عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - بهاء الدين الخاقاني

صفحات: [1]
1
السنة الجديدة والشهدا أبيات من قصيدة شوك وورد
بهاء الدين الخاقاني
......................
https://www.youtube.com/watch?v=jg9lE9PCqdo&t=1s
......................................................
أرى الأعيادَ لوّنها الضحايا .. وزيّنَ فجرَها عِطرُ المنايا
* * *
يدورُ بنا الزمانُ ومن جديدِ .. يُعمّدُهُ الهوى بدَمِ الشهيدِ
* * *
تُعبِّرُ حكمةٌ عاشوا وعُشنا .. تُميّزُهُمْ بما كانوا وكنّا
* * *
فما نهضتْ سياساتٌ بشعبِ .. بما فقد الوليّ ضميرَ قلبِ
* * *
ثكالانا أقاصيصٌ روايةْ .. شجى الدنيا مقابلُها حكايةْ
* * *
ألا شكراً لأمّ بالولادةْ .. بجيل العزّ يعتنقُ الشهادةْ
* * *
لدينا فاديُ الأنسان عيسى .. ويُنهضُنا حسينُ الخَلقِ عُرسا
* * *
هو الرحمنُ ما خذلَ الرحيمُ .. بعون اللهِ ينتصرُ القويمُ
* * *
فذا أملٌ يُحقّقُ يومَ جدِّ .. بما صدَحَ الشبابُ أذانَ مجْدِ
* * *
سلامُ الأهلِ والأوطانِ منكمْ .. تجلّى يا شهيدُ القومُ فيكمْ
* * *
نُباركُ بعضَنا سنةً جديدةْ ..أيا شُهدا بفضلِكُمُ القصيدةْ
* * *
...............................................



2

لم استوعب -1و2و3 - بهاء الدين الخاقاني
- ثالثا-
7 تشرين الاول 2019 – 8 صفر 1441
يقول الإمام علي (ع): (العقل حفظ التجارب، وخير ما جربت ما وعظك)، وقال (ع):(فإن الشقي مَنْ حرم نفع ما أوتي مِن العقل والتجربة)، وقال (ع): (الفكر مرآة صافية) ...
لم استوعب عدم التشخيص من قبل الجهات المسؤولة وحتى المنتقدين للمظاهرات، من انها باتت دورية فأولها خفيفة قبل اربع سنوات قبل ليال الأربعين، والثانية اشد قبل ليال الأربعين، والثالثة اشد قبل ليال الأربعين، والرابعة الحالية اشدها قبل ليال الأربعين، وكانت دوما قبل قيامها يتلقى الشعب والشباب عتبا من انهم حسينيون وشعاراتهم هيهات منا الذلة، وعندما تقام وهم يرفعون رايات الحسين وهيهات من الذلة، وهم نفسهم من حملوها لإنقاذ البلاد بوجه الإرهاب، نرى من جديد التسقيط والتهم من نفس من اتهمهم بالجبن قبل المظاهرات، على قاعدة أشجعك وأصيح عليك حرامي.
وما ان تقترب أيام الأربعين يهدأ الشعب والشباب وابناء الشهداء والمهمشون والمثقفون حقا، ويذهبون لخدمة ضيوف الرحمن وزوار وليّه سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) كعادتهم، كما سيحدث بعد أيام، في مظاهرة من نوع جديد بانتظار الأربعين القادم، مؤكدين بهذا السلوك انهم شعب وشباب مثقف واعي مؤمن، خلاف أفواه التشويه.
وهنا لم استوعب لماذا لم يتم استيعاب الدرس ان كان حقا هناك مسؤول دولة او مستشارون وباحثون اجتماعيون، يدرسون الظواهر الاجتماعية ويضعون الحلول من اجل تنمية الوطن ونهضة الشعب، في كل أوجه الحياة، مستغلين فرصة السنة الكاملة للتغيير، ان صدقوا في وعودهم، لانه ستكون مظاهرات ليال الأربعين للسنة القادمة أشد وأشد وأشد، والنتائج غير محسوبة، وأعود وأقول لم استوعب..
فإمّا هناك جهل تخصصي بالقيادة وحتى بجيشهم الإلكتروني المؤيد لهم .. او هو بعينه القصد ذلك من الإهمال كي يضيع الوطن من اجل مصالح غير وطنية واقليمية بتحميل الشعب الكارثة .. او ..
من مقال لم استوعب -3-: بهاء الدين الخاقاني

- ثانيا –
6 تشرين الأول 2019 – 7 صفر  1441

سلام الله على الإمام علي (ع) عندما قال: صديقك من صدقك- بفتح الدال- وليس من صدقك - بتشديد الدال-
لم استوعب ممن كان ينتقد وعاظ السلاطين لأنظمة الظلم والدكتاتوريات سابقا، وكيف يشوهون مطالب الشعب ولم يقدموا حلّا لبلدهم وكيف يجملون الأمور السياسية للحكام والمسؤولين ويعمو أعين القادة ويصمّوا آذان المستشارين، ويبعدو أهل الاختصاص، لأجدهم اليوم هم أنفسهم يكونوا في مقدمة وعاظ السلاطين لذر رماد الباطل في أعين المسؤولين وتسفيه مطالب الشعب الحقة، دون المساهمة باطروحات حل لتعزيز الحكومة التي ربما يؤيدها، محولين الشعب بأوصافهم الى عدو وعميل وجاهل واِمّعَة ...
فإما كانوا مرائين سابقا في ازمنة الظلم، أو انهم ممن اعمت أعينهم الامتيازات كأيّ من وعاظ السلاطين في اي زمن كان، فلا يهمهم الشعب ...أو أنهم ممن في نفسه رغبة باسقاط هذه الحكومة أيضا، مستخدما ثقافة وعاظ السلاطين، مجمّلا للحكومة أخطاءها، في أسلوب خبيث لزيادة حقد الناس على الدولة، ولكن بحجة الدفاع عنها، وهذا جانب من أسلوب وعاظ السلاطين .. او ... ؟
من مقال لم استوعب -2- : بهاء الدين الخاقاني

- أولا
 6 تشرين الأول 2019 – 7 صفر 1441
يقول الإمام محمد بن علي الجواد العالم الشاب (ع):
(قَد عَاداكَ مَن سَتَر عنك الرُّشدَ إِتباعاً لِمَا يَهواهُ )
لم استوعب موقف من عانى من الظلم سابقا، وهو اليوم لم يستوعب معانات شباب شعبه، ليكون جسرا لمطاليبهم متبنيا أفكارهم الى حكومة ربما يؤيّدها وتمثله او احتمال يكون من قادتها، بعد ان كان قد عاش أزمنة لم يجد في أيام محنته من يتبنى ظلامته، ولكن يأتي بالعكس اليوم لينتهج منهج التسقيط والتهم لشعبه على أساس نفس النهج الظالم السابق الذي عانى منه عندما تم تسقيطه واتهامه هو نفسه من قبل أنظمة الظلم ..
فإما لم يكن من الذين عانوا وهو يكذب، او انه ليس من هذا الشعب او ؟......
من مقال لم استوعب -1- : بهاء الدين الخاقاني

3
أدب / أبيات من قصيدة شعب الحسين
« في: 21:52 15/10/2019  »
أبيات من قصيدة شعب الحسين
بهاء الدين الخاقاني
المهرجان الشعري العربي الامريكي الثالث تشرين الاول  2019 - صفر 1441
https://www.youtube.com/watch?v=Wc94N8IkcZA&feature=youtu.be
امر من الله حصنت العراق هوى .. أمنته الطفّ عهدا ليس ينفصلُ
أهديته الإرث للاحرار نهضتهم .. حتى تكون لهم في الأرض ما أملو
تندى الجراح برغم الصبر حصنها .. حب الشعوب الى اصلاحك ابتهلوا
بيض الضمائر بل حمر الجوارح قد .. تقاصر العشق إلا فيك يا بطل
بل أنهم شهب من حبك انقدحوا .. الشهد أنت وهم في وردك أغتسلوا
ليكشف الغيب للتوحيد في أمم .. نورا تقاربَ من أضواءك الدولُ
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=2393452380973353&id=100009258440177


4

زيارة الرئيس وجميع أعضاء مجلس الأمن الدولي الى العراق
تعليق بهاء الدين الخاقاني ....
الزيارة التاريخية الأولى لمجلس الأمن تمت السبت 30 حزيران جون 2019 المصادف 26 شوال 1440..
ما زال مجلس الأمن رسميا، هو المسؤول عن العراق حسب قرارات مجلس الأمن المتوالية منذ 1990 والى يومنا هذا وبالاخص فقرات البند السابع الذي مازال العراق لم يخرج منها، وقد ترجم معززا مسؤوليته في قرار مجلس الأمن الأخير 2470 الصادر في 21 مايس أيار 2019 هذه السنة.
الزيارة ومثيلاتها هو تفعيل تعهدات المؤتمر الدولي الذي عقد للامم المتحدة والاتحاد الاوربي والدول العربية والبنك الدولي كخطوة للنهوض واعمار العراق وتنشيط الاستثمارات، وكل هذه الجهود تقديرا لتضحيات العراق وشعبه في الانتصار على الارهاب في المنطقة والعالم كما ورد في البيانات الرسمية، فمجلس الأمن عمليا وسياسيا هو المسؤول عن أمن العراق وتنميته، ورفع قدرات مؤسساته تقنيا واكاديما وأفرادا، فضلا عن تنشيط المجتمع المدني، على شرط تتحمل الإجراءات التنفيذية والتشريعية الحكومة العراقية، وسن القوانين لذلك استنادا للدستور، وما يقلق الجهات الدولية ومؤسسات البحث والدراسات العالمية المعروفة، وبالاخص عدم تفعيل المؤسات البحثية والفكرية والاكاديمية العراقية كاستشارة وافكار بناءة وهي المعروفة بقدرتها عالميا كمؤسسات وافراد كالدامعات ودار الحكمة والمجمع العلمي العراقي وامثالها، والمساهمة في كثير من الدول في العالم ومنها العربية، وابداء حيرتها عدم تفعيل هذا الجانب العراقي، لتسهيل أمر نهوض العراق وتعزيز دوره عالميا كما هو منتظر، مع حصر السلاح بيد الدولة عمليا، وتستمر حالة المتابعة الدولية وخاصة مجلس الامن هكذا حتى ينهض العراق، وفي حالة عجز الحكومة العراقية من القيام بمهامها، فان مجلس الأمن سيتدخل في أمور تصل الى مستوى اتخاذ قرار التغيير السياسي، وهذه من الحقائق الغائبة إعلاميا او ربما غيبت بقصد أو بجهل، وهذا ما تم مناقشته وتوضيحه وطرح الخطورة الناتجة عن عدم تنمية العراق واستخدام ثرواته وتنشيط ايديه العاملة في الاستثمارات وتفعيل الضرائب للقضاء على البطالة، واستخدام عقوله العراقية المعروفة عالميا وعربيا، فضلا عن طرح توجيهات إنهاء التدخلات الإقليمية في العراق في هذا اللقاء وفي اجتماعات المشتركة مع المجلس الوطني السابق مع الأمين العام للأمم المتحدة يحضور رئيس البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك الاسلامي في اجتماعاتهم المغلقة والتي كانت من صلب توجيهات مجلس الأمن، تعزيزا للاستقرار وتعزيز الأمن كمشروع دولي لتحويل العراق الى قاعدة اقتصادية دولية وواحة سلام عالمية، حتى تنفيذ وانهاء آخر مرحلة من مراحل التحول الديمقراطي في العراق، كما يرد في الوثائق والتوجيهات والتصريحات، والتي لم يسلط الإعلام الأضواء عليها وعلى نتائجها ، كما لا يخفى قد حصل الامين العام للامم المتحدة في زياراته المتوالية للمرجعية العليا ما يبارك ويعزز هذا التوجه لنهضة العراق واستقلاليته ..

5


اشكالية بين النظرية والتطبيق
بهاء الدين الخاقاني
......
ندوة: اشكالية بين النظرية والتطبيق
المحاضر: بهاء الدين الخاقاني
تقديم: السيد صالح المحنا
معهد اولادي: امريكا: 21 ذوالقعدة 1439 – 4أب أوكست 2018

تعتبر إشكاليةُ التنظير والتطبيق، وصلتُهُما بأمور الحياةِ المختلفة، من إشكالياتِ المهتم بها على المستويات المختلفة للمؤسسات والمفكرين، حيث تتعدد الأشكالياتُ، وترتبط بأسسٍ تصوغ نظريةُ ما، وكذلك بخصوصياتِ الواقع الذي يتمّ التطبيقَ عليه.
حيث اِنّ النظريةَ باحثةٌ عن مبادئء الوصول الى مطلق الأشياء ومفاهيم الحصول على نتائج اليقين بالأمور، أما التطبيقُ باحثٌ عن التجربة وفاعليتِها بالمتغيرات. فالاشكاليةُ استنادا لذلك هي انعكاسٌ لرد أفعال الادراكات العقلية بالقبول أو الرفض، والتي تثيرُها كلٌّ من النظرية والتطبيق، فيكون التطبيقُ بنتائجه الايجابية والسلبية أبعدَ دلالة من النظرية، من أجل اثباتِها او تطويرِها أو التخلي عنها، وتكون النظريةُ أبعدَ دلالة من التطبيق، للرغبات والمثاليات ومعالجاتها الفكرية من عدمها، وبذلك تتعمق مفاهيمُ الاشكالية وتحدياتها، ومثل هذا الصراعُ بين النظرية والتطبيق، نحتاج لعقلٍ متحرك واعي، يتحمّلُ الصراعَ ويحللُ الاشكاليةَ.
عندما نقرأ نصا ما لنظرية، نمدحُها ونقولُ جيدة أو ننتقدُها ونقولُ غيرَ مناسبة، وعندما نعودُ لمجرياتِ كيفية تطبيقها نرى أنها لم تطبق، أو أنّها مرّعليها فترةٌ من الزمن وباتت قديمةً أو أنها مهمولةٌ، أو أنها صادرةٌ من جهة لا نحبذُها أو لدينا رأيٌ أو موقفٌ منها، فنحكم عليها فاشلة، في الوقت الذي لا يوجد تطبيقٌ لها عمليا من قبلِنا أو في المحيط، فكيف نحكم عليها بذلك، فاِذن هناك خللٌ في طريقة التعامل مع النظريات وحتى مع النصوص عموما اِن كانت شرعية أو غير ذلك، عندما نرى أثرَها في المجتمع والفرد لنكتشفَ أنّ الخللَ في سلوكيةِ من  يتابعَ النصَ من قبل الأفراد وليس في النص، لأننا نفتقدُ لهمّةِ اِعداد استبياناتٍ واستطلاعات لمعرفة فشلِ الأمور أو نجاحِها، وتطبيقِها لسنواتٍ على عدد علميّ مناسبٍ من الأفراد، لتكون صفتُنا الجدلَ والتنظيرَ والتجمدَ على صفات سلوكياتنا من المعتقدات والأعراف والتطرفِ والعصبية، والتي ايهاماتُها ومغالطاتُها الثقافية باتت مسلمةً لدينا وكأنها هي الصوابُ المطلق، لنفرضُها على غيرنا وبالأخص على الأجيال، وبحكم هذه السلبيةِ لا يمكن للفكرة أن ترتقيَ كنص، أيّا كان واضعه، من رسول أو اِمام أو أيّ مفكر وعالم، ولهذا نفتقد لأهمية العلاقة بين النص والعمل، في مقابل سطوةِ الأعراف والمعتقدات، التي تغذي الاشكاليات التي لابد من دراستها عند كلّ مستجد، مع افتقادنا للأسس المعرفية للتطبيق.
فالطبيعة البشرية لمجتمعاتنا، دون غيرها ولنفس الأسباب التي ذكرناها كما هو ثابت، بسبب تراكم الموروثات بسلبياتها وايجابياتها، خلقت فوضى فكرية، تكرس جلّ قدراتها للنيل من النظرية والتطبيق، في تناقض حادٍ بين الادعاء بمحبة محاسن النظريات، ولكن يحصل النفاقُ الداخليّ غيرِ ظاهر أحيانا لعرقلة تطبيق النظرية، وان كانت لنبي او امام او عالم او مفكر، وبين الرغبة بالتطبيق الأحسن للتجربة، ولكن يحصل التحريفُ بحجة عدم القناعة، وعندها يقع الفردُ المسؤؤول بالأمر أيّا كان، في ايهامات ردود الفعل، ومغالطات معايشة الواقع .
وبالتالي نكتشف أنّ الاختلاف مع فهمنا للنظرية والتطبيق على حد سواء، لأننا لا نريد لأحد أنْ يتجاوز على حدود معتقداتنا للموروثات، أيّا كانت والتي لقنا بها، استسلاما للواقع الجامد، وليس كما يدعى احترام الثوابت ومنها الأخلاقية والشرعية.
فاذن الخطأ ليس في النظرية وان كانت ضعيفة وايضا ليست في التطبيق وان جاءت النتائجُ مغايرةً لما هو أفضل، بل الأخطاءُ تكمن في مسلماتنا المسبقة لما نفكرُ به تجاه النظريةِ وتجاه التطبيق، مما يسبب الوقوعَ في النتائج الفاسدةِ، وهذا يعكس اِنّ المعنيَّ بالأمر، اِمّا يكون جاهلا أو يتغافل عن الحقائق لأسباب كثيرة ومنها ثقافته المتوارثة غير مناسبة لعصر الجيل القادم، وبالتالي نكتشف منهاجَ المدّعين بالأمر فيه من التخبط والتشتت، عندما يتم مخالفةَ النظرية والتطبيق عمليا، كي لا يتم اِحداثَ التغير في التفكير البشري، لتظهر الحقائق مشوهة .
وهنا أقول لا يتفاعل عقلُ الانسان لهذه الأسباب، ليعيش جهلا، لعدم وجود المحفز للحركة، كونها تناقض البراهين، ونحن نلقن أنفسَنا مسبقا بسذاجتها وبساطتها، واِنْ ادّعينا رياء وظاهرا بمدحها أو استحسانها.
فالاشكالية عندها تتبلور، بكيفية التصدي لشعور كلّ منهما بأحقيّته بالنتيجة المرجوة، وهذا ما سبب تشتتا في أيّ منهج كان، سياسيا واقتصاديا وتربويا، الى آخره، وبالأخص في أسرنا ومؤسساتنا وبلداننا لصفات الموروثات فيها التي عززت صعوبة قبول المتغيرات وثقافة تحويل الفكرة الى مقدسات بمرور الزمن، فضلا عن التطرف في الفكرة والتعصب في المنهج دون احترام حركة الزمان وتجدده، وروح النصوص والنظريات التي توجه باحترام متغيرات العصور، فالاشكالية، على ضوء ذلك هي التحسس بوجود الأخطاء.
واذا عدنا الى التربية، فهي بحكم ذلك فانها ميزانُ الحياة، في تقييم النظرية والتطبيق، واذا ما حصرناها بما نرغب أن نوجّهَ به بحثنا، فهي ميزان التنمية البشرية أو فقدانها، واستقامة الأسرة والمجتمع من عدمها، ونهضة البلدان أو انتكاستها.
وقد اشرت هذه الاشكالية، لثقافة التوهين وان كان مزاحا، والتضعيف للشخصية وان كان حقيقة، من أجل اطفاء انفاس الحقيقة، بقصد نتيجة التعصبات أو دون قصد نتيجة الجهل ..
فالتربية ليست قوانينا مخترعة بالمطلق بل هي نتاجُ ضروراتٍ مترسخة في العقلية البشرية لادارة الحياة، وما فيها من بديهيات تغالطها أنفسُنا، عند تحديها العصبية أو الجهل، وفيها من المسلمات نوهم بها المحيط بالضد منها، عندما تتملك رغباتُنا المغالاةَ بالتقديس، فحقيقة التربية أخلاقيا وشرعيا، عند تحقق الوعي وفاعلية ادراكاتنا العقلية، لا يمكن ان يتم فيها النزاع لضرورات توجهاتها القيمة لاستقامة الانسان والحياة حضاريا وعلميا وتربويا، والا عززنا الفوضى والعبثَ، عبر ما يحدث من مغالطة وايهام، ولهذا لم نلمس أيّ متغير لحالتنا الاجتماعية مثلا، رغم الاستثنائات، هنا وهناك متصفة بالقلة والفردية،، وهذه لا تغني من جوع، وان الاشكالية تتعزز، عندما تتعرض الى الانتقادات من التطبع والتلقين البشري، الذي لا ينتمي للتنمية والارشاد، رغم ما ندعو اليه للبدائل، ونحن مازالنا لم ندرك نتائجَ ما بين أيدينا، حيث نخالف الصوابَ في البحث، لأننا مازلنا لم تتعرف على مواطن الخلل رغم الانتقادات، والتي طالما تحول النقد منها الى مهنة الادعاء والظهور، ونعرف جميعا بأنّ كلّ المناهج المعرفية وأختصاصانها، تعتمد على حركة العلم وتطوره..
فالتربية اِذن، ليس بحد ذاتها مشكلةً، بل الاشكاليةُ تكمن بأننا ماذا نريد منها، صراحة وليس أعرافا أو جهلا.
وعند هذا الحد اكتفي بما يؤكد تقييمَنا لكلّ النتائج وانتقاداتِها أيضا، بين انهيار الأساليب لدينا ومحاولة اختراع البدائل، لاظهار أنفسَنا بأننا على معرفة بالأمر والمشكلة، ونحن بذلك نكشف مباشرة وغير مباشر للمتتبع الواعي، عن ضعفِ القراءة وضحالةِ المعتقد، وفشلٍ حتى استنساخ ما ورثناه وبالتحديد في التربية، مما نصنع أحيانا وحوشا نرسلهم الى المجتمع من أبنائنا أو متمردين أو فاشلين، بسبب أخطائنا، أو نولِد غرباء عنّا، لا توجد بيننا لغة مشتركة، واِن كان الأبناء مبدعين ومنتجين وكفاءات في الحياة، لأنّنا أقل مستوى منهم وعيا، رغم ادعاءاتنا، فاذا كان هذا مستوى الفهم للموضوع فلا يمكن أن تعتمدَ الأجيالُ على ما يوجهون به، لأقولَ من العقل أن نقرأ أخطائَنا أولا، كي نتحملَ معالجة أخطاءِ ما نقرأ من نظرية وما نرى من تطبيق، فعندما نتحمل مثلَ هذه القراءةِ والمعايشة، تعزز  معالجاتُ الأشكاليةِ التربوية بل وأيُّ اشكاليةٍ أخرى حتى السياسية والاقتصادية وغيرها، لأن الجيل القادم والزمن الجديد معنيٌّ بها، ولا يحتاج الى انتظارنا رغم انهم بحاجة الى توجيهاتنا، وعلينا أن نوجهه بالصواب..
................................
https://www.youtube.com/watch?v=qQLVLMWeDvQ&feature=youtu.be
 




6
أدب / الوصية
« في: 22:32 06/07/2018  »
الوصية: بهاء الدين الخاقاني

تقدم المحامي، ليسكت ضجتهم، وقال:
هذه وصية فقيدكم....
فقاطعه احدهم :
هذا ليس وقتها، والمرحوم مسجى أمامنا..
رد المحامي :
أنا مأمور بوصية منه ان أبلغكم بعبارته في هذه اللحظة..
هَدَء الضجيج مستسلما لإستماع الوصية، فأكمل:
انّ من لم يبكي معي وأنا حي لا يبكي عليّ وأنا ميت..
فصعِق الحضور، واستعرض المحامي العيون، وقد تراءت له ما أكده له الراحل.......
المجموعة القصصية


7
أدب / انا مجرم
« في: 18:51 03/06/2018  »
انا مجرم- بهاء الدين الخاقاني
من المجموعة القصصية
.....
اقترب منه وقد أثاره الفضول من صاحبه الوقور، جالسا قبالة نار تلتهم الخشب، محركا الجمر بعصى تتطاير من موخرتها الشرار، توشح الغروب مشهدا جميلا، لا يتناسب مع دندنة صاحبه التي يرددها بتنغيم العبارة:
أنا مجرم .. أنا مجرم..
فجلس الى جواره وسأله:
من هو المجرم، ما هذه النغمة امام اللظى، ونحن هنا للترويح عن أنفسنا..
فتحسر صاحبه، قائلا :
من باع درّاّ على الفحام ضيّعه..
فرد عليه: ان كنت قد فعلتها، فأنت حقا مجرم..
التفت اليه صاحبه، وحدق نحوه، وقد تراءت عينه المحمرة، عبر بريق الشعلة تغسلها الدموع، ليقول له:
نعم أنا فعلتها ..
فنهض، ليتركه ينبش النار بالعصى الملتهبة، مستمرا بتلحين الدندنة:
أنا مجرم....
...............
من المجموعة القصصية
بهاء الدين الخاقاني

8
المنبر الحر / رؤية عراقية
« في: 10:53 10/05/2018  »

رؤية عراقية
بهاء الدين الخاقاني
العراقي نبيه وواعي، مهما كان مستواه التعليمي ... هكذا عرفته ... ولكنه يعطي فرصة دوما وان طال الزمن، بسبب طيبته، وهناك مثل - استخدمت تعابيري به وبتصرف : ...
الشعب العراقي عندما يشتري الرقي يقلبه الف مرة، ويجري عليه اختبارات وعمليات منها، الطبطبة ومنها دراسة الخطوط على القشرة ومنها التحليل البصري للون البياض من الخضار للقشرة وووو... حتى يعرف الداخل ناضجا أحمرا أو غير ذالك أو ذابلا ووو ....
وإذا الاختبارات هذه كلها لم تجعله يتأكد بالنتيجة الموثوق منها، يأتي العلاج الأخير الحاسم، فيأخذ السكين، نعم السكين، ودون أن يبالي، ويشطر منها قطعة ليتأكد من اللون وبعد ذلك يتذوقها، فإذا خابت آماله، ولَم يكن الطعم المرجوَ منها، يقذفها الى المزبلة، نعم الى المزبلة، ودون اكتراث يتجه للثانية، ويقوم بنفس الإجراءات، وهكذا فانتبهوا، انه يفعلها حتى في علاقاته وصداقاته واختباراته واختياراته وأراءه ومواقفه ... هذا ما يحدثنا به التاريخ للطبيعة البشرية لأهل الرافدين، وتؤكده احداث العراق دوما، قصر الزمن أو طال ....

9
الربيع .. الشجر .. الجديد .. والأمم
بهاء الدين الخاقاني
سألني بعض الأحبة والأصدقاء، وأحد الأخوة الاكراد، كلّ ضمن هواجسه ورد فعله الخاص بموضوع السؤال، لماذا رأيناك تهنأ بهذا العيد، أو المناسبة أو اليوم، لا يهم، هل تعتقد به؟
لا أدري هل الجواب وافي او مقنع، ولكن أجبتهم:
ليس مسألة اعتراف من عدمه، فانا أحب أن تفرح الناس، وتكون أيامهم أعيادا، وهذا اليوم هو عيد أسسته حضارة وادي الرافدين، حيث يتم الأحتفال به بمناسبة الربيع وزراعة الاشجار، فسمي آنذاك بيوم الشجر، ويورخ له بالسنة الشمسية التي وضع لها علماء وادي الرافدين حساباتها وأسماء أشهرها، ودخل في عادات الأكراد فيما بعد، وكذلك الفرس وشعوب أخرى كشعوب الهند وافغانستان والصين، وبات جزء من عاداتهم الشعبية، ولهذا هو يوم فرح لبعض الشعوب، ولا مانع أن يفرح الناس، وقد حرم الله عزوجل الياس وشجع على الأمل، فهو ليس عيدا عقاءديا أو دينيا أو مذهبيا أو عنصريا، وان استغلته جهات وخرافات لذلك، مثلها مثل الكثير من الاستغلالات لمآرب شتى، ولكنه يوم لفرح الناس، وهذا هو المهم ما عدا ما حرم الله عزوجل، في هذه الاحتفاليات.
ليأتي عام 2010، ليثيرني أكثر بالاهتمام به منذ صغري، وسأقول السبب في نهاية الجواب.
فالشعوب والبلدان باختلاف أطيافها، ومنذ قديم الزمان يحتفلون حسب أعرافهم بمناسبات وأيام وأعياد، ضمن ثقافات متنوعة ومختلفة، ويؤكد الباحث الغربي الأوربي، المتخصصص بالشرق، أرتوركريستنسن، هذا الأحتفال هو في الأصل يوم بابلي، يبدأ في بداية الربيع لمدة 12 يوما، في زقورة وادي الرافدين اسكيلاي مردوخ، وهوليس ربا كما يذهب بعض المستشرقين، بل هو ملاك سماوي مسؤؤول عن الانتاج والخلق وحارس ما بين النهرين في العصور الرافدين مرورا بعصر حمورابي المشكوك به نبي من انبياء الله، وصاحب لوح القانون الاول السماوي للعدالة والنظام الاجتماعي آنذاك، أو هو المشكوك تاريخيا المسمى ذو القرنين، ويقام احتفال الربيع بحضور الملوك عبر عصور الرافدين، وكما يحصل مثلا امام الملك حمورابي أو غيره، ومعنون باسم بابلي زكموك أي احتفالية بداية السنة، منذ ذلك الوقت.
وبعد دخول كورش بابل بشكل ضيفا على ملكها الشاب المشغول بالمعرفة والعلم، وقد استقبله في شارع الموكب، والجيوش واضعة للسلاح احتراما للضيف، لينقلب عليه ليلا بجيشه، وبتخطيط من اميرته اليهودية، ليدمر مدينة بابل تدميرا كاملا سنة 539 قبل الميلاد، وليأخذ نبي الله دانيال عليه السلام أسيرا معه، ويلقيه في جب الاسود في القصة المعروفة، والذي كان مستشارا واستاذا لملك بابل الشاب، ولكن بسب الناس الثائرين ضده من أهل بابل، خضع لأرادتهم لتبني الاحتفال بهذا اليوم المسمى بالشجرة او بالربيع، احتراما لتقاليدهم والتخفيف من ثورتهم ضده، وفيما بعد أريد له أسما آخرا باسم يوم الرجال، وهذا ما يؤكده الباحثون ومنهم المستشرق الالماني البرفسور كايكر، ولتحريف الأسم، ولكن هذا الأسم لم يرى الرواج والتأييد، وعبر الأزمنة المختلفة كانت محاولات لتغيير اليوم الى أيام أخرى مثلا الى يوم 6 حزيران، وهكذا، وأيضا هذه المحاولة فشلت، وبالتدريج تم صياغة أسماء غير الاسماء البابلية للاشهر الشمسية التي تبدأ بها السنة، فأخذت أسماء مخترعة، لتبدأ باسم فروردين بدلا من الأسم البابلي انذاك ليصادف 21 اذار، وكل التقاليد التي دخلت عليه من القفز على النار، وما يقال عن ارتباطه بزرادشت فهو عار عن الصحة، لأنه أقدم بكثير من هذه العصور، ارتباطا بالربيع واخضرار الأشجار، ولكنها الشعوب تدخل عاداتها على المناسبات، وتخلق عاداتها دوما عبر السنسن، والبعض حاول اسقاط حالات تقديس عليه وربطه بجوانب دينية ومذهبية في الاسلام وما قلبله، لأسباب مختلفة منها سياسية وغيرها، وكل ذلك ليس له دليل وعار عن الصحة. وهكذا نرى العرب وخلفائهم في الاسلام، تعاملوا معه باحترام، والشعراء قالوا به شعرا كالبحتري وغيره، بارجاعه للتراث القديم من ارض بين الرافدين، كتراث شعبي، وكل ما يقال خلاف ذلك وهو خلاف الحقيقة، وفاقد للدليل، حيث لا يرتبط باي مناسبة اسلامية أو مذهبية، سوى لمن يستغل هذه المسائل للخلافات السياسية والتحريف والجدل العقيم، أو لدعم قضايا قومية أو مواقف شعبية.
فيوم الربيع هذا، حسب البحوث العلمية التي كان علماء حضارات السبعة لبني الرافدين مختصون بها، في الرياضيات وحسابات الفلك والنجوم، وحركة الكواكب، ليكون لديهم حسابان هو حساب القمري، لاسباب طبيعية والاهتمام بالقمر ليضعون له سنة معلومة قمرية، سميت فيما بعد بالهجرية، وايضا سنة ثانية هي الشمسية، قبل انتشارها للعالم، قياسات دقيقة باجهزة مازال العالم الى يومنا حائرا بها، لنجد الحكمة الربانية في العبادات كالصلاة مقترنة بحركة الشمس، والصيام والحج مقترنة بحركة القمر، وهكذا، واما الزكاة والخمس تقترن باحد السنتين باختيار الانسان نفسه بالعطاء، وهكذا، ومنذ عصور تبنيها الى اليوم هي مرتبطة بالتغير والثبات والتحول والتبدل للحالات الطبيعية الفيزياوية للجسم والأرض والعالم والكون، وبالحياة عموما والكائنات الحية بانواعها وأجناسها، لنرى انها تؤثر بالتنمية والاختراعات والنشاط الفكري الانساني وحتى صراعاته وحالاته النفسية، في ارتباط وثيق بين الشمسي والقمري، وكل له تاثيراته المستقلة.
وفي متون حضارة وادي الرافدين واختها في عيلام العظيمة قبل سقوطها، وما بني فيها من زقورة الحرية بخبرة حضارة الرافدين،، مرتبطة بيوم الجديد، او بالاسم اكيتو او بيت اكيتو، عبر كل عصور وادي الرافدين وحضاراته السبعة اكد واشور وبابل واور الخ، علوم مرتبطة بتعقيدات الرياضيات التي اهتم بها البابليون وعلموها العيلاميين لصناعة تقويمهم المعروف بالمعرفة لارض بني الرافدين، ومعارف علوم النجوم لبني الرافدين والتي برز بها الاشوريون، وهذا ما يؤشر له نبي الله دانيال عليه السلام، بنصوصه وجانب من نبؤاته في كتاب العهد القديم المقدس، وكاشارة هي ممارسات أيضا جعلت الاسكندر المقدوني يخضع لها في السيطرة على بابل التي جعلها عاصمة الدنيا، وشعبها عندما عشق فتاة بابلية وتزوجها، وليموت في ببابل بالقرب من حبيبته .
وهنا أعود لسنة 2010، فعلى هذا الأساس الوارد في معلومات التي استندت عليها الأمم المتحدة لتراث الرافدين وحضارتها، لتعلن بالتصويت الجمعية العمومية لها يوم 21 اذار من كل سنة باعتباره يوم الشجرة وعيد بداية الربيع كيوم عالمي.
لأقول أخيرا: انها مناسبة للفرح، ما عدا ما حرم الله بالنسبة لي، فازرعوا مودة بالقلوب، ومثلها شجرة في الارض، لتدوم طبيعتكم خلابة مثمرة، وحياتكم عطاء وتنمية، دامت كلّ ايامكم ولحظاتكم وسنينكم ان شاء الله بخير وفرح واعياد.
......................................................................


10
أدب / عسى تفطن
« في: 18:21 10/01/2018  »
عسى تفطن
بهاء الدين الخاقاني
....................................

فقلتُ لها والهمُّ يكبتُ صرختي:
                                  تغيّرتُ، قالتْ: في الهوى كنْ اِذنْ أحسَنْ
لمْ تُبصِري حرَّ الكلام بشهقتي
                                       فردتْ: نضوجُ المرءِ دنيا بأنْ يُفتَنْ
تبدّلَ لونُ الحسِّ بين كِتابتي
                                            أجابتْ: هو الأحلى لكلّ حياةٍ فَنْ
تحمّلتُ ألوانَ انقلابٍ بعيشَتي
                                 فقالتْ: لكشفِ النفسِ مالضيرُ أنْ تَحزَنْ
عَجِزتُ أرى نزفَ الشعوبِ بطولة
                                     أرى من يخونَ الحبَّ مُفتخِراً أرعَنْ
كأنِيَ كابوسٌ وُلِدتُ للعبةٍ
                                   لتهمِسَ: لا تيأسْ ودعْ عنكَ هذا الظنْ
فقلتُ لها: لستُ الذي كنتِ تعْرِفي
                                       فقالتْ: طباعُ الدرّ عند اللظى أثمَنْ
ترجّيتها كفي زماني مُلوِّعي
                                     لتضحكَ: لا تجعلْ يُقالُ الفتى قد جَنْ
وقالتْ ألا عِشْ حياتَكَ حالماً
                                         ألا كنْ نسيما بالطبيعة كي يُعلنْ
تمعنتُ عينيها تديم جدالها
                                       صمتُّ احتراماً فانطلقنا عسى تفطنْ
…………………..




11

مّنْ أو مآ .. الآخر ..
بهاء الدين الخاقاني
الآخر دوما ما يحكم السيرة، ويحكي عن فكرنا وفكرتنا، ويظهر مشاعرنا وغرائزنا المُعرّفة لنا بيولوجيا، ويتعرض بالوصف لنا جسدا وروحا وعقلا ونفسا، ليشكل جزءً أساسيا من وضعنا البشري ككائن عاقل، متميزا ببُعْدٍ أساسي وهو الذات، فهذا الآخر لا يمكننا التخلص من ضغوطاته.
فالوضوح لا يَخفِ الالتباس الذي يعيشه المتلقي في البدايات، فلابد من وعي كيما يكون قدرة على توصيل الأفكار، لأن هناك ثمة فوضى فيما حولنا.
فالواحد منا كشخص هو مجموع المكونات الرئيسية من الجسد والعقل والقلب والمشاعر والنفس، وربما هناك ما لا نعرف كالروح المعنونة اِسما والمجهولة جوهرا، كما في نصوصنا المقدسة، لترتبط كل هذه المكونات بذاتنا، جاعلة الآخر بأرادتنا يتحدث عن افكاره، أي أفكارنا، اجتماعيا عقائديا، سياسيا، وخياليا، وأي لون من ألوان الثقافة.
انها فلسفة الآخر في محاكاتنا ومحاكاته مِن قِبلِنا، لأنها تفكير كلّ منا بالآخر، من كونها تخص علاقة بالآخرين.
فهويتنا كشخص وقيمتنا وحريتنا، لا تنفصل عن تلك المكونات، لنتساءل عن دور كل هذه الجوانب ذاتيا وخارجيا في فهم وتحديد هويتنا وقيمتنا، ورسم حدود حريتنا.
عندما يقرر رجلٌ ثري كيفيّة تعريف أبنه بأنهم من الأثرياء، فأنه يأخذه في رحلة إلى بلد فقير، فأمْضوا أياما ولياليَ ما بين الأسر الفقيرة، وعند العودة في طريق الرحلة ..
سأل الأبُ اِبنه : .. كيف كانت الرحلة ؟ ..
قال الابن: .. كانت الرحلة ممتازة ..
قال الأب : هل رأيت كيف يعيش الفقراء؟ ..
قال الابن : نعم ..
قال الأب  : .. إذا أخبرني ماذا تعلمت من هذه الرحلة ؟ ..
قال الابن : .. نحن لدينا بركة ماء في وسط حديقتنا وهم لديهم جدول ليس له نهاية .. لقد جلبنا الفوانيس لنضيء حديقتنا وهم لديهم النجوم تتلألأ في السماء .. ساحة بيتنا تنتهي عند الحديقة الأمامية وهم لهم امتداد الأفق .. لدينا مساحة صغيرة نعيش عليها وعندهم مساحات تتجاوز تلك الحقول .. لدينا خدم يقومون على خدمتنا وهم يقومون بخدمة بعضهم البعض.. غذائهم لذيذ لأن أمهاتهم تطبخ لهم ونحن الغرباء يطبخون لنا .. أخلاق أبنائهم واضحة لأن أهلهم يربونهم ونحن غامضون لأنه لدينا مستخدمون للتربية .. أطفالهم يرضعون الثدي بلذة وأطفالنا تشرب الحليب المصنع بدون طعم .. نحن نشتري طعامنا فنخسر أموالنا وهم يأكلون مِمّا ينتجون فيربحون ما يكسبون .. نحن نملك جدراناً عالية لكي تحمينا وهم يملكون أصدقاء يحمونهم .. انها كثيرة يا والدي لا أتمكن احصائها كلها ..
كان والد الطفل صامتا، فاغر الفاه، في حالة صدمة من ابنه ..
عندها أردف الطفل قائلا  :.. شكرا لك يا أبي لأنك أريتني ما هو الثراء وما هو الفقر.
لا يمكن أن يحاسب الآخر بما فيه على الذات الآخرى، على رغم وجود فصل بين الذاتين، وعندها نقول سيأتي الخلاص، لانهما يكملان بعضهم البعض، واِنْ لم يعيا هذه الحقيقة فلا يمكن للرؤية أن تكتمل، كي ما نجعل الالم الانساني قوة كالمخاض معالجين التشائم .
.............
bahaaldeen@hotmail.com
>>>>>
2010


12
الاهتمام بيوم الارض 22 نيسان من كل عام
بهاء الدين الخاقاني

ثقافة الخالق لزينة الطبيعة ولجمال الكون، وحي من اجل ثقافة لانسان حضاري، هكذا يفيض الله عزوجل عطاء ربانيا، جمالا للبشرية ذوقا وحسا، عبر ايقاعات الفن في الايات والبلاغة اللغوية والمضمون المعرفي والتشكيل الادبي وبنية الوعي العقلي وفاعلية الاحساس بالاثار.. وفي الحديث الشريف:
(إنّ الله جميلٌ يُجبُّ الجمال)..
هذه هي السلوكية للانجذاب لكل شئ جميل والنفور من القبح، في عوالم الاحياء والطبيعة والكون، نظرا وسلوكا ومشاعر وتعقل، لنعيش ذلك في ابداعات الوان الكائنات وايقاعات حركاتها وانغام اصواتها في خضم جلال سباحة الارض في فلك الكون، كل ذلك تشكيلا لنظرة جميلة لعينينا وتنظيم كلمات عذبة للساننا ونتاج مبدع لعقلنا، من اجل ارض بهية وحياة سليمة، وشعوب واعية وبلدان خلابة:
(( إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا))(الكهف/7).
(( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (النمل/ 60)
((وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ))(الحج/ 5)
(( وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ))(النحل/ 5-6).
((وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ))(النحل/ 8)
فيوم الأرض هو يوم يستهدف نشر الوعي والاهتمام  بالبيئة الطبيعية  لكوكب الأرض، أسسه السيناتور الأمريكي غايلورد نيلسون كيوم بيئي تثقيفي عُقد لأول مرة في 22 أبريل عام 1970 وكان تركيز يوم الأرض الأول على الولايات المتحدة...
دفع هذا الاهتمام دينيس هايس Denis Hayes، فيما بعد لتاسيس منظمة The Bullit Foundation التي جعلت هذا اليوم دوليا وأقامته عام 1990 في 141 دولة. 
"DENIS HAYES, PRESIDENT AND CEO" باللغة الإنجليزية.. / 22 أبريل 2011.
http://www.bullitt.org/about/staff/
تنظم يوم الأرض حالياً شبكة يوم الأرض، وتحتفل به سنوياً أكثر من 175 دولة..
http://wwreen-citiew.earthday.org/campaigns/gs/
واحتفلت بلدانا اخرى لاكثر من يوم ولمدة اسبوع وتحتفل به باسم أسبوع الأرض به على مدار أسبوع كامل...
http://therumpus.net/2009/04/the-rumpus-interview-with-denis-hayes/

يمثل يوم 22  أبريل / نيسان من كل عام، فصل الربيع في نصف الكرة الأرضية الشمالي وفصل الخريف في نصف الكرة الأرضية الجنوبي....
يوم الارض جاء عالميا داعما الى اليوم العالمي للبيئة، الذي يتم الاحتفال به في 5 حزيران / يونيو جون/  هو المناسبة البيئية الرئيسية للأمم المتحدة.
^ GENERAL ASSEMBLY PROCLAIMS 22 APRIL ‘INTERNATIONAL MOTHER EARTH DAY’ ADOPTING BY CONSENSUS BOLIVIA-LED RESOLUTION | Meetings Coverage and Press Releases
http://www.un.org/press/en/2009/ga10823.doc.htm

يعود السبب لاعلان هذا اليوم والاهتمام به بشريا، عندما قام السيناتور الأمريكي غايلورد نيلسون ومساعده دنيس هايس بزيارة سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا عام 1969م، تملكهما الغضب والذعر عندما شاهدا كميات النفط الكبيرة التي تلوث مياه المحيط الهادي بالقرب من السواحل لمسافة عدة أميال. هذا التلوث له تأثير خطير على البيئة ويجعل حياة الأسماك والطيور والأحياء المائية مستحيلة.
وعندما عادا إلى واشنطن العاصمة والى الكونكرس، قام السيناتور بتمرير قانون يخصص يوم 22 نيسان ابريل من كل عام كعيد قومى وطني للاحتفال بكوكب الأرض، والذي بات فيما بعد عالميا ..
(يوم الأرض العالمي–مقالة محمد زكريا توفيق – نيويورك/ خاص لمعهد الوارف للدراسات الانسانية/http://www.alwaref.org/arabic/2009-03-12-19-55-01/122-2009-03-30-20-01-47

وفي النهاية لابد من ايراد ملاحظة، فان المقال توليف مني من معلومات مطروحة، وبالاخص من الموسوعة الحرة – الويكيبيديا – ومواقع الامم المتحدة ومعهد الوارف للدراسات الانسانية وغيرها - حيث لم اقم بجهد يذكر كوني وجدتها كافية كخطوة اولى للتعريف بهذا اليوم المهم للارض والبشرية وضرورة الاهتمام به فرديا واجتماعيا ومؤسساتيا ودولة .. لدعم الوعي بسلامة الارض وجمالها وعلاقة ذلك بنهضة وتنمية اي بلد كان.. متنميا اهتمام الكتاب والمثقفين بمثل هذا الايام العالمية خدمة للوطن والانسانية .
..........................
المصادر والاضافات:
- وكان قد تزامن يوم الأرض عام 2010 مع المؤتمر العالمي لتغير المناخ وحقوق كوكب
: The World People's Conference on Climate Change and the Rights of Mother Earth) الذي عقد في كوتشابامبابوليفيا، وكذلك مع السنة الدولية للتنوع البيولوجي (بالإنجليزية: International Year of Biodiversity أو IYB.

- الموقع الرسمي ليوم الارض العالمي:
http://www.earthday.org/

- الدول المشاركة في يوم الارض:
http://www.earthday.org/campaigns/green-cities/



   
- قمة ريو أو قمة الأرض هي قمة نظمتها الأمم المتحدة بريو دي جانيرو بالبرازيل من أجل البيئة والتقدم. وكان ذلك من 3 يونيو حتى 14 يونيو 1992.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%85%D8%A9_%D8%B1%D9%8A%D9%88

- راية الأرض بالإنجليزية: Earth flag هي راية (علم) ذو خلفية زرقاء داكنة تتوضع على الراية صورة لكوكب الأرض من الفضاء الخارجي وهي صورة ملتقطة عن طريق وكالة الفضاء الأمريكية ناسا
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6

- ميثاق الأرض هو إعلان لمبادئ أخلاقية رئيسية لبناء مجتمع دولي ينعم بالعدل، والاستدامة والسلام في القرن الواحد والعشرين. ويسعى لتحفيز حس المسؤولية المشتركة والتكافل الدولي لرفاهية الأسرة البشرية جمعاء، ومجتمع الحياة الكبير، والأجيال القادمة. هو رؤية للأمل  ودعوة للعمل.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%8A%D8%AB%D8%A7%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6

- ساعة الأرض بالإنجليزية: Earth Hour  هي حدثٌ عالمي سَنوي من تَنظيم الصندوق العالمي للطبيعة يتم خلاله تشجيع الأفراد والمجتَمعات ومُلّاك المنازل والشَرِكات على إطفاء الأضواء والأجهزة الإلكترونية غير الضرورية لمدة ساعةٍ واحدة من الساعة 8:30 حتّى 9:30 -في توقيت الدولة المحليّ- في يومِ أحد أيّام السبت في شهر مارس، وذلك لرفع الوعي بخطر التغير المناخي
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B6

- اليوم العالمي للبيئة (WED) أو يوم البيئة العالمي بدء احتفال دول العالم بهذا اليوم في العام 1972م. حيث تستضيف في 5 حزيران من كل عام مدينة في العالم الفعاليات الرسمية لهذا اليوم، كما تم إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة " UNEP " التابع لمنظمة الأمم المتحدة في نفس السنة والذي استغل الاحتفال العالمي بالبيئة في 5 حزيران لتوضيح المخاطر المحيطة بالبيئة، واتخاذ إجراءات سياسية وشعبية للحفاظ عليها.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A_%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9

- مؤتمر كوبنهاغن للتغيرات المناخية 2009, التابع للامم المتحدة, انعقد في الفترة بين 7 ديسمبر حتي 18 ديسمبر 2009. انقد القمة في مركز بيلا في كوبنهاغن، الدانمرك. شاركت في المؤتمر 192 دولة وهم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. يأتي المؤتمر كتكامل لاتفاقية كيوتو, والتي انعقدت عام 1997.

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1_%D9%83%D9%88%D8%A8%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%BA%D9%86_%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AE%D9%8A%D8%A9_2009
..........................................



13

كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي
بهاء الدين الخاقاني
(القيت في احتفالية منظمة حقوق الانسان العراقية الامريكية ..)...
المرأة لغة عالمية لا تحتاج لمترجم، فهي انتقال معنى العاطفة الى قوة الجمال التي نراها في ذوق المدنية وازدهارها ..
يعتبر كيان النساء على مختلف أشكاله ذات أهمية خاصة للبشرية جمعاء، يأتين الإنسان بالبناء كما أنهن أحدُ الموازين الرئيسية التي تساعد في إتزان الحالة البشرية للخليقة، وحيث فقدان هذا الدور لهن ادى الى انقراض اجيال معرفية ..
فكما لكل كائن حي اصلٌ فايضا للنساء اصلٌ، فلجميع النساء كيان بايولوجي مهم لدعم الحياة وتطورها، وقد وجد الإنسان ما قبل التاريخ أن المرأة الزاهرة تنضج المكان والزمان، والى يومنا هذا..
فماذا نعبر عن المرأة الريفية التي كتفا الى كتف الى جوار الفلاح من الفجر تساهم في ازدهار الزراعة للوطن، ومثلها البدوية، وهذا ليس جدلا في التقاليد والعادات، وقد تعلم الإنسان مع مرور الوقت، كيف يتعامل مع النساء، بحكم هذه الظروف لتظهر العادات والتقاليد، وكان للمرأة دورا لصياغة هذه التقاليد والعادات وبرضاها، أكثر من كونها فرضيات للتقاليد والعادات التي يتم نقدها اليوم دون بحث اعتمادا على استنساخ تنظيرات لخصوصيات مجتمعات اخرى تناسبها تلك التنظيرات، فلابد من تساؤلات ماذا يناسب مجتمعاتنا بخصوصية اطيافها للمساهمة في نهضتنا ومواكبة تطور العالم..
حين تتعطل لغة المرأة تخرس المعرفة من الحديث عن الكمال، وتعجز الاجيال من التعبير عن نفسها، حيث لا يمكن اسقاطها من الذاكرة بسهولة، فنبض حياتنا هي النساء ..
فلكل بلد او حركة او حزب او جمعية او منظمة او مركز عناوينه النسائية البارزة، ولكل طرف له معتقدُه في رفعة المرأة وسموِّها، والايمان بهذه الحقيقة يزين الفكرَ باطياف وينسجها الوانا وطنية، حيث التعصب للون او للفكرة، يحجب الحقيقة ويمنع بالتطرف السلوكي والفكري حتى الصواب ان كانت تمتلكه هذه الجهة او تلك، فيكون اولُ الضحايا ليس النساء او الرجل او الاجيال بل يكون صاحبُ الحقيقة والحق اولّ ضحايا نفسه بسبب هذه المواقف من نفسه تجاه الاخرين، ومن هذه الافكارِ تتغذى الأمية والجهلُ والدكتاتوريات بتأطير المجتمع باللون الواحد..
بل وان الظاهرة تتعزز اذا ما تساءلنا هل حكمت فرنسا رئيسة جمهورية مثلا او كم وزيرة في مجموع الدول الاوربية او حتى في امريكا، في ظاهرة عدم انتخاب امراة لرئاسة امريكا، ليس فقط لكون برنامج الرئيس ترامب هو الجاذب للناخبين بل أنّ وعيَ المجتمع مازال ذكوريا على رغم العالم المتطور هنا ويتم تطبيق الديمقراطية على ارفع مستوياتها الراقية، فضلا عن مستويات التعليم، فاذا لا علاقة الا جزئيا بموضوعة حقوق المرأة وكيفية التعامل معها، والنظر اليها..
لا يمكننا أن نتجادل في ان هناك حقوقا مغتصبة للمرأة من عدمها، فأن كلَّ الاحتفاليات التي جرت في العالم الحضاري والمتطور اليوم شهدت مسيرات بيوم المرأة العالمي تشجب واقع المرأة في هذا العالم، وتطالب بكرامتها، ولم تحتفل بمنجز ما، بل انتقدت الرجل لانه جعل نفسه معبرا عنها وهو يجهل ماذا تريد المرأة، لترفع شعارا ان النساء ليست سلعة.
فالعالم بمختلف مسمياته وجغرافيته متساوي بالمنجز ومتساوي بالاضطهاد، وان تنوعت الاسباب ونوعيات المنجزات او الاضطهاد، وبالتالي فان المرأة العراقية في هذا العالم تشكل ظاهرة جديرة بالاهتمام، فان تاريخ العراق المعاصر عكس مبادرة سبقت العالم الذي نعتبره الان متطورا في الحركة النسوية وبروز شخصيات نسائية.
فان العالم الذي نعتبره متطورا لم يشهد تنفسا نسائيا وتشريع قوانين الا في القرن العشرين، بل أن العراق بقليل من البحث يكشف عن ان المنظمات النسائية تفوق مجتمعات نعتبرها اكثر تطورا، واترك هذا للباحثين الجادين حقا وليس الانشائيين والناقدين دون دليل وبحث ميداني ومعرفي.
فعند المرور بتاسيس الدولة العراقية المعاصرة سنة 1923 م نلمس كان للمرأة نشاطها وحركتها، من خلال المساهمة في تأسيس الاحزاب  والجمعيات، حيث يلفت انتباه الباحث اسم منظمة النهضة النسائية عام 1923، وكانت هيئته الإدارية تتألف من اسماء الزهاوي شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وشخصيات نسائية لمستويات ثقافية واجتماعية وسياسية عالية ..
وكان للحرب العالمية الثانية وجود للمرأة العراقية كنشاط لدعم الفقراء عبر السيدة حفصة خان الحفيد في السليمانية باسم الجمعية النسائية الكردية، الى جانب مساهمات دعم المرأة العراقية لجمعية الهلال الاحمر عام 1932 برعاية الملكة حزيمة زوجة الملك فيصل الاول، ونساء المجتمع المعروفات، وبرزت جمعية بيوت الامة ضمت الكثير من النساء العراقيات المثقفات وناشطات. وبرزت هناك جمعية مكافحة  العلل الاجتماعية التي تأسست عام 1937 وممن اسهمن في تأسيس هذه الجمعية السيدة فتوح الدبوني الحاصلة على شهادة متخصصة من جامعة مانشستر انكلترا في مجال تعليم الصم والبكم، برفقة نساء متخصصات وحاصلات على شهاات عالية انذاك .
وفي الاربعينات مثلت المرأة حراكها السياسي باسم منظمة اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية أو الرابطة النسائية عام 1947  واصدار مجلة تحرير المرأة.  ومن المنظمات المهمة النسوية جمعية البيت العربي تأسست عام 1948 لرعاية النساء والاطفال وكانت تضم في عضوية هيئتها شخصيات ادبية ومثقافية ومن ضمنهم الشاعرة لميعة عباس عمارة.
وهناك كوكبة من الشهيدات منذ ثورة العشرين مرورا بوثبة كانون 1948 انتهاء بشهيدات مواجهة الارهاب كجيل يفتخر بهن المجتمع بين مغدورات من مختلف الاديان والمذاهب والاطياف للمجتمع العراقي اليوم، وبين بطلات في سوح المواجهة مثل اميمة الجبوري ومعلمة الموصل وغيرهما ..
وان الموضوع البايولوجي يبرز الاهتمام بخصوصية المراة واحترام التكوين، وهذا الاحترام مسئلة حضارية اخلاقية علمية، حيث الى الان لم تنجح مثلا لعبة كرة القدم بين فريق نسوي واخر رجالي لانه كما عبِّر عنه غير مقبول علميا ولا اخلاقيا على صعيد تعبير المنظمات الدولية المختصة، او ان يدخل مضمار السباق للساحة والميدان نساءٌ ورجال، فلكل منها بطولته وجوائزه، بل لا يمكن لعاطفة الام ان تتساوى مع عاطفة الاب على اقل تقدير ولا الاخت مع الاخ وهكذا، وفي نفس الوقت لا يمكن ايضا الاستغناء عن اي خاصية لكل منهما، فالامر ليس بتساوي الطرفين بل بتساوي التشريعات واصدار القوانين بما يحترم خصوصيات المرأة والرجل لتحقيق ابداعهن في المستوى الوطني، ولهذا نجد المرأة على المستوى العالمي والى اليوم تطالب بحقوقها، ليس في مناطقنا بل وحتى الدول المتطورة تشريعا وحرية وقوانين، فالمشكلة ليست بالنتيجة واستعراضها فهي واضحة بل المشكلة في البحث والتقصي معرفيا للوصول الى النتيجة المناسبة.
فان الحجاب او عدم الحجاب ليس عائقا في حرية المرأة وابداعها، فان الشهيدة بنت الهدى التي انجبتها بيوت العلم والعقيدة ابداعا فكريا وقصصيا لا يختلف عن نازك الملائكة التي برزت من بيوت محافظة لتكون مساهمة في الحداثة الادبية مرورا بنزيهة الدليمي اول وزيرة عراقية من مؤسسات رابطة المرأة العراقية 1952م .
فليس لللبداوة او القروية اشكالية في مقام المراة من عدم ذلك، فاذا تم استرجاع تاريخ العشائر نكتشف عن دور وقصص واهمية للنساء ما يبهر الباحثين، وما لعبن في حياة القبائل وتطويرها وتثقيفها، وفي حياة مواقفها وادبياتها والمواقف السياسية، وحتى في الجوانب السياسية والاقتصادية ومنها الادب والتجارة .
ان اشكاليات النظر الى حقوق المرأة تكمن في استنساخ خصوصيات مجتمع ما بخصوص حقوق المرأة ومحاولة تطبيقه دون احترام لخصوصيات مجتمعنا التي ان سلمنا للسلبيات وهي صفة لا يخلو منها اي مجتمع وان كان متطورا، فاننا سنتجاهل القيم الايجابية الغنية في مجتمعاتنا في عملية النسخ وليس الاختيار والاستفادة، واهمال الخصوصيات شكل عائقا لتطور مفاهيم الحقوق والواجبات على كل الاصعدة فضلا عن حقوق المرأة واطر الحرية للمجتمع .
ان الرجل والمرأة توأمان روحيان، هكذا خلقهما الله عزوجل ليضيفا للكون معنى السعي للمحبة والتكامل، فوعي مسؤوليات المرأة من قبلنا يذيب الفوارق، ولا أعني المساوات لان الجانب البايلوجي لابد من احترامه علميا واخلاقيا،  بل الوعي هو الكشف عن اهمية النساء في المجتمع .
فالمرأة قيمة ربانية خلقت فضلا عن ما تضيفه من شعور بالبهجة والسعادة، فانها كيان من الدعم النفسي والمعنوي، من خلال امكانياتها على تعزيز الثقة بالنفس، وتنشطيط القوّة الذهنية في الاسرة والمجتمع لميزة قوة مشاعرها، وتساعد في التخفيف من الاكتئاب والتخلص من الشعور بالقلق في مقابل الشعور بالأمل وانبعاث الطاقة والتفكير الإيجابي.
عندما انظر الى نفسي فاشعر ان امي المرأة التي ربتني تربية جيدة اذا هي متعلمة مثقفة متربية اديبة، هذه النظرة تنعكس لاعامل كل النساء على اساسها، والعكس صحيح، وهذه هي النظرة الاولى للمجتمع والمراة في حياتنا عند البحث عن حقوق المرأة وتاتي بعدها الخطوات الثانية ..
شخصيا لا ارى علاقة للحقوق  في الاختلاط ان وجد او لم يوجد، ولا في المصافحة، وامثال ذلك، فهذه نتائج معتقدات ليس حقوقا للمراة او الرجل، او يعتمد تطور المجتمع وتنوره على ذلك، ومن المؤسف ان يحصر الكثير من الكتاب والمثقفين حرية المرأة والرجل بهذه الامور، فهذا ليس وعيا لحرية المرأة وحقوقها، ان الحقوق تتعلق بالتعليم هذا اهم شيء كخطة واعية، مع تشريعات وقوانين داعمة لذلك، ومهما عبرنا عن هذه الحقوق فلا يمكننا ان نعبر عنها بنفس مستوى تعبير المرأة عن حقوقها وتشريعاتها والقوانين الضرورية، فهي اعرف بحاجاتها وبتكوينها وعلى الرجل احترام ذلك، ويكون دوره مساعدا .
العادات ليست سياطا والتقاليد الاجتماعية ليست مانعة، فانهما من مفاصل الحياة التي يجب ان نعيشها، ولا تدار الا بالقوانين والتعليم وبخطوات متدرجة، فالقفزات اثبتت انها كارثية على الصعيد الاقتصاي والسياسي والاجتماعي، وكانت المرأة العراقية المتضرر الاول من هذه الفوضى والتخطبط، فلا يوجد هناك حيف كما يذهب البعض، بل هناك فوضى قوانين وثقافة، وارتباك بالاراء، تعرقل الوعي بدور المرأة، رغم انها تثبت وجودها دائما .
المرأة رسول الأجيال للعلى، وتنعش المستقبل ضد جاهلية الايام، وان التخلي عن المرأة كان من أسباب كوارث المجتمعات ..
وكما تقاس حضارة الشعوب على أساس ما تعلمت فيها من النساء، تقاس اخلاقيات المجتمعات بمستوى ما أضافت النساء من تربية وتعليم للجيال، فاذا نام الابناء على امهات غير متعلمات ستستيقظ الايام على عصر من جهل، فجميع الاجيال هي بذرة امرأة تزرعها في الحياة ..
........................
12 اذار 2017 / 13 جمادي الثاني 1438 / الاحد امريكا
......................................................................
https://www.youtube.com/watch?v=H3iADN7kc9Y
كلمة الاستاذ بهاء الدين الخاقاني
الاحتفالية كاملة
https://www.youtube.com/watch?v=CkAzs3QSgp8
.........................................................................

14
أدب / أبيات من قصيدة: عراقي
« في: 20:24 18/01/2017  »

أبيات من قصيدة: عراقي
شعر : بهاء الدين الخاقاني

عراقيْ موجة في الأرضِ تسعى ..
                                بألوان السماءِ لها جمالُ
وينسجُ أفقَه للكون وحيٌ ..
                                 رعى أطيافَه عزاً  جلالُ
هو الدنيا اِذا التاريخُ غنى ..
                                    هو الأحرارُ اِنْ نهضَ الرجالُ
وراية لؤلؤ غُرِستْ لغيبٍ  ..
                                     بلفظِ جلالةٍ قامَ الكمالُ
يوشّحُها احمرارٌ واخضرارٌ ..
                                         بأبيضِها وأسودِها دلالُ
..................
bahaaldeen@hotmail.com


15

قراءات في التاريخ مع الدكتور البكاء
بهاء الدين الخاقاني
طرح الدكتور طاهر البكاء القراءة التالية في سؤال موجه لنا:
حول إتفاقية الجزائر 1975؟ عندما وقع العراق اتفاقية الجزائر 19755 مع شاه ايران، قال إنه اضطر اليها لوقف الدعم الذي يقدمه الشاه للحركة الكردية العراقية .
السؤال:
ايهما كان الافضل للعراق عقد اتفاقية الجزائر، التي تنازل العراق بموجبها عن نصف مياه شط العرب طولاً، واعادة ترسيم الحدود البرية أم اعطاء حكم ذاتي حقيقي للشعب الكوردي العراقي ؟
https://www.facebook.com/tahir.albakaa/posts/10211435465587010
....................................
فكان تعليقي :
الدكتور الفاضل :
تحية طيبة ..
ان الواقعية السياسية في مكانها وزمانها تجعل من الصعب تقبل القرارات في أمكنة وأزمنة أخرى ..
ولكن ما ان نفكر بالعدالة كمضمون لتنمية البلدان وحرية الشعوب وقرارها السياسي للمستقل، فربما يكون الأمر جدا صعبا في تقبل قراراتها الخارجية مثلما تسهل قراراتها الداخلية الاجتماعية مثلا ..
اذن هناك ازدواجية القناعات والأوصاف، لتقبل ملكٍ غير عراقيّ مجرد كونه هاشميا في بدء تأسيس الدولة العراقية، وتعتبر الفترة مثالية لتجربة لبرالية عند اللبراليين ورجعية عند الاشتراكيين والقوميين، لتنتج صراع الأراء والارادات وتحالفاتها الخارجية والداخلية المعروفة لمذبحة العائلة المالكة والسحل بالشوارع ...
وتبدء مرحلة الجمهورية التي اعتبرت عند البعض دون تحديد فرصة لعودة العراق الى الاشتراكية أو الشيوعية أو الاسلامية او القومية وغيرها، وشهدت اعدام هذا الزعيم واغتيال ذلك الزعيم، ومشاهد لتداول الصراعات الحزبية والارادات مرّة أخرى بين مادح وبين ذام، وكلّ له حلفائه الداخليين والخارجيين، وهذه المرّة كثرت المحاور حتى موعد الحرب العراقية الايرانية الأولى التي انتهت بمعاهدة 1975م، وبين رؤية وطنية من أجل استقرار البلد وتداعيات الانهيار وبين رؤية الخيانة للثوابت الوطنية والاستسلام الى الأجنبي عند البعض الآخر ..
جاءت الحرب العراقية الايرانية الثانية الطويلة الدموية، والتي انتهت بمعاهدة السلام عام 1988م وبنفس المواقف والهواجس من الآراء ..
واذا بها تليها الحرب الكويتية العراقية لأشهر، والمؤدية لصلح خيمة صفوان وأسرارها، وما تبعها من انهيار لمبادئ التضامن العربي والثوابت القومية المعروفة، ومن ثم الحصار الموجع المؤلم لسنوات طوال حتى الحرب العراقية الامريكية لأيام معدودة عام 2003 ..
ويكفي أن اقول اضافة لتشابه أوصاف الآراء لما فات من حروب واغتيالات وصراع ارادات، أن يضاف لها وصف ما يسمى بتحرير بغداد وآخر يقول سقوط بغداد، حيث تجذر الغموض حتى في المعسكر السياسي الواحد لمثل هذه المسميات.. ومازال الآمر سجالا وينذر بكارثة بسبب تداخل هذه الارادات فعلا ومسميات وأوصافا، وكلّ له تحالفاته المغذية لمصالح اقليمية آكثر مما هي دولية ووطنية ومستندة على أرضية من المراهقة السياسية وعدم الخبرة والعلمية والدراية والمعرفة والادارة ووو .. فضلا عن تنازل لسترتيجيات وثوابت لدى الأحزاب المشاركة في العملية السياسية والتي اوقعتها في ازدواجية بين شعارات الثوابت بين ما قيل عن ضرورات المتغيرات للعبة السياسية ومصالح الوطن في المرحلة الحالية، ونالت تأييدا محببا من لدن البعض، وما بين كان هناك رفضا مقيتا لدى البعض الآخر وصل لحد المواجهة الدموية، لتكون أجيال العراق ومازالت هي الضحية، وان فسرت بالمبررات المعروفة تاريخيا عند حدوث الصراعات وسيادة المتناقضات للمواقف السياسية، وبالآخص بين ثوابت المبادئ ومتغيرات المكان والزمان ..
ولا أريد أن أقول أنه جهل سياسي مطبق، حيث تنعدم فيه المصلحة الوطنية في أقل درجاتها من الادارة والحكمة .. ومشابهة الى حد الغرابة لكل ما مرّ به العراق منذ تأسيسه على مستوى المسؤولين من مراهقة بالموقف ومن انتفاخ بالسلوك ..
لربما هذا الوصف رأي من الآراء يعارضه رأي آخر يرى بالعكس منه ، وهكذا ..
ولكن أبسط ما يمكن أن يبرر هو هناك عملية نشأ لجيل سياسي وكذلك عملية تربية وتعليم لتأسيس قاعدة من القادة السياسيين لمراحل مستقبلية لقيادة العراق، مع وجود ستراتيجيات اقليمية لعرقلة هذا المنهج من التأسيس .. 
لنرى أن المبدئية والنضالية والجهادية والوطنية وغيرها تداخلت بشكل مخيف في العلمانية والاسلامية واللبرالية والرجعية والتبعية وغيرها في تحالف وأخوة، وان كانت الارادات متصارعة او يصفها البعض بالنفاق على حساب الشعب كنتائج، كما كانت دوما عبر حقب مراحل تأسيس الدولة العراقية على الأقل ..
والمدهش أن تجد شعبا بهذا النضج والوعي والانضباط بالسلوك، رغم مواجهة التحديات والارهاب بقوة وارادة وشكيمة، تتسيده رجالات أقل منه مستوى في كل شيء، واِن كانت تمثله بسبب الانتخابات، وهذه من غرائب هذا الشعب في المرحلة الحالية ..
ولهذا أتساءل ان حدث استفتاء ترعاه الأمم المتحدة والدستور العراقي للشعب الكردي، وقرر الأكراد الاستقلال، ماذا سيكون الموقف؟ هل يتم وصف الشعب الكردي بالخيانة ومثله القادة العراقيين الذي احترموا الاستفتاء بالخيانة .. ام ماذا؟
حيث بالمقابل سيكون هناك من دعم الاستفتاء أو شارك فيه ومن سعى له، سيوصفون بالأبطال ..
وأعود وأقول انّ كل المواقف والقرارات والمشاهد، كما علمتنا فلسفة أحداث التاريخ بأسسها المتغيرة، عكست تجذر شعوب وبلدان كانت هامشية واضمحلال شعوب وبلدان كانت عظمى، فانها بذلك تؤكد هذه الحقيقة المرة للبعض والحلوة للبعض الآخر ..
ليبقى سؤال أين العدالة من كل ذلك؟ وهل تتعارض أوصافها مع آراء جبهات الارادات المتصارعة؟ آم آن العدالة أمر لا يمكن الاجتهاد به او تتدخل فيه الارادات ؟
وأخيرا شكرا لك ايها الدكتور العزيز واعتذر عن الاطالة، ولكن موضوعك بسبب جاذبيته الفكرية سحبني لذلك
وكل عام وانتم بخير
بهاء الدين الخاقاني
1438 - 2017

 

16


أبيات من قصيدة تحيا الشهادة


شعر بهاء الدين الخاقاني
مهرجان شهداء العراق في امريكا
اب 2016
شعرٌ بنزفي شدى فاسْتنفِذ الرمقُ..ورحتُ أنظم ما في الجرح يحترقُ
حاكيتُ في مقلتيه الموتَ مؤتلقاً..فاسْتنفِر المجدُ واجتاح العلى الألقُ
هذا عراق الذرى احمرّت معالمُه..وجرحُ طعن بثانٍ قام يلتصقُ
ويستفيضُ به الوجدانُ أشرعة..بالكبرياء وفي جثمانه العبقُ
رأيتُ في منحريه الحقَ منبعثا..وثورة في ضمير الخلق تنبثقُ
صاحت ركابُ دمي في موطني نحِرتْ.. أحلى الشباب وأدمى الجيلَ من حنقوا
سل الحبيبة عن حُرّ وصولتِه .. وسلْ شفاه الهوى كم يُطربُ القلقُ
وغازلت صادقاتُ الوعد مَنْ عشِقتْ .. ونادمتْ فانتخى العشاق من صدقوا
لِآهِ أمّ تمد النفس حشرجة..وهمّ أختٍ بها العبْراتُ تختنِقُ
اولاء ابناءُنا ما انفكّ يطحنُهم..وكلّ نزف اذا خيّطتُ ينفلق
أعيو المنية اِنْ رامتْ تسابقُهم..عمّا تفانوا فأعيا العذلَ من عشقوا
همْ قامة الموت قد طالوا الردى قمما..لهم بقمته فالحارسُ الحدقُ
تنافسوا من نفوس العز أرّخهم..سفرُ الرجال لبابِ الله يستبقوا
تحيا الشهادة ما ضاعت خوالدها..بما يضيعُ ولاة الأمر اِن فسقوا
ارث الشهيد الى الاجيال دولتهم..أس الحضارة تأسيسا فتنطلق
أمّا ومن يخذل الابطال وقفتهم..للفاسدين لهم ذلٌ بما نزقوا
كيف ارتضت أنفسا بالحرص هالكة .. بما استعبد الكرسي ما انعتقوا
وقد رأت انفسا ضد البغاة سرت .. ما عاضدتها بعدل وهي تنزلق
يا أنجم الأفق لا ليلٌ يقاومها..رغم الظلام ومنها استنورَ الأفقُ
ما أعظمَ الارضَ من رحم السما ولدتْ..وأكرمَ الشعبَ من حوض الحسين سُقوا

17
أدب / فذا هوانا عراقي ونيسان
« في: 18:18 29/07/2016  »
فذا هوانا عراقي ونيسان
أبيات من قصيدة بهاء الدين الخاقاني
مهرجان امريكا/ تموز 2016 – شوال 1437
..............................

حبيبتي فاسعدي للحب عنوانُ .. فذا هوانا عراقي ونيسان
ليس العراق حدودا بل مدى وطن .. كم مُدّ منه حضاراتٌ وانسانُ
مهما ارتحلنا فنفسي نغمُ طائره .. تظل تشهقها في الأرض اشجانُ
فسائلي المشرق الآفاق كم فلِقت .. على عراقته في الغرب اركانُ
وكم ظمئنا فانسجتُ العراق ندى .. عى شفاهكِ والارشافُ ريّانُ
ألمحتُ عينيكِ منّي حصنَ عاشقةٍ .. في الرافدين لها للعشق فنّانُ
عانقت منك كمالنهرين ابحرَها ... فموّج الشوقَ في الاضلاع سفّانُ
ماذا أقول وليلى فيك لوعتها .. من قيس في غربتي شعرٌ وألحانُ
سل البغاة سل الأعداء كم حزموا .. مقاتلا، ففم الغدار ملآن
حشّدْنَ من طعنات الحقدِ أضلعنا .. عرسا من استشهدوا ذبّا وما هانوا
ظنوا الجراحات تنفين وتعدمنا .. فخضّرتْ رغم شوكِ البيد فتيانُ
حتى العروش وما أوفتْ سياستُها .. كنَا بصدق وهم في الخلفِ قد كانوا
فلا تخافي دعي أخلاق من عذلوا ... شعارُنا الحبّ في الدنيا ووجدانُ
هذي العقيدة لا مَنْ سنّها ظلما ... هذا هو الخُلقُ لا مْنْ فيه قد خانوا
هيّا فهذي لّاِنسانية حضنت ... نظائرَ الخلق والأديانُ اخوان
وحكمة الهجرة الخضراء تلهمنا ... قامت لنا وبنا البلدان أوطانُ
اهديك منها بامريكا نرصعها ... تسمو عراقية فينا وبلدانُ
مرّي على معرض الأيام وابتهجي .. فاِنّنا من قيم الأزمان برهان
................................
bahaaldeen@hotmail.com

18
أدب / انشودتي العراقية
« في: 18:13 31/05/2016  »
انشودتي العراقية
المرحوم العلامة ضياء الدين الخاقاني
1933  –  2008

قيلت في مهرجان المربد بالبصرة الفيحاء عام 1972
..................................................................
من سماءِ الوحي في النهرين من مطلع أحلام الحياةِ
من فم الوحي يستقبل بالكوفةِ أكوابَ السقاةِ
من رياض البصرة الفيحاء في أعلا الصروح الشاهقاتِ
من جنان الموصل الحدباء للحكمة في أطوار آتي
من رؤى الأهوار حيث الشمس ما بين انجذابات الجهات
من علا اربيل يرتد من الاخوة احرار حماة
من سما حمرين يمتدّ الى دجلة ارواء فرات
من نمير الفكر بين الشكِ والايمان في أفق القضاة
من حقول الفن حيث السحر يستنشق أنفاسَ الرعاةِ
من قباب الحق تستنطق بالنهضة أجيال الصلاةِ
من حسين الطفِّ في غضبةِ غلواه وفي يوم الأناةِ
من غرام الخلق باللهِ ومن سحر الحشودِ الطالعاتِ
من شروق العشق حيث القلب نشوان بوصل النيراتِ
من تباريح فتىً ألوى به الحظ ومن شكوى فتاةِ
من عراق ملأ التأريخ والأديان ألواح مداه بالعظاةِ
هذه الأنشودة المحبوسة الأنفاس حرّى النفثاتِ
هذه الانشودة المحمومة الأشعار أروى عاطفاتِ
جمعتْ من دمعِ مكلومٍ وأرواح ضحايا النكباتِ
قِطعٌ من كبدِ الملسوع بالحقدِ على أيدي جناةِ
وفُتاةٌ من بقايا الروح تنقضّ بأقواس الرماةِ
صبغتْ بالأحمر المعجون بالدمع بياض الصفحاتِ
إنها أوصال عُمْر حطمتها كفّ ذي وجهين عاتي
واِذا مالاح كاللفتةِ ما بين السطور الباكياتِ
مقلة لم تبكِ أو بعض الثغور الباسماتِ
فهو اِمّا غفلة للفكر أو نشوة حلمٍ لم يؤاتِ
أو شظايا ثورةٍ للوعي في قلبِ الظروف القاسياتِ
هذهِ الأنشودة المشعولة النيران من أسمى الصفاتِ
جمعتها رغبة من داخل النهرين أسنى الرغباتِ
قدمتها اليوم من بغداد أحلى ذكرياتٍ عاطراتِ
فهي آمالي وآلامي وحبي وطريقي للمماتِ
قلبيَ الحانيَ والشادي وروحي وانطباعاتي وذاتي
لم يكن عمري ودنيايَ اِذا ما أنصفت منها ذكرياتي
..........................................................
قصيدة:انشودتي العراقية
ديوان: من وحي العراق
للأديب المرحو العلامة ضياءالدين الخاقاني
1933 المحمرة – 2008 النجف الاشرف.
تقديم: الدكتور عنادغزوان
..........................................................................................


19
وثيقة جبل سيناء المهمة المكتشفة عهد لرسول الله ص الى المسيحيين
مع تحيات
بهاء الدين الخاقاني

وثيقة جبل سيناء "العهد المحمدي"
رسالة للرسول محمـد (ص) بيد الامام علي تعهد لحماية المسيحيين
"The Covenants of the Prophet Mohammad with the Christians of the World."..Published by Angelico Press 2013.
Also in Amazon website there is a book with the same title,
"The Covenants of the Prophet Muhammad with the Christians of the World Paperback ... by:John Andrew Morrow (Author),,,

تجد الكتاب بنفس الاسم بالانكليزية ضمن منشورات انجليكو برس ... تاليف جون اندريو مورو/ يمكن الحصول على الكتاب من موقع امزون..

....................................................................
الوثيقة :
"هذا كتاب محمد بن عبد الله، عهدا للنصارى، أننا معهم قريبا كانوا أم بعيدا، أنا وعباد الله والأنصار والأتباع للدفاع عنهم، فالنصارى هم رعيتي ... ووالله لأمنع كل ما لا يرضيهم فلا إكراه عليهم ولا يُزال قضاتهم من مناصبهم ولا رهبانهم من أديرتهم. لا يحق لأحد هدم دور عبادتهم، ولا الاضرار بها ولا أخذ شيء منه إلى بيوت المسلمين . فإذا صنع أحد غير ذلك فهو يفسد عهد الله ويعصي رسوله .... وللحق أنهم في حلفي ولهم عهد عندي أن لا يجدوا ما يكرهون ... لا يجبرهم أحد على الهجرة ولا يضطرهم أحد للقتال بل يقاتل المسلمون عنهم .... إذا نكح المسلم النصرانية فلا يتم له ذاك من غير قبول منها . ولا يمنعها من زيارة كنيستها للصلاة . كنائسهم يجب أن تُحترم، لا أحد يمنعهم من إصلاحها ولا الاساءة لقدسية مواثيقهم ... لا يحق لأي من الأمة (المسلمين) معصية هذا العهد إلى يوم القيامة . "
.................................................
ملاحظة:
الوثيقة مستخرجة من دير كنيسة جبل سيناء وهي رسالة من رسول الله محمد "ص" بتاريخ ٦٢٠ م إلى الكنيسة حمّلها رسوله علي بن أبي طالب "ع" ويتعهد فيها بحماية المسلمين للمسيحيين ورعايتهم وضمان حرية العبادة والدعوة الى دينهم.وقد أثبتها عام ١٥١٧ م السلطان العثماني سليم الأول .. واحتفظ بالمخطوطة في خزانة المملكة في القسطنطينية .
وتظهر الوثيقة طبعة يد خاتم الانبياء محمـد "ص" على الرسالة للتوثيق..



...................................................
bahaaldeen@hotmail.com



20
أدب / فوق ضريح الكلام
« في: 16:02 01/02/2015  »


فوق ضريح الكلام


بهاء الدين الخاقاني

سهام تمزق قلبي
توزعه كالهدايا ضواري اللئام
رضيع يؤرخ مأساته في اساطير جرح
لينحر دون فطام
فما استوقفني الهمّ .. لا الحقد .. لا الثأرُ
القلب والعهد ذابا بعين يظللها النارُ
سرتُ على رغم آثار دمّ
تموج في الجفن في لمعة دمْع
لعلّ به يرتوي بعضُ زرع
فقد كان يرفل حظي
ويفترش الروح رغم الضرام
فبين تأجج حرّ الهيام
شهدتُ مذابح حبّ
شهدت مغارب شمسّ
شهدت انهيار بلاد
ولكنني ما شهدتُ غروبا دون مشرق
او وقوعا بدون قيام
فأي دواء سيشفي الهوى المتدفق
بين شقوق تمزق روحي
ليطلقني من بقايا دفين
لبقيّةِ نزفٍ توارثته من فلول المنيّةِ
تبقى المنية تاريخ نفس المنيةِ
فهْي الحقيقة
 فيها روايات انس وجنِ
تُجمّع تهشيم باقي ضلوعي
ترتق منسوف عظامي
أروحُ وأاتي
فما انتكست نبضتي في العروق
وما انحسرت غيبتي للشروق
وما بردت رجفتي للغرام
تملكتُ مهجة محبوبتي
فهّي تعرفني عاشقا
عاش خارج أيامه
  كم يعاني بها نقما بانتقام
تكسر انفاسه في نسائم عشق
كجرة قد تشظتْ زخاريف نحت
كلوحة رسم
 تناثر الوانها بالجدار
كموجة بحر
تحطم فوق السواحل مهجتها بارتطام
كما انفعلتْ كالبحور
مشاعرنا في ليالي البدور
كلذة قبلتنا ذوّبت آهة
فاستحالتْ هديلَ حَمام
كتمتُ على عبث من نبؤة موت
وانباء حبّ مسجى
وفتك كوابيس حالت عقولا الى الجاهلياتِ
أوطان في كتلةٍ من سقام
وحيدا توقفتُ فوق المشاهدِ
فوق شتات التفحّم للضمير
لأنزف بالصمت حرفي
تعتق فيه العذاب بكاسي وجامي
فوا اسفي تناسى له فطرة من كرام
تباكت له الشعراء
تراقب عشقا توارى في اتون الرمادِ
جناحين من لوعة للبلادِ
فكل الدموع دموع التماسيح من حولنا
والزمان يطير بدنيا الفراغ
على موطن من ضباب
 تحوطه قافلة من ذئابِ
تسوره فوهة للجحيم
تهيأ بوابة لوحوش المهالك
مزق تاريخه سفر ظلم الممالكِ
صُفر الملاحم راياتها دون ايّ سلام
مقت احتفالات حزن
لكي لا أعاين نعش الغرام
تقطّع عند النحيبُ قلائد بين الرواياتِ
لتصمت وديانه من ضجيج الحياة
فأشدو أغان مهجّرة بالحكاياتِ
أواسي ليالي اليتاما
تزخرف من دم والدها حلمَها
ناحَ كالطير فوق الركام
فعشت لها انّة في الحطام
وحيدٌ ليَ الشعر يشعل عتم الظلام
ويعرف للدهرعشاءٌ أخيرٌ
ليصرخ فيّ فأين الكؤوسُ
واين المسيح وعيد الصيام ..
عرفتُ قد افترس اليأس يمحي هتافا
يشلّ من العمر صبرا
ويفتكَ همّا
تراءى بصدري سهولا
تقاوم ضد السهام
ليبقى دعائي يناشد قطر الغمام
ليبقى كياني
عناقيد من جسد للضحايا
تبيت القوافي تظللها كالسبايا
أعودُ فأسقيَ مقبرة الياسمين
وابذرها نرجسا
يتطاير فيها النوارس بين ماء وطين
لاحضن ملهمتي والدلال مواقد شوق
تلحّفني عطرَها مفّعة بالحياء
فينهشني دفئها بالتحام
فايغرقني موجها باحتلام
ليأخذني حضنها والشغاف مفاتن اِمرأة
خمرها خدّر الداء سكرا
فتنكشف النفس وهجا
مجاهيل همس تنوّم وخزا
فكانت لي الدفئ سترا
وكنت لها من لثام
فأبقى بنغم الهوى
أتأوّه فوق ضريح الكلام




21
أدب / عمرِالعراقِ شطُ العُرْب
« في: 21:51 05/10/2014  »

عمرِالعراقِ شطُ العُرْب
المرحوم ضياء الدين الخاقاني
1933 - 2008

ها هو الشعرُ فاروِ يا قلبُ عنّي .. كلّ فصْلٍ من الهيامِ وغنّي
وقفَ الحُسنُ حيثُ أوقفتُ عيْنيّ وغنّى الربيعُ أعذبَ لحنِ
يا حياة الأديب اِلّا سويْعاتُ حزنٍ في عالمٍ من تجنّي
ورؤى الشاعر المحلَّقِ أنغامُ شعورٍ وغيماتُ تمنّي
شارعُ السحرِ والصباباتِ والأغراءِ والحبّ والرؤى والتثنِّ
الفراتان أقسما أن يُحيطاكَ بثغرٍ من الجمالِ وعيْنِ
مانْحَنتْ باسقات أشجاركِ الخضر يحي قوامها كلّ غصْنِ
شارعُ الأمسياتِ واللذة الحمْراء فيكَ انتُزِعْتُ من كفِّ حزني
نعِمَتْ ساعة الأصيلِ على النهرِ بما فيهِ من رواءٍ وحسْنِ
جئتُ هذا المقام أصلُ خليج العربِ شطآنُ، ذِكرُ فكرٍ وظنِّ
قالَ لي صاحبي وقد ضمنا الموقفُ عشاق لذّةٍ بعْد بمنِّ:
ماهوّ الشعر؟ قلتُ:هذي موانيهِ صفاءَ ورقة، قال: زدني
قلتُ: هذا الجمالُ يمْرَحُ والأغراءُ يختالُ بين ثغرٍ وجفنِ
والخدود الحمْراءُ والأعيْنُ النجْلُ تبثُ الغرامَ وهْناً بوهنِ
ختمَ الوردُ وهو يهتزّ نشوان، أمرّتْ عليه أقدامُ جنِّ؟
هكذا تنقضي الأماسيّ حتى .. تغربُ الشمسُ في مذابِ لُجَيْنِ
: ثمَ ماذا؟ فقلتُ: يختَتَم الشعرُ بألواح عالمٍ مسْتجنِّ
منبر المعجزات بالبصرة الفيحاء منها امتشقتُ ألوان فني
صوتُ عمرِالعراقِ يبْهِجُ شطُ العُرْب تأريخَه معاني التبنِّ
فسكتنا وأشرق البدرُ يسْتعرضُ روضَ الجنان من ألفِ قرْنِ
..........

 
ديوان : من وحي العراق
قصيدة: عمرِالعراقِ شطُ العُرْب
الاديب العلامة المرحوم ضياء الدين الخاقاني
تقديم: الدكتور عناد غزوان
1933 المحمرة- النجف الاشرف 2008


22

الرؤية السياسية والنظرة الستراتيجية العراقية
بهاء الدين الخاقاني
  الرؤية السياسية الناضجة لا تنظر الى من تتحالف معه، بل ما التحالف التي تريده أنت لمصالحك، وان كانت كل الاطراف تكن لك الصداقة او العداوة، ومن حسن حض ستراتيجية دولة ما ان يتفق طرفان متصارعان فيما بينهما على تمتين الصلة بهذا البلد، وهنا تبرز مفهوم مدى وعي الستراتيجية العراقية السياسية في الاستفادة من عدمها لاتفاق الامريكي مع اي دولة كانت على العراق، وان كانا هما في مناطق اخرى تتصارعان حد التصادم، ولكنهما يتوددان الى العراق، مما يجعلنا في دهشة من الأمر، بين عدم وعي اصحاب القرار العراقي لمثل هذه الحالة السياسية النادرة او تجاهلها، او عدم ادراك اللعبة الستراتيجية الدولية والاقليمية ومصلحة العراق، وفي كل الحالات فان ما يتبادر الى تحليلنا غياب الستراتيجية السياسية العراقية على كل الاصعدة ومنها الاقتصادية في التعامل مع مثل هذه العلاقة لاغتنامها لتنمية العراق، مع عدم ادراك أن التحالفات والمعاهدات مع القوى العظمى والمؤثرة سنة تاريخية لنهوض الحضارات، ولا شائبة فيها عقائديا أن اخضعنا مثلا معاهدات رسول الله ( ص) تحت مجهر الدراسة والتخطيط مع قوى غير اسلامية ودول عظمى في عصره فضلا عن رؤيته الى فكرة الهجرة الأولى الى الحبشة ..
  اذا الاشكالية ليست في هذه الدولة أو تلك او اي بلد اخر، وبكل تاكيد فان امريكا هي لها الأفضلية من حيث امكانات دعم العراق اقتصاديا واتخاذ القرارات المهمة دوليا كون باقي الدول وبالأخص المجاور الى العراق مازالت ضمن محور العالم الثالث، ولكن جميعها تقريبا عربيها وغير عربيها، ومن ضمنها الدول الاسلامية متميزة بوعي سياسي لمصلحة بلدها في التقاط علاقة امريكا والقوى العظمى بالعراق لتكون ستراتيجيتها المرحلية الاستفادة من هذه العلاقة عبر العراق كما هو معروف، والحصول على منجز لها، كما في محوري القضية النووية لايران والقضية الكردية لتركيا، وهلم جرى .
اذن الاشكالية في السياسي العراقي، والمخطط الستراتيجي للعراق، وهذه بحد ذاتها اشكالية قائمة لأنها لا تخضع لدراسات او تحليلات او استطلاعات لمراكز فكر ستراتيجية ومؤسسات وجامعات لاتخاذ القرارات والتخطيط الستراتيجي، اضافة الى ظاهرة عدم قدرة ممثليات العراق في انحاء العالم من تمتين مثل هذه العلاقات مع الدول المتواجدة فيها وبالاخص العظمى، وعكس أهمية هذه العلاقات في اتخاذ القرارات العراقية لللاستجابة لها، ومنها الاقتصادية والعسكرية والتبادل الثقافي، وفهم عنصر الكفاءات وبالأخص خارج العراق وامكانية التأثير في محيط تواجدها السياسي والاجتماعي، ليس لكون هذه الممثليات ليست قادرة على بيان وجهة نظرها، بل تمتلك من القدرات الثقافية والدبلوماسية والسياسية ما يؤهلها لقيادة فكر العراق السياسي الستراتيجي في خارج العراق وتمتين الصلات الدولية بالعراق، ولكن السبب هو العودة لاشكالية عدم وجود نظرة ستراتيجية سياسية لمصالح العراق والتي كانت ضحية اطروحات الأولويات ودون جدوى ومنها محاربة الارهاب، والذي حسب وجهة نظري القضاء عليه أسهل مما يتطرق له السياسي او تستعرضه المقالات من تهويلات، كون الأمر يتعلق بقدرة العراق على رسم برنامج سياسي للعلاقات الاجتماعية من جهة ومن جهة أخرى وجود برنامج ستراتيجي للعلاقات الخارجية، وكلا البرنامجين مفقودين مع الأسف، لأنهما واقعان تحت ضبابية عدم ادراك أهمية دور دول الجوار وتحديد تحركاتها بمعاهدات واحترام خصوصيات العراق من جهة وكذلك عدم فهم أهمية العمق العربي بأنواعه، وكلا البعدين هما مورد احترام القوى العظمى أن دخلا ضمن السياسة العراقية وستراتيجيتها، فضلا عن ادراك واستيعاب أهمية صداقة وتحالف قوى كالقوة الامريكية وحلفائها .
ان ما حدث خلال أيام من هرولة العالم لتأييد تحالف دولي لنصرة العراق دليل وثيق على ما نذهب له، ومهما قيل عن هذا التحالف بشكل سلبي من هذه الجهة او هذه الدولة او تلك، يعكس تعارضه مع مصالحه الخاصة دون الرغبة بمصلحة العراق، لأن الحديث هنا حديث عن عراق قوي ومتنامي ومدعوم عسكريا وبالأخص قواته المسلحة، تدريبا وتسليحا، وبناه الاقتصادية الداعمة لنهضته كما ورد في القرارات الدولية والتحالف الجديد، وهذه المشكلة من الموقف وعدم الوعي سقطت فيها حتى المعارضة العراقية بمسمياتها، وهي حالة سلبية لها في كل أنواع المعارضات التي عاشها العراق عبر حقب أنظمته التي حكمته، فجعلت العراق مراوح في مكانه رغ كل امكانياته عبر تلك الحقب منذ تأسيس الدولة العراقية المعاصرة في القرن الماضي، في الوقت الذي هناك دول صديقة لامريكا لم يتم التحرك لها بهذه السرعة وبهذه الفعالية وقواها الوطنية والقيادية تعاتب الآن السياسيين الامريكان والغرب عموما، ايمانا من المفكرين الامريكان والغربيين عموما لاهمية العراق في كل النواحي الستراتيجية والمحورية والبشرية وتنوع الأطياف والألوان والقوميات التي يمكن أن يجعل من العراق واحة حوار وسلام وتنمية، ومنطلقا للحرية والحضارة والانسانية والعدل الاجتماعي، كما تذهب له مراكز الدراسات العالمية، وتصر عليه مخططات الدول العظمى لأسباب دون أخرى ومنها مصلحتها التي تصب في هذا الاتجاه، وهذا دليل على عدم تشجيع أقليم كردستان بالانفصال من العراق وجعل الانفصال خط أحمر دولي، كي يساهم في مثل هذه النهضة الحضارية في العراق بوحدة الرؤية الانسانية وبوجود  تفاعلات الاختلافات في الخصوصيات بشكل ايجابي وهي بحد ذاتها سنة ربانية لبذرة تفاعل ايجابة اِن تم وعيها بمسؤولية من قبل البشرية عموما والعراقيين بشكل خاص، وهذا من حسن حظ العراقيين في العهد المعاصر من القرن الحالي .
 من المؤسف نجد وطنيا من يعارض هذا التحول الدولي تجاه العراق لضعف في وعي او لتبعية ذائبة في مصالح الآخرين غير العراقيين مع الأسف، ومن المؤسف تغيب عن السياسي العراقي ومخططاته الستراتيجية العراقية مثل هذه المشاركات والأفكار لأسباب دون أخرى، في الوقت الذي كل الدول ومنها العظمى والاقليمية والعربية والمجاورة تتعامل مع العراق، كونه من الأهمية والقدرة والاقتصاد والمورد البشري، كقوة اقليمية، ومن المؤسف أن مثل هذه النظرة للآخرين تجاه العراق، تقابل بمفاهيم قديمة سياسية سقطت من التعامل السياسي وستراتيجيات الدول الناضجة، ومنها نظرية المؤامرة التي مع الأسف أيضا تصبغ العقلية السياسية العراقية، الا البعض منهم، الى جانب المقالات للمثقفين مشبعة بهذه النظرية الوهمية، في الوقت الذي ترسم الأجندات والمخططات على مستوى التعامل بين الأطراف وتبادل المنافع، وناتي بمثال مثلا، أن ثقافة المناقصات للتنمية وبناء المشاريع لا معنى لها في الدول الحضارية، وهي من الممارسات المتخلفة دوليا ولا ينظر لها باعتبار اقتصادي تنموي، لأنها لا تبني بلدانا وبالتالي فان الدول المهمة، تفتش عن عقليات تتجاوز مثل هذا المستوى من التفكير والعلاقات في تنمية بلدانها، لتأتي بالأفضل دوما لبناء مشروع ونهضة تنموية حتى على مستوى مدرسة في قرية متطورة او بيت بسيط أو ملعب رياضي فكيف بمشاريع ستراتيجية، فكيف اذا كانت كل البنى التحتية مدمرة، مما تجعل المناقصات عوامل تهديم مستمرة فضلا عن كونها عامل مساعد لتعميق هوة الفساد المالي والاجتماعي، الى جانب ما تم نحره من مشروع ستراتيجي لربط الخليج العربي عبر أم قصر بالبحر الابيض المتوسط عبر طرطوس بسلسلة قطارات حمولة ومدنية، تشرف عليها الشركات العالمية وباتفاق سوري عراقي وبدعم امريكي بريطاني ودول أخرى من القوى الاقتصادية العظمى، حيث يطفأ اكثر من مليوني عاطل للبلدين ويساهم في رفع مستوى المعيشة والتنمية التجارية والصناعية والمدنية وغيرها للعراق والى جانبه سورية، مدعوما بميناء الفاو الكبير، ولربما لو انجز مثل هذا المشروع العملاق والذي هو احياء لمشروع للعراق قبل قرنين من الزمان لما رأينا كل هذه الحوادث الماسوية في سورية والعراق، وتفشي ظاهرة الارهاب علنا، ونقول كان هذا المشروع ضحية عدم وعي سياسيونا له، الى جانب مشاريع أخرى انطفأت مع الأسف، للخضوع هذا السياسي او ذلك لرغبة هذه الدولة الاقليمية او تلك دون الانتماء للمصلحة الوطنية، ولكن يمكن أن نعيدها الى الحياة اِن توفرت الارادة السياسية الحقيقة، مع وجود الطاقات والرجال العراقيين المختصين والكفاءات ورجال الأعمال المنتشرين في العالم المهم اليوم، ولهذا فان القوى الاقتصادية العظمى، وقواها العظمى، تعمل على دعم محاور سياسية تاتي بمثل هؤلاء الى مستوى سلطة القرار، فتفسر من قبل بعض سياسينا وأقلامنا المثقفة والصحفية بانها هذه جزء من نظرية المؤامرة، وهذا وهم معاصر لتبرير المواقف عند الفشل او عدم القدرة على تحمل المسؤولية او الاعتراف بالتقصير ..
فاذن السياسيون ماذا يفكرون ان كانوا سياسيين، ومراكزنا الفكرية الستراتيجية ان وجدت ماذا تخطط، هذا الذي يجب ان نعرفه .
............................
  ملاحظة:
مشاركة في استطلاع مؤسسة المثقف بعنوان:
اي التحالفات الدولية والاقليمية اهم للدولة الضعيفة ؟


23
الخاقاني والفوضى بمركز الثقافي العراقي في واشنطن

الحراك الثقافي والعلمي في امريكا

http://www.youtube.com/watch?v=SP50nRe92_Y

أقام المركز الثقافي العراقي في واشنطن ندوة حوارية حول كتاب الفوضى الخلاقة الذائع الصيت في المعارض للباحث والاديب العراقي الاستاذ بهاء الدين الخاقاني، وتاتي اهمية الكتاب نتيجة لما ورد فيه من رؤية تنبأة بالاحداث في المنطقة العربية قبل حدوثها فضلا عن استمرارية مصداقية الافكار الواردة نتيجة تفاعلات الاحداث العربية والمنطقة عموما، الى جانب البحث الرصين العلمي المتعلق بعلوم الطبيعة والفيزياء والطبيعة البشرية والثقافة السياسية للنظرية السياسية .
ان هذه الانشطة المهمة التي وضعت على اساس منهجية مخطط لها يشرف عليها الدكتور محمد حسين الطريحي رئيس المركز الثقافي العراقي في واشنطن، هي ضمن خطة المركز الثقافي العراقي للتعريف بالمبدعين العراقيين في داخل الوطن وخارجه والاطلاع على وجة نظر المطروحة في الثقافات الانسانية العالمية عن العراق، والتي تحظى بتوجيهات ورعاية المسؤولين العراقيين ومتابعة الاستاذ عقيل المندلاولي وكيل وزارة الثقافة العراقية، والتي جعلت المركز الثقافي العراقي في واشنطن في مصاف مراكز العالمية المهمة . حضر الندوة المؤسسات الفكرية العراقية والامريكية والعربية وشخصيات اجتماعية ومهتمة من الصحافة والادب والسياسة والفن ومراكز البحوث من ضمنها وزارة الخارجية الامريكية ومعهد الشرق الاوسط ومعهد السلام ومهتمين لمراكز فكرية عربية ومنها مصرية وخليجية، وجمهور عراقي وعربي وامريكي، وقدم الندوة باللغتين الانكليزية الباحث المتخصص المعروف بالوثائق العراقية المستشار الدكتور عباس كاظم .
 
                الباحثان الاستاذ بهاء الدين الخاقاني والدكتور عباس كاظم
 

الدكتور عباس كاظم في استعراضاته وارائه باللغة الانكليزية  والعربية في ادراة الندوة وعلى كتاب الخاقاني


قراءة مختصرة لاستنتاجات الكتاب والحوار والاسئلة
 نستنتج من كل ما تقدم وبشكل عام وما يمكن أن نفهمه عن اسباب ارتقاء الامم لمصاف القوى العظمى بأن: المعرفة تؤثر على السلطة والسلطة توظف المعرفة لتحقيق السيطرة وضمان المصالح، والإيمان بان المعرفة هي قوة، تقود إلى الاهتمام بإقامة مراكز الأبحاث القادرة على إنتاج المعرفة، وبالتالي أصبح من الطبيعي قيام تلك المراكز لغرض الكسب والحصول على القوة، ونعتقد بان القوة تشارك في صنع السياسة.
ان صنع السياسة في الدول التي تنتتهج النهضة والرفاه البشري لمواطنيها عملية معقدة تساهم فيها عناصر وعوامل مختلفة تتداخل وتتشابك تأثيرات هذه العوامل والعناصر مع بعضها البعض، ومن ضمنها الطبيعة ونظرياتها والطبع البشري ونظريات العلوم كالفيزياء والانتروبي، لأن هذه العملية المعبرة عن( صنع السياسة )، تمر بمراحل وإجراءات معقدة وهذا هو شان صنع السياسة وخاصة في مثل دولة بحجم الولايات المتحدة، ودولة باهمية العراق في العالم والوطن العربي تاريخا وبشريا وعلميا.
 مع ادراك دور وتأثير الثقافة والعلوم على صنع السياسة ودور المثقف وعلاقة المعرفة بالسلطة والسياسة بصورة عامة.
 وهذا يعني أن المجهود النظري المبذول لا يُستهان به، وكان يقوم على تراكم علمي وتوثيقي وتراثي، حيث أنه يفترض وجود مساحات من التفكير البارد لا تهتم سوى في تأمين بقاء وسيطرة الأمّة، وهي تستند على علوم كالكيمياء اللاعضوية والعضوية والنفسية والدينية والفيزياء ونظرياتها والحسابات الرياضية الدقيقة فضلا عن ما توفره عمليا التراثيات الدينية كالتفويض الالهي ..
وكان قد قد قدم مقدمة كتاب الفوضى الخلاقة للاستاذ الخاقاني الدكتور دوني يوحنا جورج الباحث الاثاري العراقي الكبير والاستاذ المتنقل في الجامعات الامريكية

                     جانب من الحضور المهم والمحاورين
 
   الباحثة فيبي بار والدكتور لؤي يونس بحري والدكتور محمد حسين الطريحي
 
                  الفنان الاديب كريم وصفي  خلال الحوار والاسئلة


 
                      جانب من حشد الجمهور
 
 الباحثة المصرية وخلفها الاستاذ موريه شوحيل رئيس منظمة العالمية ليهود العراق والباحث في معهد واشنطن 

 
                               جانب من الحضور

 
                              جانب من الحضور للمسؤولين العراقيين والاعلاميين


              الباحث الاستاذ بهاء الدين الخاقاني

 
                   جانب من الحضور العربي والامريكي الاجنبي

 
                      الاعلامي الاديب حميد ال جويبر الخاقاني
 
                          جانب من حضور الجمهور العراقي
 
      صورة لحضور الندوة في قاعة المركز الثقافي العراقي بواشنطن
 
   من المهتمات الامريكيات بالشأن العراقي والثقافة الامريكية
 
        الاستاذ بهاء الدين العراقي خلال حديثه واجابة الاسئلة
 
               الباحثة الامريكية وخلفها الباحثة المصرية


هذا وقد تم تكريم الاستاذ الخاقاني المحاضر بدرع المركز الثقافي العراقي بواشنطن ومع شهادة تكريمية لدوره في الثقافة العراقية عالميا . وكانت قد جرت اسئلة أغنت الندوة بأجوبتها وحواراته الفكرية ما بين المحاضر الخاقاني والمختصين الحضور فضلا عن الجمهور والمثقفين مما اعت للندوة الحوارية بعدا علميا في تلاقح ثقافات الامم ورفعت العراق وعلاقاته الدولية والتنمية البشرية في تجربة العراق المعاصر .
كما اغتنمت الندوة فرصة حضور الاديب العراقي المبدع محمد البغدادي لتكريمه بدرع المركز الثقافي العراقي بواشنطن .
 
            البرفسورة الباحثة فيبي بار وتقديمها الهدية الى الاستاذ بهاء الدين الخاقاني
 
               الاديب محمد البغدادي واستلام هديته التقديرية بالمناسبة

                                               صور تذكارية
 
الباحثة المتخصصة بالمعهد الشرق الاوسط ووزارة الخارجية الامريكية والدكتور عباس كاظم والباحث الخاقاني

 
الدكتور محمد حسين الطريحي مدير المركز الثقافي العراقي بواشنطن والاستاذ بهاء الدين الخاقاني

 
      الدكتور لؤي يونس بحري والاستاذ بهاء الدين الخاقاني
 
    الدكتور عباس كاظم والاستاذ بهاء الدين الخاقاني

 
                     الاستاذ الخاقاني وولده محمدطاهر الخاقاني في لقطة تذكارية امام برشور الندوة

 
               الاديب الشاعر محمد البغدادي والاستاذ بهاء الدين الخاقاني

 
صورة الشهادة التقديرية لجهود الاديب الباحث الاستاذ بهاء الدين الخاقاني العراقية والعالمية
 
                                      صورة تذكارية

مع تحيات
الحراك الثقافي والعلمي العراقي
في الولايات المتحدة الامريكية



24
أدب / رسالتها الوحيدة
« في: 19:16 02/04/2014  »


رسالتها الوحيدة


بهاء الدين الخاقاني

ألا خذ رسالة صوتي
ألا أسمعْ مقالة موتي
أيا رجلا
من بعيد أتيتَ وتأتي
أيا من نسته العشائرُ
والأصدقاءُ وبيتي
غريبا .. عجيبا .. بعيدا.. قريبا ..
فجئتَ محمل مجهول عمر
فكنت المريبا
ألا أقرأ.. فكنت أديبا
الا اسمعْ .. أراكَ أريبا
فكيف اقترابك.. كيف ظهوركَ
أيقض مني سباتي .. فأحدث فوضى شتاتي
جراحا بحبري .. موالدَ شعري
يفجر صمتَ وجودي .. يشل جنودي
أيا شامة قد تنام بجيدي
أيا ثورة البحر .. في ليلة البدر
يا رجلا قد عرفت الولوج إلى العرقِ
مذبح امرأة فتشت عن هوى العشقِ
يا من خلقت لنحري.. إليك بسري ..
ستلقى عيوني .. بما ذبلت من جفوني
بلاغة صبري.. بلاهة عمري ..
مجاهيل أمري
فاني معاكَ ..
فقدتُ لساني ..
لألقاك أسمى المعاني .. لأحلى مغاني
أنا بهواك ..
فقدتُ مكاني .. وجدتُ مكاني
وجدت زماني .. بحسٍّ كفاني
ولكن فوا أسفي ..
لا تراني
جميع الخلائق .. كلّ المناطق
قد عرفوا غيرك بين جناني
فوا أسفي من رهاني
تأخرتَ أن جئت بعد فوات الآوان
وبعد اختياري.. وبعد اصطباري
وبعد احتضاري
فهذي الرسالة تشرح مني بياني
أيا لمعة في كياني
أيا شعلة من بريق العواصف تهوى
لتلهب عمق ظلامي
أيا منبعا من سحيق التواريخ أنبا
يجيب على أسئلتي في الغرام
أيا رجلا للهيام
لماذا هو الحبّ .. ماذا هو النبض ..
ماذا هو القلب ؟
زلزلة كنتَ جاء بها الربّ
ردّ بها لدعائي .. لإسئلتي من عنائي
أيا رجلا
انا امرأة في الأنوثةِ
تحضن أسوار المنيةِ
لا تسقط الحبّ بين الخيانةِ ..
اِعلمْ .. بأني لهذي الحقيقةِ ..
لكنْ .. هواك كلّ المصيبةِ
بهذي الطبيعةِ
غسّلتُ روحي بلون الطبيعةِ
كأنثى لترقى صعودا
حبيبا هناك.. معاكَ ..
لتندى بطبع الحبيبةِ
يا جنتي ..
كم أفتش عنكَ ..
وعن كلِّ نبع الحقيقةِ
يارجلا .. وطنا ..
معبرا للسماءِ
فعفوا جهلت فضائي
فمن ياترى قد يذيب جفائي
فمن يستحق الحبَّ مني
يطيح عنادي
فكلّ الشبابِ أرادوا فؤادي
جهلت مشاعر هذا المرادِ
لهذا.. فوا أسفي ..
قد وهبتُ الفؤاد لأوّل شخص ينادي
لأني جهلت أحاسيس هذا الودادِ
لهذا دعوتُ :
الهي أريد جواب سؤالي
لشيء أراه محالا لحالي
تساءلتُ ... ما الحبُّ ... ماالقلبُ .. ياربُّ ؟ ..
أنت تفاجيء بابي
لتطرقه بارتيابِ
لتظهرَ كالرعدِ .. كالعهدِ .. كالوعدِ ..
بين ازدحام الضبابِ
كالبرق .. كالشرق ..
لتحيي شبابي
فأدركتُ فيك جهادي
ظهوري .. غيابي
لأدرك إني لهمٍّ وحزن ..
لسهدٍّ مَعادي
فكم كنتُ فاقدة من عواطف بين الرمادي
عواطف تبني ودادي
فمنذ بواكير حلم الأساطير
عند طفولة ذاك الشعور
بعدتُ عن السرِّ..
ذاك المخبىء بين العصورِ
عن السرِّ ..
ذاك الذي يفتديه الفوارسُ ..
مرّ الدهور
تطير إليه النوارسُ ..
من أجله في قفار الصخور ..
ومنه تكون النساء هوى الشعراءِ
يضحي له العاشقون بمهر الدماءِ
يناجي المحبون فيه بروح السخاءِ
وملّ الفلاسفة الداءَ منه بدون دواءِ
لأعلمَ فيكَ تقامُ فنوني
ليذرى رمادي ..
فبان جمار جنوني
لأنثرَ شَعري بزهو أمامَ المرايا
وأطلق ألفَ فتاةٍ بنار حشايا
فأبصرتكَ السرَّ تحيى الحكايا
تنوّرُ ليلي .. خيالي .. منالي ..
تقيم قصوري
لأعلم فيكَ تهاوى غروري
لأعلم منكَ يعز غروري
أيا رجلا ..
من شذى عطره أكتفي عن زهوري
أيا من تحدث عنه المعادون
حتى المحبون
انكَ طبعُ الشرور
ولكنْ أراكَ سروري
واني أراكَ على سجدةٍ ..
في الليالي تطولُ
واني أراك إلى قبلةٍ ..
في المخابي حوتكَ وفيها فصولُ
واني .. واني ..
واني أرى همسة فيكَ تحيى عليها طلولُ
واني أرى نغمة منكَ تزهو إليها سهولُ
أيا من أراه يخضرُّ فيه الفضولُ
فما الافتراء
وهذا الهراءُ ؟
وقالوا .. وقالوا
ونالوا .. ونالوا ..
وقد مزقو ريشك المستنير
بظلم مطير
ليزداد نزفكَ عند العبور
أيا لوعة النازفين
أيا قمة للمحبين والعاشقين
بأحلام تعلوكَ مثل الصقور
أيا قمة للطيور ..
فحَليتُ .. يا عذبُ .. فيكَ بحوري
لأبقى بحِيرةِ ضدي .. بضدي ..
أقاوم وحدي .. لوحدي ..
فودّكَ يرفض عندي .. ويقبل عندي
أجرب فيك عفافي ..
فأدركت رغم تعشقِنا ..
ما تكون المرافي
ملكتكَ بيتي .. فعشتكَ لحدي
أيا كائنا من قلاع الخلودِ
أيا خاشعا في رياض السجودِ
أيا صاعدا من جذور الورودِ
أيا ذائبا في خدودي
لتحمرّ من حرقتي .. في رؤى شمعتي
في تحدي بريق عيونكَ ..
طالت بها ليلتي
فتساءلت :
كيف الهوى .. كيف تلك الرؤى
في ذرى الشامخات مثل التردّي ؟
فودّي .. لودّكَ لايستكين بحدّ
تساءلتُ:
هل من مبالغةٍ ..
أن يقول الحبيبُ أحبّ ؟
مبالغة في حوار القصائدِ ..
كلّ الأغاني تكلّم فيها المحبّ
هل من مبالغةٍ ..
في الأثير نبرة صوت لها يرجف القلب؟
هل من مبالغةٍ ..
يمسك المرء معنى الجمال؟
مبالغة أن نعيشَ بضد القتال؟
فكان دعائي لهذا.. وكان سؤالي
فكم قد سخرتُ من العاشقين ..
لأنّهُمُ قد أحبّوا
ضحكت من الوالهين
لأكبُوَ أكبوْ ..
ولكن فما كان ظني ..
مجيأك سوف يكون عقوبة ذاك التجني
واِنكَ حبّي المغالي
وأنت وصال خلاف الوصال
ألا المسْ ..
قساوة كلي وكلكَ بين مقالي
أنا امرأة عشت هذي الحياة دلالي
أنا امرأة رغم نيرانها..
رغم آلامها ترتقي للكمال
أنا امرأة في ذرى الشمس ..
كم طهّرتْ عفة كي تغالي
سأبقى .. وأبقى ..
أقبل ما هبّ منكَ نسائم بين الرياح
سأحضن ما جاء منكَ كلّ الخطى ..
والجراح
أدوِّنها نظراتكَ نسج وشاحي
أخلدُ كلّ الدموع .. رفاتَ الضلوعِ
ومنكَ ومني ..كؤوسا لراح
سأبقى برغم التنائي ..
بحبي إليكَ سلاحي
وسوف .. وسوف..
أتابع ما كان أو يكون ..
على الهجر والبعد منكَ بعمق جراحي
أيا رجلا
من جراحات دهر ..
وبين نزيف عراق .. وحبٍّ له في كفاح
أضيف جراحي إليهِ .. أضيفُ كفاحي
أنا امرأة قدري ..
أن يكون فؤادكَ بيتي
أنا امرأة قدري .. أسفي .. جسدي ..
أن يعيش بهجر غرابة موتي
فهذا اختياري .. وهذا انتحاري
ولكن برغم احتضاري ..
برغم البعادِ أكون لهمِّكَ يا رجلا ..
بانتظار
ألا خذْ معاني القوافي ..
غرابة هذي المنيةِ
خذها بقايا حياتي .. بقايا القصيدةِ
خذها لمجد الروايةِ
حبّي وخلي ..
الاعشْ لذكرى العبارةِ
عشتُ لذكراكَ
عشْ أنتَ ذكرى الرسالةِ ..
ذكرى الفضيلةِ ..
كنْ أنتَ عشي .. ألا أنتَ عرشي ..
أيا من أتيتَ وتأتي ..
ألا أنتَ بيتي .. ألا أنتَ صوتي
ألا اعرفْ ..
بأنكَ أنت لموتي
ألا اعرفْ ..
بأنكَ أنت بقلبي وبيتي


bahaaldeen@hotmail.com
bahaa_ideen@yahoo.com


25
أدب / من وحي تساؤلات امرأة
« في: 19:43 27/01/2014  »


من وحي تساؤلات امرأة



بهاء الدين الخاقاني


طغى الكبتُ بي عمرا فصاح بكَ الشعرُ: .. أجبني فحتى الماء فجره الصخرُ
لماذا تميت الحلو وهو قصائدٌ .. تجلّد قلبٍ أمْ شغاف لها قبرُ
هواك خفي الشوق يضمره الجفا .. بريقاً وفي عينيك أشعله الأسرُ
تحررْ، فما قامت شموس بلا لظى  .. عرفتَ الهوى ضوءً اِذا حجب البدرُ
تحكّم صبر أم تقاتل آمراً .. ألا أخضع ْ وجدنا الشوق َ سيده الأمرُ
أسائلكَ المجهولَ هل كنتَ مظهرا  .. رمادا إذا ما ثرته تحته جمرُ
فلم يخف مستورَ الحشا شوقُ شاعرٍ .. صمتّ بما أكننتَ قد غله سرُ
رنت لِيَ نيران وعندك صرخة ٌ ... فما لامس الإنسانَ في مثلها حَرُ
وكم فتش المكنون عن حصن حافظٍ .. بمثلك يخفى لا بغيرٍ له صدرُ
أراكَ وممن عاش لا يكشف الشجى .. ومن عز سرا دام ما ذله ذكرُ
بخلقٍ طويتَ الأمرَ عن كلّ خلقةٍ .. ليزهد عن كلّ الأنام به عمرُ
إذا وجده أضنى رمقتَ به السما .. لأبصرَ في لمع النجوم له حفرُ
وجئتَ أعتكافا تستزيد خلائقا .. كمن نال أحلاما وعنها له حضرُ
على غزلٍ نوّمْتَ فيك قساوةً .. وعللْتَ حزنا في تبسّمك اليسرُ
بآهِكَ رغم الكبرياء تعندا .. ولكن له للرامقين بكَ الكبرُ
لتضمأ من فقد المعين لسلوةٍ .. ولولا بحار الروح ما جادكَ البحرُ
أنين ٌ كقدح من شرارة شعلةٍ .. فكيف أحتمال الخير إن ودّه الشرُ؟
عنادكَ قام الصدّ ضدّ مفاتن .. ايا سائرا في الصمت ما قوله الجهرُ؟
توهج نارٍ فيكَ أذكى لكَ الحشا .. أرى درةً بل أنتَ حقا لنا درُ
تورد نورٍ فيكَ أو ورد روضةٍ .. أِذا هي تجنيكَ المحبة والخيرُ
ألا غنمْ ربيعا في حياتكَ زاهرا .. برغم لديكَ الشيب بات له ثغرُ
تعذبني بالصمت والآه فاضح ٌ.. عجبْتُ لملْكٍ لا يفاخِره العمرُ
فدعْ عنكَ آهاً والمح السحرَ نغمتي .. فكم بتّ سهرانا وكم سهر الفكرُ
لكَ العتب المدفون رطبني ندى .. إذا لم تنلْ مغناكَ فليحكم الدهرُ
أفرقة احبابٍ وبعد أحبةٍ .. وهل فاقد الأوطان يشغله البدرُ؟
ام ِ أنشغال القلب أتعب مَن هوى .. جنا فيكَ عهدا أنت من أهله الصبرُ
بذرتَ وخلقٌ حاصدون ملامة .. لأنّي وجدت النفسَ جرّحها الغدرُ
لتطلقَ أهاتٍ تحنّ إلى صدى .. نزيف القوافي والجراح له مهرُ
كمنْ قفرتْ أيامُه يبْخل الندى .. فقل لي أيا ابْنا للوفاء لك القفرُ؟
ألا فكّ قيدا من سلاسل أضلعٍ .. بمشدودةٍ في القلب قيّدها الضجرُ
فحوْلكَ ما يغني الشباب تعشقا .. وتلكَ وهذي طاب فيها لكَ العطرُ
ذبلتَ وفي حرّ الصفاد لغايةٍ .. إذا اسْتؤْمن المرء العهود، فهل نحرُ؟
ألا أمرحْ على عيشٍ فعمركَ نافذٌ .. كفى بكَ فخرا فيكَ أن ملّكَ الضرُّ
لتسكنه بين الضلوع بسَكرةٍ .. فيبعث إيلاما بكَ الكرّ والفرُّ
وهل خفتَ شيطانا بدهر لتتقي .. قتييل يقينٍ بات يطعنكَ الكفرُ؟
وهل عشتَ عصرا كم يحارب ربّه .. فأسْررتَ ايمان الخفاء به برُّ؟
وهل دفن همٍّ لإنهدام عقائدٍ .. أمِ الشوق للمنجي فذا همّكَ الخطرُ؟
اراكَ كمن أبليس ينحرُ طهرَه .. أراكَ كمن في الحبّ عاذله الشرُ
أجبني، ألا ردّ السؤال كأنني .. وقد دلني في الردّ أنتَ له غرُ
أدلكَ فيما تقتني حلم باحثٍ .. فلو فيكَ ما ملّكته ناله البطرُ
أرى جهل ما تلقى وربّ تغابي .. صيامكَ أخفى العيد ضاع بكَ الفطرُ
فأتعبتَ خلانا تناجوا بحيرة .. لماذا أنا الأنثى بحالكَ أضطرُّ
أراكَ بليل كم يطول بسجدة .. ويشقى على همس الدعاء لكَ السهرُ
تقيم جسورا للمحبة قلعة .. وكم كان في الأيام مسعا له نكرُ
وتحرق بين الصبر والصمت مهجة .. ليدما على تهشيم قلبٍ له فخرُ
فكم سلوة للعشق ضيّعها النوى .. إذا ما بلاكَ الجدّ حصنكَ القهرُ
يزيّن فيكَ العمرَ بعضُ مصائبٍ .. تضجّ طوال الليل، هل طالكَ العسرُ؟
ويقظان في سكر الهموم تذلها .. أذلّ رجالا في بلاهاته السكرُ
عجبتُ فكم رقيتَ بين منازلٍ .. دهشتُ فما يثنيكَ جاه ولا خصرُ
تيقنتَ تقضي في الحياة مسافرا .. فلا سنة تبقى إليكَ ولا شهرُ
فهل يأس داءٍ، ما فنا المرءَ داؤُه .. أرى كم يطيل العمرَ اللهوُ والبشْرُ
وهلا وجدْتَ الحبّ والشعر قصّرا .. لوجدكِ أمْ في ضوهما يقصر الحبرُ
أسائلكَ الدمع المذلّ لياليا .. يلوح بريقا فيكَ قد خطه نحرُ
أعود إلى ممشاكَ افق غروبهِ .. يحاورني ذا الماء عنكَ وذا النهرُ
وأسرق أوراقا لاقرء خلسة .. تطاير أسرارٍ وكم يخنق السطرُ
تعذبكَ الأحلام إن لم تمتْ بها .. متيم دربٍ ما أستذلّ به السِفرُ
تعاتبُ دهرا أم تعاتبُ مولدا .. هما العاتبان اليومَ جدّ بك الطهرُ
أسائل عنكَ الطير أنتَ تمدّه .. بنغمتكَ الحرّا فما أسعد الطيرُ
تراني ومن حسي الذي فيكَ شمعة .. وظن الذي يهواكَ قد يعدم الفجرُ
تقاتلُ نفساً في حصانة ميِّتٍ .. ألا بحْ مغانيها فمن قتله النشرُ؟
أيا رجلا هذي العصور ملاعبٌ .. ألا عشْ بها إن الردى للمنى هجرٌ
فكم في ملاهٍ تسكر الناسَ خمرة ٌ .. فأسكرتني روحا فأنتَ لِيَ الخمرُ
برغم رجائي فيكَ أنتَ مجالدٌ .. وما زلتَ صمتً في اللظى خطبه المرُّ
ولولا يقيني فيكَ، فيكَ السما هوىً .. لخلتكَ كالمجنون أو نالكَ السحرُ
فكم من سؤالٍ يعرف الردّ سائلٌ .. علمت جوابي فيكَ عمرا لأغترّ
برغم استتار البوحِ فيكَ فلوعتي .. عليكَ هوتْ دمعا ليصمتَ شِعرُ





bahaaldeen@hotmail.com
bahaa_ideen@yahoo.com




26

حرية الاعلام والسلطة
بهاء الدين الخاقاني
(موضوع من وحي ادانة الاعتداء وجرح طاقم المجلة المصرية في مصر الكنانة الابية)

إنّ تجربة الصحافة في الحرية هي من أقدم وأكثر التجارب تنوّعًا واكتمالاً بين المهن والثقافات والاختصاصات. لقد تميّز دور الصحافة خاصة والاعلام عامة، بالتعاطي المباشر في الحرية والا لم يكن اعلاما ولم تكن صحافة سوى كونها انشاء او نوع من انواع الادبيات أو مؤسسة مدح لسلطة أو شخص، على مستوياتٍ من الوطني والوطنيين، أو السياسة والسياسيّين، وعلى المستوى الشعبيّ والجماهيري العامّ.
بدأ تعاطي الاعلام في الحرية قبل نشوء التنظيمات والمؤسسات، ولقد خَبِر الاعلام عموما الحرية، من موقعَي السلطة والمعارضة والجماهير، واتّخذ الخيارات والمبادرات في مفاصل تاريخيّة أساسيّة، وتواصل مع المحيط المختلف بحكمة ودراية وبمرونة تمازجها صلابة، وذلك نتيجة لممارسة فنية وأدبية طويلة وإن تخللها بعض الاخطاء.
لقد كانت الحريّة، المتأصّلة في الاعلام عقائديا وإجتماعيًّا وأخلاقيا، عامل اطمئنان للانفتاح على اتجاهات وتيّارات، في الداخل والخارج، كثيرًا ما كانت متضاربة مع الاعلام ثقافيًّا وسياسيًّا ورؤى، وإن كانت هذه الحريّة قد انكمشت، في بعض مراحل الخوف والقلق، وشكّلت عاملاً سلبيًّا شدّ مسيرة الاعلام عامة والصحافة خاصة إلى الإنطواء والإنكفاء.
 إنّ الانفتاح على العالم فتح أمام الاعلام الرؤية الحرّة، الرحبة وعالميّة الانتماء، للتواصل مع دول وثقافات وحضارات متنوّعة كسبًا للمعرفة. كما كانت الحريّة عامل انفتاح على الداخل، أيّ على الغير، فساهم الاعلام في نشر العلم والمعرفة وفي اتّخاذ خيارات أساسيّة كان لها أكبر الأثر في الحياة الوطنيّة والانسانية عموما في العالم وتهميش الشر ونشر الخير.

الكلام عن علام الحر:
عندما نتكلّم عن الاعلام وبالاخص الصحافة وعن الحرية نعني:
أوّلاً: الاعلام كمرجعيّةٍ فكرية تتعاطى شأن الحرية والا لم يكن اعلاما.
 وثانيًا: أبناء الاعلام والصحافة خاصة على مختلف انتماءاتهم واتّجاهاتهم في بلدهم او في العالم هم انفسهم لا غيرهم.
ثالثا: إنّ مصير الاعلام الحر سياسيا واجتماعيا وفكريا انطلق من ارتباط انساني وثقافيّ، جعل منه مؤسسة لها وجهها المميّز، من خلال الخيارات الأساسيّة التي غلّبت فيها مبدأ الانفتاح والوصل على مبدأ الانغلاق والفصل، فتعاون مع الغير بغية خلق إرادة عيش مشترك وهذا ما يشرح رفض الاعلام عموما خاصة أن يكون له بلد يتفرّد به وحده، وتفضيله دومًا العيش المشترك.

الحقبة التاريخية:
لقد تبلورت العلاقة المتبدّلة بين الاعلام والحرية، عبر حقبتين تاريخيّتين:
* حقبة الأنظمة الأمبراطوريّة التي استمرّت حتى الحرب العالميّة الأولى.
*  وحقبة الدولة التي بدأت منذ مطلع القرن الماضي.
أوّلاً: الحقبة الأمبراطوريّة:
من الاعلام، من كان كثيف الحضور في الشأن الزمنيّ للدول، التي تولّت شؤون شعبها في غياب دول الحرية كمنهج، وكان ذلك بفعل التاريخ، وما كان أثقله على الاعلام والمثقفين عموما والشعوب الصغيرة الناشئة والطّالعة من قلب المحن والمنازعات الدينيّة والعنصرية والتنظيرية والزمنيّة، لقد عاش الاعلام عموما وسط محيط واسع، تميّز حتى القرن العشرين بالأنظمة الامبراطوريّة، وهي على التوالي الأنظمة البيزنطيّة والعربيّة والمملوكيّة والعثمانيّة.
فالكلام عن علاقة الاعلام بالحرية يفرض الرجوع إلى ظروف نشوء هذه العصور والثقافات لدى السلطة، كما يفرض الكلام على إسهام هذا الاعلام عموما في خلق وطنٍ تعدّديّ، يضمن لهذا الشعب أو ذاك الحريّة والأصالة والحصانة، في مواجهة مرحلةٍ من الضياع والفوضى بمبادرات لسدِّ فراغ قياديّ وحفظ الرعيّة من التشتّت والارتهان.
ولمّا كان الجبل الاعلامي الحر خاليًا من أيّ تنظيمٍ سياسيّ، بعيدًا عن الحياة السياسيّة والمنازعات الدينيّة، في الأمبراطوريات، فقد نظّم الاعلاميون حياتهم تنظيمًا معينا كل حسب خصوصيته، حسب العرف السائد آنذاك، فكان له بذلك دورا محوريا، خصوصًا زمن الحروب الداخلية والخارجيّة والمحن والمنازعات والفتن عموما، لأنَّ الشعب كان يَثِقُ بالاعلام ويعتبره المرجع الأخير للمعلومة، وان اكتفى الاعلام لفترة من الزمن بتوجيه الشعوب وقت الشدائد والملمّات فقط.
لقد مكث الاعلام في هذا المعتصم مدّةً من الزمن، يمكن قسمَتُها إلى مراحل:
مرحلة أولى: من نهاية القرن السابع وبداية الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر، تميّزت بالانطواء على الذات، سحابة أربعة قرون وبالتكيّف وبالتطبع، وقد كان تأثير هذه المرحلة عميقًا وحاسمًا، فانطبع الاعلام خلالها، بالبيئة الجديدة المتغيرة، وأصبح اتجاها صلبًا، متراصّ الصفوف، غيورًا على كيانه وحريته، واستمرّ الاعلام يقوم بمهمّات التحرر والانسانية قياديا، يرشد العقول في الأمور المختلفة من النهضة والحرية والاخلاقية والحضارية، فكان الاعلام والصحافة خاصة يعيشون إلى جانب الناس، يشاركونهم أفراحهم وأتراحهم وصلواتهم وقضاياه المصيريّة.
والمرحلة ثانية: كانت مرحلة امتحان عسير، امتدت سحابة قرنين من الزمن، أكدت حرص الاعلام على الحريّة وعلى الأصالة، فلا عدوّ لهم سوى عدوّ حريتهم. والحريّة بالنسبة إليهم هي الحريّة المدنيّة السياسيّة، بدونها لا مجال للحفاظ على أيّ حريّة أخرى، دينيّةً كانت أم غير دينيّة.
أمّا المرحلة الثالثة: فقد تمثّلت بحكم العثمانيين تقريبا بالنسبة للمسلمين وامة العرب، سحابة أربعة قرون أيضًا، وكانت مرحلة بناء الداخل الوطني، وامتداد مساحته الجغرافيّة من شماله إلى جنوبه، وان لم يكن هناك حكم بالشريعة الاسلامية لانها كانت مقاطعات مملوكة لافراد فحصل هذا الانتشار بتشجيعٍ لهذا السبب، أي يكتفون بجمع الضرائب وان كانت باهظة، ولكنّهم يتركون للرعايا الحريّة عموما بما لا يمس الدين بشئ.
هذا الوضع كان يناسب الاعلام، لذا حصل بينه وبين الأمراء تعاونٌ ما، وقد بُني على أساس المصالح المشتركة، لتربح الحرية الاعلامية ولو نسبيا.
رغم الصراعات فقد قوي نفوذ الاعلام وانتشر في الداخل، كما اتّصل بالخارج محاولا كسر الطوق الثاني من طوق الجهل، فكان العمل الثقافيّ التعليميّ إنشاء المدارس، لتخريج الكفاءات، حتى أتى بونابرت بالمطبعة إلى مصر. وبفضل هذه الإنجازات، دخل الاعلام في عصر الحداثة وأسهم فعليًّا في النهضة العربيّة وانفتح على الحضارة الغربيّة ونقلها إلى المعاصرين، بعد أن قام بتكييف المفاهيم الأوروبيّة للحريّة والتقدّم على الواقع الشرقيّ ليفتح باب صراع المفاهيم والاصالة بين تراث عظيم لامتنا وبين حضارة معاصرة للغرب على رغم قسوة هذا الصراع ولكن كان ايجابيا، حيث بالتدريج ومازال يلاقى هذا الدور الترحيب من جميع شعوب المنطق ضد السلطات المسؤولة عن حقبة الانحطاط.
إنّ أهميّة مسيرة الاعلام وبالاخص في المحيط العربي تكمن في أنّها قامت أساسًا على مستوى اللغة والثقافة العربيّة المتنوّعة من دون أن تفرض نمطًا معيّنًا في التفكير، وإنّما أطلقت المجال لبروز تيّارات وحركات دينية بناءة ومدنيّة وعلمانيّة ونسائيّة وفكريّة منها القوميّة العربيّة ومقاومة الخطر العدواني وترسيخ العقيدة كرسالة انسانية اخلاقية خلاف المدعين، وصولاً إلى الهمّ الإنسانيّ الكونيّ. وهكذا نشر الاعلام العلم والمعرفة في المحيط رغم قسوة السلطات والانفراد بالمسؤولية والعروش.
انها مرحلة امتحان قاسٍ في القرن التاسع عشر، حيكت خلالها الدسائس من الداخل والخارج، خصوصًا بين الأمبراطوريّتين العثمانيّة والبريطانيّة، والتي كانت تنتهي بمآسي وأدّت بالتالي إلى منهج الهجرة نحو الغرب أو اماكن أخرى، طوال هذه المدّة، وخلال المحن القاسية، لم يغب عن بال الاعلام نبذ الأحقاد وأقبل مصرا على التعاون لإنجاح تجربة العيش المشترك بين البشرية والاوطان ونشر الحرية، حيث ترسيخ خيار الانفتاح على الآخر والعيش المشترك وتعميم التعليم للوصول إلى أعماق المجتمعات الحضارية، وضرورة إرجاع الرقعة الفكرية الانسانية إلى ما كانت عليه من الاتّساع، وقد فعل الاعلاميون ذلك بحسٍّ وطنيّ، غير آخذين باعتبارات طائفيّة ضيّقة أو عنصرية خطرة، علمًا بأنّ خيارات الانفتاح والتواصل لم تكن دائمًا محلّ إجماع فيما بين الاعلام والمتلقين لاسباب ثقافية وعرفية ومع من حولهم، ولم يتحقّق سعيهم التوحيديّ إلاّ بعد نهاية الحرب العالميّة الأولى، وإثر انهيار السلطنة العثمانيّة، سنة 1918.
والمرحلة المعاصرة:
 منذ 1920 إلى اليوم، ففي مرحلة ما قبل الدولة، دخل الاعلام عالم الحرية على صعيدي الجماعة والوطن، فالحرية في الوسط الاعلامي قديمة العهد، تبلورت بعد قيام الدولة الحديثة، عبر نشوء الاتجاهات المتنوّعة التوجّهات والأهداف، ساهمت في إغناء الحياة السياسيّة والاجتماعية والثقافية عموما.
وكان الاعلاميون، عبر مسيرتهم، داخل الوطن وفي المغتربات من خلال الجاليات، أصحاب مبادرةٍ ساهمت في بلورة محطّات تأسيسيّة في تاريخ بلدانهم الحديث:
 في قيام الانظمة املا بالحرية والنهضة، وفي نشوء الدولة الحديثة في مطلع العشرينات املا في إنجاز الاستقلال المتلازم مع النهضة العلمية والمعرفية وحقوق الانسان وفي إعادة اللحمة إلى الامة والبلاد، واملا في إقامة نظامٍ سياسيّ واقتصادي يسهم في اسعاد المواطن والبشرية وفي حركة صعود متواصل، وعلى صعيد المبادرة وفي حركة التواصل مع الآخرين، في الداخل والخارج.

الاشكاليات وانعدام مفهوم السياسة الصحيحة:

إنّ تلازم الاعلام مع الحرية هو نتاج فكري انساني وطنيّ صرف، شكّل مدخلاً إلى تسوية تاريخيّة لمعضلة رافقت نشوء الدولة وفهم السلطة، وصراعاتها ما بين الاعتدال والواقعيّة. أمّا الهدف فكان إيجاد صيغة للتلاقي بين المفاهيم.
ان منهج الحرية الملتزم هو، في الواقع مشروع حياة، حيث التوافق على جميع المسائل المطروحة، بل التوافق على صيغة تقوم على المشاركة الحقيقيّة القائمة على التوافق والمساواة والتوازن. وهكذا يكون البُعد الداخليّ للحرية قد تأمّن، لأنّه حفظ معادلة التوازن، ثمّ إنّ هذه الصيغة تعالج، بشكل أساسيّ، البُعد الخارجيّ للحرية، أيّ الاستقلال والتعاون الانساني على المستوى العالمي مع خصووصية الانتماء الوطني.
إنّ البُعد الخارجيّ للحرية، وتحديدًا البُعد الإقليميّ بالذات، كان الأكثر عرضةً للتقلّب والانتكاسة، لأنّه لا يرتبط فقط بالوطن الواحد، خصوصًا في أوقات الأزمات الإقليميّة الحادّة، وهو محيط كان يبحث عن نفسه مع انتهاء مرحلة الحكم العثمانيّ له. وأخذت حاله تزداد تعقيدًا، في الخمسينات، بعد قيام دولة إسرائيل عام 1948، وفي ظروف بالغة التعقيد، محليًّا وإقليميًّا ال يومنا هذا، في دوامة صراعات الشعارات والإيديولوجيّة، والخيار الحضاريّ، وعناوين التعدّديّة ومناهج السياسيّة وكيفية إدارة هذا التنوّع من حوار وتسويات ومن واقعيات لمجتمع بين الانفتاح والاعتدال من عدمهما. وبهذا برز واقع التجاذب الحرية على قياس امة كامتنا وطبيعة نظامها السياسيّ وأشكال العلاقة بين الدولة والمجتمع، وبين مواثيق وطنيّة عربيّة لا تتّفق مع الحالة العالمية. وزاد من هذا التجاذب عدم القدرة، حتى اليوم، على استكمال بناء الدولة المدنيّة والحضارية المستقرّة، القائمة على عمل المؤسّسات الوطنيّة، غير المرتهنة للمتغيّرات الإقليميّة والدوليّة وغير المقيّدة بالتجاذب الطائفيّ والعنصري، كدولة لجميع مواطنيها من دون تفرقة أو تمييز، تتفاعل مع مستجدّات العصر في إطار الحريّة والديمقراطيّة التوافقيّة.
ان الاعلام دوما يحاول تفعيل مؤسّسات الدولة وإطلاق مشاريع إصلاح وتنمية بتكييفً واقعيًّ ومعتدل للحرية الوطنيّة، وقوّةً دافعةً لعمليّة إصلاح إداريّ واسعة النطاق، ومحاولة جادّة للإنماء الاجتماعيّ والاقتصاديّ المتوازن. وإنّما كان لسوء استعمال السلطة، من قبل بعض الأجهزة الأمنيّة، كبير الأثر في ضرب منهجية الاعلام الوطنية، وفي عودة الخوف والقلق من جديد.
حيث باتت دوما البلاد في صدام مباشر بين منطقين متناقضين:
منطق الدولة الساعية إلى الحفاظ على سيادتها ومصالحها وعلى الاستقرار الداخليّ، ومنطق الثورة الساعية إلى التوسّع السياسيّ والعسكريّ بشتّى الوسائل المتاحة، وفتح الجبهات العسكريّة على الحدود.
إنّ هذا التناقض وجد، للأسف، أرضيّة خصبة، نتيجة الخلل وعدم التواصل الذي كان يحكم علاقات الأطراف بعضها مع بعض مؤثرا على منهجية الاعلام وحريته.
أوجدت هذه التطوّرات الأرضيّة الملائمة لاندلاع الحروب، وهي، من بدايتها إلى نهايتها، سلسلة حروبٍ داخليّةٍ وإقليميّةٍ متداخلة، الى جانب صراعات غير مكتملة الفكرة والمنهجية لمسائل أخرى تمحورت حول إصلاح النظام السياسيّ، محدثة أزمات اختلطت فيها مسألة المشاركة في السلطة من عدمها .
صراعات مقلقة للشعب ومؤخرة للوطن على صعيد المواقف حيال التغيير في هيكليّة السلطة، ما بين ثورات أو إضعاف صلاحيّات، مع الطروحات التغيير والتأقلم مع معطيات الواقع، فخلق تشابك المسائل المطروحة، بالاخص في السبعينات وما بعد، إشكاليّة قدرة التيّارات السياسيّة على إحداث التغيير المطلوب الذي يمكن أن يستجيب لقائمة المطالب الواسعة والمتراوحة بين مشاريع الإصلاح السياسيّ أو تغيير الانظمة ودعم المنظّمات الجماهيرية وقطاعات الشعب، مرورًا بالمطالبة بتغيير النظام. كما أدّى إلى تغييب معنى المشاركة العالمية ومعنى تجربة العالم الحضاريّة القائمة على نموذج العيش المشترك وعلى قبول الآخر شريكًا مختلفًا كامل الشراكة، وعلى التواصل مع الآخر الذي يغدو جزءًا من تعريف الذات.
فتكون المفاهيم الواردة في خانة التجاهل في مواجهة الاعلام والقضاء عليه، بتهم مختلفة اقساها الخيانة، فضلا عن منهجية الفتاوى التكفيرية، كالحريّات السياسيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة والثقافيّة، أو مفهوم دولة القانون، الى جانب مفاهيم استقلالية القضاء وفاعليته، والنفي والإلغاء لأسبابٍ سياسيّة والاستهداف المبرمج.

الحروب والانظمة المستبدة:

جاءت الانظمة المستبدة والحروب، لتنتج عنها خسارة لا سابقة لها، في تاريخنا الحديث، فالحرب هي الحرب والنظام الظالم هو الظلم، بأوجاعها ومآسيها. وقد عاشها الناس، وعانا منها الاعلام ما عانا. لقد نتج عنهما القتل والتهجير، في الوقت الذي يسعى الاعلام بالعودة إلى الثوابت الوطنيّة ومنها الحرية، رافضين الاحتكام إلى السلاح والاستقواء بالخارج لحلّ المشاكل الداخليّة، لأنّه يضرب صيغة العيش المشترك القائمة على ثقافة الانفتاح والتوسّط والاعتدال، ولأنّه، وفي مختلف الأحوال، يضرب قيم الديمقراطيّة وحقوق الإنسان. وشهدت السنوات نزاعاتٍ مسلّحة بين أحزاب وقادة وتخلف للبلدان .
دفع هذا الوضع المأساويّ الاعلام إلى تركيز جهوده على وقف دوّامة العنف من جهة ومن جهة اخرى مواجهة الانظمة المستبدة، التي كانا كلاهما يشتدّا يومًا بعد يوم حتى باتا يهدّدا المصير الوطنيّ والوجود الانساني برمّته. فعمل الاعلام من هذا المنطلق على تشجيع بلورة الأسس والمفاهيم كمدخل لطيّ صفحة الصراعات من أجل العدالة والحريّة، وإلى حماية الكيان وتثبيت نهائيّته، بما يثبّت أولويّة العيش المشترك على كلّ ما عداه، ويجعل منها أساسًا للشرعيّة، حيث لا شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
رائع عندما يكون نظام الدولة كفكرة قائما على ان البلد واحد موحّد، سيّد، حرّ، مستقلّ ونهائيّ لجميع أبنائه وعلى كامل أرضه، وهو عربيّ الهويّة والانتماء، ويلتزم بكونه عضواً مؤسّسًا في الجامعة العربيّة وفي منظمة الأمم المتحدة وفي الإعلان العالميّ لحقوق وهو نظام جمهوريّ ديموقراطيّ برلمانيّ، يقوم على احترام الحريّات العامّة، لاسيّما حريّة المعتقد، وعلى العدالة والمساواة ومبدأ الفصل بين السلطات والشعب هو مصدر السلطات، عندها لايكون هناك شرعيّة لأيّ سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك.
لقد تمكّنت سلطة الوصاية على انسان وحريته دوما، من تحوير المضامين لتضربها في الصميم مما يؤدّى إلى إفراغ الدولة من مفاهيمها، وإفراغ الحياة السياسيّة من السياسة، وبوضع خطّط استهداف مبرمجة تتّخذ أشكالاً متنوّعة، من استهداف سياسيّ عبر اعتماد قوانين انتخاب لا تراعي التمثيل الصحيح، واستهداف أمنيّ يطول التنظيمات والشخصيّات السياسيّة والشباب والمفكرين والمواطنيين عموما، واستهداف ديمغرافيّ في بعض الاحيان لتدمير خصوصية البلاد من أجل مصالح اتجاه أو سلطة .
ساهمت الحروب والانظمة المستبدة في إضعاف نظام القيم عموما، وشهدت السنوات ممارسات سياسيّة بعيدة عن القواعد الأخلاقيّة ومصادرة الاعلام والراي الاخر. فلكي يستقيم الأداء السياسيّ وتستقيم المصلحة العامّة، فمن الملحّ أن يتجدّد السياسيون فكريا وتجربة، ويستندوا في عملهم السياسيّ إلى أرضيّة صلبة من المبادئ والقيم والفضائل عدلا وحرية وسلاما وغير ذلك. على السياسيون أن يعملوا لإعادة البريق والمعنى إلى هذه القيم، فيخدموا وطنهم مستقين من إيمانهم بعقيدتهم التي اتت بهم الى السلطة على أقل تقدير المبادئ الأساسيّة، ويساهموا في تراجع العنف والكراهيّة والظلم والاستبداد، ويبنوا مستقبلاً أكثر إنسانيّة، فيرفعوا صوتهم عاليًا للتنديد بمظاهر الفساد السياسيّ والاجتماعيّ، ويشهدوا للقيم الانسانية والاخلاقية والحضارية في وطنهم، فتكون هذه القيم العين الساهرة ليظلّ النظام السياسيّ والاجتماعيّ في خدمة الإنسان وللدفاع عن الفقراء والمهمّشين والمرضى، ويعملوا على خلق فرص العدالة والمساواة بين الجميع.

رؤية الاعلام المعاصر للحرية ونهضة البلاد:
- استكمال بناء الدولة المدنيّة الحديثة، القائمة على حكم المؤسّسات الوطنيّة، وعلى وجوب ممارسة سلطتها وسيادتها على جميع المقيمين على ترابها الوطنيّ، إلى جانب مشاكل أخرى ترتبط بمعالجة الفساد والهمّ المعيشيّ الذي لا يميّز بين المواطنين وفي احترام حقوق الإنسان وفي أن يكون القضاء سلطة وسلطة مستقلّة.
- إعادة بناء علاقات طبيعيّة مع العالم على قاعدة التكافؤ والمساواة والمصالح المشتركة، عبر مراجعة شجاعة لتجربة الماضي، على اعتبار أنّ كلفة التفاهم تبقى أقلّ من كلفة النزاع. وإذا كان صحيحًا أنّ بين الدول والشعوب تباينات عميقة في طبيعة النظام السياسيّ وفي مسائل أخرى، فإنّ ذلك لم يلغ المشترك في الجغرافيا والتاريخ والحضارة وفي التزام القضايا الوطنيّة والانسانية الكبرى، وفي مقدّمها قضيّة التحرّر والاستقلال وفي التواصل المستمرّ بين الشعوب عبر التاريخ.

التحديات الاعلامية :
إلا أنّ أهمّ التحدّيات المتّصلة بالشأن الاعلامي وبالاخص في خصوصوصية الحرية ومنهج العدالة وتحقيق السلام هي:
1- تبقى بالعودة إلى الهويّة الانسانية آخذين بعين الاعتبار انتشار الاعلام وحريته.
2- وبأن يبقى الاعلام الوطني مختبرًا للحوار بين الاطراف في عالم يشهد انقسامات بليغة في هذا المجال.
3- وفي التضامن مع العالم وبالاخص العالم العربيّ لدحض مقولة صراع الحضارات التي تضع الافكار في مواجهة بعضهما البعض.
4- يرى الاعلام أنّ البشرية هي اليوم أمام دوائر ثلاث تتداخل في ما بينها وتؤثّر الواحدة على الأخرى:
الأولى: مرتبطة بواقعها ومستقبلها وسيادتها واستقلالها وحريّة قرارها.
 والثانية: مرتبطة بالمخاض الحضاريّ الذي يعاني منه العالم العربيّ.
 والثالثة: مرتبطة بما راح يعرف اليوم بالنظام العالميّ الجديد.
والرابعة: حقيقة الفوضى الخلاقة ونظريتها المعرفية.
وهذا التداخل بين المحطّات الاربعة يتمّ في زمن يشهد فيه العالم تسارعاً هائلاً لحركة التاريخ، الأمر الذي يجعل الفصل بين تحدّيات الداخل ومشكلات الخارج أمرًا صعبًا وربّما مستحيلاً. فعلينا أن نحدّد موقفنا ودورنا في عالم متغيّر يبحث عن ذاته، وسط تساؤلات كبرى وصعوبات متفاقمة.

المفهوم الاعلامي للعيش المشترك:
يتأسّس دورنا على تجربة المميّزة في العيش المشترك الذي هو قدرنا، ولكنّه أيضًا خيارنا الحرّ. فنحن كما العالم، خبر العيش المشترك، بحريّة ومسؤوليّة على مدى قرونٍ طويلة، فكانت حقباتٌ مضيئة، لم تخلُ من بعض الصعوبات. لذلك، فالعالم جميعا يتحمّل مسؤوليّة ترسيخ هذا العيش، وتخطّي ما لحق به من خللٍ ومشاكل، لأنّ ما يجمع بين البشرية هو أكثر مما يفرّق.
يتخطّى العيش المشترك مستوى التساكن أو التعايش بين المجموعات، فهو نمط حياة يؤمّن للإنسان فرصة التواصل والتفاعل مع الآخر بحيث تغتني شخصيّته من تلقّيها جديد الآخر، وتغني هي بدورها شخصيّة الآخر، وذلك من دون إلغاء للخصوصيّات والفوارق التي تصبح في هذه الحال مصدر غنى للجميع. إنّه نمط حياة يقوم على احترام الآخر في تمايزه وفرادته، فلا يسعى إلى إلغائه أو استتباعه، ولا يفرض عليه انصهارًا يلغي خصوصيّته أو توحّدًا يختزل شخصيّته ببعد واحد من أبعادها. إنّه نمط حياة يقوم على احترام الحياة في تنوّعها وغناها، من دون إخضاعها لترابية تفقدها غناها، أكانت هذه التراتبيّة ثقافيّة أم اجتماعيّة أم عدديّة، فتفرز الناس أقليّات وأكثريّات، وترسم فيما بينهم خطوط تماس سرعان ما تؤدّي إلى التصارع والتصادم. إنّه نمط حياة لا يحدث في داخل الإنسان ذاته شرخًا بين انتماءاته المتعدّدة التي تتشكّل منها هويّته، وتاليًا لا يضعف تماسك شخصيّته وتكاملها، ويفسح في المجال أمامه للبحث عن خلاصة موحّدة لمكوّناته المتعدّدة.
تشكّل هذه المنهجية مساهمة اعلامية في إغناء الحضارة الإنسانيّة. وهي مساهمة ضروريّة في هذه الحقبة من تاريخ البشريّة، التي تشهد مخاضًا صعبًا يتمحور حول سؤال من طبيعة وجوديّة: كيف يمكن أن نعيش معًا مختلفين ومتساوين؟ وهي أيضًا مساهمة ضروريّة لوضع حدّ لدوّامة العنف التي تتسبّب فيها التقابلات التي تضع وجهًا لوجه هويّات ثقافيّة وسياسيّة متنوّعة، فتجعل من كلّ واحدة منها خطرًا يتهدّد الأخرى، وتدفع صاحب الهويّة إلى العمل على إلغاء الآخر المختلف باعتباره مصدر خطر عليه.

المثقف والاعلام:
 ان الاعلام متفاعل بانفتاح مع التاريخ السياسيّ للمحيط الذي تنتمي إليه. إنّ حضوره يملي على السلطة والانظمة أن تكون في وسط المجتمع الذي تعيش فيه علامة لحضور الانسان الحق العادل والحر في عالمنا. إنّ الاعلام وبالاخص الصحافة، المتمسّك بأصوله وثقافته، يعيش انتماءه إلى الشرق بوعي أبنائه لدعوتهم ورسالتهم، وهو جزء من المسيرة الحضاريّة، في هذه المنطقة من العالم، لا ينفصل، إلى جانب مساهمتها الثقافيّة في إحياء التراث العربيّ والتعريف عنه الى جانب مقومات الاسلام عدالة وحرية وسلاما. فقد التزم الاعلام والاعلاميون قضايا امتهم وكوكبهم في ان واحد، وساهموا في بلورة الوعي السياسيّ، عبر الدور الرائد في الحداثة والاصلاح، وفي حركة التحرّر، وفي الفكر والصحافة، والمفكّرون الاعلاميون كانوا من أوائل الذين حذّروا من الخطر الماسي الانسانية وامبراطورياتها .
يشكّل الاعلام المؤسّس على الحريّة والمساواة، والقائم على التنوّع في إطار وحدة تحترم الاختلاف على الصعيد العامّ، حاجة مستمرّة لتفاعل خلاّق بين البشرية باختلافها واختلافاتها، يمنح أبناءها فرصة الاغتناء الروحيّ والمادي المتبادل. إنّ هذه الحاجة أصبحت اليوم أكثر إلحاحًا من أيّ وقت مضى، ذلك أنّ المواجهة بين الشرق والغرب أخلت مكانها لمواجهة بين الشمال والجنوب. ولم تعد هذه المواجهة تعّبر عن نفسها بصيغة سياسيّة: الرأسماليّة في مواجهة الشيوعيّة، وإنمّا بمحاولة إعطائها صيغة دينيّة: الاتجاه الديني المتطرف ايا كان مع الاتجاه الاصولي ايا كان.
إنّ الممثقف في الاعلام مدعوّ، في شكلٍ خاصّ، إلى محاربة النظريّات غربا أو شرقا، التي تنظر إلى المسلمين وكأنّهم يشكّلون تهديدًا بسبب ارهاب هنا او هناك، والتي تؤدّي إلى رسم حدود دامية بين الاديان والافكار لمواقف سياسية مستبدة او فتاو ما انزل الله بها من سلطان. ان المثقف الاعلامي مدعو، إلى التصدّي لنظريّة الحروب الدينيّة التي ينادي بها المتطرّفون، او عنصرية او مصالح .

حاجة الاعلام:
تحتاج صيغة الاعلام إلى دولة ديمقراطيّة وحديثة قادرة على حمايته وتوفير ظروف تطوّره.
وتقوم هذه الدولة على التوفيق بين المواطنيّة والتعدّديّة، أيّ على الجمع بين دائرتين أساسيّتين في انتماء الانساني: دائرة فرديّة، مدنيّة، تتحدّد بالمواطنيّة التي ينبغي أن تطبّق على الجميع بالشروط نفسها، ودائرة جماعيّة، تتحدّد بالطائفيّة، التي تريد الاعتراف بالتعدد وبحقّ هذا التعدّد في التعبير عن نفسه.
إنّ الاعلام وايضا الدولة المنشودة لابد من أن يؤمّنا:
1- بالتمييز الصريح، حتى حدود الفصل، بين الخصوصيات والدولة، بدلاً من اختزال اي فكر في السياسة، أو تأسيس السياسة على منطلقات فكرية لها صفة المطلق.
2- الانسجام بين الحريّة التي هي في أساس فكرة ابداع الانسان والعدالة القائمة على المساواة في الحقوق والواجبات، والتي من دونها لا يقوم عيش مشترك.
3- الانسجام بين حقّ المواطن الفرد في تقرير مصيره وإدارة شؤونه ورسم مستقبله، وبين حقّ الجماعات في الحضور والحياة على أساس خياراتها، في حدود الالتزام احترام كل ال الاخر .
4- إنّ مراقبت الاعلام بحرية للسياسة والسياسيين تساعد في تفعيل الحياة السياسيّة عبر تجديد قياداتهم ومحاسبتها، وذلك عندما يختارون ممثّلين يتمتّعون بالمصداقيّة والشفافيّة والاستقامة المسلكيّة والشجاعة الفكريّة، قادرين على تقديم المصلحة العامّة على مصالحهم الفرديّة والفئويّة، ممثّلين يتحلّون بروح الخدمة والتضحية، ولديهم سعة الاطّلاع في التشريع والقدرة على الابتكار والتجدّد وتحسّس مشاكل العصر، ويعملون بروح السلام والحوار والاعتراف بالآخر، قادرين على التسوية من دون المساومة على المبادئ، ويدافعون بحزم عن حقوق الإنسان وكرامته، ويحاربون الفساد، ويفون بوعودهم ويُؤمنون بالديمقراطيّة والتعدّديّة والحريّات. عندها تبذل المواهب والفضائل المودعة لدى الاجيال، فتنتشر ثقافة الممارسة السياسيّة والاعلامية والثقافية عموما على أسس اخلاقية حرة عادلة في جميع أرجاء الوطن.
5- ان الاعلام والاعلاميين، الذين أظهروا دومًا تعلّقهم ببلدهم، حرّ سيّد ومستقلّ ذي نظام ديمقراطيّ، مدعوّون لأن يتمسّكوا بهذا النظام ويدافعوا عنه، لأنّه الشرط الأساس لبقاءه، وأن يساهموا أكثر في تعزيز الثقافة الديمقراطيّة ومفهوم المواطنيّة الحقّة، أي أن يمارسوا الديمقراطيّة في حياتهم اليوميّة، فيعطوا الأولويّة للنقاش بدل التناحر، ويتحاوروا معتبرين أنّ الحقيقة جزء من تفكير الآخر، ويغلّبوا المنطق على الغرائز والانفعالات الآنيّة، ويبتعدوا عن العنف والكذب في سلوكهم اليوميّ. وبهذا، ينتقلون الى مرحلة انتقال المواطن عموما من مرحلة المواطن المستهلك القابل بما هو مفروض عليه، إلى المواطن الفاعل والمؤثّر في مجتمعه والقادر على التغيير بدءًا من ذاته.
6- إنّ الجيل القادم الصاعد التي تواجهه الصعوبات، وهو يحمل آمالاً وأحلامًا وتطلّعات، مدعوّ لكي يعطي الحياة الاجتماعيّة والسياسيّة إنطلاقة جديدة. فله\ الحقّ في المراقبة والمحاسبة والتعبير، لأنّ مستقبله مرتبط بوجود مناخ ديمقراطيّ وبيئة سياسيّة سليمة، وهو أمل الانسان وعقيدته التي يحملها والوطن.

مفهوم السياسة الحقيقية اعلاميا:
تتطلّب عمليّة إعادة بناء الدولة المصالحة مع الاعلام واحترامه. فالسياسة في نظر الكثيرين مرادفة للمناورات والخصومات والممارسات المشبوهة واستعمال النفوذ. هي المسؤولة عن المبادئ للاستيلاء على السلطة، وهي الوسيلة الأسهل لتحقيق الثروات الخاصّة على حساب المصلحة العامّة. هذه الممارسة السياسيّة، رسّخت في عقول البعض مفهومًا خاطئًا للسياسة وجعلتها عملاً مدانًا.
ففهم الاعلام للسياسة من انها شأن نبيل في خدمة الانسان والراعي في خدمة الرعية والجميع رعاة والجميع رعية، لا بل فنّ شريف. لذا يجب إعادة الاعتبار للعمل الاعلامي والسياسيّ، لأنّ السياسة هي خدمة من أجل الخير العامّ بالحقوق والواجبات والاعلام منهج للخير العام وبالمعلومة والحقيقة.
السياسة نضال متواصل وممارسة يوميّة للأفراد كما للجماعات، تنتقل من جيل إلى جيل لإيجاد الحلول لمشاكل المجتمع ولتأمين حقّ الإنسان في الحريّة والعدالة والسلام والعيش الكريم بعيدًا عن الأوهام وتبسيط الأمور، لأنّ لا شيء في السياسة معطى بل هو قابل للتطوّر باستمرار. في اختصار، السياسة هي الاهتمام بالآخرين، والالتفات إليهم، والاستماع إلى مشاكلهم، ومساعدتهم، احترامهم، ومحبّتهم. إنّه لأمر ملحّ أن تعيد السياسة الاعتبار للعمل السياسيّ واحترام الاعلام .

ابعاد الاعلام ومثقفيه:
ترتسم، اليوم، ملامح حقبةٍ جديدة، أمام الاعلام، في تعاطي أبنائه بالشأن الاعلامي وحتى السياسيّ. فالاعلام، وإن كان مرتبط بأوثق الوشائج بكيان الوطن، تاريخًا ومصيرًا، إلاّ أنّ البعض بات يعيش في بلدان بعيدة عن البلد الأمّ، ويخضع لأنظمةٍ سياسيّةٍ متنوّعة، تختلف في كثير من الأحيان عن النظام الذي كان يعرفه في بلاده. إنّ هؤلاء يبقون مثقفين وطنيين، من دون شكّ، ولا يدخلون إلى بلدانهم الجديدة، وهم في حال افتقارٍ إلى اعتباراتٍ سياسيّةٍ وفكريّةٍ توجّه تصرّفاتهم، لأنّهم يستنيرون، عفويًّا، بتوجيهات الاعراف الجامعة التي ينتمون إليها، وهي تدعوهم إلى الاندماج في أوساطهم الجديدة، وإلى المشاركة في الحياة العامّة، وسط الشعوب التي صاروا فيها مواطنين مكتملي الحقوق والواجبات. ومن المؤكّد أنّهم أضحوا ملتزمين بالأمانة لأوطانهم الجديدة، كما كانوا ملزمين بالأمانة والإخلاص لوطنهم الأوّل.
لقد بات من الضروريّ النظر، بطريقةٍ علميّة، إلى مسألة الانتشار، وربطها بالحياة الوطنيّة لخدم مصالح بلدانهم. من هنا ضرورة توضيح طبيعة العلاقة بين المغترب أو المنتشر ووطنه الأمّ والتشديد على حقّه في المشاركة بكلّ الوسائل ومنها الانتخاب والترشيح. والاعلاميون مسؤولون، بنوعٍ خاصّ، على صعيد مكافحة أسباب الهجرة، عبر مساهمتها في بناء دولتهم التي تكّرس المساواة في الحقوق والواجبات وتؤمّن الحياة الكريمة لأبنائها. أمّا الأجيال التي لم تعد مرتبطةً بالوطن الأمّ والتي تغار على مواطنيّتها الأصليّة أو المكتسبة، فإنّ انتماءها إلى الحقيقة والعدل والحرية والسلام بات الرابط الأساسيّ بينها، أيًّا كانت انتماءاتها الوطنيّة، وباتت تشكّل جسور حوار وتفاهم بين الوطن الأم وبلاد الانتشار، وهذا مصدر قوّةٍ وغنى الاعلام الذي أضحى مؤسسة عالميّةً.
ويعرف الاعلاميون أيضًا بعض المتغيّرات في حياتهم، في داخل الوطن وفي المنطقة العربيّة التي يكوّنون جزءًا منها. إلاّ أنّ هذه المتغيّرات في الداخل، كما في الخارج، لا تنفي وجود ثوابت عندهم، في تصرّفهم السياسيّ، وفي خياراتهم الأساسيّة، أي في كلّ ما صار جزءًا هامًّا وجوهريًّا من هويّتهم الثقافيّة والروحيّة والاجتماعيّة، ومن التاريخ الطويل الذي ربط هذه الهويّة بكيان الوطن. ولا بدّ من التأكيد في هذا السياق أنّ المثقفين المنتشرين معنيّون بدعوة بلدهم هذه، وبالحفاظ عليها أسوة بإخوانهم المقيمين. فالمهاجر لا يتنصّل في هجرته من تراثه الإنسانيّ والقيميّ. وهو إن فعل، فإنّه يتنصّل من ذاته الجماعيّة ومن إرثه الحضاريّ ويعري جذوره من عمقها التاريخيّ. ونحن نشهد اليوم تثبيتًا لهذا الأمر في اعتبار الحضارات مدعوّة إلى أن تلتقي عند الشعوب، وإلى أن تتكامل في حوار يغني الجميع ويعود بالنفع على الإنسانيّة بأسرها.
ان الهجرة رسالة حضاريّة بامتياز تعني الشرق والغرب والعالم بأسره، وبخاصّة في هذا الزمن الذي يفتّش العالم فيه عن أسباب جديدة للإيمان بالعيش المشترك بين أديانه وحضاراته. وانطلاقًا من هذا الاعتبار، يصبح الاعلام هو الرسالة وهو القاعدة المشتركة في الفكر والعمل عند السياسيّين والمثقفين والاعلاميين وغيرهم. 
 فالاعلام عند المواطنيين يتمحور حول الحفاظ على الوطن القيمة والكيان، الذي يحمل الرسالة ويتعهدها في خياراته كما في عيشه اليوميّ، وحول تطويره بما يتلاءم مع روح العصر، وهو عند المهاجرين يتمحور حول نشر روح الوفاق حيثما وجدوا، وسلوك طريق الحوار الحضاريّ بين الأديان والانتماءات البشريّة على أنواعها، وفي ذلك ما يدفعهم الى التعمق في ذاتهم الحضاريّة وتوسيع أرجائها على الآفاق الجديدة ولو كانت غريبة.
في هذا الإطار الشامل لا يبقى الالتزام بالوطن موقفًا خاصًّا تتّخذه مؤسسات الاعلام مفضّلة وطنًا على غيره من أوطان الأرض، بل يصبح سلوكًا جماعيًا يحافظ به الاعلاميون على إرث ثمين لهم ولغيرهم من الناس. فالوطن كالعراق ومصر وغيرهما مثلا، الذي يتمسّك به الاعلاميون مع إخوانهم الاخرين في الاختصاصات المختلفة هو في الحقيقة تجسيد لقيم ناضلوا معًا في التاريخ لأجل صونها ورفع شأنها، ألا وهي الأمانة لله والحقيقة والانسان مهما كلفتهم، وقيم الحريّة بكلّ أبعادها الروحيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة، وقيم العيش المشترك الكريم والسلام بين أبناء البشرية وعموما والاديان والافكار في العالم، وسلوك سبيل الآخر مهما كانت صعبة إذ أنّها تقضي بالخروج من الذات.
هكذا فهم الاعلاميون بلدهم، وهكذا أرادوه منذ البداية موئلاً للحريّة الدينيّة الكاملة وكل وجوه الحريّة، لجميع أبنائه، ومجتمعًا يكرّس المساواة في الحقوق والواجبات بين مواطنيه، بحيث أنّ هذا الوطن لن يبقى على صورته هذه إذا ما فقد لا سمح الله ميزة الحريّة فيه وميزة المواطنيّة المتساوية لكلّ أبنائه، والمشاركة الكاملة في الدولة والحكم في ما بينهم جميعًا. ليكون الدستور المقر شعبيا بوصفه مدخلاً إلى حياةٍ سلميّةٍ جديدة في البلاد، مع التزام لا يقبل الجدل بقيم البلاد الأساسيّة وبتفعيلها بشكل يتلاءم مع هويّتها التاريخيّة ومتطلّباتها.
فلابد للسياسيين كما الاعلاميين، من اجل عالم تسوده الادالة والسلام، يحملون ما ادعوا به عيش مشترك جديدة، ومن قيم إيمانهم وحريّتهم، ومن اداء من ان أيديهم الممدودة للتعاون، حيث أنهم في إعادة إنتاج تحكمهم وسلطتهم، يخشى أن يضيّعوا شيئًا أساسيًّا إن هم ضيّعوا ارتباطهم بتاريخهم، أو إن فقدت اطروحاتهم وتجربتهم عند الحكم شيئًا من وهجها وقيمتها، ليتحول الظالم الى مظلوم والمظلوم الى ظالم، وهذه مأساة وكارثة فكرية وانسانية وربما دموية بمرور العناد والتصلب والتطرف.
 إنّ السياسة الحديثة مترابطة بين موطن ما والعالم، وهي مترابطة حكمًا إذا ما أرادوا الحفاظ على هويّتهم واستقلالهم وحريتهم ومعتقداتهم ونهضتهم، فمن الضروريّ للسياسيين كما لكل المثقفين واصحاب الرؤى أن يكتشفوا هذه الهويّة كي يكون التعاون فيما بينهم جميعًا أكثر فاعليّة في مواجهة المشكلات الملازمة لاستمراريّة هذه الهويّة وهذه المنهجية.
لقد ميّز الله عزوجل، منطة العرب فجعل منها مساحة حوار مع البشريّة جمعاء. وهذا يلقي على الاعلاميين والمسؤولين ومنهم السياسيين مسؤوليّة متبادلة، باعتبار أنّ الجميع جزء لا ينفصل عن حياة المجتمع، كاملو العضويّة في الجماعة الوطنيّة بكلّ ما لهذه الجماعة من حقوق وواجبات. على الجميع العمل على تخطّي الصعوبات ان وجدت، وتوفير شروط التلاقي والحوار البنّاء، فيبقى وطننا العزيز أرضًا طيّبة لعبادة الله ولرقيّ الانسان وحرية كائن من يكون ان اتفق معنا أو خالفنا منهجا أو دينا أو انتماء.

وأخيرا:
على رغم ما يلقاه الاعلاميون خاصة والمثقفون عامة من تحد ومآسي، فإنّ قدر الاعلاميين وخيارهم هو أن يتمسّكوا برسالتهم التاريخيّة، وأن يكونوا عامل تواصل في هذا العالم فضلا عن بلدانهم بين مكوّناته المتعدّدة وبينه وبين العالم، وقوة دفع نحو المستقبل في مواجهة التخلّف. إنّهم جماعة لها دور فاعل من خلال تواصلها وتفاعلها مع كلّ الجماعات في رسم مستقبل مشترك لها ولهم، يقوم على المبادئ التي تؤمّن للإنسان حريّته وتحفظ كرامته وتوفّر له العيش الكريم.
وإنّ أهمّ التحدّيات التي تواجه الاعلامين، والمتّصلة بالشأن السياسيّ، تبقى بالعودة أوّلاً إلى هويّة الاعلام، القائمة على قيم الحريّة، ونشر روح الوفاق والعدالة والسلام، وسلوك طريق الحوار والتواصل والانفتاح والمحبّة، فنشهد للحقيقة والعدل والسلام في عالم متغيّر في ظلّ دولة ديمقراطيّة تضمن مساواة الأفراد في الحقوق والواجبات كما تضمن احترام التنوّع في عالم ايضا يشهد انقسامات بليغة في هذا المجال، متضامنين مع العالم العربيّ لمواجهة مقولة صراع الحضارات التي تضع الاديان والافكار عموما بعضها في مواجهة البعض الآخر، فنرتفع إلى مستوى مسؤوليّاتنا وأصالتنا ورسالتنا في هذه المنطقة من العالم، آخذين بعين الاعتبار حرية الاعلام للتشبّث بثوابته وخياراته الأساسيّة، المستمدّة من قيَمه، بهدف بناء مجتمعات تعالج مشاكل الفقراء والمعدمين وقضايا العدل وحقوق الإنسان والنهضة علما ومعرفة. لاقول في تهاية الموضوع ربما صلاحيات السلطة تعطي مفاتيح لاتهام هذا أو ذاك بالخيانة، ولكن بماذا سيوصف السياسي أو الحاكم والمسؤول عند القضاء على الحقيقة في الاعلام .
.................................................................................................
bahaaldeen@hotmail.com
bahaa_ideen@yahoo.com

27
اشكالية المال ونقص المناعة الذاتية

بهاء الدين الخاقاني

فعندما يصمت اللسان ويطلق للقلم العنان ليعبر عن خفايا النفس ومكنوناتها نرى عندها إبداع الخالق فينا وفيمن حولنا، فمن المعروف أن التعرض المفرط والمباشر للمال غير المستحق أو ما يطلق عليه المال الحرام أو السحت الحرام، من قبل المسؤولين به والمتعاملين معه مباشرة أو بواسطة كالمناقصات والمزايدات أو وزراء المالية والنفط والدفاع مثلا، أو الاشراف السلطوي الفردي دون حساب وكتاب عليه ودون خلفية تربوية، وبخاصة في الدول الفقيرة أو ذات المناخ الدكتاتوري وحتى الدول الغنية وذات الأجواء الغنية والديمقراطية، كانت له عواقب شديدة الخطورة، خصوصا على الجنين في الأرحام بسبب نطفة تولدت من خلال هذا المال أو الأطفال ذوي البشرة الحساسة عند أكل الطعام الذي تم شراءه من هذا المال أو ذات اللون النفسي البريئ بسبب الفارق الطبقي بين طفل فقير أو يتيم وطفل ابن مسؤول أو غني عموما، ويمكن أن تتسبب في حدوث حروق للجلد للرجال والنساء على حدّ سواء نتيجة امتلاء الجيوب غير المستحقة أو من السحت بأثر شعاع الورق أو بأثر نوع المعدن للسكك المعدنية لفترة زمنية طويلة والتي توصف مثلا بالكنز أو الاحتكار أو السحت، هذا في الدنيا أمّا في الآخرة فعلمها عند الله عزوجل وما تأثير ذلك وما دور جهنم لا تعرف التفاصيل العلمية والطبية اِلّا ما وصل تعريفا من روايات، وهذا ليس الحديث هنا الآن، فعلينا بما في أيدينا وهي الدنيا، وكذلك يمكن أن تسبب التهابات عن طريق شعاعاتها غير المأمونة في العين وبالتدريج العمى نتيجة كثرة التحديق بها وتؤثر على الجهاز المناعي للجسم لأنها تقتل الخلايا المانعة للأخلاق وتداخل ما هو حرام وحلال في شبهات تسبب تكسر الخلايا الحمر في الدم وانعدام الخلايا البيض.
وتحتوي الأشعة المنبعثة من المال ان كان ورقا أو معدنا بحكم ما يتداخل فيها من مواد تصنيعية على الأشعة فوق البنفسجية والاشعات المجهولة الأخرى غير المكتشفة، لا تمنعها الا الحاجة لمن يتعامل مع هذه المسؤلية بالحكمة ومن خلال اِنزيم تفرزه الأخلاق وأحماض تنتجها الأمانة وسوائل تتكاثر من الصبر ومعادن تتكثف بسبب التحمل، وهي من الانزيمات والأحماض والسوائل والمعادن فضلا عن عناصر أخرى مهمة في جهاز معالجة نقص المناعة .
وهذه الاشعاعات تتألف من عدة أنواع، وهي تؤثر تأثيرا ضارا على الجسم في حالة فقدان المناعة الأخلاقية، وتقوم طبقة العقل المحيطة بالنفس والجسد عموما بحجب جزءٍ، وليس الكل، من الاشعاعات الضارة، ولذلك يعاني أغلب المسؤلين الماليين وبالأخص فاقدي الأمانة من أكبر نسبة انتشار لسرطان الجلد، حيث إن بها أكبر مساحة من الخلل العقلي .
ويصبح التعرض المستمر على المدى الطويل للمال دون هذه الوقايات المذكورة وبالأخص الواقي الاصطناعي على الأقل وهو المسمى بالقانون حديثاً والذي نص عليه في حالة افتقاد الانسان للضمير، واحدا من عوامل الخطورة التي قد تتسبب في حدوث سرطان الجلد، وبخاصة إذا بدأ هذا التعرض في سن مبكر في المسؤلية، لأن الخبرة تلعب دورا في الوقاية والحماية وتقوية جهاز المناعة من الأمراض الاقتصادية المرتبطة بالأخلاق، مما تمتد لتكون عوارضه شعبية وجماهيرية يتم التعريف بها أو التبرير لها على أساس الفقر أو الجهل أو الأمية وهكذا كل ما يرتبط بالمال من علاقة بين السلب كالسرقة وبين الايجاب كالتنمية، وهو الأمر الذي دعا الأطباء في مستشفيات العالم الكبرى ومراكز البحوث الاقتصادية المرتبطة بها، إلى إطلاق صيحة تحذير للآباء المسؤولين على المال في العالم من خطورة تعرض الأطفال لفترات طويلة لأطعمة مشترات من المال المنهوب أو بعرفنا المتوارث على بساطتنا الحرام المباشرة أو الاكثر تأثيرا وهو السحت المرتبط بحركة الجراثيم بحرية تامة وتعزيز عامل نقص المناعة الذاتية، حيث زادت نسبة تشخيص مرض سرطان الجلد في المراهقين، وبخاصة في القرنين الأخيرين بسبب ذلك، وقد أشار أطباء المختصين وعلماء المراكز البحوث إلى أن حدوث تلف أو حرق في الجلد للآباء المسؤولين أو المسؤولين عموما وبالأخص المتزوجين منهم لينعكس ذلك على أزواجهم أيضا، وما يؤثر ذلك بتركيز أكبر في فترة الشباب، ولا تقل الخطورة ما بعدها ومما تؤثر على الانجاب مسببا العقم وللنساء العقر، وقدم المختصون نصائح الى المسؤولين وبالأخص للآباء والأمهات منهم تجنيب أنفسهم وأبناءهم هذه المخاطر من الاشعاعات المالية المتنوعة التالفة لأجهزة المناعة .

لون النفس العاكس على البشرة:
 تلعب صبغة النفس والمؤثرة على لون البشرة دورها في الوقاية من أشعة المال الضارة، إذ تكون خطورة الاشعاعات المالية أكثر حدة على الأطفال والمراهقين ذوي النفوس البريئة العاكسة للبشرة الفاتحة والداكنة في نفس الوقت لارتباطها رغم اختلافها بالألوان التي تبعثها النفس دون تحكم في بادئ الأمر والتي تتعامل مع المحيط بحرية تامة فتكون لها قابلية بناء العلاقات المختلفة مع المحيط دون رادع، وذلك لوجود تركيز أكثر من المادة المسؤولة عن لون الجسم المنطلقة من النفس التي تسمى الميلانين، في الأشخاص ذوي البشرة البريئة، وهي توجد بتركيزات مختلفة وألوان مختلفة. وتقوم هذه المادة بامتصاص جزء وليس الكل من الأشعة الضارة للمال للموجات فوق البنفسجية الموجودة في أشعةالمال، وبالتالي يزداد التركيز للوقاية والفائدة في هذه المادة من الميلانين عن طريق تغذية الأطفال والمراهقين بالتربية وعن طريق الآباء والمدارس والحلقات الفكرية ورياض الأطفال في بادئ الأمر، وما تتضمن من خلق وما يرتبط بذلك من تغذية من المعادن والانزيمات المعروفة. وكلما كان لون النفس متغذيا بتركيز مما أوردنا من تغذية معنوية وموضوعية ومادية تؤثر في الجلد ويميل إلى وقاية اللون مهما كان نوعه، لأنه زاد تركيز الميلانين في الشخص، وبالتالي يكون أقل عرضة للتأثر بأشعة المال الضارة. ولكن حتى الأشخاص الذين يتميزون ببشرة تتغذى على تراكيز مادة الميلانين بشكل متوازن، أيضا لا يمكن الاعتماد عليها طويلا من الزمن أو اهمالها اعتمادا فقط على هذا التركيز، حيث تزداد خطورة تعرضهم للمشكلات الصحية كلما زاد تعرضهم للمال بشكل غير متوازن وغير ضروري لمتطلبات المسؤلية والحياة والعيش وبالأخص في حالات ألّاأبالية بين التصرف الواجب وبين السحت والشبهات، خلافا للاعتقاد السائد أنهم بمنأى عن التأثير السلبي لأشعاعات المالية، حيث يحدث الحرق في الجلد عندما تتعدى أشعة المال قدرة الميلانين على امتصاصها بأنواعه الورقي والمعدني وأحيانا عند توحدهما ورقيا ومعدنيا في مكان ما سوية وفي التعامل فتكون خطورتها أشد.
وتزيد الخطورة بالطبع على الأطفال على الجلد، وبخاصة الأطفال الذين يوجد لديهم عوائل أكثر تعاملهم مع المال مباشرة والتعامل مع المال العام دون واعز من ضمير أو دون تمييز بين حق الناس وحقهم، وهذه العلاقة العائلية المادية التي تشبه الشامة أو الخال على الوجه في بداية الأمر هي عبارة عن أورام حميدة وهي لا تسبب في بدايات العمر أي مشكلات صحية نسبيا ولكن ليس مطلقا، ولكن بمرور الأيام وبدون تعزيز المناعة المذكورة آنفا تتحول الى أمراض مهلكة كما مرّ ذكرها، وكذلك الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي بالإصابة بسرطان الجلد نتيجة هذه العلاقة دون وقاية أو حصانة من الآباء أو من الأنظمة الصحية المتعاقبة أو من أثر القانون المؤثر المنصوص لذلك وغيره من الاجراءات التي تمتن وتعزز درع معالجة نقص المناعة المكتسبة ذاتيا في الانسان عموما .

احتياطات ضرورية :
يمكن اتخاذ بعض الاحتياطات بالنسبة للأطفال على الأقل حينما يتعرضون لاشاعات المال سواء من تأثير السحت الحرام الوارد من أبويهم أو من غيرهم وما شابه ذلك من الحرام بدرجات أو من الشبهات بالأخص ما تداخل في المبيعات والمشتريات للعائلة على أقل تقدير،  تتمثل الاحتياطات في المدارس ومراحل التعليم عامة أو من خلال التثقيف الخاص أو العام، اِن حسبنا أن النظام السياسي صحيا، أو من خلال ما تتوفر من صداقات صحية عارفة بخطورة مثل هذه الاشعاعات المادية ان آمنا بوجود استثناءات عائلية يمكن أن تساهم في تحصين الأبناء من الأبوين أو من بعض الأهل المصابين، فضلا عن الاهتمام بالجانب الرياضي والمواهب العلمية والثقافية اِن كان المجتمع عرفا ودينا وسياسة مهتما في هذه المعرفة الصحية المرتبطة بكارثة الاشعاعات المادية، كل ذلك من أجل تحصين الجلد والعقل والجسد وتنمية معالجة نقض المناعة الذاتية .
ونحن نعرف تتداخل أمور كثقافة صحية أخلاقية داعمة لتحصين الانسان وأطفاله وأجياله على أقل تقدير في حالة اليأس من الأبوين وتدهور حالتهم الأخلاقية الصحية مثل :
استخدام ما يطلق عليه من كريم واق من أشعة المال من خلال كلمات تتداخل في الجمل والعبارات، ويستحسن أن تكون المعاني المركبة للألفاظ من النوعيات التي تزيد فيها نسبة الحماية السلوكية بنسبة مئة بمئة أو أكثر، ان تمكنا من ذلك لأهمية هذا الواقي في تحصين الأطفال على أقل تقدير وبناء مستقبلهم الصحي، فضلا عن أن يكون واسع المجال  في الدلالات من الأمانة والوفاء والاخلاص والعِبر من النتائج الايجابية والمعاكسة لها السلبية والتجارب في نتائج المؤشرة الى امكانية الأمراض أن تشفى من عدمها، بمعنى أن يحجب الواقي بهذا الوصف والمكونات نوعيات سلبية قاتلة ومهلكة من أشعاعات المال.
 يتم وضع مثل هذا الواقي الصحي باستمرار في كل مراحل عمر الطفل والمراهق لاستحصال المناعة الذاتية ضد اشعاعات المال المضرة، ويجب أن يتم تغطيته لجميع المناطق المعرفية وأدوات المعرفة والتربية فضلا عن عناصر الجسد جميعها المعرضة لاشعاعات المال لتشمل الأذنين والعينين بالأخص في الاستماع الجيد للمعاني والنظر الجيد للحقائق بحكم تأثيرها على الجلد عموما لأن العين والأذن يلعبان دورا مهما في افساد القلب بالمرض هذا أو في استمرارية صحته انعكاس ذلك على افساد الفكري العقلي. ويستحسن تغيير مثل هذا الكريم الواقي المعنوي الأخلاقي للصحة من السرطانات الجلدية وغيرها حسب مراحل العمر ليناسب العمر والتجارب من أجل استحصال نتائج ايجابية في تنمية المناعة الذاتية ومعالجة النقص الذي طالما يزداد مع تعقيدات الحياة ومتطلباتها وحاجاتها الملحة من وقت لآخر .
 وبكل تأكيد للرضع أيضا واقياتهم المتعلقة بنوع الغذاء المتداخل به نوعية المال الذي يصطحبه الأبوين الى العائلة بالمشتريات ومنها تغذية الأطفال، ولكن هذا الجانب يحتاج لتحصين صحي عائلي على مستوى عال ومحكم من النظام الصحي وغالبا ما يرتبط بنظام عائلي سليم وبنظام سياسي صالح، كي يتم منع تعرض الرضع للاشعاعات المهلكة الصادرة من هذا النوع من المال والحارقة للجلد بالتدريج والمفسدة للقلب في المستقبل، وان الأمر بالغ الصعوبة في علاج في هذه المرحلة من الأطفال الرضع، بسبب تحكم الكلي للأبوين بهذه المرحلة وبالتالي فأن صحة الرضيع من عدمها متعلقة بالأبوين ووعيهم لهذه الأمراض الخطرة التي في الغالب من مسؤلياتهم المباشرة، ومثل هذا الوعي الأخلاقي الصحي لابد أن يكون الضرورة القصوى عند الأبويين أو عموما عند الأولياء  وحتى نظام التعليم للبلد عموما وبرامجه الصحية والوقائية.
الهوايات الصحية:
يفضل التعرض للحكمة في الفترات قبل المراهقة أو بعدها، حيث تكون أشعة الحِكم والامثلة الدالة على أشدها خلاف هذه الفترات من الشيخوخة أو الطفولة غير الواعية ..
يستحسن أن يقتني الأطفال اصحاب يتقنون بحكم التربية العائلية الصحبة الجيدة بهذا الخصوص ..
ويفضل أن يقتني الأطفال كتبا داعمة لهذا التوجه الصحي لتعكس ضوء الحكمة بدلا من الافكار الداكنة التي تمتص العفة والقناعة والاخلاق..
 يفضل أن يبتعد الأطفال والمراهقون عن الموارد المالية المباشرة، لانها بمجموعها تعمل عمل جهاز ينتج أشعة فوق بنفسجية وتستخدم في التجميل العطاء بشكل مبذر واظهار الثراء بشكل جائر، ويقبل عليها المراهقون في مراكز المظاهر والادعاء فتنتج ظلما وسلوكا منحرفا ولتحمل خطورة طبية كبيرة، وبخاصة للأطفال والمراهقين في المراحل العمرية المختلفة وبالاخص من 12 وحتى 18 سنة، حيث تم تصنيف هذه العادات من قبل منظمات الصحية العالمية على أنها من مسببات سرطان الجلد، خصوصا أن هذه عادات تقوم بتكثيف الأشعة فوق البنفسجية على الجسم وهي أشد خطورة من التعرض المباشر للمال.
يستحسن أن يعتاد المراهقون على بديل لذلك من ملاعب وهوايات والعاب وبالاخص للاطفال بدل المال المباشر، حيث إن المال المباشر يمكن ان يسبب في التهابات بالقرنية ايضا بسبب حاسة الحرص المتنامية بسبب اشعاعات المال المباشر، وهناك بعض الأنواع من الهوايات والألعاب كالقراءة وكرة القدم مثلا هي التي توفر الحماية من الأشعة فوق البنفسجية بنسبة كبيرة..
يتم نصح الأطفال بعدم اللعب في أجواء مالية شديدة الشبهات أو المشكوك فيها كالرهانات على الالعاب ..
وبالتالي يتضح لماذا ينصح العلماء والاطباء وعلماء النفس بإعطاء الأهمية للألعاب وتنمية الهوايات اكثر من المال المباشر للاطفال وبالاخص ابناء المسؤولين المعرضين اكثر من غيرهم لهذا الاصابات السرطانية الخطرة اما مباشرة او من خلال الوراثة، وما تسببه في بادئ الامر بسبب اشعاعاتها حروق الجلد، وهي تكون التهابات غير منظورة ومجرد احمرار الجلد وشعور الطفل بالإجهاد لتتطور لديه الرغبات غير المنضبطة في الطلبات، وبعدها مرحلة المراهقة ليكون شاعرا بسخونة في الجلد من دون ارتفاع في درجة الحرارة لتنامي الشعور بعدم الاشباع وهي بذرة خطرة للجشع، وفي الأغلب مبكرا لا تحتاج إلى تدخل طبي او اخلاقي ويتم شفاء هذه الالتهابات من تلقاء نفسها اذا ما انتبه الاهل والاسر والنظام السياسي والصحي والتعليمي لها لمعالجتها مبكرا، من خلال نظام عادات اقتصادية سليمة تقلل من الشعور بالألم من فقدان المال والسخونة الجشعية، فضلا عن تنقية العلاقات من صحبة المبتلين بهذه الامراض الوراثية أو من خلال العدوى التي تسبب في بادئ الامر لها حالة من وجود حكة او ما يعرف بالهرش، وأن الشعور بالحكة يزداد إذا حدث التهاب صديدي للحروق في العقل والجلد بسبب اهمال هذا الجانب من بناء العلاقات الاقتصادية السليمة وبالأخص التربوية منها، وربما يتحول هذا الفرد الى حامل عدوى دون شعور من الآخرين .
واخيرا ..
لا يشترط للخطر أن يكون من يتجاوزه شجاعا ولكن من تمكن  منه وكان عادلا هي الشجاعة ولهذا نلفت النظر في هذا الجانب ان  الدول العظيمة التي درست خطورة هذه الأساليب المالية المباشرة على صحة الانسان والأجيال فأنها بدأت في تعزيز التعامل المصرفي في الايداع والصرف والتعاملات ليتغلب على التعامل المباشر بالمال لتجعله من أسباب تنظيراتها وتنظيمها في الجانب الاقتصادي للحفاظ على قوتها الصحية والاقتصادية والسياسية والقضائية والأخلاقية وايضا على تحصين أوطانها وأجيالها ومنجزاتها الحضارية من سرطانات المال المباشرة.
.........................................................
bahaaldeen@hotmail.com
bahaa_ideen@yahoo.com

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

28
وكم كان نصرُ الصابرين رسولا

بهاء الدين الخاقاني

أيا بلدي أهديكَ الجراحَ سبيلا .. صَدمْتَ الأعادي من دماكَ ذهولا
لتحملَ شعباً كم تمزّق لحمُه .. تحمّل حقدَ العادياتِ طويلا
وكمْ جئتَ ميعادَ المنيّةِ رغبة .. تشيّعُ أجيالا وتعقِبُ جيلا
فقد كنتَ قدّاسَ الأضاحي وكلّما .. قسى الدهرُ وافاكَ الالهُ جميلا
وينفثُ فيما بيننا من عواذل .. منايا تغذينا السمومَ قبيلا
لتفجعنا في كلِّ جيل نواعياً .. تشرِّدنا المنفى حمى ودخيلا
نعيشُ بأيام الفداءِ وكربلا .. تجدّدُ ركبَا للشهيدِ رعيلا
أراكَ تلقاكَ الأئمة راية .. أذابوا ومن يأس العيون ذبولا
فأحيو اليكَ المجدَ عينَ بصيرةٍ .. لتجمعَ بالنعمى هوى وخليلا
وأدركتَ عصرَ الجهل أفجعَ أمة .. فسيّدَ شيطاناً وأمّ عميلا
توالت جثامينُ المواكبِ مذبحا .. وفي كلِّ جيل يَستجدّ قتيلا
وقد طال دون العالمين بلاءُنا .. وما عاش فينا من يعيشُ ذليلا
ففي سفرنا العهدُ الوثيق نبؤة .. لتطلق منا للربيع فصولا
فيطلع من وحْيٍ عراقٌ مجرّب .. توهّجَ في ليل الشعوب دليلا
وكم جُرحَتْ نفسٌ وفي غيرها الردى..ومن فطرةٍ تأتي الفعالُ جليلا
ستبني مواريثُ الشهادِة روضة .. ويشهدُ ارث الظالمين طلولا
فاِنّا موفون العهودِ يقينَها .. فقرّتْ بأرض الطاهرين حُصولا
فأنشأ نزفُ الرافدَين مساجداً .. ومنطلقاً يحي الحياة أثيلا
سماءٌ وكم أوحتْ اليكَ رسالة .. وكانت بما تعطي الفخارَ كفيلا
لكي يلتقي التاريخ عزّ حضارةٍ .. ولو غيرنا تلقى لكان خذولا
فعندكَ من ذكرى الطفوفِ منارة .. وللحق تأتيكَ الجموعُ سبيلا
أراكَ ومنذ النشأ سرا بخلقة .. يميلُ اليكَ العاشقون فصيلا
فأنتَ بلادٌ للأحبة ما عَنتْ .. هلاكاً فطيّبتَ الودادَ أصيلا
وأدركتَ أنّ البين فرّق قبلنا .. وألّف حشد الحلفِ ضدّك غولا   
تحكمتَ بالأحرار تتقن سيرَها .. وتسمنها التصحيحَ منكَ هزيلا
وسِرّك منثورٌ قوافي قصيدتي .. فخذني رُبى الأسرار كنتُ غلولا
فأصبحتُ من رمل العراق مآذنا .. وطائرَها أهدي الشعوبَ هديلا
يكون هديرا فاتحا ما نعيشه .. وكم كان نصرُ الصابرين رسولا
...............
bahaaldeen@hotmail.com
bahaa_ideen@yahoo.com
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

صفحات: [1]