عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - رسل جمال

صفحات: [1]
1
العُرف ام الحرام أيهما أقوى

رسل جمال

عندما يِحكم العُرف المشهد ، ويتسيد على صوت المعتقد والدين والقانون، ويصبح المجتمع مطية تقوده الأعراف، بعيداً عن صوت العقل والحق، حتى لو كانت تلك الأعراف مخالفة للدين والشريعة، ويصبح الحرام حراماً اذا راه المجتمع، وحلال اذا حصل بالسر!
هكذا هي مفارقات العٌرف.

كم من حادثة سرقة تم تجريم صاحب الدار وتبرئة السارق، لان صاحب الدار قد ضربه او قتله، فتطالب عشيرة السارق بالدية!

او من حوادث اخرى تشهدها المنظومة التعليمية والتي قد تنتهى باعتذار الاستاذ لذوي احد الطلبة اذا نهره او وبخه او حتى ضربه!
بل وحتى المستشفى لم تخلو من هكذا حوادث مجتمعية وقبلية تنم عن تخلف حقيقي يعاني منه المجتمع

مثل هكذا حوادث تجعل من الخطأ والصواب والحلال والحرام والذي يجوز والذي لا يجوز والمناسب وغير المناسب انما يحتكم للعُرف وما يستحسنه وهو غياب واضح للقانون البشري من جهة، والقانون السماوي من جهة اخرى.

ان المشكلة الاساسية في المحظور العُرفي انها لا تشمل طرفي القضية فقط، بل تشمل أهليهم وكل من يمت لهم بصلة قربى ومعرفة، لذلك أصبح المحظور العرفي كوحش كاسر لا يبقى ولا يذر، فبدل ان يُعاقب المذنبين بذنبهم، ينبذون مجتمعياً هم ومتعلقيهم، وقد يلاحقهم عار هذه القضية لجيلين من الزمن!
وهو عكس ما تنص عليه الأية (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۚ وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا)
المخيف أكثر ان السايكولوجيا المجتمعية أصبحت، بفضل وسائل التواصل والثقافة السائدة لتداول التقليعات المعروفه ب (الترند) بنهم مستمر الى تداول الفضائح والتباري على نشرها، وهي من العادات والتقاليد المخالفة للدين الاسلامي، بل هناك من يعيد نشرها والنفخ اكثر بنار الفضيحة كلما تخبو نارها!
بل قد تنحرف اصل القضية بسبب القيل والقال، وتتحول الى قضايا اخرى منها طائفية او حتى لتسقيط حكومي ووو.
لذلك اصبحت قضية عميد الكلية الى ساحة حرب وفرصة لتبادل الاتهمات وكره ثلج تنمو وتكبر بحجم الهوة بين العرف والمعتقد الديني، بين الحلال والحرام، بين السر والعلن، بين الاستهانة بحرمة شهر رمضان واعلان المعاصي باقي أشهر السنة.

ان بعض الناس ممن هم رجال دولة وحتى رجال دين يتسترون به قد يكونوا أسوا حالاً من ذلك الاستاذ، لكن لم تكن هناك كاميرا تنقل ما يفعلون، رغم انهم تحت مرأى الله!

الخلاصة: بكل واقعية مؤلمة أننا لايمكن نضمن سلوك أحد، اوحتى انفسنا، في ظل تيار جارف من الفتن، والفساد لا يمكن ان نقول؛ الأ اللهم احسن عاقبتنا في الامور كلها (وان العاقبة للمتقين).

2
المنبر الحر / عالمية الحسين
« في: 08:39 01/09/2023  »
عالمية الحسين


رسل جمال



يُقال ان الاشياء لا تتسم بالعالمية، ما لم تلامس سكان العالم كلهم، وتعبر فوق ألوانهم وأشكالهم وما يعتنقون من مذهب وما يعتقدون به من افكار، فكل شيء يمكنه ان يجمع الناس بهذه الكيفية يسمى عالمي، فالموسيقى هي لغة عالمية، ليست بحاجة الى ترجمة لتصل الى وجدان الناس، كذلك مقطوعات الأدب العالمي، سُميت عالمية لانها تعبر عن الانسان وما يحمله من هموم، و ما يروم اليه في كل زمان ومكان و بما يحمله من انسانية، من الشرق او الغرب، فهي القاسم المشترك بين البشر.

كذلك الأمام الحسين (عليه السلام) لم يكن رمزاً أسلاميا، او عربياً او يمثل مذهباً يوما ما، بل كان مشروعاً للأنسانية منذ البداية، فقد أُختير له هذا الدور ليلعبه، وهذه المكانة ليشغلها وهذا المقام ليعتليه بلا منافس منذ اليوم الاول لولادته.

والدليل على ذلك لا يذكر لنا التأريخ بشكل واضح عزاء يتجدد بهذه الحرارة بعد الاف سنة لرجل عاش في هذا الكون، الأ للأمام الحسين، لذلك لم تعد أطروحة الأباء والثورة على الطغاة وصور البطولة والشجاعة التي سطرها الأمام الحسين وآله وصحبة، تفي لشرح او تعليل ما يحدث كل عام على طريق كربلاء.

من مشاهد البذل والعطاء في طريق الزيارة الاربعينة للأمام الحسين، فّلم يعد الأمر طقسأ دينياً او أحياء لشعيرة مذهبية، بل أصبحت ظاهرة أنسانية ونقطة جذب للبشر من مختلف انحاء العالم، فهو حدث عالمي، يتجدد وينمو ويفور بشكل متصاعد كل عام، نفهم من ذلك أن الحسين عالمي الوجود، يوجه رسائل للعالم من خلال المسيرة تحمل مدلاليل أهمها؛ ان البقاء للفضيلة لا للرذيلة، ان البقاء للأباء لا للخذلان والميعة، ان البقاء للعفة لا للتهتك والعري، ان البقاء للفطرة السليمة لا للشذوذ والمثلية، الذي يتجه العالم الغربي بهذه الموجه نحو الهاوية.
فالزيارة الحسينية هي بوصلة الانسانية الصحيحة، والحدث العالمي، الاكثر أحقية بتلسيط الضوء الأعلامي العالمي عليه، بدل من تسليط الضوء على احداث أخرى وشغل منصات الأعلام بمشاهد سطحية، ومهرجانات العُري، بل الأسوأ هو محاولة البعض الى تشويه هذا المسير من خلال، نشر ونقل مشاهدات سلبية، لا تمثل هذا الرّكب.
تتمثل عالمية الحدث في عدة نقاط اهمها:
_إنه التجمع البشري الأكبر عالمياً.
_إنه التجمع البشري الأكبر الذي لاينفق به الناس من أجل المأكل او المشرب او المبيت!
وهو بذلك يتعدى ميزانية الدول المجاورة
 _ إنه التجمع البشري الأكبر عالميا،الذي يكون بأنسيابية عالية في مدينة تعد صغيرة نسبياً، ومع ذلك تستوعبهم بنهاها التحتية وتكاد تخلو من الحوادث .
كل ما تقدم تنفرد به الزيارة الاربعينة بشكل عالمي، فلا يوجد حدث في العالم يتم بهذه الطريقة مطلقا.

لم يعد الجانب المادي وما يقدمه الفرد العراقي في سبيل احياء هذه الشعيرة، هو محور الدراسة كيف؟ ولماذا؟ ومن أجل من؟

بل هناك جانب روحي معنوي هو من يقود هذه الجموع المليونية ويحملها على المسير على الاقدام مئات الكيلومترات تحت حرارة الشمس وفي الجانب الأخر من الطريق الالاف التي تقوم بالخدمة بشكل جنونّي لأظهار الزيارة الاربعينة بهذا الشكل للعالم.

بادرت هذا العام وبشكل مسبوق المؤسسات الأعلامية العراقية متمثلة بهيأة الاعلام والأتصالأت العراقية التي ارسلت بدورها دعوات رسمية لعدد كبير من الصحفيين والاعلاميين العرب والقنوات الأجنبية، لتغطية هذا الحدث من على ارض الواقع، كذلك عقدت مؤتمراً ضم العديد من المحللين السياسيين، للنظر في الزيارة الاربعينة كونها الحدث المجتمعي الأبرز وإعادة دراسة المجتمع العراقي وفق الرؤية الاربعينة الحسينية.

وقد يسأل سائل ماذا قدمت لكم هذه الزيارة، في عالم يعاني شح بالموارد، وندرة بالغذاء ونقص بالمياه الصالحة للشرب، وتوجه عالمي لإقصاء البشرية للوصول الى المليار الذهبي!
اولا/ في ظل عالم يُسوق للجوع و(لتصنيع اللحوم في المعامل) بحجة أنها الأفضل والأرخص وبحجة أن الأنسان لا يمكنه استهلاك اللحوم الى ما لا نهاية، يطبخ خدمة الحسين اجود انواع اللحوم ( الطبيعية) على مبدأ الوفرة وليس الندرة!
ثانيا/ في الوقت الذي يسوق الأعلام الاصفر موجة الكراهية والعنصرية بين المسلمين وغير المسلمين في العالم، يفتح الناس في العراق بيوتهم للغرباء للمبيت والراحة بل ويقومون على خدمتهم، وتزداد مشاهد الالفة والمحبة بين الناس بشكل لا يمكن فهمه او تفسيره، على الرغم من اختلاف الوانهم، وجنسياتهم فتجعمهم الأنسانية.
ثالثا/ في الوقت الذي باتت دول العالم بفرض أجناداتها المسمومة من نشر الشذوذ بين الاطفال بالمدارس وحثهم على تغيير (اجناسهم) رغم انها دول تدعي الحضارة والحرية والديمقراطية، الا انها تسير بالضد من الفطرة الانسانية السليمة، يشهد المسير الحسيني صوراً للزائرين بكل وقار وحشمة وحرية بدون أي تعدي على حرياتهم الشخصية.
لذلك ستستمر المسيرة الحسينية وشعيرة الزيارة الاربعينة، عاماً بعد عام، وستصبح طقساً من طقوس الانسانية. هكذا أرى وهكذا ستكون.

3
ديمقراطية نظيفة يعني بيئة نظيفة

رسل جمال

ان عزوف الناس عن السياسة، او كرههم  لأخبارها ما هي الا ردة فعل للخيبات التي واجهها الجمهور جراء التغيير، فلم تلبي الديمقراطية العراقية طموح الناس، لذلك استمر التناقص في نسب المشاركة في الأنتخابات، حتى وصلت نسبة المقاطعة اكثر من ٥٩% حسب الارقام التي اعلنتها المفوضية العليا للانتخابات النيابية الاخيرة. 

المقدمة البسيطة هذه ماهي الا مقارنة بسيطة، مع ما تعيشه اليوم تركيا من ممارسة ديمقراطية، عبر الانتخابات الرئاسية المحمومة والتي شهدت ولأول مرة بتاريخ تركيا اجراء جولة ثانية، لشدة التنافس بين الخصوم، ولضئالة الفارق بينهم، وهذا يدل على المشاركة الواسعة من جمهوري المتنافسين على الرئاسة.

اذ خلقت التجربة الديمقراطية التركية وعي جمعي، وان ما يعيشه المجتمع من تقدم وتطور هو بفضلها، واحدى ثمارها،
تنقل لنا ( السيدة ضبية) عبر وسائل التواصل، وهي سيدة عراقية مقيمة في تركيا منذ تسعينيات القرن الماضي، التحول الذي اصاب المدينة التي تسكنها، فهي شاهد عيان على التطور العمراني، والعمل الحكومي على ارض الواقع.
فالسيدة كأغلب النسوة لا شأن لها بالسياسة،  الا انها تروي قصة التغيير من خلال مشاهداتها الحية، لعملية البناء للبنى التحتية التي تقوم عليها تركيا اليوم كدولة معاصرة، وما تتمتع به من بيئة نظيفة وصحية وشوارع وطرق جميلة، وسواحل سياحية تستقطب السياح من كل بلدان العالم، فالحال لم يكن كذلك، اذ تقول السيدة ان اغلب المدن التركية التي زارتها انذاك كانت تعاني من انتشار الروائح الكريهة، لافتقارها للانظمة الصرف الصحي، كذلك انتشار الحشرات، وهذا بدوره ادى الى انتقال الامراض بين السكان، كذلك انتشار الجريمة في الشوارع من اللصوص والمحتالين.

تؤكد السيدة ان كل شيء بدأ بالتغير عندما تسنم اردوغان رئاسة بلدية اسطنبول العام ١٩٩٤، اذ عمل الرجل على تحويل المدينة من شكل الى شكل اخر، جعلها نقطة البداية للتحول الكبير الذي تشهده تركيا اليوم، كونها من الدول المتقدمة، واحدى وجهات السياح المفضلة في جميع انحاء العالم، اذ تعد المطارات التركية من اكثر الامطارات نشاطاً سياحياً.

هذا بدوه اكسب اردوغان شعبية واسعة لدى الاتراك وجعل له رصيد من الافعال اسند شعاراته التي ينادي بها، لذلك اصبح رئيسا للوزراء وتبعها رئيساً للجمهورية، مما جعله يتمتع بصلاحيات اكثر للعمل لمصلحة تركيا ومد جسور التعاون بينه وبين دول العالم، وهذا ما شهدته السنوات الاولى لرئاسته، اذ شهدت المفاوضات بانضام تركيا للاتحاد الاوربي تقدما كبيراً في عهده، وهذا بدوره ادى الى انتعاشاً في البنى التحتية بما فيها قطاع الطرق والمطارات وشبكات القطارات فائقة السرعة، مثل ثورة عمرانية ونهضة حقيقة، كان له الاثر الكبير في تقدم تركيا أقليميا ودوليا، جعل منها لاعباً اساسياً في رسم سياسات المنطقة.

حتى لا يفهم القارئ مما تقدم اننا بصدد الترويج لاردوغان او عمل دعاية انتخابية لحزبه خصوصا وهو يخوض غمار الانتخابات الرئاسية غير الميسرة، بسبب التنافس الشديد ، مما يؤكد ان مسيرتة في اعمار اسطنبول، لم يكن كافيا بالنسبة للاتراك، للتصويت له بشكل جماعي،  مما يدل ان الناس تتطلع بأستمرار الى المزيد من الانجازات وتطمح الى من يقدم لها الخدمات، وهي ترى في الانتخابات فرصة للانتقاء بين البرامج الانتخابية واختيار من يلبي طموحها وما تصبو اليه.

هكذا يكون  توظيف الديمقراطية على ارض الواقع ، وكيف يختار الجمهور مرشحهم عبر البرنامج الذي يقول به اولاً، ويعمل به وهذا الاهم ثانياً.
ان العراق يشهد بعض الخطوات الملموسة في الاعمار في الاونة الاخيرة، الا ان العمل الحكومي لابد من يعضد بالعمل التشريعي، خصوصا ونحن مقبلون على انتخابات مجالس المحافظات،  وهي الانتخابات الاهم بالنسبة للمواطن كونها ستمثل الادوات التشريعية لاعادة اعمار المحافظات، وتكون فرصة للتنافس للمرشحين عبر برامج يقدمونها تكون اكثر واقعية وفائدة للناس، بعيدا عن الشعارات الفارغة التي اسهمت بنفور الناس من التجربة الديمقراطية، واعراضهم عن الانتخابات.

4
ماذا لو تهدم ثالوث الكتابة ؟/ ٢

رسل جمال

الكتابة كلام مدون، ولكن ليس كل الكلام قد يكون مفهوم وله معنى، لان بعض الكلام يشبه الضوضاء أشبه بالتلوث الفكري، كذلك الكتابة البعض منها كلام فارغ لامعنى له،  او قد يكون مقلوب المعنى.
مثلما تلوح لنا بعض اللوحات الاعلانية المليئة بالأخطاء الاملائية، والنحوية، بل الادهى من ذلك ان كثرة الأخطاء الاملائية المنتشرة عبر وسائل الاعلام المكتوبة والمقروءة والمسموعة، التي ترسخ لثقافة الخطأ، وتعمد الى تبنيه على حساب اللغة الصحيحة، وهذا يمثل بداية النهاية لهويتنا العربية وأرثنا اللغوي الصحيح، ومع مرور الوقت ستتكرس لغة اخرى هجينة لا تشبهنا بشيء ولا تعبر عنا، بل هي خليط غير متجانس من حروف ورموز غير مفهومه ولا تبلغ بنا  للمطلوب منها وهنا الكارثة.

اذ سينعدم التفاهم بواسطة اللغة وستحل الاشارة او الايماءات محلها او الاصوات العالية محلها!

فلا تكفي الغاية من الكتابة كعمل انساني ان تكون وسيلة للتواصل، حتى لو كانت تحمل فكرة صحيحة، ولكن يجب ان يكون الوعاء الحامل لها كذلك سليم ونقصد به اللغة، ويجب ان تخلو من الأخطاء الأملائيةو المنطقية،  لتستوفي كامل الشروط .
كذلك يجب ان تكون الكتابة مفيدة،  ولا يمكن للكاتب ان يتناول موضوع غير صحيح، او يحرف حقيقة ما، والا ستكون الكتابة عمل مضر اكثر من كونه عمل نافع وسينتج عنه بضاعة فكرية،  غير قابلة للاستهلاك البشري، يتم تسويقها بعلب واغلفة ملفته، تحت غطاء ثقافي، الغرض منها تشويه الحقائق وقلب الاحداث، او لخلق ظاهرة مجهولة الهوية !
وبالعادة لا تستهوي ولا تُمرر مثل هكذا نوع من الكتابات الا العقول الساذجة، التي اعتادت على تلقي المعلومات والمواضيع الجاهزة، بدون تدقيق او تمحيص او البحث عنها وتحليلها.
ولا يجيد هذه الصناعة الا (الكُتاب المرتزقه) الذين يتم تجنيدهم من اجل خلق واقع افتراضي او لحرف الحقيقة عن مسارها الصحيح، وهم بالحقيقة ليسوا كُتاب لانهم امتهنوا الكتابة!
لان الكتابة لا يمكن ان نعدها مهنة ويُنتظر منها ان تدر النقود، الكتابة عمل  راقي، لذلك يحتاج  الكاتب ان يكون مطمئن مادياً، فلا يستطيع المشغول بتحصيل لقمة عيشه ان يكون كاتباً،  لان النتاج الادبي لا يكون، الا في اجواء من الاسترخاء الجسدي والعقلي، لكي يبحث الكاتب عن قضايا قد يغفل عنها الانسان الكادح، الذي يدور كالهامستر في عجلة الحياة اليومية.
الكاتب  لا يكون كاتباً بحق الا ان يكون شجاعاً، كالفيلسوف، لا يوجد ما يخاف منه ولا عليه!
الخطير بالأمر تلك البيانات والأحصائيات والارقام التي تبين لنا انحسار (الكتابة) بشقيها المكتوب والمقروء، و انخفاض الانتاج الفكري والادبي يقابله كذلك انخفاض في عدد القراء، اذ ان العالم العربي، احتل مكاناً في ذيل القائمة الامم القارئة، بمتوسط قراءة لا تتعدى ربع صفحة للفرد سنويا!
في حين بقية الدول تحتل مكان متصدر في عدد القراء والانتاج الفكري والادبي، وهو امر يفسر ان العالم العربي اصبح مكباٍ ومكان مهيأ لرمي النفايات الفكرية والثقافية للامم الاخرى، اضف لذلك فان العالم العربي يعد الوحيد الذي ينفرد بظاهرة (قمامة المكتبات) وهي ظاهرة رمي الكتب القديمة والتي تعد بعضها امهات للكتب، بين النادر والثمين، رميها في الطريق او بيعها كأي سلعه تالفة في الاسواق، هي خسارة للمكتبات العربية وتعد مؤشر لانحدار الوعي الثقافي لدى الناس .

5
ماذا لو تهدم ثالوث الكتابة؟

رسل جمال

يُقال ان الكُتاب هم صناع الرأي، ويحملون بوصلة الفكر الجمعي، يحركونها بما تشتهي أيديولوجياتهم الخاصة او المستأجرة!
نعم هناك افكار للأجرة، وكُتاب يكتبون بالأجرة، وسنأتي لشرح ذلك بالتفصيل في مقال آخر.

ان العلاقة بين (الكتابة) كعمل انساني واعي، و(الكاتب) كشخص مفكر ومؤثر، والموضوع المكتوب عنه او لنقل (الفكرة) هي علاقة ثلاثية أسميها (ثالوث الفكر) فالكتابة منذ القدم كانت تؤدي المهام الاساسية لها؛ الا وهي الأخبار عن شيء ما، أو التعليم ومنه يتفرع النصح والارشاد، ويمتد بذلك الى المساهمة في تكوين الأفكار والتصورات الأولية لدى عامة الناس، وتعد اللقاء الاول بين أفكار الانسان التي تدول في ذهنه وترجمتها على الورق، فهي عمل يرفع من جودة الحياة الانسانية، وينقلها الى مرتبة أعلى وأسمى، وهي عبارة اختصرت بها الكثير من الشرح والايضاح.

وأي إخلال او ضعف في نقاط ذلك الثالوث، سينسحب بلا شك الى قضية الكتابة، ويجعل منها عمل عبثي لا جدوى منه.
تكمن أهمية الكتابة في أنها تمثل النواة الاولى لأثبات الوجود الانساني، فمع ظهور الحرف والتدوين تم التعرف على النشاط الفكري للانسان القديم، اي أن الانسان قبل اختراع الكتابة، كأنه لم يكن لانه لم يدل شيء على وجوده!

لذلك فان الغاية من الكتابة، بوصفها مجهود فكري وعقلي هو احداث تغيير، او بذر بذور الوعي، اي ان العلاقة لابد لها ان تكون تفاعلية بين الكتابة والواقع، حتى تثمر ويُقال عنها مؤثرة.

 فاذا كان الكاتب يرى ان ما يكتبه لا يؤثر في الناس، او لا يلاقي آذان صاغية، او ان الاجواء الفكرية العامة لتلك الحقبة الزمنية تسير عكس التيار، من افكاره واطروحته، او يكون الكاتب وما يكتبه في وادي والناس في وادِ.
فهو على مفترق طرق يجعله يتسأل ماجدوى ما يقوم به؟ هل يستمر بعمل الكتابة؟ ام يكتفي بدور الشاهد عما يدور حوله بدون محاولة تغييره او حتى تدوينه، لأعتقاده التام ان ما سيقوم به لن يحدث التغيير المرجو منه،

وهنا السؤال الذي سيدور في ذهن كل كاتب، ترى ما العبرة في الاستمرار بالكتابة في مجتمع لا يقرأ؟
الذي حفزني لكتابة هذا المقال هو منظر بائع الصحف، وهو يتجول بين السيارات تحت اشعة الشمس الحارة، وهو يزاحم المتسولين لعله يبيع صحيفة واحدة!
ومع انتشار الصحف الالكترونية وانحسار الصحف الورقية، اصبحت الصحيفة الورقية تبدو من الموروثات التي في طريقها للاندثار، والتلاشي ليست هي فحسب بل عالمنا الورقي ذو الرائحة القديمة المحببة مهدد بالانقراض والاختفاء في ظل الهجوم الرقمي المخيف، فالكثير منا لم يعد يقتني بما يعرف ب(البوم الصور) لاستعاضة جهاز الموبايل بالتصوير والحفظ واصبح كلا منا البومه الخاص، ومع مرور الوقت ستعاني الذاكرة من الأمتلاء وسنزيل تلك الصور، صاغرين ملبين لنداء الذاكرة الافتراضية!

اننا نشهد مرحلة انتقالية للفكر الأنساني، وأمام تغيير في الفهم البشري لما قبل وما بعد، وما كان وما سيكون، وتحول في اساليب الكتابة بوصفها احدى وسائل التواصل بين الافراد، وأحدى أدوات التعبير عن افكار الأنسان وعن الاحداث التي تحيط به، وعن ما يستشرفه للمستقبل
للثالوث رأسان آخران سنكتب عنهما في مقالين منفصلين ...

6
ماذا لو كانت هذه النهاية؟

رسل جمال

نحن نشهد حالة من ذبول، تصيب كرتنا الأرضية فحالة العطش العالمية التي ضربت العالم والتي أدت الى جفاف بحيرات وأنهر كانت متدفقة منذ قرون، يجعلنا نستدرك أن الأمر لم يعد موجة جفاف عادية، او ارتفاع بدرجات الحرارة ادت الى تبخر مياه تلك المسطحات، بل هي مرحلة جديدة تواجه البشرية عليهم الاستعداد لها، وتغيير بوصلة أهتمامهم لقضايا تعد مصيرية وتعد تهديداً واضحاً للوجود الانساني، اكثر من تلويح البعضباستخدام السلاح النووي!

لان الارض لن تنتظر جنون البشر لأنهاء العرض، هي من ستبادر بذلك
اذ تشير التضاريس الحديثة للأرض اننا امام عصراً من التغيير يكاد يكون الأكثر ضراوة، من كل العصور الجيولوجية السابقة التي شهدتها ارضنا، من العصر الجليدي، مروراً بالعصر الحجري وصولاً لعصرنا الحالي، والذي يبدو ان الحضارة الانسانية ستقف عاجزة عن صد عواصف هذا التغيير، مثلما خذلتنا الحضارة بالتصدي لكورونا.

ان الخطر المحدق الذي ينتظر الارض يجعل باقي التهديدات لا قيمة لها، اجزم لن يكون للسلاح النووي هيبة امام التصحر وانحسار الاراضي الصالحة للزراعة، ولن يكون للنفط أهمية امام انعدام الاراضي الخصبة، بل سيشكل عبئ على البيئة، في عالم يبحث عن مصادر الطاقة النظيفة، وسيعود الدولار كقطعة من الورق لن يعطي لحامله الامان الاقتصادي، سيعود عهد المقايضة!

 ستكون البشرية وجه لوجه امام مجاعة عالمية، ،كذلك سيكون هناك تهديد اخر بسبب ارتفاع منسوب المياه في العالم، بسب ذوبان ثلوج القطبين، الذي سيؤدي الى غمر الكثير من المدن الساحلية وتقليص اليابسة وحشر البشرية في بضع كيلو مترات!

سيكون الوضع اشبه بوضع عشرة اشخاص في صندوق صغير، لن يصمدوا في تحمل بعضهم، ولو كانوا اصدقاء مقربين، ستضيق علينا بلا شك!

ان مايدور وما يجري من تغييرات جغرافية ومناخية، كبيرة ومصيرية، تسخف حجم خلافاتنا وتهديداتنا ومناوشتنا وتكسر عنجهيتنا نحن البشر، وتجعلنا أشبه بنملتين تتصارعان على سطح حبة السكر، وهن لا يعلمن ان تلك الحبة وما عليها من معارك طاحنة وصراعات ووعود لبعضهن بتدمير الأخرى في طريقها لفهم حيوان اكبر!

هكذا هو الكون كبير جدا، لكن ليس الى ما لا نهاية، ويبدو ان النهاية قريبة، ان الامر لم يقتصر على التغيير البيئي الذي يعيشه الانسان، بل رافقه تغيير في سلوكيتنا جميعاً، وفي علاقاتنا الانسانية، اذ اصبحت اكثر هشاشة من الواقع المناخي، ولم تعد تصمد بل تتساقط على الدوام مثل اوراق الخريف، كأن العلاقة الانسانية اصبحت تخضع لمدة صلاحية محددة، وتصبح بعدها عديمة الفائدة والوجود!
لأننا في تحديث مستمر لمنظومة علاقاتنا، ولم يستمر معنا الا من صدق!

هذا الانزواء والعزلة الذي يعيشه الانسان رغم كل وسائل التواصل، جعلت منه انسان يستريح بالوحدة، ويستثقل الاجتماع مع الاخرين، ويستسهل القاءات الافتراضية المزيفة، لذلك فان التواصل الشبكي يغنيه عن مواجه العالم على الطبيعة او تجنبه على الاقل.

 ان الشعور (بالنهاية) الوشيكة يجب ان يجعلنا اكثر قرباً من بعضنا، وليس العكس، يجب على الانسان ان يتزود من احبابه قدر ما يستطيع، ويصنع ذكريات جميله معهم، كم من مشاعر جميلة لم نجرؤ على البوح بها على امل الاعتراف المؤجل، كم من المتخاصمين يكابرون ولا يمد احدهم يد الصلح للاخر، ان الفكرة (النهاية ) بقدر ما تحمل من خوف من المجهول، بقدر ما تدفعنا الى ترتيب الاولويات والاسراع في تعويض ما مضى، فليس هناك اسوء من ان تغادر الحياة ولم تجازف لتجربة كل العابها!

رغم ان الانسان اجتماعي بطبعه، كما يقول ابن خلدون، الا انه ليس اجتماعي على طول الخط كما يبدو، بل قد يسعى لانقراض نفسه بنفسه، كما يحدث ويعمل عليه دول العالم الغربي بتشجيع (زواج المثلية) وهو طور ومنحى اخر تنحاه الانسانية لكن نحو الاسفل،
ويعد حلاً تطرحه بعض السياسيات الشيطانية، للكثافة السكانية العالمية بحجة ان موارد الارض لن تكفي الجميع، فعلى الرجل ان يتزوج الرجل، حتى يضمنون انهم لن يستطيعوا ان ينجبوا فرداً جديد ينافسهم على الخبز!

يبدو اننا وصلنا متأخرين ولن نشهد الا النهاية، فهل هذه نهاية الارض والجنس البشري حقا؟ ام هنالك مخرج طوارئ اخر؟

7
البنك المركزي ما له وما عليه

رسل جمال

تصدّر في الآونة الأخيرة الكلام عن مزاد العملة، وسبقها تغيير سعرالصرف للدولار، وغيرها من القضايا الاقتصادية التي تناولها الشارع العراقي، باللوم على السياسة النقدية التي يسوسها البنك المركزي العراقي.
ولكن القليل ممن هم من ذوي الاختصاص، على دراية بما ورائيات هذه الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي، والغاية منها، وقد يتهم بانجراره لغايات سياسية مرة، او انقياده لجهة ما مرة اخرى.

في البداية وكما هو معروف، فان استقرار الحياة الاقتصادية، لأي بلد مرتبط بشكل اساسي بالجو السياسي العام للبلاد، ومدى استقراره وما له من تاثير على مستوى ثبات واستقرار العملة المحلية.

 وفي ساحة سياسية مثل الساحة العراقية ما تشهده من احداث متسارعة، تعد بيئة قلقة وغير مشجعة لتحسن قيمة العملة المحلية، بل وتجعلها مهددة بعدم الاستقرار، وهذا بدوره ينسحب على عملية التداول المصرفي والذي يجعل المواطن لا يطمئن لقيمة العملة المحلية، وبهذا سيكون هناك مؤشر على زيادة الطلب على الدولار مما يشكل ضغط في عملية التحويل، وبالنهاية سيؤدي الى ارتفاع سعر الصرف.

اما ما يخص نافذة بيع العملة، فان البنك المركزي ياخذ على عاتقه ادارة هذه النافذة عبر توفير العملة الصعبة للمواطنين الراغبين بالحصول عليها للاعمال التجارية او لأكمال الدراسة في الخارج بسعر مدعوم، وغيرها من الامور، لذلك فان البنك يوفر العملة الاجنبية للسوق العراقية، بصورة نظامية مع فحص للدولار السليم، اي انه يجنب المواطنين التعامل مع مزيفي العملة.
وهو بذلك يشرف بشكل مباشر على ادارة سعر صرف العملة، رغم ما يضفي عليها من سمات التضخم! والذي يدل على (عافية الاقتصاد). قد يستغرب البعض من هذه العبارة ولكن الاقتصاد المتضخم هو الاقتصاد الذي يشهد ارتفاع معدلات الطلب في مقابل عرض أقل، مع وجود القدرة الشرائية للفرد، على العكس مما تعانيه بعض اسواق المنطقة من تضخم في الاسعار ويقابله عزوف في عمليات الطلب مما يسبب كساد اقتصادي وخمول للعملة.

لم يقف البنك المركزي العراقي على حدود مهامه الاساسية في ادارة النقد المحلي، ورسم السياسة النقدية فقط، بل ساهم في الحفاظ على المال العام، من خلال فرض سلطته النقدية على بقية المصارف الاهلية، والحد من عمليات التلاعب او الاحتيال التي يُسمع عنها هنا وهناك.
_ اذ فرض سلسلة من الاجراءات الصارمة على المصارف الاهلية تلزمها بها، ووضع آلية لمنح التراخيص لتأسيس المصرف نفسه، كذلك مراقبة راس المال وعمليات الصرف، والاشراف المباشر من قبل كوادر البنك المركزي، لعمل تلك المصارف على ارض الواقع، من خلال زيارات دورية، ويتم من خلالها تصنيف المصارف حسب ما تقدم للمواطن من خدمات من جهة، والتزامها بالضوابط من جهة اخرى.

_ كذلك استحدث البنك المركزي (منصة خطابات الضمان) وهي آليه جديدة اتبعها البنك المركزي من اجل فحص وتدقيق كل خطاب ضمان مقدم من خلال اي مصرف فلا يتم المصادقة على اي خطاب الا بعد مروره بهذه المنصة، بعد ان يستوفي كافة الشروط لمنحه للمستفيد، وقد تم العمل بها.
_منح مبادرات صندوق الاسكان عبر قروض ميسرة، وتعزيز تلك المبادرة بالغاء الفائدة، وبذلك يكون البنك قد اسهم بما يقارب ( ٣٠_٤٠%) من اجمالي معدل التنمية الاستثمارية.

_كذلك طرح البنك المركزي مبادرة الطاقة المتجددة بالتعاون مع وزارة البيئة، وذلك بترسيخ مبادئ الاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية، من خلال منح قروض للمواطنين لشراء تلك الوحدات، التي تساهم بالحد من التلوث البيئي، وتوفير الوقود وتعتبر من البدائل الاقتصادية لتوفير الكهرباء، والتي ستساهم في تخفيف العبئ عن المواطن الذي يشكو باستمرار من ارتفاع اسعار المولدات الاهلية، وسوء خدماتها المقدمة.
لم تقتصر مساهمات البنك المركزي في المجال الاقتصادي والتنموي فقط، بل كان له دور في دعم ورعاية والاشراف بعدة مبادرات مجتمعية فعالة، قد لاقت استحسان الشارع العراقي ومنها؛ اعادة اعمار شارع المتنبي، شارع بغداد الثقافي الذي عانى من الاهمال لعقود.
كذلك اشرف البنك المركزي بالتعاون مع المصارف الاهلية على مبادرة اعمار اهم ساحات العاصمة بغداد واعاد لها رونقها الخاص.
كذلك لم يغفل البنك المركزي الجانب الانساني، اذ يقدم عدة مساعدات لبعض شرائح المجتمع، عبر مبالغ مالية تقدم كرعاية لكبار السن، او ممن بحاجة لعلاج وغيرها .

في النهاية يجب ان نشيد بعمل المؤسسات التي تمثل وتد الامان لهيكل الدولة منها المؤسسة القضائية التي كرست مفهوم الاستقلالية والترفع عما يدور في الساحة العراقية من شد وجذب وتصارع، فكانت قوية وستبقى، كذلك مؤسسة عريقة كالبنك المركزي وما يحمله من ارث اقتصادي وما يعمل لحماية الدينار يجب ان لا يكون موضع للشك او الريبة....
حفظ الله العراق ...

8

بين الاستخدام الخاطئ للديمقراطية وكراهيتها

رسل جمال


الديمقراطية بتعريف مختصر لها هي( نظام قائم على التمثيل)،  أي شكلاً للحكم يقوم على أساس تمثيل مجموعة صغيرة للمجموعة الأكبر، و هو يفضي الى نسقآ برلمانياً او نظام دستوري تعددي، والشكل الذي تقوم عليه الدولة، والحكومة فيما بعد على أساس هذا التمثيل. لكن ما شهدته الساحة العراقية السياسية، خصوصا بعد أجراء الانتخابات البرلمانية، ظاهرتين تعد الأبرز ؛الاولى تعد هذه الانتخابات الأقل مشاركة من جهة، والثانية؛  هي اكثر عملية انتخابية تحظى بمراقبة وبمباركة أممية واسعة النطاق!

الا انها رغم ذلك جائت بنتائج لم ترضي الجميع، بل اثارت سخط بعض القوى السياسية، التي اضطرها الى الاحتجاج على  تلك النتائج  أمام بوابات المنطقة الخضراء، ويعد ضرب وتشكيك في العملية الانتخابية وهو ضرب للديمقراطية بالحقيقة وخلق أسلوب وطريقة لنظام جديد كاره للديمقراطية ومعارض لها، وهذا ما يسمى انقلاب الديمقراطية على نفسها، يقول جاك رانسير في كتابه (كراهية الديمقراطية) ان الخطاب المزدوج حول الديمقراطية ليس جديداً بالتأكيد، فقد تعودنا على سماع ان الديمقراطية هي أسوأ أشكال الحكم باستثناء كل ماعداها، لكن العاطفة الجديدة المناهضة للديمقراطية تقدم لهذه الصيغة طبعه اكثر اثارة للقلق، وبعبارة أخرى تقول لنا ان الحكم الديمقراطي سيء في حالة واحدة فقط، وهي حين يستسلم الأفراد للإفساد والفساد.

مما لا شك فيه ان الرفض الذي تواجه نتائج العملية الانتخابية الحالية، هو بدوره سيؤدي الى عرقلة تشكيل حكومة، وهو بدوره سيعرقل مصالح المواطنين، وتأخير في سير العمل الحكومي بالمجمل، ولا يقف الأمر على هذا الحد، بل  قد يؤدي الرفض والتنازع والتجاذب للقوى السياسية الرافضة لنتائج الانتخابات،  على زعزعة الإيمان بمجمل النظام الديمقراطي القائم، أي العودة بالعراق الى العصور المظلمة لايسامح الله.

ان الاعتراض على نتائج الانتخابات، هي حالة صحية قد تقّوم الحالة الديمقراطية، لا تقوضها، لكن مالم تتخطى الخطوط الحمراء ومنها حرمة الدم العراقي، ولكن إلغاء العملية الانتخابية ورفضها بالمجمل، او المضي بها رغم رفض طيف واسع من القوى السياسية، هو كذلك امر لأيمكن ان يمر مرور الكرام، لابد من عقلاء القوم ان يقولوا كلمتهم الفصل.

ان الخروج من عقلية الفائز والخاسر، قلما يتعامل بها ساسة العراق، وهذا بلا شك يحتاج الى تضحيات، ووعي عالي وايمان مطلق بلغة الحوار السلمي، وحس بالمسؤولية، والحق يقال ان مبادرات التي طرحها السيد الحكيم تعد فرصة ذهبية على جميع القوى السياسية التمسك بها بل والعمل بموجبها، لانها تمثل مخرج الطوارئ الوحيد لما تعانيه العملية السياسية، وإعادة المرونة المطلوبة للعملية السياسية التي تعاني التشنج الشديد منذ اعلان نتائج الانتخابات ولغاية اللحظة، وهذا بدوره يعيد الديمقراطية الى مسارها الصحيح، ويبعد عنها المكروهية على اقل تقدير

9
طالبان تخرج من الكهف مرة أخرى

رسل جمال

ربما يتذكر البعض، او لا يتذكر لا بأس ان نعيد شريط الصور كيف كانت القنوات الفضائية تنقل لقطات لجماعات إسلامية متطرفة تسكن الكهوف الأفغانية، وهم اقرب لشكل الانسان القديم ابرز تلك الشخصيات كان اسامة ابن لادن، وهو فزاعة وشخصية سريالية تم توظيفها لشرعنة الدخول الى افغانسان فيما بعد، وكان عند كل مقابلة للرجل أمام الكاميرا و يتوعد لأمريكا بالموت، وبعيد عن لغة التهديد والوعيد الأ انه منطقيا لم يكن للرجل اثر يذكر، الا بعد احداث ١١سبتمبر بعدما تبنت طالبان والقاعدة هذا الهجوم،في مشهد سينمائي تم تنفيذه بدقة عالية،على طريقة هوليوود وتصويره من عدة زوايا، ومناورة وتمثيلية اشترك بها عدة أطراف ومنها امريكا نفسها،لخلق موجة رأي عام دولي ينادي بضرورة لدخول المنطقة والقضاء على الجماعات(الإرهابية) .

كان هذا الحدث هو  صافرة البدء التي اطلقتها امريكا للتحرك بأتجاه الشرق، والتأسيس لسياسة جديدة اتبعتها امريكا وهي (الاستباقية)، أي مباغتة الأهداف قبل ان تتحرك، وكأنها تتنبأ بسيناريو المنطقة مسبقاً، ان لم تكن هي من تكتب السيناريو أصلا، واستخدمت هذه السياسية في العراق، عندما عبئت الرأي العام الدولي بخطورة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وهذه كانت الحجة التي تعكزت عليها امريكا لشرعنة دخول قواتها، وهكذا كان دخول القوات الامريكية لافغانستان لأغراض بسط الأمن كما تدعي ومحاربة الإرهاب ومكافحة أي بوادر لنشوء مثل هكذا حواضن مستقبلاً، الا انها لم تقضي عليها بشكل كامل، رغم القواعد العسكرية الضخمة التي أنشأتها امريكا في المنطقة !

هذا الاستعراض السريع لأبرز الأحداث التي عاشتها المنطقة، هو من اجل ان نعيد للأذهان ان ما يجري اليوم، في افغانستان ما هو الا تكملة لسيناريو تم إعداده بشكل مسبق، ولا مجال للصدفة فيه، لان انسحاب القوات الامريكية بهذه الطريقة، وسيطرة طالبان على شوارع أفغانستان، و خروج الجماعات المتطرفة للسيطرة مرة أخرى على دولة بمؤسساتها بشكل كامل، ومشاهد الآلاف الناس وهي تسارع بالفرار من مطار كابول، هي رسالة واضحة وصريحة لشعوب المنطقة، ان انسحاب احد أطراف المعادلة، سيكون على حساب التوازن، ولن يكون هناك استقرار .

كذلك هناك شق اخر للموضوع بعيداً، عن المنظور السياسي وتوازن القوى، تعمل طالبان جاهدة، في عكس صورة مشوهة للإسلام، ومنفرة حيث بدأت بطمس معالم الحضارة في شوارع العاصمة الأفغانية كابول، من محال تجارية وتمزيق الصور، وكأن الإسلام لا يتماشى مع مظاهر الحياة، ورغم رسائل التطمين التي تطلقها طالبان، مثل ضرورة ان يكون هناك قناة للتواصل والحوار مع المجتمع الدولي، في إشارة انها تخشى الانعزال والمنبوذية، كذلك صرحت انها ستحترم حقوق المرأة والطفل، الا انها تبقى حركة يُنظر لها انها خرجت من الكهف، ولا يمكن ان يعم الأمان الا برجوعها اليه!

10
تحالف قوى الدولة واللادولة، ومصير الانتخابات

رسل جمال

يوماً بعد يوم ومع اقتراب السباق الانتخابي من خط النهاية، وبدء العد التنازلي للانتخابات، يظهر على السطح ظواهر  سياسية ومواقف لجهات مشاركة في العملية السياسية العراقية منذ البداية، بين مقاطع ومخاصم ومكتفي بالتفرج او الجلوس على دكة الاحتياط، وهي اجراءات أشارت اليها مفوضية الأنتخابات انها متأخرة، وبات الانسحاب من المشاركة بالانتخابات ضربة إعلامية ليس الا، خصوصاً بعد مصادقت المفوضية على قائمة الأحزاب التي تنوي المشاركة، وبات الانسحاب غير ممكن.
لكن تبقى المناورات السياسية لبعض الجهات السياسية قائمة، وتلوح بالمقاطعة بل أصبحت تلك المناورات سُنة تبعتها فيما بعد بعض الجهات والأحزاب السياسية وحدة تلو الأخرى، و تأتي هذه المطالبات لأسباب عدة منها:
كما هو معروف للجميع ان تلك الجهات مستفيدة من الوضع  بصورته المزرية الحالية، لأنه يضمن لها بقاء المكتسبات، على حساب حقوق المواطنين، خصوصاً وان رصيدها الجماهيري في تناقص مستمر، لذلك هي متأكدة  ان العملية الانتخابية بكل الأحوال ستجلب معادلة سياسية جديدة لا ترى تلك الجهات انها ضمن اطرافها الأساسيين، لذلك فهي تعمل على تعطيل أي تحرك نحو التغيير، بل وتغذي الفوضى ما استطاعت الى ذلك سبيلاً.
خصوصا وهي على يقين ان كل محاولات استماله رضى الشارع، بائت بالفشل لذلك هي تقرأ خسارتها الانتخابية مبكراً.
أضف الى ذلك بعض القوى السياسة باتت تعاني  في الآونة الأخيرة ضغوط شعبية، بسبب سوء الادارة لمؤسسات تقوم على أدارتها وهي  على تماس مباشر بحياة المواطنين، وقد ادى ذلك الفشل الى كوارث مخلفة ضحايا بشرية بأعداد كبيرة، كانت كالقشة التي قصمت ظهر البعير.
فلم تجد تلك القوى طريقة لحفظ ماء الوجه الا بأعلانها المقاطعة وعدم المشاركة في الانتخابات وإعلانها الاحتجاج!

لا تمثل اجراء الانتخابات والدعوة اليها كأجراء انتخابي سياسي او تتويج  للعملية السياسية فحسب، بل هي استجابة لدماء الشباب الذي وقف في ساحات الاحتجاج وسقط وهو يطالب بحياة كريمة، وعدم المضي بإجراءها تعني الاستهانة بتلك الدماء والعودة بالبلاد الى حالة اللانظام واللادولة والفوضى المخيفة لا لشيء الا من اجل التشبث بالمناصب اطول فترة ممكنة.

في الطرف الاخر نجد ان قوى الدولة وهي صوت المؤسساتي الداعي لأقامة انتخابات في موعدها المقرر ودفع عجلة العملية السياسية للمضي في مسارها المرسوم لها، والجهات السياسية التي تبنت النظام ويحكمها صوت العقل والحكمة، وهي تستجيب للشارع العراقي، أكدت على ضرورة اقامة الانتخابات في موعدها المحدد لاعتقادها ان التسويف والمماطلة وتعطيل الانتخابات، ستكون عواقب تلك الممارسات وخيمة ولا تحمد عقباها، خصوصاً و المجتمع العراقي يشهد اوضاع اقتصادية وسياسية واجتماعية وصحية حرجة، في ظل جائحة عالمية اصبحت تحكم الخناق على المجتمع بصورة عامة، وعلى الأفراد بصورة خاصة وتزيد من حجم الضغط النفسي الذي يخلق بيئة صالحة للفوضى العارمة، تقوده قوى اللادولة!

11

الوطن كما يرويه الحكيم

رسل جمال

أختتم معرض بغداد الدولي للكتاب فعالياته، وبعدها ستحتفي القاهرة كذلك بمعرضها للكتاب، وللأمانة لمس الجميع ان دورة الكتاب هذه المرة، لم تكن ببهاء وزهو الدورة السابقة للإنصاف، ويمكن ان نرجع ذلك لعدة أسباب أهمها انحسار الأجنحة التي تضم دور النشر، ويبدو ذلك واضح عند دخولك للمعرض، لكن ذلك لم يمنع إقبال القراء، رغم ذلك ورغم الارتفاع الواضح بأسعار الكتب، وارتفاع درجات الحرارة اللاهبة!

ألاان هذا النشاط الثقافي والفعالية الأدبية تعتبر إنجاز للساحة الفكرية، مع وجود كل تلك التحديات، خصوصاً وان المعرض ضم العديد من الكتب وبمختلف المواضيع، أي ان دور النشر حاولت ارضاء كل ألوان الذائقة الأدبية للجمهور، المفرح ازدياد المطبوعات التي تهتم بالأطفال والناشئة، بل تفننت بأصدار الألعاب الفكرية المسلية، اضافة للقصص والمنشورات، في محاولة لسحب الطفل لعالم القراءة الممتع، بعيد عن الأجهزة الذكية التي أعلنت الغزو الفكري على أطفالنا.

عموماً يعد معرض الكتاب فرصة للمرح والاستمتاع برائحة الكتب، سواء كان مقروء او حتى معروض، لان ورؤية عناوين الكتب وهي مصطفة بشكل مرتب او مبعثر، منظر يوحي بالطمأنينة للنفس، اذا ما زلنا نقرأ، اذن نحن بخير!

ونحن نتجول في اروقة المعرض، لا يمكننا ان نغض الطرف عن كتاب كان هو الأبرز في هذه الدورة، وهو (رحلة وطن)  للسيد عمار الحكيم، واستوقفني، وحين بدأت بتقليب صفحاته على عجالة، الا بعض السطور أردت ان أعيد قراءتها، الا ان ضوضاء المعرض لن تسمح بذلك فاقتنيته ومضيت، اكمل جولتي .
عن قراءة هذا الكتاب ستكتشف مباشرةً انه لايقع في خانة كتب السيرة الذاتية، بل هو كتاب يخرج من كواليس العملية السياسية ومن خلف ابوابها المغلقة، ليروي لنا ماحدث في عالم، تنبئ الكثير عنه .

يمتلك الكتاب نقطة قوة، لانه جاء على لسان ممن شارك وشاهد العملية السياسية العراقية من الداخل، فأصبح كشاهد عيان لما حدث ويحدث، فالكتاب لا يطلق احتمالات او او نبؤات إطلاقاً.

سجل الحكيم في طيات كتابه مرحلة مهمة من تأريخ العراق السياسي، بالتزامن مع مراحل حياته، ووضع النقاط على حروف بعض المشاهد، التي يصعب على المؤرخين الاجتهاد فيها، وإيجاد الأجوبة الشافية لأسئلتهم، فالرجل يروي القصة من البداية، ويسلط الضوء على الأسباب، ويستشرف النتائج، بشكل واضح، مع الأمثلة والمصاديق.
ينوه في بداية الكتاب (رحلة وطن) انه ليس كتاب سيرة شخصية، بل هو طريقة للنظر الى مقطع عرضي لمرحلة من التاريخ العراقي، من زاوية تحليلة عملية، بعيد عن عبارات كتب التأريخ الملغومة، وايدي الوراقين المأجورة!

اذ يقول "هو قصة حياة وجوانب من رحلة واراء في الدين والسياسة ولحظات معاناة ورحلة كفاح(لم يعرف عنها احد شيء) ولا أزعم ان كل مسار حياتي كان صائباً من دون خطأ، ولكنني أقول انني كل قطعت من طريق كانت النوايا صادقة والأهداف نبيلة.

هي دعوة لمن شارك في العملية السياسية ان يدونوا هم كذلك ادوارهم من تلك الرحلة، وان يتركوا لهم اثر بعيد عن العالم السياسة ولكن يحوم حوله، وفي الحقيقة لا أنصح بقراءة الكتاب، مالم تتسلح بذهنية قبول الرأي الاخر، او ان تأتي برواية لرحلة أخرى.

12
الصاروخ الصيني ورسائله المبطنة

رسل جمال

نقرة واحدة على محرك ال(Google) للبحث عن عدد مركبات الفضاء، او المسبار الفضائي العائمة بين مدارات الكواكب والنجوم، يتبين لنا ان العدد كبير، لكن السؤال لماذا الصاروخ الصيني استطاع ان يستولي على اهتمام العالم؟

وإذا كان الصاروخ الصيني تائه بالفعل كما تدعي الصين فالأحرى ان يتيه في هذا الكون الفسيح، وان يبتعد عن مدار الارض، ولا يحوم حولها كطائر مهاجر!

ان الحديث عن الصاروخ الصيني يفتح لنا الباب للبحث عن الصواريخ الفضائية، لنتعرف علينا عن قرب، الألمنيوم هو المادة الأساسية التي يصنع منها المركبات الفضائية والصواريخ، لما يحمله من خصائص، فهو خفيف مقارنة بالمعادن الأخرى، كذلك هو موصل جيد للحرارة، كما ان الصاروخ الفضائي  يستهلك القسم الأكبر من وقوده في عملية الانطلاق، وهو مصمم بشكل آلي ليفقد أجزاء من هيكله الكلي، أي ان الجزء المتبقي منه هو الأصغر ، وفي حال سقوطه بالفعل فان الاحتكاك بالغلاف الجوي سيقضي على ما تبقى منه، وفعليا فان الأجزاء المتبقية منه، لأيمكن لها احداث أضرار تذكر، وفي حال سقوطها فعلى الأغلب سيكون سقوطها في المياه لانها تشكل الجزء الأعظم من كوكبنا الارض، لانها تشغل ٧٥٪؜ من مساحة الارض.

الغاية من هذه المقدمة العلمية، البحث عن اصل هذه الموجة الإعلامية، لهذا الحدث ولماذا حظى هذا الصاروخ بهذا الكم من التسليط الإعلامي، جعل العالم يتابع خط مسيره بتوجس .

يبدو ان الصين اصبحت تستمتع في جذب انتباه العالم،. ولا يهم ان يكون هذا بشكل سلبي أم إيجابي، لاننا في عالم تتحكم به أدوات الإعلام، وتدير خيوطه وسائل التواصل، والعالم اصبح يستجيب لتلك الموجات التي تحدثها الشاشات الصغيرة!

لذلك اصبحت عملية اثارة الرأي العام، عملية مدروسة بحرفية، وتجري بشكل دوري لتوجيه أنظار العالم لقضايا وغض الطرف عن قضاياه الحقيقة، ان العالم يعاني من كوارث إنسانية، بين اقتحام الأقصى، وقضايا مصيرية مثل بدء جفاف نهر الفرات،  وغيرها الكثير وكلها اهم من خبر وقوع بقايا صاروخ تائه، الا ان الإعلام يتجه الى قضيه أريد له ان يتناولها وانتهى.

لم يعلن العالم انتصاره بعدعلى وباء كورونا، الذي اجتاح العالم قادماً من الصين، في حين سارعت الصين الى لملمة اوراقها، بل راحت تقدم المساعدات الطبية لدول العالم، في رسالة انني قادرة على سد الفراغ الذي احدثته الدول العضمى التي اغلقت حدوها.
وها هي اليوم تطلق صاروخها التائه المزعوم، وهو يحمل رسائلها المبطنة للعالم، انني قادرة على اثارة الرعب، والتحكم في الأمن القومي للعالم، حتى لو كان عن طريق الخطأ.

13

اقلمة القيادة وفرعنة الهواة/١

رسل جمال


كنا قد كتبتنا فيما سبق سلسلة مقالات بعنوان (اقلمة القيادة وفرعنة السلطة)، وبينا فيها بشكل مبسط ما نعني بأقلمة القيادة، وماهي آليات تأقلم السلطة، وما الدواعي لتأقلم القيادة، وأوضحنا الفرق بين القيادة والسلطة، وماهي المشتركات بين المفهومين، وكيف ان الناس قد تختلط عليهم الامور، ومايسبب هذا الخلط من مشاكل وملابسات، لها ارتدادات كبيرة.

هذه المقدمة للفت النظر، مرة وللإشارة للمتابع مرة أخرى للتفريق بين القادة وطالبين السلطة!خصوصاً ونحن نقترب من السباق الانتخابي والذي يكون محموم كالعادة، الا ان الدورة الانتخابية القادمة هي الأكثر سخونة، ان لم تكن أكثرها ضراوة وتنافس، وتدافع!
والسبب في ذلك ما شهدته الساحة العراقية منذ فترة ليست بالبعيدة، من تداعيات وملابسات واحتجاجات، قادت البلاد الى منزلق خطير، جعلت المشهد يبدو ان اللانظام قادم وبقوة، ولا يوجد سبيل لملمة شتات الحكومة، في ظل تلك الأحداث المتداخلة بشكل دامي!

نتج عن تلك الأحداث إسقاط (حكومة عادل عبد المهدي)، تلتها عمليات جراحية لإنعاش النظام، كلها بأت بالفشل، ماعدا المحاولة الأخيرة والتي تمخض عنها اختيار الكاظمي كرئيس للوزراء، على ان يتم اجراء انتخابات مبكرة.
والحق يقال اننا لسنا أمام دورة انتخابية فحسب، بل نحن أمام دورة حياة جديدة لعملية سياسية بأكملها، وهي حالة انتقال الى مستوى اخر، قد تكون اكثر نضجاً

ان الانتقال الاول الذي شهدته العملية السياسية، من حالة الدكتاتورية، الى حالة الديمقراطية، ولانعني بالطبع الديمقراطية المشوهة التي وصلت لنا على الدبابة، بل الديمقراطية بشكلها الاخر الأنيق، هي رحلة طويلة قد تكلف الشعوب عقوداً من التخبط والتعثر، حتى تتدرب للمضي في هذا المضمار، والبدء بخط الشروع فيه.
كما ان حالة الغضب التي عاشها الشارع العراقي، هي حالة صحية لتصحيح المسار، ليس هذا فحسب بل لابد انها جعلت من الجمهور المترقب لسير الأحداث، اكثر قدرة على فرز الوجوه السياسية، والطامحة للخوض في العملية السياسية بوجهها الجديد، وأصبح يفرق بين القائد الذي يملك (مشروع) ورؤية واضحة، و بين طالبين للسلطة فقط، وهم هواة بالطبع لانهم لايملكون مشروع ينطلقون من خلاله، ولا يملكون رؤية استشرافية للأمور، وهم بالغالب وجدوا لإحداث المشاكل السياسية، فهم تجار الأزمات والعازفين على أوتار الطائفية، لانهم لا يملكون بضاعة سياسية يسوقونها سوى الأزمات، هم بالطبع اصحاب الشعارات الفارغة، وعادة ما تكون دعاية هؤلاء الانتخابية مضائة كهربائيا وبحجم عملاق!

سنتكلم في المقال القادم عن الاستعراض الانتخابي بين القادة والهواة

14
بعيدا عن لغة الأرقام قريبا من لغة الواقع الى أين نمضي بين تقلبات المناخ

رسل جمال

التغير المناخي المتطرف، يعني اننا أمام طبيعة غاضبة، من سلوكيات خاطئة قام ويقوم بها البشر، فهي تعبر عن غضبها بالأعاصير وموجات الجفاف، والعواصف الترابية وغيرها من التغييرات المناخية، التي يقف أمامها الانسان عاجز، ان استمرار ارتفاع درجة كوكبنا الأرض، يعني اننا نمضي نحو بيئة لا ترحب للوجود البشري عليها!
وإذا استمر العبث الإنساني بالطبيعة، وإذا لم تعيد الحكومات والشعوب حساباتها ازاء البيئة، فربما نمضي نحو الانقراض.
وتكمن خطورة الموضوع من عدة جوانب منها

-التقلبات المناخية وآثرها على الأمن الغذائي
تجريف المناطق الطبيعية، وحرق الغابات والتلاعب بالتوازن البيئي والصيد الجائر وغيرها من أساليب الاعتداء على البيئة، تجعل المناطق الصالحة للإنتاج الزراعي في تناقص مستمر، أضف لذلك الزيادة السكانية السريعة والذي يقابله انخفاض في المساحات الصالحة للمعيشة، والمساحات الزراعية، أي انخفاض حاد بالموارد الطبيعية، سيقابله استهلاك اكبر من حجم الموارد، وهذا  سيقودنا الى نزاع عالمي على السلة الغذائية بلا شك

-التقلبات المناخية وآثرها على الجانب الاقتصادي

يقودنا التقلب المناخي الى اندثار بعض الصناعات التي تزيد من نسبة التلوث، أي ان العالم المتقدم سيقود ثورة صناعية جديدة خالية من البواعث الغازية، وعلية فان الدول الأخرى التي ستبقى متمسكة بالأساليب القديمة والموارد التقليدية، ستعاني من العزلة العالمية، والكساد الاقتصادي كونها ستبيع بضاعة لا تنال رواج في العالم، اضافة الى كم التلوث الذي سيتركز في تلك البلدان التي ستبقى تستخرج العناصر الباعثة للغازات السامة كالنفط وغيرها من الصناعات الاستخراجية

-التقلبات المناخية وأثرها على الجانب السياسي

لم تقف حكومات العالم من التلوث البيئي والتقلبات المناخية وقفة جادة، وهذا. ما قاد البعض الى قول عبارة(ان الانبعاثات تعكس الرفاهية) ان الدول التي تبعث اكبر قدر من الملوثات الى الطبيعة، هذا يعني انها دولة تتمتع بالتقدم والتطور الكبير نتيجة الصناعات الكبيرة على أراضيها، لذلك انقسمت الدول المنضوية تحت (اتفاقية تغيير المناخ ) الى دول مسؤولة عن القسم الأكبر  من حجم الانبعاثات كونها دول متقدمة في الصناعات ، وعلى الجانب الاخر دول نامية، تكاد تصل نسبة البواعث الغازية من أراضيها الى الصفر، وعليه اصبح الموضوع مادة للتجاهل السياسي بعيدا عن البحث عن اصل المشكلة والبحث فيها وإيجاد حلول حقيقة لها.


(الحلول المقترحة)

مشكلة تقلبات المناخ، والتلوث البيئي مشكلة عامة شاملة المحيط الذي يعيش فيه الانسان وعليه فان الحلول كذلك يجب ان تكون من كل الجوانب المتعلقة فيه.

-الجانب العلمي
ان التفكير بمصادر الطاقة النظيفة، ليست فكرة وليدة اليوم، بل هي مستقبل الصناعات ومفهوم أساسي تعتمده الدول المتقدمة منذ فترة، ليست بالقليلة بسبب ان المصادر الطبيعة النظيفة، هي مصادر صديقة للبيئة وهي بدورها تمتاز بالجدوى اقتصادية عالية لانخفاض التكلفة وتوفرها، ولانها تحرر تلك الدول من عبودية النفط بشكل أساسي وعدم الاعتماد عليه،
وعليه فان البحث واعتماد مصادر  وموارد طبيعية جديدة غير المصادر النفطية، حاجة أصبحت ملحة وأساسية لمواكبة التطور العالمي للصناعات من جهة، وللحد من الانبعاثات السامة من جهة أخرى
والجري نحو اللحاق بخطة العالم المستدامة  2050

-الجانب الإعلامي

يتحمل الإعلام مسؤولية كبرى في اثارة هذا الموضوع تسليط الضوء على مضار التلوث البيئي والممارسات الخاطئة للبشر، مما ادى الى التقلبات المناخية التي تشهدها الارض
ولذلك يحتاج ملف (العناية بالبيئة) مساحةاكبر من على منصات الإعلام على مختلف أنواعه من مقروء ومسموع ومرئي وعلى كل الجهات الإعلامية ونقصد بها المؤسسات الإعلامية بصورة خاصة ، والوجوه الإعلامية من فنانين ورياضين ومشاهير عبر وسائل الإعلام ان ياخذوا دورهم في تحمل مسؤولية تثقيف المجتمع من مخاطر العبث البيئي،

كذلك تحتاج (الثقافة الوبائية)
الى خلق مفاهيم جديدة تهتم وتعي اهمية الحفاظ على البيئة ومخاطر العبث بها وهذا لا يكون الا بإدخال موضوع البيئة ضمن المنهاج الدراسي للطلبة، على ان يرافقهم من الصفوف الاولى ولغاية الصفوف الجامعية، لاهمية الموضوع وخطورته كونه يمثل مستقبل الانسان
 

-الجانب الاقتصادي

ان الرؤية الاقتصادية العالمية لمستقبل الاقتصاديات، لم تجعل النفط ضمن حساباتها، لانها في بحث دائم عن عناصر  طبيعية بديلة، وياتي الكاربون (co  2) في مقدمة العناصر التي ستحتل مكانة كبيرة من الأهمية، كونه العنصر الأكثر تواجد في الطبيعة نتيجة البواعث الغازية السامة، وهذا ما سيجعله عنصر التحدي للعلماء لتحويله من عنصر سام ضار الى عنصر اكثر فاعلية وفائدة (في كيفية علمية خاصة لسنا الان في صدد شرحها)


وعليه فان الدول النفطية عليها ان تعي هذه المسألة، وان تؤمن بفكرة التأقلم والتكيف بدل من التمسك بالأساليب القديمة، فهي أمام ثلاث خيارات
الاول اجراء التعديل اللازم في عملياتها الاستخراجية وجعلتها اكثر ملائمة للبيئة، للحد من الانبعاثات
الثاني/ التفكير في تنويع مصادر الطاقة والجنوح نحو المصادر النظيفة وجعل الأولوية لها
اما الخيار الثالث/ فعلى الدول النفطية استنفار كل جهودها في استخراج واستثمار الخزين النفطي كونه مازال يحتفظ بقيمته الاقتصادية، لانه سيفقد هذه القيمة ويصبح عبئ في القريب العاجل، كونه سيصبح مصدر غير نظيف، والعالم اصبح نظيف بالكامل.


الجانب السياسي
لا يحظى موضوع البيئة، وما تعانيه من تلوثات وتبعاتها من تقلبات مناخية، باهتمام جدي من قبل الجانب الحكومي، والسبب ربما الاعتقاد ان مفهوم الحفاظ على البيىئة هو مفهوم ثانوي، لا ينافس الملفات الرئيسية التي في تماس مباشر مع الانسان، في حين ان الأمن البيئي وهو مصطلح يقصد به الحفاظ على بيئة مناسبة لعيش الانسان، من المواضيع الأساسية والمهمة كونها تهدد الوجود الإنساني وبقائه على الارض، وعدم الاكتراث به يعرض مستقبل الأجيال القادمة الى خطر حقيقي، بل سيرثون بيئة قاسية لا تمتلك مقومات العيش الطبيعية فيها.
ان الجانب الحكومي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية الحفاظ على البيئة من خلال سن القوانين التي تصب في خلق بيئة اكثر ملائمة للعيش، وتشريع قوانين صارمة ورادعة للمتسببين في تلوث البيئة و إيلاء هذا الملف الاهتمام الكافي، الذي بدوره سينهض به

ان الجهود الحكومية القادمة، يجب ان تسلط على ملف البيئة،  وجعله من الملفات الحساسة خصوصا ونحن نشهد دورة انتخابية جديدة، فهي فرصة للحكومة الجديدة ان تجعل ملف البيئة متضمن أولوياتها و الى (رسم سياسة بيئية جديدة)تتناسب مع المفهوم العالمي للتنمية المستدامة،

15
المنبر الحر / الكتلة العابرة
« في: 21:48 25/03/2021  »

الكتلة العابرة

رسل جمال

يقول المفكر ميشيل فوكو " أن المسألة ليست مسألة تغيير مايدور في ذهن الناس، بل تغيير المؤسسات المنتجة للمعرفة نفسها" وهي اشكالية لا تخص باب المعرفة، بل تشمل أوجه الحياة الاجتماعية والإنسانية والسياسيةكذلك.

شهدت الساحة السياسية العراقية منذ فترة ليست بالبعيدة حراكاً شعبياً، كان أشبه بزلزال، أوشك ان يسقط النظام، ويحل محله اللانظام، ورغم اننا نتفق ان النظام الحالي يعاني الكثير من المشاكل والإخفاقات والإحباطات، الا انه ارحم الف مرة من العودة الى النظام الدكتاتوري الذي عانى من ويلاته الشعب العراقي، الكثير ومازال يعاني من تركت ذلك النظام!

ان الاحتجاج التشريني ماهو الا ولادة لوعي جماهيري، وحالة غليان شعبية، لن ترضى بحلول ترقيعية ولن تسكتها مجاملات سياسية، وعلى الكتل السياسية الحالية ان تعي ذلك، رغم ان شدة تلك الاحتجاجات لم يستمر الا ان أفرزت حالة وعي بقت مستمرة ولها اثر سيتمثل في المرحلة القادمة، وسيفرض لها وجود عاجلا أم آجلا.
لذلك يستوجب وجود نظام يحتوي ويستوعب تلك المطالب الشعبية، ولا يعيد عجلة التدوير السياسي التي تشهدها العملية السياسية بعد كل انتخابات، لان الانتخابات القادمة معول عليها ان تؤسس لواقع سياسي جديد والا ستكون العواقب وخيمة.

ولان ساحات التظاهر ضمت الجميع، من مكونات الشعب العراقي، ولان مطالب تلك الجماهير هي مطالب اغلب فئات الشعب، ولان الكتل السياسية بتقسيماتها النمطية آن لها ان تتغير وتتجدد بما يخدم تطلعات ومطالب الجماهير، خصوصاً والمواطن يعيش أزمات صحية من جانب واقتصادية من جانب اخر، تجعله على صفيح ساخن لا يكاد يهدأ، لذلك يشهد الشارع العراقي منذ تشرين ٢٠١٩ ولغاية اللحظة احتجاجات هنا وهناك، وهي نبض الشارع ان لم يتم الوقوف على حلول لها، فالعواقب لا يحمد عقباها، وعلى الكتل السياسية ان تعي حجم الخطر الداهم.

وعليه فان القضاء على مفهوم الخندقة التي رسختها العملية السياسة منذ عقود والخروج بمشروع يضم الجميع، ويشمل الجميع، مما يعني ان وجدت  مغانم فهي حق الجميع، وان كان هناك خطراً فهو يستهدف الجميع، المشروع الجامع الضام لجميع اطياف الشعب العراقي، هو المشروع الوحيد الذي سيكون ضامن لحقوق الجميع، وحتى لو كانت له معارضة، فالمعارضة كذلك ستكون من ذات جنسه كذلك جامعة وشاملة كل اطياف الشعب.

  ان الوضع السياسي الحالي  يسير بشكل وبأخر باتجاه فضاء اوسع بالعمل السياسي متخلصاً من اغلب مشاكل المشهد السياسي السابق، فهو يعيد تشكيل نفسه بما بتناسب مع متطلبات المرحلة وعلى القادة السياسين، ان يتخلوا عن (عصمليه) تفكيرهم، وتتدارك الأمر
  بان تلتحق بالتحالف العابر ، او تجد بديل عنه !

16
مدرسة القيادة في الشهادة

رسل جمال


لايختلف القادة عن عامة الناس بشيء ظاهري، فهم لم يولدوا برؤوس اكبر او قامات اطول او وجوه حسنة اكثر، ولا تضفي هذه الصفات ميزة للبشر ليكونوا قادة.
لان القيادة سمة وجودية معنوية صميمة من داخل الانسان، ليست مضافة له ولا زائدة عليه، لكن ما يميز القادة دون غيرهم، هي تلك النظرة  الاستشرافية الثاقبة للأمور، فهم أشبه (بمجسات استشعار مبكرة) تستشعر مكامن الخطر، وتوجه دفه السفينة الى بر الأمان بعيداً عن الامواج العاتية، لهذا هم قادة، لانهم اخذوا على عاتقهم زمام المبادرة لقيادة المجتمع، ولانهم اصحاب مشاريع ومناهج يسيرون وفقها، ومن اجل تحقيقها.

القائد هو الوحيد الذي ينظر لمقطع المجتمع العرضي، فهو يلاحظ كل طبقاته وما تحمل من تنوع، لذلك هو يعي بدقة احتياجات كل فئة، كما انه يعرف تماماً كيف يناغم أفكاره وتطلعاته، لانه يفهم جيداً ان المجتمع ماهو الا خلية تحمل العديد من العناصر الحية على اختلافها، لكنها منسجمة تحت غلاف خلية واحدة، اذن الاختلاف في ذات المحيط لايعني الفرقة على العكس تماماً

من الأمثلة الحية للقيادة الواعية التي استشرفت المستقبل بكافة ابعاده، وقدمت أطروحة كاملة وحلول ناجعة لمشاكله، هو (السيد محمد باقر الحكيم) خصوصا ونحن نعيش أيام ذكرى استشهاده، فهذا الرجل يثبت في كل مرة صحة وصدق فهمه للواقع الذي نعيشه، فهو صاحب مشروع (الدولة العادلة) وهو مفهوم لتأسيس الدولة العصرية الحديثة، بملامح وأسس ومرجعية إسلامية لكن بصيغة حديثة اكثر مرونة وانفتاح، بما يتلائم مع متطلبات العصر الحديث، ما يميز أطروحة انه عمد ونادى وأسس لمفهوم (الدولة العادلة) بعقلية منفتحة، فهو لم يقصد بالدولة (مسك السلطة ) بمفهوم ضيق، بل كان يعني( بالدولة العادلة ) "شكل النظام" الذي يضمن للافراد  حياة كريمة مستقرة وضمان لحقوقهم المتساوية، هنا تكمن عبقرية الرجل وسمو نفسه، فهو لم ينادي بالدولة من اجل التولي عليها، بل كان  يرمي لرسم ملامح للنظام الذي يضمن حقوق الجميع، بغض النظر عن من يتولى زمام هذه الدولة، كان يؤكد على اهمية الرؤية الواضحة والهدف من قيام (الدولة العادلة)
فالدولة العادلة أفرادها مطمئنون على ارواحهم ومصالحهم وحقوقهم، وهم على ثقة ان من يتولى شؤونهم أمين عليهم وعلى البلد اشد الحرص.

ان المرحلة  التي تزامنت مع قدوم سماحة السيد محمد باقر الحكيم الى العراق، كانت الفترة الأكثر حرجاً من تاريخ العراق المعاصر، فالتخبطات والصدمة التي عاشها المجتمع والفوضى التي تلت التغيير، ووجود قوات اجنبية، مستحكمة على مقدرات البلاد، تراقب المشهد، وترصد أي بوادر للملمة الوضع، قبل ان تنفذ كافة مشروعها التي جاءت لتنفيذه، مع مراقبة دول الجوار للأحداث العراق، التي لم تبارك له التغيير الا بالأمس القريب، كلها أمور اجتمعت على التوجس خيفة من هذا الصوت الهادر، الذي انطلق باكراً من ولادة العراق الجديد، بل عدوه تهديداً لهم، فمشروع السيد الحكيم الرامي للوحدة، يتعارض مع المشاريع التي تعمل على تقسيم العراق، فالرجل يدعو لقيام (دولة عادلة) ضامة وجامعة لكافة اطياف المجتمع على اختلاف أطيافه، وتلاوينه، فهو مشروع يوحد الجميع، ويكفل حمايتهم في ظل التنوع
لذلك من البديهي ان يكون مثل هكذا فكر وصوت يروي قصة وطن، و يرسم مستقبل أمه، ان يكون وحيداً، يغرد خارج تيار الأحداث، وان يكون مرمى للسهام الغادرة والتصفية الجسدية .

17
أقلمة القيادة وفرعنة السلطة / ٢

الخوف من انحسار السلطة

رسل جمال


تحدثنا في المقال السابق عن معنى التأقلم، وما نعني به ولماذا نركز على هذا المفهوم بالذات .
ان التغييرات السريعة والمفاجئة التي تواجه البشرية، كشعوب وحكومات، وانظمة سياسية تتطلب من الجميع الى التحرك نحو تغيير الأفكار وطرق العلاج السابقة للمواقف والأحداث، واستبدال الخبرات السابقة وبمعرفة جديدة تناسب موجة التغيير الحاصلة في العصر الحاضر.

في البداية علينا ان نقر ان القيادة طاقة عطاء، والسلطة طاقة أخذ، أي ان القيادة ترسل إشارات اطمئنان للناس، كونهم مع القائد، إذن هم في أمان، لوضوح الرؤية والهدف والغاية، فهي أشبه بهندسة لمنظومة العلاقات الانسانية، للوصول الى غاية ترمي الى صلاح العامة، في حين ان السلطة هي طاقة استقبال، أي استقبال الصلاحيات، وفي اكثر الأحيان التنازع على هذه الامتيازات والصلاحيات، بحجة تقديم ثمارها للعامة.

عند المقارنة بين القيادة والسلطة، نجد ان القيادة تمثل الايجابية بدون ادنى شك، أي لا يمكن للقائد ان يكون متغطرساً، فالمتغرطس هو الدكتاتور ، كما ان القيادة تنسجم مع السنن الكونية، لانها تتماشى مع التغيير، والتقدم والتطور اما السلطة يمكن ان تكون بجانبها الإيجابي وهي السلطة العادلة، او بجانبها السلبي وهي السلطة الظالمة، كما انها تعبر عن السكون، وتنبذ التغيير حتى لو كان للأفضل، لانها تراه تهديد لها.
اذن القيادة  سلوك عام، ولكن لا يمارسه الجميع، الا من وجد بنفسه الشجاعة الكافية لرفع راية المبادرة و التغيير والتجديد،ولا يقتصر هذا السلوك على بني البشر فقط، لذلك نرى أسراب  الطيور تحلق بطريقة راس الحربة اذ يتقدمهم القائد بشكل واضح، كذلك قطعان الحيوانات لا تدب بشكل عشوائي، بل يتقدمها بالغالب من جنسها، من يكون هو قائد المجموعة، الذي يكون في المقدمة عادة لاكتشاف المكان، او لصد أي هجوم مفاجئ، او ربما يكون في المؤخرة لحماية القطيع من الهجوم المباغت!
مصيبة الشعوب العربية، انها تهمش القادة الذين لا يملكون سلطة، ربما بفعل الثقافة الشرقية التي تسود المجتمع، او بسبب الفكر الجمعي الذي ترسخ منذ عقود، الذي يقدس الحاكم، سواء كان هذا الحاكم عادل او ظالم، فهالة السلطة تزغلل عيون الشعوب العربية التي تجعلها تتعامل معها بشىء من التملق والتزلف، اما رجال السلطة ادركوا هذا الأمر مبكراً، وحولوه لصالح بقائهم في السلطة لأطول فترة ممكنة، وذلك بتقريب، تلك الفئات من الناس من تهوى المديح والتزلف،  حتى لو كانت بعيدة عن الكفاءة والمهنية فهم (الحاشية الفاسدة) التي تلتقط فتات الامتيازات الساقطة من الحاكم.

خير مثال ما حصل في الربيع العربي، الذي كان اشبه بانفجار بركان للشعوب، بسبب بعد الحكام عن هموم شعوبها 

المشكلة التي تواجه المجتمع العربي، انه ابتلى برجال سلطة ولم يرزقوا بقادة، رجال لاهثين لجني ثمار السلطة والتمتع بصلاحيات مطلقة تحت شعار(القائد الضرورة) يعيد للذاكرة اسماء خلفاء بني العباس !
يعتقدون رجال السلطة انهم خلفاء الله على الأرض، وان مقاليد الحكم ستبقى بايديهم الى الأبد، ولا يعلمون ان السلطة بهذه الطريقة لن تصمد الى ما لا نهاية، مهما بلغت قوتها، والتاريخ مليئ بالأمثلة

ان الاتجار بمقدرات ا

18
اقلمة القيادة وفرعنة السلطة / ١

رسل جمال


مفهوم "أقلمة القيادة" او القيادة المتأقلمة هو احدث ما وصلت له الدراسات والبحوث السياسة في القرن الحالي، يُفهم منه ان معيار البقاء  لم يعد للاقوى، او ان القوى العظمى لا تستطيع ان تحتفظ بلقب العظمى، ما لم تصمد أمام التغيير، وتتأقلم وفقاً له، إذن القوى العظمي، لم تعد عظمى ما لم تتأقلم وتتكيف بسرعة، مع المتغيرات الطارئة، سواء كانت تغييرات سياسية او اجتماعية او اقتصادية، او وبائية!
من هنا تبرز اهمية (مرونة) الأنظمة السياسية التي تحكم العالم، والديناميكية التي تتمتع بها، على ان تخلو من تكلسات ايديولوجية، فلا يمكن ان يستمر نظام سياسي، جامد لا يتقدم للأمام ولا يؤمن بالتغيير والتطور، ولا يصلح برنامجه بأستمرار.
انها صيرورة مستمرة لا يصمد أمامها شيء، بل على الجميع مجاراتها وتقبلها والتكييف وفقها

لكن ما الذي نقصده بأقلمة القيادة وفرعنة السلطة؟
الكثير يخلط بين مفهومي السلطة والقيادة،  لذلك علينا ان نضع تعريف للمفهومين؛ يقصد بالسلطة: هي أشبه بعقد بين طرفين او لنقل تفويض الناس (لبعض الأفراد) على ان يتمتع هؤلاء الأفراد بصلاحيات محددة يقومون، بموجب تلك الصلاحيات بأدارة النظام، في المقابل يتوقع الناس جملة توقعات، وينتظرون تحقيقها، وتكون هي كميثاق شرف بين الطرفين، ربما يكون هذا ابسط تعريف للسلطة بعيداً عن التابو الذي يحيط بها.
اما القيادة فهي على النقيض من ذلك، فهي ممارسة نابعة من الشعور بالمسؤولية الانسانية، دون تكليف او تفويض فالقائد ليس بالضرورة ان يملك سلطة.
لان القائد يتحرك وفق برنامج يهدف الى كمال مجتمعه، وهذا نابع من شعوره بالمسؤولية اتجاه محيطه، فهو من يبادر للتغير بل وقد يسلم مقطورة القيادة لمن يلمس لديه ذات روح المبادرة والشعور بالمسؤولية،فهو لا يسعى للقيادة من اجل القيادة.
وفي التاريخ العديد من الشخصيات، وصفت بالقيادية التي ألهمت الشعوب وغيرت مجرى التاريخ.

تكمن خطورة الخلط في فهم  هذان المفهومان، الى الجهل الطرفين، ونقصد به (جهل الجماهير) بحقوقهم وجهل(الأفراد) الذين يفوضوُن لتولي السلطة، فجهل هؤلاء بحدود صلاحياتهم، يؤدي بهم الى التمادي الى حد قد يعتبرون انهم يملكون سلطة مطلقة، ومثل هكذا نوع من النظام، لا يؤمن بالتغيير، بل قد يرى بالتغيير تهديد لكيانه، فهو يقمع أي بادرة للتغير، لكن هذا القمع لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية، فسيصطدم في النهاية بتيار التغيير الجارف، وسينقرض بدون ادنى شك، لانه يقاوم التغيير بدون وعي، ولانه خلاف للسنن الكونية، فالأمر لا يتعلق بعالم الأنظمة السياسية، بل في كافة المجالات، فالكثير من الشركات الرائدة، التي رفضت مبدأ التغيير ولم تؤمن به، بل وقمعت من تنبأ به، كان مصيرها الإفلاس والتلاشي، وشركة نوكيا للهواتف النقالة مثال حي!
ولتقريب الصورة اكثر، السلطة المطلقة التي لا تؤمن بالتغيير، تنتج لنا أنموذج كهتلر، صدام حسين، ومن شابههم
اما القيادة فهي مفهوم اعم واشمل، لا تطمح للفردية ولا تبني اصنام بل تنبذ الشخصانية والتأليه للأفراد بل تعمل على بناء منهاج للإنسان، اقترح ان نقرب الصورة مرة أخرى، يعد الإمام الحسين اكثر القادة تأثيراً عبر التاريخ، لانه سار وفق منهاج التغيير وأمن به حد الشهادة.
اما المقارنة بين  إنجازات السلطة والقيادة فهو عنوان مقالنا القادم
اقلمة القيادة وفرعنة السلطة\٢
السلطة متى تنتهي؟

19
مشكلتنا مشكلة معرفية

رسل جمال

جُل ما نعانيه من مشاكل وماتواجهنا من مطبات سواء في حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وما نعتقد به من افكار غير صحيحة، وما نتبناه من مذاهب واهية، إنما هي نتيجة قلة المعرفة، مما يعني استحكام الجهل في مقابل المعادلة، خطورة الأمر لا يقف عند الاعتقاد الخاطئ، او تصديق الخبر الكاذب، بل بالترتيب على هذا الخطأ، واتخاذ المواقف والبناء عليها والعمل على اساسها٠

المعرفة سلاح فتاح بيد من يمتلكها، وهي حصانة وحماية له والتطور والتقدم العلمي الذي يشهده العالم اليوم خير دليل، لكنها بالمقابل تعني مسؤولية اخلاقية إنسانية، وإلا ستصبح تهديد دائم لمن لايملك مفاتيحها!

وقد بحث العديد من الفلاسفة في العالم الغربي، والمتكلمين في العالم الإسلامي الشرقي، في مبحث المعرفة وقد اشبعوا هذا الموضوع نتاج فلسفي ومعرفي وأسموه (نظرية المعرفة)  Epistemology *

وانقسموا في بحثهم عنها وفيها إلى مدارس أهمها، العقلية التي تؤمن بالعقل  كونه الأداة الوحيدة للوصول للمعرفة، أما المدرسة الحسية عابت على الاولى ايمانها المطلق بالعقل، وجاءت بدلائل توثق انخداع العقل، وعدم إمكانية الاطمئنان له وحده، أما المدرسة الثالثة نسفت ما سبقها من مدارس، لتؤكد لا بقاء الا للتجربة للحصول على المعرفة،  وتمسكت بها اشد التمسك من اجل الوصول إلى المعرفة بالطبع ظهر علماء وفلاسفة كثر في كل اتجاه ومدرسة٠

بطبيعة الحال فان المعرفة لا يسعها إناء لنسكبها فيه، فهي جدول جار لا يتوقف ولا ينضب، ولا يمكن حصر أدوات الحصول عليها بما ذكر آنفاً، وعليه فلا غنى لنا عنها وان اختلفنا في مصادر معرفتنا، ففي ظل ما يعيشه اليوم الإنسان المعاصر من تيه معلوماتي، بسبب ما يتعرض له من سيل جارف من الصور والأخبار قد تصل في اليوم الواحد إلى الألف، والتي يشوبها الكثير من الزيف والخداع والتضليل والتشويه والفبركة، اصبح غربلة تلك المعارف أمراً واجب ٠

عند انطلاق التظاهرات في تشرين العام الماضي، في توقيت محدد انطلق عبر منصات التواصل الاجتماعي، لم يستطيع احد من المتظاهرين والناشطين ان يعرفوا لماذا أختير هذا اليوم؟، ومن اختاره؟ كلها أسئلة بقت معلقة تحت نصب الحرية، واشتعلت شرارة التظاهرات مابين جريح من المتظاهرين وما بين قتيل من القوات الأمنية، او العكس لا فرق فكلاهما عراقي، كان للجهل يد طولى في تشويه المشهد عجز البعض عن معرفته فأسموهم الطرف الثالث !

العلم والمعرفة يعني ان تعرف من أنت، واين انت وسط العاصفة،  والى أي ميدان تصطف وتُحسب قال الإمام علي عليه السلام "اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه" فالمعرفة حماية للذات وبالنتيجة صيانة للمجتمع، فكما كفل الدستور العراقي حق التظاهر، كفل كذلك حق الدولة بالحفاظ على الأمن وبسطه، المعرفة الحقة بحقوق الفرد يجنبه الاعتداء على حقوق غيره ومصادرتها٠

ان البحث الدائم عن المعرفة والتحقق في مصادرها، اشبه بطوق نجاة، أما الجهل فهو أفة العقول يجعل منها قطيع تسير بدون دراية ولا ادراك، اذ يشل كل مجسات المعرفة ويجعلها صماء عن التفاعل مع العالم الخارجي (نفذ ولا تناقش)
والصورة اوضح ما تكون بمجاميع انتشرت في بعض المحافظات (فرق مكافحة الدوام)٠

هنا تتمركز الخطورة فلا يمكن لعقل بشري واحد اختزال المعرفة، لان اختلاف العقول واختلاف مصادر المعرفة، ما هي الا من اجل التلاقح والتبادل المعرفي، اذ لا تقوم المعرفة على درجة واحة، بل هي سلم تصاعدي تراتبي تراكمي، وهذا لا يمكن لعقل بشري حمله لوحده٠

ونحن نشهد هذه الأيام انتشار "وباء كورونا "في العالم فان المعرفة هي العلاج الحقيقي، في كيفية الوقاية  منه وأسلوب التعامل معه، وهكذا فلا غنى لنا عن المعرفة وحلول كل مشاكلنا يكمن في البحث فيها واتباعها٠

——————————————————————————————
*نظرية المعرفة: مجد خضر

20
متى نُقدر ذاتنا (عراقنا)؟

رسل جمال

هناك فكرة شائعة تقول ان تدني تقدير الذات يضر بالصحة النفسية، ويؤثر على السياسة العامة، يذكر سكوت ليلينفيلد ومجموعة من الباحثين في كتابهم " ٥٠ خرافة في علم النفس"  لقد مولت كاليفورنيا عام ١٩٨٦ صندوقاً لأنفاق على فريق مهام لتقدير الذات، والمسؤولية الشخصية والأجتماعية بتكلفة وصلت إلى ٢٤٥٠٠٠ دولار سنوياً، كان هدف الفريق هو فحص العواقب السلبية لتدني تقدير الذات، وان بجد وسائل لعلاج تلك العواقب.

كان المقترح الاول لفكرة تكوين هذا الفريق رجل البرلمان جون فاسكونسيلوس، الذي نادى بان النهوض بدرجة تقدير الذات لدى مواطني كالفورنيا، من شأنه ان يساعد على اعادة الاتزان لموازنة الولاية *
إذن الفكرة تتمحور حول تعزيز قيمة الذات، فهي تغذية مستمرة للعقل الباطن بافكار إيجابية، تنتهي  إلى عادات وسلوك، وتترجم فيما بعد إلى استحقاق، فالشعوب التي تقدر ذاتها أفضل تقدير، يرتفع استحقاقها تلقائياً، لكن هذا لايعني انه يُسمح لها ان تلغي ذات الآخر، ففي رحلة بناء الذات والتي تبدأ من الفرد انطلاقاً للمجتمع، عليها ان تعي ان للمجتمعات الأخرى ذات وعليها ان تحترم ذلك، وإلا سيشهد العالم فوضى ( اثبات للذات) أو لنقل عمليات استباقية، تقوم بها دول تقدر ذاتها بشكل هستيري، وتتخيل كل مايدرو حولها استهداف مباشر لها، وهو استعراض للعضلات اكثر من كونه تهديد حقيقي، لان صناعة الحروب بحاجة إلى سوق منتعشة بالأزمات، وإلا فان البضاعة ستشكو الكساد بالطبع، اضافة للحروب المفتعلة لابد من  show  بين فترة وأخرى، لحلحلة البورصة واسهم العملة والنفط!

لانقول انها فكرة حق، اريد بها باطل لكنها لا تحتمل الطيش في التنفيذ، فتقدير الذات فكرة تدعو إلى تقديس الذات وبناءها على أسس قوية، وهي تبدأ من الذات الفردية لتنعكس بالنهاية على المجتمع، وبالتالي تصبح سمة للشعوب، فالاعتداد بالذات والثأر لها، عندما يحاول الآخر الانتقاص منها امر يدعو للفخر ، ان تقدير الذات ينبع من الشعور بالاستقلالية والاكتفاء بها، وعدم الحاجة لالتصاق بالآخر، فالتقدير للذات لايستجدى ولا يُعطى!

تقدير الذات اشبه بنواة الذرة، تبدأ صغيرة ثم تتكون بعدها وعليها اجزاء الخلية الأخرى وتلتحق بها، فكل شيء يبدأ بنواة، وكل نواة تبدأ متى ما قررت ان تقدر ذاتها وتتحمل مسؤولية البناء، ونحن نشهد اليوم المئة للمظاهرات التي تمثل نواة التغيير، والتجديد.
وعليه يجب ان تتمسك هذه النواة بعراقيتها بقوة، ولا تسمح للأهواء والإرادات الخارجية التلاعب بها، وسرقة مجدها، على التظاهرات ان تحسن تقدير ذاتها وتفرز كل مما شانه ان يشوه صورتها، وان تتمسك بقرارها، ولا تجعل من ذاتها مجرد دمى فاقدة للقرار، تحرك خيوطها شخصيات افتراضية، تملئ العالم الرقمي بعوائل لا طائل من ورائه، لا يتجرء احد هؤلاء ممن تضج بهم مواقع التواصل ان يخطو خطوة واحدة في ساحة التحرير٠

على ابناء العراق اليوم ان يكونوا اسياد الموقف، وأصحاب القرار، وان يعملوا على تحقيق السيادة المنتهكة، بسبب صراع الإرادات الخارجية على ارض العراق٠

———————————

 • سكوت ليلينفيلد وستيفن جاي وجون روسيو : اشهر ٥٠ خرافة في علم النفس، ص٢٤٢

21
المنبر الحر / #عامان على النصر
« في: 19:10 11/12/2019  »
#عامان على النصر

رسل جمال

انطلق على منصات التواصل الاجتماعي تويتر هاشتاك #عامان على النصر، في الذكرى الثانية لأعلان النصر على داعش الإرهاب، وانطلقت معها عبارات المغردين بين مستذكر لبطولات الجيش العراقي والحشد الشعبي، وبين راوي لتلك القصص الخالدة، وبين " ناكر للجميل" يكيل التهم لتلك القوات التي حررت الأرض وروتها بالدماء، والعجيب ان نرى الكثير ممن يندد بقوات الحشد والجيش العراقي ويصفه بأبشع الأوصاف، لان العقل الجمعي منذ فترة ليس بالقصيرة، يسير نحو تقسيط الثوابت، وإلغاء المقدسات وضرب المبادئ، وهي حملة عملت عليها أيادي خبيثة، من داخل وخارج البلد بمسميات وغطاءات مختلفة، مثل ادعاء المدنية والحريات الشخصية أو حرية التعبير، منهجية أصبحت واضحة لعقلاء القوم.

رغم كل هجمات التسقيط التي قادتها طيور الظلام والجيوش الإلكترونية، على النظام ولا اقصد به الحكومة، بل  القانون الماسك لمؤسسات الدولة، وركائزه والقوة الضاربة الا وهي القوات الأمنية بكافة صنوفها، ومن ضمنها قوات الحشد الشعبي، الا ان القوات الأمنية تثبت انها الأكثر انضباطاً، والأبعد نظراً، والأكبر فهماً ووعياً وقدرة، على الفرز والتمييز .

فقد ضرب العراقيون الشرفاء، سواء كانوا من المتظاهرين أو من القوات الأمنية، اجمل صور التلاحم في ساحات التظاهر، اذ تقاسموا الأكل والشرب والدواء، كما انتشر مقطع فيديو طريف للقوات الأمنية المرابطة على جسر الأحرار، في الصباح الباكر وهو ينادي على المتظاهرين بعد ان استفقدهم من وراء الساتر ،. مشهد عراقي يقول للعالم اننا جسد واحد، ويسكننا حلم واحد، ولنا قرار واحد وان اختلفنا بالاتجاه وتقاطعنا بالخنادق!

وليس غريباً ان تصادف الذكرى الثانية، لملحمة النصر على داعش، في مثل هذه الأيام المزدحمة بالأحداث التي أسدلت الستار عن جيل قادم، لا يشبه آباءه ومختلف عنهم، له افكار وأسلوب خاص، ويزداد عناداً وثبات، فمع مرور شهران على انطلاق التظاهرات ورغم البرد القارص، الا ان هذا الأمر لم يثنِ الشباب الثائر ولم ينل من عزيمته، بل العكس فأخذ شكل التظاهر ينضج اكثرا فأكثرً ليطل على العالم بصورة حضارية تعبر عن شبابنا، فلم تتوقف الحملات الوطنية التي اطلقها المتظاهرون، من اعادة إعمار ساحة التحرير والمناطق المجاورة، اضافة إلى حملة تشجيع المنتج العراقي، وكان لها الأثر في تسليط الضوء على الإنتاج المحلي، الذي اندثر منذ سنوات في ظل اكتساح البضاعة المستوردة، كذلك كتابة العبارات الإيجابية المحفزة على الأعمدة التي ترسخ أخلاقيات المجتمع العراقي الأصيل، بلغة بغدادية محببة، حراك شعبي عفوي ان دل على شيء يدل على عمق وعي هذا الشارع وهذا الجمهور.
اخر إنجاز يحسب لساحات التظاهر، هو إجهاضها عملية تخريبية كبرى كان يراد من وراءهم، ان يتفجر بركان من الدم، اذ أطلقت مكبرات الصوت نداءات تحذيرية بعدم الانجرار والانصياع لمن يقول (عليكم بدخول المنطقة الخضراء) محاولة مفضوحة لجر المتظاهرين إلى الاقتتال بدون أي مسوغ، لكن ساحات التظاهر باتت اليوم اكبر من ان تكون مطية لمدعين الوطنية، الذين يعانون من أزمة وطن، وتحقيق مثل هكذا أهداف خبيثة.

عامان على النصر، وشهران على التظاهر، والنضوج الفكري الذي يسود الأجواء يتنامى يوماً بعد يوم، وعملية الفلترة التي يقوم بها الجسد العراقي مازالت مستمرة لطرد الأجسام الغريبة، وفي كل مرة يثبت هذا الجسد ان له مناعة قوية، يستطيع ان تجابه مختلف الأمراض، وتخرج من كل معاركها وهي منتصرة.

22
وأخيراً وليس آخراً الساعدي

رسل جمال

منذ تولي الحكومة الحالية زمام الأمور وهي على مايبدو تتعمد بزيادة الطين بله، وتمعن في التخبط بأطلاق القرارات غير المسؤولة، وتتعامى عن احداث خطيرة، كان الأجدر بها الوقوف على مسبباتها، وتبيانها للناس بمؤتمر صحفي واضح وصريح، اذ أصبحت الحكومة تجسيداً للأية القرأنية " ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلا" فمع اختلاف التوجهات والضغوطات  وصراع الإرادات التي تواجهه الحكومة الحالية، اصبح من الطبيعي ان نشهد مثل هذا الترنح في المواقف ٠

سلسلة من الأحداث هزت الشارع العراقي واحدة تلو الأخرى، وكان رد الحكومة خجولاً جداً، بل بالكاد يذكر، منها على سبيل الذكر لا الحصر الاعتداء السافر على الوقف  الشيعي في بغداد ، وحادثة حرق احدى المراكز التجارية (مول )في محافظة النجف، وسلسلة تفجيرات لمخازن العتاد للحشد الشعبي، مما تسبب بخسائر بشرية اضافة إلى إلحاق أضرار بالممتلكات العامة والخاصة للمواطنين، أما الاعتداء على مظاهرات حملة الشهادات العليا بخراطيم المياه بشكل وحشي ومهين لشريحة نوعية ومهمة بالمجتمع، يعد سابقة خطيرة واعتراف مباشر  من قبل  الحكومة بفشلها الذريع بأستيعاب هذه الطاقات واحتضانها٠

اصبح واضح للجميع ان الحكومة لا تملك قرارها، فهي تتعامل بشكل انتقائي مع القضايا المطروحة، وبمزاجية مفرطة بعيدة كل البعد عن العقل وإدواته كالمنطق والحكمة، هكذا غرست اقدامها، في وحل العشوائية في اتخاد القرار ، وسوء الإدارة وهذا بدوره زاد بنقمة الجمهور على ادائها البائس، فهي عالقة مابين سندان القرارات الخاطئة ومطرقة الحلول الترقيعية، ان دل على شئ فيدل على غياب الرؤية الواضحة، والتخطيط الاستراتيجي للحكومة الحالية بأدارة الأمور ٠

أما قرار القائد العام للقوات المسلحة بنقل القائد الميداني "عبد الوهاب الساعدي" الذي حول الهزائم إلى انتصارات، فكان بمثابة مكافئة مستفزة للدور البطولي الذي لعبه الساعدي في قيادة اخطر المعارك وأشرسها، فنجحت الحكومة وبجدارة بكسب غضب الناس، وضاعف الإحساس باليأس من صلاح الحكومة، فبدل من تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، طفت على السطح مشاكل جديدة زادت من معاناة الناس، وأثقلت كاهلهم، كإزالة الأسواق الجوالة والمتجاوزة، اذ كان الأحرى ايجاد بدائل مناسبة، قبل قرار ازالتها، وتشريد العوائل المعتاشة على تلك الأسواق، وهم من الطبقة الكادحة في المجتمع٠

وقد يقول قائل، انه امر عسكري وعلى الناس ان تستوعب تلك الخصوصية للمؤسسة العسكرية، ولا تُقحم الاعتبارات الأخرى في هذا الجانب، هذا من جهة ومن جهة أخرى هناك أصوات أخرى تطالب الحكومة بالنظر بموضوعية، ولا تتبع سياسة الكيل بمكيالين!
وان تعامل الجميع تحت ضابطة واحدة، فهي تغض الطرف عن زيارات مسؤولين رفيعين المستوى في الحكومة، لسفارات ودول بشكل شخصي، دون الرجوع إلى الحكومة وأعلامها حتى٠

أما ان يكون رئيس الحكومة عادلاً كما يسمي نفسه، ويدرك الفرق بين التنظير والتطبيق، وأما يعترف بعدم قدرته على فرض إرادة وطنية في إدارة المؤسسة الحكومية،وإلا فان الامور تسير إلى ما لا يحمد عقباه اذا استمر التخبط على ما هو عليه الان ٠

23
المنبر الحر / أولسنا على الحق؟
« في: 14:08 14/09/2019  »
أولسنا على الحق؟

رسل جمال

"أولسنا على الحق" سؤال وجودي سجله الدهر وهو مشغول بخط سطور تأريخه، على لسان علي ابن الحسين الملقب بعلي الأكبر، وهو يسأل أباه عندما رآه يسترجع ويكثر من قول " أنا لله وأنا اليه راجعون، والحمد لله رب العالمين" وكررها مرتين أو ثلاثة فقال على الأكبر " مم حمدت الله واسترجعت؟ " فأجابه " يابني خفقت خفقة فهن لي فارس على فرس وهو يقول : القوم يسيرون و المنايا تسير اليهم، فعلمت انها أنفسنا نعيت ألينا، فقال علي الأكبر " يا أبه ألسنا على الحق؟ " فقال بلى والذي اليه مرجع العباد، فقال علي الأكبر " اذا لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا !

هكذا كان يقين رجال الحسين من أهله وبنيه واصحابه،ثبا همبهذه الكيفية الفدائية هو اعجاز  بحد ذاته، بعيداً عن ما أحيط بالواقعة من مفارقات وارهاصات القت بظلالها، على الأمة الإسلامية وتاريخها، ومشاهد كثيرة يقف العقل حائراً عن ايجاد تفسير منطقي لها٠

لم يستطيع العلم رغم ما وصل من تطور وحداثة ان يجد تفسير علمي للكثير من الظواهر، رغم اعترافه بوجودها، وتعتبر القضية الحسينية احدى تلك القضايا العصية على التفسير والتأويل، وهذا سر حيوية "شعيرة الحسين"، فمن يؤمن بأحياء تلك الشعائر، فهو يضع نصب عينه تضحيات أصحاب الحسين، و يضعها في ميزان القياس، فيجد كل ما يقوم به ويقدمه لا يساوي شيئا أمام تلك التضحيات، فزوار الحسين بأستنفار دائم أيام محرم، وهم على استعداد للتضحية بكل ما تجود به أيديهم وأنفسهم ، لذلك رجال الحسين لا يركضون عبثاً، ولا يموتون الا وهم خالدين!
  تعد محافظة كربلاء محافظة صغيرة نسبياً، الا انها اعتادت على احتضان ملايين الزائرين في كل عام من الموسم الحسيني، بكل أريحية وامان، وكما انه معلوم ان أي تجمع بشري يشهد تزاحم لا يخلو من تلك الحوادث العرضية، اذ كثير ما تشهد مواسم الحج حوادث مشابهة لتلك التي وقعت في ركظة طويريج، بل أسوء منها، وكلنا نتذكر حادثة سقوط الرافعة في الحرم وغيرها الكثير من الحوادث التي تحصل رغم كل الاحتياطات والإجراءات التي تقوم بها الجهات المعنية، فبرغم ما اتخذته الأجهزة الأمنية للمحافظة، اضافة إلى العاملين في العتبتين الحسينية والعباسية، لتنظيم هذه المسيرة الا ان حدوث مثل هكذا حادثة امر وارد، نظراً للإعداد الكبيرة من الزائرين٠

الا ان الأقلام الصفراء تأبى الا ان تفرغ سمومها، لتستريح مما يعتريها من قلق عند رؤيتها تلك الملايين الحسينية، فراحت تكتب بشماتة، مستأنسة بهكذا حوادث، وجدتها أفضل حجة للنيل من الشعائر الحسينية، فهم يشكلون على الطعام الذي يقدمه خدام الحسين في المواكب،بقولهم انها اموال مهدورة واسراف غير مبرر، رغم ان ما يقدم في تلك المواكب ماكل ومشرب يذهب اغلبه للعوائل الفقيرة والمتعففة، انها حرب لا تنام ولن تخمد نيرانها بين معكسر الحق والباطل، تكشف لنا كل مرة عن وجوه كالحة، كانت تستتر بعنوان مختلفة ولكن رغم أنوفهم يستمر المسير الحسيني في كل مرة، وبشكل اكثر تجدد وعنفوان، ليس لشيئ الا انهم ايقنوا انهم على الحق ٠
انها قضية متوهجة باتصال مباشر مع السماء، لا تستطيع قوى الأرض ولو اجتمعت ان تطفئها٠

24
المنبر الحر / الحسين يفرقنا !
« في: 17:59 11/09/2019  »
الحسين يفرقنا !
رسل جمال
ينص احد قوانين الفيزياء، ان لكل فعل رد فعل يساويه بالقوة ويعاكسه بالأتجاه، على ان يضم الزمكان هذا القانون، اي من غير المعقول ان يدفع س حجر في الشمال فيتحرك حجر اخر بالجنوب،   رغم بديهية القانون واستحالة تفنيده، الا ان الحسين عليه السلام يستمر بضرب هذا القانون عرض الحائط، فبعد ١٤٠٠ سنة  من مقتله يفترض بردة فعل تلك المصيبة ان يستمر عام، او لنقل عقد على ابعد تقدير، الا اننا ليومنا هذا نسمع اصوات أظلاعه وهي تتكسر تحت حوافر الخيل، فهذا الالم وتلك اللوعة تتجدد عام بعد عام، اشبه بينبوع يتدفق يآبى النضوب، لهذا جاء في الحديث القدسي " ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا"

اصبحت القضية الحسينية بكل ما تحمل من معاني ودلالات، وتد تشد اليها الامة، وعملية تلقين مستمرة  للاجيال بالمبادئ التي قام من أجلها الحسين، هي درس عملي لكل البشرية برفض الظلم وعدم السماح للخطأ ان يستمر حتى لو كان ذلك الخطأ دولة قائمة بكل ماتملك من امكانيات، هي نهضة لاسقاط عروش الطغيان، وسحب الشرعية من دولة الظلام.

يعد الحسين اول من أسس للمعارضةالسياسية في التاريخ الاسلامي، وقد رسم خارطة طريق لبرنامج المعارضة التي قادها، قبالة القوم، برنامج ستراتيجي بعيد المدى، لم تستوعبه عقول اعدائه.
وضع حسابات المنطق والرياضيات جانباً، لانه كان على يقين انه مهزوم لا محالة لوجستياً، ان الثبات على العقيدة، والاصرار على الوقوف بجلد وأستأساد امام العدو، هو اكسير خلود المعركة.
عندما يتصارع المنطق مع الجنون، ويتقاتل المعقول مع اللامعقول، حينها تكون المدينة الفاضلة التي بناها افلاطون في خياله ودعى البشرية الى الاقتداء بها للوصول الى الكمال، مجرد لوحة سريالية لا وجود لها، امام مشهد الحسين وهو يطلق بأصحابه صافرة انذار قائلا" انتم في حل من بيعتي، وهذا الليل فاتخذوه جملاً" وهو بلاء عظيم وصقل لمعدن الرجال.

نحن لا نملك في يومنا هذا الا ان ندرس احداثيات المعركة دراسة بحثية بحتة، للوقوف على خفايا تلك الواقعة، ونقيس تحت المجهر تلك القدرات والقابليات، ونقيسها على ما نملك من قدرات وامكانيات، وبمعادلة حسابية يتبين لنا الفرق الشاسع، بين ما كان ومايكون وماهو كائن. 

عندما يُحرم احدهم من الماء، لأكثر من ثلاث ايام وفي ظروف استثنائية حساسة، بين حصار وقتال، كلها امور من شأنها تضعف النفوس وتقهر الارادة، اضاف الى ذلك صرخات الاطفال والعيال المرعوبة، كلها عوامل ضاغطة على جيش الحسين، الذي وقف بكل بسالة.

لم يكن خروج الحسين كأبتزاز سياسي، ولم يبيع ثمن سكوته على حكومة فاسدة، في زمن باع الناس دينهم ودنياهم بأبخس الاثمان،
بل خرج من اجل ان ينقذ النفس الانسانية، فبنى مدرسة للكرامة، وخط بقدمه خريطة النصر، ولم يقف عند هذا الحد، بل استنهض بالامة قيمها الجاهلية، بعد ان يأس ممن كانوا يحاربوه ان يعودوا الى دين الاسلام!

حيث نادى بالقوم " ان لم يكن لكم دين و كنتم لا تخافون المعاد، فكونوا احرار في دنياكم وارجعوا الى احسابكم ان كنتم اعراباً "
اراد الحسين ان يبرهن ان من قاتلوه، لا ينتمون الى الاسلام من جهة، ولم يدركوا اخلاق الجاهلية حتى، فهم للدواب اقرب من الانسانية، اشبة بعصابة مرتزقة لا تفقه الا لغة الدينار والدم .

فصرخ الحسين صرخة خالدة في ضمير الزمان ، سجلها تأريخ  الامة الاسلامية، التي لم تبلغ قرنها الاول حتى،  فأحدثت تلك الصرخة وتلك الدماء صدمة للمجتمع انذاك، اعادت للعقول الذاهلة رشدها.
هكذا فرق الحسين بخروجه على سلطان جائر بين طودين من البشر، هم الاحرار والعبيد.

25
خطبة الجمعة كعادتها!

رسل جمال

خلاف المتوقع جاءت خطبة الجمعة، بجملة توصيات وإرشادات مهمة، ولم تتطرق للضجة التي احدثتها وسائل الإعلام هذا الأسبوع، حول الاحتفالية في ملعب كربلاء، واللغط الذي أثير حول تلك الاحتفالية، وتناقلتها مواقع التواصل بنهم شديد بين مؤيد ومعارض، للاحتفالية فأنقسام الأراء إلى فريقين، الأول يرى انه انتهاك لقدسية المدينة لطالما، كانت محط أنظار العالم، كونها البقعة الوحيدة التي تستطيع ان تحتضن ملايين الزوار رغم صغر مساحتها، حسب الإحصاءات الأخيرة للزيارات الدينية واحياء شعائرها، فهي مدينة جذبت اهتمام الإنسان، من أقصى بقاع المعمورة لما تحمله من خصوصية تاريخية، ومنزلة عقائدية، وهالة من الوقار تتملك الأرواح عند زيارتها ،أما الفريق الثاني فيرى ان الاحتفال، لا يخدش هيبة المدينة، بل يعبر عن المَدنية، وتعبير عن استمرار عجلة الحياة ٠

الملفت ان خطبة الجمعة، لم تلتفت للموضوع لا من قريب ولا من بعيد، بل لم تنفق دقيقة من زمن الخطبة لمجرد التلميح لذلك الأمر، وهذا الأسلوب بالتعاطي مع مثل هكذا قضايا إعلامية، ان دل على شيء يدل على انها قضية لا تستحق ان تأخذ حجماً ومساحة اكبر من حجمها الأساسي!

لما يعانيه المواطن ويمر به البلد من ظروف اقتصادية قاسية، ومطالبات ووقفات احتجاجية تشهدها شوارع بغداد، في درجات حرارة تجاوزت الخمسين مئوية، فهي اهم وألاجدار بالذكر والتوصية والتوجيه، من الإشارة إلى احتفالية عابرة لكنها شغلت جنود الكيبورد من المدونين والمغردين!

اذ أكدت الخطبة على نقاط محددة، منها رفع الظلم عن حملة الشهادات العليا، خصوصا كلنا يعلم ان العراق يعاني من (متلازمة الظروف الاستثنائية ) وهذا يعني ان صمود الطالب للمرور بمراحل الدراسة الأولية، واكمال الدراسات العليا، انه واجه العديد من الصعوبات والمعرقلات ولكنه تجاوزها بصبر وثبات، حتى الحصول على تلك الدرجة العلمية، لذلك على الحكومة ان تكون جادة في استثمار طاقات تلك الفئة المجاهدة علمياً، وتعمل على تجديد دماء الحكومة مؤسساتياً بتلك الطاقات التي تفترش الطريق!

كلاً حسب اختصاصه واستحقاقه، لا ان يقتصر التعيين في الحكومة، على القوى السياسية المتحكمة والأحزاب المهيمنة، على دوائر الدولة فتذهب اختصاصات الدرجات الوظيفية إلى أشخاص بعيدين كل البعد، عن الاختصاص المطلوب٠
كذلك اشارت الخطبة الجمعة، على الحكومة ان تهتم بالبنى التحتية للبلد منها الطرق والجسور وأعادة أعمارها، لما تعاني أغلب الشوارع من مطبات نتيجة للتقادم، وعدم اعادة تأهيلها بشكل دوري، مما يسبب، أزمة الاختناقات المرورية، اضافة إلى ارتفاع الحوادث المؤسفة، بسبب فقدان الطرق اهم معايير السلامة، خصوصا تلك الطرق الخارجية  والدولية٠
اضافة إلى ذلك اشارت الخطبة إلى اهمية فسح المجال للقطاع الخاص وتوفير بيئة مناسبة للمستثمرين، وتوفير الحماية اللازمة لهم من اجل النهوض بالاقتصاد٠
كما تضمنت الخطبة كعادتها، جملة توصيات وقضايا مهمة  تصب جميعها في توجيه الأنظار والأسماع والانتباه على اهمية العمل بها، لانها تمثل اهم ما يعانيه المواطن٠

وكأنها تقول بذلك ان ما يعاني منه البلد وابناءه، اكبر وأعظم من تسليط الضوء على فعالية، قد لا تتناسب مع مكانة المدينة على أهميتها، الا ان المعاناة الي يعيشها الناس هي اشد قسوة
كما ان عدم الجواب هو جواب بحد ذاته !

26
المنبر الحر / معارضة أم معاضدة
« في: 00:11 22/06/2019  »
معارضة أم معاضدة

رسل جمال

قبل كل شيء علينا ان نعي ان مفهوم المعارضة أو التعارض هو نتاج اختلاف الطبيعة البشرية، اذ ليس من المعقول ان يفكر الناس بنفس الطريقة والأسلوب وعلى نفس الوتيرة، ويسيرون  على وفق ذات المنهاج٠

ومن هذا المنطلق تنبثق المعارضة كحاجة إلى الوصول إلى الكمال، اذ لا يمكن للصقر ان يحلق عالياً، بدون جناحين عن يمينه وعن شماله، لان جناح واحد لايضمن الصعود ولا الموازنة!
كذلك باقي الأمور الأخرى فلا تستقيم بجانب واحد، ولا يمكن ان يستحوذ عنصر واحد على طرفي المعادلة، فلا بد من وجود الضد الذي يغايره بالاتجاه، وفي النهاية فان حالة الجذب والشد بين طرفي المعادلة هي علامة حيوية المعادلة وفاعلية النتيجة ٠

وعلى اختلاف التعبير عن مفهوم المعارضة، تبقى هي الحالة الوحيدة لتقويم النظم السياسية، وإعادة العملية الديمقراطية إلى مسارها الصحيح٠
ان اعلان بعض القوى السياسية العراقية موقف المعارضة من الحكومة الحالية، إنما يعد نضوج في عملية فهم المشاركة السياسية، اذ من غير المعقول ان يشارك الجميع في الحكومة، وان يتذمر الجميع من أداءها!
كثيراً ما تطالعنا شاشات التلفاز بأصوات المسؤولين الناقمين على اداء الحكومة، وهم يشغلون مواقع مهمة فيها، يبدو شجبهم واستنكارهم غير منطقي بالمرة، لانهم جزء من سوء الإدارة التي ينادون بفشلها ليل نهار٠

لهذا جاء اعلان المعارضة لتوحيد الجهود من أجل متابعة اداء الحكومة بشكل اكثر صرامة وجدية، بعيد عن المهاترات والتصريحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، كما ان اعلان المعارضة، لا يعني إسقاط الحكومة والانقضاض عليها كما يصوره البعض٠

فلا احد يريد الفراغ الدستوري، أو إشاعة الفوضى والانظام، لان اللاقانون لا يصب  في مصلحة احد مطلقا، كذلك مفهوم المعارضة في ظل دولة تحتكم لنظام ديمقراطي يختلف عن المفهوم القديم الراسخ بعقول الناس، اذ كان المعارض في زمن الدكتاتورية لابد ان يطارد وينفى في احسن الأحوال، أو يتم تصفيته مباشرةً، لذلك اعلان المعارضة من قبل القوى المشاركة في الحكومة يخلق مجموعة من الاستفهامات في اذهان الناس تحتاج إلى من يفكك لهم لغز هذه المسالة٠

ان مفهوم الحكومة يختلف عن مفهوم الدولة ومؤسساتها، وكثيراً ما يُخلط بين المفهومين من قبل عامة الناس، فالحكومة هي الجهة الرسمية المنتخبة و المحددة بمدة صلاحية ينص عليها الدستور الا وهي ( الاربع سنوات) أما الدولة فهي مؤسسات الدولة ومرافقها التي تشكل العمود الفقري للنظام القائم، وعليه فان من حق أي قوى سياسية مشاركة بالحكومة ان تعلن معارضتها لسياسة الحكومة أو اعلان فشل أداءها الحكومي، والمضي برحلة تصحيح مسار أو تغيير ٠

العلم لايقدم شيء جديد، الا بالتجربة والمراجعة والبحث المستمر  عن بدائل، كذلك الاداء السياسي بحاجة إلى متابعة حثيثة، وإجراء التغيير اذا اقتضت الحاجة للوصول لنتيجة مرضية للشعب٠ وهذا لأيتم الا بوجود عين تراقب بروح البناء لا الهدم وبنفس الإسناد والتعضيد، لا التقسيط والتنكيل٠

27
التنويم المغناطيسي الجماعي

رسل جمال

يقصد بالتنويم المغناطيسي الذاتي أو الايحائي، وهو خطوات محددة يقوم بها المعالج للمريض حتى يصل إلى مرحلة معينة ويمكن برمجة الدماغ فيها .
وفي تعبيرنا  الرائج (العامي) نقول ان فلان منوم مغناطيسياً، أي انه فاقد للإدراك ولا يعي ما يدور حوله، (مغيب عن الواقع) وكثيراً ما تتهم شعوب العالم الثالث انها شعوب نائمة في العسل، مخدرة وفي سبات مستمر، لا تعلم ولا تكلف نفسها عناء القلق من المستقبل !
مسلمة بشكل بديهي بنظرية المؤامرة، ورغم ذلك لا تحرك ساكناً للدفاع عن نفسها.
هذا مايجعل منها أرض خصبة لألتهام الأخضر واليابس من أخر صرعات الموضة، من المأكل والمشرب والملبوس والمستهلك، وهذا جّل ما تحلم به الدول المنتجة والمصنعة لتلك البضائع، وهو الحفاظ على أسواق جائعة لما تنتج وتصدر.
ولم يقف الصراع الاقتصادي إلى هذا الحد، بل تجاوز الأمر إلى اختلاق الحروب والأزمات من أجل تصريف البضاعة العسكرية، ولا نقصد ب(البضاعة العسكرية) البارود فقط، بل وحتى تصدير وتسويق النظريات والايدلوجيات الأمنية والعسكرية والحربية التي تريد ان ترسخها تلك الدول المنتجة للأزمات في الذهنية المستهلكة و بما يخدم السوق لديها ، ومؤشرات العرض والطلب.
ان مدى استجابة الجسد الغارق بغيبوبة منذ فترة طويلة، للصدمة هي مقياس لحيوية ذلك الجسد، فمتى ما استجاب ذلك الجسد بصورة كبيرة، قيل عنه انه مازال حياً يرزق، والعكس بالعكس.
لقد كان يفهم من الوضع العام العراقي، ما قبل الاحتلال وما بعده وما جرى انه اشبه بجسد ميت سريرياً، فهو لم يقاوم الدبابة من جهة، ولم يعترض عليها عندما قطعت الطريق!
أما ما تلتها من سلسلة احداث ومن توالي حكومات وصراعات سياسية، وأنفجارات أستقبلها وكأنها مفرقعات وألعاب نارية، لم تشهد الساحة العراقية أي مظاهرة تنظمها الناس والجماهير المفترض انها تكون غاضبة ورافضة لما يجري، حتى ولو بشكل عفوي بل العكس لم يحرك الشعب ساكناً، ولم يبدو عليه الاعتراض أبداً، ان كل المؤشرات للشعوب الواعية والمدركة عند وضع سلوك المجتمع العراقي في ميزانها، تجد انه شعب ومجتمع قد مات بشكل بطئ، وفقد كل علامات الحياة، ولن تقوم له قائمة.
الا ان الفتوى المرجعية جاءت لتقلب الموازين، وتغير السيناريو المعد مسبقاً !
فكانت اشبه بصدمة للجميع، وصعقة كهربائية للجسد الخامل، فهزته من الأعماق وجعلته يهرول بهمة ونشاط، كأنها معجزة
خطورة وحساسية الفتوى لا تقتصر في كونها نداء استغاثة أطلقته المرجعية، بل يعد درس عملي اذ خلقت حالة من التآخي لا يمكن ان توجد لو لا تلك الأجواء الضاغطة، اذ كشفت عن القوة الكامنة في ابناء هذا المجتمع، فعنفوان اندفاع الناس للألتحاق مع صفوف الجيش للدفاع عن الوطن، خير دليل ان هذا الشعب لم يمت بعد ومازال ينبض بالحياة، وبتلك الروحية العالية والإيمان المطلق، تحقق النصر وسحق الاعداء٠
أما اليوم عندما تستذكر المرجعية تلك الفتوة في ذكراها الخامسة في خطابها الأخير، فهي تريد ان تقول، لقد كنتم اموات ولقمة سائغة لذئاب المنطقة، ولو لا التكاتف والتعاون والتآخي فيما بينكم لكان الأمر غير الأمر، وأطلقت المرجعية صفارات تحذيرية من العودة لحالة الموت السريري، اذا استمر الصراع والنزاع السياسي حول المغانم مرة أخرى، فبعد ان تحقق النصر وتم القضاء على الإرهاب وزال الخطر، عادت الأصوات للتعالي من جديد، وهو ماء عكر ينتظر من يتصيد به!
ان خطاب المرجعية هذه المرة توبيخي اكثر من كونه توجيهي، فهي تشدد وتؤكد على المحافظة على تلك الروحية المتألفة المتحابة (وقت الشدة) حتى وان كانوا الان آمنين مطمئنين، وان يتركوا نزاع المكتسبات جانباً٠
ان المرجعية الدينية بوصفها جهة ذات سلطة معنوية، لا تملك صلاحية قانونية تُلزم بها، الا انها تملك قوة تاثير تعد أقوى من قوة القانون، والدليل المرجعية بفتواها، حمت القانون وأرست النظام، فهي تملك هالة من القدسية، تستمد منها الشرعية، ومن هنا يحاول البعض ضرب تلك القداسة، لتصبح المرجعية كأي جهة يسهل التطاول على مقامها، والنيل منها٠
عندما تضرب مقدسات مجتمع ما، يصبح اكثر هشاشة وضعفاً ولا يملك خطوط دفاعية، ولا معايير اخلاقية يستند اليها، بهذا يكون مجموعة من البشر منومة مغناطيسية تتخبط فيما بينها٠

28
ترند المسلسلات الرمضانية

رسل جمال

مع كل موسم رمضاني تتسابق شاشات التلفاز العربي، على جذب المشاهد وسحبه نحوها وتتفنن في التباكي مرة واظهار مشاهد الفساد والانحلال مرة أخرى، بل تدخر صور الغناء والعربدة والمجون الجاهلي لتطلقها دفعة واحدة في شهر الصيام!

انها ليست عبقرية أدبية ان تأتي بمسلسل مشبع بالسلبيات المجتمعية والجوانب المظلمة، تجعل من يشاهد مثل هكذا مسلسلات ينتابه اليأس والإحباط، فالكل يعرف اننا نعاني من هكذا مشاكل، بل على الكاتب مسؤولية كبرى لا يستهان بها، فهو كفنان يشير بكلماته لمواضع الخلل، مع جهده في ايجاد الحلول لتلك المشاكل، وإلا سيكون كالعرضالجي!

يعيد ويلوك بمشاكل الكل يعرفها، فما فرقه عن بقية الناس عندئذ؟ اننا بحاجة لأعمال رمضانية تشعرنا بروحية هذا الشهر الفضيل، وليس العكس لما للفن من قوة ناعمة لها اثر كبير في تغيير معتقد بل وحتى يعتبر احد أدوات التربية والتعليم، فهو قوة للتغيير والتأثير نحو الأفضل أو الأسوء على حد سواء، حسب ما يمرر من خلاله من رسائل للجمهور٠

ان الغاية من البحث العلمي، أو الرسائل التي يتكبد عناء كتابتها  طلاب الدراسات العليا لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراة، إنما للإتيان بشيء جديد ونافع يضاف للعلم، وإلا ما الغاية من أضافة ورق أضافي تستطر به كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع "الجهل"

كذلك أي عمل انساني أخر  كالفن والكتابة، ان لم يأتي بشيء جديد ونافع فلا خير فيه، الإنسانية بتقدم مستمر نحو الإمام وهي بحاجة لمن يجد الحلول ويبتكر من رحم المشكلة مصل لعلاج جديد، وفي ظل الحديث عن اجواء رمضان، لم تتغير مشاهد المسلسلات في كل عام، فهي مابين مقهى وملهى ومشاهد لقطاعي الطرق والفتوات!

لكن برز هذه السنة مسلسل هو الأكثر مشاهدة في المنطقة، لان أبطاله طرفي نزاع لطالما تحاربا بالإنابة، و تعودا على تبادل الاتهامات والمناوشات الباردة، دون التصريح بشكل علني عن مواقفها السياسية، كما نشهده هذه الأيام، ان احداث أي مسلسل مهما احتدمت وتصاعدت لايؤدي إلى انفجار الشاشة!
فهي تبقى مشاهد عابرة وسرعان ما تنتهي لتحل محلها احداث أخرى اكثر اثارة، كذلك فان تبادل التصريحات والإجراءات الاستباقية والاحترازية، التي تتابدلها امريكا وإيران لا تتعدى كونها المستوى ما قبل الأخير، الذي تعتمده دول اليوم للتعبير عن رفضها أو انزعاجها من أمر ما، أما أقصى ما ستقوم به لتعلن عن حالة التأهب و الاستنفار، فهو تحريك الغبار عن قطعاتها العسكرية، التي رُكنت منذ زمن بعيد، وتحريكها بطريقة استعراضية، فهي فرصة لاستعراض قدراتها العسكرية وما تملك من قوة، كما انها فرصة للطرف الآخر للضغط بما يملك من أوراق رابحة، حتى لو كان موقع جغرافي، والتهديد بقطع الطريق أمام التجارة العالمية!

انها حرب إعلامية، لا تتعدى الترند التويتري، سرعان ما سيهبط ما ان تقادم وقل حماس الجمهور المتابع، فكلا الطرفين غير جادين في الدخول بحرب حقيقة، خصوصا وان الطرفين يعاني من أزمات اقتصادية، وان أخذه العزة بالإثم الاعتراف بها.

أما العراق بوصفه الوريث الشرعي لسلالة الحروب المنطقة، فهو اكثر الأطراف اليوم يبدو نضجاً، وتفهماً وأبدى استعداده في اكثر من مناسبة ان يلعب دور الوسيط، وان يجمع الأطراف على طاولة مفاوضات واحدة، على ان لا يكون أرضاً للاحتكاك مرة أخرى!

فليس من مصلحة العراق ان يدخل دوامة المحاور، أو ان يكون طرف في نزاع، ان الذي يطمئن ان الأجواء العامة تتجه نحو التهدئة اكثر من التصعيد، على خلاف ما يذاع وينشر من تحركات هنا وهناك، يبدو ان زمن الحروب طيش شباب مرت به المنطقة، وهي اليوم اكثر اتزان وحكمة ٠

29
جدلية الحجاب والديمقراطية

رسل جمال


يوماً بعد يوم تتوضح لنا الصورة، ويظهر أمامنا المشهد بشكل لا يحتاج للتأويل والتفسير، ونصل لحقيقة مفادها ان الديمقراطية بوصفها طريقة ومنهج للحكم لا يناسبنا، أو  لنقل بعبارة أخرى اقل حدة ان الديمقراطية التي وصلت لنا بعد ٢٠٠٣ وصلت لنا وهي منهكة القوى، وقد علتها علامات الشيخوخة وبدأت تُمارس بخرف سياسي !

فأصبحت كلعنة تطارد حياة الناس، ان الحلم الذي كان يراود العراقيين أيام حكم الطاغية، ببزوغ فجر الحرية، وتنفس عبق التحرر من ظلم الطاغوت وجوره، حوله هواة السياسة إلى أسوء كابوس   يعيشه الفرد العراقي في يقظته ومنامه، وذلك بسبب أهمال الطبقة السياسية احتياجات الناس الأساسية، مما خلق فجوة كبيرة بين طموح الأفراد، و البلاط الحكومي.

ان هذا الانقسام  في العقلية والذهنية السياسية العراقية بين الواقع والخيال، بين الحاكم والمحكوم، بين الطموح وما موجود على ارض الواقع، لم يتوقف عن هذا الحد، بل تعداه إلى ما هو اكثر، واتسعت الهوة  اكثر حتى وصل الحال ان تتكلم احدى النائبات بأستخفاف، بأحد ثوابت المنظومة الإسلامية والمجتمعية على حد سواء الا وهو الحجاب.

ان الحجاب بما يحمل من معاني ودلالات كثيرة، لكن ليس من ضمنها الكبت أو الاضطهاد للنساء كما يحاول الغرب المتعنصر ان يظهره للعالم، لكن عندما تتفوه نائبة بكلام تصور به الحجاب كأنه طوق يخنق المرأة ويعيدها للعصور الجاهلية، نائبة تناست انها حجزت لها مقعد تحت قبة البرلمان بفضل أصوات نساء محجبات، خصوصاً إذا علمنا ان جناب النائبة كانت ضمن قائمة  نصف جمهورها ممن يرتدين الحجاب والنصف الآخر يقدس هذه الجزئية.

انه ضرب لاحد ثوابت الإسلام، كون الإسلام الدين الرسمي للدولة، وهذا احد نصوص الدستور
الذي تجاهلته النائبة وراحت تطلق تصريحات تثير حفيظة المجتمع، مما يزيد الطين بلة عدم اعتراف النائبة بخطئها، وسوء تقديرها للأمور بل رمت الكرة في ساحة الإعلام، مدعية انها تعرضت للاستهداف والاستفزاز مما دفعها للتصريح بمثل هكذا كلام!

ان السلطة التشريعية التي تمثلها النائبة ينبغي ان تتمتع بمنطق موضوعي اكثر مما هو عليه، وان تمثل صوت الشعب وتعبر عن تطلعاته وطموحه، الا انها ابت الا ان تفرغ ما بجعبتها من أجندة اجنبية محملة بها منذ سنوات، البعيدة كل البعد عن واقع المجتمع العراقي الأصيل.
 
ان الحجاب لا يعبر عن التخلف بل العكس تماما، إنما هو قمة الرِقي الإنساني لانه يعبر عن الحماية والوقاية لكل شيء جميل وثمين، وليس حجب أو خنق للحرية، أو تشوبه لمظهر المرأة، بل العكس فهو يضفي عليها لمسة وقار وهيبة واحترام.

ان المرأة الغربية نفسها أصبحت تدرك أهمية الحجاب والاحتشام، فبعد ان تفشت الفساد والخلاعة بين أفراد المجتمع الغربي  جعل من المرأة  م اداة للتسلية وواجهة إعلانية للسلع الاستهلاكية ليس الا، ففقدت الأمان والاطمئنان الذي تتمتع به المرأة المسلمة، في كنف عائلتها وفي ظل اسرتها.

30
هل  هي العبارة الأخيرة؟

رسل جمال

ان غرق عبارة تحمل فوق طاقتها الاستيعابية من البشر، لا يعد خطأ عابر في بلد يضج بالأخطاء الجسيمة مع غياب معايير السلامة، وأختفاء الوعي لمفاهيم وقوانين الرقابة والمتابعة الميدانية، لمختلف مفاصل المؤسسات والمرافق، بل ان مثل هكذا حادثة هي متوقعة، أما الضجة الأعلامية التي رافقت الحدث عبر مواقع التواصل والقنوات الفضائية، فقد تفنن الجميع بشرح أسباب ومسببات الحادثة، واتخذها كالعادة تجار الأزمات فرصة لتصفية الحسابات، فكل قناة وجهة تغني لأجل ليلى!

أما حقيقة الأمر ان الكارثة اشبه بفقاعة  عائمة انفجرت وسط فقاعات اخرى تنتظر دورها!
وسرعان ما ينسى الأمر برمته فنحن اكثر الشعوب التي تمتلك ذاكرة سمكية، فلا نتخذ موقف جاد، من جراء ما حدث أو يحدث أو الذي سيحدث.
ان الشعوب التي لا تحترم ذاتها، ولا تنتفض لكرامتها المهدورة، ستشهد كل يوم عبارة موت بكل بساطة، فغياب الجانب الرقابي والاستهتار بمعايير السلامة، وهذا ان دل على شيء يدل على الاستخفاف بالإنسان وحياته ومصالحه، فغياب عين الرقيب أضف اليها غياب سلطة القانون التي تملك اليد الحديدة لمحاسبة الرقيب والمقصر معاً، سيجعلنا نجلس على قنبلة موقوته تنفجر في أي لحظة كالتي انفجرت يوم نوروز.

كثيراً ما نكتب بعد وقوع الحدث ويكثر التحليل والنقاش والجدال حول السبب والمسبب، لنصل في نهاية المطاف إلى السبب الرئيسي وهو غياب النظام والقانون واستفحال الفساد، لكن ما الجديد ؟ ولطالما أعيب على بعض من يكتبون ويجتهدون في إبراز مواضع الخلل بل ويتكبدون العناء في التنقيب عن السلبيات في المجتمع، مع العلم انها ظاهرة للعيان ولا تتطلب كل هذا التنظير ، وكأنهم يزيدون الطين بلة!
فمن منا لا يعرف الخطأ؟ هل المشهد بحاجة ان نجعله اكثر سواد؟ فمن المستفيد من بث روح اليأس والتشاؤم وتسطير المشكلات.
ان الفرد العراقي المسكين ليس بحاجه لسماع المزيد من البؤس فأهل مكة ادرى بشعابها، هو بأمس الحاجة ليد حانية تخفف عنه مآسيه وترسم له غدا أفضل
عندما يكون طرفي المعادلة هما الفساد من جهة وغياب الضمير فمن البديهي ان تكون النتيجة كارثة، وستتكرر في كل مرة إذا لم يتعدى تفاعلنا مع هكذا حوادث تغيير الصور الشخصية في مواقع التواصل، إذا لم يعي المجتمع قبل المؤسسة الحكومية الدور الذي عليه ان يلعبه فان العراق على وشك ان يغرق بأكمله كتلك العبارة المشؤمة٠

ان هيبة الدولة بمفهومي لا تقاس بتطبيق النظام فحسب، بل بمقدار تمتع المواطن واطمئنانه على أراضيها ومياهها!
كثير ما نرى احتفالات دول العالم ومختلف المهرجانات التي تقام على اختلاف ثقافات تلك الشعوب الا اننا لم نشهد مثل هكذا حوادث على كثرة إعداد المحتفلين الا ماندر٠
ان قطار الفساد مازال يمضي مسرعاً، على مراى ومسمع الجميع، اللهم الا بعض المطبات التي قد تأخر وصوله للمحطة كغرف عبارة مثلا!
فتحدث ضجة لعدة أيام ويجبر الجميع لأضرار بعض التعاطف والتباهي، كتلك التي أظهرها محافظ الموصل فخانته الكاميرات لتلتقط له صورة وهو مبتسم!
سرعان ما يعود قطار الفساد ليكمل رحلته بسلام بعد ان تنسى الحادثة٠
ان معركة العراق مع الإرهاب انتهت ولكن معركته مع الفساد مازالت شرسة ولم تنتهي بعد.

31
المنبر الحر / عيد الجيش العراقي
« في: 00:08 08/01/2019  »
عيد الجيش العراقي

رسل جمال

في السادس من كانون الثاني من كل عام، يتذكر العام ان يحتفل بالقيادة الميدانية لساحات القتال،  انه عيد تأسيس الجيش العراقي الباسل،  تلك الماكنة العملاقة التي اعتادت تسير فوق الألغام غير مبالية، فمنذ تاسيس الجيش العراقي في عشرينيات القرن الماضي،حرص على ان يطبع بصمة واضحة في حروب ومعارك المنطقة، من الشرق إلى الغرب، والمتتبع لتاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر سيتأكد من كلامنا هذا بالأرقام، فالجيش العراقي وقف جنباً إلى جنب مع اخوانه العرب في معاركهم القومية مع  العدو الصهيوني ، أما مقابر جنودنا الأبطال في فلسطين وهضبة الجولان خير شاهد لهذا  السجل المشرف من البطولات،


ورغم ذلك التاريخ الطويل من التضحيات والدماء، الا هناك جدلية شائكة بقيت عصيه الفهم للمفكر العراقي بين سلطة الحكومة وبين قوة الجيش بوصفه اليد الضاربة، والعصا التي تلوح بها الدولة لمن يسيء الأدب خارجياً وداخلياً، اذ ترسخت بالأذهان مشاهد القمع والضرب للمتظاهرين، خصوصا في ستينيات القرن الماضي، اكثر الفترات ضجة ودموية!

وساد السؤال التالي؛ هل الجيش هو عبارة عن قوة صماء لأتعرف سوى تنفيذ أوامر السلطة؟، أم انها جزء لا يتجزء من النسيج المجتمع ومن هنا تبرز لنا قضية اكثر تعقيد، إذا كان الجيش اكبر من كونه مجموعة أفراد تنفذ الأوامر بصرامة تامة، أي انه يملك حس مجتمعي قد يحرك ذلك الكيان ويغير مسرى الأمور وفق المصلحة العامة!

حتى لو جاءت خلاف الأوامر العليا، ومن هنا جاء مفهوم الانقلاب العسكري الذي شهدته المنطقة في فترة من الزمن، اذ أخذ مجموعة من الضباط في مصر والعراق وغيرها من البلدان التي كانت  ترى ان عجلة الحياة  السياسية تمضي  بشكل متعرج وغير مرضي!

ان المنظومة العسكرية ماهي الا نتاج مجتمع، فهو يضم الأب والابن والأخ، أي هو جزء لصيق من المجتمع ولا يمكن التعامل على انه كائن منفصل عن هموم المجتمع، قال لي والدي رحمه الله ذات مرة، ان الجيش اشبه بمصهر لأخلاق الرجال، يدخلونه مختلفين ويخرجون منه وهم على نسق واحد، من حيث النظام وغيرها من الخبرات، يدخلونه غرباء ويتسرحون منه وهم اخوة وأشقاء.

ان النظام العسكري الإلزامي بعد التغيير الذي شهده العراق، والتحول الذي طرء على المجتمع اصبح حاجه تربوية اكثر من كونه ضرورة أمنية و البيب تكفيه الإشارة !

اذ جاء قرار حل الجيش العراقي بمنتهى الطيش، بعد دخول القوات الأمريكية على خط الأحداث، وفي وقت كان الوطن اشد حاجة لمؤسسة الجيش، لمسك الأمن والنظام الداخلي، واقتضت الحاجة إلى اعادة تشكيل الجيش العراقي وهي عملية ترميم للجيش اضافة إلى استحداث تشكيلات  جديدة في الجيش العراقي، مثل  قوات مكافحة الإرهاب وقوات التدخل السريع.

أما عند دخول داعش الإرهابي الأراضي العراقية، عندها أصبحت الحالة الأمنية على المحك وصار لزاما ايجاد قوة ساندة للجيش، من هنا انطلقت فتوى المرجعية المقدسة تلبية لنداء الوطن، فانبثقت قوة (الحشد الشعبي ) قوة شعبية دفعها حب الوطن والغيرة على ترابه إلى التخندق في السواتر الأمامية وجه لوجه مع اقذر عدو عرفه التاريخ، على قلة العدة والتدريب، الا ان أبطالنا سطروا الدروس للعالم ليتعلموا كيف تكون الفروسية في الميدان.

هكذا هو الجيش العراقي كطائر العنقاء، ينهض كل مرة من بين ركام الهزيمة، وهو أقوى واشد بأساً .

32
المنبر الحر / فقيد الإنسانية
« في: 22:32 08/11/2018  »
فقيد الإنسانية

رسل جمال

اسوء ما في الموت هو الفقد، والفراق والبعد والتغييب المادي، في حين ان العلاقة بين المتوفي وذويه غير قابلة للموت والفناء، فالموت المعنوي غير وارد من الأساس، لذلك فان بكاءنا عند موت احدهم كون لنفسه مكانة خاصة في ارواحنا وأنفسنا وذواتنا، يتناسب مع تلك المكانة، وفي الحقيقة نحن نبكي أنفسنا بعد غيابه.

انه جانب مختبئ من الأنانية البشرية، التي لطالما كانت اسيرة التعويد على وجود ذلك الشخص، تتسع هالة الألم والحزن عند سماع خبر وفاة احدهم، اذ يحزن أصدقاءه وأقرباءه وجيرانه وحتى من كان له معه خصومة، لكن سرعان ما تتلاشى هالة الحزن الكبيرة!

لتترك الاصحاب والخلان، وتتقلص شيئا فشيئا لتسور عائلته فقط، وبعد مدة من الزمن لن يتذكره  احد الا مخلصين ومحبيه حقا.

ونحن نشهد ذكرى وفاة الرسول الأعظم (صل الله عليه واله وسلم) ونستعرض بعض المشاهد لتلك المصيبة الأليمة، لابد من المرور بقلوب من اخلصوا في حبه من أهل بيته واصحابه وخاصته، وعند ذكر  الخاصة من الأهل والأحباب، لا يمكن ان نغفل قلب الزهراء فاطمة (عليها السلام)
ووقع الفاجعة الأليمة على قلبها له عدة ابعاد وزوايا، جميعها حادة وتدمي القلب.

لعمق العلاقة الإنسانية بين الأب والابنة من جهة، ولأعتبارات رسالية ووجود مشروع الإسلام من جهة أخرى، جعلت منها هذه الشبكة من خطوط العلاقة العميقة، شريكة وتمثل امتداد طبيعي لقائد المشروع، مما حملها مسؤولية عظيمة تضاف إلى مسؤولياتها الأخرى.

ان حجم الخواء الروحي الذي شعرت به الزهراء عليها السلام، بعد وفاة ابيها رسول السلام، لا تقترب الحروف من ترجمته أبداً، ربما وحدها (البنت اليتيمة) تنجح في فك بعض رموز ذلك الحزن، الا ان الشفرة الفاطمية بحزنها على ابيها تبقى مجهولة، لان وفاة كانت شكل اكثر النكبات وطئ على نفسها.
عند النظر للمشهد من زاوية نفسية بحته، ونغوص بعلاقة الأب بأولاده وبناته خصوصا، نجد ان الأب يمثل وجوده، الاستقرار النفسي والاجتماعي والمادي للأسرة بشكل عام، وللبنت بشكل خاص، لخصوصية وضع المرأة في مجتمع تغزوه الذكورة  من كل حدب وصوب!

ان الأب بمثابة الهيكل الداعم للمؤسسة الأسرية، والركيزة الأساسية لمركز القوة، ومصدر رئيسي لهيبتها، وعمقها الاجتماعي وهو أساس التوازن ، خصوصاً إذا كانت الأسرة مكونة من الإناث، وقد أشار القران الكريم إلى هذا الجانب بقوله تعالى(وليخشى الذين تركوا من خلفهم ذرية ضعفاء خافوا عليهم فليتقوا وليقولوا قولا سديداً) وجاءت تفاسير العلماء في مفردة الضعفاء هم الأطفال والنساء.
أما عندما يكون الأب هو الرسول الأعظم، فهو المثال المتفرد، فهو معيار القياس للأشياء، وهو مثال المحبة والإنسانية والأبوة، وغيرها الكثير من القيم السامية، لتفرد شخصيته الكريمة منذ نعومة أظفاره، ولتميزه عن قومه، فلم يصطبغ بالجاهلية الكالحة، بل اعتزل تلك الأعراف البالية في غار حراء وادرك منذ البداية انه لاينتمي لذلك المحيط، فهو يخبرنا من غاره ذاك، لاتدع التيار  يأخذك بعيد عن تلك القيم المغروسة في داخلك، وان اقتضت الضرورة اهجر المحيط الملوث، واعمل على خلق بيئية مناسبة لما تؤمن به من مبادى وقيم، وهذا ما عمل عليه عليه واله افضل الصلاة والسلام. عندما هجر مكة.

ان وجود رمز للاب بتلك المعاني السامية، وبتلك الروحيةالمحملة بتلك المبدئية النبيلة، لاريب ان يكون فقده صدمة عنيفة للمجتمع، وللأهل بشكل خاص، لانه يمثل وتد الاستقرار والتوازن الاجتماعي، والسياسي و الرسالي وشكل نكبة للإنسانية لفقدها المثال الحي لها.

33
المحاصصة في نزعها الأخير والحكمة أول الناجين؟

رسل جمال

الصيرورة هو مبدأ الحياة الاول، هو الامان ونفحة الامل الذي يُخبرك ان الأمور لن تبقى عالقة في المنتصف، لأنها تمضي نحو التغير والتبدل، هو سر التقدم والتطور، لأن الركود والجمود تعني الموت.
لذلك الحالة التراكمية لأي فعالية انسانية، بمجالاتها المختلفة سواء كانت سياسية او اجتماعية، يضفي عليها المزيد من الثراء المعرفي، مع الحالة التجريبية المتكررة، تتساقط بمرور الوقت الاخطاء وتتشخص مواطن الضعف.
الوصول الى استنتاجات صحيحة ومعادلة نهائية صائبة لايتم الا بعد المرور بتركة ثقيلة من الاخطاء.
فالممارسات الخاطئة والستراتيجيات الضيقة، والمنهج المعوج، ينتج بالنهاية كارثة!
كذلك العملية السياسية بعد (٢٠٠٣) تبانت  على مبدأ المشاركة الديمقراطية، التي تضمن تمثيل كل المكونات، والتي انتهت الى تمثيل محصاصتي بأمتياز، وترسخ مفهوم الوزارات الحزبية هكذا فُقد الولاء الوظيفي وحل محله الولاء الحزبي، نتيجة لتجذر المحاصصة، واصبحت تلك الوزارات بدل ان تعمل للصالح العام اصبحت مشاريع استثمارية لتمويل الاحزاب وضمان بقاءها!
لذلك ارتبط مفهوم تقسيم الكعكة(المحاصصة) بمفهوم بقاء النفس الحزبي، لذلك نرى تلك القوى السياسية تقاتل من اجل الحصول على مغنم وزاري هنا، او منصب بدرجة خاصة هناك، الامر الذي ابعد الكفاءة واصحاب الاختصاص المستقلين، من واجهة العمل الحكومي الوظيفي، وجعلهم على الهامش، وهذا بدوره أوصل العراق، الى تدهور لم  يشهد مثيله قبل بكافة المجالات الزراعية منها والصناعية، و تحول من بلد منتجاً الى مستهلك.
لكن مايدعو للتفاءل هو العودة الى مبدأ التغيير والتجديد(الصيرورة) الذي تناولناه في بداية المقال، فبعد مرور ١٥ عاماً من صراع المحاصصة يبدو انها اُنهكت أخيراً، وهي الان في نزعها الأخير.
يثمل هذا الصراع الاخير، اوضح تمثيل في طريقة تشكيل الحكومة العراقية الحالية، والتي تسامت على مفهوم الكتلة الأكبر، اذ جرت سنة العمل السياسي ان يخرج رئيس الوزراء من بين صفوفها، كأستحقاق انتخابي، الأ ان الخطاب المرجعي هذه المرة كان له رأي اخر، اذ شدد على ضرورة ان يكون رئيس الوزراء مستقل، لضمان الحصول على مباركتها.
هكذا وقع الأختيار على شخص السيد عادل عبد المهدي، كمستقل اضافة الى كونه يحظى بمقبولية من جميع الاطراف لابأس بها، قياساً بغيره من الشخصيات، ان التغيير في ملامح العملية السياسية العراقية، تكاد تكون ابرز وجوها في أمرين الأول اختيار السيد برهم صالح رئيساً للجمهورية، كونه اكثر شخصية تمثل المكون الكردي انفتاحاً على الاخر، ذات نهج وخطاب وطني اكثر منه قومي، الامر الثاني أختيار السيد مهدي المبتعد عن عالم السياسة منذ مدة ليست بالقليلة والاتفاق والاجماع على توليه منصب رئيس الوزراء، يعد انجازاً يحسب للعملية السياسية العراقية ونضوج واضح في الاداء .

ان اصرار السيد عادل على تشكيل كابينة حكومية، خالية من التبعية الحزبية، والتوزيع المكوناتي الضيق، يعد تحدي كبير وأمر ليس بالهين، بل هو ضرب وتهديم لأحلام  النائمين في خنادق المحاصصة.

لذلك فهو بحاجة (رئيس الوزراء) الى تعضيد هذه خطواته من بقية الشركاء السياسين، وعلى الجميع ان يُدرك حساسية المرحلة، وان يحذو حذو الحكمة  بنبذها الانا، ووضعها الانانية جانباً، في خطابها الاخير الذي أعلنت فيه انها تخول رئيس الوزراء بالتصرف في استحقاقها الانتخابي، بما يراه في الصالح العام.
هي مبادرة تنم عن الشعور بالمسؤولية من تيار سياسي، له عمق وثقل في الساحة العراقية تحسب له، وان دل على شيء تدل على ان الحكمة مؤمنة بحنكة رئيس الوزراء اولاً، وانها صاحبة مشروع اكبر من ان يتصاغر امام الاستحقاقات التي يتسابق الاخرون وراؤها، اي انه تيار ملئ بالافكار والروئ والتنموية، التي يجعلها مشغول في تطوير هيكليته وتأهيل رجالاته، لرفد المؤسسة الحكومية برجال دولة مدربين وفق معيار الكفاءة، اكثر من كونه ينتظر ان ينال وزارة ما.

34
الاول من صفر كيف كان ؟ وماذا جرى؟

رسل جمال


يستحوذ العاشر من محرم عادة، على أهتمام الناس والباحثين والدارسين لتأريخ الدولة الاسلامية، اذ يُخيل للقارئ ان بؤرة الزخم للتأريخ العربي والاسلامي، تلخصت في يوم عاشوراء، وماعدأها من حروب وفتوح وأحداث على هامش الأهمية مقارنة بهذه الواقعة، لسبب واحد وبسيط لخلود القضية، ومقاومتها عوامل التعرية الفكري الذي مارسه، اعداء آل البيت، لسنا بصدد الوقوف على الاعجاز التأريخي لتلك الحادثة، بقدر التنوير على مواضع النكسة التي حدثت في مسيرة التأريخ الاسلامي في ذلك العصر، وكيفية التعاطي المجتمعي، والارتدادات التي ظهرت فيما بعد، لأنها شكلت نقطة تحول لما قبلها وما بعدها.

تُخلف ثورة البركان وراءها تربة خصبة وصالحة للزراعة، كذلك فأن الانعطافة التأريخية تغير من مجرى التدفق الزمني الرتيب، و تكون أشبه بصعقة كهربائية منشطة.
لهذا كان لعاشوراء وقع عنيف وصدمة قوية لذهنية المجتمع الاسلامي أنذاك، لأنها تمثل انقلاب عسكري تقوده السلطة الحاكمة على الدين والعقيدة المحمدية الحنيفة، اكثر ما كان يُفزع في الامر، ان الاسلام مازال فتي، طري العود لم يبلغ السبعين عاماً، مازال بطور النمو، اذا ما قيس بعمر الامم والاديان الاخرى.

ان الماكنة الأعلامية أنذاك قادت عملية تجريف فكري للعقول والاذهان وحرف الانظار عن مفهوم (قدسية الرسول محمد صل الله عليه وآله وسلم) وتقليص مساحة الاحترام حتى انتهى الأمر الى التطاول على آل البيت بالضرب والشتم!

ان في صمود الركب الحسيني بعد العاشر من محرم وهو في طريقه من العراق الى الشام، دروس وعبر بل هي مدرسة لها خطة اولية قريبة، تمثلت بسقوط الدولة الاموية ومنهج ستراتيجي بعيد المدى، يتمثل بخلود القضية الحسينية الى يومنا هذا، فهي تطبيق عملي لمسيرة الانبياء، بعيداً عن التنظير والتسطير، هي قارورة التفاعل للأفكار الثورية، جعلت من كل الاحداث الاخرى تبدو باهتة لا لون لها امام حمرة كربلاء.

بعد الواقعة العاشورائية الحزينة، كان  لدخول السيدة زينب على مجلس يزيد في الاول من صفر ، وهي مقيدة اثر اخر على النفوس، بعيداً عن الجانب السياسي القائم أنذاك، يجب دراسة هذا المشهد من اربع زوايا، الاولى انها أمراة والطبيعة تحتم ان تكون خجلة لا تقوى على الحديث في مجلس الرجال، الزاوية الثانية؛ انها مسبية وجاءت تسير مشياً من العراق الى الشام، لا نستطيع تقدير حجم التعب والألم اليوم ونحن نتجول بين مدينة وأخرى بوسائل نقل حديثة، الزاوية الرابعة لم يكن شعور التعب من أجهد قواها  بل الاحساس بالحزن والكرب، هو ما زاد من معاناتها فهي من  شهدت مقتل اولادها واخوانها، وكل من تتقوى وتحتمي بظله فلم تُعطى فرصة للحزن، ولم تسمح للحزن ان يغزوها، لأنها كانت على دراية تامة  انها قائدة المعركة بعد الحسين عليه السلام، وليس أمامها الأ القتال والأنتصار وهي تقود ركب من النساء والاطفال!
قد يُخيل للبعض ان شخصية السيدة زينب عليها السلام، كانت شخصية منغلقة، لا تستطيع مجابهة العالم الخارجي، كونها لم تتعامل مع الناس بصورة مباشرة في عهد الصبا والشباب، المتوقع منها ان تكون منكسرة، غير متزنة، لا تستطيع ان تتمالك نفسها، في حين كانت هي الأشد رباطة للجأش، والأجدر بأدارة وقيادة العيال، فقد صورت الآباء والمنعة والشموخ، ورفض الانكسار والضعف بدخولهم لمجلس يزيد.
أما السيدة زينب عليها السلام فقد احترفت في تطوير قدرات النساء في عصرها، اذ جسدت مثال حي للمراة القوية، وصارت أنموذج مثالي وقيمة عليا، لصمود النساء، معيار لقدرتهن على التحمل!

كأن لسان حالها يقول، ان المصائب على فداحتها وعظم وقعها، الا انها ليست مبرر للجزع، او الاعتراض على حكم الله سبحانه، او الاستهانه بالحجاب او الستر.

بل العكس جعلت من الحزن سبب ليكثف الانسان قوته، ويلملم شتاته، ويرمم صدع روحه، فهو يرفع سقف التحدي، وبالمقابل ترتفع معه قابلية الانسان على مواجهة تلك الصعاب، ونقصد به الانسان المؤمن القوي، لأنه خير وأحب الى الله من المؤمن الضعيف.
انها ثقافة حماسية تنبذ الضعف والاستضعاف، بكل صوره واشكاله وتزرع القوة في النفوس

35
بورصة تشكيل الحكومة العراقية

رسل جمال

تشهد سوق أسهم السياسة هذه الأيام ارتفاعاً وحركة إيجابية، وكل المؤشرات تتلون بالاخضر، اعلاناً عن قرب تشكيل الحكومة والخروج من عنق الزجاجة لإختيار رئيس للحكومة، كما شهدت الظروف المحيطة هي الاخرى تغيراً بشكل تصاعدي واكثر ايجابية، اذ سجل سعر البرميل للنفط الأخر أعلى مستوى له منذ اربعة اعوام تقريباً، ويمثل أجتماع فندق بابل الأخير للقوى السياسية إنفراجاً واضحاً للوصول الى تفاهمات حاسمة لولادة حكومة جديدة، خصوصا بعدما حُسم منصب رئيس النواب العراقي، وجاء الحلبوسي هذه المرة لتمثيل واختزال ابناء الغربية كلهم فيه!
ان اختيار رئيس للبرلمان بوصفه الجهة التشريعية والعين المراقبة على اداء الحكومة القادمة، يعني أننا أجتزنا أكثر من نصف المسافة للوصول الى حكومة كاملة، ومازل هناك مرحلتين هما أختيار رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وقد طرح الكرد أكثر من مرشح يحظى كل منهم بمقبولية لابأس بها، أمثال السيد برهم صالح و فؤاد حسين وسروة عبد الواحد، اول امرأة  تُرشح لمنصب رئيس الجمهورية، وقد أكدت الاخيرة أنها ترشحت كمستقلة، كما عبرت بتغريدة لها عبر توتير" أترشح اليوم كعراقية كردية مستقلة عن أي حزب سياسي، ولكن منتمية لأهلي وشعبي من زاخو الى الفاو وافتخر بعراقيتي وأعتز بكرديتي"
يبدو ان العملية السياسية اليوم تمر بمرحلة تحول، ويتبين ذلك من خلال الظروف الضاغطة للمرحلة الماضية  التي  أسهمت وكان لها الدور الأكبر في النضوج السياسي الذي نراه اليوم، بالمواقف والرؤى مثلها كمثل النار الهادئة وهي تنضج الطعام!
معاناة البصرة المظلومة غير بعيدة عن المشهد، بل زادت احداثها والمظاهرات التي شهدتها بتسريع عجلة المحاورات وان تصبح جدية أكثر، خصوصاً بعد موقف المرجعية ونزول ممثلها بشكل مباشر الى الميدان، في سابقة لم يعتادها المراقب العراقي بشقيه الإجتماعي والسياسي، كلها رسائل بليغة المعنى مفادها، ان المواطن لم يعد يحتمل المزيد من الاخفاق و القصور الحكومي بتقديم الخدمات الاأساسية والضرورية له، والموقف لم يعد يحتمل المزيد من المماحكات السياسية، بل بحاجة الى تحرك حقيقي للملمة الشتات المؤسساتي
كل ماسبق كان له الدور، في ان تعيد القوى السياسية النظر في طريقة أدائها للعمل السياسي، وتغير وتعدل من مناهج أكل الدهر عليها وشرب، وتكسر حالة الانغلاق الحزبي الضيق ومواكبة متطلبات المرحلة الراهنة.
فالحضور الشبابي أصبح هو السمة الغالبة للوجوه التي تتصدى للخطاب السياسي الحالي، وهذا ان دل على شيء يدل ان العقلية السياسية بدأت تتناغم مع نزعة الشعب العراقي والذي يشكل فئة الشباب فيه الغالبية العظمى، لتغيير الوجوه السياسية السابقة.
اي اننا أمام شعب فتي بحاجة لقادة شباب على استعداد لتلبية طموح وتطلعات شبابية الجمهور، هكذا تتسابق الاحداث بسرعة عالية، نحو حقيقة  واحدة سواء شئنا ام أبينا، نحن على اعتاب نهاية العصر الجليدي الذي كان يخيم على العملية السياسية لدورات حكومية سابقة، وبدأ الثلج المتراكم بالذوبان والانحسار، وسيكون سبباً بأنقراض العديد من ديناصورات السياسية .
الحراك السياسي في ظل هذه التغييرات والتطورات، ترك منهجية اللامنهجية، ويتجه بخطى ثابتة نحو مأسسة العمل السياسي، وجعله اكثر أنتاج للقرارات المهمة، ومراقبة الاداء،  الأمر بات يتجلي بشكل واضحاً بتلك الأجتماعات التي يحرص تحالف الأصلاح والأعمار، على عقدها بدورية ثابتة،  وكان أخر اجتماع يعقده التحالف عشية الاربعاء بحضور اكثر من ١٤٥ نائباً، للخروج بترشيح نهائي لرئيس الحكومة والجمهورية.

36
قضية الحسين نهر جارِ

رسل جمال

كُلنا يعلم أن الماء الجاري، هو الذي يمتلك مقومات الحياة، أما الماء الرأكد يمكن أن نطلق عليه، اي اسم الأ الماء كونه فقد خاصية الحياة وأصبح ميت سريرياً، لأنه أصبح مستنقع ومستوطن للطفيليات والفطريات، عكس ذلك الجدول الذي يتدفق بسلاسة، وأنسيابية عالية، فلا يصمد أمام تياره القوي أي شائبة.

مثله مثل القضية الخالدة، المتجددة، التي تولد كل مرة واكثر من مرة، فهي قضية حية، متفاعلة مع الناس وقضاياهم، دائمة الاتقاد، لها جذوة مستعرة هي سر خلودها، أما ما عداها من القضايا، فلا تعدو ان تكون قضية موسمية، او صرعة كما يعبر عنها بالمفهوم الحديث، فلا تؤثر كزوبعة في فنجان  سرعان ما تظهر، وتعود لتختفي، وعند عقد مقارنة عابرة بين القضايا الخالدة وماعداها من القضايا "القضايا المؤقتة" نجد؛
اولاً/ ان القضايا الخالدة غير قابلة للمشاركة، سجل البشرية بخل بتلك النوعية الخاصة من الافكار والقضايا، فلم تصمد أمام السيل العرم للأيام والسنون، الأ قضية واحدة تملك من العمر ألف واربعمائة عام، ويقدر لها ان تعمر مثلها او يزيد الى أن يشاء الله هي قضية الأمام الحسين عليه السلام، اذ بقيت بنفس القوة والحماسة منذ يوم عاشوراء الى يومنا هذا!
هي قضية خُلقت للطامحين اصحاب الهمم العالية.

من منا لم يقرأ او يسمع عن ملحمة كلكامش؟ وبحثه الدائم عن الخلود، بغض النظر عن كونها أسطورة أبتدعها الأنسان القديم، الأ انها حملت الكثير من المعاني السامية، منها الخلود، ولما كان للأنسان عمراً محدداً، وعند بلوغ خلاياه الحد الادنى من العطاء، تبدء بالهدم والهرم وهكذا حتى يموت، لذلك ففكرة الخلود المادي للانسان من المستحيلات السبع.
الأ ان الخلود المثالي، او ما يعبر عنه الخلود المعنوي، لا يتم للانسان الأ بخلود المبدء والقضية التي يعتنقها ويعتقد بها حد الذوبان، على هذا الاساس وبهذه الحالة يخلد الانسان الفاني ولكن أي انسان؟

علي هذا الوتر المشدود والحساس ضرب الأمام الحسين، لأنه فهم معادلة الخلود بمعطياتها ونتائجها، وأتم تلك المعادلة حتى اخر رمق و قطرة دم، ولأن الرسالة المحمدية هي رسالة خالدة الى نهاية الزمان والمكان، فهي بحاجة الى عملية تحفيز مستمرة، يقول زيج زيجلر"يعتقد الناس عادة ان التحفيز لايدوم للأبد حسناً، ولا يستمر الأستحمام كذلك للأبد لهذا السبب ننصح به يومياً".
لذلك كانت القضية الحسينية أشبه بعملية تقويم وتصحيح للدين والمعتقد، فهي بتجددها في كل عام تنقي الأسلام من الخرافات والخزعبلات، وتقوم الأعوجاج وصار الأمر واضح في أنحسار الكثير من المماسات الشعائرية الخاطئة والتي تحسب بالضد  من المذهب او الدين والاسلام، فالقضية الحسينية بجريانها المستمر وتدفقها، تعمل بمبدأ كل ما هو متحرك فهو حي وكل حي قابل للتعديل والتغير والتطوير والتقويم.
ثانياً/ان القضية الخالدة وجدت لتبقى وتخلد، أما القضية الأنية وجدت لتموت وتشغل حيز من الفراغ لبعض الوقت.
ثالثاً/القضية الخالدة في نشاط دائم، وعطاء مستمر، وتجدد لا ينقطع، أما ما عداها من القضايا فهي في نشاط في اولها ثم تسير نحو الخمول والجمود حتى التلاشي والاختفاء.
رابعاً/القضية الخالدة لاتنسى، خالدة في العقول والاذهان والنفوس، اما النوع الاخر من القضايا فهي قضايا سرعان ما تنسى وتحل محلها قضية اخرى.

ان القضية الحسينية تمثل اكسير الحياة للامة فهي من تمد المجتمع بالنشاط والديناميكية المستمرة، فهي الفاعل والناس هم المفعول بهم، في حين تبقى القضايا الاخرى اسيرة الفاعل ومنتظرة له ومتوقفة عليه، لذلك تبقى القضايا الخالدة خالدة بذاتها، أشبه بوتد ثابت في الارض اما القضايا الاخرى فمتغيرة، والصيرورة هي سمتها الثابتة، ننتهي الى نتيجة ان القضايا الخالدة هي القضايا الأمنة التي يمكن للانسان ان يلجئ اليها فهي الخلاص الوحيد، في زوبعة الافكار المتغيرة والسطحية .

37
الحسين لم يتنازع على كرسي

رسل جمال

بعد ألف وأربعمائة عاماً، مازال المنهل الحسيني يفيض عطاء وعبر للناس جميعاً، لا يفرق بين هذا وذاك، ففلسفة الحسين قائمة على الأيمان، وهي عصارة الرسالات السابقة، التي جاءت لتشمل بطرحها الانسانية بمجملها، فكل الرسالات كانت تنادي بالحفاظ على المعتقد، لأن الجنبة الروحية والعقائدية، هي الكمال الوحيد الذي أضفاه الله تعالى على بني البشر، وبه ميزهم عن بقية الموجودات، والأ فان الانسان بنشاطه الحيوي اليومي، لايختلف كثيراً عن الحيوانات، لأنه يتقاسم مع بقية الكائنات  بأكثر فعالياتها كالبحث عن الغذاء، والنوم، والغريزة الجنسية.
ألا انه خُلق مكرم ومفضل بالجانب الروحي و العقلي والفكري، لذلك تطور الانسان منذ العصر الحجري الى عصرنا الحاضر، ضمن سلسلة من التقدم في الادراك والوعي، في حين ان القرد منذ العصر الحجري، مازال قرداً الى يومنا هذا!
فالصراع الأبدي للمنظومة الأنسانية منذ الخليقة وحتى القيامة، هو تناحر العقل من جانب واللاعقل من الجانب الأخر، العقل والروح التي تتجه بحركتها نحو الأعلى، تأخذ بيد الأنسان للوصول بمرتبة اعلى من الملائكة، اما الجانب الأخر وضع تحت هذا البند ما شئت من الغريزة الحيوانية، والأهواء التي متى ما أستحكمت على الأنسان، أنحدرت به الى ما دون الحيوان.

نفهم من ذلك؛ عندما يتخلى الأنسان عن مبدئيته وعقيدته يكون أقرب للحيوان الداجن من كونه انسان واعي.
قام الإمام الحسين عليه السلام في زمان، فقد الناس فيه أنسانيتهم، وبدأوا يتخلون عن عقيدتهم، وأصبح الدين أسم لا معنى له، يكمن الخطر أنذاك ان هذا التطور الانحداري من عمر الاسلام الفتي، فهو لم يخرج من  القرن الاول حتى، فمازال التقويم الهجري في سنته الستين !
أي ان العقيدة الاسلامية اصبحت في خطر حقيقي، تنقل لنا كُتب التأريخ ان قريش لم تستسيغ فكرة أجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد!
كذلك الأئمة الاطهار لم يستقتلوا في سبيل المُلك، لذلك كانت للعصبية القبلية القول الفصل، حتى اعترفوا جهاراً عبدة الكرسي، انهم جاءوا لا ليأمروا بأقامة حدود الله، بل للتأمر على الناس ليس الأ.
انه انقلاب على الشريعة السماوية، والعمل على أفراغها من محتواها العقائدي، لذلك اصبح كرسي الخلافة عرصة تورث، وبدأت المفاهيم الأسلامية بالأنهيار شيئا فشيئا، وهذا ما قاد الأمام الحسين للوقوف بوجه السلطة انذاك، لذلك أصبحت ثورة الحسين أمر واقع، ونتيجة لا مفر منها.

فالأمام الحسين وقبله الإمام الحسن، كفروا بعبادة السلطة، فلم يضرهم ان يعتلي منبر الخلافة زيد او عمر مادام على جادة الصواب، بل جل همهم ان تُطبق تعاليم الأسلام كما أُنزلت بدون تحريف، وان تحتفظ العمامة الحاكمة بقدسيتها، المستمدة من قدسية الأسلام نفسه.
لو كان الأمام الحسين بيننا أليوم لم يضره ان يتسنم  غيره منصب الخلافة، مادام يؤدي ما عليه من مهام على أتم وجه، فلم يكن يعاني من عقدة الكرسي .
بل العكس سيبارك هذا التحول بتنصيب شاب حتى او أي كان، لأنه اول من أمن بتمكين الشباب، وجسد ايمانه بشكل واقعي، وهو أول من كفر بديناصورات السياسة، وعمد على أزاحتهم بقوة المنطق اولأً وبقوة الدم ثانياً.
ان البرنامج المحمدي العقائدي، هو البرنامج الذي دافع عنه الأمام الحسين، وهو سبب قدومه من المدينة مدينة جده الى ارض مصرعه كربلاء، لم يقاتل أحد من اجل استحقاق انتخابي، او لينازع مُلك احد، بل وضع المصلحة الاسلأمية نصب عينه، تعالى عن المنافع الشخصية
لا نطالب من نواب اليوم ان يكونوا كالحسين، فهو ضرب من الخيال، على الأقل عليهم ان يتأسوا به ونحن على اعتاب ذكرى استشهاده.


38
كم من البصرة في كربلاء

رسل جمال

مع بدأية كل عام هجري جديد, يخيم ألسواد أرض ألسواد, أعلاناً عن بدء موسم الدموع والأحزان, ذكرى أستشهاد الأمام الحسين (عليه ألسلام) في كربلاء المقدسة, أن ألتاريخ في جريانه ألمستمر يرتب نفسه بنفسه, ويعيد عرض مشاهده مرة بعد أخرى في أكثر من زمان ومكان, لا لشيء الأ ليعتبر ألناس من حوادثه, فهو معلم يلقى دروسه بشكل متواصل ومتصل.

أن كربلاء بعنفواها وغليان تلك ألدماء في ساحتها, لا تختلف عن أنتفاضة البصرة كثيرا, ألا أن ألطف امتلكت  قائداً أخذ على عاتقه حامل تلك الثورة بتبعاتها الجسيمة, وبذل في سبيلها حتى رضيعه , أما البصرة فلم تحظى بذلك القائد, الذي يوحد الجهود ويرص الصفوف, لذلك كُثر من ركب موجة تلك التظاهرات وحرفها عن مسارها الصحيح.

أن القضية الحسينية قضية سياسية بعباءة عقائدية, أذ خرج الحسين بنفر قليل من أهله وصحبه, لمواجهة طاغية عصره, بعد أن  رأى  كيف تدهورت أوضاع البلاد, فالسياسة بمعناها ألواسع والعام والشامل, لا تعني تدبير ألمؤامرات أو المناورات اوحتى الفوز بلعبة الأنتخابات, أنما السياسة ألحقيقة هي العمل على توفير الخدمات ألاساسية للناس, من بنى تحتية ورعاية صحية, وضمان أستقرار حياتهم, وأدارة مصالحهم العامة على أتم وجه, فعندما يختل ألمعنى الحقيقي للسياسة, تصبح الظروف مؤاتية لقيام ثورة للمطالبة, بأبسط حقوق ألناس المشروعة بعيش كريم.

ان ألحسين لم يخرج للمطالبة بولاية ثانية أو ثالثة لكرسي الحكم, بل أراد بخروجه أن تستقيم أمور الناس, بعدما تقهقرت هيبة الخلافة المحمدية, ألى أدنى درجات الأنحدار, فكثرت ألرشا, وعم ألخراب, وانتشرت الأوبئة, وانشغل الحكام بملذاتهم الخاصة, وتركوا أدارة الدولة لأخطبوط الفساد, يعيث فيها كيفما يشاء, كذلك أهل البصرة لم ينتفضوأ عبثاً, بل كانت تظاهراتهم للمطالبة بالماء!

كذلك ألامام الحسين, أخر ما كان يطلبه هو الماء,أنها مقاربات ومقارنات, تدور في ذات الدائرة, وشرارات  تنتظر ألاشارة لتبتدء حريقها المشروع للأصلاح.

ألطف هي  ألنهاية ألدراماتيكية لملحمة كربلاء ألخالدة, ونقطة تحول في ألتاريخ ألاسلامي, كذلك البصرة ربما ستكون ألانعطافة وألنهاية لسلسلة معاناة أستمرت 15 عاماً, أذا تم معالجة ألازمة وفق أسلوب جديد, يغادر النمطية في ألمعالجة, والترقيع في أيجاد الحلول.


39
البصرة تجب ما قبلها
رسل جمال
كل ما هو مطلوب من اجل أن ينتصر الشر, هو ان يقف الصالحون ويتفرجوا دون فعل اي شيء, ان المراقب والمتابع والمهتم بالشأن العراقي, يرى سلسلة سيناريوهات منذ اجراء الانتخابات  الاخيرة وما سبقها وما تبعها, من تجاذبات سياسية داخلية, وتحركات خارجية, لبعض الوجوه والشخصيات السياسية, وجهود جبارة تدفع بخط  الاحداث للتصعيد وليس التهدئة!
خصوصاً وان العراق اصبح اقوى منذ قبل واستطاع ان يخرج من عنق زجاجة الارهاب, وهذا بالطبع لا يصب بمصلحة من يريد بالعراق واهله سوء, لذلك عملوا على تسقيط العملية الانتخابية حتى قبل اجراءها, وذلك بترسيخ فكرة انها مزورة ولا جدوى منها, مما انعكس على نسبة المشاركة فيها فيما بعد, ومن هنا يبدأ سيناريو الثاني وهو التشكيك بنتيجة الانتخابات والدعوة لعملية العد والفرز, وما رافقه من حرق للصناديق والضجة الاعلامية, انتهى هذا المشهد بالمصادقة على نتيجة الانتخابات بشكل نهائي .
تزامت الشرارة الاولى لتظاهرات البصرة, في تموز مع ارتفاع درجات الحرارة, واخذت تلك المظاهرات بالتصاعد بشكل تدريجي, مع ارتفاع منسوب الملوحة في شط العرب,في هذا الاثناء استمرت المباحثات للقوى السياسية لتشكيل الحكومة, رغم العصي الموضوعة في عجلة سير التشاورات!
كما جرت العادة الديمقراطية ان تقوم القوائم الاكثر حصداً للاصوات باخذ زمام المبادرة لتشكيل الحكومة, فاجتهد زعماء القوائم الفائزة للخروج بنواة اولية لملامح الحكومة القادمة, الا ان التبلور السياسي والجديد وما افرزه الصندق الانتخابي لم يعجب القوى السياسية الاخرى, التي راحت تكشر عن انيابها بعد ان نزع عنها حكم الري.
راحت تساوم بعض النواب الفائزين من جهة, وتشتري مقاعدهم بمئات الدولارات, وتعمل على تشويش الراي العام باطلاق تصريحات غير صحيحة من جهة اخرى, لتدعي هي صاحبة الكتلة الاكبر, نتيجة هذا الشلل الحاصل تصاعد غضب الجماهير, فانطلقت التظاهرات لتنتقل من ساحة التحرير الى التنومة, التي تعاني من اهمال متراكم.
اما المرجعية فلم يغيب دورها منذ البداية, فعززت من موقف المتظاهرين والقوات الامنية على حد سواء, بتحديد اهم المرتكزات التي الزمت بها الطرفين للخروج بحل ناجع للازمة, رغم ما تعرضت من هجوب دعائي من قبل مرتزقة الكيبورد, لم تتهاون ولم تتاخر عن تقديم النصح والمساعدة كعادتها.
هناك من يزيد نار الشارع البصري حطباً, بالقاء اللوم على المرجعية في محاولة بائسة للنيل منها, في حين مشكلة الحكومة مشكلة قديمة لم يتم معالجتها بشكل جدي, فتفاقمت الى درجة الا يمكن السكوت عنها, فاصبح المواطن البسيط لا يجد امامه الا الدوائر الحكومية لينفس عن غضبه بحرقها, مما فتح المجال امام المندسين للتصيد بماء البصرة المالح.
لذلك اعتادت بعض الجهات على المتاجرة بالازمات ورفع شعار (لو العب لو اخرب الملعب) فدأبت على استغلال الازمة لتصفية حساباتها مع خصومها, والبحث عن اكباش فداء, لتحميلها مسؤولية ما يجري في البصرة, مع العلم كما اسلفنا ان المشكلة ليست وليدة الامس, بل هي نتيجة لفساد سياسي لحكومات سابقة امتلكت ميزانيات انفجارية ولم  تزيد طين البصرة. الا بلة.
الذي زاد الازمة سوء وحدة, هو دخول الجارة ايران على خط الملوحة, لقطعها الروافد التي تغذي شط العرب, وتوجيه مياه البزل لاراضيها الزراعية, ومياه المصانع الثقيلة, هي من اوصل الملوحة في منطقة تعاني منها اصلا الى درجة لا تطاق.
البصرة اليوم بازمتها تجب ما قبلها من ازمات ومشاكل ومعاناة ارتبطت بالشعب العراقي ككل, فالبصرة وبغداد والموصل لم تعد ترضى بحلول ترقيعية من الحكومة, بل علينا النظر في تشكيل حكومة نوعية تتعامل مع هكذا ازمات بنظرية الوقاية خير من العلاج وليس الكي .

40
الحكومة العراقية والجدل الصاعد والنازل
رسل جمال
 
يتبادر للذهن عند ذكر الجدل, انها مباراة كلامية لا طائل من ورائها, في حين جاء  معنى الجدل قديمأً (فن القاء الاسئلة والاجوبة) اي منهج منطقي يستخدمه المتكلم لأثبات صحة ما يقوله اولاً, ولتفنيد حجج خصمه ثانياً, فهو وسيلة ذهنية خالصة ترتفع بالعقل من المحسوس الى المعقول, وهو العلم بالمبادئ الاولى التي يبلغها الفيلسوف بدراسة العلوم الجزئية, لذلك قسمه أفلاطون الى الجدل صاعد, حيث ينقل الفكر من الجزئي الى الكلي, من مدركات الحسية الى المعاني الكلية والتعقل الخالص, (المثل) .
اما الجدل النازل فينزل بالعقل من ارفع المثل الى ادناها بتحليلها وترتيبها في اجناس وانواع*
ان المجهود المضني الذي يقوم به العقل للاستدلال, لابد ان ينتهي الى نتيجة منطقية صحيحة, أشبة بأساس يبني عليها الانسان معتقده الخاص, والا ما فائده اشغال الذهن بأفكار خيالية غير قابلة للتصديق والتحقيق؟ اذن كل جدل مفيد, ماعدا ذلك الجدل الخالي من الاسس المنطقية, فهو جدل عقيم, وهي مساحة من اللغط, لا أود الخوض فيها لكثرة المنافسين!
ربما يكون الكلام الفلسفي عسير الهضم للكثير من الناس, واقصد عامة الناس, ولاعجب لان الفلسفة انتاج عقلي فاخرو ابداع انساني, فهي هدية من عقول خاصة الناس لعقول خاصة الناس.
لكن لابأس في توظيف الفلسفة وقوانينها, في المشهد السياسي للخروج بمعادلة سياسية منطقية صحيحة, وسط هذا الكم من السفسطة.
ان الحكومة العراقية المرتقبة, انما هي وليدة جدل سياسي صاعد ونازل منذ( 15 )عام مضت بين اجتهادات وتجاذبات وتدخلات, واخفاقات وخيبات ومحاصصات انتهت بمظاهرات واحتجاجات, فالجدل الصاعد في الذهنية العراقية للمشهد السياسي بعد السقوط, تمثل بصورة مثالية لمستقبل زاهر, الا ان الواقع ارتطم بالجدل النازل للحقيقة, فأنخفض سقف طموح الناس, الى ادنى مستوى حتى صار الماء والكهرباء أغلى الأماني!
خصوصا وان نسبة عالية من سكان العراق, هم تحت خط الفقر والأغلب منهم لا يملك حتى وظيفة, او سكن مناسب.
ان الكتل السياسية اليوم امام فرصة ثمينة, لتصحيح المساروالدفع بالتي هي احسن,  وتشكيل حكومة قائمة على منطق الكفاءة والاختصاص, والا فأن المواطن اليوم لا يملك صبر, ذلك المواطن المسكين بعد 2003, فقد اُستهلك كلياً وهو لمنطق الغضب اقرب, من منطق العقل,  وحتى لا ابدو اني اشجع على ثقافة العنف, لكنني مع ثقافة التظاهر , فعلى عقلاء السياسة اليوم مسؤولية كبرى, للملمة شتات وشضايا النوايا والمصالح, والخروج بحكومة عراقية وطنية, ضامنة لحقوق الجميع, لا تفرق زيد عن عمر, حكومة ذات هيبة قانونية, نتلمس اثرها في الداخل والخارج, حكومة بعباءة ابوية, فلم يعد العراقي يرضى بحكومة مقاولات بعد اليوم.
 
*ساحة العلوم الطبيعية والانمائية: الفلسفة والمنطق

41
معركة قيصر وكسرى الاخيرة
رسل جمال
الصراع الامريكي الايراني, او الايراني الامريكي, لايهم أيهم يبدأ الخناق فهم أشبه بديكه, يكثر نقارهما في بيت جار ثالث, لا يملك لا ناقة ولا جمل في خضم هذا النقار المستمر, سوى القلق والضجة, انه تناطح ارادات ومحاولة لإنقاذ ساحات نفوذ وجبهات بالنيابة, يدخرها كلا الطرفين لأسوء الظروف.
عند النظر الى تاريخ هذا الصراع الطويل من وجه نظر عراقية لا تلبس نظارة مستوردة من جهة خارجية, نظرة عراقية وطنية خالصة, ذاقت الامرين من ذلك الصراع, فمنذ الحرب الايرانية العراقية, لم تقف امريكا موقف المتفرج ابداً, لانها امدت المقبور بمختلف الاسلحة في حربه الرعناء ذات الثمان العجاف.
اما في حرب الخليج فانقلبت المعادلة, اذ ظهر بوش الاب بمظهر المحرر !
ان تقع بين طرفي نزاع جغرافياً, فذلك سوء طالع لاتملك ان تغيره, فكل جانب منهم يتمدد ليحصل على ساحة قتال بديلة, يجنب بها بلاده رائحة البارود ولون الدم.
امريكا لا زالت تخاطب العالم خطاب السيدة الاولى, تتشبث بعقلية القياصرة وتعطي لنفسها الحق في محاسبة غيرها, و هي نفسها كدولة غارقة بمشاكل اقتصادية لا نهاية لها, فراحت تبعد النظر عن مشاكلها الداخلية, بالتلويح بعصا العقوبات على ايران, مدعيه انها موضع قلق دائم في منطقة الشرق الأوسط, خصوصاً وان ايران تسير عكس التيار الذي جرف الانظمة في المنطقة, فلم يتحرك منها ساكن في ظل الربيع العربي, بل استمرت في تطوير ترسانتها النووية, هذا وحده سبب كافي ان يثير قلقها وتطيرها, فهذا يعني تنامي دولة عظمى الى جنب دول تعاني اضطرابات, اي حصه من نفوذ, وسوق دائمة, ومعبر حدودي جاهز, ولا تستبعد امريكا انه تمدد فارسي مبطن على حساب المنطقة التي بذلت فيها اموالا طائلة, لتثبت فيها موضع قدم وقاعدة عسكرية ومدرج!
ان إدعاء ترامب سبب فرض العقوبات الاقتصادية الخانقة على ايران, هو لتمويل العمليات الارهابية, او ما تحاول امريكا توصيفه, بانه تحويل بعض الفصائل الخارجة عن سلطة الدولة, لكنه بكل بساطة عن مصادر تمويل داعش الارهابي!

هكذا هي سياسة سيدة العالم, سياسة لا ترى الا بعين واحدة, الان تذكرت هذه السيدة ان إعلان غضبها وصارت تلوح بعصاها, بعدما انتهت صفحة الارهاب وبدأت المنطقة تتنفس الصعداء.
سواء كانت العلاقات بين قطبي الصراع سيئة ام جيدة ففي كلا الحالتين سيكون العراق هو الحلقة الاضعف, فاذا تحسنت الأمور وتعود المياه لمجاريها الاقتصادية, ستكون دولة فارس منافس ضخم في سوق النفط العالمي, ومنافس اقتصادي كبير, اما في حالة تنفيذ امريكا لتهدياتها بتفرض حصار اقتصادي على ايران, فان هذا الخناق لا يمكن ان يمر مرور الكرام في دولة تملك هذا العدد من السكان, فربما سيتاثر النسيج المجتمعي الايراني, ويحدث موجة غضب شعبي على الحكومة, وهذا الوتر ما تطرب بسماعه امريكا كثيراً..
ان العامل الاقتصادي يعد اليوم اكسيرالحياه, بل سبب وجيه لاسقاط نظام, او اتخاذه دعامة قوية لحماية نظام.
خصوصا وان العالم يشهد ركوداً وكساد, مما يجعل الخيار الاكثر وقعاً مستبعداً, فزمن الحروب ولى مع رجاله, ولم تعد الدول تقوى الا بتهديد بعضها البعض!
لا يملك العراق اليوم الا ان يقف بالحياد, من هذا التجاذب فليس في المصلحة, ان يقف في محور او ينزل في خندق مرة اخرى.

42
الغضب وخطاب المرجعية
رسل جمال
 
الغضب حالة نفسية عصبية ارتبط حضورها بالشدة, والواقع ان كل انفعالات الانسان لها اثار عصبية سواء كانت تعبر عن فرح وسرور او غضب وانقباض, الا ان ذكر الاعصاب اقترنت بالغضب لذلك نقول ان فلان عصبي, والواقع ان الغضب  كغصني شجرة احدهما مثمر والاخر عقيم سقيم,  اما المثمر فهو غضب الانسان لدينه وشرفه وعرضه ودفاعه عن مبادئه, وقد اشارت خطبة الجمعة لهذا النوع من الغضب, الذي به حفظت المقدسات, فهو اشبه بثورة بركان يحرق بنيران حممه و عنفوان اندفاعه كل ما يعترض طريقه, اجبرت الارهاب على الاعتراف بهزيمته.
سواء كانت اشارة من بعيد او من قريب لمسالة الغضب وربطها بالفتوى الخالدة, الا ان الامر لا يخلو من التذكير لمن تسول لهم انفسهم ان ينسوا فضل تلك الفتوى وصدى تلك الخطبة المدوية, التي يصعب على تاريخ العراق المعاصر ان يغض الطرف عنها.
ان للكلام ظاهر وباطن, وللباطن هناك بطون حبلى بمعاني عدة, تكتفي المرجعية الى الاشارة لبعضها, بين حين واخر. ان الحديث عن الغضب في ظل الوضع الدقيق الراهن, لايمكن ان يكون محض صدفة, او جرى مجرى الخطبة بشكل عرضي وعفوي, بل هو اشبه بدرس جديد ووبقعة تنير الضوء عليها المرجعية, لضبط ايقاع الاحداث.
فجاء الحديث عن الغضب كرد عقلائي,  لتلك الاصوات التي تتعالى هنا مرة وهناك مرة والتي تحمل المرجعية سبب الاخفاق  باداء الحكومة, وعدم الاستجابة السريعة لمطلب المتظاهرين, وكان المرجعية تملك عصى موسى, وتبخل على الشعب بوكزة تعيد الامور الى نصابها الصحيح.
ان التذكير بجانبه الغضب الايجابي, احد الوجوه بالدفاع عن المرجعية اليوم في ظل الهجمة الشعواء التي يقودها اعداءها, بمعية القطيع الذي يطرب لكل ناعق.
اما الغضب بجانبه السلبي فهو الغضب الذي لا يأتي أكله شيء يذكر, غضب لا يجر وراءه سوى الندم والخيبة, غضب لأجل الغضب, واستعراض القوة لاعلى شيء ولا من اجل شيء, حالة عابرة سرعان ما تتلاشى, ومن هذا الجانب لم يبتعد خطاب المرجعية عن موضوع الغضب, بل مازالت تحوم حول نفس الهدف من الخطبة,لان في هذا النوع من الغضب تريد ان تقول المرجعية فيه ضياع الحقوق, ذلك الغضب الاهوج الذي يجر وراءه التخريب والتدمير للمال العام والخاص على السواء, وفرصة للمندسين ان يخترقوا الصفوف, وتشويه  لوجه التظاهرات واسقاط شرعيتها.
لقد بينت خطبة الجمعة سابقًا بعض النقاط المهمة, منها تطوير اساليب الاحتجاج السلمي, واليوم جاء الكلام متمم لسابقه, في نفس السياق كانه سلسلة مترابطة, في حث مستمر لتوظيف هذا الغضب الجماهيري افضل توظيف.   

43
مرض الكهرباء الا من علاج؟

رسل جمال

عندما تمتلك بلاد ما، خيرات وثروات، هذا لا يضمن لها الحياة المنعمة، لأن الهبات الربانية لابد ان يتبعها عقل قادر على استثمار تلك النعم، بشكل اقتصادي عالي، ان الله سخر للأنسان الكون كله، ليعمل ويزرع ويبني ويطور بيئته بشكل تصاعدي، هكذا تتقدم الامم!
بعبارة اخرى فان بلاد مثل بلادنا سلة مليئة بالخيرات، لكن تحيط بها القرود، فلا حكومة رشيدة ولا شعب واعي، وجيران بين مبغض وحاقد، يتحينون الفرص لنهب الخيرات، وتجفيف الانهار و ارسال الامراض والاوبئة، ففي هذه الحالة لن تبقى الثروات الطبيعية ولن تدوم الى الابد، في ظل هذا الهدر المستمر، وعدم الاستثمار وسوء التخطيط والادارة، فهي ليست (اموال قارون) لننوء بها، بل قد تنتهي وتنفذ، ولا يبقى منها شيء يذكر للاجيال القادمة.
بينما هناك بلدان فقيرة تكاد لا تقوى على سد حاجتها الاساسية، لكنها نهضت من جديد بفعل تعاون ابناءها وتعاضدهم، ونبذ التناحر والتجاذب جانباً، واستثمار ما متوفر من موارد طبيعية وادارتها بشكل علمي مدروس، من قبل تلك الحكومات، ما هي الا سنوات معدودة وشرعت تلك البلدان الهرولة في مضمار التقدم والحضارة.

ان التمدن والتحضر ليس من صنع الصدف، بل هو ناتج معادلة بسيطة؛ موارد زائد استثمار حقيقي، يكون الناتج تغيير نحو الافضل.
بغض النظر عن الوقت الكافي للحصول على هذه المعادلة، لان بعض الشعوب قد ينفقون عشرات السنين للوصول لنتيجة هذه المعادلة، اما شعوب اخرى فلا تكلفهم نهضة بلادهم الا سنوات قليلة، فألامر مرهون بدرجة وعي ووطنية وارادة تلك الشعوب.

ان الأمم التي تؤمن بان اكسير الحضارة هو الفرد نفسه وسلوكه واسلوب حياته، هم أمم نابضة بالحياة لا تموت بل في  تتجدد دائم، لانها اكتشفت مبكراً ان الموارد الطبيعية قابلة للنفاذ، اما الابداع البشري فهو طاقة لا نهاية لها، فألاستثمار في الانسان هو الاستثمار الحقيقي للبلدان الرائدة.

كيف نستثمر في الانسان ونحن نخاطبه بوحوب أطفاء جهاز التبريد في الحمام لتوفير الطاقة!
وبعض سكان العراق يسكنون العراء وبلا حمام اصلاً، او يتشاركون حمام جماعي كما هو الحال في مخيمات النازحين.

او نوجه المواطنين بضرورة أطفاء سخان الماء في فصل الصيف، انه استهزاء بالانسان بدل الاستثمار فيه!
انها طرق طوارئ يسلكها المسؤولين لفشلهم في ايجاد حلاً لأزمة الكهرباء المتفاقمة، موسم بعد اخر.
ان التعلل بحجج غير منطقية ليست حلاً، بل هي مشكلة أخرى، واشبه بدس الرأس بالرمل كالنعامة، والدليل عدم الوقوف بشكل حازم على اسباب المشكلة، والعمل على حلها.
ان مشكلة كمشكلة الكهرباء، في بلد كالعراق، حلها ليس صعباً او مستحيلاً، انما الصعب هو أيجاد رجال دولة، قادة مؤسسات لا سياسي ازمات، للخروج من هذه الازمة وتفكيك خيوطها المعقدة، وانقاذ العراق والعراقيين من مرض حصبة الكهرباء الصيفي بمصل فعال.


44
البرلمان والحلقة الاخيرة

رسل جمال

البرلمان العراقي يلفظ انفاسه الاخيرة, بعد ان فشل بعقد جلسته المزعومة  التي كان من المؤمل ان يقر بها قانون  تمديد لعمره التشريعي المسنون بالدستور العراقي, لهذا اصبح يوم السبت اي الثلاثون من حزيران اخر يوم  فعلي بعمر البرلمان العراقي الحالي و انتهاء دورته التشريعية بشكل قانوني.
 من الملفت ان بعض النواب وفي مقدمتهم رئيس مجلس النواب الجبوري, اذ أستبسل من اجل ان يكتمل نصاب المجلس ليقر ( القراءة الرابعة لقانون التمديد) وحاول جاهداً بتكثيف الاتصالات لحث النواب للحضور, لعقد جلسة  أخيرة  تمثل نجادة النجاة  لتمديد عمر البرلمان بعض ايام حتى, لكن باءت كل تلك المحاولات بالفشل, تمثل ذلك الاخفاق بالحضور البائس للعشرين نائب, من اصل 328 نائب.

هكذا اسدل الستار عن دورة برلمانية كانت حافلة, بالأعاصير والزوابع الدستورية, اخرها قانون اعادة العد والفرز, ومحاولة تمرير قانون التمديد الذي لا يملك اي غطاء دستوري!
اي لم تعد هناك حصانة برلمانية, ولم تعد هناك امتيازات, يتنعم بها النواب, فاصبحوا عراة الصدور بدون اي دروع تقيهم من الملاحقة القانونية, فبعضهم تحوم حوله شبهات فساد مالي, والاخر قد يكون متورط بقضايا ارهاب وتحريض.

اما الساحة الاعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي, فتبدو انها  تتناغم مع ايقاع الحراك السياسي, وتفرز فقاعات فيسبوكية بين فترة واخرى, كردات فعل للتخبط الذي تشهده الاحداث, فبين انباء عن انتشار حمى النزفية و تهويل العالم الافتراضي لها, فبدل  من نشر وسائل الوقاية او التوعية  من هكذا امراض وبائية, اخذت الاخبار تتناقل بتهويل عن اعداد الضحايا التي سقطت نتيجة هذا المرض, وبين نداء 88 وهو هاشتاك اطلقه مجموعة من الشباب المدون من على منصة الفيس بوك, وقد اثار ضجة بين متصفحين هذا العالم الافتراضي, حول ماهيته؟ ومن يقف وراءه؟ والذي تتلخص مطالب هؤلاء الشباب الفيسبوكي,  بالثورة على النظام الديمقراطي العراقي, ثورة !

اجد ان الكلمة مغبرة بعض الشيء, فزمن الثورات والأنقلابات قد ولى لغير رجعة, لسبب وحيد وبسيط, لانه لايوجد اجماع
جمعي على فكرة ما, فمثل هكذا صيحات ونداءات ما هي الا فورة ابريق شاي, يغلي لفترة وما يلبت حتى يهمد ويسكن, وتنتهي هذه الثورة, لكن ما هو مؤكد وحقيقي اننا نشهد انقلاب صيفي سياسي, ونهاية لمسلسل سياسي كان حامي جدا.


45
بين فرحة العيد وكأس العالم وعيدية المفوضية

رسل جمال

تزامنت انطلاق مباريات كأس العالم لكرة القدم هذه السنة، مع حلول عيد الفطر المبارك، قد يبدو ان المناسبتين بعيدتا كل البعد عن بعضهما البعض، الا انهما في الحقيقة هناك توأمة في بعض المواضع، فعيد هذه السنة جاء بعد رمضان مليء بالمباحثات والمفاوضات والتحركات، لتشكيل حكومة عراقية جديدة وليدة " احدث عملية انتخابية" تجري كل أربع سنوات من عمر العملية السياسية الدستورية، في "عراق ما بعد التغيير" .

تماما كما في مونديال كأس العالم، فهو أشبه بكرنفال  وفرصة لأستعراض الشعوب لبناها التحتية ومدى ما وصلت اليه من تطور وحضارة، وفعالية رياضية لقياس قدرات المنتخبات الكروية لجميع الدول، اذ تخطف تلك المباريات انظار العالم واهتمامه، بعد تأهل المنتخبات الفائزة للمربع الذهبي والفوز بالكأس.

كذلك المونديال السياسي ولاعبيه، لديه دورة لأستعراض مهارات ابطاله، بجولة انتخابية تقام كل اربع سنوات، يتأهل من خلالها فريق للصعود لحرز لقب"مجلس النواب العراقي" بوصفهم ممثلين عن الشعب، وحتى نضمن استمتاع الجمهور بلعبة نظيفة، ممتعة، خالية من المنغصات، يجب ان يكون هناك حكم قوي يرفع الكارت الاحمر بشجاعة بوجه من يتلاعب بقوانين اللعبة، كذلك مجلس النواب العراقي فهو بحاجه لقضاء ( المحكمة الاتحادية) لايخشى بالحق لومة لائم.

الا ان ما افرزته المباراة الانتخابية الاخيرة واداء المفوضية العليا للانتخابات، لم يرق لبعض الفرق الخاسرة، فراحوا يضعون العصي في الدواليب، متجاهلين التوقيتات الدستورية، والعمل على التسويف والمماطلة تارة، واختلاق الازمات تارة اخرى، ضاربين بعرض الحائط المأخذ والآثار لهذا الشد والجذب، وانعكاساته الخطيرة على العملية السياسية برمتها، وما ينتج عنه عزوف كامل عن المشاركة في العملية الانتخابية القادمة اذا استمرت الانانية السياسية هي المتحكمة بمجرى الامور.
ان الاخلال بالنظام الدستوري عامة، والعملية الانتخابية خاصة، تعد جريمة يرتكبها اللاعبين السياسين الاساسين منهم وحتى الاحتياط!
لانه يعرض العملية السياسية للانهيار، والسير بالبلاد نحو نفق مظلم، وهذا ما لا يستحقه الجمهور العراقي وهو يراقب هذه المبارة لسنوات اربع، فلا مفر اذن من صوت وحكم الصندوق الانتخابي ليطلق صافرته الاخيرة، ليعلن من هو الفريق الفائز ومن هو الخاسر، لانه الطريق الامثل لانتقال السلطة التشريعية بسلاسة وبروح رياضية عالية، فلا يحق لأي لاعب خاسر المطالبة بوقت مستقطع او شوط أضافي!


46
متى يُمنح السلام فرصة؟

رسل جمال

كثرت المطالبات بأعادة النظر بنتائج الانتخابات الاخيرة، ودفع الامور نحو أعادة العد والفرز بطريقة العد (اليدوي)، برغم اجهزة العد والفرز الالكتروني التي استوردتها المفوضية العليا للانتخابات، والتي كبدت خزينة الدولة اموال طائلة، والتي واجهت حالة من العزوف الهائل باول يوم لدوخلها للعمل تلك الاجهزة، اي انها لم تمنح فرصة للخطأ او السهو اصلا، لقلة الاصوات التي أدخلت في تلك الصناديق الالكترونية!

الا ان سحابة التفكير الجمعي المسيطر على الاذهان هو التشكيك بنتائج الانتخابات، وانها نتائج مزورة وغير صحيحة، ولنفرض جدلآ بصحة هذه (الفكرة) الأ انها اهون المصائب واقل الشرور، اذا ما قورنت بالسيناريوهات المعدة (لأعادة العد والفرز اليدوي) وهي؛ السيناريو الاول، عدم الالتزام بالتقويم الدستوري لأعادة تشكيل الحكومة، لان العمر القانوني للحكومة الخالية قارب على الانتهاء، واي مماطلة يدخل العراق في منطقة ( الفراغ الدستوري) اي السير نحو اللانظام وشرعنة للفوضى.
اذ تنص المادة (٥٦) من الدستور العراقي، ان الدورة الانتخابية لمجلس النواب اربع سنوات، لا يزيد يوما ولا ينقص عنها، كما ان المادة تنص على اجراء انتخاب مجلس نواب جديد قبل (٤٥) يوما من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة.

كما هو معلوم فقد جرت الانتخابات في ١٢ أيار الماضي، اي اننا امام يوم ٣٠ من حزيران كحد اقصى، لرؤية هلال مجلس النواب العراقي الجديد، ولا عجب ان تتعالى اصوات بعض النواب الخاسرين (بأعادة العد والفرز اليدوي) وهم انفسهم قد تعالت اصواتهم من قبل بضرورة تأجيل
 الانتخابات!

لانهم بعد هذا التأريخ سيتحولون لأناس عاديين، لا حصانة برلمانية، ولا امتيازات ولا ..ولا
اذا اسقطنا من حسابتنا ترتيباتهم الشخصية لمثل هكذا يوم.

اما السيناريو الثاني، في حالة عدم تشكيل مجلس نواب جديد، وهو مايمثل السلطة التشريعية، ورأس هرم الحكومة، فان مجلس النواب سيستمر بعمله الحالي، لكنه سيكون فاقد للشرعية، لتجاوزه المدة القانونية، وبذلك تكون قراراته غير ملزمة للتنفيذ، اي وجوده من عدمه سواء، بل ربما يساهم وهو بهذه الحالة بازدياد الفوضى وتفشي حالة عدم احترام القانون .

اما السيناريو الاكثر سوداوية واتمنى ان اكون خاطئة بتحليلي للامور، ان تسيطر احدى الكتل الفائزة على مجريات الامور ومقاليد الحكم بقوة السلاح، وهو بذلك انهيار مؤسساتي لمنظمة الدولة وهي ما تعود بالعراق الى فجر يوم ٢٠٠٣ وحالة الفوضى تلك، ربما انفجار كدس من العتاد مخزن بطريقة بدائية باحدى دور العبادة المحاطة ببيوت سكنية فقيرة في مدينة الصدر، اولى مشاهد هذا السيناريو!

اما السيناريو الاكثر خيالا والابعد للحصول، هو ان يثور الشعب على الدستور ويخلق بذلك سلطة ثورية تسقط سلطة الحكومة، وهذا الاحتمال ابعد ما يكون، لسبب بسيط لاننا شعب بسنام بعير!
شعب استهلك كرامته على مدى عقود ولم يعد منا ما يستحق الثورة.

على فرسان السياسة اليوم ان يترجلوا من على صهوة الانانية، ويجلسوا قبالة بعضهم البعض، لان الامر اعمق واكبر من صراع ارادات لخاسرين وفائزين في الانتخابات، انه مصير امة ومستقبل اجيال وغد مجهول اذا استمرت المناوشات من اجل المصلحة الشخصية، وان يحددوا موعدا لتشكيل حكومة عراقية، أي كان شكلها ولونها، فهي افضل من الرجوع الى نقطة الصفر، نقطة الظلام واللاعودة، لان الحكومات يمكن ان تسقط وتقوم مرة اخرى، الا ان الوطن اذا سقط فلا يوجد من يأخذ بيده للنهوض مرة اخرى.



47
الحكومة والتغيرات المناخية الصاخبة

رسل جمال

تشهد المنطقة تغيرات مناخية هائلة وغير معتادة من قبل، فالامطار لهذه السنة انقطعت في فصل الشتاء، والكل بات يخشى الجفاف، وينذر بصيف لاهب عطش، في حين كان للطبيعة رأي اخر، اذ شهد شهر نيسان امطار غزيرة، فإستبشر الجميع، كما هو معروف ان امطار نيسان خير وبركة للسنة بأكملها، ولكن استمرار زخات المطر حتى الشهر الخامس، جعل الحالة المناخية للمنطقة تدخل مرحلة جديدة، لا يمكن التنبؤ بها مرحلة تبدو انها ستغير وجه المنطقة، خصوصا ونحن نشهد موجات اعاصير عنيفة غير مسبوقة ضربت جنوب العراق ودول الخليج كان اخرها في سلطنة عمان.

كلها تغييرات مناخية غاضبة، غير معهودة من قبل بدرجات الحرارة وسرعة الرياح وحتى سقوط الامطار في غير اوقاته، اذا استمر ذلك التطرف البيئي، ربما ينذر بحصول كوارث طبيعية، فهذا التغيير بالمناخ يبدو كأنه بداية لتغييرات اكبر في المنطقة، وعلى كافة الاصعدة الاجتماعية والسياسية وسبقتها البيئية، التي تخبرنا ببداية تحول وانتقال من عصر الى أخر ، وما هذه الاشارات السابقة الا بدايات التحول، كما حدث في العصور الجليدية الساحقة، عندما بدأت حرارة الارض بالارتفاع عندها انقرضت العديد من الكائنات انذاك لانها لم تتأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة المتزايد للارض.

مادفعني للخوض في موضوع الحالة المناخية العامة التي نشهدها هذه الفترة، هي تزامنها مع تغيرات الحالة المناخية السياسية، التي تشهد هي الاخرى تقلبات لايمكن التنبؤ بها مسبقا.
ان غياب وجوه سياسية اعتاد الجمهور على رؤيتها تحت قبة البرلمان، وصعود وجوه أخرى جديدة، البعض منها كان بالامس القريب من الناقمين على العملية السياسية والمتصدين لها!
لابد ان يكون هناك تغيراً مناخيا في الحالة الجوية السياسية في سماء العراق، ولابد ان يلقي هذا التغير بظلاله على مخرجات هذه العملية ، ولعلها ستخرج هذه المرحلة بنتائج مغايرة ومختلفة، لاختلاف المقدمات.

 في ظل التغيرات المناخية غير المتوقعة، لا يمكن التنبؤ الى ما ستنتهي اليه الصورة بشكلها النهائي، فكل الاحتمالات واردة وعنصر المفاجاءة حاضر وبقوة هذه المرة،  خصوصاً ونحن نشهد سلسلة تفاهمات ولقاءات بين قادة الكتل الفائزة، فعلى اختلاف برامجها وشعاراتها قبل الانتخابات، ها هم اليوم يجلسون على طاولة مستديرة لرسم ملامح الحكومة القادمة.
ما نلاحظه على الرغم من مرور ١٥ سنة من عمر العملية السياسية العراقية الحديثة، الا انها لم تبلغ النضوج الكافي الذي يجعل رجالاتها، يتخلون عن المغانم الانتخابية والوقوف جانباً بعين المراقب للاداء الحكومي والسياسي (المعارضة) لان الكل يريد ان يشارك بتشكيل الحكومة، وزهدوا بالجانب الاخر المعارض، لافتقاره للمغانم!

ان شكل الحكومة المقبلة، تعد ضرباً من ضروب التقلبات الجوية لايمكن التنبؤ بحدوثها او شكلها حتى، لكن ما هو معلوم ولا يحتاج الى توقع او تنبؤ هو ان الجميع اتفق ع الاشتراك بتشكيل الحكومة أي كان شكلها وشعارها، وتركوا جانب المعارضة فارغاً.



48
شهر رمضان وقميص يوسف

رسل جمال

ربما تأخرت قليلاً  بالكتابة عن شهر رمضان، ولا اعرف السبب الحقيقي وراء تأخري، ربما اهمال وتقصير مني، فلا يمكنني ان اتهم شيطاني، لان الشياطين في هذا الشهر مغلولة!

هنا يلح على انحناءات دماغي سؤال صغير، اذا كانت ذنوبنا تسجل ضد الوسواس الخناس، وبتحريض منه طيلة ايام السنة؟  فلماذا مازلنا نذنب في شهر رمضان؟ وشهر الطاعة والغفران، أأصبح الذنب فينا عادة!؟ان الشياطين بريئة من ذنوبنا في هذا الشهر براءة الذئب من قميص يوسف.

تتمحور فلسفة الصوم  بالأساس حول الروحانيات قبل الماديات، لان الامتناع عن الاكل والشرب لبعض الوقت لا يعد تحدي حقيقي، او اختباراً صعباً، خصوصا ونحن نعيش في عالم يهرول خلف اسلوب الحياة الصحي، للوصول الى جسم رشيق وممشوق، فالبعض منا يتبع نظام غذائي صارم للوصول للنتيجة المطلوبة.
ان التحدي الحقيقي ان نجبر عقولنا  و حواسنا على الصيام، وهي قد اعتادت الافطار بالحلال والحرام !
ان تستيقظ صباح اول يوم رمضان وانت تكلم اجزاء جسدك وتلقنها دعاء ونية الصيام، بما فيه من قيود ومحرمات، فهذا شيء ليس بالهين، وربما ستخسر التحدي اول النهار، حتى قد تبدو البدايات سيئة، ووجهك عابس ليس لشيء سوا انك صائم!
حتى ان نفسك قد تبدأ وسوستها، لقد فسد الامر( انها ليست حجة للافطار) بل  العكس تماماً، لان رمضان يعلمنا ان للأمر ثلاثون بداية ونهاية سعيدة واحدة، ثلاثون يوم لنبدأ من جديد في كل يوم مرة اخرى، ثلاثون يوم لنبني ما هدمناه!

ثلاثون يوم للاستغفار، ثلاثون فرصة لترتيب اولوياتنا، ثلاثون يوما يخبرنا ببساطة اننا نمتلك القدرة على تغيير حياتنا بأكملها، من خلال تغير منظورنا للحياة قليلاً.

لهذا سمي شهر رمضان شهر الطاعة والغفران، فهو واحة امل ومنظومة لتنقية الجسم من سموم الذنوب، واعادة فلترة لأفكارنا وسلوكياتنا وعاداتنا وجعله تقويم اخلاقي لما قبله وما بعده.
الكثير منا يخسر صيام وقيام شهر رمضان، باول ايام العيد! ويا لها من خسارة؟!
ان كبرى شركات العالم تقوم على منهجية التقويم والتقييم، كذلك شهر رمضان جاء وسط الشهور بمثابة وقفة استدراكية لأدائنا الدنيوي والاخروي.
لذلك علينا التمسك بقوة بتلك الروحية العالية التي تظللنا في شهر رمضان، الى ما بعده من الايام، علينا ان نستمر بكفالة اليتيم، وتفقد الفقير، ونستمر بالسؤال عن ذلك الجار العصبي!
فلا نجعلها عادات رمضانية فحسب بل عادات يومية، هكذا هو رمضان رياضة روحية، بفيوضات ألهية، فلا تحرموا انفسكم من عطاياها.



49


امام القلوب والشرعية الخالدة؛ بين الامس واليوم

رسل جمال

رجل بجسم نحيل، يكسر احدى قوانين الفيزياء القائلة؛ ان الجاذبية تزداد بأزدياد كثافة الجسم، فهذا موسى الكاظم الامام الضئيل، يجذب تلك الملايين اليه، بقوة أصرة لم تهن ولم تضعف منذ قرون، في مشهد يستدعي الكثير من التأمل والوقوف عنده.

عند الخوض في غمار حياة الامام، لا يمكن ان تفهم خط مسيره بمعزل عن الحياة الاجتماعية والجو السياسي السائد انذاك، لان للسلطة الحاكمة تاثير في موجات التغيير الاجتماعي والاقتصادي، كثيراً ما تتردد عبارة ان "التأريخ يعيد نفسه" لكنها في الحقيقة دورة حياة كاملة، ومقدمات ونتائج لا تحتمل الخطأ، فمتى ما اجتمعت نفس المقدمات انتهينا الى ذات النتائج، هكذا يعيد التأريخ نفسه!

اذ شهد العصر العباسي الذي عاصر حياة الامام الكاظم ظلم وطغيان واضح تمارسه السلطة ضد الرعية، واصبح الفقر والمرض ينهش بهم بعد فرض الضرائب الجائرة من جهة، وبذخ رجال السلطة على المغنين والشعراء، كما يعرف اليوم ب"الاعلام المأجور" والصحف الصفراء، التي تعمل على تظليل الرأي العام وحشو العقول بحقائق مغايرة للواقع، من جهة اخرى واستنزافهم قوت الناس، انتهت تلك الممارسات  الى" بيت مال المسلمين"  خال من المال، تماما كميزانية عاجزة!

عندما يجتمع ثالوث الموت، الجوع، والفقر و المرض وغضبٌ من حكم ظالم للشعب  في مكان واحد فأعلم ان ثورة قادمة بالطريق لا محالة، لهذا هزت اركان الحكم العباسي ثورات متعاقبة وانهارت صورة العهد الذهبي، وبدأت الدولة المركزية ببغداد تفقد هيبتها، عندما تدخلت نفوذ خارجية في ادارة شؤؤن البلاد كالبرامكة وغيرهم، لهذا استاء الناس كثيرا وتعالت الصيحات للقيام بثورة هنا وهناك، كرد فعل لتردي الاوضاع وتدهورها. 

كما ان سياسة الاقصاء التي اتبعها العباسيون جيل بعد جيل تجاه أل البيت وذريتهم، زادت من نقمة الناس عليهم، اذ كان أئمة ال البيت الاطهار يشكلون هاجس مخيف للخليفة العباسي أيا كان، لانه على يقين ان أل البيت هم مصدر السلطة الحقيقي واصحاب الشرعية الوحيدة، لذلك اجتهد الطغاة بأخفاء اثر الامام عن المجتمع، لسنين طوال في سجون مظلهمة ومسودة كسواد عقولهم وقلوبهم، وسواد ضمير الزمان.

في ذكرى استشهاد الامام الكاظم، ونحن على بعد اكثر من ألف سنة عن ذلك الجسد المسجى على جسر الرصافة، انخفضت اصوات السجانين المنادين "هذا امام الرافضة"وولو هاربين وهم خائفين من جموع الزائرين اليوم، في مشهد يخبرنا ان الشرعية ليست طيعة للطغاة فأمارتهم على الاجساد فقط، اما القلوب فهي مأموره بأمامها


50
ذكرى سقوط أولى قطع الدمينو
رسل جمال

لاأعلم أهي صدفة ان تجتمع الثورات؛ والانتفاضات والانقلابات وحتى الحروب، في فصل الصيف؟ أم ان الطبيعة ارادت ان تشارك  ثورة البشر فوضويتهم، فراحت توقت حصول الاحداث الملتهبة، مع اشتداد الحرارة، كأن مثل هكذا أحداث لايليق بها ان تقع وسط صقيع الشتاء ابداً، فيبدو ان الطبيعة لا يكفيها عنفوان الاحداث وسرعة جريانها، بل راحت تتحين الفرص لتشارك وتضع بصمتها الخاصة، وتغذي الارض والسماء معا بالدفئ ليبدو المشهد اكثر حبكة.
مازال ذلك المشهد عالق في مخيلتي، اذ لم يقدر له ان يمر مرور الكرام، كانت السماء ترابية اللون متكدرة المحيا، كأنها حزينة لما جرى وسيجري فيما بعد!

سبقت ذلك اليوم المشهود عاصفة ترابية، ضربت المحافظات الجنوبية وزحفت نحو العاصمة، فأصطبغ ذلك اليوم التاسوعائي النيساني باللون البرتقالي الباهت.

 حينها دقت طبول الديمقراطية الامريكية، وأعلنت انها ستحط رحالها في بلاد مابين النهرين، لتعلنها اول دولة ديمقراطية في الشرق الاوسط بقوة السلاح!

انه اعلان مبطن اننا لن نترك هذه الارض بسلام بعد اليوم، فظلت لعنة ازالة الصنم والدكتاتورية تحوم في المنطقة العربية، حتى سقط الحكام العرب الواحد تلو الاخر بعد ربيع جارف، تساقطوا كقطع الومينو وأصبحت تلك الدول على صفيح ساخن ولم يزرها الهدوء منذ ذلك الحين.
يبدو ان لعنة الفصول، والفوضى العارمة لم تكتفي بمنطقتنا العربية، اذ ان العالم بأسره لم يبقى على حاله عند سقوط نظام صدام، كأنه ايقض بسقوطه مملكة الجن بشكل غاضب فراحت تعيث بالعالم خراباً انتقاما لسيدهم !

أمريكا كذلك لم تعد هي ذاتها سيدة العالم، والقوة العظمى الوحيدة بالعالم، لانها فقدت مصداقيتها بعد تلك التقديرات المبالغ بها، من قبل أجهزة المخابرات وتلك التقارير المزعومة التي تؤكد امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، وانه مصدر قلق حقيقي، فأكتشف الجميع ان هذه التقارير اكاذيب لتبرير قرار الحرب، فخسرت بذلك الولايات المتحدة قوتها الناعمة امام العالم، وفقدت مصداقيتها وتعاطف الناس مع قرار الحرب الارعن!

فظهرت كمن اوقع نفسه في ورطة كبيرة، ولم يعد خطة للخروج منها، فعندما برقع جنود الاحتلال وجه الصنم بالعلم الامريكي، أشارة واضحة ان النصر جاء بطعم الهزيمة!
اصبحت البداية، لسلسلة سياسات فاشلة اتبعتها الادارة الامريكية، ظناً منها انها تحسن صنعا، في حين انها تزيد الطين بله.

 لم تسقط بغداد في التاسع من نيسان من العام ٢٠٠٣ قط، ماسقط هو الصنمية والدكتاتورية واعلان لنهاية عهد طيور الظلام، حتى نكون اكثر واقعية لم تكن السنوات التي جاءت بعد التاسع من نيسان، بمستوى طموح الشارع، لكنني اقول وكلي ايمان اننا في نمشي في طريق التغيير، ربما ينتظرنا التاسع من نيسان أخر لسقوط رؤوس الفساد.

51
طفح الكيل
#نقطة_راس_سطر

رسل جمال

حالة اليأس والأحباط وشعور بالمظلومية والتهميش للطاقات الشابة، تبدو كأنها وهي مجتمعة تشكل غليان وفوران قدر يوشك ان يطفح كما يعبر احدهم "لقد طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى"

 ذلك رد فعل طبيعي من كذب ورياء  بعض الشخصيات السياسة التي تتاجر بأحلام الناس، وتستغفل مشاعرهم ومعاناتهم، وتتناسي تضحيات الشهداء وعوائلهم، وعادت تروج لبضاعتها الكاسدة " المنتهية الصلاحية"

لم يكفيهم انهم افلتوا من العقوبة جراء،  سوء ادائهم السابق، بل عادوا من جديد للسباق الانتخابي القادم بلغة ملؤها الصلف!
واستهزاء واضح بعقول الناس وطموحاتهم، فلا عجب ان نرى بعضهم ومن على وسائل الاعلام يصرح وبطريقة الاستجداء اكثر من كونها طريقة لشخصية قيادية قادرة على تحقيق برنامج انتخابي واضح،  لما لا تعطونا فرصة ثانية، كما انتخبتم الحكومة السابقة ؟ متناسية مثل هكذا شخصيات، انها كانت جزء من الحكومات السابقة وشريك بالفشل والنجاح ان وجد، تتجاهل هذه الحقيقة  في محاولة لأيهام المشاهد، انهم براء مما جرى.

جُل هم البعض تبيض صورته السابقة وتبرير فشله القديم، بمنحه فرصة ثانية او ثالثة، والترويج بصيغة جديدة تتناسب مع المرحلة الجديدة، بعد ان اثبت الخطاب الطائفي الذي اعتمده بالسابق لا يجدى نفعاً في المرحلة الحالية.

اخيرا ادرك سياسيو الصدفة، ان الشارع العراقي اليوم لا يمكنهم ان يضحكوا على ذقونه، فراحوا يغيرون خطاباتهم، لعل وعسى ان ينالوا ثقة الناس هذه المرة ايضا.

انهم بلا شك مازالوا ينعمون بأحلام اليقظة، لا يشعرون بغليان القدر!
هناك موج قادم من التغيير سكتسح هذا الخراب السياسي متمثل بتلك الوجوة الشابة التي اقدمت على خوض تجربة الانتخابات، انه موج التغيير بغض النظر عن انتماءات هذه الوجوه وتوجهاتها الا انها دماء جديدة لا شك انها ستحدث تغيير، انه موج يؤمن ان البقاء للاصلح والاكثر وطنية، فحالة اليأس والاحباط الذي يعانيه البيت العراقي مما يراه امامه من المشهد السياسي، لا يمكن الا ان يترجم في الايام القادمة الى كفراً بكل اصنام السياسة وشخوصها المستهلكة، والتوجه نحو الشباب نحو العطاء
نقطة راس سطر.



52
الثقافة الانتخابية ومرشح السبيس ؛والمجرب الاجرب

رسل جمال

مع بدء كل موسم انتخابي يبدأ  الكثير من المرشحين لمجلس النواب، مباراة ابتكار طريقة جديدة"للضحك على عقول الناس وسرقة اصواتهم" مستغلين بذلك جهل الطبقة البسيطة من الجمهور، بأساسيات الجولة الانتخابية وأصولها، فكما هو معروف ان النظام الذي يدير الدولة العراقية بعد ٢٠٠٣، هو النظام الديمقراطي القائم على السلطات الثلاث؛ السلطة التشريعية و السلطة التنفيذية والسلطة القضائية.

الاولى المتمثلة بالبرلمان ووظيفته تشريع القوانين ومراقبة اداء الحكومة فقط، اما الثانية والتي يمثلها مجلس رئاسة الوزراء وهو سلطة تنفيذية، مهمتها فرض القانون ومن خلاله تستمد الدولة هيبتها وسطوتها في مختلف مرافق الدولة ومؤسساتها.

اما الثالثة؛ فهي السلطة التي يفترض بها ان تكون اعلى سلطة، ويخضع لها الجميع وتؤدي واجباتها بمعزل عن اي تأثير او توجه ما، انها سلسلة مترابطة الحلقات تكمل بعضها البعض، ما نلاحظه ونراه في خضم السباق الانتخابي، اطلاق الوعود الوردية من قبل المرشحين للناس، مثل توفير التعيينات او تبليط الشارع  وكلها امور خارج دائرة صلاحيات سلطة مجلس النواب، "السلطة التشريعية"

"السبيس" شهد حضور لافت في الموسم الانتخابي الحالي، اذ يمثل اقوى استعراض انتخابي ممكن ان يقدمه المرشح للمناطق التي يزورها، كأنه يقول لهم ان ثمن اصواتكم  "سيارة السبيس" هذه ولن يحق لكم ان تتذمروا او تشكوا من سوء ادائي الحكومي بعد ذلك، لأنكم ارتضيتم بيع اصواتكم اول مرة "بسيارة سبيس"
كأنه يقول لهم بجهلكم بحقوقكم سأفوز وامثلكم ولا تملكون الا التسليم.
نحن كطبقة واعية وناشطة، نتحمل مسؤولية تثقيف عامة الناس بحقوقها الانتخابية، وعلى الجميع ان يقتنع ان البرلمان جهة تشريعية، ليس ضمن صلاحياتها ان تعبد شارع او ان تعد بتوفير وظائف للعاطلين، في الحقيقة  ليس من حق احد ان يعد احد بما لا يملك.
على الناس ان تقاطع "مرشحين السبيس" مرشحين التجربة ممن اثبتوا فشلهم الذريع، وراحوا يتفننون بشراء الاصوات بكارت شحن للموبايل مرة، او بالعزف على وتر الطائفية مرة!

على الناخب ان يعي حجم المسؤولية التي تقع على عاتق صوته، و عليه ان يتأنى كثيرا ويدقق لمن يمنح صوته وثقته، ولا يبيع صوته بأبخس الاثمان، ان الصوت الانتخابي هو دور كل منا ببناء الحكومة الجديدة او هدمها!
وعليه فلينظر المواطن لمن يمنح صوته.


53
المنبر الحر / موسم الباقلاء
« في: 16:52 20/03/2018  »
موسم الباقلاء

رسل جمال

حين كنت اساعد امي بأعداد وجبة الغداء، ولأكون اكثر دقة؛ عندما كنت اقشر الباقلاء وهي في أول موسم حصادها، وكم تبدو ناضجة وذو خضرة جميلة، توارد في ذهني موضوع مشابه وربما يكون في ذات السياق، وأن ابتعد ظاهريا .
ان الحياة تتلخص بهجتها في نظارة الشباب ونبضه، وماعداه خيالات واشباح.
ان التغيير والارتقاء والتطور، هو سر البقاء حتى الطبيعة تعول على موسم الربيع، في التجدد وتغيير لونها من الخريفي الباهت الى الربيعي المفهم بالالوان، انها جذوة الفتوة، هكذا هي صيرورة الحياة ولادة ونمو  فربيع اخضر، وصولآ للخريف الاشيب، ولا يختلف اثنان ان الحلقة الاقوى في سلسلة دورة الحياة هو الربيع اي "الشباب" فهم مصدر القوة وصورة التغيير الطبيعي.

ما نلاحظه بعد مرور١٤ سنة من انبات العملية السياسية، بروز براعم جديدة من بين الاشجار العملاقة، التي اخذت بالهرم والذبول شيئا فشيئا، وظهور كيانات جديدة أثر التصدعات والانشقاقات في الاحزاب الكبيرة، والتي كانت مهيمنة في الفترة السابقة على المشهد السياسي العام .

 فمن المتوقع ان ماستفرزه انتخابات ٢٠١٨ من كيانات ووجوه متصدية للواقع السياسي الجديد، ستكون مفاجأة الى حد كبير، لأعتبارات كثيرة اهمها، ان الوعي الثقافي والسياسي للمجتمع العراقي المشارك بالعملية الانتخابية في طريقه للكفر بالاصنام السياسية التي تمترست وغرست خراطيمها منذ ٢٠٠٣، بعد ان اثبتت فشلها وتكرار اخفاقاتها على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما خلق حالة من السخط والحقد  على الطبقة السياسية الحالية، وشعور عميق باللامساواة يذكر روسو في كتابه "العقد الاجتماعي" ان الشعور باللامساوة  ينقسم الى نوعين ؛ الاول وهو طبيعي وهو ناتج عن التفاوت بين قدرات البشر وقابلياتهم، وهو خارج ارادتهم اما النوع الثاني فهو اخلاقي او سياسي وهو يعول على الاختيار البشري، اذ يلاحظ روسو انه ما من رابط جوهري بين هذين النوعين من اللامساوة، وذلك لان مزاعم الهيمنة التي يطرحها القلة التي تحكم الاغلبية، لا يمكن ان تكون ذات تأثير مالم يتم الاقرار بصحتها؛ وهذا الاقرار لا يكون هبة من الطبيعة للحكام وانما يمنحه الناس لهم.

الحقيقة ان الشعور والحالة الطاغية من عدم الرضا، وسلب الحقوق المشروعة التي تخيم على واقع الحياة الاجتماعية العراقية، انما هو نتيجة سوء الاختيار من جانب، والاصرار على المحاباة السياسية السيئة دورة بعد اخرى، اوصل الامور الى ما هي عليه الان.
لكن ما النفع من تشخيص الخلل ومواضع الفشل بدون الاشارة الى الحلول وايجاد مخارج طوارئ للمرحلة الراهنة، اذ يجب علينا ترك التشكي جانبا، والشروع بشكل جدي بأيجاد البدائل للوجوة السياسية الخريفية، وفسح المجال ومنح الفرص للوجوه الربيعية المحملة بالتفاءل والعطاء،  واشعار الشباب بأهمية دورهم المرحلي للنهوض بواقع البلد وبنائه من جديد.

*المصدر/العقد الاجتماعي
جان جاك روسو


54
حمالات الحطب والتعب

رسل جمال

العنوان يوحي انني سابدأ بالهجو، لكنني في الحقيقة سأمدح وامدح نون النسوة على وجه الخصوص، أمهاتنا ونساءنا وبناتنا، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، حين تحتفي دول العالم بهذا اليوم الثامن من اذار، استوقفني حال نساء بلادي، في مشهد تكرى امامي مرتين، وبنفس الزمان والمكان، فحين كنت اجلس بأحدى الباصات، ارتفع صوت أمراة مسنة قائلة "نازل" كانت تهم بالنزول بصعوبة ورغم ذلك كانت تسحب معها "علاكة" بدى انها ثقيلة جدا، حتى بادر احدهم الى مساعدتها وانزالها الى الارض،  لكنها اخذتها ومجددا لترفعها وتضعها ع كتفها، لكن بصعوبة للغاية، لم تتحرك السيارة مسافة طويلة،  حتى نادت سيدة اخرى "نازل"وكانت كذلك تسحب "علاكة" ثقيلة.

كنت اراقب ما يجري بصمت، ورحت اتسأل في نفسي لماذا نسائنا يروق لهن العناء؟، لماذا يستهوين التعب؟ لماذا وجوههن يكسوها غبار الارهاق، ورغم ذلك نراهن مبتسمات للحياة رافعات ايديهن بالدعاء، يتوسلن بائع الطماطم ان يناولها افضل ما عنده، لانهن على يقين تام ان اعداد وجبة غداء ذات مواصفات دسمة للعائلة من ضمن خانة المقدسات!

اشياء  وتفاصيل لا يعيها احد، ولا تثير انتباه احد، ولا يلتفت اليها احد، الا ان الحياة لا تكتمل ولا تحلو الا بتلك التفاصيل، خلقت حواء للتفاصيل وخلقت التفاصيل لحواء، كي تغنيها وتترك لمساتها عليها.

لا يكفي النساء يوم واحد لاحتفال، بل علينا ان نحتفل كل يوم بتاء التانيث غير الساكنة، لانها داينمو الحياة ومصدر الالوان والبهجة، ولعلها اليوم مناسبة جيدة ان نتكلم عن من ينادي بحقوق المراة، ويصرخ لانصافها ومساواتها بالرجل!

كمن يريد ان يصلح فيهدم، او يصل فيقطع لانها هندسة ربانية ألهية، لا تحتمل الجدال (ليس الذكر كالانثى) فهناك اختلاف جوهري تقره السماء، كيف بنا نحن البشر ان نتجاهل هذا الاختلاف، وننادي بالمساوة ظنآ منا اننا ننصف المرأة، وفي الحقيقة هو تعدي صارخ على كينونتها الانثوية، وتحميلها ما لا تطيق، فمن غير المنطق ان نساوي بين عالم الصلابة والقوة وعالم الرقة والاستكانة، مسالة لا تقبل المقارنة فكيف بالمساواة؟!

المساواة ليست بعدل اذا قضت بمساواة الناس في الحقوق على تفاوت واجباتهم وكفاياتهم واعمالهم، وانما هو ظلم، وسيكون هناك تفاوت بين القابليات والواجبات وستعم الفوضى حتما.

عندما نكرم المراة نكرمها بتعزيز مكانتها بالمجتمع، وذلك بتطوير مهاراتها وتنميتها ومنحها الفرض اللائقة وتمكينها، للتصدى وتحتل مكانتها الحقيقية، ليس منة من احد، بل هو استحقاقها كونها المجتمع بأكمله وليست نصفه ابدا.

*المصدر/فلسفة المراة

عباس محمود العقاد



55
عندما يكون الرأي العام لسان مهوال
(هندسة الاعلام ٢)
رسل جمال
٩/٤/٢٠٠٣ تأريخ لا يمكن ان ينسى في تأريخ العراق المعاصر، ولا تكمن أهمية الحدث عند هذا اليوم تحديدآ، بل أمتد تأثيره على تغيرات طرأت على طريقة واسلوب حياة الفرد منا، وتغيير كبير لم يسبقه تمهيد، بل جاء دفعة واحدة مما سبب حالة من الطيش الاجتماعي والسياسي، وتخبط واضح اشتد أوجه في العقد الاول، بعد سقوط الطاغية وخفت وطئته نوعا ما في العقد الثاني الذي نشهده، وربما سنغادر المراهقة الاجتماعية والسياسية في العقد الثالث، بعد ان يستوعب العقل العراقي حجم التغيير وأثره!
كان المجتمع العراقي يعيش حالة من الالغاء الممنهج لافكاره، وتصوراته حول الواقع ولأكثر الأفكار رسوخآ في عقل الانسان، و خاصة السياسة منها، و حلت محلها مجموعة من الافكار، انه نوع من التحويل القسري كان يمارسه النظام الشمولي السابق على الشعب، اذ مارس التعنيف الفكري لعقول الناس، وعمل بشكل منظم على محاربة الافكار المستنيرة او بوادرها!
وكان يرسم الخطط لتغيير العقل العراقي المبدع بصورة جذرية، بحيث يتحول الفرد الى دمية حية، الهدف منه خلق و تأسيس جيش أدمي من دم ولحم، بمعتقدات تمجد النظام، وأيدلوجيته منغلقة محصورة في ذهن اسير!
على حين غفلة تنهار كل تلك الاسوار المحيطة بالافكار، صبيحة التاسع من نيسان ٢٠٠٣، لتنطلق جامحة بدون حسيب او رقيب، بعد سنوات التعتيم والتكميم، فمن الطبيعي ان نشهد تخبط هنا، او فوضى هناك وعنجهية هنا وفتونه هناك!
الملفت للنظر ان المهاترات غالبا ما تنشط افتراضيآ فقط، في حين نجد ان ارض الواقع صحراء خالية، من تلك الاصداء والاصوات المتعالية "كيبورديآ"
علينا ان نتفق اولآ ان العامل الاقتصادي، والفراغ الذي يعانيه اغلب شبابنا ممن يرزحون تحت وطئة البطالة، سببآ رئيسيآ بنشاط العالم الافتراضي، اذ يقضى الشباب جل اوقاتهم بهذه العوالم،
يقال مصائب قوم عند قوم فوائدٌ، لذلك نرى ان صفحات التي تتاجر بالافكار المستهلكة والطائفية تنشط بفضل هؤلاء المراهقين والشباب ، اذ تعمل تلك الصفحات المشبوهة ببث سمومها ببطئ في عقولهم البسيطة، وتجعل منها سلعة تمرر من خلالها ما تريد، فاصبحت تجارة رائجة، وحرب باردة مفتوحة لا رابح فيها بل الجميع خاسرون.
سفسطة تلك الصفحات باتت مكشوفة للجميع، فهم على أهبة الاستعداد، وفي حالة استنفار كامل لتصيد خبر هنا او مقطع فديو هناك، لأعادة فبركته حسب ما تراه اكثر سمية واثارة للرأي العام، وابرز تلك الفيديوات الذي انتشر مؤخرآ، فيديو "المهوال" وبغض النظر عن محتواه، الا انه يؤكد مسألة مهمة ان السفسطة عادت من جديد، بثوب اكثر حداثة اذ عرفنا حقيقة الامر ان معيار السفسطائيين ببساطة، "لا يوجد معيار" لان الانسان معيار الاشياء جميعآ كما يزعمون، فما اراه انا حق تراه انت باطل وهكذا، فلا توجد ثوابت نحتكم اليها وبالقول الدارج"حب واحجي واكره واحجي" وقضية المهوال وما تبعتها من فديوات للمهوال نفسه يوضح ملابسات الحادث تؤكد كلامنا، اذ انبرى الجميع لتحليل الفديو واصبحوا فجأة مابين محلل سياسي، وضابط مخابرات ناجي من الحرب العالمية الثانية، وفريق ثالث تبرع ان يكون جهاز كشف الكذب!
اجتهدوا في تفسير كلام المهوال في المرة الاولى والثانية، هذه القضية برمتها ان دلت على شيء فانها تدل، ان العقل العراقي تحول من الأسر الجبري والتعسفي، الى الأسر الاختياري، والكثير منا اختار ان يغلق نوافذ عقله عن رؤية الحقيقة وفضل ان يكون سلعة مجانية، تتلاعب وتتاجر بها اصحاب صفحات مسمومة ومأجورة، تدار عبر ثلة لا يروق لهم النظام والاستقرار، يخشون التغيير لانهم على يقين ان التغيير قادم لا محالة.
*المصدر/غسيل الدماغ
كاثلين تيلر



56
هندسة الاعلام واعلام الفوضى

رسل جمال

في شهر نوفمبر لعام ١٩٣٨،  عندما كان ستة ملايين امريكي يتابعون شبكة cBs الاذاعية، كانت الاذاعة تبث حفلا موسيقيآ من احد الفنادق الفخمة في نيويورك بمناسبة "عيد القديسين" وفجأة انقطع البث الاذاعي؛ ليذيع احدهم خبر عاجل عن هبوط مركبة فضائية غريبة الشكل، وقد بدى على صوته الخوف و التوتر، مما أثار حالة من الهلع والخوف و الفوضى عمت المدينة، واسرع الناس الى لملمة اغراضهم والتوجه بسياراتهم الى خارج المدينة،  ليتبين فيما بعد ان الخبر عبارة عن مزحة ما!

مليون ممن كانوا يستمعون للخبر تعاملوا معه على انه حقيقة،  وتحولت هذه الحادثة فيما بعد الى ظاهرة للدراسة والبحث، عن تأثير وسائل الاعلام على سلوكيات الافراد والمجتمع، واصبح للاعلام قوة خفية لتغيير مجرى الاحداث، والتحكم بها وتغيير الحقائق وتزييفها، وتوجيها حسب اهواء القائمين على تلك المنظومات الاعلامية، وفقآ لما يخدم مصالحهم.

اذ اصبح الاعلام الموضوعي والمهني والمحايد، ضرب من الخيال بعد  هيمنة التوجهات الحزبية الضيقة، لذلك اصبحنا نرى ان الرسائل الاعلامية ليست بريئة ابدا،  فبعض وسائل الاعلام اصبحت عبارة عن غدد سرطانية من جهة وفقاعات فارغة من جهة اخرى، اذ يقوم القائمين على تلك الوسائل الاعلامية المسمومة، على افراغ الاعلام من محتواه التوعوي الثقافي،  ليكون اداة تستهدف عقول الجماهير، وجعلهم ادوات لتطبيق اغراضها، وذلك من خلال تمرير رسائل خفية، وعلى فترات طويلة.

فلم تعد الغاية من وسائل الاعلام نقل الاحداث، بل تغليف الواقع  باحداث وهمية، اي تزييف للحقائق والاخبار.

اما الان فقد برزت على السطح ظاهرة ربما اكثر خطورة من مسالة "الاعلام المأجور" الا وهي " ثقافة الهرج الاعلامي" خصوصا ونحن نشهد الموسم الانتخابي، المزدحم بمختلف الاساليب الجديدة والمبتكرة،  لجذب الناخب من جهة، ولتجميل الصورة القبيحة للسياسين الفاشلين من جهة اخرى،     
فأصبحت الثوابت الدينية والمعتقدات المقدسة، بأيدي العابثين ممن يتصدرون الشاشات ليوظفوها لصالح الدعاية الانتخابية، لكنهم تجاوزا الحدود هذه المرة واصبحت تلك الاستعراضات اللفظية وبالا عليهم، واصبحوا مدعاة للسخرية ليس الا.

عندما لا تخضع وسائل الاعلام لمعايير المهنية،  وتنزوي الرقابة عن اداء دورها الحازم،  لمنع مثل هكذا ملوثات اعلامية من الظهور، ستصبح شاشة التلفاز ساحة لاستعراض الفوضى، اكثر من كونها رسالة نبيلة موجهة للناس.


57
المنبر الحر / كيف نصنع غبي؟
« في: 20:37 26/02/2018  »
كيف نصنع غبي؟

رسل جمال

صناعة الغباء من اكثر الصناعات شيوعآ وضررآ على المجتمع، وقد يسأل سائل كيف يتم صناعة الغباء؟ ان العقل البشري "قوة" بأمكانه ان يكون المادة الخام  لصناعة الغباء، او العكس تمام ربما يصبح اداة للابتكار والابداع، وذلك وفق التعامل مع  تلك قوة، اذ نحن من نعمل على ترقي العقل في سلم التقدم صعودآ،  او تقهقره وانحداره من قمته العالية هبوطآ.

تبدأ صناعة الغباء من البيت اولا، عندما يتحرك الطفل بحركته الطبيعية داخل محيطه، ومن هنا تبدأ العائلة تضع القوانين التربوية، فعندما يخطئ الطفل وهذا امر وارد، ﻻنه ببساطة طفل!

ليس عليه ان يلم بجميع قواعد السلوك السليم، فلا يجوز ان ننهره او نوبخه بشدة، بل علينا ان نبين بماذا اخطئ، وكيف يجب ان يتصرف، بلغة التفاهم والحوار والتحفيز، ان مناداة الطفل ب"الغبي"  او غيرها من العبارات الجارحة والتي تترك ندبآ ظاهرة على نفسية وعقلية والطفل، ناهيك عن اثارها السلبية المدمرة مستقبلا في بناء شخصيته، اذ يبرمج العقل الباطن للانسان كل الكلام الذي يسمعه سواء كان ذلك الكلام ايجابي كالتشجيع والتحفيز والمديح، او سلبي بالتوبيخ والنهر بمختلف الالفاظ المحبطة كغبي وغيرها، يتعامل مع تلك الالفاظ المتكررة بأعتبارها حقائق ثم يترجمها الى  بديهيات يعمل بموجبها فيما بعد.

عندما نطلق على الطفل صفة الغباء، نحن بذلك نشارك بصناعة الغباء فعلا، وجريمة اعتبارية نرتكبها بحق ابناءنا من حيث نعلم او لا نعلم، اذ نقوم بغرس ذلك المفهوم بعقولهم، فيكبرون وهم ضعفاء الشخصية، و مدمرة ذواتهم، دائما ما يشعرون بعدم الثقة بأنفسهم، ونحن بهذا نشترك بخلق جيل لا يقوى على اتخاذ قرارته بنفسه، اي يبحث عن حلول جاهزة، جيل يخشى المبادرة ولا يمتلك الشجاعة للتغيير، وبمرور الوقت تصبح"الشعوب راكدة" شعوب عرجاء في سباق التقدم والتطور العالمي.

ان ما يعانيه العراق هي تلك "القرارات الجاهزة" و"الحلول السريعة" التي اصبحت قوانين واستسهلها الجميع !

في حين ان العقل البشري عامة والعراقي خاصة "ماكنة ابداع" وقوة مبتكرة ومتجددة ومتأقلمة مع مختلف الظروف والاحوال، فلا يصح ان نتقوقع تحت عباءة خيارات جاهزة، ونحن نملك خيار التغيير والتجديد.

وعند تطبيق الكلام اعلاه على حدث الساعة الا وهي"الانتخابات" نجد اننا امام  قضيتين اساسيتن الاولى: اخفاقات  الساسة السابقين.
اما القضية الثانية: وهي متصلة بالاولى ونتيجة لها وهي "حالة الاحباط العام"  من العملية السياسية والشعور بعدم جدوى المشاركة في الانتخابات.

ان الدبابات الامريكية لم تعبر تلك القارات، وتقطع مسافة نصف الكرة الارضية للاطاحة بالطاغية صدام لتسلم العراق للعراقيين على طبق من ذهب، فالارادة والتدخلات الخارجية وعلى رأسها امريكا واضحة للعيان ولا يمكن انكارها، لكن ذلك لا يعني ان نبقى مكتوفي الايدي ولا نشارك بصناعة التغيير والعمل على ازاحة الطبقة السياسية التي استهلكت، علينا ان نؤمن ان الخلاص في التغيير وان لا ندع الغباء يحكمنا مرة اخرى!


58
المنبر الحر / تجويع السرطان
« في: 21:06 24/01/2018  »
تجويع السرطان

رسل جمال

توصل بعض الباحثين واخيرآ، وسيلة مبتكرة للقضاء على مرض" السرطان" وذلك من خلال تجويع المريض نفسه، وبالتالي تجويع "المرض" فكما هو معلوم ان الخلايا السرطانية تتغذى على الخلايا السلمية، ثم تعمل على تدميرها اذ تستنزف قوى الجسم تدريجيا، وتستعمر جهازه المناعي، فهي اشبه بالخائن الذي يستوطن داخل البلد، ويأكل من خيراته، ليقوم بتفجير نفسه بعد ذلك!

الا ان العلم بهرولته السريعة والمستمرة للامام، وجد ان لمشكلة السرطان الطبية، علاج وحل وبطريقة مجدية اقتصاديآ، بل وفعالة طبيآ، حتى انها اكثر امانآ من العلاج الكيمياوي، الذي يحرق جسد المريض المسكين اكثر من كونه وسيلة للعلاج، تتلخص هذه الطريقة ب "تجويع السرطان" وبالتالي اضعافه وجعله يتغذى على نفس الخلايا السرطانية، حتى يقضى على نفسه ، وقد اثبتت هذه الطريقة نجاحها وخلوها من المضاعفات، فلا  تحتاج  سوى الى ارادة حديدية وعقل باطن ايجابي مئة بالمئة .

ان سياسة "التجويع" اعتقد هي الحل الامثل والطريقة الاكثر نجاح، ونحن نتعامل مع الطبقة السياسية الحالية، فالسرطان كمرض بسلوكياته هو الاكثر دقة، عندما نريد ان نصف بعض رجالات السياسة الحاليين، فهم اشبه بسرطان ينخر بجسد العراق، ويستنزف موارده، بل ويعمل على شرعنة وجوده اطول فترة ممكنة، وهذا ما جعل البعض منهم يصوتون وبشكل سري لتأجيل الانتخابات، بعد ان تيقنوا من افلاسهم للمقبولية في اوساطهم، ونفاذ صلاحية بقاءهم لفترة اطول، اخذوا بالقفز على الدستور واختلاق مختلف العراقيل والاعذار، كعودة النازحين .

ان خشيتهم باتت واضحة للعيان من غضب جمهورهم، فهم لا يجرؤن حتى الذهاب الى مناطقهم للترويج عن انفسهم كمرشحين، بعد ما اثبتوا فشلهم الذريع في الدورة السابقة، اضافة لما لحق بسكان تلك المناطق من اضرار كبيرة، جراء سياسات نوابهم واصواتهم المبحوحة، التي تنادي بالفرقة والطائفية "اصوات المنصات" .

اما اليوم فقد انقلب السحر على الساحر، ولم تعد شعاراتهم تسمن من جوع، ولن تنطلي اكاذبيهم مرة اخرى على عقول الناس، فهم يرون ان الانتخابات القادمة طوفان جارف لن يبقى امامه اي من تلك الوجوه السابقة، التي نهبت وسلبت المال العام حتى اوصلت اقتصاد العراق الى مرحلة التقشف والافلاس!

لذلك فان اجراء الانتخابات في موعدها المقرر، اشبه مايكون بعملية "تجويع لسرطان الفساد السياسي"وهو اول خطوة للقضاء عليه، من خلال استبدال الطبقة السياسية الموبؤة الحالية، بأخرى كفؤة، بشرط ان يكون رجالها ممن عانوا من ساعات قطع التيار الكهربائي الطويلة، وممن عانوا من انقطاع الماء الصالح للشرب في الصيف اللاهب، ممن عجن بتراب هذا الوطن، ويشعر بمعاناة ابناءه لسنا بحاجة للمزيد من "الساسة المستوردين" فهم سرطان ولا علاج له سوى بأستئصاله او تجويعه!.



59
المنبر الحر / قوة الدائرة
« في: 00:22 11/01/2018  »

قوة الدائرة

رسل جمال

يبدو  ان "الخط المستقيم" شاب طائش، ما ان يبدأ لا يعرف كيف ينتهي، في حين الانسة" دائرة" تملك من القوة ما يجعلها تبدأ وتنتهي في ذات الوقت، فالعجلة هي اداة الحركة وبها تتقدم الاشياء وتمضي الى الامام، فهي اكسير التغيير.

رغم ان التغيير لا يأتي دفعة واحدة، بل يتسرب خلسة وبهدوء ويدب دبيب النمل شيء فشيء، حتى يصبح أمرآ واقعا ومسلم به، لكن هناك مايسمى" ليلة وضحاها" وهي "النقاط المفارقة" والاعلان الصريح للتغيير، لكنه مشهد لا يأتي فجأة كما اسلفنا، فلا بد يتبعه غزو ناعم وحرب باردة، قد مهدت وهيأت البيئة المناسبة، حتى اعلن عن وجودها في "ساعة الصفر" هكذا تتمظهر امامنا فعاليات ونشاطات كانت باﻷمس القريب ابعد ما تكون عن الواقع.

لكنها اليوم تعلن عن نفسها بجرأة ملفته،   ان الحملة التي اطلقها العبادي" مكافحة الفساد" هي اعتراف صارخ ان الفساد آفة بدأت تتحرك على السطح، بشكل واضح ولا بد من ايجاد طرق جدية في القضاء عليه، كأي حشرة ضارة لكن كما هو معروف ان"الوقاية خير من العلاج" وهذا ما تعمل عليه الدول المتقدمة، وتقيد مواطنيها بقوانين تنص على اجراء فحوصات طبية بصورة دورية منتظمة، لضمان تمتعهم بصحة جيدة  اولا، ولمعالجة اي مرض في حالة اكتشافه مبكرآ ثانيآ.

كذلك الحكومة لا ننكر انها قامت باجراءات وقائية، لحالات الفساد عن طريق استحداث" المفتش العام" كعين تراقب اداء كافة مؤسسات دوائر الدولة، لكن عندما يفسد الطعام نعالجه بالملح، فكيف اذا فسد الملح!

ان الشعور بان المنصب الحكومي لمسؤول ما انما هو أرث عائلي يجب الحفاظ عليه وتوريثه للعائلة، او هبة من السماء، جعل "المسؤول" عن أمور البلاد والعباد في سباق مع الزمن، لملئ حسابه المصرفي من جهة، ولتعطيل سير عجلة العملية السياسية من جهة اخرى، للحفاظ على وجود الهبة السماوية والارث العائلي، فالتغيير هو اقصى ما يخشاه ذلك الملعون" المسؤول"

بعد انتصار العراق على قوى الظلام، ما زالت خفافيش السياسة التي تهوى الفوضى واللانظام، تطمح الى وضع العصى في طريق عجلة التقدم، بأفتعال الازمات والمبررات لتأجيل الانتخابات، او حتى بث سموم الاحباط من المشاركة فيها كأضعف الايمان.

ان شعار " مكافحة الفساد" شعار كبير كالقضاء على داعش، لا تصنعه يد واحدة، ولا يقوى عقل واحد على رسم خارطه نصره، بل هي عملية مجتمعية تعاونية، وثورة بشرية حقيقية على مؤشرات وبوادر الاخطاء  ومواضع الخلل اينما وجدت، فالتغيير الكبير لا يحدث الا بمشاركة كبيرة، لان الفساد لا يمكن تلخيصه بصورة" المسؤول الفاسد" بل يتفرع اخطبوط الفساد لتمتد خراطيمه وتشمل الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتربوي وحتى اللغوي  فالسكوت عن خطأ املائي، دون الاشارة الى تصحيحه " هو فساد بحق اللغة العربية" ما ينتج عنه ضياع وموت بطئ للتراث والحضارة، لذلك على الجميع ان لايبخل بوضع بصمته  في حربنا ضد الفساد والمفسدين، كل واحد منا من موقعه، شيء فشيء حتى تتحرك عجلة المجتمع بأكملها نحو القضاء على الفساد، ويحدث ذلك التغيير الهائل المرتقب!

60
المنبر الحر / البدلة المرقطة!
« في: 04:45 07/01/2018  »
البدلة المرقطة!

رسل جمال


جيش بلغ من العمر السابعة والتسعين عتيا، ازدحمت مسيرة حياته بأنجزات كبيرة وكثيرة، يكاد يكون الجيش الوحيد في المنطقة،  الذي يحمل سجل مثقل بالاحداث، والمحطات التي شكلت مفترق طرق، وانعطافات حادة سنأتي على ذكر بعضها؛  فرغم اضطراب الحياة السياسية العراقية، الا انه شكل القوة التي  كانت ومازالت صمام الامان، ووتد الاستقرار الامني الداخلي.

المنعطف الاول؛ مما يجدر الاشارة له اصابة " الصمام " ببعض الجلطات ادت الى انقلابات، جاءت بشخصيات ابعد ماتكون عن النظام العسكري، للتسلط وتستولي على هذه القوة العتيدة، وعملت على عسكرة مفاصل المجتمع، ابتداء  من المدرسة مرورا بالشارع، هذا ما يفسر ماقام به صدام حسين من اقحام الجيش العراقي بسلسلة حروب، لا طائل من ورائها سوى استعراض عضلاته في المنطقة، ادت الى استنزاف للطاقات من جهة وتآكل للمنظومة العسكرية وانهاكها من جهة اخرى.

المنعطف الثاني؛جاء اعلان " بول برايمر" الاهوج بحل الجيش العراقي، ليزيد الطين بله في بلد انهارت اغلب مؤسساته الامنية، لكن ما لبث حتى أعيد تشكيل قوة الجيش مرة اخرى، بعد ما اثبتت التجارب ان الامن لا يمكن ان يستتب الا بوجود قوة عسكرية وطنية، ذات مهنية عالية تعمل على مسك حدود البلاد خارجيآ، وفرض هيبة الدولة في الداخل.

المنعطف الثالث؛ اعلان النصر العظيم على داعش الارهاب، لا يمكن ان نبخس هذا المنعطف حقه، ولا يمكن ان يختصر بسطور قليلة، اذا مثل هذا الاعلان انتصار لمعارك استمرت لثلاث سنوات عجاف، نزف خلالها الجيش العراقي الكثير من الدماء، وقدم العديد من التضحيات الجسام، وخاض حرب مريرة وشرسة نيابة عن العالم، فقد اثبت الجيش العراقي الباسل في كل منعطف، انه اكبر  واسمى من اي نفس طائفي، ولا يمكن ان يكون ضمن محور حزبي ضيق، اذ يضم بين صفوفه، ابناء الجنوب الى جانب اخوانهم الكرد، يساندهم اخوانهم من المناطق الغربية، وهم جميعآ وراء خط صد واحد وهم يمثلون عراق مصغر بكافة الوانه واطيافه، يلبسون جميعهم ذات الزي"البدلة المرقطة".



61
خصخصة الفرح والفوضى

رسل جمال


اعلنت وزارة الصحة العراقية، ان عدد المصابين بسبب الالعاب النارية والاطلاقات العشوائية، في احتفالات ليلة رأس السنة الميلادية، قد بلغ (200) مصاب، رقم يخبرنا اننا لا نجيد الاستمتاع كدول العالم الاخرى، بعيدآ عن الدماء والقتل، رقم لم يتسبب به الارهاب هذه المرة، بل كان جراء ارهاب بعض العقول الطائشة التي تستخف بارواح الناس.

تحولت بهجة ليلة الافراح، الى ليلة مليئة بالحزن والالم لبعض العوائل التي فجعت بأحد ابنائها هنا او هناك، ولا ادري أي فرق تحدثه، اطلاق العيارات في مناسبة حزينة، عن تلك التي تطلق في المناسبات السعيدة ( كفوز المنتخب العراقي) فكلاهما ستهو حتما على رأس مسكين ما!

ان ارتفاع عدد ضحايا( فوضى الاحتفال) ولا يسبب الاحتفال أي ضحايا تذكر، سوى في العراق!
انما هي ظاهرة تنم عن تدهور حضاري واضح، وخطير وحالة لايمكن الوقوف والتفرج عليها من بعيد، دون ان نحرك ساكنآ،  اضافة الى اعداد الضحايا، هناك اعداد اخرى من الاطفال ممن بترت ايديهم، نتيجة للاستخدام الخاطئ لتلك الالعاب النارية، ونتيجة لتخاذل بعض الجهات التي ادخلت وسمحت لمن هم دون السن القانوني بشراء مثل تلك الالعاب الخطرة.

ان السكوت والاكتفاء بالشجب والاستنكار، دون اللجوء الى عقوبة قاسية بحق من يطلق العيارات النارية، يشبه الخضوع امام وباء فتاك، دون ان نقضي عليه باللقاحات اللازمة، لا ننسى ان اطلاق العيارات العشوائية،فرصة تقدم على طبق من ذهب للمندسين، ولمن يريد ان ينغص فرحة النصر، لتنفيذ جرائمهم تحت  عنوان"رصاصة طائشة"

ان العيارات الطائشة وما تسببه من أذى، جعل البعض يتضرع بالدعاء لله ان يخسر المنتخب حتى لا تعاد الكرة، متى سنخصخص الحزن كما خصخصنا الفرح؟ لا اعلم


62
المنبر الحر / متى اكون واعية؟
« في: 15:25 30/12/2017  »
متى اكون واعية؟

رسل جمال

تبنى مجموعة من الشباب الناشط حملة بعنوان"انا واعية" وهي حملة تزينت بنون النسوة وتاء التأنيث، ومن الملفت والمفرح في ذات الوقت، ان الشباب هم من يقودوا هذه الحملة، مع وجود عدد من الفتيات والشابات الناشطات، انطلقت الحملة اول الامر افتراضيا، عبر هاشتاك اطلقه الشباب ليتحول الى كروب على الفيس بوك، لينتقل الى ارض الواقع، عبر لقاءات وحوارات بين اعضاء الحملة، للتشاور والتخطيط لعقد مؤتمر موسع تتناقله وسائل الاعلام.

حملة تهدف الى نشر بذور التوعية، والنهضة بالوعي الجمعي للمجتمع العراقي، وتغيير النظرة التقليدية للمرأة  بالخصوص، على مختلف ادوارها، تزامن انطلاق هذه الحملة، مع اصدار قانون تعديل الاحوال الشخصية، وما رافقتها من ملابسات ( زواج القاصرات).

عقد مؤخرآ ندوة بأسم الحملة في مقهى ثقافي يجمع الناشطين، ليضعوا الخطوط العريضة والتوصيات، التي سيتم عرضها خلال المؤتمر المؤمل عقده على ارض معرض بغداد الدولي، مطلع العام المقبل.

الحملة بمعناها الواسع، عبارة عن مناشدات ومبادرات تدعوا الى تمكين المرأة ومنحها حقوقها، وبيان مالها وماعليها، للوصول الى أنموذج نسوي قيادي، يمثل شريحة النساء ويكون الصوت المدافع عن طموح الاخريات.

يبدو ان الكلام اعلاه جميل وبديهي، ولايمكن ﻷثنين الاختلاف حوله، لكن اود ان ادلي بدلوي، وان أخذ بيد الجميع وارجع بهم خطوة الى الوراء، والعمل على بناء حواء قوية منذ البداية، لا تخشى نوائب الدهر، ولا يبح صوتها للمطالبة بحقوقها المسلوبة.

الحل يبدأ مع "ثالوث المجتمع" الذي يتكون من الطفل الرضيع والجنين وامهما، اذ يشكل هذا المثلث اول لبنة للمجتمع، وعليه يجب ان نراقب غذاء وصحة وتعليم هذا الثالوث لبناء لبنة قوية صلدة، تكون حجر اساس المجتمع، ومنه ينطلق لبناء مستقبل اكثر وعي لتاء التأنيث الساكنة وواو الجماعة!


63
ليلة عيد ولا عيد فيه

رسل جمال

تحتفل معظم دول العالم، في  هذه الايام من السنة بأعياد الميلاد (الكرسمس) وتنتشر اجواء الفرح في مختلف البلدان، وتجتهد بعض الدول المتقدمة بأبتكار اساليب جديدة للاحتفال، وتتخذها فرصة لشحن الاجواء بموجات من البهجة، وتغيير للروتين والرتابة التي تعيشها طيلة ايام السنة، لاستقرارهم السياسي والاقتصادي، وابتعادهم عن الرقعة الجغرافية للاحداث التي تشهدها اراضينا!

أخص بالذكر العراق وجيرانه، الذي يعيش مسلسل أثارة يكاد لا ينتهي متعدد الفصول والابطال والمشاهد، فما لبثت ان تطوى صفحة الارهاب، وينتهي هذا المشهد القاتم السواد، حتى بدء فصل جديد من الاحداث، وبدأ معها الحراك الذي وصل حد الغليان والانفجار،لكن هذه المره تغير الموقع، ا( اقليم كردستان) فما نشهده اليوم من اندلاع تظاهرات عديدة، في الاقليم تنذر بتوتر قادم للمنطقة، وربما شلل كامل لمفاصل الحياة الكردية، والتي تشهد من فترة واقع لا تحسد عليه، وتدهور واضح في الجانب الاقتصادي، نتيجة لسياسة متخبطة، والتي أثرت وبشكل مباشر على نبض الشارع الكردي،وأوصلته حد الصراخ والمطالبة بالتغيير.

سلسلة من الاجراءات والتحركات الطائشة، بدأت من الاستفتاء المزعوم، تبعها دبكات برزانية نشاز، ومغايرة للسمفونية الوطنية التي تصدح بالنصر، هي من دفعت نحو تأزيم الوضع في منطقة كانت تشهد استقرارآ نسبيآ منذ عقود( الاقليم) وجعلها المنطقة المفضلة للاحتفال بأعياد رأس السنة في السنوات الاخيرة، في حين انعكست الحالة السياسية، على واقع الاحتفالات في الاقليم هذه السنة، وجعلها خالية من المحتفلين، في الجهة المقابلة لابد من التأكيد الى اهمية مشاركة اخواننا المسيحيين احتفالهم برأس السنة الميلادية.

كونها فرصة ملونة للتعبير عن روح المواطنة الصادقة، خصوصآ وهم قد واضبوا على مشاركة المسلمين، مختلف شعائرهم الدينية واعيادهم السنوية، ومن خلف شجر الصنوبر، هناك سنة جديدة تطل علينا وهي ملوحة بيدها قادمة، مع عدد كبير مصاحب لها من الاحداث السياسية والاجتماعية، وكلنا امل ان تكون ليلة الاعياد القادمة مفعمة بطعم العيد فعلا!


64
المنبر الحر / الحرب خدعة
« في: 00:06 14/12/2017  »
الحرب خدعة

رسل جمال

الانهزام يبدأ من الداخل، وكذلك الانتصار والشعور به، فهو نزعة داخلية وبذرة تنمو من داخل النفس البشرية، لتترجم الى انجازات في سوح القتال، يقول تعالى  ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم.

لم تسقط الموصل قبل 3 سنوات عسكريا، بل سقطت بابواق السيارات!
خذلان أناس، وبعض حواضن الفساد هي من اسقطت تلك المدينة العتيقة، ومن ذلك الوقت بدأت اسوء صفحات تأريخ العراق المعاصر، "داعش الارهابي" واجزم انها ستعرف فيما بعد بكتب التأريخ( انها اقوام همجية أدعت الاسلام ظاهرا، كانت تهدف الى تشويه صورة الاسلام الحقيقي، جاءت لفرض سطوتها بقوة السلاح، وبدعم اقليمي واضح، الا ان قوة وبسالة الشعب العراقي، هزم تلك المرتزقة، وطردها خارجا).

نحن اليوم نشهد، الخلاص من كابوس كان يجثم على صدور ابناء شعبنا، وطوي صفحة لطالما ملئت بدموع النساء السبايا والاطفال الذين فقدوا طفولتهم، وهم بين مطرقة الارهاب، وسندان النزوح وقصص وحكايا لايمكن ان تمر مرور الكرام خلال الذاكرة العراقية، بل تطرزت بعضها بدماء الشهداء، وقد تلطخ البعض الاخر بذل الخيانة!

هكذا هي سلسلة الاحداث، لن تسير على وتيرة واحدة، وليس الناس كأسنان المشط، عند تجسيدهم للوطنية وشعورهم بالوطن!

ولان الخطر كان قريب وبلغت القلوب الحناجر، انطلقت الفتوى المقدسة، فكانت كطوق نجاة للعراق وشعبه، واسرع ابناء هذا الشعب المجاهد، بتلبية النداء والهرولة نحو خطوط الصد، لردء الطوفان الذي اجتاح الارض كسرب جراد،   فلم يخلو بيت الا وله شهيد في حرب طاحنة، لا يقف امامها اي اعتبارات انسانية او اخلاقية وكيف يكون ذلك والعدو داعش؟!

لايكفينا اليوم ان نصفق وننشد الاهازيج فقط، فرحآ بالنصر، فدموع الامهات الثكالى لم تجف بعد، واهات الايتام والارامل مازالت تسمع كل من له اذن تعي وتسمع، بل علينا الان ان نقف على اسباب الواقعة ونتائجها مسبباتها.

حتى لا نبات ونصبح ونرى ان داعش جديد قد ظهر لنا من جحور الارض، يجب سد الفراغات الامنية وذلك باﻷسراع بارجاع الناس الى مناطق سكناهم، واعادة اعمار تلك المناطق، ولا يمكننا ان ننسى دور الشهداء وذويهم، ممن قدموا ابنائهم ثمن لحرية تراب العراق، بتقديم تكريم لذويهم يليق بحجم التضحيات.

كذلك لا ننكر لما للاوساط المثقفة من دور خطير، بنشر الوعي المجتمعي لعامة المواطنين، ببث مبادئ المواطنة والحث عليها والمحافظة على تراب هذا الوطن، وتشخيص النفس الطائفي ومحاصرته فكريا، حتى تموت اي فكرة متطرفه تدعو الى القتال والشقاق، فالحرب خدعة ولن تنطلي علينا مجددا


65
تخفيضات نهاية الموسم

رسل جمال

يقوم اصحاب المحال التجارية مع نهاية كل موسم، واستقبال موسم أخر باﻷعلان عن تخفيضات هائلة، وخصومات ﻷسعار البضائع المعروضة، كحل أخير حتى لا تلحقهم خسارة فادحة، من كسادها، خصوصا ونحن شعب مستهلك جدا، فما نلبسه اليوم لن نرتديه غدآ وهكذا.

كذلك فان سنة 2017، ترفض المغادرة، قبل ان تعمل خصومات لاحداثها، فأصبحنا لا ننام ونصبح على حدث واحد، فألاخبار متسارعة والاحداث متلاحقة، فبعد اﻷزمة السعودية اللبنانية، والتي أثير الكثير من الجدل حولها، والاسئلة والتكهنات، اذا كان الحريري محجوز؟ ام في ضيافة اخوانه!

لم يلبث المشهد ان يهدأ، حتى تبعتها حملة ضد الفساد، اعلنها ولي العهد السعودي، لرجالات المملكة وافراد العائلة المالكة نفسها، اما بقية المنطقة فلم تكن اكثر هدوء، فبعد 3سنوات من الازمة في اليمن، وتدخل واضح لدول الاقليم للتلاعب في ميزان القوى هناك، انهت جدال القوم رصاصة استقرت في رأس صالح، لتفتح الباب امام سيناريو جديد ينتظر اليمن.

يستمر موسم الاحداث الساخنة، مع اعلان ترامب ان القدس هي عاصمة اسرائيل بدل تل ابيب، فبعدما كانت القدس عاصمة فلسطين امام العالم، ومسرى الرسول امام السماء، واولى قبلة للمسلمين، ورغم ما جرى عليها من حملات وهجمات ﻷخفاء معالمها، اﻷ انها بقيت عربية الهوى، اسلامية الرداء، وأنموذج حي للتعايش بين الاديان السماوية.

بعد سلسلة طويلة من المعاهدات والاتفاقيات، التي خرج العربي منها الخاسر الوحيد، جاء ترامب ليكمل أخر سطر من حكاية القدس، خطوة تحمل من الاستخفاف الشيء الكثير، بالرأي العام والمجتمع الدولي، ودول العالم العربي وضرب للمعاهدات السابقة منذ 1948 عرض الحائط.

حتى ينتهي موسم الاحداث، لابد ان يختتم بأعمال الاستنكار والشجب، الذي اعتاد العربي ان يعبر عنه من خلال تغيير صورته الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي!



66
المنبر الحر / البداية كانت خيال
« في: 23:01 05/12/2017  »
البداية كانت خيال

رسل جمال

عندما قال انشتاين عبارته الشهيرة، ان العبقرية 1%موهبة و 99% الباقية هو عمل واجتهاد، فلا يوجد عباقرة بالفطرة، كما ان الخيال هو الذي يحفزنا، لنطور انفسنا بالابتكار والتجديد، انما هي خلاصة مسيرة طويلة من الدراسة والبحث، فلم يقول عبارته الا بعد تجربة واقعية، وتعد اولى دروس البحث العلمي، اذ يشير الى ان الخيال عالم واسع رحب، لا يوجد للمستحيل مكان فيه، وهو اولى الخطوات نحو النجاح، لكن تتبعها خطوة الاهم، وهو العمل الجاد لتحويل الفكرة الخيالية الى منجز حقيقي على ارض الواقع، والا سيبقى الخيال مجرد خيال!

ان عملية البناء العلمي، من بحث وتطوير، انما هي قائمة على التجربة والخطأ، وتكرار التجربة، مع الاخذ بنظر الاعتبار تغيير اﻵلية وانتظار نتائج مختلفة في كل مرة، ودراسة مستمرة للنتائج والاسباب وللبيئة المحيطة بها، فالعلم لا يتقدم الا بالبحث والتطوير، والتجربة وتكرارها، بل ان العلم الحديث تعدى هذه المعادلة البسيطة، وصار ينتقل من الصائب الى الاصوب، في عملية تكاملية، ودنو من المثالية.

لم يعد هناك مستحيل امام زحف العلم، خصوصا ونحن نستقبل عام جديد، سيشهد حدثآ علميا ضخم، وهو في اختبار صعب، اما ان يصبح احد انجازات البشرية، او احد شطحات العقل الانساني، وتبقى فكرة عالقة بعالم الخيال صعبة التحقيق، وهي العملية الجراحية المزمع اجرائها، لنقل رأس بشري الى جسد اخر، فكرة قد تملك من جنون العلم القدر الكافي، اعتقد منها، هي الشجاعة بالتفكير بها اولا، والاقدام على تنفيذها ثانيا، والاعلان عن هذا الحدث ثالثا.

ربما ذات الامر ينطبق على عالم السياسة، لكن من زاوية مختلفة، فالتفكير بسياسي نظيف، ربما يعد ضرب من ضروب الخيال، في ظل غابة الاحباط التي تحيط بنا جراء الاخفاقات المتكررة، لرجالات السياسة اضافة الى تكرار وجوهم دورة بعد اخرى، زاد الطين بله وخلق حالة نفور جماعي، لدى الشارع العراقي من المشهد السياسي، بل وحتى من الاخبار السياسية.

لكن التذمر والسخط وندب الحظ، هي اقصى انجاز ممكن ان يحققه العاجز، ولن يغير من واقع الامور شيء، ولن يزيد الوضع الحالي الا سوء، خصوصا ونحن على ابواب انتخابات قادمة، فلا يمكن ان نشكو الفساد والمفسدين، وندعو عليهم ليﻵ ونهارآ ونحن لا نحرك ساكنا، او نرفض المشاركة بعملية التغيير، فلن يتغير حال مدرسة مهدمة، او يعبد طريق بالدعاء فقط، فلا بد ان يرافقه شعور بالمسؤولية نحو هذا الوطن والبحث عن الوجوه التي تستطيع حمل التركة بثقلها، بدون كلل او ملل.

يبدو ان عملية البحث والتطوير العلمي، قد بدأت تأخذ مساحة اوسع في عملية بناء الاحزاب السياسية،فكانت الفترة الماضية مدة كافية لتشخيص الاخطاء، والعمل على تلافيها، بل والعمل على تطوير العمل السياسي، من خلال ادخال ادوات لنجاح التجربة السياسية،  مثل فسح المجال امام الدماء الجديدة، ومنح فرص اكبر للشباب النوعي وتمكينهم، واعطاء دورآ كبيرآ للمرأة من خلال تمثيل واسع ضمن المؤتمر التأسيس الذي اطلقه تيار الحكمة الوطني، ومن المثير للاهتمام ان هذا التوجه اصبح اشبه ما يكون توجه، حقيقي نحو الشباب، وربما ستكون تجربة نموذجية تقلدها بقية الاحزاب، بعد ان اثبتت نجاحها، والمضي نحو تمكين الشباب، وبنائهم من جديد من خلال، تطويرهم من جهة وتشجيع الشباب الموهوب من جهة اخرى.

ان التفكير المنهجي يقوم على الخطأ والتكرار والتجربة، لذلك لا يمكن القول ان سلسلة الاخطاء السابقة، كلها كانت مضرة، بل انها اضاءت لنا مواطن الخلل، وما علينا الا اصلاحه، والمضي نحو التطوير المستمر بجدلية علمية بحته.

67
اسمه محمد لكنه ليس ارهابي!

رسل جمال

في ذكرى مولده صلوات ربي عليه وآله، لن اقول طلع البدر علينا، ولن اقول ماقاله الطلقاء عنه، ابن كريم وابن اخ كريم، ما اود قوله في يوم مولده الشريف، كيف انبثقت تلك الشخصية العظيمة؟، مابين كهوف وجبال، ووادي غير ذي زرع،  ليؤسس ﻷمة جديدة خير  ما أخرجت في ذلك الزمان، و كيف قام ببناء الانسان والاستثمار فيه.

دأب عليه صلوات الله وسلامه  بخلق جيل قارئ وكاتب، بعد ما كان العربي لا يتقن سوى طنطة الشعر، فتحولت امة العرب في غضون سنون قليلة، من أمة اقوال الى امة افعال، انها عملية خلق ونمو، نحو الاعلى وتطور واضح لحضارة جديدة، لم يألفها الاعرابي يوما، فبعد ثقافة السلب والنهب والبداوة الغليظة، التي كانت سائدة في ذلك المجتمع، وغيرها من العادات الجاهلية، التي كانت منتشرة حول البيت العتيق.

أستبدلت تلك السلوكيات التي كانت راسخة قبل الاسلام، بمفاهيم جديدة كالسماحة، والفصاحة وكفالة اليتيم، والعطف على الضعيف، وحسن الجوار، والتآخي بين الناس، واصبح هناك تحول هائل في الجزيرة العربية، و تحول الانسان العربي وانتقاله من غلظة البداوة، الى اولى درجات التحضر والتمدن ، وبدأ يسير بخطى ثابتة في بناء حضارة تزاحم تلك الحضارات المحيطة به.

امتلك قائد الامة في غضون سنوات قليلة من الدعوة، القدر الكافي من الشجاعة، الذي جعله يرسل اصحابه لملوك الفرس والروم، يدعوهم الى رقعة خط بها  "اسلموا تسلموا" أي ايمان؟ وأي يقين؟ كان يملك بان يتحدى تلك الامبراطوريات، وهي في اوج عظمتها، وهو مازال لم يمتلك عدة جيشه!

"وعلى الذين اذا ما اتوك لتحملهم قلت لا اجد مااحملكم عليه تولوا واعينهم تفيض من الدمع حزنا" انه الايمان المطلق بالقضية، واليقين التام بالله وبقدرته والكفر باصنام قريش واوثانها، انه تحول عنيف وانقلاب خطير، فلم يستعين عليه وآله الصلاة والسلام، باي دعم دولي ولم ينتظر مباركة اجنبية لتحقيق مشروعه، وحدها يد السماء من امتدت لرعاية هذا المد، وحفظ هذه الشجرة التي اخذت بالنمو والتشعب.

وحدها العقيدة الراسخة، والتوكل المطلق، بالدعوة وخالقها، هي ما جعلت اسم محمد يتردد منذ 14 قرن، خمس مرات في اليوم، اي خلود هذا؟  واي مجد؟ .

لقد شيد الرسول الاكرم، حضارة للاسلام اوﻵ وللعرب ثانيا، وجعل منها محط اعجاب العالم بل ومصدر للعلوم، وينبوع للفكر، اصبح الاسلام في يوم من الايام، قوة متنامية وبدأ بالزحف والتقدم نحو اقطار الدنيا، فاتحة بقوة السلاح مرة، وبقوة الحجة العقلية مرة اخرى، حتى اضحى الاسلام امبراطورية عظمى، لكن لم يصدر الارهاب يوما، ولم يكن للارهاب  مكان في ابجدياته، فكان الرسول سفير السلام، والانموذج الامثل للخلق السامي المتعالي، عن بذور الفرقة والشقاق، الداعي الى الوحدة والانصهار مع الاخر، على اختلافه!


68
مراهقة سياسية في مراحلها الاخيرة

رسل جمال

يقال ان العملية السياسية في العراق، بعد 2003 هي فتاة مراهقة، لم تبلغ النضوج بعد، والدليل ما يصدر عنها من شطحات صبيانية، وتصرفات طائشة، لكن أما آن لهذه الفتاة ان تكبر؟!

بعد مرور 14 سنة من المراهقة السياسية،  وارتداء ثوب الديمقراطية الامريكية، ذو المقاس الفضفاض على الجسد العراقي، اصبح قيادة السيارة عكس السير حرية، اما رمي الاوساخ بالشارع فهي من العادات التي نورثها ﻷبنائنا، بل ان التجاوز على الرصيف لبناء بيت امر وارد جدا، والتعدي على حريات غيرنا حرية شخصية، اما سرقة ونهب المال العام فهي من المستحبات لرجال السياسة!

انها الديمقراطية كما فهمناها، وكما وصلت لنا بمظهرها الفوضوي العبثي، حتى صار احدنا يشتم ويلعن هذه الديمقراطية، واسقاطاتها على الواقع ، فبعد انهيار الصورة الفولاذية، للنظام السابق وسطوته التعسفية بفرض القانون، على الفرد داخل بيته مرة، وفي مؤسسات الدولة مرة اخرى، بدأت تلك الهيبة بالانهيار والسقوط، مع فجر العاشر من نيسان 2003، حتى بدأ الفساد المالي والاداري والذي يقوده الفساد السياسي، بالتسرب الى كافة مفاصل المؤسسات الحكومية، كتسرب الماء لداخل سفينة مثقوبة،  واصبح امر غرقها مسألة وقت لا اكثر.

هذه هي الصورة العامة للدولة العراقية الحديثة، بدون مبالغة فبعد الانتصار الذي  تحقق على داعش الارهاب، والذي اشبه ما يكون بمعجزة، ليس لبسالة العدو، بل لضعف مؤسسات الدولة من الداخل بعد ان نخر الفساد فيها، فلا شك ان المعركة القادمة هي المعركة الاكثر خطورة، والاكثر جدوى!

خصوصا ونحن امام دورة انتخابية قادمة، اي بناء لحكومة جديدة، والبناء حتى يكون قوي وصامد امام عوامل المناخ القاسي من جهة والهزات الزلزالية من جهة اخرى، يجب ان يكون الاساس متين جدا، وذو مواصفات خاصة وخالي من الشوائب والترسبات السابقة، التي تهدد قيام البناء، اي عملية تنظيف شاملة، لمخلفات الفساد، وحرب طاحنة اعلنها العبادي ضد الفساد والمفسدين، فهل ستكون هذه الخطوة هي المعول الذي سيكسر دائرة التكرار الانتخابي التي يعاني منها العراق؟ ولا تعاد تدوير نفس الوجوه السياسية وينتج عنها ذات الاداء المحبط، وتتكرر نفس الشكوى!

يبدو ان العملية السياسية والله اعلم، قد غادرت طور المراهقة، واصبحت على قدر كافي من النضج، مما يجعلها تشخص مواطن الخلل، وتعمل على معالجته، رغم انها تعي خطورة مثل هكذا خطوة، الا ان الشيء المفرح حقا، انها باتت تملك من الشجاعة، ان تخطو مشوار الالف ميل بهذه الخطوة الاولى.


69
المنبر الحر / حواء القائد!
« في: 22:50 20/11/2017  »
حواء القائد!

رسل جمال

مع السباق والتنافس بوسائل التحضر والتمدن، الذي بدأ بالزحف الى اغلب دول العالم، حتى تلك التي كان يغلب عليها طابع البداوة، نرى ان صحراءهم باتت تتقلص امام العمران والحضارة المادية، لكن في المقابل لم يشهد التطور العمراني للتعامل الانساني تلك القفزات او التطور الواضح، بل قد نشهد، انحدار واضح للمعايير الاخلاقية في بعض المناطق، التي ما زالت ترزح تحت وطئ الجاهلية، والعصور الحجرية للتأريخ الانساني.

مازلنا نحبو على طريق التطور، فلم نعتاد على صورة "حواء القائد" وقد اكون حالمة جدا، لو تخيلت ان امرأة في العراق ستلوح للناس يومآ ما بوصفها رئيسآ للجمهورية!

لدينا سؤال حري بنا ان نقف عنده قليلا، ترى لماذا لا نرى حواء وهي تقود دائما؟ لماذا اعتدنا ان نراها تابع؟ هل عقل المراة لا يؤهلها للقيادة؟ ام ان القضية بعيدة عن المادية العلمية البحتة، وان الامر لا يتعدى كونه تسلط ذكوري ليس الا، واقصاء متعمد للنساء النوعيات!

لكن لا يمكننا اغفال، ان التأريخ قد حفل بأسماء نسائية، تربعن على عرش القيادة بجدارة، مثل زنوبيا ملكة تدمر، وبلقيس ملكة سبأ، وغيرهن الا انهن شكلن شواذ القاعدة، اذ اكدت الاحصائيات ان نسبة النساء القياديات هي 1%فقط، اي ان نسبة النساء المؤثرات نسبة خجولة جدا، امام 99% من النساء المصنفات كتابعات.

ارى بصفتي حواء،  ان هذه النسبة فيها ظلم بعض الشيء، فلا يمكن ان نختصر ما نملك من طاقات قيادية نسوية، بهذا الواحد الوحيد، واعلل السبب ان النسبة قد تكون غير دقيقة، لوجود العديد من النساء القياديات بعيدات عن بقعة الضوء، وقد اكتفت الاحصائية بتلك القلة التي تسلطت عليهن اضواء الاعلام!

وارجع عدم اقتناعي بتلك النسبة، الى تمتع المراة بشكل فطري بخصائص قيادية، تميزت بها عن الرجل، منها الابداع والابتكار الدائم، فالمراة تنشد الى التغيير والتجديد، واختراع طرق جديدة، بادارة الامور، ان دل على شيء يدل على المرونة العالية التي تميزت بها، اضافة الى قدرتها على انجاز الكثير من الاعمال والمهام، في آن واحد وبدقة عالية، كذلك تتميز بأتخاذ القرارات المهمة، بعد اخذ وقت كافي بالاستقصاء والمناقشة والمداولة ودراسة الموقف، اي انها اقل تهورا من الرجل في هذا الجانب.

كما اننا لا يمكن ان ننكر، ان للمراة مجسات استشعار عاطفية فعالة جدا، تساعدها على استباق الاحداث، وقراءة المشهد سواء كان الاجتماعي، او مكان العمل، وتوظيف تلك الخبرة بما يخدم المصلحة التي تراها مناسبة.

اذ مع امتلاك كل تلك الخواص التي حباها الله بها، لايمكن ان نرضى ونستكين، بذلك الواحد اليتيم من النسبة، الذي يحصر النساء القياديات ضمن اسواره، فقد جربنا ادم كثيرا في مواقع القيادة، لما لا نفسح المجال لحواء هذه المرة لتكون قائدا؟
 

70
المنبر الحر / هزة أرضية ولكن!
« في: 23:58 13/11/2017  »
هزة أرضية ولكن!

رسل جمال

تتعرض منطقة الشرق الاوسط، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، موجات من التغيير المناخي العاصف، ورياح عاتية، تنذر بوجود انقلابات، باتت تلوح بألافق خصوصا بعد السيناريو اﻷخير للازمة بين السعودية ولبنان، بغض النظر عن كواليس هذا المسلسل، اﻻ انه شغل الرأي العام، واشعل مواقع التواصل بمختلف التكهنات، بدءا من الاستقالة المفاجئة للحريري، وانتهاء بحملة الاعتقالات التي قام بها ولي العهد السعودي، التي طالت عدد كبيرآ من الامراء، وافراد من العائلة المالكة.

بات المشهد كأنه تحرك للصفيحة الجيلوجية للطبقة الحاكمة للبلاد العربية، الا ان هذه الاحداث الساخنة، لايمكن ان تقارن بما حدث من هزة ارضية، كان مركزها شمال العراق، وانتشرت لتشمل بعض دول الجوار، وصلت درجة قوتها الى 7 على مقياس رختر، حدث جعل الجميع يدرك ضآلته، امام هذا الكون الهائل وخالقه، ويعيد حساباته من جديد!

وقد نقلت بعض القنوات لحظات الهزة، خصوصا تلك التي كانت تبث برامجآ مباشرة، كما سارعت القنوات الاخبارية الى تغطية ميدانية، للوقوف على الاضرار والخسائر الناجمة عن تلك الهزة العنيفة، كما نقلت صور الاهالي، وهم مازالوا حتى ساعات متأخرة من مساء الامس في الشارع.

اضافة الى تضرر العديد من الدور السكنية القديمة، بتصدعات غائرة، وانتشرت  في مواقع التواصل الاجتماعي، موجة من المنشورات الدينية والادعية المرتبطة بمثل هكذا ظواهر كونية.

لكن السؤال ما الذي كنا عليه قبل لحظة الهزة الارضية؟ وما الذي خرجنا به بعدها؟ سؤال جوهري يعكس خط سير الانسان، ومراجعة شاملة لما نحن عليه، هل نحن على الطريق الصحيح؟ ام اننا بحاجة الى اعادة النظر بتغيير مسار حياتنا من جديد؟

71
تشريع للنخاسة كما يشاع ام ماذا؟

رسل جمال

تذهلني سرعة البرلمان العراقي، بتمرير بعض القوانين، وغض الطرف عن قوانين اخرى، ذات التماس المباشر بمصالح المواطن، ضجة كبيرة رافقت فقرة اقرار تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقية،  فريق يرى به اهانة للمراة وانتهاك لحقوقها، وفريق اخر يؤكد ان القانون برئ من تلك التهم، وفريق ثالث اختار ان يكون مشجع ﻷحد الفريقين، دون ان يكلف نفسه عناء البحث عن اصل القانون.

لا يعنيني ان اكون مع هذا او ضد ذاك، لكن ما اود التطرق اليه، هو المعيار الذي يتخذه مجلس النواب، بترتيب اولويات اقرار القوانين وتمريرها، فقد اصبح من المتوقع بل من البديهي، ان تركن القوانين المهمة وتغيب عن جدول اعمال البرلمان، وتعطل ﻻشهر خلت، مثل قانون الموازنة، وقانون الانتخابات، وان تمرر تلك القوانين التي لا طائل من ورائها

عن الرجوع الى اصل القانون، والمادة المعدل فيها، نجد ان القانون يقر بتزويج الاناث دون سن 18 سنه، وربما القانون يكون شماعة جيدة ﻷولئك الذين ينددون بتزويج القاصرات، لشن هجوم ضد اقراره، لكونه سيشكل درع قانوني، ﻷولياء الامور العازمين على تزويج اطفالهم!

لكن بعيد عن نصوص القانون الجامدة، هناك ما يسمى " روح القانون" وهي مالم يؤخذ بعين الاعتبار عن اقرار هذا القانون على مايبدو، فبدل من تشريع قانون للحد من ظاهرة العنوسة، التي ارتفعت نسبها بشكل مخيف، ولما لها من أثار سلبية على المجتمع، راح البرلمان تقر قانون يزيد الطين بلة!

بدل من تشريع قوانين، تدعم الصناعة وتحد من ظاهرة البطالة، قام مجلس النواب بالقفز فوق المشاكل الحقيقة، بأقرار قوانين أخرى لاتسمن ولا تغني من جوع، وابعد ما تكون عن مستوى طموح المواطن العراقي.


لمصلحة من يزداد طوابير المطلقات امام وزرارة العمل؟ كما هو معروف ان الفرد وهو بمرحلة المراهقة، لايمكن ان يوضع بموقع مسوؤلية، ولا يمكن ان ننتظر منه ان يتعامل بوعي وادراك يتناسب مع وضع، يحوله بين ليلة وضحاها من مراهق قانونيا الى زوج او زوجة.

الدليل على ما تقدم  ارتفاع حالات الطلاق، للمتزوجين حديثا، وعند البحث عن اسباب تلك الظاهرة، يكون السبب قلة خبرة الطرفين بادارة المواقف والازمات، والكثير منهم مازال بطور الطفولة والشباب الطائش، ولايمكن لهم حمل مسؤولية اسرة وعائلة،  اضافة ان شعارات ضرورة تمكين المراة وفسح المجال امامها، لنيل الفرص المناسبة لتمثيل بنات جنسها، ستكون هواء في شبك في ظل اقرار هذا القانون، فكيف لها ان تتقلد المناصب الرفيعة، وهي لم تنال التعليم الكافي، ربما سيكون اتاحة فرصة لمثل هكذا انموذج ضرب من الخيال.

72
المنبر الحر / شعب الاربعين
« في: 20:34 05/11/2017  »
شعب الاربعين

رسل جمال


سألت نفسي وانا اتنقل بين قنوات التلفاز، وهي تنقل السيل البشري، وهو متوجه الى قبلة الاحرار، كطوفان  اجتاح الارض من كل حدب وصوب، أحقأ زمن المعجزات انتهى؟

كيف ممكن لقضية ان تملك من العمر اربعة عشر قرن، ومازالت تنبض بالحياة، بل وتتجدد كل يوم؟!

لا تعرف الانسانية رسالة ممتدة عبر قرون، ومازالت مؤثرة سوى الرسالة المحمدية اولا، والثورة الحسينية ثانيا، وقد ارتبطتا بشكل كبير حد الانصهار والاندماج، فأصبحت الزيارة الاربعينية ربيع الدعوة الاسلامية، وتعمل على تجديد الثوابت الاسلامية الحقة، التي قام عليها الاسلام الحنيف، من نبذ التطرف والتعايش السلمي، وهدم الفوارق بين الناس، والتآخى بين البشر مهما اختلفت الوانهم وطوائفهم.

قد يعيب البعض ذلك البذخ والبذل، الذي يقدمه خدمة الحسين وهم يتفننون بطرق تقديم الخدمة للزوار، بدءأ من المأكل والمشرب، وانتهاء بتوفير وسائل الراحة، والمبيت للزوار، يعتبره الاقتصاديين اسراف وتبذير غير مبرر، ولا بد من توجيه تلك الامكانيات الى اماكن اخرى.

لكن عند تدقيق النظر لما يجري، نتيقن ان الامر ليس له علاقة بالماديات مطلقا، بل تعداها الى اللامعقولات، وخارج حدود ادراك العقل البشري، فالعراق كبلد يعاني من ازمة اقتصادية خانقة، وتدهور واضح بالمستوى المعاشي للفرد، اما وضع الدولة اقتصاديا فلا يبشر بالخير، فمن اين هذه الاموال الطائلة؟ التي تنفق لرعاية المسير الحسيني، ليس لنا الا ان نسلم بالعناية الالهية، التي تقول للشيء كن فيكن.

اما الروحانية العالية التي تعم اجواء المسير، فذلك امر اخر يطول الكلام فيه وعنه، اذ من المستحيل ان يتجمهر هذا العدد من البشر، في بقعة صغير دون ان يحصل هناك نزاع او احتكاك، ورغم الاعداد المليونية للزائرين، نراهم يواصلون المسير كنهر جار بأنسيابية منقطعة النظير.

انها عادات شعب الاربعين، لن تراها سوى في بلاد وادي الرافدين، ذلك الشعب الذي اذهل العالم بكرمه وعطائه، رغم ماجرى ويجري وسيجري عليه!


73
المنبر الحر / صناعتنا وصناعتهم
« في: 18:43 28/10/2017  »
صناعتنا وصناعتهم

رسل جمال

في دورته الاربع والاربعون، ازدحم معرض بغداد الدولي، بمختلف الشركات العربية والعالمية، وهي تفتخر بعرض صناعاتها، وابتكاراتها في مجالات مختلفة، كالزراعة والصناعة، والمواد الثقيلة والانشائية،  تميزت دورة هذه السنة بنزول اللاعب السعودي بكامل قيافته الخضراء، الى الساحة العراقية، رافقته مساعي دبلوماسية عالية المستوى، بين العراق والسعودية.

مما انعكس بشكل ايجابي، بفتح نافذة واسعة للتبادل الاقتصادي، ووضع حجر الاساس لمشاريع ستراتيجية قادمة  بين البلدين، تمثل بشكل مباشر بالجناح السعودي، الذي عرض معدات ثقيلة ومكائن انشائية، كانموذج لمشاريع ضخمة، ربما يسعى الجار السعودي الى مد جسور التعاون  الاقتصادي، بقوة غير مسبوقة .

ومن الاجنحة التي فلحت بجذب اكبر عدد من الزوار، هو جناح "ام الدنيا" الذي اجتهد العاملون فيه، على نقل الصناعة والتراث المصري، حتى شعرت لوهلة اني وسط احدى حارات القاهرة.

اما المنتوج العراقي فقد ظهر بشكل خجول، عبارة عن منتجات استهلاكية، اقتصرت بالمنتوجات الزراعية، وبعض الصناعات النسيجية، ربما يعود سبب ذلك الانحسار بالصناعة الوطنية، هو تدني الدعم للمنتوج العراقي منذ عقود، مما حدا بالعراق ان يكون مكبا لمختلف صناعات دول الجوار، وصار العراق يتصدر الدول المستهلكة لمختلف المواد، حتى بات يستورد المياة المعبأة، من بلدان لا تملك حتى نهر عذب!

لكن سرق نظري جناح، لايمكن ان ترى  مثل معروضاته بأي مكان بالعالم، جناح تفوح منه رائحة الكرامة، وعبق اﻷباء، يعرض صور ﻷساطير الرجال، وقمم البطولة، هالني منظر تلك الاجهزة اللاسلكية المهشمة ﻷخر نداء ما قبل الفتح!

اما ذلك الدرع الممزق ﻷحد الاسود، فلم اتمالك نفسي امامه، وفي زاوية رأيت قصاصات يكتبها زوار المعرض، كرسائل لجنود الحشد، كتبت على احداها، انتم فخر صناعتنا!



74
انت كاملة لست نصف احد!

رسل جمال

أختير الاول من صفر، اليوم الاسلامي لمناهضة العنف ضد المرأة، تحت شعار " المراة وطن" اقيم المؤتمر بنسخته التاسعة الذي انطلق منذ العام 2009 برعاية السيد عبد العزيز الحكيم، يعتبر هذا التوجه نحو الاهتمام بواقع المرأه والوقوف على متغيراته، خطوات خطاها ال الحكيم، نحو تحقيق تغيير بموقع المراة العراقية، ضمن الخارطة السياسية الجديدة، وذلك  بفسح المجال امام النساء العراقيات النوعيات، لتبوأ المناصب السيادية، والعمل على تمكينها.

ان ﻷختيار الاول من صفر رمزية عظيمة، قد يجهلها الكثيرون، في مثل هذا اليوم، يكون لعيال الحسين قد قضوا، 20 يوما في السبى والاسر وهم سائرون من العراق حتى الشام، في الاول من صفر دخلوا مجلس يزيد ابن معاوية، وقد توسطت السيدة زينب المجلس، كلبوة جريحة اخافت بصوتها الجالسون وادخلت الرعب في قلوبهم، مثلت انذاك الاعلام المدافع عن القضية الحسينية، وقد سلبت قوة المكان واضعفت بوقفتها تلك كل من حولها.

جسدت وقفتها تلك صفعة تنبيه، لنساء العالم اياكن والاستكانه والضعف او الاستضعاف، ولا تقبلن ان يتعامل احدهم معكن بدونية مطلقا، حتى لو كنتن اسارى وسبايا!

تسلقت السيدة زينب قمة العز، واصبحت منار لبنات حواء، ونقطة مضيئة بالتأريخ الشخصيات النسائية، اجبرت العالم ان يقف ويؤدي لها التحية العسكرية ويرفع لها القبعة، فقد اسست مدرسة بتعليم فنون القتال عن الحقوق، والدفاع عن النفس، بقوة الحجة والمنطق، فلو لم تكن زينب متسلحة بالعلم والبلاغة، لم تستطع ان تصمد امام الطغاة، لما للمعرفة وتطوير الذات، اهمية وضرورة من ضرورات الحياة، واسلحة المراة لمواجهة معارك اثبات الوجود.

عند الرجوع لواقع المراة العراقية، نجد ان لها بصمة مميزة وسط نساء العالم، لما قدمت وتقدم من تضحيات مستمرة ودفع بعحلة الحياة نحو الامام، رغم التحديات والصعوبات، والمعوقات التي تواجها فلن تقابل تلك المعرقلات بنفس لوامة، بل عملت على تذليل كل ما يواجهها من صعوبات، والسعي الدائم نحو التقدم، الارتقاء بذاتها وبمن حولها والعبور بهم نحو بر الامان، فكانت الام التي تودع وحيدها، وهو يلتحق بساحات العز،و ترمي وراءه خطواته بضع قطرات ماء، حتى تستعد  ﻷستقبله مرة اخرى، وربما ياتي ذلك الابن لكن وهو يحمل رتبة شهيد، مشهد لطالما تكرر في بيوتاتنا العتيقة، لكن سرعان ما تنهض المرأه من جديد لتعيد ترتيب اوراقها، وتحمل مسؤولية العائلة، بعد غياب المعيل الوحيد، سواء كان الاب او الزوج او الابن، فراحت تغزو كل زوايا الحياة بالحب والعطاء والتميز. 

ان المرأة ريحانة، كما وصفها الرسول الاكرم عليه وأله الصلاة والسلام، ولا يمكن للريحانه ان تعنف او يمارس التعسف ضدها وتسلب حقوقها، وعلى النساء بالمقابل استغلال هذا التوجه، نحو تمكينها ليتحول من شعارات الى واقع ملموس، والسعي بعدم تضييع المزيد من الفرص المناسبة، نحو التطور والتنمية، وان تعمل بشكل جدي على رسم حدود علاقتها بالمجتمع، بعيدا عن الاستغلال والتمييز.

اننا اليوم امام فرصة حقيقة، اذا ما تم التأسيس لها بشكل صحيح ومدروس، سنقطف ثمارها قريبا، بخلق جيل جديد، يؤمن بان الغدآ افضل، ودفع سحابة التشاؤم التي خيمت على العقلية العراقية منذ سنوات، وذلك بالعمل على مشروع "صناعة قائدة" باستقطاب النساء المميزات ذات الاثر الواضح بالمجتمع، وممن يملكن قاعدة من التاثير لا بأس بها، العمل على دعمهن، وتقليدهن مناصب تليق بما يقدمن للمجتمع من خدمات، وهن بذلك يشكلن صف اول للنساء الاخريات للاقتداء بهن اولا، وللاستفادة من تجاربهن، وذلك بترسيخ  مفهوم ان المرأة كائن خلق كامل، لا ينقصها شيء.


75
كركوك اعادت هيبة القانون من جديد

رسل جمال

الصياح، والوجه الممطر غضبآ، والتكلم بمنطق القوة، وسائل يستخدمها من ضعف موقفه في قضية ما، وهذا السيناريو عمد على ان يمارسه و يطبقه الجانب الكردي بقيادة  مسعود برزاني، في الازمة الاخيرة لكركوك، اذ ان التعامي على تطبيق القانون، والاصرار على استغشاء الثياب على الرؤوس،  حتى تنعدم الرؤية تمام عن واقع الامور، هي مااجبرت جنود قوات البيشمركة، ان يذرفوا الدموع وتسابقت وسائل الاعلام على نقل تلك المشاهد، بعدما وقعوا بين المطرقة والسندان،  فالقائد الذي يتصرف بصبيانية عسكرية وطيش سياسي، انما يرتكب جريمه بحق قواته، عندما لا يحفظ لهم هيبتهم، ويجعل منهم اضحوكة.

ان التضليل الاعلامي الذي عمل على التحشيد له برزاني، ضد حكومة المركز وتصويرها كقوة غازية ومحتلة للارض، كلها محاولات باءت بالفشل، فلا يمكن لصوت ان يعلو على صوت العقل والمنطق والقانون، فلا يوجد هناك مناطق متنازع عليها كما يشاع، بل هي مناطق متجاوز عليها دون وجه حق، ومحاولات مستمرة وممنهجة لتغيير ديموغرافية ارض عاشت بسلام لمئات السنين، وذلك لتنفيذ اجندات اجنبية بتمزيق وحدة اﻻرض.

ان تحكيم منطق العقل، هي من قادت بقية الاحزاب الكردية، الى اعلان تبرأها من تلك التحركات الانفصالية، والاجماع على ان مسعود برزاني لا يمثل الصوت الكردي الوطني انما يمثل نفسه واطماعه فقط، وما شهدناه من تعاون بعض قوات البشمركة، مع القوات العراقية بكل سلاسة، انما هو تعبر عن عقلانية  الرجل الكردي الاصيل، الرافض للغة التصعيد،  وكأن لسان حاله يقول كفانا معارك وحروب !

بان للجميع ان احلام برزاني التوسعية، قد انهارت واصبحت سراب، واللعب على وتر القومية لم يعد يطرب البيت الكردي، لقد أريد لكركوك ان تكون "حمام دم" للجميع لكن قدر الله وما شاء فعل، ( كلما اوقدوا نار للحرب اطفأها الله) اما موقف الحكومة المركزية بقيادة العبادي، فكان لها الاثر الاكبر بتهدئة اﻷمور، رغم قوة موقف الذي تمتعت بها بغداد، فكان لتطبيق القانون هو الفيصل، والبطل للمشهد الاخير في كركوك، تلك المدينة التي تلونت بالاطياف السبعة!


76
المنبر الحر / جرعة اهتمام!
« في: 23:04 16/10/2017  »
جرعة اهتمام!
رسل جمال

لا يهم ان تبني قلعة او حتى كوخ، اﻷهم هو صلابة ما تبني وتعمر، والاكثر اهمية هو مقاومته لكل العوامل المحيطة به، وان يبقى البناء صامد اطول فترة ممكنة،  كثيرآ ما استوقفنا تلك اﻷهرامات التي لم تقهرها السنون والقرون،  وهي تناطح السماء بشموخ، كأنها تلقي علينا جملة تسؤلات وهي مبتسمة، كيف يمكن لصنع البشر ان يبقى خالد هكذا؟

ان الامر ليس صدفة ولا ضربة حظ، بل هي قياسات هندسية دقيقة، محسوبة بصرامة، وقوانين غير قابلة للخطأ، هي مااستند عليها مهندسوا تلك العجائب، وهذا سر بقائها بهذه العظمة حتى يومنا هذا.

اي ان التخطيط ودقة التصميم، كان له الاثر الاكبر، بفخر تلك الاقوام على ماعداهم، بتلك العجائب، ولان البناء العظيم لايقوم الا على اساس اعظم، كذلك الجبل الشاهق لا يستقر، مالم يكن هناك وتد له في الارض راسخ بمقدار علوه وربما اكثر!

كذلك المجتمع الانساني، لايقوم ولا يرتقي مالم يكن له هناك ركيزة بناء أولية، تقوم عليها التراكمات الانسانية والمعرفية الاخرى، اﻻ وهي النشأ الجديد او الجيل الصاعد، وقد تنبهت لتلك النقطة الخطيرة دول العالم، ومنها المانيا عندما خرجت مهزومة، ومنهارة البنى بعد الحرب العالمية الثانية، وصارت كومة ركام كبيرة!

الا ان العالم لم يقف عند هذه النقطة لدى الالمان، فاعادوا ترتيب اولوياتهم، وسارعوا بالنهوض من جديد، فوجهوا جهودهم نحو اﻷم الحامل والطفل الرضيع، اي اللبنه الاولى لبناء المجتمع، فأعتنوا بتلك الشريحه اعتناء بالغ، من الناحية الغذائية، والصحية، والتعليمية، مما خلق بعد مدة من الزمن جيل جديد، قوي، متعافى من الامراض، اخذ على عاتقة بناء المانيا الحديثة، فأصبحت الماكنة الالمانية مضربآ للامثال من حيث المتانه، والقوة والفخر بالحقيقة لليد وللعقل الالماني التي اوجدها!

مااود الوصول اليه  هو ان طفل " غرس" غاية بالاهمية، ومستقبل أمه بأكملها، اما حال ابنائنا  اليوم فلا يبشر بالخير  مستقبلا، فكيف ﻷمة تريد ان تسابق الامم، وابنائها مرضى، يشكون اﻷلم، وقد انهكهم الاهمال و حرموا ابسط حقوقهم؟
ونحن نرى اطفالنا قد افترسهم المرض الخبيث، وسرق منهم حتى الابتسامه، اما الجهات المختصة، فلم تشعر الرأي العام بانها مهتمة بالامر، وكان الامر شأن خارج اختصاصها، واصابها الصمم عن المناشدات، وصرخات الناشطين ورسائل اهالي ذوي الاطفال المرضى، ﻻنقاذ ابنائهم.

اما الجانب الاخر، فهو لا يقل تشاؤم، عندما نرى طلاب المدارس وقد افترشوا اﻷرض، وهم يستقبلون عامهم الدراسي الجديد بمنظر يدمي القلب.
ان الصحة من جهة، والتعليم من جهة اخرى واللذان يمثلان عماد بناء الاجيال، بحاجة الى جرعة زائدة من الاهتمام الحكومي، والا فالقادم من الايام لا يحمد عقباه!


77
المنبر الحر / الدستور لمن عصى!
« في: 19:03 12/10/2017  »
الدستور لمن عصى!

رسل جمال

مبادرات، زيارات، حورات، واضاءة لكاميرات، تنقل لنا صور لوجوه مبتسمة، كانها تقول لنا بأن السياسة هي فن الممكن، هذا ماتبدو عليه الساحة السياسية العراقية بأختصار، من حراك واضح نحو اختراق سحب التأزيم، والعثور على ثغرات مختبئة، في محاولات للوصول الى واحة للحلول بين جميع الاطراف، وتخفيف حدة التوتر بين بغداد وكوردستان، اي بين حكومة الاقليم والحكومة المركزية.

لكن هناك قاعدة شرعية تقول، مابني على باطل فهو باطل من الاساس، فبعد اصرار برزاني على اجراء الاستفتاء،  أي انه  يقول، نعم انني اسمع لكم لكن  بعد مااقوم بما يحلو لي!

اذن قد تبدو تلك التحركات لتخفيف حدة الازمة، بلا جدوى من البداية، والتي كانت اخرها من قبل رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، فأصرار اربيل "بنتائج الاستفتاء" اشبه بعقدة المنشار، التي تعيق اي حوار للوصول الى حل يرضى الجميع، مما يجعل اي لقاء او مبادرة لا قيمة له.

يمكن القول ان الدستور اليوم، هو اللاعب الاساسي، الذي يتحكم بمجريات الامور، شئنا أم ابينا، فرغم المأخذات السابقة على الدستور العراقي، ومن قبل حتى من اشترك بكتابته، من السياسين، الا انه يبقى رغم هذا، افضل واسلم الحلول، وصمام الامان الحقيقي، لحفظ وحدة اراضي العراق والاحرص على الأمن والاستقرار،  وافضل ما موجود، ومن حالة اللاقانون، والفوضى، وفرض الارادات بالقوة.

اذن ما انتهت اليه الصورة من احداث، هو تمسك كل من بغداد وكوردستان بما لديها من اطروحات، اي ان الخلاف حول الدستور والاستفتاء، وما عداها انما هي  محاولات لتقريب وجهات النظر، بين قطبي المشكلة وهذا لا يكون بشكل عملي وملموس، الا في عن طريق تنازل احد الاطراف.

لكن يبقى السؤال الاهم هل لهذه المبادرات، اثر على واقع الاحداث، او بمعنى اخر ، هل ستلزم نتائج تلك الحورات بغداد او اربيل بأي التزامات؟ خصوصا بعد الاصرار الذي ابداه العبادي بالرجوع الى الدستور، ورفض اي حوار الا بعد الاحتكام لفقراته القانونية.

الجواب يبقى رهين شريط الاحداث المتسارع، ولا نملك حتى حق التنجيم بما ستأول اليه الامور.



78
عاشوراء؛ اغتيال الاسلام

رسل جمال

المكان، ارض تدعى كربلاء والمقتول، يدعى الحسين ابن بنت رسول الله و القاتل، هو يزيد "خليفة المسلمين" الزمان، السنه 61 هجرية اما المشهد، فهو نهارآ وقد توسطت الشمس السماء، والخيل قد اعوجت اسراجها، حتى لا ترى جسد من تطئ وتطحن!

  اي ان القاتل والمقتول تحت خيمة "لااله الا الله محمد رسول الله" كل هذا وما زال الاسلام اخضر العود، اننا نتحدث عن واقعة كانت كفيلة بأن تبيد الاسلام، وتقضي على ملامحه، فما الذي حصل حتى تنقلب الموازين هكذا؟، ويقتل اهل الاسلام بعضهم بعضآ، ولماذا انقسم المسلمون الى حزبين؟، كل واحد منهم يدعي الاحقية بالامر من غيره.

ان معركة الطف، لم تكن معركة حسب المفاهيم العسكرية مهمة، لانها لم تستغرق سوى سويعات قليلة، لكن كانت لها ارتدادات خطيرة هي ماكان يعول عليها الامام الحسين، فالمعركة حسمت مع انتصاف النهار، لقلة عدد المتمردين كما كان يشاع عن اصحاب الحسين،  "خوارج" !

قد شقوا عصا المسلمين، ﻻن الاعلام المضلل والماكنة المأجورة قد عمدت على  بث سمومها  بحقائق مغلوطة، للتاثير على الرأي العام، وكسب تأييد الجماهير.

ان وقوف ثلاثون الف مقاتل، قبالة سبعون رجلا، لن يستغرق طويلا، فهي مجزرة اقرب من كونها معركة، وابادة جماعية اذ لم تراعى بها ادنى قوانين الحرب، فاستخدم جيش يزيد او مرتزقته، كل اساليب التنكيل بجيش الحسين، بدء من قطع المياه الى السباب والشتم بأل الرسول !

انها معركة لم يقتل بها الحسين فقط، بل اغتيل الاسلام الحقيقي فيها، واستهدف الانموذج الحي لرسول الله، لان الرسالة المحمدية كانت ممتدة بشخص الحسين، وهو  يعمل على تطبيق تلك الرسالة بشكل عملي وموضوعي، حتى قال عنه الرسول الاكرم عليه وأله الصلاة والسلام، "حسين مني وانا من حسين" اي ان التجرؤ على الحسين بهذة الطريقة الوحشية، هي حملة شنت ضد الاسلام الصحيح، ومحاولة لتدميره والقضاء عليه ، والعودة بالامة مرة اخرى الى عصور الجاهلية والظلام.


79
الطف بعيد عن المجاملة؛ ماذا لو؟

رسل جمال

قد يتسأل احدنا ماذا لو كنت وسط ميدان عاشوراء، ماذا لو منع عنا الماء لعشر ايام، ونحن في الصحراء والعداء محيطة بنا؟ "ياليتنا كنا معكم سادتي"  كثيرآ ما نرددها ونحن في بيوتنا أمنين مطمئنين، لا نشعر بجوع او عطش او يؤذينا حر الشمس، نقولها لقلقة لسان فقط، ماذا لو كنا هناك فعلا، هل سنصمد؟ هل سنصبر كما صبر اصحاب الحسين؟ ام سنقول للحسين اذهب انت وربك و قاتلا!

نه اختبار لا يحتمل المجاملة او المداهنة او التأرجح بين منزلتين، اما الجنة او النار، يومآ لم يكن لاهل الاعراف مكان فيه.

ان المعادلات الكيمائية تعبر عن تفاعل عظيم قد حصل، لكنها تترجم لنا رموز باردة، غير قادرة على نقل رائحة التفاعل او ابخرة العناصر، كذلك كتب التأريخ والرواة مهما اجتهدوا بنقل صور تلك الفاجعة، الا انهم عجزوا عن نقل صوت تكسر اضلاع الحسين، ورائحة خيامه وهي تحترق، وصوت الصبية الفزعة من الخيل التي غارت عليهم!

ينقل ان الخيل التي داست جسد الحسين عليه السلام، تسمى " الاعوجية" سميت كذلك لانها رفضت ان تطئ الجسد الشريف، فاضطر فرسانها الى لوي اعناقها حتى لا ترى الجريمة !

اي حقد هذا يدفع الانسان ان ينحدر دون الحيوان بأفعاله؟ اذا علمنا ان تلك الخيول قد سحقت الجسد الطاهر فلنا ان نتخيل ماجرى على جسد الحسين، حتى انتهى الى كتلة واحدة حتى عجن اللحم بالعظم، ولم يستطيع الامام السجاد عليه السلام بعد الفاجعة من دفن جسد والده الا بعد ان استعان بحصيرة للملمة ماتبقى منه!

ان القضية الحسينية انما هي قضية الهية، ليس لنا ان نبرر او نفسر او نقدر شيء منها، علينا فقط التسليم بما جرى فيها، اذ قاتل الحسين دولة بأكملها وبما تملك من امكانيات وعدة وعدد، وقف امام حشود ، لم يفلح احدهم ان يلفت نظر الرواة وناقلي الاخبار، فكانوا اشبه بقطيع، يشابه بعضهم بعضآ، فهم مرتزقة يعتاشون الحروب وسفك الدماء، عبيد الدينار والدرهم ومااكثرهم في كل زمان ومكان!

اما من كانوا مع الحسين وهم سبعون رجلا مثلوا، السلام والرقي والسمو الاخلاقي، فهم مابين رئيس قبيلة، وشريف قومه ومنهم من كتب القرأن وحفظه، ومنهم من عاصر الرسول الاكرم وسمع كلامه، نخبة العصر، وخلاصة الفروسية العربية الاصيلة، خلقوا بوقفتهم تلك موجة عارمة لاثارة الناس، وتسليط الضوء على مظلومية آل البيت، عمدوا على تحويل التشيع من حالة خاصة، الى طريق راح يسلكه كل الاحرار بالعالم، مهدوا لثورات متلاحقة لتحرير الانسان، من اي يزيد في اي مكان  كان، فأصبح اسم الحسين مرعب لكل طاغي وفرعون، على مر العصور.


80
عندما ترتدي القباب رداءها الاسود

رسل جمال

ارتفعت رايات الألم، ايذانآ ببدء رحلة الدم والدموع، في مراسيم مهيبة لجموع المؤمنين، تتوقت مع حلول شهر محرم الحرام، حيث تستبدل رايات العتبتان الحسينية والعباسية المقدستين، من لون الدم الى لون الحزن، مع صوت الجماهير وهي تردد"بالروح بالدم نفديك يا عراق" انه صوت الامة الهادر الذي لا يموت، كما تعالت الاصوات مرددة" لبيك ياحسين".

في مثل هذا اليوم، انآخت خيل قافلة الحسين، وحطت الرحال على ارض كربلاء، انني اسمع بكاء اطفال رضع، من خلف الخيام، لكن مهﻵ مازال هناك ماء في اﻵنيه يروي عطشهم حتى عاشوراء، لقد سكتوا، نعم سكتوا وناموا مطمئنين، مازالت ارى الوجوه ندية، رغم تراب سفرها الطويل، لم يشحب بعد وجه الحسين واصحابه، مازال هناك ماء في القربه، ومازالت كفوف العباس في مكانها سالمة!

لم تعرف البشرية قضيه كقضية الحسين، لها هذا العمر الطويل ولم تنسى، او تندثر وتتلاشى، فتمركز منبر الحسين في زوايا التأريخ، واخذ بالعلو والتألق عام بعد عام، وكما ان القلب هو سر حياة الجسد، ونبضه هو سر ديمومة عطائه، كذلك الحسين فهو نبض اﻷمة، وبه تتجدد وتولد من جديد، فكل عام يقوم الحسين بما يعرف اليوم بتوجيه جديد للبوصلة، بما يخدم المرحلة اﻷنية.

انها مسألة نمو نحو الاعلى وترميم مستمر نحو الاسفل للكيان الاسلامي، وصيرورة لذات المبادئ.
اليوم أحاطت خيم الانصار، بخيم الحسين وآله، مشكلة خط صد أول ﻷي هجوم مباغت على عيالات الحسين، انهم حشد مقدس منذ السنه 16 هجرية، فالقوم اجداد القوم، اذ تركوا المال والعيال وألتحقوا بركب الحسين، كما ترك ابناء الحشد اليوم، اهليهم وكل علائقهم الدنيوية.

العراق اليوم كما الحسين باﻷمس، فهو باق وخالد ومنتصر، على قله ناصريه، وأحاطه الاعداء به، فالكل راهن على هزيمته، وتمزيق اراضيه، وكل مره يخسر من راهن على انكساره، انه نصر امتدت اليه ايدي السماء، فكيف ﻻيدي البشر على طمسه؟ انها ارض ارتوت بنحر سبط الرسول، فهي باقية مابقى الدهر، وللحديث بقية حتى عرس القاسم!


81
الحرب الناعمة؛ محرم قبل الحسين وبعده

رسل جمال

ايام فقط تفصلنا عن شهر الحزن محرم الحرام، الذي يعد انشودة تتجدد كل عام باﻷلم والحسرة والدموع، ان لهذا  الشهر تأريخ طويل يمتد لما قبل الاسلام، فمنذ العصر الجاهلي، اقتتل العرب قديمآ فيما بينهم في هذا الشهر، حتى أوقف العقلاء النزاع،  اقروا حرمة القتال فيه، ومن هنا صار "محرم الحرام".

اما في الاسلام فكان لمحرم خصوصية أخرى، اذ اختاره المسلمون ليكون اول الشهور، الذي يبدأ به التقويم الهجري القمري، اما الحدث اﻷبرز الذي ارتبط بمحرم فقد تكرس في السنة 61 هجرية وتحديدآ في العاشر منه، وذلك بواقعة "الطف" وهي فاجعة استشهاد اﻷمام الحسين عليه السلام، تلك المجزرة التي كانت، اشبه بصعقة كهربائية لجسد اﻷمة الميت سريريآ انذاك، وشكلت انعطافة حادة في مجرى التأريخ الاسلامية، وتساؤﻵ كبير سطره الحسين بدمائه هو واصحابه وآل بيته.

اذا كان يزيد هو خليفة الله كما يدعي، فألى اين تتجه هذه الامة؟، اذا علمنا ان اﻷخير قد اعلنها وبصراحة، بقوله "لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل" .

عمل الرسول عليه وآله الصلاة والسلام،  جاهدآ على ترسيخ قواعد الدولة الاسلامية، بجهود استثنائية هو واصحابه، وتحمل من اجل تغيير بعض المفاهيم الجاهلية، العذاب والتسقيط، حتى تأخى العبيد والسادة، ولم يعد احد يدفن ابنته وهي حيه!

وأخذ التفكير الاعرابي بالتمدن والتحضر، حتى شهد بذلك رب العالمين، في قوله تعالى" كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" فقد أرسى النبي الاعظم، قوانين ثابتة في المجتمع الاسلامي، في بضع كلمات التي تعد اليوم دستورآ للتعايش السلمي، والتألف بين الشعوب، اذ قال " لا فضل  لعربي على اعجمي، الا بالتقوى" فبعد ان تربى الجمهور الاسلامي على هذا الخطاب الوحدوي، الذي ينم عن نفس كبيرة، تضم الجميع تحت عباءتها.

تغافل الزمان، وتحامقت الايام لتنصب يزيد خليفة المسلمين، وينادى بأمير المؤمنين، وقد أسهبت كتب التأريخ واصفه هذا الرجل، بعدم أهليته لقيادة دابه، فكيف به ان يتولى أمر أمة.

فلنا ان نتخيل التدهور، الذي أصاب حال البلاد الاسلامية، حتى وصل اﻷمر بالبعض بالتشكيك بحكمة الله، لتولي يزيد امر المسلمين، كما يشكك بعضهم الان بوجود الله، وانتشار ظاهرة "الالحاد"، فما كان من الحسين على قلة ناصريه، اﻷ ان يؤدي ما عليه من تكليف شرعي، بتصويب اﻷمور وانقاذ ما يمكن انقاذه، فكان ﻷستشهاده بهذه الطريقة الدموية، اشبه ما يكون بتعبير المصطلحات السياسية الحديثة، قوة  ناعمة، استعان بها الحسين بما يملك من أرث ضخم، لشن حرب طويلة المدى على خصمه، فرغم هزيمته عسكريآ، اﻷ انه اﻷكثر تألقا وشموخآ وخلودآ في القلوب، من يزيد الى يومنا هذا !




82
المنبر الحر / غدير خم ؛ غديرعلوي
« في: 18:23 11/09/2017  »
غدير خم ؛ غديرعلوي

رسل جمال

يستشكل على الشيعة ان لهم عيدآ ثالثآ، عدا الاعياد المتعارف عليها مثل عيد الفطر وعيد الاضحى، ترى ماهو هذا العيد الذي يعظمونه، بتلك الروحية الايمانية القوية؟ بعد البحث والتنقيب عن مايسمى "عيد الغدير"، ولن استطيع ان أتي بشيء جديد، بعد ماقيل وذكر بكتب السيرة والتأريخ، التي تنقل لنا عن تلك الواقعة التي جمع، الرسول الاكرم عليه واله افضل الصلاة والسلام، اصحابه في منخفض شبه مائي يسمى غدير انذاك، ﻷمر يبدو انه عظيم اراد ان يبلغهم به، ويرسخه في اذهانهم، لرمزية المكان اولا وﻷهمية الماء في حياتهم اولا، وﻷهمية الامر ثانيا.   

اذ تذكر المصادر انه عمل اشبه مايعرف الان، بأعلان طرقي أختار له مكان مميز، وذلك لتثبيت موقف ما من الامة، والقاء الحجة عليها، ان الخلافة من بعده، ليست من امور البشر، ولا يمكن ان تتداول بينهم حسب المحصصات الطائفية، والمكتسبات الحزبية، او الولائات المذهبية، بل انها امر الهي، تنظم علاقة الارض بالسماء، خارج فلك الاتفاقات البشرية، واعلى مرتبة من تجادل فيها عقول الناس.

فجاء الامر الالهي"ان الامر بعد النبي هو لعلي " امر نافذ لا مناص منه ولا تبديل له، وﻷن الناس اعداء ما جهلوا، اجتاحت الامة موجة العزة بالاثم، وتعاموا عن الحقيقة الواضحة، وادعوا ان في الامر تكليف فوق طاقة احتمالهم!

بل انه الحسد والبغض الذي ابى ان يفارق قلوب بعضهم، وغضو الطرف عن تطبيق ذلك القانون الالهي، فجرى على الامة ما جرى من نكبات، وحروب وفتن مازلنا نعاني من ارهاصاتها حتى هذه اللحظة.

ان الاحتفال بهذا العيد وهو عيد الغدير، او عيد الموالاة، او عيد تتويج الامام علي، وغيرها الكثير من الاسماء، ماهو الا رد فعل عن المظلومية، التي تعرض لها آل البيت من سلب حقوقهم الشرعية، وانزالهم عن مكانتهم التي مكنهم الله بها عنوة،  واستصغار شأنهم من جهلة اﻷمة وطغاتها!

ان وقفة الرسول الاكرم مع ابن عمه علي ابن ابي طالب، "عليهما الصلاه والسلام" انما هي وقفة بأمر سماوي، مايصدر عنها الا ما فيه صلاح امر المسلمين، وكأن النبي "عليه واله الصلاة والسلام " يقول لنا لو اردتم ان تستقيم اموركم، وتتغير احوالكم ماعليكم الا ان تؤمنوا بهذا المبدأ والقانون ومصداق كلامنا حديثه عليه الصلاة والسلام " اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي اهل بيتي، ما ان تمسكتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدآ".

لكن ابت العصبية القبلية البالية والانا الاعرابية، الا ان تتعمم فوق الروؤس بعد الحنفية السمحاء، وﻷن الامور بمقدماتها فالتخلف والتفسخ والاحتلال والاقتتال، التي تشهده الامه اليوم، ماهو الا الاخلال بمبادئ وقفة الغدير تلك.

83
الشباك ترقص من جديد

رسل جمال

انفجرت سيارة مفخخة صباح هذا اليوم، مخلفة عدد من الشهداء والجرحى، كما انفجرت عبوة لاصقة أخرى في مكان اخر، هذا ماا عتدنا سماعه في نشرة الاخبار، ووسائل الاعلام اذ احتلت المشاهد الدموية والصراعات السياسية اغلب الصورة،  لذلك ترسخت في الاذهان صورة سوداء قاتمة للمشهد، وكأن العراق ماهو الا محرقة بشرية كبيرة!

لا توجد به ملامح للحياة الطبيعية، لكن للصورة زاوية اخرى، ربما تتغافل الكاميرا احيانا عن نقله، زاوية ملونة بلون اخضر يسر الناظرين، ويبث الامل بالنفوس من جديد، انه المستطيل الاخضر الذي احتضن اساطير الكرة العراقية،  الذين  تألقوا  في تسعينات القرن الماضي .

تكاد تكون الكرة، هي الراعي الرسمي والوحيد لابتسامة الشعب العراقي، وهذه المستديرة الصغيرة قادرة ان تجلس الجميع حولها، دون ان يسأل احدهم الاخر عن مذهبه او طائفته، لانها تصيبهم بحمى الفرح، فتتعالى اصواتهم ويتبادلون القبل والعناق، في كل مرة تزور الشبكة بها!

كما اننا لايمكن ان ننسى، تلك الجهود الواضحة، التي اعادت البهجة للجماهير العراقية، المتمثلة بوزارة الشباب وعلى راسها عبطان، الذي تألق بالانجازات المتلاحقة، ليقول لنا ان هناك من يعمل بجد في الخفاء، لتجلى هذا العمل المتواصل بهذا الانجاز والعرس الذي شهدناه، والذي اسعد قلوب جماهير كانت متعطشة لمثل هكذا مباراة، فشكرا عبطان على الفرحة التي اهديتنا اياها، واتمنى ان يكون لنا عبطان أخر، في تشكيلة الحكومة العراقية ليهدي لنا فرحة في مجال اخر!

فما احوجنا اليوم لنبصر بصيص ضوء، في نهاية الدهليز المظلم للاداء الحكومي المتعاقب، شكرا لابطالنا الذين لا يشيخون ابدا، ولا يشحون علينا بالفرح، ان المستطيل الاخضر والمستديرة الصغيرة، يعلنان عن بدء موسم جديد من الانتصارات الكروية القادمة، التي لطالما كان بانتظارها الجمهور العراقي، بشغف كبير، فلم يعد هناك من دواعي تستوجب الحظر على ملاعبنا بعد هذا الاداء الاكثر من رائع، وتلك الجهود المبذولة من وزارة الشباب ووزارة الداخلية بتأمين الاجواء المناسبة، ﻷقامة المباريات.

فمرحبا برقص الشباك من جديد وهي تحتضن تلك المستديرة الصغيرة التي تشعل القلوب فرحآ!



84
عندما يتجسد الوطن برجل؛ والوطنية بسلوك!

رسل جمال

تناقلت وسائل الاعلام منذ مدة، مقطع فديو لرجل من اهل الموصل، يروي كيف كان هو وعدد من العوائل في بيت واحد، يعانون من اوضاع صعبة للغاية،  في الجانب الايمن من المدينة، عندما جاء الجيش العراقي لإنقاذ اﻷهالي من تلك العصابات الاجرامية، يقول الرجل: عندما رأينا الجنود العراقيين مقبلين، وكأنهم ملائكة، ارسلهم الله لنا، لنجدتنا ونحن تحت نيران القصف، اول جندي دخل علينا كان اسمه حسين، وهو من محافظة الديوانية، وقد ابلغته فورآ بحاجتنا الماسة للدواء، أسرع حسين لجلب الدواء رغم قطع الطريق من قبل قناص داعشي، جاء وهو يحمل بيده الدواء، وكيس من البرتقال، حينها قلت له طلبت منك الدواء فقط، فبادره حسين بأبتسامة جنوبية محببة قائلا، لقد استحيت ان أتيكم بالدواء فقط.

يقول الرجل الموصلي: خرج من عدنا حسين، واستهدفه القناص الغادر،  لقد رأيت الوطن بعيون حسين، ذلك العطاء واﻷباء والشجاعة، تمثل كله بذلك الجندي الذي كان يردد، سأموت وتتحررون، وكأنه عراق مصغر اقبل مهرولا لانقاذ ابنائه، يقول: حينها فقط أحسست انا وعائلتي باﻷمان، ان الشعور بالوطنية هي من جاءت بحسين ورفاقه، للدفاع عن ارض العراق .

ان الاخلاص لذرات تراب هذا الوطن، والتمسك به يثبت في كل مره انه طوق نجاه البلاد، مهما شرق البعض او غرب، الذين تناسوا انهم عراقيون، وراحوا يسعون الى تنفيذ اجندات خارجية، تعمل على تفتيت اللحمة الوطنية، والوحدة العراقية، مطالبين بالانفصال والاستقلال!

كيف ينفصل الرأس عن الجسد؟ كيف يقوم الجسد بلا سيقان؟ انها مسألة ارتباط طبيعي، لا مناص منها، لهذا  فأن العراق اليوم امام تحد جديد، وهو تحدي المحافظة على وحدة اراضيه، من التمزق والتشظي، والانقسام، الذي تطالب به كردستان!

اننا نقول ﻷخواننا الكرد، الذين ضاقوا بالاخوة التي تربطنا بهم ذرعآ على ما يبدو، ويسعون الى الاستقلال، ان العراق رحب بما يكفي ليسع جميع ابنائه، لماذا تحدون الافق الواسع بجدار عازل؟ لماذا تجتهدون بخلق اسباب للفرقة؟اكثر منها للوئام!
ان قوة العراق تكمن في وحدته ابنائه واراضيه، وتلك الخارطة التي يزيد عمرها  عن 6000 سنة، لم تستطع نوائب الدهر ان تغير تضاريسها، ولا يمكن لاستفتاء فاقد للشرعية ان يحدث فيها فرقا!

كما ان حرقكم للعلم، الذي نستظل جميعنا تحته بما يمثل من رمزية عميقة للدولة وهبيتها، فلن يغير من الامر شيئا، فأنتم ابناء هذا الوطن شئتم ام أبيتم ولن تصبحوا جيرانه يوما ما!


85
المواطنة هكذا تبدو لي!

رسل جمال

الوطن هو المكان الذي نقيم فيه، اما الاستيطان فهو اتخاذ ارضآ ما وطنآ، كأن اذهب للهند مثلا، فأصبح مواطنة هندية عليه واجبات ولدي حقوق، فالمواطنة هي تلك اﻵصرة المتينة بين الفرد والارض التي يقف عليها، ويتخدها سكن ومحﻵ للاقامة، كما جاء في لسان العرب ﻻبن منظور، وطئت اﻻرض ووطنتها، واستوطنتها أي اتخذتها وطنآ، وتوطين النفس على الشيء كالتمهيد له.

اذكر عندما كنت في الابتدائية، وفي الصف الرابع تحديدآ، كان هناك كتاب ضمن المنهج الدراسي لا نعتد به كثيرآ، لا اعلم لماذا ولا أدري أما زال يدرس هذا الكتاب ام لا؟ وهو "الوطنية"  لا اذكر منه شيء سوى عبارة عدم العبث بالمصابيح العامة لانها تعتبر هدر للمال العام، رغم ان مصباح الصف اصلا كان مكسورآ!

لم اكن اعرف مامعنى المال العام؟ حتى عرفت ان المال العام هو مال الوطن، وادركت ان المواطنة هي مجموعة واجبات، على الفرد ان يتحمل مسؤولية ادائها، كما ان هناك حقوق على الوطن ان يقدمها ﻷبنائه، فهي اشبه بكفتي ميزان، وعلاقة تبادلية بين الطرفين.

لكن مع مرور الوقت تجلت لى الرؤيا اكثر،  وصارت الصورة اكثر وضوح حد الألم، ﻻجد ان المواطنة انثى، والوطن ذكر، المواطنة هي الام الحانية المعطاء، والوطن ذلك الفحل الاناني، الذي يأخذ ولا يعطي شيء، فرأيت المواطنة تتجسد امامي، في أم تدفع ابنائها للدفاع عن ارض، لا يملكون شبرآ منها!

رأيت أم اخرى تحث اولادها على التعليم والتفوق، رغم انها تعلم ان طابور البطالة بأنتظارهم، حينها أيقنت ان المواطنة هي بذرة تزرعها حواء في ابنائها، حتى تنمو وتتسلق حد قلوبهم لتزهر هناك!

ان المواطنة هي اسلوب تربية خاص، تتبعه الامهات بترسيخ حب الوطن لدى جيل بأكمله،  اما المواطنة بالمعنى الحقيقي فهي ان تؤدي واجباتك، حتى وان لم تحصل على حقوقك، وقد لا تحصل عليها ابدآ، الا انك تؤدي ماعليك على اتم وجه، ليس لشيء سوى من ربتك هي ام عراقية اصيلة.

ان ارتباط مفهوم المواطنة بأﻻم ارتباطآ عميقا، لما تلعبه الام بأعداد النخب، التي تحمل هموم الوطن في وجدانها، فألام المتمثلة بالمواطنة الحقة، هي من تربي اولادها، على اعتبار المدرسة بيتهم الثاني، من حيث المحافظة عليها، وان يروا بقية الطلاب كأخوة لهم، سواء كان من يشاركهم كرسي الدراسة، بوذيآ او حتى يهودي،  فما يجمعنا هو الوطن والمواطنة، اما ماعداها فهي مسميات زائفة


86
المنبر الحر / مازال هناك من يشعر!
« في: 16:05 13/08/2017  »
مازال هناك من يشعر!

رسل جمال


في زمن التحزب، واﻷدلجة والتبعية الاعلامية، والتوجه نحو التسقيط السياسي، الذي يستخدم اﻷعلام كأحدى ادوأته للنيل من خصومه، بات الاعلام في العراق فاقد للمصداقية، والموضوعية، ومتهم بانه تبع السياسي فلان،او الحزب العلان.

فلم يعد الخطاب الاعلامي يتسم بالمهنية، بل اصبح عبارة عن لوحات اعلانية، للترويج عن افكار واجندات من يقف خلف الكواليس، لهذا نرى ان الشارع فهم هذه اللعبة حد الاشمئزاز.

ففقدت اغلب وسائل الاعلام، قاعدتها الجماهيرية،  وفي ظل تلك الدوامة، مابين اضواء الاعلام الكاذب، ومابين الصحف الصفراء، لا يخلو الامر من بارقة امل، وبقعة ضوء ونفوس تحمل هم الوطن، من اعلاميين ومثقفين تتعالى هممهم، لانقاذ مايمكن انقاذه من وطننا الجريح.

ليكونوا مايعرف "تجمع اعلامي المواطنة والتعايش السلمي" وهو عبارة عن برنامج اكاديمي ومنهجي، لمعالجة مرحلة مابعد داعش، بطريقة منهجية علمية مدروسة، بعيد عن اطلاق الشعارات الفارغة، مشروع يتفرع ليشمل اصلاح الاداء الحكومي في المجال الاجتماعي، والصحي، والنفسي والاقتصادي،  وحتى السيةسي وبرعاية مباشرة من الدولة العراقية، لاننا  نؤمن ان الانتصار العسكري لا يكفي لحل جميع المشاكل العالقة، في ارض عانت ما عانت من الارهاب مرة ومن التطرف مرة اخرى، ومن وجود حاضنة خائنة مرة ثالثة!

هو تجمع يضم مجموعة من الاعلاميين المستقلين، والكتاب والفنانين، ممن يمثلون السلطة الرابعة، جمعهم هم الوطن، والمضي نحو تحقيق المواطنة الحقيقية، ونبذ اي صوت نشاز يدعو للفرقة والشتات، اول مشروع ينبثق من الشارع الثقافي نحو الحكومة،وليس العكس، مشروع يملك من العقلانية والمقبولية، ما يجعل الحكومة لا تملك الا ان تبارك خطواته، وتقديم الدعم الﻻزم لتحقيقه، لانه اول مشروع وطني نابع من عمق المعاناة، مشروع لا يبغي حملة لوائه  ان ينالوا صوت انتخابي، او مكسب شخصي.

مشروع يتغنى بالوطن وللوطن، فالدين لله والوطن للجميع.

87
سأكون خادما خادما خادما!

رسل جمال


هكذا قالها ثلاث، المحافظ  النصراوي، اثناء حفل افتتاح الجسر المعلق في البصرة، وهو يعلن استقالته، وسط دهشة الجميع، وأبدى استعداده للمثول امام القضاء العراقي، للشهادة او للاستدعاء، لكن سفره المفاجئ بعد هذه الخطبة الى ايران، هو ما أثار حفيظة الجميع، وترك وابل من اللغط والتسؤلات حول صحة الاتهامات الموجهة ضده، وﻷن للحكاية مقدمات، فلا بد من الرجوع الى اصلها، اذ كثرت قبل مدة ليست بالبعيدة، شكوك واتهامات حول النصراوي، فما كان من الحكيم زعيم المجلس انذاك والحكمة حاليآ، الا ان يوعز للنصراوي ان يقدم ما يثبت عكس ذلك من اوراق ووثائق تفند الاتهامات وتعزز موقفه، للنزاهة كجهة رقابية .

فاذا كان برئ خير على خير، واذا ثبت العكس فليأخذ القانون مجراه،  يبدو ان هذا الكلام لم يعجب الجميع، خصوصا ونحن في بلد يتعالى صوت السياسة على صوت القانون، ولنا تجارب مؤلمة وتدمي القلب، لرؤوس سياسية كبيرة، امعنت بسلب ونهب المال العام والهروب الى خارج البلاد بحماية من احزابها المتنفذة.

كما اننا لا ندعي معرفة الغيب، ولكن نقرأ مابين السطور، ويبدو ان مشاكل البصرة بمحافظها، هي احدى الاسباب التي قادت الحكيم لتأسيس كيان جديد، لا يشوب ماضي اعضاءه اي شائبة، ويتمتعون برضى جماهيري واسع، كبداية لبناء اساس قوي لتيار وطني جديد، يكسب ثقة الشارع، من نظافة سيرة المنضوين تحت عباءته

في حين صرح النصراوي، ان سبب خروجه من البلاد بهذا الشكل المفاجئ هو تهديدات، تعرض لها فور اعلانه الاستقالة،  ويمكن القول ان النصراوي سيء الحظ، فلو توجهت له التهم، في وقت الحكومات السابقة، التي اشتهرت بوجود كائنات فضائية ضمن صفوفها، لاغلقت القضية، والصقت التهم ضد مجهول كالعادة، لكن اللعبة السياسية، لا تخلو من مصابين يخرجون قبل انتهاء الوقت المقرر للعبة، فمع اقتراب اطلاق صافرة الحكم، الا وهي الانتخابات القادمة، وبلوغ التسقيط السياسي ذروته، فالايام القادمة ربما ستشهد، مشهد أخر شبيه بمشهد النصراوي !

88
التربية ونسبة 27% المخجلة!

رسل جمال

اعلنت وزارة التربية العراقية، ان نسبة النجاح لهذا العام والتي بلغت 27%، انها نسبة طبيعية وتتماشى مع نسب النجاح للسنوات الماضية، اي انها تعترف ضمنيآ،  بفشلها كوزارة تربوية، ان نسبة دون النجاح هي من المسلمات لديها، ولا تكلف نفسها عناء تقديم الاعتذار لسوء الاداء، او حتى تبدي امتعاض لتردي المستوى التعليمي في البلد!

ان العملية التعليمية والتربوية، هي سلسلة عمليات مترابطة ويؤثر عمل بعضها على البعض الاخر، ولان وزارة التربية هي جزء من وزارات الدولة، والتي تعاني بمجملها تلكؤ وتدني بمستوى الانتاج والطموح، هنا تأتي نسبة النجاح ال27% متوقعة جدا .

ان بوادر تدهور نسب النجاح لهذا الرقم المخزي والمخجل، هو بالحقيقة نتيجة لخطوات، تجتهد الوزارة بأتباعها مع بداية كل عام دراسي، فالوزراة حريصة على عمليات الترميم والادامة للمدارس، مع بداية العام الدراسي، هذا بدوره سيحمل  المدارس الاخرى، عبئ أضافي، وكذلك تقليص المدة الزمنية المخصصة للدرس، لان المدرسة يجب عليها ان تستوعب دوامين للطلاب، الاول صباحي والثاني مسائي.

اضافة الى ان الوزارة الموقرة، تعمد بين فترة واخرى على تغيير بعض المناهج الدراسية، لبعض المراحل غير مكترثه، لتدريب كوادرها التدريسية لهذه المناهج الجديدة من جهة، اضافة الى تأخر وصول هي النسخ بعد ان يبدأ العام الدراسي فترة طويلة، مما يشكل حالة من الارباك لدى الطالب، ومن المفارقات التي تدمي القلب، ان تأتي ورقة الامتحان وهي تحتوي على اخطأء انها اسئلة ايها السادة وليست الاجابة!

لا ننسى ان طرق التعليم والتدريس المتبعة، في مدارسنا  قد اكل عليها الدهر وشرب، اذ  لم نغادر طريقة البغبغاء لهذه اللحظة من التلقين ، لهذا نرى طلابنا يحفظون ولا يفهمون،  في حين نجد ان هذه الطرق البالية التقليدية قد انقرضت على مستوى التعليم، في دول المنطقة على اقل التقدير.

ان الشعب العراقي من اذكى الشعوب عالميا، حسب اخر الدراسات التي اجريت استبيانا لقياس مستوى ذكاء شعوب العالم، وجامعات العالم تكاد لا تخلو من الكفاءات والنخب العراقية، ولكن هكذا نسبة متدنية من النجاح، تعد ارهاب فكري بحقه، وناقوس خطر يدق لخطورة الواقع التعليمي بالعراق، والذي يهرول بنا مسرعا نحو الهاوية،  لهذا يحتاج لوقفة جادة وحقيقية، لبيان اسبابه وطرق معالجته، لكن في ظل هذا الاحباط، نجد هناك من استبسل في سبيل النجاح، وحصد الدرجات العالية، التي تفرح القلب  فبرزت ثلة من  طلبة المتفوقين، نسأل الله لهم كل التوفيق والنجاح.


89
المنبر الحر / عقدة الخواجة
« في: 02:10 05/08/2017  »
عقدة الخواجة

رسل جمال

استوقفتني اعلانات تلفزيونية، لاحدى القنوات المصرية، وبالحقيقة كل ما يعرضون من اعلانات تروق لي كمشاهد، لما يمتلكون حس فني راقي، وذوق تسويقي جميل، به يروجون ما لديهم من سلع وبضائع، وحتى اثار واماكن سياحية،  وجاء في الاعلان ما مضمونه، ان المواطن المصري يعاني من " عقدة الخواجة".

اي انه يفضل السلع المستوردة، على السلع والمنتوج المحلي، ويفصل الاعلان بشرح، جودة ومتانه المنتوجات الوطنية، وانخفاض اسعارها قياسا بتلك المستوردة، التي تصيب المواطن البسيط بعدوى اقتنائها، لمجرد انها مستوردة، فقط للمباهاة و" الفشخرة" كما تقال بالمصري!

لا يخفى ان للأمر غايات ونتائج اقتصادية، تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر، على نمو البلاد اقتصاديا وصناعيا، وحين نرى بلد كمصر، يكاد يكون لايستورد شيئا، لانه شبه مكتفي ذاتيا، بما يمتلك من صناعات ثقيلة كالحديد والصلب، وصناعات نسيجية تجعل منها تتصدر، بقية الدول بتصدير القطن المصري المعروف بجودته عالميا، اضافة الى صناعات اخرى كثيرة تشمل الصناعات الفلكلورية، التي تهتم بالموروثات ، ولا ننسى الجانب السياحي، الذي جعل من مصر خيار مفضل للسياح الاجانب، وللاعلام دور كبير في ذلك، لالقاء الضوء على المرافق الحيوية، رغم ما تعانيه من مشاكل.

وبعد ذكر كل تلك القنوات، وللمصادر المتنوعة، التي ترفد وتغني الثروة الوطنية المصرية، ونسأل الله ان يديمها لهم، هناك من يقول ان المصري يعاني من "ازمة الخواجة" !

اذن من ماذا يعاني المواطن العراقي؟ اذا كان اخيه المصري مصاب بعقدة الخواجة؟ فالمواطن العراقي مليئ بالعقد على مايبدو، اذ اصبح هو "الخواجة"بذاته
فهو يلبس ويأكل ويشرب صناعات شتى ماعدا "صنع في العراق" ونحن في بلاد مابين النهرين، نشرب مياه مستوردة، ومعباءة، من جيراننا الذين لايملكون انهار حتى، او ان الله امات انهارهم!

مفارقة مؤلمة جدا، عندما نمتلك تلك المساحات الشاسعة من الاراضي، وقد حبانا الله نهرين، ولا نقوى على توفير وجبة غذاء واحدة تكون عراقية خالصة!

مؤلم حقا عندما نمتلك مصانع ومعامل، معطلة وهناك جيوش من العاطلين عن العمل، ونستورد عمالة اجنبية، لنزيد الطين بلة، مضى بنا سوء التخطيط والادارة، ان جيل قادم سيأتي وهو مديون لصندوق النقد الدولي !


90
تيار الحكمة لاعب اساسي ام ماذا؟

رسل جمال

ان نجاح النظريات متوقف على تطبيقها على ارض الواقع، ولو بعد حين، اذا ان الانتقال من المقدمات الى النتائج، لابد ان يمر بالبراهين التي سبقتها اولا، لهذا يرى المراقب ان خروج عمار الحكيم، من كيان وحزب له ثقله على الساحة السياسية من جهة، اضافة الى انه بالاساس هو نتاج آل الحكيم السياسي،  من جهة اخرى يعد مغامرة غير محسوبة النتائج، وتفريط بأرث العائلة السياسي، وخطوة جريئة في وقت غير مناسب على الاطلاق.

لكن في الحقيقة، ان هذا التغيير لم يكن مفاجأة للمتتبع لنشاط هذا الرجل، لانه قد اعد العدة منذ زمن، لمثل هكذا تحول، فالذي يترك منزله لابد ان لديه البديل، وقد يكون البديل اجمل وافضل، وألا ما الجدوى من التغيير من الاساس؟!

ضع شباب وشيوخ في مكان واحد، ولن يطول انتظارك الا سويعات، حتى تسمع اصوات الفريقين قد تعالت، الشيوخ يركنوا الى الهدوء والسكينة، اما الشباب فالنشاط والحركة هو ديدنهم، انها جبلة الانسان، فكيف اذا كان هناك حزب سياسي يضم جيليين مختلفين بالرؤى والافكار، لابد ان تتقاطع المنهجيات وتختلف طرق التعاطي مع المستجدات، مما يخلق حالة من التكبيل الجماعي، ويعد الانجاز ضرب من الخيال!

لابن خلدون"عالم اجتماع" نظرية، تكاد تشابه هذا المشهد السياسي في جانب، وتختلف عنه من جانب أخر، فهو يقسم في " مقدمته" المجتمع في خط سيره، الى ستة اجيال، يسمى الجيل الاول" الباني" وهو الجيل الذي اخذ على عاتقه بناء الدولة، من بنى تحتية وغيرها، وهو من تكبد العناء في سبيل ارساء قواعد الدولة، ثم يسترسل في بيان تلك الاجيال، حتى يصل الى الجيل السادس، ويسميه " الهادم" وهو الجيل الذي ولد وفي فمه ملعقة ذهب، ولد ولم يعرف حر الشمس اللاهب، بل ولد والحضارة في اوج عظمتها، يقول ابن خلدون هذا الجيل يهدم ما بناه اﻷباء.

لكن الامر مختلف قليلا، فعمار الحكيم لم يهدم المعبد على رؤوس كهنته، بل على العكس  هو من خرج من صرح آبائه بمحض ارادته، بعد ان وجد ان الجو العام، لم يعد يخدم تطلعاته وافكاره، التي لطالما كانت تدعو الى التغيير والتجديد.

راح يبني له صرح جديد، لكنه اعد له أساس من قبل كما اسلفنا، مراهن بذلك على جيل جديد من الشباب السياسي، اكثر تفاعلا مع نبض الشارع، واكثر استجابه لمتغيراته، فانسحاب الحكيم لم يكن مفاجاة، بل كان امر متوقع، خصوصا مع وجود كوادر شبابية اجتمعت كلها، تحت عباءته وخارج قبه المجلس، كانهم الخطة B  على مايبدو.

خصوصا مع موجه السخط العارم، من الاحزاب السياسية الاسلامية بصورة عامة، بسبب اخفاقاتها وفشلها في ادارة الدولة، والتوجه الشبابي نحو اللادين، كرد فعل بدأ يثير الخوف فعلا في المجتمع العراقي.

وقد يسأل سائل، ما الفرق بين تيار الحكمة والمجلس الاعلى؟ سوى ان اللاعب الازرق دخل الملعب في نهاية الشوط الاخير، من عمر المباراة السياسية، يبدو ان صافرة صندوق الانتخابات، هي الفيصل لتعلن نجاح هذا وخسارة ذاك.


91
الا تكفي حلبجة واحدة؟

رسل جمال

يقال الكي اخر طريق نسلكه للعلاج، رغم انه يعد اقسى علاج، لكن للضرورات احكام، اذ بعد صراع طويل مع ألم الجرح، وتناول مختلف الادوية دون جدوى، يقف الكي كحل نهائي لانهاء المعاناة، لكن هل سيندمل الجرح؟ هل سيشفى الاثر؟ ام انه سيبقى له ندوب ظاهرة.

هكذا هو حال كردستان العراق على مايبدو، التي ارتأت ان تكوي جراح معاناتها المستمرة المزعومة من حكومة المركز، "بقرار الانفصال" وتعمل على اجراء استفتاء بهذا الشأن.

مع ارهاصات سنين خلت، من خلافات مفتعلة مرة، وتسويق ازمات مرة اخرى ومع غياب النية الصادقة، بالمحافظة على وحدة البلد، وطغيان العنجهية الفارغة الرعناء، كرد فعل لتطبيق اجندات خارجية كما هو واضح للجميع، اذ عرفنا ان قرار الانفصال قوبل برفض اقليمي واسع، ولم تبارك اي دولة جارة مثل هكذا  "قرار تمزيقي" سوى اسرائيل، تلك الدويلة المعتاشة على الفرقة التقسيم، التي تستجدي حفنات الرمال، وذرات الغبار، لتخلق لها دولة مزعومة من العدم!

لكن اي منصف، وذو نفس وطني، وعقلاني، سيرى ان حكومة اقليم كردستان، يجب عليها، ان تسجد سجدة شكر طويلة، لانها اقل المتضررين واكثر المنتفعين منذ عقود من الزمن، وذلك لان الاقليم شبه مستقل منذ تسعينات القرن الماضي، مما جعله يعيش ببحبوحة واستقرار داخلي، وازدهار اقتصادي، ﻻبأس به منذ ذاك الحين.

في حين نجد ان مناطق الوسط والجنوب، تعيش حالة تدهور مستمرة، ولم يطرأ على وجه تلك المدن رونق الحضارة الباذخة منذ سنين، بل على العكس، فاغلب شوارع العاصمة، والمحافظات الجنوبية، تعاني من الاهمال المتراكم!

لكننا لم نسمع من تلك المناطق صرخات الانفصال، رغم ما تعانيه، ورغم هذا وذاك، فأخواننا الكرد يقاسموننا،  مقاعد الحكومة التشريعية" مجلس النواب" وكذلك للحكومة التنفيذية لهم نصيب، لا نستكثر عليهم تلك المراكز بل العكس لانه امر طبيعي، في بلد  كالعراق الذي يستمد عنفوانه من تلون اطيافه، ولكن الغريب ان تطالب احدى الوان الطيف الشمسي الانفصال!

الذاكرة الكردية مازالت تحمل ندب الامس، "حلبجة" ولكن التأريخ لايسعه ان يسطر حلبجة جديدية، والعاقل تكفيه الاشارة!



92
تأريخنا يخطه الرجال

رسل جمال

التأريخ بودقة الامم، التي تنصهر بها انجازاتها، لتمتزج تلك الجهود، وتخط بها حروف الحضارة، لكن للتأريخ روايتان الاولى هي ماوصلت لنا، وما خطته ايدي الوراقين، بأمر السلطان وتحت سوط الجلاد!

ان هذه الرواية لطالما كانت ظالمة، لبعض الشخوص التي اختفت بين طيات الزمن، عكس البعض التي تلمعت اسماءهم بالالقاب المزيفة، ونسبت لهم الفتوحات العظيمة، رغم انهم كانوا يستظلون بخيم الدعه، ولم يلفح وجوههم حر وتراب الميدان ابدآ، وهناك جماجم اندثرت وسحقت ولم يذكرها التأريخ بحرف واحد، هم المغمورون، صناع النصر وجند الله بالارض .

اما ارض الواقع فله رواية  ثانية، هكذا هي سطور التاريخ ، ناقصة المعالم دوما، والراوي لا يسرد لنا النصف الاخر من المشهد، فنرى مسرح الاحداث، ولا نعلم ماذا جرى خلف الكواليس.

ان تأريخ العراق سجل ازلي المجد، سرمدي الفخر، ابدي العطاء، تطرزت على صفحاته اسماء، خطت بماء الفخر، لانهم أناس دحروا الطائفية، وسحقوا الفتنة والفرقة، وعبدوا الطريق لاجيال قادمة، نطالب وندعوا ان تكتب تلك الاسماء، ضمن سلسلة احداث التأريخ المعاصر للعراق، كشخصيات شكلت نقاط مضيئة، وسط ركام الفوضى والظلمة.

من منا لا يذكر فتى الاعظمية"عثمان" الذي اسقط اكذوبة الطائفية، اما ذاك النورس الذي راح يتبختر بطريق المجد، فله طود عظيم من العز انه المقاتل الشاعر "علي رشم"،  ولا ننسى الاسد الذي ارعب الموت وهو يرمقه بنظرته الاخيرة، انه ابو بكر الدراجي.

في حين ظهرت لنا في الموصل حدباء جديدة، شامخة وسط هضاب الاخفاقات والخيبات، انه ذلك الساعدي عبد الوهاب، الذي قاد المعركة بقلب اب حاني على اولاده، فأحبه الصغار والكبار، و ادار المعركة باحترافية عالية، شهدت له الاعداء قبل الاصدقاء.

هناك الكثير من تلك القامات المشرفة التي ظهرت، من رحم ارض ملتهبة الاحداث، كانت لهم مواقف مؤثرة ووقفات غيرت مجرى الامور، وشكلت دروس وعبر للاجيال القادمة، قائلة ان البقاء للعراق واهلة الاصلاء، رغم انف الارهاب.


93
واستوى ظهر الحدباء من جديد!
رسل جمال

احيانا تمر ايام ﻻ يمكن ان تكون رقمآ عابرآ في سجل التأريخ, ايام تحمل علامات فارقة، واشارات تبقى عالقة على جدار الذاكرة، لانها تشكل مفترق طرق، وتفصل ماقبل عن ما بعد.
ان يوم انطلاق الفتوى الجهادية للسيد السيستاني، شكل ولادة جديدة لتأريخ معاصر، سيفخر ﻻحقأ من واكب، وسمع بأذنه تلك الفتوى المباركة، التي انبثقت من العدم، لتخلق وجودا واقعيا جديدآ.
صدق الجواهري حين كان يلفظ العراق، بضم العين، اذ كان يقول لا استطيع كسر عين العراق، بالفعل فعين العراق لم ولن تكسر ابدآ، مادام هناك ابطال يدافعون عنه، وابطال يدعون للملمة الشتات، وتسوية شاملة تضم الجميع، وتضع النقاط على الحروف.
هكذا هي اصوات العقل والحكمة، دائما تكون اقوى من بقية الاصوات النشاز، وابلغ من صوت قرع الطبول المأجورة، التي اجتهدت بصب زيت الطائفية، على نار الفتنة، اصوات باتت تزعج بطنينها، القاصي والداني، لانها مكشوفة النوايا، ومفضوحة الخبايا.
شتان بين من يدعو الى الصلح، ومن يدعو الى النزاع، شتان بين من يسقي الوطن بدمائه، وبين من يبيع دماء ابناء الوطن بابخس الاثمان. وقد يسأل سائل ماذا بعد الحدباء؟ فبعد التحرير هنالك طريق طويل، لابد ان يعبد من جديد، بجهود ابناء ام الربيعين اولا، وبجهود العراقيين كافة.
انها حرب اخرى، لا تقل شراسة ولا ضراوة، عن سابقتها، لانها حرب تستهدف، الفكر المتطرف، والحاضنة الخائنة، حرب من اجل رص الصفوف من جديد، وملئ الفراغ بالحس الوطني، حتى لا تتسرب الجرذان مرة اخرى، ومن اجل ان تفوت الفرصة على من يريد ان يزمجر مرة اخرى، من فوق منصة الطائفية.
الحدباء لن تنتهي ولن تموت، بتأريخها العظيم، بل ستبقى شامخة تحكي قصص وحكايا، اطفال كانوا يلعبون في ازقتها، وسحابة سوداء خيمت على سمائها، حينا من الدهر، حتى جاءت الاسود مهرولة، لتحريرها من ظلمتها.
ستبنى حدباء جديدة، بظهر مستوي، وبروح الوطنية والنفس الوحدوي الاصيل.


94
عيد ومنارة وخط شروع

رسل جمال


لن ينالوا هذه المرة من فرحة العيد، فبعد 3 سنوات من سقوط الحدباء، يأتي العيد هذه المرة بطعم مختلف، لانه جاءنا وهو محمل بفرحتين، فرحة الصيام، وفرحة النصر، وياله من نصر مؤزر!

ارادوا ان ينغصوا علينا فرحة النصر، بتفجير منارة الحدباء، لكن هيهات لهم ذلك، ﻻنهم لم يعلموا انهم فجروا منبرهم الظلامي، ودولتهم الوهمية، مع تفجير تلك المنارة المائلة كعقولهم.

انه اعلان رسمي لافلاسهم، وسقوطهم، وهزيمتهم، امام قواتنا البطلة، التي جاءت لتحرر الارض من دنس اقدامهم.

تفجير الحدباء، ليس النهاية بل هو البداية، لولادة حدباء اخرى ، مكللة بثوب اللحمة الوطنية، بعيد عن ادران الطائفية القذرة، فاعتقدوا بفكرهم المتخلف، الذي يتوجس خيفة من الحضارة، انهم قضوا على تاريخ الحدباء، لكن كيف يخفوأ التأريخ؟ كيف يفجرون سجل الزمن؟ نسوا ان وجود الحضارة مرتبط بوجود الانسان قبل كل شيئ.

ان تحرير الموصل انما هي فرصة ذهبية، منحت للجميع، ثمنها باهظ لايمكن ان لا تستثمر  الا بحنكة وحكمة، فرصة لرص الصفوف من جديد، وتصحيح المسار لبعضهم!

الذين اصطفوا خلف منصات الفتنة، عليهم ان يعتبروا، من درس الموصل، فلن يحميك الافغاني يوما من ابن بلدك ابدآ، بل هو مرتزق، تحرك جدائلة العفنه بضع دولارات ليس الا!

فقتال داعشي في ارض المعركة، اهون بكثير من قتال فكرة داعشية عالقة بالذهن، ان الذي اوصل الامور لما وصلت اليه، انما هو الفكر المتطرف، والحاظنة المنغمسة بذل الخيانة، فالقضاء على الفكر الارهابي اهم واولى، من القضاء على جرذان ستعود قريبا الى جحورها.

علينا بأعادة اعمار الانسان، قبل اعادة بناء منارة او مسجد ما، فالانسان اعلى قيمة، لانه اصل الحضارة، وبأنجازاته يخط التأريخ، وليكون عيد تحرير الموصل، ميلاد جديد لحدباء جديدة، تبنى بسواعد ابنائها.


95
المنبر الحر / ريح صرصر عاتية
« في: 20:35 22/06/2017  »
ريح صرصر عاتية
رسل جمال

للانفتاح ثمن باهظ، ربما يجعل البعض منا يترحم، على ايام الظلام والتعتيم، الذي كان مخيمآ على سمائنا، وبالاخص لو كان انفتاحآ، اهوج وعشوائي، قد يكون ربح من جهة اﻷ انه خسارة كبرى من جهة اخرى.

اذ يصبح اشبه بمسرح بأدارة الشيطان، يتبارى به  بعض بني البشر، لاستعراض قدراتهم الدنيئة، أيهم اسرع في نشر فضيحة اخيه، وهتك عرضه.

هذا ما نشهده اليوم، من انتشار مخيف لتلك الظواهر على مواقع التواصل الاجتماعي، اذ تطفو على السطح، بين فترة واخرى "حادثة" سرعان ما تنتشر في صفحات الفيس بوك، كالنار بالهشيم.

اذ اصبحت سنه المتفاعلين، على هذه المواقع، ايجاد فضيحة اخلاقية، والامعان بنشرها على اوسع نطاق، وبأسرع وقت ممكن.

ان تقوم بنشر او المساهمة بنشر تلك الامور، ولا تعمل على اخماد تلك النار، اعلم انك القادم، فالحياة قصاص ولسنا بملائكة ، يكفينا قوله تعالى" بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القي معاذيره" .

بغض النظر عما نشر، ولست بصدد الدفاع عن اصحابها، بقدر الوقوف على ظاهرة، "المسابقة والمشاركة بنشر الفضيحة"، فاذا اصبح عدد الاعجابات" اللايك" والتعليقات هو سقف طموح، البعض فهذة كارثة كبرى، وان يضرب بعرض الحائط كل الاعتبارات الاخلاقية، والانسانية، اضف الى ذلك روحانية ما نعيشه من ايام مباركة، فقط من اجل نشر فضيحة ما.

انه انحدار حاد ومأساوي، بمنظومة اخلاقية، للمجتمع "فالمجتمع المنشغل بالتنقيب عن عيوب بعضه البعض، هو مجتمع متأكل من الداخل، يسهل تقسمه الى دويلات، ولا نبالغ ان قلنا قد يصبح بغضون سنوات بخبر كان" اذ ارتباط الامم الانساني ليس بما تبنيه من حضارة صماء، بل البناء يرتفع بالاخلاق! انما الاخلاق مابقيت، فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا.

ان الملفت ان البعض يتبارى ويتسابق بنشر الفضائح، ويتعامى عن النماذج المشرقة، بل ويجتهد بأخفاءها، هنا السؤال لماذا نفتخر بل ونجهد انفسنا بنشر السيئات، ونتجاوز عن الحسنات.

فهناك شباب منتج، ونخبوي، ومثال مشرف يحتذى به، لا ارى اهتمام يذكر بهم او بتسليط الضوء  على ما ينجزونه من اعمال، واختراعات، اذ اصبحت تلك الامور لا تثير الذائقة العامة مع الاسف!

اخشى القول، اذا لم تتخذ الحكومة اجراءات حقيقة، لمثل هكذا جرائم الكترونية، تعيث بالارض وبالعقل خراب، ففي غضون بضع سنون، نجد انفسنا على اعتاب جيل، لا يملك اي وازع او رادع ديني، او اخلاقي، يمنعه من نشر الرذيلة، والتفاخر بها.

جيل يلعب الهاتف الذكي، بمقدراته، واعرافه، وتقاليده!


96
المنبر الحر / علي، وقفة مواجهة
« في: 19:02 18/06/2017  »
علي، وقفة مواجهة

رسل جمال

عندما تقف أمام البحر معتقدآ انه لك وحدك، فانت مدعاة للسخرية، لأن الماء ملكية عامة، كذلك الامام علي "عليه السلام"  انه ملك للبشرية فهو بحر علم لا ينضب ابدآ، كيف للقلم ان يحيط بالبحر؟ وﻷن المهمة شاقة فلا بأس ان نبدأ من النهاية.

عندما هوى ذلك السيف المشؤوم على تلك الهامة الشريفة، بكل ما أوتي من غل وحقد ففلقها، جعلنا نتأمل ونبحث، في ذلك الجو العام، كيف كان ولماذا انتهت الامور الى ما انتهت اليه بهذا الشكل الدامي!

فاذا كان علي ابن عم الرسول وخليفته، وشفيع امته،وزوج ابنته، و غيرها الكثير من المناقب، فلماذ يتآمر عليه بعضهم ويقدمون على قتله في محراب صلاته.

يقول الشهرستاني في ذات الموضوع ان كل شبهة وقعت لبني ادم منذ بدء الخليقة، حتى يومنا هذا، نشأت كلها من هذه الكلمة "الرعناء" لماذا او هي ترجع الى حد تعبيره، الى انكار اﻷمر بعد الاعتراف بالحق، والى الجنوح الى الهوى في مقابله النص.

اذ مع كم الايات القرآنية، التي نزلت  بحق الامام علي عليه السلام، بالنص مرة وبالتأويل مرة اخرى، إلا ان  الرسول الاكرم عليه الصلاة والسلام لم يغفل  يومآ، في بيان مكانة الامام امام الناس، ولو اخذ الناس بقول الرسول الاعظم، ما قاله في علي يوم الغدير وحده لكفاهم مجادلة.

لكن أبت نار الحقد والحسد الا ان تحرق ارث الامة، واستولت تلك الانانية الحمقاء على العقول الفارغة، حتى انتهى اﻷمر بالامة الاسلامية هذا المطاف، ولان الحضارة الانسانية انما هي تراكمات لانجازات بشرية، وانجازات امه الاسلام انها تطفئ قناديلها بقوة السلاح، فاصبحنا امة مستعمرة و محط اطماع اﻷمم، بعدما كانت امة الاسلامية غازية وفاتحة!

يقول سبحانه وتعالى في كتابه"ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى" فعندما أشار الرسول، لابن عمه بوصفه دليل الامة من الحيرة، انما هي سنن ربانية، لايمكن  للمتكلمين والمتفلسفين ان يثبتوا عكس ذلك ابدا.

فالاوامر الربانية التي جاء بها الانبياء والاولياء، من العبث النظر فيها، لانها مسلمات ربانية، تغني البشرية من التخبط في بحر الظلمات، لكن من تعاسة حظ الامة وسوء طالعها، ان تولي اذنابها وتعرض عن رؤوس الحكمة، وتستولي العصبية الجاهلية عليها من جديد، فتنكر الحق وأهله، وتكثر الجدال بما لم تحط به خبرا.

انها مفارقة عميقة عبثت بماضي اﻷمة ومازالت تعبث بنا بشكل مقلق، فكانت السبب في تقهقر مكانة العرب .

ان الامام علي منظومة اخلاقية محملة بعلوم ربانية، اثقلت كاهل الدنيا فلم تطق حملها ولم تدرك كنه العقول، لذلك جلس الامام في محرابه يواجه نهايته المحتمومة، بركوع تام ولا يبالي!

بقى ساكنآ في ذلك المحراب، وهو على يقين تام بفوزه، كيف لا وهو وليد الكعبة ومن غيره وليدها؟ سجد لربه وهو مطمئن القلب، يضرب بذلك اروع مثال للمواجهة.



97
المنبر الحر / غرابيب_سود
« في: 22:34 14/06/2017  »

#غرابيب_سود

رسل جمال

غرابيب بشرية حلقت  في سماء المنطقة، فكانت كسحابة شؤوم حلت بها، ففرقت شمل الاخوة ، الذين كانوا  ينتظرون  تلك القشة التي قصمت ظهورهم!

كانت سابقا تعرف بدول التعاون الخليجي، فأصبحت اليوم دول التنافر إذ عم الخلاف بلاد العرب، وكانت  زيارة العجوز الاشهب هو وزبانيته المتشحة بالسواد، قد أتت أكلها، بل وزادت حمل بعير.

اصبح الامر واضحا، ان "ترامب"  لم يأت اﻷ وفي جعبته سيناريو جديد للمنطقة، خصوصا وان مسلسل داعش شارف على النهاية،  ومع تعاقب الوجوه الحاكمة ﻷمريكا، الا ان السياسة واحدة والنهج ثابت، واعمى او يتعامى  من يرى غير ذلك.

تقوم الدول العظمى، بشكل كبير على مآسى شعوب ودول اخرى، وذلك من خلال البحث الدائم عن اسواق نشطة لتصريف بضاعاتها الكاسدة، وافتعال ازمات، والتوسط لحلها، او خلق حروب استباقية، لايجاد مبرر لتصريف مالديها من اسلحة وجراثيم، ملأت العالم بها.

اما حليفتها الاخرى " السعودية" فهي تعمل كمن يقول "افضل طريقة للدفاع هي الهجوم" وخير من تتقوى بها على شقيقاتها بأﻻمس، هي شريكتها بالارهاب"الولايات المتحدة الامريكية"  ،لهذا راحت تبعد عنها تهمة  تمويل الارهاب، ونشر الفكر المتطرف، بتسليط الضوء على متهم جديد، مثل "قطر" والخروج من الازمة مثل الشعرة من العجين، بل والظهور بجلباب القاضي الذي يحكم على قطر بالحصار والمقاطعة.

ترى اين كانت السعودية الاخت الكبرى من المشاغبة "قطر" وعلى مر عقد من الزمن وهي تصول وتجول بتلك الجماعات الارهابية، على ما يبدو للعم ترامب سر باتع!

ولعل الشهر الفضيل افضل فرصة، لتؤكد السعودية للعالم انها بريئة من كل التهم التي تنسب إليها، مثل مساندة الارهاب ،وكل ما يشاع عنها انما هو كذب وبهتان، فراحت تعرض مسلسل"غرابيب سود" وعلى مدار الشهر الفضيل، وعلى شاشتها الاكثر مشاهدة، في محاولة لتثبت حسن النوايا، وانها هي من تكشف خفايا الجماعات الارهابية وفضائحه، وما يسمى بدولة الخرافة.

لكن فات المخرج، الذي يبدأ العمل بقول مأثور مقتضب، يشرح احوال تلك الاقوام، ويجعلنا نسأل الذي انتج واخرج مسلسل بهذه الضخامة والتكلفة، لماذا لم يكلف نفسه عناء البحث عن صاحب تلك الكلمات؟ لماذا التعتيم على من يقول الحق؟ فاصبح المسلسل كأنه كلمة حق اريد بها باطل.

لقد اجمعت امهات الكتب و السيرة، بان مقولة الرايات السود هي احدى شذرات الامام علي بن ابي طالب "عليه السلام"  انه الارهاب بعينه.

خاصة ونحن نحيي ذكرى استشهاده، وهو ساجد لله في محرابه، ولان اﻷمس شبيه باليوم، فعندما انتشر خبر تلك الضربة الملعونة بين الناس، استغرب البعض، وقالوا:  هل كان علي  يصلي؟!

اذ ان الماكنة الاعلامية المضللة كانت تعمل ليل نهار انذاك،  هكذا يكون الاعلام المزيف.

إكذب ثم إكذب حتى يصدق الناس كذبك

98
انا اثير ضجة اذن انا موجود

رسل جمال

هكذا تسير الامور احيانا، لنا جارة في الحي خبيثة جدا، ولها اولاد ملاعين يملأون الزقاق ضجة وزعيقا، وعندما يشكو الناس ضجيجهم، تتجاهل الام تلك الشكاوى دائما، وكأن في اذنها وقرآ، كأنها تستمتع بأيذاء الغير، في قلبها مرض فزادها الله مرضا.

اﻻ ان السحر انقلب على الساحر، عندما تمادى الصغار في غيهم، وصاروا يزعجون حتى امهم، عندها احمرت عيناها غضبآ، واعلنت عليهم اللعنة، بل والحصار واﻷقامة الجبرية في البيت، سبحان الله، كانها تسمع ضوضاء ابنائها لاول مرة.

المشهد نفسه تكرر  بشاشة اكبر، انها شاشة العالم وما يدور فيه من احداث هذه الايام، فالجارة السعودية لم تتنبه ان لها ابنة مشاكسة الا هذه الايام ،اسمها "قطر"،  تثير ضجة في المنطقة بصوتها النشاز "الجزيرة"  تلك القناة التي تفننت بتسويق جراحنا والرقص عليها، وفبركة ما يحلو لها من أحداث تتوافق مع تطلعاتهاالخبيثة..

اذ تتفاخر بإنفرادها بنشر تصريحات زعماء الارهاب والتطرف، بدءآ بسئ الذكر أبن لادن مرورآ بالزرقاوي، وانتهاءا بالبغدادي، إذاشتهرت تلك القناة باثارة الفتن والطائفية، والمتاجرة بدماء الابرياء وقلب الحقائق وتزييف الوقائع، وأقامة حلبات للمصارعة الحرة وعلى الهواء مباشرة، في اغلب برامجها السياسية، وحصدت على ذلك اعلى الجوائز  بوصفها صوت الارهاب وواجهته الاعلامية.

مثل هذا الصوت الإعلامي، يعبر بلا شك عن رأي القائمين عليه وسياستهم التي تعاني من عقدة النقص المتأصلة والمتجذرة في أعماقهم، اذ تميزت قطر دوما بمساندتها للطرف الاكثر جذبآ للانظار، وهذا واضح في مواقفها من احداث ومنظمات اجمع العالم على كونها منظمات ارهابية.

والمتابع لقطر يعرف عن ماذا نتحدث، فهي اشبه بممثل الكمبارس، الذي يوقت دخوله على السجادة الحمراء مع دخول النجم الصاعد، لعله ينال قسطا من الاضواء، فجيران قطر لا يحلو لهم الا مناداتها ب "الدولة التي لا مكان لها بالخارطة" بل والبعض يجزم ان قطر هي البلد الوحيد، الذي يستطيع سكانه التقاط صورة جماعية!

ترى هل يمكن لدولة بحجم قطر المجهري، ان تكون سببآ في اثارة زوبعة من الاحداث وتبعات اقتصادية تهدد امن المنطقة الخليجية والعالم؟ ام ان  خلف الكواليس تختلف صور الحقائق!

كما هو معروف انه لايوجد في السياسة اعداء دائمون ولا اصدقاء الى الابد، بل هناك "مصالح مشتركة" هي من تحفر الخنادق، ليصطف هذا مع ذاك او العكس، خصوصآ وان ايران ظهرت على مسرح اﻷحداث، كلاعب اساسي وليس احتياط، وما زاد من زخم الاحداث وتطورها، احتماء قطر بها بعد ان نبذتها "  امها الاعرابية".

لكن بعد ان شهدت طهران حوادث تفجير، تعد سابقة في اختراق النظام الامني في الجمهورية الاسلامية، تلوح في الأفق تساؤلات،  ترى ما نهاية شريط الاحداث هذه؟، هل الاحداث ستتصاعد ام ان الامور ستسوى سياسيآ ولن تنجر المنطقة لحروب قادمة؟

ولعل قطر  ستكون اكثر هدوءا في المرة القادمة!

99
لن نعود الى الوراء مجددآ

رسل جمال

قالوا قديما "كل تاخيرة وفيها خيرة"، لكن ما الخير المرجو من تأجيل الانتخابات، وقد يتساءل البعض ما الخير والفائدة التي جنيناها من الانتخابات السابقة؟ حتى نهتم بالانتخابات القادمة، وما الذي سيتغير لو أجريت الانتخابات او تأجلت او حتى الغيت؟

نعم الواقع مرير، نعم ان ما نعانيه سيئ، نعم ان مايحيط بنا، ليس هو ما حلمنا به بعد زوال الطاغية، لكن ما الحل؟ فلا يوجد زر سحري نضغط عليه ليعود الزمن الى الوراء، ولا توجد مركبة فضائية تسعنا جميعا، لنخترق بها حاجز الزمن ونتجاوز بها ما يحيط بنا من مآسي.

نحن ابناء الواقع، اما ان نصرعه او يصرعنا، وتبقى اثارنا باقية، كدماء تستحي الارض ان تشربها، لذا ما علينا هو، ان نتقبل الواقع ونعمل على اصلاحه .

فقد مللنا شعارات رنانة تدعو الى تأجيل الانتخابات، ومن اسباب تعالي تلك الاصوات النشاز، اولا  ان اجراء الانتخابات في موعدها المحدد، يعني تغيير للوجوه السياسية الحالية، وهذا الامر لا يصب في مصالح بعض القوى السياسية الداعية للتأجيل مطلقا، لانها تعرف مسبقا انها خسرت جمهور صندوقها، بسبب ادائها الحكومي الفاشل، مما يعني انخفاض عدد ما يمكن حصاده من الاصوات.

اما السبب الثاني، هو استغلال الوضع الحالي اطول وقت ممكن، اشبه بمن تحضر المأتم، من اجل وجبة الطعام، وليذهب المتوفي الى الجحيم!

اذ تأجيل الانتخابات تعني التمتع بالامتيازات، الى ما شاء الله والتمتع بالكعكة السياسية، حتى بعد انتهاء مدة صلاحياتها، فبطون بعض الساسة، هاضمة للاخضر واليابس على مايبدو!

ان الكلام عن تأجيل الانتخابات، يعني ان نضع التضحيات الغالية من دماء زاكية، واﻻنتصارات واﻻنجازات في المجال الامني، والعسكري والاقتصادي وحتى المبادرات السياسية الصادقة، على رفوف الاهمال، ونعود بالعراق الى نقطة الصفر.

زمن الغطرسة والعنجهية بأسم الدولة، حكومة تصريف اعمال" حكومة طوارئ" تسمح للطارئين ان يعثوا بالارض فسادآ،  في صفقة لن تخدم سوى تجار الحلول الجاهزة والطارئة، المنادين بالدستور ولا دستور يحكم افعالهم، لان الدستور نفسه هو من يقف حجر عثرة في طريق كل من يسعى للتأجيل، كون الدستور ينص على وجود "توقيتات دستورية" وهي ما تحدد عمر الحكومة المنتخبة، التي يجب تنهي اعمالها بعد اربع سنوات من انتخابها، لا يمكن ان نزيد يوما ان ننقص منها يوم، فهو قانون أقر كأجل محتوم.

ان الذي يعمل ويسعى لتأجيل الانتخابات انما هو منفذ لارادة اجنبية  عابرة فوق ارادة الشعب، ومستهينة بتضحياته الملونة بالاحمر، وان كانت اسباب التأجيل مالية، فالشعب لا مانع لديه بان يصوت بشكل يدوي وبدائي! فقط لكي لا نعود للوراء بتأجيل الانتخابات


100
المنبر الحر / للتفاحة بقية!
« في: 13:16 03/06/2017  »
للتفاحة بقية!

رسل جمال

نزل الشر على الأرض مع معصية أدم، ومنذ ذلك الوقت والناس حزبان، حزب الله، وحزب الشيطان؛ حزب النور، وحزب الظلمة؛ حزب الخير، وحزب الشر، لكن هذا لا يعني ان حزب الله كلهم اتباع الله، وكذلك حزب الشيطان، فقد يكون الشيطان لم ينل منهم فعلا.

الانسان كما هي الأرض، عندما تشرق الشمس في نصفها، يحل الظلام في النصف الآخر، وهكذا الانسان، عندما تقترب منه الملائكة، تهرب الشياطين، إذ تتنامى قوى الخير والشر حسب البيئة المحيطة والعوامل المساعدة.

والانسان له جانب مثالي، قد يسمو حد الملائكية، وجانب مرعب قد ينحدر حتى دون الحيوانية، معقد حد البساطة، وبسيط حد التفاهة، تتقافز في رأسه ملايين الافكار في الدقيقة الواحدة، واحتمالية ان ينقلب على عقبه واردة جدا.

كائن لا يمكن لقاعدة وﻻ قانون ان يرصد افعاله، يحمل من التناقضات الصارخة، للحد الذي مكنه ان يخط عبارة"لا اله الا الله" على خرقة سوداء!

كيف يمكن ان نجمع بين لفظ الجلالة، ولون الحقد؟ انه فكر مظلم ذلك ما يحرك تلك الكائنات، التي تدنت حتى عن درجة الحيوانية في التعامل والسلوك، اذ من المعلوم ان الحيوانات تملك من الغرائز الفطرية، ما يجعلها ترتقي الى مستوى الاعتبارات الاخلاقية التي تحكم عالمها.

اذ انها تمتنع عن افتراس او اذية بني جنسها، ولا يمكنها ان تأكل على شبع، اما الاسد فينأى بنفسه عن اكل الميتة!

انها سلوكيات حيوانية جديرة بالاحترام حقآ، عندما نرى بعض البشر، قد تدنى في مرتبة دون الحيوانية في سلم التطور.

حين يعطل العقل يصبح الانسان كالبهيمة يقودها غيره، وقد ينحدر الى مادون البهيمية عندما يقتل اخيه الانسان.

ان ما يواجهه العراق اليوم هو، فكر بهيمي وحاشى للبهائم منه، فكر وحشي، ولكن حتى الوحوش تترفع عن فعله، فكر عجزت اللغة ان تجد له صفة كما عجز المنطق ان يجد له تفسيرا، فكر يريد ان يطفئ نور الحضارة، والتقدم والاستقرار بالقتل والتفجير والفتنة الطائفية.

لكن يأبى الله ان يطفأ نور العقل واليقين، لان اليقين اعلى درجات الايمان بالله والقدر، وهو نفس اليقين الذي يدفعنا للخروج يوميا، مع علمنا اننا قد لا نعود مجددا، الا ان ايماننا بالقدر، وحبنا للحياة، اقوى من ان نخشى الفكر الظلامي، فالمعركة مستمرة وقائمة منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة، فلتفاحة آدم بقية ،ولاننا بشر ولا ندعي العصمة او الملائكية، فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك.



101
لن نكون حمالة الحطب!

رسل جمال

أريد لنا ان نبقى بنار الفرقة منشغلين، والحقد الطائفي، ولهيب الفتنة يستعر  كلما مرت بها رياح الاطماع الاقليمية السوداء، لكن هيهات للعراق ان يغدو رماد، رغم تكالب قوى الشر من حوله.

ما نلاحظه ان لكل دول المنطقة، مشاريع في العراق ومصالح تسعى الى تحقيقها، ولتذهب مصلحة العراق الى...!

الا الشعب العراقي المسكين، فهو الوحيد لا مشروع له يمثله، ويرص الصفوف من جديد، لاسيما في ادق مرحلة في تأريخه اﻷ وهي مرحلة "مابعد داعش" .

لكن بعد ما طرح مشروع التسوية كمشروع أنقاذ شامل وكامل وضام وجامع، لكل ابناء الوطن، بعد ان توغلت التدخلات الخارجية اذرعها في العمق المحيطة بنا، كان الجو سانحآ ليتبرعم نبت شيطاني على ارض الوطن، "داعش الارهابي" ماكان ليكبر ويتسلق على منارة الحدباء، لو لا تلك الحواضن التي سقته مياه الفرقة !

كبرت شجرة الزقوم وراحت تنهش، من سقاها الماء بالامس، وراحت تبطش بالعدو والصديق عل حد سواء، لذلك صار التحدي الاخطر هو ان تمضي قدما بمشروع وسط كل هذه المفارقات والمفترقات.

انه مشروع يعيد الجميع لحضن الوطن، بعيدآ عن أي مصالح او اهداف خارجية، فلا وجود لدمى تحركها خيوط عليا في "مشروع التسوية" لانه مشروع ولد بمرحلة عسيرة من عمر العراق، ولم يكتب باقلام مأجورة او باجندات خارجية، انبثق بمرحلة أريد للعراق ان يكون اسم على ورق فقط، ويقتصر وجوده بالخريطة المدرسية، ويصبح طريق الحرير، خيوط حريرية متشابكة.

نقولها وبصراحة لا تخافوا يا بلاد العرب،" تسويتنا لا تعني ربيعكم" وان كانت هذه سنة الطبيعة، فاصفرار اورقكم ايذانآ بان الربيع قادم لا محالة، لان ربيعكم ما هو الا بذر بذرتموه، وها انتم تحصدون قطافه.

ان الارادة الوطنية الحرة، اقوى من اي توجه او مشروع او اجتماع ثلة، تحت طاولة او خلف باب محكم اغلاقه"اذ يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين"
فالتسوية قادمة ومنتصرة باذنه تعالى، وماضية للامام لانها انتصار الارادة العراقية، رغم تجحفل جيوش الشر حوله، فلن  يحمل العراق بعد اليوم حطب غيره، الايكفي ما استعر على ارضه من نيران لعقود خلت؟


102
المنبر الحر / من قال انها حبست؟
« في: 22:38 23/05/2017  »
من قال انها حبست؟

رسل جمال

اهلا رمضان شهر الطاعة والغفران، شهر البركة والمحبة، شهر تسجن به الشياطين وتحبس، لكن رمضان لدينا ينطلق في مضمارين لا ثالث لهما، الاول سفرة الافطار، والثاني الشاشة المقابلة للسفرة، وعندما نتسائل اين الرحمة في مائدة الافطار؟ واغلب المواد الغذائية الاساسية تشهد ارتفاع كبير في اسعارها، مع كل موسم رمضاني.

ضاربين بعرض الحائط الاعتبارات الروحية والانسانية للشهر الفضيل، اضافة الى تدني مدخول الفرد، وتدهور الوضع الاقتصادي بشكل عام، ومما يدعو للخجل ان دول اوربية لا تمت للاسلام بصلة، تتخذ في شهر رمضان اجراءات اقتصادية مثل الغاء او خفض الكمارك على السلع "الحلال" في حين نجد العكس في بلداننا العربية!

اننا لا يمكن ان نلقى كل اللوم على بعض ضعاف النفوس من التجار، لان التاجر يعلم قوانين السوق من العرض والطلب، ويعمل وفق تلك العوامل.

مبالغة العوائل بالتسوق وتكديس المواد بشكل ملفق، هي من العوامل التي اسهمت بارتفاع اسعارها، مع العلم لا نعاني مجاعة والحمد لله، فلا يوجد اي مبرر ان نخزن الطعام كأننا نمل!

اعتقد اننا القينا ببعض الضوء على الجانب الاول لرمضان، بقى امامنا الجانب الاصعب الا وهي الشاشة الصغيرة، التي يتقافز منها الشيطان والمردة من الجن!

سؤال يتوارد الى الذهن دائما، اذا كان في شهر حبست فيه الشياطين واطبقت عليها ابواب جهنم اطباقا، ما الغاية من ضخ هذا الكم الهائل من المسلسلات والبرامج المحشوة، بمشاهد الرقص والخمر، والايحاءات المخزية، هل يقمون بتعويض النقص الذي تركه الشيطان خلفه؟

حينها نتيقن ان السلوك الشيطاني، لا يرتبط بوجود الشيطان نفسه، والدليل القاطع الاحاديث النبوية الشريفة، ان السماء تفترش بالملائكة، ومابين السماء والارض لايسمع سوى تهليلها وتكبيرها، وان بعض سلوكياتنا الخاطئة الشيطان برئ منها، براءة الذئب من دم يوسف.

اذ تهجم القنوات على المشاهد بكمية هائلة من البرامج منها من يدعو لليأس والاحباط، وكاننا بحاجة لمزيد من البؤس، والبعض الاخر يركز على حالة البلطجة والفتوة، ونلاحظ في اليوم التالي ان الصبيه يكرروا المشاهد في الشارع، مع لفظ عبارات البطل وتقليد حركاته، وغيرها الكثير من المسلسلات التي تفرغ الشهر من محتواه المقدس والروحي.

ان الصوم بمفهومه الواسع، اكبر من ان يكون عقوبة للمعدة، انه جلسة مع الروح والذات والنفس، واعادة ترتيب اوراق، ومحاولة لتصحيح المسار مرة اخرى.

كلنا يعلم ان الكذب حرام، والغيبة " اكل لحم بعضنا وهو ميت" ياله من مثال مرعب، الا اننا لا نتورع عن ذلك في ايام السنه، يأتي رمضان كنعمة الهية، ربانية ليقول لنا مازال هناك امل، على نفوسنا المثقلة بالهموم والغموم والاثام ان تخفف ممن حملها، بالصلاة والدعاء والاستغفار.
اللهم اسالك ان تجعلنا من عواده ومن عتقائه  يارب

103
توطيد علاقة أم تسديد فواتير؟

رسل جمال 

ما تزال تحركات ترامب تثير التساؤلات والريبة حيثما حل، ذلك بسبب الغموض الذي يكتنف سيرته وسريرته ويغلف مقاصده ومراميه، لذا
تصدرت الاخبار زيارة ترامب للمنطقة، و للمملكة العربية السعودية تحديدآ، في زيارة يبدو ان من شأنها ان تعزز سبل التعاون الاقتصادي، والامني بين الولايات المتحدة والسعودية، ملمحين الى انها قد تكون فاتحة لمشاريع قادمة، لم يفصح عنها.

الا ان للزيارة معطيات وملامح لعلاقات قديمة تتحدث عن  ارتباط اقتصادي وثيق بين البلدين، لم يؤثر انخفاض سعر برميل النفط، على عمق تلك العلاقة الستراتيجية.

ذلك واضح من سعي الادارة الامريكية باعادة هيكلة الاقتصاد في الخليج، من خلال فسح المجال امام نقل التكنلوجيا الى المنطقة، باستثمار مصادر الطاقة الاخرى، وتقليل الاعتماد على مصدر واحد.

هذا ما اعلنته وسائل الاعلام، ولكن عند النظر الى مضمون وغاية الزيارة من زاوية اخرى، يجد المراقب والمحلل للوضع وللتصريحات، التي اطلقها العجوز الاشهب، حال جلوسه على كرسي الحكم، انه عازم على استحصال ما بذمة الدول الخليجية من فواتير متأخرة، في ذلك اشارة الى الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة الامريكية للكويت والسعودية أبان حرب الخليج ضد نظام صدام.

مؤكدا ان امريكا انفقت رجاﻵ  وعدة وعددا، كي يبقى حكام تلك المنطقة ذات الجو الدبق على كراسيهم، وبما ان عقلية رجل الاعمال ابت ان تفارق ترامب الرئيس، فقدأكد صراحة وفي اكثر من مناسبة، ان في ذمة دول الخليج، فواتير متأخرة وآن وقت سدادها على مايبدو.

وهكذا تطفو على سطح الأحداث تساؤلات  ربما ستجتهد السعودية باخفاء الإجابة عنها، فهل جاء ترامب لتوطيد العلاقات الاقتصادية فقط؟ ام انه سيخرج دفتر شيكاته؟ ليطالب بمستحقات قديمة.

104
النيل يهدي دجلة كتاب

رسل جمال

العلم نور، ونوره ساطع لا تقوى خفافيش الظلام على العيش فيه، والنظر اليه، لهذا راحت تحرقه وتدمره وتحاول طمس اثره، ولعل اﻷمر ليس بجديد على بلاد مابين النهرين.

منذ قديم العصور واﻷخبار تحكي، لنا كيف اصطبغ دجلة بلون الحبر، عند غزو المغول لبغداد، وتحول الى اللون القاتم.

الذي شابه همجية ووحشية تلك الامم التي يزعجها مظهر الالواح والكتب والقراطيس، اذ ترى فيها قوة خفية تعري ضعفها، وﻷن التأريخ يعيد نفسه مرارآ وتكرارآ.

جاءت وحوش اﻷرض مره اخرى"داعش الارهابي" لتعيث باﻷرض خرابا وفسادآ، فاقدمت على حرق المكتبات وتدمير اﻷثار والمعالم الحضارية، ومنها مكتبة اشور بنيبال التي تعود للقرن السابع قبل الميلاد.

استمدت اسمها من الملك آشور بنيبال، اخر ملوك اﻷمبراطورية اﻷشورية، واحتوت المكتبة على اﻻف اﻷلواح الطينية، وبقايا نصوص نسبة كبيرة منها باللغة اﻷكدية.

لتحرق بذلك تأريخ عميق ﻻمم قد خلت، ومخطوطات نادرة، وامهات الكتب التي كانت تزخر بها المكتبة، وبعد تحرير الموصل من دنس داعش.

تظافرت المساعي السامية ﻷعادة الحياة الثقافية، ومن اهم اركانها المكتبة المركزية التابعة لجامعة الموصل، مما لها من اهمية في رفد الطلبة بالمادة العلمية.

قامت مشكورة مكتبة الاسكندرية بأهداء مكتبة آشور بانيبال(1500) كتاب كخطوة أولى، ومن المتأمل ان يرتفع العدد مئة الف كتاب وصوﻵ الى مليون كتاب، في خطوة لدعم الثقافة والجانب التعليمي في العراق، والموصل بعد تحريرها من الارهاب الجبان.

ان خطوة كهذه ترينا ان العلم اقوى من الجهل، وان النور مهما خفت سيتوهج مرة اخرى ليزيح الظلام، الذي خيم على الحدباء، وها هو النيل يهدي دجلة كتاب، كأني اعيد قراءة كتاب التأريخ من جديد، واتوقف عند سطر كيف كانت حضارتي النيل ووادي الرافدين يتبادلا الهدايا.


105
واحد زائد واحد يساوي أمل

رسل جمال

نعم ايها السادة قد يكون الواحد مع أخيه الواحد، اكثر من اثنين بل هو أمل قادم، وغد مشرق، وقد يتسائل احدهم كيف ذلك؟

عندما يكون الواحد نوعي و نخبوي كفؤء محب للعراق وأهله، فأن اتحاده مع وأحد أخر يشكلان بذلك صمام امان، وفنار يستضاء به ما حوله، هكذا هو "الامل".

تجمع قائم على الواحد النوعي، والذي بدوره يسعى لكسب أخيه النوعي، فشبيه الشئ منجذب اليه، انها فكرة انبثقت من واقع مرير، لتغيير واقع قائم.

ليست خيال ولا أحلام بل على العكس من ذلك، لكن تحتاج منا ان نؤمن بها اولا، واولى خطوات الايمان، هو تقبل نزعة تغيير الذات قال تعالى في محكم كتابه( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا مابأنفسهم)

بعد ان صحرت سنون الفساد ارض السواد، أما آن لنا ان نكسر عجلة تدوير الوجوه الكالحة؟ هل عقم العراق عن انجاب غيرهم ياترى؟ و لماذا نتضرع لله من ظلم الظالمين؟ ونحن من اقحمنا انفسنا بسوء الاختيار!

ان العراق ولاد رجال يحملون همه دائما، وساحات الحشد تشهد ﻷولئك الاسود، لكن علينا اوﻷ وقبل كل شئ الايمان بأبنائنا وبقدرتهم على التغيير.

مهما طال ليل اليأس ﻷبد ان يبزغ فجر الامل يوما ما، اننا لا نسطر احرف لملئ حيز ما ننشر اطلاقآ، بل نحن نرسم خط مسير وضع لمستقبل عراق قادم بأذن الله، لايبنى اﻷ بسواعد ابنائه المخلصين.

قوة الفكرة تكمن في بساطتها ودقة مضمونها، ومدى تأثيرها على المدى البعيد ( فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بأذن الله).

اذن يمكن ان تتغلب قلة النوع، على كثرة الفساد اﻷ بقوة العقيدة، والثبات على المبادئ، والجد فيها والمثابرة في سبيلها.

هذه الخطوط العريضة التي تميز بها "تجمع اﻻمل" عن ما ازدحم به الشارع السياسي، من اطروحات وكيانات واحزاب سياسية، ﻻنه مشروع يهدف الى التغيير والتجديد.

ان توقد شمعة خير لك من ان تبقى في الظلام، والامل خير شمعة لعراق الغد.


106
المنبر الحر / ﻷدم علينا حق!
« في: 19:20 10/05/2017  »
ﻷدم علينا حق!
رسل جمال
كثيرآ ما نتغنى بأﻻم وعن عظم شانها في قلوبنا، كأبناء وبالمجتمع عامة، كما ابرزت الكم الهائل من الاحاديث النبوية الشريفة، ووصايا اﻷولياء والحكماء، تلك المكانة الخطيرة، وقد يتبادر للذهن ان هناك، أهمال ربما او ظلم او حتى قلة اهتمام بدور اﻷب، و ان الادبيات لم تنصفه.
لهذا اخترت ذكرى وفاة والدي مناسبة، ﻷتحدث عن أدم "الاب" ذلك الجندي المجهول، الذي يصارع صعاب الحياة ويتحمل اقسى الظروف، لتوفير لقمة كريمة لعياله، في بلد مثل العراق يعاني من بطالة موروثة!
بسبب عدة عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية، تظافرت فيما بينها لتقلص سوق العمل، جعلت الكثير منهم يقدمون على وظائف، قد تكون خطرة، او لا تليق بمستوى التحصيل الدراسي، ولكنهم استبسلوا للكسب الحلال.
لذلك كثيرا مااطيل النظر لتلك السواقي التي حفرت لها مجرى في جبين مسن ما، اما تلك الخطوط الغائرة حول العين فلها قصة اخرى.
اذ معها استذكر ذلك الوجه الذي غادرنا منذ سنين، لكن صوته رفض المغادرة، وضل يتردد في اذني، واسمعه وهو يناديني " رسل كومي صبيلي غدة جوعان" لم يكن يجيد التودد لنا.
لكن عيناه كانت تقول ما بخلت به شفتاه، له هيبة اسد، اجش الصوت، لكن ببراءة طفل يهديك ما لديه، ذلك ابي الحنون العصبي.
قد يتذمر احدهم ويصرخ سائلا، ماذا قدم والدي لي؟ وكثيرا ما نسمع هذا السؤال المتخم بالجحود، وهو يتناسى ان كل ما متوفر لديه، قد كلف ابيه تجعيدة وجه، وانحنائه ظهر، وتغير ملامح.
فليس الفتى من قال ذاك ابي، على الفتى يوما ما ان يقول هذا انا، وان يقدم ويغرس، كي يحصد غيره مثلما غرس ابائنا لناكله، هنيئا مريئا، وحتى لا تستجدوا نظرة من اشيب يمر في الطريق، استرضوا ابائكم، احبوهم، تزودوا منهم قبل ان تفقدوهم.


107
الانتخابات الفرنسية وجوه يانعة!

رسل جمال

في سابقة من نوعها يفوز مرشح لشغل منصب الرئيس، شاب لم يتجاوز  39 من عمره وهو ايمانويل ماكرون، مرشح عن تيار الوسط الفرنسي، وقد اشارت استطلاعات الرأي واستنتاجات المحللين، الى ان المرشح الفائز هو الاوفر حظا، من منافسته عن حزب اليمين المتطرف مارين لوبان.

رغم ذلك فقد كان العاملين في حملة ماركون الانتخابية، غير مطمئنين تمامآ، وقد دخلا كل من ماكرون و لوبان، ببرامج انتخابية عكس بعضهما البعض، اذ كان العنوان اﻷعﻷمي لحملة لوبان هو "الحماية ومناهضة العولمة ورفض خروج فرنسا من الاتحاد الاوربي" اما ماكرون فقد اختار عبارة مختصرة وبعيدا عن الولوج بالتفاصيل اطلق شعار"فائزون اﻷ اذا قرر المترددون غير ذلك" .

المترددون يقصد بهم، الذين لايملكون الشجاعة الكافية، ﻷعطاء اصواتهم لذلك الشاب الذي يمثل اﻷمل والمستقبل، وانهم سيتراجعون في اللحظة الاخيرة ويمنحون اصواتهم للوجوه المألوفة، شعار ماكرون يحمل الكثير من اصرار الشباب نحو افق لايحده شئ وطموح جامح.

ذلك واضح منذ بدايات الرئيس الحالي لفرنسا، اذ اختار فريق يدير حملته الانتخابيه يشبهه، اذ يبلغ معدل اعمارهم نحو 30 عام، وقد كان عمل الفريق بحسب قول دانيال وهو احد الناطقين بأسم الحملة " هنا نعمل بطريقة نتفادى سجن انفسنا  بطريقة العمل الكلاسيكية، ونفسح المجال للخلق والابتكار، ونسمع بأهتمام لمقترحات المتطوعين الشباب".

هذا ان دل على شئ يدل على بان العالم متجه نحو تمكين اكثر  للشباب، وان المطبخ السياسي، بدأ يغير بقوائم الوجبات الرئيسية التي يقدمها للجمهور، اذ يعد ايمانويل ماكرون اصغر رئيس في تاريخ الجمهورية الفرنسية، هذا يعني ضخ دماء شابة اكثر عطاء، مع وجود فريق من المستشارين من ذوي الخبرة لا يستغنى عن طلب مشورتهم وقت الحاجة.

ربما تكون التجربة الفرنسية، مشجعة لتجارب مشابهة في العالم، وذلك بتغيير الوجوة المعتادة لرؤساء الدول، بوجوه اكثر شباب



108
المنبر الحر / استعراض العضلات!
« في: 18:55 02/05/2017  »
استعراض العضلات!

رسل جمال

نظرات حزينة تملؤها الاسى تكاد لا تصدق مايحدث لها، على يد اشباه اﻷباء، في ظاهرة تعد سابقة خطيرة، انتشرت باﻷونة الاخيرة امام مراى ومسمع العالم، تلك ظاهرة ضرب وتعذيب الاولاد من قبل الاهل والاقرباء، والادهى تصوير مايجري وبثه عبر وسائل التواصل اﻷجتماعي، في انتهاك صارخ لﻷنسانية اوﻷ، وللطفولة ثانيا، وتدمير للرابطة المقدسة بين اﻷباء واﻷبناء ثالثا.

كيف يمكن لليد الحانية والمربية، ان تكون بهذه القسوة والوحشية، وتقوم باسقاط عقدها النفسية وامراضها الروحية على الصغار، وبدون اي وجهة حق، فالطفل كالنواة في صغرها وقلة حيلتها، ولكن مع الصبر واﻷهتمام والعناية والرعاية، ستكبر تلك النواة وتصبح نخلة باسقةوشامخة، يستظل بها اﻷهل من قسوة الزمن وعجلة اﻷيام.

لقد افرزت الضغوط اﻷجتماعية واﻷقتصادية وحتى السياسية منها، أناس غير مؤهلين لﻷبوة مطلقا، لحقوا بركاب الحياة الزوجية كأحدى التقاليد والموروثات الشعبية، أناس ينقصهم الكثير من نكران الذات والتضحية والعزم على الكفاح في سبيل الاسرة.

اضف الى ذلك تردي الواقع اﻷقتصادي، لشريحة واسعة من المواطنين اسهمت بتزايد الضغوط النفسية التي يتعرض لها اﻷباء، واﻷهل بصورة عامة مما حدا بالبعض ان يجعل البيت متنفس له يفرغ على من به جام غضبه، وذلك بالضرب واللكم وكأنه يتصارع مع ملاكم في غلظة خلقت لتكون مع وحوش الغاب، وليس مع فلذات اﻷكباد.

ظاهرة تدعونا الى وقفة استداركية، للمطالبة بأجراء فحوصات شاملة لكافة المقبلين، على الزواج وتبيان مدى صحتهم، وأهليتهم لحمل مسؤولية الشراكة الزوجية، ﻷن الانجاز  لا يكمن في ان نضيف للمجتمع افراد فقط، بل الانجاز الحقيقي هو رفد المجتمع بعناصر فعالة، منتجة خالية من اﻷمراض والعقد النفسية.

اذ من الخطأ اﻷعتقاد ان الطفل كائن ضعيف، او لا يعقل وﻻ يفهم مايدرك حوله بل على العكس، الطفل كاﻷسفنجة يمتص ما يحيط به من سلوكيات وممارسات وأخﻷقيات، يراها امامه سواء من البيت او المدرسة او الشارع، فقبل ان نشمر عن سواعدنا لتلقين الطفل درس قاس، بالضرب والقوة لنسأل انفسنا، هل نحن قدوة حسنة فعلآ ﻷبنائنا؟ بغض النظر عن اﻷجابة، ﻻيحق أي كان ان يضرب او يهين او يؤذي اي كان !

109
المنبر الحر / عيد المتعبين
« في: 21:49 01/05/2017  »
عيد المتعبين

رسل جمال

في كل عام وفي الاول من شهر أيار تحديدآ، يحتفل عالميا بما يعرف بعيد العمال، تكون عطلة رسمية في اغلب دول العالم، لكن المفارقة ان العمال انفسهم من الكسبة، والذين يعتاشون قوتهم يوما بيوم، من بائعي المناديل الورقية في التقاطعات، والتي اعتادت الشمس ان تحرق وجوههم الشاحبة، وبقية اصحاب المهن اليدوية راحوا يزاولون اعمالهم اليومية المعتادة في هذا اليوم.

اما من اطمئن على قوته الشهري، من الموظفين فهم من يتمتعون بهذا العيد، بأعتبارها عطلة رسمية، مفارقة غريبة حقا، وتدعونا الى القاء الضوء على احوال عمالنا، واحوال صناعاتنا الحرفية واليدوية، وما آلت اليه بفضل دخول مختلف السلع المستوردة الرخيصة للبلد، ومن مختلف المناشئ العالم ، بل والاسوء ان بعض التجار جعلوا من البلد مكب للسلع الرديئة،  ذات الجودة المنخفضة والتي تشكل عبئ  اضافي على المستهلك.

ولكي لا نبتعد عن اصل الموضوع "عيد العمال" نرى ان عمال العراق بالتحديد ليسوا بحاجة الى يوم للاحتفال بهم، بقدر حاجتهم الى ضمان حقوقهم وتوفير ضمانات صحية لهم، والعمل على تأهيلهم وتطوير مهاراتهم، وتوعيتهم بمخاطر المهن التي يمارسونها الصحية، على المدى البعيد.

اما الحكومة فليس من الانصاف ان تهمل هذه الشريحة المهمة، والتي تعد الرديف للاقتصاد الوطني، فلا بد من اﻷخذ بيد اصحاب الحرف اليدوية ودعمهم ماديا، حتى لا تكتسى تلك المهن غبار الاهمال وتندثر وتنقرض بمرور الوقت، لانها من احد ثيمات الحضارة للبلد، اضافة الى انها احدى روافد الاقتصاد، لو تم استثمارها وتنميتها بشكل مدروس وصحيح، فبدل الاعتماد على مصدر أوحد "النفط" وجعل كل المقدرات والالتزامات الاقتصادية والمالية للبلد مرتبطة به، ووفق معطيات الطلب والعرض، مما يجعل البلد على كف عفريب.

فلا يمكن للبلد مثل العراق زاخر بالعطايا الربانية من موارد بشرية واراضي  واسعة صالحة للزراعة اضافة الى ارث من الصناعات الوطنية الغير مفعلة، ان يكون اسير مصدر واحد للاقتصاد الوطني، كل ما سبق نقاط يجب على من يهمه الامر، اخذها بنظر الاعتبار حتى يتسنى للعمال ان ياخذوا قسطا من الراحة في الاول من ايار، لا ان يمر عليهم عيدهم مرور الكرام.


110
المنبر الحر / فقاعة هوائية
« في: 11:37 30/04/2017  »
فقاعة هوائية

رسل جمال

اصبح البعض يعيش داخل فقاعة هوائية، متكورآ داخلها مع هاتف ذكي، ينام على ضوء شاشته، وعندما يستيقظ يكون الهاتف، هو اول شئ يقوم بلمسه وتفقد ما به، اشبه ما يكون بطفل مدلل، ينام معه وياكل معه ويرافقه لكل مكان، وبدأت اهميته تزحف، على باقي النشاطات الاخرى، مثل الرياضة والقراءة.

اصبح هو الراعي الرسمي للوقت المهدور والضائع، اصبح البعض يجلس ساعة تلو الساعة، دون ان يشعر بما يدور حوله، اشبه ما يكون مغيب، او تحت تاثير التنويم المغناطيسي، انه احتلال للعقول باسهل الطرق واقل جهد!

ان لكل تغيير كبير لابد ان يسبقه تمهيد يهيئ الارضية المناسبة له، لكن هذا لم يحدث، عندما اجتاحنا سيل التغير  ودخلت مختلف وسائل التواصل،بعد سنوات العزلة التكنولوجية عن العالم، فلابد ان يرافق هذا التغير تغير كذلك بنمط السلوك الانساني، وردو فعل نتيجة هذا الانفتاح الغير مسبوق.

وبمرور الوقت ظهرت لنا الفقاعات الهوائية، تلك الفقاعات التي اختارها اصحابها بمحض اراداتهم ان تكون هي العالم الذي يعيشه، بعيدا عن اهله واصحابه  ومن يعرفهم  ، عالم خاص داخل العالم الواقعي، تعزل الانسان عن محيطه العائلي والاجتماعي تدريجيا، انها بدايات لنهايات مؤلمة.

عندما يصل الانسان الى قناعة، ان ما في الهاتف من شخصيات ووجوه مستعارة، هم اهم وافضل مما يحيط به من الاشخاص الحقيقين هنا يكمن الخطر، اذ يفضل ان يزهد باللقاءات العائلية الحميمة، وبكتفى  باصدقاء افتراضيين، يلتقي بهم خلف شاشة جامدة باردة!

واصبحت الافتراضية ملاذ للكثير منهم، ومكان لتعويض ما ينقصه بالحياة الواقعية بشكل مبالغ به، اذ قد يكون س من الناس لا يهتم باخته او زوجته، فض غليض معهن، لكن نراه يمجد حواء بمنشورات، ويغدق على من تعلق له باجمل الالقاب والكلمات، وغيرها الكثير من الامثلة.

اما بعض النساء فقد تصاب بالغرور فعلا، عندما تتلقى تعليقات تمدحها او تصفها بالجمال،  انما هي محاولات بائسة للهروب من الواقع، اضافة الى ان دخول هذه التكنولوجيا الى الحياة العراقية،  منذ اكثر من 13 عام اصبح هناك جيل يتعامل مع مسالة التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي، مسالة حياة او موت، او اشبه بالواجب الاجتماعي، كثيرا ما تصادفني منشورات  يهدد ويتوعد اصحابها، اذا لم يتفاعل الاصدقاء ضمن الصفحة، سيصدر مرسوم ديواني، بالغاء الصداقة، او يطالب احدهم المساعدة من الاصدقاء، وقد تتصور من طريقة صياغته للمنشور، انه يعاني ضائقة مالية، ويروح يذكرهم بمواقفه الكيبوردية معهم!

او من يتطفل على الاخرين و يراسلهم، في كل وقت يحلو له، ويتوقع ان يتم الرد عليه، فمعنى ان يكون احدنا اون لاين لايعني انه متاح نفسيآ للكلام او التواصل.

ان الاطلاع على ما يحدث من تطور وتقدم ومعرفة اخر الاخبار العالمية، لشئ مفيد لكن لا نجعل العالم الافتراضي هو جل اهتمامنا، يجب  تنظبم الوقت بين الاهم ثم المهم، وان لا نضحي بما نملك من اناس حقيقين، ونكتفي بالافتراضيين منهم!


111
المنبر الحر / المرأة ﻷجل المرأة
« في: 18:51 27/04/2017  »
المرأة ﻷجل المرأة

رسل جمال


عند خروجي من البيت في احدى الصباحات ، بأتجاه موقف السيارات قاصدة الجامعة المستنصرية، حيث تعمل صديقتي، وفي الطريق انتبهت الى ان اغلب الركاب هم من الجنس الناعم، لكن لم أعر للامر اهمية، و عند وصولي الى المكان المنشود، واذ تصادفني مجموعات من البنات منها من تقاطع طريقها معي، ومنها من رافقتني حتى باب الجامعة، كذلك لم يخطر ببالي حينها شئ.

لكن عندما جلست بأنتظار صديقتي بعض الوقت، هنا استوقفني نفس المشهد، وهو طغيان نون النسوة على المكان لتحتل اغلب اﻷماكن، عندها بدأت فكرة تداعب ذهني، ترى هل ندرك نحن بنات حواء ثقلنا بالمجتمع؟ هل خطر ببالنا  أي قوة نملك؟!

خصوصا اذا توحدت الجهود وابتعدنا عن تاء التأنيث الساكنة، تلك التاء التي تؤخر وتعطل وتحبط وتسقط احدنا الاخرى، لو تخلينا قليلا عن "غيرة النسوان" تلك التي تغنى بها الساهر ووضعناها جانبا، ماذا يمكن ان نحقق؟ تخيلن ان نجتمع كقوة أمراة واحدة وعقل واحد!

في بلد مثل العراق، عبثت الحروب والهجمات الارهابية، والظروف الاجتماعيةو السياسية من هجرة وتهجير، وغيرها من اﻷمور بالنسب الطبيعية للسكان، واسهمت بارتفاع عدد الاناث نسبة الى الذكور، وعليه يجب تقبل هذه الحقيقة وجعلها نقطة قوة وليس ضعف.

ذلك بأفساح المجال امام النساء وتمكينهن بكافة المجالات، وتهيئة النسوة ان يكن ايدي عاملة ماهرة، بدل من ان يكن افواه جائعة تستجدي الاعانات، وان تتبنى الحكومة لمشاريع تدعم شريحة النساء ذات التعليم المحدود، خصوصا من الارامل والمطلقات، وجعلهن  باكتفاء مادي واقتصادي، ولا يشكلن عبئ على الدولة.

اضافة الى استقطاب النخبة من النساء، والعمل على صنع شخصيات نسائية قيادية يعتد بها في مجال العمل السياسي، وكذلك الاهتمام بالفئة الشابة من النساء، وجعلها مفخرة لبنات جنسها، والصوت المدافع عن حقوقهن المشروعة، لكن ذلك لا يتم الا اذا ابتعدنا عن اي مسمى "ضيق"، ونرسخ مبدأ  انما المراة وجدت ﻷجل اختها المراة.


112
المنبر الحر / مقاهي العهر
« في: 17:55 25/04/2017  »
مقاهي العهر

رسل جمال

بعيدآ عن الخوض في محرقة "الوقت" تلك الطاقة الثمينة، ومع شيوع ثقافة"خل نكتل وقت شوية" ذلك السيف البتار الذي يمكنه ان يقتل منجزات تقف على عتبة اللامباﻻة بأهميته،  نشهد بالفترة القريبة، وجود مقاهي شبابية تشهد اقباﻵ واسعآ، لفئة عمرية تمتد من (15_40)سنه، شريحة تعد عماد البلد، اذ نرى انها استوطنت تلك المقاهي العابثة، الخالية من اي نشاط فكري او ثقافي مفيد للشباب، سوى انها تشجع على التسكع، واكتسابهم عادات وممارسات سيئة، مثل التدخين وغيرها من اﻷمور ﻻيسع المجال هنا لتفصيلها.

اﻷ ان بعض المقاهي خرجت عن المألوف، وراحت تسعى ﻷدخال مظاهر تعد غريبة على المجتمع العراقي، مقلدة بذلك بعض الدول التي تتمتع بنوع من الانفتاح، والذي قد لا يتماشى مع طبيعة مجتمع محافظ، مثل مجتمعنا العراقي، وذلك بأستيراد ظواهر غريبة، مثل توظيف البنات ليقمن بتقديم الخدمة لرواد تلك المقاهي، ترى هل هي ظاهرة تعبر عن المدنية والحضارة؟ ام انها دعارة مقنعة؟!

عندما تتعالى اصوات التحرر للمرأة، والمطالبة بفتح الفرص امامها، وزجها في مختلف مجالات العمل والحرية والديمقراطية الرعناء التي نتلاطم في امواجها،  نجد ان هناك من يقول ان مثل هكذا مقاهي ظاهرة حظارية واجتماعية لطيفة، ولكن عندما تتعامل تلك الفتيات مع زبائن تلك المقاهي، بطريقة مخلة بالادب العام والذوق، وجعل منها دعاية رخيصة لمثل تلك الاماكن الموبوئة، هنا يجب ان ننتبه من تلك الظواهر الدخيلة علينا .

ان في ذلك امتهان للمرأة واستغلال ﻷنسانيتها، اننا مع التطور والتحضر ولكن ليس بصورة مبتذلة، فوجود فتيات يقدمن خدمة للزبائن في مكان سياحي او مقهى عام أمر ﻻبأس به ابدا، ولكن ان تستغل تلك الفتيات ﻷمور اخرى فتلك كارثة حقيقة،  فلا بد ان تلتفت الحكومة لمثل تلك الاماكن، وان  تتخذ اجراءات من شأنها تنظم عمل تلك المقاهي،  كألزام صاحب المحل والمقهى على ان يرتدي طاقم العمل لديه زي موحد ، لكون ذلك اكثر جماﻵ ورونقآ، وان تقوم الدوائر المعنية بجولات تفتيشية بصورة مستمرة لتلك الاماكن، حتى لا تتحول الى مقاهي عهر في غفلة من الزمن!


113
السلام على اسد بغداد وسجينها!

رسل جمال

هو موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن ابي طالب، الامام السابع عند الشيعة اﻷثنى عشرية، عاش هذا السبط في فترة سياسية متأزمة وحساسة، لا نريد ان نتهم بالطائفية، ولكن هناك تأريخ يسطر لحظات هذا الرجل، لا يمكن ان ندس رؤوسنا في الرمال بحجة اننا معتدلون ولا نروج لمسميات الطائفية، لكن يجب ان ننتبه الى حقيقة ان اﻷمام ونظريته ومسيرته، تقاطعت مع النظام السياسي الظالم القائم انذاك، ولم يتقاطع او يتعارض مع الناس، بل على العكس تمام، فالصراع كان ومازال سياسي وليس مذهبيا او طائفيا!

ان المتتبع لحياة الامام الكاظم، يجد انها بقعة ضوء شردت وتسللت وسط الظلام، تمثل بقعة الضوء الفترة القليلة التي قضاها الامام خارج السجن، ولكن امتد الظلام ليحتل المكان بأسره، ولكن بقى اثر البقعة المضيئة، لقد تنقل الامام من سجن الى اخر، وهو مقيد بسلاسل الحديد، اثقلت جسده ورغم وجودها كان مرعب للطغاه!

فقد أثر الامام وهو بالسجن بكل من التقى به، حتى مع سجانيه مما حدى بهارون الرشيد ان يمعن بالتضييق على الامام، حتى انتهى به الامر ان يودع اﻷمام الكاظم  بطامورة "سجن تحت الارض" اشبه ما يكون بالسجن الانفرادي اليوم، ولكن بظروف قاسية جدا، لا يعرف الليل من النهار فيها، واستمرت معاناة اﻷمام حتى وفاته.

ان الظالم اضعف من ان يقاتل بشرف، لهذا دس السم لﻷمام، وهكذا انتهت حياة اسطورة رجل عاش بالسجن وتألق نبراسه الى يومنا هذا، ضرب الامام اروع مثال الصبر والتحدي، وشجاعة الموقف والثبات على المبادئ، من اقواله" أي فلان إتق الله وقل الحق، وان كان فيه هلاكك فان فيه نجاتك، أي فلان إتق الله ودع الباطل وان كان فيه نجاتك، فان فيه هلاكك.

يعلمنا الامام ان لانضعف ولا نستهين، بما نملك من مبادئ ونحن اصحاب حق، رافضا الخنوع والخضوع والاستضعاف، ونحن نعد العدة ﻷحياء ذكرى استشهاد اﻷمام الكاظم، يتوجب علينا ان نراقب مسيرنا وان نقوم بعضنا البعض، ولا نسمح لممارسات دخيلة ان تعكر علينا احياء هذه الشعيرة المقدسة، ان الامام كان يصلي لصوت سجانيه، حرم من ضوء الشمس ورغم ذلك لم يجعلها حجة لترك الصلاة!

جعل من السجن مدرسة، يلقي بها الدروس العملية لكل من يراه، جعل السلطة انذاك حائرة بامره، ووقف سجانه  غير قادر على ايذائه، مما شكل خطر على اعدائه، لان يخاطب العقول والضمائر والقلوب معا، ومثل الخط المعتدل والمتسامح.

ان اﻷمام الكاظم يدعونا في كل عام، ونحن نحيي ذكرى استشهاده الى النظر الى مسيرة حياته والاقتداء بها، انها مناسبة أليمة ومقدسة، وليست ماراثون رياضي، كما يعتقد البعض، فيجعل منها فرصةءللتنزه، فيكثر من الاكل والشرب والضحك!
على الجميع ان يجعلوا اﻷمام مقياس لجميع افعالهم، فالسلام عليك ياسيدي ويا مولاي يا كاظم الغيض يا من بكت على مصابك دجلة وهاي تذرف دموعها مابقي الليل والنهار!


114
زيارة الحكيم لمصر مالها..ومالها!

رسل جمال

تشهد الفترة الحالية تحركات سياسية، يقودها التحالف الوطني وبرئاسة السيد عمار الحكيم، لدول المنطقة مثل مصر وسبقتها زيارة الى اﻷردن، ومن المرجح زيارة المغرب، زيارات بدعوات رسمية من تلك الدول،  موجهة الى رئيس  التحالف الوطني، ان دلت على شئ تدل على نجاح التحالف الوطني بجذب انظار المحيط العربي نحوه، اكثر من اي جهة أخرى وذلك ﻻعتدال الخطاب السياسي، ووضوح الرؤيا المستقبلية لمختلف القضايا المصيرية.

كذلك يدل على انفتاح التحالف الوطني، على دول المحيط اﻷقليمي، وجاءت الزيارة لتباحث العلاقات الثنائية بين مصر والعراق، وسبل تطويرها والعمل على التعاون في المجالات السياسية والامنية واﻻقتصادية، بما يخدم البلدين وجاءت الزيارة لتستعرض انتصارات وبطولات جيشنا الباسل، وهو يخوض حرب ضد اﻷرهاب الذي عانت دولة المنطقه منه.

سادت الزيارة اجواء ايجابية، اذ اعرب الرئيس السيسي عن ترحيبه بالسيد عمار الحكيم، مؤكدا حرص الجانب المصري على دعمه للعراق، ومساندته لكل الجهود المبذولة ﻻستعادة أخر شبر من ارض الوطن، مشيدآ بشجاعة القوات العسكرية العراقية وهي تقاتل قوة ظلامية ارهابية، وأشار الرئيس المصري الى ضرورة الجلوس على طاولة واحدة، تضم كل الكتل السياسية والوصول الى رؤية مشتركة، تضم وتشمل كل الاطراف السياسية، بعيد عن اصوات الفتنة والتقسيم، وذلك لايتم اﻷبوجود نية حقيقة لرص الصفوف، في حين اعرب سماحة السيد عمار الحكيم عن شكره وامتنانه، للرئيس السيسي واهتمامه الواضح بالصالح العراقي العام.

واكد الجانبين ان العراق ومصر دولتان شقيقتان، تربطهما عدة روابط تأريخية ومصالح اقتصادية، مشتركة  ومؤكدا اهمية المواقف التي تتبناها مصر، كونها ركيزة اساسية لﻷمن واﻷستقرار في الوطن العربي والشرق الاوسط، ان توجيه مثل هكذا دعوات رسمية لرئيس التحالف الوطني السيد عمار الحكيم، تدل على مقبولية  لدى دول المحيط لرؤية التحالف السياسية،  وقد مثل سماحته العراق افضل تمثيل، لما يتمتع سماحته من خطاب وحدوي، ونفس وطني وحس دبلوماسي عالي، اكثر من غيره هذا ماجعل الدول توجه له الرسائل التي تريد ان توصلها للعراق



115
المنبر الحر / كفى استهتارآ
« في: 18:14 19/04/2017  »
كفى استهتارآ

رسل جمال

وجدت الاسلحة للقتال، او لصد هجوم  اوالدفاع عن النفس، هذه الميادين المتعارف عليها لاستخدامات السلاح، لكن هذه القوانين استثنى العراق نفسه منها، ففي بلدي الأمر مختلف، ﻷننا شعب مختلف بالفطرة، مشاعرنا لا نجيد التعبير عنها الا بقوة السلاح، حتى نؤكد كم هي عميقة!

ففي مأتمنا نطلق العيارات النارية، وفي حفلات الزفاف نطلق العيارات النارية، وعندما يفوز منتخب كرة القدم نطلق العيارات النارية، وعندما نخسر كذلك لا ضير من بضع اطلاقات، عندما ينجح فاشلا ما نطلق العيارات النارية، وهكذا نعامل السلاح كانه منبه صوتي ليس اﻷ.

متناسين ان لهذا المنبه حشوة، تنطلق في الهواء، وتتهاوى مرة اخرى لتستقر احيانا في جسد احدهم، ربما يكون قد نسى ان يقرأ دعاء الحفظ في ذلك اليوم، ان المسافة التي تستغرقها الرصاصة، عندما تنطلق حتى تسقط، لتقطع شريط حياه احدهم، هي مسافة محسوبة بعذاب ام ربت، واب قد انحنى ظهره لرعاية اولاده، وجهود سنين ماضية، واحلام تنتظر التحقيق.

نصيحة عندما تختلف مع اخ لك في الدين، او حتى نظير لك في الخلق، فلا تدخر اي سلاح متوفر لتثبت وجودك، وياحبذا لو وجد سلاح ثقيل، سيمجد اسمك، ويعالى صيتك بين القبائل،  اي جاهلية نعيش؟!

الى اين نمضي؟ بتلك الممارسات الﻷنسانية، وخصوصا ونحن نخوض حرب مفتوحة، مع عدو شرس لا يتوانى بأبتكار الاساليب الوحشية في حربنا ضده، أليس اﻷحرى ادخار كل طلقة لمقاتلته؟

ان المحير ان يقدس بعضهم كلمات، ويتعامى عن كلمات اخرى، فعندما اصدر سماحة السيد السيستاني، فتوى الجهاد الكفائي، انطلقت موجة عارمة من البشر لتلبية ذلك النداء المقدس والمشرف، وعندما افتى سماحتة بحرمة اطلاق العيارات النارية العشوائية " الغير مبررة" لانجد هناك استجابة لتلك الفتوى، " أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض"

ما يحزننا ان تتناقل وسائل الاعلام صورة لطبيب سقط اثر تلك العيارات، فبدل ان يداوي ذلك الطبيب مرضاه، اصبح هو بأمس الحاجة للمساعدة الطبية، و راح ضحية ممارسات غير حضارية بالمرة،
نقول لكل من يطلق عيارات نارية في الهواء، انت قاتل مع سبق الاصرار والترصد، ان كان ضميرك مرتاح بالاحتفال، وهنالك مأتم نصب بسببك، فهنيئا لك بضميرك العفن، كفانا استهتار بارواح بعضنا البعض!


116
المنبر الحر / مشروع علي
« في: 13:03 15/04/2017  »
مشروع علي
رسل جمال

ونحن نستظل هذه الايام بسحابة ذكرى، ولادة الامام علي بن ابي طالب"عليه السلام" علينا ان نبتل بقطرات تلك السحابة العلوية، وننتفع ببركاتها المستمدة من ذلك الرجل، الذي كان قوله منهج، وفعله دستور، وحياته مسخرة نحو تنفيذ مشروع اسلامي عالمي، يتخطى عقول البعض الضيقة.

كان عليه السلام يمثل صوت اﻷمة، والخط الذي خطه الرسول" صل الله عليه واله وسلم" ولكن من سوء طالع اﻷمة انها لم تفهم هذا الرجل، وتعاملت معه كأنه ند لها، اذ استحكمت العصبية والقبلية، والجهل الذي غلف العقول، فراحوا يحاربون هذا الجبل الشاهق، بدل النهل من ينبوع علمه.

وعندما سئل الخليل بن احمد، عن امير المؤمنين علي ابن ابي طالب"عليه السلام " ،قال: ماذا اقول في رجل، اخفى اعداؤه فضائله حسدآ، واخفاها محبوه خوفآ وظهر مابين ذين وذين ما مﻷ الخافقين!

لقد تجلبب الامام علي بنبذ اﻷنا ونكران الذات، ﻷنه تعامل مع الواقع الاسلامي كأب ومسؤول عن اﻷمة، فلم يتدافع مع الاخرين حول كرسي الرئاسة، ولم يستخدم مكر السياسة لتحقيق غايات شخصية، ولم يعلو صوته يوما في المطالبه بمغنمآ، بل سعى دوما الى رص الصفوف، وتوحيد الخطاب، وابراز صورة المجتمع الاسلامي المتماسك، رغم مااحيط به من اهواء معارضة، لا نريد ان نسلط عليها الضوء، ﻷن اﻷمام نفسه لم يكترث لها، ومضى بمشروعه اﻷسﻻمي الوحدوي، فكان يستوعب اعدائه بأفق واسع، فلم يعادي ولم يخاصم يومآ احدآ عداء شخصيا، بل انصهر بالاسلام فقاتل من اجل الاسلام ولﻻسلام .

وحده من اسس منهج الحكم مع احتواء اﻷخر، من باب القوة والحكمة، وليس من باب الضعف، اذ لم يتردد بخوض حروب مع اعدائه عندما وصل معهم الى طريق مسدود.

كان عليه السلام يشكل عنصر الموازنه بالمجتمع الاسلامي، ، اذ كان دفاعه عن المشروع الاسلامي، والاطروحة المحمدية، دفاعا اكبر من ان ينظر الى من ستأول اليه الرئاسة او الخلافة، وهنا يتجلى لنا معنى قولنا انه  أميرآ للمؤمنين، ﻷن همه الوحيد ترسيخ العقيدة اﻷسﻻمية في النفوس، خصوصا بعد وفاه الرسول الكريم"صل الله عليه واله وسلم" وما تلتها من احداث كادت ان تزلزل الوجود الاسلامي من جذوره، فكان الراعي للمشروع اﻷسﻻمي، والانموذج المثالي للحكم واﻷدارة الاسلامية.


117
لم يكن جميلا ما قالته جميلة!

رسل جمال

أثارت احدى النائبات قبل مدة زوبعة في وسائل اﻷعﻷم ومواقع التواصل، حول المضي بتشريع قانون يقضي بالسماح بتعدد الزوجات، مع صرف رواتب وحوافز  كتشجيع للمقبلين على مثل هكذا خطوة!

وبعيدآ عن الخوض في مضامين القانون، الذي تصدت النائبة لتشريعه، هنالك أمور ومسلمات كيف يمكن ان تفوت النائبة، التي ولأول مرة تخطف هذا الكم الهائل من الانتباه، رغم ان عمر الدورة الحالية لمجلس النواب شارف على الانتهاء.

فكانت كما الذي سكت دهرآ وتكلم كفرآ، ففي بلد مثل العراق يعاني من حاليآ التقشف في الانفاق العام، وعجز في الميزانية، وسلسلة مشاكل اقتصادية ومالية، فمن اين يمكن ان يخصص اموال لهذا القانون؟ الم تطرح النائبة هذا التساؤل على نفسها قبل ان تصرح به لوسائل الاعلام، مع العلم ان النائبة ادرى بشعاب مكة، كونها جزء من الحكومة، ولا يخفى عنها ما تعانيه!

ان تعثر عجلة الاقتصاد في البلاد ومع ارتفاع معدلات البطالة، من اهم الامور التي اسهمت بدورها عزوف الشباب عن الزواج، وبالتالي ارتفاع نسب العنوسة بالعراق، اما كان بالاحرى من النائبة التفكير بقانون يخدم القطاع الصناعي للبلد، والذي بدوره يحرك عجلة الاقتصاد، ويكون المفتاح لحل الكثير من المشاكل التي يعاني منها العراق.

اذ مع وجود ميزانية خاوية، ووجود قانون في الاحوال المدنية العراقية، ينص اصلا على امكانية تعدد الزوجات، اذا كانت الزوجة الثانية ارملة، فلا يمكن ان نقول سوى، ان النائبة ارادت ان تسدد رمية في شباك اﻷمال الانتخابية مبكرآ، الا انها لم توفق، اذ طارت الكرة خارج ملعب طموحاتها!

ما الفائدة التي جنتها النائبةمن اثارة الراي العام حول قوانين تعلم مسبقا انها لن ترى النور سوى  جذب الاضواء مؤقتآ واستمالة العقول الساذجة.


118
المنبر الحر / فوبيا سياسية!
« في: 21:55 29/03/2017  »
فوبيا سياسية!

رسل جمال

الفوبيا او الرهاب، حالة نفسية تعني بعلم النفس، الخوف الشديد غير العقلاني، وقد لا يخلو احدنا منه، اذ يرتبط هذا الخوف بحادثة ما، تركت اثار عميقة في النفس، او احيانا تتمثل الفوبيا بشخص ما،  ينشر التوتر في المكان، كثيرا مايرتبط هذا الشخص بأيام الطفولة الاولى الراسخة بالذاكرة، قد يكون معلم قاسي، جار فض، او عابرسبيل حتى.

اعترف انني اعاني من فوبيا عبور الشارع، بسبب حادثة قديمة تعرضت لها، جعلت مني قطة خائفة على طرف الرصيف، تتردد اكثر من مرة عند عبور الشارع، وهكذا كثيرا ما تكون الفوبيا شعور مزعج او مثير للقلق والتوتر، حول امر ما يراه البعض عاديا، في حين انه يشكل فوبيا ورهاب لاحدهم!

هناك فوبيا  ورهاب جماعي يعني منه الشعب العراقي، من اهم اعراضه التوجس والريبة، من كل مايمت للسياسة سواء من قريب او بعيد، بسبب التخبط الاعلامي، الذي يشهده المشهد السياسي، في ظل غياب الرؤية الموحدة والخطاب الوطني الواضح،اثر التقاطعات السياسية والتكتلات الحزبية، التي طغت على مانراه عبر وسائل الاعلام.

جعلت المواطن في حيرة من امره ويتسأل، اذا كان القائمون بالحكومة يصرحون بمثل هكذا نبرة تصعيدية حادة، ينتقدون حكومة هم انفسهم جزء منها، فأي تناقض هذا ؟

لكي نتغلب على مخاوفنا، ونتجاوز ما نعانيه من "فوبيا" يجب ان تكون هناك مواجهة حقيقة مع تلك المخاوف والارهاصات، ولكي تتبلور المواجهة بشكل صحيح، يحب ان تتوفر نية صادقة وحقيقة  لدى الساسة تعيد الامل لما نراه امامنا.

ان ما نحصد هو نتاج ما نزرع، متى ما احسنوا الساسة بأنتقاء البذرة الصالحة، لابد ان يأتي الامر ثماره، اكتفى الشارع والمواطن من قصور السراب، والتي يبنيها لهم السياسي، مع اقتراب كل انتخابات.

ولا ندعي ان الوصول الى ما نصبو اليه من استقرار سياسي، وازدهار اقتصادي بالشئ السهل، لان الطريق مازال مليئ بالمطبات، ولكن المخاض الذي أستغرق 13 سنة ان له ان ينتهي، ويتكلل بولادة حقيقة لرؤية سياسية موحدة، تضع العراق بالمقام الاول، ولا شئ غير العراق، حتى لا ننصاب مجددآ "بفوبيا سياسية"  اخرى!


119
المنبر الحر / عيد الحياة
« في: 19:42 22/03/2017  »
عيد الحياة

رسل جمال

نسمات هذا الصباح قد تختلف عن مثيلاتها، لانها مفعمة بروح الربيع الذي اعلن قدومه، مع عيد نوروز الذي يعتبر واحد من اقدم اﻷعياد في العالم، اذ يحتفل بهذا العيد اكثر من 300 مليون حول العالم، ويتزامن مع بداية الربيع، وبداية السنة الجديدة لدى عدة شعوب.

انه عيد ازدحمت به الالوان، مع زغردة العصافير الفرحة التي تبتهل بالدعاء للعراق، لتزامن عيد الربيع مع ربيع اﻷنتصارات، الذي تشهده قواتنا الباسلة، وهي عازمة على تحرير اخر ذرة تراب مغتصبة بيد اﻷرهاب.

لذلك فان اﻷمل والتفائل يملؤنا، ونحن نستقبل عيد نوروز، الذي يمثل بشارة خير ﻷن العيد الحقيقي بأنتظارنا، وهو عيد النصر والتحرير، وقد بات قاب قوسين او اوادنى من التحقيق، غادرت الاحلام ارض المستحيل واصبحت قيد التحقيق، بسواعد الابطال وتضحياتهم الغالية.

مع كل عام تمر بنا هذا المناسبة الملونة، لتثبت ان للحياة صوت اعلى واقوى ، وقد تذبل احيانا وتمرض احيانآ اخرى، لكنها لا تموت ابدآ، فسرعان ما تتجدد وتظهر لنا بحلة خضراء جميلة تسر الناظرين، لتؤكد مقولة، ان الحياة شلال هادر لا يتوقف، وقوى الظلام اضعف من ان تقف بوجه عنوان ارادة الحياة.

لكي لا يمر عيد الطبيعة مرور الكرام، يجب ان نعمل على ترميم مايحيط بنا من بيئة طبيعية، ولا نكتفي بالاحتفال فقط، والعمل على غرس ولو بذرة في هذا اليوم ، بذرة تعبر عن التزامنا امام الله، بالمحافظة على تراب هذا الوطن.

وﻷن الاشجار هي رئة الارض، فعلينا العمل على تشجير كل مايحيط بنا من ارض جرداء مهملة،حتى لا تكون فسحة ومكب للنفايات، في منظر مزعج للبصر ومضر بالصحة، خالي من سمات الحضارة.

اذن ما الذي يمعنا اليوم ان نغرس بذرة اﻷمل، مع بذور النباتات، نغرس قيمة معنوية، قيم ومثل عليا، نغرس بذور الوئام والتسامح والمحبة والتواصل بين ابناء شعبنا الواحد.

120
المنبر الحر / "اجتماع الثعالب"
« في: 20:59 21/03/2017  »
"اجتماع الثعالب"

رسل جمال

تطل علينا كل مرة، اخبار انعقاد مؤتمرات مشبوهة خارج العراق، واخرها كان في اسطنبول، اذ تتولى دول اقليمية لاتريد للعراق النهوض من مستنقع الصراع، تبني مثل هكذا لقاءات، لغاية في نفس يعقوب!

لكنها ليست خافية لكل عاقل، لان رعاية المؤتمرات تعني رعاية اطماع ومصالح، معادلة بسيطة لا تقبل الخطأ، لكن لا يمكن ان نلقي باللوم على تلك الدول، التي طالما لم يشهد لها التأريخ انها وقفت، مع العراق وقفة مشرفة على عكس مواقف العراق مع بقية الدول.

العربية منها وحتى غير العربية، ففي كل نكبة او كارثة تمر بها دول الجوار، كان ومازال العراق حاتم الطائي الوحيد الذي يجود بقوت عياله، في سبيل جاره، لكن اللوم على من يدعون الوطنية، من مسوؤلين في الحكومة، لكنهم باعوا ولاء الوطن بمزاد الخيانة!

وراحوا يلهثون مثل ذئاب جائعة، وراء مؤتمرات العمالة، لعلهم يحظون بجانب من الفريسة، واﻷ لماذا تعقد هذه المؤتمرات، بعيد عن ارض الوطن، لو لم تكن هناك نية مبيتة لضرب البلد، وبأجندات خارجية واطماع اقليمية.

وضعت لها وجوه عراقية تمثلها بمثل هكذا لقاءات، فمع اقتراب النصر لتحرير الموصل، ومع هذا الكم الهائل من التضحيات، التي قدمها ابناء الشعب من الجيش والحشد الشعبي، تتسارع خطى الذئاب لوضع خطط استباقية لمستقبل"نينوى".

اننا قد نختلف في وسيلة المعرفة، التي نطمئن لصحتها، سواء حسآ او عقلا او حتى حدسآ، وهذا الاختلاف نفسه دليلا على ان لدينا "معرفة اولية بالاشياء" ﻷباس بها. لكن يبقى هناك المطلق، الذي لاجدال فيه، فما بني على باطل فهو باطل، وكل ما يدبر خارج ارض العراق لا يمكن ان نحسن الظن فيه!

ان وجود العراق، بحلة وطنية متلونة الاطياف يعيش بسلام، امر قد لا يروق للبعض، وليس بالامر السهل لاننا نحارب اعداء ليسوا ضعفاء، كذلك الجو السياسي المحيط بالمنطقة، متوجس خيفة من التجربة العراقية، منذ بداية التغيير والى يومنا هذا، اي ان هناك رفض وعدم تقبل قيام حكومة عراقية مستقلة، ونحن نقول لهم سواء شئتم ام أبيتم، ان العراق اعظم من ثلة ذئاب متربصة للنيل منه!


121
المنبر الحر / شاعر الحلزونة!
« في: 03:58 19/03/2017  »
شاعر الحلزونة!

رسل جمال


من منا لا يذكر المقطع المضحك لعادل أمام، في احد افلامه وهو على منصة المسرح يلقي شعر "الحلزونة" ، شعر ما انزل الله به من سلطان مع تصفيق حار من الجمهور وسط موجة من الضحك عارمة.

على قصر المشهد، الا انه يحمل العديد من المعاني واﻷشارات، التي تعبر عن ذائقة مجتمع بأكمله، اصبحت هي الثوب المتجلبب بها المزاج العام للفنون واﻷدب السائدة، حين تجلس في أي وسيلة نقل عامة،  تهجم على مسامعك الحان وكلمات بذيئة، بأسم الفن والثقافة عبارة عن أغاني وأشعار، مليئة بايحاءات خادشة للحياء ومخلة باﻷداب العامة.

لكن المقلق في اﻷمر اصبحت لتلك الظواهر الدخيلة، معجبين ومتذوقين بأنسجام تام مع تلك الملوثات السمعية والمرئية،من الشباب والمراهقين، التي بأتت تشكل تهديد حقيقي للذوق العام، واعتداء سافر على الذائقة العامة لجيل بأكمله.

خصوصآ عندما يطل المطرب الفلاني، بزي غريب وتقليعة بقصة شعر ملفتة، واذا بها تصبح باليوم التالي الزي الرسمي لبعض للشباب، فظهرت لنا البناطيل التي تكاد ان تسقط، من على حافة الذوق!
وكذلك اصبح اولادنا يتسابقون لشراء لبس ممزق، فكيف يصبح بنطال ممزق احد علامات الموضة والتحضر؟ لا اعلم الى اين نمضي؟!

اضافة الى ان بعض القنوات لم تكتفي بضخ اغاني هابطة، بل باتت تقدم برامج بأسم الشعر، وهي اشبه ما تكون كلام مصفوف، أشبه مايكون "بشاعر الحلزونه" شاعر يتجنى على اللغة، والسامعين على حدا سواء، شعراء الصدفة والموجة العابرة، مع كل جز تظهر لنا قواقع حلزونية تدعي الشعر، نسال الله ان يحل مد ثقافي عارم، ينهي مثل هكذا ظواهر دخيلة، عاثت باﻷدب والثقافة فسادآ.



122
انها أنسة ليست "عانس"

رسل جمال

أخر اﻷحصائيات العالمية، تؤكد وباﻷرقام ان العراق، أحتل المرتبة الثانية بعدد النساء  "غير المتزوجات" وصلت الى 70% ، اذ جاءت بعد لبنان الذي تصدر القائمة بنسبة 85% في حين كان لفلسطين الحظ اﻷوفر باقل نسبة وهي 7% فقط، نسبة النساء البالغات السن القانوني للزواج ولكن لم يتزوجن بعد!

في بلد مثل العراق، لا توجد عوانس بل هناك ممن حرمن العيش بظروف طبيعية، في ظل حروب متلاحقة، واحداث سياسية ونزاعات، خلفت الكثير من الحوادث، حصدت الكثير من الشباب، كل ماذكر اسهم بارتفاع اعداد الاناث مقارنة مع نسب الذكور، اضافة الى البطالة التي اسهمت بارتفاع اعداد "النساء غير متزوجات" لعزوف الشباب عن الزواج.

ان من الظلم ان نطلق، على من لم تحظى بفرصة مناسبة للزواج انها "عانس" فكون المراة غير متزوجة، هي حالة اجتماعية، قد لا تدعو للفخر، وان تكون المراة غير متزوجة، فليس هناك ما يدعو للخجل، ويكون سببآ للانزواء والانعزال، بل على العكس قد تكون تلك النساء العازبات، تعشن حياة اكثر استقرار وهدوء، خصوصا اذا علمنا ان نسبة الطلاق بأرتفاع متزايد، هذا دليل ان عش الزوجية، قد لايكون الفردوس ابدآ.

ان تغيير مفاهيم راسخة بالمجتمع، ليس باﻷمر البسيط، ولكن سنه اﻷمور هي الصيرورة الدائمة، وطريق اﻷلف ميل يبدء بخطوة اولى، فعندما نهتم بتعليم بناتنا اولا، والتعامل معهن  كأفراد مستقلين، ولهن كيان خاص، ولسن مجرد ظلع اعوج ، فاننا بذلك نعزز الثقة بأنفسهن، ونزرع روح التنافس للارتقاء بأعلى المصاف.

الحياة اوسع من ان تختزل، بالوقوف بالمطبخ فقط حاملة رتبة زوجة فلان، فهناك الكثير ينتظرنا، لنصنع حدث ما، ﻷن كل يوم نعيشه هو هبة من الله، لايجب ان ننفقه  بالحزن، على الماضي او القلق على المستقبل.

انما علينا ان ندرب بناتنا على الاعتداد بالنفس اوﻵ، و تحقيق الذات ثانيأ، فالحياة اقصر من ان نقضيها بالحزن على تصنيفات، هذه متزوجة وتلك عانس عفوآ انسة، لان المراة عليها ان تفتخر كونها انثى قبل اي لقب اخر، فلا توجد عانس، بل هناك جوهرة وقد يتاخر من يقتنيها قليلا.



123
المنبر الحر / نظرية الاوطان
« في: 13:59 12/03/2017  »
نظرية الاوطان

رسل جمال


تزخر المكتبات وامهات الكتب بنظريات يعلوها الغبار، قد أكل عليها الدهر وشرب، ومازالت تحتل مكان واسع بمناهج الدراسة، منها ما كانت صائبة، ومنها من كانت خاطئة، ومنها من تأرجحت بين التسافل والرقي، مثل نظرية التطور، لكن كانت اكثرها غرابة هي النظرية النسبية ﻷنيشتاين.

لكن المناهج الدراسية، تغافلت عن اهم نظرية طرحت في زماننا، الا وهي"نظرية الاوطان" التي طرحها السيد السيستاني، تلك النظرية التي قلبت الموازين الطبيعية للأمور، نظرية مسددة من الله، انها نظرية الولاء للوطن، تسامت فوق كل شئ، من طائفية وعرقية.

جاءت في زمان كان يراد للعراق، ان يمزق، تلك النظرية التي افشلت مؤامرات اقليمية ودولية كبرى، عندما وقف ذلك الموج الهائل، من الدعم اللامحدود للارهاب عاجزآ، بعد الفتوى التي اطلقها السيد السيستاني" الجهاد الكفائي" .

فكانت كصعق كهربائي لجسد ميت، أعيدت له الحياة لكن بعنفوان اكبر، وخلقت ذراع اخرى تحامي عن الوطن "الحشد المقدس" جند الله باﻷرض، رغم ان العراق شهد العديد من البطولات العسكرية، بفضل سلسلة حروب لم يخض بلدآ على وجه اﻷرض نصف عددها.

اﻷ ان لخطوات الحشد وقع خاص على تراب الوطن، وقصص بطولية ستبقى خالدة لعشرات السنين، فان تقاتل في سبيل الوطن فهذا شرف، ولكن ان تقاتل وتتهم بانك طائفي، سارق، معتدي، ولا تثنيك تلك التهم الباطلة، فاي جهاد اعظم منه!

انهم اتباع "نظرية الاوطان" انها نظرية ﻻتحتاج الى عقول ﻷستيعابها بقدر حاجتها الى نفوس كبيرة تتحملها على عاتقها، هامات تتعالى عن مصالحها الضيقة، ترمي الى الخلود، فكم نحن بحاجة لمثل هكذا نظريات، توصل ولا تقطع، تصهر الجميع في نهر الوحدة.

مثلها مثل مشروع يعد بخطط استباقية، مستقبلية، قد لا يدرك اصحابه ثماره الحقيقة، اﻷ انهم وضعوا العراق نصب اعينهم، وكان همهم، انه مشروع الامل مشروع عراق الغد.



124
حتى لا تموت الحدباء

رسل جمال

حتى لاتموت الحدباء، ابتسم محمد البدري ابن الناصرية، وهو مبتور الكف والساق،ابتسامة هزم بها الارهاب الجبان، فأي شجاعة يحمل ذلك الفتى،وهو يستقبل زائريه بالاهازيج، التي تعبر عن البطولة والشجاعة.

مشهد يقف عنده العقل حائرا، عن حجم البسالة التي يحملها محمد، كأنه اسد رابض لا يبالي بجراحه، انه جين وراثي لا يحمله سوى "ولد الملحة".

هذا هو ابن الناصرية، فقد اجزاء من جسده، وهو مسرور دفاعا عن ابن الموصل، ضاربآ بالطائفية المزعومة عرض الحائط، مسطرآ اروع صور البسالة والشجاعة، دفاعا عن ارض الوطن والمقدسات.

محمد البدري طالب جامعي، استغل العطلة الربيعية، للاتحاق  بصفوف الحشد الشعبي المقدس، كما قد يتوجه البعض للتنزه!
ملبي نداء المرجعية المقدسة، ويفتخر محمد انه فقد اطرافه، ثمنا لاستمرار الحياة وعودتها من جديد، بعودة الناس لاماكنهم، التي هجروها رغما عنهم.

مؤكدا ان الفرد منا، اينما كان يستطيع ان يقدم لهذا البلد، كل ما من شأنه ان يرفع اسم العراق عاليا، سواء في مجال العلم او المعرفة، او في ساحات القتال، ويعتز محمد بنفسه كونه، طالب علم في ميدان المعرفة، وجندي على الساتر، فهو شرف لا يدانيه شرف، ضاربا اروع صور الايثار والتضحية في سبيل الوطن.

مؤكدا ان العراق بلدأ يستحق كل التضحيات، لانه بلد المقدسات والحضارة، ويرى ان اجزاء جسده ثمن الحرية والشرف واﻵباء والعزة ﻷرض الوطن، وحتى لا يدنسها الارهاب القذر، وراح يصدح بالاهازيج امام والدته وهو مملؤ فخرأ واعتزاز " الجف والساك انطيهن حتى تنامن مستورات".

كم انت غيور يامحمد جدت بأجزاء من جسدك، حتى تنام النساء بأمان واطمئنان، وهكذا اصبحت الردهة التي تحوي محمد، مزار لمختلف الشخصيات ووسائل الاعلام، تسابقت لرؤية هذا البطل الاسطوري، الذي خلد اسمه رمزآ لفخر ولتضحية، والامل المتجدد الذي رسمه محمد، بأبتسامة لم تفارق محياه ابدآ.

محمد يمثل شريحة واسعة من ابناء الحشد الشعبي المقدس، ممن استشهد او اصيب اثناء القتال، دون الوقوف بشكل جاد حول موضوع ضمان حقوق المقاتلين، فلا يمكن ان تمر تلك التضحيات الجسام، بدون تثمين لها، والاهتمام بمثل حالات محمد الصحية، ومتابعتها بشكل مستمر.

اذن كيف للحدباء ان تموت وهناك مثل محمد على الساتر يقاتل في سبيلها



125
واقع المراة السياسي في العراق قبل وبعد

رسل جمال

عند النظر الى واقع المراة السياسي، في النظام السابق، نجد انها لم يكن لها اي دور يذكر في المضمار السياسي على الاطلاق، سوى  انها كانت تعرف  "الماجدة" لقب اغدقه عليها الطاغية، وصنع منها أله للتهليل والتطبيل له، في وسائل الاعلام، بابشع صور اﻷذلال واﻷهانة ﻷنسانية المراة العراقية.

لم يكن ذلك الانموذج يمثل سوى نفسه، بعيدآ كل البعد عن واقع المرآة العراقية البسيطة، والعاملة والطبيبةوالاهم من هذا وذاك وقبل كل شئ انها الام العراقية مدرسة الاجيال.

لكن في ظل سياسات طائشة للنظام السابق، وانشغاله بافتعال حروب في المنطقة، كل ذلك ساهم، بزيادة معاناة المراة العراقية، التي اهملت ابسط حقوقها، من التعليم والعناية الصحية، هذا مما خلق شريحةباعداد مخيفة من النساء، مما يعانين من الامية والتخلف.

لكن بعد التاسع من نيسان للعام 2003، بزغ فجر جديد، حمل في طياته الكثير من التغييرات ومن ضمنها، واقع المراة السياسي في العراق، اذ نالت المراة بعد عقود الاهمال، حصة لابأس بها من التمثيل الحكومي .

وبرزت هناك وجوه نسائية سياسية، اخذت على عاتقها التحدث وبكل شجاعة، عن اهم القضايا السياسية الراهنة، واصبح لها صوت مسموع في الشارع، وتحت قبه اكبر سلطة تشريعية الا وهي "البرلمان" .

لكن قد يتعثر دور المراة في السياسة احيانا، وذلك مقارنة مع حجم ثقلها في المجتمع، كونها نصفه والحاضن للنصف الثاني، هذا ما يجعلها في طموح دائم الى تولي المزيد من المراكز القيادية، وفسح مجال اكبر امامها للمشاركة في صناعة القرار.

ونحن في ذكرى يوم المراة العالمي، لا عجب ان تقف نساء العالم للمراة العراقية، وقفة اجلال واحترام لتلك التضحيات ولذلك الصمود المستمر، لتلك الصور المشرفة التي ضربت بها المراة العراقية اروع صور تحمل المسؤولية كاملة.

اذ ترأس عدد كبير من النساء العراقيات، قيادة اسرهن، في ظل ضروف اجتماعية وسياسية، اجبرت الرجل ان يختفي من المشهد، بين قتل وهجرة وتهجير. فكانت هي الام والاب، تربي الابناء وتزرع بهم روح المواطنة الحقة، فهي مصنع الابطال، ولا يفوتنا ان نذكر ام شهدائنا الابطال، تلك الجنود المجهولة، التي قدمت اولادها ثمن لتراب الوطن، مقتدية بذلك بالحوراء زينب "عليها السلام" فالف تحية للمراة العراقية في يومها العالمي.



126
رؤية فلسفية لمشروع الامل

رسل جمال

لا أريد ان اسطر كلمات التنظير عن "مشروع الامل" فقد تكون  تلك الكلمات مملة للبعض، وقد تظلم الفكرة الحقيقة للمشروع، ولا توصل الرؤية الكاملة للجمهور، ولكن دعوني  اخذكم برحلة للغوص بأعماق " مشروع الامل" لنتعرف على مكنونات هذا المشروع الفتى.

بعد سقوط النظام، امتلئنا اماني واحلام وردية لمستقبل العراق، وللقادم من الايام ولكن، سرعان ما بان السراب وتبخرت تلك الاحلام والطموحات، بعد سلسلة حكومات تأرجحت بين الفشل والتحزب والطائفية، مما خلقت جو من اليأس من رجالات السياسة عند الشارع العراقي، استمرت لفتره طويلة.

الشجاعة ان تحاول التغيير رغم كل مايحيط بك من علامات الفشل والاحباط، وان تفكر بشكل جدي بتفاؤل وبأمل مطلق، ان الافضل قادم بأذن الله، هكذا انبثق "مشروع الامل" من رحم الاحباط والفشل، من عملية سياسية معقدة، ومتشعبة الاطراف.

جاء المشروع ليصحح المسار، ويبث الامل على المشهد السياسي العام، بعد ان خيم عليه اليأس سنين طويلة، مشروع يحمل الكثير من الشجاعة، يتحلى بها فرسانه، الذي اخذوا على عاتقهم حمل رسالته، اذ ظهر المشروع بعد سلسة تجارب سياسية، لن تجدي نفعا على الاطلاق، بل على العكس زادت من نفور المواطن من العملية السياسية، فكان المشروع بعد دراسة معمقة ومستفيضة لمعطيات واقع، ومخرجات مشاريع ثبت فشلها بالدليل القاطع.

بعد ان تعاملت تلك الاحزاب مع المجتمع، معاملة "المقاول" ففي موسم الانتخابات نراه يغدق العطايا، على الفقراء والمساكين، ويسرف بالوعود الكاذبة على الناس السذج، في محاولة بائسة لكسب الاصوات،  في مشهد يدعو للأشمئزاز حقآ !

يتكرر هذا المشهد مع كل كرنفال انتخابي، حتى بات مستهلك جدا،  ظهر "مشروع الامل" ليغير هذه المعتقدات الراسخة لدى المواطن البسيط، بربط المشروع بالصندوق الانتخابي، لانه مشروع اشبه بالخطط الخمسية التي تضعها الدول، للتطوير والبناء والتقدم، مشروع وضع خارطة طريق له للأمد البعيد.

فهو لا يستهدف السباق الانتخابي كما قد يعتقد البعض، لانه مشروع وضع للمستقبل وخطط له بدقة، ليكون اساس دولة عصرية وعادلة، باختيار اناس ينطبق عليهم صفات الفرسان، ويمتلكون بذرة القيادة، فيعمل المشروع على تطويرهم وتأهيلهم، بشكل علمي، وزجهم بالميدان ليشغلوا مساحات في بناء الدولة.

ان المشروع وضع بخطوات مستقبلية، ان دلت على شئ تدل انها وليدة فكر، نفس كبيرة، وبرؤية جادة لبناء قيادة عراقية اصيلة، قائمة على العلم ومتسلحة بحب الوطن، لذلك نرى ان "مشروع الامل"  جاء وهو محمل بجملة مبادئ واخلاقيات سامية، ومنفتحة على الاخر، ومتجاوز اخطاء الماضي وارهاصاته، يرفض التطرف بكل اشكاله، وينبذ التقاليد والعادات البالية، ويفسح المجال امام المرأه بعد ان عانت من سنين الظلم وغبن الحقوق.

بعد ان ترسخت ثقافة "القطيع" بالمجتمع، جاء مشروع ليجعل من افراده فرسان في الميدان، يشأر اليهم بالبنان ، رافضا للشخصنة والصنمية "القائد الضرورة" ، اول مشروع يؤهل الانسان ويرتقي به، ولا يحشده ، فان تكون فارسآ فانت محط اهتمام الجميع، ولست مجرد جسم يمﻷ حيزا من المكان.

127
المنبر الحر / المدرسة المعطلة
« في: 15:37 04/03/2017  »
المدرسة المعطلة

رسل جمال


يقول عز وجل في محكم كتابه " وعلامات وبالنجم يهتدون" اي اننا لكي نستدل الطريق، لابد من وجود علامات واضحة، واﻷ فلن نهتدي للحق ابدآ، وفي الحياة كذلك وضع لنا الله علامات مضيئة، حتى لا نتوه في بحر الفتنة، الا اننا نحن من تغافلنا عنها، ولكنها تبقى علامات فارقة، واشارات دالة رغم مايحيط بها من تجاهل، وظلم.

انها "ام ابيها" فاطمة الزهراء عليها السلام، بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، الذي ارتبط اسمها مع الحزن والالم والظلم، لمقامها الانساني، وارثها الحضاري، مالذي نعرفه عنها؟ سوى انها بنت الرسول الاكرم، اين ذكرها من كتب التأريخ والسيرة؟ أيعقل ان البتول لم تسمع من ابيها سوى حديث واحد وينقل عنها، وهو حديث الكساء!

لم كل هذا الغموض حول الحوراء؟ اين قبرها؟ لماذا اخفي؟ كلها اسئلة تتكرر في مثل هكذا ذكرى أليمة على قلوب المؤمنين، واحتجاج واضح من الزهراء على من ظلمها.

انها بحق مدرسة معطلة، مخفية أثارها الا ان نورها، لا ينطفئ ابدا فرغم صغر سنها الشريف، الا انها كانت "ام ابيها" فهي الكوثر في زمان كانت البنت توأد به، ويسود وجه ابيها اذا بشر بها، فرفعها النبي عليه الف الصلاه والسلام واله الى اعلى مقامات العزة والاحترام، فعلى الرغم من وجود نساء أخريات في بيت النبوة، من زوجات او ربيبات، الا انها نالت عليها السلام مرتبة سامية وعالية، عند الله سبحانه وتعالى، وعند ابيها وفي المجتمع الاسلامي أجمع.

هي الام والابنة والزوجة، منظومة اسرية متكاملة عليها السلام، ومدرسة علم اذ كانت تعقد جلسات تعليم القران واحكام الدين، فلها دور كبير في بناء وتدعيم قواعد الدين اﻷسلامي وتثبيت اركانه، فاين نحن اليوم من تلك المدرسة الربانية؟ ذات العلوم المتفجرة، لماذا مناهج دراسة اولادنا، زاخرة بنظريات بالية اكل الدهر عليها وشرب، ولا نبحث بتلك العلوم الزهرائية؟

انها مظلومية أخرى، تضاف الى سلسلة مظلومياتها اﻷليمه عليها السلام، وذلك بتغافل وتجاهل مناقبها وأثارها، ولا يمكن ان تستمر المظلومية الى ما لا نهاية!
فاذا اردنا ان نهتدى ونحن في ظلمات البر والبحر، مالنا سوى النجوم لتنقذنا مما يحيط بنا من امواج الفتنة، وتهدينا الى الطريق القويم في الدنيا واﻷخرة، فعلينا بالزهراء المضيئة عليها السلام.



128
التسوية تهدئة ام تصعيد؟

رسل جمال

عندما كان يلعب احد الصبيه مع رفيق له، تبادلا رمي الكرة بكل انسجام وهدوء، لكن مالبث الاول حتى وجه الكرة الى صاحبه ولكن بقوة بعض الشئ، لم يقصد ايذائه لكن الثاني قد اوجعته الضربة، فردها الثاني بقوة اكبر، فتحولت اللعبة الى مصارعة، ودب الخلاف وتصاعدت الاصوات ثم الايدي!

فما كان من الجد الحكيم، اﻷ ان يتدخل بحكمته المعهودة، ويصلح بينهم ويذكرهم انهم اخوه، وماحدث لا يمكن ان يستمر، ولا يجب ان نتوغل بايذاء بعضنا البعض هكذا، وأشار اليهم ان جارهم الحقود قد اسعده منظر القتال، وذكرهم بأيام الطفولة الجميلة، وان  الشباب يقف بأنتظارهم، فلا يمكن ان يستقبلاه، بالخصام والخلاف، فالصلح هو سيد الموقف، وهكذا عادت المياه الى مجاريها، بفضل حكمة الجد.

السلمية اذن، هي الحالة الطبيعية لتعايش الشعوب، وما الحروب والاقتتال اﻷ حالة طارئة، لا يمكن ان تكون هي واقع حال مسلم به، لانها استنزاف للشعوب وطاقاتها وثرواتها، وتهديد لوجود الدول ومؤسساتها، واستهداف مباشر ﻷرث البلاد الانساني، ومقدساتها، كما ان لها اثار خطيرة، على النسيج المجتمعي على المدى البعيد ، مالم توضع خطط ومشاريع ناهضة لما بعد الحروب واﻷزمات.

جاءت مبادرة التسوية السياسية، كحل للفترة  "مابعد داعش"  فلا يخفى عن الجميع، ان داعش الارهابي ماهو الا نبت شيطاني، تجذر بجزء مهم من الوطن، وقد ترك أثار قبيحة على الارض، فلم تعد صالحة للزراعة مرة اخرى، مالم نكري تلك المخلفات، ونحرث التربة من جديد، لتكون صالحة للحياة مرة اخرى.

هنا تكون التسوية كبارقة امل يلوح باﻷفق، بعد سنوات الارهاب والتهجير، فهي غيمة محملة بأمطار نيسان المنعشة، بعد ان انهك الجميع، فالتسوية هي مشروع انقاذ للجميع، من نيران الفتنة والفرقة، ولا يمكن ان نقول عنها انها مشروع انتخابي عابر، على العكس لانها مشروع وحدوي،  خارج اطار السباق الانتخابي ، مشروع يعبر عن اصالة الروح الوطنية ،تسير جنبا الى جنب للمجهود السياسي للتحالف الوطني، بعد ان تكفلت اﻷمم المتحدة، بتبني المشروع وتقديم اوراقه للاطراف السياسية العراقية الاخرى.

مع التأكيد ان من يرفض مشروع التسوية، فليقدم البديل اذن، فاما التسوية واما فأن التصعيد سيستمر، فاذا لم نلملم شتات البيت العراقي، ونعالج اسقاطات وتبعات داعش على الارض والفرد،  اذ ستأتي لنا اسراب طيور ظلام مرة اخرى، مستغلة الفرقة والتجاذب بين مكونات الشعب الواحد، فلا يمكن ان نلدغ من الجحر مرتين!

وقد يسأل سائل لماذا تاخر اﻷعلان عن التسوية، رغم كثرة الكلام والتأويلات عنها بوسائل الاعلام ؟ والجواب هو لعدة اسباب منها اولا : ان مشروع التسوية وضع لمرحلة "مابعد داعش" فلا يمكن الاعلان عنها بشكل رسمي، ما لم تنتهي العمليات العسكرية لتحرير الموصل.
ثانيا : اختلاف وجهات نظر الشركاء السياسين "اصحاب القرار" و رؤوس العملية السياسية،  كان ايضا من اسباب تأخير الاعلان عنها.

اذن التسوية تساوي التهدئة والعيش بسلام، في عراق خالي من النزاعات والخلافات، فمن يرفض التسوية، فهو راغب بالتصعيد، واﻷ فليقدم البديل، فلا مكان ﻷهل الاعراف بيننا!



129
المنبر الحر / "فيتامين No"
« في: 20:58 02/03/2017  »

"فيتامين No"

رسل جمال

الابناء هم ثمرة المستقبل، وحصاد الغد، وقادة البلاد، وهم اول لبنة في بناء الوطن، لكن ماهو حال ابنائنا اليوم؟ وماهو طموحهم؟ وماهي تطلعاتهم للمستقبل؟ استوقفني منظر تجمهر الاهالي امام باب المدرسة، وعند السؤال عن سبب، تبين ان منهم من ينتظر خروج ابنه من المدرسة، ومنهم من اوصل اولاده للتو، ﻷن دوام المدرسة مزدوج، فهناك فوج مقتحم وفوج قد افرج عنه ولك انت تتخيل المنظر!

لفت نظري ايضا، ان اﻷباء واﻷمهات هم من يحملون الحقائب، رغم ان ابنائهم لا يعانون من عاهة ، تذكرت حينها عندما كنا نعود من المدرسة تترك الحقيبة اثارها على اكتافنا، ولا اذكر اننا تذمرنا يوما، كما ان الاهل اليوم هم من يكتبون الواجبات المدرسية للابناء، اعتقادا منهم انهم بذلك يرفعون من مستوى اولادهم الدراسي، وهم على العكس يمسكون بمعول الخراب، ويهدمون بذلك البناء المعرفي لﻷبن،  وخلق منه شخصية اتكالية، كسولة غير مبالية، ولا  حتى مكترثة ، فاذا به يتخرج من الابتدائية وهو لا يجيد القراءة والكتابة بشكل صحيح، وهذه طامة كبرى.

اننا على اعتاب جيل، متنمر ومتدني بالمستوى الدراسي، حقيقة مرة لايمكن تجاهلها، فرغم ما توفر للجيل الحالي ، من رفاهية بعض الشئ، وزيادة ملحوظه بمستوى المعيشة العام، مالم يتوفر لغيره من الاجيال السابقة التي عانت من سنوات النظام السابق، ومارافقتها من ارهاصات الحصار الاقتصادي.

مما انعكس على اسلوب حياة عامة، تعود عليها الفرد العراقي وتأقلم وفق معطياتها، ورغم تلك الصعوبات، ظهر جيل من رحم المعاناة، مقدام مبدع ومجد، ومتفوق دراسي، وها هو اليوم يصول ويجول في كل الميادين، ويشهد له القاصي والداني، لانه اعطي الكثير الكثير من "فيتامين No" انه فيتامين العوز والحرمان، انه اشبه بالمصل المضاد، طعمه مر، اﻷ اننا ادركنا حلاوته فيما بعد.

فلا يمكن ان تكون كل طلبات الاولاد مجابة، ﻷن الحياة عبارة عن منظومة حقوق وواجبات، لابد ان تقدم ماعليك، لتأخذ ما لك، هكذا تعلمنا وأغلب الاحيان، كنا نقدم ما علينا من تفوق دراسي وغيرها من الامور الاخرى، ونغض الطرف عن حقوقنا، لان "فيتامين No" كان حاضرآ وبقوة.

حتى ادركنا ان عدم الحصول، على كل مانرغب قد يكون في بعض الاحيان من حسن الحظ، ﻷن الدلال لا يخلق رجولة، ولا يهيئ فرد يستشعر المسؤولية، ان تفهم الابن منذ سنينه الاولى، وضع عائلته وعدم تلبية جميع طلباته، يحثع على العمل والتفوق ليحصل على ما يريد، يجعل منه شخصية قيادية، تقدر العمل الجاد، اذ  تعلمنا ان الظروف الصعبة هي من تصقل وتصنع الرجال، وتجعل من الانسان  اقوى من ذي قبل، وتجعله محصن بدرع حديدي لا تخترقه رياح الفشل والخيبة.

ان ما اود ان اشير اليه، ان الجيل الحالي يعاني من نقص شديد ب"فيتامينNo"  واعراضه كثيرة منها، التذمر، الشكوى المستمرة، عدم تحمل المسؤولية، المطالبة بالحقوق دون القيام بالواجبات، ولكن هل يستمر الحال على ماهو عليه؟
الجواب، ان القليل من "فيتامين No"  نعطيه ﻷبنائنا قد لا يضرهم بل على العكس، فهو مفيد جدا،  اذ سيكون حافزآ لهم والتجربة خير برهان.
 


130
المنبر الحر / دكاكين الشيطان
« في: 19:54 01/03/2017  »
دكاكين الشيطان

رسل جمال

نحن في زمن لا يخفى عن الجميع، ان الشيطان اصبحت له دكاكين، وبضاعة رائجة، نعم ايها السادة  هناك سوق رائجة للشيطان ، وان اختلفت ألوانها واشكالها وطرق تسويقها، الا انها في النهاية سوق قائمة، وماهي اﻷ دليل خواء عقلي وروحي، وديني يحيط بنا من كل حدب وصوب .

قديمآ كانت دكاكين الدجل والشعوذة، مزوية وبعيدة عن الانظار، وحتى من يرتادها بإستحياء شديد، ولكن مع كثرة القنوات وانتشار تلك الفضائيات التي تتصيد بالماء العكر، وتناغي عقول الجهلة من الناس، من خلال بث برامج على مدار الساعة، مختصة بأمور الدجل والشعوذة، وتروج ﻷعمالها الشيطانية بمختلف الطرق، بل وحتى راحت تعلم الناس رسم الطلاسم .

وغيرها من الامور التي لا تسمن ولا تغني من جوع، توغل بالبعد عن طريق الحق والصواب، خصوصا اذا علمنا ان مثل هكذا قنوات لا تنشط لو لم يكن لها سوق رائجة، فهي تخضع لقانون الطلب و العرض وسياسة سوق كبرى، بعد دراسة معمقة لحالة الزبون، واحتياجاته وتطلعاته، فبعد ان استهلكت قنوات الرقص والغناء، واصبحت لا تستهوي الكثير ربما، اطلت علينا قنوات الدجل والشعوذة، وان اختلفت التسميات مثل الطب الروحاني، او المعالج النفساني وغيرها من المسميات اﻷخرى.

اذ اصبحت تلك القنوات منابر للفتنه والجهل والتخلف، تتاجر بكلام الله وتحشر اﻷيات الشريفة بين حروفها الملوثة، وتتعمد الكلام والحديث بطريقة اشبه ماتكون بمشهد مسرحي، وحتى تكتمل طقوس الحيلة والخداع، يختاروا لباس معين  لينضبط ايقاع الحيلة، على وتيرة واحدة.

الادهى ان شريحة واسعة من المثقفين، واصحاب الشهادات العليا، قد انضموا الى قافلة الجهل والتخلف
اضافة الى استغلال الدجلة، حالة الاحباط العامة المحيطة بالناس من بطالة الى عنوسة، جميعها عوامل ساهمت بتدهور الصحة النفسية للمواطن العراقي، واصبح كمن يبحث عن العلاج السريع والعصا السحرية، لحل جميع المشاكل.

فما كان من دكاكين الشياطين، الا ان تجتذب السذج من الناس، وتعرض بضاعتها البخسة بأغلى الاثمان، تجارة خسر بها البائع والمشتري في الدنيا واﻷخرة، لما يحدث في تلك الاماكن من مخالفات شرعية، لاستغلال مرتاديها من الاناث الغير متزوجات، او من السيدات اللاتي يعانين من مشاكل عائلية .

لذلك يجب ان تكون هناك، حملة جادة لتوعية الناس حول خطورة مثل هكذا دكاكين، سكن الشيطان بكل ركن منها، وقد بث جنوده، ليعثوا بالارض فسادآ، وذلك بتكثيف الجهود الحكومية بغلق مثل هكذا اماكن، تدعي المعالجة وهي تزيد الطين بله، وحملات توعية واسعة بوسائل اﻷعلام كافة، لضرورة محاربة مثل هكذا ممارسات، تعبر عن الجهل والتخلف والعودة الى الدين الاسلامي الصحيح، ﻷنه الدواء وهو الشفاء، وأعادة النظر وتصحيح المسار قبل ان نضل الطريق ولا نجد اﻷ الساحر لنستنجد به.
 

131
أغلبية سياسية ام أغلبية مسيسة؟

رسل جمال

كثيرآ ما يتردد على مسامعنا في نشرات الاخبار مصطلح "الاغلبية السياسية"، الاغلبية السياسية قررت، الاغلبية السياسية عارضت، الاغلبية السياسية مزاجها اليوم متعكر!

ترى من هم الاغلبية السياسية؟، وهل هم فعلا اغلبية في عراقٍ متنوع بأطيافه؟، مع لحاظ اختلاف التوجهات وتعدد الاحزاب، فهل هناك فعلاً اغلبية سياسية تحكم الجميع؟!

ان اي متتبع لخط سير العملية السياسية في العراق، وعلى مر الثلاث عشرة عام المنصرمة، يجد ان  مصطلح "الاغلبية السياسية" ماهي الا رداء تلبسه اغلب الاحزاب السياسية حين تجتمع مصالحها، في نفس الزمان والمكان، فيتوحد القرار فجأة، وتتناقل وسائل الاعلام مقررات "الاغلبية السياسية" هذه الحقيقة!

لكن هل رأي "الاغلبية السياسية" هو تعبير عن نبض الشارع العراقي، ويلبي طموحه، وخصوصا اذا علمنا إن هناك شريحة واسعة من المواطنين، ليس لهم دور بمجريات العملية السياسية، ولم يشاركوا بأي عملية انتخابية، حسب الاحصاءات التي تؤكد ان 30 بالمائة فقط، من الشعب العراقي هم من شاركوا بعملية التصويت للانتخابات الماضية.

اي ان هناك اغلبية صامتة، وقد تكون رافضة للعملية السياسية برمتها، ولكن اختارت  السكوت، ولو خرجت تلك الاغلبية الصامته من صمتها، وشاركت لحصلت الخارطة السياسية على وجوه جديدة وواعدة، افضل من التمسك بوجوه، اهترئت وسئمها المواطن العراقي!

لكن هل يجب معاقبة تلك الاغلبية الصامتة، بتجاهل حقوقها بحجة عدم المشاركة بالعملية السياسية؟ وهل يمكن ان تقرر "الاغلبية السياسية" نيابة عن "الاغلبية الصامتة" تلك الاغلبية التي تضم، بين خريج منذ اكثر من عشرِ سنوات، ولم يحظى بفرصة عمل لائقة، لانه مستقل وبين موظف بسيط بصيغة عقد، ولم يثبت على الملاك الدائم،  لانه مستقل رغم توفر درجات الوظيفية، واستيفائه مدة العقد، وغيرها الكثير من الامثلة المؤلمة التي تحيط بنا.

الحقيقة وبتصوري البسيط، لاتوجد هناك "اغلبية سياسية" بل هي توافقات كتل سياسية، تتكتل احيانا وتنقسم احيانا اخرى كالبكتريا، حسب المصالح والمكاسب، وهذا ما شهدناه في الفترات السابقة، من تجدد الفعاليات الكرنفالية مع اقتراب موسم "الانتخابات".

اذ تتسابق الكتل والاحزاب، بجذب المواطن البسيط، اما بحملات توزيع البطانيات ذات النوعية الرديئة، او توزيع المدافئ التي تسبب اختناق عند استعمالها، او تصعيد العرض الى اعلى مستوياته، من خلال تحشيد الناس بمظاهرات، غير مدروسة من حيث التوقيت، والوضع العام الذي يمر به البلد، من حرب مفتوحة مع الارهاب، وجعلها فرصة ذهبية للمندسين والمخربين ليشعلوا فتيل الازمة، وما شهدته ساحة التحرير من سقوط ضحايا، من المتظاهرين والقوات الامنية  خير دليل!

نحن بحاجه لرص الصفوف اكثر من حاجتنا الى هتافات لا طائل من ورائها، وخصوصا وان هناك عدو، متربص بنا ويتحين مثل تلك الفرص، ليكشر عن انيابه، ولكن مازال هناك اغلبية عظمى ساكتة وصامتة رغم هذا الضجيج، تراقب بهدوء تلك السيناريوهات المتكررة، مع اقتراب الانتخابات، وتشكو تدهور الاحوال!

"ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم" حتى لا تتكرر المآسي والمجازر، يجب ان تخرج تلك الاغلبية الصامتة، من صمتها وتعبر عن رأيها، ولكن بصوت المنطق والعقل، واﻷستفادة من اخطاء الماضي، بعدم انتخاب تلك الوجوه نفس الوجوه الكالحة، والبحث وبشكل جدي، عن من يحمل العراق بقلبه، صدقاً وفعلاً ومنطقاً.

ان العراق مازال ينبض بالوجوه المعطاءة، التي من الممكن التعويل عليها بقيادة العملية السياسية القادمة، لكي نخرج من تلك المسميات اﻷغلبية واﻷقلية والكتلة والحزب، التي سئمنا فشلها، لنخرج بصيغة عمل جديدة،  تحت خيمة العراق الواحد، يتساوى بها الجميع بالحقوق والواجبات، فلا توجد اغلبية ولا اقلية.


132
المنبر الحر / مشيخة مزيفة!
« في: 19:44 22/02/2017  »
مشيخة مزيفة!


عندما كنت صغيرة، كنت أنادي" عمي" على كل شخص أصادفه، سوأء كان عمي فعﻵ، او من اصدقاء أبي، غرباء ،أو حتى اذا كان من الجيران، لان صبغة العائلة ، والعلاقات الحميمة، هي السائدة في التعامل بين الناس.

كانت "المحلة" عبارة عن عائلة كبيرة، أذ كل فتاة هي اخت وبنت الجميع، وكان نسيج المجتمع العراقي محكمة خيوطه، ففيها الحب والاحترام والمودة واﻷلفة.

أما اليوم فنشهد تغيرا ملحوظا، بوجود ظواهر خطيرة، اخذت تستفحل باﻷحياء السكنية، كظاهرة التجاهل والتغافل المتعمد، لحق الجورة، فمنا مم يمضي اياما او حتى اشهر، دون ان يلتقي بجاره، اويتفقد احواله، مما ادى الى خلق حالة من الفراغ الامني المجتمعي، وهذا ما تعاني منه اغلب مناطق العاصمة بغداد.

حتى استغل هذا الخمول وهذه العلاقة الباردة بين سكنة الحي الواحد، من قبل العصابات، والخارجين عن القانون، فاخذوا يمارسون عمليات الخطف والسرقة في وضح النهار، بدون اي رادع او خوف، من سلطة القانون اوﻵ، ومن سلطة المجتمع ثانيآ، اذ تسيد مبدأ "غض الطرف" عن مثل هكذا ممارسات، ادى الى انتشارها بشكل مخيف في شوارعنا.

المحاكم ومراكز الشرطة، اعتادت هذه الايام ان تبتدأ نهار عملها، بقضايا سرقات حقائب الموظفات!

اشارة واضحة الى ضعف بالجهد الاستباقي الاستخباراتي لجهاز الامن داخل العاصمة بغداد، اضافة الى ظهور قوى ظلامية، تدافع عن السارق، بل وتهدد بكل وقاحة، الضحية بحالة تقديم شكوى بحق اللصوص.

هذا ما حصل بالفعل، عند تعرض احدى السيدات لحالة سرقة في احدى المحافظات العراقية، وبعد مقاومتها للسراق، قاموا بطعنها ورميها، وعند تقديم شكوى بحقهم، تقوم عشائر "الحرامية" بتهديد السيدة وعائلتها!

أي حال وصلنا اليه؟ فاذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة اهل البيت الرقص!
انها سابقة خطيرة، ان تكون هناك سلطة، اقوى وتفرض قوانينها، فوق سلطة القانون، انها سلطة بعض العشائر" المنتهية صلاحيتها".

منتهية صلاحية الغيرة، والشرف والنخوة، تنصر الظالم على المظلوم، تتقوى على الضعيف، وتتفنن بمجالس " الفصل" ، تلك السرادق الباطلة، التي كم أسقطت بها حقوق ايتام، وارامل، ﻷن شيوخ "المنسف" قد حفظوا كم آية قرانية وحديث نبوي، يلجموا بها الحضور، ليجعلوا الحق باطل والباطل حق.

لا يمكن ان ندس رؤوسنا مثل النعام، وندعي عدم وجود مثل هكذا حالات مشينة، نعم انها موجودة، وبكثرة، ولكن السكوت عنها هي الكارثة الحقيقة، لانها كالنار بالهشيم، تاكل كل ماتبقى من عادات وموروثات طيبة للمجتمع العراقي، والمثل يقول" الحرمة وشارب الخير" اي لاخوف عليها بوجود الخيرين، ولكن اذا انحسر الخير وانتشر الشر، هنا يجب ان ندق ناقوس الخطر.

خصوصا اذا ارتفع صوت الفئة الضالة فوق صوت الاغلبية الصامتة والمتغافلة من الناس، فنحن جميعنا بخطر ، اذا لم يتدارك اﻷمر عن طريق تفعيل، دور اﻷسرة والمجتمع والدولة، بمتابعة مثل هكذا أمور تمس امن الفرد بشكل مباشر.

ان طريق الالف ميل يبدأ بخطوة، والخطوة اﻻولى للتغير، أشار اليها امام المتقين بقوله" لا تتركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيولى عليكم شراركم، ثم تدعون فلا يستجاب لكم" اذ ان تفعيل دور المجتمع، بمحاسبة المسئ ونصر المظلوم، تعد اولى خطوات النهوض، نحو مجتمع يعيش حياة أمنة مطمئنة، هادئة لا يعكر صفوها، صرخات استغاثة من احداهن دون مجيب، لان "الجميع خير والحرمة بشاربهم" فلا خوف عليها ابدا!
فلا يسعني ان اقول لمشايخ يدافعوا عن المعتدين، الا انهم اصحاب مشيخة مزيفة.



133
الجانب الايمن بداية النهاية

رسل جمال

مع بدأ عمليات تحرير الجانب الايمن، للموصل الحدباء، نستبشر بأسراب طيور التفاؤل، المحملة بالنصر المؤزر لقواتنا الباسلة وحشدنا المقدس، بعد ان بات النصر وشيك ومحسوم، خصوصا بعد تحرير الجانب الايسر بالكامل، وسيطرة الجيش عليه.

اذ يعد تحرير الجانب الايمن، امر مسلم به ولا مناص منه، بعد كسر شوكة الدواعش، وهزيمتهم النكراء بالساحل الايسر، اصبحت المعركه القادمة اسهل، خلاف ما كان يروج له المغرضون، الذين قدموا اسباب الفشل، قبل النجاح وتحججوا بالكثافة السكانية لهذه المناطق، وتمركز الدولة الاسلامية المزعومة بتلك الرقعة، واحتمالية استخدام المدنين كدروع بشرية لهم، الا ان الواقع كان خلاف ذلك.

اذ مع تقدم وحدات الجيش والقوات اﻷمنية، وبمساندة طيران الجيش، والتحالف الدولي، تلاحقت الانتصارات مع بدء الساعات الاولى القليلة، لاعلان عمليات تحرير الجانب الايمن، اعلن فيه قائد عمليات"قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الامير رشيد يار الله، نجاح الفرقة التاسعة بتحرير ست قرى في الساحل الايمن من المدينه.

قال يار الله في بيان له، ان قطعات الشرطة الاتحادية، قد حررت قرية عذبة على طريق الموصل_بغداد، وقرية اللزاكة على الطريق القديم حماماالعليل_ الموصل، وسيطرت على محطة الكهرباء الرئيسية في اللزاكة، ورفعت العلم العراقي فوق المباني، ايذانا بانتهاء خرافة اسمها داعش وسقوط اخر معاقلة.

أكد القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، ان القوات جاءت لتحرير اﻷنسان قبل اﻷرض، في رسالة تطمينية واضحة، للمواطنين الذين مازالوا تحت قبضة داعش،ان القوات العسكرية جاءت من اجل حمايتهم، وفي ذلك تكذيب لكافة وسائل الاعلام المظللة، التي تشبه الجيش كقوة غاشمة و بنفس طائفي للانتقام، من الاهالي والمدنيين.

هذه التطمينات ساعدت، على تحرك الجيش بين الاحياء بسهولة، بل وراح البعض يسارع برفد القوات الامنية، بالمعلومات المهمة عن اماكن تواجد اﻷرهابين، مما ساعد في التقدم واختصار الجهد، لقواتنا المسلحة وحرز المزيد من الانتصارات.

ان عمليات تحرير الموصل الحدباء، اصبح أمر محسوم، وبشائر النصر باتت واضحة، لكن هناك واقع يفرض سطوته وبقوة، فلا يمكن ان نكتفي بأهازيج النصر، ونغض الطرف عن المنظومة المجتمعية، التي شوهت ملامحها ايادي الظلام والتخلف، بل يجب العمل وبشكل جدي على اعادة اعمار هيكلية كاملة، تبتدء بالانسان وتنتهي للمؤسسات الحكوميه.

ان اثار التخريب لمدينة كالموصل لها خصوصية تأريخية، يعد كارثة حقيقة، لما تزخر هذه المدينة العريقة، بالاثار والرموز النفائس والمخطوطات، التي لايمكن ان تعوض عند فقدانها، وقد عاث بها الارهاب خرابا بكل همجية.

اذ المدينة بحاجة ماسة، الى حملة اعمار واسعة وعلى كافة الاصعدة، واهمها الجانب الانساني، لما عانوه السكان من بطش وتنكيل، وحصار خلال الفترة الماضية، اضافة الى ممارسات داعش الارهابي، بحق السكان بفرض عقوبات لاسباب "مثيرة للسخرية" وفرض اتاوات على اصحاب المحال وما هي الا "سرقة بثوب جديد" كلها ممارسات القت بضلالها على الصحة النفسية، للسكان بشكل عام مما تستدعي وقفة جادة من قبل الحكومة للاهتمام بهذا الجانب الحساس،
كذلك حملة اعمار موسعة للمدينة، التي عانت لسنتين من تخريب متعمد من تلك العصابات الاجرامية، للبنى التحتية .

العرب قديما، كانوا يستبشرون بكل ماهو ايمن، ولعل اليمن قادم بتحرير الجانب الايمن للموصل، لطوي صفحة الارهاب الاسود، وبدء مرحلة جديدة بتأريخ العراق المعاصر، تملؤها التسامح بين ابناء الشعب الواحد، وتجاوز أخطاء الماضي بعد تشخيصها، وجعل النصر سبب لم شمل ابناء الوطن من شماله الى جنوبه

134
سميرة من ناقل الى منقول

رسل جمال

سميرة مواقي، ذلك النورس الذي حلق خارج السرب، الاعلامي المظلل والمسيس، فعزفت لحن غريب عما كان متوقع منها، لانها جاءت لتوثق، انتهاكات الجيش العراقي، وجرائم الحشد الشعبي، ضد المدنيين والنازحين في الموصل.

وتؤكد تلك الصورة التي عمد على ترسيخها، الاعلام العالمي والعربي، ذو الوجه الداعشي القبيح، وتكون شاهد عيان لما يحدث على أرض المعركة، اﻷ انها وجدت الواقع مغاير عما نقل وينقل، وجدت التضحية العراقية، والاستبسال في سبيل النصر وتحرير الارض، والتعامل الانساني بين الجنود والمدنيين، فما كان منها الا ان تنضم الى ركب الحق، وتدافع عنه بسلاحها الوحيد "الكاميرا" .

وراحت تنقل ما يجري من بطولات قواتنا من الجيش والحشد الشعبي، وتظهر الحقيقة التي عمد الاعلام الموجه، الى طمسها وتضليل الرأي العام، بنشر الاكاذيب والصور المفبركة، فكانت سميرة ذلك الجندي المجهول، الذي هزم اسطول من الاعلام المعادي بنقلها الحقيقة، والصور الحية، التي حرصت على التقاطها من خط الصد الاول ومن على الساتر، متجاهلة كم الخطر والاستهداف، الذي ممكن ان تتعرض له.

اﻷ ان الامانة الصحفية، ونبل اخلاقها الانسانية، هي ما جعلت من سميرة من ناقل لﻷخبار، الى خبر توسط وسائل الاعلام، خصوصا بعد تداول ذلك المقطع لها، وهي تقول حلمي ان اعود الى بلدي وانا ملفوفة بالعلم العراقي!

اذ تم استهدافها بنيران قناص، ادى الى اصابتها بالرأس، اصابة بليغة بمحيط قضاء تلعفر، من قبل عناصر داعش الارهابي، نقلت على اثرها الى مستشفى القيارة، ثم الى المستشفى القريب من مطار الشهيد جاسم شبر، ليتم تخصيص طائرة عسكرية لنقلهاالى مطار بغداد، ليباشر فريق طبي مختص معالجتها ومتابعة حالتها الصحية، وبأهتمام مباشر من الحكومة العراقية من علاج الى نقل افراد عائلتها للاطمئنان على وضعها الصحي.

عند بحثي عن هذه الصحفية، وجدت انها لم تأتي من وراء مكتب ضخم، فحياة سميرة تارجحت بين هجرتين غير شرعيتين، اي انها سلكت الطريق الصعب للوصول لتلك المهنة، فهي صحفية من الطراز الاول، اذ لا تكتفي بالحصول على المعلومة والخبر، بل تحرص على الوقوف على مصدره، حتى لو كلفها ذلك الفضول الصحفي حياتها.

ان وجود صحفية مثل سميرة، لم ترق للمنظومة الاعلامية المسيسة من دول، راحت تفضح افعالهم بالصوت والصورة، ومفندة اكاذيبهم واعلامهم الزائف، فكانت الضغوط واضحة ﻷسكات هذا الصوت المرعب لهم، مما اضطرها الى تقديم استقالتها، في محاولة لتخفيف وطء الضغط على القناة التي تعمل بها "الشروق" من دول داعمة للارهاب بشكل مباشر.

ان الحادثة التي تعرضت لها هذه الصحفية البطلة، تضعنا امام حقيقة واضحة، وهي ان الميدان العسكري فقد عين مهمة، صادقة تنقل الخبر بشفافية عالية، هذا ما يولد فراغ اعلامي عسكري في فترة حرجة من عمر معارك" تحرير الموصل"  وخصوصا ونحن على مشارف معركه قادمة وهي تحرير الجانب الايمن من الموصل.

اضافة الى ضرورة توفير الحماية اللازمة، للصحفيين لانهم هم من ينقلوا المشاهد الحقيقة للواقع الميداني ﻷرض المعركة، فمهما سجل ابناؤنا من الجيش والحشد من بطولات وصولات ضد العدو، لايمكن ان يكون لها وقع قوي اذ غيبت الصورة لتلك البطولات المشرفة، لان الصورة تحكي الف كلمة وحكاية، وفي النهاية نسأل الله ان يمن بالصحة والسلامة والشفاء العاجل لذلك النورس، الذي اعتاد ان ينقل الخبر، فصار هو من ينقل عنه الاخبار! سميرة مواقي

135
المنبر الحر / خان جغان !
« في: 20:55 08/02/2017  »
خان جغان !

رسل جمال


خان جغان، كلمة تعود للعهد العثماني، تعني مكان مخصص للمسافرين، وعابري السبيل، بني خلال القرن الرابع عشر ميلادي، يعود بناؤه الى ايام الوالي "جغاله زاد سنان باشا"، كان من المتعارف عليه ايام حكم الدولة العثمانية.

كان يعرف عن البغدادين، أنهم اطلقوا مثلا شعبيا عنه، يوم قالوا متهكمين "هي الجنة خان جغان ياهو اليجي يدخلها؟" اشارة للمكان الذي تسوده الفوضوية، من التقاء وافتراق أناس جمعتهم الصدفة، لا يعني لهم الخان سوى نقطة استراحة، ليس اﻷ .

لم يبقى من أثار خان جغالة، سوى لوح من القاشاني الازرق، كتب عليه عمر هذا الخانمان ومافيه من البنيان، في ايام دولة السلطان "مراد خان" خلد الله ملكه وسلطانه، وأفاض على كافة العالمين عدله وأحسانه" الا ان ماتخلد من الملك تلك اللوحة فقط !

ان ما نستشعره في أيامنا هذه، أننا نتعامل مع الوطن معاملة "الخان" مكان نمكث فيه، متى ما ساءت الخدمة غادرناه، غير أسفين ، فمع انخفاض مناسيب الشعور بﻹنتماء للوطن ، ظهرت موجات من الهجرة الجماعية للشباب، الذين هم عماد البلد وذخيرة المستقبل.

ﻷن شعور الفرد بانه لا يملك من الوطن الكبير، شبر من الارض جعلت منه فردا عابثا بالشارع غير مكترث للنظافة، في حين انه حريص على النظافة في منزله، أضافة الى انها اصبحث ثقافة سائده، "اللامبالاة" بالصالح العام، كلها من الامور التي انعكست، على الطابع العام للشخصية العراقية، هذا ما نشهده من اعلى المستويات، الى ادنى فرد بالمجتمع.

اذ برزت على السطح ظاهرة المسؤول "المقاول" الذي همه العمولة فقط من  المنصب ، فاصبحت "الانا" هي الطاغية على المشهد، و الجميع بات اناني ،  من هنا يكون الوطن لقمة سائغة للطامعين، وهدف سهل للمسيئين، وتكثر التدخلات الخارجية، ﻷن ابناء البلد مشغولون بأطماعهم الخاصة وتناسوا، ماعاهدوا الله عليه من حفظ اموال الناس ومصالحهم.

اضف الى ذلك عدم توحيد الخطاب السياسي، وتعدد الاصوات المعارضة على كل شاردة ووارده، بغض النظر عن اصل الخلاف، فهو يعارض ﻷن اﻵخر لا تروق له ربطة عنقه!

اسهمت كل تلك المشاهد، ان تعطي لﻷخر فكرة،  ان الوضع الداخلي للعراق غير واضح ومشوش، فتطاول الاتراك بأرسال قوة عسكرية، بدون اي غطاء قانوني،او مسوغ شرعي الى الاراضي العراقية، وبتجاهل متعمد، لكل الجهود الدبلوماسية  العراقية،  لانهم توجسوا ضعف داخلي من الجانب العراقي، والا لما تجرؤا على تلك الخطوة المشينة.

تبعتها اساءات بوسائل الاعلام، طالت الشعائر الدينية
وبالخصوص"زيارة الاربعين" للامام الحسين ع، وكالعادة مرت الحادثة، بدون اي موقف قوي، يمثل رد الجانب العراقي لتلك الاساءات، وجاءت أخر مسلسل التجاوزات من إثارة الجانب الكويتي ﻷزمة "خور عبدالله" وما تزامن معها من ملابسات بوسائل الاعلام، حول عائدية الخور، ومما أزم الوضع اكثر تصريحات الجانب الكويتي بخطابات تفتقر للحس الدبلوماسي، وتحمل الكثير من الاساءات، ان دلت على شئ تدل على حقد دفين، وعقدة بالنقص، لم ولن يستطع الجانب الاخر ان يتجاوزها، ولا عجب في ذلك اذا علمنا ان الكويت البلد الوحيد الذي يملك ثلاث تقاويم، تقويم ميلادي وتقويم هجري وتقويم الغزو!   

ان السؤال الاهم هو، هل العراق ضعيف ام مستضعف؟ الجواب هو، لم  يكن العراق يومآ ضعيفا بل من اضعف جانبه هم  السيئين من ابنائه، فأصبح من هب ودب، يتطاول عليه من جيرانه،  لذا فان عدم تدارك الامر قبل فوات الاوان، يجعل العراق مثل خان جغان، ولا يبقى منه الا اثر لوح مكتوب بخط كوفي هنا ارض السواد، ولا سواد بالارض!

136
المنبر الحر / البقاء للاصغر!
« في: 21:38 01/02/2017  »
البقاء للاصغر!

رسل جمال

البقاء للشباب، للعنفوان، لبذرة الامل، فالبقاء للاصغر ثم الاصغر، ولكن ماهو حال شبابنا؟  رجال الغد وعماد المستقبل، ماهي توجهاتهم؟، ماهي افكارهم؟ كيف يعملوا على تطوير ذاتهم؟ ماهو ترتيبهم بين شباب العالم؟ من حيث العلم والثقافة، ولنلقى نظرة لجيل ال "2000" حتى يكون الكلام اكثر دقة وتحديد، لان هؤلاء هم لبنة الاساس لجيل قادم.

خلال الفترة الواقعه بين (2000_2017) هناك جيل بأكمله يقع بالوسط، ولكن ما معالم هذا الجيل؟الذي شغلتنا حوادث الايام عنه، في البدء نرى ان بين السنه(2000_2003) هناك احداث لاتنسى منها سقوط الصنم، وتلك الارهاصات والملابسات التي رافقت التغير، والجيل هنا بعمر الثلاث سنوات، لا يفقه من الامور  شئ، سوى وجود جنود اجانب يجوبون الشوارع، وقد اجتمع حولهم الصبية، كأنهم كائنات فضائية،
كان هناك بالمقابل، ولادة حكومة عراقية جديدة، اسمت نفسها "مجلس الحكم" .

اما الفترة الواقعة بين (2003_2006) اولى سنوات الدراسة للجيل الجديد، رافقتها رياح طائفية عصفت بالبلاد، تمثلت باحداث دامية، اخطرها تفجير قبة الامامين العسكرين، و مما زاد المشهد ارباك، لدى الجيل الناشئ، اصبح لا يرى على التلفاز سوى مناظر القتل والتفجير، وحتى بالاعياد والمناسبات، فأطفالنا لا يحلو لهم العيد اﻷ بشراء اﻷسلحة ولبس الزي العسكري، انها "ثقافة وطن" .

اما الحكومة الفتية، فاخذت بالنضوج بالتدريج، لتكون اول عملية انتخابية، انبثقت من خلالها ثلاث عمليات اقتراع، الاولى عن انتخاب الجمعية الوطنية، او مايعرف اﻷن بمجلس النواب، والثانية للتصويت على الدستور العراقي، والثالثة عبارة عن انتخاب عامة لاختيار مؤسسات حكم في العراق.

اما الفترة الواقعة بين (2006_2014) فهي الفترة الاكثر شراسة وضراوة، بتاريخ العراق المعاصر، اذ شهدت وجود حكومات تأرجحت بين اﻷخفاقات والفشل، وحالات من التعنصر والتكتل، بين الاحزاب الحاكمة، مما انعكس على واقع الحياة الاجتماعية، وحياة جيل نحن  بصدد تتبع الاحداث، التي ساهمت بتكوين معالم شخصيته.

اذ تظافرت تلك الاحداث والعوامل الاجتماعية الغير طبيعية، بخلق منظومة جديدة من المفاهيم والافكار، لدى عقول الشباب، اذ اصبح الجمال هو مقياس الرجولة،  وراح الشباب يزداد اهتماهم بالمظهر الخارجي، بشكل مبالغ به، واحيانا بصورة غير مقبولة اطلاقا، وهذا تهديد واضح للمفهوم المتعارف عن الرجولة،واصبح الشباب والبنات يتسابقون بحفلات ملك الجمال على حدا سواء!

انها مؤشرات خطيرة، لتغيرات في المنظومة الاخلاقية، لدى الفئة الشابة، تلك الفئة التي اصبحت، من طلاب الشبكة العنكبوتية، وليسوا طلاب علم!

اذ ظهر الدور الثالث والتحميل وغيرها من المسميات، لتبرير تكاسل الطالب، وعدم شعوره بالمسؤولية مطلقآ، ولا يمكن ان نلقي كل اللوم على الشباب، لان النظرة السوداوية للواقع التعليمي، من تخرج طوابير من الطاقات، دون امل الحصول على فرصة عمل،  ادى الى خلق حالة من الاحباط لدى الطلبة الاخرين، واصبح التساؤل عن مدى جدوى الدراسة ونيل الشهادة، اذا كان رصيف البطالة بانتظاره!

لكن لا يمكن ان نبخس حق جيل بأكملة، ونطلق عليه صفه الفشل بالمجمل، لان الامر لا يخلو من شذرات مضيئة، يافعة يفخر بهم العراق نذكر منهم الشهيد عثمان ذلك الفتى ابن الاعظمية،  تقف دجلة اكراما له، والشهيد علي رشم الشاعر المجاهد، والشهيد منتظر الكلابي اصغر شهداء الحشد، انهم شعلة امل لشباب اليوم، ويؤكدوا مقولة ان البقاء لهم، فالبقاء للاصغر

137
المنبر الحر / هل العراق فقير؟
« في: 23:04 30/01/2017  »
هل العراق فقير؟

رسل جمال


هناك تساؤل كبير يدور في اذهاننا، هل اصبح العراق يصنف من البلدان الفقيرة، التي تستعطي من الدول الاخرى، المعونات الاقتصادية؟ هل هو فعلا بحاجة لتدخلات تلك الدول؟ وفرض سياساتها وفق ماتقدم من فتات للخزينة العراقية!

ان بلد مثل العراق رغم مايعاني من مشكلات، اقتصادية وسياسية الا انه يعد، منجم موارد طبيعية، لانه صاحب احتياطي نفطي ضخم، وصاحب نهرين يخترقان خريطته، من الشمال الى الجنوب،  وغيرها الكثير من الموارد الطبيعية، فهل يعقل ان بلد بمثل تلك السلال الممتلئة خيرات ان يشكو الفقر والتقشف؟

ان سياسة الاستقطاعات، التي تمارسها الحكومة بحق رواتب الموظفين، الطبقة الكادحة التي لا تملك مورد سواه، هل هو الحل لملئ الخزينه الخاوية؟

رغم ما يترتب على ذلك الراتب، من التزامات كثيرة، جائت الحكومة لتطلق علية رصاصة الرحمة، بتلك الاستقطاعات التي اخذت بالزيادة بشكل تصاعدي.

اضافة الى ان الحكومة الموقرة، ذات النظرة الثاقبة، شخصت مواضع الهدر بالمال العام، وذلك عمدت لقطع رواتب للمستفيدين من رواتب "وزارة العمل والشؤؤن الاجتماعية".

مما خلق سحابة سوداء متحركة امام وزارة العلل والشؤون القهرية، فهذه السحابة عبارة عن نسوة متشحات بالسواد، وهن بين أرملة ولديها ايتام، وبين مطلقة لا يوجد من يعيلها، ومريض   وغيرهم الكثير ممن  قطعت عنهم الرواتب لانهم قد لا يستحقونها، بنظر الحكومة الرشيدة.

نظرة الحكومة كم هي ثاقبة على الفقير المعدم،  وكم تتعامى عن مواضع الفساد الاداري!
 ومنافذ الهدر للمال العام الحقيقي، الذي انهك الاقتصاد العراقي، واودى به الى الافلاس، والاقتراض من صندوق النقد الدولي،و مما يدمي القلب، ان آفه الفساد الاداري قد شوهت منظر العراق الخارجي، وجعلت منه يبدو بثوب ممزق يستجدي دول العالم، في حين ان العراق مايشكو منه هو سوء ادارة فقط!

ما يؤكد الكلام ماتقدمت به النائبة "ماجدة التميمي" من اوراق تثبت ان المنافذ الحدودية وحدها، يمكن ان تؤمن ما مقداره 15 مليار دولار سنويا، فأي تقشف نتحدث عنه، لو تم توظيف تلك الاموال بمشاريع استثمارية، وغيرها  من عمليات هدر للمال العام، والحكومة مستمرة بغض الطرف عنها، مما اوصل البلاد الى هذا الحال المزري.

ان وسوء التخطيط والادارة، هي نتيجة ما نحن عليه الان، اذ نملك جيوش من العاطلين عن العمل، مقابل صناعة معطلة ومعامل مغلقة، واصبحنا لا نقوى على صنع مناديل جيوبنا، وبات العراق مكبا، لمختلف الصناعات المقلدة والرديئة، من مختلف دول العالم.

ان من أمن العقوبة اساء الادب، فكم سمعنا عن وجود ملفات فساد، وتكرر مشهد الاستجوابات الاستعراضية، بوسائل الاعلام، ولكن مانراه مجرد جلبة اعلامية، اكثر من كونها محاولة للحفاظ على المال العام، اذ تسلط الاضواء، على احد المسوؤلين فجاءة، ويصبح موضع اتهام بقضايا فساد، وفي كل مرة يقف المشهد عند هذه اللقطة، ويقفز المخرج صارخآ stop وتبقى نهاية المشهد مجهولة، فلا نعرف ما مصير تلك الاموال، التي استجوب فلان لاجلها، وحتى المتهم بالفساد يختفي بالتدريج من المشهد، وتسجل التهمة ضد الشعب الساكت عن الفساد.
 

138
المنبر الحر / غربة شعور
« في: 19:13 27/01/2017  »
غربة شعور

رسل جمال

كثيرا ما تحشرنا الحياة بصناديق الصدفة، صناديق ممتلئة بأناس لا يشعرون بنا ولا نشعر بقربهم، اصحاب الوجوه الباهتة، والقلوب القاحلة، وجودهم غربة، والوقت معهم مضيعة ، لانهم لن يقدروا ما تفعله ﻷجلهم، انني اعرف الكثير من الفتيات اللواتي يتمسكن برجال، يعتقدن انهن قادرات على تغيرهم، اوصديقات لا يهتمن بهن بصدق، هؤلاء الناس لن ينجحوا بالحياة ابدآ، اذا واصلوا فعل ذلك، فلا تعاتب شخص على موقف تكرر مرتين، تخلص من عاطفتك المفرطة، توقف عن سرد العتابات، وتقبل التبريرات، فالكل قادر لو اراد، الظروف كذبة الجميع.

لا تستمر بمطالبة احدهم للوقوف بجانبك، كن مكعب صلدآ مكتفي بذاتك، وتوقف عن دفن نفسك بالقصائد والاغاني، حتى لا يطبع الواقع صفعاته على خدك!

رغم ذلك الا انني اشفق، على الذين لا يجدون من يخبرونه بحزنهم، لانهم أحاطوا أنفسهم بالشامتين، ولا يوجد في العالم مكان يتسع لرأسهم اذا احنته الخيبات، يعيشون وهم الانتصار الدائم، كانهم خشب منتصبة، ويحزنني أكثر انهم لا يجدون من يفرح معهم من اعماق قلبه لنجاحهم، لانهم احاطوا انفسهم بالناقمين،  انهم فقراء اصدقاء " الهبل" .

الاصدقاء الذين نلقاهم بوجه عبوس، ونغادرهم وبالعين دمعة مترقرقة من شدة الضحك، فهم اعداء اليأس والاحباط والعزلة، يمنحون القلب عمرآ افتراضي جديد، هم تؤام النفس، وانيس الروح، وعديل الذات، قد نخاصمهم احيانا، ولكن قلوبنا بهم متصلة.

وجودهم ضمن مفردات الحياة، اشبه بالادمان لا سبيل للشفاء منه، هم اوفياء الموقف، والعملة النادرة، الذين لا يلغي الحضور وجودهم، ولو اكتظ المكان ، انهم قلة في زمن كثر فيه اشباه الاصدقاء، فبعض اﻷصدقاء اكرم علينا بودهم، بأكثر مما نستحق، فلا تكون الذكريات معهم الا بما هو جميل، فلا تسمحوا لغرباء الشعور ان يتركوا ذكرى بشريط حياتكم ابدا.

139
استسلام المنطق في اقوالنا

رسل جمال

كثيرا ما نخلط الالفاظ والمعاني في مفردات تعاملنا اليومي، ونسمي الاشياء بغير مسمياتها، فقد تتدخل المزاجيات احيانا في اختيار الفاظنا، رغم ان اللفظ والمعنى يجب ان يكون مطلقا، اي يتفق عليه الجميع ولا يحتمل النقاش، الا اننا قد نمجد من نحبهم، ونسقط من نبغضهم، وقد نقرب البعيد، ونبعد القريب، بالفاظ مغايرة للواقع.

اﻷبيض هو أبيض، لا يمكن ان نقول للرمادي انه ابيض متسخ، مثلا لان الرمادى راق لنا ونريد ان نرفع من شأنه، هذا ما نعانيه "ضياع المنطق" باختيار الفاظنا، في حين ان اللفظ يجب ان يكون مثل المسطرة، لا يحتمل الخلط ولا اللغط ولا الابهام.

تسأل كوهين في صدر كتابه"the diversity of meaning" قائلآ هل يتغير المعنى؟ ثم اجاب قائلا ان نفس الكلمات، بسبب تطور اللغة خلال الزمن، تكتسب معنى اخر، او تشرح فكرة اخرى، ولكن ما نعانيه اننا بنفس الحقبة الزمنية، ولم يمضي على الكلمة ثواني، ورغم ذلك نتلاعب بالالفاظ، اذ توقض اﻷم ابنها صارخة، انهض انها السابعة والنصف، في حين ان الوقت هو الخامسة فجرآ، وغيرها من الامثلة كثيرآ، تعج بها حواراتنا اليومية، مما اوقعنا بمغالطات كبيرة، في تعاملاتنا.

اذ ان دراسة المعنى تتطلب تحليلا واعيا للسياقات والمواقف، التي ترد فيها الالفاظ، لذا يجب الى اعتماد المقام او العناصر المحيطة بالموقف الكلامي، ومما لا يخفى خطورة التلاعب باللفاظ ما قد يؤدي الى حدوث التباس كبير، مثل حوادث الترجمة الخاطئة وخصوصا اذا كانت الكلمة تحتمل اكثر من معنى.

كثيرا ما نقول ما لا نعني، او نعني ما لا نقول، ولكن لو سألنا انفسنا ماذا لو كل ما نقوله، قد يصبح واقع حال، هل سنستمر بتلك المغالطات؟ فعندما نقول للمريض مثلا، يومنا قبل يومك، في حين نحن قد لا نستسيغه اصلا، ماذا لو تحققت تلك العبارة بالحرف!

هنالك عبارة  يقولها الخطيب الحسيني ،كثيرا ما تستوقفني، "ياليتنا كنا معكم سادتي" ويرددها معه الحظور، وهم بحالة بكاء واسال نفسي، هل فعلا سنصمد ايام وليالي على الجوع والعطش، وحرارة الشمس، واحاطة العدو ،اضافة الى شراسة الحرب؟ هل نحن اهلا لذلك الموقف الصعب، هل سيفخر بنا الامام الحسين مثلا؟ انه سؤال على هامش الضمير، والاجابة تحتمل ترك الاجابة، لان الانسان كما ورد في الاية الكريمة" بل الانسان على نفسه بصيرة ولو القى معاذيره".

أحيانا نشعر بالخوف من قول امر محرج، او يحبط شخصا ما، ولكن ينبع الالم الحقيقي، من قول امور لا نعنيها مطلقآ، او نقطع وعدآ ونحن نعلم انه فوق سقف قدراتنا، ولا يمكننا الوفاء به، لذا يجب الحرص على ان نقول الكلمات، التي نعنيها فقط، لا التي تشبهها او ترادفها او تجملها، فكل ما نقول يجب ان ينبع من الصدق والامانة، حتى لا يستسلم المنطق مما نقول!

140
المنبر الحر / كلام جرايد!
« في: 20:54 17/01/2017  »
كلام جرايد!

رسل جمال

نشرت احدى الصحف الخليجية، خبر مفاده ان الرئيس الامريكي الحالي، دونالد ترامب، قد اعطى ايعاز للمخابرات البريطانية، بأنهاء خدمات"السيستاني" من العراق، السؤال الاهم ما مقدار صحة،  مثل هكذا خبر؟ فاذا كان الخبر مفبرك،  والقصد منه حصد مبيعات عالية للصحيفة، فتلك مصيبة، واذا كان الخبر صحيح فالمصيبة اعظم.

  اذا ثبت، ان الغرض من الخبر، هو التسويق للصحيفة فقط، فذلك يدل على تدني الحرفة الصحفية، لادنى مستوياتها وافلاسها المهني، واعتمادها على الكذب والتضليل لتسويق بضاعتها البخسة.


ضاربة بعرض الحائط، مرتكزات الصحافة الحرة، في تبني الخبر وتقصي دقة المصدر، أضافة الى الموضوعية في الطرح والتناول، فأصبح القلم في مضمار سوق، وفق متطلبات العرض والطلب المستهلك، بغض النظر اذا ما كان الخبر المتبنى، صادق او كاذب او حتى له تبعات خطيرة بالشارع، فالذي تبحث عنه مثل هكذا صحف، مفرقعات اعلامية ليس الا.

اضافة ان مثل هكذا خبر كاذب، اذا ثبت عدم مصداقيتة، لايمكن ان يمر مرور الكرام، دون محاسبة الصحيفة الناشرة لهكذا اخبار مسمومة، الغرض منها الشغب الاعلامي والتطاول على مقدسات العراق.

لكن اذا ثبتت نظرية صحة الخبر، فهذا يعني ان ترامب اما غبي او يتغابى، ليصرح مثل هكذا تصريح غير مسؤول، لعدة اسباب منها، ان ربط اسم المرجع الديني، السيد "السيستاني" بالمخابرات البريطانية، فهو الغباء بعينه، لان السيد "السيستاني"  لا علاقة له بالامر، لا من قريب ولا بعيد.

اضافة الى ان السيد" السيستاني " باتفاق الجميع، هو صمام امان المجتمع العراقي، والاب الروحي لكل العراقيين بمختلف الوانهم، وهذا ما أثبته سماحتة، في اكثر من مناسبة، واكثر من موقف يحسب له، فلولا فتوى "الجهاد الكفائي" التي اطلقها عند احتلال الموصل، من قبل داعش الارهابي، لكان الحال غير الحال، فهو لم ينظر للامر من منظور طائفي ضيق، بل جعل همه الوطن من شماله الى جنوبه.

اذ بكلمة واحدة من سماحتة، افشل مخططات وضعت لسنين، واموال طائلة وظفت لتمزيق الوحدة العراقية، واثبت ان الشعب العراقي، مازال ينبض بالحياة، اذ لبى نداء المرجعية المقدسة، الشيوخ قبل الشباب، واستبسل الجميع في الذود عن الوطن.

ما جعل سماحتة رقم يصعب تجاوزه، بنظر السياسات المعادية، أضافة الى حيادية السيد "السيستاني" اذ اكتفى بالنصح والارشاد خارج المنظومة السياسية، لا يحسب عليه انه تحزب او تحيز، لجهة دون اخرى، مما جعلة موضع احترام وتقدير كل الاطراف السياسية والحكومية.

رغم هذا وذاك يطل علينا ذو الشعر البرتقالي الغريب، بتصريح غريب مثله، ليشير ان السيد "السيستاني" من ادوات المخابرات البريطانية وقد ان الاوان لانهاء خدماته، ان دل على شئ يدل، على ان ترامب يعاني هذة الفترة من ضائقة اعلامية، ويريد ان يتصدر الاعلام بشتى الطرق، فاصبح كمن يقول، انا اتحامق اذن انا موجود!
 

141
المنبر الحر / وشوشة امل
« في: 22:56 16/01/2017  »
وشوشة امل

رسل جمال

كان يامكان في ذلك الزمان، كانت لنا طقوس خاصة، ليوم الجمعة، اذ اعتاد ان يوشوش لنا المذياع بصوت رخيم، يقاتل للوصول لنا، رغم التشويش المتعمد لذلك الصوت.

كان صوت خافت ومتذبذب الا انه كان مرعب، للطاغي لانه صوت الحق، صوت الحرية والعلم والمعرفة، الذي مثل شرارة التغيير، التي كان يسعى ذلك الصوت البعيد، ان يزرعها بالنفوس ولو بعد حين، أنه صوت العلامة الشيخ "احمد الوائلي" رحمه الله  تلك الشخصية العملاقة التي اجتمع الجميع على تبجيلها، كونها شخصية ذو خطاب موضوعي، وسطي معتدل لامست عقول السواد الاعظم من الناس.

اصبح رمز للموضوعية في الطرح والتناول، لمختلف القضايا التي شكلت مثار جدل، تأريخي بين المسلمين، فهو من الاوائل الذين نبهوا الى وجود بوادر تطرف، واشار لتلك الجماعات الارهابية، وخطرها على الاسلام، كونها وجدت لتشويه صورة الاسلام للعالم.

ادرك الطاغي خطر مثل هكذا قامة ثقافية، دينية تنبذ الخنوع والخضوع، فحاول طمس هذا الصوت التحرري، بكل مااوتي من بطش وقوة، لكن هيهات ان يخرس صوت الحق والعلم، ها هو صوت العلامة باق، ويصدح وبنبرة اعلى وانقى، لانها نبرة الاعتدال الفكري.

كيف ﻷمة ان تنهض بين اﻷمم وهي تطارد وجوهها الفكرية؟ فلا يخفى ان سبب التأخر والتخلف، هي السياسات الخاطئة، المتلاحقة جعلت منا شعب محاصر بالتخلف، والجهل والجمود الفكري والثقافي، ومما زاد الوضع تعقيدآ، فشل الحكومات الحالية، بأستقطاب اصحاب العلم والمعرفةو الاختصاص.

كم وكم مثل عقلية الشيخ الوائلي، قد دفنت برمال الاهمال والتهميش، والاقصاء، صدق امير المؤمنين حين قال" اذا رأيت العلماء على ابواب الملوك فقل بئس الملوك وبئس العلماء، واذا رأيت الملوك على ابواب العلماء فقل نعم الملوك ونعم العلماء".

ان العلم وأهله هم بناة الوطن وبهم الخلاص، ولكي نتجاوز اخطاء الماضي، ونمضي بخطى ثابتة للأمام، يجب التنقيب عن العقول النيرة، والكفاءات المبدعة، التي تأخذ على عاتقها ادارة الامور، والا فلا يمكن ان تستمر الفوضى الى ما لا نهاية!

وسط وشوشات الظلام، لاح بألافق بصيص أمل، أﻷ وهي فكرة مشروع يضم "النخبة من الشباب العراقي" تجمع يرفض الطائفية والمحاصصة والمحابات، فالعراق  لا ينهض ولايبنى الا بسواعد ابنائه، وها هم قامون بتجمع يضم النخبة منهم، انه تجمع الامل، امل العراق القادم.

142
المنبر الحر / سفسطة بالمجان!
« في: 00:39 09/01/2017  »
سفسطة بالمجان!

رسل جمال

عرفت السفساطئية كأتجاه ومدرسة فلسفية يونانية، في عصور ما قبل الميلاد، في عصور غابرة ولت وانتهت، اذ كانت تعنى في بأدئ الامر، بتعلم قواعد البلاغة ودراسة التأريخ وفنون الطبيعة، ثم اقتصرت فيما بعد، على فن الجدل والحرص على الغلبة دون التزام بالحق والفضيلة، وهكذا اصبحت مرادفة لكلمتي الخداع والتضليل، فالانسان هو معيار الاشياء جميعها كما يدعون، فلا يوجد معيار يحتكم له الجميع.

يقف معلم السفسطة مفتخرآ ويقول، اعطني اي قضية، وأنا على استعداد ان اجعلها صادقة وكاذبة في نفس الوقت، اشارة منه الى انعدام الموضوعية، وتوجيه الامور كيفما اتفق.

ما نشهده في زماننا سفسطة ولكن بحلة أخرى، اﻷ وهو اﻷعلام السفسطائي المظلل، الذي اخذ على عاتقه نشر الاكاذيب، وبث الاشاعات بدون اي وازع أخلاقي، أو وطني لمهنة الاعلام الحر.

ان ما لاحظناه وليس اﻷمر بجديد، وجود قنوات اختصت بنشر الاخبار الكاذبة والمزيفة، وتفننت في تزييف الواقع للمشاهد، أضافة انها حتى في نقل الخبر، قد يكون في بعض الاحيان لا يخلو من الصحة، الا انها لا تبثه الا بعد اضافة المطيبات الخاصة بها للخبر، للتأكد من الوقع يكون اقوى للمتلقي، فكأنما الخبر أو الاشاعة الاعلامية مغنما، متناسين مبادئ المهنة السامية، اعلام اتشح بالسواد، امتهن بث السم وباع ضميره لمن يشتريه.

مثل هكذا اعلام انما هو"داعشية جديدة" ولكن اكثر دنائة وخسة، فلا يحلو لمثل هكذا قنوات، ومن يوجهها، أن يستمر الوضع الامني والعسكري، على وتيرة الانتصارات المتلاحقة، فراحت تفتعل الاخبار الكاذبة، وتروج لها بمختلف الوسائل التي باتت مفضوحة.

هي اشبه بتمساح في مستنقع يتصيد أي مار لينهشه، فبعد الزوبعة الاعلامية لخطف الصحفية افراح التي تصدرت اﻷخبار ﻷيام، وكثرت تحليلات أسباب الاختطاف، منهم من قال انها اسباب سياسية والاخر من رجح انه عمل اجرامي، و و و جاء خبر اطلاق صراحها كذلك بموجة من التحليلات والاخبار المختلفة، دون معرفة حقيقة الامور لحد هذه اللحظة.

ان مثل هكذا صخب اعلامي، الغرض منه التشهير وتنفير الناس من منهج الحق ولخلق جو من الافكار بعيدة عن الحقيقة تماما، اعلام يسمي قوات الحشد"ميليشا"
وينسب جرائم داعش للجيش، اعلام ابعد ما يكون عن المصداقية والموضوعية في نقل الخبر، لا يبال بصحه ما ينقل، بقدر اهتمامه ببث ايديولوجيا مريضة، والتفنن بتقبيح الواقع، ونضح كم من الشعارات الزائفة بعيدة عن الواقع كل البعد.

حاليا نحن بمواجهة موجة أعلامية معادية، الغرض منها اشاحة النظر، عن الانتصارات الباهرة والمتلاحقة المتحققة في جبهات القتال، والتقليل من أهميتها، بل والعزف على وتر الطائفية مرة اخرى، بأتهام القوات العسكرية بأستهداف المدنيين، او النازحين.

كلها محاولات بائسة في شق وحدة الصف، ففي كل مرة يثبت العراقي انه حفظ هذه السيناريوهات المملة، التي تكرر نفسها في كل مرة، بأفتعال الفتن وشغل الشارع باﻷشاعات، انه اعلام أشبه مايكون ببركة وحل لا يصدر منها سوى الروائح الكريهة، نتمنى ان تجف هذه البركة يومآ ما، وتريحنا.

143
المنبر الحر / عيد ابطالنا!
« في: 04:21 08/01/2017  »
عيد ابطالنا!

رسل جمال

ها هي الذكرى السادسة والتسعون، لتأسيس الجيش العراقي، والتي جاءت متزامنة مع ذكرى تأسيس الشرطة، تذكرنا بألارث العسكري المشرف الذي بين ايدينا، اذ تقاس هيبة الدولة بما تمتلك من جيش قوي وباسل، يحفظ لها الارض والعرض، ولجيشنا المقدام تاريخ ضارب بعمق الارض، ومشرف وحافل،بالبطولات والتضحيات على صعيد الامة العربية.

هذا الجيش الذي هب لنصرة اخوانه في فلسطين، ولي الفخر ان يكون لجدي بطاقة، كتب في اعلاها " قوات انقاذ فلسطين" اشارة واضحة لما يملك الجيش والمقاتل العراقي، من روحية البطولة والشهامة العربية، التي قل نظيرها، وهذه هضبة الجولان، تشهد لصور ابطالنا الشهداء، الذين لم يتوانوا في تلبية نداء الوطن، في كل مكان، فكل بقعة عربية لاتخلو من بصمة الجيش العراقي المشرفة، وهم بذلك مدينين لجيشنا البطل، بان يباركوا له عيد تأسيسه اولا، وان لا ينكروا تلك البطولات ثانيا، ولا يسعوا الى تشوية صورته والعمد على تسقيطه اعلاميا ثالثا، كأقل ردآ للجميل.

لقد عانى الجيش في الفترة السابقة، من سياسات رعناء اقحمته في حروب طائشة، لا طائل من ورائها، سوى اضعاف البنى التحتية للمنظومة العسكرية، استمرت لعقود، وأكتملت تلك السلسة من الساسات الخاطئة بأدارة الجيش، بقرار "حل الجيش العراقي" دون الاخذ بنظر الاعتبار بتبعات مثل هكذا قرار، الامنية والساسية والاجتماعية في ادارة امور الدولة، مما خلق فراغ بالحس الامني، انتقلت اثاره بصورة مباشرة، على الحياة بشكل عام.

سرعان ماعاد الجيش بهيكلة جديدة، واعاد ترتيب اوراقه من جديد، ليعيد امجاد تاريخ الجيش العراقي ، ها هو العالم اليوم، شاء ام ابى يقف ويرفع قبعته احترامآ، لجيش يخوض اشرس حرب في التأريخ، اذ يقاتل عدو يملك من الوحشية، ما يفوق الخيال، لاكثر من ثلاثة عشر عاما، فهو بكل بساطة يقاتل الارهاب نيابة عن العالم، الذي اكتفى بالمراقبة من بعيد، ولعب دور المتفرج للمشهد العراقي الدامي.

ان مثل هكذا جيش له ارث ضخم من البطولات، وحاضر يشهد له بالتضحيات، لا يمكن ان يكسر او يموت، مهما تكالبت عليه قوى الشر، هذا ما يحملنا مسوؤلية كبيرة، لاننا كلنا في نفس الجبهة، وان كان بعضنا لم يحمل السلاح ابدا، ولكن الجميع مقاتل وكلا يحارب من موقعة، وذلك بالقضاء على اي محاولة للنيل من قواتنا الامنية، اعلاميآ بنشر الاكاذيب وتزييف الحقائق، وبخس حق البطولات والانجازات العسكرية، المتحققة في جبهات القتال، بل عمد البعض الى تقليل حجم تلك الانجزات الباهرة.

نحن كأفراد ومجتمع يجب ان نكون جيشا متراصآ من الداخل، كما هو الجيش في الجبهات، وذلك لنصعب المهمة على العدو من النيل منا، والتطاول على مقدساتنا و "أمرلي" خير مثال، ولا يفوتنا ان نهنئ حشدنا بهذا العيد ايضا، كونه اصبح ضمن تشكيلات قواتنا المسلحة، فهنيأ لمن تسابقت شقوق الارض الارتواء من دمائهم الزاكيه، عيدهم !

144
المنبر الحر / متى تنتهي الاساءة؟
« في: 15:05 04/01/2017  »
متى تنتهي الاساءة؟

رسل جمال

اذا تم رد الاساءة بالاساءة، فمتى تنتهي الاساءة؟ والادهى ردالاحسان باﻷساءة، هذا بالضبط ما نقوله لمن يرفض التسوية،  ونقول له هل يرضيك واقع الاقتتال والدمار؟ هل يروق لك منظر الدماء المراقة؟ هل في السيارات المفخخة جانب جمالي وحضاري نجلهه نحن؟ كلها اسئلة نريد ممن يرفض مشروع التسوية، أن يجيبنا عليها بشجاعة، وألا كيف يبرر رفضه لمشروع وضع لوقف نزيف الدم العراقي المتدفق، منذ اكثر من عقد.

انه مشروع يضمد كل جراح الماضي، للنهوض بالعراق من جديد، ﻷن التعايش السلمي هي طبيعة البشر، وما الحروب الا حالة غير طبيعية من التنافر البشري، لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية، فلا بد ان يجتمع العقلاء في نهاية المطاف، ليقروا لمن هذا الخلاف؟ وﻷجل من؟ ومن المستفيد من التناحر بين أبناء الجلدة الواحدة .

مما لا يخفى عن الجميع، أن المستفيد الوحيد من التفرقة الطائفية والمناظر الدموية اليومية، هم اعداء العراق، الذين يتفننون في طرق تصدير الموت الينا، وحسب صرعات المودة في العالم، ففي خريف التواجد اﻷمريكي، صدر موديل "القاعدة" لتسويغ بقاء قوات الاحتلال أطول فترة ممكنة.

أما في ربيع الواقع السياسي العراقي، بعد ان اثبت العراق مرة أخرى، أنه رغم ما يحيط به من مؤامرات، قادر على النهوض، بدون الحاجة الى عكاز، جائت التقليعة الجديدة المسماة "داعش"، لتكمل المشهد المسرحي المتبقي، ولخلق دوامة من الاحداث الدموية، التي راح ضحيتها اﻷلالف من ابنائنا.

هنا نتسأل لماذا يرفض مشروع كألتسوية وضع لوقف مسلسل الدم، الا اذا كان الطرف الرافض، هو الطرف المستفيد والمستمتع بهكذا مسلسل.
نقولها وبكل ثقة، لكل من يخاف من مشروع التسوية، ويرفضه بحجة أنه وضع لمصلحة طرف على حساب الاخر، أو انه سوق له لمصلحة انتخابية، ان مشروع التسوية الوطنية، هو طوق نجاة الجميع وعلى الجميع التمسك به، وان كنت ترفضه فقدم اسبابك، او تفضل علينا بالبديل للتسوية لتثبت حسن النية.

بعد ان اسقطت أكذوبة ان الحشد هو مليشيا طائفية، واثبت للجميع انه الرديف للجيش العراقي الباسل،  قام بمشاركة الجيش بتحرير محافظة صلاح الدين، ومن ثم محافظة الانبار، بما فيها الفلوجة، التي كانت تعتبر قلعة الدواعش"الثوار" كما كان يحلو للبعض، من المشاركين في العملية السياسية تسميتهم، وهم في الحقيقة كانوا يمثلون الذراع السياسي لداعش بالسلطة، كان كل هذا اللغط للوقوف ضد تمرير قانون الحشد، لانصاف الابطال .

تتعالى اﻷصوات النشاز مرة أخرى، للوقوف ضد مشروع التسوية دون الالمام بمضامينه اصﻵ، بصورة باتت تقليدية ومعروفة لصناع اﻷزمات، وتجار الحروب، ولكن هيهات فالمشروع ماض للتحقيق، ﻷنه لغة العقل والمنطق والسلام.

ان الموصل سيتم تحريرها، بأذن الله بالكامل بسواعد الابطال، لكن للتحرير ثمن باهض من ارواح الشهداء، وتبعات شتى من تهجير وسبى، أذن تكفينا موصل واحدة، فالدرس كان بليغ واستوعبه الجميع.
التسوية هي الحل، لقطع الطريق على كل من ينادي على اﻷفغاني، اوالشيشاني لحمايته من ابناء بلده!
نقول له لاتخف عزيزي كلنا في مركب واحد، فليس نحن من يقول(علي وعلى اعدائي يارب)

145
المنبر الحر / كيف نصنع قائدآ
« في: 00:23 21/12/2016  »
كيف نصنع قائدآ

رسل جمال

من هو القائد؟ ماهي صفاته؟ من هو الشخص الذي نطلق عليه انه قائد؟ ان من يتصدى للقيادة، لابد انه قد تميز عن غيره بعدة سمات واﻵ لما سمي قائدآ. عند البدء يجب ان نضع الخطوط العريضة لصفات القائد ومنها ؛

_المعرفة، فلا يمكن ان نطلق لفظ قائد على من يجهل الامور فلا بد ان يكون ملمآ بعدة علوم ومعارف بغض النظر عن التخصص، لكي يدرك تماما مايدور حوله .
_المهارة، ان امتلاك المعرفة وحدها دون تطبيقها على ارض الواقع يجعل منها معرفة سطحية وغيرمجدية، فالمهارة هي القدرة على تطبيق المعرفة .

_المميزات، وهي مجموعة من الصفات والخصائص المؤثرة التي يمتلكها شخص القائد مثل حسن المظهر وسلامته من اي عاهة مثلا .
اذ لابد من يكون القائد على دراية ووعي كامل بكل المستجدات، التي قد تطرأ في المجتمع فجأه، فالقائد الناجح هو الريادي و المبادر بما يمتلك من اسلوب توجيهي  قد يكون ابتكاري احيانا، تقليدي احيانا اخرى حسب رؤيته لواقع الامور .

ان تكون قائدا ففي الامر ايجابيات لايمكن تجاهلها، فالقائد عكس التابع ،اي هو من يمتلك الافكار والقدرة على تنفيذها، ان تكون قائدا يعني ان تكون مبادرآ تنتهز الفرص، كذلك للقيادة رونق خاص في تحقيق الذات .
ولكن لا تخلو من السلبيات، فالقائد هو من يتحمل المسؤولية سواء في النجاح او الفشل ولا يمكنه القاء اللوم على من دونه.
اما الان وبعد بيان سمات القائد، لنلقي لمحه سريعة على القادة المتصدين لمركز القرار (اهل الحل والعقد)
ونرى هل ماذكرناه انفآ قد انطبق عليهم، ام انهم ليسوا بالمستوى المطلوب .
ان المجتمع العراقي قد تعرض لهزات عنيفة، غيرت ملامح البيئة العراقية بالكامل، فبعد زوال الطاغية الذي رسخ مبدأ (القائد الضرورة) لعقود من الزمن في العقلية العراقية، اصبح كل من يأتي لسدة الحكم يضعه الناس بموضع  مقارنة بصورة لا ارادية، ولكن يبقى السؤال المهم لماذا البعض مازال يردد اسم الطاغية بوصفه قائدآ، برغم كل ماعاناه الشعب .
الجواب هو، ان مجتمع مثل المجتمع العراقي الذي وصفه العلامة "الوردي "ذو شخصية مزدوجة وعنفوان وتمرد مستمر، لا يمكن للقائد ان يفرض سيطرته عليه الا بالقوة، وقد اعطى  (الحجاج) مثلا  كونه قائد قوي دموي لكنه مؤثر !
لكن لا يمكن الرجوع لزمن الطغيان والظلم والاستبداد لكي نثبت ان العراق لا يستقر الا بوجود قائد متسلط، وما يأزم المشهد ما نشهده من احباط لرجالات القيادة، فبرغم من الانتصارات المشرفة لابطالنا ولكن لازال هنالك من يشغل مناصب مهمة وهم ليسوا اهلا للقيادة، والدليل مانشهده في التدهور الواضح على صعيد التعليم والاقتصاد والصحة وغيرها، ان العراق بحاجة لمؤسسة حقيقة تأخذ على عاتقها خلق قادة وفق معايير الكفاءه والاختصاص بعيد عن التحزب والطائفية التي جرت الخراب على البلاد والعباد، وشاعت روح الاحباط بين نفوس الناس من قادة الدولة الحاليين، من هنا جاءت فكرة "تجمع الامل" كفكرة جديدة في المجتمع العراقي، فكرة مبتكرة خلاقة ومبدعة تهتم بالشباب النخبة، أشبه ماتكون أول مؤسسة تعنى بخلق جيل جديد من القادة واعدادهم لقيادة البلد وفق احدث الاساليب، انها فكرة تحاول ان تبني قاعدة صحيحة لغد مشرق، فهو مشروع نهضوي وضع لانقاذ العراق مما حل به بعد عقود من الظلم والتخلف .

فالامل هو امل العراق  لعبور هذه المرحله الصعبة من تاريخ العراق والنهوض بالبلد وأعاده مكانته بين دول العالم المتقدمة، فالمعادلة بسيطة اذن .
اعطني قائدا امليا ...اعطيك عراق جديدا


146
المنبر الحر / التسوية السياسية
« في: 21:13 14/12/2016  »
التسوية السياسية

الترضية او التسوية هو مصطلح دبلوماسي يشير الى تجنب الحرب من خلال الحلول السلمية، ويتم الاعتراف الدولي بها، ولتلبية الشكاوي عن طريق التفاوض العقلاني، وبالتالي التسوية تؤدي الى تجنب اللجوء الى الصراع المسلح الذي سيكون مكلف وغير مجدي.
وقد استخدم هذا الاسلوب كحل دبلوماسي من قبل السياسين في اوربا في حوالي 1930، لتجنب الحرب مع ألمانيا النازية وايطاليا.
هذا بأختصار بيان معنى "التسوية" وهي لب ما نود طرحه بين ايديكم .
بعد الانتصارات الغالية لابطالنا في الجيش والحشدالشعبي، اصبح "داعش" ماضي .
لكن يبقى اثر الدمار الذي خلفه ورائه من الناحية النفسية والاجتماعية والسياسيه كبيرآ ، لايمكن غض الطرف عنه او تجاوزه، فعامين من عمر المرض الخبيث الذي استوطن في احد اعضاء الوطن الغالي "الموصل " لا يمكن ان تمر مرور الكرام، وخصوصا انه اخذ بالتمدد الى مناطق اكثر، ولولا سواعد الابطال واستئصاله لكان الحال غير الحال، ولا يمكن التنبؤ بحجم الكارثة، ولكن بعد عملية الاستئصال لابد ان تتبعها "فتره نقاهه" يستعيد الجسد عافيته، ويرتب اوضاعه من جديد وهي "التسوية السياسية التأريخية" المشروع الذي يتم الحديث عنه مؤخرا للملمة مشهد البيت العراقي، مابعد داعش .
فمن منا لا يقبل بهكذا مشروع لتهدئه الاوضاع، وتسوية الامور، لكون العراق كفاه ما عانى من حروب وتهجر وقتل ونزوح ، وقد آن الاوان يعيش حياة هادئه كريمة لا يعكر صفوها شئ، انها ابسط حقوقه.
ولكن لكي يتم مشروع "التسوية" فيجب ان تكون تسوية عادله تشمل جميع الاطراف وليس الى جانب  طرف على حساب الطرف الاخر، لتحظى بمقبولية الجميع، اي تخدم مصالح الجميع ليدافع عنها الجميع، وليست حبرآ على ورق.
ولكن النقطة الاهم يجب ان تكون تسوية بأسم العراق ولأجل العراق، أي ترفض اصوات التقسيم بأي شكل من الاشكال،وتحت أي ظرف كان.
تسوية مثل هذه لايمكن لأي عراقي غيور على تراب وطنه، ان يرفضها او ينكر بنودها، وهنا يجب التنبه لمن يحاول أفشال مثل هكذا مشروع، يخدم العراق وأهله.
انهم تجار الازمات وابواق الشر تراهم يظهرون في مثل هكذا مواقف وطنية وحلول، فهم الوجه الاخر لداعش .
" يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ  "

ان مشروع التسوية هو بصيص الامل الذي يجب دعمه، لكونه الحل الوحيد، لكل مايعصف بالبلد من تيارات معادية وحاقدة، لذا فمن الضروري ان يكون هناك تثقيف جماهيري وسياسي عام، للقبول بهذا المشروع التأريخي الوطني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام كافه، لمنع اعداء العراق من النيل منه، لما فيه من أسس رصينه، كأحترام حرمه الدم العراقي، واحترام المعتقدات والتزام العراق مبدأ الحياد، والتوازن في علاقاته مع دول العالم.

147
اميركا والتسوية الوطنية


رسل جمال


تخوفوا من التسوية الوطنية قبل الخوض بمضامينها، والتعرف على بنودها، بل إنَّ البعض راح يُطبِّل في الإعلام هنا وهناك، محاولاً وصفها بالكارثة بحق العراق، وغيرها من التهويلات لمناهضة هذا المشروع الوطني في محاوله لوأدهِ.

إننا لكي نحظى بتحول عظيم، لابد ان ندرك ابعاد هذا التحول ونؤمن به، فأي محاولة للتجديد والتغيير قد تبدأ ضعيفة، ولكنها قد تكون جذرية شاملة اشبه ما تكون بثورة، إنها شرارة التفاؤل لغدٍ أجمل، في خضم الصراع السياسي والعسكري.

اذ أنَّ التسوية كمشروع نهضوي اصلاحي سياسي لكي ينجح، بحاجه لرجال وطنيين، عراقيوا الانتماء والمنهج والعقيدة، رجالٌ ينهضون بالمرحلة، ويكونوا مصداق للذين لم يُبدلوا تبديلا..

الولايات المُتحدة مثلاً؛ ومنذ آمدٍ ليس ببعيد لم تكن عظمى، بل كانت متخبطة، ذات رقعة محدودة بثلاثة عشر ولاية، وقوة بشرية لا تزيد على الاربعة ملايين نسمة، تلك النواة نمت بسرعة هائلة لتصبح اعظم قوة في العالم، ومازالت تحتفظ بتفوقها وقوتها، منذ اكثر مِن خمسين عام!

انطلقت الولايات المتحدة من نواتها بأتجاه المحيط الهادئ، على حساب السكان الاصلين من الهنود الحمر، الذين عاشوا في قارة امريكا، وكونّوا ثقافات وشعوب عديدة، حتّى اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803، وأستولت على فلوريدا من اسبانيا عام 1819، واستطاعت خلال فترة زمنية قصيرة ،ان تتحول من دولة صغيرة متشرنقه على سواحل المحيط الاطلسي، الى دولة قاريّة تسيطر على المحيطين الأطلسي والهادي.

لكن؛ هذا الخليط لم يكن أبداً متجانس، اذ مرّت الولايات المتحدة بمراحل من الصراعات والحروب الاهلية الدامية، استمرت لعقود من الزمن، سببها؛ اختلاف السكان وأصولهم من جهة، وطغيان  النعرة العنصرية من جهة أخرى.

فساد، اضطهاد، أصحاب البشرة السمراء، وتضييق الخناق عليهم حتى في مقاعد الباصات، في مشهد من التمييز العنصري بينَ الأبيض والأسود كانَ مشهداً حالك السواد!

الألوان عادت إلى الصورة من جديد، أو أن الصورة بدأت تأخذ ألولنها فعلياً، حتى وصلَ "الأسود" اوباما للمنصة الرئاسية، ليصبح أول رئيس للولايات المتحدة  من ذوي البشرة الداكنة.

أشِرنا الى المراحل الطويلة التي مرت بها الحياة السياسية الامريكية، لنتخذها درساً لنا، فدراسة تحولها من التنافر العنصري العرقي، الى التعايش السلمي، بل والارتقاء بمصاف الدول العظمى، قدمت أنموذجاً ليس عيباً إن نحتذي به!

السؤال؛ مالذي ينقص العراق للخروج من الازمة؟!

العراق؛ صاحب ثاني أكبر احتياطي نفطي عالمي، ويمتلك شريانين مائيين يمتدان من الشمال الى الجنوب، أيضاً؛ لديه مساحات واسعة صالحة للزراعة، مع لحاظ الثروة البشرية الضخمة، والأهم إنهُ مستند لحضارة عمرها الاف السنين.

الجواب يكمن في آيةٍ كريمة، "لا يغيِّر الله ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم "، حيثُ بذره التغيير تنبع من النفوس الصادقة، المحبة للعراق واهله، النفوس التي اتعبها التهجير والقتل والسبي، وذاقت مرارة الألم.

إنَّ بذره التغير هي التسوية الوطنية، فبعد ان فشلت الحكومات السابقة بكسب ثقه المواطنين، للاخفاقات المتكررة، وغياب الرؤية الواضحة لقيادة البلد نحو بر الأمان، وتفشي ال "انا" في خطابات المشهد السياسي، ليتحولوا إلى "ميكرفون" طائفي يمعنون في خلق الازمات، غير مبالين بما قد تنتهي إليه الأمور.

هنا؛ جاءت" التسوية الوطنية " لتُمثل بلسماً لجراح وطن ارهقتهُ الجروح، لتكون مبادرة لحسم كثير من الملفات صبغتها الحروب، وعسكرة المجتمع، وتقديم الضحايا والشُهداء، مبادرة لنا كُلنا؛ للأطفالِ وللنساء والشباب والمستقبل، نتمنى أن لا نرفضها، فنكون كمن أطلق رصاصة الرحمة على رأسه!




صفحات: [1]