اكيد الناس..الخ
إذا اجاني التوجيه"آني" اكيد انفذ
إستحالة"آني" اعطي فلسا او قرض...الخ
"آني" أريد استقطب
لأن"آني" أريد اعطي
"آني" أوعدك ان ندرس هذا الموضوع
"آني" صدكني
"آني "ازيد التخصيص
"آني" أُكد لك عدم تلكا في صرف.....الخ
ختاما :
ارجومشاهدة الحوار و إبداء رايكم في هذا الموضوع وارسال الموقع الى الآخرين
راجع الموقع
مصرف الرافدين.... لقاء مدير عام مصرف الرافدين الست افراح محمد على قناة الرشيد الفضائية
https://www.youtube.com/watch?v=e9k3l5W823U
ألأنا في علم النفس :
الهو والأنا والأنا العليا، ثلاثة مصطلحات قدمها سيغموند فرويد، يعتبرها أقسام النفس.
من سمات ومؤشرات هذا التضخم والانحراف في الأنا، بروز مجموعة من السلوكات والتصرفات الغارقة في الغرور والأنانية والفخر والاعتزاز بالذات بشكل مرضي وتعسفي على شروط الواقعية والموضوعية.
يقول علماء النفس :"حين تتعاظم الأنا بداخل الإنسان، "يمارس سلوك التكبر في محاولة منه للتوازن، ويشعر عندها بأن العالم كلّه لا يلبّي رغباته ولا يكفيه، ويطالب الجميع بأن يعملوا لتنفيذ احتياجاته، ولا يستوعب فكرة وجود غيره، أو أن يختلف معه شخص آخر في الرأي"،.

43
من هو يسوع المسيح ؟  ج5 - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله- 
"إنّ يسوع بهاء مجد ألآب : "لم يحسب خلسة أن يكون معادلا لله ، لكنه أخلى نفسه آخذا
صورة عبد"فيلبي 2 :6،7"

يقول فيليب يانسي في كتابه "يسوع الذي لم أكن أعرفُهُ":
منذُ أكثر من 1900 سنة قال المؤرخ ه. ج ويلز:"إنَّ مؤرخا مثلي ، لايسمّي نفسهُ مسيحيا ، يجد أنَّ كُلِّ التركيز، وبشكل لايُقاوم ، موجّه الى حياة شخصية أهم إنسان . إنَّ المؤرّخ يقيس عظمة ألأشخاص بما تركوهُ لينمو ويكبر.هل جعل الناس يُفكِّرون فيه بحماس أو بالقدر الذي يَتَذَكّرون بعد موتِهِم ؟. وبهذا المقياس يكون يسوع في المُقدِّمة ". ويمكنك َ قياس حجم السفينة التي عبرت عندما ترى قدر المياه وألأمواج الذي تحرّكها خلفها .
وبالرغم من ذلك ، فأنا لا أكتب كتابا عن يسوع لأنّه رجل عظيم غيّر التاريخ . فليست لدي أي رغبة للكتابة عن يوليوس قيصر، أو أمبراطور الصين الذي بنى السور العظيم . ولكنني مُنجذب الى يسوع بطريقة لاتُقاوم،لأنَّه هو الذي أحدث نقطة التحول في حياتي .قال يسوع :
" مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضًا بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ،"متى 10 :32". وطبقا لذلك، فإنَّ إعتقادي عنه ، وكيفية تجاوبي معهُ سوف يُقرّران مصيري ألأبدي.
إنَّ تصريحات يسوع الجريئة عن نفسه تُمثِّل المشكلة الرئيسية في كُلِّ التاريخ . وهي النقطة التي تفصل بين المسيحيين وألأديان ألأخرى . وبالرغم من أنّ المسلمين واليهود يحترمون المسيح كمعلم ونبي عظيم ، فلا يمكن  لمسلم أن يتخيَّل أنّ محمدا يدّعي أنَّه ُ الله ، ولا ايِّ يهودي يتخيّل أنَّ موسى يدّعي أنّه يهوه . وبالمثل فإنَّ الهندوس يؤمنوا بالتجسّد ، ولكن ليس في تجسد المسيح ، في حين أنَّ البوذيين ليس لهم أي مقولة تدعي أنَّ الله أصبح إنسان .
إنَّ التلاميذ كما تصورهم ألأناجيل قاوموا فكرة إلوهية المسيح . وعندما كان يسوع معهم في ألليلة ألأخيرة ، وبعد أن سمعوا كُلِّ ما قاله ، ورأوا كُلِّ المعجزات ، قال أحدهم : "يا مُعلم أرنا ألآب ". حتى تلك اللحظة لم يستطيعوا فهم أنّه هو والآب واحد ، ولم يكن المسيح أكثر وضوحا عندما قال لهم :"من رآني رأى ألآب ".
إنّها حقيقة تاريخية لاتقبل الجدل إنّ اتباع المسيح الذين كانوا يحكّون رؤوسهم لدى سماعهم كلماته في العشاء ألأخير . هم انفسهم بعد أسابيع قليلة من قيامته اعلنوا أنّه هو "القدوس البار"، "والرب خالق الحياة" ، وفي إنجيل يوحنا "وكان الكلمة الله "،"خالق كُلِّ ألأشياء بكلمة قُدرته ". وعبّر يوحنا في رسالته قائلا :" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ، ورأيناهُ بعيوننا ، والذي شاهدناهُ ، ولمستهُ ايدينا من جهة كلمة الحياة "1يوحنا 1 :1".
لماذا قال تلاميذ المسيح هذه ألأنطباعات الشخصية ؟
إنَّ أتباع محمد وبوذا الذين كانوا على استعداد أن يضحّوا بحياتهم من أجل سيّدهم ، لم يقوموا بهذه الطفرة المنطقية . فلماذا يُطالبنا تلاميذ المسيح – الذين قبلوا افكاره ببطء- بالأيمان بامور يصعب تصديقها ؟  لماذا يصعّبون ألأمر، ولا يُسهِّلونه، لكي نقبل المسيح ؟
عندما يقول المسيح :"أنا الطريق والحق والحياة.لأ أحد يأتي الى ألآب الاّ بي" يو 14 :6 ". هنا المسيح لايترك لنا خيارات ،فإذا لم يكن المسيح هو الله عندئذ فإنه يكون قد خدعنا وضلّلنا .
يقول سي .اس . لويس في هذا الصدد :"إنَّ التناقض الواضح بين العمق والدهاء في  تعاليم يسوع المسيح ألأخلاقية والأفراط في جنون العظمة التي لابد وأنّها هي التي كانت وراء كُلِّ تعاليمهُ اللاهوتية ما لم يكن هو الله حقا . إن ألأنسان الذي يقول مثل هذه الأشياء التي قالها المسيح لن يكون معلما عظيما للأخلاق فحسب . فهو إمّا ان يكون مجنونا أو شيطانا . وعليك أن تختار ، إمّا أن ذاك الرجل هوابن الله ، وإلا فإنّه يكون رجلا مجنونا او اسوأ من ذلك "....ما قاله سي .أس . لويس ، إنَّ يسوع لم يتهاون في إثبات شخصيَّته. وفهم الناس في عصره أنّه إمّا أن يكون إبن الله الذي جاء ، ليُخلّص الناس في عصره أو أنَّهُ دجال ومحتال يستحق الصلب .(1)
جاء في كتاب "القضيّة .....المسيح  للكاتب لي ستروبل
عن "بن ويزنجتون الثالث" مؤلف كتاب 
The Christology of Jesus
"..كان يسوع لديه وعي بالذات سامٍ وفائق . وبناء على الدليل
"هل آمن يسوع أنّه كان إبن الله ، مسيح الله ؟والأجابة نعم قال وبزنجتون  :
" هل رأى نفسهُ بإعتباره المسيا ألأخير؟ نعم، هذه هي الطريقة التي رأى بها نفسهُ. هل آمنّ أن اي إنسان أقلُّ شأنا من الله يمكنه خلاص العالم ؟ لا ، لستُ أؤمن بذلك ". قال الباحثون إن ّ إشارة يسوع المتكررة الى نفسه بإعتباره إبن ألأنسان لم تكن تأكيدا على الناسوت ، بل كانت إشارة الى دانيال "7 : 13-14"، حيثُ يُرى إبن ألأنسان وهو له السلطان الكلي والمُلك ألأبدي ، والذي يقبل عبادة كُلِّ ألأمم . قال باحث :" وهكذا ، فإنَّ تأكيد أنَّ يسوع إبن ألأنسان هو تأكيد على ألألوهية ".
قال إدوبن باموسب من جامعة ميامي – وهو خبير بارز في التاريخ القديم :" لدينا توثيق تارخي عن يسوع أفضل مما لدينا عن مؤسس أيّة ديانة قديمة أُخرى ". فالمصادر من خارج الكتاب المقدّس تؤيد أنَّ كثيرون آمنوا أنّ يسوع أجرى مُعجزات شفاء ، وأنَّهُ كان المسيا ، وأنَّهُ صُلِبَ ، وأنَّهُ رغم موته المخزي ، فإنَّ أتباعهُ الذين آمنوا أنَّهُ كان لايزال حيا قد عبدوهُ كالله .وثّقَ أحد الخُبراء 39 مصدرا قديما أكَّدت أكثر من مائة حقيقة حول حياة يسوع ، وتعاليمهُ ، وصلبِهِ ،وقيامَتِهِ. فهناك سبعة مصادر مدنية ، والعديد من القوانين المسيحية المبكرة تخص لاهوت يسوع ، وهو تعليم "حاضر تماما في الكنيسة ألأولى" وفقا للدكتور جاري هابيرماس الذي كتب "يسوع التاريخي ".
أمّا جاري كلولنز – أُستاذ علم النفس لمدة 20 عاما ، ومؤلف 45 كتابا متعلقا بعلم النفس – قال :"إنَّ يسوع لم يُبيّن مشاعر غير مناسبة ، بل كان متصلا بالواقع ، وكان لامعا ذات افكار مدهشة في الطبيعة ألأنسانية ، وقد تمتع بعلاقات مستمرة عميقة . واستنتج كولنز :" لا ارى علامات أنّ يسوع كان يعاني من ايِّ مرض عقلي معروف." وبالأضافة الى ذلك ، فقد دعّم يسوع تأكيده بأنَّه الله من خلال ألأعمال ألأعجازية للشفاء ، والأظهارات المدهشة لسلطانه على الطبيعة ، والتعليم الذي لايُنافس ، والفهم ألألهي للبشر ، وقيامته التي كانت الدليل الجوهري لألوهيّته .(2)
يقول فيليب يانسي :"إنني ارى الآن أنّ حياة يسوع تواصل سيرها ، أو تُهاجم بناء على إدِّعائه أنَّهُ إبن الله . ولا أستطيع أن أثق في غُفرانه الذي وعد به ما لم تكن له السلطة التي تُدعم هذا الوعد. ولايمكنني أن اثق فيما قاله عن الجانب ألآخر من الحياة : "أنا ذاهب لأعد لكم مكانا ". ما لم أؤمن بما قاله أنَّهُ جاء من عند ألآب ، وسيعود الى هناك .
ومن المهم للغاية- ما لم يكن هو الله – أن انظر الى الصليب على أنّهُ عمل إلهي قاس أكثر منه محبّة وتضحية . ويقول الرسول بولس :"إنَّ الله  في المسيح صالح العالم لنفسه".، وبطريقة يصعب فهمها إختبر الله في الصليب بنفسه . وإلاّ فإنّ الجُلجُثّة تُسجِّل في التاريخ على أنَّها إساءة لأنسان كوني ، وليس ما نسميه بالجمعة العظيمة (يوم صُلِبّ المسيح) ".
يسرد لنا فيليب يانسي قصة حدثت بجامعة هارفارد فيقول:
"يتذكّر جورج بتريك القس السابق بجامعة هارفارد عندما كان الطلبة يحضرون الى مكتبة ، ويعلنون:"أنا لا أؤمن بالله "، ويرد عليهم جورج بتريك بكلمات تُعطِّل فعالية هذا الأعلان:  "إجلس واخبرني اي اله لاتؤمن به . من المحتمل أنني أيضا لا أؤمن بالله ". ثُمَّ يبدا القس بتريك يتحدث إليهم عن يسوع الذي يُصحِّح كُلِّ إدّعاءاتنا عن الله .
وتميل كتب اللاهوت لتعريف الله بتعريفات احيانا تكون خاطئة :" الذي لايموت ، الذي لانراه ُ ، غير المحدود ". ولكن ماذا يُشبه الله ؟ بالنسبة للمسيحي ،فإنّ يسوع أجاب على مثل هذه ألأسئلة الهامة . لقد قال الرسول بولس عن يسوع أنَّهُ :"صورة الله غير المنظور "  لقد كان يسوع هو نسخة طبق ألأصل من الله : لأنَّ الله سُرَّ أن يُعطيهِ كُلِّ الملء . واقول كلمة واحدة :إنَّ الله هو شبه المسيح . لقد قدَّم لنا المسيح  الله مجسَّدا الذي إمّا أن نأخُذُهُ أو  نتركهُ، نُحبُّهُ أو نتجاهَلَهُ. ففي هذا النموذج المجسَّم يُمكِنُنا أن نرى ملامح الله بوضوح أكثر ...يجتمع الذين يؤمنون بالله في منازلهم الخاصة ، فيرنمون ، ويتحدّثون مع الله على أنّهُ اباهم (وهي الصلاة التي علمها يسوع المسيح لتلاميذه وتُسمّى الصلاة الربانية  ) . لم يعد هناك خوف ، ولا طقوس معيَّنة تُتَّبع ، لا داعي للذبائح ، والموت غير موجود في العبادة فيما عدا فريضة العشاء الرباني. بهذه الطريقة أدخل يسوع تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب منا . ولليهود الذين لايجرؤون أن ينطقوا باسم الله ، جاء يسوع بالكلمة  الآرامية " آبا " ، إنّها كلمة مالوفة للآراميين للتعبير عن العواطف الأسرية ، فكلمة بابا أوّل كلمة يطلقها الطفل ، ولكن قبل المسيح لم يفكر احدٌ على ألأطلاق بالنطق بكلمة (أبانا)  ليهوة إله الكون العظيم . وبعد المسيح اصبحت كلمة التخاطب المتداولة حتى في المجتمعات اليونانية ، وهم في ذلك يقلِّدون المسيح ، فاستعاروا الكلمة ألأجنبية ، ليعبّروا عن علاقتهم الوثيقة بالآب . يسوع المسيح أظهر تغييرات عميقة في رؤيتنا لله . فقد اصبح الله قريب مِنّا . واليهود الذين يعرفون إلها بعيدا عنهم . جاء المسيح برسالة تقول بأنَّ الله يهتم بِعُشب الحقل ويُطعِم عصافير السماء ويُحصي شعور رؤوسنا .إنّ يسوع يكشف لنا عن إله جاء يبحث عنا ، اله منحنا الحرية حتّى كلَّفهُ هذا حياة إبنهِ .إله يحب ويشتاق أن نُحبُّهُ.وهو يقول لنا :" لوكُنتم عرفتموني لعرفتم أبي أيضا"يوحنا 14 :6"   
حادثة حدثت عندما كان يسوع معلقا على الصليب صادقت على ألألفة الجديدة بالكنيسة الوليدة .يقول البشير مرقس :أنّ يسوع عندما كان يلفظ أنفاسه ألأخيرة :" إنشقَّ حجاب الهيكل الى نصفين من أعلى الى اسفل.كان هذا الحجاب بمثابة لقدس الأقداس حيث حضور الله . وكما كتب الرسول للعبرانيين : إنَّ شق الحجاب يبين بما لايدع مجالا للشك ما حقّقه موت المسيح . لم يعد هناك حاجة الى ذبيحة ، ولم يعد رئيس الكهنة يرتعش ، وهو يدخل قدس الأقداس (سقط الحاجز بين الله والأنسان بذبيحة المسيح الفادي للبشرية ).ونحنُ الذين في العصر الحديث قد عشنا في ظلِّ علاقة وثيقة جديدة مع الله لمدة طويلة حتى ان الأمر أصبح عاديا بالنسبة لنا . فنرنّم لله ، ونتحادث معه في الصلاة . وفكرة الذبيحة بالنسبة لنا تبدو شيئا بدائيا . إنَّنا ننسى بسهولة كم كلَّف هذه الأمر المسيح لكي ياتي بنا الى ألأقداس ، لنستمتع بالحضور ألدائم في حضرة الله . نحنُ نعرف الله على أنّه ابونا المحب على اساس عمل المسيح (أمّا الذين قبلوه ، المؤمنونَ بإسمِهِ ، فأعطاهم سُلطانا أن يصيروا أبناء الله "يوحنا 1 :12" ...إنَّ يسوع يكشف لنا عن إله يبحث عنا ، إله منحنا الحرية حتى كلَّفهُ هذا حياة إبنهُ . إله حسّاس وسريع التاثير . وفوق كل هذا فإن يسوع كشف لنا عن الله الذي هو محبّة.
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." يوحنا 3 : 16" (3)
أمّا كوستي بندلي في كتابه "الله والشر والمصير " يقول:
"إنَّ يسوع ، على هذه الشفافية الناصعة لنور الله ، كشف لنا حقيقة الله كاملة ، إن بسلوكه أو بتعليمهِ
1 – بسلوكه :
أ – جواب يسوع عن سؤال يوحنا المعمدان الذي كان ينتظر شأنه شأن فرقة "ألأسينيّين " وهم رهبان يهود عاشوا في ذلك العصر (راجع مخطوطات قمران)، الذين كانوا يؤمنون أن يأتي الله بقوّة ساحقة ليبيد أعدائه ويقيم على أشلائهم مملكة البرّ "متى 3 : 10-12"هاهي الفاسُ على أُصول الشجر.." وقد إعترف ، يوحنا المعمذان ، بالروح على أنّ يسوع هو المسيح المُنتظر ."متى 11 :2،3" .
عندما سمع يوحنا المعمذان ، وهو في السجن ، بأعمال المسيح ، أرسل إليه بعض تلاميذه ، يسألهُ :"أأَنتَ هو ألآتي (اي المسيح المنتظر)، أم ننتظر غيرك؟. أدرك يسوع قصد يوحنا من سؤاله فما كان جوابه اليه؟:
"إذهبو أخبروا يوحنا بما تسمعون وترون : العُميُ يُبصرون ، والعُرجُ يَمشون ، والبُرصُ يطهَّرُون ، والصُم يَسمعون والموتى يقومون والمساكين يُبشِّرون . وطوبى لِمَن لايشكُّ فيَّ". وكأنّه يقول له : إنَّك تنظرأن يُعلن الله عن نفسه بالغضب الساطع المُدّمِر : ولكنه بالفعل إنّما يكشف إقترابه بالرحمة المُحبّة والمحرّرة الممنوحة لمسحوقي ألأرض والتي سبق للنبي أشعيا ان تحدث عن بزوغها في يوم مجيء الرب "اشعيا 26 :19 ،29 :18 ، 35 :5 ،16 : 1"
يوحنا المعمذان شهد على حقيقة كون يسوع المسيح جاء من السماء اذ يقول :"من جاء من فوقُ، فهو فوقَّ الناس جميعا . ومن كان منَ ألأرض ِ ، فهو أرضيٌّ وبكلام أهل ألأرض يتكلَّم . من جاء من السماء ، فهو فوق الناس جميعا ، يشهد بما رأى وسَمِعَ ولا أحد يقبلُ شهادَتُه . من قبل شهادتَهُ شهد أنَّ الله صادق  .."يوحنا 3 :31- 33".
وهذا ما قاله يسوع المسيح لنيقاديمس رجل الدين اليهودي :
"ما صعَدَ أحدٌ الى السماء الاّ إبنُ ألأنسان الذي نَزل مِنَ السماء ."يوحنا 3 : 13".
وقال يسوع للفريسون والعلماء اليهود:"...أنتم من أسفل أمّا أنا من فوق .. أنتُم مِن هذا العالم . وما أنا من هذا العالم " يوحنا 3 : 23 "
أمّا شهادة الحق فلن تُفرض نفسها بالقوة الساحقة بل بشق طريقها عبر إخلاص حتى الموت ...والقيامة .
بهذا البرنامج الذي رسمه وحققه المسيح لرسالته ، قلب المفاهيم الشائعة عن نمط تدخل الله في ألأرض ليقيم فيها مملكته . وإنّنا لنجد ذات البرنامج في تلك الخطبة التي القاها يسوع في مجمع الناصرة ودشن بها رسالته :"روح الربَّ علي لأنّهُ مسحني لأْبشّر المساكين ، أرسلني لأنادي للأسرى بالحريّة ، وللعميان بعودة البصر اليهم ،لأحرِّر المظلومين,وأُعلن الوقت الذي فيه يقبلُ الربُّ شعبه "لوقا 4 :18"
ب – جواب يسوع على طلب وجّهَهُ اليه يعقوب ويوحنا إبنا زبدي ، اللذان طلبا من يسوع المسيح ان يُنزل النار على قرية للسامريين لأنهم رفضوا استقبال المسيح والتلاميذ ، فانتهرهما يسوع (لوقا 9 :51-54) ووصفهما ب"اولاد الرعد"  وقال لهمها ": لستما تعلمان من أيّ روح أنتما ،" فإنَّ إبن ألأنسان لم يأتي ليهلك نفوس الناس بل ليخلّصها"."الله ارسل إبنه الى العالم لا ليدين العالم ، بل ليُخلِّص به العالم " يوحنا 3 :17"
ج- تصرف يسوع عند القاء القبض عليه كانت صورة المسيح (ألآتي) مقترنة في الذهنية اليهودية التي نشا عليها التلاميذ وتشبَّعوا منها ، كانت مقترنة بصورة ألأقتدار الكلي والجبروت . فالمسيح ، بموجب هذه الذهنية ، وإن لم يكن قد إتَّضح جليا بعد أصله ألألهي، إنَّما كان يُعتَبَر بحق ممثل الله في ألأرض ، والمُنفّذ ألأسمى لمقاصده في التاريخ . من هُنا ألأعتقاد الشائع بأنَّهُ سيسود في ألأرض دون مُنازع ،لأنَّ قُدرة الله ستسحق ألأعداء تحت قدميهِ . لذا لم يكن يؤبه لتلك المقاطع الغامضة من نبؤءة إشعيا النبي  المتعلقة بشخصية "خادم الرب " المتألم " وبغيرها من النبؤاة المماثلة ، التي تُصوّر المسيح على أنَّهُ "رجل اوجاع"راجع اشعيا 53"، وبالعكس كانت تُبرز الى الواجهة نصوص تؤخذ بمعناها الحرفيّ وهي تتحدَّث عن عزَّة المسيح وإقتداره الساحق " قال الربُّ لربّي : إجلس عن يميني حتى أجعل أعداءك موطئا لقدميك "مزمور 110"  ."عصا قوّة يرسل لك الرب من صهيون فتسود وسط اعدائك  ... معك الرئاسة في يوم قوّتك .."..الخ
تلك هي بالضبط الصورة التي قفزت الى أذهان التلاميذ عندما تيقّنوا بأنَّ يسوع هو مسيح الله .يسوع خيّب آمالهم واحلامهم  ، فيُعلن المرّة تلو المرة عن قُرب آلامه وموتهه ، والتلاميذ لايفهمون . وكيف لهم أن يفهموا أن يفشل المسيح في إقامة ملك ظاهر في ألأرض . بمجرَّد التفكير بفشل المسيح كان يُزعزع مُجمل تصوّرهُم عن الله ، إذ كيف يُعقَل أن يقبل الله بفشل ممثّلُهُ ومُنفّذ أوامره دون أن يُزلزل ألأرض بالمتآمرين ويسحقهم سحقا ويبيدهم من أمام وجههِ ...لقد كان إنباء يسوع عن إقتراب آلامه ، وما تراءئ لهم عبر هذا ألأِنباء من ضعف ظاهري لله نابع من إحترامه المُذهل لحُرّية المخلوق . لقد كان هذا ألأعلان بمثابة طعنة عنيفة للتلاميذ ، فثار بطرس وزجَر يسوع على كلامه هذا ، فنال منه جوابا قاسيا وبَّخَهُ فيه المُعلّم على إنقياده الى "أفكار الناس" (الناس الذين تشوّهت فيهم صورة الله فلم يعودوا قادرين على تصوّره بغيرصورة ألأله الساحق الماحق) دونَ "افكار الله "
يقول الله على لسان إشعيا النبي :
«"لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ." إش 55: 8"
لقد صعقوا التلاميذ حين أتى الجُند ليلا ووضعوا اليد على مسيح الله دون أن تنشقُّ ألأرض وتَبتَلِعَهم . وكأنّى ببطرس ، في تلك اللحظة الرهيبة ، يقوم بحركة يائسة يُعبِّر فيها عن مرارة إنهيار أحلامِهِ ، فيستلّ سيفهُ ويضرب به أحد خُدام رئيس الكهنة فيقطع أذُنِهِ . وإذا بيسوع يُعاتِبُهُ في هذه المرّة ايضا فيقول له :
"إغمد سيفك ّ ، فمن يأخُذ بالسيف يهلُك. أو تظُنّ إنّي لا أستطيع أن اسال ابي فيمدُّني في الساعة بأكثر من إثني عشر فيلقا من الملائكة ؟ (متى 26 :52)
وكأنّ المسيح يقول له : إنّ الله كُلّي ألأقتدار فعلا ليبيد أعدائي واعداءهُ ...ولكن الله يعلو على إقتدارهِ هذا لأنّهُ محبّة "حنونيّة " ،(ذلك هو "الحب الجُنوني " الذي تحدّث عنهُ مكسيموس المعترف ونقولا كاباسلاس ) يحترم حُرّية المحبوب ، الى حدّ القبول بمعاناة رفضهِ الكامل ، القاتل ، لها . من هُنا إنَّني لم أسأل أبي أن يتصرَّف خلافا لحقيقته ، وهذا هو معنى هُتافي "لا كما أنا أشاء ، بل كما أنتّ تشاء" .ذلك الذي أطلقتهُ في بستان الجسمانيّة حيث عُشتُ المخاض العسير الذي عبره سطعت في إنسانيّتي صورة الله على حقيقتها الناصعة العجيبة .إنّ سلوك يسوع المسيح هذا عبّر عن وجه الله الحقيقي المُتجلّي في إنسانيّة المسيح . من هنا لايُمكن أن تكون لنا معرفة صحيحة عن الله ، معرفة لاتشوبها اسقاطاتنا ، إلاّ تلك التي نجنيها من رؤيتنا لأنسانية يسوع . بهذا المعنى قال السيّد :"من رآني فقد راى الآب"يوحنا 14 :9" وايضا:"لايعرف ألآب إلاّ ألأبن ومن أراد ألأبن ان يكشف له "متى 11 :27". وعن المسيح قال الرسول بولس إنّهُ "صورة الله الذي لايُرى"كولوسي 1 : 15": "الله واحد والوسيط واحد بين الله والناس وهو ألأنسان يسوع المسيح "1تيموثاوس 2 : 5"
2- بتعليمه
ومما يؤكّد كون يسوع أيَّد بتعليمه عن الله صحّة صورة الله  التي تتجلّى في سلوكه ألأنساني . فمثلا نرى أنّ محبة ألأعداء التي نادى يسوع بها إتّخذت نموذجا لها سلوك الله نفسه ،بحيث تبيّن بأن الله ليس ألأله المنتقم الذي يقابل الشرَّ بالشرّ ، بل هو ذاك الذي يُنعم بخيراته على ألأخيار وألأشرارعلى حدّ سواء ، ذلك الذي هو "رحيم "أي واسع القلب الى حدّ أنّه يشمل برحابة حُبِّه ألأبرار والأثمة . "أحبّوا أعداءكم ......فتكونوا بني ابيكم الذي في السماوات ،لأنّه يطلع شمسه على ألأشرار والأخيار ، وينزل غيثه على ألأبرار والفُجّار "مى 5 : 44-45". ...كونوا رُحماء كما أنَّ أباكم رحيم "لوقثا 6 : 35 -36 "(2)
هكذا يسوع المسيح وهو مسمّر اليدين والرجلين على الصليب ، أشفق على صالبيه الذين كانوا يستمتعون بتعذيبه وتعييره وإذلاله والأستهزاء به ، فطلب من أبيه السماوي ان يغفر لهم قائلا:" إغفر لهم يا ابي  لأنَّهم لايعرفون ماذا يعملون "لوقا 23 :34 ".

المصادر
الآيات المشار اليها بين ألأقواس هي مقتبسة  من الكتاب المقدس
وموضوع المقال مقتبس من  الكتب التالية:
( 1) كتاب "المسيح الذي لم اكن اعرفهُ " للكاتب فيليب يانسي 
(2) كتاب "القضية...المسيح " للكاتب لي ستوبل
( 3  ) المصدر (1) اعلاه
 (4)كتاب "الله والشر والمصير" كوستي بندلي

44
من هو يسوع المسيح ؟
الجزء الرابع
يسوع المسيح يقول الحق وهو "الحق المتجسّد".
نافع شابو البرواري

يردّد المسيحيون آلاف المرات يوميا في كل انحاء العالم اسم بيلاطس القائد الروماني فقط لأن هذا  ألأسم حدد في سنوات قليلة تاريخ موت الله الظاهر في الجسد". عندما سألَ بيلاطس البنطي،الحاكم الروماني، يسوع المسيح في يوم الحكم على المسيح بالصلب :"هل أنت ملك اليهود؟ أجاب  يسوع :"مملكتي ليست من هذا العالم  ، ولو كانت من هذا العالم لحارب أتباعي ، لكي يمنعوا اليهود من القبض عليَّ ، ولكن مملكتي من مكان آخر "يوحنا 18: 36"
وقال يسوع لبيلاطس : لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي"
وعندما سأل بيلاطس يسوع "ماهو الحق !" يوحنا 18:38؟" لم يجب المسيح على سؤال بيلاطس لأن ألأخيركان بعيدا كُل البعد عن معرفة الحق ، ولايعرف أنّ الواقف أمامَه هو"الحق المُتَجسّد "
بيلاطس  يعترف بالحق ولكن إختار ان يرفضُهُ .إنّها لماساة أن نفشل في معرفة الحق وألأعتراف به. والمأساة ألأفظع أن نعرف الحق ولكن نخفق في ألأنتباه اليه.
على ضوء جواب يسوع لبيلاطس الحاكم الروماني علينا ان نبحث عن حقيقة شخص المسيح لنفهم هل هو يقول الحق ؟ وعندما نتأكَّد من أنّه هو الحق فعندها ليس امامنا سوى خيارين إمّا أن نعترف به ونقبله في حياتنا ربّا والها ، او نُنكره كما فعل السنهدرين اليهودي وبيلاطس الحاكم الروماني الذين قضواعلى حكم يسوع المسيح بالصلب وهوالبريء دون وجه حق  ؟
هناك الكثيرون يسألون : ماهو الحق؟ ولكن قلة من الناس تبحث عن الحق . بيلاطس كان يسأل عن الحق ولم يكن يبحث عن الحق . يسوع المسيح يقول:
فمن يبحث عن الحق يسمع كلام الله الحق ، أمّا الذين لايريدون البحث عن الحق فهم لن يعرفوا الحق ، ولايمكن معرفة الله  إلآ بالروح والحق .
قال يسوع"من كان من أبناء الحق يستمع الى صوتي ...." يوحنا 18 : 37 "أي الذي لايعرف المسيح (الحق) لن يستطيع معرفة الحق.
يسوع لايشبه شخص اخر او نبي آخر ولا يشبه كونفوشيوس وسقراط ، وأن يسوع لم يكن يبحث عن الحقيقة ، ولكن كان يشير الى نفسه على انَّه هو الحق.
يسوع المسيح هو سر الله وصورة الله وكلمة الله ، وقد عمل هو نفسه عمل الله
 "المسيح شخصية كاملة ولاتستطيع البشرية إنجاب شخص مثله لأنّه كامل ، ولايوجد كامل الاّ الخالق .أحد المفكرين درس ألأنجيل وقرأءه بتأنّي ولم يكن مسيحيا . فبعد قرائته للأنجيل وتأمُّله في شخصية المسيح توصل الى حقيقة تقول:
"نعم يستحق أن تعبدوه ".
كُلِّ الديانات أشخاصها يُقدّمون تعاليم راقية ، عدا المسيح الذي هو نفسُهُ الذي يُشرِّع ، وهو الذي جسّد التعاليم بشخصه ،أي كان يقول ويطبق اقواله في الواقع،
..كانت شهادات وكفاءات يسوع هي شخصه. فهو لم يكتب كتابا ، ولم يقُد جيشا ، ولم يعتل مركزا سياسيا ، ولم يملك عقارا . وعندما نُقارن يسوع مع بقيّة الزعماء الدينيين ،يظهر لنا تميُّزا ملحوظا . لقد درس "رافي زكريا" ،ألذي نشأ في ثقافة هندوسية ، ديانات العالم ولاحظ فروقات أساسية بين يسوع المسيح وبين مؤسسي الديانات الرئيسية ألأخرى . ففي جميع هذه ، يبرز أمامنا إرشاد ، طريقة العيش . فأنت لاتتجه الى زرادشت بل أنت تستمع لزرادشت . ليس بوذا الذي ينقُذك ، بل هي حقائقه النبيلة التي ترشدك ، وليس محمد الذي يُغيّرك ، بل هوجمال القرآن الذي يلمسك . أمّا يسوع لم يكن يُعلّم أو يشرح رسالته فقط ، إنَّما كانت شخصيته متطابقة مع رسالته  "...لقد كان يسوع نبيّا عظيما ، بالطبع شخصا ممتعا ، كان عنده الكثير ليقوله على غرارما قاله أنبياء عظماء آخرين سواء كان إيليّا أو محمد أو بوذا أو كونفوشيوس .
في الواقع لايسمح لكم المسيح بذلك . فهو لايترككم تفلتوا من الصنارة ، المسيح يقول ، كلاّ ، أنا لا أقول أنّي مُعلّم ، لا تدعوني معلما .أنا أقول أنّي نبيّا ....أنا أقول أنّي الله المتجسّد . ويجيب الناس :لا ،لا ، من فضلك كن فقط نبيا ." فنحنُ نقدر أن نستوعب فكرة النبي أمّا فكرة كونك الله فهذا فوق عقولنا".
يقول متي البشير عن يسوع المسيح  :كان يُعلِّم كمن له سُلطان ، وليس كالكتبة"..كان له افكاره الخاصة"سمعتم انه قيل اما انا اقول لكم" اي انه هو مصدر التعاليم والشريعة ، وعندما كان يتكلم لم يجعل فرق بينه وبين الله كان يقول :"من رآني رأى الله"يوحنا 14 : 9
شهد التلاميذ الثلاثة ، كل من بطرس ويوحنا ويعقوب ، انهم في جبل التجلي شاهدوا مجد يسوع حيث تجلّت هيئة وجههِ وصارت ثيابه بيضاء لمّاعة...وسمعوا صوتا آتيا من السحابة يقول: "هذا هو إبني الذي أخترتهُ . لهُ اسمعوا !" (لوقا 9: 29 ،35).  نعم لقد أعلن الله بوضوح أن يسوع المسيح هو ابنه المختار ، وقال للتلاميذ الثلاثة (كونهم شهود لِما رؤوا ) ان يسمعوا ليسوع ابنه . إنّ يسوع كابن الله ، له قوة الله وسلطانه .
هذا الأعلان ألآب عن إبنه للتلاميذ على الجبل وكشف ألأبن لنا ان أبيه السماوي هو ايضا أبينا حينما يدعونا ألأبن اخوة له (عبرانيين 2 : 11) حيث أعلن ، يسوع  المسيح ألأبن ، لتلاميذه  أن قلب المخلّص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كاعضاء في أُسرة الله ، فبيسوع المسيح إبن الله أستطاع البشر،لأول مرّة أن ينادى الله "أبانا الذي في السماء".
يقول فيليب يانسي عن علاقة يسوع بالآخرين  في كتابه "المسيح الذي لم اكن أعرفه"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا "  وهذه  السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3). وقال يسوع لليهود " ما زال ابي يعمل الى ألآن . وأنا ايضا أعمل ! " لهذا إزداد سعي اليهود الى قتله ، ليس فقط لأنَّه خالف سُنَّةَ السبت ، بل ايضا لأنّه قال إنَّ الله أبوه مُساويا نفسَهُ بالله " يوحنا 5 :17 ،18"
يسوع المسيح إمّا ان يكون مجنونا " فقد صوابه" كما قال بعض اليهود عنه "مرقس 3 : 21"  او فيه بعلزبول، وهو برئيس الشياطين يطرد الشياطين"مرقس 3 :22" . أو أن يكون المسيح هو إبن الله يقول الحق وليس هو الاَّ الحق ، وما يفعله ويقوله هو تجسيد لهذه الحقيقة .
يسوع المسيح قلب مفهوم الحرية عندما قال : "تعرفون الحق والحق يحرركم "
"يوحنا 8 : 32 "اي ان الأنسان الذي لايعرف المسيح "الحق" لن يعرف معنى الحرية الحقيقية ، وبالتالي فهولازال يعيش في العبودية ، سواء عبدودية لأشخاص اوالعبودية للمال والشهرة والسلطة ومغريات هذا العالم، وهذه العبودية في الكتاب المقدس هي التي كانت سبب سقوط الأنسان في فخ الشيطان . جاء المسيح ليحرّرنا ونصبح ابناء الله بالتبني ونعيش الحياة الأبدية مع الله ، فهو الموعود في (الأنبياء والكتب) والذي طال انتظاره ، قد أتى أخيرا والأدلة كثيرة .
معرفة يسوع المسيح يعني التحرّر ، هو الحق الذي يُحرِّرنا من عبودية الخطيئة والموت وقوات الشر، وهو مصدرالحق والمقياس الكامل لما هو حق وصائب (غلاطية 5 :1) (يوحنا 8 :32)
كتب دورثي سايرز: "إنّ يسوع هو ألأله الوحيد الذي سُجِّل له تاريخ في تاريخ البشرية " ، ولا توجد هناك كلمات تثير الدهشة أكثر مما كتب في قانون ألأيمان عنه :" اله حق من اله حق".
استطاع يسوع المسيح أن يبرهن لليهود وبحجج منطقية وعقلية وعملية أنَّه هو الحق والحقيقة، من خلال أقواله وأعماله  التي تشهدان له (مرقس 3 :22-30)
إذا ليس أمامنا خيار آخر سوى ألأيمان بيسوع المسيح كونه له القدرة والسلطة والقوّة (الخارقة للطبيعة) . وهو الذي يغفر ويشفي ويقيم ألأموات بسلطة لم يمتلكها شخص آخر غيره لاقبله ولا بعده . لهذا يجب ان نستسلم لهذه الحقيقة وعندها فقط نستطيع أن نستمر في الطريق المؤدي الى الحق والحياة .
عندما سأل بطرس يسوع :"ياربَّ الى اين تذهب؟ "يوحنا 13 :36". وعندما سال توما يسوع المسيح قائلا :" ياربّ إننا لانعرفُ الى أين تذهب ؟ أجاب يسوع :"لاتضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله ، فآمنوا بي أيضا " يوحنا 14 :1" ..."اني ذاهب لأعدَّ لكم مكانا . فقال توما :"ياسيّد ، لانعرف أين أنت ذاهب ، فكيف نعرف الطريق؟. فاجابه يسوع : "أنا الطريق والحقّ والحياة ".
لم نسمع نبي ولا انسان  عبر تاريخ البشرية قال ما قاله يسوع المسيح :
نعم كُلِّ الطرق تؤدي الى المسيح ولكن طريق واحد يؤدي الى الحياة
كُلِّ الديانات لها طرق كثيرة ، ولكن ليس لهم طريق المؤدي الى الأبدية . يقول اشعيا النبي :" كُلُّنا ضَلَلنا كَالغَنَمِ، وَكُلُّ واحِدٍ ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ."اشعيا 53: 6
لأنَّ " الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله " روما 3 : 23 "
والمسيح يدعونا بكل بساطة الى التخلي عن كبريائنا واللجوء اليه لأنّه هو الحق الوحيد.لأنّه لم يقل هو فقط يعرف الحق ، بل قال "أنا أُجسِّد الحق" ،لأنَّه إعلان الذات ألأِلهية. كل المخلوقات قد تعكس جزء من النورالساقط عليها ولكن ، عندما ننظر الى المسيح فسوف نرى مصدر هذا النور . فهو يقول :"أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ."... (يو 8: 12-16
فالذي يسلك في الطريق الذي يقوده الى مصدر النور لن يتيه بل يقوده هذا الطريق الى نور الحق والحياة  يسوع المسيح . إنَّ الرب يسوع هوالله وإنسان معا ، وبإتحاد حياتنا به نتّحَد بالله . فهو الطريق الوحيد،لأنَّه سبيلنا الى ألآب ، وهو الحق لأنّه تحقيق كل وعود الله في الكتاب المقدس ، وهو الحياة ،لأنَّه يربط حياته ألألهية بحياتنا ألآن وأبديا . يشهد الرسول يوحنا عن حقيقة المسيح فيقول:
"في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ...فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نورَ الناس ......الكلمة ُ هو النورُ الحق ، جاء الى العالم لينير كُلِّ انسان ...والكلمة صار بشرا وعاش بيننا ، فراينا مجدَهُ مجدا يفيضُ بالنعمة والحق "يوحنا 1 : 1 -14 "
" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ورايناهُ بعيوننا ، الذي تأملناه ولمستهُ ايدينا من كلمة الحياة  ، والحياة تجلَّت فرأيناها ، والآن نشهدُ لها ونُبشِّركُم بالحياة ألأبدية " 1يوحنا 1 : 1 ،2 "
"فكما أنَّ الآب هو في ذاته مصدر الحياة،  فكذلك اعطى ألأبن أن يكون في ذاته مصدر الحياة "يوحنا 5 :26 " ، وهو أيضا "خبز الحياة.. ومن يأكل من هذا الخبز النازل من السماء لايموت".يوحنا 6 : 48 ،50 "
فالباحث عن الحق والحقيقة ينتهي الى يسوع المسيح الأنسان الكامل والأِله الكامل  الذي بِهِ خَلقَ  العالم، وهو بهاء مجد الله وصورة جوهره "عبرانيين  1:1-4 "
فقبل مجيء المسيح لم يكن الناس يعرفون الله إلا جزئيا .أمّا بعد مجيء المسيح فقد امكن للناس يعرفوا الله بالكامل لأنّهُ صار ملموسا ومرئيا لهم في المسيح .إنّ المسيح هو التعبير الكامل لله في صورة بشرية
يسوع المسيح هو"..هوممتليءٌ بالنعمة والحقِّ ...فمن إمتلائه أخذنا جميعا ونلنا نعمةً على نعمة ، لأنَّ الشريعة أُعطيت على يد موسى ،أمّا النعمة ُ والحقُّ فقد تواجدا بيسوع المسيح "يوحنا 1 : 14 ،16 ،17 ،18"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران إذ يقول: "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا "  وهذه  السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3).
بيسوع المسيح عرفنا أنّ الله هو "محبّة " .
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." يو 15: 13
فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ ونشارك مع ابنه ملكوكته السماوية ؟
و لايستحي يسوع المسيح  أن يدعونا أخوة له (عبرانيين 2 : 11) . أعلن يسوع ان قلب المخلص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كأعضاء في اسرة الله .
يسوع المسيح يعلمنا أن ندعو أباه ُ"أبانا " ، وهذا هو إعلان عن ذلك الحق المدهش المفعم بالتشجيع والفداء ، وهو ان الله يحبنا كما يحب ابنه وهذا ما قاله يسوع في صلاته ألأخيرة "أحببتهم كما أحببتني " يوحنا 17 : 23 "
وبأختصار، فإنَّ الكتاب المقدّس يُخبرنا عن قصة حب إله له الرغبة الشديدة لكي يسترد عائلته . وتُعلِّق ألأناجيل على المدى الذي ذهب إليه الله لكي يحقق خطة إنقاذ البشر ، حتى ارسل إبنه كفّارة لخطايانا " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه "يوحنا 15 : 13"لأنّهُ هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد ..."يوحنا 3 :16 "
إنّ من يعرف شخص يسوع المسيح سوف  يقف مندهش ومشدوه ويصيبه العجب والذهول ،امام هذا ألأنسان، وهو في نفس الوقت إبن الله ، جاء ليزورنا ويعيش آلامنا وافراحنا وهمومنا واحزاننا وفوق كل ذلك ليحمل عنا خطايانا واوزارنا وليفدي نفسه عنا على الصليب من اجل خلاصنا من الموت والخطيئة وقوى الشر، لنعيش الى ألأبد معه ، ونشاركه ملكوت ابيه السماوي . فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ؟
لايوجد في تاريخ البشرية شخص انتصر، بموته على الصليب ، على الموت وقام وصعد الى السماء، وجلس عن يمين الله  وهو الذي قال لمرتا أُخت مريم ولعازر :" أنا القيامة والحياة . من آمنَ بي يحيا وإن ماتَ " يوحنا 11:25 "
وهو الذي قال لتلاميذه :"لاتضطرب قلوبكم ،أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي ايضا .في بيت ابي منازل كثيرةٌ ..أنا ذاهبٌ لأهيئء لكم مكانا "يوحنا 14 : 2 ، 3"
وهو الذي وعد الرسل والمؤمنين به أن يَرسل المعزي ليبقى معهم الى الأبد ، وهو روح الحق الذي لايقدر العالم ان يقبلهُ ،لأنه لايراهُ ولا يعرفهُ ،أمّا المؤمنون فيعرفونه لأنَّهُ يقيم معهم ويكون فيهم وهو الذي يرشدهم الى "الحق "يوحنا 14 : 15-17"



45
المنبر الحر / من هو يسوع المسيح ؟
« في: 13:33 05/02/2020  »


من هو يسوع المسيح ؟
الجزء الرابع
يسوع المسيح يقول الحق وهو "الحق المتجسّد".
نافع شابو البرواري

يردّد المسيحيون آلاف المرات يوميا في كل انحاء العالم اسم بيلاطس القائد الروماني فقط لأن هذا  ألأسم حدد في سنوات قليلة تاريخ موت الله الظاهر في الجسد". عندما سألَ بيلاطس البنطي،الحاكم الروماني، يسوع المسيح في يوم الحكم على المسيح بالصلب :"هل أنت ملك اليهود؟ أجاب  يسوع :"مملكتي ليست من هذا العالم  ، ولو كانت من هذا العالم لحارب أتباعي ، لكي يمنعوا اليهود من القبض عليَّ ، ولكن مملكتي من مكان آخر "يوحنا 18: 36"
وقال يسوع لبيلاطس : لِهَذَا قَدْ وُلِدْتُ أَنَا وَلِهَذَا قَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ لأَشْهَدَ لِلْحَقِّ. كُلُّ مَنْ هُوَ مِنَ الْحَقِّ يَسْمَعُ صَوْتِي"
وعندما سأل بيلاطس يسوع "ماهو الحق !" يوحنا 18:38؟" لم يجب المسيح على سؤال بيلاطس لأن ألأخيركان بعيدا كُل البعد عن معرفة الحق ، ولايعرف أنّ الواقف أمامَه هو"الحق المُتَجسّد "
بيلاطس  يعترف بالحق ولكن إختار ان يرفضُهُ .إنّها لماساة أن نفشل في معرفة الحق وألأعتراف به. والمأساة ألأفظع أن نعرف الحق ولكن نخفق في ألأنتباه اليه.
على ضوء جواب يسوع لبيلاطس الحاكم الروماني علينا ان نبحث عن حقيقة شخص المسيح لنفهم هل هو يقول الحق ؟ وعندما نتأكَّد من أنّه هو الحق فعندها ليس امامنا سوى خيارين إمّا أن نعترف به ونقبله في حياتنا ربّا والها ، او نُنكره كما فعل السنهدرين اليهودي وبيلاطس الحاكم الروماني الذين قضواعلى حكم يسوع المسيح بالصلب وهوالبريء دون وجه حق  ؟
هناك الكثيرون يسألون : ماهو الحق؟ ولكن قلة من الناس تبحث عن الحق . بيلاطس كان يسأل عن الحق ولم يكن يبحث عن الحق . يسوع المسيح يقول:
فمن يبحث عن الحق يسمع كلام الله الحق ، أمّا الذين لايريدون البحث عن الحق فهم لن يعرفوا الحق ، ولايمكن معرفة الله  إلآ بالروح والحق .
قال يسوع"من كان من أبناء الحق يستمع الى صوتي ...." يوحنا 18 : 37 "أي الذي لايعرف المسيح (الحق) لن يستطيع معرفة الحق.
يسوع لايشبه شخص اخر او نبي آخر ولا يشبه كونفوشيوس وسقراط ، وأن يسوع لم يكن يبحث عن الحقيقة ، ولكن كان يشير الى نفسه على انَّه هو الحق.
يسوع المسيح هو سر الله وصورة الله وكلمة الله ، وقد عمل هو نفسه عمل الله
 "المسيح شخصية كاملة ولاتستطيع البشرية إنجاب شخص مثله لأنّه كامل ، ولايوجد كامل الاّ الخالق .أحد المفكرين درس ألأنجيل وقرأءه بتأنّي ولم يكن مسيحيا . فبعد قرائته للأنجيل وتأمُّله في شخصية المسيح توصل الى حقيقة تقول:
"نعم يستحق أن تعبدوه ".
كُلِّ الديانات أشخاصها يُقدّمون تعاليم راقية ، عدا المسيح الذي هو نفسُهُ الذي يُشرِّع ، وهو الذي جسّد التعاليم بشخصه ،أي كان يقول ويطبق اقواله في الواقع،
..كانت شهادات وكفاءات يسوع هي شخصه. فهو لم يكتب كتابا ، ولم يقُد جيشا ، ولم يعتل مركزا سياسيا ، ولم يملك عقارا . وعندما نُقارن يسوع مع بقيّة الزعماء الدينيين ،يظهر لنا تميُّزا ملحوظا . لقد درس "رافي زكريا" ،ألذي نشأ في ثقافة هندوسية ، ديانات العالم ولاحظ فروقات أساسية بين يسوع المسيح وبين مؤسسي الديانات الرئيسية ألأخرى . ففي جميع هذه ، يبرز أمامنا إرشاد ، طريقة العيش . فأنت لاتتجه الى زرادشت بل أنت تستمع لزرادشت . ليس بوذا الذي ينقُذك ، بل هي حقائقه النبيلة التي ترشدك ، وليس محمد الذي يُغيّرك ، بل هوجمال القرآن الذي يلمسك . أمّا يسوع لم يكن يُعلّم أو يشرح رسالته فقط ، إنَّما كانت شخصيته متطابقة مع رسالته  "...لقد كان يسوع نبيّا عظيما ، بالطبع شخصا ممتعا ، كان عنده الكثير ليقوله على غرارما قاله أنبياء عظماء آخرين سواء كان إيليّا أو محمد أو بوذا أو كونفوشيوس .
في الواقع لايسمح لكم المسيح بذلك . فهو لايترككم تفلتوا من الصنارة ، المسيح يقول ، كلاّ ، أنا لا أقول أنّي مُعلّم ، لا تدعوني معلما .أنا أقول أنّي نبيّا ....أنا أقول أنّي الله المتجسّد . ويجيب الناس :لا ،لا ، من فضلك كن فقط نبيا ." فنحنُ نقدر أن نستوعب فكرة النبي أمّا فكرة كونك الله فهذا فوق عقولنا".
يقول متي البشير عن يسوع المسيح  :كان يُعلِّم كمن له سُلطان ، وليس كالكتبة"..كان له افكاره الخاصة"سمعتم انه قيل اما انا اقول لكم" اي انه هو مصدر التعاليم والشريعة ، وعندما كان يتكلم لم يجعل فرق بينه وبين الله كان يقول :"من رآني رأى الله"يوحنا 14 : 9
شهد التلاميذ الثلاثة ، كل من بطرس ويوحنا ويعقوب ، انهم في جبل التجلي شاهدوا مجد يسوع حيث تجلّت هيئة وجههِ وصارت ثيابه بيضاء لمّاعة...وسمعوا صوتا آتيا من السحابة يقول: "هذا هو إبني الذي أخترتهُ . لهُ اسمعوا !" (لوقا 9: 29 ،35).  نعم لقد أعلن الله بوضوح أن يسوع المسيح هو ابنه المختار ، وقال للتلاميذ الثلاثة (كونهم شهود لِما رؤوا ) ان يسمعوا ليسوع ابنه . إنّ يسوع كابن الله ، له قوة الله وسلطانه .
هذا الأعلان ألآب عن إبنه للتلاميذ على الجبل وكشف ألأبن لنا ان أبيه السماوي هو ايضا أبينا حينما يدعونا ألأبن اخوة له (عبرانيين 2 : 11) حيث أعلن ، يسوع  المسيح ألأبن ، لتلاميذه  أن قلب المخلّص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كاعضاء في أُسرة الله ، فبيسوع المسيح إبن الله أستطاع البشر،لأول مرّة أن ينادى الله "أبانا الذي في السماء".
يقول فيليب يانسي عن علاقة يسوع بالآخرين  في كتابه "المسيح الذي لم اكن أعرفه"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا "  وهذه  السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3). وقال يسوع لليهود " ما زال ابي يعمل الى ألآن . وأنا ايضا أعمل ! " لهذا إزداد سعي اليهود الى قتله ، ليس فقط لأنَّه خالف سُنَّةَ السبت ، بل ايضا لأنّه قال إنَّ الله أبوه مُساويا نفسَهُ بالله " يوحنا 5 :17 ،18"
يسوع المسيح إمّا ان يكون مجنونا " فقد صوابه" كما قال بعض اليهود عنه "مرقس 3 : 21"  او فيه بعلزبول، وهو برئيس الشياطين يطرد الشياطين"مرقس 3 :22" . أو أن يكون المسيح هو إبن الله يقول الحق وليس هو الاَّ الحق ، وما يفعله ويقوله هو تجسيد لهذه الحقيقة .
يسوع المسيح قلب مفهوم الحرية عندما قال : "تعرفون الحق والحق يحرركم "
"يوحنا 8 : 32 "اي ان الأنسان الذي لايعرف المسيح "الحق" لن يعرف معنى الحرية الحقيقية ، وبالتالي فهولازال يعيش في العبودية ، سواء عبدودية لأشخاص اوالعبودية للمال والشهرة والسلطة ومغريات هذا العالم، وهذه العبودية في الكتاب المقدس هي التي كانت سبب سقوط الأنسان في فخ الشيطان . جاء المسيح ليحرّرنا ونصبح ابناء الله بالتبني ونعيش الحياة الأبدية مع الله ، فهو الموعود في (الأنبياء والكتب) والذي طال انتظاره ، قد أتى أخيرا والأدلة كثيرة .
معرفة يسوع المسيح يعني التحرّر ، هو الحق الذي يُحرِّرنا من عبودية الخطيئة والموت وقوات الشر، وهو مصدرالحق والمقياس الكامل لما هو حق وصائب (غلاطية 5 :1) (يوحنا 8 :32)
كتب دورثي سايرز: "إنّ يسوع هو ألأله الوحيد الذي سُجِّل له تاريخ في تاريخ البشرية " ، ولا توجد هناك كلمات تثير الدهشة أكثر مما كتب في قانون ألأيمان عنه :" اله حق من اله حق".
استطاع يسوع المسيح أن يبرهن لليهود وبحجج منطقية وعقلية وعملية أنَّه هو الحق والحقيقة، من خلال أقواله وأعماله  التي تشهدان له (مرقس 3 :22-30)
إذا ليس أمامنا خيار آخر سوى ألأيمان بيسوع المسيح كونه له القدرة والسلطة والقوّة (الخارقة للطبيعة) . وهو الذي يغفر ويشفي ويقيم ألأموات بسلطة لم يمتلكها شخص آخر غيره لاقبله ولا بعده . لهذا يجب ان نستسلم لهذه الحقيقة وعندها فقط نستطيع أن نستمر في الطريق المؤدي الى الحق والحياة .
عندما سأل بطرس يسوع :"ياربَّ الى اين تذهب؟ "يوحنا 13 :36". وعندما سال توما يسوع المسيح قائلا :" ياربّ إننا لانعرفُ الى أين تذهب ؟ أجاب يسوع :"لاتضطرب قلوبكم .أنتم تؤمنون بالله ، فآمنوا بي أيضا " يوحنا 14 :1" ..."اني ذاهب لأعدَّ لكم مكانا . فقال توما :"ياسيّد ، لانعرف أين أنت ذاهب ، فكيف نعرف الطريق؟. فاجابه يسوع : "أنا الطريق والحقّ والحياة ".
لم نسمع نبي ولا انسان  عبر تاريخ البشرية قال ما قاله يسوع المسيح :
نعم كُلِّ الطرق تؤدي الى المسيح ولكن طريق واحد يؤدي الى الحياة
كُلِّ الديانات لها طرق كثيرة ، ولكن ليس لهم طريق المؤدي الى الأبدية . يقول اشعيا النبي :" كُلُّنا ضَلَلنا كَالغَنَمِ، وَكُلُّ واحِدٍ ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ."اشعيا 53: 6
لأنَّ " الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله " روما 3 : 23 "
والمسيح يدعونا بكل بساطة الى التخلي عن كبريائنا واللجوء اليه لأنّه هو الحق الوحيد.لأنّه لم يقل هو فقط يعرف الحق ، بل قال "أنا أُجسِّد الحق" ،لأنَّه إعلان الذات ألأِلهية. كل المخلوقات قد تعكس جزء من النورالساقط عليها ولكن ، عندما ننظر الى المسيح فسوف نرى مصدر هذا النور . فهو يقول :"أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ."... (يو 8: 12-16
فالذي يسلك في الطريق الذي يقوده الى مصدر النور لن يتيه بل يقوده هذا الطريق الى نور الحق والحياة  يسوع المسيح . إنَّ الرب يسوع هوالله وإنسان معا ، وبإتحاد حياتنا به نتّحَد بالله . فهو الطريق الوحيد،لأنَّه سبيلنا الى ألآب ، وهو الحق لأنّه تحقيق كل وعود الله في الكتاب المقدس ، وهو الحياة ،لأنَّه يربط حياته ألألهية بحياتنا ألآن وأبديا . يشهد الرسول يوحنا عن حقيقة المسيح فيقول:
"في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله ...فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نورَ الناس ......الكلمة ُ هو النورُ الحق ، جاء الى العالم لينير كُلِّ انسان ...والكلمة صار بشرا وعاش بيننا ، فراينا مجدَهُ مجدا يفيضُ بالنعمة والحق "يوحنا 1 : 1 -14 "
" الذي كان من البدء ، الذي سمعناهُ ورايناهُ بعيوننا ، الذي تأملناه ولمستهُ ايدينا من كلمة الحياة  ، والحياة تجلَّت فرأيناها ، والآن نشهدُ لها ونُبشِّركُم بالحياة ألأبدية " 1يوحنا 1 : 1 ،2 "
"فكما أنَّ الآب هو في ذاته مصدر الحياة،  فكذلك اعطى ألأبن أن يكون في ذاته مصدر الحياة "يوحنا 5 :26 " ، وهو أيضا "خبز الحياة.. ومن يأكل من هذا الخبز النازل من السماء لايموت".يوحنا 6 : 48 ،50 "
فالباحث عن الحق والحقيقة ينتهي الى يسوع المسيح الأنسان الكامل والأِله الكامل  الذي بِهِ خَلقَ  العالم، وهو بهاء مجد الله وصورة جوهره "عبرانيين  1:1-4 "
فقبل مجيء المسيح لم يكن الناس يعرفون الله إلا جزئيا .أمّا بعد مجيء المسيح فقد امكن للناس يعرفوا الله بالكامل لأنّهُ صار ملموسا ومرئيا لهم في المسيح .إنّ المسيح هو التعبير الكامل لله في صورة بشرية
يسوع المسيح هو"..هوممتليءٌ بالنعمة والحقِّ ...فمن إمتلائه أخذنا جميعا ونلنا نعمةً على نعمة ، لأنَّ الشريعة أُعطيت على يد موسى ،أمّا النعمة ُ والحقُّ فقد تواجدا بيسوع المسيح "يوحنا 1 : 14 ،16 ،17 ،18"
اليهود اتّهموا يسوع بانّه يُجدَّف ، لأنَّه قال أنَّ له السلطة على الغُفران إذ يقول: "ساريكم أنَّ إبن ألأنسان له سلطان على ألأرض ليغفر الخطايا "  وهذه  السلطة لا أحد من البشر يمتلكها الا الله . فقط الله يستطيع ان يغفر ويشفي جميع ألأمراض (مزمور 103: 3).
بيسوع المسيح عرفنا أنّ الله هو "محبّة " .
لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." يو 15: 13
فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ ونشارك مع ابنه ملكوكته السماوية ؟
و لايستحي يسوع المسيح  أن يدعونا أخوة له (عبرانيين 2 : 11) . أعلن يسوع ان قلب المخلص مشتاق جدا لأن يرحب بنا كأعضاء في اسرة الله .
يسوع المسيح يعلمنا أن ندعو أباه ُ"أبانا " ، وهذا هو إعلان عن ذلك الحق المدهش المفعم بالتشجيع والفداء ، وهو ان الله يحبنا كما يحب ابنه وهذا ما قاله يسوع في صلاته ألأخيرة "أحببتهم كما أحببتني " يوحنا 17 : 23 "
وبأختصار، فإنَّ الكتاب المقدّس يُخبرنا عن قصة حب إله له الرغبة الشديدة لكي يسترد عائلته . وتُعلِّق ألأناجيل على المدى الذي ذهب إليه الله لكي يحقق خطة إنقاذ البشر ، حتى ارسل إبنه كفّارة لخطايانا " ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه من أجل أحبائه "يوحنا 15 : 13"لأنّهُ هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد ..."يوحنا 3 :16 "
إنّ من يعرف شخص يسوع المسيح سوف  يقف مندهش ومشدوه ويصيبه العجب والذهول ،امام هذا ألأنسان، وهو في نفس الوقت إبن الله ، جاء ليزورنا ويعيش آلامنا وافراحنا وهمومنا واحزاننا وفوق كل ذلك ليحمل عنا خطايانا واوزارنا وليفدي نفسه عنا على الصليب من اجل خلاصنا من الموت والخطيئة وقوى الشر، لنعيش الى ألأبد معه ، ونشاركه ملكوت ابيه السماوي . فهل يوجد في تاريخ البشرية حُبٌّ أعظم من هذا الحُب. وهل توجد هدية مجانية اعظم من ان نصبح ابناء الله بالتبنيّ؟
لايوجد في تاريخ البشرية شخص انتصر، بموته على الصليب ، على الموت وقام وصعد الى السماء، وجلس عن يمين الله  وهو الذي قال لمرتا أُخت مريم ولعازر :" أنا القيامة والحياة . من آمنَ بي يحيا وإن ماتَ " يوحنا 11:25 "
وهو الذي قال لتلاميذه :"لاتضطرب قلوبكم ،أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي ايضا .في بيت ابي منازل كثيرةٌ ..أنا ذاهبٌ لأهيئء لكم مكانا "يوحنا 14 : 2 ، 3"
وهو الذي وعد الرسل والمؤمنين به أن يَرسل المعزي ليبقى معهم الى الأبد ، وهو روح الحق الذي لايقدر العالم ان يقبلهُ ،لأنه لايراهُ ولا يعرفهُ ،أمّا المؤمنون فيعرفونه لأنَّهُ يقيم معهم ويكون فيهم وهو الذي يرشدهم الى "الحق "يوحنا 14 : 15-17"

46
تأمّلات في زمن الميلاد"الجزء الثاني"
"يسوع المسيح نور العالم"
بقلم نافع البرواري
نواصل تامّلنا في هذه الأيام المباركة حيث ننتظر فيها ولادة المسيح في قلوبنا من جديد ليجدد حياتنا  وينوّر عقولنا لمعرفة سر التجسّد الإلهي الذي لا تدركه العقول
البشرية حيث المستحيل عند الأنسان هو مستطاع عند الله.
وسنستمر في التأمل بلقب المسيح "نور العالم" الذي ينّور حياة كل من يقبله في حياته
فيسير في طريق الحق والحياة ويعيش حياته في فرح وسعادة مهما كانت الظروف الخارجية.
في سفر الخروج(13:20 ) ، أعطى الله العبرانيين عمود سحاب (في النهار) ونار (في الليل) ليعلموا أنّ الله معهم نهارا وليلاً في رحلتهم في البرية وهو رمز لتجسد الأبن في ملئ الزمان ليعيش معنا وفينا في العهد الجديد لينوّر حياتنا من الظلام الذي كنا نعيش فيه قبل ان نعرفه ونقبله كونه نور الحياة  التي توصلنا الى الحياة الأبدية "فيه كانت الحياة ، وحياته كانت نور الناس"(يوحنا 1:4) " والحياة الأبديية هي أن يعرفوك انت الاله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17:3)،

 

كانت خطة الله أن تصير اسرائيل نورا للأمم (اشعيا 49 :6 ) ، "جعلتك نورا للأمم لتحمل الخلاص الى أقاصي الأرض (أعمال 13:47 ) ، ومن أسرائيل جاء الرب يسوع المسيح نورا للأمم (لوقا 2:32 ) ، وهذا النور ينتشر وينير لكل الأمم .
ويقول النبي اشعيا" الشعب السالك في الظلام راى  نورا ساطعا والجالسون في أرض الموت وظلاله اشرق عليهم النّور (اشعيا 9:1 ) ، نعم في زمن الظلمة الحالكة وعد الله بارسال نور يشرق على كل انسان جالس في ظل الموت ، ويقول الله على لسان النبي هوشع(لنعرف الرب كلّ المعرفة ونتبعه فيكون ضيائه ورجوعه الينا كمطر ربيعي يروي الأرض"(هوشع6:3 ) .
يطرح الكثيرون هذه الأسئلة:
الا يوجد غير المسيح عبر التاريخ مثل أشخاص كانوا ينوّرون الناس الى الحقيقة والحياة والسلوك الأخلاقي وساهموا في صنع الحضارات الأنسانية؟
الم يظهر محررّون ساهموا في تحرير الأنسان من الطغيان والعبودية ؟
الم يظهر ملوك او مُشرّعين شرّعوا للناس قوانين وشرائع رائعة خدمة للأنسانية؟
الم يقدّم العلماء والباحثين والمخترعين خدمات جليلة للأنسانية في الطب والعلوم والتكنولوجية والخدمات الصحيّة واكتشافات علمية غيرت وجه العالم ولا زال العالم
يكتشف في كل يوم لا بل في كل ساعة ما يخدم الأنسانية منذ عصر التنوير؟
الم يصل الأنسان الى عصر الفضاء والأنترنت حتّى أصبح مثل قرية صغيرة؟
ويقولوا اصحاب هذه الأفكار وما أكثرهم أن المسيح يعتبر واحد  من هؤلاء الأشخاص المصلحين أو المنّورين أو واضعي الشرائع أو من الأنبياء الذين دعوا الى التوبة والرجوع الى الله مثل ( النبي اشعيا وايليا ويوحنا المعمذان ...الخ)
الحقيقة كل هذه الأسئلة وغيرها كثيرة  مطروحة هذه الأيّام وعلينا نحن المؤمنين أن نعترف بها وأن نجيب عليها لا بل علينا نحن كلنا المساهمة في الخدمات الأنسانية لأن الرب يسوع جاء ليس بالأقوال فقط بل بالأعمال "فكان يجول ويصنع خيرا"
ولكن المشكلة في المعارف الأنسانية والعلوم والأكتشافات والقوانين الوضعية هي لخدمة الأنسان من الناحية الجسدية والزمنية ولا ترتقي الى مستوى الحياة ما بعد الحياة اي لا تشبع ولا تجيب على جوعنا الأبدي ولا الى عطشنا الروحي الذي لا يمكن ان يشبعه إلا مصدر هذا الروح ومصدر حياتنا ونستطيع أن نمثلّه بالشمس والنباتات، فالنباتات(لابل كل الكائناة الحيّة )لا تستطيع الحياة دون نور الشمس الذي يعطي الحياة لكل الكائنات الحيّة.
هكذا ابائنا في الأيمان كانوا يشبّهون الله (ولو مجازي)( الآب) بقرص الشمس والنور المنبثق من الشمس(الأبن) وا لحرارة المنبعثة من هذا النور(الروح القدس) ولكن المصدر واحد أي الشمس والنور المنبعث من الشمس والحرارة المنبعثة من النور هي من مصدر واحد نسمّيها الشمس ، هكذا الله واحد مصدر الحياة ويسوع الأبن هو نور العالم"انانور العالم ومن يتبعني لا يتخبط في الظلام ".

 

هنا النور ايضا يهب الحياة "الأب يحب الأبن فجعل كلّ شيئ في يده ، من يؤمن بالأبن  ، فله الحياة الأبدية .ومن لا يؤمن بالأبن فلا يرى الحياة ، بل يحلّ عليه غضب الله"( يوحنا 3:35 ) ، هذه الآيات الواضحة والساطعة كالشمس تخبرنا حقيقة الرب يسوع المسيح انه مصدر النور(الحق) وهو مصدر الحياة  فكيف يكون نور الأنسان اذا لم يستمد نوره من المسيح؟ وكيف تكون حياة الأنسان دون مصدر الحياة ونورها يسوع المسيح؟ ولكن عندما يرفض الأنسان أن يمتلئ  من هذا النور فلا يعكس هذا الشخص النور الى العالم ، فلا الحياة بدون نور ولا رماد بدون نار .
امّا مايميّز المؤمنين بيسوع المسيح عن غير المؤمنين بهِ هي انّ المؤمنين  قد حصلوا منذ الآن على الحياة الأبدية وامتلكوا حياة الله فلا تنطفئ شعلة أو نور حياتهم ، لأنهم خرجوا من الظلام(اي الخطيئة بالنعمة المجانية نعمة الخلاص وانتقلوا من الموت الى الحياة الأبديّة) وانتصروا على الموت(بقيامة الرب يسوع المسيح من بين الأموات وهو الذي يقول لنا "أنا القيامة والحياة من امنا بي يحيا وان مات ) " ، يوحنا11:25 وانتصروا على الشيطان (رئيس قوات الظلام) لانّهم اصطفّوا مع الرب يسوع المسيح الذي انتصر على الشيطان والقوات الشريرة كما يخبرنا بذلك سفر
الرؤيا(رؤيا15:2 ) . فعندما نتبع يسوع المسيح "النور " يمكننا تجنب السير كالعميان والسقوط في الخطيئة" أنا نور العالم من يتبعني فلا يتخبط في الظلام بل يكون له نور الحياة"(يوحنا 8:12 ) .
كان الأعمى في انجيل لوقا يصرخ ويستنجد بالمسيح  في زحمة الناس وكان ينادي قائلا "يا أبن داود ارحمني"(لوقا 18:39) ،
فقال له يسوع" ماذا تريد أن أعمل لك؟"
فقال له ( الأعمى)"أن أبصر ياسيّد"(18:41 ) .
فقال له يسوع " ابصر ايمانك شفاك"18:42 "
وفي الحال ابصر وتبع الرب يسوع المسيح.
اليوم أيضا المسيح يسأل كل انسان( بغض النظر عن دينه ومعتقده ) أن ياتي اليه ويطلب منه أن ينّوربصيرته وعقله ويفتح ذهنه لكي يعرف حقيقة المسيح وعندها سوف يتمتع بالفرح والسعادة والبهجة ويعيش في سلام مع الله ومع نفسه ومع الآخرين ، وسوف يرى الأمور بنظرة جديدة وحياة جديدة  كالأعمى في أنجيل لوقا  فلم تثنيه سخرية الأخرين به عندما رفع صوته مستنجدا بالرب يسوع المسيح ولم يساوره اليأس بل طلب من الرب أن يفتح عينيه .
أنّ كلمة الله تنوّر طريقنا تجعلنا حكماء ,أحكم من أعدائنا  ,فالحكمة الحقيقية ليست تكديس المعرفة  بل تطبيق المعرفة بطريقة تغيّر الحياة, الحكمة تأتي من السماح لما تعلّمه كلمة الله أن يحدث  تغييرا في حياتنا"سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي   "مزمور 119:105 " ، عندما نسافر الى بلاد مجهولة نحتاج الى خريطة ودليل ( مرشد)وعندما نسير في غابة مظلمة في الليل نحتاج الى نور لكي نتجنّب التعثّر بجذور وجذوع الأشجار الكثيفة وحتى لانقع في الحفر ، هكذا في هذه الحياة نحتاج الى يسوع المسيح ليكون خارطة الطريق لنا ويكون هو نفسه مرشدنا ودليلنا لسلوك الطريق المنير والذي يوصلنا الى الحق والحياة ، لقد  أَعلن لنا نور حق المسيح .فهو ليس محجوبا ,ولكننا قد نكون غير قادرين رؤية كل ذلك الحق أو استخدامه الآن ,فالحق واضح ولكن قدرتنا على أدراكه قاصرة ,وكلمّا أطعنا نور الحق يسوع المسيح كلّما تقوّت رؤيتنا ويزداد فهمنا ، وكلامه هو نور لنا في هذه الحياة لنسير وسط غابة مظلمة من الشر في عالم قد حوّل ظهره لله,فهو يكشف الجذور التي نتعثّر فيها  من القيم الباطلة والفلسفات الكاذبة فما علينا إلا دراسة كلمة الله لنستطيع في هذه الحياة أن نشق طريقنا لنتمّسك بالمسار الصحيح وغالبا ما تقارن كلمة الله الصلاح بالنور,والشر بالظلمة فنور يسوع المسيح الباهر  يهزم الخوف  ويحررنا  وياتي  لنا بالخلاص,هذا ما أختبره داود النبي اذ يقول : "الربُّ نوري وخلاصي فممّن     أخاف؟"(مزمور27:1 ) .

 

اما الأنسان الغير المؤمن بيسوع المسيح فهو مثل الذي يحاول بجهده الذاتي
الخروج من النفق المظلم دون جدوى .وقد نرى علماء ومخترعين ومصلحين وحتى الأنبياء عندما يبتعدوا عن نور المسيح فانهم يسيرون في ظلمة تقودهم الى الهلاك
فاصحاب العلوم والمعارف والمتنوّرين هم مثل الشمعة الموقدة ولكن سرعان ما تنطفئ عندما ينتهي زيتها ((راجع مثل العذارة الخمسة الجاهلات"متى25 )) ،
أمّا المؤمنون فهم كلّما اقتربوا من مصدر الحياة"نور العالم "يسوع المسيح  كلّما أشرق وسطع عليهم نوره الذي يزيل كل ظلام حياتهم ويتزوّدون بهذا النور لكي
يعرفوا كيف يسلكوا الطريق المؤدي الى الحق والحياة ,وكذلك هم انفسهم يصبحون
نور العالم كمايقول الرب "لأنكم جميعا أبناء النور,وأبناء النهار فما نحن من الليل ولا من الظلام.فلا ننم كسائر الناس ,بل علينا أن نسهر ونصحوا .فانما في الليل ينام النائمون وفي الليل يسكر السكارى.أما نحن  أبناء النهار فلنكن صاحين ,لابسين درع الأيمان والمحبّة والخلاص"(1تسالونيكي 5:من5-"راجع أيضا متى 25 مثل العذارى والخمسة العاقلات" ،
فكل العالم والناس محتاجون الى نور الحكمة( الروح القدس) التي لايحصلون عليها إلا من الرب  يسوع المسيح وبدون الحكمة قد يهلك الأنسان نفسه ويهلك الآخرين وهذا ما نشهده في عالم اليوم فعلى الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي والصحي  لكنّ العالم يتخبط في الشر والحروب والمآسي الأنسانية نتيجة الأبتعاد عن كلمة الله ونور العالم الذي ينوّر حياة الأنسان بشخص يسوع المسيح حيث يقول المزمور "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" ولكن ويا للأسف هناك الملايين الذين يرفضون هذا النور كما رفضه اليهود الذين رفضوا الرب يسوع المسيح وصلبوه فاختاروا السير في الظلام لأنهم كانوا عميان روحيّا وقصيري البصر ولم يعرفوا حقيقة الرب يسوع المسيح نور العالم والذي تنبأ عنه الأنبياء في العهد القديم "بذلك ينبثق كالصُّبح نورك وتزهر عافيتك سريعا"(اشعيا 58:8 ) .
يقول الرب يسوع المسيح "سيبقى النور معكم وقتا قليلا ,فامشوا ما دام لكم النور ,لئلا يباغتكم الظلام .والذي يمشي في الظلام لايعرف أين يتجه .امنوا بالنور مادام لكم النور,فتكونوا أبناء النور"(يوحنا12:35 ) ، ونحن كمسيحيين علينا أن نحمل نور المسيح(لأننا أبناء النور) حتى يشرق نوره في حياتنا ونعكس هذا النور للآخرين فيتلألأ كأنوار مبهرة ,مظهرين للآخرين من هو يسوع المسيح.
فربما غير المؤمنين لا يقدرون على احتمال الحد الكامل المبهر لنوره مباشرة .
ا نّ بولس الرسول لم يعتمد على ذكائه أو علمه الواسع أو مقدرته على الكلام الفصيح  (مع انّه درس على يدغملائيل معلّم الشريعة اليهودية في زمانه) بل اعتمد على الروح القدس الذي فتح بصيرته فعرف من هو الرب يسوع المسيح كان بولس الرسول قبل ذلك يدعى شاؤل ) يظطهد المسيحيين( وبينما أنا أقترب من دمشق سطع فجأة حولي عند الظهر نور باهر من السماء فوقعت الى الأرض وسمعت صوتا يقول لي :  شاؤل شاؤل لماذا تظطهدني)(أعمال 22 : 6 ) ،
نعم بولس (المدعو شاؤل سابقا) أصبح رسول ليفتح عيون الأمم ولكن يسوع المسيح هو مصدر هذا النور .  نور المسيح  يفتح عيوننا لكي نبصر ويدخل في أعماق كياننا ليكشف الظلام الذي يمنعنا من محبة الله ومحبة اخوتنا ومحبة الحياة والتمتع بصحبة خالق حياتنا ونور الحياة ربنا يسوع المسيح.
يسوع المسيح سحق الموت وانار الحياة والخلود بالأنجيل كلمة الحياة "مسكنه نور لايقترب منه ... "تيموثاوس(6:16 ) " .
الرب يسوع المسيح يخبرنا أن سر الكشف الألهي لا يعطى فقط للعلماء او المتبحرين في العلوم بل هذا السر يعطى للمتواضعين والمنسحقي القلب والدليل ان تلاميذه كانوا من الطبقات الدينيا والحرفيين والصيادين ولم يكونوا علماء في الشريعة اليهودية .
"انتم أعطيتم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات وأما هم فما أعطوا"(متى 13:11 )
وقال الرب لبطرس الرسول:
"هنيئا لك ياسمعان بن يونا ما كشف لك هذه الحقيقة احد من البشر ، بل أبي الذي في السماوات"(متى 16:17) نعم انه سرعظيم لايستطيع اي انسان"من لحم ودم " ان يدركه الاّ بالروح والحق هذا ما قاله الرب لتلميذه بطرس الرسول ، فالكشف عن السر هو"التنوير" متاح لكل انسان بغض النظر عن علمه أومنصبه أو مركزه
هذا السر كشفه لنا يسوع المسيح "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد..
نعم هو سرعظيم لايدركه الأنسان عندما يتواضع الله ويتجسد الكلمة ويولد من امراة بتولة طاهرة ليصبح الله معنا ينوّر عقولنا ويكشف ما هو الحق من الباطل  ويشعل في قلوب الذين احبوّه نار الروح القدس الذي يرشدهم الى الحق ويميّزوا الأرواح فيما اذا هي من الله أم من القوات الشريرة لاتقترنوا بغير المؤمنين في نير واحد أيّ صلة بين الخير والشر ؟ وأيّ علاقة للنور بالظلام؟"(2كورنثوس 6 : 14 ) "
"لاتخافواهم . فما من مستور الآ سينكشف ولا من خفي الا ّسيظهر وما اقوله لكم في الظلام قولوه في النور وما تسمعنوه همسا نادوا به على السطوح "(متى 10 :26 )
وعن علاقة النور بالمحبّة يقول البشير يوحنا :
"من أدّعى  أنّه يحيا في النور ولكنّه يبغض أحد اخوته فهو مازال حتّى الأن في الظلام ، فالذّي يحبّ اخوته ,هو الذّي يحيا في النّور فعلا ولا شئ يسقطه أمّا الذي يبغض اخوته فهو تائه في الظلام يتلمّس طريقه ولا يعرف أين يتّجه لأنّ الظلام قد
أعمى عينيه"( يوحنا 2:10 ) ، واخيرا يقول يوحنا الرائي في سفر(21:22 الرؤيا  )
"وما رأيت هيكلا في المدينة ,لأنّ الرب الآله  القدير والحمل هما هيكلها . والمدينة لا تحتاج الى نور الشمس والقمر ,لأ نّ مجد الله ينيرها  والحمل هو مصباحها ,ستمشي الأمم في نورها ويحمل ملوك الأرض مجدهم اليها ، لا تغلق أبوابها طوال اليوم لأنّه لا ليل فيها " ويسوع المسيح هو كوكب الصبح المنير ونور ا لخلاص للجميع الذي ظهر ليوحنا الرائي في سفر الرؤيا وهوكخالق للجميع موجود وكائن قبل انشاء الكون وهو البداية والنهاية وهو الألف والياء وهو حجر الزاوية وهو خبز الحياة وحمل الله الحامل خطايا العالم وهو ملك الملوك ورب الأرباب وبكر الخليقة  الجديدة  الأتي في نهاية العالم  ليدين الأحياء والأموات "رؤيا 22:  16  "
والى اللقاء الجزء الثالث (تاملات في زمن الميلاد) .

47
تاملات في زمن ميلاد الرب
الجزء ألأول
 
بقلم نافع البرواري

يسوع المسيح" نور العالم":
الكتاب المقدس يتكلم عن عدد من الألقاب التي لُقّب بها الرب يسوع المسيح ، ومن احد هذه الألقاب هو "النور" حيث يقول "أنا نور العالم"يوحنا 9:5".
ألنور في الكتاب المقدّس يعني: الصلاح ، الطهارة ، القداسة ، والحق ، والثقة ، ويرتبط النور أيضا بالحق في أنّه يكشف عمّا هو كائن ، سواء صالح أم شرير. ويخبرنا الكتاب المقدس في سفر العدد (8:1,4 ) ما يلي:
"وكلّم الرب موسى فقال: "قل لهرون : اذا رفعت السّرج السبعة فباتجاه المنارة تضيئُها "
كانت المنارة تضيئ للكهنة وهم يؤدون واجباتهم  كما كان النور تعبيرا عن محضر الله . وما زالت المنارة الذهبية أحد الرموز العظمى للأيمان اليهودي . وقد نظر يسوع المسيح الى هذه المنارة التي كانت تظوي هيكل سليمان وقال "أنا نور العالم من يتبعني لا يمشي في الظلام ، بل يكون له نورالحياة "يوحنا  8:12
فالمنارة في العهد القديم هي رمز ليسوع المسيح نور العالم في العهد الجديد ، وكانت الشموع في الهيكل عند اليهود رمزا الى عمود النار الذي قاد شعب بني أسرائيل في البريّة.خروج  13:21
فنحن المسيحيّين نشعل الشموع في المذبح المقدّس اشارة ورمز ليسوع المسيح نور العالم ، وكذلك يوضع القربان المقدس في كأس مطلي بالذهب ، ويحمل المؤمنون شموع  تضيئ اشارة الى أننا ايضا اصبحنا نور العالم"انتم نور العالم.لاتخفى مدينة على جبل ولا يوقد سراج ويوضع  تحت المكيال ولكن على مكان مرتفع حتى يضيء لجميع الذين هم في البيت"متى 5:14,15
ان المسيحي الحقيقي يجب أن يعكس نوره على الآخرين فهو يجب أن لايصمت عن الشهادة للرب عندما يلزم الكلام . وأن لا يساير الأغلبية التي أحيانا تتنازل عن الحق في سبيل مصالحها الخاصة . فعندما يتطلب القرار الشهادة للحق على المؤمن ان يقول الحق . والمسيحي يجب أن لاينكر النور الذي هو فيه ، والذي يُميّزهُ عن الآخرين ، لأنه يعكس نورالمسيح في حياته ، وانكار ذلك يعني انكاره للرب يسوع المسيح .
الخطيئة تجعل نور المسيح فينا يخبو وينطفي  فعلى المؤمنين عدم التسامح مع الخطيئة
وعلى المسيحي أن يشهد للأخرين مصدر نوره  بالبشارة بالخبر السار، وعن ذلك يقول بولس الرسول: "الويل لي ان لم ابشّر". فعلينا أن نكون منارا للآخرين وللعالم كله ، وأن نكون نورا من أجل الله
"....."ويضيء العقلاء كضياء الأفلاك في السماء,والذين هدوا كثيرا من الناس الى الحق يضيئون كالكواكب الى الدهر والأبد"دانيال 12:3
وقد تنبأ  الأنبياء في العهد القديم بمجيئ المسيح الذي بنوره تنفتح عيون العميان روحيا وجسديا ويقهر الظلام ، ظلام الخطيئة والموت ، وها هو اشعيا النبي يقول:
   "الشعب السالك في الظلام رأى نورا ساطعا والجالسون  في أرض الموت وظلاله  اشرق عليهم النور(9:1  اشعيا) . في زمن الظلمة  الحالكة ، وعد الله بأرسال نور  يشرق على كل انسان جالس في ظل الموت وهو"عجيب مشير اله قدير" لقد تحققت نبوءة اشعيا هذه في مولد المسيح واقامة ملكوته الأبدي ، حيث يقول الرسول بولس:" لأنّ الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة ,هوالذي أشرق في قلوبنا ، لأنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح"كورنتوس 4:
ويقول المزمور كذلك : "وبنورك نرى النور"مز36:9
أمّا أشعيا النبي يقول في  نبوآته عن الذي سياتي بأنه مصدر النور الذي سيشرق على كل انسان يقبله فيزيل الظلام من حياته وسوف يعيش في نورالمسيح ، والذي يعيش في النور لايتعثر في طريقه بينما الذي لا يقبل المسيح في حياته فهو سيعيش في نفق مظلم لا يستطيع لوحده الخروج منه
"قومي أستنيري فنورك جاء ، ومجد الرب أشرق عليك .ها هو الظلام يغطي الأرض ، والسواد الكثيف يشمل الأمم .أما عليك فيشرق الرب ّ وفوقك يتراءى مجده .فتسير الأمم في نوركِ والملوك في ضياء اشراقك "اشعيا60:1,2
نعم النور هو يدل على الحياة فكلنا يعرف ان النباتات لا تستطيع العيش دون ضوء الشمس ،
وهكذا النائمون في ظلمة الليل كانهم أموات وعندما تشرق الشمس ينهض النائمون ، هكذا الرب يسوع المسيح عندما يشرق نوره علينا نقوم من الموت (موت الخطيئة ) ،لأنَّ بنوره يطهِّر خطيئتنا   
وبنوره الذي ينعكس علينا نصبح نحن أيضا نور للعالم كما قال الرب"أنتم نور العالم".
يقول البشير يوحنا:" وهذه البشرى التي سمعناها منه ونحملها اليكم هي انّ الله نور لا ظلام فيه .فاذا قلنا أننا نشاركه ونحن نسلك في الظلام كنّا كاذبين ولا نعمل الحق ، أما اذا سرنا في النور كما  هو في النور، شارك بعضنا بعضا ، ودم ابنه يسوع يطهِّرنا من كل خطيئة" يوحنا1:5
ويقول أيضا ،عن الذين لايقبلون نور العالم " يسوع المسيح"انّهم سيدانون :
"..."أمّا الذي لايؤمن به فقد صدرعليه حكم الدينونة لأنّه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد وهذا هو الحكم :انّ  النور قد جاء الى العالم ولكن الناس أحبّوا الظلمة أكثر من النور لأنّ أعمالهم كانت شريرة"يوحنا 3:36
تقول احدى النساء التي تخلّصت من ظلمة الخطيئة :
"كنت كلمّا أقوم بخطوة أدوس في ظلمتي الخاصة(الخطيئة) ظلمة الزنى- المخدرات-الخوف ، كانت الشمس ورائي . أمّا الآن أدرت وجهي للشمس الى نور المسيح فتغيّرت حياتي".
نعم يسوع المسيح هو نور العالم الذي يفتح عيون العميان الذين يعيشون في الظلمة كما فتح عيون الأعمى كما ورد في انجيل البشير يوحنا 9:6
  يسوع المسيح هو شمس البرّ وبنوره نصبح كالأقمار نعكس نوره كما يقول الرسول بولس"وأعملوا كلّ شئ من غير تذمّر ولا خصام ، حتى تكونوا أنقياء لا لوم عليكم وأبناء الله بلا عيب في جيل ضال فاسد ، تضيئون فيه كالكواكب ، في الكون "فيلبي 12:14
لأنكم جميعا أبناء النوروأبناء النهار، فما نحن من الليل ولا من الظلام"تسالونيكي5.
"بالأمس كنتم ظلاما ، وانتم اليوم نور في الرب فسيروا سيرة أبناء النور ، فثمر النور يكون في كلّ صلاح وتقوى وحق . فتعلمّوا ما يرضي الربّ ولا تشاركوا في أعمال الظلام الباطلة ،بل الأولى أن تكشفوها.....انهض ايّها النائم وقم من بين الأموات يضيئ لك المسيح"افسس5
نعم استفق ايّها الأنسان وانظر وجه يسوع الطفل المستلقي في المذود لينير وجهك ، قم ايّها المسترخي من مستنقع الموت لتتمتع باشراق نور المسيح .
لماذا ترى ولا تبصر ؟ لماذا تسمع ولا تفهم ؟ لماذا تقسّي قلبك ليصبح مثل الحجر؟
المسيح يقول لك"من يتبعني لا يمشي في الظلام  بل يكون له نور الحياة ...أنا نور العالم ، مادُمت في يوحنا 8:23  . العالم
ظهر يوحنا النبي ليعترف وليشهد للنور بقولهِ   
"الكلمة هو النور الحق , جاء الى العالم  لينير كل انسان وكان في العالم وبه كان العالم وما عرفه العالم"يوحنا 1:9
المسيح هو مصدر الحياة ونور الناس وهو يضيئ في الظلام ، والظلام لايدركه
"وفي ذلك اليوم يسمع الصمّ أقوال الكتاب ، وتبصر عيون العمي بعد الأنغلاق على السواد"اشعيا 29:18
هو الكاشف كل  كنوز الأسرار وقاهر الموت والظلام لأنه نور العالم وخالق الأكوان وملك الملوك ورئيس السلام ورب الأرباب ومصدر الحق و الحياة ومخلص الشعوب وبكر الخليقة الجديدة  وصورة الله الجوهرية..
تنبا زكريا النبي عنه قائلا على لسان الأمم "نذهب معكم ، فنحن سمعنا أنّ الله معكم"زكريا 8,9
قم وتب ايّها المتمرّغ في وحل الخطيئة ويسوع المسيح يطهّرك بدمه وينير لك الطريق  "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" . أيّها الراقدون في القبور استيقظوا  ،لانَ واهب الحياة قادم اليكم ،
ياشعوب المشرق أنظروا الى نجمة المشرق راقبوا قدوم ملك السلام ، كما فعل الملوك الثلاثة عندما تابعوا نجم المشرق  الذي قادهم الى الطفل يسوع المسيح . ويا شعوب المغرب تواضعوا وهلّموا خاشعين للسجود لطفل المذود ، وياجميع الشعوب هلموا تعالوا الي بيت لحم لتروا هناك العجب.
مبارك الاتي بأسم الرب مبارك ثمر بطنك ياعذراء مريم لاّنّك حملت في بطنك من يأتي ليخلصنا من وادي ظلّ الموت ويقودنا الى ينابيع المياه الصافية ، فكل العالم يهنئك هذه الأيام وكل الأيام  والى الأبد.
 يقول الرب يسوع في رسائل الأنخطافات  للسيدة ميرنا الصوفانية-السورية
"أبنتي ,هي أمّي (اشارة الى مريم العذراء) التي ولدتُّ منها . من أكرمها أكرمني ، من ذكرها ذكرني . ومن طلب منها نال لأنَّها أمي ." الجمعة 14:8:1987
"أنا الخالق . خلقتها (مريم العذراء)لتخلقني ، افرحوا لفرح السماء ، لأن أبنة الآب (مريم) وأم الإله وعروس الروح ولدت .أبتهجوا لأبتهاج الأرض ، لأنَّ خلاصكم قد تحقق"الأربعاء 7:9:1986
"أبنائي سلامي أعطيكم ، لكن أنتم أيّ شئ أعطيتموني"الأحد 14:8:1988
"أعطيكم قلبي لأمتلك قلبكم ، من نظر الّيَّ أرسم صورتي فيه "الأربعاء 26:11:1986 "
:"وصيتي الأخيرة لكم
"ارجعوا كل واحد الى بيته ، ولكن أحملوا الشرق في قلوبكم .من هنا انبثق نور من جديد أنتم شعائه ، لعالم أغوته المادة والشهوة والشهرة حتى كاد أن يفقد القيم . امّا أنتم حافظوا على شرقيتكم ، لا تسمحوا أن تسلب أرادتكم ، حريتكم ، وأيمانكم في هذا الشرق 10:4:2004 سبت النور.
 السؤال المطروح الى كلّ مسيحيي الشرق وخاصة العراقيين  هل نحن نحافظ اليوم على ايماننا الذي سلّمه لنا ابائنا كأمانة . وهل نحن نمثِّل نور المسيح في هذا الشرق الذي يعيش في عتمة الليل؟
علينا التأمل في هذه الأيام المباركة لنستقبل يسوع الطفل في قلوبنا لينوّر حياتنا ويجدّدها ،
وشكرا لكم والى اللقاء في الجزء الثاني من تأملاتنا في زمن الميلاد. .

48
الأسلام الأول كان طائفة نصرانية ج2
 الجزء الثاني :القرآن هو كتاب النصارى
نافع البرواري
المقدمة :
يصدق البعض كل ما يقرأون أو يسمعون ، ولكن للأسف ليس كُلِّ ما يُطبع أو ينادي به صحيحا . على الأنسان أن يبحث عن الحقيقة فيحقق من كُلِّ رسالة تصل الى سامعه ، حتى لو قال لك ناقلها إنّها من عند الله . إنَّ الحقيقة التي يجب أن تقال هي إنَّ المفسرين وعلماء المسلمين قد اختلفوا في الكثير من التفاسير القرآنية وكذلك اختلافهم في كتب الأحاديث ناتج عن عدم فهمهم للغة القرآن ونصوصه وجذوره السريانية ، وعليهم الأستعانة بالمستشرقين لغرض الرجوع الى ينابيع الأسلام وبالتالي الى جذورهم التاريخية والدينية وألأدبية ، ومنها لغة القرآن، ليتسنى لهم معرفة حقائق غائبة عنهم.
يقول محمد حسان المنير في كتابه "يوم قبل وفاة محمد":

"إنَّ عدم قبول المسلمين لأخضاع القرآن للبحث التاريخي والنقد بل قولهم إنّه مصدر مباشر من الله ، ويعتمد كُلّيا على اللوح المحفوظ ، هذا الفكر ألأصولي يؤدي الى مشكلة ألأصطدام مع وقائع التاريخ وجذورالعرب وديانتهم ، مع العلم أنَّ كاتب القرآن نفسه ، لاينكر جذوره النصرانية –واليهودية .
إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا" (ألأسراء :107).
واقع القرآن ومصادره البشرية تقود الى تقرير واقع ما . وهذا الواقع بنظر المتدينين المسلمين قد يكون شتيمة وكفرا .(1)
علماء المسلمين ومفسّري النصوص القرآنية قد اختلفوا في الكثير من التفاسيرالقرآنية ، واختلافهم في كُتب الأحاديث ناتج عن عدم فهمهم للغة القرآن ونصوصه السريانية ، وعليهم ألأستعانة بالمستشرقين ودارسي اللغة السريانية للرجوع الى ينابيع ألأسلام وبالتالي الى جذور ألأسلام التاريخية والدينية والأدبية ومنها لغة القرآن . وكما في المسيحية هناك علماء مختصون في دراسة الكتاب المقدس بالعودة الى جذوره العبرانية لفهم وشرح تفاسير النصوص الكتابية ،هكذا يجب ان يهتم العلماء المسلمون في العودة الى جذور القرآن السرياني لفهم وشرح النص القرآني .
يقول المفكّر التونسي يوسف صديق :" لابد أن نقول وبكل شجاعة أنَّ ألأسلام ككل دين أو مذهب وكل أيدولوجية "كائن حي " . تاريخيا نحن لم نتصرف ولا نعرف مواجهة نفاياته (ككل جسد له نفايات) . هذا ألكائن الحي الذي اسمه ألأسلام ....علينا دراسة القرآن على اسس الفلسفة والعلوم الحديثة "
راجع لقاء مع هذا المفكر على القناة العربية .
لا زالت الثقافة العربية والأسلامية لا تشجّع‘ الباحثين عن جذور ألأسلام التاريخية والدينية والسياسية- بل أن التاريخ ألأسلامي يشهد على طمس الحقائق التاريخية والدينية واللغوية ماقبل ألأسلام وأعتبار كُلِّ ما قبل الأسلام هو جهل وظلام وتخلف . حتى أطلقوا على التاريخ ما قبل ألأسلام بالعصر الجاهلي ، وكأنَّ الحضارات الأنسانية والديانات السابقة للأسلام لاوجود لها .
ويتجنب المسلمون الخوض في حقيقة علاقة القرآن بالديانات السابقة للأسلام كاليهودية والمسيحية والزرادشتية لا بل يحاولون تنزيل القرآن من اللوح المحفوظ من السماء السابعة
كي يجعلوا من النص القرآني مقدسا ، وقمع وتجريم أي محاولات الطعن فيه أو شبهات حوله ، بينما الأكتشافات والآثار والمخطوطات تؤكد لنا حقائق تختلف عن ما حاول الأخباريون والخلفاء المسلمون ايهامنا به عبر 1500 سنة من الحكم ألأسلامي ، الذي قام على القمع وترهيب كُلِّ من حاول الشك أوالطعن بالقرآن والسنة النبوية ، وقتل واضطهاد العلماء والفلاسفة الذين ارادوا نقد القرآن او التشكيك بنبوة محمد وقدسية القرآن . هكذا دخل ألعالم الأسلامي في ظلام دامس منذ عهد المتوكل بالله في اواخر العصر العباسي الذي حارب المعتزلة والقائلين "بمخلوقية القرآن " الى يومنا هذا .
.
الأسلام ألأول وألأكتشافات الحديثة
المختصون بشأن الأسلام والقرآن بدأوا يجاوبون على أسئلة كثيرة عن ألأسلام ألأول مثلا :
هل انطلق ألأسلام ألأول من مكة كما يعتقد المسلمون ، أم انَّ ألأسلام انطلق من شمال الجزيرة العربية في الشام والأردن والعراق ؟ هل كانت الدعوى الأولى في عهد محمد تحمل اسم ألأسلام أم جاءت التسمية لاحقا؟
اليوم ومن خلال الدراسات وألأكتشافات الآثارية والمسكوكات والنقوش والمخطوطات ، بدأ الضباب ينزاح ويزول عن ما خبأه الأخباريون العرب بأوامر من الخلفاء الذين اتو بعد محمد "رسول المسلمين ". هذه الدراسات مليئة بالتحدي وقطيعة نهائية وكاملة مع التراث ألأسلامي بسبب أن التراث ألأسلامي هو تراث أدبي وغير مؤرخ ،تم أضافته بعد 150-200 سنة بعد محمد ، وهو مليء بالأساطير والخرافات والمعلمومات الغير العلمية ولايمكن للأنسان الباحث عن الحقائق التاريخية أن يستند اليه في بحثه عن تاريخ ألأسلام ومصادر كتابهم المقدّس "االقرآن " وشخصية رسولهم "محمد" التاريخية .
تاريخ الأسلام ألأول بدأ يظهرمن الظلام الى النور وبدأ العلماء المختصون يجيبون على اسئلة كثيرة عن ألأسلام الأول -الذي حاول الخلفاء العباسيون ومن جاء بعدهم طمس جذوره التاريخة بعد القرن الأول والثاني الهجري
في كتاب ألأسىلام "الهرطقة المائة" ليوحنا الدمشقي : يتكلّم عن ديانة ألأسماعيليين ولايسميّها ديانة ألأسلام أبدا ، (يوحنا الدمشقي عاش في زمن الخلفاء الأمويين ولد سنة 676م وتوفي في سنة 749م)
إنَّ كلمة مسلم لايستعملها البتة واصفا مكانها كلمة" ساراي ّ" (نسبة الى فقراء سارة زوجة ابراهيم ) فكلمتا إسلام ومُسلم لم ينقلهما الكُتاب البيزنطينون الى اليونانية الاّ في حقبة لاحقة ..ويضيب الكاتب فيقول ص 43 : " في عهد يوحنا لم يكن نصّ القرآن بعدُ مثبِّتا في حُلَّته الحالية عند جميع المسلمين آنذاك ، كذلك مجموعة ألأحاديث المتعلقة بمحمد لم تكن بعد مدوّنة!!!! في القرن التاسع ، حُرِّرت ست مجموعات من هذه الأحاديث التي تُشكِّل مجموعها مع القرآن والسيرة ما يُدعى بالسُنة " .
ويضيف ص 45 كلام خطير عندما يقول:" وجود نُسخ مختلفة للنصّ القرآني في ما يخصُّ بموضوع واحد (أي هناك تناقضات في قراءات النص القرآني بين النسخ القرآنية في زمن يوحنا الدمشقي ) .(2)
تقول باتريشيا كرون في كتابها "الهاجريّون ":
" لايوجد سبب معقول يدفعنا الى ألأفتراض أنَّ حاملي الهوية البدئية (قصدها الدعوة الأولى للأسلام كما يدعي المسلمون ) دعوا أنفسهم "مسلمين " . وأول ذكر لهذا المصطلح (أي ألمسلمون ) على نحو مبين كان في قبة الصخرة عام (691م ) (اي في عهد عبدالملك بن مراون الخليفة ألأموي) وما بعد ، ولانجده من ناحية اخرى خارج التقليد ألأدبي ألأسلامي حتى القرن الثامن .
وتضيف : "لكن مصادرنا تكشف عن تسمية للجماعة أكثر قدما من السابقة [ المغاريتا ] . تسمية تتناسب جيدا مع سياق ألأفكار التي قدّمها المؤرخ سيبيوس . تظهرMagaritai
هذه التسمية في اليونانية بهذه الصيغة في بردية تعود لعام 642 م . أمّا في السريانية فهي "ماهغري " والتي تظهر منذ البدايات ، اي منذ اربعينات القرن السابع .Mahgre
والمصطلح العربي المقابل هو مهاجرون .
اي انّ باتريشا كرون توافق يوحنا الدمشقي في عدم اطلاق اسم ألأسلام على بداية الدعوة المحمدية بل جاءت لاحقا .(3)
في خلاصة "محاضرة" ( لأحد الباحثين في الأسلام ) بعنوان :" الله ومحمد لم يعملا القران أو ألأسلام – ألأسلام وجد وبُنية على الكذب والخداع "
يقول هذا الباحث :
لم يُعرف من هومحمد لغاية 690 م علما أنّه مات سنة 632 م حسب الكتب الأسلامية ، اي حوالي 60 سنة بعد وفاته!!!!!. لأأحد يتكلم عنه الاّ في زمن عبدالملك بن مروان الخليفة ألأموي وتوجد هناك وثائق تُذكر في أورشليم . والمشكلة الثانية أن اسم محمد لم يذكر الا 4 مرات في القرآن(وهناك دراسات ان اسم محمد أُقحم في القرآن لاحقا) ، بينما الأنبياء مثل موسى وابراهيم ذكروا عشرات المرات ، والقرآن يذكر النبي أو الرسول ولكنه لايذكر من هو هذا الرسول أو النبي .
لايوجد أي عملة تم العثور عليها تحمل أسم أي من الخلفاء الراشدين ألأربعة، ولا يوجد للدولة الراشدية اي اثر أركولوجي معاصر لزمنها.
المشكلة ألأخرى التي لدينا بحسب الأبحاث الجديدة هي : القِبلة . الملايين يتوجهّون بقبلتهم الى مكة
ولكن المحاضر يستعرض عشرات الجوامع التاريخية ألأسلامية التي كانت القِبلة موجّهة الى البتراء وليس الى مكة الحالية ، واستشهد بكتاب الباحث دان جبسون بعنوان "جغرافية القرآن " وكتاب باتريشا كرون "الهاجريون "
أمَّا ألأسلام ألأول فكان يطلق عليهم مرَّة الهاجريّون ، نسبة الى هاجر الزوجة الثانية لأبراهيم ، ومرة يطلق عليهم اسم ألأسماعيليّون نسبة الى اسماعيل إبن ابراهيم من هاجر او السراسينيين (وهم اللصوص او السرّاقين وقطاع الطرق ) او مهجّرين . ولهذا لانعرف ألأسلام خلال تسعين سنة ألأولى الاّ بهذه الأسماء أعلاه.
وأوّل مرّة يذكر أسم مكة هو سنة 741 م اي بعد وفاة محمد بحوالي 100 سنة !!!!!
المناطق الجغرافية المذكورة في القرآن تبعد 600 ميل عن مكة (الحالية في الحجاز) . يتسائل الباحث
كيف ابراهيم الخليل ينطلق من فلسطين صباحا ويأتي الى اسماعيل في مكة ويرجع في نفس اليوم كما مذكور في الكتب ألأسلامية ؟
مكة ليست الطريق التجاري بل البتراء ، مكة لايوجد فيها الا بئر ماء الزمزم ، لاتوجد اشجار ...الخ
تاريخية القرآن
وعن تاريخ كتابة القرآن يقول الباحث :
"القرآن الحالي كُتب بعد القرن الثامن اي في نهاية العهد الأموي وبداية العهد العباسي وعلى يد علماء غالبيتهم عجم سواء الطبرية أو البخاري ....الخ حيث تم تدوين القرآن خلال 200 الى 300 سنة بعد محمد (المزعوم ) !!!!.
القرآن هو فقط قاعدة المسلمين ولكن هذا الكتاب ليس فيه تاريخ محمد ولا تاريخ الأسلام ، إنَّه منزل من السماء ، كما يدّعي المسلمون ، ولانقاش حوله ، بعكس الأناجيل ألأربعة التي دوِّن فيها التاريخ والمناطق الجغرافية .
القرآن أُحرق في عهد عثمان بن عفان ، وتم تزويره في عهد الحجاج وأضافات وحذف وزيادات وناسخ ومنسوخ وتكرار
القرآن بحسب مخطوطات صنعاء ومخطوطة سمرقند ومخطوطة اسطنبول تُظهر أنَّ القرآن لم يكن بصورته الحالية الاّ بعد 6-7 قرون بعد ألأسلام !!!! فلم يكتبه محمد ولا علاقة له به .وانّ القرآن 70% منه هو من المصادر اليهودية والمسيحية ، ولاجديد اتى به محمد ، وهناك 1500 اختلاف في القرآن حسب احد المستشرقين الذي قابل الكاتب احمد منصور وتحدّاه عندما قدم 2500 كلمة مختلفة في القرآن الحالي عن قرآن مخطوطة سمرقند !!!!!
ويتسائل الباحث فيقول :
كيف يمكن أن نصدِّق هذا الكتاب (القرآن) فيما لايوجد شهود أو وثائق تؤكّد على انّ القرآن الحالي هو لمحمد؟
لماذا لم يكتب المسلمين ألأوائل الوحي القرآني ، الذي كما يدعون كان ينزل على محمد ، في نفس الحين ؟
كيف نستطيع اليوم أن نعتمد على كتُّاب ومفسرين للقرآن وغالبيتهم عجم قدموا من باكستان وايران وبخارى وأواسط آسيا ؟
يستنتج الباحث فيقول : "اذن القرآن ليس من الله".(4)
ماهو القران وماالفرق بين القرآن والمصحف ؟
القرآن : إنَّ أغلب المفسِّرين المسلمين يعرفون اللغة العربية ولكنهم يجهلون اللغات ألأخرى ، كالآرامية (السريانية ) والعبرانية والحبشية.
كلمة القرآن مشتقة من السريانية ، وهو ما يُعلن في المجلس "أو قراءة بصوت عالي (ترتيل باللغة العربية ) ". وكلمة "قُريونو" أي القراءة بصوت عالي في الكنيسة (يقابلها ترتيل القرآن في ألأسلام) ، ليسمع المؤمنين كُلُّهم (لعدم وجود أجهزة صوت في ذلك الزمان ).
أمّا المصحف : فهو أتى من اللغة الحبشية القديمة ويعني "الكتاب " (واهل الكتاب هم اليهود والنصارى حتى في المفهوم الأسلامي). وبما أنَّ الكتاب موجود عند ألأحباش ولم يكن منتشرا بين العرب ، لأنَّه لم تكن اللغة العربية قد تشكّلت كتابة الاّ في عهد عبدالملك بن مروان الخليفة ألأموي ، وبعده في عهد العباسيين ، حيث قبلها كانت الكتابة والدواوين في الشرق ألأوسط تُكتب باللغة السريانية .
القرآن يشهد على وجود كلمات أعجمية فيه دخلت القرآن العربي ومنها السريانية والحبشية والفارسية وحتى كلمة "ألأنجيل" ، الواردة في العهد الجديد والقرآن ، هي كلمة يونانية تعني "البشرى السارة" .
فلمعرفة أيِّ كلمة ، يجب الرجوع الى جذور العائلة لها ، ولكن العربية جذورها آرامية (سريانية ) باعتراف اغلب المتخصصين في دراسة اللغات السامية ، فعلينا أن نرجع الى لغة ألأم . واللغة العربية وآلآرامية واليهودية والحبشية تنتمي الى اللغة السامية .
ولكون اللغة العربية هي مصدر القرآن وليس العكس (كما يدّعي العلماء المسلمون ) . اي ليس القرآن هو مصدر اللغة العربية ، فعلينا الرجوع الى جذور اللغة العربية ومنبعها السامية .(5)
يقول المستشرق كرستوفر لوكسنبرغ (المؤرخ ألألماني المختص باللغات السامية القديمة في موسوعته "القراءة السريانية للقرآن):
"إنَّ الطبيعة الشفاهية التي ولد فيها النص القرآني في الوقت الذي لم تكن في الجزيرة العربية الاّ اللغة السريانية هي المكتوبة ، فهي الرحم المؤثّر وقتها في الثقافة العربية وتحّولها الى لغة كتابية أو لغة مكتوبة ....للقرآن جذور سريانية ويجب قراءة القرآن عبر اللغة التي وُلِدَ فيها ، وهذا ما دفع الرسول محمد [وبعده الخليفة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان الذي امر زيد بن ثابت بكتابة القرآن من جديد بعد ان أحرق المصاحف الستة ] أن يحض اتباعه على تعلم اللغة السريانية ، وكان زيد بن ثابت من كتّاب القرآن ، وكان محمد لايثق بالأطلاع على الكتب السريانية التي يمتلكها الا زيدا ".
في الحقيقة ليس القرآن الا ترجمة من الكتب السابقة وهي كثيرة ولكن الغالب على القران هو مأخوذ من الكتاب المقدس (التوراة والأنجيل ) .الكثير من المستشرقين أكدوا أنَّ كلمة القرآن لفظة سريانية الأصل وأول هؤلاء هوالمستشرق ألألماني شفالي
(2)Schwally
،وكلمة القرآن تعني أنّ لفظة القرآن مأخوذة من الكلمة السريانية " قريانا "
معناها القراءة المقدسة. qeryana
ويستشهد الباحث ألألماني "كريستوفر لوكسنبرغ فيقول :
"إنَّ هذه الدراسة تنطلق من حقيقة أساسية وهي أنَّ مصطلح "قُرآن" يمثل المفتاح لفهم اللغة القرآنية ، وأنّ الغرب توصل الى أنَّ المفاهيم الحضارية مثل "قرأ" وكذلك "كتب" لايمكن ان تكون من أصل عربي .ولذلك يمكننا أن نفترض أنَّها قد انتقلت الى المناطق العربية من الناحية الشمالية . وما دامت اللغة السريانية تمتلك – الى جانب الفعل قَرُا "قرأ" – ألأسم قريانا
qeryana
"القرآن" قد تطور في العربية ، وإنّما هو لفظ مستعار من الكلمة السريانية على وزن فعلان .
إنَّ ألأشارة ألى ألأصل المسيحي السرياني للقرآن في الموسوعات الغربية صار أمرا بديهيا . كذلك يستند لوكسمبرغ على آثار الحروف السريانية الآرامية في المخطوطات القرآنية الأولية بالحرفين الكوفي والحجازي"،و يحاول كريستوفر لوكسنبرغ أن يثبت أن جملة من نسخ المخطوطات القرآنية الأولى ذات علاقة وثيقة بنماذج أصلية من الكتابة السريانية.
ويصل لوكسنبرغ الى فرضية الكتاب هي : أن القران لم يكن في البداية مكتوبا بصورة كليّة باللغة العربية ولكن بمزيج من العربية والسريانية .
يقترح لوكسنبرغ أن المختصّين يجب أن يبدؤوا من جديد مهملين التعليقات الإسلامية ، وان يستعملوا فقط أكثر الوسائل اللغوية والتاريخية تقدما. لهذا, إن بدت كلمة أو جملة قرآنية بلا معنى بالعربية، أو أن تعطى معنى فقط من خلال استخدام مضني للحدس. فانه من المعقول- كما يقترح- أن تراجع اللغة الآرامية والسريانية إضافة إلى العربية.
أن القرآن يعتمد على نصوص أقدم, بالتحديد كتب فصول (كتاب الفصول: كتاب متضمن فصولا من الكتاب المقدس للتلاوة في القدّاس)
أي أن القرآن ألأول لم يؤلفه محمد او الصحابا ولا الخلفاء الراشدين بل كان موجودا ومترجما باللغة العربية النبطية القديمة كما تُظهر ذلك المخطوطات المكتشفة وخاصة مخطوطة صنعاء ,
وان تطويع هذه النصوص إلى القرآن الذي نعرفه اليوم كان عملا تطلب عدة أجيال.
استنتاج المؤلف
الكلمة قرآن هي نفسها مشتقّة من "قريانا " (بكسر القاف) وهو تعبير سرياني من الطقسيات أو الليتورجيا السريانية والذي يعني " كتاب الفصول"
liturgy
يحتوي على تراتيل واقتباسات من الكتاب المقدس، خلق للاستعمال في الطقوس المسيحية.
كتاب الفصول هذا ترجم إلى العربية كمجهود إرسالي. ولم يكن المقصود منه بدء ديانة جديدة, ولكن نشر ديانة أخرى قديمة!!!!!!!!!!!!!!. (6)
يقول الباحث كارل اوليغ

إنَّ القرآن واسباب النزول والتفاسير فيها مواضيع عن الجدل والحوار يعكس وجود أهل الكتاب ولا يعكس جدلا مع عبدة تماثيل حجرية كما أراد الموروث الأسلامي أن يوهمنا ، ولعلّ تحوّل الكعبة الى طقس إسلامي دليل دامغ على زيف تلك ألأدعاءات . فبعد ألأكتشافات الحديثة عن المخطوطات القرآنية القديمة ظهر ، بان النص القرآني تم طمس معالمه فيما بعد وتحويل مضمونه ليمنح ترابطا جديدا للمعنى الديني – التاريخي . تلك السور القرآنية كانت صلوات طقسية ونتاج أدبي يعود للمسيحيّة السورية(النصرانية ) ......وبأختصار يقول كارل اوليغ : بأنَّ النقوش على قبة الصخرة والمسكوكات ، تدّلُّ على محاولة مسيحية سورية لوضع حدود مع كنيسة بيزنطة ذات الأقانيم الثلاثة( المسيحية) ، ويتوثِّق محاولتها الفخورة في المحافظة على هوية خاصة بها . ويضيف: لقد أصبح واضحا بأن عام الهجرة قد إستخدمه العرب المسيحيون في حسابهم عام 622م.، ثم جرى تحويره ليصبح إسلامياً، ولغاية القرن الثامن، كانت مناطق المشرق العربي وشمال أفريقيا، تخضع لزعامات مسيحية، وأن الحكام الأمويين وأوائل العباسيين كانوا مسيحيين !!!!. (7)

في مقالاتنا التالية سنخوض في نصرانية ألأسلام الأول الذي أسسه النصارى اليهود بالتحالف مع الهاجريون العرب .
كيف تطورت لغة القرآن واسلوب القرآن ومواضيعه ؟ وهل كُتب القرآن في عهد محمد أم كان موجودا سابقا؟ لماذا لايذكر القرآن المسيحية بل يسميهم النصارى ؟ من هم النصارى ؟ وهل حُرِّف القرآن المعاصر وحصل فيه تغيير (حذف وزيادة )؟.
هذه ألأسئلة وغيرها سنحاول ألأجابة عليها لكي يزول الشك باليقين وتتوضح الصورة الحقيقية لكُلِّ متعطش لمعرفة الحقائق حول مصدر القرآن وجذور ألأسلام التاريخية .
سنحاول تسليط ألأضواء على مصادر استقى منها محمد ومن بعده الخلفاء المسلمون في كتابة القرآن.
وسنكتشف بادلة وبراهين تاريخية ولغويّة وجغرافية من داخل القرآن وخارجه لأثبات أنّ ألأسلام الأول كان طائفة نصرانية .

---------------------------------------------------------------------------------------
.(1)
محمد حسان كاتب كتاب " يوم قبل وفاة محمد.
(2)

راجع الهرطقة المائة ليوحنا الدمشقي

(3)
راجع كتاب باتريشا كرون "الهاجريون "
(4)
Allah & Muhammad had nothing to do with the Quran´-or-Islam - Islam is founded on Lies & Deception
https://www.youtube.com/watch?v=4ySbW-btfK8
(5)
مقالة بعنوان "السريان والقرآن
(6)
كريستوفر لوكسمبرك في كتبابه القراءة ألآرامية السريانية للقرآن
(7)
البدايات المظلمة للإسلام المبكر (2/1)
نادر قريط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=188455

49
شكرا اخي وردا على تعليقك على المقال وما ورد فيه من مواضيع تخص مأسسي شهود يهوه
وكان بودي لجماعة شهود يهوه ان يردوا على المقال ولكن الظاهر هم اصابتهم الصدمة لأنهم قد لايعرفون هذه الحقائق ولم يطّلعوا على سيرة حياة المؤسسين المشينة .

50
بدعة شهود يهوه – النشأة والتأسيس والنبوءات الكاذبة
نافع شابو البرواري
أ-النشأة والتأسيس :
يعود تاسيس "جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس " (أي شهود يهوه) الى     تشارلز تاز رسل (1852 -  1916) Charles Taz Russel
حيث دخل هذا الشاب الآتي من المذهب المشيخي (البرسبيتاريّ) ، وهو في السادسة عشرة من عمره ، جمعية الشُبّان السبتيين (المجيئيّين ) واستمع الى وعظ القس يوناس فاندل ، فتأثَّر به وخصوصا بكلامه عن مجيئ المسيح (راجع برج المراقبة عدد15 1906 ص 35)
في عام 1870 بدأ رسل مع جماعة صغيرة درس الكتاب المقدس ,
عام 1872 نظَّم تلك الجماعة ، وأبرز "المواضيع التي استحوذت على انتباهه كان موضوع الملكوت ورجوع المسيح .
في 1تموز 1879 ظهر أوَّل عدد من مجلة برج مراقبة صهيون وبشير حضور المسيح .
عام 1881 تشكَّلت "جمعية برج مراقبة صهيون للكراريس" ، وفي السنة 1884 تأسَّست رسميّا برئاسة راسل . وبعد ذلك تغيَّر اسم الجمعيّة الى "جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس ". نلفت انتباه القارئ الى أنّ دستورالجمعية الذي وضعه رسل في العام 1884 أشارالى أنَّ " جمعية برج مراقبة صهيون للكراريس هي فقط َ مؤسَّسة أعمال تجاريّة وليست جمعية دينية "!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وذكر راسل في دستور الجمعية إسم سبعة أفراد هم : راسل ووليم مان وماري فرانسس أكلي .......شكّلوا شخصا معنويا إعتباريا" وقد أشارت الجمعيّة في كتابها السنوي لعام 1976 ص 63-67 الى تلك الحقبة والى الخلافات التي نشأت مع زوجة راسل مع أعضاء الهيئة والتي أدَّت الى القطيعة بينهما ، وقد أشار الدستور في ص 4 :"كُلِّ تقدمة من عشرة دولارات الى صندوق الجمعية ....تهب الحقَّ بسهم واحد ... ويكون هذا السهم غير خاضع لضرائب ويحصل على صوت في الشركة المشار اليها ".
كما وقد أشار كتاب "ليكن الله صادقا " في الصفحة 262 : "....هذه هي جمعية برج المراقبة والتوراة والكراريس المساهمة "وبالتالي فإنّ كلمة مساهمة مبنية على "مساهمين" أي "أصحاب أسهم " ، كما أشار أيضا الكتاب السنوي لعام 1976 ص 91: "في ألأجتماع السنوي للمساهمين يوم السبت 5ك 2  1918 حصل سبعة أفراد على أكبر عدد من الأصوات...".
*في عام 1909 ، وبفضله ، أصبح المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين –نيويورك
*في عام 1912 عمل على إصدار فيلم "بالصور المنزلقة والصور المتحركة مع الصوت" أسماه "رواية الخلق المصوّرة ".
*مات راسل في 13 تشرين ألأول 1916 وخلفه
 (1869-1942) الذي عمل على انشاء مجلة مرافقة لJoseph Rutherford
  "برج المراقبة" سمّاها "العصر الذهبي "(أصبحت الآن استيقظ)
*أعطى روذرفورد الدفع الكبير للجمعية ، فعمل على نشر مؤلفات سلفه راسل ، وخصوصا "دروس في ألأسفار المقدسة " ، واشتهر بخطاباته العنيفة !!!! التي تُهاجم بشدّة وعُنف
رجال ألأكليروس والحكومات ورجال السياسة والتجّار (وما زال هذا المنهج سائرا حتى الآن).
*في عهده جرى تفعيل "الشهادة" من باب الى باب ، وكان الشهود يحملون الفونوغرافات القابلة للحمل ويسيرون بها في الشوارع ملقية خطاباته ".
*أنشأ محطّة إذاعية في عام 1924 عُرفت بال
 ، وبحلول سنة 1933 كانت الجمعية تستخدم 403 محطّات راديو". WBBR
*وفي تمورز 1931 في أوهايو ، وفي عهد روذرفورد ، سمّى  هذا جماعته "شهود يهوه"!!!. أمّا "جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس" فظلّت "مؤسّسة دينية شرعية يستعملها شهود يهوه".
*عام 1927 مَنع َروذرفورد التبرُّع بالدم والأحتفال بعيد الميلاد!!!!!!!!.
*عام 1928 منع ألأحتفال بعيد المولد الشخصيّ وبعيد ألأُم !!!، مُعتبرا هذه ألأعياد هي ذات أصول وثنية .
*عام 1936 اعتبر الصليب رمزا وثنيا !!!!!! وأنَّ يسوع لم يمت على الصليب بل على شجرة أو وتد مستقيم ، كما منع أيضا تحية العلم !!!!.
*مات روذرفورد في 8 كانون الثاني 1924 عن عمر يناهز ال 72سنة بمرض الرئة .
*خلفه في الرئاسة ناتان هومر كنور
 (1905-1977) الذي كان معروفا بإرادته الصلبة وباشر في Nathan Homer Knorr
إنشاء "برنامج منظّم للتدريب " . وفي سنة 1943 تأسَّست مدرسة تدريب خصوصي للمرسلين تُدعى "مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس ". "كما أسس مناهج خصوصية لتدريب شيوخ الجماعات ، العمال المتطوعين في الفروع .."
*أنشأ أقساما إدارية وسعى الى توسيع ألأبنية وجهَّزها بمطابع ضخمة تطبع الكتب والمنشورات بعدّة لغات . كما أبدل أسم مجلة "العصر الذهبي "الى  "إستيقض"( النصف شهرية ).
*في عهده وتحديدا عام 1950 ، تم إصدار "ترجمة العالم الجديد" التي عكست عقائد شهود يهوه ، حتى أنَّ الجمعية أبقت أسماء التراجمة سريّة !!! بحجة أنّهم "لم يكونوا يطلبون الشهرة لأنفسهم ".
*مات كنور عام 1977 ، وكان من أبرز ما قام به قبل موته توسيع الهيئة الحاكمة (أعلى سلطة في الجمعية ، مؤلفة من قرابة 12 أو 18 عضوا) وتقسيمها الى عدّة لجان عمل . وكان أوَّل من أطلق لقب "أُم" على الجمعية وطالب المنتسبين الى إظهار "ألأحترام" و"الخضوع" التام للجمعية !!!!.
*في حزيران 1977 أُنتخب فريدريك فرانز رئيسا للجمعية. في عهده جرت حملة تطهير كبيرة حتى لكبار المسؤولين في الجمعية ، بعد أن تجرأوا وأنتقدوا مسألة 1914 وانتهاء أزمنة ألأمم . ومن أبرز من طُردوا :
Rene Vasques وDunlap و Peter Gergerson
وعام 1981 قدَّم عضو الهيئة الحاكمة رايموند فرانز     
 استقالته من الجمعية وأصدر كتابا يُعتبر مرجعا ، بعد أن عانى أزمة  Raymond Franz
ضمير كبيرة !!!!.
*مات فريدريك فرانز في 22 كانون الأول سنة 1992 ، فعيّن ميلتون هانشل
  (في 30 كانون ألأول) للرئاسة ، وهو من ألأعضاء المحافظين في Milton Henshel 
الهيئة الحاكمة .
*أصدر ميلتون في عام 1993 كتابا عنوانه "حكومتنا العالمية القادمة –ملكوت الله يسود" !!!!!!!!!!دافع فيه عن المسيرة التقليدية للجمعية .
*ادخل تعديلا مهمّا بالنسبة الى "جيل العام 1914" (وهو تعديل مهمّ ، كما سنرى لاحقا ، لأنّه أنقذ الشهود من ألأحراج ).
*ما زال هانشل حتّى ألآن رئيسا ، ويبلغ شهود يهوه قرابة ستة ملايين و200 ألف "شاهد"
ب – المسلكية ألأخلاقية لمؤسّسي شهود يهوه .
لم نكن نودُّ التطرُّق الى الحياة الشخصية لهلاء ،ولكن إدِّعائهم بأنَّهم يمثّلون "الدين الحقيقي الصحيح الوحيد" ، وبأنَّهم "يملكون الحق فعلا" ، وبأنَّ كُلِّ ألأديان ألأخرى غير مقبولة عند الله ، وبأنَّ مؤسّسيهم كانوا أمناء في نشر النور الروحي الى الناس ، وبأنَّ "هؤلاء سيملكون في السماء مع يسوع" دفعنا هذا البحث لنرى إذا كان الله أختار حقّا مثل هؤلاء ليُبلغ الى الناس مقاصده والنور الروحيّ؟.
 راسل Russel-  1
كان راسل يعتبر نفسه دائما أنَّه "الملهم الوحيد" و"المرسل من الله" ،حتى أنَّ الجمعية ، بعد وفاته ، قالت عن لسانه أنَّه "هو العبد ألأمين الحكيم الذي أقامه سيدّه على جميع أمواله ...وأن الله يوجّهه في أحكامه "، حتّى أنَّ جمعيّة برج المراقبة صرّحت مؤخرا : "وإذا حكمنا على أساس النتائج ، لايبقى هنالك من شك  في أنَّ روح يهوه القدوس كان يوجه مساعي ألأخ راسل وعشرائه ....وكان بفضل الروح القدس حقا أنَّ الجهود المتواضعة للأخ راسل وعشرائه أنارت الحقّ بشكل لم يسبق له مثيل ".
*عام 1879 تزوَّج راسل من ماري فرانسيس أكلي ، وكان عند إنشاء الجمعية منح لنفسه ولزوجته " الحقّ المطلق لأدارة الجمعية " إلاّ أنَّ الخلافات بدأت وأستقالت زوجته من عملها في "النشر" في تشرين ألأول 1886 ، وفي 9 تشرين الثاني 1897 أنفصلت عنه بعد إكتشافها "خيانته وعلاقته " مع روز بال !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
 ، مستخدمتهُ في المركز الرئيسي للجمعيّة ، إضافة الى خادمته إميلي ماتهورز Rose Ball
وفي 12 شباط سنة 1906 حصلت منه على الطلاق .
أمّا بالنسبة الى وقائع المحاكمة فيمكن رؤيتها في صحيفة
 .في عدد 29 تشرين ألأول 1911 ، ص 10- 13 . ومما جاء Broklyn Daily Eagle
في الدعوى : "مسلكه مع زوجته ينمُّ عن أنانيّة مستبدّة وأدعاء فارغ ، يتَّضح معهما للمحكمة أنَّه يحوّل حتما حياة كُلِّ إمرأة حسّاسة الى حمل باهظ لايطاق ".
*في عام 1911 أدّعى راسل أمام فلاّحين بسطاء أن لديه قمحا ذا "مردود عجائبي " فباعت الجمعية القمح أكثر بكثير من السعر العادي ، أي ألرطل بدولار ، فربحت 180 دولارا وفي العدد الصادر في 19 كانون الثاني 1913 ، ص 16 ، نشرت الصحيفة ألأمريكية المذكورة وقائع الحكم الذي صدر بحق راسل :"بالأحتيال وبالثروة غير المشروعة " فحوكم أمام القضاء وأُدين وأجبرعلى دفع ألأموال المسلوبة ، إضافة الى 15 دولار مصاريف المحاكمة .
* وفي العددالصادر في 19 شباط 1912 كشفت الصحّية ألأمريكية المذكورة أكاذيب راسل إذ أدّعى أنّه سيقوم بجولة تبشيرية حول العالم لألقاء العظات الدينيّة في عدَّة بلدان ، منها هاواي واليابان والصين ، إلا أنَّ الصحيفة التي واكبته قالت : "لم يعظ حتّى ولو عظّة واحدة في ألأمكنة التي زارها ..."
Rutherford2 -
لقد كان روذرفورد "متسلطا" يأخذ قراراته بانفراد ، فعمل على طرد كُلِّ من عارضه في الجمعية وأعتبر نفسه هو أيضا "الملهم " من الله .
*في عام 1918 حوكم وسُجن بتهمة الخيانة وبثّه روح التمرّد في صفوف القوّات البحرية ألأمريكية ، وحُكم عليه عشرين سنة ، إلا أنّه أخلي سبيله في عفو عام بعد إنتصار الحلفاء في 16 آب 1918. (كان روذرفورد يدعو القوّات البحرية لعدم القتال والدفاع لأنَّ ذلك مخالفة لقوانين الله ) . (أُطلق سراحه في 26 آذار 1919 ).
في ألأعوام 1894 ، 1895، 1897 أُقيمت عليه عدّة دعاوى بتهمة تصرفّات مخالفة لأصول المهنة (كان كاتبا في محكمة مدينة ميسوري )
ج- النبوات الكاذبة
"ليس لكم أن تعرفوا أزمنة وأوقاتا حدَدها ألآب بسلطانه الخاص"(اعمال الرسل1: 7)
بهذه الكلمات توجَّه الربّ يسوع الى تلاميذه مُحذِّرا إيّاهم من مغبَّة ألأعتقادات الخاطئة والتصورات الزمنيّة عن مجيئه ، لا بل أكّد لهم مجدّدا قائلا:
"وإن قال لكم قائل :ها هو المسيح هنا ، أو ها هو هنالك ، فلا تصدّقوا . سيظهر مُسحاء كذّابون ، ويظهر مُتنبّون ، وبآياتٍ عظام وخوارق يأتون ، فيُضلون بها المختارين أنفسهم لو يقدرون "(متى 24 : 23-24).
هذه هي حال شهود يهوة عبر تاريخهم : يحدّدون أزمنة وأوقات وفي كُلِّ مرة يتّضح ضلالهم ، فلا يسعنا سوى القول إنّهم حقا : "أنبياء كذبة " وإليكم ألأدلة :
في بادئ ألأمر تعتبر الجمعيّة مطبوعاتها على أنّها تقدّم "كلمات الحق المُسِرّة والصحيحة"..
وبأنَّ مطبوعات جمعية برج المراقبة "مؤلفات مرجعية موثوق بها تُركِّز على الكتاب المقدس" و"كل هذا لأكثر من قرن " ، أي أنَّه منذُ ابتدائها لغاية ألآن تُقدِّم هذه المطبوعة "الحق " . لابل أنَّها أعتبرت أنَّ "هذه الكتيبات والكراريس والكتب المطبوعة ...هي من عند الله القدير يهوة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! [ تعليقي : كأنَّ كتبهم اصبحت كتب مقدسة حالها حال الكتاب المقدس وان مؤسسي شهود يهوه هم انبياء العصر  ] ...وهي تعلِّم حقيقة الله  وليس حقيقة ألأنسان .
فهل هذه هي حقّا الحقيقة ؟ لنر:
أعتبر راسل أنَّ المسيح "حضر " بشكل غير منظور في تشرين ألأوّل 1874 وبأنَّ المسيح "حاضرٌ ألآن منذُ التاريخ المذكور حسب شهادة ألأنبياء ..."(راجع كتابهم معركة هرمجدون طبعة 1913 ص 621) . كما أكَّد روذرفورد في ما بعد أنَّ هذه السنة التي حدَّدها "راسل" "غير قابلة للنقاش"!!!!!!، ثُمَّ إعتبر راسل أنَّ"معركة هرمجدون ستنتهي عام 1914 بإقامة ملكوت الله على الأرض" وبأنَّ "هذه الأزمنة ليست منّا بل من الله " ، وبأنَّ "عام 1914 ليس وقت البداية بل وقت انتهاء الصعوبات ".
كُلِّ ما بدا حتى ألآن من إدعاء هؤلاء بأنهم يملكون ويعلِّمون الحق كان مجرّد كذبة خدعت الملايين من الناس وضلَّلتهم وأدخلتهم نَفَق الدّجل ، كما أنَّ ألأمر لم يتوقّف عند هذا الحد بل أكمل الشهود مسيرة تنبؤاتهم الخاطئة فقالوا :
"نحنُ نُقدِّم البراهين أنَّ تأسيس ملكوت الله سيبدأ الآن ...وسينتهي عام 1915 حيث سينتهي نظام ألأرض الحالي " . وبعد فشل هذه النبوءة ايضا قالوا :
"في ربيع 1918 سيأتي دمار شامل لم يسبق له مثيل على العالم المسيحي"(راجع السر المنتهى 1917 ص 62). وفي عام 1918 سيدمّر الله كلّ الكنائس وكلّ أعضاء الكنائس بالملايين "(المرجع ذاته).
واكَّد روذرفورد أنَّنا لانملك سوى أشهر قليلة ...لأنتهاء كل شيء وللحصاد .."(برج المراقبة 1917 ص 6149 )
ونحن بدورنا نسأل : هل انتهت الكنائس ودُمّرت عام 1918 ؟ هل مات ملايين من أعضاء الكنائس في تلك السنة ؟ وهل هذه "النبؤءة" هي من عند الله ؟ نترك الوقائع تجيب...واستمرّمسلسل التنبؤات في عهد روذرفورد ، وكانت قمَّتُها عام 1925 وقت رجوع إبراهيم واسحق ويعقوب وقدماء ألأنبياء المؤمنين .." ، مع أنَّ الكتاب المقدس يقول:"وأقولُ لكم سيأتي ناسٌ كثيرٌ من المشارق والمغارب ، وفي ملكوت السّماوات يتَّكئون الى المائدة مع إبراهيم واسحق ويعقوب.."(متى 8:11). وأضاف روذرفورد ...إنَّ كلّ الموتى يُبعثون من قُبورهم ويُعادون الى الحياة بالترتيب ".
فهل رجع أنبياء العهد القديم ؟ بالطبع كانت هذه أمنية "النبي الملهم " ومن أجل ذلك بنى لهؤلاء قصرا في سان دياغو في كاليفورنيا وأمضى فيه حياته منتظرا عودة ألآباء للسكن في القصر الذي بناه ، ولعلّهم خذلوه ..
*وفي عهد الرئيس الثالث كنور جرى التنبّؤ أنَّه في عام 1975 "ستنتهي 6 آلاف سنة لخلق ألأنسان !!!...وفترة ألألف السابعة لتاريخ ألأنسان ستبدأ في خريف سنة 1975 ب .م " . حتى أنَّ الجمعية شجَّعت "ألأخوة على بيع ممتلكاتهم وبيوتهم . لخدمة الحقل ...وهذه أفضل طريقة لقضاء الوقت القصير المتبقي قبل نهاية العالم المشؤوم "(راجع بشارة الملكوت لشهود يهوه ،أيار1974 ، ص 3).
بعد هذا  العرض المقتضب لتنبؤاتهم الفاشلة ، كيف يواجه شهود يهوه اليوم إتهامهم بأنَّهم أنبياء كذبة ؟ نترك ألأجابة لمعتنقي بدعة شهود يهوه
لعلَّ أقبح ما يكون أنَّهم شبّهوا أنفسهم بالرسُل فقالوا: لا يدّعي شهود يهوه أنَّهم أنبياء ملَهمون . فقد ارتكبوا ألأخطاء . وكرُسل المسيح كان لديهم أحيانا بعض التوقعات الخاطئة .... صحيح أنَّ الشهود ارتكبوا ألأخطاء في فهمهم لما كان سيحدث عند نهاية فترات مُعيّنة من الزمن ، ولكنهم لم يرتكبوا خطأ خسارة الأيمان .." (راجع المباحثة من ألأسفارالمقدسة  لشهود يهوه ص 81-82).
لنحيل هؤلاء الى ما قاله سابقا إنّهم "بقية التلاميذ الممسوحين ...لابل حلَّ عليهم الروح القدس "، "لذلك يقومون بالتنبؤ كالرسل "(راجع كتاب الروح القدس ص 147 و"لياتي ملكوتك "ص 147)
كما أنّنا نسألهم أين أخطأ الرسل؟ وأين توقّعوا تواريخ وحسبوا الأزمنة؟ وهل يصحُّ إطلاق تهم الى الرسل "بتوقعات " لتبرير أنفسنا ؟(هذا إذا أفترضنا أنَّهم توقّعوا !)  ، لاشك أن هؤلاء "....أُناسٌ يبلبلونكم  ويقصدون تحريف إنجيل المسيح "(غلاطية 1 :7)
ولا شكَّ أنَّ التاريخ قد كشف خِداعهم ..
---------------------------- --------------------------------------------------------
المصدر
كتاب :"الكنيسة الكاثوليكية والبدع -7 – شهود يهوه "
للأب جورج رحمه و بول حصري 

51
نداء الى المتظاهرين العراقيين واللبنانيين
نافع البرواري
تحيّة لكم أيُّها ألأحرارالأبطال وانتم تسطِّرون كتابة تاريخ جديد لأوطانكم
تحية مجد وكرامة واحترام وتقدير لكم وأنتم تكتبون بدمائكم الزكي ملحمة التحرير من قيود المتاجرين بالدين والسياسة ودماء الشعوب
تحية وتقدير وخشوع لكل امِّ فقدت إبنها شهيدا وهو يدافع عن ابسط حقوقه في العيش الكريم كانسان .
أيُّها العراقيّون واللبنانيّون :
اليوم المصادف 30 -10 -2019 وصف المرشد ألأعلى ألأيراني على خامنئي الحراك الشعبي في العراق ولبنان بأنّهُ "شغب"وان المتظاهرين هم عملاء لأمريكا واسرائيل . وكذلك وصف مستشار رئيس مجلس الشورى الأيراني بأن الحراك الشعبي هو النسحة الجديدة للأرهاب السياسي ، وأنّه ممول من قبل أمريكا واسرائيل .
آن الآونان ، أيُّها العراقيون واللبنانيون  ، أن تضعوا حدا للتدخُّل السافر لأيران في شؤون اوطانكم. إنَّ اتهام المسؤولون الأيرانيّون المظاهرات السلمية والعفوية والغير المسيّسة ،الى الآن، بانها شغب ومدعومة من اسرائيل وامريكا هي اهانة للشعبين العراقي واللبناني ، ولطخة عار للسياسيين العراقيين واللبنانيين الذين يتاجرون بدماء شهداء الأنتفاضة الذين قدّموا انفسهم ضحية من اجل وطنٌ حرٌّ مستقل وللحفاظ على كرامة وعزة جميع العراقيين واللبنانيين.
عليكم  الذهاب الى السفارة الأيرانية والأحتجاج على كُل الأهانات التي وجَّها الساسة الأيرانيون وعملائهم الى الشعب العراقي واللبناني ، والمطالبة باعتذار حكومة الملالي للشعبين العراقي واللبناني
الخزي والعار للذين باعوا الوطن للأجنبي
والمجد والخلود لشهداء الأنتفاضة
30- 10- 2019

52
الأخ وردا اسحاق جزيل الأحترام
مقالة رائعة تكشف حقيقة أن مؤسسي شهود يهوه أتوا بعد اكثر من 19 قرنا بعد المسيح ويريدون تدمير  الكنيسة المبنية على صخرة المسيح وهيهات ان يسطيعوا ذلك لأن المسيح يقول لبطرس الرسول "أنت  بطرس (الصخرة)  وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي وابواب الجحيم لن تقوى عليها (متى 16:18)
شهود يهوه يريدون اختزال مئات الآلاف من الدراسات اللاهوتية وآراء الآلاف من دارسي الكتاب المقدس بلغته الأصلية العبرية والآرامية ومن ثم اليونانية ويريدون الغاء كُل المجامع الكنسية التي عقدت عبر تاريخ الكنيسة والتي وضع المشاركون فيها قانون الأيمان الأساسي الذي تعترف به الغالبية المطلقة من الكنائس الحالية حول الله المثلث الأقانيم والأبن الذي تجسد وصلب ومات وقام وسياتي ليدين ألأحياء والأموا ت ،هذا هو قانون الأيمان النيقي لمجمع نيقية 325م . واليوم يأتي شخص او شخصين ليهدموا هذا الأيمان المتجذر ويضعوا قوانين جديدة تخالف نص وروح قانون الأيمان النيقي دون أن يكون لهم خلفية بلغة وتراث وطبيعة المجتمع الذي ظهر فيه المسيح ، علما بأنهم فشلوا فشلا ذريعا في كسب حتى الجهال الى عقيدتهم ، لأنَّ ادعائهم في تحديد سنوات مجيء المسيح قد فشلت وكشف زيف ادعائهم بمجئ المسيح لأنهم اعتمدوا حرفيا على تفسير الكتاب المقدس هذا اولا . ثانيا ان المبشرين من شهود يهوه اغلبهم شباب وعندما تجلس معهم وتناقشهم يظهر لك كم انهم جهلاء بالكتاب المقدس ،وهذا ما اختبرته شخصيا معهم . انا اعتبر شهود يهوه ليس الا حزبا سياسيا ورائه يهود للقضاء على المسيحية . يقول الرب يسوع المسيح : "لأنه سيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضا"
السيد سلام الراوي ليس الا بوقا من ابواق شهود يهوه وهو عندما ينكر اسمه الحقيقي" ديفيد رابي " ويدخل باسم آخر فهذه شهادة انه لايمكن تصديقه، وليس بعيدا ان ينكر المسيح الفادي  . ومن خلال اطلاعي على بعض ما نشره في الموقع  اتضح لي انّه لايفقه بالكتاب المقدس الا ما يؤملى عليه من قبل رئيس حزبه . وليست كتاباته الا دعاية لشهود يهوه ،  أما اطلاعه على كُتب الشروحات للكتاب المقدس من قبل الكنائس الرسمية فانا اشك في اطلاعه عليها ولهذا لايمكن النقاش مع هكذا اشخاص ،خاصة عندما يستخدم كلمات غير لائقة ومستفزة  في حق الآخرين .يرجى من مسؤولي الموقع ملاحطة هذا التجاوز على ألاخرين رجاءا.
الراوي لايكتب موضوع ديني او روحي الا نادرا  بل يشير الى مواقع اخرى او يضع موقع فيديو لأغراض دعائية ويشغل اسمه تسلسل المقالات فيغطي على المقالات المهمة المنشورة في الموقع بقصد منع الكُتّاب من نشر مقالاتهم الروحية والدينية في هذا الموقع المهم . واذ نشير الى هذه التصرفات الغير المقبولة هو من اجل ان يبقى الموقع الجديد منبرا مهما لمواضيع روحية نحن بامس الحاجة لها. ونجاح هذا الموقع هو نجاح لمسيحيي العراق والمتابعين من المقيمين في انحاء العالم من مسيحيي المهجر .أرجوان يكون هناك رقابة على ما يكتبه  الراوي  وعدم قبول مواضيعه السطحية وتعليقاته الجارحة التي تنم عن شخصيته البعيدة كل البعد عن تعاليم المسيح

53

ألأسلام ألأول كان بدعة نصرانية ج1

نافع البرواري

الكنيسة الشرقية كانت تمتد من بلاد فارس في الشرق حتى سيناء في الغرب ومن الهضبة التركية شمالا الى اليمن وحضرموت والحجاز والنجد والخليج الفارسي جنوبا (شبه الجزيرة العربية ).
في هذه المناطق اعلاه إنتشرت المسيحية منذ القرون الأولى للمسيحية ، ولكن للأسف سادت الهرطقات والبدع التي رافقت هذا الأنتشار، كما يرافق الزيفان الحنطقة ، وكانت تلك البدع الرئيسية هي: المانوية والآريوسية والنصرانية وغيرها . ولكن سنكتشف أنَّ النصرانية هي التي ستسود في هذه المناطق التي سيتغيَّر اسمها لاحقا الى الأسلام دون تغيير في جوهر المعتقد ألنصراني ، وهذا ما سنكتشفه في الدراسات والأبحاث الحديثة التي قام بها عدّة باحثون ومستشرقون وآثاريون ومؤرخون *.

هؤلاء الباحثون ، بالأضافة الى الأكتشافات الحديثة في علم ألآثاروالمخطوطات والمختصون بدراسة النقود والعملات والمسكوكات القديمة زودونا بكم هائل من المعلومات التاريخة لنشوء الأسلام وسلطوا الأضواء من خلال ابحاثهم على الجذور النصرانية للأسلام الأول . ووصلوا الى نتيجة غاية في الأهمية ، والتي ستحدث زلزالا في العالم الأسلامي بسبب حقائق تكشف عن مدى التزوير وطمس الحقائق التاريخية من قبل المؤرخون وكتاب السيرة المحمدية بعد القرن الثاني والثالث الهجري ، اي في عهد العباسيين خاصة ، مما يتطلب إعادة النظر في كتابة التاريخ العربي والأسلامي الذي يدرّس لطلبة المدارس في العالم الأسىلامي قاطبة .

منذ اكثر من 50 عاما وفي كل انحاء بلاد الشام والرافدين (العراق) تتكاثر ألأكتشافات ألأثرية والتاريخية سنة بعد سنة . وبسبب هذه الأكتشافت الصادمة وجه المؤرخون
والأثريون ضربة مزلزلة للرواية ألأسلامية المتداولة بين العامة حول ظهور ألأسلام الأول
ديانة ألأسلام الحالية صُنعت تدريجيا بعد وفاة "محمد" بعشرات السنين ، وهي صناعة واكبت الحرب ألأهلية العربية التي استمرت منذ( 640-690) م اي منذ( 18 – 68 ) هجرية
الخلفاء العرب ألأولون كانوا قريبين جدا من المسيحيين ... بعكس ما تدَّعيه الرواية الرسمية ألأسلامية لكي تؤكِّد أنهم كانوا ضد المسيحيين وصلبانهم .
سنكتشف أدلة كثيرة على أنّ تاريخ الأسلام الرسمي هو تاريخ مزيَّف ، صنعه الخلفاء بعد عشرات بل مئات السنين بعد وفاة محمد القائد العربي المتحالف مع اليهود النصارى .

خلال 15 سنة الماضية تسارعت بحدة ألأكتشافات التاريخية حول بداية ألأسلام ... ونتائج هذه الأكتشافات هي مذهلة حقا . هنا نتيقَّن ان الرواية ألأسلامية حول ظهور ألأسلام ووحي القرآن وقصة جبريل كُلَّها قصص خيالية مصنوعة صنعا [مختلقة ] .
هذه الحقائق التاريخية ، المكتشفة حديثا ، حول ظهور ألأسلام تمكّننا من فهم ديانة ألأسلام الحالية وتطورها عبر القرون بصورة عميقة جدا ، وبصورة تتناقض كليا مع الرواية المتداولة في المجتمع حول الأسلام ..

يقول الباحث هانس أوليغ *

"إنَّ القادة الدينيين والسياسيين الذين أعقبوا محمد (رسول المسلمين) وبسبب أفكار داخلية وخارجية ، وعدم استقرار أمور الأسلام الفتي وتقديرا منهم للتفوق الفلسفي للكنيسة الهلينية الرومانية ، قرَّروا ألأنكفاء وتكذيب الماضي المسيحي(النصراني) للقرآن والأسلام ، وطمس معالمه ألأولى وبذلك حافظوا على المكتسبات وألأستقلالية الدينية السلطوية والسياسية ، مما أحدث فراغا تاريخيا تم حشوه فيما بعد ".(1)

إنّ محاضرات ريتشارد بِل أمام جامعة إدنبره ، " أصلُ الإِسْلاَمِ في بيئته المسِّيحيّة " ( لندن ، 1926 ) هي آخر مسعى من أجل تزويدنا بوجهة نظر لتأويل حياة مُحَمَّدٍ و تعاليمه . إنَّ عمل "بِل"هو مجرد دراسة تمهيديّة ؛ إذْ يعتمد كليّاً على القُرْآنِ ، و لا يأخذ بعين الاعتبار الرّواية التقليديّة أو السِّيرة ، و يرى أنّه بوسعنا من القُرْآن نفسه إيجاد المبادئ الرئيسة الّتي ستقودنا لاحقاً عبر متاهة الأحاديث . و يعتقد بِل بأنَّ الإشكاليّة تكمن في أنّه عشيّة مجيء مُحَمَّدٍ ، أصبحت الأفكار الدينيّة الجديدة تتخلّل الجزيرة العَرَبِيّة ، لحدٍ ما من جانب اليهود و بالأعم من قِبل المصادر المسِّيحيّة ، التي أتت الجزيرة العَرَبِيّة من ثلاثة اتجاهات : نزولاً من سوريا إلى شمال غرب ، من الرافدين إلى شمال شرق و من الأعلى من الأحباش عبر جنوب الجزيرة العَرَبِيّة . وأحد براهين ذلك أنّ معظم المعجم الدّينيّ مستعارٌ إمّا من الأثيوبيّة أو السّريانيّة ، و حتّى المصطلحات اليهوديّة ، و المصطلحات الدّينيّة الفارسيّة الّتي جاءت من خلال السريانية . و على هذا النحو فإن : اللّه ، القُرْآن ، الفُرْقَان ، صلوات ، جهنّم ، جنّة ، فِرْدَوْس ، زكاة ، دين ، الخ ، كلّ تلك الكلمات من هذا المنشإ ، و الشّخصيات البارزة الّتي تتحرك على مسرح القُرْآن : إبراهيم ، يونس ، موسى ، عيسى ، إدريس كلها من مصدرٍ سريانيٍّ.(2)

يقول محمد آل عيسى في مقالة بعنوان :"تاريخ ألأسلام المبكر القسم الرابع"

في ألأدبيّات غير ألأسلامية وعند الحديث عن السيطرة العربية على البلاد لم تكن أيّ اشارات ولا تتحدّث عن أيِّ إسلام بل عن غزو عربي ولم يلتفت أحد لوجود دين بإسم إلأسلام .
التفسير المحتمل كما يرى بعض الباحثين في الموضوع هو أنَّه لما كان لكل دولة أو امبراطورية دينها الخاص بها أراد العرب ان يكون لهم دينهم الخاص . فكان للبيزنطينيّين مسيحيّتهم الهللينية وللفرس زرادشتهم صار للعرب إسلامهم . ...أي أنَّ العرب الَّذين قنَّنوا النصرانية الشرقية المعادية للمسيحية الهللينية لتكون متوافقة مع اليهودية الموسوية ، أرادوا أن يكون لهم نبي ورسول, وافتقار العرب الى نبي وكتاب أسوة بغيرهم من ألأمم وباليهود ، دفعهم الى ترجمة وتأليف كتاب مُقدَّس وإختلاق سيرة لنبي لم يره أحد ولم يترك أثرا. وبما أنَّ النصرانية كانت تعتبر يسوع مجرَّد نبي رسول فقد حوَّلت صفته التي كانت تعطى تمجيدا له "محمد عبدهُ ورسوله يسوع المسيح " الى أسم علم تجسَّدت فيه شخصية صارت مع الوقت محمد بن عبدالله ومن ثم نسج حول هذه الشخصية ما نسج .... من المعروف أنَّ النصارى كانوا يسمّون المسيح عبدالله نكاية بالمسيحيين الذين يعتبرونه إبن الله ، وكان أسم "محمد" أو "محمدان" يعني المختار أو ألأفضل ، وكانت ايضا صفة تطلق على المسيح من قبل النصارى .(3)


الباحث الفرنسي " اوليف لافونتين "*:

يقول: O . Lafontaine

هناك وثائق لشهادات تاريخية تعود لحقبة 638 م تقول أنَّ العرب حلفاء النصارى عندما غزوا وأحتلوا القدس(سنة 638م) قاموا ببناء المعبد اليهودي (هيكل سليمان) هناك .لكن العرب أدركوا أيضا أنَّهم بالفعل صاروا يحكمون بلاد الشرق ألأوسط نظرا لضعف وانسحاب ألأمبراطورية الرومانية البيزنطينية والساسانية الفارسية ، وكذلك حافظوا على الطابع الديني لغزواتهم –طابع تعلّموه عن النصارى اليهود حلفائهم السابقين ، وطوَّروا هذا الطابع الديني لأنَّهم فهموا أنَّه هام جدا لحكم الشعوب كما فعل الرومان قبلهم . بالفعلأدرك العرب المقاتلون أنَّ إنتصاراتهم في فلسطين (الشام) تدُلُّ على أأنَّ الله أختارهم هم ليحقِّقوا مشروع المسيح في إستئصال الشر والظلال من العالم وترسيخ حكم الله في ألأرض . هذا بالضبط ما لقّنه النصارى للعرب ، بواسطة محمد الذي كان تلميذا قريشيا للنصارى . قائلين لهم : " نحن يهود أبناء اسحاق وأنتم عرب يهود أيضا لأنكم أبناء إبراهيم وإسماعيل – نحن العبريون وأنتم العرب نُشكّل كلنا أمّة واحدة وكُلُّنا ننتمي لشعب واحد هو [ شعب الله المختار]. هكذا بدأ التحالف العربي –اليهودي النصراني .
بعد السيطرة على القدس عام 638 م ، إنقلب العرب على حُلفائهم وأساتذتهم النصارى ، ثم قضوا عليهم ّ!!!!!. لكنهم واجهوا مشكلة جديدة ، بتصفية مُعلميهم في الدين لم يبق لهم أساس ديني يبنون عليه حُكمُهم ويعلِّلون به سيطرتهم على الشعوب كما فعل البيزنطينيّون باسم الدين . بغياب اساتذتهم النصارى [بعد القضاء عليهم] أحتار العرب ، كيف يشرحون للناس حكمه وشرعه على ألأرض ، كما علّمهم النصارى . وهنا بدأت ألأختلافات بينهم ، وتحوَّلت حربا أهلية وصراعا دمويا سُمِّيَ [الفتنى الكبرى] التي أجَّجها إغتيال الخليفة عمر بن الخطاب . فعلا : ابتداء من حوالي عام 644 م أغتيل الخليفة عمر على يد اشخاص كانوا لايعترفون بشرعية لقب الخليفة الذي اخذه للحكم باسم الله .. وهنا انفجرت أول حرب اهلية دموية بين العرب سميَّت [الفتنى الكبرى /ألأولى ] ..في خضمّ هذه الحرب ألأهلية الطاحنة ستُصنع تدريجيا مفاهيم ومبادئء ديانة [ألأسلام] الحالي .
عندما ندخل في سياق الشرح المسيحاني** لبداية ألأسلام ، كما فعلت أنا في كتابي [السر العظيم للأسلام]. فاننا نفهم أكثر وبوضوح أسباب وتاريخ الحرب ألأهلية والفتنة الدموية بين العرب الحاكمين في الشام والعراق حوالي 650 م . هذه الحروب ألأهلية الدامية بين العرب [سنة وشيعة ] لم تنقطع أبدا ،الى يومنا هذا ، لأنَّها نتيجة حتمية في كُلِّ الحركات المسيحانية، مثل الحرب ألأهلية بين الشيوعيّين البولشفيّين سنة 1917 م والفتنة أثناء الثورة الفرنسية 1789 م ، كُلِّ طائفة تختلق أدوات مذهبية وتأويلات دينية لتعليل تسلطها على الحكم وأضطهاد الآخرين باسم الله والدين .وهكذا تبلور بين العرب المتناحرين فكرة [خليفة الله في الأرض ] ومفهوم [ المصحف القرآني ] وقصة [الرسول العربي]...في خضم الصراعات المذهبية بين الطوائف العربية ، كان ألأختلافات والتزييف الديني على أشدُّه .
فكَّر بعضهم في طريقة لتعليل وتفسير العروبة المحصَّنة لديانة ألأسلام الجديدة وأظهارها للناس على أنَّها جديدة حقا ولم تأخذ شيئا عن المسيحية ولا عن اليهود أو أي ديانة سابقة . هكذا ظهرت فكرة إختلاق عاصمة دينية [مكة ] عربية محصَّنة في قلب الصحراء وسط بيئة عذراء خالية من كُلِّ تأثير سابق . ...إختيار منطقة مكة مولدا وعاصمة للأسلام ألأول أعطى ضربة قاصمة للرواية ألأسلامية التي تدّعي أن مكة كانت موجودة منذ عهد آدم ، اول المسلمين ، ومؤسس الكعبة ثم تبعه ابراهيم وابنه اسماعيل في بنائها ، وهي اسطورة مختلقة من طرف الخلفاء .

بالطبع : المسلمون الحاليّون يقولون أنَّ ديانتهم جاءت من عند الله (نزل القران من اللوح المحفوظ) ، ولن يثقوا أبدا أنّها انبثقت من دعوة نصرانية ترتكز على فكرة الخلاص وعودة المسيح !!. إنَّها فكرة حمقاء .... ولن تدخل بسهولة في مخ كثير من العامة .
عندما زوّرَ الخلفاء العرب تاريخ الأسلام ألأول وتاريخ ألقرآن حقَّقوا هدفا شخصيا لحكمهم وسلطانهم ، في هذه المنظومة الدينية الجديدة التي أسَّسها الخلفاء العرب ، أحتل الدين مكان مركزيا في نظام الحكم ، لأنَّ الخليفة يمكن له أن يقول [ أنا أحكم باسم الله الذي أختارني ]..لا أحد له الشرعية في معارضتي . وهكذا : ديانة ألأسلام ، الجديدة ، أعطت للخلفاء سلطة إلهية رهيبة أستغلوها دون هوادة للهيمنة على كُلِّ ألأمبراطورية الشاسعة. فالخليفة كان له سلطة عظمى : هو الذي يُشرِّع في الدين ، وهو الذي يطلب من الخطاطين (الكتبة ) أن يكتبوا في مصاحف القرآن . هو الذي يوضّف لمشروعه النحوييّن والفقهاء والمحدّثين ، لأختلاق ألأحاديث والسنَّة النبوية . باختصار ، كان الخليفة هو الحاكم المطلق الذي يحكم في الدين والدنيا ، وهذا يُسمّى "الحكم الشمولي "
Totalitarism
هكذا كان الخليفة العربي يملك السلطة المطلقة لأختلاق ألأحاديث والسيرة النبوية ، ولكتابة نصوص القرآن وتعديلها على يد الفقهاء لخدمة مصالحه السياسية . ...هذا التدخل للخلفاء انتج شيئين هامين جدا :

أولا : النتيجة ألأولى لتزوير تاريخ العرب على أيدي الخلفاء ، هي أعطاء شرعية دينية وإلهية للدولة العربية التي ظهرت وبدأت تتمدَّد خارج نحو المناطق المجاورة [آسيا /أفريقيا] منذُ الحكم العباسي الذي تحالف مع الفارسيين .. ونقل العاصمة من دمشق الى بغداد.
ثانيا: النتيجة الثانية لتزوير تاريخ العرب على أيدي الخلفاء ، هي : بأختلاق ألأحاديث وتحريف القرآن . وبهذا استطاع الخلفاء أن يخدموا مصالحهم السياسية والمذهبية والشخصية ، وأن يبسطوا سلطانهم وقهرهم على الشعوب بأسم الله وشريعته وقانونه . (4)

يقول الباحث هانس أوليغ

لغاية القرن الثامن ، كانت مناطق المشرق العربي وشمال أفريقيا تخضع لدعامات مسيحية ، وإنَّ الحكام ألأمويّين وأوائل العباسيّين كانوا مسيحيّين ، وحتى بداية القرن الهجري الثاني كانت لشخصية "محمد" متماهية مع صورة "المسيح " (لقب المسيح المُمجَّد ) ، ثمَّ إنفصلت عنها في القرن الثامن ، حيث مهَّدت إمكانية لنشوء هوية عربية ارتبطت بالنبي "محمد"
بموجب النقد التاريخي فإنَّ المدوّنات التاريخية (ألأسلامية ) يُنظر لها بتحفّظ ، فقد جُمِعت في زمن أصبح فيه محمد رمزا لهوية أمبراطورية قوية ، وبما يوازي ذلك تمت صياغة شخصية ونمذجتها ، فالسمات المؤسطرة في شخصيته ، تفرض نفسها على ايّة قراءة نزيهة
لأنَّ كثيرا من المسائل التي طرحتها تلك المدّونات لم تكن ذات أهمية في ذلك العصر المحتمل لحياة النبي . فتلك المصادر نُسبت السيرة الى القرآن (المكي والمدني )

ثم يضيف: لهذا فإن شخصية النبي العربي من الناحية التاريخية تظلّ ضبابية، وبتعبير قاسي: إن تاريخيته موضع تساؤل............... لماذا لم تترك الدولة الإسلامية أية وثائق(في القرن ألأول والثاني الهجري)؟ ولماذا لم يترك خصوم العرب ورغم وجود كتَّاب بيزنطيين ويهود ومسيحيين كثر، عاشوا تحت السلطة الإسلامية (المزعومة) لماذا لم يتركوا أية وثائق؟ وهنا يشير(اوليغ) إلى أن كتّاب "البدايات المظلمة" محاولة لرسم خطوط مسار هذين القرنين ، من خلال الشواهد القليلة المؤرخة (كالمسكوكات والنقوش). ويضيف لقد تمت البرهنة على أن هذه النقوش الكتابية على المسكوكات وقبة الصخرة في القدس هي رموز مسيحولوجية تخص اللاهوت السوري.

ويختم "اوليغ" بإشارته لقراءة لكسنبرغ الآرامية للقرآن، التي حاولت البرهنة على إرتباط المباني القواعدية لعربية القرآن بقواعد السورو ـ آرامية، وكيف أن دراسته أعطت قراءة جديدة لبعض آيات القرآن، بعد أن رفعت اللبس عن أخطاء التنقيط وذلك بإرجاع الدلالة إلى الجذر اللغوي الآرامي. والجديد هو كشف لكسنبرغ لأخطاء مردها إشتراك الخط العربي والآرامي في أربعة حروف هجائية، تتشابه أو تتطابق في كتابتها (رسمها) وتختلف في نطقها (هجائها)، وأدى هذا التشابه في رسم الحروف لإلتباس المعنى أثناء نقل وكتابة المادة القرآنية بالخط العربي. ويختم قائلاً بأن المسيحية العربية قامت بتأليف كتابات وشروح وتفاسير للعهدين القديم والجديد بلغتها السورو ـ آرامية تتناسب مع رؤاها، وهذه قد نُقلت للعربية في عهد عبدالملك 705م. أو إبنه الوليد 715م. الذي جعل العربية لغة الدولة الرسمية. وإن الإشارات التي تدل على إتلاف النصوص القرآنية (المخالفة) وإبقاء النص العثماني، تعود للقرن التاسع م. وتعني إتلاف النصوص السورية الأصلية، التي سادت حتى بداية القرن الثامن الميلادي .(5)

الباحثة "باتريشا كرون "* ترفض سيرة محمد كما يرويها كتب التراث الأسلامي وتقول: أنَّ التاريخ مُظلم تماما عن بدايات ألأسلام ، وترى كرون ان قصة ألأسلام وضعت في عهد عبدالملك بن مروان كاختلاقات متأخرة وتم إعادة بناء قصة الفتوحات والخلافة كحركة من قبل عرب الحجاز الذين تأثروا بفكرة اليهود عن أرض الميعاد.... في المسكوكات التي رافقت الفاتحين العرب لم تذكر كلمة ألأسلام أو القرآن طوال ستين سنة من بعد وفاة محمد المفترضة (632م).
تضيف باتريشيا كرون فتقول :

يعترف المهغراية(العرب الهاجريّون)** *هذا بثبات دائما أن يسوع إبن مريم هو المسيح الحق الذي سيأتي والذي أخبر به ألأنبياء . ترتبط أهمية هذا المقطع بطريقة ألأعتقاد أكثر منها بالمحتوى ، فهي تمكِّننا (نحن في القرن الواحد والعشرون) من أن نرى في الأقرار القرآني الجاحد واللامبالي نوعا ما بيسوع كمسيا بقية عقيدة ، هاجرية مؤكدة بقوة في الجدل مع اليهود ....لايوجد سبب معقول يدفعنا الى الأفتراض أنَّ حاملي الهوية البدئية هذه دعوا أنفسهم "مسلمين ".(6)

صرح " محمد كاليش" *أن وجود (النبي محمد) أمر مشكوك فیه و أن علم الأنساب ھو علم لا دلیل على صحته و نشأ بعد حوالي 200 عام من ظھور الإسلام أیضا"!! فجأة ظھر تاریخ الإسلام دفعة واحدة في العصر العباسي من العدم، و ھذا یطرح أسئلة كثیرة
قد يكون محمد شخصية خرافية صنعها الخلفاء العرب تدريجيا طول القرنين الأول والثاني للهجرة .صورة محمد رسول الله تكوّنت تدريجيا وتمحورت مع تكاثر ألأحاديث النبوية المصنوعة (المخترعة) ، واخيرا وصلت صورة محمد رسول الله وصمدت في القرن الرابع الهجري ، مع تكاثر كتب الفقه والتفسير والسيرة مع مرور السنين كانت تزيد لشخصية محمد المصنَّعة اكثر تفصيلا وصلبة التي اتخذها ألآن حول محمد . فقد ذهب البعض الى القول ان شخصية محمد تم اختلاقها من العدم . فسيرة ابن اسحاق حكاية الف ليلية وليلة اسطورية . المخطوطات اليهودية والسريانية والمؤرخ سيبيوس نقلو أنَّ محمد كان قائد عسكري وديني متحالف مع مجموعة يهودية (نصارنية يهودية ) وكان يبشر بالمسيح الآتي ونهاية العالم القريب .(7)
في الجزء الثاني من مقالتنا سنأتي بالأدلة والبراهين التي تشهد على أنَّ ألأسلام الأول كان بدعة نصرانية ، على ضوء البحوث والمخطوطات والآثار والمسكوكات المكتشفة وخاصة في السنوات الخمسين الماضية .


*
وعلى رأس هؤلاء الباحثين والمستشرقين :

*ادوارد ماري كالز قبل 100 عام في كتابه "المسيح ونبيَّه "وهو كتاب على شكل اطروحة والشيء المذهل في هذه الأطروحة هي انها تعطي لأول مرة في التاريخ تفسيرا قريبا وعقلانيا لظهور ألأسلام وتمحوره ليصبح ألأسلام الحالي .

*هانس أوليغ الباحث بجامعة سارلاند بالمانيا وكتابه "البدايات المظلمة سنة 2005 " وبدايات ألأسلام سنة 2007"
*المؤرخ البريطاني روبرت هويلاند من جامعة اكسفورد وكتباهه "ألأسلام كما رآه ألآخرون "
*وهناك ايضا المؤرخ الفرنسي الديبنيمارو في كتابه "اسس الأسلام بين الكتابة والتاريخ" الذي صدر عام 2008 .
*وكتاب الباحث الفرنسي لافاننتين" السر العظيم للأسلام "
* باتريشا كرون : كتابها "الهاجرييّون"
* دان جبسن " كتابه "مكة في جغرافية القرآن "
* محمد كاليش البروفيسرو في معهد مونستر في المانيا والذي احدث ضجة في العالم الأسلامي عندما كتب عن شكوكه في تاريخية محمد رسول المسلمين ,
* كريستوفر لوكسنبيرغ في كتابه "الجذور السريانية للقرآن "


**المسيحانية : حركات متطرفة تؤمن بالقوة والحروب عبر التاريخ ، تصور المسيح يسوع كرسول محارب مُلطخ بدماء ألأعداء والنجسين .هكذا نرى أنَّ أصل فكرة المسيحانية إنبثقت من الحركة النصرانية ، فبعد سنين عديدة من التحليل ودراسة مخطوطات قمران ِ- البحر الميت – بدأ تاريخ الحركة المسيحانية يتَّضح للباحثين . وهم ألآن متأكدون أنَّها أنبثقت وتطورت في بيئة الحركة النصرانية بعد أن كانوا يعتقدون في الماضي أنَّها ولدت بين أحضان القساوسة ألأسينيّون ،

*** الهاجريون هم العرب المنحدرون من ابراهيم عبر هاجر ، واطلق عليهم ايضا اسم "أسماعيليون " او السراسينيون "
راجع باتريشا كرون في كتابها" الهاجريون ". وبموجب ابحاث "باتريشا كرون " هم الذين أتو بالأسلام ألأول "النصراني"
-----------------------------------------------------------------------
المصادر

راجع الموقع التالي
(1)
http://www.alzakera.eu/music/religon/religon-0169.htm
(2)
بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ *
آرثر جِفري / ترجمة مَالِك مِسلْمَانِي
http://www.muhammadanism.org/Arabic/book/jeffery/quest_historical_muhammad.htm

بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ
www.muhammadanism.org
بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ * آرثر جِفري / ترجمة مَالِك مِسلْمَانِي. The Quest of the Historical Muhammad


(3)
تاريخ الإسلام المبكر 14 الإسلام من دون محمد
محمد آل عيسى
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=420389

محمد آل عيسى - تاريخ الاسلام المبكر القسم الرابع
www.ahewar.org
تاريخ الاسلام المبكر القسم الرابع محمد آل عيسى الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 11:44


(4)

راجع
(محاضرة التاريخ المخفي –الأسلام الأول دعوة نصرانية الجزء 4)

(5)
راجع
مقالة نادر قريط عن كتاب "البايات المظلمة " لكارلس هاينس اوليغ
البدايات المظلمة؟ *

عنوان كتاب لكارل هاينس اوليغ من جامعة سارلاند - المانيا والذي يقود نخبة من باحثي تاريخ ألأديان من امثال غيرد بوين المدير السابق لفريق البحث للمخطوطات القرانية التي عثر عليها عام 1978 م في جامع صنعاء الكبير ، وكريستوفر لوكسمبرغ صاحب القراءة الآرامية للقرآن ، وفولكر بوب الباحث في تاريخ المسكوكات والنقوش القديمة ويهودا بيفوا ويوديت كورين وغيرهم والهدف هو البحث والتنقيب في ماضي ألأسلام المبكر .وازاحة ركام الأسطرة عن تلك الحقبة من القرن السابع ميلادي
لبدايات المظلمة للإسلام المبكر (2/1)
نادر قريط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=188455
(6)
راجع كتاب باتريشا كرون "الهاجريون"
(7)
https://www.facebook.com/permalink.php?id=263584180658649&story_fbid=482241358792929

54
الأسلام ألأول كان بدعة نصرانية ج1
نافع البرواري




الكنيسة الشرقية كانت تمتد من بلاد فارس في الشرق حتى سيناء في الغرب ومن الهضبة التركية شمالا الى اليمن وحضرموت والحجاز والنجد والخليج الفارسي جنوبا (شبه الجزيرة العربية ).
في هذه المناطق اعلاه إنتشرت المسيحية منذ القرون الأولى للمسيحية ، ولكن للأسف سادت الهرطقات والبدع التي رافقت هذا الأنتشار، كما يرافق الزيفان الحنطقة ، وكانت تلك البدع الرئيسية هي: المانوية والآريوسية والنصرانية وغيرها . ولكن سنكتشف أنَّ النصرانية هي التي ستسود في هذه المناطق التي سيتغيَّر اسمها لاحقا الى الأسلام دون تغيير في جوهر المعتقد ألنصراني ، وهذا ما سنكتشفه في الدراسات والأبحاث الحديثة التي قام بها عدّة باحثون ومستشرقون وآثاريون ومؤرخون *.

هؤلاء الباحثون ، بالأضافة الى الأكتشافات الحديثة في علم ألآثاروالمخطوطات والمختصون بدراسة النقود والعملات والمسكوكات القديمة زودونا بكم هائل من المعلومات التاريخة لنشوء الأسلام وسلطوا الأضواء من خلال ابحاثهم على الجذور النصرانية للأسلام الأول . ووصلوا الى نتيجة غاية في الأهمية ، والتي ستحدث زلزالا في العالم الأسلامي بسبب حقائق تكشف عن مدى التزوير وطمس الحقائق التاريخية من قبل المؤرخون وكتاب السيرة المحمدية بعد القرن الثاني والثالث الهجري ، اي في عهد العباسيين خاصة ، مما يتطلب إعادة النظر في كتابة التاريخ العربي والأسلامي الذي يدرّس لطلبة المدارس في العالم الأسىلامي قاطبة .

منذ اكثر من 50 عاما وفي كل انحاء بلاد الشام والرافدين (العراق) تتكاثر ألأكتشافات ألأثرية والتاريخية سنة بعد سنة . وبسبب هذه الأكتشافت الصادمة وجه المؤرخون
والأثريون ضربة مزلزلة للرواية ألأسلامية المتداولة بين العامة حول ظهور ألأسلام الأول
ديانة ألأسلام الحالية صُنعت تدريجيا بعد وفاة "محمد" بعشرات السنين ، وهي صناعة واكبت الحرب ألأهلية العربية التي استمرت منذ( 640-690) م اي منذ( 18 – 68 ) هجرية
الخلفاء العرب ألأولون كانوا قريبين جدا من المسيحيين ... بعكس ما تدَّعيه الرواية الرسمية ألأسلامية لكي تؤكِّد أنهم كانوا ضد المسيحيين وصلبانهم .
سنكتشف أدلة كثيرة على أنّ تاريخ الأسلام الرسمي هو تاريخ مزيَّف ، صنعه الخلفاء بعد عشرات بل مئات السنين بعد وفاة محمد القائد العربي المتحالف مع اليهود النصارى .

خلال 15 سنة الماضية تسارعت بحدة ألأكتشافات التاريخية حول بداية ألأسلام ... ونتائج هذه الأكتشافات هي مذهلة حقا . هنا نتيقَّن ان الرواية ألأسلامية حول ظهور ألأسلام ووحي القرآن وقصة جبريل كُلَّها قصص خيالية مصنوعة صنعا [مختلقة ] .
هذه الحقائق التاريخية ، المكتشفة حديثا ، حول ظهور ألأسلام تمكّننا من فهم ديانة ألأسلام الحالية وتطورها عبر القرون بصورة عميقة جدا ، وبصورة تتناقض كليا مع الرواية المتداولة في المجتمع حول الأسلام ..

يقول الباحث هانس أوليغ *

"إنَّ القادة الدينيين والسياسيين الذين أعقبوا محمد (رسول المسلمين) وبسبب أفكار داخلية وخارجية ، وعدم استقرار أمور الأسلام الفتي وتقديرا منهم للتفوق الفلسفي للكنيسة الهلينية الرومانية ، قرَّروا ألأنكفاء وتكذيب الماضي المسيحي(النصراني) للقرآن والأسلام ، وطمس معالمه ألأولى وبذلك حافظوا على المكتسبات وألأستقلالية الدينية السلطوية والسياسية ، مما أحدث فراغا تاريخيا تم حشوه فيما بعد ".(1)

إنّ محاضرات ريتشارد بِل أمام جامعة إدنبره ، " أصلُ الإِسْلاَمِ في بيئته المسِّيحيّة " ( لندن ، 1926 ) هي آخر مسعى من أجل تزويدنا بوجهة نظر لتأويل حياة مُحَمَّدٍ و تعاليمه . إنَّ عمل "بِل"هو مجرد دراسة تمهيديّة ؛ إذْ يعتمد كليّاً على القُرْآنِ ، و لا يأخذ بعين الاعتبار الرّواية التقليديّة أو السِّيرة ، و يرى أنّه بوسعنا من القُرْآن نفسه إيجاد المبادئ الرئيسة الّتي ستقودنا لاحقاً عبر متاهة الأحاديث . و يعتقد بِل بأنَّ الإشكاليّة تكمن في أنّه عشيّة مجيء مُحَمَّدٍ ، أصبحت الأفكار الدينيّة الجديدة تتخلّل الجزيرة العَرَبِيّة ، لحدٍ ما من جانب اليهود و بالأعم من قِبل المصادر المسِّيحيّة ، التي أتت الجزيرة العَرَبِيّة من ثلاثة اتجاهات : نزولاً من سوريا إلى شمال غرب ، من الرافدين إلى شمال شرق و من الأعلى من الأحباش عبر جنوب الجزيرة العَرَبِيّة . وأحد براهين ذلك أنّ معظم المعجم الدّينيّ مستعارٌ إمّا من الأثيوبيّة أو السّريانيّة ، و حتّى المصطلحات اليهوديّة ، و المصطلحات الدّينيّة الفارسيّة الّتي جاءت من خلال السريانية . و على هذا النحو فإن : اللّه ، القُرْآن ، الفُرْقَان ، صلوات ، جهنّم ، جنّة ، فِرْدَوْس ، زكاة ، دين ، الخ ، كلّ تلك الكلمات من هذا المنشإ ، و الشّخصيات البارزة الّتي تتحرك على مسرح القُرْآن : إبراهيم ، يونس ، موسى ، عيسى ، إدريس كلها من مصدرٍ سريانيٍّ.(2)

يقول محمد آل عيسى في مقالة بعنوان :"تاريخ ألأسلام المبكر القسم الرابع"

في ألأدبيّات غير ألأسلامية وعند الحديث عن السيطرة العربية على البلاد لم تكن أيّ اشارات ولا تتحدّث عن أيِّ إسلام بل عن غزو عربي ولم يلتفت أحد لوجود دين بإسم إلأسلام .
التفسير المحتمل كما يرى بعض الباحثين في الموضوع هو أنَّه لما كان لكل دولة أو امبراطورية دينها الخاص بها أراد العرب ان يكون لهم دينهم الخاص . فكان للبيزنطينيّين مسيحيّتهم الهللينية وللفرس زرادشتهم صار للعرب إسلامهم . ...أي أنَّ العرب الَّذين قنَّنوا النصرانية الشرقية المعادية للمسيحية الهللينية لتكون متوافقة مع اليهودية الموسوية ، أرادوا أن يكون لهم نبي ورسول, وافتقار العرب الى نبي وكتاب أسوة بغيرهم من ألأمم وباليهود ، دفعهم الى ترجمة وتأليف كتاب مُقدَّس وإختلاق سيرة لنبي لم يره أحد ولم يترك أثرا. وبما أنَّ النصرانية كانت تعتبر يسوع مجرَّد نبي رسول فقد حوَّلت صفته التي كانت تعطى تمجيدا له "محمد عبدهُ ورسوله يسوع المسيح " الى أسم علم تجسَّدت فيه شخصية صارت مع الوقت محمد بن عبدالله ومن ثم نسج حول هذه الشخصية ما نسج .... من المعروف أنَّ النصارى كانوا يسمّون المسيح عبدالله نكاية بالمسيحيين الذين يعتبرونه إبن الله ، وكان أسم "محمد" أو "محمدان" يعني المختار أو ألأفضل ، وكانت ايضا صفة تطلق على المسيح من قبل النصارى .(3)


الباحث الفرنسي " اوليف لافونتين "*:

يقول: O . Lafontaine

هناك وثائق لشهادات تاريخية تعود لحقبة 638 م تقول أنَّ العرب حلفاء النصارى عندما غزوا وأحتلوا القدس(سنة 638م) قاموا ببناء المعبد اليهودي (هيكل سليمان) هناك .لكن العرب أدركوا أيضا أنَّهم بالفعل صاروا يحكمون بلاد الشرق ألأوسط نظرا لضعف وانسحاب ألأمبراطورية الرومانية البيزنطينية والساسانية الفارسية ، وكذلك حافظوا على الطابع الديني لغزواتهم –طابع تعلّموه عن النصارى اليهود حلفائهم السابقين ، وطوَّروا هذا الطابع الديني لأنَّهم فهموا أنَّه هام جدا لحكم الشعوب كما فعل الرومان قبلهم . بالفعلأدرك العرب المقاتلون أنَّ إنتصاراتهم في فلسطين (الشام) تدُلُّ على أأنَّ الله أختارهم هم ليحقِّقوا مشروع المسيح في إستئصال الشر والظلال من العالم وترسيخ حكم الله في ألأرض . هذا بالضبط ما لقّنه النصارى للعرب ، بواسطة محمد الذي كان تلميذا قريشيا للنصارى . قائلين لهم : " نحن يهود أبناء اسحاق وأنتم عرب يهود أيضا لأنكم أبناء إبراهيم وإسماعيل – نحن العبريون وأنتم العرب نُشكّل كلنا أمّة واحدة وكُلُّنا ننتمي لشعب واحد هو [ شعب الله المختار]. هكذا بدأ التحالف العربي –اليهودي النصراني .
بعد السيطرة على القدس عام 638 م ، إنقلب العرب على حُلفائهم وأساتذتهم النصارى ، ثم قضوا عليهم ّ!!!!!. لكنهم واجهوا مشكلة جديدة ، بتصفية مُعلميهم في الدين لم يبق لهم أساس ديني يبنون عليه حُكمُهم ويعلِّلون به سيطرتهم على الشعوب كما فعل البيزنطينيّون باسم الدين . بغياب اساتذتهم النصارى [بعد القضاء عليهم] أحتار العرب ، كيف يشرحون للناس حكمه وشرعه على ألأرض ، كما علّمهم النصارى . وهنا بدأت ألأختلافات بينهم ، وتحوَّلت حربا أهلية وصراعا دمويا سُمِّيَ [الفتنى الكبرى] التي أجَّجها إغتيال الخليفة عمر بن الخطاب . فعلا : ابتداء من حوالي عام 644 م أغتيل الخليفة عمر على يد اشخاص كانوا لايعترفون بشرعية لقب الخليفة الذي اخذه للحكم باسم الله .. وهنا انفجرت أول حرب اهلية دموية بين العرب سميَّت [الفتنى الكبرى /ألأولى ] ..في خضمّ هذه الحرب ألأهلية الطاحنة ستُصنع تدريجيا مفاهيم ومبادئء ديانة [ألأسلام] الحالي .
عندما ندخل في سياق الشرح المسيحاني** لبداية ألأسلام ، كما فعلت أنا في كتابي [السر العظيم للأسلام]. فاننا نفهم أكثر وبوضوح أسباب وتاريخ الحرب ألأهلية والفتنة الدموية بين العرب الحاكمين في الشام والعراق حوالي 650 م . هذه الحروب ألأهلية الدامية بين العرب [سنة وشيعة ] لم تنقطع أبدا ،الى يومنا هذا ، لأنَّها نتيجة حتمية في كُلِّ الحركات المسيحانية، مثل الحرب ألأهلية بين الشيوعيّين البولشفيّين سنة 1917 م والفتنة أثناء الثورة الفرنسية 1789 م ، كُلِّ طائفة تختلق أدوات مذهبية وتأويلات دينية لتعليل تسلطها على الحكم وأضطهاد الآخرين باسم الله والدين .وهكذا تبلور بين العرب المتناحرين فكرة [خليفة الله في الأرض ] ومفهوم [ المصحف القرآني ] وقصة [الرسول العربي]...في خضم الصراعات المذهبية بين الطوائف العربية ، كان ألأختلافات والتزييف الديني على أشدُّه .
فكَّر بعضهم في طريقة لتعليل وتفسير العروبة المحصَّنة لديانة ألأسلام الجديدة وأظهارها للناس على أنَّها جديدة حقا ولم تأخذ شيئا عن المسيحية ولا عن اليهود أو أي ديانة سابقة . هكذا ظهرت فكرة إختلاق عاصمة دينية [مكة ] عربية محصَّنة في قلب الصحراء وسط بيئة عذراء خالية من كُلِّ تأثير سابق . ...إختيار منطقة مكة مولدا وعاصمة للأسلام ألأول أعطى ضربة قاصمة للرواية ألأسلامية التي تدّعي أن مكة كانت موجودة منذ عهد آدم ، اول المسلمين ، ومؤسس الكعبة ثم تبعه ابراهيم وابنه اسماعيل في بنائها ، وهي اسطورة مختلقة من طرف الخلفاء .

بالطبع : المسلمون الحاليّون يقولون أنَّ ديانتهم جاءت من عند الله (نزل القران من اللوح المحفوظ) ، ولن يثقوا أبدا أنّها انبثقت من دعوة نصرانية ترتكز على فكرة الخلاص وعودة المسيح !!. إنَّها فكرة حمقاء .... ولن تدخل بسهولة في مخ كثير من العامة .
عندما زوّرَ الخلفاء العرب تاريخ الأسلام ألأول وتاريخ ألقرآن حقَّقوا هدفا شخصيا لحكمهم وسلطانهم ، في هذه المنظومة الدينية الجديدة التي أسَّسها الخلفاء العرب ، أحتل الدين مكان مركزيا في نظام الحكم ، لأنَّ الخليفة يمكن له أن يقول [ أنا أحكم باسم الله الذي أختارني ]..لا أحد له الشرعية في معارضتي . وهكذا : ديانة ألأسلام ، الجديدة ، أعطت للخلفاء سلطة إلهية رهيبة أستغلوها دون هوادة للهيمنة على كُلِّ ألأمبراطورية الشاسعة. فالخليفة كان له سلطة عظمى : هو الذي يُشرِّع في الدين ، وهو الذي يطلب من الخطاطين (الكتبة ) أن يكتبوا في مصاحف القرآن . هو الذي يوضّف لمشروعه النحوييّن والفقهاء والمحدّثين ، لأختلاق ألأحاديث والسنَّة النبوية . باختصار ، كان الخليفة هو الحاكم المطلق الذي يحكم في الدين والدنيا ، وهذا يُسمّى "الحكم الشمولي "
Totalitarism
هكذا كان الخليفة العربي يملك السلطة المطلقة لأختلاق ألأحاديث والسيرة النبوية ، ولكتابة نصوص القرآن وتعديلها على يد الفقهاء لخدمة مصالحه السياسية . ...هذا التدخل للخلفاء انتج شيئين هامين جدا :

أولا : النتيجة ألأولى لتزوير تاريخ العرب على أيدي الخلفاء ، هي أعطاء شرعية دينية وإلهية للدولة العربية التي ظهرت وبدأت تتمدَّد خارج نحو المناطق المجاورة [آسيا /أفريقيا] منذُ الحكم العباسي الذي تحالف مع الفارسيين .. ونقل العاصمة من دمشق الى بغداد.
ثانيا: النتيجة الثانية لتزوير تاريخ العرب على أيدي الخلفاء ، هي : بأختلاق ألأحاديث وتحريف القرآن . وبهذا استطاع الخلفاء أن يخدموا مصالحهم السياسية والمذهبية والشخصية ، وأن يبسطوا سلطانهم وقهرهم على الشعوب بأسم الله وشريعته وقانونه . (4)

يقول الباحث هانس أوليغ

لغاية القرن الثامن ، كانت مناطق المشرق العربي وشمال أفريقيا تخضع لدعامات مسيحية ، وإنَّ الحكام ألأمويّين وأوائل العباسيّين كانوا مسيحيّين ، وحتى بداية القرن الهجري الثاني كانت لشخصية "محمد" متماهية مع صورة "المسيح " (لقب المسيح المُمجَّد ) ، ثمَّ إنفصلت عنها في القرن الثامن ، حيث مهَّدت إمكانية لنشوء هوية عربية ارتبطت بالنبي "محمد"
بموجب النقد التاريخي فإنَّ المدوّنات التاريخية (ألأسلامية ) يُنظر لها بتحفّظ ، فقد جُمِعت في زمن أصبح فيه محمد رمزا لهوية أمبراطورية قوية ، وبما يوازي ذلك تمت صياغة شخصية ونمذجتها ، فالسمات المؤسطرة في شخصيته ، تفرض نفسها على ايّة قراءة نزيهة
لأنَّ كثيرا من المسائل التي طرحتها تلك المدّونات لم تكن ذات أهمية في ذلك العصر المحتمل لحياة النبي . فتلك المصادر نُسبت السيرة الى القرآن (المكي والمدني )

ثم يضيف: لهذا فإن شخصية النبي العربي من الناحية التاريخية تظلّ ضبابية، وبتعبير قاسي: إن تاريخيته موضع تساؤل............... لماذا لم تترك الدولة الإسلامية أية وثائق(في القرن ألأول والثاني الهجري)؟ ولماذا لم يترك خصوم العرب ورغم وجود كتَّاب بيزنطيين ويهود ومسيحيين كثر، عاشوا تحت السلطة الإسلامية (المزعومة) لماذا لم يتركوا أية وثائق؟ وهنا يشير(اوليغ) إلى أن كتّاب "البدايات المظلمة" محاولة لرسم خطوط مسار هذين القرنين ، من خلال الشواهد القليلة المؤرخة (كالمسكوكات والنقوش). ويضيف لقد تمت البرهنة على أن هذه النقوش الكتابية على المسكوكات وقبة الصخرة في القدس هي رموز مسيحولوجية تخص اللاهوت السوري.

ويختم "اوليغ" بإشارته لقراءة لكسنبرغ الآرامية للقرآن، التي حاولت البرهنة على إرتباط المباني القواعدية لعربية القرآن بقواعد السورو ـ آرامية، وكيف أن دراسته أعطت قراءة جديدة لبعض آيات القرآن، بعد أن رفعت اللبس عن أخطاء التنقيط وذلك بإرجاع الدلالة إلى الجذر اللغوي الآرامي. والجديد هو كشف لكسنبرغ لأخطاء مردها إشتراك الخط العربي والآرامي في أربعة حروف هجائية، تتشابه أو تتطابق في كتابتها (رسمها) وتختلف في نطقها (هجائها)، وأدى هذا التشابه في رسم الحروف لإلتباس المعنى أثناء نقل وكتابة المادة القرآنية بالخط العربي. ويختم قائلاً بأن المسيحية العربية قامت بتأليف كتابات وشروح وتفاسير للعهدين القديم والجديد بلغتها السورو ـ آرامية تتناسب مع رؤاها، وهذه قد نُقلت للعربية في عهد عبدالملك 705م. أو إبنه الوليد 715م. الذي جعل العربية لغة الدولة الرسمية. وإن الإشارات التي تدل على إتلاف النصوص القرآنية (المخالفة) وإبقاء النص العثماني، تعود للقرن التاسع م. وتعني إتلاف النصوص السورية الأصلية، التي سادت حتى بداية القرن الثامن الميلادي .(5)

الباحثة "باتريشا كرون "* ترفض سيرة محمد كما يرويها كتب التراث الأسلامي وتقول: أنَّ التاريخ مُظلم تماما عن بدايات ألأسلام ، وترى كرون ان قصة ألأسلام وضعت في عهد عبدالملك بن مروان كاختلاقات متأخرة وتم إعادة بناء قصة الفتوحات والخلافة كحركة من قبل عرب الحجاز الذين تأثروا بفكرة اليهود عن أرض الميعاد.... في المسكوكات التي رافقت الفاتحين العرب لم تذكر كلمة ألأسلام أو القرآن طوال ستين سنة من بعد وفاة محمد المفترضة (632م).
تضيف باتريشيا كرون فتقول :

يعترف المهغراية(العرب الهاجريّون)** *هذا بثبات دائما أن يسوع إبن مريم هو المسيح الحق الذي سيأتي والذي أخبر به ألأنبياء . ترتبط أهمية هذا المقطع بطريقة ألأعتقاد أكثر منها بالمحتوى ، فهي تمكِّننا (نحن في القرن الواحد والعشرون) من أن نرى في الأقرار القرآني الجاحد واللامبالي نوعا ما بيسوع كمسيا بقية عقيدة ، هاجرية مؤكدة بقوة في الجدل مع اليهود ....لايوجد سبب معقول يدفعنا الى الأفتراض أنَّ حاملي الهوية البدئية هذه دعوا أنفسهم "مسلمين ".(6)

صرح " محمد كاليش" *أن وجود (النبي محمد) أمر مشكوك فیه و أن علم الأنساب ھو علم لا دلیل على صحته و نشأ بعد حوالي 200 عام من ظھور الإسلام أیضا"!! فجأة ظھر تاریخ الإسلام دفعة واحدة في العصر العباسي من العدم، و ھذا یطرح أسئلة كثیرة
قد يكون محمد شخصية خرافية صنعها الخلفاء العرب تدريجيا طول القرنين الأول والثاني للهجرة .صورة محمد رسول الله تكوّنت تدريجيا وتمحورت مع تكاثر ألأحاديث النبوية المصنوعة (المخترعة) ، واخيرا وصلت صورة محمد رسول الله وصمدت في القرن الرابع الهجري ، مع تكاثر كتب الفقه والتفسير والسيرة مع مرور السنين كانت تزيد لشخصية محمد المصنَّعة اكثر تفصيلا وصلبة التي اتخذها ألآن حول محمد . فقد ذهب البعض الى القول ان شخصية محمد تم اختلاقها من العدم . فسيرة ابن اسحاق حكاية الف ليلية وليلة اسطورية . المخطوطات اليهودية والسريانية والمؤرخ سيبيوس نقلو أنَّ محمد كان قائد عسكري وديني متحالف مع مجموعة يهودية (نصارنية يهودية ) وكان يبشر بالمسيح الآتي ونهاية العالم القريب .(7)
في الجزء الثاني من مقالتنا سنأتي بالأدلة والبراهين التي تشهد على أنَّ ألأسلام الأول كان بدعة نصرانية ، على ضوء البحوث والمخطوطات والآثار والمسكوكات المكتشفة وخاصة في السنوات الخمسين الماضية .


*
وعلى رأس هؤلاء الباحثين والمستشرقين :

*ادوارد ماري كالز قبل 100 عام في كتابه "المسيح ونبيَّه "وهو كتاب على شكل اطروحة والشيء المذهل في هذه الأطروحة هي انها تعطي لأول مرة في التاريخ تفسيرا قريبا وعقلانيا لظهور ألأسلام وتمحوره ليصبح ألأسلام الحالي .

*هانس أوليغ الباحث بجامعة سارلاند بالمانيا وكتابه "البدايات المظلمة سنة 2005 " وبدايات ألأسلام سنة 2007"
*المؤرخ البريطاني روبرت هويلاند من جامعة اكسفورد وكتباهه "ألأسلام كما رآه ألآخرون "
*وهناك ايضا المؤرخ الفرنسي الديبنيمارو في كتابه "اسس الأسلام بين الكتابة والتاريخ" الذي صدر عام 2008 .
*وكتاب الباحث الفرنسي لافاننتين" السر العظيم للأسلام "
* باتريشا كرون : كتابها "الهاجرييّون"
* دان جبسن " كتابه "مكة في جغرافية القرآن "
* محمد كاليش البروفيسرو في معهد مونستر في المانيا والذي احدث ضجة في العالم الأسلامي عندما كتب عن شكوكه في تاريخية محمد رسول المسلمين ,
* كريستوفر لوكسنبيرغ في كتابه "الجذور السريانية للقرآن "


**المسيحانية : حركات متطرفة تؤمن بالقوة والحروب عبر التاريخ ، تصور المسيح يسوع كرسول محارب مُلطخ بدماء ألأعداء والنجسين .هكذا نرى أنَّ أصل فكرة المسيحانية إنبثقت من الحركة النصرانية ، فبعد سنين عديدة من التحليل ودراسة مخطوطات قمران ِ- البحر الميت – بدأ تاريخ الحركة المسيحانية يتَّضح للباحثين . وهم ألآن متأكدون أنَّها أنبثقت وتطورت في بيئة الحركة النصرانية بعد أن كانوا يعتقدون في الماضي أنَّها ولدت بين أحضان القساوسة ألأسينيّون ،

*** الهاجريون هم العرب المنحدرون من ابراهيم عبر هاجر ، واطلق عليهم ايضا اسم "أسماعيليون " او السراسينيون "
راجع باتريشا كرون في كتابها" الهاجريون ". وبموجب ابحاث "باتريشا كرون " هم الذين أتو بالأسلام ألأول "النصراني"

المصادر

راجع الموقع التالي
(1)
http://www.alzakera.eu/music/religon/religon-0169.htm
(2)
بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ *
آرثر جِفري / ترجمة مَالِك مِسلْمَانِي
http://www.muhammadanism.org/Arabic/book/jeffery/quest_historical_muhammad.htm

بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ
www.muhammadanism.org
بحثاً عن مُحَمَّدٍ التَّاريِخيّ * آرثر جِفري / ترجمة مَالِك مِسلْمَانِي. The Quest of the Historical Muhammad


(3)
تاريخ الإسلام المبكر 14 الإسلام من دون محمد
محمد آل عيسى
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=420389

محمد آل عيسى - تاريخ الاسلام المبكر القسم الرابع
www.ahewar.org
تاريخ الاسلام المبكر القسم الرابع محمد آل عيسى الحوار المتمدن-العدد: 4489 - 2014 / 6 / 21 - 11:44


(4)

راجع
(محاضرة التاريخ المخفي –الأسلام الأول دعوة نصرانية الجزء 4)

(5)
راجع
مقالة نادر قريط عن كتاب "البايات المظلمة " لكارلس هاينس اوليغ
البدايات المظلمة؟ *

عنوان كتاب لكارل هاينس اوليغ من جامعة سارلاند - المانيا والذي يقود نخبة من باحثي تاريخ ألأديان من امثال غيرد بوين المدير السابق لفريق البحث للمخطوطات القرانية التي عثر عليها عام 1978 م في جامع صنعاء الكبير ، وكريستوفر لوكسمبرغ صاحب القراءة الآرامية للقرآن ، وفولكر بوب الباحث في تاريخ المسكوكات والنقوش القديمة ويهودا بيفوا ويوديت كورين وغيرهم والهدف هو البحث والتنقيب في ماضي ألأسلام المبكر .وازاحة ركام الأسطرة عن تلك الحقبة من القرن السابع ميلادي
لبدايات المظلمة للإسلام المبكر (2/1)
نادر قريط
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=188455
(6)
راجع كتاب باتريشا كرون "الهاجريون"
(7)
https://www.facebook.com/permalink.php?id=263584180658649&story_fbid=482241358792929


55
السيد الراوي المحترم
تردَّدتُ كثيرا على الرد على تعليقك على المقال وذلك لأن الرد قد يكون مضيعة للوقت وانا نادرا ما ارد على التعليقات والسبب انني اترك للقاريء هو الحكم على المواضيع المطروحة ولكن لكونك مهوّس بكتابات مقالات كثيرة للدفاع عن شهود يهوه  فأردتُ ان ارد عليك بين فترة واخرى كلما سنح لي الوقت . والقارئ سيكون هو الحكم
اقتبس من قولك:تقول
"مقال رائع جدا وحقيقة اعجبني لان فيه الحقائق ولكن فيه بعض الاخطاء الفضيعة مثلا ذكرتَ ان شهود يهوه( يهاجمون المسيح)!!."
اشكرك اولا على اعجابك بالمقال واعترافك بما ورد فيه من الحقائق  اما قولك فيه بعض الأخطاء مثلا قولك اني اتهمت شهود يوه "يهاجمون المسيح " سؤالي الك اين في المقال ذكرت ذلك أنا راجعت المقال عدة مرات للتاكد فلم اجد "يهاجمون المسيح"، فارجو ان لاتكتب كلام لم اكتبه
اقتبس من قولك
"ونحن لسنا ضد ( الكنيسة = جماعة المؤمنين ) بل نحن ضد التعاليم الباطلة التي لا تتوافق مع كلمة الله ولأي عبادة ايا كان اسمها."
اجابتي لك هو انك تناقض نفسك بنفسك  عندما تقول :"نحنُ لسنا ضد الكنيسة اي جماعة المؤمنين"  وانت تعرف جيدا أنّ الكنيسة الجامعة هي كُل الكنائس الأساسية في العالم المسيحي وهي الكنيسة التي تجمع  الكاثوليك والأرثودوكس والأنجيليين والتي تشكل اكثر من 90% من الكنائس امّا شهود يهوه التي تنتمي اليها لاتمثل الا حوالي 6- 7مليون شخص فقط فهل كنيسة المؤمنين هم شهود يهوة فقط والبقية الى الجحيم وبئس المصير كما يقول مؤسسي شهود يهوه
اقتبس من كتابك تقول:
الله لم يؤسس اي (دين = حزب ). ثم اتى المخلص يسوع ليختم الشريعة ويختصرها بوصيتين [(«‏تحب يهوه إلهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل عقلك) و («‏تحب قريبك كنفسك»).‏ متى ٢٢:‏٣٧-‏٤٠‏)]. وبدوره ‏ لم يؤسس اي دين. بل يسوع نزل من السماء لتكميل العبادة بذبيحته الفدائية
جواب على قولك ان الله لم يؤسس دين الذي هو حزب .
كلامك صحيح انَّ المسيحية ليست دين بمعنى أنا مُدين لله وعليّ ان امارس حسنات لكي امحو سيئاتي ، ولكن المسيحية هي ايمان بشخص الله الثالوث (الأب والأبن والروح القدس ) وألأيمان ان الأبن اخذ صورتنا وتجسد فنحن نؤمن بيسوع المسيح الذي فدانا بدمه وعرفنا الله من خلاله ،امّا الطقوس والشعائر الدينية هي وسائل للتقرب الى الله اما جوهر ايماننا هو الخلاص بالنعمة .
وتقول في وصية الرب يسوع ان تحب الله وتحب قريبك .السؤال هل شهود يهوه يحبون الآخرين المختلفين عنهم في فهمهم للكتاب المقدس ؟اقول بكل تأكيد ان شهود يهوه يكرهون العالم جميعا عدا جماعتهم والدليل ما جاء في مقالي نقلا عن المؤسس الفعلي  لشهود يهوه وهو جوزيف رذرفورد اذ يقول
 :" ""قادة عميان ، حيّات ماكرة ، رجالٌ أغبياء ، أفاعٍ سامة ، مُخادعون كذَّابون ، مُرَّاؤون خبثاء ، قبور مكلَّسة ، مليئة بعظام الموتى" ".
بينما المسيح يقول لك ولي :"أحبّوا أعدائكم ...  من غضب على أخيه استوجب حُكم القاضي ........لاتقاوموا من يسئُ اليكم ..الخ  فأين انتم من كلام المسيح ؟

اقتبس من قولك :
" مع ذلك ليس العيب في (استنساخك الممتاز)، بل اعتقد انك لم تقرأه انت بنفسك اولا!!. ولهذا اعاتبك لوجود بعض الحقائق لم تذكرها وهي ( الايات المقدسة من كلمة الله ) فعندما تستنسخ احدى عشرة نقطة من ( 1ــــــ 11) ما يؤمن به شهود يهوه، عليك درج الايات التي اعتمد عليها شهود يهوه في نقاطك ( 1 ـــــ 11).
الأجابة على  تعليقك من انني استنسخت المقال ولم اقرأ !!!
هل قصدك انني استنسخت ُ المقال من الكتاب ونزلته كمقال؟  اجيب على قولك نعم انا كتبت جزء من المقال كما جاء في مقدمة كتاب "الكنيسة الكاثوليكية والبدع" وأنا اشرت في بداية السطر الأول من المقال ولم اغش القارئ اذ كتبتُ مايلي :" جاء في مقدمة كتاب "الكنيسة الكاثوليكية والبدع"...الخ
وهكذا اشرت الى المصادر التي اقتبستُ منها المقال . فارجو منك ان تقرأ المقال مرة ثانية ولاتتورط  في هكذا تهم كاذبة ، هذا اولا وثانيا هو كيف عرفت انني لم اقرأ الكتاب الذي اقتبستُ منه المقال هل انت فتاح فال ؟.
" في المقالات التالية سنتعرف على من هم  شهود يهوه ؟، ولماذا اطلقوا على انفسهم هذا الأسم ؟ ، ومن هم مؤسسيهم وتنظيمهم ؟ وما هي تعاليمهم ؟ واخيرا كيفية وطريقة مواجهتهم ؟. تابعونا" فارجو ان تكون دقيقا في كلامك وتعرف اسلوب الكتابة عن اي موضوع هو ان تضع مقدمة قبل الدخول في التفاصيل وهذا ما قمت به ، وهذا اسلوبي في الكثير من المقالات التي كتبتها .
اقتبس مما جاء في ردك
عليك درج الايات التي اعتمد عليها شهود يهوه في نقاطك ( 1 ـــــ 11). ولماذا شهود يهوه يدعونها او يقولونها او يطبقونها؟.فنحن كشهود يهوه اذكر لك نقطة من ( نقاطك الاحدى عشرة تقول (9 – إنَّ الشيطان هو إله هذا العالم ، وإنَّ قادة ألأمم والزعماء هم نوّابه على ألأرض " من فضلكم اقرأوا ‏يوحنا ١٤:‏٣٠؛‏ ٢ كورنثوس ٤:‏٤‏. هل الشيطان هو اله العالم ام لا؟ نحن نقول اله النظام العالمي)‏.
الرد على كلامك
عدم ذكري للأيات هو لأن المقال ليس مناقشة والرد على شهود يهوه كما اشرت اعلاه  بل كان المقال كمقدمة للمقالات اللاحقة واني ذكرت خلاصة ما يؤمن به شهود يهوه كمقدمة قبل الدخول في الرد على هذه البدعة .أما قولك ان الشيطان هو اله هذا العالم  ، نعم الشيطان هو اله الذين لايؤمنون بالمسيح كونه ابن الله وفادي البشرية ومنهم شهود يهوه اما قولك ان الشيطان يحكم قادة ألأمم والزعماء هم نوّابه على ألأرض !! هذا الكلام لايوجد في الكتاب المقدس وانا اقتبس من 2كورنثوس 4 :4 يقول الرسول بولس
"عن غير المؤمنين الذين أعمى اله هذا العالم بصائرهم حتى لايُشاهدوا النور الذي يضيء لهم ، نور البشارة بمجد المسيح الذي هو صورة الله ". فهل كُلِّ الزعماء وكُلِّ قادة الأمم هم نوّاب الشيطان على ألأرض؟ يارجل هذا كلام خطير .انت تُدين العالم اجمع كأنَّه من الشيطان الا شهود يهوه او بالأحرى 144000 فقط والباقي الى الهلاك !!!!
اقتباس من كلامك
 وارجو ان تذكر لماذا يطبقون ( 1 ـــ 11 ). وكل النقاط صحيحة ولكن تنقصها الايات التي ترافقها!!. وهذا ادعوه (خداع المؤمنين). والان هل عرفت لماذا الاديان ليست من تاسيس الله وهي من تاسيس الشيطان؟. فان كانت من الله، فجميعها صالحة و(كل الطرق تؤدي الى الجنة، كما كل الطرق تؤدي الى روما).ولا يهمك يقال ( ناقل الكذب ليس بكاذب ).
الجواب على كلامك
تقول: ارجو ان تذكر لماذا يطبقون (1-11)؟ جوابي هو المفروض انت تجاوب على هذه الأتهامات لشهود يهوه وليس انا  وانت نفسك ذكرت في احد ردودك انك تحتاج اسبوع للرد على المقال وانا اعطيك شهر للرد على ما جاء في المقال .
أمّا قولك ان كُلِّ الأديان من الشيطان فهذا تعميم يجب ان لاتُدين لكي لاتُدان كما يقول المسيح فمن انت لكي تصبح قاضي وحاكم لجميع الديانات عدى شهود يهوه والا اعطيني من مجموع 7 مليار انسان على الكره الأرضي عدى شهود يهوه هم المخلّصون  حسب اعتقادكم ؟

56
من العراق الى لبنان " الشعب يريد اسقاط النظام "   
نافع البرواري
في اليوم السابع من تظاهرات الشعب اللبناني الذي بدأ مساء يوم الخميس المصادف 17-10-2019 ولازال مستمرا لغاية كتابة هذا المقال ، وسقف المطالب تزداد بازدياد السيل الهادر للمتظاهرين الذي وصل عددهم بحسب بعض التقديرات بين مليون الى مليون ونصف مليون متظاهر.
اليوم طفح الكيل وانفجرالبركان وخرج مئات الآلالف من المواطنين وخاصة الشباب ،في لبنان وقبله العراق، رافعين اعلام وطنهم ورافعين سقف مطاليبهم باسقاط هذه الأنظمة الفاسدة ، التي كما يقول المتظاهرون  في لبنان:"طلعَت ريحتهم".
اليوم وكما يقول احد الخبراء انهار "السقف المقدس" على الأحزاب ألأسلامية الطائفية ، وحراس المعبد  وانكسر حاجز الخوف ووعت الشعوب انّ هؤلاء المعممين وأمراء الطوائف ليسوا الا لصوصا ومافيات وشُلّة من المتاجرين بدماء هذه الشعوب ، ونهب خيرات وموارد بلدانهم.
اليوم قرّر اللبنانيّون والعراقيّون بكافة اطيافهم، أنّه لم يعد هناك شيء يخسروه لأنّهم فقدوا كُلّ شيء ، فقدوا حُرِّيتهم ،وكرامتهم ، و فقدوا أبنائهم  ، وعملهم ، ومستقبل اطفالهم ، وحتى ابسط شروط الحياة ماعاد الكثيرون يحصلون عليه . الحراك الشعبي في مدن لبنان والعراق يطالب استرداد حُرّيتهم و كرامتهم وحقوقهم المهدورة والقصاص من الفاسدين واللصوص والحرامية والمتاجرين بالطائفية والمذهبية ومحاكمة كُل سياسي شارك في الحكومة عبر سنوات من حكم المحاصصة الطائفية والمذهبية ، ووضع حد للميليشيات المأجورة والتي اصبحت أدوات  بيد نظام الملالي في طهران ، والذين شكّلوا دويلة داخل دولة ، لابل سيطرت هذه الميليشيات على القرارات السياسية والأقتصادية والعسكرية في العراق ولبنان .
الشيء المشترك بين النظام في العراق ولبنان هو، سلاح الميليشيات خارج الشرعية ، والفساد ، وبكلِّ أنواعه  أصبح علنا ، والوظائف أصبحت على المحسوبيات المناطقية والحزبية والطائفية والمذهبية ، بشكل فاضح ، وألشعب ملَّ من التعاطي أللاأخلاقي لهؤلاء الفاسدين . هكذا نزلوا الى الشارع بردِ مزلزل .
اخر المطاليب التي اجمع عليها المتظاهرون في مدن لبنان ، (وهي نفس مطاليب العراقيين)  ويمكن تلخيصها :
1 – استقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية
2 – إنتخابات نيابية مبكِّرة
3- استعادة واسترداد كُلِّ ألأموال المنهوبة من قبل الفاسدين في الدولة اللبنانية وخاصة المسؤولين في الحكومة الحالية .
4 – كشف الحسابات المصرفية لأموال السياسيين والمسؤولين في الحكومة  في داخل لبنان وخارجها .
5 – محاسبة الفاسدين وسارقي اموال الشعب .
إذن من يتابع الحراك الشعبي للمتظاهرين سواء في لبنان أو العراق سيعرف أن الهتاف الرئيسي والمطلب الأساسي للجماهيرالمحتجّة في البلدين هو واحد "الشعب يريد اسقاط النظام " ،لأن الشعب فقد ثقته بهذه الحكومات المتعاقبة التي أُسسّت على نظام المخاصصة الطائفية والقبلية والعائلية  .
لنأخذ بعض النماذج لأاقوال المتظاهرين بمختلف فئات اعمارهم لنفهم سبب او اسباب خروجهم للتظاهر :
يقول أحد الشباب المتظاهرين :" منذُ نهاية الحرب ألأهلية اللبنانية يحكم البلاد العديد من الزعماء الطائفيين (امراء الطائفيين ) واثبتت الأيام انهم فاسدين وليس لديهم كفاءة . هناك 1% يحكمون 99% واستطاعوا ان يسرقوا كُلِّ مالدينا الحكومة منذ عام اعلنت حالة الطوارئ ألأقتصادية  . "
يقول متظاهر اخر:"نريد انتنخابات جديدة وبرلمان جديد، ونريد خروج هؤلاء اللصوص ".
تقول احدا السيدات :"كبينا طائفيَّتنا ، كبيّنا مذاهبنا ، لبنان وبس "
في خطاب للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله نقتطف اجزاء من اقواله :
"نحن حزبٌ كبير وحركتنا ليست بسيطة ونحن إذا نزلنا الى الشارع هذا ليس قرارا صغيرا (اي قرار خطيروكبير) يعني انَّ البلد كُلُّه يسير في مسار مختلف "
وبعصبية وبصوت تهديد مبطِن اضاف قائلا:
".انشاء الله ما ييجي وقته (اي وقت النزول الى الشارع) ، ولكن إذا جاء وقته ستجدوننا جميعا في الشارع في كُلِّ المناطق وبقوّة !!!! ونُغيّر !!! كُلِّ المعادلات!!!"...انزلوا وتظاهروا ولكن بشرط ،لأ أحد يحّل الحكومة ولا مجلس النواب ، فالحكومة تبقى موجودة ولا أحد يُغيُّرها !!!!وإذا الحكومة قرّرت تمشي [تستقيل] فسوف تُحاكم .
تعليقا على خطاب نصرالله يقول احد المتظاهرين :" احبُّ أن أقول للسيد حسن  نصرالله نحنُ كُلُّنا معك ولكن في خطاب اليوم بطَّلنا أن نكون معك!!
 نحنُ جايين نطالب بحقنا وأنت تقول أنَّ حقّنا مشروع في المظاهرات. أنا اريد أن أقول للسيد إذا أنا ما نزلتُ للمظاهرة فهل تُطعمني؟ ، بتحاكمني؟ أريد منك الحلول . أنا من حقي اتظاهر."
ويناشد هذا المواطن حسن نصرالله ان ينزل مع الجماهير المتظاهرة وكذلك يدعو الجماهير في الضاحية الجنوبية من بيروت (الغالبية الشيعية) للألتحاق بالجماهير المتظاهرة . وفعلا بعد خطاب حسن نصرالله نزلت حشود من المتظاهرين الشيعة في شوارع صور وصيدا ومن الضاحية الجنوبية ذات ألأغلبية الشيعية  .
خطاب حسن نصرالله كعادته خطاب متشنج وخطاب تهديد ووعيد مبطن . انّه خطاب المفلسين الذين لايستطيعون مواجهة الحقائق على ألأرض فيلجأؤون الى قوّة التهديد والوعيد وسحق وترهيب وترويع شعوبهم . إنّه خطاب الأحزاب الأسلامية ، سواء الشيعية أوالسنية ذات ألأنظمة الشمولية الثورية الدكتاتورية القمعية الأستبدادية ، التي تؤمن أنّ الشعوب يجب ان تطيع الخليفة طاعة عمياء(سمعا وطاعة يامولاي).ولكن لحظة لحظة ّيا سيد نصراللهَ!!! بايِّ سلطة تهدد الشعب هل باوامر من ولي الفقيه ام باوامر الحكومة أللبنانية ؟؟ هل أنت الحاكم الفعلي للشعب اللبناني لكي تخاطبه بهذا الخطاب التهديدي المبطن؟
ألأجابة نعم أنت الحاكم الفعلي التابع لولاية الفقيه في ايران وتحكم لبنان فعليا وواقعيا ، وكُلُّ من يقول عكس هذا فهو على وهم .
و كما يتسائل احد اللبنانيين :"من يسيطرعلى المطارات الشرعية وغيرالشرعية ؟
من يُدخل السلاح الى الدولة اللبنانية بطريقة غير شرعية ؟
من يزرع المخدَّرات في طرابلس وبيروت وكُلِّ المناطق ؟
من الذي اورط لبنان بحرب مع اسرائيل والتي كان نتائجها دمارثلاثة اربعاع لبنان؟.
من الذي أدخل لبنان للوقوف مع نظام ألأسد لضرب شعبه ؟
من الذي يفرض ما يريده على القضاء؟
من المطلوب والمتهم من قبل القضاء الدولي لقتله مسؤولين في لبنان ؟
من اغتال الوزراء والشخصيات السنية والمسيحية والدرزية ؟
من الذي قال أنا جندي في جيش ولاية الفقيه في ايران ؟
أليست ميليشيات حزب الله الذي يقودها السيد حسن نصرالله ، هي المتهمة في كُلّ هذه الجرائم ؟
مشكلة لبنان (والعراق ) الحقيقية ، قبل الفساد ، هو سلاح الميليشيات ، السلاح الخارج من الشرعية  لأنَّه كيف تُحاسب رجل فاسد وهو يحمل السلاح ويهدّدكَ ؟
هكذا اصبح العراق ولبنان تقودهما ميليشيات تخضع وتتبع المرشد الأعلى للثورة الأسلامية في ايران والتي اصبحت هي المسيطرة الفعليةعلى القرار السياسي والأقتصادي والعسكري في البلدين  .
السؤال الأهم ماذا سيحمل لنا المستقبل؟
رأيي انَّ المستقبل القريب لن يكون هناك لهذه الأنظمة الفاسدة سوى ثلاثة خيارات :
1- الهروب واللجوء في احضان سادتهم سواء في ايران ، كما هربت داعش في احضان اردوغان التركي قبلهم ، الى ان يأتي دور هاتين الدولتين اللتان  اصبحتا دولتين دكتاتورييتين تحلمان  باعادة الخلافة الأسلامية سواء الشيعية برئاسة ولاية الفقيه او السنية بولاية الخليفة العثماني ، وألأثنان كانا ولا يزالا يتاجران بدماء العرب والمسلمون بتجارة مربحة هي الطائفيه وشعار الحرب على امريكا واسرائيل . ولكن الحقيقة ، يجب ان يعرفها كُلِّ عربي هي ان ايران تريد احياء الأمبراطورية الفارسية القومية  واحتلال الدول العربية وهكذا تركيا تريد احياء الخلافة العثمانية السنية واحتلال الدول العربية التي تحررت بعد الحرب العالمية الأولى . هذا ما سيحدث لامحالة إن لم ينتبه العرب سواء السنة او الشيعة ويخرجوا مع المتظاهرين في العراق ولبنان ويكون شعارهم اسقاط هذه الأنظمة الفاسدة ولايقبلوا بالحلول الترقيعية ، بل بنظام علماني بعيد عن المحاصصة الطائفية والمذهبية والقومية بل يعتمد على الوطنية ، ودستور يستمد بنوده على حقوق الأنسان  .
2-  هناك تخوف من أن تقوم الأنظمة الحاكمة ،سواء في العراق او في لبنان ، بقمع المتظاهرين ،كما جرى في العراق ، وقد نشهد مشاهد دموية خاصة في إنتفاضة العراقيين المقرر يوم 25 من هذا الشهر ، لأنَّ الحكومة الحالية مسيّرة من قبل ميليشيات ارهابية ، وقد تتحول العراق ولبنان الى مشاهد اكثر دموية مما حدث قبل ايام في العراق.وهذا ما نلمسه من خلال تعبئة العناصر للأحزاب السياسية الحاكمة لمواجهة المتظاهرين وقمعها بالنار والحديد ، والتستر على جرائمهم بقمع الوسائل الأعلامية وقطر الأنترنت ووسائل الأتصال كما حدث سابقا في العراق .
إذا تجرأت هذه الأنظمة القمعية بقمع اصوات الملايين من المتظاهرين وتم سحقهم  ، سيعني ذلك  إنقطاع العلاقة  بين الشعب وهذه الأنظمة وسوف تكون هناك هوّة سحيقة تفصل بين النظام والشعب وسيعيش الخونة الفاسدين في رعب وكوابيس خوفا من الثورة والأنقضاض على كُل الذين باعوا وطنهم للأجنبي وعاثوا فسادا في الأرض .
3- هناك احتمال ثالث وهوما تتقنهُ ألأحزاب الأسلامية بشكل رهيب وهو ركوب الثورة ، كما حدث في تونس ومصر والسودان ، وهذا مانخشاه ُ ونحذّر المتظاهرين بأن يكونوا قد تعلّموا واختبروا هذه الخطة الشيطانية لكي يكونوا واعين بتجنب التعامل مع هذه الأحزاب الفاسدة  التي اثبتت الأحداث انهم غيروا اتجاه الثورات والأنتفاضات للشعوب العربية ، وذلك لأن هذه الأحزاب هي اكثر تنظيما ومجهّزة باكثر الوسائل الأعلامية والمالية ، وهي أكثر خبرة بسياسية الترهيب والترغيب التي مارستها عبر العصور . لهذا ننبه الجماهير بان يكونوا اكثر وعيا ودراية بخطط هؤلاء الذين يركبون الثورات .
في النهاية لابد ان تنتصر الشعوب وتزيح هذه ألأنظمة المجرمة الفاسدة ، لأن كُل من يقرأ التاريخ القريب والبعيد سيفهم ما أعنيه .
                              " وإنَّ غدٍ لناظره قريب" 


57

الأخ سلام الراوي
تحياتي
شكرا على مداخلتك وتقييمك للمقال وارجو ان تعلق على مقالتي بعنوان "بدعة شهود يهوه"المنشورة في موقع "المقالات الدينية "
بخصوص حديث رسول المسلمين "ألأسلام يهدم ماقبله"
اقتبس من قولك

يقول جواد علي: إنَّ جميع الخلفاء المسلمين طمّروا كُلِّ ما يخص المسيحية بسبب سوء فهم حديث النبي : " أنّ ألأسلام "يهدم ما قبله " والأصح هو: " ألأسلام يَجُبُّ ما قبله "
. استاذ نافع لا اتفق معك ولا مع جواد علي. لان التاريخ يشهد من بداية الاسلام: فبعد انتصار المسلمين على القريشيين والوثنيين كما هو منقوش في صدور المسلمين ايام فتح مكة ابتدأ المسلمون بحرق وتدمير كل ما كان تاريخي للوثنيين واستولوا على الذهب والفضة وحرق وتلاف الباقي.وزحفت المسلمون المنظمون وفي عهد محمد نحو اليهود والمسيحيين والصابئة المندائيين واجبروا ضمنيا ان يعتنقوا الاسلام والا سيعيشوا كعبيد ويدفعون الجزية (وهم صاغرون).
انتهى الأقتباس
اخي سلام اولا :انا لم اقل ان "الأسلام لم يأمر بهدم ما قبله" بموجب حديث الرسول سواء كان صح ام خطأ ولكن انا انقل ما قاله جواد علي وليس ما قلته انا .حيث يريد جواد علي ان يصحح ما فهمه المسلمين خطأ من حديث محمد ، سواء كان جواد على صح ام خطأ
ثانيا: الخلفاء المسلمون طبقوا هذا الحديث اي "ألأسلام يامر بهدم ما قبله" ولم يطبقوا كلام جواد علي وهذا يؤكد على ان زعم جواد علي  باطل والدليل ان المسلمين قضوا على الحضارات السابقة لهم ودمروا المدن والكنائس والآثار وحاولوا القضاء على الديانات ألأخرى مثل المسيحية والهندوسية واليهودية ...الخ
تحياتي

58
عزيزي وردا اسحاق
نعم كانت الكعبه وبإعتراف المسلمين تظم 360 صنم لمختلف القبائل العربية الذين كانوا يجون اليها وحتى النصارى كانت لهم صور لمريم العذراء وهي حاملة في حضنها يسوع المسيح  وعندما دخل محمد الكعبة ليهدم الأصنام وضع يده على صورة مريم وقال اهدموا كل الأصنام عدا هذه الصورة
نعم جاء الأسلام وقضى على الحريات الدينية وقال محمد قوله المشهور:"لايجتمع دينان في الجزيرة العربية " وهكذا تم محو المسيحية في الجزيرة العربية وخاصة في عهد عمر بن الخطاب ، حيث كان حوالي 45 من اكبر القبائل العربية كانوا نصارى
اليوم ايضا لاتسمح السعودية وبعض دول الخليج في التنقيب عن الآثار التي تؤكد كون الخليج العربي واليمن والجزيرة العربية كان فيها كنائس وديرة وخاصة في اليمن ونجران وقطر والبحرين وعمان والكويت بالأضافة الى العراق اليوم التي يتم اكتشاف عشرات الكنائس والأديرة خاصة في كربلاء والنجف واكبر مقبرة مسيحية اضن في النجف
الخلفاء المسلمين الذين اتوا بعد محمد زوروا التاريخ وحرقوا القرآن وقاموا باضافة ومسح وزيادة في هذا الكتاب . كما لاننسى الأبحاث الجدية تؤكد ان الأسلام عندما دخل الى المدائن عاصمة الفرس كانوا غالبية الفرس ومنهم يزدجرت الثالث مسيحي اي منذ كسرى الثاني سيطرت المسيحية على غالبية الأمبراطورية الفارسية وهكذا الأمبراطورية البيزنطينية
وهذا موضوع اخر سنتطرق اليه في مقالاتنا التالية ان شاء الرب
تحياتي

59
بِدعة شُهود يَهوه
نافع شابو البرواري
المقدمة
جاء في مقدمة كتاب "الكنيسة الكاثوليكية والبدع" :
"قادة عميان ، حيّات ماكرة ، رجالٌ أغبياء ، أفاعٍ سامة ، مُخادعون كذَّابون ، مُرَّاؤون خبثاء ، قبور مكلَّسة ، مليئة بعظام الموتى ".
بهذه الكلمات وصف القاضي جوزف رذرفورد " 
 ، Joseph Rutherford     
المؤسس الفعلي لشهود يهوه ، رجال الدين المسيحيين ، في كتابه "أعداء" .
 . وعلى منواله نسج أتباعه وأتباع تشارلز تاز رسل Enemies
 Charles Taze Russell 
الشاب ألآتي من المذهب المشيخي (البروسبيتاري) ، ومن جمعيّة الشُبّان السبتييّن ، الذي سبقه في الدعوة ، والذي كان يعتبر نفسه ، "المُلهم الوحيد " ، و"المرسل من الله " ، و"العبد ألأمين الحكيم الذي أقامه سيّده على جميع أمواله" ، و"أنَّ الله يوجِّهه في أحكامه"، على الرغم من أنّ المحكمة حكمت عليه في تشرين الأول سنة 1911 بأنَّ "مسلكه ينُمُّ عن أنانية مستبدة وأدعاع فارغ"، وفي 19 كانون الثاني سنة 1913 "بالأحتيال وبالثروة غير المشروعة " . ولم يكن مسلك رذرفورد ،"الملهم المتسلّط" ، كما قيل فيه ، أفضل من مسلك "رسل" لأنَّه سُجنَ وحوكم بتهمة الخيانة لبثه روح التمرد في صفوف القوّات البحرية ألأمريكية ، والمعروف ايضا بنبوءاته الكاذبة وبعنفه ضد الكنيسة ، لاسيّما ضدَّ رجال ألأكليروس. وكذلك مسلك ناثان هومر كنور
   Nathan Homer knorr
الذي في عهده تنبأ (فريدريك فرانس) أنّه "ستنتهي 6 آلاف سنة لخلق ألأنسان في السنة 1975 .وفترة ألألف السنة السابعة لتاريخ ألأنسان ستبدأ في خريف 1975 ، فشجَّع "ألأخوة على بيع ممتلكاتهم وبيوتهم لقضاء الوقت القصير المتبقي قبل نهاية العالم المشؤوم". ومسلك فريدريك فرنز الذي كشف زيفه وزيف شهود يهوه ابن أخيه ريموند فرنز في كتابه الشهير "أزمة ضمير " ، ومسلك الكثيرين من أبناء هذه البدعة اللذين لايتركون مناسبة الاّ ويهاجمون المسيح وكنيسته ، كما الديانات الأخرى والدول ، بكل ما أُعطوا من سفاهة في اللسان . وإليك ، ياقارئي العزيز ، نموذجا من أقوالهم لتكون على بينة من تعاليم هؤلاء المتسلّلين الى بيوت المؤمنين ليقتنصوا الأبرياء بخداعهم ، وهم ذئاب خاطفة في ثياب حملان ، مستغلين الضعيف في إيمانه ، والمعوز في حياته ، والمحبط في عائلته ، والمعترض على كُلِّ قوانين الحياة ألأجتماعية .
يقولون :
1 – "إنَّ الأديان ،جميعها ، من الشيطان " [راجع فرح كل الشعب ، ص 16]
2 – "ألأديان مؤسَّسة على ألأكاذيب " [ الحماية ، ص 14]
3 -  "ولأنَّ ألأديان من الشيطان ، فجميع ما أتت به تعاليم ليست هي كلام الله "[ الحق يُحرِّركم ، ص 23]
4 – " ليست ألهيئات الدينية إلاّ تماثيل من صنع البشر ، وستهوي كُلَّها مع سائر التماثيل والعبادات الى هوّة ألأنقراض "[ليكن الله  صادقا ، ص171]
5 – "إنَّ المرأة الزانية ترمز الى نسل الشيطان الذي هو الدين المُنظّم "[ الحق حرّركم ، ص 348]
6 – "ألأديان هي كرائحة اللحم الفاسد في شمس حارة "[من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود ، ص 46، 165]
7- "رجال الدين آلة في يد الشيطان الخنّاس " [المصالحة ، ص 108]
8 – "العالم بأسره هو هيئة إبليس "[الخليقة ، ص 279]
9 –" إنَّ الشيطان هو إله هذا العالم ، وإنَّ قادة ألأمم والزعماء هم نوّابه على ألأرض "[ النصر المُكرِّس لمجد يهوه ص7]
10 – "إنَّ شخصا ذكيّا وغير منظور يسيطر على الناس وألأمم على السواء وهو الشيطان إبليس "[من يحكم العالم حقا؟ ، ص 3]
11 – " إنَّ لهيئة الشيطان ثلاثة عناصر منفصلة وممتازة هي الديني والتجاري والسياسي" [الغنى ،ص239].
هذا النموذج يكفيك ياقارئي لكي تعي مَن هم هؤلاء المتسكّعون على أبوابنا .
يدَّعون أنَّهم مسيحيّون ، ولكن المسيح ، في نظرهم ، ليس الله وليس إبن الله ، وليس ألأقنوم الثاني من الثالوث الذي تجسَّد ليفدي البشر.
يدّعون أنَّهم يُبشُّرون بالملكوت ، ولكنَّ ملكوتهم هو ملكوت ماديّ ، ملكوت أكل وشرب وسعادة ماديّة ، وليس ملكوت الروّح .
يدَّعون أنَّهم يُبشّرون بالسلام الحقيقيّ، ولكن كم فرَّق سلامهم الرجل عن إمرأته والمرأة عن رجلها .
يدَّعون أنَّهم يُحافظون بتعاليمهم على حياة البشر ، ولكنهم يمنعون المريض ، الذيّ هو بحاجة الى دم من أن ينقل إليهِ وهذا هو ألأنتحار والجريمة الكبرى ضدَّ ألأنسانية .
شهود يهوه : شيعة تأسست في الولايات المتحدة سنة 1874 فارتبطت بخط التفكير ألألفي الذي يتطلع الى مُلك للمسيح يدوم ألف سنة . وارتبطت بالحركة السبتية التي تعتبر أنَّ مجيء المسيح صار قريبا . شيعة أصوليَّة ترتكز على عصمة الكُتب المقدَّسة يقرأونها بشكل حرفيّ ويطبقونها دون أن يحاولوا أن يكيّفوا نداءها مع ألأطار الذي يعيشون فيه .
 شيعة ترافقت مع السبتية فرفضت خلود النفس ، وأحلَّت محل جهنم تدمير ألأشرار . بل سيكون شهود يهوة أكثر جذريّة من السبتيين حين يرفضون التعليم التقليدي عن الثالوث ويعتقدون أنّ الشيطان جعل "المسيحية الرسميّة" تنسى إسم الله .
 شيعة ترفض تحيّة العلم ، كما ترفض ألأنخراط في الجندية ، لأنّ أتباعها يعتبرون أنّهم ينتمون الى ملكوت الله، ويرون أن يعيشوا على الحياة داخل العالم .
شيعة ترفض نقل الدم من إنسان الى إنسان ، مهما كان خطر الموت مهدّدا ، لأنَّ الدم ، كما يقولون ، هو مركز الحياة . هذا مع العلم أنّهم يفترقون عن السبتيين الذين يعتبرون بعض المأكلولات مُحرَّمة على ما نجد في العالم اليهوديّ أو في ديانات أخرى .
شيعة تعد اليوم أكثر من 6 مليون في العالم متوزّعين على أكثر من مئتي بلد . ترى أفرادها يمرّرون من بيت الى بيت يحملون الكتب والمجلات يعرضونها على الناس ويحدّثونهم عن الحياة ألأبدية . إنَّهم مشدودون الى اليوم ألأخير ، يوم الدينونة . ويتطلعون – أو بالأحرى يعظون – الى نهاية العالم القريبة فيملأون قلوب الناس رعبا .
شيعة ترفض الثالوث ألأقدس ، وترفض ألوهية المسيح وقيامته بالجسد ، ويرفضون بتولية العذراء وأمومتها لله.
شيعة ترفض شفاعة القديسيّين وتكريمهم ، ويحاربون ألأيقونات والذخائر .
شيعة ترفض معمودية الأطفال ، وأن ألعماذ يجب ان يكون بالغطس .
شيعة ترفض ألأسرار المقدسة ، ويرفضون الكنيسة ورجالها ، ويعتبروهم خُدّام إبليس .
شيعة تنكر خلود النفس والجهنَّم والعذاب ألأبدي .
شيعة ترفض الحكومات ويعتبرونها من صنع إبليس وتحت أمرته ، ويرفضون خدمة العلم .
شيعة يبشِّرون بحرب هرمجدون التي يقودها الله في نهاية ألأزمنة لتدمير الكنائس والحكومات وخصوصا الذين يقاومون شهود يهوه، 
شيعة يبشرون  بفردوس أرضي ، بأشراف حكومة تيوقراطية ، فيه جميع ملذّات الحياة من مأكل وملبس ومشرب .
شيعة يبشّرون بقيامتين : واحدة رجاؤها أرضي (اي أفرادها يعيشون في الفردوس ألأرضي) ، والثانية رجاؤها سماوي (فقط 144000) الذين سملكون مع المسيح في المسيح في حكومته التيوقراطية التي ستدير شؤون الفردوس الأرضي
الخلاصة

شهود يهوه ينكرون إذاً أسس الإيمان الثلاثة في الكنيسة: الثالوث الأقدس والتجسّد والفداء (ينكر الشهود قيامة المسيح بالجسد وبالتالي سر الفداء)
وفي الواقع، إن اعتراضهم على الثالوث الأقدس، هو اعتراض ونفي لألوهيّة الابن والروح القدس والمساواة مع الآب في الجوهر.
فعن المسيح يقول الشهود صراحة في كتابهم (ليكن الله صادقاً) ص 41- 42: "المسيح ليس إلهاً ولا مساوياً للآب".. وفي كتاب آخر (الحياة الأبدية في حرية أبناء الله ص 70). "ان المسيح والله ليسا متساويين في ثالوث مؤلف من ثلاثة أقانيم في إله واحد".
يقول الشهود عن الروح القدس: "ان زعم رجال الدين أن الروح القدس شخص روحيّ مع الآب والإبن هو زعم مبنيّ على أساس واهن" (ليكن الله صادقاً ص 113). "ان الروح القدس ليس شخصاً ولا كائناً ولا إلهاً" (المصالحة ص 141). "ان كلمة روح تعني الريح والنسمة... فلا دخل لها في عقيدة الثالوث ولا وجود للروح القدس كأقنوم" (عقيدة التثليث ص 8
وأخيرا وليس آخرا يدَّعون أنَّ ديانتهم هي الديانة الوحيدة المقبولة من الله ، بينما الديانات ألأخرى هي من الشيطان ، بل هي "بابل العظيمة " ، "أمُّ الزناة " ، التي ستزول قريبا عندما تبدأ حرب هرمجدّون ، كما ستزول معها جميع الدوَّل في العالم ، سياسيا وأجتماعيا
عندما نغوص في افكار شهود يهوه وعقيدتهم سنتوصل الى حقيقة أنّهم ليسوا مسيحييين بل بدعة تحارب المسيحية  .
في المقالات التالية سنتعرف على من هم  شهود يهوه ؟، ولماذا اطلقوا على انفسهم هذا الأسم ؟ ، ومن هم مؤسسيهم وتنظيمهم ؟ وما هي تعاليمهم ؟ واخيرا كيفية وطريقة مواجهتهم ؟. تابعونا .


المصادر
مقدمة كتاب الكنيسة الكاثوليكية والبدع  الأب جورج رحمة وبول حصري
مؤلفات وأعمال الخوري بولس الفغالي"  القسم الثالث: الردّ الكتابي على تعاليم شهود يهوه"
   

60
جذور ألأسلام النصرانية وأكذوبة "العصر الجاهلي" في التراث الأسلامي
نافع البرواري

المقدمة
يقول الأب جوزيف ضوء الباحث في تاريخ الكنيسة
"يمكن لأحد أن يُنهي حياة الكثيرين كما يمكن أن يهجِّرُهُم من أراضيهم لكن إن دَمَّر تاريخهم فكأنهم لم يكونوا موجودين فيصيرون كالرماد الذي امتزج برمال الصحراء . ولكن ما يثلج القلب من حرقته أنَّ قصة حياتهم وتاريخ انجازاتهم المطموس ما زال مطبوعا على ورق المخطوطات النادرة والأحجار ألأثرية والنقوش القديمة المكتبشفة ".
قبل أن نتكلم عن انتشار المسيحية في شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب قبل وبعد ألأسلام علينا أن نتوقف قليلا في هذه المقدمة عن ما تم تدوينه من قبل بعض المؤرخين والكتبة وألأدباء العرب , عن فترة ما قبل ظهور ألأسلام .
ماذا يقول المؤرخون العرب عن انتشار المسيحية قبل الأسلام في شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب؟
"من المعروف لدى الباحث المسلم بأنّ هناك الحديث المنسوب الى محمد "الأسلام يهدم ماقبله" دفع أتباعه ،أي الخلفاء والأئمة والعامة على مرّ العصور عن أعتقادهم بأنهم يثبتون دعائم الدين "الحنيف" بأعتقادهم الى عدم التمييز بين الغث والسمين ، فكادوا يقضون على جميع معالم الثقافة والأدب والتاريخ"
يقول جواد علي :إنَّ جميع الخلفاء المسلمين طمّروا كُلِّ ما يخص المسيحية بسبب سوء فهم حديث النبي : " أنّ ألأسلام "يهدم ما قبله " والأصح هو: " ألأسلام يَجُبُّ ما قبله " اي يقطع ويمحو ما كان قبله من الكفر والذنوب "(راجع كتاب معجم المعاني ) .
في كُلِّ المعاهد في العالم العربي الممولة بملايين الدولارات ، لايوجد كتاب واحد يدافع عن المسيحية ، فهناك الفكر الأسلامي الذي يقول "كفر الذين قالوا إنَّ عيسى إبن الله ". ويضيف فيقول :"أن الحجاز سُميت حجاز لأنّها حجزت الحضارة المسيحية. فالحجاز تحجز اليمن عن الشام !!!!"
ويضيف جواد علي فيقول :
"كانوا ، المفسرون المسلمين ، ينظرون الى ألأخباريين نظرة سيئة من ألأزدراء وعدم التقدير . فما كان ذلك لروايتهم عن أخبار الجاهلية واشتغالهم بجمع تاريخها والتحدث لسردهم النصرانية ....وان َّ العرب عندهم أخباريين ولم يكن لهم مؤرخين ، فالأخباريين القدماء والمحدثين العرب ليس عندهم علم المخطوطات السريانية واليونانية . وكان بطاركة السريان يكتبون بالسرياني خوفا من الحاكم ".
وحتى يومنا هناك بلدان عربية واسلامية لازالت تمنع اي نبش للآثار ولا تقبل بالأكتشافات الأثرية اوما كتبه الآخرون من الشعوب التي احتلها العرب والمسلمين وخاصة ما دونه رجال الدين الكنيسة ورهبان الأديرة المسيحية عبر 1400 سنة من التاريخ .(1)
الكاتب خليل عبدالكريم في كتابه (قريش من القبيلة الى الدولة المركزية) يقول: ,وهو ينقل ذلك من اراء باحثين انتهوا فيها الى أنَّ الديانتين الساميتين التوحيديّتين بأنتشارهما في القبائل العربية كانتا من أوائل العوامل التي دفعت الى تفسيخ الوثنية العربية لصالح عقيدة التوحيد..ولاشكَّ كانت النصرانية النصيب ألأوفر ذلك لأنها كانت أشدُّ ذيوعا وأكثر أنتشارا من الموسوية(اليهودية).(2)
ويقول غسان المنير كاتب كتاب"يوم قبل وفاة محمد" في مقدمة كتابه:
"من العبث أن يقول المرء اليوم بأن "الإسلام" فكرة دينية محضة وإنها نبتت في فراغ روحي . وثمة كثير من الباحثين كتبوا في نشأة الإسلام، والقرآن، بأن محمدا (عليه السلام) دعا إلى إصلاح مجتمع فاسد متصدع، وذهب بعضهم إلى أنه دعم دعوته بتعاليم إنجيلية في الفقر وعمل البر والإحسان. وما يبرر ضحالة مثل هذه الأبحاث أن كتب السيرة والتاريخ الإسلامي، أغفلت ذكر الكثير من أخبار النصرانية قبيل وإبان ظهور الإسلام "وكل علم ليس في القرطاس ضاع". وعلى سبيل المثال فإن ما قيل في آثار الخطابة بين نصارى العرب في الجاهلية قليل جدا ، وكذلك شأن شعر النصارى. وكأن مؤرخي العرب تعمدوا أن يصوِّروا العرب وكأنهم عاشوا شبه عزلة عن المسيحية فلم يعرفوا منها شيئا .
واقع الأمر أن كتب التاريخ والتراث لم تصور لنا بدقة وضع اليهودية والبدع النصرانية في إبان ظهور الإسلام. ويقينا لا يمكن فهم اتصال نبي العرب محمد عليه السلام باليهودية والبدع النصرانية دون رسم لوحة للحياة اليهودية والنصرانية في الجزيرة العربية. ومن هنا مبلغ الحاحي أن أبحث في الظروف اليهودية والنصرانية لنشأة الإسلام ، إسهاما مني في تظهير الصورة المطلوبة..... لايمكن فهم ألأسلام دون دراسة معمّقة للديانات السابقة للأسلام, وطالما كُتب التراث لا تُعطي الا القليل من التفاصيل عن النصرانية واليهودية ... "يقينا انّ ذلك يقتضي دراسة معمّقة وشاملة وبدون ذلك لايمكن فهم الأسلام وظروف نشأته وسيّما وأنَّ القرآن نظرية خاصة جامعة في الأديان الموحّدة...واذا أغفلنا ذلك فكيف نُفسِّر للقارئ أنّ في ألأسلام قاسما مشتركا يجمع بين الديانات كُلَّها ".
ولقد انكشف مبلغ حرج بعض الباحثين عند الخوض في شعر نصارى العرب في الجاهلية ، وذلك أن كثيرا من آيات القرآن الكريم جاءت في الكثير منها مطابقة لبعض أبياتهم ، ومشابهة لها في النص غالبا. والمُرجّح أن ابتعاد الباحثين عن ولوج هذا المدخل سببه الخوف من أن المقابلات والمقارنات بين القرآن والمصادر البشرية تقود إلى تقرير واقع ما. وهذا الواقع بنظر المتدينين قد يكون شتيمة وكفرا. كما أن المتعصبين من المسلمين لا يقبلون أن يكون القرآن الكريم خاضعا للبحث التاريخي. أو أن يكون له أي مصدر غير الله مباشرة. فالقرآن عندهم يعتمد كليا على اللوح المحفوظ" .... ـ وكلمة الله لا تكون فاعلة إلا إذا كانت مفهومة. وحتى تكون مفهومة يجب أن تكون هي نفسها كلمة البشر. فلماذا الخوف إذا من مقابلة كلام الله مع كلام البشر. ثم إن الخطاب القرآني نفسه يؤكد هذه الحقيقة: "إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخزون للأذقان سجدا (السراء ـ 107). وكذلك: "الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك"(النساء 162 ) ."(3)
أمّا الدكتور طه حسين ,عميد ألأدب العربي يقول :
"يجب أن يتعوَّد الباحث درس تاريخ ألأمم القديمة التي قدّر لها أن تقوم بشيء من جلال ألأعمال , وما أعترض حياتها من الصعاب والمحن والوان الخطوب والصروف, ليفهم تاريخ ألأمة العربية على وجهه ويرُدُ كُلِّ شيء الى أصله (جذوره) . واذا كان هناك شيء يؤخذ به الذين كتبوا تاريخ العرب وآدابهم فلم يوفِّقوا الى الحق فيه, فهو انهم لم يلمّوا الماما كافيا بتاريخ هذه ألأمم القديمة , أو لم يخطر لهم أن يقارنوا بين الأمة العربية والأمم التي خلت من قبلها, وانّما نظروا الى هذه الأمّة العربية كأنّها أمَّةٌ فذَّة لم تعرف أحدا ولم يعرفها أحدٌ, لم يشبهُها أحد, لم تؤثر في أحد ولم يؤثر فيها أحد, قبل قيام الحضارة العربية وأنبساط سلطانها على العالم القديم. والحق أنّهم لو درسوا تاريخ هذه ألأمم القديمة وقارنوا بينه وبين تاريخ العرب لتغيّر رأيهم في ألأمة العربية, ولتغيَّر بذلك تاريخ العرب أنفسهم, ولستُ أذكر من هذه ألأمم القديمة الاّ أُمّتين ألأمَّة اليونانية والأمّة الرومانية" .
هنا يضع الكاتب وعميد ألأدب العربي, طه حسين, يده على حقيقة طالما يخفيها القسم ألأكبر من المؤرخين العرب وعلمائهم, وهي الرجوع الى الجذور التاريخية للحضارات السابقة (ومنها بالطبع جذور الديانات السابقة ) للحضارة العربية ليكون أساس اي حضارة تليها. وأحب أن أُضيف الى ما قاله طه حسين أمراً اخر كان على الباحثين وعلماء الدين والمؤرخين العرب والمسلمين أن يركّزوا في بحوثم في الديانات السابقة للأسلام ليفهموا ويعرفوا الأسلام بشكل أفضل مما يعرفوه ويفهموه اليوم .
ويضيف طه حسين قائلا (في ص78) من كتابه أعلاه:
"وليس من اليسير بل قُل ليس من الممكن أن نُصدّق أنَّ القران كان جديدا كُلّهِ على العرب, فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ولا آمن به بعضهم وناهضه وجادل فيه بعضهم ألآخر" ويقول في مكان اخر من نفس الكتاب: "أنَّ قراءة القرآن بتعمُّق يظهر لنا أنَّ جزءً كبيرا من اياته قد نزلت بحسب المفهوم ألأسلامي في الجدال والخصام والحوار في الدين.....فلم يكن القوم الذين كانوا يتجادلون ويحاورون ويخاصمون محمد بالجُهّال والغباوة والغلظة والخشونة, وانَّما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة" .(4)
ويقول العلاّمة بولس فغالي :
"حين نقرا الكتاب المقدس, ونبدأ بالعهد القديم, نطرح السؤال على نفوسنا : ماهو الكتاب المقدس ؟ نقول هو كتاب جوهري في حياة المؤمن, هو كتاب ليس كسائر الكتب . فالديانة اليهودية ولِدت منه والديانة المسيحية تجذَّرت فيه والعالم ألأسلامي استقى الكثير من نصوصه, هكذا حينما نقرا الكتاب المقدس نعود الى جذورنا, نعود الى اساس حضارة هي جزء من حضارتنا, فالكتاب المقدس هو موضع أُصولنا وتاريخنا.....وهكذا فعندما نريد أن نعرف مسيرة ايمان أجدادنا علينا أن لاننسى تاريخهم الطويل ومسيرتهم في الرحلة ألأيمانية, مثال على ذلك ابراهيم ".أي علينا العودة الى الجذور ألأصلية لكي نصل الى ما نحن عليه اليوم .(5)
ويؤيد هذا القول الكاتب موسى الحريري اذ يقول:
"أنّنا لانفهم من تعاليم القرآن شيئا ان غابت عنا تعاليم "ألأنجيل العبراني"(كتاب منحول كان متداول بين اليهود المتنصرين وسوف نتكلم عنه في المقالات القادمة) .
الذي كان القس (يقصد ورقة بن نوفل) يعمل على نقله من لغته العبرانية الى اللغة العربية, كما أننا لا نفهم من قصص الأنبياء ألأقدمين, ولا من تعاليم التوراة والأنجيل, الواردة في القران ان لم نردها الى أصلها(جذورها)" .(6)
ونحن نتسائل بدورنا
هل ألأسلام نشأ دون وجود اثراً يُذكر للديانتين السماويّتين قبل بروز ألأسلام ؟
ماعلاقة النصرانية بالأسلام وعلاقة القران بالكتاب المقدس وغيرها من الكتب ؟
لماذا العرب المسلمون لايقبلون بالبحوث النقدية وتاريخية النصوص القرانية ولا يقبلون بدراسة مقارنة للديانات الكتابية السابقة للأسلام؟
أين هم العرب من جذورهم التاريخية قبل ألأسلام؟ ولماذا يقطعون جذورهم النصرانية ويتحاشون ذكرها بينما يركزون على العصر الجاهلي كون العرب فيه كانوا يعبدون ألأصنام في حين الحقيقة مشوَّهة حيث كان هناك أكثر من 45 قبيلة عربية نصرانية ؟(7)
(راجع كتاب الديانات في شبه الجزيرة العربية للمؤلف لويس شيخو، حيث كانت النصرانية منتشرة في كُلِّ أنحاء الهلال الخصيب والجزيرة العربية حتى في الحجاز)
أسئلة وجيهة ويحتاج المسلم البسيط الحصول على ألأجابات من شيوخ وعلماء الدين المسلمين وخاصة أذا عرفنا من خلال "السيرة الحلبية لأبن هشام ج1ص25" عن ورقة بن نوفل الذي سأل رسول الأسلام قائلا له:"ماذا ترى "أشارة الى ما يراه في الوحي: فأخبره (الرسول) ما رأى.فقال ورقة بن نوفل للرسول :"هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى" أي أنّ ما أوحي الى الرسول هو موجود في العهد القديم (التوراة) الذي كتبه موسى. راجع ايضا سورة البقرة 2:40,41"وسورة المائدة5:43,44" حيث تؤكدان على وجوب الأعتراف بالكتاب المقدس بعهديه.
يقول أحد الكتّاب :"يبدوأنَّ العلاقة بين ألأسلام والوحي السابق لم تكن موضوع دراسة المسلمين ألأولين, ولا أعرف سببا لذلك فمن البديهي أن يسأل المرء: ان لم يكن القرآن قد نسخ أوامر التوراة وألأنجيل فهل تلك ألأوامر تضلُّ ملزمة للمسلم؟.
الكثيرون من شيوخ وعلماء الدين المسلمين يصنّفون اليهود والمسيحيين بالكُفار والمشركين وينسون أو يتناسون جذورهم النصرانية . في الحقيقة عندما يُقطع شعب ما من جذوره التاريخية فهوشعب ميت مثل الشجرة التي تُقطع من جذورها, هذا ما يخبرنا به علماء الأجتماع وعلماء النفس واليوم حان الوقت للعرب المسلمين الى العودة الى جذورهم ليستقوا من نبع الماء الصافي ليلتحقوا بالحضارة المسيحية التي شعّت الى العالم كُلَه بمبادئها السماوية السامية.
انَّ ألأيمان بالكتاب المنزل دون حريّة الأنسان في البحث عن الحقيقة فهو تعصُّب يُجرح كرامة ألأنسان وحُرِّيَتهُ,فالله لا يسلب حريّة ألأنسان ويترك ألأنسان يتدبَّر في التاريخ أمرهُ.
في محاضرة لأحد المختصين في الشؤون الأسلامية يقول :
"إنّ غالبية المناطق التي احتلها المسلمون في الغرب كانت مسيحية وحتى المناطق التي انطلق منها ألأسلام !!!!!.
نعم الديانة اليهودية والمسيحية لم تكن طارئة على الديانة ألأسلامية بل كانت موجودة بحسب النصوص القرانية ( أكثر من 117 آية) ، لا بل هناك أدلة على تأثيرهما على الديانة ألأسلامية التي لا يمكن أغفالها
(راجع سلسلة مقالات الكاتب المنشورة بعنوان "ألأسلام ألأول كان طائفة "نصرانية " )
-------------------------------------------------------------------------------------------------(1)
الخوري جوزيف ضو باحث في المخطوطات التاريخية
قناة المنار برنامج اجراس المشرق
راجع المفصل في تاريخ العرب قبل الأسلام د جواد علي الفصل ألأول ص 89 دار ألأحياء للتراث العربي .
(2)
الكاتب خليل عبدالكريم في كتابه (قريش من القبيلة الى الدولة المركزية)
(3)
غسان المنير كاتب كتاب"يوم قبل وفاة محمد"
(4)
الدكتور طه حسين في كتابه " في الشعر الجاهلي"
(5)
العلامة بولس الفغالي عالم في الكتاب المقدس واللغات الشرقية
(6)
موسى الحريري كاتب كتاب "القس والنبي "


61
السيد سلام الراوي تحياتي
قبل كل شي هل تعلم انك استشهدت بآية من الكتاب المقدَّس العهد الجديد للبشير يوحنا الحبيب وهو يشهد بلاهوت المسيح؟
فهل تؤمن من خلال هذه الآية ان المسيح هو الله كما جاء في يوحنا 17: 3 ؟
.(هذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح  )
لأنَّك اذا رجعت الى اللغة العربية ستفهم معنى الآية عندما يقول البشير يوحنا الرسول  "انت ألأله الحقيقي (اي ألآب) ويسوع المسيح(ألأبن)
. وهنا واو العطف هي تعني ان الله هو (الأب )والله هو ايضا يسوع المسيح (ألأبن)
ولكن انتم شهود يهوة تستقطعون ألآيات من العهد الجديد وتفسرونها بعيدين عن سياق ونصوص  ألآيات في الكتاب المقدس ككل
فانتم مثل المسلمين تعطون انصاف الحقائق لنصوص الآيات في العهد الجديد ولا ترجعون الى سياقات العامة للكتاب المقدس ككل لفهم المعنى كاملا
انتم تحييون الآريوسية ولاتؤمنون بيسوع المسيح ابن الله الآزلي وغير مخلوق كما ادعى اريوس وكما تدعون انتم شهود يهوة
هل انت تؤمن بيسوع المسيح الأقنون الثاني  في الثالوث  أي ألآب والأبن والروح القدس ألأله الواحد ، ام لا ؟
ارجو ان تجاوب على سؤالي واكون لك شاكرا

62

انتفاضة شباب العراق هل هي بداية النهاية للأنظمة الأسلامية الشمولية؟
نافع البرواري
واخيرا طفح الكيل ،ووصل العراقيّون ، وخاصة الشباب منهم، الى حالة من اليأس والأحباط وفقدان حقوقهم ألأنسانية وابسط شروط الحياة الكريمة
انهم فقدوا كُلِّ شيء آمالهم ، أحلامهم ، كرامتهم ، حريتهم ، والأخطر من كل ذلك انّهم فقدوا وطنهم . حيث سُلب منهم واحتُلَّ من قبل ميليشيات تابعة لدولة اجنبية والتي أصبحت أدواة فقط تُنفِّذ ما يُملى عليها .
اليوم ألأحزاب الأسلامية والسياسيين التابعين لولاية الفقيه في العراق يعيثون فسادا في العراق و باعوا الوطن و سلّموه للدولة ألأسلامية في ايران .
أنّ الدكتاتوريين والسياسيين الفاسدين في كل العالم ، وعبر التاريخ ، قد يقوموا بكل الجرائم المشينة بحق شعوبهم مثل :ألأضطهاد والبطش والسجن والأعتقالات والدوس على كرامة شعوبهم واستعبادهم ،ولكن يبقى لهم خصلة جيدة لايتخلوا عنها وهي انهم لايتنازلون عن وطنهم بل يدافعوا عنه بكل قوة ، ومثال على ذلك نظام حكم الدكتاتور صدام حسين . بينما حزب الدعوة الأسلامي ، سلّم العراق الى ايران .
هناك عشرات الآلاف من قضايا الفساد والسرقات بحق الفاسدين ولم تتخذ الحكومات الأسلامية اجراءات حقيقية لمكافحة الفساد . انهيار في كل شي ْ ، انهيار اقتصادي فيما العراق من الدول الأولى في احتياطي النفط ويصدر حوالي 4 مليون برميل يوميا ، هكذا في التعليم والصحة ، وغلق مئات المعامل الخاصة ....الخ
أمّا ألأحزاب الأسلامية مثل الأخوان المسلمين السنية وحزب الدعوة الأسلامي وحزب الله وغيرها من الأحزاب الدينية فهي ، بالأضافة الى كونها احزاب فاسدة ومتخلفة وقمعية ودكتاتورية وتسلطية وانظة شمولية ، فهي ايضا ليس في قاموسها اصلا مصطلح الديمقراطية او الحرية او العدالة الأجتماعية للمواطنين . ولكن الأسوء وألأقبح من كُل ذلك فهي أحزاب لاتعترف بالوطن لأنها لاتنتمي للوطن بل الى المرجعية والطائفة الدينية . وهذا كان نهج الأخوان المسلمين في مصر وتونس والسودان ، هذه الأحزاب تُفضّل الغريب عن الوطن ان يحكم البلاد طالما هو مسلم ولايقبلون بعلماني مخلص لوطنه ان يحكمهم .
يقول محلل سياسي ان استراتيجية ايران هي السيطرة على الدول الأسلامية ،من موريتانيا الى اندنوسيا ، عنوة !!!
وحسن نصرالله قائد حزب الله في لبنان صرَّح انّه يعمل تحت ظل ولاية الفقية ويتمنى اليوم الذي تلتحق لبنان كولاية تابعة لأيران .
هذا هو بالضبط نهج الحكومات الأسلامية المتعاقبة في العراق منذ تولي حزب الدعوة الشيعي الحكم في العراق ، سواء حكومة المالكي او العبادي او حتى عادل عبدالمهدي الذي اعتبر نفسه مستقل عن الحزب ولكنه وبعد مرور سنة على حكمه لم يلتمس المواطن العراقي اي بادرة تحسن الوضع بل زاد الفساد وزادت الشكوك في حكومته .
حزب الدعوة تابع الى المرجعية الشيعية لولاية الفقيه في قم ، فهم يعتبرون العراق ولاية ايرانية ولا يخجلون من ذلك . وهذه الظاهرة يعرفها كُل من يتابع زيارة السياسيين والعسكريين ورجال الدين الأيرانيين للعراق . فالمرشد الأعلى في ايران هو المرجعية لهذا الحزب وقاسم سليماني هو القائد العام للقوات المسلحة في العراق والسفير الأيراني هو الحاكم الفعلي للعراق ، وكُلِّ حاكم عراقي يجب ان يأخذ بركة ولي الفقيه في ايران ليقوم بمهامه في العراق ويأخذ الأرشادات منه . وكُلِّ من يقول عكس هذا فهو يعيش في وهم وساذج سياسيا ولا يعرف بما يجري في العراق .
ايران نفسها تُعلن ، ليلا ونهارا ،اهمية توسُّعها في االدول العربية والأسلامية ، سواء على شكل تصريحات للمسؤولين ألأيرانيين او من خلال الأعلام اوخطب يوم الجمعة للملالي . وهل ننسى تصريحات احد قادتهم بان اربعة عواصم عربية(بغداد –دمشق- بيروت- صنعاء) اصبحت تابعة لأيران .
نعم المسؤولين في العراق ليسوا فقط اذرع وادواة لتنفيذ اوامر ولاية الفقيه في ايران ، بل هم تحت حكم المحتل الأيراني وخاصة بعد ان سيطرت الميليشيات التابعة لأيران على المراكز الحساسة في الحكومة ومؤسسات الدولة ، وهاهو عادل عبدالمهدي رئيس الوزراء يحيل مشاهير الضباط العسكريين العراقيين المشهورين بوطنيتهم ، امثال عبدالوهاب الساعدي قائد عمليات مكافحة الأرهاب ،الى مناصب اخرى لأستكمال السيطرة الكاملة على الجيش ليكون قادة الميليشيات هم القوة المنفذه لأوامر ايران وليسيطروا على المناصب الحساسة لدولة العراق وقمع المواطنين والزج بالعراق في حروب بالنيابة وليكون شبابنا وقودا للنار .
السياسة الأيرانية هي سياسة هيمنة قومية فارسية وإعادة امجاد الفرس ، ويستغلون الدين كغطاء ليس الاّ ، والدليل ان ايران اشتركت مع امريكا (ألكافرة) في احتلال العراق البلد ذو الأغلبية ألأسلامية . والذي يقرأ التاريخ الفارسي سيكتشف حقيقة أنَّ الفرس كانوا يستحقرون العرب ويستغلوهم لقتل حتى اخوتهم في الدم ، وكان الفرس ، كما اليوم ، يستخدمون العرب للدفاع عن حدودهم الغربية ضد الأمبراطورية البيزنطية ، فكان عرب الحيرة ادواة للفرس لضرب اخوتهم عرب الغساسنة في الشام . وما اشبه اليوم بالبارحة عندما يصبح العراق ولبنان وسوريا واليمن مرتعا للميليشيات العربية الشيعية لتكون أدواة تابعة لأيران يستخدموها لمحاربة حتى اخوتهم العرب السنة في سورية واليمن وغيرها من الدول العربية ، واستخدام العراق منطلق للتحرش ومحاربة امريكا واسرائيل ، وبالمقابل يتلقى العراقيين ضربات تلوى الضربات من اسرائيل وامريكا فيما الأيرانيون يبررون انفسهم من هذه العمليات التخريبية .
نعم العراق محتل من قبل ايران واصبح العراق امتدادا استراتيجيا لأيران في مناطق اخرى للدول العربية كسوريا ولبنان . وهناك خطة ايرانية بالتعاون مع عملائها في العراق لأجراء تغييرات ديموغرافية في المحافظات العراقية وتشريد السنة وتهجيرهم بطرق شيطانية مدروسة كما فعلت في سوريا وتفعله في لبنان واليمن .
عملاء إيران افسدوا في الأرض العراقية وقاموا بسرقات مليارات من الدولارات من اموال العراقيين وقتلوا وسحقوا المواطنين البسطاء ألأبرياء
مضت ايام على انتفاضة شبابنا في العراق الذين خرجوا للمطالبة بابسط شروط الحياة ولكنهم واجهوا بصدورهم العارية رصاص القناصين الذين كانوا يلبسون بدلات سوداء تدل على سواد قلوبهم ومتلثمين لانهم مرعوبين وخائفين من كشف وجوههم لأنهم يعرفون مصيرهم المشؤوم .
نعم واجه الشباب خراطيم المياه الساخنة !!! والغازات المسيّلة للدموع بشكل مفرط . ولم يحمل الشباب سوى اعلام وطنهم في يدهم اليمنى وقناني المياه في يدهم اليسرى . ولكن الرعب والخوف والهمجية والأرتباك كان واضحا في الطرف الآخر الذي يعرف أنّ هذه الأنتفاضة السلمية هي اقوى سلاح من كل اسلحة الغدر والدمار والقتل لدى المدججين بسلاح الموت ، حتى صرّح احد الشيوخ المعممين في ايران بأنّ الأنتفاضة هي ضد ثورة الحسين!!!
تخيّلوا ان انتفاضة الشباب العفوية والعابرة للطائفية ، والمطاليب المشروعة بتوفير لقمة العيش وايجاد فرص العمل، وتعيين الخريجين العاطلين عن العمل ، أصبحت بنظر هؤلاء "الفاسدين" هي ثورة ضد الحسين . نعم استطاعت ايران أن تجيّيش ملايين الساذجين والبسطاء والجهلاء من اخوتنا الشيعة بعد غسيل ادمغتهم وتخدير عقولهم لتصبح مراسيم كربلاء ذكرى لأضفاء الحقد والكراهية بين الأخوة. فاصبحت ذكرى استشهاد الحسين مناسبة لنبش الماضي واشعال الفتن الطائفية التي كان ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء المدنيين سواء من الشيعة والسنة .
ولكن خلاص يكفي !!! الجيل الحالي من الشباب عرف اللعبة القذرة لهؤلاء الفاسدين والمجرمين ، وخرج في تظاهرات ولأول مرة ، ولم يستعين لا بالمرجعيات الدينية المتاجرة بدمائهم ولا بالأحزاب الأسلامية الفاسدة ولا بالكتل السياسية العلمانية الحالية، لأنّ كُل من سكت من المتورطين في الحكومات المتعاقبة ،عن ماجرى في العراق من الفساد وتدمير البنية التحتية للعراق ، فهو مشترك بالجرائم بحق الشعب . هذه الكتل والأحزاب الفاسدة هم سُرّاق وقتلة بنوا الدولة وسنوا القوانين على مصالحهم الحزبية . هناك اليوم اكثر من مليون اسرة عراقية تحت خط الفقر ، ملايين من الأطفال اليتامة ، وانتشار الأمية وانهيار التعليم والفن والخدمات الصحية وانتشار امراض السرطان وتسمم المياه وخاصة في البصرة .هذا العراق الذي يجري فيه نهرين عظيمين لايحصل الكثيرون من العراقيين على المياه الصحية .
حكومات حزب الدعوة ألأسلامية المتعاقبة جعلوا من العراق يتربع على المرتبة 168 من أصل 180 دولة على مؤشر الدول الفاسدة .
كانت تظاهرات الشباب في البداية هي مطاليب متواضعة شرعتها قوانين الدولة العراقية ، ولكن هذه المظاهرات السلمية اصطدمت بجحافل من المرتزقة والقتلة الذين امطروا شباب بعمر الزهور بوابل من الرصاص الحي وحتى استخدام القناصين فسقط اكثر من 104 شخص والاف الجرحى من المتظاهرين في بغداد والمحافظات.
هكذا تحولت المظاهرات بعد ذلك الى مطاليب محاكمة المجرمين الذين نفذوا هذه الجرائم ورفع المتظاهرون سقف مطاليبهم ضد كُلِّ هؤلاء الذين تعاقبوا على الحكومة منذ سقوط النظام 2003 الى يومنا هذا . ولا حل بتغيير الحكومة بل يجب ان يطالب العراقيين بتغيير النظام
ما جرى ، هو بداية انتفاضة الشعب العراقي مهما كانت وسائل القمع ، لأنَّ التاريخ يُعلِّمنا أن الشعوب المحبة للحرية والحياة هي المنتصرة في النهاية ، مهما كان قمع المحتل ومهما كان الحاكم ظالما، .وكما يقول الشاعر التونسي الكبير ، ابو قاسم الشابي :
" اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر
اليوم الشباب في اغلب الدول العربية يثورون ضد الأنظمة الشمولية ، كما ثار الشعب الأيراني في المظاهرات الخضراء سنة 2009م ، ضد الَد أعداء الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الأجتماعية ، ضد الدكتاتوريين والأحزاب الأسلامية الأصولية التي تحاول ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء والذين يريدون من شعوبهم ان يعيشوا في عقلية القرون المظلمة . في حين ان شباب اليوم يعيشون في عصر الحداثة ،عصر العولمة والأنترنت ووسائل الأتصال الأجتماعي . لايمكن أن تستطيع تلك الأحزاب الظلامية السيطرة على الشعب الهادرالذي كسر حاجز الخوف وليس لديه ما يخسره . ولايمكن لهؤلاء الفاسدين والمجرمين ان يستعبدوا شعوبهم ، لأنّ الشعوب انفتحت على عالم اخر ، عالم يؤمن بحقوق الأنسان بل يؤمن بحقوق الحيوان، وأنَّ العالم أصبح قرية صغيرة . الشعوب العربية اصبح لديها الوعي عندما يروا مجتمعات تحررت وتعيش في سلام وحرية وديمقراطية ، فهيهات ان تستطيع وسائل القمع لهذه الأحزاب الفاسدة ان تكمّ افواه هؤلاء الشباب ، ومن المستحيل ان يعزلوهم من سلاحهم الأمضى والأقوى من رصاص البندقية الا هو سلاح "الكلمة".
انتهى زمن المرجعيات بالنسبة لهؤلاء الشباب
انتهى زمن الدكتاتوريين والمتسلطين والقتلة المجرمين
انتهى زمن المحتلين الذين يستعبدون شعوب الدول المحتلة
انتهى زمن الترهيب والترغيب وسقطت جدران الخوف
انتهى زمن الأعلام المأجور والقنواة الفضائية المسخّرة للأنظمة الشمولية ، بسبب وجود وسائل حديثة للتواصل ونقل المعلومات الحيّة وخاصة بوسائل الأتصال الأجتماعي ، فلن تسطيع هذه الأنظمة ان تعزل الشعوب عن العالم الخارجي .
انتهى زمن تظليل الشعوب عبر 1400 سنة من الأكاذيب ، التي جعلت من هؤلاء الطغاة ابطال ومقدّسين ، في حين كان هناك وعبر التاريخ ضحايا ابرياء سقطوا قتلى على يد هؤلاء المجرمين .
إنتهى زمن المأجورين والمتاجرين بدماء شعوبهم ،لأنّ كُل مستور اليوم اصبح تحت الأضواء ، ومن الممكن لهؤلاء ان يكذبوا مرة ومرتين وثلاثة ولكن في النهاية سينكشفوا لامحالة.
وكما يقول احد الخبراء بما يجري في العراق : "جيل الألفين هو الذي قاد وسيقود هذه المظاهرات وهو جيل غير معروف "للمنطقة الخضراء" حيث العقول المتحجِّرة " . نعم العقول المتحجرة في المنطقة الخضراء التي تتداول السلطة والأدوار بينها ، هي عقول منعزلة عن شعبها تعيش في زمن اخر وعصر آخر ولن تستوعب التطورات في العالم ولن يتعلموا الدروس من التاريخ لأنهم صموا اذانهم لكي لايسمعوا وسدّوا عيونهم لكي لايروا وغيّبوا عقولهم لكي لايفهموا ،لأنّ الفساد اعمى بصيرتهم وغلظت قلوبهم وفقدوا ضميرهم وانسانيتهم .
تاريخ 1- 10- 2019 سيكون خالدا في ذاكرة العراقيين، ولن يستطيع احدان يمحوا او يزيلوا اصوات الشباب الذين هتفوا مرددين :" ايران برّا برّا عراق حُرّة حُرَّة."
هذا هو الشعار الذي ارعب الساسة والمعممين في طهران وقم وعملائهم في العراق لأنّه يُذكِّرهم بالثورة الخضراء في ايران عام 2009،والتي قُمعت بنفس الطريقة . وهذا الشعار سيكون كابوسا للذين باعوا ارضهم وخيراتهم للأجنبي . والدليل انهم بعد اسبوع من المظاهرات قاموا هؤلاء العملاء بحملة أعتقالات جماعية داخل الأحياء السكنية للناشطين والمحتجين الذين ليس لهم ذنب سوى انهم طالبوا بابسط حقوقهم. هذا الشعار سيقلق مضجع هؤلاء المجرمين الى يوم الدينونة والحكم عليهم بكونهم مجرمي الحرب وقتلة مواطنيهم المسالمين . وسيأتي اليوم لذي سيتم فيه اعتبار الشهداء الذين سقطوا في ساحة التحرير في بغداد وبقية المحافظات العراقية بأنهم كانوا ايقونة التحرير وابطال شهداء سيخلّدهم التاريخ وتكتب اسمائهم في سجل الشهداء الذين استشهدوا من اجل الكرامة والوطن والحرية والعدالة الأجتماعية

63

انتفاضة شباب العراق هل هي بداية النهاية للأنظمة الأسلامية الشمولية؟

نافع البرواري
واخيرا طفح الكيل ،ووصل العراقيّون ، وخاصة الشباب منهم، الى حالة من اليأس والأحباط وفقدان حقوقهم ألأنسانية وابسط شروط الحياة الكريمة
انهم فقدوا كُلِّ شيء آمالهم ، أحلامهم ، كرامتهم ، حريتهم ، والأخطر من كل ذلك انّهم فقدوا وطنهم . حيث سُلب منهم واحتُلَّ من قبل ميليشيات تابعة لدولة اجنبية والتي أصبحت أدواة فقط تُنفِّذ ما يُملى عليها .
اليوم ألأحزاب الأسلامية والسياسيين التابعين لولاية الفقيه في العراق يعيثون فسادا في العراق و باعوا الوطن و سلّموه للدولة ألأسلامية في ايران .
أنّ الدكتاتوريين والسياسيين الفاسدين في كل العالم ، وعبر التاريخ ، قد يقوموا بكل الجرائم المشينة بحق شعوبهم مثل :ألأضطهاد والبطش والسجن والأعتقالات والدوس على كرامة شعوبهم واستعبادهم ،ولكن يبقى لهم خصلة جيدة لايتخلوا عنها وهي انهم لايتنازلون عن وطنهم بل يدافعوا عنه بكل قوة ، ومثال على ذلك نظام حكم الدكتاتور صدام حسين . بينما حزب الدعوة الأسلامي ، سلّم العراق الى ايران .
هناك عشرات الآلاف من قضايا الفساد والسرقات بحق الفاسدين ولم تتخذ الحكومات الأسلامية اجراءات حقيقية لمكافحة الفساد . انهيار في كل شي ْ ، انهيار اقتصادي فيما العراق من الدول الأولى في احتياطي النفط ويصدر حوالي 4 مليون برميل يوميا ، هكذا في التعليم والصحة ، وغلق مئات المعامل الخاصة ....الخ
أمّا ألأحزاب الأسلامية مثل الأخوان المسلمين السنية وحزب الدعوة الأسلامي وحزب الله وغيرها من الأحزاب الدينية فهي ، بالأضافة الى كونها احزاب فاسدة ومتخلفة وقمعية ودكتاتورية وتسلطية وانظة شمولية ، فهي ايضا ليس في قاموسها اصلا مصطلح الديمقراطية او الحرية او العدالة الأجتماعية للمواطنين . ولكن الأسوء وألأقبح من كُل ذلك فهي أحزاب لاتعترف بالوطن لأنها لاتنتمي للوطن بل الى المرجعية والطائفة الدينية . وهذا كان نهج الأخوان المسلمين في مصر وتونس والسودان ، هذه الأحزاب تُفضّل الغريب عن الوطن ان يحكم البلاد طالما هو مسلم ولايقبلون بعلماني مخلص لوطنه ان يحكمهم .
يقول محلل سياسي ان استراتيجية ايران هي السيطرة على الدول الأسلامية ،من موريتانيا الى اندنوسيا ، عنوة !!!
وحسن نصرالله قائد حزب الله في لبنان صرَّح انّه يعمل تحت ظل ولاية الفقية ويتمنى اليوم الذي تلتحق لبنان كولاية تابعة لأيران .
هذا هو بالضبط نهج الحكومات الأسلامية المتعاقبة في العراق منذ تولي حزب الدعوة الشيعي الحكم في العراق ، سواء حكومة المالكي او العبادي او حتى عادل عبدالمهدي الذي اعتبر نفسه مستقل عن الحزب ولكنه وبعد مرور سنة على حكمه لم يلتمس المواطن العراقي اي بادرة تحسن الوضع بل زاد الفساد وزادت الشكوك في حكومته .
حزب الدعوة تابع الى المرجعية الشيعية لولاية الفقيه في قم ، فهم يعتبرون العراق ولاية ايرانية ولا يخجلون من ذلك . وهذه الظاهرة يعرفها كُل من يتابع زيارة السياسيين والعسكريين ورجال الدين الأيرانيين للعراق . فالمرشد الأعلى في ايران هو المرجعية لهذا الحزب وقاسم سليماني هو القائد العام للقوات المسلحة في العراق والسفير الأيراني هو الحاكم الفعلي للعراق ، وكُلِّ حاكم عراقي يجب ان يأخذ بركة ولي الفقيه في ايران ليقوم بمهامه في العراق ويأخذ الأرشادات منه . وكُلِّ من يقول عكس هذا فهو يعيش في وهم وساذج سياسيا ولا يعرف بما يجري في العراق .
ايران نفسها تُعلن ، ليلا ونهارا ،اهمية توسُّعها في االدول العربية والأسلامية ، سواء على شكل تصريحات للمسؤولين ألأيرانيين او من خلال الأعلام اوخطب يوم الجمعة للملالي . وهل ننسى تصريحات احد قادتهم بان اربعة عواصم عربية(بغداد –دمشق- بيروت- صنعاء) اصبحت تابعة لأيران .
نعم المسؤولين في العراق ليسوا فقط اذرع وادواة لتنفيذ اوامر ولاية الفقيه في ايران ، بل هم تحت حكم المحتل الأيراني وخاصة بعد ان سيطرت الميليشيات التابعة لأيران على المراكز الحساسة في الحكومة ومؤسسات الدولة ، وهاهو عادل عبدالمهدي رئيس الوزراء يحيل مشاهير الضباط العسكريين العراقيين المشهورين بوطنيتهم ، امثال عبدالوهاب الساعدي قائد عمليات مكافحة الأرهاب ،الى مناصب اخرى لأستكمال السيطرة الكاملة على الجيش ليكون قادة الميليشيات هم القوة المنفذه لأوامر ايران وليسيطروا على المناصب الحساسة لدولة العراق وقمع المواطنين والزج بالعراق في حروب بالنيابة وليكون شبابنا وقودا للنار .
السياسة الأيرانية هي سياسة هيمنة قومية فارسية وإعادة امجاد الفرس ، ويستغلون الدين كغطاء ليس الاّ ، والدليل ان ايران اشتركت مع امريكا (ألكافرة) في احتلال العراق البلد ذو الأغلبية ألأسلامية . والذي يقرأ التاريخ الفارسي سيكتشف حقيقة أنَّ الفرس كانوا يستحقرون العرب ويستغلوهم لقتل حتى اخوتهم في الدم ، وكان الفرس ، كما اليوم ، يستخدمون العرب للدفاع عن حدودهم الغربية ضد الأمبراطورية البيزنطية ، فكان عرب الحيرة ادواة للفرس لضرب اخوتهم عرب الغساسنة في الشام . وما اشبه اليوم بالبارحة عندما يصبح العراق ولبنان وسوريا واليمن مرتعا للميليشيات العربية الشيعية لتكون أدواة تابعة لأيران يستخدموها لمحاربة حتى اخوتهم العرب السنة في سورية واليمن وغيرها من الدول العربية ، واستخدام العراق منطلق للتحرش ومحاربة امريكا واسرائيل ، وبالمقابل يتلقى العراقيين ضربات تلوى الضربات من اسرائيل وامريكا فيما الأيرانيون يبررون انفسهم من هذه العمليات التخريبية .
نعم العراق محتل من قبل ايران واصبح العراق امتدادا استراتيجيا لأيران في مناطق اخرى للدول العربية كسوريا ولبنان . وهناك خطة ايرانية بالتعاون مع عملائها في العراق لأجراء تغييرات ديموغرافية في المحافظات العراقية وتشريد السنة وتهجيرهم بطرق شيطانية مدروسة كما فعلت في سوريا وتفعله في لبنان واليمن .
عملاء إيران افسدوا في الأرض العراقية وقاموا بسرقات مليارات من الدولارات من اموال العراقيين وقتلوا وسحقوا المواطنين البسطاء ألأبرياء
مضت ايام على انتفاضة شبابنا في العراق الذين خرجوا للمطالبة بابسط شروط الحياة ولكنهم واجهوا بصدورهم العارية رصاص القناصين الذين كانوا يلبسون بدلات سوداء تدل على سواد قلوبهم ومتلثمين لانهم مرعوبين وخائفين من كشف وجوههم لأنهم يعرفون مصيرهم المشؤوم .
نعم واجه الشباب خراطيم المياه الساخنة !!! والغازات المسيّلة للدموع بشكل مفرط . ولم يحمل الشباب سوى اعلام وطنهم في يدهم اليمنى وقناني المياه في يدهم اليسرى . ولكن الرعب والخوف والهمجية والأرتباك كان واضحا في الطرف الآخر الذي يعرف أنّ هذه الأنتفاضة السلمية هي اقوى سلاح من كل اسلحة الغدر والدمار والقتل لدى المدججين بسلاح الموت ، حتى صرّح احد الشيوخ المعممين في ايران بأنّ الأنتفاضة هي ضد ثورة الحسين!!!
تخيّلوا ان انتفاضة الشباب العفوية والعابرة للطائفية ، والمطاليب المشروعة بتوفير لقمة العيش وايجاد فرص العمل، وتعيين الخريجين العاطلين عن العمل ، أصبحت بنظر هؤلاء "الفاسدين" هي ثورة ضد الحسين . نعم استطاعت ايران أن تجيّيش ملايين الساذجين والبسطاء والجهلاء من اخوتنا الشيعة بعد غسيل ادمغتهم وتخدير عقولهم لتصبح مراسيم كربلاء ذكرى لأضفاء الحقد والكراهية بين الأخوة. فاصبحت ذكرى استشهاد الحسين مناسبة لنبش الماضي واشعال الفتن الطائفية التي كان ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء المدنيين سواء من الشيعة والسنة .
ولكن خلاص يكفي !!! الجيل الحالي من الشباب عرف اللعبة القذرة لهؤلاء الفاسدين والمجرمين ، وخرج في تظاهرات ولأول مرة ، ولم يستعين لا بالمرجعيات الدينية المتاجرة بدمائهم ولا بالأحزاب الأسلامية الفاسدة ولا بالكتل السياسية العلمانية الحالية، لأنّ كُل من سكت من المتورطين في الحكومات المتعاقبة ،عن ماجرى في العراق من الفساد وتدمير البنية التحتية للعراق ، فهو مشترك بالجرائم بحق الشعب . هذه الكتل والأحزاب الفاسدة هم سُرّاق وقتلة بنوا الدولة وسنوا القوانين على مصالحهم الحزبية . هناك اليوم اكثر من مليون اسرة عراقية تحت خط الفقر ، ملايين من الأطفال اليتامة ، وانتشار الأمية وانهيار التعليم والفن والخدمات الصحية وانتشار امراض السرطان وتسمم المياه وخاصة في البصرة .هذا العراق الذي يجري فيه نهرين عظيمين لايحصل الكثيرون من العراقيين على المياه الصحية .
حكومات حزب الدعوة ألأسلامية المتعاقبة جعلوا من العراق يتربع على المرتبة 168 من أصل 180 دولة على مؤشر الدول الفاسدة .
كانت تظاهرات الشباب في البداية هي مطاليب متواضعة شرعتها قوانين الدولة العراقية ، ولكن هذه المظاهرات السلمية اصطدمت بجحافل من المرتزقة والقتلة الذين امطروا شباب بعمر الزهور بوابل من الرصاص الحي وحتى استخدام القناصين فسقط اكثر من 104 شخص والاف الجرحى من المتظاهرين في بغداد والمحافظات.
هكذا تحولت المظاهرات بعد ذلك الى مطاليب محاكمة المجرمين الذين نفذوا هذه الجرائم ورفع المتظاهرون سقف مطاليبهم ضد كُلِّ هؤلاء الذين تعاقبوا على الحكومة منذ سقوط النظام 2003 الى يومنا هذا . ولا حل بتغيير الحكومة بل يجب ان يطالب العراقيين بتغيير النظام
ما جرى ، هو بداية انتفاضة الشعب العراقي مهما كانت وسائل القمع ، لأنَّ التاريخ يُعلِّمنا أن الشعوب المحبة للحرية والحياة هي المنتصرة في النهاية ، مهما كان قمع المحتل ومهما كان الحاكم ظالما، .وكما يقول الشاعر التونسي الكبير ، ابو قاسم الشابي :
" اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر
اليوم الشباب في اغلب الدول العربية يثورون ضد الأنظمة الشمولية ، كما ثار الشعب الأيراني في المظاهرات الخضراء سنة 2009م ، ضد الَد أعداء الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الأجتماعية ، ضد الدكتاتوريين والأحزاب الأسلامية الأصولية التي تحاول ارجاع عجلة التاريخ الى الوراء والذين يريدون من شعوبهم ان يعيشوا في عقلية القرون المظلمة . في حين ان شباب اليوم يعيشون في عصر الحداثة ،عصر العولمة والأنترنت ووسائل الأتصال الأجتماعي . لايمكن أن تستطيع تلك الأحزاب الظلامية السيطرة على الشعب الهادرالذي كسر حاجز الخوف وليس لديه ما يخسره . ولايمكن لهؤلاء الفاسدين والمجرمين ان يستعبدوا شعوبهم ، لأنّ الشعوب انفتحت على عالم اخر ، عالم يؤمن بحقوق الأنسان بل يؤمن بحقوق الحيوان، وأنَّ العالم أصبح قرية صغيرة . الشعوب العربية اصبح لديها الوعي عندما يروا مجتمعات تحررت وتعيش في سلام وحرية وديمقراطية ، فهيهات ان تستطيع وسائل القمع لهذه الأحزاب الفاسدة ان تكمّ افواه هؤلاء الشباب ، ومن المستحيل ان يعزلوهم من سلاحهم الأمضى والأقوى من رصاص البندقية الا هو سلاح "الكلمة".
انتهى زمن المرجعيات بالنسبة لهؤلاء الشباب
انتهى زمن الدكتاتوريين والمتسلطين والقتلة المجرمين
انتهى زمن المحتلين الذين يستعبدون شعوب الدول المحتلة
انتهى زمن الترهيب والترغيب وسقطت جدران الخوف
انتهى زمن الأعلام المأجور والقنواة الفضائية المسخّرة للأنظمة الشمولية ، بسبب وجود وسائل حديثة للتواصل ونقل المعلومات الحيّة وخاصة بوسائل الأتصال الأجتماعي ، فلن تسطيع هذه الأنظمة ان تعزل الشعوب عن العالم الخارجي .
انتهى زمن تظليل الشعوب عبر 1400 سنة من الأكاذيب ، التي جعلت من هؤلاء الطغاة ابطال ومقدّسين ، في حين كان هناك وعبر التاريخ ضحايا ابرياء سقطوا قتلى على يد هؤلاء المجرمين .
إنتهى زمن المأجورين والمتاجرين بدماء شعوبهم ،لأنّ كُل مستور اليوم اصبح تحت الأضواء ، ومن الممكن لهؤلاء ان يكذبوا مرة ومرتين وثلاثة ولكن في النهاية سينكشفوا لامحالة.
وكما يقول احد الخبراء بما يجري في العراق : "جيل الألفين هو الذي قاد وسيقود هذه المظاهرات وهو جيل غير معروف "للمنطقة الخضراء" حيث العقول المتحجِّرة " . نعم العقول المتحجرة في المنطقة الخضراء التي تتداول السلطة والأدوار بينها ، هي عقول منعزلة عن شعبها تعيش في زمن اخر وعصر آخر ولن تستوعب التطورات في العالم ولن يتعلموا الدروس من التاريخ لأنهم صموا اذانهم لكي لايسمعوا وسدّوا عيونهم لكي لايروا وغيّبوا عقولهم لكي لايفهموا ،لأنّ الفساد اعمى بصيرتهم وغلظت قلوبهم وفقدوا ضميرهم وانسانيتهم .
تاريخ 1- 10- 2019 سيكون خالدا في ذاكرة العراقيين، ولن يستطيع احدان يمحوا او يزيلوا اصوات الشباب الذين هتفوا مرددين :" ايران برّا برّا عراق حُرّة حُرَّة."
هذا هو الشعار الذي ارعب الساسة والمعممين في طهران وقم وعملائهم في العراق لأنّه يُذكِّرهم بالثورة الخضراء في ايران عام 2009،والتي قُمعت بنفس الطريقة . وهذا الشعار سيكون كابوسا للذين باعوا ارضهم وخيراتهم للأجنبي . والدليل انهم بعد اسبوع من المظاهرات قاموا هؤلاء العملاء بحملة أعتقالات جماعية داخل الأحياء السكنية للناشطين والمحتجين الذين ليس لهم ذنب سوى انهم طالبوا بابسط حقوقهم. هذا الشعار سيقلق مضجع هؤلاء المجرمين الى يوم الدينونة والحكم عليهم بكونهم مجرمي الحرب وقتلة مواطنيهم المسالمين . وسيأتي اليوم لذي سيتم فيه اعتبار الشهداء الذين سقطوا في ساحة التحرير في بغداد وبقية المحافظات العراقية بأنهم كانوا ايقونة التحرير وابطال شهداء سيخلّدهم التاريخ وتكتب اسمائهم في سجل الشهداء الذين استشهدوا من اجل الكرامة والوطن والحرية والعدالة الأجتماعية

64



________________________________________
هل آنَ الأوان لكي نعترف، بحقيقة ما يجري بحقِّنا ، نَحنُ مسيحيّي الشرق ألأوسط ؟
نافع البرواري

من يقرأ ألأحداث التاريخية ، منذ انطلاق الجيوش العربية الغازية من قلب الجزيرة العربية ، في بدايات القرن السابع الميلادي ، واحتلالها لمنطقة الشرق ألأوسط وشمال افريقيا وسقوط القسطنطينة (1453 م ) قلعة الكنيسة الشرقية وصولا الى يومنا هذا ، سيصل الى نتائج بالغة الخطورة .
فالتاريخ يخبرنا عن تهديم مئات الكنائس وتحويلها الى جوامع منذ زمن عمر بن الخطاب (صاحب الشريعة العمرية التي جعلت من المسيحيين اذلاء مستعبدين) مرورا بالخلفاء الأمويين والعباسيين وصولا الى الخلفاء العثمانيين الذين عملوا على أخلاء تركيا بل الشرق ألأوسط من المسيحيين . فسواء خفَّ ألأضطهاد بحق المسيحيين في فترات ومراحل تاريخية معيّنة ، لأسباب تكتيكية ( شريعة التقيّة ) ، أو كان ألأضطهاد بمختلف الوسائل واقع حال ويتم تطبيقه في أرض الواقع في مراحل اخرى من التاريخ . فالوقائع والشهادات عبر التاريخ تؤكِّد لنا على تناقص نسبة المسيحيين في هذه الدول(من حوالي 70% الى حوالي -5 %) منذ الغزو العربي القادم من شبه الجزيرة العربية الى يومنا هذا .
وها هو اليوم ما يؤكِّد لنا ، تلك الحقائق التاريخية فهي لا زالت هي هي ، ويتم تطبيعها على أرض الواقع ، من خلال ممارسات الدول العربية بحق المسيحيين ، وخاصة بعد انتشار الفكر الأسلامي المتشدد في هذه الحقبة من التاريخ ، حيث تقوم هذه الدول بتنفيذ نفس الدور العثماني بمحاولات ترهيب واضطهاد المسيحيين في هذه البلدان بشتى الوسائل والطرق الغير الشرعية ، سواء في العراق او مصر أو في سوريا ولبنان وفلسطين والسودان ، ( بالأضافة الى ما شهدناه من الأضطهادات بحق المسيحيين في ايران وتركيا وفي اغلب الدول ألأسلامية ) .
هذا ألأضطهاد مبرمج ومنظم وينفّذ بوسائل جهنَّمية مبتكرة ومخفية ، بمباركة غالبية رجال الدين والمرجعيات الأسلامية ، وبتنسيق مفضوح مع الصهيونية العالمية . ومن يقول غير هذا فهو جاهل في التاريخ ويحاول أن ينسى الماضي ويقول عفى عما سلف ، وبهذا يضع رأسه في الرمل كالنعامة التي تظنُّ أنها بهذا لن يصيدها الصيّاد .

إنَّ ما نقوله ليس محض إفتراض أو تكهنات أو مخاوف من المستقبل ، بل ما نقوله هو واقع حال ، فما حدث ويحدث للمسيحيين في هذا الشرق من ألأضطهادات والترهيب بمختلف الوسائل المعلنة والمبطّنة ، والأستيلاء على أراضي الكنائس وأراضي المواطنين المسيحيين سواء من قبل العرب أو ألأتراك أو الفرس أو ألأكراد خير دليل على ما نقوله اليوم . وكذلك التغييرات الديموغرافية التي حدثت للمناطق التي كان يسكنها شعبنا المسيحي خير شاهد على ذلك .
إن انتشار الثقافة الأسلامية المتشددة ، نلمسها ونراها اليوم ، فهي ظاهرة منتشره في أغلب الدول العربية والأسلامية ، وخاصة بعد الثورة الأسلامية (الشيعية )في ايران سنة 1979 ، التي كان شعارها تصدير هذه الثورة الى الدول الأسلامية والتي بسببها قامت الحرب ألأيرانية العراقية. وبالمقابل ، للثورة الشيعية الأسلامية في ايران ، ظهر تيار سني (وهابي) متشدد في الدول العربية والأسلامية بقيادة السعودية (السنية) للحد من انتشار الثورة الأسلامية الشيعية . وكان نتيجة هذا الصراع الرهيب ، بين المذهبين ، هو بمثابة حرب معلنة أحيانا وغير معلنة في احيان أخرى ( كما حدث في العراق وما حدث في لبنان بين حزب الله الشيعية والأحزاب السنية ، وما حدث في اليمن حيث جماعة الحوثيين المدعومين من قبل ايران ، وما حدث ويحدث في البحرين ، وانقسام الحكومة الفلسطينية الى شطرين والصراع الدموي بينهما ، وما يحدث اليوم في سوريا من المذابح والقتل هو امتداد لهذه الحرب ...الخ ).
انَّ ما زاد الطين بلّة هي أحداث 11 ايلول سنة 2001 عندما ضَربت القاعدة أبراج نيويورك وراح ضحيّتها الاف المدنيين الأبرياء ، وهكذا أعطى هذا الحدث المزلزل المبررات للتدخل الغربي ، بقيادة أمريكية ، في الدول العربية والأسلامية بحجّة كبح الأرهاب والقضاء عليه . كان نتيجة هذا التدخل الغربي هو اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق والنظام الطالباني في أفغانستان . مما خلق نوع من الكراهية والحقد في كافة الدول العربية والأسلامية ضد أمريكا والغرب وأنعكس ذلك على مسيحيي الشرق الأوسط ، بلا مبرِّلر ، وخاصة في العراق ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان . فكان هذا التدخل الغربي بمثابة وقود ليزيد النار اشتعالا في هذه الدول العربية والأسلامية ليحرق اليابس وألأخضر .
هذا هو خلاصة ما حدث ويحدث اليوم في الشرق الأوسط وكُلّ ذلك انعكس وينعكس على الشعب المسيحي المسالم الذي يؤمن بالسلام وينشد ألأمان والأستقرار ويتشبث بأرضه ووطنه بالرغم من هذا الكم الهائل من الأرهاب وألأضطهادات عبر مئات السنين الى يومنا هذا ، حيث لا يمرُّ يوما الاّ ونسمع عن حوادث متفرقة ، عن قتل وتفجير كنائس أو دهم بيوت المسيحيين والنوادي الأجتماعية وترهيب المسيحيين بالويلات في حالة عدم ترك كل ما يملكوه ويهاجروا . ولقد استفحلت ظاهرة الترهيب للمواطنين المسيحيين في كل الدول العربية والأسلامية بعد ما يسمى "الربيع العربي" وخاصة بعد انتشار الفكر التكفيري المتشدد للأحزاب الأسلامية التي تسلقت الى الحكم في غالبية الدول العربية وألأسلامية ، كأيران وتركيا والعراق ومصر وتونس وحتى الدول التي لا تحكمها ألأحزاب الأسلامية لكن مجتمعاتها تنتشر فيها ثقافة التعصب والحقد والكراهية ضد المسيحيين . الغريب العجيب هو وقوف الدول الغربية (المتحضِّرة) متفرجة ،بسكوتها المطبق عمّا تمارسه الدول العربية والأسلامية من الأضطهادات والتهجير والترهيب بحق المسيحيين في هذه الدول، بينما تنص قوانين الأمم المتحدة بالتدخل لوقف اضطهادات الأقليات العرقية والدينية في حالات الأضطهادات الممنهجة لأي دولة من الدول بحق مواطنيها الأصليين .
إنَّ الدساتير العربية وألأسلامية تجعلنا نحن المسيحيين مستعبدين وخاضعين للشريعة الأسلامية ، وبهذا يتم اليوم محاربة المسيحيين بطرق مبتكرة وحديثة باسم الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتي ليست الاَّ عبارات رنانة ولكنّها جوفاء فارغة المضمون والمعنى في ظل المادة الثانية من الدستور( كمثال على ذلك الدستور العراقي والمصري) التي تؤكد على ان القوانين جميعها مستمدّة من الشريعة الأسلامية . وهكذا يطلُّ علينا شبح ألأرهاب والأضطهاد ، بحق المسيحيين ، لكن بلباس الحق وباسم الحرية والعدالة والمساوات . وصدَّق من قال : "كم من البشر ذُبِحوا باسمُك أيَّتها الحرية ".
علينا أن نصارح شعوبنا ، بهذا الواقع ألأليم وعلى جميع المسيحيين سواء كانوا رؤساء دينيين أو دنيويين أن يقولوا الحقيقة ولا يكذبوا على أنفسهم او على شعوبهم ، وأن يحاولوا أن ينطلقوا من هذا الواقع المرير للتعامل مع المسلمين من جهة ومع المنظمات الدولية والدول الديمقراطية المتحضِّرة من جهة اخرى ، مهما كانت نتائج ، هذا ألأعتراف ، خطيرا ومُرّأ ،لأنّنا ، كمسيحيين ، لم يبقى لنا ما نخسره بعد كلِّ ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر الذي نعيشه ونلمسه .أليوم علينا أن نضع النقاط على الحروف وأن نعترف بهذه الحقائق وننطلق من هذا الواقع ألأليم .
نحن المسيحيين بكافة طوائفنا وقومياتنا ، معرِّضين اليوم أكثر من أي وقت آخر لمحاولات محو الهوية والذاكرة التاريخية ، بفرض الثقافة البدوية المتخلفة والتهديد والترهيب لترك اوطاننا ومقدساتنا وأراضينا ، ومحاولات مسخ حضارتنا وتزوير تاريخنا . فهل ستبقى رؤسنا مغمورة في الرمال ، أم علينا مواجهة هذا الواقع بكل السبل القانونية والمشروعة ؟ . وهل رؤساء ورعاة كنائسنا سيصارحون أنفسهم بهذا الواقع الجديد والقديم وينقلوا صراخ شعبهم وأنينه ومأساته وتخوفه من المستقبل المظلم ، ) ؟ . وهل سيسمعوا رؤساء احزابنا بكل فئاتهم لنداء شعبهم (الكداني السرياني الآشوري) لكي يتصالحوا ويتوحّدوا ليكونوا قلبا واحدا وروحا واحدة وينسوا خلافاتهم ،الغير المبرّرة ، ليهبّوا ويتحرَّكوا ويتوحَّدوا بصوت واحد ويوصلوا حقيقة ما يجري بحق شعبهم الى المحافل الدوليَّة والمنظمات العالمية والأنسانية ؟ أسئلة علينا ألأجابة عليها قبل فوات الأوان ، حيث لن يفيدنا الندم ولا السلطة ولا المال ولا المناصب ، بل لن يرحمنا التاريخ ولن يغفروا لنا ألأجيال القادمة .

65

                                                                             
"الكنائس المسيحية التي حوَّلها المسلمون  الى مساجد عبر التاريخ"
بقلم : نافع البرواري
 
مقدمة
 
يقول شيخ ألأسلام  إبن تيمية في احدى فتاويه:
"إنَّ علماء المسلمين مِن أهل المذاهب الأربعة؛ مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم مِن الأئمَّة؛ كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم، ومَن قبلهم من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - أجمعين متَّفقون على أنَّ الإمام لو هدَم كلَّ كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسَّواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدًا في ذلك ومتبعًا في ذلك لمَن يرى ذلك؛ لم يكن ذلك ظلمًا منه، بل تجب طاعتُه في ذلك ومساعدته في ذلك ممَّن يرى ذلك، وإن امتَنعوا عن حُكم المسلمين لهم كانوا ناقِضين العهدَ وحلَّت بذلك دماؤُهم وأموالُهم". (1)
ومن خلال هذه الفتوى نستخلص نتيجة واحدة هي أنَّ المذاهب ألأربعة الرئيسية في ألأسلام متفقين على حقيقة واحدة أنَّ مصير كنائس المسيحيين يعتمد على ما يصدر من الفتاوى من إمام الأمة الأسلامية في هدم الكنائس أو إبقائها . وسنكتشف من خلال الوقائع التاريخية أنّ المسلمين عندما غزوا وأحتلوا البلدان المسيحية هدموا آلاف الكنائس وألأديرة .
يقول العالم الأمريكي "بيل وورنر ، الذي اختص في دراسة التاريخ ألأسلامي: " فقط القرن العاشر الميلادي لوحده ، أمرَ أحد الخلفاء المسلمين بهدم 30.000 كنيسة ."(2)
وإن الكنائس وألأديرة التي دمرها المسلمون  أو حوَّلوها الى مساجد، سواء في غزواتهم أو بعد سيطرتهم على البلدان المسيحية  لايمكن إحصائها فهي تقدر بعشرات الآلاف . لا يوجد عدد معروف للمساجد التي كانت كنائس فهي أكثر من أن تُعَد . ولكن سنحاول إعطاء بعض النماذج وليس حصرا.
كنائس تحولت لمساجد في تركيا بعد سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين :
لما دخل العثمانيون الغزاة مدينة القسطنطينية عام 1453 ميلادي، قاموا بتغيير اسم المدينة الى اسطنبول ،وحوَّلوا أعداد كبيرة جداً من كنائس الحضارة  البزنطينية الى جوامع.
واهم هذه الكنائس هي :
1-
 كنيسة آية صوفيا
بنيت آيا صوفيا في عهد الإمبراطور جستنيان عام 532، واستغرق بناؤها حوالى خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام 537م، واستمر مبنى آيا صوفيا على مدار 916 عاماً كاتدرائية ولمدة 481 عاماً ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط .
2 –
 كنيسة "كارية أو تشورا"
 قليلة الشهرة مقارنة بآيا صوفيا، بمرتبة متقدمة بهذا الشأن ، إذ مرت بمراحل آيا صوفيا ذاتها، هي موجودة اليوم في حي أديرنة كابيه، في الجزء الغربي لمنطقة الفاتح باسطنبول واحدة من الكنائس القليلة الباقية من العهد البيزنطي، إذ يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي. وبعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح بقيت كنيسة، لتتحول بعد 58 عاما من الفتح، إلى جامع، بعد قرار من قبل الصدر الأعظم علي باشا عام 1511، وأثناء التحويل تم مسح كل اللوحات الجدارية والموزاييك عن الجدران، ليتم إغلاق الجامع عام 1956 وتتحول حتى اليوم إلى متحف. (3)
3 –
 كنيسة أشوريبيتوس (مسجد إسكي كامي)

كنيسة أشوريبيتوس اليونانية الأورثوذكسية ، بنتها الكنيسة اليونانية بالقرن الخامس الميلادي ، ظلت الكنيسة بسالونيك المرفأ و المدينة اليونانية المسيحية إلى عام 1430 حينما غزا السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح المدينة ، تحولت المدينة إلى جزء من سلطنة الأتراك و تحول المكان الكنيس إلى مسجد إسمه مسجد إسكي كامي أوالمسجد القديم ، بالعام 1912 و مع حرب البلقان الأولى و إجلاء الأتراك من المدينة و نهاية حكم العثمانيين تم تحويل
المسجد إلى أصله و هو كنيسة أرثوذكسية .
-4
 كنيسة المخلص المقدس في تشورا (مسجد كار كامي)
كنيسة المخلص المقدس في الحقول أو البلدة ، كنيسة جنوب القرن الذهبي ، بنيت ببداية القرن الخامس و أعيد بناؤها جزئيا ثلاث مرات عبر تاريخها حتى الغزو العثماني ، بالعام 1502 تم تحويلها إلى مسجد ، تمت تسميته بمسجد كاري كامي
5 –
 كنيسة القديس إيجينيوس (مسجد يني جمعة أو مسجد جمعة الجديد)
بُني المكان ككنيسة بالنصف الأول للقرن الثالث عشر بطرابزون ، سُمي المكان كنيسة القديس إيجينيوس نسبة للقديس إيجينيوس شفيع مدينة طرابزون و راعيها ، بالعام 1460 و بعد حصار جديد للمدينة نجح هذه المرة بعد قرابة ثلاثة قرون من الحصارات و الهجوم سقطت المدينة بيد الأتراك ، تم تحويل الكنيسة المُقدسة إلى مسجد
6 –
دير ستوديوس (مسجد حراس الاسطبل سابقاً حالياً مسجد ألياس بك "
 دير ستوديوس ، بناه القنصل الروماني ستوديوس عام 462 بالقسطنطينية تكريساً للقديس يوحنا المعمدان ، تعرض للتدمير الجزئي عدة مرات و في العام 1290 اعيد بناؤه بشكل كامل ، بالعام 1510 تقريباً تم تحويله لمسجد سُمي بمسجد حراس الاسطبل السلطاني ، بمرور الوقت تعرض للتدمير من الحوادث و الزلازل ، بالعام 1946 تم تحويله لمتحف ، مؤخراً تم افتتاحه ليكون مسجد بدلاً من كونه متحف عام 2014 ليكون مسجد من جديد بعد تحويله لمتحف ب 68 سنة
.
7 –
 كنيسة و دير سانت أندرو (مسجد مصطفى باشا)
تم وضع حجر أساس الدير في بداية القرن السادس الميلادي بالقسطنطينية ، تم هدمها جزئياً في الحروب و اعادة بناء المكان بنهاية القرن الثالث عشر ، مع الاحتلال التركي قررالصدر الاعظم مصطفى باشا تحويل الدير لمسجد ، إلى اليوم يظل المكان مسجد ، تم اعدام الصدر الاعظم شخصياً عام 1512 و مازال المكان مسجد مأهول لليوم .
 8 –
 كنيسة القديس يوحنا المعمدان (مسجد أحمد باشا)
بعد إحتلال القسطنطينية استخدمت الراهبات الكنيسة كملجأ و للصلاة ، كانت الكنيسة واحدة من عدة كنائس تم توزيع الراهبات عليها بعد طردهن من كنيسة الرسل المقدسة التي تم هدمها و سرقتها لتتحول لمسجد ، ظلت الكنيسة محل للراهبات حتى عام 1588 حينما أمر السلطان بطرد الراهبات و تحويل الكنيسة هي الأخرى لمسجد و تمت تسميته بمسجد أحمد باشا .
-9
 كنيسة متروبوليس القديمة في فيريا (مسجد سيادة الإمبراطور  )
بُنيت كنيسة متروبوليس القديمة ببداية القرن الحادي عشر شمال اليونان ، بالعام 1430 تم إحتلال المدينة و تم تحويل الكنيسة لمسجد سُمي بإسم السيادة الامبراطورية ، ظل المكان مسجد لحين طرد الاتراك من اليونان العثمانية بعد هزيمة السلطنة في  حرب البلقان الأولى عام 1912 لتعود الكنيسة لأداء عملها المسيحي من جديد .
10 –
 كنيسة سانت دومينيك (مسجد العرب)
تأسست كنيسة سانت دومينيكو بالعام 1299 كوريثة لأكثر من بناء مسيحي و تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك ، بالعام 1453 تم إحتلال القسطنطينية ، كانت الكنيسة مستمرة طيلة عهد الاتراك لمدة 25 سنة بإسم ميسا دومينيكو إلى العام 1478 حينما تم تحويلها لمسجد ، تمت تسميته بعدة أسماء منها المسجد الكبير ، مسجد غلطة و مسجد العرب .
11 –
 كنيسة آياصوفيا في طرابزون (متحف طرابزون أو مسجد طرابزون)
 بُنيت الكنيسة بالعام 1263 في طرابزون ، إستمرت تعمل ككنيسة و ملتقى للرهبان حتى غزو المدينة عام 1461 ، بين 1461 و 1584 تم تحويلها لمسجد ، بالعام 1964 تم تحويله إلى متحف ، بالعام 2012 قررت السلطات المحلية إعادة تحويل المكان إلى مسجد من جديد في الغاء لقرار حكومة عصمت اينونو .


12 –
كاتدرائية القديس نيقولاوس (جامع لالا مصطفى باشا)
تم بناء الكاتدرائية المقدسة في قبرص فاغاموستا عام 1328 ، تم تكريسها ككنيسة كاثوليكية بالعام 1328 ، في اغسطس 1571 سقطت فاغاموستا بيد الأتراك ، تم تحويل الكاتدرائية إلى مسجد فور الاحتلال ، إلى اليوم لا تزال الكاتدرائية مسجد .
-13
 مجمع : {دير المسيح حاكم الكل و كنيسة والدة الإله و كنيسة سانت مايكل}  (جامع المُلا زيريك)
في سنة 1124 تم بناء دير بإسم "المسيح كُلي القدرة" أو "المسيح حاكم الكل" وفي سنة 1130 تقريباً بُنيت بجوارها كنيسة بإسم "والدة الإله " و تم الوصل بينهما بكنيسة صغيرة بإسم "كنيسة القديس مايكل" . مع احتلال القسطنطينية سنة 1453 تم تحويل المكان لمدرسة دينية ، سُميت بإسم الإمام زيريك الذي كان يدرس و يكتب فيها ، الى اليوم لا تزال الصفة الدينية الاسلامية تخص المكان مع انه غير مستخدم بشكل أساسي باعتباره اثر مقيم من اليونسكو لكن يظل مكان للصلاة و العبادات نهاراً و لا يستخدم ليلاً .
- 14
 دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس (مسجد إسكي إمارت(
عام 1085 تم بناء دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس من قبل والدة الامبراطور أليكسوس الأول ، كان المبنى مخصص للعبادة الأرثوذكسية ثم تحول مؤقتاً للعبادة الكاثوليكية في فترة الحكم اللاتيني و عاد لاحقا بالقرن الثالث عشر للكنيسة الأرثوذكسية ، بالعام 1453 و فور إحتلال القسطنطينية تم تحويله لمسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد مطعم حساء الفقراء حسب التسمية التركية إسكي إمارت ، إلى اليوم يظل المكان مسجد و إن كان بنيانه قد تردى .
15-
 كنيسة القديس بندلايمون (مسجد إسحاق)
بُنيت كنيسة القديس بندلايمون أواخر القرن الثالث عشر تابعة للكنيسة الأرثوذكية بسالونيك اليونانية ، تم غزو سالونيك من قبل الاتراك 1430 ، بالعام 1548 تم تحويل المكان إلى مسجد إسحق نسبة للقاضي اسحق جلبي ، ظلت الكنيسة مسجد إلى العام 1912 حينما تم إنهاء حكم الاحتلال التركي لسالونيك و تم طرد التراك إثر هزيمتهم في حرب البلقان الأولى ، عاد المكان كنيسة بعد هذا .
السؤال الآن هل سليمان القانوني إشترى هذا المكان هو الآخر؟؟
-16
 كاتدرائية كارس (مسجد القبة(
بُنيت الكنيسة في كارس شمال شرق تركيا الحالية بالقرن العاشر بناء على امر الملك الارميني آباص ، تم التخلي عن الكنيسة و تركها مع الغزو السلجوقي بالقرن الحادي عشر ، سنة 1579 قام الصدر الاعظم مصطفى باشا بتحويلها لمسجد ، وفي سنة  1877 كانت كارس قد انتقلت لتبعية روسيا القيصرية فاعادت المسجد لأصله الكنسي و لكن سنة  1918 اعادت الدولة العثمانية السيطرة على كارس لتحول الكنيسة للمرة الثانية لمسجد . سنة 1919 انتقلت كارس لسيطرة الارمن ضمن هدنة مدروس التي سحبت الجيش التركي للخلف فعادت كنيسة من جديد ، نزع كمال اتاتورك ملكية المكان و عرضه للبيع فاشترته بلدية كارس ليصير متحف بين 1964 و 1978 ليتم تحويله لمسجد عام 1993 .
- 17
كنيسة آياصوفيا في إزنيق (مسجد آياصوفيا  مسجد اورهان)
 بُنيت الكنيسة في نيقية بشمال غرب الأناضول بالقرن السادس الميلادي ، تم تحويلها لمسجد عام 1337 بعد غزو الأتراك لنيقية . سنة  1935 تم تحويلها لمتحف ، وفي سنة 2011 اعيد افتتاحها بنوفمبر كمسجد من جديد و حملت اسم مسجد آياصوفيا و مسجد السلطان اورهان .


 -18
كنيسة القديس ديمتريوس (مسجد القاسمية(
بُنيت كاتدرائية القديس ديميتريوس عام 634 على انقاض عدة مباني أخرى سبقتها كمباني مسيحية بقرون ، يُعد المكان من أهم أماكن العبادة المسيحية في سالونيك ، سنة 1430 تم غزو سالونيك من قبل ألأتراك العثمانيين و تم تحويل الكاتدرائية لمسجد بإسم مسجد القاسمية Kasimia cami عام 1493 ، وفي سنة  1912 مع زوال الاحتلال العثماني اعيد المكان لأصله الكنيس المسيحي .
- 19
دير و كنيسة المزهرية (المسجد الصغير(
 بُني الدير بالقرن التاسع الميلادي كدير و كنيسة صغيرة و مدفن لأسرة ثيودور لاحقاً ، مع احتلال القسطنطينية عام 1453 قام هايريتين أفندي بتحويله لمسجد و سمي بالمسجد الصغير ، في زلزال 1894 تم تدميره جزئياً ، تم ترميم المكان بنهاية سبعينيات القرن العشرين ، الى اليوم يستخدم للصلاة .
-20
 دير كونستانتين ليبس (مسجد الملا عيسى الفناري Molla Fenâri
 بُني الدير عام 908 كدير للراهبات و مكان للصلاة بحضور الامبراطور ليو السادس ، يُعد الدير أكبر أديرة القسطنطينية البيزنطية ، في عهد الحكم اللاتيني أُقيمت كنيسة جديدة جنوب الدير و أضيفت لاحقاً للدير ، سنة 1497 تم تحويل المكان إلى مسجد و تسمى بإسم مسجد الملا عيسى الفناري  ، بعد حريق اخير سنة 1918 تم اغلاقه و في سنة 1980 تم الانتهاء من ترميمه ليستعاد من جديد كمسجد
21
 
دير أرض المر (مسجد البدروم أو مسجد القبو-

أسس القائد اليوناني رومانوس الأول كنيسة أرض شجر المر قرب بحرمرمرة تقريا عام 919 باعتباره قصر للحكم ، بمنتصف القرن العاشر تحول المكان إلى دير للراهبات ، بعد غزو الأتراك للقسطنطينيةسنة 1453 . تم تحويل الكنيسة إلى مسجد بأمر مسيح باشا الصدر الأعظم عام 1500 ، عُرف المسجد بإسم مسجد القبو أو مسجد مسيح باشا. سنة  1911 تم هجر و اغلاق المكان بسبب الحرائق لكن عام 1990 و بعد سلسلة حفريات تم ترميم المكان و استعيد كمسجد
-22.
كاتدرائية سانت صوفي (مسجد السليمية
(
في نهاية القرن الثالث عشر كانت كنيسة سانت صوفي في نيقوسيا بقبرص قد أُعدت بعد بناء مرير استمر طيلة القرن بسبب الحروب و الزلازل  ، ظلت الكاتدرائية صامدة امام الحروب المسيحية و الحملات الصليبية و الزلازل ، وفي سنة 1570 و في سبتمبر و بعد حصار طويل تم اجتياح نيقوسيا و قتل 20.000 من سكانها و نهبها ، بعد مجزرة بالكاتدرائية تم تحويلها لمسجد هي و كافة الكنائس بالمدينة ، الى اليوم يظل المكان مسجد.
-23
 كنيسة مريم ذهبية الرأس
 أُسست الكنيسة بالقرن العاشر الميلادي في طرابزون المطلة على البحر الاسود ، أُستخدمت الكنيسة كذلك كمدفن للعديد من الشخصيات الملكية ، في سنة 1461 تم غزو الأتراك العثمانيين لطرابزون ، مع الغزو فوراً تم تحويل الكنيسة لمسجد .تمت تسمية المسجد بالفاتح نسبة للسلطان محمد الفاتح .
 24-
 كنيسة مريم العذراء (مسجد التجار)
تأسست الكنيسة بالقرن الحادي عشر في سالونيك اليونانية ،سنة 1430 تم غزو سالونيك ، تم تحويل الكنيسة لمسجد و لُقب بمسجد التُجار ، وفي سنة 1912 هُزمت الدولة العثمانية بحرب البلقان الاولى ، تمت استعادة الكنيسة و عادت الى حالتها الكنسية الاولى .
25-
 كنيسة النبي إيليا (مسجد السرايا)
كنيسة النبي إيليا تأسست بالقرن الرابع عشر الميلادي و تعد حاليا من الاثار الانسانية ، مع الغزو التركي لسالونيك عام 1430 تم تحويل المكان لكنيسة بأمر مصطفى باشا ، المكان سُمي بمسجدالسرايا ، سنة 1912 مع تحرر سالونيك من الاحتلال التركي تمت اعادة الكنيسة .
-26
 كنيسة القديسة ماريا (مسجد أولسيني)
 بُنيت كنيسة القديسة ماريا في أولسيني الواقعة اليوم بجمهورية الجبل الاسود عام 1510 في اطار حكم جمهورية جنوة ، سنة 1571 غزا الاتراك اولسيني ، تم تحويل المكان الى مسجد فور دخول قوات الاتراك المدينة ، ظل المكان مسجد الى سنة 1880 حينما حررت قوات مونتنيغرو المدينة و اعادت الكنيسة كما كانت.
-27
كنيسة القديس ستيفن (مسجد الفاتح)
شُيدت كنيسة القديس ستيفن سنة 730 المكرسة لسانت تيودور ،سنة 1330 تقريباً كانت قد باتت جزء من دولة الاتراك العثمانيين ، تم تحويل الكنيسة لمسجد ، بين 1919 و 1922 تم تحويلها لكنيسة بواقع الاحتلال اليوناني للمنطقة ، في 1922 و بعد معركة دوملوبينار و تحرر المنطقة اعيد المكان لصفة المسجد ، إلى اليوم مازال المكان مسجد .

 -28
 كنيسة دير راهبات سانت ثيودوسا
كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ(مسجد غول حالياً)
المبنى الكنسي فهو اما كنيسة ملحقة بالاثر المميز باسم دير ثيودوسا المقدسة او كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ ، يُقدر البناء بالقرن الحادي عشر في نهايته ، ظل المبنى محل تنازع و احتضان صراعات مسيحية حتى مجئ الغزو التركي ، سنة 1453 تم تحويله الى حطام بسبب القصف التركي و التخريب ،سنة 1490 تم ترميمه و تحويله الى مسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد غول او مسجد الروز ، الى اليوم يظل المبنى مسجداً.
-29
-كنيسة العذراء أم الإله (مسجد قلندر خانة)
تعود جذور البناء للقرن السادس الميلادي كوريث لعدة بنايات كنسية و يؤسس البناء الحالي بالقرن الثاني عشر ، تناوب الأرثوذكس و اللاتينيين ملكية المبني في إطار الحروب بين الطرفين ، بالنهاية استقر المكان تبعيةً للكنيسة الارثوذكسية ، مع الغزو التركي عام 1453 تم اقرار أسلمة المكان ، قرر محمد الثاني منح الكنيسة لطائفة القرندلية من الدراويش ، تحول المكان لتكية و وقف ليصير سنة 1746 مسجد ، بنهاية القرن التاسع عشر تحول لمكان مهجور لكن مع مطلع سبعينيات القرن العشرين تم ترميمه و افتتاحه و هو الان مسجد.
-30
-كنيسة القديس ثيودور (مسجد الملا غوراني )
 يعود البناء لبداية القرن الحادي عشر بالقسطنطينية ، كأغلب كنائس المدينة تناوبتها الكنيسة الأرثوذكسية ثم اللاتينية في اطار الحرب بين الشرقيين و اللاتينيين ، سنة 1453 تم احتلال المدينة من قبل الاتراك العثمانيين ، بعد الغزو تم اقرار تحويل المكان لمسجد ، سُمي المسجد باسم المُلا Gürani مُعلم السلطان و أستاذه ، الى اليوم يظل المبنى المُرمم و المُصلح بعد حريق 1848 مفتوح  (4).
-31
-كنيسة آيا صوفيا الصغير
كانت نسخة مصغرة  للكنيسة الكبيرة ايا صوفيا  وقد حولت الى مسجد بعد سقوط القسطنطينية بيد محمد الفاتح .(5)
32 –
 هناك الكنيستين الأرمنيتين الموجودتين في أورفا والتي تحولتا الى مساجد في عهد جمهورية تركيا
كنيسة القديسة العذراء وكنيسة الرسل القديسين في أورفا
بسبب الإبادة الأرمنية عام 1915، تحولتا الى مسجدين.
وتظهر كنيسة العذراء في الصور القديمة للمدينة، حيث كان يوجد بجانبها معهد أرمني وكنيسة أخرى.
33 –
 الكنيسة التي تقع في الحي الأرمني الواصل حتى قلعة أورفا، بقيت بعد الابادة دون رعاية ثم تحولت الى أنقاض، وفيما بعد
 الى محطة كهرباء
وفي عام 1993 تحولت الى مسجد
.(6).
-34
-مسجد العرب
وهو  في منطقة غلاطة في اسطنبول ، وكان كنيسة بيزنطية في القرن السادس الميلادي، وتحول لجامع غلاطة في المرة الأولى التي حاول فيها المسلمون دخول مدينة اسطنبول عام 668 ميلادي، لكنه عاد كنيسة بعد خروجهم منها، وبعد الفتح الإسلامي العثماني الأخير للمدينة، جرى تحويله لجامع العرب بين عامي 1475 و1478. (7)
كنائس متفرقة في العالم الأسلامي التي تم تحويلها الى مساجد
1 -
المسجد الأموي
قبل الغزو الأسلامي واحتلال الشام كانت كنيسة القديس يوحنا المعمدان في دمشق
 التي تحوَّلت على يد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك ، الى ما يسمى اليوم بالمسجد ألأموي . طبعا لاننسى بتحول كنائس أخرى غير مشهورة في الشام الى جوامع.
2-
 مسجد الخضراء
كان كنيسة مبنية على مغارة  في فلسطين تم بنائه سنة 1187 ثم حوّله المسلمون  الى مسجد في العهد الإسلامي الأول في بلاد الشام، في القرن السابع الميلادي
3 –
  جامع العطارين
ويقع جامع العطارين وسط سوق العطارين الأثري بمدينة الاسكندرية، ويضم مواقع أثرية تعود لعهد غزوات نابليون بونابرت على مصر، وقد كان كنيسة للقديس أبناسيوس، عام 370 ميلادي، وتحول لمسجد بعد الفتح الإسلامي للمدينة.(8)
قال أبو المكارم فى مخطوطه :" من جملة كنائس القاهرة التى حولت واصبحت مسجداً ودار
4-
 الكنيسة الأولى :
 
بالخط المعروف بدار الأوحد إبن أمير الجيوش بدر شهاب الدولة بدر الخاص جعلت تعرف بسكن القفول وقبتها ظاهرة إلى الان وبها صور كنائسية هذه الصور كانت تنفض البياض كلما اراد المسلمون تبييضها !!!!!!!
5-
 والكنيسة الثانية
فى الزقاق المعروف بالشيخ ابى الحسن أبن أبى شامة بخط دار الوزارة المعروفة الآن بدار الديباج . وكان امامها جوسق (الجوسق يعنى قصراً كبير )حولت مسجداً وضموا الجوسق الذى كان خارجها إليه واصبحت دار به وأستعملت للسكن يطلع إليه من داخلها".
 
-6
-الكنيسة الثالثة : 
 كنيسة للسيدة العذراء مريم فى خط حارة الريحانية
أنشأها الأقباط وفى الجزء العلوى منها كنيسة على إسم القديس تادرس المشرقى وهى تجاور حارة الريحانية أمام الحسينية وحولت إلى مسجداً فى الأرض التى كانت مقطعة لسبح أبن شاهنشاة وعمره الخليفة العاضد فى بداية خلافته ويعرف الان بمسجد زنبور وهو أيضاً منذور للخميرة الأولى
-7
- الكنيسة الرابعة

 بالقرب من ساحل البحر (النيل) كنيسة القديس مارى جرجس كانت للأرمن ثم حولها المسلمين مسجداً فى الخلافة الحاكمية وعدى عليها البحر ( أى أن مياه النيل غمرتها واصبحت من مجراه )

هذا ما عدا مئات الكنائس التى لم نستطع الحصول على أسمائها وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث خاص
 (9) .
 
بعض الكنائس في العراق التي تحولت الى مساجد:
  الباحث الفرنسي الدومنيكي "جان فييه " يذكر الكنائس وألأديرة التي تحوَّلت الى جوامع في الموصل فقط وهي : 
1 –
 كنيسة مار زيا
كانت تُسمّى كنيسة الصليب أو كنيسة التكريتيين والتي اصبحت جامع وتقع في منطقة القلعة سوق النجارين
2 –
 كنيسة مار تيودورس : وهي من الكنائس المندثرة . وكانت تقع قرب باب العراق أو باب تكريت وقد أنشأ فوقها جامع
 الجويجاني . وهدم هذا الجامع عند فتح شارع فاروق وعند الهدم وجدوا في أحدى جدرانه حجرا يحمل كتابات سريانية
3 –
 كنيسة ألأربعين شهيد : تحولت هذه الكنيسة اليوم الى الجامع الكبير وهو ألآن بين شارع الفاروق القديم ومنطقة السرجخانة .
 ويعتقد بعض المؤرخين أنَّ الجامع بني على ارض كانت سابقا كنيسة القديس بولس.
وهذا الجامع يضم ألآن منارة الحدباء المعروفة بتحدبها بمرور الزمن
 
4-
 دير مار يونان : حاليا اصبحت جامع النبي يونس ويقع جهة تل قوينجو ويعرف ايضا بتل التوبة . وهو في الجهة الشرقية من الموصل نينوى القديمة ,وقد عمّر هذا الجامع عدة مرات اخرها التغليف بالحلان المرمر وبنيت منارته الحديثة . ويذكر ان عمال الحفر عثروا في عملهم احدى المرات عندما كانوا يزيلون الجبس لأعادة الطلاء بطلاء جديد ، على كتابات سريانية مطلية بالجبس .
5 –
 كنيسة مار ابراهيم : هي الآن جامع ألأمام ابراهيم

6-
 كنيسة مار يوخنا : هي ألآن جامع يحيى القاسم

7 –
 كنيسة مار غريغورس : هي ألآن جامع المتعافي


8 –
 كنيسة مار يوحنا الديلمي : هي ألآن مسجد الشطية

9 –
 كنيسة ودير مار دانيال : هو ألآن مسجد النبي دانيال ,

10 –
 كنيسة مار شموني : هي الآن جامع أم التسعة

11 –
 كنيسة ايشو عداد : هي الأن جامع عيسى دادا

12 –
 كنيسة مار سبريشوع : هي ألآن جامع المصطفى

13 –
 كنيسة مار منصور: هي ألآن جامع الشيخ منصور

14 –
 كنيسة ألأنجيليين ألأربعة  : هي ألآن جامع الرابعة

15 –
 دير برقا الطين : تحوّل الى (مرقد السلطان عبدالله ) ويقع قبالة ناحية القيارى جنوب شرقي الموصل على الضفة الشرقية
لنهر دجلة

ناهيك عن ديارات وكنائس في تكريت ، مثل

16 –
 مركز أسقفية "كروم " أصبح مزار كريم أو جريم ألأسلامي وغيرها

في سياق مختلف عن كل ما سبق ، وفي فتح اسلامي حديث ، حولت الدولة ألأسلامية في العراق والشام

17 –
 كنيسة مار افرام السريانية ألأرثودوكس ، في الموصل العراقية ، وبعد عام واحد على احتلال مدينة الموصل من قبل داعش عام 2014 حولت الى "مسجد المجاهدين " يذكر ان هذه الكنيسة كانت مركزا دينيا مهما لمسيحيي الموصل ، ويقصدها مئات المصلين من المدينة واريافها.

 
 بعض الكنائس في اوربا والعالم التي تحولت الى مساجد
 
1 –
  كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية
 
 
في عام 2015، جرى تحويل كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية
إلى مسجد ليصلي فيه مسلمو القسم الشمالي من المدينة، بعد أن اشترى مبنى الكنيسة مركز النور الإسلامي. وعلى الرغم من أنه ليس المسجد الأول في مدينة هامبورغ، فقد أثار جدلاً كبيراً، واحتجاجات نظمتها بعض أحزاب اليمين الألماني.(11)
وبحسب الإحصائيات، فإنّ قرابة 20 كنيسة تغلق أبوابها سنوياً، في المملكة المتحدة، فيما أوردت السجلات الرسمية في الدنمارك، إغلاق قرابة 200 كنيسة أبوابها، مع حلول منتصف العام 2015، بينما أُقفلت أبواب 515 كنيسة في ألمانيا خلال الأعوام العشرة الأخيرة.(12)
ينشط المسلمون اليوم في العديد من الدول الأوروبية، في شراء بعض الكنائس التي أغلقت أبوابها، نتيجة قلة الاهتمام بها، لتحويلها إلى مساجد ودور عبادة للمسلمين،تتصدر ألمانيا قائمة الدول الأوروبية الأكثر بيعاً للكنائس، وتُعد
2 –
 كنيسة "دورتموند يوهانس".
 أبرز تلك الكنائس التي اشتراها الاتحاد الإسلامي التركي قبل 10 أعوام، حيث تمّ إطلاق اسم "جامع مركز دورتموند" عليها، ويبلغ مساحته ألف و700 متر مربع، ويتسع لألف و500 مصلّي. كما قام المسلمون بشراء كنيسة "كابيرنايوم" بولاية هامبورغ عام 2012م، وتحويلها إلى مسجد، وذلك بدعم وتمويل من دولة الكويت. أمّا في هولندا: فقد تمّ شراء العديد من الكنائس وتحويلها إلى مساجد للمسلمين، ومن أبرزها "جامع الفاتح" في العاصمة أمستردام، وجامع "السلطان أيوب" في ولاية جرونينجن، وجامع "عثمان غازي" في ولاية وييرت، وتخضع هذه المساجد إلى إشراف وقف الديانة الهولندية. وكشفت المعلومات الصادرة عن مؤتمر الأساقفة بفرنسا: عن تحويل 4 كنائس في عموم البلاد إلى مساجد للمسلمين، أبرزها كنيسة "دومينيكان" الموجودة في ولاية ليل الشمالية. وفي مدينة كليرمون فيران التابعة لاقليم "بوي دي دوم" الواقعة جنوب شرقي فرنسا، تمّ بيع كنيسة "القديس يوسف
"، للمسلمين؛ وذلك بسبب قلة المسحيين المرتادين إليها، وبحْث المسلمين عن مكانٍ لأداء عبادتهم، حيث أُطلقت عليها اسم "جامع التوحيد".  في بريطانيا: قالت مجموعة "كريستيان ريسيرج" المهتمة بشؤون المسيحيين ، إلى وجود قرابة ألفي مسجد مسجّل في عموم بريطانيا، وأنّ معظمها كانت كنائس في السابق. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الكنائس التي ستغلق أبوابها في اوربا فقط إلى 4 آالف مع حلول عام 2020م
.(13)
 
وفي احصائية لسنة 2015 عن عدد المساجد  في جميع الولايات المتحدة الأمريكية  بلغ   3186 مسجد . هذه ألأحصائيات تم تجميعها من الدليل ألأسلامي الخاص بامريكا (14)
Salatomatic
 
ليس للمسلمون حجة واحدة في قيام المسيحيين بهدم جوامعهم الا في حالة تجاوزهم على الكنائس التي حوَّلوها الى مساجد كما في اسبانيا او بعض دول اوربا الشرقية التي كانت تعاني من ألأحتلال العثماني مئات السنين وتم اخيرا الخلاص من كابوس هذا الأحتلال واعادة بعض الجوامع التي كانت كنائس اصلا الى وضعها الطبيعي .
 
 
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
 
المصاد : راجع المواقع التالية
 
(1)
 
http://www.alukah.net/sharia/0/32361/
 
(2)
https://www.youtube.com/watch?v=rt-B8WF4aBA
(3)
 
https://www.alaraby.co.uk/society/2016/10/23/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D8%B2%D8%AF%D8%AD%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%AA
(4)
 
http://ar.mideastyouth.com/?p=46999
(5)
http://all4syria.info/Archive/356577
(6)
http://www.aztagarabic.com/archives/13205
(7)
راجع الموقع التالي
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F
(8)
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%
(9)
http://www.arabchurch.com/forums/archive/index.php/t-16475.html
 (10)
 
http://nala4u.com/2017/01/22حول
(11)
 
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F/
 
(12)
http://mubasher.aljazeera.net/news/varieties/2016/02/20162521151725912.htm
 
(13)
 
http://www.lahaonline.com/articles/view/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF/49662.htm
(14)
http://www.allmofid.com/montada/showthread.php?tid=560

66
    
"الكنائس المسيحية التي حوَّلها المسلمون  الى مساجد عبر التاريخ"
الجزء الثاني
بقلم : نافع البرواري


مقدمة

يقول شيخ ألأسلام  إبن تيمية في احدى فتاويه:
"إنَّ علماء المسلمين مِن أهل المذاهب الأربعة؛ مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم مِن الأئمَّة؛ كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم، ومَن قبلهم من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - أجمعين متَّفقون على أنَّ الإمام لو هدَم كلَّ كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسَّواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدًا في ذلك ومتبعًا في ذلك لمَن يرى ذلك؛ لم يكن ذلك ظلمًا منه، بل تجب طاعتُه في ذلك ومساعدته في ذلك ممَّن يرى ذلك، وإن امتَنعوا عن حُكم المسلمين لهم كانوا ناقِضين العهدَ وحلَّت بذلك دماؤُهم وأموالُهم". (1)
ومن خلال هذه الفتوى نستخلص نتيجة واحدة هي أنَّ المذاهب ألأربعة الرئيسية في ألأسلام متفقين على حقيقة واحدة أنَّ مصير كنائس المسيحيين يعتمد على ما يصدر من الفتاوى من إمام الأمة الأسلامية في هدم الكنائس أو إبقائها . وسنكتشف من خلال الوقائع التاريخية أنّ المسلمين عندما غزوا وأحتلوا البلدان المسيحية هدموا آلاف الكنائس وألأديرة .
يقول العالم الأمريكي "بيل وورنر ، الذي اختص في دراسة التاريخ ألأسلامي: " فقط القرن العاشر الميلادي لوحده ، أمرَ أحد الخلفاء المسلمين بهدم 30.000 كنيسة ."(2)
وإن الكنائس وألأديرة التي دمرها المسلمون  أو حوَّلوها الى مساجد، سواء في غزواتهم أو بعد سيطرتهم على البلدان المسيحية  لايمكن إحصائها فهي تقدر بعشرات الآلاف . لا يوجد عدد معروف للمساجد التي كانت كنائس فهي أكثر من أن تُعَد . ولكن سنحاول إعطاء بعض النماذج وليس حصرا.
كنائس تحولت لمساجد في تركيا بعد سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين :
لما دخل العثمانيون الغزاة مدينة القسطنطينية عام 1453 ميلادي، قاموا بتغيير اسم المدينة الى اسطنبول ،وحوَّلوا أعداد كبيرة جداً من كنائس الحضارة  البزنطينية الى جوامع.
واهم هذه الكنائس هي :
1- كنيسة آية صوفيا
بنيت آيا صوفيا في عهد الإمبراطور جستنيان عام 532، واستغرق بناؤها حوالى خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام 537م، واستمر مبنى آيا صوفيا على مدار 916 عاماً كاتدرائية ولمدة 481 عاماً ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط .
2 - كنيسة "كارية أو تشورا"
 قليلة الشهرة مقارنة بآيا صوفيا، بمرتبة متقدمة بهذا الشأن ، إذ مرت بمراحل آيا صوفيا ذاتها، هي موجودة اليوم في حي أديرنة كابيه، في الجزء الغربي لمنطقة الفاتح باسطنبول واحدة من الكنائس القليلة الباقية من العهد البيزنطي، إذ يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي. وبعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح بقيت كنيسة، لتتحول بعد 58 عاما من الفتح، إلى جامع، بعد قرار من قبل الصدر الأعظم علي باشا عام 1511، وأثناء التحويل تم مسح كل اللوحات الجدارية والموزاييك عن الجدران، ليتم إغلاق الجامع عام 1956 وتتحول حتى اليوم إلى متحف. (3)
3 - كنيسة أشوريبيتوس (مسجد إسكي كامي)
كنيسة أشوريبيتوس اليونانية الأورثوذكسية ، بنتها الكنيسة اليونانية بالقرن الخامس الميلادي ، ظلت الكنيسة بسالونيك المرفأ و المدينة اليونانية المسيحية إلى عام 1430 حينما غزا السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح المدينة ، تحولت المدينة إلى جزء من سلطنة الأتراك و تحول المكان الكنيس إلى مسجد إسمه مسجد إسكي كامي أوالمسجد القديم ، بالعام 1912 و مع حرب البلقان الأولى و إجلاء الأتراك من المدينة و نهاية حكم العثمانيين تم تحويل
المسجد إلى أصله و هو كنيسة أرثوذكسية .
-4 كنيسة المخلص المقدس في تشورا (مسجد كار كامي)
كنيسة المخلص المقدس في الحقول أو البلدة ، كنيسة جنوب القرن الذهبي ، بنيت ببداية القرن الخامس و أعيد بناؤها جزئيا ثلاث مرات عبر تاريخها حتى الغزو العثماني ، بالعام 1502 تم تحويلها إلى مسجد ، تمت تسميته بمسجد كاري كامي
5 - كنيسة القديس إيجينيوس (مسجد يني جمعة أو مسجد جمعة الجديد)
بُني المكان ككنيسة بالنصف الأول للقرن الثالث عشر بطرابزون ، سُمي المكان كنيسة القديس إيجينيوس نسبة للقديس إيجينيوس شفيع مدينة طرابزون و راعيها ، بالعام 1460 و بعد حصار جديد للمدينة نجح هذه المرة بعد قرابة ثلاثة قرون من الحصارات و الهجوم سقطت المدينة بيد الأتراك ، تم تحويل الكنيسة المُقدسة إلى مسجد
6 -دير ستوديوس (مسجد حراس الاسطبل سابقاً حالياً مسجد ألياس بك "
 دير ستوديوس ، بناه القنصل الروماني ستوديوس عام 462 بالقسطنطينية تكريساً للقديس يوحنا المعمدان ، تعرض للتدمير الجزئي عدة مرات و في العام 1290 اعيد بناؤه بشكل كامل ، بالعام 1510 تقريباً تم تحويله لمسجد سُمي بمسجد حراس الاسطبل السلطاني ، بمرور الوقت تعرض للتدمير من الحوادث و الزلازل ، بالعام 1946 تم تحويله لمتحف ، مؤخراً تم افتتاحه ليكون مسجد بدلاً من كونه متحف عام 2014 ليكون مسجد من جديد بعد تحويله لمتحف ب 68 سنة
.
7 - كنيسة و دير سانت أندرو (مسجد مصطفى باشا)
تم وضع حجر أساس الدير في بداية القرن السادس الميلادي بالقسطنطينية ، تم هدمها جزئياً في الحروب و اعادة بناء المكان بنهاية القرن الثالث عشر ، مع الاحتلال التركي قررالصدر الاعظم مصطفى باشا تحويل الدير لمسجد ، إلى اليوم يظل المكان مسجد ، تم اعدام الصدر الاعظم شخصياً عام 1512 و مازال المكان مسجد مأهول لليوم .
 8 - كنيسة القديس يوحنا المعمدان (مسجد أحمد باشا)
بعد إحتلال القسطنطينية استخدمت الراهبات الكنيسة كملجأ و للصلاة ، كانت الكنيسة واحدة من عدة كنائس تم توزيع الراهبات عليها بعد طردهن من كنيسة الرسل المقدسة التي تم هدمها و سرقتها لتتحول لمسجد ، ظلت الكنيسة محل للراهبات حتى عام 1588 حينما أمر السلطان بطرد الراهبات و تحويل الكنيسة هي الأخرى لمسجد و تمت تسميته بمسجد أحمد باشا .
-9 كنيسة متروبوليس القديمة في فيريا (مسجد سيادة الإمبراطور  )
بُنيت كنيسة متروبوليس القديمة ببداية القرن الحادي عشر شمال اليونان ، بالعام 1430 تم إحتلال المدينة و تم تحويل الكنيسة لمسجد سُمي بإسم السيادة الامبراطورية ، ظل المكان مسجد لحين طرد الاتراك من اليونان العثمانية بعد هزيمة السلطنة في حرب البلقان الأولى عام 1912 لتعود الكنيسة لأداء عملها المسيحي من جديد .
10 - كنيسة سانت دومينيك (مسجد العرب)
تأسست كنيسة سانت دومينيكو بالعام 1299 كوريثة لأكثر من بناء مسيحي و تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك ، بالعام 1453 تم إحتلال القسطنطينية ، كانت الكنيسة مستمرة طيلة عهد الاتراك لمدة 25 سنة بإسم ميسا دومينيكو إلى العام 1478 حينما تم تحويلها لمسجد ، تمت تسميته بعدة أسماء منها المسجد الكبير ، مسجد غلطة و مسجد العرب .
11 - كنيسة آياصوفيا في طرابزون (متحف طرابزون أو مسجد طرابزون)
 بُنيت الكنيسة بالعام 1263 في طرابزون ، إستمرت تعمل ككنيسة و ملتقى للرهبان حتى غزو المدينة عام 1461 ، بين 1461 و 1584 تم تحويلها لمسجد ، بالعام 1964 تم تحويله إلى متحف ، بالعام 2012 قررت السلطات المحلية إعادة تحويل المكان إلى مسجد من جديد في الغاء لقرار حكومة عصمت اينونو .


12 -كاتدرائية القديس نيقولاوس (جامع لالا مصطفى باشا)
تم بناء الكاتدرائية المقدسة في قبرص فاغاموستا عام 1328 ، تم تكريسها ككنيسة كاثوليكية بالعام 1328 ، في اغسطس 1571 سقطت فاغاموستا بيد الأتراك ، تم تحويل الكاتدرائية إلى مسجد فور الاحتلال ، إلى اليوم لا تزال الكاتدرائية مسجد .
-13 مجمع : {دير المسيح حاكم الكل و كنيسة والدة الإله و كنيسة سانت مايكل}  (جامع المُلا زيريك)
في سنة 1124 تم بناء دير بإسم "المسيح كُلي القدرة" أو "المسيح حاكم الكل" وفي سنة 1130 تقريباً بُنيت بجوارها كنيسة بإسم "والدة الإله " و تم الوصل بينهما بكنيسة صغيرة بإسم "كنيسة القديس مايكل" . مع احتلال القسطنطينية سنة 1453 تم تحويل المكان لمدرسة دينية ، سُميت بإسم الإمام زيريك الذي كان يدرس و يكتب فيها ، الى اليوم لا تزال الصفة الدينية الاسلامية تخص المكان مع انه غير مستخدم بشكل أساسي باعتباره اثر مقيم من اليونسكو لكن يظل مكان للصلاة و العبادات نهاراً و لا يستخدم ليلاً .
- 14 دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس (مسجد إسكي إمارت(
عام 1085 تم بناء دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس من قبل والدة الامبراطور أليكسوس الأول ، كان المبنى مخصص للعبادة الأرثوذكسية ثم تحول مؤقتاً للعبادة الكاثوليكية في فترة الحكم اللاتيني و عاد لاحقا بالقرن الثالث عشر للكنيسة الأرثوذكسية ، بالعام 1453 و فور إحتلال القسطنطينية تم تحويله لمسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد مطعم حساء الفقراء حسب التسمية التركية إسكي إمارت ، إلى اليوم يظل المكان مسجد و إن كان بنيانه قد تردى .
15- كنيسة القديس بندلايمون (مسجد إسحاق)
بُنيت كنيسة القديس بندلايمون أواخر القرن الثالث عشر تابعة للكنيسة الأرثوذكية بسالونيك اليونانية ، تم غزو سالونيك من قبل الاتراك 1430 ، بالعام 1548 تم تحويل المكان إلى مسجد إسحق نسبة للقاضي اسحق جلبي ، ظلت الكنيسة مسجد إلى العام 1912 حينما تم إنهاء حكم الاحتلال التركي لسالونيك و تم طرد التراك إثر هزيمتهم في حرب البلقان الأولى ، عاد المكان كنيسة بعد هذا .
السؤال الآن هل سليمان القانوني إشترى هذا المكان هو الآخر؟؟
-16 كاتدرائية كارس (مسجد القبة(
بُنيت الكنيسة في كارس شمال شرق تركيا الحالية بالقرن العاشر بناء على امر الملك الارميني آباص ، تم التخلي عن الكنيسة و تركها مع الغزو السلجوقي بالقرن الحادي عشر ، سنة 1579 قام الصدر الاعظم مصطفى باشا بتحويلها لمسجد ، وفي سنة  1877 كانت كارس قد انتقلت لتبعية روسيا القيصرية فاعادت المسجد لأصله الكنسي و لكن سنة  1918 اعادت الدولة العثمانية السيطرة على كارس لتحول الكنيسة للمرة الثانية لمسجد . سنة 1919 انتقلت كارس لسيطرة الارمن ضمن هدنة مدروس التي سحبت الجيش التركي للخلف فعادت كنيسة من جديد ، نزع كمال اتاتورك ملكية المكان و عرضه للبيع فاشترته بلدية كارس ليصير متحف بين 1964 و 1978 ليتم تحويله لمسجد عام 1993 .
- 17كنيسة آياصوفيا في إزنيق (مسجد آياصوفيا  مسجد اورهان)
 بُنيت الكنيسة في نيقية بشمال غرب الأناضول بالقرن السادس الميلادي ، تم تحويلها لمسجد عام 1337 بعد غزو الأتراك لنيقية . سنة  1935 تم تحويلها لمتحف ، وفي سنة 2011 اعيد افتتاحها بنوفمبر كمسجد من جديد و حملت اسم مسجد آياصوفيا و مسجد السلطان اورهان .


 -18كنيسة القديس ديمتريوس (مسجد القاسمية(
بُنيت كاتدرائية القديس ديميتريوس عام 634 على انقاض عدة مباني أخرى سبقتها كمباني مسيحية بقرون ، يُعد المكان من أهم أماكن العبادة المسيحية في سالونيك ، سنة 1430 تم غزو سالونيك من قبل ألأتراك العثمانيين و تم تحويل الكاتدرائية لمسجد بإسم مسجد القاسمية Kasimia cami عام 1493 ، وفي سنة  1912 مع زوال الاحتلال العثماني اعيد المكان لأصله الكنيس المسيحي .
- 19دير و كنيسة المزهرية (المسجد الصغير(
 بُني الدير بالقرن التاسع الميلادي كدير و كنيسة صغيرة و مدفن لأسرة ثيودور لاحقاً ، مع احتلال القسطنطينية عام 1453 قام هايريتين أفندي بتحويله لمسجد و سمي بالمسجد الصغير ، في زلزال 1894 تم تدميره جزئياً ، تم ترميم المكان بنهاية سبعينيات القرن العشرين ، الى اليوم يستخدم للصلاة .
-20  دير كونستانتين ليبس (مسجد الملا عيسى الفناري Molla Fenâri
 بُني الدير عام 908 كدير للراهبات و مكان للصلاة بحضور الامبراطور ليو السادس ، يُعد الدير أكبر أديرة القسطنطينية البيزنطية ، في عهد الحكم اللاتيني أُقيمت كنيسة جديدة جنوب الدير و أضيفت لاحقاً للدير ، سنة 1497 تم تحويل المكان إلى مسجد و تسمى بإسم مسجد الملا عيسى الفناري  ، بعد حريق اخير سنة 1918 تم اغلاقه و في سنة 1980 تم الانتهاء من ترميمه ليستعاد من جديد كمسجد .
- 21دير أرض المر (مسجد البدروم أو مسجد القبو(
أسس القائد اليوناني رومانوس الأول كنيسة أرض شجر المر قرب بحرمرمرة تقريا عام 919 باعتباره قصر للحكم ، بمنتصف القرن العاشر تحول المكان إلى دير للراهبات ، بعد غزو الأتراك للقسطنطينيةسنة 1453 . تم تحويل الكنيسة إلى مسجد بأمر مسيح باشا الصدر الأعظم عام 1500 ، عُرف المسجد بإسم مسجد القبو أو مسجد مسيح باشا. سنة  1911 تم هجر و اغلاق المكان بسبب الحرائق لكن عام 1990 و بعد سلسلة حفريات تم ترميم المكان و استعيد كمسجد.
-22كاتدرائية سانت صوفي (مسجد السليمية(
في نهاية القرن الثالث عشر كانت كنيسة سانت صوفي في نيقوسيا بقبرص قد أُعدت بعد بناء مرير استمر طيلة القرن بسبب الحروب و الزلازل  ، ظلت الكاتدرائية صامدة امام الحروب المسيحية و الحملات الصليبية و الزلازل ، وفي سنة 1570 و في سبتمبر و بعد حصار طويل تم اجتياح نيقوسيا و قتل 20.000 من سكانها و نهبها ، بعد مجزرة بالكاتدرائية تم تحويلها لمسجد هي و كافة الكنائس بالمدينة ، الى اليوم يظل المكان مسجد.
-23 كنيسة مريم ذهبية الرأس
 أُسست الكنيسة بالقرن العاشر الميلادي في طرابزون المطلة على البحر الاسود ، أُستخدمت الكنيسة كذلك كمدفن للعديد من الشخصيات الملكية ، في سنة 1461 تم غزو الأتراك العثمانيين لطرابزون ، مع الغزو فوراً تم تحويل الكنيسة لمسجد .تمت تسمية المسجد بالفاتح نسبة للسلطان محمد الفاتح .


 24- كنيسة مريم العذراء (مسجد التجار)
تأسست الكنيسة بالقرن الحادي عشر في سالونيك اليونانية ،سنة 1430 تم غزو سالونيك ، تم تحويل الكنيسة لمسجد و لُقب بمسجد التُجار ، وفي سنة 1912 هُزمت الدولة العثمانية بحرب البلقان الاولى ، تمت استعادة الكنيسة و عادت الى حالتها الكنسية الاولى .
25- كنيسة النبي إيليا (مسجد السرايا)
كنيسة النبي إيليا تأسست بالقرن الرابع عشر الميلادي و تعد حاليا من الاثار الانسانية ، مع الغزو التركي لسالونيك عام 1430 تم تحويل المكان لكنيسة بأمر مصطفى باشا ، المكان سُمي بمسجدالسرايا ، سنة 1912 مع تحرر سالونيك من الاحتلال التركي تمت اعادة الكنيسة .
-26 كنيسة القديسة ماريا (مسجد أولسيني)
 بُنيت كنيسة القديسة ماريا في أولسيني الواقعة اليوم بجمهورية الجبل الاسود عام 1510 في اطار حكم جمهورية جنوة ، سنة 1571 غزا الاتراك اولسيني ، تم تحويل المكان الى مسجد فور دخول قوات الاتراك المدينة ، ظل المكان مسجد الى سنة 1880 حينما حررت قوات مونتنيغرو المدينة و اعادت الكنيسة كما كانت.
-27كنيسة القديس ستيفن (مسجد الفاتح)
شُيدت كنيسة القديس ستيفن سنة 730 المكرسة لسانت تيودور ،سنة 1330 تقريباً كانت قد باتت جزء من دولة الاتراك العثمانيين ، تم تحويل الكنيسة لمسجد ، بين 1919 و 1922 تم تحويلها لكنيسة بواقع الاحتلال اليوناني للمنطقة ، في 1922 و بعد معركة دوملوبينار و تحرر المنطقة اعيد المكان لصفة المسجد ، إلى اليوم مازال المكان مسجد .

 -28 كنيسة دير راهبات سانت ثيودوسا
كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ(مسجد غول حالياً)
المبنى الكنسي فهو اما كنيسة ملحقة بالاثر المميز باسم دير ثيودوسا المقدسة او كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ ، يُقدر البناء بالقرن الحادي عشر في نهايته ، ظل المبنى محل تنازع و احتضان صراعات مسيحية حتى مجئ الغزو التركي ، سنة 1453 تم تحويله الى حطام بسبب القصف التركي و التخريب ،سنة 1490 تم ترميمه و تحويله الى مسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد غول او مسجد الروز ، الى اليوم يظل المبنى مسجداً.
29 -كنيسة العذراء أم الإله (مسجد قلندر خانة)
تعود جذور البناء للقرن السادس الميلادي كوريث لعدة بنايات كنسية و يؤسس البناء الحالي بالقرن الثاني عشر ، تناوب الأرثوذكس و اللاتينيين ملكية المبني في إطار الحروب بين الطرفين ، بالنهاية استقر المكان تبعيةً للكنيسة الارثوذكسية ، مع الغزو التركي عام 1453 تم اقرار أسلمة المكان ، قرر محمد الثاني منح الكنيسة لطائفة القرندلية من الدراويش ، تحول المكان لتكية و وقف ليصير سنة 1746 مسجد ، بنهاية القرن التاسع عشر تحول لمكان مهجور لكن مع مطلع سبعينيات القرن العشرين تم ترميمه و افتتاحه و هو الان مسجد.
30 -كنيسة القديس ثيودور (مسجد الملا غوراني )
 يعود البناء لبداية القرن الحادي عشر بالقسطنطينية ، كأغلب كنائس المدينة تناوبتها الكنيسة الأرثوذكسية ثم اللاتينية في اطار الحرب بين الشرقيين و اللاتينيين ، سنة 1453 تم احتلال المدينة من قبل الاتراك العثمانيين ، بعد الغزو تم اقرار تحويل المكان لمسجد ، سُمي المسجد باسم المُلا Gürani مُعلم السلطان و أستاذه ، الى اليوم يظل المبنى المُرمم و المُصلح بعد حريق 1848 مفتوح  (4).
31 -كنيسة آيا صوفيا الصغير
كانت نسخة مصغرة  للكنيسة الكبيرة ايا صوفيا  وقد حولت الى مسجد بعد سقوط القسطنطينية بيد محمد الفاتح .(5)
32 - هناك الكنيستين الأرمنيتين الموجودتين في أورفا والتي تحولتا الى مساجد في عهد جمهورية تركيا
كنيسة القديسة العذراء وكنيسة الرسل القديسين في أورفا
بسبب الإبادة الأرمنية عام 1915، تحولتا الى مسجدين.
وتظهر كنيسة العذراء في الصور القديمة للمدينة، حيث كان يوجد بجانبها معهد أرمني وكنيسة أخرى.
33 - لكنيسة التي تقع في الحي الأرمني ا الواصل حتى قلعة أورفا، بقيت بعد الابادة دون رعاية ثم تحولت الى أنقاض، وفيما بعد الى محطة كهرباء
وفي عام 1993 تحولت الى مسجد.(6).
34 -مسجد العرب
وهو  في منطقة غلاطة في اسطنبول ، وكان كنيسة بيزنطية في القرن السادس الميلادي، وتحول لجامع غلاطة في المرة الأولى التي حاول فيها المسلمون دخول مدينة اسطنبول عام 668 ميلادي، لكنه عاد كنيسة بعد خروجهم منها، وبعد الفتح الإسلامي العثماني الأخير للمدينة، جرى تحويله لجامع العرب بين عامي 1475 و1478. (7)
كنائس متفرقة في العالم الأسلامي التي تم تحويلها الى مساجد
1 - المسجد الأموي
قبل الغزو الأسلامي واحتلال الشام كانت كنيسة القديس يوحنا المعمدان في دمشق
 التي تحوَّلت على يد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك ، الى ما يسمى اليوم بالمسجد ألأموي . طبعا لاننسى بتحول كنائس أخرى غير مشهورة في الشام الى جوامع.
2- مسجد الخضراء
كان كنيسة مبنية على مغارة  في فلسطين تم بنائه سنة 1187 ثم حوّله المسلمون  الى مسجد في العهد الإسلامي الأول في بلاد الشام، في القرن السابع الميلادي
3 -  جامع العطارين
ويقع جامع العطارين وسط سوق العطارين الأثري بمدينة الاسكندرية، ويضم مواقع أثرية تعود لعهد غزوات نابليون بونابرت على مصر، وقد كان كنيسة للقديس أبناسيوس، عام 370 ميلادي، وتحول لمسجد بعد الفتح الإسلامي للمدينة.(8)
قال أبو المكارم فى مخطوطه :" من جملة كنائس القاهرة التى حولت واصبحت مسجداً ودار
4- الكنيسة الأولى :
 
بالخط المعروف بدار الأوحد إبن أمير الجيوش بدر شهاب الدولة بدر الخاص جعلت تعرف بسكن القفول وقبتها ظاهرة إلى الان وبها صور كنائسية هذه الصور كانت تنفض البياض كلما اراد المسلمون تبييضها !!!!!!!
5- والكنيسة الثانية
فى الزقاق المعروف بالشيخ ابى الحسن أبن أبى شامة بخط دار الوزارة المعروفة الآن بدار الديباج . وكان امامها جوسق (الجوسق يعنى قصراً كبير )حولت مسجداً وضموا الجوسق الذى كان خارجها إليه واصبحت دار به وأستعملت للسكن يطلع إليه من داخلها".
 
6 -الكنيسة الثالثة : 


 كنيسة للسيدة العذراء مريم فى خط حارة الريحانية
أنشأها الأقباط وفى الجزء العلوى منها كنيسة على إسم القديس تادرس المشرقى وهى تجاور حارة الريحانية أمام الحسينية وحولت إلى مسجداً فى الأرض التى كانت مقطعة لسبح أبن شاهنشاة وعمره الخليفة العاضد فى بداية خلافته ويعرف الان بمسجد زنبور وهو أيضاً منذور للخميرة الأولى
7- الكنيسة الرابعة

 بالقرب من ساحل البحر (النيل) كنيسة القديس مارى جرجس كانت للأرمن ثم حولها المسلمين مسجداً فى الخلافة الحاكمية وعدى عليها البحر ( أى أن مياه النيل غمرتها واصبحت من مجراه )

هذا ما عدا مئات الكنائس التى لم نستطع الحصول على أسمائها وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث خاص  (9) .

بعض الكنائس في العراق التي تحولت الى مساجد
 
الباحث الفرنسي الدومينيكي : جان فييه يذكر الكنائس والاديرة التي تحولت الى جوامع في الموصل فقط وهي:.
كنيسة مار زيا:1 -
كانت تسمى كنيسة الصليب او كنيسة التكريتيين والتي اصبحت جامع الخلال
وتقع في منطقة القلعة سوق النجارين.
2 - كنيسة مار تيودورس : وهي من الكنائس المندثرة . وكانت تقع قرب باب العراق او باب تكريت وقد انشأ فوقها جامع الجويجاني
وهدم هذا الجامع عند فتح شارع فاروق وعند الهدم وجدوا في احدى جدرانه حجرا يحمل كتابات سريانية.
 3 - كنيسة الاربعين شهيد: تحولت هذه الكنيسة اليوم الى الجامع الكبير وهو الان بين شارع الفاروق القديم ومنطقة السرجخانة
ويعتقد بعض المؤرخين ان الجامع بني على ارض كانت سابقا كنيسة القديس بولس
وهذا الجامع يضم الان منارة الحدباء المعروفة بتحدبها بمرور الزمن .
5 - دير مار يونان: حاليا اصبحت جامع النبي يونس ويقع جهة تل قوينجو ويعرف ايضا بتل التوبة
وهو في الجهة الشرقية من الموصل نينوى القديمة
وقد عمر هذا الجامع عدة مرات اخرها التغليف بالحلان المرمر وبنيت منارته الحديثة
ويذكر ان عمال الحفر عثروا في عملهم احدى المرات عندما كانوا يزيلون الجبس
لاعادة الطلاء بطلاء جديد على كتابات سريانية مطلية بالجبس .
كنيسة مار ابراهيم :هي الان جامع الامام ابراهيم 6 -.
كنيسة مار يوحنا : هي الان جامع يحيى القاسم .7-
كنيسة مار غريغورس :هي الان جامع المتعافي .8 -
كنيسة مار يوحنا الديلمي :هي الان مسجد الشطية .9 -
كنيسة و دير مار دانيال :هو الان مسجد النبي دانيال .10 -
كنيسة مار شموني : هي الان جامع ام التسعة .11-
كنيسة ايشو عداد :هي الان جامع عيسى دادا .12-
كنيسة مار سبريشوع :هي الان جامع المصطفى.13 -
كنيسة مار منصور :هي الان جامع الشيخ منصور.14 -
كنيسة الانجيليين الاربعة: هي الان جامع الرابعية .15-
 18 - دير_برقا_الطين : تحوّل إلى (مرقد السلطان عبد الله ) ويقع قبالة ناحية القيارة جنوب شرقي الموصل على الضفة الشرقية لنهر دجلة
ناهيكَ عن ديارات وكنائس في تكريت ، مثل
19 -مركز أسقفية ( كروم أو گروم ) أصبح مزار كريم أو چريم الإسلامي ، وغيرها (10)

في سياق مختلف عن كل ما سبق، وفي فتح إسلامي حديث، حولت الدولة الإسلامية في العراق والشام
20 -كنيسة مار أفرام، التابعة لكنيسة السريان الأرثوذوكس، في مدينة الموصل العراقية، إلى "مسجد المجاهدين"، ليقيموا فيها الصلاة، بعد عام واحد على احتلال مدينة الموصل من قبل داعش عام 2014. يذكر أن كنيسة مار أفرام كانت مركزاً دينياً مهماً لمسيحيي الموصل، ويقصدها مئات المصلين من المدينة وأريافها

 بعض الكنائس في اوربا والعالم التي تحولت الى مساجد

1 -  كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية
 

في عام 2015، جرى تحويل كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية
إلى مسجد ليصلي فيه مسلمو القسم الشمالي من المدينة، بعد أن اشترى مبنى الكنيسة مركز النور الإسلامي. وعلى الرغم من أنه ليس المسجد الأول في مدينة هامبورغ، فقد أثار جدلاً كبيراً، واحتجاجات نظمتها بعض أحزاب اليمين الألماني.(11)
وبحسب الإحصائيات، فإنّ قرابة 20 كنيسة تغلق أبوابها سنوياً، في المملكة المتحدة، فيما أوردت السجلات الرسمية في الدنمارك، إغلاق قرابة 200 كنيسة أبوابها، مع حلول منتصف العام 2015، بينما أُقفلت أبواب 515 كنيسة في ألمانيا خلال الأعوام العشرة الأخيرة.(12)
ينشط المسلمون اليوم في العديد من الدول الأوروبية، في شراء بعض الكنائس التي أغلقت أبوابها، نتيجة قلة الاهتمام بها، لتحويلها إلى مساجد ودور عبادة للمسلمين،تتصدر ألمانيا قائمة الدول الأوروبية الأكثر بيعاً للكنائس، وتُعد
2 - كنيسة "دورتموند يوهانس".
 أبرز تلك الكنائس التي اشتراها الاتحاد الإسلامي التركي قبل 10 أعوام، حيث تمّ إطلاق اسم "جامع مركز دورتموند" عليها، ويبلغ مساحته ألف و700 متر مربع، ويتسع لألف و500 مصلّي. كما قام المسلمون بشراء كنيسة "كابيرنايوم" بولاية هامبورغ عام 2012م، وتحويلها إلى مسجد، وذلك بدعم وتمويل من دولة الكويت. أمّا في هولندا: فقد تمّ شراء العديد من الكنائس وتحويلها إلى مساجد للمسلمين، ومن أبرزها "جامع الفاتح" في العاصمة أمستردام، وجامع "السلطان أيوب" في ولاية جرونينجن، وجامع "عثمان غازي" في ولاية وييرت، وتخضع هذه المساجد إلى إشراف وقف الديانة الهولندية. وكشفت المعلومات الصادرة عن مؤتمر الأساقفة بفرنسا: عن تحويل 4 كنائس في عموم البلاد إلى مساجد للمسلمين، أبرزها كنيسة "دومينيكان" الموجودة في ولاية ليل الشمالية. وفي مدينة كليرمون فيران التابعة لاقليم "بوي دي دوم" الواقعة جنوب شرقي فرنسا، تمّ بيع كنيسة "القديس يوسف
"، للمسلمين؛ وذلك بسبب قلة المسحيين المرتادين إليها، وبحْث المسلمين عن مكانٍ لأداء عبادتهم، حيث أُطلقت عليها اسم "جامع التوحيد".  في بريطانيا: قالت مجموعة "كريستيان ريسيرج" المهتمة بشؤون المسيحيين ، إلى وجود قرابة ألفي مسجد مسجّل في عموم بريطانيا، وأنّ معظمها كانت كنائس في السابق. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الكنائس التي ستغلق أبوابها في اوربا فقط إلى 4 آلاف مع حلول عام 2020م.(13)
 
وفي احصائية لسنة 2015 عن عدد المساجد  في جميع الولايات المتحدة الأمريكية  بلغ   3186 مسجد . هذه ألأحصائيات تم تجميعها من الدليل ألأسلامي الخاص بامريكا (14) Salatomatic
 
ليس للمسلمون حجة واحدة في قيام المسيحيين بهدم جوامعهم الا في حالة تجاوزهم على الكنائس التي حوَّلوها الى مساجد كما في اسبانيا او بعض دول اوربا الشرقية التي كانت تعاني من ألأحتلال العثماني مئات السنين وتم اخيرا الخلاص من كابوس هذا الأحتلال واعادة بعض الجوامع التي كانت كنائس اصلا الى وضعها الطبيعي .
 


 
المصاد : راجع المواقع التالية
 
(1)
 
http://www.alukah.net/sharia/0/32361/
 
(2)
https://www.youtube.com/watch?v=rt-B8WF4aBA
(3)
 
https://www.alaraby.co.uk/society/2016/10/23/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D8%B2%D8%AF%D8%AD%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%AA
(4)
 
http://ar.mideastyouth.com/?p=46999
(5)
http://all4syria.info/Archive/356577
(6)
http://www.aztagarabic.com/archives/13205
(7)
راجع الموقع التالي
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F
(8)
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%
(9)
http://www.arabchurch.com/forums/archive/index.php/t-16475.html
 (10)

http://nala4u.com/2017/01/22حول
(11)

http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F/
 
(12)
http://mubasher.aljazeera.net/news/varieties/2016/02/20162521151725912.htm
 
(13)
 
http://www.lahaonline.com/articles/view/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF/49662.htm
(14)
http://www.allmofid.com/montada/showthread.php?tid=560

67
كل الأمم تتقدم عندما تنتقد تاريخها الاّ الأمة الأسلامية
نافع البرواري
 
منذ ألف وأربعمائة سنة لم أقرأ أو اسمع عن  باحثين  حقيقيين ,في  جذور الأسلام ومصادر كتابهم "القران" لا من العرب ولا من المسلمين – اذا استبعدنا المستشرقين الغربيين - الاّ في العقود الأخيرة من القرن الماضي وبدايات هذا القرن  أمثال الكاتب والأديب العربي
 المعروف طه حسين (1) والمؤرخ الدكتور جواد علي(2) والسيد القمني (3) والشيخ خليل عبدالكريم (4)   والشاعر العراقي الكبير معروف الرصافي (5)  والكاتب وعباس  عبدالنور (6) وهادي العلوي (7) ونبيل فياض (8)محمد حسان المنير (9) والكاتبة ابكار السقاف (10)  وفرج فودة (11) و ناصر حامد ابو زيد(12) و مصطفى جحا(13) واحمد القبنجي  .
هؤلاء وقلة غيرهم حاولوا: أولا- ازاحة ماهو مستور في التاريخ قبل الأسلام . ثانيا– ويزيلوا الغشاء المقدس عن  القران  ليدرسوا ويخضعوا  نصوص القران للتمحيص علميا وتاريخيا ونقديا . ثالثا - ويكشفوا  الهالة  القدسية عن شخصية محمد الذي ادعى النبوّة زورا وبهتانا ليدرسوا هذه الشخصية  من جميع الجوانب النفسية والجسدية وخلفيته الفكرية والأجتماعية   .
يقول طه حسين في كتابه " في الشعر الجاهلي"
"سيرة النبي نفسها تحدثنا بأنهم (العرب قبل ألأسلام) تجاوزوا الشام وفلسلطين الى مصر ....والهند . واذ كانوا اصحاب علم ودين ، وأصحاب ثروة وقوة وباس ، واصحاب سياسة متصلة بالسياسة العامة متأثرة بها ومؤثرة فيها ، مما أخلقهم أن يكونوا أمة متحضرة راقية  لا أمة جاهلة همجية . وكيف يستطيع رجل عاقل أن يصدق أن القرآن قد ظهر في أمة جاهلية همجية !!!!"
  هناك تعتيم  مقصود أيضا للفترة التاريخية بين انتشار اليهودية والنصرانية (وليس المسيحية) في شبه الجزيرة العربية منذ القرن الأول الميلادي  الى زمن ظهور الأسلام والدعوى المحمدية, فكأنَّ المؤرخون وعلماء المسلمين ورجال الدين تعمّدوا (كما يقول الكثير من المختصين في شؤون التاريخ) طمس هذا التاريخ  لألا يكشف حقيقة جذور الأسلام ومصادر القران وحقيقة النبي محمد الذي ادعى بالنبوّة ونزول الوحي عليه ,فكان مصير الكثيرين من الباحثين عن  هذه الحقائق امّا  القتل أو النفي أو السجن .
امّا المرحوم " نصر حامد أبو زيد" في كتابه "الفزع في الأسلام" يقول:
"لم يعد ثمة مجال مفتوح لمناقشات فكرية حرة تتناول تاريخ الفكر الديني(الأسلامي) تناولا نقديا ....حيث تحوّلت بعض التصورات والأفكار التاريخية للأسف  الشديد ,ثوابت دينية لا يجوز الأقتراب منها".
أما الدكتور علي جواد فيقول في مقدمة كتابه "المفصل في تاريخ العرب":"المؤرخين المسلمين تعمدوا بطمس التاريخ  ما قبل الأسلام ,وأعتمدوا على أساطير وخرافات وقصص ألأولين بعد دخولهم الأسلام ,ومنها أساطير اسرائيلية ويهود دخلوا ألأسلام ".
اليس هذا أعترافا خطيرا  من قبل مؤرخ كبير يقول الحقيقة في ان العلماء المسلمين طمسوا الحقائق التاريخية قبل الأسلام لكي لا يعرف المسلم جذوره وتراثه ومعتقداته الدينية قبل الأسلام . لابل حاول المؤرخون المسلمون قطع جذورهم واصولهم عن كل ما هو قبل الأسلام باعتباره عصر الجاهلية  في حين ثبت لنا اليوم ان الغالبية من القبائل العربية كانوا متنصرين اي اهل الكتاب بالأضافة الى اليهود المنتشرين في الجزيرة العربية ، واكتشفنا حقائق مهمة عن جذور القرآن وتاثير الآرامية السريانية في لغة القرآن وكتابته ، وكيف ان كاتب القرآن سرق الكثير من نصوصه من الكتب السابقة سواء اليهودية او النصرانية او الزرادشتية .....الخ .
ويضيف الدكتور  جواد علي في كتابه "المفصل في تاريخ العرب قبل الأسلام"  فيقول:" لم يعتمد المؤرخون والباحثون المسلمين على أسس علمية لكتابة التاريخ ,الآّ في وقت لاحق بعد ألأسلام بمائتين سنة ....وبعد القرن التاسع عشر أستنتج المؤرخون المستشرقون أنّ هناك فجوات وأخطاء في التاريخ الذي دونه المسلمون عن الشعوب والقبائل العربية ما قبل  الأسلام ". ويعترف الدكتور جواد علي بأنَّ المصادر اليونانية والرومانية والسريانية هي الأصح , وقد كتبوا عن الجزيرة العربية قبل ألأسلام لأنتشار  النصارى فيها".
ولكن هيهات فنحن في القرن الواحد والعشرون حيث الحقائق تصل الى بيوت المسلمين عبر ألأنترنت والقنوات الفضائية وأصبح العالم عبارة عن جهاز "كومبيوتر" صغير يحمله كل شخص ولا يمكن أخفاء المعلمومات والحقائق حتى التاريخية ، حيث  يستطيع القارئ أن يكتشف بنفسه هذه الحقائق بالرجوع الى المصادر العالمية والوثائق والمخطوطات ذات المصداقية والمعترف بها عالميا مثل أبحاث المستشرقين و تاريخ الكنيسة  وعلم الآثار ودراسات وابحاث عصرية قدمت وتقدم للقارئ المسلم كما هائلا من المعلومات عن جذور ألأسلام ، ليكتشف القارئ بنفسه مصادر القرآن وحقائق تاريخية حاول علماء المسلمون طمسها عبر التاريخ الأسلامي ايمانا منهم بحديث الرسول بأن "الأسلام يهدم ما كان قبله أي يسقطه ويمحو أثره "
عندما مات رسول الأسلام ارتدت قبائل كثيرة (وخاصة النصرانية)عن الأسلام وحاربها أبوبكر الصديق أول الخلفاء الراشدين وكان سيف خالد المسلول خير شاهد على الآلاف التي قتلها من الناس ليس لسبب الأّ لرفضهم الأنضواء تحت حكم الأسلام بعد أن أنكشفت حقيقة الأسلام القائم على الأرهاب والموت والعبودية .فبعد موت محمد تنفس الناس الصعداء بعد ان تجثم على صدورهم كابوس الأرهاب الأسلامي الذي طالما كان محمد يستره برداء الدين والخضوع والخنوع لأله سادي ونبي كذّاب ادعى النبوة زورا وبهتانا  . يقول الطبري شيخ المفسرين المسلمين :"ولما قيّض الله حياة الرسول ارتدَّ عامة العرب عن ألأسلام "ج6 ص283"
قام عمر بن الخطاب بعد موت ابو بكر باجلاء ما تبقى من القبائل
العربية النصرانية واليهود من شبه الجزيرة العرب تنفيذا لقول النبي محمد قبل موته : "لايجتمع دينان في جزيرة العرب"
السبب الأساسي لبقاء الملايين من  المسلمين تحت حكم الفاشية الأسلامية ، الى يومنا هذا ، هو سيف الأسلام المسلط على رقاب الملايين منهم ، بسبب حديث عن الرسول يقول "من غيّر دينه فاضربوا عنقه"
 فالسيف ،في الأسلام، أصدق أنباء من الكتب"كما يقول الشاعر أبو تمام  .
بينما الرب يسوع المسيح يقول " فمن يأخذ بالسيف، بالسيف يهلك" (متى 26: 52
لا زال المسلمون الى يومنا هذا يهددون ويرعبون  كُلّ من تسوّل نفسه البحث عن الحق في حقيقة الأسلام ,من أين اتى الأسلام -جذوره التاريخية والدينية والسياسية-؟ وهل للقران مصادر استقى منها محمد  في كتابه القران ؟ ولماذا يمنع  خضوع القران والتراث الأسلامي , حاله حال الكتاب المقدس وغيره من الكتب الدينية, للتمحيص والنقد  وتسليط الضوء على نصوصه ؟ لماذا يخاف المسلمون  من نبش التاريخ الأسلامي والبحث عن حقائق ووقائع يندى لها الجبين ؟ ولماذا يتعرض كل من تسوِّل نفسه بالشك بحقيقة نبوة محمد بالتهديد والوعيد؟ بينما نقرأ عن كثير من الكتب التي تعرضت لشخصية المسيح والتشهير به  ولا زال يتعرض  الكتاب المقدس للمزيد من الدراسات والتمحيص لمعرفة الحقائق المدونة فيه والكنيسة تقوم بمحاربة هؤلاء الأشخاص بالحجة والبراهين وبالعقل والمنطق وليس بتهديدهم أو قتلهم كما فعل محمد والصحابة من بعده وكما يفتي شيوخ المسلمين اليوم بهدر دم كل من ينتقد مظمون القرآن او ينتقد افعال الرسول ، فقد تم  قتل جميع من انتقدوه وشكوا في مصدر القرآن كونه من اللوح المحفوظ انزله الملاك جبريل على الرسول . فها هو محمد يقتل حارث بن النظرفي معركة بدر وهو اسير ، لأن الأخير قال انّ ما يقوله محمد ليس الا اساطير الأويلين (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَـذَا إِنْ هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ(الأنفال 31).
انّ من يشكون في حقيقة نبوة محمد وفي  كون القرآن وحي نزل من السماء على محمد  فهم معرضون للتصفية الجسدية  ، حتى يومنا هذا ،حيثما كانوا ، حتى في البلدان الغير الأسلامية , والغريب أنّ الذي ينتقد أو يشتم اله المسلمين فهو طليق وحر وليس عليه خوف ولا تهديد .كلنا يتذكر سلمان رشدي مؤلف كتاب "الآيات الشيطانية " وكيف  خصص خميني الملايين لقتله  وفرج فودة الذي قتل بسبب انتقاداته للأسلام , وايضا لما تعرض له طه حسين من التجريح ومحاولة محاكمته قضائيا لأنه درس القرآن علميا واعتبر الأسلام دولة بعد هجرة الرسول الى المدينة  ,ونعرف ايضا كيف نفي الكاتب المصري نصر حامد ابو زيد واجبر على طلاق زوجته  . وكيف اطلق النار على الكاتب العربي المشهور حامل جائزة نوبل للآداب نجيب محفوض لكتاباته التي تحمل بين اسطرها انتقادا للأسلام , وكيف طعن بالسكين غدرا كاتب كتاب" محنة العقل في الأسلام "مصطفى جحا  "(ويعتبر كتابه من أجرأ الكتب التي لقبت محمد بالعبقري المجنون والدكتاور المطلق سلطته.
يقول كاتب كتاب "القس والنبي"موسى الحريري :"لم يظهر نبي في التاريخ أحتاج الى الدفاع عن نبوته كما هو الأمر بالنسبة لمحمد"
بينما لم يتعرض كتاب اخر مثل القران للنقد والطعن في صحته كما تعرض له هذا الكتاب في بدايات الدعوة المحمدية من قبل المتشككين لأدعاء محمد النبوة . هؤلاء الذين  فهمواغايات محمد وأطماعه السياسية  وشهواته وغرائزه الجسدية وعقده النفسية التي كان يخبئها  وراء قناع التوحيد والأدعاء بالنبوة
  يقول مصطفى جحا(في كتابه محنتي مع القران):"منذ أمد بعيد أستعمر هذا الرجل (يقصد محمد) عقولنا ونفوسنا ,كما أستعمر التاريخ والتراث وأستغلهما  ولازال يستعمرهما ويستغلّهما بابشع مايكون ألأستعماروألأستغلال.(ص68)...وأنتصر الرب العلي وتعفّن العقل في زنزانته وأحترق.(ص32)...منذ خمسة عشر قرنا أقاموا العقل شاهد زور وأقفلوا(أي العلماء والمؤرخين المسلمين)عليه الزنزانة.
ويتسائل الكاتب في مكان اخر فيقول" الى متى سنبقى  هكذا امنين مطمئنين وقد جمع محمد المعجزات الثلاثة :الله والجنس ,والنبوّة,وكرّس نفسه سيد العالمين وخاتم المرسلين...انها كارثة حقا ,المسلّمات العمياء الطوق في العنق ,القفل في العنق ,مشيئة الله ومشيئة الرسول . ...الشمس قد ان لها أن تشرق علينا والمستنقع الموبوئ حان لنا أن نجفّفه".
هذه هي الحقائق التي يجب أن يبحث عنها كُلّ أنسان باحث عن الحق لكي يتم أعادة القراءة للتاريخ ، الذي حاول المؤرخون المسلمون تزويره وطمسه ، لكي تستطيع المجتمعات
العربية والأسلامية تصحيح اخطاء الماضي لبناء الحاضر والتطلع الى مستقبل أفضل.
بقلم
ن . ش
(1) طه حسين في كتابه  "في الشعر الجاهلي"
(2) المؤرخ المعروف الدكتور جواد علي  في كتابه" المفصل في تاريخ العرب قبل الأسلام"
(3) السيد القمني حروب دولة الرسول
(4) خليل عبدالكريم
قريش من القبيلة الى الدولة المركزية
ألأسلام بين  الدولة الدينية والدولة المدنية
الجذور التاريخية للشريعة الأسلامية
فترة التكوين في حياة الصادق الأمين
(5) معروف الرصافي  كتاب" الشخصية المحمدية"
(6)عباس عبدالنور  كتاب "محنتي مع القران ومع الله في القران
(7) هادي العلوي  كتاب "الأغتيال السياسي في الأسلام"
(8) نبيل فياض  كتاب"
 ام المؤمنين تأكل أبئهائها "
" يوم انحدر الجمل من السقيفة"
(9) محمد حسان منير  كتاب" صور الفكر النصراني قبل وابان ظهور الأسلام"
(10) الكاتبة ابكار السقاف " الدين في شبه الجزيرة العربية "
(11)  فرج فودة كتاب "الحقيقة الغائبة "
(12) ناصر حامد ابو زيد  كتاب" الفزع في الأسلام"
التراث بين الأستخدام النفعي والقراءة العلمية
(13) مصطفى جحا"أ زمة الفكر في الأسلام"

68
عندما شيخ ألأزهر "أحمد الطيب " يَقلب الحقائق التاريخية!!!

نافع البرواري
يقول  شيخ ألأزهر"أحمد الطيب"  في كلمة القاها في "مؤتمرالأوقاف الدولي حول تجديد الخطاب الديني ومواجهة الفكر المتطرف:(1)
"المسلمين صنعوا حضارة راقية قائمة على العلم والمعرفة والتجربة وسَعِد بها الناس شرقا وغربا تحت ظلال هذا الدين الحنيف ، ويوحي من القران الكريم الذي تردّدت كلمة العلم في آياته البيّنات اكثر من 700 مرة !!!!!!!! وكان العكس كذلك حين
سجل التاريخ أنّ التراجع الحضارية التي تردَّى به المسلمون في القرون ألأخيرة إنّما كان بسبب ألأنفصام البائس الذي حال بينهم وبين استلهام التوجية الحضاري الكامن في ثنايا نصوص الوحي استلهاما صحيحا !!!!. وقد ثبت تاريخيا أنَّ المسلمين حين أبدعوا تحضَّروا وصدَّروا ذلك للعالم كُلّه – كانوا يسندون
ظهورهم الى نصوص القرآن والسنة وتوجيهات الأسلام ّ!!!!!!!!!
وإنّهم تراجعوا حين حيل بينهم ، أو حالوا هم أنفسهم بينهم وبين مصادر القوة في هذا الدين !!!!!"
انتهي الأقتباس
"شرُّ البلية ما يضحك " حينما يصبح  الكذب والتدليس وشريعة التقيّة منهج وبرنامج لشيوخ الأزهر  وتصبح سنة مارسها (ويمارسهأ)الكثير من شيوخ وعلماء  هذه المؤسيية  المعروفة في انحاء العالم ألأسلامي  ولها دور كبير في تشكيل فكر وعقل المسلمين  السنة في العالم كله ، فما بالك من أن يكون على راس هؤلاء شيخ  "الأزهر الشريف" 
الحالي أحمد الطيب ، عندما فاه بكلمات غير منطقية ولايقبلها أي انسان باحث عن الحقيقة .لأن ماقاله كذبٌ وافتراء وتدليس وخيانة علمية واكاديمية وبحثية ، ولاتستند الى المصادر وتخالف الحقائق التاريخية في الماضي والحاضر 
فشيخ ألأزهر يقلب الحقائق التاريخية التي تؤكّد أنّ العلماء والمفكرين عبر التاريخ ألأسلامي كانوا ولايزالون مضطهدين  من قبل الخلفاء والملوك ورجال الدين  المسلمين وبشهادة علماء ومفكرين مسلمين انفسهم . واذا كان شيخ ألأزهر لايعرف ذلك فهي مصيبة واذا عرف فهي مصيبة اكبر . ولكن أنا شخصيا اعتقد انه يعرف ذلك ولكن شريعة التقيّة والكذب مشرِّع الهيا. في ألأسلام  ، لأنَّ الحرب  خُدعة وخاصة  ضدَّ "الكفار" .
لن أُعلِّق على ما قاله شيخ الأزهر أعلاه بخصوص الحضارة (ألأسلامية ) لأ نني كتبت عدّة مقالات بخصوص هذا الموضوع ممكن الرجوع اليها (راجع المواقع على الهامش ). (2)
ولايكتفي شيخ ألأزهر بخداع نفسه وخداع الآخرين بل يذهب الى أبعد حدود الخداع والكذب والتقية عندما يقارن الحضارة الأسلامية بالحضارة الغربية(المسيحية) ويقول :
"بعكس حضارة الغرب التي أصابها الضعف والتفكك حين كانت ترفع لافتة الدين (المسيحي ) في القرون الوسطى ،فلمّا تمردت على الدين وادارت له ظهرها نمت وترعرعت فيما يُعرف بعصر النهضة  أو عصر التنوير ".
يستمر شيخ الأزهر في تمرير كذبته على السذجّ ، من الناس البسطاء المخدوعين ، من المسلمين  بالقول :
"وهذه مفارقة أو مقارنة لاينبغي إغفالها في تميّز ألأسلام وقدرته الخارقة على صنع مجتمعات غاية في الحضارة العلمية والثقافية والفنيّة !!!!!!!!!!!! ، وأنَّ حضارة المسلمين مرتبطة بالأسلام ارتباط المعلول بعلّته ، توجد ( الحضارة) حين يوجد ألأسلام وتتلاشى حين ينحسر أو يغيب(الأسلام)!!!!!!"
انتهى الأقتباس
في الحقيقة انَّ كُل علامة تعجُّب اعلاه تعني أنَّ القارئء الذكي سيطالب شيخ الأزهر بالمصادر التي إعتمد عليها في كلمته  ولايمكن أن يقبل كلام على الهواء دون ان يشير فضيلة الشيخ الى مصدر واحد من المصادر والبحوث التي استند اليها في كلامه . بالأضافة الى اسئلة يمكن طرحها على شيخ الأزهر وعلى سبيل المثال : متى كانت المجتمعات الأسلامية متقدمة حضاريا؟ وماهي ألأدلة التي تثبت ان المجتمعات الأسلامية كانت متقدمة في الثقافة والعلم والفن ؟ وماهي المصادر القرآنية التي يقول انها اكثر من 700 مصدر تؤكد على أن القران يدعو الى العلم والمعرفة العلمية والثقافية ؟ وأذا كان هذا صحيحا  فلماذا تخلف المسلمون عبر التاريخ ولازالوا متخلفين حضاريا ؟ وهل الحضارة التي يتباهى بها شيخ ألأزهر كانت حضارة اسلامية  أم أن الذين ساهموا في الحضارة العربية كانوا من الشعوب الغير ألأسلامية  ؟
بالمقابل ،هل يعرف شيخ ألأزهر أنَّ الحضارة الغربية جذورها مسيحية ، وأنَّ التأثير الحضاري  للمسيحية ضخم وشديد التشعب يشمل جميع مجالات الحياة؟.
فعلى سبيل المثال ، لا الحصر ، المسيحية كانت لها تاثير في التعليم والرعاية الطبية  والخدمات ألأجتماعية والعمارة والفن والموسيقى وحقوق الأنسان وحقوق المرأة وتحرير العبيد.
راجع التأثير الحضاري للمسيحية  في جميع ميادين الحياة (راجع الهامش).(3)
هل يعرف شيخ الأزهر أنَّ معضم العلماء في العالم كانوا مسيحيين ؟ وهل يعرف شيخ ألأزهر عن دور هؤلاء العلماء في تطوير الحضارات في العالم اجمع ؟
وهل يعرف فضيلة الشيخ "أحمد الطيب" أنّ 75 شخصية مسيحية في مختلف المجالات في كتاب الخالدون المئة في قائمة المائة شخصية ألأكثر تأثيرا في البشرية (راجع الهامش)؟ (4)
هل يستطيع فضيلة الشيخ أن ينكر دور المسيحيين في تطوير معالم الحضارة (ألأسلامية ) والشرقية خاصة في عهد الدولة العباسية حيث ابدع العلماء المسيحيين السريان في الترجمة من اليونانية الى السريانية ومن ثم  الى العربية ، حيث كان معظم المترجمين في بيت الحكمة من المسيحيينن ونشطوا بالطب والعلوم والرياضيات والفيزياء فاعتمد عليهم الخلفاء العباسيين ؟(راجع الهامش)(5)
هل يستطيع شيخ الأزهر وغيره من شيوخ هذا الزمن الرديء أن ينكروا دور العلماء المسيحين  في عصر النهضة العربية ، بصحفهم وجمعياتهم ألأدبية والسياسية وحتى اليوم لهم دور فعال في العالم العربي وألأسلامي ، في مختلف النواحي ألأجتماعية وألأقتصادية والعلمية ؟.(راجع الهامش)(6)
هل يعرف شيخ الأزهر أنَّ الكنيسة هي التي اسست المدارس والمستشفيات والجامعات في العالم الغربي المسيحي بل كانت رائدة في جميع العلوم والمعارف ألأنسانية ؟
راجع دور الكنيسة في نشر التعليم والصحة  والعلوم والفلسفة والرياضيات وعلم الفلك ...الخ (راجع الهامش)(7)
هل يعرف شيخ ألأزهر أنَّ اليسوعيين ساهموا في تطوير ساعات البندول ، والبارومترات ، والتلسكوبات ، والمجاهر ، وعلم البصريات ، والكهرباء ، والمغناطيسية ...الخ؟
وكمثال ،وليس الحصر ، في سنة 1558 كان  الرهبنة اليسوعيّون يديرون 74 كليّة في ثلاث قارات، مركزين على التعليم الليبرالي ، وهو انجاز لم يسبقه إليه أحد .(راجع الهامش)(8)

اذا كانت شهادة شيخ ألأزهر من جامعة سوربون في فرنسا في اختصاص الفلسفة ، فهو اكيد يعرف تماما أنَّ المعلومات وألأبحاث أعلاه هي صحيحة ولكنه يحاول تجميل صورة ألأسلام أمام الحاضرين في المؤتمر وتشويه صورة المسيحية بتعمُد ومع سابق ألأصرار وهذا يخالف النزاهة والصدق في قول الحقيقة كمن يحاول خجب الشمس الساطعة بغربال .
يعلَّق المفكر الكبير "إبراهيم عيسى" على كلمة شيخ ألأزهر فيقول:
"انا  مصدوم ومندهش مما قاله شيخ الأزهر ويريد منه التوضيخ لأن ما قاله لايمكن أن يقبله عاقل عنده حتى معلومات بسيطة عن الحقائق المخالفة لما قاله شيخ الأزهر . إنّ ما قاله فضيلة الشيخ هو ألأستهتار بعقول الناس والضحك على عقول البسطاء منهم.
ويضيف قائلا:
"الدقيقتين التي تكلَّم بها شيخ الأزهر  يستحقوا الرد عليه في 30 حلقة في الشهر للحجم الهائل الرهيب من التناقضات !!!!!! التي يقولها فضيلة ألأمام . وأنا أدعوه لمراجعة ما قاله ، واستعادة هذه المعاني على نحو آخر تفصيلا حتى نعرف ،لكي لانسئءُ فهمه:"بين من يسمع كلام المسيحية حيتخلف ويتراجع والذي يسمع كلام ألأسلام بيتقدم ويعلو"
ويتسائل ابراهيم عيسى :
 هل هذا منطق؟ هذا منطقٌ مغلوط تماما . معنى وهو (اي كلام الأمام ) عنصري ..... هل هذا هو تحليل شيخ ألأزهر  ؟
السؤال هذا الكلام يستند على ماذا  ؟ الوهم بتاع الخلافة ألأسلامية عاوزين نخلص منه ، وإنَّ الخلافة ألأسلامية عملت المجد والعظمة ؟؟!!!!
يجاوب ويعترف ابراهيم عيسى بالحقيقة التاريخية فيقول :
الخلافة ألأسلامية دي كانت موجودة ومصر أُحتلت . بلاش مصر ، القدس أُحتلّت 200 سنة . الم يكن هناك خلافة اسلامية ؟  مصر أُحتلت 74 سنة وكان هناك خلافة اسلامية .
لماذا ترتبطون بين مجد ألأسلام كما يعتقد البعض ، يعني بأنَّ المسلمين كانوا متحكمين في نصف الكرة ألأرضية ؟ طيب ألأسكندر القدوني كان يتحكم في نصف الكرة ألأرضية هكذا الروم و الفرس (والمغول الذين عاثوا فسادا في الأرض كانوا ايضا متحكمين بنصف الكرة الأرضية ) هكذا ألأمبراطورية البريطانية
أنا أتكلم عن الجضارة التي هي العلم والثقافة والطب .... الذي انتج هذه الحضارة ألأسلامية هؤلاء كانوا العلماء الذين عملوا هذه الحضارة ونأتي اليهم واحد واحد ونشوف قد التكفير الذي عانوه والسجون التي دخلوها . دحنا عندنا ألأئمة الكبار في تاريخنا ألأسلامي هناك فصول من سيرة حياتهم اسمه "محنة ألأمام "...
ويتسائل ابراهيم عيسى قائلا:
"نحن أمام مرحلة من ألأنحطاط ألأقتصادي والسياسي وألأجتماعي ..ما سبب ذلك؟ هل هو نتيجة البعد عن ألأسلام ؟
هل هذا كلام ياجماعة؟."
والكلام الخطير الذي قاله ابراهيم عيسى في نهاية تعليقه على كلمة شيخ ألأزهر فيقول:
"اليس هذا (اي كلام شيخ ألأزهر ) كلام كُلِّ المتطرفين ؟ هذا كلام أبو بكر البغدادي !!!!
الغرب استعمرنا في زمن الخلافة ألأسلامية على فكرة .ونُدعي على الخليفة في الجامع . نحن عايشين على وهم واكذوبة كبيرة جدا . وهل الغرب تقدَّم على شأن تمرد على الدين (المسيحي)؟  أم تمرد على رجال الدين ؟؟؟!!!!!! على الكهنة الذين كانوا يؤجونهم الجنة .
عصر النهضة الغرب المسيحي نتيجة فصامهم الكامل عن رجال الدين مش على الدين لم يهدموا الكنائس ولم يمنعوا احد من التدين ...ولم يعلنوا ألألحاد ولم يقفلوا الكنائس . أين الذين ابتعدوا عن المسيحية ؟ ابتعدوا عن رجال الدين (الكهنوت) .رجال الدين تجار الدين الذين يتحكمون فينا هينا (في الوطن العربي) التي هي نفس المصيبة تتكرر في عالمنا ألأسلامي عندما نسلّم أنفسنا للكهنوت (قصده شيوخ المسلمين) ورجال الدين . الغرب لم يرفضوا المسيحية وبسبب ذلك تطوروا واصبحو كويسين وعملوا عصر النهضة ،أيه الكلام دا؟؟؟؟  أين حصل ذلك ؟
ويصل ابراهيم عيسى الى زبدة الموضوع فيقول:
أنا أُحيلكم الى كُلِّ كلام السلفيين وداعش والقاعدة ستستنتجوا إنّه خطاب ليس بمختلف عن ما قاله شيخ الأزهر.(9)
.

(1)

كلمة شيخ الأزهر: الدكتور/ أحمد الطيب ( مؤتمر الأوقاف الدولى بالاقصر
https://www.youtube.com/watch?v=f25xezrfqH4
(2)
علاقة الدين بالعلم والمعرفة في المجتمعات المسيحية والأسلامية عبر التااريخ
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=41175

سقوط الحضارة العربية
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=578025.0
(3)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%
A7%D9%84%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D9%8A_%D9%84%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D8%A9
(4)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%8A%D9%86_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85
(5)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A3%D8%AB%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%8A%D9%86_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
(6)
http://www.marefa.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%88%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
http://www.kalimatalhayat.com/christian-life/301-arabic-christianity/4422-christians-modern-renaissance-makers.html
(7)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%85
(8)
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%B3%D9%88%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86
(9)
بالفيديو | إبراهيم عيسى كلام شيخ الأزهر عن الغرب والمسيحيين بمؤتمر الأقصر لا يختلف عن كلام داعش والقاعدة
http://www.christian-dogma.com/t950804

69
عزيزي
Binjamin Toma
 شكرا على تقييمك للمقال وفعلا انت شخصت مشكلتنا اليوم بقولك ان ألأضطهاد عبرالتاريخ كان بسبب مسيحيتنا ولم يفرق العدو بين اشوري او كلداني او سرياني

70



كيف تعامل  الغزو الأسلامي مع المقدسات المسيحية -الكنائس وألأديرة والصلبان -؟
الجزء الثاني
الكنائس المسيحية التي حوَّلها المسلمون  الى مساجد عبر التاريخ
مقدمة
يقول شيخ ألأسلام  إبن تيمية في احدى فتاويه:
"إنَّ علماء المسلمين مِن أهل المذاهب الأربعة؛ مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم مِن الأئمَّة؛ كسفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وغيرهم، ومَن قبلهم من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - أجمعين متَّفقون على أنَّ الإمام لو هدَم كلَّ كنيسة بأرض العنوة كأرض مصر والسَّواد بالعراق وبر الشام ونحو ذلك مجتهدًا في ذلك ومتبعًا في ذلك لمَن يرى ذلك؛ لم يكن ذلك ظلمًا منه، بل تجب طاعتُه في ذلك ومساعدته في ذلك ممَّن يرى ذلك، وإن امتَنعوا عن حُكم المسلمين لهم كانوا ناقِضين العهدَ وحلَّت بذلك دماؤُهم وأموالُهم". (1)
ومن خلال هذه الفتوى نستخلص نتيجة واحدة هي أنَّ المذاهب ألأربعة الرئيسيةفي ألأسلام متفقين على حقيقة واحدة أنَّ مصير كنائس المسيحيين يعتمد على ما يصدر من الفتاوى من إمام الأمة الأسلامية في هدم الكنائس أو إبقائها . وسنكتشف من خلال الوقائع التاريخية أنّ المسلمين عندما غزوا وأحتلوا البلدان المسيحية هدموا آلاف الكنائس وألأديرة .
يقول العالم الأمريكي "بيل وورنر ، الذي اختص في دراسة التاريخ ألأسلامي: " فقط القرن العاشر الميلادي لوحده ، أمرَ أحد الخلفاء المسلمين بهدم 30.000 كنيسة ."(2)
وإن الكنائس وألأديرة التي دمرها المسلمون  أو حوَّلوها الى مساجد، سواء في غزواتهم أو بعد سيطرتهم على البلدان المسيحية  لايمكن إحصائها فهي تقدر بعشرات الآلاف . لا يوجد عدد معروف للمساجد التي كانت كنائس فهي أكثر من أن تُعَد . ولكن سنحاول إعطاء بعض النماذج وليس حصرا.
كنائس تحولت لمساجد في تركيا بعد سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين :
لما دخل العثمانيون الغزاة مدينة القسطنطينية عام 1453 ميلادي، قاموا بتغيير اسم المدينة الى اسطنبول ،وحوَّلوا أعداد كبيرة جداً من كنائس الحضارة  البزنطينية الى جوامع.
واهم هذه الكنائس هي :
1- كنيسة آية صوفيا
بنيت آيا صوفيا في عهد الإمبراطور جستنيان عام 532، واستغرق بناؤها حوالى خمس سنوات حيث تم افتتاحها رسمياً عام 537م، واستمر مبنى آيا صوفيا على مدار 916 عاماً كاتدرائية ولمدة 481 عاماً ومنذ عام 1935 أصبح متحفاً، وهو من أهم التحف المعمارية في تاريخ الشرق الأوسط .
2 - كنيسة "كارية أو تشورا"
 قليلة الشهرة مقارنة بآيا صوفيا، بمرتبة متقدمة بهذا الشأن ، إذ مرت بمراحل آيا صوفيا ذاتها، هي موجودة اليوم في حي أديرنة كابيه، في الجزء الغربي لمنطقة الفاتح باسطنبول واحدة من الكنائس القليلة الباقية من العهد البيزنطي، إذ يعود تاريخ بنائها إلى القرن السادس الميلادي. وبعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح بقيت كنيسة، لتتحول بعد 58 عاما من الفتح، إلى جامع، بعد قرار من قبل الصدر الأعظم علي باشا عام 1511، وأثناء التحويل تم مسح كل اللوحات الجدارية والموزاييك عن الجدران، ليتم إغلاق الجامع عام 1956 وتتحول حتى اليوم إلى متحف. (3)
3 - كنيسة أشوريبيتوس (مسجد إسكي كامي)
كنيسة أشوريبيتوس اليونانية الأورثوذكسية ، بنتها الكنيسة اليونانية بالقرن الخامس الميلادي ، ظلت الكنيسة بسالونيك المرفأ و المدينة اليونانية المسيحية إلى عام 1430 حينما غزا السلطان مراد الثاني والد السلطان محمد الفاتح المدينة ، تحولت المدينة إلى جزء من سلطنة الأتراك و تحول المكان الكنيس إلى مسجد إسمه مسجد إسكي كامي أوالمسجد القديم ، بالعام 1912 و مع حرب البلقان الأولى و إجلاء الأتراك من المدينة و نهاية حكم العثمانيين تم تحويل
المسجد إلى أصله و هو كنيسة أرثوذكسية .
-4 كنيسة المخلص المقدس في تشورا (مسجد كار كامي)
كنيسة المخلص المقدس في الحقول أو البلدة ، كنيسة جنوب القرن الذهبي ، بنيت ببداية القرن الخامس و أعيد بناؤها جزئيا ثلاث مرات عبر تاريخها حتى الغزو العثماني ، بالعام 1502 تم تحويلها إلى مسجد ، تمت تسميته بمسجد كاري كامي
5 - كنيسة القديس إيجينيوس (مسجد يني جمعة أو مسجد جمعة الجديد)
بُني المكان ككنيسة بالنصف الأول للقرن الثالث عشر بطرابزون ، سُمي المكان كنيسة القديس إيجينيوس نسبة للقديس إيجينيوس شفيع مدينة طرابزون و راعيها ، بالعام 1460 و بعد حصار جديد للمدينة نجح هذه المرة بعد قرابة ثلاثة قرون من الحصارات و الهجوم سقطت المدينة بيد الأتراك ، تم تحويل الكنيسة المُقدسة إلى مسجد
6 -دير ستوديوس (مسجد حراس الاسطبل سابقاً حالياً مسجد
إلياس بك)
 دير ستوديوس ، بناه القنصل الروماني ستوديوس عام 462 بالقسطنطينية تكريساً للقديس يوحنا المعمدان ، تعرض للتدمير الجزئي عدة مرات و في العام 1290 اعيد بناؤه بشكل كامل ، بالعام 1510 تقريباً تم تحويله لمسجد سُمي بمسجد حراس الاسطبل السلطاني ، بمرور الوقت تعرض للتدمير من الحوادث و الزلازل ، بالعام 1946 تم تحويله لمتحف ، مؤخراً تم افتتاحه ليكون مسجد بدلاً من
كونه متحف عام 2014 ليكون مسجد من جديد بعد تحويله لمتحف ب 68 سنة .
7 - كنيسة و دير سانت أندرو (مسجد مصطفى باشا)
تم وضع حجر أساس الدير في بداية القرن السادس الميلادي بالقسطنطينية ، تم هدمها جزئياً في الحروب و اعادة بناء المكان بنهاية القرن الثالث عشر ، مع الاحتلال التركي قررالصدر الاعظم مصطفى باشا تحويل الدير لمسجد ، إلى اليوم يظل المكان مسجد ، تم اعدام الصدر الاعظم شخصياً عام 1512 و مازال المكان مسجد مأهول لليوم .
 8 - كنيسة القديس يوحنا المعمدان (مسجد أحمد باشا)
بعد إحتلال القسطنطينية استخدمت الراهبات الكنيسة كملجأ و للصلاة ، كانت الكنيسة واحدة من عدة كنائس تم توزيع الراهبات عليها بعد طردهن من كنيسة الرسل المقدسة التي تم هدمها و سرقتها لتتحول لمسجد ، ظلت الكنيسة محل للراهبات حتى عام 1588 حينما أمر السلطان بطرد الراهبات و تحويل الكنيسة هي الأخرى لمسجد و تمت تسميته بمسجد أحمد باشا .
-9 كنيسة متروبوليس القديمة في فيريا (مسجد سيادة الإمبراطور  )
بُنيت كنيسة متروبوليس القديمة ببداية القرن الحادي عشر شمال اليونان ، بالعام 1430 تم إحتلال المدينة و تم تحويل الكنيسة لمسجد سُمي بإسم السيادة الامبراطورية ، ظل المكان مسجد لحين طرد الاتراك من اليونان العثمانية بعد هزيمة السلطنة في حرب البلقان الأولى عام 1912 لتعود الكنيسة لأداء عملها المسيحي من جديد .
10 - كنيسة سانت دومينيك (مسجد العرب)
تأسست كنيسة سانت دومينيكو بالعام 1299 كوريثة لأكثر من بناء مسيحي و تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك ، بالعام 1453 تم إحتلال القسطنطينية ، كانت الكنيسة مستمرة طيلة عهد الاتراك لمدة 25 سنة بإسم ميسا دومينيكو إلى العام 1478 حينما تم تحويلها لمسجد ، تمت تسميته بعدة أسماء منها المسجد الكبير ، مسجد غلطة و مسجد العرب .
11 - كنيسة آياصوفيا في طرابزون (متحف طرابزون أو مسجد طرابزون)
 بُنيت الكنيسة بالعام 1263 في طرابزون ، إستمرت تعمل ككنيسة و ملتقى للرهبان حتى غزو المدينة عام 1461 ، بين 1461 و 1584 تم تحويلها لمسجد ، بالعام 1964 تم تحويله إلى متحف ، بالعام 2012 قررت السلطات المحلية إعادة تحويل المكان إلى مسجد من جديد في الغاء لقرار حكومة عصمت اينونو .

12 -كاتدرائية القديس نيقولاوس (جامع لالا مصطفى باشا)
تم بناء الكاتدرائية المقدسة في قبرص فاغاموستا عام 1328 ، تم تكريسها ككنيسة كاثوليكية بالعام 1328 ، في اغسطس 1571 سقطت فاغاموستا بيد الأتراك ، تم تحويل الكاتدرائية إلى مسجد فور الاحتلال ، إلى اليوم لا تزال الكاتدرائية مسجد .
-13 مجمع : {دير المسيح حاكم الكل و كنيسة والدة الإله و كنيسة سانت مايكل}  (جامع المُلا زيريك)
في سنة 1124 تم بناء دير بإسم "المسيح كُلي القدرة" أو "المسيح حاكم الكل" وفي سنة 1130 تقريباً بُنيت بجوارها كنيسة بإسم "والدة الإله " و تم الوصل بينهما بكنيسة صغيرة بإسم "كنيسة القديس مايكل" . مع احتلال القسطنطينية سنة 1453 تم تحويل المكان لمدرسة دينية ، سُميت بإسم الإمام زيريك الذي كان يدرس و يكتب فيها ، الى اليوم لا تزال الصفة الدينية الاسلامية تخص المكان مع انه غير مستخدم بشكل أساسي باعتباره اثر مقيم من اليونسكو لكن يظل مكان للصلاة و العبادات نهاراً و لا يستخدم ليلاً .
- 14 دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس (مسجد إسكي إمارت(
عام 1085 تم بناء دير و كنيسة خريستوس بانديبوبتس من قبل والدة الامبراطور أليكسوس الأول ، كان المبنى مخصص للعبادة الأرثوذكسية ثم تحول مؤقتاً للعبادة الكاثوليكية في فترة الحكم اللاتيني و عاد لاحقا بالقرن الثالث عشر للكنيسة الأرثوذكسية ، بالعام 1453 و فور إحتلال القسطنطينية تم تحويله لمسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد مطعم حساء الفقراء حسب التسمية التركية إسكي إمارت ، إلى اليوم يظل المكان مسجد و إن كان بنيانه قد تردى .
15- كنيسة القديس بندلايمون (مسجد إسحاق)
بُنيت كنيسة القديس بندلايمون أواخر القرن الثالث عشر تابعة للكنيسة الأرثوذكية بسالونيك اليونانية ، تم غزو سالونيك من قبل الاتراك 1430 ، بالعام 1548 تم تحويل المكان إلى مسجد إسحق نسبة للقاضي اسحق جلبي ، ظلت الكنيسة مسجد إلى العام 1912 حينما تم إنهاء حكم الاحتلال التركي لسالونيك و تم طرد التراك إثر هزيمتهم في حرب البلقان الأولى ، عاد المكان كنيسة بعد هذا .
السؤال الآن هل سليمان القانوني إشترى هذا المكان هو الآخر؟؟
-16 كاتدرائية كارس (مسجد القبة(
بُنيت الكنيسة في كارس شمال شرق تركيا الحالية بالقرن العاشر بناء على امر الملك الارميني آباص ، تم التخلي عن الكنيسة و تركها مع الغزو السلجوقي بالقرن الحادي عشر ، سنة 1579 قام الصدر الاعظم مصطفى باشا بتحويلها لمسجد ، وفي سنة  1877 كانت كارس قد انتقلت لتبعية روسيا القيصرية فاعادت المسجد لأصله الكنسي و لكن سنة  1918 اعادت الدولة العثمانية السيطرة على كارس لتحول الكنيسة للمرة الثانية لمسجد . سنة 1919 انتقلت كارس لسيطرة الارمن ضمن هدنة مدروس التي سحبت الجيش التركي للخلف فعادت كنيسة من جديد ، نزع كمال اتاتورك ملكية المكان و عرضه للبيع فاشترته بلدية كارس ليصير متحف بين 1964 و 1978 ليتم تحويله لمسجد عام 1993 .
- 17كنيسة آياصوفيا في إزنيق (مسجد آياصوفيا  مسجد اورهان)
 بُنيت الكنيسة في نيقية بشمال غرب الأناضول بالقرن السادس الميلادي ، تم تحويلها لمسجد عام 1337 بعد غزو الأتراك لنيقية . سنة  1935 تم تحويلها لمتحف ، وفي سنة 2011 اعيد افتتاحها بنوفمبر كمسجد من جديد و حملت اسم مسجد آياصوفيا و مسجد السلطان اورهان .

 -18كنيسة القديس ديمتريوس (مسجد القاسمية(
بُنيت كاتدرائية القديس ديميتريوس عام 634 على انقاض عدة مباني أخرى سبقتها كمباني مسيحية بقرون ، يُعد المكان من أهم أماكن العبادة المسيحية في سالونيك ، سنة 1430 تم غزو سالونيك من قبل ألأتراك العثمانيين و تم تحويل الكاتدرائية لمسجد بإسم مسجد القاسمية Kasimia cami عام 1493 ، وفي سنة  1912 مع زوال الاحتلال العثماني اعيد المكان لأصله الكنيس المسيحي .
- 19دير و كنيسة المزهرية (المسجد الصغير(
 بُني الدير بالقرن التاسع الميلادي كدير و كنيسة صغيرة و مدفن لأسرة ثيودور لاحقاً ، مع احتلال القسطنطينية عام 1453 قام هايريتين أفندي بتحويله لمسجد و سمي بالمسجد الصغير ، في زلزال 1894 تم تدميره جزئياً ، تم ترميم المكان بنهاية سبعينيات القرن العشرين ، الى اليوم يستخدم للصلاة .
-20  دير كونستانتين ليبس (مسجد الملا عيسى الفناري Molla Fenâri
 بُني الدير عام 908 كدير للراهبات و مكان للصلاة بحضور الامبراطور ليو السادس ، يُعد الدير أكبر أديرة القسطنطينية البيزنطية ، في عهد الحكم اللاتيني أُقيمت كنيسة جديدة جنوب الدير و أضيفت لاحقاً للدير ، سنة 1497 تم تحويل المكان إلى مسجد و تسمى بإسم مسجد الملا عيسى الفناري  ، بعد حريق اخير سنة 1918 تم اغلاقه و في سنة 1980 تم الانتهاء من ترميمه ليستعاد من جديد كمسجد .
- 21دير أرض المر (مسجد البدروم أو مسجد القبو(
أسس القائد اليوناني رومانوس الأول كنيسة أرض شجر المر قرب بحرمرمرة تقريا عام 919 باعتباره قصر للحكم ، بمنتصف القرن العاشر تحول المكان إلى دير للراهبات ، بعد غزو الأتراك للقسطنطينيةسنة 1453 . تم تحويل الكنيسة إلى مسجد بأمر مسيح باشا الصدر الأعظم عام 1500 ، عُرف المسجد بإسم مسجد القبو أو مسجد مسيح باشا. سنة  1911 تم هجر و اغلاق المكان بسبب الحرائق لكن عام 1990 و بعد سلسلة حفريات تم ترميم المكان و استعيد كمسجد.
-22كاتدرائية سانت صوفي (مسجد السليمية(
في نهاية القرن الثالث عشر كانت كنيسة سانت صوفي في نيقوسيا بقبرص قد أُعدت بعد بناء مرير استمر طيلة القرن بسبب الحروب و الزلازل  ، ظلت الكاتدرائية صامدة امام الحروب المسيحية و الحملات الصليبية و الزلازل ، وفي سنة 1570 و في سبتمبر و بعد حصار طويل تم اجتياح نيقوسيا و قتل 20.000 من سكانها و نهبها ، بعد مجزرة بالكاتدرائية تم تحويلها لمسجد هي و كافة الكنائس بالمدينة ، الى اليوم يظل المكان مسجد.
-23 كنيسة مريم ذهبية الرأس
 أُسست الكنيسة بالقرن العاشر الميلادي في طرابزون المطلة على البحر الاسود ، أُستخدمت الكنيسة كذلك كمدفن للعديد من الشخصيات الملكية ، في سنة 1461 تم غزو الأتراك العثمانيين لطرابزون ، مع الغزو فوراً تم تحويل الكنيسة لمسجد .تمت تسمية المسجد بالفاتح نسبة للسلطان محمد الفاتح .

 24- كنيسة مريم العذراء (مسجد التجار)
تأسست الكنيسة بالقرن الحادي عشر في سالونيك اليونانية ،سنة 1430 تم غزو سالونيك ، تم تحويل الكنيسة لمسجد و لُقب بمسجد التُجار ، وفي سنة 1912 هُزمت الدولة العثمانية بحرب البلقان الاولى ، تمت استعادة الكنيسة و عادت الى حالتها الكنسية الاولى .
25- كنيسة النبي إيليا (مسجد السرايا)
كنيسة النبي إيليا تأسست بالقرن الرابع عشر الميلادي و تعد حاليا من الاثار الانسانية ، مع الغزو التركي لسالونيك عام 1430 تم تحويل المكان لكنيسة بأمر مصطفى باشا ، المكان سُمي بمسجدالسرايا ، سنة 1912 مع تحرر سالونيك من الاحتلال التركي تمت اعادة الكنيسة .
-26 كنيسة القديسة ماريا (مسجد أولسيني)
 بُنيت كنيسة القديسة ماريا في أولسيني الواقعة اليوم بجمهورية الجبل الاسود عام 1510 في اطار حكم جمهورية جنوة ، سنة 1571 غزا الاتراك اولسيني ، تم تحويل المكان الى مسجد فور دخول قوات الاتراك المدينة ، ظل المكان مسجد الى سنة 1880 حينما حررت قوات مونتنيغرو المدينة و اعادت الكنيسة كما كانت.
-27كنيسة القديس ستيفن (مسجد الفاتح)
شُيدت كنيسة القديس ستيفن سنة 730 المكرسة لسانت تيودور ،سنة 1330 تقريباً كانت قد باتت جزء من دولة الاتراك العثمانيين ، تم تحويل الكنيسة لمسجد ، بين 1919 و 1922 تم تحويلها لكنيسة بواقع الاحتلال اليوناني للمنطقة ، في 1922 و بعد معركة دوملوبينار و تحرر المنطقة اعيد المكان لصفة المسجد ، إلى اليوم مازال المكان مسجد .

 -28 كنيسة دير راهبات سانت ثيودوسا
كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ(مسجد غول حالياً)
المبنى الكنسي فهو اما كنيسة ملحقة بالاثر المميز باسم دير ثيودوسا المقدسة او كنيسة ملحقة بدير يسوع الخَيِرّ ، يُقدر البناء بالقرن الحادي عشر في نهايته ، ظل المبنى محل تنازع و احتضان صراعات مسيحية حتى مجئ الغزو التركي ، سنة 1453 تم تحويله الى حطام بسبب القصف التركي و التخريب ،سنة 1490 تم ترميمه و تحويله الى مسجد ، تمت تسمية المسجد بمسجد غول او مسجد الروز ، الى اليوم يظل المبنى مسجداً.
29 -كنيسة العذراء أم الإله (مسجد قلندر خانة)
تعود جذور البناء للقرن السادس الميلادي كوريث لعدة بنايات كنسية و يؤسس البناء الحالي بالقرن الثاني عشر ، تناوب الأرثوذكس و اللاتينيين ملكية المبني في إطار الحروب بين الطرفين ، بالنهاية استقر المكان تبعيةً للكنيسة الارثوذكسية ، مع الغزو التركي عام 1453 تم اقرار أسلمة المكان ، قرر محمد الثاني منح الكنيسة لطائفة القرندلية من الدراويش ، تحول المكان لتكية و وقف ليصير سنة 1746 مسجد ، بنهاية القرن التاسع عشر تحول لمكان مهجور لكن مع مطلع سبعينيات القرن العشرين تم ترميمه و افتتاحه و هو الان مسجد.
30 -كنيسة القديس ثيودور (مسجد الملا غوراني )
 يعود البناء لبداية القرن الحادي عشر بالقسطنطينية ، كأغلب كنائس المدينة تناوبتها الكنيسة الأرثوذكسية ثم اللاتينية في اطار الحرب بين الشرقيين و اللاتينيين ، سنة 1453 تم احتلال المدينة من قبل الاتراك العثمانيين ، بعد الغزو تم اقرار تحويل المكان لمسجد ، سُمي المسجد باسم المُلا Gürani مُعلم السلطان و أستاذه ، الى اليوم يظل المبنى المُرمم و المُصلح بعد حريق 1848 مفتوح  (4).
31 -كنيسة آيا صوفيا الصغير
كانت نسخة مصغرة  للكنيسة الكبيرة ايا صوفيا  وقد حولت الى مسجد بعد سقوط القسطنطينية بيد محمد الفاتح .(5)
32 - هناك الكنيستين الأرمنيتين الموجودتين في أورفا والتي تحولتا الى مساجد في عهد جمهورية تركيا
كنيسة القديسة العذراء وكنيسة الرسل القديسين في أورفا
بسبب الإبادة الأرمنية عام 1915، تحولتا الى مسجدين.
وتظهر كنيسة العذراء في الصور القديمة للمدينة، حيث كان يوجد بجانبها معهد أرمني وكنيسة أخرى.
33 -الكنيسة التي تقع في الحي الأرمني الواصل حتى قلعة أورفا، بقيت بعد الابادة دون رعاية ثم تحولت الى أنقاض، وفيما بعد الى محطة كهرباء
وفي عام 1993 تحولت الى مسجد.(6).
34 -مسجد العرب
وهو  في منطقة غلاطة في اسطنبول ، وكان كنيسة بيزنطية في القرن السادس الميلادي، وتحول لجامع غلاطة في المرة الأولى التي حاول فيها المسلمون دخول مدينة اسطنبول عام 668 ميلادي، لكنه عاد كنيسة بعد خروجهم منها، وبعد الفتح الإسلامي العثماني الأخير للمدينة، جرى تحويله لجامع العرب بين عامي 1475 و1478. (7)
كنائس متفرقة في العالم الأسلامي التي تم تحويلها الى مساجد
1 - المسجد الأموي
قبل الغزو الأسلامي واحتلال الشام كانت كنيسة القديس يوحنا المعمدان في دمشق
 التي تحوَّلت على يد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك ، الى ما يسمى اليوم بالمسجد ألأموي . طبعا لاننسى بتحول كنائس أخرى غير مشهورة في الشام الى جوامع.
2- مسجد الخضراء
كان كنيسة مبنية على مغارة  في فلسطين تم بنائه سنة 1187 ثم حوّله المسلمون  الى مسجد في العهد الإسلامي الأول في بلاد الشام، في القرن السابع الميلادي
3 -  جامع العطارين
ويقع جامع العطارين وسط سوق العطارين الأثري بمدينة الاسكندرية، ويضم مواقع أثرية تعود لعهد غزوات نابليون بونابرت على مصر، وقد كان كنيسة للقديس أبناسيوس، عام 370 ميلادي، وتحول لمسجد بعد الفتح الإسلامي للمدينة.(8)
قال أبو المكارم فى مخطوطه :" من جملة كنائس القاهرة التى حولت واصبحت مسجداً ودار
4- الكنيسة الأولى :

بالخط المعروف بدار الأوحد إبن أمير الجيوش بدر شهاب الدولة بدر الخاص جعلت تعرف بسكن القفول وقبتها ظاهرة إلى الان وبها صور كنائسية هذه الصور كانت تنفض البياض كلما اراد المسلمون تبييضها !!!!!!!
5- والكنيسة الثانية
فى الزقاق المعروف بالشيخ ابى الحسن أبن أبى شامة بخط دار الوزارة المعروفة الآن بدار الديباج . وكان امامها جوسق (الجوسق يعنى قصراً كبير )حولت مسجداً وضموا الجوسق الذى كان خارجها إليه واصبحت دار به وأستعملت للسكن يطلع إليه من داخلها".

6 -الكنيسة الثالثة : 

 كنيسة للسيدة العذراء مريم فى خط حارة الريحانية
أنشأها الأقباط وفى الجزء العلوى منها كنيسة على إسم القديس تادرس المشرقى وهى تجاور حارة الريحانية أمام الحسينية وحولت إلى مسجداً فى الأرض التى كانت مقطعة لسبح أبن شاهنشاة وعمره الخليفة العاضد فى بداية خلافته ويعرف الان بمسجد زنبور وهو أيضاً منذور للخميرة الأولى
41 - الكنيسة الرابعة

 بالقرب من ساحل البحر (النيل) كنيسة القديس مارى جرجس كانت للأرمن ثم حولها المسلمين مسجداً فى الخلافة الحاكمية وعدى عليها البحر ( أى أن مياه النيل غمرتها واصبحت من مجراه )

هذا ما عدا مئات الكنائس التى لم نستطع الحصول على أسمائها وهذا الموضوع يحتاج إلى بحث خاص  (9) .

مسجد المجاهدين- العراق
في سياق مختلف عن كل ما سبق، وفي فتح إسلامي حديث، حولت الدولة الإسلامية في العراق والشام، كنيسة مار أفرام، التابعة لكنيسة السريان الأرثوذوكس، في مدينة الموصل العراقية، إلى "مسجد المجاهدين"، ليقيموا فيها الصلاة، بعد عام واحد على احتلال مدينة الموصل من قبل داعش عام 2014. يذكر أن كنيسة مار أفرام كانت مركزاً دينياً مهماً لمسيحيي الموصل، ويقصدها مئات المصلين من المدينة وأريافها.

42 -  كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية


في عام 2015، جرى تحويل كنيسة كابرناوم بمدينة هامبورغ الألمانية
إلى مسجد ليصلي فيه مسلمو القسم الشمالي من المدينة، بعد أن اشترى مبنى الكنيسة مركز النور الإسلامي. وعلى الرغم من أنه ليس المسجد الأول في مدينة هامبورغ، فقد أثار جدلاً كبيراً، واحتجاجات نظمتها بعض أحزاب اليمين الألماني.(10)
وبحسب الإحصائيات، فإنّ قرابة 20 كنيسة تغلق أبوابها سنوياً، في المملكة المتحدة، فيما أوردت السجلات الرسمية في الدنمارك، إغلاق قرابة 200 كنيسة أبوابها، مع حلول منتصف العام 2015، بينما أُقفلت أبواب 515 كنيسة في ألمانيا خلال الأعوام العشرة الأخيرة.(11)
ينشط المسلمون اليوم في العديد من الدول الأوروبية، في شراء بعض الكنائس التي أغلقت أبوابها، نتيجة قلة الاهتمام بها، لتحويلها إلى مساجد ودور عبادة للمسلمين،تتصدر ألمانيا قائمة الدول الأوروبية الأكثر بيعاً للكنائس، وتُعد
كنيسة "دورتموند يوهانس".
 أبرز تلك الكنائس التي اشتراها الاتحاد الإسلامي التركي قبل 10 أعوام، حيث تمّ إطلاق اسم "جامع مركز دورتموند" عليها، ويبلغ مساحته ألف و700 متر مربع، ويتسع لألف و500 مصلّي. كما قام المسلمون بشراء كنيسة "كابيرنايوم" بولاية هامبورغ عام 2012م، وتحويلها إلى مسجد، وذلك بدعم وتمويل من دولة الكويت. أمّا في هولندا: فقد تمّ شراء العديد من الكنائس وتحويلها إلى مساجد للمسلمين، ومن أبرزها "جامع الفاتح" في العاصمة أمستردام، وجامع "السلطان أيوب" في ولاية جرونينجن، وجامع "عثمان غازي" في ولاية وييرت، وتخضع هذه المساجد إلى إشراف وقف الديانة الهولندية. وكشفت المعلومات الصادرة عن مؤتمر الأساقفة بفرنسا: عن تحويل 4 كنائس في عموم البلاد إلى مساجد للمسلمين، أبرزها كنيسة "دومينيكان" الموجودة في ولاية ليل الشمالية. وفي مدينة كليرمون فيران التابعة لاقليم "بوي دي دوم" الواقعة جنوب شرقي فرنسا، تمّ بيع كنيسة "القديس يوسف
"، للمسلمين؛ وذلك بسبب قلة المسحيين المرتادين إليها، وبحْث المسلمين عن مكانٍ لأداء عبادتهم، حيث أُطلقت عليها اسم "جامع التوحيد".  في بريطانيا: قالت مجموعة "كريستيان ريسيرج" المهتمة بشؤون المسيحيين ، إلى وجود قرابة ألفي مسجد مسجّل في عموم بريطانيا، وأنّ معظمها كانت كنائس في السابق. ومن المتوقع أن يتجاوز عدد الكنائس التي ستغلق أبوابها في اوربا فقط إلى 4 آلاف مع حلول عام 2020م.(12)

وفي احصائية لسنة 2015 عن عدد المساجد  في جميع الولايات المتحدة الأمريكية  بلغ   3186 مسجد . هذه ألأحصائيات تم تجميعها من الدليل ألأسلامي الخاص بامريكا (13) Salatomatic

ليس للمسلمون حجة واحدة في قيام المسيحيين بهدم جوامعهم الا في حالة تجاوزهم على الكنائس التي حوَّلوها الى مساجد كما في اسبانيا او بعض دول اوربا الشرقية التي كانت تعاني من ألأحتلال العثماني مئات السنين وتم اخيرا الخلاص من كابوس هذا الأحتلال واعادة بعض الجوامع التي كانت كنائس اصلا الى وضعها الطبيعي .

بقلم : نافع البرواري

المصاد : راجع المواقع التالية

(1)

http://www.alukah.net/sharia/0/32361/
 
(2)
https://www.youtube.com/watch?v=rt-B8WF4aBA
(3)

https://www.alaraby.co.uk/society/2016/10/23/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D8%B2%D8%AF%D8%AD%D9%85-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%AA
(4)

http://ar.mideastyouth.com/?p=46999
(5)
http://all4syria.info/Archive/356577
(6)
http://www.aztagarabic.com/archives/13205
(7)
راجع الموقع التالي
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F
(8)
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%
(9)
http://www.arabchurch.com/forums/archive/index.php/t-16475.html

(10)
http://www.roayahnews.com/%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%9F/

(11)
http://mubasher.aljazeera.net/news/varieties/2016/02/20162521151725912.htm

(12)

http://www.lahaonline.com/articles/view/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%AC%D8%AF/49662.htm
(13)
http://www.allmofid.com/montada/showthread.php?tid=560
1

71
كيف تعامل الغزو الأسلامي مع المقدسات المسيحية (الكنائس و الأديرة  والصلبان) ؟


الجزء ألأول:


هدم الكنائس منهج في العقيدة ألأسلامية

مقدمة

قد يقول قائل : أنّ المسلمون كانوا يتعاملون مع المسيحيّين على انهم أهل الكتاب ولاخوف عليهم ولاهم يحزنون كما جاء في آيات القران في السور المكية . ولكن الحقيقة المرة هي أنّ هؤلاء المسلمين لايريدون البحث عن الحقائق التاريخية ، او يحاولون طمس التاريخ الأسلامي الدموي والهدّام لكل ما قبله من الحضارات والديانات السابقة . ونحن أذ نتسائل : أين اصبح المسيحيون في الشرق ألأوسط بعد الغزو ألأسلامي منذ 1400 سنة الى يومنا هذا فيما كان نسبة المسيحيين في هذا الشرق لايقل عن 70-80 %؟.
اليوم لايتجاوز نسبة المسيحيّين في الشرق الأوسط 3-5 % كما تذكر مُعظم المصادر لصرنا الحالي.
لماذا أختفت المسيحيية في الدول ألعربية(الوطن العربي الحالي) خاصة والدول ألأسلامية عامة عامة(كايران وافغانستان وتركيا ) منذُ الغزوات الأسلامية للدول والمناطق الشرق ألأوسط ؟

كيف يستطيع المسحيّيون أن يعيشوا مع أخوتهم المسلمين طالما لايزال المسلمون لايعترفون بالجرائم التي ارتكبت بحق الشعوب الأخرى ، وخاصة المسيحيّون عبر التاريخ   ؟

لماذا يصرّ المسلمون على التركيز على الحروب الصليبية التي لم تدم أكثر من 200 سنة فيما الغزوات الأسلامية قائمة منذ 1400 سنة حيث أغتصب المسلمون اراضي ومقدسات غيرهم ، ولازال المسلمون يعتقدون أنَّ الجهاد في سبيل الله قائم الى يوم القيامة وهو من أركان الأسلام ؟

والسؤال الذي لم يجب عليه المسلمون
أين اصبحت مئات بل آلاف الكنائس والأديرة في البلدان الأسلامية  حيث التاريخ والآثار يشهدان على مواقع واماكن هذه الأبنية ؟
سوف نحاول الأجابة على السؤال الأخير -على الأقل في هذاالمقال - نيابة عن اخوتنا المسلمون عسى ولعلَّ أن يصحوا ضميرهم ويعترفوا بالحقائق التاريخية ويعتذروا عن الجرائم التي أرتكبها آبائهم وأجدادهم ، لنستطيع مواصلة العيش المشترك معهم مستقبلا ،وليتخلصوا هم ايضا من عذاب الضمير والشعور بالذنب اسؤة بما قام به المسيحييون عندما اعتذروا عن الحروب الصليبية وأعترفت الكنيسة باخطائها التاريخية بحق الأنسانية  .


. نحن نعرف اليوم أنَّ اثار الكنائس وجدت في دول الخليج والسعودية واليمن ايضا  عدى مصر والشام وشمال افريقيا وتركيا التي كانت غالبية شعوب هذه البلدان مسيحية، وأذ نعطي مثال ،وليس حصرا ، على ذلك : العراق الحالي الذي كان جزء من وادي الرافدين.
 فعندما فتحت الجيوش العربية الاسلامية العراق في القرن السابع الميلادي، وجدت امامها حوالي سبعة ملايين عراقي، لغتهم الثقافية والدينية هي (السريانية)، بما فيهم الجماعات العربية في امارة المناذرة في الحيرة. اما من الناحية الدينية فأن غالبيتهم كانواتابعين للكنيسة النسطورية، وهنالك اقليات من اتباع الكنيسة اليعقوبية(السورية السريانية) وكذلك اليهود والمندائية( الصابئة) لقد كانت   مدينة الكوفة ومعها النجف ،وريثتا ،مدينة الحيرة التي كانت معقلا للمسيحية العراقية. انتشرت الكنائس المسيحية في جميع انحاء بلاد النهرين واصبحت مدينة ( المدائن) مقر الكنيسة النسطورية العراقية الرسمية ومقر المرجع الاعلى(الجاثليق)، واطلق عليها (كنيسة بابل)،

فيما كانت انطاكيا في سوريا  والأسكندرية  في مصر واورشليم في فلسطين وقسطنطينيا(اسطنبول حاليا في تركيا الحالية ) مراكز مسيحية مشهورة بمدارسها الللاهوتية والعلمية والفلسفية .
إنّ تاريخ الكنيسة يشهد على أنَّ  بين بغداد والبصرة فقط كان هناك اكثر من 80 كنيسة ودير قبل الغزو الأسلامي . وانّ كربلاء ونجف كان فيها كنائس واديرة والآثار كشفت عن وجود اكبر مقبرة مسحيية في مدينة النجف   .


الكنائس بحسب الشريعة العمرية تنقسم الى  ثلاثة أقسام *

يقول شيخ المسلمين "ابن تيمية" في كتابه "أحكام أهل الذمة "وهو يستند على "الشريعة العمرية" التي شرعها الخليفة عمر بن الخطاب وباتفاق ألأئمة الأربعة  بخصوص أهل الذمة فيقول :
"بخصوص الكنائس المسيحية في الدول التي يحكمها الأسلام : الكنائس ثلاثة اقسام : 1- منها لايجوز هدمه 2- ومنها مايجب هدمه  ومنها مايفعل المسلمون فيه الأصلح" .
والخلاصة فيما يعنيه ابن تيمية هو أن الكنائس القديمة قبل الغزو الأسلامي للدول  المسيحية ستبقى ، ولكن لايسمح ببناء كنائس جديدة!!!!!  ، وكل الكنائس التي بنيت حديثا  - أي بعد استيلاء المسلمين على أراضي المسيحيين - يتم ازالتها !!!!!!!!!!!!! ، كما ورد في الشروط العمرية :" لا يجددوا في مدائن الإسلام، ولا فيما حولها كنيسة ولا صومعة ولا ديراً ولا قلاية" وأمتثالا لقول رسول المسلمين " لاتكون قبلتان ببلد واحد " وكذلك مذهب الأئمة ألأربعة في الأمصار .
ويستشهد إبن تيمية بالخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز الذي إتّفق المسلمون على أنّه إمام هدى، الذي كتب الى نائبه عن اليمن أن يهدم الكنائس التي في أمصار اليمن ، فهدمها بصنعاء وغيرها !!!! .
والى يومنا هذا لم نسمع بوجود كنيسة واحدة في اليمن ولا في السعودية .

كذلك هارون الرشيد في خلافته أمر بهدم ما كان في سواد بغداد !!!!
وكذلك المتوكل لما ألزم أهل الكتاب " شروط عمر". وافتى علماء وقته في هدم الكنائس والبيع ، فاجابوه ، فبعث باجوتبهم الى ألأمام أحمد ، فأجابه بهدم كنائس سواد العراق ، وذكر ألأثار عن الصحابة والتابعين . فما ذكره ما روي عن إبن عباس قال :"أيما مصر مصرته العرب- يعني المسلمين- فليس للعجم – يعني اهل الذمة – أن يبنوا فيه كنيسة ولايضربوا فيه
ناقوسا ، ولايشربوا فيه خمرا"  !!!!!!!!!! .(1)

وأما ألأدلّة على تحريم بناء الكنائس والمعابد في الجزيرة العربية فكثيرة : فقد وردت أحاديث صحيحة تُحرّم ألأذن بوجود دين آخر مع الأسلام في جزيرة العرب ، وهي تقتضي تحريم بناء معابد لغير المسلمين من كنائس وغيرها من باب أولى ، ومن ذلك حديث عائشة "لايُترك بجزيرة العرب دينان "
(رواه أحمد وغيره وصححه جمع من أهل العلم ).
وعلى هذا جرى عمل ألأمّة قرونا طويلة ، أبتداء من عصر خير القرون(عصر الرسول) ، وحتى وقتِ متأخر من التاريخ ألأسلامي، فقد أجلى عمر بن الخطّاب يهود خيبر ونجران وفدك ، ووضع الشروط المشهورة بالعمريّة ، وفيها : (أنا شرطنا على أنفسنا أن لا نُحدث في مدينتنا كنيسة ، ولا فيما حولها ديرا ، ولا قلاّيا ولا صومعة ".
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز:
أجمع العلماءعلى تحريم بناء الكنائس في البلاد ألأسلامية ، وعلى وجوب هدمُها إذا أُحدثت ، وعلى أنَّ بناءها في الجزيرة العربية –كنجد والحجاز ، وبلدان الخليج واليمن – أشُّد إثما ، وأعظم حرما ، لأنَّ الرسول أمر باخراج اليهود والنصارى والمشركين من جزيرة العرب ، ونهى أن يجتمع فيها دينان ، وتبعه أصحابه في ذلك "(2)
يتسائل ألأعلامي المشهور عمرو أديب خلال تقديمه برنامج "كل يوم"، على فضائية     فيقول :"on E"
"أنّ شيوخ الأزهر يقرون بوجود حوالي 100 الف جامع في مصر وحدها فما هي المشكلة في بناء 100 او حتى 1000 كنيسة في مصر؟" هذا السؤال طرحه عمرو خالد  دون أن يعرف أن ألأسلام أصلا لايعترف ببناء الكنائس بل حتى  الكنائس القديمة يجب هدمها فكيف توافق ألأزهرعلى بناء 100 كنيسة حديثة  ؟.
في لقاء مع الأخ رشيد على قناة الحياة – برنامج "الدليل" يؤكد ما يقوله ابن تيمية وغيره من علماء المسلمين على أن هدم الكنائس هو منهج إسلامي وإن عدم تطبيق ذلك المنهج في بعض الفترات التاريخ ، هو بسبب ضعف ألأسلام فيتم تأجيل العمل بموجب ما اجمع عليه علماء المسلمون على هدم الكنائس فيقول:
"ألأسلام كثقافة لايوجد فيها ما يسمّى بالبناء يوجد فيه أكثر شيء ما يسمّى بالهدم
هناك مقولة لأبن خلدون: في الفصل السادس والعشرون في "مقدِّمة إبن خلدون "
سمَّى الفصل :"في أنّ العرب إذا تغلَّبوا على أوطان أسرع اليها الخراب "
يُفسِّر إبن خلدون السبب فيقول: "والسبب في ذلك لأنَّهم أُمّة وحشية باستحكام عوائد التوحُّش وأسبابه فيهم فصار لهم خُلُقا وجِبلّة وكان عندهم ملزوزا (اي يتلذّذَوا به) كان عندهم عن ربقة الحكم وعدم الأنقياد للسياسة . وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة لها "

هناك كتاب مفصّل  بعنوان "النفائس في هدم الكنائس"لأبن الرفعة أبو عباس ألأنصاري الشافعي المصري وهو من أعلام الشافعية ، ومن إسم هذا الكتاب نفهم حقيقة عقيدة هدم الكنائس باعتبارها عمل خير بالنسبة للمسلمين .
 المسلمون قسَّموا الأراضي العائدة للكنائس بموجب ما شرعه الفقهاء بما يسمى "أرض الصلح" و"ارض العنوة ". العنوة ما أُخذت بالقوة أو بالقتال أو بالحرب وبالقهر وارض العنوة تسمى ايضا "أرض الفي ". وغالبية الأراضي ألأسلامية هي ارض "العنوة " أي تمّ اخذها من اصحابها بالقوة.

أمّا أرض الصلح هي ما صولح عليه الكفار من ارضهم ، وهي نوعان بحسب ماجاء في عقد الصلح ، قد تكون ألأرض للكفار(المسيحيين )وعليها خُراج ،وقد يُصالحوا على أن تكون ألأرض للمسلمين  وعليها خراج ايضا !!!! في الحقيقة هذا العقد هو عقد إذلال للآخر وليس عقد الصلح.
في المحصّلة النهائية حكم الكنائس في الأسلام ،يمكن أن يكون هناك تقسيم وخلافات فقهية ، هي الهدم سواء كانت كنائس قديمة أو الكنائس المستحدثة  تُعتبر هذه الكنائس دور كفر وشرك وينبغي أن تُهدم .
يقول أبن قيم الجوزية في كتابه "أحكام أهل الذمة  " الجزء الثالث
"حكم هذه الكنائس الهدم ، سواء أكانت في مدن بناها المسلمين ، أم في مدن موجودة قبل المسلمين ، سواء كانت قديمة أو مستحدثة لايهم ، كُلِّ هذه الكنائس حكمها الهدم في الأسلام ."
فهدم الكنائس في الأسلام قائمة على حديث الرسول "لا يجب أن تبقى قبلتان بالأرض" كما فعلوا المسلمين في الجزيرة العربية عندما طردوا اليهود والنصارى من  الجزيرة استنادا الى قول الرسول "لايجتمع دينان في الجزيرة"
لهذا نرى حتى في عصرنا يهدمون الكنائس
مثلا كنائس تُهدم في سوريا والعراق من قبل الدواعش . و في مصر يهدمون ويحرقون الكنائس فيعتقد الكثيرون انها تصرُّف من قبل بعض جموع من  الناس منفصل كليا عن الدين . لكن لو تأملنا في عقائد الأسلام كما جائت في القرآن والسنة وفي افعال محمد وكما جُسِّدت في التاريخ ألأسلامي سنجد كُلّها تتفق على شيء مشترك هو الهدم . فالأسلام يَهدم ما قبله ، سواء الكنائس اوألآثار للحضارات السابقة للأسلام  وحتى الديانات السابقة.   (3).

تقول وفاء سلطان: ".....يبدو ان المسيحيين استقبلوا العرب في بادئ الأمر مثل محررين ، والتقليد يقول إن المسييحيين فتحوا ابوابهم امام العرب حتى ان مارن عمّة ( جاثليق كنيسة المشرق في نحو 647 ) زود الجيوش العربية بالمؤونة الضرورية. وفي وقت لاحق اصدر الحجاج في عهد الخليفة عبد الملك سنة 697 امراً يقضي باستعمال اللغة العربية في دوائر الدولة وحصر الوظائف العامة بالمسلمين ، والضغط على المسيحيين على اعتناق الإسلام ، وقد أخلّ بنسبة الديانات فأصبحت الغالبة للإسلام وادى هذا الى تشييد جوامع كبيرة عديدة في جميع المواضع والمدن والإستيلاء على الكنائس
ومايحصل الآن باهالينا في العراق إذ ان العصابات الإسلامية اخذت تجبر المسيحيين على تغيير دينهم او دفع الجزية او ترك البلاد بملابسهم وإلا نصيبهم الذبح ) وكان ان وضع عمر(الملقب بالعادل) على كل البلاد التي دخلها الأسلام في حال الموافقة على العيش مع الإسلام شروطاً وهي:
*ان لايحدثوا في مدننا ديراً ولا كنيسة ولا صومعة راهب ، ولا يجددوا ما دثر من كنايسهم ولا ماكان جانبها قريباً لعمار المسلمين، لا في ليل ولا في نهار.
ألا يوسعوا ابواب اديرتهم وكنايسهم الى المارّين وآبناء السبيل *
(4).

ويذكر المؤرخ المسيحى ساويرس بن المقفع فى كتابه "سير الأباء البطاركة" أن عمرو بن العاص أحرق بعض كنائس الإسكندرية، أثناء دخوله المدينة، ومنها كنيسة مارمرقس، إلا أن النار لم تمس رفات مارمرقس البشير، رسول المسيح حسب عقيدة المسيحيين، ثم دخلها بعض السارقين وسرقوا أغطية الجثمان من التابوت الذى يحتوى على جسد مارمرقس" !!!!.(5)

جاء في موسوعة تاريخ اقباط مصر مايلي:
"بدخول العرب للقدس تقلص ظل الحكم الروماني بعد ان خفقت أعلامه زهاء 600 سنة وزالت آثار حمايتهم للأماكن المقدسة. ففي عهد الحاكم بأمر الله أحد الخلفاء الفاطميين بمصر الذي كان دأبه محو معالم الكنائس من على وجه الأرض وإبادة أثرها . فقد أمر هذا الخليفة بتدمير كنيسة القيامة فنفذ أمره سنة 1099 م ودكت جميع أبنيتها وأستقصي في إزالة آثار الأماكن المقدسة ونهبت ذخائرها وكنوزها(6).


المماليك وهدم الكنائس

جاء في كتاب تاريخ الكنيسة القبطية واستنادا الى ما قاله المقريزي ، كيف أنّ الغوغائيين المسلمين في الكثير من الأحيان وبعد صلاة الجمعة يتحولون الى وحوش كاسرة يدمرون ويحرقون وينهبون الكنائس . وفي كُل هذه الأعمال البربرية يكبرون باسم " الله أكبر" كما يفعل داعش اليوم .
ويصف المقريزي الموقف بقوله: ".....امتدت أيديهم(الغوغائيين المسلمين) نحو كنيسة الزهري وهدموها حتى بقيت كوما وقتلوا كل من كان من النصارى، وأخذوا جميع ما كان فيها، وهدموا "كنيسة مارمينا" التي كانت بالحمراء، وكانت مُعَظَّمةٌ عند النصارى من قديم الزمان، وموضع اعتبارهم، وبها عدد من النصارى قد انقطعوا فيها -أي أقام حولها- كثير من الرهبان والراهبات !!!!! 
...فوجد فيها مال كثير ما بين نقد ومصاغ وغيره، وتسلق العامة إلى أعلاها، وفتحوا أبوابها وأخذوا منها مالًا وقماشًا وخرّبوا واهلكوا كل ما فيها، فكان أمرا مهولًا. ثم مضوا إلى كنيسة الحمراء ، بعد ما اهدموها ،إلى كنيستين بجوار السبع سقايات تعرف إحداهما بكنيسة البنات (دير الراهبات) كان يسكنها بنات النصارى وعدد من الرهبان، فكسروا أبواب الكنيستين وسبوا البنات، وكانوا زيادة على ستين بنتًا، ونزعوا ثيابهن وسلبوا كل ما وجدوه معهن، ونهبوا سائر ما ظفروا به وحرقوا وهدموا تلك الكنائس كلها بعد ذلك أطلقوا النار في بيوت النصارى القائمة حول كنيسة مارمينا، وحرقوا الكنائس الثلاث هذا والناس في صلاة الجمعة".(7)




بقلم
ن . ش






المصادر
(1)

http://www.muslm.org/vb/showthread.php?409582-%D9%82%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-(%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%B3-%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9-%D8%A3%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-)-%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D8%AC%D9%88%D8%B2-%D9%87%D8%AF%D9%85%D9%87%D8%8C-%D9%88%D9%85%D9%86%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%AC%D8%A8-%D9%87%D8%AF%D9%85%D9%87
(2)
http://dorar.net/art/49
(3)
برنامج الدليل
http://islamexplained.com/UVG/UVG_video_player/TabId/89/VideoId/696/012-----.aspx


(4)
وفاء سلطان
راجع الموقع التالي

https://www.facebook.com/wafa.sultan.mufakerhur.org/posts/1093129407408591

(5) راجع الموقع التالي
http://www.youm7.com/story/2015/3/1/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%86%D9%87%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%89-%D8%AA%D8%AF%D9%85%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AB%D8%A7%D8%B1/2087655

راجع الموقع التالي (6)

http://www.coptichistory.org/untitled_6453.htm
(7) راجع الموقع التالي
http://st-takla.org/Coptic-History/CopticHistory_04-Coptic-Church-from-the-10th-to-19th-Centuries/Coptic-Encyclopedia__Coptic-Church-History-10-20-Centuries__17-Al-Mamaleek-06-Al-Mamaleek-Wa-Hadm-Al-Kana2es.html

72


احوال المسيحيّين  في عهد الخلفاء العباسيين

نافع البرواري

مقدمة 
يقول جان موريس فيّيه في كتابه "أحوال النصارى في خلافة بني العبّاس"
إنَّ العوامل الرئيسية في ضمور وإنحسار المسيحيّة في البلدان العربية وألأسلامية يمكن ارجاعها الى عدة أسباب رئيسية ، أهُمّها
1 – مناخ متزايد الثقل من الضغط ألأجتماعي والتمييز الشرعي ، أو حتى ألأذلال .
2 -  الضرائب الخاصة وقوانين التمييز بالملابس التي كانت تُفرض( على المسيحيين واليهود) بين الفينة والفينة والتي كانت تُرسِّخ فيهم الشعور الجارح بعدم ألأنتماء ، أو حتى بالأنتباذ  (راجع نصوص الشريعة العمرية ). لئن كان من قد بقي من نصارى المشرق ، الى أن سقطت بغداد ، يرفضون العالم الذي مازالوا يعيشون فيه منذ ستة قرون ونيّف ، فلا بدَّ من ألأعتراف بأنَّ رفضهم إنّما يعزى الى كون هذا العالم نفسه قد تشدَّد في أخذهم بقوانين : 3-  لم تتح لهم فرصا سياسية متكافئة . 4 – ولم تعاملهم معاملة مواطنين متمتعين بحقوق المواطنية التامة ، بل5 - معاملة الهامشيّين .
هناك مالايقل عن أربعة آيات قرآنية تلخص موقف المسلمون  بألديانتين المسيحية واليهودية(أهل الذمة ) حيث كان الخلفاء المسلمون يرجعون اليها ليطبقونها ، عبر التاريخ الأسلامي
ففي سورة التوبة ألآية 29  الواردة في القرآن نقرأ:
"قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ" التوبة 29"
هذه الآية ،التي تختص بالجزية المفروضة على المسيحيين واليهود ، و تُختم بإذلالهم" حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ". وقد أُستغلت هذه الآية منذ صدر الأسلام  وعبر التاريخ الأسلامي لتكون منهج وعقيدة وحكم فرض على اهل "الذمة" ، من اليهود والنصارى ،  واحيانا بطريقة غير انسانية . بل كانت سببا رئيسيا في ترك الملايين من المسيحيين واليهود ديانتهم واعتناقهم للأسلام ، بسبب الأعباء المالية التي يجب ان يتحملها المسيحي واليهودي بالأضافة الى السخرة والأذلال لهم . فقد خيّر كاتب القرأن المسيحيين واليهود بين ثلاثة اختيارات احلاها مرة وهي: 1- دفع الجزية وهم صاغرون اذلاء. 2-  او ألأسلام 3-  أو القتل
أمّا ألآية الثانية هي من سورة المائدة 51
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"
هذه الآية تختص بالمراكز والسلطة والخدمات والوظائف الرسمية .ولو دققنا في التاريخ الأسلامي لتوصلنا الى نتيجة غاية في الخطورة اذ أن هذه الآية تحمل في طياتها التمييز العنصري والتمييز الديني والفوقية الأسلامية (وانتم الأعلون ) والدونية لأهل الكتاب . وبسبب هذه الآية سيقوم الخلفاء المسلمون وعبر التاريخ في اقصاء المسيحيين من مراكز قيادية ومالية واقتصادية وسياسية ، في عقر دارهم ، وخاصة في نهاية العصر العباسي ، و منذ تولي الخليفة العباسي المتوكل على الله ، الى زمن الأحتلال البريطاني والفرنسي للدول العربية ، وحتى الى يومنا هذا تتكر هذه العمليات ألأجرامية وخاصة بعد وصول ألأحزاب الأسلامية على رأس السلطة في البلاد ألأسلامية وأتشار الفكر التكفيري في هذه الدول. وعبر هذا التاريخ الطويل عانى اهل الكتاب من تهميش وظلم الحكام والغوغائيين المسلمين الذين كانوا في احيانا كثيرة يهاجمون الكنائس والأديرة والبيوت للمسيحيين واليهود ، فيُفرهدون ويسلبون وينهبون ويحرقون  كل شيء . وبين فترة واخرى كانت تُسن قوانين وفتاوى وتشريعات- مستمدة من الشريعة العمرية ومن القرآن والشريعة ألأسلامية - بحق المسيحيين واليهود (الكفار والمشركين )، حسب ما يؤمن به المسلمون .
اما الاية القرأنية من سورة البقرة الآية 120 يقول فيها كاتب القرآن  :
﴿ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)
[البقرة: 120].

هذه الاية تدعو المسلم  على الشك والخوف والتوتر وعدم الوثوق باي مسيحي او يهودي بالمطلق، مهما كان نزيها ومخلصا في عمله.
فهنا الأسلام جعل من المسلم مبرمج عقليا بالخوف والترقب وعدم الثقة باهل الكتاب ،لأنّ اعتقاد المسلم هو ان اليهود والمسيحيين في حالة من العداوة والبغض للمسلم، وهذه الخاصية في ألأسلام جعلت المسلمون وعبر التاريخ يؤمنون بنظرية المؤامرة ، واعتبار اهل الكتاب من المسيحيين واليهود اعداء لهم فيجب على المسلم التيقض وفي حالة انذار دائم لمحاربة  أعداء وهميين .
ولا ننسى ( سورة محمد ألآية 35)التي تقول: فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وخلاصة الآية كما يفسرها الطبري هي: لاتضعفوا ، ايُّها المسلمون ،عن الشعوب التي تغزوها ، ولا تدعوا هذه الشعوب الى الصلح  والمسالمة . طالما انتم (اي المسلمون) القاهرون ، لهذه الشعوب ، والأعلون عليهم !!!!! .
هكذا اصاب المسلمون  بمرض نفسسي واصبح في جيناته  وراثيا . وسوف نلاحظ انعكاس هذه الايات عبر التاريخ على تعاملات وتصرفات الخلفاء ورجال الدين والغوغائيين المسلمون ، الذين قاموا بأعمال شنيعة وظلم وتعدي على المسيحيين ومقدساتهم واغتصاب أرضهم وأموالهم واحيانا كثيرة القيام بابادات جماعية ، كما حدث في القرن الماضي عندما قتل العثمانيون الأتراك أكثر من مليون مسيحي في تركيا الحالية .
فممّا يؤسف له أنّه حيثما كان "ماهو ديني " وثيق التمازج "بما هو إجتماعي"  كان السبيل الوحيد الى ألأندماج هو الدخول في الديانة السائدة (ألأسلام ) التي لاتلبث أنّ تصبح ديانة ألأكثرية . فاذا رفض المنتمي الى ألأقلية الدخول ، وقف المنتمي الى ألأكثرية منه أحد موقفين : التسامح أو العدوان .

التسامح في الأسلام اتخذ الوجه السلبي وليس الوجه الأيجابي ، كأن يشعر المتسامح مثلا أنَّ الحق بيده دون الآخر ، وإنَّه هو الأقوى ، وإنَّ بمقدوره أن يرفق ، بالتالي ، بمن هو أضعف منه . فالمفهوم اليوم من  التسامح هو تنازل المتسامح عن بعض حقِّهِ وشعوره لذلك بأنَّه متفوِّق ، مع أنَّ دلالة "تسامح" (المؤلفة من مادة سمح ووزن تفاعل) تُفيد وقوع فعل التساهل والتلاين من طرفين لا من طرف واحد. وقد صنّف "زغلول مرسي" (مؤلف عربي معاصر)  في "التسامح" . "ماذا يمكن أن يكون مدلول لفظ "التسامح كما تشكِّل حتى ألآن ؟ إنّهُ تصور ضيِّق الحدود جدّا ضمن واقع لا يفتا يتوسّع ويتجدِّد .إنّ استعمالات اللفظ نفسها تنم عن توازن مزيَّف فيها اهتمام بصون الوضع الراهن أكثر مما فيه دعوة الى تضامن ألأنسان مع ألأنسان" .
أمّا المؤرخ المسيحي المشهور إبن العبري  في كتابه "التاريخ الكنسي"يكتب:
" في منتصف القرن الثامن كان النصارى ورؤسائهم قد أدركوا أنَّ التسامح ألأسلامي الرسمي ، الذي بدأ جذّابا منذ حوالي قرن ، لم يكن في الواقع إلاّ سجنا صارما لامناص منه الاّ بالأسلام أو الفرار ".

يقول ول ديورانت في كتابه قصة الحضارة:

"إن المسيحيين عوملوا كرعايا من الدرجة الثانية وأخذ السلاطين والولاة يستبدون بهم وكان البدو يقتحمون الكنائس والأديرة لسلبها على ما يذكر المؤرخ ابن بطريق والمسعودي وغيرهما.
إحدى نتائج ذلك،هجرة المسيحيين الذين رفضوا اعتناق الإسلام من المدن نحو الجبال،
وهكذا أخذ الموارنة بالنزوح من وادي العاصي باتجاه جبال لبنان العصيّة ، وكذلك سجلت حركات هجرة مسيحية نحو طور عابدين وماردين وغيرها من الأماكن المنعزلة . إنَّ حركة دخول النصارى في ألأسلام، التي تُعزى جزئيا الى الرغبة في التحرر من الجزية ، وهي حركة بدأت منذ صدر ألأسلام، وأستمرت في ظلّ الخليفة العباسي ألأول(السفاح) ".
ويقول ساويرس بن المقفّع :" وكتب عبدالملك بن مروان (الخليفة الأموي) الى جميع مملكته أنَّ كُلِّ من يصير على دينه ويصلّي كصلاته(اي صلاة المسلمين) يكون بغير جزية ، فمِن عِظم الخراج والكلفة عليهم (على اهل الكتاب)، أنكر كثير من ألأغنياء والفقراء دين المسيح وتبعوهُ(اي تبعوا الأسلام)".
ومنذ بداية العصر العباس وفي عهد أبو جعفر المنصور الخليفة العباس الثاني(754-775) ، بدأ التنكيل والأهانات بحق المسيحيين وحتى الأساقفة  وسلب الكنائس وأديرة والزم الذميّين أن يتقلّدو في أعناقهم أقراصا من الرصاص للدلالة على كونهم ذُمّيين ، وتلك كانت علامات تمييز سنجدها فيما بعد..... يسرد المؤرخ البيزنطي ثيوفانوس (المتوفي نحو 818م) قائمة بهذه الأجراءات .
1 – سنة 757م يُحظر بناء كنائس جديدة وإنشاد الترانيم الدينية خارج جدران الكنيسة ، وكذلك مجادلة المسلمين .
2 – سنة 758: أُخضع الرهبان والعموديّون للجزية التي سبق إعفائها منها وختم على السكرستيات الى أن يستردُّ النصارى ألأواني المقدّسة من اليهود ويدفعوا أثمانها .
3 – سنة 760 أقصيَ النصارى عن كتابة ديوان بيت المال ، ولكنهم أُعيدوا الى وظائفهم للحاجة اليهم .
4 – سنة 767 : أمر المنصور بنزع الصلبان عن قبب الكنائس ، ومنع إقامة الشعائر الدينية ليلا وتعلُّم ألآداب النصرانية .
5 –سنة 770 أمر بحلق اللحى وباعتمار قلانس طول الواحدة منها ذراع ونصف .
6 – سنة 773 أمر بوسم اليهود والنصارى بالحديد الحامي ، هؤلاء يهربون الى ألأراضاي البيزنطيّة
يخبرنا المؤرخ البيزنطي ثيوفانوس
انّ المهدي(775-785) نهج منهج المنصور في اضطهاد النصارى ، حيث ارسل من دبيق ، قاعدة عملياته ضد البيزنطينيين ،" ماكيسياس المتعصب" ، وأمره باستعباد النصارى وإكراههم على الخروج من دينهم وتخريب الكنائس .
وفي عهد هارون الرشيد(786-809) تم تنظيم أحوال النصارى ويعود ذلك الى القاضي أبي يوسف يعقوب ألأنصاري .ويعالج فصل كامل من كتابه قانون "الخراج " مسالة الكنائس والبيع : خلاصتها "إنَّه يجوز ترميمها ويُحظر إحداث اي منها ، كما أنَّه يجب ألا تُظهر الصلبان في العلن .
سنة 801 م امر الرشيد بهدم الكنائس بالثغور . بينما يقول الطبري أنّه في سنة 924 م ثار المسلمون بدمشق وهدموا كنيسة واخذوا ما فيها ونهبوا بعدها عدة ديارات . وحصل شغب ايضا في الرملة فهدم المسلمون كنيستين للملكية وكنيسة قيسارية . كذلك ثار المسلمون بعسقلان ، وهدموا كنائس ، ولكن اليهود هناك كانوا يضرمون النار في سقف الكنائس سرا، ليزيدوا من الخلاف بين المسلمين والمسيحيين ، ولكن أسقف المدينة ذهب الى مدينة السلام(بغداد) وطلب بوقف تلك الأعمال المشاغبة (الغوغائية).
أما في زمن الأمين(809-813)، فعندما وقعت إحدى المعارك بينه وبين أخيه المامون عند باب الشماسية ، بالغرب من حي النصارى بشمال شرق بغداد ، أُنتُزعت أعمدة الكنائس ليُعمل منها قذائف تُرمى بالمجانيق إذ" لم يكن في بغداد حجارة ".
في زمن المأمون0813-833) عانى المسيحيين بفقدان ألأمن والأضطرابت بسبب النزاع على السلطة بين ألأمين وأخيه المامون .
ويخبرنا ابن القيم الجوزي  أنَّ المامون جمع ، كل من كان في خدمته من الذُميّين " وصرف وسجن الفين وثمان مئة " وابقى على جماعة من الكتاب اليهود في ديواني الجيش والخراج  لكنه سرعان ما أمر بصرفهم ايضا ، عملا بنصيحة "الكسائي" الذي قال له :"يا امير المؤمنين أتقرأ كتاب الله ولا تعمل به" اشارة الى قول كاتب القرآن:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" المائدة 51".
لم يظهر النصارى إلا قليلا في عهد المعتصم(833-842) . وفي زمنه هدمت بعض الكنائس السريانية الغربية صباح عيد الفصح سنة 835م ، بحجّة أنها قد أُحدِثت  . وفي سنة 838م سعى أحد أبناء المعتصم ، المُكنى بأبي داود والذي يعدُّه ميخائيل السرياني "عدوُ النصارى" باستصدار أمر من ابيه (المعتصم )" يُحضر على النصارى أن يُظهروا الصلبان خارج الكنائس ، ومنع أن يقرعوا النواقيس ، وأن يجهروا بالصوت في الصلاة أو في الجنائز بالسبل ، وأن يظهروا الخمر باية مدينة أو على الطرق.
فصار الناس منذئذ طُعمة للعمال الذين كانوا يتشدَّدون أو يترفقون في تنفيذ هذا الأمر حسبما يشاؤون أو بقدر ما يأخذون"
في عهد الخليفة "الواثق"842-847):
 يكفي أن نستشهد بالمؤرخ ابن العبري عندما يقول:" كان خلفاء الى هذا الحين(اي الى عهد الواثق) لايهمُّهم الا إحراز النصر والظفر لكنهم بعد ذلك استسلموا للخلاعة وانهمكوا في السكرة "
لقد القى هذا الخليفة على أعناق الناس عبئ نير لايطاق من الضرائب الباهضة تُجبى منهم بلا رافة . وقد صادر هذا الخليفة اموال الناس . أقصيَ بختيشوع الطبيب المسيحي الى جنديسابور . وكذلك قام الخليفة بالقاء القبض على بعض النصارى وبخاصة الكتّاب الذين كان الوزير بن الزيّات يلاحقهم بعدوانه .
الخليفة المتوكل(847-861): من اكثر الخلفاء العباسيين تقلبا في المزاج في موقفه مع الناس عامة ومع المسيحيّين  خاصة وحتى مع ابنائه . وغالبا ما كان ندماؤه وحاشيته ضحايا نزواته . في عهده الذي دام خمسة عشرة سنة " قتل كثيرا من الكتاب(وغالبيتهم مسيحيين ويهود) واستصفى أموالهم وهدم منازلهم  .
امر المتوكّل بتنفيذ إجراءات تمييزية تستهدف الذُميّين بالذات . أعاد هذا الخليفة تطبيق الشروط العمرية  المتعلقة .
- تغيير أزياء الذميين بلبس الغيار وشد الزنار
- حظر دق النواقيس أو الجهر بالتراتيل
- عدم تجاوز مباني المسلمين في العلو
- التستر في الجنائز وعدم الجهر بالندب والنياحة
- حظر ركوب الخيل ، ويباح لهم(للذميين ) ركوب الحمير والبغال فحسب ، ويجب أن تكون الركاب من خشب وأن تتخذ البراذع بدلا من السروج . وقد اضاف المتوكل ،على اهل الذمة ،  شرطا جديدعلى الشريعة العمرية
-بحظر التسمي باسماء المسلمين أو التكني بكناهم او التلقّب بالقابهم . كانت هذه الشروط شديدة الوطئة على المسيحيين ، ودفعت بالعديد منهم على اعتناق الأسلام.
أدت إجراءات المتوكّل الى تهديم خمس كنائس بالبصرة ايضا . كما أنَّ بعض المقابر المسيحية قد "سويت بالأرض  لكي لاتعلو قبور النصارى على قبور المسلمين ". فرض المتوكل ضريبة العشر على منازل اهل الذمة  وبنى بعض المساجد على انقاض الكنائس.
وقد أمر المتوكل ، في فورة غضبه على طبيبه بختيشوع (الذي كان يجالس الخليفة على سدة الملك) ، بحبس تاذاسيس الجاثليق ، كما أمر بتهديم دير "يزدفنة" بسامراء . وزاد الأضطهاد على المسيحيين في زمانه حتى شهدت فترة حكمة خروج أكبر عدد من الكتاب النساطرة الذين ترقّى بعضهم الى رتبة الوزارة ومنهم عيسى بن فروخان شاه ، وأحمد بن اسرائيل ألأنباري ، واخوين من بني مخلد الدورقنائي.
في عهد الخليفة المعتمد(870-892) أستولى "شطار بغداد" على دير كليليشوع ، الواقع على نهر عيسى الى الجنوب من الجانب الغربي من بغداد ومقر الجثلقة منذ ايّام طيماثاوس . نهبوا ألأواني المقدسة وكل ما وقعت عليه ايديهم من النفائس ونقضوا بعض الجدران ونقبوا السقوف ليبيعوا الخشب ومواد البناء. وحدث غوغاء ضد المسيحيين في زمانه
و في عهدالمقتدر(908-932)  يقول ابن العبري: "في عام 920 وقع شغب ببغداد فخلعت أبواب السجون وأطلق اللصوص والمجرمون ، فاعتدوا على النصارى(المسيحيين) ونهبت بعض دور الكتّاب ....وفي عام 923 هدمت كنائس للمكانيين بفلسطين وكذلك في تنيس بمصر  .
وفي عهد المقتدي(1075-1094)، الذي لم يحكم حكما فعليا أكثر من أسلافه . فالسيد الحقيقي المطاع كان السلطان السلجوقي التركي ملكشاه الذي أتخذ لقب "مولى العرب والعجم ".
يقول جورج مقدسي: "إنَّ المطالبة بتطبيق القيود (على اهل الذمة ) لم تزل تتكرر طيلة القرن الحادي عشر ... ..وإن العامة من المسلمين اخذوا على عاتقهم مهمة ألأنتصاف (تحقيق العدالة كما يزعمون) فاحرقوا ألكنائس ونهبوا المنازل واشعلوا الفتن الدامية أحيانا !!!!".
وقد هدمت بعض منازل اليهود في بامر من المقتدي بحجة انها كانت أعلى من منازل المسلمين المجاورة لها ، وكان على اليهود ان يتعهدوا بعدم تلاوة التوراة الاّ في منازلهم ، وان يتعمروا بعمائم من اللون المفروض عليهم . وفي عام 1087 إمتدّ تطبيق هذه الأجراءات . وتم تشكيل هيئة ألأمر بالمعروف والنهي عن  المنكر فكسرت جرار الخمر وآلات الملاهي (كما تطبقها السعودية اليوم ونحن في القرن الواحد والعشرين ).
كان من شان الحميّة التي ولَّدها لدى المسلمين فرض السمات المميزة على المسيحيين ، فادى الى القضاء على طائفة مسيحية بتكريت شمالي بغداد ..... وفي سنة 1089 نهبت الكنيسة الكبرى المعروفة بالكنيسة الخضراء وما فيها ( وكانت اثار الكنيسة باقية الى عهد قريب عندما تم نسفها من قبل داعش ). كان من نتائج أمر الخليفة هذا أن "هرب المسيحيين كل مهرب"
في عهد المستضيء (1170-1180) سبب تشدد نور الدين ألأتابك متاعب كثيرة للنصارى بدمشق وحلب والموصل وسواها. فقد زاد وأعاد فرض السمات المميّزة من قصّ الشعر وعقد الزنانير .كما أمر بنقض ما استحدث من كنائس ، في نصيبين مثلا .
في عهد الناصر(1180- 1225) ، كان وقع النكبة على العالم النصراني بأسره شرقا وغربا عندما دخل صلاح الدين ألأيوبي القدس ورأوا نصارى بغداد كيف ان صلاح الدين أرسل الصليب الذي كان قد نُصب على قبة الصخرة بالقدس ليُدفت تحت عتبة بوابة بغداد المسماة بباب النوبي الشريف ويستبقى منه جزء مكشوف بحيث يدوسه المارة بألأرجل ويبصقون عليه".
يؤرخ ربّن عزيز وهو من يعاقبة برطلي القريبة من الموصل فكتب يقول: "بعد سنتين من  فتح صلاح الدين لبيت المقدس (اورشليم) اي سنة 1247 ، كتب سبريشوع الخامس جاثليق النساطرة الى البابا اينوكنتوس الرابع : "كان من الواجب على كنائس المسيح كُلّها وعلى ألأديرة وكلّ المؤمنين في الشرق والغرب أن يلبسوا المسوح ويجلسوا الأحزان ويبكوا على بيت المقدس وعلى ما حلَّ به في أيّأمنا "....يبدو أنَّ نبأ فتح القدس قد أدى الى موجة اضطهاد للمسيحيين في أماكن شتىّى من المملكة العباسية .
ورد في شهادة ميخائيل السرياني الذي عاصر  الحدث وكتب يقول: "إنّ ما أنزله المسلمون من احتقار وإهانات وشتائم بالشعب النصرانيّ المضطهد بدمشق وحلب وحرّان والرهّا وآمد وماردين والموصل وسائر أنحاء المملكة لأمر يعجزعن وصفه الكلام" .
لم يكن من شأن ذلك كُلُّه إلاّ أن يُعمّق الهوة التي فصلت بين النصارى والمسلمين ، ويعزِّز المشاعر التي برزت سنة 1258 ، لدى دخول التتر بغداد .
في عهد الظاهر (1225-1226) : نُهب ما تبقى من دور النصارى في تكريت في ايامه  حيث امر الخليفة بنهب دورالنصارى وفرضت سلطات تكريت المحلي على المفريان وعلى أعيان النصارى غرامة قدرها 20000 زوزي وسجنتهم . ولم يطلق صراحهم الا بعد تدخل الأتابك لؤلؤ.
اماّا في عهد المستنصر (1226-1242) :تمكن هذا الخليفة من ان يفرض على أهل الذمة مبادئه الصارمة ، وبدّل حتى اصحاب المراتب العالية منهم ، حيث في خلافته حَلَّ ألأطباء المسلمون محل ألأطباء المسيحييون . واستنادا الى تفسير حرفي للآية 29 من سورة التوبة ، أصرَّ  عام 1230 م على أن ياتي كل ذمي بنفسه نهارا ويؤدي الجزية "عن يد" واقفا طول مدّة العملية !!!!!!!!!!!!!!!!.
أستمرت ألأعمال القهرية في عهد المستعصم (1242-1258) وخاصة على أهل الذمة . فمن ذلك أنَّ ابن الصليحية "ناظر ديوان التركات ختم على جميع ما في القلاّية" بعد وفاة الجاثليق ." وفي اليوم الثالث جاء والي بيت مال المسلمين وعمل باليد القويّة غير الواجب وفتح الختوم وأخذ جميع ما وجد في القلاّية والكتب والبيرونات ، واحضرها قدام الخليفة " .
خلاصة موقف الخلفاء العباسيين من ألمسيحيّين يمكن تلخيصها بما كتبه رجل ارمني معاصر لسقوط بغداد بيد التتار (اسمه كيراكوس الجنزوري ) كتب في هلاك بغداد:
" وكانت بغداد مدة حيازتها عصى المُلك اشبه شيء بعلقة تمتص الدماء : ابتلعت العالم كُلّه ثم قاءت (تقيئت ) عندئذ كل ما بلعت ...ولما طفح كيل مظالمها قدّام الرب عوقبت على ما اراقت من دماء وما عملت من شرور ...وقد دامت سيادة الطاجيك (الخلفاء المسلمون) القاسية 647 سنة (اي منذ فجر ألأسلام الى يوم سقوط بغداد بيد هولاكو ). أمّا ماركو بولو كتب مايلي:"وأظن أن ربنا اراد الثار لنصاراه الذين كان الخلفاء يكرهونهم اشد الكره ".



المراجع التي تم اخذ المصادر منها
1 – "كتاب أحوال النصارى في خلافة بني العبّاس"  للمستشرق الدكتور جان موريس فييه (  كمصدر رئيسي)
2 – "كتاب المسيحيون في الدولة ألأسلامية " للأب سهيل قاشا
3-  قصة الحضارة: ول ديورانت: الصفحة : 3006- 3017
4 – كتاب" القرآن "

73


تأمُّلات في كلمات الطفلة  العراقية "مريم"
نافع البرواري

تقول الطفلة العراقية "مريم" التي هزت كلماتها  ضمير العالم ":
"المسيح قال لنا لاتخافوا أنا معكم ....ليس مهما من يكرهكم ، عليكم أن تغفروا لهم ....يسوع هو أبي وخالقي ....ليس عندي من هو افضل منه ....عندما أخرجتنا داعش من بيوتنا كانت يده (اي يديسوع) معنا وخلَّصنا ...قصة قيامة المسيح يمكنها منحنا الرجاء ....أصلّي من أجل السلام ومسامحة داعش "
راجع الموقع التالي
https://www.facebook.com/CWNArabic/videos/vb.872976462790371/883946085026742/?type=2&theater
هذه الكلمات النابعة من قلب الطفلة مريم :
 يصعب على العالم ان يستوعبها ويفهمها ويقبلها ،لأنها  لغة السماء وهي كلمات  غريبة عن هذا العالم.
يصعب على الأنسان الذي لم يعرف المسيح ،ان يغفر لأعدائه ، وان يصلي من اجلهم ويسامحهم
يصعب على اللذين يعيشون في بيوت فارهة ، ان يفهموا او يشعروا بمعاناة اللاجئين والمشردين والهاربين من جحيم الحروب ، حيث العيش في مخيمات تفتقد الى ابسط شروط الحياة الأنسانية ، وحيث يتعرضون الى  قساوة الضروف الطبيعية والمعانات النفسية والجسدية.
يصعب على ساسة الدول وقادة الحروب  المتاجرين بسلاح الموت ان يفهموا أو يستوعبوا حجم الماسات والآلام التي يتحملون مسؤليتها بارتكابهم جرائم الحرب بحق الأنسانية وخاصة بحق الأطفال الأبرياء .
يصعب على هؤلاء المتاجرين بدماء البشرية والذين فقدوا انسانيتهم ومات ضميرهم ان يدركوا  ماذا يعني لهم اطفال فقدوا أُمهاتهم وآبائهم وحُرِّموا من الحنان والحب ، بسبب الحروب التي اشعلوها  والتي تحرق اليابس والأخضر وتنشر الدمار والخراب والموت .
وهاهي الطفلة العراقية مريم  تعلم البشرية دروسا وعبر .فمن خلال بعض  الكمات البسيطة، لقنتنا دروسا عظيمة في الحكمة والفهم والخبرة  لايستطيع احكم حكماء واعظم الفلاسفة في هذا العالم ان يستوعبها او يفهمها ، لأنها كلمات  نابعة من الروح القدس ، كما تقول هي نفسها  للشخص الذي عمل اللقاء معها عبر احد القنواة الفضائية ، اذ تقول لهذا الشخص: " الكلمات التي اتكلمها معك ليست عشوائية انها اتية من الروح القدس ...الروح القدس اعطاني الكلمات لأقولها لك ".
قصة الطفلة مريم الهمت العالم  وعلمته دروسا في الأنسانية وعِبَر عن التسامح وحِكم عن معنى السلام في قلب الماسات ، وفهم لمعنى الرجاء في القيامة ، وكيفية الأنتصار على الحقد والكراهية والموت ، بالمحبة  والغفران  .
مريم كشفت مدى جهل الحكماء والعلماء والساسة ، وعلمتهم مدى احتياجهم الى دروس في التسامح والغفران ، من خلال النور الذي فيها كشفت مريم مدى الظلام الذي يعيشون فيه ومقدار فقرهم وعريهم وجهلهم بسبب انانيتهم .
الطفلة مريم علّمت - من يدّعون امتلاكهم العلم والمعرفة والفهم- انَّ صناعة السلام وحب الحياة أقوى من صناعة الموت وكراهية الحياة .
مريم كشفت حقيقة هذا العالم الزائل ، الذي يدَّعي بانَّه يمتلك العلم والمعرفة والتكنولوجيا  ولا يحتاج الى الله ، فاذا به عالم خاوي وخالي من الرحمة والمحبة والعدالة والسلام.
الطفلة مريم ، هُجِّرت وشُرِّدت فتركت كل شيء خلفها ، أرض ابائها واجدادها، بيتها ، كنيستها ، لعبها ، ذكريات طفولتها ، أصدقائها  وأحبائها، ولكنها لم تتخلى عن ثلاثة اشياء منحها لها الرب يسوع المسيح  وهي: ايمانها ورجائها ومحبتها ،بها استطاعت ان تنتصر على الموت والحقد والكراهية  .
ايمان الطفلة مريم نابع من كلمات ربنا يسوع المسيح ، عندما يقول للمؤمنين به :"قلتُ هذا كُلُّه ليكون لكم سلام بي . ستعانون الشدة في هذا العالم ، فتشجعوا  أنا غَلَبتُ العالم "يوحنا 16 :33   "
مريم كشفت عن مدى فقرنا  وعرينا وجهلنا ، لأننا لازلنا نعيش في زمن قانون الغابة ونتاجربدماء اخوتنا في الأنسانية .
مريم علمت البشرية انَّها لم ترتقي الى فهم الحياة الأفضل  التي جاء بها ربنا يسوع المسيح  ليمنحها للمؤمنين به.
مريم استطاعت ايقاض ضمائر الكثيرين وهزت مشاعر الملايين ليشعروا بالخجل والعار بسبب سكوتهم عن ماسات الناس المتالمين والمهجرين والمتشردين والمحطمين نفسيا وروحيا .
صدق ربنا يسوع المسيح عندما يقول :
"ان كُتم لاتتغيَّرون وتصيرون مثل ألأطفال ، فلن تدخلوا ملكوت السماوات " متى 18 : 3"
هناك من يثورون ضد الله وشعبه ، ويشرعون في تكوّين امبراطورياتهم ، ولكن الله في الأعالي  يضحك ، لأنَّ كُلِّ مالهم من قوة انما هي منه ويستطيع أن يحرِّرهم منها ، فيجب علينا ألا نخشى تبجحات الطغاة، لأنَّهم في يدي الله ." قال الجاهل في قلبه لا اله .....الرب من السمّاء يُشرف على البشر ليرى هل من عاقل يطلُبُ الله. !!!!!!)
نعم هذه الطفلة الصغيرة استطاعت ان تكشف القناع عن مدى جهلنا ومدى استهتارنا بالقيم السماوية وسحقنا واستعبادنا لأخوتنا في الأنسانية
فهل هناك من يخجل ويبكي ويراجع نفسه ويتوب ويبوح بمدى صغره وضعفه أمام الله ؟
تعلموا ايها المساكين من هذه الطفلة
وراجعوا افكاركم الشريرة
وارجعوا الى حقيقة كونكم من التراب وسوف ترجعون الى  التراب
ولايوجد طريق امامكم الا طريق الحق والحياة وهو يسوع المسيح
الذي علّمنا
انّ نغفر في قمة ألأساءة الينا
وان يكون لنا الرجاء في قمة اليأس
ونحمل نور المسيح حيثما هناك الظلام الدامس
ونسامح الآخرين حيثما هناك الطعن والغدر
ونتواضع حينما يتكبر علينا الأعداء
ونصلي من اجل الذين يسيؤون الينا
ونبتسم حيثما هناك الأستهزاء
ونفرح في كل الضروف والمحن
ونعيش في سلام حيثما تقرع طبول الحرب
ونُغني الآخرين ونحن فقراء لاشيء لنا
ونكون صادقين وامناء في وسط هذا العالم المليء بالأكاذيب والخيانات
ونشكر ونسبح  ربنا  يسوع المسيح في كل حين " أحمدك أيها الآب ، رب السماء والأرض ، لأنك اظهرت للبسطاء ما اخفيته عن الحكماء والفهماء "لوقا 10:21"




74
عزيزي الشماس مسعود جزيل الأحترام
متابعتك لهذا الموضوع المهم في الكنيسة والذي يعتبر من اهم مواضيع التي شغلت الباطريركية وعلى راسها غبطة الباطريرك الحالي لويس ساكو لأعادة النظام الكنسي  لكي يتقيد جميع الكهنة والرهبان بقوانين الكنيسة والا فهناك تسيب قد يؤدي الى تمرد البعض من الأكليروس وقد يؤدي  الى انقسام وحدة الكنيسة لاسمح الله . ومن اهم اسباب وهن الكنيسة في العهود السابقة  هو عدم خضوع العديد من الرهبان والكهنة للقانون الكنسي وذلك بتركهم رعيتهم او ديورهم ولجوئهم الى دول العالم دون اذن او موافقة الباطريركية . ولأسباب عديدة لانريد ان نخوض فيها تراخت السلطة الكنسية في العهود السابقة قبل الباطريك الحالي .
وما تفضلت به  في موضوع  تبرئة هؤلاء-الخارجين عن القانون الكنسي-  خروجهم من العراق لأسباب الحروب والأرهاب ، و خوفهم على ارواحهم والذي لايمكن ان يكون مبررا لتركهم كنائسهم واديرتهم والألتحاق بكنائس خارج العراق دون اذن من رئاسة الكنيسة . لا بل هو ينافي مفهوم التكريس والقسم الكهنوتي الذي يجعل الكاهن او الراهب حياته ليست ملكا له بل حياته يجب ان يكرسها لخدمة الشعب المؤمن اي الكنيسة ، وكل من يخالف هذا السر الكهنوتي فهو يخالف قول الرب في ان الراعي الصالح هو الذي يبذل نفسه من اجل رعيته .
عزيزي تتذكر قبل سنوات كتبت مقالة بعنوان "عن الراعي الصالح والراعي الماجور" كما في المواقع اعلاه وانا اقتبس بعض ما كتبته في المقالة :
"وها هو الرب على لسان النبي حزقيال يقول لرعاة اسرائيل بانهم لايرعون الشعب بل يرعون انفسهم وتسلطوا على شعبهم بقسوة وعنف, عليه سيتحملون مسؤولية ما حدث للناس الذين كان من المفترض ان يرعوهم ويتفقدوهم ويعيدوا الظالين والمطرودين والمتشردين منهم ويبحثوا عن المفقودين ليعيدوهم  فيقول الرب:
"تاهت غنمي في جميع الجبال وعلى كل تلة عالية, وتشتّتت على وجه الأرض ولا من يسأل ولا من يبحث"(حزقيال 34
ويقول الرب على لسان النبي ارميا:
"لذلك هذا ما يقوله الربُّ اله اسرائيل عن الرعاة الذين يرعون شعبي "أنتم بدّدتم غنمي وطردتموها وما تفقدّتموها. فسأُعاقبُكم على شر أعمالكم"(ارميا23:2 ) .
انتهى الأقتباس
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=390643.0

وكتبت ايضا مقالة بعنوان "


هل نحن مسيحيي الشرق الأوسط بحاجة الى عنصرة جديدة؟"
كما في الموقع التالي:
http://iraqchurch.com/forum/showthread.php?t=23151
اقتبس بعض ما ورد في المقالة وهوتاكيد لما جاء في مقالك

"نحن اليوم بحاجة الى عنصرة جديدة لنستطيع التفاهم مع أخوتنا الذين تركوا ايمانهم ونسوا مخلّصهم يسوع المسيح
كنيستنا المشرقية تحتاج الى نفحة جديدة من السنة على شكل نار من الروح القدس تحل على المؤمنين ورجال الدين الخائفين المرعوبين والمنزويين بين جدران الكنائس وكأنهم سلّموا بحقيقة ما ال اليه واقع شعبهم المسيحي من التمزق والتشرد واألضطهادات والهجرة وحتى فتور األيمان,وما عاد الكثير منهم يؤمنون بقوة الروح القدس الذي به يعيد الروح الى المائتين روحيا ويحرق الفساد المستشري في هذ الكنيسة.
 نعم كنيستنا تحتاج الى عنصرة جديدة ,يسكب فيه الرب روحه القدوس على شعبه المؤمن لتكون للكنيسة روحا جديدا وقلبا جديدا وراعي واحد واله واحد وايمان واحد ورجاء واحد ومحبة واحدة وفكر واحد هو فكر المسيح.ولا ننسى أ ّن هناك ولو قليلين من المؤمنين لم يلوثوا ثيابهم بالنجاسة وهم سيكونون مثل الخميرة في العجين ونورا لألخرين لكي يقودوا كنيستهم العريقة ويعيدوا أمجادها القديمة عندما كانت نورا لألمم الوثنية
اخوك نافع البرواري

75

 
جرح لازال ينزف دما
الجزء الثاني

بمناسبة 24  نيسان الذكرى المائة للأبادة  الجماعية للأرمن         


نافع البرواري

يقول احد الكتاب الأرمن بمناسبة الذكرى المائة  للابادة الجماعية للأرمن المصادف 24نيسان من هذا العام "

"اليوم الكسوف شمل دولا عديدة في العالم ولكن قبل 100سنة ، كان الكسوف لشمس الحرية والعدالة والمساواة عندما تم ابادة الأرمن ، هذه الأبادة التي تعتبر قنبلة هيروشيمية صامطة  ، قوتها 12 مرة بقوة قنبلة هيروشيما " .
السؤال المطروح
من هي الجهات التي تتحمل المسؤولية الكاملة للأبادة الجماعية  التي ارتكبت ضد الأرمن وألآشوريين والسريان والكلدان؟ ومن هي الجهات التي تقف ورائها ؟
للأجابة على هذا السؤال علينا ان نرجع الى الحدث الكبير الذي غير وجه المنطقة والعالم بسبب  الحرب العالمية الأولى التي حدثت سنة 28 يوليو  1914
وليس قصدنا الدخول في اسباب هذه الحرب ولكن علينا ان نعرف الجهة الرئيسية التي كانت تحرك الخيوط  التي ادت الى هذه الحرب وهي : الأخطبوط النوراني*(الحكومة العالمية ) هو المسؤول عن قيام الحرب العالميةألأولى . وبما انِّ النورانيين يمسكون عادة بعدة خيوط فقد قاموا في عام1903 بثورة ضد السلطان عبد الحميد الثاني(1876-1909 )  في مقاطعة مقدونيا ،وها هم في عام 1908 يعملون على عقد اجتماع ثنائي في مدينة "رفال "بين ملك بريطانيا ادوارد السابع والقيصر الروسي نيقولا الثاني .وقد طالبا العاهلان  السلطان عبدالحميد بمنح الأستقلال لثوار مقدونيا ،بقيادة محمود شوكت باشا قائد الجيش التركي في سالونيك  مركز الثقل اليهودي .ولما رفص السلطان قام محمود باحتلال العاصمة اسطنبول في تموز 1908 واعتقل السلطان عبدالحميد ونفاه الى سالونيك فسارعت الدول الغربية المتهوّدة  الى ألأعتراف بالأنقلابيين . واستلم الحكم في البلاد أعضاء الأتحاد والترقي ، وكُلفوا ثلاثة من غُلاة الماسون اليهود بالأشراف على امور الدولة(وهم طلعت وانور وجمال) ، فلم يرق ذلك للقائد محمود شوكت ، فاغتالوه وافتعلوا مذبحة بين ألأتراك والأرمن.
كان الأرمن يحتلون مراكز أقتصادية واجتماعية في ألأمبراطورية العثمانية وقد صننّفهم بنو عثمان لكونهم ارثوذكس ، في ثاني اكبر ملة . وظلت علاقاتهم بالأتراك حسنة حتى وفد اليهود الى ألأمبراطورية  وعملوا بشتى الطرق الملتوية للحلول محلّ  الأرمن  . كانت علاقات ألأرمن بالسلطان عبدالعزيز (1861-1876) جيدة جدا الى أن توصَّل اليهود الدّونما (أي اليهود المتظاهرون بالأسلام) ، بقيادة الدّونما مدحت باشا ، الى أغتياله واتهام الأرمن بذلك .
وينسب البعض المجازر التي لحقت بالأرمن في اثناء ألأمبراطورية ثم في عهد تركيا الفتاة ، صنيعة الماسون اليهود سنة 1915  الى النورانيين ...وهكذا سيطر اليهود على مقدرات الدولة العثمانية من وراء الستار  ثم زجّوا بها في الحرب العالمية الأولى مع الفريق الخاسر بحسب حساباتهم وتدخلاتهم من اجل تمزيق ولاياتها العربية وتقسيمها بين الدول الرابحة –وهم يساندونها بالمال والرجال والدسائس – ليسهل عليهم ألأستيلاء على فلسطين ، وفق ما خطط حكماء صهيون في بروتوكولاتهم  الشهيرة .
أمّا الجهات العليا والمسؤولة عن الأبادة الجماعية للأرمن والأشوريين السريان الكلدان يمكن ان نصنفها بالجهات التالية :
أولا :
تعتبر لجنة (الأتحاد والترقي ) ، الأكثر تعصبا وشوفينية ، والتي قامت بحركة أنقلابية عام 1908 ضد السلطان عبدالحميد ، وحكمت بين الأعوام 1908-1918 ، وهي الجهة المسؤولة عن عمليات الأبادة الجماعية لسنة  1915

1-ففي24 نيسان من عام 1915 قامت تركيا بحملة اعتقالات واعدامات لوأد الفكر القومي ألأرمني  ورموز النضال التحرري ، وكذلك القيادة الدينية ، وتم نفيهم الى داخل الأناضول حيث تمت تصفيتهم .وكانت هذه الحملات تمهيدا لحملات ألأبادة الجماعية و(المذبحة الكبرى ) بحق ألأرمن والآشوريين والسريان .
2- بعد تغييب القوى السياسية والأدارية والفكرية المسيحية الفاعلة ، أصبح المسيحيون بلا حماية ، بدأت الخطوة الثانية في تنفذ خطة ألأبادة الجماعية وهي الترحيل (السوقيات) في قوافل جماعية سيرا على الأقدام .
3- قام الجيش التركي بتجريد الجنود المسيحيين من سلاحهم ورتبهم العسكرية وكونت منهم طوابير الخدمة العمالية (فرق السخرة) التي اجبرت على تعبيد الطرق وبناء الجسور ومد الخطوط الحديدية . ثم نفذ الجيش اوامر حكومته بقتل جميع افرادها !!!!.
هذه الخطوة نسّقت ما بين طلعت باشا وزير الداخلية التركية ،حين ذاك ، والمسؤول عن المدنيين وبين أنور باشا وزير الدفاع التركي والمسؤول عن طوابير السخرة .
تم قتل اكثر من مليون ونصف 1500000أرمني واكثر من ثلاثمائة الف 300000 اشوري سرياني كلداني وستمائة الف يوناني بونتيا جنوب اسطنبول .
والخلاصة ان تركيا كدولة هي المسؤولة المباشرة في المجازر والأبادات الجماعيةبحق الأرمن والآشوريين السريان الكلدان ، وهي  ، أي تركيا ، عليها المسؤولية الكاملة عن كافة النتائج المترتبة على هذه المذبحة .
ثانثا : اطرافا داخلية ودولية اخرى ساهمت بطريقة مباشرة وغيرمابشرة بالجريمة .

1 -  دور الأكراد في هذه الأبادة
استخدمت الأمبراطورية التركية الأكراد كحاجز ضد الصفويين الفرس فاستوطنتهم في المناطق الآشورية الكلدانية سواء في دهوك واربيل وشرق تركيا (في الجبال المحيطة بالسهول التي كان يسكنها ألآشوريين والكلدان منذ آلاف السنين .....ويقول المطران سلبمان صائغ في كتابه (تاريخ الموصل)  : "كان هؤلاء الأكراد ينزلون من الجبل كالسيل الجارف ، ويغيرون على القرى فيقتلون وينهبون حتى خرّبوا من هذه القرى (اي القرى الآشورية) عددا عظيما مازال خرابا الى اليوم ....العثمانيون كافؤا الأكراد الذين وقفوا معهم ضد الصفوين بان منحوهم الصلاحيات الواسعة في ألأنتشار في شمال العراق والأستيلاء على القرى والسهول والأراضي التي يسكنها المسيحيون .
لقد كان للأكراد بوجه عام، دور هام في الأبادة الجماعية للأرمن والآشوريين  في  احداث الحرب العالمية الأولى. الأكراد كانوا جميعاً بجانب تركيا أثناء الحرب، وقد تمكن الأتراك بمهارة من توجيههم لقتال المسيحيين من الآثوريين والأرمن، بحيث أثبت الأكراد أنهم مفيدون للأتراك في أداء المهمات التي أُنيطت بهم في الولايات الشرقية.. وتتكرر المآسي والأعمال البشعة خلال سنوات الحرب وتشمل جميع مناطق السريان الآشوريين ناهيك عن مناطق الأرمن. ويورد الكاتب الكردي كمال أحمد مظهر أمثلة عن تلك الأعمال التي جرت لبعض المناطق الأرمنية، وبالطبع لم تكن مناطق السريان أقل وحشية. فيقول: ››مما يؤسف له أشد الأسف، أن الكرد أسهموا قليلاً أو كثيراً عن وعي أو دونه، بتحريض من الآخرين أو عن عمد. في مذابح الأرمن هذه‹‹.
بدأت هذه المجازر في سهل أورميا بإيران عندما قامت عشائر كردية بتحريض من العثمانيين بالهجوم على قرى آشورية فيه، كما اشتدت وطأة المجازر بسيطرة العثمانيين عليه في كانون الثاني 1915.
يقول اشور  كيوركيس في مقالة له بعنوان (آشوريو العراق لماذا يضطهدنا....ألأكراد؟)
" كانت هناك علاقات بين الكرد والاشوريين لفترة متقطعة وخلال ذلك كان الآشوريون يتمتعون بكل مقومات الدولة بالمفهوم الحديث (الأرض ، السيادة ، السكان ) حتى المجزرة الكبرى في القرن التاسع عشر ، التي راح ضحيتها عشرات الالاف من ألآشورييون على يد الزعيم الكردي بدرخان ، ثم مجازر الحرب العالمية الأولى 1915التي امتدت من اورميا في غرب ايران الى اورفا ومرعش في شرق تركيا ، والتي راح ضحيّتها ثلثي الشعب الآشوري ، وتخللها اغتيال قداسة البطريرك مار بنيامين شمعون  غدرا على يد اسماعيل سمكو زعيم قبائل شيكاك الكردية" .

2 – دور الدول العظمى(العالم المتمدن) في اشتراكهم في  الأبادة الجماعية

يقول السفير الأمريكي موغنتاو :
"ان عدم أعتراض العالم المتمدن ضد تهجير اليونانيين ، شجع الأتراك مستقبلا ليقرروا تطبيق نفس الطرق ليس على اليونانيين فحسب بل الأرمن والسريان والاشوريين وغيرهم من الشعوب الخاضعة لهم "

ان الدول العظمى كبريطانيا وفرنسا وامريكا وروسيا يتحملون جزءا كبيرا  من المسؤولية الأخلاقية  والأنسانية بسبب سكوتهم او غض الطرف عن ما جرى من المجازر الوحشية والأبادة الجماعية لمسيحيي الأناضول في تركيا وخاصة ألأرمن الذين كانوا الضحية ألأكثر بسبب القتل  الجماعي دون رحمة ودون شفقة بحق المدنيين
اشتركت الدول العظمى في الجريمة بشكل غير مباشر وخاصة بعد سقوط الأمبراطورية العثمانية بسبب خسارة الأخيرة  في الحرب العالمية الأولى . كان على الحلفاء ارجاع جميع الأرمن والاشوريين والسريان الى اراضيهم التي احتلها ألأتراك والأكراد، ولكن بدل ذلك ، وكما قلنا في مقدمة المقال ، قامت انكلترا وفرنسا ، وبموجب اتفاقية سايكس بيكو( 1916)وبعد رسم وتحديد خرائط جديدة للدول التي كانت تابعة للأرث العثماني، ساهمت هذه الدول الكبرى  في تفتيت المهجرين في هذه البلدان التي هاجروا اليها ، وبهذا العمل الغير الأخلاقي ،شاركت هذه الدول في ماساة هذا الشعب  . ان السياسة القذرة للحكومات الروسيا (بعد سيطرة الشيوعية على الحكم في سنة 1917) ، والبريطانيا  والفرنسية  بتفضيل مصالح هذه الدول على حساب مأساة المسيحيين في الشرق الأوسط لازالت هي هي منذ مئات السنين ولا زال الشعب المسيحي في هذا الشرق يعاني من مطرقة هذه الدول وسندان الدول الأسلامية ومنذ الحروب الصليبية الى يومنا هذا . فسياسة الدول الغربية وللأسف كانت قائمة على سياسة "فرّق تسد" واستعملت هذه السياسة مع الشعب الآشوري السرياني الكلداني عندما وعدت بريطانيا بان يكون لهذا الشعب وطن ولكنها في الحقيقة كانت تريد القضاء على الحس القومي لهذا الشعب  .
اولا: الموقف الفرنسيّ: كان ثمة رأي يطالب بأن تبادر دول الحلفاء (فرنسا وبريطانيا وروسيا وإيطاليا واليونان وغيرها)إلى حماية الأرمن، لكن هذه الدول لم توافق على هذا الرأي. وقد كان رفض كل دولة من هذه الدول نابعاً من مصالحها الذاتية الاستعمارية، أما الشعوب الضعيفة وقود كل صراع فلتذهب إلى الجحيم!  لقد رفضت فرنسا إنقاذ الأرمن، لأنها كانت تخشى أن تزداد أطماع إنكلترا في الأناضول. لم يقتصر موقف فرنسا على هذه السلبية، بل تعداها إلى ما يمكن وصفه بطعن الأرمن من الخلف ـ حسب تعبير أحد الدارسين الأرمن، وذلك عندما انسحبت من كيليكيا وسلّمت الأسلحة الموجودة
في جنوب آسيا الصغرى للأتراك
 
اما روسيا فقد كانت تخشى أن يؤدي إنقاذ الأرمن إلى استقلال أرمينيا، الأمر الذي يقود إلى انتقال فكرة التحرر إلى أرمينيا الروسي
اما بريطانيا هي التي وفرت الحماية بشكل مباشر للمتهمين بارتكاب تلك المذابح؛ فقد وفرت الحكومة البريطانية الحماية لـ 102 من كبار المسؤولين الأتراك، وهم في سجن جزيرة مالطا، بنقل 77 من المتهمين الكبار على متن السفينة الحربية إلى المشغن في جزيرة مالطا، وبعد فترة قصيرة أخلت سبيلهم، وانتشروا في الجهات الأربع، وقصدوا المدن الأوربية ليكونوا بعيدين عن الأنظار، وبالتالي أصبحوا عملاء لها

ونحن اليوم نتسائل اليس الغرب اليوم ايضا ساكتا عن ما يجري في الشرق الأوسط من الأبادة الجماعية للأقليات سواء كانوا مسيحيين اويزيديين ؟ اترك الأجابة  لعزيزي القاريء .

3 – دور المانيا المباشر في اشتراكها في الأبادة الجماعية

 تبقى الحكومة الألمانية  الدولة الأكثر تورطا في ألأبدادة الجماعية التي حصلت خلال الحرب العالمية الأولى .
المانيا هي  الجهة التي خططت وزودت حكومة الأتحاد والترقي بخبرتها ونصائحها ومستشاريها عبر سفيرها في استطنبول (فانكنهايم).

يقول السفير الأمريكي موغنتاو في كتابه "قتل امة "
"ليس هناك جانب- كما اظن – من القضية الأرمنية قد اثار من ألأهتمام الكبير مثل التساؤلات التالية :
هل كان للألمان أي دور في القضية ؟الى أي حد كان القيصر مسؤولا عن ذبح الأمة (يقصد ألأمةالأرمنية )؟ هل اشترك الألمان في الأمر ام سهَّلوا لذلك فقط؟ ام اعترضوا على هذه ألأضطهادات ؟
اخترع الأتراك طرقا لاتحصى في تعذيب مواطنيهم المسيحيين جسميا في مدى خمسمائة عام  ، لكنهم لم يفكروا ابدا من تهجيرهم من بيوتهم التي سكنوها لالاف السنين وارسالهم الى الصحراء على بعد عدة مئات من الكيلومترات  .من اين اتى الأتراك بهذه الفكرة
يجاوب عل هذه التساءلات بالقول :
"ان الأدميرال "اوزيدوم " احد اكبر الخبراء البحريين الألمان في تركيا اخبرني ان الألمان اقترحوا فكرة التهجير على الأتراك ، وبذلك نرى ان فكرة التهجير الجماعي هذه كانت المانية على وجه الحصر في العصور الحديثة ...هؤلاء المتحمسون لبناء عالم الماني متميز خططوا عمدا كجزء من برنامجهم طرد الفرنسيين من بعض اقسام فرنسا والبلجيكيين من بلجيكا والبولونيين من بولونيا والسلافيين من روسيا وتهجير شعوب اخرى سكنت اوطانها الاف السنين وتوطين الأراض الخالية من سكانها بسكان المان اشداء مخلصين " .
نعم المانيا  اشتركت بشكل سافر في تزويد القتلة بالنصائح والخطط الخاصة بترحيل المسيحيين من تركيا وسكوتهم بل موافقتهم فيما حصل لاحقا من مجازر بحق الأرمن والكلدو اشوريين السريان . واذا رجعنا الى كتاب السفير الأمريكي وغيرها من المصادر سنكتشف أنّ المجزرة لم تكن لتتم لولا الخطة الألمانيا الجهنمية لترحيل الشعوب المسيحية من تركيا حتى لايشكلوا خطرا على تركيا في حربها ضد الحلفاء في الحرب العالمية الأولى والتي وقفت تركيا مع دول المحور ضد الحلفاء
. فتركيا نعم كانت تقمع وتضطهد المسيحيين  منذ سقوط هذه الدولة بيد الأتراك ولكن لم تفكر تركيا يوما في ترحيل وتهجير الشعوب الأصلية من بلادهم , بل كانت فكرة الترحيل كما قلنا من بناة افكار القادة الألمان الذين  الكثيرين منهم اصبحوا ينتمون الى الفكر النازي العنصري البغيض الذي قاد العالم مرة اخرى الى حرب عالمية ثانية بعد سيطرتهم على الحكم بقيادة هتلر .

 كانت ألمانيا تمتلك خططاً سرية للسيطرة على الأراضي التركية، كما كانت لها خطط أخرى لوضع يدها على المناطق الآسيوية، كطريق الهند إذا أمكن وكانت ترغب في ترحيل الأيدي الفنية والمهرة من الأرمن الى بلاد الرافدين للأعتماد عليهم في تنفيد مشروعها الكبير للسيطرة على الشرق الأوسط وابار البترول . يقول "فريدريك ناومان" صاحب كتاب "أوربا الوسطى": " إن سياستنا الشرقية مقررة منذ زمن بعيد، ونحن ننمي إلى الجماعات الذين يحمون تركيا، هذه الحقيقة هي التي تنظم تصرفاتنا، يجب علينا أن نتبع السياسة التي رسمها بسمارك في السياسة الخارجية، حتى ولو كانت بدون رحمة في آرائه السياسية القومية، هذا هو السبب الوجداني العميق الذي يفرض علينا ـ نحن رجال الدولة ـ أن نكون غير مبالين لعذاب الشعوب المسيحية في تركيا، حتى ولو كانت مؤلمة للشعور الإنساني

يبين السفير الأمريكي "مورغنتاو" في كتابه " قتل امة " مايلي :
"ان المانيا كانت الدولة الوحيدة القادرة على ردع حليفتها تركيا من سلسلة مظالمها الرهيبة . بل أنَّ الماينا في واقع الأمر كانت قد أعطت الضوء الأخضر فيما يبدو لحليفتها (تركيا)، وأطلقت يدها تجاه ألأرمن" . (ص11، 12)
 وقد كشف السفير  الأمريكي عن مواقف حاقدة للسفير الألماني "فانكهايم" في الأستانة الذي كان يعكس سياسة بلاده بلؤم وخبث ، وقد صرح مرة في كثير من اللامبالاة بأنه: "من حق الأتراك أن يفعلوا بالأرمن ما يرونه ضروريا لحماية مؤخرتهم وهم في حالة الحرب ". وحين تمت مواجهته باعمال التهجير والأضطهاد وسكوته المخجل عنها ، قال دون حرج : "ساساعد الصهاينة ولكني لن افعل شيئا من أجل الأرمن أبدأ"
تصريح خطير للسفير الألماني علينا ان نتعمق في مضمونه ، ومن حقنا ان نتسائل : هل الصهيونية لها يد في المجازر التي حصلت بحق الأرمن خاصة والآشوريين الكلدان السريان عامة؟ واذا ثبت تورط الصهيونية والماسونية العالمية فمن حقنا ان نقول أنَّ ما يجري اليوم من تهجير المسيحيين من مناطق سكناهم في العراق وسوريا ، قد تكون استمرارا لتلك الخطة التي جرت قبل مائة سنة في تركيا اليوم . وخاصة اذا عرفنا ان غالبية اعضاء حزب الأتحاد والترقي كانوا من اليهود "الدونما" الذين اسلموا ظاهريا(تظاهروا بالأسلام) لظرب الأمبراطورية العثمانية ، ودخول فلسطين من الباب العريض
ومن اشهرهم طلعت باشا وزير الداخلية  وانور باشا وزير الحرب  وجمال باشا الملق (السفاح)
وهناك ملاحظة مهمة وردت في كتاب "قتل امة" للسفير الأمريكي موغنتاو يقول فيها ص71:
"الرجال الذين فكروا وخططوا للجريمة كانوا عمليا كلهم ملحدين لايحترمون لأ الأسلام ولا المسيحية !!!!!
وعن علاقة السفير الألماني حينها بالصهيونية يقول :
لقد ظهر كراهية السفير الألماني للأرمن حتى انه صرح للسفير الأمريكي قائلا:
"ساساعد الصهاينة " لكني لن افعل شيئا من أجل الأرمن أبدا ".
كان الأرمن بنظره وبنظر طلعت باشا وانور باشا ، هم مجرد حشرات خائنة ص 116
وفي صفحة 121 يقول السفير الأمريكي
" جاء الى القسطنطينية من برلين شخص يدعى الدكتور نوسيغ . كان الدكتور نوسيغ يهوديا المانيا . جاء الى تركيا ليعمل في الضاهر ضد الصهيونيين !!!
التقى هذا الشخص بالسفير الأمريكي مغانتاو وحاول ترهيبه بسبب التقارير التي كان يرسلها موغنتاو لبلده امريكا عن المجازر التي كانت الحكومة التركية ترتكبها بحق الأرمن و بمباركة المانيا .
.


---------------------------------------------------------------------------


*النورانيون هم من يقودون الحكومة العالمية من وراء الستار يتحكمون في المصارف الكبرى ، لاسيما المركزية منها ، بهدف التحكم بالعالم أجمع . (راجع كتاب "النورانيون للأب جورج رحمة وأنطوان عبيد"
المصادر
كتاب "قتل امة " للسفير الأمريكي في اسطنبول خلال الحرب العالمية الأولى
كتاب النورانيون –وهو منقول من كتاب "حجارة على رقعة الشطرنج"
ترجمة الأب جورج رحمة وانطوان عبيد
مقالة بعنوان "اشوريو العراق" للكاتب اشور كيوركيس
راجع المواقع التالية
ويكيبيديا
مذابح "سيفو"
http://ar.wikipedia.org/wiki/
ويكيبيديا
مذابح الأرمن
http://ar.wikipedia.org/wiki/
دور الدول الكبرى في مذابح الأرمن
 http://www.odabasham.net/show.php?sid=14882

راجع ايضا المواقع التالية




http://www.aztagarabic.com/archives/2675

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=671284.0

http://www.aztagarabic.com/archives/2675
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89

76

جرح لازال ينزف دما
بمناسبة 24 نيسان ذكرى ألأبادة الجماعية للأرمن
 

الجزء الأول
 
نافع البرواري

مقدمة تاريخية


يقول احد الكتاب

"هناك شعوب كثيرة في التاريخ ظُلمت وهُضمت حقوقها إلا أن الشعب السرياني الكلداني الآشوري ظُلم مرتين، مرة لأنه ذُبح وأُبيد وشُردت بقيته الباقية من موطنها التاريخي، ومرة ثانية لأن التاريخ والعالم اللذان كانا شاهدين حينها على تلك المجازر البربرية لم يعترفا له بتلك التضحية الجسيمة على مذبح الإنسانية فتم التنكر لها وكأنها لم تكن" .


كان وادي مابين النهرين يعيل سكانا كثيرين زراعيا وصناعيا ، وكانت بغداد من اكبر المدن وأكثرها ازدهارا في الوجود وكانت القسطنيطينية (اسطنبول حاليا) اكثر سكانا من روما ومنطقة البلقان واسيا الصغرى ن كانت فيها عدة دول قوية .
إجتاح الأتراك كل هذه المنطقة من العالم كقوة تدميرية هائلة واصبحت بلاد مابين النهرين صحراء قاحلة خلال سنين معدودة ، واصاب مدن الشرق الأوسط البؤس واصبح سكان هذه المناطق التابعة للأمبراطورية التركية عبيدا .

ان تاريخ العثمانيين ومنذ سقوط القسطنطينية سنة 1453 ، حافل بالجرائم البشعة ضد شعوب العالم عامة الشعوب المسيحية خاصة و
فمنذ ان سقطت القسطنطينية بيد العثمانيين بقيادة محمد الفاتح سنة 1453 -والذي اقدم على ذبح الاف الأبرياء من الناس المسالمين وحتى ألأطفال والنساء والشيوخ ورجال الدين وذلك بعد دخوله الفسطنطينية مركز الكنيسة الشرقية الأرثودوكسية - .منذ ذلك الوقت ، بدأ يخفت وينطفي نور الحضارات في المنطقة. كانت المسيحية التي انطلق شعائها من هذا الشرق  سببا رئيسيا في تقدم الشعوب العربية والأسلامية في الشرق واساس الحضارة الأوربية في الغرب ، وهذا ما يعترف به القسم الكبير من المؤرخين والفلاسفة الغربيين . بينما بسقوط القسطنطينية ، غطى الظلام الشرق وخاصة البلدان التي خضعت للأمبراطورية العثمانية . فمنذ سقوط القسطنطينية
دخلت الشعوب العربية والأسلامية في عصر الظلام التي استمر اربعمائة سنة ، في نفس الفترة دخلت اوربا في عصر الأنوار فمنذ القرن الرابع عشر الى يومنا هذا لازال الغرب يتقدم في جميع مجالات الحياة سواء العلمية والتكنلوجية والثقافية وشرعت قوانين حقوق الأنسان في تطبيق الحرية والديمقراطية والعدالة والمساوت ، في حين  وصلت الأمبراطورية العثمانية الى الحضيض  حتى لقبت "بالرجل المريض"
وكانت نهاية هذه الأمبراطورية عندما شاركت في الحرب العالمية الأولى 1914-1918 ضد دول  الحلفاء و شرّعت الحكومة العثمانية بقيادة حزب الأتحاد والترقي  (بقيادة الثلاثي متحت باشا وانور باشا وجمال باشا ) فرمانا بالأبادة الجماعية للأرمن  وكل المسيحيين  في تركيا الحالية من ألاشوريين  الكلدان السريان واليونانيين ، والذين كانوا أعمدة الدولة التركية بالنظر لمهارتهم وبراعتهم في المجال الصناعي والأقتصادي .
في حين لم يكن الترك أصحاب حضارة ، فهم حكموا شعوبا وقوميات أرقى منهم ، ولم يكن لهم من فضائل سوى ممارسة القتال وخوض الحروب
يقول المؤرخ الأنكليزي ، ارنولد توينبي ، في مذكراته عن الأبادة الجماعية للمسيحين في تركيا:

"لم يكن المخطط يهدف الاّ الى إبادة السكان  المسيحيين الذين يعيشون داخل الحدود العثمانية "
اما هنري مورغنتا- السفير ألأمريكي لدى القسطنطينية للفترة 1913-1916- في كتابه "قتل امة" يقول:
  "في ربيع عام 1914 وضع الأتراك خطتهم لأبادة الشعب الأرمني ، وانتقدوا أسلافهم لعدم تخلُّصهم من الشعوب المسيحية أو هدايتهم للأسلام منذ البدء ......لم يكن الأرمن الشعب الوحيد بين ألأمم التابعة لتركيا عانت من نتائج سياسية (جعل تركيا بلدا للأتراك حصرا) ، فهناك اليونان والآشوريين من السريان والنساطرة والكلدان أيضا . ستبقى تركيا مسؤولة عن كل تلك الجرائم أمام الحضارة الأنسانية
ان ما اقترفه الحكام العثمانيين بحق الشعوب المسيحيةخاصة والظلم والقهر بحق الشعوب المستعمرة  وانظمام الترك الى المانيا والنمسا في حربها ضد الحلفاء في الحرب العالمية الأولى ، كانت كل هذه الأسباب  بمثابة "القشة الذي قصمت  ظهر البعير "كما يقول المثل ، لأن تركيا خرجب خاسرة في هذه الحرب . وبهذا خسروا الأتراك ارث ألأمبراطورية العثمانية عندما قسّموا الحلفاء هذه الأمبراطورية وذلك بترسيم حدود جديدة بحسب اتفاقية سايكس بيكو المشهورة بين بريطانية وفرنسا سنة 1916
كانت نتائج  الأبادة الجماعية لمسيحي تركيا في الحرب العالمية الأولى أكثر من مليون ونصف ارمني وحوالي ثلاثمائة الف اشوري كلداني سرياني  وستمائة الف يوناني ومئات الآلاف  من المشردين في الدول المجاورة واللذين هاجروا الى شتى انحاء العالم  -

يقول احد المؤرخين عن الأبادة الجماعية بحق الأرمن :"شعب عظيم تقرر وضع  بقاياه في المتاحف وسط صمت عالمي رهيب".
وما اشبه اليوم بالبارحة، فلازالت هذه الثقافة-أي ثقافة الذين يدعون الى اقامة دولة الخلافة الأسلامية  - تسيطر على الفكر الجماعي للأتراك والكثير من الدول العربية والأسلامية وخاصة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية (الأخوان المسلمون) في تركيا في الوقت الحاضر .وبروز ألأحزاب الأسلامية المتشددة ، وليست داعش الا الوجه القبيح لهذه الثقافة الجماعية ، التي تؤمن بأن ألأسلام يجب أن يحكم العالم مرة ثانية ،وكل  الشعوب الغير الأسلامية يجب ان تدفع الجزية او الموت أو ان يشهروا اسلامهم  . وخير دليل هو ما حدث و يحدث اليوم من قتل وتهجير وترهيب والأستيلاء على اراضي واملاك  مسيحيي  سهل نينوى  خاصة ومسيحيي العراق وسوريا عامة، وكذلك ما حدث للأقلية اليزيدية في العراق من خطف واغتصاب مئات النساء والشروع بالأبادة الجماعية .كل هذه الجرائم لا يمكن ان نفصلها عن الجذور التاريخة للأضطهادات والتطهير العرقي والديني بحق المسيحيين التي مارستها الخلافة العثمانية خلال اربعة قرون وبعدها مجازر سميل بحق الآشوريين سنة 1933 والذي راح ضحية هذه المجزرة الاف الشهداء
ثقافة ألأرهاب والتكفير  لا زالت منتشرة في الكثير من الدول العربية والأسلامية وخاصة بعد بروز الأحزاب الأسلاميةالمتشددة وركوبها ثورات الربيع العربي .
يقول الكاتب والشاعر الألماني هانس ماغنوس في كتابه "رجال الرعب" في وصفه للنموذج المثالي للخاسر ، ويقصد بالخاسر ، جميع المنظمات الأرهابية وحتى على مستوى الدول ، التي تلجا الى الأنتقام بسبب الشعور بالدونية وان الآخرين قد سبقوهم في بناء الحضارة والتقدم في جميع مجالات الحياة ، يقول هذا الكاتب :
"انَّ  العالم العربي – الأسلامي هو النموذج المثالي للخاسر بما تحمل هذه الصفة من قسوة واسقاط"...
الخاسر قابل للأنفجار في كل لحظة . لأنَّه لايرى حلا آخر لأزمته سوى ألأنفجار الذاتي ... وغالباً ما يكون السبب الذي يدفع الخاسر إلى العمل الانتقامي السريع سبباً تافهاً
وفي حالة المسلم المتطرف فإنه يقدم على الجريمة بسبب تفوّق الآخر ونمط حياته المغاير لما يتصوره هو عن الحياة الحقيقية ..

وبحسب وجهة نضر هذا العالم فان الشجاعة التي تحرك هؤلاء ألأرهابيين هي شجاعة يائس ، فشعارهم "انتم تحبون الحياة ونحن نحب الموت"  فتنشأ من خلال هذا الشعور اسقاطات غير منطقية ونظريات للمؤامرة والقاء التهم على ألأخرين " .
ونظيف الى ما قاله هذا الكاتب - الذي شخَّص المرض النفسي للشخصية الأرهابية- بانّ الأرهابي يرى  في المسيحي ايضا ،كأنّه مرآت يعكس قباحة الصورة (صورة هذا الأرهابي ) التي شوهها الشر ، فلا يستطيع هذا الأرهابي ان يتحمل كل من يحاول كشف ما في دواخله من الشر ، فيحاول الأنتقام من المسيحيين  المسالمين ومن كل من يخالف ، ما يعتقده. ففي شخصية الأرهابي هناك عنف وكراهية وروح انتقام  .
الأسئلة المطروحة :
اليس الجرح لازال مفتوحا وينزف دما من هذا الشعب العريق بحضارته بسبب استمرار ألأرهاب امام صمت عالمي مشين ومهين ؟ الا يكفي اننا صمتنا طوال قرون وآن الوقت لنطالب العالم بالأعتراف بالجرائم التي ارتكبت ولا زالت ترتكب بحقنا والتي ترتقي بجرائم حرب  ؟ . ماذا جنينا من صمتنا غير التهجير والقمع والترهيب والأبادة الجماعية واغتصاب اراضي جديدة من قبل الأرهابين ومن يقف ورائهم من الدول ؟
ما الذي بقي لنخسره حتى نسكت ونصم اذاننا ونغمض عيوننا بما نعاني منه نحن المتبقين من الشعب العريق الذي تم محو هويته وسلب حقوقه وتشريده بالترهيب تارة وبالترغيب تارة اخرى وعلى مسمع ومرئى من العالم الغربي الذي يدعي بانه يدافع عن حقوق الأنسان والشعوب الأصيلة لابل هناك ادلة قوية في تورط بعض هذه الدول في مخططات جهنمية لترحيل وتهجير المسيحيين من هذا الشرق ؟ الم يحن  الوقت لنشير بالبنان على كل من شارك عبر التاريخ والى يومنا هذا بالأبادة الجماعية والمخططات الرهيبة والشيطانية لأخلاء الشرق الأوسط من المسيحيين سكان هذه المنطقة الأصيلين؟ ماذا فعلنا لشهدائنا الذين قدموا حياتهم قرابين لكي نعيش نحن ونحقق آمالهم واحلامهم ؟.
الم يحن الوقت بالمطالبة بحقوقنا المشروعة للأراضي التي تم اغتصابها من قبل الدول والحكومات والأفراد؟
.والأهم اليس الآن هو الوقت المناسب  لنترك جميع خصوماتنا واختلافاتنا ، فنوحد اهدافنا وجهودنا لنطالب بحقوقنا المهدورة في المحافل الدولية بصوت واحد وقلب واحد وروح واحدة ، ونطالب بمحاسبة المجرمين على اعمالهم الأجرامية بحق مسيحيي هذا الشرق ؟

،
يقو ل الروائي والكاتب باولوا كويلو مؤلف كتاب "الخيميائي":
"عندما تسعى الى تحقيق حلمك بتصميم واصرار ، وليس بالهواجس ، عندها يتآمر الكون كي يساعدك ، لأنك عندئذ تكون قادرا على قراءة العلامات والأستمتاع بالرحلة (رحلة الحياة) ...فاذا لم نحقق حلمنا فسنكون اشقياء تعساء "
 علينا ان لانخاف من الذين يهددون وينهبون ويقتلون ويهجّرون . قال زعيم قبيلة لهنود امريكا الشمالية ، في خطاب موجه الى المندوبين الفيدراليين ، بمناسبة انعقاد مؤتمر في سياتل للأنحباس الحراري :
"انتم (اشارة الى الأمريكيين في المؤتم) أردتم أخذ الأرض ، ارض آبائنا واجدادنان ، فاحسنوا معاملة التراب لأنها تختزن عظام آبائنا .
احسنوا معاملة ألأشجار لأنها تتذكر سيرة اهلنا .
احسنوا معاملة ارض اجدادنا لأننا نعلق بها كما يتعلق الطفل بدقات قلب أمِّه.
احسنوا معاملة السواقي لأنها كانت تروي مزارعنا وتعطينا الحياة .
لاتبصقوا على الأرض ،لأن مكان البصق قد يكون هناك قبر شهيد لأجدادنا .
وماذا نقول نحن مسيحيوا هذا الشرق ، عن ارضنا التي استبيحت وماذا نقول عن كنائسنا ومدننا وقرانا التي هدمت وهجر شعنا وتشتت في اصقاع العالم ؟
ماذا نقول عن شهدائنا الذين رووا بدمائهم ارض الوطن متشبثين الى اخر لحظات حياتهم بمسيحتهم وقوميتهم وارضهم  ومقدساتهم ؟
ماذا نقول عن لغتنا الجميلة التي حاول العدو قطع لساننا لأننا اردنا الحفاظ على هذه اللغة الجميلة ؟

اترك الأجابة على هذه الأسئلة للقارئ الكريم


المصادر
كتاب" قتل امة "
للسفير الأمريكي في تركيا للسنوات (1913- 1916) هنري مورغنتاو

الباشوات الثلاثة

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9
ويكيبيديا ابادة الأرمن

https://www.google.de/webhp?sourceid=chrome-instant&ion=1&espv=2&ie=UTF-8#q=%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%85%D9%86
ويكيبيديا سيفو

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B0%D8%A7%D8%A8%D8%AD_%D8%B3%D9%8A%D9%81%D9%88


المواقع التالية
مذابح الأتراك بحقّ الأرمن والسريان (أحداث الإبادة الجماعية – شهادات باللغة الأصلية

http://www.aztagarabic.com/archives/4906
معاهدة قصر شيرين


http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D8%B1_%D8%B4%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D9%86
قوات الحلفاء ويكيبيديا
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A1_%28%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89%29


اتفاقية سايكس بيكو
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9_%D8%B3%D8%A7%D9%8A%D9%83%D8%B3_%D8%A8%D9%8A%D9%83%D9%88

محمد الفاتح وسقوط القسطنطينية

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%AD

77
الأخ اثير شمعون جزيل الأحترام
شكرا عزيزي على تقييمك للمقالة وتفائلك المبني على ايمانك في ان كل الضروف تعمل لخير الأنسان مهما كانت تلك الضروف ، لأن الهنا يُخرج من الشر خيرا ومن الحرب سلاما ومن الظلمة نورا
عزيزي كل الخيرين والغيورين على كنيستهم الأم عليهم ان يفتخروا بالباطريرك الحالي  لكونه لم يهدأ يوما ولم يغمض له جفن حرصا على سلامة شعبه المسيحي الذي عانى و يعاني من ابشع ضروف القهر والتهجير عبر عشرات السنين . نعم الروح القدس هو الذي اختار لنا غبطة الباطريرك لويس روفائيل ألأول ساكو ، هذا ما يستشعره كل مؤمن بقوة الروح القدس . ونحن متفائلين ولنا رجاء قوي في ان الرب لن يترك شعبه طالما مازال هناك امثال غبطته من الأساقفة والرعاة والمؤمنين الغيورين على كنيستهم الأم وعلى وطنهم ومقدساتهم
شكرا لك عزيزي مرة ثانية
اخوك
نافع البرواري

78
عزيزي الشماس مسعود النوفلي
تحياتي واحترامي
شكرا عزيزي على مداخلتك التي هي بحد ذاتها كافية ووافية ومختصرة
للموضوع المطروح   
شكرا على اطرائك  الذي لا استحقه وشكرا للرب على صداقتنا التي تجمعنا باواصر قوية من المحبة والوفاء للعهود والغيرة على كنيستنا وشعبنا ووطننا
شكرا على ما يحمله قلبك الطيب من مشاعر الود والأخاء والتضحية للآخرين
عزيزي لقد ذكَّرتني بايام زمان كنا انا وانت وبعض الأخوة الآخرين في خورنة الرسولين في الدورة عندما سمعنا بان كاهنا جديدا اسمه لويس ساكو قد اصبح راعيا لكنيستنا . وفعلا كان هذا الكاهن الجديد ، حدثا غير مفاهيمنا القديمة بطرحه الجديد ، سواء الطقسي او الوعضي او الراعوي ، وفي اسلوبه الجديد في القاء المحاضرات المختصرة والمفيدة . واتذكر عندما كنا بعد القداس  نلتقي به ونشجعه على الأستمرار في هذا النهج ، وفي المقابل كان هناك من الرعاة والشمامسة من لايرضون ولا يقبلون بالتغيير والتجديد بل يريدون كنيسة مسدودة النوافد ومسدولة الستارة حتى يكاد هوائها يخنق الحاضرين
واتذكر جلساتنا ومناقشاتنا عن مستقبل المسيحيين في العراق في اواخر التسعينات  عندما كان الحصار الأقتصادي يحاصر اسر العراقيين والأمراض تفتك باطفالنا  نتيجة حرمانهم من ابسط وسائل العيش الكريم .
اليوم اذ نحن ننظر الى التاريخ القريب نستذكر كل تلك الأحداث وكيف اننا كنا نستشعر بالخطر القادم لامحالة على العراق عامة وعلى المسيحيين خاصة
وفعلا حدث ماحدث عندما سقطت بغداد سنة 2003 والى يومنا هذا الماسات تزيد والدم ينزف والتهجير والهجرة تستنزف شعبنا وخاصة المسيحين . ولكن  لو نظرنا نظرة سريعة الى تاريخ الكنيسة وخاصة في القرون الآولى وما دفعه المسيحيون ، حتى حياتهم شهادة على ايمانهم ، فهذا يعطينا الرجاء والأمل والثقة
في ان كل شيء يهون من اجل القيم السماوية  ، وها هو نفس  الكاهن لويس ساكو الذي عرفناه قبل سنين يقود ويرعى شعبنا المسيحي في العراق وهذا يعطينا زخما قويا وايمانا اقوى ورجاء لايتزحزح في ان الموت لن يقوى على الحياة وان كنيستنا المشرقية هي في قلبه وروحه ولن يتركها ربنا يسوع المسيح ان تتعرض لا سمح الله للخراب والدمار طالما هناك رعاة غيورين امثال غبطة الباطريرك الحالي ، يوقودونها الى بر الأمان .
شكرا عزيزي مرة اخرى على مشاعرك الجياشة نحوي
تحياتي
اخوك وصديقك المخلص
نافع البرواري

79
الأخ سامي جزيل الأحترام
مداخلتك والكلمات الجميلة والمعبرة  التي تفضلت بها خير دليل على غيرتك على الكنيسة وما ال اليه شعبنا المسيحي في العراق  . نعم جميل ماذكرته في ان العناية الألهية  ارسلت لنا الراعي الصالح الذي يقود شعبه في اصعب الضروف التي تمر بها كنيستنا المشرقية . والراعي الصالح لن يترك خرافه لكي تنهشها الذئاب ، بل يدافع عنها حتى الشهادة . ونحن على يقين ان غبطة الباطريرك لويس روفائيل ساكو ، بافعاله وحكمته وغيرته على كنيسته سيقودها الى بر الأمان مهما كانت التضحيات .
شكرا لك عزيزي على مشاعرك الطيبة نحوي
لنا رجاء لايخيب ان كنيستنا ستصمد كما صمدت عبر التاريخ امام زلازل كثيرة تعرضت لها
لأنها مبنية على صخرة المسيح

اخوك نافع البرواري

80

بانوراما عن الكنيسة الكلدانية  في عهد غبطة الباطريرك مارلويس روفائيل الأول ساكو.
نافع البرواري
حدث الزلزال الذي كنا نتوقعه وحذرنا من وقوعه  منذ سنوات (كما في المقالتين التاليتين عن موضوع مستقبل المسيحيين في العراق كما في الموقع التالي)
http://www.ishtartv.com/viewarticle,33453.html
وقد كتبتُ مقالة  عن سهل نينوى بعنوان (صرخة من سهل نينوى  ) قبل حوالي ثلاثة سنوات ، ولكن للأسف لم استطع الحصول على الموقع الذي تم نشر المقالة ، ولكن ممكن ان استعير منها خلاصة المقال وهو :
"  .....اليوم جاء دور سكان  سهل نينوى  وخاصة المسيحيين ليتم تطبيق المرحلة الثانية من الخطة وهي جاهزة لا بل بدأت معالمها تظهر فاليوم هناك أرهاب في هذه المنطقة  ضد المسيحيين لتخويفهم وترهيبهم ليهاجروا مناطق سكناهم"
"ماذا علينا فعله في ضوء ما ارتكب من الجرائم بحق شعبنا المسيحي ؟ والسؤال الأهم هو ماذا علينا عمله في ضوء المستقبل المحاط بالضبابية وعدم الوضوح وخاصة نحن نرى أن كل المؤشرات تشير الى ان المخاطر لازالت تحيط بنا من كل جانب واننا نسيرالآن في فترة الهدوء الذي يسبق العاصفة "
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=357799.0%3bwap2
اليوم نحن نزيح عنا غبارهذا  الزلزال الكبير الذي حدث  في سهل نينوى المتمثل  بالغزو الهمجي  لدولة العراق والشام الأسلامية المعروفة ب(داعش )،والتي قامت  بتهجير ما تبقى من  المسيحيين من مركز محافظة نينوى  ومن اقدم أرض سكنها شعبنا الكلدو اشوري السرياني منذ الاف السنين ، وهو سهل نينوى ، وبمرأى ومشهد الحكومة العراقية والدول العربية والأسلامية والأمم المتحدة والعالم الغربي الذي يدعي بالدفاع عن حقوق الأنسان والشعوب الأصيلة .
انَّ غبطة الباطريرك لويس ساكوا الذي اختير لكي يكون على رأس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم ، في زمن لايمكن ان يوصف الا بكونه من أصعب الأوقات واكثرها اضطهادا لمسيحي العراق خاصة والشرق الأوسط عامة ، حيث واجه هذا الباطريرك تحديات وصعوبات على مستوى داخل الكنيسة وخارجها لم يواجها اي باطريرك سابق منذ القرون الأولى للمسيحية الى يومنا هذا،عدى زمن الأضطهاد الكبير في عهد الملك شابور الثاني ( 339 -379 ) م والذي راح ضحية  تلك الحقبة التاريخية مئات الالاف من  شهداء شعبنا المسيحي بسبب الأضطهادات التي قام بها هذا الملك وبعض الملوك الآخرين  .
ان كنيستنا اليوم تمر في ضروف قد تبدو اقل اضطهادا ووحشية من زمن الشهداء في عصر الشهيد الباطريرك ما رشمعون برصباعي  ،هذا ما يبدو للكثيرين من المؤمنين , ولكن في الحقيقة هناك ما هو اخطر من ما حدث عبر تاريخ الكنيسة يحدث اليوم في عصر غبطة الباطريرك لويس ساكو الا وهو الحرب الخفيّة  والناعمة التي هدفها الرئيسي القضاء التام على تواجد المسيحيين في  المنطقة. وهذه الحرب تعتبر بمثابة إبادة جماعية حسب مفهوم الأبادة الجماعية(*).
اليوم يمكن أن نلخص بعض المسؤوليات والمهمات الصعبة التي يَحمُلها غبطة الباطريك الحالي بخصوص كنيسته  وهي:
أولا: المواضيع داخل الكنيسة
1 -  ارث ثقيل من المشاكل الراعوية والتي تُركت دون حل في عهد الباطريك السابق وحتى قبل ذلك بزمن طويل . وحل هذه المشاكل كما واكبناها في عهد الباطريرك الحالي
اصطدمت بالكثير من العراقيل والصعوبات  وصلت الى حد تمرد بعض الأساقفة عل رئاسة الكنيسة المتمثلة بغبطة الباطريرك لويس روفائيل ساكو
2-ارث ثقيل من الفساد المالي والفساد الأداري التي كانت تنخر في جسد الكنيسة ولعهود طويلة .وهذا يحتاج الى رعاة مخلصين امناء ومؤمنين حقيقيين حريصين على نزاهة وامانة لتشخيص اسباب هذا الفساد وقلعه من جذوره واعادة تشكيل لجان رسمية مختصة مشكلة من قبل رئاسة  الباطريركية لتكون جهة مسؤولة عن اموال الكنيسة والمشاريع الباطريركية .وفعلا قام الباطريرك الحالي وفي وقت مبكر من رئاسته في تشخيص وازالة هذا الفساد وقلعه من جذوره
2- ارث كبير من الجهل والتخلف الذي سادا كنيستنا  المشرقية ، حيث ساد الجهل في الثقافة  المسيحية ، والتخلف في مواكبة كنيستنا لبقية كنائس العالم . وهذا الجهل والتخلف ساد  قطاعا كبيرا من رعاة هذه الكنيسة وهكذا ايضا انتشر الجهل الروحي بين المؤمنين  ولأجيال طويلة نتيجة اسباب كثيرة لسنا في صدد شرحها في هذا المقال. ونحتاج الى ثورة روحية وعنصرة جديدة وهذا ما اوضحناه في احدى مقالاتنا ( راجع الموقع التالي)
http://iraqchurch.com/forum/showthread.php?t=23151
 وبالمناسبة فان الباطريك الحالي هو من المتعطشين للتجديد واحداث ثورة  روحية لأنه يمتلك فكرا نيرا وعميقا في كيفية نقل بشارة الخلاص الى الآخرين وفي طريقة واسلوب طرحه الذي يواكب العالم المعاصر .  ولكوني كنت في نفس رعية الباطريرك الحالي عندما كان كاهنا لكنيسة الرسولين في الدورة وكنت قريبا منه  وواكبتُ فترة حياته عندما كان رئيسا لدير شمعون الصفى واستاذا محاضرا  في كلية بابل للفلسفة واللاهوت ، وكنت احد طلبته  . كنت انا وبعض اصدقائي ،ولا زلنا ، من المشجعين لأفكاره الثورية في التجديد والتغيير لمواكبة مايحدث في العالم المعاصر واعطاء الدور الحقيقي للمؤمنين العلمانيين  ، وهذا ما لخصه غبطته في شعاره  الأصالة – الوحدة- التجديد ..
3- هناك هوة كبيرة بين الرعية والرعاة ، وعبر عهود طويلة ،  ادت الى الفتور في الأيمان وعدم ثقة  قطاع واسع من الشعب المؤمن برعاته وحتى باساقفته لا بل ببعض بطاركته الذين لم يكونوا قريبين من شعبهم المؤمن ، الذي واجه اصعب ضروف الحصار والحروب والأضطهادات والتهميش والقمع والتهجير  القسري والمعاناة النفسية والجسدية والأقتصادية  التي مر بها  ، حتى وصل الأمر الى ترهيب هذا الشعب والأستيلاء على اراضي ابائه واجداده ، حيث لم يكن لرؤساء الكنيسة دور يذكر في تعزية شعبه او القيام بدور فعال في طرح ماساة هذا الشعب في المحافل الدولية والمحلية لتخفيف حجم تلك المعاناة .
. 4- تدخل سلطات الدولة وعبر القرون في شؤون الكنيسة وذلك بالترهيب والترغيب. وفرض شروط وقوانين وشرائع مجحفة بحق الرعاة والأساقفة والبطاركة عبر التاريخ وهذا ما نقرأه في كتب التاريخ وخاصة تاريخ الكنيسة . واعتقد جازما ان الباطريرك الحالي لن يقبل اي تدخل في تسييس الكنيسة لتكون طرفا سياسيا لتقف مع جهة سياسية ضد اخرى . وهذا ينطبق ايضا في عدم تدخله في شوؤن الأحزاب القومية ( الكلدانية الآشورية السريانية ). وبالمقابل لايقبل هذا الباطريرك ان يتهم بكونه يلعب دور السياسي نيابة عن الأحزاب السياسة لشعبنا ( الكلدو اشوري السرياني) . وهذا لايعني ان غبطته لن يقوم في دوره الرئيسي بل البارز في نقل مشهد ألأضطهاد والتهميش والتهجير لشعبه الى المنابر الدولية  بل العكس تماما فهو كان مثل المكوك يتحرك في الداخل والخارج من اجل خير شعبه ونقل صورة الماسات الى العالم اجمع ، والعدو يشهد له قبل الصديق . في حين وللأسف الشديد
لم تكن احزابنا القومية على قدر حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم ، فكان تحركهم خجولا بل احيانا مخزيا .
5- ان اصعب التحديات واهمها التي يواجهها غبطة الباطريرك لويس ساكو هي وحدة الكنيسة المشرقية بفرعيها . ومنذ بداية سيامته باطريركا على الكنيسة الكلدانية ، راينا تحركه في هذا المجال سواء بلقائاته مع غبطة الباطريرك  مار دنخا الرابع
جاثليق بطريرك كنيسة المشرق الآشورية  ، او بممثلي الكنيسة المشرقية  عبر لقائاته الكثيرة وتنقلاته في المهجر لتحقيق هذا الحلم . وعلى المؤمنين ان يثققوا في حقيقة واحدة وهي ان غبطة  الباطريرك لويس روفائيل ساكو جل همه هو وحدة هذه  الكنيسة وهذا ما لخصه  في احدى المناسبات عندما قال "انا مستعد ان اترك رئاسة الكنيسة في حالة تحقيق وحدة هذه الكنيسة  الكنيسة "، ولا يزال تحقيق هذا الهدف هو امنية ورغبة غبطته  وكل المؤمنين الحقيقيقيين، وهو اكبر تحدي للمؤامرات والدسائسس التي يخطط لها الشيطان رئيس هذا العالم.

 ثانيا: المواضيع خارج الكنيسة
1- كل متابع لشؤون الباطريركية الكلدانية يعرف مدى الحمل الثقيل الذي يحمله غبطة الباطريرك لويس روفائيل ساكو  . ففي بداية فترة رئاسته  واجه  غبطته  كم هائل من المسؤوليات والواجبات والتحديات ، في زمن يغيب في هذا الشرق ، القانون والعدالة والمساواة ، ويسود فيه الأرهاب والموت والدمار في جميع مرافق الحياة الأنسانية . والكنيسة بشقيها الكلدانية والمشرقية الآشورية القديمة ، كانتا الضحية الرئيسية،  نتيجة العوامل التي ذكرناها اعلاه ، ولا زالت هذه الكنيسة تنزف دما ، وتقدم شهداء ، وضحايا بسبب  الحروب والماسي التي تعرض ويتعرض لها العراق خاصة والمنطقة عامة . مما ادى بالكثير من  المؤمنين ان يتركوا  ارضهم او يتم تهجيرهم  او ابتزازهم او ترهيبهم والأستيلاء على ارضهم وممتلكاتهم .
2-  في جميع لقائاته في المؤتمرات والندوات التي عقدت في الداخل او في المحافل الدولية في الخارج، كان غبطة الباطريرك يضع المسؤولين في العالم امام مسؤولياتهم الأخلاقية والأدبية والأنسانية ، سواء كانوا قادة دول او برلمانيين او مسؤولين في الأمم  المتحدة ...الخ  فكان ، ولا يزال غبطته ، يضع اللوم على كل من ساهم في ماسات شعوب هذه المنطقة - وخاصة الأقليات منها-  لانها هي دائما وعبر التاريخ الضحية نتيجة الحروب وفقدان الأمن والقانون , فكانت تتعرض بين فترة واخرى الى  الأضطهاد والقتل والتهجير واحيانا تتعرض للأبادة الجماعية .
ان غبطة الباطريرك لويس ساكو شخص اسباب الحقد والكراهية والحروب في منطقة الشرق الأوسط وحمّل الدول الغربية جزءا كبيرا من مسؤولية هذه الحروب بسبب التجارة بالسلاح على حساب حياة الاف الضحايا المدنيين في هذه المنطقة  ، وفي نفس الوقت حمّل الدول العربية والأسلامية الجزء الأكبر من المسؤولية عندما قال :
"خلافا للنازية وسواها من ايديولوجيات قاتلة في القرن العشرين، فإن داعش تدّعي الانتماء إلى ديانة .هذه هي الصعقة التي نشكّ في حسن نيات المقللين من شأنها، عندما تم استهداف مسيحيينا ويزيديينا وسائر المكونات المذهبية والطائفية باسم الدين الاسلامي، أجل باسمه، ولئن تحاشى الكثيرون أن يصدقوا.
ويمعن الخجل أمام اكتفاء المجتمع الرسمي الاسلامي، ببيانات استنكار خجولة تكشفت كتعبير عن العجز في التحرك الفاعل لتبصير الجماهير بالخطر القادم تجاه ما ستقترفه داعش باسم الاسلام.
وإلا كيف يمكن الوقوف المتفرج امام جرائم قتل وقمع وتهجير لأشخاص أبرياء، تمعن في إذلال الإنسانية جمعاء؟ أي عصر هذا يدير الظهر للقيم، تمتهن فيه كرامة الانسان والمرأة في المقدمة، وتكون قيمة الحياة في الحضيض؛ كل هذا باسم دين تحمله غالبية مسالمة"...
راجع الموقع التالي:
http://www.aleteia.org/ar/-5832789219868672
3-الأيمان  والشفافية والصدق التي يحملها هذا الباطريرك وصراحته وقوله للحقيقة  دون مواربة  او خوف او تنازل عن المبادئ المسيحية التي لاتقبل الجدل او التكلم بانصاف الحقائق ، كانت ولا تزال تواجه بردات الفعل السلبية من قبل الكثيرين من المسؤولين سواء من قبل المسؤولين في الدولة العراقية  او المحافل الدولية في  الخارج  . ان صوت الحق والدعوة للسلام والتصالح، التي ينادي به الباطريرك الحالي،والذي يمثل ايضا صوت الكنسية الجامعة ،  يكاد ان يكون الصوت الوحيد والفريد في  خضم مشاهد الرعب والموت والأصوات التي تنادي بالأنتقام والثأر وقرقعة طبول الحرب. وهنا يحتاج هذا الباطريرك الى معجزة الهية للتدخل للأستجابة الى ما ينادي به غبطته ومعه المؤمنين في كل العالم الذين يصلون من اجل مسيحيي العراق خاصة وكل المتالمين في المنطقة عامة   . ولكن علينا ان نؤمن ان الحق يعلو ولا يُعلى عليه ، وانّ الحق سوف يظهر اخيرا مهما طال الزمن . وانَّ صوت المنادين بالسلام سيكون في النهاية له الغلبة والنصرة .
   4-ان  تشخيص غبطة الباطريك الحالي لأسباب الحروب و ثقافة الكراهية  والغاء الآخر والطائفية والقومية العنصرية وثقافة اقصاء الأقليات التي تنتهجها سياساة الحكومات السابقة والحالية في العراق، قد أربك خطط وسياسيات هؤلاء القادة والمسؤولين على قمة السلطة واغضبهم ، وخير دليل على ذلك هو ماحدث في مؤتمر " الوئام العالمي بين الاديان" التي نظمته مؤسسة الحكيم الدولية تحت شعار" ديننا وئامنا "حضره رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب". ترك الرؤساء الثلاثة اماكنهم وخرجوا قبل ان يلقي نيافة الباطريرك كلمته ، وعندها قال الباطريك في مستهل كلامه :
"في البداية أود ان أعرب عن عتبي على الرؤساء الثلاثة الذين انتظرناهم ساعة، فجاءوا واسمعونا ما يريدون وخرجوا من دون ان يسمعوا ما نريد. هذا مؤسف حقا".
قولا سيذكره التاريخ عبر الأجيال وسيحكى في المحافل الدوليةعن دلالات هذا القول الذي سيأرق ضمائر المسؤولين الذين تركوا شعبهم يذبح وهم يتنازعون على الكراسي والمناصب والسلطة والمال الزائل .ان الدلالات الكبيرة والخطيرة والعميقة لما قاله غبطة الباطريرك لويس روفائيل ساكو  يجب الوقوف عندها والتامل في مغزى هذا القول الذي خرج من فم غبطة ابينا الباطريك بكل صدق وشفافية وعفوية لعلَّ ذلك يوقض ضمائر الغائبين عن المشهد المرعب والخطير الذي تعيشه شعوب المنطقة بجميع اطيافها
 الموقع التالي راجع
 . http://saint-adday.com/permalink/7047.html
 نعم ان صراحة غبطة الباكريرك الحالي وصدقه وامانته وايمانه يواجهه حقد و كراهية وانتقاد وغضب الكثيرين ،  وسيكون صوت غبطته  قويا هادرا يقلق ضمائرهؤلاء المتاجرين بحياة الفقراء والمهمشين والمتشردين .
ان الذين ماتت ضمائرهم واصبحوا بلا حياء ولا خجل لايستطيعون مواجه الحق والنور الساطع لأنه يعمي بصيرتهم ويبكت ضميرهم ويدين اعمالهم وسلوكهم بحق شعوبهم .
اليوم وفي عهد غبطة الباطريك لويس روفائيل ساكو كل هذه المهمات الصعبة وشبه المستحيلة تحقيقها والتي  تبدو مثل جبال عالية تتطلب جهودا جبارة وتضحيات وقلوب متحدة  لتحقيقها .لكن بصلوات المؤمنين القلبية وصوم حقيقي ووحدة الشعب والأيمان الذي لايتزحزح في انّ ماهو مستحيل عند البشر مستطاع عند الله  .
يقول الرب يسوع المسيح"اسالو تعطوا .اطلبوا تجدوا . اقرعوا يفتح لكم " 

---------------------------------------------------------------------------+

 (*)
الإبادة الجماعية تعني ارتكاب أي عمل من الأعمال الآتية بقصد الإبادة الكلية أو الجزئية، لجماعة ما على أساس القومية أو العرق أو الجنس أو الدين، مثل:
(أ) قتل أعضاء الجماعة.
(ب) إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير بأعضاء الجماعة.
(ج) إلحاق الأضرار بالأوضاع المعيشية للجماعة بشكل متعمد بهدف التدمير الفعلي للجماعة كليًا أو جزئيًا.
(د) فرض إجراءات تهدف إلى منع المواليد داخل الجماعة.
(هـ) نقل الأطفال بالإكراه من جماعة إلى أخرى.

http://www.ushmm.org/wlc/ar/article.php?ModuleId=10007043

81



كلُّنا (نون) كُلُّنا  مسيحيّو(ن )
نافع البرواري
اطلقت ألأعلامية  العراقية المسلمة " داليا العقيدي" (*) وعبر قناة "ال بي سي" شعارا نرجو ان  يصبح يوما ما شعارا عالميا تضامنا مع مسيحيي الموصل لابل تضامنا لكل بريء يُقتل او يهجَّر او تُنتهك كرامته، في هذا العالم الذي تفشى فيه الأرهاب كالسرطان وصارت الحياة البشرية لاقيمة لها عند الكثيرين، حيث نعيش في زمن فقد الكثيرون انسانيتهم واصبحوا اخطر من الوحوش الكاسرة ، وهي ظاهرة قلما تتكرر عبر  التاريخ ، حيث ترتكب  جرائم بشعة مقززة لايمكن ان نصفها الا بالهمجية والشيطانية   .
سؤلت داليا ، في مقابلة خاصة على قناة "سي بي ال" ،
السؤال ألآتي :
"اردت ِان تتضامني مع مسيحيي ابناء بلدك "العراق" وانت العراقية السنية بان تضعي الصليب على عنقك . لماذا اخترت هذه المبادرة ؟
كان جوابها صرخة ونداء لكل انسان  ولكل من لازال يحتفظ في قلبه قليل من الرحمة أوضمير حي . وهو نداء للعالم أجمع ،عسى ولعلّ يصحو  ضمير الساسة وحكام وسلاطين الدول التي تتحكم في مصير البشرية  وهم يرون  شعب يَحملُ في ذاكرته ،لابل في جيناته ، ارث حضاري لوادي الرافدين . تلك الحضارة التي قدمت للأنسانية من العلم والفن والهندسة واللغة والأصالة والملاحم وحتى ألأنبياء ، وكان شعب وادي الرافدين من اقدم الشعوب التي ساهمت في الحضارة الأنسانية والاثار والمخطوطات في متاحف العالم خير شاهد على ما نقوله . ولكن للأسف اليوم هناك من يريدون مسح وازالة ذاكرة هذا الشعب العظيم والعريق والأصيل وتهجير وتشريد هذا الشعب في ابشع عملية اجرامية سيسجلها التاريخ بحق هذه الدول وخاصة تلك الدول التي تدعي بالحضارة وهي لا تعرف اصلا معنى الحضارة عندما تفقد الحضارة انسانية ألأنسان وكرامته فهي حضارة مشوهة وناقصة . 
لنقتبس ما قالته داليا العقيدي بهذا في مبادرتها هذه  عندما تقول:
"في البداية هي ليست مبادرة دينية هي انتفاضة لمن يحاول ان يطمس الحضارة . هي مبادرة حضارية مدنية ثقافية  . مع الأسف هناك من يريد ان يصبغ العراق بصبغة واحدة ولون واحد وانا كعراقية بغض النظر عن خلفيتي الدينية او الطائفية ارفض أن اكون بلون واحد .
الصليب منع في الموصل  ، المسيحي نفسه منع في الموصل ، فلا شيء
اكثر من أن تضع الصليب لتقول لكل العراقيين "نحن كُلُّنا مسيحييون " حتى عودة كل مسيحي الى الموصل بالذات وسلامة كل مسيحي في العراق"
وعن سؤال اخرعن مدى خوفها من اقربائها واهلها المسلمين قالت:
"اذا انا سكتُّ وغيري سكت والساكت عن الحق شيطان اخرس . فحتى لو كان هناك  خطر فالقضية تستحق أن تواجه الخطر" .
بعد خطوة المذيعة العراقية داليا العقيدي التي قررت وضع الصليب على عنقها في اطار اطلاقها حملة «كلنا مسيحيون»، فقد ظهرت الصحفية و المذيعة"ديما صادق"(**) على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال(ال بي سي) وهي ترتدي قميصاً اسود يتوسطه حرف «ن » . في دلالة إلى كلمة النصارى التي دوّنها تنظيم «داعش» على ممتلكات المسيحيين في الموصل وبدأت نشرتها الإخبارية بجملة "من الموصل إلى بيروت كلنا نون :
"من الموصل الى بيروت كلنا نون.
كلنا معرضون ذات يوم لأن يشار الينا بالأصابع او السكاكين لأننا مختلفون . مختلفون بالدين أو الجنس او بلون البشرة .
كلنا نون. كلنا معرضون للقتل في عالم الجنون " .
جنون ألأصوليات والدكتاتوريات والحقد الأسرائيلي
هنا فقط  أطفال يُقتلون على رمال الشاطئ أو فوق أراجيح العيد
هنا فقط تُقفل الكنائس تُقصف المآذن وتهدم مراقد ألأنبياء .
كلنا "نون" منكوبون بجدران ألأحتلال في فلسطين وجدران الطائفية في سائر المشرق ، ولن نتحمل التحوّل الى جدران  تُكتب عليها أحرف الموت أو التهجير .
واضافت تقول
 " لذلك وتضامنا مع أنفسنا ومع العراق بمسلميه ومسيحييه سيتحول شعار المؤسسة اللبنانية للأرسال "ال بي سي" الى "ال بي سي نون " بالتزامن مع اطلاق هاهشتاك على تويتر للتواصل الأجتمعاعي .
واضافت "لعل هذه المبادرة أو "ال بي نون" تتحول الى سلسلة من الحملات التضامنية شعارها "كلنا مسيحيّو(ن )". انتهى الأقتباس
تعليقا على هذه المبادرات الجريئة والشجاعة نقول :
كم نحن بحاجة ،في هذا الزمن المظلم الى شعاء نور والى اصوات اناس يجازفون بحياتهم من أجل ارساء الحق ، وكم نحن نفتقر الى امثال داليا العقيدي وديما صادق وغيرهما ليجهروا بقول الحق مهما كان الثمن .
هذه ألأصوات الجريئة تذكرنا بقول المسيح "اذا سكت هؤلاء(التلاميذ) ، فالحجارة تهتف"(لوقا 19 : 40)
 واذ نحن المسيحيين نعيش في زمن ألأضطهاد في العراق والشرق الأوسط وعانينا ونعاني بسبب ايماننا بالمسيح ، ونتعرض لهذا الكم من الحقد والكراهية والتهجير والقتل  ، وابشع انواع الأهانات بكرامتنا الأنسانية على مسمع ومرمى العالم (الذي يدعي بالتحضُّر)، حالنا حال الكثيرين من اخوتنا المسلمين الأبرياء ، نظم صوتنا الى صوت داليا العقيدي وديما صادق والكثيرين من المسلمين الذين يستنكرون تلك الجرائم الشنيعة والأرهاب النفسي والجسدي ضد ألأبرياء من اي خلفية  اوعقيدة كانت. فليكن ندائنا صرخة مدوية لأيقاض  ضمائر المتاجرون بحياة الأنسان سواء كانت دول ام افراد اوجماعات ، ليوقفوا نزيف الدم في هذا الشرق العريق في حضارته وانسانيته . كفانا دموعا ودماء ، وليتحد الخيرين في كل انحاء العالم لأيقاف هذه الجرائم البشعة بحق الطفولة والشباب والنساء والشيوخ . وليكن شعار داليا العقيدي : "من الموصل الى بيروت كُلُّنا نون "  شعارا لجميع شعوب الشرق الأوسط بمسيحييه ومسلميه لا بل ليكن شعارا عالميا لوقف جميع الحروب والماسي في هذا العالم الذي أصبح فيه ألأنسان ضحية لجشع اخيه ألأنسان واصبح الحقد والكراهية وحب الأنتقام سرطانا ينخر في بعض  المجتمعات البشرية .
وعلى كل مسيحي ان يعرِّف نفسه ويشهد للآخرين بما اوصاه المسيح لكي يشهد للحقيقة ويفتخر بنفسه أنّه صانع الحياة والمحبة والسلام لأنَّه يتبع قائده وفاديه ومخلصه يسوع المسيح  :
فنحن من كُتب على جدران بيوتنا حرف ال(ن)
 ونحن من يحمل أسم المسيحييو"ن"
كلنا نون (ن)، كلنا معرضون للقتل في عالم سيطر عليه الجنون و تحكمه دول بلا قانون .
نحن مختلفون ، مسالمون ،
وديعون ، متواضعون
 مضحّون ، صادقون
 مؤمنون بان المحبة تنتصر على الموت وعلى الأشرار الظلاميّون .
نحن انصار المسيح  المنتصرون .
نزرع وغيرنا يحصد .
نعطي وغيرنا ياخذ .
نحن نور لا نار.
نحن نبني ولانهدم  .
نحن نسامح ولاننتقم 
نحن نرسم ما هو أجمل ونخطط لما هو أرقى
نحن نحاور بسيف الكلمة ولا نقاتل  بسيف الموت
نحن صُناع  الحياة والسلام ولسنا صنّاع الحروب و الموت
فنحن نعشق الحياة ونؤمن بانّ الأنسان صورة الله في الأرض فكيف نشوّه هذه الصورة .
نحن فقراء ولكن نغني الكثيرون.
نحن حزانا ولكن نعزي الآخرين.
نحن حملان وديعة  ولسنا ذئاب تفترس  ألآمنين   .
نحن المُضطهدين  من أجل الحق ومع ذلك لاننتقم من الظالمين.
نحن بلسم المجروحين  ونصلي وندعو الى الخير للآخرين .
نحن  ابناء النور بل ابناء النهار فما نحن من الليل ولا من ابناء الظلام .
نحن انصار المسيح الذي فتح أعين العميان  ونوَّر  قلوب المجرمين .
وحرر المستعبدين  والمظلومين وسامح حتى القاتلين .
وعلمنا المسيح ان نحب اعدائنا ولا ننتقم ممن يسيئون الينا وان نصالح خصومنا .
الحياة عندنا ، نحن المسيحيّون  سواء عشنا او متنا ، هي المسيح وللمسيح وفي المسيح .
--------------------------------------------------------------------
راجع الموقع التالي(*)
عن المقابلة مع داليا العقيدي
http://www.lbcgroup.tv/news/168771/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D9%84%D9%80lbci-%D8%A7%D9%86%D8%A7-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%BA%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D9%86
راجع الفيديو التالي(**)  عن المقابلة مع ديما صادق
http://www.aleteia.org/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B5%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D9%83%D9%84%D9%86%D8%A7-%D9%86%D9%88%D9%86-5862950719979520

82
إعترافات خجولة
الجزء الثالث – "مأزق المجتمعات ألأسلامية "

نافع البرواري
حاول الكثيرون من المفكرين والفلاسفة والمتصوفين عبر التاريخ العربي والأسلامي ، أنَّ يضعوا القرآن تحت ألأنوار ليعرفوا حقيقة ما كتب فيه ، ولكنهم حوربوا بابشع الطرق ، ومنهم أبو الحسن أحمد الراوندي ومحمد بن هارون الوراق ،  والحسين بن منصور الحلاّج   و أبو الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي  وفيلسوف العقل والمنطق ،أبو الوليد محمد بن أحمد إبن رشد.
عبر التاريخ ألأسلامي نقرا ، في الغالب ،أنَّ إضطهاد الفكر الحر والأحرار المستنيرين (عقليا ) كان السمة السائدة في المجتمعات الأسلامية ، إتُّهموا هؤلاء بالزندقة والألحاد والكفر ، واليوم الواقع يشهد ، على هذه الحقيقة ، ونحن في القرن الواحد والعشرين .
يقول الراوندي " من ليس عنده الدواء للداء إلاّ القتل ، وهو فعل العدو الحنق الغضوب ، فما حاجته الى كتاب ورسول "راجع كتاب الزمرد للراوندي ص159" .
 ليس صدفة أن نرى الغرب ، الذي يستخدم العقل ، والمنطق للأبداع العلمي والفكري في جميع مرافق الحياة ، الكومبيوتر والتعليم  وألأختراعات والتكنولوجية ، يتطور وبطريقة لوغاريتمية ، بعد أن أسّس فكرهُ هذا على افكار وفلسفات  الكثيرين من الفلاسفة والعلماء اللاهوتيين الذين آمنوا بالعقل وعلم المنطق كحجة للأيمان . بالمقابل نلاحظ هزيمة العقل أمام التدَّين الظاهري البعيد عن العقل والمنطق  في ألأسلام . كثيرا من علماء وشيوخ المسلمين يقولون أنَّ الدين الأسلامي دين العقل والمنطق منطلقين من اقوال نسبت الى رسول المسلمين كقولهم "اطلبوا العلمَ ولو في الصين "، ولكنهم في نفس الوقت لا يقبلون فحص النصوص القرآنية واخضاعها للنقد الفكري والبحث العلمي  ، بحجة أنَّ القرآن كتاب منزل من فوق ومصدره اللوح المحفوض ، وكل كلمة من القران حرفيا صحيحة لانقاش فيها والقرآن فيه  ألأعجاز العلمي والأعجاز اللغوي...الخ .
كلِّ الكتب التي حاول "المُصلحون " والعقلانيون" والباحثون عن الحق " نقل آرائهم وأفكارهم عن العقيدة الأسلامية تم حرقها ، أو مصادرتها ، أو منعها  وتم إضطهاد أو حتى قتل أصحابها . فمنذ بدايات ألأسلام عندما حرق الخليفة عثمان بن عفان المصاحف الستة ، وأبقى على مصحف واحد  ، ومرورا بحرق كتب الحلاج ، الناقدة للنصوص القرانية  وكيف تمّ قتله بصورة بشعة ، ولا ننسى محاربة الأسلام والقضاء على افكار المعتزلة والزنادقة وكذلك حرق كتب إبن رُشد ،  الذي رفض حرفية ألأقوال و حرفية النص القراني  وأخذ بمجازية التفسير للقران ،   وصولا الى طه حسين ونجيب محفوظ وفرج فودا والسيد القمني وخليل عبدالكريم ومصطفى جحا  ونصر حامد ابو زيد  واحمد القبنجي واخيرا وليس آخرا  حامدعبدالصمد مؤلف كتاب "سقوط العالم ألأسلامي ".. هؤلاء ، وغيرهم عبر التاريخ ، حاولوا في زمانهم أو في العصرالحالي، نقد القرآن والشريعة  فكان الثمن قتل او تهديد أو نفيهم خارج أوطانهم .
لايمكن للأنسان أن يؤمن بشريعة مُنزَّلة من فوق ومفروضة عليه ليطبقها في حياته دون أن يكون لهذا ألأنسان إرادة وحرية لتقبل هذه الشريعة أو رفضها ، وإلاّ ستكون هذه الشريعة ، الغير القابلة للنقاش والتمحيص ، طعنة في حرية الأنسان ، وخاصة عندما يكتشف هذا ألأنسان أنَّ هذه الشريعة تخالف العقل والمنطق ولا تخضع لمتغيرات الكون . إنَّ حرية العقل محدود في العقيدة الأسلامية ، لأنَّ الشريعة جامدة مقيَّدة ومرتبطة بآيات قرآنية أو أحاديث قدسية  لايستطيع المسلم مسّها أو نقدها او مناقشة نصوصها وإلاّ أصبح ، بنضر فقهاء المسلمون ، كافرا ومشركا ومرتدا .
المؤمنون ، ألأصوليون ، من علماء الفقه الأسلامي ، حسموا ألأمر بإعتبار أنَّ ألأنسان مسيّر وليس مخير وانَّ القرآن منزل  ، من السماء ، وليس للأنسان الحق في نقده أو الأعتراض على النص . ويمثل ، أصحاب هذا الفكر الغالبية عبر التاريخ الأسلامي ، وهو التيار الذي تاثَّر بفكر ألأمام الغزالي الذي يقول : "من تمنطق فقد تزندق " ، أي من إستخدم العقل والمنطق في ألأسلام فهو زنديق ، وحكم الزنديق هو الموت بابشع الطرق . الغزالي في كتابه "تهافت الفلسفة " طعن بصورة عامة بجميع الفلاسفة  وكفَّر الفلاسفة المسلمين المتعاونين والمتاثرين بفلاسفة اليونان ، وحرّم دراسة الفلسفة والمنطق في الأسلام ، ولا زال هذا المنهج متبعا في الدول العربية والأسلامية بعد الغزالي بمئات السنين   . بينما الفلسفة وعلم المنطق يقولان أنّ ألأنسان مخيّر وليس مسير، وأن العقل والمنطق هما مقياس أيِّ عقيدة أو كتاب ، ويمثل هذا الفكر إبن رشد صاحب كتاب "تهافت التهافت" (المتاثر بفلسفة ارسطو)  ردا على كتاب ألغزالي "تهافت الفلسفة" ، ولكن قام علماء الفقه المسلمون بمحاربة  ابن رشد واحرقوا كتبه التي تستند على علم الفلسفة والمنطق  ، بل إعتبر، فقهاء المسلمون ، أنَّ الفلسفة كفرا والمنطق حرام شرعا .
يقول الكاتب محمد سيد رصاص : "وهكذا بهزيمة ابن رشد في كتابه "تهافت التهافت" أمام كتاب الغزالي "تهافت الفلاسفة" تعبيرا عن أفول وتدهور الحضارة ألأسلامية ، وعن انتقال مركز الثقل الحضاري الى الغرب ....هكذا بدأت   الحضارة  ألأسلامية تفقد قدرتها على ألأبداع العلمي والفكري ، مما أنبأ بدخولها مرحلة طويلة من الجمود الحضاري " .
لقد استمر الجدل الفكري عبر مئات السنين بين العقيدة والفقه ألأسلامي من ناحية  ، وبين الفلسفة (العقل) والمنطق من ناحية ثانية  والفكر السائد ، اليوم ، في الدول العربية والأسلامية ، هو فكر يعتقد أنَّ الحقيقة هي في قبضة المسلمين ، فالبراهين كلها معهم  في ملفات جاهزة ، في العلوم الحياتية وألأجتماعية والجغرافية والبايولوجية والطبية وعلوم الكون  والفيزياء والرياضيات ...الخ  ، فكل شيء موجود في نصوص ألآيات القرانية ، ولكن في نفس الوقت يتم تصنيف هذه البلدان ، من قبل ألأمم المتحدة ،  في القائمة الأخيرة للدول المتخلفة في جميع مرافق الحياة سواء العلمية اوالأجتماعية أوالثقافية  ...الخ ، وأيضا يستشري الجهل والفقر والأمراض في تلك الدول . إنَّ  الآيات القرانية و الاحاديث المتعارضة مع العلم و العقل والمنطق كثيرة ولا مجال لذكرها في هذا المقال واختلف  المفسرون  المسلمون  في تفسير نصوص كثيرة من هذه الآيات حد التناقض وهذا يخالف علم المنطق الذي لا يقبل التناقضات.
انَّ احتكار فقهاء المسلمين للعلم والأفتاء شلّ الأبداع الفكري لدى المسلمين وجعلهم دمى تحركهم مئات بل آلاف الفتاوى لهؤلاء الشيوخ المتاجرون بعقول المسلمين ، وخاصة في هذا العصر الذي سيطر فيه الفكر الديني المسيِّس  على عقول الناس   . هذا التحديد والتقييد  لحرية العقل للعمل والنقد والتفكُّر أدى الى تخلُّف العالم الأسلامي ، لأنَّ العلماء في هذه الدول إعتمدوا على النقل وحاربوا كل من يستخدم العقل والمنطق والفلسفة . وهكذا يحارب الأسلاميون كُلُّ من يخوض في مصادر وتاريخ القرآن ومضمونه ، ومراحل تشكليه الذي وصل الينا اليوم  .
ان الغاء الفكر وحرية الأنسان في اختيار عقيدته  هو الغاء لكرامة الأنسان ، والأسلام لايسمح للأنسان الذي ولد مسلما ان يتحرر من السجن الذي ولد فيه وسيبقى الناس هكذا ، يتربون منذ الطفولة ، من المهد الى اللحد  ، ليؤمنوا أنَّ هناك شيء صالح في ألأيمان الغيبي . وليس للأنسان من حول ولا قوة الا ألخضوع والخنوع والتسليم للأمر الواقع  لهذه القوانين والشرائع ، والأستسلام للقضاء والقدر ، والتي تعتبر من المرتكزات  الأيمانية المفروضة على المسلمين . يتسائل الكاتب مصطفى جحا ، الذي دفع حياته ثمنا بسبب نشر كتابه  "محنة العقل في ألأسلام" فيقول : " لنفرض ان القرآن هو كتاب مبين فلماذا تحجّرنا ؟ وان كان القرآن هو النازل من الله ومن اللوح المحفوظ ، فهذا" طامة كبرى " لأنَّه يلغي العقل .... المنتصر هو كتاب الله ، واذا انتصر كتاب الله انتصر النبي والله وتعفَّن العقل في زنزانته " . ويتسائل احدهم : "هل الدين وراثة أم قناعة ؟ هل يجوز أن أًجبر على التظاهر بأمر لا أؤمن به ؟ واذا كان ألأنسان مخيّرا أي حرا فهل يحق لي أن اختار ترك الأسلام ؟ ".
انّ غياب العقل والمنطق والفلسفة وتجريم وهدر دماء كُلِّ من يحاول الخروج من دائرة الفكر الأسلامي  ونقده لهذه العقيدة ، أيِّ كانت هذه العقيدة ، أدّى ويؤدى الى التعصُّب وألأرهاب والغاء الآخر . وواقعنا اليوم يشهد على ذلك ، حيث الحروب الطائفية والمذهبية هي السائدة اليوم في هذه البلدان . 
يقول المفكر العربي محمد أركون في مقابلة على القناة العربية الفضائية  ، اجابة لسؤال لماذا تخلَّفت الدول العربية عن الدول الغربية ؟ فيجيب : " لأنَّ ممارسة العقل إنحسر في الدول العربية بينما ازدهر آفاق الفكر الأوربي  في الدول ألأوربية "
ويضيف قائلا  : "يجب ان تدرِّس الفلسفة ونقرأ النص القرآني والخطاب القرآني ، ونقارنها  مع جميع الفلسفات ...ولهذا نحتاج الى المنهاج التفكيكي للعقل  ودراسة الفلسفة والفكر ألأسلامي عبر التاريخ  ....شرط دخول العرب الى الحداثة هو النقد للعقل ألأسلامي ولايمكن قراءة النصوص دون ألأعتماد على هذا المنهج...الأصولية عملية فكرية وتصبح أيدولوجية اذا لم تخضع للمراقبة من البحث العلمي  ".
 وفي كتابه "نافذه على الأسلام " ص 20 يقول:
"إنَّ الوحي لم يُدرس في أيِّ مكان ، حتى أيّامنا هذه ، في تجليّاته الثلاثة اللغوية ألأولية – في
العبرية والآرامية والعربية – وفي الشروط التاريخية وألأنتربولوجية (الأنسانية ) لهذه الظهورات الثلاثة . وها هنا تقصير من التاريخ المقارن للديانات والعلوم  ألأجتماعية وعلوم ألأنسان "
وعن الثورات العربية يقول الكاتب(ص 28):
"إنَّ الثورات العربية ألأسلامية لم تعد نفسها (كما الثورة الفرنسية ) بحركة قوية من النقد الفلسفي والعلمي ، للتقاليد الدينية وللممارسة السياسية في الأنظمة الملكية ، وللثقافة الموروثة ولمشكلة المعرفة على العموم" .
 ويقول الكاتب حامد عبدالصمد في كتابه "سقوط العالم ألأسلامي " :" إستحالة الأصلاح في ألأسلام مادام انتقاد القرآن ومفاهيمه ومبادئه وتعاليمه أمرا محرّما يحول دون أي تحرك . فايِّ إصلاح ينتظر من شعوب تقدّس نصوصا جامدة عقيمة لا فائدة منها ، ويعقّم كل تفكير ، ويقيّد كل مبادرة . ، وبالتالي يعتبرونها صالحة لكل زمان ومكان .وبالرغم من كل ذلك ، نرى شيوخ ألأسلام يردِّدون بكل غرور وتبجّح بأنَّ المسلمين هم أفضل أمة أخرجها الله وان غيرهم رعاع لايستحقون حتى الحياة . ما هذه الشيزوفرينيا التي بليت بها هذه ألأمة ؟" .
ألأسلام باختصار هو تسليم العقل لرجل الدين الذي يفتي ويفكر نيابة عن المسلم العادي . والفقهاء المسلمون يؤمنون بالتنزيل ، اي نزول القران من السماء  من اللوح المحفوظ ، والذي ليس للأنسان دور في المشاركة في الوحي ألألهي . فالأجيال في هذه الدول تُلقّن القرآن وتحفظه ولا تُعلَّم كيف يفكر الأنسان في مظمون هذا الكتاب الذي تخالف ، الكثير من نصوصه ، العقل والمنطق  . ألأيمان في الأسلام ، ومنذ البداية ، كان يُفرض على الناس بالترهيب والترغيب والخنوع والخضوع والأنقياد والتعبُّد لله دون استغلال ملكات الأنسان العقلية  والأرادة الحرة.
المشكلة الرئيسية فى هذا الفكر، كما تقول كاتبة عربية  ، "هو اعتقاد من يعتنق الأسلام  انه يملك الحقيقة المطلقة ، و هو بهذا يرفض الاخر ولا يعترف به. و هو أيضا يغلب النقل على العقل و ينتصر للنصوص المقدسة حتى و لو تعارضت مع العقل و المنطق و الحجة ، اذ كيف يتقبل ألأنسان الذي يملك ملكات العقل وحرية الأرادة والوعي بما يجري حوله من التغييرات والأكتشافات الهائلة ، وأن يقبل بعقيدة او فكر او ايدولوجية لأتسمح له أن يناقشها وينتقدها بل يطوّرها نحو الأفضل؟". اليوم ينتشر فكر اللامنطق واللاعلمي في المجتمعات العربية والأسلامية .
إنَّ الأيمان بدون العقل كالطير الذي يريد ان يحلق في الفضاء بجناح واحد .
يقول البابا بيندكس السادس عشر :" ألأيمان والعقل يكمِّل واحدهم الآخر، لأنّ ألأيمان يحمي العقل من تجربة عدم الثقة بمقدراته ، ويحضُّه على ألأنفتاح على أفق أوسع ، ويحيي فيه البحث عن ألأسس ، وعندما ينكب العقل على التفكير في الجو الفائق الطبيعة وفي العلاقة بين الله والأنسان يغني عمله . فبنور العقل تتجلى الحقيقة ، وعندها فقط يتحررألأنسان ، وإلا فقد ألأنسان انسانيته ".

اليوم ليس أمام المسلمين سوى خيارين لا ثالث لهم . الخيارألأول : قبول مراجعة ونقد النصوص القرآنية والأحاديث والتفاسير على ضوء العقل والمنطق والفكر الحر،  وكذلك مراجعة التاريخ ألأسلامي المليء بالمتناقضات والأخطاء التي تم ارتكابها بحق المتنورين العقلانيين وتصحيح جميع المفاهيم الخاطئة المتكدسة عبر مئات السنين والأعتراف والأعتذار لما ارتكب من الجرائم من قبل الحكام والمستبدين من رجال الدين  بحق البشرية ، والأهم هو فصل الدين عن الدولة ، كما فعلت الكنيسة في الغرب المسيحي منذ مئات السنين  .

أما الخيار الثاني فهو: الأستمرار في العقلية السائدة اليوم والتي لاتحترم الفكر الحر وتحاول فرض ألأمر الواقع بقوة الترهيب والترغيب ، وتحريم وتحليل كل شيء حسب أهواء وفتاوى تصدر من قبل شيوخ الظلام  ليبقى ألأنسان المسلم خاضع لسطوة رجل الدين الذي يعتبر نفسه يحمل مفتاح الجنة في ألآخرة والمنقذ والمخلّص للشعوب ألأسلامية البائسة  . كذلك  قبول الأنسان المسلم ، الخضوع والخنوع لسلطة الحاكم (الخليفة ) المستبد . وهذا هو ما كان عبر التاريخ ألأسلامي  القائم نتيجة الترابط بين الدكتاتور( الخليفة) ورجل الدين  ، وكل واحد يستمد قوته من الآخر ، ليبقى الشعب مسحوقا ومستعبدا ، بين رجل الدين الذي كان ولا يزال  يتاجر بالدين بمآزرة الخليفة ، وكل واحد يساعد ألآخر للبقاء والشعوب عاشت وستعيش بين هذين الخيارين ولن تستطيع الخروج من ظلم واسبتداد الحاكم ورجل الدين . وهذا الخيار سيسطدم بالحضارات الحديثة والمتقدمة في جميع مجالات الحياة وخاصة  مجال "الحرية " ، سواء اختيار حرية  العقيدة  ، وحرية الرأي  ، والحرية الشخصية  ، وحرية الفكر ، وعندها ستتخلف الحضارة العربية والأسلامية وتكون  عصى تعرقل تقدم دولاب الحضارات ألأنسانية وتكون حجر عثرة لتقدم الأنسانية ورقيها لأ بل تكون عالة على ألأنسانية ، وقد تشكل هذه الحضارة خطورة على البشرية كما يحدث ألان حيث ألأرهاب ألأسلامي ينتشر كالنار في الهشيم في البلدان ألأسلامية نتيجة الأصرار على ثقافة الحلال والحرام والترهيب والترغيب وتكفير ألآخر والتهديد بنشر هذه الثقافة في العالم كُلّه  .

83
بعض المقترحات التي يمكن ان نقدمها للباطريركية الكلدانية  .

نافع البرواري‏

الأصالة – الوحدة- التجديد ، هذا الثالوث هو شعار غبطة الباطريرك  لويس ساكو.
في الحقيقة يجب ان يكون هذا الشعار  دستور لنا واطارا عاما وخطوط عريضة لخطة عمل تحتاج  الى جهود كُلِّ الخيرين من أعضاء الكنيسة ، سواء كانوا داخل ألأكليروس او من خارج ألأكليروس من العلمانيين المؤمنين .
واحب أن اضيف بعض المقترحات التي تساعد على تحقيق هذا الطموح .
1 – تأسيس لجان من الأكليريوس والعلمانيين المؤمنين  لمتابعة هذه الخطة .
2-  وضع برنامج عمل لتحقيق هذه الشعارات يتم تنفيذها عبر التعاون مع مكونات شعبنا المسيحي (الكلداني ألاشوري السرياني) .
3- وضع خطة مبرمجة لتحقيق وحدة الكنيسة المشرقية بالتعاون مع جميع الكنائس المشرقية وتكون القرارات شفافة ليتطلع عليها جميع المؤمنين .
4- تاسيس منظمة إعلامية  تعبر عن جميع اطياف شعبنا المسيحي المؤمن يكون دورها وعي شعبنا المسيحي ايمانيا وثقافيا وايصال صوتهم الى العالم ،
و فتح مكتبات في كل كنيسة لبيع او استعارة الكتب الروحية لتنوير الشباب وتثقيفهم  روحيا ، ونقترح بان تكون لنا قناة فضائية تعبر عن ايماننا ومعانات مسيحيي المشرق .

5- تاسيس معاهد لاهوتية وفلسفية في مناطق تواجد شعبنا المسيحي بكافة أطيافه ، وكذلك بناء مدارس للتعليم المسيحي وتعليم لغة الأم لجميع المراحل  الدراسية  .
6- تشكيل لجنة خاصة تهتم بشؤون المهاجرين والمغتربين في العالم ، للأبقاء على التواصل والمحافظة على الجذور التاريخية لشعبنا ألأصيل .
7-  وضع برنامج اصلاحي لكافة مؤسسات الكنيسة ، الراعوية  و المالية  والثقافية  والحاجة الى توحيد الطقوس الليتورجيا لتكون موحدة في كُلِّ الكنائس سواء في الداخل أو في المهجر
8- وضع برنامج عمل لتطبيق مقررات المجمع الفاتيكاني الثاني والأرشاد الرسولي .
9- اعطاء دور كبير للجان الخورنة في كافة الكنائس لتكون الكنيسة مؤسسة على تعاليم المسيح في كون كل مؤمن هو عضو فعال في جسد المسيح ، وتطبيق مقررات مجمع الفاتيكاني الثاني
بخصوص العلمانيين المؤمنين .
10- وضع خطة مبرمجة للعودة الى اصالة تاريخ الكنيسة المشرقية وما تحمله من الكنوز ألأيمانية واللاهوتية  ليكون ذخرا لأنطلاق الكنيسة المشرقية في المستقبل ، وألأهتمام بالتراث الديني لهذه الكنيسة العريقة ، بفتح معهد خاص لتعليم الموسيقى والألحان والتراتيل  الكنسية التراثية ، لأحياء والحفاظ على هذا  التراث العظيم من الضياع والنسيان ، ويكون منطلقا للتجديد والتطوير للألحان والموسيقى والتراتيل الكنسية ، اسوة بكنائس شرقية كثيرة سبقتنا في هذا المظمار.

11- ايصال أنين شعبنا المسيحي الى جميع كنائس العالم وخاصة  رأس الكنيسة الرسولية في الفاتيكان ، واعطاء الصورة الحقيقية لمعاناة شعبنا المسيحي بجميع طوائفه ومكوناته ، وتحميل ألأمم المتحدة مسؤولية ما يجري
من خطط مبرمجة للقضاء على هويّة هذا الشعب الأصيل ، ومحاولات طمس حضارته .
12- الحاجة الى تنظيم لقاءات دورية بين مختلف اطياف شعبنا المسيحي للحوار والوصول الى قاسم مشترك بين الجميع ويفضّل اقامة مؤتمرات سنوية تظم كل النخب لجميع كنائسنا المشرقية
وتكون الدعوة لجميع من ترشِّحهم كنائسهم سواء كانوا من الأكليروس او المؤمنين .

84

 
إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية

اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 61/295، المؤرخ في 13 أيلول/سبتمبر 2007


إن الجمعية العامة،
إذ تسترشد بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وانطلاقا من حسن النية في الوفاء بالالتزامات التي تقع على عاتق الدول وفقا لأحكام الميثاق،
وإذ تؤكد مساواة الشعوب الأصلية مع جميع الشعوب الأخرى، وإذ تسلم في الوقت نفسه بحق جميع الشعوب في أن تكون مختلفة وفي أن تعتبر نفسها مختلفة وفي أن تحترم بصفتها هذه،
وإذ تؤكد أيضا أن جميع الشعوب تساهم في تنوع وثراء الحضارات والثقافات التي تشكل تراث الإنسانية المشترك،
وإذ تؤكد كذلك أن جميع المذاهب والسياسات والممارسات التي تستند أو تدعو إلى تفوق شعوب أو أفراد على أساس الأصل القومي أو الاختلاف العنصري أو الديني أو العرقي أو الثقافي مذاهب وسياسات وممارسات عنصرية وزائفة علميا وباطلة قانونا ومدانة أخلاقيا وظالمة اجتماعيا،
وإذ تؤكد من جديد أنه ينبغي للشعوب الأصلية، في ممارستها لحقوقها، أن تتحرر من التمييز أيا كان نوعه،
وإذ يساورها القلق لما عانته الشعوب الأصلية من أشكال ظلم تاريخية، نجمت عن أمور عدة منها استعمارها وسلب حيازتها لأراضيها وأقاليمها ومواردها، وبالتالي منعها بصفة خاصة من ممارسة حقها في التنمية وفقا لاحتياجاتها ومصالحها الخاصة،
وإذ تدرك الحاجة الملحة إلى احترام وتعزيز الحقوق الطبيعية للشعوب الأصلية المستمدة من هياكلها السياسيـة والاقتصادية والاجتماعيـة ومن ثقافاتها وتقاليدها الروحية وتاريخها وفلسفاتها، ولا سيما حقوقها في أراضيها وأقاليمها ومواردها،
وإذ تدرك أيضا الحاجة الملحة إلى احترام وتعزيز حقوق الشعوب الأصلية المكرسة في المعاهدات والاتفاقات وغيرها من الترتيبات البناءة المبرمة مع الدول،
وإذ ترحب بتنظيم الشعوب الأصلية أنفسها من أجل تحسين أوضاعها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن أجل وضع حد لجميع أشكال التمييز والقمع حيثما وجدت،
واقتناعا منها بأن سيطرة الشعوب الأصلية على التطورات التي تمسها وتمس أراضيها وأقاليمها ومواردها ستمكنها من الحفاظ على مؤسساتها وثقافاتها وتقاليدها وتعزيزها، ومن تعزيز تنميتها وفقا لتطلعاتها واحتياجاتها،
وإذ تدرك أن احترام معارف الشعوب الأصلية وثقافاتها وممارساتها التقليدية يساهم في تحقيق تنمية مستدامة ومنصفة للبيئة وفي حسن إدارتها،
وإذ تؤكد أن تجريد أراضي وأقاليم الشعوب الأصلية من السلاح يسهم في إحلال السلام وتحقيق التقدم والتنمية على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والتفاهم وإقامة علاقات ودية بين أمم العالم وشعوبه،
وإذ تدرك بوجه خاص أن لأسر ومجتمعات الشعوب الأصلية الحق في الاحتفاظ بالمسؤولية المشتركة عن تربية أطفالها وتدريبهم وتعليمهم ورفاههم، بما يتفق وحقوق الطفل،
وإذ ترى أن الحقوق المكرسة في المعاهدات والاتفاقات والترتيبات البناءة الأخرى المبرمة بين الدول والشعوب الأصلية أمور تثير، في بعض الحالات، شواغل واهتمامات دولية وتنشئ مسؤوليات دولية وتتخذ طابعا دوليا،
وإذ ترى أيضا أن المعاهدات والاتفاقات والترتيبات البناءة الأخرى، والعلاقة التي تمثلها، هي الأساس الذي تقوم عليه شراكة قوية بين الشعوب الأصلية والدول،
وإذ تعترف بأن ميثاق الأمم المتحدة والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وكذلك إعلان وبرنامج عمل فيينا تؤكد الأهمية الأساسية لحق جميع الشعوب في تقرير المصير، الذي بمقتضاه تقرر الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،
وإذ تضع في اعتبارها أنه ليس في هذا الإعلان ما يجوز الاحتجاج به لحرمان أي شعب من الشعوب من ممارسة حقه في تقرير المصير وفقا للقانون الدولي،
واقتناعا منها بأن الاعتراف بحقوق الشعوب الأصلية في هذا الإعلان سيعزز علاقات التوافق والتعاون بين الدولة والشعوب الأصلية، استنادا إلى مبادئ العدل والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وعدم التمييز وحسن النية،
وإذ تشجع الدول على أن تتقيد بجميع التزاماتها بموجب الصكوك الدولية وتنفذها بفعالية، وبخاصة الصكوك المتعلقة بحقوق الإنسان حسبما تنطبق على الشعوب الأصلية، وذلك بالتشاور والتعاون مع الشعوب المعنية،
وإذ تؤكد أن للأمم المتحدة دورا هاما ومستمرا تؤديه في تعزيز وحماية حقوق الشعوب الأصلية،
وإذ تعتقد أن هذا الإعلان خطوة مهمة أخرى نحو الاعتراف بحقوق وحريات الشعوب الأصلية وتعزيزها وحمايتها ونحو استحداث أنشطة ذات صلة لتضطلع بها منظومة الأمم المتحدة في هذا الميدان،
وإذ تقر بأن لأفراد الشعوب الأصلية أن يتمتعوا دونما تمييز بجميع حقوق الإنسان المعترف بها في القانون الدولي وبأن للشعوب الأصلية حقوقا جماعية لا غنى عنها لوجودها ورفاهيتها وتنميتها المتكاملة كشعوب، وإذ تؤكد ذلك من جديد،
وإذ تقر بأن حالة الشعوب الأصلية تختلف من منطقة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر وأنه ينبغي مراعاة ما للخصائص الوطنية والإقليمية ومختلف المعلومات الأساسية التاريخية والثقافية من أهمية،
تعلن رسميا إعلان الأمم المتحدة التالي بشأن حقوق الشعوب الأصلية، بوصفه معيار إنجاز لا بد من السعي إلى تحقيقه بروح من الشراكة والاحترام المتبادل:
المادة 1
للشعوب الأصلية الحق في التمتع الكامل، جماعات أو أفرادا، بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
المادة 2
الشعوب الأصلية وأفرادها أحرار ومتساوون مع سائر الشعوب والأفراد، ولهم الحق في أن يتحرروا من أي نوع من أنواع التمييز في ممارسة حقوقهم، ولا سيما التمييز استنادا إلى منشئهم الأصلي أو هويتهم الأصلية.
المادة 3
للشعوب الأصلية الحق في تقرير المصير. وبمقتضى هذا الحق تقرر هذه الشعوب بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية لتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
المادة 4
للشعوب الأصلية، في ممارسة حقها في تقرير المصير، الحق في الاستقلال الذاتي أو الحكم الذاتي في المسائل المتصلة بشؤونها الداخلية والمحلية، وكذلك في سبل ووسائل تمويل مهام الحكم الذاتي التي تضطلع بها.
المادة 5
للشعوب الأصلية الحق في الحفاظ على مؤسساتها السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتميزة وتعزيزها، مع احتفاظها بحقها في المشاركة الكاملة، إذا اختارت ذلك، في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة.
المادة 6
لكل فرد من أفراد الشعوب الأصلية الحق في جنسية.
المادة 7
1- لأفراد الشعوب الأصلية الحق في الحياة والسلامة البدنية والعقلية والحرية والأمان الشخصي.
2- للشعوب الأصلية الحق الجماعي في أن تعيش في حرية وسلام وأمن بوصفها شعوبا متميزة وألا تتعرض لأي عمل من أعمال الإبادة الجماعية أو أي عمل آخر من أعمال العنف، بما فيها النقل القسري لأطفال المجموعة إلى مجموعة أخرى.
المادة 8
1- للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في عدم التعرض للدمج القسري أو لتدمير ثقافتهم.
2- على الدول أن تضع آليات فعالة لمنع ما يلي والانتصاف منه:
(أ) أي عمل يهدف أو يؤدي إلى حرمان الشعوب الأصلية من سلامتها بوصفها شعوبا متميزة أو من قيمها الثقافية أو هوياتها الإثنية؛
(ب) أي عمل يهدف أو يؤدي إلى نزع ملكية أراضيها أو أقاليمها أو مواردها؛
(ج) أي شكل من أشكال نقل السكان القسري يهدف أو يؤدي إلى انتهاك أو تقويض أي حق من حقوقهم؛
(د) أي شكل من أشكال الاستيعاب أو الإدماج القسري؛
(هـ) أي دعاية موجهة ضدها تهدف إلى تشجيع التمييز العرقي أو الإثني أو التحريض عليه.
المادة 9
للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في الانتماء إلى مجتمع أصلي أو إلى أمة أصلية وفقا لتقاليد وعادات المجتمع المعني أو الأمة المعنية. ولا يجوز أن يترتب على ممارسة هذا الحق تمييز من أي نوع.
المادة 10
لا يجوز ترحيل الشعوب الأصلية قسرا من أراضيها أو أقاليمها. ولا يجوز أن يحدث النقل إلى مكان جديد دون إعراب الشعوب الأصلية المعنية عن موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة وبعد الاتفاق على تعويض منصف وعادل، والاتفاق، حيثما أمكن، على خيار العودة.
المادة 11
1- للشعوب الأصلية الحق في ممارسة تقاليدها وعاداتها الثقافية وإحيائها. ويشمل ذلك الحق في الحفاظ على مظاهر ثقافاتها في الماضي والحاضر والمستقبل وحمايتها وتطويرها، كالأماكن الأثرية والتاريخية والمصنوعات والرسومات والاحتفالات والتكنولوجيات والفنون المرئية وفنون العرض المسرحي والآداب.
2- على الدول أن توفر سبل انتصاف من خلال آليات فعالة، يمكن أن تشمل رد الحقوق، وتوضع بالاتفاق مع الشعوب الأصلية، فيما يتصل بممتلكاتها الثقافية والفكرية والدينية والروحية التي أخذت دون موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة أو انتهاكا لقوانينها وتقاليدها وعاداتها.
المادة 12
1- للشعوب الأصلية الحق في ممارسة وتنمية وتعليم تقاليدها وعاداتها وطقوسها الروحية والدينية والمجاهرة بها؛ والحق في الحفاظ على أماكنها الدينية والثقافية وحمايتها والاختلاء فيها؛ والحق في استخدام أشيائها الخاصة بالطقوس والتحكم فيها؛ والحق في إعادة رفات موتاها إلى أوطانهم.
2- على الدول أن تسعى إلى إتاحة الوصول إلى ما في حوزتها من الأشياء الخاصة بالطقوس ورفات الموتى و/أو استعادتها من خلال آليات منصفة وشفافة وفعالة توضع بالاتفاق مع الشعوب الأصلية المعنية.
المادة 13
1- للشعــوب الأصلية الحق في إحياء واستخدام وتطوير تاريخها ولغاتها وتقاليدها الشفوية وفلسفاتها ونظمها الكتابية وآدابها ونقلها إلى أجيالها المقبلة، وفي تسمية المجتمعات المحلية والأماكن والأشخاص بأسمائها الخاصة والاحتفاظ بها.
2- على الدول أن تتخذ تدابير فعالة لضمان حماية هذا الحق وكذلك لضمان إمكانية فهم الشعوب الأصلية للإجراءات السياسية والقانونية والإدارية، وضمان تفهم وضعهم في تلك الإجراءات، حتى لو استلزم ذلك توفير الترجمة الشفوية أو وسائل أخرى ملائمة.
المادة 14
1- للشعوب الأصلية الحق في إقامة نظمها ومؤسساتها التعليمية والسيطرة عليها وتوفير التعليم بلغاتها، بما يتلاءم مع أساليبها الثقافية للتعليم والتعلم.
2- لأفراد الشعوب الأصلية، ولا سيما الأطفال، الحق في الحصول من الدولة على التعليم بجميع مستوياته وأشكاله دونما تمييز.
3- على الدول أن تتخذ، بالاتفاق مع الشعوب الأصلية، تدابير فعالة لتمكين أفراد الشعوب الأصلية، ولا سيما الأطفال، بمن فيهم الذين يعيشون خارج مجتمعاتهم المحلية، من الحصول، إن أمكن، على تعليم بثقافتهم ولغتهم.
المادة 15
1- للشعوب الأصلية الحق في أن يعبر التعليم والإعلام تعبيرا صحيحا عن جلال وتنوع ثقافاتها وتقاليدها وتاريخها وتطلعاتها.
2- على الدول أن تتخذ تدابير فعالة، بالتشاور والتعاون مع الشعوب الأصلية المعنية، لمكافحة التحامل والقضاء على التمييز ولتعزيز التسامح والتفاهم والعلاقات الطيبة بين الشعوب الأصلية وسائر شرائح المجتمع.
المادة 16
1- للشعوب الأصلية الحق في إنشاء وسائل الإعلام الخاصة بها بلغاتها وفي الوصول إلى جميع أشكال وسائل الإعلام غير الخاصة بالشعوب الأصلية دونما تمييز.
2- على الدول أن تتخذ تدابير فعالة لضمان أن تجسد وسائل الإعلام المملوكة للدولة على النحو الواجب التنوع الثقافي للشعوب الأصلية. وينبغي للدول أن تشجع وسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة على أن تجسد بشكل واف التنوع الثقافي للشعوب الأصلية، دون الإخلال بضمان حرية التعبير الكاملة.
المادة 17
1- للشعوب الأصلية وأفرادها الحق في التمتع الكامل بجميع الحقوق المكفولة بموجب قانون العمل الدولي وقانون العمل المحلي الساريين.
2- على الدول أن تتخذ، بالتشاور والتعاون مع الشعوب الأصلية، تدابير محددة لحماية أطفال الشعوب الأصلية من الاستغلال الاقتصادي ومن القيام بأي عمل يحتمل أن يكون خطرا عليهم أو متعارضا مع تعليمهم، أو أن يكون ضارا بصحتهم أو نموهم الجسدي أو الذهني أو الروحي أو الأخلاقي أو الاجتماعي، مع مراعاة نقاط ضعفهم الخاصة وأهمية التعليم من أجل تمكينهم.
3- لأفراد الشعوب الأصلية الحق في عدم التعرض لأية شروط تمييزية في العمالة، وبخاصة في مجالي التوظيف أو الأجور.
المادة 18
للشعوب الأصلية الحق في المشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالمسائل التي تمس حقوقها من خلال ممثلين تختارهم هي بنفسها ووفقا لإجراءاتها الخاصة، وكذلك الحق في حفظ وتطوير مؤسساتها الأصلية الخاصة بها التي تقوم باتخاذ القرارات.
المادة 19
على الدول أن تتشاور وتتعاون بحسن نية مع الشعوب الأصلية المعنية من خلال المؤسسات التي تمثلها للحصول على موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة قبل اتخاذ وتنفيذ أي تدابير تشريعية أو إدارية يمكن أن تمسها.
المادة 20
1- للشعوب الأصلية الحق في أن تحتفظ بنظمها أو مؤسساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطورها، وأن يتوفر لها الأمن في تمتعها بأسباب رزقها وتنميتها، وأن تمارس بحرية جميع أنشطتها التقليدية وغيرهــا من الأنشطة الاقتصادية.
2- للشعوب الأصلية المحرومة من أسباب الرزق والتنمية الحق في الحصول على جبر عادل ومنصف.
المادة 21
1- للشعوب الأصلية الحق، دونما تمييز، في تحسين أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في مجالات التعليم والعمالة والتدريب المهني وإعادة التدريب والإسكان والصرف الصحي والصحة والضمان الاجتماعي.
2- على الدول أن تتخذ تدابير فعالة، وعند الاقتضاء، تدابير خاصة لضمان التحسين المستمر لأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. ويولى اهتمام خاص للحقوق والاحتياجات الخاصة للمسنين والنساء والشباب والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة من الشعوب الأصلية.
المادة 22
1- يولى في تنفيذ هذا الإعلان اهتمام خاص للحقوق والاحتياجات الخاصة للمسنين والنساء والشباب والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة من الشعوب الأصلية.
2- على الدول أن تتخذ، جنبا إلى جنب مع الشعوب الأصلية، تدابير لكفالة تمتع نساء وأطفال الشعوب الأصلية بالحماية والضمانات الكاملة من جميع أشكال العنف والتمييز.
المادة 23
للشعوب الأصلية الحق في تحديد وتطوير أولويات واستراتيجيات من أجل ممارسة حقها في التنمية. وللشعوب الأصلية الحق بصفة خاصة في أن تشارك مشاركة نشطة في تطوير وتحديد برامج الصحة والإسكان وغيرها من البرامج الاقتصادية والاجتماعية التي تمسها، وأن تضطلع، قدر المستطاع، بإدارة تلك البرامج من خلال مؤسساتها الخاصة.
المادة 24
1- للشعوب الأصلية الحق في طبها التقليدي وفي الحفاظ على ممارساتها الصحية، بما في ذلك حفظ النباتات الطبية والحيوانات والمعادن الحيوية الخاصة بها. ولأفراد الشعوب الأصلية أيضا الحق في الحصول، دون أي تمييز، على جميع الخدمات الاجتماعية والصحية.
2- لأفراد الشعوب الأصلية حق متكافئ في التمتع بأعلى مستوى يمكن بلوغه من معايير الصحة الجسدية والعقلية. وعلى الدول أن تتخذ الخطوات اللازمة بغية التوصل تدريجيا إلى إعمال هذا الحق إعمالا كاملا.
المادة 25
للشعوب الأصلية الحق في حفظ وتعزيز علاقتها الروحية المتميزة بما لها من الأراضي والأقاليم والمياه والبحار الساحلية وغيرها من الموارد التي كانت بصفة تقليدية تمتلكها أو كانت بخلاف ذلك تشغلها وتستخدمها، ولها الحق في الاضطلاع بمسؤولياتها في هذا الصدد تجاه الأجيال المقبلة.
المادة 26
1- للشعوب الأصلية الحق في الأراضي والأقاليم والموارد التي امتلكتها أو شغلتها بصفة تقليدية، أو التي استخدمتها أو اكتسبتها بخلاف ذلك.
2- للشعوب الأصلية الحق في امتلاك الأراضي والأقاليم والموارد التي تحوزها بحكم الملكية التقليدية أو غيرها من أشكال الشغل أو الاستخدام التقليدية، والحق في استخدامها وتنميتها والسيطرة عليها، هي والأراضي والأقاليم والموارد التي اكتسبتها بخلاف ذلك.
3- تمنح الدول اعترافا وحماية قانونيين لهذه الأراضي والأقاليم والموارد. ويتم هذا الاعتراف مع المراعاة الواجبة لعادات الشعوب الأصلية المعنية وتقاليدها ونظمها الخاصة بحيازة الأراضي.
المادة 27
تقوم الدول، جنبا إلى جنب مع الشعوب الأصلية المعنية، بوضع وتنفيذ عملية عادلة ومستقلة ومحايدة ومفتوحة وشفافة تمنح الشعوب الأصلية الاعتراف الواجب بقوانينها وتقاليدها وعاداتها ونظمها الخاصة بحيازة الأراضي، وذلك اعترافا وإقرارا بحقوق الشعوب الأصلية المتعلقة بأراضيها وأقاليمها ومواردها، بما في ذلك الأراضي والأقاليم والموارد التي كانت تمتلكها بصفة تقليدية أو كانت تشغلها أو تستخدمها بخلاف ذلك. وللشعوب الأصلية الحق في أن تشارك في هذه العملية.
المادة 28
1- للشعوب الأصلية الحق في الجبر بطرق يمكن أن تشمل الرد أو، إذا تعذر ذلك، التعويض العادل والمنصف والمقسط، فيما يخص الأراضي والأقاليم والموارد التي كانت تمتلكها بصفة تقليدية أو كانت بخلاف ذلك تشغلها أو تستخدمها، والتي صودرت أو أخذت أو احتلت أو استخدمت أو أضيرت دون موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة.
2- يقدم التعويض في صورة أراض وأقاليم وموارد مكافئة من حيث النوعية والحجم والمركز القانوني أو في صورة تعويض نقدي أو أي جبر آخر مناسب، ما لم توافق الشعوب المعنية موافقة حرة على غير ذلك.
المادة 29
1- للشعوب الأصلية الحق في حفظ وحماية البيئة والقدرة الإنتاجية لأراضيها أو أقاليمها ومواردها. وعلى الدول أن تضع وتنفذ برامج لمساعدة الشعوب الأصلية في تدابير الحفظ والحماية هذه، دونما تمييز.
2- على الدول أن تتخذ تدابير فعالة لضمان عدم تخزين مواد خطرة أو التخلص منها في أراضي الشعوب الأصلية أو أقاليمها، دون موافقتها الحرة والمسبقة والمستنيرة.
3- على الدول أيضا أن تتخذ تدابير فعالة لكي تكفل، عند الضرورة، حسن تنفيذ البرامج المتعلقة برصد صحة الشعوب الأصلية وحفظها ومعالجتها، حسبما تعدها وتنفذها الشعوب المتضررة من هذه المواد.
المادة 30
1- لا يجوز القيام بأنشطة عسكرية في أراضي الشعوب الأصلية أو أقاليمها، ما لم تبررها مصلحة عامة وجيهة، أو ما لم تقر ذلك أو تطلبه بحرية الشعوب الأصلية المعنية.
2- تجري الدول مشاورات فعلية مع الشعوب الأصلية المعنية، من خلال إجراءات ملائمة، ولا سيما من خلال المؤسسات الممثلة لها، قبل استخدام أراضيها أو أقاليمها في أنشطة عسكرية.
المادة 31
1- للشعوب الأصلية الحق في الحفاظ والسيطرة على تراثها الثقافي ومعارفها التقليدية وتعبيراتها الثقافية التقليدية وحمايتها وتطويرها، وكذلك الأمر بالنسبة لمظاهر علومها وتكنولوجياتها وثقافاتها، بما في ذلك الموارد البشرية والجينية والبذور والأدوية ومعرفة خصائص الحيوانات والنباتات والتقاليد الشفوية والآداب والرسوم والرياضة بأنواعها والألعاب التقليدية والفنون البصرية والفنون الاستعراضية. ولها الحق أيضا في الحفاظ والسيطرة على ملكيتها الفكرية لهذا التراث الثقافي والمعارف التقليدية والتعبيرات الثقافية التقليدية وحمايتها وتطويرها.
2- على الدول أن تتخذ، جنبا إلى جنب مع الشعوب الأصلية، تدابير فعالة للاعتراف بهذه الحقوق وحماية ممارستها.
المادة 32
1- للشعوب الأصلية الحق في تحديد وترتيب الأولويات والاستراتيجيات المتعلقة بتنمية أو استخدام أراضيها أو أقاليمها ومواردها الأخرى.
2- على الدول أن تتشاور وتتعاون بحسن نية مع الشعوب الأصلية المعنية من خلال المؤسسات التي تمثلها للحصول على موافقتها الحرة والمستنيرة قبل إقرار أي مشروع يؤثر في أراضيها أو أقاليمها ومواردها الأخرى، ولا سيما فيما يتعلق بتنمية أو استخدام أو استغلال الموارد المعدنية أو المائية أو الموارد الأخرى.
3- على الدول أن تضع آليات فعالة لتوفير جبر عادل ومنصف عن أية أنشطة كهذه، وأن تتخذ تدابير مناسبة لتخفيف الآثار البيئية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو الروحية الضارة.
المادة 33
1- للشعوب الأصلية الحق في تحديد هويتها أو انتمائها وفقا لعاداتها وتقاليدها. وهذا أمر لا ينتقص من حق أفراد الشعوب الأصلية في الحصول على جنسية الدول التي يعيشون فيها.
2- للشعوب الأصلية الحق في تقرير هياكلها واختيار أعضاء مؤسساتها وفقا لإجراءاتها الخاصة.
المادة 34
للشعوب الأصلية الحق في تعزيز وتطوير وصون هياكلها المؤسسية وعاداتها وقيمها الروحية وتقاليدها وإجراءاتها وممارساتها المتميزة، وكذلك نظمها أو عاداتها القانونية، إن وجدت، وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية.
المادة 35
للشعوب الأصلية الحق في تقرير مسؤوليات الأفراد تجاه مجتمعاتهم المحلية.
المادة 36
1- للشعوب الأصلية، ولا سيما الشعوب التي تفصل بينها حدود دولية، الحق في الحفاظ على اتصالاتها وعلاقاتها وتعاونها وتطويرها، بما في ذلك الأنشطة التي تقام من أجل أغراض روحية وثقافية وسياسية واقتصادية واجتماعية مع أعضائها ومع شعوب أخرى عبر الحدود.
2- على الدول أن تتخذ، بالتشاور والتعاون مع الشعوب الأصلية، تدابير فعالة لتيسير ممارسة هذا الحق وضمان إعماله.
المادة 37
1- للشعوب الأصلية الحق في الاعتراف بالمعاهدات والاتفاقات وغير ذلك من الترتيبات البناءة المبرمة مع الدول أو مع ما يخلفها من دول ومراعاتها وإعمالها، وفي جعل الدول تنفذ وتحترم هذه المعاهدات والاتفاقات وغيرها من الترتيبات البناءة.
2- ليس في هذا الإعلان ما يمكن تفسيره بأنه يقلل أو يلغي حقوق الشعوب الأصلية المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقات وغيرها من الترتيبات البناءة.
المادة 38
على الدول أن تتخذ، بالتشاور والتعاون مع الشعوب الأصلية، التدابير الملائمة، بما فيها التدابير التشريعية، لتحقيق الغايات المنشودة في هذا الإعلان.
المادة 39
للشعوب الأصلية الحق في الحصول على مساعدات مالية وتقنية من الدول وعن طريق التعاون الدولي، من أجل التمتع بالحقوق المنصوص عليها في هذا الإعلان.
المادة 40
للشعوب الأصلية الحق في إجراءات عادلة ومنصفة من أجل حل الصراعات والخلافات مع الدول أو الأطراف الأخرى وفي صدور قرار سريع في هذا الشأن، كما لها الحق في سبل انتصاف فعالة من أي تعد على حقوقها الفردية والجماعية. وتراعى في أي قرار من هذا النوع عادات الشعوب الأصلية المعنية وتقاليدها وقواعدها ونظمها القانونية وحقوق الإنسان الدولية.
المادة 41
تساهم الأجهزة والوكالات المتخصصة التابعة لمنظومة الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية الأخرى في التنفيذ التام لأحكام هذا الإعلان، ولا سيما من خلال حشد التعاون المالي والمساعدة التقنية. وتتاح السبل والوسائل التي تضمن مشاركة الشعوب الأصلية في المسائل التي تمسها.
المادة 42
تعمل الأمم المتحدة وهيئاتها، وبخاصة المنتدى الدائم المعني بقضايا الشعوب الأصلية، والوكالات المتخصصة، ولا سيما على المستوى القطري، والدول على تعزيز احترام أحكام هذا الإعلان وتطبيقها التام ومتابعة فعالية تنفيذها.
المادة 43
تشكل الحقوق المعترف بها في هذا الإعلان المعايير الدنيا من أجل بقاء الشعوب الأصلية في العالم وكرامتها ورفاهها.
المادة 44
جميع الحقوق والحريات المعترف بها في هذا الإعلان مكفولة بالتساوي للذكور والإناث من أفراد الشعوب الأصلية.
المادة 45
ليس في هذا الإعلان ما يجوز تفسيره بأنه يقلل أو يلغي الحقوق الحالية للشعوب الأصلية أو الحقوق التي قد تحصل عليها في المستقبل.
المادة 46
1- ليس في هذا الإعلان ما يمكن تفسيره بأنه يقتضي ضمنا أن لأي دولة أو شعب أو جماعة أو شخص حق في المشاركة في أي نشاط أو أداء أي عمل يناقض ميثاق الأمم المتحدة، أو يفهم منه أنه يخول أو يشجع أي عمل من شأنه أن يؤدي، كلية أو جزئيا، إلى تقويض أو إضعاف السلامة الإقليمية أو الوحدة السياسية للدول المستقلة وذات السيادة.
2- يجب في ممارسة الحقوق المنصوص عليها في هذا الإعلان احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع. ولا تخضع ممارسة الحقوق الواردة في هذا الإعلان إلا للقيود المقررة قانونا ووفقا للالتزامات الدولية لحقوق الإنسان. ويجب أن تكون هذه القيود غير تمييزية ولازمة وأن يكون غرضها الوحيد ضمان ما توجبه حقوق وحريات الغير من اعتراف واحترام والوفاء بالمقتضيات العادلة والأشد ضرورة لقيام مجتمع ديمقراطي.
3- تفسر الأحكام الواردة في هذا الإعلان وفقا لمبادئ العدالة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والمساواة وعدم التمييز والحكم السديد وحسن النية.

85

من يتحمَل مسؤولية محنة مسيحييّ العراق ؟


نافع البرواري


يمكن أن نلخّص حالة المسيحيين في العراق ، قبل وبعد سقوط النظام السابق بقيادة الدكتاتور صدام حسين ، ببعض النقاط المهمّة والرئيسية ، وهي تصلح لتكون ألأطار العام لتشخيص حالة المسيحيين، العراقيين ، ومعاناتهم في الماضي والحاضر ، لتكون لنا رؤيا لمستقبل هذا الشعب الذي ينزف دما نتيجة الطعون المدمية لسيوف ألأشرار وسكاكينهم المسمومة والكثيرة ، بسبب تمسك هذا الشعب وعبر مئات السنيين بمسيحيته ولغته الجميلة وأرضه ومقدساته وهويّته وقوميته وتراثه وحضارته الغائرة في القدم والتي كانت نبعا لا زال الى يومنا هذا ترتوي منه الحضارات اللاحقة :
حالة المسيحيين قبل سقوط الدكتاتور صدام حسين
1-منذ 1961-1988(لابل قبلها في الحرب العالمية الأولى وحرب الأبادة الجماعية في احداث سميل سنة 1933 ، ) عان المسيحييون في العراق بسبب الحرب الدامية بين العرب وألأكراد في شمال العراق (حيث كان المسيحيين يشكِّلون نسبة كبيرة في هذه المناطق)عان فيها المسيحيين حيث قتل الكثيرون ودمّرت مئات القرى بكنائسها وفقد مسيحيّوا المنطقة ارضهم ومقدساتهم وهاجر و وتشرد الآلاف الى المدن الجنوبية ، وقام الأكراد والعرب بالأستيلاء على القرى المسيحية في حملة لتغيير الواقع الديموغرافي للمناطق التي كان يسكنها المسيحييون. وجائت الحرب الأيرانية العراقية (1981 )لتزيد مأساة الشعب المسيحي الذي فقد خيرة شبابه في حرب فرضت عليه واستمرت ثماني سنوات . خاض نظام البعث ، بقيادة الدكتاتور صدام حسين ، حربا ضد الكويت(حرب الخليج الثانية 1991) ودخل الشعب في حصار اقتصادي دام اكثر من 12سنة عاش ،الشعب العراقي عامة والشعب المسيحيّ خاصة ، المعانات اقتصاديا ونفسيا وثقافيا حيث أصبح العراق سجنا كبيرا ومنعزل عن العالم . وفي ظل نظام البعث وبقيادة الدكتاتورصدام حسين كان حال المسيحيين كحال بقية المجتمع حيث كان الظلم بالتساوي ولم يخلى بيت عراقي من مآسي الحروب التي اشعلها هذا النظام حيث في كل بيت كان هناك امّا شهيد او مفقود او سجين .
صدام حسين كان يستخدم المسيحيين كمواطنين صالحين أمناء يثق بهم وليس حبا بهم والدليل قيامه بحملة ايمانية اسلامية وحاول فرض تدريس الدين الأسلامي على المسيحيين ، وقتل أعدادا من خيرة شبابنا المعارضين لسياسته، ولا ننسىمحاولاته المستميتة في محو هوية شعبنا الكلدو اشوري وذلك بحملة غير مباشرة لأحتوائهم وتعريبهم ، حيث
سياسة حزب البعث، كانت قومية (امة عربية واحدة) وهذا يعني محاولة فرض اللغة العربية والقومية العربية على الأقليات ومنهم شعبنا الكلدو آشوري ، وقد حاول هذا النظام أن يمحو هوية هذا الشعب العريق ، بفرض الهوية العربية عليه وفرض سياسة التعريب على الشعوب الغير العربية . وفي ظل نظام البعث بدأت أمواج الهجرة المسيحية بسبب بطش هذا النظام وحروبه المستمرة وغياب القانون ، حيث كان احيانا يتم تنفيذ قوانين عشائرية وقبلية ، وهذا يعني القوي ياكل الضعيف (قانون الغابة)
ومن ناحية ثانية كان (وما زال ) أخوتنا الأكرادل وللأسف ، ويمارسون نفس دور نظام البعث بخصوص تكريد ألأقليات ومنهم الكلدو اشور ، في أقليم كردستان ، ويحاولون تغيير المعالم الحضارية والأثرية للحضارة ألآشورية وتغيير اسماء المدن والقرى الكلدو آشورية والأستيلاء او التجاوزعلى عشرات القرى للكلدو اشورية .ولا ننسى التكالب والتنافس القائم بين حكومة المركز واقليم كردستان للسيطرة على سهل نينوى الذي كان قبل مئة سنة ذو الغالبية المسيحية . فيما اليوم لايتجاوز نسبة المسيحيين 30% بسبب الحرب الناعمة التي شنّتها الحكومات السابقة واللاحقة في هذه المنطقة وبسبب هذا التكالب بين الحكومة المركزية واقليم كردسان ، عان شعبنا المسيحي بكافة فئاته ، بسبب هذا الصراع ، وبسبب أهمال هذه المنطقة في كل مجالات الحياة الأقتصادية والأعمارية والسياسية ....الخ وفقدان فرص التعليم والعمل ، مما دفع الكثيرون من ابناء شعبنا المسيحي لترك ارضهم وقراهم ومدنهم ، وهاجر الكثيرون منهم خارج العراق .

حالة مسيحيي العراق بعد سقوط صدّام
المسيحييون عانوا ويعانوا سواء قبل او بعد سقوط النظام الدكتاتوري ولكن اختلافهم عن العرب والأكراد هو انَّ ألأخيرين حصلوا على حقوقهم بعد سقوط النظام سنة 2003 بينما المسيحيين المسالمين العزل صاروا مشردين في العالم ولم يحصدوا غير الماسي ، وهاجرأكثر من50% من المسيحيين خارج العراق وخسروا ارضهم وبيوتهم ووظائفهم ومقدساتهم وألأخطر من كل ذلك ضياع هويتهم والأنفصال من جذورهم التاريخية , فيما كانوا هم الشعب الأصيل المتجذر في التاريخ .
أصبحت القوانين بعد سقوط النظام تطبق شريعة الغابة حيث يقول المثل العربي"ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب" بينما المسيحييون هم كانوا ولا يزالوا مثل الحملان بين الذئاب . فقد أصبح الحكم في العراق بيد الأقوياء ، من الشيعة والسنة والأكراد ، وأصبح المسيحيّون همَّهم الأول ألحفاظ على حياتهم ورزقهم ، بعد أن تمَّ تهديدهم وإرهابهم وتهجير القسم الكبير منهم من أرضهم ومساكنهم ومقدساتهم ، وتم تهميش الباقين وأقصائهم في المساهمة في القرارات السياسية والأقتصادية ، بسبب قانون الغابة الذي يتم تطبيقه اليوم في العراق حيث هناك مخاصصة طائفية وعرقية وعشائرية وموالات وتكتلات لتوزيع الحصص ،هذا عدا الفساد في جميع مرافق الحياة ، المالية والأدارية والسياسية وحتى القضائية ،وغياب العدالة في بلد يحكمه قانون لايطبق حتى الدستور الذي شُرّع ليكون قانوانا يرجع اليه الجميع ( بغض النضر عن ديانتهم ومعتقداتهم وأنتمائاتهم ) لنيل حقوقهم المشروعة في أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى .
مسؤولية الحكومة والدولة العراقية في تفاقم محنة المسيحيين
إنَّ سياسة الحكومات المتعاقبة ، منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق في 2003 ، كانت مبنية على الحصص الطائفية والمذهبية وبروز أحزاب اسلامية راديكالية تحاول فرض الشريعة ألأسلامية على القوانين المدنية ، مما خلق أجواء التعصب والكراهية ضد المسيحيين ، لا بل فرض الحجاب في أحيان كثيرة على المسيحييات ، وغلق النوادي الترفيهية وتحريم المشروبات الروحية والموسيقى والأغاني والمسارح وأحيانا وصلت الأمور بالتحريض على قتل المسيحيين وتحليل سلب ونهب أموالهم وإحراق محلاّتهم ومصادر رزقهم ، بفتاوى دينية ، على إعتبارهم (اي المسيحين ) كفرة ومشركين ، أوبحجج واهية أخرى . وهذا يتم كُلُّه ، للأسف ، من خلال منابر الجوامع ومواقع لقنواة إعلامية مختلفة وعلى مرأى ومسمع الحكومة والسياسيين الذين من المفروض أن يطبّقوا القانون في المساواة بين الجميع وتطبيق الحرية الدينية والفكرية التي يتكفّل به الدستور الذي تم تشريعه بعد سقوط النظام السابق .وهكذا تم نهب وسلب واتلاف الآثارالعراقية ، على إعتبارها أصناما ، من منظار الأحزاب .ألأسلامية الراديكالية ، وكذلك بيع القطع الأثرية من قبل سماسرة وتجار ألآثار و الحروب ، مما يؤكد وجود أيدي خفية لمحو آثار الحضارة الكلدوآشورية . إنَّ هذه ألآثار تؤكّد على هوية العراقيين وخاصة شعب بين النهرين ( الآشوريين الكلدان السريان) عبر آلاف السنين ، وهذا يعني وجود خطة مدروسة ومحكمة ليس لتهجير الشعوب الأصيلة من العراق ب القضاء على الحضارة العريقة لشعب بين النهرين وطمس هويته .
في أغلب حوادث القتل وحرق الكنائس لم تطبق القوانين لمحاكمة المجرمين وتم غلق الملفات وخاصة الأعتداءات على المسيحيين وهذا يدعونا ، نحن كمسيحيّين الى وضع عشرات علامات الأستفهام ، عن إحتمالية تورط القادة السياسيين والدينيين فيما حصل ويحصل من عمليات قتل وتهجير المسيحيين و حرق وتهديم مقدساتهم ،لهذه ألأسباب وغيرها كثيرة ، فقد شعبنا المسيحي الثقة بالحكومات المتعاقبة .
مسؤولية المحتلين وألأمم المتحدة في تفاقم محنة مسيحيي العراق
لايمكن أن يكونوا الحلفاء ، بعيدين عن معرفة حقيقة الجرائم التي أُرتكبت بحق المسيحيين طوال أكثر من سبعةسنوات (2003 – 2011) ، وهذا يستدعي منا نحن المسحيين أن نكشف المآمرة الرهيبة التي شاركت فيها قوى أقليمية ودولية لاخلاء العراق خاصة والشرق ألأوسط عامة من المسيحيين .
آنَّ الغرب ، الذي يتظاهر بأنّه حامي حقوق ألأنسان ، اثبتت الحقائق أنَّه لا يهتم إلاّ بمصالحه الأقتصادية في المنطقة
ولا يبالي بحقوق المضطهدين في هذا العالم . لم نسمع بجهود دولية وحتى من الأمم المتحدة لحماية الأقلية المسيحية في العراق بالرغم من وجود نصوص في ميثاق الأمم المتحدة في حق "تقرير المصير " للشعوب ألأصيلة في حال تعرضها للخطر وفي حال عجز الجهات الرسمية في الدولة عن حماية حقوقها وارضها (الجمعية العامة للأمم المتحدة 13 ايلول). في حين تم حماية الأكراد عام 1990 من بطش صدام حسين ووضع حضر جوي لمنع صدام حسين من قصف المناطق الكردية وتم تاسيس حكم ذاتي للأكراد ولهم قرارات سياسية وحصة في ميزانية الدولة ويتمتعون بكامل حقوقهم المشروعة. في حين لا زال المسيحييون مشردون في الوطن وفي البلدان المجاورة والنسبة الكبيرة منهم هاجر الى الشتات ولازال الجرح مفتوحا ونزيف الهرجة مستمرا .إنَّ المنظمات الدولية (ألأنسانية ) تضع الدول العربية في طلائع الدول التي تشكِّل خطرا أثميا ضد ألأقليات ، وخاصة الأقليات المسيحية ، والعراق في صدارة هذه الدول التي يمارس القتل والأبادة الجماعية والقمع والتهجير (عن القناة الفضائية العربية في 2-7-2009 )
مسؤلية الكنيسة في ما يجري بحق مسيحيي العراق
لا ننسى مسؤولية رؤساء كنائسنا في تغاضيهم وعدم نقلهم لحقيقة ما جرى ويجري ، بحق شعبهم المسيحي ، الى الكنائس العالمية والمنظمات الأنسانية ، حيث من المفروض أن يكونوا رعاة حقيقيين يدافعون عن شعبهم ومقدَّساته، مهما كان الثمن ، بينما نراهم(في غالبيتهم) خانعين خاضعين للقدرية وكأنَّ لسان حالهم يقول ، هذا هو الواقع فتقبلوه كما قبل المسيح الصليب . بينما يسوع المسيح لم يكن خنوعا ، كان مثل حد السيف لم يغيِّر مواقفه ومبادئه ولم يسواوم على الحق وكان يدافع عن المهمشين والمظلومين والفقراء والمساكين ، بوقوفه بوجه رجال الدين اليهود ، ووقف بوجه بيلاطس البنطي، الحاكم الروماني في زمانه وقال له "أنا وُلِدّتُ وجئتُ الى العالم حتى أشهد للحق" . كذلك الرسول بولس طالب (بحقِّه) بمحاكمته في روما لكونه مواطنا رومانيا .كان على رجال الدين ان لايخافوا ممن يهددون او يقتلون او يهجِّرون ، بل يجب ان يكونوا رعاة حقيقيين يدافعوا ، حتى الشهادة ، لحماية شعبهم المسيحي .
هناك ، للأسف ، بعض رجال الدين ، يساوون بين الظالم والمظلوم ، عندما يقولون ان الغبن والظلم كان متساوي لجميع فئات الشعب العراقي ، بينما الحقيقة تقول ، أنّ الغالبية من الشعب العراقي بعربه وأكراده لم يفقدوا أرضهم ومقدساتهم ، بينما نحن المسيحيين فقدنا كُل شيئ وتمّ تهجير القسم الأكبر منّا ، وأغتصبت أرضنا وتم تهميشنا ولا زال نزيف الهجرة مستمرا ولا زال الآخرون مستمرين في الأستيلاء على ما تبقى من أرضنا ويسعون الى تغيير ديموغرافية المناطق التي يسكنها ابناء شعبنا . ولاننسى تدخل بعض رجال الدين (في الداخل والخارج) في تاجيج الأنقسامات بين الشعب الواحد وتدخُّلهم السافر في السياسة واحداث شرخ في الكنيسة الواحدة والشعب الواحد، باصرارهم على تمزيق هذه الوحدة بدل السعي لتوحيد هذه الكنيسة العريقة ، وهذا ليس تعميما ، فهناك من رعاة وقفوا بكل شجاعة ضدّ الظلم والأجحاف بحق رعيّتهم ودافعوا حتى الشهادة من اجل شعبهم المسيحي.
مسؤلية الأحزاب السياسية لشعبنا الكلدو اشوري
من خلال رصدنا لمسيرة احزابنا الكلدو اشورية ، نستطيع أن نقول ، أنَّ هناك شرخا كبيرا بين تلك الأحزاب فكريا وسياسيا وايدولوجيا وحتى قوميا . ولا نريد الخوض في تلك الخلافات والسجالات حول التسميات وحتى على الأهداف ، بل وجود تناقضات وخلافات وتناحرات ،حتى بين الحزب الواحد . وكذلك وجود انقسامات بين فئات الشعب الواحد في جدلية القومية ، بين من ينادي بالقومية الكلدانية وبين من يصر على القومية الاشورية ، وحال هذه ألأحزاب يمكن تشبيهها بمثل كنّا نسمعه من آبائنا يقول بلغة السورث " أرخي تلخلا وناشي هولا مبقوري لجقجاقي " أي باللغة العربية " الطاحونة خربانا والناس تريد لعب الختيلة " وهذا المثل ينطبق على احزابنا اليوم . حيث نقرا في كل يوم عن حوادث قتل المسيحيين او تهجيرهم او الأستيلاء على اراضيهم أو تهميش دورهم في البرلمان والحكومة ، او ما يحصل من التغييرات الديموغرافية للمناطق التي كان يسكنها شعبنا المسيحي ......الخ . هذا كُلُه يتم على قدم وساق ولكن لا زالت احزابنا تتكالب على السلطة والمقاعد البرلمانية ولا زالت احزابنا تتناحر فيما بينها على من يمثِّلهم في الداخل والخارج ، ولا زالت هذه ألأحزاب تتباكى على الحضارة الكلدانية والآشورية وينوحون على امجاد هاتين الحضارتين ،وهكذا يهربون الى الماضي لينسوا ما يجري في الحاضر ، إنّها هزيمة نفسية وروحية ، فقدوا الثقة بانفسهم وبشعبهم وبقدرتهم على تغيير هذا الواقع فلجأوا الى اجترار الماضي والتهرب من مواجهة الحاضر ، لابل راح بعظهم يتأقلم مع هذا الوضع بارتمائه في احضان الأحزاب والقوميات المعادية لطموحات شعبنا المسيحي ، سواء كانت تلك الأحزاب او القوميات عربية او كردية والتي كانت تنتظر هذا اليوم الذي فيه تنهار احزابنا القومية والشعبية وتصاب بالياس ، فتستسلم خانعة خاضعة لها ، وبهذا ضرب العرب والأكراد عصفورين بحجر واحد، كما يقول المثل ، لأنّ اليائسين والخانعين والخاضعين لهم من الأحزاب الكلدو اشوريين سيقومون بأكبر خدمة لهم لم يتخيَّلوه عبر التاريخ ، لأنَّ الذي يخون شعبه يساهم في هدم ما بنى هذا الشعب خلال مئات السنين ، وهذا ما يحدث اليوم للأسف ، وهذا ما كنا نحذِر احزابنا في عدم الوقوع في هذا الفخ الذي نصبه الأعداء لنا .إنَّ غياب الرؤى السياسية وتشرذم الأحزاب والتكالب على المصالح الشخصية ألأنانية ، والأهم من هذه كُله ، ضعف ألأيمان ،عند هذه ألأحزاب ، بمشروعية قضيتنا وحقوقنا المسلوبة ، تجعل من هذه ألأحزاب فاقدة لشرعيتها أمام شعبها الذي كان ينتظر منها التفاني والتضحية من أجل تحقيق ما يصبوا اليه شعبهم المسيحي الذي استئمنهم ووضع ثقته بهم.
مسؤلية المثقفين والأدباء والكتّاب (المسيحيين ) في تمزيق الشعب الواحد
للأسف ساهم الكثيرون من كتاب المقالات من الأدباء والمثقفين والأعلاميين ، الكلدوا آشوريين ، في زيادة ماسات شعبنا الواحد ، وذلك بكتاباتهم وعبر اقلامهم المسمومة ، وذلك بالتركيز على التشبث بالقومية والأنتمائات الطائفية والحزبية والأيدولوجية ، بدل التركيز على الهدف الأسمى والمشترك بين جميع فئات وطوائف الشعب الواحد ،وهو توحيد جميع الجهود للوصول الى استرداد حقوق وارض ومقدسات وتراث وكرامة شعبهم ألواحد ،اي التركيز على تحقيق آمال شعبهم الواحد للحصول على حقهم المشروع بان يكون لهم وطن واورض وحق الوجود في ارض ابائهم واجدادهم . لقد قدّم الكثيرون من كتّاب المقالات خدمة مجانية لكل من يريد تمزيق شعبنا الواحد (السورايي) ، وذلك في تعصبهم القومي وانتمائهم الفكري لهذا الحزب او ذاك ، وبهذا ساهموا ويساهمون في تمزيق وحدة شعبنا ، وكأن هذا الشعب لا يكفيه ما عانى ويعانيه من شتّى أنواع الأضطهاد والتهجير والترهيب والأبتزاز من قبل الآخرين . هناك تشتت في وحدة الهدف من قبل غالبية الكُتاب وألأعلاميين والمفكرين بسبب قصر النظر في فهم الخطر المحدق بشعبهم المسيحي وجهل مايجري في الدول العربية حولنا من الثورات التي سميّت بالربيع العربي ، وما ستحدثه هذه الثورات من تاثيرات على المسار السياسي والفكري والثقافي للمنطقة ككل ، وخاصة اذا عرفنا انَّ هذه الثورات تحمل افكارا اصولية دينية لتيارات اسلامية راديكالية ، والكثيرون من هؤلاء الكتاب اصلا خرجوا من العراق قبل عشرات السنين ولا يحسّون بانين شعبهم ، بل يكتبون من أجل الشهرة وملأ الفراغ ليس اكثر.
ماذا نستنتج مما سبق؟
نحن شعب وادي الرافدين وجودنا اليوم في خطر واستمرار ما تبقى من المسيحيين في ارضهم اصبح مجرد مسألة وقت ، وبات مستحيلا في ظل هذه الأوضاع ، وفي ظل أنقسام الشعب المسيحي على نفسه ، حيث طال الأنقسام في داخل البيت الواحد والحزب الواحد والكنيسة الواحدة والشعب الواحد . ومما يزيد من مأسات هذا الشعب العريق ، هو أنّه يعيش في وسط جغرافي تحيط به دول وحكومات لها توجهات سياسية دينية تعصبية ،لا تؤمن بالعيش المشترك ولا تؤمن بحقوق المواطنة ، أي كان هذا المواطن ، ولا تؤمن بحقوق ألأنسان ولا بحرية المعتقد ، ولا بالفكر الحر ولا بالديمقراطية ولا يوجد مجال واسع للحرية ، ولا تؤمن بالمساوات والعدالة الأجتماعية ، بل لا تؤمن بحقوق ألأنسان المشّرع من قبل ألأمم المتحدة .
ونحن نسأل العالم " المتحضر" ماهو المستقبل الذي ينتظره المسيحيين في العراق خاصة وفي الشرق الأوسط عامة؟ وماهو الحل الذي يجب ان نبحث عنه كلنا وخاصة مسيحيي العالم ؟. ألا يستحق هذا الشعب الذي قدم للعالم الأبداع الفكري والأنساني والمعرفي ان يعيش حياة طبيعية ويكون له وطن وأرض ليعيش بسلام حاله حال كُلِّ شعوب العالم ؟ .
أعتقد ، آن الأوان ، لجميع مسيحيي العراق في المهجر ، أن يتحمّلوا القسط ألأكبر من المسؤولية تجاه ما يحدث لأخوتهم في داخل العراق(الذين لهم ضروفهم الخاصة التي نقدِّرها ) . علينا أن نكون الصوت الصارخ لمعانات وأنين شعبنا في الداخل ، وأن نوصل هذه المعانات الى جميع المحافل الدولية ، ونبدأ بمحاسبة جميع المسؤولين والأحزاب في الخارج ، الذين يقفون حجر عثرة أمام وحدتنا كشعب واحد . وبهذا نستطيع أن نوصل صوت شعبنا الى حضارات القرن الواحد والعشرين لعلَّ وعسى يصحو الضمير الأنساني لينقذ شعب الحضارات ،عندها سيرتاح ضميرنا ، وعندها فقط نستطيع أن نقول آنّنا أدينا واجبا مقدسا بالمطالبة بحقوقنا ، وعندها فقط سيتحمّل العالم (المتحضر) مسؤولية جريمة تركتب بحق شعبنا بزوال هويّته وثقافته ووجوده ، وسوف لن يرحم التاريخ المسؤولية المباشرة والغير المباشرة ، لحضارة القرن الواحد والعشرين ، في انقراض أُمَّة بكاملها .
نحن اليوم يمكن تشبيه حالنا بحال الهنود الحمر الذين واجهوا أعتى قوّة عسكرية أمريكيا التي غزت وطنهم ودمَّرت حضارتهم ومقدساتهم ، ولكن اليوم فاق العالم ، عن حجم الجرائم والمآسي التي أُرتكبت بحق الهنود في وطنهم وأرضهم ، من قبل الغزاة الذين لم يرحموا الشعب ألأصيل إلا بعد أن شعروا بحجم الكارثة ألأنسانية التي لحقت بهذه الشعوب أولا وبحق الأنسانية ثانيا وبحق الحضارات العريقة ثالثا .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

بعض المواقع لتقارير المنظمات الأنسانية التي تصف محنة ألأقليات ، ومنهم المسيحيين ، في عراق اليوم
http://anhri.net/mena/hrw/2009/pr1110.shtml تقرير منظمة هيومان رايت ووتش في 10-11-2009

http://www.fco.gov.uk/ar/global-issu...d-report/iraq/ حقوق الأنسان في العراق

منظمة هيومان رايت ووتش تقرير
المخاطر التي تواجهها الأقليات في العراق p://moheet.com/show_news.aspx?nid=318015&pg=2

86

من يتحمَل مسؤولية محنة مسيحييّ العراق ؟


نافع البرواري


يمكن أن نلخّص حالة المسيحيين في العراق ، قبل وبعد سقوط النظام السابق بقيادة الدكتاتور صدام حسين ، ببعض النقاط المهمّة والرئيسية ، وهي تصلح لتكون ألأطار العام لتشخيص حالة المسيحيين، العراقيين ، ومعاناتهم في الماضي والحاضر ، لتكون لنا رؤيا لمستقبل هذا الشعب الذي ينزف دما نتيجة الطعون المدمية لسيوف ألأشرار وسكاكينهم المسمومة والكثيرة ، بسبب تمسك هذا الشعب وعبر مئات السنيين بمسيحيته ولغته الجميلة وأرضه ومقدساته وهويّته وقوميته وتراثه وحضارته الغائرة في القدم والتي كانت نبعا لا زال الى يومنا هذا ترتوي منه الحضارات اللاحقة :
حالة المسيحيين قبل سقوط الدكتاتور صدام حسين
1-منذ 1961-1988(لابل قبلها في الحرب العالمية الأولى وحرب الأبادة الجماعية في احداث سميل سنة 1933 ، ) عان المسيحييون في العراق بسبب الحرب الدامية بين العرب وألأكراد في شمال العراق (حيث كان المسيحيين يشكِّلون نسبة كبيرة في هذه المناطق)عان فيها المسيحيين حيث قتل الكثيرون ودمّرت مئات القرى بكنائسها وفقد مسيحيّوا المنطقة ارضهم ومقدساتهم وهاجر و وتشرد الآلاف الى المدن الجنوبية ، وقام الأكراد والعرب بالأستيلاء على القرى المسيحية في حملة لتغيير الواقع الديموغرافي للمناطق التي كان يسكنها المسيحييون. وجائت الحرب الأيرانية العراقية (1981 )لتزيد مأساة الشعب المسيحي الذي فقد خيرة شبابه في حرب فرضت عليه واستمرت ثماني سنوات . خاض نظام البعث ، بقيادة الدكتاتور صدام حسين ، حربا ضد الكويت(حرب الخليج الثانية 1991) ودخل الشعب في حصار اقتصادي دام اكثر من 12سنة عاش ،الشعب العراقي عامة والشعب المسيحيّ خاصة ، المعانات اقتصاديا ونفسيا وثقافيا حيث أصبح العراق سجنا كبيرا ومنعزل عن العالم . وفي ظل نظام البعث وبقيادة الدكتاتورصدام حسين كان حال المسيحيين كحال بقية المجتمع حيث كان الظلم بالتساوي ولم يخلى بيت عراقي من مآسي الحروب التي اشعلها هذا النظام حيث في كل بيت كان هناك امّا شهيد او مفقود او سجين .
صدام حسين كان يستخدم المسيحيين كمواطنين صالحين أمناء يثق بهم وليس حبا بهم والدليل قيامه بحملة ايمانية اسلامية وحاول فرض تدريس الدين الأسلامي على المسيحيين ، وقتل أعدادا من خيرة شبابنا المعارضين لسياسته، ولا ننسىمحاولاته المستميتة في محو هوية شعبنا الكلدو اشوري وذلك بحملة غير مباشرة لأحتوائهم وتعريبهم ، حيث
سياسة حزب البعث، كانت قومية (امة عربية واحدة) وهذا يعني محاولة فرض اللغة العربية والقومية العربية على الأقليات ومنهم شعبنا الكلدو آشوري ، وقد حاول هذا النظام أن يمحو هوية هذا الشعب العريق ، بفرض الهوية العربية عليه وفرض سياسة التعريب على الشعوب الغير العربية . وفي ظل نظام البعث بدأت أمواج الهجرة المسيحية بسبب بطش هذا النظام وحروبه المستمرة وغياب القانون ، حيث كان احيانا يتم تنفيذ قوانين عشائرية وقبلية ، وهذا يعني القوي ياكل الضعيف (قانون الغابة)
ومن ناحية ثانية كان (وما زال ) أخوتنا الأكرادل وللأسف ، ويمارسون نفس دور نظام البعث بخصوص تكريد ألأقليات ومنهم الكلدو اشور ، في أقليم كردستان ، ويحاولون تغيير المعالم الحضارية والأثرية للحضارة ألآشورية وتغيير اسماء المدن والقرى الكلدو آشورية والأستيلاء او التجاوزعلى عشرات القرى للكلدو اشورية .ولا ننسى التكالب والتنافس القائم بين حكومة المركز واقليم كردستان للسيطرة على سهل نينوى الذي كان قبل مئة سنة ذو الغالبية المسيحية . فيما اليوم لايتجاوز نسبة المسيحيين 30% بسبب الحرب الناعمة التي شنّتها الحكومات السابقة واللاحقة في هذه المنطقة وبسبب هذا التكالب بين الحكومة المركزية واقليم كردسان ، عان شعبنا المسيحي بكافة فئاته ، بسبب هذا الصراع ، وبسبب أهمال هذه المنطقة في كل مجالات الحياة الأقتصادية والأعمارية والسياسية ....الخ وفقدان فرص التعليم والعمل ، مما دفع الكثيرون من ابناء شعبنا المسيحي لترك ارضهم وقراهم ومدنهم ، وهاجر الكثيرون منهم خارج العراق .

حالة مسيحيي العراق بعد سقوط صدّام
المسيحييون عانوا ويعانوا سواء قبل او بعد سقوط النظام الدكتاتوري ولكن اختلافهم عن العرب والأكراد هو انَّ ألأخيرين حصلوا على حقوقهم بعد سقوط النظام سنة 2003 بينما المسيحيين المسالمين العزل صاروا مشردين في العالم ولم يحصدوا غير الماسي ، وهاجرأكثر من50% من المسيحيين خارج العراق وخسروا ارضهم وبيوتهم ووظائفهم ومقدساتهم وألأخطر من كل ذلك ضياع هويتهم والأنفصال من جذورهم التاريخية , فيما كانوا هم الشعب الأصيل المتجذر في التاريخ .
أصبحت القوانين بعد سقوط النظام تطبق شريعة الغابة حيث يقول المثل العربي"ان لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب" بينما المسيحييون هم كانوا ولا يزالوا مثل الحملان بين الذئاب . فقد أصبح الحكم في العراق بيد الأقوياء ، من الشيعة والسنة والأكراد ، وأصبح المسيحيّون همَّهم الأول ألحفاظ على حياتهم ورزقهم ، بعد أن تمَّ تهديدهم وإرهابهم وتهجير القسم الكبير منهم من أرضهم ومساكنهم ومقدساتهم ، وتم تهميش الباقين وأقصائهم في المساهمة في القرارات السياسية والأقتصادية ، بسبب قانون الغابة الذي يتم تطبيقه اليوم في العراق حيث هناك مخاصصة طائفية وعرقية وعشائرية وموالات وتكتلات لتوزيع الحصص ،هذا عدا الفساد في جميع مرافق الحياة ، المالية والأدارية والسياسية وحتى القضائية ،وغياب العدالة في بلد يحكمه قانون لايطبق حتى الدستور الذي شُرّع ليكون قانوانا يرجع اليه الجميع ( بغض النضر عن ديانتهم ومعتقداتهم وأنتمائاتهم ) لنيل حقوقهم المشروعة في أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى .
مسؤولية الحكومة والدولة العراقية في تفاقم محنة المسيحيين
إنَّ سياسة الحكومات المتعاقبة ، منذ سقوط النظام الدكتاتوري السابق في 2003 ، كانت مبنية على الحصص الطائفية والمذهبية وبروز أحزاب اسلامية راديكالية تحاول فرض الشريعة ألأسلامية على القوانين المدنية ، مما خلق أجواء التعصب والكراهية ضد المسيحيين ، لا بل فرض الحجاب في أحيان كثيرة على المسيحييات ، وغلق النوادي الترفيهية وتحريم المشروبات الروحية والموسيقى والأغاني والمسارح وأحيانا وصلت الأمور بالتحريض على قتل المسيحيين وتحليل سلب ونهب أموالهم وإحراق محلاّتهم ومصادر رزقهم ، بفتاوى دينية ، على إعتبارهم (اي المسيحين ) كفرة ومشركين ، أوبحجج واهية أخرى . وهذا يتم كُلُّه ، للأسف ، من خلال منابر الجوامع ومواقع لقنواة إعلامية مختلفة وعلى مرأى ومسمع الحكومة والسياسيين الذين من المفروض أن يطبّقوا القانون في المساواة بين الجميع وتطبيق الحرية الدينية والفكرية التي يتكفّل به الدستور الذي تم تشريعه بعد سقوط النظام السابق .وهكذا تم نهب وسلب واتلاف الآثارالعراقية ، على إعتبارها أصناما ، من منظار الأحزاب .ألأسلامية الراديكالية ، وكذلك بيع القطع الأثرية من قبل سماسرة وتجار ألآثار و الحروب ، مما يؤكد وجود أيدي خفية لمحو آثار الحضارة الكلدوآشورية . إنَّ هذه ألآثار تؤكّد على هوية العراقيين وخاصة شعب بين النهرين ( الآشوريين الكلدان السريان) عبر آلاف السنين ، وهذا يعني وجود خطة مدروسة ومحكمة ليس لتهجير الشعوب الأصيلة من العراق ب القضاء على الحضارة العريقة لشعب بين النهرين وطمس هويته .
في أغلب حوادث القتل وحرق الكنائس لم تطبق القوانين لمحاكمة المجرمين وتم غلق الملفات وخاصة الأعتداءات على المسيحيين وهذا يدعونا ، نحن كمسيحيّين الى وضع عشرات علامات الأستفهام ، عن إحتمالية تورط القادة السياسيين والدينيين فيما حصل ويحصل من عمليات قتل وتهجير المسيحيين و حرق وتهديم مقدساتهم ،لهذه ألأسباب وغيرها كثيرة ، فقد شعبنا المسيحي الثقة بالحكومات المتعاقبة .
مسؤولية المحتلين وألأمم المتحدة في تفاقم محنة مسيحيي العراق
لايمكن أن يكونوا الحلفاء ، بعيدين عن معرفة حقيقة الجرائم التي أُرتكبت بحق المسيحيين طوال أكثر من سبعةسنوات (2003 – 2011) ، وهذا يستدعي منا نحن المسحيين أن نكشف المآمرة الرهيبة التي شاركت فيها قوى أقليمية ودولية لاخلاء العراق خاصة والشرق ألأوسط عامة من المسيحيين .
آنَّ الغرب ، الذي يتظاهر بأنّه حامي حقوق ألأنسان ، اثبتت الحقائق أنَّه لا يهتم إلاّ بمصالحه الأقتصادية في المنطقة
ولا يبالي بحقوق المضطهدين في هذا العالم . لم نسمع بجهود دولية وحتى من الأمم المتحدة لحماية الأقلية المسيحية في العراق بالرغم من وجود نصوص في ميثاق الأمم المتحدة في حق "تقرير المصير " للشعوب ألأصيلة في حال تعرضها للخطر وفي حال عجز الجهات الرسمية في الدولة عن حماية حقوقها وارضها (الجمعية العامة للأمم المتحدة 13 ايلول). في حين تم حماية الأكراد عام 1990 من بطش صدام حسين ووضع حضر جوي لمنع صدام حسين من قصف المناطق الكردية وتم تاسيس حكم ذاتي للأكراد ولهم قرارات سياسية وحصة في ميزانية الدولة ويتمتعون بكامل حقوقهم المشروعة. في حين لا زال المسيحييون مشردون في الوطن وفي البلدان المجاورة والنسبة الكبيرة منهم هاجر الى الشتات ولازال الجرح مفتوحا ونزيف الهرجة مستمرا .إنَّ المنظمات الدولية (ألأنسانية ) تضع الدول العربية في طلائع الدول التي تشكِّل خطرا أثميا ضد ألأقليات ، وخاصة الأقليات المسيحية ، والعراق في صدارة هذه الدول التي يمارس القتل والأبادة الجماعية والقمع والتهجير (عن القناة الفضائية العربية في 2-7-2009 )
مسؤلية الكنيسة في ما يجري بحق مسيحيي العراق
لا ننسى مسؤولية رؤساء كنائسنا في تغاضيهم وعدم نقلهم لحقيقة ما جرى ويجري ، بحق شعبهم المسيحي ، الى الكنائس العالمية والمنظمات الأنسانية ، حيث من المفروض أن يكونوا رعاة حقيقيين يدافعون عن شعبهم ومقدَّساته، مهما كان الثمن ، بينما نراهم(في غالبيتهم) خانعين خاضعين للقدرية وكأنَّ لسان حالهم يقول ، هذا هو الواقع فتقبلوه كما قبل المسيح الصليب . بينما يسوع المسيح لم يكن خنوعا ، كان مثل حد السيف لم يغيِّر مواقفه ومبادئه ولم يسواوم على الحق وكان يدافع عن المهمشين والمظلومين والفقراء والمساكين ، بوقوفه بوجه رجال الدين اليهود ، ووقف بوجه بيلاطس البنطي، الحاكم الروماني في زمانه وقال له "أنا وُلِدّتُ وجئتُ الى العالم حتى أشهد للحق" . كذلك الرسول بولس طالب (بحقِّه) بمحاكمته في روما لكونه مواطنا رومانيا .كان على رجال الدين ان لايخافوا ممن يهددون او يقتلون او يهجِّرون ، بل يجب ان يكونوا رعاة حقيقيين يدافعوا ، حتى الشهادة ، لحماية شعبهم المسيحي .
هناك ، للأسف ، بعض رجال الدين ، يساوون بين الظالم والمظلوم ، عندما يقولون ان الغبن والظلم كان متساوي لجميع فئات الشعب العراقي ، بينما الحقيقة تقول ، أنّ الغالبية من الشعب العراقي بعربه وأكراده لم يفقدوا أرضهم ومقدساتهم ، بينما نحن المسيحيين فقدنا كُل شيئ وتمّ تهجير القسم الأكبر منّا ، وأغتصبت أرضنا وتم تهميشنا ولا زال نزيف الهجرة مستمرا ولا زال الآخرون مستمرين في الأستيلاء على ما تبقى من أرضنا ويسعون الى تغيير ديموغرافية المناطق التي يسكنها ابناء شعبنا . ولاننسى تدخل بعض رجال الدين (في الداخل والخارج) في تاجيج الأنقسامات بين الشعب الواحد وتدخُّلهم السافر في السياسة واحداث شرخ في الكنيسة الواحدة والشعب الواحد، باصرارهم على تمزيق هذه الوحدة بدل السعي لتوحيد هذه الكنيسة العريقة ، وهذا ليس تعميما ، فهناك من رعاة وقفوا بكل شجاعة ضدّ الظلم والأجحاف بحق رعيّتهم ودافعوا حتى الشهادة من اجل شعبهم المسيحي.
مسؤلية الأحزاب السياسية لشعبنا الكلدو اشوري
من خلال رصدنا لمسيرة احزابنا الكلدو اشورية ، نستطيع أن نقول ، أنَّ هناك شرخا كبيرا بين تلك الأحزاب فكريا وسياسيا وايدولوجيا وحتى قوميا . ولا نريد الخوض في تلك الخلافات والسجالات حول التسميات وحتى على الأهداف ، بل وجود تناقضات وخلافات وتناحرات ،حتى بين الحزب الواحد . وكذلك وجود انقسامات بين فئات الشعب الواحد في جدلية القومية ، بين من ينادي بالقومية الكلدانية وبين من يصر على القومية الاشورية ، وحال هذه ألأحزاب يمكن تشبيهها بمثل كنّا نسمعه من آبائنا يقول بلغة السورث " أرخي تلخلا وناشي هولا مبقوري لجقجاقي " أي باللغة العربية " الطاحونة خربانا والناس تريد لعب الختيلة " وهذا المثل ينطبق على احزابنا اليوم . حيث نقرا في كل يوم عن حوادث قتل المسيحيين او تهجيرهم او الأستيلاء على اراضيهم أو تهميش دورهم في البرلمان والحكومة ، او ما يحصل من التغييرات الديموغرافية للمناطق التي كان يسكنها شعبنا المسيحي ......الخ . هذا كُلُه يتم على قدم وساق ولكن لا زالت احزابنا تتكالب على السلطة والمقاعد البرلمانية ولا زالت احزابنا تتناحر فيما بينها على من يمثِّلهم في الداخل والخارج ، ولا زالت هذه ألأحزاب تتباكى على الحضارة الكلدانية والآشورية وينوحون على امجاد هاتين الحضارتين ،وهكذا يهربون الى الماضي لينسوا ما يجري في الحاضر ، إنّها هزيمة نفسية وروحية ، فقدوا الثقة بانفسهم وبشعبهم وبقدرتهم على تغيير هذا الواقع فلجأوا الى اجترار الماضي والتهرب من مواجهة الحاضر ، لابل راح بعظهم يتأقلم مع هذا الوضع بارتمائه في احضان الأحزاب والقوميات المعادية لطموحات شعبنا المسيحي ، سواء كانت تلك الأحزاب او القوميات عربية او كردية والتي كانت تنتظر هذا اليوم الذي فيه تنهار احزابنا القومية والشعبية وتصاب بالياس ، فتستسلم خانعة خاضعة لها ، وبهذا ضرب العرب والأكراد عصفورين بحجر واحد، كما يقول المثل ، لأنّ اليائسين والخانعين والخاضعين لهم من الأحزاب الكلدو اشوريين سيقومون بأكبر خدمة لهم لم يتخيَّلوه عبر التاريخ ، لأنَّ الذي يخون شعبه يساهم في هدم ما بنى هذا الشعب خلال مئات السنين ، وهذا ما يحدث اليوم للأسف ، وهذا ما كنا نحذِر احزابنا في عدم الوقوع في هذا الفخ الذي نصبه الأعداء لنا .إنَّ غياب الرؤى السياسية وتشرذم الأحزاب والتكالب على المصالح الشخصية ألأنانية ، والأهم من هذه كُله ، ضعف ألأيمان ،عند هذه ألأحزاب ، بمشروعية قضيتنا وحقوقنا المسلوبة ، تجعل من هذه ألأحزاب فاقدة لشرعيتها أمام شعبها الذي كان ينتظر منها التفاني والتضحية من أجل تحقيق ما يصبوا اليه شعبهم المسيحي الذي استئمنهم ووضع ثقته بهم.
مسؤلية المثقفين والأدباء والكتّاب (المسيحيين ) في تمزيق الشعب الواحد
للأسف ساهم الكثيرون من كتاب المقالات من الأدباء والمثقفين والأعلاميين ، الكلدوا آشوريين ، في زيادة ماسات شعبنا الواحد ، وذلك بكتاباتهم وعبر اقلامهم المسمومة ، وذلك بالتركيز على التشبث بالقومية والأنتمائات الطائفية والحزبية والأيدولوجية ، بدل التركيز على الهدف الأسمى والمشترك بين جميع فئات وطوائف الشعب الواحد ،وهو توحيد جميع الجهود للوصول الى استرداد حقوق وارض ومقدسات وتراث وكرامة شعبهم ألواحد ،اي التركيز على تحقيق آمال شعبهم الواحد للحصول على حقهم المشروع بان يكون لهم وطن واورض وحق الوجود في ارض ابائهم واجدادهم . لقد قدّم الكثيرون من كتّاب المقالات خدمة مجانية لكل من يريد تمزيق شعبنا الواحد (السورايي) ، وذلك في تعصبهم القومي وانتمائهم الفكري لهذا الحزب او ذاك ، وبهذا ساهموا ويساهمون في تمزيق وحدة شعبنا ، وكأن هذا الشعب لا يكفيه ما عانى ويعانيه من شتّى أنواع الأضطهاد والتهجير والترهيب والأبتزاز من قبل الآخرين . هناك تشتت في وحدة الهدف من قبل غالبية الكُتاب وألأعلاميين والمفكرين بسبب قصر النظر في فهم الخطر المحدق بشعبهم المسيحي وجهل مايجري في الدول العربية حولنا من الثورات التي سميّت بالربيع العربي ، وما ستحدثه هذه الثورات من تاثيرات على المسار السياسي والفكري والثقافي للمنطقة ككل ، وخاصة اذا عرفنا انَّ هذه الثورات تحمل افكارا اصولية دينية لتيارات اسلامية راديكالية ، والكثيرون من هؤلاء الكتاب اصلا خرجوا من العراق قبل عشرات السنين ولا يحسّون بانين شعبهم ، بل يكتبون من أجل الشهرة وملأ الفراغ ليس اكثر.
ماذا نستنتج مما سبق؟
نحن شعب وادي الرافدين وجودنا اليوم في خطر واستمرار ما تبقى من المسيحيين في ارضهم اصبح مجرد مسألة وقت ، وبات مستحيلا في ظل هذه الأوضاع ، وفي ظل أنقسام الشعب المسيحي على نفسه ، حيث طال الأنقسام في داخل البيت الواحد والحزب الواحد والكنيسة الواحدة والشعب الواحد . ومما يزيد من مأسات هذا الشعب العريق ، هو أنّه يعيش في وسط جغرافي تحيط به دول وحكومات لها توجهات سياسية دينية تعصبية ،لا تؤمن بالعيش المشترك ولا تؤمن بحقوق المواطنة ، أي كان هذا المواطن ، ولا تؤمن بحقوق ألأنسان ولا بحرية المعتقد ، ولا بالفكر الحر ولا بالديمقراطية ولا يوجد مجال واسع للحرية ، ولا تؤمن بالمساوات والعدالة الأجتماعية ، بل لا تؤمن بحقوق ألأنسان المشّرع من قبل ألأمم المتحدة .
ونحن نسأل العالم " المتحضر" ماهو المستقبل الذي ينتظره المسيحيين في العراق خاصة وفي الشرق الأوسط عامة؟ وماهو الحل الذي يجب ان نبحث عنه كلنا وخاصة مسيحيي العالم ؟. ألا يستحق هذا الشعب الذي قدم للعالم الأبداع الفكري والأنساني والمعرفي ان يعيش حياة طبيعية ويكون له وطن وأرض ليعيش بسلام حاله حال كُلِّ شعوب العالم ؟ .
أعتقد ، آن الأوان ، لجميع مسيحيي العراق في المهجر ، أن يتحمّلوا القسط ألأكبر من المسؤولية تجاه ما يحدث لأخوتهم في داخل العراق(الذين لهم ضروفهم الخاصة التي نقدِّرها ) . علينا أن نكون الصوت الصارخ لمعانات وأنين شعبنا في الداخل ، وأن نوصل هذه المعانات الى جميع المحافل الدولية ، ونبدأ بمحاسبة جميع المسؤولين والأحزاب في الخارج ، الذين يقفون حجر عثرة أمام وحدتنا كشعب واحد . وبهذا نستطيع أن نوصل صوت شعبنا الى حضارات القرن الواحد والعشرين لعلَّ وعسى يصحو الضمير الأنساني لينقذ شعب الحضارات ،عندها سيرتاح ضميرنا ، وعندها فقط نستطيع أن نقول آنّنا أدينا واجبا مقدسا بالمطالبة بحقوقنا ، وعندها فقط سيتحمّل العالم (المتحضر) مسؤولية جريمة تركتب بحق شعبنا بزوال هويّته وثقافته ووجوده ، وسوف لن يرحم التاريخ المسؤولية المباشرة والغير المباشرة ، لحضارة القرن الواحد والعشرين ، في انقراض أُمَّة بكاملها .
نحن اليوم يمكن تشبيه حالنا بحال الهنود الحمر الذين واجهوا أعتى قوّة عسكرية أمريكيا التي غزت وطنهم ودمَّرت حضارتهم ومقدساتهم ، ولكن اليوم فاق العالم ، عن حجم الجرائم والمآسي التي أُرتكبت بحق الهنود في وطنهم وأرضهم ، من قبل الغزاة الذين لم يرحموا الشعب ألأصيل إلا بعد أن شعروا بحجم الكارثة ألأنسانية التي لحقت بهذه الشعوب أولا وبحق الأنسانية ثانيا وبحق الحضارات العريقة ثالثا .
-------------------------------------------------------------------------------------------------------

بعض المواقع لتقارير المنظمات الأنسانية التي تصف محنة ألأقليات ، ومنهم المسيحيين ، في عراق اليوم
http://anhri.net/mena/hrw/2009/pr1110.shtml تقرير منظمة هيومان رايت ووتش في 10-11-2009

http://www.fco.gov.uk/ar/global-issu...d-report/iraq/ حقوق الأنسان في العراق

منظمة هيومان رايت ووتش تقرير
المخاطر التي تواجهها الأقليات في العراق p://moheet.com/show_news.aspx?nid=318015&pg=2

87
خارطة الطريق للشرق الأوسط الجديد بمنظور الأرشاد الرسولي .

نافع البرواري

كثر الكلام عن خارطة الشرق الأوسط الجديد بالمفهوم السياسي ، وكتب الكثيرون عن مشروع الشرق الأوسط الجديد سواء كان سلبيا او أيجابيا لتغيير الشرق ألأوسط وكان احد نتائج هذا التغيير(كما يقولون) هو  الثورات العربية التي اطلق عليها ما يسمّى ب "الربيع العربي ".
ولكن في هذه المقالة سنتطرق الى نظرة الكنيسة الكاثولوكية  (بالتعاون مع بقية كنائس الشرق ألأوسط) كما جاء في الأرشاد الرسولي الذي وقعّ عليه قداسة البابا بيندكتس السادس  عشر في لبنان بعد زيارته الرسولوية (14 – 16  ايلول الجاري)  في ما تريد تحقيقه في الشرق  ألأوسط بالأستناد على نتائج ما تمخّض منه مجمع سينودس الشرق ألأوسط .

كان انعقاد سينودس اساقفة الشرق الأوسط في تشرين الأول 2010 بدعوة من الحبر ألأعظم ، قداسة البابا بيندكتس السادس عشر ، والذي حمل عنوان "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق ألأوسط ، شركة وشهادة "  وقد خرج السينودس ب 44 مقترح نهائي. وقد وقع البابا على "الأرشاد الرسولي"  في يوم 14 ايلول الجاري وهو اليوم الأول من زيارته للبنان ، وهذا ألأرشاد الرسولي هو مستوحي من توصيات السينودوس حول الشرق ألأوسط ومناقشاته .
يمكن أن نعتبر  الأرشاد الرسولي كخارطة لرسم شرق اوسط جديد ينعم بالأمان والسلام والحرية والمساوات والعدالة والأستقرار والشراكة والمشاركة بين جميع العقائد والأديان والطوائف والقوميات .
فالأرشاد الرسولي هو بمثابة خارطة الطريق يمكن لمسيحيي الشرق الأوسط ( وحتى جميع الدول العربية ) أن تسترشد به لكي يكون دستورا لها لكي تعيش شعوبها في سلام وحرية وأمان ، مهما كانت أنتماءاتهم  ومعتقداتهم  سواء كانوا مسيحيين او مسلمين ، عربا أو غير قوميات ، شيعة وسنة ، وخاصة في هذه الأيام التي تشهد بلدان الشرق الأوسط الكثير من التغييرات الدراماتيكية  حيث ثارت شعوب هذه البلدان ، ضد انضمتها الدكتاتورية القمعية  ،  ونتيجة ذلك حدث فراغ أمني وانهيار السلطة .  فغاب القانون ، لا بل حدثت اضطرابات وحروب دموية كما حدث في العراق ومصر وليبيا  واليمن وكما يحدث في سوريا هذه الأيام . كذلك  أُرتكتبت وترتكب الكثير من الجرائم  والعنف بحق الأبرياء والمدنيين ، وانّ  الضحيّة الأولى نتيجة ذلك هم المسيحيين بسبب كونهم  شعوب مسالمة لا تؤمن بالعنف والفعل ورد الفعل . وهكذا  هاجر الكثير منهم (وخاصة من  العراق وكذلك ما نسمع من هجرة المسيحيين من سوريا  في هذه الأيام ) نتيجة الفلتان ألأمني والعنف الناتج من التعصب الديني والطائفي .

على ضوء كُلِّ هذه الأحداث التي شهدها الشرق الأوسط وبسبب الأضطهادات بحق المسيحيين في هذه الدول والهجرة الغير المسبوقة للمسيحيين من المنطقة وخاصة في العراق بعد سقوط بغداد سنة 2003 ، ولكون قداسة البابا ، راعي الكنيسة الكاثوليكية في العراق ولبنان وسوريا وفلسطين ، والأردن  فكان من  أولى  واجباته هو ألأهتمام برعيته والبحث عن السبل الكفيلة للتخفيف من آلامهم ومصائبهم والتدخل لوقف نزيف هجرتهم من اوطانهم  التي منها انطلق ألأيمان المسيحي وكانت هذه الدول شعاع نور للعالم كُلّه حيث من هذه الدول انطلق الرسل الأولون وفي هذه ألأراضي بنيت الكنائس ألأولى في العالم ومن ارض بين النهرين وبلاد الشام انطلق بشرى الخلاص لجميع الأمم .

كان أهم اهداف انعقاد سينودس أساقفة الشرق ألأوسط  هو لبحث السبل الكفيلة للمحافظة على سلامة المسيحيين والتخفيف من آلامهم  ووضع حد لنزيف الهجرة من هذا الشرق .

وقبل أن نخوض في أهم التوصيات في الأرشاد الرسولي  علينا ان نتوقف على بعض ما قاله البابا قبل وخلال زيارته للبنان ، وهي  أقوال علينا التأمل فيها  نحن مسيحيي هذا الشرق لكي تكون لنا نبراسا واطارا عاما للعمل به في السنوات المقبلة .

دعا البابا (بحضور الصحفيين الذين رافقوه على متن الطائرة ، التي أقلَّته من مطار عسكري في ايطاليا الى بيروت ) دول "الربيع العربي " الى صرخة ايجابية من أجل الحرية على أن تتجلى بالتسامح .
كما عبّر عن إدانته للأصوليات وتزوير الدين، ومهمة الكنيسة والأديان هي تنقية نفسها ، وهذه المهمة يجب أن تظهر بوضوح ، انّ كل رجل هو صورة الله يجب أن نحترمها بالآخر . ورأى أن الرسالة ألأساسية للدين يجب أن تكون رفض العنف الذي هو تحريف ، مثله مثل ألأصولية  ، مشددا على ضرورة وقف واردات السلاح الى سوريا ، واصفا هذه الأمر بالخطيئة الكبرى .

وقد ابدى قداسة البابا ،ولأول مرة ، عن رأيه في الثورات العربية ، اي ما سميَّ ب "الربيع العربي"
وتكلّم عن ايجابيات هذه الثورات ولكن ركّز ايضا على السلبيات التي قد تؤدي الى انحراف هذه الثورات، فاعتبر ان الانتفاضات في العالم العربي التي ادت الى الاطاحة بانظمة ديكتاتورية في تونس ومصر واليمن ايجابية.
واضاف: ان الربيع العربي امر ايجابي، رغبة بالمزيد من الديموقراطية والحرية والتعاون وبهوية عربية متجددة.
ان صرخة الحرية هذه الصادرة عن شباب متقدم اكثر ثقافيا ومهنيا، يرغب في المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية هي وعد وامر ايجابي جدا، وكانت موضع ترحيب تحديدا من قبلنا كمسيحيين.
وتابع قداسته  محذِّرا عن مخاطر الحريّات الغير المنضبطة والغير المسؤولة  قائلا : نعلم ان صرخة الحرية بمثل هذه الاهمية والايجابية تواجه مخاطر لجهة ان تغفل شقا جوهريا من الحرية وهو التسامح مع الاخر. علينا ان نقوم بكل شيء لكي يذهب مفهوم الحرية في الاتجاه الصحيح.
وعن تجديد مفهوم العيش المشترك والحوار بين ألأغلبية والأقلية  ، قال قداسته  :
"ان الكرامة العربية المتجددة تعني تجديد مفهوم العيش معا وتسامح الغالبية والاقلية ، الحرية يجب ان تتواكب مع حوار اشمل، وليس هيمنة طرف على الاخر.

ثم ألقى قداسة البابا كلمة باللغة الفرنسية( للوفود والمستقبلين من الأساقفة  بعد وصوله الى لبنان في قاعة استقبال في مطار حريري الدولي ) حرص خلالها على إدخال عبارتي "سلامي أعطيكم" و"يبارككم الله جميعاً" باللغة العربية  ....واضافة قائلا : "...وأنا أتعاطف مع الأحداث المؤلمة التي عاشها بلدكم(يقصد لبنان) في السنوات الماضية والأحداث التي عصفت في الشرق الأوسط .
وقد ركَّز قداسة البابا الحالي( والسابق )على لبنان كونه رسالة و نموذج فريد للتعايش بين مختلف الأديان والعقائد والقوميات العرقية ، وهو نموذج يصلح لكي يكون جسرا للتفاهم والحوار والأنفتاح والسلام بين الشرق ألأوسط (بكونه ذو غالبية مسلمة) وبين الغرب (الذي يستمد ثقافته من الجذور المسيحية ) لا بل نموذجا للعالم كُلِه .  وبهذا الخصوص يضيف البابا فيقول :
"برهنتم ا(أنتم اللبنانيين ) انه في هذه الأمة الصغيرة هناك تآخٍ وتوافق بين الكنائس المختلفة وهذا ضمن الروح الأخوية في الكنيسة الكاثوليكية. وفي الوقت نفسه، برهنتم عن الحوار والتآخي بين المسيحيين والطوائف الأخرى. وانتم تعرفون ان هذا التوازن هو توازن حسّاس جداً وهو إذا ما اختل يؤدي بنا الى ضغوط ليست ضغوطاً ضمن إطار التناغم، وهنا يجب ان نبدي حكمة عالية واعتدالاً عالياً. ويجب ان نبذل الجهود من أجل تأمين الخير للجميع. والحكمة هي أهم الصفات في هذا الإطار، لذلك نطلب من الله ان يعطيكم قلوباً حكيمة وذكية. وأعبر عن أهمية وجود الله في حياة كل واحد منكم وكيف ان طريقة العيش سوياً، وهذا الأخاء هو من الميزات الضرورية الموجودة في بلادكم. وهذه المبادئ ترتكز على سلوك الاهتمام بالآخر، وحب الآخر، والرغبة بوجود الأخوة بين الجميع.
إن هذا التوازن اللبناني الشهير ناجم عن الإرادة الجيدة وعن إلتزام كل اللبنانيين، وعندما يتوفّر ذلك قد ينتشر هذا التوازن في المنطقة لا بل في العالم.   وهنا لا نتحدث فقط عن العمل الإنساني، انه عمل إلهي، حيث يجب ان نطلب من الله بثبات وبلا كلل ان يحافظ هذا التوازن.       
كما قلنا ان العلاقة بين الكرسي الرسولي ولبنان تضرب في الأعماق، وجئت الى لبنان كصديق لله وصديق للبشر "سلامي أعطيكم".
وأصلي ايضاً من أجل كل بلدان الشرق الأوسط لإحلال السلام كصديق للسلام ولله وللسكان كل بلدان المنطقة مهما كانت انتماءاتهم ومهما كانت معتقداتهم.
       
وفي احتفال رسمي بتوقيع "ألأرشاد الرسولي من أجل الشرق ألأوسط "  يوم السبت 15 -9 – 2012 ، دعى البابا المدعويين الى ألأحتفال بانتصار التسامح على ألأنتقام والوحدة على  ألأنقسام واضاف قائلا :
"اننا مدعوون هنا والان الى الاحتفال بانتصار الحب على الكراهية، والتسامح على الانتقام، والخدمة على السيطرة،والتواضع على الكبرياء والوحدة على ألأنقسام . وقال في ضوء احتفالنا اليوم ، ونظرا للتطبيق المثمر للارشاد احضكم جميعا ان لا تخافوا وان تمسكوا بالحقيقة ونقاوة الايمان". وشدد على ان كنائس الشرق ألأوسط لا تخاف لأنَّ الرب معها حتى النهاية .
 وكان البابا دعا  ،من مقر الرئاسة اللبنانية في بعبدا شرق بيروت ، حيث التقى المسؤولين الرسميين والدينيين، المسؤولين الى صنع السلام. وقال "ايها السياسيون والدبلوماسيون ورجالات الدين، ويا رجال ونساء عالم الثقافة، أدعوكم (...) ان تشهدوا بشجاعة... وبالرغم من العراقيل المحيطة بكم، ان الله يريد السلام".
واشار الى ان "الواجب الأول لفتح مستقبل سلام للأجيال القادمة، هو التربية على السلام لبناء "ثقافة سلام" التي تحتِّم حظر كل عنف شفوي أو جسدي"
وتابع "يقتضي ان نقول لا للثأر، أن نعترف بأخطائنا، ونقبل الاعذار بدون التماسها، وأخيرا أن نغفر. لأن وحدها المغفرة الممنوحة والمقبولة تضع الأساسات الدائمة للمصالحة وللسلام للجميع".
وشدد على اهمية "الحرية الدينية"، "الحق الأساسي الذي تركن اليه الحقوق العديدة الاخرى. المجاهرة بالديانة وعيشها بحرية بدون أن يعرض الشخص حياته وحريته للخطر يجب أن يكون ممكنا للجميع".
وجاء هذا الكلام في وقت تسود اضطرابات في المنطقة احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة.     
كما حيا البابا بنديكتوس السادس عشر السبت، في اليوم الثاني من زيارته الى لبنان، "شجاعة الشباب السوري"، مبديا تعاطفه مع احزان السوريين، وذلك بعد ان كان جدد دعوته الى التسامح والتعايش والحرية
وقال البابا ، مساء السبت امام اكثر من 15 الف شاب وشابة تتراوح اعمارهم بين 17 و30 عاما تجمعوا في باحات مقر البطريركية المارونية في بكركي شمال بيروت ، "علمت ان بينكم شبابا قدموا من سوريا. اريد ان
أقول لهم كم أنا معجب بشجاعتهم" .
وتابع قائلا :" قولوا لعائلاتكم واصدقائكم أنَّ البابا لاينساكم . قولوا أنَّ البابا حزين بسبب إلامكم واحزانكم ، . إنَّه لاينسى سوريا في صلواته واهتماماته . لاينسى الشرق اوسطيون الذين يعانون " .
واعتبر البابا انَّ "الوقت حان لكي يتحد المسيحيون والمسلمون من اجل وضع حد للعنف والحروب"
ودعا البابا شباب لبنان الى عدم الهجرة، مؤكدا انه يدرك الصعوبات التي يعانون منها من "نقص الاستقرار والامن وصعوبات الحصول على عمل والشعور بالوحدة او التهميش"
وطلب منهم ان لا تدفعهم هذه الصعوبات الى "تذوق مرارة الهجرة مع مغادرة الارض والانفصال نحو مستقبل غير واضح المعالم.
وعن دور الشباب في المجتمع والكنيسة ، قال البابا :
 بالنسبة اليكم يجب ان تكونوا صانعي المستقبل في بلدكم وان تقوموا بدوركم في المجتمع والكنيسة" .
وفي كلمة لقداسة البابا القاها في القداس الألهي ليوم الأحد ، وهو اليوم الأخير لزيارته  للبنان ، لخَّص قداسته حياة وسلوك المسيحي  الحقيقي بقوله :
"أن نتبع المسيح يعني أن نحمل معه صليبه طوال هذا الدرب المزعج، هذا الدرب الذي يبعد عن القوة الأرضية والمجد الأرضي. هذا الدرب الذي يقودنا لنكران ذاتنا ولخسارة حياتنا من أجل المسيح ومن أجل الإنجيل لنحظى بالخلاص، فإننا واثقون من أنّ هذا الدرب يقودنا إلى القيامة والحياة الحقة والأكيدة مع الله
ختاما :
الأرشاد الرسولي لكنائس الشرق الأوسط ، كما يقول بطريرك طائفة الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث ، "هو موجه الى الكنيسة في الشرق الأوسط ولكن مضمونه ومحتواه وغايته موجه الى المشرق العربي بأسره إنطلاقا من لبنان.....إنّه شعار مسيحي – مسيحي  ، لكنه أيضا شعار مسيحي – اسلامي ، هو شعار يجب أن يعاش بتفاعل وتواصل مع أطياف هذه المنطقة وطوائفها ، إنَّه شركة وشهادة" .
أمّا أبرز ما جاء في الأرشاد الرسولي ،الذي وقَّع عليه قداسة البابا ، فيمكن قرائته في الموقع أدناه
http://noursat.tv/ar/papalvisit/pv-news-details.php?cid=213&id=4006#.UFQSIKEQhnk.facebook

88
هل آنَ الأوان لكي نعترف، بحقيقة ما يجري بحقِّنا ، نَحنُ مسيحيّي الشرق ألأوسط ؟

من يقرأ ألأحداث التاريخية ، منذ انطلاق الجيوش العربية الغازية من قلب الجزيرة العربية ، في بدايات القرن السابع الميلادي ، واحتلالها لمنطقة الشرق ألأوسط وشمال افريقيا  وسقوط القسطنطينة (1453 م ) قلعة الكنيسة الشرقية وصولا الى يومنا هذا ، سيصل الى نتائج بالغة الخطورة .
فالتاريخ يخبرنا عن تهديم مئات الكنائس وتحويلها الى جوامع منذ زمن عمر بن الخطاب (صاحب الشريعة العمرية التي جعلت من المسيحيين اذلاء مستعبدين) مرورا بالخلفاء الأمويين والعباسيين وصولا الى الخلفاء العثمانيين  الذين عملوا على أخلاء تركيا  بل الشرق ألأوسط من المسيحيين . فسواء خفَّ ألأضطهاد بحق المسيحيين في فترات ومراحل تاريخية  معيّنة ، لأسباب تكتيكية ( شريعة  التقيّة ) ، أو كان ألأضطهاد بمختلف الوسائل  واقع حال ويتم تطبيقه  في أرض الواقع في مراحل اخرى من التاريخ . فالوقائع والشهادات عبر التاريخ تؤكِّد لنا على تناقص نسبة المسيحيين في هذه الدول(من حوالي  70% الى حوالي -5 %) منذ الغزو العربي القادم من شبه الجزيرة العربية الى يومنا هذا .
وها هو اليوم ما يؤكِّد لنا ، تلك الحقائق التاريخية فهي لا زالت هي هي ، ويتم تطبيعها على أرض الواقع ، من خلال ممارسات الدول العربية بحق المسيحيين ، وخاصة بعد انتشار الفكر الأسلامي المتشدد في هذه الحقبة من التاريخ ، حيث تقوم هذه الدول  بتنفيذ  نفس الدور العثماني بمحاولات ترهيب واضطهاد المسيحيين في هذه البلدان بشتى الوسائل والطرق الغير الشرعية  ، سواء في العراق او مصر أو في  سوريا ولبنان وفلسطين  والسودان ، ( بالأضافة الى ما شهدناه  من الأضطهادات بحق المسيحيين في ايران وتركيا وفي اغلب الدول ألأسلامية ) .
هذا ألأضطهاد مبرمج ومنظم  وينفّذ بوسائل جهنَّمية مبتكرة ومخفية ، بمباركة غالبية رجال الدين والمرجعيات الأسلامية ، وبتنسيق مفضوح مع الصهيونية العالمية . ومن يقول غير هذا فهو جاهل في التاريخ ويحاول أن ينسى الماضي ويقول عفى عما سلف ، وبهذا يضع رأسه في الرمل كالنعامة التي تظنُّ أنها بهذا لن يصيدها الصيّاد .
 
إنَّ ما نقوله ليس محض إفتراض أو تكهنات أو مخاوف من المستقبل ، بل ما نقوله هو واقع حال ، فما حدث ويحدث للمسيحيين في هذا الشرق من ألأضطهادات والترهيب بمختلف الوسائل المعلنة والمبطّنة ، والأستيلاء على أراضي الكنائس وأراضي المواطنين المسيحيين سواء من قبل العرب  أو ألأتراك  أو الفرس أو ألأكراد خير دليل على ما نقوله اليوم . وكذلك  التغييرات الديموغرافية التي حدثت للمناطق التي كان يسكنها  شعبنا المسيحي خير شاهد على ذلك .
إن انتشار الثقافة الأسلامية المتشددة ، نلمسها ونراها اليوم ، فهي ظاهرة منتشره في أغلب الدول العربية والأسلامية ، وخاصة بعد الثورة الأسلامية (الشيعية )في ايران سنة 1979 ، التي كان شعارها تصدير هذه الثورة الى الدول الأسلامية والتي بسببها قامت الحرب ألأيرانية العراقية. وبالمقابل ، للثورة الشيعية الأسلامية في ايران ، ظهر تيار سني (وهابي) متشدد في الدول العربية والأسلامية  بقيادة السعودية (السنية) للحد من انتشار الثورة الأسلامية الشيعية  . وكان نتيجة هذا الصراع الرهيب ، بين المذهبين ، هو بمثابة حرب معلنة أحيانا وغير معلنة في احيان أخرى ( كما حدث في العراق  وما حدث في لبنان بين حزب الله الشيعية والأحزاب السنية ، وما حدث في اليمن  حيث جماعة الحوثيين المدعومين من قبل ايران ، وما حدث ويحدث في البحرين ، وانقسام الحكومة الفلسطينية الى شطرين والصراع الدموي بينهما  ، وما يحدث اليوم في سوريا من المذابح والقتل هو امتداد لهذه الحرب ...الخ ).
انَّ ما زاد الطين بلّة هي أحداث 11 ايلول سنة 2001 عندما ضَربت القاعدة أبراج نيويورك وراح ضحيّتها الاف المدنيين الأبرياء ، وهكذا أعطى هذا الحدث المزلزل المبررات للتدخل الغربي ، بقيادة أمريكية ، في الدول العربية والأسلامية بحجّة  كبح الأرهاب والقضاء عليه  . كان نتيجة هذا التدخل الغربي هو اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق والنظام الطالباني في أفغانستان . مما خلق نوع من الكراهية والحقد في كافة الدول العربية والأسلامية ضد أمريكا والغرب وأنعكس ذلك على مسيحيي الشرق الأوسط ، بلا مبرِّلر ، وخاصة في العراق ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان  . فكان هذا التدخل الغربي بمثابة وقود ليزيد النار اشتعالا في هذه الدول العربية والأسلامية ليحرق اليابس وألأخضر .
هذا هو خلاصة ما حدث ويحدث اليوم في الشرق الأوسط وكُلّ ذلك انعكس وينعكس على الشعب المسيحي المسالم الذي يؤمن بالسلام وينشد ألأمان والأستقرار ويتشبث بأرضه ووطنه بالرغم من هذا الكم الهائل من الأرهاب وألأضطهادات عبر مئات السنين الى يومنا هذا ، حيث لا يمرُّ يوما الاّ ونسمع عن حوادث متفرقة ، عن قتل وتفجير كنائس أو دهم بيوت المسيحيين والنوادي الأجتماعية وترهيب المسيحيين بالويلات في حالة عدم ترك كل ما يملكوه ويهاجروا . ولقد استفحلت ظاهرة الترهيب للمواطنين المسيحيين في كل الدول العربية والأسلامية بعد ما يسمى "الربيع العربي" وخاصة بعد انتشار الفكر التكفيري المتشدد للأحزاب الأسلامية التي تسلقت الى الحكم في غالبية الدول العربية وألأسلامية ، كأيران وتركيا والعراق ومصر وتونس وحتى الدول التي لا تحكمها ألأحزاب الأسلامية لكن مجتمعاتها تنتشر فيها ثقافة التعصب والحقد والكراهية  ضد المسيحيين . الغريب العجيب هو وقوف الدول الغربية (المتحضِّرة) متفرجة ،بسكوتها المطبق عمّا تمارسه الدول العربية والأسلامية من الأضطهادات والتهجير والترهيب بحق المسيحيين في هذه الدول، بينما تنص قوانين الأمم المتحدة بالتدخل لوقف اضطهادات الأقليات العرقية والدينية في حالات الأضطهادات الممنهجة لأي دولة من الدول بحق مواطنيها الأصليين .
إنَّ  الدساتير العربية وألأسلامية  تجعلنا نحن المسيحيين مستعبدين  وخاضعين للشريعة الأسلامية ، وبهذا يتم اليوم محاربة المسيحيين بطرق مبتكرة وحديثة باسم الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتي ليست الاَّ عبارات رنانة ولكنّها جوفاء فارغة المضمون والمعنى في ظل المادة الثانية من الدستور( كمثال على ذلك الدستور العراقي والمصري) التي تؤكد على ان القوانين جميعها مستمدّة من الشريعة الأسلامية . وهكذا يطلُّ علينا شبح ألأرهاب والأضطهاد ، بحق المسيحيين ، لكن بلباس الحق وباسم الحرية والعدالة والمساوات . وصدَّق من قال : "كم من البشر ذُبِحوا  باسمُك أيَّتها الحرية ".
علينا أن نصارح شعوبنا ، بهذا الواقع ألأليم  وعلى جميع المسيحيين سواء كانوا رؤساء دينيين أو دنيويين أن يقولوا الحقيقة ولا يكذبوا على أنفسهم او على شعوبهم ، وأن يحاولوا أن ينطلقوا من هذا الواقع المرير للتعامل مع المسلمين من جهة ومع المنظمات الدولية والدول الديمقراطية المتحضِّرة من جهة  اخرى ، مهما كانت نتائج ، هذا ألأعتراف ، خطيرا ومُرّأ ،لأنّنا ، كمسيحيين ، لم يبقى لنا ما نخسره بعد كلِّ ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر الذي نعيشه ونلمسه .أليوم علينا أن نضع النقاط على الحروف وأن نعترف بهذه الحقائق وننطلق من هذا الواقع ألأليم .
نحن المسيحيين بكافة طوائفنا وقومياتنا ، معرِّضين اليوم أكثر من أي وقت  آخر لمحاولات محو الهوية والذاكرة التاريخية ، بفرض الثقافة البدوية المتخلفة والتهديد والترهيب لترك اوطاننا ومقدساتنا وأراضينا ، ومحاولات  مسخ حضارتنا وتزوير تاريخنا . فهل ستبقى رؤسنا مغمورة في الرمال ، أم علينا مواجهة هذا الواقع بكل السبل القانونية والمشروعة ؟ . وهل رؤساء ورعاة كنائسنا سيصارحون أنفسهم بهذا الواقع  الجديد والقديم وينقلوا صراخ شعبهم  وأنينه ومأساته وتخوفه من المستقبل المظلم ، بكل أمانة وصدق الى البابا الذي سيزور لبنان في هذا الشهر ( 14 -16 أيلول ) ؟ . وهل سيسمعوا رؤساء احزابنا بكل فئاتهم لنداء شعبهم (الكداني السرياني الآشوري) لكي يتصالحوا  ويتوحّدوا ليكونوا قلبا واحدا وروحا واحدة وينسوا خلافاتهم ،الغير المبرّرة ، ليهبّوا ويتحرَّكوا ويتوحَّدوا بصوت واحد ويوصلوا حقيقة ما يجري بحق شعبهم الى المحافل الدوليَّة والمنظمات العالمية والأنسانية ؟ أسئلة علينا ألأجابة عليها قبل فوات الأوان ، حيث لن يفيدنا الندم ولا السلطة ولا المال ولا المناصب ، بل لن يرحمنا التاريخ ولن يغفروا لنا ألأجيال القادمة  .

نافع البرواري

89
هل آنَ الأوان لكي نعترف، بحقيقة ما يجري بحقِّنا ، نَحنُ مسيحيّي الشرق ألأوسط ؟

من يقرأ ألأحداث التاريخية ، منذ انطلاق الجيوش العربية الغازية من قلب الجزيرة العربية ، في بدايات القرن السابع الميلادي ، واحتلالها لمنطقة الشرق ألأوسط وشمال افريقيا  وسقوط القسطنطينة (1453 م ) قلعة الكنيسة الشرقية وصولا الى يومنا هذا ، سيصل الى نتائج بالغة الخطورة .
فالتاريخ يخبرنا عن تهديم مئات الكنائس وتحويلها الى جوامع منذ زمن عمر بن الخطاب (صاحب الشريعة العمرية التي جعلت من المسيحيين اذلاء مستعبدين) مرورا بالخلفاء الأمويين والعباسيين وصولا الى الخلفاء العثمانيين  الذين عملوا على أخلاء تركيا  بل الشرق ألأوسط من المسيحيين . فسواء خفَّ ألأضطهاد بحق المسيحيين في فترات ومراحل تاريخية  معيّنة ، لأسباب تكتيكية ( شريعة  التقيّة ) ، أو كان ألأضطهاد بمختلف الوسائل  واقع حال ويتم تطبيقه  في أرض الواقع في مراحل اخرى من التاريخ . فالوقائع والشهادات عبر التاريخ تؤكِّد لنا على تناقص نسبة المسيحيين في هذه الدول(من حوالي  70% الى حوالي -5 %) منذ الغزو العربي القادم من شبه الجزيرة العربية الى يومنا هذا .
وها هو اليوم ما يؤكِّد لنا ، تلك الحقائق التاريخية فهي لا زالت هي هي ، ويتم تطبيعها على أرض الواقع ، من خلال ممارسات الدول العربية بحق المسيحيين ، وخاصة بعد انتشار الفكر الأسلامي المتشدد في هذه الحقبة من التاريخ ، حيث تقوم هذه الدول  بتنفيذ  نفس الدور العثماني بمحاولات ترهيب واضطهاد المسيحيين في هذه البلدان بشتى الوسائل والطرق الغير الشرعية  ، سواء في العراق او مصر أو في  سوريا ولبنان وفلسطين  والسودان ، ( بالأضافة الى ما شهدناه  من الأضطهادات بحق المسيحيين في ايران وتركيا وفي اغلب الدول ألأسلامية ) .
هذا ألأضطهاد مبرمج ومنظم  وينفّذ بوسائل جهنَّمية مبتكرة ومخفية ، بمباركة غالبية رجال الدين والمرجعيات الأسلامية ، وبتنسيق مفضوح مع الصهيونية العالمية . ومن يقول غير هذا فهو جاهل في التاريخ ويحاول أن ينسى الماضي ويقول عفى عما سلف ، وبهذا يضع رأسه في الرمل كالنعامة التي تظنُّ أنها بهذا لن يصيدها الصيّاد .
 
إنَّ ما نقوله ليس محض إفتراض أو تكهنات أو مخاوف من المستقبل ، بل ما نقوله هو واقع حال ، فما حدث ويحدث للمسيحيين في هذا الشرق من ألأضطهادات والترهيب بمختلف الوسائل المعلنة والمبطّنة ، والأستيلاء على أراضي الكنائس وأراضي المواطنين المسيحيين سواء من قبل العرب  أو ألأتراك  أو الفرس أو ألأكراد خير دليل على ما نقوله اليوم . وكذلك  التغييرات الديموغرافية التي حدثت للمناطق التي كان يسكنها  شعبنا المسيحي خير شاهد على ذلك .
إن انتشار الثقافة الأسلامية المتشددة ، نلمسها ونراها اليوم ، فهي ظاهرة منتشره في أغلب الدول العربية والأسلامية ، وخاصة بعد الثورة الأسلامية (الشيعية )في ايران سنة 1979 ، التي كان شعارها تصدير هذه الثورة الى الدول الأسلامية والتي بسببها قامت الحرب ألأيرانية العراقية. وبالمقابل ، للثورة الشيعية الأسلامية في ايران ، ظهر تيار سني (وهابي) متشدد في الدول العربية والأسلامية  بقيادة السعودية (السنية) للحد من انتشار الثورة الأسلامية الشيعية  . وكان نتيجة هذا الصراع الرهيب ، بين المذهبين ، هو بمثابة حرب معلنة أحيانا وغير معلنة في احيان أخرى ( كما حدث في العراق  وما حدث في لبنان بين حزب الله الشيعية والأحزاب السنية ، وما حدث في اليمن  حيث جماعة الحوثيين المدعومين من قبل ايران ، وما حدث ويحدث في البحرين ، وانقسام الحكومة الفلسطينية الى شطرين والصراع الدموي بينهما  ، وما يحدث اليوم في سوريا من المذابح والقتل هو امتداد لهذه الحرب ...الخ ).
انَّ ما زاد الطين بلّة هي أحداث 11 ايلول سنة 2001 عندما ضَربت القاعدة أبراج نيويورك وراح ضحيّتها الاف المدنيين الأبرياء ، وهكذا أعطى هذا الحدث المزلزل المبررات للتدخل الغربي ، بقيادة أمريكية ، في الدول العربية والأسلامية بحجّة  كبح الأرهاب والقضاء عليه  . كان نتيجة هذا التدخل الغربي هو اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق والنظام الطالباني في أفغانستان . مما خلق نوع من الكراهية والحقد في كافة الدول العربية والأسلامية ضد أمريكا والغرب وأنعكس ذلك على مسيحيي الشرق الأوسط ، بلا مبرِّلر ، وخاصة في العراق ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان  . فكان هذا التدخل الغربي بمثابة وقود ليزيد النار اشتعالا في هذه الدول العربية والأسلامية ليحرق اليابس وألأخضر .
هذا هو خلاصة ما حدث ويحدث اليوم في الشرق الأوسط وكُلّ ذلك انعكس وينعكس على الشعب المسيحي المسالم الذي يؤمن بالسلام وينشد ألأمان والأستقرار ويتشبث بأرضه ووطنه بالرغم من هذا الكم الهائل من الأرهاب وألأضطهادات عبر مئات السنين الى يومنا هذا ، حيث لا يمرُّ يوما الاّ ونسمع عن حوادث متفرقة ، عن قتل وتفجير كنائس أو دهم بيوت المسيحيين والنوادي الأجتماعية وترهيب المسيحيين بالويلات في حالة عدم ترك كل ما يملكوه ويهاجروا . ولقد استفحلت ظاهرة الترهيب للمواطنين المسيحيين في كل الدول العربية والأسلامية بعد ما يسمى "الربيع العربي" وخاصة بعد انتشار الفكر التكفيري المتشدد للأحزاب الأسلامية التي تسلقت الى الحكم في غالبية الدول العربية وألأسلامية ، كأيران وتركيا والعراق ومصر وتونس وحتى الدول التي لا تحكمها ألأحزاب الأسلامية لكن مجتمعاتها تنتشر فيها ثقافة التعصب والحقد والكراهية  ضد المسيحيين . الغريب العجيب هو وقوف الدول الغربية (المتحضِّرة) متفرجة ،بسكوتها المطبق عمّا تمارسه الدول العربية والأسلامية من الأضطهادات والتهجير والترهيب بحق المسيحيين في هذه الدول، بينما تنص قوانين الأمم المتحدة بالتدخل لوقف اضطهادات الأقليات العرقية والدينية في حالات الأضطهادات الممنهجة لأي دولة من الدول بحق مواطنيها الأصليين .
إنَّ  الدساتير العربية وألأسلامية  تجعلنا نحن المسيحيين مستعبدين  وخاضعين للشريعة الأسلامية ، وبهذا يتم اليوم محاربة المسيحيين بطرق مبتكرة وحديثة باسم الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة والتي ليست الاَّ عبارات رنانة ولكنّها جوفاء فارغة المضمون والمعنى في ظل المادة الثانية من الدستور( كمثال على ذلك الدستور العراقي والمصري) التي تؤكد على ان القوانين جميعها مستمدّة من الشريعة الأسلامية . وهكذا يطلُّ علينا شبح ألأرهاب والأضطهاد ، بحق المسيحيين ، لكن بلباس الحق وباسم الحرية والعدالة والمساوات . وصدَّق من قال : "كم من البشر ذُبِحوا  باسمُك أيَّتها الحرية ".
علينا أن نصارح شعوبنا ، بهذا الواقع ألأليم  وعلى جميع المسيحيين سواء كانوا رؤساء دينيين أو دنيويين أن يقولوا الحقيقة ولا يكذبوا على أنفسهم او على شعوبهم ، وأن يحاولوا أن ينطلقوا من هذا الواقع المرير للتعامل مع المسلمين من جهة ومع المنظمات الدولية والدول الديمقراطية المتحضِّرة من جهة  اخرى ، مهما كانت نتائج ، هذا ألأعتراف ، خطيرا ومُرّأ ،لأنّنا ، كمسيحيين ، لم يبقى لنا ما نخسره بعد كلِّ ما جرى في الماضي وما يجري في الحاضر الذي نعيشه ونلمسه .أليوم علينا أن نضع النقاط على الحروف وأن نعترف بهذه الحقائق وننطلق من هذا الواقع ألأليم .
نحن المسيحيين بكافة طوائفنا وقومياتنا ، معرِّضين اليوم أكثر من أي وقت  آخر لمحاولات محو الهوية والذاكرة التاريخية ، بفرض الثقافة البدوية المتخلفة والتهديد والترهيب لترك اوطاننا ومقدساتنا وأراضينا ، ومحاولات  مسخ حضارتنا وتزوير تاريخنا . فهل ستبقى رؤسنا مغمورة في الرمال ، أم علينا مواجهة هذا الواقع بكل السبل القانونية والمشروعة ؟ . وهل رؤساء ورعاة كنائسنا سيصارحون أنفسهم بهذا الواقع  الجديد والقديم وينقلوا صراخ شعبهم  وأنينه ومأساته وتخوفه من المستقبل المظلم ، بكل أمانة وصدق الى البابا الذي سيزور لبنان في هذا الشهر ( 14 -16 أيلول ) ؟ . وهل سيسمعوا رؤساء احزابنا بكل فئاتهم لنداء شعبهم (الكداني السرياني الآشوري) لكي يتصالحوا  ويتوحّدوا ليكونوا قلبا واحدا وروحا واحدة وينسوا خلافاتهم ،الغير المبرّرة ، ليهبّوا ويتحرَّكوا ويتوحَّدوا بصوت واحد ويوصلوا حقيقة ما يجري بحق شعبهم الى المحافل الدوليَّة والمنظمات العالمية والأنسانية ؟ أسئلة علينا ألأجابة عليها قبل فوات الأوان ، حيث لن يفيدنا الندم ولا السلطة ولا المال ولا المناصب ، بل لن يرحمنا التاريخ ولن يغفروا لنا ألأجيال القادمة  .

نافع البرواري

90
المادة الثانية من الدستور العراقي تتعارض مع حقوق ألأنسان
الجزء الثاني
نافع البرواري
في الجزء الأول من المقالة ( 1) تطرقنا الى  المادة الثانية من الدستور العراقي (*) وكيف انَّ هذه المادة فيها اجحاف بحق شريحة كبيرة من العراقيين سواء كانوا من العلمانيين والأقليات الأخرى  كالمسيحيين واليزيديين والصابئة ، وكل الذين ينشدون دولة مدنية فيها يتساوى جميع المواطنين  في الحقوق والواجبات والمساوات والعدالة الأجتماعية وحرية العقيدة وحرية الرأيي وجميع المبادئ التي نص عليها مشرعوا حقوق الأنسان .
وفي هذه المقالة ، والمقالة التي ستليها ، سنستعرض بعض آراء المختصين والباحثين والمحللين لنص المادة الثانية من الدستور العراقي والتي تؤكد لنا أنَّ  الدستورالحالي ،في العراق( وفي غالبية الدول العربية ) وبوجود المادة الثانية فيه ، قد عطّلت وشلّت جميع المواد الأخرى ، الخاصة بالحريات والأحوال الشخصية وكل ما يتعارض مع حقوق الأنسان التي شرعته الأمم المتحدة .
يقول ألقاضي زهير كاظم عبود(قاضي وباحث عراقي)(2) :
"ان أصرارالمسودّة في المادة( 2 ) على ان يكون الديـــن اﻻسﻼمي(  دين الدولــــة الرسمي ) يتعارض مع المنطق والواقع ، فالدولة شخص معنوي اعتباري وهمي لاوجود له ، وقد أخترعه فقهاء القانون لتسهيل أمور كثيرة ، ولا يمكن للشخص الوهمي أن يكون له دين المنطق والواقع، فالدولة شخص معنوي أعتباري وهمي ﻻوجود له، وقد أخترعه فقهاء القانون لتسهيل امور كثيرة، ولايمكن للشخص الوهمي ان يكون له دين، مثلما لايمكن لهذا الشخص اﻻلتزام بموجبات الديانة اﻻسﻼمية، وهذا اﻷمر ﻻيعدو اﻻ تكراراً لمقولة  أوردتها الدساتيرالموقَّة السابقة دون أي معنى، وأبقاء  الدين  اﻻسﻼمي  دينا  رسميا  للدولة  خدعة  دأبت  السلطات  البائدة  على  تمريرها  في  دساتيرها الموقَّتة  على ابناء شعبنا، فلم تكن الحكومات السابقة مطلقة تدين بدين أو تلتزم بعقائد دينية، واحترام ﻻيختلف عليه أحد، وأن هذا اﻷمر لايمس بأي شكل من اﻷشكال بالديــن اﻻسﻼمي أو بأعتقاد الغالبية الكبيرة من العراقيين  به والتزامهم باسسه . أن ماورد في الفقرة ثالثا من المادة ( 2 ) يكرر نظرة السلطات السابقة لﻼديان العراقية حيث كررت العبارة الواردة في نصوص الدساتير الموقتة، كون العراق يتكون من اﻻسﻼم والمسيحية و( اﻷديان اﻷخرى).
، في حين ورد نص العبارة غامضاً كون الدستور يضمن كاملالحقوق الدينية لجميع اﻷفراد في حرية العقيدة والممارسة  الدينية، كمحاولة لﻸبتعاد عن اﻷقرار بحقيقة اﻷديان التي يعتقد بها اهل العراق ..... مع أن اﻷمر يتطلب أن يكون الدستور صريحاً وواضحاً وأمينا على مايعتقد به اهل العراق من اﻷديان التوحيدية التي تنسجم مع اﻻسﻼم في توحيدها اﷲ وهي المسيحية واليهودية والمندائية واﻷيزيدية،
ودون أن يرد ذكر تلك الديانات التي يجب ان تحمل المسودة ما يكفي من الجرأة لتشير الى أعتراف الدستور بوجود هذه اﻷديان في العراق وكون الدستور يقر بها بكل ما في معاني الكلمة من أقرار وصراحة دون مواربة .
 أن اختزال كل اﻷديان العراقية من غير اﻻسﻼم بعبارة ضمان حقوق الديانات والممارسة الدينية، عبارة
توحي بنص خجول من كشف الحقيقة، وتلك النظرة التي سادت العقل المتطرف البعيد عن المنطق والواقع، ونشعر اننا بحاجة ماسة للكشف عن مكونات الجسد العراقي في وجود اﻷيزيديييمن والمندائيين والمسيحيين واليهود الموسويين  معنا جنباً الى جنب مع اﻻسﻼميين بكل مذاهبهم ومدارسهم الفكرية، اليس هذا ماكنا نحلم به ونطمح اليه؟

أما الكاتب أسعد  فكتب في موقع الحوار المتمدن مقالة بعنوان المجتمع المدني فيقول(3)
 إن الغرض الاساسي من الدستور هو مساواة جميع المواطنين في الحقوق و الواجبات أمام القانون وأيضا حفظ حقوق الاقليات من أن تجور عليها الاغلبية, كما يكفل الدستور للمواطن حق ممارسة حريته الشرعية التي ينص عليها الدستور و يحددها القانون عبارة "الاسلام دين الدولة"(الورادة في المادة الثانية من الدستور) هو بمثابة قرار بشكل و نظام الحكم في الدولة , و هذا النص يجعل الدولة دينية ثيوقراطية و ليست ديموقراطية , و الشكلان متعارضان تماما, فإذا كان المواطن لا يعتنق الدين الاسلامي فهو ضد الدولة و الدولة ضده
يُلغي العملية الديموقراطية من أساسها ......... لا يوجد كتاب مرجع أو عدّة مجلدات معتمدة إسمها الشريعة الاسلامية يمكن للمواطن أن يطّلع عليها و يحتفظ بنسخة منها مثل الدستور , و إذا أوجدناها فمن هي الجهة المسؤولة و المعتمدة لتصدر هذا المجلد المسمي بالشريعة الاسلامية؟
يجعل القاضي مشـرّعا و ليس قاضيا, فهو مسؤول عن تطبيق الشريعة التي هي فوق الدستور و فوق القانون فيتحول القاضي من حَكَم يحكم بنص القانون الي مفتي يبحث أيضا في تفسير القانون و بذلك يتخطي القاضي الدستور و يصبح الدستور غير ذي جدوي.....
الشريعة الاسلامية بحسب تسميتها "إسلامية" تحكم علي المسلمين بحسب دينهم و عقائدهم , فإذا كان تطبيق الشريعة الاسلامية يُفرَض علي غير المسلمين فهذا غبن الاغلبية ضد الأقلية, بينما الدستور يُفترض فيه أن يحمي الاقلية من إستبداد الاغلبية , فهو موضوع لكي يتساوي الجميع في الحقوق و الواجبات.
منطق واحد في الشريعة الاسلاميه ستتفق عليه جميع المذاهب الاسلامية هو تكفير المسيحيين بالقرآن و إستحلال دمهم و أموالهم بالقرآن و جميع الفتاوي الاسلامية علي الانترنت تؤكد ذلك.

أمّا الكاتب فالح عبدالجبار (4)(معهد العراق للدراسات ألأستراتيجية ) فيقول :
يتضمّن الدستور العراقي الجديد كثير من البنود المتخلِّفة ، المثيرة للقلق ، مثلما يتضمَّن موادا حضارية بالغة الرقي ، قياسا بالدساتير العربية ......ثمة بنود متخلفة تدفع بأتجاه أسلمة النظام السياس بأعطاء المرجعيات الدينية دور الحكم الفصل في تحديد معنى ألأسلام ، نظرا لأنَّ الدستور يحظر سن أي قانون يتعارض مع ما يسمّى ب "أحكام وثوابت ألأسلام" دون وجود أي آتفاق على ماهي هذه ألأحكام والثوابت . ويتجاهل العالم العربي ببلاهة نادرة أنَّه لا يوجد إسلام واحد ، وأنَّ المذاهب وألأجتهادات تُشطِّر العالم ألأسلامي في ألأعماق.
ويضيف الكاتب قائلا : والخطر ألآخر الذي ينطوي عليه الدستور هو احتمال أن يفتح الباب لأخضاع مؤسسة التشريع ( البرلمان) لهيمنة الأكليروس إذا ما أفلحت الجهود الجارية لتسريب أصحاب العمائم الى المحكمة الدستورية ، أعلى هيئة للبت في دستورية القوانين . ....فصوغ الدستور الحالي ، يفتح الباب للديمقراطية في جانب ، ويغلقه في جانب آخر.بتعبير آخر ثمة إحتمال يشتد كلِّ يوم بفتح بوابات ديكتاتورية دينية على الغرار ألأيراني في جل المناطق العربية ، بما في ذلك العاصمة بغداد ، ألأستثناء الوحيد إقليم كردستان ، حيث يميل الموازين لصالح القوى القومية واليسارية ذات المنحى العلماني.
 ويتسائل الكاتب ويستغرب من قبول العلمانيين لهذا الدستور فيقول:
" كما أنَّ قبول المعترضين (وجلهم علمانيون سابقون) باسلمة الدولة ، وهو الخطر ألأكبر ، يبدو غريبا ، في ضوء علمانية جل القوى القومية العربية . ولعلَّ مرد قصر النظر السياسي هذا يرجع الى تحالفهم (الموقت بايِّ حال) مع السلفيين المتزمِّتين ، دعاة الحرب الطائفية ، ولعلهه يرجع أيضا الى دوافع ألأنتقام القديمة.

وعن علاقة الدين والدولة (تسييس الدين ) في الصراع على الدستور يقول الكاتب:
باتت قضية العﻼقة بين  الدين والدولة، أو بتحديد أدق هل يكون اﻹسﻼم المصدر الوحيد للتشريع، أم مصدراً واحداً من مصادره؟، واحدة من المشكلات الكبرى التي تواجه دول المنطقة، في الفكر والسياسة معاً،  منذ  صعود  اﻻسﻼم  السياسي  في  سبعينات  القرن المنصرم . فالدساتير  في  البلدان  العربية والمسلمة  تورد بند «اﻹسﻼم دين الدولة» كتحصيل حاصل رغم أن جل دول العالم (140 دولة مثﻼً)لا تورد ذكراً لدينها ..... ويبدو لي أن إصرارممثلي اﻹسﻼم السياسي المحافظينعلى إدراج اﻻسﻼم (أو الشريعة) مصدراً وحيداً للتشريع على قاعدة «أن التشريع ﷲ وحده»، يشبه إصرار العسكر على تسمية جمهورياتهم اﻷسرية بـ“اﻻشتراكية“ و“الشعبية“. فهو إدعاء أيديولوجي بامتياز، نظراً ﻷن تحريم حق البشر الفانين في التشريع ينطبق على القائلين به مثلما ينطبق على غيرهم، وأي استثناء يعني إدعاء نوع من اﻷلوهية غريب. يخاف اﻹسﻼميون المحافظون العلمانية باعتبارها إنكاراً لﻼديان، وهذا خلط بالألحاد الفلسفي..... ان الدعوة لفرض اﻹسﻼم (أو الشريعة) كمصدر وحيد للتشريع تنطوي ضمناً أو صراحة على حكم رجال الدين لتفسير  معنى  اﻹسﻼم ، ووضع فئة  واحدة لا تزيد عن بضعة الاف موضع القيم على تفكير الملايين ، وإحلال ألأكليروس محل ألأمة  ..... ونﻼحظ أن مساعي «أسلمة» الدستور تترافق مع عمل قاعدي لـ“أسلمة“ المجتمع، بفرض الحجاب على المرأة ( المرأة هي الهدف ألأول دوما ) وفصل الجنسين ، بل تحريم المصافحة ، وغلق دور السينما ، ومنع الموسيقى (جرى تحطيم محلات بيع ألأشرطة) ، وغلق محلات حلاقة النساء ، علاوة على تحديد نمط معين من حلاقة الرجال ( أُغتيل عشرات الحلاقين في بغداد وجوارها) . وبهذا تختزل ألأسلمة سياسيا الى إحتكار الفقهاء أو ألأسلاميين لحق الحكم تنفيذا وتشريعا ، كما تختزل إجتماعيا الى إختراق المجال الخاص للفرد ، وفرض منظومة قيمية محدّدة (محافظة في الأغلب) للملبس والمأكل والمشرب وغير ذلك ، عدا هذا لايملك ألأسلامييون برنامجا. وتجد هذه النزعة المحافظة في خدمتها ريفيين مخلوعين يتلذّذون برمي بنات الحواضر السافرات بالحجارة ، أو فئات هامشية عدوانية ، محطّمة روحيا بحكم العوز والأهمال ، وهي مستعدة لأن تنزل بالهراوات على طلبات الجامعة أو تطلق النار على الحلاقين .
ويلخص الكاتب ما يريد الوصول اليه بالقول"
"وبأختصار تتشكل النزعة المحافظة من تحالف عريض لا يقتصر على الفقهاء أو الزعامات التقليدية ، اذ ينجذب الى هذه الحركة ، في طور صعودها عدد من الراغبين في ألأفادة من فرص الصعود ألأجتماعي . وحين يجري ذلك في دولة متعددة المذاهب وألأديان ومتنوعة في تنظيمها ألأجتماعي والقيمي (بين ريف وحضر وبلدات طرفية) ، فإنّه يكون وصفة للخراب !!!!!!!!!!!!!!"

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
http://www.ishtartv.com/viewarticle,43429.html  (1)
(2)   http://www.iraqdemocracypapers.org/images/volume6web.pdf

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=97124 (3)
   http://www.iraqdemocracypapers.org/images/volume6web.pdf(4)
 (*)
نص المادة الثانية من الدستور العراقي:
المادة (2)

91
المادة الثانية من الدستور العراقي تتعارض مع حقوق ألأنسان
الجزء الثاني
نافع البرواري
في الجزء الأول من المقالة ( 1) تطرقنا الى  المادة الثانية من الدستور العراقي (*) وكيف انَّ هذه المادة فيها اجحاف بحق شريحة كبيرة من العراقيين سواء كانوا من العلمانيين والأقليات الأخرى  كالمسيحيين واليزيديين والصابئة ، وكل الذين ينشدون دولة مدنية فيها يتساوى جميع المواطنين  في الحقوق والواجبات والمساوات والعدالة الأجتماعية وحرية العقيدة وحرية الرأيي وجميع المبادئ التي نص عليها مشرعوا حقوق الأنسان .
وفي هذه المقالة ، والمقالة التي ستليها ، سنستعرض بعض آراء المختصين والباحثين والمحللين لنص المادة الثانية من الدستور العراقي والتي تؤكد لنا أنَّ  الدستورالحالي ،في العراق( وفي غالبية الدول العربية ) وبوجود المادة الثانية فيه ، قد عطّلت وشلّت جميع المواد الأخرى ، الخاصة بالحريات والأحوال الشخصية وكل ما يتعارض مع حقوق الأنسان التي شرعته الأمم المتحدة .
يقول ألقاضي زهير كاظم عبود(قاضي وباحث عراقي)(2) :
"ان أصرارالمسودّة في المادة( 2 ) على ان يكون الديـــن اﻻسﻼمي(  دين الدولــــة الرسمي ) يتعارض مع المنطق والواقع ، فالدولة شخص معنوي اعتباري وهمي لاوجود له ، وقد أخترعه فقهاء القانون لتسهيل أمور كثيرة ، ولا يمكن للشخص الوهمي أن يكون له دين المنطق والواقع، فالدولة شخص معنوي أعتباري وهمي ﻻوجود له، وقد أخترعه فقهاء القانون لتسهيل امور كثيرة، ولايمكن للشخص الوهمي ان يكون له دين، مثلما لايمكن لهذا الشخص اﻻلتزام بموجبات الديانة اﻻسﻼمية، وهذا اﻷمر ﻻيعدو اﻻ تكراراً لمقولة  أوردتها الدساتيرالموقَّة السابقة دون أي معنى، وأبقاء  الدين  اﻻسﻼمي  دينا  رسميا  للدولة  خدعة  دأبت  السلطات  البائدة  على  تمريرها  في  دساتيرها الموقَّتة  على ابناء شعبنا، فلم تكن الحكومات السابقة مطلقة تدين بدين أو تلتزم بعقائد دينية، واحترام ﻻيختلف عليه أحد، وأن هذا اﻷمر لايمس بأي شكل من اﻷشكال بالديــن اﻻسﻼمي أو بأعتقاد الغالبية الكبيرة من العراقيين  به والتزامهم باسسه . أن ماورد في الفقرة ثالثا من المادة ( 2 ) يكرر نظرة السلطات السابقة لﻼديان العراقية حيث كررت العبارة الواردة في نصوص الدساتير الموقتة، كون العراق يتكون من اﻻسﻼم والمسيحية و( اﻷديان اﻷخرى).
، في حين ورد نص العبارة غامضاً كون الدستور يضمن كاملالحقوق الدينية لجميع اﻷفراد في حرية العقيدة والممارسة  الدينية، كمحاولة لﻸبتعاد عن اﻷقرار بحقيقة اﻷديان التي يعتقد بها اهل العراق ..... مع أن اﻷمر يتطلب أن يكون الدستور صريحاً وواضحاً وأمينا على مايعتقد به اهل العراق من اﻷديان التوحيدية التي تنسجم مع اﻻسﻼم في توحيدها اﷲ وهي المسيحية واليهودية والمندائية واﻷيزيدية،
ودون أن يرد ذكر تلك الديانات التي يجب ان تحمل المسودة ما يكفي من الجرأة لتشير الى أعتراف الدستور بوجود هذه اﻷديان في العراق وكون الدستور يقر بها بكل ما في معاني الكلمة من أقرار وصراحة دون مواربة .
 أن اختزال كل اﻷديان العراقية من غير اﻻسﻼم بعبارة ضمان حقوق الديانات والممارسة الدينية، عبارة
توحي بنص خجول من كشف الحقيقة، وتلك النظرة التي سادت العقل المتطرف البعيد عن المنطق والواقع، ونشعر اننا بحاجة ماسة للكشف عن مكونات الجسد العراقي في وجود اﻷيزيديييمن والمندائيين والمسيحيين واليهود الموسويين  معنا جنباً الى جنب مع اﻻسﻼميين بكل مذاهبهم ومدارسهم الفكرية، اليس هذا ماكنا نحلم به ونطمح اليه؟

أما الكاتب أسعد  فكتب في موقع الحوار المتمدن مقالة بعنوان المجتمع المدني فيقول(3)
 إن الغرض الاساسي من الدستور هو مساواة جميع المواطنين في الحقوق و الواجبات أمام القانون وأيضا حفظ حقوق الاقليات من أن تجور عليها الاغلبية, كما يكفل الدستور للمواطن حق ممارسة حريته الشرعية التي ينص عليها الدستور و يحددها القانون عبارة "الاسلام دين الدولة"(الورادة في المادة الثانية من الدستور) هو بمثابة قرار بشكل و نظام الحكم في الدولة , و هذا النص يجعل الدولة دينية ثيوقراطية و ليست ديموقراطية , و الشكلان متعارضان تماما, فإذا كان المواطن لا يعتنق الدين الاسلامي فهو ضد الدولة و الدولة ضده
يُلغي العملية الديموقراطية من أساسها ......... لا يوجد كتاب مرجع أو عدّة مجلدات معتمدة إسمها الشريعة الاسلامية يمكن للمواطن أن يطّلع عليها و يحتفظ بنسخة منها مثل الدستور , و إذا أوجدناها فمن هي الجهة المسؤولة و المعتمدة لتصدر هذا المجلد المسمي بالشريعة الاسلامية؟
يجعل القاضي مشـرّعا و ليس قاضيا, فهو مسؤول عن تطبيق الشريعة التي هي فوق الدستور و فوق القانون فيتحول القاضي من حَكَم يحكم بنص القانون الي مفتي يبحث أيضا في تفسير القانون و بذلك يتخطي القاضي الدستور و يصبح الدستور غير ذي جدوي.....
الشريعة الاسلامية بحسب تسميتها "إسلامية" تحكم علي المسلمين بحسب دينهم و عقائدهم , فإذا كان تطبيق الشريعة الاسلامية يُفرَض علي غير المسلمين فهذا غبن الاغلبية ضد الأقلية, بينما الدستور يُفترض فيه أن يحمي الاقلية من إستبداد الاغلبية , فهو موضوع لكي يتساوي الجميع في الحقوق و الواجبات.
منطق واحد في الشريعة الاسلاميه ستتفق عليه جميع المذاهب الاسلامية هو تكفير المسيحيين بالقرآن و إستحلال دمهم و أموالهم بالقرآن و جميع الفتاوي الاسلامية علي الانترنت تؤكد ذلك.

أمّا الكاتب فالح عبدالجبار (4)(معهد العراق للدراسات ألأستراتيجية ) فيقول :
يتضمّن الدستور العراقي الجديد كثير من البنود المتخلِّفة ، المثيرة للقلق ، مثلما يتضمَّن موادا حضارية بالغة الرقي ، قياسا بالدساتير العربية ......ثمة بنود متخلفة تدفع بأتجاه أسلمة النظام السياس بأعطاء المرجعيات الدينية دور الحكم الفصل في تحديد معنى ألأسلام ، نظرا لأنَّ الدستور يحظر سن أي قانون يتعارض مع ما يسمّى ب "أحكام وثوابت ألأسلام" دون وجود أي آتفاق على ماهي هذه ألأحكام والثوابت . ويتجاهل العالم العربي ببلاهة نادرة أنَّه لا يوجد إسلام واحد ، وأنَّ المذاهب وألأجتهادات تُشطِّر العالم ألأسلامي في ألأعماق.
ويضيف الكاتب قائلا : والخطر ألآخر الذي ينطوي عليه الدستور هو احتمال أن يفتح الباب لأخضاع مؤسسة التشريع ( البرلمان) لهيمنة الأكليروس إذا ما أفلحت الجهود الجارية لتسريب أصحاب العمائم الى المحكمة الدستورية ، أعلى هيئة للبت في دستورية القوانين . ....فصوغ الدستور الحالي ، يفتح الباب للديمقراطية في جانب ، ويغلقه في جانب آخر.بتعبير آخر ثمة إحتمال يشتد كلِّ يوم بفتح بوابات ديكتاتورية دينية على الغرار ألأيراني في جل المناطق العربية ، بما في ذلك العاصمة بغداد ، ألأستثناء الوحيد إقليم كردستان ، حيث يميل الموازين لصالح القوى القومية واليسارية ذات المنحى العلماني.
 ويتسائل الكاتب ويستغرب من قبول العلمانيين لهذا الدستور فيقول:
" كما أنَّ قبول المعترضين (وجلهم علمانيون سابقون) باسلمة الدولة ، وهو الخطر ألأكبر ، يبدو غريبا ، في ضوء علمانية جل القوى القومية العربية . ولعلَّ مرد قصر النظر السياسي هذا يرجع الى تحالفهم (الموقت بايِّ حال) مع السلفيين المتزمِّتين ، دعاة الحرب الطائفية ، ولعلهه يرجع أيضا الى دوافع ألأنتقام القديمة.

وعن علاقة الدين والدولة (تسييس الدين ) في الصراع على الدستور يقول الكاتب:
باتت قضية العﻼقة بين  الدين والدولة، أو بتحديد أدق هل يكون اﻹسﻼم المصدر الوحيد للتشريع، أم مصدراً واحداً من مصادره؟، واحدة من المشكلات الكبرى التي تواجه دول المنطقة، في الفكر والسياسة معاً،  منذ  صعود  اﻻسﻼم  السياسي  في  سبعينات  القرن المنصرم . فالدساتير  في  البلدان  العربية والمسلمة  تورد بند «اﻹسﻼم دين الدولة» كتحصيل حاصل رغم أن جل دول العالم (140 دولة مثﻼً)لا تورد ذكراً لدينها ..... ويبدو لي أن إصرارممثلي اﻹسﻼم السياسي المحافظينعلى إدراج اﻻسﻼم (أو الشريعة) مصدراً وحيداً للتشريع على قاعدة «أن التشريع ﷲ وحده»، يشبه إصرار العسكر على تسمية جمهورياتهم اﻷسرية بـ“اﻻشتراكية“ و“الشعبية“. فهو إدعاء أيديولوجي بامتياز، نظراً ﻷن تحريم حق البشر الفانين في التشريع ينطبق على القائلين به مثلما ينطبق على غيرهم، وأي استثناء يعني إدعاء نوع من اﻷلوهية غريب. يخاف اﻹسﻼميون المحافظون العلمانية باعتبارها إنكاراً لﻼديان، وهذا خلط بالألحاد الفلسفي..... ان الدعوة لفرض اﻹسﻼم (أو الشريعة) كمصدر وحيد للتشريع تنطوي ضمناً أو صراحة على حكم رجال الدين لتفسير  معنى  اﻹسﻼم ، ووضع فئة  واحدة لا تزيد عن بضعة الاف موضع القيم على تفكير الملايين ، وإحلال ألأكليروس محل ألأمة  ..... ونﻼحظ أن مساعي «أسلمة» الدستور تترافق مع عمل قاعدي لـ“أسلمة“ المجتمع، بفرض الحجاب على المرأة ( المرأة هي الهدف ألأول دوما ) وفصل الجنسين ، بل تحريم المصافحة ، وغلق دور السينما ، ومنع الموسيقى (جرى تحطيم محلات بيع ألأشرطة) ، وغلق محلات حلاقة النساء ، علاوة على تحديد نمط معين من حلاقة الرجال ( أُغتيل عشرات الحلاقين في بغداد وجوارها) . وبهذا تختزل ألأسلمة سياسيا الى إحتكار الفقهاء أو ألأسلاميين لحق الحكم تنفيذا وتشريعا ، كما تختزل إجتماعيا الى إختراق المجال الخاص للفرد ، وفرض منظومة قيمية محدّدة (محافظة في الأغلب) للملبس والمأكل والمشرب وغير ذلك ، عدا هذا لايملك ألأسلامييون برنامجا. وتجد هذه النزعة المحافظة في خدمتها ريفيين مخلوعين يتلذّذون برمي بنات الحواضر السافرات بالحجارة ، أو فئات هامشية عدوانية ، محطّمة روحيا بحكم العوز والأهمال ، وهي مستعدة لأن تنزل بالهراوات على طلبات الجامعة أو تطلق النار على الحلاقين .
ويلخص الكاتب ما يريد الوصول اليه بالقول"
"وبأختصار تتشكل النزعة المحافظة من تحالف عريض لا يقتصر على الفقهاء أو الزعامات التقليدية ، اذ ينجذب الى هذه الحركة ، في طور صعودها عدد من الراغبين في ألأفادة من فرص الصعود ألأجتماعي . وحين يجري ذلك في دولة متعددة المذاهب وألأديان ومتنوعة في تنظيمها ألأجتماعي والقيمي (بين ريف وحضر وبلدات طرفية) ، فإنّه يكون وصفة للخراب !!!!!!!!!!!!!!"

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------

http://www.ishtartv.com/viewarticle,43429.html  (1)
(2)   http://www.iraqdemocracypapers.org/images/volume6web.pdf

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=97124 (3)
   http://www.iraqdemocracypapers.org/images/volume6web.pdf(4)
 (*)
نص المادة الثانية من الدستور العراقي:
المادة (2)

92


المادة الثانية من الدستور العراقي تتعارض مع  حقوق ألأنسان
الجزء ألأول
نافع البرواري
في خضم ما نشهده من الأحداث  التراجيدية في الدول العربية بما يسمى بالربيع العربي
وبالرجوع الى شعارات الأحزاب الأسلامية التي تنادي بها وبالأستناد على الواقع الذي نشهده في العراق ومصر وتونس وغيرها من الدول العربية ، وبعد دراسة  الدساتير الحالية والتي سوف تظهر في ظل الحكومات التي تسيطر عليها التيارات ألأسلامية  ، سنصل الى نتيجة في غاية الخطورة ويجب أن لا تغيب عن الواعيين من الناس ، وهي أنَّ هذه ألأحزاب استطاعت في بعض هذه الدول أن ترسِّخ دساتيرها المستمدة من الشريعة ألأسلامية لكي تكون المصدر الأساسي في التشريع . وهذا  يعني ، بحسب رأيي  الكثيرين من المختصين بالقوانين  التشريعية ( وسوف نتطرّق الى بعض آراء المفكرين في الجزء الثاني للمقالة في تحليلهم للفقرة الثانية من الدستور العراقي وحتى المصري )  ، الى شل وإبطال مفعول كُلِّ المواد والفقرات الأخرى في هذه الدساتير التي تنص على حقوق وواجبات المواطنين وحقهم في حرية الراي والعقيدة والمساوات والعدالة الأجتماعية وتهمِّيش الكثير من المواد الواردة في نصوص  وثيقة حقوق الأنسان ، بل نستطيع أن نقول أنّ المادة الثانية في الدستور هو يناقض جميع المواد الأخرى التي تخص الحرية والديمقراطية وحقوق ألأنسان .
ولتوضيح هذه الحقائق سوف نأخذ الباب ألأول المادة الثانية من الدستور العراقي
الباب ألأول
المادة (2)
 تنص المادة الثانية من الدستور على مايلي:
أولا: ألأسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساس للتشريع
أ – لا بجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام ألأسلام
ب – لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية
ج – لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات ألأساسية الواردة في هذا الدستور
ثانيا : يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية ألأسلامية لغالبية الشعب ألعراقي ، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع ألأفراد في الحرية والممارسة الدينية ، كالمسيحين ، وألأيزيديين ، والصائبة والمندائيين .
فقرتان غامضتان ومبهمتان تشُلاّن جميع المواد الأخرى في الدستور التي تنص على الحرية والديمقراطية وحقوق ألأنسان ( كما ورد في المادة 7 والمادة 14 والمادة 35  والمادة 39 والمادة 40)، و لن تسطيع السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية الوصول الى تفسيرهما والأتفاق على مضمونهما ، وسوف تضل موضوع جدل وخلاف بين هذه السلطات الثلاثة طالما لاتوجد وثيقة ملحقة بهاتين الفقرتين تشرح وتحدد فحوى ومعنى ومصدر التشريع الأسلامي ، لتستند عليه المحاكم التشريعية والقضائية في فهمها وتطبيقها .
وعند قرائتنا وتحليلنا لهذين النصين في المادة الثانية أعلاه قانونيا و منطقيا وتطبيقيا في أرض الواقع ، سنصل الى أنّ هذين النصين سيلغيان كُلّ ما ورد في النصوص الأخرى  عن حقوق المواطنين المشروعة في الدستور بدئا من المواطنين المسلمين الغير المنتمين للأحزاب ألأسلامية (الليبراليين ، والعلمانيين ) وكذلك المسيحيين والمعتقدات الأخرى وأنتهاء بكلّ الذين ينشدون  دستورا مدنيا بعيد عن اي نص ديني قد يكبِّله بثوابت مقدسة لايمكن تغييرها أو شريعة هلامية لايتفق عليها حتى الشيعة والسنة لأختلافهم في  فقه الشريعة ألأسلامية  ، وسوف يختلف في تفسيرها وتطبيقها في العراف خاصة ، لوجود  طوائف واديان وشعوب مختلفة في العقيدة والقومية والمذهبية .
ومن خلال هذين النصين ايضا سنصل الى حقيقة مرة وهي :أنَّ الدولة العراقية (الحالية) هي دولة دينية ، والدليل النهج الذي يمارسه نظام الحكم الحالي وعلى رأسها حزب الدعوى ألأسلامي ، وكلِّ مراقب لما جرى ويجري في العراق سيصل الى هذه الحقيقة بالأستناد على نهج الدولة التي تُطبِّق المادة الثانية وتفسيرها حسب رؤيّتها وأستنادا الى مفهومها للشريعة الأسلامية التي يختلف في تفسيرها وتطبيقها المسلمون قبل غيرهم وذلك بسبب هلامية هذه الشريعة وعدم الأتفاق عليها من قبل المسلمون أنفسهم .
أنّ الشعارات للأحزاب ألأسلامية قد تكون جميلة وبراقة ومقبولة ولكن التجربة والخبرة بهذه ألأحزاب ، كما للأحزاب الشمولية السابقةأثبتت للعالم كُله وللشعوب العربية والأسلامية ، انّها مجرد غطاء ووسيلة للوصول الى الهدف ، وهو الحكم الأسلامي على هذه الشعوب ، القائم على انَّ الدين ألأسلامي لايمكن فصله عن السياسة وحتى ألأمور الصغيرة والكبيرة في شؤون الناس ،وبأعتراف الغالبية المطلقة من فقهاء وعلماء المسلمين سواء كانوا شيعة أم سنة  فلا يوجد في ألأسلام سلطة روحية وسلطة مدنية منفصلة (*). هنا اذن نستطيع أن نقول أنَّ هناك دمج بين الدين والدولة عندما لايصبح المواطن (سواء كان مسلم أو مسيحي أو يهودي ) حُرّا  مهما إدعت الدولة إنها تعطي  الحرية والديمقراطية للمواطنين  ، لأن الدستور يقول لنا   أنّ كلِّ هذه ألمصطلحات المعاصرة (الديمقراطية والحرية والعدالة والمساوات) هي شعارات  فقط طالما لاتعترف بها تلك الأحزاب التي تستمد سلطتها وتشريعها من الشريعة الأسلامية ، والدليل على ما نقوله هو  أنَّ غالبية الدول العربية والأسلامية لديها تحفُّظ على مواثيق ألأمم المتحدة بخصوص حقوق ألأنسان وخاصة  المواضيع التي تخص حرية العقيدة وحقوق المرأة ورجم  المرأة الزانية  وألأسترقاع وغيرها كثيرة تعارض حقوق الأنسان ولا يمكن قبولها والعالم يعيش في القرن الواحد والعشرون .
انّ الفقرتين أعلاه  ، واللتان تعتبران نصين وردتا في الدستور العراقي ، يعني ذلك الغاء الدولة المدنية وحقوق المواطنة ، طالما يوجد في هذه الدولة أو تلك نص ديني في الدستور يعارض الديانات والمعتقدات ألأخرى , ونستطيع ان نعطي امثلة على ما نقوله .
فمثلا هناك نصوص في الشريعة الأسلامية تقول :" تقطع يد السارق" وهذا يخالف مبادئ حقوق ألأنسان ، وهناك دول مثل السودان وأفغانستان والصومال يتم تطبيق هذا النص الوراد في الشريعة الأسلامية , بالأضافة الى ذلك وجود دول عربية واسلامية تمنع بناء كنائس أو السماح بحق الأنسان باختيار ما يؤمن به ، كما في السعودية ومصر ....الخ
كما أنّ هناك  نص تشريعي يقول "يُقتل المرتد عن ألأسلام "  وهذا يخالف حرية المعتقد والحريات الشخصية (الواردة في المواد الأخرى في الدستور نفسه) ، وكلنا يعرف أنّ ألأنسان في الدول العربية والأسلامية لا يُقبل منه أن يغيّر دينهِ ويتحول الى دين أخر , فاين حرية الأنسان وأين هذه الدول من الديمقراطية وحق اختيار المعتقد او الدين  ؟
هذين مثلين من عشرات ألأمثلة ، التي يمكن ألأستشهاد بها لأيصال الفكرة الى القارئ ، كالتمييز بين الرجل والمرأة والأحوال الشخصية وأحقية الدولة(في ظل الشريعة الأسلامية ) في سحق حق الفرد على حساب الغالبية في المجتمع  وتطبيق الحدود بحق المخالفين للشريعة ألأسلامية  ...الخ
إنّ خطورة النصين  الواردين في الدستور العراقي (كمثال) يمكن تشبيههما بعمودين  ضعيفين  مبنيين بين أعمدة كثيرة ولكن يشكلان خطورة في هدم البناية بكاملها. ويمكن تشبيههما ايضا بالبناء المبني على اساس رملي وفي كل لحظة معرض للسقوط . ويمكن أن نشبه الدستور العراقي بكأس ماء صافي ونقي ثم نأتي بسم قاتل يوضع في هذا الكأس وعندما يشربه الأنسان يصاب بالشلل ، هكذا هو الدستور الحالي في العراق ومصر وغيرها من الدول العربية والأسلامية .
إنَّ الدساتير في الدول المتحضرة يتم الحكم عليها بمدى احترامها لحقوق المواطنين ، (وخاصة ألأقليات) مهما اختلفوا في العقيدة أو اللون أو الجنس أو العرق ، بل على المساواة والعدالة في تطبيع القوانين والأنظمة في هذه الدول ، بينما في الدول العربية واستنادا الى دساتيرها ، تؤكد لنا تهميش الأقليات وتهميش الطوائف والمذاهب الضعيفة وذلك بتطبيق ما تؤمن به الطائفة التي تحكم هذه البلدان سواء كانوا شيعة أو سنة كُلِّ حسب مفهومه للشريعة الأسلامية.
وسنقدم  ،في الجزء الثاني من هذه المقالة على ، آراء بعض المفكرين والمختصين في الشؤون القانونية ورأيهم عن المادة الثانية في الدستور العراقي .

يقول الشيخ يوسف القرضاوي:  (*)
"إنَّ ألدولة ألأسلامية فيها السلطة التشريعية بيد الشعب ولكن باطار الشريعة ألأسلامية "برنامج الشريعة والحياة في قناة الجزيرة

93
 
سيادة المطران لويس ساكو وضع لمسيحيي العراق خارطة الطريق
نافع البرواري
 في مقابلة اجراها الأخ يوحنا بيداويد ، في 10 حزيران 2012 م ، مع سيادة المطران لويس ساكو مطران ابرشية كركوك  ( راجع الموقع أدناه) . نسلط الضوء على خلاصة ما ورد في هذه المقابلة ، من المواضيع المهمة  عن الواقع الذي يعيشه شعبنا المسيحي في العراق وحالة كنيستنا اليوم ، والتي يمكن أن تكون ، ما ورد من الأجوبة  على لسان سيادة المطران ساكو  في هذه المقابلة ، خارطة الطريق لنا لتشخيص الواقع الحالي وأطار لبرنامج ومقترحات وتوجهات ورؤية لمستقبل شعبنا المسيحي خاصة والشعب العراقي عامة
من خلال  علاقتي ، وعن قرب ، بسيادة المطران لويس ساكو ، أستطيع أن اقول أنَّه من الرواد الأوائل الذين كانوا ، ولا يزالون ، يكرِّسون حياتهم من أجل تجديد الكنيسة الكلدانية  وتغيير منهاجها القديم ،  ونفح فيها الحيوية والنشاط ، وله باع طويل في هذا المجال منذ أن كان رئيسا للدير الكهنوتي (شمعون الصفا) في بغداد ، وأستاذا في كلية بابل للفلسفة واللاهوت ، الى أن سيِّم سيادته مطرانا على ابرشية كركوك . والمتابعين لنشاطات سيادته ، يعرفون الجهود الكبيرة لسيادته في ايصال حقيقة ما عاناه ويعانيه مسيحيي العراق الى المنظمات الدولية والكنائس العالمية  واشتراكه الفعّال في المؤتمرات العالمية ، سواء في سينودسات كنيسة المشرق  أو المحافل الدولية . بالأضافة الى هذا كلّه حصوله على أوسمة دولية لدوره الأيماني ونشاطه في مجال حقوق  ألأنسان .
 وللأسف اسطدم  هذا الراعي ،  ومعه العديد من آباء الكنيسة المتجددين في تحقيق اصلاحاتهم وأفكارهم التجديدية  ، مع رئاسة الكنيسة الحالية والكثيرون من الرعاة المحافظين المتقوقعين التقليديين المشايخة ، الذين يعيشون في زمن القرون الوسطى ويعتبرون الكنيسة هي كنيسة الأكليريوس فقط  . وللأسف لن يتحقق حلم المتجددين وحلم العلمانيين المؤمنين الا بتوعية الشعب المسيحي المؤمن ، وذلك  بأن يظمَوا ، هؤلاء المؤمنون ،أسواطهم وجهودهم مع رعاة كنائسنا الذين يتشوَّقون الى هذا التجديد  لأحياء دور كنيستنا المشرقية التي كانت رائدة في نشر بشارة ألأنجيل في العالم كُلِه ، وأن يكون للشعب المسيحي صوت مسموع  داخليا وخارجيا .
نعم اليوم نحن بحاجة الى المصالحة والمصارحة بهذه الحقيقة ، والأعتراف بوجود نهجين في الكنيسة الكلدانية ، نهج يريد الأبقاء على التقاليد والممارسات الطقسية والأفكاراللاهوتية ، ماقبل مجمع الفاتيكاني الثاني ، ونهج يريد التجديد والتغيير ومواكبة الأفكار اللاهوتية الحديثة وتطبيق مقررات مجمع الفاتيكاني الثاني والقرارات اللاحقة  . للأسف الكثيرون من الرعاة والأساقفة في كنيستنا الكلدانية أصبحوا يعتبرون أنفسهم قادة لهم سلطة وحتى قوة سياسية للهيمنة على كنيستنا الكلدانية في العراق والأنفراد في اتخاذ القرارات الدينية والسياسية البعيدة كل البعد عن طموحات وتمنيات وآمال شعبنا المسيحي  ، بدل أن يكونوا  كهنة ورعاة لخدمة  المؤمنين ، الذين هم أعضاء في جسد هذه الكنيسة .
ولكن علينا أن لاننسى جهود الخيرين من الكهنة والرعاة الذين قدموا حياتهم قرابين من أجل شعبهم واستشهدوا ولم يتنازلوا عن مبادئهم المسيحية ، وتصدوا لقوى الشر ، وتمسَّكوا بقول الحق ، ولم ينحنوا أمام عواصف الشر ، بعكس الكثيرين من الكهنة والرعاة الذين بسبب الخوف على مراكزهم وكراسيهم قلّلوا من المأساة التي يعاني منها شعبهم المسيحي ، لا بل ذهب البعض منهم ، اعتبار حالة شعبهم المسيحي كحال الشعب العراقي عامة ، وساووا بين الضحية والجزار ، فنقلوا صورة غير حقيقية ومشوّه ومشوَّشة  عن معاناة شعبهم المسيحي في العراق  الى العالم الحر والمنظمات الأنسانية  . هذا الشعب الذي خسر أرضه ومقدساته وحتى هويّته بسبب  كونه شعبٌ مسالم ، ليس من يسنده ويدافع عنه ، فراح ضحية الوحوش المفترسة  بعد أن تُرك لوحده يواجه مصيره  ، فتشتت الرعية في  غياب  الرعاة  الذين كان عليهم أن يدافعوا عن رعيّتهم حتى الشهادة  .
ويمكن أن نلخص أجوبة سيادة المطران ( في المقابلة الخاصة موقع رقم 1 )، دون التطرق على الأسئلة الموجه لسيادته ، والتي يمكن أن نقرأها من خلال الأجوبة و تلخيص أهم المواضيع المهمة التي وردت في هذه المقابلة  حيث ركَّز سيادته على ثلاثة  مواضيع مهمة وهي:
أولا : حالة كنيستنا (كأكليريوس) اليوم . ثانيا : المسيحيّون والتيارات الأسلامية المتشددة   ثالثا المسيحيّون والتسمية القومية والنقد الهدام
أولا : حالة كنيستنا اليوم :
عن الأزمة الداخلية في الكنيسة الكلدانية وأسبابها يشخَّص لنا سيادة المطران لويس ساكو حالة الكنيسة فيقول :
 
1 – من المؤكَّد أنّ الكنيسة الكلدانية تمر بأزمة شديدة لأسباب عديدة . تركت السنين العديدة . غياب قيادة مركزية قويّة لها رؤية وخطة.....
2 – ألتفرّد وغياب القناعة بالعمل ألجماعي (ألدكتاتورية) ، ألتكتُّلات ، ألوضع ألأمني  ، والهجرة أضعفت الكنيسة  وأبرشيّاتها الصغيرة....وعدد كهنتنا محدود وأخذوا بالهجرة .
4 – التنشئة الروحية للكهنة وأحتضانهم سبب آخر لتركهم .... غياب المقاييس ...عقلية السلطة – المشيخة وليس الخدمة .
الحل بحسب رأيي سيادة المطران لويس ساكو للخروج من هذه الأزمة هي :
بالمصارحة والمصالحة بين الأساقفة ، وأن ينعقد سينودس عام كلداني ، يعيد الى الكنيسة الكلدانية حيويّتها ، وتجديدها وشركتها وشراكتها ، ويحدِّد تنظيمها ويقوّي حضورها إينما وجد أبنائها .
وعن توجيهات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني  والأصلاحات في الكنيسة (المشرقية) على ضوء المستجدات والتغييرات الحاصلة في عالمنا اليوم  يعترف سيادته فيقول:
1 - أنّ كنائسنا الشرقية عامة والكلدانية خاصة لم تستفد من توجيهات المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني .
2 – لم تقم الكنيسة (المشرقية) بإصلاحات مهمّة  في مجال الطقوس والتعليم والأخلاق والتنشئة والأدارة والمشاركة .
3 – الحاجة الى مجمع مسكوني آخر يُقيِّم ما تمَّ آنجازه ، ويتابع المستجدات الكثيرة ويلقي ضوء ألأنجيل عليها .
4 – العالم يتغيَّر بسرعة وعلى الكنيسة "ألأم والمعلمة " أن تكون هي في المقدمة لأستيعاب  هذه القضايا وأنجلتها وتوجيه المؤمنين 
وعن الكنيسة ودور العلمانيين المؤمنين فيها ( سبق ان كتبتُ موضوع عن دور العلمانيين في الكنيسة ، موقع رقم 2 ) يقول سيادته :
الكنيسة ليست الأكليروس ، إنَّما  هي جماعة المؤمنين  والمعمَّذون لهم كهنوتهم الملوكي والنبوي  وهم شركاء في الكنيسة وليسوا قطيعا ، لكن المشاركة تتوقف على وعي الأكليروس والعلمانيين بدورهم ومواهبهم . على الكل أن يكونوا خليّة نحل من  أجل الأنجيل والأنسان .
 ثانيا : المسيحيّون والتيارات الأسلامية المتشدّدة
عن ظاهرة الأحزاب الأسلامية المتشددة ومعاناة المسيحيين بسبب هذه الظاهرة  الخطيرة  ،هي ما يبعث عن قلق المسيحيين في العراق خاصة والشرق ألأوسط عامة ، بسبب الواقع الذي عاشه ويعيشه مسيحيي المنطقة من ألأرهاب  بعد انتشار الأحزاب الراديكالية الأسلامية. وعن هذا الموضوع يقول سيادة المطران لويس ساكو:
ظاهرة التشدّد الأسلامي بارزة وتستعمل الأقصاء والتهميش وحتى التصفية الجسدّية .
ويقترح سيادته بفصل الدين عن الدولة(الساسة ) فيقول :
فصل الدين عن الدولة حرصا على الدين والدولة معا  وعدم تسيّيس الدين ولا تديُّن السياسة وعن رؤيته لمستقبل بلدان المنطقة في ظل انتشار الأحزاب الراديكالية فيقول:
لا مستقبل لبلداننا من دون المواطنة الواحدة وليس الدين الواحد أو المذهب الواحد .
دور الدين هو التوجيه والنصح وليس إكراه الناس  على أيّ أمر كان .
وعن وضع المسيحيين في خضمِّ ألأحداث التي عاشتها وتعيشها المنطقة  وشعور المسيحيين بخيبة الأمل  جرَاء صمت المسلمين عن معاناة  المسيحيين فيقول الحقيقة بكلِّ صراحة  وجرأة عندما يقول :
نحن المسيحيين تضررنا أكثر كوننا لسنا طرفا في هذه الصراعات وأستهدافنا غير مفهوم ؟؟؟ . كُنَّا ننتظر مواقف أكثر صلابة ووضوحا من مواطنينا المسلمين عند الأعتداءات على الأبرياء . المتعصبون في كل مكان ومن كل الفئات.. المتعصب غير قادر ان يرى الا نفسه.. صحيح ظاهرة العنف مستشرية ومن المؤسف جدا ان تكون ظاهرة التشد الاسلامي بارزة وتستعمل الاقصاء والتهميش وحتى التصفية الجسدية.
ألحلول لهذه الظاهرة برأيي سيادته  :
1- الحوار هو السبيل الوحيد والحضاري  لمعرفة ألآخر وقبوله وإحترامه .
2 – الخلاص يأتي من الداخل وليس من الخارج ...علينا نحن أن نوحِّد صفوفنا وأن نعمل بروحية الفريق الواحد ، وألآّ نبقى منقسمين ومتبعثرين .....
ثالثا : المسيحيّون  والتسمية القومية والنقد الهدّام
 وبخصوص التسمية القومية (الكدانية الآشورية السريانية )  التي طالما أبعدتنا نحن المسيحيّين عن وحدتنا ، وشتتت جهودنا بالجدالات العقيمة  ، يقول سيادته :
"صراحة صارت التسمية وكأنّها القضية الأولى في إجتماعات شعبنا ، بينما الأولوية يجب أن تكون على ألبقاء والتواصل ....ماذا تنفع التسمية إذا غادر أبناء شعبنا العراقي .
وأقترح سيادته  أن يحتفظ كُلِّ طرف بأسمه كما هو من دون مشاجرات ولا تشنجات والصاق التهم ، واحترام التسميات الحالية "ألكلداني والآشوري والسرياني " وأن لا نضيّع فيها الوقت . قد يأتي يوم يتم ألأتفاق على التسمية ، علمية أو توافقية ، يقبلها الجميع .
ألأولوية حاليا هو تجميع أبناء شعبنا في فريق واحد مثلا "المسيحيون "ليكون لنا حضور ومشاركة فيها يكون ألكلداني وألأرمني والقبطي وألآشوري والسرياني ..لنخلق الوعي بقضيّة وجودنا وبقائنا وتواصلنا . ألتسميات تأتي فيما بعد ...يجب ألآ تكون عائقا أمام وحدتنا ومشاركتنا .
وعن ظاهرة انتشاراسلوب النقد الهدّام وأستخدام الأسلوب المتدني والبعيد عن اللياقة الأدبية من قبل البعض من الذين يكتبون في المواقع المسيحية فيقول سيادته :
على هؤلاء  : أن يحافظوا على اللياقة الأدبية ولا ينزلقوا الى الشتائم والكلمات الخارجية والنابية لأيِّ شخص كان . وأن يكون النقد علميّا وموضوعيّا وبكثير من الأدب والكياسة .....يكفي أسلوب القدح والأستعلاء والأزدراء .

http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=582755.msg5637340#msg5637340 1 -
http://mangish.com/forum.php?action=view&id=3507 2 -
وللأطلاع على بعض المقالات التي تم نشرها في المواقع المسيحية ، بخصوص نفس الموضوع ، راجع المواقع التالية:
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=348208.0
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,344381.0.html
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=353008.0;wap2

94

إعترافات خجولة
ملحق للجزء الثاني
سقوط الحضارة العربية
نافع البرواري :
بعد نكسة العرب في حزيران 1967 انقسم العالم العربي الى قسمين : قسم انعكف واعتكف وهُزم نفسيا وفكريا وثقافيا ولجأ الى البكاء على أطلال الحضارة العربية والرجوع الى السلفية الدينية الأصولية والأرتداد الى عالم الغيب والأساطير والخرافات التي كانت شائعة في صحراء شبه الجزيرة العربية في بداية البعثة النبوية ، والأرتداد الى الفكر القبلي والعشائري البدوي المتخلف . وبهذا غاصت الدول العربية في أشد فترة حالكة  وأشد ظلامية ، لم يشهد لها التاريخ العربي مثيلا لها ، منذ سقوط بغداد على يد هولاكو في القرن الثالث عشر(1258م) ، حيث كان الأرهاب الفكري الذي مارسته الدول الأسلامية منذ العصر العباس الثاني عاملا أساسيا في تدهور الحياة الفكرية للحضارة  العربية . وقد بدأت تباشير هذا الأرهاب في القضاء على المعتزلة ، الذين كانوا يحملون راية العقل .
بالمقابل ظهر تيارا علمانيا تقدميا يريد البحث عن أسباب هذه الهزيمة والنقد الذاتي والتاريخي واللجوء الى تشخيص الحالة الأجتماعية والسياسية والثقافية والتركيبة  الديموغرافية للمجتمعات العربية ، لوضع برنامج نهضوي شامل يستند على اعادة النظر في كتب التاريخ وتشخيص السلبيات والأيجابيات لتكون عبر ودروس لبناء مجتمعات متحضرة ، تواكب الحضارات الأنسانية ، في زمن يتطلب لغة الحوارالفكري والثقافي بين جميع الأطراف حتى مع ألأعداء  . هذا التيار للأسف حورب من قبل الأنظمة الدكتاتورية بالتنسيق مع التيار الأصولي الأسلامي ، فتم تفكيك هذا التيار (الذي يمكن أن نطلق عليه التيارالليبرالي المثقف والغالبية منهم كانوا من الطبقة الوسطى التي يخبرنا التاريخ انّها الدعامة الرئيسية لبناء الحضارات منذ القدم) . في الحقيقة هذا التيار كان له الدور الأساسي في تفجير الثورات العربية ، أي ما يسمى بالربيع العربي ، ولكن للأسف تم اختطاف هذه الثورات ، من قبل التيارات الأصولية الأسلامية ، وبهذا تم خطف حلم الأنسان العربي المتطلع لبناء المجتمعات الحديثة  لتواكب الحضارات المتقدمة. وبهذا نتوقع تواصل الدول العربية في البقاء في غيبوبة سريرية  والتراجع عن مواكبة الحضارات بسبب سيطرة الفكر الظلامي في هذه الدول على البنى التحتية لتلك المجتمعات . وطالما هناك حرب استئصالية للتيارات  الليبرالية المثقفة فستدور هذه المجتمعات في دائرة مغلقة لا يمكنها الخروج منها .
.
وسوف نستعرض بعض الأعترافات (الخجولة) من  بعض المفكرين والكتاب وألأساتذة  العرب والمثقفين ، الذين شخَّصوا الحالة ألتي تعيشها المجتمعات العربية
وأسباب سقوط الحضارة العربية . 
قبل الخوض في هذه الأعترافات نود  أن يعرف القارئ العزيز،  أولا :أنَّ الحضارة ألأسلامية لاتعني أنّها حضارة عربية، فليس كُلِّ المسلمين عربا ،( كما ليس كُلّ العرب مسلمون) ، بل أن الدين ألأسلامي أستخدم اللغة العربية ، ولهذا ظهرت الحضارة العربية .
ثانيا : الحضارة العربية لا تعني أنَّ العرب هم  وحدهم الذين صنعوا هذه الحضارة ، فقد ساهم غير العرب  ، كالفرس والسريان واليهود ...الخ في صنع هذه الحضارة بل كانوا روادها الحقيقيّون وكانوا الغالبية منهم ( خاصة في القرون الثلاثة الأولى للأسلام )  غير مسلمين (كالمسيحيين واليهود والزرادشتيين والصابئة ....الخ )  وما كانوا عرب  ، بل كانوا يتَّقنون التكلم  باللغة العربية كلغة متداولة .
يعترف الدكتور السيد القمني – في مقالة منشورة في موقع الحوار المتمدّن – " ...غالبية علماء العرب الذين كانوا رواد الحضارة العربية منذ بداياتها لم يكونوا عربا
ولم يكن الدين علامة على إقامة هذه الحضارة  وإلاّ كان من الضروري أن يظهر (علماء العرب ) مع ظهور الدين الأسلامي وليس بعد القرن الثالث والرابع الهجريين  ثم يختفوا باختفاء ظروف تلك الحقبة من الزمن ، لأنَّ ظروف هذا الزمن هي ما أنتجهم وليس الدين ولا رجاله ولا العرب ولا تقاليدهم  . كان زمن انفتاح حضاري على حضارات العالم القديم بالترجمة والنسخ والأضافة أحيانا ، في زمن ذهبي لأمبراطورية قوية لاتخشى على نفسها من فكر أجنبي  ، وهو زمن أنجب الرشيد والأمين والمأمون وغيرهم من الخلفاء المستنيرين ، الذي جعلوا بلاطهم مكانا حرا للعلم بصنوفه والشعر والموسيقى والأدب . وتلازم وجودها مع وجود هذه البيئة المنفتحة التي أنتجت ، مع فنون الفجور ، فنونا راقية وعلوما متقدمة بمقاييس زمنهم ، وعندما أُغلق باب الحريات العقلية مع المتوكل وخلفهِ ، ذهب عُلماؤنا . ...كان ألأرهاب الفكري الذي مارسته الدول الأسلامية منذ العصر العباسي الثاني على المعتزلة عاملا أساسيا في تدهور الحياة الفكرية للحضارة ألأسلامية

ويضيف ، السيد القمني ، معترفا بصراحته المعهودة وأمانته في نقل الحقائق التاريخية ،  بأن الحضارة العربية هي من أنجازات الشعوب الأصلية المستقرة (المتحضرة) فيقول :  .........فالشعوب التي أنجزت حضارة هي الشعوب التي استقرت في أوطان و أمتلكت ضميراً جمعياً يشترك فيه الجميع و لا ينسب لدين من الأديان ..
من هنا نفهم لماذا لم يتمنّا نبي الإسلام أن يصنع شعبه حضارة و كنوزاً ، لأنه يعلم أن شعبه قبائل غير منتجة و أن الإنتاج خاصية لجغرافيا أخرى مستقرة ، إنما تمنى الاستيلاء على ما حوله من حضارات : "و الذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى و قيصر". و حتى اليوم لا يوجد لدينا طموحاً لمنافسة المنتجين و المخترعين و المبدعين في العالم ، بل نريد الحصول عليها جاهزة بالاستيلاء عليها ، على الطريقة البدوية القبلية ، فهي ثقافة تجارة وصيد و قنص و كر وفر، تستولى على ما بيد الآخر بدلاً من أن تنجز مثلما أنجز و أن تتحضر مثلما تحضر" (راجع الموقع رقم  (1).
وأعترافات شبيه لأعترافات السيد القمني ، يقارن المفكر السعودي إبراهيم البليهي في برنامج إضاءات على القناة الفضائية العربية ، بين الحضارة العربية ، الحالية ،  والحضارة الغربية فيقول  : (راجع الموقع رقم 2).
" ....هؤلاء (الغرب)  حوَّلوا الدنيا بينما نحن(العرب) لم نساهم (في الحضارة ) بل العكس صحيح ،  نحن ندَّمر الحضارة ، لم نقدم شيء للحضارات . بينما الحضارة الغربية دائمة ومستمرة  ، في النظم ، في تحقيق العدل النسبي . هذه الحضارة (يقصد الحضارة الغربية ) مدهشة في التقنيات في المنجزات الهائلة لايمكن ان نصل اليها ، انّها متميزة ، وسبب التميّز هذا هو الشفافيّة . لمّا رأيت هذه الحضارة المدهشة في تحقيق الحياة ، راجعت الثقافة الغربية لأكتشف الفكر الفلسفي والفكر السياسي ، عندها عرفت ما الذي ميَّزحضارة الغرب (عن حضارتنا ) وهي الشفافية .  نحن (العرب) نؤمن إنّ الحضارات تتراجع(قصده الفكر الذي يجتر من الماضي ولا يتطلع الى المستقبل ) بينما الغرب يتوقعون مستقبل أفضل ، في حين نحن نبحث عن نموذج فيما مضى . السر في تطوّر الحضارة الغربية ، هو قولهم نحن لسنا بخير ، ويلجاؤون الى النقد الذاتي ، والتحذير ومراجعة ما أنجزوه ". وحول فضل العرب عبر التاريح على الحضارة الغربية يقول الكاتب : هناك فرق بين العرب كافراد والعرب كثقافة سائدة . عندما راجعت (التاريخ العربي) وجدَّت أننا (العرب)  عندنا نوع من التخدير. فمثلا كل الذين (يقصد علماء العرب عبر التاريخ )  كان لهم فضل على الغرب هم أخذوا(العلوم والمعارف) من الغرب . إبن رشد و شرحهُ لأرسطو ، لم يكن هناك الاّ تلمذة على الثقافة الغربية أي إعادة تدوير لأفكار غربية ، هي  أفكارهم (أي أفكار الغرب) . ويضيف  الكاتب قائلا:
أولا: كل العلماء العرب كانوا تلامذة للفكر اليوناني ، وهذا الفكر، استعادوه (الغرب) فهذه كانت بضاعتهم وردّت اليهم .
ثانيا نحن كيف نفتحر بأُناس نحنُ نبذناهُم ولازلنا ننبذهُم (يقصد العلماء والمفكرين والفلاسفة العرب) ، ثم انهم عبارة عن نجوم فردية مرفوضين من المجتمع(العربي والأسلامي)  وهم أفراد منعزلين كأنهم في صحراء . هم لم يكونوا أمتداء لمدارس قائمة ، ولن يأتي بعدهم تيارت تواصل مسيرتهم ..... أوضاع المسلمين (اليوم) لا زالت في أسوء أوضاعها .
السؤال لماذا تَقدم الآخرون وتأخرنا نحن؟ ، ولماذا الغرب مزدهرون (حضاريا)؟ . يجاوب الكاتب على هذه التسائلات فيقول:
الشرق متقلد (أي أنّ الشرق يقلد الغرب ولا يبدع) ، أحوال الفرد العربي لا زالت أسوء . ألأنسان العربي مطموس الفردية ، ليس قادرا أن يفكر تفكيرا مستقلا ولهذا يرفض ما يرفضه المجتمع  ويقبل ما يقبله المجتمع ، وهو غير قادر على الخروج من النطاق الذي ضُرب عليه من الأسر منذ طفولته ، هو غير قادر أن يبحث عن الحقيقة ويفكِّر تفكيرا مستقلا لينفع المجتمع ، هو ذائب في القطيع (المجتمع) .
اسرائيل هي امتداد للغرب ولهذا هي متطورة ومزدهرة في (احترام) قيمة الأنسان وحفض كرامته وتطور حياته ، بينما نحن(يقصد العرب) عبئ على الغرب "(3):
وهكذا أيضا  يعترف ألأستاذ محمود عزم - أُستاذ الفلسفة للحضارة ألأسلامية في جامعة السربون الفرنسية - بتأثير الحضارة المسيحيية على الحضارة الأسلامية ودور علماء ومفكري النصارى واليهود في تكوين هذه الحضارة  فيقول 
"الحضارة العربية نشأت بتلاقح جميع الديانات ، وكان النصارى المترجمين للعلوم الغربية . بينما ،اليهود والنصارى والمسلمين ، في ألأندلس ترجموا لأوربا ..........نحن ألآن سقطنا (أي سقطت حضارة العرب ) وعلينا النهوض  ....في ألأندلس شيوخ أفتوا ضد أبن رشد المسلم وإبن مامون اليهودي وأضطهدوا النصارى واليهود ، هكذا بدأ ألأنحطاط في الشرق (العباسيين ) وفي الغرب (ألأندلس) ، فعندما يتزمَّت الفكر الواحد ويقول بأمتلاكه للحقيقة فهذا يؤدي الى سقوط الحضارات ،لأن الحضارات تتكامل "(4) (مقابلة على قناة النيل الفضائية سنة 2011 -6-3 ). 
وتقول الكاتبة التونسية رجاء سلامة (5) ( في برنامج المبدعون على القناة العربية في 27-5-2010)
"نحن ( أي العرب) نَحمل وطئة الموروث ، فلا زال موروثنا شبحا لا هو ميت ولا هو حي ، فنحن نُقلِّد الموتى في موتهم ونرفض الحياة . نحن لا نقبل عمل تشييع الموتى الى مثواهم ...." (أي أنَّ العرب متمسّكين بتراثهم الموروث ولا يقبلون النظر الى المستقبل ). وعن حجاب العقل تضيف هذه الكاتبة فتقول: " هناك علاقة بين التعصُّب والظُلم ....التعصب حركة عدمية تلغي الحوار مع الخصم ، بل تلغي الخصم .... ألأنسان هو الذي يصنع ذاته .....عندما ألأنسان لايُفكِّر يميل الى التكرار " .
ويقول ألشاعر السعودي ألأمير سعود بن عبدالله :نحن (يقصد العرب) مقلَّدين ، نأخذ من الغرب ماهو الأسوء ونظيف له (للغرب) ما عندنا من ألأسوء.

يقول العالم والفيلسوف محمد أركون :
"ممارسة العقل أنحسر عند العرب وأنفصلوا عن الكنوز المعرفية ، بينما في الغرب فتحوا مساحات وآفاق للفكر  في اوربا  ...إنسحب العقل ألأسلامي ....العقل يجب أن يحترم الحقائق التاريخية واللغوية  ...عندما أقول الدين ، العرب يفهمون شيء ، ولكن الغرب يفهمون شيئا آخر ، لانستطيع أن نتفاهم ، ما دمنا لانخضع الدين تحت المجهر على العلم الموضوعي ....الفلسفة انحسرت في ألأسلام منذ القرن الثالث عشر(اواخر العهد العباسي في زمن المتوكل). ...المنهج (ألأنتربولوجي) ألأنساني غائب عندنا (يقصد في الدول العربية )....شرط دخول العرب الى الحداثة هو النقد للعقل العربي ، لايمكن قراءة النصوص الدينية دون ألأعتماد على هذا المنهج (المنهج ألأنساني والنقد للعقل العربي )....التاصيل (ألأصولية) عملية فكرية وتصبح أيدولوجية اذا لم تُخضع للمراقبة من البحث العلمي .....أنا دائما أستمتع مع ألأنسان الذي يستفز العقل".
أمّا  الكاتب عادل نور الدين كتب مقالة بعنوان – الحضارة العربية في مفترق الطريق فيقول :
"تمر ألأعوام عقودا وقرونا وتبقى الحضارات ألأنسانية تتبع الحلقة ذاتها في النشوء ومن ثم النمو وبعدها ألأزدهار والتوسع الى أن تأتي أيّام ألأنحطاط والسقوط والحضارة العربية لم تكن بمنأى عن هذه الحلقة ، فنمت وأزدهرت قبل الف عام لتسقط بعدها في القرن الثالث عشر وتغيب شمس الحضارة عن البلاد العربية منذ تلك ألأيّام . .
بغداد سقطت ثقافيا وحضاريا على ايدي المغول في عام 1258م. مكتباتها التي تحمل ثروة الحضارة العربية أُحرقت ورميت كتبها في نهر دجلة . في تلك ألأيام أيضا ، أشتدت الخلافات الطائفية و المذهبية وإزدادت عمليات القتل والأرهاب الطائفي بين المسلمين أنفسهم أو مع غيرهم ، قبل وبعد سقوط بغداد ( وما اشبه اليوم بالبارحة).
اليوم ، ألأمور تتشابه في سقوط بغداد الجديد ، رغم أنَّ بغداد اليوم ليست كبغداد ألأمس ، وألأمة العربية اليوم تعيش في غيبوبة القرون الوسطى ، على عكس ألأمة العربية قبل ألف عام . بعد سقوط بغداد عام 2003 ، نهبت متاحفها وآثارها . دُمِّرت مكتباتها ، وفُجِّر شارع المتنبي وقُتل علماؤها (علماء العلم لا الكهنوت) وأساتذة جامعاتها . نهبت بغداد حضاريا وثقافيا  من جديد ، ليس فقط على ايدي القوات الغازية بل ايضا على ايدي الميليشيات ألأجرامية والحركات الرجعية .
في القرن التاسع عشر ، بعد حملة نابوليون في مصر وصعود محمد علي باشا ، بدأت بوادر نهضة ثقافية وحضارية عربية بالظهور . نهضة تتابعت في القرن العشرين الى أن أُجهضت في عشرة سنوات بعد النكسة (1967-1975) . فالهزيمة العربية العسكرية في حرب ال 67 كان لها وقع مشابه لسقوط بغداد عام 1258 . بعد النكسة أصيبت المجتمعات العربية بالأحباط واليأس ، والذي تضاعف مع صعود التيارات الرجعية بعد أزمة  عام 1973 ، ومن ثم تدمير لبنان ، منارة الوطن العربي الثقافية ، في عام 1975 . هذا ألأحباط واليأس أدى الى تخلي المجتمعات العربية عن مشاريع النهضة وعن أيِّ مشروع حضاري عربي وسقوطها في يد الحركات الرجعية أو التبعية للدول ألأجنبية  ،أقليمية كانت أو دولية.
لعنة بغداد لا تنطبق فقط على مدينة بغداد . لعنة بغداد هي لعنة الحضارة العربية . حضارة قد تكون في طريقها للأندثار تماما بعد انهيارها قبل ألف عام واخفاقها في اللحاق بألف عام من التغيرات الثقافية والبشرية .... إذا لم نقوم بتغيير جذري في البنية الثقافية والأجتماعية العربية ، أولها في تحديث جديد وكبير للغة العربية (بدءا من تطوير ألأبجدية ،كإضافة أحرف جديدة) ، وتليها تحرير الثقافة العربية من كل أنواع الرقابة ، كي تتمكن مجتمعاتنا من ألأبداع الثقافي والعلمي والنهوض بأوطاننا الى مصاف ألأمم الكبرى . ألأنتفاضة والثورة الشعبية في تونس وبعدها في مصر ودومينو ألأنظمة الذي بدأ في التساقط يشكل اليوم فرصة كبيرة للمجتمعات العربية لبناء نهضة جديدة ، نهضة إجتماعية ، ثقافية وعلمية ، قد لا تكرر في المستقبل القريب ،إذا أضعنا هذه الفرصة الثمينة للخروج من عصورنا المظلمة" (7) .
  http://www.coptichistory.org/new_page_4297.htm  (1)
http://www.youtube.com/watch?v=xaJFyNkbLVA (2)
http://maaber.50megs.com/third_issue/spotlights_2.htm(3)-
(4) في مقابلة على قناة النيل الفضائية سنة 2011 -6-3
(5) ( في برنامج المبدعون على القناة العربية في 27-5-2010)
(6) ( القناة الفضائية  العربية – برنامج - اضاءات  بتاريخ 18 -1-2008) .
http://southoak.blogspot.de/2011/06/blog-post_27.html

95

إعترافات خجولة
ملحق للجزء الثاني
سقوط الحضارة العربية
نافع البرواري :
بعد نكسة العرب في حزيران 1967 انقسم العالم العربي الى قسمين : قسم انعكف واعتكف وهُزم نفسيا وفكريا وثقافيا ولجأ الى البكاء على أطلال الحضارة العربية والرجوع الى السلفية الدينية الأصولية والأرتداد الى عالم الغيب والأساطير والخرافات التي كانت شائعة في صحراء شبه الجزيرة العربية في بداية البعثة النبوية ، والأرتداد الى الفكر القبلي والعشائري البدوي المتخلف . وبهذا غاصت الدول العربية في أشد فترة حالكة  وأشد ظلامية ، لم يشهد لها التاريخ العربي مثيلا لها ، منذ سقوط بغداد على يد هولاكو في القرن الثالث عشر(1258م) ، حيث كان الأرهاب الفكري الذي مارسته الدول الأسلامية منذ العصر العباس الثاني عاملا أساسيا في تدهور الحياة الفكرية للحضارة  العربية . وقد بدأت تباشير هذا الأرهاب في القضاء على المعتزلة ، الذين كانوا يحملون راية العقل .
بالمقابل ظهر تيارا علمانيا تقدميا يريد البحث عن أسباب هذه الهزيمة والنقد الذاتي والتاريخي واللجوء الى تشخيص الحالة الأجتماعية والسياسية والثقافية والتركيبة  الديموغرافية للمجتمعات العربية ، لوضع برنامج نهضوي شامل يستند على اعادة النظر في كتب التاريخ وتشخيص السلبيات والأيجابيات لتكون عبر ودروس لبناء مجتمعات متحضرة ، تواكب الحضارات الأنسانية ، في زمن يتطلب لغة الحوارالفكري والثقافي بين جميع الأطراف حتى مع ألأعداء  . هذا التيار للأسف حورب من قبل الأنظمة الدكتاتورية بالتنسيق مع التيار الأصولي الأسلامي ، فتم تفكيك هذا التيار (الذي يمكن أن نطلق عليه التيارالليبرالي المثقف والغالبية منهم كانوا من الطبقة الوسطى التي يخبرنا التاريخ انّها الدعامة الرئيسية لبناء الحضارات منذ القدم) . في الحقيقة هذا التيار كان له الدور الأساسي في تفجير الثورات العربية ، أي ما يسمى بالربيع العربي ، ولكن للأسف تم اختطاف هذه الثورات ، من قبل التيارات الأصولية الأسلامية ، وبهذا تم خطف حلم الأنسان العربي المتطلع لبناء المجتمعات الحديثة  لتواكب الحضارات المتقدمة. وبهذا نتوقع تواصل الدول العربية في البقاء في غيبوبة سريرية  والتراجع عن مواكبة الحضارات بسبب سيطرة الفكر الظلامي في هذه الدول على البنى التحتية لتلك المجتمعات . وطالما هناك حرب استئصالية للتيارات  الليبرالية المثقفة فستدور هذه المجتمعات في دائرة مغلقة لا يمكنها الخروج منها .
.
وسوف نستعرض بعض الأعترافات (الخجولة) من  بعض المفكرين والكتاب وألأساتذة  العرب والمثقفين ، الذين شخَّصوا الحالة ألتي تعيشها المجتمعات العربية
وأسباب سقوط الحضارة العربية . 
قبل الخوض في هذه الأعترافات نود  أن يعرف القارئ العزيز،  أولا :أنَّ الحضارة ألأسلامية لاتعني أنّها حضارة عربية، فليس كُلِّ المسلمين عربا ،( كما ليس كُلّ العرب مسلمون) ، بل أن الدين ألأسلامي أستخدم اللغة العربية ، ولهذا ظهرت الحضارة العربية .
ثانيا : الحضارة العربية لا تعني أنَّ العرب هم  وحدهم الذين صنعوا هذه الحضارة ، فقد ساهم غير العرب  ، كالفرس والسريان واليهود ...الخ في صنع هذه الحضارة بل كانوا روادها الحقيقيّون وكانوا الغالبية منهم ( خاصة في القرون الثلاثة الأولى للأسلام )  غير مسلمين (كالمسيحيين واليهود والزرادشتيين والصابئة ....الخ )  وما كانوا عرب  ، بل كانوا يتَّقنون التكلم  باللغة العربية كلغة متداولة .
يعترف الدكتور السيد القمني – في مقالة منشورة في موقع الحوار المتمدّن – " ...غالبية علماء العرب الذين كانوا رواد الحضارة العربية منذ بداياتها لم يكونوا عربا
ولم يكن الدين علامة على إقامة هذه الحضارة  وإلاّ كان من الضروري أن يظهر (علماء العرب ) مع ظهور الدين الأسلامي وليس بعد القرن الثالث والرابع الهجريين  ثم يختفوا باختفاء ظروف تلك الحقبة من الزمن ، لأنَّ ظروف هذا الزمن هي ما أنتجهم وليس الدين ولا رجاله ولا العرب ولا تقاليدهم  . كان زمن انفتاح حضاري على حضارات العالم القديم بالترجمة والنسخ والأضافة أحيانا ، في زمن ذهبي لأمبراطورية قوية لاتخشى على نفسها من فكر أجنبي  ، وهو زمن أنجب الرشيد والأمين والمأمون وغيرهم من الخلفاء المستنيرين ، الذي جعلوا بلاطهم مكانا حرا للعلم بصنوفه والشعر والموسيقى والأدب . وتلازم وجودها مع وجود هذه البيئة المنفتحة التي أنتجت ، مع فنون الفجور ، فنونا راقية وعلوما متقدمة بمقاييس زمنهم ، وعندما أُغلق باب الحريات العقلية مع المتوكل وخلفهِ ، ذهب عُلماؤنا . ...كان ألأرهاب الفكري الذي مارسته الدول الأسلامية منذ العصر العباسي الثاني على المعتزلة عاملا أساسيا في تدهور الحياة الفكرية للحضارة ألأسلامية

ويضيف ، السيد القمني ، معترفا بصراحته المعهودة وأمانته في نقل الحقائق التاريخية ،  بأن الحضارة العربية هي من أنجازات الشعوب الأصلية المستقرة (المتحضرة) فيقول :  .........فالشعوب التي أنجزت حضارة هي الشعوب التي استقرت في أوطان و أمتلكت ضميراً جمعياً يشترك فيه الجميع و لا ينسب لدين من الأديان ..
من هنا نفهم لماذا لم يتمنّا نبي الإسلام أن يصنع شعبه حضارة و كنوزاً ، لأنه يعلم أن شعبه قبائل غير منتجة و أن الإنتاج خاصية لجغرافيا أخرى مستقرة ، إنما تمنى الاستيلاء على ما حوله من حضارات : "و الذي نفسي بيده لتملكن كنوز كسرى و قيصر". و حتى اليوم لا يوجد لدينا طموحاً لمنافسة المنتجين و المخترعين و المبدعين في العالم ، بل نريد الحصول عليها جاهزة بالاستيلاء عليها ، على الطريقة البدوية القبلية ، فهي ثقافة تجارة وصيد و قنص و كر وفر، تستولى على ما بيد الآخر بدلاً من أن تنجز مثلما أنجز و أن تتحضر مثلما تحضر" (راجع الموقع رقم  (1).
وأعترافات شبيه لأعترافات السيد القمني ، يقارن المفكر السعودي إبراهيم البليهي في برنامج إضاءات على القناة الفضائية العربية ، بين الحضارة العربية ، الحالية ،  والحضارة الغربية فيقول  : (راجع الموقع رقم 2).
" ....هؤلاء (الغرب)  حوَّلوا الدنيا بينما نحن(العرب) لم نساهم (في الحضارة ) بل العكس صحيح ،  نحن ندَّمر الحضارة ، لم نقدم شيء للحضارات . بينما الحضارة الغربية دائمة ومستمرة  ، في النظم ، في تحقيق العدل النسبي . هذه الحضارة (يقصد الحضارة الغربية ) مدهشة في التقنيات في المنجزات الهائلة لايمكن ان نصل اليها ، انّها متميزة ، وسبب التميّز هذا هو الشفافيّة . لمّا رأيت هذه الحضارة المدهشة في تحقيق الحياة ، راجعت الثقافة الغربية لأكتشف الفكر الفلسفي والفكر السياسي ، عندها عرفت ما الذي ميَّزحضارة الغرب (عن حضارتنا ) وهي الشفافية .  نحن (العرب) نؤمن إنّ الحضارات تتراجع(قصده الفكر الذي يجتر من الماضي ولا يتطلع الى المستقبل ) بينما الغرب يتوقعون مستقبل أفضل ، في حين نحن نبحث عن نموذج فيما مضى . السر في تطوّر الحضارة الغربية ، هو قولهم نحن لسنا بخير ، ويلجاؤون الى النقد الذاتي ، والتحذير ومراجعة ما أنجزوه ". وحول فضل العرب عبر التاريح على الحضارة الغربية يقول الكاتب : هناك فرق بين العرب كافراد والعرب كثقافة سائدة . عندما راجعت (التاريخ العربي) وجدَّت أننا (العرب)  عندنا نوع من التخدير. فمثلا كل الذين (يقصد علماء العرب عبر التاريخ )  كان لهم فضل على الغرب هم أخذوا(العلوم والمعارف) من الغرب . إبن رشد و شرحهُ لأرسطو ، لم يكن هناك الاّ تلمذة على الثقافة الغربية أي إعادة تدوير لأفكار غربية ، هي  أفكارهم (أي أفكار الغرب) . ويضيف  الكاتب قائلا:
أولا: كل العلماء العرب كانوا تلامذة للفكر اليوناني ، وهذا الفكر، استعادوه (الغرب) فهذه كانت بضاعتهم وردّت اليهم .
ثانيا نحن كيف نفتحر بأُناس نحنُ نبذناهُم ولازلنا ننبذهُم (يقصد العلماء والمفكرين والفلاسفة العرب) ، ثم انهم عبارة عن نجوم فردية مرفوضين من المجتمع(العربي والأسلامي)  وهم أفراد منعزلين كأنهم في صحراء . هم لم يكونوا أمتداء لمدارس قائمة ، ولن يأتي بعدهم تيارت تواصل مسيرتهم ..... أوضاع المسلمين (اليوم) لا زالت في أسوء أوضاعها .
السؤال لماذا تَقدم الآخرون وتأخرنا نحن؟ ، ولماذا الغرب مزدهرون (حضاريا)؟ . يجاوب الكاتب على هذه التسائلات فيقول:
الشرق متقلد (أي أنّ الشرق يقلد الغرب ولا يبدع) ، أحوال الفرد العربي لا زالت أسوء . ألأنسان العربي مطموس الفردية ، ليس قادرا أن يفكر تفكيرا مستقلا ولهذا يرفض ما يرفضه المجتمع  ويقبل ما يقبله المجتمع ، وهو غير قادر على الخروج من النطاق الذي ضُرب عليه من الأسر منذ طفولته ، هو غير قادر أن يبحث عن الحقيقة ويفكِّر تفكيرا مستقلا لينفع المجتمع ، هو ذائب في القطيع (المجتمع) .
اسرائيل هي امتداد للغرب ولهذا هي متطورة ومزدهرة في (احترام) قيمة الأنسان وحفض كرامته وتطور حياته ، بينما نحن(يقصد العرب) عبئ على الغرب "(3):
وهكذا أيضا  يعترف ألأستاذ محمود عزم - أُستاذ الفلسفة للحضارة ألأسلامية في جامعة السربون الفرنسية - بتأثير الحضارة المسيحيية على الحضارة الأسلامية ودور علماء ومفكري النصارى واليهود في تكوين هذه الحضارة  فيقول 
"الحضارة العربية نشأت بتلاقح جميع الديانات ، وكان النصارى المترجمين للعلوم الغربية . بينما ،اليهود والنصارى والمسلمين ، في ألأندلس ترجموا لأوربا ..........نحن ألآن سقطنا (أي سقطت حضارة العرب ) وعلينا النهوض  ....في ألأندلس شيوخ أفتوا ضد أبن رشد المسلم وإبن مامون اليهودي وأضطهدوا النصارى واليهود ، هكذا بدأ ألأنحطاط في الشرق (العباسيين ) وفي الغرب (ألأندلس) ، فعندما يتزمَّت الفكر الواحد ويقول بأمتلاكه للحقيقة فهذا يؤدي الى سقوط الحضارات ،لأن الحضارات تتكامل "(4) (مقابلة على قناة النيل الفضائية سنة 2011 -6-3 ). 
وتقول الكاتبة التونسية رجاء سلامة (5) ( في برنامج المبدعون على القناة العربية في 27-5-2010)
"نحن ( أي العرب) نَحمل وطئة الموروث ، فلا زال موروثنا شبحا لا هو ميت ولا هو حي ، فنحن نُقلِّد الموتى في موتهم ونرفض الحياة . نحن لا نقبل عمل تشييع الموتى الى مثواهم ...." (أي أنَّ العرب متمسّكين بتراثهم الموروث ولا يقبلون النظر الى المستقبل ). وعن حجاب العقل تضيف هذه الكاتبة فتقول: " هناك علاقة بين التعصُّب والظُلم ....التعصب حركة عدمية تلغي الحوار مع الخصم ، بل تلغي الخصم .... ألأنسان هو الذي يصنع ذاته .....عندما ألأنسان لايُفكِّر يميل الى التكرار " .
ويقول ألشاعر السعودي ألأمير سعود بن عبدالله :نحن (يقصد العرب) مقلَّدين ، نأخذ من الغرب ماهو الأسوء ونظيف له (للغرب) ما عندنا من ألأسوء.

يقول العالم والفيلسوف محمد أركون :
"ممارسة العقل أنحسر عند العرب وأنفصلوا عن الكنوز المعرفية ، بينما في الغرب فتحوا مساحات وآفاق للفكر  في اوربا  ...إنسحب العقل ألأسلامي ....العقل يجب أن يحترم الحقائق التاريخية واللغوية  ...عندما أقول الدين ، العرب يفهمون شيء ، ولكن الغرب يفهمون شيئا آخر ، لانستطيع أن نتفاهم ، ما دمنا لانخضع الدين تحت المجهر على العلم الموضوعي ....الفلسفة انحسرت في ألأسلام منذ القرن الثالث عشر(اواخر العهد العباسي في زمن المتوكل). ...المنهج (ألأنتربولوجي) ألأنساني غائب عندنا (يقصد في الدول العربية )....شرط دخول العرب الى الحداثة هو النقد للعقل العربي ، لايمكن قراءة النصوص الدينية دون ألأعتماد على هذا المنهج (المنهج ألأنساني والنقد للعقل العربي )....التاصيل (ألأصولية) عملية فكرية وتصبح أيدولوجية اذا لم تُخضع للمراقبة من البحث العلمي .....أنا دائما أستمتع مع ألأنسان الذي يستفز العقل".
أمّا  الكاتب عادل نور الدين كتب مقالة بعنوان – الحضارة العربية في مفترق الطريق فيقول :
"تمر ألأعوام عقودا وقرونا وتبقى الحضارات ألأنسانية تتبع الحلقة ذاتها في النشوء ومن ثم النمو وبعدها ألأزدهار والتوسع الى أن تأتي أيّام ألأنحطاط والسقوط والحضارة العربية لم تكن بمنأى عن هذه الحلقة ، فنمت وأزدهرت قبل الف عام لتسقط بعدها في القرن الثالث عشر وتغيب شمس الحضارة عن البلاد العربية منذ تلك ألأيّام . .
بغداد سقطت ثقافيا وحضاريا على ايدي المغول في عام 1258م. مكتباتها التي تحمل ثروة الحضارة العربية أُحرقت ورميت كتبها في نهر دجلة . في تلك ألأيام أيضا ، أشتدت الخلافات الطائفية و المذهبية وإزدادت عمليات القتل والأرهاب الطائفي بين المسلمين أنفسهم أو مع غيرهم ، قبل وبعد سقوط بغداد ( وما اشبه اليوم بالبارحة).
اليوم ، ألأمور تتشابه في سقوط بغداد الجديد ، رغم أنَّ بغداد اليوم ليست كبغداد ألأمس ، وألأمة العربية اليوم تعيش في غيبوبة القرون الوسطى ، على عكس ألأمة العربية قبل ألف عام . بعد سقوط بغداد عام 2003 ، نهبت متاحفها وآثارها . دُمِّرت مكتباتها ، وفُجِّر شارع المتنبي وقُتل علماؤها (علماء العلم لا الكهنوت) وأساتذة جامعاتها . نهبت بغداد حضاريا وثقافيا  من جديد ، ليس فقط على ايدي القوات الغازية بل ايضا على ايدي الميليشيات ألأجرامية والحركات الرجعية .
في القرن التاسع عشر ، بعد حملة نابوليون في مصر وصعود محمد علي باشا ، بدأت بوادر نهضة ثقافية وحضارية عربية بالظهور . نهضة تتابعت في القرن العشرين الى أن أُجهضت في عشرة سنوات بعد النكسة (1967-1975) . فالهزيمة العربية العسكرية في حرب ال 67 كان لها وقع مشابه لسقوط بغداد عام 1258 . بعد النكسة أصيبت المجتمعات العربية بالأحباط واليأس ، والذي تضاعف مع صعود التيارات الرجعية بعد أزمة  عام 1973 ، ومن ثم تدمير لبنان ، منارة الوطن العربي الثقافية ، في عام 1975 . هذا ألأحباط واليأس أدى الى تخلي المجتمعات العربية عن مشاريع النهضة وعن أيِّ مشروع حضاري عربي وسقوطها في يد الحركات الرجعية أو التبعية للدول ألأجنبية  ،أقليمية كانت أو دولية.
لعنة بغداد لا تنطبق فقط على مدينة بغداد . لعنة بغداد هي لعنة الحضارة العربية . حضارة قد تكون في طريقها للأندثار تماما بعد انهيارها قبل ألف عام واخفاقها في اللحاق بألف عام من التغيرات الثقافية والبشرية .... إذا لم نقوم بتغيير جذري في البنية الثقافية والأجتماعية العربية ، أولها في تحديث جديد وكبير للغة العربية (بدءا من تطوير ألأبجدية ،كإضافة أحرف جديدة) ، وتليها تحرير الثقافة العربية من كل أنواع الرقابة ، كي تتمكن مجتمعاتنا من ألأبداع الثقافي والعلمي والنهوض بأوطاننا الى مصاف ألأمم الكبرى . ألأنتفاضة والثورة الشعبية في تونس وبعدها في مصر ودومينو ألأنظمة الذي بدأ في التساقط يشكل اليوم فرصة كبيرة للمجتمعات العربية لبناء نهضة جديدة ، نهضة إجتماعية ، ثقافية وعلمية ، قد لا تكرر في المستقبل القريب ،إذا أضعنا هذه الفرصة الثمينة للخروج من عصورنا المظلمة" (7) .
  http://www.coptichistory.org/new_page_4297.htm  (1)
http://www.youtube.com/watch?v=xaJFyNkbLVA (2)
http://maaber.50megs.com/third_issue/spotlights_2.htm(3)-
(4) في مقابلة على قناة النيل الفضائية سنة 2011 -6-3
(5) ( في برنامج المبدعون على القناة العربية في 27-5-2010)
(6) ( القناة الفضائية  العربية – برنامج - اضاءات  بتاريخ 18 -1-2008) .
http://southoak.blogspot.de/2011/06/blog-post_27.html

96

أعترافات خجولة
الجزء الثاني
سقوط الحضارة العربية
 
نافع البرواري
المقدِّمة
"إنّني عندما أُشاهد المواطنين العراقيين ينهبون المتاحف (عندما سقطت بغداد على يد بوش ألأبن ) ، تذكَّرتُ البرابرة التتر ، ماذا فعلوا ببغداد ( عندما سقطت بغداد بيد هولاكو) ، مع فرق جوهري ، إنَّ البرابرة كانوا غُزاة ، جائوا من بعيد ، أمّا الذين نهبوا المتاحف ، كانوا مواطنين عراقيين "( 1)
إنّ كُل المأشرات والحقائق للأحداث التاريخية ، ومنذ أن قاطعوا العرب والمسلمين ، الحضارات الفكرية بدءا من القرن الثالث عشر للميلاد (منذ سقوط بغداد على يد هولاكو)  الى يومنا هذا ،  تؤكِّد بما لا يقبل الشك على سقوط الحضارة العربية  ، بعد أن تم محاربة وقتل الزنادقة  والمتصوفة والمفكرين والفلاسفة العرب والمسلمين والغير المسلمين ، وكلِّ الذين انتقدوا السياسة أو لجأوا الى العقل لتسليط الضوء على النصوص الدينية  ، منذ العصر العباسي المتأخر  الى يومنا هذا. هكذا انسحب العقل ألأسلامي و بأنسحابه ، انحسر الفكر في جميع المرافق الحياتية  . في حين لازال البعض من الحُكّام وعلماء وشيوخ العرب والمسلمين ، يطبِّلون ويزمِّرون  متباهين بالحضارة العربية  الغابرة ، وكأنّهم يعيشون في زمن مضى .
إنَّ  البلدان العربية (وحتى الأسلامية) عاشت وتعيش أزمة ثقافية وأزمة نفسية وروحية ، والهوس بنظرية المآمرة التي اصبحت بعبع لهذه الشعوب   ، ومحنة العقل الذي يعاني منه الكثيرون من مفكري العرب ، وأنفصام في شخصية الفرد ،  والشعور بالنقص الذي يقود  الشعوب العربية ، للأنطلاق من فكر استعلائي ، خلاصته أنّ الحضارة العربية الأسلامية ، هي منزلة على العرب (فقط) ولم تكن هناك ، حسب هذا الأعتقاد ، حضارات أثَّرت في فكر وثقافة وعقيدة هذه الحضارة .
بينما في المقابل لايتجاوز عدد المفكرين والباحثين عن الحقيقة في هذه الدول عدد أصابع اليد ، هؤلاء الذين يريدون اصلاح ما أفسدته مئات السنين من الأفكار والتقاليد البالية الموروثة والمتراكمة ،  الذين يدرسون الحضارة العربية بالنقد العلمي والأدبي والتاريخي ، ليشخِّصوا الحقائق التاريخية في الماضي  لتكون لهم عبر ودروس ليصححّوا الحاضر المزري الذي تعيشه معظم البلدان العربية ، حيث نرى التخلف في جميع الميادين الأجتماعية والأقتصاداية والسياسية والعلمية والأدبية والفنية ، نتيجة الجهل المستشري كالسرطان ، والفكر والثقافة الخاطئة التي نشأت عليها أجيال عبر التاريخ  (وحتى بين طبقة المثقفين والمفكرين العرب الذين ترضعوا من هذه الثقافة المتخلفة  ) ، وغياب الحرية والعدالة والمساوات وعدم تطبيق مبادئ الأمم المتحدة بخصوص حقوق ألأنسان ، لا بل حتى السقوط الأخلاقي شاهد على ما نقوله ، مثل الفساد الأداري والمالي وحتى القضائي  ، وأنتشار الجهل والتخلف ، والنفاق السياسي ، وتكفير الآخرين  ، ومحاربة المفكرين والمبدعين  ، وخاصة بعد أن ساد الفكر السلفي الأسلامي على قطاع كبير من الشعوب العربية ، وهي ظاهرة كشفت لنا ، خاصة بعد ما يسمّى بثورات الربيع العربي ، عن عمق الهزيمة الداخلية للشعوب العربية ، بالأرتداد الى الأساطير والشعوذات والأيمان بالخرافات ،  و اللجوء الى السحرة والمنجمين  للخلاص من الواقع المرير الذي تعيشه هذه الشعوب والهوس في اصدار الفتاوات في الحرام والحلال ، ومحاربة الفن والموسيقى وكُلِّ ما هو عشق للحياة  . إنَّ الثقافة الحالية للمجتمعات العربية ، هي ثقافة  إجترار الماضي  والتمسُّك به  وعدم الرغبة على مواجهة الحاضر ومواكبة التقدم للعالم المتحضر، بل على العكس تماما فهناك ثقافة حالية لا تعترف بالديمرقراطية ولا بالحرية ولا بحقوق الأنسان ( لأنَّها حسب مفهوم هذه الثقافة ، الديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان ، هي من نتاج الغرب الكافر) ولا بالنقد العلمي التاريخي ولا بقبول النقد للنصوص الدينية ، إنّها ثقافة تدعو الى  الرجوع الى حياة البداوة البدائية والتمسك بالعشائرية القبلية والتعصب الديني والقبلي والأصولية المذهبية ، ولا يريد أصحاب هذه الثقافة (وهي الثقافة السائدة حاليا في فكر الأحزاب الأسلامية ) ، الأنسجام مع العالم المتمدن ومواكبة الحداثة  والأعتراف بتكامل الحضارات .
 تنتشر، ومنذ سنين ، في البلدان العربية  ثقافة محبطة تدعو الى الرجوع الى الماضي والبكاء على الأطلال والتغني على الحضارة العربية الأسلامية ، في أيّام عصرها الذهبي ، والتي يدّعي العرب المسلمون أنّها حضارة عربية خالصة ، في حين ساهم فيها جميع الشعوب التي دخلت في الأسلام أو كانت تحت حكم الأسلام ، فالحقائق التاريخية تؤكِّد أن الذين ساهموا في إرساء الحضارة الأسلامية ، كانوا من السريان واليهود والفرس وغيرهم من الشعوب التي أحتلت بلدانهم الجيوش العربية الغازية القادمة من صحراء الجزيرة العربية القاحلة (حتّى فكريا) . ومن ناحية ثانية ، العرب تلقّوا العلوم والفلسفة اليونانية (من الغرب) ، عبر الترجمات ، للعلوم والفلسفة اليونانية  ، وخاصة المترجمين السريان ، أمثال إسحاق بن حنين  . وكان الأطباء السريان في العصر العباسي لهم دور وأثر بالغ في تخريج جيل ماهر من ألأطباء المسلمين والمسيحيين ، أمثال جيورجيس بن جبريل ، وبختيشوع بن جيورجيس  وحنين بن اسحاق ....الخ .
 اليوم أين الدول العربية والأسلامية من أحفاد هؤلاء العباقرة من السكان الأصليين والأصيلين الذين قدّموا الغالي والنفيس للحضارة العربية الأسلامية ؟. ان السياسات العربية تهمِّش السكان الأصليين ، لا بل تضطهدهم  وتُجبرهم على الهجرة . ومقياس الحضارة اليوم ، كما يقول الكثيرون من الباحثين في شؤون الحضارة ، هو مدى مراعات أيِّ حضارة  للأقليات وخاصة تلك الأقليات التي تشكّل بقايا الحضارات القديمة الشامخة.
إنَّ الثورات التي حدثت ولا زالت مستمرة في البلدان العربية والتي سميّت ب (الربيع العربي) قد تم أختطافها من قبل الأحزاب الأسلامية الأصولية ، وهكذا ستستمر الشعوب العربية في الغوص في عتمة الظلام والتخلف أكثر فاكثر لتصل الى الحضيض ، عندها ستكتشف الشعوب العربية والأسلامية حجم الهوَّة الكبيرة التي تفصلهم عن العالم المتحضر  .
 أليوم ليس أمام الشعوب العربية والأسلامية الاّ خيارا واحدا للخروج  من هذا النفق المظلم ، سوى الأستمرار في تغيير هذه الواقع الأليم والمرير  بالأستمرار في الثورة  لتحقيق الحرية والديمقراطية والمساواة في الكرامة الأنسانية ، وإعادة النظر في جميع مرافق الحياة السياسية والأجتماعية والتربوية والعلمية وحتى القوانين التشريعية  والدستورية ، ثورة تشخِّص أيضا جميع الأخطاء التاريخية وتعريضها للنقد التحليلي  ليعاد النظربكتابة التاريخ الذي تم تشويه الكثير من الحقائق فيه ، وإعادة النظر بالمناهج الدراسية لتواكب العلم والتطور ، والأعتراف  بالأخطاء والجرائم التاريخية التي أُرتكبت بحق الشعوب الغير العربية (بل حتى  بين المسلمين بعضهم مع بعض ) ،  وإعادة الأعتبار للشعوب والأفراد الذين تم تشويه الحقائق بحقهم  في كتابة التاريخ العربي ألأسلامي ، والأعتذار من الشعوب الأصيلة والأصلية في بلدان الدول العربية والأسلامية ، بسبب المظالم التي أرتكبها العرب والمسلمين بحقهم والأعتراف بدورهم الريادي في صنع الحضارة العربية ألأسلامية عبر التاريخ العربي والأسلامي في الماضي والحاضر  .
 مفهوم الحضارة :
في الحقيقة لايوجد تعريف واحد يجزم بما هي الحضارة ولكن هناك مفاهيم متفق  عليها عن مفهوم الحضارة :
 هي نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي ، وإنما تتألف الحضارة من عناصر أربعة : الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون ؛ وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء ، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها . ترتكز الحضارة على البحث العلمي والفني التشكيلي بالدرجة الأولى ، فالجانب العلمي يتمثل في الابتكارات التكنولوجيا وعلم الاجتماع...أما الجانب الفني التشكيلي فهو يتمثل في الفنون المعمارية والمنحوتات وبعض الفنون التي تساهم في الرقي. فلو ركزنا بحثنا على أكبر الحضارات في العالم مثل الحضارة الرومانية سنجد أنها كانت تمتلك علماء وفنانون عظماء. فالفن والعلم هما عنصران متكاملان يقودان أي حضارة ..... ومن الممكن تعريف الحضارة على أنها الفنون والتقاليد والميراث الثقافي والتاريخي ومقدار التقدم العلمي والتقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ . إن الحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات والتقاليد وأسلوب المعيشة والملابس والتمسك بالقيم الدينية والأخلاقية ومقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون والآداب والعلوم.(2 )
   "الحضارة هي : الحالة المقابلة للفطرة وتُطلق على جملة مظاهر للتقدم ألأدبي والفني والعلمي . وهي مظاهر تنتقل من جيل الى جيل في مجتمع واحد أو عدَّة مجتمعات متشابه " (3).
أمّا فرويد يقول : الحضارة  هي جملة الأنجازات والقواعد التي تميّز حياتنا عن حياة أسلافنا والتي تنشد تحقيق هدفين : حماية ألأنسان من الطبيعة ، وتأسيس علاقات متبادلة بين ألأنسان وأخيه ألأنسان
الحضارة : هي جملة العوامل المعنوية والمادية التي تتيح لمجتمع ما أن يوفر لكل عضو فيه جميع الضمانات الأجتماعية اللازمة لتطوِّره . فالفرد يحقق ذاته بفضل إرادة وقدرة ليستا نابعتين منه ، بل ولا تستطيعان ذلك  ، وإنّما تنبعان من المجتمع الذي هو جزء منه . وإذا ما ركن لقدرته وإرادته وحدها ، فإنّ هذا الفرد المنعزل والمنقطع عن كُلِّ إتصال بجماعته يصبح مجرد قشّة ضعيفة .( 4)
بينما يعرّفها المعجم الموسوعي الفرنسي : بأنها (أي الحضارة) مجموع المميزات الخاصة بالحياة الفكرية والفنية والأخلاقية والمادية الخاصة لمجتمع من المجتمعات البشرية . أو بصيغة أخرى تمثل الحضارة كُلِّ ما ينتج عن نظرة شعب من الشعوب الى الكون والحياة وألأنسان، ثم ما ينتج عن هذه النظرة في جميع نواحي الحياة المادية والعلمية . هي مجموع البنيات الثقافية والأقتصادية والفنية والدينية التي تميز مجتمعا من المجتمعات .
 ويحتل الجمال والنظافة والنظام مكانة خاصة ، بكل تاكيد ، بين مطالب الحضارة
عرف التاريخ البشري كُلِّ أشكال التفاعل بين الأمم والشعوب والحضارات والثقافات ، تمثلت في المثاقفة وتبادل السلع والمنتوجات ، كما تمثَّلت في التأثير والتأثُّر( تكامل الحضارات وليس صراع الحضارات كما يدعي البعض) ، بل وفي
الصراعات والحروب ، بحيث إنَّه لم تستغن حضارة بشرية عن سابقاتها ولم تخل من التاثير في لاحقاتها .( 5  ).
بعد هذه  المقدمة  والخُلاصة لمفهوم الحضارة سنستعرض (في الملحق للجزء الثاني من المقال ) ، بعض ما قيل عن الحضارة العربية لنخبة من المفكرين والباحثين والأساتذة من العرب.
 ----------------------------------------------------------------------------
( 1) جبران علوان - فنان تشكيلي عراقي
(2 )ويكيبيديا.
(3) د . مراد وهبة
    http://knol.google.com/k/14 --%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A9#
http://www.siironline.org/alabwab/josoor/029.html5

97
مفهوم الموت و القيامة في المسيحية

نافع البرواري

 الغالبية من الناس يصيبهم الخوف والهلع من الموت وتصبح حياتهم كابوسا وتراهم يعيشون في حالة الذعر والخوف والكآبة ، لأنهم لايستطيعون أن يسيطروا على خوفهم هذا ولا أن يفهموه ، أما المؤمنين بالمسيح فهم على يقين أنّهم سيهزمون الموت بقيامتهم مرة ثانية للحياة ألأبدية مع المسيح ، وما الموت الا جسرا به يعبرون من الحياة المادية الى الحياة الروحية"1كورنثوس15 : 20 " .
 قد يختلف المسيحيون الواحد عن الآخر اختلافا كبيرا، فقد يتمسكون بمعتقدات شديدة التباين حول السياسة وأسلوب الحياة بل وحتى في الأفكار اللاهوتية ، ولكن هناك عقيدة واحدة ، وهي أنّ يسوع المسيح قام من بين الأموات . انّ القيامة هي عقيدة فريدة  ومحور التاريخ للمسيحية فعليها تُبنى الكنيسة وبدونها لن يكون هناك كنيسة للمسيح ، فقيامة يسوع فريدة ومتميّزة وهي لب الأيمان المسيحي ، فكل العبادات الأخرى قد يكون لديها نظم أدبية أخلاقية قوية ومفاهيم عن الفردوس ، كما أنَّ لها كتُبها المقدسة الخاصة بها ، لكن ليس أحد من هذه العقائد تقول انّ الله تجسَّد وأخذ صورتنا البشرية ، ومات بالحقيقة لأجل البشر، وقام من بين الأموات في قوة ومجد ليملك على كنيسته (شعبه) .  قيامة يسوع المسيح من بين الأموات هي مفتاح الأيمان المسيحي وهي تاج المعجزات ومحور كرازتنا في المسيحية ، لأنّ القيامة هي رجاء الحياة الأبدية "واذ كان رجائنا في المسيح لا يتعدّى هذه الحياة, فنحن أشقى الناس"1كورنثوس 15 :19 " . ويذكر أيوب  قبل مجيء المسيح بمئات السنين ، وهو يصوّر الفداء الذي سيكون بيسوع المسيح ،  فيقول:
"أعرف أنّ شفيعي حيٌّ وسأقوم آجلا من التراب ، فتلبس هذه الأعضاء جلدي وبجسدي أُعاين الله "أيوب 19 : 25" .  فما أعظم الأيمان الذي كان لأيوب حتى عرف ان الله لن يتركه وسيفديه ويقيمه من الموت الى الحياة الأبدية . العالم الغير المؤمن بقيامة المسيح  يبحث عن الحي وسط الأموات "لماذا تطلُبنَّ الحي بين الأموات؟"لوقا 24 :5 ". ولكننا نحن المؤمنون نبحث عن الحي بين القائمين من الموت ، فالذين يبحثون وسط الأموات  فهم أموات روحيا وأدبيا أمّا الذين يبحثون عن الحي فهم أحياء ، لأنّ القوّة التي أعادت يسوع المسيح للحياة أصبحت متاحة لجميع الذين يقبلون يسوع المسيح الحي القائم من الأموات ، الذي ازاح الحجر الذي كان موضوعا على قبره وهو ، أي الحجر، رمز الحاجز الذي كان بين الموت(بسبب الخطية) والحياة الجديدة ، وهوأيضا رمز الحاجز الذي كان يفصل بين ظلمة القبر ونور الحياة  .  فبالقيامة انفتحت عيوننا لنرى الحياة بمنظار آخر لنفهم كلّ ما يقوله الكتاب المقدس عن مشروع الله الخلاصي لبني البشر بعد أن اختبرنا القيامة(الروحية) من بين الأموات .  فمن يؤمن بيسوع المسيح القائم من بين الأموات ويؤمن برسالته الخلاصية فهو قد انتقل (الآن) من الموت الى الحياة الأبدية ، لأنّ الحياة تصبح أقوى من الموت . إنَّ القيامة هي التحدي لمفهوم الموت والزوال بالأنتصار على الموت بقوة الحياة التي يعطيها المسيح للمؤمنين به . يقول بولس الرسول: (عن الذين يؤمنون بالمسيح والذين لا يؤمنون بالمسيح ):

"فنحن لله رائحة المسيح الذكيّة ُ بين الذين يخلصون َ أو الذين يَهلكون . فهي للذين يَهلكون رائحةُ موت ِتُميتُ ، وللذين يَخلصون رائحةُ حياةِ تُحيي"2كورنثوس2 :15 ، 16 " .
كانت غاية الرسول بولس أن يعرف المسيح  وأن يعرف قوّة قيامته ليتشبه به على رجاء القيامة من بين الأموات"فيلبي 3 :10 " ،  فمعرفة الرب يسوع المسيح كقدوة لنا يعطينا قوّة من روحه القدوس لنشارك موته وقيامته .
 القيامة هي شهادة تاريخية حية على ان يسوع المسيح حي ويملك على ملكوته وانّه ليس أسطورة أو خرافة . والقيامة تؤكد لنا عن لغز طالما حيَّر الأنسان وهو كيف سيكون مصيره مابعد الموت ، ويسوع المسيح أعطانا الرجاء والأمل في الحياة ما بعد الموت، بقيامته من بين ألأموات . فهوالبكر القائم من بين الأموات ، وهو يقول  إذهبوا ، أنتم أيضا ، وبشَّروا العالم بهذا الفرح العظيم  فرح قيامتنا نحن ايضا "لوقا 24 : 46 ، 47 "  . ". بالقيامة نجد معنى وأهمية لحياتنا حتى وسط الآلام والماسي والأضطهادات . القيامة هي رجاء الأنسان وهدف الحياة "واذا كان رجاؤنا في المسيح لا يتعدّى هذه الحياة, فنحن اشقى الناس جميعا"1كورنثوس 15 :19 " . لقد  تحررنا من حكم الموت( بسبب الخطية) الى الحياة الجديدة ، فرح السعادة الحقيقية ، فرح الأتحاد مع الأبن ومشاركته ملكوته الأبدية " متى 28 : 5 ، 6 ، 7 " .
القيامة هي محور الأيمان المسيحي الذي يختلف عن كُل الديانات بشهادة حيّة هي قيامة المسيح من بين الأموات ، بدليل القبر الفارغ . فالمسيح قام حقا قام ، ونحن أصبحنا أبناء النور ولسنا أبناء الظُلمة . فقيامة المسيح تعني أنّ البشريّة صار لها رجاء القيامة الأبدية ، فبدون القيامة  يظل تبشيرنا باطل وأيماننا بلا رجاء . لأنَّ القيامة  تُجيبُ على كافة أسئلة الأنسان الوجودية وهي : لماذا خُلقنا والى أين نحن سائرون ؟ ، فلولا القيامة ويقين الحياة الأبدية لكان كُلُّ شيء محللِّل للأنسان طالما الموت هو نهاية الطريق وختام كُلّ شيء . بالقيامة انهزم الموت لنحيا مع المسيح ، والقيامة تظمن أنّ من سيملك في ملكوت الله الأبدي هو المسيح الحي ، وليس مجرّد فكرة أو أمل أو حلم ، وهذا لانجده في العقائد الأخرى الغير المسيحية .  نحن المؤمنين بالمسيح المخلّص ، لنا اليقين بأننا سنُقام من الأموات أيضا ، ولأنّه قام المسيح ، فهو حي ويشفع فينا .
انّ تجسّد  المسيح واخذه صورة بشريّتنا كان ليكمّل ثلاثة مهمّات رئيسية وهي:
1- هزيمة الخطيئة : فهو جاء لينقذنا من نتائج الخطيئة (وهي الموت) التي أصبحت متأصّلة في طبيعة الأنسان منذ أن سقط أبوينا ادم وحواء بعصيانهما الله في "الفردوس" . والخطيئةُ دخلت في العالم بانسان واحد، وبالخطيئة دخل الموت. وسرى الموتُ الى جميع البشر لأنّهمُ كُلّهم خطئوا"روميا 5 : 12 " .
إنَّ القضاء على الخطيئة لن يتم الا بالموت الكُفُّاري والتضحية  لفداء الجنس البشري بفدية عظيمة ، وهكذا قدّم يسوع المسيح نفسه فدية للجميع لأنَّه هو الوحيد الذي تجتمع فيه الصفات البشرية واللاهوتية . وهكذا  أخلى الأبن  ذاته متخذا صورتنا البشرية وعانى وتألم حتى الموت ، موت الصليب ولكنه قام في اليوم الثالث . ولأنّ المسيح قام " فهو بكرُ من قام من رُقاد الموت"1كورثوس15 : 20 ".
هكذا ثبت ثبوتا قاطعا موته من أجل خطايانا وأصبح ممكناً لنا أن ننال نعمة التبرير من الخطيئة والحصول على الغفران ونقوم نحن المؤمنين أيضا من بين الأموات (الأموات روحيا بسبب الخطيئة) ، لنصبح أبناء الله بالتبنّي"و كما يموتُ جميع الناس في ادم, فكذلك هم  في المسيح سيحيون"1كورنثوس 15 : 22  ".
2- هزيمة الموت:
وكما دخلت الخطيئة بشخص واحد هكذا "فالموت كان على يد انسان ، وعلى يد انسان تكون قيامة الأموات "1كورنثوس15 : 21".
بعد أن دخلت الخطيئة العالم( نتيجة لخطيئة ادم وحواء) دخل الموت ايضا الى العالم هكذا اجتازت الخطيئة والموت الى كلّ الجنس البشري بسبب هذه الخطيئة الأولى .  ولكن شكرا للرب يسوع المسيح الذي افتدانا بموته على الصليب وبرَّرّنا من الخطيئة وسحق الموت بالموت ليخلق فينا انسانا جديدا ويعطينا حياتا جديدة بعد أن كنّا نعيش في ظلمة الخطيئة والموت . "والخطيئة دخلت في العالم بانسان واحد(ادم), وبالخطيئة دخل الموت (الأنفصال عن الله). وسرى الموت الى جميع البشر لأنّهم كُلّهم خطئوا....ولكن هبة الله غيرُ خطيئة ادم ....فكما أن خطيئة انسان واحد قادت البشر جميعا الى الهلاك ، فكذلك برُّ انسان واحدٍ (يسوع المسيح)  يُبرّر البشر جميعا فينالون الحياة " روميا5:12,15,18  ".
إنَّ الأيمان المسيحي قائم على أساس لايتزحزح هو القبر الفارغ ، فلأنَّ المسيح   قام وغلب الموت ، نعلم يقينا أننا سنقوم أيضا  من الموت .  فكما يقول الرسول بولس: "واذا كان المسيح ما قام , فأيمانكم باطل ٌ وأنتم بعدُ في خطاياكم , وكذلك الذين ماتوا في المسيح هلكوا"1كورنثوس 15 : 17  " .  فأيماننا هو انّ هناك حياة فيما وراء القبر وانّ حياتنا الأرضية ماهي الا أعداد لتلك الحياة ، فلأنّ المسيح قام جسديا من الأموات نعلم أنّ ماقاله هو حق وانّه هو الله الذي يقيم الأموات ،  فهو حي وليس نبيا كاذبا أو مظلّلا بل هو المسيح الذي قهر الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور ،  فنستطيع أن نثق من أننا ايضا سنقوم الى الحياة ، لأنّه قد قام , فليس الموت هو النهاية بل هناك حياة مستقبلية ، وانّ القوّة التي أعادت يسوع للحياة متاحة لنا ايضاً لتعيد نفوسنا المائتة روحيا(بسبب الخطية) الى الحياة . وهو يقول لنا :"أنا هو القيامة والحياة. من امن بيّ يحيا وان مات"يوحنا 11 : 25 " .  نعم الهنا هو اله الأحياء وليس اله الأموات ، فلم يعد الموت مصدرا للرعب أو الخوف, فقد غلبه المسيح , وسنغلبه نحنُ أيضا يوما ما . لقد أنهزم الموت فيما وراء القبر"الموت  أبتلعه النصر ، فأين نصرك ياموت ُ؟ وأين شوكتُك ياموت ؟ "كورنثوس ألأولى 15 : 54  ".
3- هزيمة الشيطان والقوات الشريرة:
كان الشيطان ظافرا في جنة عدن (تكوين 3) وكذلك عندما مات الرب يسوع المسيح على الصليب .  وكما أغوى الشيطان ادم هكذا دخل الشيطان والقوات الشريرة في هذا العالم المفصول عن الله .  لكن الله حوّل نصرة الشيطان الظاهرة الى هزيمة ساحقة عندما قام يسوع المسيح من ألأموات وبدأت ملكوت الله تؤسس على صخرة المسيح ،  فرأى الشيطان أنّ مملكته وسيادته على الأرض قد تزحزحت ،  بل أنّ تجسُّد المسيح وفدائه وقيامته هزّ أركان مملكة الشيطان ، فبدأ الشيطان يفقد قلاعه واحدة بعد أخرى وبدأ يدرك الشيطان أنّه يعيش أيّامه الأخيرة .
جاء المسيح ليسحق رأس "الحيّة القديمة" الشيطان ويغلبه وينتصر عليه . لقد هزم المسيح الخطيئة والموت أولا على الصليب وأخيرا هزم الشيطان وكلّ القوات الشريرة بقيامته ، وكلُّ الذين قبلوا المسيح وامنوا به كمخلّص لحياتهم ، لم يعد للشيطان سلطة عليهم بل هم اصبحوا جنودا في جيش الرب يسوع المسيح فيحاربون قوات الشر الروحية "والذين يؤمنون تُساندهم هذه الآيات: يّطردون الشياطين باسمي  مرقس 16 : 17 "
"ثُمَّ سمعتُ صوتا عظيما في السماء يقول:"اليوم تمّ النصرُ والعزّة والمُلكُ لالهنا والسلطان لمسيحه, لأنّ الذي يتَّهم(الشيطان) أخوتنا أُلقي الى الأرض"رؤيا 12 : 10 ".
الخلاصة:
بالأيمان بقيامة الرب يسوع المسيح اصبحنا ننظر الى العالم نظرة جديدة  فنحمن نعيش في هذا العالم ولكننا نصبح في عالم ملكوت الله ، فنسموا من الحياة المادية الى الحياة الروحية التي ترفعنا عن التعلق بشهوات هذا العالم الزائل .  فعندما نتعمّذ يعني أننا قد مُتنا مع المسيح (بالغطس في الماء) وقمنا معه . فالمعمودية هي رمز الموت والقيامة ، فان عشنا فبالمسيح نعيش وان متنا فبالمسيح نحيا ،  فحياتنا  (كما يقول الرسول بولس)هي للمسيح ولأجل المسيح وبالمسيح  . المؤمنون الذين يعيشون مع الرب يموتون ويقومون وهي خبرة روحية يختبرها المؤمنون ، وهذا ما اختبره الرسول بولس عندما يقول "انا ميّت ولكن المسيح يحيا فيّ" ، هكذا اليوم يقول الرب "ها أنا واقفٌ على الباب أطرقُ"الرؤية3 :20 " ، فكل من يفتح قلبه للمسيح ،  فانَّ المسيح سيدخل في حياته الميتة ويقيمه من الموت ليعيش حياة الفرح والسعادة الحقيقية .
المسيح يغيّر قلب الأنسان العتيق ليولد انسانا جديدا(الولادة الروحية) ويوقضه من نوم الموت ليعيش حياةً جديدة في مملكة الله الغير فانية ، فحتى الموت بالنسبة للمؤمن هو باب القيامة لحياة جديدة . فلا نتوقف عند الآلام والأضطهادات ، لأن الموت لنا هو باب للقيامة بالتأكيد .
"تبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح لأنُّه شملنا بفائق رحمته, فولدنا بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات ولادة ثانية لرجاءٍ حيّ ولميراثٍ لايفسد ولا يتدنّس ولا يضمحلُّ"1بطرس 1:3". آمين .

98

 
تأمّلات في اسبوع الآلام
الجزء الثاني
يسوع المسيح على الصليب كمَّل عمل الله الخلاصي

نافع البرواري
 
من كان يُمكن أن يُصدّق بأن الله يمكن أن  يختارليُخلّص العالم  بعبدٍ متواضع متألّم  وليس بملكٍ مجيد؟ فهذه الفكرة على النقيض من الكبرياء البشرية والطرق العالمية ولكن الله يعمل بطرق لايمكن أن نتوقّعها ، فقوة المسيح تجلّت في الأتضاع والألم، وها هو رجل الأحزان ، مُحتقر، مرفوض من قبل المحيطين به ، ولا زال الى يومنا هذا مُحتقرا ومرفوضا من قبل الكثيرين . اليوم لا زال العالم لم يتغيّر من قيمِهِ فما زال العبد المتالم (اشعيا 53) مكروها ، ولكن ليس شهادة الأنبياء في العهد القديم فقط هي التي تشير الى انتصار الرب يسوع المسيح على الألم و الموت "أشعيا 53 : 12 "، بل هناك شهادة الرسل"يوحنا21 : 24 "في العهد الجديد وتاريخ الكنيسة المسيحية"أعمال 1 :2 " ، وأختبارات المؤمنين في حياتهم ، مئات بل الاف الأختبارات للمؤمنين والقديسين الذين غيّر يسوع المسيح حياتهم الى الأبد علما بأنّهم كانوا متألمين ومضطهدين ، ولا زال المسيح الحي يعمل المعجزات في حياة الكثيرين . 
كثيرون من غير المسيحيين (وحتى من المسيحيين ) لا يفهمون أن طريق المجد والأنتصار على الموت لا يمر الا من خلال الآلام ، كما أنّ هناك من الناس من يقول لماذا لم يتدخّل الله لانقاذ ابنه يسوع المسيح من الصليب . "ما أغباكُما وأبطأكُما عن الأيمان بكل ما قاله الأنبياء ! أما كان يجب على المسيح أن يعاني هذه الآلام فيدخل في مجده؟ "لوقا  24 : 25 ، 26 .
حتى تلاميذ المسيح بعد أن عاشوا أحداث آلام المسيح وصلبه وموته قبل القيامة ،
أصابهم  الأحباط والحزن واليأس ، والسبب لأنّ الناس كانوا وما زالوا ينشغلون بالسلطة السياسية والقوة العسكرية والأمجاد الفانية بينما القيم السماوية (في مملكة الله) هي عكس ذلك تماما فالأخير يصبح أوّلا والحياة تنبع من الموت (حبة الحنطة لن تاتي بثمرٍ جيّد الا بعد أن تموت في الأرض). ويا للأسف فمازال هناك من الناس الذين يهزأون بالمسيحيين لأيمانهم ، ولكن مما يشجع المؤمنين ، أنّ الرب يسوع نفسه تعرّض للهزء الفظيع مثل أيِّ إنسان .
في سر الأفخارستية والتأمل في هذا السر سنستطيع الغوص في محبة الرب يسوع لنا بلا حدود حتى أنه بذل نفسه وسفك دمه ليصير لنا قربانا وخبزا نأكله ليتّحد معنا الى الأبد . إنَّ الخبز والخمر تذكار مستمرلآلام وذبيحة المسيح من أجلنا .
 تنبأ الشيخ سمعان بآلام أُمّنا مريم العذراء عندما قال " وأمّا أنتِ ، فسيفُ ألأحزان سينفُذ في قلبِكِ"لوقا 2 : 35 " . الناس لن يكونوا على الحياد من الرب يسوع المسيح ، فإمّا أن يرفضوه بشدّة أو أن يقبلوه بفرح . ولكن مريم العذراء ستحزن للرفض العام الذي سيلاقيه إبنها من قبل هذا العالم . نحن جميعنا خطاة وكُلُّنا لعبنا دورا في صلب يسوع وموته . ولكن الخبر السار هو أنَّ الله رحيم ، وسيغفر لنا ويُعطينا بإبنه حياة جديددة عندما نتوب ونؤمن به مخلصا وربا وملكا على قلوبنا .

لقد تألّم يسوع المسيح من أجلنا ، حاملا خطايانا ، ليجعلنا مقبولين عند الله ، فبماذا نبرّر انكارنا لهذه المحبة الفائقة ؟ لماذا لا يزال هناك من الناس الذين يُريدون أن يحجبوا نور المسيح في حياتهم ؟ لماذا هذا  الرفض الغير المبرر؟ لماذا يكره ويَضطهِد العالم المسيحيين كما يخبرنا الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة  في كُلِّ زمان ومكان ؟ . لماذا العالم كلّه ، ( ممثللا برجال الدين اليهود والساسة الرومانيين أيّام المسيح) ، اتفق ضدّ المسيح ؟
إنها أسئلة مطروحة عبر التاريخ وليس هناك جواب لها سوى أنّ هذا العالم يخضع لسلطة الشيطان ولا يريد أن يأتي الى المسيح لانّ الشيطان قد أغوى الكثيرين واستعبدهم ، وأنّ نور المسيح يكشف الظلام الذي يعيش فيه هذا العالم ، وحق المسيح يدين أعمال هذا العالم الشريرة .
كان هناك أعتقاد عام في فكر اليهود وحضارتهم انّ المُصيبة أو الكارثة أو المرض او الألم هي نتيجة لخطيئة كبرى مُعيّنة . أمّا الرب يسوع المسيح استخدم معاناة الناس وآلامهم لترسيخ الأيمان وليُمجد الله ، فنحن نعيش في عالم ساقط وأحيانا كثيرة يتألم الأبرياء ، وهكذا قد لا تكون معاناتنا عقاباً ، بل مُجرّد آثار لجروحات المعركة بين أظهار ولائنا لله .
سارتر وكامو وغيرغراد وغيرهم من الفلاسفة الوجوديين قالوا : أنَّ  الحياة لامعنى لها طالما هناك الألم والموت ، وقد كتبَ ، الكاتب الأمريكي  " أرنست همنغواي" كتاب بعنوان "لا جديد تحت الشمس " مُستمدا عنوانه هذا من سفر الجامعة "لاشئ تحت الشمس كل شئ باطل " ، وكان الفلاسفة اليونان (الأبوقراطيين ) يقولون طالما الحياة قصيرة فعلينا أن نأكل ونشرب ونتمتع بهذه الحياة لان كل شئ زائل . هكذا اليونانيون في زمن الرسول بولس كانوا يطلبون الحكمة واليهود يطلبون الآيات ، لكن لم يختبروا هؤلاء كُلِّهم أنَّ من خلال صرخة الآلام ومن قلب الصليب نكتشف الله (قائد المائة)" حقا كان هذا ابن الله"متي 27 : 54"، وأنَّ الموت على الصليب هو آخر الأنحدار الذي وصل اليه يسوع المسيح ،لأنّ الله رفعه وأعطاه اسماً هو فوق كل الأسماء "تواضع ، أطاع حتّى الموت ، الموت على الصليب . فرفعه الله أعطاه اسما فوق كُلِّ اسمٍ" فيلبي 2 : 8 ". لأنَّنا متألمين أراد المسيح أن يشاركنا في آلامنا ويتألم معنا . عرف يسوع المسيح آلام الآخرين فأنفتح عليهم ، فدرب الصليب يمثل لنا طريق آلام البشرية كُلّها التي تأنُّ وتتالم بسبب انفصالها عن الله نتيجة الخطيئة. يسوع المسيح جاء الى هذه الأرض وقدّم نفسه مثالا للتضحية وبذل الذات ليساعدنا ويضع كتفه على كتفنا ويقول لنا هيا معا لأن نصل الى المجد القادم الى الهدف الأسمى الى ما وراء الآلام الى القيامة والحياة الأبدية ، فهو يعلِّمنا أنّ بآلامنا نجمع كلِّ العالم المتألّم ، وبآلامنا نعطي دروس المحبة للأنسانية . فنحن المؤمنين نكرز بيسوع المسيح مصلوبا ونفتخر بالصليب رمز المحبة والوفاء والخلاص .
إنّ صرخة مُخلصنا يسوع المسيح على خشبة الصليب وهو في قمة الآلام ، هي صرخة كلِّ المتروكين وكلِّ المهمّشين والمقهورين والمضطهدين والمظلومين والمشردين والمهجّرين والمتألمين لاسباب كثيرة ، وهي صرخة كل الذين تركوا أوطانهم وارضهم وأفترقوا عن أحبائهم وأعزائهم وأهلهم . انّها صرخة الذين طُعنوا من الخلف بسب الخيانة والغدر. يسوع المسيح سلّم روحه بين يدي الآب السماوي " يا أبي ، في يديك أستودع روحي " لوقا 23 : 46 " . ونحن أيضا علينا أن نسلّم حياتنا بين يدي أبينا السماوي فهو يعرف أكثر مما نعرفه ، فيسوع المسيح أختار بأرادته الحُرّة أن يطيع أبيه السماوي حتى لو قادته الطاعة الى ألألم والموت "عبرانيين 5 : 8 " ، وبمشاركته لنا في ألآلام ، شاركنا في خبرتنا البشرية مشاركة تامة . وهو قادر أن يُقدِّم خلاصا أبديا لمن يطيعه .
قد يظن الكثيرون أنّ المحبة تتناقض مع الموت ! الا أنّ هؤلاء الناس لا يعرفون المحبّة الحقيقية ، لأنَّ المحبة تتضمّن في الغالب التضحية والألم لانّ المحبّة هي عطاء ، ويسوع المسيح لم يأتي الى العالم ليكسب جاها أو سلطة سياسية ، كماهو تفكير الكثيرين من الناس ، لأنَّه وهو يُحاكم في محكمة الأشرار قال " مملكتي ليست من هذا العالم" ، لكنه جاء ليتألّم ويموت حتى نحيا نحن"عبرانيين 2 : 9، 10 "  .  انّ يسوع المسيح لم يحمل على خشبة الصليب خطيئة العالم ليسمّرها على الخشبة فقط بل حمّل آلام البشرية وأخذ اللعنة لكي يمحي لعنة الخطيئة لنصبح برالله  ، هكذا تمَّم يسوع المسيح عمل الله  الخلاصي للبشرية " تمّ كُلِّ شيءٍ "يوحنا 19 : 30 "

99
عندما ينتشر الفكر الظلامي

نافع البرواري

وأنا أتطلَّع على عناوين موقع عنكاوى لفت نظري عنوان يقول :" معرض الكتاب الدولي الأول في محافظة نينوى يعرض كتبا تزدري المسيحية ويهمش الكتاب السرياني"

تذكَّرتُ زيارتي لأحدى المكتبات ، للجالية العربية ألأسلامية ، في أحدى الجوامع لأحدى المدن الأوربية (حينها كنتُ في حاجة لقرائة أي كتاب عربي بسبب تركي الوطن وخسارتي لجميع الكتب التي كانت في مكتبتي المتواضعة في العراق بعد هجرتي الى الخارج ) . الشيء الذي لفت نظري في تلك المكتبة أن الغالبية المطلقة للكتب المعروضة في تلك المكتبة كان مصدرها السعودية ، والغالبية المطلقة لهذه الكتب كانت تركز على كراهية النصارى (المسيحيين ) وتجعل القارئ المسلم وهو في قلب اوربا أن يكره الغرب "الكافر" حسب مضمون مواضيع هذه الكتب التي استعرتها ، لقرائتها من باب الفضول للأطلاع على مواضيعها . وأتذكر حينها أنني ألتقيت بالمشرف على المكتبة في الجامع ،  وأبديتُ استغرابي له عن سبب وجود هذه الكتب المسمومة في بلد أوربي يحتضن العرب والمسلمين ، فقال لي أننا نحصل على هذه الكتب مجانا من مصادر سعودية . وفي أحد ألأيام راجعت المكتبة لأستعارة كتاب ، أخبرني المشرف على المكتبة أنّ شرطة هذه المدينة قد داهموا الجامع وفتشوا تلك المكتبة ، فوضعوا شروطا عند قراءة أيِّ كتاب بأن يتم توقيع الحصول على توقيع القارئ لتكل الكتب ، وهذا حدث بعد أحداث 11 سبتمبر  2001
تلك المكتبة يمكن إعتبارها مكتبة نموذجية لآلاف المكتبات في الدول العربية وألأسلامية وحتى ألغربية التي تموِّل من قبل السعودية وبعض دول الخليج ، لنشر الفكر الوهابي التخريبي في انحاء العالم  مدعوما رسميا من قبل هذه الدولة الراعية للأرهاب  . والغريب أنني وبعد زيارتي لشمال العراق قبل مدة ، زرت بعض المكتبات لغرض شراء بعض الكتب الأدبية التي كنت اعتز بها في مكتبتي السابقة، ولكن ، ويا للأسف ، لم أجد في هذه المكتبات ، سوى كتب تجارية أو كتب ذي التوجهات ألأسلامية المتطرفة ، أو كتب لا تستحق حتى قراءة غلافها .
واليوم عندما أطَّلعت على عنوان "معرض الكتاب الدولي المقام في نينوى"  صار لي فضول لأقرأ المقالة المنشورة على الصفحة ألأولى لموقع عنكاوة ، فزاد يقيني من أنَّ العراق ليس مستثنا من المشروع السعودي الهادف الى نشر سموم الفكر الوهابي حتى في شمال الوطن ، الذي يعتبر نوعا ما نموذجا للديمقراطية والحرية في عراق ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري السابق . ولكن للأسف خاب أملي وشعرتُ بالأحباط وخيبة ألأمل ، بسبب الأستمرار في نهج تسميم عقل القارئ بكتب ، تزوِّر حتى الحقائق التاريخية ، عندما تُلغي هذه الكتب المعروضة دور المسيحيين في المساهمة في بناء الحضارة العربية وألأسلامية ، والأنكى من هذا أن تطعن هذه الكتب بالعقيدة المسيحية ورموزها  في المحافل الدولية ، والمبكي والمحزن هو عندما يطلق على هذا المعرض أسم " معرض الكتاب الدولي" ويُعرض في مدينة نينوى قلعة الحضارة الآشورية التي قدمت للعالم قبل الاف السنين أكبر مكتبة أدبية وعلمية  في العالم ، وهي مكتبة آشور بانيبال ،  وساهم شعب بين النهرين "الكلدان والسريان ولآشوريين " وعبر مئات السنين في بناء الحضارة العربية والأسلامية ، من خلال علمائهم الذين نقلوا حضارة الغرب اليوناني والروماني الى العرب القادمين من الصحراء العربية في شبه الجزيرة العربية ، التي كانت قاحلة فكريا وعلميا وحضاريا كأرضها الصحراوية القاحلة . فعندما غزى ، العرب ، بلاد ما بين النهرين ، كان شعب وادي الرافدين لهم حضارة غائرة في القدم ، شعَّت على العالم أجمع ، وكان فيها مدارس وحتى ما يشبه جامعات علمية ودينية يتخرّج منها مئات الطلبة في شتى ميادين الأختصاص الطبية والفكلية والفلسفية والدينية ...الخ.
اليوم عندما تُهمِّش السلطات الحكومية في نينوى دور السريان وتطعن في رموزها الدينية  ، فان هذه السلطات ترتكب جريمة بحق  الأنسانية عامة وبحق مواطني نينوى الذين هم من ابناء حضارة وادي الرافدين ،لأن الحضارة السريانية ، هي حضارة إنسانية قبل أن تكون حضارة وادي الرافدين ، وعندما تسكت الحكومة المركزية ، عن انتشار الفكرالوهابي المسموم في محافظة نينوى ، أو في أيِّ جزء من العراق ، فهذا يعني بالنسبة لنا ، نحنُ "السورايي" أنَّ هناك خطة ومنهج مبرمج لتهميش دورنا في عراق اليوم ، وهناك خطة لتهميش وحتى الغاء دور حضارة ما بين النهرين ، فعلى جميعنا ، وخاصة رئاسة الكنائس في العراق، و الأحزاب السياسية لشعبنا "السورايي" ، أن يستنكروا هذا التهميش والطعن في رموزنا المسيحية لأنَّ هذا العمل هو بادرة خطيرة سيتكرر إن لم نقف بالمرصاد لهذا الفكر الأقصائي الممنهج
لنقرأ ما ورد في نص المقالة المنشورة في موقع عنكاوة لتأكيد حقيقة الخبر.
الموصل /عنكاوا كوم /خاص
برعاية محافظة نينوى اقيم معرض الكتاب الدولي الأول بمشاركة عشرات دور النشر العراقية والعربية والعالمية وقد احتوى المعرض على إصدارات عديدة وحديثة لمختلف العناوين  التي تبحث في العديد من مجالات الحياة وقد تركز الجزء الرئيس من المعرض على دور نشر سعودية حيث كان لها نصيب الاسد من المعرض بينما احتوى على العديد من الكتب التي  ناقشت رؤية الاسلام للاديان الاخرى كما احتوى احد جوانب المعرض على ركن عرضت فيه كتب لمؤلف يدعى ابن قرناس  حيث قام  المؤلف المذكور باعداد كتب عديدة من بينها كتاب بعنوان (مسيحية بولص وقسطنطين ) يزدري فيه الديانة المسيحية ويشكك بروحانيتها كما يعرض المؤلف في الكتاب ارتباط المسيحية بالوثنية من خلال اعتماد المسيحية للاعياد لوثنية ومنحها الصبغة المسيحية كما يتعرض على روحانية السيدة العذراء ..من جانبهم ابدى عدد كبير من ادباء وكتاب ابناء شعبنا امتعاضهم من تهميشهم من خلال عدم ضمهم للجنة التحضيرية  التي قامت باعداد المعرض  واكد عدد من ابناء شعبنا في احاديث للموقع ان هذا التهميش يصور الواقع الذي يعيشه مسيحيو المدينة"

ألأسئلة الموجِّه لرئاسات كنائسنا في العراق، ولجميع أحزابنا في الوطن وخارج الوطن ، هي :
 ماالذي سنخسره عندما نصرخ للعالم المتحضر لأنقاذ حضارتنا نحن شعب بين النهرين؟ الا يحاسبنا التاريخ على صمتنا وسكوتنا الذي يمكن أن نشبِّههُ بصمت وسكوت  ألأموات في القبور؟
ماذا كسبنا  نحن "السورايي" غير الذل والهوان وألترهيب والتهميش ، خلال السنين الماضية حتّى  نخاف ان نقول الحقائق وندافع عن حقنا في الوجود  ؟
على شعبنا المسيحي في العراق أن يثور على ألواقع المر ويحاسب الرؤساء  الدينيين والسياسيين ، في حالة سكوتهم  عن المظالم والتهميش والطعن برموزنا  الدينية  والتاريخية والحضارية ، مهما كانت الجهة التي تقف وراء هذه المظالم .
للأطلاع على المقالة المنشورة في موقع عنكاوة  راجع الموقع أدناه
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,566816.msg5525682.html#msg5525682

نافع البرواري

100

المسيح الثائر هوالمحرَّر الحقيقي للأنسان  من قيود العبودية
الجزء ألأول - من هو يسوع المسيح ؟
نافع البرواري
 
بعيدا في الخوض في سر الثالوث واللاهوت ، يمكن معرفة شخصية يسوع المسيح من خلال تعاليمه وأقواله وحياته على هذه الأرض . في الحقيقة تتوقّف حياة ألأنسان الروحية على معرفة شخص يسوع المسيح ، فها هو يوحنا المعمذان ، وهو أعظم ألأنبياء ، يشهد للمسيح فيقول : "من جاء من فوق ، فهو فوق الناس جميعا . ومن كان من ألأرض ، فهو أرضيٌ وبكلام أهل ألأرض يتكلَّم ....فمن أرسلهُ الله يتكلَّم بكلام الله ، لأنَّ الله يهب الروح بغير حساب " يوحنا 3 : 31 -34 " . حين بدأ المسيح خدمته على الأرض، وجمع حوله تلاميذه الاثنى عشر، وأرسلهم ليكرزوا بملكوت الله، ويشفوا المرضى، التفَّت الجماهير حوله وصارت تتبعه في كل مكان، وأحدث ذلك هزة أخافت رؤساء الكهنة والشعب والقادة.  ويقول الكتاب المقدس ، إن المسيح عندما دخل أورشليم ارتجت المدينة كلها قائلة : من هو هذا ؟ وما تزال حتى اليوم المدن ترتج ... وما تزال العقول ترتج ... وما يزال العالم كله يرتج ويقول " من هو هذا ؟....من هو هذا ؟ . أمَّا هيرودس الملك أهتز عرشه عندما سمع أنّ جموع الناس تتبعهُ فخاف على سلطه السياسية  فقال : " يوحنا أنا قطعتُ رأسه فمن هو هذا ؟ "لوقا 9 : 9 "
لم يرد في التاريخ من يشبهه ... يدعى إسمهُ عجيباً مشيراً إلهاً قديراً .." إشعياء 9: 6 " . لم يكن له عبيد ولكنه سُميّ السيد ، وهو يحرِّر ألأنسان من الداخل حتى لوكان ذلك الأنسان عبدا في هذا العالم أو سجينا أو فقيرا أو منبوذا من المجتمع . لم يكن له جيوش ولكن أعدائه كانوا ولا يزالون يخافون منهُ ، ولم يكن له سلطة سياسية أو دينية ولكن الساسة ورجال الدين يهابونه ويرتعبون عند سماع اسمه لأنَّ " شريعة الحق كانت في فمه ولا جور في شفتيهِ " ملاخي 2 : 6 ". لم يكن له تاج ملكي ولكن الملوك سجدوا ولا زالوا يسجدون له . لم يكن له أراضي أو أملاك أو مال ، ولم يكن له موضع ليضع عليه رأسه ، ولكن ذاع أسمه في اقاصي الأرض المسكونة وبنيت آلاف الكنائس في العالم أجمع لتمجيد اسمه. لم يكن معروفا في العالم عندما ولد في قرية صغيرة نائية  ولكن اليوم هواشهر انسان في الوجود وأصبح اسمه ممجدا في العالم كله فشهرته انتشرت في الآفاق ، وغزى قلوب الناس وأسَّرهُم بمحبّته . مات على خشبة الصليب كمجرم وملعون ، ولكن الملايين من المؤمنين باسمه يعلقون الصليب على صدورهم علامة ألأنتصار على الموت وافتخارا باسمه .  لم يكن له ابناء أو بنات أو أخوة أو خوات بل كان وحيدا لأهله وأبيه ، ولكن اليوم جميع المؤمنين باسمه صاروا له أبناء وبنات وإخوة وأخوات " أما الذين قبلوه ، المؤمنون بإسمه ،فأعطاهم ُسلطانا أن يصيروا أبناء الله".يوحنا1: 12 "
لم يكن له شهادة دراسية ولكن دعي بالمعلم وكان يتكلم كمن له سلطان . لم يكن كاهنا أو عالم للشريعة ولكنه هو نفسه واضع الشريعة ومُعلمها . عاش في هذه ألأرض فقيرا  مكتفيا بالخبز اليومي ،  ولكنه يطعم الملايين  بالخبز الحي النازل من السماء ويروي العطاشى الى الحياة ألأبدية . لم يكن له شهادة جامعية في الطب ، ولكنَّه لقِّبَ بالطبيب ألأعظم ، وكان ، ولا يزال ،  يشفي المرضى ويقيم الموتى . لم يرتكب خطيئة واحدة في حياته ومع ذلك كان يُغفر للخاطئين ويطلقهم من عبودية الخطيئة ، وهو يقول لنا في كُلِّ حين " تعالوا إليَّ ياجميع المُتعبين والرّازخين تحتَ أثقالكُم وأنا أُريحُكم . إحملوا نيري وتعلَّموا منّي تجدوا الرّاحة لنُفوسِكم ، فانا وديعٌ متواضِعُ القلبِ ، ونيري هيِّن وحملي خفيف "متى :11 : 28 – 30 " . يسوع المسيح
حمل خطايا البشرية جمعاء على خشبة الصليب "حمل عاهاتنا وتحمَّلَ أوجاعانا ، حسبناهُ مصابا مضروبا من الله ومنكوبا ، وهو مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل خطايانا ، سلامُنا أعدَّه لنا ، وبجراحهِ شُفينا " اشعيا 53 : 4 – 5 ". فصرخة يسوع المسيح على خشبة الصليب ، وهو في قمة ألآلام ، هي صرخة كُلِّ متروك وصرخة كُلِّ المهمشين والمقهورين والمظلمومين والمشردين والمستعبدين سواء بقيود الخطيئة أو قيود السلاطين والحُكَام ، أو المستعبدين بقيود الشر وألأرواح النجسة  . انَّ الظُلمة والزلازل وقيامة الكثيرين من الناس من القبور، عند ما سلَّم يسوع المسيح حياته الى أبيه السماوي ، هي رموز تُنذِر العالم أنَّ المسيح  ابن الله جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله ، وهي رمز لكل انسان لكي يقوم من النوم العميق (الموت) لينتقل الى الحياة الأبدية .
لم يدعو يسوع المسيح الى الثورة ولا الى قلب الأنظمة الدكتاتورية  ولكنه دعى الى الثورة على الذات ، فتحرير ألأنسان يبدأ من الداخل ، لأنَّ الجراحات هي تأتي من الداخل وكل شر ينبع من القلب . وأعدَ لنا سلاما وبشّر بالسلام والمحبة والغفران "سلاما أترك لكم ، سلامي أُعطيكم ، لا كما يُعطيه العالم أُعطيكم أنا " يحنا 14 : 27 " . جاء للعالم بالسلام والبهجة والفرح  ، فهو ينعش النفس ويهدينا سبيل الحقَّ وينشر العدل والبر والرحمة ، وهو شافي للقلوب وجاء" ليضيء على الجالسين في الظلمة وظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام " لوقا 1 79 "
كلام يسوع المسيح هو كلام من له سلطة سماوية فبكلمة منه يستطيع أن يهب الحياة حتى للموتى إذ يقول" أنا القيامة والحياة .......لي سلطان أن أضع ذاتي ولي سلطان أن آخذها "، وقام من الموت في اليوم الثالث " ، ويقول " أنا نور العالم " وفتح عيون الملايين ليعرفوا من هو الله الحقيقي . كان يسوع يُدهش سامعيه بتعاليمه التي لم يستطع حتى ألأعداء ان يواجهوه نظرا لقوة الحق التي تحمُلها كلماته .
يسوع المسيح  لم ياتي ليفرض قوانين السماء على الأرض بالقوة أو بالأكراه  بل قال قوله المشهور " اعطو ما لقيصر لقيصر وما لله لله "متى 22 : 21 " فهنا أعطى يسوع الحرية الدينية والحرية السياسية ، فليس الناس على دين ملوكهم كما كان يحدث أيّام القرون الوسطى . فملكوت الله ، ليس مملكة تُنافس أو تُزاحم  مملكة قيصر (السلطة السياسية) ، لأنَّ ملكوت الله من نظام آخر ويقف على مستوى آخر . المسيح لاياتي ليحلَّ محلَّ قيصر(الذي يمثل كلِّ سُلطات أرضية ) ويحقق مسيحانية سياسية ودينية (كما كان اليهود يعتقدون وكما يعتقد الكثيرون من الأحزاب ألأسلامية اليوم ) ، بل قد أتى ليؤسِّس ملكوت الله وهو الذي يقول " ليست مملكتي من هذا العالم" يوحنا 18 : 36 " . وهكذا أكَّد أنّ ملكوت الله لا يتداخل مع مملكة البشر.
يسوع المسيح هو طريق الثوابت . ثبات في المبادئ والقيم والمثل العليا  ، وثبات في الحق والعدالة والمحبّة ، وألأمانة ، والصدق وألأخلاص والرحمة والحنان والتواضع ، والتماسك والوضوح والبساطة  وبذل الذات ،  وثبات في مجابهة كل المخاطر وألأهوال  ، حتى دَفعَ أغلى ثمن في سبيل ألحفاظ على هذه الثوابت والقيم والمبادئ ، و كانت منهج حياته وتعليمه ، فلم يكن في تعليمه تناقض مع حياته ولا تعارض ، ولا أزدواجية بين التعليم والحياة ، وبين القول والعمل ، ومثال على ذلك  عندما يقول "احبّوا أعدائكم .." فهو صلى على صالبيه وقال " يا أبتاه اغفر لهم لأنّهم لا يعرفون ماذا يفعلون " وكذلك عندما يتكلم عن المحبة فهو عاشها ومات مضحيا بحياته من أجل محبيه "هكذا أحبَّ الله العالم حتَّى وهب إبنهُ ألأوحد ، فلا يهلك كُلِّ من يؤمن به ، بل تكون له الحياة ألأبدية "يوحنا3 : 16 " . مبادئ المسيح لم تهزُّ يوما ما نتيجة الظروف أو الخوف أو ألتهديد أو اليأس أو نتيجة الشعور بالمرارة أو الغضب . طريق المسيح كان واضحا ونهج تعاليمه ومبادئه ثابة وبسيطة  وفيها شفافية ، ففي حياته ، كما في تعليمه ، لانجد أيُّ غموض أو تعقيد  بل وضوحا وبساطة ، ولم تكن هناك عقد أو مفاهيم غير واضحة للناس ، بل العكس كان كلامه لا لبس فيه ولا ضبابية بل يفهمه كل انسان أراد معرفة الحق ، وفي نفس الوقت عينه كان كلامه عميقا ومتجددا ويأسر القلوب . كان الطريق الذي انتهجه يسوع المسيح ايضا هو السهولة والصعوبة في آن  واحد ، فهو  سهل لأنّ المسيح يخاطب قلب ألأنسان ومشاعره وعقله وروحه ونفسه ، فهو كصديق واخ وحبيب وأب يخاطب محبيه بمحبة وحنان ويصف ذلك بقوله " ها أنا واقفٌ  على الباب أقرعه فإن سمع أحدٌ صوتي وفتح الباب دخلتُ اليه وتعشيتُ معهُ وتعشّى هو معي"  رؤيا 3 : 20 ". وطريق المسيح ضيِّق وصعب وشائك والقليلون يستطيعون السير فيه ، لأنَّ السير في طريق الحق هو كمن يسير عكس التيار .
يسوع المسيح قام بثورة ضد قوات الشر الروحية وكان سلاحه هو سلاح الكلمة فلم يكن له جيوش ولا أسلحة الدمار والهلاك ، بل جاء ليحرر ألأنسان من قيود قوات الشر الروحية"زكريا 12 : 3 – 4 " . فيسوع المسيح يحفظنا من الشر ويحطَّم كل اسهم ألأشرار وسيوف الغدر . إنَّ سلطان المسيح هو على السماء وعلى ألأرض وعلى كُلِّ المخلوقات ، وهو مع المؤمنين به الى انتهاء العالم "متى 28 : 18 – 20 "  جاء الى هذه ألأرض ليقيم الجسور بين ألأنسان وخالقه ويصالح السماء مع ألأرض .
لقد حررنا يسوع المسيح من اعتى أعدائنا  ألا وهو الموت , وأعطانا الحياة الأبدية " اين شوكتك ياموت واين غلبتُكِ ياهوية ؟ " ونقلنا من الظلمة الى النور ومن التعاسة الى السعادة ومن النجاسة الى الطهارة والقداسة ، ومن العبودية للشهوات الجسدية الى الحرية الروحية  ومن الخوف  الذي يجعل ألأنسان مرتعبا ومشلول ألأرادة ، الى السلام الذي يفوق الوصف . وهو الذي نقلنا من اليأس الى الرجاء والأمل ،  ومن الفقر الروحي الى الغنى الروحي ، وفتح عيوننا لكي نبصر وآذاننا لكي نسمع ونصغي الى الحقائق الألهية ، وغيّر قلوبنا الحجرية الى قلوب تنبض بالمحبة والحياة  ، وعلّمنا كيف نختار الطريق الذي يؤدي الى الكمال والتسامي والحياة الأبدية .
 نعم يسوع المسيح علّمنا في هذه الحياة ماهي أولوياتنا وكيف نسير لبلوغ الهدف والحصول على أكليل الفوز في مملكة الله

101


 
كنيستنا في العراق والحاجة الى التغيير بمشاركة العلمانيين المؤمنين
 
الجزء ألأوَّل
نافع البرواري
 
"فملكوت السماوات كمثل صاحب كرم خرج مع الفجر ليستأجر عمّالا لكرمهِ . فأتَّفقَ مع العُمّال على دينار في اليوم وارسلهم الى كرمه ........وخرج نحو الخامسة مساء ، فلقى عُمّالا آخرين واقفين هُناك ، فقال لهم : ما لكم واقفين هُنا كُلَّ النهار بطالين ؟ قالوا لهُ : ما أستأجرنا أحدٌ . قال لهم : أذهبوا أنتُم أيضا الى كرمي "متى 20 : 1 – 7 " .
 ماهي الكنيسة ؟
الكنيسة حسب ما نفهم معناها في الكتاب المقدس هي عائلة المؤمنين
فلايمكن ان تستغني الكنيسة من ايَِّ عضو من أعضائها لأن جميع الأعضاء لهم دور ومواهب في جسد الكنيسة ومن يقول غير ذلك فهو لا يعرف قول المسيح
" أذهبوا أنتم ايضا الى كرمي" .
الكنيسة ليست هيكلا مبنيا من الحيطان والحجارة بل هي البناء الحي بالمؤمنين وكل مؤمن هو لبنة حيّة في بناء هذا الصرح الروحي. ولا يمكن إهمال أي عضو من أعضاء جسد هذه الكنيسة  من المشاركة في بناء هذا الصرح الروحي . فالكنيسة هي الشعب المؤمن بالمسيح وهذا الشعب يعتبر جسد الكنيسة  ورأس هذا الجسد هو المسيح  وكُلِّ مؤمن هو عضو فاعل ومتمييز في هذا الجسد، وكُلِّ عضوعندما  يتألّم ، يتألَّم معه جميع الأعظاء  ، وكُلِّ عضو غير فعّال أو مهمّش في هذا الجسد يعني ذلك أن هذا الجسد مريض ويحتاج الى العلاج .
للأسف كنيستنا في العراق لا زالت تعيش في زمن سابق لمجمع الفاتيكاني الثاني الذي انعقد في ستينات القرن الماضي ، وأنا أقولها بمرارة وعن خبرة عشتها  في الواقع وعن قرب . في تجربتي ومن معي من ألأخوة ، مع رئاسة هذه الكنيسة (والكثيرين من الرعاة) الذين أصموا آذانهم لكي لايسمعوا نداء رأس الكنيسة الجامعة  البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي يقول في أوّل خطاب له : "لا تخافوا أفتحوا ألأبواب ليدخلوا الناس الكنيسة " انفتحوا على الآخرين . وهكذا أصبحت كنيستنا يخمد فيها الروح القدس ، الذي الهم الكنيسة الجامعة في المجمع الفاتيكاني الثاني ، لأعطاء دور مهم للعلمانيين المؤمنين للمشاركة في خدمة الكنيسة ونشاطاتها المختلفة والكثيرة .
انّ التخلُّف الذي تواجههُ كنيستنا في العراق  أحد أسبابه الرئيسية هو  عدم تطبيق مقررارت مجمع الفاتيكاني الثاني المنعقد سنة 1964  ، وبعد عشرين عام من هذا المجمع ، جاء البابا يوحنا بولس الثاني ليشدد على هذا الدور للعلمانيين في رسالته "ألأرشاد الرسولي" المنبثق من مجمع ألأساقفة الذي انعقد في سنة 1987 "   . هذه الرسالة الموجَّه الى ألأساقة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات وجميع العلمانيين المؤمنين . لكن بقيت كنيستنا في العراق تُماطل وتخالف حتى ألأرشاد الرسولي الذي يؤكِّد على قرارات مجمع الفاتيكاني الثاني .
إنّ رئاسة  كنيستنا اليوم في العراق تعيش عقلية القرون الوسطى حيث لا زالت هذه الرئاسة تحكم بعقلية الدكتاتورية وتعيش في قلعة منعزلة بعيدة عن واقع الشعب المؤمن الذي يعاني كثيرا بسبب هذه العزلة . في الحقيقة هناك طاقات شبابية هائلة لم تعطى المجال لها للمشاركة في تغيير هذا الواقع المؤلم ، ولا زالت رئاسة الكنيسة تؤمن بان الكنيسة هي كنيسة ألأكليروس . بينما الكنيسة  هي كنيسة الكهنة الذي يعني كُلِّ المؤمنين سواء كانوا ألأكليروس أو الرهبان  والراهبات أو العلمانيين.
 
من هم العلمانيّين؟
 
المقصود بالمؤمنين العلمانيين ، عامة ، هم المسيحيّين الذين ليسوا أعضاء في مصف رجال الكهنوت ، أو في الحالة الرهبانية ، المعتمدة من الكنيسة . وبعبارة أخرى ،  هم المسيحيين الذين أصبحوا ، بفضل سرّ العماد ، أعضاء في جسد المسيح ، وأندمجوا في شعب الله ، وشاركوا ، على النحو الخاص بهم في وظائف المسيح الكهنوتية والنبوية والملوكية . إنَّهم ، وعلى حد تعبير البابا   يوحنا بولس الثاني ،" في الخط الأمامي من حياة الكنيسة " . وهذه ألأخيرة هي حاضرة ، من خلالهم ، في بنية المجتمع البشري، وبكلمة واحدة ، هم الكنيسة . في خطابه بتاريخ 20 شباط 1946 قال البابا بيوس الثاني عشر: "المؤمنون العلمانيون هم في المقدمة من حياة الكنيسة ، لا أنّهم للكنيسة وحسب  بل إنّهم الكنيسة ، والكنيسة هي بهم  الحيَّة في المجتمع . ولهذا عليهم بوجه خاص أن يعوا وعيا أكثر وضوحا ". 
كُلِّ مؤمن أو معتمد أو مدفوع من الروح القدس كان يستطيع أن يُعلن البشارة ويتكلم بلغات ويتنبّأ كما جاء في أعمال الرسل : "فلما سمعوا هذ ألكلام اعتمدوا باسم الرب يسوع . ووضع بولس يديه عليهم ، فنزل الروح القدس عليهم وأخذوا يتكلمون بلغات غير لغتهم ويتنبَّأون ، وكان عدد الرجال كُلُّهم نحو إثني عشر رجلا " أعمال 19 : 5 – 7 "
من خلال نص الأرشاد الرسولي ومن خلال غيره من النصوص الواردة في مجمع الفاتيكاني  الثاني نستطيع أن نلخِّص دور العلمانيين في النشاطات الرسولية في هذا العصر وهي باختصار:
1 – المجمع (مجمع الفاتيكاني الثاني) إستمع الى المدعوين ، الممثلين للعلمانيين واستفاد من خبراتهم ونصائحهم وأقتراحاتهم . (هذه أول مرّة ، كما حسب علمي ، تعترف المجامع المسكونية بدور العلمانيين في إغناء المجع  المسكوني ، من مواهب وخبرات العلمانيين والأخذ بنصائحهم وأقتراحاتهم ).
2 – تم التحقق ، بعد مجمع الفاتيكاني الثاني ، عن هذا الدور للعلمانيين  ، بالطاقات الجديدة ، وعمل الروح القدس  لتجديد الكنيسة ، نتيجة مساهمة الكثيرين من المؤمنين العلمانيين ، بالمشاركة الفعالة في الليتورجيا ، والتعليم المسيحي ، والخدمات الكثيرة ، والمهمّات الموكلة لهم . فيما انتشرت بقوّة التجمعات(الشبابية ) وجمعيات وحركات روحية ملتزمة ، فضلا عن مشاركة للنساء ، أوسع وأفعل ، في حياة الكنيسة وتنمية المجتمع .
3 – إنَّ مشاركة ألعلمانين المؤمنين في خدمة ونشاطات الكنيسة  ، أعطاها ، زخما كبيرا   ليُلهم رئاسة الكنيسة الجامعة ، لمجابهة ما أستجدَّ من القضايا لواقع الزمن الذي نحن فيه ، وأن يلقي عليها ألأضواء ويقترن أحيانا  ببعد نبوي  .
4 – إعتراف مجمع الفاتيكاني الثاني بدور العلمانيين والتشديد على هذا الدور في الرسالة الأرشادية للبابا يوحنا بولس الثاني  (الى الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والعلمانيين  ) يقوم في الحقيقة ، على تحديد السُبل الدقيقة ، التي يجب التقيُّد بها لتصبح "نظرية " مشاركة العلمانيين الرائعة ، ممارسة كنسيّة صحيحة .
5 – إنَّ ألأرشاد الرسولي، الملحق بمجمع ألأساقة ، هدفه إيقاظ الوعي  للهبة المعطاة لجميع المؤمنين العلمانيين وللمسؤولية التي يضطلعون بها في شركة الكنيسة ورسالتها .
6 – يدعو المجمع (مجمع ألأساقفة ) لسماع صوت المسيح ، والمشاركة الحية ، الواعية والمسؤولة ، للمؤمنين العلمانيين  للعمل في كرم الرب وفي رسالة الكنيسة ، في هذه الحقبة الرائعة والخطيرة من التاريخ .
7 – إنَّ الكنيسة ، إذ تُجدد روح العنصرة على أثر المجمع الفاتيكاني الثاني ، أحسّت في داخلها بأن شعورا أقوى بطابعها الرسولي أخذ في النضوج . وأنطلاقا من إنقيادها السخي ، سمعت من جديد صوت الرب ، وهو يرسلها الى العالم كسرٍّ للخلاص شامل "أذهبوا أنتم أيضا! فهذا النداء ليس موجّها الى الرعاة والكهنة والرهبان والراهبات وحدهم ، بل يشمل الجميع . فإنَّ الرب يدعو المؤمنين العلمانيين هم أيضا شخصيا ، ويحمِّلهم رسالة الى الكنيسة والعالم .
8 – إنَّ العلمانيين المؤمنين يعيشون في وسط العالم وهم ملتزمون بواجباته وأشغاله
 ، على أختلافها ، في ظروف الحياة العائلية وألأجتماعية العادية ، التي نسجت منها حياتهم ، إنَّهم يعيشون في العالم حياة طبيعية ويدرسون ويشتغلون ،(أي أنّهم يعيشون واقع هذا العالم ويعرفون أحتياجاته ويجسّون نبضات الناس في احتاجاتهم الروحية والجسدية) .
9 – يعلن المجمع الفاتيكاني الثاني ، بشأن المؤمنين العلمانيين أن " كُلِّ أعمالهم وصلواتهم ونشاطاتهم الرسولية ، وحياتهم الزوجية والعائلية ، وأشغالهم اليومية ، وخلودهم الى راحة النفس والجسد ، إذا مارسوها بروح الله ، أصبحت قرابين روحيّة مستحبّة لدى الله بيسوع المسيح .
   10 – ألمشاركة في الخدمة النبويّة للمسيح"الذي يُعلن ملكوت الله " فإنّها تؤهِّل المؤمنين العلمانيين وتجنُّدهم لقبول ألأنجيل ، بألأيمان والتبشير به بالكلمة وألأعمال ، دون التردُّد في التنديد بالشر بجرأة  ، في وسط مشقّات الزمن الحاضر .

 -------------------------------------------------------------------------------------------------------


المراجع
--------
راجع المواقع التالية
1 – العلماني في الكنيسة بين ألأمس واليوم على ضوء كتاب أعمال الرسل – الأب بولس الفغالي
 
http://www.boulosfeghali.org/home/index.php?option=com_content&view=article&id=579:2010-03-03-18-09-35&catid=229:2009-11-21-07-28-10&Itemid=118
2 -  العلمانيّون المؤمنون بالمسيح – البابا يوحنا بولس الثاني
http://www.peregabriel.com/aveomaria/article.php?id=4801
3 – العلمانيون المؤمنون بالمسيح شهود للرب في العالم – الخوري طوني الخوري
 
http://www.cpmjbeil.org/home/index.php?option=com_content&view=article&id=14
9:2011-11-15-18-56-21&catid=9:2009-10-21-15-26-44&Itemid=7
 
4 – نصوص من المجمع الفاتيكاني الثاني
http://198.62.75.4/www1/ofm/1god/documenti/giovanni-paolo-ii/christifideles-laici/8-12.htm
 
5 – البابا يوحنا بولس الثاني " ملاك الرحمة الذي ارسله الله الى هذا العالم"
http://www.ishtartv.com/viewarticle,27686.html
 
6 – هل نحن مسيحيي الشرق بحاجة الى عنصرة جديدة ؟
http://www.assyrian4all.net/baznaye/index.php?topic=1352.0

102
إعترافات خجولة
الجزء ألأول
 " ما أكثر تسامحهم"
نافع البرواري
ماذا يمكننا أن نتوقع من حوار الأديان الذي أسَّس فِكرها البابا السابق يوحنا بولس الثاني  وكان مهندسها البابا الحالي ، بيندكتس السادس عشر ؟ وهل نتوقع إستمرارها في ضوء ما نشاهده من الثورات العربية الحالية ، التي فازت فيها الأحزاب الأسلامية  في ألأنتخابات البرلمانية ؟ وكيف سيكون الحوار في جو مشحون بالأزدواجية للخطاب الديني والسياسي لتلك ألأحزاب ، و المراجع الدينية في العالم الأسلامي ؟. هذه الأسئلة وغيرها سنتطرق اليها لنلقي الضوء على ثقافة هذه ألأحزاب وعلى رأسهم رجال الدين المسلمين ، وتأثير هذه الثقافة على المجتمعات العربية وألأسلامية
لنبدأ بما نُسب الى  شيخ ألأزهر الدكتور أحمد الطيب عندما رفض في 3 نوفمبر    2011  قبول التهنئة الرسمية الموجّهة من قبل الفاتيكان الى المسلمين بمناسبة عيد ألأضحى ، وأكتفى بقبول التهنئة من سفير الفاتيكان" مايكل فيزجرالد" في القاهرة بصفته الشخصية كصديق للمصريين (حسب ما ورد في الصحف والمجلات المصرية موقع رقم 1 ).
تعود ألأزمة بين الفاتيكان والعالم الأسلامي الى محاضرة البابا الحالي ، بيندكتس السادس عشر ، في أحدى الجامعات ألألمانية ، وكانت بعنوان"العلاقة بين العقل والعنف في المسيحية وألأسلام "  والتي يعتقد المسلمون انّ البابا أهان المسلمون في هذه المحاضرة .
وتعود ألأزمة بين ألأزهر والفاتيكان لتتجدد عندما صرَّح بابا الفاتيكان بضرورة حماية المسيحيين في الشرق الأوسط ، في ظل العنف والقتل والتهجير الحاصل في هذه الدول بحق المسيحيين المسالمين ، سكان هذه البلدان الأصليّين (سبق أن كتبتُ  مقالة عن هذا الموضوع يمكن الرجوع اليها في الموقع رقم 2 ) ..
انَّ  سقوط المعاييرالأخلاقية والأدبية في الدول العربية يمكن أن نعتبرها هي السائدة  في هذه الدول ، وألأزدواجية في الخطاب الديني للكثيرين من رجال الدين وشيوخ المسلمين هي المسوّقة ، للأسف ، في هذه ألأيّام ، وتصريحات وأقوال شيوخ ألأزهر وكبار رجال الدين المسلمين الذين يطعنون بالمسيحية وحتى بكتب المسيحيين المقدسة هي شبه يومية  ، ولا أحد في العالم كُله يُعلن شجبهُ وإستنكاره لما تتعرض له الرموزالمسيحية في الدول العربية والأسلامية  ، هذا عدى عشرات الخطب النارية والتصريحات التكفيرية لشيوخ وأئمة المسلمين عبر القنوات الفضائية ومنابر الجوامع التي تكفِّر الآخرين وتهدّدهم وعلى مرأى من ألأنظمة الحاكمة  ، فينشرون ، شائوا أم أبو ، ثقافة ألأرهاب وثقافة الغاء الآخر الذي يختلف عنهم في معتقداتهم  . ولكن تصريحٌ واحد من بابا الفاتيكان ، والذي لايتضمن لا عن قريب ولا من بعيد ، التعرض للرموز ألأسلامية ، فيقوم شيخ ألأزهر بتعليق العلاقة مع الفاتيكان ، وبهذا يعلِّق الحوار بين الديانتين ، الذي هو جهود عشرات السنين قام به الخيرين من الطرفين المسيحي والأسلامي ، ومنذ أيّأم البابا الراحل يوحنا بولس الثاني .
وعن هذا الموضوع وغيرها كثيرة يُلخصّها لنا الدكتور المفكر والكاتب أحمد البغدادي ، كما ورد في أحد مقالاته ،  ليبين الفرق الشاسع بين إخلاقيات وسلوكيات من يمثل المسيحيين( والديانات ألأخرى أيضا) وبين إخلاقيات وسلوكيات من يمثّل المراجع الأسلامية ، فيقول:
"حين أنظر الى الدالاي لاما ممثل البوذية وأرى إبتسامته الساحرة الهادئة ، وحين أستمع الى بعض أحاديثه أو حين أرى طيب تعامله مع ألآخرين ، أتسائل : لماذا لا نرى مثل هذا في كبار رجال الدين المسلمين ؟ كذلك ألأمر مع البابا الراحل(يقصد البابا يوحنا بولص الثاني ) وكيفية تسامحه وتواضعه مع الناس . هذان المثلان لممثّلي ديانات كبرى ، يعد أتباعها بالملايين أكثر من المسلمين ، وينتمون لبلدان أكثر تطّورا من بلدان المسلمين ، يقدّمان ألأمثولة لأجمل صور التسامح ألأنساني والديني . وحين أستعرض ما أراه في البرامج المتلفزة الوثائقية عن رجال الدين غير المسلمين عموما ، أرى فرقا كبيرا في درجة التسامح ألأنساني ، لايمكن لرجل الدين المسلم أن يبلغها يوما !!!!!. والطابع ألأنساني الذي يجمع هذين العملاقين انسانيا يتّسم بالتالي:
1 – لم يكفّروا إنسانا ، ولم "يبشِّروهُ " بالنار في ألآخرة
2 – لم يتدخَّلوا يوما في إيمان أو معتقد ، بل تركوا ألأمر للخالق
3 – ..... لم يأخذوا كاتبا الى النيابة والمحاكم حتى ولو كتب ضدَّ دينهم
4 – لم يتدخَّلوا قط لمنع كتاب أو مقال حتى ولو كان ضدَّ دينهم .
5 – لم يصدروا قط فتاوى دينية ضد ألآخرين
6 – لم يؤذوا أحدا في دينه كما يحدث في فتاوى المسلمين  تجاه غير المسلمين .
7 – لم يروِّعوا أحدا بفتاوى الدم والقتل
8 – لم ينصروا يوما طاغية أو مستبدا ، ولم يداهنوا حُكّاما لمصالح دنيوية ، بل أعتذرت الكنيسة الكاثوليكية عن صمتها إزاء جرائم هتلر .
9 – لم يتدخّلوا في حياة الناس الخاصة .
10 – لم يتدخّلوا في  عمل الساسة ولم يسعوا الى جمع المال باسم الدين .
11- لم يدعوا قط لقتال ألآخرين بأسم الدين
12 – لم يضَعوا أتباعهم فوق ألآخرين دينيا أو أخلاقيا
13 – يتجنّبون التحليل والتحريم حتى لايحرموا ألآخرين
14- يطلبون الغفران لكلِّ نفس من دون النظر الى دينهم (أصلهم جنسهم لونهم )
15 – على مستوى من الفضيلة أنّهم لا يتردَِّدون في ألأعتراف بالخطأ حتى ولو كان تاريخيا .
16 – لايجبرون حكوماتهم على تدريس دينهم ونبذ ديانات ألآخرين ."
إنّها اعترافات خجولة لكاتب ومفكِّر  مسلم معروف على نطاق العالم العربي ، يعترف بحقيقة السقوط ألأخلاقي للكثيرين من رجال الدين المسلمين عندما يكفِّرون ويحتقرون ويهينون الآخرين المختلفين عنهم في العقيدة والفكر ، من خلال أقوالهم وخطاباتهم وكتاباتهم عبر الوسائل ألأعلامية  دون أن يحاسبهم أحد ، عدى بعض أصحاب الضمير الحي أمثال هذا الكاتب والمفكّر الكبير ، الذي ينتقدهم أنتقادا خجولا عبر كتاباته الجريئة في وسائل ألأعلام  بينما هناك ضمائر ميتة لا تصحو على ما وصلت اليه الأمة العربية والأسلامية من السقوط ألأخلاقي في زمن هؤلاء المتاجرين بالدين الذين يتحوَّلوا في ليلة وضحاها من المطبلين والمزمرين للحكام الى مزمرين ومطبلين لثورات الربيع العربي .
السؤال المطروح أين هذه ألأخلاقيات ( التي يعترف بها الدكتور أحمد البغدادي انّها من سمات ممثلي الديانتين ألمسيحية والبوذية ) لعلماء ورجال الدين وحتى شيوخ الأزهر المسلمين ؟
لنقرأ بعض ما قاله رجال الدين المسلمين :
يقول شيخ ألأزهر الحالي  أحمد الطيّب (قبل ان يُنصب رئيسا على جامعة ألأزهر) وكما جاء في الموقع رقم (3) على قناة النيل الأخبارية المصرية :
 "المسيحيين حرَّفوا كتبهم (عشان ينهوا الصداع ده خالص)" . هكذا يزدري رئيس جامعة ألأزهر المصرية المسيحيين ويطعن في كتابهم المقدَّس ، بل ذهب أبعد من ذلك عندما طعن في التفاسير المسيحية وأعتبر أنَّ المسيحيين لهم إيمان ولكن دون عقل  . وبالمناسبة إنَّ هذا ألأزدراء بالرموز المسيحية لشيخ ألأزهر( وكما نعرف ان جامعة الأزهر تمثِّل أعلى مرجعية اسلامية سنيّة ) لم تكن في محاضرة أكاديمية أو أمام جمع لأساتذة مختصين بل عبر قناة فضائية رسمية ،  تنقل المشهد بالصورة والصوت للعالم كُلِّه ، ومع ذلك لم نسمع من أيِّ مراجع مسيحية بالرد على ما جاء على لسان شيخ الأزهر، رغم أنّ شيخ ألأزهر لم يستند على إدعائه بتحريف الكتاب المقدس على أدلَّة علمية أو بحوث أكاديمية ، كما لم يستند على المراجع المسيحية  بقوله: "أنَّ الكتاب المقدس وخاصة العهد القديم فيه 12 بشارة عن محمد نبي ألمسلمين(؟)  ، وانّ الترجمات للكتاب المقدس حرَّفت كلمة "بيركليتس" (الذي يعني الممجَّد أو المُحمَّد ) الى "باركليتوس"  الذي يعني المعزّي  أو المؤيّد".
وهكذا مفتي الديار المصرية ، الشيخ علي جمعة ، يعتبر المسيحيين كفرة عندما يقول"من يعتقد انّ  المسيح هو الله فقد كفر" راجع موقع رقم 4".
السؤال المطروح : لوفرضنا أنَّ بابا الفاتيكان الحالي بندكتس السادس عشر
أطلَّ عبر قناة فضائية رسمية ليقول مثلا (معتمدا على المصادر والبحوث ألأسلامية): أنَّ القرآن الحالي  المتداول بين المسلمين  هو ليس القرآن الأصلي ، لأنّ عثمان بن عفان الخليفة الثالث للمسلمين حرق ستة نسخ من القرآن من مجموع سبعة نسخ كانت متدالة في عصره ، فما كان موقف  علماء  ورجال الدين المسلمين  عند ذلك  ؟ علما أنّ البابا بيندكتس السادس عشر عندما إستشهد في أقواله ، نقلا عن وثيقة تاريخية ، ولم يقل أنّه يؤيّد ما جاء في هذه الوثيقة  .
أمّا العالم الكبير (كما يسمونه المسلمين) الدكتور زغلول النجار (مؤسس نظرية ألأعجاز العلمي في القرآن)  فوصف الكتاب المقدّس للمسيحيّين واليهود  ب"الكتاب المُكَدَّس" وقال أنّه كتاب محرّف  كما  تعرَّض لبعض نصوص الكتاب المقدس وفسّرها على هواهُ (دون الرجوع الى المصادر المسيحية وحتى ألأسلامية) . الغريب أنَّ هذا الطعن  وغيره  في أهم مقدسات المسيحية  جرى من قبل هذا العالم على قناة الجزيرة المشهورة عالميا  وغيرها من الوسائل ألأعلامية (راجع الموقعين رقم 5، 6). ومن الجدير بالذكر أنّها ليست المرة ألأولى التي يتعرض فيها الدكتور زغلول النجار للكتاب المقدَّس واتهامه بالتحريف .
سؤال آخر يطرح على المسلمين هو : هل يقبل المسلمون أن يفسِّر له شخص مسيحي آيات من سور القرآن دون الرجوع الى تفاسير كبار علماء المفسرين المسلمين ؟.
والسؤال ألأهم كيف يُسمح لقناة عربية وعالمية مثل قناة الجزيرة أن يتم  عبرها الطعن بالمقدَّسات المسيحية في حين هذه القناة وغيرها قلبت الدنيا ولم تقعد عندما رسَمَ أحد الدانماركيين رسما كاريكاتيريا مسيئا لنبي ألأسلام في إحدى الصحف الدانيماركية ؟. عجيبة وغريبة  هي المعايير التي يستخدمها علماء وشيوخ المسلمون ، فهم يتّهمون الغرب بالكيل بالمكيالين ، في حين أنّهم ،أي علماء المسلمين ، يكيلون على هواهم ، ويقيسون ألأخلاقيات بموجب معاييرهم الخاصة بهم  وحسب مفاهيمهم المغلوطة ، ولكن العجب العُجاب هو  أن لا يوجد في العالم ألعربي وألأسلامي من يقول صراحة ، لهؤلاء العلماء ورجال الدين المسلمين ، كفاكم نفاقا وكذبا وتهريجا . نعم قد نسمع من هنا وهناك بعض ألأصوات الخجولة التي  ، وبطريقة غير مباشرة ، يعاتبونهم لخروجهم من المبادئ ألأخلاقية وعدم أحترامهم لعقائد ألملايين في هذا العالم . فمثلا  : حينما يُحرق مُصحف من القرآن من قبل أفراد او جنود أمريكيين ، يقوموا هؤلاء الشيوخ ولا يقعدوا بل يحرِّضون الناس ويشحنوهم  للتظاهر، وقد يدفعونهم ، بخطبهم النارية ، الى هدر دماء أبرياء وحرق كنائس للمسيحيين في البلدان العربية وألأسلامية ، في حين انّ تلك المصاحف المحروقة  ، هي عبارة عن ورق ويمكن إعادة طبعها ، بينما قتل إنسان لا يمكن تعويضه ، فهو أغلى قيمة في الوجود ، وهو يُمثِّل صورة الله على  هذه ألأرض وليس من حق كائن من كان أن يهدر دم إنسان خلقه الله ، وخاصة عندما يكون هذا ألأنسان بريئا من التُهم التي لم يرتكبها .
كم مرة نسمع  ، ومن خلال قنواة إسلامية رسمية ، الطعن بالمسيحيين وإعتبارهم كفرة ومشركين ؟ كم مرة نسمع ونشاهد فيديوهات لأئمة ورجال الدين المسلمين وهم يُصلُّون في الجوامع ويدعون في أدعيتهم  هكذا دعاء "اللهُمَّ أُنصرنا على الكُفّار من اليهود والنصارى أولاد القردة والخنازير ، اللهُمَّ ثكِّل أُمهاتهم ، اللهُمَّ إنتقم منهم وإحشرهم في الجحيم ....الخ "
مع كُلِّ هذه ألأساءات بحق المسيحيين لكن لم يَرفَع  أحد من المسيحيّيون ، على هؤلاء المُسيئين الى دينهم وعقيدتهم، أيِّ دعوة  قضائية في المحاكم ، ولم تُهدِّد دولة مسيحية أيّةُ دولة أسلامية ، بسبب هذه الأساءات ، بل العكس هو الصيح تماما ، فكثيرا من الأحيان يُصلّي  المسيحيّيون في كنائس هذه الدول ،  طالبين وراجين من الله  أن يُرسي الأمن والسلام في الدول العربية وألأسلامية ، وخاصة في ايّامنا هذه حيث نرى أشلاء القتلى والجرحى لأطفال ونساء وشباب بسبب ظلم حُكّام هذه الدول وقمعِ وقتل شعوبهم دون رحمة ، وهكذا تُسارع الجمعيات ألأنسانية الخيرية المسيحية وعلى رأسها الصليب ألأحمر لمساعدة الشعوب المنكوبة في الدول العربية وألأسلامية . بينما الدول العربية والأسلامية هدَّدت  وتُهدِّد بمقاطعة الدول الغربية في حالة الأساءة الى الرموز الأسلامية ،وكذلك تُحرِّض ، الدول ألعربية وألأسلامية ، أبنائها الساكنين في الدول الغربية لفرض الثقافة ألأسلامية على الشعوب والدول الغربية المضيفة لهم ، في حين أنّ المسيحيين في الدول العربية وألأسلامية يُفرض عليهم أحيانا كثيرة الثقافة ألأسلامية ودساتير مُستمدِّة من الشريعة ألأسلامية ،على الرغم من كون المسيحيين هم الشعوب ألأصلية وألأصيلة في تلك البلدان.
لنقرأ ما قاله العلاّمة يوسف القرضاوي رئيس ألأتحاد العالمي للعلماء المسلمين في برنامج "الشريعة والحياة" من على منبر قناة الجزيرة العربية وهو ينعت بابا الفاتيكان الحالي فيقول:
"على بابا الفاتيكان ، بأن يلتزم الصمت تجاه قضايا الدول العربية وألأقليّات في الشرق ألأوسط....وأقول للبابا أكفينا شرَّك أنت بس ، وأترُكنا نعيش مع بعضنا البعض وسيبنا في حالتنا"  . وقال هذا الشيخ أيضا( في نفس البرنامج  ، إنّ اليهود والمسيحيين كفرة ومشركون لأنَّهم لايؤمنون برسول الأسلام والقرآن .
السؤال ألأخير : هل يقبل العالم والمفكِّر ألأسلامي الدكتور يوسف القرضاوي  أن ينعُتُهُ عالم ديني مسيحي ويقول له "أنت شرير" أو "يكفينا شرَّك" ؟ أو يقول له أنت كافر ومشرك لأنَّك لا تؤمن بيسوع المسيح ربا وإلها ولا تؤمن بالأنجيل المقدس الذي نؤمن به نحنُ المسيحيّين ؟ .
أسئلة ننتظر من ألأخوة المسلمين  ألتفكير فيها ثم ألأجابة عليها بالعقل والمنطق ، بعيدين عن المشاعر والعواطف والتعصُّب ألأعمى  وألأفكار المسبقة .

http://www.dostor.org/society-and-people/variety/11/november/3/60477    1-

      2 -http://ishtartv.com/viewarticle,33795.html

  3 -http://www.coptreal.com/WShowSubject.aspx?SID=13276
  4 -http://www.youtube.com/watch?v=4VEgGsEgHR4&feature=related
  5–http://sbeelalislam.org/index.php/2011-10-23-21-28-41/377-2011-12-05-20-06-25
  6 -http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=179888

103
المسيح الثائر هوالمحرَّر الحقيقي للأنسان  من قيود العبودية
نافع البرواري
المقدِّمة
"روح السيد الربِّ عليَّ ، لأنَّ الربِّ مسحني لهُ ، أرسلني لأُبشِّر المساكين وأُجبر المنكسريَّ القلوب ، لأنادي للمسبيّين بالحريّة وللمأسورين بتخليةِ سبيلهُم  "اشعيا 61 :1"
كثيرا ما نسمع اليوم عن أنَّ المسيح حاله حال ألأنبياء السابقين واللاحقين ، فهو جاء برسالة سماوية لبني البشر وجاء لينذر الناس من فعل المعاصي بل دعى الناس للرجوع الى الله ولم يأتي بجديد للبشرية . ولكن ، في الحقيقة ، هؤلاء الناس لا يعرفون رسالة المسيح الحقيقية التي هي أشمل واعمق وأسمى من كُلِّ ما أتى به ألأنبياء السابقين واللاحقين الا وهو أنّ المسيح نفسه قام بثورة عظيمة غيَّر فيها مفاهيم العالم عبر الاف السنين من تاريخ البشرية قبله ، وسوف تبقى المبادئ السماوية التي نادى بها ، ينهل منها  العالم  بعده الى الأبد ، وهذه المبادئ  ان طبَّقها ألأنسان في حياته لأصبحت المجتمعات ودول العالم تعيش في سلام وأمن وسعادة وفرح . لأنها مبادئ وقيم ترقي و تسمو بالأنسان الى الكمال . فيسوع المسيح هو مركز التاريخ وأصبح التاريخ ينسب اليه فنقول :" ما قبل ميلاد المسيح وما بعد ميلاد المسيح " ، لا بل هو  مركز الكون ، أي أنّ المسيح هو ما تطمح اليه الخليقة  كُلَّها في سعيها نحو بلوغ الكمال  .  لقد شيّد يسوع المسيح قواعد جديدة للعالم  ومعه بدأ عالم جديد ، فهو محور العالم ومحور الكون والوجود ، جاء ليخلّص البشرية من قواعد وانظمة متهرِّئة ، واسَّس كنيستهُ ( الشعب الذي يتبعهُ ، أي المؤمنون برسالته ) على الصخرة .
ورد عن المسيح في الكتاب المقدّس  أنَّه ملك الملوك ورب الأرباب والراعي الصالح ، والكاهن الأعظم ، والصادق الأمين ، وهو ألألف والياء ، البداية والنهاية ، ونور العالم ، والخبز الحي النازل من السماء، وينبوع الماء الحي .....الخ  ،فهو مصدر الحياة ومصدر الشريعة  وهو المُشرَّع لها ، وهو مصدر الحقيقة بل هو الحقيقة نفسها.
منذ سنوات إطَّلعتُ على بعض ما كُتب عن المسيح " الثائر"  وقائد  لثورة  تغيير جذرية ، أستوقفني هذا اللقب الجديد للمسيح ، فبحثتُ في الكتاب المقدس عن حقيقة يسوع المسيح الثائر ، وما توصلتُ اليه أدهشني بل صدمني ، عندما أكتشفتُ أن المسيح هو المصدر الحقيقي لكُل الثورات التي تدعو الى ، الحرية  ، والديمقراطية  والمساواة ، والعدالة ، وحقوق ألأنسان، فرسالته هي رسالة إعادة ألأعتبار للمهمَّشين ، كالمرأة ، والأطفال ، والمرضى ، والفقراء ، والمساكين ، والعبيد ، لا بل جاء من أجل الخطاة ليحرّرهم من قيود الخطيئة  والموت ، فكانت رسالته بحق هي رسالة خلاصية للبشرية ، يدعو فيها المسيح  الى أحترام حقوق ألأنسان وأعتبار ألأنسان له قيمة عظيمة عند ألآب السماوي لا بل الأنسان هو" صورة الله كمثاله "، ومن يُهين كرامة ألأنسان فهذا يعني إنَّه يهين الله نفسهُ ، وهكذا بعد الحرب العالمية الثانية شُرعّت مواد قوانين حقوق الأنسان التي إستمِدَّت من أقوال الرب يسوع المسيح الواردة في ألأنجيل المقدَّس . ولكن المسيح يختلف أختلافاً كُلِّياً عن قادة الثورات ، عبر التاريخ ، في أنَّه كان يدعو الى تغيير ألأنسان من الداخل ، أي أنّ المسيح قام بثورة لتغيير طبيعة ألأنسان القديمة الساقطة بسبب الخطيئة ليحرِّر ألأنسان من الداخل ليخلق خليقة جديدة  ، بالولادة الروحية ، بمعمودية الروح القدس  يستطيع فيها ألأنسان ، بقوة الروح القدس(لأنَّ الروح القدس يبكِّت ألأنسان على الخطيئة)   الساكن فيه ، أن يلجم شهواته الجسدية  وأنانيته  وأكتفائه الذاتي، وكبريائه في تاليه نفسه ، وبالتالي إنفصاله عن الله  ، فكان ذلك  ، ولا زال ، السبب الرئيسي في ماساته  وسقوطه وتمرُّغه في وحل الخطيئة ، وسبب آلامه وموته الروحي .
نعم  يسوع المسيح جاء ليخلصنا ويحررنا من قيود الخطيئة والموت والشيطان ، وهو يدعو البشرية الى  السمو والكمال  للتألُّه والمشاركة في ملكوت الله  ألأزلية  ، وانَّ تعاليمه هي تعاليم سماوية روحية. جاء المسيح  ليعيش معنا ويشاركنا الآلام وألأضطهادات ، ولكن في نفس الوقت كان يرفض الظُلم أيٌِّ كان نوعه  ، وحاربة بقوة كلماته أولائك المتاجرين بالدين  ، ، فكان يتكلم بقوّة الحق ، ويقف أمام الفريسين والصدوقين والكتبة اليهود ، مدافعا عن حق الأنسان لكي يعيش في كرامته الأنسانية ، بل جعل الأنسان أسمى من الشريعة ( السبت للأنسان وليس ألأنسان للسبت ) .
 يسوع المسيح دحَّض النظرية البشرية للديانات والعقائد  السابقة واللاحقة التي تعتقد بأنَّ الله هو اله جبار يحكم بالقوّة والبطش على ألأنسان ، وهو كُلّي القدرة ، خلق ألأنسان ليكون عبدا مطيعا له ، ويكبِّله  بالشرائع والقوانين ويحمِّله أحمالا ثقيلة من التشريعات من وضع الأنسان كما كان رؤساء الدين اليهوديين يعتققدون  في عصرالمسيح وحتى معتقدات المتشددّين من رجال الدين المسلمين في يومنا هذا . وفي نفس الوقت أبطل يسوع المسيح مفاهيم خاطئة للديانات السابقة واللاحقة التي تؤمن على أنَّ معتنقيها هم خيرُ أمّةٍ أُخرِجَت للناس ، أو هم شعب الله المختار، على حساب الشعوب ألأخرى ، هذا الكبرياء والتعصُّب ألأعمى  كانا من ضمن ألأسباب  الرئيسية للحروب والمآسي وأرتكاب الجرائم  عبر تاريخ البشرية  ، لأنَّ أقصاء الآخرين  هو تشويه لمحبة الله للأنسان ، الذي خلقهُ  "كصورته ومثاله "   . بينما يسوع المسيح علّمنا أنَّ كُلِّ الناس سواسية طالما عملوا بأرادة الله "متى 21 : 31 ، 32 " . وانَّ الله يشرق شمسهِ على ألأشرار وألأخيار ، لابل أنّ يسوع المسيح ، إبن الله ، أخلى ذاته ليصير بشرا مثلنا ليعلِّن لنا تظامنه معنا ويَخدِمُنا ويتألَّم معنا بل ذهب الى ما هو أبعد من ذلك عندما ضحى بنفسه من أجل خلاصنا ، وهو القائل :"أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه من أجل خرافه "يوحنا 10 : 14" .
 وهكذا غيَّر وقلَبَ مفاهيم السُلطة والحُكم والرئاسة والقيادة والرعاة . فهو يدعوهم  جميعا  ليكونوا  هم أيضا خُدَاما لشعبوهم ويضحُّون بأنفسهم ، أذا تطلب ألأمر ، من أجل سعادة  شعوبهم . وهو الذي طبقّ  أقواله بافعاله لترسيخ هذه المفاهيم الجديدة  ليقود البشرية الى الطريق المؤدي الى الفرح والسعادة والحياة ألأفضل . من هذا المنطلق سنجد يسوع المسيح  في اقواله وأعماله هو الصوت الهادر الثائر على كُل  اشكال قيود العبودية ، والمظالم، التي كانت سائدة في العالم  ، ولكن تمرُّد المسيح على الظُلم وألأستبداد ، لايعني دحر الظالمين  والمستبدين بكُلِّ الوسائل ، فالغاية عنده لا تُبرِّر الوسيلة ( كما نقرأ عن العديد من الثورات عبر التاريخ ،  ولا تزال الى يومنا هذا الكثير من هذه الثورات ، تغرق في أنهار من الدماء البشرية ، كما حدث ويحدث اليوم في الدول العربية) . اليوم للأسف نقرأ ونسمع ونشاهد عبر ألوسائل ألأعلامية ثورات شعوب تطالب بحقها في الحياة الكريمة ، والعيش في الحرية والمساوات ، يقابلها قمع دموي وحروب ومآمرات دولية فيها الأنسان هو الضحية للأنانية من أخيه الأنسان ، وكم من الضحايا يموتون يوميا ؟ وكم من الدموع تسكب بمرارة وألم في هذه ألأيّام  ؟ وكم من ألأمّهات أصبحنَ ثكالى هذه ألأيّام ؟ ، أليست هذه الحروب والمآسي بسبب أنّنا لم نفهم ولم نعرف الى يومنا هذا رسالة المسيح الخلاصية للبشرية؟ سؤال يحتاج أن نتأمَّل فيه قبل ألأجابة عليه .
اليوم ، وبعد حوالي 2000 سنة على ولادة المسيح ،  لا زالت تعاليم المسيح واقواله وأعماله لم يستوعبها الكثيرون ، وللأسف لا تزال الى يومنا هذا ، نرى قيام  الحروب وأرتكاب الجرائم البشعة بحق ألأنسانية من قبل دول أو جماعات أو حكام أو أفراد ، واستغلال الأنسان لأخيه ألأنسان ، وسحق كرامته ألأنسانية . لو فُهمت  وطُبِّقت تعاليم  المسيح في عالمنا اليوم ، لما رأينا ما  حدث عبر التاريخ ، وما يحدث اليوم من الحروب والمآسي والجرائم ، وتهميش وسحق الكرامة ألأنسانية.
اليوم لايزال ألأنسان يأنُّ من قيود العبودية ، التي تُكبِّله  وتسحق كرامته وتقيّد حريّته وتشُلُّ ارادته  وتقمع  طموحاته ، وتحُدُّ من مواهبهِ وأبداعاتهِ  ، ورغبتهِ  من صميم قلبه وعمق وجدانه وضميره ، للسمو والرقي  للوصول الى الحياة ألأفضل . وهذه كانت ولا تزال رسالة المسيح التي هي هي أمس واليوم وغدا ، فالله أرسل ابنه الى العالم لا ليدين العالم ، بل ليُخلِّص العالم ،وليعطي الأنسان الحياة ألأفضل "يوحنا 3 : 17 " ، هذا  ألأنسان  الذي خلقه الله وزرع في أعماق نفسه الشوق الى الحرية والعطش الى الحياة ألأفضل ، وهو لن يرتوي الا ّ بالأرتواء من نبع الحياة ومصدرها يسوع المسيح الذي وحده يروي تعطُّش ألأنسان الى الحياة ألأبدية "يوحنا4 :14 المسيح  جاء من أجل تحقيق جميع هذه الرغبات عند الأنسان ليُحيي هذا الشوق وهذه الرغبة  في أعماق ألأنسان . جاء  ليدشِّن  ملكوت الله على هذه ألأرض ممهدا بذلك الطريق  أمام البشرية  وواعدا بمستقبل زاخر بالقيم السماوية ، طاردا  الخوف بالمحبة  ومحررا الأنسان من الداخل (من ألأنانية والأكتفاء الذاتي والكبرياء )، لكي يعود ألأنسان الى منابع الحياة . فعندما يتغيَّر ألأنسان من الداخل بفعل الروح القدس ، فهو سيبني مجتمعا صحيّا قادرا على العطاء والأبداع وحب الحياة ، فيعيش الناس في حرية  وسلام  وسعادة وفرح . المسيح  يدعونا اليوم لكي نتبعه ونسيرمعه ونعمل بأقواله لمعرفة الحق لنتحرر من كُلِّ قيود العبودية للخطيئة " أذا ثبتُّم في كلامي ، صرتم في الحقية تلاميذي ، تعرفون الحق والحق يحررَكم " يوحنا 8 : 31 " .

104
رسالة الأنبياء  للشعب اليهودي في السبي البابلي هل تنطبق على  شعبنا المسيحي
اليوم ؟
نافع البرواري
قام ألأنبياء والكهنة كممثلين لله ، وكان دور النبي هو أن يتكلم عن الله ويواجه الشعب وقادته بأوامر الله ووعوده . وبسبب موقف المواجه ، ونزعة الشعب المستمرة لعصيان الله ،  كان الأنبياء الحقيقيّون  غير محبوبين  . ومع أنَّ رسالتهم كثيرا ما لاقت آذانا صمّاء  ، الاّ أنّهم أذاعو الحق بأمانة وبقوّة . وكان الأنبياء يدعون مملكتي "يهوذا" و"اسرائيل" والأمم الوثنية المحيطة بهما الى التوبة عن خطاياهم ، وينذروهم بالويلات ، في حالة عدم رجوعهم الى الله الحقيقي وتطهير الشعب لمساعدته على فهم حقيقة الهه ورسالته الحقيقية .
تبدو احيانا تعاليم النبي وكأنّه يسير عكس التيار ، فيحتج على الطبقة الحاكمة التي تهتم بالترتيبات السياسية ، التي تخالف الحق والعدل في المجتمع ، ويهاجم الممارسات الدينية التي يحتمي وراءها الذين يستغلون المساكين . وهذا ما كان يفعله النبي اشعياء ، فكان يدعو الناس الى ألأيمان ، ويقول لهم "ان لم يكن فيهم ايمان فلن
يكونوا في أمان" راجع شرح المقدمة لسفر اشعياء . كان اشعيا النبي المناضل الذي لايُلين مزودا بقوة الله وهو يُعلن ، دون أدنى خوف ، كلمة الله ويذيع الحق بأمانة وقوّة . كان يُنظر الى اشعياء ، كمعظم ألأنبياء ، بأنَّه خائن لأنَهُ لم يؤيِّد سياسة يهوذا القومية ، فقد دعى الشعب الى تسليم أنفسهم أولا لله  ثُمَّ للملك "راجع اشعياء 8 : 11 – 15 ".
وما أشبه اليوم بالبارحة ، فالكثيرون منَّا يفتخرون بقوميَّتهم أكثر من أفتخارهم بمخلِّصهم يسوع المسيح ، والكثيرون اصبحوا مهوَّسين في البحث عن جذورهم الوثنية بدل أن يركِّزوا على جذورهم المسيحية ، والكثيرون يتمسَّكون بقوميتهم متوهمين ان َّ ذلك هو السبيل الوحيد للخلاص من الوضع الماساوي الذي هم فيهِ . ولكنهم نسوا أنَّ الشخص الوحيد الذي نستطيع ألأعتماد عليه ليخلِّصنا ،  من الحالة المأساوية التي نعيشُها ، هو وحده يسوع المسيح .
 كان ارميا النبي الملقب (بالنبي الباكي دهرا) يحذِّر شعبه من تجاهل الخطية وعدم ألأصغاء لتحذير الله ، اذ كان يعرف مقدما ، كمتحدِّث باسم الله ، ما سوف يحدث لبلده يهوذا، ولأورشليم  العاصمة"مدينة الله" ، لقد أقترب قضاء الله من موعده وبات الدمار وشيكا . وبكى أرميا ، ولم تتمركز دموعه حول ذاته ، لكنه بكى لأنَّ الناس رفضوا الههم ،ألأله الذي أحبَّهم . أنكسر قلبه لأنَّه كان يعلم أنَّ أنانية الناس وحياة الخطية ستؤدي بهم الى متاعب كثيرة وسبي طويل . في مرحلة من أرساليته ، طُرِح أرميا في جب فارغ وتُرك في الوحل في القاع "ارميا 38: 6 -13 " لكن الله انقذه واستخدم أرميا هذه التجربة ليصوِّر غرق الأُمَّة  في الخطية  . لقد تنبَّأ أرميا عن خراب أورشليم ، فنراه كواحدُ من خُدّأم الله المختارين مهموما بشعبه وحبه لأمّته ، واقفا وحيدا وسط عمق أنفعالاته ، وكان سوطا صارخا في البرية  يُنذر شعبه بالتوبة والرجوع الى الله  .
 أمّا دانيال النبي فكان يقف وحده أمام طاغية أناني (نبوخذ نصر) وكان محاطا بعبدة أوثان  ويعيش في بلد غريب وشعب غريب ، وفوق ذلك كان يعيش حزينا بسبب شعبه الذي تمزّق وتشتّت في الغربة ، وبدلا من ألأنهيار أوألأستسلام ، تمسّك بأيمانه بالههِ ، ورأى ، برغم كُلِّ هذه الظروف ، أنَّ الله هو المهيمن على كُلِّ شيء ، وينفِّذ خطَّته للأُمم وألأفراد على السواء . وكان يتحدث عن محاولات الله المستمرة لأعادة بني اسرائيل اليه ثانية . وللأسف  ، وحتى  بعد أن نالتهم الكوارث ، رفضوا أن يُطيعوهُ ، وما زال الله يستخدم الظروف والآخرين وفوق الكُل كلمتهِ المقدسة ليعيد الضالين اليه .
اليس هذا ينطبق على شعبنا المسيحي في العراق ؟ الم يتحوَّل الكثيرون من المسيحيّيون الىالأعتزاز بالآلهة الوثنية للآشوريين والبابليين  وتركوا نبع الماء الحي ربنا يسوع المسيح ؟ اليس حالة شعبنا اليوم في الداخل وفي الشتاة كحالة شعب اسرائيل عندما سقطت أورشليم بيد البابليين وتم جلب نخبة الشعب الأسرائيلي الى بابل عاصمة الكلدانيين الوثنيين ؟. يقول الله على  لسان النبي ارميا :" فلا الكهنة قالوا : أين الربُّ ، ولا معلِّموا الشريعة عرفوني ، والحُكّام أنفسهم عصوني ، والأنبياء تنبَّئوا باسم  البعل(اله  الوثنيين) وذهبوا وراءَ اله لا نفع فيه ، لذلك أُخاصمكم يا شعبي ، وأُخاصم بنيكم" ارميا 2 : 8 ،9
اليهود عبدوا اله البعل وهو اله الكنعانيين وخانوا العهد مع الههم القدوس ، وهكذا اليوم ترك الكثيرون من المسيحيين في العراق أيمانهم بالمسيح وعبدوا السلطة والمال وشهوات هذا العصر ، فهنا يعيد التاريخ نفسهُ . فالكتاب المقدس هو دروس وعبر لنا لنتَّعض ونتوب ونرجع الى الرب يسوع المسيح.
كان الأنبياء أحيانا كثيرة يقفون وحدهم في محاربة الظلم والفساد للملوك وكذلك كانوا يواجهون  ألأنبياء الكذبة ، وكهنة الهيكل ، وحتى مواجهتهم للشعب الذي تحول عن عبادة الله بعبادة ألآلهة الوثنية. وقد جعلت عدم استجابة الناس لهم بأن يصابوا احيانا كثيرة بالأحباط وبالمرارة ، فتوصيل كلمة الله وحقائق الكتاب المقدس الى العالم الساقط مسؤولية شاقة ومحفوفة بالمخاطر ، ولكن بالرغم من  كل ذلك كان الأنبياء الصادقين يواصلون الجهاد لأبلاغ ألآخرين بعواقب الخطية.(راجع  شروحات في مقدمة ارميا النبي للكتاب المقدس التغسير التطبيقي) .
لقد خُرِّبت  أورشليم بسبب الخطية ، ودُمِّر الهيكل وسُبي الشعب اليهودي الى بابل. فبرغم أنَّ بابل كانت خاطئة ، فقد استخدمها الله لعقاب يهوذا وأورشليم  العاصمة.
وأدى الأحتلال البابلي ليهودا الى انتشار العنف والأستعباد فيها . وفقد الشعب اليهودي سلامه وحُرِّيته ، اذ سُحقت هويته على يد محتل أقوى منه . وما أشبه حالتنا نحن المسيحيين في العراق بحالة الشعب اليهودي قبل حوالي 2500 سنة . لقد أضطر اسرائيل  ، كشعب مؤمن ، (وهو يمثل اليوم أيضا جميع المؤمنين المسيحيين) الى أجتياز  تجارب من هذا النوع .
 يؤدي أحتلال بلد ما الى انتشار العنف والأستعباد فيها . ويفقد الشعب المضطهد سلامه وحريَّته  اذا سحقت هويَّته على يد محتل أقوى منه . الواقع ، كانت حقيقة المنفى في بابل الحقبة أكثر صعوبة ، فأسرائيل الذي فقد كل شيء ، وجد ذاته خارج بلاده ، بلا هيكل ولا مَلك (وهكذا نحن المسيحيين اليوم في المهجر  بعد أن خرجنا من أوطاننا نتيجة ألأضطهاد والتعسف والترهيب والتخويف وبطش المحتلين الذين أحتلوا ديارنا وصحّروا ثقافتنا وزوروا تاريخنا ومسحوا ذاكرتنا  وألغوا  لغتنا الجميلة وأستبدلوها بلغة المحتل ، وجدنا انفسنا مضطرين لنعيش في المهجر ، الذي يمكن  اعتباره منفى لنا لنعيش في ضياع الهوية والوطن ، كما حصل لبني  أسرائيل عندما نفيوا الى بابل ونينوى وفرضت عليهم اللغة البابلية ألآرامية). ولكن ذلك لم يحدث أبدا من دون تدخُّل الهي . فلم يتوقف الله ، بواسطة أنبيائه ، عن توجيه كلامه الى شريكه في العهد. ففي خضم كُلِّ هذه   الظروف  الماساوية كان ألأنبياء لهم رجاء أن يفتقد الله شعبه ولا يتركه تحت حكم المحتلين والظالمين  . انَّ هذا الوضع غالبا ما يختزن صرخة صامتة تعبِّر عنها الرغبة في ايجاد مُخلّص  . وهذا المُخلّص يجب أن يأتي . فالله سيظل أمينا على الدوام نحو شعبه وستبقى رحمته وسط البلوى . والله قادرعلى نقل الشعب من حالة ألأسر والألم الى حالة خلاص . يقول الرب عن المحتلين "سأسأل عن غنمي وأتفقدها . كما يتفقَّد الرَّاعي قطيعه يوم يكون  في وسط غنمه المنتشرة ، وأنقذها من جميع المواضع التي تشتّت فيها يوم الغيمِ والضباب . وأُخرجها من بين الشعوب وأجمعها من البلدان وأجيءُ بها الى أرضها ...أنا أرعى غنمي ، وأنا أُعيدها الى حظيرتها  فأبحث عن المفقودة وأرُد الشَّاردة وأُجبر المكسورة وأقوّي الضعيفة  وأحفظ السِّمينة والقويّة وأرعاها كُلُّها بعدل ...وأُعاهد غنمي عهدَ سلام وأردُّ الوحش الضاري عن ألأرض  فتسكن في البريّة آمنة وتنام في الغاب ...فتعلم أنّي أنا هو الرب الههم  ، معهم أكون "حزقيال 34 : 11الى 31".
نحن اليوم في القرن الواحد والعشرين ولكننا نقرأ العهد القديم (قبل 2500سنة) على ضوء العهد الجديد ، وأقوال الأنبياء على ضوء أقوال ألأنجيل ، أي قرائة حاضرة لأحداث اليوم الذي يعيشها شعبنا المسيحي في العراق ، فنتأمَّل في قرأءة الكتاب المقدّس فنستلهم ونستخلص منه الدروس والعبر ، عن أحداث وقعت في الماضي  لتشخيص واقعنا اليوم وكيف نواجه وضعنا الحالي ولتكون لنا   رؤى للمستقبل .
انَّ تعزية المؤمنين هي في قراءة أقوال الرب يسوع المسيح والثقة به فهو الراعي الصالح ، والراعي الصالح لايترك خرافه بل يدافع عنها ويقودها الى المراعي الخضراء وينابيع المياه الصافية .
فكما انَّ الشعب الأسرائيلي لم ينتهي تاريخهم لأنّ الله بعث لهم أنبياء أمثال دانيال الذي أُخذ ليكون مستشارا للملك نبوخذنصر ، وبمعونة من الله أستطاع دانيال تفسير حلمين للملك . وقد نجا أصدقاء دانيال الثلاثة من الموت في اتون النار كما نجا دانيال من جب ألأسود . هكذا تقدم لنا حياة دانيال صورة لأنتصار ألأيمان . ليعطينا الله هذا ألأيمان حتى نعيش نحن ايضا ، في هذه الفترة العصيبة ، بكل شجاعة في كل يوم ، عاملين ما هو حق ، ولا ننهار أمام الضغوطات المحيطة بنا ، كما فعل دانيال النبي ، فبالرغم من أنَّه كان أسيرا في أرض  غريبة ، الاّ أنَّ ولائه للرب كان شهادة أمام الحكام ألأقوياء"راجع دانيال 6 :25الى 27" .  
 كان روح الله مع الأنبياء يرافقهم ويعزّيهم ويعطيهم الرجاء. هكذا نحن اليوم كمؤمنين متشردين في أصقاع العالم ، أذا حافظنا وتمسكنا بايماننا بالراعي الصالح يسوع المسيح فهو سيظل يرافقنا بروحه القدوس ولن يتركنا أبدا  بل سيرعى قطيعه المشتَِّت ويمنحنا السلام والرضى وألأمان حتى في أحلك  الظروف . فعندما يقصر قادتنا في حقنا ، لا يجب أن نيأس بل نتذكَّر  أنَّ الرب يسودُ ، وهو يَعِد بأن يعود ويعتني برعيته ، فما علينا  الاّ أن نلتفت الى الله ليكون هو عوننا  فيحوّل المواقف الصعبة الى الخير لنا وما نظنُّه نقمة  لنا يحوِّله  الى نعمة لنا ويُخرجُ من الشر خيرا ومن الظُلمة نورٌ ومن الموت حياة  ، وسيخلع القادة المتمردين الذين يحدّونه ، ويبيد الشرير ويخلِّص ألأُمناء الذين يتبعونه لأنَّ هؤلاء المؤمنين وضعوا ثقتمهم ومستقبلهم بيد الرب المسيطر على كُلِّ شيء ، فالثقة بأمانة الله يوما بيوم تجعلنا واثقين في وعوده العظيمة بشأن المستقبل .

105


هل اخوتنا ، مسيحيّوا سوريا ، في خطر  ؟

نافع البرواري

عندما برزت أحزاب اسلامية متشددة وسيطرت على مقاليد السلطة ( في كُلِّ من  ايران والسودان وأفغانستان والصومال ، والعراق ، وفوز حزب الحرية والعدالة ألأسلامية  في تركيا ، وبروز حركات الأخوان المسلمين في جميع الدول العربية  السنية ،  وفوزها في الأنتخابات في بعض الدول العربية  كمصر وتونس ( وبقية الدول العربية ستاتي لاحقا  لامحالة)  ، برزت الى الواجهة مصير المسيحيين ، الذين يعيشون في هذه البلدان  منذ الاف السنين ، لا بل هم شعوب اصلاء في هذه البلدان قبل الفتوحات العربية   بمئات السنين  .
منذ سقوط نظام الحكم في العراق ووصول الأحزاب ألأسلامية الى سدة الحكم وتقليص دور ألأحزاب العلمانية والمستقلين في العراق ، زادت الأضطهادات ضد المسيحيين لا بل كان هناك تخويف وتهجير وترهيب المسيحيين في العراق بشكل ممنهج  و مدروس ومخطط  له مسبقا  من قبل كُلِّ ألأحزاب ألأسلامية ، أو الحركات الراديكالية الأسلامية كالقاعدة وانصار الأسلام  وغيرها من ألأحزاب ألأسلامية  في العراق ، التي تؤمن بتطبيق الشريعة الأسلامية كنظام وقانون في الدستور.
للأسف الشديد كانت الكنائس في هذه البلدان ، بصورة عامة  ،  شبه غائبة عن قراءة الأحداث التاريخية  والسياسية ، وبعيدة عن تحليل هذه الأحداث ودراستها لأستيعاب الدروس والعبر منها لدرء ألأخطار التي ستواجه كُلِّ المسيحيين في هذه البلدان وبلا استثناء ، فكانت الكنيسة ، ولا تزال ، في  حالة تخبَُط وأرتباك في الرؤية الصحيحة لمستقبل المسيحيين في هذه الدول ، وخاصة بعد نجاح الحركات السياسية للأحزاب الأسلامية في الدول العربية جميعها وبدون استثناء .
وهكذا الشعوب المسيحية  وقادتها من ألأحزاب في الدول  العربية (وخاصة في العراق ومصر وسوريا وحتى في لبنان ) ، لم تنتبه الى ألأخطار المحدقة بها الاّ  بعد  سيطرة الأحزاب الأسلامية السياسية  الشيعية المتشددة في ايران والعراق ولبنان  واضطهادها للمسيحيين  في هذه الدول ، وكذلك سيطرة الأحزاب الأسلامية  السياسية  السنية  المتشددة  في مصر وتونس  والسودان  والصومال ..الخ .  ولم تستفد الشعوب المسيحية  في هذه الدول من العبر والدروس ومن تجربة المسيحيين في لبنان  حيث كانت هناك حرب طاحنة بين المسيحيين والمسلمين استمرت أكثر من خمسة عشر سنة .
انَّ كُل المؤشرات والوقائع أكدت أنَّ المسيحيين في الدول العربية كانوا حتى في زمن الأنظمة الدكتاتورية يعانون من بطش وظلم تلك الأنظمة وكانوا في الكثيرمن الأحيان يفقدون أرضهم ومقدساتهم وحتى حياتهم بسبب ميل الحكومات الدكتاتورية في تهميش وترهيب كُلّ فئات الشعب ، سوى الشلة من المحيطين بهذه الأنظمة ، فكان المسحييون مهمشين ومضطهدين ومغيَّبين من القرارات السياسية والمواقع القيادية في عهد هذه الدكتاتوريات في جميع الدول العربية  .
وفي بدايات سقوط الأنظمة الشمولية في البلدان العربية ، بسبب ثورات شعوبها ،  بدا للوهلة الأولى أن المسيحيين سيتنفسون الصعداء في الحصول على حقوقهم المشروعة كمواطنين لهم ما لغيرهم من الحقوق والواجبات ، ولكن خاب أملهم بسبب ما سبق وأن نوهنا اليه أعلاه من أن المسيحيين فاجئوا بوصول الأحزاب الأسلامية الى سدة الحكم بعد فوزهم في الأنتخابات البرلمانية ، بينما كان منطقيا أن تفوز هذه الأحزاب لمن كان على أطلاع ، ولو قليلا  ، على احداث الشرق ألأوسط منذ الثورة الأسلامية الشيعية  في ايران قبل حوالي ثلاثين سنة وبروز ألأخوان المسلمون في مصر وسوريا وبلدان المغرب العربي  .
نرجع الى موضوعنا وهو مصير مسيحيي سوريا على ضوء الأحداث الدامية في سوريا والتي تتحول شيئا فشيئا الى حرب أهلية ، كما حدث في العراق ، بين الشيعة(العلوية) والسنة . هكذا خوفنا على أن تتحول سوريا الى ساحة لتصفية حسابات بين الدول الشيعية التابعة لأيران وبين الدول السنية العربية وتركيا ، فيحترق الأخضر باليابس ويكون أول الضحايا هم المسيحيين الذين يشكلّون الحلقة الضعيفة بسبب عدم وجود دعم دولي لهم وكذلك لتكفيرهم من قبل المعارضة ألأسلامية الراديكالية والتي تشكل اليوم في سوريا خطرا قادما لامحالة على المسيحيين .

فالمسيحيين ، بكل طوائفهم في سوريا ، هم اليوم بين مطرقة النظام وسندان الأحزاب الأسلامية الراديكالية ، وعليهم ان يتعلّموا دروسا وعبر من ما حدث لأخوتهم المسيحيين في العراق ، وكيف شُرِّدوا وقتلوا وهاجروا الى المنفى .
اليوم المسيحييون في سوريا ايضا منقسمين بين من هم مع النظام الحالي وبين من هم مع المعارضة الثورية ولا ننسى البقية الصامطة والتي لا تريد زج نفسها في هذا الصراع الدموي . منذ اشهر بل منذ أنتفاضة الشعب السوري ضد النظام الدكتاتوري في سوريا ، نتابع ما يحدث في سوريا وانعكاساتها على أخوتنا المسيحيين في سوريا ، الذين هم امتداد لشعبنا "السورايي" سواء كانوا  "سريان كلدان آشوريين" . وهناك الكثيرين من المسيحيين في سوريا من أصول عراقية وخاصة ألآشوريين الذين هربوا من الأبادة الجماعية في سميل سنة 1933 وسكنوا في الحسكة وعلى ضفاف نهر الخابور والجزيرة وقبلها اخوتنا السريان والأرمن الذين هربوا بسبب مذابح الحرب العالمية الأولى  والأبادة الجماعية التي أرتكبتها تركيا بحق المسيحيين ، وخاصة الأرمن والسريان ، حيث مات من ما ت وهرب الكثيرون الى سوريا.
اليوم على الكنيسة وعلى الشعب والقادة الدينيين وقادة ألأحزاب ان يتَّحدوا ليكونوا صوتا واحدا وفكرا واحدا وموقفا واحدا يجنّبهم الأنجراف مع النظام القمعي في سوريا  أو الوقوف مع المعارضة التي ستكون  التيارات الأسلامية والعلمانية هي بدورها في صراع مرير على السلطة بعد سقوط النظام المتهرئ في سوريا ،
وقد ظهرت بوادر اضطهاد المسيحيين فعلا بعد ورود معلومات عن حوادث قتل وتخويف وترويع  والأستيلاء على أراضي زراعية للمسيحيين  في محافظة الحسكة من قبل مجموعات مارقة على القانون رافعين شعارات "الأرض مقابل السلام"  ، أي تخلّي المسيحيين عن أرضهم مقابل تأمين سلامتهم ، وطال ألأعتداء العديد من قرى منطقة القامشلي  ألأمر الذي سبّب غضب وغليان وأحتقان في الشارع ألآشوري"السرياني" والمسيحي في محافظة الحسكة . كما وفي سابقة خطيرة تم قتل كاهن مسيحي (الأب باسيليوس نصار) ، وقدتكون هذه ألأحداث بداية لمخطط طائفي وراءه أيادي خفية كما حدث ويحدث اليوم في العراق.
والحقيقة  ، وكما جاء في نص تصريح الكاتب والناشط سليمان يوسف ،المنشور في موقع عنكاوا في الموقع أدناه ، يبدو أن أخوتنا المسيحيين في سوريا ، يتعرضون الى مخاطر حقيقية قد تكون مشابهة لما حصل لأخوتهم مسيحيّي العراق ، حيث يضيف الكاتب قائلا :
"بعد هذه السلسلة من الاعتداءات المتكررة على المسيحيين،بدأت الناس تتساءل: هذا يحصل للمسيحيين في ظل وجود سلطة قائمة، ماذا سيحصل لهم في حال سقط النظام وانهارت الدولة وعمت الفوضى الأمنية في البلاد؟؟ لا شك أنها أسئلة مشروعة نضعها في ذمة كل المعنيين والحريصين على السلم الأهلي والوحدة الوطنية ؟"..
ولكن من المؤشرات المشجعة لنا ، ونرجوا استمرارها  عند أخوتنا المسيحيين في سورية ، هو التأكيد على وحدتهم المسيحية ،( والتي نفتقدها في العراق للأسف) وهذا  ما نستشفه في ما ورد في التصريح  اذ يقول الكاتب :
"وعلى أثر هذه الاعتداءات السافرة والتهديدات البربرية، سارعت (لجنة الكنائس والعلاقات المسيحية)، التي تشكلت مؤخراً في القامشلي لمتابعة الحالة المسيحية في ضوء الحدث السوري،سارعت بتشكيل وفد كبير من نحو 40 شخصية، ضم رؤساء جميع الطوائف المسيحية والمجالس الملية ووجهاء ونخب شبابية.قابل الوفد محافظ الحسكة اللواء (معاذ سلوم) ونقلوا له حقيقة ما جرى ووضعوه أمام مسؤولياته الوطنية والأخلاقية والقانونية وحملوا السلطات المعنية في المحافظة عواقب والتداعيات الخطيرة لهذه التجاوزات الغير مسبوقة على السلم الأهلي في منطقة الجزيرة. فضلاً عن تواصل لجنة العلاقات المسيحية مع شيوخ ووجهاء العشائر العربية ودعوتهم لاجتماع عاجل لوضعهم في الصورة ومطالبتهم بالتدخل واستخدام سلطتهم العشائرية لردع المعتدين والمارقين واعادة الأرض لأصحابها.
ونحن بدورنا نصلي من أجل أخوتنا المسيحيين في سوريا ونشد على  أيديهم لكي نكون كُلَّنا ايدي واحدة وروحٌ واحدة ومحبة واحدة  وهدف واحد ومصير واحد وهموم مشتركة  ومصير واحد .
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,556839.0.htm

106




هل فقد  شعبنا المسيحي في العراق ثقته برؤسائه الدينيين والدنيويين ؟

نافع البرواري

عنوان قد يكون جوابا للذين يتجادلون عن وضع قادة كنيستنا " المشرقية" وقادة ممثلي احزابنا اليوم ، حيث نسمع ونقرأ نتائج ما كنا نتوقعه منذ مدة طويلة .
الكثيرون من مثقفينا كتبوا مقالات سواء كانوا مع أو ضد ما ورد في المؤتمر الصحفي لرئاسة الكنيسة الكلدانية .
ولكن القليلون هم الذين يبحثون عن جذور المشكلة وخلفياتها ليسلطوا الضوء على اسبابها  قبل الخوض في نتائجها .
أولا : ألأسباب الداخلية
اليوم"بعد ما بلغ السيل الزبى وبعدما فاض الكيل"( كما  و رد  في بيان المؤتمر الصحفي الذي عقدتهه رئاسة الكنيسة الكلدانية في 15 كانون الثاني 2012)
ظهرت على السطح تلك الخلافات المستأصلة  ، في الكنيسة المشرقية الواحدة وفي الشعب المسيحي الواحد ، والذي طالما  نادينا وترجينا ازالة هذه الخلافات بالحوار والتفاهم والتحلي بالحكمة ،   والدعوة الى  لقائات وتشاورات  بين رؤساء ورعاة كنائسنا المشرقية بمختلف طوائفها  وبين  ألأخوة رؤساء الأحزاب لمختلف اطياف الشعب المسيحي الواحد ،  لحل جميع ألأشكالات والخلافات بالحوار والنقاش والتفاهم . ولكن للأسف لم يصغي الى هذه الندائات الاّالقليلين ، وضلّ الخلاف يزداد ويتراكم ويغلي الى حد ألأنفجار .
للأسف لم نتعلم دروسا وعبر من كُلِّ ما حلَّ بشعبنا المسيحي من المصائب والمآسي منذُ سقوط النظام ، لا بل قبله بسنوات ، الى يومنا هذا . لقد حاول الخيرون من الآباء ورعات الكنائس ومنذ زمن طويل توحيد الكنيسة المشرقية ، ولكن كان هناك دائما من يقف حجر عثرة ضد هذه الوحدة (ولا نريد أن نفتح جروح الماضي بهذا الخصوص) . وكان هناك ومنذ سقوط النظام محاولات كثيرة ، ونجح البعض من هذه المحاولات لتوحيد اصوات ألأحزاب المسيحية المختلفة ، ولكن أيضا كان هناك من يقف بالمرصاد ضد هذه المحاولات.
وكان هناك محاولات كثيرة  ، للخيرين من المثقفين والمتنورين من المخلصين والأمناء على قضية شعبهم ( ومن مختلف اطياف شعبنا المسيحي "السورايي") ولكن للأسف كان هناك دائما هجوم وتخوين وطعن ضد هؤلاء المطالبين بالوحدة ، وصلت حد الشتائم واستعمال الكلمات البذيئة  ،في مقالاتهم ومجالسهم ، من الأخوة الذين بقصد أو بغير قصد يريدون تقسيم هذا الشعب الواحد (بدمه ، بتراثه ، ولغته ، وأرضه ، وتقاليده ، وانتمائه الى كنيسته المشرقية الأصيلة ) ليكونوا طوائف وقوميات متشرذمة ( اسوة بما يحدث الآن بين أخوتنا المسلمين حيث ظهرت في السنوات الأخيرة هذه الظاهرة المقرفة والتي قسّمت العراق الى طوائف دينية متناحرة).
اليوم ظهرت حقيقة هؤلاء الذين يتاجرون بالدين على حساب آلام شعبهم وضروفه الماساوية.
اليوم يطعن في ظهر هذا الشعب خنجر مسموم مِن مَن أدعوا أنّهم قادة لهذا الشعب ويدافعوا عنه سواء كانوا رجال دين أم قادة احزاب وممثلي الشعب كما يدعون.
اليوم الكنيسة الواحدة تنقسم على ذاتها (وذلك بسبب  رؤساء ورعاة يريدون  تقسيمها الى طوائف ومذاهب مختلفة )
اليوم  الشعب الواحد ينقسم الى عدّة شعوب بسبب قلة الوعي والجهل والتخلف الذي يعيشه هذا الشعب بجميع أطيافه وعدم وجود رغبة وارادة وأيمان  لتوحيده لدى الكثيرين من قادة ألأحزاب السياسية  وخاصة ذوي الميول القومية المتعصبة.
اليوم كشّروا عن أنيابهم هؤلاء القوميين ذوي الأفكار الراديكالية العنصرية من الذين وضعوا العصاب على عيونهم ، سواء كانوا من  داخل مؤسسات  الكنيسة أو من الذين يتباكون بدموع التماسيح على الكنيسة  من خارجها ، من الكتاب وانصاف المثقفين ، وهم في الحقيقة يحاولون تقسيم جسد هذه الكنيسة وتمزيقها بافكارهم الراديكالية  الطائفية والقومية الهدامة.
اليوم وكما يقول الرب على لسان ميخا النبي" كُلُّهم يصطادُ أخاهُ "ميخا 7 :2 "
اليوم شعبنا المسيحي في العراق تمَّ تضليله . والذين أضلّوه هم رُعاتِهِ "ارميا 5 :6"
ويقول الرب على لسان ارميا النبي ايضا " ويل للرعاة الذين يبيدون ويبدّدون غنم رعيَّتي " ارميا 23 : 1"
اليوم ينطبق علينا نحن الشعب المسيحي في العراق قول الرب على لسان هذا النبي ايضا: "سأقذف سُكَّان هذه ألأرض الى بعيد هذه المرة  ، وأضيق عليهم حتى يهجروا ...خيمتي دُمِّرت  تدميرا وقُطعت جميع حبالها بَنيَّ ذهبت عني ولا وجود لهم ..رعاة شعبنا أغبياء ولا يطلبون الربَّ " ارميا 10 "
 
ثانيا العوامل الخارجية:
اليوم هو يوم الأعداء المتربصين الذين كانوا ولا يزالوا يراهنون على الخلافات بين الشعب الواحد. الذين يرقصون فرحا لهذا الأنقسام ويستغلونه لتحقيق مآربهم وتهميش دور شعبنا المسيحي في المشاركة الفعالة في بناء هذا الوطن ، والأستيلاء على ما تبقى من ارضنا والقبول بالأمر الواقع في السير في الطريق المرسوم سلفا  للقضاء على حضارتنا ومحو هويتنا و تراثنا وازالة وجودنا في ارض آبائنا وأجدادنا.
نحن اليوم  في اوج الحاجة الى التنازلات من جميع الأطراف لكي نواجه الواقع المر الذي يعيشه شعبنا المسيحي من ألأنقسامات والتهميش والأقصاء والأهمال والتمزق والتشرذم والتهجير والأضطهاد من قبل الآخرين ، وللأسف نحن كمسيحيين نعيش وسط ثورات عربية وأسلامية أستطاع الراديكاليون الأسلاميون سواء كانوا في داخل العراق أو في الدول المجاورة ان يصلوا الى سدة الحكم في هذه الدول ، وهذه الأحزاب لا تريد ولا تؤمن بحقوقنا المشروعة وستظل تحاربنا وتستغل نقاط الضعف عندنا عندما نكون منقسمين ومتشرذمين "كالأسد الذي يهجم على فريسته الضعيفة والمريضة فيفترسها"
نصلي معا مع النبي ارميا في مراثيه "اذكر يارب ما أصابنا تطلّع وأنظر عارنا تحوَّلت أرضنا الى الغرباء وبيوتنا الى الأجانب ، صرنا يتامى لأ أب لنا ، وأمّهاتنا
أرامل" مراثي ارميا 5 :1 ،2 ،3 "
نصلي مع  الرب يسوع المسيح ليتحقق حلم شعبنا في وحدته باسم الرب ، يسوع المسيح ، الذي طلب من أبيه السماوي لكي يرعى ويحافظ على وحدة المسيحيين عندما يقول  "أحفظهم باسمك الذي اعطيتني ، حتى يكونوا واحدا مثلما أنت وأنا واحد ....أجعلهم كُلُّهم واحدا ليكونوا واحدا فينا "يوحنا  17
 آمين

107

تأمّلات في زمن الميلاد"المسيح رئيس السلام""

"الجزء الخامس" السّلام مع الآخرين" أو كيف نصنع السلام؟

بقلم نافع شابو البرواري

قد يظن ألبعظ أن السلام يتحقق لنا بدون أيّ جهد ولكن الكتاب المقدّس يخبرنا انّ علينا أن نسعى بكل قوانا  للحياة في سلام مع كل انسان لأن السلام يتطلّب عملا شاقا .
يقول داود النبي"تجنّب الشر وأعمل الخير وألتمس السلام وأسع وراءه " (مزمور  34:15 ) ، وقد ردّد الرسول بولس صدى هذا الفكر في العهد الجديد  بقولهِ
""لا تجازوا أحداً شرّ بشرّ ...لاتنتقموا لأنفسكم ايّها الأحباء بل دعوا هذا لغضب الله ، فالكتاب يقول "لي الأنتقام ، يقول الربّ ، وأنا الذي يجازي "(روميا 12:17,18 )" .  ليس صنع السلام أمرا محبوبا عند الكثيرين لأنّ الأقرب للطبيعة البشريّة أن يحاربوا لأجل الحق ، ومجد المعركة هو أمل كسبها ، لكن لابد من طرف خاسر ، أمّا مجد صنع السلام فأنه قد يجعل الطرفين رابحين في الواقع ، فصنع السلام هو طريق الله ، بينما صنع الحروب والموت هو من صنع الشيطان ، فصانع السلام يقتفي أثر السلام باجتهاد وينشئ العلاقات الطيبة مع الآخرين عارفا أنّ السلام نتيجة للألتزام ، يقول الرب يسوع المسيح في الموعظة على الجبل : هنيئا لصانعي السلام لأنّهم أبناء الله يدعون"(متى 5:9 )  . ما أجمل أقدام المبشّرين بالسلام وكلمة الله
انّ السلام الحقيقي ينشأ من الأيمان بيسوع المسيح لأنّه وحده تتجسّد فيه كل خصائص السلام ، فلكي نجد السلام الحقيقي علينا ان نبحث عن يسوع المسيح نبع السلام ومصدره ونلتقي به ونتعرّف عليه ونقيم معه علاقة حيّة ، عندها نعرف ماهو السلام ، لانّه متواضع القلب ونيره خفيف وهو الذي يعلّمنا كيف نصنع السلام مع الأخرين وكيف يقودنا الى واحة خضراء ومياه حيّة . ورمز الصليب في بُعده الأفقي حيث نرى المسيح ماداً يديه ليحضن البشريّة من على صليبه وهو يسلّم روحه الى أبيه ، سلّمنا وربطنا معه بعهد السلام لانّه ملك العدل والحق والمحبّة والسلام ،  يسوع المسيح بكى على  أورشليم(مدينة السلام) وبحسرة وقال بمرارة :

"أورشليم، أورشليم ، ياقاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين اليها ، كم مرّة أردت أن أجمع أبناءك مثلما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فما أردتم" (لوقا 13:34  ) .  يتلهّف الناس على السلام ويتمنّون الأمن والسلامة والأستقرار ، ولكن للأسف الكثيرين منهم لايعرفون أنّ هذا السلام يحتاج الى مهارة وفن وجهد وسهر وغفران وتسامح وتنازلات مؤلمة وتوبة حقيقيّة ومصالحة مع الله ومع النفس ومع الاخرين . من الأفضل عمليّا أن نسوّي خلافاتنا مع أعدائنا قبل أن يجلب غضبهم علينا متاعب أكثر وقبل أن تستفحل ويستحيل علاجها ، وصانع السلام يتعامل مع المشاكل قبل حدوثها وعندما تثور الصراعات فأنّه يكشفها ويعالجها . كما أنّ صنع السلام عمل أصعب بكثير من اثارة الحروب لكنه لايثمر موتا بل حياة . الكثيرين ، وخاصة من الديانات الأخرى ، يقولون انّ المسيحيّة ديانة فيها الأنسان يصبح جبانا مذلولاً تهان كرامته وهو ساكت. في الحقيقة العكس هو الصحيح ، فصنّاع الحروب والموت هم الجبناء والمهزومين والفاشلين في الحياة ، لأنّ الطريق الذي يسلكونه سهلٌ وواسعٌ والكثيرون يستطيعون سلوكه لانّه طريق الخراب والدمار وما اسهل أن تُهدم مدنا كاملة وتصبح خرابا في ايّام الحروب بينما يحتاج بنائها سنين؟ ما أسهل أن تقوم دولة بحرب ضد دولة أخرى قد يكون السبب زلة لسان التي تحرق اليابس والأخضر؟  ما اسهل أن يتم تدمير حضارة بخطأ يرتكبه ملك أوقائد وتزال حضارة بنيت عبر مئات السنين؟  ما أسهل أن تحرق غابة بعود من الكبريت وخلال ساعات بينما يتطلب أعادتها عشرات السنين؟ ما اسهل أن تجبر الملايين من الناس أن يطيعوا حكاّمهم ويصبحوا عبيدا للدكتاتورييّن ولكن بالمقابل  كم هو ثمن الحريّة والسلام باهضا عندما يريد الأنسان أن يكسر قيود العبودية والأذلال ؟ . يسوع المسيح عرف ان هزيمة الموت هو بالتضحية وبذل الذات من أجل سلامة وحياة البشريّة فواجَهة الموت بالموت وانتصر عليه بالقيامة واسّس بذلك مملكة السلام ، ويقول لنا :"لأنّ الذي يريد ان يخلّص حياته يخسرها ، ولكن الذي يخسر حياته في سبيلي يجدها "(متى 16:24 ) ، وهكذا يقول لنا الرب يسوع " جئت لأجل ان اعطي الحياة  والحياة الأفضل" . علينا  أن نصنع السلام مع الآخرين بسرعة حتى لانصل الى النقطة التي فيها من الصعب التراجع عن قرارنا فيفوت الأوان وقد يكلّف ذلك دموعا ودماء"متى ( 5:25و 26 ) ، وايضا يخبرنا  كاتب سفر الأمثال أن لا نتسرّع بتوجيه التهم الى الآخرين بل علينا أن نناقش التهمة مع الخصم أولا "أمثال ( 25:8,9,10  ) ، في زماننا هذا تبدو أقوال المسيح والرسول بولس حول موضوع السلام والغفران والمصالحة لاتقرّها حتى المحاكم القضائية التي تطالب بتطبيق الحقوق القانونية .
يقول الرسول بولس : " لاتجازوا احدا شرّ بشّر ، وأجتهدوا أن تعملوا الخير أمام جميع الناس ، سالموا جميع الناس ان أمكن ، على قدر طاقتكم ،"(روما 12:17,18 ) ، فعندما يؤذينا أحدهم بشّدة فبدلا من معاملته بما يستحق (أي تطبيق مبدأ العين بالعين والسن بالسن)علينا أن نحسن اليه ونجعل منه صديقا لنا ، ويبرّر الرسول بولس ذلك بالمنطق والعقل( قبل أن يستشهد باقوال الرب يسوع) للأسباب الآتية:
1-لأنّ الغفران قد يؤدي الى كسر حلقة الأنتقام ويؤدّي الى المصالحة المتبادلة ، فعندما نمتص الشر بالخير والتسامح بدل الأنتقام والغفران بدل الكراهية ، عندها يستنفذ الأخر حججه و ينطفي نار غضبه.
 2-عندما نسالم الاخرين عندها قد يخجلوا من تصرفاتهم و يغيّروا أسلوبهم معنا .
3-انّ مقابلة الشر بالشر ستسبب لنا من الضرر مثلما تسببه لعدوّنا ولكّن الصفح عنه (ولولم يتُبْ هو مطلقا )سيحرّرنا من عبء ثقيل من المرارة .
ان الثأر والأنتقام والحرب ، كالزيت الذي يصب على النار فيزيد النار اشتعالاً ،  بينما السلام والغفران والتسامح  هي بمثابة ماء تطفي النيران المشتعلة . السلام والأنسجام بدل الأنقسام والأنتقام هو الطريق الوحيد لعيش الأنسان مع الاخرين بسعادة وفرح وأمان لأنّ الغضب والأنتقام والحقد والكراهيّة هي مثل النار تحرق صاحبها قبل أن تحرق الآخرين . يقول الرسول بولس :"باركوا مضطهديكم ، باركوا ولا تلعنوا   ......اذا جاع عدوّك فاطعمه واذا عطش فاسقهِ لانك في عملك هذا تجمع على رأسه جمر نار ، لاتدع الشر يغلبك ، بل اغلب الشر بالخير"(روميا 12:14,20 ) ، يقول كاتب المزمور"تجنّب الغضب وأبتعد عن الغيظ ، ولا تحسد من يفعل الشرّ"(مزمور 37:8 ) ، ويقول داود النبي "فالأشرار يقطعهم الربُّ ....أما الودعاء فيرثون الأرض وينعمون في سلام "(مزمور37:10و11 ) ، انّ الذين يصنعون الحروب والموت والدمار باسم الله لايعرفون الله الحقيقي بل يعبدون إلها على مقاييسهم الخاصة ، لأنّ الله هو ملك السلام وواهب الحياة فبأيّ حقّ وبأي سلطة يقتل الأنسان اخوه الأنسان بينما الخالق اعطاه الحيّاةوالأنسان له قيمة عظيمة عند الله والخالق هو الوحيد الذي له الحق باسترداد حياة الأنسان ؟  والذين يحاربون أخوتهم في البشريّة فهم يحاربون مشيئة الله وسلطانه على الأرض والسماء ويخالفون ارادة الله ومشروع الله الخلاصي للبشريّة ويهينون طبيعة الله المحبّة "الله محبّة" الله رئيس السلام ، الله واهب الحياة ، الله خلقنا لنشاركه ملكوته السماوي ، فكيف نحارب ونسفك دم أخوتنا كما فعل قايين بهابيل ؟
لماذا لا نتعلّم دروسا من الكتاب المقدّس عن غضب الله على الذين يسفكون دماء الناس ؟"فقال الرب له(لقايين) ماذا فعلتَ؟ دمُ أخيك يصرخ اليّ من الأرض ، والآن فملعونٌ أنت من الأرض التي فتحت فمها لتقبل دم أخيك من يدك"(التكوين4:10,11 ) .  عندما استلّ الرسول بطرس سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه (عندما جاءت الجموع لألقاء القبض على يسوع المسيح في بستان الزيتون) قال يسوع له"ردَّ سيفك الى مكانه فمن يأخذ بالسيف بالسيف يهلكُ"(متى 26:52  ) . نعم ملكوت المسيح لاتتحقّق  بالسيوف بل بالمحبّة والسلام والأيمان والطاعة للرب ، هذه خلاصة وجوهر الحياة المسيحيّة بأن نعيش بمحبّة وسلام مع الاخرين وأن نغفر لهم وبنفس الوقت علينا أن لا ننسى بأن الكتاب المقدس لايبرّر التصرفات والأفعال الرديئة للأعداء .
عندما يسعى الأنسان الى تعزية الناس البائسين بسبب الحروب والموت والأضطهادات ، ويبشّر بالسلام في عالم لا يعرف إلا الأنتقام والثأر والحقد فأن ذلك الأنسان سيخلّده التاريخ وتخلّده الأجيال والأمثلة كثيرة عن هؤلاء الناس أمثال مهاتما غاندي محرّر الهند الذي كان شعاره عدم مواجهة العنف بالعنف بل اختار طريق المسيح للوصول الى الحرية والتحرّر من الأستعمار البريطاني
ومثلهُ نلسُن مانديلا ، توصّل الى ان السبيل الأفضل للحرية والسلام لاياتي من خلال فوهة البندقية بل هو جهاد ونضال سلمي يقود في النهاية الى الحريّة والسلام ، وهكذا تحررت جنوب افريقيا من النظام العنصري الذي كان يقوده اقلية عنصرية ، ولا ننسى محرّر الزنوج السود القس مارتن لوثر كنك الذي خاض نضالا طويلا قاد الى تحرير الزنوج وكل ذوي البشرة السوداء في امريكا ولم يكن سلاحه سوى كلام الله من خلال الكتاب المقدس فكان يستشهد بهذا الكتاب عن السلام والمحبة والحريّة التي جاء بها المسيح منذ الفين سنة ، والأمثلة كثيرة عن اشخاص وجماعات قادوا بلدانهم نحو الحريّة والسلام ولم يكن سلاحهم سوى الكلمة والحق والسلام .
 "عيشوا في سلام مع جميع الناس"روميا12:18" ، يقول كاتب الرسالة الى العبرانيين ايضا"سالموا جميع الناس وعيشوا حياة القداسة" ويقول كاتب المزمور"هنيئاً لمن لا يسلك في مشورة الأشرار ....فيكون كشجرة مغروسة على مجاري الأنهار...وما هكذا الأشرار لكنّهم كالريشة في مهّب الريح"مزمور1:1,2,3,4 
ان الله بعدما صالحنا مع نفسه بالمسيح أعطانا رسالة أن نصالح العالم مع الله بالمسيح"....وهذا كلّه من الله الذي صالحنا بالمسيح  وعهد الينا خدمة المصالحة أي أنّ الله صالح العالم مع نفسه في المسيح وما حسبهم على زلاّتهم  وعهد الينا أن نعلن هذه المصالحة ، فنحن سفراء المسيح"(2كورنتوس  5:18,19,20)
ما أجمل رسالتنا نحن الذين نحمل اسم المسيح ولكن بالمقابل كم هي المسؤولية الملقاة على كاهلنا شاقة وخطيرة لنكون فعلا سفراء حقيقيّين لنمثّل حقيقة رسالة المسيح لهذا العالم الذي يسوده الحقد والكراهيّة والحروب والمآسي والأضطرابات والفقر والجوع (الجسدي والروحي) ؟ ما أحوجنا نحن مسيحيي العراق الى المحبّة والسلام وخاصة في هذه الضروف التي عشناها ولا زلنا نعيشها اليوم حيث الأنسان الذي هو صورة الله أصبح لاقيمة له وسط ذئاب تفترسه بدون رحمة وفقد الكثيرون انسانيّتهم بسبب الأنانيّة وحبّ الذات والسعي وراء المصالح الشخصية والسلام الشخصي دون المبالاة بحياة وسلام الآخرين ؟يقول الرب يسوع المسيح : "اذهبوا ها أنا أُرسلكم مثل الخراف بين الذئاب .....وأيّ بيت دخلتم فقولوا أولا السّلام ، فسلامكم يحلُّ به ، والاّ رجع عليكم  "لوقا 10:3,5 ".  نعم الرب قال لنا انّنا سنواجه مقاومة هذا العالم وسنعيش مثل الحملان بين الذئاب ، 
واليوم عندما ننظر حولنا (نحن مسيحيّي العراق) سنجد كم أنّ ربنا يسوع المسيح صادق في أقواله ونبوّاته وكم نحن في حاجة الى التأمّل في هذه الأقوال لنعمل بها ونسلك الطريق الذي سلكه الرب يسوع المسيح  وتلاميذه من بعده ، فنحن لنا رسالة وارساليّة خطيرة وعلينا أن نحترس من الذئاب الخاطفة وأن نواجه أعدائنا بالمحبّة والتضحيّة والعطاء والعمل على ارساء السلام في وطن فيه الناس بحاجة الى السلام والأمان والأستقرار وننقل الى الآخرين كيف أننا نلنا العزاء بالروح القدس وكيف انّ لنا رجاء وثقة بالمسيح رئيس السلام ونشرح لهم طبيعة مملكة السلام التي نتمتع بها ، هكذا نعّزيهم في كل شدّة وضيق وهكذا نستطيع أن نساهم في كسر الحلقة المفرغة من العنف والأرهاب والحقد والكراهيّة والغضب والغليان والشعور بالمرارة التي يأنُّ منها الملايين من الناس في هذه الأيّام العصيبة التي جعلت الكثيرين يهاجرون ويعانون من الغربة وفقدان الأحبّة والأصدقاء لابل فقدنا ارواح مئات الألوف من الشباب والأطفال والشيوخ والنساء بسبب الحروب والتعصّب الطائفي والعرقي والأثمي والديني ، بهذا نساهم في استئصال العنف والميل الى الأنتقام لدى الآخرين وذلك في زرع ثقافة السلام والمحبّة وشرح معنى البشارة بالفرح (الأنجيل ) للمتعطشين الى السلام ، لأنّ ذلك من صلب رسالتنا وواجبنا ومسؤوليتنا أمام الله وأمام الناس. يقول الربّ: " اذهبوا الى العالم كلّه وبشروهم ..." والرسول بولس يشدّد على قول الرب يسوع المسيح هذا عندما يقول" الويل لي ان لم ابشّر" ، يقول كاتب كتاب " النجّار الأعظم" ان كلام المسيح فيه رسالة عزاء لمن يتألّمون والرب يكشف لنا عن جروحاتنا حتى نهرب اليه هكذا نتحرّر من كل ازماتنا ومشاكلنا وخوفنا ونأتي بانسحاق حقيقي الى أسفل الصليب وهناك نترك أثقالنا فقد تكون بلايا الحياة هي وسائل الله لازالة الأقذار والنجاسات والخشونة من أخلاقنا" . ويحثّنا بولس الرسول أن نصلي من أجل جميع الناس والملوك والسلاطين ليعيش العالم  في سلام وأمان فيقول :
""فأطلب قبل كل شيئ أن تقيموا الدعاء والصلاة والأبتهال والحمد من اجل جميع الناس ومن أجل الملوك واصحاب السلطة حتّى نحيا حياة مطمئنّة هادئة بكلّ تقوى وكرامة وهذا حسن عند الله مخلّصنا الذي يريدُ أن يخلص جميع الناس ويبلغوا الى معرفة الحق "(1تيموثاوس 2:3,4 ) . انّ الرسول بولس يطلب من المؤمنين أن يصلوّا من أجل ملوكهم وحكّامهم لكي يقودوا شعوبهم الى السلام والأمان في زمن كان نيرون هو الأمبراطور في ذلك الوقت (م 54-68 ) ، ومن المعروف أنّ هذا الأمبراطور كان بالغ القسوة ، وكان بحاجة الى كبش فداء للتكفيرعن الحريق الذي دمّر معظم روما في عام 64 م ، ولكي يبعد الأننظار عن نفسه وجّه الأتهام الى المسيحيين وكان معروفا بالمذابح الوحشيّة التي أرتكبها بحق المسيحيّين حيث قتل الآلاف منهم ورمى الكثيرين فريسة للوحوش ، وعندما كتب الرسول بولس رسالته هذه الى تلميذه تيموثاوس كان اضطهاد المسيحيّين  يتزايد. وما اشبه اليوم بالبارحة حيث المسيحيّيون مضطهدون في كل العالم بصورة معلنة وغير معلنة ، وقد شمل هذا الأضطهاد مسيحيّي العراق ولا زلنا نعاني من الأرهاب والقتل والتهجير والتهديد ، ولكن رسالتنا واضحة كما يخبر الرسول بولس أعلاه وهي رسالة المحبّة والسلام والوحدة والصلاة من اجل أعدائنا وهي أقوى أسلحة نستطيع أن نواجه بها اسلحة الشر ، وهذا لا يعني ضعفنا واستسلامنا للقدر ولا نتحرّك ساكنين بل علينا أن نطرق كل ابواب المحاكم الدوليّة ومنظّمات حقوق الأنسان والأمم المتّحدة ونطالب بحقوقنا وأرضنا لنعيش بكرامة وحريّة مهما كان الثمن ، وهذا ما فعله الرسول بولس وتلاميذ المسيح حيث كانوا يدافعون عن قضيّتهم المركزيّة وهي تمسّكهم بايمانهم ورسالتهم ، رسالة المحبّة والسلام والرجاء  وكان سلاحهم هو سيف الكلمة والحق والسلام والحوار للوصول الى الحقيقة حتى مع أعدائهم ، بينما كان سلاح اعدائهم هو سيف الموت والتهديد والترهيب. وما اشبه اليوم بالبارحة حيث انّنا كمسيحيّي الشرق الأوسط  نمر في نفس الضروف التي مرّ بها الرسل قبل الفي سنة من الآن وما علينا الآ أن نستعمل نفس الأسلحة المطلوبة أعلاه لمحاربة أعدائنا وسيكون النصر لنا مهما طال الزمن لأنّ الحق هو المنتصر دائما حتى لو تأخر ، فبالأيمان  نغلُب أعدائنا  ونبطل قوّة النار والأرهاب وننجوا من الموت بالسيف ،  وبالمسيح ننال القوّة بعد ضعف(عبرانيّين 11:33 ) .  بالأيمان والمحبّة والسلام نطرد الخوف والقلق لأنّ ربنا يسوع المسيح معنا في كلّ حال وفي كل وقت ومكان مهما كانت الضروف حولنا فالهنا كما يقول الكتاب المقدّس" نار ٌ اكلة"عبرانيينل  12:29 
وختاما يقول الرسول بولس في رسالته الى مؤمني كولوسي"لأنّ الله شاء أ ن يحلّ فيه (أي المسيح)الملء (أي ملء اللاهوت) كلُّه وان يصالح به كلُّ شيء في الأرض كما في السماوات ، فبدمه على الصليب حقٌق السّلام"كولوسي  1:19 
وسلام المسيح مع جميعكم  امين.
(لمن يرغب الأطلاع على الأجزاء السابقة للمقالات نرفق أدناه المواقع التالية)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35085
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236
o   http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35351

108
تأملات في زمن الميلاد
 
الجزء الرابع"المسيح رئيس السلام"
 بقلم :نافع شابو البرواري
تكلّمنا في الجزء الثالث من مقالتنا عن السلام مع الله(المصالحة مع الله) ،
وقلنا أن السلام (في المفهوم المسيحي )قائم على ثلاثة أركان وهي :
أولا :السلام مع الله (بالمصالحة التي تمّت بولادة يسوع المسيح وفدائه للبشريّة)
ثانيا :السلام مع النفس(مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)
ثالثا :السلام مع الآخرين( او كيف نصنع السلام مع الآخرين من أخوتنا البشر؟)
واليوم سنتأمّل في السلام مع النفس (او مصالحة الذات والتمتّع بالسلام الداخلي)
قد نشكر الطبيب الذي يشفينا من مرض الى حين .
قد نشكر الأصدقاء عندما يقفون معنا في الشدائد والمحن .
قد يحمينا رجل الأمن من الذين يحاولون الأعتداء علينا .
قد يهبّ الشعب ويثورعلى أستبداد الحاكم ونتحرر من الظلم والطغيان .
قد  نحصل على حقوقنا المسلوبة في هذا العالم .
قد نتسلّق مناصب دنيويّة ونحصل على المال والشهرة .
قد ننجح في الأمتحان ونحقق أحلامنا وقد نتسلق القمم وننتشي بنشوة النصر ونقطف ثمار الجهود التي بذلناها في مسيرة حياتنا من سهر الليالي والصراع الطويل .
قد نحصل على العلوم والمعارف الأنسانية وقد نكتشف نظريات ونخترع اشياء تفيد الأنسانية جمعاء .
قد نبدو سعداء في اسرة ويكون لنا بنات وبنين .
قد قد....................................الخ  .
ولكن يبقى السؤال المطروح وهو ، هل نحن فعلا نعيش في سلامٍ مع الذات ؟
أو بعبارى أخرى هل نحن نعيش في سلام داخلي وهل هناك فرح وسعادة حقيقية في داخلنا ؟
الحقيقة هذا العالم لايستطيع أن يمحنا هذا السلام (الداخلي) لأنّ هذا العالم لايستطيع الأجابة على الحقائق التالية :
الموت والوجود والمصير ، لابل لايستطيع هذا العالم أن يمنحنا السلام والفرح الحقيقي ، السلام (الحقيقي) يبدا بداخل كل انسان (النفس) ، هو التناغم والأنسجام مع الحياة ومع النفس وهو ما يسمّى بالسلام الداخلي أي التخلص من الأضطرابات النفسية والخوف الداخلي بامتلاء الأنسان بسلام يطرّد هذه الأضطرابات والمخاوف ويحتاج الأنسان في هذه الحالة الى تحقيق الذات ، السلام هو أساس المهمّة التي سيسلّمها الرب يسوع المسيح لتلاميذه بعد القيامةّ ولكنّها تعبّر أيضا عن بركات الله وازالة الخوف الذي يسيطر على الأنسان ، والكتاب المقدّس هو الكتاب الوحيد الذي يجيب على اسئلتنا الوجودية ويجيب على سؤالنا كيف نعيش بسلام حقيقي؟ و يخبرنا يسوع المسيح  فيقول "والحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الآله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته"(يوحنا 17:3)" .
انّ هذا السلام لاياتي إلا عندما يُملئ فراغ النفس والروح شخص يسوع المسيح واهب السلام ورئيس السلام فعندما يمتلئ الأنسان بالروح القدس عندها يستطيع الأنسان أن ينقاد بقوة الروح الى كل ما هو خير وسلام  فيصبح الأنسان نفسه اسير السلام فلا يستطيع إلا أن يعيش في سلام ويصنع السلام ويعمل السلام ويدعو الى السلام ويتمتّع بالسلام ، فلا سلام إلا بمحبة النفس والآخر وقبلهُما محبّة الله والسلام والمصالحة معه لأنه هو الخالق ولن يرتاح المخلوق إلا بين راحتيه ، الكثيرون يذهبون الى الكنيسة أو يصنعون السلام خوفا من مصيرهم الأبدي أو خوفا على حياتهم او مصالحهم الأرضية وهو سلام مزيّف يعمل الأنسان فيه هذه الأعمال كفرائض وواجبات خوفا أو من أجل مصلحة شخصية وهم ليس لهم علاقة شخصية بواهب السلام يسوع المسيح ، ولكن في داخلهم يفقدون السلام ، وهنا فاقد الشيئ لايستطيع أن يعطيه. السلام(أي السلام الداخلي) هوالأ ساس لمجتمع صحي  يعيش في سلام عام . فعندما نصنع السلام(الداخلي) ونزرعه في الأنسان منذ طفولته وذلك بالتربية وزرع مفاهيم المحبّة والسلام والصدق والأمان والحق في نفسية الطفل والتلميذ والطالب من خلال البيت حيث الأم هي المدرسة الأولى والكنيسة (بالنسبة لنا كمسيحيين) وصولا الى السُلّم الأعلى في المجتمع من خلال المدرسة والجامعة والعمل ، عندها يكون المجتمع بخير وسلام ، ان البقاء في سلام هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان والقوّات الشريرة هو يعني أطفاء سهام العدو .
كثيرا ما نخسر  السلام بسبب الشك والقلق والخوف من عدم تحقيق مواعيد الله وأقواله ووعوده فنُصاب بالأضطرابات النفسيّة والعصبيّة والكآبة والقلق عندما نفقد ثقتنا وايماننا بيسوع المسيح القائل: ثقوا لقد غلبتُ رئيس هذا العالم .
الكثيرون يشتكون من الظلم والآلام والأحزان والمعاناة في الحياة اليوميّة ولكن ننسى غالباً انّ هذه كلّها امتحانات لنا ، بها تُطهّر نفوسنا وتؤدّي بنا الى الأتّكال والتركيزعلى الهدف الأسمى الذي هو ملكوت الله ، المؤمن الحقيقي يجب أن لا يتزحزح ايمانه بمواعيد الله ومشيئته وارادته بالرغم من كل الظروف التي تحيط به ، لأن طاعة الله تؤدي الى السلام مع النفس ومع الاخرين ، قد نتخلّى عن الكثير من حقوقنا من أجل كسب السلام ، قد نهاجر من مدينة الى مدينة ومن دولة الى دولة من أجل  البقاء في سلام والمحافظة على ايماننا وامتصاص غضب الأخرين ولكّننا يجب أن لا نفقد ايماننا فالأرض واسعة ورحبة لكل المؤمنين ولا بد للمؤمن أن يصل الى ما يريده الله له ، ويسوع المسيح سبق واخبرنا أننا سوف نُضطهد من قبل الآخرين ولكن الأهم أن ّالمؤمن يعيش في سلام داخلي وهذا السلام لا يستطيع الأخرون السطو عليه أو انتزاعه أو سلبه ، لأنّه سلام الله الذي يطرد الخوف والقلق ويرفع الأنسان لكي يعلو عن المشاكل والأحداث الخارجية فيرتقي بالأنسان لكي يصبح فوق هذه الظروف، ويكون الروح القدس هو المعزّي والأخ والخليل(كما كان الرب مع ابينا ابراهيم في غربته عن اهله ووطنه وعشيرته واصدقائه فسميّ خليل الله وعاش ابينا ابراهيم في رحلة دائمية ولم يكن له وطن ثابت لأنّه كان يتطّلع الى الوطن الأبدي مع الله فكان الله معه في رحلته هذه . وكان ابراهيم يشعر بالسلام ويصنع السلام مع الأخرين ) .
قد نبني وغيرنا يهدم وقد نعطي من جهدنا وأموالنا وصحتنا من أجل بناء اجيال يستمتعون بالسلام والأمان ، ولكن غيرنا قد يصنع الموت والبغض والكراهية ، لكن من يصمد الى النهاية هو الذي يفوز لأنّ الله دائما مع صانعي الخير والسلام ، يسوع المسيح الذي يقول لنا "ان اراد احد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني" فالسلام ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر ، والراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل . السلام يأتي من يقين  استجابة الصلاة ، يقول كاتب المزمور"بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام"(مزمور 3:5 )" . فاليقين والثقة من انّ الصلاة مستجابة وهي تجلب السلام لانّ الله مُهيمن على كلّ الظروف التي لانستطيع أن نغيّرها .
السلام يجلبه الروح القدس وهو سلام يتحرّك في داخل قلوبنا ويحيا ليحدّ من قوات الشر المعادية( الخطية والخوف والشك والريبة وعدم اليقين.. ..وقوى اخرى كثيرة  تحاربنا من الداخل) ويقدّم العزاء والراحة عوض الصراع  والحرب وقد وعدنا الرب يسوع المسيح ان يعطينا هذا السلام ان كنا مستعدّين لقبوله منه."سلاما أترك لكم وسلامي أعطيكُم ، لا كما يعطيه العالمُ أُعطيكم أنا ، فلا تضطربُ قلوبكم ولا تفزع"(يوحنا 14:27 )" .
انّ نتيجة عمل الروح القدس في حياتنا هي السلام العميق الدائم . وعلى عكس سلام العالم  الذي يُعرف عادة بأنّه عدم الصراع ، فأنّ هذا السلام هو ثقة أكيدة في وسط أي ظروف ، وبهذا النوع من السلام لسنا بحاجة لأن نخاف من الحاضر أو المستقبل ، لأنّ الروح القدس يملأ حياة المؤمن فيعيش في سلام ، ويوضّح لنا الرسول بولس هذا السلام بقوله"لا تقلقوا أبدا بل أطلبوا حاجتكم من الله بالصلاة والأبتهال والحمد وسلام الله الذّي يفوق كُلّ ادراك يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع"( فيلبي 4:5,6 )" . نستطيع أن نختصر قول الرسول " دع القلق وأبدأ الحياة مع يسوع المسيح" (عنوان كتاب قرأته ) انّه العلاج النفسي والروحي لكلّ أنسان يريد أن يعيش في سلام مع نفسه ومع الآخرين . يخبرنا الرسول بولس عن انّ أحد ثمار الروح القدس هو السلام"وامّا ثمرة الروح فهي :المحبّة والفرح والسلام ..."(غلاطية 5:22)" .
انّ ثمار الروح القدس هي صفات الشخصيّة المسيحيّة ، فالصلاح والفرح والمحبّة وطول البال واللطف والأمانة والوداعة وضبط النفس يستمدّها المؤمن من ثباته بالمسيح  ، فالمؤمن يشعر بالسلام عندما يمتلئ بالروح القدس ، ويقول كاتب الزمور 125"المتوكّلون على الربّ هم كجبل صهيون ،لا يتزعزع بل يثبت الى الأبد" مزمور 125:1  ويقول داود النبي في مزمور 11"بالربّ أحتميتُ فكيف تقول لي اهرب الى الجبال كالعصفور؟ "الى الله ترتاح نفسي ومنه وحده رجائي"(مزمور62:6 )" .
السلام الداخلي يؤثّر في قراراتنا ، يقول الرسول بولس"وليملُك في قلوبكم سلام المسيح، فاليه دعاكم الله لتصيروا جسدا واحدا ، كونوا شاكرين"(كولوسي3:15 )" ، انّ قلوبنا(عقولنا)هي مركز الصراع لانّ هناك تتصادم مشاعرنا ورغباتنا ، مخاوفنا وامالنا ، أرتيابنا وثقتنا ،غيرتنا ومحبّتنا ، في وسط هذه الصراعات المستمرّة يجب أن نحيا كما يريد الله وليس كما يشتهي الجسد ، وانّنا يجب أن نكون"حَكما"بين هذه العوامل المتصارعة على أساس السلام ، "فما ملكوت الله طعامٌ وشراب ، بل عدلٌ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس"( رومة 14:17)   ويقول الرسول ايضا:"...والأهتمام بالجسد موت وأمّا الأهتمام بالرُّوح فحياة وسلام" (رومة8:6 )
كلّ أنسان لا يؤمن بكلام الله ومواعيده ولا يسلّم حياته ليقودها الروح القدس فهو يعيش في حالة التخبّط والتعاسة والكآبة والقلق والخوف من المستقبل ، إلا أنّ الذي يسلّم القيادة للروح القدس ويسلّم ذاته لمشيئة الله ،عندها سيحقٌق الله ما يطلبه الأنسان ولكن على طريقة مايريده الله لصالح هذا الأنسان (أُطلبوا تجدوا أقرعوا يُفتح لكم..) .
قرأت منذ عدة سنوات موضوع عن مسابقة عالمية لفنّاني الرسم  وكانت المسابقة عن أجمل لوحة فنيَة يرسمها الفنّان ليجسّد فيها معنى السلام أو ماذا يعني السلام .
وقد رسم بعظهم أجمل مناظر طبيعيّة والبعض الأخر شروق الشمس وشعائها الذهبي المنعكس من قمم الجبال ...الخ ، ولكن واحد من هؤلاء الفنّانين فقط فاز بجائزة المسابقة وكانت اللوحة عبارة عن رسم لبحر هائج حيث امواجه تتلاطم الشطئان مصاحبة لعواصف رعدية ولكن الغريب في هذه اللوحة هو وجود صخرة صغيرة  وسط هذا البحر الهائج تتلاطمه الأمواج من كل الجوانب ومع ذلك كانت هناك حمامة جالسة على عش لها على هذه الصخرة وهي غير عابئة بمايجري حولها بل كانت تنعم بسكينة وهدوء وسلام . يقول الرسول بولس عن المؤمنين :"لأنّ الروح الذّي نلتموهُ لايستعبدكم و يردُّكم الى الخوف ، بل يجعلكم أبناء الله..."(روميا 8:15 )".
فالمؤمن الحقيقي لايخاف بل يعيش في سلام لانّ الروح القدس الذي ناله في المعموديّة يحرّره من الخوف ، ويسوع الرب قال عن الروح القدس بأنّه المعزّي أي يشجعنا ويواسينا في الشدائد وهو يمنحنا القوّة لنكون شهودا للمسيح دون خوف ، والروح القدس يشفع فينا بأناة ويمنحنا الفرح والسلام والراحة والأطمئنان ، يقول الرسول بولس عن الحياة الجديدة في المسيح:"..فمن يفصلنا عن محبّة المسيح ؟ أتفصلنا الشدّة أم الضيق أم الأضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟"(رومة 8:35 ) ، نعم المؤمن المتمسّك بالمسيح يعيش بسلام وحريّة لانّه تحررّ  من الداخل ولهذا يقول الرب يسوع المسيح:(لاتخافوا من الذي يستطيع أن يهلك الجسد بل خافوا من الذي يستطيع أن يهلك الروح والجسد) .
والى اللقاء في الجزء الخامس من "تأمّلات  في زمن الميلاد"(السلام مع الآخرين)
وللذين يريدون الأطلاع على المواضيع  السابقة نرفق أدناه  المواقع  السابقة وشكرا
 
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.ht ml
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,371174.0.html
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=35236

109

دروس وعبر من ألأحداث  الأخيرة  في  أقليم كردستان
انّ احداث زاخو ودهوك  ألأخيرة في يوم الجمعة المصادف2-12-2011 ، وغيرها من الوقائع التاريخية قبلها، تستدعي منّا  نحن ألأقليّات ، وخاصة( شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وغيره من ألفئات من الأرمن واليزيديين وغيرهم) ، الى أعادة النظر في تقييم سياستنا وعلاقتنا مع اخوتنا في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وذلك بالوقوف مع هذا الحزب للتصدي لمخططات خطيرة يتم طبخها من قبل أيادي خفية معروفة . واذا لم نعيد النظر في تقييمنا فنحن سنتحمّل جزءا كبيرأ من المسؤولية، مما سيأتي بألأسوأ في الأيام والأشهر القادمة . وفي نفس الوقت على أخوتنا الأكراد وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يعيد النظر بسياسته السابقة ويُقيّم ما جرى من ألأحداث بحكمة وعقلاني، لينتقل الى مرحلة جديدة وشائكة ومليئة بالمخاطر لا بل قد تكون المرحلة القادمة مرحلة مصيرية لحكومة أقليم كردستان ، لأنّ ما حدث من احراق النوادي ومحلات المشروبات الروحية ، العائدة الى المسيحيين واليزيديين في زاخو،  قد يتجاوز كثيرا ما قد يتصوره الحزب بأنّه أحداث غوغائية عابرة بل قد تكون مقدمة لأحداث خطيرة قادمة لم تخطر على بال الساسة في اقليم كردستان، بسبب ما يحدث في العالم العربي والدول المحيطة بهم ، وما يخطط له ألأعداء لهدم ما تم انجازه في هذا ألأقليم الذي هو عبارة عن واحة في وسط صحراء . ومن خلال رصدنا للأحداث الداخلية في العراق عامة وأقليم كردستان خاصة وربطها بأحداث ما يسمى الربيع العربي سنصل الى نتائج بالغة الخطورة تحتاج الى جهود جبارة من قبل الخيّرين في أقليم كردستان العراق ليتم الوقوف صفا واحدا للدفاع عن ما حققه هذا ألأقليم من ألأنجازات العظيمة وبزمن قياسي يكاد يكون معجزة، أذا ما قارناه بانجازات الحكومة المركزية العارقية . ولا ننسى أنّ هذه الأنجازات تمت في أوضاع غير مريحة بسبب الأعداء من الداخل و تكالب ألدول الأقليمية ، من الخارج ، على التدخل في شؤون هذا الأقليم ومحاربة انجازاته لأنّ تلك ألأنجازات ساهمت في توعية شعوب المنطقة المحيطة باقليم كردستان العراق لكي تنقلب على حكامها وأنظمتها ألقمعية والدكتاتورية ، التي أستعبدت شعوبها لعشرات السنين . وكان اقليم كردستان ملجأ لكل المضطهدين من العراقيين خاصة والعرب عامة ولا ننسى دور حكومة ألأقليم ، وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ، في ايواء ومساعدة المسيحيين النازحين والمهجّرين من مدن جنوب العراق وخاصة من محافظة نينوى الى ألأقليم ، ولا ننسى ما قدمه للمسيحيين  من المساعدات الأنسانية ، فعلينا أن لا ننكر هذا المعروف مهما كانت الخلافات بيننا وبين أخوتنا الأكراد.
ولكن رغم كُلِّ ألأنجازات التي شهدها الأقليم ، ورغم كُلِّ الأيجابيات ، ونحن ألآن لسنا في صدد تعدادها، هناك سلبيات كثيرة  أيضا رافقت مسيرة هذا ألأقليم ، وعلى مر السنين تراكمت هذه السلبيات وتحتاج اليوم الى جهود جبارة  لتلافيها وازالتها بل أستئصالها ، لأنَّ المرحلة الحالية ، وحسب رأيي الشخصي ، تحتاج الى التقييم والمراجعة ونقد الذات ، لتستطيع الحكومة الحالية القيام بواجبها تجاه شعبها بقيادة الحزبين ، وعلى راسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ،الذي يمتلك حكمة وخبرة طويلة لا نشكُّ في قدرته ، ولكن على المسؤولين في حكومة الأقليم أن يعرفوا أنّ ما تم أنجازه عبر سنوات طويلة وبجهود وثابرة وبدماء الشهداء،  قد يزول خلال أشهر بل أيّام ، اذا لم ينتبهوا المسؤولين من القادة (سواء من الحزب الحاكم أو المعارضة) على المخاطر المحدقة بهذا ألأقليم النابض بالحياة ، سواء كانت هذه المخاطر من الخارج أو من الداخل.
وعلى الشعب بجميع أطيافه أن يقف صفا واحدا مع الخيرين ، ضد قوى الظلام ، وكُل محاولات ألأعداء لهدم هذا الصرح الشامخ  الذي شيده هذا الشعب بدمه . ولكي يقوم المسؤولين بخطوات الى الأمام للقيام بهذا الدور الخطير لابد أن يراجعوا ويقيّموا السلبيات التي أدت بهذا الأقليم للوصول الى ماوصل اليه ألآن ، وبصورة عامة يمكن تلخيص أهم هذه السلبيات كما يلي:
1-انَّ سياسة الحزبين ، الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني ، بسماحهما للأفكار المتطرفة في داخل الأقليم بالتنامي بحجة كون الأقليم واحة للديقراطية والحرية ، خلق أجواء وبيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة وخاصة الأحزاب ألأسلامية ألأصولية الراديكالية . فهذه ألأحزاب تستغل الطبقات الفقيرة والمهمشة والمتخلِّفة ثقافيا وعلميا ، لنشر فكرها الظلامي كما حدث ويحدث في الدول العربية والأسلامية ، فكان على السياسيين ، من أخوتنا ألأكراد ، سد هذه الثغرة التي سمحت للأصولية الأسلامية باستقطاب الشعب الكردي في ألأقليم ، وكان على حكومة ألأقليم بناء مشاريع صناعية وزراعية وترفيهية ورياضية ، لأستيعاب العاطلين عن العمل في ألأقليم وأعطاء دور لهؤلاء الشباب في المشاركة في الأحزاب والمنظمات الشعبية ، لأنّهم هم سيقودون الحكومة مستقبلا ، وهم الطاقة الخلاقة والأبداعية في المجتمع ،  هذا بالأضافة الى ذلك  علينا أن لا ننسى كون الأقليم محاطا بطوق من الدول العربية والأسلامية ينتشر فيها الفكرالظلامي الذي يستقطب قسم من الشباب الذين يتم غسل عقولهم وتدجينهم والأغرار بهم بسهولة ، من قبل بعض شيوخ وأئمة المساجد والحركات والأحزاب الأسلامية المتطرفة .
2-الخطأ الآخر الذي وقع فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني ، هو عدم  الحفاظ على التوازن في بناء البنية التحتية للمشاريع ألأعمارية في الأقليم مع البنية التحتيه لبناء ألأنسان ، وهذا من أخطر الأسباب الذي أدّى و يؤدي الى عدم الأستقرار في الأقليم خاصة وفي العراق عامة ، بسبب الهوّة العميقة بين عقلية وثقافة الشعب الكردي الحالي وبين الطموحات  السياسية للساسة في أقليم كردستان . فالديمقراطية والحرية والمساواة لايمكن استيعابها أو تطبيقها في مجتمع غير مأهل فكريا وحضاريا وثقافيا لهذه المبادئ ، وكان على الساسة  والمسؤولين في أقليم كردستان أن يعيدوا النظر، وبصورة شاملة ، على المناهج الدراسية والوسائل التعليمية والتثقيفية لكي يهيئوا ألأجواء  للتأهيل الفكري والثقافي وألأجتماعي للأجيال القادمة ، وذلك بالتركيز على السلام والتعايش والمحبة والمساواة بين المواطنين مهما اختلفوا في العرق أو الدين، وقبول الآخر والتركيز على مفهوم الحرية والديمقراطية  لتوالم الشعب الكردي وليس في استنساخ ونقل هذا المفهوم من الخارج وتطبيقه في الداخل دون مراعات ثقافة الشعب الكردي وتراثه وتاريخه الماضي والحاضر ، والأستفادة من الدروس والعبر التي عاشها العراق منذ سقوط النظام سنة2003 ، لكي يكون أساس البناء قويا لا تهزه العواصف.
3-تهميش دور الأقليات ، بقصد أو بغير قصد ،  في المشاركة في رسم سياسة الأقليم  وكان آخرها عدم تخصيص مقاعد برلمانية للأقليات وخاصة للمسيحيين  في مركز المحافظات والنواحي لأقليم كردستان ، والتركيز على القومية الكردية بصورة  قد تكون مبالغ  فيها دون الأعتراف بدور المسيحيين عبر التاريخ وحضارتهم المتجذّرة في القدم ، وكذلك غض النضر عن الأراضي والقرى المسيحية التي استولى عليها بعض من اخوتنا ألأكراد ، والتغيير الديموغرافي للمنطقة ، مما جعل الكثيرين من المسيحيين والأقليات الأخرى يشعرون بخيبة أملهم نتيجة هذه الممارسات , علما أنَّ المسيحيين ، كانوا ولا يزالوا العصب الحيوي في بناء المجتمعات قديما وحديثا ، وهذا ما يشهد له التاريخ العربي والأسلامي ، وكان لهذا التهميش للمسيحيين ، دور كبير لأعطاء أ شارة خضراء لبعض ألأحزاب الأسلامية المتطرفة ، لأضطهاد ألأقليات وترهيبهم .
أن ألأحداث التي وقعت في زاخو ودهوك وزاويتة وغيرها في اقليم كردستان هي ناقوس خطر على ألأقليم كُله ، بأكراده واقلياته ، وهذا ما كنّا نتوقّعه نتيجة ما جاء أعلاه وبسبب المد للحركات الأسلامية الراديكالية في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة ، فكان من مصلحة السياسيين في الحزبين الرئيسيين في أقليم كردستان ، وخاصة حزب الديمقراطي الكردستاني ، أن يلتزما بالأقليات لتكوين جبهة سياسية  قوية لمواجهة التيارات الأسلامية المتشدّدة في البرلمان والحكومة. وكان على السياسيين تعلم الدروس والعبر من التهميش والأضطهاد الذي تعرض له الأكراد عبر عشرات السنين من قبل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة في العراق خاصة وبقية الدول المجاورة عامة ، لكي لا يكرروا نفس الأخطاء التي وقعت فيها تلك الحكومات المتعاقبة بشأن تهميش دور الأقليّات ومنهم أخوتنا ألأكراد .
 4-انَّ عدم الأسراع في حل ملف القرى والأراضي وأملاك المسيحيين التي تم ألأستيلاء عليها أو مصادرتها من قبل أخواننا الأكراد بعلم الحزب الديمقراطي الكردستاني ، فسح المجال للكثيرين من أخوتنا الأكراد بالتشبث بهذه القرى والأراضي وأعتبارها مُلكا لهم ، وهذا التأخير في ارجاع حقوق المسيحيين ، قد فتح الشهية للأخرين في الطمع بما تبقى من قرى وأراضي وأملاك المسيحيين الباقية ، والأحداث الأخيرة  احدى أهدافها الرئيسية هي محاولات المعتدين  لترهيب المسيحيين خاصة وتخويفهم ليهاجروا ويتركوا أرضهم وممتلكاتهم ليستولوا على ما تبقى منها كما حدث سابقا.
5- ان استبعاد وجود ممثلين لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري ، والأرمني) في برلمان أقليم كردستان  ومحاولات حكومة الأقليم تكريد شعبنا ، هذا قد ساهم و يساهم في  التشهير بسمعة الأقليم في المحافل الدولية وخاصة في الأمم المتحدة وحقوق الأنسان ، اضافة الى ذلك ، قد يخسر الحزب الديمقراطي الكردستاني مزيدا من المقاعد البرلمانية لحساب المعارضة ، خاصة لأحزاب اسلامية راديكالية . وكان على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن لاينسى دور ألأقليات  في المساهمة في ثورة أخوتهم ألأكراد منذ 1961 ووقوفهم مع هذه الثورة واختلاط دم شهداء أخوتنا ألأكراد مع دم شهداء أخوتهم من ألأقليات الأخرى، وخاصة شعبنا المسيحي، بالأضافة الى ذلك  فأن المسيحيين وعبر التاريخ هم شعوب مسالمة أمينة وحريصة على التعايش السلمي مع أخوتهم الأكراد ، ولهم حضارة متجذِّرة في هذه الأرض والتاريخ يشهد على ذلك ، وأثّروا وتأثّروا في ثقافة الشعب الكردي وساهموا في تطوير وبناء أقليم كردستان ، فكان على حكومة ألأقليم مشاركة المسيحيين في كافة مجالات الحياة السياسية وألأجتماعية والثقافية والتعليمية ، وجذب المهاجرين من المسيحيين ليساهموا بأموالهم وأفكارهم وخبراتهم لبناء أقليم كردستان بناءا عصريا وحضاريا لخدمة الجميع.
6-انتشار ظاهرة المحسوبية والعشائرية والفساد المالي والأداري في بعض مناطق أقليم كردستان العراق هي مشكلة تاريخية لم تستطع حكومة الأقليم القضاء عليها بالرغم من القوانين التشريعية التي تؤكد المساواة بين أفراد الشعب الواحد ، وهذا ما خلق طبقات عديدة في المجتمع الواحد ، مما أدى الى وجود طبقة تتحكّم في اقتصاد وسياسة ألأقليم على حساب الغالبية من الشعب الذي يعيش في أوضاع صعبة  بسبب سيطرة الطبقة الغنية على جميع المرافق ألأقتصادية والسياسية  والأجتماعية ، مما خلق هوّة سحيقة بين غالبية الشعب والحكومة الحالية بقيادة الحزبين  الديمقراطي الكردستاني وألأتحاد الوطني ، هذا بالأضافة الى فقدان الثقة بالحكومة الحالية بسبب عدم تنفيذ وعود قطعتها على نفسها ، ولم تقم بتنفيذها لصالح الشعب الكردي ولا لشعوب الأقليّأت، وخاصة أذا عرفنا أنّ الأقليات استبعدت من القرارات السياسية والأقتصادية وهُمّّش دورها في التخطيط العمراني والبنى التحتية، لا بل حُرمت هذه الأقليات ، وخاصة في سهل نينوى ، من مشاريع انمائية لتشغيل ألأيدي العاملة والموظفين ، مماأضطرّت نسبة عالية من هذه الأقليات الى مغادرة الوطن .
7-انفراد السلطة الحالية بالحكم ولمدة طويلة وعدم التداول السلمي للسلطة ، مما أثقل كاهل مؤسسات الدولة وفقدان حيويّتها ونشاطها وتجددها ، وفرض نوع من الدكتاتورية القمعية وجمود في الفكر والأبداع في جميع مرافق الحياة ، فاصبح المجتمع في أقليم كردستان يجتر نفس القوانين والأنظمة السابقة. وكان ، حسب رايي الشخصي ، على أخوتنا ألأكراد الذين ساهموا في الثورة  الكردية منذ خريف 1961 ، في تهيئة كوادر ذي خبرة في حكومة ألأقليم وبقاء الثوّار (المحاربين القدماء) كرموز للثورة ومفخرة للأجيال القادمة وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني وألأستاذ جلال الطالباني ، لأنّ المقاتلين كما يخبرنا التاريخ وتجارب الشعوب لايتقنون أختصاصات أخرى، وكان على أخوتنا ألأكراد تكريم هذين الرمزين كرؤساء فخريين طوال حياتهم ، وخير نموذج هو نلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا عندما تخلى عن السلطة ، ولكنه بقي رمزا للثوار ليس لشعب  أفريقيا الجنوبية بل لكل العالم .
  بالأضافة الى كل ما ذكرناه فانَّ المجتمع في اقليم كردستان أصبح مجتمع استهلاكي أكثر مما هو مجتمع يساهم في بناء العقول  وتشجيع المهارات الفردية وألأبداعات والبحوث العلمية والثقافية والتربوية ، وكذلك عدم تشجيع القطاع الزراعي ودعمه ليكون دعامة قوية للأكتفاء الذاتي مما جعل الكثيرين من المزارعين يتركون قراهم وأرضهم الزراعية ويلجأوون الى المدن بسبب وجود فرص للعمل في هذه المدن . كلِّ هذا  بسبب الأعتماد الكلي على موارد النفط ، هكذا تتكرر ألأخطاء في أقليم كردستان كما هي في حكومة المركز .
بقلم
نافع البرواري

110

دروس وعبر من ألأحداث  الأخيرة  في  أقليم كردستان
انّ احداث زاخو ودهوك  ألأخيرة في يوم الجمعة المصادف2-12-2011 ، وغيرها من الوقائع التاريخية قبلها، تستدعي منّا  نحن ألأقليّات ، وخاصة( شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وغيره من ألفئات من الأرمن واليزيديين وغيرهم) ، الى أعادة النظر في تقييم سياستنا وعلاقتنا مع اخوتنا في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وذلك بالوقوف مع هذا الحزب للتصدي لمخططات خطيرة يتم طبخها من قبل أيادي خفية معروفة . واذا لم نعيد النظر في تقييمنا فنحن سنتحمّل جزءا كبيرأ من المسؤولية، مما سيأتي بألأسوأ في الأيام والأشهر القادمة . وفي نفس الوقت على أخوتنا الأكراد وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يعيد النظر بسياسته السابقة ويُقيّم ما جرى من ألأحداث بحكمة وعقلاني، لينتقل الى مرحلة جديدة وشائكة ومليئة بالمخاطر لا بل قد تكون المرحلة القادمة مرحلة مصيرية لحكومة أقليم كردستان ، لأنّ ما حدث من احراق النوادي ومحلات المشروبات الروحية ، العائدة الى المسيحيين واليزيديين في زاخو،  قد يتجاوز كثيرا ما قد يتصوره الحزب بأنّه أحداث غوغائية عابرة بل قد تكون مقدمة لأحداث خطيرة قادمة لم تخطر على بال الساسة في اقليم كردستان، بسبب ما يحدث في العالم العربي والدول المحيطة بهم ، وما يخطط له ألأعداء لهدم ما تم انجازه في هذا ألأقليم الذي هو عبارة عن واحة في وسط صحراء . ومن خلال رصدنا للأحداث الداخلية في العراق عامة وأقليم كردستان خاصة وربطها بأحداث ما يسمى الربيع العربي سنصل الى نتائج بالغة الخطورة تحتاج الى جهود جبارة من قبل الخيّرين في أقليم كردستان العراق ليتم الوقوف صفا واحدا للدفاع عن ما حققه هذا ألأقليم من ألأنجازات العظيمة وبزمن قياسي يكاد يكون معجزة، أذا ما قارناه بانجازات الحكومة المركزية العارقية . ولا ننسى أنّ هذه الأنجازات تمت في أوضاع غير مريحة بسبب الأعداء من الداخل و تكالب ألدول الأقليمية ، من الخارج ، على التدخل في شؤون هذا الأقليم ومحاربة انجازاته لأنّ تلك ألأنجازات ساهمت في توعية شعوب المنطقة المحيطة باقليم كردستان العراق لكي تنقلب على حكامها وأنظمتها ألقمعية والدكتاتورية ، التي أستعبدت شعوبها لعشرات السنين . وكان اقليم كردستان ملجأ لكل المضطهدين من العراقيين خاصة والعرب عامة ولا ننسى دور حكومة ألأقليم ، وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ، في ايواء ومساعدة المسيحيين النازحين والمهجّرين من مدن جنوب العراق وخاصة من محافظة نينوى الى ألأقليم ، ولا ننسى ما قدمه للمسيحيين  من المساعدات الأنسانية ، فعلينا أن لا ننكر هذا المعروف مهما كانت الخلافات بيننا وبين أخوتنا الأكراد.
ولكن رغم كُلِّ ألأنجازات التي شهدها الأقليم ، ورغم كُلِّ الأيجابيات ، ونحن ألآن لسنا في صدد تعدادها، هناك سلبيات كثيرة  أيضا رافقت مسيرة هذا ألأقليم ، وعلى مر السنين تراكمت هذه السلبيات وتحتاج اليوم الى جهود جبارة  لتلافيها وازالتها بل أستئصالها ، لأنَّ المرحلة الحالية ، وحسب رأيي الشخصي ، تحتاج الى التقييم والمراجعة ونقد الذات ، لتستطيع الحكومة الحالية القيام بواجبها تجاه شعبها بقيادة الحزبين ، وعلى راسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ،الذي يمتلك حكمة وخبرة طويلة لا نشكُّ في قدرته ، ولكن على المسؤولين في حكومة الأقليم أن يعرفوا أنّ ما تم أنجازه عبر سنوات طويلة وبجهود وثابرة وبدماء الشهداء،  قد يزول خلال أشهر بل أيّام ، اذا لم ينتبهوا المسؤولين من القادة (سواء من الحزب الحاكم أو المعارضة) على المخاطر المحدقة بهذا ألأقليم النابض بالحياة ، سواء كانت هذه المخاطر من الخارج أو من الداخل.
وعلى الشعب بجميع أطيافه أن يقف صفا واحدا مع الخيرين ، ضد قوى الظلام ، وكُل محاولات ألأعداء لهدم هذا الصرح الشامخ  الذي شيده هذا الشعب بدمه . ولكي يقوم المسؤولين بخطوات الى الأمام للقيام بهذا الدور الخطير لابد أن يراجعوا ويقيّموا السلبيات التي أدت بهذا الأقليم للوصول الى ماوصل اليه ألآن ، وبصورة عامة يمكن تلخيص أهم هذه السلبيات كما يلي:
1-انَّ سياسة الحزبين ، الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني ، بسماحهما للأفكار المتطرفة في داخل الأقليم بالتنامي بحجة كون الأقليم واحة للديقراطية والحرية ، خلق أجواء وبيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة وخاصة الأحزاب ألأسلامية ألأصولية الراديكالية . فهذه ألأحزاب تستغل الطبقات الفقيرة والمهمشة والمتخلِّفة ثقافيا وعلميا ، لنشر فكرها الظلامي كما حدث ويحدث في الدول العربية والأسلامية ، فكان على السياسيين ، من أخوتنا ألأكراد ، سد هذه الثغرة التي سمحت للأصولية الأسلامية باستقطاب الشعب الكردي في ألأقليم ، وكان على حكومة ألأقليم بناء مشاريع صناعية وزراعية وترفيهية ورياضية ، لأستيعاب العاطلين عن العمل في ألأقليم وأعطاء دور لهؤلاء الشباب في المشاركة في الأحزاب والمنظمات الشعبية ، لأنّهم هم سيقودون الحكومة مستقبلا ، وهم الطاقة الخلاقة والأبداعية في المجتمع ،  هذا بالأضافة الى ذلك  علينا أن لا ننسى كون الأقليم محاطا بطوق من الدول العربية والأسلامية ينتشر فيها الفكرالظلامي الذي يستقطب قسم من الشباب الذين يتم غسل عقولهم وتدجينهم والأغرار بهم بسهولة ، من قبل بعض شيوخ وأئمة المساجد والحركات والأحزاب الأسلامية المتطرفة .
2-الخطأ الآخر الذي وقع فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني ، هو عدم  الحفاظ على التوازن في بناء البنية التحتية للمشاريع ألأعمارية في الأقليم مع البنية التحتيه لبناء ألأنسان ، وهذا من أخطر الأسباب الذي أدّى و يؤدي الى عدم الأستقرار في الأقليم خاصة وفي العراق عامة ، بسبب الهوّة العميقة بين عقلية وثقافة الشعب الكردي الحالي وبين الطموحات  السياسية للساسة في أقليم كردستان . فالديمقراطية والحرية والمساواة لايمكن استيعابها أو تطبيقها في مجتمع غير مأهل فكريا وحضاريا وثقافيا لهذه المبادئ ، وكان على الساسة  والمسؤولين في أقليم كردستان أن يعيدوا النظر، وبصورة شاملة ، على المناهج الدراسية والوسائل التعليمية والتثقيفية لكي يهيئوا ألأجواء  للتأهيل الفكري والثقافي وألأجتماعي للأجيال القادمة ، وذلك بالتركيز على السلام والتعايش والمحبة والمساواة بين المواطنين مهما اختلفوا في العرق أو الدين، وقبول الآخر والتركيز على مفهوم الحرية والديمقراطية  لتوالم الشعب الكردي وليس في استنساخ ونقل هذا المفهوم من الخارج وتطبيقه في الداخل دون مراعات ثقافة الشعب الكردي وتراثه وتاريخه الماضي والحاضر ، والأستفادة من الدروس والعبر التي عاشها العراق منذ سقوط النظام سنة2003 ، لكي يكون أساس البناء قويا لا تهزه العواصف.
3-تهميش دور الأقليات ، بقصد أو بغير قصد ،  في المشاركة في رسم سياسة الأقليم  وكان آخرها عدم تخصيص مقاعد برلمانية للأقليات وخاصة للمسيحيين  في مركز المحافظات والنواحي لأقليم كردستان ، والتركيز على القومية الكردية بصورة  قد تكون مبالغ  فيها دون الأعتراف بدور المسيحيين عبر التاريخ وحضارتهم المتجذّرة في القدم ، وكذلك غض النضر عن الأراضي والقرى المسيحية التي استولى عليها بعض من اخوتنا ألأكراد ، والتغيير الديموغرافي للمنطقة ، مما جعل الكثيرين من المسيحيين والأقليات الأخرى يشعرون بخيبة أملهم نتيجة هذه الممارسات , علما أنَّ المسيحيين ، كانوا ولا يزالوا العصب الحيوي في بناء المجتمعات قديما وحديثا ، وهذا ما يشهد له التاريخ العربي والأسلامي ، وكان لهذا التهميش للمسيحيين ، دور كبير لأعطاء أ شارة خضراء لبعض ألأحزاب الأسلامية المتطرفة ، لأضطهاد ألأقليات وترهيبهم .
أن ألأحداث التي وقعت في زاخو ودهوك وزاويتة وغيرها في اقليم كردستان هي ناقوس خطر على ألأقليم كُله ، بأكراده واقلياته ، وهذا ما كنّا نتوقّعه نتيجة ما جاء أعلاه وبسبب المد للحركات الأسلامية الراديكالية في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة ، فكان من مصلحة السياسيين في الحزبين الرئيسيين في أقليم كردستان ، وخاصة حزب الديمقراطي الكردستاني ، أن يلتزما بالأقليات لتكوين جبهة سياسية  قوية لمواجهة التيارات الأسلامية المتشدّدة في البرلمان والحكومة. وكان على السياسيين تعلم الدروس والعبر من التهميش والأضطهاد الذي تعرض له الأكراد عبر عشرات السنين من قبل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة في العراق خاصة وبقية الدول المجاورة عامة ، لكي لا يكرروا نفس الأخطاء التي وقعت فيها تلك الحكومات المتعاقبة بشأن تهميش دور الأقليّات ومنهم أخوتنا ألأكراد .
 4-انَّ عدم الأسراع في حل ملف القرى والأراضي وأملاك المسيحيين التي تم ألأستيلاء عليها أو مصادرتها من قبل أخواننا الأكراد بعلم الحزب الديمقراطي الكردستاني ، فسح المجال للكثيرين من أخوتنا الأكراد بالتشبث بهذه القرى والأراضي وأعتبارها مُلكا لهم ، وهذا التأخير في ارجاع حقوق المسيحيين ، قد فتح الشهية للأخرين في الطمع بما تبقى من قرى وأراضي وأملاك المسيحيين الباقية ، والأحداث الأخيرة  احدى أهدافها الرئيسية هي محاولات المعتدين  لترهيب المسيحيين خاصة وتخويفهم ليهاجروا ويتركوا أرضهم وممتلكاتهم ليستولوا على ما تبقى منها كما حدث سابقا.
5- ان استبعاد وجود ممثلين لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري ، والأرمني) في برلمان أقليم كردستان  ومحاولات حكومة الأقليم تكريد شعبنا ، هذا قد ساهم و يساهم في  التشهير بسمعة الأقليم في المحافل الدولية وخاصة في الأمم المتحدة وحقوق الأنسان ، اضافة الى ذلك ، قد يخسر الحزب الديمقراطي الكردستاني مزيدا من المقاعد البرلمانية لحساب المعارضة ، خاصة لأحزاب اسلامية راديكالية . وكان على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن لاينسى دور ألأقليات  في المساهمة في ثورة أخوتهم ألأكراد منذ 1961 ووقوفهم مع هذه الثورة واختلاط دم شهداء أخوتنا ألأكراد مع دم شهداء أخوتهم من ألأقليات الأخرى، وخاصة شعبنا المسيحي، بالأضافة الى ذلك  فأن المسيحيين وعبر التاريخ هم شعوب مسالمة أمينة وحريصة على التعايش السلمي مع أخوتهم الأكراد ، ولهم حضارة متجذِّرة في هذه الأرض والتاريخ يشهد على ذلك ، وأثّروا وتأثّروا في ثقافة الشعب الكردي وساهموا في تطوير وبناء أقليم كردستان ، فكان على حكومة ألأقليم مشاركة المسيحيين في كافة مجالات الحياة السياسية وألأجتماعية والثقافية والتعليمية ، وجذب المهاجرين من المسيحيين ليساهموا بأموالهم وأفكارهم وخبراتهم لبناء أقليم كردستان بناءا عصريا وحضاريا لخدمة الجميع.
6-انتشار ظاهرة المحسوبية والعشائرية والفساد المالي والأداري في بعض مناطق أقليم كردستان العراق هي مشكلة تاريخية لم تستطع حكومة الأقليم القضاء عليها بالرغم من القوانين التشريعية التي تؤكد المساواة بين أفراد الشعب الواحد ، وهذا ما خلق طبقات عديدة في المجتمع الواحد ، مما أدى الى وجود طبقة تتحكّم في اقتصاد وسياسة ألأقليم على حساب الغالبية من الشعب الذي يعيش في أوضاع صعبة  بسبب سيطرة الطبقة الغنية على جميع المرافق ألأقتصادية والسياسية  والأجتماعية ، مما خلق هوّة سحيقة بين غالبية الشعب والحكومة الحالية بقيادة الحزبين  الديمقراطي الكردستاني وألأتحاد الوطني ، هذا بالأضافة الى فقدان الثقة بالحكومة الحالية بسبب عدم تنفيذ وعود قطعتها على نفسها ، ولم تقم بتنفيذها لصالح الشعب الكردي ولا لشعوب الأقليّأت، وخاصة أذا عرفنا أنّ الأقليات استبعدت من القرارات السياسية والأقتصادية وهُمّّش دورها في التخطيط العمراني والبنى التحتية، لا بل حُرمت هذه الأقليات ، وخاصة في سهل نينوى ، من مشاريع انمائية لتشغيل ألأيدي العاملة والموظفين ، مماأضطرّت نسبة عالية من هذه الأقليات الى مغادرة الوطن .
7-انفراد السلطة الحالية بالحكم ولمدة طويلة وعدم التداول السلمي للسلطة ، مما أثقل كاهل مؤسسات الدولة وفقدان حيويّتها ونشاطها وتجددها ، وفرض نوع من الدكتاتورية القمعية وجمود في الفكر والأبداع في جميع مرافق الحياة ، فاصبح المجتمع في أقليم كردستان يجتر نفس القوانين والأنظمة السابقة. وكان ، حسب رايي الشخصي ، على أخوتنا ألأكراد الذين ساهموا في الثورة  الكردية منذ خريف 1961 ، في تهيئة كوادر ذي خبرة في حكومة ألأقليم وبقاء الثوّار (المحاربين القدماء) كرموز للثورة ومفخرة للأجيال القادمة وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني وألأستاذ جلال الطالباني ، لأنّ المقاتلين كما يخبرنا التاريخ وتجارب الشعوب لايتقنون أختصاصات أخرى، وكان على أخوتنا ألأكراد تكريم هذين الرمزين كرؤساء فخريين طوال حياتهم ، وخير نموذج هو نلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا عندما تخلى عن السلطة ، ولكنه بقي رمزا للثوار ليس لشعب  أفريقيا الجنوبية بل لكل العالم .
  بالأضافة الى كل ما ذكرناه فانَّ المجتمع في اقليم كردستان أصبح مجتمع استهلاكي أكثر مما هو مجتمع يساهم في بناء العقول  وتشجيع المهارات الفردية وألأبداعات والبحوث العلمية والثقافية والتربوية ، وكذلك عدم تشجيع القطاع الزراعي ودعمه ليكون دعامة قوية للأكتفاء الذاتي مما جعل الكثيرين من المزارعين يتركون قراهم وأرضهم الزراعية ويلجأوون الى المدن بسبب وجود فرص للعمل في هذه المدن . كلِّ هذا  بسبب الأعتماد الكلي على موارد النفط ، هكذا تتكرر ألأخطاء في أقليم كردستان كما هي في حكومة المركز .
بقلم
نافع البرواري

111

أين نحن المسيحيين من ما يجري من أحداث ما" يسمّى" ثورات الربيع العربي؟
                                                                                                                                                   
نافع البرواري
 
مشكلتنا نحن المسيحيين في هذا الشرق العربي أننا لا نقرأ ألأحداث  ولا نتعلم دروس وعبر من التاريخ ، الماضي والحاضر ، فنحن نضع رؤوسنا في الرمال كالنعامة ، ونؤمن بالقدر وننتظر الرحمة من لا رحمة له ، ونتوسل ونستجدي حقوقنا من الذين اغتصبوا  حقوقنا وسرقوا مياهنا وارضنا وبيوتنا.
نحن ، المسيحيين ، اليوم مشغوولين في  الصراع على ألأسماء و على الكراسي و المناصب وتخوين بعضنا للبعض الآخر في حين أنّ أعدائنا يستغلون هذه ألأنقسامات بحكمة الحيّاة ، للأنقضاض على ما تبقى من أرضنا ومقدساتنا وسرق أحلامنا وتزييف هويّتنا ومسح ذاكرتنا. كلِّ هذا يجري في غياب الكنيسة عن معاناة الشعب بل هناك من رجال الدين من يجامل الأعداء على حساب الحق المهضوم لشعبنا وعلى حساب كرامتنا وهويتنا ومقدساتنا ، بالقبول بالأمر الواقع دون التحرك واتخاذ مواقف حدّية مع الذين ارهبونا وشردونا ونهبوا أملاكنا وسرقوا أراضينا وأهانوا مقدساتنا ، لابل تآمروا ويتآمرون للقضاء على وجودنا في ارض آبائنا واجدادنا . هكذا هناك للأسف من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية لشعبنا ، وقفوا ويقفون حائرين ساكتين مشدوهين مرعوبين خائفين لا بل قسم منهم لا أبالين  واقفين مكتوفي الأيدي أزاء ما جرى ويجري  من ابتلاع ما تبقى من أرضنا بعد أن ابتلعوا الجزء الكبير منها ، على مر التاريخ القديم والحاضر. فمتى نهدم جدار الخوف ؟ هل بعد أن تبقى الكنيسة بلا شعب والرعاة بلا رعية والقادة بلا جمهور؟.
اليوم من اقصى الوطن العربي غربا الى اقصاه شرقا أصبح تحت رحمة الأحزاب ألأسلامية المتشددة ، بعد نجاحهم في الأنتخابات البرلمانية  وبعد خطفهم لثورات ما يسمّى "الربيع العربي" الذي سيصبح شتاءا قاسيا ليس على شعوب هذه الدول فقط، بل على المسيحيين خاصة ، فهل نحن المسيحيين قد هيّئنا أنفسنا لمواجهة" تسونامي الأسلاميين" أم نحن ننتظر رحمة من السماء لأيقاف هذه الموجات لكي تعبر علينا بردا وسلامة؟
مشكلنا نحن المسيحيين في مصر وفي لبنان وفي سوريا وخاصة في العراق هو أننا لاندرس التاريخ ولا نقرأ الأحداث ولا نتّقن السياسة ولا نتهيئ للأسوء. بل في كُل مصيبة نحاول أن ننسى ونقول حالنا حال الآخرين ( كما قال أحدهم وهو يحمل مسؤولية رئاسة كنيسة)  ، ونقول لعدونا :"عفى الله عن ما سلف" وهذا المبدأ ثبت فشله في الدول العربية وألأسلامية  وعبر التاريخ.
البارحة شُرَِّدنا من البصرة وبغداد وكركوك ، وآخرقافلة الهجرة انطلقت من نينوى ، رمزعاصمة حضارتنا ألآشورية  وقلعة كنيستنا المشرقية ، واليوم وبعد سيطرة التيارات الأسلامية في الوطن العربي خاصة والشرق الأوسط عامة(حيث ايران وتركيا يحكمانهما احزاب اسلامية ايضا) بدأت ظاهرة جديرة بالتأمّل وهي محاولات تهجير المسيحيين من مناطق أقليم كُردستان وذلك في سابقة خطيرة تحدث في هذه المنطقة (التي هاجر اليها  المسيحيين المهجرين من الجنوب  هربا من الأرهاب للأحزاب الأسلامية)  حيث تمّ التحريض  من جهات في اقليم كردستان ، لم نعرف الى ألآن حقيقة من يقف ورائها ، فحرقوا محلات وفنادق عائدة للمسيحيين في زاخو وسميل ودهوك وأمام أنظار العالم كُلُّه ، فهل هي صدفة أيُّها المسؤولين من أحزابنا المسيحية أو رؤساء كنائسنا؟ أم هو مخطط لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة المرسومة اصلا؟.
هل نحنُ ننتظر موجات تسونامي الأسلامي تغرقنا لنموت ، وتموت معنا حضارتنا وهويّتنا ومقدّساتنا ، كما يريد البعض منّا من المستسلمين للقدر وألأمر الواقع؟  أم علينا أن نستغل هذه الضروف الصعبة لنواجه بسرعة وبحكمة خطر هذا التسونامي القادم لنبني ونوحّد بيتنا الداخلي على صخرة رئيسنا وملكنا وقائدنا يسوع المسيح الذي به وحده هو خلاصنا وبقائنا ووجودنا ، عندها فقط سنستطيع الوقوف كصرح شامخ أمام موجات تسونامي  ؟.
لقد ركّزنا ( كاتب هذه المقالة وغيره من الخيّرين ) في معظم مقالاتنا  السابقة ، على وحدتنا المسحيية ونبذ الخلافات الطائفية والقومية  وكنا دائما نركّز على ألأخطار الخارجية والدخلية التي تواجهنا ولكن للأسف لم نسمع آذان صاغية الاّ عند القليلين ، وها هو اليوم نحصد نتائج تقصيرنا وأهمالنا وعدم مبالاتنا لما حدث ويحدث لمسيحيّي الشرق ألأوسط عامة ومسيحيي العراق خاصة.
اليوم نحنُ أمام تحديّات خطيرة وتحتاج ألى أن نقف وقفة شعب واحد وروحٌ واحدة وصوتٌ واحد ولسانٌ واحد للدفاع عن وجودنا  وبقائنا في أرضنا
التي أغتصبها ألأعداء ، ليس هذا فقط بل علينا أن نطالب بحقوقنا وأرضنا والتعويض عن كُل ما تم أغتصابه أو ما تم ألأستيلاء عليه من قبل ألآخرين ، كاملة وغير منقوصة ، وتعويض كافة المتضررين ، سواء المهاجرين في الداخل أو الخارج ، وعدم السكوت بعد ألآن عن قول الحقيقة مهما كانت نتائج ذلك ، لأنّ ليس لنا ما نخسره بعد كُلّ هذه المظالم بحق شعبنا ، لأنّ العدو لن يكتفي الا بألأستيلاء على ما تبقى من أرضنا وممتلكاتنا ، فنحن امام خيارين لا ثالث وهما "أمّا أن نكون أو لانكون " ومن يرتضي بالفُتاة فهو على وهم ولن يحصل سوى على أوهام بعيدة عن الواقع لمن له رؤية صحيحة لما يحدث في المنطقة من تغيرات جيوسياسية وديموغرافية .
 نطالب حكومة أقليم كردستان وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني بتطبيق القانون على جميع مرتكبي جرائم حرق محلات المواطنين المسيحيين أو اليزيديين  ونحن على ثقة أنَّ  أخوتنا ألأكراد لهم حكمة ورؤية واضحة للأخطار التي قد تهزّ صرح ما بناه أخوتنا الأكراد من ألأنجازات عبر عشرات السنين بعد أن قدّموا التضحيات الجسام للحصول على حقوقهم المشروعة.  وفي الحقيقة نقولها صراحة أنّ الأيادي الخفية التي وراء الكواليس هي التي تحرّك المتطرفين الأسلاميين والسكوت عن ما جرى ويجري قد يؤثر ليس على المسيحيين فقط بل قد يطال أخوتنا ألأكراد الذين يتنعّمون بالأمن والسلام تحت ظل حكومة أقليم كردستان العراق . ونظمَُ صوتنا الى صوت  القائد مسعود البرزاني بالدفاع عن مكتسبات وانجازات أقليم كردساتان  متضامنين مع اخوتنا ألأكراد والوقوف معهم في التصدي لكلِّ المنظمات الأرهابية المتطرفة ، التي تحاول زعزعة استقرار أقليم كردستان ، باللجوء الى وسائل دنيئة للنيل من المسيحيين واليزيديين  ضانين انهم حلقة ضعيفة ، ولكن بتضامننا مع أخوتنا ألأكراد سنكون الحلقة الأكثر قوة وصلابة.

112

ألأسلاميّيون قادمون والربيع العربي قد يتحوَل الى شتاء قاسي
نافع البرواري
انّ الثورات  في العالم العربي كانت في بداياتها ثورات شبابية تحمل أفكارا ليبرالية علمانية منفتحة على العالم الحر وكانت لها مبادئ قيّمة  نستطيع تلخيص هذه المباديء الرئيسية بالحرية والديمقراطية والمساوات ، ولكن الأحزاب الأسلامية قفزت على أكتاف هذه الثورات لتنفرد بقيادتها ويتم تهميش أدوار الشباب  والنخب المثقفة من الطبقة الوسطى ، لا بل تم خطف نجاح هذه الثورات  وتم سلب ارادتها وقتل طموحاتها وخنق اصواتها وتشتيت جهودها بأنقلاب الأحزاب الأسلامية على هذه الثورات ، وعلى رأسهم الأخوان المسلمون ،  وبهذا حدث ما كنا نتوقع حدوثه منذ البداية .
يقول الدكتور وسيم السيسي وهو باحث في علم المصريات:"ألأخوان المسلمين ومنذ 80 سنة موجودين تحت السطح ولهم أعمال غير سليمة من تحت ولكن ظاهريا يقومون بأعمال خيرية ...انهم صناعة بريطانية  أوجدها الأنكليز لأحداث شق في الشعب المصري  تحالفوا مع الملك فاروق وأسماعيل باشا صدقي في حين كان الشعب يتظاهر ضد الأخير وبعد ثورة 1952  وقفوا ضد حزب الوفد  انّهم يتلاعبون بالألفاظ ويتحالفون مع الحكام  واحيانا كثيرة يلجؤون الى الأرهاب ويغتالون ألأشخاص  الذين يفضحون أعمالهم ...سبب قوّتهم هو غياب القانون وهي ضعيفة عندما يكون هناك حكم مدني ....اليوم الناس تلجأ الى هذه الأحزاب ليس حبا بهم بل بسبب القمع العسكري  ....مصر في عهد حسني مبارك (نظام عسكري) لم تفهم بالسياسة  وتم في عهد الحكومات العسكرية  استقطاب التعليم ، ففي سنة 1952 كان هناك 800 معهد أزهري  أمّا اليوم فهناك 1800 معهد أزهري   حتى أن الطلبة لا يعرفون عن وجود المسيحيين الأقباط  في البلد  وانّ العالم كله كافر  ..... ألأحزاب ألأسلامية ممولة من الخارج ومن الداخل ....انّها ليست أحزاب اسلامية بل تتسربل بالدين  . ويضيف قائلا انّ الحالة الدينية في مصر (والدول العربية ) تشبه الحالة الدينينة في العصر العباس الثاني  حيث أصبح الدين رياء (أي مظاهر خارجية)".
أمّا المؤرخ والكاتب السياسي عبدالعظيم رمضان فيقول: "انَّ الأخوان المسلمين ومنذ ايام جمال عبدالناصر  معروفين بمناوراتهم وخبثهم السياسي فمرة  كانوا مع جمال عبدالناصر ومرة مع محمد نجيب  ، وكانوا يحاولون ألأيقاع بين ألأثنين و ينتظرون  الفرصة للوصول الى الحكم والأنفراد به " .
 نعم ها هو اليوم الذي كان ألأخوان  ينتظرونه  ولن يهدروا الوقت والجهد وسوف يحاولون الأيقاع بين الأحزاب الأخرى بكل الطرق والوسائل القذرة . التنظيمات الأسلامية وخاصة الأخوان المسلمون قد غيّروا ولو في الظاهر تكتيتكهم السياسي السابق الذي كان مبنيا على التعصب والعنف وتكفير من لا يأيدهم واصبحوا يتّقنون لعبة السياسية التي تقول"الغاية تبرر الوسيلة" حتى بالتحالف مع ألأقباط المسيحيين وحتى مع الشيطان ألأكبر أمريكا، والذي تابع أحداث الثورات العربية  سيصل الى هذه الحقيقة  في أنّ الأحزاب الأسلامية  كانت تقف احيانا كثيرة مع الأنظمة الدكتاتورية  بل الغالبية كانت بوقا لهذه ألأنظمة وكانت  تمجّد الحاكم في منابر الجوامع والأعلام لا بل كانت حتى في بدايات ثورات الربيع العربي تقف امّا مع النظام او احيانا محايدة وعندما كانت ترى ميزان القوى لصالح الثوار كانت تقف معهم  أي بمعنى آخر ألأحزاب الأسلامية وعلى مر التاريخ كانت كالطفيليات التي تعيش على حساب الآخرين و تتملق احيانا للحاكم ولم نسمع على مر السنين وقوفها بجانب الشعب ضدّ الحكَّام ، بل احيانا كثيرة كانت تمثل الحاكم وتدافع عنه بل كانت بوق الحاكم ، فمعظم حكام العرب استعانوا بالأحزاب الأسلامية ودعموها ماديا ومعنويا بعد تحالفات وعهود بينهما لضرب الحركات العلمانية والنخبة المثقفة وكل الأحزاب الليبرالية ، وكان نتيجة ذلك تفكيك الأحزاب العلمانية واختفائها لا بل غياب هذه التنظيمات وهجرة الكثيرون من مؤسسيها الى خارج اوطانهم هربا من بطش الحكام  وتكفير ألأحزاب الأسلامية لهم .
هناك عوامل وأسباب كثيرة أدّت الى صعود نجم الأحزاب الأسلامية وسيطرتها  على ساحات الثورات الشبابية يمكن تلخيص أهمَها بالنقاط التالية:
1- أعتمادهذه ألأحزاب على الدعم المالي والفكري من قبل دول الخليج العربي وخاص السعودية لنشر الفكر الوهابي في العالم العربي ، وتمَّ كلِّ  هذا بمباركة أمريكية لصد المد الشيوعي على الدول العربية والأسلامية منذ بداية السبعينات لغاية تفكك الأتحاد السوفيتي ، وهذا ما تجلّّى في أفغانستان عندما حاول الأتحاد السوفيتي تحويل افغانستان الى الشيوعية فكان لا بد لأمريكا أن تدعم الأحزاب الأسلامية للحد من تأثير الأحزاب والفكر الشيوعي في هذه المجتمعات.
2- بعد فشل الأحزاب القومية والأشتراكية العربية ، وبعد انقلابات دموية حتى بين تلك الأحزاب للوصول الى السلطة  الشمولية  بدأت الأحزاب الأسلامية بالظهور في الساحة العربية من جديد في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، ولكنها قدمت هي ايضا صورة سيئة  وبشعة للعالم العربي بما قامت به من الأرهاب والمجازر الوحشية وخاصة في مصر والجزائر فقدمت بذلك خدمة للأنظمة الدكتاتورية لقمعها وتشتيتها وزج قياداتها في غياهب السجون أو النفي  .
3- حين ظهر أنّ الأنظمة الحاكمة في الدول العربية أصبحت انظمة شمولية واكثر من ذلك أصبح الحاكم يورث ابنائه الحُكم  وكل هذا يتم باسم الديمقراطية والحرية والضحك على شعوبهم  ، أنقطعت العلاقة بين الشعب والحاكم ، بسبب طغيان الحكّام ، وتم تشييّد سورا عاليا بين  هؤلاء الحكام  وبين شعوبها  فعانت الشعوب العربية ويلات هؤلاء الحكام الدكتاتوريين لعشرات السنين . أستغلّت  الأحزاب الأسلامية هذه الظروف ولجأت الى أقوى سلاح لنشر فكرها الديني وهوالغسيل الفكري للأنسان العربي وهو في حالة ألأحباط واليأس والهزيمة   نتيجة الظلم وأستبداد الحكام فلجأت ألأحزاب الأسلامية الى عامل الدين (كما هي عادتها) لتستغل الشعوب العربية  خير استغلال . من الجانب الآخر  وجدت الشعوب العربية  أنَّ خير ملجأ يلجؤون اليه هو الدين للهروب من هذا الواقع المرير بدل الثورة على هذا الواقع ، فارتدوا الى الدين  ، وان ّ هذا الأرتداد  لم يكن مبنيا على القناعة الأيمانية بل نتيجة القهر والحرمان والأحباط  حالهم حال المدمنين على المخدرات ، وهنا ينطبق عليهم قول ماركس "الدين افيون الشعوب" .
وألأمثلة عندنا ، عن كيفية تحوّل ألأنظمة الأسلامية والعربية من العلمانية  الى أنظمة دينية  نتيجة (ما ذكرناه من الأسباب ) مثال على ذلك ايران ، بعد سقوط  الشاه  وسيطرة الأحزاب ألأسلامية الشيعية الثيوقراطية ، والعراق ، بعد سقوط صدام حسين وسيطرة حزب الدعوة وغيرها من ألأحزاب الأسلامية ، وتركيا ، ما بعد  اتاتورك ومن جائوا بعده ، حيث فاز حزب العدالة والتنمية ألأسلأمي  . وها هي تونس وبعد سقوط زين العابدين بن علي ، يفوز حزب النهضة (ألأخوان المسلمون ) في الأنتخابات وسوف نشهد صعود ألأحزاب ألأسلامية لأستلام السلطة  في كل من مصر وليبيا وسوريا  واليمن  ....  وووالخ . ولا ننسى انّ أمريكا هي التي اطاحت بنظام الشاه الأيراني حيث أتت بخميني ( الذي كان حينها في باريس!!!) والذي أقام الجمهورية الأسلامية في ايران وهكذا شجعت أمريكا تركيا بكبح جماح العسكر والأتيان بحزب العدالة والتنمية ألأسلامي  الذي يقود تركيا اليوم ، وكذلك بعد أسقاط صدام حسين  أتت امريكا بالأحزاب الأسلامية  على رأس  السلطة.
4-في  أيّام ثورات الربيع العربي ضخّت السعودية وغيرها من دول الخليج مليارات الدولارات لكسب المواطنين وخاصة الفقراء والمعدومين وشراء ذممهم (كما حصل في مصر ايّام  ثورة 25 مايو) والدعاية الداخلية للأحزاب الأسلامية من على منابر الجوامع والأعلام المسيّس وخاصة القنواة الفضائية الممولة لهذه الجهات  حتى رأينا رفع العلم السعودي في شوارع القاهرة ايّام الثورة .
5-انتشار الجهل والأمية في البلاد العربية وهذا ساعد الأحزاب  الأسلامية  لكسب الطبقة الفقيرة والأميّة  بسهولة بالترهيب حينا وبالترغيب حينا اخر، أضافة للمساعدات المالية وشراء ذمم هذه الطبقة (وهي تشكّل نسبة عالية من الشعب العربي حيث نسبة الأميّة في الوطن العربي حوالي  40-50% من نسبة السكان) . مما سيعزِّز فوز الأحزاب الأسلامية لأعتمادها على أسواط هذه الفئة من الشعب.
6- لايمكن لأيّ حزب علماني ينادي بالديمقراطية والحرية ( ومنها في سبيل المثال حرية العقيدة وحرية المرأة وحقوق الأنسان ) أن ينجح في ألأنتخابات بنسبة تأهله لقيادة هذه الشعوب طالما هناك كما قلنا نسبة عالية من الشعب الذي لم يذق طعم الحرية ولا يعرف معنى الديمقراطية ، فالبيئة الحالية للمجتمعات  العربية ليست  مؤهَّلة لقيادة الأحزاب العلمانية والنخب المثقفة لتطبيق مبادئها في هذه المجتمعات المتخلفة ثقافيا وعلميا وسياسيا واجتماعيا  وحضاريا. انَّ ما نقوله مستند الى الواقع فها هم قادة الشباب التونسيين وعلى رأسهم الأحزاب العلمانية يتفاجئون بفوز حزب النهضة الأسلامي ليحصد لوحده حوالي نصف نسبة الأصوات في الأنتخابات التي حدثت قبل أيّام في تونس. وهكذا كل الدلائل تشير في ليبيا بأن الأحزاب الأسلامية هي القادمة لتستلم القيادة في ليبيا  بعد ان تفوز في الأنتخابات المقبلة والدليل  هناك مزايدات بين القادة الموقتين بالمنادات بدستور يخضع للشريعة الأسلامية وكذلك في مصر حيث الأخوان وبقية الأحزاب الأسلامية متمسكين بأنّ وضع الدستور سيتم بعد الأنتخابات ،  لثقتهم بنجاحهم في الأنتخابات القادمة ، ليضعوا الدستور المستمد من الشريعة الأسلامية على أساس الفوز بالأغلبية ، وليس على اساس توافقي لكل فئات الشعب.
السؤال الذي يتبادر الى ذهن القاريء هو لماذا تساعد السعودية ودول الخليج العربي الأحزاب الأسلامية في الوطن العربي وخاصة حزب الأخوان المسلمون؟
الأجابة بكل بساطة هو انّ  الأخوان المسلمون هم من خلفية وهابية وهناك اتفاق قديم بين حكام السعودية مع الوهابيين على موالات الأحزاب الأسلامية لآل سعود بالمقابل آل سعود يدافعون ويتمسكون بالفكر الوهابي ، ولا ننسى من ناحية ثانية انّ السعودية  لها طموح في خلافة أسلامية على جميع الدول العربية والأسلامية وتكون السعودية هي ألأرض المقدسة لهذه الدول  ويطمح آل سعود ليصبحوا خلفاء على المسلمين . والأهم من كل ذلك هو أنَّ الأحزاب ألأسلامية هي ضد الحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان فلم يكونوا يوما من الآيام ديمقراطيين لأنَّ مبادئهم تتقاطع مع الحرية والديمقراطية ، فالمبادئ الأنسانية هي  العدو اللدود للمملكة العربية السعودية ، بينما ألأحزاب الليبرالية العلمانية التي تنادي بالأنفتاح على العالم الحر وشعارها الحرية والديمقراطية وتطبيق حقوق الأنسان  وهذا الفكر تخاف منه المملكة لأنّه قد يطيح بعرش آل سعود  اذا استلمت الأحزاب الليبرالية العلمانية انظمة الحكم في الدول العربية بعد الربيع العربي .
السؤال الأهم وهو ما هو مصلحة أمريكا بمجيء الأحزاب الأسلامية واستلامها الحكم في الدول العربية؟
في الحقيقة  الأجابة على هذا السؤال علينا أن نعرف أنَّ السياسة الأمريكية مبنية على المصالح وهي تبني سياستها الأستراتيجية على ضوئها ، وهي عندما رأت أن ألأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي أصبحت عبئا على كاهلها نتيجة جشع وطمع هذه الأنظمة وتمردها على أمريكا ، رأت ألأخيرة (كمافعلت مع شاه ايران وصدام حسين) أن تأتي بالأحزاب الأسلامية خدمة لمصالحها وليس خدمة للشعوب العربية ، فأمريكا تفاوضت مع الأحزاب ألأسلامية وخاصة حزب الأخوان المسلمين حتى قبل الربيع العربي وهي كما تقول كلنتون وزيرة الخاريجة ألأمريكية " أن لا مانع من وصول التيار الأسلامي طالما الشعب العربي يختارها في الأنتخابات !!!." ولكن في الحقيقة هي تفضّل ألأحزاب الأسلامية على الأحزاب العلمانية ، لأنَّ الأحزاب العلمانية تؤمن باصلاحات شاملة في بلدانها بدءا بالدستور ليكون دستورا مبني على حقوق الأنسان والحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة ، بينما الأحزاب الأسلامية لا تؤمن بالحرية والديمقراطية والمساوات بين ابناء الوطن الواحد وهذا يُسهّل على أمريكا لخلق دكتاتوريات من نوع اخر، حيثُ تكرِّس الطائفية  وتخلق صراعات دينية في المنطقة للحد من زحف المد الشيعي الأيراني وأدخال المنطقة في دوّامة من الصراعات الفكرية بين الأصلاحيين والأسلاميين (كما يحدث الآن في ايران والعراق) لهدف اضعاف هذه الدول ، وسهولة التدخل في شؤونها الداخلية. كما انّ امريكا بهذه الخطة( خطة الشرق ألأوسط الجديد) سيتسنى لها  وجود دائم في المنطقة بحجة حمايتها من النفوذ ألأيراني المتزايد والحد منه  كما يحدث ألآن في الخليج العربي. ومن المعلوم ان من يأتي بهذه الأحزاب (الأسلامية )عنده ورقة الضغط عليها في حالة  خروجها عن دورها المرسوم سابقا ،  كما حدث للأنظمة الدكتاتورية عندما حاولت التمرد على أمريكا (نتيجة هشاشة القانون لهذه الدول) ، الأمثلة على ما نقول هي كُلِّ من ، نظام البعث في العراق وسورية وكذلك نظام حسني مبارك ونظام معمر القذافي .....الخ)
الخلاصة
انّ الثورات الشبابية العربية نجحت وفشلت في آن واحد
فهي نجحت في الأطاحة بالأنظمة الدكتاتورية وفشلت (الى الآن على ألأقل) في الوصول الى أهدافها بسبب وصول الأحزاب الأسلامية التي ستبقى كابوسا على صدور شعوبها كما حدث في ايران ، فقد أطيح بنظام الشاه الدكتاتوري ولكن الثورة الأسلامية أتت بما هو أبشع من نظام الشاه بما لايقاس حيث ولاية الفقيه الذي يستمد سلطته من الله ولا يستطيع الشعب التخلص من هذا النظام المرعب بالرغم من محاولات الأصلاحيين دون جدوى ، حيث أستطاع هذا النظام أن يحكم  الشعب الأيراني بالحديد والنار منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وهكذا هو أيضا النموذج العراقي بعد سقوط صدام حسين ، حيث كلنا يعرف كيف حاربت الأحزاب الأسلامية بعضها البعض ، وهل سننسى الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة ولا زال العراق يعيش على فوهة بركان الحروب الطائفية ، والتي اشعلتها هذه الأحزاب بمساندة سعودية (للسنة) وأيرانية(للشيعة) وبمباركة أمريكية (لهذه الفوضى الخلاّقة) ؟ . هكذا قد تتحوّل ثورات الربيع العربي الى شتاء قاسي قد يطول عشرات السنين ،  وهكذا قد تتحوّل  أحوال الشعوب والمجتمعات العربية الى الأسوء  ان هي قبلت حكم الأحزاب الأسلامية ، وستكون هذه الأحزاب مثل النار في الهشيم تحرق وتدمر وتعيث فسادا في الأرض ،  وستعيش الشعوب العربية  حالة من الرعب والخوف والتخلف في كافة ميادين الحياة ،  وستكون الكارثة لهذه الشعوب لامحالة . فهل يتعلم الشعب العربي دروسا وعبر من التاريخ؟ سؤال نطرحه للشعب العربي عسى ولعلَّ أن يفيقَ من نومه العميق  وينتفض على واقعه المرير ويختار لنفسه الحياة بدل الموت والحرية والكرامة بدل الذل والخنوع لأي قوة مهما كانت جبروتها طالما أنكسرَ حاجز الخوف لدى هذه الشعوب .

113

ألأسلاميّيون قادمون والربيع العربي قد يتحوَل الى شتاء قاسي
نافع البرواري
انّ الثورات  في العالم العربي كانت في بداياتها ثورات شبابية تحمل أفكارا ليبرالية علمانية منفتحة على العالم الحر وكانت لها مبادئ قيّمة  نستطيع تلخيص هذه المباديء الرئيسية بالحرية والديمقراطية والمساوات ، ولكن الأحزاب الأسلامية قفزت على أكتاف هذه الثورات لتنفرد بقيادتها ويتم تهميش أدوار الشباب  والنخب المثقفة من الطبقة الوسطى ، لا بل تم خطف نجاح هذه الثورات  وتم سلب ارادتها وقتل طموحاتها وخنق اصواتها وتشتيت جهودها بأنقلاب الأحزاب الأسلامية على هذه الثورات ، وعلى رأسهم الأخوان المسلمون ،  وبهذا حدث ما كنا نتوقع حدوثه منذ البداية .
يقول الدكتور وسيم السيسي وهو باحث في علم المصريات:"ألأخوان المسلمين ومنذ 80 سنة موجودين تحت السطح ولهم أعمال غير سليمة من تحت ولكن ظاهريا يقومون بأعمال خيرية ...انهم صناعة بريطانية  أوجدها الأنكليز لأحداث شق في الشعب المصري  تحالفوا مع الملك فاروق وأسماعيل باشا صدقي في حين كان الشعب يتظاهر ضد الأخير وبعد ثورة 1952  وقفوا ضد حزب الوفد  انّهم يتلاعبون بالألفاظ ويتحالفون مع الحكام  واحيانا كثيرة يلجؤون الى الأرهاب ويغتالون ألأشخاص  الذين يفضحون أعمالهم ...سبب قوّتهم هو غياب القانون وهي ضعيفة عندما يكون هناك حكم مدني ....اليوم الناس تلجأ الى هذه الأحزاب ليس حبا بهم بل بسبب القمع العسكري  ....مصر في عهد حسني مبارك (نظام عسكري) لم تفهم بالسياسة  وتم في عهد الحكومات العسكرية  استقطاب التعليم ، ففي سنة 1952 كان هناك 800 معهد أزهري  أمّا اليوم فهناك 1800 معهد أزهري   حتى أن الطلبة لا يعرفون عن وجود المسيحيين الأقباط  في البلد  وانّ العالم كله كافر  ..... ألأحزاب ألأسلامية ممولة من الخارج ومن الداخل ....انّها ليست أحزاب اسلامية بل تتسربل بالدين  . ويضيف قائلا انّ الحالة الدينية في مصر (والدول العربية ) تشبه الحالة الدينينة في العصر العباس الثاني  حيث أصبح الدين رياء (أي مظاهر خارجية)".
أمّا المؤرخ والكاتب السياسي عبدالعظيم رمضان فيقول: "انَّ الأخوان المسلمين ومنذ ايام جمال عبدالناصر  معروفين بمناوراتهم وخبثهم السياسي فمرة  كانوا مع جمال عبدالناصر ومرة مع محمد نجيب  ، وكانوا يحاولون ألأيقاع بين ألأثنين و ينتظرون  الفرصة للوصول الى الحكم والأنفراد به " .
 نعم ها هو اليوم الذي كان ألأخوان  ينتظرونه  ولن يهدروا الوقت والجهد وسوف يحاولون الأيقاع بين الأحزاب الأخرى بكل الطرق والوسائل القذرة . التنظيمات الأسلامية وخاصة الأخوان المسلمون قد غيّروا ولو في الظاهر تكتيتكهم السياسي السابق الذي كان مبنيا على التعصب والعنف وتكفير من لا يأيدهم واصبحوا يتّقنون لعبة السياسية التي تقول"الغاية تبرر الوسيلة" حتى بالتحالف مع ألأقباط المسيحيين وحتى مع الشيطان ألأكبر أمريكا، والذي تابع أحداث الثورات العربية  سيصل الى هذه الحقيقة  في أنّ الأحزاب الأسلامية  كانت تقف احيانا كثيرة مع الأنظمة الدكتاتورية  بل الغالبية كانت بوقا لهذه ألأنظمة وكانت  تمجّد الحاكم في منابر الجوامع والأعلام لا بل كانت حتى في بدايات ثورات الربيع العربي تقف امّا مع النظام او احيانا محايدة وعندما كانت ترى ميزان القوى لصالح الثوار كانت تقف معهم  أي بمعنى آخر ألأحزاب الأسلامية وعلى مر التاريخ كانت كالطفيليات التي تعيش على حساب الآخرين و تتملق احيانا للحاكم ولم نسمع على مر السنين وقوفها بجانب الشعب ضدّ الحكَّام ، بل احيانا كثيرة كانت تمثل الحاكم وتدافع عنه بل كانت بوق الحاكم ، فمعظم حكام العرب استعانوا بالأحزاب الأسلامية ودعموها ماديا ومعنويا بعد تحالفات وعهود بينهما لضرب الحركات العلمانية والنخبة المثقفة وكل الأحزاب الليبرالية ، وكان نتيجة ذلك تفكيك الأحزاب العلمانية واختفائها لا بل غياب هذه التنظيمات وهجرة الكثيرون من مؤسسيها الى خارج اوطانهم هربا من بطش الحكام  وتكفير ألأحزاب الأسلامية لهم .
هناك عوامل وأسباب كثيرة أدّت الى صعود نجم الأحزاب الأسلامية وسيطرتها  على ساحات الثورات الشبابية يمكن تلخيص أهمَها بالنقاط التالية:
1- أعتمادهذه ألأحزاب على الدعم المالي والفكري من قبل دول الخليج العربي وخاص السعودية لنشر الفكر الوهابي في العالم العربي ، وتمَّ كلِّ  هذا بمباركة أمريكية لصد المد الشيوعي على الدول العربية والأسلامية منذ بداية السبعينات لغاية تفكك الأتحاد السوفيتي ، وهذا ما تجلّّى في أفغانستان عندما حاول الأتحاد السوفيتي تحويل افغانستان الى الشيوعية فكان لا بد لأمريكا أن تدعم الأحزاب الأسلامية للحد من تأثير الأحزاب والفكر الشيوعي في هذه المجتمعات.
2- بعد فشل الأحزاب القومية والأشتراكية العربية ، وبعد انقلابات دموية حتى بين تلك الأحزاب للوصول الى السلطة  الشمولية  بدأت الأحزاب الأسلامية بالظهور في الساحة العربية من جديد في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي ، ولكنها قدمت هي ايضا صورة سيئة  وبشعة للعالم العربي بما قامت به من الأرهاب والمجازر الوحشية وخاصة في مصر والجزائر فقدمت بذلك خدمة للأنظمة الدكتاتورية لقمعها وتشتيتها وزج قياداتها في غياهب السجون أو النفي  .
3- حين ظهر أنّ الأنظمة الحاكمة في الدول العربية أصبحت انظمة شمولية واكثر من ذلك أصبح الحاكم يورث ابنائه الحُكم  وكل هذا يتم باسم الديمقراطية والحرية والضحك على شعوبهم  ، أنقطعت العلاقة بين الشعب والحاكم ، بسبب طغيان الحكّام ، وتم تشييّد سورا عاليا بين  هؤلاء الحكام  وبين شعوبها  فعانت الشعوب العربية ويلات هؤلاء الحكام الدكتاتوريين لعشرات السنين . أستغلّت  الأحزاب الأسلامية هذه الظروف ولجأت الى أقوى سلاح لنشر فكرها الديني وهوالغسيل الفكري للأنسان العربي وهو في حالة ألأحباط واليأس والهزيمة   نتيجة الظلم وأستبداد الحكام فلجأت ألأحزاب الأسلامية الى عامل الدين (كما هي عادتها) لتستغل الشعوب العربية  خير استغلال . من الجانب الآخر  وجدت الشعوب العربية  أنَّ خير ملجأ يلجؤون اليه هو الدين للهروب من هذا الواقع المرير بدل الثورة على هذا الواقع ، فارتدوا الى الدين  ، وان ّ هذا الأرتداد  لم يكن مبنيا على القناعة الأيمانية بل نتيجة القهر والحرمان والأحباط  حالهم حال المدمنين على المخدرات ، وهنا ينطبق عليهم قول ماركس "الدين افيون الشعوب" .
وألأمثلة عندنا ، عن كيفية تحوّل ألأنظمة الأسلامية والعربية من العلمانية  الى أنظمة دينية  نتيجة (ما ذكرناه من الأسباب ) مثال على ذلك ايران ، بعد سقوط  الشاه  وسيطرة الأحزاب ألأسلامية الشيعية الثيوقراطية ، والعراق ، بعد سقوط صدام حسين وسيطرة حزب الدعوة وغيرها من ألأحزاب الأسلامية ، وتركيا ، ما بعد  اتاتورك ومن جائوا بعده ، حيث فاز حزب العدالة والتنمية ألأسلأمي  . وها هي تونس وبعد سقوط زين العابدين بن علي ، يفوز حزب النهضة (ألأخوان المسلمون ) في الأنتخابات وسوف نشهد صعود ألأحزاب ألأسلامية لأستلام السلطة  في كل من مصر وليبيا وسوريا  واليمن  ....  وووالخ . ولا ننسى انّ أمريكا هي التي اطاحت بنظام الشاه الأيراني حيث أتت بخميني ( الذي كان حينها في باريس!!!) والذي أقام الجمهورية الأسلامية في ايران وهكذا شجعت أمريكا تركيا بكبح جماح العسكر والأتيان بحزب العدالة والتنمية ألأسلامي  الذي يقود تركيا اليوم ، وكذلك بعد أسقاط صدام حسين  أتت امريكا بالأحزاب الأسلامية  على رأس  السلطة.
4-في  أيّام ثورات الربيع العربي ضخّت السعودية وغيرها من دول الخليج مليارات الدولارات لكسب المواطنين وخاصة الفقراء والمعدومين وشراء ذممهم (كما حصل في مصر ايّام  ثورة 25 مايو) والدعاية الداخلية للأحزاب الأسلامية من على منابر الجوامع والأعلام المسيّس وخاصة القنواة الفضائية الممولة لهذه الجهات  حتى رأينا رفع العلم السعودي في شوارع القاهرة ايّام الثورة .
5-انتشار الجهل والأمية في البلاد العربية وهذا ساعد الأحزاب  الأسلامية  لكسب الطبقة الفقيرة والأميّة  بسهولة بالترهيب حينا وبالترغيب حينا اخر، أضافة للمساعدات المالية وشراء ذمم هذه الطبقة (وهي تشكّل نسبة عالية من الشعب العربي حيث نسبة الأميّة في الوطن العربي حوالي  40-50% من نسبة السكان) . مما سيعزِّز فوز الأحزاب الأسلامية لأعتمادها على أسواط هذه الفئة من الشعب.
6- لايمكن لأيّ حزب علماني ينادي بالديمقراطية والحرية ( ومنها في سبيل المثال حرية العقيدة وحرية المرأة وحقوق الأنسان ) أن ينجح في ألأنتخابات بنسبة تأهله لقيادة هذه الشعوب طالما هناك كما قلنا نسبة عالية من الشعب الذي لم يذق طعم الحرية ولا يعرف معنى الديمقراطية ، فالبيئة الحالية للمجتمعات  العربية ليست  مؤهَّلة لقيادة الأحزاب العلمانية والنخب المثقفة لتطبيق مبادئها في هذه المجتمعات المتخلفة ثقافيا وعلميا وسياسيا واجتماعيا  وحضاريا. انَّ ما نقوله مستند الى الواقع فها هم قادة الشباب التونسيين وعلى رأسهم الأحزاب العلمانية يتفاجئون بفوز حزب النهضة الأسلامي ليحصد لوحده حوالي نصف نسبة الأصوات في الأنتخابات التي حدثت قبل أيّام في تونس. وهكذا كل الدلائل تشير في ليبيا بأن الأحزاب الأسلامية هي القادمة لتستلم القيادة في ليبيا  بعد ان تفوز في الأنتخابات المقبلة والدليل  هناك مزايدات بين القادة الموقتين بالمنادات بدستور يخضع للشريعة الأسلامية وكذلك في مصر حيث الأخوان وبقية الأحزاب الأسلامية متمسكين بأنّ وضع الدستور سيتم بعد الأنتخابات ،  لثقتهم بنجاحهم في الأنتخابات القادمة ، ليضعوا الدستور المستمد من الشريعة الأسلامية على أساس الفوز بالأغلبية ، وليس على اساس توافقي لكل فئات الشعب.
السؤال الذي يتبادر الى ذهن القاريء هو لماذا تساعد السعودية ودول الخليج العربي الأحزاب الأسلامية في الوطن العربي وخاصة حزب الأخوان المسلمون؟
الأجابة بكل بساطة هو انّ  الأخوان المسلمون هم من خلفية وهابية وهناك اتفاق قديم بين حكام السعودية مع الوهابيين على موالات الأحزاب الأسلامية لآل سعود بالمقابل آل سعود يدافعون ويتمسكون بالفكر الوهابي ، ولا ننسى من ناحية ثانية انّ السعودية  لها طموح في خلافة أسلامية على جميع الدول العربية والأسلامية وتكون السعودية هي ألأرض المقدسة لهذه الدول  ويطمح آل سعود ليصبحوا خلفاء على المسلمين . والأهم من كل ذلك هو أنَّ الأحزاب ألأسلامية هي ضد الحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان فلم يكونوا يوما من الآيام ديمقراطيين لأنَّ مبادئهم تتقاطع مع الحرية والديمقراطية ، فالمبادئ الأنسانية هي  العدو اللدود للمملكة العربية السعودية ، بينما ألأحزاب الليبرالية العلمانية التي تنادي بالأنفتاح على العالم الحر وشعارها الحرية والديمقراطية وتطبيق حقوق الأنسان  وهذا الفكر تخاف منه المملكة لأنّه قد يطيح بعرش آل سعود  اذا استلمت الأحزاب الليبرالية العلمانية انظمة الحكم في الدول العربية بعد الربيع العربي .
السؤال الأهم وهو ما هو مصلحة أمريكا بمجيء الأحزاب الأسلامية واستلامها الحكم في الدول العربية؟
في الحقيقة  الأجابة على هذا السؤال علينا أن نعرف أنَّ السياسة الأمريكية مبنية على المصالح وهي تبني سياستها الأستراتيجية على ضوئها ، وهي عندما رأت أن ألأنظمة الدكتاتورية في الوطن العربي أصبحت عبئا على كاهلها نتيجة جشع وطمع هذه الأنظمة وتمردها على أمريكا ، رأت ألأخيرة (كمافعلت مع شاه ايران وصدام حسين) أن تأتي بالأحزاب الأسلامية خدمة لمصالحها وليس خدمة للشعوب العربية ، فأمريكا تفاوضت مع الأحزاب ألأسلامية وخاصة حزب الأخوان المسلمين حتى قبل الربيع العربي وهي كما تقول كلنتون وزيرة الخاريجة ألأمريكية " أن لا مانع من وصول التيار الأسلامي طالما الشعب العربي يختارها في الأنتخابات !!!." ولكن في الحقيقة هي تفضّل ألأحزاب الأسلامية على الأحزاب العلمانية ، لأنَّ الأحزاب العلمانية تؤمن باصلاحات شاملة في بلدانها بدءا بالدستور ليكون دستورا مبني على حقوق الأنسان والحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة ، بينما الأحزاب الأسلامية لا تؤمن بالحرية والديمقراطية والمساوات بين ابناء الوطن الواحد وهذا يُسهّل على أمريكا لخلق دكتاتوريات من نوع اخر، حيثُ تكرِّس الطائفية  وتخلق صراعات دينية في المنطقة للحد من زحف المد الشيعي الأيراني وأدخال المنطقة في دوّامة من الصراعات الفكرية بين الأصلاحيين والأسلاميين (كما يحدث الآن في ايران والعراق) لهدف اضعاف هذه الدول ، وسهولة التدخل في شؤونها الداخلية. كما انّ امريكا بهذه الخطة( خطة الشرق ألأوسط الجديد) سيتسنى لها  وجود دائم في المنطقة بحجة حمايتها من النفوذ ألأيراني المتزايد والحد منه  كما يحدث ألآن في الخليج العربي. ومن المعلوم ان من يأتي بهذه الأحزاب (الأسلامية )عنده ورقة الضغط عليها في حالة  خروجها عن دورها المرسوم سابقا ،  كما حدث للأنظمة الدكتاتورية عندما حاولت التمرد على أمريكا (نتيجة هشاشة القانون لهذه الدول) ، الأمثلة على ما نقول هي كُلِّ من ، نظام البعث في العراق وسورية وكذلك نظام حسني مبارك ونظام معمر القذافي .....الخ)
الخلاصة
انّ الثورات الشبابية العربية نجحت وفشلت في آن واحد
فهي نجحت في الأطاحة بالأنظمة الدكتاتورية وفشلت (الى الآن على ألأقل) في الوصول الى أهدافها بسبب وصول الأحزاب الأسلامية التي ستبقى كابوسا على صدور شعوبها كما حدث في ايران ، فقد أطيح بنظام الشاه الدكتاتوري ولكن الثورة الأسلامية أتت بما هو أبشع من نظام الشاه بما لايقاس حيث ولاية الفقيه الذي يستمد سلطته من الله ولا يستطيع الشعب التخلص من هذا النظام المرعب بالرغم من محاولات الأصلاحيين دون جدوى ، حيث أستطاع هذا النظام أن يحكم  الشعب الأيراني بالحديد والنار منذ أكثر من ثلاثين سنة ، وهكذا هو أيضا النموذج العراقي بعد سقوط صدام حسين ، حيث كلنا يعرف كيف حاربت الأحزاب الأسلامية بعضها البعض ، وهل سننسى الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة ولا زال العراق يعيش على فوهة بركان الحروب الطائفية ، والتي اشعلتها هذه الأحزاب بمساندة سعودية (للسنة) وأيرانية(للشيعة) وبمباركة أمريكية (لهذه الفوضى الخلاّقة) ؟ . هكذا قد تتحوّل ثورات الربيع العربي الى شتاء قاسي قد يطول عشرات السنين ،  وهكذا قد تتحوّل  أحوال الشعوب والمجتمعات العربية الى الأسوء  ان هي قبلت حكم الأحزاب الأسلامية ، وستكون هذه الأحزاب مثل النار في الهشيم تحرق وتدمر وتعيث فسادا في الأرض ،  وستعيش الشعوب العربية  حالة من الرعب والخوف والتخلف في كافة ميادين الحياة ،  وستكون الكارثة لهذه الشعوب لامحالة . فهل يتعلم الشعب العربي دروسا وعبر من التاريخ؟ سؤال نطرحه للشعب العربي عسى ولعلَّ أن يفيقَ من نومه العميق  وينتفض على واقعه المرير ويختار لنفسه الحياة بدل الموت والحرية والكرامة بدل الذل والخنوع لأي قوة مهما كانت جبروتها طالما أنكسرَ حاجز الخوف لدى هذه الشعوب .

114
ما قبل ثورات الربيع العربي وما بعدها وانعكاساتها على مسيحيي الشرق ألأوسط
نافع البرواري
عندما سقط النظام الدكتاتوري في العراق , كشّرت  ألأحزاب ألأسلامية الراديكالية المتطرفة عن أنيابها , لتعيث فسادا في ألأرض , وقتلا ودمارا في نسيج المجتمع العراقي الذي كان الى يوم سقوط النظام مجتمع متماسك بالرغم من كُلِّ الجرائم التي أرتكبها النظام البائد (نظام البعث بقيادة الدكتاتور صدام حسين) بحق المواطنين العراقيين , وبغض النظر عن خلفياتهم الدينية والطائفية والقومية .
لم يكن النظام البعثي السابق  يفرِّق في ظلمه واستبداده  بين الشيعي والسني وبين العربي والكردي وبين المسيحي والمسلم , فالكل كانوا سواسية مظلومين,  والكل كانوا مرعوبين, ذاقوا أهوال الحروب العديدة وويلاتها وعانوا من الحصارألأقتصادي الظالم في زمن  هذا الطاغية, وهو نموذج و مثال للطغات والدكتاتوريين في الوطن العربي .
ولكن الغريب والعجيب والذي لا يمكن فهمه وأستيعابه هو مابعد سقوط الدكتاتور صدام حسين والدكتاتور حسني مبارك والدكتاتور معمر القذافي وانظمتهم القمعية (وسيعقبهم الباقون لامحالة ), حيث ظهرت أحزاب اسلامية راديكالية مثل حزب الدعوة وحزب الفضيلة في العراق , وحزب الأخوان المسلمين والسلفيين  في مصر وتحالفوا مع احزاب اخرى  وخطفوا حلم الشعوب العربية بالتمتع بالحرية والديمقراطية وتحقيق احلامهم بالعيش بسلام وامن ومساواة .
يا للكارثة يا للمصيبة التي فيها نتوقع تكرار مأسات هذه الشعوب (الشعوب العربية) كما حدث في أيران عندما خطفت الأحزاب الأسلامية الراديكالية , بقيادة الملالي , وعلى راسهم الخميني , ثورة الشباب ألأيراني , حيث ضحَوا الكثيرون من الشباب بحياتهم ثمنا لتلك الثورة على نظام الشاهنشاه محمد رضا بهلوي ( سقط سنة 1979) والمعروف بدكتاتوريته وعنجهيته ونهبه لثروات ايران . ولكن ها قد  مضى أكثر من 30 سنة على تلك الثورة التي سميت بالثورة الأسلامية ولا زال الشعب الأيراني يرزخ  تحت حكم الملالي ,وأصبح هذا النظام كابوسا مرعبا ورمزا للتخلف والعنصرية والأرهاب واكثر قمعا ووحشية ضد شعبه وخاصة ضد الشباب الذين يعانون ويلات هؤلاء الملالي الطغات الذين يدعون انّ شريعتهم استمدوها من الله وأنّ الدولة وكل ألطوائف الشيعية في العالم يجب أن يتبعوا ولاية الفقيه في قم.
 
وهكذا شهدنا اختطاف وقتل حلم الشعب ألأيراني  وكذلك انقسام الشعب العراقي الى طوائف ومذاهب منها الطائفة الشيعية التي في غالبيتها  تتبع ولاية الفقيه في ايران وباعوا وطنهم على حساب هذا الولاء , وحدثت حروب طائفية بين الشيعة والسنة وشهدنا مذابح رهيبة على الهوية بعد سقوط النظام البعثي في العراق  سنة 2003 , ولا زال العراقييون يعانون من نتائج تلك الحرب, وقد شهدنا في زمن ألأحزاب الأسلامية المتطرفة التي حكمت العراق بالحديد والنار , وذاق العراقيون عامة والمسيحيين خاصة مرارة الموت والأرهاب والترهيب والهجرة والقتل والذبح بسبب الصراع الرهيب بين هذه الأحزاب للسيطرة على الحكم على حساب دماء ألأبرياء.
والغريب  المضحك والمبكي في نفس الوقت هو أنّ هذه ألأحزاب هي كانت مظطهدة  ومظلومة من قبل النظام البعثي في العراق والشاهنشاهي في ايران .  وهكذا كان ألأخوان المسلمون مضطهدون من قبل النظام العسكري  في مصر  , وكانت السجون ألأيرانية في عهد الشاهنشاه والسجون العراقية في عهد صدام حسين وكذلك السجون المصرية في عهد حسني مبارك مليئة بالاف المعتقلين من تلك ألأحزاب ألأسلامية , ولكن هاهي تلك ألأحزاب تلعب نفس الدور الذي مارسته ألأنظمة الدكتاتورية السابقة  وتكرر ألأخطاء نفسها في زمن الدكتاتوريين الطغات ,لا بل أن الأحزاب ألأسلامية يلعبون بالنار  , وذلك بأثارة النعرات الطائفية والعرقية والدينية والقومية بين الطوائف والديانات والقوميات,  وكذلك زرع فكر التعصب الديني والطائفي في بلدانها, وبذلك فتحت هذه ألأحزاب أبواب الجحيم على نفسها وعلى ألأخرين وتعرض بلدانها الى مزيد من  الأنقسامت, فمن يستطيع أن يطفي هذه النيران؟  سؤال يحتاج الى أجابة. اليوم نشاهد عبر منابر ألأعلام والقنواة الفضائية وغيرها مشاهد رهيبة مرعبة تدمي القلوب وتقتل امال الشعوب العربية عندما نشاهد ألأنظمة الدكتاتورية المتهاوية تقمع شعوبها بالحديد والنار وتستعمل جميع الأسلحة الفتاكة لقتل شعوبها دون رحمة ولا شفقة (كما حدث في ليبيبا ويحدث في سوريا واليمن هذه الأيام) .
انها مشاهد لا بد  من الوقوف والتامل فيها ودراستها لمعرفة أسبابها وجذورها ليتم معالجتها في المستقبل . فما حدث في تونس ومصر وليبيا خاصة وما يحدث في سوريا واليمن هذه ألأيام هي ظاهرة تاريخية لا يمكن الا دراستها بتعمق لاستخلاص الدروس والعبر منها.
والغريب العجيب أنّ هناك شواهد بدأت تظهر في الدول العربية (ومنها على سبيل المثال  مصر), تؤكد أنّ الثورات العربية التي سميت بالربيع العربي يتم الألتفاف عليها وخطفها من قبل ألأنظمة السابقة بالتعاون مع الأحزاب الأسلامية الراديكالية المتطرفة (كما في حالة مصر بوجود المجلس العسكري التابع للنظام السابق بالأتفاق مع الأحزاب الأسلامية الراديكالية)
قبل أيّام شاهدنا وشاهد العالم بأسره مشاهد تقشعر لها ألأبدان  عن أعمال بربرية لا تقوم بها حتى الوحوش الكاسرة , ففي شوارع القاهرة وفي وضح النهار وقف الجيش المصري الصامد أمام حشود المسيحيين المطالبين بحقوقهم المشروعة والذين كانوا يمارسون أبسط حقوقهم وهو التظاهر في ساحة ماسبيرو أمام بناية  ( التلفزيون )المصري لتحقيق مطالبهم المشروعة وهي بأختصار أن يُعترف بهم  بأعتبارهم مواطنين مصريين أسوة ببقية المواطنين المسلمين في مصر, وارادوا (المسيحيين) أن يحصلوا على هذا  المطلب المشروع  والمقدس, ليمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية ويبنوا لأنفسهم الكنائس وألأديرة اسوة بالمواطنين المسلمين .
 ولكن كان الجيش المصري الباسل!!!( في زمن ثورة 25 يناير وفي عهد المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي, والبلطجية المستاجرين), بالمرصاد لهم فأطلق الجيش (ويقولون طرف ثالث )النار على المتظاهرين العزل في وضح النهار وكانوا( البلطجية) يمتطون المدرعات وألآليات العسكرية . وأنطلق الهجوم على ألأخوة ألأعداء(المسيحيين العزل من السلاح) وكانت ساحة الحرب هي شوارع القاهرة , وحصد الجيش المصري عشرات القتلى ومئات الجرحى ورجعت القوات المصرية الى ثكناتها العسكرية غانمة منتصرة بفضل الله وبفضل ضباط الجيش وجنوده ألأحرار ألأبطال .
علما أنّ قوات الجيش المصري المنتصر فقدت ثلاثة قتلى وعدد من الآليات احترقت في ساحة المعركة.
عاش الجيش المصري الباسل عاش الجيش العراقي الباسل , عاش الجيش الليبي الباسل , عاش الجيش السوري الباس ,  عاش جيش حزب الله البطل ,عاش الجيش اليمني الباسل , عاشت جيوش الأمة العربية, ولتفتخر هذه الجيوش الى ألأبد بسحق شعوبها (سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين)  , وحرق كنائس وجوامع شعوبها (سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين).
الله أكبر , ألله أكبر, وليخسأ الخاسئون والى مزيد من ألأنتصارت لقواتنا العربية المسلحة الباسلة على( قطعان شعوبها)

115

ما قبل ثورات الربيع العربي وما بعدها وانعكاساتها على مسيحيي الشرق ألأوسط


نافع البرواري

عندما سقط النظام الدكتاتوري في العراق , كشّرت  ألأحزاب ألأسلامية الراديكالية المتطرفة عن أنيابها , لتعيث فسادا في ألأرض , وقتلا ودمارا في نسيج المجتمع العراقي الذي كان الى يوم سقوط النظام مجتمع متماسك بالرغم من كُلِّ الجرائم التي أرتكبها النظام البائد (نظام البعث بقيادة الدكتاتور صدام حسين) بحق المواطنين العراقيين , وبغض النظر عن خلفياتهم الدينية والطائفية والقومية .
لم يكن النظام البعثي السابق  يفرِّق في ظلمه واستبداده  بين الشيعي والسني وبين العربي والكردي وبين المسيحي والمسلم , فالكل كانوا سواسية مظلومين,  والكل كانوا مرعوبين, ذاقوا أهوال الحروب العديدة وويلاتها وعانوا من الحصارألأقتصادي الظالم في زمن  هذا الطاغية, وهو نموذج و مثال للطغات والدكتاتوريين في الوطن العربي .
ولكن الغريب والعجيب والذي لا يمكن فهمه وأستيعابه هو مابعد سقوط الدكتاتور صدام حسين والدكتاتور حسني مبارك والدكتاتور معمر القذافي وانظمتهم القمعية (وسيعقبهم الباقون لامحالة ), حيث ظهرت أحزاب اسلامية راديكالية مثل حزب الدعوة وحزب الفضيلة في العراق , وحزب الأخوان المسلمين والسلفيين  في مصر وتحالفوا مع احزاب اخرى  وخطفوا حلم الشعوب العربية بالتمتع بالحرية والديمقراطية وتحقيق احلامهم بالعيش بسلام وامن ومساواة .
يا للكارثة يا للمصيبة التي فيها نتوقع تكرار مأسات هذه الشعوب (الشعوب العربية) كما حدث في أيران عندما خطفت الأحزاب الأسلامية الراديكالية , بقيادة الملالي , وعلى راسهم الخميني , ثورة الشباب ألأيراني , حيث ضحَوا الكثيرون من الشباب بحياتهم ثمنا لتلك الثورة على نظام الشاهنشاه محمد رضا بهلوي ( سقط سنة 1997) والمعروف بدكتاتوريته وعنجهيته ونهبه لثروات ايران . ولكن ها قد  مضى أكثر من 30 سنة على تلك الثورة التي سميت بالثورة الأسلامية ولا زال الشعب الأيراني يرزخ  تحت حكم الملالي ,وأصبح هذا النظام كابوسا مرعبا ورمزا للتخلف والعنصرية والأرهاب واكثر قمعا ووحشية ضد شعبه وخاصة ضد الشباب الذين يعانون ويلات هؤلاء الملالي الطغات الذين يدعون انّ شريعتهم استمدوها من الله وأنّ الدولة وكل ألطوائف الشيعية في العالم يجب أن يتبعوا ولاية الفقيه في قم.
 
وهكذا شهدنا اختطاف وقتل حلم الشعب ألأيراني  وكذلك انقسام الشعب العراقي الى طوائف ومذاهب منها الطائفة الشيعية التي في غالبيتها  تتبع ولاية الفقيه في ايران وباعوا وطنهم على حساب هذا الولاء , وحدثت حروب طائفية بين الشيعة والسنة وشهدنا مذابح رهيبة على الهوية بعد سقوط النظام البعثي في العراق  سنة 2003 , ولا زال العراقييون يعانون من نتائج تلك الحرب, وقد شهدنا في زمن ألأحزاب الأسلامية المتطرفة التي حكمت العراق بالحديد والنار , وذاق العراقيون عامة والمسيحيين خاصة مرارة الموت والأرهاب والترهيب والهجرة والقتل والذبح بسبب الصراع الرهيب بين هذه الأحزاب للسيطرة على الحكم على حساب دماء ألأبرياء.
والغريب  المضحك والمبكي في نفس الوقت هو أنّ هذه ألأحزاب هي كانت مظطهدة  ومظلومة من قبل النظام البعثي في العراق والشاهنشاهي في ايران .  وهكذا كان ألأخوان المسلمون مضطهدون من قبل النظام العسكري  في مصر  , وكانت السجون ألأيرانية في عهد الشاهنشاه والسجون العراقية في عهد صدام حسين وكذلك السجون المصرية في عهد حسني مبارك مليئة بالاف المعتقلين من تلك ألأحزاب ألأسلامية , ولكن هاهي تلك ألأحزاب تلعب نفس الدور الذي مارسته ألأنظمة الدكتاتورية السابقة  وتكرر ألأخطاء نفسها في زمن الدكتاتوريين الطغات ,لا بل أن الأحزاب ألأسلامية يلعبون بالنار  , وذلك بأثارة النعرات الطائفية والعرقية والدينية والقومية بين الطوائف والديانات والقوميات,  وكذلك زرع فكر التعصب الديني والطائفي في بلدانها, وبذلك فتحت هذه ألأحزاب أبواب الجحيم على نفسها وعلى ألأخرين وتعرض بلدانها الى مزيد من  الأنقسامت, فمن يستطيع أن يطفي هذه النيران؟  سؤال يحتاج الى أجابة. اليوم نشاهد عبر منابر ألأعلام والقنواة الفضائية وغيرها مشاهد رهيبة مرعبة تدمي القلوب وتقتل امال الشعوب العربية عندما نشاهد ألأنظمة الدكتاتورية المتهاوية تقمع شعوبها بالحديد والنار وتستعمل جميع الأسلحة الفتاكة لقتل شعوبها دون رحمة ولا شفقة (كما حدث في ليبيبا ويحدث في سوريا واليمن هذه الأيام) .
انها مشاهد لا بد  من الوقوف والتامل فيها ودراستها لمعرفة أسبابها وجذورها ليتم معالجتها في المستقبل . فما حدث في تونس ومصر وليبيا خاصة وما يحدث في سوريا واليمن هذه ألأيام هي ظاهرة تاريخية لا يمكن الا دراستها بتعمق لاستخلاص الدروس والعبر منها.
والغريب العجيب أنّ هناك شواهد بدأت تظهر في الدول العربية (ومنها على سبيل المثال  مصر), تؤكد أنّ الثورات العربية التي سميت بالربيع العربي يتم الألتفاف عليها وخطفها من قبل ألأنظمة السابقة بالتعاون مع الأحزاب الأسلامية الراديكالية المتطرفة (كما في حالة مصر بوجود المجلس العسكري التابع للنظام السابق بالأتفاق مع الأحزاب الأسلامية الراديكالية)
قبل أيّام شاهدنا وشاهد العالم بأسره مشاهد تقشعر لها ألأبدان  عن أعمال بربرية لا تقوم بها حتى الوحوش الكاسرة , ففي شوارع القاهرة وفي وضح النهار وقف الجيش المصري الصامد أمام حشود المسيحيين المطالبين بحقوقهم المشروعة والذين كانوا يمارسون أبسط حقوقهم وهو التظاهر في ساحة ماسبيرو أمام بناية  ( التلفزيون )المصري لتحقيق مطالبهم المشروعة وهي بأختصار أن يُعترف بهم  بأعتبارهم مواطنين مصريين أسوة ببقية المواطنين المسلمين في مصر, وارادوا (المسيحيين) أن يحصلوا على هذا  المطلب المشروع  والمقدس, ليمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية ويبنوا لأنفسهم الكنائس وألأديرة اسوة بالمواطنين المسلمين .
 ولكن كان الجيش المصري الباسل!!!( في زمن ثورة 25 يناير وفي عهد المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي, والبلطجية المستاجرين), بالمرصاد لهم فأطلق الجيش (ويقولون طرف ثالث )النار على المتظاهرين العزل في وضح النهار وكانوا( البلطجية) يمتطون المدرعات وألآليات العسكرية . وأنطلق الهجوم على ألأخوة ألأعداء(المسيحيين العزل من السلاح) وكانت ساحة الحرب هي شوارع القاهرة , وحصد الجيش المصري عشرات القتلى ومئات الجرحى ورجعت القوات المصرية الى ثكناتها العسكرية غانمة منتصرة بفضل الله وبفضل ضباط الجيش وجنوده ألأحرار ألأبطال .
علما أنّ قوات الجيش المصري المنتصر فقدت ثلاثة قتلى وعدد من الآليات احترقت في ساحة المعركة.
عاش الجيش المصري الباسل عاش الجيش العراقي الباسل , عاش الجيش الليبي الباسل , عاش الجيش السوري الباس ,  عاش جيش حزب الله البطل ,عاش الجيش اليمني الباسل , عاشت جيوش الأمة العربية, ولتفتخر هذه الجيوش الى ألأبد بسحق شعوبها (سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين)  , وحرق كنائس وجوامع شعوبها (سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين).
الله أكبر , ألله أكبر, وليخسأ الخاسئون والى مزيد من ألأنتصارت لقواتنا العربية المسلحة الباسلة على( قطعان شعوبها)

116


البدع والهرطقات في القرون ألأولى للمسيحية
الجزء الثالث
2- الناصرييّون
نافع البرواري
من هم الناصرييون؟ ولماذا سمّيوا ب( النصارى) أو( النصرانيين)؟
في الحقيقة هناك التباس كبير لدى الكثيرين عندما يخلطوا بين  الناصريين والنصارى(النصرانيين) ولكن الحقيقة هناك فروقات كثيرة بينهما.
الناصرييون: فئة من المسيحيين من أصل يهودي هربوا سنة 60 -70 م بعد سقوط أورشليم وانتشروا في العالم ووجدوا في فلسطين والجزيرة العربية والعراق وضيّعوا ألأيمان الصحيح. الناصريين يختلفون عن المسيحيين ,فالمسيحيين سمّيوا لأول مرة بهذا الأسم في انطاكية كما ورد ن في أعمال الرسل"......وفي أنطاكية تسمّى التلاميذ أوّل مرة بالمسيحيين"أعمال11:26"(1).
كان قبلا يسمّون بجماعة المؤمنين أو التلاميذ ثم اطلق بعد ذلك على المسيحيين اسم الناصريين كما أطلق الوالي الروماني على بولس "زعيم شيعة الناصريين"أعمال 24:5". لقد وجد الناصرييون منذ بداية المسيحية  ولقد أُشيرَ الى الرسول بولس أنّه زعيم  على شيعة الناصريين"...وجدنا هذا الرجل مفسدا يثير الفتن بين اليهود في العالم كُلُّه, وزعيما على شيعة النصارى." (أعمال الرسل 24:5).
والناصرييون جماعة المؤمنين بالمسيح الملقّب بالناصري كما جاء في أنجيل لوقا.فقد ورد عن المسيح أنَّه "يُدعى ناصريا" .
انَّ اغلبية المفسِّرين يُرجعون المعنى الى انتسابهم الى مدينة الناصرة(نتسرت بالعبرية القديمة ونتصرت بالعبرية الحديثة) في فلسطين . بينما لقّب المسيح بالناصري نسبة الى مدينة الناصرة التي تعني باللغة العبرية ( نتسرت أو نتصرت) أي برعم او غصن الرب" ويدعى الرجل غصن الرب"اشعيا11:1 "  , وكلمة الناصري تعني باللغة العبرية "نتسر" . ولهذا لقّب المسيح ب"الناصري" في الترجمة العربية (2).
وقد تعني الناصريون ايضا(نصرويو) بالآرامية وباليونانية (ناسورويو) أو نساريين (لأن اليونان يستعملون حرف السين بدل حرف الصاد), وكانت تطلق على مسيحي السريان المتكلمين باللغة ألآرامية السريانية. فمن المعروف أنّ اللغة السريانية كانت منتشرة بين المسيحيين العائشين تحت حكم ألأمبراطورية الفارسية(العراق اليوم) وجزء من الشام وتركيا, وكان يطلق على المسيحيين هؤلاء لقب "نصرويو"(3)
معتقد الناصرييون:
الناصرييون متمسكون بالتقاليد اليهودية وبالشريعة الموسوية وكانوا مقبولين في الكنيسة ألأولى ,وقد وردت الكلمة مرة واحدة في أعمال الرسل (نازوري), وهم يهود يمارسون الشريعة اليهودية و يؤمنون  ايضا أن المسيح هو المسيح المنتظر ولكنهم متمسكين بالتقاليد اليهودية وبالشريعة الموسوية(4) .
الناصرييون لا يتفقون مع اليهود بسبب ايمانهم بالمسيح , ولا مع المسيحيين لأنهم متمسكون بالناموس والختان والسبت وأشياء اخرى. كان الناصرييون مقبولين في الكنيسة الأولى قبل أن يتبلور الفكر المسيحي الذي ازال كل شوائب اليهود في المسيحية بعد مجمع اورشليم سنة 49 م(راجع أعمال الرسل:15).
 كان "الناصرييون " يؤمنون بأنّ يسوع المسيح هو ابن الله ,وأنّ تعاليمه كانت أسمى من تعاليم موسى وسائر ألأنبياء . كذلك كانوا يؤمنون بأنّ المسيح سوف يأتي ليحكم العالم لمدّة الف عام . وأصرَّالناصرييّون اللذين ينحدرون من أصل يهودي ,شأنهم في ذلك شأن المتهودين والأبيونيين(راجع مقالنا السابق) , على ضرورة الختان , والمحافظة على السبت, ومراعاة أوامر الشريعة الموسوية الخاصة بالمأكل ونواهيها. ولكنهم أعفوا المسيحيين من غير اليهود من هذه ألأوامر. ولقد قال عنهم القديس ايرونيموس: انّ هؤلاء الناصريين ليسوا باليهود كما أنّهم ليسوا بالمسيحيين(5).
من هم النصارى(أو النصرانيين)؟ ولماذا سمّيوا  بهذا ألأسم؟.
عند مراجعتنا القرآن والسيرة والأحاديث والتفاسير القرانية وحتى التاريخ ألأسلامي سوف نصل الى نتيجة مفادها أن القران أطلق على المسيحيين,  وعلى جميع الشيع والهرطقات والبدع المسيحية ,لقب النصارى (أو النصرانيين) وقد شاعت هذه التسمية ألأخيرة في الدول العربية والأسلامية حتى يومنا هذا.
كلمة النصارى تكررت 13 مرة في القران أمّا كلمة المسيحيين فلم ترد في القران ولا مرة.
,في الحقيقة الناصريين(المنتمين الى مدينة الناصرة الفلسطينية) ليسوا النصارى كما ورد في القرآن(والتي أكثر تفسيرات علماء المسلمون يقصدون بهذه التسمية جماعة الذين ناصروا المسيح كما جاء في ألآية القرآنية (قال الحواريون نحن أنصار الله). وقد قيل : "النصرانية " تعني دين أتباع المسيح كم جاء في المعجم الوسيط . اليهود يطلقون على المسيحية أسم   נצרות وتلفظ نَتسروت وهي من جذ ر يقابل الجذر العربي ن.ص.ر. وهي مشتقة من الناصرة" נצרת   " وذلك لأنَّ المسيحيين هم أتباع يسوع الناصري, بينما سمّي أتباع المسيح بالمسيحيين في أنطاكيا لاحقا, وأختفى مع الوقت لقب "الناصريين" بسبب أعتباره لقبا تحقيريا يهوديا لأتباع المسيح خصوصا أن اليهود كانوا يحتقرون ما يخرج من الناصرة بدليل ذكر ذلك من قبل نثنائيل لفيلبس"أمن الناصرة يمكن أن يكون شيئ صالح؟"يوحنا 1:46". الا أنَّ بعض المتنصرين من اليهود الذين رغبوا بالأبقاء على الشريعة الفريسية ونقلها للمسيحية تمسَّكو بلقب الناصريين الذي تحرَّف مع الوقت الى :نصارى" على يد العرب لاحقا, قبل ظهور ألأسلام لتشير الى المسيحيين المتمسكين بالشريعة الموسوية. واذ أتبع العرب هذا اللقب اي"النصارى" اشارة الى أتباع المسيح فانهم اصبحوا يطلقونه على كل من يتبع المسيح حتى مسيحيّوا الروم والشام والعراق والقبط وفارس وأهل اليمن والحبشة  رغم اختلاف عقائدهم...... وقد يكون المسيحييون العرب من أهل البادية قد قبلوا هذا اللقب وأستخدموه قبل ظهور الأسلام الى أنّ الأشارة اليه قد  خفّت أو أنعدمعت بعد ظهور ألأسلام وفضَّل المسيحييون ومنهم العرب لقب "المسيحيّة " على " النصرانية" لاحقا. واذا كان المسلمون يفضِّلون لقب  "النصرانية", على لقب" المسيحية" فأنَّ المسيحيين في مجملهم يرفضونه ويعتبرونه لقبا تحقيريا. (6)
يقول موسى الحريري(7).
"هناك فرق بين نصرانية ألأمس ومسيحية اليوم ,فتلك أسلمت, ومسيحية اليوم لم يعرفها ألأسلام ولم يفهمها قط, وانّ هدف القس ورقة بن نوفل والنبي كان تلك النصرانية وليس مسيحية اليوم, فاراد القس أن يجمع الشيع والطوائف المبعثرة (شيع واحزاب النصرانية) في شبه الجزيرة العربية وجمعها في دين واحد (الأسلام).... فالقس أختار محمد وزوَّجه من خديجة (النصرانية) وعلّمه التوراة والأنجيل وناموس موسى وعيسى ونقل له ألأنجيل العبراني بلسان عربي مبين ".
يجب أن لا نغفل ما حوته تلك الحقبة –وبخاصة ما قبل ألأسلام- من صراعات بين الفرق المسيحية المتهودة بخصوص الوهية المسيح. والقرآن أطلق على جميع هذه البدع والهرطقات أسم النصارى. فالنصرانية قد تعني بمفهوم ألأسلام مجموعة من الفرق والنحل والملل والبدع والأحزاب وألأبيونية هي فرع منها .

للذين يرودون ألأطلاع على ألأجزاء المنشورة عليهم مراجعة المواقع التالية

http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=23919

http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=23872

http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=23671
-------------------------------------------------------------------------------------------------------
 المصادر
(1)بولس الفغالي من على قناة النور-برنامج ابواب مفتوحة
(2)بحث للأستاذ صموئيل المختص باللغة العبرية على احد مواقع الأنترنت.
.(3)ألأب سمير خليل أستاذ جامعي دكتوراه في ألأسلاميات
(4)نفس المصدر السابق
(5) الكنيسة الكاثوليكية والبدع-ألأب جورج رحمة
6) راجع الموقع أدناه
(http://www.facebook.com/topic.php?uid=39245757046&topic=11278
(7) موسى الحريري في كتابه" القس والنبي"
المصادر الأخرى
الكتاب المقدس
القران

117
البدع والهرطقات في القرون الأولى للمسيحية
نافع البرواري
مقدمة:
هناك عبر التاريخ من يحاولون تحريف ألأيمان عند المتكاسلين وأغواء الناس بطرق ووسائل شيطانية ويثيرون الحروب (الروحية والجسدية) لأنَّهم اصطفوا مع قوات الشر الروحية. لكن تبقى كلمة الله وعطية الحياة ألأبدية لاتقدران بثمن, بهما يستطيع المؤمنون أن يدافعوا عن الحق لأنّهم سلّموا حياتهم لأبن الله وأصطفوا بجانب المسيح الحي(كما فعل من قبلنا ابائنا في الأيمان عندما ردّوا على البدع والهرطقات منذ بدايات المسيحية الى يومنا هذا). وهكذا تبقى مسؤولية المؤمنين متميّزة وشاقة وقد تكون مؤلمة, لكنها أمتياز عظيم. ومهمة المؤمن بالمسيح هي أن يعرف أولا مخاطر التعليم المضل وماهية رسالة ألأنبياء الكذبة وماهية أسلحة الشيطان التي يتسلحون بها, عندها يستطيع المؤمنون أن يفضحوا زيف دعوتهم ورسائلهم, وأن يردوا المضلّلين منهم الى طريق الحق والحياة. لقد ظهرت بدع وهرطقات(متأثِّرة بالشريعة اليهودية) منذ قيامة الرب يسوع المسيح وصعوده الى السماء, وهي بدع حاولت التمسك الأعمى بالشريعة والممارسات اليهودية رافضين الخلاص الذي قدمه يسوع المسيح بموته على الصليب من اجل البشرية. وكان اليهود يعتقدون انّ المسيح ياتي كملك عظيم ليحقق أحلامهم وطموحاتهم السياسية. لقد راح الكثيرون من اليهود, المتضررون من تعاليم الرب يسوع المسيح عن المحبة والسلام والتواضع ...الخ, يُنددون ويحاربون المسيحية من الداخل ويُسخرون من الرسل والمؤمنين ويحتقرون تواضعهم وتجردهم من شهوات هذا العالم وكل ما يبعدهم من الرب يسوع المسيح وتعاليمه السماوية. لقد شاع بين الناس (ومنذ أن كان المسيح يعمل العجائب ويشفي المرضى ويقيم الأموات ويغفر الخطايا) أنّ يسوع  هو أحد ألأنبياء العظام, ولهذا سأل الرب يسوع المسيح تلاميذه قائلا:"من هو أبن ألأنسان برأي النّاس؟" فاجابوا:"بعضهم يقول: يوحنا المعمدان, وبعظهم يقول: أيليّا, وغيرهم يقول :ارميا أو أحد الأنبياء". فقال لهم "ومن انا في رأيكم أنتم؟"فاجاب سمعان بطرس: "أنت المسيح أبن الله الحي ". فقال له يسوع: هنيئا لك, يا سمعان بن يونا ! ما كشف لك هذه الحقيقة أحدٌ من البشر, بل أبي الذي في السماوات. وأنا أقول لك: أنتَ صخرٌ, وعلى هذه الصخرة سأبني كنيستي, وقوات الموت لن تقوى عليها"متى16".هذا هو أعتراف ألأيمان الذي قدّمه بطرس الرسول ويقدمه كُلِّ المؤمنين بعده. فالمؤمنون هم كنيسة المسيح المبنية على أساس الرسل والأنبياء, ويسوع المسيح نفسه حجر الزاوية لهذه الكنيسة "1بطرس 2:4,5,6" والتي لن تقوى قوات الشر الروحيةعليها. فالبناية قد تكون جيِّدة ولكن لايمكن أستخدامها أذا كان اساسها متزعزع  (مبني على الرمل).

الكنيسة الجامعة والهرطقات:

الله ألآب أرسل ألأبن, والأبن ارسل الرسل وأعطاهم السلطة, فاصبحت الكنيسة جامعة مقدّسة رسولية, وهي ليست كنيسة روما الكاثوليكية فقط, بل (الكاثوليكية) الجامعة الكونية. الرسل هم الذين أُعطوا سلطان من المسيح للذهاب الى العالم كُله"متى 28:19,20  ", فعلى كُلِّ كنيسة, تؤمن بالمسيح أبن الله الحي, أن تعترف بكونها كنيسة جامعة رسولية, والاّ ستتحول الكنيسة الى هرطقات. فالكنيسة يجب أن تكون وحدة جامعة, كما نقول أنّ الله جامع في ثلاثة اقانيم.
انَّ أصحاب البدع والهرطقات ارادوا أن يقسِّموا هذه الكنيسة منذُ أنطلاقتها الأولى ,  كما نقرأ في سفر اعمال الرسل"ونزل جماعة من اليهوديّة وأخذوا يُعلِّمون ألأخوة فيقولون:"لاخلاص لكم الاَّ اذا أختتنتُم على شريعة موسى"راجع سفر ألأعمال 15:".
لقد اكّد الرب يسوع المسيح للتلاميذ أنّه سوف تكون هناك انشقاقات, وانَّ الشرير سيزرع الزؤان مع الحنطة"متى 13: 24-30"  وسوف يظهر انبياء كذبة هم كالذئاب المفترسة ومعلمون دجالون مظلّلين يخدعون الكثيرين من الناس بالبدع والهرطقات "متى24:4", "2بطرس1:2".
وحتى القديس يوحنا في رسالته يُوضّح أنه يوجد أناس في زمانه هراطقة ومبتدعين "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لان أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" 1يو1:4 .
فقد ظهرت أيضا بدع وهرطقات(متاثرة بالفلسفة الغربية المتعقلنة) تطعن في الوحي الألهي وتعتمد على الخلاص بالعقل والمعرفة السريّة نابعة من روح داخلي خاص بهم(النور الداخلي) وهذه البدع  منبعها "الغنوصية "التي نصبت العقل أو العاطفة والغريزة كقانون لها في الحياة. وقادة هذه الهرطقات  كانوا يعتبرون أنفسهم هم النخبة العارفة باسرار المعرفة, بينما الشعب هو مثل قطيع الأغنام ليس له الا الطاعة وألأيمان باقوالهم ومعرفتهم السرية.
وهكذا على مر التاريخ أصبح هناك أنبياء كذبة  وبدع وهرطقات يحاولون تحوير حق ألأنجيل (كلمة الله الحيّة)لأسباب رئيسية منها:
1- امّا لأنّهم لايفهمون تعاليم الكتاب المقدس.
2- أو لايستريحون للحق كما يعلنه الكتاب المقدس.
3- أو هم يريدون الخلاص بالجهد الذاتي(باعمالهم وليس بالنعمة ).
ولكن كيف نعرف أو نكتشف التعليم الكاذب والغير المستقيم؟ ألجواب هو ماذا تُعلِّم هذه الجماعة أو ألأنبياءعن يسوع المسيح. فاذا كان تعليمهم لا ينطبق على الحق المعلن في كلمة الله  فهو تعليم غير مستقيم(تعليم كاذب).
 ماهو تعريف البدعة في مفهوم المسيحية ؟
من خلال قرائتنا للكتاب المقدس يمكن أن نحصر معنى البدعة كما يلي:
البدعة:"هي دين أو جماعة تقوم بنكران واحد أو أكثر من المبادئ المسيحية ألأساسية",  والبدعة في اللغات اللاتينية تعني ألأنفصال عن ألأصل( أي انشقاق جماعة من المسيحية).
أمّا الهرطقة بالمفهوم المسيحي:
ويطلق عليها أيضا الزندقة, هي تغيُّر في عقيدة أو منظومة معتقدات مستقرة, وخاصة الدين, بأدخال معتقدات جديدة عليها أو أنكار أجزاء أساسية منها بما يجعلها بعد التغيُّر غيرمتوافقة مع المعتقد ألمبدئي الذي نشأت فيه  هذه الهرطقة.
يركِّز التعريف في هذه المقالة على السياق المسيحي بسبب الخلفية التي نشأت فيها الكلمة, لكن"الهرطقة"تنطبق في سياقات مختلف العقائد, الديني منها وغيره.( راجع ويكيبيديا-الموسوعة الحرة).هنا يتبين لنا التشابه بين مفهوم البدعة والهرطقة . وهناك قد يظهر ايضا افراد من دون أن يدخلوا رسميا في ايّ بدعة يكوِّنون لأنفسهم بدعة أو هرطقة يبشّرون بها, اذ يميلون الى ألأنعزال والتخلي عن الكنيسة عبر ابتداع نظام فلسفي أو روحي خاص بهم, ثم يحاولون أقناع الآخرين به.

أمّا المباديء ألأساسية في المسيحية هي:
   
 ألأعتراف بيسوع المسيح ابن الله الحي المرسل من الآب ليهب الحياة الأبدية للذين يقبلونه مخلصا لهم, والأعتراف بالرسل الذين ارسلهم المسيح حاملين الى العالم اجمع بشرى الخلاص والتعميذ باسم ألآب والأبن والروح القدس(الأله الواحد), وألأعتراف بسر المعمودية والتجسّد وولادة المسيح المعجزية من مريم العذراء بحلول الروح القدس, وسر الأفخارستية والأسرار الأخرى, والأعتراف بالعمل الكفاري, ليسوع المسيح, لمغفرة الخطايا  بفدائه البشرية بدمه الزكي المهراق على الصليب وموته وقيامته في اليوم الثالث من بين الأموات وصعوده الى السماء, والتبرير الحاصل بالنعمة المجانية وليس بجهدنا وأعمالنا البشرية التي هي تأتي نتيجة للعمل الخلاصي للرب يسوع المسيح.
فكل روح تعترف بهذه المبادي ألأساسية فهي تحسب ضمن الكنيسة الجامعة الرسولية, وكل روح لاتعترف بهذه المبادئ وتزوغ عن واحدة أو أكثر من هذه المبادئ فهي بدعة خارجة عن المسيحية الحقيقيقة وعن تعاليم الكتاب المقدس
وسوف نتكلم عن أهم البدع, انشاء الله, التي ظهرت في القرون الأولى للمسيحية: كيف نشأت, وما هي عقائدها, ولماذا حرمتها الكنيسة الجامعة الرسولية؟.

118

"هم يعشقون الموت ونحن نعشق الحياة"
نافع البرواري

يقول كاتب سفر الأمثال
"كُلِّ مبغضيَّ أحبوا  الموت"أمثال2
""ويلٌ لمدينة الدماء! يملأها الغدرُ والرعبُ ولا يجول فيها طرفٌ"ناحوم 3:1"
هناك بعض الناس تختار الموت بدل  الحياة والشر بدل الخير والتعاسة بدل الهناء ويتّقنون صناعة الموت بدل صناعة الحياة والهلاك بدل الخلاص والحرب بدل السلام.الله يوضح لنا وجه الخطأ في القتل,فقتل انسان هو قتل شخص خُلق على صورة الله ,وحيث أنَّ كُلِّ الناس قد خُلقوا على صورة الله ,فكل الناس يمتلكون الخصائص التي تميِّزهم عن الحيوانات,سواء من النواحي ألأدبية والعقلية والأبداعية أو القيمة الذاتية,فعندما نتعامل مع الآخرين من اخوتنا في الأنسانية فأننا يجب ان  نتعامل معهم ككائنات ستحيا الى الأبد "تكوين 9:6"أمّا دماؤكم أنتم فأطلبُ عنها حسابا من كُلِّ حيوان أو أنسان سفكها.وعن دم كُلِّ انسان أطلبُ حسابا من أخيه ألأنسان......فعلى صورة الله صنع الله الأنسان"
في احد القنواة الفضائية كان هناك موضوع عن الثأر في احدى البلاد العربية وهي نموذج للكثير من البلدان التي لا زالت تعيش في جحيم الثأر والأنتقام والقتل والفعل ورد الفعل بحيث اصبح القتل هو جزء من حياة هذه القبائل وبات يشكل كابوسا رهيبا ونارا تأكل اليابس والأخضر في هذه البلدان.
يقول مقدم هذا الريبورتاج
"انَّهم يتحيَّفون اذا مات أحدهم موتا طبيعيا وهو مطلوب أن يثأر على الذين قتلوا احد رجال قبيلته" اليس هذا العمل الشنيع هو ارهاب بكل معنى الكلمة؟. نعم انَّهم يحصدون الموت بسبب الثار والعنف والكراهية والحقد .يقول الرب يسوع المسيح"ماذا ينتفع الأنسان لو ربح العالم كلِّه وخسر نفسه"
"انَّ  ما يزرعه الأنسان ايّاه يحصد" فالذين يزرعون الموت يحصدون الموت والذين يزرعون السلام يحصدون السلام,والذين يزرعون المحبة يحصدون المحبة والذين يزرعون الحقد يحصدون الحقد والكراهية. انَّ الحياة نعمة مجانية وهبها الله الخالق لنا وكُلَّ من يحلل القتل فهو لا يعرف الله الحقيقي بل هو ابن الشيطان لأنَّ الله يقول لنا "ليَ الأنتقام أنا أُجازي" فمن نصبك ديّانا للناس ايّها الأنسان؟ . كيف يتصور الأنسان السوي سرقة حياة انسان اخر خلقه الله  ووهبه الحياة ؟. ان قتل الأنسان لأخيه ألأنسان لايتوقف على الضحيّة فقط بل يحطم حياة عائلة كاملة بل مجتمعات بأكملها ,ويسرق عنها بسمة الحياة ؟ من الذي أعطى سلطة الموت أو الحياة للأنسان ؟. اليس الله وحده وهب الحياة لنا وهو وحده يستطيع اخذها؟ هكذا كُلِّ من يشرِّع القتل ,ومهما كانت الأسباب ,فهو يضع نفسه فوق سلطة الله . اليس الله يشرق شمسه على الأشرار والأخيار؟
. نعم الله خلقنا لكي نفرح في هذه الحياة ونمجد اسمه وأن نحب اخوتنا في الأنسانية لكي نعيش في سلام وامان . والرب يسوع المسيح يقول: "جئت لأهب الحياة والحياة الأفضل"
هناك رجال دين نصبوا انفسهم ليقرروا مصير الآخرين بالأستناد الى افكارهم وعقولهم المريضة فيفتون بتحريم الأحتفال بعيد الحب لأنه عيد للكفار ,وتحريم تهنئة المسيحي بعيد الكرسمس  ويمنعون الفن والرسم والرياضة  والموسيقى والشعر وكل ما هو جمال في هذه الحياة . ومئات الفتاوى التي تمنع الأنفتاح على الآخرين وتصف كُلّ من ليس معهم فهو عدُّوهم "اليس هذا فكرا ارهابيا  عنصريا؟ وما  هو أختلاف هؤلاء عن النازية والفاشية والأصولية ؟
كيف تتقدم امَّةٌ اخلاقيا واجتماعيا وانسانيا وعلميا  عندما يسيطر على هذه المجتمعات الفكر والعقيدة التي تجعل الخير شرا والشر خيرا والحلال حراما والحرام حلالا والظلمة نورا والنور ظلمة  ويستبيحون هدر دم الآخرين ؟
فباي حق يسرق الأنسان حياة غيره؟ وبايِّ شريعة يشرِّع الأنسان شريعة الموت لأخوه الأنسان ؟في الحقيقة هذه شريعة الشيطان الذي ,كما يقول المسيح عنهُ,انّهُ كان منذ البدء قاتلا وكذّابا وأبو الكذب.
 قال الرب يسوع المسيح لليهود الذين رفضوه وارادوا قتله بدون وجه حق:
"ولكنكم تريدون قتلي لأنَّ كلامي لا محل له فيكم....أنا الذي كلَّمكم بالحقِّ كما سمعته من الله.....لماذا لا تفهمون ما أقوله لكم؟ لأنَّكم أولاد أبيكم ابليس, وتريدون أن تتّبعوا رغبات أبيكم ,هذا الذي كان منذ البدءِ قاتلا...وهو يكذب ,والكذبُ في , طبعه, لأنَّه كذّاب وأبو الكذب"يوحنا 8"
عندما  يشرب الأنسان الخمرُ ويسكر فيطلب المزيد من الخمر ثم المزيد هكذا ألأنسان الذي يقتل لأوّل مرة  فيصبح القتل عنده بعد ذلك مثل شرب الخمر يزيد ويستمتع بالقتل .
 يقول أحد ألضباط ألأمريكيين الذين كانوا شهود عيان على مذابح رواندا "الحرب الأهلية بين قبيلتي توتسي وهوتو والتي راح ضحيّتها مئات الآلاف من المدنيين"
"عندما أجتمعتُ بقيادة الميليشيات التي كانت تقود الناس الى القتل والذبح رأيتُ أيديهم واجسادهم ملطّخة بالدم,وكنتُ أريدُ قبل هذا المشهد أن اتفاوض معهم لوقف اطلاق النار والتوقف عن سفك الدماء وانهاء المذابح الرهيبة بين القبيلتين والشعبين, ولكني رايت نفسي أتكلم مع ناس أنقلبوا الى شياطين  وفقدوا كُلِّ انسانيتهم ,فكان يراودني سؤال لم أزل حائرا في الأجابة عليه الى اليوم وهو:
"هل أتفاوض مع الشياطين أم أُحاربهم وأُقاتلهم؟".
نشرت القاعدة رسالة بعد تفجيرات مدريد في اذار مارس عام 2004 والتي تعبِّر عن نفسية الأنسان المجرم القاتل الذي يستشفي بقتل الآخرين  ,وهذه مظمونها:
"أنّكم (اي الكفّار !!!!!)تحبّون الحياة ونحن نحب الموت,لذلك سننتصر!!!!".
"هم يعشقون  الحياة  ونحن نعشق الموت هذا ما قاله ايضا نضال حسن (الأرهابي الذي قتل زملائه الجنود الأمريكيين).
يقول أحد الكتاب الألمان في كتابه(رجال الرعب)
"أنَّ هذه اللغة(لغة صناعة الموت)هي لغة مشتركة لجميع الدكتاتوريين والطغاة والخاسرين  في العالم والذين لايتهاونون ولا يتورَّعون في معاقبة شعوبهم وقتلهم وزجّهم في اتون نار الحروب ,لأنّهم يستهينون بحياة الناس لا بل يستمتعون في سفك دمائهم"
نعم هناك ناس يعيشون في  ازمات كثيرة  منها :أزمة روحية وأزمة نفسية وأزمة أخلاقية وازمة عقلية وأزمة هوية  وكل هذه الأزمات براي الشخصي هي نابعة من مصدر واحد الا وهو"الشر"
لأيمكن لأنسان سويٌّ وعاقل أن يقبل موته بيد اخيه الأنسان لأختلافه معه في  العقيدة او الرأي او اسلوب الحياة فلا بد من الأختلاف لأنّ الله خلقنا شعوبا وقبائل مختلفة والا لما كنا احرارا,بل كنا  مسيّرين و منسوخين .
 كُل الحروب مبنية على الخداع والمكر ولا تستند على اساس الحق وكُلِّ قاتل يهدر دم اخيه الأنسان لأختلافه عنه في العقيدة والفكر فهو هالك لأنّه يخالف الشريعة السماوية .الكتاب المقدس يعلِّمنا  أن نتعامل مع الأخرين, من اخوتنا في ألأنسانية, ككائنات ستحيا الى الأبد"تكوين 9:5,6".
أن الدم يمثِّل الحياة في الكتاب المقدس"لاويين 17:11,14" وحيث أنَّ الله هو الذي خلق الحياة ومنحها للأنسان فله وحده حق أخذ الحياة .والكتاب المقدس يخبرنا عن أول حادثة قتل ,عندما قتل قايين أخوه هابيل,ويأتي دورالله ليسأل الأنسان كما سأل قايين  قائلا له:"أين هابيل أخوك ...... ماذا فعلت؟ دمُ أخيك يصرخُ اليَّ من ألأرض  "تكوين 4:9,10".هكذا كلِّ قاتل سيُسأل هذه الأسئلة فماذا سيكون جواب الأنسان أمام الله الديّان في يوم الدينونة؟ أكيد سيكون العقاب شديدا  ,لقد اعترف قايين لله عندما قال :"عقابي أقسى من أن يحتمل .طرّدتني اليوم من وجه ألأرض وحجبت وجهك عني ,وطريدا وشريدا  صرتُ في ألأرض ,وكُلُّ من وجدني يقتلني"تكوين4:13,14"
يقول يشوع بن سيراخ عن الناس الذين يلجأوون الى السيف لقتل ألآخرين"ان جرَّدت السيف على صديقك فلا تيأس من رجوعه اليك"
أمّا الرب يسوع المسيح فيقول لبطرس الرسول"رُد سيفك الى مكانه.فمن يأخذ بالسيف ,بالسيف يهلُك"متى 48:52".نعم فمملكة المسيح لا تقوم على السيف بل على المحبة والسلام والعيش بامان"سلاما اترك لكم,وسلامي أعطيكم ,لا كما يعطيه العالم أُعطيكم أنا"يوحنا 14:27"
اننا هذه الأيام نشاهد وعبر القنواة الفضائية كيف أنَّ حياة الأنسان اصبحت رخيصة في الكثير من بلدان الشرق الأوسط العربية ونشاهد مشاهد رهيبة بالتمثيل بالجثث وهي قمة السادية المرعبة  وفاقت حتى تصرفات الوحوش الكاسرة.
نطلب من الرب يسوع المسيح  ان ينزع من قلوب هؤلاء الناس الحقد والكراهية ومرارة الأنتقام ليخلق فيهم قلوب الرحمة والمحبة ويغمرهم بسلامه الفائق .

119
هل نحن مسيحيي  الشرق الأوسط  بحاجة الى عنصرة جديدة؟

نافع البرواري

في ضوء ألأحداث التي يشهدها العالم العربي هذه الأيام من الثورات والأنتفاضات والتغييرات والعنف وزهق ألأرواح, ومن المستجدات السريعة الحاصلة في هذه الدول علينا نحن مسيحيي الشرق الأوسط أن نتسائل:
ما هو مصيرنا؟ هل نحن واعون لما يحدث في هذا العالم العربي الأسلامي؟ هل فكّرنا في نتائج هذه الثورات وانعكاساتها علينا نحن المسيحيين الذين نعيش وسط هذه التغييرات التي حدثت والتي ستحدث؟ ماهي رؤية الكنيسة ورؤسائها لما يجري في المنطقة؟ وما هو موقف قادتنا المسيحيين من الأحزاب (القومية) لما آلت وستؤول اليه المنطقة في خضم هذه الأحداث والتغييرات السياسية والأجتماعية والدينية والأقتصادية والديموغرافية؟ هل قادتنا ورؤسائنا الدينيين والعلمانيين قرأوا ويقرأون التاريخ للأحداث المُشابهة التي حصلت في المنطقة للأستفادة منها كدروسٍ وعبر لتجنب مآسي كثيرة قد تواجهنا نحن المسيحيين في المستقبل القريب اكثر مما واجهناه عبر التاريخ الطويل ومنذ 1400 سنة؟ ماهو دور المثقفين المسيحيين في تقييم هذه الأحداث لتوحيد الأفكار والتوجهات والجهود لتجنب المزيد من الأضطهادات والظلم بحق مسيحيي المنطقة, وليكونوا ايضا روادا في قيادة الأخرين الى  الحرية والديمقراطية والكرامة الأنسانية (كما كان آبائهم المسيحيين دائما عبر التاريخ)؟
والسؤال الأهم هل نحن المسيحيين نحتاج الى عنصرة جديدة فيها نُكلّم العالم بكلام يوحنا النبي الذي كان صوته صوت صارخ في البريّة يدعو الناس الى التوبة وتهيئة طريق الرب  فيرى كُلِّ بشر خلاص الله"راجع لوقا3:4,5"؟
 انَّ بلبلة الأفكار وغياب الرؤية  الصحيحة لما يجري وغياب الحكمة عند رؤساء الكنيسة والصراعات والجدالات العقيمة, القائمة بين الأحزاب المسيحية, والأنقسامات بين المسيحيين في المنطقة عامة وفي العراق خاصة تؤكد لنا وجود اسباب كثيرة أدت وتؤدي الى ما وصلنا اليه نحن المسيحيين في المنطقة من تهميش وتغييب دورنا الريادي في المنطقة كما كان في جميع العصور ومنذ 2000 سنة.
اليوم نحنُ مُنقسمين و مُهمّشين لا بل مضطهدين ومقهورين ومظلومين ومتشتتين ومهجّرين ومغتربين ومتبعثرين في دول العالم, كما حدث للشعب الأسرائيلي في الماضي, وكما يخبرنا به الكتاب المقدس. اليوم نحن في ازمة حقيقية حيث غياب الحكمة والفطنة والفهم وحيث النظرة القصيرة هي السائدة عند اغلب قادتنا سواء كانوا القادة الروحيين او القادة السياسيين العلمانيين وحتى المثقفين.
 السؤال المطروح هو لماذا لا نتَّعظ ونتعلم الدروس والعبر من التاريخ والكتاب المقدس لكي لا نقع في نفس الأخطاء التي وقع فيها الشعب الأسرائيلي خاصة والشعب الكلداني الآشوري الآرامي عامة عبر التاريخ وكلفتهم هذه الأخطاء مآسي ومذابح وضياع الهوية القومية وفقدان الأرض والمقدسات وحتى الوطن؟
كيف تكون لنا قائمة من هذا السبات الذي طال ليله ونحن نعيش في وسط موبوء بالحقد والكراهية والعنف حتى بين المسيحيين أنفسهم؟
ألا نخجل من الحالة المُزرية التي وصلنا اليها حدّ التراشق بالكلمات البذيئة بعضنا البعض وتخوين واتهام كل من يخالفنا في الرأي وكأنّه عدوّ لنا؟
أين نحن من ابائنا الذين قدّموا للعالم العلم والمعرفة والأخلاق وقبل هذا وذاك قدموا للعالم بشرى الخلاص حيث كانوا رسل المسيح يصنعون السلام والمحبة أينما وجدوا وحيثما حلّوا, وكانوا في طليعة الذين بشروا بالمسيح المُخلّص؟
اليوم نعيش البلبلة في لغة التفاهم حيث اصبحنا غرباء في الوطن قبل ان نكون غرباء في المهجر, وفقدنا التواصل والتفاهم وخسرنا هويتنا الحقيقية وفقدنا ذاكرتنا التاريخية وفقدنا السلام مع أنفسنا ومع الآخرين, والأكثر ايلاما هو ان الكثيرين منا فقدوا ايمانهم بمسيحهم  الذي هو اساس وحدتنا وبقائنا وتميّزنا عن الاخرين.
نريد اليوم ان نعيد مجد بابل واشور ونبكي على بابل كما بكى اليهود على اورشليم عندما  كانوا منفيين في بابل, ولكن نسينا مجد يسوع المسيح الذي هو الأساس والذي عليه يجب ان نبني مستقبلنا وحياتنا لأنّ الكل زائل ويبقى المسيح هو الباقي وعليه يجب أن يكون رجائنا في الخلاص. نسينا أنّ برج بابل هيكل الوثنية قد زيل واصبح اطلالا ومدينة نينوى أصبحت مدينة الأشباح وهيكل سليمان لم يبقى فيه حجر على حجر, فالكل زائل ويبقي يسوع المسيح الذي هو وحده نتكل عليه ليكون صخرة ايماننا وهو ملكنا وربنا وفادينا ومخلصنا وقائدنا وراعينا من كل ظالم وعاتي.
بابل الأمس(التي تعني باب ايل, اي باب ألأله) هي رمز  بلبلة الألسنة وعدم التفاهم والتواصل بين الشعوب وحتى بين الشعب الواحد( كلمة" البلبلة" قد تعني التشتيت والتفريق والبعثرة وقد تعني ايضا معنى التخريب والفوضى).
برج بابل يصعد بالأنسان نحو السماء الى الله, لكن يبقى ألأنسان كما هو. بينما الكنيسة اورشليم الجديدة تُنزِل الله ليتجسد على ألأرض لكي يصعد الأنسان نحو الله ويرتقي فيها وعليها.
.يقول الأب بولص الفغالي في شرحه لبلبلة الألسن واللغة كما ورد في سفر التكوين
"عندما يقول الكتاب: كانت الأرض كلها لغة واحدة وكلاماً واحداً (تكوين 11:1)، فهو يعني وحدة سياسية واقتصادية خضعت لها الشعوب المغلوبة على أمرها. وعندما يقول إن الله بلبل لغة هؤلاء الشعوب وشتّتهم (11: 9)، فهو يعني أن هذه الوحدة تفكّكت كالسبحة التي انقطع خيطها. اجتمعت هذه الشعوب بطريقة سطحية، ولكنهم ما عتموا أن طلبوا استقلالاً بعضهم عن بعض، فعاش كل شعب منعزلاً عن الآخر وتكلم لغة لا يفهما الآخر. .....أن حديثهم كان يشبه ما يسمّى "حوار الطرشان".... ثم إن كل وحدة لا ترتكز على الله تبقى واهية وهي لا تدوم، وكل وحدة ترتكز على المصلحة تدوم ما دامت المصلحة وتزول ساعة تزول المصلحة.....
...يمكن لبعض الاقوياء أن يستعبدونا موقتاً. بل يطردوننا من بيوتنا وأرضنا. ولكن يد الله القديرة تدافع عن شعبه المؤمن، وتنجّيه من كل شر، وتخزي جميع أعدائه".
برج بابل هو رمز القوة المعادية لله، وبابل الخاطئة هي صورة عن العالم الخاطئ الذي يتمرّد على الله. في هذا السبيل يقول إرميا (50: 2 ي): "قد أخذت بابل وأخزيت أصنامها. فإن أمة طلعت عليها من الشمال فتجعل أرضها مستوحشة". ويقول أشعيا (13: 19- 20): "فبابل فخر الممالك تصير كسدوم وعمورة. فلا تُسكن أبداً ولا تعمّر إلى جيل فجيل". أما سفر الرؤيا فيهتف" سقطت، سقطت بابل العظيمة" (رؤ 14: 8) لأنها تمثّل عالماً أنكر وجود الله وصار مسكناً للشياطين ومأوى لجميع الارواح النجسة (رؤ 18: 2). وسيحلّ محل بابل مدينةٌ أخرى هي أورشليم السماوية، رمز الجماعة البشرية التي يوحّد الله بين أفرادها."
 لا، ليس الانسان سيّد التاريخ، بل الله هو سيّد التاريخ. ومهما ارتفعت المدن فستُحطّ، ومهما تعاظمت الشعوب فالرب يتسلّط عليهم. أمام عظمته تبوء محاولات البشر بالفشل. أرادوا برجاً يصل إلى السماء، إلى عرش الله، ولكنه مشروع سخيف، والمسافة التي تفصل قدرة الله عن ضعف البشر تبقى بلا حدود. فكيف يستطيع الانسان أن يتجاوزها؟
أما ما تاقت إليه البشريّة منذ البداية من بحث عن الوحدة فسيتم يوم العنصرة، يوم ولادة الكنيسة (أع 2: 1- 11). وستكون هذه الولادة بداية تهيّئ العالم الآتي فيجتمع حول الحمل المذبوح جمهور كبير لا يحصى من كل أمة وقبيلة وشعب ولسان (رؤ 7: 9- 12).
أن الله يهتمّ ببابل كما يهتمّ بأورشليم فيرسل إليها أنبياء يدعونها إلى التوبة كما أرسل إلى أورشليم والسامرة أنبياء يحدّثون الشعب باسم الله. أجل أرسل الله إلى نينوى الوثنيّة والظالمة يونان، فدعاها إلى التوبة، وكان الجواب لكلام النبي أن المدينة التي هي عظيمة مثل بابل، فيها الكثير من الناس الذين لم يعرفوا شريعة الرب بعد (يون 4: 11)، وهم لما عرفوها لبسوا المسوح، وتاب كل واحدٍ عن طريقه الشرير".انتهى الأقتباس
 
اليوم نحن المسيحيين, الباقين في هذا الشرق وكأننا نعيش في الغربة حتى في ارضنا ووطننا, أصبحنا منغلقين  خوفا من ألأعداء حولنا وما أكثرهم، ونحن اليوم كما الشعب الأسرائيلي (الذي تشتت وعاش الكثيرين منهم في المنفى ), ضعنا بين الشعوب, وكما نسى اليهود الههُم وعبدوا الأصنام والهة الشعوب الأخرى, هكذا الكثيرين منا نحن المسيحيين نسينا مخلصنا يسوع المسيح , ونسينا لابل تجاهلنا أنّ قوتنا تكمن في الروح القدس الذي يلهمنا ويرشدنا ويعطينا القوة  والصبر والبصيرة والحكمة  ليقودنا الى الطريق والحق والحياة. اليوم نحن نعيد نفس الأخطاء التي وقعت فيها شعوب المنطقة قبل الاف السنيين وجاء الشعب الأسرائيلي من بعدهما ليعيد تكرار نفس الأخطاء وكان الثمن باهضا عندما  تشتتوا في بقاع الأرض كلها, لأنهم تركوا ايمانهم السابق وأخذوا يمجدون قوميتهم(إذ كانوا يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار وابناء ابراهيم) ويعبدون الهة وأصنام الأمم التي عاشوا بينهم. هكذا نحن اليوم أصبحنا نعبد المال والسلطة وشهوات هذا العالم, فاصبحت أصناما نعبدها وتركنا فادينا ومخلصنا يسوع المسيح وأنطبق علينا قول الرب على لسنان النبي عاموس: "....أصناما صنعتموها للعبادة. فسأنفيكم الى ما وراء بابل"أعمال الرسل7:4.
 الا نتعلم دروسا وعبر من الكتاب المقدس عندما نرى اليوم مسيحيي الشرق الأوسط قد تشتتوا في ما وراء البحار؟ السنا اليوم نكرر نفس اخطاء شعب بابل واشور وشعب اسرائيل عندما نمجِّد حضارات كانت تتحدى الله وتبني ابراجا عالية  ليصلوا الى عرش الله بقوتهم الفانية وكبريائهم الزائف وبعقولهم المحدودة ويفتخرون بقوتّهم وبطشهم وسحقهم للشعوب المغلوبة على امرها؟ السنا نحن اليوم أيضا  مثل بني اسرائيل الذين سألوا المسيح قائلين "أتكون أنت أعظم من ابينا ابراهيم الذي مات؟ والأنبياء ايضا ماتوا فمن تحسب نفسك؟ "فكانت أجابة يسوع المسيح لهم :"لو مجَّدتُ نفسي, لكان مجدي باطلا ابي  هو الذي يمجِّدني "يوحنا 8:53,54"
الم يقل المسيح للشعب الأسرائيلي أن ابي يستطيع أن يخلق من هذه الحجارة مثل ابراهيم؟
انَّ الخلاص من وضعنا المأساوي لا ياتي من انتمائنا القومي اوأنتمائنا الى امة من الأمم او لحزب من الأحزاب, بل خلاصنا يكون بقوة الروح القدس الذي يدافع عنا وهو الذي  يجمعنا ويوحِّدنا ويحمينا,والدليل أنَّ الشعب الكلداني والأشوري والسرياني وحدّهم ايمانهم (بقوة الروح القدس )عبر الفين سنة وكانوا اخوة في المسيح, ولكن للأسف جاء في هذا العصر من يريد أن يفرقهم ويمزّق ويشتت وحدتهم ويبلبل أفكارهم ويمحي هويّتهم كشعب واحد في المسيح ويعيدهم الى السلفية( الأشورية الكلدانية الأرامية ).
 يسوع المسيح كان ثائرا على الظلم والأستبداد وضد العنصرية والفكر القومي اليهودي  بل اراد أن يوحد العالم بأسم الآب والأبن والروح القدس ويبشرهم بملكوته على هذه الأرض وليس فقط في السماء كما يدعي البعض من يتهمون المسيحية بانها شان روحي فقط ,لكن المسيح جاء ليؤسس ملكوت ابيه السماوي على هذه الأرض ليتمتع الأنسان بالسلام والعدالة والحرية والأخوّة الأنسانية . يسوع المسيح هو الباب الذي به فقط نستطيع أن ندخل ملكوت الله  على هذه الأرض بينما لا زال الكثيرون من يفتخرون بامجاد الماضي السحيق انتهى الى الحضيض.فكيف نتبع  أشخاص  أو قومية او الهه لشعوب وثنية ونمجدهم بينما ننسى خالقنا وفادينا ومخلصنا الذي يقول "أنا باب الخراف. جميع من جاءوا قبلي سارقون ولصوص"يوحنا 10:5".؟  ويقول "أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه من أجل خرافه"يوحنا 10:11".
 يقول ألأب تيار دي شاردن في كتابه" العلم والمسيح ص205":"منذ ثلاثة أو أربعة أجيال كان العالم ما يزال مقسّما الى كُتل عرقية منعزلة ,متفاوتة القوى,كان يمثل سحق بعضها الآخر....أمّا اليوم فنجد الى جانب مختلف رواسب الثقافات القديمة أمتداد شبكة نفسية مشتركة.فلقد  انبسطت المدنية الحديثة فجأة خلال بضعة سنوات وكأنّها رداء على سطح ألأرض المأهولة بكاملها.....اوليس في هذه  المساواة ألأنسانية,على مستوى رفيع,ضمانة نهائية للأستقرار؟.....كانت كنوز ألأنسانية قديما محصورة في مكتبة أو في مملكة .وكان حريق أو هزيمة كافيا للأتيان عليها.أمّا الآن فأنّ هذه الكنوز قد توزعت على  الأرض بأكملها........كُلِّ ما هو قومي عرضة للزوال ,وأمّا ماهو انساني فيستحيل أن يضمحل"
 نحن اليوم بحاجة الى عنصرة جديدة لنستطيع التفاهم مع أخوتنا الذين تركوا ايمانهم ونسوا مخلّصهم يسوع المسيح. نحن في حاجة الى  التواصل مع لغة والسنة الآخرين(الأمم الأخرى) بالروح القدس, كما حدث في يوم الخمسين عندما نزل الروح القدس على شكل السنة من نار على تلاميذ المسيح؟ " راجع اعمال الرسل:2".
الم يتنبأ اشعيا النبي عن الروح القدس الحال على ربنا يسوع المسيح لينادي المسبيين ويحررهم  و يكسر قيود العبودية ويشفي القلوب المتألمة  اذ يقول"روح السيد الرب عليَّ, مسحني, أرسلني لأُبشِّر المساكين, وأجبر منكسري القلوب, لأنادي للمسبيين بالحرية والمأسورين بتخلية سبيلهم(اشعيا61". والله يرسل روحه في "العظام اليابسة " لهذا قال الرب:"أجعل روحي فيهم(أي العظام) فيحيون" راجع حزقيال النبي" هكذا الروح القدس يعيد الحياة فينا نحن المسيحيين في الشرق بعد أن اصبحنا مثل الأموات بسبب ابتعادنا عن الله.
انَّ كنيستنا المشرقية اليوم هي في حالة خمول وفتور روحي و في حالة سبات سواء أعترفنا بهذه الحقيقة ام تغاضينا عنها .ولكن الواقع يشهد على ذلك شئنا أم أبينا ,وقد ينطبق على كنيستنا المشرقية قول الرب لملاك كنيسة سارديس كما جاء في سفر الرؤيا"أنا أعرف أعمالك َ ,أنت حيُّ بالأسم مع أنّك ميتٌ,أسهر وأنعش ما بقي لك من الحياة قبل أن يعالجه الموت......ولكن بعض الناس عندك في سارديس ما دنسوا ثيابهم ,فهم أهل ليواكبوني بثياب بيضاء"رؤيا 3:1,2,4"
كنيستنا المشرقية تحتاج  الى نفحة جديدة من السنة  على شكل نار من الروح القدس تحل على المؤمنين ورجال الدين الخائفين المرعوبين والمنزويين بين جدران الكنائس وكأنهم سلّموا بحقيقة ما ال اليه واقع شعبهم المسيحي من التمزق والتشرد والأضطهادات والهجرة وحتى فتور الأيمان,وما عاد الكثير منهم يؤمنون بقوة الروح القدس الذي به يعيد الروح الى المائتين روحيا ويحرق الفساد المستشري في هذ الكنيسة.
نعم كنيستنا تحتاج الى عنصرة جديدة ,يسكب فيه الرب روحه القدوس على شعبه المؤمن لتكون للكنيسة روحا جديدا وقلبا جديدا وراعي واحد واله واحد وايمان واحد ورجاء واحد  ومحبة واحدة وفكر واحد هو فكر المسيح.ولا ننسى أنّ هناك ولو قليلين من المؤمنين لم يلوثوا ثيابهم بالنجاسة  وهم سيكونون مثل الخميرة في العجين ونورا للأخرين لكي يقودوا كنيستهم العريقة ويعيدوا أمجادها القديمة عندما كانت نورا للأمم الوثنية.

120



مصر ما بعد ثورة 25 ينايرهل ستتحول الى جمهورية أسلامية ؟

نافع البرواري

 
انَّ من يتابع أخبار واحداث ما يجري في مصر بعد ثورة 25 يناير سيصل الى نتيجة مفادها أنَّ الثورة في مفترق الطريق بين أن تكون مصر دولة مدنية أو دولة دينية اسلامية سلفية.
لقد نوهنا في مقالتنا السابقة (كما في الموقع أدناه) الى خطورة الألتفاف على الثورة. واليوم وبعد مرور حوالي أربعة أشهر منذ أنطلاقة الثورة في مصر نلمس حقائق في ارض الواقع تؤكد على ما كنا نخاف حدوثه في مصر .ولنستعرض بعض الشواهد التاريخية ما قبل الثورة وبعدها للتاكيد على ما نقوله. 
بعد سقوط الدولة العثمانية(الرجل المريض )سقط معها دستورها التي كانت بموجبه تحكم على الدول العربية التي كانت تحت حكمها الأستعماري ولكن للأسف فمصر ومنذ فرمان الخديوي سعيد 1856 لا زال هذا الفرمان يطبق على الأقباط المصريين بعدم السماح لهم ببناء الكنائس أو صيانتها ولا يحق للقبطي برئاسة المؤسسات الأمنية والقضائية وحتى لا يحق له الترشيح كنائب في الأنتخابات البرلمانية!!!!!!!!!!!!! فمنذ ثورة يوليو1952 الى يومنا تم القيام بسلسلة اعتداءات على الرموز المسيحية وقتل ناس ابرياء وحرق كنائس وعدم السماح ببناء كنائس جديدة لمسيحيي الأقباط لا بل تم الأعتداء على المسيحيين خلال هذه الفترة الطويلة دون محاسبة المجرمين بل كان القضاء المصري يفرج عنهم بحجج واهية اما ان يقولوا ان المتهمين هم مختلين عقليا او كانت هناك ثار وغيرها من الحجج التي لا يقبلها العقل والمنطق.نعم فمنذ ثورة يوليو 1952 وسقوط الملكية اختفى القانون والغيت الديمقراطية والتنافس السياسي, وملامح الدولة الدينية بدات بالسادات واستمرت في عهد حسني مبارك,وادى ذلك الى الأنغلاق الديني والطائفي والعرقي  بسبب غياب القانون وتم تدريجيا اسلمة مصر أو تديين المجتمع والسياسة والدولة  وتطبيق النظام العرفي .ومنذ ايام السادات تم تشجيع الأفكار الدينية لمحاربة الشيوعية في مصر(وكما حدث في باقي الدول العربية والأسلامية) وكان السادات  نفسه هو الضحية لهذا النهج الخاطئ عندما قتل من قبل السلفيين, وبالمناسبة اطلق سراح القاتل في عهد الثورة المصرية 25 ولقب بالشيخ وهو يسرح ويمرح مع السلفيين.
ها هي بداية ثورة  25 يناير تبدأ بحرق الكنائس وقتل المسيحيين  ألأقباط
قبل ايام من حرق الكنيستين في أمبابة في  القاهرة, هدّد شيخ السلفيين المصريين الزغبي أقباط مصر بالأفراج عن كاميليا شحاتة بحجة انها اسلمت وتم خطفها من قبل المسيحيين   وقد ارعد وتوعد  واقسم بالله العظيم بالأنتقام بحرق الأديرة والكنائس  خلال ايام اذا لم يتم ارجاعها الى دينها الأسلامي!!!!!!!!! لقد هدد هذا الأرهابي بزحف مليون سلفي لحرق الكنائس بحجة وجود فتاة اسمها كاميليا وهذا ما تم فعلا بعد أيام من تهديده بحرق كنيستين في أمبابة وقتل العشرات وجرح المئات من الأقباط المدافعين عن كنائسهم.  والغريب وكما يعرف الجميع انّ كاميليا شحاتة أعلنت عبر وسائل ألأعلام والقنواة الفضائية وعبر محاميها قبل أيام من تهديدات شيوخ السلفيين انها متمسكة بدينها المسيحي ولم تتحول عن الدين المسيحي وهي تفضل الموت على اسلامها. وليس هذا فقط بل ان شيخ الأزهر وعلماء الأزهر يقولون ان كاميليا لم تشهر اسلامها  فهل نحن نصد ق السلفيين ونكذب كاميليا  صاحبة العلاقة ؟ام هل نصدق جامعة الأزهر وشيوخها ام نصدق السلفيين؟
أنَّ قضية كاميليا شحاتة اصبحت مسمار جحا للسلفيين المسلمين لا بل لقطاع كبير من المسلمين وكانت ولا تزال حجة باهتة واسطوانة مشروخة  لا يقبلها حتى المختل عقليا في دولة لها سمعتها العالمية  مثل مصر .فكيف يقبل العقل والمنطق ان يطالبوا المسلمين بشخص واحد لنفرض أنَّه اعلن اسلامه وتراجع بعد ان ندم على فعله  بينما الاف المسيحيين والمسيحييات يتحولوا الى الأسلام ولا يستطيعوا الرجوع الى المسيحية بعد ان يكتشفوا خطأ اختيارهم؟ اين حقوق الأنسان؟ أين حرية الفرد؟ أين حرية العقيدة؟ اليست هذه شريعة الغابة, حيث القوي يفرض على الأخرين ما يريده ؟ اين حقوق المواطنة؟ أين أهداف مباديء الثورة التي رفعت في ساحة التحرير ؟ أين هيبة الحكومة وعلى رأسها القادة العسكريين الذين وقفوا متفرجين لا بل أصطفوا مع السلفيين؟لماذا لا تطبق القوانين والعدالة عندما يكون الضحايا مسسيحيين؟ اسئلة كثيرة تطر ح وهي تحتاج الى اجوبة من قبل  حكومة مصر ما بعد الثورة وحكومات الدول العربية والأسلامية  حيث مصر هي مثال اخذناه وينطبق على كل الدول العربية والأسلامية.
يقول ألأستاذ أدوارد بيباوي في مقابلة على أحدى القنواة الفضائية  ردا على سؤال  بماذا يختلف السلفيين عن الأخوان المسلمين؟ فيجيب "السلفيين في عهد الثورة (ثورة 25 يناير) رفعوا القران والصليب ولكن أنظر اليوم ماذا يفعلون
بالأقباط وحرق كنائسهم  انّهم يطبقون تكتيك مرحلي  بينما ألأخوان المسلمين يلعبون لعبة خطيرة بالتحالف مع السلفيين ومع المجلس العسكري الحاكم  أي مع الشارع الأرهابي ومع العسكر  انهم يطبقون شريعةالتقية حرفيا"
المجتمع المصري اليوم اصبح منقسم (كما في العراق) بين من يريد دولة دينية ودولة مدنية.اليوم الأحكام العرفية في ظل الثورة الفتية هي السائدة
المسيحييين في العراق قد شردوا وقتلوا وهاجروا ولم يبقى الا من ضاقت به الدنيا
فهل نحن في طريقنا الى الأبادة الجماعية والقضاء على المسيحيين في الشرق الأوسط ؟ حتى المسلمين المسالمون هم في حالة خطر وقد يحترق اليابس والأخضر عندما يسيطر الفكر السلفي ألأرهابي على المجتمعات العربية والأسلامية.
يقول احدهم نحن أمة  في حالة خطر.أين هيبة الدولة؟ مجرمين يخرجون عن القانون ويسرحون ويمرحون ويحتفلون بقتل المسيحين والجيش والشرطة يهنئونهم ويصافحونهم
نعم هؤلاء المرتزقة الوهابية هم دولة داخل دولة يتصرفون ويعتدون ويقتلون ويحرقون الكنائس والدولة  عاجزة متفرجة بل قد تكون متواطئة مع الأرهابيين الى أن تثبت العكس.
اليوم ثورة 25 يناير اصبحت في مفترق الطرق أمّا يتم تطبيق العدالة والقانون بحق المجرمين  أو فقدان الأمن والعدالة والحق والحرية ودخول مصر في نفق مظلم قد لا يكون المسيحيين هم الضحية الوحيدة بل يطال المسلمين ايضا لأن السلفيين سيعتدون على كل من يخالف رايهم  لأنها مجموعة تريد احراق مصر بالطائفية ,هذا التيار الوهابي الذي دخل مصر والدول العربية والأسلامية والممول من قبل شيوخ البترول سيقضي ليس على المسيحيين فقط بل سيحارب المسلمين المعتدلين ايضا.
يقول الكاتب المصري المشهور محمد حسنين هيكل في مقابلة مع برنامج"مصر النهاردة"اننا أمام ثورة هو أول خطوة للعلاج وعندها تبدأ المرحلة الثانية وهي الانتقال من وضع قديم إلى وضع آخر جديد ، وهناك بين المرحلتين اللحظة الراهنة والتي تتطلب حكومة قوية جدا تكون الأقوى من نوعها في تاريخ مصر لمعالجة ما فسد في عهد مبارك ، أحمد شفيق(رئيس الحكومة الحالية) مع احترامي له إلا أنه أكد أكثر من مرة أنه من تلاميذ مبارك".
وفي رده(هيكل) على سؤال حول النظام السياسي الأمثل لمصر في المرحلة المقبلة ، قال هيكل " النظام البرلماني بالطبع ، أنا اقترحت تأسيس مجلس أمناء الثورة والدستور ، ما يحدث حاليا يرهق المجلس العسكري ، أثق جدا في طارق البشري ، لكن لابد من دستور جديد ، لا أحد يتحجج بالوقت ، تلك لحظة مؤسسية ولذا يجب أن يكون هناك خطة ورؤية للمستقبل ونظاما واضحا ومحدد المعالم يقنع الناس بدلا من رؤى هنا وهناك وجهات متفرقة ، شباب ثورة 25 يناير أفضل بكثير من الأجيال السابقة ولذا لابد أن يكونوا في الطليعة دائما"انتهى الأقتباس.
انَّ الثورات التي قامت في الدول العربية( والتي ستقوم) كانت بدون قيادة ولا منهج وعليه سوف تعيش المجتمعات العربية في حالة قلق وهشاشة في مؤسات الدولة و قد تطول هذه الحالة سنين بل  عقود , والمسيحيين هم الأكثر تضررا من هذه الثورات لأنّ الفراغ الحاصل في مؤسسات الدولة سيستغل للأعتداء على المسيحيين في هذه الدول كما حدث لمسيحيي العراق وقد يتم سيطرة ألأحزاب الأسلامية( المنظمة والمدعومة من جهات معروفة ) على مؤسسات الدولة بل قد تنجح في الوصول الى السلطة وتشكل دولة دينية كما حدث في ايران بعد أن استغلت ثورة الشباب الأيراني ضد الحكم الدكتاتوري لشاه ايران ,حيث سميت الثورة الأسلامية وأطلقت على ايران اسم جمهورية ايران الأسلامية ,وما اشبه اليوم بالبارحة في مصر حيث بوادر الثورة الأسلامية وبروز الأخوان المسلمين واستقبال القرضاوي من قبل الحكومة ما بعد الثورة والمجلس العسكري (علما انَّ القرضاوي كان قد ابعد من مصر بسبب ارائه المتطرفة) واطلاق سراح المجرمين والقتلة من السلفيين والأخوان المسلمين وخروجهم من السجون والمعتقلات خير دليل على مانقوله,.
أنَّ الواقع اليوم في مصر يؤكد لنا وجود تراخي من قبل الحكومة والمجلس العسكري بحق المجرمين السلفيين الذين يعيثون فسادا أمام أنظار الجيش والشرطة والشعب والعالم كُلَهُ شهد كنائس الأقباط وهي تحترق وعشرات القتلى ومئات الجرحى والى هذه الساعة لم نسمع أو نشهد اجراءات رادعة  ضد هؤلاء  الشيوخ المجرمين المحرضين على القتل والتخريب و الذين يصرِّحون ومن خلال منابر القنواة الفضائية المصرية الرسمية بكل صلافة ووقاحة بأنّهم سيواصلون عملهم ألأجرامي ولن يقف أمامهم حتى القانون لتنفيذ خططهم الشيطانية.
 ألأسئلة المطروحة اليوم
 ماهو مصير الأقباط المسيحيين في مصر بل ماهو مستقبل المسيحيين في الدول العربية والأسلامية بعد ما شاهدنا مشاهد دموية ضد المسيحيين في هذه الدول ورموزهم ومقدساتهم الدينية؟
والسؤال الأخطر والذي يجب التأمل في الأجابة عليه وهو هل هناك أجندات خارجية لأحداث هذه البلبلة وعدم الأستقرار( بعد نجاح الثورات الشبابية) لأشعال الحرب الطائفية  كما حدث في العراق لتطبيق مبدا الفوضى العارمة؟
لماذا هذه السياسات العربية العنصرية بحق المسيحيين ولماذا سياسة الأفلات من العقاب للمجرمين المعتدين على المسيحيين؟اليس هذا يدعونا الى وضع عشرات علامات الأستفهام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل كل ما يجري في البلدان العربية من الأعتدائات بحق المسيحيين هي صدفة,أم هناك تحريض على ارهاب المسيحيين  لأخلاء هذا الشرق من المسيحيين وافساح المجال لتاسيس دول وأمارات اسلامية في المنطقة؟
هل هناك تحالف بين الأجهزة الأمنية والمجلس العسكري والحكومة مع قيادات السلفيين والأخوان المسلمون في مصر؟,والا بماذا نفسر حدوث اكثر من 60 حالة أعتداء على الأقباط والرموز المسيحة وحرق ثلاثة كنائس في مصر بعد ثورة 25 يناير فقط ؟ وكيف تسمح الدولة للمؤسسات الأعلامية والقنواة الفضائية بالتحريض على المسيحيين وفي وضح النهار ؟ماذا نفسِّر قول أحد الجنرالات في الجيش "اننا كلنا سلفيين وحتى الجيش"؟
 
هل من المعقول ونحن في القرن الواحد والعشرين ان تقوم دولة كانت معروفة بحضارتها التاريخية,مثل مصر, بعدم السماح لشعبها ألأصيل(الأقباط) أن يقوم ببناء معابده وكنائسه, وعدم الأعتراف بحقوقه كمواطن له حقوق وعليه واجبات؟ نحن نحتاج الى اجابات شافية الى كل هذه الأسئلة, والآ على رجال الدين ورئاسات الكنائس المحلية والعالمية أن يعترفوا بهذه الحقيقة المرة ويطالبوا العالم ومنظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان والمحكمة الدولية بأتخاذ الأجرائات الردعية بحق المسؤولين الحكوميين  في هذه الدول العربية والأسلامية قبل فوات الأوان
 
 
 
 
خامنئي (خليفة الله على ألأرض) يقول انَّ الثورات التي حدثت وتحدث في العالم العربي هي أمتداد للثورة الأسلامية  الأيرانية!!!!!!
القاعدة تقول انها ثورات تؤكد انتصار القاعدة !!!!!
باكستان ظهرت انها كانت تحمي بن لادن وهي العمق الستراتيجي للطالبان والمجاهدين المسلمين في الماضي والحاضر!!!!!!!!
تقرير يقول ان المسيحيين في باكستان في خطر بعد مقتل بن لادن !!!!!!!!!
احراق الكنائس في اثيوبيا واندنوسيا والعراق  هل هي ايضا صدفة؟!!!!!!!
انها مسالة فكرية مستشرية في المجتمعات العربية والأسلامية, وعقول تؤمن بالعنف والأرهاب,أنَّه فكر ينكر الدولة المدنية فيها تطبق العدالة والمساوات بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين والعقيدة
اليوم نحن بحاجة ليس الى ثورات تطالب بالحرية والديمقراطية فقط  بل نحن بحاجة أيضا الى ثورات ثقافية وثورات حداثة لا بل الى ثورات تقلب الكثير من المفاهيم والأفكار الخاطئة في المجتمعات العربية والأسلامية, وثورات ضد الفكر العنصري والكراهية للأخر وثورات اجتماعية  تغيَّر الكثير من العادات والتقاليد والموروثات المتخلفة.
لايوجد ما يظهر ايجابية النظام الحالي العسكري بقيادة الطنطاوي الحاكم العسكري المطلق الذي يطبق نفس مباديء حسني مبارك في مصر
كان يجب أن يطبق القانون والعدالة منذ اللحظة الأولى لأستلام الجيش السلطة وتشكيل الحكومة . فمبارك لم يطبق القانون والمجلس العسكري الحالي   ايضا لم يطبق القانون بل استمر القانون العرفي(القانون العشائري الذي يتم المصالحة بالتراضي) هو السائد.يسأل أحدهم فيقول" عامل مصري  يطالب بحقه ويتظاهر فيسجن خمسة سنوات والذي يقتل الأقباط ويحرق كنيسة يصافح باليد ".
المجلس العسكري الحالي يعتبر نفسه موقت  ولكن في عهده  تم تعديل الدستور وعلقوا العمل بالدستور. وفي عهدهم يتم صياغة دستور يحافظ على الدستور القديم في مجمل مواده ,وخاصة المادة الثانية منه, التي تنص ,انَّ قوانين الدولة المصرية مستمدة من الشريعة الأسلامية ,وهذا يكفي ليضع المسيحيين الأقباط (كما في العراق) لكي يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية بل أكثر من ذلك يمكن اعتبارهم أهل ذمة .
http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=22158

121



مصر ما بعد ثورة 25 ينايرهل ستتحول الى جمهورية أسلامية ؟

نافع البرواري

 
انَّ من يتابع أخبار واحداث ما يجري في مصر بعد ثورة 25 يناير سيصل الى نتيجة مفادها أنَّ الثورة في مفترق الطريق بين أن تكون مصر دولة مدنية أو دولة دينية اسلامية سلفية.
لقد نوهنا في مقالتنا السابقة (كما في الموقع أدناه) الى خطورة الألتفاف على الثورة. واليوم وبعد مرور حوالي أربعة أشهر منذ أنطلاقة الثورة في مصر نلمس حقائق في ارض الواقع تؤكد على ما كنا نخاف حدوثه في مصر .ولنستعرض بعض الشواهد التاريخية ما قبل الثورة وبعدها للتاكيد على ما نقوله. 
بعد سقوط الدولة العثمانية(الرجل المريض )سقط معها دستورها التي كانت بموجبه تحكم على الدول العربية التي كانت تحت حكمها الأستعماري ولكن للأسف فمصر ومنذ فرمان الخديوي سعيد 1856 لا زال هذا الفرمان يطبق على الأقباط المصريين بعدم السماح لهم ببناء الكنائس أو صيانتها ولا يحق للقبطي برئاسة المؤسسات الأمنية والقضائية وحتى لا يحق له الترشيح كنائب في الأنتخابات البرلمانية!!!!!!!!!!!!! فمنذ ثورة يوليو1952 الى يومنا تم القيام بسلسلة اعتداءات على الرموز المسيحية وقتل ناس ابرياء وحرق كنائس وعدم السماح ببناء كنائس جديدة لمسيحيي الأقباط لا بل تم الأعتداء على المسيحيين خلال هذه الفترة الطويلة دون محاسبة المجرمين بل كان القضاء المصري يفرج عنهم بحجج واهية اما ان يقولوا ان المتهمين هم مختلين عقليا او كانت هناك ثار وغيرها من الحجج التي لا يقبلها العقل والمنطق.نعم فمنذ ثورة يوليو 1952 وسقوط الملكية اختفى القانون والغيت الديمقراطية والتنافس السياسي, وملامح الدولة الدينية بدات بالسادات واستمرت في عهد حسني مبارك,وادى ذلك الى الأنغلاق الديني والطائفي والعرقي  بسبب غياب القانون وتم تدريجيا اسلمة مصر أو تديين المجتمع والسياسة والدولة  وتطبيق النظام العرفي .ومنذ ايام السادات تم تشجيع الأفكار الدينية لمحاربة الشيوعية في مصر(وكما حدث في باقي الدول العربية والأسلامية) وكان السادات  نفسه هو الضحية لهذا النهج الخاطئ عندما قتل من قبل السلفيين, وبالمناسبة اطلق سراح القاتل في عهد الثورة المصرية 25 ولقب بالشيخ وهو يسرح ويمرح مع السلفيين.
ها هي بداية ثورة  25 يناير تبدأ بحرق الكنائس وقتل المسيحيين  ألأقباط
قبل ايام من حرق الكنيستين في أمبابة في  القاهرة, هدّد شيخ السلفيين المصريين الزغبي أقباط مصر بالأفراج عن كاميليا شحاتة بحجة انها اسلمت وتم خطفها من قبل المسيحيين   وقد ارعد وتوعد  واقسم بالله العظيم بالأنتقام بحرق الأديرة والكنائس  خلال ايام اذا لم يتم ارجاعها الى دينها الأسلامي!!!!!!!!! لقد هدد هذا الأرهابي بزحف مليون سلفي لحرق الكنائس بحجة وجود فتاة اسمها كاميليا وهذا ما تم فعلا بعد أيام من تهديده بحرق كنيستين في أمبابة وقتل العشرات وجرح المئات من الأقباط المدافعين عن كنائسهم.  والغريب وكما يعرف الجميع انّ كاميليا شحاتة أعلنت عبر وسائل ألأعلام والقنواة الفضائية وعبر محاميها قبل أيام من تهديدات شيوخ السلفيين انها متمسكة بدينها المسيحي ولم تتحول عن الدين المسيحي وهي تفضل الموت على اسلامها. وليس هذا فقط بل ان شيخ الأزهر وعلماء الأزهر يقولون ان كاميليا لم تشهر اسلامها  فهل نحن نصد ق السلفيين ونكذب كاميليا  صاحبة العلاقة ؟ام هل نصدق جامعة الأزهر وشيوخها ام نصدق السلفيين؟
أنَّ قضية كاميليا شحاتة اصبحت مسمار جحا للسلفيين المسلمين لا بل لقطاع كبير من المسلمين وكانت ولا تزال حجة باهتة واسطوانة مشروخة  لا يقبلها حتى المختل عقليا في دولة لها سمعتها العالمية  مثل مصر .فكيف يقبل العقل والمنطق ان يطالبوا المسلمين بشخص واحد لنفرض أنَّه اعلن اسلامه وتراجع بعد ان ندم على فعله  بينما الاف المسيحيين والمسيحييات يتحولوا الى الأسلام ولا يستطيعوا الرجوع الى المسيحية بعد ان يكتشفوا خطأ اختيارهم؟ اين حقوق الأنسان؟ أين حرية الفرد؟ أين حرية العقيدة؟ اليست هذه شريعة الغابة, حيث القوي يفرض على الأخرين ما يريده ؟ اين حقوق المواطنة؟ أين أهداف مباديء الثورة التي رفعت في ساحة التحرير ؟ أين هيبة الحكومة وعلى رأسها القادة العسكريين الذين وقفوا متفرجين لا بل أصطفوا مع السلفيين؟لماذا لا تطبق القوانين والعدالة عندما يكون الضحايا مسسيحيين؟ اسئلة كثيرة تطر ح وهي تحتاج الى اجوبة من قبل  حكومة مصر ما بعد الثورة وحكومات الدول العربية والأسلامية  حيث مصر هي مثال اخذناه وينطبق على كل الدول العربية والأسلامية.
يقول ألأستاذ أدوارد بيباوي في مقابلة على أحدى القنواة الفضائية  ردا على سؤال  بماذا يختلف السلفيين عن الأخوان المسلمين؟ فيجيب "السلفيين في عهد الثورة (ثورة 25 يناير) رفعوا القران والصليب ولكن أنظر اليوم ماذا يفعلون
بالأقباط وحرق كنائسهم  انّهم يطبقون تكتيك مرحلي  بينما ألأخوان المسلمين يلعبون لعبة خطيرة بالتحالف مع السلفيين ومع المجلس العسكري الحاكم  أي مع الشارع الأرهابي ومع العسكر  انهم يطبقون شريعةالتقية حرفيا"
المجتمع المصري اليوم اصبح منقسم (كما في العراق) بين من يريد دولة دينية ودولة مدنية.اليوم الأحكام العرفية في ظل الثورة الفتية هي السائدة
المسيحييين في العراق قد شردوا وقتلوا وهاجروا ولم يبقى الا من ضاقت به الدنيا
فهل نحن في طريقنا الى الأبادة الجماعية والقضاء على المسيحيين في الشرق الأوسط ؟ حتى المسلمين المسالمون هم في حالة خطر وقد يحترق اليابس والأخضر عندما يسيطر الفكر السلفي ألأرهابي على المجتمعات العربية والأسلامية.
يقول احدهم نحن أمة  في حالة خطر.أين هيبة الدولة؟ مجرمين يخرجون عن القانون ويسرحون ويمرحون ويحتفلون بقتل المسيحين والجيش والشرطة يهنئونهم ويصافحونهم
نعم هؤلاء المرتزقة الوهابية هم دولة داخل دولة يتصرفون ويعتدون ويقتلون ويحرقون الكنائس والدولة  عاجزة متفرجة بل قد تكون متواطئة مع الأرهابيين الى أن تثبت العكس.
اليوم ثورة 25 يناير اصبحت في مفترق الطرق أمّا يتم تطبيق العدالة والقانون بحق المجرمين  أو فقدان الأمن والعدالة والحق والحرية ودخول مصر في نفق مظلم قد لا يكون المسيحيين هم الضحية الوحيدة بل يطال المسلمين ايضا لأن السلفيين سيعتدون على كل من يخالف رايهم  لأنها مجموعة تريد احراق مصر بالطائفية ,هذا التيار الوهابي الذي دخل مصر والدول العربية والأسلامية والممول من قبل شيوخ البترول سيقضي ليس على المسيحيين فقط بل سيحارب المسلمين المعتدلين ايضا.
يقول الكاتب المصري المشهور محمد حسنين هيكل في مقابلة مع برنامج"مصر النهاردة"اننا أمام ثورة هو أول خطوة للعلاج وعندها تبدأ المرحلة الثانية وهي الانتقال من وضع قديم إلى وضع آخر جديد ، وهناك بين المرحلتين اللحظة الراهنة والتي تتطلب حكومة قوية جدا تكون الأقوى من نوعها في تاريخ مصر لمعالجة ما فسد في عهد مبارك ، أحمد شفيق(رئيس الحكومة الحالية) مع احترامي له إلا أنه أكد أكثر من مرة أنه من تلاميذ مبارك".
وفي رده(هيكل) على سؤال حول النظام السياسي الأمثل لمصر في المرحلة المقبلة ، قال هيكل " النظام البرلماني بالطبع ، أنا اقترحت تأسيس مجلس أمناء الثورة والدستور ، ما يحدث حاليا يرهق المجلس العسكري ، أثق جدا في طارق البشري ، لكن لابد من دستور جديد ، لا أحد يتحجج بالوقت ، تلك لحظة مؤسسية ولذا يجب أن يكون هناك خطة ورؤية للمستقبل ونظاما واضحا ومحدد المعالم يقنع الناس بدلا من رؤى هنا وهناك وجهات متفرقة ، شباب ثورة 25 يناير أفضل بكثير من الأجيال السابقة ولذا لابد أن يكونوا في الطليعة دائما"انتهى الأقتباس.
انَّ الثورات التي قامت في الدول العربية( والتي ستقوم) كانت بدون قيادة ولا منهج وعليه سوف تعيش المجتمعات العربية في حالة قلق وهشاشة في مؤسات الدولة و قد تطول هذه الحالة سنين بل  عقود , والمسيحيين هم الأكثر تضررا من هذه الثورات لأنّ الفراغ الحاصل في مؤسسات الدولة سيستغل للأعتداء على المسيحيين في هذه الدول كما حدث لمسيحيي العراق وقد يتم سيطرة ألأحزاب الأسلامية( المنظمة والمدعومة من جهات معروفة ) على مؤسسات الدولة بل قد تنجح في الوصول الى السلطة وتشكل دولة دينية كما حدث في ايران بعد أن استغلت ثورة الشباب الأيراني ضد الحكم الدكتاتوري لشاه ايران ,حيث سميت الثورة الأسلامية وأطلقت على ايران اسم جمهورية ايران الأسلامية ,وما اشبه اليوم بالبارحة في مصر حيث بوادر الثورة الأسلامية وبروز الأخوان المسلمين واستقبال القرضاوي من قبل الحكومة ما بعد الثورة والمجلس العسكري (علما انَّ القرضاوي كان قد ابعد من مصر بسبب ارائه المتطرفة) واطلاق سراح المجرمين والقتلة من السلفيين والأخوان المسلمين وخروجهم من السجون والمعتقلات خير دليل على مانقوله,.
أنَّ الواقع اليوم في مصر يؤكد لنا وجود تراخي من قبل الحكومة والمجلس العسكري بحق المجرمين السلفيين الذين يعيثون فسادا أمام أنظار الجيش والشرطة والشعب والعالم كُلَهُ شهد كنائس الأقباط وهي تحترق وعشرات القتلى ومئات الجرحى والى هذه الساعة لم نسمع أو نشهد اجراءات رادعة  ضد هؤلاء  الشيوخ المجرمين المحرضين على القتل والتخريب و الذين يصرِّحون ومن خلال منابر القنواة الفضائية المصرية الرسمية بكل صلافة ووقاحة بأنّهم سيواصلون عملهم ألأجرامي ولن يقف أمامهم حتى القانون لتنفيذ خططهم الشيطانية.
 ألأسئلة المطروحة اليوم
 ماهو مصير الأقباط المسيحيين في مصر بل ماهو مستقبل المسيحيين في الدول العربية والأسلامية بعد ما شاهدنا مشاهد دموية ضد المسيحيين في هذه الدول ورموزهم ومقدساتهم الدينية؟
والسؤال الأخطر والذي يجب التأمل في الأجابة عليه وهو هل هناك أجندات خارجية لأحداث هذه البلبلة وعدم الأستقرار( بعد نجاح الثورات الشبابية) لأشعال الحرب الطائفية  كما حدث في العراق لتطبيق مبدا الفوضى العارمة؟
لماذا هذه السياسات العربية العنصرية بحق المسيحيين ولماذا سياسة الأفلات من العقاب للمجرمين المعتدين على المسيحيين؟اليس هذا يدعونا الى وضع عشرات علامات الأستفهام؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
هل كل ما يجري في البلدان العربية من الأعتدائات بحق المسيحيين هي صدفة,أم هناك تحريض على ارهاب المسيحيين  لأخلاء هذا الشرق من المسيحيين وافساح المجال لتاسيس دول وأمارات اسلامية في المنطقة؟
هل هناك تحالف بين الأجهزة الأمنية والمجلس العسكري والحكومة مع قيادات السلفيين والأخوان المسلمون في مصر؟,والا بماذا نفسر حدوث اكثر من 60 حالة أعتداء على الأقباط والرموز المسيحة وحرق ثلاثة كنائس في مصر بعد ثورة 25 يناير فقط ؟ وكيف تسمح الدولة للمؤسسات الأعلامية والقنواة الفضائية بالتحريض على المسيحيين وفي وضح النهار ؟ماذا نفسِّر قول أحد الجنرالات في الجيش "اننا كلنا سلفيين وحتى الجيش"؟
 
هل من المعقول ونحن في القرن الواحد والعشرين ان تقوم دولة كانت معروفة بحضارتها التاريخية,مثل مصر, بعدم السماح لشعبها ألأصيل(الأقباط) أن يقوم ببناء معابده وكنائسه, وعدم الأعتراف بحقوقه كمواطن له حقوق وعليه واجبات؟ نحن نحتاج الى اجابات شافية الى كل هذه الأسئلة, والآ على رجال الدين ورئاسات الكنائس المحلية والعالمية أن يعترفوا بهذه الحقيقة المرة ويطالبوا العالم ومنظمات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الأنسان والمحكمة الدولية بأتخاذ الأجرائات الردعية بحق المسؤولين الحكوميين  في هذه الدول العربية والأسلامية قبل فوات الأوان
 
 
 
 
خامنئي (خليفة الله على ألأرض) يقول انَّ الثورات التي حدثت وتحدث في العالم العربي هي أمتداد للثورة الأسلامية  الأيرانية!!!!!!
القاعدة تقول انها ثورات تؤكد انتصار القاعدة !!!!!
باكستان ظهرت انها كانت تحمي بن لادن وهي العمق الستراتيجي للطالبان والمجاهدين المسلمين في الماضي والحاضر!!!!!!!!
تقرير يقول ان المسيحيين في باكستان في خطر بعد مقتل بن لادن !!!!!!!!!
احراق الكنائس في اثيوبيا واندنوسيا والعراق  هل هي ايضا صدفة؟!!!!!!!
انها مسالة فكرية مستشرية في المجتمعات العربية والأسلامية, وعقول تؤمن بالعنف والأرهاب,أنَّه فكر ينكر الدولة المدنية فيها تطبق العدالة والمساوات بين جميع المواطنين بغض النظر عن الدين والعقيدة
اليوم نحن بحاجة ليس الى ثورات تطالب بالحرية والديمقراطية فقط  بل نحن بحاجة أيضا الى ثورات ثقافية وثورات حداثة لا بل الى ثورات تقلب الكثير من المفاهيم والأفكار الخاطئة في المجتمعات العربية والأسلامية, وثورات ضد الفكر العنصري والكراهية للأخر وثورات اجتماعية  تغيَّر الكثير من العادات والتقاليد والموروثات المتخلفة.
لايوجد ما يظهر ايجابية النظام الحالي العسكري بقيادة الطنطاوي الحاكم العسكري المطلق الذي يطبق نفس مباديء حسني مبارك في مصر
كان يجب أن يطبق القانون والعدالة منذ اللحظة الأولى لأستلام الجيش السلطة وتشكيل الحكومة . فمبارك لم يطبق القانون والمجلس العسكري الحالي   ايضا لم يطبق القانون بل استمر القانون العرفي(القانون العشائري الذي يتم المصالحة بالتراضي) هو السائد.يسأل أحدهم فيقول" عامل مصري  يطالب بحقه ويتظاهر فيسجن خمسة سنوات والذي يقتل الأقباط ويحرق كنيسة يصافح باليد ".
المجلس العسكري الحالي يعتبر نفسه موقت  ولكن في عهده  تم تعديل الدستور وعلقوا العمل بالدستور. وفي عهدهم يتم صياغة دستور يحافظ على الدستور القديم في مجمل مواده ,وخاصة المادة الثانية منه, التي تنص ,انَّ قوانين الدولة المصرية مستمدة من الشريعة الأسلامية ,وهذا يكفي ليضع المسيحيين الأقباط (كما في العراق) لكي يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية بل أكثر من ذلك يمكن اعتبارهم أهل ذمة .
http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=22158

122
الحكمة في العهد القديم
الجزء الثاني
نافع البرواري
من دراسة لعالِم الكتاب المقدس الأب بولص الفغالي عن الحكمة في العهد القديم نقتبس بعضاً مِمّا قاله: إن الحكمة في شعب الله اتبعت خطها الخاص. أخذت من الكنز الشرقي العريق وأعطته حياة بالوحي الإلهي. وهكذا صار الأدب الحكمي امتدادًا للأدب الشرائعي والأدب النبوي، وضوءًا ينير درب شعب الله المنتظر ذاك الذي هو الطريق والحقّ والحياة.
ألأدب الحكمي أسم تضع تحته اسفار ايوب(الذي هو نظرة انسان الى المصير البشري) وسفر ألأمثال(اي مجموعات أقوال حكمية) وسفر الجامعة ( الذي يقدم أعتبارات عن أحداث الحياة البشرية) وبعض المزامير (التي تسمّى مزامير حكمية مزمور 1,37,49,73,91,112) وسفرنشيد ألأناشيد(الذي يقدّم في الحب البشري مثلا عن حب الله لشعبه) وسفرالحكمة(الذي يفلسف مشاكل القلب البشري ويفتحها على عالم الخلود) وسفر يشوع بن سيراخ (الذي يقدم لنا أقوال أحد المعلمين في كلّ نواحي الحياة).
يحتل هذا ألأدب مكانة هامة بجانب ألأدب الشرائعي والأدب النبوي, وهو ثمرة حركة فكرية ودينية وأخلاقية. ولقد ترك الحكماء عند الشعب في مدى تاريخية اثرا عميقا يوازي أثر الكهنة والأنبياء.
وعن الحكمة يقول :
"الحكمة صفة تجعل ألأنسان يعرف كيف يتَّخذ قراراته, كيف يعمل أعماله, يعرف أن يسيطر على الأمور من أجل حياة سعيدة لا يكون فيها تفاخر بين ما يقول وما يفعل. الحكمة في اللغة هي الكلام الموافق للحق, وهي الفلسفة وصواب ألأمر وسداده, وهي العدل والحِلم والحُكم. والحكيم هو صاحب الحكمة والعلم, ومن عجّنته التجارب ومن أتقن ألأمور وتمكن منها, وترتبط الحكمة بالحاكم الذي يقضي بالأمر بين الناس, والذي يتولى ادارة شؤون البلاد". والحاكم يحتاج الى الحكمة ليسوّوس أُمور العبّاد والى أن يمنع نفسه ويردّها عن المزالق ليستحق أن يفوّض اليه الناس.
الحكم في أمورهم. هكذا أحتكمت المرأتان الى سليمان الحكيم(راجع 1ملوك3:16) فحكم لصاحبة الحق وحكم على الثانية بان تُعيد الولد الى أمّه. كان سليمان ذاك القاضي الحكيم الذي فصل الخصومة فهابه جميع بني اسرائيل (لأنّهم راوا حكمة الله فيه في أجراء الحكم)(1ملوك 3:28).
كان لأسرائيل, كما لشعوب الشرق القديم حكمته(امثال أحيقار الحكيم السرياني), وهي جهود الفكرالبشري الذي يلاحظ ألأمور بعقله فيحاول أن يلج في سر الكون لمعرفته ويتكيّف معه ويتسلط عليه حسب كلمة الرب في البداية: "أخضعوا ألأرض وتسلطواعلى سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوانات الدابَّ على الأرض "تكوين 1:28". وهناك مفاهيم كثيرة للحكمة في العهد القديم منها مهارة اليدين ومعرفة ألألغاز والأحاجي وفن أدارة ألأمورالخاصة والتجاريّة والسياسية وحس داخلي وفطرة طبيعية تروي الأنسان الخير والشر مع نتائجهما.
والحكمة في العهد القديم هي معلّمة الفضائل: تعلِّم اللباقة والتبصر والصبر والعفة وهي تجنبنا الأفراط في كل شيئ بالأبتعاد عن الرذائل ونتائجها التعيسة. نبتعد عن الزنى والكسل والسكر والشراهة. والحكمة تعلمنا فن تنظيم حياتنا لنكون سعداء ويحالفنا النجاح. ولكن مع الحكمة تسير الحيلة والدهاء وتصرُّف غير خلقي .
الحكمة موهبة شبيهة بالعهد والشريعة "يشوع بن سيراخ24:22" وتصبح مبدأ كُلِّ فكر وكُلِّ خير. وتماثل الحكمة روح الله والشريعة والعهد. لن يكون تماثلها تماثلا مطلقا, لأنّها لا تقدر أن تتحرّر من أصلها البشري. أجل, لن تكون ينبوع حياة مثل روح الله, ولن تكون قوّة الهية تحفظ حياة الأنسان في الوجود وتجدُّد حياة الشعب الخُلقية والدينية"اشعيا32:15". هذه التصورات عن الحكمة ستحل في الوحي الجديد فتعبّر عن أسرار ألأيمان والرجاء والمحبّة في العهد الجديد. فيسوع أبن الله هو الحكمة المتجسّدة. الحكمة في شعب الله أتبعت خطها الخاص. أخذت من الكنز الشرقي العريق وأعطته حياة بالوحي الألهي .وهكذا صار الأدب الحكمي امتدادا للأدب الشارئعي والأدب النبوي, وضوءا ينير درب شعب الله المنتظر ذاك الذي هو الطريق والحق والحياة." انتهى الأقتباس".
انَّ الحكمة في الكتاب المقدس أمراً رئيسياً وجوهرياً في الأساس التي تُبنى عليه الحياة كُلَّها, فهي تعني أكثر جدا من معرفة الكثير, هي موقف اساسي يؤثرفي كُلِّ جوانب الحياة, هي القدرة على رؤية الحياة من وجهة نظر الله ومن ثُمَّ معرفة أفضل السبل للتصرف, وتبدأ الحكمة بمعرفة الله, فهو يعطي بصيرة في الحياة لأنّه هو الذي خلق الحياة  فعندما نريد الحصول عليها يجب أحترام الله ومخافته فالحكمة هي نتيجة معرفة الله الذي يفتح عيوننا للفهم ومشاركة الآخرين في معرفته "راجع سفر الأمثال 9:10" ومن غير المجدي لنا أن نحاول أن نكون حكماء من ملاحظاتنا الشخصية ومجهوداتنا الذاتية في المعارف والمعلومات, لأنَّ الله وحده يرى الغاية العظمى لعالمه: وقد توصل ايوب وبعد المحن والآلام الى هذه النتيجة عندما يقول:"ليتَ الشهور السالفة تعود, ايام كان الله حارسي, يضيء سراجهُ فوق رأسي"ايوب29:2,3".
سليمان الحكيم, عندما منح فرصة لأختيار أيُّ شيءفي العالم, طلب من الله الحكمة ليحكم بالعدل وليصدر قرارات صائبة لشعبه, لأنَّ الحكمة هي القدرة على رؤية الحياة من وجهة نظر الله ومن ثم معرفة أفضل السبل للتصرف"1ملوكك3:6,7,8,9" هكذا نحن أيضا علينا أن نطلب الحكمة منه لنعرف ماذا نعمل وكيف نسلك في حياتنا حسب مشيئة الله "يعقوب1:5".
سليمان الحكيم بحث عن اشياء وأمور في هذا العالم ولكنها لم تمنحه الشبع الذي كان يسعى اليه, فبعض المتع التي كان يسعى ورائها كانت خاطئة, وكان بعضها جديرا بالسعي. ولكن حتى ما كان جديرا بالسعي ورائه كان باطلا لأنّه أعتبره غاية في ذاته. ولكن الحكيم هو أن يؤمن بأنَّ راس الحكمة هي مخافة الله"امثال9:10", ولكن سليمان الملك  يُذكر لحكمته, وليس لأمانته لله. الأنسان (وكذلك المجتمعات البشرية )بحاجة أكثر الى علاقة ثابة بالله نبع كلِّ حكمة, وأن ينظر الى ما وراء نشاطه وسعيه أي الى اسباب قيامه بها. سليمان بنى بيتا ضخما وهيكلا ومملكة وعائلة "انظر 1ملوك 3-11" ولكن على مدى التاريخ أصبحت هذه خرابا, ولهذا يقول سليمان الملك"ان لم يبني الرب البيت فباطلا يتعب البنائون....ان لم يحرس الرب المدينة فباطلا يسهر الحارس "مزمور127". نعم انَّ الملوك والسلاطين الذين ينسون الله ولا يطلبوا حكمته فأنّ مصيرهم ومصير ما شيدوه وأنجزوه هو خراب واطلال, وحده يسوع المسيح هو الصخرة التي على العالم أن يبنوا حضارتهم وعلومهم ومنجزاتهم عليه وهو حجر الزاوية الذي يربط البناء(بناء الحضارات) لكي لا ينهدم وكذلك هو الذي يتحمل جميع الأحمال للبناية( اساس الحضارات).
لقد انتهى سليمان في آخر حياته الى انّه اذا كانت الحياة نفسها دون جدوى فالأفضل أن يكون ألأنسان حكيما لا جاهلا"الجامعة2:12,13", ولمّا التَفتُّ لأنظر في الحكمة والجنون والحماقة ......رأيتُ أنَّ الحكمة أفضل من الظلام: الحكيم عيناه في رأسه, أمّا الجاهل  فيسيرُ في الظلام".
وينصح الحكيم الحكام والملوك العاشقين للحكم  أن يكرموا الحكمة فيقول:"فاذا كُنتُم ياملوك الشعوب تعشقون العرش والصولجان فما عليكم الاّ أن تكرموا الحكمة فيدوم مُلكُكم الى الأبد"الحكمة5:21".
يخبرنا كاتب سفر التثنية أن يكون الحاكم أو السلطان نزيها عادلا لايقبل الرشوة فيقول: "لا تجوروا في الحكم ,ولا تُحابوا أحدا, ولا تاخذوا رشوة لأنَّ الرشوة تُعمي أبصار الحُكماء وتُحرفُ أقوال الصادقين "تثنية16:1.
أمَا يشوع بن سيراخ يقول عن الرشوة: "الهدايا والرشوى تُعمي حتى أعين الحُكماء"20:29".ويقول سليمان الحكيم عن الحكّام الحكماء "في كثرة الحكماء خلاص العالم والملك الحكيم يؤيّد خير الشعب, فتعلَّموا من أقوالي لأن فيها خيرلكم "الحكمة 6:24" ويقول يشوع بين سيراخ عن لجم اللسان فيقول "الخير أو الشر, الحياة أو الموت, وما يؤدي الى أيُّ منها هو اللسان"يشوع بن سيراخ 37:18".
أمّا عن الكذب فيقول يشوع بن سيراخ: "....وكما يميّزُ الذوق مختلف ألأطعمة هكذا يكشفُ الفهيم كلام الكذب"36:19" ."من النجاسة لا تخرج الطهارةُ ومن الكذب لا يخرج الصدق"34:4". أمّا كاتب سفر الأمثال فيقارن بين الصدق والكذب فيقول:"القول الصادق يثبتُ الى الأبد, أمَا الكذب فحبلهُ قصير"أمثال 12:19".
 ويقول يشوع بن سيراخ عن أنَّ الأنسان يُعرف من أعماله واقواله فيقول "الشجرة تُعرف من ثمارها, وخواطر الأنسان من كلامهِ" 27:6". أمّا عن الساعين الى أذية الآخرين فيقول"من حفر حفرة وقع فيها, ومن نصب فخّا صادهُ الفخ"27:26".
الكتاب المقدس يصف الشخص الذي عنده الحكمة بانّه شخص وفي رحيم, يتكل على الرب يضع الله أولا ويحوّل ظهره للشر ويعرف الصواب من الخطأ, يجد المعرفة والفهم لايحب الكبرياء والغرور, يكرم الله ويخافه, ويكره الفساد والخداع, ويعطي مشورة صالحة للآخرين, له فطرة حسنة, قابل للتعلم ويعرف الله وعن ذلك يقول يشوع بن سيراخ:
"الحكمة كُلّها في كتاب العهد الذي قطعه الله العلي معنا, لا الأنسان القديم اتقن الحكمة  ولا ألأخير يقدر ادراكها. لأنها أوسع من البحر وأسرارها أعمق من الغمر"24:28,29"..........أنا كساقية من النهر سحبتُ الماء الى الحديقة قلتُ "أسقي حديقتي وأروي تُراب أزهاري, فأذا ساقيتي صارت نهرا, ونهري صار بحرا, والآن أُريدُ أن أنشُر ما تعلمتُ وكالصباحِ أجعلهُ بعيدا يضيء, أمنحه بما يُماثل النبوّة, وأُرثهُ الى مدى ألأجيال تعبي لم يكن من أجلي أنا وحدي, بل لكلِّ من يطلب الحكمة"24:30,31,32,33,34"....من يتأمّل في شريعة العُليّ(الله), يتفحَّص حكمة ألأقدمين, ويتفرَّغ لدراسة النبؤات, يوجّه قلبه مبكرا ال الله العليّ ومنه يطلب الغفران. فأن شاء الربُّ العلي العظيم يملأه من الفهم, فيفيض بأقوال حكمته. يمتلك المشورة والمعرفة ويتأمل في أسرار الله"39:5,6,7,". "تاجُ الحكماء غنى معرفتهم, وزينة البُلداء حماقتُهم"أمثال 14:24".
وينصح سليمان الحكيم الأنسان للبحث عن الحكمة وطلبها من الله لأنّها معلِّمة الفضائل, فقد صلّى لله  ليعطيه قلبا حكيما مميزا  فيقول:
"لذلك صلّيتُ من أجل الفهم, فنلتهُ ودعوتُ الله فحلَّ عليَّ روحُ الحكمة ......  وأخترتها لي نورا لايغيب أبدا "الحكمة 7:7"  فلمّا جاءتني الحكمة جاء معها كُلُّ خير"الحكمة 7:7,11". "......لأنَّ الله هو الهادي الى الحكمة ومرشد الحكماء" الحكمة 7:16  ". "فأمنحني(ياالله) عقلا مُدركا لأحكُم شعبكَ وأُميِّز الخير عن الشرِّ"1ملوك3:9""من يسعى ورائها باكرا لايلقي صعوبة, لأنَّه يجدها جالسة عند بابه "الحكمة 5:14". والحكمة تكتسب بقراءة الكتاب المقدس والتأمُّل فيه وعن ذلك يقول كاتب المزمر"كَم أُحِّبُ شريعتُك, أتأمَّلها  نهارا وليلا وصيَّتُك التي جعلتني أحكم من أعدائي"مزمور119:97,98".
نعم الحكمة موهبة من الله"الحكمة9:5" وفي نفس الوقت وليدة السعي الجاد اليها فالسبيل اليها شاق واننا لانستطيع أن نخلقها بجهودنا الذاتية, وحكمة الله تُخفى على العصاة والحمقى, والحكمة هي عملية نمو مستمر"امثال2:9,10" وانَّ طلب الحكمة واستخدامها يحتاج الى جهد, هي كنز "المعرفة والفهم"أمثال2:6" فاقتناء الحكمة خيرٌ من الذهب والفطنة خير من الفضة "أمثال16:16" فتاج الحكماء غنى معرفتهم"امثال13:25".
الحكمة تخاطب العقل أولا أمّا الحماقة فتخاطب الحواس. شبّه الكتاب المقدس الحكمة بأمراة مسؤولة ذات خلق تدعو الناس الى وليمة, بينما الحماقة أمراة عاهرة تقدم طعاما مسروقا"امثال9:1".
و يقول كاتب سفر الجامعة عن ألأنسان الحكيم الذي يستطيع معرفة الألغاز وتفسير الأمور الحياتية فيقول:" من كالحكيم يعرف تفسير الأمور؟ حكمة ألأنسان تنير وتضيئ جبهته"الجامعة8:1".
الحكمة ترتبط بالعدالة  أيضا"من خاف الرب تبيّن عدله يرى أعماله الصالحة كالنور"يشوع بن سيراخ32:16 " وهكذا يقول الحكيم" فالحكمة تُعلِّم الفضائل كُلَها, العفَّة والعدل والشجاعة والفهم "الحكمة8:7".
معرفة الحكمة يعني معرفة الحياة الحقيقية, التبصّر والصبر والعفة  وتعلّمنا فن تنظيم حياتنا لنكون سعداء, ويعلمنا كاتب سفر باروك, انَّ الحكمة والفهم سر قوة الأنسان لمعرفة كيف يعيش الحياة بسلام: "تعلّموا أين الحكمة وأينَ القوّة وأين الفهم حتى تعرفوا أين الحياة وأين النور لعيونكم وأين السلام وطوال البقاء "باروك3:14".
أمَّا كاتب سفر الجامعة فقد توصل الى حقيقة أنَّ الحكمة خير من القوّة والات الحرب وانَّ الحاكم (الحكيم) هو الذي يتصرف بهدوء وهو افضل من ا الحاكم الجاهل الذي يصرخ بين الجُهال.
"...فقلت انَّ الحكمة خير من القوّة ...كلام الحكماء المسموع في الهدوء أفضل من صُراخ  الحاكم بين الجُهّال. والحكمة خيرٌ من الات الحرب"الجامعة9:16,17".
"لا تسلك طريق المخاطر لئلا تسقط على الحجارة"يشوع بن سيراخ 32:20".
"ببركة المستقيمين تعلوا المدينة, وبكلام ألأشرار تَنهَدمُ"أمثال 11:11".
"هنيئا لمن لايسلك في مشورة ألأشرار وفي طريق الخاطئين لا يقفُ"مزمور1:1".
الحكمة والمعرفة:
تبدأ الحكمة بمعرفة الله ,فهو يُعطي بصيرة في الحياة لأنَّه هو الذي خلقَ الحياة, وهذا لا يعني التقليل من أهمية الدراسة والتعلم والأستفادة من خبرات الآخرين وسماع  نصائح الوالدين والأستماع الى أقوالهم والأصغاء لهم, فالحياة نفسها تعطينا دروسا وعبر تتراكم عبر السنين, ولهذا يشدد الكتاب المقدس (سواء في العهد القديم أو العهد الجديد)على طاعة الشيوخ والآباء لأنّهم اكتسبوا الحكمة خلال سنين حياتهم, ولكن الحكمة الحقيقية ليست تكديس المعرفة, بل تطبيق المعرفة بطريقة تُغيِّر الحياة, ومن أكثر الشخصيات ازعاجا, النوع الَّذي يدَّعي معرفة كُلُّ شيء, والشخص صاحب الرأي المتزمّت من جهة كُلِّ شيء والمنغلق أمام كُلِّ شيء جديد, ويطلق سليمان الحكيم على هذا النوع من الناس صفة "الجاهل"راجع امثال 1:22"فبينما الحكيم يفتش عن المعرفة  نرى الجاهل ينطق بالحماقة" قلب الحكيم يلتمس المعرفة, وفم الجاهل يرعى حماقة"أمثال15:14". وينصح الحكيم أبنائه فيقول: "اسمع يا ابني مشورة ابيك ولا تهمل نصيحة أُمِّكَ أكليك نعمةٍ هما لرأسِك . "أمثال1:1". ويقول كاتب سفر الأمثال:"تاجُ الحكماء غنى معرفتهم وزينة البُلُداء حماقتهم"أمثال14:24".
أنّ الأنسان الطبيعي والغاطس في الأمور الجسدية لا يستطيع ألأرتفاع بجهوده للحصول على حكمة الله بل الله هو الذي يمنح حكمته (أي روحه القدوس) للأنسان الذي يُريد أن يفهم ما يرضي الله ولهذا يقول الله على لسان حزقيال النبي"أجعل روحي فيهم"حزقيال 36:27"وفي"ارميا 31:34"فيعرفني" هذا الروح الذي يعمل في الأنسان هو روح القوَّة  لعمل مشيئة الله ومعرفته. وهذا ما سيتحقق في العهد الجديد للمؤمنين بيسوع المسيح, لأنَّه يرسل روحه القدوس لينوّرالحياة للمؤمنين به ويعطيهم القوة والحكمة .
والى اللقاء في الجزء الثالث الذي سنتكلم فيه عن"الحكمة في العهد الجديد".
لمن يريد قراءة الجزء الأول كما في الموقع أدناه
http://www.ishtartv.com/viewarticle,35308.html

123
الحكمة في العهد القديم
الجزء الثاني
نافع البرواري
من دراسة لعالِم الكتاب المقدس الأب بولص الفغالي عن الحكمة في العهد القديم نقتبس بعضاً مِمّا قاله: إن الحكمة في شعب الله اتبعت خطها الخاص. أخذت من الكنز الشرقي العريق وأعطته حياة بالوحي الإلهي. وهكذا صار الأدب الحكمي امتدادًا للأدب الشرائعي والأدب النبوي، وضوءًا ينير درب شعب الله المنتظر ذاك الذي هو الطريق والحقّ والحياة.
ألأدب الحكمي أسم تضع تحته اسفار ايوب(الذي هو نظرة انسان الى المصير البشري) وسفر ألأمثال(اي مجموعات أقوال حكمية) وسفر الجامعة ( الذي يقدم أعتبارات عن أحداث الحياة البشرية) وبعض المزامير (التي تسمّى مزامير حكمية مزمور 1,37,49,73,91,112) وسفرنشيد ألأناشيد(الذي يقدّم في الحب البشري مثلا عن حب الله لشعبه) وسفرالحكمة(الذي يفلسف مشاكل القلب البشري ويفتحها على عالم الخلود) وسفر يشوع بن سيراخ (الذي يقدم لنا أقوال أحد المعلمين في كلّ نواحي الحياة).
يحتل هذا ألأدب مكانة هامة بجانب ألأدب الشرائعي والأدب النبوي, وهو ثمرة حركة فكرية ودينية وأخلاقية. ولقد ترك الحكماء عند الشعب في مدى تاريخية اثرا عميقا يوازي أثر الكهنة والأنبياء.
وعن الحكمة يقول :
"الحكمة صفة تجعل ألأنسان يعرف كيف يتَّخذ قراراته, كيف يعمل أعماله, يعرف أن يسيطر على الأمور من أجل حياة سعيدة لا يكون فيها تفاخر بين ما يقول وما يفعل. الحكمة في اللغة هي الكلام الموافق للحق, وهي الفلسفة وصواب ألأمر وسداده, وهي العدل والحِلم والحُكم. والحكيم هو صاحب الحكمة والعلم, ومن عجّنته التجارب ومن أتقن ألأمور وتمكن منها, وترتبط الحكمة بالحاكم الذي يقضي بالأمر بين الناس, والذي يتولى ادارة شؤون البلاد". والحاكم يحتاج الى الحكمة ليسوّوس أُمور العبّاد والى أن يمنع نفسه ويردّها عن المزالق ليستحق أن يفوّض اليه الناس.
الحكم في أمورهم. هكذا أحتكمت المرأتان الى سليمان الحكيم(راجع 1ملوك3:16) فحكم لصاحبة الحق وحكم على الثانية بان تُعيد الولد الى أمّه. كان سليمان ذاك القاضي الحكيم الذي فصل الخصومة فهابه جميع بني اسرائيل (لأنّهم راوا حكمة الله فيه في أجراء الحكم)(1ملوك 3:28).
كان لأسرائيل, كما لشعوب الشرق القديم حكمته(امثال أحيقار الحكيم السرياني), وهي جهود الفكرالبشري الذي يلاحظ ألأمور بعقله فيحاول أن يلج في سر الكون لمعرفته ويتكيّف معه ويتسلط عليه حسب كلمة الرب في البداية: "أخضعوا ألأرض وتسلطواعلى سمك البحر وطير السماء وجميع الحيوانات الدابَّ على الأرض "تكوين 1:28". وهناك مفاهيم كثيرة للحكمة في العهد القديم منها مهارة اليدين ومعرفة ألألغاز والأحاجي وفن أدارة ألأمورالخاصة والتجاريّة والسياسية وحس داخلي وفطرة طبيعية تروي الأنسان الخير والشر مع نتائجهما.
والحكمة في العهد القديم هي معلّمة الفضائل: تعلِّم اللباقة والتبصر والصبر والعفة وهي تجنبنا الأفراط في كل شيئ بالأبتعاد عن الرذائل ونتائجها التعيسة. نبتعد عن الزنى والكسل والسكر والشراهة. والحكمة تعلمنا فن تنظيم حياتنا لنكون سعداء ويحالفنا النجاح. ولكن مع الحكمة تسير الحيلة والدهاء وتصرُّف غير خلقي .
الحكمة موهبة شبيهة بالعهد والشريعة "يشوع بن سيراخ24:22" وتصبح مبدأ كُلِّ فكر وكُلِّ خير. وتماثل الحكمة روح الله والشريعة والعهد. لن يكون تماثلها تماثلا مطلقا, لأنّها لا تقدر أن تتحرّر من أصلها البشري. أجل, لن تكون ينبوع حياة مثل روح الله, ولن تكون قوّة الهية تحفظ حياة الأنسان في الوجود وتجدُّد حياة الشعب الخُلقية والدينية"اشعيا32:15". هذه التصورات عن الحكمة ستحل في الوحي الجديد فتعبّر عن أسرار ألأيمان والرجاء والمحبّة في العهد الجديد. فيسوع أبن الله هو الحكمة المتجسّدة. الحكمة في شعب الله أتبعت خطها الخاص. أخذت من الكنز الشرقي العريق وأعطته حياة بالوحي الألهي .وهكذا صار الأدب الحكمي امتدادا للأدب الشارئعي والأدب النبوي, وضوءا ينير درب شعب الله المنتظر ذاك الذي هو الطريق والحق والحياة." انتهى الأقتباس".
انَّ الحكمة في الكتاب المقدس أمراً رئيسياً وجوهرياً في الأساس التي تُبنى عليه الحياة كُلَّها, فهي تعني أكثر جدا من معرفة الكثير, هي موقف اساسي يؤثرفي كُلِّ جوانب الحياة, هي القدرة على رؤية الحياة من وجهة نظر الله ومن ثُمَّ معرفة أفضل السبل للتصرف, وتبدأ الحكمة بمعرفة الله, فهو يعطي بصيرة في الحياة لأنّه هو الذي خلق الحياة  فعندما نريد الحصول عليها يجب أحترام الله ومخافته فالحكمة هي نتيجة معرفة الله الذي يفتح عيوننا للفهم ومشاركة الآخرين في معرفته "راجع سفر الأمثال 9:10" ومن غير المجدي لنا أن نحاول أن نكون حكماء من ملاحظاتنا الشخصية ومجهوداتنا الذاتية في المعارف والمعلومات, لأنَّ الله وحده يرى الغاية العظمى لعالمه: وقد توصل ايوب وبعد المحن والآلام الى هذه النتيجة عندما يقول:"ليتَ الشهور السالفة تعود, ايام كان الله حارسي, يضيء سراجهُ فوق رأسي"ايوب29:2,3".
سليمان الحكيم, عندما منح فرصة لأختيار أيُّ شيءفي العالم, طلب من الله الحكمة ليحكم بالعدل وليصدر قرارات صائبة لشعبه, لأنَّ الحكمة هي القدرة على رؤية الحياة من وجهة نظر الله ومن ثم معرفة أفضل السبل للتصرف"1ملوكك3:6,7,8,9" هكذا نحن أيضا علينا أن نطلب الحكمة منه لنعرف ماذا نعمل وكيف نسلك في حياتنا حسب مشيئة الله "يعقوب1:5".
سليمان الحكيم بحث عن اشياء وأمور في هذا العالم ولكنها لم تمنحه الشبع الذي كان يسعى اليه, فبعض المتع التي كان يسعى ورائها كانت خاطئة, وكان بعضها جديرا بالسعي. ولكن حتى ما كان جديرا بالسعي ورائه كان باطلا لأنّه أعتبره غاية في ذاته. ولكن الحكيم هو أن يؤمن بأنَّ راس الحكمة هي مخافة الله"امثال9:10", ولكن سليمان الملك  يُذكر لحكمته, وليس لأمانته لله. الأنسان (وكذلك المجتمعات البشرية )بحاجة أكثر الى علاقة ثابة بالله نبع كلِّ حكمة, وأن ينظر الى ما وراء نشاطه وسعيه أي الى اسباب قيامه بها. سليمان بنى بيتا ضخما وهيكلا ومملكة وعائلة "انظر 1ملوك 3-11" ولكن على مدى التاريخ أصبحت هذه خرابا, ولهذا يقول سليمان الملك"ان لم يبني الرب البيت فباطلا يتعب البنائون....ان لم يحرس الرب المدينة فباطلا يسهر الحارس "مزمور127". نعم انَّ الملوك والسلاطين الذين ينسون الله ولا يطلبوا حكمته فأنّ مصيرهم ومصير ما شيدوه وأنجزوه هو خراب واطلال, وحده يسوع المسيح هو الصخرة التي على العالم أن يبنوا حضارتهم وعلومهم ومنجزاتهم عليه وهو حجر الزاوية الذي يربط البناء(بناء الحضارات) لكي لا ينهدم وكذلك هو الذي يتحمل جميع الأحمال للبناية( اساس الحضارات).
لقد انتهى سليمان في آخر حياته الى انّه اذا كانت الحياة نفسها دون جدوى فالأفضل أن يكون ألأنسان حكيما لا جاهلا"الجامعة2:12,13", ولمّا التَفتُّ لأنظر في الحكمة والجنون والحماقة ......رأيتُ أنَّ الحكمة أفضل من الظلام: الحكيم عيناه في رأسه, أمّا الجاهل  فيسيرُ في الظلام".
وينصح الحكيم الحكام والملوك العاشقين للحكم  أن يكرموا الحكمة فيقول:"فاذا كُنتُم ياملوك الشعوب تعشقون العرش والصولجان فما عليكم الاّ أن تكرموا الحكمة فيدوم مُلكُكم الى الأبد"الحكمة5:21".
يخبرنا كاتب سفر التثنية أن يكون الحاكم أو السلطان نزيها عادلا لايقبل الرشوة فيقول: "لا تجوروا في الحكم ,ولا تُحابوا أحدا, ولا تاخذوا رشوة لأنَّ الرشوة تُعمي أبصار الحُكماء وتُحرفُ أقوال الصادقين "تثنية16:1.
أمَا يشوع بن سيراخ يقول عن الرشوة: "الهدايا والرشوى تُعمي حتى أعين الحُكماء"20:29".ويقول سليمان الحكيم عن الحكّام الحكماء "في كثرة الحكماء خلاص العالم والملك الحكيم يؤيّد خير الشعب, فتعلَّموا من أقوالي لأن فيها خيرلكم "الحكمة 6:24" ويقول يشوع بين سيراخ عن لجم اللسان فيقول "الخير أو الشر, الحياة أو الموت, وما يؤدي الى أيُّ منها هو اللسان"يشوع بن سيراخ 37:18".
أمّا عن الكذب فيقول يشوع بن سيراخ: "....وكما يميّزُ الذوق مختلف ألأطعمة هكذا يكشفُ الفهيم كلام الكذب"36:19" ."من النجاسة لا تخرج الطهارةُ ومن الكذب لا يخرج الصدق"34:4". أمّا كاتب سفر الأمثال فيقارن بين الصدق والكذب فيقول:"القول الصادق يثبتُ الى الأبد, أمَا الكذب فحبلهُ قصير"أمثال 12:19".
 ويقول يشوع بن سيراخ عن أنَّ الأنسان يُعرف من أعماله واقواله فيقول "الشجرة تُعرف من ثمارها, وخواطر الأنسان من كلامهِ" 27:6". أمّا عن الساعين الى أذية الآخرين فيقول"من حفر حفرة وقع فيها, ومن نصب فخّا صادهُ الفخ"27:26".
الكتاب المقدس يصف الشخص الذي عنده الحكمة بانّه شخص وفي رحيم, يتكل على الرب يضع الله أولا ويحوّل ظهره للشر ويعرف الصواب من الخطأ, يجد المعرفة والفهم لايحب الكبرياء والغرور, يكرم الله ويخافه, ويكره الفساد والخداع, ويعطي مشورة صالحة للآخرين, له فطرة حسنة, قابل للتعلم ويعرف الله وعن ذلك يقول يشوع بن سيراخ:
"الحكمة كُلّها في كتاب العهد الذي قطعه الله العلي معنا, لا الأنسان القديم اتقن الحكمة  ولا ألأخير يقدر ادراكها. لأنها أوسع من البحر وأسرارها أعمق من الغمر"24:28,29"..........أنا كساقية من النهر سحبتُ الماء الى الحديقة قلتُ "أسقي حديقتي وأروي تُراب أزهاري, فأذا ساقيتي صارت نهرا, ونهري صار بحرا, والآن أُريدُ أن أنشُر ما تعلمتُ وكالصباحِ أجعلهُ بعيدا يضيء, أمنحه بما يُماثل النبوّة, وأُرثهُ الى مدى ألأجيال تعبي لم يكن من أجلي أنا وحدي, بل لكلِّ من يطلب الحكمة"24:30,31,32,33,34"....من يتأمّل في شريعة العُليّ(الله), يتفحَّص حكمة ألأقدمين, ويتفرَّغ لدراسة النبؤات, يوجّه قلبه مبكرا ال الله العليّ ومنه يطلب الغفران. فأن شاء الربُّ العلي العظيم يملأه من الفهم, فيفيض بأقوال حكمته. يمتلك المشورة والمعرفة ويتأمل في أسرار الله"39:5,6,7,". "تاجُ الحكماء غنى معرفتهم, وزينة البُلداء حماقتُهم"أمثال 14:24".
وينصح سليمان الحكيم الأنسان للبحث عن الحكمة وطلبها من الله لأنّها معلِّمة الفضائل, فقد صلّى لله  ليعطيه قلبا حكيما مميزا  فيقول:
"لذلك صلّيتُ من أجل الفهم, فنلتهُ ودعوتُ الله فحلَّ عليَّ روحُ الحكمة ......  وأخترتها لي نورا لايغيب أبدا "الحكمة 7:7"  فلمّا جاءتني الحكمة جاء معها كُلُّ خير"الحكمة 7:7,11". "......لأنَّ الله هو الهادي الى الحكمة ومرشد الحكماء" الحكمة 7:16  ". "فأمنحني(ياالله) عقلا مُدركا لأحكُم شعبكَ وأُميِّز الخير عن الشرِّ"1ملوك3:9""من يسعى ورائها باكرا لايلقي صعوبة, لأنَّه يجدها جالسة عند بابه "الحكمة 5:14". والحكمة تكتسب بقراءة الكتاب المقدس والتأمُّل فيه وعن ذلك يقول كاتب المزمر"كَم أُحِّبُ شريعتُك, أتأمَّلها  نهارا وليلا وصيَّتُك التي جعلتني أحكم من أعدائي"مزمور119:97,98".
نعم الحكمة موهبة من الله"الحكمة9:5" وفي نفس الوقت وليدة السعي الجاد اليها فالسبيل اليها شاق واننا لانستطيع أن نخلقها بجهودنا الذاتية, وحكمة الله تُخفى على العصاة والحمقى, والحكمة هي عملية نمو مستمر"امثال2:9,10" وانَّ طلب الحكمة واستخدامها يحتاج الى جهد, هي كنز "المعرفة والفهم"أمثال2:6" فاقتناء الحكمة خيرٌ من الذهب والفطنة خير من الفضة "أمثال16:16" فتاج الحكماء غنى معرفتهم"امثال13:25".
الحكمة تخاطب العقل أولا أمّا الحماقة فتخاطب الحواس. شبّه الكتاب المقدس الحكمة بأمراة مسؤولة ذات خلق تدعو الناس الى وليمة, بينما الحماقة أمراة عاهرة تقدم طعاما مسروقا"امثال9:1".
و يقول كاتب سفر الجامعة عن ألأنسان الحكيم الذي يستطيع معرفة الألغاز وتفسير الأمور الحياتية فيقول:" من كالحكيم يعرف تفسير الأمور؟ حكمة ألأنسان تنير وتضيئ جبهته"الجامعة8:1".
الحكمة ترتبط بالعدالة  أيضا"من خاف الرب تبيّن عدله يرى أعماله الصالحة كالنور"يشوع بن سيراخ32:16 " وهكذا يقول الحكيم" فالحكمة تُعلِّم الفضائل كُلَها, العفَّة والعدل والشجاعة والفهم "الحكمة8:7".
معرفة الحكمة يعني معرفة الحياة الحقيقية, التبصّر والصبر والعفة  وتعلّمنا فن تنظيم حياتنا لنكون سعداء, ويعلمنا كاتب سفر باروك, انَّ الحكمة والفهم سر قوة الأنسان لمعرفة كيف يعيش الحياة بسلام: "تعلّموا أين الحكمة وأينَ القوّة وأين الفهم حتى تعرفوا أين الحياة وأين النور لعيونكم وأين السلام وطوال البقاء "باروك3:14".
أمَّا كاتب سفر الجامعة فقد توصل الى حقيقة أنَّ الحكمة خير من القوّة والات الحرب وانَّ الحاكم (الحكيم) هو الذي يتصرف بهدوء وهو افضل من ا الحاكم الجاهل الذي يصرخ بين الجُهال.
"...فقلت انَّ الحكمة خير من القوّة ...كلام الحكماء المسموع في الهدوء أفضل من صُراخ  الحاكم بين الجُهّال. والحكمة خيرٌ من الات الحرب"الجامعة9:16,17".
"لا تسلك طريق المخاطر لئلا تسقط على الحجارة"يشوع بن سيراخ 32:20".
"ببركة المستقيمين تعلوا المدينة, وبكلام ألأشرار تَنهَدمُ"أمثال 11:11".
"هنيئا لمن لايسلك في مشورة ألأشرار وفي طريق الخاطئين لا يقفُ"مزمور1:1".
الحكمة والمعرفة:
تبدأ الحكمة بمعرفة الله ,فهو يُعطي بصيرة في الحياة لأنَّه هو الذي خلقَ الحياة, وهذا لا يعني التقليل من أهمية الدراسة والتعلم والأستفادة من خبرات الآخرين وسماع  نصائح الوالدين والأستماع الى أقوالهم والأصغاء لهم, فالحياة نفسها تعطينا دروسا وعبر تتراكم عبر السنين, ولهذا يشدد الكتاب المقدس (سواء في العهد القديم أو العهد الجديد)على طاعة الشيوخ والآباء لأنّهم اكتسبوا الحكمة خلال سنين حياتهم, ولكن الحكمة الحقيقية ليست تكديس المعرفة, بل تطبيق المعرفة بطريقة تُغيِّر الحياة, ومن أكثر الشخصيات ازعاجا, النوع الَّذي يدَّعي معرفة كُلُّ شيء, والشخص صاحب الرأي المتزمّت من جهة كُلِّ شيء والمنغلق أمام كُلِّ شيء جديد, ويطلق سليمان الحكيم على هذا النوع من الناس صفة "الجاهل"راجع امثال 1:22"فبينما الحكيم يفتش عن المعرفة  نرى الجاهل ينطق بالحماقة" قلب الحكيم يلتمس المعرفة, وفم الجاهل يرعى حماقة"أمثال15:14". وينصح الحكيم أبنائه فيقول: "اسمع يا ابني مشورة ابيك ولا تهمل نصيحة أُمِّكَ أكليك نعمةٍ هما لرأسِك . "أمثال1:1". ويقول كاتب سفر الأمثال:"تاجُ الحكماء غنى معرفتهم وزينة البُلُداء حماقتهم"أمثال14:24".
أنّ الأنسان الطبيعي والغاطس في الأمور الجسدية لا يستطيع ألأرتفاع بجهوده للحصول على حكمة الله بل الله هو الذي يمنح حكمته (أي روحه القدوس) للأنسان الذي يُريد أن يفهم ما يرضي الله ولهذا يقول الله على لسان حزقيال النبي"أجعل روحي فيهم"حزقيال 36:27"وفي"ارميا 31:34"فيعرفني" هذا الروح الذي يعمل في الأنسان هو روح القوَّة  لعمل مشيئة الله ومعرفته. وهذا ما سيتحقق في العهد الجديد للمؤمنين بيسوع المسيح, لأنَّه يرسل روحه القدوس لينوّرالحياة للمؤمنين به ويعطيهم القوة والحكمة .
والى اللقاء في الجزء الثالث الذي سنتكلم فيه عن"الحكمة في العهد الجديد".
لمن يريد قراءة الجزء الأول كما في الموقع أدناه
http://www.ishtartv.com/viewarticle,35308.html

124

   

 

هل حدث انقلاب على ثورة 25 يناير المصرية؟

 

نافع البرواري

 

عندما نستعرض الأحداث الدراماتيكية لثورة الشباب المصري, واصرار رئيس النظام السابق على التشبُّث بالسلطة مقابل تنازلات على شاكلة تعديلات ترقيعية في بعض مواد الدستور القديم, وكانت جميع محاولاته تواجه بالرفض من قبل ملايين الشباب, لأن َ الشباب كان قد حسم امره وقدّم دستوره الجديد الذي هو عبارة عن مبادئ طرحها في ساحة التحرير والتي  تعتبر نواة للدستور الجديد الذي يطالب به هؤلاء الشباب وعلى رأس هذه المطالب ان تكون الدولة حرة ديمقراطية مدنية, ولكن وبعد  سقوط رأس النظام وتسليمه القيادة لرئيس جهاز المخابرات العامة المصرية ,عمر سليمان ,وبدوره تسليم القيادة للجيش المصري حدثت مساومات واتفاقيات  وصفقات مشبوهة في دهاليز واروقة النظام السابق بين هذا النظام وبين الأحزاب ألأسلامية وعلى راسها ألأخوان المسلمين وبين العسكر, كقوى  مهيمنة على السلطة حينها ولا زالت, وسوف تثبت الأشهر أو السنين القادمة ما تم الأتفاق عليه بين هذا الثلاثي المشبوه

هذا النظام الذي أذلّ المصريين لم يصنعه حسني مبارك‏,‏ بل هو الذي صنع حسني مبارك وجعله طاغية‏,‏ وإذا كان كل شيء قد فسد في ظل حسني مبارك فالذين سبقوا حسني مبارك هم الذين أسسوا لهذا الفساد‏.‏

يقول احد الكُتاب :
"حسني مبارك بقي في السلطة ثلاثين عاما لأن أنور السادات غيّر الدستور ليفتح لنفسه باب التمديد علي مصراعيه‏,‏ وفي مقابل ذلك رشا الجماعات الدينية بالمادة الثانية التي جعلت الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي للقوانين فوقفت هذه الجماعات إلى جانبه في الحرب التي أعلنها على المثقفين الذين تصدوا له‏,‏ لكن هذه الجماعات هي التي أفرزت من تآمروا عليه وقاموا باغتياله‏,‏ والذي صنعه السادات في الدستور صنعه من قبله جمال عبدالناصر الذي حل الأحزاب‏,‏ وأوقف العمل بالدستور الديمقراطي الذي صدر عن ثورة‏1919"‏

وقد ظهرت بوادر هذه الأتفاقيات ايضا في الأيام التي تلت ثورة 25 يناير, بدأت تظهر على ارض الواقع بجملة من الحقائق الملموسة عن تعاون الجيش مع ألأخوان المسلمين وكذلك سكوت الأخوان عن ما جرى من نهب أموال الشعب المصري من قبل النظام السابق وعلى راسهم حسني مبارك والذي كشف الأعلام العالمي عن سرقته لمليارات الدولارات من خزينة الدولة عدا ما تم كشفه من الأنتهاكات لحقوق ألأنسان لما قامت به مؤسسات أمن الدولة.

ولكي نعيد شريط ألأحداث ونسلط الضوء على ايام ماقبل سقوط النظام سنستخلص نتيجة واحدة وهي أنّ هناك انقلابا قد حدث على ثورة 25يناير التي قادها الشباب المصري الذي بذل الكثيريين منهم انفسهم من أجل نجاح هذه الثورة لتكون ثورة حقيقية من أجل الحرية والديمقراطية والمساواة ولكن جاء الأخوان المسلمون ليركبوا الموجة ويستغلوا ,كعادتهم عبر تاريخهم المعروف بالمكر والخداع, الفراغ السياسي والأمني لصالحهم لتمرير مشاريعهم الظلامية.

لقد أثبتت أحداث حرق(كنيسة الشهيدين في حلوان ) واطلاق النار من قبل قواة الجيش على المتظاهرين القبطيين وهم يسيرون في مظاهرات سلمية لأستنكار جريمة حرق الكنيسة, أثبت بدون شك ما توصلنا اليه من ألأستنتاجات, والدليل قيام شيوخ المسلمين المتطرفين بالدفاع عن هذا العمل الأجرامي بحجج شيطانية لا يقبلها العقل والمنطق.

والحدث ألأهم هو التزويرات المنظمة والمنسقة للأنتخابات المصرية على ألأستفتاء من أجل تعديل الدستورالقديم لسنة 1971 حيث تم تطبيق ما توصلنا اليه من نتائج تلك الأتفاقيات المشبوهة بين هذه القوى الثلاثة ضد الثورة التي خاضها الشباب المصري والتي قدَّم فيها الشباب أغلى  ما يمتلكونه وهي أرواحهم ودمائهم من أجل الحصول على الحرية والديمقراطية.

انَّ دستور1971 فيه 51 مادة تختص بصلاحيات رئيس الجمهورية، ولأن هذا الدستور أبطل العمل به بقرار من المجلس الأعلي للقوات المسلحة فإن فكرة ترقيع الدستور وحصار الثورة  بالوقت الضيق لإجراء أربع انتخابات في ستة أشهر فيه عشرات علامات ألأستفهام

وقد ادرك الكثيرون من المثقفين والشباب المصري هذا الأنقلاب على الثورة فقد قام الشباب والمثقفون المصريون وتحت شعار «الشعب يريد كتابة دستوره» أقيمت ندوة بميدان التحرير قبل الأستفتاء على الدستور حضرها آلاف من شباب الثورة تحدث فيها الدكتور حسام عيسي استاذ القانون بجامعة القاهرة، مؤكدا أن التعديلات الدستورية المقترحة هي انقلاب علي الثورة ومطالبها، خاصة أن الرئيس المخلوع هو أول من رأى إجراء تعديلات فقط على الدستور وليس عمل دستور جديد وشكَّل لجنة لإجراء هذا التعديل، ثم سار المجلس العسكري على نفس المنهج وتساءل عيسي: هل من المعقول أن نجعل مبارك يرسم لنا مستقبلنا؟ وأشار في حديثه إلى أن الدستور الحالي يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات تجعله يتحكم في الأرض المصرية ومن عليها واضاف قائلا "ولذلك  نريد أن يكتب الشعب دستوره. وبالتالي فإننا لانريد الاستفتاء القادم بل نريد إعلانا دستوريا جديدا وأن تمتد الفترة الانتقالية لمدة عام حتى نستطيع اقامة مجتمع ديمقراطي حر يسمح بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية".

وقال الفقيه الدستوري ثروت بدوي إن تعديل دستور مبارك الفاسد استمرار لنظامه الفاسد لأن الدستور القديم يحمي الحرامية لذلك لا نريد استفتاءاً على التعديلات المقترحة. وشدد أمين اسكندر أحد مؤسسي حزب الكرامة على أن البلاد في حاجة إلي دستور جديد مع انتخاب جمعية تأسيسية لوضع دستور يستند للمبادئ التي قامت من أجلها الثورة.

كتب احدهم قبل الأستفتاء عل الدستور المصري بعد ثورة 25فبراير مايلي:

لماذا يجب ان نقول( لا )لتلك التعديلات المشبوهة:

لان مصلحة السلفيين و الاخوانجيه الاولى في الموافقه على تلك التعديلات تكمن في استفادتهم الرهيبة من الغاء الماده الخاصه بقانون مكافحة الارهاب حتى تصير البلد مرتعا لهم يفعلوا فيها ما يريدون دون رادع.

أن الدستور القديم سقط بسقوط مبارك ونظامه وكان على المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يعلن مبادئ دستورية جديدة(موقَّت) تحكم المرحلة القادمة حتى وضع دستور جديد, وها هو ما كنا نتوقعَّه قد حدث في أول اختبار اجتازته ثورة الشباب عندما تم الأستفتاء على (نعم) لترقيع الدستور القديم وبنسبة حوالي   77% .

و(لا) لترقيع الدستور القديم(بل اجراء دستور جديد يلائم طموحات شباب الثورة ) وبنسبة حوالي 23% .

انَّ كل المؤشرات والمعطيات تؤكد حصول تزوير منظم  للأستفتاء على الدستور والذي تم تحت ضغوط الأحزاب الأسلامية وخاصة الأخوان المسلمون الذين شحنوا الشعب بفكرة دينية مفادها اذا اراد الشعب المصري المسلم  بقاء مصر اسلامية فعلى الشعب أن يقول( نعم) لترقيع الدستور, ولكون الشباب الذي قاد الثورة لم ينظم نفسه تحت الوية الأحزاب حاليا لأنَّ ذلك يتطلب وقتا وجهوداً, فقد استغل الأخوان المشهورين بتنظيمهم الجيد وتمويلهم لكي يشتروا ذمم الناس وبساطتهم وخاصة الغير المتعلمين والفلاحين والنساء 

لقد خُدعَ الشعب المصري مرتين, مرّة عندما اختيرت لجنة الأستفتاء من قبل هذا الثلاثي المشبوه  ودون ان يكون بين اعضاء اللجنة ولو امراة واحدة وهذا يؤكد كون اللجنة وضعت بمباركة الأخوان .

وخدع الشعب مرة ثانية عندما تم تزوير والتلاعب بورقة الأستفتاء حيث بطاقة الأستفتاء قد صُممت لتكون عبارة عن دائرتين اولها خضراء وهي اشارة الى (نعم)  وهي اشارة الى العلم الأخضر للأخوان والدائرة الثانية سودا هي(لا) اشارة الى السواد والوحشة.

هذا اضافة الى حالات كثيرة من التزوير في استخدام سجلات واوراق غير مختومة وكذلك فتاوى الشيوخ التابعين للأخوان المسلمون بالأستفتاء على ( نعم) كواجب ديني وشرعي على كل مسلم ومسلمة بالأضافة الى عشرات من الطرق التزويرية التي ابدع فيها الأخوان وتعلموها من النظام السابق بل اضافوا اليها طرق مستحدثة تم اختراعها من قبل المبدعين فيهم. ولا ننسى حقيقة فاضحة لهذا التزوير وهو ان النتيجة غير منطقية بهذه النسبة أي 77% اذا عرفنا انّ الأقباط لوحدهم يشكلون حوالي 15-20% من السكان وهم في الغالب قد استفتوا على (لا) لترقيع الدستور.

وختاما أن هذا الأستفتاء يضع ثورة الشباب في مفترق الطرق فأمّا أن يرفضوا نتائج هذا الأستفتاء ويعيدوا تصحيح مسار الثورة لتسير كما ارادها الثوار وقدموا دمائهم قرابين لتحقيق طموحاتهم المشروعة, او يقبلوا بهذا الألتفاف والأنقلاب على الثورة وعندها ستذهب لا سمح الله كُلِّ تضحياتهم وطموحاتهم ومطالباتهم بالحرية والديمقراطية  في ادراج الريح

وقد سبق ان حذرنا من تداعيات الألتفاف على الثورة المصرية بصورة خاصة والثورات في البلدان العربية بصورة عامة في مقال كتبته سابقاً في الموقع المذكور ادناه.


http://www.ishtartv.com/articles_print.php?id=34246

125
 
نظرة تاريخية على العقلية العربية وجذور العنف في القبائل والمجتمعات العربية
 
نافع البرواري

عندما نلقي نظرة تاريخية سريعة على جذورالعنف في المجتمعات العربية عامة, والقبائل العربية خاصة, منذ تدوين التاريخ العربي(حوالي 500م) وصولا الى يومنا هذا, وتسليط الضوء على ألأحداث التاريخية وألأجتماعية والأقتصادية والسياسية لهذه المجتمعات سنتوصل الى نتيجة واحدة خلاصتها: أنَّ هذه القبائل والمجتمعات كانت ولا تزال تعيش في حالة عنف وحروب وعدم الأستقرار المستمر, منذ أن كان العرب قبائل رحل تجوب الصحراء لشبه الجزيرة العربية وحتى بعد استقرار هذه القبائل وسط الشعوب المتحضرة التي قامت تلك القبائل بغزوها واستعمارها وانشاء خلافة اسلامية فيها, وصولا الى يومنا هذا. ولن نخوض في حيثيات التاريخ العربي ولكن لنقرأ ما كتبه بعض المؤرخين العرب والمستشرقين عن طبيعة الشخصية العربية  وما رافقها من العنف منذ أن كان العرب يجوبون صحراء الجزيرة العربية كبدو رحل وصولا الى يومنا هذا, وخير دليل على ما نقوله ما تشهد الأحداث التي يعيشها اليوم معظم الشعوب  العربية, حيث ظاهرة العنف متماثلة ومتشابه في معظم هذه الدول من المغرب العربي الى المشرق العربي حيث الحاكم عندما يتسلط على شعبه لن يتنازل عن عرشه حيث يعتقد انّ حكمه هو من الله بل احيانا كثيرة يأله نفسه ويضرب كُل من يحاول الوقوف حجر عثرة في طريقه حتى لو كان شعبه ورعيته فليس لديه اي مانع من سحق شعبه  الذي أوصله الى السلطة. واذا ما تأملنا في ما كتبه المؤرخون عن طبيعة ونفسية وعقلية العربي عندها نستطيع تحليل الأحداث والثورات الهائجة هذه الأيام في الدول العربية. ألمؤرخون العرب والمستشرقون الذين كتبوا عن طبيعة المجتمعات العربية بصورة عامة والفرد العربي بصورة خاصة, يؤكّدون لنا هذه الحقيقة التي لايمكن للمختصين الدارسين للشؤون الأجتماعية والسياسية والتراثية الاّ رصدها وتحليلها وتشخيصها لمعالجة هذه الظاهرة أي ظاهرة العنف في المجتمعات العربية.


يقول الدكتور جواد علي في كتابه "المفصل في تاريخ العرب ص55 باب طبيعة العقلية العربية", لكل أُمة عقلية خاصة بها, تُظهر في تعامل أفرادها بعضهم مع بعض وفي تعامل تلك الأمة مع ألأمم ألأخرى ,كما أنّ لكل أمة نفسية تميّزها عن نفسيات ألأمم ألأخرى. وعن العرب يقول(نقلا عن أبن خلدون)": العربي عصبي المزاج, سريع الغضب, يهيج للشيء التافه, ثم لايقف في هياجه عند حد, وهو اشد هيجانا, اذا جُرحت كرامته, أو انتهكت حُرمة قبيلته, واذا أهتاج أسرع الى السيف, وأحكم اليه, حتى صارت الحرب نظامهم المالوف وحياتهم اليومية المعتادة .....العرب ميَالون الى الغزو وألأخذ بالثأر, وعاطفيّون تتحكّم العواطف في حياتهم ويغضبون لأتفه ألأمور ويرضون بسرعة.  
ويضيف قائلا:
خياله(خيال العربي) محدود وغير متنوع, فقلّما يرسم خياله عيشة خيرا من عيشته, وحياة خيرا من حياتهِ يسعى ورائها, لذلك لم يعرف "المثل ألأعلى" لأنَّه وليد الخيال......وقلّما يسبح خياله في عالم جديد يستقي منه معنى جديدا, ولكنه في دائرته الضيقة استطاع أن يذهب كُلِّ مذهب.....والعرب لايدينون بالطاعة لرئيس ولا حاكم, تاريخهم في الجاهلية – حتى وفي ألأسلام- سلسلة حروب داخلية وعهد عمر بن الخطّاب كان عصرهم الذهبي, لأنّه شغلهم عن حروبهم الداخلية بحروب خارجية, ولأنّه, رضي الله عنه مُنح فهما عميقا ممتازا لنفسية العرب.............., العربي متعصّب لقبيلته (ولا زال الى يومنا هذا) يعتز بها ثم بجنسه يشعر في أعماق نفسه بأنّه من دم ممتاز, لم يؤمن بعظمة الفرس والروم...حتى أذا فتح بلادهم نظر اليهم نظرة السيد الى المسود".
 
ويضيف المؤرخ جواد علي قائلا: "انَّ الحديث عن العقلية العربية حديث قديم, ففي التوراة شيء عن صفاتهم, أوصافهم, كوّن من علاقات ألأسرائيليين بهم, ومن تعاملهم وأختلاطهم بالعرب النازلين في فلسطين وطور سيناء أو في البوادي المتصلة بفلسطين, ومن أوصافهم :"أنَّهم متنابذون يغزون بعضهم  بعضا, مقاتلون يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضا "يدَهُ على الكل, ويد الكل عليه"يغيرون على القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها اسرى, يبيعونهم في اسواق النخاسة أو يسترقونهم فيتَّخذونهم خدما ورقيقا يقومون بما يؤمرون به من أعمال, الى غير ذلك من نعوت وصفات".
ويقول هذا المؤرخ "نقلا عن ما نُسِبَ الى كسرى ملك الفرس بعد وصفه لطبائع الأمم فوصف العرب قائلا":اذا عاهدوا فغير وافين, سلامهم كلامهم, به يتفنّنون وبكلامهم يتلاعبون...ليس لهم ميل الى صنعة أو عمل ولا فن, لا صبر لهم, أذا حاربوا ووجدوا قوّة أمامهم, حاولوا جهدهم التغلب عليها, أمّا اذا وجّسوها قوّة منظمة هربوا مشتتين متبعثرين شراذم, يخضعون للغريب, ويهابونه ويأخذون برأيه فيهم, ما دام قويا, ويقبلون بمن ينصبه عليهم ولا يقبلون بحكم واحد منهم, اذا اراد أن يفرض سلطانه عليهم.
ويورد الدكتورجواد علي في نفس الصفحة ص56 مستشهدا برأي أحد ملوك الهند الذي كتب رسالة الى "عمر بن عبدالعزيز" وصف فيهاالحضارات القائمة في حينها وتميّزها في الصناعات والعلوم والمعارف والفلسفة  فيقول عن العرب:"..ولم يكن للعرب ملك يجمع سوادها ويضم قواصيها ويقمع ظلمها وينهي سفيهها, ولا كان لها قط نتيجة في صناعة ولا أثر في فلسفة الاّ ما كان من الشعر.,.......فما الذي تفتخر به العرب على العجم فأنَّما هي كالذئاب العادية والوحوش النافرة يأكل بعضها ويغير بعضها على بعض".
امَا الدكتور علي الوردي( المؤرخ العراقي الشهير) فيقول في كتابه "طبيعة المجتمع العراقي ص22"نقلا عن ابن خلدون:
 
"وصف أبن خلدون العرب بأنّهم أشد ألأمم بداوة, وبعدا عن الحضارة. ولهذا رأيناه يصف العرب بكل ما يناقض صفات الحضارة من تخريب ووحشية وخشونة وما أشبه ". ويعترف علي الوردي, بالرغم من تحفُّظاته على ابن خلدون, بأنَّ القبائل العربية قد خربت بلاد المغرب تخريبا فظيعا ويقول"يمكن أن نقول نحن العرب بوجه عام أنَّ البداوة فيهم أقل توغلا وشدة مما هي في المغول والتتر ومن لفَّ لفَّهم, والسبب حسب رأيه, هم أنَّ العرب قد تصارعت فيهم البداوة والحضارة منذ أقدم ألأزمان .
وعن البداوة يقول علي الوردي (نقلا عن المؤرخ ارنولد توينبي ) هي"حضارة مجمّدة" (ص34). فالبداوة لا تتغيّر أو تختلف اختلافا كثيرا بأختلاف الزمان والمكان. فهي اليوم تشبه ما كانت عليه قبل مائة سنة, أو قبل عدة مئات من السنين, فهي في المناطق المختلفة. متشابه
وعن راي المستشرقين(عن العرب), "يقول (لامانس)"انَ العربي نموذج الديمقراطية, ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها الى حد بعيد. وان ثورته على كل سلطة تحاول أن تحدد من حريّته ولو كانت في مصلحته, وهذا هو السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء من تاريخ العرب!!!!!!!!!!!!....... وجهل هذا السر هو الذي قاد ألأوربيين في ايّامنا هذه الى الكثير من الأخطاء وحملهم كثيرا من الضحايا كان يمكنهم ألأستغناء عنها, وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيره في سبيل الحضارة الغربية
ويلخص على الوردي طبيعة البداوة هي "التغالب"ويوضح ذلك بالقول انّ مركبات الثقافة البدوية هي ثلاث 1-العصبية2-الغزو3-المروءة.
فالرجل البدوي منذ قديم الزمان "نهاب وهّاب" ومن خلال الشعر الجاهلي نتوصل الى أنّ هذا الشعر يغلب عليه النزعة الشديدة المسيطرة على نفسية الرجل البدوي والتي تدفعه دائما نحو القوة, ولأبن خلدون رأي معروف في العرب خلاصته "انّ العربي متوحش نهّاب سلاّب وأذا أخضع مملكة اسرع اليها الخراب(يصحّرها), يصعب انقياده لرئيس, لايجيد صناعة ولا يحسن علما ولا عنده استعداد للأجادة فيهما, سليم الطباع, مستعد للخير شجاع".
ويخلص دكتور علي الوردي الى نتيجة: "أنّ نزعة التغالب قد سيطرت على شخصية البدوي والتي تجعله ينظر في كل ألأمور حسبما توحي اليه, أنّه يود أن يكون ناهبا لامنهوبا, معتديا لا معتدى عليه ..........مفتاح الشخصية البدوية وشعارها هو"اليد العليا خير من اليد السفلى" وفي ص45 يقول نستطيع أن نقول على ألأجمال, انّ الثقافة البدوية فيها جانبان متناقضان ولكنّهما متوازيان  فهو يود أن يغزو وينهب ويقتل ويعتدي, وهو في نفس الوقت يود أن ينكرم ويحمي ويغيث ويميل بمروئته هل من يأتي اليه قاصدا حاجة". ويقول خليل عبدالكريم في كتابه ألأسلام بين الدولة الدينية والدولة المدنية(ص57)مايلي:.
"كان رزق العربي السابق على الرسالة المحمدية ياتيه من سيفه ورمحه عن طريق الغارات التي يشنها, أتخذوها وسيلة من وسائل العيش وهو الغارة والسلب على قبيلة معادية وكثيرا ماتكون المعاداة, فيأخذون جمالهم ويسلبون نسائهم وأولادهم وتتربص بهم القبائل ألأخرى ذلك فتفعل ما فعلوا.... ويضيف قائلا( ص58):
...وأطلق العرب على الفلاحين ألأعاجم (العلوج) جمع( علج) وهو ألأعجمي الذي لم يعتنق ألأسلام بل ظل على دينه وهي (قلب) لكلمة (عجل) وهي كلمة توحي بالتعالي والتسلط من جانب أطلقها وبالدونية على من سمى بها, وعملية (القلب) معروفة في اللغة العربية وهي:تغيير ترتيب حروف الكلمة مع بقاء وزنها ومعناها".
نستخلص من كل هذا: أنّ الثقافة العربية الى يومنا هذا لازالت متأثرة بالثقافة البدوية ولم تترقى الى مستوى الحضارت التي يعيشها عالم اليوم طالما هناك العصبية القبلية والتي اضيفت اليها اليوم العصبية الطائفية الدينية, وهذا الكم من العنف الشعوري والمادي الموروث, فلن يكون هناك تقدم في الدول العربية ثقافيا وفكريا وديمقراطيا ولن تتحقق الحريات المنشودة ولن يكون هناك احترام لحقوق ألأنسان ولن تكون هناك الحرية بالمفهموم الحضاري لكلمة الحرية في هذه الدول في المنظور القريب ألاّ اذا تم تشخيص جذور العنف  ومن ثم يتم معالجته. وعلى الثوار الذين اسقطوا الأنظمة الحاكمة المستبدة أن يقوموا بثورات داخل مجتمعاتهم لبناء انسان جديد يبدا بتربية اجيال على مفهوم حب الوطن واحترام حقوق المواطنين مهما كانت اعراقهم او معتقداتهم او اديانهم, وذلك  بتشريع دساتير مدنية وابعاد كافة ألأحزاب الدينية  من المشهد السياسي وتثقيف ألأنسان العربي بثقافة اللاعنف وثقافة تفضيل المصلحة العامة على المصالح الآنية اوالعشائرية أوالطائفية وتسخير وسائل الأعلام لثقيف الأنسان العربي على تقبل الآخر في التنوع الفكري والعقائدي وعدم النظر الى الآخر من منطلق الفوقية والتسلط ,وعدم التمييز بين المواطنين, وكذلك  نشر ثقافة الأنتماء الشامل للأنسانية وتكامل الحضارات وازالة فكرة نظرية المؤامرة في ذهنية العربي لأنها نضرية تدميرية مرضية وكذلك معالجة النرجسية التي تعاني منها اغلب الشعوب العربية وأعطاء الدور الريادي لطبقة المثقفين والعلماء وتغيير المناهج الدراسية التي تغذي العنف ولاتراعي التقدم العلمي والتكنولوجي ,كذلك يجب فصل السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية في دساتير هذه الدول وتطبيقها في الواقع.

126
خارطة الشرق الأوسط الجديد وتداعياتها على الدول العربية والأسلامية
 
نافع البرواري
لم تخفي امريكا يوما ما ومنذ زمن الرئيس السابق بوش عن نيتها في تنفيذ مشروع " الشرق الأوسط  الجديد ", وقد بدتْ ملامح هذا المشروع الجديد تظهر في التغييرات التي حدثت في الشرق الأوسط بقيام المعارضة الأيرانية بمحاولة الثورة على النظام الديني في ايران ولا زالت هذه الثورة مدعومة من امريكا, والكل يعرف ما قامت به امريكا من تسهيل الأتصالات الفضائية عبر القنواة الأذاعية والأنترنت وغيرها من وسائل الأتصالات للشباب الثائر في ايران, ولا ننسى ما قامت به امريكا في اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق ونظام الطالبان في افغانستان وقيام حكومة مدعومة من امريكا في باكستان وازاحة دور العسكر في تركيا ودعمها ومباركتها لتأسيس دولة جديدة في جنوب السودان .
وها هي امريكا تدعم الثورات الشعبية في الدول العربية باعطائها الضوء الأخضر لأحداث التغييرات في الوطن العربي بدءاً من لبنان حيث قامت ثورة الأرز في 14 اذار 2005  عندما نزل مئات الآلاف من اللبنانيين للثورة ضد التبعية لسورية البعثية وضد الأغتيالات السياسية التي طالت رموز اللبنانيين الأحرار .
وها هي ثورة الشباب التونسي والمصري تنفجر في تونس ومصر للتخلص من أنظمتها الدكتاترية, وقد ازداد يقيننا في كون امريكا وراء هذه التغييرات بعد ما تابعنا ايام الثورة في مصر منذ 25 يناير الماضي الى يوم سقوط رأس النظام في 11 شباط فيبراير الحالي حيث كانت أمريكا وبصريح العبارات تدعو الى التغيير( تغيير الأنظمة الدكتاتورية السابقة وترسيخ الديمقراطية والحرية في البلدان العربية) وكانت ولا تزال على اتصالات مباشرة مع قوات الجيش والثوار والأحزاب المعارضة في مصر, ولا تخفي امريكا هذه الرغبة في التغيير بل اصبحت سياسة معلنة في زمن الرئيس السابق جورج بوش والرئيس الحالي اوباما وخاصة بعد سيطرة الحزب الجمهوري على اغلبية المقاعد البرلمانية في الكونكرس الأمريكي.
انَّ امريكا كانت تحمي الدكتاتوريين في الدول العربية والأسلامية في مرحلة من مراحل الهيمنة
على الشرق الأوسط من أجل مصالحها ألأقتصادية, لا وبل هي التي اوجدت هذه الدكتاتوريات في الشرق الأوسط وكانت تساعدها لقمع شعوبها وعدم السماح لقيام الثورات الشعبية ضد هذه الأنظمة القمعية, ولكن وبعد  احداث 11  سبتمبر2001تغير كل شيئ واصبحت أمريكا تطارد اشباح الأرهابيين في الدول العربية والأسلامية مما خلقت لنفسها أعداء كثيرين في هذه الدول وأصبحت سمعتها مهزوزة بنظرالشعوب العربية, وبدل ان تكسب ود هذه الشعوب المستعبدة من قبل انظمتها الدكتاتورية, وبدل أن تجري حوارات بين الحضارات الغربية والشرقية قامت امريكا بأرتكاب أخطاء تاريخية في عهد الجمهوريين وعلى رأسهم جورج بوش, والمحيطين به من شلة المتطرفين اليمينيين, حيث قامت امريكا بغزو أفغانستان واسقاط النظام الدكتاتوري في العراق بحجة  امتلاك  النظام الدكتاتوري في العراق للأسلحة التدميرية, فكان ذلك خطأ لا يمكن تبرأته, بالأضة الى ذلك استمرت السياسة الأمريكية في العراق بارتكاب سلسلة من الأخطاء المتلاحقة بحق الشعب العراقي بتشجيع الطائفية المقيتة والسماح بالتدخل الأيراني في شؤون العراق الداخلية مما خلق ذلك الكراهية لأمريكا من قبل الشعوب العربية (السنية) والأسلامية عامة والشعب العراقي خاصة .
لقد احسَّت أمريكا ولو متأخرا في أواخر حكم جورج بوش باخطائها المتكررة ( خاصة بعد سقوط رموز ما يسمى بصقور المحافظين الجدد) ولكن بعد فوات الأوان حيث يتطلب اصلاح هذه الأخطاء سنوات طويلة, والخطوات الاولى في ذلك هي المساهمةفي دعم شعوب الدول العربية وايران للتخلص من انظمتها الدكتاتورية, لأنَّ امريكا تعرف اين نقاط الضعف لدى هذه الأنظمة القمعية, فالذي يصنع الدكتاتوريين يعرف كيف يزيحهم ويزيلهم .
وهكذا نستطيع ان نقول أنَّ امريكا كانت عاملا مساعدا في اسقاط نظامي الحكم في تونس ومصر كما كانت عاملا مساعدا لصنع تلك الأنظمة الدكتاتورية, مع عدم التقليل من أهمية الشباب وارادتهم القوية في التخلص من هذه الأنظمة القمعية بأيمانهم العميق بقضيتهم الأنسانية ومطالبهم المشروعة بحقهم في الحياة الكريمة والمطالبة بالحرية والديمقراطية التي طال جوعهم وعطشهم للحصول عليها وخاصة والعالم يعيش في القرن الواحد والعشرون حيث اصبح هذا العالم قرية صغيرة يتأثر الكل فيما يجري حولهم من الأحداث والتغييرات الحاصلة بسرعة. وها هي الشعوب العربية بدأت تنتفظ وتثور على انظمتها المستبدة التي غاصت في وحل الفساد الأخلاقي, وها هو الشعب التونسي والشعب المصري يُسقط رؤوس هذه الأنظمة ويدخل في مرحلة التغيير التي ستؤول حتما لخير هذه الشعوب مهما كانت عواقب هذه الثورات التي لا نعرف نتائجها الحالية طالما لم ينفض الشعب التونسي والمصري غبار الزلزال الكبير الذي حدث في الدولتين ولا زالت اثار الأرتداد نسمع بها في البلدان العربية وهي ايضا مرشحة لحدوث زلازل الثورات فيها .
 لم نقرأ ولم نسمع في التاريخ العربي الحديث والقديم  ثورات شعبية كالتي شاهدناها في تونس ومصر, وكل الذي حدث والذي عشناه وقرأنا عنه كان عبارة عن إنقلابات عسكرية واحيانا كثيرة كانت هذه الثورات دموية .
ولكن تبقى اسئلة مطروحة ومشروعة ومهمة وهي:
 ماذا بعد هذه الثورات في الدول العربية؟ هل قيام هذه الثوراة بالأطاحة بالأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في بلدانها ستؤول الى التغيير الجذري في تلك المجتمعات ؟
وما هي السيناريوهات المتوقعة لخارطة الشرق الأوسط الجديد ودور أمريكا في رسم هذه الخارطة؟
 كيف  تبني الثورات الفتية ما خرَّبته الأنظمة الدكتاتورية لعشرات السنين ونشرت جذور فسادها في مؤسسات الدول والمجتمعات العربية؟
ماهو موقف الأحزاب الأسلامية العربية, التي ساهمت وتساهم  مع ثورة الشباب, بالمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الأنسان, آخذين بنظر الأعتبار الخلافات الأيديولوجية بين من يريد تاسيس نظام دستوري مدني حيث الديمقراطية والحرية, وحيث الوطن للجميع, وبين الأحزاب الأسلامية التي لا تؤمن الا بأنَّ الأسلام هو الحل ولا تؤمن بحرية الرأي وحرية المعتقد وتريد تطبيق الشريعة الأسلامية في بلدانها؟
 والسؤال الأهم بالنسبة لنا نحن مسيحيي الشرق الأوسط هو مادور المسيحيين في مساهماتهم في هذه الثورات وكيف نتوقع مستقبل المسيحيين في الوطن العربي عندما تسيطر الأحزاب الأسلامية وخاصة الأخوان المسلمين في مصر واستئثارهم بالسلطة في المستقبل القريب خاصة اذا عرفنا أنهم أكثرتنظيما من بقية الأحزاب العلمانية وأكثر تمويلا وليس لهم الشفافية في العمل وحتى ليس لهم منهجاً ثابتاً يعلنونه على الملاْ فهم يعملون في الخفاء ولا يمكن أن نتصور كيف تسير الأمور السياسية والأجتماعية والأقتصادية في ظل حكم الأحزاب الأسلامية وعلى رأسهم ألأخوان المسلمون؟
في الحقيقة هذه الأسئلة وغيرها قد تكون الشغل الشاغل لنا وننتظر ألأجابة عليها بعد ان تزيل الشعوب العربية غبار الزلازل العاتية التي لحقت وتلحق بانظمتها الهاوية بقّوة ثورات شعوبها الغاضبة والهائجة والتي لم يخطط لها سابقا بل هي ثورات عاطفية تلقائية يؤكد التاريخ وجود سلبيات كبيرة في هكذا ثورات, كما حدث لثورة فرنسا عندما قامت لأول مرة في التاريخ باسقاط النظام الملكي وكانت بداية التحرر من الأنظمة ألأقطاعية والملكية وكانت ثورة فرنسا(ابتدأت الثورة عام 1789 وانتهت تقريباً عام 1799 ) .
بمثابة الشرارة ألاولى لثورات العالم أجمع ولكن كلنا نعرف كيف قامت تلك الثورة بالأنتقام من النظام الملكي السابق الحاكم آنذاك وقتلت الآلاف من الذين عارضوا مسيرتها الجديدة, فقضت تلك الثورة حتى على ثوّارها الجُدد بالمقصلة. ولهذا السبب ولأسباب أخرى كثيرة ومتنوعة
يمكن ان تقضي هكذا ثورات على طموحات وآمال شعوبها وخاصة عندما تلتف الأنظمة الحاكمة على هذه الثورات الفتية ويتم استدراج قادتها في فخ الرشاوى وشراء الذمم وبالتالي يتم القضاء على مكتسبات هذه الثورات, لأنَّ الأنظمة الدكتاتورية لها خبرات كبيرة في تفريق وتشتيت الأحزاب المعارضة تارة بالترهيب وتارة اخرى بالترغيب, وكذلك علينا أن لا ننسى أنَّ الأحزاب المعارضة وخاصة الأحزاب الأسلامية كألأخوان المسلمون قد تُحاول قطف ثمار الثورة الشبابية في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية وذلك كما حدث في ايران عندما قطف رجال الدين الشيعة في ايران ثمار الثورة على الشاه بأسم الدين والشريعة الأسلامية
 وأسسوا نظام دكتاتوري شمولي(ولاية الفقيه) الذي حارب ويحارب الأحزاب العلمانية وخاصة الشباب وقام بتزوير نتائج الأنتخابات كما فعل النظام المصري السابق, وهكذا أيضاً كما قطف حزب الله الموالي لأيران, ثورة الأرز في 14 آذار 2005 . 
ان العالم العربي لم ينضج بعد لأستيعاب قيم الحرية والديمقراطية وتطبيق القوانين ولم يصل الى مرحلة استيعاب الفصل بين الحزب والسلطة وبين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، فهناك أهمية كبيرة للفصل بينهما وهذا الخلط ساهم وسيساهم في اضعاف الاحزاب المعارضة (كما حدث في ثورة الجمهورية الأسلامية في ايران وكما يحدث الآن في العراق وسنتوقع حدوثه في الدول العربية بعد الأطاحة بأنظمة الحكم الدكتاتورية الشمولية ) .
ولكن في جميع الأحوال هناك تغيير قادم لا محالة وهو من صالح الشعوب بالتأكيد, وسوف لن ترضخ الشعوب العربية للسلطات الدكتاتورية مرة اخرى, فعجلة التاريخ لا يمكن أن ترجعنا الى الوراء وأصبح العالم المتحضر لا يقبل بوجود انظمة دكتاتورية تسحق شعوبها لأن تاثير ذلك ينعكس على تلك البلدان المتحضرة بسبب هجرة الشعوب المضطهدة من بلدانها الى تلك الدول الحرّة .

 
نافع البرواري
لم تخفي امريكا يوما ما ومنذ زمن الرئيس السابق بوش عن نيتها في تنفيذ مشروع " الشرق الأوسط  الجديد ", وقد بدتْ ملامح هذا المشروع الجديد تظهر في التغييرات التي حدثت في الشرق الأوسط بقيام المعارضة الأيرانية بمحاولة الثورة على النظام الديني في ايران ولا زالت هذه الثورة مدعومة من امريكا, والكل يعرف ما قامت به امريكا من تسهيل الأتصالات الفضائية عبر القنواة الأذاعية والأنترنت وغيرها من وسائل الأتصالات للشباب الثائر في ايران, ولا ننسى ما قامت به امريكا في اسقاط النظام الدكتاتوري في العراق ونظام الطالبان في افغانستان وقيام حكومة مدعومة من امريكا في باكستان وازاحة دور العسكر في تركيا ودعمها ومباركتها لتأسيس دولة جديدة في جنوب السودان .
وها هي امريكا تدعم الثورات الشعبية في الدول العربية باعطائها الضوء الأخضر لأحداث التغييرات في الوطن العربي بدءاً من لبنان حيث قامت ثورة الأرز في 14 اذار 2005  عندما نزل مئات الآلاف من اللبنانيين للثورة ضد التبعية لسورية البعثية وضد الأغتيالات السياسية التي طالت رموز اللبنانيين الأحرار .
وها هي ثورة الشباب التونسي والمصري تنفجر في تونس ومصر للتخلص من أنظمتها الدكتاترية, وقد ازداد يقيننا في كون امريكا وراء هذه التغييرات بعد ما تابعنا ايام الثورة في مصر منذ 25 يناير الماضي الى يوم سقوط رأس النظام في 11 شباط فيبراير الحالي حيث كانت أمريكا وبصريح العبارات تدعو الى التغيير( تغيير الأنظمة الدكتاتورية السابقة وترسيخ الديمقراطية والحرية في البلدان العربية) وكانت ولا تزال على اتصالات مباشرة مع قوات الجيش والثوار والأحزاب المعارضة في مصر, ولا تخفي امريكا هذه الرغبة في التغيير بل اصبحت سياسة معلنة في زمن الرئيس السابق جورج بوش والرئيس الحالي اوباما وخاصة بعد سيطرة الحزب الجمهوري على اغلبية المقاعد البرلمانية في الكونكرس الأمريكي.
انَّ امريكا كانت تحمي الدكتاتوريين في الدول العربية والأسلامية في مرحلة من مراحل الهيمنة
على الشرق الأوسط من أجل مصالحها ألأقتصادية, لا وبل هي التي اوجدت هذه الدكتاتوريات في الشرق الأوسط وكانت تساعدها لقمع شعوبها وعدم السماح لقيام الثورات الشعبية ضد هذه الأنظمة القمعية, ولكن وبعد  احداث 11  سبتمبر2001تغير كل شيئ واصبحت أمريكا تطارد اشباح الأرهابيين في الدول العربية والأسلامية مما خلقت لنفسها أعداء كثيرين في هذه الدول وأصبحت سمعتها مهزوزة بنظرالشعوب العربية, وبدل ان تكسب ود هذه الشعوب المستعبدة من قبل انظمتها الدكتاتورية, وبدل أن تجري حوارات بين الحضارات الغربية والشرقية قامت امريكا بأرتكاب أخطاء تاريخية في عهد الجمهوريين وعلى رأسهم جورج بوش, والمحيطين به من شلة المتطرفين اليمينيين, حيث قامت امريكا بغزو أفغانستان واسقاط النظام الدكتاتوري في العراق بحجة  امتلاك  النظام الدكتاتوري في العراق للأسلحة التدميرية, فكان ذلك خطأ لا يمكن تبرأته, بالأضة الى ذلك استمرت السياسة الأمريكية في العراق بارتكاب سلسلة من الأخطاء المتلاحقة بحق الشعب العراقي بتشجيع الطائفية المقيتة والسماح بالتدخل الأيراني في شؤون العراق الداخلية مما خلق ذلك الكراهية لأمريكا من قبل الشعوب العربية (السنية) والأسلامية عامة والشعب العراقي خاصة .
لقد احسَّت أمريكا ولو متأخرا في أواخر حكم جورج بوش باخطائها المتكررة ( خاصة بعد سقوط رموز ما يسمى بصقور المحافظين الجدد) ولكن بعد فوات الأوان حيث يتطلب اصلاح هذه الأخطاء سنوات طويلة, والخطوات الاولى في ذلك هي المساهمةفي دعم شعوب الدول العربية وايران للتخلص من انظمتها الدكتاتورية, لأنَّ امريكا تعرف اين نقاط الضعف لدى هذه الأنظمة القمعية, فالذي يصنع الدكتاتوريين يعرف كيف يزيحهم ويزيلهم .
وهكذا نستطيع ان نقول أنَّ امريكا كانت عاملا مساعدا في اسقاط نظامي الحكم في تونس ومصر كما كانت عاملا مساعدا لصنع تلك الأنظمة الدكتاتورية, مع عدم التقليل من أهمية الشباب وارادتهم القوية في التخلص من هذه الأنظمة القمعية بأيمانهم العميق بقضيتهم الأنسانية ومطالبهم المشروعة بحقهم في الحياة الكريمة والمطالبة بالحرية والديمقراطية التي طال جوعهم وعطشهم للحصول عليها وخاصة والعالم يعيش في القرن الواحد والعشرون حيث اصبح هذا العالم قرية صغيرة يتأثر الكل فيما يجري حولهم من الأحداث والتغييرات الحاصلة بسرعة. وها هي الشعوب العربية بدأت تنتفظ وتثور على انظمتها المستبدة التي غاصت في وحل الفساد الأخلاقي, وها هو الشعب التونسي والشعب المصري يُسقط رؤوس هذه الأنظمة ويدخل في مرحلة التغيير التي ستؤول حتما لخير هذه الشعوب مهما كانت عواقب هذه الثورات التي لا نعرف نتائجها الحالية طالما لم ينفض الشعب التونسي والمصري غبار الزلزال الكبير الذي حدث في الدولتين ولا زالت اثار الأرتداد نسمع بها في البلدان العربية وهي ايضا مرشحة لحدوث زلازل الثورات فيها .
 لم نقرأ ولم نسمع في التاريخ العربي الحديث والقديم  ثورات شعبية كالتي شاهدناها في تونس ومصر, وكل الذي حدث والذي عشناه وقرأنا عنه كان عبارة عن إنقلابات عسكرية واحيانا كثيرة كانت هذه الثورات دموية .
ولكن تبقى اسئلة مطروحة ومشروعة ومهمة وهي:
 ماذا بعد هذه الثورات في الدول العربية؟ هل قيام هذه الثوراة بالأطاحة بالأنظمة الدكتاتورية الحاكمة في بلدانها ستؤول الى التغيير الجذري في تلك المجتمعات ؟
وما هي السيناريوهات المتوقعة لخارطة الشرق الأوسط الجديد ودور أمريكا في رسم هذه الخارطة؟
 كيف  تبني الثورات الفتية ما خرَّبته الأنظمة الدكتاتورية لعشرات السنين ونشرت جذور فسادها في مؤسسات الدول والمجتمعات العربية؟
ماهو موقف الأحزاب الأسلامية العربية, التي ساهمت وتساهم  مع ثورة الشباب, بالمعاهدات والمواثيق الدولية لحقوق الأنسان, آخذين بنظر الأعتبار الخلافات الأيديولوجية بين من يريد تاسيس نظام دستوري مدني حيث الديمقراطية والحرية, وحيث الوطن للجميع, وبين الأحزاب الأسلامية التي لا تؤمن الا بأنَّ الأسلام هو الحل ولا تؤمن بحرية الرأي وحرية المعتقد وتريد تطبيق الشريعة الأسلامية في بلدانها؟
 والسؤال الأهم بالنسبة لنا نحن مسيحيي الشرق الأوسط هو مادور المسيحيين في مساهماتهم في هذه الثورات وكيف نتوقع مستقبل المسيحيين في الوطن العربي عندما تسيطر الأحزاب الأسلامية وخاصة الأخوان المسلمين في مصر واستئثارهم بالسلطة في المستقبل القريب خاصة اذا عرفنا أنهم أكثرتنظيما من بقية الأحزاب العلمانية وأكثر تمويلا وليس لهم الشفافية في العمل وحتى ليس لهم منهجاً ثابتاً يعلنونه على الملاْ فهم يعملون في الخفاء ولا يمكن أن نتصور كيف تسير الأمور السياسية والأجتماعية والأقتصادية في ظل حكم الأحزاب الأسلامية وعلى رأسهم ألأخوان المسلمون؟
في الحقيقة هذه الأسئلة وغيرها قد تكون الشغل الشاغل لنا وننتظر ألأجابة عليها بعد ان تزيل الشعوب العربية غبار الزلازل العاتية التي لحقت وتلحق بانظمتها الهاوية بقّوة ثورات شعوبها الغاضبة والهائجة والتي لم يخطط لها سابقا بل هي ثورات عاطفية تلقائية يؤكد التاريخ وجود سلبيات كبيرة في هكذا ثورات, كما حدث لثورة فرنسا عندما قامت لأول مرة في التاريخ باسقاط النظام الملكي وكانت بداية التحرر من الأنظمة ألأقطاعية والملكية وكانت ثورة فرنسا(ابتدأت الثورة عام 1789 وانتهت تقريباً عام 1799 ) .
بمثابة الشرارة ألاولى لثورات العالم أجمع ولكن كلنا نعرف كيف قامت تلك الثورة بالأنتقام من النظام الملكي السابق الحاكم آنذاك وقتلت الآلاف من الذين عارضوا مسيرتها الجديدة, فقضت تلك الثورة حتى على ثوّارها الجُدد بالمقصلة. ولهذا السبب ولأسباب أخرى كثيرة ومتنوعة
يمكن ان تقضي هكذا ثورات على طموحات وآمال شعوبها وخاصة عندما تلتف الأنظمة الحاكمة على هذه الثورات الفتية ويتم استدراج قادتها في فخ الرشاوى وشراء الذمم وبالتالي يتم القضاء على مكتسبات هذه الثورات, لأنَّ الأنظمة الدكتاتورية لها خبرات كبيرة في تفريق وتشتيت الأحزاب المعارضة تارة بالترهيب وتارة اخرى بالترغيب, وكذلك علينا أن لا ننسى أنَّ الأحزاب المعارضة وخاصة الأحزاب الأسلامية كألأخوان المسلمون قد تُحاول قطف ثمار الثورة الشبابية في مصر وتونس وغيرها من الدول العربية وذلك كما حدث في ايران عندما قطف رجال الدين الشيعة في ايران ثمار الثورة على الشاه بأسم الدين والشريعة الأسلامية
 وأسسوا نظام دكتاتوري شمولي(ولاية الفقيه) الذي حارب ويحارب الأحزاب العلمانية وخاصة الشباب وقام بتزوير نتائج الأنتخابات كما فعل النظام المصري السابق, وهكذا أيضاً كما قطف حزب الله الموالي لأيران, ثورة الأرز في 14 آذار 2005 . 
ان العالم العربي لم ينضج بعد لأستيعاب قيم الحرية والديمقراطية وتطبيق القوانين ولم يصل الى مرحلة استيعاب الفصل بين الحزب والسلطة وبين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية، فهناك أهمية كبيرة للفصل بينهما وهذا الخلط ساهم وسيساهم في اضعاف الاحزاب المعارضة (كما حدث في ثورة الجمهورية الأسلامية في ايران وكما يحدث الآن في العراق وسنتوقع حدوثه في الدول العربية بعد الأطاحة بأنظمة الحكم الدكتاتورية الشمولية ) .
ولكن في جميع الأحوال هناك تغيير قادم لا محالة وهو من صالح الشعوب بالتأكيد, وسوف لن ترضخ الشعوب العربية للسلطات الدكتاتورية مرة اخرى, فعجلة التاريخ لا يمكن أن ترجعنا الى الوراء وأصبح العالم المتحضر لا يقبل بوجود انظمة دكتاتورية تسحق شعوبها لأن تاثير ذلك ينعكس على تلك البلدان المتحضرة بسبب هجرة الشعوب المضطهدة من بلدانها الى تلك الدول الحرّة .

127

أين يكمن سر قوّة المسيحيين؟
نافع البرواري
انّ القوّة البشرية التي يؤمن بها هذا العالم, كالقوة العسكرية والقوة الأقتصادية والقوة السياسية وغيرها من الأنواع, هي قوة خدّاعة وسرعان ما تضمحل وتزول لأنّها وقتية تعتمد على ضرف المكان والزمان المواتيين, والتاريخ شاهد على ما نقوله عن امبراطوريات وممالك عبر التاريخ سيطرت على شعوب مغلوبة على امرها واستعبدتها و ازالت هوية تلك الشعوب (القومية والعرقية) وقضت على حضارتها لتسجل هذه القوّة الغاشمة المسيطرة تاريخ جديد مبني على الحقائق الجديدة على الأرض. نعم ان فكرة التربع على القمة يمكن أن تكون اسرة. ولكن القوة خادعة ولا يجب على المسيحيين أن يخططوا للحصول عليها أو التمسك بها. لأن الذين يشتهون القوة سينالهم خراب شديد كما حدث لجميع الأمبراطوريات الغاشمة عبر التاريخ ومنها الأمبراطورية الكلدانية والآشورية والفارسية والرومانية والأمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس. ونحن في القرن الواحد والعشرون نسمع ونشاهد الكثيرون من الدول تستعرض قوّتها العسكرية والتدميرية أمام الكاميرات ليقول لنا ساسة هذه الدول أن قوتنا  تكمن في هذه الالات التدميرية للبشرية .
الكتاب المقدس يعلِّمنا الحكمة والدروس والعبر عن الشعب الأسرائيلي وكيف أصبح هذا الشعب في مهب الريح عندما أتكل على قوته العسكرية  بدل اتكاله على الله. في سفر الملوك  يخبرنا الكاتب أنّه  لم تمضي على موت سليمان سوى خمس سنوات حتى كان الغزاة ألأجانب قد نهبوا الهيكل (هيكل سليمان) والقصر, فما أسرعْ زوال المجد الأرضي والقوة والثراء ! فعندما فسد الشعب الأسرائيلي روحيا وأنحطوا أخلاقيا لم يمضي الاّ القليل حتى فقدوا كُلِّ  شيء(1ملوك 14:24). كانت مملكاتهم وثروتهم قد أصبحت عندهم أهم من الله. وعندما نبعد الله عن حياتنا يصبح كل شيء اخر بلا جدوى وفي مهب الريح, مهما بدا لنا ثمينا. لقد أنجرف الشعب الأسرائيلي وراء أهوائهم وأرادوا التحرر من سلطة الله وسلطة الكهنة والأنبياء الروحية. وهكذا يقول الله على لسان النبي هوشع"أنا أهلكُكم يابني اسرائيل, فمن ياتُرى يُعينكم؟ أين ملوكُكُم فيخلِّصونكم ؟..."هوشع 12:9".
لقد تم تدمير اسرائيل بواسطة القوة الحربية, لأنّها وضعت ثقتها في القوة الحربية بدلا من الله. بينما الرب يقول في الكتاب المقدس "...لأنّكم اتّكلتم على مركباتكم وعلى كثرة محاربيكم الجبابرة"!.
ولكن في نفس الوقت نقرأ في العهد القديم اشخاص كانت لهم قوة غير طبيعية لا يمكن أن تكون قوة بشرية بها أستطاعوا أن يغيروا الناس لا بل شعوب (أمثال ابراهيم ويوسف و موسى وداود وسليمان ودانيال النبي وجدعون وأستير ومردخاي ووو... الخ), وواجهوا أعتى القوات الشريرة والسلاطين والملوك وأستطاعوا بمفردهم أن يقفوا ويسيروا ضد التيار, وقد واجهوا الخوف وأنتصروا على ضعفهم.
انّ القوة (الفانية) واللذة والهوى والتعطش للسلطة والمدح والشهرة هي من اسباب سقوط الأنسان ويأتي الكبرياء على رأس كل الأسباب, فعندما نقيّم القوة أكثر من الله عندها نصبح اتعس التعساء والضعفاء والمهزومين والخنوعين ويستعبدنا الشيطان فعندها يسكن فينا الخوف والرعب. لقد حاول الشيطان أن يحوِّل يسوع المسيح عن هدفه, لخلاص العالم, بجعله يركِّز بصره على السلطة العالمية وليس على خطط الله, فقد حاول الشيطان أغراء يسوع بأعطائه ممالك العالم ليحكمها بقوة مستمدة من قوة الشيطان ولكنه فشل(متى 4:8,9). وما زال الشيطان الى اليوم يقدم لنا العالم بمحاولة أغرائنا بالماديات والقوة والسلطة, بينما ربنا يسوع المسيح تخلّى عن الكثير من قوته ليصير انسانا ولم يشأ أن يستخدم قوته الألهية حتى للذين القوا القبض عليه وصلبوه. علما أن للرب يسوع سلطان على الحجارة وعلى ممالك العالم وعلى الملائكة, ولكنه لم يرد أن يستخدم سلطانه بغض النظر عن ارساليته ومهمته. الكتاب المقدس يخبرنا أنّ لا المال ولا الجاه ولا ألسلطة تعطينا القوة الثابة والدائمة لأنّه عندما يزول المال والجاه والسلطة نرجع الى حقيقتنا, بينما قوة الله ثابة تمنح المؤمن قدرة على فعل أعمال قد تكون تعجيزية. يقول أحد المبشرين" قوتي هي صفر ولكن عندما أقف بجانت رقم 1(يقصد المسيح) أصبح رقم عشرة وتصبح لي قيمة وقوة "ولا زال هذا المبشر يعمل معجزات كبيرة باسم الرب يسوع المسيح  في افريقيا.
فالقوة الغاشمة هي ضد الله وضد الأنسان, هي تمرد واهانة لله, فحينما نثق في قدراتنا الذاتية نحسُّ بعدم الحاجة الى الله. والقوة الغاشمة  تطعن وتجرح ايضا مشاعر الأنسان وكرامته وانَّ الذين يشتهون القوة سينالهم خراب شديد كما حدث لجميع ألأمبراطوريات الغاشمة عبر التاريخ.
السؤال هو اذن أين يكمن سر قّوَّةالمسيحيين, وخاصة مسيحيي العراق الذين ليس لهم جيش أو قوات او مدرعات أو أسلحة حتى لحماية انفسهم من الأعداء الذين لهم سطوة وقوة غاشمة؟
في الحقيقة علينا أن نرجع الى دستورنا الكتاب المقدس كلمة الله الحية ليكون هو دليلنا ومرشدنا ويكون الرب يسوع المسيح قدوة لنا والروح القدس قوة لنا. فما دمنا قد أتحدنا بالمسيح وصرنا أعضائه فهو الذي يدافع عنا ونحن  صامتون ولكن عندما ننقسم نحن المسيحيون على بعضنا فعندها لسنا مسيحيين حقيقيين وسوف تأتي القوات الشريرة وتتسلل بيننا وتزرع الخوف والرعب فينا وتمزقنا.
انَّ الذين يظنون أنَّهم يستطيعون القيام بكل شيء, معتمدين على قدراتهم الذاتية, فانهم في أعظم خطر, يقول بولس الرسول بأن المسيح(في رؤية) قال له :"تكفيك نعمتي في الضعف يَظهر كمال قدرتي" كورنثوس 12:9", فلا جدوى لنا نحن المسيحيين من الجهد البشري بدون معونة الرب ومشيئته, وهكذا رضي الرسول بولص بأن يفتخر مسرورا بالضعفات والأهانات والضيقات والأضطهادات من الأعداء"لأني عندما أكون ضعيفا أكون قويا"كورنثوس 12:10"
نعم قوتنا نستمدها من الرب يسوع المسيح لأنّ ضعفنا لا يعمل على تنمية شخصيتنا المسيحية فحسب, بل يعمل أيضا على تعميق عبادتنا لأننا بأعترافنا بضعفنا نثبّت قوة الله. يقول كاتب المزمور" يتكل هؤلاء على مركبات الحرب, واولئك على الخيل, أما نحن فنتكل على أسم الرب الهنا, هم فروا وسقطوا, أما نحن فنهضنا وانتصبنا".
لقد عرف داود النبي أن ّ القوة الحقيقية لأمته, لم تكن في السلاح بل في العبادة, ليست في قوة النيران والأسلحة بل في قوة الله .
أما الرب يسوع المسيح فقد غير مفهوم الحروب والمعارك باستخدام سلاح الكلمة والروح ويحارب بالحق ليس البشرية فقط بل قوات الشر الروحية.
قوتنا نحن المسيحيين هي في رجائنا, فعندما يكون لحياتنا معنى مع المسيح  فنحن سنحتمل جميع الصعاب والمشاكل وحتى الأضطهادات.
 قوَّتنا تكمن في الروح القدس الذي يمنحنا الشجاعة والتعزية والجرئة لمواجهة جميع ألأخطار والمواقف الصعبة"ولكن الروح القدس يحلِّ عليكم ويهبكم القوّة, وتكونون لي شهودا في أورشليم واليهودية كلها والسامرة حتى أقاصي الأرض"اعمال 1:8"ويقول الرب على لسان النبي يوئيل:
"أفيض من روحي في تلك الأيام فيتنباون كُلًّهم وأعمل معجزات فوق السماء ومعجزات تحت في الأرض"أعمال 2:18,19".
قوتنا في وحدتنا كأعضاء في جسد المسيح " ....ليكونوا واحدا مثلما أنت (الآب) وأنا واحد ....أنا فيهم وأنت فيَّ لتكن وحدتهم كاملة" يوحنا 17:21,23" فالمسيح هو كما يقول الرسول بولس هو سلامنا"افسس2:14" والرب يسوع هو الكرمة الحقيقية ونحن الأغصان وأن لم نثبت فيه فنحن في خطر فهو الذي يقول"..أمّا بدوني فلا تقدرون على شيء"يوحنا 15:5" .
قوّتنا في أن نكون متحدين بعضنا مع البعض بالمحبة ألأخوية "وكان المؤمنون كُلُّهم مُتَّحدين, يجعلون كُلِّ ما عندهم مشتركا بينهم...وكانوا يلتقون كُلِّ يوم في الهيكل بقلب واحد, ويكسرون الخبز في البيوت ويتناولون الطعام بفرح وبساطة قلب"أعمال 2:44,45 ,46"ويقول الرسول بولس "فأنتم (أي المؤمنين) جسدٌ واحد وروحٌ واحد مثلما دعاكم الله الى رجاء واحد" أفسس4:4".
قوتنا في صلواتنا الجماعية, حيث الصلاة هي أقوى سلاح نواجه به قوى الشر الروحية "وفيما هم يصلَّون أرتج المكان الذي كانوا مجتمعين فيه, وأمتلأُوا جميعا بالروح القدس, فأخذوا يعلنون كلمة الله بكلِّ جرأة!"أعمال 4:31".
ويقول بولس الرسول "لله القادر بقوّته العاملة فينا أن يفعل أكثر جدا مما نطلبه أو نتصوره" أفسس3:20".
قوَّتنا في كلمة الله الحيّة التي هي أمضى من كُلِّ سيف له حدّان"عبرانيين4:12", وجهادنا هو جهاد روحي"فنحن لا نحارب أعداء من لحم ودم, بل أصحاب الرئاسة والسلطان والسيادة على هذا العالم, عالم الظلام وألأرواح الشريرة في ألأجواء السماوية"أفسس 6:12".
يقول بولس الرسول في دعوته للسلام"أنتبهوا أن لا يجازي أحدٌ شرّا بشرِّ, بل أعملوا الخير دائما, بعضكم لبعض ولجميع الناس"1تسالونيكي5:15".
 يسوع المسيح هوالصخرة التي نبني عليها حياتنا وعندما تواجهنا جيوش الأعداء وتحيط بنا قوات الشر, وعندما تتلاطم الأمواج وتهب العواصف وتجري السيول لن تستطيع أن تهزَّ البناء لأنّ الأساس من الصخر.

128

نداء الى جميع ألأخوة   (الكلدان السريان الاشوريين)

نافع البرواري

في ظل النقاشات والمجادلات التي نقرأها في مقالات بعض الأخوة عن "التسميات القومية"   لشعبنا "السورايي "وتضارب الآراء والأقتراحات ,نرجو من جميع ألأخوة  الكف عن هذا الجدل العقيم الذي ثبتت ألأيام أن هذا الجدل حول التسمية قد أوصلنا الى طريق مسدود  وفرَّق  وحدتنا بدل أن يجمعنا ويوحِّدنا كشعب واحد ودم واحد وهدف واحد وايمان واحد ومصير واحد وخاصة ونحن نواجه تحدي كبير للحفاظ على وجودنا في هذا الشرق بصورة عامة  وفي بلاد ما بين النهرين والعراق بصورة خاصة.

نحن اليوم في مفترق الطريق فأمّا أن نوحد اصواتنا وافكارنا واهدافنا وسياساتنا لنقف موقف واحد أمام جميع التحديات التي نواجهها  ,واما أن يختار كل واحد منا طريقا يفترق عن أخيه الآخر ويقودنا الى بحر الظلمات لاسمح الله

 ندائي لكل الأخوة والأخوات أن نكف عن  أتهامات بعضنا البعض بما يجرح مشاعرنا ويعمّق جروحاتنا ويزيد من انقساماتنا ,ولنفتح صفحة جديدة  ناصعة البياض ولنغفر بعضنا للبعض ونتكاتف لمواجهة ما يحيط بنا من الأعداء من كل الجهات .

وشكرا لكم

129
 
لمن تدُقُّ الأجراس في الدول العربية ؟
نافع البرواري
يقول الكاتب الشهير ارنست همنغواي في كتابه "لمن تدق الأجراس", وهو يقتبس من رواية لجون دون(1624) :"لسنا جزر مستقلة بذاتها, كلنا جزء من القارة, جزء من كل, فأن جرف البحر حفنة من التراب نقصت اوربا ..... موت أي  كائن ينتقص مني, فأنا معني بالبشرية, ولذا لا تراسلني أبدا لتسألني لمن تقرع ألأجراس, انَّها تقرع من أجلك".
لألقاء مزيدا من الأضواء على مايجري حاليا من المظاهرات والأحتجاجات في ساحات الدول العربية في الوطن العربي عامة والثورة الفتية في تونس خاصة, هذه الثورة الشعبية التي قام بها الشعب التونسي والذي فيها أطاح بالدكتاتور ونظام الحكم الشمولي وكانت أول شرارأنطلقت من هذا البلد وسوف لن ينطفي لهيبها الا بحرق كلِّ الأرث البالي للأنظمة الحاكمة في الدول العربية التي لا تريد أن تواكب التغييرات الشمولية التي حدثت في العالم, فحتى الدول الأفريقية هب عليها رياح الديمقراطية و تنفست شعوبها هواء الحرية والديمقراطية  بينما بقيت الدول العربية مغِّيبة عن العالم المتسارع الى التغييرات الشاملة في كل مجالات الحياة ألسياسية والأجتماعية والثقافية والأعلامية والأقتصادية .
أن عالم اليوم قد تغيّر وأن ما يحصل من التغييرات السياسية  والأجتماعية والثقافية في أية دولة في العالم  سيؤثر على بقية دول العالم, وأن التظخم المالي والآثار الأقتصادية في العالم يؤثر كثيرا في الأقتصاد والمال  للدول العربية وحتى الحروب والزلازل وتغيّر المناخ  وتلوُّث البيئة في اية دولة له نتائج على الدول الأخرى وكذلك الأعلام اليوم اصبح اعلاما عالميا حيث أصبح بمقدور كل فرد أن يشارك في ايصال صوته الى الآخرين عبر ألأنترنت ووسائل الأتصالات السريعة وما يحدث في أي بلد أو اي شارع في تونس أو مصر أو يمن أو.....الخ, يستطيع الأنسان وعبر القارات أن يشاهده, وهكذا لا تستطيع الدول التي يحكمها الدكتاتوريين ان يمنعوا ما يجري في العالم الأخر عالم الديمقراطية والحرية وخير شاهد على ما نقوله هي الأنتفاضة الأصلاحية في ايران ضد ولاية الفقيه التي شاهدها العالم كُلُّه عبر الشاشات الفضائية, وبعبارة مختصرة فان عالم اليوم أصبح قرية صغيرة واحدة وتظم هذه القرية بيوتا وعندما تحدث مشكلة في بيت واحد ظمن هذه القرية قد تؤثر على بقية البيوت. فمنذ سقوط جدار برلين سنة 1989 الى يومنا هذا حدث الكثير من التغييرات في العالم المعاصر وخاصة بعد انهيار الأتحاد السوفيتي واستقلال الدول الأشتراكية لأوربا الشرقية والتخلص من الحكم الشيوعي الشمولي الذي كان يحكم هذه الدول بقبضة من الحديد. وهكذا تغيّر العالم منذ ذلك الحين ولا زال في حالة التغيير بعد أن توقفت الحرب الباردة بين الدول الراسمالية الغربية وبين الأتحاد السوفيتي والتي أستمرت منذ الحرب العالمية الثانية, ولكن للأسف لم يتعظ حكام الدول العربية من هذه التغييرات الدراماتيكية في العالم وأصروا على الحفاظ على كراسيهم واستعباد شعوبهم وخنق الحريات وقمع كل الأسواط المنادية بالتغيير بأجراء انتخابات نزيهة في هذه البلدان. وعلى العكس من ذلك قامت هذه الأنظمة باجراءات صورية للأنتخابات لذر الرماد في عيون شعوبها وهكذا كشفت هذه الأنظمة عن مدى سقوطها الأخلاقي عندما كانت النتائج تظهر لصالح هذه الأنظمة والأحزاب الحاكمة والتي لا يعقلها حتى السذج من الناس, فقد كانت النتائج لصالح هذه الأنظمة الدكتاتورية تتجاوز احيانا 90%  وكأنَّ  هذه الأنظمة عازمة على الضحك بعقول شعوبها والأستهزاء بمشاعرها من خلال ممارسة لعبة الأنتاخابات (الديمقراطية) القذرة .
انَّ الحكومات الدكتاتورية العربية تمادت في ظلمها لشعوبها حتى وصلت الى حالة التجويع وقطع الأرزاق لشريحة كبيرة من المجتمع  وخاصة بعد الزيادات العالية لأسعار السلع الغذائية والأستهلاكية بعد الأزمة المالية العالمية في العام الماضي, وهو ما زاد الطين بلّة وسارع في تمرد الشعب التونسي وشعب مصر واليمن والجزائر على انظمتها الدكتاتورية الفاسدة والغارقة في التخمة على حساب شعوبها الجائعة, والمثل يقول "قطع الأعناق ولا قطع ألأرزاق" وهذا لا يقلل من العوامل ألأخرى التي ساهمت في تصعيد  الغضب الجماهيري بسبب سنوات القمع والبطش والتهميش وخنق الحريات وغياب الديمقراطية و العدالة الأجتماعية في هذه الدول, ولا زلنا في بداية فوران الغضب وقد نشهد المزيد من المظاهرات الغاضبة في معظم الدول العربية  في الأيام والأشهر القادمة طالما الفكر السائد لهذه الأنظمة الديكتاتورية يؤمن بأن الشعوب العربية ما هي الاّ قطعان من الغنم يقودونها كيفما شائوا, ولكن الحكام وألأنظمة الدكتاتورية في الدول العربية لم يتعلموا دروسا وعبر من التاريخ القريب والبعيد وظلّوا يخفون رؤوسهم في الرمال كالنعامة فلم يتحركوا للقيام بأصلاحات جوهرية في مجتمعاتهم ولم يعطوا الفرص لشعوبهم المقهورة وخاصة الشباب منهم لكي يساهموا ويشاركوا في بناء بلدانهم بل حدث ما هو العكس من ذلك تماما, وهذا ما تبين في الثورة التونسية حيث كان خريجوا المعاهد والكليات هم ألأكثر تضررا لعدم توفير فرص عمل لأصحاب الشهادات في تونس وقد اشعل محمد بوعزيز النار في نفسه ليموت بعد أن ضاقت الحياة به, فحرّك, الموت المأساوي لهذا الشاب, ضمائر وعقول وطاقات الشعب التونسي ليقوم بأكبر تظاهرة يشهدها العالم العربي ضد الدكتاتور الحاكم, وأصبحت ثورة الشعب التونسي النموذج الذي يقتدى بها  الشعوب في الوطن العربي. وهكذا نرى اليوم في الشوارع تمرد الطبقة المثقفة والطبقات المسحوقة على الوضع المزري الذي يعيشونه بالأنتفاضة على أنظمتهم الدكتاتورية, وبهذا تم كسر هواجس الخوف والرعب وتحرَّرَ الشعب التونسي والمصري واليمني والسوداني من أقوى عدو يمكن أن يشل  حركتهم وهو الخوف من المجهول الذي كان يشُلُّ حركتهم وأصواتهم المنادية بتحقيق امالهم ومستقبلهم, وعندما يزاح الخوف من قلوب الشعوب عندها لا تستطيع أي قوى في العالم أن توقف هذه الشعوب من الثورةعلى انظمتها الدكتاتورية  واجراء التغييرات  للحصول على مطاليبها .   
ولكن يبقى هناك سؤال يحتاج الى الأجابة وهو: ماذا بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية في الدول العربية؟ للأجابة على هذا السؤال السابق لأوانه علينا أن نرجع الى التاريخ لنستخلص منه الدروس والعبر لكي نستشف المستقبل وتكون لنا رؤية لما سوف يحدث بعد هذه التغييرات الدراماتيكية التي حدثت و تحدث هذه الأيام في الدول العربية.
عندما سقط النظام الدكتاتوري في العراق سنة 2003 راهن الكثيرون على أن النظام الدكتاتوري ولّّى الى الأبد وأنَّ امام الشعب العراقي مرحلة جديدة من الديمقراطية والحرية والمساواة والعدالة الأجتماعية وتحقيق امال الشعب في بناء دولة مدنية علمانية لتحقيق طموحات جميع الفئات في المجتمع العراقي ولكن في الحقيقة خاب امل الشعب وكان ما كان حيث الحروب الطائفية والصراع على السلطة والتصفيات الجسدية والفلتان ألأمني والفساد المالي والأخلاقي, هذه كانت نتائج انهيار النظام الدكتاتوري في العراق ولا زال العراق الى يومنا هذا غير مستقر وهناك صراعا على السلطة والمناصب والكراسي والفلتان الأمني. ولا يمكن بطبيعة الحال أن نقارن حالة العراق بما جرى ويجري في تونس, فالثورة الجماهيرية العارمة التي اسقطت النظام الدكتاتوري الشمولي في تونس وغيّر ت الكثير من النظريات السياسية التي كانت تؤكد استحالة الأطاحة بالأنظمة الدتاتورية دون ثورات دموية أو انقلابات عسكرية.
 أن سقوط النظام الدكتاتوري في العراق تم بفعل خارجي وليس بفعل شعبي بينما في تونس كان السقوط بسبب تصميم الشعب التونسي واصراره على كسر قيود العبودية والحكم الظالم .
ولكن مع كل هذه الحقائق التي ذكرناها, لا ننسى محاولات قمع الثورة التونسية في مهدها باصرار النظام السابق في تونس بالأستحواذ على المناصب المهمة مثل وزارة الدفاع والداخلية وغيرها, وكذلك لا ننسى أن الثورة كانت غير منظمة ولم تكن لها منهج أو قيادة ومثل هذه الحالات قد تتعرض الى الأجهاض لأسباب كثيرة منها عدم التنسيق بين الأحزاب المعارضة في ما يتم اجرائه بعد الثورة وهذا ما أوقع الثورة في مأزق تشكيل  الحكومة الجديدة حيث البعض من المعارضين انضموا الى الحكومة السابقة وحصلوا على بعض المناصب الوزارية الغير المهمة بينما انسحب الكثير من الأحزاب المعارضة ولا يعترفون بحكومة فيها عناصر تابعين للدكتاتور.
هذا من جهة, ومن جهة ثانية فان انتفاضة الشعوب العربية ليس معناها الحصول على الحرية والديمقراطية على طبق من ذهب, فكل الثورات العربية قامت وازالت الحكومات المستبدة وخاصة في العهود الأستعمارية حيث قام الثوار بثورات حصلوا على استقلالهم من الأستعمار ولكن نفس الثوار تحوّلوا الى دكتاتوريين وحكموا الشعب بالحديد والنار وجعلوا الحكم وراثي ومدى الحياة!!!
فعلينا أن لانسبق الأحداث لأن الظاهرة لا زالت موجودة في الدول العربية وهي ظاهرة الكتاتورية المزروعة في كل فرد من أفراد الشعوب العربية, ولكن باختلاف هذه الدول, وهي ظاهرة تربوية وتاريخية يتربى فيها ألأجيال بعد أجيال حيث الطفل وهو في البيت ينشأ ويتربى على دكتاتورية الأب وبعدها في المدرسة يتعود على دكتاتورية المعلم والمدرس وحتى الجيوش العربية فيها درجات من الدكتاتورية التي فيها يحكم الضابط الضباط الذين هم ادنى مرتبة منه كأنه دكتاتور فما بالنا بحكم هذا الضابط للجنود, فأحيانا كثيرة الجندي في الجيوش العربية يعرِّف "بأنه هو المكان المحصور بين البوسطال والخوذة" فبالحقيقة العسكر في الدول العربية هو عالم يسحق الأنسان ويهين كرامته وانسانيته وأحيانا يتعامل الضباط مع الجنود كتعاملهم مع الحيوانات واحيانا أدنى من الحيوانات.
ولا ننسى أنّ غالبية الشعوب العربية قد تعوّدت على العيش في ظل ألأنظمة الدتكاتورية القمعية, وكيّفت نفسها بالقبول بالأمر الواقع, ولو على مضض, والكثيرون تعودوا الخضوع والخنوع والعبودية للحكام المستبدون وهم  يشعرون بالأهانة والذل والظلم, ولكن ليس في عقلية غالبية الشعوب العربية ادنى فكرة حقيقية عن الحياة الديمقراطية والحرية لأنّها لم تعشها ولم تتذوقها ولا تعرف قيمتها وافاقها وأحيانا كثيرة ترفضها خاصة عند الذين لا زالوا يؤمنون بالعشائرية والعصبية القبلية وكذلك الأحزاب الدينية التي اصلا لا تؤمن بالديمقراطية والحرية, فلا يبقى الآ الطبقة العلمانية والنخبة المثقفة التي تؤمن بالديمقراطية والحرية وحقوق الأنسان ولكنها حتى هذه النخبة ونتيجة الضغوطات الكثيرة عليها وعبر الزمن دُّجِّنت ليصبح الكثيرون من هذه الفئة يخضعون للأمر الواقع وينصهرون في المجتمع ذات الأكثرية التي ذكرناها, لا بل الكثيرون من المثقفين والأعلاميين اصبحوا بوقا للأنظمة الدكتاتورية في بلدانهم.
ومها حصل فأنَّ التغيير في البلدان العربية  قادم لا محالة  وعجلة التاريخ لا يمكن ارجاعها الى الوراء, وقد ولّى زمن الأنظمة الشمولية ونحن في  القرن الواحد والعشرون, ومسألة بقاء الأنظمة الدكتاتورية الشمولية, في العالم بصورة عامة والوطن العربية بصورة خاصة, هي مسألة وقت  وآن الأوان للأنسان العربي أن يعيد النظر في الكثير من المفاهيم والمعتقدات الخاطئة  لبناء انسان جديد ونظام جديد ونظرة جديدة للحياة, نعم صدق الشاعر التونسي أبو قاسم الشابي عندما قال:
إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ للّيـــل أن ينجـــلي ولا بــــدّ للقيـــدِ أن ينكســـرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ

130
لماذا هذه الحملات الأعلامية العربية والأسلامية على بابا الفاتيكان؟

نافع البرواري

في عشية عيد الميلاد المجيد وبداية السنة الجديدة صرّح البابا بيندكتس السادس عشر بتصريح يطالب فيه الحكومات العربية والأسلامية في الشرق ألأوسط وكذلك طالب العالم بالضغط على هذه البلدان بحماية المسيحيين في بلدانهم بسب الأرهاب والأضطهاد والتهجير الذي يُعاني منه المسيحيين في هذه البلدان وكانت آخرها مجزرة كنيستي "سيدة النجاة " في العراق وكنيسة "الرسولين" في مصر.

كثيرا ما ركز قداسة البابا بيندكتس السادس عشر, قبل رسامته البابوية وبعدها, على الحوار بين الآديان, وخاصة بين الديانتين المسيحية والأسلامية, وهو البابا الأكثر نشاطا في ترسيخ هذا الحوار, وحرية العقيدة والضمير, وهو الأكثر حماسا للمطالبة بحقوق الفلسطينيين لتكون لهم دولتهم المستقلة, ودولة الفاتيكان كانت ولاتزال دائما من أكثر الدول صراحة ووضوحا ووقوفا بجانب الشعب الفلسطيني وحقه المشروع باقامة دولته الفلسطينية ، وقد كان الفاتيكان من آخر الدول التي اعترف بدولة إسرائيل بعد اعتراف بعض الدول العربية بها، وبعد أن أقامت "منظمة التحرير الفلسطينية" علاقات منتظمة معه. ولازالت مواقف الفاتيكان بخصوص القدس ودولة فلسطين من أهم أسباب الهجوم الشرس الذي تتعرض له دولة الفاتيكان من الصهيونية العالمية, والبابا الحالي, بيندكتس السادس عشر, من أكثر البابوات دفاعا عن المهاجرين الى اوربا, وغالبيتهم من العرب المسلمين, لتأمين الحق لهم بالعيش الكريم ومطالبته الدول الغربية بأحترام عقيدتهم وحقوقهم الأنسانية والسماح لهم ببناء بيوت الصلاة في اروبا , وكان من الرافضين للتشريعات الغربية لمنع النساء المسلمات في لبس الحجاب, بينما شيخ الأزهر الراحل قال من حق فرنسا أن تمنع الحجاب لأنها مسألة تخص شؤون فرنسا الداخلية. وهو البابا الوحيد الذي يدعو الغرب والدول الشمالية الغنية برفع الحاجز بين هذه الدول والدول الجنوبية الفقيرة, ومن ضمنها الدول العربية, بعد أن كان البابا السابق يوحنا بولس الثاني, المساهم الرئيسي في ازالة الحواجز بين الشرق والغرب, بين الشيوعية والدول الغربية والمساهم الرئيسي في اسقاط الشيوعية في الأتحاد السوفيتي السابق والدول الأوربية الشرقية, وكان سقوط جدار برلين في فترة ترأسه الكنيسة الكاثوليكية, حيث أنتهت في عهده ما تسمّى الحرب الباردة.

البابا الحالي كان ولا يزال يدعو العالم الى أزالة العنف بجميع اشكاله وهو الذي يحث الدول الغربية في كل مناسبة للرجوع الى جذورها المسيحية في التسامح وصنع السلام والتعامل الأخلاقي والأنساني مع جميع شعوب الأرض. وهو البابا المشهور بكونه من كبار اللاهوتيين المعاصرين وله كتب كثيرة تستمد منها الكنيسة الكاثوليكية في قراءآتها الفلسفية واللاهوتية المعاصرة, وخصوصا تركيزه على العقل والأيمان ونبذ ألأصولية الدينية والعنف أينما كانت, فهو الذي القى محاضرة سنة 2005 في احدى الجامعات الألمانية, وكانت بعنوان"العلاقة بين العقل والعنف في المسيحية والأسلام",  وأثارت موجة من ردود الفعل الغاضبة في العالم الإسلامي في حينها, حيث أُخرجت من سياقها وأعطيت بعداً سياسياً لم يكن له في واقع الأمر, وكانت هذه المحاضرة بمثابة الشرارة الأولى التي فيها انطلق المسلمون الأصوليّون ليحاربوا ويطعنوا ويجرحوا لا بل يشتموا البابا الحالي, بحجّة أنَّ البابا قد أساء الى الأسلام ورسول المسلمين, ولا زلنا نتذكر تلك الأساءآت التي صدرت من كبار شيوخ ورجال الدين المسلمين بحق البابا والكنيسة الكاثوليكية لا بل طالت هذه الأساءآت مسيحيي الشرق وتم قتل بعظهم وحرق عدة كنائس ومظاهرات عاصفة في الشارع العربي والأسلامي وحرق الصور والتماثيل  للرموز المسيحية ووووالخ. وهكذا هدموا كُلِّ ما قام به الفاتيكان عبر السنين من المبادرات للحوار بين الديانتين المسيحية والأسلامية والتي كانت أغلبها من أفكارالبابا الراحل يوحنا بولص الثاني و هذا البابا الحالي الذي قال: "منذ أربعين  سنة أنا أدعو  للحوار بين الديانات والحضارات ولكن أسفي الكبير سوء فهم الآخرين" وفعلا بدأ يتكلم عن ضرورة الحوار في أول خطابه, بعد تنصيبه على رأس الكنيسة الكاثوليكية, مع التجمع  الشبابي في مدينة كولون الألمانية. ان ما أراد البابا قوله يمكن أن نختصره في خلاصة قصيرة وهي: مطالبته المجتمعات الغربية التي تدّعي بأنها صاحبة الحضارة المعاصرة والتي تعتمد على العقل, الى الرجوع الى جذور أيمانها المسيحي, فهذه المجتمعات والدول التي تعتمد على  العقل لوحده, دون الأيمان, في صنع الحضارات الأنسانية, قد تجر العالم الى ظلم الآخرين من اخوتهم في الأنسانية, لا بل قد يستغلّوا العالم الثالث ويستعبدونه. بينما في المقابل هناك من الأصوليين والمغالين في الدين, وخاصة في الأسلام, ممن يعتمدون على أيمانهم الأصولي المنافي للعقل, ويحاربون العقائد الأخرى التي لاتؤمن بما تؤمن به تلك الأصوليات الأسلامية.  وبجملة قصيرة" يجب أن يلتقي ألأيمان والعقل في الديانات السماوية, والاّ لن يكن هناك حوار حقيقي للحضارات".

اليس ما يُطالب به هذا البابا هو عين الحقيقة؟ وما الغريب فيما قاله هذا البابا ؟ أليس من المفروض من جميع الشرائع السماوية, مسيحيين ومسلمين ويهود أن يكون هذا من صلب عقيدتهم؟ انّ محاضرة البابا كانت أصلا موجهة للعالم للتحاور بين الحضارات, وخاصة بين المسيحية والأسلام, للعودة الى الأيمان والعقل, وهو استشهد في هذه المحاضرة بالحوار الذي جرى في القرون الوسطى بين أمبراطور بيزنطي (مسيحي) ومثقّف مسلم, كُلِّ واحد يعتقد بأن عقيدته هي الأصح فاستشهد بكلام الماضي في تلك الفترة التاريخية, وهذا لا يعني أنّ ارائهم هي اراء البابا. والحقيقة هي أنَّ تلك المحاضرة لو أُلقيت على مثقفين وذوي العقول النيّرة لأستوعبوا ما قاله البابا في تلك المحاضرة, ولكن للأسف اليوم أصوات الأصوليّون وأصوات المتزمتين من رجال الدين هي السائدة في المجتمعات العربية خاصة والمجتمعات الأسلامية عامة حيث غياب العقل وعدم قبول نقد النصوص الكتابية والهجوم على كل من يختلف عن مناهجهم وأفكارهم المتخلفة.

يقول البابا بندكتس السادس عشر"من خلال تلاقي العقل والأيمان يمكننا أن نكون مؤهلين لحوار حقيقي بين الحضارات وألأديان الذي نحن في أمس الحاجة اليه".

لقد ركز في محاضرته (وهو يكررها  دائما في مناسبات كثيرة) أن الله الخالق هو ضد العنف والقتل لأنهما ضدّ طبيعته, لأنَّه هو واهب الحياة, وعلى الديانات أن لا تحارب بأسم الله أو تستغل مشاعر الأنسان  للأيمان بالجهاد المقدس الذي يعارض ارادة الله .

ونأتي الى ماصرّح به البابا بيندكتس بخصوص الأرهاب ضد المسيحيين في الشرق الأوسط في عشية عيد ميلاد سيدنا يسوع المسيح في 1_1_2011 , بعد المجزرة الرهيبة بحق أخوتنا الأقباط المسيحيين في كنيسة "القديسين" في ألأسكندرية, عندما قال ما معناه "يجب على الحكومات العربية والأسلامية أن تلتزم بمسؤوليتها في حماية مواطنيهم المسيحيين في بلدانهم وعلى دول العالم السعي لحماية هذه الأقليات المضطهدة".

وسوف نسمع غضب البلدان العربية والأسلامية على تصريح البابا هذا بحجة تدخله في شؤون الدول العربية وخاصة في شؤون مصر كما صرح بذلك مسؤولي الدولة في مصر وكذلك شيخ الأزهر أحمد الطيب وغيره كثيرون.

السؤال المطروح: أليس من الطبيعي أن يتدخل البابا بيندكتس السادس عشر, بأعتباره رأس الكنيسة الكاثوليكية, ويدعو الجميع لحماية ألأقليات المسيحية المضطهدة في الشرق الأوسط, بعد أن تيقَّن من سكوت وصمت معظم ألأنظمة الحاكمة ورجال الدين المسلمين خاصة ؟

ألا يحق لشخصية معروفة بمكانتها عالميا ومشهود لها بالدفاع عن حقوق الأنسان أينما كان ومن أي خلفية كان ومن اي دين كان هذا الأنسان؟ نقول أليس من حق بابا الفاتيكان الذي يرعى مليار ونصف المليار انسان, وهو ايضا كرئيس دولة ان يطالب بحماية المسيحيين من ارهاب الحكومات العربية و الاسلامية؟

لماذا هذا الزعيق والتشنج والعصبية والضغينة التي عبّرت عنها الكثير من الأنظمة العربية والأسلامية والكثير من رجال الدين بحق هذا البابا الذي دافع ويدافع عن المهاجرين الى الغرب, وغالبيتهم من العرب والمسلمين, ويقول لأوربا افتحوا ألأبواب للمهاجرين  بينما عقيد ليبيا عمل معسكرات أعتقال للمهاجرين العرب المسلمين والأفارقة, الذين يريدون العبور الى أوربا عبر ليبيا؟

يقول الدكتور فيصل القاسم مقدم برنامج ألأتجاه المعاكس في قناة الجزيرة:

"ماذا فعل البابا سوى أنه قال علناً ما يقترفه، سراً وجهراً، معظم حكام العالم الإسلامي بحق الدين الحنيف؟ تعالوا نحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نستل سيوفنا الصدئة وسكاكينا الخشبية التي نخرها السوس في وجه هذا الناقد الغربي أو ذاك. ما الجديد، بربكم، في هذا الكلام؟ لماذا ندين الأقوال ونبارك الأفعال، أو على الأقل نتغاضى عنها؟ ألم تسخّر الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية المزعومة كل طاقاتها الإعلامية والثقافية والدعائية والفقهية لتجريم المجاهدين، وكسر شوكتهم، واقتلاع مفهوم الجهاد من عقول المسلمين؟ لماذا أطلق رعاة الإسلام والمسلمين المزعومون مئات القنوات الفضائية الهابطة " .

لقد خرج شيخ الأزهر ووزير خارجية مصر ليشنوا حملة عاتية ضد بابا الفاتيكان،ويجمد الأزهرحوارالديانات, رغم أنهم هم أنفسهم من أعطوا لأنفسهم الحق فى التدخل لدى ألمانيا وأرسلوا فرق الدفاع من مصر ومن خزانة مصر لضمان حق مروة الشربينى, المرأة التي قتلها أحد المتعصبين الألمان, فقامت الدنيا ولم تقعد في العالم الأسلامي والعربي. اليس هذه من سمات التناقضات الكثيرة وازدواجية المعايير والكيل بمكيالين التي تستعملها الأنظمة العربية والكثير من المراجع الأسلامية سواء الشيعية أو السنية ؟ فعندما يقتل مواطن عربي او مسلم في اي بقعة من العالم الغير الأسلامي ينتفظ العالم العربي والأسلامي بينما يقتل يوميا مسيحيين في البلاد العربية والأسلامية وتغتصب أموالهم وأعراضهم ويُهجِّرون ويعتقلون كرهائن, ولا ترف جفون هذه الأنظمة ولا المراجع السنية والشيعية؟

لنقرأ ماقاله العلامة يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في برنامج الشريعة والحياة من على منبر قناة الجزيرة .

يقول: "على بابا الفاتيكان, بأن يلتزم الصمت تجاه قضايا الدول العربية وألأقليات في الشرق ألأوسط ...و أقول  للبابا اكفينا شرّك انت بس, وأتركنا نعيش مع بعضنا البعض وسيبنا في حالنا".

وقد ذهب البعض الى أبعد من هذه التصريحات بقولهم أنّ البابا يريد حربا صليبية جديدة,

إنّ من يُعلن الحرب الأعلامية الغير الأ خلاقية على الآخرين هم هؤلاء المتسلطين الفاسدين من الأنظمة العربية, والمستأجرين من بعض رجال الدين المسلمين وليس بابا الفاتيكان كما يزعم الذين هم بوق لهذه الأنظمة, هؤلاء المتشددين المتعصبين الذين ابتلى بهم العالم العربي والأسلامي لا بل العالم كلُّه. المشكلة ليست في هذه الأنظمة الغارقة في الفساد الأخلاقي بل المشكلة الكبيرة هي في الشعوب العربية والأسلامية التي هي ايضا أصابها عدوى هذا الفساد  فأصبحت لا تعرف ولا تُمّيز بين العدو والصديق, بين من يريد لهم الحرية والديمقراطية وحقوق ألأنسان وبين الذي يكبّلهم بقيود العبودية وسحق انسانيتهم والأستهزاء بعقولهم .

131
ثقافة الكراهية والأرهاب وتأثيرها على مستقبل المسيحيين ووجودهم في الدول العربية والأسلامية
نافع البرواري
 
بعد جريمتي كنيستي" سيدة النجاة "و"القديسين", ماهي الرسالة التي تحملَهُما؟
قد يتبادر الى الذهن لأولّ مرة أنّ جريمة قتل ناس ابرياء في كنيستي "سيدة النجاة"و"القديسين" هي حال جميع الجرائم الأرهابية  التي ارتكبت بحق المسيحيين في العراق ومصر على مر السنين القليلة الماضية, ولكن الحقيقة هي غير ذلك بل هي نقلة نوعية للأرهابيين بعد أن تشجعوا وتمادوا في جرائمهم بسبب عدم وجود ردع ومقاومة ورفض أو محاسبة  لهؤلاء الأرهابيين من قبل الحكومات والسلطات في مصر والعراق, وسكوت مريب ومخيف, لابل تحريض وتشجيع من رجال الدين المسلمين لما يقومُ به الأرهابيون من الجرائم بحق مسيحيي العراق ومصر والتي لا يمكن تبرئة هذه ألأعمال الوحشية ولا يمكن السكوت عنها الا اذا كان هناك تواطئ  مباشر وغير مباشر بين مرتكبي هذه الأعمال الشائنة والأجرامية, وبين أنظمة الحكم في البلدان العربية والأسلامية عامة وبين نظام العراق ونظام مصر بصورة خاصة بمباركة وتأييد الكثيرين من  رجال الدين المسلمين ومُآزرَة الغالبية من شعوب هذه الدول (ونستثني, طبعا جميع الخيرين ودعاة المحبة والسلام من أخوتنا العرب والمسلمين من هذه القائمة).
فلو استعرضنا جميع الأعمال الأرهابية في العراق ومصر منذ سنوات قليلة ماضية لم نقرأ ولم نسمع (الا في الفترة الأخيرة في حالة فردية في العراق) بالقاء القبض على مرتكبي هذه الأعمال الأرهابية الأجرامية, لا بل لمسنا التستر وألأهمال والسكوت عن كُلِ ماجرى من التهجير والترويع والقتل للمسيحيين في العراق وقتل ابرياء في مصر في وضح النهار وعلى مسمع ومرأى السلطات الحاكمة دون أي ردع أو محاسبة مرتكبي هذه الجرائم لا بل كان التبرير لهذه الجرائم في حالة مصر مضحكة وهزيلة حيث كانت السلطات والأجهزة الأعلامية في مصر تصرُّ على أنّ هناك رجل مجنون أو بلطجي قام بقتل المسيحيين أو وجود ثأر بين القتلة والمسيحيين بسبب أمور شخصية, أو قيام أقباط مصر ببناء كنيسة في أماكن غير مُجازة وغير قانونية الى آخره من ألأسباب الغير الواقعية والغير المُقنعة والتي لا يمكن تبرئتها أو قبولها بل هي مُضحكة ومُبكية على قول المثل "شرُّ البليّة ما يُضحك", ولكن الحقيقة الساطعة كانوا يخفونها عن العالم المتحضر, وهي وجود ثقافة أرهاب في جسد المجتمعات العربية والأسلامية وأنَّ هذه الثقافة قد طالت الحكام ومؤسسات الدولة في تلك الدول, وبمباركة المؤسسات الدينية وشيوخ ورجال الدين المسلمين, وكذلك سرت هذه الثقافة في المدارس والشوارع ودوائر الدولة, لا بل بدت هذه الثقافة (ثقافة الكراهية للمسيحيين) نسمعها على شفاه ألأطفال الصغار عندما يقول طفل صغير مسلم لطفل مسيحي بعمره "أنت كافر" أو عندما نسمع صيحة "الله أكبر" من مسلمين وهم يرون بشر مثلهم مضرجين بدمائهم في جريمة كنيسة "القديسين" في الأسكندرية وشهود مسيحيين يشاهدون توزيع الحلوى بين المسلمين بعد فاجعة كنيسة "القديسين" في الأسكندرية. اليس علينا, نحن المسيحيين, التوقف عند هذه الحالات ومئات الحالات الأخرى, لكي نتأمَّل في حجم الخطورة المُحدقة بنا نحن مسيحيي الشرق الأوسط بسبب ثقافة الكراهية السائدة في المجتمعات العربية والأسلامية ؟ اليس من حقنا نحن المسيحيين أن نتسائل عن دور حكومات هذه الدول, والتي تقع عليهم مسؤولية حماية مواطنيهم مهما كانت ديانتهم, في تشجيع هذه الثقافة لا بل وفي أحيان كثيرة دعمها لأرضاء الأحزاب الأسلامية المتطرفة لكسب ودها وتحقيق أهدافها  السياسية القذرة على حساب دماء الأبرياء من شعبنا المسيحي؟ هل يمكن السكوت على ما نسمعه عبر القنواة الفضائية لرجال دين وشيوخ ذوي مراكز عالية أمثال الشيخ سليم العوّى,وعلى قناة الجزيرة, الذي حرض الدولة لأقتحام الكنائس في مصر بحجة وجود اسلحة مخزونة فيها؟ والشيخ يوسف القرضاوي الذي يعتبر المسيحيين أهل الذمة ويفتي  بمقاومة استقلال جنوب السودان, ذات الغالبية المسيحية, عن شمال السودان (حيث كان تطبيق الشريعة الأسلامية  على الشعوب الغير ألأسلامية هي السبب الرئيسي في مطالبةهذه الشعوب,  ومنهم المسيحيين الجنوبيين, بالأستقلال)؟, وهل نسينا ما قاله العالم العربي المسلم زغلول النجار وعلى منبر قناة فضائية عربية رسمية, ليقول عن الكتاب المقدس هو "الكتاب المكدَّس", وشيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب, الذي أهان المسيحيين عندما أدَّعى أنّ الكتاب المقدس مُحرّف وعلى منبر قناة مصرية رسمية, وها هو يشجبّ ما صرح به بابا الفاتيكان  في 1 يناير واعتبره تدخُّل في شؤؤن مصر الداخلية, (لأنّ صرخة البابا كانت لحماية مسيحيي الشرق ألأوسط وهذا من صميم واجبه كرجل دين يحمي رعيّته من المسيحيين اينما كانوا) عندما قال البابا "أنَّ الكلام لم يُجدي نفعا مع الدول العربية في المحافظة على أرواح المسيحيين وعلى المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الأعمال الأرهابية بحق المسيحيين".
 اليس خطاب يوم الجمعة الدوري في غالبية الدول العربية والأسلامية يتضمن التحريض على ألأرهاب ضد المسيحيين واليهود ؟
لماذا تتهرب الأنظمة العربية من المسؤولية؟ الم يوقّعوا على قوانين حقوق ألأنسان وعلى حق ألأنسان في الحياة الكريمة؟ الم يوقّعوا على قوانين حماية الأقليات ؟ ألم يوقّعوا على حرية المعتقدات ؟ أليسوا هم المسؤولين على حياة مواطنيهم المسيحيين؟ أين التحقيقات والمحاسبات القانونية لجرائم أرتكبت بحق المسيحيين الأبرياء خلال السنوات الماضية ؟ لماذا لا يتم الكشف عن هذه الملفات ولو لمرة واحدة؟
الأسئلة الكثيرة التي لم ولن نحصل ألأجابة عليها تجعلنا في شكٍ مُريب في أنّ المسؤولية الرئيسية تقع على ألأنظمة الحاكمة للدول العربية والأسلامية وهي التي يجب محاسبتها في النهاية لأنّها المسؤولة الرئيسية لحماية حياة المواطنين المسيحيين ألأبرياء, ولأنّ المسيحيين لم يدخلوا في لعبة الصراع الطائفي كما هي حاليا منتشرة بين الطوائف الأسلامية, ولأنّ المسيحيين لم يحملوا السلاح أو يخزنوه في كنائسهم كما فعل المسلمون  حتى في الدول الغربية, ولانّ المسيحيين لم يُكفّروا الآخرين في كنائسهم ولم يحرّضوا الناس على الكراهية كما يفعل شيوخ ورجال الدين المسلمون ,بل كان شعارهم ولا يزال هو محبة الآخر والصلاة من أجل الآخر والدعوى الى السلام في جميع المناسبات, ولأنّ المسيحيين في هذه البلدان لم يثبت عليهم خيانة أوطانهم بالأرتماء في أحضان الغرب كما يدعي المسلمين زورا وبهتانا وقولهم عن المسيحيين بأنّهم الطابور الخامس, ليس الاّ كذبة لا يقولها الاّ الجاهل بتاريخ هذه البلدان, فالمسيحيّون كانوا دائما الرواد في مقاومة الأحتلال ألأجنبي وقدموا الاف الشهداء عبر التاريخ.
ماهي الخطوات التي يجب علينا نحن مسيحيي الشرق ألأوسط, أتخاذها لدرء الأخطار المحدقة بنا؟
1_علينا نحن المسيحيين أن نتعلم دروس ونتعض لما يجري حاليا من مخطط رهيب يجري تنفيذه لأرهاب المسيحيين وطردهم من بلدانهم الأصلية وفرض الشريعة الأسلامية على الباقين منهم بأعتبارهم أهل الذمة, فعلينا عدم الثقة بالعهود والتنديد بالأرهاب الذي نسمعه هنا أو هناك من قبل المسؤولين في الدول العربية والأسلامية, دون وجود خطوات ملموسة من قبل أنظمة هذه الدول لردع الخطر المحدق بالمسيحيين, فقد فقدنا الثقة بالأنظمة الحالية ولا يمكن أن نقبل بعد اليوم وعودهم بحماية المسيحيين وهم مشتركين مع القتلة الأرهابيين في التخطيط لهذه الجرائم.
2_على الشعب المسيحي والمنظَّمات والأحزاب المسيحية ورجال الدين المسيحيين وجميع الكنائس في البلدان العربية أن يوحّدوا جهودهم لمواجهة هذا الخطر الذي كُلّ الدلائل تشير الى أنّ ما سوف يحدث قد يكون اسوء بكثير عما شاهدناه من الجرائم المرتكبة بحق المسيحيين في الماضي القريب.
3_علينانحن المسيحيين المطالبة بتدويل  قضيّتنا بالطلب من مجلس الأمن, كونها  الجهة المسؤولة لتطبيق حقوق ألأنسان التي وقّعت جميع الحكومات العربية على وثائقها لحماية ألأقليات في هذه البلدان, ويتم ذلك بالتنسيق بين المنظمات العالمية لحقوق ألأنسان وأيصال اصواتنا الى المحافل الدولية.
4_على ألأحزاب والمسؤولين والمنظمات المسيحية وممثليهم في البرلمان الأعتصام والدعوة
لمظاهرات سلمية يشارك فيها المواطنون المسيحيون في كلٍ من مصر والعراق وكل مسيحيي الشرق المتوسط لأيصال اصواتنا الى العالم أجمع وعلى المسؤولين المسيحين الذين يرون أنَّ منصبهم لا يخدم أخوتهم المسيحيين عليهم بتقديم ألأستقالة أو التقاعد كما فعل أحد أخوتنا وهو في منصب مرموق, بعد أن توصل الى نتيجة بأن منصبه قد يضر أكثر مما ينفع اخوته.
5_ المطالبة بتغيير المناهج الدراسية في الدول العربية ورفع كافة المناهج التحريضية التي تزرع الكراهية للمسيحيين, وتبديلها بمناهج تدعو الى محبة الآخر مهما كان لونه ودينه أو خلفيته وبهذا سيتم أجتثاث ثقافة الأرهاب من الأجيال القادمة والآ سوف لن تستطيع هذه الدول القضاء على الأرهاب طالما يتغذى الأرهاب من ثقافة وفكر الأجيال القادمة .
6_المطالبة بمنع الخطاب التحريضي ضد المسيحيين من على منابر الجوامع والقنواة الفضائية وجميع وسائل الأعلام وذلك بأصدار فتاوى تحاسب كُل من يخالف تلك الفتاوى.
7_ مطالبة الجامعة العربية ورئاسة المؤتمر ألأسلامي وجميع المنظمات ألأسلامية والمراكز الدينية الأسلامية بأتخاذ خطوات عملية لشجب وأستنكار وتجريم كُلّ ألأعمال الأرهابية بحق المسيحيين في بلدانهم.
8_ المطالبة بجعل دستور الدول العربية والأسلامية دستورا مدنيا علمانيا يراعي فيه حق المواطن بغض النظرعن ماهية عقيدته الدينية أو هويّته القومية, والأ سيكون المواطن المسيحي خاصة مواطنا من الدرجة الثانية, وسوف يُطبق عليه قوانين أهل الذمة كما يحدث الآن في بعض الدول العربية . 
9_أيجاد حلول لمشاكل المهاجرين وتعويض المتضررين وخاصة الذين فقدوا أرضهم وبيوتهم وممتلكاتهم, والمطالبة بحكم ذاتي لمسيحيي العراق في سهل نينوى تحت حماية دولية في المرحلة الأولى, وذلك لأننا حاليا متشتتين ويسهل على الأرهابيين الوصول الينا بكل سهولة, فالحكم الذاتي سيحمينا من الهجرة وترك الوطن ويشجع الكثيرين من المسيحيين بالعودة الى الوطن.

132
هاهُم ألأرهابيِّون يُحققون وعودهم والبداية هي كنيسة"القديسين"في الأسكندرية
نافع البرواري
لو راجعنا تهديدات الأرهابيين الذين فجّروا كنيسة "سيدة الرجاء" في بغداد, لما تفاجأنا بما  جرى لأخوتنا مسيحيي مصر بانفجار كنيسة "القديسين " في ألأسكندرية ليلة عيد ميلاد ربنا يسوع المسيح. لقد ذهب ضحيّة هذه الجريمة أكثر من 20 قتيلا وحوالي 100 جريح, فالبصمات تحمل نفس بصمات جريمة كنيسة" سيدة النجاة". كان تنظيم القاعدة في العراق قد وجّه في شهر تشرين الثاني الماضي, إنذاراً إلى مسيحيي المشرق عموما والأقباط خصوصا, وهدّد بشن هجمات في حال لم يتم إطلاق نساء قال التنظيم إن الكنيسة القبطية تحتجزهن بعد إشهار إسلامهن.
ولكن ماذا يعني هذا الأعلان الصريح  للقتلة بتنفيذ جريمتهم بهذه الثقة قبل ارتكاب الجريمة بحوالي شهرين؟ ولماذا  يتحدى الأرهابيون السلطات الأمنية العراقية والمصرية بقولهم أنَّ ايديهم تصل الى مسيحيي الأقباط في مصر وهدّدوا بالأنتقام بشكل يتحدى القوات الأمنية المصرية ووزارة داخليتها؟
لو قلنا أنَّ الحكومة العراقية ضعيفة وهناك أختراق أمني في المؤسسة ألأمنية, كما يدعي المسؤولين في الحكومة العراقية بصورة مستمرة حتى اصبحت اسطوانة مشروخة لا يمكن أن يقبلها الأنسان العاقل ويُصدّقها أبداً, ومع الأسف الكثيرون وبصورة خاصة نحن المسيحيّين نصدق ذلك.
في الحقيقة المشكلة أكبر مما نتصورها فليست جريمة"كنيسة القديسين"في الأسكندرية في ليلة  الميلاد31_12_2010 هي الأولى ولن تكون ألأخيرة في مصر أو في البلدان ألعربية والأسلامية  طالما هناك ظاهرة الأرهاب المتفشيّة في هذه البلدان وطالما هناك من يدعم ويُغذي هذه الظاهرة لتصنع أشباح الموت للناس الأبرياء وقتلهم وترويعهم لكي يتركوا بلدانهم. هذه الظاهرة تُذكِّرنا بشيئاً مريراً من تاريخ العهد العثماني وخاصة بين أعوام 1915_1918 حيث تم ترهيب مسيحيي تركيا من الأرمن واليونانيين والسريان والآشوريين وطردهم من تركيا بعد أن تم ابادة ما لا يقل عن مليونين مسيحي حيث كان اكثرية شهدائنا من الأرمن بالأضافة الى الآشوريين والسريان واليونانيين.
 يؤكد المراقبون والمختصون بشؤون الأرهاب, الذين يرصدون الأحداث الأرهابية في العالم ويدرسون جذورها وأسبابها, انَّ هذه الجرائم بحق "المسيحيين" في الدول العربية والدول ألأسلامية ليست فقط ظاهرة ارهابية لجهة معيّنة تسمّى"القاعدة" فقط, بل هذه الظاهرة عامة وشاملة في كافة الدول العربية والأسلامية, وهي نتاج فكري لهذه المرحلة التاريخية للعالم العربي خاصة والعالم الأسلامي عامة, ونحن لسنا في صدد الدخول في تفاصيل جذور وأسباب نشوء هذه الظاهرة في هذه المقالة, ولكن نود أن نقول انَّ على جميع المسيحيين سواء رجال الدين او المسؤولين أو المؤمنين العاديين, أن يعرفوا هذه الحقيقة وأن يتم عمل ما يمكن عمله لمواجهة هذه الظاهرة, والاّ, لا سمح الله, قد يصيبنا ما هو أشنع وأسوء وأكبر بكثير مما قدَّمناه من الشهداء الى الآن, ولنتعلم  دروسا وعبر مما حدث في تركيا, قبل  حوالي مائة عام, بحق شعبنا المسيحي. ومن يقول, من رجال الدين أو المسؤولين المسيحيين وغيرهم, عكس ما نقوله فهؤلاء كمن يخفي رأسه في الرمل كالنعامة, وهم بهذا أمّأ يقللون من هذه المخاطر وهذه مصيبة, أو يجهلون هذه المخاطر وهي المصيبة الكبرى. على العالم كُلِّه أن يدرس هذه الظاهرة ومعالجتها قبل أن يصل الى نقطة اللاعودة وعندها لن تستطيع الدول السيطرة على أطفاء سعير نار الأرهاب, الذي قد يحرق اليابس والأخضر ويطال العالم كُلّه.
 هناك شواهد واضحة للظاهرة الأرهابية  يمكن تلخيصها ببعض النقاط الرئيسية التالية:
 1- بروز تيارات  دينية أصولية متشددة في جميع البلدان ألأسلامية لاتعترف بالديانات الأخرى وخاصة المسيحية, بل تكفِّرها وتحلل هدر دمائها وكذلك هدر دماء حتّى المسلمين الذين يختلفون عن توجهات تلك التيارات المتشددة الراديكالية.
2- وجود تنسيق وتخطيط مباشر وغير مباشر بين هذه التيارات والكثير من ألأنظمة الحاكمة في البلدان العربية والأسلامية, وتقوم هذه الأنظمة في أحيان كثيرة بدعم تلك التيارات الأصولية ماديا ومعنويا لكي توجه أنظار شعوبها الى عدوِّ وهمي وبهذا تستطيع هذه الأنظمة السيطرة على شعوبها المتمردة على أوضاعها البائسة في هذه المجتمعات, وتستطيع كبح جماح غضب  شعوبها, بتوجيه هذا الغضب الى عدو وهمي, وغالبا يكون الضحية المسيحيين, سواء في داخل هذه البلدان أو خارجها.
3- يقوم رجال الدين المنسوبين لهذه التيارات الأصولية, وحتى غير المنتسبين لهذه التيارات بصورة مباشرة, بشحن عقول الناس (وخاصة الشباب ) بالكراهية والحقد وتكفير الأخرين المختلفين عنهم في الدين(وخاصة المسيحيين), وكذلك المختلفين عنهم في الفكر الديني من المسلمين ايضا, ويحدث هذا كُلِّه عبر خطب يوم الجمعة وعشرات القنواة الفضائية والوسائل الأعلامية بمرأى من حكومات الدول الأسلامية.
 وأحيانا كثيرة بمباركة منهم, مما خلق ويخلق أجيال من الأصوليين الذين قد يتحوَّلوا الى ارهابيين, اذا توفرت ألأجواء المناسبة لهم, في اية لحظة.
4- ظاهرة الأصولية الطائفية أصبحت منتشرة في كل الدول العربية والأسلامية, وهذا ما نلاحظه من الكم الهائل في أعمال العنف والأرهاب بين المسلمين أنفسهم, وعلى سبيل المثال بين الشيعة والسنة, وحتى بين مذهب واخر من نفس الطائفة, والحقائق على الأرض تؤكد ما نقوله, كما حدث ويحدث في باكستان, وايران والعراق وغيرها من الدول الأسلامية.

133
العراق بين الدولة الدينية والدولة المدنية
 
نافع البرواري
 
هل هناك صراع على السلطة في العراق لمن يريد دولة دينية ومن يريد دولة مدنية علمانية؟
هل يتجه العراق ليحذو حذو ايران وافغانستان والسودان في تطبيق الأفكار الدينية الشيعية والسنية في حياة المجتمع العراقي؟
التاريخ "عبرة لمن يُعتبر"ولكن قلة من يعتبر. والتاريخ نفسه يشهد بان ألأنسان قلَّما استفاد من تاريخه. والذين لا يقرؤون التاريخ ويستفادون منه كدروس وعِبر فهم يسقطون في نفس الأخطاء التي وقع فيها من سبقوهم, وهكذا يعيد التاريخ نفسه.
الم يكن ولا زال شعار الثورة ألأيرانية ألأسلامية هو "تصدير الثورة الى الخارج"؟ وهل هناك مانع اليوم لتصدير هذه الثورة وتطبيق ولاية الفقيه في دولة العراق وان يتم ذلك بطرق ووسائل اخرى نلمسها ونحس بها عندما تصبح المرجعية الدينية هي التي تقرر توجهات الحكومة وعلى الوزراء مراجعتها واخذ بركاتها وتوجهاتها قبل أن يستلم هذا الوزيرأو ذاك منصبه بصورة رسمية؟
يقول "على الوردي" في كتابه (دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ) نقلا عن ابن خلدون:
"يبدو أن البلاد العربية متشابهة تقريبا, في انَّ السلطة الحكومية المركزية اذا قويت, ضعفت العصبية القبلية, واذا ضعفت سلطة الحكومة, قويت العصبية " هذا القول كان في الماضي البعيد ويشهد التاريخ على ذلك, ونحن بدورنا نضيف الى ما قاله علي الوردي مقولة مشابهة, وهي من واقع المجتمعات العربية الحالية وهي:"اذا انتشر الجهل والمرض في المجتمعات العربية وانتشر الفساد والتخلف الفكري, وتم  خنق الحريات وابتلت الشعوب بماسي الحروب في هذه المجتمعات, وضعفت مؤسسات الدولة, عندها تبرز الأحزاب الدينية الأصولية التي تستغل هذه الضروف للتلاعب بمشاعر شعوبها الدينية وتستغلها لاغراضها السياسية ومآربها ومصالحها الخاصة.
منذ فترة ليست بقصيرة كنا نسمع عن قصص خيالية في العراق عن تصرفات الأحزاب الأسلامية في منع الأغاني والموسيقى والشعر والفن  والرسم  وقمع النساء واجبارهن على لبس الحجاب وووو....الخ.
ولكن اليوم وفي ظل الحكومة المنتخبة (ديمقراطياً) نسمع ونقرا ما يأكد ذلك واقعيا, فمنذ فترة  قصيرة ارتأ مجلس محافظة الحلة  بمنع الفرق الغنائية والموسيقية القادمة للأشتراك في مهرجان بابل من تقديم عروضها وها هي محافظة النجف الأشرف تمنع عرض مسرحيات غير دينية في مسارحها, وكلنا سمعنا ايضا قرار وزارة التربية والتعليم بمنع تدريس الرسم والموسيقى في معهد الفنون الجميلة ورفع التماثيل التي تزين المدخل لهذا المعهد العريق والذي تخرج منه معظم الفنانين والرسامين والموسيقيين المشهورين, وكذلك قرأنا وسمعنا عن غلق النوادي االترفيهية والليلية, وهناك بوادر لتقييد الحريات الآعلامية ومنها غلق قناة بغداد الفضائية ووو...الخ, " وغدا لناظره قريب" سنسمع المزيد من هذه الممارسات التي ستجعل العراق يعيش في بحر الظلمات ان لم يستيقظ المتنورون والمثقفون في الخارج والداخل لفضح هذه الممارسات القمعية الظلامية والتي كل المأشرات تدل على انها خطة منهجية ومبرمجة ومعدة سابقا من قبل أهل العمائم في قم وطهران بالتناغم والتشجيع من قبل الأحزاب الأسلامية في الدول العربية, ومن المعروف أن الديمقراطية والحرية تتقاطع مع هذه الأحزاب الدينية.
في مقابلة خاصة على القناة العربية, يقول أياد جمال الدين رئيس قائمة ألأحرار (المنشق من القائمة العراقية):
"نحن نحتاج الى دكتاتور مؤقت ليحكمنا اربعة أو ثمانية سنين لأنَّ كُلِّ وزير يشكل دولة لطائفته ولا يستطيع رئيس الوزراء بل ليس له صلاحية حتى تبديل الوزير...العراق أصبح دولة بدون مؤسسات ودستور دون تنفيذ....نحن مُتمزقين بين الشريعة (الأسلامية) وبين القانون المدني, فنحن لا ناخذ بالشريعة ولا نأخذ القانون المدني...مشكلة الأزدواجية ليست في العراق فقط (يقصد المشكلة في كل الدول العربية) ...المشكلة في تطبيق الأسلام الذي يصطدم مع العصر ...لايمكن على سبيل المثال, أن نزجُّ القوانين الفرنسية في الشريعة الأسلامية...الشرع ليس له علاقة بالوطنية لأنّ فكرة الوطن فكرة حديثة...الدين شيء والتطبيق شيء اخر...النظام العلماني يحافظ على حرية الجميع وهو الضمان للأحزاب...أنا ارى أنَّ الأسلاميين يعبدون الدين ولا يعبدون رب الدين...ماذا بشأن أهل الكتاب عندما نطبق الشريعة الأسلامية؟".
نعم ونحن بدورنا كمسيحيين نتسائل(كما يتسائل اياد جمال الدين) كيف يكون حالنا عندما تُطبق الشريعة الأسلامية في العراق؟ وسأترك ألأجابة على هذا السؤال للمسوؤلين في القيادة العراقية والأحزاب السياسية العلمانية ورجال الدين في الكنيسة المشرقية والأحزاب والمنظمات الشعبية المسيحية.
هناك صراع  بين الذين يريدون نهضة العراق علميا وفنيا وتربويا وحضاريا وبين الذين يريدون ارجاع العراق الى القرون المظلمة, هناك صراع بين من يريدون ان ينهض العراق من كبوته ويلم جراحه ليلتحق بالمجتمعات المتحضّرة ويواصل مسيرته بسرعة ليلتحق بمواكب الذين سبقوه في مضمار العلم والمعرفة, وبين من يريد له ان يبقى نائماً مشلول الفكر والآرادة والحياة  ويطلبون من مواطنيهم جلد الذات ولبس المسوح ونبش القبور والبكاء على اطلال ماضي سحيق, فيما اصحاب هذا الفكر يشترون "القصور" والفلل" في دول "الكفرة" ويسرقون ويُهرّبون اموال الشعب الى تلك الدول ويرسلون ابنائهم وبناتهم للتعلم في جامعات تلك الدول"المشركة".
هناك من يحارب الفن والشعر والموسيقى والمسرح التي بها تقاس الدول المتحضرة, ويريد هؤلاء توجيه الثقافة دينيا وباتجاه واحد والغاء جميع  مظاهر الحياة ألأجتماعية والفكرية والثقافية  وازالة التنوع الموجود في العراق عبر الاف السنين. هناك صراع رهيب بين طبقات المجتمع" الأصيلة" التي تناضل من اجل القيم والمبادي الأخلاقية للمجتمع العراقي الذي يحب الحياة والرقي والتنوع, ويحب أن يخرج من الظلام الى النور ليتنفس الحرية ويشتَم رائحة الحياة, وبين افكار لطبقة غريبة عن هذا المجتمع ودخيلة عليه, تريد تطبيق مايؤمنون به من الخرافات والأباطيل الدينية التي استوردوها من الدول المجاورة التي عاشوا فيها او تاثروا بها وهي لا يمكن تطبيقها حتى في تلك البلدان وترفضها شعوبها جملة وتفصيلا. هناك اليوم احزاب دينية يتسترون بمظاهر وقشور الدين ليستغلوا عواطف ومشاعر الناس البسطاء لالغاء الآخرين الذين يختلفون عنهم  في الرؤية والفكر والمنهج, بينما هناك احزاب تريد أن تتخلص من تدخل رجال الدين في الشؤون السياسية والحريات الشخصية  وخاصة بعد التجربة المريرة منذ 2003 تاكدت لديهم وبقناعة تامة أنّ ما حصل للشعب العراقي من الماسي في اراقة الدماء كان سببه الرئيسي هو التوجهات الدينية الطائفية المقيتة التي كان فيها يتم قتل المواطنين على الهوية وكانت نتيجة هذه الممارسات الأجرامية زرع الفتن والأحقاد والأفكار الجهنمية والظلامية في عقول الناس وترهيبهم وبالتالي لجوء الناس الى التدين والتمسك برجال الدين هربا من هذا الواقع المرير, شهدنا حربا اهلية دموية  بشعة لم تحدث سابقا في تاريخ البشرية.
يقول احد الأساتذة في أحدى الجامعات العربية :" دولة الأسلام, وعبر التاريخ, لم يكن لها مؤسسات, بل كان الدين هو المشكِّل ألأساسي للثقافة العربية ورجل الدين يملك سلطة الجنة والنار" وفي استفتاء على القناة العربية الفضائية بتاريخ 4_11_2010  أكثر من 70% من المشاهدين قالوا أنَّ السلطة الدينية هي عثرة لقيام دولة عصرية في الدول العربية.       
هناك اليوم أيضا, ونتيجة ضعف الدولة وتضعضع مؤساستها وانهيار الأمن, من يريد ارجاع العراق الى حكم قبلي عشائري وتقديس شيخ القبيلة وبهذا الفكر يريدون هؤلاء ارجاع العراق الى العصور العصبية القبلية حيث يصبح العراق عبارة عن امارات  تحكمها رؤساء العشائر كل في منطقته الجغرافية.
ألسؤال المطروح اين موقعنا نحن المسيحين من هذا الصراع ؟
في الحقيقة بعض رجال الدين في كنيستنا لم يكونوا بعيدين عن هذا الصراع الفكري, بالرغم من عدم مرافقة هذا التوجه بالعنف, فها هو رجل دين مسيحي, وهو يعتلي مركز مرموق في رئاسة الكنيسة في العراق, يظهر على شاشات احدى القنواة الفضائية  يؤيد زميله رجل الدين المسلم في أنّ العولمة هي السبب في عدم وجود مصلين في الجوامع والكنائس ويؤيد تدخل الدين في السياسة بطريقة غير مباشرة!!!!, وهناك الكثيرين من رجال الدين حتى بين مسيحيي العراق يحاولون كسب المسيحيين الى جانبهم لتمرير أفكارهم السياسية لكي يُظهروا أنَّهم المنقذين لشعبهم المسيحي مستغلين معانات هذا الشعب ومصائبه لتمرير أفكارهم وميولهم السياسية, مما أدى الى ظهور شبه أحزاب دينية مسيحية تتدخل في الشؤون السياسية للأحزاب والمنظمات الشعبية لمسيحي العراق مما خلق بلبلة عند المسيحيين بين ما يقوله رجال الدين وما يقوله ممثلي الأحزاب والمنظمات الشعبية المسيحية. وهكذا اليوم يعاني أخوتنا المسيحيين في العراق الأمرّين, فهم بين مطرقة الطائفية الدينية للأحزاب السياسية الأسلامية وبين سندان سياسات رجال الدين في الكنيسة, والأغرب من كُلِّ هذا هو عدم وجود تنسيق أو اتفاق أو حوار بين رجال الدين أنفسهم, لمختلف الطوائف المسيحية, مما أصبح هناك شبه احزاب طائفية بين المسيحيين العراقيين انفسهم, وهذا أدى الى المزيد من ألأنقسامات بين المسيحيين وزاد وضعهم سوءاً وتعقّدت قضيّتهم بهذه الأنقسامات داخل الكنيسة التي كان من المفروض أن تكون هذه الكنيسة جامعة لكافة طوائفها المسيحية كالدجاجة التي تجمع افراخها, بدل أن تكون السبب في انقسامها, فكأنَّ مسيحيي العراق لا يكفي انقساماتهم الحزبية والسياسية لتضاف اليها انقسامات طائفية تحاول تسييس الدين.
وهكذا يبقى المسيحييون هم كبش الفداء للأزمة الحالية التي تواجهها الحكومة الحالية اي تسييس الدين لحساب الطوائف الدينية الأقوى وتهميش المسيحيين بل أحيانا كثيرة تكفيرهم واقصائهم عن دورهم  التاريخي الرائد في نهضة العراق عبر التاريخ القديم والمعاصر.
وكُلِّ عام وأنتم بخير

134
أُمَّنا العذراء مريم ودورها في تاريخ الخلاص
 نافع البرواري
 من خلال الكتاب المقدس وسيرة القديسين وتاريخ الكنيسة, ومن خلال ظهورات مريم العذراء عبر التاريخ لأشخاص معيَّنين أو لمجموعة من الناس ورسائلها للبشرية يتأكّد لنا دور أمنا مريم في مشروع الله الخلاصي وكيف أنَّها بقبولها أن تكون ام الله حاملة في احشائها رب المجد يسوع المسيح, قد أهدت البشرية أعظم خبر, وهو بشرى مجيئ المُخلص الذي سيخلص ويُنقذ جميع الذين يقبلوه بأيمان صادق في حياتهم .
ان الكنائس الشرقية منذ القِدم تكرم العذراء مريم في الطقوس الكنسية والصلوات الليتورجية، والاباء الشرقيون يشيدون بقداسة العذراء مريم، حيث يقول القديس مار افرام السرياني (+373) ان العذراء مريم هي التابوت المقدّس، والمرأة التي سحقت رأس إبليس، والطاهرة وحدها نفسًا وجسدًا، والكاملة القداسة، وإذ يقابل بينها وبين ": حوّاء، يقول:" كلتاهما بريئتان، وكلتاهما قد صنعتا متشابهتين من كل وجه، ولكنّ إحداهما صارت من بعد سبب موتنا والأخرى سبب حياتنا""في الحقيقة، أنت، يا ربّ، وأمّك جميلان وحدكما من كل وجه وعلى كل صعيد، إذ ليس فيك، يا ربّ، ولا وصمة، وليس في أمّك دنس ما البتة" .
والقدّيس يوحنا الدمشقي (+ 749) يعلن أنّ مريم قدّيسة طاهرة البشارة "إذ إنّها حرصت على نقاوة النفس والجسد كما يليق بمن كانت معدّة لتتقبّل الله في أحشائها." واعتصامها بالقداسة مكنّها أن تصير هيكلاً مقدّسًا رائعًا جديرًا بالله العليّ". ومريم طاهرة منذ الحبل بها: "يا لغبطة يواكيم الذي ألقى زرعًا طاهرًا! ويا لعظمة حنّة التي نمت في أحشائها شيئًا فشيئًا ابنة كاملة القداسة". ويؤكّد أنّ "سهام العدوّ الناريّة لم تقو على النفاذ إليها"، "ولا الشهوة وجدت إليها سبيلاً " .
أمّا المجمع الفاتيكاني الثاني ، يحثّ المؤمنين على تكريم مريم العذراء تكريمًا خاصًّا، موضحًا طبيعة هذا التكريم وأساسه، والاختلاف الجوهري بين هذا التكريم وعبادة الله، فيقول :
""إنّ مريم قد رُفعت بنعمة الله، وإنّما دون ابنها، فوق جميع الملائكة وجميع البشر بكونها والدة الإله الكلّية القداسة الحاضرة في أسرار المسيح. لذلك تكرّمها الكنيسة بحقّ بشعائر خاصّة. والواقع أنّ العذراء الطوباويّة، منذ أبعد الأزمنة، قد أكرمت بلقب والدة الإله" .
ان المؤمنين يلجأون الى حمايتها مبتهلين إليها في كلّ مخاطرهم وحاجاتهم. وقد ازداد تكريم شعب الله لمريم ازديادًا عجيبًا، خصوصًا منذ مجمع أفسس، بأنواع الإجلال والمحبّة والتوسّل اليها والاقتداء بها، محقّقًا بذلك كلماتها النبويّة"جميع ألأجيال ستهنِّئني  لأنّ القدير صنع ليَّ عظائم "لو 1: 48 " .
مريم امّ المسيح هي "كالسوسنة بين الشوك" نشيد ألأنشاد"2:2" مريم العذراء هي "الجنّة المقفلة" نشيد 4:12" ومن تستطيع سواها ان تتلقى هذا المديح بحقّ: أليست هي "المباركة في النساء، الممتلئة نعمة؟" (لوقا 1: 28) انّ ما يجعلها زنبقة وسط بنات حوّاء عفاف كامل شامل وبراءة دائمة من المهد الى اللحد وسلامة من خطيئة الابوين .
وهذا ما قالته بتواضع في نفسها
"لان القدير عطف على امته الوضيعة، فها منذ الآن تطوّبني جميع الاجيال: " (لوقا 1: 48). وقد اشارت احدى الانتيفونات(لحن كنسي يسمّى المرابعة) في طقوس عيد الميلاد المجيد الى السيدة مريم العذراء بكلمات مؤثّرة: "ولدت الوالدة ملِكا  أزليَّ الاسم ابديَّ الوجود، وانشرح صدرها بأفراح الامومة مع احتفاظها بشرف البتوليّة. لا، ما كان لها قطّ من شبيهة ولن يكون "
مريم العذراء هي السيدة "التي لا عيب فيها، كلّها جميلة والجمال ليس جمال المظهر فحسب بل هو أولا جمال الاخلاق"أيَتُها الجميلة في النساء"نشيد 5:9" .
ومَن غيرُ "المباركة بين النساء" هل تستطيع ان تدّعي الخلوّ من أيّ عيب أو نقص أو ميل إلى الشّرّ؟
قالت لشخص اسمه خوان في أحد ظهوراتها في المكسيك سنة 1531 عندما سألها من أنتِ قالت " أنا البتول العذراء مريم الدائمة البتولية البريئة والكاملة الأوصاف، والدة الإله الحق، باعث الحياة في الخلائق وسيد الأشياء القاصية والدانية، ورب السماوات والأرض  .
مريم العذراء هي المرأة المحمولة بها بلا دنس, أي منذُ حبل بها في رحم امها  كانت نقية وطاهرة من الخطيئة, وقد أعلنت مريم العذراء هذه الحقيقة في احد ظهوراتها في مدينة لورد الفرنسية. وفي سنة 1854 أعلنها البابا عقيدة ايمانيّة للكاثوليك, عقيدة الحبل بلا دنس .يقول الرب على لسان النبي ملاخي, عن ولادة
 الطفل العجيب يسوع المسيح, في بيت لحم من أمرأة  "لكن يابيت لحم افراتة, صغرى مدن يهوذا, منك يخرج لي سيِّد على بني اسرائيل يكون منذُ القديم, منذُ أيّام الأزل لذلك يترك الرب شعبه الى حين تلدُ الوالدة "ملاخي5:2,3", فمريم هي ام المسيح وأم الكنيسة بشهادة ابنها عندما قال للتلميذ الآخر (يوحنا البشير) "هذه امُّك " يوحنا 19:27".
مريم أم المخلص يسوع المسيح لها مكانة خاصة عند الله بشهادة الملاك جبرائيل عندما بشَّرها بالميلاد العجيب فهي المختارة المميزة الممتلئة نعمة "لاتخافي يامريم ُ, نلتِ حظوة عند الله  .....فالقدوس المولود منك يدعى أبن الله"لوقا 1:30,35".
مريم هي عروسة الله على الأرض وهي هيكل الروح القدس الممتلئة نعمة الله"الروح القدس يحلُّ عليك, وقدرة العلي تُظَلِّلُكِ, لذلك فالقدوس الذي يولدُ منكِ  يُدعى أبن الله"لوقا1:35".
يسوع المسيح أخذ حياته من مريم العذراء فعظمة مريم هي من عظمة المسيح وهي التي تعطي يسوع وتُقَدِّمهُ ذبيحة لخلاص البشرية. البابا يوحنا بولص الثاني قال :مريم هي القُربانية, وعاشت القربانية عندما قالت" نعم"أنا خادمة الربِّ: فليكن لي كما تقول : "لوقا1:38", هي ملئ الطهارة والنقاوة فهي تستحق لأن تُدعى أم الله, ولهذا هتفت اليصابات قائلة لمريم العذراء, بالهام من الروح القدس, قائلة: "مباركة أنت في النساء ومباركٌ أبنكِ ثمرةُ بطنكِ! من أنا حتى تجيئُ اليَّ أُمُّ ربِّي؟"لوقا 1:42,43".
عندما نرجع الى الكتاب المقدس نقرا عند أعلان مولد طفل كان يقابل بردود أفعال متباينة, امّا مريم العذراء فقد كانت مختلفة عن كل نساء العهد القديم لأنّها تحدَّت الأفكار البشرية وواجهت كل التحديات في زمانها وقبلت فكر الله وخضعت للأرادة الألهية ومشيئته, فقد ضحكت سارة أمرأة ابراهيم عندما بشَرالملاك ابراهيم بولادة اسحاق"تكوين18". امّا متوح, والد شمشون فقد ذُعر "قضاة 13:22" بينما شكّ زكريا"لوقا 1:18".
أما مريم العذراء, فعلى العكس من ذلك, فانها خضعت بكل تواضع, اذ امنت بكلمات الملاك وقبلت أن تحمل الطفل حتى في ظروف بشرية مستحيلة, لأنها آمنت أن ليس هناك مستحيل عند الله, فهي تجاوبت مع البشارة بدون أي شك وهذا ما يظهر كُلّه في نشيدها المشهور   " تعظُّم نفسي الرب "لوقا :46_55 :1" .
"هناك عند صليب يسوع، وقفت أُمه(أم يسوع)، وأخت أمّه مريم امرأة قلوبا، ومريم المجدليّة، فرأى يسوع أمّه، وإلى جانبها التلميذ الحبيب إليه. ثمّ قال للتلميذ: "هذه أمّك".  فقال لأمّه: أيتها المرأة، هذا أبنكِ ومنذ تلك الساعة استقبلها التلميذ في بيته "يوحنا 19,25,27" . يقول الأب بولص الفغالي عن مشهد المسيح وهو على الصليب يتنازع مع الموت ومشهد أمه العذراء مريم وهي تحت الصليب تنظر
الى ابنها الوحيد, فيقول:"ومريم، هي الحاضرة عند الصليب بينما الرسل غائبون ماعدا يوحنا. ولكنّ حضورها هو حضور الألم،  حضور الصمت، هي واقفة تنظر إلى يسوع كما ينظر إليها ولغة العيون خيرٌ من لغة اللسان .... مريم هي الحاضرة دومًا، الصاغية دومًا، المتنبّهـة دومًا... وتبقى مريم "أمّ يسوع" حاضرةً بين التلاميذ بعد ارتفاعه، كما يذكرها كتاب أعمال الرسل "مواظبةً معهم على الصلاة بقلب واحد في انتظار نزول الروح القدس" (راجع سفر ألأعمال1:14)، ولا تزال حاضرةً في الكنيسة. إنّها "هناك" حيث تجتمع الكنيسة للصلاة، وهي "هناك" في قلب كلّ مؤمن، وهي في انتظار أن نلقاها"هناك" في ملكوت السماوات.
أنَّ الكتاب المقدّس كلّه يبدأ بوعد الخلاص "للمرأة" في سفر التكوين إذ قال الربّ الإله للحيّة: "وأجعل عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، فهو يسحق رأسك وأنت تصيبين عقبه" (3: 15)، وينتهي بصورة "المرأة" الملتحفة بالشمس في سفر الرؤيا: "ثمّ ظهرت آية عظيمة في السماء: امرأة ملتحفة بالشمس، والقمر تحت قدميها، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكبًا، حامل تصرخ من ألم المخاض... فوضعت إبنًا ذكرًا، وهو الذي سوف يرعى جميع الأمم بعصًا من حديد" (2:12-17) .
وكأنّ مريم العذراء هي الحواء الجديدة في الجنة الجديدة, كما لقّبها آباء الكنيسة العظام. الله بني أسرائيل لنفسه"روم9:4,5"ومنهم جاء المسيح المذكور في "رؤيا 12:5"والصبي المذكور هنا هو يسوع المولود من مريم اليهودية المختارة من الله "لوقا1: 26_33" .
تمثّل المرأة في سفر التكوين, شعب الله ألأمين الذي ظلَّ ينتظر المسيح أمّأ التنين فهو يرمز الى هيرودس الملك (رمز العالم الذي يتبع الشيطان)الذي حاول أن يهلك الطفل يسوع المسيح المولود من مريم العذراء, لأنّ هذا الطفل يشكل تهديدا لعرش الشيطان (التنين ألأحمر رؤيا 12). نعم مريم العذراء التي بنعمة خاصة من الروح القدس"يامن أنعم الله عليها,"لوقا 1:28", تجاوبت مع نعمة الله فحققت مخطط الله الخلاصي بابنها يسوع المسيح, ومريم عندما قبلت المسيح المولود منها فهي تمثل البشرية جمعاء فبقولها للمخلص يعني أنّ الله سيقيم مع البشرية "عمانوئيل", اي الله معنا, وهي التي أصطفاها الله منذ ألأزل في مشروعه الخلاصي وطهّرها, فمريم العذراء تمثل الحياة الجديدة, فبحواء دخلت الخطيئة الى
الجنس البشري وبالخطيئة دخل الموت أمّا بمريم العذراء دخلت الحياة (الخلاص) الى العالم.
وكُلِّ عام وانتم بخير تحت حماية وشفاعة أُمِّنا العذراء مريم .

135






التجسد هو: أعظم حدث في الكون
نافع البرواري
"المجد لله في العلى وفي ألأرض السلام للحائزين رضاهُ "لوقا 2:14"
اليوم ونحن نتهيأ لذكرى ولادة الرب يسوع المسيح نرى العالم بأجمعهِ يترقب هذا الحدث التاريخي ويحتفل بهذه المناسبة العظيمة كُلاً على طريقته الخاصة والمتميزة في التعبير, فمنهم
من يعتقد بأن هذا اليوم هو مناسبة لبداية سنة جديدة ولاجل ذلك سيحتفل بها لأنهم سيستقبلون سنة جديدة وحياة جديدة ولهذا أصبح هذا الأحتفال تقليدا معروفاً لدى الملايين من البشر حيث نراهم يصرفون ألأموال الطائلة في هذه المناسبة لشراء الهدايا الثمينة والملابس والأطعمة والمشروبات بكل انواعها ويُزيِّنون الأشجار والمحلات والشوارع , والكثيرون منهم لا يعرفون المغزى الحقيقي لهذا ألأحتفال وهو تجسد الله وولادته من مريم العذراء ليعيش معنا وفينا ونعيش معه ونتحد به .
انّها مأساة حقيقية عندما ينسى ألأنسان مغزى العيد الحقيقي بقدوم الرب ليعيش بيننا ونستقبله في قلوبنا والأكثر مرارة عندما نرى هذا البذخ وصرف المبالغ الطائلة للبهرجة والفرح الزائف بينما الملايين من الفقراء والمساكين والأطفال المُشرّدين لا يحصلون في هذه المناسبة حتى على أبسط شروط الحياة من المأكل والمشرب والمأوى او دواء يشفي مرضهم. هناك مؤمنين بالرب عرفوا ماذا يعني تجسد المسيح, الذي هو فرح البُشرى الألهية لبني البشر حيث ألسلام ورجاء الحياة الأبدية, فحدث التجسد هو أعظم نعمة يمنحها الله للأنسان (نعمة الخلاص) ليشارك الأنسان خالقه في  ملكوته الأبدية .
يقول أحد الاباء :
"الكتاب(المقدس) يحمل الينا حدثا فريدا لم يحدث مثله في الكون. ولن يحدث مثله الاّ في نهاية الكون. هذا الحدث هو مجيئ يسوع في الجسد. مجيئ يسوع في التاريخ. لقد جاء ابن الله بالذات وأقام بين البشر. اخذ جسدا وسكن بيننا فكان حضور الله المتجسِّد في العالم. ولهذا شاهدنا الله على ألأرض حينما رأينا يسوع. راينا مجد الله على ألأرض من خلال حياة يسوع وأعماله وأقواله .... لقد عبَّر الله عن نفسه, بلغُة البشر كما نقرأها في فم يسوع المسيح.....الله كلّمنا منذُ القديم. وجاءنا كلامهُ في كتاب هو الكتاب المقدس أو البيبيليا, بعهديه القديم والجديد. وبعد أن تجسَّد يسوع, صار لله فم ويُكلِّم به البشر. صار لله جسم به يقيم وسط البشر. بعد أن تجسَّد يسوع وصار انسانا مثلنا, دعانا الى أن نكون مثله فنحمل كلام الله الى اقاصي ألأرض".
قبل الفي سنة كان أدرك الشعب الأسرائيلي, وبعد معاناة حقيقية مع الشعوب الأخرى الوثنية, حجم الخطر والكوارث التي اصابهم نتيجة ابتعادهم عن الله وعصيانهم له ( كما ابتعدت الملايين من الناس في أيامنا عن ألأيمان بخالق هذا الكون الذي تجسّد وجسّدَ محبته للبشرية جمعاء) ولكن هذا الشعب أكتشف, بعد حوالي أربعمائة عام من اخر الأنبياء, أنّ الله قد أدار ظهره لهم ولم يظهر نبي بعد النبي ملاخي, فرجع الشعب ألأسرائيلي يتأمل في الكتاب المقدس ليقرأ النبوات عن الرجاء والخلاص الموعود المذكور في أسفار الكتاب المقدس فجاء يوحنا المعمذان لينذر هذا الشعب بالهلاك اذا لم يرجعوا ويتوبوا عن خطاياهم "لوقا 3:3" .
أدرك الشعب الأسرائيلي ألألم الناتج عن أبتعادهم عن محضر الله وشبَّه النبي اشعيا ذلك مثل أمراة في حالة مخاض, فيقول عن هذا ألألم "فكنّا أمامك يارب, كأمرأة قاربت الولادة, تتوجع وتصرخ في مخاضها لكننا حبلنا بوجعنا وولدنا ريحا "أشعيا 26:17,18" لقد حوّل الله ظهره لشعبه عندما تمرد عليه, ولكن عددا قليلا لم يفقد رجاءه, وها هو أشعيا النبي من ضمن هؤلاء الناس لم يفقد الرجاء عندما تنبأ بولادة الطفل يسوع المسيح مخلص البشرية كُلّها "اشعيا 7:14" ولكن ولادة هذا الطفل العجائبية هو فوق الطبيعة ولا تدركه العقول, حيث يولد  من عذراء  ويدعى اسمهُ "عمّانوئيل" أي الله معنا .
نعم كُانت البشرية كُلُّها تمرُّ في مخاض الآلام ولمّا جاء الرب يسوع المسيح المخلِّص شاركنا في الامنا وموتنا واعطانا الرجاء بقيامته وصعوده الى السماء وبهذا فتح لنا الباب للدخول في ملكوت الله الأبدية, وارسل روحه القدوس ليعزينا ويشجعنا ويدافع عنا ويرشدنا الى هذا الخلاص وقد تنبأ اشعيا أن يرسل الله نبي ليُهيء الطريق أمام الأتي باسم الرب يسوع المسيح الذي يعني اسمه "المخلّص" صوت صارخ في البرية هيئوا طريق الرب مهدوا في البادية دربا قويما لألهنا"اشعيا 4:3".
وها هو الله يتكلم بلسان النبي ملاخي أيضا فيقول"ها أنا أرسل رسولي فيهيء الطريق أمامي ,وسرعان ما يأتي الى هيكله الربُّ الذي تطلبونه ورسول العهد الذي به تُسّرون ها هو اتِ "ملاخي 3:1" .
وقد تحققت هذه النبوّات بمجيء يوحنا المعمذان الذي أعترف قائلا  "ما انا المسيح"يوحنا1:20" بل قال: انا كما قال النبي اشعيا:"صوت صارخ في البرية: قوِّموا طريق الرب"يوحنا1:23".    وقال أيضا "أنا أُعمِّدُكم بالماء, ويجيئ ألآن من هو اقوى مني ..فيعمدكم بالروح القدس والنار "يوحنا 1:26,27".
كان الشعب الأسرائيلي في ايام المسيح ينتظر على رجاء مجيء المسيح "وكان الناس ينتظرون المسيح "," لوقا  3:15 "  وهم يسألون أنفسهم عن يوحنا: هل هو المسيح؟ لأنهم يعرفون أن الله  قد وعد شعبه بلسان ألأنبياء أن يرسل لهم "المخلّص" ينقذهم من معاناتهم والظلم الذي كانوا يعانون منه تحت حكم الأمم الوثنية(الرومان), وشهد يوحنا المعمذان ليسوع المسيح مناديا:"هذا هو الذي قُلتُ فيه, يجيئ بعدي ويكون أعظم منّي, لأنَّهُ كان قبلي"يوحنا 1:15".
تجسُّدُ الكلمة (اللوغوس) كان لها أهمية عظمى للكون كُلّه وللبشرية جمعاء"جاء الى العالم  لينير كُلِّ أنسان. وكان في العالم وما عرفه العالم  .....والكلمة صار بشرا وعاش بيننا فرأينا مجدهُ "يوحنا 1:9,10,14".
 فعند ولادة يسوع المسيح من مريم العذراء ظهر الملاك للرعاة "وأضاء مجد الربِّ حولهم فخافوا خوفا شديدا. فقال لهم الملاك:" لا تخافوا !ها أنا أُبشِّركُم بخبرٍ عظيم يفرحُ لهُ جميع الشَّعب :ولدَ لكمُ اليوم في مدينة داودَ مُخلَّص هو المسيح الربُّ ""لوقا 2:8,9" وبهذه الولادة العجيبة وبتجسّد الله صائرا بشرا مثلنا تكتمل جميع مواعيد الله في العهد القديم بشخص يسوع المسيح وبولادة الرب يسوع المسيح أصبح الخلاص مُتاحا لجميع شعوب العالم لانّ الرب أزاح الظلام الدامس التي كانت تتخبّط فيه البشرية بسبب الخطيئة وعصيان الله, و بمجيئ نور العالم  يسوع المسيح تتحقق نبوّة اشعيا النبي الذي يقول:
"الشعب السالك في الظلام رأى نورا ساطعا, والجالسون في ارض الموت وظلاله أشرق عليهم النور.......لأنَّه يولد لنا ولدٌ ويُعطى لنا أبنٌ وتكون الرئاسة على كتفه يسمّى باسم عجيب, ويكونُ مشيرا والها قديرا وابا أبديا ورئيس السلام"اشعيا9 .
الله كان قد التزم بعهوده ومواعيده  مع ابائنا, لأبراهيم ونسله الى ألأبد, ولم يتنازل عن وعده بمجيء من "يخلص شعبه" وينقذ ليس فقط شعبه بل كُل من يؤمن به من ألأمم فمجد الرب سيشرق على شعبه وتسير ألأمم في أشراقة هذا النور"اشعيا 60:2,3" وها هو سمعان الشيخ يقول بوحي من الروح القدس, وهو حامل يسوع الطفل بين ذراعيه  فيقول : "يارب ُّ تمّمتَ الآن وعدك لي فاطلق عبدك بسلام. عيناي رأت الخلاص الذي هيأتهُ للشعوب كُلّها  نوراً لهدايا الأمم ومجداً لشعبك اسرائيل"لوقا 2 .
كل عام وانتم بخير والرب الذي تجسد وأصبح بيننا يحفظكم بسلام .

136
البشارة في شبه الجزيرة العربية
 
الجزء الرابع: وقفة قصيرة على ما قيل عن أنتشار المسيحية في شبه الجزيرة العربية قبل ألأسلام .
نافع البرواري
تكلَّمنا في المقالات الأربع السابقة عن السريانية كلغة وثقافة وحضارة, وتكلّمنا عن نقل البشارة الى العالم منذ القرون ألأولى للمسيحية, ودور الكنيسة الشرقية السريانية (كنيسة المشرق المسمّاة نسطورية والكنيسة السريانية ألأرثوذكسية, من دون أن ننسى الكنيسة اليونانية الملكية) في نقل هذه البشارة الى الشرق كُله .
وقلنا أن َّ الكنيستان ألأولى (النسطورية) والكنيسة (السريانية ألأرثوذكسية ) كانتا نشيطتان خصوصا في شبه الجزيرة العربية واليمن والحبشة جنوبا ومصر وفلسطين وقبرص غربا وايران وأفغانستان وباكستان وصولا الى الهند والصين شرقا, وتركيا الحالية وروسيا وصولا الى سيبيريا شمالا. وفي سلسلة مقالاتنا القادمة سنتكّلم عن نقل البشارة (الخبر السار) الى شبه الجزيرة العربية (شمالا وشرقا وغربا وجنوبا وفي قلب الجزيرة) .
 قبل أن نتكلم عن انتشار المسيحية في شبه الجزيرة العربية قبل ألأسلام (وحتى بعد ظهور ألأسلام) علينا أن نتوقف قليلا في هذه المقالة عن ما تم تدوينه من قبل بعض المؤرخين والكتبة وألأدباء العرب والمستشرقين الغرب, عن فترة ما قبل ظهور ألأسلام في شبه الجزيرة العربية ليكون أساساً لمقالاتنا القادمة .
ماذا يقول المؤرخون العرب والمستشرقون الغرب عن انتشار المسيحية قبل الأسلام في شبه الجزيرة العربية؟
يقول الدكتور جواد علي في كتابه (المفصل في تاريخ العرب الجزء الرابع) :
"قد يكونوا المؤرخين المسلمين تعمّدوا بطمس التاريخ ما قبل ألأسلام, وأعتمدوا على اساطير وخرافات وقصص ألأولين بعد دخولهم ألأسلام, فلم يعتمدوا على ألأسس العلمية لكتابة التاريخ الاّ في وقتٍ لاحقٍ بعد ألأسلام بمائتين سنة..... وبعد القرن التاسع عشر أستنتج المؤرخون المستشرقون أنّ هناك فجوات وأخطاء في التاريخ ما قبل ألأسلام . ويضيف هذا المؤرخ  العربي المشهور قائلا:
انَّ المصادر اليونانية والرومانية والسريانية هي ألأصح , وقد كتبوا عن الجزيرة العربية قبل ألأسلام لأنتشار النصارى فيها, وبهذا هم الذين فتحوا الباب للوصول الى التاريخ الجاهلي الصحيح".ويضيف (ج5 ص434) قائلا:"فالدعوة الكتابية"اليهودية والنصرانية) كانت مسيطرةعلى الجزيرة العربية كُلَّها وعلى الحجاز نفسه.......ونرى صدى ذلك في القران نفسه,فقد خلَّد في سورة البروج ذكرى شهداء نجران المسيحيين عام 423م
أمّا الكاتب خليل عبدالكريم في كتابه (قريش من القبيلة الى الدولة المركزية) يقول: ,وهو ينقل ذلك من اراء باحثين انتهوا فيها الى أنَّ الديانتين الساميتين التوحيديّتين بأنتشارهما في القبائل العربية كانتا من أوائل العوامل التي دفعت الى تفسيخ الوثنيةالعربية لصالح عقيدة التوحيد..ولاشكَّ كانت النصرانية النصيب ألأوفر ذلك لأنها كانت أشدُّ ذيوعا وأكثر أنتشارا من  الموسوية(اليهودية).

ويقول غسان المنير كاتب كتاب"يوم قبل وفاة محمد" في مقدمة كتابه:
"من العبث أن يقول المرء اليوم بأن "الإسلام" فكرة دينية محضة وإنها نبتت في فراغ روحي . وثمة كثير من الباحثين كتبوا في نشأة الإسلام، والقرآن، بأن محمدا (عليه السلام) دعا إلى إصلاح مجتمع فاسد متصدع، وذهب بعضهم إلى أنه دعم دعوته بتعاليم إنجيلية في الفقر وعمل البر والإحسان. وما يبرر ضحالة مثل هذه الأبحاث أن كتب السيرة والتاريخ الإسلامي، أغفلت ذكر الكثير من أخبار النصرانية قبيل وإبان ظهور الإسلام "وكل علم ليس في القرطاس ضاع". وعلى سبيل المثال فإن ما قيل في آثار الخطابة بين نصارى العرب في الجاهلية قليل جدا ، وكذلك شأن شعر النصارى. وكأن مؤرخي العرب تعمدوا أن يصوِّروا العرب وكأنهم عاشوا شبه عزلة عن المسيحية فلم يعرفوا منها شيئا .
واقع الأمر أن كتب التاريخ والتراث لم تصور لنا بدقة وضع اليهودية والبدع النصرانية في إبان ظهور الإسلام. ويقينا لا يمكن فهم اتصال نبي العرب محمد عليه السلام باليهودية والبدع النصرانية دون رسم لوحة للحياة اليهودية والنصرانية في الجزيرة العربية. ومن هنا مبلغ الحاحي أن أبحث في الظروف اليهودية والنصرانية لنشأة الإسلام ، إسهاما مني في تظهير الصورة المطلوبة". ويضيف في مكان اخر قائلا: لايمكن فهم ألأسلام دون دراسة معمّقة للديانات السابقة للأسلام, وطالما كُتب التراث لا تُعطي الا القليل من التفاصيل عن النصرانية واليهودية .
"يقينا انّ ذلك يقتضي دراسة معمّقة وشاملة وبدون ذلك لايمكن فهم الأسلام وظروف نشأته وسيّما وأنَّ القرآن نظرية خاصة جامعة في الأديان الموحّدة...واذا أغفلنا ذلك فكيف نُفسِّر للقارئ أنّ في ألأسلام قاسما مشتركا يجمع بين الديانات كُلَّها .....
ولقد انكشف مبلغ حرج بعض الباحثين عند الخوض في شعر نصارى العرب في الجاهلية ، وذلك أن كثيرا من آيات القرآن الكريم جاءت في الكثير منها مطابقة لبعض أبياتهم ، ومشابهة لها في النص غالبا. والمُرجّح أن ابتعاد الباحثين عن ولوج هذا المدخل سببه الخوف من أن المقابلات والمقارنات بين القرآن والمصادر البشرية تقود إلى تقرير واقع ما. وهذا الواقع بنظر المتدينين قد يكون شتيمة وكفرا. كما أن المتعصبين من المسلمين لا يقبلون أن يكون القرآن الكريم خاضعا للبحث التاريخي. أو أن يكون له أي مصدر غير الله مباشرة. فالقرآن عندهم يعتمد كليا على اللوح المحفوظ" .... ـ وكلمة الله لا تكون فاعلة إلا إذا كانت مفهومة. وحتى تكون مفهومة يجب أن تكون هي نفسها كلمة البشر. فلماذا الخوف إذا من مقابلة كلام الله مع كلام البشر. ثم إن الخطاب القرآني نفسه يؤكد هذه الحقيقة: "إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخزون للأذقان سجدا (السراء ـ 107). وكذلك: "الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك"(النساء 162 ) ."
يقول أحد الكتّاب المسيحيين :"يبدوأنَّ العلاقة بين ألأسلام والوحي السابق لم تكن موضوع دراسة المسلمين ألأولين, ولا أعرف سببا لذلك فمن البديهي أن يسأل المرء: ان لم يكن القرآن قد نسخ أوامر التوراة وألأنجيل فهل تلك ألأوامر تضلُّ ملزمة للمسلم؟
أمّا  الدكتور طه حسين ,عميد ألأدب العربي, يقول في كتابه "في الشعر الجاهلي":
"يجب أن يتعوَّد الباحث درس تاريخ ألأمم القديمة التي قدّر لها أن تقوم بشيء من جلال ألأعمال , وما أعترض حياتها من الصعاب والمحن والوان الخطوب والصروف, ليفهم تاريخ ألأمة العربية على وجهه ويرُدُ كُلِّ شيء الى أصله (جذوره) . واذا كان هناك شيء يؤخذ به الذين كتبوا تاريخ العرب وآدابهم فلم يوفِّقوا الى الحق فيه, فهو انهم لم يلمّوا الماما كافيا بتاريخ هذه ألأمم القديمة , أو لم يخطر لهم أن يقارنوا بين الأمة العربية والأمم التي خلت من قبلها, وانّما نظروا الى هذه الأمّة العربية كأنّها أمَّةٌ فذَّة لم تعرف أحدا ولم يعرفها أحدٌ, لم يشبهُها أحد, لم تؤثر في أحد ولم يؤثر فيها أحد, قبل قيام الحضارة العربية وأنبساط سلطانها على العالم القديم. والحق أنّهم لو درسوا تاريخ هذه ألأمم القديمة وقارنوا بينه وبين تاريخ العرب لتغيّر رأيهم في ألأمة العربية, ولتغيَّر بذلك تاريخ العرب أنفسهم, ولستُ أذكر من هذه ألأمم القديمة الاّ أُمّتين ألأمَّة اليونانية والأمّة الرومانية" .
هنا يضع الكاتب وعميد ألأدب العربي, طه حسين, يده على حقيقة طالما يخفيها القسم ألأكبر من  المؤرخين العرب وعلمائهم, وهي الرجوع الى الجذور التاريخية للحضارات السابقة (ومنها بالطبع جذور الديانات السابقة ) للحضارة العربية ليكون أساس اي حضارة تليها. وأحب أن أُضيف الى ما قاله طه حسين أمراً اخر كان على الباحثين وعلماء الدين والمؤرخين العرب والمسلمين أن يركّزوا في بحوثم  في الديانات السابقة للأسلام ليفهموا ويعرفوا الأسلام بشكل أفضل مما يعرفوه ويفهموه اليوم . ويضيف طه حسين قائلا (في ص78) من كتابه أعلاه:
"وليس من اليسير بل قُل ليس من الممكن أن نُصدّق أنَّ القران كان جديدا كُلّهِ على العرب, فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ولا آمن به بعضهم وناهضه وجادل فيه بعضهم ألآخر" ويقول في مكان اخر من نفس الكتاب: "أنَّ قراءة القرآن بتعمُّق يظهر لنا أنَّ جزءً كبيرا من اياته قد نزلت بحسب المفهوم ألأسلامي في الجدال والخصام والحوار في الدين.....فلم يكن القوم الذين كانوا يتجادلون ويحاورون ويخاصمون محمد بالجُهّال والغباوة والغلظة والخشونة, وانَّما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة" .
ويقول العلاّمة بولس فغالي (عالم في الكتاب المقدس ولغات الشرق القديمة) :
"حين نقرا الكتاب المقدس, ونبدأ بالعهد القديم, نطرح السؤال على نفوسنا : ماهو الكتاب المقدس ؟ نقول هو كتاب جوهري في حياة المؤمن, هو كتاب ليس كسائر الكتب . فالديانة اليهودية ولِدت منه والديانة المسيحية تجذَّرت فيه والعالم ألأسلامي استقى الكثير من نصوصه, هكذا  حينما نقرا الكتاب المقدس نعود الى جذورنا, نعود الى اساس حضارة هي جزء من حضارتنا, فالكتاب المقدس هو موضع أُصولنا وتاريخنا.....وهكذا فعندما نريد أن نعرف مسيرة ايمان أجدادنا علينا أن لاننسى تاريخهم الطويل ومسيرتهم في الرحلة ألأيمانية, مثال على ذلك ابراهيم ".أي علينا العودة الى الجذور ألأصلية لكي نصل الى ما نحن عليه اليوم .
ويؤيد هذا القول الكاتب موسى الحريري (مؤلف كتاب القس والنبي) اذ يقول:
"أنّنا لانفهم من تعاليم القرآن شيئا ان غابت عنا تعاليم "ألأنجيل العبراني"(كتاب منحول كان متداول بين اليهود المتنصرين وسوف نتكلم عنه في المقالات القادمة) .
الذي كان القس (يقصد ورقة بن نوفل) يعمل على نقله من لغته العبرانية الى اللغة العربية, كما أننا لا نفهم من قصص الأنبياء ألأقدمين, ولا من تعاليم التوراة والأنجيل, الواردة في القران ان لم نردها الى أصلها(جذورها)" .
السؤال المطروح على العرب المسلمين أين هم من جذورهم التاريخية قبل ألأسلام؟ ولماذا العرب  يقطعون جذورهم النصرانية ويتحاشون ذكرها بينما يركزون على العصر الجاهلي كون العرب فيه كانوا يعبدون ألأصنام في حين الحقيقة مشوَّهة حيث كان هناك أكثر من 60 قبيلة عربية نصرانية(راجع كتاب الديانات في شبه الجزيرة العربية للمؤلف لويس شيخو),والنصرانية كانت منتشرة في كُلِّ أنحاء الجزيرة العربية حتى في الحجاز؟ فهل ألأسلام نشأ دون وجود اثراً يُذكر للديانتين السماويّتين  قبل بروز ألأسلام ؟
وماعلاقة النصرانية بالأسلام وعلاقة القران بالكتاب المقدس وغيرها من الكتب ؟ وهل ألأسلام له جذور دينية ما قبل نشوء الأسلام ؟ ولماذا العرب المسلمون لايقبلون بالبحوث النقدية وتاريخية النصوص القرانية ولا يقبلون بدراسة  مقارنة  للديانات الكتابية السابقة للأسلام؟ أسئلة وجيهة ويحتاج المسلم البسيط  الحصول على ألأجابات من شيوخ  وعلماء الدين المسلمين وخاصة أذا عرفنا من خلال "السيرة الحلبية لأبن هشام ج1ص25" عن ورقة بن نوفل الذي سأل رسول الأسلام قائلا له:"ماذا ترى "أشارة الى ما يراه في الوحي: فأخبره (الرسول) ما رأى.فقال ورقة بن نوفل للرسول"هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى"  أي أنّ ما أوحي الى الرسول هو موجود في العهد القديم (التوراة) الذي كتبه موسى بوحي من الروح القدس. راجع ايضا سورة البقرة 2:40,41"وسورة المائدة5:43,44" حيث تؤكدان على وجوب الأعتراف بالكتاب المقدس بعهديه.
نعم الديانة اليهودية والمسيحية لم تكن طارئة على الديانة ألأسلامية بل كانت موجودة (بحسب النصوص القرانية أكثر من 117 آية) لا بل هناك أدلة على تأثيرهما على الديانة ألأسلامية التي لا يمكن أغفالها (وسنتأكد من ذلك في المقالات التالية انشاء الله) كما يفعل اليوم الكثيرون من شيوخ وعلماء الدين المسلمين عندما يصنّفون اليهود والمسيحيين بالكُفار والمشركين وينسون أو يتناسون جذورهم المسيحية. في الحقيقة عندما يُقطع شعب ما من جذوره التاريخية فهوشعب ميت مثل الشجرة التي تُقطع من جذورها, هذا ما يخبرنا به علماء الأجتماع وعلماء النفس واليوم حان الوقت للعرب المسلمين الى العودة الى جذورهم ليستقوا من نبع الماء الصافي ليلتحقوا بالحضارة المسيحية التي شعّت الى العالم كُلَه بمبادئها السماوية السامية.
انَّ ألأيمان بالكتاب المنزل دون حريّة الأنسان في البحث  عن الحقيقة فهو تعصُّب يُجرح كرامة ألأنسان وحُرِّيَتهُ,فالله لا يسلب حريّة ألأنسان ويترك ألأنسان يتدبَّر في التاريخ أمرهُ
وفيما يلي مواقع المقالات السابقة للذين يريدون العودة اليها .
http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=11203
http://www.ishtartv.com/viewarticle,27355.html
http://www.ishtartv.com/viewarticle,30963.html
 http://www.mangish.com/forum.php?action=view&id=2400&PHPSESSID=6eb38c5bd52c32e11c7e67e87ffab93a

137
لقد عاهدناك ياسيادة المطران أن تكون صوت صارخ ليهز الضمير العالمي ليصحو ويشعر بمعانات شعبك المسيحي, لتنقل أنينه الى  انحاء المعمروة ,وعرفنا فكرك النير وغيرتك وشجاعتك في مقارعة الأفكار المتخلفة في كنيستنا المشرقية  ,سر الى الأمام يا سيادة المطران ونحن معك وربنا يسوع المسيح قدوة لك والعناية ألألهية ترافقك ,وليكن هذا الوسام (وسام السلام) شعارك به نستطيع أن نحارب قوى الأعداء الروحية
أبنك وتلميذك المطيع
نافع البرواري

138
معرفة الله والمعرفة عن الله
 
الجزء الثاني
نافع الرواري
"هذا الشعب يُكرِّمني بشفتيهِ, وأمّا قلبه فبعيدٌ عنّي. وهو باطلا يَعبُدني بتعاليم وضعها البشرُ"متى 15:8,9" .
 الشعب اليهودي وكذلك الكثيرون من القادة الدينيين في زمن اشعيا وفي زمن يسوع المسيح (وكما في زماننا ايضا) كانوا يدَّعون أنهم يكرّمون الله ويعبدونه ويتصرفون دينيا كما لو أنّهم يُطبّقون الفرائض والواجبات الدينية (حرفيا) ولكن كانت قلوبهم بعيدة عن الله, فالعبادة عندما تصبح عبادة خارجية وروتينية بلا حقيقة فهذا يعني أنّ ألأنسان قد أبتعد عن معرفة الله ولم تصبح العبادة لله سوى تقليد يمارسه ألأنسان كما مارسه ابائه وأجداده. هكذا خاطب الرب يسوع المسيح الفريسيين ورجال الدين في أيّامه وكشف ريائهم. فالعبادة الخالية من المحبة والتكريس لله هي عبادة بعيدة عن طاعة الله بأمانة واخلاص.
يقول كاتب سفر الأمثال"من وجدني (أي عرف الله) وجد الحياة ونال رضى من الربّ "أمثال 8:35" .
المسيحية تؤمن أنّ الله يكشف حقيقته للساعين الى معرفته مهما كانت خلفياتهم الأجتماعية والدينية, فليس هناك حواجز بين ألأنسان المشتاق الى معرفة الله عندما يطلب هذا ألأنسان الله بكل تواضع وتوبة وخشوع وروح منكسرة وارادة حقيقية, لأنَّ "الله يريد جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يأتون", بينما يعتقد الكثير من الناس وبعض المعتقدات و الديانات ألأخرى أنّ الله يكشف نفسه فقط للمتبحرين في العلوم والمعارف فهم  نخبة قليلة وأمّا الباقين من الناس فما عليهم الاّ أن يؤمنوا بما تؤمن به هذه النخبة ويطبّق ما يقولونه لهُ أو ما يفتون بهِ, لكن يسوع المسيح يقول لتلاميذه "البسطاء "أنتم (اي التلاميذ) أُعطيتُم أن تعرفوا أسرار ملكوت السماوات , وأمّا هم (أي الذين لايؤمنون بالمسيح) فما أُعطوا"متى 13:10" فلا نستطيع بالعقل وحده أن نأتي الى الله بل بالأيمان الذي ينور العقل ليكون في خدمة هذا الأيمان .
كان المعلّمون الكذبة في كنيسة كولوسي يعتقدون أنَّ الكمال الروحي"سر" وتدبيره مخبوء لا يستطيع أن يعرفه الآّ القليلون من المحظوظين, أي أنَّه ليس للجميع, ويسمّي الرسول بولس تدبير الله "سرَّا" ليس بمعنى أنّ القليلين فقط هم الذين يستطيعون فهمه (كما يدَّعي الغنوصيين أصحاب المعرفة السريَة), بل لأنَّه ظلّ هذا السر مخبوءاً الى مجيء المسيح, ومن كان يستطيع أن يتصوّر أنَّ تدبير الله السرِّي هو أن يجعل ابنه يسوع المسيح يحيا في قلوب كلِّ الذين يؤمنون به؟ وبعبارة أخرى السر ينكشف (بعد أن كان مخبوءا) لكُلِّ انسان يؤمن بيسوع المسيح وليس لفئة من الناس, ولكن اذا رفضه الناس فهو لا يكشف سرَّه لهم الآ للذين يعترفوا به كمخلّص وابن الله (راجع كولوسي 1:26,27") .
ويقول بولس الرسول"..الا أنَّ الله أختار ما يعتبره العالم حماقة ليُخزي الحكماء"1كورنثوس 1:27" , نعم اليوم ايضا الملايين يريدون أن يصدِّق الله على افكارهم وخططهم بدل أن يطلبوا نعمة الله ومشيئته في حياتهم, فمعرفة الله وحكمته أعظم جدا من معرفة وحكمة الأنسان "ولأنّهم (أي الناس الذين لهم حكمة هذا العالم) رفضوا أن يحتفظوا بمعرفة الله, أسلمهم الى فساد عقولهم يقودهم الى كُلِّ عمل شائن"روميا1:28" .
قد نعرف أنّ الله موجود (بالعقل) ولكن فكرتنا عنه قد تكون خاطئة (يوحنا 12:16) .
فالأيمان ليس ما تعرف بل من تعرف, ومعرفة المسيح هي معرفة الله وهذه المعرفة تتم من خلال التأمل والأصغاء لكلمة الله أي الكتاب المقدس"الحكمة كُلُّها في كتاب العهد الذي قطعه الله العُلّي معنا "يشوع بن سيراخ24:23" فالكتاب المقدس ليس كتاب جمع معلومات نضيفها الى معلوماتنا السابقة بل فيها قوّة (الروح القدس) مغيَّرة لنفوسنا وسلوكنا وطريقة  تفكيرنا وعيشنا في هذا العالم, فقد ندرك أنّ الله موجود وأنّه يصنع عجائب مدهشة, لكن الله لن يُغيِّرنا حتى نعترف به سيدا وربّا لحياتنا, فعندما سأل يسوع المسيح تلاميذه ماذا تقولون عني؟ من أنا؟ فأجاب واحدٌ منهم فقط وهو سمعان بطرس قائلا "أنت المسيح أبن الله الحي" في حين أنَّ بقية التلاميذ, وبالرغم من المعجزات التي صنعها الرب أمامهم لم يعرفوا حقيقة الرب يسوع المسيح , لأنّهم كانوا لا يزالون يفكِّرون عقليا ومنطقيا ولم يطلبوا الروح القدس ليكشف لهم حقيقة كون الرب يسوع هو أبن الله الحي, ولكن بعد حلول الروح القدس عليهم في يوم العنصرة تغيّروا وأصبحت لديهم قناعة تامة بيسوع المسيح ربا والها, وها هُم ( بعدما كانوا ناس بسطاء وشكّاكين) يقلبون العالم رأسا على عقب ويقلبون موازين هذا العالم (ليس بالسيف بل بقوّة الكلمة), لأنهم أمتلئوا من الروح القدس الذي منحهم قوّة لا تُقهر (أعمال 2) .
فالمعرفة يجب أن توجِّه الحياة, لقد اثبت الرسول بولس أنَّ المعرفة في حد ذاتها فارغة, ولكي تصبح لها قيمة, يجب أن تؤدي الى تغيير في الحياة والعيشة باستقامة والنمو في معرفة الله "اكولوسي1:10" لأنّ الذي يقيم علاقة مع الرب يسوع المسيح تتغير حياته الى الأبد فيصبح انسانا جديدا وخليقة جديدة بالولادة الثانية (الولادة الروحية), (وليس كما يقول المثل أن يبدا ألأنسان بصفحة جديدة نحو ألأفضل ), عندها يتغيَّر  فيها هدف ألحياة للأنسان, فيفكر ليس لأرضاء نفسه بل يعيش من أجل خدمة الله ومحبّته ومحبة الآخرين من أخوته والعمل بما يريده الله منه (لتكن مشيئتكَ يارب). ما يتميّز المسيحي الحقيقي عن الآخرين هو أنَّه يتكلَّم بما سمعه وقرأهُ والأهم هو خبرته وعلاقته مع يسوع المسيح "أذا ثبتُّم في كلامي صرتم في الحقيقة تلاميذي: تعرفون الحق َّ(الله) والحقُّ يُحرِّرُكُم"يوحنا8:31" .
فالله لا يريد كلمات رنّانة بل كلمات صادقة نابعة من قلب محب "لو تكلّمتُ بلغات الناس والملائكة, ولا محبّة عندي, فما أنا الاّ نُحّاس يطُنُّ أو صنج يَرُنُّ"1كورنثوس13:1 .
نعم على ألأنسان أن يشحن ذهنه بالمباديء الكتابية, كلمة الله وروحه القدوس "الروح هو الذي يُحيي, وأمّا الجسد فلا نفع منهُ. والكلام الذي كلّمتُكُم به هو روحٌ وحياة "يوحنا6:63" فالوحي في الكتاب المقدس لا يتعارض مع ضروف الناس وعقولهم, "فالكتاب كُلُّهُ من وحي الله, يُفيدُ في التعليم والتفنيد والتقويم والتأديب في البر, ليكون رجل الله كاملا مستعدا لكُلِّ عمل  صالحٍ "2تيموثاوس 3:16,17 .
فبقراءة الكتاب المقدس ندرك مخافة الله ونَعثُر على معرفة الله .
ولكن للأسف الكثيرون من الناس بدل أن يركِّزوا أهتمامهم بمعرفة الله والعلاقة معه فأنّهم يحاولون الأحاطة بالسماء وبالله بعبارات بشرية, وبدل أن يكون الله هو الهدف والتركيز عليه باعتباره مصدر الحياة, يركّز الكثيرون من الناس أفكارهم على مصالحهم في علاقتهم مع هذا ألأله, ويحوِّلون تركيزهم عن هذا الله ويشتِّتون أفكارهم في ما ينتظرهم من ألأمجاد والشهوات الجسدية والسلطة والمراكز والقوّة البعيدة كُلِّ البعد عن الحياة الروحية مع الله"متى 22:29"
يقول أحد المؤمنين الذي أختبر الله في حياته:"قد تكون الفردوس قطعة من صحراء ولكن بحضور الله تصبح فردوس ,لأنَّ الفردوس(الملكوت)في المفهوم المسيحي هي فكرة روحية , فعندما نكون بقرب الله ويملئ حياتنا تصبح حياتنا فردوس, بينما عندما نبتعد عن الله تصبح حياتنا جحيم, فالفردوس ألأرضي هي صورة للفردوس السماوي الذي هو"ليس أكلا وشربا بل برّا وسلاما" .
أنَّ حالة الفساد في مجتمعاتنا اليوم تشجّع على التشويش في القيم السماوية, فنحنُ نتعرّض لسيل من الكتب والوسائل ألأعلامية المتطوّرة التي تُركز على الحياة ألأرضية والأغرائات المادية والشهوات الجسدية التي توصلنا الى الرضى والسعادة المزيّفة والمشوّه لأنّ ألأنسان روح وجسد فلا يمكن أن يشبع بالأمور الجسدية بل يحتاج الى غذاء للروح وعندما يفقد حياته الروحية مع الله فهو لا يعرف معنى السعادة والفرح الحقيقيتين بل يضلُّ في شوق وجوع وعطش روحي لا يستطيع هذا العالم أن يعطيه له سوى الرب يسوع المسيح الذي يقول "أنا هو خبز الحياة...من يأكل هذا الخبز النازل من السماء لايموت "يوحنا6:48,50".. من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا, فلن يعطش أبدا"يوحنا 4:14." يقول الله على لسان النبي عاموس"ستأتي أيّام أقول أنا السيد الربُّ, أرسلُ فيها الجوع على ألأرض, لا الجوع الى الخبز ولا العطش الى الماء, بل الى ألأستماع الى كلمة الربِّ"عاموس8:11 .
فمعرفة الله لا تُعطى للذين يقفون في منطقة وسطى بين الحق والباطل, بل يكون ألأنسان في هذه المنطقة مشوّشا, فمثلا لايمكن أن نعترف بالمسيح كنبي عظيم وننكر الوهيّته وصلبه وقيامته ولا نؤمن بالخلاص الذي وهبهُ الرب يسوع ( بالنعمة المجانية عندما بذل نفسه من أجل البشرية جمعاء) لكلّ الذين قبلوه مخلِّصا لحياتهم. الحواجز تبقى كبيرة بين العالم الذي لم يعرف المسيح وبين المؤمنين المسيحيين الذين عرفوا شخص يسوع المسيح واختبروه في حياتهم"راجع الحوار بين المسيح ونيقاديمس في انجيل البشير يوحنا".
 يقول الرب يسوع المسيح لتلاميذه "هم يفعلون بكم هذا كُلِّه لأنّهم لا يعرفون الذي أرسلني "يوحنا 15:21".
لقد أنكر الشعب اليهودي, وعلماءالشريعة اليهود, يسوع المسيح ولم يؤمنوا به لأنّهم أعتبروه ضعيف ومتواضع, وارادوه أن يكون ملكا محررا لهم بقوة السيف, وأستغلال قوَّته ومعجزاته ليبطش بأعدائهم (الرومان), ولكن كَم هو بعيد فكر ألأنسان عن فكر الله الحقيقي وكم هو بعيد ألأنسان عن معرفة الله الذي هو كُلّه محبة وحنان ورحمة وسلام, الذي أرسل أبنه لا ليهلك الناس بل ليخلِّصهم .
اليوم كما في أيّام المسيح الكثيرون لا يعرفون الله الحقيقي بل بعيدون عن معرفة طبيعة الله "المحبة" فيتصوّرون الله رافع سيفه ليقطع أعناق وارزاق كُلِّ من لا يتبع فكرهم ومعتقدهم البعيد كُلِّ البعد عن الله الحقيقي, بينما يسوع المسيح بيّن لنا طبيعة الله"المحبة" وهو على خشبة الصليب عندما غفر لأعدائه الذين صلبوه  وطبّق قوله عن محبّة حتى ألأعداء عندما يقول "سمعتم أنّه قيل: أحبَّ قريبُكَ وأبغض عدوِّكَ. أمّا أنا فأقول لكم: أحبوا أعدائكم, وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم. فتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات. فهو يُطلع شمسُهُ على ألأشرار والصالحين ويُمطر على ألأبراروالظالمين"متى 5:43,44,45" ", نعم هذا هو الأله الحقيقي الذي نعرفه ونختبر قوّته في حياتنا, وغيرهُ ليس الا صنم لا قلب له ولا رحمة ولا شفقة ولايسمع ولا يحسُّ ولا يرى ولا يكشف نفسه بمعجزة للذين يتبعونه فهو اله لا حول له ولا قوّة  فيطلب من الذين يؤمنون به أن يقاتلوا الناس عوضا عنه,  بينما يقول لنا الهنا الحقيقي "أنا أُدافع عنكم وأنتم تصمتون".
__________________________________________
للذين يريدون ألأطلاع على الجزء ألأول من المقالة مراجعة الموقع التالي:
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=43391

139
البشارة في شبه الجزيرة العربية
 
الجزء الرابع: وقفة قصيرة على ما قيل عن أنتشار المسيحية في شبه الجزيرة العربية قبل ألأسلام .
نافع البرواري
تكلَّمنا في المقالات الأربع السابقة عن السريانية كلغة وثقافة وحضارة, وتكلّمنا عن نقل البشارة الى العالم منذ القرون ألأولى للمسيحية, ودور الكنيسة الشرقية السريانية (كنيسة المشرق المسمّاة نسطورية والكنيسة السريانية ألأرثوذكسية, من دون أن ننسى الكنيسة اليونانية الملكية) في نقل هذه البشارة الى الشرق كُله .
وقلنا أن َّ الكنيستان ألأولى (النسطورية) والكنيسة (السريانية ألأرثوذكسية ) كانتا نشيطتان خصوصا في شبه الجزيرة العربية واليمن والحبشة جنوبا ومصر وفلسطين وقبرص غربا وايران وأفغانستان وباكستان وصولا الى الهند والصين شرقا, وتركيا الحالية وروسيا وصولا الى سيبيريا شمالا. وفي سلسلة مقالاتنا القادمة سنتكّلم عن نقل البشارة (الخبر السار) الى شبه الجزيرة العربية (شمالا وشرقا وغربا وجنوبا وفي قلب الجزيرة) .
 قبل أن نتكلم عن انتشار المسيحية في شبه الجزيرة العربية قبل ألأسلام (وحتى بعد ظهور ألأسلام) علينا أن نتوقف قليلا في هذه المقالة عن ما تم تدوينه من قبل بعض المؤرخين والكتبة وألأدباء العرب والمستشرقين الغرب, عن فترة ما قبل ظهور ألأسلام في شبه الجزيرة العربية ليكون أساساً لمقالاتنا القادمة .
ماذا يقول المؤرخون العرب والمستشرقون الغرب عن انتشار المسيحية قبل الأسلام في شبه الجزيرة العربية؟
يقول الدكتور جواد علي في كتابه (المفصل في تاريخ العرب الجزء الرابع) :
"قد يكونوا المؤرخين المسلمين تعمّدوا بطمس التاريخ ما قبل ألأسلام, وأعتمدوا على اساطير وخرافات وقصص ألأولين بعد دخولهم ألأسلام, فلم يعتمدوا على ألأسس العلمية لكتابة التاريخ الاّ في وقتٍ لاحقٍ بعد ألأسلام بمائتين سنة..... وبعد القرن التاسع عشر أستنتج المؤرخون المستشرقون أنّ هناك فجوات وأخطاء في التاريخ ما قبل ألأسلام . ويضيف هذا المؤرخ  العربي المشهور قائلا:
انَّ المصادر اليونانية والرومانية والسريانية هي ألأصح , وقد كتبوا عن الجزيرة العربية قبل ألأسلام لأنتشار النصارى فيها, وبهذا هم الذين فتحوا الباب للوصول الى التاريخ الجاهلي الصحيح".ويضيف (ج5 ص434) قائلا:"فالدعوة الكتابية"اليهودية والنصرانية) كانت مسيطرةعلى الجزيرة العربية كُلَّها وعلى الحجاز نفسه.......ونرى صدى ذلك في القران نفسه,فقد خلَّد في سورة البروج ذكرى شهداء نجران المسيحيين عام 423م
أمّا الكاتب خليل عبدالكريم في كتابه (قريش من القبيلة الى الدولة المركزية) يقول: ,وهو ينقل ذلك من اراء باحثين انتهوا فيها الى أنَّ الديانتين الساميتين التوحيديّتين بأنتشارهما في القبائل العربية كانتا من أوائل العوامل التي دفعت الى تفسيخ الوثنيةالعربية لصالح عقيدة التوحيد..ولاشكَّ كانت النصرانية النصيب ألأوفر ذلك لأنها كانت أشدُّ ذيوعا وأكثر أنتشارا من  الموسوية(اليهودية).

ويقول غسان المنير كاتب كتاب"يوم قبل وفاة محمد" في مقدمة كتابه:
"من العبث أن يقول المرء اليوم بأن "الإسلام" فكرة دينية محضة وإنها نبتت في فراغ روحي . وثمة كثير من الباحثين كتبوا في نشأة الإسلام، والقرآن، بأن محمدا (عليه السلام) دعا إلى إصلاح مجتمع فاسد متصدع، وذهب بعضهم إلى أنه دعم دعوته بتعاليم إنجيلية في الفقر وعمل البر والإحسان. وما يبرر ضحالة مثل هذه الأبحاث أن كتب السيرة والتاريخ الإسلامي، أغفلت ذكر الكثير من أخبار النصرانية قبيل وإبان ظهور الإسلام "وكل علم ليس في القرطاس ضاع". وعلى سبيل المثال فإن ما قيل في آثار الخطابة بين نصارى العرب في الجاهلية قليل جدا ، وكذلك شأن شعر النصارى. وكأن مؤرخي العرب تعمدوا أن يصوِّروا العرب وكأنهم عاشوا شبه عزلة عن المسيحية فلم يعرفوا منها شيئا .
واقع الأمر أن كتب التاريخ والتراث لم تصور لنا بدقة وضع اليهودية والبدع النصرانية في إبان ظهور الإسلام. ويقينا لا يمكن فهم اتصال نبي العرب محمد عليه السلام باليهودية والبدع النصرانية دون رسم لوحة للحياة اليهودية والنصرانية في الجزيرة العربية. ومن هنا مبلغ الحاحي أن أبحث في الظروف اليهودية والنصرانية لنشأة الإسلام ، إسهاما مني في تظهير الصورة المطلوبة". ويضيف في مكان اخر قائلا: لايمكن فهم ألأسلام دون دراسة معمّقة للديانات السابقة للأسلام, وطالما كُتب التراث لا تُعطي الا القليل من التفاصيل عن النصرانية واليهودية .
"يقينا انّ ذلك يقتضي دراسة معمّقة وشاملة وبدون ذلك لايمكن فهم الأسلام وظروف نشأته وسيّما وأنَّ القرآن نظرية خاصة جامعة في الأديان الموحّدة...واذا أغفلنا ذلك فكيف نُفسِّر للقارئ أنّ في ألأسلام قاسما مشتركا يجمع بين الديانات كُلَّها .....
ولقد انكشف مبلغ حرج بعض الباحثين عند الخوض في شعر نصارى العرب في الجاهلية ، وذلك أن كثيرا من آيات القرآن الكريم جاءت في الكثير منها مطابقة لبعض أبياتهم ، ومشابهة لها في النص غالبا. والمُرجّح أن ابتعاد الباحثين عن ولوج هذا المدخل سببه الخوف من أن المقابلات والمقارنات بين القرآن والمصادر البشرية تقود إلى تقرير واقع ما. وهذا الواقع بنظر المتدينين قد يكون شتيمة وكفرا. كما أن المتعصبين من المسلمين لا يقبلون أن يكون القرآن الكريم خاضعا للبحث التاريخي. أو أن يكون له أي مصدر غير الله مباشرة. فالقرآن عندهم يعتمد كليا على اللوح المحفوظ" .... ـ وكلمة الله لا تكون فاعلة إلا إذا كانت مفهومة. وحتى تكون مفهومة يجب أن تكون هي نفسها كلمة البشر. فلماذا الخوف إذا من مقابلة كلام الله مع كلام البشر. ثم إن الخطاب القرآني نفسه يؤكد هذه الحقيقة: "إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخزون للأذقان سجدا (السراء ـ 107). وكذلك: "الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك"(النساء 162 ) ."
يقول أحد الكتّاب المسيحيين :"يبدوأنَّ العلاقة بين ألأسلام والوحي السابق لم تكن موضوع دراسة المسلمين ألأولين, ولا أعرف سببا لذلك فمن البديهي أن يسأل المرء: ان لم يكن القرآن قد نسخ أوامر التوراة وألأنجيل فهل تلك ألأوامر تضلُّ ملزمة للمسلم؟
أمّا  الدكتور طه حسين ,عميد ألأدب العربي, يقول في كتابه "في الشعر الجاهلي":
"يجب أن يتعوَّد الباحث درس تاريخ ألأمم القديمة التي قدّر لها أن تقوم بشيء من جلال ألأعمال , وما أعترض حياتها من الصعاب والمحن والوان الخطوب والصروف, ليفهم تاريخ ألأمة العربية على وجهه ويرُدُ كُلِّ شيء الى أصله (جذوره) . واذا كان هناك شيء يؤخذ به الذين كتبوا تاريخ العرب وآدابهم فلم يوفِّقوا الى الحق فيه, فهو انهم لم يلمّوا الماما كافيا بتاريخ هذه ألأمم القديمة , أو لم يخطر لهم أن يقارنوا بين الأمة العربية والأمم التي خلت من قبلها, وانّما نظروا الى هذه الأمّة العربية كأنّها أمَّةٌ فذَّة لم تعرف أحدا ولم يعرفها أحدٌ, لم يشبهُها أحد, لم تؤثر في أحد ولم يؤثر فيها أحد, قبل قيام الحضارة العربية وأنبساط سلطانها على العالم القديم. والحق أنّهم لو درسوا تاريخ هذه ألأمم القديمة وقارنوا بينه وبين تاريخ العرب لتغيّر رأيهم في ألأمة العربية, ولتغيَّر بذلك تاريخ العرب أنفسهم, ولستُ أذكر من هذه ألأمم القديمة الاّ أُمّتين ألأمَّة اليونانية والأمّة الرومانية" .
هنا يضع الكاتب وعميد ألأدب العربي, طه حسين, يده على حقيقة طالما يخفيها القسم ألأكبر من  المؤرخين العرب وعلمائهم, وهي الرجوع الى الجذور التاريخية للحضارات السابقة (ومنها بالطبع جذور الديانات السابقة ) للحضارة العربية ليكون أساس اي حضارة تليها. وأحب أن أُضيف الى ما قاله طه حسين أمراً اخر كان على الباحثين وعلماء الدين والمؤرخين العرب والمسلمين أن يركّزوا في بحوثم  في الديانات السابقة للأسلام ليفهموا ويعرفوا الأسلام بشكل أفضل مما يعرفوه ويفهموه اليوم . ويضيف طه حسين قائلا (في ص78) من كتابه أعلاه:
"وليس من اليسير بل قُل ليس من الممكن أن نُصدّق أنَّ القران كان جديدا كُلّهِ على العرب, فلو كان كذلك لما فهموه ولا وعوه ولا آمن به بعضهم وناهضه وجادل فيه بعضهم ألآخر" ويقول في مكان اخر من نفس الكتاب: "أنَّ قراءة القرآن بتعمُّق يظهر لنا أنَّ جزءً كبيرا من اياته قد نزلت بحسب المفهوم ألأسلامي في الجدال والخصام والحوار في الدين.....فلم يكن القوم الذين كانوا يتجادلون ويحاورون ويخاصمون محمد بالجُهّال والغباوة والغلظة والخشونة, وانَّما كانوا أصحاب علم وذكاء وأصحاب عواطف رقيقة وعيش فيه لين ونعمة" .
ويقول العلاّمة بولس فغالي (عالم في الكتاب المقدس ولغات الشرق القديمة) :
"حين نقرا الكتاب المقدس, ونبدأ بالعهد القديم, نطرح السؤال على نفوسنا : ماهو الكتاب المقدس ؟ نقول هو كتاب جوهري في حياة المؤمن, هو كتاب ليس كسائر الكتب . فالديانة اليهودية ولِدت منه والديانة المسيحية تجذَّرت فيه والعالم ألأسلامي استقى الكثير من نصوصه, هكذا  حينما نقرا الكتاب المقدس نعود الى جذورنا, نعود الى اساس حضارة هي جزء من حضارتنا, فالكتاب المقدس هو موضع أُصولنا وتاريخنا.....وهكذا فعندما نريد أن نعرف مسيرة ايمان أجدادنا علينا أن لاننسى تاريخهم الطويل ومسيرتهم في الرحلة ألأيمانية, مثال على ذلك ابراهيم ".أي علينا العودة الى الجذور ألأصلية لكي نصل الى ما نحن عليه اليوم .
ويؤيد هذا القول الكاتب موسى الحريري (مؤلف كتاب القس والنبي) اذ يقول:
"أنّنا لانفهم من تعاليم القرآن شيئا ان غابت عنا تعاليم "ألأنجيل العبراني"(كتاب منحول كان متداول بين اليهود المتنصرين وسوف نتكلم عنه في المقالات القادمة) .
الذي كان القس (يقصد ورقة بن نوفل) يعمل على نقله من لغته العبرانية الى اللغة العربية, كما أننا لا نفهم من قصص الأنبياء ألأقدمين, ولا من تعاليم التوراة والأنجيل, الواردة في القران ان لم نردها الى أصلها(جذورها)" .
السؤال المطروح على العرب المسلمين أين هم من جذورهم التاريخية قبل ألأسلام؟ ولماذا العرب  يقطعون جذورهم النصرانية ويتحاشون ذكرها بينما يركزون على العصر الجاهلي كون العرب فيه كانوا يعبدون ألأصنام في حين الحقيقة مشوَّهة حيث كان هناك أكثر من 60 قبيلة عربية نصرانية(راجع كتاب الديانات في شبه الجزيرة العربية للمؤلف لويس شيخو),والنصرانية كانت منتشرة في كُلِّ أنحاء الجزيرة العربية حتى في الحجاز؟ فهل ألأسلام نشأ دون وجود اثراً يُذكر للديانتين السماويّتين  قبل بروز ألأسلام ؟
وماعلاقة النصرانية بالأسلام وعلاقة القران بالكتاب المقدس وغيرها من الكتب ؟ وهل ألأسلام له جذور دينية ما قبل نشوء الأسلام ؟ ولماذا العرب المسلمون لايقبلون بالبحوث النقدية وتاريخية النصوص القرانية ولا يقبلون بدراسة  مقارنة  للديانات الكتابية السابقة للأسلام؟ أسئلة وجيهة ويحتاج المسلم البسيط  الحصول على ألأجابات من شيوخ  وعلماء الدين المسلمين وخاصة أذا عرفنا من خلال "السيرة الحلبية لأبن هشام ج1ص25" عن ورقة بن نوفل الذي سأل رسول الأسلام قائلا له:"ماذا ترى "أشارة الى ما يراه في الوحي: فأخبره (الرسول) ما رأى.فقال ورقة بن نوفل للرسول"هذا هو الناموس الذي أُنزل على موسى"  أي أنّ ما أوحي الى الرسول هو موجود في العهد القديم (التوراة) الذي كتبه موسى بوحي من الروح القدس. راجع ايضا سورة البقرة 2:40,41"وسورة المائدة5:43,44" حيث تؤكدان على وجوب الأعتراف بالكتاب المقدس بعهديه.
نعم الديانة اليهودية والمسيحية لم تكن طارئة على الديانة ألأسلامية بل كانت موجودة (بحسب النصوص القرانية أكثر من 117 آية) لا بل هناك أدلة على تأثيرهما على الديانة ألأسلامية التي لا يمكن أغفالها (وسنتأكد من ذلك في المقالات التالية انشاء الله) كما يفعل اليوم الكثيرون من شيوخ وعلماء الدين المسلمين عندما يصنّفون اليهود والمسيحيين بالكُفار والمشركين وينسون أو يتناسون جذورهم المسيحية. في الحقيقة عندما يُقطع شعب ما من جذوره التاريخية فهوشعب ميت مثل الشجرة التي تُقطع من جذورها, هذا ما يخبرنا به علماء الأجتماع وعلماء النفس واليوم حان الوقت للعرب المسلمين الى العودة الى جذورهم ليستقوا من نبع الماء الصافي ليلتحقوا بالحضارة المسيحية التي شعّت الى العالم كُلَه بمبادئها السماوية السامية.
انَّ ألأيمان بالكتاب المنزل دون حريّة الأنسان في البحث  عن الحقيقة فهو تعصُّب يُجرح كرامة ألأنسان وحُرِّيَتهُ,فالله لا يسلب حريّة ألأنسان ويترك ألأنسان يتدبَّر في التاريخ أمرهُ
وفيما يلي مواقع المقالات السابقة للذين يريدون العودة اليها .
http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=11203
http://www.ishtartv.com/viewarticle,27355.html
http://www.ishtartv.com/viewarticle,30963.html
 http://www.mangish.com/forum.php?action=view&id=2400&PHPSESSID=6eb38c5bd52c32e11c7e67e87ffab93a

140
محنة العقل في المجتمعات العربية وألأسلامية 
 
نافع البرواري
 
بعض الشيوخ وعلماء الدين المسلمين وكذلك أنظمة الدول العربية وألأسلامية والكثيرون من المثقّفين وحتى معظم الشعوب العربية وألأسلامية مُتّفقين على وجود ما يسمّى"بنظرية المُآمرة" على الشعوب والدول ألأسلامية, ويقولون بوجود هجمة شرسة على ألأسلام وهناك من يؤمن بصراع وصدام الحضارات, وحرب غير معلنة ضد الدول العربية والأسلامية, ويتكلمون عن أنَّ الغرب يريد شرق أوسط جديد وهناك حرب صليبية على العرب والمسلمين وهناك تصدير للفساد والسقوط ألأخلاقي من الغرب الى الدول ألأسلامية والعربية عن طريق وسائل ألأعلام والقنوات الفضائية والعولمة التي تهدم القيم ألأجتماعية والأخلاقية للمجتمعات ألأسلامية ووووو...الخ.
لو فرضنا جدلا أنَّ كُلّ هذه ألأدعاءات صحيحة ومقبولة وحقيقية, علما أننا نشكُّ في ذلك لعدم وجود براهين ملموسة, فيما يوجد لدينا مئات بل آلاف البراهين الملموسة والفاضحة, التي تؤكّد لنا أنّ أنظمة وحكام الدول العربية وألأسلامية هي التي تقوم بتصفيات جسدية لمواطنيها, وخنق الحريات لشعوبها وتدوس على حقوق ألأنسان وكرامته, وخاصة المرأة التي هي أداة للأستمتاع وسلعة استهلاكية في هذه البلدان, لا بل تشجع هذه ألأنظمة الأرهاب  وتصدّره الى العالم, وجميع ألأحصائيات وتقارير ألأمم المتحدة تضع الدول العربية وألأسلامية على رأس قائمة الدول التي تضطهد شعوبها وتخنق حرّياتها وتقمع شعوبها بلا رحمة وتقوم بتعذيب سجنائها وأحيانا كثيرة التخلص منهم. ولا ننسى أنتشار ألأمية والجهل حيث أكثر من 50% من شعوب الدول العربية غير متعلّمة وتعيش في الظلمة والفقر والجهل, ولا ننسى المناهج التعليمية السيئة الصيت(حسب تقارير ألأمم المتحدة) والمشحونة بالكراهية والخرافية والبعيدة كُلِّ البعد عن المناهج التعليمية المعاصرة بل هي مجرَّد حشو للأدمغة (كما يقول أحد المسؤولين التعليميين في هذه الدول).
ونحن نتسائل ونريد أن نحصل على ألأجابات لأسئلتنا التالية لنعرف الحقائق التي يجب أن يعرفها كُلِّ أنسان مهما كان بسيطا ولا يعرف لعبة السياسة والسياسيين, وخلط ألأوراق التي تجيد أستعمالها حكومات ورجال الدين المسلمين للتغطية على عيوبهم وأفعالهم الشنيعة, وهذه ألأسئلة هي":
هل الحلول(لمواجهة ألأعداء كما يقولون) هي باللجوء الى الخرافات والأرتداد الى الماضي السحيق(بالأفكار السلفية  وألأرهابية) بدل مواجهة العدو(سواء كانت أمريكا أو الغرب أو الصهيونية) بالعقل والمنطق والعلم والمعرفة التي هي أسلحة القرن الواحد والعشرون؟
هل الحلول تتم بتفجيرالقطارات والباصات والطائرات وتفخيخ السيارات وأبنية المدارس والمستشفيات ومقرات ألأمم المتحدة وقتل المدنيين ألأبرياء من ألأطفال والنساء والشيوخ؟
هل أسرائيل هي التي أنزلت الشرطة في شوارع طهران وقتلت المُحتجين على النظام الثيوقراطي (ألألهي) في ايران؟
هل التفجيرات التي حصلت و تحصل, في جوامع الشيعة في باكستان والعراق وجوامع السنة في العراق (والتي هي بمثابة بيوت الله ) ويذهب ضحية هذا الأرهاب مئات بل آلاف ألأبرياء هي من صناعة أمريكا أو أسرائيل؟
هل أمريكا هي التي تكمّم أفواه المواطنين في طهران (وغيرها من الدول العربية وألأسلامية) وتقمع الشعب بكل الوسائل الشيطانية وخاصة الطلبة والمثقفين الذين ينادون بالحرية  والديمقراطية وتغيير نظام ولاية الفقيه في أيران منذ أكثر من ثلاثون سنة, وأزاحة حكام الدول العربية التي ينتقل الحكم وراثيا الى أبناء هؤلاء الحكام؟
هل أمريكا أو أسرائيل هما الذان عذبوا وقتلوا آلاف السجناء في سجون ليبيا والعراق وايران وسوريا  وغيرها من الدول العربية والأسلامية؟
هل الدول الغربية (الصليبية) هي التي ذبحت شعب جنوب السودان وقامت بأسلمة مئات ألآلاف منهم بالترهيب والترغيب وكانت هناك مذابح جماعية راح ضحيّتها حوالي مليونين من المسيحيين ولا زال النظام السوداني (الذي يطبق الشريعة ألأسلامية يقوم بابادة شعب دارفور؟) ولا ننسى المذابح التي ارتكبت بحق أكثر من مائتين وخمسون الف جزائري من قبل ألأحزاب ألأسلامية الجزائرية في أواخر القرن العشرين.
هل يوجد في الدول العربية وألأسلامية ابسط  حقوق للمراة عندما تسمح هذه الدول للرجل بالزواج بأكثر من أمرأة ويسمح بزواجات غير شرعية مثل زواج المتعة وزواج المسيار  وووووالخ؟ . 
هل الحلول هي بذبح ألأطفال ومهاجمة وقتل المواطنين  المسالمين من المسيحيين الساكنين في الدول العربية و ألأسلامية  الذين لايحملون السلاح وكُلِّ ذنبهم هو أنّهم ينادون بالسلام والمحبة والصلاة  لترسيخ السلام وهم الشعوب ألأصلية  بينما العرب جاءوا من شبه الجزيرة العربية محتلين؟.
هل عدم حصول شعوب الدول العربية وألأسلامية على ابسط حقوق ألأنسان (مثل حرية الرأي وحرية العقيدة وحرية الفكرالتي سنّتها ألأمم المتحدة وصادقت عليها أغلب الدول ألعربية وألأسلامية) هي سببها أمريكا أو الصهيونية؟
هل الفساد المالي والسقوط ألأخلاقي المستشري في الدول العربية وألأسلامية سببها الغرب؟
لو كانت أجابات كُلِّ هذه ألأسئلة (وغيرها كثيرة لا نريد الخوض فيها)هي بنعم فهنا المصيبة وذل لأنَّ العقل في المجتمعات العربية والأسلامية يمر في محنة ويحتاج الى أعادة التأهيل. وأذا كانت الأجابة سلبية ب" كلاّ"  أي لا يوجد "نظرية المؤامرة", بل هي دعاية أعلامية للأنظمة الحاكمة الدكتاتورية التي تستعمر عقول الشعوب العربية والأسلامية, وكذلك دعاة السلفية والأرهاب من رجال الدين المسلمين الذين يغسلون أدمغة وعقول شعوبهم "المتديّنة" وهؤلاء (رجال الدين) يتاجرون بالدين وهم لا يخدمون الا ألأنظمة الدكتاتورية شائوا أم أبوا وهنا أيضا المصيبة تكون أكبر لأنّ ذلك يعني أنّ الشعوب العربية والأسلامية قد خُدعوا بسبب قبولهم لنظرية المؤامرة وهي من نسج خيال الحكام الظالمين ورجال الدين المتاجرون بالدين, وهكذا أستطاعت ألأنظمة الحاكمة (بوسائل أعلامها المدعومة بأموال هذه الشعوب وكذلك عن طريق رجال الدين ألمأجورين وعبر خُطب يوم الجمعة على منابر الجوامع ) أن توجِّه أنضارهذه الشعوب والمجتمعات الغلبانة على أمرها الى عدوٍّ وهم (الغرب وأمريكا واليهود والمسيحيين), فيما الحقيقة هي: أنّ ألأعداء الحقيقيين ّلهذه الشعوب هم بالدرجة ألأولى حُكامهم الذين يسحقون كرامة شعوبهم الأنسانية بكلِّ معنى الكلمة ويستهزئون بعقولهم ويدوسون على أبسط حقوقهم ألأنسانية ويقودونهم الى طريق مظلم يؤدي الى الهلاك لامحالة, ورجال الدين(نسبة كبيرة من رجال الدين وليس معظمهم) الذين أصبحوا بوقا لتشجيع ألأرهاب وزرع ألأفكار الظلامية التي تجعل المستمع لهذه الخطب يصاب بالأحباط واليأس من تبديل الواقع المر الذي تعيشه تلك الشعوب فيضطروا الى الهروب من هذا الواقع الى العالم الآخر, (عالم فيه ما يشبع جوعهم وكبتهم وحرمانهم, عالم الجنة الخيالية التي فيها كُلِّ ما طاب ولذَّ) وخلق عدو وهمي للأنتقام منه مهما كان الثمن  كحل لمشاكلهم التي لا يستطيعون أحتمالها.
هكذا تحوّلت منابر الجوامع الى  بؤر للأرهاب وتغييب لعقول المسلمين باللجوء الى الخرافات والبكاء على أطلال الحضارة ألأسلامية وزرع بذور الفتن الطائفية (داخليا)وتصدير الحقد والكراهية للغرب (خارجيا) بصورة عامة وللمسيحيين بصورة خاصة, أجواءتعيشها المجتمعات الأسلامية مشحونة بالكراهية ضد الغرب وضد المسيحيين واليهود.
هذا كُلَّهُ نتاج عدم وجود منابر للحريات وألأفكار الحرة والمبدعة (كما توجد في الدول الديمقراطية الحُرّة) فيها يستطيع من خلالها المواطن التعبير والتنفيس عن ارائه وما يعاني منه من الأزمات والمشاكل وألأطلاع على ثقافات ومعتقدات ألآخرين. 
يقول المفكر نبيل فيّاض:
"في ظلِّ الخرافية العمياء التي يعيشها المجتمع العربي ونحن على أبواب القرن الحادي والعشرين, هل ردّة فعل على جنون التقدم التقني والحضاري في دول العالم ألأول صار رجال الدين المسلمون مرجع العامة في كُلِّ ألأمور. فلو أراد العاميُّ السؤال في الطب, رجع الى شيخهُ , ولو أراد التفقُّه في الفلسفة, سأل شيخه, ولو اراد التبحّر في علوم الفلك, عاد الى شيخه, بل لقد تفاجأنا بتزاحم الشيوخ وكأنَّهم على أبواب الجنة ورضوان يحاول تنظيمهم.
للأدلاء بارائهم في مسألة ألأستنساخ: تحوَّلوا كُلّهم بقدرة قادرالى مراجع في الهندسة الوراثية. بكافة ضروبها وفروعها.......مادام رجل الدين هو المعيار في مسألة الصح والخطأ لن تكون هناك أمكانية لمعرفة الأجابة على سؤال: ماهي الحقيقة؟"
نعم البعض من الشيوخ وعلماء الدين المسلمين وحتى المثقفين لا بل وحتى معظم الشعوب العربية والأسلامية وضعوا جميع مشاكلهم وحروبهم وكذبهم وغشّهم ونفاقهم وتخلُّفهم ومصائبهم ومعاناتهم ومأساتهم وأرهابهم على الغرب والمسيحيين والصهيونية العالمية انّها اسقاطات نفسية لا بل مرض نفسي مزمن تعاني منه الدول العربية والأسلامية.
انّ أزمة العقل وحتى أزمة القيم الأخلاقية التي تعاني منها هذه الدول لها جذور تاريخية في الماضي السحيق ولن يكون شفاء لهذا المرض الا بالعودة الى التاريخ الذي تمّ تزويره ليكون القاتل والأرهابي في أحيان كثيرة بطل تمجِّده هذه الشعوب بينما الضحايا ألأبرياء هم اعداء والى الجحيم وبئس المصير. نعم جعلوا في أحيانٍ كثيرة الخير شرا والشر خيراً وهذا ما نقرأه في صفحات التاريخ العربي وألأسلامي, ولا زالت هذه الشعوب تؤمن بهذه الحقائق المزيّفة, أنّهم عدو ما يجهلون .أنَّ مشكلة العرب والمسلمين هو عدم قبولهم للنقد بل لايعرفون أنَّ النقد هو لأزالة الشوائب والترسبات التاريخية والأستفادة من أخطاء الماضي لبناء المستقبل, فمن شروط تقدم الدول وازدهارها هو في قراءة صحيحة للماضي وتاريخه لتصحيح الحاضر ولبناء المستقبل السعيد .
في هذا الصدد يقول أحد المفكرين العرب :
"يقينا لن يكون هذا ألأنقاذ (قصده أنقاذ الفكر العربي ألأسلامي من السلفية التي تقتل الحياة) ممكنا الآّ أذا  بدأنا بنبش الماضي, لكشف كل الحيل المسرحية التي أنطلت على ابائنا وبدون ذلك ستبقى الحياة غير مبررة, ومن هنا ضرورة أعادة النظر في كُلِّ شيء, التدقيق في "المقدسات" دون مبالات بكل هالات القدسية, الى أن يتم التاكُد مما هو مقدَّس فعلا.
نعم أنني أدعو الى توجيه أبصارنا نحو الماضي, لا لنعيشه (كما يفعل السلفيون), انّما بغية نقده, وردم الهوة السحيقة بينه وبين حاضرنا. وبدون ذلك سنبقى نواجه عصرا لم نولد فيه حتى الآن.... آن ألأوان ليحل التاريخ مكان المأثور, ذلك أنَّ مُجمل البناء الذي أنتهى الى المسلمين قد بدأ يتآكل ... أليس عملا شيطانيا أن ننزلق بشكل طفولي نحو الأصل؟ نحو ماضي مخدّر؟ ننزلق كبهلوان على حبل مشدود الى زمن سيئ .......زمن يتجهُ صوب ألأموات لا ألأحياء ........صوب القبور في أعماق ألأرض وليس نحو السماء.. أو هل يستحق المسلم المعاصر أن نبكي عليه وهو يضع القاتل والمقتول معا تحت رضوان الله؟
أزمة المجتمع ألأسلامي هي أيضا مُشكلة "القيم", أو بمعنى اخر أزمة في تعامله مع الواقع. وأيضا أزمة فكر ومفكرين بآنٍ معاً. وأهم ما يؤخذ على الفكر ألأسلامي هو "التناقض" في تعاليمه و"التعارض" في مقولاته, فيما يؤخذ على المفكرين أنَّهم _في غالبيتهم_نافقوا وما زالوا ينافقون الحاكم ورجال الدين ولذلك كان طبيعيا أن تنبع أزمة"القيم"في المجتمع ألأسلامي من"أزمة الفكر ألأسلامي نفسه"...القيم الهابطة في الواقع هي أنعكاس لفشل الفكر وخوائه. ذلك أنّ الضروف ألأجتماعية نفسها محكومة بهذا الفكر. والفكر ألأسلامي نفسه ينتج في كثير من الحالات للقيم الهابطة التي تتحول الى قيم يتم ألأيمان بها وقوننتها يوما بعد يوم, كما هي مسألة حجاب المرأة. والمشكلة أنّه لا سبيل الى تحقيق المناعة ضد فساد القيم, والحد من تيارات القيم السلفية في ظل فكر يؤمن بضرورة التسليم المطلق, ولا يتيح أحترام الراي والرأي ألآخر. وهكذا فأن فرض هذه القيم من ألأعلى, كثيرا ما شاع الرياء والنفاق والفوضى".
وتقول الكاتبة التونسية" رجاء سلامة ": "نحنُ (أي العرب) نحمل وطنية الموروث فلا زال موروثنا شبحاً لا هو ميّت ولا هو حي فنحنُ نُقلِّد الموتى في موتهم ونرفض الحياة...فنحن لا نقبل تشييع الموتى الى مثواهم"والدليل على ما تقوله هذه الكاتبة هو ما قاله نضال حسن (الذي قتل 13 جندياً من رفاقه في قاعدة عسكرية أمريكية ):"نحن نحب الموت كما أنتم (أي الأمريكيين) تُحبّون الحياة".
انّ لغة العرب الحالية للأسف سلبية ممزوجة بالعنصرية وهي غلبت العقل وأصبحت العاطفة هي التي تقود العرب, وكُلِّ شيء يسير بالعاطفة ودغدغة المشاعر ولا مكان للعقل.
 نعم المجتمعات العربية والأسلامية في مفترق الطرق أمّا الهلاك أو النجاح, وعلى شعوب هذه الدول أن تصحوا من سبات الموت وأن تكسر حواجز الخوف واليأس والأحباط والتحرر من العبودية واللجوء الى العقل والمنطق وألأنفتاح على الآخر بتحطيم أبواب السجون الكبيرة التي يعيشون فيها, والاّ فأن هذه الشعوب لن تستطيع أن تلتحق بركب الحضارات المتقدمة لابل ستعيش خارخ التاريخ وخارج هذا الكوكب الذي أصبح قرية صغيرة, وعليهم أن يؤمنوا أنَّ الحضارات تتكامل (وليس كما يدَّعون بتصادم الحضارات), فعلى الأنسان الذي يعيش في هذه الدول أن لا يقبل مالا يوافق عقله وضميره وعليه أن يختار الحياة بدل الموت والحرية بدل العبودية والأرادة الحُرّة بدل الخنوع وقبول ألأمر الواقع كقدر لا مفر منه, والعيش الكريم بدل المذلة, والحوار مع الآخر بدل أقصاء ألآخر.
والأهم من كُلِّ هذا هو التصالح مع الذات قبل التصالح مع الآخر.

141
زيارة خاطفة لشمال الوطن
نافع البرواري
كانت رحلة سريعة وخاطفة للوطن بعد غياب استغرق حوالي عشرة أعوام عشتها في الغربة وفراق الأهل والأصدقاء والأرض والذكريات , كانت رحلتي الى الوطن كحلم جميل لم يدم طويلا وكأنها زيارة لزمنٍ مضى وعودة الى ذكريات نقشت في ذاكرة الزمن وأحلام الطفولة .
زرت قريتي , مسقط رأسي وذكريات طفولتي , حيث عادت ذكريات الماضي , كشريط سينمائي , لأحداث عشتها في خمسينات وستينات القرن الماضي مع أصدقاء الطفولة وألأهل والأقارب واهل القرية الطيبين , وبكيت عندما رأيت القرية قد صارت أطلالا وتغيّر الكثير من معالمها ولا آثار سوى بعض الأحجار لكنيسة القرية التي ذكرتني بأيام الطفولة ونقاء الأيمان وبراءة الطفولة ودقات الناقوس وألألحان والتراتيل والأناشيد الدينية التي كنا ننشدها ونحن أطفال كالملائكة وسط طبيعة نادرة حيث المروج والبساتين والأشجار والجبال وزقازيق الطيور وخرير المياه وعبيق الورود والأزهار التي كانت تعطي رونقا وجمالا خلابا وخاصة في فصل الربيع من كل سنة , ذكريات حلوة ومُرّة عادت لتوقض في نفسي وروحي الحنين الى تلك الأيام والسنين التي فيها قضيت أجمل ايام عمري حيث نقشت في ذاكرة طفولتي صورة قريتي الجميلة وصورة الطبيعة الخلابة واثار أقدام طفل يلهو ويلعب في تلك الروابي  .
مشيت في شوارع مدينة دهوك وأنا مشدوه ومذهول بسبب ما رأيته من التقدم العمراني والتوسع الأفقي والعمودي في هذه المدينة , مدينتي التي قضيت فيها جزء من طفولتي ومراهقتي حيث أكملت دراستي المتوسطة فيها قبل ان اشد الرحيل الى بغداد لأكمال دراستي الثانوية والجامعية . أمّا مدينة أربيل عاصمة أقليم كردستان فهي تظاهي بعض المدن الغربية من حيث التطور في البنية التحتية ومشاريع العمران ووجود عشرات الشركات العربية والعالمية بالأضافة الى مطار معاصر فيها , هذا عدا المشاريع التنموية والصحية والتربوية والتعليمية والأدارية ....الخ .
أعود الى الواقع لأكتب مشاهداتي وملاحظاتي والمعلومات التي أستقيتها من بعض ألأصدقاء والمعارف وشهود عيان والمسؤولين الحزبيين ورجال الدين المسيحيين , لأنقل صورة قد تكون قريبة عن الحقيقة , حقيقة الوضع ألأجتماعي والسياسي والديني والأخلاقي لما هو عليه وضع المسيحييين في ضل حكومة اقليم كردستان , وأنقل همومهم ومشاكلهم وتمنياتهم وآمالهم وأخبارهم واحوالهم المعيشية والأجتماعية  ليتسنى لنا رؤية مستقبل المسيحيين القاطنيين في سهل نينوى (المتنازع عليه بين الحكومة المركزية واقليم كردستان) والساكنين في المناطق الجبلية( تحت ظل حكومة أقليم كردستان ) .
هناك من يقول أنَّ المسيحيين في اقليم كردسان العراق لهم نفس حقوق الأكثرية الكردية لا بل ذهب البعض الآخر الى القول: بأنّ لهم ألأفضلية في الحصول على المراكز الوضيفية والخدمية والطبيّة والتعليمية , ويستشهدون بخير دليل على ذلك , ما تم انجازه من البناء لعشرات القرى المسيحية في مختلف أنحاءأقليم كردستان( وحتّى في سهل نينوى) وحالة الأستقرار والحرية (النسبية) التي يتمتع بها جميع المواطنين في هذه المنطقة ومن ضمنهم شعبنا المسيحي ولمست شيئا مهما يجب معرفته الا وهو ألأحترام الشديد للمسيحيين وخاصة عند نقاط التفتيش حيث مجرّد معرفة أنَّ الركاب هم مسيحيين يتم الترحيب بهم ونادرا ما يطلب أبراز هويّتهم من قبل مراقبي التفتيش .
وهناك من يقول أنّ هذه الحقوق (للمسيحيين) هي مرحلة تكتيكية سياسية لغرض ضم أصوات المسيحيين الى أصوات الحزب الديمقراطي الكردستاني لتقوية سلطة الحكومة الحالية بقيادة هذا الحزب والدليل على ذلك هو استحواذ هذا الحزب على القرارات السياسية والحزبية والأهم من ذلك كون الخزينة والمال بيد حكومة الأقليم وهي التي تتصرف بها دون أن يكون للمسيحيين قرار سياسي أو حصة مالية خاصة بهم لتنفيذ مشاريع التنمية وتشغيل ألأيدي العاملة (المسيحية) وهذا ادّى الى ترك الكثيرين من المسيحيين ارضهم وفضّلوا الهجرة الى خارج الوطن في السنوات القليلة الماضية , هذا بالأضافة الى مشكلة التجاوزات على اراضي والقرى المسيحية , مما خلق نوع من فقدان الثقة للكثيرين من المسيحيين باسترداد أراضيهم وحقوقهم المهدورة.
وفي لقاء حميم وصريح وهاديء مع أحد الأخوة في المجلس الشعبي ( الكلداني السرياني الآشوري) دار حديثا صريحا عن الهموم والمشاكل التي يواجهها المسيحيّون في اقليم كردستان وسهل نينوى , ورؤية المجلس  لمستقبل المسيحيين وما هي برامج وخطط المجلس , للقيام بها , للسنوات  القادمة . لقاء اخر كان مع أعضاء من أخوتنا حزب الزوعا في عنكاوة ودار الحديث عن مواضيع مختلفة ومنها التركيز على وحدة الشعب المسيحي وتوحيد أهداف مختلف الأحزاب المسيحية وذلك بتكثيف الجهود بعمل لقائات مع جميع ألأحزاب لتوحيد الآراء والأصوات والمطاليب وأزالة كافة الخلافات بين ألأحزاب المسيحية وخاصة في ظل الواقع المرير والتهميش الذي يطال كُلِّ أحزابنا بسبب الصراع الحالي الذي يشهده العراق حول تقسيم الحصص بين الشيعة والسنة والأكراد دون النظر الى مطالب الشعب المسيحي الذي عانى ويعاني من الأضطهادات والتهجير والتهميش وأحد هذه الأسباب الرئيسية هو أنقسام البيت المسيحي على بعضه وأنقسام الكنيسة الواحدة وغياب قيادات حكيمة في هذه الضروف الصعبة

من أهم القضايا التي يحاول المجلس الشعبي التركيز عليها هي :
تحقيق امال المسيحيين  بحكم ذاتي في سهل نينوى وما يعترض  تحقيق هذا الحلم من المشاكل والعراقيل خاصة بعد سلسلة من التجاوزات على القرى والمدن المسيحية , وتغيير الديموغرافية والمعالم المسيحية لهذه المنطقة منذ سبعينات القرن الماضي واستمرار ذلك بصورة منهجية الى يومنا هذا .
والغريب أعتراض بعض الأحزاب المسيحية  والدينية على تحقيق الحكم الذاتي للمسيحيين في سهل نينوى مما يؤدي الى الشعور بالأحباط لدى الكثيرين من المخلصين الذين يناضلون في سبيل تحقيق هذا الحلم .
وضع حلول  لمشاكل الهجرة والتهجير التي تستنزف أعداد المسيحيين في العراق عامة والقاطنين في سهل نينوى ومناطق أقليم الحكم الذاتي خاصة. هناك مشكلة كبيرة يواجهها المسيحيون في منطقة سهل نينوى حالياً , بسبب عدم الأستقرار السياسي والمصير المجهول لهذه المنطقة في تبعيّتها لحكومة اقليم كردستان أو الحكومة المركزية مما خلق نوع من عدم الأستقرار وغياب خدمات الدولة والأهمال الذي طال جميع مرافق الحياة , ألأجتماعية والتربوية والصحية والتعليمية .....الخ , والأنقطاع المزمن في الطاقة الكهربائية والمياه والأهمال للمرافق الخدمية في المدن والقرى لهذه المنطقة والتقصير (المتعمد أحيانا كثيرة) في أيجاد فرص العمل لسكان هذه المنطقة بسبب غياب المشاريع التنموية مما أدّى الى هجرة الكثيرين (وخاصة المسيحيين) الى خارج الوطن أو النزوح الى مناطق أخرى .
هناك أكثر من 150 قرية مسيحية تم التجاوز عليها في المناطق الشمالية التابعة لأقليم كردستان(بالأضافة الى مدن وقرى سهل نينوى) , وتختلف نسبة التجاوزات لهذه القرى من قرية الى قرية (ونعني بالتجاوزات  على القرى المسيحية  هو تواجد سكان من أخوتنا الأكراد في أراضي هذه القرى بعد هجرة غالبية المسيحيين من قراهم بسبب الحروب التي شنتها الحكومات الدكتاتورية البائدة على شمال الوطن منذ سنة 1961 الى سنة 1989) وقد بذل ويبذل المجلس الشعبي (الكلداني السرياني الآشوري) وحزب الزوعا وغيرها من المنظمات والأحزاب و بالتعاون مع أخوتنا المسؤولين في حكومة أقليم كردستان , جهودا كبيرة لأسترداد اراضي هذه القرى وتسليمها الى سكانها(المسيحيين) الشرعيين , والعملية ليست سهلة بل تحتاج الى جهود مضنية لأنّ المتجاوزين يُطالبون بالتعويضات والحكومة الحالية في أقليم كردستان , وفي  وضعها الحالي , لا تستطيع تحمّل ألأعباء المالية لتعويض المتجاوزين , (علما أنّ قرية كاتب المقالة هذهِ من ضمن القرى التي تم التجاوز عليها 100%) .

انتشار ظاهرة المحسوبية والمنسوبية والعشائرية مما أدّى ويؤدّي الى انتشار الفساد الأداري والمالي ليطال جسد المجتمع العراقي بصورة عامة ولا يستثنى عن ذلك المنطقة الشمالية (أقليم كردستان العراق وسهل نينوى) ولو بنسبة أقل .
وهناك ظاهرة سلبية لمستها خلال زيارتي القصيرة للوطن وهي اللهث وراء الماديات على حساب القيم والمباديء ألأخلاقية والروحية , التي تأثَّرت بسبب الحروب والماسي التي مرّ بها المجتع العراقي عامة والمجتمع المسيحي خاصة فظهر جيل يلهث وراء وسائل التكنلوجيا الحديثة دون أن يستوعب اثارها السلبية , فأنحسرت الثقافة الأدبية والروحية , ونادرا ما يكون هناك أهتمام  بالوسائل التربوية والثقافية وليس هناك أهتمام ببناء البنية التحتية للأنسان ( الذي يجب أن يسبق بناء البنية التحية للمشاريع ألأنمائية) , وللأسف الشديد  حتّى الكنيسة والكثيرين من رجال الدين أنساقوا وراء التيار المادي وأصبحوا يتاجرون بالقيم السماوية كما كان يفعل علماء الشريعة اليهود في ايام ربنا يسوع المسيح فتركوا رعاياهم وأنساق الكثيرين منهم وراء أغراءآت العصر والشهوات الزمنية , ففتر ألأيمان , لابل أصبح الكثيرون من المسيحيين يحملون هويتهم المسيحية زورا وبهتانا.
رغم كلّ هذه الأحباطات والمشاكل والسلبيات التي لمستها  خلال زيارتي القصيرة يبقى أملنا ورجائنا لا يخيب في المستقبل المشرق الذي ننشده لأخوتنا المسيحيين في أن تعود لهم جميع حقوقهم المسلوبة و تحقيق امالهم وطموحاتهم في العيش في وطنهم والتشبّث بارضهم ومقدساتهم , والأنتماء الى جذورهم التاريخية والدينية , وتحقيق حلمهم المنشود في وحدة (السورايي) ووحدة كنيستهم المشرقية , وعلينا جميعا , وخاصة الأحزاب السياسية والمثقفين ورجال الدين الغيورين , أن نقف مع هؤلاء المسيحيين  المتشبثين بارضهم ونرفع من معنوياتهم وننقل أصواتهم ومطالبهم الى المحافل الدولية بكلَ أمانة ، وعلى مسيحيي المهجر أن لا يتخلّوا عن جذورهم وهويّتهم القومية والدينية وأن يتم التواصل بين مسيحيي الخارج والداخل حتى لا تنقطع هذه الجذور المشتركة .
وشكرا

142

ماهي ألأسباب الرئيسية لأضطهاد المسيحيين ؟
 
نافع البرواري
لم تُحارب أيِّة عقيدة عبر التاريخ كما حوربت العقيدة المسيحية , وكان الشهداء بالملايين يروون بدمائهم الأرض ولا زالوا , لم يتعرض العالم عبر التاريخ كالأضطهاد الذي جرى ويجري للمسيحيين , لم يتعرّض للنقد والطعن ومحاولة تشويه الحقائق الألهية لأيّ كتاب عبر التاريخ كما تعرض الكتاب المقدس , هل هذا كُلُّه صدفة ؟ ولماذا هذا الحشد الهائل لقوات العالم لمحاربة المسيح والمسيحيين وكتابهم المقدس "بشرى الخلاص".
"شاول شاول لماذا تضطهِدُني؟"أعمال 9:4"
هذا ما قاله الرب يسوع المسيح لشاول الطرسوسي (الذي أصبح أسمه بولس , بعد أهتدائه الى المسيحية) , الذي اراد هدم المسيحية ومحاربتها , ولكنه صار من أعظم الرسل في العهد الجديد يبشِّر بالمسيح القائم من بين ألأموات .
لقد كان شاول متديّنا وكان غيورا على عقيدته اليهودية حتى وصل الى مرحلة "الأصولية " والحقد والكراهية للمسيحيين ( قبل دخوله المسيحية) وهكذا اليوم أصبح التدين الظاهري ألأصولي سببا رئيسيا لأضطهاد المسيحيين في الدول العربية والأسلامية .
ألسؤال المطروح لماذا يُضطهد المسيحي؟
عندما نستطيع ألأجابة على هذا السؤال عندها نستطيع نحن مسيحيي العراق خاصة ومسيحييي الشرق عامة أن نضع يدنا على حقيقة طالما تمَّ أخفائها , بتعمّد , أو جهلها من قبل الكثيرين ولكننا أذا راجعنا قراءة الكتاب المقدس بتأني ومراجعتنا لقراءة تاريخ الكنيسة (وحتى تاريخ البشرية) الزاخر بقصص الشهداء سنحصل على الأجابات الشافية لهذا السؤال . انّ طريق المسيحية ليس مفروشا بالورود وليس نزهة في مُرج من الزهور بل هو طريق مليء بالأشواك والآلام , لأنّ هناك تعارض بين عالمين ,العالم السفلي(عالم الشيطان) وعالم السماء (العلوي)" أنتم من أسفل أمَا أنا فمن فوق"يوحنا 8:28" هذا ماقاله يسوع المسيح لليهود الذين كانوا يكرهونه لأنّه كان يفضح أعمالهم وسلوكهم الشرير . يسوع المسيح جاء الى هذا العالم فلم يقبله العالم ويقول لنا نحن المؤمنون به" ان أبغضكم العالم , فتذكروا أنّه ابغضني قبل أن يُبغضكم" يوحنا15:18 .
من أكثر ألأسباب الحقيقية والمنطقية لأضطهاد المسيحيين هي:
1_لأنَّ المسيحية تتبع حقائق الهية لا يستطيع العالم الخاضع لمملكة الشيطان أن يسمع أو يقبل  أو يسمح لهذه الحقائق التي تفضح أعماله (العالم) الشريرة . انّ رفض سماع الحق , وأضطهاد  الذين يحملون شعلة الحق , بدون أسباب مقنعة , ورفض الحوار بالكلمة والحجة بالحجة , ورفض الجلوس على طاولة واحدة وعلى الهواء مباشرة  للتحاور من أجل أرساء المحبة والسلام وألأخوة الأنسانية هي من شيمة الذين يعملون في جنح الظلام ولا يستطيعون الخروج الى النور , ولا يحتملون الحقيقة الساطعة , لأنَّ نور المسيح يكشف الظلام الذي هم فيه ويعرّي حقيقتهم الشريرة . يقول الرب يسوع المسيح لتلاميذه موضحا لماذا يبغضه العالم فيقول:
" ......ولكنه(أي العالم) يبغضني لأنّي أشهد على فساد أعماله"يوحنا 7:7",  فلذلك لا يستطيعون مواجهة الحق وجها لوجه فيلجأون الى كُلِّ الوسائل الخسيسة والدنيئة والجبانة والمقيتة وهي الغدر والخيانة والكذب والنفاق والطعن من الخلف بخنجر ألسنتهم المسمومة واياديهم الملطخة بدم ألأبرياء لأنهم يفشلون في أقناع ألناس بالعقل والمنطق والكلمة الحرة , والغريب أن الكثيرين الذين يؤيدين هذا الفكر الشيطاني , ويسكتون أو يتعاطفون مع هذه القوات الظلامية , فهم يشاركونهم هذه الصفات الرذيلة بسكوتهم المطبق شاءوا أم ابوا بل هم من المنافقين الذين يخافون من مراكزهم المهزوزة ويساهمون في استمرار هذه الأعمال . انَّ الذين لا يريدون سماع الحق , والذين يخفون الشر في داخلهم وهم في اية لحظة يتحوّلون الى ذئاب مفترسة اذا سنحت لهم الفرصة وكانت الضروف مواتية , فهم في الحقيقة خلايا أرهابية نائمة كما في المصطلح الدارج في هذه ألأيام .
انَّ الشيطان وأعوانه يعلنون الحرب على أتباع المسيح في كُلِّ زمان ومكان (رؤيا 11) فقد كره الناس الرب يسوع المسيح كما كرهوا أيضا أتباعه وتلاميذه ("يوحنا3:13") .
2_أنّ العالم يريد صياغة الله حسب قالبه الخاص , وحسب مايريدون هؤلاء ( من الله) وليس ما يريده الله منهم فألعالم يريد أن يُفصِّل الله على مقاييسه ويريد من الله ان يتبع نزوات هذا العالم وشهواته , ولهذا حارب رجال الدين اليهود (الذين كانون يتاجرون بالدين كما يتاجر اليوم الكثيرون من رجال الدين بالدين) , يسوع المسيح لأنّه قلب موازين هذا العالم عندما غير الكثير من القوانين والشرائع التي كانت تحكم الشعوب قبل مجيئه الى هذا العالم.
جاء المسيح ليضع القاعدة الذهبية (ألأيجابية ) التي تقول".., كُلِّ ما تُريدون أن يُعاملكم الناس بهِ فعاملوهم أنتم به ايضا" بينما كانت القاعدة (السلبية) عند اليهود ولا زالت عند الكثير من الديانات ألأخرى والعالم (الذي يتعامل بالمصالح) تقول"لا تفعل بالآخرين ما لاتُريدُ أن يفعل بكَ", ولكن الرب يسوع المسيح وضعها في صيغة ايجابية , فاضفى عليها معنى أقوى , فليس من الصعوبة أن نمتنع عن أذى ألآخرين , ولكن ألأصعب جدا أن نأخذ المبادرة في عمل شيئ صالح لهم , فهذه المبادرة هي اساس أعمال الخير والرحمة وهذا ما يصنعه الله معنا كُلِّ يوم (وهذا ما يفعله الكثيرون من المؤمنون والمنظمات ألأنسانية المسيحية) .
يقول الرب يسوع المسيح :
"هنيئا لصانعي السلام , لأنَّهم ابناء الله يُدعون"متى 5:9"
هنيئا للمضطهدين من أجل الحق , لأنَّ لهم ملكوت السماوات"متى"5:10
"أحبّوا أعدائكم , وصلّوا لأجل الذين يضطهدونُكم" متى 5:43"" هذه الآيات وغيرها هي تعكس طبيعة وصفات الله "محبة" لو طُبقت لعاش ألأنسان في ملكوت الله وهو على الأرض .
 ولكن عبر تاريخ البشرية نشهد عن حروب وسفك دماء ودموع وأضطهادات ومآسي من أجل شهوات هذا العالم (المال السلطة الجنس) بينما الرب يسوع المسيح جاء ليقلب المعادلة (معادلة الشيطان) رأسا على عقب فبدأت منذ ذلك الوقت الحرب بين قوات الشر الروحية ورئيسها الأبليس وبين الرب يسوع المسيح وقواته والمؤمنون به والملائكة (رؤية 13 ) . فالحياة المسيحية هي جهاد روحي وحرب مستمرة ليس ضد الأخوة في الجسد والدم بل ضدّ قوات الشر الروحية.
انّ الله الذي أصبح عند الكثيرين من الناس (مع ألأسف) يتاجر بدماء خليقته لهو اله سادي مريض لا يرتاح الا بمشاهد الدم ولا يرتوي الا بدماء الأبرياء فهو كمصاص الدم (دراكولا) هذا هو اله الذين تجسّد فيهم الشيطان بكلّ معنى الكلمة , لأنّ الشيطان أستغلَّ عنادهم وكبريائهم وغرورهم وتحيّزاتهم ليمنعهم من معرفة الحقيقة . فعندما يعميه ألأنسان الحسد والكراهية فهو لا يرى أفعاله الشنيعة ضدَّ الله وضدَّ أخوته في ألأنسانية, اليوم أيضا هناك الملايين الذين لايقبلون النصيحة التي لا تتفق مع رغباتهم , وكُلِّ ما يعتقدون انّه ألأفضل لهم , فألأنانية والكراهية والحسد متى تُركت بدون أنضباط في حياة ألأنسان قد تؤدي الى أعظم الشرور وهي ألأنتقام والحقد والكراهية .
لقد حارب اليهود المسيحيين في بدايات انتشار المسيحية , وكذلك الوثنيون ولا زال العالم يحارب المسيحيون في أغلب بلدان العالم وخاصة في  الشرق الأوسط بسبب مناخ ديني وأيدلوجيات وعقائد لا تعرف التسامح والحرية الدينية ولا تُقيم وزنا لحرية التعبير والراي والرأي الآخر.
3_ يسوع المسيح يقول للمؤمنين به أنّ العالم سيحاربهم لأنّهم ليسوا من هذا العالم "لو كنتم من العالم , لأحبكم العالم كُلِّهِ . ولأنّي أخترتُكم من هذا العالم وما أنتم منهُ, لذلك أبغضكم العالم "يوحنا 15ك18,19".
أليس اليوم ونحن نعيش في مناخ ديني لا يستطيع ألأنسان الذي يعيش في الظلام أن  يتعايش مع ألآخر , الذي يعيش في النور , لأنَّه لا يتحمّل وهج النور وسطوعه المنبعث من الآخر فيحاول اطفائه حتّى لا تنكشف أعماله القبيحة فالآخر هو مرات له تكشف جميع عيوبه , فيختار البقاء والعيش في عتمة الليل المظلم بدل الخروج من هذا الظلام ليتطهِّر بمصدر النور (يسوع المسيح) . لقد أختار الكثيرون بملء ارادتهم , أن  يخضعوا لسلطان الظلمة (الشيطان) بدل الخضوع لسلطان النور(يسوع المسيح) . اليوم الكثيرون أنغلقوا على ذاتهم وعلى مصالحهم ألأنانية , فهم لا يعترفون الآ بالذين يسيرون في الخط الذي رسموه لنفوسمهم , فهم لم يقدروا أن يتعرَّفوا على العطيّة السخية الكبرى التي  منحها الله للبشرية جمعاء الا وهي عطية الحياة ونعمة التمتع بها بسلام وفرح ومحبة , ولكن الكثيرون أختاروا الموت بدل الحياة والعيش في الظلمة بدل النور .
نعم  لا زال هناك في هذا  العالم من يصلبون المسيح في كُلّ يوم عندما يقتلون ويضطهدون المؤمنين به "فاذا أضطهدوني , يضطهدونكم , وأذا سمعوا كلامي , يسمعون كلامكم . هم يفعلون هذا كُلَّه من أجل أسمي"يوحنا 15:19".
4_ السبب المهم أيضا لأضطهاد المسيحيين كما يُخبرنا الكتاب المقدس (وحتى علم النفس الحديث) هو الغيرة من المؤمنين (راجع سفر ألأعمال5:17,18" , بما يرونه فيهم من السلام الداخلي والمحبة والأخوَة والفرح والأمانة والصدق والأخلاص والرجاء الذي فيهم بالأضافة الى أعمال الخير التي يقومون بها دون النظر الى الدين أو اللون أو الجنس , هذا بالأضافة أنّ المسيحيين (في الغالب) يتميّزون عن الآخرين بالتفوق العلمي والأبداع في جميع وسائل المعرفة بالأضافة الى السمو الأخلاقي ومحبة الحياة والثقة بالنفس والأنفتاح على الآخر , بينما الذين أختاروا السير في طريق فرض فكرهم ومبادئهم وعقيدتهم على الآخرين بالقوة فهم يشعرون بعقدة النقص والأحباط ويحملون أمراضا نفسية وعقد تربوية ينشأون ويترعرعون في بيئة تفوح منها رائحة الكراهية والحقد واليأس والأحباط  , فيلجأون الى من يزرع فيهم أمل اخر (وخاصة لجوئهم الى رجال الدين) في الحياة الأخرى لتعويضهم عما يفتقدون اليه في هذه الحياة أنّهم كالمدمنين على المخدرات لا يستطيعون مقاومة الشر بل هم يغوصون أكثر فأكثر في وحل الخطيئة .
الكتاب المقدس يعلِّمنا دروساً عن نتائج البغض والحقد والمرارة والكراهية تتجسسّد بالكراهية للناس والجماعات التي تختلف عنهم في العقيدة أو الثقافة , وهكذا ظهر عبر التاريخ أشخاص وشعوب عنصرية تميل الى فرض العقيدة على ألآخرين بقوة السيف .
لقد كَره الناس الرب يسوع المسيح , كما كرهوا أيضا اتباعه وتلاميذه (1يوحنا3:13") .
فقايين كره أخاه هابيل لأنَّ أعماله هو كانت شريرة فالحسد جرَّ قابيل الى أن يمارس ابشع جريمة وهي القتل , وهكذا الناس الذين يَحْيُون حياة الصلاح ونعيشونها يكشفون الآخرين ويخجلونهم , فأن كنّا نحيا لله فسيكرهنا العالم على الدوام لأننا نجعلهُ (أي العالم) مدركا دائما لطريقة حياته الفاسدة .
ماذا علينا نحن المسيحيين فعله؟
ألأضطهادات كبيرة , أيّام فيها نضعف ولا نستطيع التعامل مع الضروف وقد نحتاج الى أجابات لأسئلتنا والى قيادات روحية وتوجيهاً واضحاً , وفي صلواتنا نحصل على الكثير من ألأجابات لأنَّ الكلمة الحيَّة , كلمة الله تبدأ في هذه ألأوقات  الحرجة , وأذا تمسّكنا بايماننا  فأنَّ هذه المحن والتجارب تجعلنا أقوى , فنصبح راسخين في هذه ألأختبارات وأكثر ألتصاقا بالرب يسوع المسيح "ستبكون وتندبون وأمّا العالم فسيفرح . ستحزنون , ولكن حزنكم يصيرُ فرحا.... لا ينزعه منكم أحد "يوحنا 16:20,22". نعم المستقبل قد لايكون كما يريده ألأنسان المؤمن , ولكن هناك الوعد العظيم بالرجاء للمؤمنين الحقيقيين يلطِّف ويخفف من الضيقات والألام.
التاريخ يعلِّمنا دروسا في الرجاء , ونحن المؤمنين ننظر الى الماضي وخاصة الى أحداث الكتاب المقدس , فتصبح لنا رؤية ووضوح وكشف عندما نبقى أُمناء على مبادئنا المسيحي
 وكُلّما ضاقت بنا ألأرض وكثُر الأعداء علينا أن نقرا ونتأمّل في مزمور 142
"نظرتُ الى اليمين ورأيتُ فما وجدتُ من يعرفُني . لا مكان ألوذُ به , ولا أحد يسأل عنّي فصرختُ اليك ياربُّ , وقُلتُ أنت حَمايَ , وأنت نصيبي في أرض ألأحياء"مزمور142:5,6"

143
ماذا بعد مذبحة المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة؟
       
نافع البرواري
يعتقد الكثيرون مع الأسف , ومنهم القسم الأكبر من المسيحيين , انّ ما يجري في الشرق الأوسط عامة وفي العراق خاصة , من ألأعمال ألأرهابية ضد المسيحيين ,هو وضع عام يتزامن مع ظاهرة الأرهاب الذي يشهدها العالم كُلّه منذ 11ستمبر2001 .
ولكن الحقيقة هي غير ذلك , فقد بدأ الأرهاب ضد المسيحيين منذ الحرب العالمية الأولى( لا بل قبل ذلك بمئات السنين )حيث كانت الأمبراطورية العثمانية(التركية) تحكم العالم الأسلامي , الذي كان يعيش فيه المسيحيين مع الشعوب ألأسلامية , وكانت سياستها (سياسة الأمبراطورية ألعثمانية) ضرب المسيحيين , بتحريض من الشعوب والحكومات العربية والأسلامية ضدهم . وكلنا يعرف ما قام به ألأتراك بين سنة 1915_1919 من جرائم بحق ألأرمن والأشوريين والسريان حيث كانت هناك ابادة جماعية( راح ضحيّتها مئات الآلاف ) وتصفية عرقية وأحتلال أراضي ومقدسات المسيحيين , وبعد سقوط هذه ألأمبراطورية (الملقبة بالرجل المريض) وتقسيم مستعمارتها بين الحلفاء (ومن ضمنها البلدان العربية) ظهر جيلاً جديداً من الأسلاميين المتشددين الذين اعتبروا الأستعمار الغربي لبلدانهم بمثابة حملة صليبية ضد المسلمين وانتشرت حركات اسلامية وخاصة حركة ألأخوان المسلمين في مصر وغيرها من البلدان العربية , وكذلك انتشار الفكر السلفي الوهابي في الجزيرة العربية وتصدير هذا الفكر الى خارج الجزيرة في الدول العربية والأسلامية (بتمويل من أموال البترول) . ومن المعروف أنّ هذه الأفكار(السلفية) سادت على ألأفكارالقومية(العربية) والأشتراكية والأحزاب العلمانية خاصة بعد نكسة حزيران 1967 عندما انهزم العرب أمام القوات الأسرائيلية . فظهرت افكار اسلامية راديكالية سلفية متطرفة تعادي ليس اليهود والمسيحيين فقط  , بل كُلّ من يقف في طريقها أو يخالف منهجها , فكانت الشعوب المسيحية واليهودية التي تعيش في هذه الدول الضحية الأكبر بسبب تكفير ألأحزاب ألأسلامية لها وتحليل سفك دمها , وقد شهد اليهود في العراق خاصة وبقية الدول العربية والأسلامية الكثير من العمليات الأرهابية وراح ضحيّة ذلك ألأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكذلك شهد مسيحييوا ايران والعراق ولبنان وسودان وتركيا اضطهادات مباشرة وغير مباشرة لا بل اشتعلت حرب اهلية في لبنان في سبعينيات القرن الماضي , بين المسيحيين والمسلمين  وأستمرت حوالي خمسة عشر سنة  فهاجر القسم الأكبر من مسيحيي لبنان واصبحوا الآن أقلية بعد أن كانوا الغالبية . أمّا في العراق فقد دمّرت مئات القرى والكنائس المسيحية في ستينات وسبعينات القرن الماضي بسبب الحرب بين العرب والأكراد فكانوا المسيحييون الضحية قبل غيرهم وهذا سبّبَ نزوح الكثيرين منهم الى المدن والبعض منهم ترك العراق وهاجر الى الغرب . ثم أصبحوا وقوداً للنار في الحرب التي نشبت بين العراق وبين أيران سنة 1981( بسبب ما كانت الجمهورية الأسلامية ألأيرانية تعلن علنا عن تصدير ثورتها ألأسلامية الى العالم الأسلامي) والتي استمرت ثمانية سنوات , وهكذا زجَّ المسيحييون  في حروب فرضت عليهم واخرها حرب الخليج الأولى حيث غزا النظام العراقي دولة الكويت سنة 1991) والثانية التي شنتها أمريكا على العراق سنة 2003 فأصبح المسيحييون بين مطرقة المتشددين الشيعة وسندان المتطرفين السنة ونيران المحتل الأمريكي , وليس هناك من يحميهم أو يسمع أنينهم في ظل التكالب على السلطة والتنافس بين الأحزاب والأرهاب السلفي الذي أستغّل  ضعف الدولة , فكان يبتز المسيحيين ويستولي على بيوتهم أو يتم أختطاف المسيحيين وطلب الفدية , هذا عدا العمليات الأرهابية التي راح ضحيّتها حتى الكهنة ورجال الدين من مختلف الطوائف , وأخرها "أمُّ المذابح" في كنيسة سيدة النجاة في يوم القديسيين المصادف يوم الأحد 31أكتوبر 2010 .
لكلِّ هذه ألأسباب وغيرها الكثير , لا نستطيع حاليا الخوض فيه ا, فأنّ الهجرة مستمرة وسوف تستمر ولن تنتهي في المدى القريب , وكل من يقول عكس ذلك(كما نسمع الآن من بعض رجال الدين المسيحيين وبعض الذين يمثلون المسيحيين في البرلمان والدولة) فهو ليس له رؤية صحيحة ودقيقة لأرض الواقع وليس له بعد نظر , فالأرقام هي التي تشهد على ما نقوله حيث بلغت نسبة المسيحيين المهاجرين خارج العراق 000 500 أي بنسبة 50%(منذ 2003) أمّا السكان المهاجرين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين والمصريين  فلا تحضرني الأرقام الخاصة بهجرة المسيحيين ولكنها مخيفة .
 وبصورة عامة نستطيع أن نقول أن نسبة المسيحيين في الدول العربية الحالية كانوا حوالي 70% بعد انتشار المسيحية (القرون الأولى لأنتشار المسيحية) في هذه البلدان أما ألان فنسبتهم تتراوح بين 3_10%.  فطالما هناك ظاهرة التطرف الديني السائد  في الدول العربية والأسلامية , فلا يستطيع المسيحييون أن يعيشوا في جزيرة صغيرة وسط بحر مترامي وهائج وخاصة أذا أستمر موقف العالم العربي المتفرج , لا بل  في أحيان كثيرة مشجّع لهذا ألأرهاب . حيث لم نسمع , الاّ نادرا , من وسائل الأعلام  العربية والأسلامية شجبا واستنكارا , وأذا حدث ذلك فلا يُترجم على أرض الواقع بالمظاهرات أو أية وسيلة أخرى كي توصّل أنين ومعانات مواطنيهم وأخوتهم المسيحيين الى المحافل العربية والدولية , في حين عندما يقتل  مواطن عربي مسلم في أحدى الدول الغربية على يد مجرم , كما حدث ل "مروى الشربيني" عندما قتلها أحد العنصريين الروس العائش في المانيا , قام العرب والمسلمون ولم يقعدوا , وقام مئات ألالاف بمظاهرات وأتهام المانيا بالدولة العنصرية وأوكلوا المحامين للدفاع عن الضحية ولم يقبلوا بالقضاء الألماني المعروف بنزاهته . أنّ ا لعرب والمسلمون يكيلون بمكيالين وكما قال الرب يسوع المسيح "ينظرون الى القشة في عين صاحبهم ولكنهم لا يزيلوا الخشبة من عيونهم".
أنّ مسار الخط التصاعدي لزيادة الهجرة  زاد بعد سيادة الفكر السلفي في الدول العربية التي تحكمها الغالبية السنية , وفكر ولاية الفقيه ( بعد الثورة ألأسلامية في ايران) في الدول التي تحكمها الغالبية الشيعية .
فكل المؤشرات تؤكد لنا أنّ المسيحيين سوف يستمرون بالهجرة الى الدول الغربية  تحت هذه الضغوط التي تشترك فيها الحكومات العربية والأسلامية  أضافة الى المراجع السنية والشيعية وسطوة رجال الدين والفتاوى التكفيرية والمؤتمرات ألأسلامية التي تغض الطرف عن هذا الأضطهاد لا بل في أحيانا كثيرة ومن وراء الكواليس تشجّع  هذه المراجع ألأعمال ألأرهابية بحق المسيحيين . ويساهم الأعلام المأجور والقنواة الفضائية التي تحمل الأفكار الأسلامية المتطرفة في تأجيج مشاعر المسلمين وتحريضهم ضدّ المسيحيين المسالمين في حين أنّهم(أي المسيحيين) ليس لهم سلاح ولا سطوة ولا جيوش , سوى سلاح كلمة الحق والمحبة والسلام .
 لم يظهر المسلمون محبّتهم  لأخوتهم المسيحيين الذين وقفوا معهم في السراء والضراء عبر أكثر من الف وأربعمائة سنة في حين فتح المسيحييون بلدانهم للعرب المسلمين القادمين من الجزيرة العربية وحاربوا معهم جيوش الفرس والروم وساهموا في نشر الحضارة العربية ,
لم نسمع من شيخ ألأزهر ولا من المرجع الشيعى ألأعلى , ولا من امام الحرم المكي , كلمة أعتذار على ما يقوم به المتطرفون من المجازر بحق المسيحيين المسالمين ,
لم نسمع في كُلّ المؤتمرات الأسلامية التي أنعقدت عبر السنوات الماضية كلمات وقرارات تُطمئن المسيحيين وتعزّيهم في محنتهم .
يقول أحد ألأخوة العرب:"المشكلة فينا , فنحن(العرب) لا نعرف الحب..الآ حب أنفسنا المبالغ فيه الى ابعد الحدود وأكثرها التباسا مرضيا!!!) بعضنا يعتقد أنّ العالم يكرهنا(نظرية المُآمرة) ..هذا خطأ كبير , فنحن لانُظهر للعالم أننا نحب غيرنا , كما هو يحب بعضه بعضا ..نتسابق على أن نقدم اليه صورة عنا مشحونة بامارات الغضب , وعلامات الكراهية , ونتنافس في تبرير أعمال ألأرهاب , ولا نقدّم في مناسبات المحنة والكارثة لمسة حنان تقول اننا انسانيّون مثل الآخرين .

144
هل مسيحييوا العراق هم مشروع دائم للأستشهاد؟

 

نافع البرواري

الأحد 31 أكتوبر2010 يجب أن يسمّى بحق يوم الشهداء لمسيحيي العراق ،

حيث في عصر هذا اليوم وأثناء الأحتفال بالقداس الألهي في كنيسة سيدة النجاة  في الكرادة في بغداد , تم حدوث اكبر مجزرة لمسيحيي العراق منذ عقود , فقد فجّر الأرهابييون أنفسهم وسط مصلين مسالمين لا ذنب لهم سوى كونهم مسيحيين يؤمنون بالمحبة والسلام , وهذا الأيمان هو عدو الشيطان وقواته , حيث حرّكت هذه القوى الشيطانية مريديها ليقتلوا هذا السلام  في بيت  الله .

ألأسئلة التي تطرح وسوف تطرح على الدولة والحكومة الحالية وعلى كل الدول الأسلامية , ونريد الأجابة عليها بأقرب وقت ممكن هي:

كيف أستطاع الأرهابييون الوصول الى هدفهم  بكل هذه السهولة علما بأن المنطقة محصّنة وهناك حواجز أمنية؟ سؤال يلقي بظلاله على ماجرى ويجري للمسيحيين من ارتكاب مذابح جماعية عبر السنوات الماضية .

هناك تعتيم واضح ومتعمد من قبل الحكومة وقوات الأمن حول طريقة الأقتحام للقوات الأمنية للكنيسة ولماذا لم يتم التحقق من مطالب الأرهابيين وأعلانها للشعب والعالم؟

لماذا تم أعتقال صحفيين من القناة البغدادية ومن ثم تم تطويق القناة في اليوم التالي للمجزرة ودخول القوات ألأمنية في مركزالقناة للبث دون أعطاء أي سبب او مبرر مهم لذلك علما أن القناة البغدادية سبق وأن حذرت القيادة العامة لقوات بغداد بوجود تهديد للكنائس من مصادر خاصة ؟

أين هي مصداقية الدولة في حماية الأقليات عامة والمسيحيين خاصة علما أن الحكومة الحالية لم تكشف عن أيّ تحقيقات عن الجرائم السابقة بحق المسيحيين وظلت الملفات مغلقة وسرية وطي الكتمان لا بل تثير تسائلات كثيرة عن وضع المسيحيين ومصيرهم مستقبلا ؟

لماذا هذا الصمت الرهيب من قبل الدول الأسلامية خاصة والدول العربية عامة , بحكوماتها ووسائل أعلامها عن ما يجري من المذابح والمجازر بحق المسيحيين في العراق , في حين تلك الدول والحكومات ووسائل اعلامها المأجورة تطبل وتزمّر وتهدد وتعربد عندما يقتل مسلم واحد في دولة اوربية محسوبة جزافا على المسيحية؟ لماذا هذه المعايير المزدوجة والعدالة المفقودة والكيل بالمكيالين؟

لماذا لا يتم , وعلى مستوى الدول الأسلامية , وضع قوانين ومبادئ لحماية الأقليات المسيحية في  هذه الدول , في حين يحصل  المسلمون على حرياتهم الدينية وحقوقهم كاملة في البلدان الغربية( المسيحية) ؟

لماذا لا يشجب  شيوخ وأمة المسلمين في مؤتمراتهم الأسلامية ما يجري من المذابح والقتل للمسيحيين المسالمين في بلدانهم , وأن حصل ذلك لماذا لايطبقون أقوالهم في ألأرض ويعتذرون للمسيحيين في دولهم عن الأعمال الأرهابية بحق المسيحيين ليبرروا أنفسهم من هذه الجرائم ؟

السؤال الأخطر الذي نريد الأجابة عليه من قبل الحكومة الحالية وكل الذين وقعوا على الدستور الحالي للعراق وهو:

أذا لم يكن هناك مشروع لتفريغ العراق من المسيحيين وانتم لستم  شركاء في هذا المشروع الجهنمي فلماذا وضعتم دستورا دينيا اسلاميا يظلم شعوب الديانات الغير ألأسلامية وينتهك حقوقها الأنسانية والدينية طالما يستمد هذا الدستور قوانينه من الشريعة ألأسلامية؟

من كل هذه الأسئلة المطروحة وغيرها الكثير والتي لم ولن نحصل ألأجابة عليها نقترح مايلي:

نطالب جميع ممثلي الشعب المسيحي في البرلمان العراقي وأقليم كردستان أن يعلقوا تمثيلهم في البرلمان لأشعار اخر حتى يتم الأجابة على كل اسئلتنا المشروعة وهي اسئلة غالبية المسيحيين الذين أعطوكم الثقة الكاملة لتمثلونهم في البرلمان والمحافل الدولية ،

وعلى المسيحيين العراقيين ومسيحيي الشرق ألأوسط جميعا في الداخل والمهجر ألأعتصام أمام  مقرات ألأمم المتحدة في العراق والعالم لتدويل قضيتهم وأعتبار ماجرى ويجري في العراق هو مشروع منظم لترهيب وتهجير وحتى ابادة جماعية للمسيحيين , وقد سبق أخوتنا الأقباط أن قاموا بهذا العمل وأستطاعوا توصيل أصواتهم الى المحافل الدولية .

145
المنبر الحر / ذكرى عيد الصليب
« في: 22:57 14/09/2010  »
ذكرى عيد الصليب
نافع البرواري
يصادف 14 أيلول من كلِّ سنة ذكرى عيد الصليب ويحتفل مسيحيوا المشرق بهذه المناسبة بأقامة الصلوات وأشعال النار على سطوح الكنائس والتلال والجبال, ولا نريد أن ندخل في تفاصيل تاريخية هذا العيد ولكن ما يهمُّنا هو رمز الصليب وأهميّته عندنا نحنُ المسيحيين. كيف كان يصلب الأنسان في عهد الرومان؟ ماذا يرمز صليب المسيح؟ لماذا مطلوب منا أن نحمل صليبنا ونتبع المسيح؟ لماذا نحن نفتخر بصليب المسيح ؟هذه ألأسئلة وغيرها علينا نحن المؤمنين ألأجابة عليها لكي نعرف معنى ورمز الصليب الذي نحمله على صدورنا أو نعلّقه على جدران بيوتنا أو كنائسنا
كان الصليب صورة مرعبة ومخزية لتنفيذ حكم ألأعدام ,فكان على المحكوم عليه أن يحمل صليبه على أكتافه طيلة الطريق الى مكان الصلب كعبرة للشعب وتعبيرا عن الخضوع لسلطات روما.(وهكذا فعل الرومان عندما فشلت ثورة العبيد بقيادة سبارتاكوس,فعندما فشلت ثورة تحرير العبيد قام الرومان بصلب مئات العبيد على الطرقات لكي يكونوا عبرة لمن تسوّل نفسه القيام بثورة ضد الأمبراطورية الرومانية).كانت هناك أشكال عديدة للصلبان ,وكذلك طرق عديدة للصلب.لقد سُمّرَ يسوع على الصليب ,بينما كان المحكوم عليهم يُربطون أحيانا بالحبال على الصليب,وفي كلتا الحالتين ,كان يحدث الموت نتيجة ألأختناق,لأنّ ثقل الجسم ,يجعل التنفُّس يزداد صعوبة مع فقدان قوّة الشخص.
فلنتصور حجم الآلام التي تحمّلها يسوع المسيح وهو في طريق الآلام للوصول الى الجلجلة حيث وضع الصليب على أكتافه بعد أن جُلد وعُذّبَ وأُستهزءَ به قبل أن يُرفع على خشبة الصليب وهو في طريقه الى الجلجلة( راجع مرقس15:16,17,18).نعم كان الموت على الصليب موتا بطيئا وأليما ومرعبا ,ولكن ألأكثر الما عندما يموت أنسان بريئ مُتّهم بجريمة لم يرتكبها ,ولكن الأكثر الما وهولا هو ثقل الخطيئة للبشرية جمعاء التي حمّلها يسوع في موته على الصليب .
كانت تُعلّق أحيانا على الصليب لوحة بجريمة المحكوم عليهم تحذيرا للناس ,ولأنَّ يسوع لم يكن مذنبا ,كانت التهمة الوحيدة المكتوبة على تلك اللوحة هي "أنّه ملك اليهود"
ما معنى حمل الصليب؟
وكما أنّ روما كانت تُحمِّل المصلوب أن يحمل صليبه على أكتافه تعبيرا عن الخضوع لسلطات روما هكذا يسوع المسيح يطلب من اتباعه أن يحملوا الصليب في مسيرة حياتهم على هذه الأرض فيقول ."من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني "متى 16:24"  ..ومن لا يحمل صليبه ويتبعني,فلا يستحقُني"متى 10"38" .أستخدم يسوع المسيح تشبيهه حمل الصليب ليصوِّر غاية الخضوع المطلوب من أتباعه ,ولكن يسوع المسيح ليس ضدِّ السرور والفرح في هذه الحياة ,كما أنّه لا يقول لنا أن نسعى الى الألم عندما لا تكون هناك ضرورة ولكن اذا كان لا بُدّ لللالام فعلينا أن نواجهها مهما كان شاقا ومؤلما ,فلا شيئ حتّى حياتنا يمكن أن يُقارن بما سنربحه مع يسوع المسيح.فلا يمكننا أن نكون تلاميذ المسيح أذا لم نتحمّل الصلبان في حياتنا في هذه الأرض"لوقا14:27" نعم هناك كُلفة للذين يتبعون المسيح وعليهم أن يحسبوا ثمن أتباعه.
لكي نحمل صليبنا ونتبع المسيح يلزم أن نطرح عنّا كلِّ الهموم وألأولويات ألأخرى ,يجب أن نُسِّلم تماما لله في استعداد كامل لمواجهة أيُّ شيئ ولو كان ألألم والموت من أجله,فالتمسُّك بهذه الحياة يمكن أن يجعلنا نخسر المسيح في هذا العالم والعالم الآتي
لماذا طلب اليهود أن يموت يسوع على الصليب؟
أنّ قادة اليهود أرادوا تحقيق هدف رئيسي من صلب المسيح على( خشبة الصليب) وهو
لأنَّ المصلوب (حسب أعتقادهم) ملعون من الله"تثنية 21:23" وهكذا أرادوا أن يقنعوا الشعب أنَّ يسوع ملعونا من الله وليس مُباركا.
لماذا وضعت اللافتة على الصليب؟
وعلَّقَ بيلاطس على الصليب لوحة مكتوبا فيها :"يسوع الناصري ملك اليهود"يوحنا 19:19" كُتِبت هذه اللافتة  بثلاثة لغات :بالعبرية للمواطنين اليهود,وباللاتينية للرومان الذين في المنطقة ,وباليونانية للغرباء ولليهود الزائرين الآتين من بلاد أخرى.   يقصد من هذه اللافتة السخرية ,فأنّ ملكا عاريا جُرِّد من ثيابه وصُلِبَ على مرأى من الشعب من الواضح أنّه قد فقد مملكته الى ألأبد, (وهذا ماقاله احد الفلاسفة الوجوديين عندما قال : لقد مات اله المسيحيين فبماذا يفتخرون؟ونسى هذا الفيلسوف قيامة المسيح وأنتصاره على الموت)
كان الجنود الرومان يستهزئون ويسخرون من الرب يسوع المسيح بأن البسوه ثوبا قرمزيا ( رمز ثوب الملوكية) وضفروا اكليلا من الشوك ووضعوه على راسه (رمز تاج الملوك) وجعلوا في يمينه قصبة (رمز صولجان الملوك) ثم ركعوا أمامه (كما يركع الناس أمام الملوك حينذاك) قائلين "السلام عليك يا ملك اليهود"متى 27:27,28,29.أمّا الرب يسوع الذي يقلب حكمة هذا العالم ويغيّرها فكان على وشك أستلام مملكته .فبموت الرب يسوع وقيّامته سدد ضربة الى حكم الشيطان وأقام سلطانه الأبدي على ألأرض .انّ القَِلّة الذين
قرأوا هذه اللافتة  فكانت صادقة وحقيقية تماما فكتابة بيلاطس هي أعتراف( دون أن يقصد ذلك) بكون المسيح ملك لآ بل ملك الملوك ورب الأرباب,فها هو اليوم يسوع المسيح ملك على اليهود وعلى ألأُمميين وعلى كل الكون باكمله.
أنّ علامة الصليب يرمز الى العمل الكفاري الذي قام به يسوع المسيح أذ قدّم نفسه ذبيحة على خشبة الصليب ليحمل عنا خطايانا وليصالحنا مع ابيه السماوي حيث كنا أمواتا بسبب الخطيئة التي كانت حاجزا بين البشرية وبين الله, وبذبيحة المسيح رفع هذا الحاجز  لأنّ المسيح حمل خطايانا وسمّرها على خشبة الصليب ,فالمسيح كما قال عنه يوحنا المعمذان: "هذا هو حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم"يوحنا1:29"
نعم فكما يقول الرسول بولس:"فالبشارة بالصليب "حماقة" عند الذين يسلكون طريق الهلاك.وأمّا عندنا نحن الذين يسلكون طريق الخلاص,فهو قدرة الله"1كورنثوس1:18"
"....وأذا كان اليهود يطلبون المعجزات ,واليونانيّون يبحثون عن الحكمة ,فنحنُ ننادي بالمسيح مصلوبا"1كورنثوس1:22".الصليب هو محور ألأيمان المسيحي فبموت المسيح كذبيحة كفارية , تم خلاص العالم من الخطيئة التي كانت سائدة على الجنس البشري فصار الخلاص متاحا للأنسان المؤمن بالفداء الذي قدّمه يسوع المسيح بسفك دمه البريء على خشبة الصليب.ويمكن أن نفهم عمل الله لخلاص العالم بأختصار كما ورد في الفصل 53 من نبوات اشعيا النبي الذي يقول:
"حمل عاهاتنا وتحمَّل أوجاعنا ,حسبناه مصابا مضروبا من الله ومنكوبا وهو مجروح لأجل معاصينا ,مسحوقٌ لأجل خطايانا,سلاما أعدَّه لنا ,وبجراحه شُفينا....كُلُّنا كغنم ضَللنا,مال كُلِّ واحدِ الى طريقه ,فألقى عليه الرب أثم جميعنا......وضُرب لأجل معصية شعبه....وبوداعته يبرّر عبدي الصديق كثيرين من الناس ويحمل خطاياهم"اشعيا 53"
نعم" هكذا أحب الله العالم حتى وهب أبنه ألأوحد,فلا يهلك كل من يؤمن به ,بل تكون له الحياة ألأبدية"يوحنا 3:16"

146
السريانية لغة وثقافة وحضارة
 
تتمة الجزء الثالث:" السريان ونقل البشارة"
نافع البرواري
تكلمنا في  المقالة السابقة عن السريان ونقل البشارة (كما ورد نصا في كتاب "ينابيع سريانية") من بلاد الرافدين الى بلاد فارس واسية الوسطى, وسنستعرض في هذه المقالة تتمة المقالة السابقة عن السريان ونقل البشارة الى"اسيا الوسطى نحو الصين وبلاد شرق آسيا والأراضي الهندية والسيلانية.
لقد سلك رُسلْ كنيسة المشرق في حماستهم التبشيرية طرق القوافل التجارية ألآتية بالحرائر والبهارات من الصين, وحققوا أهتداءات عند الويغور والكيرخيز والمركيت والأتراك والتتار والهون والنايمان وألأُويرات(على شواطئ بحيرة بايكال في سيبيريا الشرقية) والكاراخيتاي والخيتان والتانغوت التيبيتيّين . كانوا يسمّون التيبت بيث توبتاتي , وكان لها في القرن الثامن متروبوليت يرئس عدّة أساقفة, وقد بدأ تبشيرها قبل قرن .
من يراجع خارطة العالم يلاحظ ألأمتداد الجغرافي , في أتجاه الشمال الشرقيّ, من هضبة التيبت الى جنوب سيبريا الى بلاد المغول ثمّ الى منشورية فشمال كوريا . واذا كان الوجود المشرقي في منشوريا قد ثبت خلال القرون ألأربعة (من العاشر الى الثالث عشر), فهذا يعني أنّه تركّز في المناطق المغولية والسيبيرية الجنوبية . وتفيد الوثائق أنّ ألأمير المسيحي نايان الذي كان يحكم بجيش معضمه من المسيحيين , منغوليا ومنشوريا, كان يضع الصليب على راياته قبل أن يثور على قوبيلاي خان ويموت في المعركة سنة 1287م. وفي منغوليا الداخلية , وتحديدا في أولون سومايينتور وجد أوين لاتيمورسنة 1933م بقايا كنيسة مشرقية تبعد 20 كلم شمال شرق بالينغ – مياو , وأكتشفت , من جهة أخرى , ذخائر مشرقية في اليابان . فخلال غزو الجيش المغولي , الذي هزمه اليابانيّون سنة 1281 خلال المعركة الكبرى في خليج هاكاتا عند أرخبيل كيوشو, كان جنود الجيش المغولي , ولاسيّما الوغور, يضعون صلبانا على خوذهم الفولاذية. وفي القرن الثاث عشر أمتازت ابرشيات كاراكوروم, وخان باليق والماليغ, وهي ثلاثة متروبوليتات مشرقية, بأمتدادها . ولقد وجدت نقوش محفورة في قبور مشرقية في مدينة الماليغ . وفي النصف الثاني من القرن الحادي عشر كان لا يزال يوجد مسيحييون في كانتون (عاصمة مقاطعة غواندونغ الصينية). وكان ألأكليروس المسيحي معفيّا من الضرائب وتوزع عليه حبوب بأمر ألأمبراطور. وفي عودة الى قوبلاي خان , كانت أمّة بايغي مشرقية , وقد أسس سنة 1289 مكتبا لتنظيم شؤون العبادة المسيحية في الأمبراطورية كُلّها(الصينية التي حكمتها السلالة المغولية من 1260-1367م). 
 Xian مسلّة كسي – ان
دعا المشرقيّون الصين بيت شينايي أو شينستان , وقد بدأ حضورهم فيها قبل استقرار سلالة تانغ عام 520 . لقد سبقوا الفرنسيسكان والدومنيكان واليسوعيّين بالف سنة تقريبا. ومركز ألأشعاع المسيحي في الصين لم يكن رومة بل سلوقية قطيسفون . والرهبان المثقّفون ألأوائل الذين بشّروها باركهم البطريرك المشرقي على بلاد اشور وكلدو أيشوعياب الثاني الجدالي سنة 630م . انّ عاصمة سلالة تانغ الصينية (618-906) كانت كسي – أن , وهي الآن عاصمة مقاطعة شانكسي حيث حوض واي هي الذي كان يدعى شانغ – أن . في عام 781 م شُيّد نصب تذكاري في كسي- أن عليه كتابات محفورة بالصينية وألآرامية . موقع النصب حرم دير تا تسين المؤسّس سنة 638م , ما يدلُّ على نشاطاتهم الرسولية انذاك . وقد أُكتشف النصب سنة 1623م ألآباء اليسوعيّون , فأحدث أكتشافهم أنذاك ضجّة في أوروبا كصدى لهذا الحدث المهم , حتى أنّ فولتير الشكّاك أعتبر النصب قطعة مثيرة للفضول بل "للشعوذة النسطورية الهرطوقيّة ". وما كتبهُ :"لكنّ هؤلاء المعلّقين لا يفقهون أنّ مسيحيّي بلاد ما بين النهرين كانوا نساطرة لايؤمنون بالعذراء القدّيسة والدة الآله. وبالتالي , اذا أعتبرنا أولوبوين كلدانيّا أرسله الغمام ألأزرق لهداية الصين , نفترض أنّ الله أرسل عمدا هرطوقيّا لأفساد هذه المملكة الجميلة".
تُسمّي كتابات النصب أوّل مرسل كلداني الى المدينة الصينية ألوبن (ابراهيم أو لابان), وتقول أنّه أصطحب معه سبعين راهبا . وتُقسم المسلة الى خمسة أقسام , قسمها ألأهم مختصر عقيدي لأيمان كنيسة المشرق , وقد حرّره الكاهن الصغدي ادم المقيم في دير تا تسين , وهو شخصية كفوءة في اللغات الصينية والويغورية والصغدية. يعالج المختصر مسائل الله ,والثالوث ألأقدس , والخلق , والعدالة ألأصلية , والسقطة والتجسّد والفداء , والصعود....
وتروي المسلة مراحل أنتشار كنيسة المشرق في الصين , وما لاقته من ترحيب مؤات من قبل سلالة تانغ (التي حكمت من 618حتى 907)...ويظهر على المسلة اسم مار خينانيشو الثاني , الجثليق سنة 774م. وهذه "الديانة المشّعة"سيحامي عنها بفضل مرسوم أمبراطوريِّ لأحد ملوك سلالة ثانغ, المدعو تأي – تسونغ وقد أعلنه سنة 638 وسمح بموجبه لهؤلاء المرسلين أن يبنوا كنائس ويفتحوا أكليريكيّات ...في عهد هذا الأمبراطور ارسل جاثليق كنيسة المشرق مار ايشوعياب الثاي الجدالي (628-683)الى الصين مبشّرين استقبلهم وزيره فانغ- هيون لينغ المحفور اسمه على المسّلة. ووسع خليفة تاي تسونغ , ألأمبراطور الجديد كاوتسونغ ألأنعامات المعطاة, وأطلق على ألوبين لقب"حارس العقيدة الكبيرة"وحافظ على السياسة عينها ألأمبراطوران هيوان تسونغ (712-754) وسوتسونغ (756-762). وهكذا أنتشرت كنيسة المشرق في ستّ مقاطعات , وشُيّد عدّة أديار في البلاد . وفي مثل هذه الظروف الملائمة , أستطاعت كنيسة المشرق أن تمتد الى عدّة مقاطعات صينية , ولا سيّما في شمال البلاد وشيّدت عدّة أماكن عبادة . والجاثليق مار تيموتاوس الأول المعاصر للمسلّة , رفع أسقف الصين الى مرتبة متروبوليت ياتمر بامره عدّة اساقفة مساعدين , وقد حلّ هذا المتروبوليت في المنزلة الرابعة عشرة بين الناخبين البطريركيّين .
في جنوب شرق اسية
كذلك أنتشر مبشّروا كنيسة المشرق في البنغال , وفي بيغو  عاصمة بيرمانيا القديمة (القرن 16) , وفي ايوتيا عاصمة مملكة سيام (تايلند) وفي جزيرة بورنيو. وبحسب القس الأسكندري جون ستيوارت , كان ثلثا جزر الملوك (أندنوسيا) وجزر الفليليبين من رعايا كنيسة المشرق . والمرسل الفرنسيسكانيّ دجيوفانّي دي ماريغنولي , صد البابا انذاك في بكّين , ذهب في سنة 1348-1349 الى بلاد "سابا" , وزار سومطرا سنة 1347 واعلن عن وجود عدد صغير من المسيحيين في تلك البلاد. وثابرت كنيسة المشرق , بدءا من العام 1503, على سيامة مطارين , واساقفة في الهند وفي جزر البحر الواقعة بين دبهاغ وسين وماسين .
في ألأراضي الهنديّة والسيلانيّة
تؤكّد المراجع منذ القرون ألأولى وجود جماعات مهمّة من المسيحيّين في الهند, وخصوصا على شواطئ المالبار والكوروماندل, وفي أرخبيل المالديف . وكان لهذه الجماعات سدّة متروبوليتية بين عامي 714-724.في ذلك العهد كانت تنشأ ممالك في جنوب الهند, وكانت سلالة بالافا تهيمن على المنطقة . ولقد أزدهرت الكنيسة الهنديّة في القرن التاسع , وأنعم عليها بأمتيازات عديدة ملك مالابار سرام برومال . بل انَّ المسيحيين شكّلوا مملكة , ودعي باليارِتس, أوّل ملك في المالابار, ملك مسيحيّي مار توما. وبحسب جون ستيوارت , كان يوجد في كُلِّ الهند رعايا لكنيسة المشرق (مالبار , مادراس , البنجاب, تلغو, كالايام).
لكن القرنين الخامس والسادس عشر قد طُبعا بوصول البرتغاليّين , والمرسلين اللاتين الى هذه المنطقة. وبعد سينودس ديامبر(حزيران 1599) بدأ تفكُّك كنيسة المشرق في الهند. فالاكليروس البرتغالي أمر بحرق كُلِّ الكتب المشتبه بأنّها نسطوريّة, وفرض الطقوس اللاتينية على هذه الجماعات ألأصلية. لكنَّ قضيّة المالابار عادت الى الظهور عندما توجّه كهنة هذه الكنيسة السريانيّة وأساقفتها الى جاثليق كنيسة بابل , يوسف السادس أودو(1847-1878) ليرسم لهم أُسقُفا . فرفضت رومة واستدعت الجاثليق. ويُفهم هذا الحدث في سياق اطاره لدى عقد كنيسة بلاد ما بين النهرين سينودس 1853 وعقد الكنيسة الكاثوليكية مجمع الفاتيكان ألأول , وما تلاهما من نتائج.
ولقد استُتبع مسيحيو أيوتهيّا وبغو بمتروبوليتيّة الهند . وفي ما خصَ هذا البلد الأخير كتب الرحّالة جيروم دي سان ستيفانو سنة 1496 , أنّه دفن رفيق سفره في مدينة بغو وفي كنيسة خربة لم يقصدها أحد.
وثمّة أبرشية تؤكّد الوثائق وجودها في سيلان منذ القرن السادس . فالجغرافي النسطوري كوزماس انديكوبلوستس الذي عاش في القرن السادس ويذكر في "طوبوغرافيّته المسيحية "مايلي:"في تابروبان الجزيرة في الهند الداخليّة (عند الشاطئ الشرقي) حيث يوجد البحر الهندي , يوجد كنيسة مسيحية , مع أكليروس ومؤمنين , وأجهل وجود كنيسة في مكان ابعد. وكذلك في البقعة المسمّات ماليه, حيث ينمو البهار , وفي المكان المسمّى كاليانا , يوجد ايضا أسقف سيّم في بلاد فارس ". وبحسب المؤلف نفسه , كان يوجد في القرن السادس, في جزيرة ديوسقوريدس (سقطرة في اليمن), أكليريكيّون مرسلون من بلاد ما بين النهرين :"وعلى نحو مماثل, في الجزيرة المسمّاة ديوسقوريدس , الواقعة في البحر الهنديّ ذاته والتي يقطنها مستوطنون أتى بهم البطالسة خلفاء الأسكندر المقدوني ويتكلّمون باليونانية ,يوجد اكليريكيّون مرسلون في بلاد فارس وقد أُرسلوا الى هذه المناطق مع جمع من المسيحيين . لقد مخر مركبنا البرّ في محاذاة هذه الجزيرة , لكنَّه لم يَرسُ فيها , غيرُ أنّني تحادثتُ مع سُكّان من البلاد يتكلّمون اليونانية وقد جاؤا من الحبشة".
مصدر المقالة السابقة على الرابط ادناه:
http://www.ishtartv.com/viewarticle,30963.html

147
الى الأستاذ الدكتور ليون برخو مع خالص تحياتي
عزيزي الأستاذ برخو المحترم
أنا أُتابع معظم مقالاتك المنشورة في بعض المواقع , وإنني من المعجبين باسلوبك الأكاديمي العلمي في الطرح وعدم الخضوع للأفكار المسبقة أو للعواطف والمشاعر(كما يفعل الآخرون مع الأسف) , بل كُلّ ما تكتبه هو بنظرة موضوعية بعيدة كُلِّ البعد عن التعصّب الأعمى لهذه الجهة أو تلك , وأُقدر كُل التقدير مواقفك وسعيك الحثيث لتوحيد المسيحيين ليكون لهم صوتاً واحداً وموقفاً واحداً وراياً واحداً لمواجهة التحديّات التي هي من الخطورة ولا يمكن السكوت عنها أو أهمالها لانّها تعقرر مصير وجودنا وبقائنا في أرض الأباء والأجداد , ويعجبني طرحك الخاص في تشخيصك للماضي والحاضر ورؤيتك للمستقبل .
ولكن مع شديد الأسف , وأنا أقولها بألم وحزن شديدين , لم اقرأ الا لعدد قليل من الكتاب المثقفون الذين يؤيدون طرحك المتكرر في العودة الى جذورنا وينابيعنا السريانية دون القفز في متاهات التاريخ  القديم الذي لم يكن فيه التدوين الصحيح للأحداث بل كانت الأمبراطوريات المنتصرة هي التي تدوّن تاريخ فتوحاتها وأنتصاراتها على حساب الحقيقة , وكُلّ ما نعرفه من هذه الأمبراطوريات الوثنية, سواء كانت الأمبراطورية الكلدانية أو الأمبراطورية الآشورية وغيرها التي سبقت الحضارة السريانية , لا يمكن الأستناد اليها كمصادر لمعرفة قومية الشعوب التي عاشت في بلاد وادي الرافدين والسبب بسيط وأكيد هو لأنّ هذه الأمبراطوريات كانت تتألف من عدة قوميات وشعوب خاضعة لحكم هذه الأمبراطوريات , ولا يمكن لأيّ دارس أو باحث في الشؤون القومية وألأجتماعية والتاريخية أن يعطينا الجواب الشافي عن القومية الكدانية أو القومية الآشورية أو القومية الآرامية , لأنها أنصهرت في بودقة واحدة (كما تفضلت في أحدى مقالاتك) , وهناك أسباب كثيرة أخرى يمكن أن نضيفها الى ما قلته وهي : عدم وجود كتابة مدوّنة لتاريخ الأحداث بصورة علمية وتسلسل تاريخي يمكن الأعتماد عليها وما لدينا اليوم هو بعض الآثار التي تخبرنا ببعض المعلومات وليس كُلّ المعلومات وهي لا تخبرنا عن أصل وفصل هذه الشعوب , والسبب الأهم برأيي الشخصي هو أنّ هذه القوميات والشعوب كانت "متحركة" وبمعنى اخر كانت شعوب وادي الرافدين (بيث نهرين) غير مستقرة فأحياناً كثيرة وبسبب الحروب والمحن والأضطهادات وبسبب المناخ وغضب الطبيعة , كانت هذه الشعوب تهاجر من أماكن بعيدة مثل شبه الجزيرة العربية لتستقر في بلاد مابين النهرين , أو تُجلب شعوب من أماكن أخرى كأسرى حروب لتعيش في وادي الرافدين أو شعوب تأتي من خارج بلاد وادي الرافدين كمحتلين , وهذا قد حدث كثيرا كما يخبرنا التاريخ وكذلك الكتاب المقدس الذي لايمكن أن ننكر كونه مصدر مهم من مصادر التاريخ بالرغم من وجود بعض ألأحداث المدونة فيه لأمور روحية وليس قصدها أحداث تاريخية .
لنرجع الى موضوعنا الأهم وهو كيف نستطيع أن نتَّحد بشراكة موحَّدة لوضع خطط  لمنهاج عمل مشترك لمواجهة ألأخطار التي تحيط بنا ونحن منقسمين؟
كيف يتم أنقاذ ما يمكن أنقاذه فيما البعض منا يحاول تعريض وحدتنا ووجودنا وبقائنا الى الخطر؟
كيف يتم التوافق في الاراء والكثيرون منّا يحاولون بقصد وبنيّة سيئة أحيانا أو بدون قصد أحيانا أخرى , بجرّنا الى جدالات ومماحكات بعيدة كُل البعد عن أهدافنا الرئيسية وأولويات وحدتنا , فيبعدوننا عن الواقع الذي نعيشه اليوم باللجوء الى الأفكار السلفية للقومية والطائفية بأرجاعنا الى الاف السنين الى الوراء بينما نحن نواجه واقع مرير يتطلب الآن وليس غدا أن نقرر أين نتّجه, فنحن واقفين في مفترق الطريق فأما الى الزوال والفناء لا سمح الله أو السير في الطريق المؤدي الى الأهداف المنشودة وتحقيق امالنا في العيش الكريم في ارض ابائنا واجدادنا.
السؤال الذي يطرح نفسه أيضا لنقول: ما هو برنامج العمل لدى دُعات القومية سواء القوميين الكلدانيين أو الاشوريين أو السريان , وكيف يمكن أن يعملوا في ظل هذه الأنقسامات ونحن اليوم في أوج الحاجة الى الوحدة في البيت الواحد وترتيب أوضاعنا الداخلية لنستطيع مواجه الأخطار من الخارج ؟
أذا سألنا دعاة القومية سواء(الكلدانيين أوالآشوريين أوالسريان): ما هو مشروعكم لخلاص شعبنا من الكارثة التي هو فيها ؟ فسيقولون لنا الآشوريين أن يتنازل الكلدانييون والسريان من أدعاءآتهم القومية لأنهم هم أشوريين وينكرون قوميّتهم وأصلهم الآشوري , وهكذا قد يقول الكلداني والسرياني . في الحقيقة أننا سندور في حلقة مفرغة ودوّامة لا نستطيع الخروج منها بسبب هذه الأفكار القصيرة النظر والتي ليست لها رؤية للحاضر(سوى الغوص في الماضي والقفز فوق التاريخ والبكاء على الأطلال) , فكيف تكون لها رؤية لمستقبل وجودنا ومصيرنا الذي , كما قلت , يقف على كف عفريت , اليس حال هؤلاء القوميين , حال القوميين العرب الذين جلبوا الدمار والخراب لدولهم العربية بطرحهم مشروع الوطن العربي الكبير( لأنّ الارض بنظر هؤلاء القوميين  تتكلّم عربي) ونسوا هؤلاء (دعات القومية العربية) أنّ الوطن العربي خليط من الكردي والتركماني والآشوري والكلداني والسرياني والماروني والقبطي والأعجمي والدرزي واليهودي والأمازوري وغيرهم.
لماذا لا نتعلم دروسا من التاريخ المعاصر عندما حاول النازيون , ذوي الفكر العنصري بقيادة هتلر , أن يفرضوا على العالم العرق الآري بكونه العرق الأفضل والأعرق والأذكى , وهل نسينا ما يدعيه البعض من أخوتنا العرب بأنّهم خير أمّة أخرجت للناس؟
 هناك تخلّف في المجتمعات والدول وخاصة دول العالم الثالث بسبب النظام القبلي والعشائري والعرقي والطائفي والمذهبي وخير نموذج هو عراق اليوم , فكيف نريد نحن (السورايي) أن نكرر نفس اخطاء الماضي والحاضر فيما الدول والبلدان الحديثة (المتقدّمة) تخلّت وتفككت من الفكر القبلي أو القومي أو الطائفي أو المذهبي وتجاوزت هذه المفاهيم العنصرية وأصبحت تركز على الفرد والمواطن بغض النظر عن دينه وقوميته وعقيدته أوالحزب الذي ينتمي اليه , 
أيُّ عاقل يقبل بهذا المنطق وهذا التفكير القاصر وأيُّة حكمة لهؤلاء القوميين الذين يُسببون بطروحاتهم الغير المنطقية في زيادة الهوّة بين الشعب الواحد (الكلدان السريان الآشوريين)؟ الذي وصفته كالسبيكة التي لا تقبل الأنصهار , اليس من الغباء الخوض في متاهات التاريخ قبل آلاف السنين للبحث عن جذورنا وأصولنا الغائرة في القدم والمتشابكة في الجذور المختلفة في الأعراق والجنسيات , بينما لدينا تاريخ أكيد وحضارة معروفة هي الحضارة "السريانية"التي جمعت الكلدانيين والآشوريين والسريان تحت جناحيها , كما يجمع النسر فراخه , فشعت هذه الحضارة في كُلَ الشرق القديم , فكانت بحق لغة وثقافة وحضارة لجميع شعوب بلاد ما بين النهرين ولا زالت الى يومنا هذا حيّة بالرغم مِمّا تعرضت له شعوب هذه الحضارة من الأندثار والتراجع عبر السنيين , بسبب القمع والظلم والقهر والتهميش والتهديد والحروب والتهجير والقتل والتعريب .
نحن اليوم مجموعة اشخاص , وحضرتك واحداً مِنّا , ندعو وننادي بالوحدة (الكلدانية الأشورية السريانية) ومشروعنا منطقي وعملي وواقعي ومعقول , ألا وهو أن نعترف جميعنا بالحقيقة التي لا يستطيع أحد نكرانها وهي اننا "سورايي" وكُلِّ واحدٍ منا يطلق على أخيه سواء كان كلداني أواشوري أو سرياني هذه الكلمة"سورايا" لأننا نتكلم لغة الأم "سورث" وهي اللغة التي تجمعنا كأخوة في الدم (لأنها لغة الأم) هذا بالأضافة الى التاريخ المشترك والجغرافية المشتركة والتراث المشترك والأرث المشترك والأماني المشتركة والعادات المشتركة والثقافة المشتركة والعقيدة المشتركة والهدف المشترك , ومن لايعترف بهذه الحقيقة عليه أن يبرهن لنا أنّ لغة الكلدانيين قبل حوالي 2500 سنة , هل كانت نفس اللغة التي نتكلم بها الآن أي لغة"السورث"؟ وهكذا نسأل الآشوري والسرياني , ماذا نريد أكثر من هذه العوامل المشتركة , التي ذكرتَها في مقالاتكَ , للعيش سويّة بأرض الآباء والأجداد؟ للأسف هناك من يدقُّ الأسفين في وحدة " السورايي" مدفوعين بأهداف شخصية أنانية بحتة ليجعلوننا منقسمين على بعضنا البعض ومتمزقين ومتناحرين ومتشتتين الفكر والهدف والرؤية , فيما نحن وبكل سهولة , إذا كانت النيّات صافية , يمكننا أن نتّحد لنشكل وحدة قويّة متماسكة بسبب جميع العوامل التي ذكرناها أعلاه فنشكّل أُمّة قويّة متَّحدة متراصة (يمكن أن نُشبّه هذا الأتحاد بمثلث متساوي الأضلاع أو نجمة ثلاثية الأبعاد لنكتب في  داخلها كلمة "سورايي") اليست هذه الوحدة الجامعة أسهل تحقيقا وأقوى من كُلّ محاولات التقسيم التي يحاول البعض ترويجها لمصالح آنيّة وأنانية؟ اليست قوّتنا في اتحادنا وأنضوائنا تحت علم واحد وراية واحدة , فنفتخر بحضارتنا السريانية فنعيد الأعتبار لها وهي تعتبر من الحضارات السامية التي لم تستعمل السيف أو وسائل الموت في بسط نفوذها , بل كانت حضارة الفكر والقلم والعلم والأدب والفن والتبشير بالسلام وبشارة الخلاص ورسالة المحبة , بينما يفتخر الآخرون ومنهم أخوتنا دعاة القومية بحضارات وثنية كانت تفرض نفسها بقوّة السيف والسيطرة والأحتلال وشريعتها كانت شريعة الغابة؟
أتمنى أن يحفظكم الرب لخدمة الشعب الواحد المتألم وأن يُسدد خطاكم وشكراً لك.

148
اليوم العالمي لثقافة السلام


نافع البرواري

يصادف 21 سبتمبر أيلول من كل عام اليوم الدولي للسلام العالمي. وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتّحدة هذا اليوم بوصفه يوما لوقف أطلاق النار وعدم العنف في العالم , ونظرا الى الاهمية المركزية لثقافة السلام في ترسيخ السلام والتسامح في كل بقاع العالم , فقد اعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة سنة 2000 سنة دولية لثقافة السلام واللاعنف . وقام مجموعة من الحائزين على جائزة نوبل للسلام بمناسبة احياء الذكرى الخمسين للاعلان العالمي لحقوق الانسان بصياغة البيان 2000 لثقافة السلام والذي يؤكد على: (لأنيّ واعي المسؤولية أزاء مستقبل ألأنسانية , وخصوصا أطفال اليوم بأن احترم الحياة : احترم حياة وكرامة كل كائن انساني من دون تمييز او حكم مسبق وأن التزم في حياتي اليومية , اسرتي , عملي , جماعتي , بلدي , ارفض العنف : اطبق اللا عنف الايجابي برفض العنف بكل اشكاله , الجسدي والنفسي والاقتصادي والاجتماعي , وبخاصة تجاه الافراد الاكثر فقرا وضعفا كالأطفال والمراهقين , اتعامل بكرم : اقسم وقتي ومواردي المادية بسخاء للقضاء على التهميش والظلم والقمع السياسي والأقتصادي , أنصت من أجل التفاهم , أُدافع عن حرية التعبير والتنوع الثقافي عبر تشجيع الحوار وألأنصات بدون ألأستسلام للتعصّب والنميمة وأقصاء الآخر). هذا بألأضافة الى ما يحتويه البيان من أمور أخرى لسنا بصددها في هذه المقالة .
من المعلوم أنّ ألأمم المتحدة والمنظمات العالمية للسلام أعتبرت هذا العقد (العقد ألأول للألفية الثالثة أعتبارا من 2001-2010م ) وسمّته العقد الدولي  لثقافة السلام واللاعنف لأطفال العالم . وقد أعتبرت ألأمم المتّحدة عام 2010 هو عام لحث جميع أصحاب العقائد والثقافات على الدخول في حوار فيما بينهم وداخلهم "التصالح في العالم" وتم تكليف اليونسكو للقيام برعاية لجنة عالمية للحوار فيما بين العقائد من أجل بناء وتعليم ثقافة السلام وذلك بتنفيذ مشروعات للمناهج ألدراسية ولتعليم المدرسين ودمج الحوار بين المعتقدات وأسهام العقيدة والتقاليد الروحيّة في توفير حل دائم للمنازعات التي تلجأ للعنف بزيادة الوعي بالعناصر التي تساعد على تحقيق مجتمعات سلمية ووقف أنتشار كُلِّ ما هو سلبي (ثقافة العنف) , وأنشاء قنوات فضائية لنشر ثقافة السلام وتسخير الأعلام لترسيخ هذه الثقافة . والأمم المتّحدة كلّفت اليونسكو لتكون المُروّجة لثقافة السلام , والمنفّذ المسؤول عن هذه الحملة وتكون أهداف
اليونسكو هو بناء السلام في عقول البشر (وهذا ما يريده الرب يسوع المسيح الذي جاء لتغيير القلوب والعقول وبناء أنسان جديد وخليقة جديدة يحمل فيها الجنس البشري ثقافة السلام راجع سلسلة مقالات نشرتها عن السلام كما في الموقعين ادناه). وهدف الأمم المتحدة والمنظمات العالمية للسلام هو:
أنقاذ ألأجيال المقبلة من ويلات الحرب , وحل المشاكل بالحوار والتفاوض , فهو الطريق ألأمثل لنبذ العنف والقضاء عليه , وبناء اُسس مباديء الحرية والعدالة والديمقراطية , ومنع نشوب المنازعات عن طريق معالجة أسبابها الجذرية , وأعتبار كرامة الأنسان فوق كُلّ أعتبار , وألأعتراف بقيمة الغير وقبول ألأختلاف معه (راجع سفر التكوين حيث الله خلقنا على صورته كمثاله) .
وفي اليوم العالمي للسلام تصدر تقارير عن المنظمات العالمية للسلام تزامنا مع هذا اليوم , تعكس تقارير ألأمم المتّحدة بوضوح تعريف ثقافة السلام : بالتحوّل من ثقافة الحرب والعنف الى ثقافة السلام ونبذ العنف ورفض أستخدام القوّة في فرض الأمر الواقع وأكراه الشعوب ضدَّ خياراتها التاريخية , وأنّ ثقافة السلام تتضمن قيّما ومواقف وسلوكا تعكُس وتدفع الى التضامن ألأجتماعي والمشاركة التي تقوم على أساس المباديء التي هي الحريّة , والعدالة , والديمقراطية , والتسامح , والتضامن , وكافة حقوق الأنسان التي ترفض العنف وتسعى الى منع الصراعات عن طريق معالجة أسبابها ألجذرية لحل كافة المشاكل من خلال الحوار والتفاوض والتي تكفل الممارسة الكاملة لجميع الحقوق وسبل المشاركة الكاملة في عملية تنمية المجتمع . كما يتضمن التعليم مساواة ألمرأة بالرجل والمشاركة ألديمقراطية والتنمية المستدامة . والتفاهم والتضامن , وحرية تدفّق المعلومات والمعرفة وألأمن والسلام في جميع مناطق العالم .
ثقافة السلام هي : عملية تتّسم بتنمية أجتماعية غير عنيفة ولكنها مرتبطة بالعدالة وبحقوق ألأنسان والديمقراطية والتنمية . وثقافة السلام لا تُقام ألآ بمشاركة وتعاون كُلِّ ألأفراد وذلك على جميع ألأصعدة . انّ السلام هو أصل كُلِّ حضارة , فلا حضارة تستطيع أن تبني والآخر يهدم , فالسلام الحقيقي هو السلام الذي يستنكر سفك الدم ويرفض التدمير , والسلام تُعزُّزه المحبة , فلا سلام أذا كانت هناك كراهيّة ولا محبّة وسلام بدون غفران , وعلى كُلّ البشرية أن تخضع لمملكة رئيس السلام ربنا يسوع المسيح الذي هو رئيس وملك السلام وهو الذي يمنحنا السلام الداخي (التصالح مع الذات) والسلام مع ألآخرين (التصالح مع الآخرين) والسلام مع الله(التصالح مع الله خالقنا). فقبل ظهور الرب يسوع المسيح كان قانون الغابة هو السائد في المجتمعات البشرية , وجاء المسيح ليضع حدّا لهذا المفهوم الحيواني. وقد أستمدت الأمم المتّحدة أغلب قوانينها من العهد الجديد لتُأسس على ضوئها قوانين ومبادئ حقوق ألأنسان والسلام العالمي . فعندما يؤمن الكل أنّ الحياة حق للجميع بالتساوي عندها فقط نستطيع أن نعيش في  سلام , والرب يسوع المسيح يقول "جئتُ لتكون لهم الحياة ألأفضل" فمملكة يسوع المسيح تشمل الأمم والشعوب قاطبة , وهو الذي منحنا سلام يفوق الوصف ,
يقول غاندي" لقد أعطتني ألأناجيل الراحة والفرح غير المحدود...وأنّ مثال يسوع تُشكِّل عاملا أساسيا في أيماني الذي لايموت بمبدأ اللاعنف.....فيسوع عندي هو واحد من كبار المعلّمين الذين عرفتهم ألأنسانية....انّي أرى في حياة يسوع مفتاح قربه من الله . لقد عبَّر , كما لم يستطيع أحد غيره ,عن روح الله وأرادته . بهذا المعنى ومن هذا المنظور , أراه وأتعرَّف اليه كأبن الله".
يقول مثل صيني:"أذا اردت أن  تزرع وتخطط  لسنة فأزرع القمح , وأذا أردّتَ أن تستثمر لمدّة عشرة سنين فازرع الشجر , وأذا أردّتَ أن تستثمر لمدّة مائة سنة ثقِّف الناس وأبني الناس".
السلام يبدأ في كُلّ واحدٍ فينا , وننظر الى الآخرين نظرتنا لأنفسنا , فأذا لم يعمُّ السلام بين أفراد (العائلة الواحدة) فكيف يعم السلام في المجتمع والوطن الواحد أو الدول والشعوب؟
 التربية هي الاداة الاكثر فعالية للوقاية من التعصب , واول خطورة في هذا الاطار تكمن في تعليم الافراد معرفة حقوقهم وحرياتهم لضمان احترامها ولحماية حقوق وحريات الاخرين . التربية على التسامح ينبغي اعتبارها واجبا اوليا لذلك من الضروري تطوير مناهج نظامية عقلانية لتعليم التسامح على اساس التركيز على المصادر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية بلا تعصب , والتي تشكل الاسباب العميقة للعنف والاقصاء , وسياسات وبرامج التربية يجب ان تساهم في تنمية التفاهم , والتضامن , والتسامح بين الافراد وكذا بين الجماعات الاثنية , والاجتماعية , والثقافية , والدينية واللغوية وبين الامم ... والهدف هو تكوين مواطنين متضامنين ومسؤولين , منفتحين على الثقافات الاخرى ... قادرين على اتقاء النزاعات او حلها بوسائل سليمة , هناك فرق بين السلام  وثقافةالسلام , فالسلام كان في السابق يعني أبطال الحرب أو عقد معاهدة سلام (مثلا سلام بين دولتين خرجتا من الحرب ) ولكن ثقافة السلام هي زرع مفاهيم السلام في عقول ألأجيال (وخاصة ألأطفال) في المناهج الدراسية والثقافية والتربوية , وتعليم الأجيال على أحترام الحياة وكرامة ألأنسان , وبناء أسس مباديء الحرية والعدالة والديمقراطية وترسيخ مبدأ الحوار وأحترام رأي الآخر وقبول ألأختلاف ونبذ العنف والقضاء عليه لأنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحروب.
السلام لايتحقق الآ أذا تمَّ توفير وضمان الحاجيات ألأساسية للأنسان وهي ألأمان والحق في البقاءوالحياة والعيش الكريم , والحريّة والهويّة.
السلام لن يتحقق أذا لم نراجع الماضي وأخطاء الماضي وأعادة قراءة تاريخ وذاكرة مختلف الشعوب بقراءة نقدية لأجتناب الوقوع في أخطاء الماضي وأعادة ألأعتبار للشعوب المهمّشة في التاريخ لأنهاء جراح الماضي وأزالة ألأحقاد وتحقيق التصالح مع التاريخ بين مختلف الشعوب , فلا سلام بدون العدالة , السلام لن يتم عندما يهّمش وتمسح ذاكرة الشعوب المسحوقة بالعنف والقمع وألأرهاب , السلام لن يتم الا بحرية الرأي وحرية التعبير وحريّة ألأعتقاد والتنوّع الثفافي عبر تشجيع ألأنصات والحوار بدون ألأستسلام للتعصّب وتهميش وأقصاء ألآخر .
السؤال الذي يطرح نفسه وهو موجّه الى كُلّ المسؤولين وأصحاب الشأن في عراقنا الجريح:
ألا نحتاج الى التوقّف والتأمل بألأسباب التي أوصلتنا الى ما نحن فيه من ثقافة" صناعة الموت" بدل أن نصنع" السلام"؟
والسؤال موجه الى أخوتي "الكلدان السريان الآشوريين" وهو: هل فقدتم أنتم أيضا سلام المسيح الذي يمنحهُ لكل مؤمن , وأخترتم أن تسيروا مع تيار العنف , وهنا ليس قصدي العنف الجسدي بل كُلّ أشكال العنف الثقافي والأقتصادي والعنف المعنوي , حتى أصبح الكثيرون منّا كحملان وديعة من الخارج ولكنها ذئاب مفترسة من الداخل؟
أليس رسالة المسيحيين الحقيقيين أن يكونوا مثل الحملان الوديعة وسط الذئاب المفترسة ليجعلوا من هذه الذئاب حملانا وديعة كما يقول الرب يسوع المسيح؟ "ها أنا أُرسلكم مثل الخراف بين الذئاب فكونوا حذرين كالحيّات , وُدعاءِ كالحمام "متى 10:16"رسالة المسيحي هو أن يكون كالحَمل الوديع بأن يحارب الذئاب بوداعته , فسرُّ قوّة المسيحي هي في تواضعه ووداعته , لأنّ الوداعة تعني أن تُحارب الشر بروح المسيح"الوديع" الذي فيكَ , فالمسيح كان وديعا ولكنه أنتصر على قوى الشر وها هو اليوم أكثر من نصف العالم مسيحيين .
للأسف فقد الكثيرون منا أيمانهم  ففقدوا السلام الذي كانوا يحملونه وفقدوا وداعتهم , وبدل أن يساهموا في صنع السلام في وطنهم أصبحوا يساهمون في صنع الكراهية والحقد والعنف حتّى ضد أخوتهم المسيحيين الذين يختلفون عنهم في الرؤى , كيف نطالب بالوحدة المسيحية ووحدة الهويّة القومية وفي وسطنا من يهدم البيت من الداخل , وفي نفس الوقت الأعداء يحيطون بنا من كُلّ الجهات كالذئاب التي تنتظر الفريسة الضعيفة لتنقض عليها؟ اليس ألأجدر بنا أن نتصالح مع أنفسنا ومع أخوتنا في ألأيمان أولا لنستطيع أن نواجه تلك الذئاب المفترسة بقوة السلام والحق والمحبة وبقوّة الكلمة الحيّة ويكون الروح القدس هو المحامي الذي يدافع عنا ,عندها قد نساهم في تهديم مصانع الموت وبناء مصانع الحياة والسلام ؟ أليس من ألأجدر علينا أولا أن نطالب بالحوار المسيحي المسيحي قبل أن نطالب الحوار مع الديانات ألأخرى؟ اليس من ألأجدر أولا أن يتحاور الكلداني مع أخيه ألآشوري والسرياني للوصول الى الوحدة المنشودة قبل أن نلوم ألآخرين بما يمارسوه ضدنا من العنف بكل اشكاله؟
يقول الرب يسوع مخاطبا تلاميذه وكُل الذين قبلوه :"أنتم ملح الأرض فأذا فسد الملح فبماذا يُملّحهُ؟ لأيَصلح الآّ لأن يُرمى في الخارج فيدوسه الناس؟ متى5:13".
"أنتم نور العالم . لا تَخفى مدينةٌ على جبل , ولا يوقد سِراجٌ ويوضع تحتَ المكيال , ولكن على مكان مرتفع حتّى يضيئ لجميع الذّين هم في البيت . فليضيء نوركم هكذا قدّام الناس ليُشاهدوا أعمالكم الصالحة ويُمجِّدوا أباكم الذي في السَّماوات ."متى 5:14,15,16" .
فهل نحن كذلك؟ ليراجع كُلّ واحد نفسه ويجاوب على هذه الأسئلة بكل أمانة .
المصادر:
1-
http://abdullahnaufali.ahlamontada.com/montada-f19/topic-t1216.htm
.2-
http://www.baqofa.com/forum/forum_posts.asp?TID=34379&PID=2
06043

149
المنظّمات ألأنسانية والعالم العربي والأسلامي
" شرُّ البليّةِ ما يُبكي"
بقلم نافع البرواري
قبل سنوات كنتُ أشاهد احدى القنوات الفضائية العربية وكانت نشرة الأخبار عن خبر الزلزال في الجزائر ، حيث مات الكثيرون ولجأ الآلاف منهم الى مناطق اغاثة حيث وفرت لهم المنظمات ألأنسانية العالمية خيم وطعام ومياه وأدوية. كُلِّ هذا ليس فيه شيء غريب ولكن العجب العجاب هو ما سمعته من مراسل قناة العربية عندما سُألَ لماذا هناك العدد الكثير من الشرطة حول مخيّم المنكوبين, فكان جواب المراسل صدمة لي, عندما أجاب "خوفا من المنظمات ألأسلامية "ألأرهابية" التي تريد السطو على المخيّم وقتل عمّال الأغاثة للمنظمات الأنسانية. لم استوعب الخبر الآ بعد فترة طويلة عندما عرفتُ أنّ الكثيرين من المنظّمات ألأسلامية لايقبلون المساعدات ألأنسانية من الكُفّار(أي المسيحيين) ويهدّدون المنظمات الأنسانية بحجة التبشير تارة وبأنّهم كُفار تارة أخرى.
وها هُم طالبان باكستان (وقبلهم طالبان أفغان) يهدّدون عمال ألأغاثة (هؤلاء الّذين كرّسوا حياتهم للمساعداد الأنسانية عند الكوارث, سواء الكوارث الطبيعية أو بسبب الحروب والمجاعة) الذين قدموا من أنحاء العالم متطوعين لأغاثة الملايين من الشعب الباكستاني "المسلم " الذي يواجه كوارث الفيضانات في هذه الآيّام حيث غرقت الاف القرى والمدن وشُرّد الملايين من أراضيهم وطمست الاف الهكتارات الزراعية .
انّهم يستغلّون مصائب شعبهم وأخوتهم بحجج لايقبلها العقل ولا الضمير الأنساني أننا كنّا نسمع منذ سنين كيف أنّ ألأخوان المسلمون كانوا يقتلون السياح الأجانب في مصر لنفس السبب, بينما الشعب المصري يعتمد في  الجزء الكبير من دخله الوطني على السياح الأجانب. ونحن نسمع بين فترة وأخرى كيف يتم قتل وأختطاف العاملين في المنظّمات الأنسانية لشعب دارفور المنكوب, وبتحريض من الحكومة السودانية التي قتلت وشرّدت شعبها واغتُصبت الآلاف من النساء لا بل كانت هناك ابادة جماعية لهذا الشعب الذي يعاني من ويلات الحرب منذ زمن طويل (كما حدث أيضا لشعب جنوب السودان منذ سنوات حيث قُتل أكثر من مليونين وكان الغالبية منهم المدنين بسبب الحرب التي شنتها الحكومة السودانية على الجنوب السوداني), وقدأصدرت, الحكومة السودانية في الرابع من شهر مارس 2009, قرارا بحل ثلاثة منظمات وطنية والغاء تسجيل ثلاثة عشر منظمة أجنبية غير حكومية بحجة"ألأمن القومي". هكذا الحال في الصومال حيث لا مكان للمنظمات
ألأنسانية والشعب الصومالي يعاني عشرات السنين من الحروب والماسي ألأنسانية من قبل المنظمات ألأسلامية المتطرفة. اليوم نسمع عن أنّ الأمم المُتّحدة تغلق مخابزها في أفغانستان بعد أن فشلت كُلّ الجهود المبذولة لأقناع طالبان أفغان بتوضيف النساء للقيام بالمسوحات اللازمة لتحديد المستحقين للأعانات التي توزّعها الهيئة الدولية.
في أفغانستان كُلّ المنظمات ألأنسانية التي تقوم بتوزيع الطعام والكساء وتوفير المدارس لأطفال الأفغان مهدّدون بالقتل والأختطاف وفعلا تمّ قتل" غايل وليامز34سنة" التي كانت تعمل في منظمة "خدمة ألأفغان" وهي منظّمة نسائية غير حكوميّة. في اليمن قُتل ثلاثة أطباء أجانب من قبل الأرهابيين, هؤلاء ألأطباء عاشوا ثلاثون سنة في خدمة الشعب اليمني وقضوا سنين حياتهم في معالجة الفقراء والمساكين في اليمن. وكُلُّنا يعرف كيف فجّر ألأرهابيون مقر ألأمم المتحدة في العراق وراح ضحية هذا العمل ألأرهابي, سيرجيو ديميلوا و21 من رفاقه.
المنظمات ألأرهابية تتغذّى من معانات شعوبها لغرض نشر سمومها وسيطرتها على هذه  الشعوب المغلوبة على امرها.
لنقرأ بعض ما كتبه السفير أحمد عبد الوهاب جبارة الله, الذي قضى فترة من سنين عمره في الأمم المتّحدة وسجّل ملاحظاته حول مخاطر العمل الإنسانى!!(نشر هذا التقرير في أحد مواقع ألأنترنت):

لا شك أن المتابع لأخبار النشاط الإنسانى للأمم المتحده فى شتى أنحاء العالم، بما فيها السودان، يسمع بين الحين والآخر عن أحداث مؤسفه يروح ضحيتها عاملون بالأمم المتحده، من جراء الإختطاف أوالإصابة وحتى القتل فى مواقع العمل الإنسانى، بينما هم يؤدون أعمالآ تهدف إلى حماية ومساعدة ضحايا الحروب أو ضحايا الكوارث الطبيعيه أو غيرها من حالات الفوضى وانهيار السلطة المدنيه. وقد فقدت الأمم المتحده المئات من موظفيها خلال السنوات الماضيه، فى مواقع مختلفة فى آسيا وإفريقيا وأروبا، الأمر الذى أثار الكثير من الجدل والإهتمام بهذه الظاهره المؤسفه، سواء كان ذلك فى أوساط وقيادة المنظمة الدوليه أو لدى الدول الأعضاء . كما أن سلامة العاملين فى المجال الإنسانى ليست بالأمر القاصر على موظفى الأمم المتحده، بل هو شأن يشمل أيضآ المنظمات غير الحكوميه التى تنتشر فى مواقع العمل الإنسانى فى كل أنحاء العالم.
ومما يعكس قلق الأمم المتحده واهتمامها الكبير بهذه الظاهره المؤرقه، قرارها الذى اتخذته فى  شهر ديسمبر من عام  2008  وجعلت بمقتضاه اليوم التاسع عشر من شهر أغسطس من كل عام، يومآ لإحياء ذكرى العاملين بها والذين فقدوا حياتهم وهم يؤدون واجبهم الإنسانى، كما جعلته يومآ لتذكير العالم بمضمون وأهمية العمل الإنسانى الذى تتصدى له المنظمه، وكذلك توعية الشعوب بهذا الدور وتذكير الجميع بدورهم فى حماية العاملين بالمنظمه وهم يقومون بهذه الأعمال الإنسانيه التى تهدف إلى إ نقاذ الأرواح وتقديم العون الإنسانى للمتضررين فى الحالات التى تقتضى ذلك النشاط.
وبنظرة سريعه للإحصاءات التى قدمتها الأمم المتحده، يتبين للمرء أن 278 شخصآ من العاملين فى المجال الإنسانى قد تعرضوا لأحداث تتعلق بأمنهم فى العام المنصرم 2009 ، وقد كان معظم هؤلاء من الموظفين المحليين الذين يعملون فى المنظمات الإنسانية الدوليه. وقد بلغ عدد القتلى بين هؤلاء 102 موظفآ  ( بينهم 88 موظفآ محليآ و14 موظفآ دوليآ ). أما عدد المختطفين فى نفس الفتره (عام 2009 ) فقد بلغ 92  موظفآ ( منهم 59 موظفآ محليآ و 33 موظفآ دوليآ). و لاشك أن هذه الحوادث المؤسفه لها تأثيرها البالغ على العمل الدولى الإنسانى ، وهى تعوق فى كثير من الأحيان جهود المجتمع الدولى فى الوصول إلى المتضررين.
  ونحن نضيف الى ماقاله السفير أحمد بن عبدالوهاب هو أنّ غالبية ضحايا المنظمات ألأنسانية قتلوا أو أُختطفوا في الدول العربية والأسلامية.
تُذكرني حالات كثيرة عن الأعمال ألأنسانية للدول والمنظمات الغير الحكومية لما قاموا به من أعمال أنسانية لللاجئين والمنكوبين, ولكن كانت تجابه في الكثير من ألأحيان بنكران الجميل والرفض لا بل التهديد لهذه المنظمات خاصة في الدول العربية والأسلامية .
ألم تستقبل الدول ألأوربية وأمريكا وكندا واسترالية اللاجئين العرب والمسلمين الفارين من ألأضطهادات في بلدانهم ألأصلية بسبب الحروب أو لأسباب سياسية أو أنسانية؟ ولكن للأسف الشديد الكثيرين من العرب والمسلمين عندما يلجؤون الى الدول, الغربية, يكفّرون بالنعمة التي يعيشون فيها فيحاولون التمرّد وعدم ألأنسجام مع المجتمعات الأوربية وينكرون الجميل التي قامت بها تلك الدول بضيافتهم ومساعدتهم ماديا ومعنويا وتوفير السكن لهم والعيش أحرارا بعد أن كانوا مستعبدين من حكّامهم في بلدانهم؟
أليس الغالبية الساحقة من المنظّمات الأنسانية ومنظمات السلام العالمية من الدول والمجتمعات الغربية (المسيحية) والذين كرّسوا حياتهم للأعمال ألأنسانية؟
ألم تقم المنظّمات ألأنسانية (المسحية) بكسر الحصار المفروض على غزّة وكانوا السبّاقين في نصرة الشعب الفلسطيني وأستشهد عدد من ا لصحفيّون والصحفيات (المسيحيين) ضحايا ألأرهاب الصهيوني ؟
أليوم, وأنا أُتابع المأسات التي حدثت وتحدث لأكثر من 24 مليون أنسان في باكستان بسبب الفيضانات, أسمع عبر القنواة الفضائية الغربية"المسيحية" عن أعلانات للتبرع للشعب الباكستاني المنكوب  وفتحت عدّدة قنوات للتبرع من قبل الشعوب في هذه الدول ،
وأقيمت الصلواة في جميع الكنائس الكاثولوكية  في يوم ألأحد الموافق 29-8-2010
للأبتهال الى الله ليحفظ أخوتنا في باكستان وينجيهم الله من كل شر. وطالبت الكنيسة شعبها بالمساعدات المادية والمعنوية لأخوتهم في باكستان ، بالمقابل كم من الدول العربية والأسلامية عاملت اللاجئين للدول العربية والأسلامية بنفس المعاملة الأنسانية  التي يتعامل معها الغرب (المسيحيّ )؟ 
كم من أئمة الجوامع العربية والأسلامية اقاموا الصلواة ودعوا لمساعدة, أخوتهم في الدين , في باكستان وغيرها من الدول التي تعرّضت للكوارث الطبيعية أو بسبب ألأضطهادات أو النازحين بسبب ألحروب؟
لنترك ألأجابة لشاهد من أهله وهو عدنان حسين, الذي نشر مقالة بعنوان (لسنا مكروهين ..انّما لا نعرف الحب) فيقول ".....كارثة الزلزال ألأخيرة في هاييتي تُقدّم لنا مراة أُخرى نرى فيها أنفسنا, كُلِّ ألأمم المتحضّرة هبَّت لنجدة شعب هذه الجزيرة المنكوبة ..الحكومات , والمؤسّسات الدينية(يقصد المسيحية) وهيئات المجتمع المدني, والشخصيات ألأجتماعية , وبخاصة نجوم السينما والموسيقى والمسرح, أنخرطت في حملة تلقائيّة لجمع التبرعات ..كبار السياسيين والفنّانين أطلقوا الندائات, وبادروا الى التبرّع بالملايين, بل أنّ بعضهم ذهب الى ميدان الكارثة لتضميد الجراح, وتقديم المأكل والملابس والأفرشة الى الضحايا الذين لم يسأل المبادرون الى الحملة والمنخرطون فيها عن دينهم (الضحايا) , ولا عن مذهبهم ولا عن اللغة التي يتكلّمون بها, ولا عن لون بشرتهم, فهم بالنسبة اليهم بشر فحسب. ما من صحيفة, وما من قناة تلفزيونية, أوربية,أو أمريكية, لم تُبادر الى أطلاق النداء.
" Haiti Apeal"
"لكن ماذا عنّا, نحن العرب والمسلمين, أخير ألأمم وأعلاها درجة وأسماها مقاما وأرفعها شرفا....والفرقة الناجية والجماعة الموعودة بالمستقبل وبالجنة؟..بعض حكوماتنا أعلنت عن تقديم تبرعات محدودة فقط, لكن لا شيء خارج الحكومات. لم نسمع من شيخ ألأزهر , ولا من مرجع الشيعة ألأعلى, ولا من أمام الحرم المكي, كلمة تعزية, أو عبارة تأسّف, أو نداء أغاثة ..لم نرى على واحدة من محطّاتنا التلفزيونية, التي تعُدُّ بالمئات, فنّانا أو رجل دين, أو عالما, أو أديبا, أو طبيبا يبادر الى التبرع ويحثُّ عليه !!
مُنذُ ست سنوات(ديسمبر2003), عندما ضرب زلزال قوي منطقة بام ألأيرانية ودمّرها على نحو مروّع, وقتل أكثر من ثلاثين ألفا من سكانها, تداعى المجتمع الدولي, الرسمي والشعبي , الى أغاثة الضحايا, ومعاونة الحكومة الأيرانية على تجاوز المحنة. حتى الولايات المتحدة حرصت على المساعدة, على رغم العداوة المتأصلة مع النظام اليراني وأنقطاع العلاقات.
وعندما حدث التسونامي, قبل خمس سنوات, لم يُفرّق المغيثون والمتبرعون وغالبيّتهم من العالم المسيحي, بين مسلمي أندونيسيا والمالديف والمسيحيين والهندوس والبوذيين في الهند وسريلانكا وسائر دول جنوب شرق اسيا التي تضررت...التبرعات ذهبت الى الجميع دونما تمييز بين دين واخر وقومية وثانية.
ويضيف هذا الكاتب في نهاية مقالته ما هو خطير ويجب التامُل فيه طويلا عندما يقول:
"بعضنا يعتقد أنّ العالم يكرهنا(نظرية المُآمرة)..هذا خطأ كبير, فنحن لانُظهر للعالم أننا نحب غيرنا, كما هو يحب بعضه بعضا..نتسابق على أن نقدم اليه صورة عنا مشحونة بامارات الغضب, وعلامات الكراهية, ونتنافس في تبرير أعمال ألأرهاب, ولا نقدّم في مناسبات المحنة والكارثة لمسة حنان تقول اننا انسانيّون مثل الآخرين, المشكلة فينا فنحن لا نعرف الحب.. الآ حُبْ أنفسنا المبالغ فيه الى أبعد الحدود وأكثرها التباسا مرضياً.
بالمناسبة ذكرتني هذه المقالة للأخ عدنان حسين بأمرأة ألمانية(أعرفها شخصيا) ومن خلال عملها كمعلمة لأحدى المدارس في المانية جَمعت, وعبر سنوات من خدمتها, مبلغ من المال لتشتري بها سيّارة متواضعة, ولكن عندما حدثت ماسات تسونامي تأثرت هذه المرأة بما جرى لآلاف الناس من فقدان بيوتهم وأعزائهم وأحبتهم فتبرعت كلّ ما جمعته للشعب المنكوب, هذه احدى الحالات النموذجية للشعب الذي يصفه البعض "بالكافر" ولكن الحقيقة غير ذلك أبدا حيث الأعلام العربي والأسلامي يشوّهون الحقائق للأسف أمام شعوبهم .
هناك قصة قصيرة قرأتُها "عن عدم الوفاء" منذ سنين:
خلاصة القصة هي انَّ رجلا كان يسير في غابة  فرأى من بعيد حريقا نشب في جزء من الغابة فأقترب هذا الرجل من مكان الحريق وشاهد حيّة ملتفة على غصن من شجرة كانت النيران تحاصرها من جميع ألأتجاهات فترقّق قلب الرجل على الحيّة وفكّر بوسيلة لخلاصها من الموت الأكيد, فأخذ عصا طويلة ومدّها باتجاه الحيّة فالتفَّت الحية على هذا العصى وسحب الرجل العصى والحيّة ملتفة حولها وهكذا خلّصها من الحريق. ولكن الحيّة المعروفة بمكرها ألتفّت حول رقبة الرجل وكشّرت عن أنيابها السامة لتلدُغه, فأستغرب الرجل من تصرفات الحيّة وقال لها أهذا جزاء ما فعلته لكِ؟ فردّت الحيّة قائلة له, الآ تعرف انّني حيّة؟.
هذه القصة التي تحمل معاني كثيرة عن عدم الوفاء تُذكّرنا نحن مسيحيي العراق كيف  تمّ ترهيبنا وتهجيرنا وكيف تمّ ألأستيلاء على أراضينا من قبل الأخوة الذين نزلوا ضيوفا عندنا فأويناهم وقدّمنا لهم كُل ما هو خير وسلام وأمان وتعاملنا معهم بكُلِّ محبّة وأحترام ومنحناهم ارض ابائنا وأجدادنا, ولكن أُنظروا ماذا كان جزائنا, فنحنً اليوم أصبحنا غُرباء في أرضنا ومقدّساتنا وتم تهجيرنا الى بلدان غريبة وأستولوا على ما تبقّى من أرضنا ووطننا, وليس هذا فقط بل هناك من يعتبرنا كفرة يجب التخلّص منهم بكل الوسائل .

150
السريانية لغة وثقافة وحضارة
الجزء الثالث :السريان ونقل البشارة
نافع البرواري
لقد كتبتُ مقالتين عن "السريانية لغة وثقافة وحضارة – الجزء ألأول والجزء الثاني"(يُمكنكم الأطلاع عليها بالرجوع الى الرابط 1و2 أدناه ):
http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=11203
http://www.ishtartv.com/viewarticle,27355.html
 وفي هذه المقالة والمقالة اللاحقة, أنشاء الله, سنتكلم عن السريان ونقل البشارة(الخبر السار) كما جاء في دراسة منشورة في كتاب "ينابيع سريانية"(يحتوي هذا الكتاب على دراسات كُتبت بأقلام نُخبة من العلماء والباحثين الذين أفرغوا عُصارة أفكارهم ومعرفتهم وعطائاتهم) .
لتسليط المزيد من ألأضواءعلى دور كنيسة السريان (بفرعيها ، الغربي والشرقي) في نشر البشارة (الخبر السار) في الشرق قاطبة ، علينا نحن مسيحيي اليوم"مشيحايي", أن نفهم جذورنا التاريخية وينابيعنا السريانية"سورايي" سواء كُنا تابعين اليوم للكنيسة الكلدانية أو السريانية ألأرثوذوكسية والسريانية الكاثوليكية أو الآشورية الشرقية. فنحن اليوم لا نستطيع أن نفصل بين هويتنا كأمة شعت حضارتها ألأنسانية في العالم عامة وفي الشرق خاصة, وبين جذورنا وأصولنا المسيحية وذلك لنستطيع قراءة الماضي على ضوء الحاضر لأعادة قراءة مسكونية للجذور نفسها لنتجاوز الصراعات وألأنشقاقات وأنفصالات الماضي, لأن الذي يفقد هويته وجذوره التاريخية يكون كالشجرة التي تُقلع من جذورها فتذبل وتموت, وعندما نعود الى ينابيعنا وجذورنا ، عندها نستطيع ألأهتمام بحاضرنا ومستقبلنا ونحافظ على أيماننا وهويتنا و تاريخنا وتراثنا وتقاليدنا ووحدتنا في تحقيق أهدافنا وامالنا, فنحن ورثة حضارة قدمت للعالم من العلوم والمعارف ألأنسانية ما لا يمكن أخفائه أو أنكاره, لا بل أنّ السريان كانوا من السبّاقين الأوائل في نشر المسيحية في العالم أجمع منذ القرن الأول الميلادي وخاصة في الشرقين ألأوسط وألأدنى.
يقول الكاردنال موسى داوود(1):
"ان نموذج (التاريخ الكنسي) لأوسابيوس هو مُجتزئ, لأنّ ألأتجاه الذي تطّورت ضمنه الرسالة المسيحية ليس فقط ذاك الذي قاد من أورشليم الى روما. فالأنجلة (التبشير) أتَّبعت أيضا طريقا آخراً قادها نحو المشرق والهند والصين حيث نشأت جماعات مسيحيّة تطورت خارج حماية ألأمبراطورية الرومانية, في سياق تاريخي من الصراع بين تلك ألأمبراطورية وألأمبراطورية الساسانية, وفي منطقة حدودية وصدامية بين هاتين القوّتين العظيمتين في ذلك الزمان. غير أنّ كُلّ هذا لم يُمنع الكنيسة السريانية الشرقية خصوصا من أن تمتلك أنطلاقة شبيهة بأنطلاقة الغرب, قادتها الى تحقيق عمل تبشيري كبير في ألألفية ألأولى. لقد تعدّت كنيسة المشرق التقليد الذي يُنسب الى يهوذا التوأم (توما) الوصول الى الهند, فانتشر مرسلوها في الصين, كما تشهد على ذلك مسلّة كسي- ان سنة 781م."
وسنتناول في هذه المقالة ما نشر في كتاب "ينابيع سريانية "دراسة بعنوان:
"السريان ونقل البشارة " عن دور مُبشروا الكنيسة المشرقية في نشر بشارة الخلاص الى الجزء الكبير من العالم الشرقي قبل الحملات التبشيرية الغربية بعدّة قرون (2).
يقول الرب يسوع المسيح :" وكما أنّ البرق يخرج من المشرق ويلمع حتى المغرب, كذلك يكون مجيء ابن ألأنسان"متى 24:27" هكذا كان اندفاع الرسل بطريقة خارقة للعادة لتأسيس كنيسة ألشرق الممتدّة من البحر المتوسط ومصر غربا الى الصين شرقا, ومن أرمينيا وسمرقند وأذربيجان (قرب باكو) شمالا الى الجزيرة العربية واليمن والخليج العربي جنوبا.
فمنذ بدء المسيحية أهتمت كنيستان سريانيّتان بنشر البشارة الطيّبة :
1- كنيسة المشرق المسمّاة نسطورية.
2- والكنيسة السريانية ألأرثوذكسية, من دون أن ننسى الكنيسة اليونانية الملكية.
الكنيستان ألأولى (النسطورية) والكنيسة السريانية ألأرثودكسية  كانتا نشيطتان خصوصا في شبه الجزيرة العربية واليمن والحبشة ومصر وفلسطين وحتى الهند (سنتكلم عن البشارة في الجزيرة العربية باسهاب, في مقالاتنا القادمة انشاء الله ومن مختلف المصادر), بل أنّ الكنيسة الشرقية كانت لها بصمات في الغرب منذ بداية المسيحية وخاصة في بلاد الغال (فرنسا حاليا) وبما أنّ الديانات تحمل معها دائما لغاتها فأِنَّ ألأبجدية السريانية التي نقلها الى آسيا رهبان دير بيت عابي (بيت الغابات يقع شمال العراق في منطقة كانت تسمّى المرجا) أُستخدمت في الماضى كأداة كتابية لنسخ ثقافات عدّة شعوب اسيوية كانت الكنيسة الشرقية تأخذ في عين ألأعتبار ثقافة ألشعوب وتندمج في اصالتها, وكانت لها القدرة على التكيّف مع ألأوساط ألأجتماعية والثقافات والمدنيات وتولي أنتباها للعادات ألأهلية وكان أكليروسها ينحدر في معظمه من الوسط المحلي, والمرسلون كانوا يحافظون على اللغة ألآرامية و يقبلون أن تتم القراءات والأناشيد الكنسية باللغات المحلية ، كتب عبد يشوع بربريخا (1318م) على لسان الرسل(ألأولين) الذين بشَّروا بلاد ما بين النهرين يقول:
قال توما الرسول:"أنا رسول الهنود والصينيين".
وقال أداي (وهو تلميذ الرسول توما): "أنا رسول كُلّ بلاد فارس.
انطلقت كنيسة المشرق من بغداد (سلوقية – قطيسفون القديمة - ووسعت حلقة من بشّرتهم, على الصُعد الدينية والثقافية واللغوية, بين القرن الثاني والثالث عشر, من المتوسط الى الهادي. ففي عهد الجثليق مار ابا ألأول (540-552م), تكثّفت حركة ألأنتشار وأمتدت انذاك في كُلِّ آسية. وكانت حاضرة على نحو ناشط في حوض المتوسط وفي الشرقين الأدنى والأوسط, وفي اسيا الوسطى وفي الشرق ألأقصى, ومن غرب بلاد الرافدين حتى شواطيء المتوسط, وفي أرمينيا وفلسطين وقبرص, ولكنها أيضا وصلت الى الجنوب الشرقي لشبه جزيرة الدكّان, أي شاطئ المالبار في غرب الهند, وجزر بورنيو وسومطرة وجاوا, وجزر الملوك (سرام...)في ماليزيا الحالية, وتوجّهت شرقا حتّى جنوب شرق سيبيريا, وحتى قلب ألأمبراطورية الصينية. ولقد وجدت اثار للأنتشار السرياني حتى في البنغال. ففي عام 1506م ألتقى الرحالة لوي دي فارتيما في تلك البلاد تجّارا نساطرة قادمين من سارنام, العاصمة القديمة لسيام (تايلند الحالية), قادوه الى بيغو (عاصمة بيرمانيا القديمة ) حيث كان للملك ألف مسيحي في خدمته. وهؤلاء التجار أصطحبوا لوي دي فارتيما معهم عندما ذهبوا الى بورنيو وجاؤا الى جزر الملوك للمتاجرة .
من بلاد الرافدين الى بلاد فارس وآسيا الوسطى.
  ما أن أشرف القرن الثاني على نهايته حتى وُجد مسيحيُّون في باكتريان (في شمال أفغانستان , وحاليا منطقة بلح ). وكنيسة المشرق أسست بفضل مبشّريها ومنذ القرن الثالث, مقاطعات كنسية وأقامت اساقفة في فارس, وعيلام, وخراسان, وسجستان, وما وراء نهر أوكسوس(أمور داريا حاليا) وشبه الجزيرة العربية, وعلى أمتداد الخليج الفارسي من الكويت حتى مضيق هرمز, وفي بلاد الصغد, وفي جنوب العراق (الحيرة, الكوفة ...), وفي جزر بيت قطرايي (قطر) مسقط رأس اسحق النينوي, وفي بيث ماديا (بلاد الماديين شمال غرب ايران), وفي بيث رازيقايا (طهران) وقم وقاشان, وفي منطقة ابراشهر (في خراسان) وفي جزر ارداي (داري ) وفي تودور (البحرين) .
وفي عام 410 م خلال سينودس مار اسحق, كانت كنيسة المشرق تحوي ستّة متروبوليّات  وقرابة أربعين أسقفية.
بلاد كردو(كردستان) بُشّرت أيضا في وقت مبكّر. وتشير الوثائق الى وجود مرسلين قادمين من بلاد ما بين النهرين ومنتشرين في وقت مُبكّر في أواسط الشعب الكردي.
وهناك كنائس قديمة جدا تعود لنهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس,على أسم مار ماما (أُرامار) ومار زايا ومار بيشو في حقّاري (أو هكاري جنوب شرق تركيا ). والقس مار بتيّون الذي أُستشهد سنة 446م, كان رسولا في تلك المنطقة. وفي نهاية القرن السادس, قدَم مار سبريشوع (596-604م) للتبشير في هذه المناطق الجبلية الجرديّة قبل أن يصير جاثاليقا سنة 596م. وقد حضر مار ماروتا, أسقف كُردو, سينودس مار غيوارغيس(جرجس) سنة 605م. في العام 334م, كان برسابا أول أسقف لمدينة مرو في شمال خراسان ..... وكانت منطقة تركستان الشرقية تضمُّ عدّة سُدّات مترو بوليتيّة ديناميّة في تنغوت وكاشغر (كاشي الصينية, في مقاطعة هسين – كيانغ) ونافيكات (في قيرغستان) والماليغ في هسين كيانغ في الصين. وقد وجد في بداية القرن العشرين مزمورٌ مكتوب باللغة الفهلوية في القرن السابع في واحة طُرفان الواقعة على طريق الحرير. وكان يوجد مسيحيون مشارقة في استانا عاصمة كازاخستان الحالية.
وفي القرن الثامن كان أمير كاشغر ألأوويغوريّ مسيحيا مشرقيا باسم سرجيانُس, مثله كمثل أمير سارتاغ المغوليّ, وأمبراطور الصين المغولي نفسه, الخان الكبير مونغكة (1251-1259) ربّته أمُّه المشرقية, كما كان وزير خارجيّته الكاراييتيّ بولغي مشرقي العقيدة. ويستفاد من كُتب التاريخ أنّ اربعة أباطرة مغول في القرن الثالث عشر, وهم أوغوداي (1229-1241), وغويوك(1246-1248) ومونغكة (1251-1259م) وقوبيلاي خان (1260-1294م) , منحوا المشرقيين امتيازات مختلفة.
كان غويوك مسيحيا بحسب المرسل يوحنّا دي بلان كاربين, والمؤرخ السرياني ابن العبريّ كذلك كان خان الفرس أرغون في القرن نفسه يحب المشارقة ويعاملهم بعطف, حتى أنّه عمّد أبنه الثالث خاربندة في اب 1289م واسماه نقولا.
نعرف من وثائق سينودس مار داديشو, المنعقد في مركبتا في منطقة طاياي سنة 424, أنّ كنيسة المشرق انتشرت شمال بلاد فارس وشرقها, من مرو الى سمرقند وابراشهر وحراة في شمال غرب افغانستان, كما وصلت الى أذربيجان وأستقرت في مدينة الريّ (طهران القديمة) وامتدت الى ارمينيا التي كانت كنيستها تستعمل السريانيّة في طقوسها في القرون المسيحيّة الأولى, وأزدهرت في نيهارغور ونيسابور وأصفهان. بل تكوّنت مممالك مشرقية في اسية الورسطى. فنجد في العام 498م مسيحيين مشرقيين عند قبائل الهون البيض على ضفتي نهر أمو- داريا. هؤلاء طلبوا سنة 549م من البطريرك مار ابا ألأول أن يرسم له أسقفا من شعبهم ففعل. ونصل الى منتصف القرن الرابع عشر لنجد أنَّ قبائل ألخالاتش المتحدِّرة من الهون البيض كانت تكّون متروبوليتيّة مشرقية في شمال أفعانستان(لا نستغرب عندما نسمع اليوم عن طورا بورا والتي تعني بالسريانية الجبال الجرداء في أفغانستان). وكانت أحدى قبائل الهون قد اهتدت منذ525م وحذت حذوها أحدى قبائل الألين وفي عام 1007م أهتدى مئتا الف من الكارييت, مع ملكهم, وتبعهم ألأنغوت في القرن 12, وكان عددد كبير من أمرائهم مشرقيين. هؤلاء القوم في الواقع يعيشون حوالي سنة 1000م في صحراء غوبي, في منطقة أرخون. وبحيرة بايكال, وكانوا قد أهتدوا على يد متروبوليت مرو عبد يشوع. ويروي المؤرخ (السرياني) ابن العبريّ في "تاريخه الكنسي" هذا ألأخير طلب من بطريرك المشرق, في رسالة مؤرخة سنة 1009م, تخفيف قوانين الصيام عند هؤلاء المهتدين الجدد.
وسوف نكمّل هذا البحث(كما ورد في كتاب ينابيع سريانية نصا) في المقالة القادمة انشاء الله .
----------------------------------------------------------------------------------
(1) كتاب الينابيع السريانية ص 9-19 دراسة بعنوان "أهمية المراجع والنصوص السريانية معنى المجموعة السريانية الجديدة".
 (2) نقلا عن نفس المصدر السابق ص333 - 351 دراسة بعنوان "السريان ونقل البشارة " بقلم جوزيف يعقوب أستاذ العلوم السياسية جامعة ليون الكاثوليكية, معهد حقوق ألأنسان , وأختصاصيّ في ألأقليات وفي مسيحيي المشرق.

151
وأخيرا سقط القناع وبانت حقيقة المتسترين وراء الشعارات الزائفة
نافع البرواري
يقول المثل "ألأناء ينضح بما فيه "ويقول الكتاب المقدس "من فيض القلب يتكلم اللسان" و"من أثمارهم تعرفونهم".
في الآونة ألأخيرة أنتشرت ظاهرة غريبة وغير معتادة وغير مقبولة وغير لائقة, وكأن هناك أتفاق بين البعض لشن حملة من المقالات المتضمنة كلمات بذيئة بعيدة كُلّ البعد عن اللياقة الأدبية والتحاور النزيه ومصحوبة بتشنجّات واسقاطات نفسية مريضة وفاقدة لأبسط شروط الأدب ولا يمكن السكوت عنها ، بل يجب أن لا تنشر في صفحات مواقع معروفة بنزاهتها وحياديتها. لقد سقط قناع البعض الذين طالما ستروا بهِ حقيقة قلوبهم المريضة وشعاراتهم الزائفة بالتخفّي وراء شعارات القومية أو الطائفية أو الحزبية. فبعد فشلهم في أقناع الشعب المسيحي بحجَجَهُم الواهية وشعاراتهم البراّقة ومخططاتهم الهدّامة سقطوا في نفس الفخ الذي نصبوه للآخرين من أخوتهم في الدين والدم .
نعم هناك حملة تشن على الأخوة الغيورين ألمنادين بوحدة المسيحيين سواء كانوا(كلدان أو سريان أو آشوريين)هؤلاء ألأخوة كشفوا زيف شعارات الكثيرين وأحبطوا مخططات الذين كانوا يلبسون قناعاً يخفي حقيقتهم, ولكن بعد أن تم أزاحة قناعهم من وجوههم ظهرت حقيقتهم فكشروا عن أنيابهم كالذئاب وبدأوا كالمسعورين يريدون ألأنقضاض على كُلِّ من كان سبب فشلهم وسقوطهم وكشف شعاراتهم وتجارتهم بقضيّتنا المصيرية.
نعم هؤلاء أعلنوا أفلاسهم في الدفاع عن ارائهم ومعتقداتهم وشعاراتهم البعيدة عن الحقيقة فلجأوا الى وسائل بعيدة كُلِّ البعد عن أبسط المباديء وشروط الحوار والأقناع بالحجة فلجأوا الى سلاح لا يستعمله الا المفلسين وهو سلاح الشتم وقذف الأخرين من أخوتهم  بكلمات جارحة وغير لائقة وخارجة عن أبسط شروط الحوار والأدب والتفاهم للوصول الى الحقائق .
 فها هو أحدهم يتهم أخيه ألأخر وينعته" بالعنجهية" ويصفه مثل تلك المرأة العربية المعروفة بالمثل القائل "عرب وين وطمبورة وين" ومرة يصفه في مقالته مستهزئاً به فيصفه ب"بطل زمانه".
ومرة يتهم نفس الشخص( كاتب هذه المقالة) ب"المسيحجي"والغريب أن هذا الشخص يدعو نفسه شماّسا ً!!!!!!!!
أما الآخر فيذهب أبعد من ذلك فيصف أحد ألأخوة(المعروف بنزاهته الشخصية وغيرته النابعة عن المحبة ) بكلام لايليق فيقول: " عجبآ لماذا التهرب من نشر صورة لغلاف الكتاب ، هل لأنه لا يمتلك الكتاب كما يدعي وانما ينشر ما يملي عليه من قبل ألاخرين ، أم ان في غلاف الكتاب ما يفضح ويكشف عورات الحاقدين على الكلدان .
اليس هذا القول مزايدة على الآخرين عن كلدانيتهم المشهودة؟ وأين قرأتَ أو سمعت عن هذا الشخص الذي تتهمه بالحاقد على الكلدانين؟عليك بأثبات أقوالك يا أخي العزيز قبل أن تكشف "عورات الأخرين" لانّ هذا الكلام خطير وستحاسب عليه يوم القيامة.
هل تعلم أن في بداية الكتاب الذي تتحدث عنه هناك صورة الرب يسوع حاملاً الخروف وبيده عكازة؟ هل تريدنا أن نرمي هكذا كتاب تراثي وبلُغتنا السورث وصورة الرب معه في سلّة المهملات؟ ما هذه الكبرياء من عندك؟ إصحى يا أخي إصحى. وفي مكان ثاني يقول :" الفصل المضحك في مسرحية كتاب المتأشور مسعود النوفلي" .
تعليقي: هل صارت كليشة عندكم كلمة "المتأشور" حتى أنّ كُلُّ من يريد البحث عن الحقيقة تنعتوه بهذه الصفة؟
وفي مكان ثالث يقول: فهل بامكان النوفلي ان يذكر لنا علم واحد ينسب الى الاشوريين عدا علم سلخ جلود الأسرى وسبيهم الى ديارهم وحرق المدن بما فيها كما فعل المجرم سنحاريب بمدينة بابل؟.
أخونا العزيز يتهم الآشوريين بانهم كانوا متخصصين بسلخ جلود ألأسرى وحرق المدن ويتهم ملكهم سنحاريب بالمجرم .
السؤال المطروح للأخ العزيز اليس هذا أجحاف بحق الآشوريين الذين أعطوا للعالم أكبر مكتبة قديمة عرفها التاريخ القديم وهي مكتبة اشور بانيبال؟ الم تقرأ عن مشاريع الري التي لا زال العالم كُلّه حائرا بتلك الأساليب المتقدمة في فن الري؟
الم تقرأ عن أول أكتشاف للعجلة على يد ألآشوريين وكانت قوّتهم وأسلحتهم العسكرية متطورة جدا حتى كانوا يرعبون ألأعداء بها؟ وووو...الخ .
أنا أشك في قرائتك للتاريخ ، ولكن بالمقابل لماذا لا تذكر ما فعله الكلدان بحق الشعب اليهودي في ارضهم وكيف قتلوا اليهود وسرق نبوخذ نصر كؤوس وأواني الهيكل (الهيكل الذي بناه سليمان لتمجيد اسم الله)؟ وكيف حرقوا نينوى التاريخية ووو..... وهل قرأت قصة دانيال وأصدقائه ماذا فعل بهم الكلدان الوثنيون؟
يقول الرب يسوع المسيح "لا تُدينوا لكي لا تُدانوا" فأخرج الخشبة من عينك قبل أن تُخرج القشّة من عين صاحبك".
 نأتي الى ما  تلفض به أخينا كاتب المقالة ليكشف حقيقة ما وراء القناع المزيف, الذي طالما أخفاه عن ألآخرين, من الحقد والكراهية لكلّ من يخالفه في الرايء فينفث بما فيه من المرارة  والسموم والحقد والكراهية حتى وصل به ألأمر بنعت الآخرين"بالأرذال " كما جاء في مقالته ما نصه: " اقول لكل من خرج من صلب الكلدانيين وجعل من نفسه اداة رخيصة وبوق ثرثار ليتهجم على الكلدانيين وعلى التسمية القومية الكلدانية ، عار ثم عار ثم عار أن يكون افتخار المرء في تسمية ما قبل الافتخار بهويته وتسميته الأصلية لذلك ، لأن التنكر للأصل وتغيير الهوية القومية هي صفة الأراذل".
أنها مقالة  تفوح منها رائحة الشتائم والأحقاد والمرارة والألفاض الغير اللائقة بحق ألآخرين لا يمكن أن تخرج من قلب المؤمن المسيحي الحقيقي, لأنّ الرب يسوع المسيح يقول "...أمّا أنا فأقول لكم : من غضب على أخيه أستوجب حُكم القاضي, ومن قال لأخيه : ياجاهل أستوجب حُكم المجلس, ومن قال له: يا أحمق أستوجب نار جهنّم"متى 5:22".
للأسف أخوتي ألأعزاء نحن لا نستحق أن ندعوا مسيحيين عندما نتبادل بعضنا البعض بالفاض الشتائم بدل أن نتبادل السلام والمحبة ونكران الذات والتنازل عن كبريائنا ، كيف نتهم الآخرين حتى ألأعداء ونصفهم بهذه النعوت المخجلة ؟ كيف تريدون أن تتوحّد قلوبنا وتتحقق وحدتنا المسيحية وأنتم تسكتون عن هؤلاء الذين يهدمون ما بناه الخيّرين؟ ألا تشاركون هؤلاء الأخوة بالذنب عندما تسكتون عن قول الحق ؟
وختاما أقرأوا بماذا ختم هذا الأخ مقالته عندما يقول :  واخيرآ إذا كانت تهمة التنكر للعائلة او العشيرة او المدينة او الوطن تجلب العار وفقدان الكرامة للشخص الناكر لها فكم يكون عارآ وعديم الكرامة الشخص الذي يتخلى عن هويته وأصله وانتماءه القومي ؟، اللهم إلا إذا ...
السؤال الذي يخطر على بالي الآن هو :
هل أستطاع الشيطان أن يقسّمنا ويمزّقنا ويرمينا ويطرحنا في هاوية لا مخرج لها ؟
الم يقل الرب يسوع المسيح" كلّ مملكةٍ تنقسم تخرب وتنهار ُبيوتها بيتا على بيتٍ .
نطلب من الرب يسوع المسيح أن يصفي قلوبنا جميعا ويزيل من دواخلنا كُلّ الأحقاد والمرارة ويخلق فينا قلوبا جديدة  طاهرة وروحا جديدا لنستطيع الرجوع الى منابع أيماننا فتكون كلمتك يارب نورا تنّور طرقنا لنستطيع السير في طريق الحق والحياة ..آمين.

152
أُريد حلاّ  ..."ماهي هويتي"؟

نافع البرواري

في الحقيقة وبعد مطالعتي لبعض كُتب التاريخ والمقالات المنشورة في بعض المواقع المسيحية من قبل ألأخوة الباحثين في تاريخ أرضنا بين النهرين والتي سكنها شعوب مختلفة منهم "السومريّون وألأكديّون والأمورّيون والآراميّون والكيشيّون والبابليّون والميديين واليهود والأشوريّون والعيلاميّون والفرس والعرب وألأتراك وألأكراد", صرتُ أشُكَّ في هويتي التي هي تعبير عن العِرق والجِنس والتُراث الثقافي وجذوري التاريخية  والقومية التي انتمي اليها وأصبحتُ في حيرة وزادت تسائلاتي عن مدى أنتمائي لأحدى هذه القوميات والشعوب, وأُرجو من كُلِّ ألأخوة الذين يقرأون هذه المقالة أن يُعطوني ألأجابة الشافية والوافية التي لا تقبل الشك عن هويّتي وقوميّتي وجذوري التاريخية بعد أن يقرأوا المعلومات التالية:

ولدتُّ في عائلة "كلدانية " في أحد القرى المسيحية في شمال العراق وكان أبي وجدي وجد جدي" كلدانيون" ولكن قبل ذلك كانوا أجدادي "اشوريّون" حيث أجدادي قدموا من تركيا من عشيرة "بنَي رومتا " ألآشورية, وبالتأكيد سبب تحوّل أجدادي الى الكلدانية بعد أن كانوا اشوريين هو سبب ديني لأنتماء البعض من الآشوريين الى الكنيسة الكاثوليكية الذين أعطيت لهم تسمية الكلدان بينما ألآشوريين ينتمون الى الكنيسة المشرقية القديمة.

اليوم أنا أتكلم بلغة السورث وهي مزيج بين اللهجة" التي تسمّى "الكلدانية والآشورية " ولكنني لا أُجيد قراءة وكتابة اللغة لهاتين القوميتين ان صحّ التعبير, لكن أُجيد قراءة وكتابة اللغة العربية والدليل مقالاتي كُلّها أكتبها باللغة العربية حالي حال الكثيرين من ألأخوة الكلدان الآشوريين السريان.

أحبّائي وأخوتي وأخواتي .انّ مأساتنا هي جهلنا أننا شعباً واحداً أختلطت دمائنا مع بعضنا البعض وأصبحنا "مثل السبيكة" كما قال أحد ألأخوة واصفا الشعوب الكلدانية وألآشورية والسريانية ، حيث تمازجت وتداخلت وأختلطت دمائنا مع بعضها البعض وأصبح من المستحيل معرفة لمن مِنْ هذه القوميات تنتمي جذورنا وعروقنا التاريخية, (وخاصة بعد دخولنا الى الديانة المسيحية ) التاريخ يؤكد على الحقائق التالية:

1- ألاشوريون أحتلوا بابل وأخذوا الكثيرين من الكلدانيين سبايا الى ديراهم ألآشورية كما فعلوا باليهود ايضا عندما جلبوهم من السامرة وشمال فلسطين الى مناطق شمال العراق وكما فعل الكلدانيون نفس الشيئ مع اليهود عندما غزوا أورشليم وجلبوا اليهود الى بابل كما يخبرنا التاريخ والكتاب المقدس.

2- التاريخ  يخبرنا أيضا عن أنّ الآراميين كانوا قد تغلغلوا في ألأمبراطوريتين ألآشورية والكلدانية حيث كان جنوب العراق يسمى "بيث ارامايا" وليس هذا فقط بل أن الشعوب بين النهرين قد أخذت الكتابة الآرامية التي أصبحت بعد ذلك السريانية "سورث" بعد دخول أكثرية الكلدان وألأشوريين والسريان في الديانة المسيحية.

3- التاريخ يخبرنا أيضا أنّ عاصمة الكلدانيين سقطت بيد الفرس وكذلك نينوى وصار هناك تغييرا ديموغرافيا وخاصة بعد دخول العرب الى بلدان الشرق الأوسط فأندثرت لغات الشعوب ألأصيلة بعد سيطرة اللغة العربية لتصبح اللغة الرسمية لسكان بين النهرين, وأذا قلنا أنّ الكلدانيين وجدوا في المحافظات الجنوبية وخاصة بغداد فأنّهم كانوا يتكلمون باللغة العربية والكثيرين منهم أصلهم عرب كانوا قد تنصّروا في القرون ألأولى للمسيحية. أمّا الذين يتكلمون لغة السورث في هذه المحافظات فهم من المهجّرين من شمال العراق وتركيا منذ الحرب العالمية الأولى وحروب الستينات من القرن الماضي بين ألعرب وألأكراد, ونزحوا الى هذه المحافظات سواء كانوا اشورييون أو كلدان أو سريان .

أمّا السريان سواء السريان الشرقيين والسريان الغربيين(شرق الفرات وغربه) فقد عانوا هم أيضا من الحروب والأضطهادات من قبل الأتراك وخاصة في الحرب العالمية الأولى وتشتت الكثيرين منهم في الدول المجاورة كالعراق وشرق سوريا وهاجر الكثيرون منهم الى الغرب والكثيرين منهم أستعربوا فأصبحوا يتكلمون اللغة العربية أو أصبحوا يتكلمون اللغة التركية بسبب ألأضطهادات .

من خلال كُلّ هذه المعطيات وغيرها (لانريد أن نغوص في عمق التاريخ وما حدث من ألآبادات والأضطهادات ولا زالت مستمرة الى يومنا هذا بل زاد وتيرها ضد السكان ألأصليين من الكلدان والسريان والآشوريين ) نستطيع أن نتوصل الى النتائج التالية:

1- اننا ككلدان أو سريان أو اشوريين تجمعنا تسمية واحدة ومنذ دخول هذه الشعوب الى الديانة المسيحية ولا تزال هذه التسمية التى تطلق على هذه الشعوب الى يومنا هذا وهي "سورايي" , وهي تسمية نعترف بها جميعنا وهي متداولة بين الكدان والسريان والآشوريين ، وهذه التسمية لها خصائص تميزنا عن الشعوب ألأخرى سواء كانوا عربا أوأكراد أو فرس أو أتراك...ألخ  وهي تسمية لها جذور قديمة تزيد عن الف وخمسمائة سنة من ألآن فلماذا نرجع الى جذور غائرة في القدم ولا أحد يستطيع في أيّامنا هذه أن يثبت هويته القومية سواء من أدعى كونه كلداني أو سرياني أو اشوري لأختلاط وانصهار وذوبان هذه الشعوب الأصيلة مع بعضها البعض ومع الشعوب المحتلة من الفرس والعرب والأتراك وغيرهم أضافة الى أختلاط دم الكلداني والسرياني والأشوري  مع اليهود المسبيين من فلسطين وغيرها من الشعوب التي جلبت من بلدان أخرى الى ارض الرافدين وأعتنقوا المسيحية.

انّ التسمية المقترحة "سورايي" تعني:

 أولا: أننا نتكلم بلغة خاصة بنا نحن "الكلدان والسريان والآشوريين" وهي لغة "السورث", فمها كان أصل  جذور هذه اللغة "سواء كلدانية أو سريانية أو اشورية" فهي لغة حيّة نعتز بها لأنها تجمعنا وتؤكد لنا أنتمائنا الأصيل الى وادي الرافدين كموطن عاشت وتعيش فيه هذه القوميات, فهذه اللغة تجمع القوميات الثلاثة بغض النظر عن أصلها .

ثانيا: هذه التسمية سورايي تعني ايمان مشترك للقوميات الثلاثة وهذا الأيمان المشترك(كوننا نؤمن بيسوع المسيح ربا ومخلصا) يجمعنا ويوحدنا بفكر واحد ويدعونا الى أن نكون أخوة وأعضاء في جسد المسيح, وهذا يعطينا القوّة والزخم ومصير مشترك ويعطينا أمكانية غير محدودة لمواجهة كل المظالم والأضطهادات بقلب واحد وروحا واحدة كما فعل شهدائنا ألأبرار خلال فترات الأضطهادات عبر العصور. أمّا الذين يُطلق عليهم تسمية "سورايي" وهم غير مؤمنين "علمانيين وملحدين" فهم أيضا تشملهم هذه التسمية باعتبارهم يؤمنون بنفس القضية وألأهداف ويشتركون مع ال"سورايي" باللغة والدم والتاريخ المشترك والثقافة المشتركة والوطن المشترك, لا بل كُلّنا نشترك في مصير واحد بل انّ بقائنا ووجودنا يعتمد على مدى أعترافنا بهذه الحقائق المشتركة والتنازل عن الصراعات القومية والتحزبات التي أثبتت ألأيام أنّها شتت جهودنا ومزقت وحدتنا وتلاشت امالنا في أن يكون لنا صوت واحد وقوّة واحدة وجهد موحد للتصدي لقوى الظلام من ألأرهاب وصولا الى القوى السياسية والدولية التي تستغل هذا ألأنقسام للقضاء على وجودنا في هذا الشرق.

2- أنّ التاريخ يذكرنا بكنيستنا المشرقية عندما كانت كنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية فلماذا لا نرجع نحن اليوم ك"سورايي" لأعادة هذه التسمية مع أحتفاظ كُلّ الطوائف والمذاهب بخصوصيّتها التي تعتز بها, كما يعتز كلّ واحد بقوميّته ولهجته المحكية  فالتنوع يغنينا ويثرينا بتنوع تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا وطرق عبادتنا طالما لا نخرج عن الحقائق الجوهرية لأيماننا.

153
 رد لما كتبه أحد ألأخوة من المتطرفين القوميين في مقالته
 
بقلم نافع البرواري
 
في متابعتي للأحداث لما جرى ويجري في العراق من التطرف الطائفي والقومي والمذهبي والعرقي الذي أصبح واقعا لا يستطيع أحدٌ أنكاره ، ألاحظ أستشراء هذا المرض ليفتك حتى بين ألأخوة المسيحيين أنفسهم ، فأصابنا مرض الحنين الى السلف والبكاء على أطلال الحضارات الكلدانية والسريانية والاشورية ونسينا حاضرنا ومشاكلنا ومآسينا وقضايانا المصيرية ، بل حتى ايماننا أصبح موضع شك ، وبات وجودنا وبقائنا وحتى هويتنا في محكّ .
يمكننا أن نستخدم الكلمات كأسلحة أو كادوات للأسائة للعلاقات أو لبنائها. وللأسف كثيراً ما يكون الهدم اسهل بكثير من البناء( حتى في مشاريع البناء). فقد نقضي سنوات لتشييد بناية ضخمة ولكن ما أسهل تدمير وهدم هذه البناية. وكُلِّ شخص نقابله اليوم , أمّا أن يكون مجالا للهدم, أو فرصة للبناء, وكلماتنا هي التي تحدث الفرق. فهل نكون معولا للهدم أو أداة للبناء. يقول كاتب سفر الأمثال"كلام النفاق يُفسِد صاحبهُ. وبالمعرفة يخلص ُ الصدِّيقون"أمثال 11:9"
عندما يتهم (أحدهم ) أخيه الاخر بتهمة جارحة و بأستهزاء, لانّه لا يشاركه هذا التعصب الأعمى, و ليقول عنه" عرب وين وطمبورة وين" فهذه هي مأساة حقيقية, فأما لا يعرف هذا الأخ ما يقصده المثل فتلك مصيبة, وان عرف هذا ألأخ ما يرمز اليه المثل فالمصيبة أكبر. في الحقيقة هذا المثل ينطبق على كُلّ متعصب لقوميّته فيرى خراب بيوت وماسي تحّل بالمسيحيين في العراق, ولكنه لا يهمّه هذا كُلّه سوى التغني بأمجاد القومية والبكاء على أطلال تلك لحضارة التي لم يشترك أخينا في صنعها. فإذا هذا المثل ينطبق على أخينا هذا والسائرين معه في نهجه, فهو غائب عن ما يُعانيه شعبه ويعيش في عالم آخر في دولة تقع  في أقصى الكرة الأرضية ولا يعيش مأساة شعبه الذي أشمئز من التحزبّات القومية والطائفية التي مزّقت امالهم في توحيد كُل الجهود الرامية الى وحدة (السريان والكلدان والآشوريين).
أنّها لمأسات ما وصلنا اليه نحن مسيحيي العراق بسبب التعصّب القومي والطائفي حتى وصل ألأمر ان يكتب واحداً من هؤلاء المتعصبّين , مقالة تطعن في شخص يمقت التعصب القومي والطائفي و مشهود بنزاهته ومحبّته وأخلاصه لوحدة المسيحيين سواء كانوا (سريان أو كلدان أو أشوريين) .
يريد منّا هذا الشخص (القومجي) أن نكتب عن عظمة حضارة الكلدان وما قدموه للبشرية من العلوم والمعارف وكأن مشاكلنا ومآسينا الحالية لا يمكن حلّها الاّ بالرجوع الى سالف الحضارات المندثرة ونُنقِّب في أطلالها (كالذي يبحث عن ابرة وسط كوماً كبيراً من القش) عن حل لمشاكلنا ومعاناتنا (اليوم) مما نعانيه من ألأضطهاد والظلم والتهجير القسري والتمزّق ألأخلاقي والفتور ألأيماني, والتشرذم والتحزب والتعصب, الذي أصاب وحدتنا المسيحية. نعم نحن لاننكر حضارة الكلدانيين ولا حضارة الاشوريين أوحضارة السريانيين(الاراميين) , ولكن نحن ابناء اليوم علينا أن لا نبكي على الأطلال بل أن ننهظ ونستفيق من أحلام اليقظة التي نحن فيها. لأنّ الرجوع الى الماظي السحيق لجلد الذات والتهرب من الواقع الحالي هو كالذي يهرب من مشاكله باللجوء الى المخدرات.
نحن ليست مشكلتنا مع الكلدان, أيّها ألأخ العزيز, وليست مشكلتنا مع ألاشوريين وليست مشكلتنا مع السريان , فنحن نحترم أعتزازهم بقوميتهم وهويتهم وجذورهم التاريخية, ولكن مشكلتنا هي مع الذين ينظرون من زاوية محدودة من هؤلاء الناس دون النظر الى جميع الزوايا, وهذا ما يسبب تفّرُقنا ويزيد من تمزُّقنا كشعب واحد عاش في وطن واحد ويشترك بلغة واحدة وتراث واحد لابل دم واحد ومرتبط بمصير واحد والأكثر من ذلك يؤمن بايمان واحد. وهذا ما يُركّز عليه الخيرون من أبنائنا (الكلدان السريان الآشوريين) ومنهم هذا الشخص الذي أتّهمته في مقالتك, التي تفوح منها رائحة التعصب حتى قذف الاخرين بكلمات غير لائقة, عندما تقول عنه ما نصّه"...راجع النصوص التي كَتَبتَبها وتَرجَمتَها في تَبَجُّحُكَ في مقالتُكَ".
 السؤال موجّه لك أخي العزيز وهو: هل يتطلب هذا القول عن شخص مؤمن بالله ومحب لشعبه المسيحي سواء كان( سرياني أو كلداني اوآشوري) تنعته بصفة غير لائقة وهو شمّاس معروف من قبل غالبية الكلدان والسريان والاشوريين ولا يستطيع أحد أنكار محبّته للكُل وغيرته على كنيسته المشرقية وتفانيه في محاولة وحدة المسيحيين ولا فرق عنده بين التسميات ويشهد له حتّى الذين يخالفونه الرأي؟ وبعد أن شاهدنا صور الكتاب المترجم للأب المرحوم تبقى مُصِراً على رأيك مع شديد الأسف.
ألم يشرح لك هذا الشخص في ألأجابة على اسئلتك وبأسلوب البحث العلمي وبالمنطق وألأدلة  الكثيرة , ولكنك مع كُل ذلك تصرُّ على رأيك وعنادكَ؟ هل هذا هو أُسلوب شماس مؤمن ومثقف يكتب في موقع كلداني ويقرأ مقالته آلاف المؤمنين؟ .أليس هذا دليلا على ألأفلاس لأقناع الناس بمشاريعكم القوميّة وتجارتكم بهذه الشعارت الخدّاعة فأنفجر نار غضبكم على الذين كشفوا للشعب زيف هذه الشعارت وعرف الشعب المسيحي حقيقتكم التي طالما حاولتم أخفائها وراء الشعارات الزائفة؟
أليس هذا الغضب يعبّر عن مشاعر الكثيرين من أخوتنا أصحاب (الأصوليين القوميين)الذين يتعصبّون لقوميتهم وينظرون الى من يخالف نظرتهم فيتهمونهم بشتى ألأتهامات كما نقرا في الكثير من المقالات ؟ لقد بُذلت جهود خيّرة عبر سنوات لتوحيد شملنا وتوحيد اهدافنا لتحقيق وحدة حقيقية تَجمع عليها كُلّ هذه القوميات الثلاث المنصهرة مع بعضها البعض عبر التاريخ, ويقف على رأس هؤلاء الخيّرين ذاك الشخص الذي نعتّهُ ( بالعُنجهية ) دون وجه حق ودون سبب معقول سوى لأنَّ هذا الشخص يختلف معك في النظر الى الأمور من منظارأشمل, وهو وأن كان هذا الشخص كلداني ولكنه غير متعصّب لكلدانيته وينظر الى هذا التعصب الذي جعل الكثيرين من أمثالكم يفقدون التصرف اللائق والكتابة بحكمة بحيث أصبحتم  سبباً رئيسياً لما آلت اليه أوضاعنا المسيحية اليوم والواقع المؤلم يشهد على ذلك بدون نقاش.
لنفرض أنّ الشخص الذي ذكرته في مقالتك قد نقل عن كتاب مترجم عن الكلدان بوصفهم كانوا وثنيين أو (حنبي) وهو كذلك ، لأنَّ الوثنيين يعني من لايعبدون الله أو يشركون به ، وكذلك كلمة حمبي تعني ما تعنيه ، الذين لا يؤمنون باله اليهود (يهوه) علماً بأن آبائنا كانوا يلقّبون الذين غيّروا دينهم المسيحي بِ (الحمبي).
أنّ ما ورد في مقالتك عن الشعب اليهودي بانه أحفاد قتلة المسيح فيه نوع من الحق ولكن ليس كُل الحق لأن الكثيرين من اليهود آمنوا بالمسيح ، لا بل كانوا هم أساس المسيحية فتلاميذ المسيح جميعهم كانوا يهوداً ، كتبوا الأنجيل وبشّروا العالم بالأيمان الحق.
بينما لا تذكر ما فعله الكلدانيين(الوثنيين) في زمن الملك  نبوخذ نصر والملك بلشصّر, فالأول اراد أحراق أصدقاء دانيال( شدرخ وميشع وعبدنغو) في اتون النار بينما الثاني أخرج آنيّة الذهب والفضة التي أخرجها نبوخذ نصر أبوه من الهيكل(هيكل سليمان في أورشليم ) ليشرب بها هو وعظمائه ونسائه وجواريه في احتفال مهيب فيها تم شرب الخمر من هذه الكؤوس وألأواني فتنجّست, وقد دفع الكلدان ثمناً غاليا لهذا التصرف الأهوج بانتصار الماديين عليهم وسقوط بابل في نفس  ليلة ألأحتفال والقصة يمكن أن تقراها في سفر دانيال النبي الأصحاح الخامس. وأُحب أن أُضيف الى معلوماتك اخي العزيز أنّ  الكلدانيون في فترة السبي البابلي كانوا يعبدون مئات الآله وقد أضافوا اله يهوه الى قائمة تلك الآلهه في زمن نبوخذ نصر والدليل أنّ نبو خذ نصر آمن بيهوه اله اليهود ثم عاد ونُسيَ اله دانيال مرة ثانية من بعده في زمن بلشصّر ابنه وهذا دليل على وثنية الكلدانيين وأشراكهم بيهوه اله اسرائيل.
تقول في مقالتك :"إذن المسألة لم تـكـن إضـطـهاداً أربعـينياً ولا تسعـينياً ولا في زمن القـرن الرابع ولا العاشـر ، ولا مسيحـيّـين  ولا هـم يـحـزنـون ، وإنما كانـت تـشبـيهاً لِما حـدث في زمن نـبوخـذنـصّـر ، وإحـياءاً لذكـرى اليهـود المسبـيّـين وإلهـهـم يـهـوه ، وذكـرى شَـدْرَخ وميشَـخ وعـبدَ نـَغـو وسراويلهم والنار".
السؤال المطروح لك وأنت شمّاس : هل اله اليهود(يهوة) ليس الهنا, عندما تقول (والههم يهوه)؟ ولنترك ألأجابة للقارئ المؤمن ولا نريد أن نتشعب في هذا الموضوع فقد أوضح ذلك الأب حبيب هرمز في مقالته الرائعة والمنشورة في بعض المواقع لتوضيح الألتباس الذي وقعتَ فيه , وأرجو الرجوع الى هذه المقالة وأدناه أقتبس بعض ما كتَبه ألأب حبيب في الفقرة رقم(5) من مقالته:
"خامسا: إن الرب جاء ليكمل لا لينقض. العديد من المسيحيين في كنيسة المشرق كانوا يهودا يعيشون في وادي الرافدين جنبا الى جنب مع اخوتهم المسيحيين من اصل كلداني وآخرون من اصل آشوري ومعهم الفرس المتنصرين والمسبيين الروم المسيحيين اصلا والعرب المهاجرين من الجزيرة وغيرهم. هؤلاء كانت قصص شهداء العهد القديم (مثل قصة الإضطهاد المذكورة في سفر دانيال ل شدرخ وميشخ وعبد نغو) نصب اعينهم استخدموها كرموز كلما استشهد احد بسبب اضطهاد الفرس. فالشهداء في العهدين لهم نفس الهدف وهو الشهادة بعلاقتهم ووفائهم لمخلصهم الذي كان ايام السبي البابلي يهوه الحي الى الأبد والغير منظور، وايام القرن الرابع كان الإيمان بالرب المسيح الحي الى الأبد الغير منظور ايضاً.
 راجع الموقع التالي:
http://www.ishtartv.com/viewarticle,30605.html
وأحب أن أضيف على ما قاله ألأب حبيب في الفقرة السادسة والسابعة من مقالته بأنّ الذي يريد معرفة ما ترمز اليه أية قصة من القصص في الكتاب المقدس عليه أن لا يأخذها حرفيا بل هي أحيانا كثيرة ترمزالى مقاصد روحية وعلى الباحث أن يعرف الرموز والمقاصد للكتاب المقدس  من خلال الدراية بعلم النقد ألأدبي والتاريخي والفلسفي , بمعرفة لغة ذلك العصر ومسيرة المجتمع الذي تم تدوين النص فيه ومعرفة الشخص الذي كتب النص والظروف التي دفعته للكتابة (راجع كتابات بولس الفغالي في النقد الكتابي للكتاب المقدس).
"ألأبن الحكيم ُ يقبلُ مشورة أبيه وأمّا الساخرُ فلا يسمعُ التأنيبَ"أمثال 13"1" ، فهل تقبل مشورة ألآباء أخي العزيز أم تتمسّك برأيك؟ ولكل حادث حديث.
السؤال ألأهم الموجه للأخوة, لماذا يسكت الكثيرون من المفكرين وكتبة المقالات عن هؤلاء الناس فيقرأؤن مقالاتهم دون أن يميزوا بين من يهدم البناء ومن يبني على هذا البناء, فأصبح الذي يطالب بوحدة (السريان والكلدان والآشورين) تحت مسمّى واحد هو "سورايي" لمصلحة المسيحيين ومستقبلهم ووحدتهم وتحقيق آمالهم يتم ألأستهزاء والسخرية به فيقول عنه كاتب المقالة  " بطل زمانه", بينما الذي يريد التعصب لقوميته أصبح  "البطل المنقذ"؟
 مع الأسف اليوم أختلطت الأوراق على الكثيرين واصبحوا لايعرفون الحق من الباطل, ولكن في نفس الوقت  أنكشفت أوراق الكثيرين من دعات  القومية والطائفية من العرب المسلمين وكذلك من أخوتنا المسيحيين, فقد سبّبوا في تمزيق العراق وسوف لن ينفعهم اللعب على أوتار القومية والطائفية, بعد(اليوم), لأن الشعب العراقي (مسيحيين ومسلمين) عرف انّه خُدِع بالمشاعر القومية والطائفية التي نادى بها هؤلاء المتعصبون للقومية والطائفية, فأنكشفت حقيقة تجارتهم بهذه الشعارات وما علينا الآن إلا أن نستفيد دروسا وعِبَر من التاريخ, لأن التاريخ يخبرنا عن مآسات التعصب القومي والطائفي عبر العصور.

154
علاقة الدين بالعلم والمعرفة  في المجتمعات  المسيحية والأسلامية عبر التاريخ

بقلم نافع البرواري

قبل مئات السنين (وخاصة في القرون الوسطى المتأخرة 1100-1400م) وعندما كانت الكنيسة (وخاصة الكنيسة الغربية) تتدخل بالسياسة والعلم والمعرفة وانشغال الإكليروس بمصالحهم وأهمالهم لواجباتهم الرعوية وكان الوعظ في الكنائس نادرا ، فقد أدى كل هذا الى جهل الشعب بتعاليم الله والكنيسة، فالقداس كان يُتلى باللغة اللاتينية التي كانت غير مفهومة لدى العامة، بل كان معظم رجال الدين يجهلونها أيضاً ويرددوها كالببغاوات دون أن يعرفوا ماذا يقولون، لكنهم كانوا قد حفظوا القداس نتيجة تكرار تلاوته. في ذلك الوقت ظهر عجز الكنيسة وفشلها في عدم قدرتها على مواجهة حاجات الشعب المتزايدة والذي كان يزيد بمعدلات كبيرة، لقد تراجع العلم وتراجعت المعرفة الأنسانية لا بل تراجعت تفاسير الكتاب المقدس لتتخذ النصوص الكتابية تفاسير حرفية تقتل روح النص للكتاب المقدس (كما يحدث اليوم في الكثير من الدول الأسلامية لكون القران باللغة العربية ولا يقبل من المسلمين معرفة مظمون القران الآ بمراجعة رجل الدين). تنامت سلطة البابوات مع تنامي سلطة الملوك، الأمر الذي أدى إلى ظهور نزاعات مريرة بين قادة الكنيسة وحكام الدولة, وأدى رجال الكنيسة دورًا متزايدًا في الشؤون السياسية، وكثر تدخل الملوك في شؤون الكنيسة. وكان البابوات يتنازلون أحيانًا عن استقلالهم ويستسلمون للملوك. وقد حدث هذا بصورة خاصة ما بين سنة 1309م وسنة 1377م, وفي بدايات العصر التنويري القرن 16 تدخلت الكنيسة
(المسيّسة) في أضطهاد العلماء وملاحقة رجال الفكر ومؤلفاتهم " وكلنا يعلم قصة موقف الكنيسة من العالم "غاليلو"عندما أكتشف كروية ألأرض ودورانها حول الشمس, والذي يناقض التفسير الحرفي لنصوص الكتاب المقدس التي كانت تفسرها الكنيسة حينها على أن الأرض مسطحة وهي مركز الكون (1), فكانت الكنيسة تحرّم كل العلوم المكتشفة التي تخالف تفاسيرها للنصوص الكتابية, وتقيم المحاكم التفتيشية لمحاربة العلماء والمبدعين بسبب تدخل السياسة في الدين والدين بالسياسة  .
وأعاد الاحتكاك المتزايد مع الحضارتين الإسلامية والبيزنطية قدرًا كبيرًا من المعرفة، التي كانت قد فقدتها أوروبا منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية؛ فقد ترجم بعض العلماء كتابات عربية وإغريقية إلى اللغة اللاتينية ودرسوا معانيها. وغدا الكثير من العلماء على دراية بمؤلفات الفيلسوف الإغريقي أرسطو بفضل شروح الفيلسوف العربي ابن رشد وغيره من العلماء العرب والمسلمين. وتناقش العلماء فيما إذا كانت تعاليم أرسطو تعارض تعاليم الكنيسة. وقد ظهر من جراء مناقشات هؤلاء العلماء وكتاباتهم ميدان فكري أطلق عليه اسم المدرسية, وكان من بين كبار الأساتذة والكتاب في تلك الفترة كلاً من بيتر أبيلارد، وألبرت الكبير، وتوما الأكويني .
فسحت أوروبا, في العصور  الوسطى المتاخرة, تدريجياً الطريق لظهور أوروبا الحديثة، وذلك ما بين 1300 و1500م. وتداخلت العصور الوسطى، خلال هذه الفترة، مع فترة من التاريخ الأوروبي المعروفة بعصر النهضة ، أما في في العالم العربي والأسلامي, فكان هناك نوع من الحرية في المعارف الأنسانية, خاصة في عهدي العباسيين والأموين في ألأندلس(اسبانيا الحالية), ،, فالعلم  تطوّر وتطورت المعرفة الأنسانية وظهر مفكرين بارزين (من مختلف الديانات السماوية) في عهد الخلافة الأسلامية ينادون بحرية الفكر في العلوم والمعارف الأنسانية والتسائلات الوجودية والفلسفية وظهر في ألأسلام علماء ومترجمين للعلوم الأغريقية (وكان الرواد غالبيّتهم من البلدان الأصلية ، مثل السريان والفرس واليهود والأقباط) وكان المفكرين المسلمين ينادون بأستخدام العقل لتفسير نصوص الآيات القرانية للوصول الى الحقائق الآلهية أمثال, الزنادقة, والمتصوفة المتاملين في سر الوجود, وغيرهم), وبدأ ذلك في فترة قصيرة جدا وكأنّ هناك تناغم وأنسجام بين هذا الثالوث (العلم والمعرفة مع *الدين*) ولكن لم يستمر ذلك طويلا,"فالأسلام قاطعوا الحضارات الفكرية منذُ القرن الثالث عشر بعد أن ضربوا الزنادقة والمتصوفة وكُلّ من ينتقد الدين والسياسة, وبدأ من بعد ذلك يتراجع وينحسر العقل الأسلامي ومعه انحسر الفكر المعرفي والديني وسيطرت حفنة من الجهلة على المجتمعات العربية الأسلامية, فاليوم لايوجد في الأسلام علم النفس وعلم الأجتماع والعلوم الأنسانية ودراسة الفلسفة واللاهوت(أي دراسة الأديان )كما تم خنق الحريات وعدم الأنفتاح على الحضارات الأنسانية "(2)".
ومرت المجتمعات الأسلامية خاصة والعربية عامة في فترة مظلمة دامت مئات السنين, فمنذ سقوط بغداد, عاصمة الخلافة العباسية, بيد هولاكو سنة(1258م) ومن ثم سقوط  عاصمة الأمبراطورية البيزنطية (القسطنطينية سنة 1453م) على يد العثمانيين بقيادة محمد الفاتح, وسقوط  الأندلس(سقطت غرناطة سنة 1492م) مرّ العالم الأسلامي عامة والعالم العربي خاصة في قرون مظلمة وخاصة في فترة الأستعمار العثماني(التركي) الذي دام أكثر من أربعمائة سنة (منذ حوالي القرن السادس عشر الى بدايات القرن العشرين) . وأستمرت الدول العربية في هذا الظلام الدامس الى القرن التاسع عشر عندما أحتلّ نابليون بونابارت مصرسنة(1798م) وجلب معه علماء ومفكرين كان لهم الدور الأساسي للنهضة العربية المعاصرة في كُلّ مجالات العلوم والمعارف(3). وبالرغم من أنّ العالم العربي شهد  أحتلالا جديدا ( أُحتُلّ العالم العربي  من قبل الأستعمار البريطاني والفرنسي والأيطالي بعد خروجهم منتصرين في الحرب العالمية الأولى فقسّموا الأرث العثماني بينهم) الآ انّ النهضة استمرت, ( بعد سقوط الأمبراطرية العثمانية سنة 1919 ) وبتلاقح الحضارات الشرقية والغربية وأستعادة العالم العربي هويته و وعيه القومي في عهد الأستعمار الغربي الذي لم يطول الا فترة قصيرة لم تتجاوز 50 الى 70سنة وأستعادت الدول العربية أستقلالها لأول مرة بعد مئات السنين وبدأت النهضة العربية المعاصرة, بمساعدة المثقفين  وكبار العلماء والمفكرين, وتكرر دور المسيحيين واليهود والأقباط ليكونوا رواد هذه النهضة ليشكلوا جسرا بين الغرب (المسيحي) والشرق(الأسلامي) , وأنطلق العرب لمواكبة العلوم والمعارف الأنسانية المعاصرة, ولكن كانت خيبة الأمل عندما تراجع هذا الزخم من مواصلة التقدم بسبب رد الفعل تجاه الحضارة الغربية نتيجة تأسيس دولة اليهود في فلسطين سنة 1948 والحروب التي أنهكت الدول العربية وخاصة بعد ما يسمى بنكسة 5 حزيران 1967 وكذلك ألأنقلابات الدموية وسيطرة الدكتاتوريات على أنظمة الحكم لهذه البلدان مما ادى الى أنهزام داخلي والأنكماش على الذات فكان هناك تقلص ثقافي وعلمي ومعرفي وأرتداد ديني  وعودة الأفكار السلفية نتيجة الكثير من الأسقاطات ونتج عن هذه الهزيمة (المادية والمعنوية) سيطرة الفكر الديني على الأفكار العلمية والمعرفية فأصبح الدين والسياسة وجهان لعملة واحدة في المجتمعات الأسلامية بصورة عامة وفي المجتمعات العربية بصورة خاصة وسيطر الفكر الديني السلفي  ليقود التفسير الحرفي للنصوص القرانية (كما حدث للكنيسة قبل ذلك بخمسمائة سنة) .
على ضوء ذلك تقلص دور العلم والمعرفة  بعد أنزواء "العقل"  بسبب ردود الأفعال ضد المجتمعات الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية ودخلت الدول العربية في النفق المظلم مرة ثانية بدلا من أن تتعلم من التاريخ دروسا وعبر لتتجاوز ألأزمات بالبحث عن الحلول بأستخدام العقل’ فلجأؤا الى الأساطير والخرافات, والتعصب الفكري والديني وأختراع ما يسمى نظرية المؤامرة وتكفير الآخرين وأنتشر الفكر القمعي ومحاربة العقل على حساب الخرافات والشعوذة, وظهر فكر يدعي بان القران هو نبع جميع المعارف الأنسانية والعلمية, نتيجة ألأسقاطات المتتالية لهذه الدول , فالقران , بحسب الكثير من علماء الدين المسلمين المعاصرين, فيه أعجاز علمي وأعجاز لغوي فلا يحتاج المسلمون الى علوم الغرب ومعارفها, وكثُرت الفتاوى الدينية  المتناقضة في هذه المجتمعات تُحرّم وتحلل وتكفّر وتبجّل هذا وتحتقر ذاك, تُفتي حتى بالأمور الشخصية للرجل والمرأة, لا بل أصبح رجل الدين هو يقرر مصير ألأنسان وحياته, فهو المرجع القضائي والمستشار القانوني وبيده السلطة التشريعية والتنفيذية, لا بل أصبحت, أحيانا كثيرة فتاوى الشيوخ, وليس قوانين الدولة, هي التي تتحكم في مصير الشعوب ألأسلامية  وخاصة في قوانين الأحوال الشخصية, حيث  شرّعت في الكثير من هذه البلدان مثلا قانون السماح بزواج المتعة على مختلف انواعها وغيرها ليس لنا المجال لذكرها, بل يمكن أن نقول أنّ دساتير الدول الأسلامية خُضِعت للشريعة الأسلامية التي اصبحت قيدا بل حجر عثرة لتقدم هذه الدول, بما يناسب افكارها السياسية والدينية, ليس هذا فقط بل أنَّ الشريعة ألأسلامية لا تساير عصر التنوير والعلوم والمعارف ولا يمكن تطبيقها حتى على المسلمين, فهي تخالف أبسط  حقوق الأنسان مثل حرية أختيار العقيدة  والدين وحقوق المرأة...الخ, ونتيجة ألأرتداد الى الدين( كنتيجة لهذه ألأسقاطات وليس كاختيار حر ) لهذا ظهرت ألأصولية ألدينية (ألأيمان المتزمت)  فظهرت على السطح الخلافات الطائفية بين الشيعة والسنة التي كانت مدفونة تحت الرماد لمئات السنين , وزادت نسبة الجهل وخاصة بين النساء, ولعدم الأهتمام بالعلم والمعرفة هاجرت الكثير من العقول الى الغرب فصارت هذه الدول تصدر العقول الى الغرب وتستورد التكنولوجية الجاهزة منها, فأصبحت المجتمعات العربية خاصة مجتمعات مستهلكة ومترهّلة وخاملة, وخاوية, ومنخورة من الداخل وطفيلية وأتكالية, وبدت تترنح من هول المشاكل الأقتصادية والأخلاقية والعقد النفسية والأزدواجية (الشيزوفرينيا) في التعامل مع العالم المتحضر والكيل بمكيالين وأصبحت مستسلمة لعبودية أنظمتها الدكتاتورية وسحر رجال الدين الذين استطاعوا غسل أدمغة غالبية هذه الشعوب فاصبح الأنسان العربي المسلم محروم من أبسط حقوقه الأنسانية, وترنح ألأنسان  كجثّة هامدة لا حول له ولا قوة فاصبح عاجزا عن تحرير نفسه من كُل هذه القيود التي أصبحت أحمالاً  يأنُّ تحت ثقلها .
وعلى العكس من البلدان الأسلامية ازدهرت أوربا في الفترة التي سميت بالفترة التنويرية (منذ القرن الخامس عشر) ولا زال الغرب يتقدم في العلم والمعارف الأنسانية والحريات الفردية والتحرر من حكم الدكتاتوريات بأنظمة ديمرقراطية, فاصبح الأنسان هو الهدف في هذه الدول وشرعت قوانين لحقوق الأنسان  مستمدة من  جذورها المسيحية. أما الدين فقد تطور فيه تأوين النصوص الكتابية وظهر علم النقد للكتاب المقدس ومراجعة عامة لمواقف الكنيسة عبر التاريخ وفصل الدين عن الدولة والسياسة واعتراف الكنيسة بالأخطاء التي أُرتكبت بحق اليهود والعلماء عبر التاريخ وتم طبع و ترجمة و توزيع الكتاب المقدس الى جميع لغات العالم فلم يصبح حكرا لرجال الدين, وظهرت في الغرب خاصة  صحوة دينية وأصلاحات لتواكب التطورات العلمية والمعرفية في العالم, وتوّجت  هذه الأنطلاقة  خاصة بعد المجمع الفاتيكاني الثاني سنة ( 1962 - 1965م).
انَّ التاريخ يخبرنا أنّ الحضارات تتقدم عندما تكون هناك رؤية للداخل (رؤية وحدة المجتمع من الداخل  ) ورؤية خارجية للعالم (رؤية للحضارات الأخرى والتفاعل معها للتكامل الحضاري ) فلا يمكن أستمرار حضارة تعتمد على فكر واحد وايدولوجية واحدة وحتى دين واحد فالحضارات تتكامل وتتمازج, فيجب أن تكون عين على الداخل وعين على الخارج كما يقول العالم الجزائري الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء" لابد من المقارنة الدائمة بين رؤيتنا للعالم (خارج أنفسنا وأنفسنا) أي ما يسميه الصوفيين ذو عينين ,عين على الوحدة(الداخلية) وعين في الكثرة (فهم الآخرين)أي الحضارات الأخرى(4).
أنّ التاريخ يعلّمنا دروساً وعبر عن أنّ تسييس الدين أو تدخل الدين بالسياسة يؤديان الى ردود معاكسة  حيث يسبب عثرة للأيمان بدل أن يزيد الأيمان ويقويّه, ولهذا قال الرب يسوع المسيح "أعطو ما لقيصر لقيصر وما لله لله" أي يجب فصل الدين عن السياسة وعدم جعل الكتب السماوية كمواضيع للعلوم الطبيعية , لأن غاية الكتاب المقدس هو لأقامة علاقة روحية بين الأنسان والخالق أما العلم ، بالمفهوم الشامل للكلمة، هو كل نوع من المعارف أو التطبيقات, أو"إدراك الشيءِ على ما هو عليه إدراكًا جازما؟"المعرفة لا تعارض علاقتنا بالله بل العكس هو الصحيح, فكلما كان الله حاضراً فينا كُلّما تعلقنا بالمعرفة, الله حضوره في القلب ولا يبرهن عليه بالعقل .
الهوامش:
(1)( ففي 22 حزيران 1633 ، أقتيد هذا العالم الشهير ، كمتهم بالهرطقة والخروج على نصوص ونظريات الدين المسيحي وتعاليم الكنيسة الكاثوليكية، في أسوء فترة في تاريخ المسيحية وهي فترة محاكم التفتيش).
(2) الدكتور محمد اركون كاتب ومفكر واستاذ في الأنسنة(جزائري).
(3) حملة نابليون على مصرسنة 1798 والتي أستمرت حوالي ثلاثة سنوات فقط.
(4) العالم الجزائري  نضال قسوم(مقابلة على قناة الجزيرة في31-5-2008 ).

155
المنبر الحر / البحث عن الحقيقة ج3
« في: 00:00 28/05/2010  »
البحث عن الحقيقة ج3
نافع شابو البرواري




قال أحدهم : لو لم يكن هناك الحق فنحن سنعيش في تخبّط ولا نستطيع أن نتصور العالم بدون الحق ، واذا كان الحق موجود فنحن كلنأ (البشرية كلها) مسؤولين عن سلوكنا ، ومن وجهة نظرنا ، نحن كمسيحيين ، فنحن نؤمن أننا مسؤولين عن تصرفاتنا وأعتقادنا لأنّ الروح القدس الساكن فينا يبكتنا على الخطيئة, وهو يرشدنا الى ما هو خير وما هو حق وينبهنا كلّما انحرفنا في سلوكنا ليعيدنا الى طريق الحق فلا مجاملة مطلقا في حق كلمة الله, فعلينا أن نقول الحقائق الألهية حتى لو نعرف أنّ ذلك قد يؤدي بنا الى الموت في الظروف التي تتطلب قرارا صعبا أو في ظروف الأختيار بين الحق والباطل, انّ التهاون أو الحل الوسط هو مزج شيئين متباينين, فعند مزج الخير بالشر أو الحق بالباطل لايعود الخير أو الحق نقيّان بعد.
أمّا المحرومين من الروح القدس فهم قد يسلكوا طريقا يبدو لهم أنّه طريق الحق ولكنه في الحقيقة قد يقودهم هذا الطريق الى الهلاك, وخير مثال على ذلك هو قصة حياة الرسول بولس قبل اهتدائه الى المسيحية كان يضطهد المسيحيين بل كان يطاردهم لكي يقتلهم وهو كان على قناعة انّه يفعل الصواب وما هو حق ، بينما بعد أن ظهر له المسيح وهو في طريقه الى دمشق تغيّرت حياته واصبح أعظم المبشرين بالمسيح وكتب اعترافاته في رسائله التي اصبحت جزءا من كتاب العهد الجديد. يقول هذا الرسول:"كُلّ ما كان حقّا........فاشغلوا أفكاركم به وأعملوا بما تعلّمتم وتلقيتم وسمعتم مني وما رأيتم فيّ"وينقل لنا هذا الرسول العظيم اختباره مع الحق فيقول:
"أقول الصدق(الحق) في المسيح لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس"روميا 9:1" .
فعلى الأنسان أن يملأ أفكاره بكلّ ما هو حق بالتدريب على الصلاة  وقراءة كلمة الله, والا سوف تتشتت الأفكار فلن يستطيع حينئذ أن يركز على كل ما هو حق وطاهر وشريف وعادل
أنّ الحق يشبه جوهرة ثمينة صافية تتلألأ, وكنزاً ثميناً ولكن الذين يسعون الى الوصول اليه عليهم أن يُقدّموا ثمنا باهضا "متى 13:46", فالحقيقة هي أثمن من كل شئ في هذه الحياة , ولهذا تستحق أن يضحي الأنسان باغلى شئ عنده من أجل الحصول عليها ويقول يسوع المسيح "حيثما يكون كنزك هناك يكون قلبك" فالحقيقة التي نفتش عنها أهم من كل شيء في حياة الدنيا , فهي أهم من المناصب والأموال والغنى والشهرة والمعارف , ولهذا تستحق أن يضحي الأنسان في كُلّ شيء من أجل الحصول عليها ، يقول الرسول بولس:
"ما كان لي من ربح فقد أعتبرته خسارة, من أجل المسيح , بل اني أعتبر كل شيء خسارة من أجل أمتياز معرفة المسيح يسوع ربي"فيلبي 3:7". العالم يعتبر الحقيقة نسبية (مثال بيلاطس)، في العالم المجرد من القيم ، تصبح كل الأمور متساوية ومن ثم نسبية وعندئذ يصعب الحكم على أي شيء ويصبح من المستحيل التمييز بين الخير والشر ، الأنسان الذي يبحث عن حقيقة الله فلابدّ أن يُظهر الله حقيقته له ، والكتاب المقدس هو الطريق الذي يساعد الأنسان ليقوده الى هذه الحقيقة ، يقول الرب يسوع المسيح  الى لذين شكّوا فيه من اليهود"تفحصون الكُتب المقدّسة, حاسبين أنّ لكم فيها الحياة الأبديّة, هي التي تشهد لي "يوحنا 5:39".
 لوقا البشير (كاتب الأنجيل وسفر أعمال الرسل), كان طبيبا ومؤرخا سجّل لنا قوّة الكلمة(الحق) التي ظهرت في حياة يسوع المسيح , فقد كان لوقا مهتما بالحق وبحث عنه وكان دقيقا يتحدّث بتفاصيل دقيقة عن حياة الرب يسوع المسيح وحقيقة شخصيته وقوة الحق التي فيه ، فهو قد تتبّع احداث ولادة المسيح وبشارته وموته وقيامته بالأستناد الى شهود الحدث(مريم العذراء والتلاميذ ) وبحث في جميع أعمال يسوع وتعاليمه منذُ بدأ رسالته حتى اليوم الذي ارتفع الى السماء, حتى عرف الحقيقة , أي حقيقة يسوع المسيح ربا والها"لوقا 1:1-4""أعمال 1:1,2 .
وهكذا يصدمنا ويُدهشنا ويهّز مشاعرنا لا بل يشجّعنا أن نتبع خطواته في البحث عن الحق, فالمسيحيّة لا تقول للأنسان "آمن ايمانا أعمى": بل بالحري"أختبر بنفسك ما يُقال لك "فالكتاب المقدس يشجّعنا أن نمتحن ما ينادي به "فتّشوا الكتب ، أسألوا تُعطوا , أطلبوا تجدوا, دقوا الباب يُفتح لكم "متى7:7" كلِّ أنسان يحمل شريعة الرب في داخله(الضمير) والأنسان قادر عادة على أكتشافها وحده لو كان واعيا بما فيه الكفاية, وشفّافا وصادقا مع نفسه "روميا 2"14,15"لأنّ الكلمة ساكن فيه"النور الذّي يُنير كُلِّ أنسان ٍ آتٍ الى العالم"يوحنا 1:9" .
فنحن لانولد مسيحيين بل نصبح مسيحيين ببحثنا عن الحق , فالمسيحية هي صيرورة دائمة نحو الكمال في المحبة والحرية والعدالة للوصول الى الحق , انها رحلة حياة نحو النمو في الأيمان والنضوج وأعطاء الثمر, وكل أنسان مدعو الى التفتيش عن الحقيقة ، انّ الظلال تختفي عندما تاتي الحقيقة, لانّ الحقيقة هي نور العالم "جئتُ الى العالم نورا"يوحنا 12:46"ولم يتجرأ ايُّ انسان ولا حتى الأنبياء ان يقولوا كما قال المسيح انّه نور العالم, لقد
سطع نور المسيح على العالم ولكن الكثيرين لا يستطيعون تحمّل سطوع وتلألأ نور المسيح فأختاروا ان يعيشوا في عتمة الليل الدامس ، فهم كما قال الرب يسوع عنهم "انهم يرون ولا يبصرون ويسمعون ولا يفهمون لأنهم قسّوا قلوبهم" ، انّ النتائج التي نتوصل اليها عن شخص الرب يسوع هي مسألة موت أو حياة  بالنسبة لنا"لأنّ الله بموسى أعطانا الشريعة وأمّا بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق "يوحنا1:17" فيسوع المسيح كلامه هو الحق ،
في المحاكمة الظالمة أجاب الرب يسوع المسيح بيلاطس, الحاكم الروماني في أورشليم, عن سؤال طرحه بيلاطس على المسيح :أملكٌ أنتَ؟ أجابه يسوع : "أنت تقول أني ملكٌ, أنا وُلِدتُ وجئتُ الى العالم حتّى أشهد للحق فمن كان من أبناء الحق يستمعُ الى صوتي "يوحنا 18:37" فقال له بيلاطس :"ما هو الحق؟"يوحنا 18:38" .
عندما سأل بيلاطس يسوع المسيح هذا السؤال "ما هو الحق "لم يجاوبه الرب بصورة مباشرة ولكن صمته كان الجواب, وقد يسأل البعض, لماذا لم يجاوب الرب على سؤال بيلاطس؟ علينا أن نرجع الى قول المسيح قبل هذا السؤال مباشرة عندما قال "من كان من أبناء الحق يستمع الى صوتي ...." أي الذي لايعرف المسيح (الحق) لن يستطيع معرفة الحق.
لم يكن في ذهن بيلاطس ايُّ شك في نطق يسوع بالحق وفي براءته من أيّة جريمة , فبينما بيلاطس يعترف بالحق فأنّه اختار أن يرفضهُ ، انحنى بيلاطس امام الضغوط السياسية فتخلّى عمّا يراه صوابا لأنّه فكّر بمصلحته الذاتية على حساب الحق والعدالة والقيم وحتى القوانين الرومانية لم يلتزم بها بل راعى مصلحته الشخصية واعتبرها فوق كل اعتبار اخر ، هناك اليوم في العالم كُلِّه من يعرفون الحق مثل بيلاطس ولكنهم يرفضونه, انّها لمأساة أن نفشل في معرفة الحق والأعتراف به. والمأساة الأفضع أن نعرف الحق لكن نخفقُ في الأنتباه اليه.
أنّ مقاومة الحق تجعل الأنسان بلا هدف أو اتجاه  فيعيش بافكار مشوّشة ينحرف عن الحق فلن يستطيع أن يميّز بين الصح والخطأ, فبيلاطس سعى وراء منفعته الذاتية , والحلول الوسطى , والأستجابة للضغوط مع أنّه عرف براءة يسوع المسيح, فعندما تعلو المراكز يصعب على الأنسان أن يناصر الحق, وهكذا رجال الدين اليهود اتّهموا يسوع المسيح زورا وبهتانا , لأنّه كشف أعمالهم ونواياهم الخبيثة , وعارض تقاليدهم ومظاهر التدين الفارغة روحيا والبعيدة عن جوهر الحقيقة. هكذا اليوم أيضا الكثيرون من الناس يتّفقون مع بعضهم بالرغم, من خلافاتهم, ضدَّ الحق , كما فعل اليهود مع بيلاطس. فبالرغم من العداوة والكراهية بين اليهود وبيلاطس لكنهم ذهبوا اليه طالبين أن يُسدي اليهم جميلا بالحكم على يسوع بالصلب وكذلك كان هناك ايضا قطيعة بين هيرودس الملك وبين بيلاطس, الحاكم الروماني, ولكن تصالحوا في يوم محاكمة المسيح بالصلب ، أمّا زكّى العشّار(كما وردت قصته في أنجيل لوقا البشيرالأصحاح 19) وبالرغم من ثقل الخطيئة التي كان يإنّ بسببها, فلم يخضع لأنتقادات رجال الدين ولا للأتهامات الموجهة له لكونه يتعامل مع المستعمر الروماني ولم يهتم لكونه منبوذا من الشعب اليهودي لكونه جابي الضرائب ولم تهمّه انتقادات أهله وأقاربه فبالرغم من كل ذلك يقول الكتاب المقدس أنّه سعى أن يرى يسوع المسيح, فبالرغم من قصر قامته شقّ طريقه وسط الزحام ولقصر قامته صعد الى الشجرة  لكي يرى من هو يسوع المسيح, فلم تثنيه كل هذه العراقيل لمعرفة يسوع المسيح فكان ما أراد فقد دخل المسيح في بيته وتغيّرت حياة زكا الى الأبد , هكذا من يبحث عن الحق فلا بدّ أن يستجيب الله له فيصبح أنسانا جديدا وسيتمتّع بحياة جديدة ولن تستطيع أية قوّة أن تفصله عن الله الحق .
فالبحث عن الحق قد يحتاج السير عكس التيار وقد يكون مُكلفا ويكون الثمن باهضا , لأنّ يسوع المسيح يقول لنا أنّ الطريق المؤدي الى الحياة الأبدية ضيّق وصعب والقليلون يسلكونه .
انّ محاكمة المسيح تؤكد لنا قول المسيح أنّ مملكته ليست من هذا العالم وكل من يتبع الحق سيواجه الكثير من المشاكل والأضطهادات والآلام . فكم من الأبرياء ماتوا بسبب قولهم الحق ولكنهم في الحقيقة كانوا أحرارا لانّ الحق حرّرهم كما يقول الرب يسوع المسيح "تعرفون الحق والحق يحرّركم".
كم من الشهداء القديسين أُستشهدوا لأنّهم تعلّقوا بيسوع المسيح مصدر الحق .
كم من الناس اُنتزعت منهم حقوقهم وسجنوا وعذبوا لقولهم الحق .
كم من الناس ماتوا متمسكين بمبادئهم ودفاعهم عن الحق .
 هناك الكثيرون من الناس والبدع والهرطقات يقاومون الله (الحق) والمؤمنون به محرّفين حق الله ويسعون لخداع الغافلين وهدم المتكاسلين , الآّ أنَّ حق الله لايُبطل بل يستمر يَحمِلُهُ ويُدافع عنه كُلِّ من سلَّمَ حياته لأبن الله . وهي مُهمّة مُتَميّزة ومسؤولية مُرعبة كما أنّها أمتياز عظيمٌ . فلا بُدَّ أن يظهر معلمون أشرار , وأنبياء كذبة , لكن على المؤمنين واجب الدفاع عن الحق ببسالة برفض كُلِّ زيف وكذب وفساد ورذيلة "راجع رسالة يهوذا".
انّ من لا يسعى الى معرفة الحق في كلمة الله (حتّى بين المؤمنين)  فهو مُعرّض للأرتداد لأنّ أفكاره قد تتشوّه فينحرف عن حق الله, فالله حق ومستقيم , فكيف نتخيّل رجال الدين في الكنيسة لا يراعون في أختيارهم كونهم رجال الحق, لأنّ الكنيسة هي كنيسة (شعب) الله الحي , ويجب أن لا  ننتخب القادة في الكنيسة لأجل شعبيّتهم , ويجب ألا يُسمح لهم بشق طريقهم الى القمة, بل يجب أختيارهم لأحترامهم للحق سواء في التعليم أو في حياتهم الخاصة لأنّ الكنيسة "ركن الله الحقِّ ودعامتهِ"تيموثاوس3:15 .
الكنيسة هي العمود الذي يحمل الحق وليست الكنيسة هي الحق ولكننا نلتقي بالحق الموجود في يسوع المسيح .
الأسئلة المهمة التي  قد يطرحها الكثيرون من الذين بحثوا عن الحق ووجدوه هي: لماذا لا يتفهَّم الناس حق الله؟ ولماذا يحارب الكثيرون من الناس من يقول الحق؟ وكيف نستطيع نحن المؤمنين ان نوصل كلمة الحق الى الآخرين ؟
قبل الأجابة على هذه الأسئلة يجب أن نعرف دور الشيطان في محاربة الباحثين عن الحق , والذين يقولون الحق ويدحضون الأكاذيب والأوهام , فهو يوهم الناس بأنصاف الحقائق الألهية مستندا حتى على كلام الله من الكتاب المقدس ولكنه في الحقيقة هو يُلبس الحق على ثوب الباطل ويلوي الحقائق الألهية, كما فعل مع حواء في الجنة"أحقا قال الله لا تأكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟"وكما قال ليسوع المسيح في التجربة على الجبل مُستشهدا من الكتاب المقدس ليجرّب الرب يسوع المسيح"لوقا 4" .
فالشيطان ايضا يحفظ الكتاب المقدس ولكنه لايطيعه. انّ كلمة الله سلاحاً قوياً ذو حدّين  للأستخدام في الحرب الروحية"أفسس 6:17", فمعرفة آيات من الكتاب المقدس خطوة في مساعدتنا على مقاومة هجمات الشيطان , ولكن علينا أن نطيع كلمة الله , ونثبت في الحق ليبقى الحق معنا وهذه الحقيقة لا تظهر الآ اذا تعرضنا للأمتحان"2يوحنا 1:2" فالحق هو الحزام الذي يشدّنا الى الأستمرار في مواجهة الشيطان و الأرواح الشريرة "أفسس 6:14" .واخيرا الكتاب المقدس يخبرنا انّ "االله يريد الخلاص للجميع والى معرفة الحق يقبلون"
والى اللقاء في مقالات اخرى وشكرا لكم. (الى الذين فاتهم قراءة الجزء الأول والثاني لموضوع "البحث عن الحقيقة" ادناه المواقع التي يمكن الرجوع اليها )
. http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=12550 http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1579:2010-05-04-17-48-54&catid=32:mqalat&Itemid=45


156
المنبر الحر / البحث عن الحقيقة ج3
« في: 21:04 26/05/2010  »
البحث عن الحقيقة ج3
نافع شابو البرواري




قال أحدهم : لو لم يكن هناك الحق فنحن سنعيش في تخبّط ولا نستطيع أن نتصور العالم بدون الحق ، واذا كان الحق موجود فنحن كلنأ (البشرية كلها) مسؤولين عن سلوكنا ، ومن وجهة نظرنا ، نحن كمسيحيين ، فنحن نؤمن أننا مسؤولين عن تصرفاتنا وأعتقادنا لأنّ الروح القدس الساكن فينا يبكتنا على الخطيئة, وهو يرشدنا الى ما هو خير وما هو حق وينبهنا كلّما انحرفنا في سلوكنا ليعيدنا الى طريق الحق فلا مجاملة مطلقا في حق كلمة الله, فعلينا أن نقول الحقائق الألهية حتى لو نعرف أنّ ذلك قد يؤدي بنا الى الموت في الظروف التي تتطلب قرارا صعبا أو في ظروف الأختيار بين الحق والباطل, انّ التهاون أو الحل الوسط هو مزج شيئين متباينين, فعند مزج الخير بالشر أو الحق بالباطل لايعود الخير أو الحق نقيّان بعد.
أمّا المحرومين من الروح القدس فهم قد يسلكوا طريقا يبدو لهم أنّه طريق الحق ولكنه في الحقيقة قد يقودهم هذا الطريق الى الهلاك, وخير مثال على ذلك هو قصة حياة الرسول بولس قبل اهتدائه الى المسيحية كان يضطهد المسيحيين بل كان يطاردهم لكي يقتلهم وهو كان على قناعة انّه يفعل الصواب وما هو حق ، بينما بعد أن ظهر له المسيح وهو في طريقه الى دمشق تغيّرت حياته واصبح أعظم المبشرين بالمسيح وكتب اعترافاته في رسائله التي اصبحت جزءا من كتاب العهد الجديد. يقول هذا الرسول:"كُلّ ما كان حقّا........فاشغلوا أفكاركم به وأعملوا بما تعلّمتم وتلقيتم وسمعتم مني وما رأيتم فيّ"وينقل لنا هذا الرسول العظيم اختباره مع الحق فيقول:
"أقول الصدق(الحق) في المسيح لا أكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس"روميا 9:1" .
فعلى الأنسان أن يملأ أفكاره بكلّ ما هو حق بالتدريب على الصلاة  وقراءة كلمة الله, والا سوف تتشتت الأفكار فلن يستطيع حينئذ أن يركز على كل ما هو حق وطاهر وشريف وعادل
أنّ الحق يشبه جوهرة ثمينة صافية تتلألأ, وكنزاً ثميناً ولكن الذين يسعون الى الوصول اليه عليهم أن يُقدّموا ثمنا باهضا "متى 13:46", فالحقيقة هي أثمن من كل شئ في هذه الحياة , ولهذا تستحق أن يضحي الأنسان باغلى شئ عنده من أجل الحصول عليها ويقول يسوع المسيح "حيثما يكون كنزك هناك يكون قلبك" فالحقيقة التي نفتش عنها أهم من كل شيء في حياة الدنيا , فهي أهم من المناصب والأموال والغنى والشهرة والمعارف , ولهذا تستحق أن يضحي الأنسان في كُلّ شيء من أجل الحصول عليها ، يقول الرسول بولس:
"ما كان لي من ربح فقد أعتبرته خسارة, من أجل المسيح , بل اني أعتبر كل شيء خسارة من أجل أمتياز معرفة المسيح يسوع ربي"فيلبي 3:7". العالم يعتبر الحقيقة نسبية (مثال بيلاطس)، في العالم المجرد من القيم ، تصبح كل الأمور متساوية ومن ثم نسبية وعندئذ يصعب الحكم على أي شيء ويصبح من المستحيل التمييز بين الخير والشر ، الأنسان الذي يبحث عن حقيقة الله فلابدّ أن يُظهر الله حقيقته له ، والكتاب المقدس هو الطريق الذي يساعد الأنسان ليقوده الى هذه الحقيقة ، يقول الرب يسوع المسيح  الى لذين شكّوا فيه من اليهود"تفحصون الكُتب المقدّسة, حاسبين أنّ لكم فيها الحياة الأبديّة, هي التي تشهد لي "يوحنا 5:39".
 لوقا البشير (كاتب الأنجيل وسفر أعمال الرسل), كان طبيبا ومؤرخا سجّل لنا قوّة الكلمة(الحق) التي ظهرت في حياة يسوع المسيح , فقد كان لوقا مهتما بالحق وبحث عنه وكان دقيقا يتحدّث بتفاصيل دقيقة عن حياة الرب يسوع المسيح وحقيقة شخصيته وقوة الحق التي فيه ، فهو قد تتبّع احداث ولادة المسيح وبشارته وموته وقيامته بالأستناد الى شهود الحدث(مريم العذراء والتلاميذ ) وبحث في جميع أعمال يسوع وتعاليمه منذُ بدأ رسالته حتى اليوم الذي ارتفع الى السماء, حتى عرف الحقيقة , أي حقيقة يسوع المسيح ربا والها"لوقا 1:1-4""أعمال 1:1,2 .
وهكذا يصدمنا ويُدهشنا ويهّز مشاعرنا لا بل يشجّعنا أن نتبع خطواته في البحث عن الحق, فالمسيحيّة لا تقول للأنسان "آمن ايمانا أعمى": بل بالحري"أختبر بنفسك ما يُقال لك "فالكتاب المقدس يشجّعنا أن نمتحن ما ينادي به "فتّشوا الكتب ، أسألوا تُعطوا , أطلبوا تجدوا, دقوا الباب يُفتح لكم "متى7:7" كلِّ أنسان يحمل شريعة الرب في داخله(الضمير) والأنسان قادر عادة على أكتشافها وحده لو كان واعيا بما فيه الكفاية, وشفّافا وصادقا مع نفسه "روميا 2"14,15"لأنّ الكلمة ساكن فيه"النور الذّي يُنير كُلِّ أنسان ٍ آتٍ الى العالم"يوحنا 1:9" .
فنحن لانولد مسيحيين بل نصبح مسيحيين ببحثنا عن الحق , فالمسيحية هي صيرورة دائمة نحو الكمال في المحبة والحرية والعدالة للوصول الى الحق , انها رحلة حياة نحو النمو في الأيمان والنضوج وأعطاء الثمر, وكل أنسان مدعو الى التفتيش عن الحقيقة ، انّ الظلال تختفي عندما تاتي الحقيقة, لانّ الحقيقة هي نور العالم "جئتُ الى العالم نورا"يوحنا 12:46"ولم يتجرأ ايُّ انسان ولا حتى الأنبياء ان يقولوا كما قال المسيح انّه نور العالم, لقد
سطع نور المسيح على العالم ولكن الكثيرين لا يستطيعون تحمّل سطوع وتلألأ نور المسيح فأختاروا ان يعيشوا في عتمة الليل الدامس ، فهم كما قال الرب يسوع عنهم "انهم يرون ولا يبصرون ويسمعون ولا يفهمون لأنهم قسّوا قلوبهم" ، انّ النتائج التي نتوصل اليها عن شخص الرب يسوع هي مسألة موت أو حياة  بالنسبة لنا"لأنّ الله بموسى أعطانا الشريعة وأمّا بيسوع المسيح فوهبنا النعمة والحق "يوحنا1:17" فيسوع المسيح كلامه هو الحق ،
في المحاكمة الظالمة أجاب الرب يسوع المسيح بيلاطس, الحاكم الروماني في أورشليم, عن سؤال طرحه بيلاطس على المسيح :أملكٌ أنتَ؟ أجابه يسوع : "أنت تقول أني ملكٌ, أنا وُلِدتُ وجئتُ الى العالم حتّى أشهد للحق فمن كان من أبناء الحق يستمعُ الى صوتي "يوحنا 18:37" فقال له بيلاطس :"ما هو الحق؟"يوحنا 18:38" .
عندما سأل بيلاطس يسوع المسيح هذا السؤال "ما هو الحق "لم يجاوبه الرب بصورة مباشرة ولكن صمته كان الجواب, وقد يسأل البعض, لماذا لم يجاوب الرب على سؤال بيلاطس؟ علينا أن نرجع الى قول المسيح قبل هذا السؤال مباشرة عندما قال "من كان من أبناء الحق يستمع الى صوتي ...." أي الذي لايعرف المسيح (الحق) لن يستطيع معرفة الحق.
لم يكن في ذهن بيلاطس ايُّ شك في نطق يسوع بالحق وفي براءته من أيّة جريمة , فبينما بيلاطس يعترف بالحق فأنّه اختار أن يرفضهُ ، انحنى بيلاطس امام الضغوط السياسية فتخلّى عمّا يراه صوابا لأنّه فكّر بمصلحته الذاتية على حساب الحق والعدالة والقيم وحتى القوانين الرومانية لم يلتزم بها بل راعى مصلحته الشخصية واعتبرها فوق كل اعتبار اخر ، هناك اليوم في العالم كُلِّه من يعرفون الحق مثل بيلاطس ولكنهم يرفضونه, انّها لمأساة أن نفشل في معرفة الحق والأعتراف به. والمأساة الأفضع أن نعرف الحق لكن نخفقُ في الأنتباه اليه.
أنّ مقاومة الحق تجعل الأنسان بلا هدف أو اتجاه  فيعيش بافكار مشوّشة ينحرف عن الحق فلن يستطيع أن يميّز بين الصح والخطأ, فبيلاطس سعى وراء منفعته الذاتية , والحلول الوسطى , والأستجابة للضغوط مع أنّه عرف براءة يسوع المسيح, فعندما تعلو المراكز يصعب على الأنسان أن يناصر الحق, وهكذا رجال الدين اليهود اتّهموا يسوع المسيح زورا وبهتانا , لأنّه كشف أعمالهم ونواياهم الخبيثة , وعارض تقاليدهم ومظاهر التدين الفارغة روحيا والبعيدة عن جوهر الحقيقة. هكذا اليوم أيضا الكثيرون من الناس يتّفقون مع بعضهم بالرغم, من خلافاتهم, ضدَّ الحق , كما فعل اليهود مع بيلاطس. فبالرغم من العداوة والكراهية بين اليهود وبيلاطس لكنهم ذهبوا اليه طالبين أن يُسدي اليهم جميلا بالحكم على يسوع بالصلب وكذلك كان هناك ايضا قطيعة بين هيرودس الملك وبين بيلاطس, الحاكم الروماني, ولكن تصالحوا في يوم محاكمة المسيح بالصلب ، أمّا زكّى العشّار(كما وردت قصته في أنجيل لوقا البشيرالأصحاح 19) وبالرغم من ثقل الخطيئة التي كان يإنّ بسببها, فلم يخضع لأنتقادات رجال الدين ولا للأتهامات الموجهة له لكونه يتعامل مع المستعمر الروماني ولم يهتم لكونه منبوذا من الشعب اليهودي لكونه جابي الضرائب ولم تهمّه انتقادات أهله وأقاربه فبالرغم من كل ذلك يقول الكتاب المقدس أنّه سعى أن يرى يسوع المسيح, فبالرغم من قصر قامته شقّ طريقه وسط الزحام ولقصر قامته صعد الى الشجرة  لكي يرى من هو يسوع المسيح, فلم تثنيه كل هذه العراقيل لمعرفة يسوع المسيح فكان ما أراد فقد دخل المسيح في بيته وتغيّرت حياة زكا الى الأبد , هكذا من يبحث عن الحق فلا بدّ أن يستجيب الله له فيصبح أنسانا جديدا وسيتمتّع بحياة جديدة ولن تستطيع أية قوّة أن تفصله عن الله الحق .
فالبحث عن الحق قد يحتاج السير عكس التيار وقد يكون مُكلفا ويكون الثمن باهضا , لأنّ يسوع المسيح يقول لنا أنّ الطريق المؤدي الى الحياة الأبدية ضيّق وصعب والقليلون يسلكونه .
انّ محاكمة المسيح تؤكد لنا قول المسيح أنّ مملكته ليست من هذا العالم وكل من يتبع الحق سيواجه الكثير من المشاكل والأضطهادات والآلام . فكم من الأبرياء ماتوا بسبب قولهم الحق ولكنهم في الحقيقة كانوا أحرارا لانّ الحق حرّرهم كما يقول الرب يسوع المسيح "تعرفون الحق والحق يحرّركم".
كم من الشهداء القديسين أُستشهدوا لأنّهم تعلّقوا بيسوع المسيح مصدر الحق .
كم من الناس اُنتزعت منهم حقوقهم وسجنوا وعذبوا لقولهم الحق .
كم من الناس ماتوا متمسكين بمبادئهم ودفاعهم عن الحق .
 هناك الكثيرون من الناس والبدع والهرطقات يقاومون الله (الحق) والمؤمنون به محرّفين حق الله ويسعون لخداع الغافلين وهدم المتكاسلين , الآّ أنَّ حق الله لايُبطل بل يستمر يَحمِلُهُ ويُدافع عنه كُلِّ من سلَّمَ حياته لأبن الله . وهي مُهمّة مُتَميّزة ومسؤولية مُرعبة كما أنّها أمتياز عظيمٌ . فلا بُدَّ أن يظهر معلمون أشرار , وأنبياء كذبة , لكن على المؤمنين واجب الدفاع عن الحق ببسالة برفض كُلِّ زيف وكذب وفساد ورذيلة "راجع رسالة يهوذا".
انّ من لا يسعى الى معرفة الحق في كلمة الله (حتّى بين المؤمنين)  فهو مُعرّض للأرتداد لأنّ أفكاره قد تتشوّه فينحرف عن حق الله, فالله حق ومستقيم , فكيف نتخيّل رجال الدين في الكنيسة لا يراعون في أختيارهم كونهم رجال الحق, لأنّ الكنيسة هي كنيسة (شعب) الله الحي , ويجب أن لا  ننتخب القادة في الكنيسة لأجل شعبيّتهم , ويجب ألا يُسمح لهم بشق طريقهم الى القمة, بل يجب أختيارهم لأحترامهم للحق سواء في التعليم أو في حياتهم الخاصة لأنّ الكنيسة "ركن الله الحقِّ ودعامتهِ"تيموثاوس3:15 .
الكنيسة هي العمود الذي يحمل الحق وليست الكنيسة هي الحق ولكننا نلتقي بالحق الموجود في يسوع المسيح .
الأسئلة المهمة التي  قد يطرحها الكثيرون من الذين بحثوا عن الحق ووجدوه هي: لماذا لا يتفهَّم الناس حق الله؟ ولماذا يحارب الكثيرون من الناس من يقول الحق؟ وكيف نستطيع نحن المؤمنين ان نوصل كلمة الحق الى الآخرين ؟
قبل الأجابة على هذه الأسئلة يجب أن نعرف دور الشيطان في محاربة الباحثين عن الحق , والذين يقولون الحق ويدحضون الأكاذيب والأوهام , فهو يوهم الناس بأنصاف الحقائق الألهية مستندا حتى على كلام الله من الكتاب المقدس ولكنه في الحقيقة هو يُلبس الحق على ثوب الباطل ويلوي الحقائق الألهية, كما فعل مع حواء في الجنة"أحقا قال الله لا تأكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟"وكما قال ليسوع المسيح في التجربة على الجبل مُستشهدا من الكتاب المقدس ليجرّب الرب يسوع المسيح"لوقا 4" .
فالشيطان ايضا يحفظ الكتاب المقدس ولكنه لايطيعه. انّ كلمة الله سلاحاً قوياً ذو حدّين  للأستخدام في الحرب الروحية"أفسس 6:17", فمعرفة آيات من الكتاب المقدس خطوة في مساعدتنا على مقاومة هجمات الشيطان , ولكن علينا أن نطيع كلمة الله , ونثبت في الحق ليبقى الحق معنا وهذه الحقيقة لا تظهر الآ اذا تعرضنا للأمتحان"2يوحنا 1:2" فالحق هو الحزام الذي يشدّنا الى الأستمرار في مواجهة الشيطان و الأرواح الشريرة "أفسس 6:14" .واخيرا الكتاب المقدس يخبرنا انّ "االله يريد الخلاص للجميع والى معرفة الحق يقبلون"
والى اللقاء في مقالات اخرى وشكرا لكم. (الى الذين فاتهم قراءة الجزء الأول والثاني لموضوع "البحث عن الحقيقة" ادناه المواقع التي يمكن الرجوع اليها )
. http://forum.iraqchurch.com/showthread.php?t=12550 http://www.tellskuf.com/index.php?option=com_content&view=article&id=1579:2010-05-04-17-48-54&catid=32:mqalat&Itemid=45


صفحات: [1]