عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - موفـق نيـسكو

صفحات: [1]
1
نشوء كنيسة المشرق السريانية، غموض وأساطير وخرافات البداية ج1
نشوء أسقفية حدياب (أربيل)، وفقيدا أول أسقف في العراق
من كتابي القادم قريباً (بدعة الغرب لبعض السريان بتسميتهم آشوريون وكلدان)

يعتبر تاريخ كنيسة المشرق السريانية عموماً إلى سنة 1830م غامضاً ومشوَّهاً ومتشابكاً ومعقداً جداً خاصة من البداية إلى سنة 317م، فهو شحيح المصادر وغامض ومبهم تتخلله أساطير وخرافات كثيرة، وعاشت معزولة، وهذا بإجماع المؤرخين وآباء وكُتَّاب الكنيسة أنفسهم قبل غيرهم كما سنرى.
عن غموض البدايات والعزلة والأساطير والشكوك في كنيسة المشرق، راجع، بطريرك الكنيسة الكلدانية لويس ساكو: إن كنيستنا بلا بهاء خارجي ولا قوة ظاهرة، والوثائق عن كنيستنا غير وافية وجاءت بمستويات متنوعة (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص1، 4-6)، وله أيضاً، كنيستنا عاشت منعزلة وخارج الأسوار ولم تُشارك في المجامع المسكونية..إلخ (كنيسة المشرق ليست نسطورية، مجلة نجم المشرق عدد 22 / 2017م، ص314-315)، والبطريرك عمانؤئيل دلي: علينا أن نعترف أنه ليس ثمة معطيات تاريخية تخولنا تأكيد تاريخ تأسيس الجثلقة في المدائن قبل سنة 317م، وقد عَمدَ مؤرخو الكنيسة وآبائها إلى جمع مختلف الأخبار والأساطير والقصص لتحقيق هدفهم (المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص33-41). والأب يوسف حبي: لا بد من القول منذ البداية: إن المصادر بشأن بدايات كنيسة المشرق شحيحة جداً، وهي كذلك بشأن الاجتماعات والمظاهر المجمعية الأولى، وهي كنيسة ذات مظهر انعزالي (مجامع كنيسة المشرق، ص22، 38، 40)، وله وبالتفصيل، ولكل قضية عنوان: غموض البدايات، الشكوك والاعتراضات، العزلة، أساطير..الخ (كنيسة المشرق التاريخ، العقائد، الجغرافية الدينية، ص77، 83، 91، 107-108)، وله (كنيسة المشرق الكلدانية-الأثورية، ص16). والأب ألبير أبونا: ليس في حوزتنا نص كتابي يوضح دخول المسيحية لبلاد ما بين النهرين، لذلك نضطر اللجوء إلى التقليد، وقد راحت كل فئة تنسج قصصاً وأساطير وليدة الخيال والعواطف الدينية لا تمت للحقيقة بصلة، وقد حاول بعض الآباء منذ القرن السابع انتشالها من العزلة الدينية والروحية وإرجاعها إلى المسار المسيحي العام، وقصة ماري وأدي أساطير وفيها شكوك (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص3-16، ج3 ص129). والأسقف عمانوئيل يوسف: ليست هناك براهين عن دخول المسيحية ما بين النهرين، فمعظمها أساطير تُدخل القارئ في شك (آشوريين أم كلدان؟، ص113). والمطران باواي سورو: لا يوجد أي سجل صحيح لدخول المسيحية لما بين النهرين، والمعلومات عن تاريخ كنيسة المشرق وثقافتها وأصلها غامض جداً ووصلنا بأدلة تاريخية محدودة وتقليد غامض، والمؤرخون يعتبرون هذه الروايات خيالية (كنيسة المشرق، ص36، 43، 48). والمطران أدي شير: لسوء الحظ لم يصلنا شيء يستحق الذكر من أخبار أجدادنا الأوائل في الأجيال الثلاثة الأولى، وأخبار كرسي ساليق قبل الجاثليق فافا (+329م) غائصة في الظلام (تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص8، 53). والمطران سرهد جمو: إن سياج العزلة أحاط بكنيسة المشرق أجيالاً عديدة، ثم جرت بعض الاتصالات مع روما منذ القرن الثالث عشر، وأوضاع الكنيسة إلى القرن السادس عشر غارقة تماماً في دياجير المحن وانعدام الوثائق، وتلك الفترة يقف المؤرخ أمامها فارغ اليدين (كنيسة المشرق بين شطريها، بين النهرين 1996م، ص188-190). والأب منصور المخلصي: إن كنيسة المشرق استقلت عن أنطاكية سنة 424م وعاشت معزولة عن الكنائس الأخرى (الكنيسة عبر التاريخ، ص103). والكاردينال أوجين تيسران مسؤول الكنيسة الكلدانية في روما: ليس بأيدينا لإنشاء تاريخ الكنيسة النسطورية مصدر شبيه بالتصانيف التاريخية المطولة كالتي خَلَّفها العالمان ميخائيل الكبير وابن العبري (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص3-10). ويقول دوفليليه في الشرع الكلداني ص367: يتعذر علينا تتبع تاريخ هذه الكنيسة ولا نكاد نعرف جدول بطاركتها وتسلسلهم الحقيقي إلى عهد الجاثليق شمعون فرج الباصيدي سنة 1450م عندما أصبحت وراثية، وحتى بعد هذا التاريخ استأثرت أُسر (عوائل) أخرى بالكراسي الأسقفية (وهذه استشاهدات مختصرة، وستأتي مع غيرها لاحقاً بالتفصيل).

والسبب أن هذه الكنيسة كانت ضعيفة ومعزولة، وكان الأساقفة يتنازعون الرئاسة، وكثير من الكراسي الأسقفية جلس عليها أسقفان أو ثلاثة، ولا يوجد اثنان من كتابها أنفسهم متفقين تماماً على من هم مبشريها الأوائل بالضبط ولا على سلسلة أساقفتها إلى سنة 1830م، وقد عاشت منذ 497م محرومة من جميع كنائس العالم بسبب اعتناقها النسطورية، وكل تاريخ كنيسة المشرق القديم كُتب بعد القرن الحادي عشر الميلادي، وحتى ذلك التاريخ ليس رصيناً تماماً حيث تتخلله أساطير وخرافات وزيادات وتبجيلات..الخ، وأشهر كتاب والمعتمد عليه هو المجدل، وهذا الكتاب اتضح جلياً وبما لا يقبل الجدل أن كاتبه اعتمد على كتاب لمؤلف مجهول من سنة 1036م، اكتُشف سنة 1908م، وسُمِّي التاريخ السعردي، لأنه اكتشف في أحدى كنائس مدينة سعرد ونشره مطران سعرد أدي شير، واكتشف ملحقه سنة 1983م، وحتى كتاب المجدل ليس تاريخ كنيسة بمعنى الكلمة، فهو لا يتجاوز 158 صفحة بما في ذلك الأساطير الكثيرة التي تتخلله، وما قبله هو شذرات قليلة ومتفرقة تم تجميعها فيما، وتلك الشذرات ليست شبيهة بتاريخ السريان الغربيين كيوحنا الإفسسي وزكريا الفصيح والتلمحري والزويقنيني والعمودي وميخائيل وابن العبري وغيرهم، فضلاً عن مصنفات اغناطيوس الأنطاكي النوراني ومار أفرام السرياني وفيلكسنوس المنبجي وشمعون الأرشمي وسيويريوس والسروجي والرهاوي وابن الصليبي، وغيرهم، ناهيك عن ورود أخبار وتواريخ كنيسة أنطاكية في تواريخ الكنائس العالمية الأخرى ومجامعها ومؤرخيها لأن كنيسة أنطاكية عالمية ورسولية، فكل هذه اعتمد عليها المؤرخون السريان فيما بعد، أمَّا تاريخ كنيسة المشرق السريانية فبقي غامضاً إلى أن اكتُشف تاريخ مشيحا زخا أو تاريخ أربيل سنة 1907م، الذي كشف غموض البداية، يضاف إليه اكتشاف وفهرست وطبع بعض شذرات المصنفات والكتب التي جُمع بعضها أيام الجاثليق النسطوري طيمثاوس الأول +823م ككتاب المجامع الذي تم تجميع قسم منه في عهد طيمثاوس، ثم جُمعً كاملاً في عهد الجاثليق إيليا الأول +1049م، وطبع سنة 1902م، أمَّا عالمياً فلا يكاد وجود ذكر لكنيسة المشرق باستثناء بعض أخبارها في مصنفات الكنيسة السريانية وآبائها لأنها جزء منها.
 
يقول الكاردينال أوجين تيسران سكرتير المجمع الشرقي المقدس: يُراد بهذه الكنيسة "كنيسة قطرية"، وليس بأيدينا لإنشاء تاريخ الكنيسة النسطورية مصدر شبيه بالتصانيف التاريخية المطولة كالتي خَلَّفها العالمان ميخائيل الكبير وابن العبري، ولتنسيق المعلومات المبعثرة في المصادر الخصوصية اهتدى المؤرخون بنور التاريخ البطريركي الذي يصل بنا إلى منتصف القرن الثاني عشر، وقد أدمجه ماري بن سليمان في المجدل وبعده بجيلين وضع عمرو بن متى نفس الكتاب ثم أدخل فيه صليبا يوحنا بعض التصحيحات، ثم اكتشف التاريخ السعردي سنة 1908م وهو لشخص مجهول يعود لقرن قبل ماري 1036م، ويٌعتقد أن ماري اعتمد عليه، برغم ذلك فهذا التاريخ يبدأ من العهد الساسانيي والإمبراطور والينس +378م، وبعد القرن الرابع هناك فجوات تاريخية أيضاً.
ويضيف الكاردينال تيسران: ليس هناك مستند تاريخي يؤذن لنا بالضبط زمن وكيفية دخول المسيحية إليها قبل أن ادعي قدميتها نهاية القرن الثامن البطريرك طيمثاوس الأول الذي أراد أن يُثبت قدر المستطاع قدم كنيسته إلى العهد الرسولي بنص قد لا يخلو من الاعتراض وهو قوله: إن المسيحية عندنا قبل نسطور بخمسمائة سنة تقريباً، وبنحو عشرين سنة بعد صعود السيد المسيح، وقبلها بقليل كتب البطريرك نفسه: لم يكن لدينا ملوك مسيحيين، إنما كان بادئ الأمر بين المجوس، ولا يوجد أي تلميع لمسألة قبول البشارة الإنجيلية.
(أوجين تيسران، خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، 1939م، تعريب مطران الكلدان سليمان الصائغ ص4-7، علماً أن اسم كتاب تيسران الحقيقي هو "الكنيسة النسطورية" وليس الكلدانية، كما ترجمه الصائغ، وهذه ليست المرة الأول للصائغ، فغالباً ينقل كلمة نسطوري أو سرياني من كتب التاريخ، فيكتبها  كلداني، أنظر تاريخ كنيسة الموصل، ج1 ص243، حيث يستند إلى ابن العبري الذي يقول إن قرية بيشابور نسطورية، لكن الصائغ كتبها كلدانية، ومن الواضح أن أغلب الكلدان يفعلون ذلك لأغراض سياسية مدفوعين من الغرب كالكاردينال تيسران وغيرهُ، ومث الكلدان يفعل الآشوريين أيضاً بدروهم، فيترجمون من التاريخ أو يكتبون كل كلمة نسطوري أو سرياني، آشوري، ومثل الصائغ فعل الأب الكلداني يوسف حبي في ترجمته كتاب المجامع الشرقية حيث يقول في المقدمة ص57: "إننا توخينا الدقة والتقيد بروحية النص القديم في ترجمة ونقل الكتاب بالعودة إلى النص الأصلي السرياني المشرقي"، ثم يُسمِّي الكتاب مجامع كنيسة المشرق، وعنوان النص السرياني الأصلي هو، المجامع النسطورية!..

يقول المعلم لومون الفرنساوي: رغم أن عدد النساطرة الذين ألَّفوا كتب في العهد الإسلامي يفوق عدد اليعاقبة (السريان الأرثوذكس)، إلاَّ مؤلفاتهم في الغالب أحطُّ قيمةً مما خلَّفهُ اليعاقبة، لأن علماء اليعاقبة كانوا مُلمين وأخبَر باللغات الأجنبية من النساطرة، وخاصةً اليونانية، فانتفعوا من معرفة تلك اللغات وجمعوا في كتبهم فرائد اليونان ونوادر كثيرة تهم المؤرخ واللاهوتي ومفتش العتائق البيعية وغير ذلك، وهذا  قلما تراه عند النساطرة (لومون الفرنساوي، مختصر تواريخ الكنيسة، طبعة الآباء الدومنيكان، الموصل، 1873م، ص395). 

وقد قمتُ بالدراسة والتقصي الدقيق وغربلة جميع المصدر وأغلب المخطوطات تقريباً ومقارنتها ببعضها، واستبعاد الأساطير والخرافات والزيادات للوصول إلى إعطاء صور واضحة حقيقة لتاريخ كنيسة المشرق.
 
إن تأسيس الكنيسة ككرسي يبدأ بسلسة أساقفة متصلين ومعروفين، والمؤكد أن المسيحية دخلت العراق الحالي عن طريق إرساليات كنيسة أنطاكية السريانية عِبرَ الرها، حيث كانت أول مملكة مسيحية - سريانية، (البطريرك لويس ساكو، جذورنا، ينابيع سريانية، ص43. وأنظر يوسف حبي، تاريخ كنيسة المشرق، التاريخ العقائد الجغرافية الدينية، ص189 وبعدها، وفيها ملوك دولة الرها وأسمائهم وعددهم 31. وأنظر المطران أندراوس صنا، مجلة المجع العلمي العراقي، مج5 ص263. وغيرهم). ومن الرها دخلت المسيحية إلى أربيل التي كانت مملكة يهودية، فالكنيسة السريانية الشرقية في العراق تستمد رسوليتها من أنطاكية السريانية، ونتيجة لانفصالها عن كنيسة أنطاكية السريانية الأم سنة 497م لأسباب سياسية تحت ضغط الدولة الفارسية، وعقائدية لأنها اعتنقت المذهب النسطوري، فقد آلت الكنيسة إلى الإنفراد والعزلة بعد هذا التاريخ، ونتيجةً لذلك شاب دخول المسيحية إلى العراق كثيراً من الأساطير الخرافية بشأن الأشخاص والرسل الذين بَشَّروا العراق من كُتَّاب الكنيسة السريانية الشرقية أنفسهم لإثبات أنها مستقلة لأهداف سياسية وطائفية وعقائدية، يضاف إليها أهداف سياسية وطائفية منذ بداية القرن العشرين، وإن كان دخول المسيحية إلى العراق من أنطاكية أمراً مؤكداً، لكن لا يوجد أمر مؤكد من هو الشخص بذاته الذي بَشَّرَ ورسم فقيدا أول أسقف فيها سنة 104م، ولا يتفق اثنان من مؤرخي الكنيسة أنفسهم على الأساقفة الأوائل إلى سنة 317م، وأول ذكر لسلسلة أساقفة كنيسة المشرق السريانية تعود لسنة 893م لمطران دمشق النسطوري إيليا الجوهري، ويضع فيها أدي ثم ماري فابريس، وهذا الجدول أضيف إليه بعد موت الجوهري أسماء من أشخاص مجهولين لأنه يصل بالجثالقة إلى طيمثاوس +1332م، علماً أنه في مخطوط فاتيكاني عربي آخر برقم 157، لا ينوه بخلفاء أدي وماري، لكنه يُشير إلى مبشر اسمه نثائيل وهو أحد تلامذة أدي وماري، ويقول إنه بشّر الفرس والهوزيين، ونثائيل غير موجود في جدوله، وفي مكان لآخر يزعم أن لوقا بَشَّر جزيرة أبن عمرو والموصل وبابل..إلخ.
(السمعاني، المكتبة الشرقية، ج2 ص391-392. أنظر البطريرك دلي، المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق، ص37-38، مستنداً على المخطوط الفاتيكاني العربي، 157 ورقة، 6-7، 67، 82. والمخطوط الفاتيكاني العربي 635، ورقة 88، ويقول: إن الأسماء بين فافا وماري مضافة أيضاً، علماً أن الموصل هي آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية في القرن 6، كما سيأتي).

جدول الجوهري/ السمعاني، مكتبة شرقية 1721م

بينما إيليا برشينايا (975-1046م)، وهو أقدم مؤرخ لكنيسة المشرق السريانية يبدأ من أبريس دون أدي وماري، (تاريخ برشينايا، ص63-64والعلامة السرياني الشرقي عبدالله بن الطيب (980–1043م) المعاصر لبرشينايا، فإضافةً لأدي وماري وأجي، فإنه يُقحم توما ونثائيل لأول مرة، ويقفز من القرن الأول من ماري وأجي إلى أسقف المدائن فافا +329م مباشرةً فيعتبره أول أساقفة كرسي المشرق بدون ذكر أساقفة متسلسلين بينهما باستثناء شحلوفا الذي يؤكد أبن الطيب بوضوح أن الناس اختلفوا بينهم، فيقول: فقوم قالوا شحلوفا أول أسقف للمدائن وآخرون قالوا فافا (ابن الطيب، فقه النصرانية، ج1 ص114)، أمَّا ماري بن سليمان صاحب كتاب المجدل الذي عاش بين (1134-1147م) فيُدخل في القائمة أجي ونثائيل مقتبساً الأخير من أبن الطيب وتاركاً توما، (ماري، أخبار بطاركة المشرق، من كتاب المجدل، طبعة روما، 1899م، ص7ويقوم سليمان مطران البصرة +1224م بكتابة الجدول ويبدأ بأدي وماري، ويقول: إن أدي توفي في الرها، أمَّا العلاَّمة السرياني الشرقي عبديشوع الصوباوي +1318م، فيقول: إن توما بَشَّر الهنود والصينيين، وأدي معلم ماري وأجي الذي بَشَّر بلاد بين النهرين يقول: إني لبلاد فارس كلها، وبشأن شحلوفا وفافا يُطابق الصوباوي أبن الطيب، لكنه يعتبر خليفة فافا وهو شمعون بن الصباغين +341م أول مطران للمدائن (عبديشوع الصوباوي، طبعة ماي، ص317، سرياني، (ص155، لاتيني)، ومعظم كُتَّاب كنيسة المشرق يحذفون قول ماري لدى الصوباوي " أني لبلاد فارس كلها ". وبشأن شمعون بن الصباغين، أنظر السمعاني، المكتبة الشرقية، ج1 ص1)، ويقوم صليبا بن يوحنا الموصلِّي بكتابة وتنقيح كتاب المجدل لماري بن سليمان سنة 1332م، فيبدأ من ماري دون ذكر أدي، وينقل الأساقفة الأوائل بشكل مختلف حيث يضيف ثمانية جثالقة في القائمة وحذف وإضافة أمور أخرى، ويقوم معاصر صليبا بن يوحنا وهو عمرو بن متى الطيرهاني بكتابة نسخة سنة 1349م، لتُسجَّل أخيراً نسخة صليبا من المجدل باسمه ويذكر أنه في البداية كان أربعة كراسي رسولية، متى ولوقا ومرقس ويوحنا، وكرسي المشرق مثلهم، علماً أنه إلى سنة 451م كان في المسيحية ثلاثة كراسي رسولية فقط، أنطاكية، روما، الإسكندرية، وبقي هذا الغموض والتخبُّط في تاريخ الكنيسة والأساقفة إلى أن نَشرَ الباحث السرياني الشرقي من الكنيسة الكلدانية العلَّامة الفونس منكانا تاريخ أربيل لأول مرة سنة 1907م، فأزال كثيراً من الغموض في سلسلة الأساقفة الأولين، وأثبت أن الأساقفة الأوائل قبل فافا، هم أساقفة أربيل وليس المدائن.
وشكراً
موفق نيسكو
يتبع ج2


2
الطرائف الجليَّة في سيرة وانتخاب بطاركة الكنيسة الشرقية

إن كنيسة المشرق السريانية (الاشوريون والكلدان الحاليون الجدد) الذين سمَّاهم الغرب (روما والإنكليز) بهذين الاسمين حديثاً لاغراض سياسية عبرية، هي حزب سياسي أكثر منه كنيسة مسيحية، وهي كنيسة عشائرية لأن أصولهم عبرية من الأسباط العشرة اليهودية المسبيين، فقد بقيت عندهم النظرة الإسرائيلية عندهم على مدى التاريخ، وأغلب بطاركتهم في التاريخ يجمعون بين السياسة والدين على شاكلة ملوك إسرائيل كداود وسليمان وصدقيا وغيرهم، والأغلبية الساحقة من جثالقتهم (بطاركتهم) في التاريخ لم ياتوا بانتخاب شرعي، بل نصَّبهم الفرس أو الخلفاء المسلمون، وبطرق عديدة، رشاوي، وشاية، حيلة، إقصاء، اغتيال، وضع السم، وقد امتازوا بالعنف والقسوة بشكل كبير، وهو عندهم ليس ظاهرة، بل سمة بارزة وقسم منهم صاروا مضرباً للأمثال، في الرشاوي والفساد والجشع والقتل، وهناك طرائف كثيرة في سيرتهم.
1: الجاثليق شيلا +523م: متزوج، مادي جشع، تتدخل زوجته في أعماله مثل ماوية زوجة برصوم النصيبيني.
2: الجاثليق نرساي +537م: نَصَّبهُ الفرس.
3: الجاثليق اليشع 539م: أهوازي، نَصَّبهُ الفرس وبقي عدة أشهر، أبو زوجة الجاثليق شيلا.
4: الجاثليق بولس +539م: نَصَّبهُ الفرس، وبقي شهرين أو ثلاثة.
5: الجاثليق آبا +522م: من جنس ملوك الفرس.
6: الجاثليق يوسف +570م: نُصِّبَ برغبة كسرى، وقام بطرد المعارضين له من الأساقفة والكهنة عن كراسيهم ووثب عليهم وشدَّهم بأرسان الخيل ووضع لهم معالف مملوءة بالتبن، وربطهم بها، وقال لهم: اعلفوا فإنكم حيوان بلا تمييز ولا بيان، وحلق رؤوسهم وصفعهم بلعنة الله واستهزئ بهم، وسجن شمعون أسقف الأنبار، فاضطر الأسقف التقديس في سجنه لنفسه أيام الآحاد والأعياد، فدخل إليه يوماً الجاثليق يوسف ووثب عليه ورمى القربان والكأس على الأرض وداسه برجليه، وتوفي شمعون في السجن. (أبونا، ج 1 ص111).
7: الجاثليق حزقيال +581م: كان خبَّازاً للجاثليق آبا +552م، ونصَّبه الفرس، استخف بالأساقفة واستعمل الجفاء معهم، واعتاد أن يُعير أساقفته ويلقبهم بالعميان، وأخيراً أُصيب هو بالعمى وتوفي أعمى، ويعزو العمى إلى قصاص من الله له على أخلاقه. (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص118، وأنظر ابن العبري، تاريخ المفارنة، ص23). في زمانه تم تحديد صوم نينوى (الباعوثة) لأول مرة في تاريخ المسيحية.
8: الجاثليق إيشوعياب الأول +595م الأرزني: نَصَّبهُ الفرس، مبعوث هرمزد ملك الفرس إلى الغرب لشدة تعلق كسرى تراءى له (ظهر له بصورة ملائكية) وقاتل الروم إلى جانب كسرى وانتصر عليهم.
9: الجاثليق غريغور الأول +609م: نَصَّبهُ الفرس، لشدة جشعه صار مضرب للأمثال وموضوع التندر بين الناس (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1ص127)، وسنة 610م تقريباً حصل يوناداب مطران حدياب النسطوري على رسالة من كسرى تخوله السلطة على المناطق الجبلية التي كانت للسريان الأرثوذكس بما فيها دير مار متى الشهير، إلاَّ أن جبرائيل السنجاري استطاع إحباط مشروعه قبل تنفيذه. (اسحق أرملة، تاريخ الكنيسة السريانية، ص170، وانظر ألبير أبونا تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص 105، 132).
10: الجاثليق إيشوعياب الثاني 645م: مبعوث بوران ملكة الفرس إلى هرقل.
11: الجاثليق مار آمه +649م: عُني باختياره المسلمون لأنه حمل إليهم الميرة عندما وصلوا الموصل.
12: الجاثليق إيشوعياب الثالث الحديابي +659م: في عهده اعتنق معظم مسيحي قطر والبحرين ومزون (عمان) الإسلام طمعاً بثرواتهم، لا كرهاً، وامتنع مطرانان وعشرين أسقفاً من فارس عن حضور تثبيتهُ، وكتب إلى مطران رواردشير بالكف عن فكرة الانفصال التي تراودهم منذ قرون، لكنه فشل.
13: الجاثليق حنانيشوع الأعرج +700م: دخل في صراع قوي مع مطران البصرة ايشوعياب الذي قام باغتصاب البطريركية منه، فاستعادها، ثم قام مطران نصيبين يوحنا الداسني الأبرص بأخذ موافقة الخليفة عبد الملك بإقالته ليصبح هو مكانه، وأراد التخلص منه فأوعز إلى أعوانه باختطافه والذهاب به إلى احد الجبال وطرحه في أحد الأودية ليلقي حتفه، وأوشك يوحنا على الموت، وتهشم جسمه وانكسر ساقه وضلَّ يعرج، فَسمِّي بالأعرج، وخلفه فعلاً يوحنا الأبرص لمدة سنة.
14: الجاثليق صليبا زخا +724م، جشع ومتعجرف واستيلائه على أنجيل نفيس من الكنيسة.
15: الجاثليق فثيون740م: نُصِّبَ بأمر الخليفة.
16: الجاثليق سورين 754: نُصِّبَ بالحيلة.
17: الجاثليق طيمثاوس الأول +823م: أشهر جثالقة كنيسة المشرق، انتخب بالحيلة والرشوة، حيث كان له منافسون، توفي أحدهم قبل الانتخاب، واستطاع إقناع آخر أنه متقدم في السن، وتغيب عن الحضور أفرام العيلامي وأساقفته لأنهم كانوا متمردين، وبقي توما أسقف كشكر منافساً قوياً له، فقام طيمثاوس بإقناع الأرخدياقون بيروي مع تلاميذه الكثيرين واعداً إياهم بمبلغ دسم إذا انتخبوه، وأراهم أكياساً من المال أوهمهم أنها مملؤة بالدراهم التي ستكون لهم، في حين أنها كانت مملوءة بالحصى، ونجح في حليته هذه، وعندما انكشفت حيلته وقالوا له اشتريت البطريركية بالمال، أجاب: إني لم أشتريها بالمال لأنه لم يكن في الأكياس سوى حصى، وكان بالأحرى إن تخجلوا من أنفسكم لأنكم انتخبتموني بدافع المال، فثارت معارضة ضده برئاسة يوسف أسقف مرو وعزلوه، فقام طيمثاوس بدوره بعزل يوسف، فالتجأ يوسف إلى الخليفة المهدي، لكن دون جدوى، ولإحباطه اعتنق الإسلام، فجاء معارضه الآخر أفرام العيلامي إلى بغداد وعقد مجمعاً ضم 13 أسقفاً وعزلوا طيمثاوس مرة أخرى، ولم تُحل المشكلة إلا بتدخل الأشراف المتنفذين في السلطة مثل طبيب الخليفة عيسى أبي قريش وأبي نوح الأنباري.  (أبونا ج2 ص115-117) وكان خليفة طيمثاوس يشوع برنون ينتقد كتابات طيمثاوس ويُلقِّبه " ظالم الله" (ابن العبري تاريخ المفارنة ص40).
18: الجاثليق ايشوع برنون +828: قبل انتخابه كان يدير الكنيسة علماني هو عبدا بن عون الجوهري العبادي، ثم نُصِّبَ جاثليقاً بتأثير شخصيات علمانية كثيرة مثل، الطبيبين بختيشوع وختنه (صهره) ميخائيل، والأمينين يعقوب ووهب.
19: الجاثليق كوركيس الثاني +830م: تجاوز المئة عام وكان عاجزاً واكتنفته الأمراض الكثيرة، لكنه نُصِّبَ بتأثير أطباء بلاط الخليفة بختيشوع وميخائيل.
20: الجاثليق سيريشوع الثاني 835م: نَصَّبهُ الخليفة المأمون.
21: الجاثليق إبراهيم الثاني المرجي +850م: فُرض بأمر الخليفة المعتصم.
22: الجاثليق تاودوسيوس الأول +858م: اختار العلمانيون أربعة قبله اثنان ماتوا والأخر أصيب بالشلل والرابع تراجعوا عنه، وكان العلمانيون هم أطباء الخليفة المتوكل بختيشوع ويوحنا بن ماسويه وإسرائيل زكريا الطيفوري  وأبو نوح الانباري كاتب الخليفة وعثمان سعيد صاحب بيت المال وأخيرا تم تفويض الأمر إلى طبيب الخليفة بختيشوع لاختياره. سركيس الأول +872م، نَصَّبهُ الخليفة المتوكل.
23: الجاثليق إسرائيل الكشكري +877م: بعد انتخابهِ لفترة قصيرة جداً، قام منافسه أنوش مطران الموصل بتكليف شخص ذهب إلى الكنيسة، وعند نزول الجاثليق إلى المذبح كان الشعب يرتل (عونيثا درازي) وفي وسط الازدحام مد أنوش يده وعصر أعضاء الجاثليق الذكرية بقوة، فاغشي عليه ومات بعد أربعين يوماً (ص180، وأنظر جان فييه، أحوال النصارى في خلافة بني عباس، ص173).
24: الجاثليق يوحنا الثالث +899م: نُصِّبَ بمساعدة الحسين بن عمرو كاتب الأمير وولي العهد (الخليفة المكتفي فيما بعد).
25: الجاثليق يوحنا الرابع بن الأعرج 905م: نتيجة الصراعات بين المتنافسين كلَّف الخليفة المعتضد الأمير بدر وقاسم بن عبدالله فشاور بدر مالك بن الوليد وأبنا أسلم، وداود بن مسلم، فاختاروه.
26: الجاثليق إبراهيم الباجرمي +937م: نُصِّبَ بالرشوة والحيلة، فعندما كان ماضياً إلى بغداد، أعطاه أحد المسلمين كيساً من الذهب ليفتدي أخاه أو ابن عمه الأسير، فطمع إبراهيم بالرئاسة، وعندما وصل بغداد كان البطريرك ابن الأعرج على فراش الموت، فصرف عليه قسم من النقود لكنه توفي بعد عشرين يوماً، فوشى إبراهيم الأساقفة لانتخابه، ولشدة جشعه قال له الاسكافي إبراهيم بن عون رعيته (أنت بزي شمعون وفعل سيمون، "سيمون هو ساحر")، وفي عهده تواجد في بغداد عدد كبير من الروم بينهم شخصيات بارزة وكتبة وأطباء، فكتبوا إلى بطريرك أنطاكية الخلقيدوني (الملكي) أن يُرسل لهم مطراناً، فأرسل لهم شخصاً يُدعى ماني وحلَّ في إحدى كنائس الروم في بغداد، فقاومه إبراهيم جاثليق النساطرة ورفع عليه شكوى أمام الوزير قال فيها: نحن النساطرة نحب الإسلام ونصلي من أجل المسلمين، فهل يجوز أن يكون لهذا الغريب الذي يكره الإسلام درجة مساوية لدرجتي؟.
قال الوزير: إنكم أيها المسيحيون في منزلة واحدة عندنا، فانتم تكرهونا وتظهرون كمحبين لنا، فارتبك إبراهيم، ولم يعد يعرف ماذا يتكلم، ووعد أحد فقهاء المسلمين بإعطائه ألف دينار ليساعده على هذه الورطة، لكن الفقيه فهم قصد إبراهيم السلطوي، فقال: حاشا للوزير أن يضع النساطرة ملكاً آخر على مسافة واحدة من ملك المسلمين، فاثني المسلمون الحاضرون على كلام الفقيه، وللخروج من الورطة دفع ثلاثين ألف دينار وحصل على مرسوم من الخليفة المقتدر يعطيه أولوية على باقي الطوائف، (وهي أول مرة في التاريخ يأخذ جاثليق نسطوري هكذا مرسوم من خليفة مسلم، ومع ذلك لم يستطيع استعماله على الطوائف الأخرى، إلاً لغرض إيذائهم والتنكيل بهم أمام السلطة التي كانت بدورها في كثير من الأحيان تعلم هذه المكائد، فاستقدم الجالثليق إبراهيم إيليا الأول بطريرك الروم إلى بغداد وأخذ منه تعهد خطي منه أن لا يكون له جاثليق أو مطران بصورة دائمة في بغداد، بل إرسال ذلك حين تدعو الحاجة لسد احتياجات الرعية، ثم يعود إلى بغداد. (ابن العبري، تاريخ المفارنة، ص 38، 54-55، وأنظر ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج2 ص 193، وأنظر جان فييه، أحوال النصارى في خلافة بني عباس، ص 198).
27: الجاثليق إيليا أسقف الأنبار: اختير بعد إبراهيم سنة 938م من الخليفة الراضي بواسطة ابن سنجلا، فزار إيليا ابن سنجلا قبل التنصيب ووعدهُ حينما يصبح (جاثليقاً) بطريركاً سيسمح له باتخاذ سرية إضافةً إلى زوجته العاقر لتنجب له ابناً"، فصعق ابن سنجلا من كلامه وانتزع الوثيقة منه منه صارخاً بوجههِ: أتضن انك تتقرب مني وأنت تخالف شريعة المسيح، وبوساطة سنان بن ثابت قام ابن سنجلا باختيار بدله أسقف أسكي موصل عمانؤئيل الأول +960م، رغم معارضة أساقفة آخرين لهذا الاختيار، وحصل ابن سنجلا على كتاب من بغداد إلى ناصر الدولة الحمداني لاستقدام عمانوئيل، فجاء وقابل الخليفة الراضي فعينه وأعطاه هدايا.
28: الجاثليق إسرائيل الأول 961م: بعد وفاة عمانوئل اتفق أبو عمر كاتب الحاجب سوبكنكين وأبو علي الخازن في انتخاب مطران جنديسابور، ثم اختار الخازن إسرائيل وكان في التسعين من عمره، وفرضه بأمر الخليفة المطيع ومعز الدولة، ، والسبب أن إسرائيل عندما كان أسقفاً لكشكر مرَّ به الخليفة ومعز الدين فادخل إسرائيل الخليفة المذبح دون معز الدولة، فاحتج عز الدولة فقال له إسرائيل: إن هذا مالك الأرض والإمام، وتنبأ انه سينتصر على أعدائه، فتذكر الخازن ذلك المعروف ووفاء إسرائيل، واعترض ابن سنجلا دون جدوى. 
 29: الجاثليق عبديشوع الأول +986م: اختير بهمة هارون بن حنون كاتب سوبكتيكين، وفجأة جاء أمر من الخليفة المطيع ومعز الدولة بإيقاف تنصيبهُ، حيث قام كاهن اسمه فثيون بدفع 300 ألف درهم رشوة بواسطة اسكورخ الديلمي، وبدأ فثيون بسرقة الكنائس، فوضع الوزير المهلبي مقر البطريركية تحت الحراسة، وطُلب من النساطرة على الاتفاق فيما بينهم دفع مبلغ أكبر من فثيون لتعين غيره، ودامت المشكلة تسعة عشر شهراً، فدفعوا 100 ألف درهم توزع على الشخصيات العامة و30 ألف درهم للمهلبي، وبعد مشاكل أخرى مع منافسين تم إجبار عبديشوع الذي لم يكن يريد الرئاسة، يوصف بالنزاهة والقداسة، لكنه كان ضعيف، فاستغله تلاميذه ومرافقيه ونهبوا أموال الكنيسة، فاضطر المؤمنون التمرد عليه، لكنهم صالحوه أخيراً لعفته.
30: الجاثليق ماري بن طوبى +999م: عيَّنه شرف الدولة وكتب له مرسوم، وأيده الخليفة الطائع أيضاً، كان من عائلة مثقَّفة وتربى في الدواوين، كان رحوماً ومتواضعاً، لكنه لم يكن له معلومات دينية، وكان طماعاً مُحباً للمال والأبهة.
31: الجاثليق إيشوعياب الرابع بن حزقيال +1025م: وصل عن طريق الرشوة لأبي غالب ذي السعادتين، قاوموه الكثيرون أشهرهم إيليا برشنايا مطران نصيبين، تصف المصادر سيرته (ما يُقبح ذكرهُ ولا يُحسن شرحهُ).
32: الجاثليق سبريشوع زنبور، 1072م: نُصِّبَ بأمر من الوزير أبي الفضل بن أحمد بن دارست.
33: البطريرك النسطوري يوحنا الخامس بن عيسى +1012م: وصل بطريقة غير شرعية حيث أرضي الأمير بهاء الدولة فعيَّنه جاثليقاً رغم معارضة الأساقفة، واستقبل بحفاوة في دار الخلافة، وعاقب مطران الموصل بلبس المسوح والركوع على الرماد عند باب القلاية ودفع له جزية 100 درهم، وكان سيئ الخلق عجولاً محباً للمال.
(مصادر هؤلاء الجثالقة، هي من تراجمهم التي ترد في كتاب الأب ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية. ماري وعمرو، المجدل. ابن العبري، تاريخ المفارنة. الأب جان موريس فييه الدومنيكي، أحوال النصارى في خلافة بني عباس).

ومن سنة 1318م أصبحت الجاثليقية (البطريركية) وراثية في عائلة أبونا، التي تنحدر من سبط نفتالي الإسرائيلي، فحدث ولا جرج حيث عين بطاركة بعمر 8 سنوات واصبح الدم والقتل سيد الموقف في تنصيب البطريرك، ووصلت الخلافات داخل البيت الأبوي نفسه بين أولاد العمومة بيت نمرود وبيت إيشاي، حيث وصف البعض بيت أبونا بالبيت الدموي، ويُعلق المطران إيليا مؤلف كتاب (تاريخ بطاركة البيت الأبوي) وهو من البيت الأبوي بحسرة قائلاً: إن الكنيسة النسطورية انشلَّت وسقطت وإقترب مصيرها من الزوال، لأنها انقسمت على نفسها، وكل بيت ينقسم على نفسه يتهدم (متى، 12: 25)، ولكي لا نطيل الكلام ، فإن أبناء بيت نمرود البطريركي في أورميا خرجوا عن وقارهم، وشقوا الكنيسة ولجأوا إلى السيف والسكين، ونزلوا ميدان الشرور، ونكروا بردة الإيمان المستقيم مُدَّعين أن لا وجود له في كنيستهم، ولم يعرفهم آبائهم منذ مئات السنين، وكما فعلنا نحن أيضاً في البيت البطريركي في ألقوش حيث انقسمنا على بعضنا، فزال مجدنا وخسرنا وِقارنا وبطريركيتنا وأملاكنا، وسقطنا في حب المال، وبعنا حريتنا وكرامتنا، " بأكلة عدس حامض "، وفرَّطنا ببكوريتنا وخزائننا، وأرجو أن لا يلومني القارئ الحصيف على كلامي هذا، لأن غيرة بيتي أكلتني (مزمور، 68: 10) (ص35-37، 45-46، 61-78، 135-137).
 
35: الجاثليق أو البطريرك برماما (1551–1558م): كان بعمر الثمان سنوات اغتال البطريرك يوحنا سولاقا سنة 1555م لأنه اعتنق الكثلكة، ولذلك لُقِّب سولاقا بشهيد الاتحاد، ويقول برماما: نعم أنا صغير وعدوي جبار وقوي كالأسد، ولكن ألمْ تقرأوا عن قتال الفتى الصغير داؤد مع جوليات الجبار، ومن من إنتصر ومن قُتل؟، الصغير أم الجبار؟، ويقول المطران إيليا أبونا وهو من عائلة البطريرك برماما التي أخذت البطريركية بالوراثة: حين وصل خبر مجئ البطريرك يوحنا سولاقا (من روما) ثار برماما وامتلأ غضباً، وأدرك أن مقامه سيصغر، ومقام خصمه سيكبر ويعمل على انقطاع البطريركية من عشيرته، فصمم القضاء على البطريرك الجديد وقتله، حيث رشا باشا العمادية بعشرة آلاف دينار ليقضي على سولاقا، فقبل الباشا ودعا سولاقا عنده كضيف، وعندما وصل قبض عليه وألقاه في سجن القلعة، ومكث أربعة أشهر ذاق العذاب، ثم أمر بقتله وإلقاء جثته في النهر. (المطران إيليا أبونا، تاريخ بطاركة البيت الأبوي، ص46).
36: البطريرك إيشوعياب بن دنخا القاتل: قام دنخا بقتل ابن أخيه حنانيشوع إبراهيم الذي رشَّحه عمهُ البطريرك المُسن إيليا يوحنا الثامن +1660م بدلاً من إبنه إيشوعياب، لأن إيشوعياب كان ساذجاً بليداً، فدخل دنخا وأبنه إيشوعياب الكنيسة في حزيران 1653م، وفي يوم (عيد حلول الروح القدس) حيث كان المسكين حنانيشوع يُصلِّي بجانب عمه البطريرك، فوجَّه دنخا سهماً في قلب ابن أخيه حنانيشوع مردداً المزمور المئة " سبحوا الرب يا كل الأمم، حمدوه يا كل الشعوب "، ثم هشَّم رأسه، وقد نُظمت مرثية حزينة من ثلاث صفحات باللغة السريانية للمغدور حنانيشوع وصُنع له ثمثال، وهرب دنخا وابنه ايشوعياب إلى أبناء عمومته في إيران في بيت نمرود، ووعدوه أبناء عمومته بتنصيب أبنه فيما بعد، وفي سنة 1692م، فعلاً نُصِّبَ إيشوعياب بن دنخا بلقب شمعون ايشوعياب بن دنخا القاتل.(المصدر السابق، ص62-78).
37: في محادثة الأب يعقوب ريتوري الدومنيكي الكاثوليكي مع البطريرك النسطوري شمعون رؤئيل (1861-1903م) سنة 1891م، لاعتناق بالكثلكة، قال: أنا لن أقبل أن أكون خائناً وأفرِّط امتيازات بيتنا (يقصد عائلته) التي ينحدر منه البطريرك والمطارنة منذ سبعمئة سنة، والتي حافظنا عليها بالدم!. (ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى، أرشيف البطريركية الكلدانية، وثائق تاريخية كلدانية، تحقيق الأب بطرس حداد، بغداد 2010م، ص 118-120).
38: سنة 1866م قالت بعثة رئيس أساقفة كانتربري التي أُرسلت إلى النساطرة: إن أساقفتهم أعلم بأقسام البندقية من معرفتهم بأقسام الدين، والشعب جاهلاً، ويسود مجتمعهم خرافات وطقوس عديمة المعنى، وجملة حياتهم الروحية على أدنى مستوى من الانحطاط. (أحمد سوسة، ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق، ص113).
39: أمَّا الخلافات داخل البيت الأبوي نفسه من بين أولاد العمومة بيت نمرود وبيت إيشاي، حيث وصف البعض بيت أبونا بالبيت الدموي، ويُعلق المطران إيليا مؤلف كتاب (تاريخ بطاركة البيت الأبوي) وهو من البيت الأبوي بحسرة قائلاً: إن الكنيسة النسطورية انشلَّت وسقطت وإقترب مصيرها من الزوال، لأنها انقسمت على نفسها، وكل بيت ينقسم على نفسه يتهدم (متى، 12: 25)، ولكي لا نطيل الكلام ، فإن أبناء بيت نمرود البطريركي في أورميا خرجوا عن وقارهم، وشقوا الكنيسة ولجأوا إلى السيف والسكين، ونزلوا ميدان الشرور، ونكروا بردة الإيمان المستقيم مُدَّعين أن لا وجود له في كنيستهم، ولم يعرفهم آبائهم منذ مئات السنين، وكما فعلنا نحن أيضاً في البيت البطريركي في ألقوش حيث انقسمنا على بعضنا، فزال مجدنا وخسرنا وِقارنا وبطريركيتنا وأملاكنا، وسقطنا في حب المال، وبعنا حريتنا وكرامتنا، " بأكلة عدس حامض "، وفرَّطنا ببكوريتنا وخزائننا، وأرجو أن لا يلومني القارئ الحصيف على كلامي هذا، لأن غيرة بيتي أكلتني (مزمور، 68: 10). (تاريخ بطاركة البيت الأبوي، ص 35-37، 45-46، 61-78، 135-137).
40: البطريرك بنيامين إيشاي +1918م، منحه الروس في نيسان سنة 1917م وسام صليب القديسة حنة تقديراً لخدماته في الميدانين العسكري والمدني مع كمية من الأسلحة، وكان البطريرك يجلس إلى جانب الأمير الكردي ويناقش الأمور التشريعية للأكراد والنساطرة، فهو الرئيس الأعلى للأمة ويخضع له رؤساء العشائر، ويقول القس اوشان: إن النساطرة يخضع جميعهم لشيوخ قبائل معروفة باسم ملك التي تستند في جذورها إلى ملوك الكنعانيين الواردة في سفر يشوع وغيره، وبطريركهم يتمتع بنفوذ كبير ولديه الولاية الدينية والدنيوية المدنية عليهم. ( The Modern Chaldeans and Nestorians, and the Study of A Syriac among them,  الكلدان والنساطرة الجدد ودراسة السريانية بينهم، 1910م، ص80).
41: البطريرك بولس إيشاي +1920م رُسم في العشرينيات من عمره حين علم برغبة اختياره بطريركاً وهو الأمر الذي لم يخطر بباله يوماً، تنهد بمرارة وألم ودخل منزله وراح يبكي بمرارة ويذرف الدموع الغزيرة قائلاً: اتوسل اليكم يا سادتي الموقرون إن لا تفعلوا بي هذا فتظلموني بوضع ثقل مسؤلية كبيرة على عاتقي وأنا لستُ قادراً على حملها لأنها فوق طاقتي وقدرتي، وها أنتم ترونني لا زلتُ في مرحلة طفولتي ولم ابلغ كمال رجولتي، فكيف تظلموني وتحملوني هذه المسؤلية الكبيرة؟، ارحموا طفولتي وضعفي. (المطران إيليا أبونا، تاريخ بطاركة البيت الأبوي، ص165).
42: البطريرك إيشاي دواد لجأ من هكاري تركيا للعراق، ورُسم سنة 1920م بسن الثانية عشر، وأثناء رسامته حسب شهود عيان كان ينظر من الشباك بحسرة إلى زملائه الذين يلعبون خارجاً، ويقول هنري جارلس الذي زار الموصل سنة 1925م وكتب كتاب "الموصل وأقلياتها" تحدث عن الكنيسة النسطورية، وفي الفصل الخامس يبدأ بعبارة طريفة، فيقول: لنترك بطريرك النساطرة يلعب كرة قدم مع زملائه الأولاد الآخرين في ساحة على مشارف الموصل، من أجل أن نفهم كيف يمكن لفتى عمره ستة عشر وهو لاجئ من جبال هكاري، ونحن نراه رئيس واحدة من أقدم الكنائس المسيحية (ص56Mosul and its minorities, London,  Harry charles luke).

يقول الدكتور وليم ويكرام صديق الآشوريين ومُثبِّت أسمهم الحديث: إن البطريرك النسطوري تاريخياً من أكثر بطاركة الكنائس المسيحية تدخلاً في السياسة، فهو يمثل السلطة الدينية والدنيوية، وهو الملك والأسقف للمملكة الجبلية في آن واحد، وقد تعوَّدَ أن يسلك في تفكيره كزعيم قوم أكثر من سلوكه بطريركاً، وإن شئت الدقة فهو في أعماق ضميره لا يفصل بين هذين المنصبين، وهو يتصرف كزعيم أُمة أكثر من بطريرك كنيسة، وأنه أطرف وأعجب بطريرك كنيسة في العالم، ويُشبِّه ويكرام البطريرك النسطوري بالملك القس في أسطورة برستر جون، والنساطرة في مناطقهم يشبهون حي المجرمين في مونتينيغرو في لندن، والنساطرة وإن كانوا على الدين المسيحي، لكنهم لم يكونوا أقل همجية من غيرهم، ولم تكن العلاقات بين رجال عشائرهم أنفسهم أكثر عداءً من علاقتهم مع جيرانهم الأكراد، ورجال التياريين وحكاري معتادين على السطو والسلب ويخرجون من قطيع الغنائم والأسلاب العشر ويؤدونه إلى كنيسة مريم العذراء، ويضيف ويكرام: إن النساطرة كانوا يفتخرون بالسلب والنهب والغنائم، ويتمسكون بهذه الخصلة، لكن النهب قد قلَّ في هذه الأيام وهم متأسفين على الأيام الخوالي التي مرت دون عودة، وأن البطريرك النسطوري ذكر لويكرام أن بعض رعيته من قرية وادي ديزه سرقوا بقرة من قرية كردية وقدَّموها في مأدبة عيد الميلاد، لكن البعض اعترض على أكل لحم البقرة في مناسبة دينية كهذه لأن مالكها مسلم (أي لو كانت لمسيحي لجاز أكلها)، فنهض كاهن قرية ديزه الفاضل لحل المشكلة وصلى على البقرة فتطهَّرت وأكلوها، والنساطرة حين نزحوا من أروميا والمناطق الجبلية سلبوا الكثير، وكانوا يعتبرون القيام بالسلب والنهب أمراً طبيعياً في الحياة، وكان سكان السهول ينظرون إليهم بازدراء معتبرينهم وحوشاً مريعة، إن لم نقل عفاريت، وقد قام أحد الشمامسة النساطرة برش كنيسة كلدانية بالنفط لإحراقها بمن فيها أثناء الصلاة لأنهم تحولوا إلى الكثلكة (وسُميِّوا كلداناً) وعندما تم منع الشماس من قبل أحد الكهنة، أجاب الشماس قائلاً: أبونا: إن الملك يوشيا أباح لشعبه إحراق عظام عبدة الأصنام استناداً (2 ملوك 23: 16)، ويضيف: نتيجة لشراسة النساطرة في مناطقهم نصحتُ أحد الرحَّالة الفرنسيين أن يأخذ له مرافقاً نسطورياً من بيت البطريرك ليضمن له الحماية في المناطق الجبلية، ويذكر ويكرام أنه في سنة 1910م قام شاب من الطائفة الكلدانية وهي طائفة نسطورية الأصل تحولت إلى المذهب الكاثوليكي، بقتل شاب من المذهب الكلداني القديم أي من النساطرة المستقلين. (وليم ويكرام، مهد البشرية، ص25، 67، 218، 227، 242-243، 250، 253. وحليفنا الصغير، ص5، 16، ويقول كريستوف باومر في كتابه الذي صادق عليه البطريك النسطوري دنحا: إن البطريرك النسطوري يجمع بين السلطتين الدينية والمدنية التي يعترف بها عليها زعماء القبائل، ومن أجل ذلك يستطيع تطبيق عقوبة حرم شخص من المجتمع حتى في القضايا المدنية، والنساطر يحافظون على حريتهم بالسيف، وهم مشاكسين حتى فيما بينهم. (كنيسة المشرق، ص293).
وشكراً
موفق نيسكو


3
القومية هي اللغة فقط، ولا وجود لقومية بدون لغة

من المعروف أن مسألة القومية بمفهومها الحديث جاءت بعد الثورة الفرنسية سنة 1799م، وسابقاً كانت الدول والأمم والشعوب تُسمَّى حسب الجغرافية أو المدن أو نسبة لأشخاص أو لاتجاه معين كشرق وغرب، أو لعائلة أو آلهة، كالسومريين، الأكديين، الأموريين، البابليين، الآراميين، السوبارتيين، الآشوريين، الليديين الكاشيين، الجوتيين، اللورانستانيين، الليديين، الحثيين، الميتانيين، الكلدان، السكثيين، الدوستيين، الكلادوكيين، الكيلكيين، الكرتيين الأثنينيين، الفرس، العيلاميين، الفينيقيين، الكنعانيين، الأنباط، السبائيين، المعينيين، الاسبارطيين، القدمونيين، المارديين، الدوسكيين، الساجرتيين،..إلخ، ولو أنك راجعت كتب  الأقدمين كهيرودوتس وزينفون، مثلاً، لا أظن أنك بسهولة سوف تحصي عدد الأمم والشعوب، وقسم من تلك الشعوب كان مشهوراً، وآخر أقل شهرةً، والمهم أن كثيراً من تلك الدول لم تكن أسمائها ترتبط باسم لغتها، ولم تكن تُحدد كياناتها وهويتها ووجودها وقوميتها بمفهومنا اليوم حسب اللغة، وقسم من تلك الأمم ليس معروفاً ماذا كانت لغتها، وقسم آخر كان يتكلم بلغة يختلف اسمها عن اسم الكيان الجغرافي (السياسي أو الوطني)، وكانت الصراعات بين تلك الأمم تكمن في نقطتين رئيستين هما الاقتصاد والدين، ولم تشهد العصور الماضية الصراع أو التركيز حول اللغة والهوية القومية الثقافية للشعوب إلى بعد الثورة الفرنسية. (ربما نادراً وحالات فردية)، وحتى الدولة الإسلامية كان اسمها دولة بني أمية، العباس، الموحدون، المرابطون..إلخ. ولم يكن اسمها مقترن أو مرتكز على هويتها اللغوية العربية، بل الدينية.

بعد الثورة الفرنسية برزت للسطح المسألة القومية، وبدأت الصراعات بين الشعوب تأخذ منحى آخر هو منحى الهوية المبنية بشكل رئيس على اللغة وما يتصل بها من تراث وأدب وثقافة وفن وموسيقى..إلخ، وليس على الدين أو الجغرافية السياسية أو الاقتصاد، (إلى جانب الصراع القومي بقيت بعض الصراعات في العالم على أساس ديني كباكستان، وجنوب السوادن، والبوسنة). لكن أغلب الصراعات هي قومية مبنية على اللغة فقط وما يتصل بها.

وقد انبرى المفكرون والفلاسفة في تحديد وتعريف معنى القومية وما يتصل بالكلمة من كلمات أخرى، كالأمة، الهوية، الجنسية، الوطنية، الأثنية، العرق، شعب، قبيلة، جماعة، قوم..إلخ، والحقيقة أن مفهوم القومية في الفكر الشرقي كالعربي أو الكردي أو الأرمني أو السرياني مثلاً، يختلف اختلافاً تاماً عن مفهوم القومية عند الغرب الذي يُعبَّر عنه بمصطلح (nation)، فهذا المصطلح في الفكر الغربي هو سياسي أو وطني جغرافي ويعني مجموعة الأفراد الذين يشكلون دولة باعتبارهم جسماً اجتماعياً مقابل الحكومة، أي يعني الأمة بمفهومها السياسي أو الوطني، فالأمة ترادف الجنسية، والجنسية هي سمة حقوقية يملكها الأفراد وتمنح بإجراء قانوني لمواطنين بوصفهم رعايا دولة، أو أن الأمة هي جماعة موحدة اجتماعياً بالرابط الحضاري التراثي التاريخي بهدف التطلعات المشتركة حتى وإن كانت تلك الجماعة لا تشكل دولة، فالأمة، هي جماعة من البشر متحدين سياسياً، عملياً وإرادياً، وإذا فُقد الاتحاد العملي، لا يمكن أن تكون هناك أمة مثالية، وطن، لكن ليس أمة حقيقية واقعية كبولونيا، وإذا فُقد الإتحاد الإرادي، تتلاشى الأمة وتتجزأ إلى أمم، صغيرة يتجدد اتحادها بالإرادة مرة ثانية كالنمسا وهنكاريا، أمَّا الأمة بالمعنى الكامل للكلمة، فهو عندما يجتمع الشرطان (الاتحاد العملي والإرادي) كفرنسا وألمانيا (موسوعة للاند الفرنسية مج2 ص 853)، ولذلك عندما يُقال الأمن القومي الأمريكي مثلاً فهو تعبير عن أمة سياسية وطنية لا يعني أن الأمريكان هم قومية واحدة بالمفهوم الشرقي، ولو كان ذلك يعني أن القومية الأمريكية تعني الجميع فلماذا يقول مئات القوميات في أمريكا أنهم قومية مستقلة؟، فليقل الجميع إني أمريكي القومية، والقومية حسب الموسوعة البريطانية هي حالة عقلية سياسية تتعلق بالفرد وولاءه للتراب الوطني وسلطة الدولة، ويقول الدكتور جميل صليبا: والقوم في اللغة، هو جماعة من الناس تجمعهم وحدة اللغة والتقاليد الاجتماعية والثقافية والمصالح المشتركة، ويرادف لفظة الأمةnation ، وهي مجموع الأفراد الذين يؤلفون وحدة سياسية تقوم على وحدة الوطن والتاريخ الآلام والآمال، والقومية هي الصفة الحقوقية التي تنشأ عن الاشتراك في الوطن الواحد ويرادفها الجنسية، كالجنسية اليونانية والفرنسية، والقومية هي صلة اجتماعية تتولد من الجنس واللغة والثقافة والتاريخ والمصالح (المعجم الفلسفي، ج2 ص205).

أمَّا مفهوم القومية عند الشرقيين كالعرب والكرد والأرمن والفرس والسريان مثلاً، فهو يعني اللغة، واللغة فقط، فاللغة هي التي تحدد اسم القوم، فالذي لغته الأم هي العربية، هو عربي، والكردي، كردي، والفارسي فارسي، والتركماني تركماني، والسرياني سرياني، والأرمني أرمني، والشبكي شبكي، والأمازيغي أمازيغي وهكذا، فلا فرق عندي (أنا موفق نيسكو) إن قال أحد إني أتكلم اللغة العربية أو إني أتكلم القومية العربية، فكلمة لغة = قومية، في فكر الشرقي، وبوجود مئة عنصر كالتاريخ والدين والجغرافية والاقتصاد والمصالح والعادات والتكوين النفسي وقيام دول سياسية والعيش المشترك..إلخ، بدون وجود اللغة، لا توجد قومية، لكن بوجود اللغة لوحدها، هناك قومية، ولو راجعت جميع ما قاله الفلاسفة بخصوص القومية لن تجد اثنان متفقان على تعريف معنى القومية وعناصرها كما قال عبد الكريم أحمد ووليم مكدوغال، كما لن تجد إلاَّ اللغة فقط التي هي العنصر والعامل الوحيد المشترك الذي يقر به جميع الفلاسفة والمختصين في تعريفهم للقومية وعناصرها، (راجع مادة القومية في الموسوعة الفلسفية العربية للدكتور معن زيادة)، لذلك فالقومية هي اللغة فقط وما يتصل بها، ولكن قطعاً بوجود عناصر أخرى إلى جانب اللغة كالدين والتاريخ والجغرافية وقيام دول سياسية..إلخ، يكون وقع القومية وشهرتها وصداها أقوى، فالعرب والأمازيغ والشبك والبشتون والتاميل والكاندا والتينجو، وغيرهم، هم قومية، شأنهم شأن العرب، ولكن وقع وشهرة القومية العربية وصداها أقوى لوجود عناصر أخرى إلى جانب اللغة كالدين والعدد الكبير للمدينين به والجغرافية الواسعة والتاريخ، وقيام دول سياسية للشعب العربي في التاريخ، والاقتصاد والمصالح والتقاليد المشتركة وغيره، ولكن بعدم وجود هذه العناصر، وبوجود اللغة فقط، يوجد قومية، فالعرب قبل الإسلام وبعدم وجود هذه العناصر، هم عرب لأن لغتهم هي العربية.
 
 إن حدود الدولة تضيق وتكبر حسب قوتها وضعفها، فقيام دولة لا يعني قيام أمة قومية، وعدم قيام دولة لا يعني عدم وجود أمة، وهناك كثير من البدون ليس لهم جنسية ووطن، لكن قوميتهم هي حسب اللغة، وحتى الغجر لهم لغة خاصة تميزهم عن غيرهم، فيمكن لمجموعة من الناس أن لا يكون لهم وطن سياسي جغرافي أو تاريخ طويل وحضارة أو مصالح مشتركة..إلخ، ولكن لا يمكن أن لا يكون لهم لغة، وهذه اللغة هي التي تجمعهم وهي هويتهم القومية، فليس شرطاً أن يكون للقومية دول سياسية قامت أو قائمة أو ستقوم، فعدد دول العالم الآن 200 ونيف، ولكن هناك أكثر من 5000 قومية، أمَّا حدود القومية فمرهونة بانتشار واستمرار استعمال اللغة فقط، وتبقى اللغة هي التي تميز هوية الأمم، فلغتي هي هويتي، فالعربي أينما حلَّ في العالم هو عربي، والأمة من حيث مفهومها السياسي أي الجنسية تمنح بإجراء قانوني يمكن أن يتغير بالمنح أو التنازل عنه بلحظات، أمَّا القومية فلا يمكن أن تتغير إلا بالتطور التاريخي الطويل عبر تغير اللغة، والقومية تموت بموت اللغة، ويتَسمَّى القوم باللغة التي يتكلمون بها، فقومية المصريون والفلسطينيون والسودانيون والعراقيون الحاليون هم عرب، وليسوا كنعانيين أو هيرغليفيين فراعنة، أو سومريون، أو نوبيون، ومن يريد أن يتسمَّى قومياً باسم قديم عليه إحياء واسترجاع لغته الأصلية والتحدث بها، وفي المغرب العربي من يتحدث العربية هو عربي ومن يتحدث الأمازيغية هو أمازيغي، (نقصد اللغة الأم، وليس لغة مفروضة من الاستعمار أو مكتسبة لفترة محدود، إذ شعوب أفريقيا التي تتحدث الفرنسية أو الانكليزية، أو الهنود الحمر، لهم لغات أم خاصة)، وببساطة لا تحتاج للتعقيد والفلسفة، فمجرد سماع شخص أشخاص آخرين يتكلمون لغة ما بينهم، سينسبهم إلى لغتهم، دون أن يعلم وطنهم، والقومية تتبدل بتبدل اللغة، فأحمد شوقي هو أمير شعراء العرب وليس الشركس أو الترك، مع أنه من أصل غير عربي شركسي أو تركي أو كردي، والجواهري شاعر العرب الأكبر وليس شاعراً فارسياً أو كردياً، وجميل صدقي الزهاوي شاعر عربي وليس كردياً، والجزائري الذي عاش في فرنسا مئات السنين ونسى ولم يعد يتكلم اللغة العربية بتاتاً، هو فرنسي (من أصول عربية)، لكنه ليس عربياً، وهكذا.

ولا علاقة لمفهوم العرق racial بالقومية، فإذا نظرنا إلى نتائج فحوص علماء الإنسان (الأنثروبيولجي) والحياة والآثار وفحوص ملامح العرب وبقايا أجسامهم، الأموات منهم والأحياء، قبل وبعد الإسلام، فإنها تشير إلى وجود أعراق متعددة بين العرب، ووجود اختلاف في نفسيتهم وقابليتهم العقلية، وقد وجدت إحدى البعثات الأمريكية التي جاءت إلى العراق للبحث عن السلالات البشرية أن في دماء إحدى القبائل العربية التي تدعي أنها عربية خالصة، توجد نِسباً مختلفة من الدماء الغريبة (جواد علي، المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج1 ص232)، فالأمم الإنسانية ليست كالفصائل الحيوانية سلالة منعزلة ذو جنس محدد لا تتزاوج وتتفاعل إلاَّ بينها، فالأمم تتزاوج وتتصاهر، تستقبل وتهاجر، تتحارب وتتصالح، تَصهَر وتنصهر، تستقل وتتوحد، فتموت أسماء وتولد أسماء أمم، وتبقى اللغة المستمرة هي التي تميز هوية الأمم، وحتى عندما يتم التميز علمياً يُسمَّى الإنسان، الحيوان الناطق، فاللغة هي التي تحدد هوية القوم لأنها لسان الإنسان الذي يعبر به عن نفسه، واللسان جزء من الإنسان، ومفردة (لغة) أصلاً ليست سامية، بل يونانية (لوغس) معناها (كلمة)، وفي اللغتين العربية والسريانية، يقابلها مفردة (لسان)، اللسان العربي، اللسان السرياني، (لشانا سورييا، ܠܫܢܐ ܣܘܪܝܝܐ).

ويعتبر المؤرخ البطريرك السرياني ميخائيل الكبير +1199م، أول من انتبه إلى أن قومية الأمم تُنسب استناداً إلى لغتها فقط وليس لشيء آخر، فقسَّم قومية الشعوب على أساس اللغة فقال: استناداً إلى لغتنا السريانية (الآرامية) فكل من تكلم لغتنا من دول الكلدان والآشوريين القدماء وغيرهم، هو سرياني (آرامي)، (تاريخه ج3 ص283-386)، وقد أكَّد حديثاً شيخ المؤرخين العراقيين طه باقر على ذلك بقوله: إن التسميات القديمة للشعوب كالسومرين والأكديين والبابليين وغيرهم، لم تكن تحمل مدلول قومي بل كانت تُنسب وتُشتق من المواضع الجغرافية أو الآلِهة، وقائمة إثبات الملوك الآشوريين هي بالأسماء الجغرافية، وفي العصر الحديث اتجه البحث عن الأقوام على أساس لغوي وليس عرقي، وهو ما سيتَّبِعهُ هو نفسه (باقر) لمعالجة موضوع الأمم في كتابه. (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ص65).

وكل الدول الحديثة تُعرف قوميتها بلغتها فقط، إيران دولة فارسية، قبرص، يونانية، وقبرص التركية (حسب اللغة)، وشعب 22 بلداً بأسماء جغرافية مختلفة أو باسم عائلة كالسعودية، هو شعب عربي، وأكثر من خمسين دولة في أمريكا الجنوبية، لاتينية (أمريكا اللاتينية)، وإسرائيل عبرية، والنمسا ألمانية، وبلجيكا فرنسية، وسويسرا ثلاث قوميات رئيسة، الألمانية والفرنسية والإيطالية، أي بحسب اللغة، كندا قوميتان رئيستان، انكليزية وفرنسية، وهكذا، وسكان الدول التي لغتها الأصلية هي الانكليزية كأمريكا واستراليا وكندا، هم قومياً أنكلو سكسون (أي حسب اللغة)، ومثلهم الفرنكفونية، وفي كل الدول فالقوميات الأخرى تعرف بحسب اللغة فقط، فالعربي عربي والكردي كردي إن عاش في أمريكا أو العراق، وأول مطلب لكل قوم في كل أنحاء العالم هو الحقوق الثقافية، أي اللغة وما يرتبط بها، من ثقافة وأدب وشعر ونثر وغناء..إلخ، وأثناء انتخابات ترامب الأخيرة طالب سكان أمريكا الجنوبية بحقوق الشعب اللاتيني، أي حسب اللغة، وقبل عدة أشهر في إيران وأثناء المظاهرات طالب الأذريون في إيران بالحقوق الثقافية التركية وليس الأذرية لأن لغتهم هي التركية، مع ان هناك دولة اسمها اذربيجان، وإقليم كاتلونيا في اسبانيا هو حسب اللغة، ويعترف الدستور الهندي بأكثر من عشرين لغة رئيسة، وهكذا.

وهناك من الذين يدعون أنهم قومية ولا يملكون لغة أو يتكلمون لغة غيرهم، كالمتكلدنيين أو المتأشورين الحاليين في العراق الذين لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء سوى أنهم سريان من أصول عبرية يهودية، انتحل لهم الغرب حديثاً اسمين من أسماء حضارات العراق القديم لأغراض سياسية عبرية، فتشبثوا بهما محاولين إيجاد مخارج معينة لإقناع أنفسهم، فيدعون أن القومية هي الأرض أو الجغرافية السياسية أو اسم إحدى الدول التي قامت قديماً، وهو ما ليس صحيحاً، فلو بدَّل العراق اسمه إلى جمهورية آشور أو سومر أو كلدان، أو أكد، مثلاً، سيبقى العربي عربي والكردي كردي والأرمني أرمني، والسرياني سرياني، والشبكي شبكي، لأن القومية هي اللغة فقط، وهناك من يدعي أن القومية هي شعور، وهو ما  ليس صحيحاً، فلم يشعر يوماً ياباني أنه يوناني، أو يوناني أنه فارسي، وهناك من يدعي أن القومية هي تكوين نفسي وعادات مشتركة، وهو ما ليس صحيحاً، فمعظم الدول بكل قوميتها لها نفس التكوين النفسي والتقاليد..إلخ، ومن الطريف أن البعض يدعي أنه حسب حامض الدي أن دي سيكون لكل واحد انتماء قومي مختلف،  والجواب، إذن لماذا يدعي شخص أنه عربي وآخر فارسي، وثالث كردي؟، فليذهب كل واحد ليفحص دي أن دي ويُثبِّت قوميته حسب الفحص.

في 5/13/ 2018م أقام بعض السريان المتأشورين ندوة فحواها أنهم تندموا بإطلاق الاسم الآشوري المنتحل حديثاً على أنفسهم، فتحدثتُ وشرحت لهم هذا الأمر وأجبت عن بعض تلك الإدعاءات اعلاه، ولكي أُنهي تساولاتهم ونقاشهم، قلت أخيراً: نختصر القول أن القومية هي اللغة فقط، وإذا كان هذا التعبير لا يفيكم بالغرض، فسأعكس التعبير، وأقول: لا يوجد قوم وقومية بدون لغة. (وانتهى الموضوع).

وعن مثل هذه الشعوب الشرقية قال عنها الفيلسوف Eugen kamenka: إنها شعوب مُقلِّدة للقومية، وهي شعوب مُتخلِّفة تشعر بالحاجة إلى إحداث تحول في أحوالها فتحاول رفع مستواها، وهي لن تستطيع أن تكون قومية ما لم تعترف بتخلفها وتتغلب عليه.
وشكراً
موفق نيسكو

4
طيمثاوس شليطا هو مطران أبرشية بروا ليبالا السريانية الأرثوذكسية


المطران طيمثاوس شليطا زيا الحالي مطران أوربا للكنيسة الشرقية القديمة الخاضعة للبطريرك أدي الثاني، هو بالحقيقة رُسم مطراناً لأبرشية بروا ليبالا للسريان الأرثوذكس.

فهذا المطران كان قد تم رسامته من قبل قداسة البطريرك السرياني الأرثوذكسي يعقوب الثالث (1957-1980م) سنة 1958م بناء على طلب رعيته بالانضمام إلى كنيسة السريان الأرثوذكس.

بعد رسامته دخل الدير الكهنوتي للسريان الأرثوذكس في الموصل لتلقي التدريب والتعليم على طقوس الكنيسة السريانية الأرثوذكسية، وكان من بين معلميه مطران بغداد الحالي للسريان الأرثوذكس سويريوس حاوا، والأب توما صوفيا.

وفي أوائل ستينيات القرن الماضي حدثت مشاكل كثيرة لهذا المطران مع الدولة العراقية، لأنه كان سياسياً، فتوقف وسجن، وقد تدخل البطريرك يعقوب الثالث حينها لمساعدته، ولكن بقي له مشاكل سياسية وغيرها فيما بعد، ثم ترك الخدمة وحاول الالتحاق بكنيسة المشرق الآشورية، وأخيراً قبله البطريرك أدي في كنيسته، ولا زال إلى اليوم قسم من رعيته السابقة في بعض القرى في دهوك، يقولون أنهم سريان.

خبر وصورة رسامة البطريرك يعقوب الثالث للمطران شليطا


صورة المطران السرياني شليطا بزيه السرياني الأرثوذكسي مع معلمه الأب السرياني الأرثوذكسي توما صوفيا في زيارتهم لتهنه الدولة في 14 تموز 1960م.[/b]
وشكراً
موفق نيسكو


5
تلبيةً لطلب الكاهن ألبير أبونا، تعريف بكتاب الكلدو آشوريين

في زيارتي الأخيرة لبغداد قبل أقل من شهر حصلت من مقر مجلة نجم المشرق التابعة لكنيسة الكلدان على كتاب (الكلدو-آشوريين، مسيحيو العراق وإيران وتركيا) صدر في أربيل 2010م، لمؤلف أكاديمي قدير متخصص بدراسة تاريخ وكنائس الشرق هو، هرمان تول، الأستاذ في جامعتي نيميغ ولوفان ومدير معهد كريستندوم، ونظراً لأهمية الكتاب فقد ترجمه الأب ألبير أبونا من كنيسة الكلدان، وطلب تعريفه للجميع، ليعلموا تاريخهم وأصلهم وجذورهم بعيداً عن التعصب، إذ يقول في مقدمته:

إن الكتاب الذي ننقله للعربية هو لأستاذ كبير في جامعات أوربا، والكتاب يبرهن أن للمؤلف سعة اطلاع على شؤون المسيحيين منذ القرون الأولى إلى الآن، وقد تطلب منه دراسات طويلة ورحلات عديدة إلى منطقة بين النهرين وتعرَّف على سكانها واطلع على كل ما يتعلق بهم، وهو ينقلها إلى القارئ بدقة مدهشة، وأرى أن الكتاب يزودنا بكل ما يترتب على المسيحي أن يعرف جذور كنيسته وتاريخها وإيمانها عبر الأجيال الطويلة، لذلك فالكتاب ضروري لكل محب لتاريخ كنيسته وأتمنى أن يقرءوه الجميع، وحبذا لو يسعى الجميع للحصول على الكتاب، ونشره في المجتمع، ونسأل الرب أن يكون حب الكنيسة والإطلاع على تاريخها بعيداً عن الانغلاق العرقي والتزمت الطائفي، بل مزيداً من الانفتاح وإن اختلفوا معنا (ألبير أبونا).

والكتاب فعلاً مدهش كما قال أفضلْ مؤرخ من كنيسة الكلدان الأب الفاضل ألبير أبونا، مع ملاحظات بسيطة جداً لا تستحق الذكر سأشير إليها في كتابي القادم (بدعة الغرب لبعض السريان، بتسميتهم آشوريين وكلدان)، والحقيقة أن اسم كلدو-آشوريين هو على الغلاف فقط، أمَّا داخل الكتاب فكل شيء لدى هرمان، هو سرياني، فهم السريان الشرقيون، وكنيستهم اسمها كنيسة المشرق السريانية، ولغتهم، سريانية، وهويتهم سريانية، وجماعتهم سريان مشارقة، وأدبائهم، سريان، ومتصوفيهم، سريان، ولاهوتهم سرياني، وليتورجيتهم، سريانية، وروحانيتهم سريانية، ومنهم الناسك اسحق النينوي أو السرياني كما يُسمِّيه، وسلطاتهم سريانية، وقضائهم سرياني شرقي، والتعليم والإقرار في كنيستهم، سريانـي، والتقليد سرياني، ومصادرهم وتاريخهم، سرياني، ومخطوطاتهم والنصوص، سريانية، وهذه العبارات ترد مئات المرات وهي الرئيسة، ولم يستعمل هرمان كلمتي كلدان وآشوريين إلا للدالة عليهم بعد أن انتحلوا الاسمين الجديدين بعد القرن السادس عشر، ويضيف هرمان: أن أشهر آبائهم، هم السريان الشرقيون، مثل: بابي الكبير +552م (أشهر بطريرك)، القس ابن الطيب +1043 (أشهر فيلسوف)، المطران إيليا النصيبيني +1046م (أشهر مؤرخ ومؤلف لغوي وديني)، والمطران عبديشوع الصوباوي +1381م (أشهر علَّامة)، ويقول هرمان: إن كنيسة المشرق انقسمت منذ عهد يوحنا سولاقا +1555م الذي اختاره وانتخبه قسم من الأساقفة السريان الشرقيين، (وسولاقا هو أول أسقف للكنيسة الكاثوليكية التي سُميت كلدانية فيما بعد)، ويُدرج هرمان جدول أعيادهم السنوي، وفي الجمعة السادسة بعد 6 كانون ثاني عيد الغطاس، هو تذكار الآباء أو المعلمين السريان ومنهم مار أفرام السرياني. (وطبعاً لا يوجد عيد لآباء كلدان أو آشوريون في الجدول).

لقد ذكرتُ مراراً أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء مطلقاً، بل هم من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيين القدماء، وعند قدوم المسيحية اعتنقها قسم كبير منهم، ولأن لغة اليهود المسبيين كانت الآرامية (السريانية)، فقد انضووا تحت كنيسة أنطاكية السريانية، وعاشوا كل تاريخهم سريان، لكن النظرة العبرية لم تفارقهم إلى أن انتحل لهم الغرب حديثاً اسمين ممن سباهم لإغراض استعمارية عبرية.
ويقول هرمان: إن بعضاً من الجماعات اليهودية التي كانت لغتها الآرامية، شعرت أنها منجذبة للديانة الجديد (المسيحية)، فالمحتمل أن نحدد تحديداً واضحاً ماذا كان دور هؤلاء اليهود-المسيحيين في التبشير بالإنجيل في القسم الشرقي من بين النهرين، وأنهم كانوا في احتكاك مع وثيق مع عناصر أخرى في الأوساط اليهودية في بابل، وهؤلاء اليهود الذين اعتنقوا المسيحية، سُمِّيوا باسم نصراني، على خلاف البقية الذين كان اسمهم مسيحيين (كريستياني)، وطقس الكلدو آشوريين الحاليين الذي يُقام بالسريانية أو الآرامية، يحتفظ بطابعه السامي، وتركيب ليتورجيتهم في الحركات والألحان والطقوس ما تزال تحتفظ ببعض القرابة مع المحيط اليهودي- المسيحي الذي خرج منه التقليد الكلدو آشوري، وبعض عادتهم كالميلاد والزواج تتم على الشرع اليهودي. (ص14-15، 131، 170).

وبخصوص اسما الكلدان والآشوريون المُنتحلان، يقول هرمان في المقدمة: إن اسمي كلدان وآشوريين اخترعهما الغرب، وهي تسميات شبه اصطناعية يجهلها هم أنفسهم، ويحاول الآشوريين خاصة تأويل اسم السريان ليعني آشوريين، وتحت عنوان "نشأة كنيسة كلدانية متحدة بروما"، يقول: المحاولة الأولى سنة 1552م (عهد سولاقا)، والثانية 1667-1681م، وسيتلقي فيما بعد الذين أصبحوا كاثوليك باسم الكنيسة الكلدانية الذي استُخدم سابقاً للإشارة إلى بعض السريان الشرقيين في قبرص الذين اتحدوا فترة وجيزة بروما في القرن الخامس عشر، وأخيرا اتحد المتكثلكين في عهد البطريرك يوحنا هرمز وحُددت إقامته في بغداد أي بابل، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت كنيستان مستقلتان، واحدة كاثوليكية سُميت كلدانية، والأخرى بقيت نسطورية في قوجانس التي في مطلع القرن التاسع عشر تنافس عليهم البروتستانت والإنكليز الانكليكان والكاثوليك لكسبهم، فزارهم العديد من المرسلين الغربيين كالقس بادجر مبعوث رئيس أساقفة كارنتربري، ومنذ ذلك الوقت شرعوا يُسمون أنفسهم آشوريين. (ص33-37،50). (موفق نيسكو، تُسمَّى بغداد عند الغربيين بابل، والاتحاد الأخير وتأسيس الكنيسة الكلدانية رسمياً تم في عهد يوحنا هرمز في 5 تموز 1830م).

ويتطرق هرمان إلى علاقتهم بالسياسة في التاريخ وحديثاً عندما انتحلوا الاسمين واتخذوه كغطاء ونعرة قومية، ويقول: إن الآشوريين متشددين أكثر من الكلدان في هذا الاتجاه، فبعد الغزو الإسلامي حلَّت العربية شيئاً فشيئاً محل السريانية لدى السريان المشارقة مع مؤلفين مثل عمار البصري، ابن الطيب، والنصيبيني، وأقدم وثيقة عن تبشير ماري لكنيستهم جاءت بالعربية، وماري هو شخصية أسطورية، والوثيقة غير جديرة بالثقة، وبعض الكلدان في العصر الحديث استعربوا، وأغلبهم في المدن الكبيرة يتبنون العربية باستثناء بعض الصلوات والترتيل الشعبية التي تُقام بالسريانية أو السورث، لكن الآشوريين يلتزمون استعمال اللغة السريانية والسورث، وقد أدرك الكلدان أكثر من الآشوريين أن على قادتهم الدينيين التخلي عن سلطاتهم التقليدية كرؤساء مدنيين، ولذلك حاولوا الاندماج أكثر مع الحكومة العراقية بالتشديد على هويتهم العربية، فالكلدان خلافاً للآشوريين، ما كانوا يخشون من إعلان قوميتهم العربية. (ص13، 39، 65، 152، 155، 157). (نيسكو، وكلمة سورث مختصرة لكلمة سورييا باي أيث، أي بحسب السريانية، وتعني اللهجة السريانية المحكية، مثل ما نقول يتكلم عْرُبي، أي بدوي).
وهو ما أكَّدتُهُ في مقالاتي مراراً: إن السريان النساطرة في السهول (الكلدان الحاليين) عاشوا مع أقوام عديدة فانفتحوا تاريخياً أكثر من نساطرة الجبال (الآشوريين الحاليين) الذين عاشوا معزولين، وهذا هو سبب نجاح روما بكثلكة جميع نساطرة السهول بسهولة، وعدم نجاحها في كثلكة نساطرة الجبال لأنها أصدمت بجدار عبري يهو- مسيحي قوي، ولذلك احتفظ الآشوريين باللغة الأم، والنعرة القومية العبرية أكثر من الكلدان، وبعد سنة 2003م بالذات، بدأ الكلدان التشبث بأصلهم العبري وعقيدتهم اليهو- مسيحية أسوةً بالآشوريين.

ويدرج هرمان إحصائية عدد الكلدان والآشوريون في العالم وليس في العراق فقط من خلال دراساته ولقاءاته مع الكنائس، ويقدر عدد الكلدان بحوالي نصف ملون في العالم، وحوالي 300 ألف آشوري، وهو يُطابق ما أذكره أنا مستنداً لإحصائيات كثيرة منذ سنة 1844م، ولن أُطيل، فالكتاب هو 219 صفحة، حجم 17-25 سم، وأنقل مقدمة هرمان تول حرفياً:

وشكراً/ موفق نيسكو

6
ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية، ج4
يتبع جز1، 2، 3

13: يقول: كنيسة وجدت قبل نسطور بزمن طويل وحددت كريستلوجيتها في مجمع لافاط 484م وساليق 486م.
الجواب: نكرر، من قال إن كنيسة المشرق ولدت مع نسطور؟، فكنيسة المشرق كانت تابعة لأنطاكية السريانية، وتبنت فيما بعد عقيدة نسطور وانفصلت وعاشت معزولة، والبطريرك ساكو يناقض نفسه ويؤكد ما أقوله أنا دائماً، إذ يقول: وحددت كريستلوجيتها في مجمع لافاط484م وساليق 486م، وهنا نسأل البطريرك: أين كانت كنيسة المشرق التي يدَّعي اكليروسها دائماً أنها مستقلة وقديمة..الخ، قبل سنة 484م أو 486، ومن هم لاهوتيّها؟.
إن تعابير كنيسة المشرق اللاهوتية عموماً إلى انفصلت عن أنطاكية وتبنَّت النسطورية هي سريانية أرثوذكسية، ومع هذا فأي انفصال أداري وعقائدي يأخذ زمناً معيناً لتستقر الكنيسة كما ذكرنا، لذلك فانفصال كنيسة المشرق عن أنطاكية إداريا وعقائدياً كان سنة 497م، واعتناقها المذهب النسطوري بصورة واضحة ومستقرة ورسمية كان في مجمع غريغور سنة 605م (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة، ج1 ص79)، وحتى في مجمع بابي 497م فقد تَحزَّب أسقفان للأرثوذكسية هما، فافا، بيث لافط زميل فليكسنوس المنبجي، وزيدد ريواردشير، فارس، وبقي كثيرون من الأساقفة أرثوذكس كأدي وبابا وبنيامين الآرامي وبرحذبشابا القردوي، إضافةً لكثير من الرهبان. (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص141)، وذكر شمعون الأرشمي في رسالته سنة 510م إن كثيراً من الأساقفة في عصره كانوا مناؤين لنسطور، منهم ثلاثة وثلاثون أسقفاً مع ملوكهم وعظمائهم في بلاد خراسان إضافة إلى أثنين وثلاثون أسقفاً من أرمينيا، وغيرهم، (المكتبة الشرقية 1719م، ج1 ص346، وبعدها)، وذكر ماروثا التكريتي في رسالته إلى البطريرك السرياني يوحنا أبي السدرات أن سبعة رهبان من المشرق توجَّهوا إلى أنطاكية فاقتبلوا الرسامة الكهنوتية وعادوا، وهؤلاء ذُكروا في سيرة يوحنا التلي +538م الذي رسمهم.

14: يقول: كنيسة المشرق تؤمن بشخص واحد وإسناد مذهب الشخصين أمر مضحك.
الجواب: الحقيقة هي العكس، فالقول إن كنيسة المشرق لا تؤمن بالازدواجية، هو أمر مضحك، وهذه الازدواجية الثنائية واضحة في الشخص والأقنوم والطبيعية والجوهر وكل شيء.

15: يقول: ينظر الآباء المشرقيون إلى المسيح ابن الله من خبرتهم الشخصية وليس نظرة فلسفية ما ورائية.
الجواب: هذا الكلام خطير، وغير مقبول من بطريرك إطلاقاً، ولا يقل عن هرطقة أو تبرير للهرطقة،، فالنظرة الشخصية ربما تكون لإنسان بسيط كفلاح أو راعي في فهم المسيح والتجسد والفداء، ولكن مهمة آباء الكنيسة التفسير اللاهوتي الدقيق للناس البسطاء، وبغير ذلك يصبح تفسير كل شخص للمسيح مقبول، فالإسلام أيضاً فهم المسيح من نظرة معينة.

16: يستشهد البطريرك بأفراهاط الفارسي، ومار أفرام السرياني وباباي الكبير +628م.
الجواب: أفراهاط ومار أفرام السرياني قبل نسطور، ومع ذلك فأفراهاط ليس لديه نظرة لاهوتية أصلاً، وحتى الثالوث والروح القدس لم يتبلور عنده بصورة واضحة، بل كانت كتاباته روحية، ونظرته عموماً هي، يهوه- مسيحية، كما يقول البطريرك ساكو نفسه (آباؤنا السريان، ص87-98)، أمَّا مار أفرام السرياني، فاسمه وحده يكفي لبيان عقيدته ولاهوته، ولو كانت كنيسة المشرق التزمت ما قاله مار أفرام، لما وصلت إلى ما وصلت إليه من انشقاق وضعف وعزلة..إلخ.
أمَّا بابي الكبير +628م، فلم يأتي بجديد، فهو يستند إلى تيودورس المصيصي ونسطور وخاصة كتاب هيرقليدس كما يقول البطريرك ساكو نفسه، وهو أشد المدافعين عن النسطرة باستعمال الكلمات والصيغ النسطورية (أخذ، سكن، هيكل، ثوب، انصياع،..الخ، فبابي يعتبر الله الكلمة اتخذ شخصهُ صورة خادم وشوهد كانسان، ولم يصبح إنسان بالأقنوم، بل صورة خادم، والآخذ والمأخوذ يتميزان، فهو واحد في الآخر، واحد في شخص الابن، ولو ليس بالطريقة نفسها، ويضيف: إننا لا نقول بوجود شخصين للابن ولا أقنومين للكلمة، فليس ليسوع الإنسان أقنومان، إننا نؤمن أنه في المسيح أقنومين، لا أقنوماً مركباً كما يقول الأشرار، ويرفض بشكل قاطع أن تكون مريم والدة الله. (آباؤنا السريان، ص211-221)، فبابي يفصل أقنومي المسيح بشكل تام، ولاحظ كيف يستعمل كلمات ملتوية كعادة النساطرة، فيستعمل كلمة الله على الكلمة للدلالة على الإلوهية، وكلمة يسوع للدلالة على إنسانيته فقط، والمسيح للدلالة على إلوهيته المصاحبة أو الملتصقة بناسوته، وهذه هي مشكلة النسطرة، فيسوع الإنسان هو أقنوم، أي شخص، فرد، إنسان، مستقل، وهذا أمر طبيعي، أمَّا المسيح فيختلف عن يسوع، فالمسيح هو أقنومان مستقلان تماماً، أحدهما أقنوم الإنسان المحض يسوع، والآخر أقنوم الكلمة الإلهي. (ملاحظة كلمة الأشرار يقصد بها كل المسيحيين، الكاثوليك والأرثوذكس، لأن كليهما يؤمن أن المسيح أقنوم واحد، ولكن فرقهما عن طبيعتي الأقنوم الواحد). (راجع أكثر عنه في كتاب الاتحاد. ويوسف حبي، كنيسة المشرق الكلدانية- الأثورية، ص129-132. وألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية، ص195-200).

17:يقول: إنه يستشهد بشهادات لاهوتيين سريان أرثوذكس.
الجواب: الشيء الوحيد والجيد والمهم والمثير في مقال البطريرك ساكو هو أنه يقارن دائماً السريان الأرثوذكس كما مرَّ بنا، ومنها استشهاده بالسريان الأرثوذكس فقط، من دون كل كنائس العالم، بما فيه كنيسة روما التي ينتمي لها، وهذا يعني أن السريان الأرثوذكس فقط هم من يحدد الإيمان الصحيح ومن هو هرطوقي ومن هو غير هرطوقي.
 
ا: يستشهد: علي بن داود الأرفادي من القرن الحادي عشر.
الجواب: مع أنه ليس أمراً مستحيلاً أن يتبنى شخص معين من السريان الأرثوكس الهرطقة النسطورية، مثل ما يتبناها البطريرك ساكو، ولكن للأسف كلام البطريرك ساكو واستشهاده خطأ، ولم يكن يُتصوَّر أن البطريرك ساكو يقع بهذا الخطأ، وهو من يعتبر نفسه رجل تاريخ، فعلي بن داود الأرفادي ليس سريانياً أرثوذكسياً، بل نسطورياً، وما كان الأمر يحتاج للبحث والتدقيق لمعرفة من هو علي بن داود، فقراءة سريعة لأسلوبه واسم كتابه تبين أنه نسطوري، ونختصر القول: لا يوجد هذا الاسم في الأدب السرياني ولا العربي، وعلي الأرفادي هو: إيليا بن عبيد الجوهري مطران دمشق النسطوري، والمقالة اسمها "اجتماع الأمانة بين السريان والملكية والنساطرة" (الأصول العربية للدراسات السريانية، رقم 50) ومقالته التي استشهد بها البطريرك ساكو من مصدر فرنسي موجودة باختصار عند ابن العسال، ج1، ص187، باسم إيليا الجوهري، وهذا الأمر مذكور حتى عند صاحب المقالة التي استشهد بها البطريرك ساكو في نسختها الفرنسية الأصلية لسنة 1969م، ونُشرت مرة أخرى سنة 2015م.
 
ب: يستشهد، العلامة ابن العبري، ويدَّعي أنه قال: النساطرة واليعاقبة يتقاتلون فقط لتسمية الاتحاد، ولكن تعليمهم عن الثالوث والحفاظ على الطبيعتين من دون خلط واحد.
الجواب: للأسف ما قاله البطريرك غير صحيح أيضاً، فابن العبري لم يذكر النساطرة، ولا اليعاقبة، بل كان يرد عموماً على الحلقيدونيين، وغير المسيحيين، وما قاله ابن العبري حرفياً هو:
ألجأتني الضرورة أن أجادل ذوي المعتقدات المخالفة من مسيحيين وغرباء، مجادلات مبنية على القياس والمنطق والاعتراضات، وبعد دراستي الموضوع مدة كافية وتأملي، تأكد لدي أن خصام المسيحيين مع بعضهم لا يستند إلى حقيقة، بل إلى ألفاظ واصطلاحات، إذ جميعهم يؤمنون أن سيدنا المسيح هو إله تام وإنسان تام، بدون اختلاط الطبيعتين وامتزجهما ولا بلبلتهما، أمَّا نوع الاتحاد، فهذا يدعوه طبيعة، وذاك يسميه أقنوماً، والآخر شخصاً، وإذ رأيت الشعوب المسيحية رغم اختلافهما ظاهرياً، فهي متفقة لا يشوبها تغير، لذلك استأصلتُ البغضاء من قلبي وأهملت الجدال العقائدي مع الناس. (ابن العبري، الحمامة، ص135-136)، فأين هم النساطرة يا بطريرك ساكو؟. فابن العبري عندما يرد على أصحاب الطبيعتين، يُفرِّق بين الخلقيدونيين والنساطرة. (منارة الأقداس، ص303، 308).   
أمَّا ما قاله أبن العبري بخصوص النساطرة بالذات، وبوضوح: فهم هراطقة ومنبوذين وسخفاء، وشبههم بالفريسيين، ويجب الرد عليهم الصاع صاعين، حيث يقول:
إن نسطور عكَّرَ صفو الكنيسة، مخلفاً ورائه انشقاقاً غير قابل للاتحاد بين الشرقيين والغربيين، ومع أنه قال نهاية حياته بعد الضغوط عليه في المنفى إن مريم والدة الله، لكن قوله لم يكن عن إيمان، وفيلكسنوس المنبجي عرّى وطرد النساطرة من الرها بعدما كشف مرضهم بعقيدة ثاورورس وديودورس، وكنيسة المشرق حرمت الجاثليق معنا لأنه كان يُلقن التعاليم النسطورية (لأن كنيسة المشرق لم تكن قد انفصلت بعد عن أنطاكية)، ومعنا وبرصوم النصيبيني ونرساي كانوا يُنادون بالهرطقة النسطورية، وبرصوم النصيبيني الذي بالاتفاق مع الفرس هاجم الغربيين (السريان الأرثوذكس) وقام بمذابح مروعة ضدهم وقتل 7700 منهم من بينهم 12 راهباً وتسعين كاهناً، وعندما أراد التوجه إلى أرمينيا لقتلهم أيضاً، هدده الأرمن، فتراجع، فنجا الأرمن من الهراطقة وعبودية الفرس، وعندما سأل الأساقفة الغربيون الجاثليق الشرقي آقاق عن هرطقة نسطور أنكر ذلك، كونه يعرفه أو يعرف هرطقته، وقد قام شمعون الأرشمي بجمع تواقيع السريان واليونان والأرمن النابذين لعقيدة نسطور، وقدمَّها للملك، فصادق عليها، وجبرائيل السنجاري كان عدواً قاسياً يفضح رؤساء  كهنتهم، والكاهن السرياني الأرثوذكسي فافا أفحم جاثليق النساطرة يشوع برنون وأقنعه أن أم مريم العذراء هي والدة الله، فاقتنع الجاثليق لكنه ضجر، فأنهى فافا النقاش، وكسرى أنوشروان سال الجاثليق آبا: كم الشعوب الذين يُلقِّبون مريم والدة والله وكم الذين يرفضون ذلك ويقبلون نسطور، فأفُحم الجاثليق لأنه لم يقدر أن يكذب لأن الحقيقة تدينه، وعندما أحرجه كسرى أجاب: سائر الشعوب تقول العبارة وتقبل كيرلس باستثنائنا، فنحن وحدنا لا نقبلها ونقبل نسطور، فزجره الملك وقال: هل جميع الشعوب تكذب وأنتم صادقين، الحق يُقال إنكم بعيدون عن المسيحية بإيمانكم وأفعالكم، فكيف يساكن الجاثليق امرأة عندكم، وعندكم تعدد زوجات، وكيف تقولون مريم والمسيح كذا وكذا..إلخ؟، فأجاب الجاثليق، لكن كسرى قال له: كل أجوبتك باطلة وتافهة، وأنصحك أيها الأب الجاثليق أن تتراجع عن رأيك وتتبع بقية الشعوب المسيحية فتحظى باحترامنا واحترامهم، فلم يقتنع الجاثليق، فنفاه إلى أذربيجان، والخليفة المهدي سال بطريرك روم كان مسجوناً عنده في أمر النساطرة، فأجابه: النساطرة من وجهة نظرنا ليسوا مسيحيين، وإذا تواجد أحدهم في مناطقنا، لا يُسمح له الدخول في كنائسنا، والحقُّ يُقال: إنهم أقرب إلى المسلمين منا. (ابن العبري، تاريخ البطاركة، ص29، المفارنة ص12-24، 38، 41). ونتمنى من البطريرك ساكو الالتزام بقول ابن العبري إن كنيسة المشرق خاضعة لأنطاكية في زمن نسطور ومعنا.

وفي رده على النساطرة أيضاً يقول ابن العبري: إن الاتحاد بالإرادة هو استعاري، لا فعلي، ويؤدي إلى الاعتقاد بابنين، كما شهد علامة النساطرة مار نرساي بميمره الذي مطلعه، مبارك الذي حلَّ، وأبطل، إذا قال: بالاسم دعاهما واحداً بالوجود، ولا ينسى القارئ الفروق الواضحة، وبهذا الشرط دعوتُ أنا الاثنان جسداً واحداً، ابن الله وابن الإنسان، شخص واحد.
فيرد ابن العبري: واضح أن الملافنة القديسين لم يُسلموا لنا أن الاتحاد بالاسم، ولم يُنادوا بابنين، ولذا يجب التعجب من هذا المفسر كيف يقول إن الاتحاد هو بالاسم فقط وبالحب، فهو بميمره يُنادي ويذيع عن اتحاد الطبيعة، إنه كيان المحجوب والجسد المأخوذ منا واحد، لا باختلاط المحجوب بالظاهر.
إننا نقول إن الإله واحد، والأقانيم ثلاثة، لا واحد، والسؤال المُضل الذي وجههُ إيليا جاثليق النساطرة لأغناطيوس أسقف الجزيرة بقوله: هل للنصارى إله آخر غير الذي ولدتهُ مريم؟، فلم يجبه الأسقف خوفاً من سقوطه بالشرك بتعدد الآلهة، وكان الأجدى أن يسال الجاثليق: هل للنصارى إله آب غير الآب الحقيقي، أم لا؟، فإذا وُجد، يحدث تعدد آلهة، وإذا لم يوجد، يكون أقنوم الله واحد كما أن طبيعته واحدة.
 وهذا السؤال السخيف يلتزم سؤلاً آخر سخيفاً ينقضه، لأننا نكيل الصاع صاعين، كما تعلمنا من ربنا حيث أبطل سؤال الفريسيين له بإبطال معمودية يوحنا.
نحن نعترف وندعو العذراء والدة الإنسان، ووالدة المسيح، ووالدة الله، معاً، لأن هذه الأسماء الثلاثة تُشير إلى مخلصنا، ولاسيما ندعوها والدة الله، لأن هذه التسمية هي الأفضل والأشرف كما سلمها لنا آباؤنا القديسين، أمَّا انتم فإذا حسن لكم أن تدعوها بالصفة الوضعية أو المتوسطة، فما لنا ولكم. (ابن العبري، منارة الأقداس، ص312، 330)، وغيرها.

وأخيراً يعتبر ابن العبري أن نسطور والنسطرة، وصمة عار، فيقول: لقد طلب جبرائيل بن بختيشوع في عهد الخليفة هارون الرشيد نقل عظام نسطور من مصر إلى بغداد حين أخبره أحد النساطرة الذي زار مصر أن اليعاقبة (أي الأرثوذكس الأقباط) يسخرون من نسطور ويرجمون قبره، ويقولون إن المطر لا ينزل عليه، فاستشاط جبرائيل سخطاً وحصل من الخليفة على كتاب إلى صاحب مصر يوصيه بنقل عظام نسطور في صندوق لتُدفن في كنيسة كوخي الكبرى (مقر جثالقة النساطرة، في المدائن)، فاستدرك الأمر راهب نسطوري (ليزيل العار عن ملته)، وقال إن أحد القديسين ظهر له في المنام وأخبره أن ذلك القبر ليس لنسطور، فأهمل جبرائيل الأمر. (ابن العبري، تاريخ الزمان، ص18).
يتبع ج5
وشكراً موفق نيسكو



7
بين يونادم برقيقي، ومرقس برقيقي

إن مقالي ليس سياسياً، ومعروف للإخوة القَّراء جميعاً إني لا اكتب في السياسة لأنها ليست من اهتماماتي، بل اهتمامي هو في التاريخ والتراث فقط، والتاريخ هو تجارب الأمم، وأحياناً قد تنطبق مقولة، التاريخ يُعيد نفسه، فيفرض التاريخ نفسه في حدث معين، ويُجبر الكاتب أو المؤرخ نقله للحاضر ليُستفاد منه، خاصةً إذا كانت القصة طريفة، كقصتنا.

وما يهمنا هو يونادم كنا، وهو شخصية عراقية نائب عن المكون المسيحي، وبعد أن بدأ يخسر سياسيا وتاريخياً ومسيحياً، فكر بترشيح أحد أقربائه وهو السيد سركون لازار ضمن قائمة حزب الدعوة الإسلامي، وقطعاً إن هذا الترشيح ليس لأهداف وطنية نبيلة، أو حباً بحزب الدعوة أو العراق، وأكيد إن السادة في حزب الدعوة يعلمون ذلك، خاصةً أن يونادم ليس بشخص جديد على الساحة، فهو طالما أدعى زوراً أنه يمثل المسيحيين، وربما يعلم أو لا يعلم السادة في حزب الدعوة أن ليونادم نشيد وطني خاص بدولة آشور المفترضة في الحلم، وعَلَمهُ هو علم إنكليزي، وصيغة اسم آشور في دستور العراق هي عبرية، وليست عربية التي هي (أثور).

والمهم، وما يهم موضوعنا التاريخي، هو أن هذا الشخص يونادم، يجب تلقيبه (يونادم برقيقي) أي ابن قيقي، (بر، بالسرياني معناها، ابن)، أسوةً بالمفريان السرياني برقيقي (ابن قيقي)، لأن قصتهما متشابهتان تاريخياً، فمن هو ابن قيقي وما هي قصته؟. 

هو مرقس برقيقي البغدادي، من عشيرة آل قيقي، أصبح مفريان (جاثليق) السريان الأرثوذكس في تكريت سنة 991م، وكان عالماً وأديباً، وشاعراً فاق كل معاصريه، تميز ببراعة البيان، وبلاغة اللسان، فياض القريحة، شائق الألفاظ، رشيق المعنى، مُقدَّراً ومحترماً من جميع علماء المسلمين والمسيحيين النساطرة على حدٍ سواء، وكان يُستقبل بالهدايا من الجميع، لدرجة أن يوحنا الخامس +1012م جاثليق النساطرة انزعج من كُتَّاب ومثقفي النساطرة لاهتمامهم به وزيارتهم له حاملين الهدايا، فمنعهم من ذلك، ولمكانته الأدبية والعلمية كان مُكرَّماً لدى الخليفة المقتدر بالله (991- 1031م) وذو مكانة مرموقة عنده فاقت جاثليق النساطرة رغم امتلاك الأخير مرسوماً من الخليفة، وكان ابن قيقي دائماً يُستقبل من الخليفة بوقار وإكرام متى أراد.

بدأ الغرور يسيطر على ابن قيقي، ففكر، إذا كان  وهو مسيحي بهذه المكانة، فماذا لو اعتنق الإسلام وأصبح مسلماً؟، فالمؤكد أن مكانته سترتفع أكثر، وربما سيخلف الخليفة، ثم دخل الشيطان قلبه فبدأ يعاشر امرأة، واستولى على أموال الكنيسة، فانفضح أمره بين سريان تكريت، واغتاضوا جداً منه، وطردوا الزانية، لكنه لم يتركها، فطردوه من الكنيسة.

ولما كان برقيقي محترماً عند الخليفة وعلى موعد معه، وكان له أحد أقاربه يعمل كاتباً لدى الخليفة ويسانده، فنزل ابن قيقي سنة 1016م إلى بغداد ليشتكي لدى الخليفة على السريان التكارتة، فاجتمع  200 شخصاً من سريان تكريت وتبعوه إلى بغداد، وعندما وصل برقيقي إلى بغداد، فوجئ بقريبه الكاتب الذي اتكل عليه، أنه يُشيَّع (توفي)، ويقول البطريرك ميخائيل ليتم به قول إرميا النبي 17: 5 (ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه)، ولما علم ابن قيقي بوصول التكارتة، خاب أمله، ودخل إلى الخليفة وأشهر إسلامه، انتقاماً من التكارتة ولغروره ورغباته الشيطانية، وكان الخليفة يعلم أنه اعتنق الإسلام عن مصلحة وغايات خاصة، (فما زاد برقيقي في الإسلام خردلةً، ولا التكارتة حزانى على برقيقي)، فقال الخليفة له: إن كان أحد من جماعتك قد ضايقك، فسننظر في الأمر، فخاف أن يقول الحقيقة، فقال إني اعتنقت الإسلام بعدما وجدت المسيحية ضلالة.

وأهمية القصة تبدأ من هنا:
 بعد أن أعلن ابن قيقي إسلامه، ذهب واختتن، وبعدما ما شُفي من الختان، ذهب لمقابلة الخليفة كالعادة، ظناً منه أنه سيقابله بأكثر احتراماً من السابق، لكنه تفاجئ أن الخليفة رفض مقابلته، فبقي واقفاً طويلاً ثم بدأ يبكي ويضرب على رأسه ويندب حظه، وعندما سأل عن السبب، قال الخليفة:

أيها الغبي، سابقاً وإن كُنتَ كافراً، لكنك نلتَ كرامة عندنا أكثر من الآن عندما أصبحتَ مسلماً، فإننا بإكرامنا لك سابقاً، كنا نُكرِّم الشعب برمته، والرئاسة الممنوحة لك عليهم من الله، أمَّا الآن وقد نَبذتَ رئاستك، وتركت شعبك وجئتنا، فأنت أمامي شأنك شأن أي مسلم من هؤلاء الكثيرين الماثلين أمامي، فانظر إليهم، وقل لي، أنت أفضل ممن فيهم، لكي أُميَّزك بالتكريم عنهم.

 ثم أمر الخليفة بطرده وأن لا يرى وجهه ثانية، فارتفع رأس التكارتة وأخذوا رسالة من الخليفة إلى البطريرك الأنطاكي السرياني يوحنا، لرسم آخر محله، فرسم لهم أثناسيوس، أمَّا برقيقي فخاب وخجل، وذهب وتزوج بعدة نساء، وأصبحت كنيته، أبو مسلم، وبدأ يُعادي أبناء ملته.
 
ولم يطل الوقت بابن قيقي حتى انكشف أمره لدى جميع المسلمين أيضاً، وأنه عن مصلحة، ففي أحد الأيام ذهب ابن قيقي إلى دار الوزير أبي الحسن بن عبد العزيز ابن حاجب النعمان، وكان الجاثليق النسطوري يوحنا نازوك +1020م أيضاً موجوداً، وبما أن ابن قيقي مسلم، وجبَ عليه أن يدعوا إلى النُصح ويُبشر المسيحيين بالإسلام، فبدأ يدعو الجاثليق يوحنا للإسلام، لكن علماء المسلمين الجالسين بمن فيهم صاحب الدار أنكروا فعلته القبيحة، وكرَّموا ضيفهم الجاثليق باحترام، وأوصلوه إلى الباب.

وأصبح برقيقي محتقراً بين المسيحيين والمسلمين والمثقفين الذين اعتادوا التردد إليه، ولم يعودوا يحيَّوهُ ويردوا السلام عليه، وبعدة مدة نّدمَ ابن قيقي ندامة شديدة وتاب، راثياً نفسهُ، وأنه هوى كما هوى الشيطان من السماء..إلخ، وألَّف قصيدتان في التوبة باللغة السريانية، الأولى طويلة على البحر الاثني عشر السروجي، والثانية على البحر السباعي الأفرامي، وقد سطَّرَ فيها أروع الكلمات والتعابير الرنانة والشجية بكل ما جادت يه قريحته الأدبية، ومشاعره الجياشة، وتعتبر القصيدتان من عيون وروعة الأدب والشعر السرياني، ويقول البطريرك السريان أفرام الأول برصوم، يكاد أسلوبه يُحرِّك حتى الجماد.

بعدها أصبح برقيقي يتسوَّل، وأخذ يزور المسيحيين سراً ويعلم أولادهم الشعر، فيعطفون عليه، ويُقال أنه طلب من المؤمنين أن يُدفن داخل الكنيسة بعد موته، وعند مدخل باب الكنيسة، فرفض المؤمنون، فكان يأتي أيام الآحاد والأعياد، ويتمدد عند باب الكنيسة، واضعاً رأسه على عتبة الباب، طالباً من الناس أن يدوسوا على رأسه في الدخول والخروج. (تاريخ ميخائيل السرياني الكبير، ج3 ص101، وجان فييه الدومنيكي، أحوال النصارى في خلافة بني عباس ص267-268، ابن العبري تاريخ المفارنة،ص66، وغيرهم).

لقد عَلِمَ الخليفة والمسلمون غايات مرقس برقيقي، ويعلم السادة في حزب الدعوة غايات يونادم برقيقي.

لقد تاب مرقس برقيقي، فهل يتوب يونادم برقيقي؟

نظراً لأن القصيدة الأولى طويلة جداً، سأكتفي بذكر القصيدة الثانية، علماً أن الأولى جميلة جداً وبليغة وكلماتها رنانة وقوية جداً، ولذلك سأكتفي بمطلعها وصفحة واحدة، علماً إني احترتُ أية صفحة أذكر، فكل صفحة أجمل من غيرها.


مطلع وجانب من القصيدة الأولى

القصيدة الثانية كاملة

وشكراً/ موفق نيسكو

8
ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية، ج3
يتبع جز1، 2


8: يقول: إن كنيسة المشرق لزمت الصمت إزاء مجمع إفسس 431م، وخلقيدونية 451م، ولم تشترك فيهما لعدم وجود علاقات بين كنسية بلاد فارس (يقصد كنيستهُ، المشرق) والإمبراطورية الرومانية بسبب النزعات.
الجواب: من يقرأ قوله قد يتصور أن كنيسة المشرق كان لها حضور أو اشتراك أو رأي في مجامع مسكونية أخرى.
إن كنيسة المشرق لم يكن لها أي حضور أو مشاركة أو رأي أو أهمية مطلقاً، لا في مجمعي إفسس وخلقيدونية، ولا قبلهما، ولا بعدهما، فقبل المجمعين هي كنيسة تخضع لكنيسة أنطاكية السريانية، وبعد اعتناقها النسطورية سنة 497م عاشت معزولة ومحرومة من كل كنائس العالم وفي ظلام دامس، كما يؤكد آبائها قبل غيرهم (باستثناء نشاط قليل من القرن الثامن إلى الثالث عشر) كما ذكرنا، وهو الأمر الذي يؤكده البطريرك ساكو بأن كنيسته عاشت في عزلة وخارج الأسوار، ولم تكن لها أية علاقة سابقة مع روما ولا غيرها، وهنا السؤال كيف أصبح يدَّعي بعض إكليريوس الكلدان حديثاً الذين انتموا لروما سنة 1553م بالقول: إن كنيستنا عادت لحضن الكنيسة الأم؟. وهنا نُذِّكر البطريرك ساكو، أن السريان الأرثوذكس لا يحددون من هو هرطوقي فقط، بل يحددون تاريخ وكيفية اعتناق كنسيته للنسطرة أيضاً، فجميع كتاب كنيسته يؤكدون أنه بين سنة 422-486م لا توجد أية مستندات من كنيستهُ باستثناء المصادر السريانية الأرثوذكسية. (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص73. والكاردينال تيسران ص27).

9: يقول: إن كنيسة المشرق ولدت من جاليات يهودية سامية في بلاد بين النهرين، وكل شيء فيها يهودي، ثقافتها، ليتورجيتها، طراز الكنائس، هيكلها هو هيكل أورشليم أو مجمع اليهود، ولاهوتها ذو خط رباني متهوّد، ويضيف: وذاك لا يعني أن كثيراً من كلدان وأشوري العراق لم يكونوا من المنظمين لها فضلاً عن أقوام أخرى.
 الجواب: بخصوص رعية كنيسة المشرق أنهم من يهود العراق، فهذا أمر صحيح وحقيقة تامة يؤكدها كل التاريخ، ومنهم البطريرك ساكو نفسه بمقال مُفصَّل، فالكلدان والآشوريون الحاليون لا علاقة لهم بالكلدان والآشوريون والقدماء، بل هم من اليهود الذين سباهم الآشوريون والكلدان العراقيون القدماء، وعندما أتت المسيحية اعتنقوها، وبقيت عندهم النظرة العبرية متأصلة إلى اليوم، وانقساماتهم في التاريخ كلها على أسس عشائرية وقومية (وهذا ليس موضعنا الآن).
أمَّا إضافة البطريرك ساكو: وذاك لا يعني أن كثيراً من كلدان وآشوري العراق لم يكونوا من المنظمين لها فضلاً عن أقوام أخرى، (فليس لها قيمة علمية تاريخية)، والصحيح: إن ذاك يعني أنه لا وجود لقوم اسمهم كلدان وآشوريون في التاريخ المسيحي مطلقاً قبل أن يسميهم الغرب حديثاً لأغراض استعمارية عبرية، ولا يستطيع البطريرك ساكو ذكر وثيقة واحدة من كنيسته أن هناك وجود لشيء اسمه كلداني وآشوري، بل كل تاريخهم ووثائقهم على الإطلاق هي بالاسم السرياني، والاسمان الأخيران (كلدان وآشوريون) بدأ يضافان من البطريرك ساكو بعد سنة 2015م لأغراض سياسية، وتم إعادة طبع كتابه مختصر تاريخ الكنيسة الكلدانية سنة 2015م، بإضافة هذين الاسمين اللذين لا يوجدان في الطبعة الأولى سنة 2006م.

10: ثم يدخل البطريرك ساكو كالعادة في موضوع كنيسة المشرق وخضوعها لكنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية، وهو ما ليس علاقة بموضوع البطريرك الرئيس حول النسطورية.
الجواب: لكثرة الوثائق والأدلة أن كنيسة المشرق كانت أنطاكية إلى سنة 497م سنجيب البطريرك ساكو حول هذا الموضوع في كتابي القادم (بدعة الغرب لبعض السريان بتسميتهم آشوريين وكلدان)، بشكل مُفصَّل عن الموضوع وبالوثائق والأدلة التاريخية التي تُثبت بشكل قاطع ودامغ لكل ذي بصيرة، ومن مصادر كنيسة البطريرك ساكو نفسه، أن كنيسة المشرق هي كنيسة أنطاكية، ثم سيطبع بكتاب كامل ومُفصَّل بعنوان: (الرد على ساكو بطريرك الكلدانيين في رسالة الآباء الغربيين)، ونكتفي الآن بقول البطريرك ساكو إن كنيسة المشرق اليوم هي وريثة كرسي أنطاكية، (مجلة بين النهرين 24، 1995-1996م ص264)، وأيضاً بهذه الوثيقة من كنيسة المشرق.

11: يقول: إن آباء أنطاكية العظام عندما ترجموا الكتاب المقدس باللغة السريانية المكتوبة، وخصوصاً كتب تيودورس المصيصي وهو اللآهوتي البارز (في كنيسة المشرق) وقد تأثرت به وعدَّتهُ ملفانها (أستاذها) الأعظم، وليس نسطور.
الجواب: قبل أي شي إن تيودورس المصيصي أو المؤبسستي (350-428م) هو أنطاكي سرياني، ولقبه هو تيودورس الأنطاكي، وكان أسقفاً على مدينة مصيصة أو موبسستا، الواقعة جنوب الأناضول، بين أدنة وأنطاكية في تركيا اليوم، وكتب باليونانية لغة الأدب السائدة في أنطاكية والشرق آنذاك، وهو أستاذ نسطور، وللسهولة سأسميه المصيصي دائماً.
والمهم أنه في العقود القلية الماضية ونتيجة ليشوع اسم نسطور وارتباطه بالهرطقة، بدأ  كثير من آباء كنيستي المشرق (الكلدان والآشوريون الحاليون)، استعمال طريقة قديمة بثوب كلداني آشوري جديد، وهو التركيز على قولهم: إن كنيستنا تيودورية، وليست نسطورية، ظناً منهم أنهم بهذا القول قد حلّوا المشكلة بالابتعاد عن نسطور وعقيدته، وكأن المشكلة هي في اسم نسطور، وليس في عقيدته.
إن تيودورس المصيصي هو قديس كنيسة المشرق، وملفانها الأكبر ومفسرها العظيم، ومعلم وواعظ الحق والإيمان والمعرفة الروحية، وحافظ الإيمان القويم المنحدر من إيمان الرسل، وصاحب التعليم المقترن بوهج الفضيلة المختومة بحكمة الحق، والسيف الروحي الذي حارب الضلال، وهو الذي قررت مجامع كثيرة لكنيسة المشرق تحريم من لا يقبل كتبه وتفسيره، وهو الذي توجد فقرات كاملة في مجامع كنيسة المشرق للدفاع عنه وعن تعليمه ودحض مخالفيه من الهراطقة الذين يشوهون سمعته أو يذكرونه بسوء، وهو الذي تملأ كتب تاريخ كنيسة المشرق اسمه، وتعيد له، ففي حياته كان اسمه لامعاً بين المعلمين الحقيقيين، وأصبح اسمه عزيزاً بعد موته، وذكراه كريمة في كل كنائس الله، وهو الذي بدأت كنيسة المشرق تفتخر بأنها تيودورية عند الكثير من كتابها.
 والمهم بعد كل تلك الأمور، عودة إلى كلام البطريرك ساكو في البداية للهروب من اسم نسطور بحجة أنه لم يولد في بلاد بين النهرين ولم يكن بطريرك كنيسة المشرق، وهنا نسأل البطريرك ساكو، هل كان المصيصي مولود في ما بين النهرين، وبطريركاً لكنيسة المشرق، ليأخذ كل هذه المكانة؟.
إن تيودورس هذا أيضاً محروم من جميع الكنائس على الإطلاق، وكنيسة روما لم تُبقي لقباً مُهيناً لم تستعمله معه ومع تلميذه نسطور، ولن أنقل ما قيل عن نسطور والمصيصي، لأن كتباً ومجلدات لن تسد ذلك، سوى مجمع القسطنطينية الثاني الكاثوليكي القريب من الحدث.
تقول رسالة الإمبراطور جوستيانوس الروماني إلى آباء مجمع القسطنطينية الثاني في 4 أيار 553م لكنيسة روما التي ينتمي لها البطريرك ساكو بخصوص تيودرس المصيصي الذي كانت عقيدته أحد الأسباب الرئيسة لانعقاد المجمع:
بعد أن سعى ودافع أسلافي سابقاً إلى الحفاظ على الإيمان..إلخ، لكن النساطرة يُحاولون نشر بدعتهم في الكنيسة، ولما استحال عليهم استخدام نسطور نفسه، شرعوا في نشر أضاليله بواسطة تيودرس المصيصي معلم نسطور، الذي جاء بما هو أفظع من تجديفات نسطور، مُدَّعياً أن الله الكلمة هو شخص غير شخص المسيح، كما استعانوا بثيودورس ا(لقورشي) المخالف للتقوى ومجمع إفسس وكيرلس الإسكندري، وبما أن المبتدعين يحالون الدفاع عن المصيصي ونسطور وضلالاتهما، لذلك نحثكم ونحرِّضكم على توجيه انتباهكم إلى كتابات المصيصي الكفرية ولاسيما دستوره اليهودي، وما كتبه الآباء عنه وعن تجديفاته، وأن تُعجِّلوا في معالجة هذا الأمر.
ثم قرر المجمع: إذ رأينا أن أتباع نسطور حالوا نشر أضاليلهم بواسطة المصيصي الجاحد وكتابته الكفرية..الخ، من استعمال كلمات بحق تيودورس ونسطور مثل: الملحد، الفظيع، المبتدع، عديم الفهم، المشرك، حماقات، هرطقات، أقوال رجسة، وأباطيل..إلخ.
قانون 4: من المجمع: ليكون محروماً من قال إن الاتحاد كان بحسب النعمة والكرامة، كما قال المصيصي بدون فهم، أو أن الاتحاد هو بالمشابهة كما قال نسطور..الخ.
قانون 11: يُحرَّم نسطور مع كل المبتدعين كآريوس وافنوميوس..إلخ.
قانون 12: يُحرم من يدافع عن الجاحد ثيودورس المصيصي الذي قال إن المسيح شخص آخر غير كلمة الله، وإنه قابَلَ (اعتبر) المسيح في تفسيره لأعمال الرسل كافلاطون، ومركيون وابيقورس..الخ، لذلك كل من يدافع عن المصيصي وكتاباته الكفرية التي يتقيأ بها التجديفات ضد ربنا المسيح، أو الذين يؤكدون أن تفاسيره الكتابية هي مستقيمة، أو الذين يكتبون دفاعاً عنه أو يشاركوه الآراء فليكن محروماً.
قانون 13: كل من يدافع عن كتابات الجاحدين ثيودوروس ونسطور الكفرية ضد القديس كيرلس وحرومه الاثني عشر، أو يُلقِّب المعترفين بالاتحاد الأقنومي، بالكافرين، فليكونوا محرومين. (أي عدا تحريم نسطور والمصيصي ومن يدافع عنهما، بل كل من يُلقِّب من يؤمن بما قاله القديس كيرلس الإسكندري، بكافر، فهو محروم أيضاً). 
قانون 14: كل من يدافع عن الرسالة التي كتبها إيباس إلى ماري الفارسي والتي زعم فيها أن المسيح كان أنساناً عادياً ويُسمِّيه هيكلاً، والله الكلمة شخصاً آخر، وقد تهجم على كيرلس ومجمع إفسس ودافع عن أباطيل نسطور والمصيصي، فليكن محروماً. (الأرشمندريت، حنانيا الياس كساب، مجموعة الشرع الكنسي أو قوانين الكنيسة المسيحية الجامعة (الكاثوليكية)، ص458-472، وانظر رسالة البابا فيلجيوس، ص481-484)، (إيباس هو هيبا الرهاوي مدير مدرسة الرها، مساند لنسطور، وكتب رسالته لمطران فارس في كنيسة المشرق ماري، متهجماً على مجمع إفسس والقديس كيرلس، واصفاً المصيصي: المغبوط، كاروز الحق، معلم الكنيسة الذي ترك لها سلاحاً روحياً يهتدي به أبنائها..إلخ). 
وهنا نسأل البطريرك ساكو: هل هو وكنيسته ومن يؤمن بكلامه مشمولين بهذا الكلام أم لا؟

12: يقول ليس لدى كنيسة المشرق لاهوت نظري منهجي كما في الغرب، ورعيَّة كنيسة المشرق كانوا رعاة وفلاحين أو رهبان ولذلك جاء لاهوتهم مفعماً بالأيمان والعفوية والحماس والعاطفة، ولاهوتها ذو خط رباني متهوِّد، وهي تُركز على الجانب الإنساني للمسيح، دون إهمال الجانب الإلهي.
الجواب: كلام صحيح، لأن رعيَّة كنيسة المشرق أغلبها رعاة وفلاحين ولم يفهموا اللآهوت بصورة صحيحة، ناهيك عن أنهم من اليهود المسبيين، ولاهوتهم هو، يهو- مسيحي، كما يؤكد جميع آباء كنيسة المشرق ومنهم البطريرك ساكو نفسه.
يتبع جزء رابع
وشكراً/ موفق نيسكو

[/b][/b]

9
الكرملي وبرصوم يستهزئان بالمطران أدي شير وكتاب كلدو وأثور: نَمْ كثيراً، وأكذب قليلاً

ذكرنا أكثر من مرة ومقال أن الكلدان والآشوريين الحاليين هم سريان، ولا علاقة لهم بالقدماء مطلقاً، إنما سمَّت روما القسم الذي تكثلك كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، وسَمَّى الإنكليز القسم النسطوري آشوريين سنة 1876م، لأغراض سياسية عبرية، لأن الاثنين ينحدرون من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وثبت اسم الآشوريين في 17 تشرين أول 1976م.

سنة 1912م أخترع المطران أدي شير عبارة كلدو وأثور، لأغراض سياسية، وقد أصبحت تلك العبارة أضحوكة واستهزاء لكتاب التاريخ ورجال دين ومثقفين، لتنطبق مقولة بطريرك الكلدان عمانؤيل دلي سنة 2005م: إن اسم كلدو وأثور سيجعلنا أضحوكة للعالم.

كان مطران الكنيسة الكلدانية أدي شير نزيهاً وذو مصداقية علمية ومعتدلاً في مؤلفاته إلى سنة 1912م، ومعتزاً بالسريانية وتراثها، وبعد هذا التاريخ وللأسف استغل شهرته وأخذ يتوجه فكرياً وسياسياً وطائفياً وتصرف كرجل سياسة، لا رجل دين، وواضح من كلامه في كتابه أنه بدأ يؤمن ويعتز بعنف الكلدان والآشوريين القدماء ويُحاول إنكار مذابح السريان النساطرة أسلافه بحق السريان الأرثوذكس..الخ (سننشر ذلك مستقبلاً في مقال: كنيسة المشرق، كنيسة مسيحية أم مقصلة دموية)، وأصبح بعد سنة 1912م، يبتعد عن النزاهة ويزوِّر التاريخ ويتلاعب بالوثائق والنصوص والكلمات محاولاً التمويه وإيجاد مخارج لكثير من الأمور، كتزوير التاريخ المسيحي، وتزوير ورفض الاسم السرياني والتمسك بالاسم الكلداني والآشوري، ومما يؤسف له أن كثيراً من المثقفين والكُتَّاب المهتمين بتاريخ السريان وكنائس الشرق وخاصة من العرب المسلمين الذين يرون أن لهذا المطران مؤلفات كثيرة قد اعتمدوا على بعض كتاباته على علاتها والألغام السياسية والأفكار الطائفية العنصرية الموجودة فيها بشكل مُبطَّن دون أن ينتبهوا أو يدققوا ويتمحصوا فيها، ظناً منهم أنه مطران مسيحي ويكتب بنزاهة ومصداقية.

بدأ هذا المطران بتزييف الحقائق بتأليفه كتاب تاريخ كلدو وأثور، والسبب أن أشقائه القدامى من كنيسة المشرق (آشوريي الإنكليز) كانت النظرة العبرية القديمة قد بقيت متأصلة عندهم، وبقوا على العقيدة النسطورية وشكَّلوا أحزاب سياسية قومية، يساندهم أحزاب سياسية في أمريكا من المهاجرين ثم تحالفوا مع الإنكليز في الحرب الأولى، وخوفاً من فوز الآشوريون الجدد في المجال السياسي وإقامة دولة آشور المزعومة والمفترضة على حساب الكلدان، ولغرض تقاسم الكعكعة السياسية معهم من جهة، وكتقية بهدف مجاملتهم لكسبهم إلى طائفته الكاثوليكية من جهة أخرى، فاخترع هذا المطران عبارة كلدو وأثور لأول مرة في التاريخ، وألَّفَ كتابه بهذا الاسم المُركَّب المُخترع كخدعة سياسية دينية، معتبراً دون أي دليل أنهم ينتمون للآشوريين والكلدان القدماء.

والحقيقة إن كتاب أدي شير ليس له أية علاقة بتاريخ الآشوريين والكلدان الجدد، وعنوان الكتاب وحده يكفي للدلالة على ذلك، وهو كتاب سياسي ليس له علاقة بالدقة العلمية التاريخية إطلاقاً.

وقد قام الأب انستاس الكرملي (1866-1947م) المعاصر لأدي شير بنقد كتاب كلدو وأثور في مجلة لغة العرب 1913م، يونيو، عدد 12، ص578-581، فيقول:
 رغم أنه من العجيب أن ينفرد الأجانب بتاريخنا، فقد قام أدي شير بتأليف هذا الكتاب بالعربي، وإننا نأخذ على سيادته أنه وضع له اسم كلدو وأثور، وهو هنا اسم غريب، ثم يعدد أخطائه اللغوية وتناقضاته في أسماء الأعلام، ويقول: المفروض أن يستعمل (كلدة وأثور)، لأنه بالعربية هي كلدة وهو شيخ أحد القبائل العربية الذي أسس دولة الكلدان، وينتقد استعمال كلمة آشور بصيغ متعددة كأثور وآسور، ثم ينتقد أدي شير لقوله إن اليهود والمسلمين واليزيديين والمسيحيين وغيرهم كلداناً وآشوريين، قائلاً: كيف يجوز لأدي شير هذا القول الذي لا يؤيده أي باحث علمي، فالتاريخ يُزييف هذا القول بدون أن تعارضه حجة لإثباته، فقد سكن المنطقة قبل الآشوريون والكلدان وبعدهم أقواماً متعددة كالعرب، العيلاميين، الماديين، اليونان الرومان، والفرس، وغيرهم، وإذا كان هذا الرأي من بناة أفكار أدي شير، فلا يوجد كلداني وآشوري واحد صادق النسب ينتمي للكلدان والآشوريين القدماء.

 ثم يستهزئ الكرملي بأدي شير الذي انتقد الكلدان في مدن وقرى العراق وديار بكر أنهم يتكلمون العربية ويحتقرون لغة أجدادهم، فيقول الكرملي: الغاية من اللغة هي التفاهم، والتفاهم هو مع الأحياء وليس الأموات، ولغة الأحياء والتعايش والرزق في مناطقهم هي العربية وليس الآرامية، ويضيف الكرملي قائلاً لأدي شير: (عليك التعيَّش ثم التفلسف)، فلو فرضنا أن جميع العراقيين تعلموا الآرامية، فهل يستطيعوا التعيش بها؟، لذلك فهؤلاء الكلدان القرويين والجبليين عليهم تعلم اللغة التي يرتزقون بها قبل أن يتقنوا لغة مماته، وهؤلاء يتكلمون العربية لأنها حية ولغة وطنهم، ولو لم تكن كذلك لتركوها كما يُترك الأموات حتى وإن كانوا أعزاء. (يقصد أن الكلدان تركوا لغتهم لأنها أصبحت ميتة عندهم).

ثم ينتقد الكرملي بشدة أدي شير مستهزئاً به لأنه يعتمد على الغربيين كعادة الكلدان والآشوريين الذين شجعهم وضحك عليهم الغربيون بالاسمين (كلدان وآشوريين) لأغراض سياسية وطائفية، فأينما رأى الكلدان والآشوريون اسماً أجنبياً لمستشرق أو كاتب غربي استشهدوا به لإثبات تزويرهم ضناً منهم أن الأسماء الغربية تنقذهم من ورطتهم، فيقول الكرملي لأدي شير:
في الكتاب آراء له ولغيره، وهذه الآراء غريبة لا يقبلها العقل، فقد ذكر أشياء من مذهبه الخاص، ولكننا نذكر ما نقله عن آراء الفرنجة العجيبة كقول المسيو أوبير إنه يوجد في شمالي بغداد موقع موسى الكاظم، أي الكاظمية، يسكنه أناس من بقايا الكلدان القدماء، والجميع يعلم أن أغلب سكان الكاظمية من إيران وليسوا أبداً من العنصر الكلداني، وهؤلاء (سكان الكاظمية) لهم صنائع فائقة كالنقش والتطريز وخصوصاً الحفر على الحجر، فأنظر حرسك الله هل هذه الأقوال يقبلها عقل آدمي؟، فهل كونها منسوبة لأفرنجي يجب أن تجوز علينا نحن الذين نعرف من هم سكان الكاظمية؟، ويضيف الكرملي أن الكتاب مشحون بمثل هذه الآراء وما ضاهاها نقلاً أو تصنيفاً.

ثم يبدأ الكرملي يعدد أخطاء تاريخية أخرى ولغوية، فيقول: إنك لا تطالع صفحة وليس فيها أخطاء، ويختم بالقول: مهما عددنا أخطاء هذا السفر الجليل يبقى معيناً للأديب خاصة العراقي، فسبحان من تنزه عن كل عيب ونقص. (وللكرملي بحث عن الكلدان في المجلة، عدد اغسطس 1911م، ص52-59. سننشره لاحقاً).

وحدثني المطران السرياني بهنام ججاوي +2014م نقلاً عن البطريرك العلامة السرياني أفرام برصوم الأول +1957م في لقائه  معه بحضور المطران يوحنا دولباني +1969م، أن البطريرك أفرام عندما كان مطراناً لسوريا ومعاصراً لأدي شير، وكان للمطران أفرام لقاءات ثقافية واسعة مع أهل العلم والكتاب وكان رأيه مهماً، وأن أحد معارفه وأصدقائه من الكهنة الكلدان زاره وأهداه كتاب كلدو وأثور، وطلب منه إعطاء رأيه فيه، قائلاً له أن أدي شير تعب في الكتاب كثيراً وقد سهر الليالي من أجل هذا الإنجاز، وبعد مدة عاد الكاهن وسأل المطران أفرام عن رأيه في الكتاب، فأجابه: قل لأدي شير: نَمْ كثيراً، لكي تكذب قليلاً.

وللتعليق على كتاب أدي شير وما جاء فيه، والجزء الأول فقط، أقول:
1: لا يوجد في التاريخ شعب بهذا الأسم المُركَّب، ومع أن الكلدان والآشوريين الحاليين لا علاقة لهم بالقدماء مطلقاً، لكن المضحك أن المطران أدي شير اعتبر الكلدان القدماء وهم ألد أعداء الآشوريين القدماء الذين سقطت دولتهم على يد الكلدان سنة 612 ق.م.، شعباً واحداً، والأنكى من ذلك كما رأينا أنه اعتبر اليهود والمسلمين واليزيديين والمسيحيين وغيرهم كلداناً وآشوريين، والأمر الطريف أن كتابه يبدأ بقصيدة للشاعر حنا أفندي زهيا الأثوري يُسمِّي بلاده زمن السيد المسيح عند دخول المسيحية إليها في البداية " كردستان"، فيمدح أدي شير لتأليفه الكتاب، وبعد أن يعتز بالأقوام القديمة وحروبها من أثور وبابل وهو الهدف من تسمية كلدو وأثور، يعدد الأقوام التي توالت من زمن الطوفان وإبراهيم، فيقول:

أهديتنا تاريخ قومٍ ناطحوا     كبد السماء في شامخ البنيان
وأريتنا أحوال حرب شيبت    رعباً مفارق أحداث الولدان
وتوالت الأجيال حتى أشرقت    شمس المسيح بقطر كردستانِ
[/b]

2: الجزء الأول هو قبل المسيحية، وكل ما فعله المطران أنه ذكر تاريخ الآشوريون والكلدان القدماء وتوقف سنة 538 ق.م.
3: في هذا الجزء يعترف المطران أن العنصر الآرامي منذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد غلب على سكان بلاد الرافدين أو ما بين النهرين، وانتشرت الممالك الآرامية فيها، وكان سكانها من العشائر الآرامية، ويُسمِّي الكلدان، بالآراميين الكلدان، علماً أنه يُسمِّي كنيسته الآرامية سنة 1906م في مقدمة كتابه شهداء المشرق الجزء الثاني.

ويعتبر المطران أن الآشوريون القدماء والكلدان انقرضوا وانتهوا، ويكتب عنوان: "انحطاط وانقراض دولة أثور على يد الكلدان والماديين والاشكوزيين سنة 608 ق.م."، ثم عنوان: " انحطاط وانقراض دولة الكلدان على يد كورش سنة 538 ق.م "، ثم يحاول الترويج للكلدان فقط فيقول: إن بلاد أثور لم تقم أبداً من سقطتها لأنها أُخذت بحد السيف وشملها الدمار والخراب، أمَّا الكلدان فلم تسقط دولتهم مثل الآشوريين، لكنه لم يأتي بدليل واحد تاريخي على وجود شيء اسمه كلداني بعد سقوط دولتهم سنة 538ق.م.، ويبدو أن حبك التزوير بصورة تامة أمر مستحيل، لأنه لا بد للحقيقة أن تفرض نفسها، فهو نفسه في كتابه يضيف قائلاً: بعد سقوط الأثوريين والكلدان انتشرت لغتهم الآرامية السريانية في كل البلاد، كسوريا ومصر واسيا وبلاد العرب، وأقصت جميع اللغات السامية التي كانت تُستعمل في بلاد السريان، والغريب أنه يُسمِّي بلاد الكلدان حتى قبل الميلاد (بلاد السريان) ولغتهم هي السريانية (الآرامية) ويذكر ملوك الآراميين أنهم (ملوك السريان)، واللغة الآرامية استطاعة قرض جميع اللغات السامية التي كانت مستعملة في بلاد السريان، ويستشهد بكتاب الأسكولين لراهب كنيسته بركوني سنة 600م تقريباً الذي قام أدي شير نفسه بنشر هذا الكتاب سنة 1910م، ضمن المخطوطات السريانية الذي قال فيه بركوني متعجباً: إن اللغة السريانية مع تغير الزمان ومرور الأجيال تبدلت وفسدت بألفاظ غريبة، لا بل عربت من حيث كانت، أي من بابل واستوطنت بلاد أخرى، وأنك لو قابلت اللغة البابلية مع اللغة السريانية الفصيحة لن ترى فيها كلمة سريانية من مئة كلمة.
ويُعلِّق أدي شير على بركوني قائلاً: إن الكلدان كانوا مستوطنين في بلاد السريان، وصارت بلاد السريان الشمالية من أخص مراكز الكلدان القدماء وقرضت لغة الأقوام القديمة، ونعم إن اللغة السريانية بقيت في بابل والسريانية الفصيحة نراها في حمص وآفامية وأطرافها.

وعندما أكمل التاريخ  بعد سقوط الآشوريين والكلدان القدماء سنة 538 ق.م. ذكر ممالك وملوك كثيرة كالاسكندر، الفرثيين، ملوك سوريا، الميديين، مملكة تدمر، ومملكة الرها الآرامية كما رواها المؤلفون الآراميون، حدياب، أربيل، سنجار، ميشان، الحضر، دون أي ذكر للآشوريين والكلدان. (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور، ج1 ص6، 39، 49، 66، 70-72، 81، 123، 135، 149، 157-171. وفي الجزء الثاني أيضاً يُسمِّي اللغة الآرامية أو السريانية، والكلدان آراميين، ويقول أحياناً الكلدان أو الآراميين، ج2 ص40، وغيرها).
أمَّا التعليق على الجزء الثاني فسيأتي مستقبلاً.
وشكراً/ موفق نيسكو
[/b]
[/b]

10
الأمم المتحدة تصفع مُنتحلي اسم الآشوريين ومطرانهم ميلس بعد سنتين من مقالي

قبل سنتين وفي مثل هذه الأيام كتبتُ (مطران استراليا ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم)، واليوم الأمم المتحدة تؤكد كلامي.

من المعروف أن اللغة السريانية هي الآرامية إلى سنة 280 ق.م.، وسُمي الألف الأول قبل الميلاد عصر اللغة الآرامية، وبعد سنة 280 ق.م. وخاصة بعد الميلاد اسمها السريانية التي طورتها واعتمدتها مملكة الرها السريانية، والآشوريين والكلدان الحاليين لا علاقة لهم مطلقاً بالقدماء، بل هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وكانت لغة اليهود هي الآرامية، لأن الآرامية أقصت العبرية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وعندما جاءت المسيحية أعتنق غالبية اليهود المسيحية، وانضووا تحت الكنيسة السريانية الأنطاكية، وسنة 300م أصبح مقرهم الرئيس في مدينة قطسيفون، ساليق، المدائن (سلمان باك)، وخضعت لسلطة الفرس سياسياً إلى مجئ الإسلام، ولذلك تُسمى الكنيسة الفارسية في كثير من المصادر، واعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية سنة 497م، ولذلك اسمها المشهور الآخر في ضل الدولة الإسلامية هو النساطرة، وعاشوا طول عمرهم سريان، ورغم اعتناقهم المسيحية بقيت النظرة العبرية عندهم متأصلة كل الوقت.

نتيجة الحروب الصليبية، والمغول استقر قسم من العراقيين النساطرة في قبرص، فحاولت روما كسبهم، وأصدر البابا أوجين الرابع في 7/ أيلول/ 1445م مرسوماً بتسمية كنيسة السريان النساطرة المتكثلكين (كلدان)، لكن المحاولة فشلت ومات الاسم، وسنة 1553م، انتمى غالبية نساطرة السهول لروما والكثلكة، فعاد اسم الكلدان للظهور مرة أخرى، لكنه لم يثبت رسمياً إلى في 5 تموز 1830م، ونكايةً بروما قام الانكليز بإرسال بعثات تبشيرية إلى القسم الذي بقي نسطورياً في الجبال، وسنة 1876م سمَّى كامبل تايت رئيس أساقفة كارنتربري هؤلاء النساطرة، آشوريين، لأغراض سياسية عبرية استعمارية، وسنة 1912م، اخترع المطران الكلداني السياسي المتعصب أدي شير اسم كلدو وأثور لتقاسم الكعكعة المرتقبة مع أخوته النساطرة السابقين، والحقيقة إن كلمة متكلدان ومتأشور هي الصحيحة، وليس كلداني وآشوري، علماً أن كلمتي كلدان وآشوريين هي صيغتين عبريتين، وكلمة كلداني في القوميس السريانية معناها مشعوذ، ساحر، فتاح فال، وكلمة آشوري معناها عدو، من مصدر ثور، بمعنى متوحش، هائج، طاغي.

إن النساطرة الجبلين الذين سمَّاهم الإنكليز آشوريين كان الجهل يعم بينهم ومتعصبين للقومية العبرية أكثر من السهول لأنهم عاشوا منعزلين، ونزح غالبيتهم في الحرب الأولى من تركيا وإيران إلى العراق الذي آواهم، لكنهم نكروا المعروف وخانوه، ووعدهم الكابتن كريسي بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور، في 28 كانون الثاني 1918م، بإعطائهم كيان سياسي عبري بثوب مسيحي باسم دولة آشور، واستغلهم الإنكليز  وكونوا منهم جيش مرتزقة باسم الليفي وسموهم حليفنا الصغير (اشترك معهم بعض الكلدان أيضاً)، وتمردوا على العراق، وفشلت مؤامرتهم سنة 1933م، ونفي بطريركهم أيشاي إلى أمريكا، وخف العمل السياسي الآشوري، ورغم تعصبهم لم يجرءوا عموماً على تزوير اسم اللغة السريانية إلى 1968م، فبطريركهم أيشاي في مطالبه للحكومة العراقية، طالب بدولة آشور، لكن لغتها سريانية، ومدارسهم كانت باسم آشورية كاسم جغرافي أو تاريخي مثل مدرسة سومر، بابل..إلخ، لكنها تمنح شهادة لغة سريانية، وحتى اسم الكنيسة لم يكن آشورية بل المشرق، أو المشرق السريانية، (نرفق مطلب البطريرك أيشاي، عربي، انكليزي، وشهادة من المدرسة الآشورية 1928م، بثلاث لغات عربي، إنكليزي، سرياني، تقول لغة سريانية).



سنة 1968م، تأسس حزب الاتحاد الآشوري في استراليا (uau)، بمساندة آشوريّ أمريكا، وبدعم من مطران إيران النسطوري دنحا الذي أصبح بطريركاً خلفاً لايشاي الذي اُغتيل في أمريكا 1975م، بسبب زواجه من خادمته إمامة شمعون (24 سنة)، وبين الآشوريين من يتهم الحزب الآشوري باغتياله لأنه لم يخضع لكل توجهات الحزب المتعصبة، ومنذ 1968م بدأ العمل السياسي الآشوري بشكل منظم وقوي هذه المرة، ولما كان العمل السياسي لإقامة كيان جغرافي يتطلب عدة عناصر كالعَلَم والشعار وأيام تاريخية وأعياد وأناشيد، وغيرها، فتم سنة 1970 الاحتفال لأول مرة بعيد أكيتو السومري (ا نيسان) بعد اقتناصه من التاريخ كعيد قومي، علماً أن الآشوريون القدماء أنفسهم سرقوا العيد ورموزه من البابليين الذين كانوا قد أخذوه بدورهم من السومريين، وسنة 1974م قام جورج أتانوس وهو نسطوري من طهران بتصميم علم آشوري مقتبسه من العلم البريطاني، وفي 17 تشرين أول 1976م تم تعيين دنخا الرابع مطران إيران بطريركاً في مجمع صغير شكلي عُقد في لندن، وكان هذا سياسياً تربى على يد الإنكليز فأعلن ولأول في التاريخ من لندن، اسم كنيسته آشورية. (أُرفق العلم).


إن اللغة السريانية (الآرامية) أشهر من علم، ليس لدى السريان فحسب، بل لدى العالم ومنهم العرب المسلمين، وهي شقيقة العربية التوأم، فقلما يوجد كتاب لمؤرخ مسلم لا يذكر السريانية، وهي محترمة من المسلمين أكثر من بعض ناطقيها كالآشوريين، ونختصر بما ورد في الحديث من أن رسول الإسلام محمد أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية، ‏فتعلّمها، وكان يقرأ للرسول ويجيب عنه إذا كَتبْ (الترمذي كتاب الاستئذان، باب تعليم السريانية ص730)، وكل جامعات وكليات العالم اسمها الرسمي، السريانية (الآرامية)، وفي مصر أكثر من مئة مسلم متخصص بينهم دكتوراه في اللغة السريانية رجالاً ونساء، منهم يُدرِّسون اللغة السريانية في جامعة الأزهر الإسلامية كالأستاذ أحمد محمد علي الجمل لقسم البنين، وزمزم سعد هلال وبسيمة مغيث سلطان لقسم البنات.

 ولأن عنصر اللغة هو أهم عناصر القومية إن لم تكن هي القومية بعينها، لتكوين كيان سياسي، وكل الأقوام تُعرف هويتها بلغتها، والآشوريين سريان ولغتهم سريانية، لذلك شرعت الأحزاب الآشورية، بحملة منظمة وقوية لتزوير اسم اللغة السريانية، من سريانية إلى آشورية، والأمر المضحك أنهم برروا ذلك باللغة الانكليزية فقط، فقالوا إن كلمة syriac أو syrian، السريان، هي بالحقيقة assyrian، بإضافة as، ثم تسقطيها على اللغة العربية، أو أنها آسور..إلخ من هذه التخريجات والخزعبلات، علماً أن كلمة آسور باللغة السريانية في قاموسهم أنفسهم تعني خشبة تُعلَّق في عنق الكلب، قاموس أوجين منا، ص34)، واسمهم بالسرياني (اتور)، والسريان هو (سورييا)، وكاهن كنيسة الآشوريون يقول: الأصل في تسمية شعب، ما يُسمِّي نفسه في لغته، وشعبنا لم يُطلق على نفسه يوما بلغته تسمية آشوري، والاسم الآشوري بدعة قائلاً: أعطوني كتاباً واحداً، مصدراً واحداً، مخطوط واحد، وريقة واحدة، بل جملة واحدة تُسمِّي هذا الشعب آشوري، أعطوني قاموساً واحداً أو كتاباً قواعدياً واحداً يتضمن هذا التنسيب الذي تبتدعونه، أعطوني إنساناً واحداً عبر آلاف السنين لقب نفسه بآشوري.(القس المهندس عمانؤيل بيتو يوخنا، حربنا الأهلية حرب التسميات ص18). وعندما صدر قانون الناطقين بالسريانية 1972م في العراق أرسل المطران الاشوري يوسف حنا يشوع في العراق، ورئيس الكنيسة الإنجيلية الآشورية برقيات ثناء للحكومة، وخرجوا بمظاهرات فرح في 28/4/1972م، وتم افتتاح قسم اللغة السريانية في إذاعة بغداد، يقول: (لخا إيلي برث قالا دبغدد بلشانا سوريايا) أي (هنا صوت بغداد باللسان السرياني)، وفي محاضرة للأديب جميل روفائيل بطي في النادي الآثوري 16/5/1971م بعنوان "دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية"، قال: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون السريانية وليس الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر من 2500 سنة، مثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية ومن مصادرهم، فنهض أحد الحاضرين من الآشوريين المتعصبين، وأصر على أن لغته اليوم هي الآشورية القديمة، وعدّدَ له بعض الكلمات، فأجابه بطي: إن علاقة هذه الكلمات بالآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أحد الأثوريين الحاضرين وكان طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب، وبدأ يقرأ في ورقة بيده، ثم طلب من السائل الآشوري الأول (المتعصب) أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فردَّ "لم أفهمها"، فقال له: هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لغتنا، لفَهِمتَ ما ورد فيها. (أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص 64).

والمهم إن المتعصبين الآشوريين منذ 1968م بالذات شرعوا بتزوير اسم وقواميس اللغة السريانية والآرامية إلى آشورية، وطبع قواميس سريانية قديمة باسم آشوري، وتأليف جديدة، وقاموا بمحاولات مضنية فاشلة لكتابة مقالات لربط السريانية الآرامية بالآشورية القديمة، علماً حتى الآشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، فلغتهم كانت أكدية بأبجدية مسمارية، وعندما اكتُشفت الآثار شمال العراق في القرن التاسع عشر، احتار العلماء ماذا يُسمُّون اللغة، فسَمُّوها لغة العصر الشبيه بالكتابي (Literate Proto)، ثم سَمَّوها الأسفينية (Cuneiform)، لأنها تشبه الأسفين (الوتد)، ومن الطبيعي أن يطلق العلماء اسماً علمياً لها، ولأن أغلب الكتابات اكتشفت في البداية في بلاد آشور القديمة، لذلك سمَّوها الآشورية، لكن بعد اكتشاف آثار بابل لاحظوا تشابهاً كبيراً بين اللهجتين، واتضح لهم أن لفظة آشور لا تفي بالغرض، فسمَّوها الآشورية– البابلية، ثم لاحظ العلماء أن منطقة بابل كانت تُعرف بأرض أكد وملوكهم لُقِّبوا بملوك أكد وسومر، وأهل بابل سَمَّوا لغتهم أكدية، وبذلك استقرت التسمية الأكدية على اللغة (أ. ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص22، هامش1). والقاموس المسماري الآشوري المطبوع في شيكاغو بين (1921-1964م) assyrian dictionary هو لتلك اللغة الأكدية، وسمي آشوري قبل أن يستقر اسمها (الأكدية) نهائياً، ويضيف البرفسور I.J.Geleb  في ص7 من القاموس وبعدها سبباً آخر ويقول: رغم إني استعلت اسم الآشورية المتداول قبل 1921م لكن اسمها الصحيح هو الأكدية، والسبب الآخر هو لكي لا يختلط الأمر بين كلمة Akkadian  أو Accadian (الأكديين في العراق) وبين اسم الكنديين من أصل فرنسي في مقاطعة نوفا سكوتيا، ومقاطعة لويزيانا الأمريكية المتداول شعبياً، وهو Acadian، أكديين أيضاً،(والمهم، حسناً تم تسمية القاموس آشوري لكي نوجه السؤال للمطران ميلس والآشوريين، لماذا لا تستعملون تلك اللغة، أليس من المعيب على أمة تدعي أنها عظيمة وتستعمل لغة غيرها، بل لغة عدوها؟، فالسريان الآراميون هم أعداء الآشوريون في الكتاب المقدس والتاريخ).

منذ سنة 1970م بدأ المثقفون والأدباء السريان والمهتمين باللغة والتراث من العرب المسلمين أيضاً التصدي لهؤلاء المزورين، بان هذه اللغة هي السريانية الآرامية واسم سرياني مرادف لآرامي مثل هنكاريا المجر أو فرنسا وبلاد الغال..إلخ، وقد أفلح الأدباء إلى حدٍ كبير في ذلك، ودخلتُ أنا شخصياً هذا المعترك معهم بمئات الوثائق وبمختلف اللغات أهمها لغتهم وقواميسهم البالغ عددها أكثر من 150 في التاريخ والمؤلفة أغلبها منهم، وكلها اسمها سرياني أو آرامي ولا وجود لوثيقة واحدة مطلقاً في التاريخ المسيحي باسم قوم أو لغة اسمها آشوري، ومن ضمن هؤلاء المتعصبين عن جهل وعمد ولأغراض سياسية، السياسي بثوب رجل دين، مطران استراليا زيا ميلس الذي فتح مدرسة محلية أو معهد باسم الآشورية، وجلب أساتذة كانوا في العراق أساتذة لغة سريانية، وفجأة في اليوم التالي أصبحوا أساتذة لغة آشورية. (قسم منهم أعرفهم) وهذا المطران يخدع شعبه فهذه المدرسة اسمها آشوري كسابقتها، لكنها تدرس لغة سريانية، وقطعاً لا تستطيع إعطاء شهادة رسمية باللغة الآشورية لمن يريد إكمال دراسته العليا. (ربما يعطي بعض الأطفال شهادات وهمية للضحك عليهم).

وفي 21 شباط الجاري وجهة اليونيسكو ضربة قاصة لهؤلاء المزورين وعلى رأسهم هذا المطران، ففي بيان اليونسكو التابع للأمم المتحدة حول الحفاظ على اللغة الأم قالت من بين 7000 لغة مهددة هي الآرامية التي يتحدث بها قسم من سكان سوريا والعراق وسهل نينوى، ولا يوجد من بين تلك 7000 لغة أسمها الآشورية، ومنذ أسبوع المتعصبين الآشوريون مصابين بالصدمة إذا لا يمكن تزوير وتحريف كلمة آرامي إلى آشوري، فبدأوا يعترفون مرغمين أن السريانية هي الآرامية وليست الآشورية، خاصة أن مواقعهم جلبت الخبر مع وثيقة مكتوب عليها سريانية، وبذلك سقط زيف ادعائهم.

أمَّا الكلدان فالحق يُقال لم يزوّروا إلى سنة 2003م سوى قاموس واحد سنة 1975م وعلى الغلاف فقط كما ذكرت في مقالي السابق، بل العكس فقد ساهموا في إغناء اللغة، ولكن للأسف بعد 2003م، ونتيجة الصراع مع الآشوريون سياسياً، بدأ قسم قليل منهم بالتزوير أيضاً، فهذا يريد إقامة دولة آشور بانيبال، وذاك يسعى ليكون نبوخذ نصر، ونفس القاموس القديم السرياني يطبعه الآشوريين باسم قاموس آشوري، والكلدان باسم كلداني، (أرفق قاموس سرياني-سرياني واسمه، كنز اللغة السريانية لمطران الكلدان العلامة توما أودو 1897م، وكيف زوَّرهُ كل لصالحه، مع ملاحظة طبعات الغرب الإنكليزية الصحيحة).


والمهم إن القرار الأخير للأمم المتحدة صفعهم لتنطبق مقولة البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي سنة 2005م ا(إن عبارة كلدو وأثور ستجعلنا أضحوكة للعالم)، والحقيقة أن اسم كلدو وآثور هو أضحوكة منذ سنة 1912م، قبل أن يقول البطريك دلي ذلك، فكثير من العارفين والمهتمين في مجالسهم يستهزئون بهذا الاسم المركب لأنهم يعرفون أنهم سريان انتحلوا اسمين قديمين لأغراض سياسية عبرية، فيسمونهم (كلبو وثور)، علماً أن هذا ليس رأئي، بل إني أنقل تاريخ وتوثيق للأجيال، علماً أن بطريرك الكلدان دلي نفسه قدم عريضة لمجلس الحكم سنة 2004م يقول إن لغة كلدو وأثور هي السريانية، ومطران بغداد الآشوري كوركيس (البطريرك الحالي) قدم عريضة لبريمر سنة 2003م يقول لغتنا آرامية. (أُرفق عريضتي كوركيس ودلي).

وشكراً/ موفق نيسكو

11
سلفاً، مع احترامي لغالبية الأخوة من أبناء كنيسة المشرق السريانية التي سُميت كلدانية، وقلة من الأخوة أبناء الكنيسة التي سميت آشورية، حديثاً.
وثانيا أتمنى من كاتب المقال أن يمتلك شجاعة وشهامة ولا يستغل صفته كمشرف ويشطب التعليق، فهو يكتب كشخص عادي.

الأخ العزيز وسام موميكا المحترم
أحييك واحي شجاعتك الجبارة على مقاومة أعداء أمتك السريانية الآرامية من الحاقدين والمتآمرين على كل ما هو سرياني أمثال هذا الموقع المشبوه عينكاوا ومشرفيه كأمير المالح وغيره، ولم أكن أعلم أن كاتب هذا المقال أحد مشرفي ومساعدي المالح، كما علمت أنه يعمل أو له علاقة ما مع قناة سوريو تي في التي طلبت مني قبل مدة قصيرة لقاء، وعندما تحدثنا، قلت لهم سأقول لا يوجد آشوري وكلداني في التاريخ المسيحي، والسريان هم أعداء الآشوريون، كتابياً وتاريخياً وبالوثائق، قالوا: إذن يجب أن يكون معك آخر (يقصدون متأشور)، قلت لهم أجلبوا عشرة وافتحوا التلفونات وبثلاث لغات عربي سرياني انكليزي، وبدون رقيب حتى لو شتموني، وها إني انتظر ولا اعتقد أن اللقاء سيتم لأنه ليس هناك متـأشور يستطيع مجابهة الحقيقة الدامغة.

 أخي وسام: عتبي على حضرتك أنه بعد شطب تعليقك الموقع، علقتَ وعاتبتهم فأعطيتهم قيمة، اكتب وامشي، يشطبون، يشتمون، يخربطون، ، يلطشون، يخرمشون، لا دير لهم بال وتنزل نفسك وتعلق لهم، بالعكس كل ما يشطبون ويشتمون يزدك فخراً، أنت وشخص أخر غربلتوموهم رغم مؤامراتهم وعدوانيتهم، وحين تعاتبهم ربما يشعر أمير المالح أنه فعلاً إعلامي وسيصبح وزير كلدو آشور المقبلة، هذا التاجر باسم الإعلام الذي يعتمد على مراسلين وهمين، ومجلات وصحف، وقناة سكاي نيوز، وغيرها، ولا يعلم عن التفاصيل والحقيقة شئ، لكننا لا نريد النزول لمستواه، لأنه لا يملك من الثقافة وإلاعلام شيئ ولا حتى الاسم، ولا يستطيع المناقشة، والسريان ليسوا محتاجين له، ولا حتى للأمم المتحدة، فكل جامعات العالم والتاريخ مع السريان، وفي كل مدة يتصل بي مسلمون من تكريت وأنحاء أخرى من العراق للكتابة عن السريان الآراميين طالبين معلومات، وفي جامعة الأزهر تدرس السريانية لقسمي البنين والبنات.

أخ وسام: ثق واعتقد ليست مرجلة ولا شهامة ولا نبل أن تُشطب كتابات عادية،  المرجلة والشهامة والنبل والأخلاق أن يشطب مشرفي الموقع من يشتموا كُتَّابهم في هذا الموقع.

كان عبد السلام عارف حاقداً على المسيحيين، ومع ذلك في أحدى الأيام شتم ضابط المسيحيين أمامه ضناً منه أنه سيكسب وده، فصعدت الغيرة والشهامة العربية النبيلة والشريفة المعروفة، وقال له: اخرس أنا رئيس وكل عراقي هو ابني، وحاشا لأمير المالح أن يكون رئيس لخمسة خرفان، ولكن للمقارنة أدرجت القول، فكيف لا تصعد الغيرة العربية الشريفة لأبناء عمومة السريان الآراميون الأقحاح (في الكتاب المقدس والتاريخ)، وأيهما أنبل عبد السلام عارف أم مشرفي عينكاوا الذين يشطبون الحقائق ويسمحون بالشتائم، بل يقومون بنفسهم بشتم الآخرين وكثير من الأسماء المستعارة التي تشتم هي أمير المالح وكاتب المقال أعلاه، وغيرهما، والحقيقة أن الشتائم موّجهة لمشرفي عينكاوا وليس لغيرهم.

على الإعلامي النظيف النبيل والشهم أن يقف مسافة واحدة من الجميع، ويعتبر مكانة وشرف كل كاتب من شرفه ومكانته، ولا يخدعنا أمير المالح وغيره أنه عادل ويحب الوحدة..إلخ، مسموح للمطرانان الخَرِفان ابراهيم وسرهد جمو والمطرانان المزوران ميلس وعمانؤئيل، أن يتطاولا على السريان وتاريخهم، وغير مسموح لسرياني أن يقارع بأكاديمية وأدب ووثائق، ويجب أن يعلم الجميع: بكل ضعف واقتدار، أنا ووسام موميكا نصنع الوحدة، وليس غيرنا، إننا نصحح مسار المتعصبين والجهلة وخاصة من الآشوريين، وكتابتنا ليس حقداً بل حقيقة، فجعلنا كل واحد يعرف حجمه الحقيقي وتاريخه، وقتلنا الغرور والتعصب الأعمى والجهل لديه، ولذلك أتت النتائج مثمرة وباهرة، وها أن الجميع بدأ يتجه نحو الوحدة والكتابة حول التآخي..إلخ، فنحن الذين نخدم القضية وليس الجهلة، وتعصب أمير المالح وغيره، بل العكس فتصرفاته تأتي بنتائج وخيمة وتزيد العداوة، وسيترتب عليها أمور مستقبلية لا يعرفها أمير وغيره، وأنا شخصياً لست بحاجة لموقع مشبوه كهذا، ولكني أكتب متعمداً باعتباري صاحب قضية أقارع موقع عدو للسريان، وبكل تواضع وضعف، وبقوة الرب، لولاي أنا، لأكل المتأشورين الجميع، أما الآن فتراهم بدئوا يعترفون بالحقيقة شيئا فشيئا.

أخ وسام: هذا هو كل التاريخ وليس رأينا، شخص واحد كان يجابه كل كنيسة المشرق، المنبجي، الأرشمي، البرادعي وغيره، وكل آباء كنيستك يستهزون بكنيسة المشرق الهرطوقية، فهؤلاء كل تاريخهم عنف ودم، فلا تتفأجاً إن شطبوا مقالك أو شتموك، هذا أمر عادي، وهل لديهم سوى الشتائم والموامرات؟، وسأنشر مقال (كنيسة المشرق، كنيسة مسيحية أم مقصلة دموية؟). تصور أن الجاثليق النسطوري يوسف +570م، طرد المعارضين له من الأساقفة والكهنة عن كراسيهم ووثب عليهم وشدَّهم بأرسان الخيل ووضع لهم معالف مملوءة بالتبن، وربطهم بها، وقال لهم: اعلفوا فإنكم حيوان بلا تمييز ولا بيان، وحلق رؤوسهم وصفعهم بلعنة الله واستهزئ بهم،ألخ (أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية،ج 1 ص 111)، فإذا كان أساقفتهم قد عوملوا بهذه الطريقة من بطريرك، فما بالك كيف ستُعامل أنت وغيرك من ناس عادين منهم؟، فأحمد ربك، وفي محادثة الأب يعقوب ريتوري مع البطريرك النسطوري شمعون رؤئيل (1861-1903م) سنة 1891م أبدى استعداه للانضمام إلى الكثلكة والكنيسة الكلدانية، قال يعقوب للبطريرك: يوجد أمام روما صعوبة أن يكون في الطائفة الكلدانية بطريركان، والبطريرك إيليا بطريرك الكلدان في الموصل سمع أنك تقبل أن تكون بطريرك شرف، فأجاب شمعون: أنا لا أفهم لفظة شرف، أنا بطريرك ولن أقبل أوامر إلاَّ من البابا فقط، ولن أقبل أن أكون خائناً وأفرِّط امتيازات بيتنا (يقصد عائلته، أبونا) التي ينحدر منه البطريرك والمطارنة منذ سبعمئة سنة، (والتي حافظنا عليها بالدم)!!.

هذا الموقع ليس منتدى ثقافي، بل موقع عصابة، وأمير المالح هو رئيس عصابة، مثل البطرك أيشاي، وقد أغاظني كثيراً قيام هذه العصابة باستغلال موقعهم المشبوه بالدخول بقلمهم الأزرق وصورهم ذو الضحكة الصفراء التي تنقط كراهية على كل مثقف، ولم أكن أتصور أن يصل مستواهم الضحل لشطب تعليق عادي وترتيلة لمطران ورهبان سريان يرتلون ضد أعدائهم الآشوريون مثل ما يرتل المسيحيون ضد اليهود، وهؤلاء الذين لا يملكون وثيقة واحدة سوى كتابا انترنيتية، لا يكفي لكاتب هذا المقال وغيره أن يعترف باللغة السريانية الآرامية، المطلوب الاعتراف بالحقيقة، فلا وجود لكلداني وآشوري مطلقاً في التاريخ المسيحي قبل التسميات الحديثة، والجميع سريان، والسريان هم الآراميون وهم أعداء الآشوريون في الكتاب المقدس والتاريخ، وأبناء عمومة العرب، هذه هي الحقيقة، وبعد المسيحية، النساطرة ذبحوا 7800 سرياني من بينهم الجاثليق بابوي والمطران برسهدي و90 كاهن و12 راهب بين سنتي 480-484م، وعلى النساطرة الاعتراف بذلك وأولهم البطرك ساكو أحد المرشحين لجائزة نوبل، التي أتمنى أن يأخذها إذا اعترف بالمذابح، وبغيرها لا قيمة لها، بل جائزة سياسية.

وحسنا فعلت أخ وسام بنشرك الفيديو وسأحاول أن أسجل لك حساية ظهر جمعة الآلام عندما يصرخ السريان: أين سيفك يا ميخائيل الذي أباد ألوف الآشوريون، أما بشأن اشحيم الخميس على الجمعة يا رب أخزي الكلدان فهذه هي وبصوت المطران ماتياس ومجموعة الرهبان
10.25-10.40 الدقيقة

أحييك مرة أخرى على غيرتك الشديدة وعدم قبولك التسمية المركبة، واقرع بقوة لقول الحقيقة، وعليك عدم مقارنة نفسك واسمك السرياني بشخص يقول أنا آشوري وآخر كلداني، فكلمة كلداني في التراث السرياني تعني مشعوذ وساحر، كلمة آشوري تعني متوحش ومجرم، وميخائيل الكبير يُلقب زنكي الذي احتل الرها، الخنزير الآشوري، وابن العبري يقول ص 2 في صمحي أشكرك يا رب لأنك خلقني سريانا آراميا ولم تنجسني بالوثنية الكلدانية.
وشكراً/ موفق نيسكو[/b]

12
بمناسبة اليوم العالمي للغة الأم
تعميم بطريرك الكلدان روفائيل بيداويد لطبع دليل الراغبين في لغة الآراميين، 1972م

سنة 1900م قام المطران العلامة أوجين منا بتأليف قاموس دليل الراغبين في لغة الآراميين، وهو قاموس سرياني مهم.

ومعروف أن الآشوريين والكلدان الحاليين، هم سريان لا علاقة لهم بالقدماء، إنما هم من الأسباط العشرة الذين سباهم العراقيون القدماء، وكانت لغة اليهود هي الآرامية، وعند مجي المسيحية اعتق قسم كبير من أولئك اليهود المسيحية تحت مضلة الكنيسة الأنطاكية السريانية، ثم سَمَّت روما القسم الكاثوليكي الذي انتمى لها، كلداناً وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، نتيجة كلمة أطلقها البابا أوجين الرابع في 7 أيلول 1445م،، والإنكليز َسَّمى القسم النسطوري سنة 1876م آشوريين، لإغراض سياسية عبرية خبيثة، بهدف قيام كيان عبري في العراق بثوب مسيحي كلدو- أثوري، لتحقيق حلم إسرائيل الثاني إلى الفرات. وبدأ الطرفان بعدها محاولة تزوير اسم وقواميس اللغة السريانية كل من جانبه، فالآشوري يسميها آشورية، والكلداني كذلك، لكي تخدم توجهاتهم السياسية.

سنة 1972م شكَّلَ المطران الكلداني روفائيل بيدوايد (البطريرك لاحقاً) لجنة برئاسته لإعادة طبع قاموس دليل الراغبين في لغة الآراميين للمطران أوجين منا، باسم قاموس سرياني، واحتاجت الكنيسة لممول، فمَّولَ ابن عم المطران متي بيداويد القاموس لكنه كان متعصباً للكلدان (مُتكلدن)، وصدَّق فعلاً أنه كلداني حفيد نبوخذ نصر مثلما صدَّق أشقائه المتأشورين أنهم أحفاد آشور بانيبال، فاشترط متي على المطران روفائيل طبعه باسم قاموس كلداني-عربي، فوافق المطران على ذلك بشرط أن يكون الاسم الكلداني على الغلاف فقط، وطُبع هكذا في سنة 1975م، ولتبرير ذلك قام المطران بيدوايد بكتابة ما يلي في المقدمة بعد أن يشكر اختصاصي وعلماء اللغة السريانية:
يسرنا أن نفتتح هذا القاموس وهو من المصادر الجلية في اللغة السريانية، مختصرين عنوانه بقاموس كلداني-عربي، وهو العنوان الذي وضعه المؤلف بالفرنسي (vocabulaire chaldeen)، نظراً لأن حروفه بالكلدانية الشرقية ولهجته بالسريانية الشرقية، الكلدانية اللهجة الأكثر استعمالاً في الكنيسة الكلدانية والمشرق الآشورية التي يُشكِّل الكلدان والآشوريين الغالبية آملين أن يحقق الفائدة للناطقين بالسريانية، مع ملاحظة أن المطران يقول بوضوح: إن لغة الآشوريين والكلدان القديمة هي الأكدية المسمارية، ولغتهم الحالية هي السريانية، وأنه يُسريِّن الألفاظ المقتسبة، علماً أن الحرف ليس له علاقة باسم اللغة، كما يكتب الفرس بالحرف العربي، لكن اللغة فارسية، وحتى الخط أيضاً ليس له علاقة باسم اللغة، فخط العرب ومنه القرآن هو سرياني، لكن اللغة عربية.
 
ويبدو أن تبرير المطران مُطابق لما قاله المؤرخ اليهودي يوسيفوس (37-100): إن ملك الكلدان بلطشاصر وحاشيته لم يستطيعوا قراءة الكتابة لأنها مكتوبة بالحرف الكلداني وباللفظ العبراني، فجاء النبي دانيال وفسَّرها لهم. (تاريخ يوسيفوس، ص13).
ومع ذلك، فالحرف الشرقي الكلداني هو العبري، واللغة الكلدانية هي العبرية، والكلدان هم العبرانيون، وقد نشرنا ذلك، بعنوان:
 
(مصطلح اللغة الكلدانية وحروفها يعني العبرية، والكلدان هم العبرانيون الإسرائيليون)
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,852724.0.html?PHPSESSID=kfb3ioovb18k0pe6d1sig59rs6

وندرج التعميم الذي أصدره البطريرك روفائيل بيدوايد لإعادة طبع قاموس دليل الراغبين في لغة الآراميين.[/b]



إبراهيم نهرو، تاولودثو، 1997م، ص 235-242.   

وشكراً/ موفق نيسكو

13
ردَّاً على البطرك التيودوري-النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية ج2

4: يقول البطريرك ساكو: وما كتبه نسطور تم حرقه، ولم يصل لنا سوى كتابه بازار هيرقليدس.
الجواب: كل أقول ومجادلات نسطور قبل وأثناء مجمع إفسس 431م موجودة ومن أناس معاصرين له كالمؤرخ سقراط وغيره، والتي تثبت هرطقته، ولم يتم حرم نسطور على أفكاره المتأخرة في كتاب هيرقليدس الذي كُتب بعد حرمه والتي حاول فاشلاً أظهار بعض ندامته، علماً أنه لا يوجد دليل قاطع على أن كاتبه نسطور نفسه، بل من محبيه بشكل محاورة مع نسطور، ومع ذلك فما قاله نسطور في كتاب هيرقليدس يثبت هرطقته أكثر مما ذُكر عنه سابقاً.

5: يقول: والخلاف كان في اللغة والمصطلحات، وفي هذه الحالة ينطبق على السريان الأرثوذكس.
الجواب: على الشق الثاني قبل الأول، وهو (وفي هذه الحالة ينطبق على السريان الأرثوذكس).
يبدو أن مقال البطريرك ساكو ليس أكاديمياً ولا عقائدياً، بل سياسياً وطائفياً وموجّه للسريان الأرثوذكس تحديداً، فلماذا خصص البطريرك السريان الأرثوذكس فقط؟، لماذا لم يقل إن ذلك ينطبق على جميع الكنائس المسيحية ومنها روما والقسطنطينية الخلقيدونيتين التي تُحرِّم نسطور أيضاً كالبقية، وكنيسة المشرق بدورها تُحرم الكنيسة الملكية (الكاثوليك والأرثوذكس البيزنطيين)، أو في أحسن الأحوال، لماذا لم يقل البطريرك إن ذلك ينطبق على اللاخلقيدونيين وهم (السريان والأقباط والأرمن والأحباش)، أليسوا نفس المعتقد؟، فهل هي مناورة سياسية وخشية من الأقباط لتشددهم ضد النسطرة، أم لوجود جالية كلدانية صغيرة في مصر مثلاً؟، فمع أن الأقباط والسريان هم كنيسة ذو معتقد واحد، لكن السريان ربما أقل من الأقباط في كتاباتهم ضد النساطرة بسبب وجود النساطرة بينهم، أم أن البطريرك ساكو يقصد، "إياكِ أعني واسمعي يا جارة"؟. وهل العبارة الأخيرة تشمل كنيستي روما والقسطنطينية؟.
ومع ذلك فهذا الأمر يُحسب فخراً للسريان الأرثوذكس، فحسب البطريرك ساكو، السريان الأرثوذكس من مجموع حوالي ملياري مسيحي، هم الوحيدون الذين يقررون من هو الهرطوقي، وما هي العقيدة الصحيحة، وكما سنرى لاحقاً أيضاً.

أمَّا جواب الشق الأول (والخلاف كان في اللغة والمصطلحات): فعلاً نسطور في كتاب هيرقليدس استعمل فلسفة لغوية ملتوية لتمرير أفكاره،مثل سلفه آريوس، فتغير حرف واحد من التعبير يُغيَّر المعنى، فمثلاً استعمل آريوس عبارة ملتوية مثل (المجد للآب بالابن في الروح القدس)، وفي مجمع نيقية اختلفوا على كلمة (Homoousios) وتعني مساو للآب في الجوهر، وكلمة (Homoiousios) التي استعملها الآريوسيين، وتعني كالآب في الجوهر، فأصرَّ المجمع على استعمال الأولى حيث فرق كبير بين المعنيين، لذلك فنسطور في كتاب هيرقليدس لا يؤمن أن المسيح هو إلهاً متجسداً، بل إنساناً عادياً سكن الله في هيكله أو حلَّ فيه فأصبح المسيح إلهاً بالكرامة والاسم والقوة..ألخ، وقسَّمَ المسيح إلى أقنومين أو شخصين مستقلين، أحدهما إلهي والآخر وضعي، وصوّر اتحادهما، اقتران أو مصاحبة اجتماع..إلخ، في الهيكل الإنساني أو الهيئة، أي المظهر الخارجي، ويرى كلمة اقتران أدق من اتحاد، أي ليس اتحاداً حقيقياً، ويرفض قطعياً أن الكلمة نفسها صار جسداً، بل العذراء استلمت أو استقبلت الكلمة الذي اقترن، صاحبَ، سكن، حلَّ..إلخ، في هيكل الجنين الإنساني المستقل في أحشائها، والمسيح عنده هو الطفل ويسكن فيه رب الطفل، ومريم ولدت ناسوت المسيح الطفل فقط، أمَّا رب الطفل أي اللاهوت (مرَّ) مع الجسد لأنه مصاحب أو مقترن به، فهو استخّف بجسد المسيح وصوَّرهُ في هيرقلدس ببدلة جندي أو خادم لبسها الملك وظهر فيها متخفياً، والبدلة هي قناع لا تجعل من الملك خادماً أو جندياً حقيقياً، وهذا الجندي (المسيح) ليس هو الملك الحقيقي بعينه، بل جعلهُ الملك يبدو ملكاً، واستعمل نسطور نظرية الاختراق وتبادل الأدوار، فالناسوت يخترق اللاهوت ليصبح معبوداً..ألخ، وفي عظته الثامنة يقول إن المولود من العذراء بشر مثلها، وفي مكان آخر يقول لا يمكنني أن اعبد الإله القائل إلهي إلهي لماذا تركتني؟، ومات ودُفن، لأنه يؤمن أن الذي عُلِّقَ على الصليب هو الإنسان المسيح وليس الإله المتجسد، وأن اللاهوت فارق الناسوت عندما صُلب ومات المسيح.

وكل كنيسة المشرق تستعمل هذه الكلمات الملتوية: إقتران ومقرون، لابس وملبوس، حامل ومحمول، ساكن ومسكون، حاجب ومحجوب، ظاهر وخفي، اختبأ، مصاحبة، تجسَّم، تحيّز، تبني، اجتماع، هيكل، هيئة، مظهر، شكل، صورة، وجه، وجيه، شخص، شخص التدبير في الجسد، عبد، خادم، استقبلت، استلمت، وحتى كلمة الأقنوم عن المسيح في مفهوم النسطورية تعني هيئة، مظهر شكل..الخ، وليس كاستعمالها مع الثالوث، وتميز الأقانيم الثلاثة في كنيسة المشرق لا يستند عموماً إلى العهد القديم أو منذ ولادة المسيح، بل أغلبه مستند إمَّا إلى حلوله يوم عماد المسيح، أو إلى آخر أية قالها المسيح، اذهبوا وبشروا جميع الأمم، وكنيسة المشرق حين تتحدث عن الاتحاد، فهو، اتحاد طوعي، بالكرامة، مجد، وقار، نعمة، رضى، إرادة، محبة، مسرة، مشيئة، أدبي، خارجي، قوة..الخ، وتستند بذلك بوضوح ودقة إلى عبارات وأفكار كثيرة لنسطور من كتاب هيرقلدس وغيره، كالإلوهية التي اقترنت بالمسيح الإنسان في يوم عماده، ارتفع إلى السماء بالجسد فقط، ولد أو قام من الموت وارتفع إلى السماء بقوة العلي..إلخ، ويستعملون دائماً الآيات التي ترد فيها الكلمات والعبارات التي تدل على ناسوت المسيح: نقض الهيكل في ثلاثة أيام، سكن بيننا، أخلى ذاته واتخذ صورة العبد، شبه العبد، شبه الله، حلَّ فينا، وارث، هيئة إنسان، شبيهاً بالله،..إلخ، كما سنرى.
وأحد مخلفات عقيدة نسطور التي لم يقُلها نسطور نفسه، قالها البطريرك ساكو هي: عدم اعترافه ببتولية العذراء، إذ كيف ستبقى بتولاً وقد ولدت إنسانا محضاً، فالمادة وحدها لا تستطيع اختراق الزجاج مثل النور!.

6: يقول: ولا نجد في كتاب هيرقليدس ما يخالف الإيمان>
الجواب: ليس ضرورياً وذو أهمية رأي البطريرك ساكو إن كان نسطور وكتابه لا يُخالف الإيمان، فعند غيره، وهم الغالبية العظمى، يخالف الإيمان وهرطقة واضحة، ومثل ما يرى البطريرك ساكو أن نسطور غير هرطوقي، هناك آخرين لا يرون آريوس هرطوقي، أليست عقيدة شهود يهوه هي آريوسية بحتة؟.
لقد بقي نسطور حيَّاً 20 سنة إلى سنة 451م بعد حرمه، فلماذا لم يقدم كل هذه المدة أفكاره إلى الإمبراطور تيودسيوس الثاني وبطاركة الكنيسة لرفع الحرم عنه؟، وهذا الأمر حدث عدة كثيراً مع كثير من الآباء آنذاك إذ حُرموا، وتم رفع الحرم عنهم عندما ابدوا آرائهم الصحيحة، وأولئك كانوا أضعف من نسطور الذي كان محبوباً من الإمبراطور وواليه أنطخيوس، (ملاحظة حتى آريوس وأوطيخا، عندما أبديا بعض الآراء بحنكة لخدع الآباء، تم رفع الحرم عنهما، ثم عاد آباء الكنيسة وحرموهما مرة ثانية عندما تأكدوا أنهما مخادعَين، وماتا محرومَين)، ألم يكن بطريرك أنطاكية السرياني الأرثوذكسي يوحنا زميل نسطور مسانداً له في البداية ولم يعترف بمجمع إفسس، وجرت حرومات متبادلة بينه وبين كيرلس الإسكندي، ثم عاد يوحنا وتصالح مع كيرلس واعترف بالمجمع وحرم نسطور في كانون أول سنة 433م، وانتهى كل شيء وانتصرت المسيحية على الفردية، فلماذا لم يسلك نسطور مسلك زميله يوحنا؟.

7: يقول: ولم تعترف كنيسة المشرق بشخصين في المسيح.
الجواب: لم يقل أحداً إن نسطور وكنيسة المشرق قالت بوجود شخصين للمسيح أحدهم في أورشليم والآخر في الصين، كما يريد البطريرك ساكو إيهام القارئ، فنسطور قسَّم المسيح نفسه كاله متجسد إلى شخصين مستقلين تماماً.

ومع ذلك إذا كان البطريرك ساكو يُريد أن يعتمد على كتاب هيرقليدس فقط الذي كُتب بعد حرم نسطور، فلماذا لم يُناقش هذا الكتاب فقرة فقرة؟، على الأقل خدمةً للثقافة العامة، إذ لن يُقدم ولن يؤخر رأي البطريرك ساكو بنسطور، لأن الأخير محروم، بل ترك البطريرك كتاب هيرقليدس وهو لب موضعه، ولم يذكره إلاَّ بصورة عابرة في مقاله، وذهب لمناقشة أمور أخرى، كقال فلان وذكر علان عن نسطور، من ناس يعطون رأيهم الذي لن يقدم ولن يؤخر أيضاً، ولو أُخذ بكل آراء هؤلاء يجب إلغاء كل التقليد، فكل يوم يخرج  متفلسف وباحث يعطي رأيه بهذا وذاك، فيرفع محروماً، ويُحرم مرفوعاً.

 وكتاب هيرقليدس طويل، وننقل فقرات قصيرة كمثال:
God is all powerful and does all that he wishes. And because of this his ousia became not flesh, for that which becomes flesh in its nature ceases to be able to do everything, in that it is flesh and not God. For it appertains to God to be able to effect everything, and not to the flesh; for it cannot do everything that it wishes. But in remaining God he wills not everything nor again does he wish not to become God so as to make himself not to be God. For he is God in that he exists always and can do everything that he wishes, and not in that  he is able to make himself not to be God; for he into whose ousia the nature of the flesh has entered makes himself not to be God, and further cannot do everything that he wishes. (هيرقليدس، 15)
الله كلي القدرة ويستطيع أن يفعل أي شيء، وهو في جوهره لم يصبح جسداً، لذلك فالذي يصبح جسداً في طبيعته ستتوقف قدرته على القيام بكل شيء لأنه جسد وليس الله، وأكرر إن الله موجود دائماً وليس محتاجاً (لا يرغب) إدخال الطبيعة الجسدية لجوهره، لأنه لن يبقى الله، وهو لا يريد أن لا يكون الله، علاوةً على أنه لن يستطيع فعل كل ما يريد.

For a mediator is not of one, God is one, and consequently he cannot be God but the mediator of God, As a king in the schema of a soldier comports himself as a soldier and not as a king. (20-21
الله واحد، ولا يمكن أن يكون وسيطاً لنفسه في أحاديته، وبالتالي لا يمكن أن يكون (المسيح) هو الله، ولكنه وسيط الله، وإن عملية التجسد، هي ظهور الله في الطبيعة البشرية كملك في هيئة جندي، وتصرف كجندي وليس كملك.

Concerning this: that natures which are united voluntarily, The natures indeed which are united voluntarily acquire the union with a view to forming not one nature but a voluntary union of the prosôpon.(38).
وحدة الطبيعتان هي طوعية، وفي الواقع هي وحدة طوعية لا بهدف تشكيل طبيعة واحدة، لكن اتحاد طوعي في الشخص.

He is human who was born of the Blessed Mary ,He who took his beginning and gradually advanced and was perfected, is not by nature God, although he is so called on account of the revelation which [was made] little by little. (196
هو إنسان ولد من مريم وأخذ بدايته منها، وتقدم تدريجياً بالكمال، ليس بطبيعة الله، على الرغم أنه سُمّي (إله) استناداً للوحي، وذلك تم شيئاً فشيئاً (تدريجياً).

I predicate two natures, that he indeed who is clothed is one and he wherewith he is clothed another, and these two prosôpa of him who is clothed and of him wherewith he is clothed. also confessest of two natures Neither of them is known without prosôpon and without hypostasis 
أنا أسند الطبيعتين لذاك الواحد الذي في الواقع هو ملبوس، ويلبسه آخر، وهذان الشخصان هما من ذاك الملبوس ولابسه، وأُقرُّ أن الطبيعتين لا تُعرف بدون شخص وأقنوم. (219).

the Son said: My God, my God, why hast thou forsaken me? He it is who endured death three days, and him I adore with the divinity. And after three days, on account of him who is clothed I adore the clothing, on account of him who is concealed, I adore him who is revealed, who is not distinguished from the visible. For this reason, I distinguish not the honour of him who is not distinguished; I distinguish the natures and I unite the adoration. It was not God by himself who was formed in the womb nor again was God created by himself apart from the Holy Spirit nor yet was God entombed by himself in the tomb; for, if it had been so, we should evidently be worshippers of a man and worshippers of the dead. (هيرقليدس237).
الابن قال: إلهي، إلهي لماذا تركني؟، فهو الذي عانى الموت ثلاثة أيام، وله أوجِّه العباده (بإلوهيته)، وبعد ثلاثة أيام بهيئته المكسوّة، فاعبد الغلاف (الكساء) هيئة المخفي الذي كشف من لم يكن متميِّزاً في الظاهر، لهذا السبب أنا أميِّز ولا أُكرِّم من هو غير مُميّز، فأميّز الطبيعة وأوِّحد العبادة.
 فلم يكن الله نفسه الذي تم تشكيله في رحم (العذراء)، ولا مدفوناً في القبر، وإذا كان الأمر كذلك، يعني أن عبادتنا هي لإنسان ميت. (وهنا قول نسطور واضح إن اللآهوت فارق ناسوت المسيح ثلاثة أيام في القبر، فعدا أن نسطور لا يعترف باتحاد حقيقي لللآهوت بالناسوت، قبل وبعد القيامة، ويعتبره اقتران، مصاحبة، التصاق..إلخ، ولهذا الاقتران يوِّحد العبادة، للملك وأداته أو للمكسو وكسوته، لكن في الثلاثة أيام يرفض حتى أن يكون اللآهوت مصاحباً أو مقترناً بالناسوت، ولا توجد أية قيمة لناسوت المسيح).

ومختصر عقيدة نسطور: إن الله لم يلد ويولد، وقد كفر من قال أن المسيح هو الله، ولآهوت المسيح، لم يتألم، وما صُلب ومات، فاليهود اعتقدوا أو شبِّه لهم أنه جسد تخلصوا منه، لكنه مات وقام (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبِّه لهم)، ومريم ليست أم الله (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله)، وقسم من هذه التعابير ترد حرفياً، وقسم بالمعنى، وسنتكلم عن الموضوع لاحقاً.
 
لذلك على البطريرك ساكو أن يثبت أن نسطور ليس هرطوقياً من كتابه هيرقليدس، ويُقدِّم الإثبات لكنيسة روما لهدفين، الأول، أخذ شهادة دكتوراه أخرى في هذا الموضوع إضافةً لشهادته الأخرى (استناداً لأفكار نسطور المتأخرة)، والثاني، لرفع الحرم عن نسطور بقرار سينودس، وفي حال عدم استطاعته ذلك، عليه الانسحاب من روما، وليس توجيه آرائه الشخصية لإيهام الناس البسطاء الذين لا يعرفون التفاصيل، ولِأُطمئن البطريرك ساكو لعله يستفاد أكثر إذا قدَّم البحث: إضافة لكتاب هيرقليدس نضيف ما قاله نسطور بعد حرمه، وهو أنه تندم وبكى وقال: لتكن مريم والدة الله، كما روى معاصره المؤرخ سقراط (ص374)، وهنا أيضاً نسأل البطريرك ساكو، لماذا لم تلتزم كنيسة المشرق بندامة نسطور وقوله: لتكن والدة الله، أليس هذا دليلاً على نسطوريتها؟.
وشكراً/ موفق نيسكو
يتبع ج3


14
ردَّاً على البطرك التيودوري- النسطوري ساكو/ كنيسة المشرق نسطورية هرطوقية ج1

من المعروف أن بطريرك الكلدان الحالي لويس ساكو هو بطريرك كنيسة كاثوليكية، وهذه الكنيسة انفصلت عن الكنيسة السريانية الشرقية النسطورية سنة 1553م واعتنقت الكثلكة وسميت كلدانية في 5 تموز 1830م.

وكانت الكنيسة السريانية الشرقية قد اعتنقت الهرطقة النسطورية وانفصلت عن كنيسة أنطاكية السريانية سنة 497م، وبسبب اعتناقها هذه الهرطقة عاشت في عزلة تامة وظلام وجهل دامس في كل عصورها (من القرن الثامن إلى الثالث عشر كان لها بعض النشاط).   

منذ أن اعتنق قسم من السريان النساطرة الكثلكة وتسَّموا كلداناً، تم شطب كل ما يتعلق بالنسطورية وعقيدتها من صلوات وطقوس وتعابير لاهوتية من كتب الكنيسة السابقة، كما تم حذف أسماء أساطين ورموز النسطرة وذكرهم وأعيادهم أو تبجيلهم مثل نسطور +451م وأستاذه تيودورس المصيصي وديودرس الطرسوسي وغيرهم، وهذا أمر مفروض رسمياً من كنيسة روما لكي تكون الكنيسة الكلدانية كاثوليكية نقية خالية من شوائب الهرطوقية النسطورية السابقة.

منذ أن نشأت الكنيسة الكلدانية سنة 1830م، والحق يُقال، إنها اتخذت مسلكاً مسيحياً حقيقاً، وقامت بنشاط روحي وديني وثقافي ولغوي كبير، وبرز منها كُتاب ومترجمين ولاهوتيين ساهموا في إغناء التراث على الصعيدين المسيحي الديني والسرياني القومي واللغوي والحضاري.

بعد تأسيس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية، قام الإنكليز بتسمية الشق الذي بقي نسطورياً، آشوريين، لأغراض سياسية، وبقي بعض الأكليريوس والعلمانيين من الكلدان متعاطفين مع إخوتهم السابقين (الأشوريين)، وظهر من الكلدان متعصبين كالمطران أدي شير الذي اخترع كلمة كلدو وأثور سنة 1912م لأغراض سياسية وطائفية، وبعده ظهر آخرون مثل المطران سليمان الصائغ، البطريرك بولس شيخو، البطريرك عمانؤيل دلي، والأب يوسف حبي، وغيرهم، وكانوا متعاطفين إلى حد ما (أقل من أدي شير) مع إخوتهم السابقين واسمهم الآشوري، وبعد سنة 2003م ونتيجة للتطورات السياسية في العراق ظهر مطارنة متعصبين للاسم الكلداني فقط مثل سرهد جمو وإبراهيم إبراهيم خوفاً من سيطرة الآشوريين، والمهم أن كل هؤلاء الآباء إضافة للعلمانيين سواءً كانوا متعاطفين مع الاسم الآشوري أو متعصبين للاسم الكلداني فقط، لكنهم كانوا مدافعين أشداء للعقيدة الكاثوليكية ضد العقيدة النسطورية الهرطوقية، بل كان احد أهداف تعاطفهم مع النساطرة الآشوريين، هو كسبهم للكثلكة.

 الغريب بالأمر أن البطريرك ساكو لم يكن من بين أولئك من هذه الناحية، بل كان مدافعاً قوياً عن الاسم السرياني وتراث كنيسته السرياني أسوةً بالبطريرك جرجيس عبديشوع خياط، والنائب البطريركي للكلدان في حلب بطرس عزيز، والأب بطرس نصري، وألبير أبونا وغيرهم، وقد ألَّف البطريرك ساكو كتاب آباؤنا السريان، ويقول إن لغتنا هي السريانية وليس الكلدانية، ويدرج خارطة وطن السريان في مقالاته، بل كان اقتراحه توحيد اسم الكلدان والآشوريون والسريان، بالسريان أو الآراميين،..الخ، (ملاحظة: بعد سنة 2015م بدأ البطريرك ساكو يتأثر بأفكار المتطرفين أمثال المطران سرهد جمو وإبراهيم إبراهيم وبعض العلمانيين المتعصبين للاسم الكلداني وبدأ يُغيِّر ويضيف " يزوِّر " اسم الآشوريون والكلدان لكتبه السابقة ويطبعها طبعة جديدة).
لكن البطريرك ساكو ينفرد بميزة غريبة عن كل أسلافه البطاركة وآبائه كنيسته من اكليريوس وحتى علمانيين، وهي: إنه لديه ميول نسطورية واضحة، وقد أشار لي أكثر من رجل دين من مختلف الطوائف إلى هذا الأمر، وعدا ذلك، فهو يؤكد في كتاباته هذا الأمر وذهب أبعد من النساطرة إذ أنكر بتولية العذراء (آباؤنا السريان، ص49)، وأجاز استعمال لقب "أم المسيح" أو "أم الله" في رتبة القداس الكلداني، ص25، ولوَّنها بالأحمر لأهميتها ترضيةً للنساطرة وأفكاره النسطورية (ليس خطأ استعمال أم المسيح ولكن بشرط أن يستعمل أم الله أيضاً، لكن النساطرة لا يستعملون أم الله، بل أم المسيح فقط)، وقد صرح كثيراً عن هذه الأفكار آخرها محاضرة في ألمانيا بتاريخ 22 أيلول 2017م، وعنوانها: كنيسة المشرق ليست نسطورية، ثم قام بنشرها في مجلة نجم المشرق عدد 22 / 2017م، ص313-321.


مناقشة مقال وآراء البطريرك ساكو، وسنركز على الأمور المهمة
قبل أن أدخل في الموضوع أود أن أبين حقيقة مهمة، هي: إن المدافعين عن نسطور وعقيدته، يحاولون الإيحاء وإيهام القارئ أن مشكلة نسطور هي عدم اعترافه بلقب مريم العذراء (والدة الله)، أو أن العقيدة النسطورية خلافها مع الثالوث، الأب والابن والروح القدس، أو الخلاف باستعمال كلمات كأقنوم أو جوهر أو طبيعة..إلخ، وهو ما ليس صحيحاً، فالعقيدة النسطورية ليس خلافها مع الثالوث، بل مع الأقنوم الثاني الابن، أي السيد المسيح، وتحديداً مع ناسوته أي جسده، فهي لا تعترف أن جسده المتحد بلاهوته هو جسد الكلمة الإله نفسه، بل هو: جسداً أو هيكلاً أو شخصاً إنسانياً محضاً، سكن، حلَّ، صاحَبَ، اقترن، اجتمع، التصق، مُسح..إلخ به اللآهوت، أي هو: اتحاد طوعي، بالاسم، سطحي، خارجي، بالرضى، بالوقار، بالكرامة، بالمشيئة، بالإرادة، وحدة الآلة مع من يستخدمها، أو الثوب مع من يلبسه، الرجل والمرأة..إلخ، وليس اتحاداً حقيقاً بجوهر وذات وماهية اللاهوت، ولذلك لقب والدة الله هي إحدى نتائج المشكلة وليست كلها، فبما أن جسد المسيح المولود من مريم هو أنساني بحت، فهي ليست والدة الله، كما أنوّه أن النساطرة وبهدف عدم استعمالهم لقب والدة الله، يحاولون تسويق فكرة أن الكنائس التقليدية الأخرى تستعمل لقب والدة الله فقط، وتُحرِّم استعمال لقب أم يسوع أو أم المسيح، وهو ليس صحيحاً، فجميع الكنائس التقليدية في العالم تستعمل اللقبين معاً، ولكن المفضل والأشرف كما يقول ابن العبري هو والدة الله، بينما العقيدة النسطورية تُحرِّم استعمال لقب والدة الله، وأنوه أيضاً، حين يتحدث النساطرة عن المساواة الكاملة والوحدة في كلمات مثل، أقنوم، جوهر، طبيعة، كيان، شخص، فالمقصود هو الابن الكلمة الإلهي الأزلي في الثالوث قبل التجسد، ولكن حين يستعملون بعد التجسد (بعد الميلاد) على الإله المتجسد (المسيح الابن) كلمات، كالمسيح الواحد، شخص واحد، ابن واحد، أو حتى أقنوم واحد أو إله واحد، رب واحد، أحياناً، فهم يميزون ويفصلون بالواقع تماماً بين الطبيعيتين، فيقدسون الإلهي الغير منظور، ويستخفون بالإنساني المنظور، والحقيقة وعملياً، هم لا يقسمون الأقنوم الثاني الابن إلى اثنين فحسب، بل ثلاثة، الكلمة الله (اللاهوت)، يسوع الإنسان (الناسوت أو الجسد)، والمسيح إله وإنسان (إله متجسد)، ومع ذلك غالباً يتحاشون ذكر عبارة (مساو للآب في الجوهر) في قانون الأيمان خوفاً من نسبها للمسيح كإله متجسد (وإلى اليوم لا توجد في قانون إيمانهم)،ويستعملون عبارة " بكر كل خليقة "، أيضاً في قانون الإيمان، والبطريرك ساكو نفسهُ يؤكد ذلك بقوله: في كنيسة المشرق، معنى أقنوم في المسيحية (بعد الميلاد) يختلف عما هو في الثالوث قبل الميلاد (آباؤنا السريان، ص214)، لذلك إذا جاء بعد التجسد أي تعبير أو كلمة في إيمان النساطرة مثل، المسيح، الابن، الأقنوم الثاني، هو الله أو إله، فالمقصود قسم واحد من المسيح، وهو القسم الإلهي (الكلمة) الغير منظور في الثالوث قبل التجسد فقط، أمَّا القسم الإنساني (يسوع) المنظور فلا علاقة له بالموضوع، والغالبية العظمى من النساطرة يهربون من التطرق لوضع اللاهوت أثناء صلب وموت المسيح، هل بقي ملازماً له، أم لا؟، وهل الذي عُلق على الصليب هو رب المجد أم إنساناً عادياً (1 كو 2: 8)، ويكتفون تمويهاً بالقول إن اللاهوت لم يخضع للألم والموت، (وهو ما لا يختلف عليه اثنان)، وكل تعابيرهم تدل على أن اللاهوت فارق الناسوت في عملية الصلب والموت كما قال نسطور: لا يمكنني أن اعبد الإله القائل إلهي إلهي لماذا تركتني؟، وإلهاً مات ودُفن، وأُميَّز بينهما، عدا عدم اعترافهم بالخطيئة الأصلية لآدم، فالله خلق آدم مائتاً منذ البداية قبل أن يُخطئ، وموته ليس بسبب خطيئته ضد الله، وأمور أخرى، كعدم أهمية وفاعلية جسد المسيح في القربان لأنه مائت، وغيرها، ولذلك أجلب انتباه القارئ إلى التركيز على عقيدة كنيسة المشرق النسطورية حين تستعمل تلك الكلمات والتعابير عن الابن المسيح المتجسد، بعد الميلاد وليس قبله، فعقيدة نسطور ببساطة تنسف عقيدتي المسيحية الرئيستين التجسد والفداء.

1: يقول البطريرك ساكو في مقاله "كنيسة المشرق ليست نسطورية": إن نسطور لم يولد في بلاد ما بين النهرين، ولم يكن بطريركاً لكنيسة المشرق.
الجواب: ومن قال إن نسطور ولد في بلاد ما بين النهرين، وأنه كان بطريركاً لكنيسة المشرق؟، وما دخل ذلك في اعتناق كنيسة المشرق لعقيدته؟، فهل باباوات روما ولاهوتيِّها الذين ثبَّتوا العقيدة الكاثوليكية التي ينتمي لها البطريرك ساكو، مولودون في بلاد ما بين النهرين، وأنهم كانوا بطاركة لكنيسة المشرق؟.

2: يقول: لم يكن شائعاً استخدام مصطلح النسطورية رسمياً من قبل كنيسة المشرق الى الجاثليق مار آبا الكبير (525-533م) الذي جلب من القسطنطينية طقس (أنافورة) نسطور المشابه لطقس تيودورس المصيصي +428م.
(ملاحظة قبل الإجابة: قورلولنا الرهاوي، نقل كتاب نسطور هيرقليدس من اليونانية إلى السريانية بناءً على طلب الجاثليق آبا أيضاً. (ساكو، آباؤنا السريان، ص258).
الجواب: أصلاً البطريرك ساكو بهذا الكلام يؤكد أن كنيسته سميت نسطورية، وليس العكس، وكأن الفرق بين آبا سنة 525 وزمن نسطور +451م هو ألاف السنين، فمن قال إن كنيسة المشرق سميت نسطورية منذ القرن الأول مثلاً؟، فكنيسة المشرق اعتنقت النسطورية تدريجيا منذ زمن نسطور وانفصلت عن كنيسة أنطاكية السريانية الأرثوذكسية سنة 497م، وللعلم فقط حتى لو كان الأمر يأخذ مئات السنين، فهو طبيعي، ألم تنفصل كنيسة البطريرك ساكو عن الكنيسة النسطورية سنة 1553م، ثم عاد كثير من البطاركة المكثلكين ورعيتهم إلى النسطرة، ثم إلى الكثلكة أكثر من مرة، ولم تثبت وتستقر الكنيسة الكلدانية إلى 5 تموز 1830م كما يقول البطرك ساكو نفسه (مختصر تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص41)، والبطريرك ساكو يؤكد ذلك أيضاً، فيقول: إن الانتماء المذهبي في فترة نسطور لم يكن ثابتاً، إذ ينقلب الشخص من مؤيد لأفكار لاهوتية ما، إلى معارض، بسبب التطورات السياسية واللاهوتية، مثلما قورا أسقف الرها (471-498م) الذي غيَّر مذهبه إلى الطبيعة الواحدة، أو مثل معاصرهُ بطريرك القسطنطينية آقاق الذي كان مدافعاً عن مجمع خلقيدونية، ثم بدل آرائه (إلى الطبيعة الواحدة)، (آباؤنا السريان، ص121)، ولا ننسى أن نسأل البطريرك ساكو، ماذا كان مذهب قورا قبل أن يبدِّله؟، ألا تعج كتب كنيسة المشرق بإخبار النسطرة منذ زمن نسطور؟، ألم يوجه ثيودورس القورشي المعاصر لنسطور رسالة إلى ماري أسقف فارس بخصوص النسطرة؟، ألا يتكلم نرساي معاصر نسطور عن نسطور؟، ألم يرد على نرساي معاصروه كالسروجي والمنبجي والأرشمي؟، ألم يرسل كثير من رجال الدين رسائل للسروجي والمنبجي يستفسرون عن العقيدة النسطورية ومنهم رجال دين كنيسة المشرق في أرزون في بلاد فارس ومدرسة الرها، وغيرهم؟، ألم يصدر الملك زينون مرسومه سنة 483م، ثم غَلقَ مدرسة الرها سنة 489م لأسباب نسطورية، ألم يكتب رابولا الرهاوي +435م  عشرات الرسائل ومثلها عظات ضد نسطور، وحَرقَ مصنفات النساطرة ومنها الدياطسرون؟ (سيرته في شهداء المشرق)، يقول المطران أدي شير الكلداني الأثوري: إن برصوم النصيبيني ومعنا وهيبا وغيرهم (زمن نسطور) نشروا النسطرة في بلاد فارس (تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص128-141)، أمَّا عن أستاذ نسطور تيودورس المصيصي الهرطوقي والمحروم أيضاً، فسيأتي الكلام عنه لاحقاً.
 
3: يقول: إن نسطور لم يكن هرطوقياً.
الجواب: إن نسطور هرطوقياً ومحروم بقرار مجمع إفسس المسكوني (عالمي) سنة 431م من كنائس، (روما، أنطاكية، إسكندرية، والقسطنطينية)، ومات محروماً، ولن يَرفع عنه الحرم قسم من الباحثين والفلاسفة والكتاب أو البطريرك ساكو أو غيره، إلاَّ بقرار مسكوني آخر، وليس كنيسة روما لوحدها، أي حتى لو رفعت روما الحرم عنه، وهو مستحيل، فذاك ليس ملزماً للبقية، ورأي البطريرك ساكو الشخصي بهذا الخصوص لا يختلف عن قرار لسينودس الكنيسة الكلدانية، لكن كاهناً معيناً أو علمانياً أو أكثر لا يقتنع به، وهنا نسأل البطريرك ساكو:
ا: لماذا اعترفت كنيسة المشرق في كل تاريخها بمجعمي نيقية 325م والقسطنطينية فقط 381م، ولم تعترف بمجمع إفسس 431م الذي حرَّم نسطور؟، وإلى حد اليوم لا تعترف كنيسة المشرق بمجمع إفسس، أليس هذا دليل قاطع على نسطوريتها؟،
ب- لماذا لا يستعمل البطريرك ساكو أنافورة نسطور أو المصيصي، أو يُسمي نسطور، القديس مار نسطور في مقالاته أو عظاته، والاستشهاد بأقواله، أو بمعلمه تيودورس ولو أحياناً، ولماذا تمنع روما الكاثوليكية ذكر أساطين النسطرة في أديباتها وطقوسها حتى للخاضعين لها من الكلدان؟.
ج: لماذا انشقت كنيستهُ عن الكنيسة النسطورية وانتمت لروما الكاثوليكية، هل لكي تخضع لسلطة روما فقط؟، أليس أول قرار اتخذه البابا أو جين الرابع في 7 أيلول 1445م على السريان النساطرة في قبرص الذين اعتنقوا الكثلكة يقول: إن النسطورية هرطقة، ولذلك سمَّاهم كلدان بدل نساطرة، وندرج الوثيقة الرسمية، مع ملاحظة: إن محاولة كثلكة النساطرة في قبرص فشلت، ثم انتمى مرة أخرى سريان نساطرة للكثلكة سنة 1553م، وكانت عريضتهم لطلب الانضمام لروما تقول: "نحن خدماك النساطرة الشرقيين، أصبحنا أولاد بلا أب..إلخ"، وروما لم تُسمهم  كلداناً حينها، بل سرى الاسم الكلداني رويداً رويداً وثبت اسمها رسمياً في 5 تموز 1830م كما يقول البطريرك ساكو نفسه في (مختصر تاريخ الكنيسة الكلدانية، ص5).

[/b]

د- وكل كنائس العالم التقليدية اعتبرت، وتعتبر نسطور والنسطرة هرطقة، وسأقتصر بعض على الآباء الكلدان فقط:
- خطاب البطريرك توما أودو الكلداني في مجمع الفاتيكان 1868-1870م: لنا أساقفة وكهنة ومؤمنون، رُدّوا حديثاً من الهرطقة النسطورية كما عاد أسلافي من الهرطقة إلى الوحدة. (يوسف حبي، من أعلامنا القدامى والمحدثين، ص605).

- أنا الفقير القس خدر الكلداني هربت من الهراطقة في شهر آب 1724م، وخرجتُ منفياً عندما طلب مني البطريرك النسطوري إيليا أن اعترف بعقيدة نسطور واشتم الكنيسة الرومانية، فرفضت قائلاً: حاشا لي ذلك ولو قطعتني شقفاً شقفاً وأحرقت جسمي في النار، فاغتاظ البطريرك وأراد تسليمي للحاكم، فهربت من الموصل إلى روما. (مجلة المشرق 1910م، ص586).

- القس أدي صليبا أبراهينا بالاشتراك مع بطرس نصري الكلدانيين: النسطورية بدعة وضلالة بثها برصوم النصيبيني سنة 481م ولكن الله لم يهمل كنيسته، فعادت عن الأضاليل النسطورية بالانضمام إلى الكنيسة الكاثوليكية جادة الحق. (مجلة المشرق 1900م، ص820).

- الأب جاك ريتوري الدومنيكي يعترض على البطريرك النسطوري شمعون روئيل +1903م، إنكم تذكرون بعض أشخاص حرمتهم الكنيسة الكاثوليكية (رسمياً!) مثل نسطور وتيودورس. (أرشيف البطريركية الكلدانية، 2، ص118).

- الخوري بطرس عزيز، نائب بطريرك الكلدان في حلب: الظاهر أن مؤلف كتاب (تقويم قديم للكنيسة النسطورية سنة 1700م)، كان قصده أن يُبقي أثراً للهرطقة النسطورية التي أوشكت أن تموت في عهده، فانزوت في جبال كردستان وسط الفساد والجهل والهمجية يكاد لا يكون لها من الدين المسيحي سوى الاسم والخيال، فقد حُكم على كل هرطقة أن تحمل في أحشائها جرثومة الفناء، لتنخرها كالسوس فلا تبرح أن تسقط على الحضيض عاجلاً أم آجلاً، هذا ما شاهدناه في الهرطقة الآريوسية والذي جرى للهرطقة النسطورية، وهو مصير كل هرطقة، وهذه الهرطقة دُفنت في التراب، لأن الكاثوليك الكلدان، تبرئوا من نسطور وجحدوا ضلاله ولجئوا إلى حضن الكنيسة الكاثوليكية الأم (ص3)، ويضيف في مكان آخر: مكثت الطائفة الكلدانية حتى الجيل الثالث عشر في البدعة النسطورية، والكلدان هم المعروفين بالسريان المشارقة، ويشتق اسمهم من النساطرة المهتدين للإيمان الكاثوليكي. (مجلة المشرق، 1902م، الكرسي الرسولي وطائفة الكلدان، ص116. أيضاً المشرق، عدد 1906م، لمعة في الأبرشيات الكلدانية وسلسلة أساقفتها، ص632).

- الأب بطرس نصري الكلداني: في الأسباب التي ساعدت البدعة النسطورية على الانتشار في المشرق. (ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان، 1905م، ص126، موقَّع بعلامة الصليب من البطريرك الكلداني عبديشوع خياط +1899م).

- المطران أدي شير الكلداني الأثوري: في هرطقتي نسطور وأوطيخا، وأول مجمع عُقد بعد هرطقة نسطور كان سنة 486م، ويُسمِّي كنيسته النسطورية. (تاريخ كلدو وأثور، ج2 ص128،140، 167، وغيرها).

- الكاردينال أوجين تيسران رئيس المجمع الشرقي الذي تخضع له الكنيسة الكلدانية، سنة 1930م وفي كتابه (الكنيسة النسطورية) وليس (خلاصة تاريخية للكنيسة الكلدانية) كما زوَّر اسمه المطران سليمان الصائغ الكلداني عندما ترجمه، يقول: إن النسطورية بدعة مخالفة للإيمان، وديودورس وتيودوس ونسطور من أشياع المبتدعين. (ص27-31).

- الأب ألبير أبونا الكلداني: لشدة تعلق الشرقيين باسم نسطور، فبعد اعتناقهم الكثلكثة رفض قسم من بطاركة (الكلدان) حذف أسماء المنبوذين كتيودورس ونسطور، لأن الاسم النسطوري أصبح عندهم اسماً قومياً، ويُسمِّي أبونا في كتابه، كيرلس الإسكندري بالقديس، بينما يُسمِّي نسطور اسم عادي. (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج1 ص60-61، ج3 ص155).
يتبع ج2
وشكراً/ موفق نيسكو

15
كلمة آشوري أو أثوري، هي من كلمة (ثور)، بمعنى: متوحش، همجي، هائج، طاغي

ذكرتُ مراراً وتكراراً بالوثائق والخرائط ومن أفواه بطاركة ومطارنة الكلدان والآشوريون الجدد الحاليين أنفسهم، أنهم لا علاقة لهم بسكان العراق القدماء، إنما هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وانتموا إلى الكنيسة السريانية، وانفصلوا عنها سنة 497م واعتنقوا النسطرة وسُمِّيوا نساطرة، وعاشوا كل تاريخهم كنيسةً ولغةً وشعباً بالاسم السرياني، وحديثاً قام الغرب بانتحال اسمين من حضارات العراق وتسمية أحدهم كلدان، والآخر آشوريين لإغراض إسرائيلية بهدف إقامة كيان عبري في العراق، واعتبار كنيستهم وريثة أورشليم، وأنهم ساميَّ العنصر، ويهو- مسيحيين..الخ.

قبل الدخول في موضوع اسم (أثور) أو آشور كما هو متداول، أحب إن أُبين للقارئ الكريم وخاصة للإخوة العرب بعض الملاحظات لتكون الصورة واضحة:
1: إن غالبية نصوص العهد القديم منذ زمن موسى بقيت شفهية، ولم تُكتب إلى القرن السادس قبل الميلاد، وعندما دونه اليهود، ذكروا أسماء البلاد والمدن التي كانت موجودة في عصرهم، فمثلاً ذكروا بلاد آشور منذ الخليقة، ومدينة بابل منذ الطوفان، وأور الكلدانيين، ومدينة دان زمن إبراهيم 1900ق.م. تقريباً، وغيرها، لكن هذه البلاد والمدن والتسميات لم تكن موجودة بهذا الاسم وقت الحدث، مثل ما يتحدث شخص اليوم عن الحضارة العراقية سنة 2000 ق.م.، لكن في ذلك الزمن لم يكن أسمه عراق. (ملاحظة: أور الكلدانيين ليس المقصود بها أور السومرية قرب الناصرية في العراق، بل هي مدينة الرها وحران قربها، وأور معناها، مدينة، والكلدان، معناها، سحرة، مشعوذين عرافين، منجمين، فتاحين فال، هراطقة...الخ.

2: إن كثيراً من مترجمي أو مفسري الكتاب المقدس سابقاً وحالياً عندما يقومون بعملهم، قصدهم خدمة دينية إيمانية، فهم لا يركزون على الترجمة مئة بالمئة أحياناً، ولا على استعمال حرف معين بدقة، إذا كان ذلك لن يغير من الأمور الايمانية الجوهرية، فهم، لم يفكروا أن هناك حوالي 750 ألف شخص سمَّاهم الغرب آشوريين وكلدان حديثاً لأغراض سياسية عبرية، مبعثرين في القارات، سيستغلون أموراً كهذه لخدمة أغراضهم السياسية، ومع ذلك أجمع الجميع على أن الآشوريون القدماء يمثلون الشر والطغيان والإجرام في العهد القديم.

3: إن الحروف السريانية الأصلية هي 22 حرف، وهي نفس حروف العرب الأصلية (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) وتسمَّى بالسريانية (قشيتو، أي قاسية) وحرف التاء فيها أصيل، أمَّا حرف الثاء فهو غير أصيل، ويُسمى (ركيخ، أي ليِّن)، يكتب تاء، لكنه يُلفظ ثاء، وسابقاً لم يكن السريان يضعوا علامة على الحرف اللين، بل يكتبونه قاسياً، ويلفظوه ليِّناً، لأنهم كانوا متمكنين من اللغة، مثل ما يقرأ شخص بالعربية اليوم بدون علامات، لكنه يرفع وينصب ويكسر لأنه متعود عليها، أو يستعمل نطق الكلمة من سياق الكلام بعدة معاني مثل (من قَبلْ، من قِبَل)، وفي العصر الحديث بدأ السريان يضعون نقطة تحت الحرف القاسي ليدل على أنه ليِّن، وكلمة أشور التي تدل على الآشوريين القدماء تكتب بالسريانية بحرف قاسي (أتور) لكنها تلفظ لينة (أثور)، والحقيقة لقد أبدع العرب لغوياً حيث جعلوا الحروف اللينة عند السريان أصلية عندهم، وأصبحت مستقلة، وسمَّوها، الروادف، أي أردفوها، وهي (ثخذ ضظغ)، وحرف الثاء منها.

4: إن كلمة آشور (بالشين ܐܫܘܪ) لا توجد في الكتاب المقدس أو الأدب السرياني الذي يستعمله الآشوريين الجدد مطلقاً، لا لتدل على الآشوريين القدماء، ولا على غيرهم، بل وردت كاسم علم لآشور بن سام وفي آيتين فقط، (تكوين 10: 22، و، ا أخ: 1: 17)، وبالحقيقة الثانية هي شبه إعادة للأولى، والعرب المسلمون أخذوا كلمة أثور من السريان وكتبوها في كل كتبهم (أثور)، وليم يأخذوها من اليونان ليكتبوها، آشور، أو أسيريا (صيغة آشور هي عبرية، وهي ليست موضوعنا في هذا المقال)، وجميع الكُتَّاب السريان على الإطلاق وإلى بداية القرن 21 الذين كتبوا بالعربي، التزموا بالكلمة العربية أثور أيضاً، وليس العبرية آشور، بعدها بدأ قسم من الآشوريون والكلدان الجدد بعد أن سمَّاهم الغرب متعمدين بكتابتها بصيغتها العبرية آشور، ولذلك سنستعمل كلمة أثور في مقالنا وليس آشور، باستثناء اسم العلم آشور بن سام، أو عندما ننقل ما كتبه الآخرون.

إن الأثوريون القدماء كانوا مشهورين بالهمجية والإجرام والقتل والدم، وكانوا ألد أعداء السريان الآراميين، ويشهد العهد القديم والتاريخ أيضاً بذلك، حيث قاموا بغزو ومحاربة الآراميين وملوكهم وقتلوا منهم مئات الآلاف، بل يشهد التاريخ كله على قساوة وطغيان الأشوريون القدماء، ويُضربون بالمثل، لذلك فإن الاسم الذي سمَّاه السريان (الآراميون) للآشوريين القدماء، هو أثوريين ܐܬܘܪ بالثاء، وليس آشوريين ܐܫܘܪ، بالشين.

إن كلمة أثوري هي صفة من كلمة (ثور، ܬܘܪ) بمعنى وحشي، متوحش، هائج، مهاجم، طاغي، الأعداء، واثب، قنَّاص..الخ، كما في قواميس (الكلدان والأثوريين الحاليين أنفسهم)، المطران أوجين منا 1900م، دليل الراغبين في لغة الآراميين، ص833، والمطران توما أُودو 1897م، ج2 ص617، والحسن بن بهلول+963م، ص322، (وربما كلمة تتر (المغول) مأخوذة من تور السريانية بمعنى، همج وطغاة، متوحشون)، وهكذا يأتي اسم الأثوريين القدماء في كل الأدب السرياني، المتوحشون، الأعداء، الغزاة، الخنازير..إلخ، كما سنرى.

الدليل على ذلك: إن السريان في الترجمة البسيطة السريانية وهي أقدم الترجمات الكاملة للعهدين في العالم وتعود للقرن الثاني الميلادي، وهي الترجمة المعتمدة لدى الأثوريين الجدد الحاليين أنفسهم، تظهر بجلاء أن كلمة الأثوريين التي استعملها السريان هي صفة من كلمة ثور، لتعني، المتوحشون، الهائجون الهمجيون، الطغاة..إلخ:
1: إن الترجمة السريانية البسيطة فرَّقت بين آشور بن سام كاسم علم للشخص الوارد ذكره في (تكوين 10: 22، و ا أخ: 1: 17)، الذي لا علاقة له بالأثوريين، وليس له نسل معروف في الكتاب المقدس، فالآشوريين القدماء أكديين سُمِّيوا آشوريين نسبة لإلههم آشور، فسمَّى السريان آشور بن سام، آشور بالشين كما هو، بينما سمَّوا الأثوريين القدماء، (أثوريين) بالثاء، أي متوحشين، همجيين..الخ (ملاحظة: في الترجمة البسيطة اسم آشوريم الوارد في سفر 1 أخ 1: 17، كتبوه بالشين أيضاً لانه اسم علم).

2: إن آية (تكوين 10: 11) في الترجمة العربية للكتاب المقدس التي تتحدث عن نمرود المعروف بطغيانه وجبروته، ليست دقيقة ومطابقة للنص العبري، فهي تتحدث عن خروج نمرود ليبني مدناً، وتقول: "من تلك الأرض خرج آشور وبنى نينوى" وهي ترجمة خطأ كما قلنا، بينما الترجمة السريانية البسيطة، تكتبها (ومن تلك الأرض خرج (الأثوري، ܐܬܘܪܝܐ) أي، المتوحش، الهائج، الهمجي، الطاغي، القنَّاص..إلخ.

3: سنة 1893م قام الآشوريون الحاليون الذين كان اسمهم سريان، وسمَّاهم الإنكليز آشوريون سنة 1876م لإغراض سياسية عبرية بتزوير كلمة الأثوري من هذه الآية فقط من كل الكتاب المقدس، لكي يزول المعنى، فترجموها بالشكل التالي: (ومن تلك الأرض خرج إلى آشور)، أي خرج نمرود إلى بلاد آشور الجغرافية، (ملاحظة: بعض الترجمات كالانكليزية وغيرها ومنها بعض الترجمات العربية للنص العبري تتُرجم الآية المذكورة (ومن تلك الأرض خرج إلى آشور)، ولكن الأثوريين الجدد، ولأن نمرود ليس من نسل سام، بل من نسل حام الملعون في الكتاب المقدس، فقد استغلوا ذلك للقول إن الآية لا تتحدث عن نمرود، (أي حسب مفهومهم، كيف سيبني نمرود الحامي مدن آشور وهم من يدَّعون أن الله خلقهم من البداية وهم ساميين؟، بل أن الله هو آشور بعينه لدى بعضهم)، ولكن الآية واضحة تتحدث عن نمرود، بل أن ارض آشور، هي ارض نمرود (باب آشور، سفر ميخا 5: 6)، واسم نمرود معناه، المتمرد أو الجبَّار، وهو رمز التمرد ضد الله حيث كان جبار صيد أمام الرب (تك 10: 9)، وتشير رسومات الحيوانات الكاسرة البابلية والأشورية إلى نمرود كصياد.
 
وأكثر من ذلك، فنمرود الكتاب المقدس هو جلجامش، وهو إله الحرب والصيد. (قاموس الكتاب المقدس، ص978. دائرة المعارف الكتابية، ج8 ص84-85. والمحيط الجامع، ص1323-1324)، وأغلب تماثيل الثور المجنح الآشورية مماثلة لتماثيل كلكامش القديمة وهو يصارع الجاموس والثيران (أحمد سوسة، تاريخ حضارة وادي الرافدين، ج2 ص34-49. وأنظر اقتران آلهة الآشوريون كأيا، والشجرة المقدسة والمطر وغيرها بالتماثيل والرسوم المقترنة مع كلكامش). واسم كلكامش ورد في الكتابات الآرامية البابلية بصيغة جيمومس، بلفظ الجيم كافاً فارسية، وفي اللغة الفارسية يعني الاسم (ثور، جاموس)، وورد اسم كلكامش مركب أيضاً، وصيغته الأولى، (كيش gish)، واسم صديقه أنيكدو (اور ur) أي (ﮔاسور  gish ur)، أي كلكامش وصديقه (طه باقر، ملحمة كلكامش، ص17-20. ومقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ص348،وأنظر شاكر كسرائي، قاموس فارسي- عربي، ص407، وقاموس فارسي- انكليزي لسنة 1806م ج2 ص543، وتأتي buffalo، بمعنى جاموس، أو مُسلَّح، علماً أن الفرس يستعملونها بالعامية ضد الشخص بمعنى سفيه، شقي، هائج، متوحش).

 وهكذا ورد أسم مملكة نوزي (ﮔاسور) في شمال العراق عندما كانت مستعمرة أكدية، وفي أوائل الألف الثاني قبل الميلاد، استُبدل اسمها إلى نوزي (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص471. وروفائيل ميناس، مجلة بين النهرين، عدد، 36، 1981م، ص326-329). وإلى اليوم أهم رافد أو مستنقع نهري ينبع قرب عاصمة الآشوريون القدماء خورسباد وعاصمتهم الأخيرة نينوى يُسمَّى، ﮔوصر- خوصر، وورد اسمه في الكتابات المسمارية، خوزرو (طارق مظلوم، مجلة سومر، 1976م عدد، 23 ص137)، وﮔاسر معناه الإله العظيم، وأول ملك في سلالة الوركاء الأولى التي كان كلكامش ملكها الخامس، هو مسكي ﮔاسر، ابن الإله شمس (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، ص306. وملحمة كلكامش ص17).

 وأغلب أسماء ملوك بلاد أثور القدماء موجودة في ملحمة كلكامش، ومكررة كثيراً، مثل: بوزور (ملاح السفينة )، ننورتا (إله الحرب والصيد وهو ابن الإله أنليل)، شمسي (إله الشمس)، أدد (إله الرعد والعواصف، وهذا هو إله أثوري يظهر في النقوش واقفاً على ثور أيضاً (الدكتور عاير عبدالله الجميلي، المعارف الجغرافية عند العراقيين القدماء، ص285)، أنليل (إله الريح، ويأتي اسمه بالإله الأثوري).  (للمزيد راجع جدول أسماء ملوك آشور، طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، 623-625. إضافة لأسماء ملوك آخرين مقاربة، مثل، لايا، ايلا (يلاَّ، أبو كلكامش) ملوك رقم25،53، علماً أن باقر يسميهم ملوك آشور، وليس الآشوريين، أي، آشور هو  اسم جغرافي، وأنليل الآشوري، وأنظر ملاحم تاريخية من الأدب الأكدي، ص126).

 لذلك ولكي يُبعد الأثوريون الجدد نمرود الحامي عن المنظر وكذلك معنى أثوري  بمعنى وحشي/ همجي، تعمَّدوا بكتابة اسم أثور بالشين (آشور)، وليس أثور بالثاء، علماً أن الاسم الجغرافي لبلاد آشور ورد بالثاء أيضاً (أثور) في الترجمة السريانية لتكوين 2: 14، (واسم النهر الثالث حداقل، وهو الجاري شرقي آشور)، ونرفق نسخة التزوير لسنة 1893م مع نسخة الأصل سنة 1827،. وتأكيداً على التزوير، نرفق نسخة أخرى غير مزورة طبعت عن الأصل سنة 1913م.

وترد كلمة أثوري في كل التاريخ والأدب المدني والكنسي المسيحي، بمعنى، متوحشون، هائجون أشرار، مجرمين، غزاة، طغاة،..الخ، وحتى هتلر سمَّى نفسه آشوري، ولن أطيل لأني عرضت ذلك في مقال: كلمة الآشوريين (الأثوريين) تعني أعداء الإنسانية في الأدب السرياني، وهتلر آشوري.

سنكتفي بعرض كلمة أثوري في الأدب السرياني ومنها من كنيسة المشرق للتي سمَّاهم الانكليز آشوريين: فكلمة الأثوريين تأتي بمعنى الأعداء في أهم قاموس سرياني في العالم لمؤلفه الحسن بن بهلول +963م(عمود 322)، وهو من كنيسة المشرق ذاتها (الآشوريين الحاليين)، وسمعان العمودي +507م أطلق اسم الأثوريين على الغزاة الفرس (وليم رايت، تاريخ يشوع العمودي، انكليزي 1882م ص5)، ويُسَّمي المؤرخ زكريا +537م الفرس بالأثوريين الأعداء حين هاجموا منطقته (تاريخ زكريا الفصيح ج2 ك7 ف6 ص35، سرياني1921م، وص164إنكليزي، لندن 1899م)، والبرادعي +578م شبَّه كسرى بن قباذ بسنحاريب (البطريرك يعقوب الثالث، يعقوب البرادعي ص68-69)، وطيطانوس +189م في خطابه إلى اليونانيين قال: ولدت في بلاد آشور حسب طريقة البرابرة، ويُعلِّق البطريرك الكلداني ساكو قائلاً: هل يقصد الآشوريين أو الكلدان (آباؤنا السريان ص56، والصحيح، أثوريين)، والمؤرخ السرياني يوحنا الإفسسي +587م يُسَّمي الفرس الذين غزوا داريا، الأثوريين (نسخة سريانية 1909م، ك3 ج6 ص38)، وفي الطبعة الإنكليزية 1860م يُعلِّق الناشر بيني سميث قائلاً: إن الإفسسي دعا الفرس بالأثوريين بالمعنى التوراتي كأعداء شعب الله (ص385)، ويصف الزوقنيني العباسيين سنة 773م قائلاً: قدم علينا الآشوريين. (سهيل قاشا، تاريخ الزوقنيني ص201)، وقال مطران أربيل النسطوري ماران عمة 820م حين تعرضت منطقته للغزو: إن الرب قادر على إبادتهم في ساعة كما أباد الآشوريين (توما المرجي، الرؤساء ص139)، ويشبِّه التاريخ السعردي سابور وفيروز الفارسيين بسنحاريب (ج1 ص12، .16)، ويقول البطريرك السرياني التلمحري +845م: لحقت بنا إهانة الآشوريين والبرابرة، ولم نجد من يكتب الضيق الذي تحملته الأرض في أيامنا من الآشوريين. (المطران صليبا شمعون، تاريخ ديونسيوس التلمحري ص11)، أمَّا البطريرك المؤرخ ميخائيل السرياني الكبير +1199م في تاريخه فيصف زنكي الذي احتل الرها وهتك أعراضها، (الخنزير الآشوري). (ج3 ص23).

ونتيجة لقسوة الأثوريين ووحشيتهم، أصبحت كلمة أثوري تأتي مرتبطة بالطغيان والجبروت وبالبطش والشر في الصلوات السريانية وأصبحت جزءً من الإيمان المسيحي لهم، مثل ما يؤمنون ان اليهود صلبوا المسيح، هكذا أن الأثوريين هم أعداء الله، ففي اليوم الذي صلب فيه اليهود المسيح وفي صلاة جمعة الآلام ظهراً، تُصلي الكنيسة السريانية وتتضرع إلى الملاك ميخائيل لإنقاذ المسيحيين قائلةً: انقدنا، فأين غيرتك، أين سيفك الذي ضرب وقتل ألوف الأثوريين (حسيات الصوم الكبير، جمعة الآلام).

في صلاة الاثنين في الاشحيم السرياني تأتي كلمة أثوري مرادفة للشرير (الشيطان)، فتقول: في المساء كان حزقيا يناديك أنقذنا من ظلم (طغيان، جبروت) الأثوري، وفي المساء نُناديك فنَجِنا يا ربي من الشرير، الذي يحاربنا (الاشحيم السرياني، ص15). (

ملاحظة: حزقيا هو ملك يهوذا الذي طلب من الله إن ينقذهم من ملك أثور سنحاريب وقائد جيشه ربشاقي الذي غزاه سنة 682 أو 681 قبل الميلاد، أنظر 2 ملوك 19: 17-19، 36-37: (يا رب إن ملوك آشور قد خربوا الأمم وأراضيهم، وألان أيها الرب إلهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها انك أنت الرب الإله وحدك، وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج و ضرب من جيش آشور مئة وخمسة وثمانين ألفا، ولما بكروا صباحاً إذا هم جميعا جثث ميتة، فانصرف سنحاريب ملك آشور وذهب راجعاً وأقام في نينوى). وانظر أيضاً، 2 أخبار ملوك: 32، وإشعيا: 37.
وشكراً/ موفق نيسكو
[/b]






16
البابا بيندكت 16، أفراهاط، سرياني، لغته وتقليده سريانيين، والكلدان والآشوريون من بني إسرائيل

ذكرتُ مراراً وتكراراً  بالوثائق والخرائط والجوال ومن أفواه بطاركة ومطارنة الكلدان والآشوريون الحاليين أنفسهم أنهم لا علاقة لهم بسكان العراق الآشوريين والكلدان القدماء، إنما هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم الآشوريين والكلدان القدماء، تبعتها هجرات أخرى لبني إسرائيل من يهود فلسطين إلى العراق للالتحاق بإخوانهم استمرت حتى خراب أورشليم على يد الرومان سنة 70م.

كانت اللغة السريانية (الآرامية) قد اكتسحت وأقصت كل لغات الشرق منذ القرن السابع قبل الميلاد ومنها العبرية، فحلت السريانية ( الآرامية) محل العبرية لليهود، وعندما جاءت المسيحية اعتنق معظم يهود العراق المسيحية على يد مبشري كنيسة أنطاكية السريانية، أي السورية (أنطاكية هي عاصمة سوريا عصر السيد المسيح) الذين كانت لغتهم السريانية أيضاً (أي السورية، لغة سوريا/ بلاد آرام دمشق سابقاً) فاستطاع المبشرون تبشيرهم بسهولة، وقد آمن هؤلاء اليهود من منطلق قومي بالسيد المسيح لأنه من بلادهم / الناصرة، ولم يؤمنوا من منطلق ديني مسيحي بحت، ولذلك حتى بعد اعتناقهم المسيحية بقيت النظرة العبرية القومية الإسرائيلية عندهم، وهم ينفردون بتسمية نصراني التي هي بالحقيقة كلمة أطلقت على معتنقي المسيحية من اليهود حصراً، وانضوى اليهود المتنصرين تحت كنيسة أنطاكية السريانية لغةً وشعباً وتقليداً وطقوساً، وكل شئ في تاريخهم هو سرياني، لكن النظرة العبرية الإسرائيلية بقيت عندهم قوية ومتأصلة كل الوقت، وكانوا يسعون دائماً للانفصال والاستقلال. اعتنقوا النسطرة وانفصلوا عن كنيسة أنطاكية السريانية عام 497م، وحديثاً قام الغرب بتسميتهم كلداناً وآشوريون لأغراض سياسية بهدف إقامة كيان عبري في العراق، حيث يعتبرون كنيستهم وريثة أورشليم، والتركيز في كتابتهم على العنصر السامي، وأنهم يهو- مسيحيين...إلخ.

ودائماً آباء كنيسة المشرق (الكلدان والآشوريون الحاليون الجدد) يذكرون باعتزاز أفراهاط كجسر بين اليهو- مسيحية، ومواعظه أغلبها موجهة لأبناء جنسه من اليهود حيث كان يحاججهم.

وفي منشوره بتاريخ 7 تشرين الثاني 2007م، قال بابا الفاتيكان بيندكت السادس عشر عن أفراهاط الحكيم (270-346م)، وهو أحد أهم آباء كنيسة المشرق: إن أفراهاط شخصية عظيمة ويُلقَّب بالحكيم، وهو من الشخصيات السريانية المسيحية من منطقة نينوى، الموصل، اليوم في العراق، وكان يتحدث السريانية،كان أفراهاط من الجماعة الكنسية التي تقع على الحدود بين اليهودية والمسيحية، وكانت الجماعة مرتبطة بقوة بالكنيسة الأم في القدس، وكان أساقفتها يُختارون تقليدياً من بين أسرة يعقوب شقيق الرب الواردة في إنجيل مرقس 6: 3، وكان الجماعة تربطهم علاقة الدم والإيمان بكنيسة القدس، ولغة أفراهاط هي السريانية، وهي لغة سامية مثل العبرية، وهي كالآرامية التي تكلم بها السيد المسيح نفسه، وكانت جماعة الكنسية والمجتمع تسعى لتبقى وفيةً للتقاليد اليهو- مسيحية، حيث كانوا يعتبرون كنيستهم ابنة لها (للقدس)، لذلك حافظوا على علاقة وثيقة مع العالم اليهودي، ويبرز ذلك بشكل ملحوظ عن طريق أفراهاط الذي يُعرِّف نفسه: التلميذ المسيحي للعهدين القديم والجديد، وهما مصدره للإلهام ويعكسان صورته التي قدَّمها بتقليد سرياني وكان (وشهرة أفراهاط هي الفارسي، ويقول البطريرك الكلداني لويس ساكو: إن أفراهاط كان يهودياً، والمؤرخون السريان لقبوهُ بالحكيم، ورتب مواعظه ال 22 على عدد الأبجدية (السريانية)، وفي نهاية حياته كتب موعظة أخرى (آباؤنا السريان، ص87-88).


علماً أن البطرك ساكو قد استشهد بأفراهاط ليثبت في مقاله أن الكلدان والآشوريون الحاليين هم من بني إسرائيل.
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Mowafak_Nisko/36.htm
http://www.aramaic-dem.org/Arabic/Tarikh_Skafe/Mowafak_Nisko/35.htm
وشكراً
موفق نيسكو


17
هدية الميلاد لروح المطران توما أودو والأمة السريانية، ترجمة مقدمة قاموسه بالعربية لأول مرة

ننقل لكم بعزٍ وتواضع هذه المقدمة إلى اللغة العربية لأول مرة، ونزفها هدية الميلاد لروح العلاَّمة المثلث الرحمة الشهيد المطران توما أودو ولكل أبنائهِ من الأمة السريانية التي يحلو له أن يُسمِّيها بهذا الاسم ويفتخر به، آملاً أن تكون غذاءً إيمانياً، روحياً، تاريخياً، ومرجعاً لكل الباحثين والمهتمين والمحبين لأمتهم السريانية ولغتها المباركة الجميلة والتاريخ والحقيقة، ففي هذه المقدمة حلَّقَ الشهيد توما أودو عالياً كالصقر بين النجوم، بقامةٍ سريانيةٍ شامخة، بأسقفية مسيحية إيمانية خالصة، مؤمناً بمعلمه السيد المسيح الذي اتمنهُ على إيمانه وتراثه ولغته التي تكلم بها هو وأمه ورسله الأطهار، وعلَّمهُ أن يقول الحق، هذا الإنسان اللغوي والمؤرخ الأمين الصادق الذي سَجَّل لنفسه أسماً بين عظماء الأمة السريانية، وسفراً خالداً بين الخالدين، وذكراً طيباً بين الطيبين، وعملاً رائداً يشهد له على مر السنين، فأينما وُجد السريان نوَّروا الأقوامْ، وأينما غُيِّبوا حلَّ الظلامْ، وأبداً لن تخاف أُمة السريان، طالما أنجبت هكذا إنسان. 

 خلال حديثي مع الأديب والباحث السرياني والأستاذ في اللغتين السريانية والعربية جوزيف اسمر ملكي عن أهمية هذه المقدمة واستشهادي بعدة مقاطع منها بها في كتابي ومقالاتي، أُعجب فيها الأستاذ جوزيف ورغب مشكوراً ترجمتها كاملةً لأول مرة بالعربية، وهذه المقدمة مكتوبة بالحرف السرياني الشرقي، ولأهيمتها وإعجاب الكثير بها طلبَ من الأستاذ جوزيف مثقفون سريان كتابتها بالحرف السرياني الغربي السرطو، وهو ما قام به أيضاً.

يعتبر العلامة الشهيد توما أودو (1855-1918م) الذي أصبح مطران الكنيسة الكلدانية في أورميا / إيران سنة 1892م من أهم أعلام الأمة السريانية ولغتها المجيدة المباركة، في القرن التاسع عشر والقرن العشرين، وله مؤلفات وترجمات كثيرة، فقد نقل من اللآتينية إلى السريانية كتاب التعليم المسيحي حسب روح المجمع التريدنتيني، وكتاب التعليم للحائزين على الدرجات الكنسية، ونقَّح كتاب مرشد الكهنة للأب دميانس الراهب الذي ترجمه من العربية إلى السريانية، وترجم من العربية إلى السريانية كتاب كليلة ودمنة، وله كتاب نحو اللغة السوادية، ونظَّم طقساً لعيد قلب يسوع، وغيرها.

إلاَّ أن أهم ما تميز به هو قاموسه الشهير (ܣܝܡܬܐ ܕܠܫܢܐ ܣܘܪܝܝܐ ، كنز اللغة السريانية)، الذي صدر سنة 1897م، وهو قاموس سرياني - سرياني، ويعتبر أضخم قاموس سرياني - سرياني في التاريخ بهذه الشمولية، وفي هذا المعجم قام المطران العلامة أودو بكتابة مقدمة مهمة جداً، تعتبر تاريخاً كاملاً لا يكن الاستغناء عنه لكل ذي بصيرة، فهو بحق كنز صدر من مخزن كنوز.

والأستاذ جوزيف أسمر هو أستاذ اللغة السريانية في جامعة أرتقلو في ماردين / تركيا ومدرس اللغة العربية في القامشلي، وحاصل على بكاليورس في اللغة العربية، وله مؤلفات سريانية عديدة، تاريخية وتراثية ولغوية، وعمل في العديد الهيئات السريانية في سوريا ولبنان وتركيا، وخبيراً للغة السريانية في وزارة السياحة السورية، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات التي تهتم بالسريانية وتراثها، وغيرها.

 ونود إعلام القرَّاء المحترمين:
1: تمت الترجمة من مقدمة القاموس وهي 10 صفحات ونيف من النوع الكبير، من طبعة هولندا 1985م المحذوف منها الهامش الوحيد في المقدمة ص 9 الموجود في الطبعات الأخرى، لأن هذا الهامش مُضاف من قبل المحقق أو المدقق سنة 1897م وليس كلام المطران توما أودو.
2: سيتم طبع المقدمة مستقبلاً ككتاب مستقل باسمي واسم الأستاذ جوزيف، وسيتم طبعه باللغتين العربية والسريانية بخطيها الشرقي والغربي، وسأقوم بتحقيق المقدمة تاريخياً، وإضافة فصول متعلقة بمواضيعها.
3: في حال وجود ملاحظات لدى الأخوة المهتمين أرجو كتابتها، وسنكون شاكرين، وسندرسها ونأخذ بها إن استحق ذلك.
وشكراً
موفق نيسكو














18
على الكلدان والآشوريين الجدد تقديس العرب والعروبة
ذكرتُ مراراً وتكراراً  بالوثائق والخرائط ومن أفواه بطاركة ومطارنة الكلدان والآشوريون الجدد الحاليين أنفسهم، أنهم لا علاقة لهم بسكان العراق القدماء، إنما هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيون القدماء، وانتموا إلى الكنيسة السريانية، وانفصلوا عنها سنة 497م واعتنقوا النسطرة وسُميوا نساطرة، وعاشوا كل تاريخهم كنيسة ولغة وشعباً بالاسم السرياني، وحديثاً قام الغرب بانتحال اسمين من حضارات العراق وتسمية أحدهم كلداناً والآخر آشوريين لإغراض إسرائيلية بهدف إقامة كيان عبري في العراق، واعتبار كنيستهم وريثة أورشليم، وأنهم ساميَّ العنصر ، ويهو- مسيحيين..الخ.

منذ أن تسموا بهذين الاسمين المنتحلين بدء بعضهم يتهجم ويحتقر كل ما هو عربي، ويبدو أن اسم العرب والعروبة أصبح لديهم تجارة،  فكلما قام كاتب بكتابة أنهم سريان، اتهموه أنه عربي، وكأن العروبة جريمة، والحقيقة أن الكلدان والآشوريون الجدد هم آخر من يحق لهم يتكلم ضد العرب كما سنرى.

إن  العروبة بحد ذاتها ليست عيباً، بل فخراً، والعرب لم يأتوا من القمر، فهم من أدم وحواء ونسل إبراهيم نفس جدهم، والعرب هم أبناء عمومة السريان الآراميين وينحدرون من أرومة سامية شقيقة واحدة، هذا تاريخ ثابت، بل أثبت التاريخ أن كل الأقوام السامية انحدرت إلى العراق هي من الجزيرة العربية والصحراء السورية بمن فيهم الأكديون والآراميون، (الأكديون والآراميون والعرب شعوب سامية، لغاتها مختلفة)، وحتى مصطلح اللغات السامية لم يعد مقبولاً، بل الاسم العلمي الصحيح هو اللغات الجزرية، (نسبة للجزيرة العربية- السورية)، ويقول الأب يوسف حبي الكلداني متحسراً: قد بات مسلماً به اليوم لدى جل علماء اللغة والشعوب أن الموطن الأصلي للساميين هو جزيرة العرب، واقترحوا عدة أماكن كنجد واليمن". (مجلة المجمع العلمي العراقي مج 7 ،1983م ص6)، والسريان الآراميون هم أعداء الآشوريون القدماء في الكتاب المقدس والتاريخ، ومن ينكر ذلك، كمن يُنكر أن اليهود صلبوا المسيح.

الكتاب المقدس، العهد الجديد والعرب
إن كلمة عرب والعربية موجودة في العهد الجديد، والعرب كانوا ممن آمن بالمسيح (كريتيون و عرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله، أعمال الرسل 2: 11) وللعلم يتم شطب كلمة عرب من آية أعمال الرسل (تزوير) من بعض رجال دين المتكلدنين والمتأشورين، علماً أنه لا وجود لقوم اسمهم كلداني أو آشوري في التاريخ المسيحي مطلقاً، وورد اسم العرب في غلاطية 1: 17، و 4: 25، والعرب نجباء وأصحاب شهامة ومروءة وإيواء الدخيل، وهم من آوا الرسول بولس في الصحراء حوالي ثلاث سنين، أي لولا العرب ربما لقتل وكان العهد الجديد بدونه، وأوربا ليست مسيحية.

أول معركة للعرب في التاريخ كانت دفاعاً عن شرف الفتيات النسطوريات بنات كنيسة (الآشوريين والكلدان الجدد الحاليين)
لم يسجل التاريخ أن العرب غزوا أحداً خارج منطقتهم قبل الإسلام، فهم كانوا يتقاتلون في الصحراء بينهم، والمرة الأولى التي حارب فيها العرب دولة أخرى هي معركة ذي قار ضد الفرس، وهذه المعركة كانت دفاعاً عن شرف الفتيات النسطوريات بنات كنيسة (الآشوريين والكلدان الجدد الحاليين)، وقد اشترك العرب المسيحيون المنضوين تحت الكنيسة السريانية إلى جانب العرب، قائلين: نقاتل العجم مع العرب والذي قام بقتل مهران المزربان الفارسي هو فتى مسيحي من بني تغلب وانشد قائلاً: أنا الفتى التغلبي أنا قتلت المرزبان (تاريخ الطبري ج2 ص649)، وهذه المعركة يجب أن يعمل لها الكلدان والآشوريين الجدد للعرب تذكاراً مقدساً في كنيستهم لأنها كانت دفاعاً عن شرف بناتهم الفتيات المسيحيات النسطوريات اللآئي وضعهن النعمان بن المنذر أمانة عند أبى هاني بن مسعود الشيباني وأبى تسليمهم لكسرى لأنه عربي شريف ونبيل وصاحب وشهامة، وليس مثل الآشوريون والكلدان القدماء سابي الشعوب ومغتصبي الأعراض وسالخي جلود الناس وهم أحياء وقاطعي الألسن..إلخ، ويقول الأديب السرياني جوزيف أسمر إن كلمة ذي قار كلمة سريانية تعني الوقار والاحترام أطلقها السريان لأنهم استردوا وقارهم وشرفهم وكرامتهم في عدم تسليم الفتيات المسيحيات اللائي كنَّ أمانة عند العرب (جوزيف أسمر ملكي، هل تعلم في القضايا السريانية؟، لا زال مخطوطاً).

وحتى بعد الإسلام وبرغم ما قام به العرب المسلمون غزوات ومظالم هنا وهناك، لكن يبقون أفضل من الكلدان والآشوريون القدماء بكثير، على الأقل كان للناس خياران الجزية أو الهرب، أمَّا الكلدان والآشوريين، فسبوا شعوباً بأكملها وأذلوها دون ترك أي خيار لهم، ومن يقرأ تاريخهم تقشعر له الأبدان، وأغلب المتأشورين الجدد نزحوا في الحرب الأولى من تركيا وإيران إلى مناطق العرب في العرق وسوريا فحماهم العرب، والآن لا يكلَّون عن احتقار العرب، وبدأ بعض الكلدان نفس الاسطوانة، فلا وجود لعرب وكرد وأتراك وسريان آراميين. إلخ، فقط الله خلق الآشوريون والكلدان، وهذه نظرة شوفينية ضيقة لا يعترف بها أحد، علماً أن كل الأمم موجودة في كتبهم (السريان الآراميين، العرب، الفرس الأكراد، الترك، الأرمن، الرومان، اليونان، الأقباط..إلخ) باستثناء الآشوريين والكلدان، ومن يُنكر فليأتي بوثيقة واحدة من الكنيسة بلغتها أو حتى بالعربي قبل التسميات الحديثة، تقول ذلك، فكلمة آشوري تعني عدو وهمجي بربري في التراث السرياني ويكفي أن هتلر شبه نفسه بالآشوريين، والكلدان تعني مشعوذ، ساحر، هرطوقي.

وغالباً يستعمل المتكلدنون والمتأشورون عبارة نحن سكان البلاد الأصليون، وهي عبارة خاطئة، والصحيح على الأقل سكان أصليون شانهم شأن الآخرين، فهم يعتقدون لأن المسيحية قبل الإسلام، لذلك كل من أتى بعدهم هو ساكن غير أصلي، وإذا اعتنق مسيحي الإسلام، يصبح أوتوماتيكيا غير أصلي، وإذا اعتنق مسلم عربي المسيحية وانتمى للكنيسة الكلدانية أو الآشورية، يصبح أوتوماتيكيا كلداني أو آشوري والساكن الأصلي، وإذا قلت لهم تقولون إن كنيستكم جامعة أي تقبل كل الأمم، وتعتزون أنها انتشرت في الجزيرة العربية وعقدت مجمع في قطر سنة 676م، ولكم أبرشيات عربية عديدة في التاريخ عدا دولة المناذرة (راجع مجامع كنيسة المشرق للأب الكلداني يوسف حبي)، وكثير من آبائكم كالجاثليق ايشوعيب الأول وغيره ولدوا في منطقة باعربيا، أي بيت العرب، وليس باشوريا أو باكلديا، ومن يقرأ بعض خرافتكم كتقويم قديم للكنيسة النسطورية لمؤلف مجهول، يُخال له أن الوطن العربي كان كله تابعاً لكم، حيث يجعل أكثر من نصف الوطن العربي تابعاً لكنيستكم، فعدا الشرق الأوسط، الحجاز، عكاظ، يثرب، مصر، اليمن، وغيرها، فهل كان القطريون آشوريين وكلدان، أم عرب، وأين ذهب أولئك العرب، ألا يوجد بينكم من أصول عربية؟، أجابوك على الفور، نعم كان عرب بيننا سابقاً، ولكن جميعهم انقرضوا وأصبحوا مسلمين، ولكن عندما تقول لهم إنه لا وجود لآشوريين في التاريخ بعد زوال ملكهم القديم ولا توجد وثيقة واحدة تُثبت ذلك، أجابوك على الفور: إذن أين ذهب الكلدان والآشوريون القدماء، هل انقرضوا؟، وإن قلت لهم هناك مسيحيين يعتزون بعروبتهم أكثر من بعض العرب المسلمين، أجابوك: هؤلاء أغبياء لا يعلمون التاريخ، أو أنهم قومجية عرب وعملاء للحزب العربي الفلاني.

العرب المسيحيون قبل الإسلام
1: العرب أقاموا دولتين مسيحيتين المناذرة والغساسنة، وتفتخر كنيسة المشرق بالمناذرة ، وعدد الكنائس التي أقامها العرب في الفرات الأوسط وما جاورها خلال 300 سنة فقط أكثر مما شيده المتكلدنيين والمتأشورين معاً في كل العراق خلال 2000سنة، وكلما اكتًشفت آثار كنيسة في الحيرة وضواحيها هللوا لها، لأنها تخص كنيستهم، دون أن يعلموا أن هؤلاء كانوا عرب.

2: راية العرب المسيحيين كان الصليب وصورة سرجيوس (جرجيس) وليس تماثيل وأصنام مجرمين وقتلة ومشعوذين وسحرة، وعندما كان العرب يقسمون قسماً غليظا، كانوا يقسمونه على ضريح سرجيوس في الرصافة، ويتغنى الأخطل قائلاً:
لما رأونا والصليب لامعاً        ومار سرجيس وسماً ناقعاً
وابصروا رايتنا لوامعاً            خلو لنا رذان والزرعا

فيرد عليه جرير +733م
أبلصليب ومار سرجس تتقي    شهباء ذا مناكب جمهورا
يستنصرون بمار سرجس وابنه     بعد الصليب وما لهم من ناصر

3: لا يوجد في كل التاريخ لقب وأحد لبطرك أو مطران أو قديس..إلخ، في هذه الكنيسة باسم آشوري وكلداني، بينما نجد أسماء عديدة لأعلام في كنيستهم لقبهم العربي، برحذبشابا العربي، مسكين العربي تلميذ حنانيا، ايشوعياب العربي أسقف بلد، القديس يعقوب العربي زمن بولس مطران الأنبار، أبو قريش عيسى الصيدلاني المُلقَّب أبو العرب، الشهيد أنطونا القريشي (أقارب الخليفة هارون الرشيد)، يوحنا العربي، وهناك مخطوط مؤرخ سنة 1649م أهداه أحد المسيحيين من البصرة لكنيسة يوحنا العربي وقرياقس في بغداد يقول: " إنه أهداه لكنيسة مار يوحنا العربي ومار قرياقس في بغداد للكلدان "، ويُعلّق الأب بطرس حداد الكلداني على ذلك قائلاً: وأضن أن كلمة (كلدان) ليست في الأصل وإنما أدخلها المحقق (كنائس بغداد ودياراتها، ص145 هامش 106).

4: أكثر كنيسة وشعب لهم أسماء عربية هم من الكنيسة الشرقية: الحسن بن بهلول، أيشو بن علي، (مؤلفي أهم قاموسين سريانيين في التاريخ، ق 10) أبو الحسين البصري، (عشرات الأسماء باسم علي وحسن وحسين)، عمرو بن متى (مؤلف تاريخهم)، أبو عثمان الدمشقي، أبو نوح الأنباري، محي الدين العجمي الأصفهاني، يوحنا الطبري، وغيرهم.

5: أمَّا على الصعيد المدني فيرتبط اسم العرب والآراميين بالبتراء إحدى عجائب الدنيا السبعة، وهي شاخصة وليست أنقاض، ولا كالجنائن المعلقة التي لا ينفي أحد أنها كانت بناءً فخماً معيناً عُدَّ من عجائب الدنيا حينها، لكنها ليست معروفة التفاصيل، ويقول طه باقر: لا نعرف شيا أكيداً عنها ويُسميهما (ما يُسمَّى بالجنائن المعلقة، مقدمة في حضارة العراق ص567)، والسبب أنها ليست قائمة كالأهرام والبتراء، ولم يكتب عنها شاهد عيان، بل سماعي فقط، بينما فاز ت البتراء القائمة وبتصويت الشعوب بإحدى عجائب الدنيا السبعة، ولم يبع العرب النبلاء حتى أنقاضهم لمتاحف العالم لتصبح فرجة مقابل ثمن، كالخائن هرمز رسام الكلداني-الآشوري الذي باع حضارة العراق للغرب، وبغض النظر إن كان فيليب العربي، عربي النسب أم لا، فعلى الأقل العرب لديهم إمبراطور باسمهم، ولكن هل يستطيع كلداني وآشوري أن يذكر شيا عنهم ودودهم بعد سنة 612 ق.م. و 539 ق.م..

هل تستطيع كنيسة المشرق إنكار عروبتها؟
1: حوالي  75 بالمئة من كُتَّاب كنيسة المشرق كتبوا بالعربي (فقط)، لأن أصل كثير منهم عرب أقحاح، و5 بالمئة كتبوا بالفارسي ( البهلوي) و20 بالمئة بالسرياني، وأغلب الكتاب المشهورين كتبوا بالعربي، الجاثليق (البطريرك) يوحنا الأعرج +905م، الجاثليق مكيخا النسطوري + 1109م، الجاثليق إيليا ابن الحديثي +1190م،لجاثليق إيليا الثاني +1131م، إيليا الجوهري مطران دمشق، المطران يوسف النسطوري ق 12، القس صليبا بن يوحنا، القس الفيلسوف ابن الطيب، الراهب النسطوري حنون بن يوحنا بن أبي الصلت وأبيه أيضاً، الشماس أبو الخير، كتاب المجدل لثلاث كتاب، ماري، عمرو، صليبا، أيشوعياب بن ملكون، كاتب التاريخ السعردي، حنين بن أسحق وعائلته، جبرائيل بن عبدالله، الحسن بن بهلول، هبة الله بن التلميذ، يوحنا الطبري، عمار البصري، يوحنا بن ماسويه، سابور بن سهل، أبي سهل المسيحي الجرجاني، سبريشوع الموصلي، عيسى بن يحيى، حبيش بن الأعسم، أمين الدولة بن حسن هبة الله، أبي الحسن بن بطلان، وغيرهم، عدا المجهولين ككاتب شرح أمانة الآباء  318 وآبا الراهب، وعدا الذين كتبوا بالسرياني والعربي كعبديشوع الصوباوي وإيليا مطران نصيبين، وهذه الأسماء هي من كتاب واحد فقط هو: (الأصول العربية للدراسات السريانية) لكوركيس عواد، ومن ص159 إلى 566 فقط، (وراجع البقية في الكتاب، وراجع كتب أخرى أيضاً، مثل، تاريخ التراث العربي المسيحي لسهيل قاشا، والإعلام الفارسية والعربية عند السريان، للبطريرك العلامة أفرام برصوم، وأحوال النصارى في خلافة بني عباس لفييه، وغيرهم.

2: البطرك الكلداني الحالي لويس ساكو في 22/7/ 2015م، وبعنوان "العقبات أمام وحدة كنيسة المشرق"، يُعيَّر كنيسة الآشوريين التي ترفض رهبنة النساء قائلاً: وجود الراهبات في الكنيسة الكلدانية ليس عقبة، بل غنى، فالراهبات موجودات في كنيستنا قبل مجيء العرب المسلمين كهند الكبرى والصغرى وشيرين، ولا نعلم هل كانت هند كلدانية أو آشورية، أم عربية؟، ويضيف البطريرك ساكو: بالأمس قدَّم المسيحيون فكرة القومية العربية كهوية جامعة لكل مكونات المنطقة، أنا أقبل كعراقي أن أكون جزءً من الثقافة العربية والإسلامية، ولكني لا أقبل أن تفرض على الشريعة الإسلامية (البطريرك ساكو، كلماته رسائله، مقالاته تصريحاته الصحفية، نجم المشرق للنشر والتوزيع 2005م، ص130).


3: أهم كتب تاريخ كنيسة المشرق، كتبت بالعربية وهي المجدل والسعردي، ولم، ولا، ولن، يستطيع أي رجل دين أو شخص عادي، كلداني أو آشوري أن يكتب تاريخاً لكنيسته بدون هذين الكتابين، ولذلك لولا العرب ولغتهم لما كان لكنيستهم تاريخ أصلاً، وإلى العصر الحديث أشهر كُتَّابهم كتبوا كتبهم الرئيسة بالعربية، عزيز بطرس، بطرس نصري، أدي شير، يوسف حبي، سليمان الصائغ، عمانؤئيل دلي، لويس ساكو، ألبير أبونا، وغيرهم، والسبب: إنهم لا يجيدون الكتابة بالسريانية، بل يجيدون القراءة والترجمة فقط، وحتى التكلم بالسريانية في مواضيع متخصصة، كالفلك، فيزياء، كيمياء، زراعة..الخ لا يجيدونه باستثناء اللغة الطقسية والمنزلية، فكتابة كتاب أو موضوع يتطلب ربط أفكار ومصطلحات ومقارنة..الخ، ولذلك يجمع المؤرخون على الإطلاق أن السريان المشارقة عموماً  تميزوا بكتابة قواميس سريانية فقط (لأنها سهلة) أما السريان الغربيين فكتبوا في كل المواضيع وحوالي 90 بالمئة منها بالسريانية، أفرام السرياني، ميخائيل السرياني، ابن العبري، يعقوب الرهاوي، الرهاوي المجهول، السروجي، ابن الصليبي، التلمحري، زكريا الفصيح، وغيرهم.

4: يقول كريستوف باومر في كتابه، كنيسة المشرق، الموَّقع من البطرك النسطوري المتأشور دنخا ص176: منذ زمن الجاثليق صليبا زكا +728م، حلَّت العربية محل السريانية كلغة عامة للنساطرة في ما بين النهرين وفي أيام البطريرك إيليا +1048م، أصبحت العربية اللغة الرسمية للمسيحيين رغم أن السريانية بقيت لغة طقسية.

5: يوحنا سولاقا أول بطريرك للكنيسة التي سميت كلدانية في 5 تموز 1830م خلال وجوده في روما لاعتناق الكثلكة كان يتكلم اللغة العربية في مباحثاته ويقوم مترجم بنقل كلامه من العربية إلى الإيطالية واللاتينية. (ألبير أبونا، تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج 3 ص136).
وشكراً/ موفق نيسكو
[/b]

19
أجرى مطران السويد النسطوري المتأشور عبديشوع اورهام هذه المقابلة
وللرد عليه أقول:
1: رغم إني شرحتً مفصلاً الهرطقة النسطورية في مقالي

لكن يبدو ما هو جديد في مقابلتك من أفكار نسطورية وتاريخية خاطئة وهي كثيرة وسأعلق على أهمها.

2: قبل أي شيء أتمنى ولو مرة واحدة في حياتكم أن تحترموا تاريخكم وقلمكم وما وقعتم عليه سنة 1994م، وهو: تصلي كنيسة المشرق إلى العذراء على أنها أم "المسيح إلهنا ومخلصنا"، والكاثوليك على أنها "أم الله، وأيضاً أم المسيح"، ونعترف كلانا (بشرعية وصحة) هذه التعابير ونحترم كلانا تفضيل كل كنيسة في ليتورجيتها.
انتم تحاولون تسويق فكرة أن الكاثوليك والأرثوذكس يمنعون استعمال لقب أم المسيح ويستعملون فقط لقب أم الله.
 لا يا سيد المطران، الكاثوليك والأرثوذكس يستعملون اللقبين معاً وكما موقع في البيان، مثل ما يستعملون ألقاب كثيرة عن المسيح الرب، الإله، الملك، المخلص، الفادي، لكنهم يفضلون لقب (والدة الله)، لكن انتم ترفضون استعمال لقب والدة الله، ولذلك كان على الكاهن الفاضل أن يسألك: هل تؤمن بشرعية وصحة لقب "والدة الله، كما وقعتم؟، وكان عليك إن كنت تحترم ما وقعتم فتقول: نعم أومن بشرعية وصحة تعبير " أم الله "، وسنستعمله ولكني أفضل استعمال أم المسيح أكثر، وفي أضعف الأحوال: نعم أومن بشرعية وصحة تعبير " أم الله "، ولكني أفضل استعمال أم المسيح، وتنهي الموضوع، ولكن يبدو أن حليمة عادت لعادتها القديمة.

3: ومشكلة النساطرة ليس مع لقب والدة الله فقط، كما يحاول تسويقه البعض، فهناك مفهوم الخطئية الأصلية، الإسرار، التحول والكلام الجوهري،الخ، ولكن يبدو أن النساطرة مستمرين باستمداد شهرتهم من عدم اعترافهم ورفضهم لقب مريم والدة الله، على طريقة خالف تُعرف، والحقيقة ربما أنهم على حق من هذا الباب، لأن هذا هو سبب للشهرة، وأصلاً كنيسة لمشرق عُرفت في التاريخ لأنها ارتبطت بنسطور، وفي هذه المقابلة فالشهرة ستزداد لأن فيها الجديد، فهي ليست نسطورية فحسب بل آريوسية أيضاً، وهذه الكنيسة كما أقول وأؤكد أنها حزب سياسي أقرب من كنيسة مسيحية، أو قل ليست حزباً  فحسب، بل حزب عشائري، فكل أسقف وكاهن يصرح ما يشاء، فلا اعتراف بما يوقعون، ولا دستور عقائدي وإداري، ولا اتفاق على صيغ وتعابير لاهوتية، فالمطران في المقابلة يشدد على وحدة شخص المسيح وميليس يقول إنه أقنومين..الخ، وقد صدق الدكتور ويكرام حين قال: إن بطرك كنيسة المشرق هو أطرف وأعجب بطريرك كنيسة في العالم (مهد البشرية ص227).

4: اقتباس: تشرح في البداية اللاهوت وتقول إن الآب والكلمة والروح القدس أزلي، ولذلك لا نستطيع أن نقول أن مريم والدة الله لأن الكلمة أزلية.
الجواب: كأنك تأتي بشئ لا يعلمه أحد إلا أنت، فأنت تسال وأنت تجيب، فمن قال إن مريم ولدت الكلمة الأزلية المجردة المنفردة أو الأب؟، لقد ذكرنا مراراً وتكرراً أن جميع كنائس العالم على الإطلاق اثنان ونصف مليار تقول: إن مريم لم تلد الكلمة اللاهوت الأزلي منفرداً أو مجرداً لوحده، ومريم هي مخلوقة وليست أُمَّاً للاهوت المنفرد أو أصلاً له، بل ولدت إلهاً متجسداً، ولاهوت الكلمة الأزلي المتحد بالجسد في أحشاء العذراء (الطفل يسوع) هو رب العذراء نفسها ومَلِكها المنتظر، ولكنه ليس رب الطفل، بل الطفل يسوع نفسه هو الرب الملك.
وأنت اعترفت بكل وضح من حيث لا تدري، فقلت أن المسيح هو من أتحاد الكلمة بالناسوت، وبفمك تقول الدقيقة 53 وخمسة وعشرون ثانية:
 إن مريم أم المسيح الذي هو (الله الكامل، والإنسان الكامل، في شخص أو أقنوم واحد).
 فإذن مريم لم تلد لاهوتاً منفردا،ً ولا ناسوتاً منفرداً، بل إلهاً متجسداً، فهي أم لله المتجسد، فإذا كانت مريم هي أم المسيح فقط لأنها ولدت الإنسان الذي أكل وشرب وبكى كما تقول في الفيديو، فلماذا هي ليست والدة الله الكامل الذي أقام العازر وابنة الأرملة وغفر الخطايا وكما تقول أيضاً؟.
[/b]
سأشرح لك باختصار
إن المسيح الإله المتجسد تكوَّن في أحشاء مريم من اتحاد طبيعتين إلهية وإنسانية في نفس اللحظة (زمن الاتحاد صفر) ووُلد مسيحاً واحداً، إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً عدا الخطيئة في آن واحد، فبعد اتحاد الطبيعتين لم يعد هناك اثنين من اثنين، بل واحد من اثنين، ولم يعد في المسيح طبيعتان مستقلتان، بل للمسيح الواحد طبيعتين يستطيع أن يتصرف كاله فيحي الأموات ويغفر الذنوب، ويستطيع أن يتصرف كانسان فأكل وشرب وبكى، وهذا المسيح هو، شخص واحد، أقنوم واحد، طبيعة واحدة، طبع واحد، مشيئة واحدة، (فعل واحد لفاعل واحد، مرة إلهي ومرة إنساني)، وهذا المسيح الواحد يحمل كل صفات الطبيعتين الإلهية والإنسانية في آن واحد بدون امتزاج (كاللبن في الماء)، ولا اختلاط (كالحنطة بالشعير)، وبدون تغير (كاتحاد الأوكسجين بالكاربون وتكوين ثاني اوكسيد الكاربون)، ولا كذوبان وتلاشي السكر في الماء، ولا اتحاد بالملامسة أو تغير في الطبيعة الواحدة من حالة لأخرى (كاتحاد الهواء القارص بالماء وينتج جليد)، ولا اتحاد سطحي (كطفو الزيت على وجه الماء)، ولا بالاسم (كاتحاد المرأة بالرجل كما قال المصيصي أستاذ نسطور)..الخ، بل اتحاد حقيقي جوهري كاتحاد النار بالحديد، ينتج حديد مُتوهج، وليس حديداً فقط ولا ناراً فقط، فلا يتحول النار إلى حديد ولا الحديد إلى نار، وكلٌ له خصائصه، واستشهدت أنت بوضوح كما في عليقة موسى..الخ.
والذي عُلِّق على الصليب ليس جسد المسيح الإنساني فقط، بل هو رب المجد (1كو2: 8)، أي المسيح الكامل بلاهوته والكامل بناسوته، (الله المتجسد)، لكن الذي تألم ومات هو الجسد فقط، لأن اللاهوت منزه عن الألم والموت، مثل ما يطرق حداد قطعة حديد توهجة بالنار، فجسم الحديد فقط يتأثر بالطرق وليس النار، فموت المسيح كان بالجسد فقط، لكن اللاهوت لم يفارقه لحظة واحدة، وموت المسيح معناه انفصال شقي الناسوت أي انفصال روحه عن جسده الناسوتي وليس معناه انفصال لاهوته عن ناسوته.

5: اقتباس: شَبَّهتَ مريم بملكة بريطانيا، وكيف تقول ها أنا امة (عبدة) للرب.
الجواب: إن تشبيك غير صحيح مطلقاً، والتشبيه الصحيح هو: أن مريم تشبه أم ملك السويد التي تعيش فيها أنت وليس ملكة بريطانيا يا مطران، فأم ملك السويد هي أم الملك، وهي مواطنة سويدية من رعية ابنها الملك، ويُطلق عليها ملكة من باب التكريم والوقار، فلولا أبنها الملك لما سميت ملكة،
فالمسيح الملك السماوي سقطت ملوكية الجميع بمن فيهم دواد الملك الأرضي، ولذلك تعلم من آبائك السريان ماذا تقول عن مريم في تشمشت العذراء
ܒܬ ܡܠܟܐ ܒܫܘܒܚܐ  ܩܘܡܬ ܘܡܠܟܬܐ ܡܢ ܝܡܝܢܟ
قامت ابنة الملك (داود) بالمجد، هليلويا، والملكة عن يمينك
ܘܛܥܝ ܥܡܟܝ ܘܒܝܬ ܐܒܘܟܝ ܕܢܬܪܓܪܓ ܡܠܟܐ ܐܫܘܦܪܟܝ
انسي شعبك وبيت أبيك (دواد)، فيشتهي الملك (المسيح) جمالك

6: اقتباسك من الإنجيل لوقا 1: 43 وقول: من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلي؟ ، ثم تقول إن معنى الرب هنا هو سيد وليس معناها الله، ويمثل الإنسان مثل ما يدعو واحد مطران مار أي سيد..الخ. يشبه طريقة لا تقربوا الصلاة وتسكت.
الجواب ا-: للعلم إن هذا التعبير ليس نسطوري فحسب بل آريوسي بحت وهو وما يقوله شهود يهوه اليوم أيضاً، وأنا مستغرب أن تكون بهذا المستوى، فأي كلمة يُفهم مدلولها من سياق النص، وكلمة (مار) الرب تأتي في العهد القديم مئات المرات للدلالة على الله، وكلمة (مار) الرب عندما تأتي لوحدها فقط بدون تعريف لشخص معروف كقديس تعني الله فقط، وليس كما ذكرت أنت خطأ، علماً أن كلمة مار تأتي بعدة معاني، صاحب أي مالك، مولى، وحتى بمعنى أمام، ومع ذلك نأخذ استشهادك:
ب- لماذا اقتطعت النص على طريقة لا تقربوا الصلاة، ولم تُكمل 45: فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب، فمن هو الرب الذي أمنت به العذراء ما قال لها؟، هل هو الله أم لا؟ هل هو سيد أي إنسان، أليست تكملة للآية ونفس الكلمة؟.
ج- لماذا اقتطعت النص في نفس الفصل وماذا سمَّت اليصابات الذي جعلها تحبل بيوحنا، أليس أيضاً الرب؟، وقالت اليصابات: هكذا قد فعل بي الرب في الأيام التي فيها نظر إلي لينزع عاري بين الناس لوقا 1:25.

7: في نفس السياق تقول إن توما قال ربي وإلهي وهنا واضح أنه يقصد أن المسيح هو رب وإله، وتحاول التفرقة بين الكلمتين، فتقول لماذا لم تقل اليصابات أم ربي وإلهي.
الجواب 1-:لأن اليصابات تعرف إن المسيح حتى قبل أن يُحبل به هو (إلهاً قديراً)، وأكيد قرأت (اشعيا 9: 6-8): يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا إلها قديرا أبا أبديا رئيس السلام، واليصابات تعرف إن الذي قال هذا الكلام هو (رب الجنود) الله الأب وليس السيد، فهل هنا المسيح الموعود قبل إن يأتي هو إلهاً وهو أعلى من (السيد) رب الجنود. (ربما تفسير النساطرة هنا لرب الجنود هو وزير الدفاع في وزارة الله)، ومن جهة أخرى لم تكن تعرف إليصابات أن النساطرة سيؤمنون بمريم العذراء فقط إذا قالت أم ربي وإلهي، وانهم سيفسرون كلمة مار بمعنى سيد (وربما ياتي غيرك ويفسرها بالاستاذ يسوع)، ولو علمت ربما لقالتها بصيغة أدق وأوضح لك ولمن يفسر مثلك وهي: (ربي وإلهي وعدو وقاهر الشيطان) لأن كلمة (إله) تأتي بمعنى الشيطان أيضاً، ولكن إله الشر (كورثنوس 4:4)، لذلك كان من الأفضل كانت اليصابات ستزيد، رب المجد وواهب الحياة والملك ومعلمي ورئيسي ومخلصي وفاديَّ وأبي والديَّان والألف والياء والأول والأخر ونور العالم... الخ.
الجواب- ب: إذا كان توما قد قال ربي وإلهي، فمتى أصبح المسيح إله، قبل الولادة من العذراء، أم بعدها، ومتى، هل في الدقيقة الأولى أم عندما صار عمره شهر مثلاً، أم 12 سنة، أم في الدقيقة التي قال توما ربي وإلهي وبعدها؟.
الجواب -ج: أطرف ما في الأمر أنك تناقض نفسك استشهدت بمزمور 110 والمفروض أنا استشهد به وليس أنت: قال الرب لربي أجلس عن يمني، فهل قال المزمور: قال إلهي لربي أجلس عن يمني؟.

وبهذه المناسبة فقد ذكرت التسبيحات الثلاثة في كلامك واستناداً لكلامك حين تقول في كنيستك قديشا ألها، قديشا حيلثانا، قديشا لو مايوثا: قدوس أنت اله، أنت القوي، أنت الغير المائت، فانك تُقدِّس الشيطان، فالشيطان هو إله (الشر)، وهو قوي وغير مائت.
 
8:اقتباس: نرساي قال الإله تجسد، أو الإنسان تأله. دقيقة 23 وخمسة وأربعون ثانية.
الجواب: إله متجسد صحيح، ولكن إن قال نرساي (وعلى ذمتك) إنسان متأله، فهذه بدعة جديدة في كنيسة المشرق، فلا وجود للناسوت قبل اللاهوت مطلقاً، ولكن يوجد لاهوت الكلمة الأزلي قبل الناسوت وأنت تقول ذلك، ونرساي يقول إن المسيح مولود بلاهوته، وكان من المعجبين بمريم العذراء، وأنه لم يقل إنها والدة الله لأنه منتمي للكنيسة النسطورية ويخشى أن يخلق اللقب إلتباساً، (لويس ساكو، آباؤنا السريان ص139-141)، والمهم سأكون لك شاكراً إن أرفقت لي المصدر والصفحة الأصلية التي قال فيها نرساي ذلك، لأدققها لكي لا نظلمه، فربما قصد شيئاً آخر، كاشتراك الإنسان في النعمة أو الطبيعة الإلهية، وهو موضوع مختلف، لذلك من الأفضل إرفاق المصدر، لأنه بصراحة انتم أساقفة النساطرة غير ثقة، فزميلك عمانؤئيل يستشهد بكلام ليس موجود في الوثيقة التي يستشهد بها، وانتم  تفتحون مدارس باسم اللغة الآشورية ولكن داخل لشهادة اسمها السريانية، والمهم إن كان نرساي قالها فهي بدعة جديدة، وإن لم يقلها فأيضاً هي بدعة أنت اخترعتها، فأرفق المصدر للننسبها لنرساي، واخلص أنت من المشكلة. 

9: والآن اقتباس من تاريخ: تقول وتكرر مراراً إن لقب والدة الله أول من أطلقه كيرلس سنة 431م، وهو جديد.
الجواب: للأسف كلامك غير صحيح، والمشكلة ليست مشكلة أول من قالها، اعتبر المشكلة هي اليوم، والسؤال الآن في هذه الدقيقة هل مريم والدة الله أم لا؟، لكننا نزيدك علماً أن نسطور أصبح بطريرك القسطنطينية سنة 428م، وكان لقب والدة الله متداولاً، من القرن الثالث حيث ورد في نشيد قديم، وورد عند أوريجانوس في خطبه (لو 7: 6 و 8: 4، الاب منصور المخلصي، الكنيسة عبر التاريخ، ص80)، وكان دوروثيوس أسقف مركيانوبوليس يرفض استعمال لقب والدة الله ولم يعترض عليه نسطور، والمشكلة بدأت عندما رفض كاهن نسطور انستاسيوس لقب والدة الله في خطبته فاعترض المؤمنين الذين كان لقب والدة الله منتشر بينهم على نسطور لأنه لم يحاسبه، فنسطور هو من ثبت عقيدة عدم الاعتراف بلقب والدة الله وتبناه وسجلت العقيدة باسمه.
 ومع ذلك تستشهد بالتاريخ خطأ وسنريك من قالها قبل نسطور، علماً أن القديس غريغوريوس النزينزي (329-390م) قد حرَّم من لم يُطلق على مريم والدة الله.
[/b]



10:اقتباس إن كنيستنا كان لها جاثليق داديشوع ونسطور بطريرك القسطنطينية جنسا وطقسا يوناني.
الجواب ا-:  لماذا دائماً ترددون نحن قبل نسطور، ومن قال غير ذلك، وهل نسطور كان زمن المسيح؟، ولكن  لمن كانت تتبع كنيستك قبل نسطور، وما هو لاهوت كنيستك ومن هم لاهوتيها، إن كنيستك هي سريانية وابائوك اللاهوتيون قبل نسطور أنطاكيين سريان، ونسطور وداديشوع هما سريانيان وكان داديشوع يخضع لبطريرك أنطاكية السرياني وكان اسم البطريرك الإنطاكي يقرا قبل الجاثليق في كنيستك إلى زمن نسطور وداديشوع.


الجواب ب- إن نسطور كان بطريرك القسطنطينية اليونانية وذات الطقس اليوناني، ولكن الهرطوقي نسطور لم يكن يونانياً جنساً، بل سريانياً (سورياً) جنساً (قومية) له بلد قائم ومستمر باسم سوريا مثل ما للأرمن بلد وقومية، وله لغة اسمها السريانية (السورية) أو الآرامية كما سميتها اليوم، لان اسم سوريا القديم هو بلاد آرام مثل ما أرمينيا هي آراراط، وبلد نسطور سوريا قائم بحضارة المستمرة الكاملة وليس أنقاض، ونسطور هذا كان خريج أنطاكية وزميل يوحنا بطريرك أنطاكية الذي ساند زميله نسطور في البداية ثم حرمه.

11: تقول إن كنيسة المشرق ليس فيها ثماثيل وصور وإيقونات.
الجواب: كلامك غير صحيح، وفي الكتاب الموقع من بطرك كنيستك دنخا فصل كامل عنوانه، "هل أن كنيسة المشرق كنيسة ايقونية ص 188-193"، وسأنقل لك صفحة للاطلاع مع عدة صور، علماً أنه يقول: إن حنين بن اسحق أجبره الخليفة على الصق على أيقونة فحرمه البطريرك ص182.



12: اقتباس من حديثك عن انتقال العذراء بالنفس والجسد إلى السماء، تقول: إن على كنيسة روما أن تعقد مجمع مسكوني لطرح عقائدها كالحبل والانتقال.
الجواب: إن هذه عقائد فعلاً خاصة بكنيسة روما فقط، ولم تجبر أحد على تبنيها ولم تقل إنها مسكونية، ولكن إذا كنت كما تدعي بالمسكونيات، لماذا لا تحرم نسطور، أليس نسطور محروم بمجمع مسكوني من كل الكنائس؟.

13: ختاماً وأخيراً أشكرك جداً لأنك استعملت كلمة اللغة الآرامية مرتين هذه المرة، وكنت قد استعملت اسمها السريانية أمام ملك السويد، وهذا يعني أن السريان هم الآراميين وليس الآشوريين، وهذا ما سأضيفه في كتابي من ترادف الاسمين الآرامي والسرياني في التاريخ  كله ومن كنيسة كُتّاب المشرق نفسها، وبما أنك ذكرت أخيراً أن أمتك آشورية، عليك كمطران مؤمن بالكتاب المقدس أن اليهود صلبوا المسيح، فعليك أن تؤمن أن الآشوريون هم أعداء السريان الآراميين في الكتاب المقدس، وكيف لقوم يتكلمون لغة أعدائهم؟، وإذا كان الكتاب المقدس فقط قد ذكر صلب المسيح مع إشارة من المؤرخ بيوسيفوس كما ذكرتَ أنت، فأقول لك: إن يوسيفوس ينفرد فعلاً بالإشارة إلى صلب السيد المسيح، وهو شئ عظيم مع أنه لم يذكر تفاصيل، أمَّا مسألة عدواه السريان الآراميين للآشوريين فهي ثابتة في كل التواريخ والآثار وبالتفصيل.
موفق نيسكو [/b]




20
أخيراً الفاتيكان يؤكد كلامي: الآشوريون والكلدان إسرائيليون اسمهما مُنتحلان

ذكرتُ مراراً وتكراراً  بالوثائق والخرائط ومن أفواه بطاركة ومطارنة الكلدان والآشوريون الحاليين أنفسهم أنهم لا علاقة لهم بسكان العراق الآشوريين والكلدان القدماء، إنما هم من بني إسرائيل الذين سباهم الآشوريين والكلدان القدماء، تبعتها هجرات أخرى لبني إسرائيل من يهود فلسطين إلى العراق للالتحاق بإخوانهم استمرت حتى خراب أورشليم على يد الرومان سنة 70م، وليس القصد من مقالنا الانتقاص من اليهود مطلقاً، فمن حق اليهود العيش بكرامة مثل الآخرين في أي مكان بمن فيه العراق، لكن قصدنا أن الآشوريين والكلدان الحاليين ليسوا سكان العراق القدماء، ويحاولون إقامة كيان عبري في العراق واعتبار كنيستهم وريثة أورشليم.

كانت اللغة السريانية (الآرامية) قد اكتسحت وأقصت كل لغات الشرق منذ القرن السابع قبل الميلاد ومنها العبرية، فحلت السريانية ( الآرامية) محل العبرية لليهود، وعندما جاءت المسيحية اعتنق معظم يهود العراق المسيحية على يد مبشري كنيسة أنطاكية السريانية، أي السورية (أنطاكية هي عاصمة سوريا عصر السيد المسيح) الذين كانت لغتهم السريانية أيضاً (أي السورية، لغة سوريا/ بلاد آرام دمشق سابقاً) فاستطاع المبشرون تبشيرهم بسهولة، وانضوى اليهود المتنصرين تحت كنيسة أنطاكية السريانية لغةً وشعباً وتقليداً وطقوساً، وكل شئ في تاريخهم هو سرياني، وفي كل التاريخ اسمهم سريان، لكن النظرة العبرية الإسرائيلية بقيت عندهم قوية ومتأصلة كل الوقت، وكانوا يسعون دائماً للانفصال والاستقلال.

سنة 428م أصبح نسطور السرياني بطريرك القسطنطينية، وحُرمهُ مجمع افسس 431م واعتبرت عقيدته هرطقة في المسيحية، فاعتنق اليهود المتنصرين عقيدته منذ سنة 484م وقاموا بقتل 7800 شخص بينهم 12 راهب، وبرسهدي مطران دير متى ، و90 كاهناً في قرية بحزاني الحالية، وجاثليقهم السرياني بابويه الذي رفض ذلك، واستقلوا عن أنطاكية تماماً سنة 497م، وعاشوا منعزلين عن كل الكنائس الأخرى في العالم، واشتهروا بالنساطرة.

قام الغرب حديثاً ولأغراض تميزية استعمارية عبرية بتسميتهم كلداناً وآشوريين، فقامت روما بتسمية الذين انشقوا عن العقيدة النسطورية وانتموا حديثاً للكثلكة،  كلداناً، وثبت اسمهم في 5 تموز 1830م، وسنة 1876م سَمَّى كامبل تايت رئيس أساقفة كارنتربري الانكليزي الذين بقوا نساطرة في أروميا/ إيران، وهكاري/ تركيا آشوريين، وسنة 1968م انشق النساطرة إلي قسمين، وعلمهم بريطاني صُمم سنة 1968م، وثبَّتَ دنخا بطرك أحد القسمين فقط من لندن اسم كنيسته آشورية لأول مرة في 17 تشرين أول 1976م، أمَّا القسم الثاني فلا يزال يرفض التسمية الآشورية.

في الحرب الأولى نزح أكثر نساطرة إيران وتركيا الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين إلى العراق الذي استقبلهم وآواهم، لكنهم خانوا العراق وتحالفوا مع الإنكليز واستقطبوا بعض إخوانهم الكلدان الإسرائيليين العبرييّ الأصل.

 في 28 كانون الثاني 1918م أعطى الكابتن الانكليزي كريسي وعداً للآشوريين (بعد وعد بلفور بثلاثة أشهر) لإقامة كيان عبري بثوب مسيحي شمال العراق باسم آشور، مقابل وقوفهم مع الإنكليز، فشكلوا جيش مرتزقة اسمه الليفي لمساندة الإنكليز وتمردوا على العراق وفشلوا سنة 1933م، واعتبروهم خونة وطالب كثير من العراقيين برلمانيين وشعباً وصحافةً بطرد الآشوريين وإرجاعهم إلى تركيا وإيران، وهم أنفسهم طالبوا ذلك، لكن العراق أكرمهم ومنحهم الجنسية، وسحب الجنسية من أربعة أشخاص فقط هو البطرك إيشاي وعائلته، والبطرك هو من سبط نفتالي الإسرائيلي، وسننشر مستقبلاً قول البرلمانيين والصحف العراقية والعربية عنهم، بل هم أنفسهم، ونكتفي الآن بقول الأب انساتس الكرملي المعاصر لهم في مجلته لغة العرب الذي يسميهم (بالمتعرقيين) أي ليسوا سكان العراق الأصليين ويسمي جيشهم الليفي بالمرتوقة، وانهم من تبعية رئيس أساقفة كارنتربري الإنكليزي، نرفق عددي المجلة للأب الكرملي:


بعدها بدأوا يكتبون ويركزون على العنصر السامي وأنهم ورثة كرسي أورشليم، وارض الميعاد، وكرسيهم في العراق بمثابة أورشليم،  وسنة 2005م استطاع يونادم كنا القادم من لندن بمساندة مطارني أمريكا إبراهيم إبراهيم وسرهد جمو غش لجنة الدستور  في ظروف مضطربة وسريعة بإدخال اسمي الكلدان والآشوريون في دستور العراق، وبذلك دخلت إسرائيل الدستور العراق عن طريق الآشوريون والكلدان. (وصيغة ومفهوم اسمي الكلدان والآشوريون هي عبرية إسرائيلية بحتة، وشرحنا ذلك بالوثائق).

في 11/ تشرين الأول 1994م، حاول النساطرة التقرب إلى روما، فوقعوا بياناً وسمتهم روما في هذا البيان كشعب (السريان)، ولكن اسم الكنيسة هو الآشورية  كاسم تميزي، ولم تعترف بهم في هذا البيان كعقيدة مسيحية صحيحة وتأسفت بالاحتفال معهم إلى أن توافق على أمور أخرى، كأسرار الكنيسة التي لا تؤمن بقسم منها الكنيسة النسطورية أو لها تفسيرات مخالفة للعقيدة الكاثوليكية كالزواج والأفخارستيا ومسحة المرضى، وأمور أخرى كالخطيئة الأصلية، وغيرها. (نرفق بيان 1994م)


من سنة 1994م استمر الحوار بين روما والنساطرة، وفي 24/ تشرين الثاني 2017م، صدر بيان الفاتيكان ليسميهم كنيسة آشورية كاسم تميزي، لكن روما تعرف أن هذا اسم مزيف ومنتحل حديثاً يستطيعون أن يُسموا أنفسهم ما شأوا، لكنهم تاريخيا سرياناً، لغةً، ليتورجيةً، طقساً، تقليداً، لاهوتاً، ويجب الملاحظة أن اسم السريان مقرون باليونان واللاتين كقومية واسم شعب، لأن الشعوب والقوميات تُسمَّى بأسماء لغتها فقط، والملاحظ أن البيان ذكر العنصر (السامي) للتركيز على أصلهم الإسرائيلي، وهذا الأمر لم يكن مستعملاً في الأعراف الكنسية سابقاً، ونرفق جزء البيان الذي يخص مقالنا.


وهذا هو الرابط الكامل للبيان
االغريب بالأمر أن مطران أستراليا المتأشور والمزور ميلس وهو رجل سياسي بثوب ديني يستعمل اسم اللغة الآشورية وفتح مدرسة في استراليا ، وهو يعلم تماماً أن اللغة هي السريانية أو الآرامية، أرفق نسخة من رسالة بطرك الآشوريين الجدد كوركيس وهو بطرك المطران ميلس يُسمِّي لغته الآرامية، علماً مطران السويد النسطوري عبديشوع اورهام في 22/11/ 2017م أي قبل اسبوع استعمل مرتين لغتنا الارامية، وفي مقابلته مع ملك السويد في 8 سبتمبر 2014م استعمل السريانية، وقد نشرنا الوثائق سابقاً.


وكان ميلس ممثل البطريرك وراعي اللقاء قد ألقى كلمة ولكن لم تكن لديه الشجاعة ولم يجرأ أن يعترض على لغة وطقوس ولاهوت وتقليد كنيسته أنه سرياني لا آشوري، ولم يستطيع كعادة المتأشوريين تزوير وإضافة حرفي as إلى كلمة سرياني بالإنكليزي فقط لتصبح  assyrian، ليقولوا أن السريان هم الآشوريين، حيث تُفرق روما بين كلمتي سرياني وآشوري بشكل واضح وفي البيانين، لأن المرء لا يستطيع أن يخدع كل الناس كل الوقت، وليس قصدنا يجب أن يكون اليوم السريان أعداء الآشوريين الحاليين، لأن اسم الآشوريين الحاليين مُنتحل، وهم سريان، ولكن إن كان الآشوريين الحاليين يعتقدون أنهم فعلاً من الآشوريين القدماء، فعليهم على الأقل كمسيحيين أو غير مسيحيين كما يدعي بعضهم أن يؤمنوا أنهم أعداء السريان في الكتاب المقدس والتاريخ، فإذا كان صلب اليهود للمسيح قد ذُكر في الكتاب المقدس فقط، مع إشارة لمؤرخ واحد فقط هو يوسيفوس المعاصر للمسيح، فالسريان هم الآراميون، وهم أعداء الآشوريين القدماء ليس في الكتاب المقدس فحسب، ولا عند مؤرخ واحد فقط، بل في الكتاب المقدس وبالتفصيل وبعشرات الوثائق والأخبار التاريخية والآثار.
وشكراً/ موفق نيسكو

[/b]

21
المطرانان المتكلدنان جمو وإبراهيم يضربان المطران شير المتكلدن المتأشور تحت الحزام

من المعروف أن الكلدان والآشوريين الحاليين هم من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيين القدماء وليسوا سكان العراق الأصليين من الكلدان والآشوريين القدماء، وعند قدوم المسيحية اعتنقوها لكن النظرة العبرية بقيت عندهم، وخضعوا لكنيسة أنطاكية السريانية (السورية) الأرثوذكسية الواقعة في سوريا غرب الفرات، ولغتهم هي السريانية، واسمهم السريان الشرقيين، أي شرق نهر الفرات، ثم اعتنقوا النسطرة وانفصلوا عن أنطاكية السريانية سنة 497م، وسنة 1553م اعتنق قسم منهم الكثلكة فسمتهم روما كلداناً  وثبت اسمهم رسميا في 5 تموز 1830، والانكليز سمَّى القسم الذي بقي نسطوري آشوريين سنة 1876م والذين كانوا يسكنون أروميا في إيران وهكاري في تركيا، وثبت اسمهم رسمياً في 17 تشرين أول 1976م، وقد سمتهم روما والإنكليز لإغراض استعمارية عبرية.

 عندما سَمَّتْ روما المنتمين للكثلكة كلداناً، لم يعتبر الكلدان اسمهم قومي أو سياسي كالآشوريين ولم يعطوه أهمية أكثر من أنه اسم تميزي، واهتموا بالأمور الدينية والثقافة عموماً، لكن منذ أن سَمَّى الإنكليز السريان الذين بقوا نساطرة آشوريين، كان الآشوريون يعيشون في جهل وظلام دامس في الجبال، وكانت النظرة العبرية القومية عندهم قوية ومتأصلة أكثر من الكلدان الذين عاشوا في السهول واختلطوا مع الآخرين، بل يجب الملاحظة إن الكثلكة عندما دخلت اجتاحت نساطرة السهول بسهولة، لكنها أصدمت مع نساطرة الجبال بجدار منيع جداً هو القومية العبرية، فتلقَّفَ السريان النساطرة الجبليين اسم الآشوريين وشرعوا بملئ الفراغ والجهل الثقافي والديني والروحي بالسياسة التي اقتصر عليها نشاطهم فقط، وحولوا كنيستهم من كنيسة مسيحية إلى حزب سياسي ونجحوا في هذا المسار إلى حدٍ كبير مقارنةً بالكلدان، ولجئوا إلى العراق إبان الحرب الأولى وخانوا العراق واتفقوا مع الإنكليز مطالبين بجزء من العراق باسم آشور، لكنهم فشلوا سنة 1933م.

 ثارت حمية أدي شير مطران سعرد الكلداني في تركيا وأصله من شقلاوة العراق لتقاسم الكعكة مع إخوته السابقين فتحول من رجل دين إلى زعيم سياسي وأخذ يتنكر لاسمهُ السرياني وأصبح مزوِّراً وحاقداً على كل ما هو سرياني انطلاقاً من مقولة (كل منفصل، متعصب على الأصل، ليثبت أنه على عدل) فاخترع الاسم المركب كلدو وأثور سنة 1912م، ليربط الأسمين من أفكاره وتوجهاته السياسية، وليس على أساس علمي أو تاريخي، وبدأ يزوِّر التاريخ ويغذي العصبية في كلدان العراق، ومع ذلك سارت الأمور طبيعية إلى سنة 2003م.(سنكتب مقالاً مفصلاً عنه  وبالوثائق وكيف زوَّر).

بعد التحولات السياسية في العراق سنة 2003م، أصبح الاثنان في ورطة الاسم المُركَّب حيث بعد قدوم الأمريكان والإنكليز جاء عدد من السياسيين الآشوريين من المهجر معهم خاصةً من أمريكا، انكلترا، واستراليا، وتصوَّر الآشوريين أن الفرصة حانت لتحقيق حلمهم، يساندهم الآشوريون الذين كانوا قد نزحوا إلى منطقة الخابور في سوريا سنة 1933م، وبعض الكلدان المتأشوريين الذين استطاع الآشوريون بحنكتهم السياسية استغلال اسم كلدو وأثور فخدعوهم واقنعوهم أنهم كلداناً كنيسةً وآشوريين قوميةً.

 في آيار 2003م عُقد اجتماع في مدينة قرقوش ضم ستة جهات، ثلاثة دينية، وثلاثة سياسية، آشورية، كلدانية، سريانية، وكان السياسيين الكلدان والسريان ليسوا بسياسيين بمعنى الكلمة أسوة بالآشوريين، أي علمانيين بدأ عندهم الوعي السياسي نوعاً ما، وأُعطيت الكلمة الأولى لمطران الموصل للسريان الأرثوذكس صليبا شمعون باعتباره أكبر الأعضاء سنَّاً وأقدمهم رسامةً، لإيجاد اسم موحد للتعامل مع المسيحيين ومطالبهم مع الجهات الأمريكية، ولما كان المطران صليبا خبيراً بما حدث خلال المئة سنة الماضية من تزوير وتشويه للحقائق ومتبحراً في التاريخ والعلم وعارفاً أن اسم السريان باللغة العربية قد يُشكل حساسية لدى الآشوريين، اقترح أن يكون الاسم الموحد للثلاثة هو (سورايا)، أي سرياني باللغة السريانية، فوافق الخمسة بمن فيهم رجال دين الآشوريين باستثناء الأحزاب السياسية الآشورية التي لم تقبل ذلك، وكرر المطران صليبا طرح رأيه سنة 2004م في اجتماع آخر عُقد في مدينة عينكاوا لمناقشة أمور المسيحيين، لكن دون جدوى أيضاً. (رغم أن المطران صليبا شمعون هادئ جداً وكبير السن وقد أحيل على التقاعد، لكنه كان ممتعضاً جداً، وسنة 2012م طلب مني ذكر هذا الأمر في الإعلام أو في كتاباتي، علماً أنه لو سئُل أياً من الكلدان والسريان والآشوريون الناطقين بالسريانية، من أو ما أنت؟، أجابك على الفور بالسريانية: أنا سورايا).   

سنة 2004م وقبل إعلان مسدودة الدستور العراقي وبدون إبلاغ السريان بالموضوع عُقد مؤتمر على عجل في فندق شيراتون تخللته اجتماعات في نادي المشرق وبابل الكلداني في بغداد حضره حوالي أربعون شخصية دينية وسياسية كلدانية وآشورية، وحضر الاجتماعات ثلاث سريان، منهم أستاذ اللغة السريانية بشير طوري، والأستاذ لويس أقليمس، بدون أي رجل دين.

تفاجأ السريان أن الموضوع هو لإدراج الاسم الموحد في الدستور العراقي، وحاول الأستاذان طوري وأقليميس إثبات أن السريان هو الاسم الموحد للجميع تاريخيا وأكاديميا وعلمياً مستشهدين من كتب الكلدان والآشوريون الجدد أنفسهم، لكن مطران الكلدان في أمريكا / ديترويت المتشدد والمتعصب سياسياً إبراهيم إبراهيم الذي كان حاضراً، أصرَّ وقال: يجب أن يكون اسمنا هو حسب ما قاله المطران أدي شير (كلدو وأثور)، ورُفع المقترح للجنة صياغة الدستور على عجل، وتم إدراج الاسم المُركَّب كلدان وآشوريين في المادة 125، ولكن لغة القوم هي السريانية!! حسب المادة الرابعة أسوةً بالعرب والكرد والأرمن والتركمان، وذكر لي الأستاذ لويس إقليميس أن مطران كاليفورنيا الكلداني المتشدد سرهد جمو قال له: لا أريد أن اسمع، بسين، راء، ياء نون، ياء، أي سرياني. (في حزيران 2016م، وفي لقائي مع المطران جمو في كاليفورنيا قال لي: إن اسم السريان هو انتحار بالنسبة لي، فسألته لماذا؟، أجاب لأنه مرتبط بسوريا، فقلت له وما دخل ذلك؟، فسرياني لا يعني سوري الجنسية، ألاَ يوجد كلدان في سوريا وتركيا وإيران؟، فهل أولئك عراقيين؟، فوقف برهة وقال: الكلدانية هي ثقافة وتراث، فقلت له لا يوجد ما تقول تاريخياً وعلمياً، لكن يوجد أن السريانية هي أمة ولغة وثقافة وتراث وأدب..الخ، وكما يقول آبائكم؟، فسكت لم يجيب). ومن المعروف أن الكلدان والآشوريون الحاليين يحتقرون اسم سوريا وسوري لأن اسم السريان مرتبط بكنيسة سوريا أول كراسي المسيحية في العالم والتي حتى أورشليم كانت تتبع لها. (وسنكتب مقالاً مفصلاً لماذا يعادي ويحتقر الكلدان والآشوريين اسم سوريا وسوري).

بعد صدور الدستور وجَّه البطريرك السرياني زكا عيواص وهو عراقي مقره دمشق رسالتين إلى الحكومة العراقية، واعترض سريان آخرين، لكن دون جدوى لأن تبديل الدستور ليس بالأمر البسيط، وبقي الأمر مُعلقاً ووعود لحين تبديل الدستور، والملاحظة المهمة أن الآشوريون والكلدان لم يستطيعوا تبديل اسم اللغة السريانية لأنها اسم علمي تاريخي وأكاديمي عالمي، فبقي اسمها في الدستور هو السريانية.

كانت العلاقات بين السريان الكلدان الآشوريين في العراق قد تحسنت بشكل ملحوظ منذ بداية السبعينيات، فزال التعصب بينهم وكثرة الزيجات المختلطة، وازدات اللقاءات الكنسية وإعارة الكنائس، واشترك كثير من رجال الدين في القداس سوياً خاصةً بين الكلدان والسريان لأن الآشوريون محرومين من الاثنين، إضافةً إلى النشاط والتعاون الثقافي الذي جاء بعد منح الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية سنة 1972م وإقامة قسم سرياني في إذاعة بغداد وتشكيل مجمع اللغة السريانية ومجلتها حيث دخل الجميع خاصة السريان والكلدان في بودقة الثقافة والكتابة واصدرا المجلات والنشرات..الخ: (الآشوريون أيضاً كانوا يشاركون، ولكن بشكل قليل وكانت أغلب كتابتهم وإن كانت ثقافية وتاريخية في ظاهرها، لكنها ملغومة سياسياً). 

بعد سنة 2003م ونكاية بالآشوريين اتخذ الكلدان نفس مسار الآشوريين السياسي، وبدأ التراشق والعداء يظهر بين الاثنين وتزداد العداوة يوماً بعد يوم، ولم يقتصر على العلمانيين والمثقفين بل على رجال الدين أيضاً، فالآشوري يقول للكلداني إن أصلك آشوري، وكيف لكلداني يسكن ألقوش وزاخو التي هي بلاد آشور في التاريخ..إلخ، ويُدرج له تاريخ الدولة الآشورية وملوكها ولكن إلى سنة 612 ق.م. فقط (أي زمن سقوط الدولة الآشورية القديمة) ويتوقف، ثم يقفز مباشرةً إلى بعد القرن السادس عشر ليقول للكلداني أنت آشوري وروما سمَّتك كلداني، ناسين أن أغلب الأساقفة الذين اعتنقوا الكثلكة وتسمَّوا كلداناً هم من نفس عائلة أبونا الشمعونية النسطورية التي بقيت تتسلط علي الذين بقوا نساطرة وتسمَّوا آشوريين فيما بعد، ومنهم من طلب تقبيل قدم البابا لكي يصبح كلدني كاثوليكي، ومع أن كثيراً من الكنائس انضم للكثلكة في أوقات متفاوتة وظروف مختلفة ولأسباب مختلفة كُرهاً أو طوعاً، لكن الملاحظ أن النساطرة كانوا ينظمون للكثلكة بتوسل وانبطاح شديد، ويقول الأب ألبير أبونا: ولكي يبدي البطريرك النسطوري الذي يريد الانضمام إلى روما تعلقه الشديد ببابا روما، كان يقوم بنفسه بخدمة الموفد البابوي، فيهئ له الفراش، ويقوم بخدمته على المائدة، ويمسك له الركاب حين يمتطي صهوة جواده..الخ، وكان البطريرك شمعون التاسع (1600-1638م) لا يفتأ يُردد للموفد البابوي توما دي نوفاري: إنه لن يعتبر نفسه بطريركاً حقاً ما لم يكن قد قبَّل قدمي الأب الأقدس (بابا روما) (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية، ج3 ص148).
     
 والكلداني بدوره يقول للآشوري أنت كلداني لأن الدولة الآشورية سقطت على يد الكلدان سنة 612 ق.م.، وآخر حكم في العراق القديم كان كلداني ..الخ، ويُدرج له تاريخ الكلدان القدماء، ولكن أيضاً إلى سنة 539 ق.م. فقط، ثم يقفز مباشرةً إلى بعد القرن السادس عشر ليقول له إن الإنكليز سمَّوكم آشوريين، وبطاركتكم استعملوا ختم الكلدان إلى سنة 1975م،..الخ، والملاحظة الطريفة أن الاثنين يتراشقون بالمعلومات ويعتبر كل منهم أن تاريخه يبدأ منذ زمن آدم أبو البشرية، فالآشوريون يُسمَّون جميع الملوك والشخصيات القديمة آشوريون، ومثلهم الكلدان، ولكن إلى سنة 612 ق.م. و 539 ق.م. فقط، ثم يقفزون مباشرةً إلى القرن السادس عشر وبعده، أماَّ بين هذين التاريخين فهو فراغ، والسبب أن الاثنين فارغين من وثيقة واحدة تثبت وجودهم، واسمهم في هذه المدة كلها هو السريان. (وصل الأمر لدى بعض الآشوريون للقول إن الله هو آشور).

والأمر الطريف الآخر أن الكلدان بدءوا يُعيَّرون الآشوريين أنكم من بني إسرائيل وينشرون ذلك في المجلات والمواقع الإلكترونية وحتى في موقع البطريركية الكلدانية الرسمي مستندين على الدكتور آشيل غرانت الذي ألَّف كتاباً سنة 1841م أثبت فيه أن النساطرة (قبل تسميتهم آشوريين) هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيين القدماء، والحقيقة أن غرانت التقى مع عبريَّ (إسرايلييّ) الجبال فقط (الآشوريين) ولم يلتقي مع عبريَّ السهول (الكلدان)، إلى أن قُمتُ أنا بنشر مقال البطرك السرياني الشرقي (الكلداني حديثاً) لويس ساكو المُفصَّل الذي يوضح أكثر من غرانت بل يفتخر ساكو أن الاثنين (الكلدان والآشوريون هم بني إسرائيل)، ويطالب أن يكون كرسيه الكنسي في العراق بدل أورشليم، أعقبتهُ بنشر وثائق أخرى وخرائط لرجال دين كلدان يقولون أن الاثنين من بني إسرائيل، فانقطع التراشق بينهما في هذا المجال واقتنع الاثنان أنهما من نفس المكوَّن، أي إسرائيليين عبريين.

بعد سنة 2003م امتعض البطريرك الكلداني دلي الذي يعترف أن الاسم الكلداني خطأ، قائلاً: إن التسمية المُركَّبة (كلدو وأثور) ستجعلنا أضحوكة للعالم، وإذا ادعى الكلداني أنه آشوري أو العكس فكلاهما خائنان، وأضاف: إن التسمية الجديدة تسمية سياسية مؤقتة فقط لإدراج اسمنا في الدستور العراقي، وبعدها فأنا ولدت كلداني وسأموت كلدانياً ، والأثوري ولد أثورياً وسيموت أثورياً، فليس في التاريخ إطلاقاً أُمة عُرفت بهذا الاسم. (الأسقف النسطوري (الآشوري حديثاً) عمانؤئيل يوسف آشوريون أم كلدان؟، الهوية القومية لأبناء كنيسة المشرق المعاصرين، ص224).

في 5-8 تشرين الأول 2017م قرَّرَ المجمع الكلداني من روما وليس من العراق وبحضور مطران أمريكا/ ديترويت المتقاعد المتعصب إبراهيم إبراهيم يسانده زميله في الفكر المطران المتقاعد المتشدد أيضاً مطران كاليفورنيا سرهد جمو، وقرروا أن ربط الاسم الكلداني مع الأخريين من السريان والآشوريين هو تشويه لاسمهم، وبذلك سقط الاسم المزور الذي اخترعه أدي شير على يد أبنائه ممن غذاهم بفكره السياسي المتطرف لأن كل ما بني على باطل فهو باطل.
وشكراً/ موفق نيسكو


22
كلمة البطريرك السرياني زكا الأول عيواص في مؤتمر التراث السرياني التاسع 2004م
(كُلنا سريان) واسم السريان من سوريا



]

وشكراً
موفق نيسكو

23
بطرك السريان الشرقيين لويس ساكو يتكلدن لأغراض سياسية
بطرك السريان الشرقيين (الكلدان حديثاً) الدكتور لويس ساكو: باحث، دكتوراه في مبحث آباء الكنيسة، الجامعة البابوية، 1983م / التاريخ المسيحي القديم، دكتوراه في تاريخ العراق القديم، السوبورن-باريس 1986، ، ماجستير في الفقه الإسلامي، أكاديمي وأستاذ اللاهوت في جامعة بغداد، أستاذ كلية بابل الحبرية، أستاذ كلية اللاهوت في المعادي-مصر 1988، مدير المعهد الكهنوتي، عضو الهيئة السريانية في المجمع العلمي العراقي، عضو العديد من الجمعيات المسكونية وحوار الأديان في العالم، له مؤلفات عديدة، يتقن أكثر من خمس لغات. وغيرها.

إن الآشوريين والكلدان الحاليين هم من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل ولا علاقة لهم بالكلدان والآشوريين القدماء، وهذا حقيقة يؤكدها البطرك ساكو وغيره في أبحاثهم التي نشرناها سابقاً، وعاش الأسباط العشرة في العراق كيهود وكانت لغتهم الآرامية (السريانية)، ثم اعتنقوا المسيحية وانتموا لكنيسة أنطاكية السريانية، واسمهم في كل التاريخ هو السريان، لكن النظرة العبرية القومية الإسرائيلية بقيت عندهم طول الوقت، واعتنقوا النسطرة وانفصلواعن أنطاكية سنة 497م، وكان الانفصال على أساس قومي عبري إسرائيلي أيضاً، فانقسم السريان إلى شرقيين وغربيين، أي شرق وغرب نهر الفرات، وسمُيوا السريان نساطرة، ولما كان اسم النسطرة يعني هرطقة لدى كنيسة روما فقد سمت روما القسم الذي تكثلك كلداناً وثبت اسمهم رسميا في 5 تموز 1830م كما يقول البطرك ساكو نفسه، ثم سمَّى كامبل تايت الانكليزي رئيس أساقفة كانتربري السريان الجبليين الذين بقوا نساطرة سنة 1876م آشوريين، وثبت اسمهم رسمياً في 17 تشرين أول 1976م، وبدعم من الانكليز اتجه الآشوريون إلى العمل السياسي وحولوا الكنيسة إلى حزب سياسي وتأشوروا بالكامل وأردوا إقامة منطقة مستقلة شمال العراق بحجة أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، ودخلت الطموحات السياسية لدى المطران الكلداني أدي شير لتقاسم الكعكة معهم، فاخترع عبارة كلدو وأثور سنة 1912م، مدعياً كالآشوريين أنه حفيد نبوخذ نصر، وأن الاثنين شعب واحد دون وجود وثيقة واحدة في التاريخ تقول بوجود آشوريون أو كلدان في التاريخ المسيحي، بل سريان، علماً أن الكلدان والآشوريون القدماء هم أعداء وليسوا شعباً واحداً، ثم قام الكابتن الإنكليزي كريسي بإعطاء وعداً للآشوريين في شباط 1918م بعد شهرين من وعد بلفور لإقامة الدولة الآشورية المزعومة، ودخل الآشوريين ومعهم بعض الكلدان باسميهما المزوريين بنزاع مسلح مع العراق انتهى سنة 1933م، والكلدان (نساطرة السهول) منذ أن أصبحوا كاثوليك لم يكن الاسم الكلداني الحديث يشكل لهم أكثر من اسم تميزي وكانت النزعة القومية عندهم قليلة عموماً عدا البعض، لأنهم عاشوا في مجتمع أكثر انفتاحاً واختلاطاً مع القوميات الأخرى كالعرب والفرس والأرمن وغيرهم، ومنذ سنة 2003م بدأ بعض القوميون الكلدان ومنهم رجال دين ينحون منحى  المتأشورين، أي بدوا يتكلدنون.

ولا نريد ذكر مئات المخطوطات والوثائق منذ بداية المسيحية ومن داخل كنيسة الاثنين وبلغتهما تقول أنهم سريان، وحتى بعد أن سمتهم روما كلداناً بقيت تسميهم السريان الكلدان، وقسم من بطاركتهم يوقعون باسم بطرك السريان الشرقيين أي الكلدان ونكتفي بوثيقتين جديدتين.


وسنركز على البطرك السرياني لويس ساكو الذي تكلدن لأغراض سياسية ربما ليحلم بإقامة إقليم كلدو في زاخو أو ديار بكر حيث بدأت التسمية الكلدانية باتحاد كرسي ديار بكر وألقوش سنة 1830م كما يقول هو نفسه بعد خضوعه للمتطرفين مثل المطرانين المتقاعدين سرهد جمو وإبراهيم إبراهيم في مؤتمرهم من 5-8 تشرين الأول 2017م المنعقد في روما وليس في بابل أو حتى بغداد أو أربيل، وبحضور مطارنة متقاعدين ليس المفروض إن يحضروا، ونجح فيه المتطرفون بالتركيز على الاسم الكلداني، فيقول: (وأكد الإباء على التمسك بالهوية الكلدانية واللغة قدر الإمكان ورفض التسمية المركبة المشوهة لكافة هويات المكون المسيحي ودعم الرابطة الكلدانية كما دعوا إلى تأسيس مجلس موحد يكون بمثابة جبهة- لوبي لكافة التنظيمات الكلدانية)..الخ، ولسنا بصدد مناقشة التسمية القطارية المشوهة فعلاً بل ربما يكون هذا هو مطلب السريان أنفسهم خاصة أن اسم الكلدان في كل قواميس الكنيسة ومطارنتهم أنفسهم قبل غيرهم يقولون أنه يعني، عراف، ساحر، منجم، فلكي، (المطران الكلداني أوجين منا، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص 338، والمطران الكلداني توما أودو كنز اللغة السريانية، ج1، ص 465، وغيرهما، ودائماً يأتي اسم الكلدان مقترن بالدجالين والمشعوذين والهراطقة والمجوس..الخ، في كتب الكنيسة نفسها، وآباء الكنيسة نفسها ألفوا كتب كثيرة ضد الكلدان لأنه اسم مشبوه.

علماً أن المطران المتشدد المتقاعد جمو نفسه يقول: إن كنيسة أجدادنا المشرق المُلقبة بالنسطورية المسماة لاحقاً بالكنيسة الكلدانية والأثورية، وهذه الأسماء انبثقت حديثاً في منتصف القرن السادس عشر بعد سنة 1553م، والاسم الكلداني استقر على الفئة المتحدة بروما، بينما تبنَّى الانكليكان (الانكليز) اسم الأثوريين في مداولاتهم مع المجموعة الغير متحدة بروما، (مجلة بين النهرين 1996م، كنيسة المشرق بين شطريها، 182- 183، 188-190، 195، 200-201، ويُدرج المطران جمو نفسه ص 187 خارطة كنيسة المشرق تُسمَّى فيها منطقة جنوب العراق بيت الآراميين وليس بيت الكلدان، وتظهر فيها أمم أخرى كثيرة باسم بيت العرب والجرامقة والماديين وقردو (الأكراد) وهوزاي، وغيرها باستثناء بيت الآشوريين والكلدان، والمطران المتقاعد المتشدد إبراهيم إبراهيم اخذ دكتوراه في ميامر نرساي السرياني الذي يقول إن رسل المسيح كانوا سرياناً واسم جميع مومني الكنيسة (السريان)، وهو نفسه قبل أن يتكلدن يسُمي آبائه السريان المشارقة.

لكن ما يهمنا هو أن البطرك ساكو كان ملتزماً جداً في التاريخ قبل أن يتكلدن
1: سنة 1993م في مجلة بين النهرين 1993م، ص82-83، ردَّ البطرك ساكو على المطران المتشدد سرهد جمو الذي يسعى جاهداً لاتخاذ اسم الكلدان هوية قومية سياسية من خلال عقد مؤتمرات ولجان، وفي عنوان آراء للمناقشة في هويتنا وبنيتنا ككنيسة مشرقية (كلدانية)، حيث يقول البطرك ساكو: لقد قرأتُ بإمعان ما كتبه الأبوان المحترمان سرهد حمو ومنصور فان فوسيل بخصوص هويتنا الكلدانية، وأود أن أسجل بعض الملاحظات:إن كنيستنا ليست طائفية عنصرية حيث كانت تضم شعوباً متعددة، سريانياً عرباً فرساً تركاً صينيين هنوداً وغيرهم، (بدون كلدان وآشوريين)، وإن المسألة التي يود آباء المجمع الكلداني دراستها، آمل أنها ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، بقدر ما هي هويتنا المسيحية، فإسقاط الرسالة هو إسقاط الهوية، وكيف يمكن تأوين هذه الهوية التي ورثناها عبر الزمن بغلاف مشرقي (وليس كلدانياً أو آشورياً) عبر الزمن: اعتقد من يوم فقدت كنيستنا بعدها الإرسالي فقدت هويتها، أليس إسقاط الرسالة إسقاط للهوية؟، والسؤال المطروح على المؤتمر ولجانه: هل يريد المؤتمر الإبقاء على الطابع اليهودي السائد على طقوسنا وريازة (طراز بناء)كنائسنا وعلى تعابير لاهوتية منها غريبة وغير أصيلة. (مع ملاحظة أن علامة الاستفهام في (ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، والقوسين (وليس كلدانياً وآشورياً) عبر الزمن، منقولة حرفياً.

2: سنة 1998م ألف البطرك ساكو عندما كان كاهناً كتاب (آباونا السريان)، وكتب فيه شعار(عودوا إلى جذوركم واشربوا الماء من ينابعكم)
وعندما أردوا رسمه أسقفا شرط عليه القوميون المتطرفون حذف الشعار، فلبى طلبهم وطبعه سنة 2012م وحذف الشعار.

3: سنة 2005م كتب البطرك ساكو مقالاً في كتاب (ܡܒܘܥܐ ܣܘܪܝܝܐ) ينابيع سريانية جزء (جذورنا) ص 37-44/ مركز الدراسات والأبحاث المشرقية / لبنان 2005، أكد فيها أن الجميع سرياناً وسمَّى آبائهم ومفكريهم وأدبائهم بالسريان، بل أدرج خارطة (مواطن السريان.)

4: سنة 2005م وإلى جانب مطارنة السريان الأرثوذكس والسريان الموارنة قام البطرك ساكو بكتابة تصدير للأب الفرنسي جون موريس فييه الدومنيكي لكتابه (القديسون السريان) شكراً أياه ومعداً ذلك عملاً عظيماً وان كنيسته الكلدانية هي سريانية، علماً أن الكاتب يدرج في مقدمته أن القديسون هم سريان، واولياء الله هم سريان،والأعياد والتقاويم والجدوال هي سريانية، والأساقفة هم سريان، والكنيسة الكلدانية هي سريانية شرقية، ويُسمي البطرك يوسف 1712م سلف البطرك ساكو هو البطرك السرياني الشرقي ويضع بين قوسين (كلداني)، وجميع قديسي كنيسة البطرك ساكو ضمن الكتاب هم سريان، ومن الصدف أن أول القديسين السريان في الكتاب حسب الحروف الأبجدية هو أحد أسلاف البطرك ساكو، الجاثليق آبا (540-552م).


5: : سنة 2006م، ألف كتاب  خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية، قال ص4، 41: إن الكنيسة الكلدانية سُميت بكنيسة السريان المشارقة، وتسميات الكلدانية والآشورية متأخرة نسبياً، ولا توجد علاقة للكنسية الكلدانية ببابل، والكرسي البطريركي كان في المدائن (ساليق وقطسيفون) أي بغداد، وربما يعود هذا التبني إلى كونها (يقصد بابل) عاصمة الكلدانيين، وذكر ص 7، أن أبناء كنيسته هم من الأسباط العشرة من بني إسرائيل الذين سباهم العراقيين القدماء، وتحت ضغط القوميين طبع نسخة جديدة سنة 2015م وتم التزوير بإضافة كلمتي الآشوريين والكلدان.

6: في 15 أيلول 2015م قال: إن لغة الكلدان والآشوريين المستعملة اليوم هي سريانية الرها وليست كدانية بابل أو آشور، هذا خطأ علمي جسيم.

7: في 29 أبريل 2015م اقترح إن يكون الاسم الموحد للكلدان والآشوريون والسريان هو إما سريان أو آرامي، فهل هناك بطرك كلداني في العالم يقترح أن يكون اسمه الموحد سرياني وليس كلداني؟، أليس الارتباط مع الاسم السرياني مشبوه؟.

كنا نتمنى أن يحترم البطرك ساكو قلمه ويبقى سرياني ذو مصداقية لأنه يعلم قول الإنجيل: وكتب بيلاطس عنوانا ووضعه على الصليب. وكان مكتوبا: فقال رؤساء كهنة اليهود لبيلاطس: لا تكتب: ملك اليهود، بل: إن ذاك قال: أنا ملك اليهود، أجاب بيلاطس: ما كتبت قد كتبت. يوحنا 19: 19-22.
وشكراً/ موفق نيسكو


24
البطرك ساكو من ألمانيا يؤكد: الكلدان والآشوريين إسرائيليين، لا عراقيين

ذكرنا أكثر من مرة بالوثائق أن الكلدان والأشوريون الحاليين هم سريان، انتحلوا اسمان من أسماء حضارات العراق القديم لأغراض سياسية استعمارية وطائفية عنصرية، وذكرنا تأكيدات كثير من آباء كنيسة المشرق (الكلدان والآشوريون الحاليين) وبوثائق دامغة أن أصلهم يهوداً من بني إسرائيل وليسوا من الكلدان والآشوريون العراقيين القدماء، وأنهم يطالبون كورثة أورشليم بعرش كرسي أورشليم في العراق الذي يعتبره اليهود بلدهم الثاني، أهمها تأكيد البطرك ساكو:


وفي 22/ أيلول/ 2017م ومن ألمانيا أكَّد بطرك الكلدان لويس ساكو ذلك قائلاً:

كنيسة المشرق ولدت في بيئة ساميّة بين جاليات يهودية مستوطنة في بلاد ما بين النهرين بسبب خلفياتها الثقافية والدينية وتأثرت بها، وخير دليل ليتورجيتها وريازة – هندسة كنائسها القديمة، فهي صورة لهيكل أورشليم أو المجمع  synagogue،

وأشكر البطرك ساكو على هذا التصريح  كدليل إضافي آخر لما قاله سابقاً، والذي ساضيفه في كتابي القادم "بدعة الغرب لبعض للسريان بتسميتهم آشوريون وكلدان"، والكتاب المفصل القادم " كلداناً وآشوريون أم إسرائليين مسبيين؟ "

الشيء الغريب والمضاف زوراً الذي قاله البطرك ساكو هو إضافة سياسية طائفية من عنده لا تستند إلى أي دليل تاريخي وهو قوله:

لكن هذا لا يعني أن قسماً كبيراً من كلدان وأشوريي ما بين النهرين، لم ينضم إليها، فضلاً عن أقوام أخرى

ونحن نطالب البطرك ساكو حامل الشهادات العليا وبطريرك كنيسة وصاحب كتاب آباؤنا السريان وخريطة باسم وطن السريان، وجهود السريان المشارقة، وصاحب اقتراح أن يكون الاسم الموَّحد للسريان والآشوريون والكلدان هو (إما سريان أو آراميين)..الخ، أن يأتينا بوثيقة واحدة أو مصدر واحد كتابي أو غير كتابي وبلغته السريانية تقول أن هناك أشوريين أو كلدان في التاريخ المسيحي، فكل التاريخ والوثائق تقول أنهم سريان، وأول مرة تطلق فيها كلمة الكلدان هي في جزيرة قبرص في 7 أيلول 1445م على السريان النساطرة أطلقها  البابا أوجين الرابع لكي لا يرتبط اسم السريان النساطرة الذين اعتقوا الكثلكة بالهرطقة النسطورية، وهذه التسمية ماتت حينها لأن الاتفاق فشل، ثم عادت لتتردد رويداً رويداً فيما بعد وتثبت رسمياً في 5 تموز 1830م كما يقول البطرك ساكو نفسه في خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص 5، 41.



ومعروف إن البطرك ساكو بعد سنة 2014م بدأ يخضع للقوميين الكلدان فقام سنة 2015م بتزوير كتابه خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية المطبوع سنة 2006م ص 7  الذي  لا يذكر الكلدان والآشوريون، بل يقول إن أبناء كنيسته هم من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل اليهود، إضافة للآراميين والفرس، وأضاف في طبعة 2015م ص 13، عبارة واعتنق المسيحية الآراميون من الكلدان والآشوريون.


مع ملاحظة أنه رغم إضافته ذلك، لكنه أضافها بطريقة ذكية أي أنه اعتبر الآشوريون والكلدان القدماء، آراميون، وبعد سقوط الآشوريون والكلدان القدماء سنة 539 قبل الميلاد، انقرضت تلك الدول  وبقي اسم آشور جغرافي يُطلق أحياناً خاصة على مدينة الموصل، أما اسم  عائلة نبوخذ نصر كلداني فهو اسم عائلي انقرض معه، وفي زمن السيد المسيح لا يوجد قوم اسمهم كلداني أو آشوري مطلقاً، وجميع الأمم والأقوام موجودة في تاريخ ووثائق كنيسة المشرق السريانية (الكلدانية والآشورية حديثاً)، السريان الآراميون، العرب، الفرس، الأرمن، الأكراد، الرومان، اليونان..الخ باستثناء الآشوريون والكلدان، وجميع الأسماء والألقاب موجودة باستثناء الآشوريون والكلدان. 

لقد قام الأب جان فييه الدومنيكي بالبحث في خمسين صفحة من أسماء أعلام كنيسة المشرق ولم يجد فيها اسماً آشورياً أو كلدانياً واحداً، بينما قمتُ أنا ببحث بسيط فوجدتُ أن اسم إسرائيل هو أكثر الأسماء شيوعاً بين أعلام النساطرة، ومنهم جثالقة ومطارنة وقسس، بل عوائل كاملة ينتقل اسم إسرائيل من الجد إلى الحفيد، مثل: إسرائيل الكشكري +877م (جاثليق أو بطريرك)، إسرائيل الأول الكرخي +961م (جاثليق، بطريرك)، إسرائيل بن زكريا الطيفوري +1081م (طبيب)، إسرائيل حريف زوعي (مُنظِّم طقوس معاصر للمطران قبريانوس +767م)، إسرائيل بن سهل (طبيب، قرن الثامن)، إسرائيل عيسى أبو الفرج (كاتب الوزير أبي العباس الخصيبي، أيام المقتدر والقاهر)، أبو نصر بن إسرائيل (كاتب الناصح أيام الجاثليق بن نازوك +1020م)، موسى بن إسرائيل الكوفي (طبيب ابراهيم بن المهدي) القس إسرائيل الألقوشي 1610م وأحفاده ومنهم: إسرائيل بن القس شمعون بن القس إسرائيل بن القس كوركيس بن القس إسرائيل بن القس هرمز بن القس إسرائيل، (عائلة خطاطين تُسمَّى شوكانا) إسرائيل بن عوديش بركري (دهوك 1698م)، مرقس بن الشماس إسرائيل (قرية تلا 1719م)، يوسف أسرئيل الألقوشي (الرهبنة الهرمزدية 1825م)، القس إسرائيل (عينكاوا 1883م تقريباً)، يونان دانيال القس إسرائيل القس ديلو القس إسرائيل (قرية شليطا- تخوما، نهاية القرن 19)، إسرائيل زورقا باجا (راهب 1883م)، إسرائيل قس هرمز أودو (شقيق البطرك الكلداني يوسف أودو 1878م)، إسرائيل أودو +1941م (مطران أقارب البطرك يوسف أودو)، إيليا بن مروكي بن إسرائيل +1955م (مطران من عائلة أبونا النسطورية). وغيرهم.

ملاحظة في هذا اللقاء في ألمانيا حاول البطرك ساكو لإغراض سياسية وطائفية مناقضة كنيسته الكاثوليكية بمحاولة فاشلة للدفاع عن نسطور المحروم في مجمع عالمي سنة 431م وإلى اليوم، والذي تحرمه كنيسته الكاثوليكية هو وأستاذته تيودور المصيصي والطرسوسي وتعتبرهم هراطقة، ومعروف أن البطرك ساكو له آراء هرطوقية نسطورية، فهو ينكر بتولية مريم العذراء، وقام بتغير طقوسه لتحمل صبغة نسطورية، وقبَّل يد بطريرك النساطرة المتأشور دنخا الرابع، وهي قبلة نسطورية هرطوقية، لا مسيحية. وسنتحدث عنها يوماً بعنوان: قبلة البطرك المتُنسطر ساكو للبطرك المتأشور دنخا.

ونحن نطالب البطرك ساكو إن كان يعتقد أن نسطور غير محروم وغير هرطوقي أن يوعظ في كنيسته مستشهداً من نسطور ومستعملاً عبارة القديس أو مار نسطور، ويكتب ذلك للتوثيق. (أنا أقول إنه لن يتجرأ على ذلك).

وشكراً/ موفق نيسكو

25
مصطلح اللغة الكلدانية وحروفها يعني العبرية، والكلدان هم العبرانيون الإسرائيليون

إن مصطلح اللغة الكلدانية يعني الآرامية التوراتية أو اليهودية، وتسمية الكلدان خاصة باليهود العبريين الذين بعد أن ضعفت واضمحلت لغتهم العبرية القديمة سّمَّوا لغتهم التوراتية بعد السبي البابلي (كلدانية)، والقواميس العبرية مقترنة بالكلدان، وثيقة، رقم 1، 2،


وكتب قواعد العبرية والكلدانية واحدة، وهي التي يتحدث بها العبرانيون، وثيقة 3،

وحروف وألفاظ العبرية والكلدانية واحدة، وتختلف عن السريانية، وثيقة 4،


أي أن اللغة الكلدانية ليست اللغة السريانية الآرامية التي يتكلم بها الكلدان والآشوريين الحاليين اليوم، فهناك فرق بين السريانية (الآرامية) والكلدانية أي العبرية، وثيقة 5،

ومصطلح الكلدان يعني العبرانيين، وبعض القواميس مكتوب على الغلاف قاموس عبري وكلداني، لكن في الصفحة الأولى مكتوب قاموس عبري فقط، وثيقة 6،

وإلى اليوم في مدينة القدس وفي كنيسة جبل الزيتون (Pater Noster) توجد صلاة أبانا الذي المسيحية في كل لغات العالم، والملاحظ أنها موجودة في العبرية والكلدانية التي تعني الحروف العبرية وتختلف عن السريانية، وثيقة 7،

وأنبياء وأولياء اليهود العبرانيون هم كلدان، وثيقة 8،


والعهد القديم الكلداني يعني العبري، ويجب ملاحظة أن هناك فرق بين الكلدانية أي العبرية والعربية والسريانية واليونانية، وثيقة 9،

والترجوم والكتابات الربانية اسمهما الكلداني، وثيقة 10،

والمزامير الكلدانية يعني العبرية، وثيقة 11،

واسم خط اللغة العبرية المربع هو الخط الآشوري وثيقة 12.

إن الكلدان والآشوريين الحاليين ليسوا سكان العراق الأصليين، بل هم من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم الآشوريون والكلدان القدماء، وبقوا في العراق، وعند دخول اعتنقوا المسيحية عند دخولها وانتموا للكنيسة الأنطاكية السريانية لأن لغة اليهود كانت الآرامية، وأنطاكية مسؤولة عن كل الشرق، وفي كل تاريخهم بعد الميلاد هم السريان الشرقيون، اعتنقوا النسطورية وانفصلوا عن أنطاكية سنة 497م لأغراض عقائدية وطائفية، ووبقيت عندهم النزعة القومية العبرية طول الوقت، ثم قامت روما بتسمية القسم الكاثوليكي كلداناً وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز 1830م، وقام الإنكليز بتسمية القسم النسطوري آشوريين سنة 1876م، وثبت اسمهم رسميا في 17 تشرين أول 1976م، والكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية) التي تنحدر منها الكنيسة الكلدانية أكثر كنيسة ألفت قواميس وكتب لغة في التاريخ وفاقت السريان الغربيون الأرثوذكس والكاثوليك في هذا المجال، فقد ألف آبائهم حوالي مئة كتاب، ولم يرد قاموس واحد باسم لغة كلدانية بل سريانية وأحياناً آرامية، مع ملاحظة إن يهود العراق في المناطق الشمالية إلى أن غادروه سنة 1950م لم يكونوا يتكلموا العبرية باستثناء الطقوس والأدب الديني، بل الآرامية بلهجة الترجوم، وهي نفس لهجة الآشوريين والكلدان الحاليين لأنهم الجميع من بني إسرائيل، ولا يختلف اثنان على ذلك، ونختصر بقول كارل بروكلمان: إن لهجة الكلدان والآشوريين الحاليين هي لهجة يهودية متميزة، (فقه اللغات السامية ص24)، ومنذ أن انتحل الكلدان والآشوريين هذين الاسمين الوثنيين، بدئوا بجهود حثيثة للتخلي عن هويتهم السريانية المسيحية واستعادة هويتهم العبرية اليهو- مسيحية وتزوير كل التاريخ واللغة، وأن العراق هو بديل أورشليم، والآشوريون بدورهم سعوا جاهدين بذلك سياسياً، والكلدان ثقافياً، وقام المطران الكلداني الأثوري أدي شير باختراع عبارة كلدو- أثور سنة 1912م لأغراض سياسية لإقامة كيان عبري كلدو- أثوري شمال العراق متخفي بثوب مسيحي.

إن لغة اليهود المقدسة القديمة هي العبرية المنحدرة من الكنعانية، وسميت لاحقاً عبرية، ولم يرد في العهد القديم اسم اللغة العبرية، بل لغة كنعان، في ذلك اليوم يكون في ارض مصر خمس مدن تتكلم بلغة كنعان (إشعيا 19: 18)، أو اللغة اليهودية أو الاشدودية: "في تلك الأيام أيضاً رأيت اليهود الذين ساكنوا نساء أشدوديات وعمونيات وموابيا، ونصف كلام بنيهم باللسان الأشدودي ولم يكونوا يحسنون التكلم باللسان اليهودي بل بلسان شعب وشعب (نحميا 13: 23-25، و2 ملوك 18: 26،)، ووصلت اللغة اليهودية أو العبرية أوج عظمتها حوالي القرن السابع قبل الميلاد وكانت تقريباً خالصة من الشوائب الآرامية (إسرائيل ولفنسون، تاريخ اللغات السامية، ص89)، ومنذ تلك الفترة أي منذ سبي القبائل العشرة الإسرائيلية إلى العراق الحالي ضعفت العبرية أمام الآرامية (الأب جورج ليونكفيلد، مقدمة لدراسة اللغة الكلدانية، لندن، انكليزي، 1859م، ص4)، وأنظر (آرامية العهد القديم، د. يوسف قوزي، ومحمد كامل روكان ص20-21)، وغزت الآرامية الشرق وأصبحت لغة دولية لسهولتها والانتشار الآرامي الكثيف، وبدأت تقصي جميع اللغات الأخرى كالأكدية لغة بلاد آشور وبابل والعبرية، وكان انتشار اليهود المسببين الكثيف في بلاد ما بين النهرين من الأسباب القوية التي أدت إلى انتشار الآرامية بين اليهود، فشعر اليهود بخطر محدق على لغتهم القومية، ونشط اليهود إلى مقاومة الآرامية وبدئوا بث الكراهية لها بين اليهود بكل الوسائل، ولهم مقولات بذلك في التلمود:" استعملوا العبرية أو اليونانية واحذروا من رطانة الآرامية " أو " لا يُحادث الإنسان أخاه بلغة آرام "، وأحد الأسباب الرئيسة التي دفعت اليهود إلى التقليل من مكانة النبي دانيال هو لأنه كتب جزءً من سفره بالآرامية، ولم تستطع العبرية الصمود أمام الآرامية باستثناء كتاب بن سيراخ سنة 200  ق.م. تقريباً الذي برز بلغة عبرية نقية إلى حد ما، لأن الطبقة المتعلمة منهم نسيت العبرية وأصبحت الآرامية لغة البحث والمجادلة في التوراة، فاضطر أحبار اليهود إلى ترجمة التوراة وأدبهم العبري بالآرامية، وأصبحت العبرية ذو مسحة آرامية (ولفنسون، ص97)، وتٌسمَّى آرامية التوراة أو الآرامية اليهودية أو الفلسطينية، بل لم يكن اليهود يميزون بين آرامية التوراة والآرامية التقليدية التي اجتاحت الشرق كبلاد فارس وبلاط ملوكها، ولذلك عندما كتب اليهود رسالة إلى ارتحششتا الفارسي، قالوا: الرسالة مكتوبة بالآرامية ومترجمة بالآرامية (عزرا 4: 7)، أي أنها تُرجمت من الآرامية التوراتية الفلسطينية إلى الآرامية التقليدية، وكان اليهود يريدون تميز لغتهم عن الآرامية التقليدية نتيجة احتقار اليهود للغة الآرامية، ولكي تتلائم مع معظم أسفار العهد القديم التي كتبت إبان الدولة الكلدنية، وكل الأدب اليهودي العبري اللاحق كالتلمود (التعليم) المشنا (التكرار) والجمارة (التفسير) والترجوم البابلي (ترجمة التوراة وشرحها من العبرية القديمة إلى آرامية اليهود، يقترن اسمها بالكلدانية، وبقيت اللغة الآرامية لغة التحدث والكتابة في فلسطين، ولم يُهتم بالعبرية إلى سنة 219 عندما تأسست مدرسة سورا قرب الحلة في العراق، ولم يُعتنى بالعبرية إلى منتصف القرن التاسع الميلادي، وفي بداية القرن السادس عشر حدث تغيير حاسم في تاريخ الأدب العبري بعد فترة من الانحطاطـ، حيث تمت دراسة اللغة والأدب العبري  اليهودي وأصبح منتظماً في الدوائر العلمية ومحصور بشكل جيد (دائرة المعارف اليهودية ص581-582)، ومع كل ذلك وإلى اليوم فالعبرية الحالية ليست العبرية القديمة بل هي ذو مسحة آرامية، وتُسمَّى العبرية الحديثة (دائرة المعارف اليهودية ص585)، ولم تتأثر العبرية كثيراً بسريانية الرها التي أصبحت بعد الميلاد اللغة الرسمية الكتابية والأدبية والدينية للمسيحيين السريان. (آرامية العهد القديم، ص46، المطران أنطوان الصنا، مجلة المجمع العلمي العراقي،1976م، ص10). 

إن دانيال النبي هو الذي سمَّى الدولة البابلية الأخيرة وحروف لغتها (كلدانية) وليس عائلة نبوخذ نصر أو آخرين، واسم اللغة الكلدانية خاص باليهود العبرانيين، ولا يوجد لغة اسمها الكلدانية، ولم يرد اسمها في العهد القديم، ولم تكن الكلدانية لغة أهل بابل أيام نبوخذ نصر، ولا حتى الآرامية التقليدية (السريانية)، لأن الآرامية كانت لغة عائلة نبوخذ نصر فقط، بينما لغة شعب بابل كانت الأكدية- البابلية (سنتحدث عن الموضوع مستقبلاً بالوثائق)، ويُرجِّح العلاّمة الألماني هوك ونكلر Winkler (1863–1913م) أن نبوخذ نصر وعائلته القوية أعطت للكلدان مكانة رفيعة في بابل وطغت على غيرها من الأسماء القديمة حتى إن مؤرخي اليونان والرومان لم يعتدوا بسواهم من حكام بابل، فكانوا يطلقون اسم الكلدان عليهم، وبذلك أحيوا اسم الكلدان وأماتوا أسماء غيرهم من سكان بابل (حامد عبد القادر، الأمم السامية 81).

إن اليهود المسبيين في بابل والنبي دانيال بالذات هم من سمَّى الدولة البابلية الأخيرة القصيرة 73 سنة، وعملياً عصر نبوخذ نصر 43 سنة فقط بالدولة الكلدانية، وسموا حروف لغتهم الآرامية التوراتية أو اليهودية الفلسطينية بالكلدانية، فكانت الكلدانية لغة دانيال الخصوصية. (مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين 1869م، ص180)، ويقول المؤرخ طه باقر: هناك تسمية شائعة مغلوطة تُطلق على الآرامية هي الكلدانية، ومنشأ هذا الخطأ هو سفر دانيال من استعمال الكلدان للآرامية، ولكن في الواقع إن الكلدانية اللغة التي تكلم بها الكلدانيون أي البابليون في العهد البابلي الأخير، إنما هي اللغة البابلية المتأخرة المشتقة من الأصل الأكدي، (مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ص310-311)، وتقول دائرة المعارف اليهودية:كانت اللغة الكلدانيين  والآشوريين هي السامية البابلية، وفي أواخر الفترة البابلية (فترة نبوخذ نصر) توقف التحدث بالبابلية وحلَّت الآرامية مكانها، واستخدمت بشكل واسع في دانيال وعزرا (ص661-662)، ويقول المطران أنطوان الصنا مستنداً على مصادر عديدة: إن المفسرين القدماء أطلقوا اسم الكلدانية على الآرامية اليهودية التي جلبها اليهود لدى عودتهم من السبي وعُرفت من الآثار التي تركها اليهود، والآرامية الشرقية تأثرت جداً بالعبرية على غرار سائر اللهجات الآرامية اليهودية (ص 8 -9،20)، ويقول دوبون سومر:  إن دراسة نقدية لسفر دانيال تبيين إن الآرامية التوراتية أطلق عليها آنذاك اسم الكلدانية (الآراميون، ص162، والخوري أقليميس داود، اللمعة الشهيةـ، ص94)، ويقول البطريرك الكلداني لويس ساكو: اللغة التي نستعملها اليوم هي سريانية الرها وليست كدانية بابل أو آشور، هذا خطأ علمي جسيم.

ويقترن اسم الكلدانية بعدد من المقاطع الآرامية الواردة في العهد القديم كسفر دانيال وعزرا وإرميا لكن الأشهر لأنها الأكثر هي لدانيال، من (إصحاح 2: 4-7:28) عدا المفقودة، والقواميس العبرية وكتب النحويين تحوي المقاطع التي تكلم بها دانيال وعزرا مع العبرانيين، وحتى الحروف التي كتب بها اليهود اللغة العبرية فيما بعد، سمَّوها الكلدانية أو اليهودية، فقد كانت حروف العبرية هي السامرية القديمة ثم استبدلت أيام السبي بحروف شرقية في ضل الدولة الكلدانية، والحروف السامرية هي أصل الكلدانية والعبرية، ويقول المؤرخ يوسيفوس من القرن الأول الميلادي: إن آخر ملوك الكلدان بلطشاصر وحاشيته لم يستطيعوا قراءة الكتابة لأنها مكتوبة بالحرف الكلداني وباللفظ العبراني، فجاء النبي دانيال وفسرها لهم (تاريخ يوسيفوس ص13)، ونتيجة اعتزاز اليهود بالتسمية الكلدانية وضعوا أساطير قائلين: إن هذه الحروف تُنسب إلى المنجمين الأوائل (اسم الكلدان يعني المنجمين، السحرة)، وبهذه الحروف كتب آدم وإبراهيم وموسى، والعبرانيين استخدموها في البرية، وانتقلت هذه الحروف إلى أماكن أخرى..الخ (Edmund Fry، Pantographia، حروف كتابة الأبجديات 1799م، ص29-40، 142)، وأنظر lingues Lhistoire Des، تاريخ اللغات، ص 123-126)، وتُطلق الكلدانية على لغة الترجوم والتلمود أيضاً وهي التي نقلها اليهود إلى فلسطين (دليل اللغة الكلدانية، وقواعدها، نيويورك 1858م، ص16، 119Chrestomathy, Manual of the Chaldee language, containing A chaldee grammar.).

وسبب إطلاق اسم الكلدان هو أن اليهود تمتعوا بقدر من الحرية والأمان قياساً بالمسببين في بلاد آشور التي كانت دموية وهمجية معهم، وكانت بابل مدينة علمية وفي فترة السبي البابلي كتب اليهود معظم أسفارهم وأعطوها صورتها النهائية، ودرَّس الني دانيال في مدراس بابل  (دا 1: 4)، وأصبح الرجل الثالث في السلطة في عهد بليشاصر بل الثاني عملياً (رئيس وزراء) لأن الملك نبونيدس أبو بليشاصر ترك المملكة وسكن في تيماء ( دا 5:29)، وتم تبديل اسم دانيال إلى اسم بابلي بلطشاصر ومعناه المُنعم عليه (دا 1: 7، 2: 26)، وأصبح حاكما على كل ولاية بابل، وأشهر تلمود هو البابلي، واليهود بعد السبي شكلوا قوة كبيرة وكونوا مجمعات ومراكز ثقافية باسم بابل حتى أن المؤرخ يوسيفوس (37–100م) أصدر نسخة خاصة من دراساته التاريخية لهم، لذلك لم يتمتع دانيال بمكانة محترمة عند اليهود، فهو مؤرخ أكثر منه نبي، وهو أقل قدراً من الأنبياء الباقين، وموضع سفره ليس بين الأنبياء في الكتاب المقدس العبري، بل في القسم الثالث كتوبيم (الكُتاب)، ولم يُستشهد بدانيال ورفاقه الثلاثة  كأبطال عبرانيين كثيراً  من اليهود لاحقاً في الإسفار التي تُسمَّى القانونية الثانية وغيرها، لأن اليهود اعتبروه ذو علاقة قوية بالملوك الذين كان اليهود خاضعين لهم (دائرة المعارف الكتابية ج 3ص388، 391-392).

أمَّا خط اليهود المربع فسمَّاه اليهود الخط الآشوري ketab assur (الدكتور رمزي بعلبكي، الكتابة العربية والسامية، ص342، اللمعة الشهية ص51، 67، وأحمد سوسة، العرب واليهود في التاريخ ص612)، وهو المستعمل عند اليهود إلى اليوم (إسرائيل ولفنسون ص100)، وأنظر التوارة السامرية ص17، وأنظر (الأسقف النسطوري (الآشوري حديثاً) عمانؤئيل يوسف، حامل شهادتي الدكتوراه والماجستير باللغة السريانية-الآرامية في كتابه (آشوريون أم كلدان؟ ص90)، علماً أن كل أساقفة النساطرة هم سياسيون، فهو يستشهد بكتاب ستيفيني التي تقول إن الكتابة (الخط) ورد في المصادر اليهودية والمصرية والإغريقية بالأثوري، ويضع علامة استفهام وتعجب!؟، محاولاً التمويه لخلط اسم الخط باللغة والإيحاء أن اسم اللغة هو الآشورية، ناسياً أن كل لغة فيها خطوط كالعربية والخط الفارسي)، وهذا الخط المربع أدخله السامريون في بادئ الأمر هو نفس الخط العبري المربع القديم، وأخذه عنهم سكان يهوذا وسمَّوه القلم اليهودي ثم تركه السامريون، وثمة من يقول أن عزرا الكاهن نقله لهم، والخط المربع كان يستعمل إلى فترة السبي (Pantographia، المقدمة ص14،  المتن ص29، 145)، والسامريون هم المعارضين للآشوريين الذين نفاهم الملك سرجون الثاني (721–705 ق.م.)، وأسكنهم في السامرة مكان اليهود الذين سباهم إلى بلاد آشور،  وكانت لغتهم الآرامية (يوسف غنيمة، نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ص95)، وهؤلاء لم يكونوا يهوداً، بل وثنين، فأرسل الله لهم أسوداً لتقضي عليهم، فاستنجدوا بملك آشور، فأرسل لهم كاهناً من المسببين الإسرائيليين (في شمال العراق الحالي) ليعلمهم سنة الله، فاصطلحوا قليلاً وأصبحوا يهوداً وقبلوا الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم فقط (راجع 2 ملوك 17: 24–28)، وكتبوا توراتهم بقلمهم، ولذلك سُمَّي القلم الآشوري أحياناً، وشبيه هذا القلم المربع بعد المسيحية استرجعه النساطرة (الكلدان والآشوريين الحاليين) الذين هم من أصل إسرائيلي، ويُسمَّى بالقلم النسطوري (حسن ظاظا، الساميون ولغاتهم، ص101، اللمعة الشهية، ص75).

منذ القرن الخامس عشر بدأ اليهود والغربيون بحملة أدبية واسعة لكتابة تاريخ اليهود الديني وأحياء لغتهم، فألفوا القواميس وقواعد اللغة، وطبعوا العهد القديم، والتلمود، والترجوم..الخ، وكل هذه المؤلفات طبعوها هي بالاسم الكلداني، والحقيقة إن المقصود بالكلدانية هو اللغة العبرية وليس كلدانية كلدان اليوم، وأصبح اسم اللغة الكلدانية والعبرية اسمان للغة واحدة ولشعب واحد لأغراض سياسية حيث كان اليهود في العراق يشكلون أكبر جالية في العالم، ودائماً اليهود يعتبرون العراق بلدهم الثاني وحدهم الأخير هو الفرات" تكوين 15: 18، قطع الرب مع أبرام ميثاقا قائلا: (لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات). وندرج في نهاية المقال عشرات الكتب من دائرة المعارف اليهودية، ويقول George Longfield في كتابه An Introduction to the Study of the Chaldee Language، مقدمة لدراسة اللغة الكلدانية 1859م، لندن: بالحقيقة أن الكلدانية هي لغة جزء من الكتاب المقدس ودراستها خاصةً أجزء من سفر دانيال ربما تعتبر كافية للطلاب الذين يقصدون التعرف على مبادئ وقواعد اللغة العبرية، فالسريان المسيحيون الأوائل يختلف تفسيرهم للأفكار اليهودية، بينما في الواقع أن الكلدانية هي خاصة باليهود ومشتركة معهم، وأسفار مثل دانيال وعزرا وارميا والأدب الذي نملكه ألان بما يُسمَّى الكلداني خطأ نشأ منذ أيام سبي الأسباط العشرة، وبعد عودة المسبيين من بابل أصبحت لغة اليهود أو العبرانيين آرامية هجينة خاصةً بعد أن أصبحت فلسطين جزءاً من مملكة سوريا حيث تلقت العبرية الضربة القاضية من الآرامية (المقدمة ص 4-5، المتن ص3-4)، ويقول Chrestomathy: إن دراسة الكلدانية تستحق الثناء وهو أمر بالغ الأهمية في مساعدة الطالب أكثر لفهم العبرية، وما هو واضح أنه في كل خطوة من دراسة الكلدانية يزداد تسليط الضوء للتأكيد على ما يتعلق بمعنى وهيكلية العبرية، كما أن دراسة اليونانية واللاتينية والفرنسية تلقي الضوء لفهم الانكليزية، بيد أن الكلدانية هي أقرب بكثير إلى العبرية من تقارب تلك اللغات إلى الإنجليزية، والكتاب المقدس (العبري) والتلمود وكتابات الحاخامات والمختصين هي بالكلدانية، ولذلك من الأهمية دراسة الكلدانية القديمة لتوضيح معاني العبرية.(دليل اللغة الكلدانية وقواعدها، ص7-9).

بعد أن قام الغرب بتسمية السريان النساطرة كلداناً، بدأ الغربيون يُسمَّون اللغة السريانية (الآرامية) لإغراض سياسية عبرية وتبعهم من تَسمَّى حديثاً بالكلدان، وتميز الفرنسيون في هذا المجال لعلاقتهم القوية بالكلدان المسيحيين، فسمَّى الفرنسيون الآرامية (السريانية) بلهجاتها المختلفة كلدانية لشهرة بابل العراق (اللمعة الشهية، ص29، 39-40)، وتقول دائرة المعارف اليهودية إن أول من استعمل اسم للغة الكلدانية على آرامية التوراة هو القديس جيروم، +420م وهي تسمية خاطئة، (ص 662)، وجيروم أقام في فلسطين ودرَّس العبرية جيداً لمدة أربع سنين، ومهمتهُ الرئيسة كانت وبتكليف من البابا الروماني هي ترجمة الكتاب المقدس من اللغة العبرية إلى اللاتينية (الفولجاتا)، ومعروف أن الفرنسيين أخذوا بالاسم الكلداني  وكانوا يستعملون اسم العبرية والكلدانية على آرامية فلسطين، وتضيف دائرة المعارف اليهودية:كانت فرنسا قد أخذت زمام المبادرة في الأدب اليهودي منذ حوالي سنة  1150م (ص581)، ويقول المعلم لومون الفرنساوي (1724–1794م): إن لغة الكلدان (الحاليين) في كل الأحوال هي السريانية المشرقية، المسماة خطأ الكلدانية (مختصر تواريخ الكنيسة، ص607، ويقول العلامة الفرنسي جان بابتيست شابو(1860-1948م): إن الآرامية التي كانت تدعى الكلدانية، والظاهر أنهم رجعوا عندنا في فرنسا إلى الاعتقاد القديم والحقوا في دروس السريانية في المدارس العليا، الكلدانية والعبرية التي تُلقى فيها أيضاً محاضرات في اليهودية والتلمودية الربانية، وهذه هي الآثار هي الوحيدة لهذا التعليم في البرامج الرسمية، لكن في الحقيقة إن السريانية هي الفرع الذي وقفنا على ازدهاره من الآداب الآرامية (اللغات الآرامية وآدابها، ص5-6)، وفي سنة 1972 شكَّلَ المطران الكلداني روفائيل بيدوايد (البطريرك لاحقاً) لجنة برئاسته لإعادة طبع قاموس دليل الراغبين في لغة الآراميين للمطران أوجين منا الكلداني باسم قاموس سرياني، واحتاجت الكنيسة لممول، فمَّولَ ابن عم المطران متي بيداويد القاموس لكنه اشترط على طبعه باسم قاموس كلداني، وطُبع هكذا في سنة 1975، ولتبرير ذلك قام المطران بيدوايد بكتابة ما يلي في المقدمة بعد أن يشكر اختصاصي وعلماء اللغة السريانية: (يسرنا أن نفتتح هذا القاموس وهو من المصادر الجلية في اللغة السريانية، مختصرين عنوانه بقاموس كلداني- عربي، وهو العنوان الذي وضعه المؤلف بالفرنسي( vocabulaire chaldeen)، نظراً لأن حروفه بالكلدانية الشرقية ولهجته بالسريانية الشرقية، الكلدانية اللهجة الأكثر استعمالاً في الكنيسة الكلدانية والمشرق الآشورية التي يُشكِّل الكلدان والآشوريين الغالبية آملين أن يحقق الفائدة للناطقين بالسريانية). ويبدو أن تبرير البطريرك مُطابق لما قاله يوسيفوس: إن بلطشاصر وحاشيته لم يستطيعوا قراءة الكتابة لأنها مكتوبة بالحرف الكلداني وباللفظ العبراني، علماً أن الآشوريين يًسمَّون اللهجة السريانية الشرقية، آشورية، وأهل تلكيف، تلكيفية والقرش ألقوشية..الخ، وترجمة كلمة (vocabulaire) هي مفردات وليس لغة، والحرف الشرقي الكلداني هو الأقرب إلى العبري. (وسننشر مستقبلاً نص تعيم البطريرك بيدوايد).
وشكراً / موفق نيسكو

الملحق
--------------------------------------------------------
القواميس وكتب اللغة والقواعد باسم الكلدانية والمقصود بها عبرية، علماً أن قسماً كبيراً منها أوردها الأب يوسف حبي في مجلة المجمع العلمي العراقي 1976 ص75-104، وهناك قسم قليل آخر من إضافتي.
 (القواميس العبرية الكلدانية) DICTIONARIES, HEBREW  دائرة المعارف اليهودية ص579-585

David b. Isaac de Pomis "Lexicon Hebr. et Chald. Linguæ, Lat. et Ital. Expositum," Venice, 1587
Johann Buxtorf the Elder, "Lexicon Hebr.-Chald." Basel, 1607, 1615, 1621, 1631, 1645, 1646, 1654, 1655, 1663, 1667, 1676, 1689, 1698, 1710, 1735; "Manuale Hebr.-Chald." Basel, 1612, 1619, 1630, 1631, 1634, 1658
Philip Aquinas (ex-Jud.) "Dictionarium Absolutissimum Hebr., Chald., et Talm.-Rabbin." Paris, 1629
Jo. Plantavitius, "Thesaurus Synonymicus Hebr.-Chald.-Rabbin." Lodève, 1644-45
Sebastian Curtius, "Manuale Hebr.-Chald.-Lat.-Belgicum," Frankfort, 1668
Joh. Coccejus, "Lexicon et Commentarius Sermonis Hebr. et Chald. V. T." Amsterdam, 1669; Frankfort, 1689, 1714; Leipsic, 1777, 1793-96
Henr. Opitius, "Novum Lexicon Hebr.-Chald.-Biblicum," Leipsic, 1692; Hamburg, 1705, 1714, 1724
Joh. Heeser, Lapis Adjutorius, s. Lexicon Philolog. Hebr.-Chald.-Sacrum," part i.  Harderov, 1716
Nicol. Burger, "Lexicon Hebr.-Chald.-Lat." Copenhagen, 1733
Jo. Bougetius, "Lexicon Hebr. et Chald." Rome, 1737.
Fr. Haselbauer, "Lexicon Hebr.-Chald." Prague, 1743.
Petr. Guaria, "Lexicon Hebr. et Chald. Biblicum," Paris, 1746
Jo. Simonis, "Dictionarium V. T. Hebr.-Chald." Halle, 1752, 1766; "Lexicon Manuale Hebr. et Chald." ib. 1756
P "Lexicon Hebr.-Chald.-Latino-Biblicum," Avignon, 1758, 1765; Leyden, 1770
Jos. Montaldi, "Lex. Hebr. et Chald.-Biblic." Rome, 1789
Ph. N. Moser, "Lexicon Manuale Hebr. et Chald." Ulm, 1795
Sebastian Münster, "Dictionarium Chaldaicum non tam ad Chald. Interpretes, quam Rabbinorum Intelligenda Commentaria Necessarium," Basel, 1527
Johann Buxtorf the Elder, "Lexicon Chaldaicum Talmudicum," ed. Jo. Buxtorflus the Younger," Basel, 1639
Ant. Zanolini, "Lexicon Chaldaico Rabbinicum," Padua, 1747
Bon. Girandeau, S. J., "Dictionarium Hebraicum, Chaldaicum, et Rabbinicum," Paris, 1778
Th. Imm. Dindorf, "Novum Lex. Linguæ Hebr. et Chald." Leipsic, 1801, 1804
Evr. Scheidius, "Lex. Hebr. et Chald. Man." Utrecht, 1805, 1810
Aug. Fried. Pfeiffer, "Man. Bibl. Hebr. et Chald." Erlangen, 1809
E. F. C. Rosenmüller, "Vocabularium V. T. Hebr. et Chald." Halle, 1822, 1827
J. B. Glaire, "Lex. Manuale Hebr. et Chald." Paris, 1830, 1843
Em. Fried. Leopold, "Lex. Hebr. et Chald." Leipsic, 1832
J. H. L. Biesenthal, "Hebr. und Chald. Schulwörterbuch," Berlin, 1835-47
Samuel Lee, "A Lex. Hebr., Chald., and English," London, 1840, 1844
Fr. Nork, "Vollständiges Hebr.-Chald.-Rabbinisches Wörterbuch," Grimma, 1842
William Osborn, "A New Hebrew-English Lexicon," ib. 1845
B. Davidson, "The Analytical Hebrew and Chaldee Lexicon," ib. 1848
Fr. J. V. D. Maurer, "Kurzgefasstes Hebr. und Chald. Handwörterbuch," Stuttgart, 1851
Connexio literalis psalmorum, in officio B. Mariae Virg. et corroboratio ex varijs linguis Graec. Hebr. Syr. Chald. Arab. Aethiop. & SS. Patribus, vnà cum mysticis sensibus elaborata per Gulielmum Scepreum Anglum, 1596
Decapla in psalmos sive commentarius ex decem linguis; viz. Hebr. Arab. Syriac. Chald. Rabbin. Graec. Rom. Ital. Hispan. Gallic. Unà cum specimine linguae Copthicae, Persicae & Anglicanae mss. in duodecim sectiones digestus. ... Accessit memorabilium Galliae & Italiae, suis locis intertextura à teste oculato cum duplici indice, 1655

(القواعد العبرية الكلدانية)GRAMMAR, HEBREW دائرة المعارف اليهودية ص67-79

Andreæ Sennerti, P. P. in Acad. Wittenberg. Ebraismus, Chaldaismus, Syriasmus, Arabismus nec non Rabbinismus h. e. Praecepta Gramm. totidem LL. Orientalium diversis qvidē in libris, in Harmonia tamen unâ & perpetuâ, novâ, concinnâ atque perspicuâ conscripta methodo; exemplis itemq̀ue; confirmata illustrataque sufficient, 1666
Christophori Cellarii Chaldaismus, siue Grammatica noua linguae Chaldaicae, copiosissimis exemplis, & vsu multiplici, quem Chaldaea lingua theologiae & Sacrae Scripturae interpretationi praestat, illustrata, 1685
Martinez, Martinus. Institutiones in Linguam Hebr. et Chald. Paris. (Salamanca, 1571
Dieu, Ludov. de. Gramm. Linguarum Orientalium, Hebr. Chald. et Syrorum. Leyden. 1683
Altstedius, J. H. Rudimenta Linguæ Hebr. et Chald. Albæ Juliæ (Gyulafehérvár)
 Danzius, Jo. Andr, Compendium Gr. Ebr.-Chald. Jena. (1706, 1735, 1738, 1742, 1748, 1751, 1765, 1773.) 1686,
 Nucifrangibulum. Jena. Literator Hebr.-Chald.1694
 Jena. 1694. Interpres. Hebr.-Chald. (Syntax) Jena1694
Wartha, Jo. Paul,Gramm. Nova Hebr.-Chald. Styria.1756
Sancto Aquilino (Eisentraut). Opus Gram. Hebr. et Chald. Heidelberg.1776
Reineccius, Christ., Gramm. Hebr.-Chald. Leipsic. 1778
Kypke, George Dav. Hebräische und Chaldäische Grammatik (after Danz). Breslau. 1784
Barnard, Sam. A Polyglot Grammar of the Hebrew, Chaldee, etc. Philadelphia.1825
Glaire, J. B. Principes de Grammaire Hébraïque et Chald. Paris. 1837
Wiener, G. B. Grammatik des Biblischen und Targumischen Chaldaismus. 2d ed., Leipsic, 1842; 3d ed., 1882
 Petermann. Porta Chaldaica. 2d ed., 1872
Riggs, Elias,A manual of the Chaldee language : containing a Chaldee grammar, chiefly from the German of Professor G. B. Winer, a chrestomathy, consisting of selections from the targums, and including notes on the Biblical Chaldee, and a vocabulary adapted to the chrestomathy, with an appendix on the Rabbinic and Samaritan dialects, 1858
George Longfield An Introduction to the Study of the Chaldee Language,1859
Turpie, David McCalman. A Manual of the Chaldee Language. London, 1879
[/b]


26
مختصر تاريخ اليزيديين أو الأيزيديين ج2



[/center]

27
ندامة البطريرك النسطوري دنخا حول التسمية الآشورية

ولد البطريرك السرياني الشرقي النسطوري دنخا الرابع سنة 1934م في قرية دربندوكي قرب منطقة ديانا شمال العراق بالقرب من إيران، ومعروف أن السريان النساطرة (الجبليين) الذين سَمَّاهم الانكليز حديثاً آشوريين لأغراض استعمارية وكذلك نساطرة السهول الذين سمتهم روما كلداناً هم من أصول إسرائيلية سباهم العراقيين القدماء، ثم اعتنقوا المسيحية وانتموا للكنيسة السريانية الأنطاكية واعتنقوا المذهب النسطوري وانفصلوا عن أنطاكية سنة 497م، فعاش نساطرة الجبال منعزلين وبقيت عندهم النظرة الإسرائيلية العبرية على مر التاريخ إلى أن جاءتهم الفرصة في الحرب الأولى منتحلين اسم أحد الحضارات القديمة، حيث وعدهم الكابتن كريسي في 28 كانون ثاني 1918م بعد ثلاثة أشهر من وعد بلفور بإقامة كيان عبري بثوب يهو- مسيحي في العراق والأغلبية الساحقة من الآشوريين الجدد لم يكونوا من أصل عراقي، بل نزحوا من تركيا (هكاري) وإيران (أورميا) إلى العراق في الحرب الأولى وآواهم العراق، لكن زعمائهم نكروا الجميل واستغلوا الناس البسطاء  لتحقيق مطامعهم السياسية العبرية.
بعد اغتيال البطريرك بنيامين سنة 1918م صعد الحس القومي للنساطرة وصدقوا فعلاً أنهم آشوريين، وبقي الانكليز يروَّجون لذلك عبر دوائرهم في العراق، وكان للانكليز قنصلية في ديانا مقر ولادة البطرك دنحا تلعب دوراً سياسياً، وقد طلب العراق من انكلترا أكثر من مرة غلق هذه القنصلية التي تساند الآشوريون وتزودهم بالسلاح، لأنها تساعد على خلق مشاكل للعراق. (وسنتحدث عن هذا الموضع بالتفصيل مستقبلاً لكي لا نخرج عن الموضع)، وقام الآشوريين بمساندة الانكليز بتمرد على العراق الذي آواهم وأكرمهم وأنكروا الجميل وقاموا بحركة مسلحة فاشلة سنة 1933م، (شاركهم فيهل بعض الكلدان أيضاَ)، ويُعلّق كاهن كاثوليكي التقى مع يوسف يزبك على موضوع الآشوريين قائلاً:
 إن الإنكليز جعلوا من هؤلاء المسيحيين البسطاء حطباً لموقد مطامعهم، وصوروا للعالم تلك القبائل التيارية النسطورية بأنها أُمة ذات تاريخ، في حين لم تكن تلك القبائل يوماً من الأيام بوارثة الأمة الآشورية، وفي إشارة إلى المذابح التي ارتكبت بحق النساطرة جراء قيام الإنكليز بتسميتهم أثوريين يضيف الكاهن قائلاً ليزبك: إن الإنكليز " أثَّروها حتى ثوَّروها "، أي أن الإنكليز جعلوا من النساطرة أثوريين إلى أن ثاروا. (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص 232–240). وهناك عرائض كثيرة من بعض الآشوريين أنفسهم ومن الشق الآخر للكنيسة الذي انفصل سنة 1968م ويرفض التسمية الآشورية تصف البطرك ايشاي ومن قاموا بالحركة أنهم خونة. (سننشر الوثائق مستقبلاً).
 
كان الشاب دنخا قد تربَّى على الأفكار القومية التي خلقها الانكليز بتسمية السريان النساطرة آشوريين، ولم يكن لديه أية ثقافة دينية شأنه شأن كل رجال الدين النساطرة التي تجمع كل المصادر على أن الجهل يعم بينهم ورجال دينهم سياسيين وهم أعرف بأقسام البندقية من أقسام الكتاب المقدس كما قالت بعثة كارنتربري (كان أحد شباب أولاد عمومتي الذين يستضيفونه في الأردن يكتب للبطرك النسطوري دنخا عرائض، أمَّا البطرك الحالي كوركيس فعند لقائه بحيدر العبادي نادى العبادي، السيد المحافظ، إلا أن نبهه احدهم أنه رئيس وزراء وليس محافظ).

إن رجال دين النساطرة هم  بالحقيقة رؤساء أحزاب أكثر من رجال دين، ويريدون دائماً ملئ الفراغ الديني والجهل بالخطاب القومي ليغشوا ويكسبوا شعبهم، لأن كنيستهم غير رسولية وتعتبر هرطوقية ومحرومة من جميع كنائس العالم التقليدية، وأتت الفرصة  البطرك النسطوري دنخا عندما تم تعينه وليس انتخابه بطريركاً فسمَّى كنيستهُ من لندن في 17 تشرين أول 1976م بالآشورية، وهذه أول مرة في التاريخ يقترن الاسم الآشوري بهذه الكنيسة رسمياً، وبقي مقر كرسيه في شيكاغو إلى وفاته سنة 2015م، وظن البطرك دنحا أنه بتغير اسم كنيسته من نسطورية إلى آشورية سيخلص من المشكلة، فذهب إلى روما وخرج ببيان معهم سنة 1994م حاول تروجيه لشعبه أنه حقق شيئاً ما، علماً أنه لم يحقق أي تقدم ولم يخلص من النسطورية كعقيدة، والبيان الموقع مع روما لا يعني شيئاً، بل العكس يقول البيان ناسف لعدم الاحتفال سوياً، والمباحثات مع روما شبه متوقفة لأن البيان المذكور يتطلب توقيع المذكرة الثانية والمصادقة عليها وتعلن فيهما بصراحة أنها تخلت عن الهرطقة النسطورية، وهو ما لم تفعله الكنيسة النسطورية، وقد أنذرت روما الكنيسة بذلك عبر الكاردينال كاسبار، أن بيان 1994م لا معنى له ما لم تصادق الكنيسة على المذكرات، وإذا كان البطرك دنخا قد حاول التخلص من الاسم النسطورية كمناورة، لكنه وقع بالآشورية كما قال لي أكثر من شخص من كنيستهم بين رجل دين ومثقف وسياسي (خلصنا من النسطورية وقعنا بالآشورية).

بعد أن قام البطرك النسطوري دنحا بتسمية كنيسته آشورية شعر بالندم وأنه حول كنيسته إلى حزب سياسي، ولو أنها أصلاً مسيحية بالاسم، كما تجمع كل المصادر ومنهم الدكتور ويكرام، مهد البشرية، ص 257م.

وفي الكتاب الذي ألَّفه كريستوف باومر وباركه البطريرك نفسه في 9 كانون أول 2004م، تندم البطرك النسطوري دنخا على إطلاق التسمية الآشورية على كنيسته وفي ص 223-224، وتحت عنوان "هوية كنيسة المشرق" التي أنقلها كما هي، يقول:

[/b][/size]
وشكراً
موفق نيسكو


28
بطرك الكلدان ساكو للمطران سرهد جمو: نحن والآشوريين أصلنا يهوداً إسرائيليين

إن الكلدان والآشوريين الحاليين هم من الأسباط العشرة التائهة من بني إسرائيل الذين سباهم الآشوريون والكلدان القدماء، وذكرنا ذلك في أكثر من مقال وبوثائق من بطاركتهم ومطارنتهم، والبطريرك ساكو أكَّد ذلك بالتفصيل والمراجع الكثيرة في مقال المنشور في مجلة بين النهرين عدد 24 لسنة 1995-1996م، ص 204-216 بعنوان " كنيسة المشرق وأنطاكية".

 بعد أن اعتنق قسم كبير من اليهود المسبيين المسيحية عند دخولها انتموا للكنيسة الأنطاكية السريانية لأن لغة اليهود كانت الآرامية، وأنطاكية مسؤولة عن كل الشرق، وفي كل تاريخهم بعد الميلاد هم السريان الشرقيون، اعتنقوا النسطورية وانفصلوا عن أنطاكية سنة 497م لأغراض عقائدية وطائفية وقومية، وبقيت عندهم النزعة القومية العبرية طول الوقت، ثم قامت روما بتسمية القسم الكاثوليكي كلداناً وثبت اسمهم رسمياً في 5 تموز 1830م، وقام الإنكليز بتسمية القسم النسطوري آشوريين سنة 1876م، وثبت اسمهم رسميا في 17 تشرين أول 1976م، ومنذ أن انتحل الكلدان والآشوريين هذين الاسمين الوثنيين، بدئوا بجهود حثيثة للتخلي عن هويتهم السريانية المسيحية واستعادة هويتهم العبرية اليهو- مسيحية وتزوير التاريخ واللغة، وأن العراق هو بديل أورشليم، والآشوريون بدورهم سعوا جاهدين بذلك سياسياً، والكلدان ثقافياً، وقام المطران الكلداني الأثوري أدي شير باختراع عبارة كلدو- أثور سنة 1912م لأغراض سياسية لإقامة كيان عبري كلدو- أثوري شمال العراق بثوب يهو- مسيحي.

ضمن المتحمسين جداً للاسم الكلداني بغير علم مطران كاليفونيا سرهد جمو، الذي صدَّق أنه فعلاً كلداني وبدأ يخبط الحابل بالنابل محاولاً إثبات أنه كلداني بدون أي وثيقة من كنيسته، فيكتب مقالات ويعقد مؤتمرات ويُشكِّل لجان، ويأتي بمؤلفي كتب يجعلون كل شي كلداني بدون أي إشارة إلى مصدر من المصادر الكثيرة الموضوعة نهاية الكتاب لإيهام القارئ البسيط، والعجيب الغريب أن المطران سرهد جمو نفسه يقول:

إن كنيسة المشرق هي كنيسة أجدادنا المُلقبة أحياناً بالنسطورية المسماة لاحقاً بالكنيسة الكلدانية والأثورية، وهذه الأسماء انبثقت حديثاً في منتصف القرن السادس عشر بعد سنة 1553م، والاسم الكلداني استقر على الفئة المتحدة بروما، بينما تبنَّى الانكليكان (الانكليز) اسم الأثوريين في مداولاتهم مع المجموعة الغير متحدة بروما، وأن سياج العزلة أحاط بكنيسة المشرق أجيالاً عديدة، ثم جرت بعض الاتصالات بين كنيسة المشرق وبابا روما عبر المرسلين الغربيين منذ القرن الثالث عشر مع مهاجري بلاد ما بين النهرين في قبرص سنة 1445م، وأوضاع الكنيسة في تلك الفترة كانت غارقة في دياجير المحن نتيجة لمعاملة المغول وغيرهم القاسية، ولا زال إلى اليوم ديجور انعدام الوثائق الكنسية لتلك الفترة، وليس لنا اليوم أية وثيقة كنسية معاصرة تشرح لنا بشيء من التفصيل أحداث القرن الرابع عشر إلى السادس عشر، فتلك فترة يقف أمامها المؤرخ فارغ اليدين إلاَّ من بعض المعلومات الزهيدة. (مجلة بين النهرين 1996م، كنيسة المشرق بين شطريها، 182- 183، 188-190، 195، 200-201).

 ويُدرج المطران جمو ص 187 خارطة كنيسة المشرق تُسمَّى فيها منطقة جنوب العراق بيت الآراميين وليس بيت الكلدان، وتظهر فيها أمم أخرى كثيرة باسم بيت العرب والجرامقة والماديين وقردو (الأكراد) وهوزاي، وغيرها باستثناء بيت الآشوريين والكلدان. (ندرج الخارطة علماً أن كل آباء كنيسة المشرق يدرجوها وفي كتب باسم الكنيسة السريانية الشرقية، وهي مُطابقة لخارطة المطران أدي شير المُدرجة في كتابه الذي اخترع فيه تسمية كلدو- أثور سنة 1912م).



في سنة 1993م وفي مجلة بين النهرين 1993م، ص82-83، ردَّ البطريرك ساكو على المطران المتشدد سرهد جمو الذي يسعى جاهداً لاتخاذ اسم الكلدان هوية قومية سياسية من خلال عقد مؤتمرات ولجان، وفي عنوان آراء للمناقشة في هويتنا وبنيتنا ككنيسة مشرقية (كلدانية)، حيث يقول البطريرك ساكو:
لقد قرأتُ بإمعان ما كتبه الأبوان المحترمان سرهد حمو ومنصور فان فوسيل بخصوص هويتنا الكلدانية، وأود أن أسجل بعض الملاحظات:
 
إن كنيستنا ليست طائفية عنصرية حيث كانت تضم شعوباً متعددة، سريانياً عرباً فرساً تركاً صينيين هنوداً وغيرهم، وإن المسألة التي يود آباء المجمع الكلداني دراستها، آمل أنها ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، بقدر ما هي هويتنا المسيحية، فإسقاط الرسالة هو إسقاط الهوية، وكيف يمكن تأوين هذه الهوية التي ورثناها عبر الزمن بغلاف مشرقي (وليس كلدانياً أو آشورياً) عبر الزمن.

اعتقد من يوم فقدت كنيستنا بعدها الإرسالي فقدت هويتها، أليس إسقاط الرسالة إسقاط للهوية؟، والسؤال المطروح على المؤتمر ولجانه: هل يريد المؤتمر الإبقاء على الطابع اليهودي السائد على طقوسنا وريازة  (طراز بناء)كنائسنا وعلى تعابير لاهوتية منها غريبة وغير أصيلة. (مع ملاحظة أن علامة الاستفهام في (ليست مسالة هويتنا الكلدانية (؟)، والقوسين (وليس كلدانياً وآشورياً) عبر الزمن، منقولة حرفياً عن البطرك ساكو).

وأكّد البطرك ساكو ذلك أيضاً في مؤتمر التراث السرياني الحادي عشر المنعقد سنة 2006م قائلاً: تُعد الليتورجية الكلدانية والآشورية إحدى أقدم ليتورجيات الكنيسة، فهي تقليد مسيحي نشأ من أصل أورشليمي (يهودي)، والطقس الكلداني هو أبسط الطقوس الشرقية وأقدمها، ونشأ في بيئة بعيدة عن التأثر الهيليني (اليوناني) وحافظ على الطابع السامي المنحدر من التقليد الأورشليمي. (مركز الدراسات والأبحاث المشرقية، الرهبانية الأنطوانية، 2007م، ص 325-326).
وشكراً
موفق نيسكو

29
الإخوة القُرَّاء الأعزاء المحترمون
كتبتُ المقال في المنبر الحر فتم تحويله من الادارة الى هذا المتندى
فارتيتُ تحويله الى المنبرالسياسي
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,848098.0.html
وشكراً
موفق نيسكو

30
بابا الفاتيكان للبطرك النسطوري دنحا: حتى لو سَمَّيتمْ كنيستكم آشورية، لكنكم سريان

ذكرنا أكثر مرة وبحوالي 150 دليلاً معززاً بالوثائق والمخطوطات التاريخية قسم منها يعود لأكثر من ألف وخمسئة سنة، ومن مصادر الكنيسة نفسها أن الآشوريين الحاليين هم سريان من أصول يهودية من الأسباط العشرة التائهة من إسرائيل عاشوا كيهود قبل المسيحية، وبعد المسيحية كمسيحيين، (روفائيل ميناس، الوثنية والمسيحية في المشرق، مجلة المجمع العلمي العراقي 1985م، ص277)، لكن النظرة القومية الإسرائيلية العبرية بقيت متأصلة فيهم على مر الزمن، واعتنق هؤلاء الهرطقة النسطورية سنة 497م وانفصلوا عن أنطاكية السريانية، وشكَّلوا لهم شرق الفرات في المدائن كرسي كنسي، ولذلك سُميَّوا السريان الشرقيين، ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء. (راجع مقالنا كيف سَمَّى الانكليز النساطرة آشوريين، 7 أجزاء، ومقالنا هل النساطرة هم الأسباط العشرة الضائعة من اليهود، خاصة ج2، وليس قصدنا الانتقاص من اليهود، بل يجب احترام جميع الناس، ولكن قصدنا هو تبيان الحقيقة وعدم التخفي بثوب الدين لأغراض سياسية).

وجاءت الفرصة للنساطرة في الحرب الأولى حين تحالفوا مع الانكليز، فسمَّاهم الانكليز حليفنا الصغير، وشكَّلوا لهم جيش الليفي وموَّلوهُ بهدف لدفاع عن مصالحهم، مقابل إقامة كيان آشوري بوجه مسيحي، لكن بثوب وقلب قومي عبري إسرائيلي لتحقيق حلم إسرائيل الثاني إلى الفرات، حيث أعطاهم الكابتن الانكليزي كريسي وعداً بذلك في 28 كانون الثاني 1918م، أي بعد ثلاثة شهرين من وعد بلفور، ووضعت نقاط الوعد في بيان المندوب السامي البريطاني السير هنري دوبس في 31 أيار 1924م، فقاموا بتمرد مسلح على العراق، وقد استنكر العراقيون حكومة وشعباً، نواباً وسياسيين ومثقفين، وبكل أديانهم وأطيافهم، واعتبروا الآشوريين ناكري جميل وحسن الضيافة والكرم، وطالب قسم منهم بطردهم من البلاد استناداً إلى مرسوم 62، مادة 1 ،2، الذي ينص على سحب الجنسية المكتسبة بعد سنة 1918م للمخلين بالأمن، والتي بموجبها سُحبت جنسية بطركهم إيشاي وثلاثة من أقاربه في 16 آب 1933م، وكان أغلب الآشوريين إيرانيَّ وتركيَّ الجنسية، وأكرمهم العراق ومنحهم الجنسية. (وسأنشر مستقبلاً التفاصيل مع وثائق قسم منها يعرض لأول مرة).

وقد ظن النساطرة أن الاسم الآشوري لشهرته سيكون له صدى وسيرجف العالم عندما يسمعه ويعطيهم دولة على غرار إسرائيل، والبرفسور الدكتور جون جوزيف أحد أبناء الكنيسة نفسها في كتابه (الآشوريون الجدد في الشرق الأوسط،The modern Assyrians of the middle east) استند إلى أدق المراجع العالمية وفَنَّدَ إدعاء النساطرة أنهم آشوريين، وشَبَّهَ إدعاء الآشوريين الحاليين أنهم ينحدرون من القدماء بقول الكاتب ميكائيل مارون: إنه شاهد متسول إيراني شيعي جالس في كرمنشاه يدَّعي بصوت عالي أنه سليل الإمام الحسين وحفيد الرسول محمد لكي يكسب عطف الناس. (ص27).

ولما كان الأمر معروفاً لدى الفاتيكان أن هؤلاء هم سريان سمَّاهم الإنكليز آشوريين لإغراض استعمارية، وأن هذه الألاعيب لا تنطلي على أحد، فقد خاطب البابا يوحنا بولس الثاني البطرك النسطوري دنحا ووفده في الفاتيكان بتاريخ 11/11/ 1994م قائلاً له: حتى لو سميتم كنيستكم آشورية، لكنكم بالنسبة لنا سريان شرقيين:
(علينا أن نسعى لتنسيق جهودنا من أجل الترحيب بكرامة والمساعدة الفعالة لاؤلئك الذين اقتلعوا من ديارهم واجبروا على الهجرة بسبب الصعوبات التي عانوها، ولا ننسى الألم الطويل التي عانته جماعتكم السريانية الشرقية..الخ).

ومع أن أصل التسمية هو ما يُسمي القوم أنفسهم بلغتهم وليس بلغة الآخرين، واسم النساطرة في كل التاريخ بلغتهم هو السريان، وغالباً ما يحاول الآشوريين بحيلة لغوية أخرى اعتباره الآشوريين بحجة تقارب الكلمتين بالإنكليزي فقط، لان الكلمتين آشوري وسرياني بلغتهم السريانية تختلفان تماماً، لكن الملاحظ أن البابا استعمل اسم الكنيسة الآشورية واسم السريان بالانكليزي بصيغتين واضحتين، وليس كما يدعى الآشوريين، علماً أن الرسالة مترجمة في كتاب كنيسة المشرق ص257، للمطران النسطوري باواي سورو، الآشوري سابقاً والكلداني حالياً.
أرفق الوثيقة الفاتيكانية ونص المطران سورو

وشكراً/ موفق نيسكو

31
أتقدم بالشكر الجزيل لسعادة سفير العراق في الدنمرك الأستاذ الدكتور علاء الجوادي المحترم على هذه الهدية القيمة، وافتخر واقدِّر عالياً ثقافته الواسعة بمختلف الأمور وإطلاعه الواسع في تاريخ العراق وأديانه وطوائفه وقومياته،فالعراق  اليوم بأمس الحاجة إلى شخصيات مثله تلعب دوراً كبيراً تطفي حباً ونقاءً وبهاءً وجمالاً على أصرة الهوية العراقية بين جميع العراقيين، وتساعد في تقوية علاقات المحبة والأخوة بين الجميع للعيش بمحبة سوياً على تربة الوطن وتحت خيمة الواحدة.
بارك الله فيكم ودمتم ذخراً للقيم العراقية والمثل النبيلة.
أشكر سعادة السفير لتخويله لي بنشر المداخلة من موقع النور

http://www.alnoor.se/article.asp?id=308997&msg=sent#comments

السريان وأهل البيت/ سعادة سفير العراق في الدنمرك د.علاء الجوادي

الدكتور السيد علاء الجوادي
ارغب أن أقدم مداخلة تأصيلية حول الجذور العراقية الأصيلة لقريش وبني هاشم وأهل البيت وأهديها بالذات للأستاذ الباحث موفق نيسكو وكل الإخوة المسيحيين المتداخلين على هذه المقالة وستظهر كتعليق في النور والأخ موفق مخول بنشرها في الأماكن المناسبة كذلك... فأقول بعد الصلاة والسلام على سيدي روح الله المسيح وسيدي وجدي حبيب الله محمد وعلى أهل بيته الأطهار:
 
الإسلام والثقافة الإسلامية تحترم كثيرا السريان والثقافة السريانية وفي المقابل وكما أكد المطران جورج صليبا أن: التواريخ السريانية تضع الإمام علي في مقام أصفياء الله لكل ما خصّه به الله من معرفة وحكمة ومقدرة... وقد ألقى مطران جبل لبنان للسريان الأرثوذكس المطران جورج صليبا كلمة تحدث فيها عن شخصية الإمام عليّ صلوات الله عليه وقال: إنه شخصية نادرة وفريدة في العالم عموماً وفي الإسلام خصوصاً... وأضاف صلیبا قائلا: هو ابن عمّ الرسول العربي الكريم وهو الرجل الثاني بعد الرسول في الإسلام، فالإمام عليّ عالم كبير سماته التقوى ومكارم الأخلاق والنباهة والشجاعة، كرّمه الله ووهبه الذكاء والفطنة والشجاعة ويشهد له بذلك الإسلام وعلماء من غير المسلمين، ومنهم مار ميخائيل الكبير البطريرك السرياني (1199) وهو من أكبر مؤرخي السريان والعالم.
وقال: كانت للإمام عليّ علاقات مميّزة مع السريان، ومعاصراً لأقطاب كبيرة من هذه الأمة، أذكر منهم صديقه البطريرك أثناسيوس الجمّال 595 - 631، وماروثا التكريتي (628- 649)، والبطريرك تيودور 631- 648، وكانت تربطهم علاقات عبادة الله ومحبّة الناس وخدمة المواطنين، وتضعه التواريخ السريانية في مقام أصفياء الله لكل ما خصّه به الله من معرفة وحكمة ومقدرة.
 
ونتيجة لهذه الصلة الوثيقة نجد بعض الروايات الإسلامية تشير إلى أسماء الأئمة الاثنى عشر الأطهار عليهم السلام من أبناء الرسول محمد وتذكر أن أسمائهم هي:
الإمام علي: اليا
الإمام الحسن: شبر
الإمام الحسين: شبير
الإمام علي بن الحسين: علوثا
الإمام محمد الباقر: طيموثا
الإمام محمد الصادق: دينوثا
الإمام موسى الكاظم: بجيوثا
الإمام علي الرضا: هيملوثا
الإمام محمد التقي: اعلوثا
الإمام علي النقي: ريبوثا
الإمام الحسن العسكري: علبوثا
الإمام المنتظر محمد المهدي: ريبوثا

وهذا يكشف مدى احترام أئمة أهل البيت للشعب الآرامي ومن ثم السرياني الذي سكن في العراق كبلد أصلي لهم وفي ما جاوره من أقاليم تستوعب منطقة الهلال الخصيب. وأنا شخصيا احترم كثيرا جدا هذا الشعب وكل المسيحيين وبكل أسمائهم الكريمة التي يرغبون أن يسموا بها أنفسهم...

ولم تكن مواقف أهل البيت مجاملة لشعب من الشعوب فلم يكن يومذاك نفوذا وقوة سياسية أو عسكرية للآراميين أو السريان في العراق والمنطقة بل كان بعض المسلمين ينظرون لهم بعدم احترام وفوقية، حتى قال احدهم: لو كنت مدينا وكان جارك نبطيا فبعه وفي دينك!!!!!  لكن أهل بيت الرسول كانوا يريدون تصحيح الموقف بما يتطابق مع الحق، فاظهروا اعتزازهم باللغة الآرامية القديمة لغة العراق قبل الإسلام. بل أن أهل البيت كشفوا حقيقة خطيرة في المجتمع المسلم يومها كانت صادمة للكثيرين، فاشرف أسرة عند العرب هم قريش واشرف قريش بنو هاشم واشرف بنو هاشم علي بن أبي طالب وأولاده، لكن هؤلاء الإشراف كانوا يفتخرون بأصلهم الآرامي السرياني العراقي وها هو عميد البيت الهاشمي وثاني رجل في العرب بعد محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم، علي بن أبي طالب عليه السلام يقول عندما سأله احد علماء النسب عن نسب قريش: (نحن قوما من كوثى). ويقول الإمام علي بصريح العبارة: " من كان سائلاً عن نسبنا فإنا من نبط من كوثى"... ويعني ذلك نحن من قريش وقريش من النبط والنبط من كوثى... وكوثي هذه هي عينها كوفي أو الكوفة وفي رواية أهل البيت كوثي ربي أي كوفة الكبرى التي تشتمل اليوم على المحافظات النجف وبابل وكربلاء!!!

بقي علينا أن نعرف أن مصطلح النبط عند العرب يومذاك يعني سكان العراق الذين كانوا يتكلمون اللغة السريانية وهي الآرامية المؤمنة حيث أن الآراميين الذين امنوا بالسيد المسيح اصطلح عليهم كلمة السريان تميزا لهم عن الآراميين ممن لم يؤمن برسالة السيد المسيح عليه السلام...

وتوجد عندنا روايات عديدة تؤكد أن أهل البيت النبوي كانوا على معرفة باللغة الآرامية ووليدتها السريانية.
وحتى القران الكريم المنزل باللغة العربية القرشية ترد به جمهرة من الكلمات الآرامية... لغة أجداد القرشيين القديمة المتحدرة من بابل موطن جدهم إبراهيم عليه السلام، فقد وردت الكثير من العبارات النبطية الآرامية في القران الكريم وأحاديث أهل البيت عليهم السلام والدخول بهذا البحث اللغوي يقود إلى تحبير المئات من الصحائف. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الطور هو الجبل أو التل. وفي قوله تعالى (وكلا تبرنا تتبيرا) أي كسرنا تكسيرا. وكلمة (الملكوت) والتي ورد ذكرها في أكثر من موضع في القران الكريم هي كلمة نبطية، فالملاحظ أن الكلمة العربية المرادفة لهذه الكلمة النبطية هي (الملك) أما عند النبط فهي (ملكوتا).
سيد علاء

32
الشكوى ضد النائب يونادم كنا للمسؤولين العراقيين ودراسة عن السريان

الشكوى ضد النائب يونادم كنا التي قُدمت إلى السيد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان العراقي والمحكمة الاتحادية المحترمين لقيام يونادم كنا بتهميش اسم السريان لأغراض سياسية استعمارية، مع دراسة مختصرة عن تاريخ السريان في العراق. (ملاحظة هذه نسخة البرلمان).
وشكراً
موفق نيسكو






33
بشرى سارة للسريان/ السريانية قومية رئيسة في دستور العراق

خلال متابعتي لأمور إضافة اسم السريان بصورة تفصليه أود أن أبين ما يلي:
ليطمأن السريان بأن ما يجري هو مخالف للدستور وتجني على الحقيقة، وهو باطل، والكرة الآن في ملعب النواب المسيحيين الخمسة الذين يدعون أنهم يمثلون المسيحيين والذين يخاطبون البرلمان ومدير البطاقة وغيرهم، فإن كانت هناك قوميات في العراق فأن السريانية هي قومية رئيسة في دستور العراق إلى جانب العرب والكرد الأرمن والتركمان فقط،  وأن الكلدان والآشوريين هم قومية صغيرة مضافة،وكالتالي:

1: لا يوجد أي ذكر للقوميتان العربية والكردية في الدستور العراقي إطلاقاً

2: إن البطاقة الموحدة التي ذُكر فيها اسم العرب والكرد كقوميتان إذا كانت مستندة للدستور، فهي تستند إلى المادة الرابعة من الدستور والتي تقول:
   أولاً: اللغة العربية واللغة الكردية هما اللغتان الرسميتان للعراق، ويضمن حق العراقيين بتعليم ابنائهم باللغة الأم كالتركمانية، والسريانية، والارمنية، في المؤسسات التعليمية الحكومية، وفقاً للضوابط التربوية، أو بأية لغة أخرى في المؤسسات التعليمية الخاصة.
أي إن القومية مرتبطة باللغة وهو الصحيح، وليس بأسماء عوائل أو احد أسماء الحضارات القديمة (كلدان وآشوريين) التي انتحلتها الكنائس السريانية حديثاً.

3: بما أن البطاقة الموحدة فيها عرب وكرد، فهي إذ تستند لمادة، إنما تستند إلى المادة 4 وليس إلى المادة 125 من الدستور التي تضمن حقوق بعض القوميات الأخرى ومنها الكلدان والآشوريين التي تقول:
  يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين. وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون.

وعليه أمام السادة النواب الخمسة الذين يدعون تمثيل المسيحيين استعمال حقهم القانوني أمام كل الجهات مرفوعي الرأس:

1: شطب كلمة العرب والكرد من البطاقة الموحدة حسب الدستور لأنهم غير موجودين في المادة 125، مع إبقاء القوميات الثلاثة فقط (التركمان، الكلدان، الآشوريين) .
2: شطب اسمي الكلدان والآشوريين من الدستور، وإضافة اسم السريان والأرمن حسب المادة 4 أسوة بالعرب والكرد.
3: في حالة تفسير المادة 125 من الدستور على أنها تعني القوميات الصغيرة فيجب شطب اسم الكلدان والآشوريين، وبقاء العرب والكرد والسريان والأرمن والتركمان فقط، وفي حالة تفسير المادة 125 على أن الكلدان والآشوريين قوميات مضافة، فممكن إضافتهم جانب القوميات الرئسية المرتبطة باللغة حسب المادة 4.

ملاحظة: لماذا لم يطالب النائب الشاطر السيد جوزيف صليوا باضافة اسم اسريان والأرمن استناداً الى المادة 4 أسوةً بالعرب والكرد، ولكنه طالب بإدخال اسمي الكلدان والآشوريين حسب المادة 125، أم أن هذا الأمر فاته، واكتشفه مواطن عادي بسيط؟.

أخيراً انتهى الأمر وليمشي السريان مرفوعي الرأس ومعهم الأرمن لأن شانهم شأن العرب والكرد كقومية أساسية غير مضافة، وفي حالة عدم استطاعة النواب الخمسة إضافة اسم السريان وكذلك الأرمن عليهم الطلب بسحب اسم الكلدان والآشوريين من البطاقة وانسحابهم من البرلمان إن كانوا يحترمون شعبهم والقانون، فلا معنى لشيء اسمه ممثلي مسيحيين وشيء اسمه دستور العراق، لأنه حبر على ورق، ولا معنى لإضافة الكلدان والآشوريين.

والتاريخ يسجل 

وشكراً
موفق نيسكو

34
كلمة الآشوريين (الأثوريين) تعني أعداء الإنسانية في الأدب السرياني، وهتلر آشوري

من الحقائق الثابتة أن الآشوريين الحاليين لا علاقة بالآشوريين القدماء إنما هم سريان شرقيين (نساطرة) كانوا منعزلين في الجبال سمَّاهم الانكليز آشوريين سنة 1876م لإغراض سياسية استعمارية عندما أرسل إليهم كامبل تايت رئيس أساقفة كرنتربري بعثة بهذا الاسم إلى سريان أروميا في إيران وهكاري في تركيا، وقبل ذلك وفي كل وثائقهم التاريخية على الإطلاق هم سريان، وبدأ الاسم الآشوري يأخذ منحى سياسي بتشجيع من الإنكليز وترحاب من عائلة أبونا التي كانت تتحكم ببطريركية الكنيسة منذ سنة 1318م، وهي عائلة يهودية الأصل من سبط نفتالي، أصبح هدفها في بداية القرن العشرين وبوعد من الانكليز إقامة كيان لها شمال العراق باسم آشور على غرار إسرائيل، والملاحظ أن الأثوريين يتعمدون استعمال الاسم بصيغته اليهودية العبرية حسب العهد القديم (الآشوريين) وليست العربية أو السريانية لمحاولة إثبات أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، فالصيغة بالسرياني هي أثوري لكنهم يكتبوها بالعربي وبقية اللغات آشوري، والغريب بالأمر أن الحكومة العراقية لم تنتبه إلى أن صيغة الاسم التي أدخله النائب يونادم كنا متعمداً في دستور العراق هي صيغة يهودية عبرية يهودية وليست عربية ولم ترد في كل كتب التاريخ العربي صيغة آشور بل أثور، كما أن الحكومة لم تنتبه إلى أن علم الآشوريين هو بريطاني، ويبدو أن إسرائيل وبريطانيا قد دخلت العراق ودستوره عن طرق الأثوريين أو الآشوريين. (راجع مقالنا: كلمة آشور صيغة عبرية وليست سريانية أو عربية، وكذلك مقالنا: علم الآشوريين سيباري بريطاني وليس آشوري).

1: عُرف الآشوريون القدماء بالهمجية والقسوة في العهد القديم، فلقسوة الآشوريين يطلب الشعب من الله أن يخلصهم من ظلم الآشوريين لكي يعرف العالم أنه رب قوي إذ يقول: حقاً يا رب إن ملوك آشور قد خربوا كل الأمم وأرضهم، ودفعوا آلهتهم إلى النار لأنهم ليسوا آلهة بل صنعة أيدي الناس خشب وحجر فأبادوهم، والآن أيها الرب إلهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب وحدك. (إش 37: 18–20).

2: يصور الله كيف يفرح أبناؤه بالدفوف عندما يضرب ويحارب الآشوريين ويقضي عليهم فيقول: من صوت الرب يرتاع آشور، بالقضيب يضرب، ويكون كل مرور عصا القضاء التي ينزلها الرب عليه بالدفوف والعيدان، وبحروب ثائرة يحاربه. (إشعيا 30: 31–32).

3: عندما يعاقب الله الآشوريين ويكسرهم، لن يجعل جراحهم تشفى، وستفرح وتصفق الأمم لذلك حيث يقول: نعست رعاتك يا ملك آشور، اضطجعت عظماؤك، تشتت شعبك على الجبال ولا من يجمع، ليس جبر لانكسارك، .جرحك عديم الشفاء، كل الذين يسمعون خبرك يصفقون بأيديهم عليك لأنه على من لم يمر شرك على الدوام. (ناحوم 3: 18–19). وغيرها كثير.

4: في التاريخ المدني يوصف الآشوريين القدماء بالوحشية والبربرية والطغاة ويقول جيمس برستيد ناحوم: إن صدى فرحة وهتاف الأمم بسقوطها (سنة 612 ق.م.)،  ترددت من بحر قزوين إلى النيل عندما رأت الأمم إن السوط الرهيب الذي ألهب أمم الشرق لم يعد له وجود، وكان سقوط نينوى أبدياً وعندما مر كزينفون في المكان بعد قرنيين من الزمن لم تكن نينوى سوى كومة أنقاض والأمة الآشورية سوى أسطورة غامضة في خبر كان، (انتصار الحضارة، تاريخ الشرق القديم، ترجمة د. أحمد فخري ص227 العصور القديمة، ترجمة داود قربان ص179). 
 
5: يخاطب خادم من بابل الملك أسرحدون قائلاً: إن ملكي يعلم أن كافة البلدان حاقدة علينا بسبب الدولة الآشورية، وعندما هاجم سنحاريب القدس فيقول: هاجمتها كالإعصار وكالعاصفة أطحت بها ولم اترك من سكانها شيبا وشباناً أي فرد فملأتُ الطرق بجثثهم، حطمت المدينة وخربتها ودمرتها بالنيران من اسسها لكي ينسى الناس في المستقبل تراب معابدها، وسلطت عليها الماء، ولتهدئة قلب آشور مولاي لكي يركع الناس صاغرين ص412، 431.(جورج رو، العراق القديم، ترجمة حسين علوان).

6: يقول ول ديورانت: كان الآشوريون يعيشون حياة الهمجية بكل ما يشمله هذا اللفظ من المعنى، ويصفهم عنفهم بالوحشية قائلاً :كان الآشوريون يجيدون تعذيب الأسرى وسمل عيون الأبناء أمام آبائهم، وسلخ جلود الناس وهم أحياء، وشوي الأجسام في الأفران وربطهم بالسلاسل في الأقفاص ليستمتع الناس برؤيتهم، ويحدثنا آشور بانيبال بقوله: سلخت جلود كل من خرج عليَّ من الزعماء، وغطيت بجلودهم العمود وسمرت بعضهم، ويفخر آشور أنه احرق بالنار 3000 أسير ولم يبقى على الأقل واحد ليكون رهينة، والمذنبون بحق أشور انتزع ألسنتهم من أفواههم، ومن بقي منهم على قيد الحياة قدمهم قرابين وأطعم أشلائهم المقطعة للكلاب والخنازير والذئاب، والآثار التي شيدها أقيمت من الجثث الآدمية التي قطعت منها الروس والأطراف..الخ (قصة الحضارة ج2 ص281-282).

7: يقول قاموس الكتاب المقدس ص78: إن ملوك آشور كانوا يفتخرون في سجلاتهم بقوتهم الحربية ومعاملتهم الأمم المغلوبة على أمرها بكل صنوف القسوة، وكانوا يتباهون بوسائل تعذيب الأسرى الذين يقعون في أيديهم وأدخلوا وسائل جديدة لم تكن معروفة من قبل وكانوا أول من قام بترحيل شعوب الأمم المنهزمة على نطاق واسع من بلادهم، وتقول دائرة المعارف الكتابية ج1 ص332: إن الأشوريون كانوا قساة في الحروب ولا يعرفون التسامح وتشبه دولتهم بالأتراك العثمانيين، والجدير بالذكر أن هتلر قد افتخر  بنفسه بأنه من نسل الآشوريين قائلاً: الآشوريين العظماء أجداد الألمان، والغريب أن بعض الآثوريين الجدد اليوم يفتخرون بهتلر لأنه قال ذلك. (ثانية 48م من المقطع التالي من خطبة هتلر).

https://www.youtube.com/watch?v=BJh0SxHLVP4

كلمة الآشوريين (الأثوريين) تأتي بمعنى أعداء الإنسانية في الأدب السرياني بعد الميلاد

إن أثوري اليوم يعرفون أن الآشوريين القدماء نتيجة لشرهم وإجرامهم أصبحت كلمة الآشوريين تأتي في كتبهم باللغة السريانية بعد المسيحية بمعنى أعداء الإنسانية حيث غالباً ما يشبِّه السريان في التاريخ أعداهم بالآشوريين بمن فيهم كُتَّاب الأثوريين الحاليين أنفسهم، ولكن أثوريي اليوم الذين سمَّاهم الانكليز يتغاضون اليوم عن ذلك بالدفاع عن إجرام الآشوريين القدماء لتحقيق غايات سياسية.

1: كلمة الآشوريين تأتي بمعنى الأعداء (عمود 322) في أهم قاموس سرياني في العالم لمؤلفه الحسن بن بهلول +963م، وهو من أبناء كنيسة المشرق ذاتها،

2: يُطلق سمعان العمودي +507م اسم الآشوريين على الفرس الأعداء والأشرار الظالمين قائلاً: بعد أن كُنَّا مرتاحين بعض الوقت، ضُربنا من قبل الآشوريين. (وليم رايت، تاريخ يشوع العمودي/ انكليزي 1882م ص5).

3: في زمن يعقوب البرادعي +578م أغار كسرى بن قباذ على الرها وبطنان والقرى الواقعة غرب الفرات وسباها ودمرها، فارتعب الشعب وطلبوا من البرادعي أن يُصلي الى الله ليخلصهم من هذه المحنة، فصلىّ يعقوب الرادعي قائلاً: لا تياسوفإن الله في هذه الليلة سيطرد كسرى كما طرد سنحاريب من أورشليم وفي الفجر لن يبقى في تخومكم الفرس، وهكذا كان حيث رحل كسرى. (البطريرك يعقوب الثالث، المجاهد الرسولي الأكبر مار يعقوب البرادعي ص68-69).

4: طيطانوس +189م في خطابه 42 إلى اليونانيين يقول: أنا طيطانوس الفيلسوف ولدت في بلاد آشور بحسب طريقة البرابرة، ويُعلِّق البطريرك الكلداني لويس ساكو في كتاب آباؤنا السريان ص56 قائلاً: هل يقصد الآشوريين أو الكلدانيين؟.

5:  يصف مار أفرام السرياني 373م، في قصائده النصيبينية  آشور أنها دنسة  ومصدر ووأم العهر، ويقول إن الجحيم ملئي بالآشوريين والسدوميين (أهل سدوم اللوطيين).

6: يُسَّمي المؤرخ السرياني الشهير يوحنا الافسسي +587م الفرس الذين غزوا داريا ونهبوا وقتلوا وسبوا الناس بالآشوريين (النسخة السريانية، الكتاب الثالث، الجزء السادس 1909م، ص38)، وفي النسخة الانكليزية من تاريخ يوحنا الافسسي المطبوع في اكسفورد سنة 1860م يُعلِّق ناشر الكتاب بيني سميث ص385 على ذلك بالقول: إن يوحنا الأفسسي دعا الفرس بالآشوريين بالمعنى التوراتي كنوع من أعداء شعب الله.

7: يصف الزوقنيني العباسيين الذين ظلموا المسيحيين في الرها سنة 773م قائلا: قضيب الضربات التي تحمل بين ثناياها الموت أُقيم على رأسنا، وعلى ظهورنا كثرت الجلدات، والأيام صارت طويلة حيث قدم علينا الآشوريين إلينا حاملين بأيدهم قضيب الغضب وعصي يابسة قوية. (الأب سهيل قاشا، تاريخ الزوقنيني  ص201).
 
8: حين ظهر ملاك الرب لمطران حدياب أربيل السرياني الشرقي النسطوري ماران عمة (819-820م) طالباً منه إن يبيد الزرع الشرير والأولاد الذي عاثوا فساداً في إقليم مركا بين الموصل وأربيل، قائلاً له: صدر أمر من الرب أن يبيد بواسطتك ويفني شعب مركا الخاطئ لشرهم، أجاب مالطوباوي مارن عمه: إن الرب قادر أن يبيدهم في ساعة واحدة كما أباد قوات الآشوريين، فهل يحتاج الرب إلى وساطة ضعفي، فحاشا لي أنا الخاطئ أن افعل ذلك، فإن إهلاك الآشوري وإبادة الشعب الإسرائيلي زمن داود والمدن التي دمرت لم تكن بيد البشر بل بواسطة الملائكة. (توما المرجي، الرؤساء ص139-140).

9: يشبه التاريخ السعردي سابور وفيروز الفارسيين بسنحاريب قائلاً: وكفى النصارى شرهم، وقتل وسنحاريب في بيت أصنامه لأنه خرب بيت المقدس (ج1 ص12، .16).

10: يقول البطريرك التلمحري +845م: نحن في سنة 1068يونانية 158 هجرية وفي عصرنا الراهن، عصر الضيق والمرارة الذي حلَّ بنا جراء خطايانا، كما لحقت بنا إهانة الآشوريين والبرابرة، ولم نجد من يكتب عن هذا الزمن الشرير والضيق الشديد الذي تحملته الأرض في أيامنا من الآشوريين. (المطران صليبا شمعون، تاريخ ديونسيوس التلمحري ص11).

11: المؤرخ والبطريرك ميخائيل السرياني الكبير يصف زنكي الذي احتل الرها وهتك أعراضها بالخنزير الآشوري. (تاريخ ميخائيل السرياني ج3 ص23).
12: في صلاة (حساية) جمعة الآلام ظهراً تُصلي كنيسة السريان قائلةً للملاك جبرائيل: أين سيفك الذي ضرب وقتل ألوف الآشوريين.
 
13: في صلاة الرمش ومن الاشحيم السرياني ص15 تصلي يوم الاثنين مساءً صلاة حزقيا وكيف طلب اشعيا النبي من الرب قائلا: انقدنا من يد الآشوريين قائلةً: في المساء كان حزقيال يناديك فنجا من بطش (قوة) الآشوري، وفي المساء نناديك فنجينا يا رب من الشرير وقواته هليلويا، وهي القصة التي وردت في (2ملوك: إصحاح 31:18- الأخير، وإصحاح 19 كله)، وكيف استهزاء ممثل الملك سنحاريب ربشاقي بالرب قائلاً: لا تصدقوا حزقيا لأن ربه ليس أقوى من الآشوريين ولكن الرب كان أقوى من الآشوريين وماذا فعل الرب بالآشوريين لأنهم استهزؤوا به، وغيرها كثير.

وشكراً/ موفق نيسكو[/size][/b]

35
عَلَمْ الآشوريين (الجُدد) سيباري بريطاني وليس آشوري

من الحقائق الثابتة أن الآشوريين الحاليين هم سريان شرقيين لا علاقة لهم بالآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم الذي أطلقهُ عليهم الانكليز سنة 1886م لأغراض سياسية استعمارية، وقد بَيَّنا ذلك في أكثر من مقال، أهمها (كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة آشوريين في سبعة أجزاء)، وغيرها.

بعد أن قام الانكليز بتسمية قسم من السريان المشارقه آشوريين، صَدَّقَ السريان النساطرة (الأشوريون) أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وبدؤوا منذ بداية القرن العشرين بعمل سياسي مكثف وشكَّلوا أحزاباً سياسية قوية وخاصة في أمريكا واستراليا، وشرعوا بتغير كل كلمة سرياني أو نسطوري من كتبهم التاريخية إلى آشوري، وذلك بإضافة حرفي as إلى كلمة سرياني وبالانكليزي فقط لكي تصبح آشوري مقتبسين ذلك من الانكليز الذين بدؤوا بتغير الاسم من سجلاتهم وتواريخهم منذ سنة 1870م، وفي سنة 1876م أرسل كامبل تايت رئيس أساقفة كارنتربري بعثة إلى السريان النساطرة سمَّاهم لأول مرة آشوريين، كما شرع السريان الشرقيون (الآشوريين) بتزوير أسماء القواميس واللغة السريانية الآرامية وتسميتها آشورية...الخ مثل مطران استراليا زيا ميلتس، وبدء التعصب يظهر بين صفوفهم بشعارات منها إني ولدت آشورياً قبل أن أولد مسيحياً، وآشور ربنا، لدرجة أن بعض رجال الدين منهم مثل الكاهن برخو اوشانا الذي يُفضِّل أن يُسمَّى آشوري وليس مسيحي، حيث كتبَ مقالاً (ليتهم يسمونا باسمنا القومي الآشوري، لا المسيحي).

في سنة 1968م تأسس حزب الاتحاد الآشوري العالمي (AUA) الذي شرع باستعادة بعض الرموز العراقية القديمة ومنها عيد اكيتو الذي تم الاحتفال به لأول مرة في التاريخ الحديث سنة 1970م، علماً أن ذاك العيد هو أساساً سومري ومارسه الأكديون والبابليون قبل الآشوريين القدماء .

لما كان العمل السياسي يتطلب وجود علم خاص به فقد قام السريان الشرقيون الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين بتصميم علم خاص بهم يمثل الآمة الآشورية المفترضة المنقرضة، وبما أنَّ الآشوريين هم سريان ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء وليس لديهم معلومات كافية ووافية عن تاريخ وآثار الآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم الآشوري، وجرياً على نفس سياق تحديد عيد اكيتو، فقد قام الآشوريون سنة 1974م بتصميم علم لهم مقتبسين التصميم من إحدى قطع الآثار القديمة ظناً منهم أنه رمز آشوري، ثم قاموا باستعمال هذا العلم بكثرة وفي كل المناسبات وبطريقة مركَّزة محاولين فرضه على بقية المسيحيين في المنطقة كالسريان والكلدان وغيرهم دون أن يعلموا انه ليس علماً  آشورياً.

 قام بتصميم هذا العلم أحد السياسيين الآشوريين من مدينة طهران الإيرانية واسمه جورج اتانوس (George Atanus) وذلك في المؤتمر السادس للحزب المذكور الذي عُقد في مدينة Yonkers الأمريكية ولاية نيويورك سنة 1974م.

إن العلم الآشوري الذي  صممه جورج اتانوس ليس آشورياً، بل هو لوحة أثرية سيبارية تمثل إله الشمس اكتشفها هرمز رسام مساعد ومترجم الانكليزي هنري لايارد أثناء إجرائه حفريات سنة 1881م في مدينة سيبار العراقية (تل أبو حبة ) شمال بابل، والنجمة التي فيها هي رباعية وليست ثمانية التي اشتهرت بها الدولة آشورية القديمة، وهذه القطعة الأثرية موجودة في المتحف البريطاني، علماً أن الانكليزي هنري لايارد يُسمَّى أبو الآشوريين الجدد.

إن هذا الأثر المكتشف اسمه Tablet of Shamash لوحة الشمس، ويعود إلى عصر سلالة بابل الثامنة وملكها نابو أبا أدنا (855-888 ق.م.)، وهذا الملك البابلي بالذات كان قوياً ومشهوراً بحيث لم يستطيع الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني المعاصر له بالتدخل في شؤونه، الأمر الذي فسح المجال لنابو أدنا لتعمير ما خربه الآراميون، ومنها إعادة بناء معبد الإله شمس في سيبار والتي تم اكتشاف تلك اللوحة التي تخلد أعمال نابو أدنا (طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، بغداد 1973م ص464)، علماً أن إله الشمس لم يكن محصوراً بالآشوريين بل بأمم كثيرة كالأموريين والآراميين وغيرهم، فقد عثر على إله الشمس في آثار مدينة حماه في عصر الملك الآرامي زاكور (785ق.م.).

وما قام به جورج اتانوس هو إضافة رمز آشوري في أعلى اللوحة السيبارية آخذاً إيَّاه من أثار قصر الملك الآشوري سرجون الثاني (721-705 ق.م.).

أمَّا بالنسبة للألوان التي في العلم الآشوري فقد اقتبسها جورج اتانوس من العلم البريطاني ليثبت فعلاً أن الانكليز سَمَّوا السريان النساطرة آشوريين.
نرفق صورة العلم والاقتباسات والألوان


إن كنيسة المشرق في التاريخ اسمها الكنيسة السريانية الشرقية، أو النسطورية، أو الفارسية لأنها نشأت في قطسيفون المدائن التي كانت عاصمة الفرس، ثم أصبحت مملكة المناذرة في الحيرة العربية أهم معاقل الكنيسة، والجدير بالذكر أن تسميتها بالآشورية تمت أيضاً في لندن في 17 تشرين أول 1976م عندما اختير مطران إيران دنخا الرابع بطريركاً للكنيسة في لندن، حيث كانت لديه طموحات وتوجهات قومية أكثر منها كنسية اسوةً  بأسلافه منذ سنة 1903م، وبدعم من الانكليز على غرار فلسطين ووعد بلفور لإقامة منطقة مستقلة شمال العراق بحجة أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، لذلك قرر أبدال اسم الكنيسة بالآشورية معتقداً أن العالم سيتفهم ويوافق مباشرةً على ذلك لشهرة الدولة الآشورية القديمة، علماً أن أهم سمة وثقافة اشتهرت بها الدولة الآشورية القديمة هو القتل والدم، وكلمة آشور أصلاً هي صيغة عبرية يهودية لا سريانية ولا عربية التي هي أثور. (راجع مقالنا كلمة آشور صيغة عبرية لا عربية ولا سريانية).
وشكراً
موفق نيسكو


المصادر
:1British Museum. Dept. of Western Asiatic Antiquities; Richard David Barnett; Donald John Wiseman (1969). Fifty masterpieces of ancient Near Eastern art in the Department of Western Asiatic Antiquities, the British Museum. British Museum. p. 41.
:2Hormuzd Rassam (1897) Asshur and the Land of Nimrod: Being an Account of the Discoveries Made in the Ancient Ruins of Nineveh, Asshur, Sepharvaim, Calah, etc. Curts & Jennings.
:3Stefan Zawadzki (2006). Garments of the Gods: studies on the textile industry and the Pantheon of Sippar according to the texts from the Ebabbar archive. Saint-Paul. pp. 142–. ISBN 978-3-7278-1555-3.
:4British Museum Collection.
:5L. W. King (1912). Babylonian boundary-stones and memorial-tablets in the British Museum: with an atlas of plates. Retrieved 9 April 2011.
:6Ḥevrah ha-ʻIvrit la-ḥaḳirat Erets-Yiśraʼel ṿe-ʻatiḳoteha (2003). Erets-Yiśraʼel: meḥḳarim bi-yediʻat ha-Arets ṿe-ʻatiḳoteha, pp. 91-110. ha-Ḥevrah ha-ʻIvrit la-ḥaḳirat Erets-Yiśraʼel ṿe-ʻatiḳoteha. ISBN 978-965-221-050-0. Retrieved 9& 10April 2011.

36
الأخ العزيز يعكوب أبونا المحترم
بداية أود أن أبين لك والقراء وللإخوة الأعزاء في إدارة موقع عينكاوا إني سابقاً كنت اكتب وأعلِّق أحياناً لمواضيع أخرى غير الأسماء بهدف اغناء الموقع وفائدة القُرَاء، أمَّا من الآن فهدف وجودي في الموقع هو لمسألة الاسم السرياني الآشوري الكلداني ومتعلقاته فقط، وستقتصر مقالاتي على ذلك، وهو موضوع مهم، فهناك قسم خاص، التسميات وتراث الآباء والأجداد، ولكني سأنشر مقالاتي في المنبر السياسي لأني لا أرغب بالتعليقات، أمَّا تعليقاتي وردودي على الآخرين فستقتصر على ما يكتبه بطريرك أو مطران أو كاهن بنفسه فقط، وفي كل المواضيع.

الإخوة الأعزاء في أدارة موقع عينكاوا المحترمون
1:مع احترامنا لكم، لقد وصلتُ إلى قناعة تامة أن المحاورين الموجودين في موقع عينكاوا هم عموماً من العراقيين فقط، واغلبهم من الآشوريين والكلدان فقط، والآشوريين أطروحاتهم كلها سياسية وليس فكرية، فموقع عينكاوا في نظري سياسي، عراقي فقط، ولطائفتين فقط، وليس منبرا فكرياً عاماً، هناك بعض المقالات الفكرية والأدبية والدينية ..الخ، لكنها قليلة، والتركيز هو على السياسة، حتى المقالات الدينية واللاهوتية ظاهرها ديني، ولكن هدفها سياسي وليس ديني، حيث تستعمل اسم نسطور وعقيدة واللاهوت والناسوت..الخ، والهدف الأول والأخير هو سياسي آشوري. 
2: توصلتُ إلى قناعة تامة أن إدارة الموقع منحازة إلى آشوري الاتجاه بشكل واضح لا يخفى على أي متابع، وهذه بحد ذاتها ليست مشكلة، لكن المشكلة هي أنها تميز في الاستهانة والتهكم على شخوص كتابها، فتسمح بالاستهانة وإهانة كتابها الغير آشوري الأتجاه فقط ولا تحميهم، حيث تسمح باستعمال شتى التعابير والكلمات مع شخص، وعدم السماح لأقل منها باستعمالها مع كاتب ذو اتجاه آشوري.
 3: كثير من الكتاب ذوي الأتجاه السرياني المعروفين والمشهورين قناعتهم أن الموقع منحاز لآشوريي الاتجاه ولذلك انسحبوا، وهناك العديد من الكتاب الآخرين وهم أكثر مني علماً وثقافة يمتنعون عن الكتابة، وطلبت من المتوقفين العودة ومن والذين لا يكتبون أن يكتبوا ليس من أجل الموقع بل على الأقل مساعدتي، فعدم الكتابة يشبه انسحاب ممثلي البرلمان المسيحيين من البرلمان لأنهم يشعرون أنهم مظلومين، لكنهم رفضوا لسبب رئيس هو أن الموقع لا يحمي كتابه من التهكمات، وحتى في هذه فهو يميز بين شخص وآخر، فهناك فرق أن يكون الكاتب منحاز وبين المنبر الاعلامي الذي يجب أن يقف على مسافة واحدة من الجميع.
 4: إن موقع عينكاوا يميز على أساس شخصي وطائفي، لا علمي، وهناك أمثلة كثيرة عامة وشخصية سأذكر ما يخصني فقط، واقتصر على مثالين من أمثلة عديدة.
ا: مقالي سبب اختلاف المسيحيين في عيد القيامة، هو الأول بصيغته ليس في تاريخ موقع عينكاوا فحسب، بل في تاريخ العالم، مقال تاريخي، لاهوتي، فلكي، كنسي، تقويمي، والأهم من ذلك دراسة من مطارنة وكهنة مختلفين..الخ، ولست معترضا على نشر مقالي في الصفحة الرئيسة من عدمه، أو إن كنت الأول أم لا، كما لا يهمني عدد القراء والتعليقات، علماً أن القراء والمعلقين على مقالاتي أكثر من الذين توضع مقالاتهم في الصفحة الرئيسة، ولكن في نفس اليوم وفي نفس الموضوع بالذات كان هناك مقال للأخ جاك الهوزي تم نشره الأول ومقالي الرابع، ومع كل التقدير للأخ جاك الذي هو كاتب جيد ومثقف احترمه، ولكن المنطق والأنصاف أن مقالي كان أغنى من مقاله بمعلومات كثيرة جداً ولأول مرة، وهذا يعني أن إدارة موقع عينكاوا تمييز على أساس الشخص أو الطائفة وليس على قيمة المعلومة.
ب: قام المطران ابراهيم ابراهيم بالرد على كاتبة لم تكتب في عينكاوا أصلاً، ووُضع مقاله في أول الصفحة الرئيسة، ومقال المطران كان عاماً ليس فيه مصادر ووثائق، فقمت وأنا كاتب معروف في عينكاوا والوحيد الذي رديت على المطران، والوحيد تقريباً الذي اكتب بالاتجاه السرياني، وقمت بالرد على المطران في الموقع نفسه وبخمس صفحات و17 وثيقة تاريخية قسم منها لأول مرة، وذاك كان حصيلة جهد ثلاثة أيام بلياليها، والعدالة أن ينشر ردي ليس الأول كالمطران حيث نُّجِّلُ رجال الدين، لكن بالأقل في الصفحة الرئيسة، ولكن الإدارة أبقته في المنبر الحر، وهذا في نظري موقع ليس عادلاً ومنحاز ولا يُقدِّر تعب الكُتَّاب وإغناء الموقع بكتابات ووثائق.
ج- إن شهرة الموقع ليست دليلاً على عدالته، فالعربية والجزيرة مشهورتان أيضا.
 
الأخ العزيز يعكوب أبونا المحترم
بالنسبة لتعليقك عن اللاهوت أولاً لا يجوز أن تقول عن مقالك الموسوم، الآخرين يقولون ذلك، ثانيا:ً رغم أن مقالك كله أخطاء وإعادة وخلط غير مركّز لمفاهيم تجهلها، ورغم اني استشهدت بآيات من الكتاب المقدس في مقالك في ردي على الاخ غالب..الخ، لكن وكما أكدتُ لحضرتك أنك غير متمكن من اللاهوت بل أن معلوماتك أصلاً باللاهوت قليلة، مجرد معلومات انترنيتية عامة، وقد عملت حلقة تلفزيونية باللاهوت والناسوت والطبيعة والطبيعيتين ..الخ، قبل سنوات، وسأحاول عمل حلقة أخرى وسأبلِّغك بالمعود وبإمكانك الاتصال على الهواء، (لكن ليس أكيد)، ومع هذا واحتراماً لحضرتك وخدمة للثقافة العامة سأنشر ردي عليك في موقع آخر، وستُبلَّغ بالرابط وبإمكانك التعليق، وسترى الأمثلة عن اللاهوت الخاصة بي (لأول مرة في التاريخ)، والتي بدأ بعض الاكليروس يستعملوها، وقد يستغرق الأمر وقتاً لأني نشرت مساء أمس مقالاً لأول مرة في المواقع الأخرى (قصيدة القيامة (لافيج) الكردية بالسرياني وقصتها للمفريان المانعمي +1740م)، وأريد متابعتها ونشرها في مواقع أخرى، وإذا كنت مستعجل فهناك طريقة سريعة وجميلة وعملية أكثر وهي أن نتحدث على السكاي أو الفيس مباشرةً على الهواء عن اللاهوت والناسوت، ونسجل المقابلة ونشرها، وليس عندي مانع أن يكون معك مشاركين بما فيهم رجال دين كالمطران ميلس مثلاً لأن مقاله المنشور كله أخطاء، فما هو رأيك؟، أنا جاهز وأفضِّل هذا الحل.

الأخ  العزيز ميخائيل ممو المحترم
اعترف أني أخطأتُ في مناقشتك، وسبحان من لا يُخطئ، ومع هذا دعني أخاطبك أيضاً بالأخ العزيز والمحترم أيضاً رغم إنك تتجاوز قيمة هاتين الصفتين في مضمون ردك الأخير المبُطَّن  الذي كان من المفروض على إدارة عينكاوا حذفه ثم إقفال المقال وليس الانحياز لك، فأنا لستُ أفضل منك أو من أي شخص آخر، لكن من يظنُ أنه أفضل مني، فأنا أفضل منه بما لا نهاية.
1: أي بحث عن تاريخ الآشوريين يجب أن يكون قبل أن يُسمي الانكليز السريان الشرقيين أو النساطرة آشوريين سنة 1876م لأن الآشوريين زوَّرا ولا زالوا وحضرتك منهم كل كلمة نسطوري أو سرياني بآشوري، وكلمة تزوير علمية معناها تبديل كلمة بأخرى من مستند بطريقة متعمدة لهدف معين، وكل مصادرك حديثة أو من الانترنيت، والباحث الحقيقي يغني الانترنيت، فمثلاً إلى اول البارحة لو كنت تبحث في الكوكل عن قصيدة لافيج لم تكن لتجدها ولكن بعد أن نشرتها ولأول مرة ستجدها على الانترنيت.
2: نعم عيني ميكرسكوب على كل كلمة آشوري كما في ابن الصباغين فهذا هو اختصاصي وهدفي في موقع عينكاوا وهو الردعلى مزوري الاسم ومتعلقاته المرتبطة به كاللغة والتاريخ والتراث فقط، وليس هدفاً غيره، وإذا لا يعجبك تستطيع مفاتحة إدارة الموقع التي اؤوكد على أنها منحازة للخط الآشوري ولك شخصياً، لمنعي، وذلك لا يهمني، بل ربما سيعود علي بالراحة والمنفعة، والمصادر عن ابن الصباغين هي بالسرياني والانكليزي واللاتيني وهي مخطوطات من كنيستك، وليس كما حاولت الهروب بالقول انها باللاتيني، وتبديل اسمه بآشوري تزوير.
3: أنا لست في برنامج ما يطلبه المستمعون فالباحث الحقيقي الذي يريد أن يناقش غيره يجب أن يراجع كتابات مُناقشه، وجميع الردود في ردك مجاب عليها من برديصان إلى طيطانس أنهم غير آشوريين إلى مسالة اسم السريان واشتقاقه وآشور..الخ، وبالوثائق والمخطوطات المنشورة لأول مرة من قبلي، والأمر االمبكي أنك تستشهد بالبير ابونا صاحب أدب اللغة الارامية وتاريخ الكنيسة السريانية الشرقية.
4: الباحث الحقيقي عندما ينقل رواية، عليه الرجوع إلى الأصل إذا موجود، وهو ما يسمى بمصطلح الأصول التاريخية (وبالمناسبة من اخترع هذا العلم هم كتاب الحديث المسلمين كالبخاري والترمذي، وطوره ابن خلدون قائلاً فتش ثم قمّش أي خيِّط، وعن المسلمين اخذ الغرب هذا العلم وطوره)، فإذا كان الكاتب استشهد بمصدر نادر أو قديم أو مخطوط أو غير متوفر...الخ، فذاك أمر طبيعي، ولكن كتب ابن العبري كلها موجودة ومتوفرة تحت اليد وكان عليك أن تفتش للتأكد وليس أن تُقمّش فقط، فأبن العبري لم يقل ( السريان حسودين)، ويا ريت قالها! فهي صحيحة!! بل كان يجب أن يضيف إليها أكثر بأنهم متذمرين ومحبين للانقسام!!! مثل ما فعل السريان الشرقيين قديما وحديثا، قديما انشقوا إلى نساطرة واليوم إلى آشوريين، وهذا يعني انك هاوي كتابة وليس كاتب، وعندما تعلم ان جرجيس شاهين أخطأ عليك الاعتذار والقول إن شاهين أخطأ. بغير ذلك تصر على الاستشهاد بخطأ، والامر المضحك انك تستشهد بكتاب بشاهين  (السريان أصالة وجذور) وما ادراك ما شاهين، وما سريانته، وكيف يقول أن السريان أمة عظيمة قبل اليونان ويستهزئ باليونان ص13. واللغة السريانية أقدم لغات العالم، والنساطرة الأثوريين هم سريان وكنيستهم ولغتهم سريانية ص79-80، ولو كان الاسم الاشوري والسرياني واحد لما استعمل شاهين عبارة (السريان الاثوريون المشرقيون).
5: أنصحك لا تقرءا مقال لأي كاتب يستعمل في مقاله العلمي أو التاريخي أو اللغوي وردوده كلمات أخي في القومية نحن شعب واحد، أجدادنا العظام ..الخ من الشعارات، لأنه كاتب فاشل، هذه كلمات سياسية تستعمل في الانتخابات.
6: أهديك الكلام المتناقض للمطران ميلس الذي يسمي لغته السريانية.
http://bethkokheh.assyrianchurch.org/articles/103
7: سؤال مهم لا اعتقد أن احد من الآشوريين  يستطيع أن يجيب عليه: إذا كان اسم السريان يعني الآشوريين أو مشتق منه إلى آخر هذه التخريجات، فلماذا البطريرك ايشاي في مطالبه ورسائله الكثيرة إلى الأمم المتحدة والحكومة العراقية كلها بالاسم الآشوري الذي يرد مئات المرات، باستثناء اللغة، فسبحان الله هنا ينسى البطريرك الاشتقاق والتأويل والتخريج ويسميها السريانية، (ربما لم ينسى البطريرك فكتبها الآشورية، لكن الملاك جبرائيل بدَّلها)، والأمر ينطبق على السيد كنا أشهر سياسي مسيحي ورئيس حزب آشوري وممثل المسيحيين الوحيد في مجلس الحكم  أدرج اسمها السريانية، بل أنه يفتخر بذلك!.
الجواب الوحيد: ما أشبه اليوم بالبارحة، حيث تقول جميع المصادر إن الآراميين فرضوا لغتهم على الآخرين ومنهم الآشوريين القدماء بدون وجود كيان سياسي قوي لهم، وفي سنة 2003م فُرضت لغة السريان على الدستور والهيئات العلمية العراقية فرضاً، والسريان نائمين في بيوتهم، أو في المقاهي يلعبون دومنة وطاولي، وبدون وجود حزب سياسي سرياني واحد أو حتى شخص سياسي سرياني واحد معروف، علماً أن السياسيين الذين ادخلوها في الدستور والهيئات العلمية هم الآشوريين، لأن اسمها السريانية وليس الآشورية، وتسميتها بالآشورية تزويراً، فقبل السريانية اسمها الآرامية، وهي ليست الأكدية لغة الدولة الآشورية القديمة.

هذا ردي الأخير على حضرتك، فاكتب وارفع وسيأتيك مشجع يقول لك هليلويا، واكبس فسيرد عليك آخر آمين، ولا تنسى أن كلمتي هليلويا وآمين تنفرد بهما السريانية، وكل العالم أخذها من اللغة السريانية.
وشكراً
موفق نيسكو 

37
تم نقله الى المنبر السياسي
وشكراً
موفق نيسكو

38
الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية ج3
ذكرنا في الجزئين الأول والثاني رد اللغوي والأديب جورج حبيب بأدلة ومصادر دامغة على أدور يوخنا الذي احترم الحقيقة واعترف أن لغة الآشوريين هي السريانية الآرامية ولا علاقة لها بالآشورية القديمة التي هي لغة أكدية أصلاً.
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=811809.0
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=812115.0
وإضافة إلى ما ذكره جورج حبيب، كنا قد نشرنا مقالات عديدة عن اللغة السريانية أهمها: لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)، ومقال: نيافة مطران استراليا مار ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم
http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=712142.0
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,805568.0.html
ولكي يكتمل الموضوع إلى حد ما نقول:
مصطلح اللغات السامية حديث أطلقه الألماني شلوتسر سنة 1781م، ورغم أنه مصطلحاً مقبولاً، إلاَّ أنه ليس تقسيماً لغوياً بحتاً، فقد اعتمد على سفر التكوين لأبناء سام اصحاح10، واستثنى العيلامين والليدين رغم أن عيلام ولود هما ابنا سام، وأُدخلت الكنعانية في اللغات السامية رغم أن كنعان ليس من أبناء سام حسب سفر التكوين. 
وهناك تفرعات وجداول عدة للغات السامية، وباختصار تقسم اللغات السامية إلى قسمين، الشرقية والغربية، الشرقية هي الأكدية (البابلية-الآشورية) فقط ولا يوجد لها أية شقيقة، أمَّا الغربية فتقسم إلى شمالية، الكنعانية (الفينيقية) والعبرية والآرامية (السريانية)، وجنوبية، العربية والحبشية، واقرب اللغات السامية لبعضهما هي السريانية والعربية، فهما ليستا شقيقتان فحسب، بل أختان تؤمان، والعربية هي أنقى اللغات السامية، باعتراف اللغويين السريان قبل غيرهم، لأن العربية عاشت معزولة في الصحراء ولم تدخلها مفردات كثيرة من اللغات الأخرى كاليونانية والفارسية وغيرها، وكتب كثيراً من الآباء السريان باللغتين السريانية والعربية، واقترضت اللغتان من بعضهما البعض، إلاَّ أن اقتراض السريانية من العربية قليل، واقتراض العربية من السريانية كثير جداً، حوالي ألفي لفظة، وهناك أكثر من ألف أخرى سيتم نشرها مستقبلاً من قبل الأديب اللغوي بالسريانية والعربية جوزيف اسمر ملكي، والجدير بالذكر أن أغلب الألفاظ التي اقترضتها العربية من السريانية هي باللهجة السريانية الشرقية، أمَّا حركات الأعجام وبعض القواعد فاقتبسها العرب من السريان، والخط العربي ومنه خط القران هو سرياني (آرامي نبطي)، وجميع العلوم والفلسفة تُرجمت من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية. (راجع القرآن والسريان ج1).
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,745856.0.html
ينقسم السريان إلى شرقيين أي شرق نهر الفرات وهم الكلدان والأشوريين، وغربيين وهم السريان الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة والروم، واللغة السريانية الآرامية هي إحدى أقدم وأشهر اللغات في العالم، وسَمَّى كثيراً من الاختصاصيين الألف الأولى قبل الميلاد بإمبراطورية اللغة الآرامية، وبعد الميلاد أصبح اسمها السريانية، وإلى جانب عشرات الآلاف من المخطوطات في كنائس ومكتبات ومؤسسات الشرق الاوسط، فقد ملأت آلاف المخطوطات السريانية المتاحف والمكتبات العالمية، لندن، الفاتيكان، برلين، باريس، اكسفورد، كامبريج، مكتبة لوران، أمريكا، وغيرها.

الحقيقة العلمية والتاريخية الثابتة هي أن البابليين والأشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، وإنما كانت لغتهم أكدية مسمارية تكتب على الطين، ولما كانت الدولة الكلدانية التي دامت 73 سنة فقط أساساً دولة آرامية، لذا سأركز أكثر على الأشوريين، فقدت سادت اللغة الأكدية القديمة العراق وانتشرت إلى بلاد العيلاميين والحثيين ووصلت إلى مصر، وفي القرن الثامن قبل الميلاد اضمحلت الآشورية وأصبحت لغة عسكرية خاصة بالحكام لأن الآرامية غزت دولة أشور، وأصبح الوجود الآرامي في آشور كثيف، ولسهولة كتابة  الآرامية لفظاً وتصريفاً..الخ، ولأنها تكتب على الجلود والبردي، فالآرامية ألف باء عدد حروفها 22، أمَّا الأكدية مسمارية مقطعية صورية عدد رموزها حوالي 570، وتعتمد كتابتها على عدد المقاطع وعلامتها التي قد تصل إلى 8000 وكحد أدنى على الكاتب أن يستعمل من 1000-2000 مقطع لكي يكون كاتباً في شؤون الحياة التي لا تحتاج إلى مصطلحات خاصة، فالطب والكيمياء والهندسة والسحر وغيرها من الفنون الخاصة كانت لها رموز لا يكثر وردوها في اللغة العامة (حسن ظاظا، الساميون ولغاتهم، ص27)، واللغة الآرامية تكتب من اليمين إلى اليسار بينما المسمارية الأكدية بالعكس، وغيرها من الاختلافات اللغوية (د. رمزي البعلبكي، الجامعة الأمريكية، بيروت، الكتابة العربية السامية، دراسات في تاريخ الكتابة وأصولها عند الساميين30 ،47).
 
إن الخط البابلي الذي استعمله الأكديون لم يشمل على كثير من حرف التضخيم والتفخيم كالطاء والضاد والظاد وحروف الحلق كالخاء والعين والغاء والهاء السامية، ونتيجة لاستعمال البابليين والآشوريين الخط السومري تأثر نطقهم وفقدوا النطق السامي الصحيح بمرور الزمن، والألفاظ التي وصلت من الأكدية قليلة لا يمكن للباحث أن يستخلص الصحيح منها لأنها خليط من ألفاظ سومرية وليس بالمستطاع تميز السامي عن السومري بعد أن اندمج الكل في بعضه وأصبح لغة واحدة (ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص8،39)، ويقول الراهب السرياني الشرقي النسطوري ثيودوروس بركوني سنة 600 تقريباً: لو قابلتَ اللغة البابلية القديمة مع السريانية فلن تجد فيها واحداً بالمئة من السريانية، (التأويل مج1، باريس1910م، ص113 سرياني)، وأن اللغة الأكدية (البابلية-الآشورية) تبتعد عن أخواتها السامية كثيراً، حتى أن جماعة من المعنيين بالآشوريات يرون أن اللغات السامية جميعها بما في ذلك العربية والحبشية تؤلف مجموعة مستقلة بالقياس إلى الآشورية التي فقدت الكثير من السامي القديم كفعل الماضي وأصوات الحلق، ولذلك فالآشورية تدرس مع البابلية فقط. (د. إبراهيم السامرائي، التوزيع اللغوي والجغرافي في العراق ص59-60).

وفعلاً لا يوجد أي ذكر للغة الآشورية فعندما قام المطران أدي شير الذي اخترع سنة 1912م عبارة كلدو-آثور لغرض كسب السريان الشرقيين (الآشوريين) إلى طائفته الكلدانية، وقام بتأليف كتاب الألفاظ الفارسية المعرَّبة، لم يذكر اللغة الآشورية إطلاقا لأنها غير موجودة أصلاً، فذكر 16 لغة، فإلى جانب العربية ذكر: الفارسية، التركية، الكردية، الآرامية، العبرية، اليونانية، اللاتينية، السنسكريتية، الحبشية، الجرمانية، الانكليزية، الفرنسية، الايطالية، الروسية، والأرمنية (مكتبة لبنان 1980م)، فهل يعقل أن مطران يُسمِّي نفسه كلداني-آشوري يذكر جميع لغات العالم وعلى غلاف الكتاب دون ذكر الآشورية؟، وقواميس واختصاصيو ولغويو اللغة السريانية الآرامية يختلفون عن لغويو الأكدية، فبعد اكتشاف اللغة الأكدية من قبل العلماء جورج فريدريك جورتفند، إدوارد هنكس، وفريدريش ديلتش، وراولنصون، وجوليس اوبرت وغيرهم، كتب فيها: شارل فوسي، تيرو دانجان، ماجي روتن، ريننية لابات، الأب شيل، فون تسودون وغيرهم، وقواميسها هي قاموس ديليش، بتسولد، ماس-أرنولت، والمعجم البابلي السومري للأب دايميل، وغيرهم.

وفي محاضرة للكاتب والأديب جميل روفائيل أقيمت في النادي الثقافي الآثوري بتاريخ 16/5/1971م بعنوان "دور اللغة السريانية في الحضارة الإنسانية"، قال روفائيل: إن الآثوريين والكلدان المعاصرين يتكلمون اللغة السريانية وليس اللغة الآشورية أو الكلدانية التي كانت إحدى اللهجات الأكدية وانقرضت قبل أكثر من 2500 سنة، مثبتاً ذلك بالأدلة اللغوية والتاريخية من مصادر الآشوريين والكلدان أنفسهم، فنهض أحد الحاضرين من الآشوريين المتعصبين وأصر على أن اللغة التي يتكلم بها آثوريو اليوم هي الآشورية القديمة، وعدّدَ له بعض الكلمات، فأجابه جميل بطي: إن علاقة هذه الكلمات باللغة الآشورية هو كعلاقة اللغات السامية ببعضها، وفي نفس الوقت نهض أحد الحاضرين وكان آثورياً طالباً في قسم الآثار بكلية الآداب، وبدأ يقرأ في ورقة كانت في يده، ثم طلب من السائل الآشوري الأول (المتعصب) أن يُبيّن له إن كان قد فهمها أم لا؟، فردَّ عليه "بأنه لم يفهمها"، فقال له: إن هذه هي اللغة الآشورية، ولو كانت لغتنا لكُنتَ قد فَهِمتَ ما ورد في هذه الورقة.(أضواء على قرار منح الحقوق الثقافية للمواطنين الناطقين بالسريانية ص64).

إن اسم اللغة تحددها خصائص كثيرة كالقواعد والاشتقاق والبيان والأفعال وتصريفها والإعراب والحركات والصوائت والصوامت والحلقيات وأسماء الإشارة وعدد الحروف والأرقام والإبدال والإدغام...الخ، وليس تقارب بعض الألفاظ في اللغات الذي هو نسبي، فالمعروف أن هناك حوالي 2500-3500 لغة في العالم (امييه وكوهين، عدد اللغات الحية في العالم 1952م، وجراي، أصول اللغة 1950م)، وجميع اللغات تنحدر من ثلاث مجاميع رئيسية هي السامية، الحامية، اليافثية (الآرية، الهندو-أوربية)، وقطعاً أن الإنسان الأول كان لغته واحدة قبلها، وهناك بعض التقارب حتى بين المجاميع اللغوية التي ليست ضمن العائلة الواحدة لدرجة أن بعض العلماء اعتبر أن الساميين انحدروا من إفريقيا نتيجة تقارب الحامية مع السامية في بعض الأمور، ومن المعروف أن معظم اللغات تشترك في الحروف  الأولى الأبجدية ألف باء، وكذلك ما يُسمَّى بأولى الكلمات مثل أم، أب، ارض، حرف النفي لا..لخ.

سبب قيام بعض السريان الشرقيين بتزوير اسم لغتهم
نتيجة الانشقاقات الكنسية في التاريخ ظهرت أسماء عديدة للسريان كالكلدان الذين هم سريان شرقيين نساطرة اعتنقوا الكثلكة سنة 1553م وثبتت اسمهم بالكلدان نهائياً في5 تموز سنة 1830م، نتيجة قرار البابا اوجين الرابع سنة 1445م، أمَّا الذين بقوا سريان نساطرة فسمَّاهم الإنكليز أشوريين لأغراض سياسية استعمارية سنة 1876م وثبت اسم احد أقسام الكنيسة فقط رسمياً بالآشورية في 17 تشرين أول 1976م، أمَّا القسم الآخر منهم فيرفض التسمية الآشورية.
منذ بداية النهوض القومي لدى الشعوب في العصر الحديث بدأ السريان الذين سمَّاهم الانكليز آشوريين العمل السياسي بقوة مستغلين اسمهم كدعاية باعتبارهم أحفاد أولئك القدماء، ظنَّاً منهم أنه لشهرة الاسم في التاريخ سيفهمهم العالم أكثر ويستطيعون تحقيق مكاسب سياسية ويعطوهم بلاد آشور القديمة وعاصمتها الموصل التي لم تكن يوماً واحداً مقرَّاً لكنيستهم في كل التاريخ، بل أنها آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية في نهاية القرن السادس الميلادي.
 بعد سنة 2003م بدأ الكلدان أيضاً وكردة فعل على الآشوريين بالعمل السياسي واستعمال اسمهم بأنهم أحفاد الكلدان القدماء، ولما كانت اللغة من أهم عوامل القومية ولإثبات وجودهم بدئوا ينقلون من الكتب القديمة كل كلمة سرياني أو نسطوري إلى آشوري وكلداني، ويزورون اسم اللغة والقواميس كل لصالحه، وتميّز في هذا الاتجاه الأشوريون أكثر من الكلدان، فعمليات التزوير بين الكلدان مقتصرة على بعض المثقفين المتعصبين، ونادراً بين رجال الدين، أمَّا الأشوريين فهم سياسيون محنكون ويشترك معهم رجال الدين في التزوير، وبصورة خاصة في أمريكا واستراليا مثل مطران استراليا ميلس زيا الذي يُسمي لغته آشورية، وهو لا يعرف جملة وربما حرف واحد من اللغة الأشورية القديمة.

ومع أن الآشوريون الحاليين هم سريان في كل التاريخ ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء سوى انتحال الاسم من الإنكليز، وإلى جانب العهد القديم الذي يذكر اسم اللغة الآرامية في (عزرا 4:7، دانيال 2:4، 2 ملوك 18:26، واشعيا 36:11، والمذكورة والمعروفة لدى الجميع، لكننا نورد شواهد قليلة من الآثار الأشورية تحديداً على أن اللغة التي استعملتها الدولة الآشورية بعد اضمحلال لغتها الأكدية هي الآرامية وليست الآشورية، وتسمية آشوريو اليم لغتهم آشورية هو تزوير لغرض سياسي استعماري، والشعب الآرامي يختلف عن الشعب الأشوري، بل أنهم كانوا أعداء، فقد ذكر الملك الأشوري تغلاث فلصر في سنة 1111 ق.م. أنه قاد 28 حملة على الآراميين وألحق بهم الهزيمة وسباهم وممتلكاتهم إلى أشور، والأشوريون القدماء أنفسهم فرَّقوا بين لغتهم الأكدية القديمة والآرامية لأن الدولة الآشورية القديمة كانت في آخر قرنين قبل سقوطها دولة آرامية لغةً، وأغلبية آرامية عنصراً، وندرج عدة رسائل:

1: رسالة من سرجون الثاني يؤنب موظفه لأنه كتب بالآرامية فيقول الموظف: إذا كان مقبولا للملك دعني اكتب وابعث رسالتي بالآرامية على رسائل ملفوفة، وكان جواب الملك:
 لماذا لم تكتب لي بالأكدية على رقم طيني، رسائلك التي كتبتها يجب أن تتوقف بهذا الأمر الملكي.
2: رسالة بعث بها حاكم أشوري إلى الملك يقول فيها:الرسالة الآرامية التي كتبتها للملك سيدي.
3: ورد عديد من أسماء الكتاب الآراميين في الدولة الأشورية مثل أباكو ونوريا، أحو،عوبري،حملا، أيلي.
4: ورد ذكر اللغة الآرامية في البلاط الأشوري من حاكم صور المدعو قوردي-أشور-لامور إلى الملك الأشوري يقول فيها: بعثت نابو-اوشيزب مع الرسالة الآرامية من مدينة صور.
5: رسالة تقول على الأشخاص الستة المعروفين المدونة أسمائهم في الوثائق الأشورية والآرامية دفع الضريبة في نهاية السنة.
6: عُثر في نمرود ونينوى على نقود وصكوك وأختام وتماثيل باللغتين المسمارية والآرامية قسم منها يحمل أسماء ملوك آشور.
7: عٌثر في قصر تل بارسيب على نقش يعود للعهد الملك تغلاث فلصر يظهر فيه كاتبان أحدهما آشوري يكتب بالمسمارية على طين والآخر آرامي يكتب بالآرامية على البردي.
(الدكتور يوسف متي قوزي، كليات اللغات جامعة بغداد، ومحمد كامل روكان كلية الآداب جامعة القادسية، آرامية العهد القديم، قواعد ونصوص  ص15-20).
8: يقول الدكتور أ، دوبون سومر: هناك رسالة مهمة بالآرامية تعود إلى عهد أشور بانيبال تُسمَّى صدفية أشور وجَّهَهَا موظف أشوري يدعى براتير إلى موظف أشوري آخر يدعى فيراور، وتمَّ اكتشاف مصطلحات آرامية كثيرة تدل على استعمال اللغة الآرامية في أشور وبابل، منها قوائم بأسماء تسليم حصص النبيذ في مدينة نمرود، ونقوش على الأوزان وعقود البيع والشراء وغيرها. (الآراميون، ترجمة الأب ألبير أبونا ص 108).
9: يقول أستاذ اللغات السامية ولفنسون في تاريخ اللغات السامية: إن الآراميين انتشروا وتدخلوا في بلاد أشور وبابل الفرس ولم حتى صارت لغتهم لجميع الشعوب السامية من البحر المتوسط إلى بلاد فارس، وأصبحت الآرامية اسمها السريانية منذ الميلاد وغدت لهجة الرها السريانية هي لغة الحضارة المسيحية وينقسم السريان إلى يعاقبة ونساطرة، أمَّا الاختلافات اللغوية فاخترعت منهم لأغراض سياسية ودينية أكثر منها لغوية وفي العراق وطورعبدين وبحيرة أروميا توجد بطون من النساطرة يتكلمون السريانية، أمَّا لهجة أروميا فهي آرامية شرقية، ودخلت فيها كلمات فارسية وتركية وكردية. (ص117، 145-148، 159).
10: يقول الدكتور حسن ظاظا: إن اللغة الآرامية غزت الشرق وقضت على غيرها من اللغات، وان السريان الشرقيين من النساطرة والكلدان لغتهم هي سريانية الرها (حسن ظاظا، ص93،101).
11: يقول أرنست رينان الفرنسي: إن الآرامية طمست كل اللغات وغزت بلاد آشور التي أصبحت لغتها الآرامية ( langus semitiqus historie generale des، تاريخ اللغات السامية، فرنسي، باريس 1855م، ص199-201).
12: يقول عالم الآثار إدورد كييرا (1885- 1933م): إن لغة الآشوريين القدماء هي الأكدية وهي تختلف كليا عن لغتهم الدراجة في الوقت الحاضر (كتبوا على الطين رقم الطين البابلية تتحدث اليوم، ترجمة الدكتور محمد حسين الأمين بغداد 1964م).
13: يقول كارل بروكلمان: تُطلق على اللغة البابلية الأشورية القديمة بالسامية الشرقية في مقابل السامية الغربية وتشمل الكنعانية والآرامية والسامية الجنوبية وتشمل الحبشية والعربية، ونُسمي لهجات بلاد الرافدين عادة الأشورية بحسب أول مكان اكتشافها والصحيح تسميتها بالبابلية، والآراميين ومنذ القرن 14 ق.م. اكتسحوا المنطقة واندمجوا واجبروا الأشوريين والبابليين على التحدث بلغتهم، وفي القرن التاسع عشر رفعت البعثات التبشيرية الأمريكية لهجة أروميا إلى لهجة أدبية لهؤلاء السريان، ويضيف المترجم الدكتور رمضان عبد التواب أستاذ اللغات بكلية الآداب في عين شمس وجامعة الرياض: والمعروف عند الدارسين في الوقت الحاضر أن الأكدية تقسم إلى البابلية والأشورية ولكل منها خصائصها (فقه اللغات السامية ص16،22، 28).
14: يقول سليمان بن عبد الرحمن الدييب: الآرامية أقدم اللغات وأوسعها انتشاراً، وأول نقوشها هو نقش تل حلف في الألف الأول قبل الميلاد، وما زالت الآرامية مستعملة حتى الوقت الحاضر، ونعلم من الآثار والنقوش أن بداية الكتابة السومرية تعود إلى أواخر الألف الرابع قبل الميلاد، وأثبتت الدراسات أن استخدام السومرية وصل إلى أدنى مستوياته عند سيطرة البابليين إن لم تكن قد اختفت تماماً، أو استمرت بشكل ضيق إلى أن صدرت شهادة وفاتها فعلياً سنة 50م، بينما الآرامية ظلت منتشرة حتى يومنا هذا، وهذا الأمر يجعلنا القول بدون تردد أن اللغة الآرامية الأطول عمراً بين اللغات القديمة. (نقوش تيماء الآرامية، طبعة الرياض ص37).
15: يقول طه باقر: إن الآرامية انتشرت انتشاراً واسعاً وعجيباً بدون سلطان سياسي وأصبحت لغة الدولة الأشورية وتركت آثاراً في البابلية والأشورية، وصارت فيما بعد لغة النبي عيسى وأتباعه. (مقدمة في تاريخ الحضارات ص496).
16: يقول الدكتور والآثاري يهنام أبو الصوف: حلَّت الآرامية في معظم بلاد الرافدين وكل بلاد آشور تدريجيا واستخدم الآشوريين الكتبة الآراميين فتجد مع الكاتب الآشوري بالمسمارية على الطين مدون آخر آرامي بيده جلد غزال يكتب بالآرامية، وفي فترة معينة أصبحت هناك لغة ثنائية (آشورية بالمسماري وآرامية بالآرامي) حتى  سقوط آشور, الذين كانت تجاورهم اللغة البهلوية لغة الدولة الاخمينية المنتصرة التي احتلت بابل في 539 ق.م، وبسبب هذه الأحداث لم يتبق في بلاد الرافدين أية لغة آشورية أو كلدية بابلية عدا مخلفات قليلة كهنوتية في المراكز الدينية المحافظة, وهذه أيضاً كانت في طريقها إلى الانقراض, كما انقرضت قبلها بأكثر من ألف سنة السومرية، وآخر كيان سياسي للأشوريين بعد سقوط نينوى كان في حرّان حيث قضى عليه نبوخذ نصّر، وتأسيساً على هذا فمن كان يتكلم باللغة الآشورية، لغة الحاكمين في الإمبراطورية الآشورية، انقرضوا تماما في مطلع القرنين الخامس والرابع ق.م وما بعدهما حتى مجيء المسيحية حيث كانت اللغتين السائدتين هما الآرامية واليونانية.
17: يقول اسماعيل، والدكتورة بهيجة خليل،: كانت الآرامية لغة الدولة الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد، وصار للحكام الأشوريين كتاب آراميون ووردت عدة نقوش كنقش قصر تل بارسيب تصور كاتب أشوري يقف إلى جانب كاتب آرامي، وورد ذكر الكاتب الآرامي في النصوص الأشورية منذ القرن الثامن قبل الميلاد في صيغة (lu،a،ba،mes kur aramaia)، والجزء الأول يعني كُتّاب، وترجمته الحرفية (رجال ألاف باء) والثاني الآراميين، ويعني المصطلح (الكتبة الآراميون). (الكتابة، بغداد 1985، حضارة العراق ج1ص225).
18: فرض الآراميون لغتهم على الشرق كله وبلاد آشور بدل السومرية والعبرية والأكدية، والنساطرة الحاليين لغتهم السريانية. (جورج رو، العراق القديم ص371- 372) 
19: يقول الدكتور وليم ويكرام وهو من لعب دورا سياسيا لصالح الانكليز بتثبيت اسم "الأشوريين" إن الآشوريين يستعملون اللغة السريانية واللغة الأشورية الحالية بلا شك هي لهجة من اللغة الآرامية. (مهد البشرية ص220).
20: لن نذكر مئات المصادر وبلغات عديدة وردت كثير منها في مقالاتنا (كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة آشوريين)، وكيف أن السريان النساطرة أنفسهم والى قبل أن يُسميهم الانكليز آشوريين يعتزون بأفواههم أنهم سريان يتكلمون اللغة السريانية، ونكتفي بما قالته مجلةplanit truth  الأمريكية:
اللغة السريانية لن تموت مهما تغير الزمن لأنها لغة السيد المسيح. (المطران اسحق ساكا، السريان إيمان وحضارة السريان إيمان وحضارة ج3 ص113).
وشكراً
موفق نيسكو

[/b]

39
الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية في مقال نادر سنة 1970م ج2

ذكرنا في الجزء الأول النقاش العلمي الراقي بين جورج حبيب وأدور يوحنا في مجلة التراث الشعبي سنة 1970م التي كانت تصدرها وزرارة الاعلام، وكيف اقتنع أدور بكلام جورج واحترم الحقيقة العلمية واعترف أن اللغة هي السريانية الآرامية وليست الآشورية، ومع ذلك رد جورج حبيب على أدور يوحنا في عدد كانون أول من نفس السنة ليوضِّح أكثر وبمصادر علمية عالمية مَوْثوقة.
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,811809.0.html
علماً أن الجزء الثالث سيكون تعليقنا على الموضوع، وأنه ليس في التاريخ لغة اسمها الآشورية أصلاً بما في ذلك لغة الدولة الآشورية القديمة التي اسمها الأكدية، وسيكون التعقيب بعد أسبوعين إن شاء الله.
وشكراً
موفق نيسكو 



40
الفرق بين اللغة السريانية الآرامية والآشورية في مقال نادر سنة 1970م ج1

سنة 1970م حدث نقاش أدبي ولغوي علمي راقي حول اللغة السريانية الآرامية ولهجاتها بين لغوين وأدباء استمر لمدة سنة تقريباً، نُشر في مجلة التراث الشعبي التي كانت تصدرها وزارة الإعلام العراقية.
 في 4 شباط 1970م قام الياس مدالو بالتعليق في مجلة النور العراقية على تصريح المستشرق الروسي سيريتيلي حول اللغة الآرامية ولهجاتها، فقام غضبان رومي بالرد على مدالو معتبراً أن لهجة الصابئة المندائيين أنقى من اللهجات التي يتكلم بها السريان والآشوريين والكلدان، وفي نفس الشهر نشر الكاتب واللغوي جورج حبيب (1912-1979م) مقالاً قصيراً في مجلة التراث الشعبي، تكلم فيه عن اللغة السريانية الآرامية، وفي حزيران قامت الشاعرة والأديبة لميعة عباس بنشر مقال "رواسب السريانية في العامية العراقية" وكان رأيها مشابهاً لرأي غضبان بخصوص نقاوة اللهجة المندائية، وفي شهر آب دخل على الخط الأب شوريز ويوسف المسعودي.

وبعد أسبوعين دخل في الموضوع أدور يوحنا فنشر مقالاً في صحيفة التاخي مستعملاً عبارة تأثر "الأثورية بالعربية والكردية"، فرد عليه بعد اسبوع يوارش هيدو في نفس الصحيفة، مُصححاً له أن اللغة هي الآرمية وليست الاشورية.
فقام جورج حبيب بنشر مقال من 20 صفحة في مجلة التراث الشعبي أيلول 1970م، عنوانه "آرامية-سريانية" وردَّ بشكل مُفصَّل على لميعة وغضبان ذاكراً الفرق في اللهجات الثلاث السريانية الشرقية والغربية والمندائية الأرامية، مستشهداً بنصوص وأمور عديدة من اللهجات الثلاثة.

 وفي مقالهِ انتقد جورج حبيب أدور يوحنا في البداية لاستعماله كلمة الأثورية قائلاً:
والسيد يوخنا حين يتكلم عن الأثورية إنما يقصد الآرامية العامة من حيث لا يدري، ذلك أن الأثورية لغة منقرضة لا يستعملها اليوم إلا علماء الآشوريات، أمَّا سبب تسميتهُ إيَّاها بالأثورية، فمما يعني بتفسيره هذا المقال.

ثم يبدأ جورج بالرد على لميعة وغضبان إلى أن يصل للرد على ادور بصورة مختصرة من صفحتين تقريباً، فقام أدور بالرد على جورج في عدد تشرين2،1، معترفاً أن اللغة هي الآرامية السريانية، وأنه قصد دراسة لهجات آرامية (سريانية) معاصرة، ثم قام جورج حبيب بالرد على أدور ثانية في كانون أول وبشكل مفصَّل.

انشر المقال خدمة للثقافة العامة وليكون وثيقة للمهتمين بهذه المواضيع نظراً لأهمية المادة من جهة، والأسلوب الثقافي الراقي من جهة أخرى، يوم لم تكن الكتابة من أجل الكتابة والشهرة فقط، والرد ليس لأجل الرد ولأسباب طائفية أو سياسية وبنزول مشجعين إلى الساحة، بل الكتابة والرد لأجل معرفة الحقيقة العلمية والتاريخية التي يقتنع ويعترف بها المتحاورن ويحترموها عندما تفرض الحقيقة نفسها، يوم لم يكن مواقع الكترونية وانترنيت وكوبي بيست، وكلٌ يكتب ما يريد ويخترع ما يحلو له، وإذا سُؤل كاتب المقال، خرج عن الموضوع للهروب من الاعتراف بالحقيقة، يوم لم يكن أحد يُعلِّق ما شاء، مستعملاً ما يعجبه من العبارات دون حسيب أو رقيب، وبأي اسم يختاره.
 ولطول المقال قسمته إلى جزئين، الأول انتقاد جورج حبيب لأدور باستعماله كلمة أثورية، ورد أدور على جورج، والجزء الثاني رد جورج على أدور بشكل مُفصَّل، والجزء الثالث سيكون تعقيبي على موضوع المقال.
وشكراً
موفق نيسكو


رد أدور على جورج[/size]

41
محاضرة عن تاريخ السريان ورسالتي إلى المهتمين بالموضوع ومنهم السيد يونادم كنا المحترم

 نشرتُ مقالات عديدة وفي مواقع عدة عن تاريخ السريان وخاصة عن السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)، وقلتُ إن الجميع هم سريان وليس اسماً آخر في التاريخ، وأنا أعلم سلفاً أن كثيراً من السريان الشرقيين وخاصة الإخوة الآشوريين عموماً والسياسيين منهم بشكل خاص لا يروق لهم ذلك لأغراض سياسية أو طائفية أو لمصالح شخصية وغيرها، وقد علمت أن السيد يونادم كنا أحدهم و قد استغرب من أن الآشوريين هم سريان وأن الاسم الآشوري أطلقه الانكليز على السريان النساطرة حديثاً في القرن التاسع عشر، فقمت بتوجيه رسالة لحضرته بهذا الخصوص، واعتقد أنها وصلته.
 ومع هذا أود إعلام جميع المهتمين بهذا الأمر من كل الأطياف ومنهم السيد يونادم كنا إذا رغبوا بالحضور باني سأقيم محاضرة عن تاريخ السريان، وبأن السريان هم أُمةً إيماناً ولغةً وحضارةً، في كاتدرائية مار بطرس وبولس للسريان الأرثوذكس في بغداد يوم الخميس 21/4/2016م الساعة الخامسة مساءً،
وأن حضور المهتمين بالموضوع ومحاورتي يشرفني شخصياً، وحوراهم يغنيني ويغني الحقيقة التاريخية علماً وثقافةً وأدلةً، علماً أنه لا مانع لدي من حضور محاضرة في أي مكان كان في العراق تقيميها الموسوسات الكنسية أو الثقافية أو السياسية الآشورية أو غيرها، محاضراً أو مستمعاً ثم محاوراً، ومن منطلق تاريخي وتاريخي فقط لإظهار الحقيقة.

وشكراً
موفق نيسكو

42
خطوة صحيحة لقداسة البطريركين كوركيس صليوا وأدي الثاني

لم ألاحظ هذه السنة أن قداسة البطريركين كوركيس صليوا وأدي الثاني قد وجها رسالة بعيد أكيتو، وإن صح ذلك يكون البطريركان قد سجلا خطوة جديدة في الاتجاه الصحيح تستحق الثناء، وهي عدم توجيه رسالة تهنئة بعيد أكيتو الوثني.

 إن الاحتفال بالأعياد التاريخية مقتصر على العلمانيين ومن كل الأديان، وليس على الكنيسة، فالكنيسة ليس لها إلاَّ تقويمان للاحتفال بهما فقط، هما عيد رأس السنة الميلادية، وعيد رأس السنة الطقسية الكنسية. 

وكانت الأحزاب الآشورية قد قررت الاحتفال بأكيتو  سنة 1968م لأغراض سياسية، وتم الاحتفال به لأول مرة من قِبلهم سنة 1970م، وهي أول مرة في التاريخ المسيحي يتم الاحتفال به من أبناء الكنيسة.

وكان البطريركان دنخا الرابع وأدي الثاني قد سايرا الأحزاب السياسية ووجَّها ومنذ سنوات قليلة فقط رسالة تهنئة بهذه المناسبة.

إن الخطوة التي اتخذها البطريركين كوركيس صليوا وأدي الثاني هي في الاتجاه الصحيح، والمنتظر منهما اتخاذ خطوات مماثلة وخاصة بحق الاكليريوس المهتمين بالقضايا السياسية والقومية على حساب الدينية الروحية، كتجريد الكاهن برخو اوشانا من رتبة الكهنوت الذي كتب (ليتهم يسمونا باسمنا القومي الآشوري، لا المسيحي)، وفسح المجال له بممارسة  السياسة.

والمؤمل من البطريركين محاسبة الاكليريوس الذين يقومون بتزوير التراث واللغة السريانية لأغراض سياسية، لتعود الكنيسة قوية كنسياً وروحياً ولاهوتياً وثقافياً ولغوياً وطقسياً، بعد أن أشغل قسم من الاكليروس أنفسهم بالقضايا السياسية والقومية على حساب المسائل الكنسية الدينية.

لم يُسجل التاريخ أن المسيحيين حتى من العلمانيين احتفلوا بعيد أكيتو، فأكيتو هوعيد  ديني وثني احتفل به السومريون لأول مرة، ثم البابليون ونظموه بصلوات موجهة للإله مردوخ، واختفت أخبار أكيتو في العصر الكاشي، أمَّا لآشوريين فوصلهم عن طريق البابليين بعد أن غزاهم الملك توكلتي ننورتا الأول (1244-1208 ق.م.) وأخذ تمثال مردوخ، فتوقف البابليون عن الاحتفال به 100 عام، وتوكلتي ننورتا احتفل به إرضاءً للبابليين لبسط سيطرته عليهم، وتوقف الاحتفال بأكيتو أيضاً 8 سنوات في عهد سنحاريب و12 سنة في عهد اسرحدون، وأثناء الحرب بين آشور بانيبال ومش-شوم- اوكين، وآخر مرة تم الاحتفال به هو بحدود القرن الثاني قبل الميلاد في مدينة الوركاء.

من صلاة اليوم الخامس لعيد أكيتو الموجهة للإله مردوخ،
 ينهض الكاهن قبل شروق الشمس، ويتوضأ بماء دجلة والفرات المحفوظ في المعبد، ثم يلبس جلباب اسمه جدالو ويأتي أمام الإله مردوخ ويصلي:

إلهي الذي لا إله غيره
إلهي إلهي ملك البلدان
إله السماء والأرض الذي يقرر المصائر، كن في سلام

وبعد أن يٌنهي الكاهن صلاته أمام مردوخ ينتقل أمام تمثال زوجته صربانيتم ويردد:

إلهتي الرحيمة، إلهتي كوني بسلام
إلهتي الواهبة، إلهتي الطيبة جداً
إلهتي التي تقبل الصلوات، التي تمنح العطايا

وشكراً
موفق نيسكو

43
نيافة المطران إبراهيم إبراهيم والمسيحية في العراق
كتبت السيدة الموقرة سميرة فادي وهي كلدانية تقريراً تاريخياً قالت فيه إن الكلدان هم سريان ولا وجود للكلدان تاريخياً، فقام نيافة المطران إبراهيم إبراهيم بانتقادها والرد عليها، فرديت أن ما تقوله الكاتبة الموقرة صحيح ونيافته خطأ، وهذا هو الرد بالوثائق والمخطوطات التاريخية ومن كتب الكنيسة الكلدانية حصراً قبل أن تصبح كاثوليكية سنة 1553م بعد أن انفصلت عن الكنيسة النسطورية التي سُميت آشورية في 17 تشرين أول 1976م حيث اختارت اسم أطلقه الانكليز عليهم سنة 1876م لأغراض سياسية، كذلك بعد الانفصال، أي أنه لا وجود للكلدان ولا للآشوريين، إنما هم سريان، ولكني اُركِّز على الكلدان لأن الرد هو على نيافة المطران الكلداني.
نيافة المطران الجليل إبراهيم إبراهيم المحترم
بارخ مور سيدنا
قبل أن ابدأ بالكلام أهدي نيافتكم ص137 من كتاب آباؤنا السريان لغبطة البطريرك الكلداني ساكو، والتي يُسمي نيافة المطران الكلداني إبراهيم إبراهيم شعبه بالسريان المشارقة في أطروحته سنة 1975م في روما (عقيدة نرساي حول المسيح) ص320.

والمؤكد أن أهم مصدر لأطروحة نيافته كانت مستندة إلى ميامر نرساي التي قام الفونس منكانا الكلداني بطبعها في الموصل سنة 1905 باسم (ميامر الملفان نرساي السرياني وليس الكلداني أو الآشوري).
ومن الصدفة أن يُذكر ذلك في كتاب آباؤنا السريان لبطريرك الكلدان، الطبعة الاولى 1998م، وارجو ملاحظة الجملة والعبارة المكتوبة اسفل صفحة الكتاب (عودوا الى جذوركم واشربوا الماء من ينابعكم)، (ويبدو أن هذه العبارة أحدثت له بعض الاشكالات من بعض المتشددين الكلدان خاصةً أنه كان كاهناً وليس اسقفاً)، فحُذفت العبارة في الطبعة الثانية سنة 2000م.
واعتقد كان هذا الرد لوحده يكفي ولكن احتراماً لمقامكم وفائدة للقراء الكرام سأكمل.
1: أنا احترم أي اسم واجله ولكني اكتب تاريخ، وبما أنكم مطران كنت استطيع أن عن مكانة بابل السئية في الكتاب المقدس ، وأطالبكم الالتزام به (ستكون بابل خرباً أبدية. (إرميا 51: 62) وتصير خراباً ومأوى البهائم وتكنس بمكنسة الهلاك ويسكنها القنفذ والبهائم. (إشعيا 14: 23)، وكيف يُشبِّه بابل بالمرأة الزانية، بل أُم الزواني ورجاسات الأرض (رؤيا 17: 3–5)، وأنها سقطت لأنها سقت جميع الأمم من خمر غضب زناها (رؤيا 8:14)، ورؤيا إصحاح 18 الذي تحدث كله عن فساد بابل، وغيرها، بحيث وصفها القديس أغسطينوس قائلاً: صارت بابل تشير إلى جماعة الأشرار ومملكة الدجال)، ولكني اكتب تاريخ وليس عواطف، وللاختصار قدر الإمكان في ردي سأتطرق إلى عدم وجود اسم كلدان في التاريخ، وعندما أقول لا وجود للكلدان، اعني لا وجود للآشوريين أيضاً، لكني سأركز على الكلدان في ردي، لأن عدم وجود الكلدان الذين مع الآشوريين كانوا كنيسة واحدة دليل دامغ آخر على عدم وجود الآشوريين الذين يحاولون دون جدوى استعمال اشتقاقات وتأويلات لإغراض سياسية بحجة قرب كلمتي السريان من آشور باللغات الأجنبية، فإذا كان كلمة السريان قريبة من آشور، فهل كلمة الكلدان أيضاً قريبة من كلمة آشور؟، والحقيقة لا وجود للآشوريين والكلدان في التاريخ المسيحي، بل أنهم سريان إذا اعتمدنا التاريخ، أمَّا بالخواطر والعواطف، فموضوع آخر، ومع أن اسم اللغة لوحده يكفي للدلالة على قومية القوم، فلن استند إلى اسم اللغة لأن ذلك يحتاج لمجلدات، وهو أمر محسوم أصلاً، وسأركز على استعمال الاسم السرياني بدون اللغة أيضاً، علماً أن الكاتبة الموقرة سميرة استعملت عبارة السريانية العراقية، والصحيح السريانية بلهجتها الشرقية، أو السريانية الشرقية.
2: المفروض من نيافتكم كمطران كنيسة مسيحية ولي كباحث في تاريخ السريان هو التطرق للتاريخ منذ حلول الروح القدس في 25 أيار سنة33م وتشكيل الكنيسة، ومع هذا فتطرقكم لتاريخ الكلدان القدماء كان فيه كثير من الأخطاء، ومع أن لا علاقة للكلدان القدماء بكلدان اليوم، ولكن لعلاقة الموضوع قليلاً بما سأقوله، لذا أقول:
1: الدولة الكلدانية القديمة عمرها 73 سنة فقط (612 –539 ق.م.)، وما قبلها هو بابلي وليس كلداني، وهذا أمر ثابت، وتقسيم السلالات البابلية الدقيق هو 11 سلالة، آخرها الكلدانية، وللاختصار هناك من يقسمها إلى أربعة ومن يقسمها إلى اثنين البابلية الأولى حمورابي الأمورية والثانية الكلدانية التي تسمى البابلية الحديثة.
2: أقدم ذكر لكلمة كلدان في التاريخ هو في مدونات الملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني (883–859 ق.م.) وكان هذا الاسم يطلق على قبيلة تقيم على مقربة من الخليج العربي (حامد عبد القادر، الأمم السامية، مراجعة د. عوني عبد الرءوف ص80)، وأنا شخصياً توصلت بالبحث إلى أن قبيلة نابو بلاصر تنحدر من مملكة بيث ياكيني الآرامية التي تقع جنوب التقاء دجلة والفرات في شط العرب بين الناصرية والبصرة، وكانت عاصمتها دور–ياكين (تل اللحم حالياً)، أمَّا قبل ذلك، فيقول فيليب دوغورتي وغيره إن الكلدان خرجوا من الجزيرة العربية ودخلوا العراق خلال الألف الأولى قبل الميلاد متخذين طريق الخليج العربي، وينقل لنا الباحث جواد علي عن سترابو (Strabo) أن مدينة الجرها (Gerrha) التي تقع عند العقير (الإحساء حالياً) في ساحل الخليج العربي في السعودية هي موطن الكلدان الأصلي حيث كانت تتمتع بعلاقات جيدة مع بلاد بابل، ويشاركهم الرأي الأب أنستاس الكرملي وعالم الآثار والأكاديمي الكلداني بهنام أبو الصوف وغيرهم، وإذا أردنا الرجوع أكثر، فالأب يوسف حبي الذي كانت لديه أفكار قومية قليلة لم يكن يستطيع إظهارها بسبب الظروف يقول متحسراً، "وقد بات مسلماً به اليوم لدى جل علماء اللغة والشعوب أن الموطن الأصلي للساميين هو جزيرة العرب، واقترحوا عدة أماكن كنجد واليمن". (مجلة المجمع العلمي العراقي مج 7 ،1983م ص6).
3: الدولة الكلدانية القديمة هي أصلاً آرامية بإجماع المؤرخين الثقات، ويسميها كثير من المؤرخين الدولة الكلدانية الآرامية، ولأنها اشتهرت بالتنجيم والفلك سميت كلدانية، وكلمة كلداني في قاموس اوجين منا الكلداني تعني عراف ساحر فلكي منجم، وهكذا استعملت كلمة كلدان أينما أتت في التاريخ المسيحي، وأحياناً لتعني وثني، وليس لقوم موجودين على الأرض باسم الكلدان.
4: إن أور لم تكن كلدانية يوماً ما، بل سومرية، وكلمة أور الكلدانين التي وردت أربع مرات في العهد القديم كتبت سنة 280 ق.م. في السبعينية نتيجة لشهرة الدولة الكلدانية، ولا وجود لها في الأصل العبري، بل (أور الكاسدين)، وأهلها كاسديون نسبة إلى كاسد بن ناحور من امرأته مِلْكة ابنة هاران الوارد في سفر (التكوين 22: 22) وكذلك (يشوع 24: 2)، وناحور هو أخو إبراهيم بن تارح، أي أن إبراهيم هو عم كاسد.
5: إن كلمة بابل في عنوان بطريركية بابل، ليس له أية علاقة مطلقاً ببابل الحلة، بل أنها تعني المدائن أو ساليق قطسيفون التي سماها الفرس بابل واليونان ساليق، وسميت من قبل السريان الشرقيين بأبرشية بيث ارماي (الأب يوسف حبي، مجامع كنيسة المشرق ص 165،189، 195، وغيرها)، وبابل القديمة أصبحت أثراً بعد عين إلى أن شيَّد مدينة الحلة الحالية صدقة بن منصور سنة1101م، وعندما انتقل مقر كرسي المدائن إلى بغداد سنة 780م بقي اسم بابل يتردد لأن اسم بغداد لدى جميع الرحالة والأجانب هو بابل، وهذا هو أحد الأسباب الذي أطلق البابا اوجين الرابع في 7 آب سنة 1445م اسم الكلدان على طيمثاوس مطران السريان النساطرة في قبرص إضافة لشهرة اسم بابل في العهد القديم كما سنرى.
6: إن مقارنتك الكلدان بالعرب غير موفقة، فأي اسم قوم لكي يستمر يجب أن يكون له ذكر مستمر ومباشر (وليس استنتاج أو إيحاء أو تاؤيل) لقوم معروفين لهم كُتّاب وأدباء ولغوين ورجال دين...الخ، وأخبار يكتب عنهم الآخرين بصورة مباشرة ومستمرة، وهذا ما لا ينطبق على الكلدان ولا الآشوريين، بل ينطبق على العرب إلى اليوم، ولا يوجد كتاب واحد في التاريخ لا يذكر تنصّر العرب، بينما لا يوجد كتاب واحد في التاريخ القديم يذكر تنصّر الكلدان أو الآشوريين، علماً أن الميدين الذين كانوا شركاء الكلدان في إسقاط آشور بقي اسمهم مستعملاً في الكتاب المقدس وفي كل تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية.
7: قولكم إن الكلدان القدماء كانوا آخر حكم وطني خطأ، دولة المناذرة المسيحية العربية هي بمقياسك آخر حكم وطني، وهل كان في ذلك الزمن وطني وغير وطني؟، كل أمة تهجم على أخرى وتحتلها، ومع ذلك يقول الأب يوسف حبي في كتاب مجامع كنيسة المشرق ص115-116): إن مسيحية الحيرة اكتسبت أهميتها السياسية بعد أفول نجم الحضر والرها وتدمر، وكمملكة ذات سيادة واستقلال ونفوذ كان بوسع الحيرة أن تحمي رئيس الكنيسة الأعلى التي تدين بدينه المسيحي ومذهبه الشرقي خشية بطش الفرس، بل بفضل الحيرة انتشرت المسيحية إلى بعض أطراف جزيرة العرب، ناهيك على أن الكلدان جاءوا من خارج بابل والآشوريين جاءوا من بابل واحتلوا بلاد سوبارتو، وقبلها جاءوا من جزيرة العرب حسب قول الأب يوسف حبي حول الساميين المستند بالطبع الى قول جل علماء اللغة والشعوب، والعرب على أخطائهم حتى بعد لإسلام أفضل كثيراً وأقل إجراماً من الكلدان والآشوريين القدماء، على الأقل كان للناس خياران الجزية أو الهرب، أمَّا الكلدان والآشوريين، فسبوا شعوباً بأكملها من بلادها وأذلوها دون ترك أي خيار لهم، ألم يقل إشعيا النبي 37: 18–20 (حقاً يا رب إن ملوك آشور قد خربوا كل الأمم وآبادوهم طالبين منه الخلاص منهم)، والجنائن المعلقة لا ينفي أحد أن نبوخذ نصر شيد بناءً فخماً معيناً عُدَّ من عجائب الدنيا حينها، لكنها ليست معروفة التفاصيل، ويقول طه باقر: لا نعرف شيا أكيداً عنها ويسميهما (ما يُسمى بالجنائن المعلقة) (مقدمة في حضارة العراق ص567)، والسبب أنها ليست قائمة كالأهرام، ولم يكتب عنها شاهد عيان، بل سماعي فقط، بينما فاز ت البتراء القائمة وبتصويت الشعوب بإحدى عجائب الدنيا السبعة، والأنباط سواءً كانوا عرب أم آراميين كما يقول البعض، فالمهم ليسو كلدان ولا أشوريين.

لا وجود لاسم الكلدان قبل سنة 1445م
1: يمكن القول: إن الكلدان والآشوريين أغرب شعب موجود على وجه الأرض وفي التاريخ، فكل أسماء الأمم موجودة في كتبهم باستثناء الكلدان والآشوريين كما سنرى، وإذا تريد تثبت وجود اسم الكلدان على نيافتك كمطران كنيسة الاستشهاد من كتب كنيستك فقط وحصراً، من سنة 1م إلى سنة 1445م عندما أطلقت كلمة كلدان لأول مرة لنرى أين وردت كلمة كلدان للدلالة على طائفة مسيحية موجودة على الأرض (الغائب يثبت وجوده من كتبه أولاً). وسأذكر بعض المراجع في نهاية الرد، علماً إني أيضاً سأعتمد على كتب كنيستك فقط أيضاً،  وعليه: على نيافتك أن تذكر مرة واحدة كلمة البطريرك أو المطران أو الكاهن أو رسالة من والى أحد آباء الكنيسة أو شخص ألف كتاب أو تاريخ، طقس، قاموس، موسيقى، شعر، فلسفة، أطباء لأشخاص معروفين باسم الكلداني، أو بناء ترميم، اغتصاب، احتراق كنيسة، أو مجاعة، غرق، مشكلة حصلت مع طائفة كلدانية ، أو مجادلة عقائدية أواسمية قام بها شخص كلداني معروف، أو أي مرسوم أو كتاب من المسلمين أو العثمانيين بالاسم الكلداني...الخ.
2: إن كلمة كلدان أطلقها البابا اوجين الرابع على السريان النساطرة في 7 آب 1445م، وهذه هي الوثيقة كما يوردها أكبر منحاز للكلدان في التاريخ، ومع ذلك التزم بالوثيقة لأنها رسمية من الفاتيكان وهو الكاردينال اوجين تيسران في خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص107، ولم أجد وثيقة أو دليلاً واحداً على أن روما استعملت اسم الكلدان سنة 1340م كما يدعي البعض في محاولة لإرجاع الاسم 100سنة إلى الوراء، إذ يقول الأب ألبير أبونا: منذ سنة 1222م جرت بعض المحاولات لإخضاع الروم والسريان أي (النساطرة) لرئيس أساقفة اللاتين في نيقوسيا، حيث أمر البابا بطريرك أورشليم ورئيس أساقفة قيصرية ومطران بيت لحم والمرسلين الكاثوليك إخضاعهم بكل الوسائل، لكنها لم لق نجاحا لأنها لقيت مقاومة عنيفة من الاكليروس، ولا نعلم تلك الوسائل سوى أن ايليا مطران نيقوسيا جمع اللاتين ورؤساء الكنائس سنة 1340م وأقر إيمانه أمامهم، والمهم أن الأب ألبير يستعمل كلمة السريان مع النساطرة، ولا يستعملها مع اليعاقبة الذين كانوا من ضمن المُراد إخضاعهم. وأنه بذلك يوافق نص وثيقة البابا اوجين الربع سنة 1445م بتسمية النساطرة بالسريان. (الكنيسة السريانية الشرقية ج3 ص94-95)، وحتى إن وجد دليل، فلن يغير من الأمر شيئاً، فبدل سنة 1445م، سنكتب لا وجود للكلدان قبل سنة 1340م.
[/b]
3: إن كلمة كلدان أصلاً لم تستعمل سنة 1445م بل ماتت لأن طيمثاوس عاد إلى النسطرة، وفي براءة يوحنا سولاقا لم ترد كلمة كلدان إطلاقا بل بطريرك آثور أو الموصل (مع ملاحظة أن اسم أثور لا يعني  الذين بقوا نساطرة وسمَّاهم الانكليز آشوريين سنة 1876م لأغراض سياسية، وسمَّوا كنيستهم آشورية في 17 تشرين أول 1976م بل تعني مدينة الموصل حصراً التي لها عدة أسماء جغرافية/ نينوى، سومري/ حصنا عبريا، سرياني/ أثور، لأنها كانت عاصمة الدولة الآشورية القديمة/ نواردشير وهرمزد كوذا، فارسي/الموصل، عربي وقيل يوناني/أقُور، رواند، خولان ..الخ، واستعمال الاسم الجغرافي يعتمد على ما يفضله أو تعوَّد عليه الكاتب أسوةً/ بخديدا، فارسي، قرقوش، تركي، الحمدانية، عربي/ أو الكوفة، الحيرة، عاقولا/ أو أربيل، حدياب، أديابين، حزة).
ثم عادت كلمة كلدان للتداول بعد سنة 1553م، ورويدا رويدا استقرت أخيراً في 5 تموز 1830م عندما اتحد كرسيا اليوسفيين والايليين باسم بطريرك بابل على الكلدان، مع العلم وكما يقول البطريرك الكلداني لويس ساكو: لا توجد علاقة كنسية ببابل، وان الكرسي البطريركي كان في المدائن (ساليق وقطسيفون) أي بغداد، وربما يعود هذا التبني إلى كونها (يقصد بابل) عاصمة الكلدانيين (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص5،41). ويقول البطريرك الكلداني عمانوئيل دلي: إن لقب جاثليق بطريرك الموصل في آشور بقي مستعملاً حتى أواخر القرن 16 تقريباً، وعندما بدأ المرسلون والرحالة الغربيون يجوبون بلادنا ويطلعون أكثر فأكثر على تقاليدها وكنائسها وأصالة تراثها، كتبوا تقارير عن ما رأوا واطلعوا عليه من المعلومات التاريخية والدينية والجغرافية، وجاء في كتاباتهم الغث والسمين، فقد أخطأوا عندما ظنوا أن بغداد هي بابل، وأن البطريرك الجالس في دير الربان هرمز قرب " آشور  (يقصد الموصل) هي في ديار بابل"، فخلطوا الحابل بالنابل، وخبطوا بين الجنوب والشمال، وهكذا تغلّب اسم "بابل" الذي له جذوره في الكتاب المقدس على سائر الأسماء، وباشرت روما استناداً إلى التقارير التي تصلها والتي تحمل اسم الديار البابلية منذ نهاية القرن 16 وبداية القرن 17 تطلق على البطريرك اسم بطريرك بابل على الكلدان، ويضيف: إنها ألقاب ناجمة عن رأينا عن قلة خبرة العاملين في الدوائر الرومانية آنذاك. (المؤسسة البطريركية في كنيسة المشرق ص 144).
4: أول اعتراف من العثمانيين باسم الكلدان كملَّة كان في عهد البطريرك نيقولاس زيعا سنة 1844م، ويقول القس بطرس نصري الكلداني: إن اسم الكلدان لم يشع حالاً بعد أن وضعه البابا أوجين الرابع في القرن الخامس عشر على النساطرة المهتدين في قبرص، وإنما بدأ استعماله في آمد ونواحيها لما تمكنت الكثلكة على عهد البطاركة اليوسفيين، وكانوا سابقاً يدعون أنفسهم السريان الكلدان أيضاً، ثم سرى اسم الكلدان رويداً رويداً إلى الموصل في بدء القرن الثامن عشر، ولم يكن بالإمكان إخراج وثيقة باسم الكلدان من قِبل الدولة العثمانية بالرغم من المطالب التي قدمها البطاركة الكلدان إلى السلطات العثمانية لأنها كانت تصدر باسم النساطرة استناداً إلى السجلات العثمانية التي لم تكن تعرف أن الكلدان أصبحوا طائفة مستقلة عن النساطرة (ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان ج2 ص 308،374).
 ومع أن اسم الكلدانية بدأ يستقر في التقويم الحبري لكنيسة روما، لكن في ثلاثينيات القرن العشرين قُدِّمت عدة بحوث  واقتراحات من قِبل المشتغلين في ميدان القانون الكنسي الكاثوليكي أهمها بحث الأب كوروليفسكي الذي اقترح أن يكون لقب رئيس الكلدان الأعلى هو "مطران ساليق وقطيسفون رئيس أساقفة المشرق جاثليق بطريرك بابل على الكلدان"، لكنه بعد سنتين غيَّر رأيه وعرض لقباً آخر هو "جاثليق بطريرك المدن الكبيرة ساليق وقطيسفون رئيس أساقفة المشرق"، وأضاف قائلاً: إن لقب البطريرك الحالي ليس جيداً ويجب تغييره لأن مدينة بابل لم تكن يوماً من الأيام مركزاً للكرسي البطريركي، وإن المرسلين من كنيسة روما تصوروا خطأً أن مدينة بغداد هي بابل القديمة (دلي ص147).

الكلدان والآشوريين هم سريان، وعدم وجود الكلدان والآشوريين في كتب الكنيسة نفسها مع وجود جميع الأمم باستثناء الكلدان والآشوريين
1: العهد الجديد لم يذكر كلمة الكلدان والآشوريين بينما ذكر العرب والميديين الذين كانوا بين الناس يوم حلول الروح القدس. (فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس وآسيا، وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء،كريتيون وعرب، نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله (أع 2: 11)،.
  فهل كان الكريتيون والعرب  كانوا أشهر من الآشوريين والكلدان؟ وهل كان للعرب والميدين دولة حينها ليذكرهم؟ ويسمي الكتاب المقدس بشكل واضح سكان هذه المنطقة بسكان بين النهرين، وذكر أسماء بلدان هؤلاء الأقوام، ولم يذكر آشور وبابل، فهل كانت كبدوكية وفريجية أشهر من آشور وبابل؟، كما يسمي الرسول بولس جبل سينا بأنه يقع في بلاد العرب (غلاطين 4: 25).
2: هل من المعقول مجموع 332 أسم أسقف وردت في مجامع الكنيسة الشرقية من سنة 410– 1318م، لا يوجد اسم واحد باسم أسقف الكلدان أو بيث كلديا بينما جميع أمم الأرض الساكنين حينذٍ كالعرب والأكراد والأرمن والفرس والآراميين والماديين والداسنيين يرد ذكرهم. علماً أنهم أثنوا على آبائهم السريان في مجمع طيمثاوس الأول سنة 790م، وهذا نموذج لأحد المجامع المنعقد سنة 424م
[/b]
3: يقول يشوع دناح أسقف حديثة سنة 853م في كتابه نور العالم المطبوع ص 16في لوفان بلجيكا 1950م: إن صنف لا يفتنه السريان ولذلك نقل إلى السريانية،
هل يُعقل أن يؤلف يشوع دناح مطران البصرة 860م كتاب بعدما كسر المسلمين دولة الفرس وانتهت، يسميه الديورة في مملكتي العرب والفرس ولم يذكر الكلدان، طيب دعنا عن الاسم، هل من المعقول أن يذكر  140 ديراً بأسماء أشخاص من كل الأمم بدون الكلدان والآشوريين، فذكر الفرس، العرب، السريان، الآراميين، الأرمن، الماديين، الرومان، المصريين، علماً أنه ذكر أصل 18 شخص منهم من بيث ارماي، و5 آخرين أن أصلهم آرامي، وركَّز على غيرهم بأنهم من سلالة فلان وفلان.

4: هل يُعقل أن معظم أسماء الأمم  موجودة في أبناء الكنيسة السريانية الشرقية باستثناء الآشوريين والكلدان إلى أن ظهرت الاسمان آشوري وكلداني، من قديسين وبطاركة ومطارنة ووجهاء القوم، فهناك مار أفرام السرياني، أفرهاط  الفارسي، المطران كليل يشوع القورطيني أي الكردي، فثيون الداسني، يوحنا العربي، ابراهيم المادي، وغيرهم، علماً أن العرب كثيرون جداً مثل برحذبشابا العربي، مسكين العربي تلميذ حنانيا، ايشوع العربي أسقف بلد، وحتى هناك قديس قريشي هو الشهيد أنطونا القريشي (محتمل أنه ابن أخي الخليفة هارون الرشيد)، لكننا مع بداية القرن العشرين نجد من يحمل هذه الألقاب مثل المطران أوجين منا الكلداني، الأب بطرس نصري الكلداني، ناهيك عن  أسماء العلمانيين، فنصف الآشوريين أسمائهم آشور وسنحاريب واسرحدون، وقد قام الأب جان فييه الدومنيكي بجمع 50 صفحة من 2000 اسم تقريباً، لم يجد فيها اسماً واحداً كلدانياً أو آشورياً.
5: يشوعياب بن ملكون أحد المدافعين عن عقيدة كنيسته في كتابه  الأمانة التي يعتقدها السريان المشارقة

6: يذكر يوحنا فنكايا 660م تقريباً في كتاب ريش ملة، الآراميين والسريان إلى جانب الأمم الأخرى، الذي تُرجم ريش ملة إلى الانكليزية في كتاب christinity  studies in syriac ص51–75.
7: يقول تيودور بركوني سنة 600 تقريباً في كتابه الاسكولين ص113 عنوان تبلل الألسنة حيث يقصد آية تث 5:26 أراميا تائهاً كان أبي بالقول: ومن المعروف أن إبراهيم كان سريانياً، ويضيف قائلاً: إنك لو قابلت اللغة السريانية بالبابلية القديمة فانك لن تجد واحد بالمئة من الكلمات المتشابه، علماً أنه يذكر الفرس واليونان والرومان ولم يذكر الكلدان والآشوريون، ويشاطره الرأي البطريرك يشوع برنون (823–828)في غراميطه أن إبراهيم كان سريانياً.
8: العلامة عبد ايشوع الصوباوي حين ينتهي من سرد مصنفات الآباء والكُتّاب اليونان يصل إلى آباء وكتَّاب الكنيسة السريانية فيقول: بعد أن رتبتنا مصنفات الآباء اليونان، نبدأ بترتيب مصنفات الآباء السريان، ويبدأ بشمعون ابن الصباغين،ويستمر بذكر ، نرساي، يوسف الاهوازي..الخ، وكلام عبديشوع لوحده فقط يُغني الرد بأن الآشوريين والكلدان هم سريان،فعندما لاحظ الجاثليق يهبالاها الثالث +1317 أن العرب يستهزئون بلغة السريان بما لديهم من مقامات الحريري، طلب من الصوباوي الدفاع عن اللغة السريانية، فانتفض العلامة السرياني عبديشوع الذي لم يقل إنه سرياني فحسب! بل ضرب أروع صور التواضع المسيحي السرياني قائلاً: ܐܠܝܠܠ ܕܣܘܪܝܝܐ ܘܡܚܝܠܐ ܕܡܫܝܚܝܐ إني أحَطُّ السريان وأضعف المسيحيين، قد عصمت في راسي النخوة وسوف أطأطأ رأس من يتطاول من هؤلاء الصغار (العرب) واصغِّر نفوسهم، لكي أنال أكليل الظفر للغتي السريانية، ولاحظ كيف يفرق الصوباوي بين كلمة مسيحي وسرياني حيث يستعمل السرياني كاسم قومي ومسيحي معها، هذا لمن يدعي أن السريانية تعني المسيحية فقط. وراجع جميع مصنفاته الكثيرة ككتابه فردوس عدن والجوهرة لترى هل هناك يذكر الكلدان والآشوريين مرة واحدة أم السريان. الخ، وهذه نسخة المخطوط لسنة 1725م باللاتيني والسرياني.
9: هل من المعقول أن يذكر ايليا برشانيا +1056 كل الأمم  باستثناء الآشوريين والكلدان فيقول في كتابه قواعد اللغة السريانية طبعة برلين 1886م ص 6: إن العبرانيين والسريان والفرس والحبش  والعيلاميين والفينيقيين والماديين واليين والعرب وغيرهم ممن نعرفهم ليس عندهم حروف تكفي لإظهار ما يكتبون من الألفاظ، والسريان لهم 22 حرفاً. وفي ج1 من تاريخه يقول: بينما في سائر نسخ كتب الملوك التي لدى اليونان واليهود والسريان نجد..الخ ص24، ويقارن أزمنة العرب واليونان فيقول: سنة 933 قوائم الأزمنة، فيها ابتدأ ملك العرب وأنا أبين كل يوم من الأيام البيعة وفي أي شهر يوافق من شهور السريانيين،  وكان قد جرى في تلك السنة السريانية لذي القرنين ص127، وفي ج2 يقول: سابيَّن سنوات الأمم وأضع حساب سنوات الأقباط والسريان.(تاريخ ايليا برشنايا، تعريب الأب يوسف حبي). وتشهد مجالس برشنايا السبعة مع الوزير أبي القاسم علي المغربي في نصيبين سنة 1026و1027م، (مجلة المشرق سنة 1922م 5، وأصدرها بكتاب الأستاذ الدكتور محمد كريم إبراهيم الشمري عميد كلية الآداب في جامعة القادسية): ويقول في الجلسة السادسة: في يوم الثلاثاء الثامن من جماد الآخرة حضر الأمير الوزير فقال لي: ألكم من العلوم مثل ما للمسلمين؟، قلتُ: نعم وزيادة وافرة، قال: وما الدليل؟، قلتُ إن عند المسلمين علوماً منقولة كثيرة من السريان، وليس عند السريان علم منقول من العرب، ويستمر برشنايا باستعمال السريان والسريانين والسريانيون، (بالرفع والنصب والكسر كما تتطلبه قواعد العربية) عشرات المرات.
10: رسالة الجاثليق طيمثاوس الأول +823م إلى سرجيوس مطران عيلام: أرسلنا إليك ميامر القديس غريغوريوس الثاغلوس التي نُقلت حديثاً من اليونانية إلى السريانية بهمة جبرائيل القس. (رسائل طيمثاوس طبعة باريس1914م ص158).

11: عبدالله ابن الطيب (980–1043م) من أشهر فلاسفة الكنيسة الشرقية ولعلمه الغزير عينه البطريرك يوحنا بن نازوك مستشاراً أو كاتباً له، وهو يستعمل كلمة السريان واللغة والسريانية، علماً أن أغلب كتابات هذا الفيلسوف هي بالعربية، وهذا هو المخطوط
12: سليمان مطران البصرة ق13 في كتاب النحلة ص 158–162، لم يذكر الكلدان ولا الآشوريين بل ذكر ملوك مادي الذين ملكوا بابل ولم يسميهم الكلدان، وذكر ملوك الرومان والمصريين والفرس، وفي ص 59: يقول في أيام ارعو انقسمت الألسن إلى 72 لسان، إذ كانت إلى ذلك الحين لسان واحد هو أب الألسنة كلها وهو اللسان الآرامي ويركّز بالقول (أي السرياني) وأنظر ص62.
13: كان استشهاد بطرس وبولس في تموز حسب قول السريانيين، وفي حزيران حسب قول اليونان (مختصر الأخبار البيعية ص69).
14: يقول التاريخ السعردي ج2 انتقل مار نرساي إلى الرها وجاءهُ السريانيين، ونقل الكتب من اليونانية إلى السريانية ص22– 25، واعترض أساقفة الجاثليق ايشوعياب الجدلي+645م عليه لأنه لم يذكر في القداس الآباء الثلاثة الأنوار السريانيين الأطهار)، ص240، ومار بابي الكبير جمع الدلائل من الآباء المحقين اليونان والسريان على سبيل الجدل ص214.
15: إن السريان الشرقيين هم من لقَّبوا مار افرام السرياني بنبي السريان: فبكل حق وصواب سَمَّاهُ السريان الشرقيين نبي السريان وملفان الملافنة والكبير وعمود البيعة، ودعاه السريان الغربيون شمس السريان وكنارة الروح القدس (شهداء المشرق ج2 ص 54).
16: يقول المطران توما اودو في أهم قاموس في التاريخ، سرياني–سرياني سماه كنز اللغة السريانية ج1 ص10: وكان في نصيبين مدرسة عالية تُدرّس السريان الشرقيين الذين هم نساطرة. وتخرج منها ملافنة، ويتفق آدي شير معه بذلك قائلاً: خرَّجت المدرسة مشاهير خدموا الملة أحسن خدمة حتى أن السريان الشرقيين دعوها أم العلوم أو مدينة المعارف (آدي شير، مدرسة نصيبين ص4)، وأن نرساي من أشهر ملافنة السريان ص11، ويُسمي كتبة النساطرة بكتبة السريان الشرقيين ص53، ويُسمي ايشوعياب الحديابي أمجد مؤلفي السريان وأفصحهم ص46. 26: ويضيف المطران أودو في ج2 ص 202 قائلاً: إن السريان الشرقيين هم الكلدان والنساطرة.

17: هل من المعقول أن يكتب المطران اوجين منا ولقبه كلداني ويقول إن طقوس الكنيسة هي سريانية شرقية
18: إلى سنة 1901م كان بعض كتب الطقسية اسمها طقس الكنيسة الكلدانية السريانية الشرقية، وهذا كتاب من كنيسة هربول للكلدان في الجزيرة (تركيا) المنشور في كتاب تركي اسمه (الكلدان أو السريان الشرقيين) ومُترجم  من كلداني عن كتاب ألماني.
19: هل معقول أن العرب ينسون اسم كلدان وآشور ويطلقون على المناطق التي يسكنها السريان في العراق بسورستان (الحموي، معجم البلدان، مادة سورستان. وأيضاً صفي الدين البغدادي، مراصد الاطلاع ج2 ص 754)، وهناك من حدد مناطق سورستان من الموصل إلى آخر الكوفة (أبو زيد البلخي، البدء والتاريخ ج2 ص15)وهل معقول أن العرب يذكرون اسم السريان بلغويهم واطبائهم وموسيقيهم وسنينهم ومترجميهم...الخ ويلقبون حنين بن اسحق + 873 بموسوعة السريان الثقافية في الهجرية الثالثة، (مجلة المجمع العلمي، عدد خاص للغة السريانية مج21 ص139). وينسون تلك الأسماء اللامعة في التاريخ.
20: يصادق البطريرك  الكلداني جرجيس غبد ايشوع الخامس خياط (1894–1899)  بعلامة الصليب في أول صفحة على كتاب القس بطرس نصري الكلداني (ذخيرة الاذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان)،قائلاً إن هذا المصنف اشتمل على معظم وقائع السريان المشارقة والمغاربة منذ بدء المسيحية،، ويقول القس بطرس في ص27، إن جميع أبناء هذه الكنيسة هم سريان ولئن دعوا ارامين او أثوريين أو كلدان، ويقول في ص29 إن جميع المسيحيين (النصارى) قبل الانقسامات يُدعون سريان.
21: يقول الخوري بطرس عزيز نائب بطريرك الكلدان في حلب سنة 1909م: إن الكلدان لم يكونوا معروفين كاسم قبل أربعين سنة من عهد بطاركتهم الأربعة الأخيرين (يقصد من عهد يوسف السادس أودو) (الخوري بطرس عزيز، تقويم قديم للكنيسة الكلدانية النسطورية ص3–4).
22: يقول البطريك الكلداني لويس ساكو: الكنيسة الكلدانية سُميت بكنيسة السريان المشارقة (خلاصة تاريخ الكنيسة الكلدانية ص4).
23: يقول البطريرك الكلداني روفائيل بيدوايد: إن الكلدان هم المشارقة السريان (دليل الراغبين في لغة الآراميين،مقدمة الناشر).
24: يقول البطريرك الكلداني عمانويل دلي: إن كنيستنا أطلق عليها عدة أسماء منها كنيسة السريان المشارقة (المؤسسة البطريركية ص5).
25:  رغم أن الكاردينال تيسران متعصب للكلدان لكنه يسمي النساطرة بالسريان ص5، وبالسريان المشارقة والغربيين (خلاصة ص20).
26: يقول المطران اوجين منا الكلداني: إن الكلدان هم السريان الشرقيون (الأصول الجلية في نحو الآرامية ص5).
27: يقول الأب ألبير أبونا الكلداني: أن الفئة المتحدة بروما من السريان الشرقيين هم الذين سمّوا كلداناً (تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ج3 ص146، واسم الكتاب يكفي، ويكتب أبونا في دليل قراءة تاريخ الكنيسة مج 2 ص203، دار المشرق / بيروت1997م/ بحث أستاذ التاريخ الكنسي ألبير ابونا وبعنوان واضح (الكنيسة الكلدانية السريانية الشرقية الكاثوليكية).
28: يقول الأب يوسف حبي الكلداني رئيس مجمع اللغة السريانية وليس الكلدانية: ومن الأهمية بمكان القول أن التسمية التي شاعت لدى الناطقين بالآرامية– السريانية منذ بداية العهد الميلادي الأول على الأقل هي "سوريايا" وتطلق على القوم كما على اللغة ولا فرق بين المذاهب الدينية المختلفة وتشمل حتى يومنا هذا لفظة "سورايا= سوريايا" جميع المنتمين إلى هذه اللغة والتراث الآرامي–السرياني، (مجلة المجمع العلمي العراقي،عدد خاص بهئية اللغة السريانية مجلد 9 ص15)، ويقول: علينا أن ننتظر إلى القرن 16-19 لنلتقي بتسميات الكلدان والآشوريين التي أصبحت لاصقة بها أيامنا (كنيسة المشرق، التاريخ، العقائد، الجغرافية الدينية ص53).
29: كل مؤلفات الفونس منكانا الكلداني بالاسم السرياني ويقول: إن اليعاقبة والنساطرة والملكين والموارنة هم سريان. (التأثير السرياني على أسلوب القران ص7).
30: يقول المطران سليمان الصائغ الكلداني إن لغة السريان الشرقيين وهم المعرفون بالكلدان، والخط الاسطرنجلي الذي كان وما زال مستعملا عن السريان الشرقيين وهم الكلدان. (تاريخ الموصل ص47–48).
31: يقول روفائيل بابو اسحق الكلداني: إن النساطرة أو السريان الشرقيون واليعاقبة أو السريان الغربيين والكلدان أو السريان الكاثوليك والجميع عند دخول المسيحية سموا نفسهم سرياناً تميزاً عن الوثنين، (تاريخ نصارى العراق ص21 –23).
وهنا لدي سؤال مهم جداً: هل بإمكانك أن تذكر لي مرة واحدة في التاريخ كاتب سريان، أرمن، مارون، روم، سويدي...الخ،  قال أن اسم كنيستنا هي كلدانية أو آشورية؟، فكيف يذكر كل هؤلاء الآباء والملافنة من كنيستك وغيرهم كثير ومنهم السيدة سميرة يقولون أنهم سريان فقط؟.
1: أخيراً أقول: إن كنيستك ليست سريانية فحسب بل أنطاكية انفصلت بعد مجمع خلقيدونية بعد أن اعتنقت النسطورية وكنيسة المشرق ليست رسولية إلاَّ إذا استمدت رسوليتها من أنطاكية، ولا تعترف روما إلا بأربع كراسي رسولية ولا مكان لغبطة بطريرك الكلدان في المجمع الشرقي باب 4 قانون 59 فقرة2، وأتمنى أن تناقشني بالوثائق.
2: لا يوجد في التاريخ لا آشوريين ولا كلدان بل سريان فقط، والتوجه القومي الكلداني هو ردة فعل على الآشوريين بدءه ادي شير باختراع عبارة كلدو–آشور سنة 1912م ،.ويقول المؤرخ الفرنسي ميشيل شفالييه: أرجو الملاحظة عندما أتحدث عن النساطرة –الكلدان، أنني استعين بعبارة السريان الشرقيين عوضاً عن عبارة كلدو– آشوريين، التي غَدت تُستعمل كتسمية شعبية منذ سنة1920م فقط، لأن تسمية كهذه أراها تناقض الواقع التاريخي، ولا يمكن استعمالها في البحوث قبل سنة 1914م،ويضيف: إن موضوع الكلدان لا يصح التحدث عنه كنسياً وأخذه في الحسبان إلاّ في نهاية القرن التاسع عشر، والسبب هو أن الأبرشيات الكلدانية لم يشملها التنظيم الكنسي الحقيقي إلاّ في أواسط هذا القرن (ميشيل شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية، الكلدان والسريان والآشوريون والأرمن، باريس 1985م، ص21 و90)، ومن الذين كان لهم توجهات قومية قليلة بالاسم الكلداني، البطريرك يوسف عمانويل ويوسف حبي، وتوجهات قوية نيافة المطران سرهد جمو.
3: مع احترامي لنيافتكم: أن تفكيركم يشبه تفكير المطران سرهد جمو وهو يساعد على إضعاف وانقسام الكنيسة وتحويلها من جامعة إلى كنيسة وطنية وحزب قومي أسوةً بالكنيسة الآشورية، ففي لقائي مع نيافة المطران سرهد جمو قبل أقل من سنة، طرح نفس الأفكار، ما معناه أننا لا نريد اسم سرياني لأنه مشتق من سوريا ونحن عراقيون، فسألته: إذن من حق الكلدان في لبنان وسوريا وديار بكر وألقوش أيضاً أن لا يكونوا كلداناً فما علاقتهم بالكلدان وبابل؟، فانتظر لحظات قلية وأجابني: إن هذا لا يعني بالضرورة أن الجميع عراقيين، فالكلدانية هي كنيسة تراث وطقس وثقافة..الخ، فأجبته، والسريانية هي أيضاً كنيسة وتراث وطقس وثقافة منذ 2000 سنة، ولا تعني انك سوري. 
ملاحظة: البحث العلمي الرصين يقول على الغائب إثبات حضوره، بمعنى، إن لم يكن يعجبك أن الكلدان هم سريان، أثبت وجود الكلدان من سنة 1 والى سنة 1445م ومن كتب كنيستك فقط وحصراً مثل:
تاريخ برحذبشابا عربايا، تاريخ شهداء كرخ سلوق 410–414م، تاريخ ايليا المزوري ق7، حياة مار آبا 540–542، التاريخ الصغير670م، حياة الجاثليق سبريشوع 596–604، تاريخ يوحنا فنكاي ريش ملي ق7، حياة الربن برعيت + 628، الاسكولين  بركوني 600م، تاريخ دير ما سبريشوع 650 ، تاريخ ايشو عسبران + 620، تاريخ الربان هرمز، رسائل ايشو عياب الجاثليق 650، التاريخ الصغير 670، تاريخ مشيحا زخا ق6، تاريخ برسهدي الكرخي ويومياته 800، ،تاريخ دانيال بن مريم ق7، تفسير اوسابيوس، تاريخ شمعون بن قيا، رسائل طيمثاوس 728–823، تاريخ يشوع دناح 860، كتاب الروساء للمرجي ق9،تاريخ الراهب آبا 1063م، تاريخ جثالقة النساطرة ليوحنا الراهب المعروف بابن الطبري ق11، حياة يوسف بوسنيا ق11، تاريخ ايليا برشنايا ق11، صفحات في تاريخ القرنين الرابع والخامس ق11، المجدل لماري وعمرو ق11، التاريخ السعردي 1020، قصيدة مدح مار دنحا 1265، حياة مار يهبالاها 1283، جداول وتواريخ عبد يشوع الصوباوي، حقيقة الدين المسيحي للجاثليق مكيخا النسطوري 1109م، خطب أبو حليم للبطريرك النسطوري إيليا ابن الحديثي +1190 ، خمسة شكوك وأجوبتها ودفع الهمم والرد على الجاحظ إيليا برشنايا، دعوة الأطباء على مذهب كليلة ودمنة الطبيب البغدادي النسطوري ابن بطلان، الرد على النساطرة ليحيى بن عدي، فردوس النصرانية لابن الطيب 1043، مجادلات طيمثاوس الجاثليق النسطوري823، النواميس البيعية تاليف الجاثليق النسطوري يوحنا بن عيسى ابن الأعرج 8، الإقرار بالأمانة التي يعتقدها النصارى السريان الشرقيون، ميخائيل أسقف آمد نقله القس النسطوري صليبا بين يوحنا النسطوري آواسط ق 14 ظ. شيخو، المخطوطات العربية لكتبة النصرانية ، الأمانة التي يعتقدها النصارى السريان المشارقة ليشوعياب بن ملكون مطران نصيبين الدنيسري النسطوري+ 1256م نسخة خطية في المكتبة الشرقية بيروت، المخطوطات العربية لكتبة النصرانية عدد 154، وهذا هو المخطوط من سنة 17777، رد على رسالة بطرك اليعاقبة اغناطيوس المدعي أن السريان المشارقة محدثون وأنهم الأقدمون، مقالة في الأبوة والنبوة على مذهب دين النصرانية ورأي السريان المسيحيين اعني النساطرة تأليف الجاثليق النسطوري مكيخا متوفى سنة 1ذ109، نسخة خطية في مكتبة الفاتيكان bibl.or.3. 5521554 (وهذا جزء من كثير).
وشكراً
بارخ مور سيدنا
موفق نيسكو

44
سبب اختلاف المسيحيين في عيد القيامة/كيف يتم حساب يوم العيد/اليوم الحقيقي لفصح السيد المسيح
كل عام والجميع بخير
يُعتبر عيد القيامة المسيحي من أهم الأعياد، ويُسمَّى عيد الفصح، وهو ليس من الأعياد الثابتة في يوم معين كعيد الميلاد، بل متحوّل، والسبب هو أن تحديد عيد القيامة مرتبط بالفصح اليهودي الذي احتفل به اليهود منذ خروجهم من مصر كذكرى خلاصهم من ارض العبودية، والفصح اليهودي مُرتبط بالشهر القمري المُسقَّطْ (متقاطع) على السنة الشمسية الميلادية، وبالنتيجة فعيد القيامة المسيحي مرتبط بالقمر، وكلمة فصح تعني العبور.

كيف ومتى يتم تحديد عيد الفصح اليهودي؟.
ملاحظة: السنة الميلادية هي سنة شمسية
1: يقع عيد الفصح اليهودي بعد21 من شهر آذار الشمسي الميلادي (الاعتدال الربيعي)، وفي أول يوم يكون فيه القمر بدراً كاملاً أي عمره 14 يوماً، (أي أول بدر بعد21 آذار ميلادي)، فبعد غروب شمس ذلك اليوم يؤكل خروف الفصح.
 2: اليوم عند اليهود يبدأ من غروب الشمس حسب سفر التكوين 1:5 (وهكذا جاء مساء أعقبه صباح فكان اليوم الأول)، واليوم اليهودي يبدأ الساعة 6 مساءً بمفهومنا الحالي، فالساعة 6 مساءً عند اليهود هي 12 ليلاً، و 3 نهاراً هي 9 صباحاً، و6 نهاراً هي 12 ظهراً، و 9 نهاراً هي 3 بعد الظهر،  و11 نهاراً هي 5 مساءً، وهكذا بإضافة رقم 6 (قارن الساعات في متى 20: 3–6)، وهذا معمول به من الناحية الدينية إلى اليوم، إذ يتوقف الجميع من موظفين وقطاع خاص عن العمل من مساء الجمعة، ويرجعون إلى العمل مساء السبت مثل قطاع النقل وأصحاب المحلات من القطاع الخاص حيث يتعمَّدون بفتح محلاتهم مساء السبت ولو لعدة ساعات للتأكيد أن السبت انتهى وبدأ الأحد، أي أن اليهود عندما يأكلون الفصح مساء يوم 14 بعد غروب الشمس، يكون القمر قد دخل يومه 15.
3: يتهيئا اليهود من أخر ساعة من مساء يوم 13 قمري (عمر البدر 13 يوماً)، وابتدأً من يوم 14 يقوم اليهود بتنظيف وتطهير البيت من الخبز المخمور استناداً إلى (تثنية 1:16)، ثم يُذبح خروف الفصح (تثنية 6:16)، وهاتان العمليتان تتمان يوم 14، ولكن خروف الفصح لا يؤكل إلاًَ بعد غروب شمس يوم 14، أي في الساعات الأولى من يوم 15.
مثال: في سنة معينة صادف القمر بدراً، أي عمره 14 يوماً في يوم الاثنين 29 آذار ميلادي، اليهود يأكلون الفصح بعد الساعة السادسة مساء الاثنين، وهذا يعني أنهم في يوم الثلاثاء 30 آذار.

ما هي السنة القمرية اليهودية؟
1: السنة القمرية اليهودية تتكون من 12 شهراً، وكل شهر 29 أو 30 يوم، وهو عدد أيام اكتمال دور القمر، وعدد أيام السنة اليهودية 354 يوماً، إي أقل من السنة الشمسية الميلادية ب 11يوم وربع، ولكي يتجاوز اليهود هذا الفرق وتكون السنة الشمسية تساير القمرية وتبقى مواسم والشهور والأيام للزراعة والأعياد ثابتة، ومنها عيد الفصح الذي يأتي في الربيع فقط (وليس كما يحصل بانتقال العيد بين كل أشهر السنة كما هو الحال عند المسلمين الذين يستعملون السنة القمرية أيضاً) فإن اليهود يضيفون في كل دورة من 19 سنة قمرية، 7 مرات شهراً إضافياً، وهي السنة الثالثة، السادسة، الثامنة، الحادية عشرة، الرابعة عشرة، السابعة عشرة والتاسعة عشرة، لذلك فدورة 19 سنة اليهودية القمرية تتكون من 12 سنة عادية فيها 12 شهر، و7 سنوات فيها 13 شهر، وتُسمَّى السنة ذو 13 شهراً بالكبيسة (ليس نفس الكبيسة الشمسية بل كبيسة قمرية) وهذا الشهر المضاف اسمه آذار، وبما أن السنة القمرية اليهودية فيها شهر آذار أصلاً، فأنهم يُسمُّون الشهر المضاف آذار الثاني الذي يوافق شهر نيسان الميلادي الشمسي.
2: كان اليهود يستعملون السنة الشمسية (الميلادية الحالية)، وهذه السنة معتمدة منذ سنة 45 ق.م. على التقويم اليولياني الذي وضعه هو الإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، وهي تتكون من 365 يوم وربع، مُقسَّمة على 12 شهر، بين 30 و 31 يوماً باستثناء شباط 28 يوماً، والربع يوم يجمع كل 4 سنوات ليكون فيه شباط 29 يوماً، فتكون السنة فيها 366 يوماً، وتُسمَّى سنة شمسية كبيسة، وهو تقويمنا الميلادي الحالي مع استثناء وتعديل سأذكره لاحقاً.

متى احتفل اليهود والسيد المسيح بالفصح سنة 33م التي صُلب فيها السيد المسيح ومات وقام؟
سنة 33 ميلادية، كانت سنة كبيسة قمرية يهودية، أي أنها تحوي شهر آذار الثاني (نيسان شمسي)، وأصبح القمر بدراً أي عمره 14 يوماً (14 آذار الثاني قمري) في يوم الجمعة الموافق 3 نيسان ميلادي، وفيه صُلب السيد المسيح قبل الساعة السادسة، ثم رجع اليهود وآكلو الفصح بعد السادسة من مساء الجمعة أي السبت، وكان ذلك في 4/4/33م (عمر القمر15)، ثم قام السيد المسيح من الأموات يوم الأحد16 آذار الثاني الموافق 5/4/33م نيسان ميلادي شمسي، وقد ثبت علمياً أن يوم الجمعة كان القمر بدراً سنة 33م (راجع دور القمر سنة33م).
وليس صحيحاً ما يُكتب أن فصح اليهود كان يوم الخميس 14 آذار الثاني، وأن السيد المسيح أكل الفصح مع اليهود في 14 آذار الثاني، وقام من الأموات يوم 17 آذار الثاني، والصحيح أن يوم الجمعة كان الفصح اليهودي القانوني الشرعي وليس الخميس، وأن القمر كان بدراً وعمره 14 يوماً في يوم الجمعة وليس الخميس، أمَّا السيد المسيح فقد أكل الفصح فعلاً يوم الخميس 13 آذار الثاني قبل الفصح اليهودي ب 24 ساعة، وصُلب ومات يوم الجمعة 14 آذار الثاني وقام من الأموات يوم الأحد 16 آذار الثاني، الموافق 5 نيسان سنة 33 شمسي ميلادي، ولأهمية الموضوع وتطابقه من الناحية الدينية واللاهوتية في مسالة توحيد العيد، سأفصِّل ذلك بما يتفق مع الإنجيل أيضاً.

سبب اختلاف المسيحيين في تحديد يوم عيد القيامة وكيف احتفل المسيحيون بعيد الفصح في البداية؟
هذا الموضوع واسع جداً، ولا أريد الإطالة فيه لعدم أهميته أولاً، ولكي أركّز على ما هو أهم من ذلك وبما يخدم مسألة توحيد العيد ثانياً، ولكن باختصار أقول: اختلف المسيحيون منذ البداية في تحديد عيد القيامة، مع خلافات أخرى أيضاً فالشرقيون كانوا يعتبرون جمعة الآلام يوم فرح لأنهم تحرروا من العبودية ويُحل الحزن والصوم مقتدين بالرسول يوحنا وفيلبس، والشرقيون في آسيا الصغرى وسورية وبين النهرين وقليقيا احتفلوا بالفصح بعد أول بدر عمره 14 يوماً يأتي بعد 21 آذار ميلادي شمسي، وفي أي يوم يقع، أي ليس بالضرورة أن يكون يوم أحد (معتمدين العدد)، أمَّا الغربيون الرومان واليونان وشمال أفريقيا ومصر وفلسطين فكانوا يتألمون ولا يحلون الصوم مقتدين بالرسولين بطرس وبولس (معتمدين الأيام)، فكانوا يحتفلون بأول جمعة–الأحد بعد بدر 14 الذي يأتي بعد 21 آذار ميلادي، وبقيت الخلافات إلى سنة 325م،، ونظراً لأن الأقباط كانوا يتمتعون في حينها بمكانة علمية فلكية عالية، فقد وجَّه المجمع رسالة إلى كنيسة الإسكندرية قائلين: إننا نعلن لكم البشرى السارة عن الاتفاق المختص بعيد الفصح فان هذه القضية قد سوِّيت بالصواب بحيث إن كل الإخوة الذين كانوا في الشرق يسيرون على مثال اليهود أصبحوا الآن يعيدون الفصح المقدس في الوقت نفسه كما تعيده روما وانتم وجميع من كانوا يعيدونه هكذا منذ البداية. (رسالة مجمع نيقية إلى كنيسة الإسكندرية)، وعدَّت كنيسة الإسكندرية نفسها مسئولة بتحديد بدر الربيع والعيد، فكان بطريرك الإسكندرية يحدد ذلك ويرسل رسالة إلى بابا روما وبطاركة الكنائس الأخرى وتُسمّى الرسائل الفصحية، إلاَّ أن ذلك لم يُلتزم به دائماً وخاصة بعد مجمع خلقيدونية سنة 451م، حيث بقيت الخلافات قائمة في تحديد عيد الفصح.
استمر اختلاف حساب العيد إلى سنة 1582م، حيث لاحظ بابا روما غريغوريوس أن بدر الربيع قد أتى مبكراً في 11 آذار شمسي، فشكَّل لجنة فلكية توصلت إلى أن السنة الشمسية الميلادية ليست 365 يوماً وربع بالضبط، بل أقل من ذلك ب 11 دقيقة و14 ثانية، وهذا النقص الذي تراكم على مر السنين هو السبب في فرق العشرة أيام، لذلك قرر تعديل التقويم بما يُسمَّى التقويم الغريغوري أو الغربي والذي يعتمده العالم اليوم، وضبطوا هذا الفرق بأن جعلوا السنة الشمسية الكبيسة هي ليست التي تقبل القسمة على 4 فقط، بل هي التي تقبل القسمة على 4، ولكن في حالة قبولها القسمة على 100 في نفس الوقت، يجب أن تقبل القسمة على 400 أيضاً، وإلاَّ لن تكون سنة كبيسة، وهذه السنين تُسمى السنين القرنية (بداية ونهاية قرن)، فالتي لا تقبل القسمة على 400 مثل سنة 1900،2100،2200، 2300 ليست سنين كبيسة رغم أنها تقبل القسمة على 4، أمَّا سنة 2000، 2400 فإنها كبيسة لأنها تقبل القسمة على 4 و100 و400، وهكذا.
استمر الشرقيون الأرثوذكس، السريان، الأقباط، الأرمن، الأحباش، والروم كاليونان وروسيا وصربيا..الخ، باعتماد التقويم الشرقي اليولياني الخاطئ في حساب عيدي الميلاد والقيامة، و فيما بعد هناك من اعتمد التقويم الغربي في عيد الميلاد فقط مثل السريان الأرثوذكس ورومانيا، بينما بقي التقويم الشرقي معتمداً لعيد القيامة لجميع الشرقيين الأرثوذكس في العالم إلى اليوم، علماً أن الفرق بين التقويمين سنة 1582م كان 10 أيام، أمّا اليوم فهو 13 يوماً، وفي القرن القادم سيصبح 14 يوماً، وهكذا كل 128 سنة يزداد يوماً، وإذا استمر بعض الأرثوذكس كالأقباط باعتماد التقويم الشرقي في عيد الميلاد، سيأتي يوما ما بعد آلاف السنين يعيدون عيد الميلاد في آذار أو نيسان مثلاً.

كيف يتم حساب البدر لعيد القيامة المسيحي؟
1: الكنائس الغربية (الكاثوليك، الانكليكان، البروتستانت..الخ): طريقة علمية فلكية مضبوطة مئة بالمئة، فعيد الكاثوليك دائماً يكون بعد أول أحد من اكتمال البدر، أي إن البدر موجود. (راجع دور القمر لسنة 2016 في نهاية المقال).
 2: الكنائس  الشرقية الأرثوذكسية: إن حساب البدر في الكنائس الأرثوذكسية (الروم، السريان، الأقباط، الأرمن، الأحباش) يتبع الأسلوب القديم الخاطئ، وهي عملية رياضية معقدة جداً وغير واقعية وموجودة على الورق فقط، وببساطة هي عملية تشبه بالضبط كمن يحرر شيكاً وليس لديه رصيد، فلا وجود البدر إلاَّ على الورق، وإضافة إلى جدول دور القمر، فمن يريد التأكد من كلامي من القراء الكرام عليه أن يرى القمر الآن لأنه كان بدراً يوم 23/3/ 2106 ،(الان اقل من بدر قليلاً)، وأن الكاثوليك عيَّدو اليوم 27/3 لأنه أول أحد بعد بدر الذي يقع بعد 21/ 3، بينما الأرثوذكس سيعيدون في 1/5  علما أن البدر سيكتمل يوم الجمعة 22/4 والمفروض يعيدوا يوم الاحد 24/4 وليس 1/5.

أهم نقاط الخلاف (المعلنة وليس المخفية) بين الشرق والغرب في تحديد عيد القيامة
قبل الخوض في هذا الموضوع أقول: إن الاثنين على خطأ، ولكن إذا اعتمدنا على القمر فإن خطأ الغرب أقل من الشرق، وإن الكاثوليك تواقين أكثر من الأرثوذكس لتوحيد العيد (ولكن ليس لإغراض إيمانية بحتة)، كما سأوضِّح ذلك.
(حجج الأرثوذكس) 1: يتحجج الشرقيون بأن الغربيين يصادف فصحهم مع اليهود كما حصل سنة 2015م، حيث وقع عيد الكاثوليك مع الفصح اليهودي، ويعدُّون ذلك أمراً غير مقبولاً، بدون أي حجة مقنعة، بل على العكس الشرقيون كانوا في العصور الأولى يعيدون مع الفصح اليهودي بالضبط حتى إن لم يقع يوم أحد.
2: يقول الشرقيون الأرثوذكس إن نور السيد المسيح لن يظهر من القبر إلاَّ في عيد الأرثوذكس فقط، وكأنه إذا توَّحد العيد بين الاثنين فإن نور السيد المسيح لن يظهر وهو القائل إذا اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون وسطهم، وهم لا يضعون في الاحتمال أن شعلة نور السيد المسيح ستتوهج أكثر، وأعاجيبها ستكون أبهر في حالة توحيد العيد.
3: الحجة الثالثة خاصة بالأقباط، وهي: كيف كنا نحن من يحدد عيد القيامة في التاريخ، ثم اليوم نحن نتبع الكاثوليك، والأقباط في طرحهم هذا يشبهون تماماً الانكليز بعدم تبديلهم سير اليمين في السيارة ووحدات القياس والوزن المعقدة بحجة أنهم أول من اخترع السيارة ووحدات القياس.
(حجج الكاثوليك) 1: إن البدر موجود دائماً في عيدهم، وهذا صحيح كما ذكرتُ.
2: يركزون على أن فصحهم قريب من الفصح اليهودي الذي شارك المسيح في أحداثه بموته وقيامته.
وقبل أن اذكر السبب الحقيقي المخفي لعدم توحيد العيدين سأشرح موضوع فصح السيد المسيح من الناحية اللاهوتية لأهميتهِ، ولقطع حجة الطرفين على حدٍ سواء، وأنه لا يجب ربط الفصح المسيحي بالفصح اليهودي والقمر.
1: إن الحقيقة الثابتة والتي لا تقبل الجدل هي أن السيد المسيح صُلب يوم الجمعة، والإنجيل بأربع بشائره متفقة على ذلك، متى 62:27، مر 42:15، لو 54:19، يو 19: 31 و 42.
2: إن السيد المسيح لم يأكل فصح اليهود القانوني مساء الجمعة على السبت (أي أول ساعات السبت) لأنه يوم الجمعة كان معلقاً على الصليب، وإنما أكل فصحاً خاصاً به وبتلاميذه فقط قبل اليهود ب 24 ساعة، فأمر بطرس ويوحنا يوم الخميس 13 آذار الثاني قائلاً لهم: شهوت اشتهيت أن أكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم (لو 22: 7–15)، وتناول الفصح مساء الخميس على الجمعة، وقُبض عليه بداية (مساء) يوم الجمعة 14 قمري، وهو  يوم الاستعداد للفصح، وليس يوم أكل الفصح، وجرت محاكمته وتعذيبه ليل ونهار الجمعة: ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية، وكان صبح (يوحنا 18: 28)، وصُلب نهار الجمعة الساعة 12–3 ظهراً (بتوقيتنا)، حيث كان اليهود مستعدين لأكل الفصح يوم السبت، ولكنهم لم يكونوا قد أكلوه بعد: وكان استعداد الفصح، ونحو الساعة السادسة (12ظهراً) ، فقال لليهود، هوذا ملككم، فصرخوا، خذه خذه، اصلبه (يو 19: 14–15) كذلك: ولما كان المساء إذ كان الاستعداد إي ما قبل السبت (مر 15: 42)، أيضاً: كان يوم الاستعداد والسبت يلوح (لو23: 54)، ثم أُنزل من الصليب كي لا يبقى مُعلَّقاً يوم أكل الفصح (السبت): ثم إذ كان استعداد فلكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً (يو 19: 31). 
3: إن اليهود كانوا متعجلين للانتهاء من محاكمته وصلبه سريعاً قبل أن تتوقف الحركة القضائية والعامة، ولكي يأكلوا الفصح مرتاحين، حتى أنهم لم يدخلوا دار الولاية لكي لا يتنجسوا ، فيأكلون الفصح (يوحنا 18: 28).
4: إن السيد المسيح بتناوله فصحاً خاصاً به وبتلاميذه فقط، قد أبطل الفصح اليهودي وخروفهُ، وأبدَّله بجسده ودمه، كما أبدل الختان بالمعمودية، فبعد أن اشتهى فصحاً خاصاً به، ربط فصحهُ بالملكوت السماوي قائلاً: أقول لكم: لأني لا آكل منه بعد حتى يكمل في ملكوت الله، ثم تناول كأساً وشكر وقال: خذوا هذه واقتسموها بينكم، لأني أقول لكم: إني لا اشرب من نتاج الكرمة حتى يأتي ملكوت الله (لو 16:22–18)، فالسيد المسيح أسس سرَّاً وفصحاً جديداً يُعمل لذكره في كل قداس قائلاً: اصنعوا هذا لذكري (لو 19:22)،  ولا يزال إلى اليوم ترتيله في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في خميس الفصح تقول:       
ܡܫܝܚܐ ܕܒܦܨܚܗ ܫܪܝܗܝ ܠܠܡܪ ܦܨܚܐ                 ܒܦܨܚܚܟ ܐܦܨܚ ܠܢ ܘܐܬܪܚܡܥܠܝܢ
        مشيحو دابفِصحيه شروي ليمَر فِصحو                          بْفصحُخ افصَح لان واثراحمعلين
     أيها المسيح الذي بفصحه أبطل خروف الفصح                  بفصحك أبهجنا وترحم علينا

لذلك ليس عذراً للكاثوليك والأرثوذكس التقيَّد بالفصح اليهودي والقمر من الناحية الدينية واللاهوتية.
ملاحظة: أغلب المفسرين يتفقون على أن السيد المسيح لم يأكل الفصح اليهودي القانوني عشية الجمعة على السبت، بل أكل فصحاً خاصاً به ومع تلاميذه فقط، وهناك من قال إن السيد المسيح أكل الفصح يوم الأربعاء بحجة أن وقت إحداث المحاكمة والصلب كان قليلاً، وحاول قسم قليل آخر من المفسرين اعتبار أن السيد المسيح أكل الفصح القانوني اليهودي بالقول إن هناك فئة من الفريسيين كانوا يخالفون الصدقيون بيوم الفصح فأكلوه الخميس، أو أن طائفة أخرى كان لها تقويم خاص يحتوي على 52 أسبوعاً منظم بحيث يقع الفصح يوم أربعاء دائماً، أو إن اليهود في العصور الأولى اعتمدوا على رئوية البدر بالعين المجردة ولم تكن الحسابات دقيقة، أو أن الإنجيليين عندما كتبوا للأمم الأخرى، كتبوا لهم حسب تقويمهم الذي يفهمونه والذي يبدأ اليوم في الصباح وليس حسب التقويم اليهودي الذي يبدأ فيه اليوم بعد غروب الشمس، مستندين على ما جاء في الإنجيل: وفي اليوم الأول من الفطير حين كانوا يذبحون الفصح قال له تلاميذه: أين تريد أن نمضي ونعد لتأكل الفصح؟، فأرسل اثنين من تلاميذه وقال لهما: اذهبا إلى المدينة فيلاقيكما إنسان حامل جرة ماء. اتبعاه ،وحيثما يدخل فقولا لرب البيت: إن المعلم يقول: أين المنزل حيث أكل الفصح مع تلاميذي (مرقس14: 12–14)،وأيضاً: وجاء يوم الفطير الذي كان ينبغي أن يذبح فيه الفصح (لوقا 22: 7)، كذلك: وفي أول أيام الفطير تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين: أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح؟ (متى 26 : 17)، وغيرها، وهذه مجرد آراء، وبالعكس فهذه الآيات كلها تؤكد أن خروف الفصح ذُبحَ نهار الجمعة، لكنه لم يؤكل إلاَّ بعد غروب شمس الجمعة، أمَّا بالنسبة للأربعاء فمن يرى مكان الأحداث من بستان جسماني إلى دار قيافا والجلجلة فهي قريبة من بعضها جداً ولا تتجاوز محيط ا كلم، (والمهم في مقالنا أن العيد لا يجب أن يُربط بفصح اليهود لأن السيد المسيح لم يأكل فصحهم).
6: أمّا من الناحية التقويمية، إذا كان العالم كله على الإطلاق يتبع التقويم الميلادي في حياته العامة، فما معنى أن يتبع المسيحيون التقويم القمري اليهودي؟، ومن جهة أخر إن الكاثوليك سابقاً لم يكونوا يعيَّدوا الأحد إذا وقع السبت بدراً كما هو الحال في سنة 2015م، بل يؤجلونه أسبوعاً، كما أن الأرثوذكس والكاثوليك معاً يخالفون مبدأ مهماً وهو أنهم يعيَّدون أحياناً مرتين في السنة القمرية الواحدة، فمثلا عيَّد الأرثوذكس الفصح في 6 أيار سنة 1956م وفي 21 نيسان 1957م، وفي نفس الوقت عيد الغربيون في 21 نيسان سنة 1957م وفي 6 نيسان 1958م.
[/size][/size][/size]
السبب الحقيقي لعدم توحيد العيد بين الغربيين والشرقيين
ملاحظة: انقل تاريخ وما يحصل بالضبط بعيداً عن العواطف والآراء الشخصية، أي ليس بالضرورة إني أوفق عليه.
إلى سنة 1852م يمكن القول أن الخلاف كان تقويمياً، ولكن بعد ضبط التقويم بصورة علمية محكمة لم يعد حجة لمن يدَّعي أن الخلاف تقويمي، إذن ما هو سبب الخلاف الآن؟، والجواب: السبب هو سلطوي لكنهُ يفسَّر للبسطاء أنه تقويمي.
إن الثقل الأساسي والرئيسي في كنيسة القيامة هو للأرثوذكس وليس للكاثوليك، وقبر السيد المسيح مكوَّن من غرفة فيها مدخل أول فيها نافذتان يمين ويسار، ثم مدخل ثاني فيه قبر السيد المسيح لا يوجد فيه نافذة، وفي سبت نور الشرقيين الأرثوذكس يدخل أربعة أشخاص فقط إلى غرفة القبر، بطريك الروم الأرثوذكس وخلفه ثلاث كهنة من الأرمن والسريان والأقباط فقط (وغالباً معهم شرطي!)، ولا يُسمح لرجال الدين الكاثوليك أو غيرهم بالدخول إلى غرفة القبر حتى لو كان بابا روما، وبطريك الروم الأرثوذكس هو المخوَّل فقط بدخول قبر السيد المسيح، والثلاثة كهنة الأرمن والأقباط والسريان يقفون في المدخل الأول فقط، ولا يحق لهم الدخول إلى القبر، ثم يدخل بطريرك الروم إلى القبر ويجلب الشعلة المقدسة ويخرج إلى المدخل الأول ويعطيها من النافذة اليمنى للروم الأرثوذكس العرب، ومن النافذة اليسرى للروم الأرثوذكس اليونان، ثم يعطي الشعلة لكهنة الأرمن والسريان والأقباط الواقفين في المدخل الأول، ويخرج الأربعة خارجاً فيعطي الأرمن والسريان والأقباط الشعلة كلٌ طائفته، وكنيسة القيامة في سبت نور الأرثوذكس مقسمة بحواجز حديدية (محجلات)، ليس من حق طائفة الوقوف مكان طائفة أخرى، فالروم الأرثوذكس يدخلون من يمين الحاجز، وبقية الأرثوذكس من الأرمن والسريان والأقباط على اليسار، ويجب على بقية الزوار الذين لا ينتمون لهذه الطوائف التنسيق سلفاً مع الروم أو السريان أو الأرمن أو الأقباط للدخول تحت لوائها، أو الدخول تهريب (قجغ) وهو ليس بالأمر السهل لوجود الشرطة التي تُدخِل كل طائفة بالترتيب وفق تنسيق مُعد سابقاً، وداخل الكنيسة هناك اتفاقات، فهناك مكان مخصص للأقباط بشرط أن يكون معهم 10 سريان فقط (لا يجوز 11)، وهناك مكان للسريان بشرط أن يكون وسطهم درج صغير يتسع لعدة أشخاص روم ليس من حقهم الوقوف على الأرض مع السريان بل على الدرج فقط. 
سؤال1: إذن متى يحتفل الكاثوليك بسبت النور حسب التقويم الغربي؟ وهل لهم شعلة؟
الجواب: الكاثوليك يحتفلون بعيدهم حسب التقويم الغربي، ولكن ليس من حقهم الدخول إلى القبر واخذ الشعلة المقدسة، وإنما يعملون شبه تذكار للنور بشعل شموع في باحة كنيسة القيامة فقط. علماً أن اللاتين والفرنسيسكان فقط مخولين بترؤس المراسيم وليس أي رجل دين كاثوليكي، اللهم إلاَّ إذا كان البابا حاضراً بكونه رئيساً لهم.
سؤال2: ماذا لو صادف العيدين الشرقي والغربي معاً كما في بعض السنيين.
الجواب: يحتفل الكاثوليك صباحاً لوحدهم بدون الدخول إلى القبر طبعاً، وينهون مراسيمهم الساعة الحادية عشر صباحاً تقريباً، لتبدأ المراسيم الأرثوذكسية كما أوضحنا.
والآن بعد هذا الشرح الموجز أقول: إن السبب الحقيقي في عدم توحيد العيد ليس التقويم الشرقي والغربي ولا البدر، وإنما هو فقد السلطة الأرثوذكسية على الكنيسة ومراسيم القيامة، فلن يقبل الأرثوذكس وخاصة الروم أن يتنازلوا عن هذه الخصوصية المهمة جدا بسهولةً خوفاً من الكاثوليك الذين هم أكبر وأقوى كنيسة في العالم، والذين بدورهم لا يكلُّون جهداً لفرض سلطتهم، ولا أريد التطرق إلى مسائل أخرى بهذا الشأن مثيرة جداً وطريفة، ولكن باختصار أقول: حتى لو وافق الكاثوليك على أن يعيدوا حسب التقويم الشرقي، فلن يُسمح لهم بدخول القبر المقدس، (وحسب ظني) ربما سيسعى بطريرك الروم إلى طريقة ما لكي لا يُعيِّد مع الكاثوليك، وحتماً إن الأرثوذكس سيتفقون معه، والسبب هو هاجس الخوف من سيطرة الكنيسة الكاثوليكية بمرور الزمن على هذه الخصوصية المهمة، ولذلك فعملية توحيد العيد إن لم تكن مستحيلة فصعبة جداً، ورائي الشخصي بتوحد العيد أنه حتى لو وافقت جميع كنائس العالم، لا يوجد فائدة إذا لم يوافق بطريرك الروم، فالمفتاح بيده، ولعل أحد الحلول برائي الشخصي هو: يجب اختيار أحد ثابت من نيسان وبرائي ثاني أحد، وتقديم ضمانات قوية جداً وواضحة من جميع الكنائس وخاصة الكاثوليك، بأن تبقى صلاحيات بطريرك الروم ومعه الأرثوذكس نفسها، (أي توحيد العيد، لكن يبقى الوضع في المراسيم كما هو عليه الآن، علماًان هناك صلاحيات لطقوس اخرى خاصة يالارثوذكس في خميس الفصح وجمعة الآلام لا يريد بطريرك الروم أن يفقدها).
ملاحظة مهمة: إن هذه التقاليد مرتبطة بمئات السنيين، وقد كان فترات معينة يأخذ الأرمن أو السريان أو الأقباط أو الأحباش الشعلة المقدسة من القبر، ولكن عموماً كانت للروم، وبعيداً عن العاطفة والقضايا الإيمانية والمثاليات وغيرها نقول: ما ذكرناه لا يعبِّر عن عدم إيمان الأرثوذكس والكاثوليك، ولكن هذا هو الواقع، وأي شخص يعرف تفاصيل الأمور قد يصل إلى هذه القناعة مُكرهاً، فالكل يعترف أن ذلك خطأ، ولكن كل طرف يريد أن يثبت وجوده التاريخي وتقاليد كنيسته بشكل أقوى ويخشى أن يفقد مكانته للآخر كما فقد قسماً منها الأحباش، وكأمثلة، إذا فرش القبطي سجادته في باب مذبح كنيستهُ داخل كنيسة القيامة وذهبت بالخطأ 5 سم فقط إلى بلاط (كاشية) حدود مذبح كنيسة الأرمن أو الروم أو السريان، فذاك أمرٌ لا يحمد عقباه، وغالباً ما يُحل بتدخل الشرطة وسيارات الإسعاف!، وقد حدثني أحد الكهنة المهمين في كنيسة القيامة أن العلاقات التي تجمعهم كرجال دين طيبة جداً، ولكن خارج الكنيسة فقط، أما داخل الكنيسة فشيء آخر، مع العلم أن الثلاثة الأرمن والسريان والأقباط في إيمان واحد مشترك لاخلقيدوني وتجمعهم شركة كنسية تامة، ومن بعض الشعارات التي تُطلقها كل طائفة أثناء حصول المشاكل بينها، فمثلاً يهتف الروم قائلين:   
                                            يوم القيامة يوم الروم           نحن هون سادة القوم
فيرد السريان هاتفين: 
                          ديروا الميه على الصفصاف       أحنا السريان ما بنخاف
                                              واللي بدوا يعادينا          ينزل على القيامة ويشوف
   
وإذا تأخر السريان في قداسهم مثلاً على حساب وقت اللاتين الكاثوليك في بعض الأيام العادية، ترى اللاتين يهتفون:
                       
     يوم الحد حد اللاتين    برا السريان المجانيين
فيرد السريان وهو خارجون: 
  بالطول بالعرض سرياني يهز الأرض    بالعرض بالطول سرياني على طول
ومثلهم الأقباط والأرمن طبعاً، وليس معنى كلامي أنه دائماً تحصل مشاكل، ولكن حدوثها ليس بالقليل.
ومع أن مقالي تاريخي ولاهوتي، لكنني أدرج مقتبسات من رسالة الإمبراطور قسطنطين في مجمع نيقية 325م، بعدم الالتزام بالفصح اليهودي، لعل هناك من يستجيب من رجال الدين!، أو على الأقل إطلاع المثقف المسيحي على هذه الأمور.
إنه لا يناسب على الإطلاق في هذا العيد المقدس أن نتبع حساب اليهود الذين عُميت قلوبهم وعيونهم وغمسوا أيديهم بأعظم الجرائم، ولذلك يجب أن نترك طريقتهم للاحتفال بالفصح، وان لا يكون لنا ما نشارك به اليهود، فإن عبادتنا قائمة على أسلوب أقوم واشد انطباقاً على الشريعة، وبهذا نتفق أيها الإخوة على أن ننفصل عن أي اشتراك ممقوت مع اليهود، لأنه عار علينا حقاً أن نسمعهم يفتخرون إننا بدون إرشادهم لا نستطيع أن نحفظ هذا العيد، فمن واجبكم أن لا تلوثوا أنفسكم بالصلة مع شعب شريد، وان مخلصنا ترك لنا يوماً واحداً نحتفل به تذكراً لفدائنا، وأراد تأسيس كنيسة جامعة واحدة (the live of blessed empror Constantine حياة قسطنطين العظيم (انكليزي، ك3، ف18 ص128–131).
وكل عام والجميع بخير وان شاء الله يوم يتوحد العيد

وشكراً
موفق نيسكو

45
مطران استراليا ميلس يُزوِّر اسم لغته الأم في اليوم العالمي للغة الأم
إن الآشوريين الحاليين هم السريان الشرقيون أو النساطرة ولغتهم هي السريانية (الآرامية) بلهجتها الشرقية، ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء الذين سقطت دولتهم على يد الكلدان والميديين سنة 612ق.م. وانتهت، ففي كل تاريخهم ووثائقهم هم مسيحيون سريان أو نساطرة، لكن الإنكليز سمَّاهم سنة 1876م آشوريين لأغراض طائفية وسياسية، ومنذ بداية القرن العشرين بدأت الأوساط السياسية وخاصة في المهجر تُغير كل كلمة سرياني أو نسطوري إلى آشوري، وتم تسمية كنيستهم لأول مرة رسمياً الآشورية في 17 تشرين أول 1976م، وسمَّى المتشددون والسياسيون منهم لغتهم السريانية بالآشورية لتحقيق هدف سياسي معين، وأخيراً وبمناسبة اليوم العالمي للغة الأم في 21 شباط قام نيافة مطران استراليا مار ميلس زيا بافتتاح كلية محلية باسم اللغة الآشورية، ومع احترامنا لكهنوت المطران ميلس، فإن اسم أثور وآشور لا يمت إلى التداول ولا إلى الحقيقة العلمية والتاريخ المسيحي إطلاقاً، لا كاسم قوم̤، ولا كاسم لغة، وما يهمنا في مقالنا أن اسم اللغة الحقيقي والعلمي والتاريخي هو السريانية، وتسميتها بالآشورية هو تشويه اسمها الحقيقي مجاراةً للسياسيين والمتشددين، علماً أن المطران ميلس يعتبر من المعتدلين الساعين للوحدة، فما بالك بغير المعتدلين؟.

إن نيافة المطران ميلس لا يستطيع أن يذكر قاموس أو كتاب لغوي واحد من حوالي 175 كتاب يحمل اسم غير السريانية أو الآرامية (راجع الأب يوسف حبي، مجلة مجمع اللغة السريانية 1976م مج2 معجمات اللغة السريانية ص75–104) علماً أن مؤلفي القواميس في التاريخ من السريان الشرقيين أي من أسلاف المطران ميلس وكنيسته هم أكثر من السريان الغربيين. (البطريرك أفرام برصوم، اللؤلؤ المنثور ص5). ولا يستطيع المطران ذكر وثيقة واحدة من وثائق كنيسته المكتوبة بهذه اللغة وهي بعشرات الآلاف إلاَّ بالاسم السرياني، ولا يستطيع المطران ومن ملايين الصفحات ذكر مرة واحدة أن كنيسته تستعمل اللغة الآشورية، والمطران يناقض طقس كنيسته منذ 2000 سنة وآبائها المدافعين بقوة عن اللغة السريانية كعبديشوع الصوباوي وإيليا برشينايا وبركوني الذي قال إن الله كلم آدم وأهل الجنة بالسرياني، ويناقض بطريرك كنيسته ايشاي داود 1975+ الذي طالب الحكومة العراقية باستعمال اللغة السريانية في المدارس، وعندما صدر قانون الناطقين بالسريانية 1972م أرسل المطران يوسف حنا يشوع وكيل بطريركية الكنيسة الشرقية النسطورية والرئيس الأعلى للطائفة الآشورية في العراق، ورئيس  الكنيسة الانجيلية الآشورية برقيات ثناء للحكومة، ونختصر القول بما قاله كاهن كنيسة المشرق عمانؤيل يوخنا: إن الأصل في تسمية أي شعب هو ما يُسمِّي نفسه في لغته، وشعبنا لم يُطلق على نفسه يوما بلغته تسمية آشوري، مضيفاً أن الاسم الآشوري هو بدعة قائلاً: أعطوني كتاباً واحداً، مصدراً واحداً، مخطوط واحد، وريقة واحدة، بل جملة واحدة تُسمِّي هذا الشعب آشوري، أعطوني قاموساً واحداً أو كتاباً قواعدياً واحداً يتضمن هذا التنسيب الذي تبدعونه، أعطوني إنساناً واحداً عبر آلاف السنين لقب نفسه بآشوري.(القس المهندس عمانؤيل بيتو يوخنا،حربنا الأهلية حرب التسميات ص18).

 وفضلاً عن أن المطران ميلس يناقض جميع المؤسسات العلمية في العالم التي منحت كثيراً من آباء ومثقفي كنيسته شهادات عالية في اللغة السريانية، فإنه يناقض جميع مؤسسات الدولة العراقية والكنسية ومنها كنيسة المشرق التي يتبعها المطران ميلس، فهو يناقض الدستور العراقي المادة 4 أولاً ومشروع دستور إقليم كردستان، واتحاد الأدباء السريان وهو جزء من الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، والقسم السرياني في مجمع العلمي العراقي، ومديرية الثقافة والفنون السريانية، وغيرها، ويناقض أغلب الأحزاب الآشورية التي اعترفت باسم اللغة الحقيقي وهو السريانية، علماً أن بعض المؤسسات الآشورية وخاصة السياسية اعترفت عن قناعة وبعضها عن غير قناعة، أي تقية لأهداف سياسية، وربما ستبدل رأيها حسب الظروف والمكاسب وتسميها آشورية فيما بعد.

الغريب أن بعض الكادر التدريسي الأفاضل في هذه الكلية كانوا كل حياتهم يفتخرون أنهم أساتذة لغة سريانيه، وعلموها وكتبوها شعراً ونثراً، وفجأة انقلبوا إلى كادر لتدريس اللغة الآشورية، ولا نعلم هل أن الأساتذة كانوا كل سنوات العمر مخطئين وعلموا الناس خطأ، أم أن اللغة السريانية انقلبت في استراليا إلى لغة آشوريه؟، وهل الأساتذة سيعتمدون نفس المراجع اللغوية السابقة أم أخرى؟، ولا نعلم هل سأل المطران ميلس البروفسور رفعت عبيد رئيس قسم اللغات السامية في جامعة سيدني الرسمية عن اسم اللغة؟.

حتى الآشوريين القدماء لم تكن لديهم لغة، فلغتهم كانت أكدية بأبجدية مسمارية، وعندما اكتُشفت الآثار الآشورية في القرن التاسع عشر، احتار العلماء ماذا يُسمُّون اللغة المسمارية، فسَمُّوها لغة العصر الشبيه بالكتابي (Literate Proto)، ثم سَمَّوها الأسفينية Cuneiform، لأنها شكلها يشبه الأسفين (الوتد)، وكان من الطبيعي على العلماء أن يطلقوا اسماً علمياً لها، ولأن أغلب الكتابات اكتشفت في البداية بلاد آشور القديمة، لذلك أطلقوا عليها اسم اللغة الآشورية، ولكن بعد اكتشاف آثار بابل لاحظ العلماء تشابهاً كبيراً بين اللغة البابلية والآشورية، واتضح لهم أن لفظة آشور لا تفي بالغرض، فأطلقوا عليها اسم اللغة الآشورية– البابلية، ثم استخلص العلماء المحدثون من النقوش المسمارية أن منطقة بابل كانت تُعرف بأرض أكد وعدداً من ملوكهم لُقِّبوا بملوك أكد وسومر، وأهل بابل سَمَّوا لغتهم أكدية، وبذلك استقرت التسمية الأكدية على اللغة (أ. ولفنسون، تاريخ اللغات السامية ص22، هامش1. و the assyrian dictionary قاموس آشوري 1964م المقدمة ص7) وهذا القاموس لتلك اللغة المسمارية الاكدية طبع سنة 1921م في شيكاغو باسم آشوري قبل أن يستقر اسمها بالأكدية نهائياً، ويضيف البرفسور I.J.Geleb في ص7 وبعدها سبباً آخر هو: لكي لا يختلط الأمر في حينها بين كلمة Akkadian  أو Accadian وبين اسم اللغة الفرنسية في كندا المتداول شعبياً في أمريكا وهو Acadian، ويؤكد Geleb أن اسمها الصحيح هو الأكدية، والمهم، حسناً تم تسمية القاموس آشوري لكي نوجه السؤال إلى نيافة المطران ميلس والكادر التدريسي، هل ستدرس لغة هذا القاموس في الكلية أم اللغة السريانية وقواميسها؟.
 
إن اللغة السريانية تعتبر لغة مقدسة لدى المسيحيين مثل تقديس المسلمين للعربية، ولأهميتها عالمياً فالكتب والمخطوطات السريانية في مكتبات وجامعات ومتاحف العالم تعتبر مصدراً مهماً ومحط تقدير واهتمام علمي وأكاديمي كبير لدى الباحثين والمؤرخين على اختلاف أديانهم وقومياتهم، ويجب القول إن العرب والمسلمين صحيح أنهم لعبوا دوراً بإضعاف اللغة السريانية، لكنها بقيت محط احترام الكتاب العرب والمسلمين فيما بعد أكثر من بعض المسيحيين المتكلمين بها، فالعرب المسلمين يذكرون اسمها السريانية وأسماء الكتب التي ترجمها السريان لهم بفخر، ولم تلقى اللغة السريانية أية هجمة في التاريخ إلى بداية القرن العشرين سوى من أبنائها المتكلمين بها أنفسهم وخاصة من بعض السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين) وبصورة أكثر مركَّزة من المتشددين الآشوريين وقلة قليلة من بعض الكلدان، حيث يقومون وبطريقة ممنهجة بفتح مدارس ومعاهد وتزوير أسماء القواميس واللغة ونقله من الكتب الأصلية من الاسم السرياني أو الآرامي إلى الاسم الكلداني أو الآشوري، وأن بعض الكتاب لا يذكرون اسمها الصحيح (السريانية أو الآرامية) خشية تعرضهم لانتقاد المتشددين من طوائفهم، فيكتبون لغتنا الأم، لغة شعبنا، لغتنا القومية، لشانا أتيقا (اللسان العتيق)، لشانا خاثا (الجديد)، السوداوية (العامة)، الفليحية (الفلاحين)، والمعتدلين يسمونها السورث، وكلمة سورث أو سوربائيث معناها السريانية أو بحسب السريانية (قاموس منا ص487. أ. دوبونت سومر، الآراميون ترجمة ألبير أبونا ص17)، كل ذلك يتم هروباً من الاسم السرياني لتحقيق غايات سياسية وطائفية على حساب الحقيقة والتراث والتاريخ، وجميع الأكاديميين والمستشرقين في العالم يسمونها باسمها الصحيح السريانية أو الآرامية، يشاركهم لغويون وأدباء منصفون من كل الأطياف السريانية مثل الأستاذة: بنيامين حداد، أفرام عيسى، باسيل عكوله، بشير طورلي، روبين بيت شموئيل، الأب شليمون ايشو خوشابا، آشور ملحم، ويونان هوزايا، عدا الموارنة والروم، كما ظهرت ظاهرة تأليف كتب لغوية وقواميس للهجة مدينة أو منطقة كآزخ وألقوش وطورعبدين، وهذا يضعف اللغة الأصلية واسمها.
http://saint-adday.com/?p=6022        / http://www.ishtartv.com/viewarticle,61529.html
للمزيد حول لغة السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين) راجع: http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=712142.0

ملاحظة: احتراماً للمعاير الشرقية في التحفظ باستعمال كلمات معينة مع رجال الدين فقط رغم أنها علمية، تم استعمال كلمة مطران استراليا (يُبدِّل)، والمفروض استعمال كلمة اخرى أدق واوضح تعبيراً تفي بالمقصود.

(مختصر تاريخ اللغة السريانية الآرامية، مع مختصر مدى احترام العرب والمسلمين لها)
تُعرف اللغة السريانية بالآرامية أيضاً، فالآراميون الذين اعتنقوا الديانة المسيحية سَمَّوا أنفسهم سرياناً ليميزوا أنفسهم عن الآراميين الذين بقوا على الوثنية، فأصبحت لفظة آرامي عند المسيحيين تعني وثني تشبه لفظة جاهلي عند المسلمين (د. حسن ظاظا، الساميون ولغاتهم ص100)، لذلك سُميت اللغة السريانية بالآرامية أيضاً ولكن لم تُسمى الكنيسة تاريخياً بالآرامية إطلاقاً لأن في ذلك مدلول وثني، وباختصار اسم اللغة هو الآرامية قبل الميلاد والسريانية بعد الميلاد.

كانت الآرامية لغة بلاد الشام وبين النهرين الذي سُميت معظم مناطقه بيث ارماي أي بلاد الآراميين، (المطران اوجين منا الكلداني، دليل الراغبين في لغة الآراميين ص14)، وامتدت السريانية إلى شمال الجزيرة العربية وشمال شرق مصر، وانتشرت في العالم القديم انتشاراً واسعاً، وكُتبت بها بعض أجزاء أسفار العهد القديم مثل طوبيا ويهودت دانيال وعزرا، وأصبحت لغة الدولة الآشورية بعد اضمحلال لغتها الأكدية بأبجديتها المسمارية في القرن الثامن قبل الميلاد، ولغة الدولة الكلدانية الآرامية (612–539 ق.م.)، ولغة اليهود بعد عودتهم من السبي إلى فلسطين فكُتب التلمود بالآرامية، وكتب الصابئة المندائيون كتابهم كنز ربّا بالآرامية، وأصبحت في عهد داريوس الكبير (521–486 ق.م) اللغة الرسمية للإمبراطورية الفارسية وما جاورها، وبها جمعَ الزرادشتيون في إيران أقوال زرادشت في كتابهم أفستاق، واستخدمها البوذيون في مواعظهم، وبعد الميلاد بلغت السريانية الهند الصين ومنغوليا، ولعب السريان الشرقيين النساطرة دوراً مهماًفي ذلك، ومن الآرامية جاءت صيَّغ وأبجديات كتابة للغات شرقية عديدة كالخروشتية، البرهمانية، التبتية، البهلوية، الأفستية، السغدية، المانوية، الويغورية، المانشوية، الكالموكية واليوريتاية، وغيرها، وكانت لغة الأنباط من القرن الثالث قبل الميلاد، ولغة مدينة الحضر وتدمر، وعن الخط النبطي الآرامي تطور الخط العربي الذي كُتب به القرآن، وعنه تطور الخط الفارسي والتركي والأوردي والمالوي، واستعمل الأرمن الأبجدية السريانية إلى سنة 404م، ومن الأرمنية تطورت الكتابة الجورجية والقفقاسية، حتى اليونان تعلموا صناعة الحروف  من طائفة آرامية وصلت إليهم بقيادة قدما سنة 1590 ق.م. وعُثر على آثار آرامية قرب اولمبياد في اليونان تعود لقرون لما قبل الميلاد، وصور حروف اليونان قريبة من الخط الآرامي القديم الذي بقيت آثاره في القلم التدمري والعبراني (قارن الأبجدية السريانية واليونانية (أبجد) ألفا، بيتا، جَمَّا، دلتا، (هَوّز) ها، زيتا، واو، وهكذ. (للمزيد راجع ألبير أبونا، أدب اللغة الآرامية ص18– 27. أحمد سوسة، العرب واليهود في التاريخ ص162–171. أ. دوبون سومر، الآراميون ص131–168، ويُسميها إمبراطورية اللغة الآرامية).

 في فجر المسيحية كانت السريانية لغة فلسطين وبلاد الشام وبين النهرين وغيرها، وتكلم السيد المسيح وأمه العذراء ورسله وبشروا بها، ونزل بها جانب من العهد الجديد كإنجيل متى، (واغلب الظن) الرسالة إلى العبرانيين، وبها أقام أسقف أورشليم مار يعقوب أول قداس وتناقش المجتمعون في أول مجمع كنسي في القدس سنة 51م، واستعملتها كنيسة أنطاكية في طقوسها، وفي القرنين الأول والثاني تُرجم الكتاب المقدس إلى السريانية التي تُسمى البسيطة، وهي إلى اليوم المرجع الرئيس لكل الكنائس السريانية شرقية وغربية، وأحصى الأب بولان 55 نسخة سريانية بسيطة اسطر نجيلية من القرن 5–7 مقابل 22 نسخة لاتينية و10نسخ يونانية فقط (فيغورو، معجم الكتاب المقدس ص132و133)، وتعتبر الدسقولية (تعليم الرسل) وأناشيد سليمان بالسريانية من أقدم كتب العالم وتعود لنهاية القرن الأول وبداية الثالث، كما كتب بالسريانية آباء الكنيسة وترجموا مئات الكتب العلمية والفلسفية والتاريخية والدينية من اليونانية إلى السريانية، فمن السريانية تُرجمت الكتب إلى العربية وليس من اليونانية مباشرة.

إن اللغة الآرامية كانت لغة دولية في الشرق، ولم تضاهيها لغة أخرى في الانتشار آنذاك، إلاَّ اللغة الانكليزية في العصر الحديث، ونتيجة انتشار الآرامية الواسع سمَّت بعض المصادر التاريخية الألف الأول قبل الميلاد بعصر  أو إمبراطورية اللغة الآرامية، والعجيب أن الآرامية انتشرت هذا الانتشار المذهل بدون مساندة من سلطة سياسية أو عسكرية لدولة قوية، بل أن الدولة الأخمينية القوية التي أسقطت آخر كيان سياسي آرامي قوي هو الدولة الكلدانية، اعتمدت اللغة الآرامية رسمياً بحيث اخترع الفرس عدة أنظمة للكتابة بالحروف الآرامية مثل نظام (نامه دبيريه، وهام دبيريه، وراز سهريه، والنهروارش)، وهي أن تكتب الكلمة بالآرامية وتلفظ بالفارسية، فيكتبون كلمة (ܒܣܪܐ بسرا) بالآرامية ويلفظونها بالفارسية (كوشت) ومعناها لحم، أو يكتبون (ܠܚܡܐ، لحما) ويلفظونها (نان) ومعناها خبز. (حامد عبد القادر، الأمم السامية ص107)، ويعلّق الباحث خزعل الماجدي قائلاً: ويثير فينا هذا المشهد الروحي الواسع لانتشار الآرامية واستعمالها كلغة دينية لليهود والصابئة والزرادشتيين والمسيحيين سؤالاً هاماً وخطيراً سنعلقه في ذمة التاريخ لتجيب عليه الأجيال القادمة هو: ما سر هذه اللغة؟، وما سر هذا النبض الروحي العميق في داخلها والذي جعلها لغة أهم عقائد المنطقة قبل الإسلام؟، وهل كانت الآرامية بعيدة عن لغة العرب والإسلام؟، أم كانت هي جذورها؟. (المعتقدات الآرامية ص47).

ونشارك الباحث الماجدي بالقول إن انتشار اللغة السريانية الآرامية الكبير لم يكن بعيداً عن العرب والمسلمين، فلا يكاد يوجد كتاب لمؤرخ عربي ومسلم لا يذكر أن السريانية كانت لغة جميع الناس من آدم ونوح الى إبراهيم وإسماعيل (الطبري ج1 ص111،77. الطبقات الكبرى ج1 ص18–19، وغيرهما كثير)، والسريانية هي أصل العربية (ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام ج1 ص31–32)، والسريان علّموا العرب الكتابة (ابن عبد ربه، العقد الفريد ج4 ص 156)، وجلبَ عبدالله بن عمرو بن العاص بعيرين محمَّلين بكتب سريانية من معركة اليرموك وكان يقرأ منهما (ابن كثير، البداية والنهاية، ج2 ص277)، وارتأى العلاّمة سلفستر دي ساسي (1758–1838م) أن مسيحييّ الشمال كانوا يترددون إلى اليمن وأدخلوا بين مسيحيِّها الكتابة السريانية بدلاً من الخط المسند الشائع عندهم، وروى السمعاني أن السريانية دخلت جهات عديدة من اليمن (Assemani, BO, III 2603)، وذكر المؤرخ فيلوسترجيوس نهاية القرن الرابع، أن في زمانه كان قسم من سكان سواحل أفريقية إزاء بلاد العرب يتكلمون السريانية، وجاء في كتاب كشف الأسرار في بيان قواعد الأقلام الكوفية: إن آل طسم وقحطان وحمير كانوا يكتبون بالخط الكوفي الذي يدعى السرياني (الأب لويس شيخو، النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية ص59).

 إن الخط العربي اشتقه من الخط الأسطرنجيلي السرياني مرار مرة وأسلم سدرة وعامر جدرة، ونقلوه من الأنبار إلى الحيرة ومنها نقله بشر النصراني زوج الصهباء بنت حرب أخت أبو سفيان، فتعلَّم حرب وجماعة من قريش الكتابة منه (البلاذري، فتوح البلدان ص279)، والقلم الذي كُتب به القرآن هو نظير الأسطرنجيلي السرياني (ابن النديم، الفهرست، الكلام عن القلم السرياني ص22)، والعرب تأثروا بطريقة المصاحف بالسريان (أبو عمر الداني، المحكم في نقط المصحف ص28–29)، وأبو الأسود الدؤلي وضع نقاط الإعجام في القرآن متأثراً بالسريانية (أحمد حسن الزيات، الأدب العربي ص206)، ووردت كلمات سريانية في القرآن يذكرها علماء المسلمين (السيوطي، المهذب في ما وقع في القرآن من المعرب)، وفي كتب الحديث باب اسمه تعلم السريانية، ورسول الإسلام محمد أمر زيد بن ثابت بتعلم السريانية، ‏فتعلّمها زيد وكان يقرأ للرسول ويجيب عنه إذا كَتبْ (الترمذي كتاب الاستئذان، باب تعليم السريانية ص730)، ويذهب هشام جعيط إلى ابعد من ذلك بالقول إنه من الواضح أن الرسول محمد كان يعرف السريانية (جعَيْط، في السيرة النبوية 2 ص154)، ولاعتزاز السريان بلغتهم إبان الدولة الإسلامية وخوفاً عليها من الانقراض ابتكر السريان الخط الكرشوني بحيث لا يستطيع المسلمون قراءته.
 
وللغة السريانية ثلاث خطوط رئيسية الاسطرنجيلي والشرقي والغربي ولهجتان شرقية وغربية، أي شرق وغرب نهر الفرات، ولا توجد إلا فروق قليلة بين اللهجتين، ويتكلم باللهجة الشرقية السريان الشرقيون (الكلدان والآشوريون)، بينما يتكلم باللهجة الغربية السريان الأرثوذكس والكاثوليك والموارنة، واستعمل السريان الملكيون (الروم) السريانية في طقوسهم إلى القرن السابع عشر حيث تم تعريبها من عهد البطريرك أفتيموس1637م (المطران جرجيس شاهين، السريان أصالة وجذور ص118. فيليب دي طرازي، السلاسل التاريخية في أساقفة الأبرشيات السريانية ص89).

استمرت اللغة السريانية سائدة حتى أواخر القرن السابع للميلاد حيث انتشرت اللغة العربية بمجيء الإسلام وأخذت السريانية تنحسر، لكنها لم تمتْ، فلا تزال محكية اليوم في طور عبدين وماردين والقرى المسيحية في تركيا والموصل وأربيل ودهوك وغيرها في العراق، وفي بعض القرى الإيرانية المسيحية، وقرى سوريا في الحسكة والقامشلي والجزيرة وحمص وغيرها، علماً أن بعض سكان القرى السورية المسلمين لا يزالون يتكلمون بهذه اللغة إلى اليوم مثل سكان قرى بخعا أو نجعة وجبعدين ومعلولا المجاورة لدمشق ويسمونها الآرامية لأن السريانية ذو مدلول مسيحي، ولا يزال آثار وتراث اللغة السريانية ظاهر حتى في العربية وفي أسماء الأشخاص ومئات المدن والقرى في لبنان والعراق وسوريا وتركيا وغيرها، وتُدرَّس السريانية اليوم في جامعات عالمية عربية وأجنبية.

في لبنان بقيت اللغة السريانية محكية في كثير من القرى إلى نهاية القرن الثامن عشر، وروى الراهب الفرنسيسكاني غريفون الذي زار لبنان في القرن الخامس عشر أنه سمع الموارنة يتكلمون بلغة أجدادهم السريانية، ولما زار شاتايل لبنان سنة 1632م سمع أهالي حصرون يتكلمون بالسريانية، وكان البطريرك الماروني جرجس عميرة (1633–1644م) يتكلم السريانية، وروى الكاهن الماروني مرهج بن نمرون الباني (+ 1712م)، أن أهالي بشري وثلاث قرى مجاورة يتكلمون بالسريانية، وعندما قام العلاّمة اللبناني سمعان يوسف السمعاني بزيارة لبنان سنة 1736م بصفته موفداً بابوياً، زار والدته في بلدة حصرون في جبة بشري وتكلم معها بالسرياني، وأثبت الأب مارتن اليسوعي أن رهبان الروم الكاثوليك كانوا يقيمون طقوس كنيستهم بالسريانية إلى أوائل القرن الثامن عشر. (فيليب دي طيرازي، أصدق ما كان عن تاريخ لبنان ج1 ص3، مستنداً على مصادر كثيرة)، ولغة الكنيسة المارونية الرسمية هي السريانية، وكتب الليتورجيا والكتاب المقدس المسموح باستعماله طقسياً في الكنيسة كانت تصدر باللغة السريانية فقط حتى مطلع القرن العشرين.

في مصر عُثر على كتابات آرامية في جزيرة فيلة وسقارة تعود للقرن السابع قبل الميلاد، وهناك الآلاف المخطوطات السريانية الموجودة في كثير من الكنائس والمكتبات والجامعات أشهرها دير السريان، واستمرت اللغة السريانية إلى نهاية القرن السابع عشر، وعندما احتل نابليون بونابرت مصر أصدر اوامره بالفرنسية والعربية والسريانية، وجلب عدة مطابع من ضمنها باللغة السريانية (تاريخ فرنسا الحديث المطبوع في بيروت سنة 1884م ص152)، ومعروف أن الأديب العربي الكبير طه حسين كان يتقن السريانية التي تعلمها في جامعة القاهرة على يد البروفسور الألماني إينو ليتمان (1875–1958م)، وكان حسين يحفظ كثيراً من النصوص السريانية، وقبل أن يغادر ليتمان عائداً إلى بلاده سنة 1914م أقامت له جامعة القاهرة حفلاً وداعياً في أحد فنادق مصر الجديدة، وألقى المحتفون كلماتهم، وعندما جاء دور طه حسين فاجأ الجميع حيث ألقى كلمة الوداع لأستاذه باللغة السريانية فنالت إعجاب الجميع، وفرح  ليتمان جداً لأنه نجح برؤية أحد طلابه يخطب بهذه اللغة المقتصرة على عدد قليل من الناس وبعض الكنائس والجامعات (طه حسين، الأيام ج3 ص54–55)، وفي مصر أكثر من مئة متخصص في اللغة السريانية رجالاً ونساء وكلهم مسلمون وقسم منهم بدرجة دكتوراه، من ضمنهم ستة أساتذة على الأقل يُدرِّسون اللغة السريانية في جامعة الأزهر الإسلامية مثل الأستاذ أحمد محمد علي الجمل أستاذ اللغة السريانية لقسم البنين، وزمزم سعد هلال وبسيمة مغيث سلطان أستاذتا قسم البنات.
للمزيد عن علاقة السريانية بالعرب والمسلمين راجع (القرآن والسريان ج1): http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=745856.0
وشكراً موفق نيسكو

46
كيف أخطأ المطران أوجين منا فأدرجَ في قاموسه كلمة آسورَيا (ܐܣܘܪܝܐ) السريانية المُخترعة سنة 1897م

إن الآشوريين المسيحيين الحاليين هم السريان الشرقيون أو النساطرة، ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء، وأن الانكليز سَمَّاهم آشوريين نتيجة اكتشاف الآثار الآشورية في شمال العراق منذ سنة 1849م حيث راج الاسم الآشوري في انكلترا، وفي سنة 1870م وجَّه رئيس أساقفة كارنتربري (Campbell Tait  كامبل تايت 1868-1882م)  نداءً تبشيرياً إلى (مسيحيي آشور الذين يُطلق عليهم النساطرة).
Appeal on behalf of the Christians of Assyria, commonly called the Nestorians
والملاحظ هنا أنه استعمل اسم آشور بشكل واضح لدلالة جغرافية بحتة، وابتداءً من سنة 1870م شرعت الكنيسة الانكليكانية باستخدام مفردة الآشوريين بدل السريان أو النساطرة، لأن كلمة النساطرة مرتبطة تاريخياً بنسطور المحروم سنة 431م من الكنيسة التي تعتبر أن النسطورية هي بدعة، وفي سنة 1876م أرسل تايت بعثة إلى السريان النساطرة سَمَّاها: (Mission of Archbishop  Canterbury to the Assyrian، بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين)، وهي أول بعثة في التاريخ من كنيسة إلى السريان النساطرة بهذا الاسم، ثم انتظمت البعثة وأخذت لها مقراً واستقرت سنة1881م في مناطق السريان النساطرة، ولم تنجح البعثة في تغير العقيدة النسطورية، لكنها نجحت بتغير اسم السريان النساطرة إلى آشوريين (للمزيد راجع مقالاتنا كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج1-ج7).
 
بعد أن أخذ الاسم الآشوري ينتشر بين السريان الشرقيين (النساطرة)، سرعان ما بدأ الاسم يأخذ منحىً سياسياً، وحدثت مشاكل كثيرة بين أعضاء البعثة، فأصرَّ هرمز رسام (1826–1910م) وهو من عائلة عراقية كلدانية موالية للانكليز كان يعمل مع منقب الآثار الآشورية الانكليزي هنري لايارد، وهرمز مُتهم ببيع الآثار الآشورية القديمة للانكليز، وهو الشقيق الأصغر لعيسى رسام (1808–1872م) زوج ماتيلدا أخت القس الانكليزي جورج بادجر (1815–1888م) خبير المطابع واللغات الشرقية، وكان عيسى قد عمل سابقاً مترجماً برفقة الطبيب الانكليزي وليم آنسورث (1807–1896م) والقس بادجر في زيارتهما لمناطق السريان النساطرة).

 أصرَّ هرمز رسام على استخدام الاسم الآشوري بدل السرياني مستنداً إلى رئيس أساقفة كارنتربري تايت وخلفه Edward Benson  إدورد بينسون (1883-1896م) الذي بدوره شجع الاسم الآشوري أيضا مع ثلاثة من أعضاء البعثة  الذين اقتصر استعمالهم للاسم الآشوري، وهم، بادجر، ريلي، وويكرام، أمَّا البقية فكانوا يسمونهم السريان.

أصبح الخلاف قوياً بين هرمز رسام وجون ماكلين عضو البعثة الانكليكانية في قوجانس سنة 1889م حول اسم السريان عندما أعلن ماكلين أنه ضد مصطلح الآشوريين قائلاً: نفهم أن الذي يعيش بالقرب من أنقاض نينوى سوف يتحمَّس لأسم آشور القديم، لكنَّ هذا الحماس سيُلقي جانباً نتيجةً ابتكار اسماً آخر لهم مشكوك فيه جداً، لأن الاسم الذي يُستخدم من قِبل الناس أنفسهم وهو (suraye) سورايي، (السريان)، فلماذا ينبغي لنا أن نخترع لهم اسماً جديداً ونحن لدينا في يدنا اسماً مريحاً جداً ومفهوماً ومستخدم لعدة قرون.

بحلول أواخر القرن التاسع عشر بدء عدد قليل من المتعلمين والسياسيين من السريان النساطرة وخاصة أولئك الذين هاجروا إلى أمريكا، باستخدام كلمة (Aturaye، الأثوريين) على أنفسهم بدل السريان، وقبل الحرب العالمية الأولى أعطت البعثة الأنكليكانية المعروفة باسم (بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين) زخماً جديداً بتسمية النساطرة بالآشوريين. (the modern Assyrians of the middle east j. josef، جون جوزيف، الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط ص17-20، وجون جوزيف هو برفسور سرياني شرقي (نسطوري) عاش في أمريكا). 

استمر الخلاف حول الاسم الآشوري، فكتب ماكلين إلى سكرتير البعثة الانكليكانية بلاكستون Blakiston قائلاً: إن اسمهم هو السريان، وهم لم يُسَّموا أنفسهم أبداً آشوريين، فالاسم الآشوري هو اختراع، وليس هناك أي دليل على أنهم ينحدرون من الآشوريين القدماء، وكانت كلمات ماكلين مُقنعة لبلاكستون فقال: إذن لنبدل اسم البعثة، لكن رئيس الأساقفة بينسون رفض قائلاً: إن ذلك سيؤدي إلى الارتباك.
 
عند وفاة بينسون وجَّه بلاكستون سكرتير البعثة رسالة إلى رئيس أساقفة كارنتربري الجديد فريدريرك تامبيل Frederick Temple في 9 ابريل 1897م قائلاً له: إن رئيس الأساقفة الراحل بينسون دعاهم الآشوريين، وهي سابقة لم يفعلها غيره، وهذه بدعة (fad) من سيادته.
J.E. Coakly, the church of the east and the church of England ,A history of the archbishop of Canterbury's assyrian mission)
كوكلي، كنيسة المشرق وكنيسة انكلترا، تاريخ بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين 1992م. ص147–148). وكوكلي هو أستاذ الدراسات الدينية في جامعة لانجستر).

ولما كان الأصل في تسمية أي شعب هو ما يُسمِّي نفسه بلغته وليس بلغة الآخرين كما يقول كاهن كنيسة المشرق الأب عمانوئيل يوخنا: إن الأصل في تسمية أي شعب هو ما يُسمِّي نفسه في لغته، وشعبنا لم يُطلق على نفسه يوما بلغته تسمية آشوري، مضيفاً أن الاسم الآشوري هو بدعة قائلاً: أعطوني كتاباً واحداً، مصدراً واحداً، مخطوط واحد، وريقة واحدة، بل جملة واحدة تُسمِّي هذا الشعب آشوري، أعطوني قاموساً واحداً أو كتاباً قواعدياً واحداً يتضمن هذا التنسيب الذي تبدعونه، أعطوني إنساناً واحداً عبر آلاف السنيين لقب نفسه بآشوري (القس المهندس عمانؤيل بيتو يوخنا، حربنا الأهلية حرب التسميات ص18).

وبما أن حروف كلمتي ܣܘܪܝܝܐ سرياني و ܐܬܘܪܝܐ، ܐܫܘܪܝܐ أثوري، آشوري، مختلفة في اللغة السريانية ومن الصعب التلاعب بها وتبديل كلمة سرياني إلى أثوري أو آشوري باللغة السريانية، فقد لجاء هرمز رسام وغيره من السياسيين الآشوريين في أمريكا في بداية الأمر إلى الاستعانة باللغة الانكليزية التي تتقارب فيها صيغة الكلمتين وبذلوا جهوداً مضنية في هذا الأمر معللين ذلك باشتقاقات وتأويلات شتى كلها مبتكرة حديثاً من كُتَّاب غربيين، منها القول إن كلمة syrian سرياني، هي مختصر assyrian أي آشوري، وأن حرفي as قد سقطا من الكلمة الأولى، أو أنهما موجودان ولكنهما لا يُنطقان كالانكليزية (سايلنت) وغيرها.

إن النساطرة قد دعوا أنفسهم دائماً سريان، وحتى بالانكليزية فجميع الرحالة الأجانب الذين زاروهم ذكروا اسمهم بالانكليزية كما سمعوه بالضبط من أفواه السريان النساطرة أنفسهم الذين يستعملونه منذ 2000 سنة وهو: سرياني syrianee، Siriany أو سورييا suriaie، Suriayi أو اختصاراً سورَيا  sooraya، Surayea، وهذه الكلمات ليست قريبة من كلمة assyria، كما أن هناك فرق لغوي بين كلمة الآشوريين والأثوريين، فالآشوريين هي صيغة عبرية يهودية، بينما الأثوريين هي صيغة سريانية وعربية، واسم كنيسة المشرق السريانية منذ أن سمَّت نفسها رسمياً لأول مرة في التاريخ بالآشورية في17 تشرين الأول سنة 1976م لا زال إلى اليوم بالصيغة السريانية (ܐܬܘܪܝܬܐ، الأثورية)، لكن الكنيسة ومثقفيها يتعمدون كتابتها بالعربية الآشورية لربط الاسم بالآشوريين القدماء لشهرة الاسم تاريخياً بهذه الصيغة، ليكون للاسم الآشوري قوة أكبر في محاولة للقول أنهم فعلاً سليلي الآشوريين القدماء. (للمزيد، راجع مقالنا كلمة آشور صيغة عبرية، لا سريانية ولا عربية).

استمر الاضطراب بين السريان النساطرة في قبول الاسم الآشوري بدل الاسم السرياني لأغراض سياسية، وعندما قامت زميلة الجمعية الجغرافية الملكية الانكليزية وابنة القس الانكليكاني Isabella Lucy Bird Bishop إيزابيلا لوسي بيرد بيشوب (1831-1904) بزيارة مناطق السريان النساطرة سنة 1889م التي تُسميها فارس وكردستان، لاحظت بوضوح هذا الاضطراب بين الاسم السرياني الحقيقي للنساطرة والاسم الآشوري المُخترع حديثاً، فقالت إيزابيلا: إن اسمهم الحقيقي هو السريان، وألَّفت كتابها بالانكليزية في جزأين طبع في لندن سنة 1891م بعنوان:

journeys in persia and kurdistan including a summer in the upper karun region and a visit to the nestorian rayahs
(الرحلات إلى فارس وكردستان والصيف في منطقة أعالي الكارون وزيارة النساطرة في مناطق الرايات)
مع ملاحظة أن كلمة الرايات تُستعمل على السريان النساطرة عموماً عندما لا تُستعمل التسمية القبلية أو العشائرية، وأن إيزابيلا تشرح كلمة الرايات في مقدمة ج1ص14 أن المقصود بالرايات هم السريان، وتقول إيزابيلا في الجزء الأول وهو عام: إنها في رحلاتها وجدت أقوماً: الفرس، السريان، الصابئة، اليهود، الوهابيين، الهندوس، الإغريق، الفرنسيين، البريطانيين، الايطاليين والأفارقة. (ج1ص9).

وفي الجزء الثاني تتحدث بالتفصيل عن الاسم السرياني للنساطرة، وفي ص235 كتبت فصلاً عن مدينة أورميا وتُسميها المدينة السريانية (city Syrians)، ونتيجة لاضطراب الاسم كَتبتْ ص237 عنواناً مثيراً للانتباه هو: (the syrians or assyrians السريان أو الآشوريين)، تقول فيه:
أنا أكتب عن مسيحيي أورميا ومنطقتهم بأنهم سريان (Syrians)، وهذا هو الاسم الذي يطلقونه على أنفسهم، ونحن نعرفهم في المنزل أنهم نساطرة، وهذا الاسم يُطلقه عليهم الغرباء، وأنا لا أعرف لماذا يجب علينا استخدام تسمية فيها وصمة عار تدل على بدعة قديمة لإطلاقه على أمة، أنهم أحياناً يُطلق عليهم اسم الكلدان، وهو يطلق عادة في الموصل على المتحدين منهم مع روما، والرئيس الحالي لأساقفة كارنتربري جاء بمصطلح الآشوريين لإطلاقه عليهم، وهذا المصطلح لا يُستعمل أبداً من قبلهم لإطلاقه على أنفسهم، كما لا يُستعمل من قبل الشرقيين عند الحديث عنهم، فالمسلمين يسمونهم نصارى، وهو الاسم الذي يُطلق عادة على المسيحيين السريان، وأن المسيحيين في سهول فارس ومدينة أورميا هم من السريان، وكنيسة أورميا هي سريانية، وهم يستعملون الإنجيل باللغة السريانية وهي الآرامية القديمة التي تكلم بها السيد المسيح والتي تذكرهم بمجد كنيستهم، وأفضل الحرفين في المدينة كالنجارين والمصورين والخياطين هم من السريان، وعادتهم وأسلوبهم وزيهم هو سرياني. (ج2 ص235-237، 242-245).

طُبع كتاب إزابيلا في لندن ووصل نسخ منه إلى أورميا التي تعتبر أكثر مدن السريان النساطرة فيها مثقفين، فتلقَّفَ العنوان المثير للانتباه (the syrians or assyrians، السريان أو الآشوريين) الكاتب السرياني النسطوري ميرزا مصروف خان كرم (1862-1943م) الذي كان موظفاً كبيراً ومثقفاً جداً، فكتب في 15 آذار سنة 1897م في مجلة زهريرا دبهرا السريانية التي كانت تصدر في أورميا عدد 48 ص35 مقالاً باللغة السريانية عنوانه: (ܡܠܟܘܬܐ ܕܐܬܘܪܝܐ ܝܢ ܕܐܣܘܪܝܐ ملكوتا داتوريا يان دآسورَيا، (الترجمة الحرفية: مملكة الأثوريين أو الآسوريين)، وطبعاً ميرزا مصروف يقصد (مملكة الآشوريين أو السريان)، أي أنه استعمل كلمة سورَيا ܣܘܪܝܐ التي تعني السريان، وعلى نهج إضافة as بالانكليزية، أضاف ميرزا حرف الألف لكلمة سورَيا لتصبح آسورَيا، وبعد قلب السين إلى شين تصبح آشوريا لتعني الآشوريين، وهذه أول مرة في التاريخ كتابةً أو نُطقاً يظهر هذا التوصيف وكلمة آسورَيا بالسريانية على الإطلاق لتدل على الآشوريين، أي أنه اختراع جديد.

انتشر المقال أورميا في وقت كان الخلاف حول الاسم قائماً بين المثقفين النساطرة الذين يعتزون باسمهم السرياني وبين الذين تبنوا الاسم الآشوري وخاصة السياسيين الذين كانوا يعتقدون أنه بالاسم الآشوري يستطيعون تحقيق مكاسب سياسية أكثر لشهرة الدولة الآشورية القديمة، وبما أن اسمهم هو السريان وأن الأساس في تسمية القوم هو كيف يُسمَّون أنفسهم بلغتهم وليس بلغة الآخرين كالانكليزية، فها أن ميرزا مصروف قد حَلَّ الأمر باستعماله كلمة جديدة بالسريانية لتعني الآشوريين وهي مقاربة لكلمة سريان، وبذلك اعتقدوا أنهم قد حلَّوا المشكلة بالقول إن كلمة السريان تعني الآشوريين، ناسين أن ميرزا مصروف في مقاله قد بَدَّل اسم الآشوريين القدماء بالسريان وليس العكس، فهو اعتبر أن الآشوريين القدماء هم سريان، ومقاله كله يتحدث عن الدولة الآشورية القديمة فقط، كما أنه استعمل الصيغة الشعبية المختصرة  آسورَيا، آسورايا ܐܣܘܪܝܐ وليس كلمة آسورييا ܐܣܘܪܝܝܐ، لأن كلمة السريان بالسريانية الفصحى هي ܣܘܪܝܝܐ كما وردت في الكتاب المقدس وكل الأدب والقواميس السريانية.(نرفق نسخة مقال ميرزا مصروف من المجلة لسنة 1897م، وثيقة1).



في هذا الوقت كان المطران والعلامة اللغوي أوجين منا الكلداني (1867-1928م) يعكف على تأليف قاموسه الشهير (دليل الراغبين في لغة الآراميين) الذي صدر سنة 1900م، وكان النزاع والخلاف المذهبي وكذلك النزاع حول الاسم  الكلداني والآشوري شديداً بين النساطرة والكلدان وأيهما أقدم وأصح، ووصل الأمر لحدوث مشاجرات، وكانت الكنيسة الكلدانية تسعى لكسب السريان النساطرة بترك النسطورية ويصبحوا كاثوليك وينضمَّوا إليها، وكان الخلاف بين السريان النساطرة أنفسهم حول الاسم قائماً، وكان هؤلاء يشكِّلون أغلبية وثقلاً جماهيرياً وثقافياً وسياسياً في أورميا، وقسم منهم تبنَّى الاسم الآشوري ودخل في منافسة مع الأرمن الذين كانوا أقوى منهم ويمثلونهم في مؤسسات الدولة أحياناً، فكان السريان النساطرة يشعرون أنهم أحقُّ بذلك من الأرمن لأنهم يسكنون في أو بالقرب من ارض آشور التاريخية التقليدية.

 ولتأثير المثقفين والسياسيين السريان النساطرة الذين تبنَّوا الاسم الآشوري في أورميا تأثيراً مباشراً على المطران أوجين من جهة، ورغبة الكلدان في كسبهم من جهة أخرى، قام أوجين بإدراج كلمة (ܐܣܘܪܝܐ آسورَيا) في قاموسه ص487 لتعني مختصر (أثوري) مع مختصر كلمة سورَيا الشعبية التي تعني سرياني، آرامي، وهي أول مرة في التاريخ على الإطلاق تأتي كلمة آسورَيا في قاموس سرياني بهذا المعنى، وقد أشار المطران في قاموسه في فصل (تسمية الآراميين بالسريان وفي بلاد السريان ولغتهم الصحيحة) إلى المشاكل والاضطرابات بشكل واضح إذ قال:
إن ما حملنا إلى إفراد فصل خصوصي للمواد المذكورة حسم النزاع الواقع بين كثير من الكلدان والسريان لكون كل منهما يدعي الأصالة والأقدمية لنفسه دون استناد على دليل أو برهان علمي مكين، فبياناً لحقيقة الأمر ومنعاً للمشاجرات نقول: إن جميع قبائل المشرق بمن فيهم الكلدان والأثوريين كانوا آراميين، والجميع بعد دخولهم المسيحية دُعيوا سرياناً وتركوا اسمهم الآرامي القديم لأنه يدل على الوثنية...الخ. (ص13-17)، مع ملاحظة أن المطران أوجين يُسمِّي الآشوريين في وقته بالسريان، لأن الخلاف كان بين الكلدان والسريان النساطرة الذين سَمَّوا أنفسهم آشوريين، وليس بين الكلدان والسريان الأرثوذكس أو الكاثوليك، كما أنه ملتزم بتسمية الآشوريين القدماء بالصيغة السريانية (الأثوريين)، وليس بالصيغة العبرية (الآشوريين).

ومع أن المطران أوجين منا يقول في مقدمته: إنه عندما ألَّفَ قاموسه قد سهر الليالي ودقق جميع قواميس ومصنفات الآباء اللغوية حرفاً حرفاً، وهو صادق في ذلك، لكن التأثير الآشوري جعلهُ يُخطئ فأدرج كلمة مخترعة حديثاً استجابةً لأمور سياسية وطائفية، لأن كلمة آسورَيا لا توجد أصلاً في تلك المصنفات التي دققها لتدل على الآشوريين، لا في قاموس ولا في أي كتاب آخر، ومن الملاحظ أن المطران أوجين كان ذكياً، فلأن كلمة آسورَيا مخترعة وليست أصلية فلم يدرجها في كلمات حرف الألف لا بصيغة آسورَيا ولا آشوريا ولا أثوريا، علماً أنه ذكر في حرف الألف ص34 كلمة مطابقة حروفها 100%  لحروف كلمة (ܐܣܘܪܝܐ، آسورَيا)، مع اختلاف حركة حرف الراء، وهي كلمة (ܐܣܘܪܝܐ آسورْيا بتسكين الراء) ومعناها (ساجور، خشبة تُعلق في عنق الكلب)، بل أنه أهمل كلمتي آشور وأثور، وأشار إليها في حروف أخرى كما في ص155 حرف الجيم قائلاً: إن أثور إضافةً إلى بابل والجهة الشرقية من الجزيرة هي مناطق جغرافية في الشرق، وعندما استعمل المطران أوجين كلمة آسورَيا استعملها بصورة الاختصار الشعبية فقط مع كلمة سورَيا التي تعني سرياني، آرامي، ثم ذكر أن كلمة ܣܘܪܝܝܐ سورييا، تعني سرياني، آرامي كما وردت في الترجمة البسيطة للكتاب المقدس، وهذا هو المهم، وهكذا وردت في كل تراث الأدب السرياني، والمهم أنه في كلتا الحالتين ربط اسم السريان بالآراميين، وحتى عندما ذكر أن آسورَيا مختصر أثور، ربطها مع سرياني آرامي، أي أن الأثوريين هم آراميين، وقد أكَّد ذلك في ص13-14 بوضوح تام لا يقبل أي تأويل، بل قال: إن هذا الأمر يَقرُّ به (مُذعناً) من له أدنى إلمام بتاريخ الكنيسة.

إن تأثير المثقفين والسياسيين من السريان النساطرة لم يكن السبب الوحيد لإدراج كلمة آسورَيا من المطران أوجين منا، لكن الذي شَجَّع المطران أكثر بإدخال كلمة آسورَيا المخترعة حديثاً في قاموسه هو خطأ كبير آخر وقع فيه، وهو أنه قام في ص15 بالاستشهاد بقول الكاتب الفرنسي ارنست رينان الذي ذكر أن اسم سوريا التي أخذ منها السريان اسمهم هي اختصاراً لكلمة  آشور.

إن أوجين منا كمطران ومدقق للأمور حرفاً حرفاً وهو يكتب تاريخ كان عليه العودة إلى المصدر الأصلي لتدقيه، وهو ما يُسمَّى بمصطلح (الأصول التاريخية)، وهذا ما لم يفعله، فالمطران أوجين لم يقرأ كتاب رينان إطلاقاً، فهذا الرأي ليس لرينان، بل أدرجهُ رينان في أحد الهوامش مستنداً على كاتب آخر هو كاترومير الذي بدوره أيضاً كان يناقش آراء عديدة، ولهذا فالتأثير الآشوري واضحاً على المطران، فهو في مقدمته أشار إلى عدة آراء في اشتقاق اسم سوريا كمدينة صور وخارو المصرية وسورس الملك حيث أسهب به جداً ذاكراً آراء الآباء السريان الشرقيين والغربيين، لكنه عندما أدرج كلمة ܐܣܘܪܝܐ أخذ برأي رينان فقط لتبرير إدخال كلمة آسورَيا، علماً انه رأي وحديث وهو ليس لرينان أصلاً.

والحقيقة هي: إن المطران أوجين أخذ برأي رينان من هامش (حاشية) مُضاف إلى قاموس مطران أورميا للكلدان آنذاك العلامة اللغوي توما أودو ص ܛ أي ص9، الذي كان قد صدر سنة 1897م أيضاً، علماً أن المطران توما أودو أيضاً كانت له مشاكل في أورميا عندما وضع قاموسه الشهير سرياني-سرياني الذي سمَّاهُ (ܣܝܡܬܐ ܕܠܫܢܐ ܣܘܪܝܝܐ كنز اللغة السريانية).

إن النص في هامش ص9 الذي أخذه المطران أوجين من قاموس المطران توما أودو، هو نص مُقحم (مزوَّر) وليس كلام توما أودو، والغريب العجيب أن هذا النص قد أضيف في الهامش بصورة مُتعمَّدة على قول توما أودو: إن كل الذين أمنوا بالمسيح من جنس آرام دُعيوا سرياناً، والقبيلة (الأمة) الآرامية قبل الجميع تبعت المسيح واحتضنت تعاليمه، وشيئاً فشيئاً زال عنها الاسم الآرامي، والأمة من يومها والى اليوم وبكل أسباطها وفروعها دُعيت سريانية ولسانها سرياني)، والنص المُقحم مُضاف من قبل شخص مجهول يدعي أنه مُدقق (ܡܬܪܨܢܐ مترصنا).

 واغلب الظن أن الذي قام بإقحام الهامش في ص9 هو بولس (بيراس) سيرماس (1870-1939م) لتشويه كلام توما أودو لأهداف سياسية آشورية، وعائلة سيرماس معروفة بمثقفيها وكان قسم منهم يعمل في الدولة والمؤسسات التبشيرية كالمدارس والمطابع وغيرها، وهذه العائلة كانت قد تَبنَّت الاسم الآشوري لأغراض سياسية، وبغض النظر عمن أضاف النص، فالمهم أن النص مُقحم (مزوَّر) من قبل شخص يَدَّعي أنه مدقق للعلامة توما أودو الذي ذكر في مقدمته وبصورة جليَّة أن النساطرة هم سريان والسريان هم الآراميين ومنها متن ص9، وكلمة آرامي = سرياني فقط ص49. (نرفق النص المُقحم المزوَّر ص9 وفيه كلمة المدقق (ܡܬܪܨܢܐ مترصنا) في نهاية الهامش بين قوسين، وثيقة2).



وقاموس توما أودو قد طُبع باسم قاموس كلداني، وطُبع في شيكاغو سنة 1978م، وفي السويد سنة 1979م باسم قاموس آشوري، وهذا تزوير واضح لإغراض سياسية وطائفية على حساب الحقيقة والتراث، وعلى من يُترجم أن يلتزم الدقة التامة، فعنوانه بالسريانية واضح، ولهذا فإن التزوير هو لعنوان القاموس وباللغات الأجنبية كالانكليزية والفرنسية فقط، وكذلك بالعربية أحياناً عند الإشارة إليه، ويجب الملاحظة أن الأشخاص الذين يقومون بالتزوير ينقلون كلمة سريان من اللغة السريانية إلى اللغات الأجنبية كالانكليزية أو العربية أحياناً، فيكتبونها كلداني أو آشوري، بينما عندما ينقلون كلمتي كلدان وآشور من لغة إلى لغة أخرى، يبقونها كما هي، ونتيجة لهذا التزوير قامَ المطران السرياني عيسى جيجيك سنة 1985م بإعادة طبع قاموس توما أودو باسمه الصحيح (كنز اللغة السريانية، بالسريانية والانكليزية، Treasure of the Syriac Lanuage) مع حذف النص المزوَّر في هامش ص9، (والجدير بالذكر أن البطريرك السرياني زكا عيواص في أحدى محاضراته رغم أنه أكد أن السريان هم سليلي الآراميين بوضوحٍ تام، لكنه في إيرادهِ لبعض الآراء أخطأ هو الآخر فاستشهد بالنص المُقحم في هامش ص9، ونسبهُ إلى توما أودو)، كما طُبع قاموس أودو بالانكليزية باسمه الصحيح سنة  2008، 2011، 2015م. (نرفق نسخ من قاموس أودو باسمه الصحيح والمزوَّر، وثيقة 3، 4).

إن اسم قاموس أوجين منا لوحده  يُجيب على ما هو اسم السريان النساطرة الذين سمَّوا أنفسهم آشوريين، وما هي لغتهم، ومع أن السريان الأوائل هم سليلي الآراميين وأن اسم السريان لم يقتصر على شعوب تنحدر من ثلاث أسماء قديمة فقط (كلدان، آشوريون، آراميين)، بل سومري، أكدي، أموري، ميدي، ليدي، فارسي، عيلامي، وعشرات الأسماء الأخرى (فكل من دخل جرن معمودية كنيسة أنطاكية السريانية بغض النضر عن انتمائه آنذاك، خرج سريانياً)، ولكن بما أن المطران أوجين منا اقتصر ذكره على الكلدان والآشوريين القدماء فقط، رغم أنه عند مجي السيد المسيح لم يكن أي  ذكر للآشوريين والكلدان، ولا يستطيع أحد أن يثبت أنه سليلهم بدليل أو برهان علمي مكين كما يقول المطران أوجين نفسه، فإننا نذكر ما قاله المطران أوجين بشأن الآشوريين والكلدان القدماء:
الكلدانيون والأثوريون هم آراميون، وإلا لما كانت لغة ملوكهم الرسمية آرامية حتى بعد انتقال صولجان ملكهم إلى يد الغرباء، ناهيك عن أن بلاد بابل وأثور سُميت في جميع الأجيال حتى بعد استيلاء العرب عليها ܒܝܬ ܐܪܡܝܐ بيت الآراميين، وعُرفت بلاد النهرين ببلاد الآراميين، ولا حاجة لإيراد الشواهد غير المحصاة لإثبات ذلك، وهي حقيقية يَقرُّ بها (مُذعناَ) من كان له أدنى إلمام بأخبار الكنيسة الشرقية لأن كتب أجدادنا مشحونة من ذكر ذلك (ص13- 14).

ومع أن اسم السريان هو الاسم الشامل لهوية وثقافة وطقس وجغرافية لشعب مسيحي حصراً يبدأ تاريخه من سنة 33م فقط وليس قبلها، كما يؤكد ذلك المطرانان أوجين منا وتوما أودو في قاموسيهما، ولأن بحثنا مقتصر على أن كلمة آسورَيا مخترعة حديثاً وليس على اشتقاقات وتأويلات وآراء في التاريخ، وما أكثرها خاصة قبل الميلاد، وهي غير مهمة في حقيقة وجود شعب بهوية وثقافة منذ سنة 33م والى اليوم، ومع ذلك سنتطرق في مقال لاحق لتفنيد آراء رينان وغيره، ومن باب حب الاطلاع فقط، فالمهم في مقالنا هذا إن كلمة آسورَيا السريانية هي اختراع جديد تم سنة 1897م لخدمة أهداف السريان الشرقيين (النساطرة) الذين سمَّاهم الانكليز حديثاً بالآشوريين لأغراض سياسية وطائفية.



وشكراً
موفق نيسكو

[/size]

47
كنيسة المشرق، إن لم تكن سريانية، فتسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية
[/color]
في 27 /9/ 2015م، تم في أربيل تنصيب البطريرك كوركيس الثالث صليوا المُنتخب في 18/9/2015 بطريركاً جديداً لكنيسة المشرق السريانية التي سُمَّيت في 17 تشرين الأول سنة 1976م بالآشورية، وقام الإعلام بتغطية المراسيم، ووصف بعض الإعلام الكردي بأن كثيراً من بطاركة الكنيسة كانوا كورداً، فاستهجن بعض مثقفي كنيسة المشرق ذلك، وكأن الإعلام الكوردي قد أرتكب خطأ جسيماً. 
والحقيقة أن الكنيسة هي سريانية لغةً وطقوساً وتاريخاً وثقافةً، ولكن إذا يُراد تبديل اسمها، فتسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية، والإعلام الكردي لم يكن مخطئاً لأن الكنيسة ارتباطها كان وثيقاً عبر التاريخ بالميديين والأكراد وليس بآشور، كما سنرى.

كنيسة المشرق السريانية، كرسيها ساليق أو قطسيفون عاصمة الدولة الفارسية قديماً، اعتنقت المذهب النسطوري وانفصلت عن أنطاكية سنة 497م تحت ضغط الفرس، وعُرفت في التاريخ بأسماء عديدة إلى جانب السريانية منها الفارسية، النسطورية، ساليق، قطسيفون، وبابل، وغيرها، ودخلت الكنيسة  أقوام عديدة منذ البداية، أكراد، فرس، عرب، وغيرهم، وكانت هناك أبرشيات في القرون السبعة الأولى عربية مثل بيث عربايا (بلاد أو مسكن أو منطقة العرب)، مركبثو دطيايي أي كرسي العرب (طائيين بالسرياني تعني العرب)، بيث كرماي (الجرامقة)، بيث ارماي (الآراميين)، بيث ماداي (الماديين)، بيث قردو (الأكراد)، بيث داسن (الداسنيين)، بيث قطرايا (قطر)، بيث رمان، بيث زبدى، وأبرشيات فارسية وعيلامية وأرمنية وغيرها، (باستثناء بيت أثوريا أي بلاد أو منطقة الآثوريين)، وسنقتصر في بحثنا على ارتباط الكنيسة بالميدين والأكراد وقبائل داسن الكردية، حيث أنه ارتباط تاريخي وثيق، ويخص بحثنا.

نتيجة اكتشافات الآثار الآشورية في شمال العراق منتصف القرن التاسع ووصول نحو 25 ألف قطعة أثرية آشورية إلى انكلترا ، حدثت ضجة إعلامية واسعة هناك، وتم افتتاح قسم الآشوريات في المتحف البريطاني لأول مرة، ناهيك عن شهرة الاسم الآشوري في العهد القديم من الكتاب المقدس، فقام رئيس أساقفة كانتربيري كامبل تايت سنة 1876م بإرسال بعثة تبشيرية إلى السريان الشرقيين النساطرة في المنطقة الشمالية من العراق وتركيا وإيران سَمَّاها بعثة رئيس أساقفة كانتريري إلى الآشوريين، فتلقَّف السريان النساطرة الاسم الآشوري وأعجبوا به وخاصة السياسيين ظناًً منهم أنهم أحفاد الآشوريين القدماء وبه يستطيعون تكوين كيان قومي سياسي جغرافي، وبدأ الاسم الآشوري يتداول بينهم، وحدثت مشاكل سياسية، نُفي على أثرها البطريرك ايشاي داود إلى أمريكا.

انشق عن كنيسة المشرق سنة 1968م فرع سَمَّى نفسه الكنيسة الشرقية القديمة وبطريركه الحالي أدي الثاني كوركيس.

اغتيل البطريرك أيشاي في منفاه سنة 1975م لأنه تزوج سنة 1973م، وهو آخر بطريرك في كنيسة المشرق من عائلة أبونا، وهي عائلة من أصل يهودي من سبط نفتالي كانت قد تبوأت البطريركية منذ القرن الرابع عشر، ثم جعلتها وراثية محصورة بها.

 انتهى النظام الوراثي في الكنيسة بوصول البطريرك دنحا الرابع من خارج عائلة أبونا في 17 تشرين الأول 1976م، بدون مجمع وانتخاب واضح، وتم ذلك في اجتماع صغير لعدة أساقفة عُقد في لندن، وكانت للبطريرك دنحا تطلعات سياسية وقومية، فأطلق اسم الكنيسة الآشورية على كنيسته، وبدأ يستعمل بكثرة اسم الآشوريين على رعيته المسيحية بدل سورييا، سورايا أي السريان المستعمل منذ 2000 سنة في كنيستهُ، علماً أن كلمة الآشوريين تأتي بمعنى الأعداء (عمود322) في أهم قاموس سرياني في العالم لمؤلفه الحسن بن بهلول (قرن 10)، وهو من أبناء كنيسة المشرق ذاتها، وكلمة آشور صيغة عبرية وليست سريانية أو عربية، والصحيح الأثورية (راجع مقالنا كلمة آشور صيغة عبرية، لا عربية، ولا سريانية)، علماً أن فرع كنيسة المشرق فقط سَمَّى نفسه آشورية، أمَّا الكنيسة الشرقية القديمة فترفض التسمية الآشورية، وشرطها للوحدة مع كنيسة المشرق هو حذف التسمية الآشورية.

 توفي البطريرك دنحا في آذار  2015م، وتم انتخاب البطريرك كوركيس صليوا في 18/9/ 2015م، وبمجمع واضح، ولكن بدون دستور، إذ ليس للكنيسة دستور إلى اليوم.

إن لم تكن كنيسة المشرق سريانية، فهي ميدية وكردستانية وليست آشورية
من الثابت وفق كل المؤرخين أن الدولة الميدية كانت قائمة في ضل الدولة الآشورية القديمة التي كانت قد أخضعت كل الكيانات لها بالقوة العسكرية، ثم سقطت الدولة الآشورية سنة 612 ق.م. على يد الكلدان والماديين، بعدها لم يبقى في بلاد آشور القديمة كيان قائم سوى الدولة الميدية، وهذه الأمور ثابتة في التاريخ المدني، كما قلنا، وسنأخذ ما يعزز ذلك من الكتاب المقدس بعهديه، وتاريخ كنيسة المشرق نفسها.

وجود الدولة الميدية ضمن الإمبراطورية الآشورية في العهد القديم قبل سقوط الدولة الآشورية سنة612 ق.م.
(سفر الملوك الثاني يغطي الفترة من 920–600 ق.م. تقريباً): ملوك 6:17 في السنة التاسعة لهوشع اخذ ملك آشور السامرة وسبى إسرائيل إلى آشور وأسكنهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي.
2 مل 18: 11 وسبى ملك آشور إسرائيل إلى آشور ووضعهم في حلح وخابور نهر جوزان وفي مدن مادي.
سفر اشعيا يغطي الفترة 740–700 ق‌م. تقريباً،‏ ويرد ذكر الآشوريين في إصحاحات كثيرة  منه، وكذلك يرد ذكر الماديين.
اشعيا 13: 17 هاأنذا أهيج عليهم الماديين الذين لا يعتدون بالفضة ولا يسرون بالذهب.
اش 21: 2 قد أعلنت لي رؤيا قاسية الناهب ناهباً والمخرب مخرباً، اصعدي يا عيلام، حاصري يا مادي، قد أبطلت كل أنينها.
ملاحظة: سفر يونان المُوجَّه بشكل خاص إلى أهل نينوى لم ترد فيه كلمة آشور مرة واحدة.

وجود الدولة الميدية فقط (بدون الآشورية) في العهد القديم في الأسفار التي كتبت بعد سنة 612 ق.م.
عزرا 6: 2 فوجد في احمثا في القصر الذي في بلاد مادي درج مكتوب فيه هكذا تذكار.
استير: 1: 3 في السنة الثالثة من ملكه عمل وليمة لجميع رؤسائه وعبيده جيش فارس ومادي وأمامه شرفاء البلدان ورؤساؤها.
اس 1: 14 وكان المقربون إليه كرشنا وشيثار وادماثا وترشيش ومرس ومرسنا ومموكان سبعة رؤساء فارس ومادي.
 اس 1: 18 وفي هذا اليوم تقول رئيسات فارس ومادي اللواتي سمعن خبر الملكة لجميع رؤساء الملك.ومثل ذلك احتقار وغضب.
اس 1: 19 فإذا حسن عند الملك فليخرج أمر ملكي من عنده وليكتب في سنن فارس ومادي فلا يتغير ..الخ.
اس 10: 2 وأذاعة عظمة مردخاي الذي عظمه الملك اما هي مكتوبة في سفر أخبار الأيام لملوك مادي وفارس.
ارميا:  25: 25 وكل ملوك زمري وكل ملوك عيلام وكل ملوك مادي.
ار 51: 11 سنوا السهام أعدوا الأتراس، قد أيقظ الرب روح ملوك مادي لأن قصده على بابل أن يهلكها، لأنه نقمة الرب نقمة هيكله.
ار 51: 28 قدسوا عليها الشعوب ملوك مادي ولاتها وكل حكامها وكل ارض سلطانها.
دانيال: 5: 28 فرس قسمت مملكتك وأعطيت لمادي وفارس.
دا 5: 31 فاخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن اثنتين وستين سنة.
دا 6: 8 فثبت الآن النهي أيها الملك وامض الكتابة لكي لا تتغير كشريعة مادي وفارس التي لا تنسخ.
دا 6: 12 فأجاب الملك وقال الأمر صحيح كشريعة مادي وفارس التي لا تنسخ.
دا 6: 15 فاجتمع أولئك الرجال إلى الملك وقالوا اعلم أيها الملك أن شريعة مادي وفارس هي أن كل نهي أوامر يضعه الملك لا يتغير.
دا 8: 20 أما الكبش الذي رايته ذا القرنين فهو ملوك مادي وفارس.
دا 9: 1 في السنة الأولى لداريوس بن احشويروش من نسل الماديين الذي ملك على مملكة الكلدانيين.
دا 11: 1 وأنا في السنة الأولى لداريوس المادي وقفت لأشدده وأقويه.

العهد الجديد لم يذكر الآشوريين إطلاقاً، بل الميديين فقط
عندما جاء السيد المسيح لم يكن ذكر للآشوريين بل بقي الاسم المادي، حيث ذكر العهد الجديد الناس الموجودين الذين آمنوا بالمسيح في يوم حلول الروح القدس وحدد أنهم من بلاد بين النهرين، فذكر الماديين والعيلاميون والفرثيون، ولم يرد ذكر آشور والآشوريين في العهد الجديد إطلاقاً، علماً أن الآشوريين مذكورين عشرات المرات في العهد القديم وقد شنوا غارات متصلة في بلاد فلسطين وصارت لهم علاقات واسعة مع اليهود، بل أن العهد الجديد ذكر العرب وأقوام أقل شاناً وشهرةً من آشور والآشوريين كالكريتيين وفريجية وبمفلية وكبدوكية وبنتس والقيروان، إلى جانب مصر  وليبيا والرومان.
8  فكيف نسمع نحن كل واحد منا لغته التي ولد فيها؟ 9 فرتيون وماديون وعيلاميون، والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا،10 وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان، والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء، 11 كريتيون وعرب نسمعهم يتكلمون بألسنتنا بعظائم الله فرتيون وماديون وعيلاميون، والساكنون ما بين النهرين، واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا. (أعمال الرسل: 2).

إن كتابات آباء الكنيسة السريانية الشرقية تبين ارتباطها بالميدين والأكراد وليس بالآشوريين، فذكروا أقوماً كثيرة في القرون السبعة الأولى للمسيحية باستثناء الآشوريين، ومن بين تلك الأسماء، ميديا والأكراد (قردو أو قرطو) وتعني بالسريانية الأكراد، إلى جانب منطقة داسن وهي قبائل كردية (إلى الآن تُطلق كلمة دسنايا على الأيزيديين الأكراد بالسرياني من السريان بطوائفهم).
1: قال ترتليانوس في القرن الثاني الميلادي في الكتاب الذي ألَّفه ضد اليهود: أليس بالمسيح آمن كل الأمم الفرثيون والميديون والعيلاميون  والذين يسكنون بين النهرين (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور ج2 ص5).
2: قال برديصان في القرن الثاني: في سوريا والرها كان الناس يُختتنون، ولكن عندما آمن ابجر أمر أن كل من يقطع رجولته تقطع يده، ومنذ ذلك الحين إلى الآن لا يوجد في الرها من يقطع رجولتهُ، ماذا نقول في جيلنا المسيحي الجديد، في يوم الأحد نجتمع، الإخوة في بلاد الجيلانيين لا يتزوجون بالذكور، والفرثيين لا يتزوجون بامرأتين، والذين في  مادي لا يتهربون من موتاهم،  والذين في فارس لا يتزوجون ببناتهم، والذين في الرها لا يقتلون نسائهم ..الخ (شرائع البلدان ص67). علماً أنه يذكر الماديين كثيرا وأقوم أخرى كالهنود والفرس والعرب وغيرهم دون ذكر الآشوريين.
3: في مجمع اسحق سنة 410م: قُسمت مناطق الأبرشيات إلى بيث عربايا أي منطقة العرب، وقردو أي الأكراد، وكانت مطرانيه حدياب فيها أسماء كردية وفارسية وسريانية تدل على الأكراد، فكان دانيال أسقف أربيل، وآحادبويه أسقف بيث داسن، وأسقفية بيث مهقرد أي بيت الأكراد، وأسقفية شهر كرد أي مدينة الأكراد التي كانت تابعة لمطرانية باجرمي (كرخ سلوخ، كركوك) وكان مطرانها بولس، وأبرشية الميديين التي يسميها العرب جبل العراق وفيها كرسيان حلوان والري، وأبرشية مشكنا دقردو أي خيم أو مسكن الأكراد (أدي شير، تاريخ كلدو وأثور ج2 المقدمة ص13–18 و103، ويوسف حبي، مجامع كنيسة المشرق، ص78–83).
4: مجمع يهبالاها سنة 420: في ديباجة المجمع كان أساقفة عديدين من بينهم حدياب والميديين ودر كرد (مجامع ص91).
5: مجمع داد ايشوع سنة 424م: إن من بين المناطق التي يمكن تشخيصها مادي بيث ماداي، وأن الجاثليق داد ايشوع بعد أن سجنه الفرس وأطلقوا سراحه أقام قرب قردو، ومن بين الأساقفة كان ازدابوزود أسقف بكرد (بيت الأكراد) وميليس أسقف قردو أو باقردي (بيت الأكراد)، وكان من الأساقفة الموقعين على أعمال المجمع قيرس أسقف داسن في منطقة العمادية وكانت تابعة لحدياب،  وآرادق أسقف مشكنا دقردو أي مسكن أو مخيم الأكراد، ودانيال اسقف أربيل(مجامع ص 109–121، وادي شير ج2 ص119).
6: مجمع آقاق سنة 486م: كان من بين الحاضرين والموقعين إبراهيم أسقف مادي (مجامع ص 149– 174).
7: مجمع بابي سنة 497م: كان من الأساقفة بولس أسقف شهرقرد، وبابي أسقف مادي، وإبراهيم أسقف مهقرد، وماره رحميه أسقف داسن، ويوسف واكاي أسقفا حدياب، وسيدورا مطران حدياب (أدي شير ج2 ص159، ومجامع ص191–203).
8: مجمع آبا سنة 544م: حنانيا أسقف أربيل وكل حدياب، وإبراهيم أسقف شهرقرد (مجامع ص 209–275) وفي هذا الزمان آقاق أسقفاً لمادي، وفي زمن المجمع كان برصوم هو أسقف قردو (أدي شير ج2 ص174).
9: مجمع يوسف 554م: آقاق أسقف مادي وبرصوما أسقف قردو ومشبحا (مجامع ص 312–314، وادي ج2 ص194).
10: مجمع حزقيال 576م: حنانا مطران أربيل، قاميشوع أسقف بيث داسن، برشبثا أسقف شهرقرد (مجامع ص320–322، أدي ج2 ص200)، برشابا أسقف شهر قرد هو تلميذ مار آبا (فهرس المؤلفين لعبديشوع الصوباوي، ترجمة يوسف حبي ص 68، وأدي ج2 ص 176).
11: مجمع ايشوعياب الأول سنة 585م: كليليشوع أسقف بطبياثي والكرد (أدي شير ج2ص 203).
12: مجمع سبريشوع 598م: سورين أسقف شهر قرد (مجامع ص451)، والجاثليق سبريشوع سكن جبال قردو (أدي شير ج2 ص213).
13: مجمع غريغور سنة 605م: مارثا أسقف قردو، وبورزمهر أسقف داسن، سورين أسقف شهر قرد، ويوناداب أسقف أربيل ومطران حدياب ويزداكوست أسقف مادي (أدي شير ج2 ص220، ومجامع ص 470–472).
14: يقول إيليا برشانيا من القرن العاشر الميلادي في تاريخه بعد أن يعدد ملوك الآشوريين القدماء:إن مملكة الآشوريين انتقلت إلى الميديين، ثم يعدد ملوك ميديا ص45، ولم يذكر الآشوريين في العهود المسيحية إطلاقاً، لكنه ذكر قردى ص133 والأكراد ص171، إلى جانب أقوام أخرى كالعرب والفرس واليونان، وغيرهم.
15: أمَّا سليمان مطران البصرة (قرن13) فلم يذكر حتى الآشوريين القدماء بل اعتبرهم كلهم ميديين (النحلة ص158).
16: يقول التاريخ السعردي: إن الربن سابور في نهاية القرن السادس بنى ديراً في جبل تستر وتلمذ الأكراد المجاورين،  والربن يشوع في القرن الخامس تتلمذ في مدرسة ثمانين في قردو وبنى ديراً في موضع كان للأكراد، والربن يوزادق بنى ديراً في قردو (ج2 ص140، 196).
17: يقول أدي شير في تاريخ كلدو وأثور ج2: إن مار نرسا أسقف شهر قرد استشهد سنة 344م ت ص78، وشرق كركوك بنيت كنيسة على اسم القائد الكردي طهمازكرد الذي قتل مسيحيين كثيرين منهم مطران شهر كرد، ثم نَدم واعتنق المسيحية 126، ويذكر أدي: بوسي بن قورطي (ابن الكردي)، وبرحذبشابا من قردو، وإبراهيم المادي ص135، وأن القديس بابوي نَصَّر خلقاً من الأكراد ص146، ويوحانون دآذرمه شيَّد ديراً في داسن ص260، ونونا شيَّد ديراً في منطقة قردو ص261، وبسيما ولد في قردو ووسع دير كفرتوثا ص263، واوكاما أسس ديراً في قردو ص264، ودير بيث كشوح قرب أربيل ص267، ومن المدارس المسيحية المعروفة هي مدرسة أربيل ص269.
18: يقول الأب يوسف حبي في كنيسة المشرق الكلدانية–الأثورية: وانتشرت المسيحية في بلاد الميديين ص196، وهناك سبايا في ارض الميديين، وكان هناك أبرشية باسم مقاطعة مادي ومقاطعة باسم قردو ص32–33، وان اسم قرية باطنيا هو بيث ماداي أي مكان الماديين ص.166، ويضيف الأب حبي في كتاب فهرس المؤلفين: إن برصوم ولد في بيث قردو ص 61، وأن مشيحا زخا أسس ديرا في داسن ص104، وأن داود بن ربن هو أسقف الأكراد أيام الجاثلقين طيمثاوس وايشوع برنون ص 112، وأنه كان هناك دير برسيما في قردو ص72.
19: يقول ألبير أبونا في تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية: لم يقتصر تبشير ماري على المدائن بل شمل مناطق نصيبين وارزن وحدياب وداسن وزوزان وكورا، وجاء إلى شهرقرد وبيث كرماي وبيث اردان وكشكر وواسط وميسان وقني وبيث هوزاي ومنها بيث فرساي (منطقة الفرس) ج1 ص15، ويوحنا الدلياثي ترهب في دير يوزداق في منطقة قردو نحو سنة 700 م، ج2 ص111، والربان هرمز الفارسي انطلق إلى جبال قردو وأقام ديره في الجبل المطل على ألقوش، ج3 ص255، ويضيف الأب ألبير في كتابه ديارات العراق: إن دير ما أورها في باطنايا مؤسسه إبراهيم المادي من القرن السابع ص106، ويشوع دناح في كتاب العفة يقول: إن بعض الرهبان المصريين جاءوا إلى منطقة قردو وبازبدي ص16، ودير أبون مار آوا يقع في منطقة قردو ص55 التي كان فيها مدرسة اسمها ثمانون، تعلم فيها ايشوعياب المولود سنة 577 الذي أسس ديراً هناك ص 72، ومار حبيب الذي أسس ديراً على جبل زامر  كان من دير قردو ص272. دير بيث نسطورس قرب حدياب، ومؤسسه رجل من نواحي داسن حوالي سنة 600م ص247، دير مار اوراها من بيث ماداي (باطنايا) الذي أسسه إبراهيم المادي مؤسس سنة 630م تقريباً ص 106، بيث قردغيا أي بيت الأكراد في مقاطعة مركا وكان فيها مدرسة اسسها باواي.
20: يقول الأب فييه الدومنيكي: منذ القرن السادس والسابع الميلادي كان النساطرة أنفسهم يُسمُّون الجهات الواقعة شمال أربيل والتي هي جزء من حدياب "بيث قرطوي أو بيث قردايا" أي بلاد الأكراد (البحوث المسيحية الآشورية، معهد دراسات الشرق الأوسط، المطبعة الكاثوليكية، بيروت 1965–1968م، مج3 بحث 22 و23 و42)، ويضيف فييه: كانت هناك أبرشية غرب الزاب الصغير اسمها بيث قورطوايي أي بلاد أو بيت الأكراد ومنها الأسقف عوديشو القورطواينيي، وعند البحث عن أول مطران لبلاد الأكراد سنجد أن أبرشية الأكراد كانت متحدة مع أبرشية بلاد التيوس التي تعرف بيث طبياثا، وكان للاثنان راعي واحد، وهناك دير في منطقة حدياب اسمه دير بيث قروطي التي تعني بلاد الأكراد (علماً أنه لا يوجد دير واحد في التاريخ بالاسم الآشوري)، كما يوجد عدد من الآباء النساطرة لقبهم القورطوايني أي الكردي، مثل الأنبا عود يشوع القورطوايني، المطران كليل يشوع القورطوايني الذي حضر المجمع الكنسي سنة 585م، وداود القورطوايني مؤلف كتاب الفردوس الصغير الذي عاش في عهد البطريرك النسطوري طيمثاوس الأول (780–823م)، (آشور المسيحية ج1 ص167)، علماً أنه في كل تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية لا يوجد قديس، بطريرك، أو أب بلقب الآثوري، بينما هناك آباء لُقِّبوا بالسرياني مثل افرام، الفارسي مثل أفرهاط، الداسني مثل فثيون، العربي مثل يوحنا، وغيرهم، وهذه ليست ألقاب جغرافية محدودة بمنطقة أو مدينة معينة فقط، بل ألقاب مرتبطة بقوم لهم هوية ولغة خاصة بهم. (ألقاب قومية بالمفهوم المعاصر).

ملاحظة 1: إن مدينة الموصل هي آخر مدينة عراقية دخلتها المسيحية، لأنها كانت صغيرة (قرية) فيها محلتان، وكانت تابعة لمطرانية حدياب (أربيل)، وأول ذكر لأسقف باسم نينوى هو احوادمة في مجمع يوسف سنة 554م، وعندما بُنيت الموصل في عهد عمر بن الخطاب بالقرب من نينوى القديمة (التاريخ السعردي ج2 ص308)، أصبحت كبيرة فيما بعد، وأصبح فيها مطران سنة 828م ولكنها بقيت تابعة لأربيل، ولم تستقل كأبرشية عن حدياب إلى سنة 1188م، ومنذ القرن السادس عشر بدأت تظهر كنسياً أكثر من أربيل خاصة عندما انفصل الكلدان عن النساطرة واتخذوها مقراً لكرسيهم، أمَّا الفرع الذي بقى نسطوري والذي تسمى فيما بعد بالآشوري فوجوده كان ضعيفاً جداً إلى الأيام الأخيرة مقارنة مع وجودهم في الشمال بين الأكراد، ويقول أدي شير: لما اكتسبت الموصل أهمية كبيرة قُسمت أبرشية حدياب إلى قسمين، أبرشية أربيل وأبرشية الموصل، واتحدا أيضاً فقيل أبرشية حدياب وأثور، ج2 المقدمة ص15، ومن غريب الأمور  أنه حتى اسم أثور الجغرافي المحصور استعماله تاريخياً بمدينة الموصل فقط، فإن كُتَّاب الكنيسة السريانية الشرقية كانوا أقل الناس استعمالاً له مقارنة بالسريان الأرثوذكس، فاغلب كُتاب الكنيسة السريانية الشرقية استعملوا اسم نينوى والموصل ومرات قليلة جداً أثور، ومدينة الموصل لها عدة أسماء جغرافية، نينوى، سومري (طه باقر، معجم الألفاظ الدخيلة172)، حصنا عبريا، سرياني/ أثور، لأنها كانت عاصمة الدولة الآشورية القديمة، نواردشير أو هرمزد كوذا، فارسي/الموصل، عربي وقيل يوناني، أقُور، رواند، خولان ..الخ، واستعمال الاسم  الجغرافي يعتمد على ما يفضله أو تعوَّد عليه الكاتب أسوةً ببخديدا، فارسي/ قرقوش، تركي/ الحمدانية، عربي/ أو الكوفة، الحيرة، عاقولا/ أو أربيل، حدياب، أديابين، حزة. (للمزيد عن الموصل راجع تاريخ الموصل للمطران سليمان الصائغ ج1).

ملاحظة 2: من الغريب أن تُسمي الكنيسة نفسها رسمياً كنيسة ساليق وقطسييفون ثم تدعي أنها آشورية، فساليق وقطسيفون لم يكن لها وجود أيام الدولة الآشورية القديمة، وساليق بُنيت على اسم القائد اليوناني سلقوس وقطسيفون فارسية، ومن الثابت وفق كل المؤرخين أن المسيحية دخلت العراق عن طريق الرها إلى أربيل، وأول الأساقفة هم أساقفة أربيل ابتدأً من  فقيدا سنة 104م، وهناك أخبار لكنائس عديدة في أربيل تسبق ساليق وقطسيفون مثل كنيسة اسحق ونوح، وأن أول من تفقد مسيحيي ساليق إضافة إلى مسيحيي شهر كرد هو شحلوفا الآرامي أسقف أربيل التاسع، ثم قام آحدابواي الأسقف العاشر لأربيل برسم فافا بن عجا السرياني أو الآرامي كأول أسقف لساليق وقطسيفون.(مشيحا زخا، كرنولوجيا أو تاريخ أربيل ص72– 81، وأدي شير ج2 ص12–14).

ملاحظة 3: كان هذا البحث مختصراً جداً، واقتصرنا على مصادر كنيسة المشرق السريانية عموماً، علماً أن هناك كتاب كثيرون ورحَّالة (عدا الأكراد) اعتبروا السريان الشرقيين النساطرة أكراداً، وأغلب الرحالة كتبوا أسماء كتبهم أثناء زيارتهم، أنهم زاروا كردستان، كما قام قسم منهم بكتابة كُتب سمَّوها كردستان مثل شفالييه والمُروَّج للاسم الآشوري الحديث ويكرام وغيرهما.
إننا نؤكد أن كنيسة المشرق هي سريانية، ولكن إذا أرادت التخلي عن اسمها السرياني فبإمكاننا تقديم المزيد من البحوث التي تُثبت أن تسميتها بالميدية أو الكردستانية أصح من الآشورية، وهذا سيعزز مركزها من قِبَلْ إقليم كردستان حيث له مكانة سياسية قوية،خاصةً أن كنيسة المشرق هي أكثر كنيسة في العالم بطريركاً واكليروساً وعلمانيين تتبع نهجاً سياسياً وقومياً أكثر منه دينياً.
وشكراً
موفق نيسكو[/size]

48
كلمة آشور  صيغة عبرية لا سريانية ولا عربية

إن الآشوريين أو الآثوريين هم السريان الشرقيين أو النساطرة، ولا علاقة لهم بالآشوريين القدماء، ولكن بعد أن قام الانكليز بتسميتهم آشوريين سنة 1876م نتيجة انتشار أخبار المكتشفات الآشورية في انكلترا مستغلين بذلك  التسمية لأغراض سياسية، أُعجب السريان النساطرة بالاسم الجديد لأنه يمثل اسم حضارة قديمة مشهورة، وبدأ  السريان  الشرقيين  بقوة استعمال اسم الآشوريين وخاصة من السياسيين، وسرى بعدئذٍ على بقية الشعب.

يجب الملاحظة أن الاسم سرى بصيغته السريانية (ܐܬܘܪ اتور، اثور) لأن النساطرة هم سريان، وليس بصيغته العبرية آشور التي أتت في العهد القديم،  ولا حتى بصيغة الاسم الاكدية (ﮔاسر) التي كانت لغة الدولة الآشورية القديمة او بصيغة (آ– آوسار) كما وردت في بعض النصوص الاشورية القديمة معرفة ب (آ)،  بل بصيغة (ܐܬܘܪ اتور، اثور) لأن السريان الشرقيين او النساطرة ليسوا آشوريين بل  سريان، ولا زال إلى اليوم جميع السريان  الشرقيين النساطرة  الذين تسمَّوا سنة 1876م اشوريين يستعملون الاسم شعبياً  بصيغته السريانية  تحديداً وليس العبرية او الاكدية او غيرها، فيقول (أنا اتورايا).

إن اسم آشور في العهد القديم وباللغة العبرية هو بوجود الألف مع تشديد حرف الشين (אַשּׁ֑וּר)، آششور (النقطة داخل حرف الشين שּׁ֑ هي الشدة).

 وعن اللغة العبرية أخذ اليونان الاسم بتشديد حرف الشين وكتابته مرتين (Ασσυρία) لعدم وجود الشدة  في اللغة اليونانية.

 ولأن اليونان يكتبون حرف الشين في كلمة اشور لكنهم ينطقونه سين، فإن الرومان اخذوا الاسم من اليونان و كتبوا اسم آشور ايضاً بتشديد السين أي بكتابتها مرتين (assyrian).

ولأن الاشوريين هم بالحقيقة  سريان كما ذكرنا،  فعن السريان وليس عن اليونان ولا عن الرومان أخذ العرب المسلمون الرحالة والجغرافيون والمؤرخين كلمة (ܐܬܘܪ اتور، اثور) وكتبوها أثور بصيغتها السريانية وليس العبرية، كما  ذكرها الحموي والمقدسي والطبري والمسعودي وغيرهم بالصيغة العربية نقلاً عن السريانية (أثور).

 وحتى الكتاب المسيحيين إلى العصر الحديث التزموا بالصيغة العربية الماخوذة من السريانية وهي (اثور) كالمطران اوجين منا الكلداني وآدي شير والقس بطرس نصري الكلداني والمطران سليمان الصائغ والاب البير ابونا ويوسف حبي وغيرهم، باستثناء أحد فروع كنيسة المشرق التي سمَّت نفسها الآشورية رسمياً في 17 تشرين الأول سنة 1976م بالصيغة الماخوذة عن العبرية (الآشورية) وليس بالصيغة الماخوذة عن السريانية (الأثورية).

لذلك إن استعمال كلمة آشور باللغة العربية هو خطأ لغوي، ورأي أن يصحح اسم الكنيسة إلى كنيسة المشرق الأثورية.

وشكراً
موفق نيسكو

[[/size]/size]

49
كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج 6 / خاص بالرحلات

يُعدُّ أدب الرحلات شاهد عيان وصورة حية ودليل واضح على وجود الأقوام وتسمياتهم وعادتهم ولغاتهم..الخ، ونحن لا نتكلم عن أحد الرحَّالة بشكل عام الذي كان ساكناً في أوربا ولا يعرف شيئاً عن الشرق سوى ما ورد في الكتاب المقدس، فسافر ووصل إلى زاخو واخرج دفتراً من جيبه وكتب وصلت بلاد آشور، ثم وصل إلى الحلة فكتب سلَّمتُ على أحد الكلدانيين، وبعدها وصل إلى الناصرية فكتب التقيتُ بأحد السومريين أو الأكديين، بل نتكلم عن الرحالة الذين زاروا المنطقة واحتكوا تحديداً بالمسيحيين وطوائفهم وزاروا كنائسهم، وتكلموا عنهم بصورة مباشرة وقرينة واضحة ومعلومة.

حتى منتصف القرن التاسع عشر كان اسم النساطرة أو السريان هو المستعمل فقط على الآشوريين الحاليين من قِبل المبشرين والباحثين وعالمي الآثار والمؤرخين وغيرهم، الذين زاروا منطقة المسيحيين واحتكوا بهم وأشاروا إلي أسمائهم وطوائفهم وعقائدهم ولغاتهم بصورة مباشرة ومعلومة، وأغلب الرحالة كانوا مسيحيين ومبشرين ويعرفون تلك الفروق، لذلك نراهم يستخدمون اسمهم الحقيقي وهو السريان أو النساطرة الذي عُرفوا به بعد انفصالهم عن كنيسة أنطاكية السريانية سنة 497م، علماً أن أسم القوم والطائفة كان يعتمد على الرحالة، حيث في أغلب الأحيان هناك اسمان أو ثلاثة مثل السريان الأرثوذكس الذين يرد اسمهم باليعاقبة، والكلدان بالنساطرة الكاثوليك أو البابويين، والعرب والإسلام بالمحمديين أو الطائيين أو الأسماعليين، واليهود بالعبرانيين أو الموسويين أو الإسرائيليون، والصابئة بالمندائيين أو نصارى القديس يوحنا، والفرس بالمجوس..الخ، باستثناء السريان النساطرة  الذين لم يرد اسمهم بالآشوريين إطلاقاً للدلالة على قوم معينين ومعروفين في كل كتب أولئك الرحالة، علماً أن قسماً من الرحالة ذكروا اسم آشور في إشارةً إلى بلاد آشور القديمة لكنهم في نفس الوقت سمَّوا الأقوام بالنساطرة أو السريان وليس بالآشوريين، ورغم أن اسم آشور أو آثور بقي مستعملاً أحياناً كأحد الأسماء الجغرافية لمدينة الموصل في التاريخ، أو اسم جغرافي لبلاد آشور القديمة، وأن استعماله لا يدل على وجود الآشوريين كقوم، إلاَّ إن الأغلبية الساحقة من الرحَّالة والمبشرين الذين ذكرناهم في الأجزاء السابقة عاشروا السريان النساطرة، وألَّفوا كتب عن رحلتهم، ذكروا في عنواين كتبهم أنهم زاروا بلاد كردستان، فارس، أرمينيا، أورميا، بين النهرين، آسيا الصغرى، جورجيا، وغيرها، وليس آشور، وهناك كثيراً من الرحالة ذكروا أقواماً كثيرة في المنطقة مثل الأرمن والأتراك واليزيديين والصابئة والروس والهنود، وأحياناً أقوام أقل عدداً من النساطرة كاللاتين واليونان، بل أنهم ذكروا أقوام ليسوا معرفين أحياناً كالبوهتانيون والاشيتيون والبابابنيون وغيرهم، ولكنهم لم يذكروا الآشوريين.

71: يقول الأب فيليب اسبري يوليان الكرملي (1603–1671م) الذي زار العراق سنة 1629م: إن مسيحييّ العراق هم اليعاقبة والنساطرة والأرمن، ويركّز على النساطرة ويقول: إنهم كثيرون ولهم بطريرك يسكن في دير شهير في ما بين النهرين، وكهنتهم متزوجون كسائر الطوائف الشرقية، أمَّا أساقفتهم فغير متزوجين، ويتكلمون الكلدانية. (رحالة أوربيون، رحلة الأب فيليب، ترجمة الأب بطرس حداد ص62–67).

72: يقول الرحالة جان دي تيفون الذي زار المنطقة سنة (1664–1665م): تقع مدينة الموصل التي كانت تُسمى فيما سبق آشور،  وأن نهر الخابور الوارد ذكره في نبؤة دانيال، وبحسب ما عرفته من سريان الموصل القدماء الذين...الخ، وفي الموصل أقام مع الآباء المبشرين الكبوشيين الذين كانوا ساكنين في بيت كاهن سرياني، وفي نصيبين اغلب سكانها سريان..الخ، ولا يذكر الرحالة سوى اسم السريان والأرمن علماً أنه مرَّ بمناطق النساطرة وشاهد كنائس لهم مثل جبل قرداي وقزل خان وقوج حصار وغيرها (رحلات جان دي تيفينو في الأناضول والعراق والخليج العربي 1664–1665م، ترجمة وتعليق د. أنيس عبد الخالق محمود. ص44–63).
 
73: يقول الأب الكبوشي بارثملي كاريه الذي زار المنطقة بين سنة (1669–1674م): بعد أن يتهجم على المسلمين: أنه شاهد أعداداً كبيرة من المسيحيين اليونان والأرمن والمارونيين واليعاقبة والنساطرة (رحلات الأب بارثملي كارييه في العراق والخليج العربي وبادية الشام  1669–1674م ترجمة د. انيس عبد الخالق وخالد عبد الطيف حسن ص104).
 
74: يقول الأب جوزيبه دي سانتا ماريا الكرملي الذي زار العراق سنة 1666م: في نصيبين يوجد الأرمن واليعاقبة ص22، وفي الموصل زار كنيسة اليعاقبة وكان عددهم500 نسمة، ورأى كنيسة النساطرة وهي صغيرة ويبلغ نفوسهم 1000 نسمة، لكنهم في الجبال أكثر حوالي 40000 نسمة ص24، 87، وفي بغداد يوجد الأرمن واليعاقبة والنساطرة ص31، ويخصص الفصل 22 للنساطرة بعنوان (كلمة عن النساطرة)، ويقول إن بغداد كانت مركز نسطور ثم يتحدث عنهم، ولأن انشقاق الكلدان عنهم كان حديثا فيقول: يعتبرون أنفسهم كاثوليك ويلقبون أنفسهم البابليين، وأن القس الياس كان نسطورياً فتكثلك ص61–63، وأن القنصل الفرنسي استطاع كسب  ود بطريرك اليعاقبة في حلب ص76، ثم يتكلم عن المسيحيين في الدولة العثمانية قائلاً:إن نصف سكان الإمبراطورية العثمانية هم سريان وأرمن ونساطرة وأقباط ص115، والأب جوزيبه هو الذي لعب دوراً رئيساً بانشقاق السريان الكاثوليك عن الأرثوذكس وذلك بإقامة اندراوس اخيجان أول بطريرك للسريان الكاثوليك ملحق 1 ص118.(رحلة سبستياني، الأب جوزيبه دي سانتا ماريا الكرملي إلى العراق سنة 1666م، ترجمة وتعليق الأب بطرس حداد).

75: يقول الأب الكرملي فنشنسو دي سيينا الذي زار العراق سنة 1656م: إن مدينة الموصل كانت في سالف الأزمان من أهم مدن آشور، وفي شمال المدينة شعب مسيحي من نساطرة ويعاقبة، وأغلبية المسيحيين في قرى الجبال بين حلب وأثور إلى بغداد هم نساطرة، وهناك عدد كبير من اليعاقبة وبعض الأرمن والروم، ولكل من تلك الطوائف قداس الخاص، أمَّا الطقس الأعم فهو سرياني، ويستخدم بحسب الكلداني، ملاحظة مهمة (راجعت النص الأصلي باللاتيني لسنة 1672م وصححتُ ترجمة الأب حداد الذي قال: أمَّا الطقس فهو سرياني، والأعم الكلداني، وترجمتي هي الصحيحة!)، ومعظم سكان ماردين نساطرة ويعاقبة، وفي نصيبين كنيسة فيها ثلاث مذابح للأرمن واليعاقبة والنساطرة، وفيها عدداً كبيراً من الكتب المقدسة بالخط السرياني، وفي ضواحي المدينة شواهد مكتوبة باليونانية والأرمنية والسريانية (رحلة فنشنسو إلى العراق، مجلة مجمع اللغة السريانية، مج1، 1975م، ترجمة الأب بطرس حداد ص188–195).

76: يقول الرحالة والمبشر  الدكتور وليم آنسورث (1807–1896م) الذي قام بزيارة مناطق النساطرة في حكاري سنة 1840م "إن الكلدان وأعني بهم النساطرة"(آنسورث، الرحلات والبحوث في آسيا وبين النهرين، طبعة لندن الانكليزية 1842م، ج2 ص 256).

77: يقول الرحالة الايطالي بيترو ديللافاليه (1586–1652م) الذي زار العراق سنة 1617م، عن زوجته النسطورية الأصل معاني حبيب جان جويريدية بعد أن يتغزل بها بحضارات العراق القديمة كآشور والكلدان وبأوصاف من سفر أرميا من العهد القديم:  إن والدها هو من السريان المشارقة، وهم النساطرة، ويطلق هذا الاسم اليوم على الشعب برمته أكثر مما يطلق على الفرقة الدينية، وهؤلاء لا يفقهون اليوم شيئاً عن أصولهم التاريخية، فهم نساطرة بالاسم فقط، وكل ما هنالك أن بعض المتفقهين أو رجال الدين يعرفون شيئاً بسيطاً عن أصل الطائفة، وأكبر ضلال بينهم هو الجهل، وقد فهمتُ أن أسرة زوجتي كانت قد تبِعت أحد البطاركة الكاثوليك، وهذا ما شجعني على الزواج منها. (رحلة ديللافاليه إلى العراق، ترجمة بطرس حداد ص70).

78: يقول الرحالة كارستن نيبور الذي زار الموصل في 18 آذار سنة 1766م، وتطرَّق إلى أسماء المسيحيين وطوائفهم بشكل دقيق ومفصل، فسمَّي الكلدان النساطرة غير الضالين أو النساطرة المهتدين إلى الكثلكة، وذكر النساطرة مرات كثيرة، وذكر العرب والأكراد واليزيدية ويقول: إن منطقة حكاري هي إحدى مناطق كردستان الجبلية الوعرة المسالك وتقع في الجهة الشرقية من منطقة العمادية وإلى تخوم منطقة وان التركية، ويسكن هذه المنطقة النساطرة ولهم فيها بطريرك أسمه على الدوام شمعون، وهو مستقل عن إلياس بطريرك ألقوش القريبة من الموصل، ولا يمتثل بطريرك النساطرة لأوامر بطريرك ألقوش إذ لا يخضع احدهما للآخر، وتحت سلطة البطريرك النسطوري نحو ثلاثمئة قرية، ومن المحتمل أن كثيراً من هذه القرى لم يعد فيها مسيحيون حالياً، ويقول السكان المحليون إن والي المنطقة الكردي له مندوب عنه إلى النساطرة يسمى (بيك) يسكن قرية كوميري، لكن النساطرة لا يعيرون له أهمية بل يبدون له الخضوع ظاهرياً لأنهم واقعون تحت حكم المسلمين، فلا يتجاسرون على قطع الصلة معه تماماً، ونساطرة حكاري لا يرغبون بقدوم التجار المسلمين إليهم لشراء منتجاتهم، كما أنهم لا يسمحون لأي مسلم أن يسكن ويعيش بينهم، (رحلة نيبور، ترجمة د. محمود حسين الأمين)، ولكثرة المعلومات وأهميتها ودقتها وللأسلوب الممتع الذي استعمله نيبور، فسنأخذ رحلته منفردة مستقبلاً.

79: يقول الأب الفرنسي دومينيكو سيستيني الذي زار العراق سنة 1781م: إن سكان الجزيرة هم من الأكراد والسريان والأرمن، ولكل من السريان والأرمن كنيسة خاصة بهم، وقرية نوشيروان قرية سريانية ص 56–58، وفي زاخو هناك الأكراد والكلدان واليهود ،  وتلسقف هي قرية نسطورية ص63–64، وهناك سريان وعرب وأكراد وكلدان ونساطرة ويهود في الموصل ص71، 77، وتكريت يسكنها العرب واليعاقبة ص88، ويسكن بغداد الأتراك والعرب والأرمن والكلدان والسريان واليعاقبة وبعض اليونان واليهود ص102، وقرب القرنة قرية تسمى جرف اليهود يسكنها العبريون منذ قديم الزمان، ومن المحتمل أن بعض الأقوام الإسرائيلية لا تزال تعيش في بيوت الأجداد ص164، وفي كركوك يسكن الأكراد والنساطرة ص 190، وعينكاوا يسكنها الكلدان ص194، وفي الموصل اندلعت مشاكل مع الطائيين، وحدثت في نفس الوقت مشاكل لقس سرياني كاثوليكي مع رعيته بسبب الوقوف عند قراءة الإنجيل، فسبب ذلك عودة الكاثوليك اللاتين إلى كنيسة اليونان ص201، وفي ماردين توفي قبل مدة قصيرة بطريرك السريان الأرثوذكس فاستغل الأب إيناس الكاثوليكي ذلك لنشر بذور الكثلكة ص 210. (العراق في رحلة الأب دومينيكو سيستيني سنة 1871م، ترجمة خالد عبد اللطيف حسين، مراجعة وتحقيق د. أنيس عبد الخالق محمود).

80: يقول الرحالة الفرنسي اوليفييه الذي زار العراق سنة 1794–1796م: وفي الموصل يسكن اليعاقبة والنساطرة، وفي مكان آخر يتحدث عن مجادلات بين اليعاقبة والنساطرة، علماً أنه يذكر الكلدان والأرمن والعرب وغيرهم، بدون الآشوريين. (رحلة اوليفييه إلى العراق 18794–1976م، ترجمة الأب يوسف حبي ص44، 51).

81: يقول الرحالة الألماني بترمان الذي زار العراق سنة 1854م: إن بغداد كانت لمدة طويلة مركز بطاركة النساطرة وتفرع عنهم الكلدان، وأنه شاهد في بغداد عوائل مسيحية أرمنية وكلدانية وسريانية وأنه حضر قداس عيد الميلاد في كنيسة الأرمن الأرثوذكس. (بغداد في القرن 19 كما وصفها الرحالة الأجانب، بترمان، رحلات إلى الشرق 1864م، ترجمة سعاد العمري ص133).

82: يقول الرحالة بيدرو تيخيرا (تيكستيرا) الذي زار العراق سنة (1604–1605م): انه  شاهد في بغداد ثمانون بيتاً للنساطرة (رحلة بيدرو تيخيرا من البصرة إلى حلب عبر الطريق البري 1604–1605م، ترجمة وتعليق د. أنيس عبد الخالق محمود ص100).

83: يقول مستر دبليو. آر. هي. حاكم أربيل البريطاني في كردستان (1918–1920م): إن الكلدان ومن حيث الدين هم أصلاً كالنساطرة سواء بسواء، لكنهم حُملوا خلال القرن السادس عشر على الاعتراف بسلطة الكنيسة الرومانية، ولغة كتبهم المقدسة هي السريانية (مذكرات دبليو. آر. هي، ترجمة فواد جميل ص 108).

84: يقول كلوديس جيمس ريج (1787–1821م) المقيم البريطاني في العراق منذ سنة 1808م والذي زار معظم مناطق العراق ومنها كردستان سنة 1820م بصحبة زوجته ماري ريج (1789–1876م): إنه شاهد عمارة  اعتقد أنها كنيسة أثرية كلدانية أو سريانية ص48، وفي السليمانية شاهد دوراً للكلدان والأرمن ص124، وفي العمادية شاهد تياريين وهم عشيرة كلدانية ص155، وإنه اصطحب معه مترجماً كلدانياً من بلدة عينكاوا ليعاونه وهو بين عشائر جوله مه رك الكلدانية، وبعد أن وصل العمادية وحكاري لاحظ أن مسيحييّ المنطقة متوحشون، ويضيف قائلاً: إن هؤلاء الكلدان على حالتهم هذه يلبسون برانيط من قش الرز تشبه البرانيط الأوروبية، وإنني اعتقد أن العمادية وحكاري هي الموطن الأصلي للكرد والكلدانيين. (رحلة ريج سنة 1820م إلى بغداد وكردستان وإيران ص262–266).

85: يقول الأب دنيس غرينيارد لإكليل الشوك الذي زار مناطق النساطرة سنة 1653م: إن النساطرة في سهل أورميا هم جماهير من الفلاحين المحرومين، وهم يختلفون عن نساطرة حكاري الذين هم رجال قتال ويمتازون بنفسيتهم العالية. (وقائع البعثات البابوية والكرملية إلى بلاد فارس في القرنين 17و18، ص382).

86: يقول المنشي البغدادي في رحلته إلى العراق سنة 1821م، وهو مسلم من بلاد فارس لكنه يميز بدقة كبيرة طوائف المسيحيين: إن في ولاية الموصل الأرمن، وفرق النصارى هي، يعاقبة، كلدان، سريان، نساطرة، وكاثوليك، وفي أنحاء قرية كرمليس التابعة للموصل معظم السكان كلدان وسريان، أمَّا تلكيف وألقوش وتللسقف فكل النصارى فيها كلدان. (رحلة المنشي البغدادي، ترجمة عباس العزاوي ص123–133. (لاحظ دقة تعبير البغدادي فانه يفصل الأرمن عن باقي الطوائف السريانية، ويستعمل كل النصارى في تلكيف وألقوش وتللسقف هم كلدان، بينما يستعمل معظم النصارى قرب كرمليس هم كلدان وسريان لأن المنطقة مختلطة وفيها قرى أخرى كثيرة مسلمين، ولأن كرمليس هي القرية الكلدانية الوحيدة في المنطقة والبقية هم سريان كاثوليك وأرثوذكس فقط).
 
87: يقول عالم الآثار إميل بوتا قنصل فرنسا في مدينة الموصل: كنت استخدم النساطرة في أعمال التنقيب في مدينة خورسيباد. (باول إميل بوتا، آثار نينوى، الطبعة الفرنسية 1850م، ص110).

88: يقول: الرحالة الفرنسي أدريان دوبريه الذي زار العراق (1807–1809م): إن مسيحييّ كردستان أغلبهم نساطرة، وأن البطريركية عندهم وراثية، ويتحدث عن انقسامهم بكل وضوح ويقول: إن لهم بطريركين أحدهما يحمل اسم شمعون ويسكن قوجانس، والآخر يحمل اسم إيليا ويسكن دير الربان هرمز في ألقوش ص50، وفي مدينة الموصل عدد السريان الكاثوليك واليعاقبة وخمسة آلاف نسطوري ص71، وانه شاهد كتابات كلدانية وكرشونية اي عربية بحرف سرياني شرقي على كنيسة الكلدان وكتابات ص179،  وإن الطاعون الذي حل ببغداد سنة 1773م موزع على 112 أسرة أرمنية، سريانية، و90 كلدانية ص129. (رحلة دوبريه إلى العراق 1807–189م، ترجمة الأب بطرس حداد، كذلك أدريان دوبريه، رحلتي إلى بلاد فارس، الطبعة الفرنسية 1919م، ج1 ص97–120 وما بعدها).

89: يقول الرحالة اليهودي الروماني بنيامين إسرائيل جوزف أو بنيامين الثاني (1818–1864م): الذي زار معظم أنحاء كردستان ومناطق النساطرة بين سنتي (1846–1851م) بحثاً عن أبناء جلدته من اليهود: إن مناطق الأكراد يسكنها اليهود والنساطرة. (رحلة بنيامين الثاني أو خمس سنوات في الشرق ص155–161).
 
90: يقول الرحالة بكنكهام (1786–1855م) الذي زار بغداد سنة 1816م: إن كنيسة بغداد تضم سريان وروم وكلدان، وذكر جميع الأقوام في بغداد كالكرج والشركس والترك والهنود والفرس والأكراد، كما ذكر إن عدد مسيحييّ مدينة الرها (أورفا) ألفان، غالبيتهم من الأرمن والسريان، وإن اللغات التي يكلمونها هي العربية والكردية والسريانية والفارسية والعبرية والتركية والأرمنية. (رحلة بكنكهام، لندن، انكليزي 1827م، ص150–154، ورحلة بالعربي، ترجمة محمد علي حلاوي ص267–278). يتبعه جزء سابع.

وشكراً
موفق نيسكو

51
كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج 4

يتبع ما ذكرنا في ج 3 بأن كثيراً من الباحثين على اختلاف انتمائهم واختصاصاتهم شجبوا قيام الانكليز بتسمية السريان النساطرة بالآشوريين. (للاختصار انقل ترجمتي للنصوص الانكليزية، بدون النص الانكليزي، باستثناء الفقرة 37 لأهميتها)، كما  فاتني القول للقارئ الكريم: إن بحثي هو تاريخي بحت، ولذلك لا استشهد بأقوال كُتَّاب ذات طابع سياسي.
 
37: يقول الأستاذ السرياني النسطوري George David Malech جورج دافيد (1837–1909م) في كتابه الذي نشره ابنه الكاهن نسطور  سنة 1910م في أمريكا، تحت عنوان:
History of the Syrian nation and the old Evangelical-Apostolic Church of the East from remote antiquity to the present time
تاريخ الأمة السريانية والكنيسة الإنجيلية الرسولية الشرقية القديمة، منذ انفصالها عن أنطاكية والى الوقت الحاضر

ويقول في فصل بعنوان (الكنيسة السريانية في الوقت الحاضر– ما يتعلق بتسميات شعبنا وكنيستنا ص 346–347): إن العرب المحمديين (المسلمين) في الشرق يدعونا نصارى (Nazarene) لأننا نؤمن بالمسيح الذي كان من الناصرة، وبعضهم يدعونا توماويين لأن الرسول توما أول من بشر بالمسيح في سوريا وفارس والهند، وهناك اسماً آخر لنا هو "النساطرة"، نسبة إلى نسطور بطريرك القسطنطينية المحروم في مجمع افسس سنة 431م، لأنه أُتهم ظلماً بعقيدة خاطئة، ولذلك الكاثوليك يدعونا نساطرة لتحقيرنا، ونحن لا نحب أن يدعونا أحد باسم النساطرة، لأن ذلك ليس اسمنا الحقيقي، ثم يكمل القول المهم بوضوح وحرفياً قائلاً:

  Our right name is: The Syrian Apostolic Evangelica Church of the East
اسمنا الصحيح هو: الكنيسة السريانية الرسولية الإنجيلية الشرقية
This is our right and true name, which the first fathers of our church have written in their books far back in time,
 and we ask all Christians in the world to call us by this right name
هذا هو اسمنا الصحيح والحقيقي، الذي قد كتبه آباء كنيستنا الأوائل في كتبهم سابقاً
ونحن نطلب من جميع المسيحيين في العالم أن يدعونا بهذا الاسم الصحيح

والأستاذ جورج دافيد هو شماس نسطوري وأب لكاهن بدرجة أرخدياقون اسمه نسطور، والحائز عل شهادة بذلك من الكنيسة الرسولية السريانية الشرقية في 22/ نيسان 1898م، والموقَّعة من قبل المطران حنانيشوع باسم مطران الكنيسة السريانية الشرقية،  والمصادق عليها من قبل البطريرك شمعون 18 روبين بنيامين (1860–1903م) بختم بطريرك الكلدان (لأن البطريرك كانت له توجهات قوية للانضمام إلى الكنيسة الكلدانية، راجع لقائه مع الأب ريتوري الدومنيكي، الأب بطرس حداد، أرشيف البطريركية الكلدانية / 2 ص 117)، علماً أن البطريرك كتب رسالة إلى الكاهن نسطور يُسمِّي الكنيسة بالسريانية (ص387). ونرفق صورة الشهادة والرسالة في أسفل المقال.

38: يقول المؤرخ الفرنسي ميشيل شفالييه الذي يستند إلى مئات المراجع وبكل اللغات ومن ناس زاروا وعشوا واحتكوا مع النساطرة:  إن النساطرة هم السريان الشرقيين، وهم الذين أعاد الغرب الانكلو سكسونيين اكتشافهم خلال فترة الثلث الثاني من القرن التاسع عشر، وقد اتخذوا هذه التسمية الآشورية عوضاً عن التسمية القديمة النسطورية، وكان ذلك منذ مطلع القرن العشرين، وهذه التسمية اختلفت عن تسمية الكلدان ذلك لأنها سرعان ما تطورت وغدت تعني تسمية قومية ووطنية، فالنساطرة الجبليون هؤلاء هم الذين يُعرفون اليوم"بالآشوريين"، ثم يضيف قائلاً: أرجو الملاحظة في كتابي عندما أتحدث عن النساطرة – الكلدان، أنني استعين بعبارة السريان الشرقيين عوضاً عن عبارة كلدو–آشوريين، التي غَدت تُستعمل كتسمية شعبية منذ سنة1920م فقط خصوصاً من قِبل عصبة الأمم آنذاك، لأن تسمية كهذه أراها تناقض الواقع التاريخي، ولا يمكن استعمالها في البحوث قبل سنة 1914م. (شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ص 17 و 20 و21).

39: يقول صبحي اكسوي وتوما جليك ومؤلفون آخرون أتراك مسلمين ومسيحيين: عاش السريان الشرقيون بشكلٍ منعزل عن العالم الخارجي في منطقة هكاري الجبلية البعيدة عن الحضارة والتي يصعب الوصول إليها، ولكنهم أعادوا ارتباطهم بالعالم الخارجي في بدايات القرن التاسع عشر من خلال البعثات التبشيرية، ومن خلال هذه العلاقة تعززت المشاعر القومية لديهم، وكان السريان الشرقيون يتحدثون بلهجةٍ يطلقون عليها اسم "سورايا أو سورث"، وهي لهجة الترجوم السريانية، ونتيجة للمكتشفات الآشورية القديمة التي أظهرتها الحفريات الأثرية التي قام بها الغربيون في بلاد ما بين النهرين وزيارات مبشرين انكليكان لمناطقهم تم ربط الهوية الإثنية للسريان الشرقيين بالآشوريين القدامى، وبعد القرن التاسع عشر صار السريان الشرقيون الباقون في كنيسة المشرق غير المتكثلكين يطلقون على أنفسهم اسم "الآشوريون". (تاريخ السريان في بلاد ما بين النهرين ترجمه أحمد سليمان الإبراهيم والدكتور محمد يوفا ص311).

40: يقول ريموند كوز: أمَّا تسمية الكنيسة الآشورية فقد ظهرت في القرن التاسع عشر، وأطلقها المبشرون البروتستانت على العشائر المستقلة عن روما والمتحصنة في جبال حكاري، وبالإيجاز فإن كنيسة المشرق وكنيسة فارس والكنيسة السريانية الشرقية والكنيسة النسطورية وكنيسة كوخي تعتبر تسميات مترادفة لبعضها، ونستخدمها حسب المراحل التاريخية التي مرت بها. (تاريخ كنيسة المشرق، مسيحيو العراق وإيران وتركيا، ترجمة الأب عمانؤيل الريس ج 1 ص10).
 
41: يقول المطران ميشيل يتيم والارشمندريت أغناطيوس ديك: إن النساطرة كانوا متمركزين في جبال كردستان وشرق تركيا منذ القرن السابع عشر، وتخلصوا من اسمهم القديم فأطلق عليم الآشوريين ليتميزوا عن الكلدان، ومؤخراً اتخذوا اسماً رسمياً لكنيستهم هو كنيسة المشرق الآشورية. (تاريخ الكنيسة الشرقية ص364). (اسم الآشورية اتخذ رسمياً في 17/تشرين الأول 1976م ولفرع واحد منها فقط).

42: يقول المؤرخ د. عزيز سوريال عطية: انشقت الكنيسة النسطورية المعروفة بالكنيسة السريانية الشرقية في التاريخ من نسطور،  وبعد الانقسام صاروا مجتمعاً خاصاً وأقاموا على حدود تركيا وإيران والعراق، وكان نتيجة الانقسام هو العشائر السريانية الغربية والشرقية التي انتشرت في الأناضول وكردستان وأعالي دجلة والفرات وفارس. (تاريخ المسيحية الشرقية ص223–224).

43: يقول الأب جبرائيل اوشان الذي قام بزيارة مناطق الكلدان والنساطرة خصيصاً للكتابة عنهم عن قرب وألَّف كتاب:
The Modern Chaldeans and Nestorians, and the Study of A Syriac among them
(الكلدان والنساطرة الجدد ودراسة السريانية بينهما) الذي نشرته جامعة جونز هوبكينز سنة 1901م، وهي جامعة متخصصة في الأبحاث ومقرها بالتيمور بولاية ماريلاند الأمريكية كانت قد تأسست سنة 1876م:
لقد كتب الكثير عن  الكلدان والنساطرة الحديثين (الجدد) في كردستان وبلاد فارس وبلاد بين النهرين مثل ريج،  بوري، اينسورث، بيركنز ، غرانت، لايارد، بادجر ، مارتن، رسام، ساخو، ومولير سيمونيس، وهيفرانت، ولكن تم نشر القليل أو لا شيء عن دراسة السريانية بينهم، ولذلك قد يكون من المثير للاهتمام لنعرف شيئا حول هذا الموضوع. وتستند معلوماتي على ملاحظات شخصية قمتُ بها قبل عدة سنوات عندما أتيحت لي فرصة لزيارة الكلدان والنساطرة الحديثين في معاقلهم الجبلية، ثم يقول: إن ما يُسمَّى النساطرة في جبال كردستان وسهول أعالي بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس، هم طائفة دينية من أتباع مذهب نسطور بطريرك القسطنطينية (428–431م)، أمَّا كشعب فهم منحدرين من السريان الشرقيين القدماء، وإن نساطرة كردستان وبلاد فارس لم يعتمدوا الاسم الانسطوري، بل يُسمُّون أنفسهم سرياني، وبطريركهم  يحمل لقب الكلدان، ون لغتهم هي السريانية ( ص79–81).
                                                                                                                       
44: يقول أستاذ اللاهوت في جامعة كمبريج J. F. Bethune-Baker (1861–1851م) في كتابه:
Nestorius and His Teaching A Fresh Examination of the Evidence
(نسطور وتعاليمه، فحص جديد للأدلة، 1908م): أنه بحثَ في المصادر والمخطوطات السريانية، ويُسمِّي النساطرة السريان، وكل سكان بين النهرين المسيحيين يسميهم سريان ميسوبوتاميا. (ص220و231).
 
45: يقول الباحث الألماني وأستاذ التاريخ الكنسي في جامعة هالّي Fridrich Loofs (1858–1928م) في كتابه:
Nestorius and his place in the history of Christian doctrine
(نسطور ومكانته في العقيدة المسيحية، 1914م): إنه في محاضراته وكتابته عن نسطور اعتمد على المصادر السريانية ويستعمل كلمة النساطرة أو النساطرة–السريان، كما يُسمِّي الأب بولس بيدجان اللعازري المعاصر له بالباحث السرياني. (ص1 و11 وما بعدها).

46: يقول المتخصص بشؤون المنطقة المستشرق الروسي فلادمير مينورسكي (1877–1966م) في دائرة المعارف الإسلامية، وهي موسوعة مجموعة من الاختصاصيين المستشرقين الغربيين مستندين إلى عشرات المصادر والمخطوطات في كل مادة، وفي مادة أرمية يقول: أرمية التي يُسميها السريان أورميا، ولسنا نعرف متى ظهر الآراميون النصارى (السريان) الذين أطلقوا على أنفسهم اسم (الآشوريين) منذ الحرب الكبرى. (دائرة المعارف الإسلامية، سنة 1933م، مج1 ص 671، 680).

47: يقول العميد الركن جورج فيليب الفغالي ماجستير في التاريخ الذي يُسمي النساطرة بالسريان النساطرة أو السريان الشرقيين دائماً: إن النساطرة تعرضوا لاضطهاد ديني كثير في التاريخ فلجأوا إلى جبال كردستان المنيعة وأصبحوا معزولين، وهذا الانعزال في تلك المنطقة جعل أتباع الكنيسة يُعرفون بالآشوريين نسبة إلى البلاد التي توَّطنوها، ثم أدى إلى انقسام الكنيسة السريانية الشرقية إلى كلدانية كاثوليكية وآشورية أرثوذكسية (موسوعة الحضارة المسيحية 2010م، ج 18 ص 39–46). (ملاحظة الكنيسة السريانية الشرقية (الآشورية)في لبنان من سنة 13/3/ 1936م تُسمى رسمياً الكنيسة الآشورية الكلدانية النسطورية، وفي 2/4/ 1951 بدَّلت اسمها إلى الشرقية النسطورية، ثم بدَّلت اسمها في 30/5/ 1994م إلى الآشورية الأرثوذكسية).

48: يقول المؤرخ كوركيس حنا عوّاد: إن النساطرة كانوا منتشرين في أماكن كثيرة، وأن المؤلفين القدماء لم يكونوا يعرفونهم إلا ياسم النساطرة. (حديث مع رياض الحيدري في 19/2، 1972)، ويقول كوركيس عواد: إن السريان المشارقة هم الكلدان والنساطرة،  والمراد بلفظة السريان المشارقة التي ترد في مقالاتي هم الكلدان عموماً قبل وبعد انتشار النسطرة بينهم. (كوركيس عوّاد، الذخائر الشرقية ج5 ص 168).

49: يقول الدكتور سعدي المالح الذي عمل مديراً لدار الفنون والثقافة السريانية في أربيل: وفي القرن السابع عشر حدث انشقاق في كنيسة المشرق (النسطورية) والسريانية، وبدفع من المبشرين الغربيين، فدخلت أعداد كبيرة منهم الكثلكة، وسُمِّي أتباع كنيسة المشرق المتكثلكين كلداناً، ومن بقي منهم على النسطورية سَمَّوا أنفسهم آشوريين، بينما سُمَّي المتكثلكين من السريان الأرثوذكس بالسريان الكاثوليك. (كُتب ووثائق وتراث، الأقليات العراقية ص22).

50: يقول البطريرك السرياني اغناطيوس افرم الأول برصوم: إن الاسم الآثوري (assyrian) اخترعه الانكليز البروتستانت في القرن العشرين نحو سنة 1900م ، والبسوه للنساطرة في نواحي الموصل سنة 1919–1920م لغاية سياسية خبيثة وسخيفة جندوا من خلالها شبابهم وسموه آثورياً خدمة لمصالحهم التي فشلت. (في اسم الأمة السريانية ص46).

51: يقول الأستاذ محمود الدرة (1910–1995م): الحقيقة إذا استقصينا أصلهم وتحققنا تاريخهم وعلاقتهم بالشعب الآشوري القديم نجد أن للسياسة الغربية دوراً كبيراً في هذه التسمية مستفيدة من غموض تاريخهم واختلاف الرأي فيهم. (القضية الكردية ص 94).

52: يقول عبد الحميد الدبوني رداً على الكولونيل الانكليزي ستافورد الذي ساهم بتسمية السريان النساطرة بالآشوريين:  إن النساطرة لم يُعرفوا بالآثوريين إلاَّ في وقت متأخر. (كراس بخط يده ص8).
 
53: يقول كثير من الكتاب والباحثين (راجع الأجزاء السابقة): إن الانكليز  بعد أن قاموا بتسمية السريان النساطرة آشوريين بدء النساطرة يتخذون الأسماء الآشورية القديمة اسماً لهم، ويقول الأستاذ جون جوزيف وهو نسطوري: إننا نشكر العهد القديم الذي حفظ لنا الأسماء القديمة لقرون عديدة شرقاً وغرباً، ورغم ذلك فإن الأسماء الآشورية لم تكن موجودة بين النساطرة، وقد قام الأب فييه الدومنيكي بتدقيق نحو 50 صفحة من أسماء الأعلام في تاريخ النساطرة، ولم يجد اسماً آشورياً واحداً بينهم إلى بداية العصر الحديث، والمؤرخ البريطاني إدوارد جيبون أيضاً كان على بينة من هذا الأمر فكتب قائلاً: إن النساطرة لم يتخذوا هذه الأسماء القديمة، سواءً الآشورية أو الكلدانية، إلاَّ مع بداية الاكتشافات الأثرية في القرن التاسع عشر، علماً أن المسيحيين واليهود كانوا على معرفة بهذه الأسماء مدة 2000 سنة من خلال الكتاب المقدس. ( the modern Assyrians of the middle east ص22–23).

54: وكدليل واضح على أن الاسم الآشوري حديث نقول: منذ أن اتخذ السريان النساطرة الاسم الآشوري منذ بداية القرن العشرين، بدؤوا يستخدمون الأسماء الآشورية القديمة بكثرة مثل: آشور، سرجون، سنحاريب، شميرام..الخ، بعد أن كانت هذه الأسماء شبه معدومة عندهم، فمن مجموع أسماء بطاركة الكنيسة النسطورية وهم 130 تقريباً، إضافة إلى مئات القديسين وآباء وكتاب الكنيسة، وهم من زعماء ووجهاء القوم، لا توجد بينهم تلك الأسماء، علماً أن النساطرة كانوا أكثر الناس المسيحيين استعمالاً للأسماء اليهودية، وبالصيغة التي وردت في العهد القديم مثل: ياقو (يعقوب)، أبراهوم (إبراهيم)، داويذ (داود)، إيشاي (إشعيا)، إيزريا (لعازر)، شليمون (سليمان)، شمعون، يوناثان، يوناداب، حزقيال، رأوبين، شاول، شمشون، شموئيل، رفقة، ثامار، مرتا، راحيل..إلخ، ولكن مع بداية القرن العشرين نجد مئات الأسماء الآشورية كأشور وسرجون وسنحاريب واسرحدون ونينوس وغيرها منتشرة بينهم، ولا تكاد عائلة واحدة تخلو من هذه الأسماء، ونصف المعلقين على مقالاتي في موقع عينكاوا والرافضين لها طبعاً هي آشور وسنحاريب ونينوس وغيرها، ولأن الدولة الآشورية اشتهرت بالقوة، فبعض الآشوريين يُسمُّون نمرود الذي كان رمزاً للقوة، دون أن يدركوا أن نمرود حامياً وليس سامياً ولا آشورياً لأنه من نسل كوش بن حام وليس من نسل سام، وصادفني أكثر من مرة أن طَلب مني آشوريين وكلدان أن ابحث لهم في كتب التاريخ عن اسم آشوري وكلداني غير تقليدي لكي يُسمِّي به مولوده الجديد. (يتبعه ج 5).
وشكراً
موفق نيسكو

52
                       
كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج 3

يتبع ما ذكرنا في ج 2 بأن كثيراً من الباحثين على اختلاف انتمائهم واختصاصاتهم شجبوا قيام الانكليز بتسمية السريان النساطرة بالآشوريين. (للاختصار انقل ترجمتي للنصوص الانكليزية، بدون النص الانكليزي).

10: يقول AUBREY R. VINE في كتابه الذي صادق عليه البطريرك إيشاي داود سنة 1939م، وسَمَّاه الآشورية الحديثة:
A CONCISE HISTORY OF NESTORIAN,CHRISTIANITY IN ASIA FROM THE PERSIAN SCHISM TO THE MODERN ASSYRIANS
(لمحة تاريخية موجزة عن الكنيسة النسطورية في آسيا من الانشقاق الفارسي إلى الآشورية الحديثة).
حتى عام 1868 أرسل النساطرة طلب رئيس أساقفة كانتربري (الدكتور تيت) للمساعدة،  واستجابة لهذا النداء تشكلت بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين عام 1876م برئاسة القس كوتس والتي بدأت في عام 1881 مع إيفاد القس رودولف فاهل الذي خدم حتى عام 1885، ثم تم إرسال ثلاثة مبشرين سنة 1886م هم ماكلين،  و Athelstan رايلي، والقس جورج H براون. وواصلت البعثة العمل دون انقطاع حتى الحرب العظمى، وكان مقرها في البداية Urmi وفي عام 1903 انتقلت إلى فان على الجانب التركي من الحدود، ومن بين أشهر مبشريها الدكتور وليم ويكرام الذي لاحظ أن اسم الآشورية الذي اختارته الكنيسة الانكليكانية لتسمية بعثتها إلى النساطرة قد أصبح الآن حيز الاستعمال العام عندما يُشار إلى النساطرة المسيحيين، وكان قصد الانكليكان من اختيار الاسم الآشوري هو لتأكيد ربط هذه الكنيسة الشرقية بالنسب الآشوري القديم وذلك بهدف التقليل من استعمال كلمة نسطوري التي ينطوي مفهومها على بدعة. (ص 179–180).

11: يقول كرستوف بومر في كتابه كنيسة المشرق، الموقَّع مع إهداء من البطريرك دنخا.: إن المبشرين الانكلو ساكسون اكتشفوا في القرن التاسع عشر أن السريان الشرقيين كانوا يسمون أنفسهم سرياناً أو كلداناً أو نصارى، ومؤخراً آشورية للإقرار بارتباطها ببلاد آشور، وانه يرى أن الاسم المناسب هو الكنيسة السريانية الشرقية لأنه يُشير إلى لغة الكنيسة السريانية. ( ص10).

12: يقول المطران النسطوري سابقاً والكلداني حالياً باواوي سورو (1954–)، إن كنيستهم وأبنائها عرُفوا في التاريخ  بأسماء عديدة كالنسطورية والمشرق والفارسية والسريانية الشرقية، ومع نهاية القرن التاسع عشر عُرف أولئك العائشون في بلاد ما بين النهريين وجنوب شرق تركيا من قِبل المرسلين الغربيين كمسيحيين آشوريين (كنيسة المشرق رسولية أرثوذكسية ص21)، وأن رعية كنيسته في الهند لا تزال إلى اليوم اسمها الكنيسة السريانية الملبارية، أمَّا بالنسبة للغة كنيسته ، فيُسميها السريانية أو الآرامية، ويُسمِّي مسيحيتهم.بالسريانية، ويُسمِّي آباء الكنيسة بالكتاب السريان كافرام وافرهاط ص128، وان كتابات افراهاط برزت في الكنيسة السريانية الأولى، ويسمي أفرهاط بكاتب سرياني أصلي 158،  وأن مار نرساي هو شاعر ولاهوتي سرياني بارز ص165، وأن اسم مار اداي سرياني ص46 واسمه باليوناني تداوس ص89، وفي مقال آخر يُسمِّي الآشوريين السريان المشرقيون ويقول: إن مسيحيي بين النهرين معروفين تاريخيا بالنساطرة واليوم بالآشوريين أو الكلدان (المسيحية عِبر تاريخها في المشرق ص255–258).

13: يقول الأب يوسف حبي: وعلينا أن ننتظر إلى القرن السادس عشر فالسابع عشر فالتاسع عشر لكي نلقي في كنيسة المشرق تسميات أصبحت لاصقة في أيامنا حيث اتخذ القسم الكاثوليكي اسم الكلدان، بينما بينما فضَّل القسم النسطوري اسم الآثوريين (كنيسة المشرق، التاريخ، العقائد، الجغرافية الدينية ص 53).

14: يقول الكاتب لوقا زودو: إن تسمية النساطرة بالآشوريين أو الآثوريين لم تكن قديمة، بل جاءت بعد أن ركزت بريطانيا أنظارها على الأقليات الموجودة في تركيا وإيران لتقوم باستغلالها في تنفيذ مخططاتها في المنطقة، فوجدت في النساطرة الموجودين هناك خير من يحقق لها ذلك، وباشرت بإرسال البعثات التبشيرية التي كان غرضها في الظاهر دينياً، إلاَّ أنها في الحقيقة كانت تنفذ برامج معينة أعدت لها بعد دراسة دقيقة، وقد توفرت الفرصة للمبشرين الانكليز بعد أن تمكن عالم الآثار الفرنسي Botta بوتا والانكليزي Layard لايارد عام 1842–1845م، من كشف النقاب عن آثار الموصل لعيون العالم، فاستغلوا إعجاب الناس بالآثار الآشورية وراحوا يعلنون بدورهم أنهم اكتشفوا أحفاد الآشوريين القدماء في منطقة نائية من كردستان، وكانت الخطة محكمة حينما عمَّدت إحدى المجلات البريطانية إلى المطالبة بضرورة القيام بعمل ما لإنقاذ هذه الطائفة ذات الماضي المجيد، والتي تمثل البقية الباقية من الآشوريين أصحاب المجد والحضارة،(لوقا زودو، المسألة الكردية والقوميات العنصرية في العراق، بيروت، 1969، ص 162). (وعن المجلة البريطانية راجع  ج1 من مقالنا).

15: يقول كيوركيس بنيامين أشيثا وهو نسطوري مؤلف كتاب الرئاسة طبعة شيكاغو 1987م: إن كل الكُتّاب الأجانب الذين كانوا يأتون لزيارة ديارنا لم يستخدموا أبداً اسم الآثوريين الذي نتداوله نحن اليوم، بل كانوا يدعوننا بالكلدان ولو كُنا نختلف بالمذهب، وأن اسم الآثوريين ابتدأ الانكليز تداوله منذ نهاية القرن التاسع عشر عندما وصل المبشرون الانكليز إلى ديارنا سنة 1884م.

16: يقول الكاتب جورج حبيب بعنوان آشورية=آثورية بعد أن يورد أدلة كثيرة: إن النساطرة الذين سّمَّوا أنفسهم الآثوريين ليسوا أحفاد الآشوريين القدامى وأن ادعائهم بذلك هو من باب الحدس والغيبيات، وما يُسمَّى باللغة الآثورية لا تعدو كونها لهجة سريانية شرقية، وإن البعثة التبشيرية الانكليزية هي من سمَّى النساطرة آثوريين، وأن نظرية كون النساطرة هم أحفاد الآثوريين القدامى أصبحت لها دعاية واسعة بلسان المبشر الانكليزي ويكرام الذي نشر هذا الاسم وعرَّفه للعالم، ولم يكن النساطرة يدعون أنفسهم بهذا الاسم إلاّ منذ القرن التاسع عشر، وسواءً سمّوها آشورية أو آثورية فهو معنى مضلل دائما. (مجلة التراث الشعبي، أيلول 1970م، ص 86).

17: يقول الأب فردينان توتل اليسوعي (1887–1977م): لا أدري هل يقتنع الآثوريون ببراهين الدكتور ويكرام على آشورية النساطرة، فإنهم إن انتسبوا للآشوريين أو سكنوا آشور فغيرهم أيضاً سكن المنطقة وينتسب إلى ذلك الشعب القديم كالأكراد، ثم يضيف بما أن النساطرة يتكلمون الآرامية فهذا يدل على أصلهم الآرامي. (الآشوريون والنساطرة، مجلة المشرق 28، عدد تموز 1930م، ص 509–510).

18: يقول الأب الفرنسي د. جي. سي. ج. ساندرس: قد يكون من الصعب إثبات أن المسيحيين الآشوريين اليوم هم فعلاً أحفاد الآشوريين القدماء المذكورين في الكتاب المقدس، لكنه من الثابت أن الآشوريين تكلموا الآرامية وعاشوا في منطقة كانت اللغة الآرامية قد أخذت موقع لغة الآشوريين والأكديين القدماء فيها، والتي نعلم أنها كانت تُكتب بشكل مسماري، وأنه نتيجة للإضطهادات المتكررة التي تعرض لها النساطرة منذ زمن تيمورلنك 1405م، هرب الكثير منهم إلى جبال كردستان، وهناك نما وترعرع ولا زال قائماً حتى يومنا هذا الرأي القائل: إن أبناء هذه الأمة هم أحفاد الآشوريين القدماء (د. جي. سي. ج. ساندرس المسيحيون الآشوريون– الكلدان في تركيا الشرقية وإيران والعراق (أطلس الخرائط ص 26–27).

19: قام الأب جان فييه الدومنيكي بإعداد دراسة (مقال) حول تسمية النساطرة بالآشوريين، ونشرها بالفرنسية في كتابه الآشوريين والآراميون سنة 1965م ص 141–160، عدَّ فيها أن تسمية النساطرة بالآشوريين هي أسطورة خرافية ابتكرها الانكليز وصدَّقتها الجماهير البسيطة والجاهلة، ولخصها وعقَّب عليها المؤرخ ميشيل شفالييه في كتابه المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية (الكلدان والسريان والآشوريون والأرمن). (سنحاول نشرها مستقبلاً)، ويقول الأب فييه أيضاً أنه ومنذ القرنين السادس والسابع الميلاديين كان النساطرة أنفسهم يُسمّون الجهات الواقعة شمال أربيل "بيث قرطوي" أي بلاد الأكراد. (جان فييه الدومنيكي، البحوث المسيحية الآشورية معهد دراسات الشرق الأوسط، بيروت 1965–1968م، مج3 بحث 22 و23 و42).

20: أثناء زيارة السويدي ي. آف. فيرسين E.af.Versen رئيس لجنة الموصل في عصبة الأمم المتحدة التي تشكَّلت في أيلول سنة 1924م  مدينة الموصل سنة 1925م التقى رجال دين مسيحيين، وعندها سمع لأول مرة بالآشوريين. (جرجيس فتح الله، يقظة الكرد ص340).

21: نشرت ممثلية العراق لدى عصبة الأمم المتحدة بياناً في جريدة الدويتش الجماني تسايتونج الألمانية، أوضحت أن تسمية النساطرة بالآشوريين غير صحيحة، وذكرت أنهم ليسو بسلالة، وإنما يشكلون مجموعة دينية، وأشارت إلى أن عصبة الأمم سمَّتهم بشكل خاطئ آشوريين–كلدان ونفت أن يكون لهم علاقة بذلك (وثائق المركز الوطني ببغداد، ملفات البلاط الملكي، الملف د/5،11، 1933 ص110).

22: يقول جيمس مريس: ليس لهؤلاء النساطرة أية علاقة عرقية بآشوريي نينوى، وإنما هم نساطرة مسيحيون دمَّر  تيمورلنك كنائسهم وبدد شملهم، ولكنهم ظلوا يعيشون في المنطقة الجبلية الواقعة شرق تركيا (جيمس مريس، الملوك الهاشميون ص105).

23: يقول العقيد ر. س. ستافورد الذي عمل في العراق في ثلاثينيات القرن العشرين: إن الآشوريين هم الذين يُعرفون بالنساطرة،  ولغة البطريرك النسطوري هي السريانية المستمدة من الآرامية وهي اللغة التي كان يتكلم بها المسيح، والآشوريين الذين يعتقدون أنهم منحدرون من الآشوريين القدماء هم الذين يعرفون بالنساطرة. (ستافورد، مأساة الآشوريين، طبعة لندن الانكليزية 1935م، ص 8 ،13).

24: يقول المؤرخ الفرنسي ميشيل شفالييه: إن القس بادجر أكِّد سنة 1850م حقيقة مفادها: إن نساطرة حكاري لم يكونوا يُسمَّون أنفسهم آشوريين قبل أن يزورهم لايارد، بل سرياني، سورايي أو نصراني أو نسطوري، وأشار في أكثر من مكان بأن النساطرة والكلدان يتكلمون السريانية. (شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ص167).

25: يقول القس بادجر الذي عاش مع النساطرة سنين عديدة وعاشر البطريرك النسطوري وأصبح صديقه وألَّفّ سنة 1852م كتاب
1842–1844/  with the narrative of a mission to mesopotamia and coordistan/ nestorians and their rituals The
(النساطرة وطقوسهم/مع ملاحظات من جولات (بعثات) في بلاد بين النهرين وكردستان بين سنتي 1842–1844، من جزئين 926):
 إن سألت أحد النساطرة الجبلين ما أنت؟ أجابك 99%100 منهم: أنا سرياني، سورايي (sooraya, syrians)، وإذا طلبتُ منه توضيح أكثر ربما يضيف أنا مسيحي أو نسطوري (ج 1 ص 224 من الكتاب/انكليزي)، علماً بادجر ذكر اسم كردستان في عنوان الكتاب  وليس آشور ، وقد ذكر كل تسميات القوم الذين التقى بهم كشاهد عيان عدا الآشوريين، فذكر السريان والكلدان مئات المرات وحتى اليزيدين والأكراد ولم يذكر وجود الآشوريين إطلاقاً، ولم ترد كلمة آشور إلا أثناء الحديث عن الآشوريين القدماء وعن الآثار في ج1، أمَّا  في ج2 فلم ترد كلمة آشور إلا مرة واحدة في ص 14 بالإشارة إلى الدولة الآشورية القديمة، بينما وردت كلمة السريان عشرات المرات بالإشارة إلى لغة النساطرة والى آبائهم وأطبائهم..الخ.

26: يقول أستاذ الدراسات اللاهوتية الأمريكي وليم شديد 1824–1894م في كتابه The Syrians of Persia and Eastern Turkey السريان في بلاد فارس وشرق تركيا / 1903م (أنكليزي): إن النساطرة هم  المسيحيين السريان الذين يعيشون في الموصل وقرب بحيرة فان في تركيا والمناطق المجاورة لبحيرة أورميا في بلاد فارس، ومن الصعب الحصول على تسمية قومية مناسبة لهم تماما،  فالاسم الأكثر شيوعا لهم هو النساطرة، ولكن هذا هو الاسم الديني، وعلى الأقل في الماضي حيث كان العديد من النساطرة من أجناس أخرى، وأعداد كبيرة اليوم ليسوا كلهم نساطرة، وقد  تم استخدام اسم الآشورية، ولكن ليس من قبل الشعب أنفسهم إطلاقاً، بل بالاعتماد على فرضية تاريخية غير مبنية على دليل قاطع لذلك، فالناس يطلقون على أنفسهم اسم  Surayi أو Suryayi (سرياني) واستخدامهم لاسم السريان هو طبيعي وبما أن هناك ارتباك يصل أحياناً لارتباط الاسم مع دولة سوريا، وتجنباً لذلك يتم استخدام اسم السريان الشرقيين. (ص1).

27: يقول الدكتور طارق مظلوم مدير الأبحاث الآشورية في مديرية الآثار العامة العراقية: إن ادعاء النساطرة بالآشورية هو سياسي ركَّزوا عليه بعد المكتشفات الآشورية التي قام بها لايارد، وسمَّوا أبنائهم كسرجون وسنحاريب، وأكد أن الأدلة التاريخية لم تعطينا ما يؤيد صحة ادعائهم، ويؤيد ذلك الأستاذ طه باقر قائلاً إن تسمية الآشوريين هي مجرد ادعاء سياسي محض جاء بعد اهتمام الانكليز بهم (الأستاذ رياض رشيد الحيدري، كلية القانون والسياسة جامعة بغداد، الاثوريين في العراق، طبعة القاهرة 1977م، ص32،33، في حديث الأستاذين مع المؤلف بتاريخ20/4/1972م)، ويتفق على ذلك أيضاً الأستاذ محمد علي مصطفى والمطران غريغوريوس صليبا شمعون في حديث مع المؤلف بتاريخ10/6/1972م،  و6/7/1972م).
 
28: يقول الآثاري العراقي بهنام أبو الصوف الذي شارك في نقاشات ودراسات في مراكز البحوث والمجامع اللغوية حول جذور الآشوريين وهل هي سليلة الشعب الآشوري القديم في العراق أم لا؟ في مقاله (الآثوريين الحاليون الآراميون–النساطرة وعلاقتهم بالآشوريين سكان العراق القديم) ما مُلخِّصه: في أواخر القرن 19 ومطلع القرن العشرين ابتداء النساطرة تداول مصطلح آثور  ووجدوا ضالتهم بتسمية الآثوريون كنوع من تأسيس هوية تحفظ لهم كينونتهم من الضياع، وقد أجاد المحتل البريطاني بدهائه وخبثه أن يوظف الموروثات والتسميات مُعداً جنود فوج الليفي النساطرة من سكنة الجبال أحفاداً للآشوريين المقاتلين الأشداء، وتمسك النساطرة بهذه التسمية إلى حد الساعة، والمحصلة النهائية أن النساطرة هم آراميون– سريان أتباع كنيسة المشرق النسطورية.(مقال 27/4/2012).

29: يقول ماليبارد: إن النساطرة أطلقوا على نفسهم اسم الآشوريين بعد نزوحهم إلى العراق بعد الحرب العالمية الأولى، ولم يُعرف حتى الآن اسمهم بالآشوريين (ماليبارد، نواعير الفرات بين العرب والأكراد، ترجمة د. حسين كبة، مطبعة الرابطة، بغداد 1957  ص63–65).

30: يقول الأستاذ صالح خضر محمد: إن المراسلات البريطانية المتعلقة بالنساطرة بين سنتي (1840–1876م)، تملأ خمس ملفات ضخمة من وثائق وزارة الخارجية البريطانية. (الدبلوماسيون البريطانيون في العراق ص 138).

31: يقول المؤرخ العراقي صديق الدملوجي (1880–1958م)، أن المسيحية في بهدينان (كردستان) هي النسطورية نسبة إلى نسطور، ولا يصح أن يُعدَّ هؤلاء النصارى آشوريين إذ لا علاقة لهم بالآشوريين (إمارة بهدينان ص13).

32: يقول المؤرخ أحمد سوسة (1900–1982م): في الحقيقة أن النساطرة لم يكونوا يعتقدون أنهم منحدرون من الآشوريين القدماء ولم تخطر ببالهم هذه النظرية أو فكروا بها قبل أن يدخل المبشر الانكليزي ويكرام بلادهم في أواخر القرن 19حيث لقَّنهم هذه الفكرة التي جاءت وفق رغبات البطريرك النسطوري الذي كان يطمع بتشكيل دولة آثورية. (ملامح من التاريخ القديم ليهود العراق ص61).

33: يقول المؤرخ العراقي عبد الرزاق الحسني (1903–1997م): إن النساطرة هم من سكان العراق الآراميين القدماء، وعُرفوا مؤخراً بالآثوريين، وإن الانكليز وغيرهم زعموا أن التياريين النساطرة هم من بقايا الآثوريين القدماء، وعند الحديث عن مذبحة سيميل 1933م يُفرز عنواناً خاصاً بدور الانكليز بتسميتهم آثوريين "أثَّروها وما زالوا بها حتى ثَوَّرها". (العراق قديماً وحديثاً ص45، تاريخ العراق السياسي الحديث ج3 ص 314، 325، تاريخ الوزارات العراقية ج3 ص256، رياض الحيدري، الآثوريين في العراق ص28).
 
34: يقول عبد المجيد القيسي: بصرف النظر عن صحة أو بطلان ادعاء القوم بأصولهم الآشورية فالواقع أنهم سكنوا العراق منذ عشرين قرناً لا بوصفهم آشوريين وإنما بكونهم بقايا النساطرة القدماء، وتبعاً لذلك فقد اتخذوا لأنفسهم هذا الاسم على أنهم أحفاد الآشوريين القدماء، وأطلق عليهم العثمانيون لقب النساطرة، في حين يؤثر العراقيون تسميتهم بالتياريين نسبة إلى قبيلتهم،  واستقر وصفهم أخيراً بالآثوريين وهي تحريف لكلمة آشوريين (القيسي، الآثوريين ص1–2).

35: يقول الدكتور شاكر خصباك (1930م –) أن الآشوريين الحاليين (النساطرة) ليست لهم علاقة بالآشوريين القدماء، وحتى اسم الآشوريين الذي أطلقه الرحالة والكُتّاب الانكليز على النساطرة في أواسط القرن الماضي هو تحريفاً لكلمة سريان باعتبارهم من الأقوام التي تتحدث بالسريانية، ويضيف قائلاً: إن بعض الكُتّاب الغربيين قاموا بربط الاسم سياسياً وتاريخياً مع الاسم الآشوري القديم وعدّوا هؤلاء القوم أحفاداً للآشوريين القدماء (خصباك، العراق الشمالي ص 224–225).

36: تقول عائشة خير الله محمد الزين في الموسوعة العربية التي صدرت سنة 2003م، وهي أضخم عمل عربي في بداية هذا القرن: إن نساطرة كردستان تمسكوا بالنسطورية وأُطلق عليهم فيما بعد اسم الآشوريين. (مج20 ص650). (يتبعه ج4).

وشكراً
موفق نيسكو

53
كيف سَمَّى الانكليز السريان النساطرة بالآشوريين ج 2

ذكرنا في ج1 على الرابط http://www.ankawa.com/forum/index.php?topic=730329.0 أن الاسم الآشوري حديث ولا علاقة له بالآشوريين القدماء، وهذا الاسم أُطلقه الانكليز على السريان الشرقيين النساطرة بعد الاكتشافات الأثرية التي قام بها الانكليزي لايارد من سنة 1845م حيث راج الاسم الآشوري في انكلترا، مما جعل رئيس أساقفة كارنتربري إرسال بعثة إلى النساطرة سنة 1876م باسم بعثة رئيس أساقفة كارنتربري إلى الآشوريين، فتلقَّف السريان النساطرة الاسم الآشوري وأعجبوا به خاصة البطريرك بنيامين ايشاي الذي كانت له آراء وتطلعات قومية، يساعده على نشر الاسم وتعزيزه المبشرون الأنكليكان.

اُغتيل البطريرك بنيامين سنة 1918م على يد إسماعيل سامكو بطريقة غادرة، وخَلَفهُ شقيقه بولس إيشاي الذي كان مريضاً وتوفي سنة 1920م، فخَلَفه ابن أخيه البطريرك إيشاي داؤد، وكان صغيراً جداً لم يتجاوز عمره 12 سنة، (مواليد 1908م)، فأصبحت عمته سورما خانم وصيَّةً عليه، وعلى إثر اغتيال البطريرك بنيامين بطريقة غادرة تنامى الشعور القومي الآشوري لدى رعيته وأخذ الاسم الآشوري الجديد منحىً قومياً عندهم محاولين ربطه بالآشوريين القدماء.

كانت سورما ذكية ومثقفة وأصبحت تُدير شؤون النساطرة واتخاذ القرارات كنسياً وسياسياً، فحضرت مؤتمر باريس سنة 1918م، وجنيف 1925م لعرض قضية شعبها، وذهبت إلى انكلترا (1919–1920م) وحلَّت ضيفة على جمعية أخوات بيث عنيا وحضرت في الكنيسة الأسقفية في لندن، والتقت بعدة مسؤولين وحضرت مناقشات مجلس اللوردات البريطاني، وكان أسلوبها وخطابها بالانكليزية مؤثراً جداً نال إعجاب الحاضرين، بحيث صرح رئيس أساقفة كارنتربري Randall Davidson (1903–1928م) في ك2، 1919م مخاطباً المسؤولين الانكليز بخصوص النساطرة قائلاً: هل تنتظرون أن يُرفع العلم التركي فوق مناطقهم؟، وخلال زيارتها لانكلترا اهتم بها الإعلام وكانت صورها بالزي التقليدي موضوعاً رئيساً لبعض الصحف تحت عنوان كبير هو (آشور)، ووصفت بأنها حفيدة الملكة الآشورية شميرام، وخلال وجودها في لندن ألَّفت في نيسان 1920م كتاب (الكنيسة الآشورية وتقاليدها واغتيال مار شمعون، 114 صفحة) عدَّت فيه أن النساطرة هم آشوريين، وهذا أول كتاب من رمز نسطوري يقول إنهم آشوريين، وكَتبَ تمهيد الكتاب رئيس أساقفة كارنتربري دافيدسن بعد تقديم ابتدائي كتبه ويكرام، وطبعته مطبعة Faith Press واستقبلت الجماهير البريطانية الكتاب باهتمام كبير وخاصة دافيدسين الذي عدَّه وثيقة للتعريف بالكنيسة النسطورية الآشورية للبريطانيين، ووصف سورما بمستشارة الكنيسة الأنكليكانية وصديقتها الوفية (سورما خانم ص172–173)، وأعيد طبعه سنة 1983م في  نيويورك مطبعة Vehicle ف100 صفحة)، ثم أطلق ويكرام على الآنسة سورما لقب "الخانم" (ويكرام، مهد البشرية ص 356)، وهي كلمة تركية معناها السيدة أو ذو السيادة المطلقة أسوة بلقب السيدة lady الذي أطلقه المبشر الانكليزي بروان عليها، وأيَّد هذا اللقب ملك بريطانيا جورج الخامس (1910–1936م) بناءً على طلب زوجته ماري منتيك (1867–1953م).

وعندما عُيَّن الكولونيل الانكليزي جيرارد ليجمان حاكماً للموصل سنة 1919م تحدث إلى سكان الموصل العرب قائلاً: إنكم من أصول الآثوريين وأنا مستغرب من عدم علمكم بتاريخ أجدادكم ومعرفتكم أنكم أحفاداً الآثوريين الذين شيدوا مجد نينوى، فردَّ عليه أهل الموصل: إنه منذ زمن قدومنا في عصر الإسلام لم نجد فيها إلاّ الفرس والمسيحيين الجرامقة (أقوام آرامية)، ثم أوعز ليجمان إلى رئيس تحرير جريدة الموصل التي كانت تهتم بأخبار البلاد أن يطلق على الآنسة سورما لقب صاحبة السمو الأميرة الآثورية سورما، وأن صاحبة السمو موجودة الآن في لندن لزيارة المراجع البريطانية بشأن إنشاء وطن قومي للآثوريين والكلدان في شمال العراق، فاستغرب رئيس التحرير وأخذ يشرح لليجمان أنه لا يوجد قوم باسم الآشوريين، ولا يوجد أميرة لهم، وأن هؤلاء هم نساطرة ليس لهم علاقة بالآشوريين وغالبية أهل الموصل يعدّونهم أكراداً مسيحيين، لذلك فطرح هذا الاسم سيشكل شقاقاً بين أهل الموصل بين المسلمين والمسيحيين وبين المسيحيين أنفسهم، لكن ليجمان أصرَّ على ذلك، وفي 3 ك 2 سنة 1966م وعندما كانت سورما منفيَّة في أمريكا منحها رئيس أساقفة كارنتربري آرثر ميشيل رامسي (1961–1974م) وسام "صليب القديس أوغسطين" تثميناً لمكانتها وصداقتها.

أمَّا البطريرك إيشاي داود فتم إرساله إلى انكلترا للدراسة في مدرسة القديس اغسطينوس تحت إشراف رئيس أساقفة كارنتربري دافيدسن، وعاد سنة 1929م وهو في ريعان شبابه وكله حماس واندفاع لتكوين الأمة الآشورية الجديدة مطالباً الحكومة العراقية بالسلطتين الدينية والدنيوية وتشكيل حبيسة آشورية (ارض محصورة) لتكوين الأمة الآشورية الجديدة تمتد من مدينة كفري جنوب كركوك إلى ديار بكر، وتشمل مناطق دهوك، زاخو، عقرة، العمادية، وغيرها، ودخل في مشاكل مع الحكومة العراقية، وفي رد البطريرك إيشاي على برقية وزير الداخلية العراقي حكمت سليمان المرقمة 1104 في 28 أيار 1933م قال: إن سلطة بطريركيتي تاريخية عظيمة واستعمالها موروث عن تقاليد الشعب والكنيسة الآثورية، وإنني لم ادَّعِِ بالسلطة الزمنية وإنما ورثتها من قرون مضت كتخويل قانوني من الشعب للبطريرك، وكان معترفاً بها من قِبل الملوك الساسانيين القدماء والخلفاء المسلمين ومغولي خان وسلاطين عثمان، (عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية ج3 ص271–272)، علماً أنه لا يوجد أي اعتراف تاريخي باسم الكنيسة الآثورية من قِبل الساسانيين والمسلمين والمغول والعثمانيين إطلاقاً، بل هناك اعتراف بكنيسة المشرق السريانية التي عُرفت بكنيسة فارس من قِبل الساسانيين وباسم النساطرة من قِبل الخلفاء المسلمين، وهو اعتراف كنسي ديني فقط لا دنيوي، والبطريرك إيشاي داود وسورما يعترفان بذلك، ففي الرسالة التي وجهها البطريرك إيشاي في 15نيسان 1952م إلى السفير البريطاني في واشنطن يقول: الآن لا بد أن نقول وكما تعلمون أن كنيستنا عريقة وعُرفت في التواريخ الإسلامية بكنيسة النساطرة، وفي الرسالة التي وجهتها سورما خانم بتاريخ 17 شباط 1920م إلى وزير خارجية بريطانيا اللورد جورج كورزون George Curzon (1919–1924م) تطالب فيها حماية شعبها وتقول: لقد سمحت لنفسي أن أكتب هذه الرسالة وأوجهها لسيادتكم بكوني ممثلة للآشوريين الذين عُرفوا رسمياً في السابق "بملّة النساطرة". (سورما خانم ص117).

وفضلاً عن المشاكل مع الحكومة العراقية حدثت للبطريرك مشاكل سياسية واجتماعية مع رعيته مثل أغا بطرس البازي (1880–1932م) وملك خوشابا (1877–1954م) وغيرهم من رؤساء العشائر، وأخيراً فإن خروج العراق من الانتداب البريطاني سنة 1932م، أعطى مبرراً وفرصة ذهبية لقيام بعض المتعصبين في الحكومة العراقية ممثلاً بالأمير غازي ووزير الداخلية حكمت سليمان والقائد العسكري بكر صدقي بالهجوم على الآشوريين رغم عدم موافقة الملك فيصل الاول، فنفَّذت في 7 آب 1933م مذبحة مروعة في مدينة سيميل راح ضحيتها آلاف الآشوريون، فضلاً عن تشريد آلاف آخرين وتدمير قراهم.

ويقول الكاتب اللبناني يوسف إبراهيم يزبك (1901–1982م) الذي كان معاصراً للأحداث  والذي عَدَّ أن الآشوريين هم أكراد لأنهم يسكنون كردستان: إن الانكليز قاموا بعد احتلالهم العراق بإهداء هؤلاء الأكراد اسم آشور مستغلين سذاجتهم وانحطاط مستواهم الثقافي تمهيداً للاستفادة منهم في تنفيذ مخططاهم الاستعمارية في العراق، فتقبلوا هذا الاسم، وفاخروا بأنهم من سلالة الآشوريين الذين انقرضوا، وعمدوا بعد ذلك إلى تسمية ابناهم أسماء آشورية كسنحاريب وسرجون وآشور، كما أخذت الصحافة الانكليزية تروج ذلك، فأطلقت لقب صاحبة السمو على سورما خانم عمة مار شمعون الحالي (ايشاي)، وعمد بعض الانكليز إلى ترديد نغمة ما يُسمَّى بالوطن القومي للاثوريين في شمال العراق، ويُعلّق كاهن كاثوليكي التقى مع يوسف يزبك على موضوع الآشوريين قائلاً: إن الانكليز جعلوا من هؤلاء المسيحيين البسطاء حطباً لموقد مطامعهم، وصوروا للعالم تلك القبائل التيارية النسطورية بأنها أُمة ذات تاريخ،في حين لم تكن تلك القبائل يوماً من الأيام بوارثة الأمة الآشورية، وفي إشارة إلى المذابح التي ارتكبت بحق النساطرة جراء قيام الانكليز بتسميتهم آثوريين يضيف الكاهن قائلاً ليزبك: إن الانكليز "أثَّروها حتى ثوَّروها"، أي أن الانكليز جعلوا من النساطرة آثوريين إلى أن ثاروا. (يوسف يزبك، النفط مستعبد الشعوب، بيروت 1934م، ص 232–240).
 
وبعد أن أصبحت مسألة الآشوريين في العراق مشكلة سياسية على إثر مذابح الآشوريين في سيميل سنة 1933م، وإراقة تلك الدماء، تنكَّر الانكليز للآشوريين فذكرت جريدة التايمس اللندنية في عددها الصادر في  10 آب 1933م أن قصة شقاء الآشوريين بدأت في اليوم الذي ثاروا فيها على أسيادهم الأتراك، ثم قام كثير من الباحثين والسياسيين والمثقفين على اختلاف انتماءاتهم بشجب تسمية رئيس أساقفة كارنتربري النساطرة بالآشوريين وإحداث هذه المشاكل، إذ لا علاقة لهم بالآشوريين القدماء، وقد تنكَّر الانكليز أنفسهم وندموا بإطلاق اسم الآشوريين عليهم وتراجعوا عن وصفهم بأحفاد الآشوريين.

1: يقول كتاب سري من سفير بريطانيا في العراق فرنسيس همفريز إلى سايمون في الخارجية البريطانية في 18 ت1، 1933م:
The name Assyrian witch came to applied to them later, is misnomer, it is a church and a nation, that should be described.
(إن تسمية آشوريين التي أُطلقت مؤخراً على النساطرة هي تسمية مظللة، لذا يجب وصفهم كطائفة دينية كنسية وليس كأمة). سجلات وزارة الخارجية البريطانية (Oct.18,1933 6229 (Fo371–1684/E.

2: تقول مذكرة سرية في وزارة الخارجية البريطانية في 12 شباط 1934م بعنوان ملخص تاريخي للقضية الآشورية:
The Assyrian of Iraq are a religion rather than a racial a minority, it would be more correct to refer to them as Nestorian.   
إن آشوريي العراق هم أقلية دينية وليست عرقية، لذلك فمن الأصح تسميتهم بالنساطرة. (سجلات وزارة الخارجية البريطانية ((Fo371–17834/E1035Feb12,1934.

3: إلى نهاية الدولة العثمانية لم يرد اسم الآشوريين كملَّة فكان عدد الملل سنة 1918م (12ملَّة) هي: الرومية، الرومية الكاثوليكية، الأرمنية، الأرمنية الكاثوليكية، السريانية القديمة (الأرثوذكس)، السريانية الكاثوليكية، الكلدانية، البروتستانية البلغارية، الموسوية، قارائي الموسوية، واللاتينية.(صبحي اكسوي، توما جليك، ترجمة د. محمد يوفا، تاريخ السريان في بلاد ما بين النهرين ص 297).

4: تقول المس غيرترود بيل: كان الفرنسيون يساعدون الكاثوليك، وكانت سياستنا تُبدي ميلاً لحماية الكنيسة النسطورية ضد المتفرعين عنها وهم الكاثوليك الكلدان، ومن أسباب ذلك وجود هيئة تبشيرية صغيرة بين النسطوريين تُدعى "بعثة رئيس أساقفة كارنتربري للنسطوريين" (فصول من تاريخ العراق القريب ص161–162)، وعندما زارت بيل النساطرة في مخيم بعقوبة سنة 1918م كتبت لأبيها "هوكي بيل" تقول: لقد قمتُ برفقة الجنرال "لوببسك" بزيارة مخيم اللاجئين النساطرة في بعقوبة، ثم تقول بوضوح: إن النساطرة أصبحوا يفضلون إطلاق اسم الآثوريين عليهم. (كليرويبل يعقوب، سورما خانم، تحقيق الأب يوسف توما ص 189).

5: يقول مارك سايكس (1879–1919م): إن النساطرة في أيامنا هذه أخذوا يطرحون وبكل تأكيد الرأي القائل أن أصلهم آشوريون، ويفترضون أنفسهم أحفاداً حقيقيين لأولئك الساميين الذين دوخوا العالم بانتصاراتهم قبل الميلاد، لكن هذا الطرح لا يشكل من الحقيقة شيئاً، وكل ما هنالك أنه تقليد متوارث وأسطورة متباطئة ذات أصول ذكية دعمها وساندها الأنكلو– سكسون (الانكليز). (ميشيل شفالييه، المسيحيون في حكاري وكردستان الشمالية ص167).

6: يقول المستر جون أدمونز (1889–1979م) مستشار وزارة الداخلية في العراق (1932–1945م) بأن النساطرة المسيحيين سَمَّتهم انكلترا حديثاً باسم الآشوريين قائلاً: إن المسيحيين النساطرة في إقليم هكاري يُعرفون في انكلترا باسم (الآثوريين). سي. جي. ادمونز، كرد وترك وعرب، ترجمة جرجيس فتح الله، بغداد1971م، ص7.

7: يقول كل من المؤرخ والسياسي البريطاني في بداية العهد الملكي ستيفن همسلي لونكريك الذي أصبح مفتشاً إدارياً في الحكومة العراقية وعمل في مجال النفط وكذلك فرانك ستوكس مدير مركز الدراسات الشرق أوسطية في لندن: أمَّا الآشوريون، فهم طائفة نسطورية مسيحية سريانية في لغتها، واسم الآشوريين الذي أُطلق على هذه الطائفة لا يثبت انحدارهم الفعلي أو تواصل نسبهم من ومع الملك سرجون أو آشور بانيبال. (همسلي لونكريك وستوكس، العراق منذ فجر التاريخ إلى سنة 1958م، ص25).

8: بعد أن أُعجب السريان النساطرة اكليريوساً وعلمانيين بالاسم الآشوري الذي أطلقهُ الانكليز عليهم معتقدين أنهم ينحدرون فعلاً من الآشوريين القدماء، شكَّلوا مراكز سياسية وثقافية آشورية قوية وكثيرة، بل تركوا كل شي من كتابات دينية وتاريخ كنسي ولاهوتي وطقسي ولغوي وركزوا على الآشورية فقط، وهنا برزت مشكلة الاسم، إذ بما أن الآشوريين هم بالحقيقة سريان،  فهذه مشكلة، وللخروج من هذه المعضلة ولتبرير التسمية الآشورية، بدء بعض المثقفين ورجال الدين الآشوريون بالبحث والاستناد إلى اشتقاقات لغوية لربط كلمة سوريا التي تدل على السريان بكلمة آشور، واخترع لأول مرة ميرزا مصروف في أروميا سنة 1897م كلمة أخرى بالسرياني هي آسور (ܐܣܘܪ)، وعنه أخذ الباقين استعمال هذه الكلمة التي لا توجد في التراث السرياني إطلاقاً. (سنتناول موضوع الاشتقاقات وكلمة آسور، ولأول مرة، وبالتفصيل الموثَّق لاحقاً).
 
9: يلخِّص الأستاذ جون جوزيف وهو نسطوري في كتابه بالانكليزية the modern Assyrians of the middle east (الآشوريين الجدد في الشرق الأوسط ص 17–20) قائلاً (للاختصار لم أدرج النص الذي قمتُ بترجمته من الانكليزي): عندما كُشفت الحفريات الآشورية بقايا العاصمة الآشورية القديمة في نينوى وضواحيها جذبت اهتمام العالم على النساطرة وأخوتهم الكلدان، وبطل هذه الحفريات هو أوستن لايارد الذي سارع إلى الإعلان عن هذه الأقليات التاريخية واللغوية والدينية بالاعتماد على ما تبقى من أكوام وقصور مدمرة من نينوى وآشور، وفي خضم ذلك كتب JP فليتشر أن الكلدان النساطرة هم صفوة الناس الباقية على قيد الحياة من أشور وبابل، وبينما كان اسم الكلدان بالفعل موجوداً ومخصص لأولئك النساطرة الذين اعتنقوا الكاثوليكية الرومانية، اعتُمد الاسم اللامع التوأم للكلدان وهو الآشوريين في نهاية المطاف للدلالة على النساطرة واتخذوه اسماً لهم، ومنذ عام 1870م تم استبدال النسطورية بالآشورية في المفردات الانكليكانية الرسمية، ومن المثير للاهتمام أن لايارد وهرمز رسام استمرا باستخدام اسم الكلدان الأقدم والأكثر دراية وتطبيقه على كل من الكاثوليك الكلدان والنساطرة، وقد لاحظ كوكلي أن الخلاف كان قائماً بين هرمز رسام وجون ماكلين من البعثة الانكليكانية في قوجانس سنة 1889حول اسم السريان والآشوريين عندما أعلن ماكلين أنه ضد مصطلح الآشوريين قائلاً:"لماذا ينبغي لنا أن نخترع لهم اسماً عندما يكون لدينا اسم مريح جداً ومفهوماً ومستخدم لعدة قرون في يدنا،  وكان مفهوماً أن الذي يعيش على مقربة من أنقاض نينوى سوف يتحمَّس لاسم آشور القديم، ولكن هذا الحماس سيُلقي جانباً الاسم الذي كان يُستخدم من قِبل الناس أنفسهم وهو(suraye) سورايي، سورايا (السريان) نتيجةً لابتكار اسماً آخر لهم مشكوك فيه جداً، وكان موقف رسام أن تسمية سريان خاطئة والشكل الصحيح هو الآشورية، لكنه فضَّل استعمال الكلدان، وحتى لايارد والى ما قبل سنوات قليلة فقط من الحفريات الآشورية كان دائماً يشير إلى النسطورية باسم الكلدان أو الكلدان النساطرة من أجل تمييزهم عن تلك الفئة المتحدة مع روما، وقبل الحرب العالمية الأولى أعطت البعثة الأنكليكانية المعروفة رسميا باسم "بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين" إلى تسمية النساطرة بالآشوريين زخماً جديدا وربطت بين النساطرة والآشوريين القدماء، والمسيحيين الآشوريين التي بالأصل تعني "المسيحيون من جغرافية آشور فقط" سرعان ما أصبحت تعني "الآشوريين المسيحيين"، وبحلول أواخر القرن التاسع عشر بدء عدد قليل من المتعلمين والواعين سياسيا من النساطرة وخاصة أولئك الذين هاجروا إلى أمريكا، باستخدام كلمة Aturaye ( الآشوريين، الاثوريين) في كتاباتهم. (يتبع، ج3)
وشكراً
موفق نيسكو

54
سنة 600م الراهب السرياني المشرقي بركوني يقول: إن لغة الله السريانية وأهل الجنة وآدم وإبراهيم سريان
[/size]
تيودوروس بركوني هو راهب ينتمي للكنيسة السريانية الشرقية (كنيسة المشرق بفروعها الكلدان والآشوريين والشرقية القديمة)، وعاش هذا الراهب سنة 600م تقريباً، وذهب البعض إلى أنه كان مطران كشكر ولُقب بمعلم أو مفسر كشكر، وانشأ اسكولين أي مدرسة وتوفي ودُفن فيها، وله مؤلفات ومقالات في تفسير الكتاب المقدس والتاريخ، ومقالات ضد الآريوسيين والمسلمين، والأرثوذكس الكاثوليك معاً، وقد وصل من مؤلفات بركوني كتاب الاسكولين بالسرياني وهو كتاب مهم ومشهور، وقام بطبعه المطران أدي شير بجزئيين الأول سنة 1910، والثاني سنة 1912م. 
وكنت قد قرأت في كتاب آباؤنا السريان لغبطة البطريرك لويس ساكو ص9 ما يلي: وقد ذكر بروكوني: (إن الله كلم آدم في الجنة بالسريانية، لذلك عدَّها أقدم لغات العالم)، ولكن غبطته لم يذكر المصدر ورقم الصفحة.


 إني شخصيا قد قرأتُ مصنفات لآباء سريان غربين ومنهم مار افرام السرياني أن لغة آدم هي السريانية، ولكن أن تكون لغة الله هي السريانية وأن الله كلم ادم بالسريانية، فهذا القول لم اقرأه إلاَ من قبل المسلمين الأوائل، وهناك أحاديث بهذا الخصوص، وقد قرأتُ الرأي مختصراً فيما بعد لابن الصليبي ق12، ولكن لم أكن اعرف أن هذه هي مقولة أقدم لراهب سرياني من كنيسة المشرق السريانية وبشكل أقوى ومركز ومفصَّل وواضح، وبرغم أن مار أفرام السرياني وابن العبري وابن الصليبي وميخائيل السرياني وغيرهم، يعدُّون مرجعاً أساسياً بل من أهم المراجع العالمية في التاريخ، بمن فيهم كتاب كنيسة المشرق السريانية، وكنت استطيع سابقاً أن اكتب مقال حول الموضوع استناداً على ما قاله مار افرام السرياني في مغارة الكنوز أو ابن الصليبي في تفسيره..الخ، لكني آثرت أن اكتب المقال مستشهداً بأحد آباء كنيسة المشرق السريانية.
ويجب أن أقول إني كباحث تاريخي لا يمكنني أن أؤكد ماذا كانت لغة الله وكيف كلم آدم استناداً إلى مقولات إيمانية، بالرغم من إني استطيع أن احلل كيف استنتج هذا الراهب ذلك، ولكني هنا فقط انقل مدى اعتزاز آباء كنيسة المشرق السريانية بالسريانية أكثر حتى من السريان المغاربة، لأبيَّن أن أبناء كنيسة المشرق هم سريان بامتياز، بحيث قالوا أن لغة الله والروحانيون قبل أن يخلق آدم كانت السريانية وأنه كلم آدم بالسريانية، لذلك إني (أنقل ما قاله بركوني فقط)، ولأن الله يتكلم جميع اللغات فأني لا استطيع أقول إن بركوني يقصد أن الله سرياني (ولو أن هذا هو المعنى)، ولكني استطيع القول إن الراهب بركوني يقول إن لغة الله هي السريانية، وإن الروحانيون أهل الجنة وآدم كانوا سريان، علماً أن غبطة البطريرك لويس ساكو ذكر في نفس الصفحة اعتزاز آباء المشرق السريانية بالسريانية قائلاً: إن الآباء السريان ومنهم ابن بهلول وعبد يشسوع الصوباوي قالوا إن الخط السرياني الاسطرنجيلي كشفته السماء لُيكتب به الإنجيل.
وبرغم أن غبطة البطريرك ساكو لم يذكر المصدر والكتاب الذي ذكر فيه بركوني أن الله كلم ادم بالسريانية، لكني كنت متأكداً أن غبطته قد استشهد بكتاب الاسكولين لأن معرفتي أن هذا الكتاب المشهور هو لبركوني، لذلك كنت استطيع كتابة هذا المقال استناداً إلى ما قاله غبطة البطريك ساكو فقط وبدون الحاجة لتدقيق المصدر، ولكن:
 أولاً لدواعي البحث العلمي الدقيق وتتبع المصدر الأصلي للرواية وهذا ما يُسمى بمصطلح تتبع الأصول التاريخية.
 وثانياً للوقوف على الرواية الأصلية ومطالعة بقية المعلومات التي قد تُغني الموضوع وتعطيه مصداقية أكثر، لهذا فقد آثرت عدم نشر المقال قبل أن أقف على المصدر الأصلي وتحليل بقية المعلومات، وفعلاً أني وجدت أن بركوني ذكر معلومات تاريخية حقيقة في زمانه، وليس إيمانية أو استنتاجيه فقط.


يقول الراهب بركوني في ج1 ص 66 من كتاب الاسكولين وبعنوان
أية لغة تحدث الله عندما خلق الخلائق أو الكون
حتى خلق الإنسان بتلك اللغة التي تعود الروحانيون سماعها، وبعد تبدل الألسنة فواضح عند البعض إن كانوا يونان أو عبرانيين أو رومان إن الله تكلم مع ادم باللغة السريانية، وهي أقدم اللغات
[/size]

 علماً أن بركوني كان نسطورياً وله مقالات ضد السريان الأرثوذكس وكذلك الكاثوليك في ذلك الزمان، ومع هذا فهو سرياني إلى النخاع.
 ويجب ملاحظة أن هناك حقيقة تاريخية في ما قاله بركوني حيث أنه ذكر العبرانيين واليونان والرومان فقط الذين كانوا في زمانه ولم يذكر أسماء أخرى، وهذا دليل واضح وجلي على عدم وجود اسم آخر غير السرياني في التاريخ لكل أبناء الكنيسة السريانية شرقيين وغربيين، علماً أن هذا الأمر موجود في مصنفات أخرى كثيرة لآباء كنيسة المشرق السريانية.
 
 إن بركوني كان عالماً متضلعاً بالتاريخ واللغة واللاهوت ويعرف الفروق بين اللغات واللهجات فبعد أن يقول في ص113 من نفس الكتاب وفي عنوان تبلل الألسنة: ومن المعروف أن إبراهيم كان سريانياً، ويضيف قائلاً: إنك لو قابلت اللغة السريانية بالبابلية القديمة فانك لن تجد واحد بالمئة من الكلمات المتشابهة
.[/size]

وشكراً
موفق نيسكو

55
 بارخمور أبونا
اقتباس 4- ب- أين كان الانجليز عندما وصل الآشوريون إلى الصين واليابان مبشرين بالإنجيل؟
الجواب: إن الآشوريين لم يصلوا إلى الصين ولم يبشروا أحد، بل أن السريان أو السريان الشرقيين النساطرة هم من قام بذلك، وجميع كتب التاريخ تقول إن الكتابات في الصين هي سريانية ومنها الكتابان اللذان ذكرتهما في الجزء2، واليك الدليل من شخص زار النصب وكتب عنه وأسم المصدر والمؤلف موجود في الصورة للاختصار في طول المقال.
وترجمتها : لقرون كان العالم الغربي أكثر أو أقل وعياً وغموضاً عن النصب الحجري الموجود شمال الصين والذي أقامهُ السريان المسيحيين من المبشرين النساطرة الذين نشروا المسيحية هناك منذ أكثر من ألف سنة..الخ، كما ذكر أن اللغة هي السريانية.
ولكن أهم ما في الأمر أنه يُسمِّي الصينين المنتمين للكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية) بالسريان الصينيين المسيحيين قائلاً: وسيذكر ماركو بول ذلك في زيارته للصين في وقت لاحق أنه وجد كنائس مسيحية سريانية، وعندما دخل الكاثوليك إلى الصين سنة 1292م واجهوا النساطرة، ولكن في أوقات لاحقة ومع تقلبات الزمن يبدو أن السريان-الصينيون المسيحيون فقدوا خصوصيتهم واندمجوا في المجتمعات الدينية المحيطة بهم.

اقتباس 4 -ج: وماذا تقول عن قصص الشهداء الآشوريين مثل مار قرداخ الأربيلي ومار بهنام الآشوري وأخته سارة ووالدهم الملك الآشوري سنحاريب.
الجواب: لا يوجد في التاريخ كتاب باسم الشهداء الآشوريين، والكتاب المتداول شهداء المشرق بالحقيقة هو من تأليف ماروثا الميافرقيني الذي حضر مجمع اسحق سنة م410، واسمه الصحيح أخبار أو أعمال الشهداء فقط، ولأنه يتحدث عن الاضطهاد الفارسي فيرد اسمه أحياناً شهداء الاضطهاد الفارسي، وقصص الشهداء على مر العصور أضيفت إليها روايات وأساطير كثيرة لأهداف إيمانية، وهذا ما يذكره أغلب كُتاب قصص الشهداء دائماً، وهي عموماً ليست مصدراً للتاريخ إلا إذا أُشير فيها إلى حوادث واضحة وثابتة ومنطقية تتفق مع التاريخ، ومع أن جنابك قلت قُلتَ قرداغ الحديابي ولكن أعلم انك تقصد آشوري، ومع ذلك فإن قصة قرداغ في التاريخ السعردي ص113 لا يوجد فيها لا آشوري ولا آشور، وليس فيها تواريخ أو أسماء معينة، ويقول أنه من عظماء الفرس، كما وردت القصة واضحة ومنطقية مع التاريخ لمؤلف نسطوري عاش زمن الجاثليق عبديشوع+986م فهو يقول لئلا أكون مخالفاً للنسطورية، وكان شاهد عيان لأنه يقول أنا شاهدتُ في بغداد كذا وكذا، وفي هذه القصة أيضاً لا يوجد كلمة آشوري بل أنه يركز على فأرسيتهُ، فبالإضافة إلى قوله أنه كان من عظماء الفرس أيام بربعشمين وشابور، يضيف وعندما اعتنق قرداغ المسيحية تُرجم له الإنجيل بالفارسية (بطرس حداد، مختصر الأخبار البيعية ص199).
وتتفق القصة مع تاريخ وجود شابور الفارسي379م والجاثليق السرياني بربعشمين346م، ومنذ سنة 1915م انتشرت قصة قرداغ بإشكال كثيرة وصل بعضها إلى30 صفحة، أي ربما بعدد كل صفحات كتاب ماروثا الأصلي، ومعظم القصة أسطوري، فجعلوا قرداغ من سلالة نمرود، ولا علاقة لنمرود الحامي بآشور السامي في الكتاب المقدس، كما جعلوه وزيراً ولاعب كرة، وادخلوا أسماء مثل كوشنزدلد ودينكوشنسف وسيبرزاد ونكوركان وبورزمير اقتبسوها من هنا وهناك، وأن له ديراً في ألقوش، وغيرها، ويقول الأب جان فييه الدومنيكي في كتابه القديسون السريان ص218: إن سيرة قرداغ في قالبها الحالي تُعطي انطباعاً سيئاً جداً لدرجة أن اسم القديس مشكوك فيه، وإنَّ جعل نسبه إلى نمرود وسنحاريب قد ضاعف الريبة بشأنه، ويختتم قوله إن قرداغ ينطبق عليه ما قاله يوحنا المارديني بشأن مار بهنام (الذين يجل الناس اسمهم بحق، ولكن لا أحد يعرف سيرهم إلا الله وحدهً)، علماً إني أرى أن اسمه فارسي وقريب إلى الكردي وكان هناك قرية قرب عقرة اسمها بيت قرداغ أو قردغيا.
ومن جهة أخرى حتى لو كان اسمه أو اسم غيره الآشوري، فهذا يعني أحد الأسماء الجغرافية لمدينة الموصل وما جاورها، مثل نينوى/سومري (طه باقر، معجم الألفاظ الدخيلة172)، آشور/آشوري، نواردشير/فارسي، حصنا عبريا/سرياني، الموصل/عربي (وقيل يوناني)، أقُور، وخولان (المقدسي، أحسن التقاسيم 126)، ناهيك عن الحدباء والفيحاء وأم الربيعين..الخ، وأن استعمالها يعتمد على ما يفضله أو تعوَّد عليه الكاتب أسوةً ببخديدا/فارسي، قرقوش/تركي، الحمدانية/عربي، أو الكوفة، الحيرة، وعاقولا، أو اربيل، حدياب، أديابين، وحزة، علماً أن استعمال المؤرخين السريان الشرقيين لاسم آشور للدلالة على مدينة الموصل أقل من السريان الغربيين (ومستعد اثبتلك ذلك فرداً فرداً).
 
أمَّا بشأن مار بهنام فقبل أن أوضح الأمر ونقفل هذا الملف نهائياً أقول: إن هدف الكُتاب عن تاريخ قديس معين ليس التركيز على كلمة يفسرها البعض لغرض معين، وأن على الكاتب شرح الكلمة بالتفصيل، بل أنهم يركزون على مكانته التاريخية والإيمانية عموماً.
 إن مار بهنام هو أحد شهداء الاضطهاد الأربعيني الذي قام به شابور الثاني الفارسي (339-379م)، واسم بهنام (به نام) هو فارسي معناه الاسم الحسن (جان فييه، القديسون السريان95، الخوري عبدال، اللؤلؤ النضيد13، وغيرهم)، وأحد أشهر السنة بالفارسية بهنام، وأحد مؤسسي الديانة الفارسية الستة اسمه بهنام، واسم آخته سارة هو شيرين وهو فارسي معناه الجميلة، وأن سنحاريب هو أمير فارسي لا آشوري، وهو أمير في الموصل وليس مدينة النمرود، وأن الذي تبرع بإنشاء دير مار بهنام هو ثري فارسي، أذن فما الذي حصل؟
إن جميع المؤرخين والكُتَّاب على الإطلاق استندوا في رواياتهم عن سنحاريب على تاريخ الرهاوي المجهول الذي يقول: في سنة359م استشهد بهنام وأخته سارة على يد أبيهم سنحاريب ملك اثور، ويضيف عن سنحاريب مستنداً على رواية الإمبراطور الروماني يوليانوس الجاحد (+363) في رسالته إلى القديس باسليوس: سوف اذهب وأدمّر سنحاريب ملك اثور، ثم يُعقِّب الرهاوي على أن سنحاريب يتصل بنسب داريوس الفارسي الذي عاش أيام الاسكندر الكبير، وأن شابور الملك كان مركزه بلاد الفرس السفلى. (ج1ص89-90)، وقد ذكرتُ أنا في إحدى ندواتي قبل سنين أني اعتقد أن المقصود بسنحاريب هو شابور مستنداً على أن يوليانوس الجاحد توجَّه وحارب شابور وقُتل قرب الموصل، وأن يوليانوس كان يعتقد أنه الاسكندر (ول ديوارنيت، قصة الحضارة ج12ص42)، ومعلوم أن الاسكندر هو من قتل داريوس في معركة كوكميلا سنة 331 ق. م، قرب اربيل وأنهى الدولة الأخمينية، ولكني لم أكن املك دليل قطعي، أمَّا اليوم وبجهود الأب المرحوم جان موريس فييه الدومنيكي الذي أعطانا دليلاً قاطعاً حيث اتضح جلياً أنه بعدما ترجم النص اليوناني المرقم letter xl..p.g. xxxxiii,col.343-344 لرواية يوليانوس ووجدها كالتالي: (يجب علي الذهاب إلى بلاد فارس في اقرب فرصة لأسحق شابور الذي هو من سلالة داريوس حتى يصبح تابعاً لي ويودي الجزية)، والرواية لا فيها سنحاريب ولا أثور، والرهاوي نقل اسم سنحاريب بدل شابور، ومنشئ الدير رجل فارسي مسيحي ماراً إلى القدس اسمه اسحق، (آشور المسيحية ج2 ص600-611) ويؤكد الأب جحولا أن اسحق الفارسي باني الدير، ويضيف أن المستشرق الفرنسي لابلاس الذي زار الدير سنة 1852م أكدّ على أنه مبني على أنقاض أثر ساساني، جحولا ص37)، وانتهى الموضوع.
وكمعلومات إضافية: حتى الخور فسقوفس فرنسيس جحولا رئيس دير مار بهنام وغيره يؤكد بعد أن يستعرض التاريخ ويقول إن مملكة آشور سقطت وانتهت، وأن سنحاريب (قبل الدليل الحالي) كان أميراً فارسياً، ويصل إلى الخلاصة ص15 (إن المملكة الفارسية ظلت مقسمة لقرون طويلة إلى إمارات أو ممالك صغيرة مستقلة، ولكل منها عامل أو ملك يعينه ملك الملوك الفارسي الأعظم، ويخضع له)، لذلك فإن بهنام هو ابن أحد أمراء الفرس في الموصل وخاضع لشابور الفارسي، وأن مار بهنام استشهد فعلاً في منطقة النمرود مكان الدير، ولكن لم يكن أبوه أميراً لمدينة نمرود لأن نمرود لم تكن قائمة آنذاك، ويقول الأب فييه مستنداً على كتب خاص بآثار نمرود: وبكل تأكيد إن نمرود ومنذ القرن الثاني قبل الميلاد لم يكن فيها أثر للحياة ولم يعثر العلماء على أي أثر للحياة أو ساساني فيها، وأن الآثاريين نزلوا إلى طبقات دنيا بآلات ومعاول كبيرة لاكتشاف الآثار الآشورية القديمة، ويؤكد أدي شير أن نمرود خرُبت قبل هذا التاريخ ب600سنة، وأن قصصاً كثيرة مشابهة لمار بهنام نسبوهم الكُتاب لملوك، ويستشهد بأمثلة (كلدو وآشورج2ص93)، ولدى تدقيقي شخصياً في دليل الآثار العراقية لم أجد إلاَّ مرة واحدة فقط ذكر لتل نمرود يعود للحقبة الآشورية القديمة، وحتى التل كان يسميه أهل المنطقة تل الراسم، بينما هناك عدة مرات ذكر لآثار في قرقوش وبرطلة وغيرها، كما إني دققتُ كتاب الآثار الآشورية لرويستين باريك (ف4 نمرود) ولم أجد إطلاقاً ذكر لأثر ساساني، كما أُضيف أن قصة مار بهنام لم ترد في كتاب ماروثا، وقصته الأصلية وردت مع قصة مار متى وكُتبتْ زمن مار متى أو خليفته زاكاي، وقد احرقها سنة 480م برصوم النصيبيني عندما هجم على الدير، والخلاف الوحيد بيني وبين الأب جان فييه هو أنه افترض أن اسم والدة بهنام هي شيرين، لكن رائي لا يحتاج إلى افتراض، لأن سارة هي شيرين واسمها واضح تماماً، واعتقدْ أن الأب فييه ربما قارن اسم سارة في الكتاب المقدس بالفارسية فوجده نفسه، لكنه لم يركز على أن معنى الاسم شيرين هو فارسي ويعني الجميلة، وهو مطابق لمعنى اسم أخيها، وورد هذا الاسم عند الفرس حيث كانت زوجة كسرى الثاني+590م التي سباها من سوريا اسمها شيرين، وأكيد أن اسمها الحقيقي هو سارة.
اقتباس 4-د: ألم تزر يوماً دير الشيخ متي في جبل مقلوب لترى بأم عينك سور الملك الآشوري سنحاريب والذي يحيط بالدير وهو شاخص لحد اليوم، أرجوك أن تزور الدير وتشاهد سور سنحاريب قبل أن تفجره داعش. أين كان الانجليز في ذلك الزمان؟
الجواب: (أولاً) الحمد لله لم تصل داعش إلى الدير ولا إلى القرى الأربعة ولم تفجر السور، وأن المطران فقط وتحت إلحاح البيشمركة من باب الحرص عليه غادرها أسبوعين تقريباً ثم عاد وهو اليوم في الدير، كما لم يفارق الدير الرهبان وبعض كبار السن والمرضى.
(ثانياً) قد أكون باحث تاريخي اعرف باقي تاريخ الكنائس والأديرة عن طريق القراءة، أمَّا دير مار متى فلا استطيع استعمال كلمة زرتهُ لأن ذلك يتجاوز مئات المرات، ولذلك أنا مع دير مار متى والمنطقة  بالذات لست كاتب وزائر أستند إلى مصدر فقط، بل أنا هو من يكتب بعض التاريخ لتنقله الأجيال عني، فأنا لا اعرف اسم السور فحسب، بل اعرف المنطقة من القلايات إلى أسماء عيون الماء وأسماء بعض الأشجار والأحجار الكبيرة في الجبل، وكذلك بعض أسماء مواشي الدير (الغنم والبغال والكلاب)، وأسماء ساكني أربع قرى رجالاً ونساء إلى سن88 سنة (عدا الصغار والشباب إلى عمر 25 تقريباً)..الخ، فاسم الجبل هو مقلوب أو الألفاف وهي كلمة سريانية تشير إلى ألوف الرهبان، واسم القرية ميركي من اسم أبرشية الكومل والمرج السريانية، ومعناها بالسرياني الأراضي الخضراء، والقرى الأخرى مغارة والألفاف والمحبة، واسم الطريق الحجري إلى الدير (الممشى) هو طبكي ومعناها سرياني المرتقى (طبويو، طبيوثو)، واسم عين الماء الرئيسية الجنينة، واسم الكهف قرب الدير الناقوط لأن الماء يقطر من سقفه، وهناك كثير من أسماء المناطق كردية، كلي دريش، كاني جرجيس، رزي شمي..الخ، ولا أحد يعرف سنحاريب وسورهُ، وكل ما في الأمر إنه استناداً للرواية التاريخية الخاطئة كما رأينا، فان سنحاريب أمر ببناء الدير، وهذا الأمر يقتصر على رجال الدين وبعض المثقفين فقط، أمَّا غالبية الناس البسطاء فلا يعرفون من هو سنحاريب، وهنا أريد أن أسجِّل مسألة كمثال بخصوص البعض وكيف يريد أن يصنع تاريخاً، وفيها طرافة، وكذلك  خشية من يُكتب في المستقبل عن هذا الأمر: في منتصف أربعينيات القرن الماضي سكن قرية مغارة المجاورة للدير بعض العوائل التيارية النازحة لعدة سنين واعرف أسمائهم نقلاً عن الكبار، ويبدو أن بينهم من كان مثقفاً، فجعلوا كل شي في الجبل آشوري بما فيها شجرة كبيرة اسمها قتلة لوسية في الطبكي، والشجرة يربط الناس بها قطعة قماش للبركة، وفي سبعينات القرن الماضي رافقني إلى الدير أحد أصدقائي الآشوريين من الموصل واسمه يوناثان (أتمنى أن يكون موفقاً في حياته لأني من يومها لم اعد اعرف شيئاً عنه)، فوصلنا الشجرة وبدأ يربط قماش وقال لي إن هذه هي القديسة الآشورية لوسية زوجة الملك سنحاريب، فضحكتُ ضحكة عميقة وطويلة، فاستغرب وقال لي لماذا؟، فقلت له شكراً لك لأنك جعلتَ من (....) التي هي زوجة نيسكو قديسة وزوجة الملك سنحاريب، (أنا يومها استعملتُ كلمة قبل زوجة نيسكو!)، لأن لوسية هذه هي زوجة نيسكو وقُتلت هنا لأسباب دينية وسال دمها على الشجرة، وشيئاً فشيا أخذ الناس يتبركون بها، وبعدة مدة رَويتُ لأحد أبناء نيسكو الكبار الأمر، فضحك وقال لي (هذا شغل يوسف) من قرية مغارة، وكان صديقي وهو كان يقول هذا الأمر دائماً، ويبدو أن القصة انتشرت، واسم لوسية الثلاثي هو لوسية اسطيفان كْرَّان، والحادث جرى سنة 1897م تقريباً.
وقبل أن نختم أقول:
1: إن أية كنيسة أو أُمة تريد أن تثبت وجودها واسمها وتراثها، على رجال دينها ومثقفيها أن يُثبتوا ذلك أولاً من مصادرهم التي كتبها آبائهم ومثقفيهم، ثم بعد ذلك أن أرادت أن تُعزز الإثبات فلا باس من اللجوء إلى كتب الآخرين من الضيوف والجيران كشواهد، أي أن أهل البيت يعرفون أسمائهم ولغتهم وتراثهم أكثر من الآخرين، أمَّا القفز إلى كتب الآخرين مباشرةً واقتناص كلمة هنا وهناك، فهذا دليل ضعف يبرهن على أن الكنيسة أو الأمة ليست موجودة وتريد أن تثبت وجودها من خلال الآخرين، وعدم الارتكاز على المصادر ألام واللجوء إلى المصادر العربية لن يحدث فرقاً في أن العرب اخترعوا اسماً للقوم أو الانكليز.
2: إن الاستشهاد من المصادر يجب أن يكون مبني للمعلوم وليس للمجهول وبصورة واضحة موثقة لأشخاص معلومين بمهنهم وتاريخ وفاتهم ولغتهم وكتبهم ورسائلهم وقواميسهم وشهورهم ..الخ، وفي مصادر التاريخ أخبار كثيرة عن أن الفلانيين شيدوا كنيسة أو أن كنيستهم اغتصبت أو احترقت، أو أن الخليفة الفلاني اصدر مرسوماً للبطريك الفلاني..الخ، أو حدثت مشكلة مع الطائفة الفلانية..الخ، وليس لكاتب كتب موضوعه بشكل عابر واعتمد على التسميات الجغرافية القديمة التي وردت في الكتاب المقدس لشهرتها والتي يبقى استعمالها فيما بعد، فهناك من الكُتَّاب إلى اليوم يسمي اللبنانيون فينيقيين والفلسطينيين كنعانيين والمصريين فراعنة..الخ  ولكن هل هناك على الأرض طائفة أو كنيسة تسمي نفسها الفينيقية أو الكنعانية أو الفرعونية، أو أنها تسند إلى رحالة وصل المنطقة قاصداً البصرة على فرس قبل مئات السنين حاملاً الكتاب المقدس في جيبه الأيمن فوصل الموصل واخرج دفتر مذكراته من جيبه الأيسر وكتب دخلتُ بلاد أشور، وبعد أيام وصل إلى الحلة، فكتب دخلت بلاد الكلدانيين، ثم وصل الناصرية فقال هذه ارض سومر.
3: إن الاستشهاد وخاصة من الآخرين كالعرب أو لرحالة ومبشرين هو مهم ولكن يجب أن يكون واضح ومفصل ولأشخاص معروفين وفي صلب الموضوع ومن ناس احتكوا بالقوم وسكنوا معهم وعاشروهم وسألوهم عن كل صغيرة وكبيرة من اسمهم، اسم كنيستهم، لغتهم، دينهم، تقاليدهم، مشاكلهم، وزاروا كنائسهم والتقوا مع رجال دينهم...الخ، فمثلاً هل يُترك كتاب جورج بادجر الذي عاش في المنطقة عدة سنين والتقى وعاشر البطريرك النسطوري وكتب كل شي بكتاب من 426 صفحة ذكر كل تسميات القوم الذين التقى بهم كشاهد عيان عدا الآشوريين الذين عاشرهم وسكن معهم؟، فذكر السريان والكلدان مئات المرات وحتى اليزيدين والأكراد ولم يذكر وجود الآشوريين إطلاقا، أو ترك الاستشهاد من جوستن بركنس الذي سكن ثمان سنوات بين النساطرة وألَّف سنة 1843م كتاب ثمانية سنين من الإقامة في فارس بين النساطرة وقال في ص 175: في المحادثة مع مار يوحانون أسقف اروميا قال له في الحديث الذي جرى بينهما بخصوص التسمية: إن الاعتراض على تسميتنا النساطرة ربما نشأ من الخوف بأن الإهانة قد رافقت هذا الاسم، وفي تقديرنا أن النساطرة دائما وصُموا من قبل البابويين (الكاثوليك) والطوائف الشرقية الأخرى بشكل صارخا جدا بأنهم هراطقة، وإن الناس عادة يسمون أنفسهم syrinee (سرياني)، وأحيناً اقل نصارى.
وهناك عشرات الشواهد الموثقة لدينا مثل هذه وأكثر، فهل تترك هذه الاستشهادات المبينة وغيرها، أو أهم كتاب على الإطلاق الذي عالج هذا الموضوع بشكل أكاديمي واضح مستنداً إلى جميع المصادر العالمية فضلاً عن أنه نسطوري وهو كتاب البرفسور جون جوزيف (الآشوريين الجدد في الشرق والأوسط ومواجهة البعثات الغربية)   the modern assyrians of the middle east encounters with western chrisian missons   
والذي لم يُترجم إلى الآن علماً أن كتاب أقل منه بكثير أهمية تُرجم من لغات أخرى، فهل يُترك هؤلاء ثم القفز إلى كتب عربية وأجنبية وردت كلمة هنا أو جملة هناك؟، والحقيقة إني قد أجبت سابقاُ على اسماء مثل سنحاريب وقرداغ، كما أجبت عن الكثير من الاقتباسات الخاطئة وليس لدي وقت لتفنيد  ملاين الكلمات التي تأتي في الكتب بشكل عابر، ولكن بما أن هناك كتابان مشهوران يستشهد بهما مثقفين آشوريين معروفين دائماً مثل الأخ احيقر يوخنا وغيره، لذلك سوف أُفنّدْ هذين الكتابين بصورة واضحة وجلية لا تقبل الجدل ولأول مرة، علماً أن هذه ستكون المرة الأخيرة لتفنيد كلمة أو جملة أتت بشكل عرضي في كتاب ما، كما إني إلى جانب الأب الفاضل خوشابا سارد على الأخ العزيز أحيقر بخصوص هذين الكتابين، أذا أراد أن يعطي رأيه في تفنيدي.
الكتاب الأول: شرفنامة للبدليسي: حيث يقول المثقفين الآشوريين إن كتاب شرفنامة ذكر الآشوريين في التُرجمة العربية من الفارسية إلى العربية طبعة ثالثة 2007 ص614، حيث ذكر المترجم أن كلمة آسور= آشوريين، ولنرى الآن هل ذكر الآشوريين، وهذا هو النص الأصلي بالفارسي ص292.
- إن النص الأصلي لم يذكر كلمة أن كلمة سور= آشور، وإنما المترجم لم يعرف ما هي الكلمة فاعتقد أنها تعني آشور.
إلى هنا انتهى التفنيد، لا يوجد آشور ولا آشوريين، نقطة رأس السطر.
ولزيادة المعلومات فقط  للقاري الكريم عن كلمتي آسور وسيدفايان اقول:
- إن عشيرة (سيديافان) هي عشيرة أرمنية սետավեան ومعلوم أن أغلب الأسماء الأرمنية تنتهي (يان) اغاجان، بوغصيان، يرفيان ..الخ، ومقاطعة سيديافان أرمنية تقع قرب أرض روم شمال حكاري، وهي مقاطعة تركية اليوم لها عدة أسماء
Belencik,Belendzhik,Sadivn,Sadvan,Şadivan,Şadvan
- إن  كلمة آسوري هي كلمة أرمنية معناها الجبل، الجبلي  սարը وتُنطقsary  وهي مشتقة من الكلمة الأرمنية  جبل սար
وتُنطق sar، وايصورية أو آيسورية كانت ولاية بيزنطية كبيرة تشمل الكليكتيان الارمنية، واشتهر الآيسوريين في التاريخ كغزاة، وبوصول الإمبراطور البيزنطي ليو الثالث الآيسوري Leo III the Isaurian (717 - 741م) استمر عشرة أباطرة منهم بالحكم إلى ليو الخامس 813-820م، وتسمى حقبة حكمهم فترة حكم الآسرة الايسورية، وهناك كتاب خاص بالأسرة الآيسورية اسمه الدولة البيزنطية في فترة حكم الأسرتين الأيسورية والعمورية، لنورا إبراهيم الداينالي، كما أن تاريخ المنطقة الكنسي واضح بأبرشياته وكنائسه وأديرته واسم الإقليم باليوناني والانكليزي هو واضح وهذه نبذة من موسوعة أنطاكية للأب متري هنري اثناسيو مج2
فالكلمة معناها عشيرة سيديافان الجبيلية الارمنية، وليس آشور وآشوريين، ولهذا  أطلب من السيد محمد جميل روزبياني مترجم كتاب شرفنامة للعربية أطال الله عمره إن كان حياً أن يُصحح خطأهُ بحذف كلمة آشور، وأن كان قد رحل لا سامح الله اطلب من المهتمين إذا أعيد طبع الكتاب تصحيح الخطأ وتسجيلهُ باسمي شخصياً.

الكتاب الثاني: رحلة الفرنسي هنري بنديه سنة 1885م والتي ذكرها أحد الكتاب أكثر من عشرين مرة ليدلل على وجود الآشوريين بالقول إن بنديه هو أول رحالة أوربي زار المنطقة وذكر مرة واحدة فقط في ص 8 الاثوريين، وهذا هو النص الأصلي:
- أن كلمة اثوريين لم ترد في النص الأصلي، وإن مترجم الكتاب بالعربي المرحوم الأب يوسف حبي وضع كلمة اثوريين ثم (النساطرة)  بين قوسين.
انتهى التفنيد، نقطة رأس السطر.
ولذلك على المثقف أن يتحرى الدقة بالاستشهاد من الكتب خاصة عندما يكون الموضوع متخصص، وعدم اقتناص الكلمات المتساقطة في الكتب كما ذكرها الأخ والصديق العزيز أحيقر مرة.
-ولزيادة المعلومات فقط فإن اسم الرحلة هي إلى كردستان في بلاد ما بين النهرين.
 -إن هذا الرحالة ليس أول أُوربي وصل المنطقة كما يريد البعض بل هناك عشرات وصلوا قبله واحتكوا بالقوم وكتبوا عنهم.
- أذا افترضنا جدلاً أن هذا الرحالة أو غيره من المبشرين ذكر اسم الآشوريين، يجب أن يكون قبل سنة 1850م حيث راج الاسم الآشوري في انكلترا نتيجة وصول ألاف مؤلفة من الآثار الآشورية القديمة، أو كأقل تقدير من سنة  1876م  عندما شكَّل رئيس أساقفة كرنتربري بعثه إلى السريان الشرقيين النساطرة سمَّاهم بالآشوريين، وأن يكون الاستشهاد واضح وليس عابر.   
بارخمور
موفق نيسكو





56
بارخمور أبونا
عرفنا في ج1 أن كنيستك المؤقرة هي أنطاكيَّة، وأقريتّ بذلك، وفي هذا الجزء سوف أُثبت وبأدلة ومخطوطات ودلائل جليَّة وفي صلب الموضوع وليس اقتباس كلمة أو جملة عامة، أن كنيستك هي سريانية، وأن آباء كنيستك يُفاخرون ويعتزون بسريانيتهم أكثر من السريان الغربيين، ولا وجود في التاريخ المسيحي إطلاقاً لكنيسة آشورية أو آشوريين، ومن المصادر التي لها علاقة بكنيستك فقط!، علماً أن الاقتباسات ستكون مختصرة جداً.
النقطة 4 في رد جانبك كانت: الانجليز لم يخترعوا القومية الآشورية كما تزعم في مقالتك، أين كان الانجليز عندما وصل الآشوريون إلى الصين واليابان مبشرين بالإنجيل؟، وماذا تقول عن قصص الشهداء الآشوريين مثل مار قرداخ الأربيلي ومار بهنام الآشوري وأخته سارة ووالدهم الملك الآشوري سنحاريب . ألم تزر يوماً دير الشيخ متي في جبل  مقلوب لترى بأم عينك سور الملك الآشوري سنحاريب والذي يحيط بالدير وهو شاخص لحد اليوم، أرجوك أن تزور الدير وتشاهد سور سنحاريب قبل أن تفجره داعش. أين كان الانجليز في ذلك الزمان؟.
اقتباس 4- أ: الانجليز لم يخترعوا القومية الآشورية كما تزعم في مقالتك.
الجواب: إن الكنيسة سُميت آشورية سنة 1976م، فأين كان هذا الاسم مدة 2000سنة؟، وإن الانكليز هم من اخترع الاسم الآشوري للسريان الشرقيين (النساطرة) بعد اكتشاف الآثار سنة1850م، حيث راج الاسم الآشوري في انكلترا، مما حدا برئيس أساقفة كرنتربري كامبل تايت لإرسال بعثة إلى النساطرة سنة 1876م برئاسة إدورد كوتس سمَّاها رئيس بعثة أساقفة كرنتربري إلى الآشوريين، وهذا ما يؤكده الكتاب المرفق الذي قدَّم له ووقَّعَ عليه البطريرك إيشاي.
وقبل أن ندخل في الكتاب يجب أن نشير إلى أن اسم الكتاب وعنوانه أصلاً يدل على أن اسم الكنيسة مرتبط بالفرس وأن الاسم الآشوري هو حديث، فاسم الكتاب هو:الكنائس النسطورية (لمحة تاريخية موجزة للنسطورية المسيحية في آسيا من الانشقاق الفارسي إلى الآشورية الحديثة!)، أمَّا داخل الكتاب فقبل أن نشير إلى الصفحة نقول: إن عنوان الفصل هو (البعثات الحديثة في كردستان، وليس في آشور!)، وفي ص179 يقول:
 حتى عام 1868م أرسل النساطرة طلب إلى رئيس أساقفة كانتربري (تايت) للمساعدة أكثر، واستجابة لهذا النداء أرسل تايت القس أدورد كوتس عام 1876م، الذي أسس بعثة رئيس أساقفة كانتربري إلى الآشوريين، المسيحيين، والذي أُقيل عام 1881م، واستُبدل بإيفاد القس رودولف فاهل الذي خدم حتى عام 1885م، ويبدو أنه لم يكن ملائماً للعمل تماماً، فتم إرسال ثلاثة المبشرين إضافيين عام 1886م، وهم ماكلين، ريلي، وبراون، واستمرت البعثة منذ ذلك الوقت دون انقطاع حتى الحرب العظمى، وكان مقرها في البداية أورميا، وفي عام 1903م انتقلت إلى فان، ومن بين العاملين (المبشرين) الأكثر حداثة وشهرة هو الدكتور وليم ويكرام الذي جاهد للعمل من 1902 -1912م، وهو الذي قد يكون لاحظ أن الاسم المختار من قبل كنيسة انجلترا (الآشوريين)، أصبح في حيز الاستخدام العام، وأن النساطرة المسيحيين أصبحوا الآن يُشار إليهم عادة باسم المسيحيين الآشوريين، ولا شك أن نيَّة الكنيسة الانكليكانية كان التأكيد على النسب القديم لهذه الكنيسة الشرقية ربما للحد من استعمال كلمة نسطوري التي تنطوي على مفهوم الهرطقة.
ويضيف: إن المسيحيين النساطرة يُسمَّون أنفسهم ببساطة المسيحيين أو السريان، ولكن إذا أرادوا تميز أنفسهم عن أبناء الكنائس الأخرى، فإنهم يستخدمون مصطلح المسيحيين الشرقيين، وإنهم في كردستان لا يحبون مصطلح الكلدان المستعمل من البابويين (الكاثوليك)، ولكن ليس لديهم اعتراض على تسمىتهم نساطرة ص 185، ويُسمي مناطق النساطرة بكردستان وليس آشور! ص182-184، وغيرها، علماً يذكر أسماء جغرافية لبلدان مثل تركيا فارس العراق الخ باستثناء آشور!، وبالنسبة للغة الكنيسة فيسميها السريانية وأن النقوش في بلاد الصين هي بالصينية والسريانية، وحتى في الكنائس الروسية كانت الكتابات بالسريانية ص131و132و164، وأن مدرسة جندسابور هي سريانية ص15...الخ.
أمّا أحدث كتاب عن كنيسة المشرق، الذي ألفَّه كرستوف بومر، فموقَّع مع إهداء من البطريرك الحالي قداسة مار دنخا.
وفي ص9 يتعرض الكاتب بصورة واضحة إلى الأسماء ويُسميهم السريان الشرقيين وأن الاسم الآشوري هو حديث (مؤخراً)، والاسم المناسب هو الكنيسة السريانية الشرقية لأنه يُشير إلى لغة الكنيسة السريانية، وفي ص16 ُسمِّي العلامة السرياني عبد يشوع الصوباوي بالمطران السرياني.
أمَّا ص11- 13 فإنه يذكر بداية تأسيس اسم الكنيسة باسمها الحقيقي والصريح والواضح (السريانية الشرقية)، والدليل الساطع أنه لم يذكر اسم آشور وآشوريين إطلاقاً! في ثلاث صفحات من الحجم الكبير، بل يذكر الفرثيين والسكثيين والرومان والهندو أوربيين والإيرانيين..الخ.
ولأن الكاتب يبين وبكل وضوح بما لا يقبل أي تأويل أن الاسم الآشوري حديث واسم الكنيسة هو السريانية الشرقية وشعبها هم السريان الشرقيين، فإن الأستاذ عوديشو ملكو اشيتا المحترم مُدقق الكتاب حاول أن يضع هامشاً من عنده أسفل الصفحة لعله يقلل قليلاً من الحجة الساطعة على أنه ليس هناك آشوريين ولا كنيسة آشورية في التاريخ المسيحي فكتب: (سُمِّيت بآشورية ليس فقط لارتباطها بوطنها، آشور بل لأنها تأسست وانتشرت على يد الآشوريين وما زالت).
ولا أعلم معنى هامش السيد عوديشو اشيتا، فهل ذكر مؤلف الكتاب أن الآشوريين أسسوها في بلاد آشور أصلا؟، ألم يقل إن الاسم الآشوري هو حديث؟، ولذلك وعذراً سلفاً للسيد عوديشو وبعيداً عن التهكم (فقط لإيصال الفكرة)، فإن تهميشه هو سياسي، وأنا ككاتب مهتم بتاريخ الكنيسة السريانية بفروعها، لا فرق عندي في قراءة مثل هذه التهميشات بذكر كلمة آشور أو نيجيريا.
ومن ناحية أخرى فإن هذا الكتاب هو أضخم كتاب في تاريخ كنيسة المشرق فيه مصادر لحد الآن، فمصادر والتي تتألف من 37 صفحة من الحجم الكبيرA4، وفي كل صفحة ثلاث أعمدة، وفي كل عمود من12-15 مصدر، ولذلك كان على السيد عوديشو وهو مدقق، أن يشير في هامشه إلى مصدر واحد لكاتب قبل منتصف القرن التاسع عشر من تلك المصادر الكثيرة يؤيد قوله، علماً أنه وإضافة إلى جناب الأب الفاضل الأرخذياكون خوشابا المحترم، ولأني أُجبرتُ على ذكر اسم السيد عوديشو لصلته بالكتاب، فإني مُجبر أن أرد على حضرته إذا أحبَّ أن يُعلِّق.
- إن جميع آباء وكُتّاب وأدباء ومشاهير كنيستك هم سريان، وكان البطريرك بابي الكبير+ 628 ألَّف كتاب جمع فيه دلائل من كتب الآباء اليونانيين والسريانيين، التاريخ السعردي ص214، لكن العلامة السرياني الكبير عبد يشوع الصوباوي+1318م الذي يُعدُّ نظير العلامة ابن العبري في الكتابة والتدوين، ونظير مار افرام السرياني في الشعر، والذي يدين له ليس السريان فحسب بل العالم لأنه جمع كتابات آباء الكنيسة السريانية (غربيين وشرقيين) سنة 1298م، والذي درسه إبراهيم الحقلاني سنة 1653م، وكتبه يوسف السمعاني بالسرياني واللاتيني سنة 1725م باسم المكتبة الشرقية، كما درسه بادجر وطبعه القس يوسف قليتا في الموصل سنة 1924مع كتاب مركنيثا، والذي لا يوجد شخص أو مؤلف في العالم لا يرجع إلى تأليفه، ويقول عنه ألبير أبونا لولاه لما اطلعنا على تراث آبائنا الذي أتى عليه الزمان ولبقي منه القليل، والعلامة عبد ايشوع الصوباوي حين ينتهي من سرد مصنفات الآباء والكُتّاب اليونان يصل إلى آباء وكتَّاب الكنيسة السريانية فيقول: (بعد أن رتبتنا مصنفات الآباء اليونان، نبدأ بترتيب مصنفات الآباء السريان، ويبدأ بشمعون ابن الصباغين)، ثم يستمر بذكر الجميع، نرساي، يوسف الاهوازي، البطريرك ابي، آبا الكبير، عنانيشوع، دنحا،سليمان، يشوعدداد..الخ، وهذه نسخة المخطوط لسنة 1725م باللاتيني والسرياني.
- أن جميع كتابات ومخطوطات آباء كنيستك على الإطلاق محفوظة في المتاحف والمكتبات العالمية بالاسم السرياني، وإلى نهاية القرن التاسع عشر، فإن أبناء طائفتك تُسمى نفسها السريان أو السريان الشرقيين، وقد قام السيد كوركيس داود ملكي في القرن الماضي بتأليف كتاب تاريخ الأمة السريانية وتُرجم إلى النرويجية ثم الى الانكليزية سنة 1910م، والى التركية سنة 2012م، وهذا دليل قاطع من أروميا سنة 1898م.
وترجمتها: هذه مجموعة من المخطوطات السريانية قدمت من خلال جهود القس الراحل الدكتور جون شديد، وهي واحدة من الفوائد العديدة التي تدين له الأمة السريانية الشرقية التي جاهد في صالحهم بدون كلل..الخ، وحفظت هذه الأعمال القيمة من الدمار، وتم إعداد هذا الفهرس من قبل القس أوشانا ساران من تخوما كردستان!، وهو كاهن ومعلم من الكنيسة النسطورية، وتم نشرها بالأموال التي ساهم بها السريان في الموصل وتركيا، والجمعيات التبشيرية في أفريقيا وفلسطين والمقيمين لاحقاً في كانتربري، انكلترا، إحياءً لذكرى الصديق الراحل القس فرانسيس بورزان، وفي المخطوطة ذكر لكتب سريانية في صفحات عديدة ص15و16و22و27 وغيرها، ولكني سأدرج ص 7 بالكامل وكتاب من ص 8 التي يذكر فيها السريان الشرقيين
- إن لغة كنيستك هي السريانية، وهي ليست لغة مستوردة بل أصيلة، وجميع آباء كنيستك ألَّفوا قواميس سريانية وليس آشورية، وقواميسهم هي مراجع عالمية مُعتمدة، وموضوع اللغة هو في غاية الأهمية، فاسم القوم تحدده اللغة واللغة فقط! وليست الأسماء الجغرافية التاريخية التي تبقى ملازمة لبعض المناطق، فالمتكلم بالعربي هو عربي وبالكردي كردي وبالأرمني ارمني وبالتركي تركماني...الخ، بل أن اسم اللغة هو من يحدد الهوية حتى لو لم يمتلك القوم جغرافية سياسية محددة، فالمتكلم بالامازيغي هو أمازيغي والماوي ماوي والبشتوني بشتنوي، وهذا بعض مؤلفي قواميس اللغة السريانية في كنيستك هم: حنين بن اسحق + 873 الذي لُقِب بموسوعة السريان الثقافية في الهجرية الثالثة، (مجلة المجمع العلمي، عدد خاص للغة السريانية مج21 ص139)، ايشو بن علي (تلميذ حنين) ق9، زكريا أبو ايوب المزوري ق9، الحسن بن بهلول ق10، حنان ايشوع بر سروشوي مطران الحيرة ق10، إيليا برشنايا ق10-11، وقد كتب ايشوعياب بن ملكون كتابه الإيضاح في النحو الآرامي، وفيه قال أن راميشوع أسقف الأنبار له كتاب في النحو السرياني، وغيرهم كثير.
- عندما أراد أحد العرب أن يضرب نرساي، أجابه نرساي باللغة السريانية مبتسماً وقال له...الخ (كتاب الرؤساء لتوما المرجي ص 249)، وعندما قام الفونس منكانا بوضع ميامره وضعها باسم ܡܐܡܪܐ ܕܡܠܦܢܐ ܣܘܪܝܝܐ ܢܪܣܝ (ميامر المعلم السرياني نرساي) مستنداً على تاريخ ماري المعروف بالبرج، علماً أن سيرته تذكر أنه ولد في كردستان.
- وكان معنا مطران فارس ماهراً بالسريانية والفارسية ونقل كتب كثيرة من السريانية للفارسي (ماري بن سليمان، أخبار بطاركة المشرق، طبعة روما 1899م ص33)، وانظر: وتُرجمت قوانين إبراهيم الكشكري من الفارسي إلى السرياني ص52.
- وكان مار آبا عالماً بالسريانية واليونانية والعبرية (التاريخ السعردي فرنسي وعربي باريس 1918م ص204)، وأن الملك بهرام بن وهران الفارسي تعلم السريانية ص27.
- يوحنا بن كلدون تلميذ يوسف بوسنيا كان أصله من الموصل وكانت سريانيته ضعيفة في البداية فيكتب بالعربي فأمره الربان يوسف بوسنيا أن يتقن السريانية ففعل وكتب بالسريانية فباركه يوسف بوسنيا (تاريخ يوسف بوسنيا ص78).   
- في أيام ارعو انقسمت الألسن إلى 72 لسان، إذ كانت إلى ذلك الحين لسان واحد هو أب الألسنة كلها وهو اللسان الآرامي ويركز على ذلك بالقول (أي السرياني) (سليمان مطران البصرة ق13، كتاب النحلة ص59)، وانظر ص62، 158، حيث ذكر ملوك بعد الطوفان ملوك  مادي، بابل، الفرس، والقبط وغيرهم، بدون الآشوريين.
-  رسالة الجاثليق طيمثاوس الأول +823م إلى سرجيوس مطران عيلام: أرسلنا اليك ميامر القديس غريغوريوس الثاغلوس التي نُقلت حديثاً من اليونانية إلى السريانية بهمة جبرائيل القس. (رسائل طيمثاوس طبعة باريس1914م ص158).
مار برشابا كان مسبياً وتعلم السريانية في المدائن (بطرس حداد، مختصر الأخبار البيعية ص217).
ولم يقتصر ذكر اللغة السريانية فحسب بل أن الهوية الدينية السريانية هي هوية آباء الكنيسة وأبنائها الذين اسمهم سريان شرقيين:
- آحدابوي هو اسم سرياني (أخبار بطاركة المشرق، عمرو بن متى، طبعة روما 1896م ص5، وفافا كان عالماً بالسريانية ص13، وأيضا ففتح الكتاب فوجده سريانياً ص31، وانظر ص89 و111.
- إن النسخة التي بادي السريان تؤكد ...الخ، وقد ذكر تواريخ سنين السريان والأقباط والعرب والفرس (تاريخ إيليا النصيبيني، طبعة باريس1910، مج1ص13، وتوفي القديس أفرام العالم السرياني ص105، وأورد حساب سني السريان والعرب والقبط والفرس، مج2 ص5).
- كان برديصان رجلاً سريانيا (بطرس الكلداني، ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان ج1 ص57).
- إن مدرسة نصيبين كان يدرس فيها  السريان الشرقيين النساطرة (المطران توما اودو، كنز اللغة السريانية ص ي10)، ويتفق آدي شير معه بذلك قائلاً: خرَّجت المدرسة مشاهير خدموا الملة أحسن خدمة حتى أن السريان الشرقيين دعوها أم العلوم أو مدينة المعارف (آدي شير، مدرسة نصيبين ص4)، وأن نرساي من أشهر ملافنة السريان ص11، ويُسمي كتبة النساطرة بكتبة السريان الشرقيين ص53، ويُسمي ايشوعياب الحديابي أمجد مؤلفي السريان وأفصحهم ص46.
- كان يوم استشهاد بطرس وبولس في تموز حسب قول السريانيين، وفي حزيران حسب قول اليونان (مختصر الأخبار البيعية ص69).
 - اعترض أساقفة الجاثليق ايشوعياب الجدلي+645م عليه لأنه لم يذكر في القداس الآباء الثلاثة الأنوار السريانيين الأطهار (باسليوس الكبير وغريغوريوس النيصي والنزينزي الذين يلقبون الأنوار السريانيين الثلاثة أو أقمار أنطاكية الثلاثة)، التاريخ السعردي ص240.
- إن السريان الشرقيين هم من لقَّبوا مار افرام السرياني بنبي السريان: فبكل حق وصواب سَمَّاهُ السريان الشرقيين نبي السريان وملفان الملافنة والكبير وعمود البيعة، ودعاه السريان الغربيون شمس السريان وكنارة الروح القدس (شهداء المشرق ج2 ص 54)، والنساطرة من جملة من يعمل ذكرى لمار أفرام في جمعة الآباء السريانيين (التاريخ السعردي ص84)، وفي قصة مار افرام الملقب بالنبي السرياني: فقال له من أين فهمت كلامي وأنا أظنك انك سريانياً، فأجاب نعم أنا افرام السرياني (السعردي ص179، ومختصر الأخبار البيعية ص 228).
ونستطيع تسطير صفحات وصفحات من هذه الاستشهادات، ولكننا ننهي ذلك بأجمل ما كُتب من السريان الشرقيين، فقد دافعوا وفاخروا بهويتهم ولغتهم السريانية دفاع المجاهدين وفاقوا بذلك حتى السريان الغربيين، وتشهد وقائع المجالس السبعة التي قام بها ايليا برشنايا +1056 مع الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي في نصيبين سنة 1026و1027م، ونشرها الأب لويس شيخو في مجلة المشرق سنة 1922م الأعداد 1-5، وأصدرها بكتاب مؤخراً الأستاذ الدكتور محمد كريم إبراهيم الشمري عميد كلية الآداب في جامعة القادسية، مجالس مار إيليا بريشنايا حيث يقول في الجلسة السادسة ص 96-12: وفي يوم الثلاثاء الثامن من جماد الآخرة حضر الأمير الوزير فقال لي: ألكم من العلوم مثل ما للمسلمين؟، قلتُ: نعم وزيادة وافرة، قال: وما الدليل؟، قلتُ إن عند المسلمين علوماً منقولة كثيرة من السريان، وليس عند السريان علم منقول من العرب، ويستمر برشنايا باستعمال السريان والسريانين والسريانيون (بالرفع والكسر وكما تتطلبه قواعد اللغة العربية) عشرات المرات.
ونختم بالعلامة الكبير عبديشوع الصوباوي، فكلامه لوحدهُ فقط يُغني كتابة هذا الرد أو مقال أو كتاب لإثبات أن النساطرة هم سريان،فعندما لاحظ الجاثليق يهبالاها الثالث +1317 أن العرب يستهزئون بلغة السريان بما لديهم من مقامات الحريري، طلب من عبديشوع الصوباوي الدفاع عن اللغة السريانية، فانتفض العلامة السرياني عبديشوع الذي لم يقل إنه سرياني فحسب! بل ضرب أروع صور التواضع المسيحي السرياني قائلاً: ܐܠܝܠܠ ܕܣܘܪܝܝܐ ܘܡܚܝܠܐ ܕܡܫܝܚܝܐ  إني أحَطُّ السريان وأضعف المسيحيين، وقد عصمت في راسي النخوة، وسوف أطأطأ رأس من يتطاول من هؤلاء الصغار (العرب) واصغِّر نفوسهم، لكي أنال أكليل الظفر للغتي الأولى بعد أن أمرني قائد جمعنا...الخ. والملاحظ المهمة هنا هو أنه يستعمل كلمة السريان كهوية خاصة!. وهذا المخطوط من سنة 1725م.
وحاولتُ أن أنهي الرد في هذا الجزء، ولكن لكثرة مواضيع النقطة الرابعة من كلام جنابك (أين كان الانجليز عندما وصل الآشوريون إلى الصين واليابان مبشرين بالإنجيل؟، وماذا تقول عن قصص الشهداء الآشوريين مثل مار قرداخ الأربيلي ومار بهنام الآشوري وأخته سارة ووالدهم الملك الآشوري سنحاريب؟، ألم تزر يوماً دير الشيخ متي في جبل  مقلوب لترى بأم عينك سور الملك الآشوري سنحاريب والذي يحيط بالدير وهو شاخص لحد اليوم؟، أرجوك أن تزور الدير وتشاهد سور سنحاريب قبل أن تفجره داعش. أين كان الانجليز في ذلك الزمان؟)، ولأهمية المعلومات التي سأذكرها، وهي لأول مرة، ولكي أُعطي الموضوع حقهُ بالوثائق فأني مضطر لعمل جزء ثالث وأخير.
بارخمور
موفق نيسكو

57
 
 
جناب الأب الفاضل الأركذياقون خوشابا كوركيس المحترم
بارخمور أبونا
قرأت رد جنابك على مقال الأخ زيد ميشو الذي ذكرت أن فيه كثير من المغالطات وتشويه سافر لتاريخ كنيسة المشرق، والحقيقة أنا كنتُ قد قررتُ التوقف عن الكتابة لأني مشغول كثيراً أولاً، وثانياً لأن طريقة الكتابة في المواقع التي تسمح أن يُعلَّق الكثيرون ويحوُّلون المواضيع إلى تهكمات وشخصنة واستعمال كلمات غير لائقة ..الخ، ناهيك عن الأسماء المستعارة، هي طريقة لا تناسبني، ولكني وجدت نفسي أمام مسؤولية تاريخية ودينية وثقافية وأخلاقية، لأرد على جنابك جملة جملة، لأنك رئيس كهنة ولديك معلومات تاريخية ودينية، وبما أن جنابك كاهن فطبيعي كلامك مُراقب أكثر من الأخ زيد وغيره، وأنا أقول أن جنابك لديه أخطاء كثيرة، علماً إني أشكر الإخوة القُرَّاء سلفاً الذين (قد) يُعلِّقون على ردي، ولكن مع احترامي للقراء الكرام اعتذر وأني لن أرد ولن أُعلّق على أحد باستثناء جنابك الكريم (طبعاً هذا إذا أعجبك أن ترد عليَّ).
رد جنابك على الأخ زيد
الأخ زيد ميشو قرأت مقالتك (كنيسة آثورية كلدانية ..... لما لا)، ولاحظت فيها الكثير من المغالطات وتشويه سافر لتاريخ كنيسة المشرق . ولي بعض الملاحظات لك وللقاريء :
1. تقول أن كنيسة المشرق إنشقت عن كنيسة روما بسبب الخلاف الكريستولوجي في القرن الخامس الذي أثار جدلاً عميقاً وانتهى بمجمع أفسس 431م بسبب تعاليم بطريرك القسطنطينية والذي تسميه بطريرك المشرق. نقول، أن كنيسة المشرق لم تكن يوماً متحدة مع روما أو جزء منها حتى تنفصل عنها. وعندما تأسست كنيسة المشرق على يد الرسل الأبرار مار توما ومار ماري ومار أداي، في أورهاي وأربيل وبابل. لم يكن هناك كنيسة في روما، وكان الغرب غارق في ظلام الوثنية. إن كنيسة بابل أصبجت لها رئاسة بطريركية مستقلة عن انطاكيا في مجمع مار إسحق سنة 410م أي عشرون سنة قبل أزمة مار نسطوريس وقورلس الاسكندراني .
2 . ليس هناك دليل كتابي (من الكتاب المقدس) بأن مار بطرس الرسول قد ذهب إلى روما وأستشهد فيها، وإن ما يتداول اليوم هو تقليد كنسي ولسبب سياسي لأعلاء شأن كرسي أسقف روما على  بقية البطريركيات كونها العاصمة ومقر الاباطرة الرومان ، بينما هناك دليل كتابي بأن بطرس الرسول قد زار بابل وأسس فيها كنيسة ويذكرها في رسالته.(بطرس الأولى5 :19).
3 . البطريرك نسطوريس لم يكن بطريركاً لكنيسة المشرق، والمشارقة لم يسمعوا به ولم يشاركوا في مجمع أفسس 431م، وإنما كانت كنيسة المشرق تعتمد كريستولوجيا القديس مار ثيودوروس المصيصي مفسر الكتب إلهية ومعلم الكنيسة الجامعة، وتبنت رسمياً هذه العقيدة في مجمع البطريرك أقاق 480م ولحد اليوم .
4. الانجليز لم يخترعوا القومية الآشورية كما تزعم في مقالتك،أين كان الانجليز عندما وصل الآشوريون إلى الصين واليابان مبشرين بالانجيل ؟؟ وماذا تقول عن قصص الشهداء الآشوريين مثل مار قرداخ الأربيلي ومار بهنام الآشوري وأخته سارة ووالدهم الملك الآشوري سنحاريب . ألم تزر يوماً دير الشيخ متي في جبل  مقلوب لترى بأم عينك سور الملك الآشوري سنحاريب والذي يحيط بالدير وهو شاخص لحد اليوم ، أرجوك أن تزور الدير وتشاهد سور سنحاريب قبل أن تفجره داعش . أين كان الانجليز في ذلك الزمان ؟؟؟ أكتفي بهذا القدر لكي لا أطيل وأسبب الملل للقاريء الكريم.
الاركذياقون خوشابا كوركيس.
ردي على جنابك الكريم
اقتباس من 1- أ: إن كنيسة المشرق لم تكن يوماً متحدة مع روما أو جزء منها حتى تنفصل عنها.
الجواب: كلامك صحيح.
اقتباس 1- ب:  وعندما تأسست كنيسة المشرق على يد الرسل الأبرار مار توما وماري أداي
الجواب: إن مار توما لم يؤسس كنيسة أسقفية ولم يرسم أسقفاً في العراق بل مرَّ سنة 46 وحسب التقليد الملباري سنة 52م بالعراق وبشَّر وعمّد في طريقه بعض من التقى بهم ومنهم عائلة برحذبشابا من تكريت، علماً أن المقصود في سيرة مار توما في الكتب أنه بشَّر الفرثين ليس بالضرورة أن تعني بلد ما بين النهرين لأنه عندما وصل توما الهند كان ملكها كودفر خاضعاً للدولة الفرثية (دائرة المعارف البريطانية مج 23 ص 308)
اقتباس 1 - ج: في أورهاي وأربيل وبابل
الجواب:  إن مار أدي وماري وآجي لم يؤسسوا كنيسة أسقفية في بابل، بل في أربيل واورهاي فقط، وأول أسقف معروف في العراق هو أسقف أربيل فقيدا سنة 104م، وأريد أن أوضح أن بابل ليست بابل الحلة بل مدينة قطسيفون سلوقية (المدائن) التي كانت مقراً لملوك الفرس التي سُمَّيت بابل، وأول أسقف في التاريخ للمدائن هو فافا بن عجا السرياني أو الآرامي +329م تقريباً، علماً أن فافا لم يحمل لقب مطران بل أسقف، وأول من حمل لقب مطران هو مار شمعون ابن الصباغين، واول من حصل على لقب جاثليق هو مار اسحق سنة 410م، ومن رسم فافا هو احادبوية أسقف اربيل العاشر واشترك في رسامته داود أسقف ميسان (البصرة)، أي أن البصرة كان لها أسقف قبل المدائن (بابل).
اقتباس 1 - د: ولم يكن هناك كنيسة في روما، وكان الغرب غارق في ظلام الوثنية.
الجواب: كلام جنابك غير صحيح، كل المصادر على الإطلاق تؤكد أن نيرون اتهم المسيحيين بحرق روما سنة 64م، وعلى أثر  ذلك  اُضطهد المسيحيين وتم إعدام مار بطرس وبولس في روما سنة 67م، وأن لينيوس هو أول أسقف لروما، وفي سنة 88م أصبح كليماندوس أسقفاً على روما ووجه رسالة إلى مسيحي كورنثوس سنة 100 تقريباً وسام منهم أساقفة وشمامسة، وأن اغناطيوس الأنطاكي +107م يشيد في رسالته إلى مسيحيي روما بكنيستها، وهذه الرسالة بالذات هي أحد النقاط التي اتخذتها روما حجة لأوليتها على الكنائس الأخرى، ويؤكد العهد الجديد الذي هو دستور جنابك إن هناك مسيحيين في روما من خلال رسالته بولس إلى أهل روما سنة 57 م أو 58، كما كتب بولس بعض رسائله من سجنه في روما بين سنة 61-64م.
اقتباس 1- ه: إن كنيسة بابل أصبجت لها رئاسة بطريركية مستقلة عن أنطاكيا في مجمع مار إسحق سنة 410 م أي عشرون سنة قبل أزمة مار نسطوريس وقورلس الاسكندراني.
الجواب: برغم أن المهم هو أن جنابك قلت أن كنيستك الموقرة انفصلت عن أنطاكية سنة 410م، لكن كلامك عمومي وغير مفصل وفيه أخطاء والتفصيل هو: إن الانفصال عن الكنيسة السريانية الأنطاكية الأم حدث سنة 497م، وأن مار اسحق هو أول من حصل على لقب جاثليق بحضور ممثل البطريرك الأنطاكي مار ماروثا مذيَّلة بتواقيع أساقفة  أنطاكيين، ولم ينفصل اسحق بل بقى خاضعاً للبطريرك الأنطاكي وقد خُلقت له مشاكل من أساقفته وكاد أن يسجن لولا تدخل البطريرك الأنطاكي السرياني فرفيريوس (+412م) وعدد من الآباء الأنطاكيين لدى الملك يزدجر الفارسي، وان ماروثا نفسه رافق الجاثليق يهبالا في سفره وأن آقاق أسقف آمد حضر مجمعه سنة 420م، وتؤكد قرارات مجمع داد يشوع أن الشرقيين متحدون ومرتبطون بالغربين بصفة تلاميذ وأبناء مثل اتحاد الرأس بالجسد!(راجع فقرة 57)، وأن الجاثليق بابوية +484 كان قد وجه رسالة جوابية (بالسريانية) إلى أساقفة السريان الغربين (ماري، فطاركة كرسي المشرق ص31) فقبض على الرسالة برصوم النصيبيني وكان مكتوباً فيها نحن تحت أُمة ظالمة (ܪܫܝܥܬܐ، رشيعتا) فأوصلها إلى فيروز الفارسي الذي استدعى سريانياً فحاول تبديلها إلى كلمة (ܪܝܫܢܝܬܐ ريشنيتا̤) لتصبح أمة ذات سيادة، لكنه لم يفلح، فاُعدم بابويه، والانفصال بدأ من عهد الجاثليق آقاق 485- 496م الذي مال الى النسطرة، وفي عهده جاء رهبان من شمال بين النهرين إلى قطسيفون في طريقهم إلى أنطاكية لطلب الرسامة، ولم يرضوا أن يضع آقاق يده عليهم وسألوه ومن معه لماذا انتم متمردين على بطريرك أنطاكية، فأجابوهم ليس بسبب العقيدة بل الحرب، وتعدُّ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية الانفصال سنة 486م، وأن آقاق أول سنة شرعي فقط وبعدها غير شرعي، وبعد تدقيقي للأمور بشكل مفصَّل وصلت إلى أن أقاق مال إلى النسطرة وتمرَّد ومات متمرداً ولكن الانفصال الحقيقي كان في مجمع الجاثليق بابي سنة 497م، وحتى في مجمع بابي فقد تَحزَّب أسقفان للكنيسة الأنطاكية السريانية الأم هما فافا أسقف بيث لافط زميل فليكسنوس المنبجي، وزيدد أسقف ريواردشير فارس (ألبير ابونا الكنيسة السريانية الشرقية ج1ص87)، ولكننا نُقرُّ أن الانفصال التام تم في هذا المجمع استناداً إلى القانون 10 والذي يقول فيه البير أبونا (وهذا يعني عدم اللجوء إلى أنطاكية ص88)، علماً أن عقيدة الكنيسة السريانية الشرقية لم تُحدد في مجمع آقاق كما ذكرتَ جنابك، ولكنها بقيت مشوهة وغير مستقرة بين النسطورية والأرثوذكسية، واعتناق كنيستك العقيدة النسطوري بصورة واضحة ورسمية مكتوبة كان في مجمع ايشوعياب سنة 585م، وثبتت نهائياً في مجمع غريغور سنة 605م.، علماً أن الانفصال لم يشمل كل السريان بل بقى أرثوذكس كثيرين، كما لم يشمل الهند التي كانت تخضع لمطران فارس الذي بدوره لم يخضع لجاثليق الكنيسة السريانية الشرقية والذي كان الباقطريين والرمانيين وغيرهم تحت رعايته أيضاً (بطرس الكلداني، ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان مج 2 ص 101) إلى تغلغلت النسطورية واستقرت في قسم منهم بشكل كبير وانتموا للكنيسة الشرقية في عهد الجاثليق طيمثاوس الأول +823 بعد أن منح مطرانها بعض الامتيازات، ويؤيد ذلك الجاثليق يشوعاب الحزي (+660م) في رسالته إلى شمعون مطران فارس التي كانت الهند تضع له قائلاً (إن الهند التي تمتد من مملكة فارس إلى كولم هي في ظلمة لعدم حصولها على نور التعليم الإلهي الذي يحصل بواسطة كهنة الحق (المصحف الفاتيكاني 157ص105، وكذلك السمعاني، المكتبة الشرقية ج3 ص131).
اقتباس2 - أ: ليس هناك دليل كتابي (من الكتاب المقدس) بأن مار بطرس الرسول قد ذهب إلى روما وأستشهد فيها.
الجواب: وهل هناك دليل كتابي على ذهاب مار أدي وماري واجي إلى بلاد بين النهرين، وعليه لماذا استندتَ أنهم بشَّروا اربيل والرها؟، ولماذا تدَّعون بأنكم كرسي مار ادي أو مار ماري؟.
اقتباس2-ب: وإن ما يتداول اليوم هو تقليد كنسي ولسبب سياسي لأعلاء شأن كرسي أسقف روما على  بقية البطريركيات كونها العاصمة ومقر الاباطرة الرومان.
الجواب: نعم إن موضوع أولوية بطرس هو مثار جدل في الكنيسة لأن علاقة هذه الكراسي الرسولية الثلاثة ببعضها (أنطاكية، روما، الاسكندرية، ثم القسطنطينية فيما بعد، لم تكن في حكم أوتونومي (ذاتي)، بل حكم أوتوكيفالي (مستقل) أي لم يكن لأحدها سلطة على الآخر، والدليل أن المجامع المسكونية الخمسة الأولى ترأسها بطاركة أنطاكية والإسكندرية فقط، ومشكلة أولوية بطرس أثارها ويثيرها الأقباط إلى اليوم لأن لديهم شعور بعقدة من أن كنيستهم أقل مقاماً من كنيستي أنطاكية وروما لأنهما تُنسبان إلى بطرس، فالأقباط متذرعين برسالة بولس إلى روميا 20:15 (وكنت حريصاً أن اُبشّر لئلا أبني على أساس غيري) وبأن بطرس لم يبشِّر روما، لكن التاريخ اثبت أن بطرس كان في روما بعد كتابة الرسالة وأُعدم هناك، والمهم في الموضوع أن أولويّة مار بطرس لم تكن قضيّة مهمة لكنيسة أنطاكية (فإذا كان بطرس بشَّر روما، فيعني أن مؤسس كنيسة أنطاكية الأول بطرس بشَّر روما، وإذا كان بطرس متساوياً مع الرسل، فذاك حَسنْ، وإن كان هو أعلى من بقية الرسل، فهذا أحسنْ)، لأن أولوية بطرس هي نقطة قوة أنطاكية التي تفتخر بها أمام روما والإسكندرية، بل أن الأنطاكيين يعتبرون اعترافهم بروما كرسيّاً بطرسيّاً هو كرماً منهم لها، ويقول الذهبي الفم بهذا الخصوص: لأن امتياز مدينتنا على كل المدن قائم على اتخاذها من الأصل هامة الرسل معلماً، لأنه كان يجب أن يكون أول الرعاة في الرسل راعياً للمدينة التي دُعي فيها المسيحيون أولاً بهذا الاسم الشريف، ولكننا إذا اتخذناه معلماً لم نحتفظ به حتى النهاية بل تخلينا عنه لأجل مملكة روما، لكن إذا شئت فقل إن احتفظنا به دائماً، أجل أننا لم نمتلك جسد بطرس وإنما امتلكنا إيمان بطرس، فامتلكناهُ نفسه (الأب متري هاجي اثناسيو، موسوعة بطريركية أنطاكية مج 1 ص 259و260). 
وكان رد السريان الأنطاكيون حازماً على الأقباط أيضاً، فعندما تصدى البابا ديوسقورس الاسكندري لبعض المبتدعين الأنطاكيين افتخر بكنيستهُ متذرعاً بسلطان مرقس مؤسس كنيستهُ، فردّ عليه ثيودوريطس القورشي: إن أنطاكية المدينة العظمى فيها كرسي الرسول بطرس الذي كان معلم مرقس وأول جمهور الرسل وهامتهم. (علماً أن القورشي محسوب نسطورياً).
وحتى نسطور نفسه الذي كان قومياً سريانياً أنطاكيّاً بامتياز (وكلامي هنا هو عن حسه القومي فقط وليس العقائدي!)، فعندما رشقه البابا كيرلس الاسكندري بالحرومات صرخ نسطور من على منبر الكنيسة بحَسرة قائلاً: انظروا إن هذا المصري إنه يحاربني بين كهنتي، حتى في وسط شعبي، أليس المصري هو العدو الدائم للقسطنطينية وأنطاكية؟.(الأب يوسف الشماس المخلصي، خلاصة تاريخ الكنيسة الملكية ص 125)، (للمزيد راجع كتابي مار ملاطيوس السرياني العظيم ص 125-132).
والمهم في هذا الموضوع أبونا هو: إن كنيستك هي أنطاكيَّة كما قلتَ، فلا تهتم وافتخر بذلك لأنها منسوبة لبطرس مؤسس كنيسة أنطاكية السريانية وليس النسطورية أو الآشورية أو الفارسية أو بقية الأسماء الكثيرة.
اقباس2-ج: بينما هناك دليل كتابي بأن بطرس الرسول قد زار بابل وأسس فيها كنيسة ويذكرها في رسالته (بطرس الأولى 5 : 19).
الجواب: هذا خطأ كبير لأن مار بطرس لم يصل العراق ولا بابل ولا يوجد أي دليل مادي أو تقليدي ولو حتى ضعيف يقول ذلك، بل بالعكس تماماً هذا هو أحد ثلاث احتمالات لوجود بطرس في روما.
الاحتمال الأول: المقصود ببابل هي قرية أو محلة في السامرة سكنها أهل بابل الذين أتى بهم الملك الآشوري سرجون الثاني (+705 ق.م.) م من مدينة كوث إحدى المدن في مقاطعة بابل وأسكنهم مكان الأسباط العشرة من اليهود الذين سباهم إلى آشور،(راجع 2ملوك 17: 24–30)، فعمل أهل بابل في السامرة صنم سكوث بنوث ونركل، حتى ظل السامريون يُدعون باسم الكوثيين زمناً طويلاً (دائرة المعارف الكتابية ج6 ص 409، ويُعتقد أن كوث كانت عاصمة سومرية (حالياً تل إبراهيم 20 ميل شمال شرق بابل اكتشفها هرمز رسام (1881–1882م) ويوجد بالقرب منها معابد سومرية وبابلية (ر. مقدمة طه باقر ص513)، وسكوث بنوث هو صنم أقامه البابليون في السامرة معناه بالعبرية "مظلات البنات" كان يمارس فيه البغاء (دائرة المعارف الكتابية ج4 ص 398)، علماً أن اليهود العائدين من بابل بعد السبي شكَّلوا مجمعات ومراكز ثقافية كثيرة باسم بابل، حتى إن المؤرخ يوسيفوس +100م) أصدر نسخة خاصة من دراساته التاريخية لهم.
الاحتمال الثاني: نتيجة لورود اسم مار مرقس في الرسالة ولعلاقته بمصر التي زارها سنة 62م تقريباً، ولعلاقة مار بطرس بمرقس حيث كان تلميذه، فإن الإسكندريين استنتجوا أن بطرس أتى لزيارة مرقس في مصر، وأن الرسالة كُتبت في قرية أسسها لاجئون من بابل قرب القاهرة باسم بابليون، وكانت في وقت كتابة الرسالة معسكراً حربياً رومانياً لا تزال آثاره قائمة إلى اليوم، وإن السيدة المذكورة ربما تكون زوجة مار بطرس لأنها كانت بنت عم والد مرقس، ويقول كليمانوس الإسكندري إنها كانت شخصية معروفة في الكنيسة الأولى وقد اصطحبها مار بطرس معه في رحلاته التبشيرية (1كورنثوس 9: 5)، وإنها استشهدت أمام عيني بطرس حيث كان يشجعها بقوله "اذكري الرب".
الاحتمال الثالث: أن الرسالة كُتبت في روما التي كانت توصف مثل بابل بالشر والزنى والفسق والخطيئة (بابل التي في رؤ 14: 8 و16: 19 و17: 5 و18: 2 و21) اسم رمزي يشير إلى روما، فقد أسهبت روما بابل في بذخها وفي امتداد إمبراطوريتها وفي زناها وفي اضطهادها لشعب الله وقد قصد بذلك النطق بالدينونة وإيقاع القضاة على روما تحت اسم مستعار هو بابل، ويُرجَّح أن بابل هي روما التي كتب بطرس منها رسالته (قاموس الكتاب المقدس ص152)، ولكي لا يُفهم كلامي أنه انحياز للكاثوليك فإني أرجِّح الاحتمال الأول، ولكن على الأقل هناك احتمال كتابي رمزي في سفر الرؤية يشير إلى أن بابل هي روما، ومعلوم أن سفر الرؤية  أغلبه رمزي.
وهنا لدي سؤال لجنابك، إذا كُنتَ متحمساً لهذه الدرجة إلى بابل (وأنا مع تحمسك) لأن اسم الكنيسة هو بابل (المدائن) التي كانت عاصمة الفرس، وهذا ما يتفق أيضاً مع بقية الكنائس الرسولية التقليدية الأربعة أنطاكية والقسطنطينية وروما والإسكندرية والقدس المرتبط اسمها بعاصمة البلد التي نشأ فيه الكرسي الأسقفي في وقتها، وليس العودة إلى أسماء تاريخية منقرضة، أو تسميتها بالمشرق فقط التي ليس لها مدلول واضح بعد حذف كلمة السريانية، فهناك 30 كنيسة بالعالم اسمها الشرقية، وعليه إذاً لماذا لا تُسمِّي كنيستك الموقرة بكنيسة بابل؟، فقد تكلم مجمع إيشوعياب الأول سنة 585م عن كرسي بابل، ونجد عبد يشوع الصوباوي (+1318م) يُسمي كرسي المدائن بكرسي بابل، ولماذا لا تعترض على القسم الذي سَمَّى كنيسته بالآشورية أسوةً بأحد أقطاب كنيستك الذي قال لي: أننا خلصنا من النسطورية فوقعنا بالآشورية، علماً أحد أسباب انفصال الكنيسة السريانية الشرقية عن كنيسة أنطاكية الأم كان هو ضغط الدولة الفارسية التي كانت تطمح أن يصبح لها كنيسة باسم عاصمتها أسوةً بالبقية، فحققت ذلك مستغلةً الخلاف الفكري النسطوري والخلاف السلطوي ممثلاً ببرصوم النصيبيني وآخرين (وهناك سبب آخر مهم جداً ساعد في تحقيق الانفصال سأذكره في الجزء الثاني لعلاقته بالآشوريين القدماء والأسباط العشرة اليهودية الضائعة).
اقباس3 -أ: البطريرك نسطوريس لم يكن بطريركاً لكنيسة المشرق.
الجواب: كلام جنابك صحيح.
اقباس3 - ب: والمشارقة لم يسمعوا به
الجواب: هذا دليل ضد كنيستك التي يدعي البعض بأنها رسولية، كيف لا تسمع بنسطور الذي شغل العالم في وقته وكان بطريرك كنيسة القسطنطنية؟!.
اقباس3 -ج: ولم يشاركوا في مجمع أفسس 431م.
الجواب: من يقرأ كلام جنابك يعتقد وكأن كنيستك قد شاركت في المجامع الأخرى.
أرجو أن تذكر اسم جاثليق أو بطريرك واحد لكنيستك الذي شارك في مجمع (نيقية 325، قسطنطنية 381، افسس الأول 431، افسس الثاني 449، خلقيدونية 451)، أو أي مجمع آخر مسكوني مع كنائس أُخرى منذ بداية المسيحية والى اليوم.
إن الكنيسة السريانية الشرقية، المشرق، النسطورية، الفارسية..الخ، لم يحضر جاثليقها أي مجمع مسكوني على الإطلاق، لا قبل اعتناقها النسطورية لأنها كانت خاضعة لكنيسة أنطاكية السريانية ولا بعد اعتناقها النسطورية لأنها أصبحت معزولة عن الكنائس الأخرى، والى اليوم كنيستك لا تملك شْركه كنسية مع أية كنيسة رسولية في العالم على الإطلاق (طبعاً باستثناء كنيسة المشرق الآشورية التي انفصلت عنها كنيستك سنة 1968م)، فمن الناحية الرسمية لا تستطيع جنابك أن تشترك في عمل الذبيحة الإلهية وقراءة الكلام الجوهري (كسر الخبز والخمر) مع أي كاهن آخر من كنيسة كاثوليكية  أو أرثوذكسية خلقيدونية (اليونان، روسيا، رومانيا، صربيا، بلغاريا، السريان الملكيين (الروم الأرثوذكس).الخ، أو أرثوذكسية لاخلقيدونية (سريان، أقباط، أرمن، أحباش)، ولا حتى مع الانكليكانية.
اقباس3 -د: وإنما كانت كنيسة المشرق تعتمد كريستولوجيا القديس مار ثيودوروس المصيصي مفسر الكتب إلهية ومعلم الكنيسة الجامعة، وتبنت رسمياً هذه العقيدة في مجمع البطريرك أقاق 480 م ولحد اليوم.
الجواب: لقد قرأتُ هذا الرأي في آخر كتاب (كنيسة المشرق لكريستوف باومر ص9) أن كنيستك يجب أن تُدعى ثيودورية وليس نسطورية (وأنا لا أريد أن أركِّز على موضوع العقائد بل على اسم كنيستك وأنطاكيتها فقط)، ولكن أقول: إذا كان تبديل الاسم النسطوري بتيودوري لأن نسطور محروم، فما عملنا شي يا أبونا، لأن نسطور هو تلميذ ثيودوروس المصيصي، ولكن لأن نسطور أصبح بطريرك وحُرم وأصبح اسمه في التاريخ مشهوراً، وأن ثيودورس أيضاً محروم، كما أن تصوريك بتبديل الاسم وكأنَّه إنجاز عظيم وهو إضافة اسم آخر إلى اسم الكنيسة والتي تُعد أكثر كنيسة في العالم لها أسماء كنيسة (بابل، سلوقية، قطسيفون، المدائن، المشرق، السريانية الشرقية، فارس، النسطورية، النسطورية الكلدانية، (ختم بطريركها كان بطريركا محيلا كلدايا)، الثيودورية، الثيودورية-النسطورية بتعبير الأب يوسف حبي)، الآشورية، الشرقية القديمة، الجاثليقية).
 وإذا كان الأمر من وجهة نظرك هكذا فإن ثيودورس المصيصي كان تليمذ تيودورس الطرسوسي، لذلك يجب أن تتوقع أن يأتي رأياً آخر من أحد الكتاب أو المؤرخين هو تسمية كنيستكم تيودرية بالتاء نسبة إلى تيودوروس الطرسوسي للتميزعن ثيودورس المصيصي بالثاء، ونتيجة لتطابق الاسمين ثيودورس المصيصي والطرسوسي ولكي لا تحصل نفس المشكلة بين اسم سوريا وآشور، قد يأتي اقترح إما تسميتها المصيصية كما أردتها جنابك أن تنسبها إلى ثيودورس المصيصي، أو الطرسوسية إذا ما ورد رأي آخر ينسبها إلى تيودوروس الطرسوسي مستقبلاً، علماً أن الأخير أيضاً محروم.
(هل هكذا تقاس الأمور يا أبونا؟ وهل الكنيسة تقوى وتثبت بتبديل اسم الكنيسة واسم الشعب من اسم إلى اسم أو وضع علامة = بين اسم سوريا واشور مثلاً، أو بإضافة وتبديل حروف لأسماء الشعوب وهويتهم الدينية واللغوية والطقسية والتراثية منذ 2000 سنة ؟).
والآن إلى تيودورس المصيصي الذي تريد تسمية كنيستك به، وأنا احترم رأيك، ولكن أخشى أن تحصل مشكلة مع الاسم، فلعل من يقرأ كلامك يعتقد ان ثيودوروس كان آشورياً من بلاد بين النهرين وليس سريانياً مولود في أنطاكية وخريج مدرسة أنطاكية، وأنه يُسمَّى ثيودورس الأنطاكي (حتى في الانكليزية Theodore of Mopsuestia also known  Theodore of Antioch)، ولكن لقب المصيصي أشهر لأنه تسقّف على مصيصة، فبالرغم من أن نسطور أيضاً سرياني وخريج مدرسة أنطاكية، لكنه مولود في مرعش، فأنطاكيَّة المصيصي أوضح من أنطاكيَّة نسطور، أم أن أنطاكية أيضاً سوف تحوّر إلى آشور؟، فالفرق كبير بين كلمة آشور وأنطاكية بكل لغات العالم وليس من السهل إضافة وتبديل حروف الألف والسين كما يحصل في الانكليزي والعربي (فقط!) مع كلمتي سوريا وسريان لتصبح آشور!، علماً أنه في اللغة السريانية أيضاً التي هي اللغة الأم لأبناء الكنيسة الشرقية لا يمكن تحوير كلمة سوريا وسريان إلى آشور لأن الفرق كبير (ܣܘܪܝܝܐ ̤/ ܐܬܘܪܝܐ) واعتقد أن أبناء الكنيسة الشرقية ليسوا انكليزاً ولا عرباً لكي يستندوا باسمهم إلى اللغة الانكليزية أو العربية مع إدخال تحويرات!، بل إلى السريانية!.
وأخيراً أليس قولكم بان كنيستكم هي ثيودورية المنسوية إلى ديودوروس الأنطاكي أسقف مصيصة دليل واضح وقطعي بأن كنيستكم لا زالت إلى اليوم مرتبطة بأنطاكية السريانية؟، وإذا تشوف حرج في كلمة سريانية لأنها أصبحت مكروهة من البعض حتى أن قسم من رجال الدين الكبار بدء يستعمل كلمة مشيحايا بدل سورايا في مواعظه معتقداً انه يستطيع أن يبدل التاريخ ويمحو هذه الكلمة المستعملة منذ 2000 سنة من فم طفل إلى شيخ والواردة ملايين وملايين المرات في كتب جميع لغات العالم، لذلك أبونا احذف كلمة سريانية واعتبر السؤال: أليست كنيستكم لا زالت إلى اليوم مرتبطة بأنطاكيَّة ومنسوبة إلى تيودورس الأنطاكي؟.
اقتباس4: الانجليز لم يخترعوا القومية الآشورية كما تزعم في مقالتك، أين كان الانجليز عندما وصل الآشوريون إلى الصين واليابان مبشرين بالإنجيل؟؟ وماذا تقول عن قصص الشهداء الآشوريين مثل مار قرداخ الأربيلي ومار بهنام الآشوري وأخته سارة ووالدهم الملك الآشوري سنحاريب . ألم تزر يوماً دير الشيخ متي في جبل  مقلوب لترى بأم عينك سور الملك الآشوري سنحاريب والذي يحيط بالدير وهو شاخص لحد اليوم ، أرجوك أن تزور الدير وتشاهد سور سنحاريب قبل أن تفجره داعش . أين كان الانجليز في ذلك الزمان ؟؟؟ أكتفي بهذا القدر لكي لا أطيل وأسبب الملل للقاريء الكريم.
الجواب: بعد أن رأينا أن كنيستك هي أنطاكيَّة وباعترافك، فأقول: لا يوجد في التاريخ المسيحي لا آشوريين ولا كنيسة آشورية، وان الانكليز هم من اخترع الاسم الآشوري سنة 1876م وأطلقوه على السريان الشرقيين (النساطرة)، ولأن الفقرة الرابعة من كلامك مهمة جداً والموضوع يحتاج إلى ترجمة مخطوطات سريانية وانكليزية لرفعها، سأجيب بجزء ثاني، وسأثبت لجانبك ومن المصادر التي لها علاقة بكنيستك المؤقرة فقط! أن كنيستك هي سريانية، بل أن آباء كنيستك يعتزون ويفاخرون بسريانيتهم والسريانية أكثر من السريان الغربيين، كما سأبين بعض الأخطاء التي ذكرتها جنابك. 
بارخمور
موفق نيسكو

58
 
الرتب الكنسية والألقاب الدينية

في بداية المسيحية تشكلت ثلاث كراسي رسولية، أنطاكية، روما، الإسكندرية، وفي مجمع نيقية سنة 325م الذي عُقد بأمر ورعاية الإمبراطور قسطنطين الكبير الذي اتخذ من مدينة القسطنطينية مقراً له، تم تأسيس كرسي رابع هو كرسي القسطنطينية الذي عدَّ كرسياً مناظراً لروما في مجمع القسطنطينية المسكوني سنة 381م وفي قانونه الثالث (يكون لأسقف  القسطنطينية مكان الإكرام بعد أسقف روما لأن القسطنطينية هي روما الجديدة)، أمَّا كنيسة القدس فبعد خراب أورشليم سنة 70م كانت أبرشية بسيطة تابعة لأسقف قيصرية فلسطين الخاضع لكرسي أنطاكية السرياني، وفي مجمع نيقية سنة325م أقرَّ المجمع بقانونه السابع إعطاء مكانة الشرف لمدينة القدس وأسقفها بكونها الكنيسة الأم (يكون لأسقف أورشليم مكان الشرف والاعتبار) لكنه أبقاه خاضعا لسلطة البطريرك الأنطاكي، وفي مجمع خلقيدونية سنة 451م سعى أسقف القدس يوبيناليوس (422-458م) إلى رفع شانه وضغط على أعضاء المجمع للاعتراف باستقلاله عن أنطاكية لاسيما انه كان من مناصري مداولات المجمع، وفي الجلسة السابعة المنعقدة يوم (26-10-451م)  تفاهم البطريرك الأنطاكي السرياني مكسيموس مع أسقف القدس واعترف البطريرك الأنطاكي بسلطة أسقف القدس على ولايات فلسطين الثلاث في اليهودية والسامرة والجليل، مع سحب صلاحياته من مقاطعات فينيقية الأولى والثانية وبلاد العرب، وأُعطيَّ أسقف القدس لقب البطريرك الخامس.

 ومنذ بداية المسيحية وعهد الرسل استعمل المسيحيون لقب أسقف الذي يعني رئيس الكهنة أو الرقيب، الناظر، المشرف، وهو من الألفاظ المعرَّبة عن اليونانية وقد نقل إلى السريانية ومنها إلى العربية التي أتت بمعنى الشخص الذي يتخاشع بمشيئته أو الخاضع والمنحني في عبادته، وهو عالم من علماء المسيحيين 1.
 
 ولما كان عدد الأساقفة قليلاً في البداية كانت الجغرافية هي التي تميز الأساقفة بعضهم عن بعض، وكان اسم الأسقف مرتبطاً دائماً بمدينة أو منطقة جغرافية معينة، ومنذ نهاية القرن الثالث ونتيجة لازدياد الرعية والأساقفة أصبح التنظيم المسيحي الكنسي يُميّز كمنصب بين أساقفة المناطق الصغيرة وبين أساقفة المدن الكبيرة، (وإنْ كان الاثنان متساويان في المكانة من حيث السيامة والكهنوت)، فكان أساقفة المدن الصغرى ورعيتهم يتبعون إدارياً أسقف الكنيسة في المدينة الأكبر في المنطقة والذي دُعي مطراناً (متروبوليت) ومعناها أسقف أُم المدن أو رئيس أساقفة، والمطارنة بدورهم يتبعون أسقف الكرسي الرسولي في العاصمة دائماً وهو الرئيس الأعلى للأساقفة مثل أسقف أنطاكية والإسكندرية وروما والقسطنطينية.
 
بدأت الكنائس تُنظّم ألقاب الأساقفة من حيث الدرجات، وأول من أشار إلى لقب البطريرك كان مار اغناطيوس النوراني 107م+، في رسالته إلى كنيسة أنطاكية السريانية حيث يقول (اذكروا اوديوس الطوباوي اباكم (بطريرككم) الذي هو أول من دبَّر كنيستكم بعد الرسل)2 , وسُمِّي الأسقف الأنطاكي قبل غيره بطريركاً حيث شيئا فشيئا اخذ اللقب طابعه العام بعد مجمع نيقية سنة325م وبدأ يُطلق على آباء الكنيسة الأنطاكيين السريان في مجمع خلقيدونية سنة 451م ولا يزال.
وبطريرك آو بتريرك:  ويخفف أحياناً فيقال بطرك جمعه بطاركة، وهي  كلمة يونانيه تتكون من (باتريا) πατήρ بمعنى الأب, و (ارشي)  ἄ ρχων بمعنى الرئيس، أي رئيس الآباء أو أبو الآباء، وهو اسم قديم كان يُطلق على راعي الأسرة، أو حاكم القبيلة، وقد كان كلاً من إبراهيم واسحق ويعقوب بطاركة.

في النصف الأول من القرن الثالث أُطلق اسم بابا على أسقف الإسكندرية الثالث عشر مار يارالاكس (230–246م) حيث كان محبوباً جداً من قبل رعيته وعدّوه أباً لهم فأطلقوا عليه لقب بابا، وأول من أطلق لقب بطريرك على باباوات الإسكندرية هو اثناسيوس حيث كتب عن البابا اسكندر الأول 312 - 328 م وسمَّاه بطريركاً, ولا يزال أساقفة الإسكندرية يستعملون لقب بابا وبطريرك معاً.

أمَّا أسقف روما فكان لقبه أسقف روما فقط، وفي القرن السادس أطلق انوديوس مغنوس فيليكس أسقف باريس لقب البابا على أسقف روما هرمزيدا (514–521م)، لكن هذا اللقب لم يلازم أسقف روما لأن كثيراً من الأساقفة الآخرين كانوا يستعملونه أيضاً، إلى أن اعتلى كرسي روما الأسقف غريغوريوس السابع (1073–1085م) الذي عقد مجمعاً محلياً حرَّم فيه كل أسقف يطلق لقب بابا على نفسه أو على غيره، وحصر حق استعمال لقب بابا بأسقف روما فقط.

في الربع الأخير من القرن السادس أُطلق لقب البطريرك المسكوني (العالمي) على أسقف القسطنطينية، أمَّا رؤساء أساقفة كنيسة أرمينيا اتخذوا لقب كاثوليكوس في القرن الخامس ومعناها العام أو الشامل.
 
الرتب الكهنوتية والألقاب في كنيسة أنطاكية السريانية
في مجمع ساليق سنة 410م ونتيجة للمشاكل التي مرت بها الكنيسة منذ سنة 363م بين الرومان والفرس ومقتل بعض الرهبان عند ذهابهم إلى أنطاكية، ولصعوبة الاتصالات، مُنح مار اسحق مطران المشرق في كنيسة كوخي في سلوقية أو المدائن لقب (جاثليق) وهي مُعرَّبة عن اليونانية (كاثوليكوس)، ومعناها مطران عام أو الشامل، مسؤولاً على الكنيسة السريانية في الشرق (العراق وبلاد فارس) خاضعاً لسلطة البطريرك الأنطاكي السرياني إدارياً وعقائدياً، ولم يطلق المجتمعون في مجمع ساليق على مار اسحق لقب بطريرك خوفاً من حصول تصدع في وحدة كنيسة المسيح، ونظراً لأن إجراء كهذا سوف يلغي سيادة وسلطة بطريرك أنطاكية الذي كان هو الرئيس الأعلى والمباشر للكنيسة في هذه المناطق3 ، ويقول المعلم لومون الفرنساوي (1724–1794م): إن البطريرك الأنطاكي كان له سلطان على كل الشرق المسيحي، ولم يكن بطريركاً غيره في كل البلاد السريانية، وكان للبلاد الشرقية على الخصوص أسقف كبير خاضع للبطريرك الأنطاكي يسمى الجاثليق وكرسيه مدينة سلوقية أو المدائن 4، ويقول القس بطرس نصري الكلداني: إن جثالقة المدائن لم يحوزوا قط على شرف أو لقب البطريرك بحق قانوني في أول الأمر، لكنهم اختلسوا اسم البطريرك والبطريركية واستبدوا به 5. ويذكر المؤرخ كوركيس عوّاد (1908–1992م)، أن الجاثليق هو رئيس النساطرة في ديار الشرق6 .
  وتتفق المصادر العربية والإسلامية على أن البطريرك الأنطاكي هو أعلى درجة في الشرق، ويقول القلشقندي: إن كلمة بطرك أو البطريق وجمعها بطارقة هو مقدَّم النصارى والقائم بأمرهم ويطلق على أربعة كراسي منها كرسي أنطاكية من بلاد العواصم7 ، ويقول الزركلي في كتاب الأعلام: إن الجاثليق هو رئيس رؤساء الكهنة السريانيين في بلاد المشرق، العراق وفارس وما إليها، ويقال لصاحب هذه الرتبة عند رجال الكنيسة المفريان، أمَّا الزبيدي في تاج العروس فيقول، إن الجاثليق هو رئيس المسيحيين في بلاد الإسلام بمدينة السلام (بغداد)، ويكون المطارنة والأساقفة تحت يده، أمَّا الجاثليق نفسه فيكون تحت يد بطريرك أنطاكية 8.
والجاثليق هي رتبة أقل من البطريرك وأعلى من المطران وهو رئيس كنيسة بلد ما أو عدة بلدان محددة، وبعد انفصال الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية) عن أنطاكية سنة 497م، قامت كنيسة أنطاكية برسم مار أحوادمة 575+ بلقب جاثليق على رعيتها الباقية، وفي سنة 628م استبدل لقب الجاثليق إلى مفريان مع مار ماروثا التكريتي، ومفريان، كلمة سريانية معناها المثمر، وهو لقب مفريان الهند اليوم، والاسمان الجاثليق والمفريان اسمان مترادفان.
 وإلى اليوم تستعمل الكنيسة الشرقية القديمة لقب الجاثليق إلى جانب البطريرك، ويوقّع جاثليقها أدى الثاني بجاثليق بطريرك الكنيسة الشرقية الجاثليقية القديمة، وكان جثالقة الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية) يعتزون بهذا الاسم خاصة بعد أن قويت مكانتهم لدى الخلفاء العباسيين لدرجة أن الجاثليق النسطوري إبراهيم الثالث (906–937م) دفع مبلغ ثلاثين ألف دينار واستطاع الحصول على مرسوم من الخليفة المقتدر بالله (908–932م) يمنع بموجبه إيليا جاثليق الكنيسة السريانية الملكية (الروم الأرثوذكس) في بغداد من يسمي نفسه جاثليقاً، وعندما رفض إيليا ذلك، هجم عليه إبراهيم الثالث في الكنيسة وأخذه إلى الخليفة الذي أقر بأن الرئاسة في بغداد لجاثليق النساطرة فقط، وحدث مثل هذا الأمر أيضاً في تكريت مع المفريان السرياني الأرثوذكسي توما الثاني العامودي (910–911م)9 ، وشيد السريان الشرقيون (النساطرة) ديرين قرب بغداد باسم دير الجاثليق، وكان خمسة من جثالقة المشرق على الأقل المتوفين بين سنة (823–872 م) قد دفنوا في دير الجاثليق الواقع غرب بغداد، ويسمى هذا الدير بالسريانية (دير كليل يشوع) أي أكليل يسوع، ومعظم الكتب القديمة التي تُعاد طباعتها حديثاً من قِبل السريان الشرقيين (الكلدان والآشوريين)، يُستبدل فيها لقب الجاثليق القديم بلقب بطريرك الحديث.

بعد القرن السادس عشر قامت روما بمنح وتثبيت لقب بطريرك لرؤساء الكنائس المحلية التابعين لها مثل الكلدان والسريان الكاثوليك واللاتين وغيرهم، ونتيجة لهذه التدخلات في الألقاب حيث أن بطاركة الكنائس الشرقية الأخرى التي يكون فيها البطريرك معادلاً لبابا روما والأقباط،فقد قُدِّمت مقترحات لبطريرك الكنيسة الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية بتبديل لقبه إلى (بابا أنطاكية والمشرق على الكرسي البطرسي)، لكن يبدو أنه ولأسباب تاريخية وتراثية لا يريد تبديل لقبه، علماً أنه قد لُقِّب (بابا المشرق) من قِبل بعض الكُتّاب مثل اوسولد باري ورينودوت وغيرهما10 .
 
سياق الكلمات المستعملة مع الدرجات الكهنوتية
1: هناك كلمتين عامتين تستعمل مع الأساقفة سواءً أسقف أو مطران أو بطريرك أو بابا.
ا- مار: كلمة سريانية معناها سيد.
ب-الحبر: وتستعمل هذه الكلمة أحياناً ومعناها، العالم البهي, العالم الحسن المنظر, الجميل, الصالح...الخ
2: كلمة قداسة: تستعمل مع أعلى منصب كنسي أي مع بابا روما وبابا الأقباط ومع بطاركة كنيستي  أنطاكية السريانية الأرثوذكسية وبطريرك القسطنطينية المسكوني، وبطريركي السريان الشرقيين (كنيسة المشرق الآشورية، والكنيسة الشرقية القديمة)، أمَّا بطاركة الكنائس التي لا يكون البطريرك فيها هو أعلى منصب فلا يجوز استعمال كلمة قداسة معه مثل بطاركة الكاثوليك مثل الكلدان والسريان الكاثوليك والموارنة وغيرهم، بل تستعمل معهم كلمة غبطة.
3: كلمة غبطة: ومعناها سعادة، تستعمل مع المنصب الثاني في ترتيب الكنيسة وكما ذكرتُ سابقاً، وهي كلمة عربية يقابلها بالسرياني طبثونو أي الطوباوي.
ملاحظة: يجوز استعمال كلمتي قداسة وغبطة معاً للمنصب الأعلى في الكنيسة فقط. أي أن يُقال صاحب القداسة والغبطة، كما يجوز استعمال لقب بابا وبطريرك معاً لأعلى منصب في الكنيسة، ولا يجوز العكس.
4: نيافة أو سيادة: تستعمل مع المطارنة أو الأساقفة، ومطران: معناها الرجل البار، الطاهر، العفيف، ويقابلها بالسريانية حسيو أو معليو، وقد وردت  تسمية جَعْفَلِين في لسان العرب مرادفة لكلمة مطران كما يقول الأب انستاس الكرملي11 ، كما وردت كلمة مطران في المصادر العربية أنه رئيس المدينة والقاضي الذي يفصل الخصومات بين المسيحيين12 ، والمطران يرئس كنيسة مدينة كبيرة أو عدة مدن صغرى أو دولة إذا كانت عدد الرعيّة قليل كما في بلاد المهجر، وتُسمَّى الرقعة الجغرافية التي يرعاها أبرشية، وسابقاً كان يُرسم أساقفة للبلدات الصغيرة، يتبعون  لأسقف المدينة  الكبيرة (المطران) كما قلنا، أمَّا في العصر الحديث فجميع الأساقفة تقريباً يحملون لقب مطران باستثناء الكاهن الأرمل في بعض الكنائس الذي يُمكن أن يصبح أسقفاً في حالات قليلة جداً وإذا دَعت الحاجة الكنسيّة لذلك، ويُسمَّى سيادة الأسقف، لكن لا يحق له أن يصبح مفريان أو بطريرك لأنه غير بتول، وسابقاً لم يكن يُرسم مطران ما لم يكن هناك أبرشية شاغرة، أمَّا في العصر الحديث فيمكن رسامة مطران بدون أبرشية ويُسمَّى نائب بطريركي، والنائب البطريركي ليس معناها أن المطران نائب البطريرك في كل شيء، بل معناها أنه ينوب عن البطريرك في مهمة معينة فقط مثل رعاية رعيَّة تُسمى نيابة بطريركية قبل أن تُصبح أبرشية ثابتة، أو يكون مسئولاً عن مؤسسة أو هيئة كنسية أو معاوناً للبطريرك وغيرها، (أي أن صلاحيات المطران النائب البطريركي أقل من صلاحيات مطران أبرشية ثابت). حيث أن الأول يُعد قرين الأبرشية الروحي (زواج روحي بين المطران والأبرشية)، فهو لا يُنقل ولا يبدل أو يُقال إلاَّ لظروف نادرة جداً وبعد موافقة  رعيتهُ وموافقته شخصياً،أو بارتكابه هرطقة أو مرض عضال أو إحداثه مشكلة كبيرة في الكنيسة، وبموافقة المجمع، بينما المطران النائب البطريركي يحق للبطريرك نقله بسهولة وبدون اخذ رأيه أو رأي الرعية أو موافقة المجمع.
5: أبونا: تُستعمل مع الدرجات الكهنوتية الأخرى وهي القسوسية أي الكهنة، وفيها درجتان.
1: الخورفسقوفس، وهو المتقدم بين الكهنة أو أسقف الأرياف، ويُطلق عليه اختصاراً الخوري.
2: القس أو الكاهن كلمة سريانية قاشيشو ومعناها الشيخ.
وتسبق كلمة أبونا في المكاتبات كلمة جناب أو حضرة الاب الفاضل.
6: الراهب: يتسلسل الأساقفة من سلك الرهبنة أي أنهم يكونون بتولين، وعندما يترهّب الشخص عادةً يغادر مسكنه العائلي ويسكن أحد الأديرة ويُسمَّى بالسرياني (ديريو) أي ساكن الدير، وبعد ذلك يتسلسل بالدرجات الكهنوتية ليصبح راهب كاهن ويُسمَّى ربَّان، وهنا يجب مناداته أبونا، ثم بعد ذلك يمكن أن يصبح مطران، مفريان، بطريرك أو بابا.
واحتراماً  للأساقفة بمراتبهم يُناديهم الشعب بسيدنا، أما الكهنة فيناديهم الشعب أبونا، (ومن المفروض أن لا تستعمل الكلمات العادية في تحية الأساقفة والكهنة مثل مرحباً أو أهلاً  أو مع السلامة، بل هناك عبارة جميلة يستعملها الشعب السرياني عندما يحيّ الأساقفة والكهنة تسبق تلك الكلمات وهي كلمة (بارخمور سيدنا أو أبونا) ومعناها امنحني البركة، فيرد الأسقف أو الكاهن (ألوهو مباريخ)، أي الله هو الذي يباركك)، ويجوز للمطارنة أن ينادي أحدهم الأخر سيدنا، ولكن من الناحية الرسمية وخاصة المكاتبات لا يجوز أن ينادي البطريرك المطران وجهاً لوجه سيدنا بل أخي أو نيافة المطران الفلاني، لأن البطريرك هو سيد الكل، (أحياناً من باب التواضع يناديه سيدنا، ولكن لا يقول له بارخمور مطلقاً)، بينما الكاهن (وهو محظوظ) حيث أن الجميع يناديه أبونا بمن فيهم البطريرك حتى لو كان وجهاً لوجه. وإذا التقى مطرانان أو كاهنان يقول أحدهم للاخر بارخمور، ويجيب الآخر بارخمور فقط بدون الوهو مباريخ.
7: مشمشونو: تستعمل مع الشماس، وشماس  كلمة سريانية معناها الخادم، وفيها درجتان رئيسيتان
 ا : الأرخدياقون: رئيس الشمامسة،ب: الإنجيلي، وثلاث درجات ثانوية هي: ا: الافودياقون أي الرسائلي، ب: قوريو أي القارئ، ج: مزمرونو أي المرتل، والأرخدياقون والإنجيلي لهما صلاحيات أوسع في القداس، كما يحق للمطران منحهما صلاحيات معينة للضرورة، كما يعاملان معاملة الكهنة المتزوجين فلا يحق لأحدهم الزواج إذا توفيت زوجتهُ، وفي حالة الوفاة يعامل معاملة الكاهن في التجنيز.
8: برث قيومو: لقب يُطلق على  زوجة الكاهن المتزوج، معناها بنت العهد.
9: الاسم الأبوي: هناك نظام في بعض الكنائس بإضافة لقب يُسمَّى اسم أبوي مثل اغناطيوس، باسليوس، غريغوريوس, سويريوس....الخ، وهي أسماء قديسين أو معلمين تعتز بهم الكنيسة, وعند رسامة المطران يُطلق  البطريرك أحد الأسماء على المطران المرتسم وتضاف إلى اسمه الشخصي فيما بعد، ويمكن أن يحمل أكثر من مطران نفس الاسم، لكن اسم أغناطيوس يحمله البطريرك فقط وباسليوس المفريان أو الجاثليق فقط، أي أن المطران إذا أصبح بطريرك أو مفريان يغير اسمه الأسقفي من غريغوريوس أو سويريوس إلى اغناطيوس أو باسلبيوس، ويحمل خمسة بطاركة اليوم لقب أغناطيوس وهم بطاركة: سريان أرثوذكس، سريان كاثوليك، السريان الملكيين (روم أرثوذكس، وروم كاثوليك)، السريان الموارنة، وفي الكنيسة السريانية الأرثوذكسية تقليد وهو أن أغلب الكهنة يختارون اسم أبوي إذا كان اسمه مدني وليس له مدلول مسيحي، مثل جابر، عامر، سعد، فيختار احد الأسماء مثل توما، اسحق، أفرام...الخ.

 أمَّا كنيسة المشرق السريانية الشرقية (الآشورية حالياً) فمنذ القرن السادس عشر أصبح اسم شمعون  كاسم أبوي يسبق اسم البطريرك، أمَّا الأساقفة والكهنة فيحتفظون باسمهم الحقيقي
---------------------------------------------------------------------------
 1: ابن منظور، لسان العرب ج6 ص 298. والزبيدي، تاج العروس ج6 ص141.
 2: اوديوس أو  افوديوس: ثاني بطريرك انطاكي بعد الرسول بطرس.
 3: الأب د. جي. سي. ساندرس، المسيحيون الآشوريون – الكلدان ص 26.
 4: المعلم لومون الفرنساوي، مختصر تواريخ الكنيسة، طبعة الموصل1873م، ص 178.
 5: ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة السريان ج1 ص40.
 6: كوركيس عوّاد، الذخائر الشرقية ج5 ص175.
 7: صبح الأعشى ج5 ص443.
 8: الزركلي، الأعلام ج5 ص117. وتاج العروس ج6 ص305.
 9: أخبار بطاركة كرسي المشرق، كتاب المجدل لماري بن سليمان ص92،125.
 10: لسان المشرق1951م، السنة 3، اوسولد باري، ستة أشهر في دير السريان ص 306.
 11: لسان العرب ج2 ص 300، الكرملي، أديان العرب وخرافاتهم ص 77.
 12: صبح الأعشى في صناعة الانشا ج 5 ص 444 .



59
عيد الصليب وبقايا خشبة صليب السيد المسيح الحقيقية

يحتفل المسيحيون في 14 أيلول من كل سنة بمناسبة اكتشاف خشبة صليب السيد المسيح الحقيقية في القدس سنة 326م من قِبَل القديسة هيلانة (ابنة كاهن سرياني من قرية فيجي قرب الرها) والدة الإمبراطور قسطنطين الكبير المتوفى سنة 337م، وكان ذلك في عهد بطريرك أنطاكية مار أسطثاوس السرياني(324–337م) الذي استقبل القديسة هيلانة في أنطاكية وهي في طريقها إلى القدس.

ويروي كل من المؤرخين اوسابيوس القيصري الذي كان معاصراً للإمبراطور قسطنطين وهو الذي عمّدهُ والمُلقَّب بحبيب قسطنطين في ك 3 فصل 25 وما يليه، وسقراط في ك 1 ف 17 وتيودوروس وسوزمين المعاصرين تلك الحقبة وغيرهم: أن هيلانة ذهبت إلى أورشليم وقد ناهزت الثمانين من العمر، وكان الوثنيون قد أقاموا في مكان صلب السيد المسيح (الجلجلة) هيكلاً للمشتري وتمثالاً للزهرة لكي يمتنع المسيحيون من التعَّبد في المكان الذي صُلب فيه السيد المسيح، وعندما وصلت إلى أورشليم ذهبت إلى الجلجلة تُنقِّب عن آثار الصلب أملاً منها بالعثور على آثار وخاصةً على صليب السيد المسيح، وقد واجهت مصاعب كثيرة، وكان يرافقها مكاريوس أسقف أورشليم الذي كان يقوم بالصلاة والتضرع معها، وأخيراً اهتديا إلى مغارة فيها ثلاث صلبان، صليب السيد المسيح وصليبي اللصين اللذان صُلبا معه، فصلَّى مكاريوس إلى الرب وطلب منه أن يعطيه الحكمة ليتعرَّف على صليب السيد المسيح من بين الصلبان الثلاثة، وكانت هناك امرأة محتضرة مريضة يئس الأطباء من شفائها، فطلب مكاريوس إحضارها ووضع الصليب الأول والثاني على رأسها، فلم يظهر دليل على شفائها، وعندما وضع الصليب الثالث انتعشت وفتحت عينها وعات إليها العافية أمام الناس، فاندهش الجميع وشكروا الله، ووضعت هيلانة جزءاً من الصليب في صوان من الفضة لأورشليم ليتبارك منه الناس والزائرون، وأرسلت البقية إلى القسطنطينية إلى ابنها قسطنطين، الذي وضعه شاخصاً للعيان في شارع قسطنطين، ويؤكد المؤرخ سقراط أن أكثر سكان القسطنطينية شاهدوهُ، وقد صاغ قسطنطين من أحد مسامير الصليب ذخيرة له.

ويقول المؤرخ سقراط ك1 فصل 16، إن قسطنطين كتب إلى أسقف أورشليم مكاريوس رسالة جاء فيها (مختصرة): أشكر الله على الآيات التي صنعها بالاهتداء إلى صليب المخلص الذي بقي مطموراً منذ سنين طويلة، فتلك نعمة لو اجتمع كل حكماء المعمورة لمَا وفَّوا من حق أداء الشكر عليها...الخ الرسالة التي يتعهد فيها قسطنطين لمكاريوس بإنشاء كنيسة القيامة في مكان اكتشاف الصليب، وعهد البناء إلى الوالي دريلشيانوس وكاهن القسطنطينية اوستاط، وانتهى العمل منها سنة 335م، وكان الإمبراطور قسطنطين وبمناسبة مرور ثلاثين سنة على إمبراطوريته وحباً بسلام الكنيسة قد أمر بعقد مجمع للكنيسة الأنطاكية السريانية في فصل الصيف في مدينة صور اللبنانية للبحث في المشاكل مع الآريوسيين لإحلال السلام في الكنيسة، وعندما رأى قسطنطين أن كنيسة القيامة اكتمل إنشائها أمر الأساقفة بالذهاب الى أورشليم لتكريس افتتاح كنيسة القيامة، وكان في مقدمة الأساقفة الحاضرين مار يعقوب النصيبيني (أستاذ مار أفرام السرياني)، وميليس أسقف شوشن، والكسندروس أسقف تسالونيكية، وغيرهم، وفي الثالث عشر والرابع عشر من أيلول سنة 335م احتُفل بافتتاحها، ومنذ ذلك اليوم يصعد أسقف أورشليم يوم 14 أيلول حاملاً الصليب بيده للشعب، مقدمين له السجود والتكريم ذاكرين رفعه على يد القديسة هيلانة، وهناك تقليد متوارث في قسم من البلدان بإشعال النار يشير إلى أن هيلانة عندما اكتشفته أشعلت النار لإعطاء علامة للناس.

أمر الإمبراطور قسطنطين بتوزيع أجزاء من خشبة الصليب على الكنائس آنذاك، واحتفظت كنيستي القسطنطينية وروما بقطع منه، وبقيت الخشبة الأصلية في كنيسة القيامة في القدس، وذكر كيرلس بطريرك أورشليم (351 -386م) في كتابه مواعظ التعليم المسيحي، أن أساقفة أورشليم كانوا يوزعون أجزاء من خشبة الصليب على كبار الزوار، وان أجزائه انتشرت في العالم في زمن قصير، وعندما استولى كسرى الثاني سنة 615م على القدس تم نهب كنائسها وأسر آلاف المسيحيين منهم البطريرك زكريا، وأضرمت النار في كنيسة القيامة والكنائس الأخرى بتحريض من اليهود، ونجا جزء كبير من الصليب من النار بهمّة المؤمن يزدين، فأخذ الفرس الصليب كغنيمة إلى الخزانة الملكية الفارسية في المدائن،  وعندما قام هرقل بمحاربة الفرس استعاد خشبة الصليب المقدس، وفي احتفال مهيب حمل هرقل الصليب على كتفيه في 14 أيلول سنة 629م ماراً بشوارع القدس وهو حافي القدمين يتبعه جنوده وجمع غفير من الشعب وهم يذرفون الدموع، ثم أُرسل الصليب إلى رئيس أساقفة القسطنطينية سرجيوس، وأعيد إلى أورشليم، وبعد موت هرقل سنة 636م، احترقت كنيسة القيامة ولم يبقى من حجم الصليب إلاَّ عُشرهُ،  وما تبقى منه قُسِّمَ إلى 19 قطعة صغيرة ووزعت إلى: 4 لأورشليم، 3 لأنطاكية، 3 للقسطنطينية،  2 لقبرص، 2 لجورجيا، 1 للرها، 1 لدمشق، 1 لعسقلان، 1 للإسكندرية، 1 لجزيرة كريت،  وبمرور الوقت قُسِّمت تلك القطع إلى أجزاء صغيرة وأعطيت إلى كنائس وشخصيات مسيحية عالمية وانتشرت في العالم.

وتشير وصية ملك الفرنجة شالرلمان (768–800م) إلى وجود قسم من خشبة الصليب الحقيقي، وكان لدوق البندقية إنريكو داندلولو (1195–1205م) قطعة من الصليب الحقيقي قيل إن الإمبراطور قسطنطين كان يحملها معه، وفي سنة 1217م ذهب أسقف أورشليم إلى مدينة "أكرا acra" الفرنسية حاملاً جزءاً من الصليب الحقيقي، كما حصل ملك النرويج سيغور (1103–1130م) على جزء منه ووضعه في مدينة كونجهل، كما نال فالدمار الثالث ملك الدنمرك (1326–1329م) على قطعة أهداها له البابا اوربان الخامس، وانتشرت بقايا خشبة الصليب الحقيقي الأخرى في العالم وحسب الأحجام المرفقة في الجدول.

وأهم المراجع التي كتبت حول الآثار المقدسة المسيحية هي مجموعة les petits bollandistes الفرنسية بعنوان (حياة القديسين من العهدين القديم والجديد، الشهداء، والآباء، والكتاب المقدس الكنسي، تعليمات حول التجمعات والجماعات الدينية، التاريخ والقطع الأثرية)، والتي طبعت بإشراف المونسنيور بولس غيران (1908-1830م) سنة 1888م، وتقع في سبعة عشر مجلداً في نحو عشرين ألف صفحة من الحجم الكبير قام بكتابتها نخبة ممتازة من علماء أوربا في القرن التاسع عشر، كما اشترك بكتابتها عدد من الأساقفة والرهبان والعلمانيين، والتي جاء فيها:
يقول القديسين يوستينوس الشهيد(100–165م ت) واغسطينوس(354–430م) وغيرهما إن شكل الصليب الذي صُلب عليه السيد المسيح لم يكن على شكل حرف T، ولا على شكل الصليب اليوناني المتساوي الأضلاع  + ، كما انه ليس على شكل الصليب الذي صُلب عليه القديس أندراوس والذي كان على شكل X.

إن الصليب الذي صُلب عليه السيد المسيح كان على شكل     الذي تكون فيه العارضة عند ثلثي الارتفاع تقريباً، ومن خلال أقوال القديس يوستينوس يُستدل على وجود درجة لسند القدمين، وتؤكد هذا الرأي الصور التي يرجع تاريخها إلى القرن الثامن الميلادي والتي وجدت في سان كليمان في ايطاليا، وقد توصّل الباحثون إلى أن الصليب كان يتكون من قائم ارتفاعه 4,8م ( أربعة أمتار وثمانين سنتمتراً، ومن عارضة يتراوح طولها بين (2,3–2,6م)، بسمك 0,15 متر تقريباً (15سنتمتر تقريباً)،  وعليه كان حجم صليب السيد المسيح  0,178 متر مكعب (178,000) سنتمتر مكعب، وبلغ  وزنه تسعين كيلو غرام تقريباً.
 
بعد فحص نوع خشب الصليب الحقيقي ثبت أنه من الأشجار القلفونية، وبعد فحص صليب اللص اليمين ديماس، لم يعد هناك مجال للشك في ذلك. فهذه القطعة كانت كبيرة فكان من السهل التحقق من نوع الخشب وأنه من الشوم Sapin بالفرنسية، Fir بالإنجليزية (من الأخشاب الصنوبرية التي تنمو في المناطق الباردة)، وكان صليب السيد المسيح وصليبي اللصين من نفس الصنف إذ أنه تم تجهيزها في نفس اليوم ولنفس الغرض.

وحسب التقليد المسيحي فالسيد المسيح كان طويل القامة، ويتفق ذلك مع كتابة على إحدى الطاولات الموجودة في دير القديس يوحنا في مدينة ليتران الايطالية التي تذكر أن طول السيد المسيح كان 184 سنتيمترًا تقريباً، لذلك فالقديس لوقا في إنجيليه (23: 26) كان دقيقاً عندما وصف السيد المسيح حاملاً صليبه على كتفه وأن سمعان القيرواني كان يسير خلفه يساعده في حمل الصليب، وبهذا فإن الصليب كان مائلاً على كتف سمعان، وبذلك يكون التقليد القائل أن ثقل الصليب كان موزعًا بين السيد المسيح وسمعان القيرواني تقليدًا متفقًا مع المنطق.

قائمة الأحجام المعروفة لقطع خشبة الصليب الحقيقي بالملليمتر المكعب

60
جامع الشطية في الموصل كان كنيسة مار يوحنا الدَّيلمي السرياني

نشرت الأخبار والمواقع ومنها موقع عينكاوا خبر يقول: (قال الباحث الآثاري يوسف محمد أن تفجير مرقد وجامع شيخ الشط في منطقة الميدان من قبل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية كشف عن آثار كنيسة قديمة وأضاف محمد في تصريح خاص لموقع عنكاوا كوم أن آثار الكنيسة القديمة عبارة عن واجهات باللغة السريانية يرجح  أنها تعود لما بعد 1170 ميلادية).

وأودُّ أن أقول: إن هذه الكنيسة هي كنيسة مار يوحنا الدَّيلمي السرياني.
 وبنعمة الله إني أول من استقصى سيرته من المصادر وكتب له كتاب خاص سنة 2009م من 178 صفحة A5، وقد نفذت الطبعة، وحالياً قمتُ بإعداد طبعة ثانية بعد إضافة معلومات جديدة عنه حصلتُ عليها في السنوات الأخيرة.
وفي صفحة 134 من الكتاب كنت قد أشرت إلى أن جامح أو مسجد الشطية كان كنيسة مار يوحنا الدَّيلمي السرياني، وهذه الاكتشاف يُثبت ما ذكرتهُ في كتابي.

نبذة مختصرة عن حياة القديس مار يوحنا الدَّيلمي السرياني من كتابي

ولد القديس مار يوحنا الدَّيلمي السرياني سنة 660م لأسرة مباركة ولأبوين هما إبراهيم الجرمقاني وسارة، في قرية حْدَيثةْ الموصل وهي قرية مسيحية سريانية قديمة كانت تقع على الجانب الشرقي لنهر دجلة بالقرب من مصب نهر الزاب الأعلى بدجلة، وكلمة حْدَيثةْ (حديتا) كلمة سريانية معناها الفرح أو البهجة، وكان سكانها مسيحيون وبها كنيستان ودير قريب منها هو دير القيارة، بالسريانية (بيث قيرا) أي بيت القار.
ترهب في دير بيث عابي وهو دير قديم شيدهُ يعقوب اللاشومي سنة 595م، يقع جنوب قرية (خربا)  الواقعة إلى الشمال الغربي من بلدة عقرة، أنقاضه باقية إلى اليوم. ويرد اسم هذا الدير في المصادر التاريخية أحياناً باسم دير باغاوي أو باعابي.
زار مار يوحنا القدس، وفي عودته التقى الخليفة عبد الملك بن مروان وشفى ابنته، كما التقى الحجاج بن يوسف الثفي وشفاه من الم مزمن في يديه، ونتيجة لهذه الحادثة تسمي المصادر التاريخية مار يوحنا الدَّيلمي بطبيب الحجّاج (ابن حوقل، صورة الأرض ص398، والأصطخري، المسالك والممالك  ص91). 
تم اسر القديس يوحنا من قبل الدِّيلم في أطراف بلدة بغديدا قرقوش وأخذه إلى بلاد فارس، ونُسبَ لقبه الدَّيلمي لأنه بَشَّر بالمسيحية في منطقة الدَّيلم الفارسية (محافظة عيلام وهمذان الحالية)، وتسمى أحياناً ديلمستان أو ديلمان. وكانت منطقة الدَّيلم تمتد من هذه المناطق إلى جنوب غرب بحر قزوين في ايران
بَشَّر مار يوحنا في قرقوش وأهدى قوماً كثرين للمسيحية في أسره الطويل في بلاد فارس وخاصة في عيلام والأهواز وله آثار هناك وقلاية في مدينة البصرة.
توفي في بلاد فارس في السادس والعشرون من كانون الثاني سنة 738م.
له دير في بلدة قره قوش (بخديدا)  يُسمى دير السريان يحوي على كثير من الآثار والمخطوطات، ويقع الدير في سهل بمسافة 75متر تقريباً غرب تل اثري يسمّى موقرتايا، وأول من سمَّى دير مار يوحنا الدَّيلمي بدير السريان هم السريان الذين نزحوا من تكريت في القرن الحادي عشر وسكنوا منطقة قره قوش والموصل، ويستدل من بقايا كنيسته الكبيرة وآثارها الشاخصة على أن الدير كان كبيراً وكثير الغرف والقلالي ويقيم فيه كثير من الرهبان، وكان عامراً بالرهبان سنة 1723م، وسُمي بالدير العامر في تلك الفترة، وآخر ذكر لرئيس الدير هو الربان صليبا مع الربان يوحنا والشماس فولس في عهد البطريرك السرياني الأرثوذكسي اغناطيوس شكر الله المارديني (1722_1745م)، وبقي الدير عامراً إلى أن أغار عليه نادر شاه قولي خان ودمّره في 15 آب 1743م، فهجره الرهبان، وآخر ذكر له هو سنة 1773م، ونتيجة الأحداث تُرك خاليا ولم يعد قائماً، لكن أطلاله وبقايا المذبح والكنيسة وغيرها، بقيت شاخصة إلى أن تم إعادة بناؤه سنة 1995م بهمة الحبر الجليل مار غريغوريوس صليبا شمعون مطران الموصل للسريان الأرثوذكس الذي أعاد إعماره بأسلوب عمراني حديث.
تبنت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية القديس مار يوحنا الدَّيلمي منذ البداية ووضعت له تذكار، وتبنته أيضاً الكنيسة السريانية الشرقية والكنيسة السريانية الملكية (الروم الأرثوذكس) والكنيسة المارونية السريانية، وكنيسة الأحباش الأرثوذكسية، وربما الأقباط.
   الكنيسة السريانية الشرقية (النسطورية فقط) كانت تُعيّد له في الأحد الثالث بعد عيد الظهور الإلهي (الدنح أو الغطاس)، ويبدو أن هذا التقليد بقي من الناحية الشعبية متوارثاً إلى اليوم في الكنيسة الكلدانية مع تغير تاريخ اليوم فقط، حيث يقوم المؤمنين بزيارة مزار مار يوحنا الذي يقع في قرية خربا قرب بلدة عقرة في (الجمعة الثالثة) بعد أحد القيامة.
الكنيسة السريانية الأرثوذكسية كانت تعيد له في 27 نيسان أو 31 آذار من السنة، وفي سنة 1998م، وبأمر بطريركي من قداسة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس زكا الأول عيواص وأثناء زيارته للدير تقرر أن يكون يوم الجمعة الأخيرة من شهر آذار كل عام عيداً خاصاً له.
أقدم سيرة للقديس مار يوحنا الدَّيلمي كتبها أبو نوح الأنباري، كاتم أسرار حاكم الموصل أبي موسى بن مصعب وزميل الجاثليق السرياني الشرقي (النسطوري) طيمثاوس الأول (780_823م).
أقدم ذكر للدير ورهبانه سنة 900م تقريباً. كما جاء في تاريخ يوسف بوسنايا: وكان يقصد الربان يوسف بوسنايا الفقهاء من مدينة السلام وكان يقصده الرهبان أيضاً من دير مار يوحنا الدَّيلمي.
هناك أكثر من أثر وكنيسة على اسمه، منها آثار في كنيسة الطاهرة الخارجية للسريان الأرثوذكس في الموصل ، وفي قرية دفرية قرب نهلة (قضاء عقرة) وفي شقلاوة، وكتبتُ مقال عن كنيسته مار يوحنا الدَّيلمي السرياني في قلث جنوب شرق تركيا.

غلاف الكتاب

الصفحة التي ذكرت أن مسجد الشطية كان كنيسة مار يوحنا الدَّيلمي




61
بطريركية الكنيسة الشرقية القديمة/ مكتب الاعلام

رغم وجودنا حاليا بعيدا عن مقرنا البطريركي في بغداد بسبب زيارتنا الرعوية لأبرشية أميركا وكندا لكنيستنا الشرقية القديمة والتي ابتدأت قبل التطورات الأمنية الأخيرة في الوطن العراق،ورغم ما رافق الزيارة من إصابتنا مؤخرا بعارض صحي،فإن ذلك لم يمنعنا من التواصل مع أوضاع شعبنا في الوطن من خلال متابعتنا اليومية المستمرة عبر مختلف وسائل الإعلام والاتصالات بشأن هذه الأوضاع التي بلغت ذروتها بمأساة إفراغ مدينة الموصل والعديد من بلدات سهل نينوى من أبنائها المسيحيين وهم السكان الأصليون أصحاب الحضارة والتاريخ،إلى جانب أبناء باقي المكونات العزيزة وذلك تحت تهديد المجاميع الإرهابية المسلحة، وما تلى ذلك من معاناتهم المريرة عقب النزوح من مناطقهم.
وبعد المرسوم البطريركي الذي كنا قد أصدرناه مؤخرا بضرورة تقديم الدعم والمساعدة الإنسانية لهؤلاء الأبناء المعانين،وحيث إطلعنا بالأمس القريب على زيارة وفد من إخوتنا أصحاب القداسة والغبطة بطاركة المشرق الأجلاء إلى الوطن العراق، فإننا نثمن عاليا تضامنهم مع أبناء شعبنا في محنتهم هذه،ونضم صوتنا إلى الأصوات المنادية بضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي ومنظماته المعنية.. المسؤولية تجاه ما يحدث اليوم، وذلك بتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين كأولوية عاجلة لإيقاف معاناتهم الإنسانية وتعويض المتضررين،وتوحيد المواقف لمحاربة الإرهاب والظلم،فضلا عن العمل على اتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير الحماية الدولية لأبناء شعبنا في منطقة سهل نينوى كي يتمكنوا من الحفاظ على وجودهم أولا وعلى هويتهم الدينية والقومية فضلا عن الوطنية كمكون أصيل وعريق وبما يوفر لهم العيش الكريم في وطنهم وصولا إلى توفير الآليات التي تمكنهم من المشاركة في إدارة مناطقهم.
وإذ نتقدم بالشكر والامتنان لجهود الحكومة العراقية المركزية وحكومة إقليم كودرستان في استقبال النازحين من أبناء شعبنا في ظل هذه الأوضاع وتوفير الممكن لمساعدتهم وكذلك المؤسسات والمنظمات الخيرية، فإننا ندعو جميع المعنيين لبذل المزيد من الجهود لمعالجة هذا الواقع المرير من خلال إجراءات فعالة وسريعة تضمن حياة وكرامة وممتلكات عموم المواطنين في الوطن،ومنهم أبناء شعبنا بشكل خاص وكذلك المكونات الأخرى.
 ولتكن نعمة الرب مع الجميع آمين
أدى الثاني بالنعمة
 جاثليق بطريرك الكنيسة الشرقية القديمة في العراق والعالم
24 /8 /2014

62
قداسة بطريرك كنيسة المشرق الآشورية مار دنخا الرابع الجزيل الاحترام

بارخمور سيدنا

استناداً إلى حقنا المشروع كمسيحيين في هذه الظروف الرهيبة والعصيبة من تاريخ المسيحيين في العراق نتوجه لقداستكم بالسؤال
لماذا فقط قداستكم لم تقوموا بزيارة الشعب المسيحي المنكوب في العراق؟، في الوقت الذي قام بطاركة الشرق بزيارة مسيحي العراق بمن فيهم بطريرك الكنيسة المارونية وبطريرك الروم الكاثوليك، وغيرهم من رجال الدين الذين ليس لهم رعية في العراق.

سيدنا قداسة البطريرك
نحن نعلم من تقاليدنا أنه حتى المتخاصمين في النكبات يتصالحون، فكيف وانتم الراعي وأبو الرعية لا تزورون شعبكم في هذه النكبة، علماً إن قداستكم لا تتأخرون عن زيارة نصب وأضرحة تذكارية لشهداء ورموز كنيستكم ورعيتكم، كان آخرها زيارتكم لروسيا قبل مدة قصيرة لهذا الغرض، فهل إزاحة الستار عن الحجر أهم من زيارة البشر؟.

والسؤال الثاني يا قداسة البطريرك والذي يٌشغلني دائماً
 لماذا لا تكون زيارتكم أصلاً هي توديع نهائي لأمريكا والاستقرار في العراق؟، أي أن يتم نقل مقر كرسيكم من أمريكا إلى العراق حيث مكانه التاريخي والجغرافي الصحيح، والعيش بين شعبكم، لأن الأسباب التي دعت سلفكم للعيش في أمريكا قد زالت، خاصة أن قداستكم أول من أقرنَ وثبَّتَ اسم الآشورية بكنيسة المشرق في التاريخ سنة 1976م عندما انتخبتم بطريركاً، فهل أمريكا هي أرض آشور التقليدية أم شمال العراق حيث توجد رعيتكم؟.

ننتظر من قداستكم الجواب، وهو من ابسط حقوقنا عليكم في هذه الظروف.

بارخمور سيدنا
موفق نيسكو

65
خطأ في شعار المتظاهرين المسيحيين يجب تداركه بسرعة

الإخوة القُرَّاء الأعزاء

لاحظتُ أن هناك خطأ غير مقصود في الشعار المرفوع في المظاهرات من المسيحيين، والخطأ هو رفع حرف النون داخل دائرة.

أنا اعلم أن المقصود من قِبَلْ المسيحيين هو رفضهم لتسمية النصارى، ولكن المظاهرات موجَّهة للرأي العالمي والعربي والإسلامي، وكثيراً من العالم والمسلمين والمثقفين لا يعرفون هذا الفرق، وأرجو أن لا يتصوَّر المسيحيين بأن الجميع يعرف ما الفرق، فإذا كان قسم كبير من المسيحيين لا يعرفون ما الفرق بالضبط، فما بالك بالآخرين، بل أن هذا الشعار قد يثبت التسمية النصرانية وينشرها أكثر. وأنا مُستغرب كيف أن القيادات الدينية والسياسية والثقافية المسيحية لم تنتبه لهذا الأمر، وهذه هي أحد مصائب المسيحيين.
فبمناسبة الأحداث الأخيرة ومنذ عدة أيام استلمت أكثر من مكالمة وبيان من بعض الإخوة والوجهاء المسلمين الطيبين داخل مدينة الموصل متعاطفين مع المسيحيين، ويرفضون ما تعرض له المسيحيين، وهم قطعاً مشكورين على ذلك، ولكن قسم منهم في مكالماتهم وبيانهم استعملوا كلمة النصارى، فاعترضتُ عليهم، لكنهم أجابوني نحن لا نعرف الفرق بالضبط، ثم أن المسيحيين أنفسهم يرفعون شعار حرف نون، ولذلك أقترح أن يكون شعار المسيحيين هو كالتالي من وجهة نظري الشخصية، وللمتظاهرين والقُرَّاء الكرام أن يأخذوا به أو يغيِّروهُ، المهم هو الفكرة:

والسبب هو: لكي يفهم الجميع بأن المسيحيين هم ليسوا نصارى، وهذا الموضوع هو مهم جداً جداً لأنه سيفتح باب النقاش في العالم وخاصة العالم العربي والإسلامي حول الفرق بين المسيحية والنصرانية، ومن خلال هذه المواضيع والنقاشات سوف يتم التطرق والدخول في مواضيع أخرى تسلط الضوء على مظالم المسيحيين في العالم الإسلامي، وقد كتبتُ سابقاً مقالة للفرق بين المسيحيون والنصارى وهي مقالة مختصرة جداً من كتابي القادم تاريخ الكنيسة السريانية في الجزيرة العربية،وفيه سأتطرق أكثر  إلى أنه من الناحية العقائدية المسيحية فأن المسلمين هم اقرب الى النصارى، وليس المسيحيون.

وأرفق المقال السابق كملف في الاسفل لمن يريد الاطلاع عليها.

وأشكر الأخ منهل كوركيس الذي لبَّى طلبي وصمم الشعار

وشكراً

66
كيف يجب أن يتصرَّف رجل الدين والسياسي والمُثقَّف المسيحي في هذه المحنة

 إن المرء ليقف مذهولاً جراء ما  تقوم به العصابات المجرمة من قوى الظلام من بعض المسلمين المتطرفين ضد المسيحيين العزل في الموصل والعراق، وأنا لم أتكلم في السياسة إلّا نادراً جداً، ولكن ما نشهده من جرائم إبادة جماعية يندى لها جبين البشرية، جعلني أُعبِّر عمَّا يجول في ذهني من أفكار من خلال قراءتي للتاريخ وكذلك تجاربي وعلاقاتي الشخصية والاجتماعية في مدينة الموصل، لعَّلني استطيع أن أقدم شيئاً من الأفكار من وجهة نظري إلى جانب إخوتي الآخرين تُساعد في تجاوز هذه المحنة التاريخية.

1: (التشخيص وليس التعميم)، غالباً ما يلجا المهتمون بقضايا المسيحيين وخاصة رجال الدين والسياسيين المسيحيين بالتعميم وعدم التشخيص خوفاً من أن التشخيص قد يأتي بالضرر، وهذا خطأ كبير، فالعموميات لا تضع المُقابل أمام المسؤولية، ولذلك يجب على الجميع من رجال دين وسياسيين ومثقفين مسيحيين وعند إصدار البيانات أو اللقاءات أو التصريحات الإعلامية وغيرها، تشخيص الأمور وبالاسم ومطالبة الحكومة العراقية والهيئات الإسلامية لبيان موقفها مما يحدث، ومطالبتها بتحويل الأقوال إلى أفعال، وأن تُشخَّص أسماء مثل مطالبة رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية بالاسم، ولأن داعش تستخدم اسم وشعارات وأدبيات الإسلام، يجب مطالبة علماء المسلمين بالاسم مثل مفتي العراق رافع الرافعي وعبد الملك السعدي ومحمد بشار الفيضي وأحمد الكبيسي وحارث الضاري وغيرهم، لبيان موقفهم وإصدار فتاوى واضحة تُحرِّم ما تقوم به داعش ضد المسيحيين، وإذا لم يقوموا بذلك معناه أنهم موافقين.
 
2: الابتعاد عن ربط ومقارنة ما يحدث للمسيحيين بالمسلمين، إذ أن القول من بعض رجال الدين والسياسيين المسيحيين بأن المسلمين أيضاً يتعرضون للاضطهاد، يُستغل من المسلمين الغير معتدلين بالقول: إن المسلمين أيضاً يتعرضون للاضطهاد وليس المسيحيين فقط، وهذا الأمر يسبب التهرب من المسؤولية، وقد رأينا كيف استُغل تصريح المطران بطرس موشي بأن المسلمين أيضاً يُعانون ومضطهدين، حيث ركَّز الإعلام على هذه الجملة.
 الكل يعلم أن الإخوة المسلمين أيضاً يتعرضون للاضطهاد والتهجير، وقطعاً إن المسيحيين ضد اضطهاد أي شخص من أي دين أو قومية، ولا تقل معاناة المسلم المضطهد عن المسيحي فالكل إخوة في الوطن، لكن الأمر يختلف مع اضطهاد المسيحيين، ويجب أن يُطرح الموضوع بالشكل التالي:

ا- إن المسلم السني ليس مُضطهداً في البيئية السنية مثل الموصل لأنه سني، والشيعي ليس مضطهداً في البيئة الشيعية مثل النجف لأنه شيعي.

ب- إن المسلمين المضطهدين جزء من صراع سياسي سلطوي بينهم حيث يقوم السنة والشيعة بقتل وتهجير بعضهم البعض والاستيلاء على دور العبادة والسكن وغيرها، بينما المسيحيون لا دخل لهم في هذا الصراع، ولم يقوموا بقتل أو أخذ دار عبادة أو سكن أحد.
 
ج- إن المسلمين المضطهدين لهم من يلجئون إليه ويدافع عنهم ويثأر لهم من ميليشيات ودول سنية وشيعية وقومية، والمسلمين أيضاً لهم عشائر كبيرة وقوية مسلَّحة، بينما المسيحيون ناس عُزَّل من كل هذه الأمور.

3: الابتعاد عن نظرية المؤامرة والقول إن من يقتل ويهجِّر المسيحيين ليس عراقياً أو ليس موصليَّاً أو هذه أجندات خارجية ..الخ، فليس كل العراقيين قديسين كما يحاول أن يصورهم البعض بحجة العاطفة والوطنية، وقسم من العراقيين ليسو أقل من غيرهم قتلاً وتطرفاً وسواءً، لذلك القول إن ما يحدث هو من قِبل غُرباء يعطي مبرراً للمتطرفين بالقتل أكثر بحجة إن ما يحدث من هو قِبلْ ناس غرباء، وهذا الأمر أيضاً يعطي بعض المسلمين المعتدلين والمسئولين العراقيين الحكوميين مبرراً للتهرب من المسؤولية، ويجب الإصرار على أن من يقوم بذلك عراقيون وأغلبهم من مدينة الموصل وليس غيرهم فهم يتكلمون ويُكبِّرون بالجوامع بلهجة الموصل وأطرافها، وهناك من المسيحيين من عَرفَ وشَخَّصَ بعض الناس من داعش أو من المتطرفين الذين كانوا يقتلون ويسلبون ويستهدفون ويُهجِّرون المسيحيين قبل دخول داعش، ووجود عدة أشخاص غير عراقيين بين داعش والمتطرفين ليس له أي قيمة لأن أغلب داعش والمتطرفين هم عراقيين، وكذلك يجب الابتعاد عن الإشاعات والتبرير النابع من الإحباط من بعض المسيحيين بالقول: إن ما حدث هو نتيجة  لقاء المطران الفلاني مع فلان، أو عدم حضور المطران الفلاني الاجتماع مع علّان ...الخ، من هذه التبريرات، فالنتيجة هي واحدة في كل الأحوال وبغض النضر عن الأسباب، وهي أن هناك متطرفين تكفيريين يرفضون الآخر ويريدون إبادتهُ والقضاء عليه، لذلك يجب التركيز على أن ما يحدث هو قيام متطرفين مسلمين بقتل وتهجير وإبادة المسيحيين، وهؤلاء هم المسؤول والمتهم الأول، ثم تأتي حيثيات من يقف ورائهم أو من يساندهم أو من يخطط لهم.

4: الابتعاد عن التعامل بالمجاملة والعواطف مع بعض التصريحات والبيانات التي تصدر من بعض الإخوة المسلمين الطيبين والمتعاطفين مع المسيحيين وهم كثيرون، وبلا شك إن تصريحاتهم وبياناتهم صادقة وحقيقية، ويجب أن يُشكروا عليها، ولكن هذه التصريحات والبيانات يجب أن لا تُثني رجل الدين والسياسي والمثقف المسيحي عن المطالبة بحقوقه كاملةً، بحجة أن هناك بعض الإخوة المسلمين الطيبين متعاطفين مع المسيحيين، لأن المطالبة بالحقوق والصرخة موجَّهة إلى المتطرفين وليس إلى الإخوة المسلمين الطيبين.

5: الاستشهاد من قِبّل رجال الدين والسياسيين والمثقفين المسيحيين أحياناً بآيات من الإنجيل تُساير الحديث عندما يتطلب الأمر وأثناء الاجتماعات واللقاءات الرسمية وشبه الرسمية، وكذلك  أثناء التصريحات الإعلامية أو إصدار البيانات أو حتى الكلام العام، أسوة برجال الدين والسياسيين والمثقفين المسلمين.

6: الاعتراض على الكلمات التي لا يحب المسيحيون أن يتسمَّوا بها مثل أهل الذمة والنصارى، فالمسيحي ليس عبداً لأحد لكي يوصف بذمي، إنه سيد البلد، ويجب أن يفهم الجميع أن المسيحي شجاعاً لا شقيَّاً ومتواضعاً لا جباناً، وهو مسيحي لا نصراني، أمَّا وجهة النظر الإسلامية الخاصة بالتسميات والأوصاف التي تخص المسيحيين، فليُسمِّي المسلمون المسيحيين بينهم كما يشأؤون وكيف ورد اسمهم ووضعهم في أدبياتهم وكتب الدينية الإسلامية، لكن ليس أمام المسيحيين، فمثل ما يحترم المسيحيون المسلمين ويُسمَّونهم بالمسلمين علماً أن اسمهم في المصادر التاريخية المسيحية الأولى هي (المحمديين، الإسماعليين، الهاجريين)، كذلك على المسلمين ان يحترموا المسيحيين ويُسمَّوهم كما يريد المسيحيون.

تعديل فقرات الدستور والقوانين التي تنتقص من حقوق ومكانة المسيحيين في العراق
انطلاقاً من القول إن الدستور العراقي يُعامل المسيحيين فعلاً كمواطن درجة أولى مساوٍ للمسلم العراقي، وأن المسلمين العراقيين يُريدون فعلاً أن يبقى المسيحيون في العراق، يجب على البرلمانيين الخمسة المسيحيين إذا كانوا يمثلون المسيحيين حقاً، طرح النقاط التالية في البرلمان، وهي النقاط المهمة فقط حالياُ لأنها قليل من كثير

1: إضافة كلمة (والمسيحيين) إلى جانب (فَجَائعَ شُهداءِ العراقِ شيعةً وسنةً) في ديباجة الدستور العراقي.

2: تعديل المادة 2 أولاً (دين الدولة هو الإسلام)  إلى (دين غالبية مواطني دولة العراق هو الإسلام) أسوةً بالفقرة ثانياً من نفس  المادة  التي تقول (يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي).

3: بالنسبة للمادة 2 الفقرتين
أ ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.
 ب ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية
يجب إضافة فقرة بعد هاتين الفقرتين هي (في حالة تعارض الفقرتين ألف (أ) وباء (ب)، فإن الفقرة باء (ب) هي المرجع والأساس).

4: تعديل المادة الثالثة من الدستور ( إن العراق جزء من العالم الإسلامي) إلى (إن مسلمي العراق جزء من العالم الإسلامي) أو (العراق عضو في دول منظمة المؤتمر الإسلامي) أسوةً (العراق جزء من جامعة الدول العربية) من نفس المادة، والتي كانت سابقاً حسب معلوماتي (إن العراق جزء من الأمة العربية)، لكن الأكراد أصرُّوا على تغيرها، وحسناً فعل الأكراد إن كانوا هم قد غيَّروها، وهذا هو الصحيح.

5: سن قانون يقول: كل غير مسلم يعتنق الإسلام، يُعامل بنفس معاملة المسلم الذي يعتنق غير الإسلام.

6: سن قانون يقول: كل مسلم يتزوج من غير مسلمة، يُعامل بنفس معاملة المسلمة المتزوجة من غير مسلم.

7: سن قانون واضح وقوي يعاقب التميز العنصري على أساس الدين أو القومية.

8: هذه بعض المطالب الأولية، ويجب أن يقوم قانونيين بدراسات فقرات المواد الشخصية والإرث وغيرها وتقديم مطالبهم إلى البرلمان لاحقاً لتغيرها بما يتناسب مع المسيحيين، أو استثناء المسيحيين منها، لان هناك فقرات كثيرة تُهين المسيحيين في القانون العراقي، وبهذه المطالب وغيرها توضع حقوق المسيحيين على ارض الواقع كاملةً، وليس الطلب بمناصب سيادية، فما الفائدة إذا كان رئيس الجمهورية والوزراء والبرلمان كلهم مسيحيون، ولكن دستور وقوانين البلد تنتقص من حقوق ومكانة المسيحي.

9: تشكيل وفد برماني من الأعضاء الخمسة باسم المكون المسيحي مع بعض المطارنة والمثقفين المسيحيين ولقاء ممثل الأمم المتحدة والهيئات الدبلوماسية للدول المهمة في بغداد، لتدويل المسألة.

10:  وأخيرا يجب أن يرفع ممثلو الكوتا المسيحية الخمسة في البرلمان بنصرهم (إصبعهم) في أول جلسة للبرلمان، والطلب من رئيس البرلمان إمّا بقراءة فصل من الإنجيل المقدس بعد تلاوة القرآن الكريم عند افتتاح جلسات البرلمان، أو قراءة فصلاً من الإنجيل المقدس فقط كل 32 جلسة من جلسات البرلمان.

بالنسبة لطرح النقاط بما يخص الدستور والتشريعات
 
إذا كان النواب المسيحيون الخمسة في البرلمان ليست لديهم جرأة على طرحها، نرجو تهيئة الأمر من قِبلهم لاستضافة من يطرحها، تماشياً مع حضور أي شخص إلى جلسات البرلمان في الدول الديمقراطية.
 
وإني على استعداد للسفر إلى بغداد وطرحها داخل جلسة البرلمان كمواطن عراقي مسيحي، إذا تم الموافقة على حضوري، على أن اُبلَّغ قبل أسبوع بذلك.

وشكراً
موفق نيسكو 



 

67
 صوت مسيحيي العراق والموصل بفاه مطران لندن مار اثناسيوس دقمة بحضور مطران بغداد مار سيويريوس حاوا والذي نقلته قناة الشرقية

http://youtu.be/TKPR4rWkRNQ

70
انتقل الى الخدور السماوية قبل ساعات قداسة البطريرك المعظم مار اغناطيوس زكا الاول عيواص بطريرك انطاكية وسائر المشرق والرئيس الاعلى للكنيسة السريانية الارثوكسية في العالم اجمع عن عمر ناهز الواحد وثمانين عاما بعد صراع طويل مع المرض، وتوفي في المانيا في حيث كان قداسته في رحلة علاجية، وهذه نبذة مختصرة عن قداسته:

    
شمعة السريان وجوهرة الزمان
قداسة الحبر الأعظم مار أغناطيوس زكا الأول عيواص
 بطريرك الكرسي البطرسي الانطاكي والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع
                                                                                                                                                                                           

من الأحبار السريان الأنطاكيين الأجلاء، ولد في الموصل في نيسان سنة 1933م، وأصبح مطراناً لها سنة 1963م، ثم مطران بغداد سنة (1969–1980م)، وخلال هذه المدة عُيَّن مطراناً لأوربا بالوكالة سنة 1976م، ومطراناً لإدارة السريان الأرثوذكس في استراليا سنة 1979م، وانتخب بالإجماع في 11 تموز سنة 1980م بطريركاً لأنطاكية، وتم تنصيبه في عيد الصليب 14 أيلول ليكون خليفة الرسول بطرس المئة والواحد والعشرين.
تلقى دروسه الابتدائية في مدرستي التهذيب للأحداث ومار توما الابتدائية الخاصتين بالكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الموصل.
انتسب إلى المدرسة الإكليريكية الأفرامية في الموصل في العام الدراسي 1946 ـ 1947. وتخرّج فيها بتفوق وحصل على دبلومها في اللاهوت وتاريخ الكنيسة وقوانينها واللغات السريانية والعربية والإنكليزية عام 1954.
بتاريخ 6/6/1954 لبس الإسكيم الرهباني، ودرّس علوم الكتاب المقدس واللغتين السريانية والعربية في المدرسة الإكليريكية ذاتها. ثم التحق بديوان الكتابة في دار البطريركية بحمص كسكرتير ثان عام 1955 في عهد البطريرك أفرام الأول برصوم.
عندما جلس على الكرسي البطريركي البطريرك يعقوب الثالث، عيّنه سكرتيراً أولاً للبطريركية ورسمه كاهناً عام 1957، وقلّده الصليب المقدس بتاريخ 15/4/1959.
انتمى إلى الكلية اللاهوتية العامة للكنيسة الأسقفية في نيويورك عام 1960 ـ 1962 وحصل بعدئذ منها على شهادة الدكتوراه الفخرية في اللاهوت.
عيّن مراقباً رسمياً في مجمع الفاتيكان الثاني لدورتي 1962و1963.
رسم مطراناً للموصل باسم مار سويريوس زكا عيواص مطران الموصل وتوابعها عام 1963. ورعى الأبرشية في الفترة ما بين 1963 ـ 1969.
عُيِّن مطراناً لأبرشية دير مار متى بالوكالة بالإضافة إلى مركزه كمطران الموصل في عام 1966.
انتخب مطراناً لأبرشية بغداد والبصرة عام 1969، كما عيّن في الوقت ذاته مطراناً بالوكالة لاوستراليا.
انتخبه المجمع الأنطاكي السرياني الأرثوذكسي بالإجماع بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق ورئيساً أعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع بتاريخ 11/7/1980. وتمّ تنصيبه في كاتدرائية مار جرجس بدمشق في 14/9/1980 باسم مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.
انتخب أحد الرؤساء الأربعة لمجلس كنائس الشرق الأوسط بتاريخ 22/1/1990.
انتخب أحد الرؤساء السبعة لمجلس الكنائس العالمي بتاريخ 14/12/1998

   سابق لزمانه، طوَّر الكنيسة بشكل كبير، وهو أول من اهتم وطوَّر سلك رهبانية النساء في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العصر الحديث، متواضع جداً، قال عنه أحد أئمة المسلمين في سوريا: "إن أردت أن تعرف معنى التواضع فعاشر البطريرك زكا الأول عيواص"، حائز على عدة شهادات منها، شهادة الدكتوراه في اللاهوت من جامعة نيويورك، امتيازات وحقوق الزمالة من معهد شيكاغو، دبلوم صحافة من مصر بالمراسلة، بتاريخ 17/12/ 2010م مُنح شهادة الاستحقاق والتقدير العالي برتبة برفسور علاّمة مفكّر والمساوية لدرجة دكتوراه شرف أولى العالمية من جامعة الحضارة الإسلامية، تقلَّد عدة أوسمة، منها وسام مار غريغوريوس المنوَّر وهو أرفع وسام في الكنيسة الأرمنية، قلَّده الرئيس اللبناني إلياس الهراوي وسام "الأرز الوطني من رتبة الوشاح"، يُعدُّ أمير المسكونية في تاريخ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بلا منازع، فهو من أكثر بطاركة أنطاكية الذين سعوا إلى التقارب والوحدة المسيحية، ولذلك منحه الكاردينال فرانس كونيك مؤسس جمعية برو أورينتي المهتمة بالوحدة المسيحية لقب "حامي البرو أورينتي"، زار الفاتيكان والتقى مع بابا روما يوحنا الثاني أكثر من خمس مرات وأصدر بياناً مشتركاً، حضر المجمع الفاتيكاني الثاني سنة (1962–1963م) بصفة مراقب وهو أول ممثل في تاريخ الكنيسة السريانية يحضر مجمع فاتيكاني، يُعدُّ من أشد الداعمين لتوحيد عيد الفصح المسيحي وأبدى استعداده لقبول أي يوم أحد من شهر نيسان يتفق عليه الجميع، وهو القائل"لا نشعر أبداً بأننا غرباء عن إخوتنا الكاثوليك، ولا هم غرباء عنا، ولئن سُمُّوا كاثوليكاً وسُمِّينا أرثوذكساً، فهم كاثوليك أرثوذكس ونحن أرثوذكس كاثوليك"، في سنة 1990م أُنتخب أحد أربعة رؤساء لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي سنة 1998م أُنتخب أحد سبعة رؤساء لمجلس الكنائس العالمي، وقّع بياناً مشتركاً مع الكنيسة السريانية الكاثوليكية ومع الكنيسة الملكية السريانية (الروم) وأعلن استعداده لإعادة الشركة الكنسية مع الكنائس الأنطاكية الأخرى، زار رئيس أساقفة كارنتربري في لندن، وبطريرك الأرمن والقسطنطينية وروسيا واليونان، وغيرهم.
 استلم قداسة البطريرك زكا البطريركية الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية بثمانية عشر أبرشية، وعدد الأبرشيات السريانية في العالم اليوم أكثر من خمسين أبرشية مع الهند، رَسم مفرياناً للهند وحوالي خمسين أسقفاً ومئات الكهنة والرهبان والشمامسة، زار الهند عدة مرات ونجح في حل كثير من الخلافات الموجودة هناك وإحلال السلام فيها إلى حد كبير، شيد عشرات المرافق الكنسية أبرزها دير مار أفرام السرياني المقر البطريركي في صيدنايا قرب دمشق وهو صرح كنسي جميل جداً أطلق البعض عليه اسم "فاتيكان الشرق"، زار معظم الأبرشيات السريانية في العالم، له أكثر من ثلاثين مؤلفاً ترجم قسم منها إلى لغات أخرى، وعندما كان مطراناً للموصل اكتشف في الأول من أيلول سنة 1964م قسماً من ذخائر (عظام) القديس مار توما الرسول.

71
انتقل الى الخدور السماوية قبل ساعات قداسة البطريرك المعظم مار اغناطيوس زكا الاول عيواص بطريرك انطاكية وسائر المشرق والرئيس الاعلى للكنيسة السريانية الارثوكسية في العالم اجمع عن عمر ناهز الواحد وثمانين عاما بعد صراع طويل مع المرض، وتوفي في المانيا في حيث كان قداسته في رحلة علاجية، وهذه نبذة مختصرة عن قداسته:

    
شمعة السريان وجوهرة الزمان
قداسة الحبر الأعظم مار أغناطيوس زكا الأول عيواص
 بطريرك الكرسي البطرسي الانطاكي والرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع
                                                                                                                                                                                           

من الأحبار السريان الأنطاكيين الأجلاء، ولد في الموصل في نيسان سنة 1933م، وأصبح مطراناً لها سنة 1963م، ثم مطران بغداد سنة (1969–1980م)، وخلال هذه المدة عُيَّن مطراناً لأوربا بالوكالة سنة 1976م، ومطراناً لإدارة السريان الأرثوذكس في استراليا سنة 1979م، وانتخب بالإجماع في 11 تموز سنة 1980م بطريركاً لأنطاكية، وتم تنصيبه في عيد الصليب 14 أيلول ليكون خليفة الرسول بطرس المئة والواحد والعشرين.
تلقى دروسه الابتدائية في مدرستي التهذيب للأحداث ومار توما الابتدائية الخاصتين بالكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الموصل.
انتسب إلى المدرسة الإكليريكية الأفرامية في الموصل في العام الدراسي 1946 ـ 1947. وتخرّج فيها بتفوق وحصل على دبلومها في اللاهوت وتاريخ الكنيسة وقوانينها واللغات السريانية والعربية والإنكليزية عام 1954.
بتاريخ 6/6/1954 لبس الإسكيم الرهباني، ودرّس علوم الكتاب المقدس واللغتين السريانية والعربية في المدرسة الإكليريكية ذاتها. ثم التحق بديوان الكتابة في دار البطريركية بحمص كسكرتير ثان عام 1955 في عهد البطريرك أفرام الأول برصوم.
عندما جلس على الكرسي البطريركي البطريرك يعقوب الثالث، عيّنه سكرتيراً أولاً للبطريركية ورسمه كاهناً عام 1957، وقلّده الصليب المقدس بتاريخ 15/4/1959.
انتمى إلى الكلية اللاهوتية العامة للكنيسة الأسقفية في نيويورك عام 1960 ـ 1962 وحصل بعدئذ منها على شهادة الدكتوراه الفخرية في اللاهوت.
عيّن مراقباً رسمياً في مجمع الفاتيكان الثاني لدورتي 1962و1963.
رسم مطراناً للموصل باسم مار سويريوس زكا عيواص مطران الموصل وتوابعها عام 1963. ورعى الأبرشية في الفترة ما بين 1963 ـ 1969.
عُيِّن مطراناً لأبرشية دير مار متى بالوكالة بالإضافة إلى مركزه كمطران الموصل في عام 1966.
انتخب مطراناً لأبرشية بغداد والبصرة عام 1969، كما عيّن في الوقت ذاته مطراناً بالوكالة لاوستراليا.
انتخبه المجمع الأنطاكي السرياني الأرثوذكسي بالإجماع بطريركاً لأنطاكية وسائر المشرق ورئيساً أعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع بتاريخ 11/7/1980. وتمّ تنصيبه في كاتدرائية مار جرجس بدمشق في 14/9/1980 باسم مار إغناطيوس زكا الأول عيواص.
انتخب أحد الرؤساء الأربعة لمجلس كنائس الشرق الأوسط بتاريخ 22/1/1990.
انتخب أحد الرؤساء السبعة لمجلس الكنائس العالمي بتاريخ 14/12/1998

   سابق لزمانه، طوَّر الكنيسة بشكل كبير، وهو أول من اهتم وطوَّر سلك رهبانية النساء في الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العصر الحديث، متواضع جداً، قال عنه أحد أئمة المسلمين في سوريا: "إن أردت أن تعرف معنى التواضع فعاشر البطريرك زكا الأول عيواص"، حائز على عدة شهادات منها، شهادة الدكتوراه في اللاهوت من جامعة نيويورك، امتيازات وحقوق الزمالة من معهد شيكاغو، دبلوم صحافة من مصر بالمراسلة، بتاريخ 17/12/ 2010م مُنح شهادة الاستحقاق والتقدير العالي برتبة برفسور علاّمة مفكّر والمساوية لدرجة دكتوراه شرف أولى العالمية من جامعة الحضارة الإسلامية، تقلَّد عدة أوسمة، منها وسام مار غريغوريوس المنوَّر وهو أرفع وسام في الكنيسة الأرمنية، قلَّده الرئيس اللبناني إلياس الهراوي وسام "الأرز الوطني من رتبة الوشاح"، يُعدُّ أمير المسكونية في تاريخ الكنيسة السريانية الأرثوذكسية بلا منازع، فهو من أكثر بطاركة أنطاكية الذين سعوا إلى التقارب والوحدة المسيحية، ولذلك منحه الكاردينال فرانس كونيك مؤسس جمعية برو أورينتي المهتمة بالوحدة المسيحية لقب "حامي البرو أورينتي"، زار الفاتيكان والتقى مع بابا روما يوحنا الثاني أكثر من خمس مرات وأصدر بياناً مشتركاً، حضر المجمع الفاتيكاني الثاني سنة (1962–1963م) بصفة مراقب وهو أول ممثل في تاريخ الكنيسة السريانية يحضر مجمع فاتيكاني، يُعدُّ من أشد الداعمين لتوحيد عيد الفصح المسيحي وأبدى استعداده لقبول أي يوم أحد من شهر نيسان يتفق عليه الجميع، وهو القائل"لا نشعر أبداً بأننا غرباء عن إخوتنا الكاثوليك، ولا هم غرباء عنا، ولئن سُمُّوا كاثوليكاً وسُمِّينا أرثوذكساً، فهم كاثوليك أرثوذكس ونحن أرثوذكس كاثوليك"، في سنة 1990م أُنتخب أحد أربعة رؤساء لمجلس كنائس الشرق الأوسط، وفي سنة 1998م أُنتخب أحد سبعة رؤساء لمجلس الكنائس العالمي، وقّع بياناً مشتركاً مع الكنيسة السريانية الكاثوليكية ومع الكنيسة الملكية السريانية (الروم) وأعلن استعداده لإعادة الشركة الكنسية مع الكنائس الأنطاكية الأخرى، زار رئيس أساقفة كارنتربري في لندن، وبطريرك الأرمن والقسطنطينية وروسيا واليونان، وغيرهم.
 استلم قداسة البطريرك زكا البطريركية الأنطاكية السريانية الأرثوذكسية بثمانية عشر أبرشية، وعدد الأبرشيات السريانية في العالم اليوم أكثر من خمسين أبرشية مع الهند، رَسم مفرياناً للهند وحوالي خمسين أسقفاً ومئات الكهنة والرهبان والشمامسة، زار الهند عدة مرات ونجح في حل كثير من الخلافات الموجودة هناك وإحلال السلام فيها إلى حد كبير، شيد عشرات المرافق الكنسية أبرزها دير مار أفرام السرياني المقر البطريركي في صيدنايا قرب دمشق وهو صرح كنسي جميل جداً أطلق البعض عليه اسم "فاتيكان الشرق"، زار معظم الأبرشيات السريانية في العالم، له أكثر من ثلاثين مؤلفاً ترجم قسم منها إلى لغات أخرى، وعندما كان مطراناً للموصل اكتشف في الأول من أيلول سنة 1964م قسماً من ذخائر (عظام) القديس مار توما الرسول.

72
الإخوة الأعزاء القُرَّاء المحترمين، لقراءة المقال بصورة أوضح يُرجى توسيط المسطرة اسفل المقال قليلاً، وشكراً

73
الإخوة القٌرَّاء الإعزاء المحترمين، لقراءة المقال بصورة واضحة، يُرجى توسيط المسطرة الموجودة في اسفل المقال قليلاً، وشكراً


75
الإخوة الأعزاء القُرَّاء الكرام

اشكر الجميع على تعليقاتكم على مقالي السوبارتيين سكان بلاد آشور قبل الآشوريين، وقبل أن أُجيب على بعض التعليقات أودُّ أن أقول إني عندما كتبت المقال كان أطول قليلاً، وقمت بحذف بعض الفقرات لاختصر الموضوع، ومن ضمنها حذفت ثلاث فقرات مهمة، لم انتبه لها إلاَّ بعد نشري المقال، والفقرات هي:

1: إضافة لما قلتهُ عن اسم آشور فإن اسم آشور قد أُطلق في الكتاب المقدس على أحد الشعوب الإسرائيلية التي كانت من ضمن مملكة إيشبوشت بن شاول بين جلعاد ويزرعيل، (وجعله ملكا على جلعاد وعلى الآشوريين وعلى يزرعيل وعلى افرايم وعلى بنيامين وعلى كل إسرائيل (2 صمؤئيل 9).

2: إن اسم آشوريم وهو ابن ددان الذي ينحدر العرب منه يرد أيضاً: وولد يقشان شبا وددان، وكان بنو ددان اشوريم ولطوشيم ولام. ( تكوين 25: 3).
 
3: إن اسم آشور ليس له معنى في الكتاب المقدس ولا يُعرف اسمه بالضبط (قاموس الكتاب المقدس ص78).

4: كما أودُّ أن انوه باني ذكرتُ أن اسم آشور بن سام ذُكر كاسم علم مرتين (تكوين 10: 22 و1 أخ 1: 17)، والحقيقة هي أن كاتب سفر الأخبار نقل آية سفر التكوين نفسها، أي لا يوجد حدث جديد بخصوص آشور، لذلك التعبير الصحيح هو أن أشور ذُكر مرة واحدة في الكتاب المقدس وفي مكانين.
وشكراً.

أمَّا بشأن التعليقات:
الأخ العزيز أبو سنحاريب المحترم
أشكرك للتعليق وأقول:
1: تقول إن الآشورية ليست عرقاً، وهذا يعني أنهم ليسوا أولاد آشور، وأنا اتفق معك.
2: إذا كنتَ تعني إن الآشوريين القدماء كانوا دولة، هذا صحيح، وإذا كنت تقصد أنهم قومية فهذا غير صحيح إطلاقاً، إن مفهوم القومية جديد بعد الثورة الفرنسية، ويؤكد جميع الفلاسفة والباحثين أنه لا يوجد اثنان منهم وليس من الناس البسطاء متفقين على تعريف القومية، لذلك فالآشوريون والكلدان وغيرهم انتهوا (أسماء سادت ثم بادت) شانها شأن الآخرين كالسومريين والأكدين والاموريين والجوتيين وغيرها، لكن الشعوب تبقى وتأخذ أسماءً أخرى، أسماء قبائل وآلهة وملوك وأشخاص وقواد جيش أقوياء سادوا باسمهم على الشعوب الضعيفة وبادوا على يد من أصبح أقوى منهم، فالشعوب تتحارب وتتعانق، تختلط وتفترق، تنصهر وتتفكك، تتفق وتختلف، تهاجر وتستقبل، تتزاوج وتتصاهر، فتموت أسماء أُمم وتولد أسماء جديدة. هذا هو التاريخ. والسؤال ممكن إحياء الأسماء القديمة؟: الجواب نعم ولكن بطريقة واضحة وعدم خلط الأمور ببعضها، ولن يعترض أحد إذا قام 25 شخصاً اليوم ببناء كنيسة إنجيلية باسم الأكدية أو السومرية بل سيُحترمون (واعتقد ستقام هكذا كنائس من الإنجيليين مستقبلاً) ، أمَّا إذا ادعى القائمون بأنهم أحفاد السومريين والأكديين وهم الأصل دون غيرهم، ويجب على الجميع القبول بهذا...الخ، هنا تختلف الأمور.  
3: للإجابة على كل التعليق وبالضبط ،يتطلب جواب سياسي، وكتبت جواب طويل ثم غيرتُ رائي لأني لا أريد الخوض في السياسة اللهم إلاَّ إذا كنتُ مجبراً لارتباط الرواية التاريخية بالسياسية وبالعكس أحياناً، أنا كلامي تاريخ وليس سياسة، أنا كاتب وباحث تاريخ اكتب الحقيقة كما رأيتها في الكتب بعيداً عن العاطفة والمجاملات، وإن أكثر ما يُحرجني في التعليقات والردود على مقالاتي هو عندما يُثني ويطري عليَّ أحد الإخوة من المعلِّقين، والسبب هو أن صاحب الرد غالباً إمَّا يكون كلداني أو آشوري، وأخشى أن أتأثر بالعاطفة أحياناً ولا أكتب ما أريد بحيث لا يعجب الشخص الذي أثنى عليَّ، ولكني أقاوم العاطفة ولم ولن أكتب إلاَّ الحقيقة التي أراها، وكما ذكر الأستاذ طلعت ميشو المحترم في تعليقه ونصيحتهُ لي بأن إرضاء المقابل غاية لا تُدرك ولا يجب التأثر بما يقال هنا وهناك، أنا أُعطي رائي بكل صراحة وبدون مجاملة وبغض النضر عن النتائج.
- سألني أحد المثقفين الأكراد في مدينة عينكاوا خلال وجودي هناك: ما هو رائي بعلاقة الأكراد بالمسيحيين في التاريخ؟، وتَرَجَّاني أن أقول الحقيقة بعيداً عن العواطف، فأجبته: لم أقراء في التاريخ أسوء منكم في تعاملهم مع المسيحيين لغاية سنة 2003م، أمَّا بعدها فأنتم جيدون، وأن شاء الله يستمر ذلك ويكون أجود. فقام وقَبَّل راسي.
- سألني أحد شيوخ المسلمين العرب في سوريا عندما طبعتُ كتابي تجسد وموت وقيامة المسيح في القرآن نفس السؤال ولكن عن العرب: فأجبته: إنكم كعرب مسلمين أحسن السيئين في تعاملهم مع المسيحيين، فقال لي هل لأننا عرب ونفهم القران والإسلام أحسن من غيرنا؟، فأجبته كلا، بل لأنكم عرب وهناك بعض العادة العربية فيها شهامة وكرم ..الخ، ولذلك فإن الفضل بأنكم أحسن من غيركم يعود للعروبة وليس للإسلام، فشكرني جداً وقال لي إن ذلك صحيح.
ولذلك وكما قلتُ أنا اكتب الحقيقة التي أراها، ولكني احترم جميع الآراء، ودستوري هو ما ذكرته في مقدمة كتابي السريان الاسم الحقيقي للآراميين والآشوريين والكلدان وهو:
إنني أؤمن إيماناً مطلقاً بأن من حق أية طائفة أو فرد أن يتخذ الاسم أو اللقب القومي أو الديني أو الشخصي الذي يرغبه ويرتئيهِ، وهذا حق طبيعي، وليس من حق أحد أن يسلب أحداً آخر هذا الحق أو يعترض عليه، هذا إذا كانت الطائفة قد أُعجبت بالاسم فقط، أو إنها اتخذت أحد الأسماء التاريخية أو الحضارية رمزاً لها، أو إنها اتخذت الاسم نتيجة حدث معين، أو غير ذلك.
 أمَّا إذا كانت الطائفة أو الكنيسة قد اتخذت اسماً معيناً ثم حاولت بشكل غير صحيح ربط هذا الاسم عرقياً وتاريخياً مع اسم حضارة قديمة، ففي هذه الحالة من حق الآخرين أن يقولوا قولهم ويُبدوا رأيهم، ومن حق الباحث ورجل التاريخ أن يوضح ويعترض ويفنِّد، خاصة إذا كانت تلك الطائفة أو الجماعة قد انشقت عن الأصل وأخذت اسماً معيناً من التراث والتاريخ وتَسمَّت به، ثم حاولت بعد ذلك فرض هذا الاسم على الأصل، نعم من حق الآخر في هذه الحالة أن يُقلِّب صفحات التاريخ ليبرز الحقيقة لأن التاريخ والحضارة ملك البشرية جمعاء.
ومعنى مقدمتي هو: إذا كان الإخوة من السريان الشرقيين النساطرة يقولون أن الانكليز وبسبب الاكتشافات الأثرية التي شاع اسم الآشوريين في انكلترا سمَّونا آشوريين، أو يقولون إننا ننحدر من الأسباط  العشرة الضائعة من اليهود الذين سباهم الآشوريين فسكنا هناك والى اليوم، أو أننا نتسمَّى بهذا الاسم نسبة إلى أحد الحضارات القديمة في وطننا ونريد ان نعيد امجادها، فلهم كل الاحترام والتقدير، ولا يوجد أي اعتراض.
 أمَّا أن تُخلط الأمور ببعضها، التاريخ مع الكتاب المقدس مع العواطف، لتخرج بآراء غير صحيحة حول الاسم الآشوري، (وهنا أيضاً للآشوريين كل الاحترام والتقدير، ولكن مع اعتراض)، هنا من حق الآخر أن يقول قوله، فالتاريخ والكتاب المقدس ملك الجميع، أمَّا العاطفة فهي شخصية، أقول هذا لكي أبيَّن لحضرتك وللقراء الكرام بأن التعصب وعدم الاعتراف بالحقيقة يأتي بنتائج عكسية، وبكل صراحة أخوية إن التعصب الموجود لدى الإخوة الآشوريين غير طبيعي، نعم أنا افهم أننا شرقيين وهذه الأمور موجودة عند الجميع كالكلدان والسريان والآراميين أيضاً، ولكن ليس بهذه الدرجة.
 أخي ابو سنحاريب: لقد كتبت عدة مقالات موثقة تاريخياً وهي جهد عشرين سنة من القراءة والبحث ليل نهار والتي جَعَلتْ نضري يقل كل سنة درجة لأكتب بعض الحقائق، ولم استلم رد واحد من قبل الإخوة الآشوريين بأن ما كتبته صحيح (ولو بدون شكر) (باستثناء تعليق الأستاذ ايشو شليمون المحترم)، هل هذا معقول؟ هل معقول أن اكتب مقال من خمسة صفحات مستشهداً من أمهات الكتب في العالم ومرفقة بوثائق أحياناً، ثم يأتني الرد بما معناه (أني كتبت الكلمة الفلانية بألف بدون همزة أو نصبتُ الفاعل أو رفعتُ المفعول)، هل هكذا تُبنى الأمم يا أستاذ أبو سنحاريب؟.
  وسأحاول أن أجيب باختصار ومن منطلق تاريخ كنسي عام قدر الامكان على النقاط الباقية
1: إن أبناء الكنيستين الكلدانية والآشورية بكونهم مسيحيين (داخل الكنيسة) ليسو قومية آشورية أو كلدانية وليسو أحفاد نبوخذ نصر وآشور بانيبال، إنهم  سريان أبناء الكنيسة السريانية الشرقية (كنيسة قطسيفون ساليق المدائن) وأعني بسريان مسيحيين (سورايا)، أمَّا خارج الكنيسة فكل العراقيين وبكل أديانهم هم أحفاد السومريين والأكديين والآشوريين والكلدان والعباسيين، ومن حق أي مجموعة أن تُطلق على نفسها اسم أحد حضاراته وأن تقلب اسم الدولة إلى الجمهورية الكلدانية أو الآشورية، لكن الكنيسة تبقى سريانية جامعة أممية (اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم)، وليست قومية، وليس أوضح من تجربة التنظيم الاثوري الديمقراطي الذي يُشكّل السريان الأرثوذكس غالبتهم، فهم يقولون وبكل وضوح، إننا داخل الكنيسة سريان نتكلم السريانية، وخارج أبواب الكنيسة نحن نتكلم السريانية لكننا آثوريون وهذا اسمنا القومي، وللعلم خارج أبواب الكنيسة هناك بعض من بدَّل انتمائه من آثوري إلى آرامي وبالعكس، أما داخل الكنيسة فهم سريان، وهذا مفهوم، وهذا هو الصحيح، وتجربة نيافة المطران سورو الذي تحول من الكنيسة الاشورية الى الكلدانية واضحة أيضاً ،فهل أصبح نيافة المطران كلداني أم انه بقى آشوري؟، علماً انه من حق الآخرين أيضاً أن يتخذوا اسم الاكدين والسومريين والبابلين أيضاً اسم قوميتهم خارج الكنيسة، فلولا الكتاب المقدس وانتشاره في العالم وبجميع اللغات، لما كانتا الحضارتين الآشورية والكلدانية أشهر من السومرية والأكدية والبابلية، ولذلك ربط اسم الآشوري والكلداني كاسم قومي بالكنيسة المسيحية ربط غير موَّفق، وكون الجميع سريان لا تحتاج لا إلى موفق نيسكو ولا لغيره لإثباتها، الجميع من طفل إلى شيخ ومنذ 2000 سنة يقول ليل نهار أنا سورايا، أليس الاعتراف بالفم هو سيد الأدلة؟.

2: إن أبناء الكنيستين الكلدانية والآشورية إذا أردوا أن يُثبتوا مسيحيتهم، يُثبتوها من القرن الأول الميلادي فقط وليس قبله والى اليوم بسلسلة بطاركة وأساقفة وآباء ولاهوتيين وقديسين وكتبة تاريخ كنسي وشعراء ومثقفين وأدباء ومؤلفي قواميس كتبوا وتغنوا بأمجاد كنيستهم، وهذا مُثبت ولا يختلف عليه اثنان، فهم أبناء كنيسة قطسيفون ساليق (المدائن) السريانية الشرقية، أو على الأقل كنيسة المشرق لمن لا يعجبه الاسم السرياني.

أمَّا من يريد أن يُثبت آشوريتهُ وكلدانيتهُ عليه أن يُثبتها خارج الكنيسة والكتاب المقدس بذكر سلسلة ملوك وحكام وأدباء ومثقفين وشعراء ومؤلفي قواميس ومؤرخين كتبوا وتغنوا بأمجاد الكلدان والآشوريين من سنة 612 ق.م. و 539 ق. م. والى اليوم، وليس القفز من ذاك التاريخ إلى القرن التاسع عشر مباشرة وخطف تاريخ الكنيسة وتسقيطهُ قومياً على التاريخ المدني والسياسي وتبديل كل كلمة نسطوري وأبناء كنيسة المشرق وسرياني شرقي من كتب التاريخ إلى كلمة آشوري أو كلداني.

3: إن المشكلة في بلدان الشرق الأوسط هي مشكلة مسيحية (سورايا) وليست قومية، وهناك ثلاث أمثلة صارخة هما مصر وسوريا والعروبة، إن اسم سوريا هو نفس اسم السريان (سورايا)، ومصر اسمها Egypt أي أقباط، فهل المسيحيين هناك بخير؟، والمثال الثالث، ألم يكن مُنظِّري القومية العربية كلهم مسيحيين؟، هل تشفَّعتْ لهم العروبة؟، لذلك المشكلة هي مسيحية (سورايا) وليست قومية، فلا يجب وضع العربة قبل الحصان.
وشكراً

الأخ العزيز فريد وردة المحترم
ذكرتُ أنه في حيثيات القرارات وردت عبارة (وأقرَّ طيمثاوس بلسانه الكلداني الخاص) فقط، وهذا هو القرار بالانكليزي والجزء الذي يخص طيمثاوس، لان القرارات طويلة، ولم يكن طيمثاوس حاضراً، طيمثاوس قدم عريضة والمجمع قرر.
brothers Timothy, metropolitan of the Chaldeans, who have been called Nestorians in Cyprus until now because they used to follow Nestorius, and Elias, bishop of the Maronites, who with his nation in the same realm was infected with the teachings of Macarius, together with a whole multitude of peoples and clerics subject to him in the island of Cyprus. To these prelates and all their subjects there, he delivered the faith and doctrine that the holy church has always cherished and observed. The said prelates, moreover, accepted this faith and doctrine with much veneration in a great public assembly of different peoples living in that realm, which was held in the metropolitan church of St Sophia.
After that, the Chaldeans sent to us the aforesaid metropolitan Timothy, and Bishop Elias of the Maronites sent an envoy, to make to us a solemn profession of the faith of the Roman church, which by the providence of the Lord and the aid of blessed Peter and the apostle has always remained immaculate . Timothy, the metropolitan, reverently and devoutly professed this faith and doctrine to us, in this sacred general congregation of the ecumenical Lateran council, first in his own Chaldean tongue, which was interpreted in Greek and then translated from Greek into Latin, as follows: I, Timothy, archbishop of Tarsus and metropolitan of the Chaldeans who are in Cyprus, on behalf of myself and all my peoples in Cyprus, profess, vow and promise to almighty God, Father and Son and holy Spirit, and then to you, most holy and blessed father pope Eugenius IV, to this holy apostolic see and to this holy and venerable congregation, that henceforth I will always remain under the obedience of you and your successors and of the holy Roman church as under the unique mother and head of all other churches. Also, in future I will always hold and profess that the holy Spirit proceeds from the Father and the Son, as the holy Roman church teaches and holds. Also, in future I will always hold and approve two natures, two wills, one hypostasis and two principles of action in Christ. Also, in future I will always confess and approve all seven sacraments of the Roman church, just as she holds, teaches and preaches. Also, in future I will never add oil in the sacred eucharist. Also, in future I will always hold, confess, preach and teach whatever the holy Roman church holds, confesses, teaches and preaches and I reject, anathematize and condemn whatever she rejects, anathematizes and condemns; in future I will always reject, anathematize and condemn especially the impieties and blasphemies of the most wicked heresiarch Nestorius and every other heresy raising its head against this holy catholic and apostolic church.

وبالمناسبة قرأت عن كتاب الخدرة وتذكرتُ حضرتك، وهي أن الأب أشمؤئيل جميل (1847-1917م) قام بمراجعة أخيرة لتنسيق وتعديل بعض الفقرات في كتاب الحذرة الكلداني.
وشكراً.

الأخ العزيز عزيز حنا المحترم
حاولت إرفاق الملف pdf عدة مرات ولم انجح، لا اعرف لماذا؟، ارجو ارسال عنون الايميل لي برسالة شخصية.
وشكراً.

الأخ العزيز الأستاذ طلعت ميشو المحترم
شكراً جزيلاً لتعليقكم، واطمئن حضرتك بأني اعمل بنصيحتكم بشان عدم الانسياق وراء رغبات العاطفة، وبخصوص الكتاب المقدس، وكما تعلم حضرتك فإن كثير من الإخوة يستخدمونه حجة لأرائهم، فأحببت أن آخذ الموضوع من جانبيه التاريخي البحت، وضمن الكتاب المقدس، وهناك ملاحظة مهمة جداً نوهت إليها حضرتك، وهي أن الأحداث التاريخية التي تخص الآشوريين والكلدان في الكتاب المقدس، هي أحداث كانت مقتصرة على الحروب والسبي في حينها مع اليهود ولمدة مئتي سنة فقط، ولم يتطرق الكتاب المقدس إلى تاريخ الحضارتين، ولذلك فان الكتاب المقدس برغم وجود مادة تاريخية وجغرافية فيه، إلاَّ أن المرجع الأساسي للتاريخ والجغرافية هو علم التاريخ والجغرافية.
وشكراً

الأخت الكريمة سورييتا المحترمة
إن المقال كان عن السوبارتيين ولم أتطرق إلى تاريخ الآشوريين بالتفصيل لكي لا يتشعّب الموضوع، ولذلك فان كلام حضرتك صحيح بأن الآشوريين كانوا من سكان بابل قبل نزوحهم إلى الشمال، وقد ذكرتُ ذلك، أمَّا ما لم اذكره فهو أن قسماً كبيراً من الآشوريين قد نزحوا من الجزيرة العربية قبل مجيئهم لبابل، (وطبعاً ليست الجزيرة العربية مكة والمدينة فقط) وهذه موجودة في كل كتب التاريخ، أي أن بلاد آشور هي موطنهم الثالث وليس الثاني، ولو لاحظتي حضرتك أنا كُنت دقيقاً في التعبير، فقلت إن بلاد آشور هي ليست الموطن الأول، وهذا لا يعني أنها الثاني بل الثالث، ولكني لم أريد أن يتشعب الموضوع، (الله يخليك يا أخت سورييتا، احنا ذكرنا الأول وما خلصنا، لكن لو ذكرنا أنهم جاءوا من الجزيرة العربية، الله يستر، هل كان حضرتك راح تشفعيلي؟)، المهم كان بودي أن أخدم حضرتك مستقبلاً وانشر تاريخ الآشوريين بالتفصيل، ولكن للأسف سوف أتوقف عن الكتابة في موقع عينكاوا بعد عدة مقالات وعندما أنهي موضوع الكلدان والآشوريين، وبالنسبة لتاريخ بابل والدولة الكلدانية فهو منشور في ويكبيديا ويعود لي وهو بعنوان (الدولة الكلدانية الآرامية) وان شاء الله إن كان لدي وقت سأنشر تاريخ الآشوريين في ويكبيديا، أمّا عن قول حضرتك: رجعنا إلى المؤرخ الآشوري (فلان)، فأقول: لا يوجد بعد سنة 612 ق.م. في كتب التاريخ كلمة آشوريين بصورة متخصصة لتدل على قوم موجودين على الأرض أسوةً بوجودهم قبل سقوطهم، إلاَّ لتدل على الآشوريين قبل سقوطهم، أو كلمة عامة تُستعمل على أبناء الرافدين عموماً كأحفاد السومريين والآشوريين والبابليين والكلدان...الخ، وكل ما فعله المؤرخين النساطرة حديثاً بعد تَسمَّوا آشوريين هي تبديل كلمة نسطوري أو أبناء كنيسة الشرق إلى الآشوريين، هذا ما حدث بالضبط وليس غيره، وعندي ملاحظات قليلة لحضرتك:
1: إن الدولة الكلدانية عمرها 73 سنة فقط، وما قبلها هو بابلي وليس كلداني، السلالة الكلدانية هي (رقم 11) والأخيرة من سلالات بابل، والأولى تُسمَّى سلالة حمورابي وهناك سلالات أخرى مثل الكاشيين والقطر البحري وغيرها، وموجودة في ويكبيديا ضمن المقال المذكور.
2: إن معنى كلداني في قاموس المطران أوجين منا الكلداني: عرَّاف، ساحر، فلكي، منجم (راجعي قاموس دليل الراغبين في لغة الآراميين ص 338)،  وقبيلة نبوخذ نصر كانت مشهورة بالفلك والتنجيم، كما أن اسم الآشوريين في قاموس الحسن بن بهلول النسطوري (أي الذين تَسمَّوا آشوريين حديثاً)، وهو أهم مرجع وقاموس سرياني في العالم تأتي كلمة الآشوريين بمعنى الأعداء. (ܐܬܘܪ̈ܝܐ، ܒܥܠܕܒܒ̈ܐ) أي الأعداء، (انظري معجمه السرياني، العمود 322).
وشكراً.

الإخوة الأعزاء القُرَّاء المحترمين الآخرين
اشكر تعليقاتكم واحترام آرائكم جميعاً، والله يوفق الجميع.
وشكراً
موفق نيسكو




77
size=14pt]

الإخوة الأعزاء القُرَّاء الكرام
تلطيفاً للجو قليلاً واستراحة قصيرة وبعيداً عن التاريخ
 وردني تعليق على مقالي الأخير مختصر تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية (الكنيسة الكلدانية) هي هذه القصيدة الجميلة من الأخ ماجد، وقد أعجبتني كثيراً لأنها ترد على كثير من الأمور، بل لعلها تردُّ شعراً أحسن مما كتبتُ نثراً، فطلبتُ منه نشرها باسمه أو كتابتها ضمن التعليقات على المقال، لكنه خوَّلني مشكوراً التصرف بها ونشرها، وانتظرت إلى نهاية مقالي لنشرها بعد تنضيدها وتنقيحها وأخذ رأي الأخ ماجد فيها بصيغتها النهائية، كما انشر ردّي عليها في نهاية القصيدة.

الأخ موفق المحترم
كتاباتك موثقة وغير منحازة لأحد، وهذا ما يعجبني فيك، الحقيقة ولو طُمرت تحت الأرض لقرون بين الأشواك والأدغال، ستنبت بعد هطول أول مطر وتخرج للعالم كله بقوة متحدية كل ما كان فوقها، لأن الحقيقة لا يمكن أن تكون سوى الحقيقة، وما يؤسفني فعلا هي تلك الانشقاقات التي حدثت للكنيسة في الماضي ولحد هذا اليوم لا تزال مستمرة، أمَّا بخصوص ردّي سيدي الكريم وباختصار، أنا احترم كل إنسان لإنسانيته وليس لعرقه أو دينه أو لونه، وردّي أدناه لمقالك أعلاه، ليس معناه أنني أفضل من غيري أو اقصد جرح أحد، وشكراً.

هرطقات، اختلافات، مهاترات، ثم انقسامات، وماذا جنينا من كل هذا يا إخوان؟
كانت كنيسة المسيح سفينة يقودها ربان،
ومن ربان إلى ربان، وعلى مر الزمان،
تتلاعب بها أمواج البحار وتتلاطم فيها أعاصير المحيطات والخلجان،
أصبح لها أكثر من ربان،
وأصبح لكل واحد منهم أكثر من سفينتان،
يجمع بهم شعب المسيح كغنائم، لا بل كخرفان،
علينا يتقاتلان،
يا ترى من منهم على حق؟ أهو هذا، أم ذاك، أم كِلا الاثنان،
أصبح الإنسان المؤمن مُشتت بلا أمان،
يحاصره الخوف والأحزان،
من كل مكان،
في هذا البنيان،
إن من في هذه السفينة ينظر إلى تلك، ليرى من هو الربّان،
ومن بتلك السفينة ينظر إلى سفينة أخرى، لعل المسيح هو القبطان،
هل الماسك بدفة السفينة  أهو: ربَّان، أم قرصان؟
وهل هو يقودنا حتى الآن؟
كنيسة المسيح ليست مُلكاً لهذا البطرك أو هذا الراهب أو ذاك المطران،
ليست ملكا لعائلة فلان، أو حصرا على علان،
ولا تعيل ابن أخيه، الملحد السكران،
 ولا هي بنك لابن أخته العطلان،
كفاهم من هذا الهيجان،
قد قسموا المسيح (له المجد) إلى أجزاء ثم إلى ألوان،
قد تناسوا ما نذروا به أنفسهم، وكان لهم أجمل عنوان،
للزهد، وللنسك نذروا أنفسهم، وأن شهوات الدنيا، ذل وهوان،
وحين مسكوا عصا الرعوية، كلهم اختلفوا ولم يتفقوا على شيئان،
السلطة الدينية أضحت ديدنهم والحلي الكهنوتية زينتهم، وكأن الكهنوت بالحلِّي يُزان،
المال حدث ولا حرج، وكأن المال ليس أصل كل الشرور، وله أطلقوا العنان،
ومن على ظهورهم ألقوا الصلبان،
وعلقوها على الصدور ،صلبان يا ليتها من خشب الصوان،
لكنها أضحت من ذهب ومرجان،
اختلفوا، كما اختلفوا الصحابة وعلماء الإسلام عندما جاء القرآن،
لم نعد نعلم، أين هو الحق، وأين الإيمان؟
هل هو بيد الكاثوليكي الذي أحلَّ لنفسه العصمة في الفاتيكان،
أم الأرثوذكسي الذي أعَدَّ نفسهُ عامود الدين ومستقيم الإيمان،
أو نسطور الذين رضينا به معتقداً وكأنه المنتظر آخر الزمان،
أم الذي خرج علينا في القرن السادس عشر، مفسرا، وكأنه يقرأ الفنجان،
أم الذين كانوا للهيكل فرسان،
وبعد كل هذا خرج علينا البروتستانت في آخر الزمان،
الطوائف فيهم لا تعد ولا تحصى، وشتان ما بين انقساماتهم وألف شتان،  
وكعادتهم لا يحترمون معتقد احد، لا هذا ولا ذاك الإنسان،
محتجين على كل شيء؛ ولهم فقط قولان،
إمَّا نحن، أو أنك من العصيان،
انشقت الكنيسة، وسؤالي هل هناك آية قالها المسيح محذرا من الانشقاق والخذلان؟
قولوا لي يا رجال الله يا من أوكلكم المسيح على رعيته وأوصاكم بان نصان،
هل سنصبح في خبر كان؟
 أم في طي النسيان؟
بعدما ما كانت الكنائس لنا كالأوطان،
نحن شرقيون، وبهذا نفتخر وعلمنا واحد وليس علمان،
لم تغرب عنا الشمس حتى تشرق، ومعها حضارة جديدة بعدة ألوان،
العلم والفلسفة عندنا كانتا مترابطتان،
ومن الشرق أيضاً انفجرت بشارة الخلاص والإعلان،
عن المسيح ملك الأكوان،
إلى أصقاع الدنيا حتى القطبان،
نحن الأصل، نحن الجذور، كيف نقبل أن نكون فرعاً أو أحد الأغصان،
ولأوروبا، وللكاثوليك صرنا أتباعاً وحملان،
وكأن أجدادنا لم يضطهدوا من الجاحد يوليان،
أو لم ينفوا من الإمبراطور مرقيان،
والأكثر من ذلك، وفي مخيلة وأوهام الكلدان،
إنهم قومية، ونبوخذ نصر ملك بابل لهم سلطان،
وماذا نقول عن آشورستان؟
لصاحب الجلالة، الملك، والوزير، والمزربان،
آشور الذي قطع الشفاه والأنوف والأذان،
والسريان وما أدراك ما السريان،
فهم قبلوا لهم العروبة كضمان، فجاء أولئك وخربوا البلدان،
عجبي من شعب واحد قبل على نفسه كل هذا الانقسام والهوان،
له وبيده كِلا الأمران،
الأمر بهذه، والنهي عن تلك، دون أن يكون له وجهان،
لماذا هذا الانقسام؟، سؤال حيرني كثيراً لا يختلف فيه عاقلان،
لماذا نتبع من شقوا كنائسنا أوصال، وأضعفوا امتنا، وقتلوا أجدادنا؟ ولهم منا كل الامتنان،
أرجو أن نتعظ من هذا الامتحان،
شعبنا المسكين أصبح في التوهان،
وبسبب ضعفنا وانقسامنا اجتاحونا كالطوفان،
عين تنظر وعين تبكي، ودموعنا على الخدين تملأ الأجفان،
متى كانت الدموع حلاً لمشكلة ما أو وسيلة آمان؟
قد تكون وسيلةً لتخفيف الألم وليس لتصبح إدمان،
وعند الشكوى، كانت الدموع عِلَّة الزعلان،
إنهم ذئاب خاطفة، آتية بثياب الحملان،
هل أصبح ثمننا ابخس الأثمان؟
 وتتوالى الانشقاقات الانشقاق تلو الانشقاق أكثر من انشقاقان،
وحجتهم هي، عزل الحنطة عن الزؤان،
انشق البنيان، للأسف انشق البنيان،
وضعف الجسد، وأصبح كجثة هامدة، مشحوبة بكل الألوان،
هذا الذئب أو ذاك ينظرون إلى الفريسة بإمعان،
لأنها لا تقوى على فعل شيء، أو تحمي نفسها من الذئاب المتربِّصة لالتهامها كالحملان،
مصطحبة بقهقهات الشيطان،
أليس بالانقسام يسقط كل شيء حتى لو كانت مملكة الشيطان؟
ورغم كل هذا يبقى الأمل لأننا للمسيح، نحن حملان،
شعب الله له في السماء راعي واحد وليس اثنان،
وفي الأرض، يريد كنيسة واحدة  وراعي واحد وليس مئتان،
أليس هذا ما أوصاكم به الرب العادل الدَّيان؟
 من له أذان للسمع فليسمع، وإلا فهناك يكون صرير الأسنان،
هلم نعود إلى الـكنيسة الأولى، تكون كسابق عهدها، عنداً بالشيطان،
حتى يأتي اليوم الذي نلتقي فيه بكوكب الصبح المنير، على السحاب وننظره بالعيان،
آمين

الأخ العزيز ماجد المحترم
ردّي على تعليقك وقصيدتك الجميلة، هو هذه الأبيات مني التي أرجو أن تعجبك

شكراً لقصيدتك وليقبل الرب دعائك الآن وكل آوان
ويرجع هذا الشعب واحداً كما كان في سالف الزمان
فقد خرج من هذا الشعب مُبشِّراً بالمسيح شخصان
هما الرسولان بولس وبطرس كيفا صخرة الإيمان
استطاعا أن يُهديا إلى دين المسيح روما واليونان
فكان هذا الشعب شجرةً واليوم صار أحد الأغصان
كان حديقةً تزوّد الآخرين بورد النرجس والريحان
وصلت أبرشياته إلى الهند والصين واليمن وعُمَان
واليوم يخضع لأبرشية سدني ولندن وسان خوان
وصاروا مشردين في الأرض بلا أخٍ وعمٍ أو خلان
يبكون على بابل وآشور وأروميا قرب بحيرة وان
يتغنون بأمجاد الماضي طرباً قائلين كان يا ما كان
مُخترعين نظريات وآراء ما انزل الله بها من سلطان
يفقهون بالفلسفة واللاهوت والطب وحجر المرجان
كذلك في علم الغيب فهم حجة في علم الأنس والجان
وإذا التقى شخصان من طائفتين وأصبحا يتناقشان
فهما في كل المواضيع المطروحة ممكن أن يلتقيان
إلاَ في موضوع وحدتهم فإنهما قطعاً لم ولن يتفقان
وفي نقاشهم ليس للعلم محلٌّ ولا يوجد لديهم ميزان
يقرأون السين صاداً يرفعون الحال وظرف المكان
يستهزؤن بالآخرين كأولاد يعرب وقحطان وعدنان
ثم يختلفون بينهم كما اختلف أصحابُ علي وعثمان
وكل اثنين منهما يُريدان إقامة ثلاث دول لا دولتان
واحدة في موقع عينكاوا والثانية في ولاية ميشكان
والثالثة في ذهنهم وأحلامهم ليس لها وطن وعنوان
وإذا كتب شخص ما مقالاً في عينكاوا ولم يُعجب فلان
جاء الردُّ أنك حاقد ومزوّر وكلمات أقسى بعض الأحيان
وشكوانا يا أخي ماجد هي لله وحده وليس إلى إنسان
أخي ماجد أنت ذَكرتَ الكلدان والآشوريين والسريان
ونسيتَ رابعاً جاء آخر الزمان ولم يكن في الحسبان
فقد أتى يهرول مسرعاً ماسكاً بيده عصا الصولجان
قائلاً أنا هو الملك الحقيقي وشيخ الديرة وكل الأعيان
أنا أبوكم آرام بن سام مُخترع لغتكم وأنا ملك الأوثان
أعطوني قيادة السفينة بدلاً من هؤلاء الصغار الصبيان
ونحن بانتظار الخامس لعله يأتي حاملاً خاتم سليمان
ليحل لنا هذه الورطة التي لا يستطيع أن يحلها لقمان
شكراً أخي العزيز ماجد ولك مني كل الحب والامتنان
إن كان نثري في هذا المقال تاريخياً قد كتبتهُ بإمعان
فإنَّ شِعركَ لعمري قد خاطب القلب والروح والوجدان
واطلب من الرب أن يجتمع باسمة الجميع وليس اثنان
آمين
موفق نيسكو

[/size

78
موفق نيسكو / مختصر تاريخ الكنيسة السريانية الشرقية ج2 (الكنيسة الكلدانية)
لقرءاة المقال بي دي اف وبشكل اكبر واوضح أو تحميله، يُرجى فتح الملف في نهاية المقال، وشكراً




ولقرءاة المقال بي دي اف وبشكل اكبر واوضح ارجو فتح الملف ادناه

79
طبيعة عقلية المسيحي الشرقي

إن العقلية الشرقية كغيرها من عقليات الشعوب الأخرى لها ميزاتها الايجابية وسلبياتها، وقد تطرَّق الكثير من الكُتّاب وعلماء الاجتماع لطبيعة العقلية العربية الشرقية، ويبدو أن مقولة بعض المفكرين المسيحيين المعاصرين مثل مكرم عبيد باشا (1889–1961م) والدكتور رفيق حبيب (1959م–) القائلة: إن مسيحيو الشرق هم مسيحو الديانة مسلمو الثقافة لم تأتي من فراغ، وهذا الأمر يُذَّكرني بقبيلة تغلب العربية التي اعتنقت المسيحية قبل الإسلام والتي اشتهرت بالقوة والشجاعة حيث يُضرب بها المثل القائل "لو تأخر الإسلام لأكلت بنو تغلب العرب"، ففي إحدى المرات قامت إحدى القبائل العربية بقتل تغلبي، وتأخر بني تغلب الأخذ بثأرهم على غير عادتهم، فاستخفَّت قبيلة بهراء بقبيلة تغلب وأخذت تُعيَّرها بأنكم مسيحيون ولذلك لا تستطيعون أخذ الثار، فانتفضت قبيلة تغلب وذهبت وقتلت أمير القبيلة التي قتلت التغلبي، وانطلق الشاعر التغلبي المسيحي جابر بن حُني منشداً ومفتخراً قائلاً:

    وقد زعمت بهراء أن رماحنا     رماحُ نصارى لا تبؤ إلى الدمِ
نعاطي الملوك إن قسطوا لنا      وقتلهم علينا ليس بمحرمِ

وما يهم موضوعنا هو ليست القصة بل تعليق الأستاذ هادي العلوي على القصة والشعر بالقول: رغم أن المسيحية دين محبة وسلام ودين من لطمك على خدك الأيمن حول له الأيسر، إلاَّ أنها لم تستطع أن تنزع الطبيعة البدوية لهذا التغلبي المسيحي.

ولأن مسيحيو هذه المنطقة هم أيضاً شرقيو الثقافة بغض النظر عن دينهم، فإنهم يحملون نفس سمات هذه الثقافة، لذلك فعقلية المسيحي أيضاً هي عقلية شرقية، وسنقتصر على ما يخص موضوعنا من وصف العقلية الشرقية من وجهة نظرنا وكما ورد بعضها في كتب اليونان والرومان والفرس والهنود مثل، هيرودوتس، لامانس، المستشرق دي لاسي أوليري، براون أولري، ابن خلدون، الجاحظ، حافظ وهبة، كارل بروكلمان، أحمد أمين، علي الوردي، وغيرهم.

1: الشرقي: كائن فردي النزعة، عصبي المزاج، سريع الغضب، صبره محدود، يهيج للشيء التافه، وإذا هاج بسبب جرح  كرامته فإنه يُسرع إلى السيف ويحتكم إليه لأن الكرامة والحرية عنده مقدستان، والشرقي لا يحب التقيد بنظرية محدودة أو أوامر من أحد، لذلك فالشرقيون أصعب الأمم انقياداً لرئيس أو حاكم ولا يدينون بالطاعة له إلاَّ بالقوة ولا يستسلمون إلاَّ بعد شعورهم بالضعف وعدم قابليتهم للمقاومة، والشرقي مع بؤس حاله يفتخر بنفسه ويتطاول على غيره وينزل نفسه دائماً فوق مراتب الناس، وكل شخص منهم يحب السيطرة والرئاسة لنفسه، فالشرقيون يريدون أن يكونوا كلهم ملوكاً وأغلب أمثالهم تدل على ذلك منها، "مَن مَلكَ استأثر"، "حبذا الإمارة ولو على حجارة"، "من عَزَّ بَزَّ"...إلخ، والشرقيون شديدو التذمر ضد الرئاسة سواء كانت دنيوية أم دينية، مُحبُّون للانقسام ومتقبلون لأية فكرة تساعدهم على الانقسام، وصعوبة انقيادهم وعدم خضوعهم للسلطة هو الذي يحول بينهم وبين سيرهم في سبيل التقدم، وكل شخص مسؤول أو في موقع الرئاسة عليهم سواءً كانت دنيوية أم دينية ولا زال على قيد الحياة هو موضع انتقاد من قِبلهم ولا يكلُّون عن انتقاده وعرض سلبياته ولكن بمجرد موت الشخص المسؤول يتحول عندهم إلى شبه ملاك أو قديس لا يكلّون عن مدحه والثناء عليه والترحم على أيامه جرياً على مقولة "اذكروا محاسن موتاكم" لدرجة أن الكثير من الشرقيين يرثون المتوفى بأجمل القصائد بعدما كان الراثي نفسه من أشد الناقدين للمتوفى عندما كان حياً، لذلك فالشرقي متناقض الشخصية، والشرقي عنصري لقبيلته وطائفته وأسرته حتى لو كانت على خطأ، فهو ينتقد المجتمع والناس من حوله وكأنه هو من خارج المجتمع، ومسموح للشرقي أن ينتقد أحد أفراد أسرته لكن المُستَمِع لا يجب أن يؤيدهُ جرياً على مقولة "أنا أدعي على ولدي، لكن أنت ليس مسموحاً لك أن تقول آمين"، والشرقي مادي (بخيل) ومصلحي لكنَّ إكرام الضيف عنده مقدس وهو مستعد أن يقترض في سبيل إكرام الضيف وإذا لم يستطيع الاقتراض فلا مانع عنده أحياناً من أن يسرق في سبيل إكرام ضيفه، ولكن ما أن يخرج ضيفه من عتبة الدار فإنه يحاول أن يستغله إذا كان بينهما مصلحة، والشرقي غالباً يؤمن أنه يملك الحقيقة ويحاول إثباتها للآخرين وليس غايته الوصول إلى الحقيقية من خلال الأخذ برأي الآخرين والاعتراف بأن رأيه خطأ ظناً منه أن ذلك يشكّل انتكاسة او عيباً عليه.
 
2: الشرقي: يعتز بالماضي كثيراً ويتمسك بعاداته وتقاليده ولا يؤمن بالتقدم والارتقاء ولا يحب التجديد والتطور حتى وإن كان ذلك لمصلحته لأن خياله قصير وطموحه محدود، وقلَّما يرسم له خياله عيشةً خيراً من عيشته لأنه يريد أن يعيش كما عاش آباؤه وأجداده، ولا يفكر في تحسين وضعه وتغيير حاله إلاَّ إذا شعر بأن هذا التغير سيأتيه بنفع وربح مادي وبشرط ألاَّ يتعارض التغيير مع عرفه تقاليده فهو إن انحرف عنها عرَّض نفسه وكيانه وتقاليده للهلاك وحجته أن التطور والتجديد لا يتفقان وسنة الآباء والأجداد ومنطقه في ذلك القول: "حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا"، أو أنه يتقبَّل التغيير إذا أُكره عليه وعندئذ يتقبَّل أمر الواقع مستسلماً، والشرقي دائماً يحنُّ إلى الماضي والأطلال لدرجة أنه يبكي عليها أحياناً، فهو لا يفكر في الحاضر والواقع أو ينظر إلى المستقبل لأنه فاشل في الحاضر ولا يملك شيئاً، لذلك هو يعتقد أن الحل هو في الماضي فقط، وأكثر الأحيان يستعمل كلمات مثل (لو) و (إذا) و (لكن)..الخ، لمناقشة مشكلته الحاضرة، وغالباً ما ينسب الأخطاء والمشاكل الحالية إلى الرئيس أو المسؤول الدنيوي أو الديني الحالي ويعتقد أن الرئيس الذي قبله لو كان حياً لما حصلت هذه المشكلة، ناسياً أن المشكلة قد تكون من مخلفات الرئيس السابق أصلاً وابتلى بها الرئيس الحالي، وهو يعتقد أن كل الماضي كان مُقدَّساً وكل الناس الذين عاشوا في الماضي كانوا مؤمنين أكثر من الوقت الحاضر مستعملين مقولات مثل "إن الناس في الماضي كانوا مؤمنين وعلى نِيَّاتهم"، ناسياً أن أكثر من نصف مشاكله الحالية هي بسبب أخطاء آبائه وأجداده وأن المستقبل يصنعه الأحفاد لا الأجداد، وحتى عندما يغش الطالب الشرقي في الامتحان فإنه غالباً ما ينظر إلى الطالب الذي يجلس خلفه أكثر من الجالس أمامه، كما أن الشرقي يعتز بالماضي حتى ولو كان سيئاً أو غير منطقي ودائماً يحاول أن يبرر أخطائه الماضية وطريقته في ذلك مقارنة أخطائه بأخطاء غيره ولذلك فإن أخطائه ليست أخطاء بل هي صحية.
ونستطيع مما تقدم أن نميز نقطتين، الأولى: إن الشرقي عموماً ميال إلى التذمر والانقسام، والثانية هي: أن الشرقي يعتز بالماضي كثيراً، وما يهم موضوعنا هو المسيحيين بطوائفهم والذين يفرطون بالاعتزاز بالماضي حتى لو كان سيئاً.
 
يقول المؤرخ جيمس برستد: إن اعتماد الشرقيين على الماضي ومحافظتهم عليه كان علَّة تأخرهم.(برستد، العصور القديمة ص185).

يقول المطران الكلداني الآثوري أدي شير مفتخراً بماضي الآشوريين والكلدان: إن الأمة ألآثورية أو الكلدانية كانت من أشد الأمم بأساً وأكثرهم قوة وعصبية، وكانت ميالة إلى الحرب والقتال وكان لا بد لهم أن يباشروا غزوة في كل ربيع، وإن ملوكهم اشتهروا بقسوة القلب والمعاملة الوحشية نحو العدو المغلوب إذ كان أكثرهم يأمرون بسلخ أجسام الأسرى أو بصلبهم أو بقلع عيونهم ويفتخرون بذلك مُدَّعين أنهم يعملون هذا بأمر آلهتهم، وقد عثرَ المسيو دي مرغان على تمثالاً يمثل بعض ملوك آثور وهو يسحب ورائه أسيراً بحبل معلّق بعنقه وتحت قدميه جثث من الأسرى يدوسها برجليه، وذكر الملك آشور بانيبال في إحدى كتاباته كيف تعامل مع أحد ملوك العرب قائلاً: إنني ثقبت فمه بمديتي (سكين) التي أقطع بها اللحم ثم جعلتُ من شفته العليا حلقة وعلَّقتُها بسلسلة كما أفعل بكلاب الصيد.

ولا يُعير المطران أدي شير أهمية لهذه الوحشية وقسوة القلب ورائحة الدم التي علقت بالحضارتين الآشورية والكلدانية، (وهو مطران) بل يحاول أن يبرر ذلك بالقول: إن المصريين الفراعنة والإسبارطيين أيضاً كانوا يفعلون ذلك مع أعدائهم، ويبدو أن المطران أدي شير فاته أن المصريين الحالين وبرغم أنهم شرقيين إلاَّ أنهم أقلُّ حدةً تعلقاً بالماضي من مسيحي الشرق الأوسط لذلك فالمصريون لا يعتزون بالفراعنة قومياً وعرقياً، ووصف المصري بالفرعون هو انتقاد يرفضه المصري بقوة لكنه يعتز بحضارة الفراعنة كحضارة تاريخية، وكذا الحال بالنسبة للمدة التي حكم فيها الإسبارطيون اليونان، فاليونان يَعدُّون الإسبارطيين سيئيّ الأخلاق وأن حقبة حكمهم كانت مظلمة أبعدت اليونانيين عن العيش بسلام وديمقراطية كما أبعدتهم عن العلم والأدب والفلسفة والفن وغيرها وضيَّعت ما كسبته اليونان من مكانة سابقاً، ويقول المؤرخ الشهير ول ديورانت: لقد استحوذت النزعة العسكرية على إسبارطة وجعلتها سوط عذاب لجيرانها بعد أن كانت لها مكانة محترمة، وعندما سقطت فما من أمة حَزِنتْ عليها، ولا نكاد نجد اليوم بين الأنقاض القليلة الباقية منها نقشاً أو عموداً واحداً ملقى على الأرض يعلن للعالم أن اليونان كانوا في يوم من الأيام يسكنون في هذا المكان. (ول ديورانت، قصة الحضارة ج6 ص 164).

وبما يخص التسميات السريان، الكلدان، الآشوريين..الخ، أحب أن أوضح رأيي فيها من خلال تجربتي الشخصية فأقول: يتصل بي أحياناً قسم من الأصدقاء المسيحيين والمعارف وخاصة الإخوة الكلدان والآشوريين للبحث لهم من بطون الكتب عن أسماء كلدانية أو آشورية لكي يُسمَّوا بها مولودهم الجديد، وغالباً ما يكون الطلب عن اسم إناث لأنها قليلة وغير معروفة مقارنة بأسماء الذكور، وهذا أمر طبيعي وليس غريباً ويُفرحني كثيراً.

 لكن الغريب أنه قبل عدة سنوات زارني أحد الأشخاص من غير المسيحيين وهو ذو مكانة علمية ووظيفية مرموقة في أوربا، ودعاني لأحضر طقس تَعميدهُ لأنه يريد وعائلته اعتناق المسيحية، ولفت انتباهي أن الطقس سيتم في إحدى الكنائس الإنجيلية، فقلت له، لماذا يا أستاذ تريد أن تتعمد في الكنيسة الإنجيلية وليس في إحدى الكنائس السريانية أو الكلدانية أو الآشورية؟، وللأمانة إن سؤالي له لم يكن من باب عقائدي أي ليس لأن عقائد الأرثوذكس أو الكاثوليك أفضل من الإنجيلين بل كان سؤالي من باب اجتماعي وثقافي بحت، لأني قلتُ له إن الإنجيليين يضمُّون فئات مختلفة من الناس بينما السريان والكلدان والآشوريين هُم من أبناء جلدتك ولهم كنائس ونوادي اجتماعية كثيرة ويقيمون حفلات كما يقيمون دورات للأطفال حيث سيستفاد أطفالك، فضلاً عن أنكم سوف تتعلمون لغة إضافية وهي السريانية التي تتكلم بها هذه الطوائف..الخ، فردَّ عليَّ وقال لي: "يا أخي أنا أتيتُ لادعوك إلى تعميدي لأصبح مسيحياً وليس لكي ارتد عن المسيحية"، فاستغربتُ وقلت له لماذا؟، فقال لي: ألا ترى التصارع بين الجميع على الأسماء وأنا أريد الابتعاد عن مشاكلهم، فقلت له: سأحترم رأيك ولكني أقول لك: حتماً سيكون في الكنيسة الإنجيلية شرقيو الأصل مثلك من سريان وآشوريين وكلدان، واحتمال أن مشاكل تسمياتهم ستصل إليك وإلى أطفالك وأحفادك من بعدك، ولذلك أنصحك أن تجد كنيسة إنجيلية باسم كنيسة آدم، فقال لي: لا يوجد كنيسة بهذا الاسم، فقلت له: هناك كنائس أجنبية بهذا الاسم وبما انك وزوجتك مُثقَّفان وذو مكانة علمية مرموقة فأنكما تستطيعان تغيير اسم الكنيسة التي ستذهبون إليها إلى اسم كنيسة آدم ولن يستطيع أحد في المستقبل أن يغير اسمها وسوف يُخلِّدك التاريخ.
 
وفي أحد الأيام حَلَّيتُ ضيفاً على أحد الإخوة من الآشوريين المتشددين وأهديته أحد كتبي فشكرني، ثم دار حديث بسيط بيننا تطرَّق فيه هو إلى موقف الكتاب المقدس السلبي من الآشوريين ثم وجه لي الكلام قائلاً: بكونك مطلع على الأمور الدينية والتاريخية ولديك علاقات مع رجال الدين أكثر مني، ألا يمكن تشكيل لجنة دينية لتغير الكتاب المقدس وحذف الآيات التي تصف الآشوريين بالسوء، فأجبته جواباً تاريخياً وإيمانياً وشعرتُ أنه لم يقتنع بكلامي ولكنه لم يَردَّني بكوني ضيفهُ، وبعد مدة قليلة التقيتُ أحد الإخوة المثقفين الكلدان وكان من المتشددين أيضاً وقلت له مازحاً: لقد تلقيتُ اقتراحاً طريفاً ما رأيكَ فيه؟، وشرحتُ له رأي الأخ الآشوري، فقال لي: والله فكرة جيدة نتمنى أن تُنفَّذ ولكن بحذف ما يخص الكلدان فقط، وعلى الأقل حذف سفر الرؤيا الذي يصف مدينة بابل بصورة سيئة، وكانت مهمتي أسهل مع الأخ الكلداني عندما بَيَّنتُ له أن المقصود بمدينة بابل في الكتاب المقدس هي بابل القديمة (الحلة)، وهي ليست نفس بابل المقصودة في (بطريركية بابل على الكلدان) لأن الأخيرة تعني مدينتي قطسيفون (المدائن) التي سَمَّاها الفرس بابل ومدينة بغداد التي سَمَّاها الغربيون بابل، حيث كانت قطسيفون المقر الأول لكرسي الكنيسة السريانية الشرقية وانتقل إلى بغداد سنة 780م وحتى سنة 1283م، فاقتنع بكلامي، وحقيقةً لم تشأ الصدفة أن اطرح الفكرة على من يريد العودة إلى الاسم الآرامي وأخذ رأيهم بحذف وصف الكتاب المقدس للآراميين بالسوء أيضاً، ولهذا فالاقتراح مفتوح لهم عبر هذه المقالة.

والأغرب مما قلناه هو: إن كثيراً من أبناء هذه الطوائف يعيشون في الغرب ومع هذا فإن النزعة الطائفية لا زالت نفسها إن لم تكن أقوى، وهؤلاء يلاحظون أن الإنسان يفرض نفسه ويأخذ حقوقه بوجوده ووحدته وما يملك وليس باسمه أو باسم حضاراته القديمة، فها هي أمريكا دولة حديثة لا تمتلك تاريخ وحضارة قديمة لكنها أقوى دول العالم، ولو ذهب إلى مبنى البلدية في أي دولة أوربية مئة شخص من كل طائفة 25 شخص (آرامي آشوري كلداني سرياني) وطلبوا تخصيص مبنى نادي لهم باسم شعب الوقواق فسوف يُلبَّى طلبهم باحترام، أمَّا إذا قام آرام بن سام وآشور بانيبال ونبوخذ نصر ومار أفرام السرياني من الأموات وذهبوا إلى دولة أوربية لطلب نادي لهم بكونهم أربعة أشخاص فقط، فسيُرفض طلبهم من موظف الاستعلامات قبل عرضه على المسوؤل المختص، هذا في أوربا حيث سيرفض طلبهم مع ابتسامة صفراء وتقديم كوب من القهوة لهم لأنها توجد غالباً في الاستعلامات مجاناً، أمَّا إذا ذهب الأربعة إلى إحدى الدول العربية، فلن يَسمَح لهم الشرطي الواقف خارجاً بالدخول إلى استعلامات مبنى البلدية أصلاً، هذا إذا لم يُعتقلوا بتهمة الاستهزاء بسلطة الدولة بكونهم أربعة أشخاص جاءوا يطالبون حقوقاً لهم.

يقول الرحَّالة جيمس بكنكهام الذي زار العراق سنة 1816م والتقى بالمسيحيين ودرس أوضاع طوائفهم: لم أرَ في الاختلافات العقائدية بين الطوائف المسيحية ما يرضيني، ويبدو أن الأطفال يسيرون على خطى آبائهم وليس فيهم من يتعب نفسه في معرفة العقيدة التي يؤمن بها جاره، لأنهم يعتقدون أن الخلاف القائم في عقائدهم لا مجال للمصالحة فيه، ولذلك فهم لا يحاولون التوفيق بين هذه العقائد وتوحيدها. (الأب سهيل قاشا، الموصل في العهد الجليلي ص 446)

80
الاخوة القراء الاعزاء
كل عام وانتم بخير

لقد قمت بالرد على اسئلة القراء الكرام على مقالتي سنة ويوم ميلاد السيد المسيح الحقيقيين في صفحتها

واود ان اشير أنه يوم الأحد الموافق 29/ 12/ 2013 سيكون لي مقابلة تلفزيونية على قناة suryoyo sat سريويو سات الساعة التاسعة مساء بتوقيت بغداد، بموضوع المقال وعلى الأكثر أن الحلقة ستعاد صباح الاثنين 30/12/2013 الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت بغداد، ولكن الأكيد أن الحلقة ستعاد يوم الاثنين 30/12/2013 الساعة الحادية عشر صباحاً والساعة الرابعة بعد الظهر بتوقيت بغداد.

تردد القناة 11200 عمودي على القمر الاوربي هوتبيرد استقطاب 27500 وشكراً.

عيد سعيد وسنة مباركة
موفق نيسكو

81
 قمنا بتاريخ 13-12-2013م بتعديل اسم المقال باضافة (والسيد المسيح سرياني وليس آرامي) الى العنوان في الملف الجديد وهو اسمها الاصلي قبل النشر الذي حذفناه لاسباب معينة، كما اضفنا معلومات قليلة لتكون واضحة أكثر للقارئ الكريم، وقد ذكرنا سبب إرجاع الاسم والتعديلات البسيطية في ردي واجابتي على اسئلة القراء الكرام، في ذيل المقال، بعد نهاية التعليقات، لذلك في حال رغبة القاري قراءة المقال كملف، ارجو اعتماد الملف الثاني الذي هو مطابق لنص المقال المكتوب ادناه، ومع ذلك لم نحذف الملف الاول القديم ليتأكد القارئ انه ليس هناك تعديل جوهري، بل توضيحي،
نعم وردت كلمة سريان في الكتاب المقدَّس والسيد المسيح سرياني وليس آرامي
قبل أيام وردت مقالة للأستاذ أسعد صوما مشكوراً بعنوان: هل وردت كلمة سريان في الكتاب المقدس؟، ولأن كلمة سريان وردت في الترجمة السبعينية وغيرها، فقطعاً الأستاذ اسعد يقصد النص العبري للعهد القديم، وقد رَكَّزَ على هذه النقطة بوضوح، والجواب  بكل بساطة، نعم وردت حتى في النص العبري في سفر التثنية (3: 9)، مزمور (29: 6)، ويهودت (3: 1) إضافةً إلى (9) مرات في العهد الجديد باسم سوريا، (للعلم سفر يهودت معترف به من الكاثوليك والسريان)، وانتهت الإجابة على السؤال، وبما أن هدف المقالة هو شيء آخر، وهو ببساطة: أن سوريا كان اسمها القديم آرام دمشق، وتم تغير اسمها من آرام إلى سوريا شأنها شأن أي دولة تبدَّلَ اسمها في التاريخ، وعندما قام اليهود بالترجمة السبعينية للكتاب المقدس من العبرية إلى اليونانية خصيصاً ليهود مصر الذين كانت عبريتهم قد ضَعُفتْ، بحيث أنهم كانوا قد نسوا اسم آرام نتيجة لانتشار اسم سوريا، فتم تغير اسم آرام إلى سوريا، ويريد بعض السريان  واغلبهم من موطني الدولة السورية استعادة الاسم الآرامي القديم والتخلي عن الاسم السرياني، وفرض الاسم الآرامي غلى جميع السريان بمن فيهم الآشوريين والكلدان وأن يُسمَّون آراميين. (هذا هو الموضوع).
 ولكي لا اُتعبْ القارئ الكريم أقول: إن اسم السريان مرتبط ب (سوريا)، بل أَنكَ إذا قُلتَ باللغة السريانية أنا سرياني، ستقول أنا سوري كما سنرى، والغريب بالأمر أن الأستاذ اسعد نفسهُ أجاب على السؤال مسبقاً بنعم، فلو لاحظتم في بداية مقالتهُ قال: هل وردت كلمة سريان؟، ثم كتبها "سوريايا"، مع ياء النسبة، فإذا حذفتم ياء النسبة، ستكون سوريا.
إن الاسم السرياني بمعناه الحالي جاء بعد المسيحية وليس قبلها، والبحث عن الاسم السرياني في النص العبري كالبحث عن بطرس وبولس في النص العبري، الاسم السرياني بمعنى مسيحي مرتبط بكلمة سوريا التي ترد في العهد الجديد (9) مرات ولا علاقة له بكلمة سريان ما قبل المسيح الواردة في الترجمة السبعينية، ولا في حتى في النص العبري أعلاه، إن كلمة سريان منسوبة إلى سوريا سوءاً كانت قبل أو بعد المسيح، ولكن بمعنيين مختلفين، وإن معنى سريان قبل المسيح لا علاقة له بمعنى سريان بعد المسيح لا من قريب ولا من بعيد سوى ارتباط الاثنين باسم سوريا، سريان ما قبل المسيح هم مواطنو الدولة السورية فقط! منذ القرن الثالث قبل الميلاد والى اليوم، سواءً كانوا مسلمين، مسيحيين، دروز، عرب، أكراد..الخ، وسريان ما بعد المسيح هم مسيحيون فقط! ومن كُل الأجناس والدول، سوريو ما قبل المسيح اسم سياسي لدولة ذات جغرافية محدودة لأجناس متعددة!، وسريان مع بعد المسيح اسم ديني وهوَّية لكل الأجناس من أتباع كنيسة سورية فقط!، وقبل الدخول في الموضوع أعطي فكرة تاريخية فأقول:
بَرَزتْ في الآونة الأخيرة كتابات تقول إن كل السريان هم آراميون وإن الاسم السرياني مرادف للآرامي..الخ، وهذا خطأ تاريخي كبير، لأن السيد المسيح سرياني وليس آرامي كما سنرى، فبدأتُ ابحث عن هذه العلاقة فتوصَّلتُ إلى أن كلمة آرام نفسها في العهد القديم غير واضحة المقاصد، خاصة عندما قرأتُ ما قاله الأب ألبير أبونا (أدب اللغة الآرامية ص12) من أن اسم آرام اسم جغرافي أطلقه الآشوريين على أحد قبائلهم ثم عَمَّ الاسم على القبائل الأخرى، وبكل ثقة وتواضع أقول إني أول من أشار إلى هذا الموضوع في كتابي السريان الاسم الحقيقي للآراميين والآشوريين والكلدان، ولم ينتبه إليه أحد قبلي على حد علمي، فأثناء ذكري للآراميين اقتبستُ جملة من كتاب أحد المطارنة يقول فيها: إن إبراهيم كان آرامياً، مستنداً على آية سفر التثنية 26: 5 التي تقول: " آرامياً تائهاً كان أبي"، فذكرتُ أنا أيضاً العبارة كما هي، ثم ذكرتُ بتوئيل ولابان الآراميان، وبعد توغلي في الموضوع، انتبهتُ أن إبراهيم لم يكن من نسل آرام وإنما من نسل أرفكشاد بن سام، لذلك فإن إبراهيم ليس آرامياً، وعليه فإن السيد المسيح ليس آرامياً أيضا لأنه من نسل إبراهيم، وتجنباً للإحراج بين الدقة التاريخية وبين ما كتبه نيافة المطران الذي أجلُّهُ، وكذلك لإقناع نفسي، اضطررتُ لوضع هامش في أسفل الصفحة يقول إن إبراهيم كان آراميا نسبة إلى عمه البعيد آرام بن سام، لعلني أحل الموضوع، ولأني مستمر في البحث، انتبهتُ إلى أن بتؤئيل الآرامي هو ابن كاسد اخو إبراهيم، إذن هذا وذرِّيتهُ أيضاً ليسوا آراميين، وقبل ثلاثة أشهر اكتشفتُ ما هو أهم وهو: إن عبارة "آراميا تائهاً كان أبي"، ترجمتها العربية خطأ، وعندما قارنتُها بالعبرية واليونانية والسريانية والإنكليزية، تَبيَّن لي أن ترجمتها الصحيحة هي: أن بلاد آرام أذلَّت أو قهرت أبي، وإن هذا كان نشيداً يُرددهُ أبناء يعقوب في مصر عند تقديهم بواكير الزرع، قائلين إن الآراميين أردوا إذلال أبي يعقوب لكنه استطاع أن يدخل مصر ويغتني، وذلك في إشارة إلى لابان الذي أذلَّ يعقوب عشرين سنة وخدعه بتزويجه ليَّة قبل راحيل..الخ. ويقول المطران اسحق ساكا إن اسم آرام جذر سامي معناه المرتفع وهو نسبة إلى آرام بن سام أو إلى آرام بن قموئيل أو آرام من نسل آشير (1اخ7: 34) والمهم أن آرام كان سامياً، وأقدم ذكر للآراميين في عهد الملك الأكدي نارم سين (2254–2218 ق.م.) بصيغة Am–Ara، ولكن الاسم الآرامي لم يكن شائعاً حيث كانت القبائل الآرامية سابقاً تُسمَّى أحلامو وسوتي وعبيرو، وبرز اسم آرام مقترناً بأحلامو في القرن الثاني عشر قبل الميلاد.، وفي القرن الحادي عشر قبل الميلاد تَغلَّبت التسمية الآرامية على القبائل الأخرى، وللآراميين شأن هام في التاريخ وخاصة لغتهم التي غزت العالم القديم، ويقول الباحث الآرامي هنري بدريوس إن النصوص المكتشفة في مملكلة سمأل الآرامية تُثبت أن الآراميين استخدموا أولا اللغة الكنعانية، ثم لغة آرامية– كنعانية أصطلح العلماء على تسميتها سمألية، وأخيرا اللغة الآرامية المتطورة، ولدى سؤلنا الأستاذ هنري بدريوس ماذا كانت لغة آباء آرام وهل كانوا خُرسْ مثلاً؟، أجابنا مشكوراً: إن آباء آرام شخصيات وهمية وأسطورية، وكأن التاريخ بدأ بآرام وهو شخصية حقيقة لكنهُ من سلالة وهمية، وجوابنا المنطقي هو: قطعاً إن آرام لم يخترع اللغة وأنها نفس اللغة التي تكلم بها آرام مع أبوهُ سام وإخوته أرفكشاد وآشور وعيلام ولود، وكذلك لغة آباء آرام إلى آدم لكنها نُسبتْ إلى آرام فسميت الآرامية، وبعد المسيحية صار اسمها السريانية.   
وقبل الدخول في موضوع السريان ومعناها الحقيقي لدي ملاحظتين: (1) إني أقصد بسرياني (الآشوريين والكلدان والموارنة والروم أيضاً)، وسأبُيِّنْ ذلك بمقالات منفصلة مستقبلاً لأنه موضوع طويل، (2) إني اكتب كما قَرأتُ أنا وليس كما قراء غيري.
أقول: إن كلمة سرياني جاءت في بداية المسيحية، ولم يكن لها مدلول قومي أو سياسي، بل مدلول ديني فقط، ومعناها مسيحي، ولكن ليس كل مسيحي، المسيحيون الذين تبعوا كنيسة أنطاكية السريانية (السورية) فقط، بغض النضر عن جنسهم أو قوميتهم أو ديانتهم السابقة، وبكل اختصار وبساطة معناها: إن كل آرامي، فارسي، كلداني، عربي، وثني، يهودي، زرادشتي، آشوري، يوناني..الخ سابقاً، غَطَسَ في جرن معمودية الكنيسة السريانية، خَرجَ سرياني، ولهذا فإن كل سرياني هو مسيحي، وليس كل مسيحي سرياني، لذلك من الخطأ إطلاق كلمة (سورايا) على المسيحي الفرنسي، بل يجب إطلاق عليه كلمة (مشيحايا) أي مسيحي، إلاّ إذا انتمى هذا الفرنسي إلى كنيسة أنطاكية السريانية، عندئذ يُسمَّى سرياني، فالسريان اسم علم وهوَّية ولقب معناه مسيحي، وطالما إن كلمة سرياني تعني مسيحي فقط، فهي مرتبطة بالسيد المسيح حصراً، لذلك يجب البحث عن هوية شخص اسمه المسيح وكيف ارتبطت هذه الكلمة على قسماً من أتباعه وسُمُّوا سرياناً، فأقول:
رغم أن الكتاب المقدس هو ليس كتاباً تاريخاً بحتاً لأن بعض الكلمات والتسميات التاريخية فيه تحتاج إلى تفسير ومطابقتها مع العلم أو الآثار أحياناً، لكنه يُعدُّ أهم مرجع تاريخي للمؤرخين والباحثين والآثاريين، ويجب أن أُذكِّر القارئ بأن العهد القديم كان يُعدُّ مرجعاً وحيداً للمؤرخين سابقاً، لأن أقدم مؤرخ تقريباً هو هيردتس (+425 ق.م.)، ولولا العهد القديم لما عَرَف أحد شيئاً كثيراً عن الآشوريين والكلدان والآراميين قبل اكتشاف الآثار في القرن التاسع عشر، لدرجة أن قال أحد المُنقَّبين، "إنني امسك المعول بيد والكتاب المقدس باليد الأخرى عندما أُنقِّب"، وبالنسبة للعهد الجديد فَعليَّ أن أذكر معلومة مهمة جداً اعتقد أن الكثيرين لا يعرفوها وهي: إن السيد المسيح نفسه باستثناء ما ورد عنه في العهد الجديد، فإن المؤرخين لم يذكروه إلاَّ نادراً جداً، لدرجة أن قسماً كبيراً من المؤرخين يقولون إذا استثنينا العهد الجديد فإننا يجب أن نشكُّ بوجود السيد المسيح أصلاً، ويقف علماء التاريخ حائرين أمام هذا الأمر، وخاصة أمام عملاق التاريخ يوسيفوس اليهودي الذي كتب (20) مجلداً في تاريخ اليهود وكان سياسياً، ومع ذلك لم يذكر السيد المسيح إلاَّ مرتين فقط وبعبارات قليلة، ومن حسن حظي إن إحدى هذه العبارات تخدم مقالتي هذه، وبرغم أن الكتاب المقدس له مكانتهُ، لكنه قابل للنقد عندما يوجد كتاب آخر أو آثار مادية أو ما شابه ذلك يناقض ما جاء فيه، حيث يجب أن يؤخذ بها على قدم المساواة مع الكتاب المقدس، أمَّا إذا لا يوجد ما يناقضه من روايات أو آثار، فيعَّدُ ما جاء به حقيقة مطلقة للمؤرخين، إلى أن يظهر ما يناقضه مستقبلاً، فمثلاً: إن مريم هي أم المسيح، تبقى مريم هي أم المسيح كحقيقة مطلقة لحين ظهور كتاب أو أثر آخر يقول إن المسيح ليس ابن مريم وإنما ابن (فلانة)، عند ذاك يُدرس ويُدقق الموضوع، لذلك عندما استشهد من الكتاب المقدس كمصدر تاريخي، ليس لاستمالة عاطفية، لأن مقالتي تاريخية بحتة ومن زاوية مستقلة، ولهذا لن استعمل كلمات دينية مثل مار وقديس والشهيد..الخ، وسأقول إن السيد المسيح ذَكرهُ ثمانية مؤرخين هم: متى، مرقس، لوقا، يوحنا، بطرس، يهوذا، يعقوب، بولس، وهؤلاء كانوا شهود عيان وكتبوا حياته بكل تفاصيلها، لذلك أقول:
1سقطت آخر دولة آرامية وأكبرها وهي آرام دمشق على يد الملك الآشوري تغلاث فلصَّر سنة 732 ق.م.
2:: سقطة الدولة الآشورية على يد نابو بلاصر أبو نبوخذ نصر سنة 612ق.م.     .
3: سقطت الدولة الكلدانية على يد كورش الفارسي الأخميني سنة 539 ق.م.
4:  ليس صحيحاً أن اليونان سَمَّوا سوريا أو اخترعوا اسمها، بل أن اليونان اخذوا اسم سوريا كما سمعوه يُنطق من سكان سوريا، فقد وردت كلمة shryn)) في النصوص التي عُثر عليها في غرانيت (رأس شمرة) التي تعود إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد، وسَمَّى البابليون أحد أقاليم الفرات الأعلى باسم su-ri "سو – ري" ، وفي نشيد اخناتون (1380–1362 ق.م.) عندما يمدح أتون الشمس يرد اسم سوريا ، ويقول أدلف إرمان إن اسم سوريا يرد في كثير من المصادر التاريخية منذ الألف الثاني قبل الميلاد ، كما ذكر المؤرخ هيرودتس سوريا بالاسم عدة مرات، بل أنه أطلق اسم سوريا على كل قارة آسيا، ومنذ القرن الخامس قبل الميلاد بداء اسم سوريا يعمَّ بلاد الشام بدأً من منطقة جبل حمرون التي سُمَّيت سيريون siryon في المصادر العبرية، وهو الاسم كان أهل صيدا يطلقونه على جبل حرمون، وورد هذا الاسم في تثنية (3: 9)، مزمور (29: 6)، ويهودت (3: 1)، ومن الملاحظ أن الاسم يدل على سوريا وجاء مقترناً باسم لبنان في مزمور 29، وفي القرن الثالث قبل الميلاد عَمَّ الاسم جميع بلاد الشام، ولقوَّة الاسم وانتشاره، تُرجم العهد القديم من العبرية إلى اليونانية سنة280. ق. م، وتم استبدال كلمة آرامي إلى سوري، وبلاد آرام إلى سوريا، باستثناء أسم العلم (آرام)، مثل آرام بن سام وآرام بن حصرون، ولم يشترك في الترجمة يوناني واحد، وهذا يعني أن اليهود لم يكن همهم تبديل اسم آرام أو مشكلة معه، وإنما تأكيد على أن اسم سوريا كان قد أصبح واقعاً موجوداً على الأرض، شأنه شان ايطاليا اليوم التي كانت تُسمَّى الإمبراطورية الرومانية سابقاً وفرنسا بلاد الغال وتركيا الدولة العثمانية، وغيرها من الأمم التي تَبدَّلت أسمائها عبر التاريخ، لذلك فإن مؤرخي العهد الجديد عندما كتبوا اسم سوريا لم يعودوا إلى الترجمة السبعينية لينظروا ما هو اسم بلدهم، ولم يَسألوا أحد الجغرافيين عن اسم بلدهم، بل كتبوا اسم بلدهم كما يعرفونهُ، إي أنه حتى لو لم يُبدَّل اسم آرام في السبعينية، فإن كُتَّاب العهد الجديد كانوا سيكتبونها سوريا لأنه هكذا كان اسمها.
5: إن كلمة سوري وسرياني هي كلمة واحدة مئة بالمئة، لأن كلمة سرياني هي باللغة العربية وفيها نون وياء النسبة، وبعيداً عن قواميس اللغة وكتب التاريخ وقال فلان، وللتأكد مما أقول، فإني لن اُتعب القارئ الكريم، إذ بإمكان أي شخص يتكلم السريانية ولو قليلاً أن يتأكد بنفسه بأن كلمة (سورييا) التي يلفظها السريان الشرقيون باللهجة العامية سورايا والتي تعني مسيحي هي نفس كلمة سوري مئة بالمئة، وسوف نستعمل كلمة (سورايا) باللهجة الشرقية لتكون المقارنة سهلة لأنها معروفة لدى الجميع، فالمعروف أنه بالسريانية تضاف ياء النسبة إلى الشخص فنقول: فلان (عراقيا) أي عراقي، أو (قردايا) أي كردي أو (دسنايا) أي يزيدي، وهكذا، والآن نطبِّق ذلك على شخص اسمه سعد، فإذا كان:
سعد عراقي: سنقول: سعد (عراقيا)، وإذا كان سعد مسيحي عراقي سنقول: سعد (سورايا عراقيا).
أمَّا الآن وهو المهم!، فإذا كان سعد سوري: فيجب أن نقول حرفيا: سعد (سورايا) حتى لو كان سعد مسلماً.
 وإذا كان سعد مسيحي سوري، وهو المهم جداً!، فيجب أن نقول حرفيا: سعد (سورايا سورايا).
 ولذلك عندما يريد السريان للتعبير عن شخص سوري مُسلم يضطر، إمَّا أن يقول: سعد (مُشلمانا سورايا) أي مسلم سوري، أو أن يقول (سعد من سوريا) بإضافة كلمة (من) لكي يُميَّز بأن سعد سوري لكنه ليس مسيحي، والتعبير الأول من الناحية اللغوية هو الأصح أي بعدم إضافة (من) أسوة (سعد عراقيا)، والتعبير الثاني عملي وأسهل وأوضح وهو المستعمل دائماً ويفي بالغرض.
إذن كلمة سرياني وسوري متطابقة مئة بالمئة، لكن كيف ارتبطت بالمسيح وأصبحت تعني مسيحي وكيف أن المسيح سرياني؟
1: عندما ولد السيد المسيح كانت بلاد الشام خاضعة للإمبراطورية الرومانية، وكانت بلاد الشام  تُسمَّى ولاية سوريا وليس بلاد آرام، وكان مركز الوالي الروماني في أنطاكية عاصمة سوريا، وعندما صعد يوسف من الناصرة إلى بيت لحم ليكتتب في الإحصاء، صعد أيام  والي سوريا كيرينيوس.                 
(وهذا الاكتتاب الأول جرى إذ كان كيرينيوس والي سوريا. لوقا 2:2). وعليه:
2:  إن السيد المسيح وُلدَ مواطناً سورياً جنساً من الناحية الرسمية الإدارية.
3: إن كلمة آرامي هي أصلاً كلمة عرقية تعود على الأغلب لآرام بن سام، وإن نسب السيد المسيح عرقياً بالجسد واضح من متى ولوقا ولا يقبل أي تأويل إطلاقاً، فهو من نسل أرفكشاد بن سام وليس من نسل آرام بن سام.
 فالسيد المسيح وحسب شهادة ميلادهُ الصادرة من العهد الجديد والموقَّعة من قِبَل لوقا أنه ولد مواطناً سورياً (سرياني) وليس آرامي، لا من ناحية اسم العرق ولا اسم البلد، مثلما مُسجَّلة شهادة ولادة برلسكوني أنه ايطالي وليس روماني،وشارل ديغول فرنسي وليس غالي واردوغان تركي وليس عثماني، ولذلك فإن البطريرك زكا الأول عيواص عندما قال أن المسيح سوري، كان مصيباً تماماً وكان يعرف ما يقصد استناداً إلى التاريخ المُثبَّتْ، وجميع السريان وبدون أن ينتبهوا يقولون ذلك بالسريانية (سورايا)، وليس كما قالها البطريرك بالعربية.
4: إن أول كرسي رسولي في المسيحية هو كرسي أنطاكية عاصمة سوريا تأسس سنة 34م، وسُمَّيتْ كنيسة أنطاكيا السورية (السريانية)، وإن ثالث بطاركتها أغناطيوس النوراني +107 عندما توجَّه إلى روما ليُعدَم وجَّه رسائلهُ إلى المؤمنين طالباً منهم أن يُصلُّوا (لكنيسة سوريا)، ومن هنا شَملَ الاسم السرياني كل تابعي كنيسة سورية بغض النضر عن جنسهم أو عرقهم وأصبحوا سورييّ الكنيسة (سريان)، وإلى يومنا فإن كثيراً من المؤرخين يُسمُّون الكنيسة السريانية (كنيسة سوريا)، ومن المعروف إن جميع المسيحيين الأوائل في أورشليم بمن فيهم رسل المسيح وأوائل الأساقفة كانوا يهود، ويقول أوسابيوس القيصري في تاريخه ص153، إن مؤمني كنيسة أورشليم بأكملها كانوا عبرانيين، ناهيك عن كثير من آباء الكنيسة والمؤمنين الأوائل كانوا يونان، ولكن الجميع قبلوا الاسم السرياني بمعنى مسيحي وليس بمعنى آرامي لأن أكثرهم لم يكونوا آراميين أصلاً.
 ولهذا فإن الاسم السرياني هو اسم ديني (هوَّية) أتى بعد الميلاد ومرتبط بالمسيح، وإن السريان لم يأخذوا اسمهم من النص العبري والسبعينية ونعمان الوثني، بل من سوريا العهد الجديد (إن كلامي من باب تاريخي وليس ديني بهدف استمالة مشاعر القُرَّاء!)، لذلك أنا اتفق مع الأستاذ اسعد تماماً بأن يُعتمد النص العبري للعهد القديم والذي يذكر سوريا باسم آرام، وأن يُرَدْ للرجل نعمان لقبه الحقيقي الآرامي لأن نعمان لم يكن مسيحياً وليس له علاقة بالسريان، ولهذا قلتُ إن كلمة السريان وردت في العهد الجديد( 9) مرات ولم أقُلْ (10) لأني استثنيتُ نعمان، وحتى لو قامت الدولة السورية بتبديل اسمها إلى آرام، ثم قام الآراميون بتبديل اسم سورية في العهد الجديد إلى آرام، فستجد أن السريان أيضاً سيقولون نحن اسمنا منسوب إلى سوريا وليس إلى آرام، وكما أراد الآراميون أن يكون اسمهم حسب النص العبر ي وردَّوا لنعمان اسمهُ الحقيقي، فنحن أيضاً نريد اسمنا الحقيقي المنسوب إلى سوريا وليس إلى آرام، وإن مؤرخي العهد الجديد كتبوا مباشرةً اسم سوريا، أي أنه اسم أصيل بدون ترجمة أو تبديل، ولهذا فإن المطران عبد الأحد شابو عندما قال نحن السريان أخذنا اسمنا من سورية، كان تعبيره سليماً، أي أن السريان ليسوا مواطنين سوريين، ولكنهم أخذوا اسمهم من سوريا، وإذا كان سكان سوريا من الآراميين القدماء قد اعتنقوا المسيحية فإنهم أصبحوا سريان شانهم شان الآخرين، فكل آرامي مسيحي هو سرياني، ولا تعكس، إي ليس كل سرياني آرامي.
5: الدليل الأخر والمهم هو: إن أول مدينة تم تبشير المسيحية فيها خارج سوريا هي حدياب (أربيل) التي وصلها أدّي وآجاي وماري، وصحيح أن الآراميين كانوا موجدين بكثافة في حدياب، لكنها كانت إمارة يهودية، وأول من اعتنق المسيحية فيها هم اليهود الذين سباهم الآشوريين سابقاً، والذين كانوا بعشرات الآلاف، وأوائل أساقفة أربيل من فقيدا سنة 104م إلى سنة300م تقريباً كانوا يهود، ناهيك عن الأقوام الأخرى غير الآراميين، وعندما وصل المبشرون، وصلوا كسريان (سوريين) تابعين لكنيسة سوريا، فقبل الجميع الاسم السرياني بمعنى مسيحي تابع لكنيسة سوريا، وليس كآرامي، لأن اليهود أصلاً كانوا عبرانيين، وكانت علاقتهم مع القدس قوية وشاركوا في ثورات اليهود ضد الرومان، ودُفنت الملكة هيلانة في القدس، والأهم أن هؤلاء لم يكونوا من مواطني بلاد سوريا التي كانت سابقا اسمها آرام، بل هم مواطنو حدياب التي تقع في قلب دولة آشور والتي كانت أشهر من آرام بكثير، بل أن سريان العراق فيما بعد كانوا متمسكين بالاسم السرياني بحيث أطلقوهُ على بعض المناطق التي يسكنها السريان وسَمَّوها بسورستان، وحددوا منطقتها من الموصل إلى آخر الكوفة (أبو زيد البلخي، البدء والتاريخ ج2 ص15).
6: لم يكن في زمن السيد المسيح ذكر لقوم باسم آراميين أو كلدان أو آشوريين، لأن هذه الأسماء انتهت بسقوط دولها السياسية، (أسماء دول سادت ثم بادت) وأصبح اسمهم جزءً من التاريخ شانهم شأن السومريين والأكديين والكاسيين والأموريين وغيرهم، وقطعاً إن الشعب يبقى ولكن يأخذ أسماء أخرى، وهذا أمر طبيعي في تاريخ الشعوب، فالشعوب تتحارب وتتعانق، تهاجر وتسقبل، تختلط وتفترق، تتزواج وتتصاهر، فتموت وتولد أسماء وأجناس وأمم وأديان ولغات، والمهم إن بلاد الشام كانت تُسمَّى سورية وسكانها سوريين، والعراق الحالي كان يُسمَّى بلاد ما بين النهرين وسكانه الفرثيين، لأنه كان خاضعاً للدولة الفرثية، ولذلك في يوم العنصرة ذُكرت أقوام عديدة لم يكن بينهم آشوريين أو كلدان أو آراميين، (فرتيون وماديون وعيلاميون والساكنون ما بين النهرين واليهودية وكبدوكية وبنتس واسيا، وفريجية وبمفيلية ومصر ونواحي ليبية التي نحو القيروان والرومانيون المستوطنون يهود ودخلاء،كريتيون وعرب) اع2: 9–12، ولو كان أيَّاً من تلك الأقوام موجودة لذُكرت أو على الأقل إحداها، لأنه لم يكن الفرثين والعيلاميين والماديين والكرتيين والعرب أشهر من الآشوريين والكلدان والآراميين خاصة أنه قد ذُكر اسم بلاد ما بين النهرين، كما لم تكن مدن مثل فريجية وبمفيلية والقيروان أشهر من نينوى وبابل، علماً أن العهد الجديد لم يذكر مطلقاً اسم الآشوريين والآراميين والكلدان سوى مرة واحدة عندما أشار إلى إبراهيم سابقاً، مع العلم أنه ذكر ملوك الفرس الذين جاءوا من بابل أو بين النهرين باسم المجوس، كما ذَكر أقوما مثل اليونان والرومان، والملاحظة المهمة في هذا الشأن هو أنه ذكر امرأة (فينيقة سورية) مركَّبَة، وكانت المرأة وثنية فينيقة سورية (مر7: 26 النص من اليونانية أوالبوليسية)، وهذا دليل واضح جداً على أن اسم سورية كان موجوداً أولاً، وثانياً وهو الأهم، أنه لم تذكر آية أخرى لقوم أو شخص آرامي مقروناً بسوريا، وهذا يعني أن اسم الآراميين كان قد انتهى، لأنه إن كان الآراميين موجودين لكان ذكرهم أولى ولو مرة واحدة بهذه الصيغة، على الأقل من قبل متى الذي كتب إنجيله بالسريانية (الآرامية سابقاً).
7: حتى في رسالة يعقوب التي كانت موجَّهة خصيصاً إلى اليهود الذين سباهم الآشوريين سابقاً وبقوا هناك، لم يَذكر بعقوب بلاد آشور بل سَمَّاهم الأسباط العشرة في الشتات،(راجع رسالة يعقوب1).
8: نعم قد تبقى بعض الألقاب القديمة لأشخاص هنا وهناك بصورة فردية مثل آرامي، آشوري، كلداني، أو أسماء بعض المدن التي تَسمَّت بأسماء دولها القديمة مثل نينوى أو نمرود التي تُسمَّى أحياناً آثور..الخ، لكن لا يوجد لدينا أي نص تاريخي يذكر أخبار آراميون أو كلدان أو آشوريين ككيانات مستقلة معروفة وقوم موجدين على الأرض باسمهم ويذكر تفاصيل حياتهم، مثل معاركهم، تتويج ملك، موت، معاملات تجارية.. الخ، أسوة بالعهد القديم الذي ذكرهم حوالي 500 مرة، وذكر تفاصيل حياتهم، وكل ما يُذكر هذه الأقوام بعد سقوطها، يُذكر أنها كانت موجودة في الماضي فقط وهذا أمر طبيعي، مثلما نقول اليوم إن الايطاليين أو الفرنسيين هم الرومان أو الغاليين القدماء، ولذلك عندما ذكر يوسيفوس وغيره أن اليونان يُسمُّون الآراميين سوريا، فإن يوسيفوس لم يكن يتحدث عما كان في زمانهِ موجوداً بل عن الأقوام القديمة، فيوسيفوس تحدث عن الماضي وذكر أولاد سام الخمسة فرداً فرداً، ثم عَرجَ على أولادهم فقال إن بلاد الآراميين سابقا هي التي يدعوها اليونان سوريا، إي في زمنه كان اسمها سوريا، وهذا هو النص حرفياً الذي يستشهد البعض به بالعربية دون التحقق منه أو يجتزئه من سياق النص التاريخي لأغراض معينة Aram had the Aramites which the Greeks call Syrians وينطبق هذا على بوسيدونيوس وغيره، علماً أن يوسيفوس ذكر في أحد نصيه اليتيمين أن المسيح تبعه عدد كبير من اليهود والأمم، ولم يذكر اسم أي قوم. (تاريخ اليهود ك 18 ص303).
9:  الدليل القوي الآخر: يبلغ عدد بطاركة الكنيسة السريانية (121)، وحوالي (130) بطريرك للكلدان والآشوريين، والمئات من رجال الكنيسة، وهناك كثيرون كان لقبهم السرياني مثل أفرام، اسحق، ميخائيل، لوقيانوس، برديصان (القيصري ص191)، ولا يوجد لقب واحد كلداني أو آشوري، علماً أن هناك من لُقِّبوا بالفارسي مثل، أفرهاط وهرمز وأيوب وحنانيا، أو الكردي (القورطوايني) مثل المطران كليل يشوع وداود وعود يشوع، أو الداسني مثل فثيون، أو العربي مثل يوحنا (من الحيرة) أو القُريشي مثل أنطونا (احتمال أنه ابن أخو هارون الرشيد)، ومئات الآباء الذين لُقِّبوا حسب منطقتهم الجغرافية مثل، المارديني، المنبجي، الرهاوي، النصيبيني، الكشكري، الباجرمي، الحديابي، البازي، النوهدري، الحيري، ناهيك عمن لُقِّبوا بأسماء أسرهم ومهنهم وغيرها، والسؤال: هل يعقل من آلاف الأسماء في تاريخ الكنسية لا يكون من يحمل لقب  كلداني أو آشوري، بينما نجد من كان لقبه الفارسي والكردي والعربي والقُريشي والداسني؟. (بالنسبة للكلدان إلى سنة1830م).
10: قام الفرس بين (241–362م) بأخذ آلاف الأسرى السريان من الشام إلى بلاد فارس ولما لاحظ خسرو الأول اعتزاز الأسرى بكنيستهم السريانية الأنطاكية شَيَّد لهم مدينة قرب المدائن سُمِّيت (أنطيا خسرو)، ولم تُسمى آرام.
(معلومات عامة عن الموضوع)
1: إذا كان المراد بتسمية السرياني الآرامي هو اسم قومي، يكفي القول بأني آرامي أسوة بأني كلداني أو آشوري أو سويدي، وعندما يُسأل الآرامي ما هو دينك؟ يستطيع الإجابة بأني سرياني، أمَّا إذ كان الاسم  السرياني الآرامي يشمل المسيحيين فقط ليعني مسيحي، فكلمة سرياني وحدها تعني مسيحي، وذاك يكفي.
 وهنا يبرز سؤال مهم جداً: إذا كان القصد من الاسم الآرامي هو استعادة الأسماء والأمجاد القديمة، فإن جميع الكُتَّاب والمثقفين الآراميين يقولون إن الدولة الكلدانية كانت دولة آرامية، وأنا أقرُّ واعترف بذلك، وبكل ثقة وتواضع أقول إني أول من أشرتُ إلى أن عائلة نبوخذ نصَّر هي من بيث ياكيني الآرامية، والسؤال هو: لماذا لا يكون الاسم الكلداني الذي هَزَّ العالم بدل الاسم الآرامي؟، أليست الدولة الكلدانية آرامية؟، أليس الاسم الكلداني الذي لا يوجد طالب متوسطة في العالم لم يسمع به أولى من الاسم الآرامي الذي ليس معروفاً مثلهُ؟، ثم أن اسم الكلدانية بسيط وغير مُركَّبْ مثل الممالك الآرامية التي يأتي اسم آرام فيها مضافاً دائماً، آرام دمشق، آرام صوبا، فدان آرام، آرام معكة.الخ، ومن ناحية أخرى فإن الاسم الكلداني سوف يَحلُّ مشكلة أخرى وهي: إن بعض المثقفين الآراميين يَدَّعون أنهم يريدون تبديل الاسم السرياني بالآرامي لأنه يختلط مع الاسم السوري في الغرب ولا يمكن التمييز بين سوري وسرياني، وينسون أن الاسم الآرامي سوف يختلط بالأرمني، وأن نون النسبة ستجعلهما متطابقان (aramen،armenen)، ولهذا فإن اختيار الاسم الكلداني سيحلُّ هذه المشكلة أيضاً.
2: من المعروف أن الحيرة العربية كانت تابعة للكنيسة السريانية الشرقية، وكان للكنيسة السريانية الشرقية رعايا في قطر، وقد عقدت مجمعاً كنسياً في دارين (قطر) سنة 676م، سنَّت فيه تسعة وعشرون قانوناً، ووصلت الكنيسة السريانية الشرقية إلى الهند والصين ومنغوليا وأذربيجان، وكذلك الكنيسة السريانية الأرثوذكسية التي تتبعها كنيسة الهند، وكان لها رعايا في اليمن، وأن دولة الغساسنة كانت تابعة لها، بل أنه لولا الملك الغساني الحارث بن جبلة الذي ساند يعقوب البرادعي +578م، لا نعرف إن كانت ستبقى هناك كنيسة سريانية أرثوذكسية أم لا، ناهيك عن بني تغلب وأهل تكريت وغيرهم، وكان هناك أساقفة يُسمَّون أساقفة الخيام، وكان جرجس أسقف العرب، فهل هؤلاء أيضاً كانوا آراميين؟. وأين الآرامية فيهم؟، وإذا كان للعرب أسقف، فهل للآراميين أسقف في التاريخ؟.
3: إن قرى معلولا، بخعا، نجعة، وجبعدين المجاورة لدمشق والتي سكانها من المسلمين يقولون أنهم يتكلمون الآرامية، لكنهم لا يقبلوا أن يقولوا أنهم آراميين، بل عرب لأن اسم العرب مرتبط بالإسلام، وسبب قولهم أنهم يتكلمون الآرامية هو أنهم اعتنقوا الإسلام قبل 400سنة، وقبلها كانوا تابعين لفروع الكنيسة السريانية فكانوا سريان يتكلمون اللغة السريانية، لكن الآن إن قالوا نتكلم السريانية سوف يُحسبون على المسيحية، لأن اسم السريان مرتبط بالمسيحية كما أن اسم العرب مرتبط بالإسلام.
4: كلمة آرام في قواميس اللغة السريانية القديمة تعني أهل حرَّان، ولأن أهل حران غالباً يعرفون بالوثنية، فإن كلمة آرامي في قاموس منا الكلداني تأتي بمعنى وثني، ويؤكد ذلك المطران ساكا بعنوان (انتصار السريانية على الآرامية)، وترد أحياناً في  بعض النسخ العربية كلمة الارميين ومعناها أُممي (يوناني)، وليس الآراميين، لأن كلمة الآراميين لم ترد في العهد الجديد إطلاقاً.
5: إن السريان أول من حاول أن يتخذ من اسمهم اسم قومي ديني (مثل الهند) إبان الدولة العثمانية حينما صدر نظام الملّة في 1 كانون الثاني 1454م، لكن هذا النظام لم يسمح لهم، لأنه بُني على أُسس إسلامية مستنبطة من المذهب الحنفي الرسمي للدولة العثمانية، وكان ضعيفاً في كثير من الأمور ومهيناً أحياناً أخرى، إن أسم السريان Syrian باللغة الإنكليزية يُشير إلى جميع الشعوب التي تتكلم السريانية ومنهم في العراق وإيران (فيليب حتي تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين ص63). ووردت كلمة syriac لتدل على اللغة السريانية وعلى السريان كشعب وأُمة قومية في قاموس longman، لندن 1968م، ص1124، المورد، بيروت 1996م، ص941، وبستر الأمريكي 2000م، سبستيان بروك، اللؤلؤة المخفية في تطور اللغة السريانية. ايطاليا 2001م، ج1 ص38. 




صفحات: [1]