عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - محمد ضياء عيسى العقابي

صفحات: [1]
1
صحَّ النوم يا دكتور صالح المطلك!!!!
محمد ضياء عيسى العقابي
للدقة، لم ينم الدكتور صالح المطلك ولا رفاقه الطغمويون*، بل نوَّموا أنفسَهم. لماذا؟ سنأتي على ذلك.
المواطنة غيداء لاجئة من الموصل في مخيم الخازر في أطراف أربيل. ألمّت بها أزمة صحية صعبة فأخذتها سيارة الإسعاف قاصدة المستشفى إلا أن السائق تباطأ عن عمد حتى فارقت الحياة.
هذا ما أوردته فضائية (الحرة – عراق) في نشرتها الإخبارية بتأريخ 15/12/2016. طالبت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق بإجراء تحقيق في الموضوع خاصة وأن الأصوات قد تعالت معلنة أن عدداً من المواطنين اللاجئين قد إختفوا من مخيم الخازر هذا.
بالأمس نقلت نفس الفضائية أيضاً عن الوزير السابق والنائب محمد تميم كيلَ الإتهامات لجهات كردية بقتل مواطنين عرب . وقبلها طالب زعيم محمد تميم في إئتلاف العربية أي الدكتور صالح المطلك طالب الحكومة العراقية بالتدخل لوقف حرق بيوت وقرى تابعة للعرب في منطقة كركوك.
بالطبع جاءت هذه المطالبات متأخرة بعد أن بلغ السيل الزبى كما يُقال. لقد حصل هدم قرى وبيوت عربية في مناطق عدة تابعة لديالى وصلاح الدين وكركوك والموصل وقد أشارت منظمة الهيومان رايتس ووج الى بعض ذلك. لقد صُفي قياديون من المكون العربي في كركوك مثل المرحوم خليل الجبوري ولم ترتفع من الطغمويين إلا أصوات ضعيفة متناثرة هنا وهناك مثل صوت النائب عن كركوك خالد المفرجي في 5/9/2015 وهو من الطغمويين كما كان المرحوم منهم أيضاً.
أعود وأسأل: لماذا نوَّم المطلك وكل الطغمويين أنفسهم يوم حصلت كل تلك البشاعات بحق العرب من أعوانهم في تلك المناطق؟
إن هؤلاء الطغمويين لا تهمهم مصالح الناس بل تهمهم مصالحهم الطغموية وعلى رأسها إستعادة سلطتهم، التي فقدوها لصالح صناديق الإقتراع، بأية وسيلة كانت سواءً بالتناغم مع الإرهاب أو بالتخريب من داخل العملية السياسية. لذا فالطغمويون كانوا منشغلين بنسج المؤامرات مع البرزانيين ضد النظام الديمقراطي العراقي بالتنسيق مع حكام تركيا والسعودية وقطر بمباركة أمريكية، وأهملوا هموم المواطنين.
لقد عبَر أثيل النجيفي محافظ نينوى السابق والذي بشُر بقدوم داعش فأصبح مطلوباً للعدالة حالياً - عبّر  خيرَ تعبير عن توجهات ومؤامرات المتطرفين من أولئك الطغمويين. لخص النجيفي إستراتيجيته بالتصريح التالي قبل سنتين تقريباً: "إن السنة والكرد بينهما حلف إستراتيجي مذهبياً وحضارياً". بالطبع كان أثيل النجيفي يشير الى تحالفه مع مسعود البرزاني.
أما المعتدلون من الطغمويين فقد تحدث عنهم النائب السابق السيد عمر الهيجل عندما كان نائباً في الدورة السابقة للبرلمان، في فضائية (الحرة- عراق) / برنامج "بالعراقي" إذ قال: كان الشيعة يلعبون دور بيضة القبان بيننا وبين الكرد ونحن نريد اليوم أن نلعب هذا الدور بين الشيعة والكرد.
إن هذا التحالف والمواقف من جانب المطلك ورفاقه ليست بالجديدة بل هي مواصلة لنهجهم المخرب السابق منذ إنتخابات 1/12/2005 البرلمانية إذ توعد المطلك "الشيعةَ" (يقصد العراق) بتسميم "فوزهم" الإنتخابي  في (فضائية العربية) السعودية حيث قال بتأريخ 20/12/2005: "التزوير واضح بدلالة تصريح القائد العسكري الأمريكي الذي قال بوجود تدخل ايراني . كما ان ايران ارسلت بطاقات تصويت للعراق كما نقل لنا أناس عن موضوع التزوير. لذا فنحن سوف لا ندعهم يهنئون بفوزهم" !!!!.
أما في عام 2007 فقد أشغل الرجل نفسه بنصح العراقيين إذا ما أرادوا التخلص من الإرهاب فعليهم "تسليم الحكم لمن يفهموا الشعب العراقي ولهم الخبرة في حكمه ويعطوا الخبز لخبازه"!!! أي أراد الغاء الديمقراطية والعودة الى ممارسة الحديد والنار بخفاء بدل المفخخات والعبوات والهاونات والصواريخ والكواتم المفضوحة. 
وتابع إنشغاله بالإعداد لسيناريو ما بعد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق إذ أفصح في فضائية "الحرة-عراق" / برنامج "حوار خاص" بتأريخ 28/11/2011 عما كان يجول بخاطره وخاطر أصحابه من خطط واعدادات إذ قال:
 "بعد خروج الأمريكان، ستسقط الديمقراطية لأن من صاغها وحماها هم الأمريكيون".
هل ليّن التقدم في السن والهزائم من عريكة المطلك ورفاقه؟ كلا وألف كلا. ففي تأريخ 12/12/2016 في برنامج "حوار خاص" في فضائية (الحرة – عراق) قال المطلك لسعدون محسن ضمد مهدداً: "أفشلنا حكم الشيعة منذ 2006 وسنفشله إذا لن يلغي الشيعة المادة الدستورية التي تحظر حزب البعث..." قال له ضمد : "هذا تهديد يعاقب عليه القانون" إلا أن صالح لم يكترث!!!
هذا وأكثر يثبت وجهة نظري المثبتة في الهامش حول "الطغموية والطغمويين" والتي نصت على: " كان وما يزال هذا الإصرار من جانب الطغمويين على إستعادة السلطة هو الجوهر الحقيقي للمسألة العراقية ولم تليّن الهزيمة الإستراتيجية الداعشية من إصرارهم بسبب وجود الدفع والدعم الخارجيين لهم .....إلخ"
أعود الى موضوع التحالفات وبيضة القبان فأقول للدكتور صالح المطلك ولجميع رفاقه الطغمويين:
إلعبوا أي دور تريدون شريطة أن يكون دوراً نظيفاً وطنياً وحريصاً على الإنسان والقيم الإنسانية وأنتم بعيدون كل البعد عن هذه المستلزمات منذ اليوم الأول الذي أشرقت فيه شمس الديمقراطية على العراق أي بعد إنتخابات 1/12/2005 وتتحملون مسؤولية إزهاق أرواح مئات الآلاف من الأبرياء؛ ولا تأمل، يا دكتور صالح، بمزيد من النجاحات في التخريب مستقبلاً بالإستناد الى الإبتزاز كما كان الحال سابقاً  فقد خسرتم وذهبت ريحكم وأتوقع أنكم ستجدون عصا القانون الغليظة بانتظاركم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): الطغموية والطغمويون
الطغمويون هم لملوم من جميع أطياف الشعب العراقي حكموا العراق منذ تأسيسه وفق صيغة تبادل المصالح مع القوى الإمبريالية وبالحديد والنار للإنتفاع الطبقي من ثرواته المادية والمعنوية بذرائع مختلفة منها إدعاء القومية. لقد مارسوا في العهد البعثي سياسة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي فاقترفوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ ولم يعد قادراً على إطاحة النظام سوى الله أو أمريكا. وأطاحت به أمريكا لأهدافها الخاصة، وفق المشروع العالمي الذي رسمه المحافظون الجدد للهيمنة على العالم، ولكنها ساعدت على تأسيس النظام الديمقراطي الذي جعله السيستاني نظاماً ديمقراطياً حقيقياً عراقياً لا شكلياً، ومن ثم أخرج العراقيون قواتها، أمريكا، واستعاد العراق استقلاله وسيادته في 1/1/2012. غير أن الأمريكيين ركبوا حصان داعش الذي أوجده الطغمويون وحكام تركيا والسعودية وقطر بإيحاء من أمريكا نفسها، ودخلوا العراق من الشباك.   
بعد سقوط نظامهم في عام 2003 أجج الطغمويون الطائفية بأعلى وتيرة، بعد أن كانت مبرقعة مبطنة منذ تأسيس الدولة العراقية، وذلك لشق صفوف الشعب والمحافظة على ولاء أعوانهم ودفعهم الى عرقلة بناء العراق الديمقراطي الجديد عبر الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية إصطفافاً وتنفيذاً للمشروع الطائفي السعودي الوهابي المطروح على نطاق المنطقة والعالم لدرء خطر الديمقراطية الزاحفة على النظام في المملكة من الجار الشرقي ودرء خطر الإحراج الذي سببته إيران للمملكة بعد أن كشفت، إيران، تآمرهم على القضية الفلسطينية حينما مدت المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بالسلاح بينما إقتصر الدعم السعودي على المال المسموم ثم إنحدرت الى مستوى التآمر لتصفية القضية الفلسطينية وتآمرت على التضامن العربي.
 وقد انتفع الامريكيون من اثارة الطائفية في العراق بقدر كبير جداً وكفاءة عالية مستخدمين الطغمويين أنفسهم في هذا المجال كأدوات طيعة لإضعاف العراق الجديد وتشويه الديمقراطية والإستهانة بها وتحويله، العراق، الى دولة فاشلة؛ وربما كان الأمريكيون هم المحرضين على تأجيجها وذلك من أجل تنفيذ مشروع المحافظين الجدد الحقيقي وهو الهيمنة على منابع البترول في العالم للي أذرع جميع الدول المؤثرة عالمياً للقبول بنتائج ما بعد الحرب الباردة التي جعلت الولايات المتحدة القطب الأعظم الأوحد في العالم، الأمر الذي أوجبته ضرورات معالجة أمراض النظام الرأسمالي المأزوم بطبيعته عبر تصدير أزماته للعالم وخاصة الفقير منه دون رادع.
أفشل العراق، على يد التحالف الوطني، مشروع أمريكا هذا الذي إصطدم مع المصالح الإمبريالية الأوربية أيضاً، ولكن إدارة الديمقراطيين الأمريكية أعادت إحياءه بعد إصلاح التحالف التقليدي مع أوربا الإمبريالية الذي هدده المحافظون الجدد بدافع الإنفراد والإستحواذ.   
فرض الطغمويون والأمريكيون، بالإبتزاز،  المحاصصة ومفهوم الشراكة والتوافق المغشوشين، مقابل مجرد المشاركة في العملية السياسية أي العملية الديمقراطية المعترف بها عالمياً وهي الوسيلة الوحيدة القادرة على حماية مصالح الجميع وبالتالي تحقيق التعايش المشترك والسلم الأهلي. ولكن الطغمويين لم يتراجعوا ولحد الآن عن رفضهم للديمقراطية وللآخر والسعي الحثيث لتخريبها وإفشالها ولو بإستدعاء قوى إمبريالية وعميلة لـ"ترتيب" أوضاع العراق لصالحهم.
كان وما يزال هذا الإصرار من جانب الطغمويين على إستعادة السلطة بأية وسيلة هو الجوهر الحقيقي للمســـــــألة العراقـيـــــــــــة ولم تليّن الهزيمة الإستراتيجية الداعشية من إصرارهم بسبب وجود الدفع والدعم الخارجيين لهم؛ ذلك الإصرار الذي لم تشخصه سوى المرجعية في النجف والحريصين من المسؤولين الذين تُحتمُ مسؤوليتُهم عليهم عدمَ البوح بهذا التشخيص تجنباً لتثبيت الإنقسامات ونفع المشروع الطغموي؛ ولكن المثقفين والفاشلين أهملوا هذا التشخيص وشوهوه بطروحات منتقصة أو زائفة رغم أن واجبهم المقدس يلزمهم بإبراز هذا التشخيص الذي يمثل الحقيقة الموضوعية الناصعة وتوعية الشعب والرأي العام العربي والإسلامي والعالمي بها وتوجيه الضغوط المعنوية على الطغمويين للحد من تماديهم في التخريب والإرهاب.   
شكل الطغمويون والبرزانيون العنصريون تحالفاً غير رسمي مع الأمريكيين وتوابعهم في المنطقة حكام السعودية وتركيا وقطر كل لغايته؛ ولكن يجمعهم دفعُ العراق باتجاه الديمقراطية المشوهة والدولة الفاشلة لتنفيذ المشروع الامبريالي الصهيوني السعودي الذي صاغه المحافظون الجدد والقاضي بتفتيت البلدان العربية من داخلها وتمكين إسرائيل من الهيمنة على المنطقة بقفاز سعودي ولدينا مما جرى في سوريا خير مثال.
فَقَدَ البرزانيون إهتمامهم بالديمقراطية العراقية بعد أن أخذوا منها ما أخذوا ثم إنخرطوا في المشروع الإمبريالي آنف الذكر على أمل تحقيق "مملكة برزانية" على حساب نضال الشعب الكردي لتحقيق طموحاته القومية المشروعة بالتحالف النضالي مع شعوب المنطقة، وعلى حساب إستقرار العراق ومصالحه.
الطغمويون لا يمثلون أية طائفة أو مكون لكنهم يدَّعون تمثيلَهم السنةَ لتشريف أنفسهم بهم والخروج من شرنقة الطغموية الخانقة الى ساحة الطائفة الأرحب. غير أن السنة براء منهم وقد نبذوا الطغمويين خاصة بعد توريطهم الجماهير إذ دفعوا بها الى العصيان لتغطية إحضار داعش الى العراق لإحداث تغيير ديموغرافي، ومن ثم دفعوا بها الى حياة النزوح في المخيمات تحت رحمة البؤس والشقاء وتهديدات داعش.
كانت هذه المغامرة الداعشية الخطرة الفاشلة قد شكلت الضربة الإستراتيجية القاصمة الكبرى للطغمويين ورعاتهم حكام أمريكا وتركيا والسعودية وقطر، وما عادوا قادرين على الإبتزاز وفرض المطالب فهم الفاشلون في معركة "الديمقراطية" الحاسمة.
 
للإطلاع على “مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي” بمفرداته: “النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995




     
 

 


2
مخطط "حرق الأعشاش" الجديد
محمد ضياء عيسى العقابي
نشرت صحيفة "عراق القانون" الإلكترونية يوم 9/9/2013  تقريراً(1) تضمن معلومات نسبتها إلى "مصادر سياسية بارزة" جاء في مستهله المقطع التالي:
" كشفت مصادر سياسية بارزة عن مخطط يقوده المدان بجرائم ارهابية طارق الهاشمي وبرعاية احد أمراء السعودية لتغيير مسار العملية السياسية بالعودة إلى نظام الإمارات العشائرية   من خلال دعم شيوخ العشائر لخوض غمار الانتخابات البرلمانية المقبلة، فيما كشفت مصادر ان اموالا خليجية تدفع من اجل ايقاف تنفيذ احكام الاعدام بحق الارهابيين في السجون العراقية."
يذكرني هذا بنشاط مماثل تقريباً جرى قبل الإنتخابات التي حصلت يوم 7/3/2010 إذ لعبت السعودية دور الراعي لأطراف ما أطلق عليه لاحقاً ب"إئتلاف العراقية" الذي تعمد الخبراء المستَأجَرون والمختصون بإدارة الحملات الإنتخابية خاصة في بلدان العالم الثالث – تعمدوا إبعاد الحزب الإسلامي عن التشكيلة كي يطرحوها  كقائمة علمانية وطنية التوجه تقابل أطراف التحالف الوطني (قبل تشكيله) وتضع تلك الأطراف موضع الدفاع بإتهامها بالطائفية والولاء لإيران .
وما أن إنتهت الإنتخابات حتى عاد الحزب الإسلامي وإئتلاف الوسط الذي تحالف معه للتحالف مع إئتلاف العراقية.
جنباً إلى جنب هذه الرعاية التنظيمية أطلق "حلفاء" السعودية من العراقيين ما سميت "خطة حرق الأعشاش"(2) التي وضعها الخبراء المذكورون سلفاً وقد نشرتُها في حينه وأعيدُ نشر بنودها في نهاية هذه المقدمة لسببين:
أولاً: لإطلاع القراء على مفردات الخطة ليتحققوا بأنفسهم من مطابقة ما جرى على الأرض  مع بنود تلك الخطة،
شخصياً لاحظت الكثير من المطابقات ومنها التزوير الجزئي لإنتخابات 7/3/2010. وفي الجانب الإعلامي لاحظت إنطلاق حملة ضخمة للتشويه والتزوير والتضخيم والتحريف والإفتراء بهدف التسقيط؛ وبدى لي أن هناك جهاز متخصص يوجه هذه الأعمال. من جملة نشاطاته توجيه أتباعهم الطغمويين(3)  بما يلي:
-        التصويت دعماً للمقالات السيئة في الصحف الإلكترونية،
-        تهديد الكتاب الطيبين والديمقراطيين الحقيقيين أمثال السادة عبد الخالق حسين وعبد الصاحب الناصر ووداد فاخر وحسن حاتم مذكور وغيرهم،
-        ضرب المواقع الإلكترونية الديمقراطية والعناوين الشخصية الإلكترونية .
-        إشغال الكتاب الديمقراطيين بالجدل العقيم لإضاعة أوقاتهم. فأول ما يبدأون به هو إتهام الكاتب بالطائفية جزافاً وهكذا،
-        تعميم المقالات السيئة،
-        فبركة الأخبار وتشويهها،
-        محاولة تثبيط عزائم الكتاب الديمقراطيين،
-        التشهير بالكتاب الديمقراطيين.
لابد من التنويه إلى النجاح الذي حققه الإعلاميون الطغمويون مع بعض الفئات التي يفترض فيها أن تكون على الجانب الديمقراطي لكنها سارت على درب التضليل. تجلت هذه المسايرة في خلط الأوراق والمساواة بين الضحية والقاتل وجعل الذات مطية لحمل قاذورات الطغمويين الكلامية الديماغوجية إلى ديار الأبرياء.
ثانياً: لفت الأنظار إلى/ ورصد بعض التحركات التي تجري وفق هذا المخطط؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:
-        تصريحات أحمد العلواني النائب عن كتلة "متحدون" التي يقودها رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، التي يدعو فيها بوضوح إلى العنف والحرب الطائفية وهو أسلوب قديم - جديد يقصد منه تخريب العملية السياسية.
-        الضجة المفتعلة التي أثارها النائب عن إئتلاف العراقية العربية حيدر الملا بشأن رفع بعض الصور للزعيمين الإيرانيين آية الله الخميني وآية الله خامينئي.
-        المطالبة الإستفزازية للنائب حيدر الملا من وزير خارجية إيران السيد محمد ظريف الذي زار العراق مؤخراً، بتقديم إعتذار عن تدخل إيران في الشؤون الداخلية العراقية.
-        تحميل النائبة عن إئتلاف العراقية ندى الجبوري – تحميل العراق مسؤولية سوء العلاقة مع العربية السعودية ومطالبة العراق بترتيبات أمنية مع السعودية؛ وهي مطالبة تتماشى وطموح السعودية المدعوم أمريكياً لتصبح، السعودية، عرابة المشرق العربي. 
يُلاحظ أن هناك عدة مؤشرات تشير إلى تحرك السعودية والطغمويين الآن وفق خطة "حرق أعشاش" جديدة. فلنتأمل المؤشرات التالية:

   - دعوة السعودية لألف شيخ عشيرة من عشائر الجنوب والوسط لزيارة السعودية. وقد إعتبر السيد النجيفي هذه الدعوة بريئة!!

   - حصول النائب عن إئتلاف العراقية البيضاء الشيخ جمال البطيخ (محافظة واسط) من الملك السعودي على موافقة  لأداء فريضة الحج خارج الكوتا لعدد كبير  من أبناء عشيرته ،

   - نشاط وخطة المدان طارق الهاشمي الواردة في التقرير أعلاه.

عليه ينبغي الرصد والحذر والتثقيف خشية الوقوع فريسة أحابيل السعودية وعملائها.
أدرج أدناه خطة "حرق الأعشاش" لعام 2009 كما هي بدون تعديل :
أولا- استهداف الشيعة في المناطق ذات الغالبية السنية، ديالى، كركوك، الموصل، بشكل عنيف يؤدي إلى تهجيرهم بعد تهديم منازلهم حتى لا يكونون رقما في الانتخابات النيابية المقبلة. كذلك استهداف الشيعة في بغداد.

ثانيا- استهداف الرموز الشيعية في العملية السياسية من خلال الاغتيال أو من خلال الإشاعة واصطناع التهم وتضخيمها إعلاميا.

ثالثا- تسخير قنوات إعلامية فضائية ومقروءة مثل صحيفتي الشرق الأوسط  والحياة والوطن والراية، وصحيفة الزمان لسعد البزاز، البعثي العراقي المعروف بقربه من صدام حسين، وقنوات فضائية مثل العربية والجزيرة والشرقية ودبي والمستقلة والخليجية، تسخيرها لدعم حزب البعث وتشويه كل إنجاز تحقق بعد 2003 واستخدام الإعلام بقوة لخدمة إعادة حزب البعث إلى السلطة في العراق.

رابعا- الاتصال بشيوخ عشائر في الفرات الأوسط والجنوب ممن ربطتهم علاقات وثيقة بحزب البعث وصدام حسين وإغداق العطايا لهم وبذل كل ما من شأنه إيصالهم إلى البرلمان المقبل.

خامسا- شراء مثقفين وكتاب من الشيعة وإبرازهم على أنهم ضد الأحزاب الشيعية في مسعى لخلخلة ثقة الناخبين الشيعة بسياسييهم ومرشحيهم ممن هم خارج دائرة الولاء لحزب البعث، فتوجيه اللوم والنقد للشيعة على لسان أشخاص من طائفتهم يلقى آذانا صاغية بعكس الأمر فيما لو تم ذلك من خلال أشخاص آخرين.

سادسا- العمل بجد من أجل فك الارتباط التاريخي بين الشيعة والكورد، وقد أثبتت السنوات الست الماضية أن الأكراد حريصون على الاحتفاظ بمكتسباتهم وأنهم أقرب للتحالف مع أية جهة يمكن أن تحفظ هذه المكتسبات.

سابعا – التنسيق مع الأحزاب السياسية السنية "هيئة علماء المسلمين، الحزب الإسلامي، قائمة التوافق، قائمة صالح المطلك" من أجل عدم التعرض للمكتسبات الكردية وإظهار الوئام مع الكورد خصوصا في الفترة التي تسبق الانتخابات؟.
وقد تجلى ذلك من خلال حرص صحيفة الشرق الأوسط على إجراء لقاءات تؤرشف فيها لحياة الرئيس جلال الطالباني، تتبعها حلقات يعدها الآن نفس الصحفي"معد فياض" عن حياة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني. ومعد فياض هو بعثي سابق كتب عن صدام حسين كثيرا ومن ابرز ما كتبه مقالات بعنوان "لماذا نحب صدام حسين".

ثامنا- استهداف مسؤولين وسياسيين كبار من الشيعة، بالاغتيال مع اقتراب الانتخابات النيابية.

وكشفت معلومات سرية ان، رئيس الوزراء نوري المالكي، يأتي على رأس قائمة المستهدفين، وهناك قائمة تضمنت، مقتدى الصدر، عمار الحكيم، هادي العامري، علي الأديب، محمد العسكري، والجعفري.

تاسعا- التحريض الإعلامي ضد المرجعية الدينية والسعي لإسقاطها في عيون الشيعة، والضغط الإعلامي الهائل على هذه المرجعية لمنعها من التدخل في الانتخابات.

عاشرا- إسقاط السياسيين الشيعة بنظر المواطنين الشيعة من خلال الإشاعة.
أحد عشر- التنسيق مع تركيا لتقليص تدفق المياه نحو العراق وخلق مشاكل اقتصادية وبيئية للعراقيين لزعزعة ثقة العراقيين بقدرة الشيعة على إدارة دفة الحكم.

اثنا عشر- رصد 2 مليار دولار لتنفيذ هذه الخطة على أن يتم تحديد مبالغ أخرى عند الحاجة الملحة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): فيما يلي رابط التقرير:
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=29003
(2): وردت الخطة ضمن مقال للسيد رياض العراقي نشر في موقع قناة "الفيحاء" بتأريخ 20/8/2009.
(3): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
 


3
ملاحظات حول بعض أحداث يوم الأربعاء 4/9/2013
محمد ضياء عيسى العقابي
1-    الوقف السني:
ألقت مجموعة من كبار مسؤولي الوقف السني في بغداد بياناً في مؤتمر صحفي أشاروا فيه إلى مقتل (12) مواطناً سنياً في البصرة خلال الأيام الأربع الماضية . كما أشاروا إلى إستلام تهديدات عبر الهاتف في البصرة والناصرية ما أدى إلى غلق مسجد الإمام علي التابع للسنة في الناصرية، وذلك حسبما نقلت فضائية (الحرة – عراق).

من جانبه، وفي نفس الفضائية، صرح مدير الوقف الشيعي في البصرة بأن رجال دين شيعة أيضاً قُتلوا في تلك الفترة. ولكنه أرجع السبب إلى هدف إثارة الفتنة الطائفية.

وغني عن البيان المجازر اليومية التي يرتكبها الإرهابيون بحق الأبرياء في المناطق الشيعية وأبشعها مجزرة اللطيفية يوم الأربعاء 4/9/2013 بحق رجال ونساء وأطفال شيعة، حيث حصدوا أرواح 18 بريئاً وجرحوا 12 من عائلة واحدة عادت لسكنها  للتو من منطقة التهجير التي التجئوا إليها قسراً  . لقد فجروا الدار وأحرقوا الجثث وشوهوها بعد إنجاز فعلتهم الدنيئة، وذلك حسب فضائية (الحرة – عراق).

كان بودي أن يذكر السادة في الوقف السني أن القتل كان يهدف إلى إثارة الفتنة الطائفية لكي يتعاون الجميع على وأد الفتنة الطائفية بتوحيد الخطاب.

2-    يريد الأمريكيون أن يحتمي العراق بالسعودية وقطر:

للمرة الثانية خلال بضعة أشهر أسمع من أمريكي آخر خبير في شؤون الشرق الأوسط هو السيد (ديفيد بولاك) ، الذي إستضافه برنامج (الطبعة الأخيرة) في فضائية (الحرة - عراق) – أسمعه ينتقد السياسة الخارجية العراقية بشأن موقفها من إيران وسوريا. يقول بولاك: الأسلم للعراق ألا يقف على الحياد بل عليه الإنخراط في التحالف لإطاحة نظام بشار الأسد؛ وإذا ما إحتاج لحماية أمنية أو ضغطت عليه إيران فله حلفاء يستنجد بهم وهم السعودية وقطر وأمريكا.

لا أريد أن أعرج على ما ينطوي عليه الموقف العراقي من أمور مبدئية أولها رفض التبعية وجوهرها الصراع العربي الإسرائيلي حول القضية الفلسطينية والتي يأبى العراق إلا الوقوف ضد أي عدوان على أيٍّ من أطراف محور الممانعة، ومنها سوريا، وهو الموقف الأقوى عربياً ولكنه الضعيف طموحاً فهو المتاح لضعف العراق العسكري ولهشاشة الوضع الداخلي بتخطيط خارجي ينقله إلى الداخل العراقي زعماء أطراف "إئتلاف العراقية" وإئتلاف "متحدون" الطغمويون* الذين دأبوا على إتهام إئتلاف دولة القانون بالتبعية لإيران تملقاً لأمريكا وإسرائيل كما في ضجة حيدر الملا المفتعلة حول صور الخميني؛ ويسير في ركابهم بعض العلمانيين وبعض اليسار والمستثقفين العراقيين ومنهم عدنان حسين، رئيس النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين والقيادي في التيار الديمقراطي ورئيس تحرير صحيفة المدى والموظف السابق في صحيفة الشرق الأوسط السعودية، الذي صب جام غضبه، في فضائية (الحرة – عراق / برنامج بالعراقي)، على  حشود العراقيين التي خرجت في (يوم القدس) لدعم القدس والقضية الفلسطينية عموماً، والتي، اي الحشود، نالت من صابرين كاظم (مراسلة فضائية الحرة – عراق) على الفيسبوك أشد أنواع الشتم البذيء وذلك لأن عدنان وصابرين إغتاظا من عدم مشاركة جماهير ذات وزن في تظاهرة كان يقصد منها تجريم الحكومة والسكوت على الإرهاب  على عكس تظاهرة القدس – أقول لا أريد التعريج على تفاصيل هذه المواضيع ولكنني أقول:
 
هزلت يوم يكون فيه العراق الديمقراطي الكبير في حماية نظم متخلفة شمولية في السعودية وقطر؛ وتعساً لأياد علاوي وأسامة النجيفي وجميع الطغمويين الذين يسعون إلى دفع العراق نحو التوجه الذي طرحه السيد بولاك، فهم يريدون بيع العراق للمتخلفين المحتمين بإسرائيل ضد شعوبهم وشعوب أمتهم.

3-    إحذروا سموم فضائية (الحرة – عراق):

أطلق رئيس الوزراء السيد نوري المالكي مبادرة جديدة حول الوضع السوري جاءت تطويراً لمبادرته السابقة. كانت المبادرة الجديدة أشمل وأكثر نضجاً؛ ووفرت، بحق، أساساً عملياً وخارطة طريق واقعية لحل النزاع وتجنيب سوريا، بكيان دولتها وقوام جيشها العربي، المزيد من الدمار وهو الهدف الحقيقي من وراء التأجيج الطائفي والتدخل الأجنبي وتوفير السلاح والمال والتكفيريين المرتزقة والحرب الإعلامية للمعارضة المسلحة.

كعادة فضائية (الحرة – عراق)، فقد لجأت إلى التشويش والتأليب الناعم الذي لا يقدر عليه إلا المتدربون على التخريب بمسحة البراءة، بادر قارئ نشرة الأخبار السيد حيدر المحرابي سائلاً: هل العراق قليل مشاكل لينصرف رئيس الوزراء إلى الإنشغال بالهم السوري؟
جاء رد الدكتور إحسان الشمري مقنعاً إذ قال : إن الأوضاع السورية تلقي بظلالها السيئة على العراق لذا فالمساهمة بحلها تصب في صالح العراق.

لم يتوقف السيد المحرابي عند هذا الحد بل راح يسأل عن سر إنقلاب موقف رئيس الوزراء من رفع شكوى على النظام السوري في الأمم المتحدة إلى طرح المبادرة ل"إنقاذ النظام".
لطمه جواب الدكتور الشمري، مرة أخرى، بالقول إن الموقفين مختلفان جوهرياً وكلا الموقفين لصالح أمن العراق وإستقراره. 
 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
   
 

4
صور الخميني وخامنئي في بغداد
محمد ضياء عيسى العقابي
حصل في مجلس النواب يوم  26/8/2013عراك وإشتباك بالأيدي غير لائق ولو إنه ليس غير مألوف في برلمانات العالم عريقها وحديثها. قبل أكثر من قرن قرر البرلمان البريطاني إستبدال الكراسي المنفردة للنواب بمصاطب مثبتة بالأرض لأن الكراسي قد إستخدمت في العراك.
يبدو أن السيد حيدر الملا، النائب عن إئتلاف العراقية، المعروف بثرثراته الإستفزازية، قد تناول موضوع رفع صور لآية الله الخميني وآية الله خامنئي من قبل بعض الطائشن والمندسين، بتضخيمه أولاً وبهدف وصيغة بعيدتين كل البعد عن الحكمة والوطنية. الهدف، كما يبدو لي، مدروس بعناية ومتفق عليه من قبل طغمويي(1) إئتلاف العراقية يقصد منه رفع وتيرة التوتر الطائفي لدعم الجهد الإرهابي بمحاولة التشويش بصورة غير مباشرة على عمليات "ثأر الشهداء" أولاً وللكسب الإنتخابي ثانياً. جاء كل هذا في ظرف يبرز فيه أمران:
أولاً: إشتداد الأزمة السورية وبلوغ حالة التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لها وإقتراف عدوان غاشم عليها يستهدف الدولة والجيش العربي السوري،
ثانياً: تقدم عمليات "ثأر الشهداء" في تحقيق أهدافها وتوجيه ضربات يؤمل أن تكون قاصمة إلى حد كبير.
أدناه ملاحظاتي حول الموضوع ودوافع إثارة هذه الضجة المفتعلة:
1-   أعتقد أن رفع صور قادة إيران السادة الخميني وخامنئي هو عمل مدسوس أو/ و طائش يقصد منه إثارة المشاكل والإستفزاز الداخلي والخارجي في وقت تتصاعد فيه لغة التهديدات العسكرية الغربية والإقليمية (التركية السعودية القطرية) والإسرائيلية لسوريا.
2-   لو لم يكن الأمر مفتعلاً ومدسوساً من الأساس فلماذا لم يطلب الطغمويون من حلفائهم في مجلس محافظة بغداد ومحافظها ومن أمانة بغداد رفعَ تلك الصور دون ضجيج؟
ولماذا لم يستخدم رئيس مجلس النواب الحكمة لإيقاف بحث الموضوع وتسويته بشكل ودي مع زعماء الكتل ومحافظة بغداد؟
إنه كيد الطغمويين الذي ألفناه منهم ومن زعيم إئتلاف "متحدون" رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي الذي عمل على تضييع وقت البرلمان كما عمل معظمهم على بهذلة أموال العراق في غير الوجهة الصحيحة وهي خدمة الفقراء والجماهير عموماً.
3-    لقد جاءت الضجة المفتعلة لحيدر الملا وحلفاؤه،  في الوقت الذي أعلن فيه العراق على لسان السيد علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء،  عدم السماح لأي كان إستخدام أراضيه أو أجواءه لضرب سوريا.
4-    إنه عمل مدسوس يستكمله حيدر الملا وأمثاله من الطغمويين في البرلمان العراقي لجذب إنتباه المعنيين في أمريكا وإسرائيل وعملائهما في المنطقة وذلك للتملق ولتأكيد الولاء والتذكير بإستعداد الطغمويين لتبادل المصالح معهم فهذا يستلم السلطة بمساعدتهم وذاك ينتفع منهم في إثارة حرب مع إيران وضرب سوريا  لدعم الأمن الإسرائيلي وتسليمهم النفط العراقي.
إنهم يأملون أن تتوسع رقعة الهجوم على سوريا عسى أن تطال العراق الديمقراطي ليحققوا ما صمموا على تنفيذه بعناد منذ سقوط نظامهم البعثي الطغموي وهو إستعادة سلطتهم المفقودة.
5-    أنا أتفهم وجهة نظر السادة النواب حيدر الملا وميسون الدملوجي ووحدة الجميلي بأن رفع الصور قد أظهر تحيزاً لجهة دون أخرى في الصراع حول القضية الفلسطينية بين الإسرائيليين والإيرانيين، حيث أن أولئك السادة يحرصون، تملقاً بأمل الإنتفاع، على أن يقفوا على مسافة واحدة من هذين العدوين أو الصديقين أو الصديق والعدو أو العدو والصديق!!!
6-   نعم، حصل نقد واسع لرفع صورة رئيس وزراء تركيا السيد رجب طيب أردوغان في تظاهرات الأنبار والفلوجة. مبعث النقد كان بسبب الإستغاثة التي أطلقها بعض رجال الدين ومنهم خطيب جمعة الفلوجة الشيخ عبد المنعم (على ما أذكر الإسم) الذي طلب من السيد أردوغان، مستغيثاً، "تحرير بغداد وإعادة الإسلام إليها كما فعل جدك محمد الفاتح" على حد قوله.
7-    ما أن خطى تكتل القائمة العراقية العربية بقيادة السيد صالح المطلك وعضوية النائب حيدر الملا - ما أن خطى بعض الخطوات الوطنية الجيدة حتى شعر الملا بأن تكتله قد فقد كثيراً من نفوذه في الأوساط الطغموية الطائفية العنصرية الدكتاتورية الديماغوجية،  فأتى بهذه الفتنة الطائفية البهلوانية في البرلمان كي يثبت ولاءه للطغمويين بإمتياز.
إن أطراف إئتلاف العراقية المتناحرة تتبارى لكسب أكبر قدر من جمهورهم عن طريق الإثارات الديماغوجية الطائفية ودغدغة طموحاتهم في إسترجاع سلطتهم المفقودة. 
8-    طالما تبجح الطغمويون الطبقيون بقدراتهم القيادية والإدارية ويقصدون بها التفوق في إستخدام القتل والتعذيب والكيمياوي والإرهاب والكيد والكذب والتلفيق والدس وقد حققوا نجاحات غير قليلة لحد الآن. وهذه إحدى التجليات لذلك التبجح حيث ضربوا ضربة واحدة لتصيب عدة أهداف كما ذكرتُ سلفاً.

9-    دأب الطغمويون على تسفيه المؤسسات الديمقراطية وأهمها مجلس النواب سعياً لتشويهها وتقويضها وتمهيداً لتهشيم النظام الديمقراطي برمته  لإستكمال الجهد الإرهابي المباشر، وإستعادة سلطتهم الطغموية ذات المنافع المادية والمعنوية.
وحركة النائب حيدر الملا، هذه، تصب في هذا الإتجاه لتحقير مجلس النواب وضعضعته وهو ذات السلوك الذي مارسه رئيس المجلس.
10-   لم يكن بإمكان الطغمويين النجاح النسبي في إقلاق الوضع العام لولا تشتت أطراف التحالف الوطني؛ والقادم أعظم إذا لن يتدارك التحالف وعقلاؤه الموقف المزري وعلى عجل، بإطلاق مشروع عربي وإسلامي لبناء مجتمعات العدالة الإجتماعية والكفاية والكرامة والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات المسؤولة والتقدم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181


5
قضية الرواتب التقاعدية جزء من ستراتيجية الفساد
محمد ضياء عيسى العقابي
أدرج أدناه في الهامش (1) تقريراً عن تصريحات النائب عن إئتلاف العراقية السيد طلال خضير الزوبعي بشأن المطالبات بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب. أنشر التقرير لبيان الديماغوجية الواضحة في  ذلك التصريح؛ والديماغوجية هي إحدى سمات الطغمويين كما مبين في الهامش(2).
أعتقد أن إئتلاف العراقية الطغموي لا يريد القضاء على الفساد المالي بأنواعه ومنها الرواتب التقاعدية والمرتبات لإن الطغمويين لا يريدون أن يساهموا في خلق بيئة تشريعية طاردة وخانقة للفساد بأنواعه بضمنها سرقة المال العام وتعطيل الخدمات وعلى رأسها الكهرباء وإستباحة أرواح الأبرياء بتمويل والتستر على الإرهاب والإرهابيين.
 إنهم الذين بدأوا الفساد بعد 2003 وإستكملوا مسيرة فساد النظام البعثي الطغموي. فإذا كان لهم، أيام حكمهم، دافع واحد للفساد وهو الكسب الشخصي فلهم الآن ثلاث دوافع وهي الكسب الشخصي والكسب للتنظيم السياسي وتخريب مسعى البناء الديمقراطي.
أغلب الظن أنهم يقفون وراء كل ما من شأنه توجيه المال العراقي لغير الوجهة الصحيحة مستغلين جهل البعض وجشع البعض الآخر من خصومهم وإحتياجهم لدعم حملاتهم الإنتخابية لموازنة المال السعودي خصوصاً والخليجي عموماً.
إنهم الذين أدخلوا المال السياسي للعراق، خاصة لدعم الحملات الإنتخابية كما شهدت على ذلك محطة إذاعة أوستن النرويجية وصحيفة البوليتيكو الأمريكية والسيد حسن العلوي، النائب والقيادي السابق في إتلاف العراقية، قبل إنشقاقه عنه، وهو الذي شهد حديثاً بهذا الموضوع بين الملك السعودي عبد الله وبين القيادي في إئتلاف العراقية ونائب رئيس الجمهورية السابق، قبل إدانته بالإرهاب، طارق الهاشمي.
لم يدع النواب قبل سنتين مجالاً للشك حينما نوهوا عن إستلام الدكتور أياد علاوي مبلغ مليار وثلث المليار دولار نقداً من الحاكم المدني بريمر من دون وصولات. لقد تمت تنويهات النواب في جلسة رسمية لبحث الفساد بحضور رئيس ديوان الرقابة المالية الدكتور عبد الباسط تركي محافظ البنك المركزي بالوكالة حالياً.

مارس الطغمويون الفساد بعد 2003 بهدف الحيلولة دون نجاح النظام الديمقراطي الجديد. وهذا أحد أوجه التخريب من داخل العملية السياسية الذي طالما أشرتُ إليه بكونه خطة متممة للإرهاب  لتقويض النظام الديمقراطي.

أرادوا تبذير أموال العراق في مجالات غير منتجة ولا تعير أهمية للفقراء خصوصاً وللجماهير عموماً. وللأسف إستطاعوا إغراء ضعاف النفوس والمغفلين من بين القوى الديمقراطية إسلامية وعلمانية.

وكان الهدف الستراتيجي من الفساد حرمان الفقراء والناس عموماً من ثمرات الديمقراطية لتأليبهم ضدها تمهيداً لإسقاطها وإسترجاع سلطتهم الطغموية وهو هدفهم الأسمى.
سؤالان لنائب إئتلاف العراقية السيد طلال خضير الزوبعي:
-   كيف شرّعتم قانون تحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين وهو تشريع مخالف للدستور، ولا تريد تشريع قانون بشأن الرواتب التقاعدية للنواب وغيرهم وهو أمر لا يخالف الدستور بل أناطه الدستور بقانون يشرعه مجلس النواب؟
-   لماذا لم تذكر أسماء نواب التحالف الوطني الذين  أشرتَ إليهم؟  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   رابط التقرير:
 http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=27963
القائمة : قانون إلغاء الرواتب التقاعدية غير جاد لهذا نرفضه
التاريخ : الجمعة 23-08-2013 05:02 مساء    
 

   
 اكد النائب عن  القائمة العراقية طلال خضير الزوبعي ان" قائمته ترفض تشريع قانون الغاء الرواتب التقاعدية لانه غير دستوري والكتل غير جادة في تشريعه وعندما تكون هناك جدية حقيقية نحن اول من يشرع القانون ".  

وبين الزوبعي في تصريح خص به مراسل وكالة خبر للانباء (واخ)  ان طلبات الكتل بالغاء الرواتب التقاعدية مزايدات اعلامية لا تصب في الحقيقية شيء , موضحا" ان هناك الكثير من نواب التحالف الوطني يأتون الى العراقية يقولون لا تصوتوا على القانون .
واضاف ان" القائمة العراقية وجهت بتشريع قانون جديد للنواب الذين يريد رفض رواتب التقاعد يسمح له التنازل عن راتبه ".    


(2):  للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181



6
سقطت الديمقراطية في مصــــــر على يد الديمقراطيين!!
محمد ضياء عيسى العقابي
إذا لم تسقط الديمقراطية في مصر ولأمد غير منظور، بعد أن أعلن وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي بيان القوات المسلحة عصر يوم الإثنين 1/7/2013 الذي وضعت فيه القوات المسلحة نفسها فوق الجميع بمن فيهم رئيس الجمهورية المنتخَب، الذي هو القائد العام للقوات المسلحة، ما يعني أن إنقلاباً عسكرياً أبيض قد حصل، رغم نفي القوات المسلحة لهذا الأمر لفظاً، – فهي، أي الديمقراطية، قد تأخذ وقتاً طويلاً لتبصر النور ثانية.
وهذا أمر يجب أن يسبب غاية الحزن والأسى في نفوسنا لأنه ليس هناك من أمل في مستقبل كريم مزدهر دون ديمقراطية علماً أن لمصر دوراً قيادياً محورياً في المنطقة العربية التي تمر باسوإ حال إذ تتكالب عليها المشاريع المدمرة.
ذكرتُ مفردة "ثانية" بمعنى الوقت الذي ستستطيع فيه الديمقراطية المصرية أن تخطو الخطوة الأولى كما خطت عند إنتخاب محمد مرسي رئيساً للجمهورية قبل عام في إنتخابات حرة ديمقراطية لم يطعن بها أي من المتنافسين.
نعم ستستغرق الديمقراطية وقتاً طويلاً لتعود إلى نقطة البداية أي إنتخاب رئيس جديد تحترمه وتتصرف معه الأطراف السياسية، بأغلبها إن لم تكن بأجمعها، تصرفاً ديمقراطياً إعتيادياً معهوداً ومسؤولاً حياله وحيال حكومته الجديدة المنتخَبة. لأننا لو تناسينا أن مصر تمر الآن في ظروف الإنقلاب والتشنج والتحديات والعناد والإهانات والإستفزازات، ولو إفترضنا أحسنَ الإحتمالات المتمثل بإقالة أو إستقالة الرئيس مرسي وقيام العسكر بتحديد موعد لإنتخابات رئاسية جديدة وقبول الإخوان بالمشاركة فيها - عندئذ سينشأ أحد أربع إحتمالات: أما فوز جماعة الإخوان ثانية أو فوز الجبهة المعارضة أو فوز الفلول (أي أنصار العهد السابق) أو فوز رئيس تدعمه القوات المسلحة.
 في أي من الحالات الأربع سيعود تصرف الجهات الثلاث الخاسرة، أو واحدة منها بالأقل، إلى نفس التصرف الذي مارسته قوى المعارضة الآن حيال حكومة الرئيس محمد مرسي وجعلت منه، التصرف، سابقة خطيرة تسببت في سقوط الديمقراطية لأمد غير قصير. ما الذي سيمنعها من ذلك؟ إحترام الشرعية الدستورية؟ سيأتيك جواب الأخوان المسلمين في حالة خسارتهم: ولماذا لم يحترموا هم الشرعية عندما كنا في سدة الحكم؟
وإذا فاز الإخوان فسيأتيك جواب الآخرين: إنهم سيعودون إلى أخونة الدولة بأشد عزماً ويفرضون الفاشية وهذا خروج على مبادئ ثورة 25/1/2011 الأمر الذي يقتضي التصدي لهم ثانية بإسم "الشرعية الثورية" أي يعيدون عزف إسطوانة اليوم ثانيةً وثالثةً.
وهكذا دواليك، ونحن مازلنا في حالة إفتراض "أحسن الإحتمالات". فما بالك، لا سامح الله، إذا حصل صدام مسلح بين أنصار الرئاسة والجيش أو بين المدنيين من أنصار الرئاسة والمعارضة أو إذا  تمسَّك العسكر بالسلطة بحجة منع الإشتباك لأَجَل غير مسمى وذلك بعد الإنذار الذي أصدروه في 1/7/2013 والذي أمهل المتصارعين 48 ساعة لتسوية الأمور والإستجابة لمطالب الشعب .... وإلا؟
تتوفر لدى الطرفين نفس آليات الإثارة والتحشيد المستخدمة الآن وهي: أنتم خونة وعملاء لأمريكا لأنكم لم تلغوا إتفاقات كامب ديفيد مع إسرائيل. إنكم أفقرتم الشعب المصري لأن الفقراء أصبحوا أكثر فقراً والأزمات الإقتصادية والأمنية تتوالى ....  وغير ذلك من الإتهامات.
علماً أنه أياً كان المستخدم لهذه الإتهامات فهو لا يزيد عن كونه ديماغوجياً لأن الحكومات الجديدة، حتى في الدول الديمقراطية المستقرة الآمنة والغنية، تتطلب وقتاً غير قليل لترتيب أوضاعها قبل الإقدام على إجراءات سياسية أمنية خطيرة من هذا القبيل أو إنجازات إقتصادية بهذا الوزن ناهيك عن أن تكون الحكومة المعنية هي حكومة مصر وهي بلاد محدودة الموارد وبحاجة لمساعدات أجنبية ما يجعلها عرضة للضغوط السياسية الخارجية. فكيف تطالب الحكم الجديد وفي فترة قصيرة تحقيق أمرين متضادين: طلب المعونة الخارجية للنهوض الإقتصادي وبنفس الوقت إلغاء إتفاقات كامب ديفيد؟ علماً أن الحكومة تولَّت السلطة في أعقاب ثورة ما يعني أن هناك قوى النظام السابق، أي نظام القطط السمان وفلولهم، التي سوف لا تتنازل عن سلطتها ومنافعها بيسر فتلجأ إلى التخريب بل حتى إلى الإجرام والإرهاب كما حصل وما زال في العراق.
إنا لستُ، هنا، بصدد تفحص سجل الأطراف المتصارعة والفاعلة على الساحة المصرية منذ قيام ثورة 25/1/2011. فهذه قضية أخرى وأميلُ فيها إلى موقف القوى اليسارية بحكم كوني ماركسيا ولكنني سأتناول منها القدر الذي يتعلق بمدى الحرص على الديمقراطية من حيث المبدأ أو مدى الإستهتار والتفريط بها. فصيانة الديمقراطية وتطويرها يجب أن تقفا على رأس المهام الآنية للجميع. القضية الأساسية هي من تسبَّبَ في سقوط الديمقراطية أي من الذي هيّأ الأجواء ودفع بالعسكر إلى إتخاذ الخطوة الإنقلابية خارج إطار الشرعية الديمقراطية؟ ومن هو الذي طالب الجيش بإستلام السلطة وإنقاذ البلاد؟ ومن الذي بارك للعسكر إصدارهم بيان 1/7/2013 الإنقلابي؟
الجواب: إنها المعارضة "الديمقراطية" التي يدعمها الفلول والقوات المسلحة على ما تكشف خلال الأيام الأخيرة.
لا أعتقد أنها من الحكمة بشيء ولا من الصالح العام أن تدفع قوى المعارضة العلمانية الرئيس مرسي إلى إتخاذ مواقف سيئة للغاية حيال الطائفة الشيعية وحيال سوريا بعد أن إزداد الضغط عليه فأضطروه إلى التنازل لتكفيريي الداخل ولأصحاب النفوذ في الخارج عله يحصل على بعض الدعم فزاد الطين بلة.
كانت الإنتخابات في مصر، كما هو الحال في كل بلدان العالم، هي الحد الفاصل الذي أنهى "الشرعية الثورية" ولم يعد يحق لأحد أن يتذرع بها بعد الإنتخابات إلا في حالة إقتراف رئيس الجمهورية جريمة "الخيانة العظمى" وتواطأ معه الجهازان التشريعي والقضائي . وهذا لم يحصل في الحالة المصرية.
أما إذا كانت سياسة الحكومة المنتَخَبة لا تروق لهذا أو ذاك من أفراد وجماعات فما عليهم إلا تنبيه الشعب إليها وإقناعه للتصويت ضد حزب الحكومة في الإنتخابات القادمة أو محاولة سحب الثقة من الحكومة في المجلس التشريعي أو التأسيسي.
أعتقد أن هناك معضلتان كبيرتان وقفتا في وجه البناء الديمقراطي في العراق والآن تقفان بوجه البناء الديمقراطي في مصر وقد تطيحان بالديمقراطية.
تتجسد المشكلة الأولى في عدم الإيمان بالشعب. الجميع يدعي الشغف بالشعب وحقوق الشعب وسيادته وكونه مصدر الشرعية وصاحب السلطة العليا. غير أن الواقع، للأسف، أظهر أن معظمهم لا يعني ما يقول بل يحتقر الجماهير الشعبية ويستهين بها عن وعي أو عن غير وعي. 
فبعض القوى، كمعظم الطغمويين(1) في العراق ومعظم الفلول في مصر وجميع التكفيريين في العراق ومصر هم رافضون للديمقراطية وحقوق الإنسان وسواسية البشر أساساً وهؤلاء خارج الصدد في مجال البناء الديمقراطي وهم يمارسون الإرهاب أو يتسترون عليه.
 أما المؤيدون للديمقراطية في مصر والعراق فمعظمهم لا يؤمن بالشعب. من هذا، فما أن تباشر حكومة الأحزاب الإسلامية، المنتخبة ديمقراطياً على أسس مدنية، أعمالَها حتى يواجهوها بعرقلة مسيرتها وممارسة التخريب والإرباك أملاً في تسقيطها ومن ثم إسقاطها. إنهم يقومون بهذه الأعمال لإعتقادهم أن الحكومة إذا تُركت تواجه النقد البناء فقط دون طعنها وعرقلة مشاريعها (مثلاً عرقلة قانون البنى التحتية في العراق) وتسقيطها فستستحوذ على عقول البسطاء "المغيبين"(2) وتسيطر سيطرة أبدية على المجتمع وتصبح قادرة على تمرير أسوأ التشريعات والمفاهيم والسياسات على المجتمع دون إعتراض. 
هذا هو الإستخفاف بالشعب وعدم الإيمان بحسه الإنساني الغريزي وقدرته على التمييز بين الصالح والطالح لمجرد أن الأمي البسيط لم يسعفه الحظ ليأخذ نصيبه في التعليم بمختلف مراحله ليكون في عداد المثقفين أو المستثقفين والمتحذلقين الذين تنعموا بخيراته وتعالوا عليه وتنكروا له.
 في مصر إحتج الأديب علاء الأسواني على منح حق التصويت المتساوي لأستاذ الجامعة والفلاح الأمي. لقد تراجع الرجل بعد النقد الذي وُجِّه إليه. وفي العراق كتب المستثقف المتحذلق الدكتور خالد القشطيني عن ديمقراطية الأميين (وأسماها "الأميوقراطية") التي يقيمها "الغوغاء والرعاع" على حد قوله(3).
لقد ناقش هذا الموضوع بنضوج كبير وإنتصر للجماهير المرشح للرئاسة المصرية الإسلامي المستقيل من جماعة الأخوان المسلمين الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح في إجتماع إنتخابي للمصريين والعرب في إحدى قاعات جامعة مونتريال بكندا. وهذا يعني أن الموضوع له صدى بين أعداد غير قليلة من مثقفي المجتمع المصري.
أما المشكلة الأخرى فتتجسد في الحكم المسبق، المستند إلى الإيديولوجيا والعقيدة، على هذا الحزب الإسلامي أو تلك الحركة الإسلامية فيتم رفضها، حتى إذا نجحت في إنتخابات نزيهة، والإمتناع عن التعامل معها تعاملاً عملياً (براغماتياً) بل تتم مجابهتها بوسائل غير ديمقراطية وغير نزيهة. يمثل هذا تغليباً للعقائدية على السياسة وهذا هو السلوك الدوغمائي الجامد بعينه.
أعتقد أن القوى العالمية وحلفائها في المنطقة (إسرائيل والسعودية وقطر وتركيا) العاملة على تشتيت الدول العربية والإسلامية وتقسيمها وتفتيت كل واحدة منها داخلياً(4) للقضاء على ممانعتها للتمدد والإستحواذ الإسرائيلي والنفطي على المنطقة ولتصفية القضية الفلسطينية وللإطاحة بالدولة السورية والجيش العربي السوري وللسيطرة على نفط وغاز المنطقة – أن هذه القوى نَفَذَت بوسيلة أو أخرى من وسائلها الشيطانية(5) إلى الأوساط العلمانية بمعظم أطيافها في كل من مصر والعراق  عبر هتين البوابتين، أي بوابة عدم الإيمان الحقيقي بالشعب وبوابة الحكم المسبق، لمحاولة خنق الديمقراطية وفق السيناريو التالي الذي طبقوه في العراق وأفشلته الجماهير الشعبية الملتفة حول التحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي والتحالف الكردستاني ولكنه قد ينجح في مصر إذا لن يتراجع الجيش عن إعلانه الإنقلابي وينصاع إلى الشرعية ويدعو المعارضة إلى إنهاء الإعتصام والحوار والإحتكام إلى الدستور:
أعتقد أن الديمقراطية الحقيقية في الدول العربية وخاصة في مصر لا تروق لإسرائيل وللقوى العالمية ذات المصالح الأنانية في المنطقة ويتخوفون منها لأن الشعب الحر سيتخذ المواقف الصحيحة عاجلاً أو آجلاً وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية. لقد دخلت هذه الديمقراطية لبعض البلدان العربية، فما هو السبيل لإبطال مفعولها وإفراغها من محتواها؟ السبيل هو إعادة الدور السياسي للجيش الذي يسهل التعامل معه بدل التعامل مع ممثلي الشعب المنتخبين ديمقراطياً. كيف السبيل إلى ذلك بعد أن أبعدت الجماهير نفسها الدور السياسي للقوات المسلحة يوم هتفت في الشوارع: "يسقط حكم العسكر"؟ السبيل هو التالي:
يتلخص السيناريو بتنظيم جبهتين شعبيتين متواجهتين (كما هو حاصل الآن في مصر) لا يمنع تصادمهما المسلح إلا العسكر الذي يستغل الموقف لتكون له اليد العليا ويبدأ بالسيطرة على كلا الجبهتين بتخويف إحداها بالأخرى.
 لجأوا إلى تقنية إستغلال إنقسام المجتمع طبيعياً بعد التغيير الثوري وإقامة النظام الديمقراطي إذ ستبقى الفلول (والطغمويون في العراق) والتكفيريون معارضين للتغيير الديمقراطي (أيٌّ كان في الحكم علمانيون أو دينيون) ومحاولين إعادة العجلة إلى الخلف. هنا تحصل المواجهة الأولى؛ علماً أن الفلول لا يفصحون عن أنفسهم صراحة بل إنهم يندسون بين صفوف القوى الثورية المعارضة؛ كما إن لهم وجوداً طبيعياً في الأوساط الإقتصادية والمالية والإعلامية وصفوف القوات المسلحة والأمنية والشرطة وخاصة على مستوى القادة.
أما المواجهة الثانية والتي تتصدر المشهد المعارض فهي قوى الثورة الساعية للديمقراطية ولكنها المصابة بالإشكالين اللذين ذكرتهما قبل قليل أي عدم الإيمان بالشعب والحكم المسبق.
بهذا تصبح للجيش اليد العليا.
أتوقع أن يُعاد الإعتبار السياسي للجيش التركي، الذي نزعه منه أردوغان، وفق هذا السيناريو أيضاً لا بسبب غفلة القوى المعارضة لأردوغان بل بسبب رعونة سياسته الإستفزازية المتغطرسة.
لم يُستثنَ العراق من هكذا مخططات. حاول الأمريكيون خلق جيش ثالث في العراق وهو جيش الصحوات لتصبح هناك ثلاث جيوش متقابلة (الجيش العراقي "الشيعي"، قوات البيشمركة "الكردية"، وقوات الصحوات "السنية"). وبوجود طغمويين كمعظم قادة إئتلاف العراقية كانت ستحصل المواجهات التي تضطر العراق إلى إبقاء القوات الأمريكية لـ "فك الإشتباك" بين هذه الجيوش المتناحرة ويصبح العراق تحت الإحتلال إلى أجل غير مسمى.
أفشل الوطنيون العراقيون بجميع أطيافهم القومية والدينية والمذهبية والفكرية هذا المخطط. وهنا برز دور رئيس الوزراء نوري المالكي وأبناء الصحوات الغيارى الذين فطنوا للّعبة وتعاونوا مع الحكومة لإفشال المخطط.     
ولما فشلت هذه الخطة عمدوا إلى سيناريو إنقلابي دموي في ساحة التحرير يوم 25/2/2011 كان سينفذه الطغمويون والتكفيريون ونجحوا في إستدراج الصدريين إليه لولا إنسحابهم منه قبل يوم من تنفيذه بعد أن كشفه وحذر منه السادة علي السيستاني وجلال طالباني ونوري المالكي ومقتدى الصدر.
قضى المخطط أن تحصل مذبحة وحرائق ومهاجمة سفارات وقتل من يمكن قتلهم من المسؤولين وعلى رأسهم رئيس الوزراء ليُصار إلى تكليف مجلس الأمن للقوات الدولية الموجودة في العراق للسيطرة على الموقف وتشكيل حكومة طوارئ أو حكومة إنقاذ وطني. وهكذا يتحقق الهدف.
خلاصةً: الديمقراطية الحقيقية سلاح بيد الشعوب ومصدر قلق لأصحاب المصالح غير المشروعة لذا فهم يتآمرون على وأدها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): طالما يردد الفاشلون والمفلسون وصف الجماهير العراقية بـ "المغيَّبة" لتبرير فشلهم وإفلاسهم.
(3): أعتقد أن هناك من المستثقفين من هم في الواقع طائفيون ببرقع علماني ليبرالي؛ وهؤلاء يحقدون على الجماهير البسيطة لأنها شخصت بحسها الغريزي أن الديمقراطية العراقية تمثل ضرورة موضوعية للحفاظ على سلامتها، أي سلامة الجماهير، من التطهير العرقي والطائفي والإرهاب الذي نشهده حتى هذا اليوم. كما إن هذه الجماهير أثبتت كونها عصية على التجاوب مع كم هائل من مواد الدعاية المغرضة والتشويش والتلفيق والإثارة والتحريض يقوم بها محترفون متخصصون مدفوعو الأجر، وتمرُّ عبر فاشلين ومغفلين. لذا فقد أصبحت هذه الجماهير البسيطة هي السد المنيع ضد محاولات أعداء الديمقراطية من الطغمويين والتكفيريين للإطاحة بدولتهم الجديدة. وهذا هو سر الحقد على هذه الجماهير وتحقيرها.
(4): الفيدرالية والأقاليم والمحافظات سلاح ذو حدين. فإذا أُحسن إستخدام هذه الآليات الإدارية المتطورة فيمكن خلق بلد يستطيع أن يختط طريقاً إنسيابياً للتنمية والتقدم خالٍ من التوترات والتناحرات الداخلية التي تؤول في نهاية المطاف إلى التمزق والتقسيم غير المحمود.
بنفس الوقت يمكن إستخدام تلك الآليات للإضعاف والتناحر والتآمر ومنفذاَ للتدخل الأجنبي.
أعتقد أن الطريق الذي إختطه العراق لنفسه في هذا المضمار كان سليماً؛ علماً أن حق تقرير المصير مفهوم ديمقراطي حضاري لا صلة له بالإنفصال أو التقسيم الجائر غير المحمود.
(5): للتعرف على حذاقة إحدى وسائل الإختراق النخبوي والجماهيري في العراق، ما عليك إلا مراقبة فضائية (الحرة – عراق) التي يشرف عليها الكونغرس الأمريكي. فهي قناة راقية جداً على العموم إلا أنها تدس السم بالعسل في برامجها الحوارية حيث يوجَّه الحوار بطريقة تأليبية تسقيطية تنال من الجهات السياسية العراقية التي لا يطمئن لها الأمريكيون   وخاصة التحالف الوطني وبالأخص إئتلاف دولة القانون. مثلاً: تتغافل هذه البرامج تماماً عن مسؤولية الأمريكيين في جوانب عديدة من الحياة العراقية وتحاول تلبيس كامل المسؤولية بالحكومة العراقية كمسائل الأمن والفساد وسوء الخدمات والمحاصصة والتستر على الإرهابيين داخل العملية السياسية وضعف التسلح وضعف أجهزة المراقبة والكشف الأمني وغيرها.     


 

7
أعلن  النجيفي إنتصاره على علاوي في لقاء الحكيم وأيامنا صعبة4/6
محمد ضياء عيسى العقابي
تمهيد لولادة القائد الجديد لإئتلاف العراقية:         
أعتقد أن المواصفات التي حددها الأمريكيون للقائد الحقيقي الجديد لإئتلاف العراقية لا تنطبق على أياد علاوي ولا على صالح المطلك لأنهما لا يحبذان رفع شعار الطائفية بصراحة وصفاقة رغم أن مواقفهما العملية السابقة هي طائفية الجوهر، ولكنهما مستعدان الآن، كما يبدوان، لنبذ الطائفية إلى هذا الحد أو ذاك وخاصة السيد صالح المطلك الذي أدرك مدى خطورة التآمر الخارجي على العراق(2) والذي شن حليفه في إئتلاف العراقية العربية حيدر الملا، هجوماً عنيفاً على أسامة النجيفي وتكتله "متحدون" وأسماهم الملا  بـ"الإسلاميين الجدد" (على وزن المحافظين الجدد) وذلك بعد إجتماعه ووفد معه بوزارة الخارجية الأمريكية حيث طُرح عليه هناك موضوع الأقاليم بمعنى طائفي ما أثاره والوفد المرافق له(3).
ولكن المواصفات التي حددها الأمريكيون تنطبق بكل تأكيد على أسامة النجيفي ورافع العيساوي وظافر العاني وسلمان الجميلي وغيرهم من الطغمويين الأشد طائفية وتطرفاً.
لقد جاء التحبيذ الأمريكي للنجيفي على لسان السيد عمر محمد الإعلامي في فضائية (الحرة – عراق / برنامج بالعراقي) في أحد أيام النصف الثاني من سنة 2011 عندما قام (وربما إستُدعي) السيد النجيفي بزيارة للولايات المتحدة الأمريكية وإجتمع بنائب الرئيس السيد جو بايدن، صاحب مشروع تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فيدرالية على أسس طائفية وعرقية (سني وكردي وشيعي)؛ ذلك المشروع الذي طرح على مجلس الشيوخ الأمريكي في 26 من ايلول عام 2007  وفشل بتصويت 75 عضواً ضده مقابل 23 لصالحه.
أطلق النجيفي إثر ذلك الإجتماع، وهو في واشنطن، تصريحاته النارية التي فتحت باب الطائفية على مصراعيها صراحة ودون مواربة وعن عمد، إذ دعا إلى إنفصال السنة عن العراق أو المطالبة بإقليم خاص بهم وإدّعى أنهم يشعرون بالتهميش والظلم وعقدوا العزم على الإنفصال أو تشكيل إقليم لهم. أعتقد أن هذا لم يعكس واقع الحال في العراق إذ توجد تذمرات كثيرة في جميع مناطق العراق ولكنها لم تصل الحد الذي طرحه النجيفي. إنه كان مؤججاً للعناصر المتطرفة مع التعمد بإفهامها أن أمريكا تقف إلى جانبه وجانب الطغمويين والتكفيريين والمشروع الجديد.
بناءً على تفاهم النجيفي مع الأمريكيين في زيارته هذه إلى واشنطن التي أتبعها  بجولته الأوربية إلى بروكسل ولندن ومن ثم أنقرة، أُعدت العدة للإنطلاق في تظاهرات "عارمة" بشعارات "طائفية عارمة جداً" رفعت فيها أعلام الجيش السوري الحر لإستفزاز الحكومة وإثارة مخاوفها علّها تفقد صوابها وتحصل مواجهات مسلحة تتسبب بسقوط ضحايا يصبحون ذريعة لتشويه صورة العراق أمام الرأي العام العالمي وخاصة الأمريكي والأوربي.
كانوا ينتظرون الفرصة المؤاتية للإنطلاق. وأتتهم الفرصة بإلقاء القبض على مسؤول حماية وزير المالية رافع العيساوي بسبب إعترافاتٍ عليه من حماية المدان قضائياً بتهمة الإرهاب طارق الهاشمي، وما رافق الإعتقال من "خطأ" وهي مكيدة، على حد قول النائب ذي المصداقية كمال الساعدي، دبرها العيساوي لإظهار نفسه بمظهر المعتدى عليه. وهكذا إنطلقت التظاهرات المبيَّتة. أجهضت حكومة المالكي ذلك المخطط بحكمة ورباطة جأش وثقة بالنفس مستمَدة من تأييد الجماهير العريضة لها رغم محاولات مقتدى الصدر اليائسة لتأليب الجماهير ضدها وتبييض وجه من كان يقف خلف التظاهرات التي شارك فيها، بلا شك، أبرياء أصحاب مطالب حقيقية.
قال الإعلامي السيد عمر محمد: يبدو أن النجيفي يطرح نفسه بديلاً عن أياد علاوي لقيادة إئتلاف العراقية وأنه سيحقق التفاهم مع زعيم إئتلاف دولة القانون نوري المالكي والعمل معه بإنسجام.
كان الأمر واضحاً ، لي بالأقل، بأن هذا هو تخطيط أمريكي متكتك لتقديم النجيفي كزعيم توافقي، ولم يكن من تكهنات السيد عمر محمد الشخصية.
وإلى حد يوم 9/6/2013 أجهد الإعلامي الآخر في فضائية (الحرة – عراق)، السيد عماد جاسم، أجهد نفسَه في سبيل تلميع صورة النجيفي التي لا يمكن تلميعها الآن إلا بتشويه صورة الآخرين كرئيس الوزراء. وهذا ما فعله السيد عماد جاسم، كعادته وكأمر موكل إليه بتوجيه ممَّنْ يقف وراء فضائية (الحرة – عراق) الأمريكية.
على كل حال، أعتقد أن كل إنسان حريص على بلده ويحب الخير لغيره ستغمره السعادة لو ثبت فعلاً أن السيد النجيفي سيكون توافقياً وأقل طغموية وتخريباً من الدكتور أياد علاوي وأكثر حرصاً منه على النظام الديمقراطي.  ولكن المؤشرات للأسف لا تبشر بخير بل تبشر بأيام صعبة.
ما أن أطلق السيد عمر محمد كلمته بشأن النجيفي من أنه "سيحقق التفاهم مع زعيم إئتلاف دولة القانون... والعمل معه بإنسجام " حتى إستبشرتُ خيراً وحسبتُ أن تصريحات السيد النجيفي التي أطلقها وهو في واشنطن ربما كانت من باب المزايدة على أياد علاوي لسحب جماهير إئتلاف العراقية منه ومن بعدها يبدأ الإعتدال. غير أن تمادي النجيفي في مناكفاته النوعية وعرقلته المميزة والإستهتار المتوحش والتخريب المتعمد لأعمال مجلسي النواب والوزراء ونوعية حلفائه المتعصبين طغموياً في كتلة "متحدون" ودوره التأليبي في التظاهرات وحثه القوات المسلحة على التمرد – كل هذا جعل الأمل في إتباع نهج بنّاء جديد ضئيلاً.
مع هذا فأمامه الآن فرصة أتاحها له الدفع الأمريكي لحضور لقاء السيد الحكيم وإجراء المصالحة الشكلية فليغتنمها ويؤسس عليها.
هناك أمل أكثر ضآلةً يتمثل بإحتمال جنوح النجيفي إلى الإعتدال والتفاهم بعد الإنتخابات النيابية عام 2014 إذا تحقق إنتصاره على علاوي في تلك الإنتخابات. الإحتمال الأكبر أن يصبح النجيفي أكثر تشدداً إذا ما نجح في إزاحة صالح المطلك وأياد علاوي الجانحين إلى الإعتدال النسبي، من زعامة إئتلاف العراقية أو الحد من تأثيرهم، هذا إذا بقي ذلك إلإئتلاف على قيد الحياة ولو إسمياً.
بتقديري، هذا الإعتدال سوف لا يحصل بسبب تشبّع كتلة "متحدون" بأكثر عناصر إئتلاف العراقية القديم طائفية وتطرفاً وقرباً من الإرهاب وأصبحوا ذا لون طائفي واحد، وذلك لا يعني شيئاً لولا الطائفية التي تركبهم كأفراد؛ ولأن غالبية جماهير إئتلاف العراقية منحوا كتلته "متحدون" الأغلبية على باقي أطراف إئتلاف العراقية في إنتخابات مجالس المحافظات في الأنبار ونينوى وبغداد وديالى؛ ولتأييد التيار الصدري له في تشكيل حكومتي بغداد وديالى على حساب التحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون؛  ولأن النجيفي وكتلته أصبحا مرتبطين بدرجات متفاوتة من القوة مع اليمين الأمريكي وتركيا وقطر والمشروع الصهيوني - الأمريكي القاضي بتفتيت دول المنطقة وما يجري في سوريا هو أحد مظاهر هذا المشروع.
فنهجُ كتلة "متحدون" سيبقى على ما هو عليه الآن حتى إذا حاول النجيفي شخصياً دفعه بإتجاه الإعتدال والوطنية لأن هناك الصقور الأخرى ولا أقول الوحوش.
هناك عوامل في الداخل العراقي تشجع النجيفي وكتلته "متحدون" على المضي في مسارهما الطائفي المخرب. قد يعتقد مقتدى الصدر، بسذاجته المعهودة وحقده الشخصي على المالكي، بأن تصرفاته حيال تظاهرات الأنبار والموصل ورئيس الوزراء وتحالفه مع كتلة "متحدون" في ديالى لتشكيل مجلس المحافظة وإنتخاب محافظ متورط بالإرهاب والفساد (الدكتور عمر الحميري) قد تزيل الإحتقان الطائفي. هذا وهمٌ مادام مقتدى يجهل السبب الحقيقي وراء الإحتقان، وهو إصرار الطغمويين على إسترجاع سلطتهم المفقودة بأي ثمن، ربما يعرف مقتدى السبب ويريد إزالته بتجاهله.
لا أتوقع أن يدرك مقتدى وأتباعه أن "الحفاوة" البالغة التي يُذكر بها إسم "سماحة السيد مقتدى" على لسان الطغمويين وخاصة الدكتور ظافر العاني – لهي مكيدة يُراد مها تشجيعه على شق صفوف التحالف الوطني وإيهامه بأنه يحقق المصالحة والتقريب بين المذاهب. إنهم، ببساطة، يضحكون عليه. أين كسر الطائفية وأول تصريح للمدان الإرهابي طارق الهاشمي بعد تشكيل حكومة بغداد المحلية كان: "رجعت بغداد إلى أهلها"؟ أما يمثل هذا الكلام قمة الرفض للآخر والتوق لإقصائه وتهميشه لو أُتيحت للهاشمي وأمثاله الفرصة؟
كما إن تعاون النجيفي - مقتدى لا يؤدي إلى نتائج إيجابية لأنه مبني على أساس غير سليم جوهره العداء لإئتلاف دولة القانون الذي إتخذ مظهر العداء الشخصي للمالكي تكتيكياً أما المستهدف الحقيقي فهو إئتلاف دولة القانون أولاً والتحالف الوطني ثانياً رغم إنتماء التيار الصدري إليه نفاقاً وتخريباً.
يحصل في ظروف معينة أن يصبح مسؤول ما رمزاً لقضية ما. فإذا ضربتَه ضربتَ القضية لا بمعنى الإطاحة بها بل تأخير مسيرتها ونضوجها. لذا يتركز تكتيك المناوئين على ذلك الشخص الرمز لتحقيق أهدافهم. من هذا الباب إستهدفوا المالكي.
منذ النصف الثاني من عام 2011 بدأ التنافس علنياً بين علاوي والنجيفي على "منصب" رجل أمريكا الأول في العراق بعد أن بان واضحاً لهما أن أمريكا تريد تحديد من تعتمد عليه بعد مغادرتها العراق عسكرياً في 31/12/2011، خاصةً بعد فشل آخر محاولة "إنقلابية" يوم 25/2/2011 لصالح إئتلاف العراقية، وقبلها فشل الهدف من وراء التزوير الجزئي لإنتخابات 7/3/2010  حيث تشكل التحالف الوطني صاحب الأغلبية البرلمانية، على عكس توقعاتهم، وهو الذي أجهض أيضاً خطة الإنقلاب الأبيض على الدستور عبر لعبة تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" بالصيغة التي أرادها السيد أياد علاوي بعيداً عن الدستور الذي نصت المادة الأولى من إتفاق أربيل على خضوع جميع بنود الإتفاق إليه.
قدم السيد علاوي ما بجعبته لإقناع الأمريكيين بجدارته. فصدرت منه تصريحات متطرفة بلغت حد السخف منها تصريحه المضحك الشهير: "ما أشتري كلام نوري المالكي بفلسين" وتصريحه: "سأحارب إيران .... سياسياً" وهو تصريح يفهم الأمريكيون والإسرائيليون القصد المختبئ وراءه أي إستعداد علاوي لإفتعال حرب مع إيران لتتسلل أمريكا أو إسرائيل تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية خدمة للأمن الإسرائيلي.
 وأخيراً وعند إقترابه من مرحلة اليأس نشر علاوي مقالاً على هيئة إعلان في واحدة من أمهات الصحف الأمريكية يشكو فيها إلى الشعب الأمريكي من الرئيس أوباما "لإنسحابه من العراق وهو في حالة حرب أهلية" على حد قوله؛ ربما لإعتقاد علاوي بأن السيد جون ماكين الجمهوري، المتحمس لضرب إيران خدمة لإسرائيل وشركات النفط، قد يفوز في الإنتخابات الرئاسية التي كانت، آنئذ، على الأبواب!!! من هذا إنضم السيد أياد علاوي إلى الجهد الجمهوري في الكونغرس حينما بحث ترشيح السيد بيرت ماكبرج كسفير للولايات المتحدة في بغداد إذ أرسل رسالة يعترض فيها على هذا الترشيح لأن المرشَّح "صديق للحكومة العراقية والمالكي"، على حد ما كتب علاوي!!!، وبالفعل تم إستبعاده بذريعة عائلية  وإرسال السفير الحالي السيد روبرت بيكروفت الذي وعد بتقليم أظافر الحكومة العراقية خاصة في المسألة السورية حيث عارض العراق التدخل الخارجي ووقف بوجه المساهمة في تدمير سوريا وتمكين ارهابيي القاعدة من تعزيز مواقعهم في العراق.
لقد إنتفض النجيفي لحشر إسمه في ذلك (المقال – الإعلان) ربما لعلمه أن خدماته مطلوبةً أمريكياً سواءً كانت في البيت الأبيض إدارة ديمقراطية أو جمهورية.  شكل هذا التباين مؤشراً مبكراً لبدء الصراع بين الرجلين والإتجاهين على حيازة ثقة أمريكا؛ تلت ذلك الإنشقاقات العديدة من إئتلاف العراقية والإختلافات المضطربة التي رافقت موجات من الإنسحابات والعودة إلى مجلس الوزراء والمجلس النيابي ومن ثم المواقف المتباينة حول مسألة تشكيل الأقاليم وأخيراً التصريح الناري لحيدر الملا الذي أطلقه من واشنطن وهاجم فيه "الإسلاميين الجدد".
أما النجيفي فقد قدم أوراق إعتماده للأمريكيين عبر التفاهم معهم وفق الهيئة التي ذكرتها قبل قليل وهي الدعوة الطائفية إلى الإنفصال أو تشكيل الأقاليم على أسس طائفية بعد إجتماعه بنائب الرئيس السيد جو بايدن. ثم تبع زيارته إلى أمريكا بزيارة تحريضية ضد الحكومة العراقية والعراق إذ ألقى خطاباً في الإتحاد الأوربي في بروكسل ومن ثم في لندن وأعقبها بزيارة إلى تركيا (التي زارها حتى الآن 19 مرة).
لم يكن النجيفي في تلميحاته أقل إستعداداً من رفيقه علاوي لإفتعال حرب مع إيران وتأليب الآخرين على العراق بدعوى الدور الإيراني فيه.
 لقد خاطب علاوي مؤتمراً عقده الحلف الأطلسي في روما في تلك الفترة أي خلال النصف الثاني من عام 2011 هاجم فيه الحكومة العراقية ونوه إلى "النفوذ" الإيراني في العراق(4).
كما إن النجيفي لعب دوراً تحريضياً لدفع المتظاهرين في سامراء والموصل إلى التمرد والعنف ودعا أفراد القوات المسلحة إلى عدم طاعة قادتهم وأصبح كالثور الهائج حتى إتصل به نائب الرئيس جو بايدن هاتفياً فهدأه قليلاً ربما لأن الأمريكيين قدروا بأن ما جرى في مناطق التظاهرات أدى إلى نتائج عكسية تماماً بدل التأثير سلباً على شعبية التحالف الوطني؛ إذ أثارت التظاهرات وشعاراتها الطائفية والعنصرية المتطرفة مخاوفَ الجماهير العريضة فتعلقت أكثر وأكثر بحكومة التحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي.
أعتقد أن علاوي والنجيفي كانا سيندفعان بقوة للإنخراط في المشروع الأمريكي – الإسرائيلي –التركي – السعودي- القطري لتدمير النسيج الإجتماعي السوري والبنية التحتية للدولة السورية والجيش العربي السوري لإنهاء الممانعة لهيمنة إسرائيل على المنطقة. وكانا سيندفعان أيضاً لإستعداء أمريكا والغرب ضد العراق بعد أن يقوما بحملة تشهيرية ضد موقف حكومة المالكي المتزن والمسؤول، عراقياً وعربياً وعالمياً، من القضية السورية لولا وجود رادع لهما؛ إذ قيل إن البعث السوري هدد كل طغمويي العراق، إذا وقفوا موقفاً معادياً من النظام السوري، فإنه كان سيكشف كل الوثائق التي تثبت تورطهم وتآمرهم مع الإرهابيين ضد العراق، فصمتوا.
مع هذا قال رئيس الوزراء نوري المالكي إن جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة لم يكن لديه دليل على إتهام العراق بالسماح للطائرات الإيرانية بنقل الأسلحة إلى النظام السوري سوى "أن بعض العراقيين أخبرونا بذلك"!!
كما إن كليهما، علاوي والنجيفي، أبديا موافقتهما الضمنية على تعاقد حكومة إقليم كردستان  مع شركات النفط وفق صيغة "المشاركة في الإنتاج" بالضد من سياسة الحكومة الفيدرالية التي إعتمدت أسلوب "عقود خدمة" التي رفضتها الشركات.
كما دخلا مع التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني بجهد مشترك بهدف سحب الثقة من رئيس الوزراء لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً رغم الرشاوى التي قدمتها السعودية وقطر وتركيا حسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية ومحطة إذاعة أوستن النرويجية.
بعد كل هذا حظي النجيفي بثقة الأمريكيين لأنه تجاوب مع مشروع الإقتتال  الطائفي وهو المشروع الذي يجتاح المنطقة العربية اليوم بهدف تمزيق دولها إلى كيانات هزيلة متناحرة وإنهاء قوى الممانعة وتصفية القضية الفلسطينية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(2): صرح بهذا الدكتور صالح المطلك في حديث له مع الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد في فضائية (الحرة – عراق / برنامج "حوار خاص") بتأريخ 26/4/2013.
(3): قد يجد البعض تناقضاً في كلامي عن السيد حيدر الملا. فهو هنا يبدو وطنياً  حريصاً على وحدة العراق ولا تروق له الأفكار الأمريكية بشأن الفيدرالية والأقاليم الطائفية، لكنه وعلى طول الخط، كهذا اليوم 22/6/2013، إستفزازي طائفي ديماغوجي يحرف الأمور. قبل أيام كرر في فضائية الفيحاء ما قاله سابقاً من أنه لا توجد أمام القضاء قضية بإسم "عرس الدجيل"؛ كما قال يوم أمس في فضائية (الحرة – عراق) إنه لا يوجد مشروع قانون "تجريم حزب البعث". وإعتبر الملا أن هذه الأمور من فبركات جهة سياسية معينة قاصداً إئتلاف دولة القانون. 
في الحقيقة، وكما قالت النائبة الدكتورة حنان الفتلاوي، إن قضية عرس الدجيل قد لا تكون مسجلة في القضاء بهذا الإسم ولكن الحقيقية واحدة. وأعتقد أن مشروع قانون تجريم حزب البعث، أيضاً، قد لا يكون بهذا الإسم بل بإسم ينسجم والمادة الدستورية التي تحظر حزب البعث "على أن ينظم ذلك بقانون" حسبما ورد في المادة الدستورية.
سمعتُ السيد الملا يتحدث عدة مرات حول قضية عرس الدجيل بالذات وينكر حصولها. 
كدتُ أن أصدق السيد الملا حينما طرحها لأول مرة لولا أنني شاهدتُ بنفسي تقرير مراسل فضائية (الحرة – عراق) (أعتقده السيد مصطفى الهايم) الذي قابل ذوي الضحايا بنفسه في مدينة الدجيل.
في الوقت الذي لا أرى فيه غرابة في تصرفات السيد حيدر الملا كبعثي سابق إلا أنني لا أستبعد أيضاً أنه يحاول بهذه التكتيكات السقيمة إقناع جماهير إئتلاف العراقية بأنه باقٍ على العهد ولم يتغير عسى أن يسحبهم إلى جانب إئتلاف العراقية العربية وهو تكتل السيد صالح المطلك.
(4): لابد من التنويه إلى مفهوم "النفوذ الإيراني في العراق" أو "تبعية النظام العراقي لإيران" لدى الطغمويين والأمريكيين ومن يسير بركابهم. ببساطة، إذا لم يكن العراق معادياً لإيران وفي حالة إحتقان وتوتر حتى ولو دون سبب، فالعراق يصبح موالياً لإيران. هذه بالطبع من أساليب الحرب الباردة. الجواب الصحيح لهذا المفهوم المشوه هو الإهمال.       


8
التظاهرات غطاء لموجة الإرهاب المنفلت3
محمد ضياء عيسى العقابي
الحرب الطائفية هي خطة الهجوم الجديدة – القديمة:
لقد كان على حق كل من طرح وراهن على أن هذه التظاهرات سوف لا تهدأ حتى ولو تم تحقيق كل مطالب الأبرياء من المتظاهرين وأكثر لأن مؤججيها لم تهمهم المطالب المشروعة بل كانت وسيلة لدفع أولئك الأبرياء إلى التظاهر ومن ثم الإستغناء عنهم بعد أن إستخدموهم لفترة محددة ريثما إمتلكوا الجرأة على تطبيع تواجد الطغمويين والمتشددين والإرهابيين على منصات ساحات الإعتصام.
ما أن إمتصت الحكومة بنجاح وحكمة زخم التظاهرات التي خططوها لإثارة مخاوف الحكومة من تآمر خارجي ونرفزتها لحملها على مواجهة المتظاهرين بعنف مرتبك يلحق الضرر بسمعة الحكومة والديمقراطية العراقية –  أقول ما أن أخفقت خطة إثارة الحكومة حتى بدأ قادة العصيان بإدراك أن تحركهم فشل وبدأ بالإختناق. غير أنهم إنتهجوا سياسة الهروب نحو الأمام. مضت أشهر ولم يستطيعوا حتى بلورة مطاليبهم وتوحيدها وتشكيل وفد لطرحها على الحكومة. السبب لأنهم ليست لديهم مطالب أكثر من تلك التي إستوعبتها الحكومة ونفذت ما كان ضمن صلاحياتها ودفعت بمشاريع قوانين إلى مجلس النواب لتعديل قوانين قائمة.غير أن ألاعيب رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي حالت دون إبصارها النور.
النتيجة أصبح مجمل التحرك الطغموي الإرهابي مادة للسخرية في داخل العراق وللإهمال وعدم الإكتراث في الخارج علماً أن الخارج كان مدركاً ومنذ مدة طويلة أن مواقع الإعتصامات تحتوي على بؤر إرهابية مسؤولة عن إستشهاد عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء مدنيين وعسكريين وأمنيين. أول ملاحظة هو أن قادة التظاهرات الطغمويين والإرهابيين أقصوا سياسيي إئتلاف العراقية من التأثير على التظاهرات ومن ثم بدأوا بإطلاق التصريحات المفعمة بالطائفية ومقت الدستور والديمقراطية وشكلوا ميلشيات مسلحة بإسم "جيش العزة والكرامة" وظهر على منصات الإعتصام ملثمون يحملون السيوف إعترفوا بأنهم يعودون إلى تنظيم القاعدة الذي تدين له "دولة العراق الإسلامية" صراحة بالولاء؛ وقتلوا أفراد القوات المسلحة ومدنيين والتمثيل بجثثهم وصاروا يطالبون بالإنفصال تحت غطاء تأسيس "إقليم سني". لقد هجرهم كثير من الأبرياء أصحاب المطالب المشروعة وإستنكر أفعالهم وتهديدهم للوحدة الوطنية معظم المراجع وعلماء الدين وزعماء العشائر في الأنبار والموصل وتكريت وسامراء، وبلغ التقزز منهم حتى مؤججها الدكتور رافع العيساوي وزير المالية المستقيل الذي نُقل عنه مؤخراً دعوته إلى إنهاء التظاهرات "لأنها أصبحت خارج السيطرة" على حد ما نُقل عنه.  سأل، مستنكراً، الدكتور أمير الكناني النائب عن التيار الصدري، رغم تعاطفه بتحفظ مع المتظاهرين، وذلك في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 21/5/2013 في برنامج (بالعراقي) إذ قال: لو فرضنا أن الحكومة لم تستجب لأي مطلب من مطالب المتظاهرين، فهل يعني هذا إعلان الحرب وتهديم الدولة؟ جوابي: هذا بالضبط ما خططوا له فشكلوا "جيش العزة والكرامة".
 بعد تهيئة الأرضية والأجواء لتشتد موجة التفجيرات المنفلتة دون أن تحقق ما كانوا يصبون إليه من إنهيار أمني كامل أو/ وتفجير سياسي شامل يطيح بالعملية السياسية ويتم على يدي رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي مدعوماً بصبيانية الصدريين وهما الجهتان اللتان ألحتا على عقد جلسة لمجلس النواب بحضور رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة السيد نوري المالكي والقادة العسكريين. كل الدلائل تشير إلى صحة ما تكهن به المالكي من عقد هكذا جلسة مبيت فيها الشر لا يمكن أن تخرج بنتيجة إيجابية:
-   فأما أن يمسك المالكي عن كشف الحقائق وعدم البوح بأسماء كل المتورطين بالإرهاب سابقاً وحاضراً وعن الإندساسات من كبار الضباط والأمنيين الذين أقحمتهم المحاصصة والأمريكيون ورئيس الوزراء المعين السيد أياد علاوي في الأجهزة العسكرية والأمنية وبذلك يبدو المالكي وأركان القيادة العسكرية والأمنية وكأنه المقصر وغير الكفوء وغير المكترث بأرواح الأبرياء  ليقفز الصدريون مدعومين بالنجيفي ورهطه ليطالبوا بإستقالة المالكي وسحب الثقة منه وإشاعة روح اليأس والتشكيك والبلبلة في المجتمع حتى إذا لن يستطيعوا الإطاحة به.
 هذا إذا لم يكشف رئيس الوزراء الحقيقة كاملة حرصاً على إستمرار العملية السياسية وصيانتها من الإنفراط وهو النتيجة التي يسعى إليها النجيفي وعلاوي وأضرابهما ويظن الصدريون أنها فرصتهم للظفر بمنصب رئاسة الوزارة وما يدرون أنهم سيكونون كالأطرش في الزفة.
-   وأما أن يكشف السيد المالكي كل الحقائق فيهتاج المعسكران الديمقراطي مقابل (الطغموي – التكفيري) بدءاً بمجلس النواب حيث تبدأ اللكمات والركلات (أي البوكسات والجلاليق) وربما إستخدام السلاح الناري والأدوات الحادة  نزولاً إلى الشارع فيندلع عراك بين الناس وقد يستكملها الطغمويون والتكفيريون بمزيد من الإستفزاز والإثارة بالإعتداء على الأماكن المقدسة وفي مقدمها إستهداف مرقدي الأئمة العسكريين في سامراء وأبي حنيفة في بغداد.   
لما أفشل رئيس الوزراء هذه الخطة الخبيثة، طرح الطغمويون والتكفيريون خطة بديلة إذ  إنتقلوا للإعداد للمرحلة الثالية من "النضال". لقد إبتدأت التعبئة الذهنية والنفسية للجماهير طارحين ومروجين ما مفاده أن هناك عـنـــــــــــــــف طـائـفــــــــــــــي مـتــبــــــــــــــــادل يقوم به الـطــرفـــــــــــــــان أي السنة وتنتمي إليهم ما تسمى دولة العراق الإسلامية وأصحاب الطريقة النقشبندية والمفخخات؛  والشيعة وتنتمي إليهم ميليشيات وهمية وكواتم الصوت.
-   بدءوا، الآن، يشيعون بأن الحكومة هي التي دست من قتل العسكري في ساحة الإعتصام بالحويجة وحصل بعدها ما حصل أي "جريمة ضد الإنسانية" على حد قولهم. وأشاعوا أن الحكومة أيضاً هي التي دست من قتل العسكريين الخمسة قرب ساحة الإعتصام في الأنبار وأكملوا (كما فعل الدكتور الأكاديمي السيد وسمي الدليمي) إشاعاتهم بإتهام الجيش بكونه ميليشيا وهو الذي كان وراء تفجير المفخخات على طول الخط. ثم إنتقلوا إلى لعبة شق الصفوف بلوم قوات سوات وإمتداح الجيش نفاقاً في أحداث الحويجة.
 
-    بعد ذلك إنتقلوا إلى مرحلة الإعداد الذهني لتقبل أطروحة العنف الطائفي المتبادل سبقتها تفجيرات في مناطق شيعية متبوعة بتفجيرات في مناطق سنية وهي لعبة مألوفة ومكشوفة للجمهور العراقي منذ مدة طويلة. مع هذا فهم لا يكلون ولا يملّون لأنهم ينتفعون مادياً من أداء هكذا خدمات.

-   ففي يوم 17/5/ 2013 أجرت فضائية (الحرة – عراق) إتصالاً هاتفياً مع الدكتور سليم الجبوري، النائب عن إئتلاف العراقية والحزب الإسلامي ورئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية والمطلوب للقضاء وفق المادة (4) إرهاب -  لإبداء رأيه حول التفجير الذي ضرب المصلين في جامع ساريا  في بعقوبة ضم صلاة موحدة يوم الجمعة 17/5  فقال ما مفاده أن الجيش هو الذي دبر الهجوم وهو الذي سبب التجمع الكبير للمصلين ليطالهم التفجيران.

-   وعلى نفس الوتيرة وبتدبير مقصود، بتقديري، أوهم الطغمويون السيد عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة "القدس العربي" الصادرة في لندن، بأن العنف متبادل بين السنة والشيعة فأوردت هذه الصحيفة يوم 18/5/2013 نبأ التفجيرات التي حصلت في العراق واصفة إياها بـ "التفجيرات الطائفية المتبادلة"، علماً أن السيد عطوان هو سباق لتصديق هكذا أخبار.

-   وجاء في بيان للدكتور صالح المطلك نائب رئيس الوزراء بتأريخ 19/5/2013 ما يلي:
"ليس من المعقول ترك القوى الارهابية والمليشاوية تحرك المشهد الامني وتتحكم بأرواح ومقدرات العراقيين ويقف السياسيون مكتوفو الايدي مكتفين بتلاوة بيانات الشجب والاستنكار فحسب"، مشددا على "اهمية المكاشفة الصريحة في لغة الحوار وتغليب المصلحة الوطنية سعيا لتجنيب البلاد نار حرب قد تحرق الاخضر واليابس".
إنه كلام جميل ومسؤول بعمومه ولكن الدكتور لا يستطيع الفكاك من التناغم مع تكتيكات الطغمويين، الأكثر تشدداً والأقل وطنية منه، ربما لمنافستهم في انتخابات محافظتي الأنبار ونينوى يوم 20/6/2013 ، لذا تكلم بيان الدكتور صالح عن "القوى الإرهابية والمليشاوية". أتحداه إن عرض عملاً "ميليشياوياً" واحد لا غير.

-   وفي إتصال هاتفي لنائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن مع التجيفي معرباً عن قلقه من تطورات الأوضاع في العراق أجاب النجيفي ضمن ما أجاب "بوجوب قمع الميليشيات التي برزت بشكل فعال في الفترة الأخيرة".

-   حتى الدكتور أحمد عبد الغفار السامرائي، رئيس ديوان الوقف السني، وفي خطبة صلاة الجمعة المشتركة التي أقيمت عند نصب الشهيد في بغداد دعا إلى: "على السنة أن يقولوا للقاعدة كفى وعلى الشيعة أن يقولوا للميليشيات كفى". لا أشك بتاتاً في حسن نوايا هذا الرجل الطيب ولكن المشكلة تكمن في الخلط الشائع بين السنة والطغمويين فهما مختلفان تماماً ولا علاقة بينهما (كما مشروح في الهامش* أدناه).

-   هناك مواقع كثيرة على الفيسبوك بدأت تتحدث بشكل مفتعل عن الميليشيات الشيعية وتبرز صوراً فوتوغرافية لشباب زُعم أنهم قتلوا على يد الميليشيات الشيعية. بعد التدقيق تبين أن هذه الصور مستقاة من مواقع سورية لشباب قتلتهم جبهة النصرة الإرهابية.

-   آخر تقليعات الإيهام بوجود ميليشيات شيعية قاتلة هو ما أُشيع على نطاق واسع في بغداد يوم الأحد 26/5/2013، وبجهد منسق، عن إنتشار سيطرات وهمية عديدة في بغداد تقتل على الهوية. بالطبع، بمجرد الإدعاء بوجود سيطرات في عاصمة البلد وعلى مقربة من الجيش والشرطة والأمن وتقتل على الهوية هي إيحاءات كافية لتحديد هوية هذه السيطرات الوهمية. لكن الشعب العراقي، الذي خبر أكاذيب الطغمويين ومطاياهم منذ سقوط النظام البعثي الطغموي،  أوعى من أن تنطلي عليه مثل هذه الإشاعات البائسة التي نفاها مباشرة العميد سعد معن، الناطق الرسمي بإسم وزارة الداخلية العراقية، وذلك في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 26/5/2013؛ ودحض صحة الإشاعة عدد من الصحفيين ومنهم صحفي في جريدة "الصباح الجديد" بعد قيامهم بالتجول ميدانياً في أنحاء مختلفة من بغداد.
المقصود من وراء هذه الحملة أحد أمرين: أما التأجيج لإثارة حرب طائفية لتحقيق الهف الستراتيجي الأول لإنطلاق التظاهرات وهي الورقة الأخيرة والبائسة اليائسة على طريق الهدف المطلوب كرمية حجر في الظلام،  وأما طرح هذه الورقة أساساً للمساومة الشكلية مع الحكومة لإنهاء الإعتصامات مع حفظ ماء الوجه وفق صيغة "إنهاء الإعتصامات مقابل حل الميليشيات الوهمية".
الستراتيجية على طول الخط ومنذ سقوط النظام البعثي الطغموي كانت تقضي بإثارة حرب أهلية طائفية هدفها تدمير النظام الديمقراطي وإسترجاع السلط الطغموية المفقودة بتكتيكات متباينة متبدلة حسب الظروف وكان أخرها ما نشهده اليوم من توجه نحو خلق مبرر لتدخل خارجي يلغي الدستور والعملية السياسية ويرتب عملية سياسية جديدة يضمن الطغمويون نتائجها بفعل موقف شركات النفط من حكومة التحالف الوطني الرافضة لمبدأ "المشاركة في الإنتاج"، وبفعل إسرائيل الراغبة في تصفية القضية الفلسطينية عن طريق مساهمة العراق في تهشيم الدولة السورية والجيش العربي السوري وحزب الله وإفتعال حرب مع إيران لتتسلل إسرائيل وأمريكا تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية ؛ وبفعل تركيا الراغبة في إلسيطرة على المنطقة كإمبراطورية أطلسية – عثمانية جديدة، والسعودية المرتعبة من الديمقراطية العراقية، وأخيراً قطر الحالمة بوضع مصر والعراق والجزائر وسوريا والأردن وباقي العرب بالجيب الصغير لأميرها الضخم!!!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
  http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181



9
التظاهرات غطاء لموجة الإرهاب المنفلت1
محمد ضياء عيسى العقابي
التظاهرات تمهيد لتشديد وتيرة الإرهاب:
لا يجب أن نُخدع بالتعاقب الزمني الظاهري بين إنطلاق التظاهرات في الأنبار التي إمتدت إلى الموصل وسامراء وغيرها وبين إشتداد موجة الإرهاب التي باتت تضرب العراق كل يوم تقريباً في الآونة الأخيرةً.
كلا، فالإرهاب لم ينتهز الفرصة التي وفرتها له التظاهرات ليشدد ضرباته كما كان يظن الكثيرون في البدء براءةً؛ إنما صُممت التظاهرات عن وعي  من أجل توفير الجو المناسب والأرضية الملائمة لرفع وتيرة الأعمال الإرهابية المعبرة عن رفض الآخر والتصميم على إقصائه وعدم الإعتراف بسواسية البشر ورفض الديمقراطية وضرب مرتكزاتها وتهشيم دولتها.
ولا يجب أن نصدق البعيدين عن فهم جوهر وطبيعة الصراع العراقي الذي مرّ بمراحل عديدة، مثّل بعضها تقدماً ومثلت أخرى تقهقراً، منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي على أساس طغموي بسماته الموصوفة في الهامش* أدناه وهي الطائفية والعنصرية الدكتاتورية والديماغوجية – أقول لا يجب أن نصدق هؤلاء الذين يقرنون إشتداد وتيرة الإرهاب بإشتداد ما يسمونها خلافات شخصية وطائفية وحزبية وعشائرية ومصلحية ضيقة بين السياسيين.
كلا إنها خلافات أعمق من ذلك بكثير، إنها خلافات مصلحية طبقية بين من ملك حتى النفط، دون أن يسجله بإسمه في الطابو، وبين الجماهير المحرومة التي وجدت في الديمقراطية نقطة الإنطلاق نحو مستقبل أفضل رغم بحار من العراقيل الطبيعية والمفتعلة من قبل الداخل والخارج. هذا هو جوهر الصراع الذي وظّف الطغمويون فيه الإرهابَ لإستعادة سلطتهم المفقودة لما فيها من منافع ومزايا مادية ومعنوية.
ولا يجب أن نصدق أولئك الذين يريدون الضحك علىينا فيطرحون بأن المطالب تتصاعد بسبب عدم إستجابة الحكومة لها. أي منطق هذا؟ أنا أقول أن المطالب قد تقلصت وأصبحت أكثر "تواضعا"ً يوماً بعد يوم. فبدأت بسحق حكومة بغداد والصفويين ومواصلة السير حتى طهران رأس الأفعى على حد قول أحمد العلواني وعبد المنعم البدراني، والآن إكتفوا بإسقاط الحكومة والدستور وطرد الكوبرا السيد مارتن كوبلر (حسب تسمية الشيخ الدكتور وسمي الدليمي لممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق وذلك في فضائية الحرة يوم 21/5/2013)!!!.   
إذا تفحصنا خطابات وتصريحات وأفعال كافة قادة إئتلاف العراقية منذ مدة غير قصيرة قبل إنطلاق التظاهرات وبالأخص بعد إتجاه الأوضاع نحو الإستقرار إثر إخراج القوات الأمريكية من العراق سنجد أنها كانت تحريضية ومؤجِجة قولاً وفعلاً بدءاً بمواصلة المدان طارق الهاشمي أعماله الإرهابية ومواصلة ما يزيد على (17) نائباً من نواب إئتلاف العراقية أعمالاً إرهابية أيضاً ما إقتضى من مجلس القضاء أن يطالب برفع الحصانة النيابية عنهم وهو طلب دسه زميلهم في الإئتلاف رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي في ادراج مكتبه. لماذا لم يعرض الطلب على مجلس النواب كما تتطلب الأصول فهو أمر قضائي وليس مشروع قانون ليُعرض على اللجنة المختصة أولاً؟ لقد قتل النجيفي ذلك الطلب القضائي شأنه شأن العشرات من مشاريع القوانين الهامة بينما إنشغل بتأليب المتظاهرين على مزيد من العنف وحث الجيش والقوات الأمنية على التمرد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
   



10
نموذج للوقاحة بعد تظاهرات الأنبار
محمد ضياء عيسى العقابي
عندما يتعلق الأمر بحياة الناس، وحق الحياة أبسط حق أزلي، (وبالأخص في وقت يمزق فيه الإرهاب أجسادهم بين آونة وأخرى في عمليات جبانة غادرة لا تحمل أي قدر من الشجاعة أو الرجولة سوى الحقد الأعمى البليد)  فلا مجال للمجاملة ولا مجال لحمل النفس على  تجنب تسليم المسيء إستحقاقه بيده.
النائب عما تبقى من إئتلاف العراقية السيد حميد كسار قال بالحرف الواحد:
"لم تكن تظاهرات الرمادي والفلوجة طائفية أبداً وإطلاقاً"
قالها في فضائية "الحرة – عراق" / برنامج "بالعراقي" يوم 24/3/2013.
لا أقول جازماً إن السيد كسار حاول أن يخدع محاوريه ومشاهديه، إذ ربما هو مقتنع بما إدعاه من براءة تظاهرات الرمادي والفلوجة من الطائفية.، وذلك قياساً على ما قرأتُ في ملامحه وهو يطلق ذلك الكلام وغيره من الكلام المشابه، بكل يقين وإطمئنان.
أين العيب، إذاً، إذا لم يكن الرجل كاذباً أو مخادعاً؟ وما هو مصدر إثارتي حتى أصفه بالوقح؟
المشكلة هي أن السيد كسار إعتبر أن ما أطلقه المتظاهرون في الرمادي والفلوجة سواءً في  الهتافات أو الصور والشعارات المرفوعة التي مثلت قمة الطائفية وقمة الرفض للآخر وطعنه في وطنيته ودينه بل وتكفيره وتهديده ب"الزحف إلى بغداد لإستردادها من العملاء ونشر الإسلام فيها" – إعتبرها السيد كسار أموراً إعتيادية لا غرابة فيها ولم تحرك فيه أي قدر من الشعور بالحياء حيال الآخرين من أبناء وطنه المُعتدى عليهم مهما كان عددهم أغلبية ساحقة أو أقلية فحرمة القيم واحدة.
لا أريد أن أخوض في تفاصيل ومفردات الإساءات الطائفية الإقصائية الرافضة للآخر ولحقوقه الأساسية في الحياة، تلك الإساءات التي إنبعثت من الأعماق بصدق ووعي وتصميم لأنها أُطلقت في ساعة حماس الجاهل الذي ظن أنه أحكم اللعبة بعد أن قصّر وفرط، عن عمد، بمصالح الأبرياء فأججهم ودفعهم لأغراضه الرامية لإسقاط الدستور والديمقراطية بحجة المطالبة بإنصافهم؛ فرفع وتيرة زعيقه وحَسِبَ أنه سيزلزل الأرض تحت أقدام "الخنازير أولاد الخنازير الصفويين العملاء" لكنه صُفع صفعة شديدة كالها له تعقل الحكومة وديمقراطيتها فخاب أمله وأسرع لتعَديل شعاراته وعاد إلى تكتيكاته المعهودة البائسة – أقول لا أريد الخوض في تفاصيل الإساءات فقد باتت معروفة للقاصي والداني لا في العراق وحسب بل في أرجاء الدنيا أيضاً (إلا للسيد حميد كسار والسيد جاسم الحلفي صاحب شعار "الحريات أولاً" والسيدة هناء أدور زميلته في منظمات المجتمع المدني وهما اللذان طلقا الماركسية ومعها الصدق منذ زمن)؛ لذا فإنها حجبت التعاطف، إلا بحدوده الدنيا، حتى عن المشروع من مطالب المتظاهرين؛ لأن الناس أينما كانوا يمتلكون وضوحاً تاماً بثقافة التظاهر من أجل الحقوق وأسلوب تنظيم التظاهرات وإدارتها وصياغة شعاراتها وبيان توجهاتها وإلتزام حدود الحريات حتى ولو أنها باتت واسعة على أرض العراق لأول مرة في تأريخه.
وبناءً على ذلك فقد رفض الرأي العام الداخلي والخارجي (على قلة إهتمامه بتلك التظاهرات) السلوكَ المشين للتظاهرات وأدركوا أن نوايا سيئة وتخطيطاًت مشبوهة تكمن ورائها خاصة وأن الأماكن التي إنطلقت فيها تلك التظاهرات أقنعت العالم منذ بداية سقوط النظام البعثي الطغموي* بأنها حواضن للإرهاب الذي أودى ويودي حتى يومنا هذا بحياة عشرات الآلاف من أبناء وبنات العراق الأبرياء، والذي أساء للأسف لإسم السنة العرب العراقيين عموماً وهم براء منه.
ثانيةً أقول: لا أريد أن أخوض في مفردات الإساءات الطائفية التي رافقت التظاهرات، بل أريد أن أشير إلى المعنى الذي يكمن متجسداً في مفردة واحدة فقط من بين العشرات لتُظهر كم كان السيد كسار وقحاً عندما تجاهل أو لم يحس بحضور النفس الطائفي قوياً في التظاهرات، ألا وهي رفع صورة صدام رئيس النظام البعثي الطغموي المشنوق قضائياً لإجرامه.
 إن رفع صورة أي شخص فوق الرؤوس لهو تمجيد وتبجيل لصاحب الصورة (ما لم يُشَر إلى عكس ذلك تحديداً ووضوحاً)، وهذا ينطوي على تزكية وتأييد الأعمال التي قام بها.
وأي أعمال قام بها صــــــــــــــدام؟!!!.....
 أليست هي، وبإختصار شديد جداً، التطهير العرقي والطائفي وجرائم الإبادة الجماعية بدلالة مئات المقابر الجماعية في أنحاء العراق وضرب مدينة حلبجة والأهوار بالسلاح الكيميائي وتدمير (5000) قرية كردية وقتل (182) ألف كردي في حملة الأنفال وقتل أكثر من ربع مليون مواطن في إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية؟ ألم تدخل دبابات النظام بقيادة "الفريق" حسين كامل إلى النجف لقمع الإنتفاضة وعليها لافتات بالخط الواضح : "لا شيعة بعد اليوم"؟ ألم يقترف النظام  جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب؟ ألم يشعل حرباً بالنيابة (منكم الرجال ومنا المال!!) مع إيران ويحتل الكويت بدفع ممن أرادوا تمزيق حتى المتبقي الهزيل من التضامن العربي حتى أوصل العرب إلى حالة إحتمال ضياع القدس أمام أعينهم و"مناضلوا" الدوحة مشغولون في تمزيق لحمة الشعب السوري وتدمير إقتصاده وتفتيت جيشه لأنه جيش الممانعة العربية الوحيد الباقي بوجه الأطماع الإسرائيلية؟
كل هذه الأهوال لم تنتج وخزة ولو ناعمة في ضمير السيد حميد كسار!!!   
إن مشكلة السيد حميد كسار الزوبعي، النائب عما تبقى من إئتلاف العراقية، بهذه الصيغة الموغلة بالإستهانة ببني وطنه، هي أكثر سوءاً مما لو كان السيد الكسار يكذب أو يحاول الخداع.
غير أن المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد. بل أنكر السيد كسار (أو ربما رآها أمراً طبيعياً أيضاً) إستفادة الإرهابيين من التظاهرات وحضورهم المباشر فيها وظهورهم علانية على منصة قيادة التظاهرات بلثامهم وسيوفهم وخطابهم الصريح. كما أنكر تزامن توسع العمل الإرهابي في بغداد وفي الحلة والموصل مع تلك التظاهرات وهذه المدن قريبة من مواقع التظاهرات، فالعلاقة واضحة. والعلاقة واضحة أيضاً مع إطلاق سراح آلاف سواءً من المتهمين ممن كانوا ينتظرون التحقيق (وأراهن على تورط 90% منهم بالإرهاب لأن الإرهابيين ببساطة يسرحون ويمرحون في تلك المناطق ولا يقومون بالإبلاغ عنهم وهي جريمة يعاقب عليها القانون) أو الذين أنهوا محكومياتهم وأُطلق سراحهم على أمل التحقق لاحقاً فيما إذا كانوا مطلوبين لأمر آخر. أوردت فضائية الحرة في 3/3/2013 ما يلي:
ألقي القبض على حارث حسين الغريري وهو يزرع عبوة ناسفة في مرآب المحمودية علماُ أنه من الذين أطلق سراحهم قبل أربعة أيام!!!
ثم إنتقل السيد كسار في حديثه إلى صفحة النيل من معنويات القوات الأمنية والعسكرية والنفخ في جثة الإرهابيين النتنة لإنعاشها. فهو يقول:
"الوضع الأمني بيد رئيس الوزراء . عيب بعد عشر سنوات وتحدث هكذا خروقات".
ويقول:
"إذا كانت هناك أجندة خارجية وراء التفجيرات فلنسلمهم أمرنا".
أسألُ السيد الزوبعي: هل سلّم الأمريكيون والبريطانيون والروس والباكستانيون والهنود وغيرهم أمورَهم إلى مخططي ومنفذي الهجمات الغادرة الجبانة والمتسترين عليهم، وهذه نظم مستتبة بعضها بلغ من العمر مئات السنين لا عشرة صاخبة بالإرهاب والمخربين  وليس في شعبها من تحجر عقله وجمدت بصيرته وغاب ضميره؟
أنكر السيد كسار كل ذلك أيضاً وراح يطالب بقطف ثمرة ألنوايا السيئة التي إختبأ أصحابها خلف التظاهرات إذ قال:
"لا ضير من الإستعانة بقادة أمنيين حتى لو كانوا من النظام السابق"،
وأكرر ما ذكرتُ من قول له قبل قليل:
"إذا كانت هناك أجندة خارجية وراء التفجيرات فلنسلمهم أمرنا".
إنه يعلم جيداً أن كل من أبدى إستعداده من ضباط الجيش السابق للخدمة المخلصة في الجيش الجديد قد أُعيد إلى الخدمة رغم أن بعضهم أبدى الإخلاص نفاقاً وإندساساً. فطلب السيد كسار الإستعانة "بقادة أمنيين حتى لو كانوا من النظام السابق" أي من الذين أصروا على سلوك طريق الإرهاب المباشر، وهذا طلب يرقى إلى طلب تسليم البلد وأرواح الناس بيد قاتلي العراقيين بالأمس واليوم.
إنه لا يطالب منتخبيه بالتعاون مع الأجهزة الأمنية للقضاء على الإرهاب كما يفعل جميع مواطني دول العالم الأسوياء، بل يطالب بتسليم أمن العراق للطغمويين الذين ساموا أهله مر العذاب، ويطالب بالإستسلام للخارجي الشرير من الدول وهي تركيا وقطر والسعودية لتتحكم بمصير العراق والعراقيين. 
إن السيد كسار يريد، كما أراد من طالب بإلغاء قانون مكافحة الإرهاب والمخبر السري وطالب بتمرير قانون العفو العام – يريدون إنتزاع حق لهم في قتل العراقيين دون حساب تطبيقاً  لناموس عملهم الذي مارسوه على أرض الواقع منذ سقوط نظامهم الطغموي الفاشي وهو: أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد.
بعد أن إستمعتُ لتصريحات النائب السيد حيدر الملا (من واشنطن بعد أن قابل وزارة الخارجية الأمريكية) الذي ذكر إسم السيد حميد كسار كأحد أبطال كيان "متوحدون" الذي شكله السيد أسامة النجيفي، وبعد أن ذكر الملا (وهو زميل النجيفي وكسار حتى قبل أيام معدودة بعد أن شكل السيد صالح المطلك والملا كياناً بإسم "إئتلاف العراقية العربي") – ذكر الملا أن كيان "متوحدون" يسير  في نهج خطة نائب الرئيس الأمريكي السيد بايدن القاضية بتقسيم العراق – أقول بعد أن إستمعت لأقوال السيد الملا لم أستغرب أقوال السيد حميد كسار المبحوثة أعلاه.   
إنها الوقاحة بعينها، فتباً لذلك النائب وتبا لمن على شاكلته في كل مكان وزمان في العراق والعالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*:  للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305


11
من قتل السيد محمد صادق الصدر: صدام أم الكهرباء؟
محمد ضياء عيسى العقابي
السيد مقتدى الصدر المحترم،
لدي سؤال جاد أطرحه عليكم وهو : كيف مات المرحوم الوالد؟
الخبير في القانون ومحط إعجاب فضائية "الحرة – عراق" الأمريكية وأحد نواب كتلة الأحرار وعضو اللجنة القانونية البرلمانية وأحد قياديي التيار الصدري الذي تتزعمونه، الدكتورُ أمير الكناني وضعني في حيرة. ففي برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 14/3/2013 شارك الدكتور الكناني في ذلك البرنامج الحواري الذي كان بعنوان: "تصاعد حدة الخطاب الطائفي في العراق". أذهلني السيد الكناني بقوله إن العراق لم يعرف الطائفية قبل التغيير عدى بعض الأعمال البسيطة التي قام بها النظام هنا وهناك.
ما أن سمعتُ كلام السيد الكناني حتى تراقصت أمامي آلاف الأسئلة ومنها السؤال التالي الذي يخصكم شخصياً يا سيد مقتدى: من الذي قتل السيد محمد صادق الصدر وولديه، إذاً؟
فجأةً عادت بي الذاكرة إلى تلك الأيام السوداء، حين كنتُ هارباً من النظام البعثي الطغموي* إلى ليبيا،  وبدأت الأسئلة تتزاحم في ذهني:
ألم أشاهد المرحوم الوالد بأم عينيَّ في شاشة التلفزة الليبية لعدة ثوانٍ وهو مرتدً الكفن الأبيض ويخطب في مسجد الكوفة قائلاً: "حافظوا على إسلامكم، حافظوا على تشيعكم "؟ ألم تنتشر أخبار إغتياله وإستشهاد أخويك معه على يد السلطة البعثية الفاشية في أرجاء الدنيا؟ ألم تخرج تظاهرات غاضبة في عدة محافظات من العراق وأهمها في الناصرية وقَمَعَها النظام دموياً وحاول التعتيم عليها؟ ألم يعترف النظام البعثي الطغموي بعد أسابيع بخروج تلك التظاهرات؟
ثم سألتُ نفسي:
هل هذه كلها أوهام والحقيقة هي ما تفوه بها الدكتور الكناني من أن أفعالاً طائفية لم تحصل قبل 2003 إلا أمور بسيطة هنا وهناك؟ هل أن إتهامي للنظم الطغموية الملكي والقومي والبعثي، بالطائفية والعنصرية هو إتهام باطل؟
وهل أن إتهامي الطغمويين بتأجيج الطائفية لأعلى وتيرة بعد سقوط نظامهم الطغموي في 2003، ولحد هذا اليوم، والذي كان من باب معارضة ورفض الديمقراطية والنظام الديمقراطي والعراق الجديد بعد أن أفلسوا إفلاساً تاماً وما عاد لديهم أي منجز يفخرون به أو يستثيرون همة الجماهير به لمؤازرتهم في إرهابهم الموجه ضد الشعب والديمقراطية بدعوى المقاومة والهادف في واقع الحال إلى محاولة إسترداد سلطتهم الطغموية ذات المنافع المادية والمعنوية وبأي ثمن – هل هذا الإتهام باطل هو الآخر؟
أنا واثق ومؤمن بكل ما قلتُه وإني أعارض ما طرحه الدكتور الكناني جملة وتفصيلاً.
ما كنتُ أود، يا سيد مقتدى، أن أنكأ الجراح لولا خوفي على مستقبل العراق.
فالدكتور أمير الكناني ، كما يبدو، يأمل أن يتسلق في سلم المسؤولية في الدولة العراقية إلى مستويات عليا عبر التيار. لذا فهو يُعدُّ نفسه لكي يبدو "عاقلاً" و "محايداً جداً كحياد أمريكا بين الفلسطينيين والإسرائيليين" و "عادلاً للكَشر" و "حباباً" و"متوازناً" و "مناوراً بارعاً" و "سياساً محنكاً" و "ليس طائفياً كالمالكي" و "خوش ولد" و "إبن حمولة" لكي ينبهر ويقتنع به الطغمويون والتكفيريون ويُقلعوا عن إرهابهم وعدائهم للديمقراطية خاصة وأنهم "مظلومون ومهمشون على يد المالكي" وأنهم "لم يتلوثوا بالطائفية كما تلوث المالكي ومنتخبوه".
المؤسف أن الدكتور الكناني حاول رسم الصورة التي أرادها لنفسه عن طريق لوي عنق الحقائق التأريخية وتزييفها؛ فبرّأ النظم الطغموية من ممارسة أبشع أنواع الطائفية والعنصرية.
فإذا كان السيد الكناني اليوم بهذه العقلية فأي تزوير للتأريخ وغير التأريخ سيمارسه عندما يتسلق سلم المسؤولية إلى مواقع أرقى لا سمح الله؟
فهل نستبعد منه أن يأتي يوم يقول فيه الكناني إن الشهيد محمد صادق الصدر وولديه الشهيدين لم يقتلهم صدام بل صعقتهم كهرباء الثلاجة، وحديث الثلاجة معروف لدى العراقيين؟
أمل منكم، يا سيد مقتدى، تنويري أين تكمن الحقيقة؟ هل في قول الدكتور أمير الكناني أم في ما إختزنت من معلومات في ذاكرتي؟
تقبلوا تحياتي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*:  للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
 
 




12
أفسِدوا عليهم خطتهم التخريبية
محمد ضياء عيسى العقابي
كنتُ أحد الداعين إلى عدم السماح بتأجيل إنتخابات مجلس محافظة الأنبار وهو التأجيل الذي طلبه مجلس المحافظة. وتوقعتُ أن تتبع الموصل خطى الأنبار وبالفعل حصل هذا أيضاً.
ولكن وبناءً على هذين الطلبين ولتقديرات الوضع الأمني في المحافظتين  قدرت الحكومة  أنه من الأصلح تأجيل الإنتخابات لمدة ستة أشهر.
عوّدتنا الحكومة على ألا تلعب أو تستجيب للعبة الطغمويين* وحلفائهم المفضلة وهي لعبة التكتكة التي طالما إنساقوا ورائها وفشلوا لإستنادهم إلى ستراتيج تهشيم الديمقراطية العراقية الناشئة وهو هدف أقرب إلى المستحيل ولكن درءه مكلف بشرياً ومادياً.
مع هذا فلابد أنْ خَطَرَ ببال الحكومة  هذه المرة ما سيكون عليه موقف الطغمويين وحلفائهم فيما لو رفضت الحكومة تأجيل الإنتخابات وأصرت على عقدها في الموعد المحدد، خاصةً وأن الحكومة، كما أعتقد، ما عادت غافلة عن سلبية الطغمويين لحد الإبتذال الذي لمسناه حتى نحن البعيدين عن المسرح السياسي: فإذا قالت الحكومة "نعم" قالوا "لا" وإن قالت "لا" قالوا "نعم". أقول ربما حسبت الحكومة هذه المرة حساب المناورة وأرادت كشف زيفهم.
قناعتي أنهم كانوا سيعارضون، أيضاً، قرار رفض طلبي تأجيل الإنتخابات لو إتخذته الحكومة. إنهم يصبون إلى اليوم الذي يحشرون فيه الحكومة في زاوية ويستلّون المبادءة من بين يديها.  من هذا المنطلق عارض الطغمويون وحلفاؤهم  تأجيل الحكومة للإنتخابات.
أكاد أجزم أن هذا الموقف، أي معارضة الحكومة لتأجيل الإنتخابات، هو موقف تكتيكي وليس مبدئياً بدلالة أنهم لم يعارضوا الطلب عند صدوره من جانب المحافظتين. أي إنهم كانوا بإنتظار رأي الحكومة ليشنوا عليها الهجوم مهما كان الرأي رفضاً أو موافقةً. لربما كان سكوتهم يهدف إلى تشجيع الحكومة على تأييد طلبي المحافظتين لبتسنى لهم حشر الحكومة في زاوية وتصوير الحكومة كأنها تريد غمط الحق الدستوري الديمقراطي للمحافظات السنية وهو أحد الأسباب التي جعلت السيد مقتدى الصدر أن يأمر وزراءه تعليق حضورهم إجتماعات مجلس الوزراء رغم تصويتهم بالإيجاب على قرار الموافقة على تأجيل الإنتخابات، كما أعلن المتحدث بإسم إئتلاف دولة القانون.
بصراحة، قد ينطلي هذا المنطق، أي إتهام الحكومة بحرمان المحافظتين السنيتين من حق الإنتخاب، على الرأي العام العالمي الذي يقف بإعجاب، لحد الآن، يُضاف إلى إعجاب الأغلبية الساحقة للشعب العراقي، - يقف إلى جانب الحكومة الشرعية والديمقراطية وخاصة في طريقة معالجتها لتظاهرات الأنبار عندما أجهضت النوايا الحقيقية القابعة خلفها.
عليه أرى أن تقلب الحكومة الطاولة على الطغمويين والتيار الصدري والتحالف الكردستاني  وتتراجع عن تأجيل الإنتخابات مع تحميل هذه الجهات الثلاث مسؤولية الخروقات الأمنية، التي قد تحصل، إلى جانب تحميل الرأي العام الديمقراطي لأبناء الأنبار والموصل المسؤولية الأمنية أيضاً إذ آن أوان تحررهم من الخوف والحرج من العناصر الإرهابية التكفيرية والعناصر الطغموية.
في التحليل الأخير وفي العمق، أرى أن ما يجري في المشهد العراقي على جميع الصعد السياسية والأمنية والإقتصادية والتشريعية وغيرها تقف وراءه شركات النفط وإسرائيل عبرعملائهما والمغفلين في العراق وعبر عملائهما في المنطقة وهم تحديداً النظم التركية والقطرية والسعودية.
وإذا كان للطغمويين والتكفيريين والحزب الديمقراطي الكردستاني منافع سياسية ذات أهمية، ولو أنها غير مشروعة وقصيرة المدى، من وراء تدمير الديمقراطية، فهل يكفي الصدريين مجردُ محاولة تلطيخ سمعة السيد المالكي الذي وقف على رأس الحكومة التي أخرجت قوات الإحتلال وحافظت على الثروة النفطية وكسرت العمود الفقري للإرهاب وحالت دون زج العراق في حرب عبثية مدمرة ضد الجيران ورسخت النظام الديمقراطي وحسنت الأوضاع الإقتصادية وأحدثت نهوضاً ملحوظاً في الزراعة ومعظم نواحي الحياة – أقول هل أن تلطيخ سمعة السيد المالكي أو الإطاحة به كافٍ لتدمير الديمقراطية وتعريض العراق وشعبه عموماً وشيعته خصوصاً، لأفدح الأخطار الأمنية، يا أتباع مقتدى؟
ستقول الجماهير بعد شهر وبعد سنة كلمتها بهذا الشأن للصدريين وأتوقع أن يتلقوا لطمة موجعة؛ وإذا لن يعاقبهم الشعب فهناك خطأ جسيم ولكل مقام مقال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
  

13
كشفت مصداقية التحذير من تظاهرات 25 شباط 2011(4/1)
محمد ضياء عيسى العقابي
تداعيات ما بعد تظاهرات 25/2/2011:
بعد مرور يوم 25/2/2011 المسمى "يوم الغضب" دون وقوع أحداث إرهابية خطيرة أو غير خطيرة بل عدم ظهور إرهابيين بعثيين أو تكفيريين في ساحة التحرير أصلاً، راح عدد غير قليل من الكتاب الديمقراطيين الجادين ينتقدون، بسخرية، المحذِّرين من إحتمال الإندساس. أما آخرون من عاشقي الترويج على نطاق واسع للتعميمات التي تصلهم أو التي يقتبسونها من صحف متعددة الأهواء والميول، وأغلبها طغموي(1) ، فقد تداولوا أنواع الرسائل الحادة والساخرة والطاعنة وكلها موجهة ضد المالكي وتَبَيَّنَ لاحقاً، لي على الأقل، أنها ليست عفوية وليست بدون سبب .
 بدءاً، فإن نائب رئيس الوزراء الدكتور حسين الشهر ستاني قد أوضح لفضائية الحرة بتأريخ 21/3/2011 بأن رئيس الوزراء لم يقل إن البعثيين هم الذين سيقودون التظاهرات بل قال إنهم كانوا سيندسّون فيها ويستغلونها.
 لا تبرر هذه المواقفَ لبعض الكتاب والمثقفين الإعتداءاتُ المدانةُ والمؤسفة التي أصابت رجالَ الإعلام على أيدي منتسبي السلطات الأمنية، والتي تم الإعتذار عنها علناً. أما قتل المتظاهرين فقد جرى في الموصل والرمادي والفلوجة وتكريت وهي مناطق لها سياساتها البعيدة عن المركز وكذلك في كردستان. جرى مقتل شخص واحد فقط في البصرة وكان عنصراً أمنياً.
آلت كل تلك المساهمات إلى أمر واحد حسب تقديري، سواءً أدركه البعضُ أم لم يدركه، وهو: الطعنُ بمصداقية المحذِّرين وبالأخص السيدين علي السيستاني ورئيس الوزراء نوري المالكي.
أعتقد أن هذا الطعن كان خطةَ الطغمويين والتكفيريين والمتآمرين البديلةَ. فإذا فشلت الخطة الرئيسية، التي سآتي على تفاصيلها لاحقاً والرامية بإختصار إلى إحداث إنقلاب عسكري تسبقه مجزرة وحرائق وفوضى وتنصيب حكومة طوارئ برئاسة السيد أياد علاوي بترتيب ودعم دول ذات مصالح – فإذا فشلت عندئذ ينفذون هذه الخطةَ البديلة المتواضعة جداً لكنها مفيدة في حساب التراكمات اليومية. لقد سقط بعض كتّابِنا ومثقفينا الطيبين، للأسف، في شرك تلك الخطة البديلة.
صرح أحد الكتاب الديمقراطيين المرموقين بأنه لم يشاهد بعثيين في الساحة، وكأنّ البعثيين يعلقون شارات على صدورهم ويتجولون، أو كأنهم محط ترحاب الجماهير فيلتحمون بها ويكشفون عن أنفسهم، أو كأنهم ليسوا متآمرين ينوون الشر فيتطلب الموقف منهم التخفي والإندساس كما يحصل الآن في تظاهرات الرمادي وغيرها.
إن إستخدام الخطط البديلة من هذا النوع ليست جديدة على التكفيريين والطغمويين فهم بارعون جداً فيها ومرنون وواقعيون. شكى الدكتور أياد السامرائي، القيادي في الحزب الإسلامي ورئيس مجلس النواب السابق في فضائية الحرة بتأريخ 4/4/2011 من أن أعضاء القاعدة الذين يُلقى عليهم القبض يُخبرون المحققين، من باب الكيد والتمويه، بأسماء أعضاء في الحزب الإسلامي بكونهم مسؤوليهم التنظيميين. وهكذا يُعتقل أعضاء الحزب الإسلامي وتنشأ المشكلة: هذا يصيح أنهم أبرياء وذاك يرد: كيف تُثبت برائتَهم؟. المستفيد هم التكفيريون. هذه هي خطتهم البديلة إذا ألقي عليهم القبض قبل تنفيذ الخطة الأصلية. 
الإنتهازية السياسية:
قبل تظاهرة يوم 25/2/2011 في ساحة التحرير ببغداد كتبتُ مقالاً دعوتُ فيه إلى عدم المشاركة فيها لأنني شعرتُ أن خطراً كبيراً مبيتاً بشكل ما من قبل أعداء العراق الجديد، المتسم بتوجهه الديمقراطي. أحد دواعي التشاؤم حيال الدعوات لتلك التظاهرة هو شعاراتُهم العشر التي حاولوا تحشيد الجماهير حولها ل"يوم الغضب" والتي لم يستطيعوا إخفائها حتى من باب التكتكة، - إبتدأت كلها بعبارة "الموت لديمقراطية فعلت كذا وكذا....."، وكأنّ الديمقراطية وليس نقصها أو نقيضها هي التي تتسبب في أذى المجتمع.
أُراد أعداء الديمقراطية أن يُنفذوا مخططاً خطيراً مستغلين طيبةَ وعفوية الجماهير التي عانت من سوء الخدمات وأرادت تنبيه المسؤولين إلى ضرورة تلافي السلبيات والإسراع في تدوير عجلة توفير الخدمات والإعمار مستفيدة من أجواء الحرية والأدوات الديمقراطية في الإحتجاج ومعلنةً عن أن إنتخابها لحكومتها لا يمنعها من التظاهر لإيصال صوتها مباشرةً حيث أن آليات التواصل بين الجماهير وممثليها لم تبلغ مرحلة النضج سواءً بسبب نقص الخبرة على صعيد المسؤولين أو على صعيد منظمات المجتمع المدني.
توهم البعض وقرأ التظاهرات بشكل خاطئ فأسقط عليها أحلامه وآماله في نشوب "ثورة". كان، هذا البعض، قبل ذلك قد مارس الإنتهازية السياسية إذ حاول السباحة على ظهر موجة تذمر جماهيري مشروع صَنَعَ مسبباتِه الأمريكيون و "حلفاؤُهم" الطغمويون المحليون وفي المنطقة. صنعوه حينما شلوا يد الحكومة بوسائل متعددة على رأسها الإرهاب والتعطيل المتعمد للبرلمان وللعملية السياسية بفرض المحاصصة ومفهوم التوافق الخاطئين مما إنعكس سلباً على التنمية وتوفير الخدمات وإستفحال الفساد. مع هذا بقيت هذه الألاعيب مُشَخَّصَةً ومُحاصَرة من قبل الجماهير البسيطة الأكثر وعياً ونظافة من البعض الإنتهازي؛ لكن مزايداتِ الصدريين ونزوعَهم إلى كسب الجماهير بسحبها نحوهم وإبعادها عن حزب الدعوة أخفوا عن الجماهير ما صنعه شل اليد والتخريب وكالوا اللوم كل اللوم على حكومة المالكي يوم سيَروا مظاهرات الكهرباء في البصرة وباقي المدن في صيف 2010.
مع هذا إنتبه الجمهور الطيب عند أول إشارة أظهرتْ له عدم إقلاع الطغمويين والتكفيريين عن خبثهم وكرههم للديمقراطية وأظهرتْ له، أيضاً، إنتهازيةَ الغير فخيَّبَتْ الجماهير آمالهم وصَعَقَتهم عندما شاهدوا متظاهري الأمس في الكوت ينظفون الشوارع التي تظاهروا فيها يوم أمس حيث قام بعض المندسين بالتخريب والإعتداء على مبنى المحافظة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305
 


14
أقيلوا أسامة النجيفي3/2
محمد ضياء عيسى العقابي
الوضع العراقي:
شرحتُ في الحلقة الأولى من هذا المقال تحققَ شرطين من أصل أربع حددتُها لتبرير إقالة السيد أسامة النجيفي من منصبه كرئيس لمجلس النواب العراقي. هذان الشرطان المتحققان هما:
1-   إنتهاء مفعول إتفاق أربيل لعام 2010 ؛
2-   تورط إئتلاف العراقية، الذي يلعب فيه السيد أسامة النجيفي دوراً قيادياً رئيسياً، بأعمال عرقلة وتخريب لجهود الحكومة التي يقودها التحالف الوطني ؛
بقي عليّ أن أتناول الموضوعين الآخرين لإستكمال الشروط الأربع وهما:
3-   إثبات سوء الدور الشخصي للسيد النجيفي .
4-   نضوج العملية السياسية لدرجة التماسك والصمود أمام أقوى ما يستطيع الطغمويون والتكفيريون حشده وزجه في الساحة من قوة للإطاحة بالنظام الديمقراطي الفتي.   
 سأتناول الشرط الرابع أولاً:
لقد أدرك الطغمويون إفلاسهم التام على جميع الصعد في ظل سجل حكمهم الأسود الذي زرع العراق بالمقابر الجماعية و"عطّر" أجواءه من حلبجة حتى الأهوار بروائح السلاح الكيميائي المحرم دولياً. إنه النظام الذي مارس التطهير العرقي والطائفي بصيغة ممنهجة ومبرمجة فإقترف جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ما نجم عنها ما يقترب من (500) مقبرة جماعية.
 لقد زج نظامُهم العراقَ بحروب إجرامية وعبثية جلبت الدمار والحصار الدولي وأخضع العراق لطائلة 76 قراراً تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة فأفقد العراق إستقلاله ورمى به في مهب زوابع التدويل فمات مليون طفل بإعترافه، هو، نتيجة الحصار الجائر الذي وفر النظام الذريعة لفرضه من قبل من أراد تدمير العراق. وأخيراً تسبب في إحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة وحلفائها ولم يجد الشعب العراقي نفسه ميالاً للدفاع عن النظام الذي بلغ من الجبروت والإجرام مستوى ما عاد قادراً على الإطاحة به إلا الله أو أمريكا.
في ضوء هذه الحقائق الدامغة، عمد الطغمويون والتكفيريون، بعد سقوط نظامهم في 9/4/2003، إلى مداراة طموحهم وإصرارهم على العودة إلى السلطة والهيمنة ثانيةً على مقدرات العراق الغني مادياً ومعنوياً – عمدوا إلى إثارة النعرة الطائفية، بأعلى وتيرة ممكنة، كسلاح فتاك لأنه يعول على الغرائز الحيوانية ولا يحتكم إلى العقل والقيم الرفيعة كالوطنية والمواطنة وذلك للتستر به وإعتباره ملاذاً لمناصريهم  والإنطلاق منه لشن هجوم مضاد وإحداث ثورة ردة على الدستور والديمقراطية.
إستطاع الطغمويون والتكفيريون إقناع بعض الناس بإطروحاتهم المتخلفة التي شكلت نظرية عملهم أثناء حكمهم الإقصائي التهميشي المستند إلى رفض الآخر وعدم الإعتراف بسواسية البشر. رفض هؤلاء الديمقراطية بل حاربوها وشنوا حملة إرهابية عنيفة ضدها حتى يومنا هذا.
أما أغلبية الناس في المناطق الغربية والموصل فقد أيدوا الديمقراطية ولم يعيروا آذان صاغية لهؤلاء إلا بحدود التظاهر لتجنب الإنتقام الوحشي.
(إستُشهد على يد الإرهاب الشهداء الشيوخ: أسامة الجدعان وفصال الكعود وعبد الستار أبو ريشة وعيفان العيساوي كما إستشهد الشابان ولدا السيد مثال الآلوسي.)
راهن الطرفان أي الديمقراطيون من جهة والطغمويون والتكفيريون من جهة أخرى على جذب الجماهير العربية السنية لجانبهما منذ سقوط النظام البعثي الطغموي ولحد الآن.
قدّر الديمقراطيون أن قبضة الطغمويين والتكفيريين ستضعف ويتم تحديها علناً من جانب الجماهير العربية السنية مع تقدم المسيرة الديمقراطية الصاعدة. بينما راهن الطغمويون والتكفيريون على إدامة ترهيب تلك الجماهير وإخضاعها  لمشيئتهم والإعداد لزجها في عمل مسلح كبير كانوا يهيئون له منذ سقوطهم في عام 2003 ومحاولتهم الفاشلة في 25/2/2011. مهدوا لليوم الموعود بممارستهم الإرهاب والتخريب على نطاق واسع وحاولوا حرمان الجماهير من التمتع بمزايا الديمقراطية وخاصة في المناطق العربية السنية لإيهامها بأنها مهمشة بفعل الحكومة الفيدرالية وليس بفعل الحكومات المحلية المنتخبة بغية إثارتها ودفعها نحو العمل المسلح.
لقد رافقت أعمالهم تلك حملة إعلامية تضليلية واسعة ومحترفة مدفوعة الثمن، كما تشير المؤشرات، سخرت حتى بعض الطيبين دون وعيٍ منه. فروّجت الحملة لتلفيقات وأكاذيب وتشويهات مدروسة بعناية؛ كما تعمدت التعتيم على الوقائع الصحيحة والحقائق. أخفوا، مثلاً، أن إحصائيات وزارة التخطيط تشير إلى كون محافظة المثنى هي الأكثر فقراً بين محافظات العراق؛ كما أن البصرة، مصدر خيرات الشعب العراقي، تحتوي على أكبر نسبة من جياع العراق.   
جرى كل ذلك بالتنسيق مع/ وتمويل من السعودية وقطر وتركيا ومؤخراً دخلت شركات النفط الطامحة إلى السيطرة على نفط العراق وجني أقصى الأرباح (أربعة أضعاف) بفرض صيغة "المشاركة في الإنتاج" المتبعة في كردستان العراق رغم إعتراض الحكومة الفيدرالية.
جاء ذلك اليوم الموعود ونزلت الجماهير في تظاهرات إنطلقت في الرمادي يوم 21/12/2012 ولكنها حملت بوادر فشلها منذ الساعات الأولى إذ حمل المتظاهرون لافتات وصوراً وأطلقوا شعارات وتصريحات خدمت ستراتيج وتكتيكات موضوعة في الدوحة لا في الأنبار .
هنا إشمأزت الجماهير العريضة وعلى رأسها الشيخ عبد الملك السعدي؛ وإذا لم تنسحب تلك الجماهير من التظاهرات فليس قناعة بها بل درءً لغضب وإنتقام  القائمين عليها من طغمويين وتكفيريين. وقد زاد من إشمئزازها أن الطغمويين والتكفيريين راحوا يزدادون تطرفاً وكشفاً عما يعتمر في أذهانهم ويختلج في صدورهم من كره للدستور والنظام الديمقراطي كلما إستجابت الحكومة، من باب الحرص وإحترام الجماهير الطيبة، للمشروع من مطالبها.
إنعزل الطغمويون والتكفيريون وراحوا يدورون حول أنفسهم ويتحسسون حبل الفشل الذي يضيق حول أعناقهم وصاروا يطلقون التهديدات الطائفية المهينة وتحرشوا بالقوات المسلح لإستفزازها وجرها إلى الرد والقتال وأرادوا الحضور إلى بغداد لتأجيج مواجهات دامية مشابه لما خُطط ليوم 25/2/2011 ففشلوا. إنه تعبير عن خيبتهم وسوء حظهم إذ جلبت لهم مغامرتهم مزيداً من العار والسخرية دون أن تصيب غيرهم.
كيف توقعوا النجاح وشعاراتهم كانت طائفية لحد التقزز من قبيل: "آتون يا بغداد لنحررك من أحفاد كسرى ومن الصفويين"؟ لا أدري.
 وإذ لم يدخر الطغمويون والتكفيريون ووجهُهم العلني داخل العملية السياسية، أي كثير من أطراف إئتلاف العراقية، سلاحاً أو ذخيرة أو جهداً طائفياً إلا ورموه في الميدان،
وإذ لم يزدد الشعب العراقي إلا لحمة وقناعة بضرورة الديمقراطية لصيانة وحدة العراق وصيانة ارواح أبناءه من الوحوش الطغموية التكفيرية الكاسرة ومن يقف ورائهم في الخارج،
وإذ شهد العراقيون والعالم السلوك الديمقراطي المتحضر والمسؤول الذي إنتهجته حكومة التحالف الوطني،
وإذ شهدت الأمم المتحدة وسفارات العالم إستهانةَ الطغمويين والتكفيريين بالدستور والنظام الديمقراطي والتعايش السلمي وإستهدافها ،
وإذ شهدت الأمم المتحدة إحتقار الطغمويين والتكفيريين لممثليها وللمحافل الدولية،
 (إتهمت النائبة وحدة الجميلي ممثلَ أمين عام الأمم المتحدة في بغداد السيد مارتن كوبلر بكونه "منحازاً ومرتشياً " وذلك في فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 24/2/2013. كما  وجه إئتلاف العراقية نفس الإتهام للسيد كوبلر قبل أسابيع قليلة وطالب بطرده من العراق.)
وإذ قلقَ العالم من تمجيد القائمين على التظاهرات للعنف وللجيش السوري الحر ولتنظيم القاعدة ولفرعه المبرقع بإسم "جبهة النصرة"؛ ومن تمجيدهم لجزار العصر صدام، ولإعلانهم الصارخ رفضَ الآخر وعدم الإعتراف بسواسية البشر وعدم الإستعداد للتعايش  السلمي مع الآخرين وعدم إحترام حقوق الإنسان،
(من شعاراتهم وأقوالهم: "الشيعة خنازير أولاد خنازير وعملاء"، "عبد الزهرة لا يدخل الرمادي"، "قادمون يا بغداد"، "بغداد ستتحرر من أحفاد كسرى"، "سنحرر بغداد من الصفويين" .... إلخ)،
وإذ شهد الشعب العراقي بأطيافه والعرب والمسلمون والعالم زيفَ إدعاء القائمين على التظاهرات  بكونهم قاتلوا الإحتلال الأمريكي للعراق وإذا بهم ينادون (خاصة يوم الجمعة 22/2/2013) القوات الأمريكية وتركيا ودول الخليج للتدخل العسكري في العراق لحماية مضيق هرمز ولـتحرير بغداد من أحفاد كسرى!!!،
وإذ كان رد فعل الغالبية العظمى من أبناء الشعب العراقي حيال تلك الإهانات والإستفزازات هو الترفع والتعالي والتصرف الحضاري وإطلاق الدعوات تلو الدعوات لنبذ الطائفية والجنوح إلى التآخي والتحلي بروح المواطنة والتعايش السلمي والتمسك بالدستور وإحترام حقوق الإنسان وصيانة وحدة العراق وفق الخيار الديمقراطي.     
وإذ لم يزدد النظام الديمقراطي إلا صلابة وتماسكاً،
فما عاد هناك من محذور يحول دون كشف كل شيء فوق الطاولة وتفعيل الدستور والقوانين بحذافيرها بعد أن بلغ المجتمع العراقي نقطة النضج والتحرر من ضرورات مداراة الإبتزاز الذي قُبل على مضض من أجل تعميم الإقناع بجدوى الخيار الديمقراطي والتعايش السلمي وإقتناع المتشككين بحسن النوايا. 
زالت، إذاً، العقبة الثالثة التي يحسب لها الحساب عند الإقدام على إقالة السيد أسامة النجيفي من رئاسة مجلس النواب. وبقيت العقبة الرابعة وسنتناولها في الحلقة القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (1): أدناه نص وثيقة إتفاق أربيل كما نشرها موقع "عراق القانون" بتأريخ 18/6/2012 بعد نشرها من قبل رئيس إقليم كردستان السيد مسعود برزاني حسب إفادة الموقع المذكور:
 (الوثيقة الأصلية بخط اليد ويصعب إبرازها. والطباعة من قبل كاتب المقال)
..............
بسم الله الرحمن الرحيم
أربيل     
الأحد 8/8/2010
إتفاق أولي
إنسجاماً مع المصلحة الوطنية العليا ومن أجل الإسراع في تشكيل الحكومة يلتزم الطرفان بما يلي:
1-  الإلتزام بالدستور وتنفيذه.
2-  إعتماد خارطة طريق لتشكيل الحكومة الجديدة كما يلي:
a.   السيد جلال طالباني رئيساً للجمهورية،
b.  السيد نوري المالكي رئيساً للوزراء،
c.    يكون منصب رئيس مجلس النواب للعراقية ورئيس المجلس الوطني للسياسات الإستراتيجية للدكتور أياد علاوي.
3-  يعمل الطرفان بجدية من أجل مشاركة كافة الكتل السياسية في الحكومة الجديدة.
4-   تكون وزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات بعهدة كفاءات مستقلة يتوافق الطرفان بشأنها أولاً ثم الأطراف.
5-   تشكيل لجنة عليا من دولة القانون (حزب الدعوة الإسلامي) والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة السيدين المالكي والبرزاني وثلاثة من كل طرف ... مهمتها الإتفاق على جميع القضايا الإستراتيجية وإتخاذ مواقف موحدة حيال كل القضايا العالقة بين الحكومة الإتحادية والإقليم ، ولا يجوز أن يتخذ أي طرف موقف إستراتيجي إلا بتوافقهما.
6-   إجراء الإصلاحات الإدارية الضرورية وإتخاذ موقف موحد حيالها(المجلس الوطني للساسات الإستراتيجية، نظام مجلس الوزراء، تعديل قانون الإنتخابات ... إلخ.
7-  حل المشاكل العالقة مع الإقليم:
المادة 140، تسليح وتجهيز وتمويل حرس الحدود، قانون النفط والموارد المائية ... إلخ.

   توقيع                                                    توقيع
     نوري المالكي                                        مسعود بارزاني
 حزب الدعوة الإسلامية                        الحزب الديمقراطي الكردستاني
     8/8/2010                                               8/8/2010
   
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-         http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305




15
مرة أخرى، لو حرصوا حقاً على مصالح الشعب!!
محمد ضياء عيسى العقابي
ما أن يَضربَ الإرهابُ ويُفجِعَ أبناء وبنات العراق حتى تتبعه، في كل مرة، رشقاتٌ تكميلية يُطلقها واحد أو أكثر من قادة إئتلاف العراقية. هذه الرشقات تُغلَّف بكلمات إستنكار منمقة ومنافقة. لو تمعَنّا في جوهرها لوجدناها تصبُّ بإتجاه تجريح وطعن الخصم السياسي والحكومة ورئيس مجلس الوزراء بالذات والإستهانة بالوضع العام وبالقوات الأمنية والقوات المسلحة والشرطة؛ وتنحو منحى إثارة الضباب والتشكيك ومحاولة تيئيس الجمهور من جدوى الديمقراطية والحريات المتاحة في كنفها، وتأليب الشعب ضد حكومته المنتخبة ديمقراطياً والتي يشتركون فيها ويطعنون بها غدراً. إنها ممارسات ترقى إلى الخيانة في ظل أوضاع طبيعية.
 يشعرُ المتتبعُ أنَّ مجمل ما يطرحون هو إطلاق رسائل متواصلة لتأكيد موقفهم التقليدي الذي لم يتزحزحوا عنه وهو: "أما نحن وإلا فلا". هناك من يفسر هذه المقولة بأن بعض أطراف العراقية مصر على أنهم الوحيدون المؤهلون لقيادة العراق وتوفير الإستقرار له ربما لمهارتهم في إستخدام المفارم البشرية والسلاح الكيميائي والرشى!!!
وهناك، وأنا من بينهم، من يذهب أبعد ويفسر المقولة بكونها تهديداً مبطناً مفاده: "أما نحن على رأس السلطة وإلا فالإرهاب سيستمر" أو بكلمات أخرى: "أحكمُكَ أو أقتلكَ أو أخرب البلد"، وذلك إنطلاقاً من مصالح طبقية فقدوها بعد أن كانت متوفرة لهم أثناء العهود الطغموية(1) ويسعون الآن لإستعادتها بوسيلة أو أخرى. وقد بأن ذلك جلياً في كثير من شعارات التظاهرات التي إنطلقت في الأنبار منذ يوم 22/12/2012 إذ إستغل البعض التظاهرات بشأن بعض المطاليب المشروعة التي تلكأ الطغمويون في طرحها على الحكومة في الوقت والأسلوب المناسبين تعمداً من أجل إثارة الجماهير.
كتبتُ معظم المقدمة أعلاه ومعظم ما سيلي لاحقاً في مقال لي بعنوان "لو حرصوا حقاً على مصالح الشعب" بعد حدوث مشهد من هذه المشاهد الموجعة وهو الهجوم الإجرامي المزدوج الذي طاول المجلس البلدي في التاجي يوم 5/7/2011 وراح ضحيته 35 شهيداً وأُصيب 58 مواطناً.
آنئذ، أدلى السيدان أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب، وطارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، بتصريحين حول الهجوم الإجرامي لم يبتعدا في شكليهما وجوهريهما عما ذكرتُ أعلاه.
وكذلك فعل اليوم 17/2/2013 السيدان أسامة النجيفي وأياد علاوي بخصوص إنفجار سيارات مفخخة في (9) مواقع شيعية ببغداد إستشهد على أثرها (28) مواطناً وجرح أكثر من (120)، كما تم ضبط وتفكيك سيارات مفخخة أخرى حسب فضائية الحرة.
لكن السيدين الهاشمي والنجيفي بالأمس، والسيدين النجيفي وعلاوي اليوم ، كما هو حال جميع من سبقهم من رفاقهم ممن أدلوا بتصريحات مشابهة منذ سنين، تكلموا كثيراً وتفوهوا بكل شيء إلا بأمر واحد لم يقتربوا منه بتاتاً رغم بساطته على الوطني الحقيقي وهو: دعوة الجماهير وبالأخص جماهير مناطقهم الإنتخابية إلى مد يد العون للأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن التحركات المشبوهة.
بل على العكس من ذلك تماماً، راحوا يؤلبون منتخبيهم على العصيان في الأنبار والموصل وصلاح الدين وبعض كركوك وبعض ديالى في سبيل نزع أية وسيلة معتمدة عالمياً من يد السلطات الأمنية العراقية كالمخبر السري والإحتجاز بإنتظار المحاكمة مهما طال إنتظارها لكثرة المتورطين بالإرهاب أو مساعدته أو التستر عليه، وإحتجاز أي شخص لا يخبر عن المجرمين ومخابئ أسلحتهم حتى لو  كانت زوجة أو أختاً فهي، أمام القانون المدني، مواطنة متورطة بالإرهاب بغض النظر عن التقاليد البالية التي تريد أن تحمي المرأة مهما إقترفت من آثام بينما تجرمها لممارسة حقوقها الطبيعية في الحياة. وأكثر من هذا، دفعوا تابعيهم إلى المطالبة بتحرير السجناء بتهم الإرهاب من السجون وإلغاء قانون المسائلة والعدالة الذي يحمي المجتمع من شرور من أشرف على إذاقة الشعب صنوف العذاب والموت.     
لقد بات معروفاً لجميع من لهم إطلاع على أحوال البلدان الديمقراطية في العالم بأن ما تفقده السلطات الأمنية من حرية في الإعتقال الكيفي وعلى أسس الظن والشبهات والإستباق في مسألة مكافحة الجريمة عموماً والإرهاب خصوصاً، بسبب وجوب إحترام حقوق الإنسان وضرورات الإلتزام بالقانون الجنائي -  تكسبه عن طريق العون المعلوماتي أي الإستخباراتي الذي يقدمه المواطنون إختيارياً للأجهزة الأمنية. ولتشجيع المواطنين على تجاوز حالات الغفلة والكسل وضعف الوعي، تعمد الحكومات الديمقراطية، أحياناً، إلى تخصيص المكافئات المالية المجزية للمواطنين الذين يخبرون عن حالات أمنية ذات أهمية.
على عكس المطلوب، راح بعض قياديي إئتلاف العراقية والحزب الإسلامي  لا يكتفون بضرب هذا الطوق المزدوج: حول الأجهزة الأمنية لتضليلها، وحول الإرهابيين للتستر عليهم وحمايتهم ، بل راحوا يسبغون عليهم الألقاب الإعتبارية ويشوشون على عمل الأجهزة الأمنية ويحاولون شل يدها بالتشهير بالمخبر السري ويبالغون بحالات مَنْ لا تثبت إدانتهم في خضم هذه الأوضاع التي  إختاروا وإختار الإرهاب أن تكون صاخبة. 
تعزز هذه التصرفات الرأيَ بتورط بعض أطراف إئتلاف العراقية وخاصة الأطراف الأقرب إلى أسامة النجيفي وإياد علاوي، مع الإرهاب بكيفية أو أخرى، أقلها "إستساغة الإرهاب" لمواقف تلك الأطراف ما يدفعه، الإرهاب، إلى الإقدام على ضبط تناغم في نشاطه الإرهابي يصب في مصلحة السيدين المذكورين ورفاقهما.
وفي هذا الصدد، لم يجد أتباع أسامة وإياد حرجاً من التعكز على النشاط الإرهابي، ليشهرا بالحكومة العراقية بالخارج ويستعديا الخارجيين على العراق وحكومته المنتخبة بحجة إخفاقها في وضع حد للإرهاب. نقلت فضائية الحرة عن السيد علاوي بتأريخ 5/7/2011 قوله ما يلي في مؤتمر الحلف الأطلسي لتقييم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في روما بتأريخ 5/7/2011: " إن تصعيد العمليات المسلحة التي تستهدف الإطاحة بالتجربة في العراق يتم في ظل غياب سياسة واضحة للمجتمع الدولي"، ويضيف تقرير فضائية الحرة قائلاً: "وإنتقد علاوي ما دعاها بالتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي. وقال إن تلك التدخلات بلغت مديات خطيرة من خلال تشجيع النشاطات المسلحة للميليشيات". إنه بذلك يقصد إيران لا غير، بينما ينسى أوكار التآمر والإرهاب الحقيقية في أنقرة والدوحة بالخصوص ولو كان يقصدهما لزجر حلفائه وخاصة النجيفي من التآمر مع الدولتين المذكورتين والتحريض الذ أطلقه من فضائية الجزيرة الطائفية مؤخراً.
بلغت الوقاحة والإستهتار بحقوق العراقيين أن أبطال التظاهرات الطائفية من أمثال أحمد العلواني، القيادي في إئتلاف العراقية، راحوا يشتكون لدى الإتحاد الأوربي من الإجراءات الأمنية العراقية ضد الإرهاب والإرهابيين وإعتبروها إعتداءً على حقوقهم المدنية وطالبوا الإتحاد الأوربي بعدم توقيع معاهدة التعاون مع العراق أي فرض حصار عليه. أية سفالة تداني هذه السفالة؟!!!
هل تفوه الهاشمي والنجيفي وعلاوي بكلمة واحدة عن الإرهاب الحقيقي وعن داعميه الحقيقيين داخل العراق وخارجه؟ كلا وألف كلا، فكيف نتوقع منهم ومن رفاقهم حثَّ ناخبيهم على التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن النشاطات المشبوهة؟ يحصل هذا لو كانوا حريصين حقاً على مصالح الشعب العراقي.... ولكن....
إنهم لم يُبلغوا عن إجرام طارق الهاشمي وحماية العيساوي وربما تورطه هو نفسه، بل إنهم راحوا يجوبون الدنيا لإثبات برائتهم!!!   
على أنه لا يفوتني في هذا الصدد إلا أن أوجه شديد لومي إلى كل من لعب دور الشيطان الأخرس، ولا أعني هنا اليمين المتوقع منه هذا السلوك ولكنني أعني من يدعي اليسارية فأساء لها، وذلك بالتردد من قول الحقيقة وتحديد المسؤولية بل قام بتشويهها ولغمطتها وتوزيع مسؤولية الإرهاب على الجميع وساوى بين الجلاد والضحية وذلك لأغراض نفعية ضيقة لا تليق بتأريخ اليسار العراقي. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-   http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305

     


16
أسامة النجيفي يواصل حلمه في العودة إلى المربع الأول
محمد ضياء عيسى العقابي
طرحت فضائية "الميادين" اللبنانية سؤالاً على رئيس الوزراء السيد نوري المالكي في مقابلة شاملة وهامة جداً، بل خطيرة، معه بتأريخ 1/2/2013 – طرحت السؤال التالي: "ما هو رأيك بمطالبة السيد أسامة النجيفي، رئيس البرلمان العراقي، بعقد جديد؟". أجاب رئيس الوزراء: "لا أدري. وإذا كان يعني تعديل الدستور فنحن معه ولكن الدستور نفسه يحمل آلية تعديله. أما غير ذلك فلا أعرف ما يعني."
بتقديري، إن السيد المالكي يعلم جيداً ماذا يعني السيد النجيفي ولكنه لم يرد أن يهبط بمستواه إلى الدخول في مشاحنات كلامية حول قضية إفتراضية لا يملك السيد النجيفي و تركيا و قطر وشركات النفط الواقفة خلفه، القوةَ الكافية لتحقيق ما يصبو إليه. إن رئيس الوزراء يعلم أن السيد النجيفي يريد إلغاء الدستور وإلغاء العملية السياسية والعودة إلى نقطة الصفر بأمل تسليم الطغمويين* السلطة كـ"حق إلهي" وهو حلم قديم جديد كما سنرى.
نعم، هو حلم قديم لا يركب السيد النجيفي وحسب بل يسكن الطغمويين* والتكفيريين عموماً؛ ولكن السعي إليه لم ينقطع أبداً بل كان متواصلاً منذ إنتخابات كانون ثاني عام 2005 أي منذ تأسيس  الديمقراطية والعملية السياسية.
ولما باءت جميع المساعي، عبر الإرهاب وعبر التخريب، بالفشل وأصبح واضحاً ترسخ النظام الديمقراطي في العراق وبات منتظراً أن الإنتخابات القادمة، سواءً للمحافظات أو لمجلس النواب، ستوجه الضربة القاضية لما تبقى من إئتلاف العراقية بقيادة السيد أياد علاوي، هيجوا تظاهرات الأنبار لإعادة الحياة إلى التأجيج الطائفي للإحتماء به في الإنتخابات لتدارك الخسائر المتوقعة. غير أن المتطرفين من التكفيريين والطغمويين قد إختطفوا قيادة التظاهرات وأزاحوا قادة إئتلاف العراقية وظهر ذلك جلياً يوم إعتدوا على السيد صالح المطلك وكاد أن يفقد حياته.
للأسف أن مسعى تدمير العملية السياسية ووأد الديمقراطية لم يرصده، على خطورته، الإعلام النظيف و معظم الطيبين من المثقفين العراقيين لأنهم بعيدون كل البعد عن إستيعاب ما جرى ويجري في العراق بسبب كونهم غير واقعيين في قراءة الأحداث وفي فهم الواقع العراقي ومنجرّون كثيراً عن غير وعي للنهج الأمريكي الهادئ الرامي إلى وضع العراق تحت هيمنة أمريكا وشركاتها النفطية؛ ومنجرّون لنتاج آلة الإرهاب الإعلامية التي أنشأها الطغمويون بتمويل سعودي – قطري ودعم تركي بهدف إسقاط العملية السياسية والديمقراطية، بل ساهم البعض بدور حمّالة الحطب وجسر العبور.
هو حلم حاولوا تحقيقه بشتى الطرق وأهمها الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية.
كتبتُ عام 2006: كأنَّ الطغمويين والتكفيريين، على إختلاف مشاربهم، قد إتفقوا على هدف واحد وقسّموا الأدوار لتحقيقه وهو إسقاط العملية السياسية والديمقراطية بجميع الوسائل وإسترداد السلطة لهم.
لقد أظهرت الأيام صحة تلك الملاحظة. فلنتأمل ما يلي:
-   هل حث قادة إئتلاف العراقية جماهيرهم على التعاون مع السلطات الأمنية للإبلاغ عن الإرهابيين وتحركاتهم المشبوهة وهو واجب قانوني وأخلاقي ووطني؟ لو فعلوا ذلك:
o   لما إستعصى على الدولة ضبط الوضع الأمني وإنقاذ حياة عشرات الآلاف من الأبرياء من ضحايا الإرهاب؛
o   ولما تمادت جماهيرهم في الإستهتار بأرواح الناس وراحت تطالب بإلغاء قانون "المخبر السري" كأحد وسائل رصد التحركات الإرهابية المشبوهة والإبلاغ عنها وهو أمر معمول به في كل الدنيا وإلا فمن غير الممكن تخصيص رجل أمن في كل زقاق وزاوية. فالمخبرون السريون والناس الطيبون المتطوعون هم الذين يشعرون السلطات الأمنية بكل تحرك مشبوه وبهذه الطريقة ينضبط الأمن لا بتضليل الأجهزة الأمنية؛
o   ولما طالبوا بإخراج المجرمين من السجون والإرهاب قائم على قدم وساق لحد هذه اللحظة؛
o   ولما طالبوا بإلغاء قانون المسائلة والعدالة
-   ألم يتناغموا مع الإرهاب وألم يتعاطوا الإرهاب بأنفسهم كما كان حال طارق الهاشمي وحال حماية رافع العيساوي وقبلهم عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني وأسعد الهاشمي و17 نائباً متهماً بالإرهاب وعلى رأسهم الدكتور سليم الجبوري؟
نعم لقد تناغموا وتعاطوا الإرهاب وإلا فلماذا هذا الإلحاح على تمرير قانون العفو العام ؟
-   هل أدانوا الإرهاب؟
نعم أدانوه بشكل ساخر ينال من كرامة ومعنويات قوى الأمن والقوات المسلحة والحكومة، وحاولوا حرف الأنظار عن المجرمين الحقيقيين وبلغت بهم الوقاحة أن إستغلوا صبر الحكومة على إجرامهم فراحوا ينسبون الإرهاب إلى الحكومة والأجهزة الأمنية حتى أخرستهم الحكومة بكشف الغطاء عن إجرام طارق الهاشمي والتنويه عن أمثاله.
-   ألم يعرقلوا حركة التشريع وأرادوا بقاء قوانين العهد البعثي الطغموي سارية المفعول كي لا يتنعم الناس بثمرات الديمقراطية أملاً في تأليبهم عليها أو عدم الإكتراث بها على اقل تقدير، كما فعلوا أيام ثورة تموز المجيدة لتمرير إنقلابهم الأسود في 8/2/1963؟
-   ألم يمارسوا الديماغوجية بأبشع صورها؟ فهم يتبجحون بمشروع وطني مزعوم مناهض للطائفية والمحاصصة لكنهم يطالبون بـ"التوازن" أي المحاصصة على أسس طائفية ويحتجون على تعيين الدكتور سعدون الدليمي وزيراً للدفاع وهو من إئتلاف العراقية لكنه شريف محترم وليس إمعة لأياد ورفاقه مثلما طلبوا من السيد خالد العبيدي أن يكون ولكنه رفض فسحبوا ترشيحه.
-   ما عادت علاقاتهم غير النظيفة مع السعودية وقطر وتركيا وشركات النفط خافية على أحد وقد كشفها أكثر من مرة راديو أوستن النرويجي كما كشفتها صحيفة بوليتيكو النرويجية علاوة على القياديين السابقين في إئتلاف العراقية السيد حسن العلوي والدكتور سلام الزوبعي.
-   كرر أكثر من مرة السادة أياد علاوي وأسامة النجيفي وطارق الهاشمي وغيرهم الولايات المتحدة إلى التدخل بالوضع العراقي الداخلي ودعوا الأمم المتحدة أيضاً للتدخل تحت الفصل السابع الذي مازال العراق يرزح  تحت طائلته.
-   هل أدانوا في يوم من الأيام تمجيد قتلة الشعب العراقي كرفع صور مجرم العصر صدام حسين في مناسبات عدة في تكريت والموصل وغيرهما؟
-   ألم يتعمدوا نشر الفساد وإهمال مطالب الناس وطمأنة مصالحهم بغية تأليبهم وتأجيجهم؟ ألم يعارضوا قانون البنى التحتية؟
بالتوازي مع هذه الأفعال الإرهابية والتخريبية كانت الدعوات النارية متواصلة من جانبهم لتحفيز جماهيرهم على عدم إغفال التمسك بالطائفية والمحاصصة ورفض الآخر والإستهانة بالديمقراطية. أدرج فيما يلي بعض وقائع نشاطهم السياسي  الذي لم ينقطع والداعي إلى إلغاء الدستور والعملية السياسية:
-   فذاك الشيخ عبد السلام الكبيسي ، الناطق الرسمي بإسم هيئة علماء المسلمين، رفض، في الواقع، تحكيمَ صناديق الإقتراع ورفض الديمقراطية إذ قال:
"... الإحتلال الذي فرض صيغة المحاصصة الطائفية ومنطق الأغلبية والأقلية"
[مقتبس من تقرير حول "وثيقة مؤتمر الصلح بين السنة والشيعة في العراق" نشرته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 12/10/2006 نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط".]
للعلم فإن "المحاصصة" تناقض "منطق الأغلبية والأقلية" ولكن الشيخ لا يميز بينهما!!!
-   أما الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء المسلمين، فقد طرح الرأي ذاته ولكن بصيغة أخرى، إذ طالب في صحيفة الوطن السعودية بتأريخ 17/10/2006  بما يلي:
"الخروج من الأزمة الراهنة في العراق يكون بإنهاء العملية السياسية الحالية وتغيير الوجوه الحالية....".
-   وفي عام 2005 وبعد الإنتخابات العامة أعلم العميد المتقاعد إبراهيم الجنابي، المتحدث الرسمي بإسم القائمة العراقية، التي تزعمها السيد أياد علاوي، – أعلم راديو لندن العربي (بي.بي.سي.) بما يلي:
"قلنا لهم نريد مجلساً نيابياً متوازناً وإلا..."
[ضحكت مديرة البرنامج الشابة العربية وقالت له: "سيد إبراهيم من يقرر التوازن في مجلس النواب؟ هل هو أنت أم المصوتون؟"!!!]،
-   بعد ذلك وفي نفس السنة وعند تشكيل حكومة المالكي الأولى، حاول السفير الأمريكي سيء الصيت زلماي خليل زاد فَرْضَ "مجلس الأمن الوطني". لم ينتظر الدكتور عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق، بل سارع إلى التصريح لراديو لندن العربي قائلاً:
"نريده مجلساً فوق البرلمان".
-   وفي عام 2007، قدم السيد أياد علاوي، رئيس القائمة العراقية آنذاك ورئيس إئتلاف العراقية اليوم، مشروعاً إلى الدكتورة كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية. أوضح حليف الدكتور علاوي السيدُ أسامة النجيفي ماهيةَ ذلك المشروع، فقال:
"إن مشروع الدكتور أياد دعا إلى إلغاء الدستور وحل مجلس النواب. "
-   وفي عام 2007 توسل نائب رئيس جمهورية العراق آنذاك طارق الهاشمي  بالرئيس بوش لتسليم الطغمويين (أسماهم الهاشمي "السنة") المناصب القيادية في الدولة العراقية مقابل تقديم كل الخدمات للمصالح الأمريكية وذلك على ذمة ما نقله مراسل صحيفة "البيسو" الإسبانية في واشنطن إلى صحيفته.  أعادت "صوت العراق" نشر التقرير بتأريخ 27/1/2007 بالصيغة التالية:
"إن الرئيس الأمريكي جورج بوش قال للدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي خلال زيارته الاخيرة لواشنطن ان زمن الاستئثار بالسلطة من قبل أقلية عشائرية حاكمة قد ولى ولن يعود، وان على السنة ان ينسوا صدام ونظامه. جاء ذلك في رد على اقتراح الهاشمي بتسليم المواقع الحساسة في السلطة العراقية الحالية للسنة لمواجهة الخطر المشترك الذي يعتقده الهاشمي انه يواجه امريكا والسنة.
وقالت الصحيفة ان الهاشمي علل طلبه هذا بأنه يحقق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وعزز رأيه بأن جميع الانظمة السنية العربية في المنطقة راعية للمصالح الحيوية لاميركا في الخليج والشرق الاوسط، بينما تهدد ايران سلامة الملاحة في خليج هرمز، وتمارس دورا معاديا لامريكا في العراق، وتعرقل عملية السلام في الشرق الاوسط عن طريق دعمها لحماس وحزب الله، في الوقت الذي يلعب السنة دورا ايجابيا في تأمين تدفق النفط وحل النزاع العربي الاسرائيلي بالطرق السلمية.

لكن الرئيس الامريكي وحسب ما تذكره الصحيفة إعترض على هذا الراي وقال بأن مرحلة صدام انتهت ولا يمكن العودة اليها، وأن استراتيجية اميركا الجديدة في إبعاد شيعة العراق عن ايران هي في اعطاء الشيعة في الحكومة والبرلمان دورا مناسبا لحجمهم الحقيقي لكي يضمنوا حقوقهم في ظل المشاركة بالسلطة لا بالتحالف مع دولة أجنبية. وتضيف الصحيفة ان هذا اللقاء أشاع اليأس في اوساط سياسيي السنة الذين كانوا يؤملون ان تلتفت الولايات المتحدة الى الاخطار التي تهدد مصالحها".

-   وفي عام 2010، أعاد الدكتور أياد علاوي وبمساعدة السيد جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، الكرّة  لكي يجلس فوق البرلمان ويضع، هذه المرة، الرئاسات الثلاث في جيبه مرة واحدة عبر مشروعه الذي عكس تصوره الخاص ل"المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي رفضه التحالفان الوطني والكردستاني (إذ نص إتفاق أربيل الأول على أن تكون جميع بنود الإتفاق تحت سقف الدستور ولا تتعارض معه، وتصورات السيد أياد تخالف الدستور تماماً).
ومع هذا أصر ويصر قياديو إئتلاف العراقية على وجوب تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" وفق التصور الذي طرحه السيد أياد علاوي، ذلك التصور الذي يرقى إلى المطالبة بإلغاء العملية السياسية والديمقراطية وتحويل مؤسساتها إلى مؤسسات شكلية وأجهزة تنفيذية بيد السيد علاوي.

-   أشارت تقارير صحفية إلى إجتماع جرى في لندن ضم ممثلين عن الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية وأياد علاوي الذي طرح خطة مفادها أن تنضم القوى المعارضة للديمقراطية بضمنها إئتلاف العراقية وهيئة علماء المسلمين بقيادة حارث الضاري وغيرهما، تظاهرة حاشدة في ساحة التحرير يوم 25/2/2011. في ساعة محددة في المساء يبدأ هجوم مسلح على عناصر الأمن والجيش وإندفاع نحو المنطقة الخضراء عبر جسر الجمهورية ليصار إلى حرق بعض السفارات وقتل المسؤولين الديمقراطيين. بالتزامن تنطلق حملة إعلامية مبيتة في المنطقة وتنطلق دعوة لتدخل القوات الأمريكية لإقالة حكومة المالكي (إن بقي على قيد الحياة) وحل مجلس النواب وتشكيل حكومة "طوارئ" أو "إنقاذ وطني" إلى ’خر المسلسل. سبق ذلك بأيام نزول شعارات تنادي بـ "تسقط الديمقراطية التي....." وكأن الديمقراطية وليس نقصانها تولد المساوئ المتنوعة.
أفشل المؤامرة كل من السيد علي السيستاني والرئيس جلال الطالباني والرئيس نوري المالكي والسيد مقتدى الصدر.

-   في الربع الرابع من عام 2011 أي قبيل إنسحاب القوات الأمريكية من العراق دار السيد أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب كلاً من الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي وتركيا وبريطانيا وحرض هذه الدول علناً ضد كيان الدولة العراقية الجديدة.
وكذلك حضر السيد أياد علاوي إجتماعاً نظمه حلف النيتو (الحلف الأطلسي) في روما وقام بالتحريض ضد الدولة العراقية عبر البوابة الإيرانية.     

-   دعا عدد من قادة إئتلاف العراقية وعلى رأسهم السيد أياد علاوي إلى تدخل عسكري أمريكي، بعيد الإنسحاب بأيام معدودة، بزعم وجود حرب أهلية قائمة في العراق أخفق الرئيس أوباما في رصدها!! وذلك في رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة النيويورك تايمز.

- أثبتت المحاكم المختصة العراقية تورط  نائب رئيس الجمهورية، السيد طارق الهاشمي، الذي أقسم على القرآن بصيانة سيادة العراق وأمنه وإستقلاله، ب(300) جريمة إرهابية، فأصدرت المحكمة عليه ستة أحكام بالإعدام غيابياً.

-   وتَوَقَّعَ السيد طارق الهاشمي الهارب عن وجه العدالة بتأريخ 1/2/2012 في فضائية أل (سي.إن.إن.) (من باب الأمل والتحبيذ) أن "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة."
هذا ما أوردته فضائية الحرة – عراق في حينه.

-   وردد عبارة "وجوب تصحيح مسار العملية السياسية" عشرات المرات في مقابلات تلفزيونية، الإرهابي المدان طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية السابق، والدكتور ظافر العاني الذي علل في فضائية الحرة-عراق / برنامج بالعراقي بتأريخ 22/11/2011 - علل مطلبه هذا بالقول الطائفي الإقصائي والرافض للآخر:
"....لأن العملية جاءت أثناء وجود إحتلال وجماعات معينة."
-   وبتأريخ 28/11/2011 وفي برنامج "حوار خاص" في فضائية "الحرة – عراق"/ برنامج "حوار خاص" قال الدكتور صالح المطلك، القيادي في إئتلاف العراقية، للإعلامي سعدون محسن ضمد ما يلي:
"بعد خروج الأمريكان، ستسقط الديمقراطية لأن من صاغها وحماها هم الأمريكيون".
-   وفي معمعة محاولة عقد مؤتمر وطني للقوى السياسية، صرح القيادي في إئتلاف العراقية النائب الدكتور جمال الكيلاني لوكالة كل العراق [أين]، حسبما نقل عنها موقع "عراق القانون" الإلكتروني بتأريخ 21/8/2012، صرح بما يلي:
1-   " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق".
[بالطبع هذا إعتراف صريح بعدم قدرة إئتلاف العراقية على تجاوز الإستجابة للتدخلات الخارجية للسعودية وتركيا وقطر وشركات النفط، وهي الجهات المتورطة جداً بالتدخل في الشأن العراقي عبر إئتلاف العراقية بالأساس.]
2-   ضرورة " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق ".

[إنه لأمر جيد أن لم يطلب الدكتور الكيلاني تصفير كل مشاكل العالم المتراكمة على يد الأمم المتحدة قبل حل الأزمة العراقية أي قبل إعتراف إئتلافه بوجود حكومة شرعية منتخبة يتوجب التعاون معها بدل مناكفتها ووضع العصي في عجلتها لإسقاطها وإستلاب السلطة منها عنوة.]
-   من بعد ذلك أتى قيادي آخر و "منظِّر" مهم في إئتلاف العراقية ليؤكد ويستكمل رأي الدكتور الكيلاني ويطرح ما هو أخطر بكثير. فقد نقلت الفضائيات عن النائب والقيادي الدكتور طلال حسين الزوبعي أفكاراً "ثورية" كالتالي:
1-   بتأريخ 19/9/2012 وفي ندوة نقاش في فضائية "العراقية" بعنوان: "عودة السيد الطالباني وإحتمال التفاهم"، ضمت الدكتور طلال الزوبعي والدكتور عادل مراد، عضو المكتب السياسي ل"الإتحاد الوطني الكردستاني"، والسيد عبد الحسين عبطان، نائب عن كتلة "مواطنون"، قال الدكتورالزوبعي:

 "النظام السياسي العراقي قائم على مشكلة، يجب إعادة هيكلة النظام السياسي".
[أعتقد أن "المشكلة" التي قصدها الدكتور الزوبعي تمثلت بعدم هيمنته المطلقة على  الحكم كما كان الحال أيام زمان. غير أن المشكلة الحقيقية  قد  شخَّصها وأجاب عليها الدكتور عادل مراد أثناء حديثه، بكل عمق وشجاعة ومسؤولية ووضوح، إذ قال:

"هناك كتلتان في العراق: فهناك كتلة تريد العراق الديمقراطي الفيدرالي، وهناك من لا يريد ذلك. هذه هي المشكلة الحقيقية؛ ويجب عدم التعويل على الكلام والإنشاء والترقيع. مثلاً: الإرهاب، مَنْ معه ويتناغم معه؟"]

2-   نقلت فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 4/11/2012 عن الدكتور طلال  حسين الزوبعي ما يلي:
"على الجمهور ألا ينتظر أي شيء من المؤتمر الوطني لأن الوضع ليس بحاجة إلى إصلاحات بل إلى تغيير جذري، بين قوسين ثورة".

- وعند إنطلاق تظاهرات الرمادي يوم 22/12/2012 لمَّح البعض بأنها ستكون "ثورة عارمة"، كما فعل النائب سلمان الجميلي رئيس الكتلة النيابية لما تبقى من إئتلاف العراقية، وإقترب النائب الدكتور أحمد العلواني من القول إنها ستكون "زحفاً سيستمر إلى طهران ساحقاً في طريقه الصفويين الخنازير أولاد الخنازير والعملاء على جانبي الحدود". وهناك من تفوه بإشهار السلاح وهو الشيخ الشاب المتهور والفاسد علي حاتم السلمان الذي هدد بشن الكفاح المسلح إذا لن تُستجاب مطاليبهم خلال 24 ساعة (للعلم فإن هذا الشيخ "الشعبي" الذي يتكلم بلغة الثورة والكفاح المسلح لم يحرز سوى 600 صوتاً في إنتخابات 7/3/2010 البرلمانية!!!).
 
- بعد كل هذا توج السيد أسامة النجيفي، رئيس أعلى سلطة تشريعية في البلد، والذي أقسم على صيانة النظام الديمقراطي - بجهود جديدة لإسقاط الدستور واللجوء إلى العنف والقوة المسلحة في كل من الموصل وسامراء إذ حرض المتظاهرين على التمرد المسلح بقوله: "أنتم طليعة الامة المجاهدة التي تطالب بحقوقها المسلوبة ويجب ان تأخذوها بكل قوة".
إنه الحلم القديم الجديد الذي لن يتحقق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-   http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305



17
إذا فرضوا القتال فليحسم لصالح الديمقراطية
محمد ضياء عيسى العقابي
جاء في الأخبار أن القائمين على التظاهرات والعصيان في الرمادي إتخذوا مواقف متناقضة وغامضة توحي بأنهم مشوشون مترددون حيال مسألة إقامة "صلاة" مشتركة في جامع أبي حنيفة في بغداد. فمرةً يعلنون التصميم على المضي في المشروع ومرة يعلنون الإنصياع لأوامر الحكومة التي "نفذت أمراً إيرانياً بمنع الصلاة"، ومرة لا  ينوون التحرك إلا بموافقة السلطات العسكرية والأمنية ورجال الدين والشيوخ ومرة يريدون الحضور و"لا يخافون الصفويين"  إلى غير ذلك من التصريحات المتلاطمة.
إني مدرك أن كل الخيرين من جميع الأطراف والإتجاهات يحاول التهدئة ولفلفة المواقف المثيرة وهو أمر نبيل. غير أن هذا الأسلوب يكون نافعاً عندما تندلع تظاهرات عفوية ولمطالب حقيقية متبلورة. لكنه لا يصلح عندما يختبأ وراء أصحاب المطالب من الأبرياء العفويين إرهابيون تكفيريون وطغمويون* لهم أهداف مخططة بدقة من قبل خبراء محترفين ممولين ومدفوعين من تركيا وقطر.
ولما كانت كل الدلائل تشير إلى ذلك خاصة بعد إستجابة الحكومة إلى ما يقع ضمن صلاحياتها من المشروع من مطاليب المتظاهرين. عندئذ يصبح من اللازم أن يكون هناك، إلى جانب أصوات التهدئة، صوتُ الحقيقة العارية مهما كان قاسياً ومرعباً فالحذر واجب والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وقد لُدغنا عشرات المرات. نعم، يصبح لازماً رفع صوت من يوشك أن يدخل ساحة قتال فلا مجال آنئذ للعاطفة ولا للمجاملة ولا للتمنيات ولا للإرشاد ولا للوعظ  ولا لللفلفة مع كامل إحترامي لكل هذه الممارسات الجميلة النبيلة وللقائمين عليها.
لابد من هكذا صوت كي يضع كل مواطن وكل مجموعة في الصورة الحقيقية القائمة والمحتملة دون رتوش أو تجميل ليتحمل مسؤوليته فيما هو مقبل عليه ولا يلوم إلا نفسه إذا ما سارت الأمور بما لم تشتهها سفنه.
وجهة نظري الشخصية أن كل هذه المواقف الرجراجة حول التوجه إلى بغداد من عدمه تكتيكات تمويهية  ترمي إلى خداع الحكومة والجماهير الديمقراطية لتخديرها وثنيها عن إتخاذ قرار صارم بمنعها للظن بعدم جدية نية التحرك نحو بغداد، ومن بعد يباغتون الجميع ويتحركون قبل أن ينكشف سرهم الذي يتكتمون عليه كما تكتموا ويتكتمون بإتقان على إرهابهم القاتل الذي أذاقوا ويذيقون به العراقيين الأبرياء الموت الزؤام منذ أن سقط نظامهم البعثي الطغموي ليواصلوا ديدنهم يوم كانوا يحكمون أو كانوا خدماً لمن كانوا يحكمون.
بتقديري، خطتهم، الموضوعة من قبل خبراء محترفين بتمويل قطري – تركي كما سبق وقلتُ، تذهب إلى أبعد من الصلاة وما هي بصلاة إنما هي غطاء كيدي لينفِّذوا المسلسل التالي وهو مشابه لمخطط يوم 25/2/2011:
-   الجمعة الأولى: صلاة جامعة لأهالي الأعظمية والرمادي في جامع الإمام أبي حنيفة،
-   الجمعة الثانية والثالثة والرابعة والخامسة: تلتحق بالصلاة تباعاً  جموع الموصل وصلاح الدين وبعض كركوك وبعض ديالى ،
-   الجمعة السادسة حتى التاسعة: يقررون الصلاة المشتركة الممتدة على طول الأسبوع وإعلان العصيان في الساحة،
-   الجمعة  العاشرة : نقل مكان الصلاة إلى ساحة التحرير ثم يعلن العصيان فيها،
-   وعندما تكتمل حلقات الخطة داخل العراق وخارجه ومنها تهريب السلاح إلى "المصلين" المعتصمين في ساحة التحرير، يبدأ الهجوم على المحاور التالية بالتوازي والتزامن:
o   أولاً الهجوم على  المنطقة الخضراء ومحاولة قتل أكبر عدد ممكن من المسؤولين الديمقراطيين وحرق بعض السفارات المختارة بحساب دقيق مسبق وقتل أجانب من دول غير مهمة ومحددة مسبقاً أيضاً، أي لا شيء عفوي ،
o   إحداث حرائق وتفجيرات في قلب بغداد لترويع الناس ومنعهم من المشاركة في قمع التآمر،
o   إحداث تفجيرات في أكبر عدد ممكن من المحافظات الوسطى والجنوبية وخاصة بغداد.
هنا لابد من التذكير بما جرى قبل أقل من عام حيث جرت حملة غامضة من جانب مجهولين في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق كانوا يشترون الأسلحة الشخصية من المواطنين بأسعار مغرية. أحس ذوو الأمر في تلك المناطق فحذروا من مخطط خبيث هدفه نزع قدرة المواطنين في تلك المناطق على الدفاع عن أنفسهم؛ وصدرت فتوى من السيد اليعقوبي أو الحائري تدعو إلى التنبه والحذر حيال تلك الظاهرة.
o   ربما يقومون بهجومات بأسلحة كيميائية على عدد من محافظات الوسط والجنوب لترويع الناس في كافة هذه المناطق لمنعهم من المقاومة وحملهم على الإنصياع . أشك في هذا لأن مصدر سلاحهم، أي تركيا وقطر، سينكشف مباشرة أمام الرأي العام العالمي  وستكون عواقبه وخيمة خاصة بوجود روسيا والصين والإتحاد الأوربي في مجلس الأمن. ولكن ليس من المستبعد أن يكون الطغمويون والتكفيريون قد قاموا بتكديس بعض السلاح الكيميائي المصنع محلياً من المواد المسروقة من محطات تصفية المياه أو المواد التي ذكرت الأنباء عام 2007 بأن تجاراً أردنيين إستوردوا تلك المواد بما يفوق حاجة محطات التصفية في الأردن بعد علمهم بوجود سوق لها في العراق وقد حصلت هجومات بالأسلحة الكيميائية في بغداد في حينه. وقد أوضحتُ ، آنئذ، بأنه من المحتمل أن الأمريكيين قد هددوا القائمة العراقية وجبهة التوافق بالكف عن ذلك فتوقفت الهجمات.
على أنه قد ضبطت مواد كيميائية جنوب بغداد قبل أربعة أشهر تقريباً وكانت مهربة من الموصل قبل شهرين من تأريخ ضبطها حسبما نقلت فضائية "الحرة – عراق" عن بيانات أمنية.
o    تأمل تركيا وقطر أن يقدرا على دفع الأكراد دفعاً وضد إرادتهم إلى الإشتراك في "الثورة" أو بتأييدها على الأقل،
o   ترافق هذه التحركات تغطية إعلامية واسعة مدفوعة الثمن أو طغموية الهوى.
o   ومن بعد تعول تركيا وقطر على دور فاعل لشركات النفط وإسرائيل لحمل الولايات المتحدة على التأييد أو الحياد بالأقل وتهديد إيران في حالة التحرك لصالح الشعب العراقي، وربما تأملان في طلب مساعدة خارجية عبر الفصل السابع المفروض أصلاً على العراق، ولكن هذا سيصطدم بالفيتو والمعارضة الشديدة من قبل روسيا والصين والإتحاد الآوربي واليابان والهند وأمريكا.

أعتقد أن هذه الخطة قد وضعت لإنقاذ خطة التظاهرات التي إنطلقت في 22/12/2012 في الرمادي وأفشلتها الحكومة إذ تعاملت مع المتظاهرين بكل جد مفترضة أن جميع المتظاهرين عفويون وأبرياء وذوو مطالب قابلة للدراسة والأخذ والرد. وبذلك إحتوت الحكومة الجادين من المتظاهرين وعقلاء القوم وعزلتهم عن المتطرفين فأُحبط مخطط من يقف وراء التكفيريين والطغمويين المختبئين وراء التظاهرات إذ كانوا يرومون إستفزاز الحكومة في أول إنطلاقة للمظاهرات عسى أن تقوم الحكومة بقتل المتظاهرين وتقوم القائمة ولا تقعد في الإعلام التركي القطري وغيره. من هذا جاءت الشعارات في بادئ الأمر طائفية جداً وسيئة وفاشية وإستفزازية للغاية، وجرت تحرشات وإعتداءات على الجيش ولكنه لم يستجب للإستفزازات إلا بالحدود الدنيا جداً.
بعد أن فشلت الخطة تبدلت الشعارات وتم تهذيبها وبدأوا يترنحون ريثما تأتيهم خطة بديلة يصوغها الخبراء المأجورون في قطر. فجاءت خطة الصلاة المشتركة وما هي بصلاة.
تهدف تركيا وقطر والتكفيريون والطغمويون من كل هذا، إلى أحد أمرين:
-   أما نجاح الخطة المبينة أعلاه وهو أمر مستبعد جداً وضعيف وليس هو الأمل الأول في حساباتهم،
-   أو، وهو التعويل الأرجح بالنسبة لهم، مجرد حمل الحكومة العراقية على قمع التآمر بشدة ما يؤدي إلى إراقة الدماء ما قد تؤدي إلى تخريب النظام الديمقراطي وإعلان الإنفصال عن العراق لتسهل مهاجمة الحكم الجديد لاحقاً بعد منعه أكثر وأكثر من تقديم الخدمات للمجتمع وتوفير وضع مستقر ديمقراطي مبني على العدالة الإجتماعية ما قد يسبب تمرداً شعبياً واسع النطاق رغم ضآلة إمكانية حصول مثل هذه الحالة.
إن هذا الكسب يمكن إعتباره ذا صبغة سياسية، وبهذا فهو يفوق بكثير ما يكسبه التكفيريون والطغمويون من إرهابهم الإعتيادي المستند إلى تسخير الإنتحاريين وهو أمر مستنكر داخلياً وخارجياً كما هو حال المفخخات والعبوات الناسفة والكواتم التي تشكل أعمالاً إجرامية مدانة. 
إنه مخطط شرير بحق لا تدانيه النتائج المترتبة على منع وصول أية تظاهرة من الأنبار إلى بغداد مهما كلف الأمر حتى إذا إفترضنا التصادم مع مسلحين عازمين على القتال.
أعلن العازمون على المجيء إلى بغداد، بذريعة "الصلاة"، عن هويتهم دون مواربة فهم طائفيون ويريدون تأجيج حرب طائفية. تجلى ذلك بوضوح من شعاراتهم التي رفعوها وأقوالهم التي أطلقوها في الأيام الأخيرة ولا أريد الرجوع إلى الوراء بل أقتبس بعض ما إستجد:
-   فالسيد أبو ريشة يقول: منع التظاهرات كان أمراً إيرانياً لمنع السنة من الصلاة!!!.
-   وهناك لافتة كبيرة تتقدم التظاهرة في الرمادي تقول: "قاتلنا الإنكليز والأمريكان ... ولا نخشى قتال الصفويين".
-   وقبل يوم توجه إلى بغداد مدججاً بالسلاح الشاب الطائش الشيخ علي حاتم السلمان فصودرت أسلحته ومنع من مواصلة السفر.
-   وقبل يومين ضبطت كميات كبيرة من الأسلحة المتنوعة والمتفجرات في مقر الحزب الإسلامي في مدينة اليرموك ببغداد. 
السؤال الجدير بالإهتمام هو: ما الذي جعل الحزب يغامر بإيواء هذه الأسلحة، وسبق أن دوهم المقر عدة مرات ويعرف القائمون عليه أن المكان مراقب؟
هذا يحملنا على تصديق رأي الجهات الأمنية من أن هذه الأسلحة معدة لـ"المصلين" في يوم الجمعة القادمة.
-   أدناه تقرير ظهر في موقع "عراق القانون" عن صحيفة الواشنطن بوست بتأريخ 11/2/2013:
[ قالت صحيفة واشنطن بوست ان التحرك لإقامة إقليم سني سبق التظاهرات في العراق، وأن سياسيين استغلوا هذه التظاهرات لتكون عتبة للدخول إلى الإقليم من البوابة الواسعة.
وذكرت الصحيفة ان وزير المالية «رافع العيساوي» والمدان بالاعدام «طارق الهاشمي» ومحافظ الموصل «اثيل النجيفي» هم ابرز الشخصيات التي تعمل على اقامة الاقليم.
واضافت انهم مدعومون من قطر وتركيا، مشيرة الى انهم سيدفعون المتظاهرين في الأسابيع القليلة المقبلة إلى رفع لافتات تحمل عنوان "الإقليم خلاصنا".
ولفتت الصحيفة الى ان هؤلاء اتفقوا على تقسيم العراق وتنفيذ المشروع الأميركي الذي فشل من قبل.]
-   ونشر موقع "عراق القانون" أيضاً بتأريخ 12/2/2013 التقرير التالي عن إفتتاحية صحيفة الواشنطن بوست أيضاً:
[نشرت صحيفة ( واشنطن بوست ) الاميركية مقالاً افتتاحياً كتبه كلا من فريدريك كاجان مدير ( مشروع التهديدات الخطيرة ) بمعهدالمشروع الأميركي وكيمبرلي كاجان رئيسة معهد دراسة الحرب في واشنطن ،
ناقش فيه الكاتبان مستقبل الاحتجاجات في العراق في ظل مخاوف من استعادة تنظيم القاعدة في العراق وميليشيات مسلحة زمام المبادرة ، مما يثير القلق من حركة تمرد جديدة .
ويعتقد الكاتبان ان هذا الامر لا يقلق بغداد فحسب بل الادارة الاميركية ايضا ، فبحسب الكاتبين فأن " المصالح الحيوية الأميركية التي أُضعفت خلال العام الماضي تشمل منع تحول العراق إلى ملاذ لـ القاعدة وزعزعة استقرار المنطقة ، وضمان تدفق حر للنفط إلى السوق العالمية .
ويشير التقرير أيضا الى سعي حثيث من رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في عدم تصعيد النزاع وتهدئة المحتجين عبر التوصل إلى حل سياسي ، يمنع احتمال اندلاع حرب طائفية .
ويشير التقرير ايضا ، الى ان القاعدة في العراق تعمل على استغلال هذا الوضع من خلال تنظيمها ( دولة العراق الإسلامية ) ، الذي استخدم فرقاً قتالية في الفلوجة الشهر الماضي استهدفت مواقع الجيش العراقي وقتلت عدداً من الجنود . كما ظهر العلم الأسود لـ ( الجهاديين ) في المظاهرات السنية ومجالس العزاء . وعاد التنظيم إلى الملاذات التي كان ينعم بها في عام 2006.]
إذا، بعد كل هذا بات جلياً أن من يتوجه من الرمادي إلى بغداد بذريعة "الصلاة" ما هو إلا إرهابي يريد القتال في الوقت والمكان الذي يختاره، هو، بدفع ممن يقف وراءه في الداخل العراقي والخارج.
 لذا وجب منعه بحزم ودون تردد ومهما كلف الأمر ونزع المبادأة من يده .
وإذا فُرض القتال فليكن لصالح الديمقراطية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-   http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305







18
من القضاء يكشف ضعف الوطنية لدى البعض
محمد ضياء عيسى العقابي
مرة أخرى أين وطنية بعض العراقيين من وطنية المصريين وخصوصاً على مستوى النخب؟!!
خلال الأشهر الست الماضية رصدتُ أحداث في العراق ومصر تتكثف بمحورين ورصدتُ ردود أفعال شخصيات من منظمات المجتمع المدني حيال هذين المحورين في البلدين وعلى الوجه التالي:
في مصر وفي الشهر الثامن من العام المنصرم 2012، عقدت فضائية "المحور" المصرية حلقة نقاشية  تناولت زيارة الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي إلى السعودية. شارك في الندوة السادة: جورج إسحاق المنسق العام السابق لحركة "كفاية"، والدكتور عبد الحميد قنديل رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" ، والسيد عزب مصطفى القيادي في حزب "التنمية والعدالة"، المنبثق عن "حركة الإخوان المسلمين"، وهو الحزب الذي رشح الدكتور محمد مرسي للرئاسة.
لفت إنتباهي موقفان طرحهما السيد جورج إسحاق حظيا بموافقة وتأييد الدكتور قنديل الصريحة والواضحة، وحظيا بالموافقة الضمنية غير المباشرة للسيد عزب. الموقفان هما:
1-  زيارة السيدة هيلاري كلنتن، وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، لمصر في ذلك الوقت وتصريحاتها بشأن الأوضاع السياسية الراهنة والتجاذبات بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري.

إعتبرها السيد إسحاق تدخلاً غير مقبول في شؤون مصر وإنتهاكاً  لسيادتها في ظرف حساس يجري فيه ترتيب أوضاع البيت المصري.

وأنا أسمع هذا الحوار قفز أمام ناظري ما قرأتُه منقولاً عن صحيفة "بلادي اليوم" بتأريخ 19/7/2012 حول إجتماع السفير التركي في بغداد، السيد دميرير، بقادة إئتلاف العراقية. جاء في التقرير المنسوب للصحيفة ما يلي:
 
[ و نقلت صحيفة "بلادي اليوم" ان دميرير وخلال اجتماعاته مع قادة العراقية والتي ظاهرها بروتوكولية بينما باطنها يتمحور حول موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، شدد على ضرورة عدم التسليم بطلب المالكي لاستضافته وابقاء طلب اطراف اربيل استجوابه وضرورة الحصول على ضمانات حقيقية موثوقة بسبب انعدام الثقة بالمالكي.]

المصريون يدينون التدخل رغم ليونته ورغم كونه مقبولاً بالعموم في إطار خصوصية العلاقات المصرية – الأمريكية؛ بينما  قادة إئتلاف العراقية يجعلون من أنفسهم مطايا لتدخل السفير التركي في الشأن الداخلي العراقي بشكل فض يعاقب عليه القانون بالخيانة العظمى.
2-   عدم رضا السيدين إسحاق وقنديل عن موقف الرئيس المنتخب، الدكتور محمد مرسي، بشأن تردده في الإنصياع لقرارات المحكمة الدستورية. إنطلق السيد جورج من مبدأ خطير جداً، وهو بيت قصيدي، إذ قال:

"إننا لو أبدينا الإستهانة بالقضاء فما الذي يبقى لنا، أذاً، من مرجع نلوذ إليه ما يعني أن البلد ستعمه الفوضى."

هذا رغم إقرار هؤلاء السادة والحركة الثورية المصرية التي أطاحت بنظام مبارك عموماً، بإنحياز  كثير من القضاة إلى فكر النظام السابق. ولكنهم لا يفرطون بالمكسب الذي بين أيديهم، رغم نواقصه فالأيام كفيلة بتلافيها، لأنهم حريصون على مصلحة الوطن العليا. 

تذكرتُ هذا الموقف الوطني المصري من جانب السادة إسحاق وقنديل وعزب عندما قرأت عن الوقفة الإحتجاجية لرجال القضاء العراقي، يوم الأحد 27/1/2013   ضد تهجم النائب صباح الساعدي الوقح ضد القضاء العراقي عموماً وبعض رجالاته خصوصاً.  هذا التعدي الوقح على نزاهة وإستقلال القضاء ليس محصوراً بصباح الساعدي بل هو ديدن قادة إئتلاف العراقية وكثير من منظمات المجتمع المدني التي تعتبر نفسها ديمقراطية.
 
ما هو واضح لي من متابعاتي المستديمة للوضع العراقي بجميع جوانبه بضمنها القضاء، وجدت أن الطعن بالقضاء ناجم من الإفلاس السياسي الذي لا يعترف المنهزم بهزيمته فيبدأ بلوم القضاء كما يلوم جاهلُ الرقص إعوجاجَ الأرض!! (إل ما يعرف يركَص إيكول الكَاع عوجة).

لا أحد ينكر بتاتاً وجود مثالب ونواقص كثيرة  في كثير من مفاصل الدولة العراقية والعراق الجديد؛ لكن تداركها لا يأتي عن طريق تدمير ما بين أيدينا بل يجب العمل على تحسينه وتلافي نواقصه بالنقد المستديم البناء الجاد والموضوعي.

 وهذا هو الفارق بين الوطنيين المصريين وقادة إئتلاف العراقية الذين طالما نادوا بإلغاء الدستور (طرح السيد أياد علاوي هذا الطلب على وزيرة الخارجية الأمريكية الدكتورة كونداليزا رايس عام 2007). إنهم يعرفون جيداً عدم التمكن من التوافق على صياغة دستور جديد. إنهم يريدون ترك البلاد بلا دستور ليحل الهرج والمرج ويصبح العراق كرة تتقاذفها الأرجل الداخلية والخارجية آملين أن تستقر الكرة في أحضانهم في نهاية المطاف، لأنهم يفترضون أنفسهم المؤهلين لحكم العراق كما صرح بذلك السيد صالح المطلك عام 2006. إذ قال "أعطوا الخبز لخبازه" متباهياً بقدرة نظامه الطغموي* على حكم الناس بالحديد والنار والكيميائي. إنه الإصرار على إسترداد سلطتهم الطغموية بأية صورة وبأي ثمن.

أتمنى أن يتعلم البعض الوطنية من المصريين بعد أن رفضوا تعلمها من زملائهم العراقيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-          http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-         http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305


19
تعقيب على رأي السيد كفاح محمود كريم بشأن الأقاليم
محمد ضياء عيسى العقابي

ورد في مقال للسيد كفاح محمود كريم(1) المقطع التالي:
"......... والتي ربما هي الأخرى أي تلك التناقضات الحادة تعطي مشهدا أكثر واقعية بتبلور ثلاث قوى رئيسية تمثل ثلاثة أقاليم جغرافية تاريخية يتكون منها العراق الاتحادي ألتعددي الديمقراطي."
 لدى التأمل في هذا المقطع وهو الأخير من مقال السيد كفاح، ويمثل خلاصة المقال وبيت قصيده، يتبين أن الكاتب، الذي يقال إنه المستشار الإعلامي للسيد مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان، أراد القول إن إقامة ثلاث أقاليم جغرافية في العراق (شيعي -  كردي -  سني) هو الكفيل بالقضاء على المشاكل السياسية التي رافقت مسيرة العراق الديمقراطي الجديد منذ نشأته منذ إنتخابات كانون ثاني عام 2005 بل وحتى قبلها.
في الوقت الذي أتفق فيه مع الكاتب على:
1-  فاعلية آلية إقامة الأقاليم لتحقيق نمو إقتصادي سريع وناجع (وهذا هو هدف وجوهر النظام الفيدرالي حسبما أفاد به خبراء النظم الإدارية للدولة في فضائية "الحرة -عراق")،
2- أن إقامة الأقاليم في العراق حق يبيحه الدستور العراقي على أن تحسم، أولاً،  مسألة المناطق المتنازع عليها وفق المادة (140) من الدستور وذلك لتحديد حدود الأقاليم المنوية إقامتها، علماً أن السيد رئيس الجمهورية قد تقدم بمشروع قانون إلى مجلس النواب قبل أقل من سنة بقليل يتناول تحديد الحدود الإدارية للمحافظات ولم يطرح على النقاش لحد الآن،
[3- علاوةً على ذلك أضيف أمراً آخر لمزايا نظام الأقاليم وهو:
 توفير راحة نفسية:
3.1-  لمن تتملكه فكرة رفض الآخر لإختلافه طائفياً (الشيعة والمسيحيين والأزيديين والصابئة المندائيين) أو قومياً (الكرد والتركمان والكلدو – أشوريين) وهذا الرفض ناجم من تأجيج طغموي(2) لأهداف سياسية تتمثل بمحاولة إسترجاع السلطة الطغموية المفقودة،
3.2- ولمن يدعي أن الديمقراطية وفيدرالية كردستان غير كافيتين لضمان أمنه ومنع تكرار مآسي الماضي البغيض، بل يجب إستكمالها بإقامة الأقاليم أي شطر القسم العربي من العراق إلى إقليمين سني وآخر شيعي.]
إلا أنني لا أشاطر الكاتب تفاؤلَه من أن إقامة الأقاليم الثلاث ستنهي المشاكل السياسية في العراق بكيفية آلية وتلقائية.
أما الأسباب التي تحول دون ذلك، أي دون إنهاء المشاكل السياسية تلقائياً، فأشخص ما يلي بصددها :
أولاً: على الجانب السني العربي:
 فقد وقع الكاتب، بادئ ذي بدء، بالخطأ الشائع جداً في العراق والعالمين العربي والإسلامي بل العالم أجمع، وهو الخلط بين السنة العرب في العراق وبين الطغمويين والتكفيريين الذين يتحملون وزر الإرهاب وليس السنة العرب العراقيون.
لا شك أن الطغمويين إستطاعوا لفترة طويلة، ولحد الآن، السيطرة على الشارع السني العربي عن طريق الإقناع وعن طريق الإرهاب (الذي أودى، كمثال، بحياة الشهداء ولدي السيد مثال الآلوسي والشيوخ أسامة الجدعان وفصال الكعود وعبد الستار أبي ريشة والدكتور عصام الراوي وغيرهم كثيرين وأخرهم الشهيد الشيخ عيفان  العيساوي) غير أن تلك الهيمنة قد بدأت تتفكك رويداً رويداً بقدر ما كشفته الحياة من حقائق عن مواقف الجماعات المختلفة من الديمقراطية وطبيعة المصالح.
على أن النبذ التام الواضح للطغمويين والتكفيريين من جانب الجماهير العربية السنية مازال ينتظر الحسم، الذي قد يأتي كأهم نتائج الفشل المتوقع للعصيان المفتعل في الرمادي ومحافظات أخرى.
خلاصةً، فإن المواقف السياسية التي تُنسب إلى السنة العرب هي في واقع الحال مواقف الطغمويين والتكفيريين.
تركز وجود الطغمويين في "القائمة العراقية" قبلاً ومن ثم في "إئتلاف العراقية" حالياً.
لو درسنا المواقف السياسية للطغمويين، تفصيلاً وإجمالاً، لوجدنا أنها كانت تصب في إتجاه واحد لا غير، وبعناد، وهي محاولة إسترجاع السلطة الطغموية ذات المنافع المادية الطبقية والمعنوية والتي سقطت في 9/4/2003، بوسيلة أو أخرى بضمن ذلك مغازلة الإرهاب بل المشاركة فيه والتخريب من داخل العملية السياسية؛ ذلك التخريب الذي بلغ حد الإجرام الإرهابي (كما في حالات النواب عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني والوزير أسعد الهاشمي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وبعض حماية وزير المالية رافع العيساوي وربما العيساوي نفسه وهناك طلبات صادرة من القضاء تطلب رفع الحصانة النيابية عن 17 نائباً متهماً بالإرهاب منهم الدكتور سليم الجبوري) والذي أنقذهم، أي الطغمويين، من تبعاتها والملاحقة القانونية الصارمة هم الأمريكيون (لإغراء الطغمويين للإنضمام للعملية السياسية من جهة وللتعويل على دورهم المخرب الضاغط على الأغلبية "المزعجة"من جهة أخرى) وتسامح الأطراف الأخرى.
إن إنشاء إقليم جغرافي للمناطق السنية، إذاً، سوف لا يحل المشاكل السياسية إلا إذا إنفكت الجماهير العربية السنية من هيمنة الطغمويين على قرارها السياسي؛ لأن إستمرار هيمنة الطغمويين يعني إستمرار طموحهم بالسيطرة على مصادر الثروة وهي النفط المتواجد في المناطق الشيعية. وهذا يعني إستمرار الصراع والمشاكل على ما هي عليه. النفط مطلوب من جانب الطغمويين لسببين: تلبية مصالحهم الطبقية من جهة ولإستخدامه في شراء تأييد شركات النفط لهم لضمان إستمرارية حكمهم الطغموي في وجه المعارضة الشعبية التي ستنشأ ضدهم.

من هذا فإن تشكيل إقليم سني قد لا يأتي بنهاية للمشاكل بقدر ما يثير المزيد والأخطر منها في ضوء التلاحم القوي الناشيء منذ مدة طويلة بين طموح الطغمويين والتكفيريين من جهة وبين سياسات دول خارجية لها مصالح في تخريب الديمقراطية في العراق.
خارطة المصالح المتنوعة، بإيجاز، هي كما يلي:
-   الطغمويون: يتوقون إلى إستعادة نظامهم الذي حكموا به العراق بقوة الحديد والنار والكيميائي،
-   التكفيريون: يحلمون بهيمنة "دولة العراق الإسلامية" على كامل التراب العراقي،
-   النظام السعودي: يريد إبعاد الإستحقاق الشعبي الديمقراطي وحقوق الإنسان عن نفسه بإثارة صراع طائفي على نطاق المنطقة ولحرف الأنظار عن مشاكله الداخلية و لوأد الديمقراطية العراقية والحيلولة دون بلوغ إنتاج النفط العراقي مستويات تنهي سيطرة النفط السعودي على الأسواق العالمية وقدرته على الإبتزاز السياسي.
-   النظام التركي: يحلم بإستعادة الهيمنة العثمانية على المنطقة،
-   النظام القطري: يحلم بنفخ نفسه ليصبح بضخامة أميره مؤججاً وراكباً حصان الطائفية،
-   إسرائيل: تسعى إلى تنصيب حكومة في العراق تزجه في حرب مفتعلة مع إيران لتتسلل، إسرائيل، تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي يؤكد الخبراء العسكريون الأمريكيون على عدم جدوى ضربها من الجو أو بصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى. ليست للعراق أية مصلحة في هذا العمل الذي تُراد منه حماية أمن إسرائيل وهو الأمن الذي يسهل ضمانه لو إستجابت إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية بشأن حقوق الشعب الفلسطيني.

كما ترغب إسرائيل، أيضاً، من الحكومة المنصَّبة مساعدة المعارضة السورية، التي أصبحت واقعة تحت هيمنة "جبهة النصرة" القاعدية بقدر كبير، وذلك للتخلص من النظام السوري البعثي، الذي هو أفضل بما لا يقاس إذا قارناه بحكم "جبهة النصرة" والبعث العراقي، وللتخلص من الجيش العربي السوري الذي بقي الجيش العربي الوحيد الواقف ضد التوسع الإسرائيلي والداعم لقوى الممانعة.   
-   شركات النفط: وهي العارفة بإحتمال أن يقفز الإحتياطي الثابت للنفط العراقي من المرتبة الثانية إلى المرتبة الأولى فتريد الهيمنة عليه عبر فرض نمط "المشاركة في الإنتاج" بديلاً عن صيغة الحكومة الفيدرالية العراقية المعتمدة "عقود خدمة"، خاصة وأن شركة أكسون موبيل وغيرها وجدت لها موطئ قدم في كردستان العراق وتريد أن تتمدد على كامل الأرض العراقية، وقد عبر السيد مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان عن هذا المسعى بإطلاق التهديد المبطن الذي يذكرنا بتهديد شركات النفط للشهيد عبد الكريم قاسم. لقد صرح السيد البرزاني بأن شركة أكسون موبيل تعادل عشرة فرق عسكرية وإذا دخلت بلداً فلا تغادره أي على حكومة ذلك البلد أن تغادر بلدها لتخليه صاغرة إلى تلك الشركات وإلا..... .   
للعلم فإن أطراف هذه الجهات لا تعمل منفردة بل بتنسيق وتناغم وتعاون وثيق.     
وإذا إنفكت وتحررت الجماهير العربية السنية من هيمنة الطغمويين، فعلى أغلب الظن سوف لا تجد هذه الجماهير حاجة لتشكيل إقليم خاص بها أصلاً بل ستكتفي بمجالس المحافظات المنتخبة مع منحها صلاحيات أوسع مما هي عليه الآن.
لقد حرَّم الشيخ عبد الملك السعدي، في فتوى أصدرها مؤخراً، المطالبة بتشكيل أقاليم.
ثانياً: على الجانب الكردي:
هنا أيضاً أميّزُ بين الحزب الديمقراطي الكردستاني (ح د ك) وباقي الأحزاب والحركات الكردية. إذ، بتقديري، أن (ح د ك) هو المهيمن على القرار السياسي الكردي عموماً وأن الباقين يتبعون خطاه بفعل إبتزاز المزايدات.
وكما في الحالة السنية العربية، أتوقع أن تعلن الأحزاب والجماعات الكردية المختلفة النأي بنفسها عن سياسة الحزب الديمقراطي الكردستاني لأنها إبتعدت عن التعويل على النضال الجماهيري المجرَّب في تحقيق الأماني القومية وإعتمدت أسلوب المغامرة والتعويل على الأطراف الخارجية المعادية للعراق والمذكورة سلفاً، التي بدأ بريقها يخفت بعد فشلها الذريع في إطاحة النظام السوري.
 أن تجربة إقامة إقليم كردستان لم يثبت نظرية إنتهاء المشاكل بتشكيل الأقاليم، بل دحضها للأسف الشديد. فالإقليم هو في حالة إرتباط فيدرالي دستورياً، ولكنه كونفيدرالي شبه مستقل في واقع الحال، ومع هذا فالمشاكل قد تفاقمت وإقتربت من حد الإصطدام العسكري مع الجيش الفيدرالي.
هل كان الأمر سيختلف وهل كانت المشاكل ستختفي بين الإقليم والمركز لو كان السنة والشيعة في إقليمين مختلفين؟ كلا، وربما كانت المشاكل ستصبح أكثر خطورة بسبب الحرية  التي سيتمتع بها الإقليمان الكردي والسني للتعاون فيما بينهما ومع الأطراف الخارجية لمحاولة السيطرة على إقليم الوسط والجنوب الذي، بدوره، سيكون بوضع إقتصادي ممتاز يمكنه من إقتناء والتحكم بأحدث التكنولوجيات العسكرية لمواجهتهما ومواجهة القوى التي تقف ورائهما.
هذا إذا لن يتفجر مجدداً صراع عنيف بينهما على المناطق المتنازع عليها في كركوك ونينوى وصلاح الدين وديالى.     
إن المشاكل التي أثارتها حكومة إقليم كردستان وعلى رأسها عقد إتفاقيات نفطية سرية دون علم ودون موافقة الحكومة الفيدرالية، وإحتلال البيشمركة لبعض المناطق المتنازع عليها ضاربة أحكام الدستور، وخاصة المادة (140) منه، بعرض الحائط، والتعاون مع أطراف خارجية معادية للعراق وداخلية معادية للديمقراطية – كل هذه المشاكل ناجمة عن جشع "برجوازي – عشائري" معهود حتى لدى قيادات لشعب كان مضطهداً إلى عهد قريب.
دفع هذا الجشع قيادة (ح.د.ك.) إلى إتباع تكتيكات لا أخلاقية بمديات كريهة ومحتقرة تقع خارج حدود ما تتفهمها وتتقبلها الواقعية من سلوكيات لا أخلاقية في دنيا السياسة والمصالح.
فبعد أن حصل الأكراد على ما يريدون، وأكثر، عبر الديمقراطية العراقية، أدار قادة (حدك)، وتبعهم الآخرون صاغرين، ظهورَهم للعراق وراحوا ينشدون مزيداً من المكاسب غير المشروعة والمضرة حتى بالشعب الكردي، على المديين المتوسط والبعيد، وذلك بالإنخراط في مؤامرات السعودية وتركيا وقطر وإسرائيل وشركات النفط ضد العراق، والإنحطاط إلى مستوى تبنّي حربهم الطائفية.
من هذا فإن من يدعي بأنه يتملكه الخوف من أن الديمقراطية غير كافية لضمان أمنه بل أن تشكيل الأقاليم هو الكفيل بذلك، هو في واقع الحال تتملكه فكرة باطنية  ترمي إلى ضمان تحقيق مسعاه في إمتطاء العراق للوصول إلى مرحلة الإنفصال بنمط مستعجل وعلى حساب المصالح الوطنية العراقية العامة، بدل إيكال ذلك، أي الإنفصال، إلى حق تقرير المصير الذي ينضج ويتبلور طبيعياً وليس قسرياً.
خلاصةً، فإن تشكيل الأقاليم سوف لا يحل المشاكل التي تُحل فقط، بوجود الأقاليم أو بغيابها، إذا جرى الإيمان الحقيقي بالديمقراطية العراقية والإمتثال لمقتضياتها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تمكن مراجعة مقال السيد كفاح محمود كريم على الرابط التالي:
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=24477
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-   http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-   http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305


 
 
 




20
حملة "عض الأصابع" إمتداد لمخطط "حرق الأعشاش"
محمد ضياء عيسى العقابي
نشر الإعلامي السيد سالم مشكور مقالاً بعنوان: [إحذروا "عض الأصابع"] جاء فيها:
"خطر كبير يداهمنا ، بخبث شديد ، ونحن نقترب من موعد انتخابات مجالس المحافظات وبعدها الانتخابات النيابية . ففي كثير من الشوارع وساحات المدن العراقية تنتشر لافتات تحمل اسم " حملة عضّ الأصابع" ومثلها " حملة الندم " وما شابهها . أسماء متعددة لكن المضمون واحد هو : الدعوة إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات القادمة . ربما يكون وراءها كلها محرّك واحد ، هدفه تراجع أعداد الناخبين ليحقق مآرب له . يقال ان هذا المحرك هو تنظيمات حزب البعث ، اخرون يقولون انه جهة سياسية مُحرّكة ٌمن محور اقليمي لضرب المعادلة الحالية" – إنتهى الإقتباس.
أعيد نشر خطة "حرق الأعشاش" التي وضعها خبراء من المخابرات السعودية  والسورية والمصرية والقطرية والأردنية وخبراء أمريكيون عام 2009 تمهيداً للإنتخابات البرلمانية في نهاية ذلك العام وأجريت بالفعل في 7/3/2010. لقد نشرتها في مقال لي بعنوان: "ملاحقة الجهد الإعلامي لمخطط "حرق الأعشاش"" الذي نشر في نهاية شهر آب 2009.
إذا راجعنا الأحداث منذ تلك الفترة سنرى أن ما حدث على أرض الواقع قد أعطى مصداقية تامة لهذه الوثيقة التي نشرها السيد رياض العراقي في موقع فضائية الفيحاء بتاريخ 20/8/2009:
الخطة الجهنمية:
منذ 2005 تبنت بعض الدول العربية مشروعا لإعادة حزب البعث إلى السلطة. ولكن هذا المشروع اصطدم دائما بالموقف المتصلب لإدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، الذي حاول في زيارات عديدة لهذه الدول تليين مواقفها تجاه العراق، غير أن جهوده تلك ذهبت أدراج الرياح لأن هذه الدول كانت تنظر إلى التغيير في العراق من زاوية طائفية، وبعد أن تأخر المشروع لسنوات عديدة، يبدو أن الدول صاحبة مشروع إعادة البعثيين إلى السلطة وفي مقدمتها السعودية، سورية ومصر كانت تنتظر انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش وما ينجم عنها من متغيرات على الأرض العراقية لتبدأ بمشروعها الذي يحوي فقرات خطيرة جدا بحسب معلومات ووثائق حصلت عليها شخصيات مهمة في الدولة.
ويلاحظ فعلا أن التزام الإدارة الأمريكية الجديدة إزاء العراق كان ينسجم مع توجهات الدول العربية الراعية لمشروع إعادة البعث، حيث لم يكن أوباما متحمسا لحماية الديمقراطية في العراق بقدر حماسه للمصالحة الوطنية التي كانت دعوة دائمة لدول عربية تقصد من ورائها العفو عن البعثيين والسماح لهم بتولي مناصب سيادية في الدولة.
بمعنى أن أوباما تبنى مطالب الدول العربية الفاعلة في انحياز واضح لجهة تحسين علاقة أمريكا بهذه الدول ولو على حساب المنجزات السياسية الفتية في العراق.
ولعل من ابرز فقرات الخطة الجهنمية المعدة من قبل رجال استخبارات كبار سعوديون ومصريون وأردنيون وقطريون، وبحسب مصدر سياسي رفيع، هي:
أولا- استهداف الشيعة في المناطق ذات الغالبية السنية، ديالى، كركوك، الموصل، بشكل عنيف يؤدي إلى تهجيرهم بعد تهديم منازلهم حتى لا يكونون رقما في الانتخابات النيابية المقبلة. كذلك استهداف الشيعة في بغداد.
ثانيا- استهداف الرموز الشيعية في العملية السياسية من خلال الاغتيال أو من خلال الإشاعة واصطناع التهم وتضخيمها إعلاميا.
ثالثا- تسخير قنوات إعلامية فضائية ومقروءة مثل صحيفتي الشرق الأوسط  والحياة والوطن والراية، وصحيفة الزمان لسعد البزاز، البعثي العراقي المعروف بقربه من صدام حسين، وقنوات فضائية مثل العربية والجزيرة والشرقية ودبي والمستقلة والخليجية، تسخيرها لدعم حزب البعث وتشويه كل إنجاز تحقق بعد 2003 واستخدام الإعلام بقوة لخدمة إعادة حزب البعث إلى السلطة في العراق.
رابعا- الاتصال بشيوخ عشائر في الفرات الأوسط والجنوب ممن ربطتهم علاقات وثيقة بحزب البعث وصدام حسين وإغداق العطايا لهم وبذل كل ما من شأنه إيصالهم إلى البرلمان المقبل.
خامسا- شراء مثقفين وكتاب من الشيعة وإبرازهم على أنهم ضد الأحزاب الشيعية في مسعى لخلخلة ثقة الناخبين الشيعة بسياسييهم ومرشحيهم ممن هم خارج دائرة الولاء لحزب البعث، فتوجيه اللوم والنقد للشيعة على لسان أشخاص من طائفتهم يلقى آذانا صاغية بعكس الأمر فيما لو تم ذلك من خلال أشخاص آخرين.
سادسا- العمل بجد من أجل فك الارتباط التاريخي بين الشيعة والكورد، وقد أثبتت السنوات الست الماضية أن الأكراد حريصون على الاحتفاظ بمكتسباتهم وأنهم أقرب للتحالف مع أية جهة يمكن أن تحفظ هذه المكتسبات.
سابعا – التنسيق مع الأحزاب السياسية السنية "هيئة علماء المسلمين، الحزب الإسلامي، قائمة التوافق، قائمة صالح المطلك" من أجل عدم التعرض للمكتسبات الكردية وإظهار الوئام مع الكورد خصوصا في الفترة التي تسبق الانتخابات؟.
وقد تجلى ذلك من خلال حرص صحيفة الشرق الأوسط على إجراء لقاءات تؤرشف فيها لحياة الرئيس جلال الطالباني، تتبعها حلقات يعدها الآن نفس الصحفي"معد فياض" عن حياة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني. ومعد فياض هو بعثي سابق كتب عن صدام حسين كثيرا ومن ابرز ما كتبه مقالات بعنوان "لماذا نحب صدام حسين".
ثامنا- استهداف مسؤولين وسياسيين كبار من الشيعة، بالاغتيال مع اقتراب الانتخابات النيابية.
وكشفت معلومات سرية ان، رئيس الوزراء نوري المالكي، يأتي على رأس قائمة المستهدفين، وهناك قائمة تضمنت، مقتدى الصدر، عمار الحكيم، هادي العامري، علي الأديب، محمد العسكري، والجعفري.
تاسعا- التحريض الإعلامي ضد المرجعية الدينية والسعي لإسقاطها في عيون الشيعة، والضغط الإعلامي الهائل على هذه المرجعية لمنعها من التدخل في الانتخابات.
عاشرا- إسقاط السياسيين الشيعة بنظر المواطنين الشيعة من خلال الإشاعة.
أحد عشر- التنسيق مع تركيا لتقليص تدفق المياه نحو العراق وخلق مشاكل اقتصادية وبيئية للعراقيين لزعزعة ثقة العراقيين بقدرة الشيعة على إدارة دفة الحكم.
اثنا عشر- رصد 2 مليار دولار لتنفيذ هذه الخطة على أن يتم تحديد مبالغ أخرى عند الحاجة الملحة.

هذه أبرز النقاط التي تشكل منها مشروع إعادة البعثيين إلى السلطة والذي يجري تنفيذه هذه الأيام، بالاشتراك مع ساسة عراقيين مشاركين في العملية السياسية. وعلى الرغم من تدخل دول عربية بشكل سافر في الشأن العراقي عبر رصد الأموال وإرسال الانتحاريين غير أن عبد الكريم السامرائي رئيس لجنة الأمن وقد زار السعودية بشكل سري لمرتين، والتقى كل من مثنى حارث الضاري ومشعان الجبوري وسعد البزاز وبعثيين كبار بينهم محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام في نظام صدام، نفى ان يكون للسعودية اي تدخل سلبي في الشؤون العراقية.
(رياض العراقي في 20/8/2009)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-   للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
-   http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181


21
وصفةٌ لطبخةٍ دسمةٍ للفشل أعلنها الدكتور رائد فهمي نيابةً عن قيادة الحزب الشيوعي
محمد ضياء عيسى العقابي     

ألقى عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي السيد رائد فهمي خطاباً في حشد من العراقيين في لندن مؤخراً. أقتطفُ بعض ما جاء في تقرير(1) صحيفة "طريق الشعب"، الناطقة بإسم الحزب، الذي عرضتْ فيه ما جاء في كلمة الدكتور رائد:   
 "بدأ رائد فهمي مداخلته بالتأكيد على أهمية الاستحقاق الانتخابي المقبل، في انتخابات مجالس المحافظات التي ستجرى في نيسان القادم 2013، وضرورة التهيئة للمساهمة الفعالة فيها، باعتبارها فرصة لتمكين الناس من المشاركة في عملية التغيير وإزاحة الفاشلين والمسؤولين عن الفساد المتفشي وتردي الخدمات، الذين جاؤوا عبر نظام المحاصصة، وانتخاب من يمثلهم ويدافع عن حقوقهم ويضمن لهم مقومات الحياة الحرة الكريمة، وأشار الى ان المهمة الملحة التي تواجه قوى التيار الديمقراطي هي الشروع بإجراء مشاورات مع الأطراف السياسية الوطنية، التي يجمعها الالتزام بالديمقراطية ودولة المواطنة، من اجل التوصل إلى أوسع ائتلاف مدني ديمقراطي."
لا أريد أن أناقش جميع أفكار الخطاب  وبالإسهاب الذي يستحقه فمعظمها تقييمات خاطئة أو سطحية وتبريرات للفشل السابق(2) واللاحق الذي أتكهنه، للأسف، للحزب الشيوعي وللتيار الديمقراطي كما سنرى. إنها، بالعموم وحسب رأيي، إنسياق وراء الحملة الإعلامية التي يديرها الطغمويون(3) بمعونة خبراء عالميين في التخريب السياسي وبتمويل سعودي - قطري يعيد طروحات سابقة منذ أول إنتخابات للحكومة عام 2005، إتسمت بخلط الأوراق ليتم التستر، بشكل إنتهازي، على المذنبين الحقيقيين من إحتلال أمريكي(4) وإرهابيين وطغمويين وإنتهازيين وتلبيس نتائج أفعالهم وتآمراتهم (من فساد ونقص في الخدمات وتعطيل عجلة الإعمار والبناء وتعطيل التشريع ومنع إستكمال البنى الديمقراطية)  بجهات لها الفضل الأول في قيادة البلد، بشجاعة، في وجه بحر من المعوقات والمشاكل الموروث منها والمفتعل. فنجحت في سكب المنصهر العراقي، الذي أعده الأمريكيون، بقوالب عراقية خالصة إسترجعت الإستقلال والسيادة الوطنيتين (اللتين ما عادتا ذات أهمية للبعض هذه الأيام، كما يبدو) وقصمت ظهر الإرهاب وصانت وطورت الديمقراطية بوجه جهود تشويهها أو تخريبها، ووفرت كثيراً من الخدمات وباشرت بالنهوض الإقتصادي ورفعت معدل الدخل الشهري للفرد العراقي من ربع دولار إلى أكثر من (350) دولاراً رغم العرقلة والتخريب اللذين لم ينقطعا؛ وذلك بدلاً من السماح بسكب المنصهر في قوالب أمريكية لإنتاج ما أُريدَ إنتاجُه وهي جمهورية "خلال الطوش" الموازية لجمهوريات "الموز" في أمريكا اللاتينية أيام زمان، ليتم تحقيق شعار "الحريات أولاً" على "أحسن وجه" وكما أراده حامله(5).       
لا أريد الإستفاضة في النقاش ليتم التركيز على قضية واحدة في غاية الخطورة على الشعب العراقي وديمقراطيته ووطنه وهي أعلى القيم على الإطلاق ولا تدانيها أية قيمة أخرى.
جاء في الخطاب المقطع التالي:
"كما ان الأحزاب الإسلامية تقدم الرؤية الطائفية والمصالح الذاتية والحزبية الضيقة على الرؤية الوطنية التي تنطلق من مصلحة الشعب والوطن"(6).
إذا كانت هناك ثمة أحزاب (والمقصودة هي أحزاب "التحالف الوطني" وقبله "الإئتلاف العراقي الموحد" اللذان قادا الحكومة واللذان يضمان أحزاباً إسلامية مازال البعض الجاهل يسميها بالأحزاب الطائفية) تُقدِّمُ:
1-    "رؤية طائفية": والطائفية تعني إضطهاد الطوائف الأخرى، وإن لم تفعل ذلك فهي ليست طائفية رغم كونها دينية وذلك حسب التعريف الذي أطرحه للطائفية في الهامش رقم(3) أدناه. وإن كان للسيد رائد تعريف آخر يبرّء الطائفي من إضطهاد الغير فليطرحه،
 
2-   وتُقَدِّمُ "المصالحَ الذاتية والحزبية على الرؤية الوطنية التي تنطلق من مصلحة الشعب والوطن". إذاً، فهذه الأحزاب الدينية تجعل مصلحة الشعب والوطن في الدرجة الثانية (على أحسن تقدير إن لم تكن نافية وغامطة لها كلياً بحكم طائفيتها المفترضة التي، أكرر ثانية، تعني إضطهاد الطوائف الأخرى، إذ أن غمط الحقوق هو وجه من أوجه الإضطهاد) بالمقارنة مع "مصالحها الذاتية والحزبية الضيقة"؛ علماً أن المقصود هنا واضح وهو "مصالحها الطائفية والحزبية الضيقة". وهذا، بدوره يعني، الإضرار بمصالح جميع مكونات المجتمع الأخرى وغمطها والإضرار بالمصالح الوطنية.
الآن أطرحُ ما يلي:
أولاً: في العراق جهات إرهابية (مدعومة من نظم شمولية لا يردعها رادع وذات إمكانيات مالية هائلة وذات مصالح حيوية جداً تخص خلاص فئاتها الحاكمة من الإزالة) مارست الإرهاب فعلياً منذ سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 ولحد الآن. كلها تدعي، سواءً عن إيمان حقيقي أو عن تكتيك يخفي وراءه ما يخفي، بأن الطائفة الشيعية في العراق، ممثَّلةً بأحزابها السياسية الحاكمة (والقول للإرهابيين)، تضطهد الطائفة السنية في العراق.
ويذهب إدعاء الإرهابيين إلى أبعد من ذلك ويطرح أنه لهذا السبب وغيره فإن الطائفة الشيعية في العراق بأكملها: مواطنين (متدينين وعلمانيين عدا الإنتهازيين والجبناء) وأحزاباً سياسية ومراجع دينية وخريجي وطلاب الحوزات العلمية في النجف وغيرها، مسؤولة مسؤولية مباشرة عن هذا الحيف الواقع على السنة العراقيين، لذا حقَّ تكفير الشيعة بالمجمل وإستباحة أرواح وأعراض وأموال من ينتمي إليهم.
وقد تمت هذه الإستباحة بالفعل وليومنا هذا أينما ومتى شاء الإرهاب.
ثانياً: أليست توصيفات السيد رائد فهمي للأحزاب الإسلامية العراقية تقدم التبرير لمن يطلبه من الإرهابيين سواءً للإعتداد به كدليل (وهو مستبعد) أو للتمنطق به أمام الآخرين لتبرير إبادة الشيعة؟ هذا إن لم نقل إنه إستعداء وتحريض على الجريمة والإرهاب للذي يبحث عن الإنتقام أو أخذ الثأر أو دفع الحيف أو كلها مجتمعة؟
ثالثاً: أليست هذه التوصيفات تدعم إدعاءات ممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق، السيد مارتن كوبلر(7)، الذي لام الحكومة العراقية، ظلماً، يوم ضربت بغداد وبعض المحافظات موجة من التفجيرات مؤخراً، مدعياً أن الحكومة لا تستمع إلى آراء الآخرين، ويقصد آراء الإرهابيين (وفي أحسن الإحتمالات فيقصد حماتهم)، ويبدو أنه ترك إلى غيره القول "وتقدم الرؤية الطائفية والمصالح الذاتية والحزبية الضيقة على الرؤية الوطنية".
أنا أفهم قول السيد كوبلر على أنه تبرير للإرهاب ويندرج ضمن الحملة التي تشنها شركات النفط واليمين الأمريكي عموماً ضد الحكومة العراقية لأنها لم ترضخ لطلبها في التعاقد وفق صيغة "المشاركة في الإنتاج" والمواجهة مع إيران والسماح للتدخل الأجنبي في سوريا. كما يشنها، أي الحملةَ على الحكومة العراقية، حكامُ السعودية والوهابيون عموماً كجزء من حرب شاملة يريدون إشعالها في الشرق الأوسط(8) من أجل التملص من الإستحقاق الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان التي يطالب بهما الآن الشعبُ السعودي (ولاحقاً، العولمة أي بعد أن تستنفذ أمريكا المنافع السياسية في المنطقة من الوهابية السعودية ستطيح بها مثلما فعلت مع طالبان والعرب الأفغان).
رابعاً: إن إتهام جهة لا تمارس الطائفية بالطائفية لهو الطائفية بعينها. ليس كافياً أن يكون الحزب إسلامياً لكي يُتهم بالطائفية. هذه نظرة إيديولوجية أكل الدهر عليها وشرب، إذ لا يجوز الحكم المسبق ونسيان الواقع العملي وما تحققه هذه الجهة أو تلك على الأرض. فالأحزاب الإسلامية وخاصة حزب الدعوة والإئتلاف العراقي الموحد لعبا دوراً كبيراً بمعية الأحزاب الكردية وآخرين في تأسيس النظام الديمقراطي وكتابة وإستفتاء الجماهير على دستور مدني يعد من أكثر دساتير المنطقة تقدماً رغم نواقصه، وقادا الحكومة التي أجرت ثلا ث جولات من الإنتخابات البرلمانية وجولتين من إنتخابات مجالس المحافظات وكلها إرتقت إلى المعايير الدولية حسب شهادة الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي.
إن كلام السيد رائد يمثل الطائفية بعينها. طالبتُه قبل قليل بطرح تعريفه للطائفية. أراهن على أنه، أو غيره من أمثاله في القيادة، إن أجاب، سيلف ويدور ولكن عصارة رأيه سوف لا يبتعد عن فهم "الطائفية" بكونها "التشيّع" وأن "الطائفي" في مفهومه هو "الشيعي، ولادةً أو إيماناً، إلا إذا شَتَمَ الشيعة دون مبرر لشعوره بالدونية لسبب أو آخر". وهذا إستسلام لثقافة العهود الطغموية وخاصة العهد البعثي الطغموي، وعدم القدرة على تجاوزها حتى بعد أن شاءت الأقدار أن تقتلع النظام الطغموي من جذوره وأحدثت تغييراً تنطبق عليه جميع مواصفات الثورة الوطنية الديمقراطية وهو الأكثر جذرية من جميع ثورات الربيع العربي رغم الآلية التي أحدثت التغيير والتي أبطل مفعولها الإحتلالي الوطنيون العراقيون وعلى رأسهم المرجعية الدينية في النجف والأحزاب الإسلامية التي يتهمها السيد رائد فهمي، ظلماً، بالطائفية. إن العراق الديمقراطي الجديد هو ثمرة من ثمرات إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية التي كانت أقوى ثورة شعبية حقيقية شهدها العراق في القرن العشرين وشهدها العرب بعد الثورة الجزائرية، وقد إستشهد فيها ما لا يقل عن ربع مليون مواطناً.
كما أراهن على أن السيد رائد سيخلط بين الطائفية (وإفرازاتها الطبيعية والحتمية كالهيمنة والإستبداد السياسيَين وغيرهما) وبين شيوع ثقافة شعبية أباحتها لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة، مهما كان طابع تلك الثقافة سواءً كان دينياً أو علمانياً، تقدمياً أو رجعياً، فتبقى هي ثقافة شعبية تراثية أزاحت بسرعة البرق وهشَّمت صرح الثقافة الطغموية المفتعلة المفروضة فرضاً من قبل السلطات الطغموية الغامطة لحقوق الشعب والمستلِبة للسلطة والتي أشاعت ثقافة هجينة لا تمت للشعب بصلة لكنها كانت تمجد الدكتاتور والدكتاتورية وتبرر إستلاب السلطة من الشعب وتدعم قمعه وإحكام السيطرة عليها وعليه.
إن هكذا خلط بين الطائفية وبين الثقافة الشعبية يمسُّ موضوعاً في غاية الخطورة أبعد من كون إحياء الطقوس الدينية هي شعائر شعبية مشروعة تعود لمئات السنين ولا يجوز، أو لا يمكن التحرش بها، بل ستأخذ طريقها إلى التهذيب والتنظيم بنمط طبيعي مع إستقرار الوضع السياسي والأمني؛ بل هناك خطورة من نوع آخر يتعلق بمحاولة نزع هذا السلاح الذي كاد (ومايزال) أن يكون الوحيد بيد الحكومة المنتخبة مكَّنها من تحدي الإرهاب والوقوف بوجه الإحتلال وحلفاءه الطغمويين في ظروف غاية في الصعوبة جرّد فيها الأمريكيون الجيش العراقي الفتي من التسليح والتدريب  وأتخموه بضباط طغمويين بذريعة المصالحة بل أرادوا تشكيل جيش ثالثٍ من الصحوات لولا موقف حكومة المالكي الصارم والشجاع؛ والسلاح الذي أعنيه هو سلاح الجماهير المليونية التي تنزل إلى الشارع عدة مرات في السنة لإقامة شعائرها الدينية ولإستعراض قوتها السلمية التي فعلت مفعولها السحري إذ كان بالإمكان تحويلها إلى حركة عصيان مدني لو إقتضى الصراع السياسي ذلك. لهذا فهي هدف المتربصين بالديمقراطية والعراق الجديد، بحجج وحذلقة لا نهاية لهما، لأنها الحصن المنيع للديمقراطية.
أعتقد أن هذا الخلط هو الذي دعا عضو المكتب السياسي الآخر الدكتور حسان عاكف إلى المطالبة بإحداث تغييرات "سياسية – إجتماعية" وليست سياسية وحسب إذ قال في ندوة سياسية في الشطرة  ما يلي: " نحن كحزب شيوعي نرى أن لا حل للأزمة إلا بإحداث تغييرات سياسية اجتماعية تتولد منها حكومة وطنية بعيدة عن التعصب القومي والطائفي"(9). ما المقصود بالتغييرات الإجتماعية؟ لا ندري. وربما يقصد فرض ثقافة من فوق على الجماهير، وهو ما يفتح باباً جديداً للإستبداد وإضطهاد الجماهير والرجوع إلى سياسة الوصاية وصولاً إلى سياسة التطهير الطائفي. إن الطريق الصحيح للتغيير الإجتماعي هو عبر التطوير الذي يتطلب نضالاً جماهيرياً مضنياً ولا يأتي بالتمنيات ولا بالأوامر الفوقية.   
وبما أن السيدين رائد وحسان يتحدثان بإسم قيادة الحزب الشيوعي، فإن كلامهما هذا لا يمثل حالة إنفرادية بل ينم عن وجود تيار طائفي قوي داخل الحزب، وبالتالي فإن هذا يضع الحزب في موقع المعاديٍ لغالبية أبناء العراق، ولا تنفع أزاءه الإدعاءات بالتفاني في سبيل الشعب.     
خامساً: لديَّ هواجس قوية بأن هذه الطروحات الخطرة للسيد رائد فهمي نابعة من توقٍ وتمهيد لإعادة التحالف مع من أسماهم السيد رائد ب"الأطراف السياسية الوطنية، التي يجمعها الالتزام بالديمقراطية ودولة المواطنة" وهؤلاء حسب تعريفه هو، ليست الأحزاب الدينية التي "تقدم الرؤية الطائفية والمصالح الذاتية والحزبية الضيقة على الرؤية الوطنية ...."، بل هي، إستنتاجاً، "إئتلاف العراقية" وبعض الأطراف الكردية المرتبطة بشركات النفط.
إن هذا الهاجس لم يأتِ من هذا التحليل لتشخيص السيد رائد لمواصفات الجهة التي يريد التحالف معها؛ بل هناك قرائن بتطابق فكري بين الحزب الشيوعي والطغمويين من إئتلاف العراقية. فالدكتور حسان عاكف يريد "إحداث تغييرات سياسية إجتماعية" لأجل معالجة الأزمة السياسية في البلد، بينما لم يبتعد عن هذا الطرح رأيُ الدكتور طلال الزوبعي، القيادي والمنظِّر في إئتلاف العراقية،  الذي نقلت عنه فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 4/11/2012 ما يلي:
"على الجمهور ألا ينتظر أي شيء من المؤتمر الوطني لأن الوضع ليس بحاجة إلى إصلاحات بل إلى تغيير جذري، بين قوسين ثورة".
أي أن كلا الدكتورين يريدان الإنقلاب على الدستور وعلى المؤسسات الديمقراطية التي أقرها الدستور. لماذا؟ لأن الدستور والمؤسسات لا تروق لإئتلاف العراقية ولا إلى طموحه الرامي إلى إستعادة السلطة المفقودة بأي ثمن، ولا أعرف لماذا لا يريدها القادة الشيوعيون. 
سادساً: أستخلص من مواقف القادة الحزبيين السيد حميد مجيد موسى والسيد رائد فهمي والدكتور حسان عاكف أن موقفهم من الديمقراطية القائمة (التي مازالت تحبو وتحتاج إلى تكاتف لإنضاجها والوقوف بوجه محاولات الإرهاب والطغمويين وعلى رأسهم إئتلاف العراقية لتعطيلها وتخريبها) – أستخلص أن مواقفهم تتراوح بين الإستهانة بها وبين قتلها (وإلا فكيف نفهم طلب الدكتور حسان: "إحداث تغييرات سياسية إجتماعية"؟).   
هذا على الصعيد الفكري. أما على الصعيد العملي، فما علينا إلا عقد مقارنة سريعة بين مقدار الحرص على النظام قبلاً وحالياً علماً أن الحرص على النظام هو آخر ما  يخضع ل"التطوير" ما يدل على أن هناك نظام جيد فنحرص عليه وهناك نظام سيء فنستهين به. دعونا نتبين:
أسألُ: أين هذا الحرص على نظام سائر بإتجاه الديمقراطية ويتعرض لأخطر المؤامرات والتبعات الإجرامية المرعبة من ذلك الحرص على النظام البعثي الطغموي الفاشي؟ وهل الحرص على النظام الديمقراطي يساوي شيئاً من ذلك الحرص على مجرد العلاقة مع النظام البعثي الطغموي الفاشي؟ لقد كان بعض القياديين في لجنة تنظيم الخارج في براغ (لتخ) يتكتم ويعتم على صدور حكم الإعدام بحق رفيقنا كمال شاكر لئلا يحتج رفاق القاعدة الحزبية "ويُسمع صوتهم ويزعل حلفاؤنا البعثيون في الجبهة!". هذا مثل واحد من أمثال عديدة.
سادساً: أقول للسيد رائد ورفاقه القياديين: لو فرشتم الأرض وروداً ورششتم الهواء عبيراً وملئتم الجيوب نقوداً لما إنتخبكم الناس لأن الورد والعبير والغنى لا تمثل شيئاً للجثث الممزقة بمفخخات الإرهاب المعروف نسبه والمعروف داعمه والمعروف معاونه والمعروف المتستر عليه ومعروفة هي الطروحات الرعناء التي تبرره. إن تبرير الفعل، في المعيار الموضوعي شئنا أم أبينا، هو وقوفٌ مع أصحاب الفعل في خندق واحد. 
سابعاً: أخيراً، السلام على من أقرَّ بخطئه وإعتذر للجماهير.  وإلا فهي وصفة مثلى لطبخة دسمة للفشل وللعنة التأريخ الذي لن يرحم مستقبلاً ولم يرحم فيما مضى. إنها، أيها السادة، أرواح الناس الأبرياء فلا تعبثوا بها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): التقرير منشور في موقع "ينابيع العراق" الإلكتروني بتأريخ 8/11/2012 على الرابط التالي:
http://www.yanabeealiraq.com/ar0412/rf071112.html
(2): في مقابلة له مع فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 14/2/2011، برر السيد حميد مجيد موسى، أمين عام اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، فشلَ الحزب في إنتخابات 7/3/2010 بوجود الشحن الطائفي والإثني، كما قلل من أهمية الإنتخابات بإدعائه أنه "حتى إنتخابات زين العابدين وحسني مبارك قالوا إنها ترقى إلى المعايير الدولية" وهو أمر غير صحيح تماماً إذ لم يصرح ولم يدَّعِ أحد بذلك حتى أتباع النظامين. أما بالنسبة للشحن الطائفي والإثني فأقول: أليست هذه مشكلة حياتية ينبغي إتخاذ الموقف السياسي الصحيح حيالها (وليس الإكتفاء بطرح الرفض الفكري لها وحسب) بعد فهم مسبباتها وأصولها التأريخية وسبب ظهورها بعنف بعد سقوط النظام في عام 2003 وعلاقة ذلك بإفلاس الطغمويين الفكري والسياسي لذا طرحوا هذه الورقة الرابحة في إثارة التعصب ورفض الآخر وتأجيج الإرهاب والحفاظ على بعض التأييد والمواقع الشعبية [كما هو مشروح في الهامش رقم (3) أدناه] والسعي بشتى الوسائل لإستعادة حكمهم الطغموي؟ أليست الطائفية والعنصرية في العراق مثّلا الوجه العلني لصراع طبقي في حقبة هيمن فيها الطغمويون على ثروات البلد وتصرفوا بها بلا رقيب وكأن العراق ضيعة من ضيعاتهم لكنها غير مسجلة في السجل العقاري!؟
في الحقيقة لم تمتلك قيادة الحزب لا الوضوح الفكري (للتمييز بين الطغمويين والسنة العرب) ولا الشجاعة الكافية للوقوف الموقف المبدئي حيال القضية الطائفية وتأشير الجهة المذنبة وهم الطغمويون بل على العكس دخلوا مع الطغمويين (الذين خلط الحزب بينهم وبين السنة العرب في العراق والسنة براء من الطغمويين) في تآلف هو إئتلاف العراقية الذي سرعان ما فككته الحياة إذ إنسحب وزراء العراقية من الحكومة السابقة وبقي الوزير الشيوعي فيها ولم ينسحب حتى تشكيل الحكومة الجديدة بعد إنتخابات 7/3/2010 الخالية من أي وزير شيوعي فإنهال السب والشتم وقليل من النقد البناء بحق إئتلاف دولة القانون وزعيمه. إتخذ الحزب على العموم بعد ذلك موقف المحايد وراح يوزِّع مسؤولية إثارة الطائفية وآثامها على الجميع. لم تستطع القيادة لحد الآن الفكاك من المفاهيم التي أشاعتها النظم الطغموية وبالأخص النظام البعثي الطغموي الذي إعتبر الطائفية تعني التشيّع. هذه الحقيقة مسلَّم بها فعلياً ولكن لا يُصرح بها بسبب وجود لخبطة فكرية وربما وجود صراع فكري – سياسي  داخل الحزب وللخوف من غضب الجماهير.
(3): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
 (4): مازلتُ مصراً على أن العراق مدين لأمريكا بالشكر على تأسيس النظام الديمقراطي بعد إطاحة النظام البعثي الطغموي الذي بلغ من الجبروت حد الإقدام على تنفيذ سياسة واعية مبرمجة ممنهجة للتطهير العرقي والطائفي عبر الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وإقتراف جرائم حرب حتى أصبح غير قادر على إطاحته سوى الله أو أمريكا التي أطاحت به لا لسواد عيون العراقيين بل لأهدافها الخاصة ولكن العراقيين عرفوا كيف يحولون التغيير لصالحهم فاستعادوا إستقلالهم وسيادتهم وحافظوا على ثرواتهم النفطية.
أتمنى لو تستمر العلاقات الطيبة بين البلدين على أسس الشفافية والإحترام المتبادل القائم على المصالح المشتركة المتكافئة.
(5): حامل هذا الشعار "الحريات أولاً" هو السيد جاسم الحلفي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي. كيف يكون هذا الشعار هو الأول في الوقت الذي يتعرض فيه العراق إلى أشرس مؤامرة سيكون إجرام إنقلاب 8 شباط / 1963 "زلاطة" مقارناً بنوايا هذه المؤامرة في حالة نجاحها؟ [راجع الهامش رقم (8) أدناه رجاءً].
(6):  في الحقيقة لم أتبين بالدقة اللازمة فيما إذا كانت هذه الكلمات الأخيرة هي للسيد رائد أم كانت كلمات معد التقرير في صحيفة طريق الشعب. ولكن الأمر سيان فالرأي هو راي قيادة الحزب سواءً صدر من عضو المكتب السياسي أو من صحيفة الحزب المركزية.
 (7): كنتُ قد كتبت مقالاً حول الموضوع بعنوان: "هل الإرهاب بحاجة لتبريراتك يا ممثل الأمم المتحدة؟" على الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=327090
(8): قال السيد باقر جبر الزبيدي القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى ووزير الداخلية الأسبق في فضائية "الحرة – عراق" / برنامج "حوار خاص" بتأريخ 12/11/2012 بأن لديه تقارير إستخباراتية موثقة تشير إلى تطور التحذير الذي أطلقه عام 2007 ملك الأردن عبد الله الثاني (دون أن يذكر السيد الزبيدي إسم الملك) بشأن "الهلال الشيعي" الممتد من إيران فالعراق فسوريا فحزب الله وحماس - إلى حركة تسمى "جبهة النصر" يتزعمها الوهابيون (وليس الحكام السعوديون) الماسكون بشؤون الدين في السعودية يرمون إلى كسر هذا الهلال الذي بدأ، فعلاً، بالسطو على الثورة السورية السلمية. ويذهب الوهابيون في السعودية والمنطقة، وفق هذا المخطط، إلى أبعد من ذلك إذ يضعون سيطرة الوهابيين والأصوليين على المنطقة نصب أعينهم ويتطلب هذا شن حملة إبادة ضد الشيعة لا تتوقف عند قتل الرضيع كما كان شعار "القاعدة" بل يمتد إلى قتل الجنين الشيعي. وحذر السيد الزبيدي الكويت لكونها مشمولة في هذا المخطط ونبه إلى نشاط الأصوليين الإستثنائي فيها وفي الأردن. على أن أمريكا تستفيد من هذه التطورات لكنها تعود لمحاصرة السعودية بعد إنتهاء المهمة كما حصل مع طالبان في أفغانستان.
للعلم فإنني طالما نبهتُ، تحليلاً وتكهناً، إلى مخطط سعودي مماثل في المنطقة إبتداءً من عام 2006 عندما رددتً بتأريخ 29/11/2006 في صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية برسالتين على مقال في نفس الصحيفة للسيد نواف عبيد المستشار الأمني للسفير السعودي في واشنطن حيث حذر فيه من إحتمال تدخل عسكري سعودي في العراق لصالح السنة في حال إنسحاب القوات الأمريكية المبكر. أدناه ترجمة الرسالتين:
1-   الرسالة الأولى:
دع السيد نواف عبيد يفصح عن "التداعيات التي هي اسوء بكثير من التداعيات المترتبة على عدم تحرك السعودية" في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق، على حد قوله. لو كان السيد نواف صادقا، بما فيه الكفاية، لأجابنا بما يلي: إن العراقيين قادرون على بناء نظام ديمقراطي بمساعدة الولايات المتحدة (إن لم يكن بدافع الحب للديمقراطية فبدافع الحفاظ على أرواح الناس العراقيين من الفناء، وبالأخص الشيعة والكرد، الذين تعرضوا لجرائم الإبادة الجماعية تحت نظام صدام حسين؛ ذلك النظام الذي يسعى السعوديون وغيرهم في المنطقة إلى اعادة فرض نظام شبيه له من جديد على العراقيين).

وإذا كان السيد عبيد صادقا، ثانية، لأضاف قائلا: تشكل الديمقراطية لنا، نحن السعوديين، مرضا قاتلا كمرض الإيدز.
عندئذ سأقول هذا هو كلام الحق والصدق. أما الحديث عن قتل السنة والتدخل الإيراني فهذا كلام سخيف.

علينا أن نتذكر أن النظام السياسي السعودي هو من أشد النظم في العالم رجعية وتخلفا؛ وأن سجله في مجال حقوق الإنسان لهو أسوأ سجل. وهتان الحقيقتان هما اللتان أنتجتا 16 إرهابيا من أصل 19 قتلوا 5000 إنسانا بريئا يوم 11/9/2001.

2-   الرسالة الثانية:
 " إذا نظرنا إلى الأمور من زاوية أخرى، فقد يكون ما كتبه السيد نواف عبيد إفصاحا عن خطة مستقبلية أمريكية- إسرائيلية- سعودية لمصلحة هذه الأطراف. ربما أيقنت الولايات المتحدة وإسرائيل بعدم قدرتهما على منع إيران من تطوير سلاحها النووي. عليه فربما فكرا بتعطيل فاعلية هذا السلاح "الشيعي" ضد إسرائيل عن طريق مواجهته بالسلاح النووي "السني" الباكستاني وتحييده...... وهكذا تنشأ قضية جديدة في الشرق الأوسط تستنزف العرب والمسلمين للقرن الواحد والعشرين، بعد أن يسدل الستار على قضية الشرق الأوسط الحالية أي القضية الفلسطينية التي استنزفتهما طيلة القرن العشرين. ولكن الإحتدام الكارثي هذه المرة سيكون سنيا – شيعيا على نطاق العالم. وبهذا ستحصن العائلة المالكة السعودية الرجعية الشمولية الأوتوقراطية نفسها من مرض الديمقراطية الكريه."

(9): نقلاً عن تقرير حول الندوة التي عقدت في الشطرة كتبه السيد فاضل العبودي في صحيفة الحزب الشيوعي "طريق الشعب" بتأريخ 14/11/2012.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر هذا المقال على الروابط التالية:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=332589







 




22
إعتراف صريح جديد  لإئتلاف العراقية
محمد ضياء عيسى العقابي
بالأمس إعترف القيادي في ما تبقى من إئتلاف العراقية الدكتور جمال الكيلاني بعدم إمكانية عقد مؤتمر وطني للقوى السياسية(1). كان الرجل صريحاُ جداً وتمنيتُ لو حذا حذوه الآخرون من رفاقه، وتنبَّهَ اللاغطون من بعض الكتاب الفاشلين إلى المخاطر التي تحيط بمسيرة العراق نحو الديمقراطية. أدرجَ الدكتور الكيلاني سببين للحيلولة دون عقد هكذا مؤتمر وإنهاء الأزمة. وهما وبكلماته هو:
أولاً: " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق "،
ثانياً: ضرورة " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق ".
لا أجد حاجة إلى التوسع في مناقشة هذين الطرحين لسببين:
1-   وضوحهما، فإقامة المدان طارق الهاشمي في تركيا "مرفرفاً" بين السعودية وقطر تلقي الضوء على التدخل الأجنبي،
2-    كنتُ قد ناقشتهما مرتين في مقالين منفصلين أحدهما بعنوان: "إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة" والآخر بعنوان: "من يتحمل مسؤولية إدامة الأزمة؟"
اليوم يأتي قيادي آخر ومنظِّر مهم في إئتلاف العراقية ليؤكد ويستكمل رأي الدكتور الكيلاني ويطرح ما هو أخطر بكثير. فقد نقلت الفضائيات عن القيادي الدكتور طلال الزوبعي أفكاراً "ثورية" كالتالي:
1-   بتأريخ 19/9/2012 وفي ندوة نقاش في فضائية "العراقية" بعنوان: "عودة السيد الطالباني وإحتمال التفاهم"، ضمت الدكتور طلال الزوبعي والدكتور عادل مراد، عضو المكتب السياسي ل"الإتحاد الوطني الكردستاني"، والسيد عبد الحسين عبطان، نائب عن كتلة "مواطنون"، قال الدكتورالزوبعي:

 "النظام السياسي العراقي قائم على مشكلة، يجب إعادة هيكلة النظام السياسي".
أعتقد أن "المشكلة" التي قصدها الدكتور الزوبعي قد  شخَّصها وأجاب عليها الدكتور عادل مراد أثناء حديثه، بكل عمق وشجاعة ومسؤولية ووضوح، إذ قال:
"هناك كتلتان في العراق: فهناك كتلة تريد العراق الديمقراطي الفيدرالي، وهناك من لا يريد ذلك. هذه هي المشكلة الحقيقية؛ ويجب عدم التعويل على الكلام والإنشاء والترقيع. مثلاً: الإرهاب، مَنْ معه ويتناغم معه؟"

2-   نقلت فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 4/11/2012 عن الدكتور طلال الزوبعي ما يلي:
"على الجمهور ألا ينتظر أي شيء من المؤتمر الوطني لأن الوضع ليس بحاجة إلى إصلاحات بل إلى تغيير جذري، بين قوسين ثورة".
لم يوضح الدكتور طلال سبب عدم تعويله على صناديق الإقتراع بدل الثورة التي لم يوضح، أيضاً، فيما إذا يريدها مسلحة أم سلمية على غرار الثورة السورية!
ألم أكن على حق عندما دأبتُ على القول أن أس المشكلة العراقية أو ما تسمى بالأزمة تكمن في إصرار الطغمويين(2) على إستعادة حكمهم الطغموي الطبقي بأية وسيلة كانت؟
هل أن القذائف الثقيلة لإئتلاف العراقية بدأت بالإنهمار على العراق، الطامح إلى الديمقراطية الفيدرالية، عندما تراءى لقادة ذلك الإئتلاف أن ساعة "الفرج" قد إقتربت عندما بدا أن السيد (ميت رومني) كان قاب قوسين أو أدنى من الفوز في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بناءً على إستطلاعات الراي العام التي أظهرت أن المرشحَين قريبان من بعضهما مع تفوق طفيف للحاكم رومني على الرئيس أوباما في بعض الأحيان(3)؟ هل تناغم الإرهاب داخل العراق وجَمَعَ فلوله ليضرب، وهو لاهثٌ، بهدف تزويد السيد رومني بما يؤكد إنتقادَه الرئيسَ أوباما بالقول إن "الرئيس قام بإنسحاب غير مسؤول من العراق لأن الديمقراطية العراقية مازالت هشة وأن الإرهاب قوي ويهددها!!"؟ (أي وبصريح العبارة، أراد السيد الحاكم رومني أن يقول: علينا الضغط للتدخل العسكري لمساعدة العراقيين وشركات نفطنا!!).
والم يكن الدكتور عادل مراد على حق عندما قال بأن جذر المشكلة تتجسد بأن هناك من لا يريد عراقاً ديمقراطياً فيدرالياً، ويتناغم مع الإرهاب؟
هل سينتبه إلى المخاطر المحدقة بديمقراطية العراق المرجوّة، التي لم ولن تتوفر للعراق فرصةٌ ممائلة أبداً، وهل سينتبه إلى المخاطر المحدقة بثرواته النفطية وبالتالي بسيادته، الغافلون عن خطورة الموقف واللاهون بمواضيع الطعن والتشهير والتسقيط وعلم الغيب والأحكام المسبقة والهروب نحو الأمام وبأمور أخرى لا مبرر لها(4)؟ لماذا لا يقولون كلمة الحق بخصوص إئتلاف العراقية ودور زعيمها التخريبي؟ هل هو الخوف من إرهابهم أم هي الإنتهازية السياسية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تصريح الدكتور الكيلاني منشور في موقع "عراق القانون" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21013
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): لسوء حظ إئتلاف العراقية فقد فاز السيد باراك أوباما على الحاكم ميت رومني بفارق كبير.
(4): من هو أوجب وأكثر إلحاحاً: الدفاع عن ديمقراطية العراق الفتية وثرواته وسيادته في وجه نشاطات الأعداء المتنوعة والمحمومة الداخلية والخارجية (وتصريحات السيدين الكيلاني والزوبعي مثال ساطع)، أم محاولة عقد مؤتمر في السليمانية بعنوان: "المؤتمر الأول لهيئة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق" وكأنّ الحرية الدينية مفتقدة في العراق وبالأخص خارج كردستان؟
لقد أعلمني الرفيق عزت إسطيفان (أبو يوسف) بالحقائق التالية التي تشكل تقييماً حياً للأوضاع في العراق، لذا فهي تدحض كل ما يفترضه ويوحي به المؤتمر المزمع عقده. أعتقد أن عقد المؤتمر سيكون مبرراً فقط في حالة إصدار قرار بحل هيئة الدفاع أو تبديل إسمها إلى "هيئة متابعة أحوال أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العراق".  وإذا كان لابد من التمسك بالهيئة كما هي فمن المفترض أن يتناول مؤتمرها حال الطائفة الوحيدة في العراق التي تعلن حركات التكفير العالمي، وعلى رأسها مفتو السعودية الشرعيون الرسميون،  حربَ الإبادة ضدها بصورة رسمية لا مواربة فيها، وإرهابها المستديم منذ سقوط النظام البعثي الطغموي ولحد هذه اللحظة خير دليل على ما أقول. وهذه الطائفة هي الطائفة الشيعية التي تشكل 62% من سكان العراق (حسب معلومات الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك التي ضمنها في رسالته إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن محذراً إياه من إقامة ديمقراطية في العراق!!!). ومن المفترض أيضاً أن يدافع المؤتمر عن حق هذه الطائفة في ممارسة حقها في إقامة شعائرها الدينية المذهبية في وجه اللغط والإرهاب الذي يتصدى لها، وذلك من منطلق حقها الذي كفلته وثيقة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة الصادرة عام 1948:
أولاً: لأول مرة في تأريخ العراق يُقام نصب تذكاري للشيوعي والشخصية الوطنية والإجتماعية المسيحي توما توماس في مسقط رأسه مدينة (القوش)،
ثانياً: لأول مرة تنتخب مدينة (القوش) مدير ناحيتها وهو المسؤول الإداري الأعلى،
ثالثاً: لأول مرة ومنذ (1400) سنة يقام قداس في مدينة (الحيرة) قرب النجف؛ ومن ثم يلتقي زعماء الوفد، بضمنهم ممثل الفاتيكان في العراق، بآية الله العظمى السيد علي السيستاني الذي رحب بهم،
رابعاً: قدمت، قبل سنوات، شقيقته معاملة للعودة إلى الوظيفة في وزارة الري. قابلها الوزير (الصدري) بكل إحترام وكان على علم أنها من مدينة (القوش) المسيحية ومن عائلة شيوعية. رحب بها وإعتذر لها لعدم توفر الصلاحية لديه للتعيين الجديد أو إعادة التعيين؛ لكنه إقترح عليها تعيينها بأجور يومية وفي مدينة (تلكيف) القريبة من (القوش) ريثما تطلق صلاحيات التعيين،
خامساً: عند إشتداد الإرهاب الطائفي وهروب كثير من العوائل المسيحية وغير المسيحية من مناطق مختلفة في بغداد والعراق، كانت الوالدة والشقيقة تقطنان في مدينة الأمين الثانية الواقعة تحت حراسة جيش المهدي وقد شعرتا بالأمان التام هناك. كما أن العوائل المسلمة المحيطة بدارهن أبدت لهما الطيبة والألفة والمحبة،
سادساً: يشيد المسيحيون من أهالي البصرة بالعلاقات الطيبة التي تربط جميع أصحاب الديانات المتنوعة هناك،
سابعاً: لأول مرة في تأريخ العراق يعلن مواطنون مسلمون في الناصرية إنتمائهم للقومية الكلدانية،
ثامناً: الإرهاب طال جميع الطوائف العراقية.
إضافة إلى ذلك، أضيف ما يلي:
تاسعاً: طالما إمتدح الأخوة الصابئة المندائيون علاقاتهم الطيبة مع الأهالي في المناطق الجنوبية من العراق،
عاشراً: في أوج تصاعد الحرب الطائفية، صرح رجل دين مسيحي بأن السيد علي السيستاني قد أعلمهم بأن أبواب النجف مفتوحة لهم في حالة تعرضهم لأي أذى أو خطر.
حادي عشر: لم تشهد علاقات الأزيديين مع المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى المجاورين لهم أي توترات. وقد تعاطفوا معهم عندما تعرضوا للأعمال الإرهابية البشعة.
ثاني عاشر: مازال العراق يلاحق إسترجاع الآرشيف اليهودي العراقي الذي وضعت أمريكا اليد عليه ونقلته إلى هناك. إنه جزء من الذاكرة والتراث العراقيين،
ثالث عشر: يتعرض الشبك لهجمات إرهابية متلاحقة ولم تخصص لهم الحكومة حماية خاصة علماً أن الشبك "طائفيون" (لكونهم شيعة وهو معيار الطائفية لدى البعض!!) كما أن رئيس الحكومة ووزير الداخلية بالوكالة هو "طائفي" أيضاً (لكونه شيعياً أيضاً!!) ويفترض فيه أن يهرع لحمايتهم كما يفترض البعض!
رابع عشر: طالب السيد وليام وردة، أمين عام إحدى منظمات المجتمع المدني العراقية، في ندوة شاملة عن أوضاع المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط في فضائية الحرة قبل سنتين تقريباً، - طالب بتمثيل المسيحيين في مجلس النواب العراقي لا حسب عددهم السكاني بل حسب دورهم التأريخي. إنه مقترح يشير إلى الثقة الممنوحة من السيد وردة للديمقراطية العراقية ومدى ثقته بتفهم المجتمع العراقي لأوضاع المكونات العراقية الفسيفسائية الجميلة.   
 


23
هل هي مشكلة البنك المركزي أم مشكلة المثقفين العراقيين؟
محمد ضياء عيسى العقابي
للوهلة الأولى، وأنا أحاول تشكيل فكرة عما جرى في البنك المركزي العراقي، ظننتُ أنني أمام قضية عويصة تشتبك فيها إختصاصات علوم المالية والإقتصاد والتجارة والمؤسسات (المالية – الإقتصادية – التجارية) الدولية و"علم" الفساد وغيرها من الإختصاصات، كما لم تغرب عن بالي أبداً "نظرية المؤامرة" التي أعتبر، بكل ثقة، أن من يتجاهل حضورها في أحداث الشرق الأوسط عموماً والعراق خصوصاً، لهو جاهل بأمور السياسة.
بعد التفحص والإمعان تبين لي أن هناك قضية عويصة بالفعل، ولكنها ليست في قضية البنك المركزي بل في معظم كتّابنا وإعلاميينا ومثقفينا الأكارم وغير الأكارم.
قضية البنك المركزي سهلة للغاية: شخَّصَ القضاء أربعة تهم بناءً على مخالفات جنائية مضافةً إليها تهمة جنائية خامسة تتعلق بغسيل أموال مقدارها (800) مليون دولار تخرج أسبوعياً من العراق (أي أكثر من 3.2 مليار دولار شهرياً أي 40 مليار دولار سنوياً... أينكم يا من لم تنقطعوا عن الصراخ: "أين تذهب أموال العراق يا مالكي؟"!!!) ، فأصدر القضاء مذكرات توقيف بحق محافظ البنك المركزي الدكتور سنان الشبيبي وألقي القبض بالفعل على (46) موظفاً في البنك (30) منهم أمرأة. ولم يفعل ذلك المالكي بل القضاء العراقي. تحرك القضاء بعد أن إقتنع بالأدلة التي توفرت بين يديه وهي تقرير اللجنة التحقيقية النيابية وتقرير لجنة النزاهة وتقرير ديوان الرقابة المالية.
هل هناك من طلسم في هذه الإجراءات؟ كلا فكلها إجراءات قانونية صرفة. وهل هناك من عجب في وجود فساد في البنك المركزي؟ كلا فالفساد منتشر كما يعلم الجميع؟ وهل هناك من عصمة لأيًّ من أبناء البشر هذا اليوم؟ كلا وألف كلا.
هل كان الفساد ضارباً أطنابه في البنك المركزي منذ مدة أم هل أن الحملة الإعلامية الظالمة التي شُنت ضد الحكومة من قبل المخربين والمغرضين والفاشلين قد أوحت لموظفي البنك بتمتعهم بحصانة ضد الحساب والمسائلة ما قد تكون أغرتهم، هذه الطمأنينة، إلى سلوك طريق الفساد وقد قيل من أمن العقاب أساء الأدب، لذا تم إلقاء القبض، بأمر قضائي، على (46) موظفاً في البنك بينهم، للأسف، (30) إمرأة بإنتظار حكم القضاء؟
فلماذا، إذاً، يولولون؟ الجواب: ربما هناك البعض ممن لم يستطع التخلص من ممارسة عبادة الفرد التي كانت شائعة أيام الجمود العقائدي؛ فيريد العبادة لنفسه ويطرحها كمن يريدها لغيره.
عجيبة هي أوضاع العراق الفكرية. فهناك العلماني التقدمي الذي يقول هناك صراع طائفي في العراق؛ ويجيبه رجل الدين أن هناك صراع سياسي ومصالح أي صراع طبقي. والأول يقول إن صاحب الكفاءة منزه ومعصوم، ورجل الدين يقول إن كل البشر خطائون . تتحرك الحكومة على قضية فساد فيصرخ العلماني التقدمي بوجهها: لماذا تحركتِ؟ ثم يصرخ: إن الحكومة فاسدة ولا تلاحق الفساد.
خلاصةً: هذا الصنف من العلماني التقدمي يسيء لليسار وليته يصمت ويريحنا ويريح العراق واليسار.
إن ما أقدم عليه القضاء ليس بإجراء غير قانوني، حتى بمعيار منظمات حقوق الإنسان الدولية التي تتشدد أكثر من اللازم مع العراق لأسباب سياسية بإعتقادي. وليس منافياً للقانون إصدارُ بيان يقول: أصدرَ القضاء مذكرة إعتقال بحق فلان وفلان بتهمة كذا وكذا. فهذه هي الشفافية التي يطالب بها الجميع. أليس الأمر كذلك، أم أن شفافية البعض إنتقائية؟ ألم يصدر بيان بشأن إعتقال السيد (كان) رئيس صندوق النقد الدولي والمرشح للرئاسة الفرنسية، بسبب بلاغ من عاملة الفندق إتهمته بالتحرش الجنسي؟ ألم يصدر بلاغ بإتهام وإعتقال السيد (مادوك)، الرئيس السابق لمؤسسة نازداك التي تصدر يومياً مؤشر نازداك الإقتصادي لشركات التكنولوجيا المتقدمة، بتهمة التحايل على زبائنه وجني مبلغ (56) مليار دولار منهم؟
لقد أفاد السيد ستيوارت باون المفتش العام الأمريكي لإعادة إعمار العراق، بوجود وثائق تثبت إستخدام بعض هذا المال (أي 800 مليون دولار أسبوعياً) لتمويل الإرهاب (الحرة – عراق في 2/11/2012).

أريح المتصيدين بالماء العكر فأقول إن السيد صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات (الذي لا يمكن إتهامه بإمتلاكه ذرة عطف على إيران!!!)، قد قال إنه لا تتوفر لديه أية معلومة تشير إلى تورط إيران في هذا الموضوع. ربما جاء هذا التصريح رداً على الموتور ابداً النائب الدكتور أحمد العلواني (من إئتلاف العراقية) الذي حشر إسم إيران قسراً دون أن يتهمها ولكنه أراد فقط التخبيث عبر الحشر القسري والتلاعب بالكلمات. 
على إعلامنا وبعض مثقفينا وكتابنا إفهام الجمهور العراقي القاعدة القانونية التي تقول: المتهم بريء حتى تثبت إدانته؛ بدل محاولتهم ثني الحكومة عن أداء واجبها في مكافحة الفساد وهم الأكثر عويلاً بذريعة إنتشاره في جسد الدولة العراقية والمجتمع.
 أنا أشاطر الكثيرين أسفي لتوريط الدكتور سنان الشبيبي،  صاحب الكفاءة كما يقول من يعرفه ومحافظ البنك المركزي، وذي الخلفية العائلية الوطنية الناصعة، في هذا الأمر. أقول "توريط" لأنني أعتقد، وآمل أن يثبت القضاء صحة إعتقادي، بأن تخريباً منظماً كان يجري من وراء ظهره في تلك المؤسسة الحيوية التي تستطيع أن تخنق العراق وتدمر نظامه الطامح إلى الديمقراطية بقدر ما حاول الإرهاب، وبأشد مما فعله حجب الكهرباء عن العراقيين بخطة مدبرة.         
المصيبة تجسدت في المقالات النارية التي كُتبت حول الموضوع. فكلها تباكت على العدالة المهدورة وتباكت على إستقلالية البنك المركزي وعلى النيل من أصحاب الكفاءات ومحاولة تهشيمها خوفاً منها؛ وكل ذلك وأكثر جاء لمجرد توجيه الإتهام، في الوقت الذي دأب فيه هؤلاء الكتاب ومنذ سنين ولحد الآن يوجهون سيولاً من الإتهامات والتجريح والشتائم ويجرون المحاكمات صورياً وغيابياً دونما أدلة وشهود ويصدرون الأحكام، الثقيلة في الأغلب والمتوسطة عندما تأخذهم الرأفة النادرة، ويقلبون الأرض عاليها سافلها بحق رئيس الوزراء بالأخص، دونما رادع من ذاتهم وضميرهم يذكّرهم بالعدالة التي يتباكون عليها اليوم في مسألة البنك المركزي. هل قال أحدهم: دعونا ننتظر حكم القضاء في هذه القضية أو تلك فهو جهة الإختصاص؟ كلا لم يقل أحد ذلك لأن كل واحد منهم يظن أن له الحق في أن ينصِّب نفسه الخصم والحكم وطز على الدستور والقضاء ومجلس النواب والحكومة والشعب "الذي يُساق كالنعاج" على حد قولهم. يا له من غرور فارغ وأنانية مفرطة!! إن التصفير يريح الفشل.
أنا واثق أن معظم هؤلاء الكتاب لا يسأل نفسه، كما أفعل أنا ولأسباب وجيهة، فيما إذا كان طرح قضية البنك المركزي على هذه الشاكلة، التي طرحوها، هي من إنتاج جهات ذات إختصاص في التخريب أولاً، وذات تمويل (سعودي – قطري) سخي ثانياً، وترمي لتحقيق سلسلة أهداف خطيرة جداً على المصلحة الوطنية العراقية ثالثاً. 
الهدف وتكتيك الوصول إليه واضحان للعيان: فالطغمويون والحزب الديمقراطي الكردستاني والسعودية وقطر وتركيا وشركات النفط وإسرائيل يريدون تخريب العلاقات المتكافئة الشفافة بين العراق والولايات المتحدة، التي هي بالأساس علاقات هشة لتمسُّك الحكومة العراقية بسياستها المستقلة بشأن إيران وسوريا. أما التكتيك فيتمثل بالسلسلة التالية من الأفعال وردودها وتداعياتها:
محاولة تحويل المعركة بين الحكومة العراقية والبنك المركزي من مسألة متابعة مخالفات جنائية تنطوي على فساد وغسيل أموال إلى معركة متعلقة بسياسة وفلسفة البنك المركزي وعلاقته بالمؤسسات المالية والتجارية الدولية. إن فتح معركة على هذا الأساس سرعان ما ينقلها إلى معركة بين الحكومة العراقية وبين المؤسسات المالية الدولية تحت برقع إستقلالية البنك المركزي والإقتصاد الحر... ووو (وفي الجوهر قد تعني، بقدر ما، الهيمنة على مال العراق وإقتصاده ووجهته). وأكثر من هذا، فإن المعركة مع المؤسسات الدولية سرعان ما تنتقل إلى معركة بين الحكومتين العراقية والأمريكية. وهذا هو بيت القصيد بالنسبة لذوي المصالح الخاصة الضيقة وعلى الوجه التالي:
شركات النفط: إنها لا ترضى بسلوك الحكومة العراقية النفطي بالعمل وفق مبدأ "عقود خدمة" ومنح المقاولات بموجب هذا المبدأ وعبر جولات التراخيص العلنية الشفافة التي إستُبعِدَت منها تلك الشركات بسبب مخالفتها الشروط. إن الشركات تريد فرض مبدأ "المشاركة في الإنتاج" وهو المبدأ الذي إتفقت عليه شركة أكسون موبيل مع حكومة إقليم كردستان دون موافقة الحكومة الفيدرالية لعدم علمها بصيغة التعاقد ولا بحيثيات وشروط العقود مما دفع الحكومة الفيدرالية إلى إستبعاد أية شركة تتعامل على هذا الأساس مع حكومة الإقليم. ظهر العنصر السياسي (إضافة إلى الإقتصادي السخي) في مثل هذه الصفقات عندما نقل السيد رئيس الإقليم تهديد شركات النفط إلى رئيس الحكومة الفيدرالية بقوله: "شركة أكسون موبيل لها قوة تعادل عشرة فرق عسكرية وإذا دخلت بلداً فلا تغادره" أي على السيد المالكي أن يلحق بالشهيد عبد الكريم قاسم الذي تلقى مثل هذا التهديد آنئذ.
لقد أعدت شركات النفط لنفسها "حلفاء" داخل العراق لخوض معركة مع حكومته وهم الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه السيد مسعود برزاني، وما تبقى من إئتلاف العراقية بزعامة الدكتور أياد علاوي وكل منهما موعود بتلبية مطاليبه الشخصية والطغموية* والعشائرية والحزبية الضيقة. كما وجدت شركات النفط لنفسها حلفاء في المنطقة ذوي مصالح خاصة بكل منها تقوم بالتآمر على العراق وهي: السعودية التي تريد إبعاد شبح الإستحقاق الديمقراطي وحقوق الإنسان عنها بإثارة صراع طائفي في المنطقة ومحاولة تخريب المسار الديمقراطي العراقي؛ وتركيا وأطماعها، وقطر وطائفيتها من جهة وطموحها في الإنتفاخ الأجوف، وإسرائيل وعزمها على ضرب المفاعلات النووية الإيرانية التي لا يمكن ضربها بالطائرات ولا بالصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى. لذا فهي بحاجة لمغامر كالسيد اياد علاوي ليقحم العراق في حرب مع إيران لتتسلل إسرائيل تحت جناحها لأداء المهمة.
لقد كان المالكي أذكى منهم جميعاً؛ فلم ينازل البنك المركزي على فلسفته في العمل تفادياً لمواجهته بجبهة عريضة جداً غير شريفة تتمنطق بالمهنية وعلوم المال وتريد خنق العراق؛ تبدأ من أمريكا، وتحديداً شركات النفط فيها، مروراً بمنطقة الشرق الأوسط وصولاً إلى العراق ذي الطبقة المثقفة البائسة في بعض مفاصلها. بل إفترض المالكي أن الذي يهيء الإنتحاريين والمفخخات لابد وأنه يخترق البنك المركزي محاولاً خنق العراق بأيسر من قطع مياه دجلة والفرات عنه وشن الإرهاب الكافر عليه. لذا راقب المشهد وتجسس على البنك وأعلم مجلس النواب بالأمر الذي تحرك وضبط الجرم ووضع معطياته بيد القضاء وتحرك القضاء وخسئ اللاغطون من مسودي المقالات السخيفة.
أعتقد أن الإدارة الأمريكية، برئاسة السيد باراك أوباما، الذي أتكهن، بل أتمنى لصالح العراق والعالم وأمريكا، أن يستمر في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، غير تواقة إلى كسر العصا مع الحكومة العراقية المنتخبة لسببين: الأول خوفها من دفع العراق نحو إيران؛ والثاني لكون الحزب الديمقراطي يمثل الرأسمالية المتوسطة عكس الحزب الجمهوري الذي يمثل البرجوازية العليا في شركات النفط والسلاح.
لذا فإن شركات النفط تسعى بكل قوة إستخدام تأثيرها في المنطقة لتوتير العلاقة بين أمريكا والعراق لحمل الحكومة الأمريكية عنوة إلى الوقوف بجانبها بقوة ووضوح ضد الحكومة العراقية.
ألمس أن معظم مثقفينا لم يدركوا أنه بعد أن عجز الإحتلال من إفساد القادة السياسيين الحاليين، عمدت شركات النفط عبر إمتداداتها في المؤسسات المالية والسياسية إلى مضاعفة الجهد لخلق طبقة مالية تجارية فاسدة أسماها الخبير الإقتصادي والمستشار الدولي الدكتور فاضل عباس مهدي ب"اللوبي التجاري" العراقي. لقد كان الضغط على البنك المركزي لإتِّباع سياسات متزمتة يصبَّ لصالح الإفساد تحت يافطة "الإستقلالية والإنفتاح". لقد بدأت هذه السياسة حتى قبل إنطلاق حملة إعادة إعمار العراق بأموال أمريكية وما رافقها من فساد طال الأمريكيين والعراقيين وربما إختفى بسببها مبلغ (17) مليار دولار عائدة للعراق كانت مودعة في صندوق النفط مقابل الغذاء بموجب مذكرة التفاهم بين العراق والأمم المتحدة. لقد نوه أعضاء في مجلس النواب أثناء إنعقاده قبل سنتين تقريباً بحضور السيد عبد الباسط تركي، رئيس ديوان الرقابة المالية، بأن السيد بول بريمر قد سلم الدكتور أياد علاوي، عضو مجلس الحكم، مبلغ مليار وثلث المليار دولار نقداً ولم يقدم الدكتور أياد أية وصولات بالصرف.
رغم إعتراف السيد ستيوارت باون، المفتش العام لإعادة إعمار العراق، بالفساد الذي ضبطته حكومة المالكي في البنك المركزي، إلا أنه لم يهن عليه أن يُثبت ذلك براءةَ المالكي من تهمة محاولة التدخل في سياسة وإستقلالية البنك المركزي، لذا إستكمل تصريحه آنف الذكر، بما لا يعنيه وكأنّ في حلقه غصة، إذ إتهم رئيس الوزراء بمحاولة الهيمنة على الهيئات المستقلة كالبنك المركزي وهيئة النزاهة. إنه تخوف "مشروع" من إحتمال زعزعة الصرامة والتزمت اللتين تفرضهما المؤسسة المالية الدولية على العراق بذريعة خضوعه لطائلة الفصل السابع – وهي الزعزعة التي سيولدها إكتشاف ومحاكمة مرتكبي جرائم الفساد في البنك المركزي. لذا أراد السيد ستيوارت تداركها مقدماً. كان الأولى بالسيد باون أن يعلمنا ما حل بالتحقيق بشأن أل (17) مليار دولار من أموال العراق "المفقودة" بدل أن يردد لنا تهماً سياسية لا تستند إلى واقع وأصبحت معروفة المصدر والهدف. يبدو لي أنه أسف على تنحية رئيسي هيئة النزاهة الأسبق والسابق الذي برر نوابٌ مسألةَ تنحيته بعدم المضي في التحقيق بقضايا كبيرة أحالها رئيس الوزراء إلى لجنة النزاهة، وربما كان الفساد في البنك المركزي أحدها، ولكنه لم يجرؤ على التحقيق فيها خوفاً من إصطدامه بالأمريكيين والإرهابيين، على أغلب الظن.
لقد وقع بعض المثقفين، الجاهزين أبداً للنيل من الحكومة وفق قاعدة "على حسّ الطبل خفَّن يرجليَّه" لأنها حكومة ديمقراطية غير مؤذية فهي غير مُهابة، - وقع ذلك البعض في مطب لا يحسد عليه. فلم يستطع أحد، حتى الأمريكيين، من الإدعاء بأن الإجراءات المتخذة ضد بعض موظفي البنك المركزي لم تكن ترتكز على مخالفات فساد جرمية أو كانت مستندة إلى محاولة تهشيم الكفاءات العلمية الوطنية. بينما ملأ ذلك البعضُ الأرضَ جعجعةً بهتين التهمتين، فإرتدوا على أعقابهم مناقضين أنفسهم.
بالطبع كل إنسان يقول ما يريد بمنتهى الحرية في العراق الجديد. غير أن ما يؤسف له أن البعض يتكلم من موقع اليسار، ولكنه يطرح طروحات تسيء إلى اليسار. ومن بين أولئك هو ذلك البعض الذي يقف، من حيث يعي أو لا يعي، في خندق واحد مع شركات النفط ومع أعداء الديمقراطية الداخليين والخارجيين بل إلتقى فكرياً حتى مع الإرهابيين. وهو أمر مدان.

إقترف ذلك البعض نوعاً آخر من الإساءة لليسار العراقي. إذ كان يلقي بقذائفه ذات العيار الطائفي والعنصري والعبثي وهو مختبئ تحت برقع الحزب الشيوعي نفاقاً؛ فأساء إليه. غير أن هذا الغطاء قد مزقه الحزب بعد لقاء بعض قيادييه برئيس الحكومة وإعلان الحزب عن تطابق وجهات نظرهما في المسائل الأساسية؛ فإنكشف أولئك المتبرقعون وأضحوا عراة بائسين، وبعضهم بانوا كمرتزقة مأجورين يخدمون، في التحليل الأخير عن إدراك أو غير إدراك، شركات النفط الإحتكارية والنظام السعودي الشمولي والنظام القطري وكيل اليمين المتطرف الإسرائيل في المنطقة، وبالتالي فهم أعداء شعبهم العراقي الذي طالما تغنوا، أيام زمان، بشموخه وبطولاته.
فمشكلة البنك المركزي، إذاً، لم تناقش بموضوعية لأن البنك والكفاءات والمصلحة الوطنية ليست هي المهمة لدى البعض. النيل من الحكومة ورئيسها هو الأهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181


24
مهلاً يا دكتور برهم صالح
محمد ضياء عيسى العقابي
[انتقد نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني برهم صالح ما وصفها بمحاولات غير مشروعة في بغداد لتشويه صورة إقليم كردستان وتهيئة جو ضد الكرد.
 وأضاف صالح لدى استقباله وفدا من الصحفيين والإعلاميين والمثقفين العراقيين في السليمانية اليوم أنه تمت دعوة الوفد لاطلاعه على حقيقة المشاكل، وأنها "ليست من الكرد وكردستان"، وقال إن المشكلة في بغداد حيث تكالبت قضايا سياسية وأمنية واقتصادية وخلقت الأزمة الحالية، حسب قوله].
هذا مقتبس من تقرير منشور في موقع فضائية "الحرة – عراق" الإلكتروني بتأريخ 17/10/2012.
أنا من محبي الشعب الكردي على طول الخط منذ ستة عقود تقريباً ومن المؤمنين بحقه المطلق في تقرير مصيره وتوحيد أمته التي أدامت تمزيقها معاهدات "سايكس – بيكو" بقدر ما أُحبُ توحيد الأمة العربية الممزقة هي الأخرى بموجب تلك الإتفاقيات أيضاً. كنتُ، كغيري من التقدميين، مؤيداً للإنتفاضة الكردية في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم رغم الشكوك بإحتمال إندلاعها بتحريض من شاه إيران لإقطاعيين أكراد كان على رأسهم الإقطاعي رشيد لولان ولم يستطع المرحوم الملا مصطفى إلا مجاراته لقطع الطريق على مزايداته. أتاح هذا الأمر المجالَ واسعاً أمام القوى الطغموية(1) في الجيش العراقي لتعميق الأزمة من جهة ولإستغلالها في التهيئة إلى إسقاط ثورة الرابع عشر من تموز فسقطت بالفعل يوم 8 شباط الأسود عام 1963 على يد إنقلابيين عسكريين طغمويين وحزب البعث الطغموي موجَهين من قبل وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) فقاموا بإغتيال زعمائها وإغتيال أعداد غفيرة من الشيوعيين والديمقراطيين واليساريين والمستقلين وأعاد ذلك الإنقلابُ العراقَ عشرات السنين إلى الوراء.
أريد هنا أن أقول للدكتور برهم صالح الذي أُكنُّ له إحتراماً خاصاً لحصافته وواقعيته وإتزانه (لدرجة أنني إقترحته رئيساً للجمهورية في حالة حصول عائق صحي للرئيس الطالباني وذلك في أحدى مقالاتي قبل تشكيل الحكومة الحالية قبل سنتين تقريباً(2)) : إنك قد أخطأتَ يا دكتور. كنتُ أتمنى أن أجد في تقرير فضائية الحرة ما يقنعني بأن المشاكل "ليست من الكرد" ولكنني لم أجد شيئاً من هذا القبيل سوى التهمة وليس دليلها. غير أنني وجدتُ  ما يدعم عكس الذي قلتَه وقد إلتقتطه مما أصبح معروفاً للقاصي والداني. في الحقيقة، يا دكتور، ما عاد هناك من دور تؤديه "محاولات غير مشروعة في بغداد" لتقوم ب"تشويه صورة إقليم كردستان وتهيئة جو ضد الكرد"، فالحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه السيد مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان، لم يبقيا شيئاً لتفعله تلك "المحاولات غير المشروعة". بصراحة تشوهت صورة الأكراد وتهيّأ جو سلبي حيالهم بين الجماهير الشعبية العراقية، لأن الجماهير تحسست ولمست لمس اليد السياسات المضرة بالشعب العراقي، بضمنه الشعب الكردي نفسه، التي إنتهجها رئيس الإقليم وحكومته. أقولها بصراحة لم تعد تخيف العراقيين حتى التهديدات المبطنة لرئيس الإقليم التي إتخذت أسلوباً أصبح الناس يتندرون به عندما يردد "سوف أصارح شعبي ليقرر مصيره". للأسف جزع الناس حتى تعالت صرخات جماهيرية عديدة تطالب بفصل كردستان عن العراق لأن الناس بدأت تدرك بفطرتها أن التقسيم قادم لا محالة بسبب التآمر،  بعد أن يُستنزَف العراق حتى العظم فمن الخير إختصار الطريق دون معاناة كما يقولون. ولا أدري فيما إذا يتطور هذا إلى تكرار التجربة الأمريكية في تشكيل الولايات المتحدة إذ وضعت مجموعة من الولايات المنسجمة مع بعضها – وضعت شروطاً لإنضمام الولايات الأخرى إلى الإتحاد. لا أستبعد أن يحصل هذا إذا ما علمنا أن إقليم كردستان والمناطق الغربية من العراق والموصل بأمس الحاجة لثروات الوسط والجنوب فهي تتمتع بخيرات ثرواته وتصدر له الإرهاب ودوخة الرأس. وإذا هدد طائشون بالتحرش بمياه دجلة والفرات بدل الإنصياع للدستور ومقتضيات النظام الديمقراطي، فالمال الوفير كفيل بمعالجة الموقف بصورة أو أخرى.   
أعتقد أن جذر المشكلة يكمن في ما أراه وهماً ركب السيد البرزاني فأغراه بعيداً عن جادة الطريق النضالي الصحيح للشعب الكردي مع شقيقه الشعب العربي والمكونات العراقية الأخرى التي يمتد عبرها التلاحم إلى عموم المنطقة لتتحقق الآمال القومية والوطنية والدينية للجميع والمتمثلة بالديمقراطية والتنمية والعدالة الإجتماعية ووحدة الأمم الممزقة.
أقولها ببالغ الأسى والأسف إنني لا أتوقع الكثير من المؤتمر الوطني الذي إقترحه رئيس الجمهورية السيد جلال الطالباني، وإستجاب له التحالف الوطني، لسبب أساسي وهو تعويل كل من إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني على أجانب لهم مصالح غير مشروعة في العراق. لا أتوقع كثيراً ولا أتوقع أن تكون لمجاملات السيد الطالباني للسيد مسعود ومحاولة إرضائه بزجر النائب ياسين مجيد، الذي لم ينطق إلا بكلمة الحق، وذلك لأن القضية أبعد بكثير وأخطر من مجرد علاقات شخصية وأمزجة ومجاملات وربت على الأكتاف وتبويس اللحى .
لم يمضِ يوم إلا ويصدر عن إئتلاف العراقية ما يعزز الإيمان بأن قادته يسعون لإستعادة سلطتهم الطغموية بأية وسيلة كانت ومنها دعم الإرهاب والتخريب من داخل العملية السياسية بالإستعانة والتنسيق مع تلك الجهات الأجنبية. 
وتشير المؤشرات إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني (ح د ك) قد عوّل على وعود سياسية أعتبرُها واهيةً حتى إذا أملَ منها الحزبُ إحكامَ سيطرته على كردستان العراق ناهيك عن أن تكون نافعة لنضال الكرد لتوحيد كردستان الكبرى. لقد قدم تلك الوعود الواهية  ذلك البعض من شركات النفط الذي رفض مبدأ "عقود خدمة" ورفض المشاركة في جولات التراخيص الشفافة وأراد فرض مبدأ "المشاركة في الإنتاج".، كما قدّمها حلفاء وعملاء تلك الشركات في منطقة الشرق الأوسط الكارهون للعراق الجديد الطامح إلى تأسيس نظام ديمقراطي مؤسساتي، مقابل قيام (ح د ك) بإزاحة التحالف الوطني عن زعامة الحكومة حتى على حساب البناء الديمقراطي وتشويهه والإتيان بحكومة فيدرالية هزيلة تلبي طلبات شركات النفط وحلفائها في المنطقة والداخل .
فرضت هذه الصيغة النفعية التبادلية بين شركات النفط وزعامة (ح د ك) – فرضت على تلك الزعامة الدخولَ في تحالفات داخلية وخارجية سيئة. فداخلياً تحالفت، كما ذكرنا قبل قليل، مع طغمويين في إئتلاف العراقية مصرّين على إسترجاع حكمهم البائد عن طريق الإرهاب وعن طريق تخريب العملية السياسية والمسار الديمقراطي وهم أعداء لدودون للجماهير الشعبية بضمنها الكرد وللنظام الديمقراطي الفيدرالي، ولا تغرّنا التكتيكات الكيدية الخبيثة المؤقتة التي كانت أصلاً من تدابير السفير الأمريكي الأسبق سيء الصيت السيد زلماي خليل زاد.
 كما فرضت تلك الصيغة النفعية على زعامة (ح د ك) التحالفَ مع أطراف خارجية ذات مصالح متنوعة كلها معادية لمصالح العراق. فالسعودية مرتعبة من التجربة الديمقراطية العراقية وإنعكاساتها على الإستحقاق الديمقراطي وحقوق الإنسان في الداخل السعودي لذا تسعى إلى تخريب النظام العراقي الجديد وتحاول حرف الأنظار بإثارة صراع طائفي على نطاق المنطقة تتحالف فيه السعودية وحليفاتها مع إسرائيل ضد إيران وتريد إقحام العراق في آتون هذا الصراع. أما قطر الطائفية الصغيرة فتريد الإنتفاخ بالتحمس لتنفيذ مخططات أمريكية – إسرائيلية في المنطقة والعراق. وتريد تركيا إستعادة دور العثمانيين وتريد أن تتزعم سنة العراق من غير دعوة ولا ترحيب. إنها تدعم من يُبقي العراق ضعيفاً تتقاذفه الأمواج؛ كما إنها عدوة لدودة للنظام الفيدرالي في العراق. ولا تروق لهذه الدول الثلاث سياسة العراق الداعية إلى تحقيق مطامح الشعب السوري في الديمقراطية والحياة الكريمة سلمياً وتحت رقابة الأمم المتحدة وبعيداً عن التدخلات الخارجية العسكرية وغير العسكرية وعن "عنتريات آخر زمان" الثورية التي تتزعمها القيادتان "الثوريتان الديمقراطيتان" في السعودية وقطر اللتان تريدان تحطيم القدرة العسكرية للجيش السوري لصالح إسرائيل وجعل سوريا رهينة المال السعودي والهيمنة العسكرية التركية – الإسرائيلية وبالتالي محاصرة السلطة الفلسطينية وتصفية القضية الفلسطينية حسب مشيئة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
إقتضت تحالفات قيادة (ح د ك) الخارجية والداخلية إعتماد مبادئ وممارسات سياسية ضارة جداً بالمصالح العراقية.
لقد لمس العراقيون لمس اليد بأن حكومة كردستان تتصرف وكأنها حكومة دولة مستقلة أو بالأقل كإقليم كونفدرالي. هل سمعتَ في حياتك، يا دكتور، عن سلطات جزء من وطن تقوم بعقد صفقات نفط سرية دون علم الحكومة الفيدرالية وبموجب مبدأ لا تقره الحكومة الفيدرالية وهو مبدأ "الشراكة في الإنتاج" الذي ينطوي على تنازلات إقتصادية وسياسية سيادية كبيرة حسب رأي الخبراء؟ ما هي رقابة الحكومة الفيدرالية على الحركة في المطار والحدود البرية والرسوم؟  إن حكومة الإقليم تريد الضعف والوهن والفوضى  للعراق جنوب كردستان، إذ تعتبر أن ضعف العراق ضمان لأمن كردستان أولاً، وتسهيلٌ لضم كركوك وغير كركوك إلى الإقليم خارج المادة (140) ثانياً، وثالثاً للتمهيد لإسقاط حكومة بغداد والإتيان بحكومة هزيلة تبصم على تسليم النفط للشركات الإحتكارية وزج العراق في حرب مفتعلة مع إيران لتتمكن إسرائيل من التسلل تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية وصولاً إلى تقسيم العراق حسب مشيئة شركات النفط وحلفائها في المنطقة.
صرح السيد مسعود البرزاني بأن شركة أكسون موبيل تعادل عشرة فرق عسكرية وأنها إذا دخلت بلداً فلا تغادره. إن هذا تهديد مبطن للحكومة العراقية الفيدرالية نيابة عن شركات النفط التي أطاحت بالزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم. من يتقبل مثل هذا التهديد المهين في هذه الدنيا؟ ومن يتقبل أن ينقل شخص مسؤول هذا التهديد، وبزهو، لرئيس وزراء بلده نيابة عن شركات نفط أجنبية داعياً إياه، ضمنياً، إلى مغادرة العراق واللحاق بعبد الكريم قاسم الذي لم يُبقِ له الطغمويون وسادتهم حتى قبر يؤوي جسده الممزق برصاص الغدر والخيانة؟ هل هذا من الوطنية بشيء؟
لا يريد السيد البرزاني أن يحصل الجيش العراقي حتى على عدد متواضع من الطائرات وكمية متواضعة من السلاح أو حتى السيطرة على الإرهاب ومعاقبة المتسترين عليه رغم أن قوات البيشمركة قد إستولت على كامل سلاح الفرق العسكرية، الثقيلة والخفيفة، للجيش السابق التي كانت ترابط في كردستان وما جاورها. هل سمعتَ في حياتك عن دولة بجيش غير مسلح عدا سويسرا وإمارة مونتكارلو. حتى هتلر إحترمَ حياد سويسرا بينما هدد وزير الدفاع الكويتي بإحتلال العراق والسيد برزاني يتوسل بأمريكا ألا تبيع العراق عدداً محدوداً من طائرات ف- 16 لأن لديه علم الغيب بأن الحكومة الفيدرالية ستهاجم كردستان حال تسلمها الطائرات(3). كما إن السيد جبار ياور، وزير البيشمركة، قد وعد بقطع أصابع ويد الجيش العراقي. أي حساسية يمتلك السيد مسعود؟ أليس هذا هوساً إذا إفترضنا سلامة النوايا؟ وأليس هو، في واقع الحال، تكتيكاً للإبتزاز والحصول على المزيد لصالح الإقليم الكونفدرالي الذي إنتهك الدستور وأطاح بالفيدرالية، وهو بنفس الوقت إستهانة بالحكومة الفيدرالية وسعيٌ للإطاحة بها؟
 وهل سيتوقف السيد مسعود عند طائرات أل ف-16؟ أم هل عساه سيأخذ بنصيحة الزعيم السوفييتي خروتشوف التهكمية، للرئيس الأمريكي آيزنهاور بإدراج أزرار البنطلونات ضمن المواد الستراتيجية التي يتوجب حرمان السوفييت منها(4) فيطالب السيد مسعود أمريكا بشفط الأوكسجين من هواء بغداد بإعتباره مادة ستراتيجية تُبقي المالكي على قيد الحياة فيهاجم كردستان حال تسلمه طائرة أمريكية أو روسية؟!
شكا اليوم 19/10/2012 مستشار الأمن الوطني في كردستان السيد مسرور البرزاني إلى مبعوث الأمم المتحدة، دخولَ قوات عراقية إلى "مناطق منتزعة من كردستان" ويقصد كركوك. السؤال: أليس العراق وحدة واحدة وكردستان والموصل وكركوك والسليمانية وأربيل كلها محافظات عراقية يحق للجيش العراقي الفيدرالي دخولها متى ما شاء ومتى ما إقتضت الضرورة التي تقدرها الحكومة الفيدرالية ويصح هذا حتى لو ضمت المادة (140) كركوك إلى إقليم كردستان؟
لقد رفضت حكومة الإقليم تسليم المتهم طارق الهاشمي إلى القضاء العراقي بعد أن أصدر القضاء أمراً بإلقاء القبض عليه وهو في كردستان وليس قبل ذلك ؛ لماذا؟ ومن ثم سمحت له بمغادرة العراق؟ أليس هذا تنفيذاً لمشيئة السعودية وتركيا وقطر وكلها قد إستقبلته ووفرت له تركيا الإقامة رغم مطالبة الإنتربول بتسليمه له؟ والأنكى أن السيد مسعود كما السيد النجيفي حضرا إفتتاح مؤتمر حزب العدالة والتنمية التركي وكان المدان الهارب طارق الهاشمي حاضراً بين المدعويين.
كيف سمحت حكومة الإقليم بدخول وزير خارجية دولة أجنبية دون علم الحكومة الفيدرالية في زيارة لم تكن خاصة بل أُحيط الوزير بقوة حماية رسمية من البيشمركة ثم ألقى خلالها خطاباً سياسياً في كركوك تدخل فيه بالشأن السياسي العراقي الداخلي؟
بعد كل الضجة المبررة التي حصلت بشأن دخول وزير خارجية تركيا السيد أحمد داود أوغلو وإذا بالعراقيين يُفاجئون يوم 18/10/2012 بدخول أكثر من (148) حافلة تنقل حجيجاً أتراك في طريقهم إلى السعودية، إفتراضاً. لم يكونوا يحملون تأشيرات عراقية بل مُنحوا تأشيرات عند نقطة "إبراهيم الخليل" التابعة لإقليم كردستان وهو أمر لا يقع ضمن صلاحيات الإقليم سيما وأن المسافرين غادروا أراضي الإقليم وإخترقوا الأراضي العراقية دون حتى إشعار للسلطات الأمنية إلى أن تم إيقافهم عند محافظة بابل.  السؤال: أما كان بإمكان المسافرين الإختفاء في بغداد أو في أية منطقة قبلها أو بعدها بتخطيط مسبق مع الإرهابيين وحماتهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية ومجلس النواب والحكومة وبعض منظمات المجتمع المدني وهو أمر أصبح غير خافٍ على الجمهور العراقي بعد أن أدان القضاء طارق الهاشمي لتهم إرهابية ووجه إتهامات إرهابية للنواب: سليم الجبوري وقيس الشذر وحقي المشهداني وعاشور حامد (كلهم من إئتلاف العراقية)؟
ولمَ لا نفترض أن المسافرين إرهابيون حسب القرائن التالية: الحافلات تستطيع أن تستوعب (6000) شخصاً على الأقل بينما كان العدد الفعلي (1000) مسافراً. وكانوا جميعاً من الرجال ولم توجد إمرأة واحدة بينهم. هل كانوا يريدون تعبئة الحافلات ب(5000) إرهابي جعلوا من أداء فريضة الحج ذريعة وغطاءً للتجمع في السعودية والهدف دخول العراق بعد إنتهاء موسم الحج بتخطيط مسبق أيضاً مع الحكومة السعودية وقوات أمنها وحدودها؟
لقد تكرر هذا بعد أيام معدودة حيث منحت السلطات الكردستانية تأشيرات دخول لمائتي حاج تركي إفتراضي وقد إعترضتهم قوات مشتركة من الجيش والشرطة في الموصل. تم هذا رغم إعتراف وزير خارجية تركيا بخطأ "سواق الحافلات" الأتراك لعدم إستحصال تأشيرات دخول نظامية من القنصليات العراقية في تركيا؛ كما أعرب الوزير عن تفهمه لموقف الحكومة العراقية.
بعد كل هذا أقول: مهلاً يا دكتور برهم فالقضية ابعد وأخطر من مسالة  إظهار تضامن تفادياً لإبتزازكم من قبل حليف إفتراضي، فقد تضر المجاملة بشعب العراق بضمنه الكرد على حد سواء. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ       
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءاً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): دار حديث قبيل تشكيل الحكومة الحالية عن إحتمال عدم ترشح السيد جلال الطالباني لرئاسة الجمهورية. حسبتُ أن ذلك قد يكون بسبب حالته الصحية. لذا إقترحتُ الدكتور برهم صالح بديلاً عنه وسط هجوم شخصي عنيف غادر من قبل السيدين طارق الهاشمي وظافر العاني ضد الطالباني. إستغربتُ للأمر؛ ولكن الإستغراب قد زال حديثاً عندما حلت صحيفة النيويورك تايمز اللغز مؤخراً إذ نشرت أن الرئيس أوباما هو الذي طلب من الطالباني عدم الترشح لرئاسة الجمهورية بغية فسح المجال للسيد أياد علاوي لشغل المنصب. ويبدو أن السيدين الهاشمي والعاني أرادا المنصب أن يكون من حصة أحدهما لأنه لا يجوز أن يكون رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من طائفة واحدة حسب مفهوم إئتلاف العراقية "العابر للطائفية بصدق وإمتياز"!!!. كما عارض التحالف الكردستاني هذا المقرح الأمريكي ففشل.
(3): لم يكتفِ السيد رئيس إقليم كردستان بمناشدة الحكومة الأمريكية لإلغاء صفقة طائرات أل ف – 16 بل راح يحشد السياسييين الأمريكيين ضد أي تسلح عراقي كما يعتزم التوجه إلى موسكو لنفس الغرض. برجاء مراجعة التقرير التالي بهذا الصدد:
 (موسوعة العراق الخبرية): قال مصدر سياسي بارز إن رئيس كردستان مسعود بارزاني أبلغ مقربين منه أن العلاقات الروسية التشيكية - العراقية أمر يثير القلق، مؤكداً أن الكرد ينظرون بعين الخوف للتحركات من هذا القبيل. وأوضح المصدر نقلا عن وكالة اور أن الإقليم يتحرَّك من اجل الحيلولة دون تمرير اي صفقة عسكرية لصالح الحكومة المركزية، مبيناً انه استقطب أكثر من 200 شركة أميركية تمثل بمجملها أكثر من 100 نائب أميركي في الكونغرس.

ومن المتوقع ان يزور رئيس كردستان العاصمة الروسية موسكو مطلع الشهر المقبل، وسط مخاوف من ان تؤثر الزيارة على موقف موسكو ازاء العراق الجديد.

وأكد أن الإقليم استقطب هذه الشركات لأنها تمثل مسؤولين سياسيين أميركيين في حكومة الرئيس باراك اوباما، موضحاً أن استقطاب الشركات يأتي كشرط مقابل دعم مساعي الإقليم في منع تسلح حكومة المركز. وأشار إلى أن الشركات الأميركية ستحصل على عقود استثمار مقابل إيقاف عقود التسليح. وبين المصدر ان بارزاني كلَّف مقربين منه بإرضاء وإسكات أي أصوات كردية قد تتعالى حيال سياسته الجديدة، عازياً ذلك إلى ان قضية تسليح حكومة المركز تؤثر في وجود الكرد، معتبراً أنها قضية وجود.
ولفت إلى أن بارزاني مجبر على منح الاميركان كل ما يريدونه مقابل منع المالكي من حيازة أسلحة روسية، منوِّهاً بأن كلا من القائمة العراقية وقليل من العشائر في المنطقة القريبة يساندونه في هذا الأمر، في حين أن التحالف الوطني وبقية الكتل تعتبر عملية التسليح لتقوية الجانب العسكري العراقي ومنع التدخلات الخارجية ولحماية ارض البلد وشعبه، وأن الغالبية من الشعب العراقي تقف مع الحكومة في هذا التوجه وتعتبر تحركات البارزاني مضرة بالبلد على حد ذكر  المصدر.
(4): شدد وزير خارجية أمريكا العجوز جون فوستر دالاس، بطل الحرب الباردة، في عهد الرئيس آيزنهاور والزعيم السوفييتي نيكيتا خروتشوف، على ضرورة إحكام الحصار على تصدير المواد الستراتيجية للإتحاد السوفييتي.  نصح خروتشوف الرئيس الأمريكي بعدم نسيان إدراج أزرار البنطلونات في قائمة السيد دالاس للمواد الستراتيجية، قائلاً: إذا حَرَمتنا أمريكا، يا سيادة الرئيس، من أزرار البنطلونات فسوف لا نستطيع ربط بنطلوناتنا ولا نستطيع مغادرة حمامات بيوتنا للوصول إلى قواعد الصواريخ لنطلقها عليكم!!! فالأزرار، إذاً، مواد ستراتيجية ينبغي حضرها علينا، يا سيادة الرئيس.



25

من يتحمل مسؤولية إدامة الأزمة؟
محمد ضياء عيسى العقابي
منذ أن نشرتُ مقالي المعنون "إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة" حصلت التطورات التالية في المشهد العراقي:
1-   تعافى السيد رئيس الجمهورية من مرضه وعاد إلى العراق وسط إنتعاش آمال الكثيرين بعقد مؤتمر وطني شامل تبحث فيه كل المسائل العالقة بين الكتل السياسية.
2-   أعد التحالف الوطني ورقة عمل للإصلاح حصر فيها جميع مسائل البحث ب(70) بنداً تضمنت إتفاقي أربيل الأول والثاني وإتفاق النجف.
3-   قبل يوم من وصول السيد رئيس الجمهورية غادر العراق السيد مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان. ولما عاد السيد مسعود إلى العراق لم يجتمع بالسيد رئيس الجمهورية لحد هذا اليوم 8/10/2012 ما يسبغ المصداقية على ما أوردته صحيفة "كردستان تربيون" يشأن هذا الأمر إذ قالت:
"..... وهناك تكهنات تفيد بأن مغادرة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في 16 من الشهر نفسه ترجع الى حقيقة انه على خلاف مع طالباني الذي يحمله بارزاني المسؤولية المباشرة عن اخفاقه في مواجهة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي."
4-   أعلن رئيس الوزراء والقيادي في التحالف الوطني نوري المالكي أنه مستعد لحضور أي مؤتمر وطني تحت خيمة الدستور.
5-   قالت السيدة ميسون الدملوجي، المتحدثة بإسم إئتلاف العراقية، بأن إئتلافها  يطالب بتنفيذ إتفاقات أربيل أولاً وقبل حضور أي مؤتمر.
6-   صرح النائب الدكتور فؤاد معصوم، رئيس الكتلة النيابية للتحالف الكردستاني، بأنه بعد المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية ظهر أن ليس من السهل عقد المؤتمر الوطني.
أعتقد أن هذا الموقف العنيد من قبل السيدين أياد علاوي ومسعود برزاني أزاء عقد مؤتمر وطني تبحث فيه كافة مسائل الإختلاف والتي حصرها التحالف الوطني ب (70) نقطة، لا يعود إلى ما يطرحونه من مبررات في الإعلام بل يعود إلى ما هما موعودان به من مكاسب في حالة تأزيم الوضع الداخلي العراقي وإضعاف الحكومة والعراق وربما الإطاحة بحكومة المالكي مهما يترتب على ذلك من تداعيات.
لا أطرح ذلك من الفراغ ولمجرد التكهن. لقد إعترف النائب عن إئتلاف العراقية الدكتور جمال الكيلاني، في تصريح له، بتأثير التدخل الخارجي على مواقف بعض الكتل السياسية. كنت قد ناقشتُ هذا التصريح في مقالي المذكور أعلاه؛ ولخطورة مسألة التملص من عقد المؤتمر الوطني المنشود فلا بد من تحديد المسؤول عن إدامة الأزمة ليكون الجمهور العراقي على علم بما يجري وعساه أن يتخذ الموقف المناسب في الإنتخابات القادمة المحلية والبرلمانية. لهذا رأيت من المناسب جداً إعادة نشر المقال المذكور فيما يلي أدناه:   
إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة
محمد ضياء عيسى العقابي
صرح القيادي في إئتلاف العراقية النائب السيد جمال الكيلاني لوكالة كل العراق [أين] بما يلي:
 " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق "(1).
هذا إعتراف صريح بعدم قدرة إئتلاف العراقية على تجاوز الإستجابة للتدخلات الخارجية للسعودية وتركيا وقطر وشركات النفط، وهي الجهات المتورطة جداً بالتدخل في الشأن العراقي عبر إئتلاف العراقية بالأساس.
وإذا طرح السيد الكيلاني بأن إيران، هي الأخرى، تتدخل في الشأن العراقي عبر التيار الصدري، فأقول هذا صحيح ولكنه ليس السبب الذي منع ويمنع وسيمنع الصدريين من التصويت لصالح السيد أياد علاوي وهو بيت القصيد (الذي يتمناه الصدريون مناكفة ونكاية بإئتلاف دولة القانون وزعيمه السيد المالكي). السبب يعود، بتقديري، إلى أن الصدريين يتخوفون من خسارة تأييد معظم ناخبيهم إذا ما صوتوا لصالح السيد علاوي لأن هذه الجماهير، شأنها شأن الجماهير الديمقراطية العراقية عموماً، لا تؤيد السيد علاوي ورفاقه من الطغمويين(2) لأنهم متهمون بمساندة الإرهاب ومحاولات تعطيل التنمية والإعمار والمصالحة الحقيقية وبالتالي تدمير العملية السياسية بالكامل.
لقد سبق السيدَ الكيلاني زعيمُه الدكتور أياد علاوي بخصوص عدم التمكن من حل الأزمة حينما صرح الدكتور أياد بأن النقاط السبعين المدرجة في ورقة الإصلاح المعدة من قبل التحالف الوطني "تتطلب سبعين سنة لبحثها". هذا كلام الإصرار العنيد وليس كلام رأي وإجتهاد جادين.   
أما  دعوة السيد الكيلاني، في نفس التصريح، السياسيين في العراق الى " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق "، فهي تؤكد، مرة أخرى، أن السيد الكيلاني كحال زملائه في إئتلاف العراقية، لا يرغبون في أن يستقر العراق بل يواصلون ما إتهمتهم به الجماهير أي محاولة تدمير المسيرة الديمقراطية. فهم يريدون حل جميع مشاكل العالم صغيرها وكبيرها وتصفيرها بالكامل حتى تنتفي الحاجة لوجود منظمة الأمم المتحدة، قبل حل القضية العراقية التي لا تتطلب، في واقع الحال، سوى قدر بسيط من الأمانة والوطنية والنزاهة والإخلاص من جانب ما تبقى من إئتلاف العراقية. وإلا فما العلاقة بين الإضطراب السوري والأزمة العراقية؟ إلا أللهم إذا عول البعض على نجاح الإرهاب في إختطاف الثورة السورية والبدأ بحملة الكوفة كما وعدنا بها الشيخ عرعور الوهابي السوري القاطن في السعودية.
أراهن على أنه لولا الخوف من فضح دسائس بعض قياديي إئتلاف العراقية في التآمر على وطنهم حسبما هددهم به الرئيس السوري بشار الأسد، لشهدنا اليوم المهرجانات والخطب الرنانة والدعوات النارية بحجة الثورة السورية متهمين موقف الحكومة العراقية بالمنحاز لمجرد أن هذا الموقف يدعو إلى تلبية المطالب الديمقراطية للشعب السوري عبر الحوار السلمي بين السوريين تحت رقابة الأمم المتحدة الصارمة، بدل تدمير الدولة السورية وهي دولة الممانعة العربية ضد الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة بدفع وتأييد شركات النفط.
ختاماً، فلنتأمل التصريحات التالية المنقولة عن نائب الموصل السيد زهير الأعرجي(3):
"وأضاف النائب عن العراقية الحرة خلال تصريح صحافي، الثلاثاء، ان بعض الجهات السياسية ومنها زعامات كتل سياسية تدعم ما يحصل الآن في سوريا، وانها ستطرح فكرة انشاء الاقليم السني للمحافظات الغربية في العراق بعد سقوط النظام السوري.
وقال الاعرجي أن هناك اشارت واضحة بأن محافظتي الانبار ونينوى التي تقع ضمن الشريط الحدودي للعراق مع سوريا ستعانيان اضطراباً أمنياً عقب سقوط الأسد. "
هذه هي الحسابات التي تحول دون حل الأزمة السياسية في العراق.       
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  (1): التصريح منشور في موقع "عراق القانون" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21013
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): تصريحات السيد زهير الأعرجي منشورة في موقع عراق القانون على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21024



26

هل الإرهاب بحاجة لتبريراتك يا ممثل الأمم المتحدة؟
محمد ضياء عيسى العقابي
نقلت فضائية "الحرة – عراق"، في الساعة الخاصة بأخبار العراق، عصر يوم الأربعاء المصادف 3/10/2012، تصريحاً لممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق، السيد مارتن كوبلر، وهو يعقب على تقرير وزارة الصحة العراقية التي أعلنت بلوغ عدد الشهداء والمصابين خلال الشهر المنصرم جراء الأعمال الإرهابية، رقماً قياسياً منذ سنتين.
ما سمعتُه من التصريح، لم يدع مجالاً للشك بأن السيد مارتن كوبلر إعتبرَ أن المُلام في تأجج الإرهاب هو الحكومة العراقية إذ أنه دعاها إلى إحترام  كل آراء الآخرين .
لا أخفي السخط والحنق اللذين إنتاباني وأنا أسمع ذلك التصريح لأنني إعتبرته تبريرا،ً يقترب من الصريح السافر، للإرهاب وإستهانة بأرواح ودماء العراقيين الأبرياء بما لا يرتضيه أي شريف ولا يرتضيه أي شعب ولا ترتضيه أية حكومة في العالم. لقد ذهب السيد كوبلر هنا إلى أبعد بكثير مما درج عليه، ورَصَدَه ونَبَّهَه إليه مراراً الخبيرُ القانوني السيد طارق حرب(1)، ألا وهو سيل من القلق بعد القلق غير المنقطع حول شؤون عراقية داخلية لا صلة له بها ولم نسمع أيَ قدر من ذلك القلق والدماء تُسال والحقوق تُهدر في إسرائيل والسعودية والبحرين وغيرها.
إذا إقتدى السيد كوبلر بالتصريحات والأفعال السيئة والمنافية للقوانين والأعراف التي تصدرعن طغمويين عراقيين دون أن يصيبهم أذى - فهو مخطئ، لأن أولئك يمثلون حالة إبتزازية خاصة ومؤقتة لا يجب أن يحاكيها، وهو المسؤول الأممي، وليس ببعيد ذلك اليوم الذي ستجرجرهم العدالة إنتصاراً لأرواح عشرات الآلاف من الشهداء ودماء مئات الآلاف من المصابين وآلام الملايين من الأيتام والأرامل والمعطوبين والقلوب المفجوعة. 
قفز إلى ذهني السؤال التالي مباشرة: هل الإرهاب بحاجة لتبريراتك يا ممثل الأمم المتحدة؟
فأجبتُ:           
كلا وألف كلا يا سيد مارتن كوبلر، يا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق.
 كلا، فالإرهابيون الذين إستباحوا ويستبيحون الدم العراقي البريء بالجملة لا تنقصهم المبررات لأعمالهم الإجرامية حتى تأخذك الحمية وتتبرع لهم بتلك التبريرات، إلا إذا كنت تشك بفاعلية الدعم متعدد الأشكال الذي يقدمه لهم عراقيون يُفترض فيهم الحرصُ على أرواح أبناء جلدتهم ولكنهم تحللوا من أي حرص بل هم تحللوا من حس الضمير لسببٍ تعرفُه أنت وتتغافلُه كما يتغافله الجميع في الداخل والخارج وهو الإصرار على إستعادة سلطتهم الطغموية(2) التي فقدوها لصالح الشعب عبر صناديق الإقتراع والديمقراطية اللتين أشرفتْ على بنائهما في العراق الأممُ المتحدة لا غير.
لا ألومكَ إن شكَّكتَ بفاعلية دعمهم للإرهاب فهم فاقدوا المصداقية لدى معظم الداخل والخارج، إلا لمن أراد إمتطائهم، وربما أردتَ التعويض عن ذلك معتلياً منصة الأمم المتحدة ومستغلاً مكانتها العالمية، ربما لإعتقادك بأن العراقيين أصبحوا مهيضي الجناح بفعل الفصل السابع وعشاقه في الداخل العراقي أو ربما لأن الأمم المتحدة لا تحترم من يحترمها بل تحترم من جعل أمينها العام السيد ديكويلار ينتظر لساعات خارج مكتب مَنْ ضَرَبَ شعبَه بالسلاح الكيمياوي فقط ليترجاه كي يطلق سراح الأجانب الأبرياء الذين خطفهم ذلك الطغموي المجرم، في العراق والكويت، ليستخدمهم دروعاً بشرية ومادة للإبتزاز؛ أو ربما لإنتهازك فرصة إنشغال العراقيين وشغفهم بحملة "أنا عراقي فأنا أقرأ" وربما فهمتَ من شعار الحملة أن العراقيين لا يقرأون قبل ذلك ولا يسمعون.
أخاطبك وعيني على الإنتخابات القادمة وفي ذهني يلعلع التزوير في إنتخابات 7/3/2010 الذي ساهمتْ فيه الأمم المتحدة وتَسَبَّبَ، التزوير الحاذق(3)، في مآسٍ للعراق. أخشى أن تتكرر المأساة بعد أن نجح الطغمويون مرة أخرى في فرض المحاصصة الكريهة الإبتزازية في تشكيلة "المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات"  الجديدة فحشروا فيها من لا يؤتمنون مأخوذين بسحر إستعادة سلطتهم الطغموية المفقودة وبسحر ملايين أو ربما مليارات الدولارات السعودية والقطرية(4).
لا أخفيك شكوكي بأنكم تجاوزتم النزاهة بدافع سعيكم لإجراء ترتيبات للوصول إلى وضع عالمي جديد يخدم العولمة بمنظور معين يقضي بإنهاء هذا النظام أو ذاك في المنطقة (وليس من بينها حملُ إسرائيل على تنفيذ قرارات الشرعية الدولية)  وهو أمر لا يخصنا نحن العراقيين اذ نريد العيش بسلام وديمقراطية بعيدين عن سياسة المحاور والصراعات بعدما أرهقتنا الدكتاتورية والإستبداد والحروب؛  لكننا، للأسف، نُدفع دفعاً بأمل ضرب هذا وخنق ذاك وتصريحاتكم نابعة من هذا الجذر لتصب في تيار الحرب الباردة على العراق التي بدأت تتلبد غيومها لحمل العراق على نبذ سياسته المسالمة المستقلة.
أيُ رأيٍ تطالبُ الحكومةَ بإحترامه؟
رغم النواقص التي لا ينكرها أحد والسعي لتقويمها مستمر، ولكن هل يوجد في المنطقة العربية دستور مدني أكثر تقدمية من الدستور العراقي؟ ألم تنتخب الحكومة ديمقراطياُ؟ هل توجد معارضة تتمتع بهذا القدر من الحرية بلغت حد التآمر ودعم الإرهاب وهي شريكة في السلطة؟ ألم تلح الحكومة وتؤكد على وجوب إحترام الدستور؟ ألم تحترم مجلس النواب؟ ألم تحترم القضاء؟ ألم تحترم منظمات المجتمع المدني؟ الم تحترم الحريات العامة بالعموم وبالأخص حرية الإعلام؟ نعم هناك مضايقات للحريات العامة ولكن تلك، بأغلبها، ظاهرة مجتمعية تعالج بالنضال الجماهيري للقوى السياسية والإجتماعية وهو أمر مباح؛  ولا يصح أن يُطلب من الحكومة درؤها بالقسر ما لم يكن الأمر جنائياً.   
أنا لا ألومك على تماديك وتمادي من سبقك، السيد أد ميلكرت، في النيل من العراق الديمقراطي مادام بعض أبنائه ينهشونه لا لعذر بل لتمسكهم بما يعتقدونه حقاً سماوياً أزلياً لهم بإمتلاك العراق وحكم شعبه.
لا ألومك على تدخلك الفظ في الشأن العراقي. ربما حسِبتَ أن رئيس مجلس النواب السيد آسامة النجيفي(5) عندما يدعوك بحرقة إلى "الإفاضة في مساعدة العراق" في كل مرة يلتقيك – ربما حسبتَه توّاقاً للنصح الخالص للشعب العراقي؛ لكنه، في الحقيقة، يوجه دعوة كيدية يريد منها أن ينال من هيبة السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية، فهو وإئتلافه الطغموي لا يريدان أن يَفهم العالم أن هناك نظام يتطور نحو التكامل والنضوج رويداً رويداً في العراق وسط بحر من العراقيل الطبيعية والموروثة والمفتعلة، بل أراداه أن يتصور أن هناك الهرج والمرج طاغيان في العراق بإنتظار السيدين علاوي والنجيفي وأضرابهما لإنقاذه من الكارثة. وأراهن على أنهما سينهيان عملك في اليوم الأول إذا قُدر لهما أن يمسكا الحكم في العراق.
تتحدث عن أن الحكومة (وأراهن على أنك تقصد التحالف الوطني وخصوصاً إئتلاف دولة القانون وبالأخص رئيس الوزراء)  لا تحترم آراء الآخرين، أسألك: ما هو دخلك في هذا الموضوع الداخلي أولاً؟ ومن قال لك هذا ثانياً؟ وما علاقة هذا بالإرهابيين ثالثاً؟ هل تريد أن تقول أن الحكومة دفعتهم نحو الإرهاب لأنها لم تستمع إليهم ولم تحترم آرائهم؟ هل بقي أحدٌ في هذه الدنيا لا يعلم أن الإرهابيين يكفِّرون الشيعة والمسيحيين وأفتى زعماء الإرهاب الروحيون في السعودية بوجوب قتلهم وإستباحة عرضهم ومالهم دون أن تحرك الأمم المتحدة ساكناً للإحتجاج؟ ولمَ لا تريد أن تفهم أن المشكلة هي أن الحكومة تستمع أكثر من اللازم لتلك التي تعتبرها أنت آراءً وهي، في واقع الحال، محض كيد؟ أم هل عساك تريد الحكومة أن تستمع إلى دعوات حل قضية إجرام طارق الهاشمي سياسياً خارج القضاء أي لفلفتها مثلما لُفلفت مئات القضايا المماثلة بدعوى العفو والمصالحة من أجل الإصلاح؟ أم تريدها الإستماع إلى إرهابيي سجن تكريت أو إلى رأي "جيش العراق الحر" وحارث الضاري وعزت الدوري وغيرهم ممن رفض منطق المصالحة؟
أدعوك يا سيد كوبلر ألا تستمع إلى مساعديك في مكتبك ببغداد من أبناء الشرق الأوسط الذين تدور حولهم الشبهات بتشويه الموقف العراقي الذي تكرر مراراً في تقارير دولية(6)، بل أدعوك إلى الإستماع إلى أصوات العراقيين المنصفين لتعرف طبيعة المشكلة على حقيقتها وهي أن هناك من يريد أن يسترجع سلطته التي إعتبرها أزلية وهناك من يريد أن يؤسس دولته "دولة العراق الإسلامية" الإرهابية وكلاهما يعمل وكأن فوق رأسه يرتفع  شعار: "أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد".
كان عليك أن تكشف هذه المواقف وتدينها بدل رش الملح على جراحنا.
أخيراً، أدعو الحكومة العراقية ووزارة خارجيتها إلى متابعة موضوع تصرفات ممثل أمين عام الأمم المتحدة في العراق  بكل جد وحزم.
كما أدعو الحكومة والديمقراطيين الحقيقيين داخل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وأدعو الأحزاب والإئتلافات الديمقراطية إلى الحذر كل الحذر من التزوير والإستفادة من خبرة إنتخابات 7/3/2010. وفي هذا الصدد أشير إلى المقال القيم الذي كتبه الدكتور جابر حبيب جابر بهذا الخصوص(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تمكن مراجعة آخر نقد وجهه السيد طارق حرب إلى ممثل أمين عام الأمم المتحدة على الرابط التالي:
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=22913
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): أكتب ما يلي ليعلم السيد مارتن كوبلر بأن العراقيين يقرأون ويكتبون قبل هذا اليوم ويعرفون ما يدور حولهم داخلياً وإقليمياً وعالمياً:
تتمثل "حذاقة" تزوير إنتخابات 7/3/2010 بحصر التزوير بنسبة تمثل أقل من 7% لثلاث أسباب: أولاً: لضمان قبول النتائج النهائية للإنتخابات بكونها متوافقة مع المعايير الدولية التي تقبل ذلك القدر من الإشتطاط. ثانياً: أعتقد أن تزويراً كبيراً آخر غفل عنه الجميع قد حصل لصالح التيار الصدري بعد قناعة ال (سي.آي.أي.) بأن "شيعة العراق قد تفرقوا دون رجعة" (حسب تقرير نشرته صحيفة نرويجية) وبالتالي فسوف لا يحصل المالكي على الأغلبية المطلوبة وتصبح المادة 76 من الدستور لصالح السيد علاوي. علماً أن هذا التزوير، بتقديري، جرى دون معرفة التيار الصدري على أغلب الظن.  ثالثاً: للحيلولة دون نشوب عصيان مدني سلمي مليوني، كرد فعل، يفرض رفضَ النتائج وإعادة العد يدوياً بأيادٍ عراقية لقطع دابر التزوير، علماً أن الإستجواب البرلماني الذي أجرته النائبة الدكتورة حنان الفتلاوي لرئيس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات السيد فرج الحيدري، قد أظهر أن الفرز والعد قد أجراه  أشخاص غير عراقيين تابعين للأمم المتحدة وعلى رأسهم السيدة (ميتشل) التي إتهمها البعض بكونها عميلة في الإستخبارت المركزية (سي.آي.أي). لما شعر إئتلاف دولة القانون بوجود دلائل تؤشر إلى التزوير وخرجت مظاهرات في البصرة والنجف وكادت أن تمتد إلى محافظات أخرى وربما تتطور إلى إعلان عصيان مدني مليوني سلمي يُحرج الإدارة الأمريكية، سارع السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) إلى الإجتماع برئيس الوزراء السيد المالكي لتطويق الموقف. يبدو أنهما إتفقا على السماح بالتزوير في حدود 7% أي بعدد مقاعد (91 للعراقية مقابل 89 لدولة القانون رغم أن حسابات إئتلاف دولة القانون قدَّرت حصوله على 112 صوتاً) وكان لكلٍ حساباته. عوَّل السفير على مناكفة الصدريين وإحتمال عدم دعمهم للمالكي وحتى لمرشح غيره من إئتلاف دولة القانون أيضاً، فيصبح عندئذ الباب مفتوحاً للسيد أياد علاوي لرئاسة الوزارة بموجب البند (76) من الدستور. أما السيد المالكي فقد عوَّل على قبول الأحزاب الإسلامية وحلفائها في آخر المطاف له كمرشح، وهو ما حصل فعلاً إذ تشكل "التحالف الوطني" بقوة تصويتية قدرها (158) نائباً. فَقَدَ السيد السفير على إثر ذلك منصبَه.
(4): إذا كانت الإغراءات المالية قد قُدِّمت بالقدر المذكور فيما يلي أدناه من أجل تحقيق مسألة سحب الثقة من رئيس الوزراء حتى دون إمكانية تشكيل وزارة بديلة، فأية إغراءات، إذاً، ستُقدم من أجل تزوير الإنتخابات العامة القادمة الذي قد يحقق أحد النتائج الكارثية الثلاث التالية التي تهدف إليها النظم الشمولية في المنطقة وبعض شركات النفط الإحتكارية العالمية؟ : أولاً: وصول حكومة تهدف إلى تدمير الديمقراطية بوسيلة أو أخرى، وذلك في حالة قبول هكذا حكومة. ثانياً: نشوب إقتتال داخلي في حالة رفض النتائج والمفوضية. ثالثاً: إنفراط العملية السياسية في حالة رفض النتائج والمطالبة بإعادة الإنتخابات.
أشارت صحيفة البوليتيكو الأمريكية بأن السعودية وقطر وتركيا قد منحت مبلغ خمسة مليارات دولار للمشاركين في مؤتمري أربيل والنجف من أجل الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي . كما أذاعت محطة أوستن النرويجية بأن تلك الدول أبدت إستعدادها لمنح ثلاثة ملايين دولار لكل نائب يصوت لسحب الثقة عن المالكي.
وأكد قضية الرشى السيدُ حسن العلوي زعيم القائمة العراقية البيضاء المنشقة عن إئتلاف العراقية. لقد شهد وسمع السيد العلوي بنفسه كلام الملك عبد الله السعودي (وهو يستقبل الهاشمي الذي كان على رأس وفد ضم العلوي): أعطيناكم مليارين ونصف والشيعة مازالوا في الحكم.
(5): تمنيتُ لو وقف الديمقراطيون في مجلس النواب وفي منظمات المجتمع المدني والإعلام وقفة رجل واحد في وجه النجيفي وأبلغوه لو أنه إحتاج لنصح من السيد كوبلر فليطلبه لنفسه ولا يطلبه نيابة عن العراقيين عموماً إذ لم يكلفه بذلك أحد، سوى رفاقه، بهدف الكيد ليس إلا.
(6): راجع التقرير المعنون: "ثلاثة فلسطينيين يديرون مكتب الأمم المتحدة في بغداد ويبعثون بالتقارير المسيسة ضد الحكومة" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=22162
(7):راجع مقال الدكتور جابر حبيب جابر المعنون [صناعة المرحلة الانتقالية: أسطورة «الخبراء» الدوليين] المنشور في صحيفة "الشرق الأوسط" بتأريخ 27/3/2011 على الرابط التالي:
 http://www.qanon302.net/vb/showthread.php?t=19466




27
لماذا تهينان شعب العراق يا أسامة ويا مسعود؟
محمد ضياء عيسى العقابي
نظّم، مؤخراً، حزب العدالة والتنمية التركي الذي يتزعمه السيد رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء، مؤتمراً وإحتفالاً ضخماً بمناسبة ذكرى تأسيسه ودعى إليه عدداً كبيراً من الضيوف كان من بينهم زعماء أحزاب عراقية. كما حضره الهارب عن وجه العدالة طارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق السابق الذي أدانه القضاء العراقي بتهمة الإرهاب فحكم عليه بالإعدام وآوته تركيا رغم صدور مذكرة إعتقال من جانب الشرطة الدولية (الإنتربول). لم يكون بمقدور الهاشمي حضور الإحتفال والمؤتمر إلا بدعوة رسمية مسبقة من الحزب المذكور.
لم يلبِ دعوة أردوغان زعماءُ أحزاب وحركات أساسية عراقية هي: الدعوة والإصلاح والفضيلة بسبب قضية الهاشمي كعائق مباشر.
وحضر المؤتمر زعماء عراقيون آخرون. 
في الأحوال الإعتيادية، فإن تلبية دعوة لحضور مؤتمر أي حزب في العالم مباح لأي شخص عراقي أو غير عراقي بصفته الشخصية أو الحزبية. لكن الأمر يختلف في هذه الحالة لأن العلاقات غير إعتيادية بين البلدين العراق وتركيا؛ إذ هناك أمران عكرا صفو الروابط مع تركيا وهما: قضية إيواء طارق الهاشمي المحكوم بالإعدام بتهم القتل الإرهابي والتدخلات الفضة والتعدي السافر على سيادة العراق والإهانات الوقحة التي وجهها مسؤولون في الحكومة التركية للعراق وأخص بالذكر رئيس الوزراء ووزير الخارجية.
من هذا المنطلق، أُدين حضور القادة العراقيين جميعاً بضمنهم ممثل السيد رئيس الجمهورية ووفد التيار الصدري إذ أن الحضور كشف عدم إحترام شعور شعبهم وعدم الإهتمام بمصالح وطنهم وعدم التضامن مع حكومة بلدهم في شأن وطني عام لا يخص جهة دون أخرى.
 لكن إدانتي لإثنين منهم هما السيدان أسامة النجيفي رئيس مجلس النواب والقيادي في إئتلاف العراقية ومسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، تبتعد عن مجرد عدم الإحترام وعدم الإهتمام وعدم التضامن يصدر من شخص أو قائد حزب. فهذان الشخصان مسؤولان في الدولة العراقية ويشغلان مناصب سيادية عالية المستوى.
نعم، ربما سيقولان إنهما لم يحضرا الإحتفال بصفتهما الرسمية بل الشخصية والحزبية(1). ولكن المسؤولية، وخاصة المسؤولية ذات الصفة السيادية، في كل بقاع الأرض، تفرض ضريبتها على المتصدي لها، أي على المسؤول. الفريضة غير قانونية ولكنها معنوية وطنية ترقى إلى قوة القانون في أعماق وذات كل وطني شريف. هل هناك دولة واحدة في العالم بدءاً من أمريكا وإنتهاءً بالصومال تسمح لمسؤول فيها بحضور حتى وليمة غداء في بيت يحمي قاتلاً إرهابياً مطلوباً لقضاء الدولة والشرطة الدولية؟
طرح بعض قادة إئتلاف العراقية تبريراً لحضور رفاقهم  مؤتمرَ حزب العدالة والتنمية مفاده أن الحضور كان سيسهم في إزالة العقبات بين البلدين ما يصب في صالح تحسين العلاقات. أسالهم: هل تشاورتم مع رئيس وزراء بلدكم المنتخب قبل التوجه إلى المؤتمر كي لا يظهر العراق بمظهر المفكك أم إنكم تتعمدون ذلك وهو هدفكم وإنجازكم؟ هل أبدى الأتراك إستعدادهم لتسليم أو طرد المجرم طارق الهاشمي؟ أم هل أن دم العراقيين رخيص عليكم وعليهم؟ هل خروقات الأتراك جديدة؟ هل إعتذروا عنها؟ هل إعتذروا عن زيارة وزير خارجيتهم إلى كركوك دون علم الحكومة؟ ألم تزوروا تركيا عشرات المرات بحجة تحسين العلاقات وبعد كل زيارة يزداد المسؤولون الأتراك شراسة وإعتداءً على العراق وسيادته؟ أما يشير هذا إلى أحد إحتمالين: فأما إنكم تتآمرون معهم، وهو الإحتمال الأرجح، فتزداد العلاقات توتراً؛ وأما إنهم لا يعيرون لكم أدنى أهمية بل ينظرون لكم كعملاء صغار فلماذا هذا الذل لكم؟ ولماذا تلوثون سمعة العراق؟ هل هي تركيا التي تستورد منا سلعاً متوفرة في كل الدنيا ب(12) مليار دولاراً سنوياً أم نحن الذين نستورد ذلك منها فينتعش إقتصادها؟ هل هي تركيا التي تمرر أنابيب نفطها للبحر الأبيض المتوسط عبر العراق أم العراق الذي يفعل ذلك ويستطيع الإستغناء عن تركيا بسوريا؟ ألم تتذكروا القول الشعبي العراقي: "النفس الدنية توكِّع قدر راعيها". 
إذا كان البعض قد جعل الإستهانة المتعمدة بالدستور والقانون أمراً مالوفاً لشل أو تهديم العراق الجديد المتجه نحو الديمقراطية  ولينجو، ذلك البعض، بأفعاله القذرة وفساده الطغموي(2) والشوفييني، الأمر الذي أبعَدَ إمكانية مسائلة أسامة ومسعود قانونياً، فإن هناك حكم الشعب المعنوي الذي يهيل عليهم ترابَ الخزي والعار.
وإذا كانت شركات النفط وإسرائيل والسعودية وتركيا وقطر و"المتعاونون" معهم في الداخل العراقي يظنون أنه بإمكانهم إثارة جزع العراقيين من الديمقراطية لينكفئوا إلى الوراء ويسلِّموا العراق صاغرين بيد تلك الجهات الطامعة مقابلَ الأمان، فهم مخطئون. فالتقسيم سيأتي قبل ذلك لأن الجماهير تدرك بأن الأمان الموهوم هو ذل وعبودية وإنتحار.
 وليعلموا أن الحرب الباردة تستيقظ ولو بتثاقل ولكنها ستعود بفعل تناقض المصالح الحيوية، وهي ملاذ ومأوى بؤساء السلاح أمثالنا الذين قتلَنا وقتلَ غيرَنا النظام الطغمويُ بسلاحه فجرَّدوه منه، بعد أداء المهمة، وتَرَكَنا "محررُنا" الذي شكرناه ونشكره(3)، والذي لم تَرُقْ له قوتُنا الجماهيرية المليونية السلمية ولم يرُق له تَوْقُنا إلى علاقات صداقة متكافئة معه ولم يرق له إخراج قواته، تَرَكَنا بلا سلاح وبلا تدريب ليحاول أن يلعب بمصيرنا حكام السعودية وتركيا وإسرائيل وقطر ومِن ورائهم شركات النفط وبيدهم الطغمويون والإرهابيون والشوفيينيون(4). نعم سيدفعوننا دفعاً ورغم أنوفنا وضد إرادتنا، نحو الحرب الباردة للإحتماء بها وقد قيل "يا روح ما بعدك من روح". ليس خافياً أن هناك في المحيط والداخل من  سعى ويسعى وأغرى ويغري من أجل ثني الحليف الأمريكي، المفترض، عن التسليح والتدريب لإضعاف قدرات العراق والحكومة العراقية ومن أجل توتير العلاقات مع أمريكا لكي يقفزوا إلى كرسي العمالة بعد وأد الديمقراطية بدل كرسي الصداقة النزيهة المتكافئة. لكن إستيقاظ الحرب الباردة قد يُفقد المعوِّلين على شركات النفط وتركيا والسعودية وقطر ما وُعدوا به وأصبح حلماً لمصالحهم الخاصة بالضد من مصلحة الشعب العراقي.
أخيراً، أضم صوتي إلى أوائل المعبرين عن إستيائهم من أسامة ومسعود وأقول: أيها السيدان إنكما بذيئان وستنتقم منكما دماءُ العراقيين الأبرياء بصورة أو أخرى إن عاجلاً أو آجلاً فالشعوب والديمقراطية لا يقهرها الطغمويون والإرهابيون والشوفيينيون ومِن ورائهم شركات النفط إذ ولّى الزمن الذي ذبحتم فيه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم.
هل سيُصدر مجلس النواب بياناً ولو بالأغلبية يقول فيه :
"يعبر مجلس النواب عن إدانته وسخطه على حضور مسؤولين عراقيين، وبالأخص السيدين رئيس مجلس النواب ورئيس إقليم كردستان، إحتفالَ حزب العدالة والتنمية التركي؛ إذ أن حضورهم، بأية ذريعة، شكل إستهانة بدماء العراقيين الأبرياء التي أهدرها المحكوم بالإعدام طارق الهاشمي المطلوب للشرطة الدولية الإنتربول والذي تؤويه الدولة التركية. إن حضور الموما إليه ذلك الإحتفال يشكل علامة من علامات التحدي للدستور والقضاء العراقيين ويمثل إهانة لمشاعر الشعب العراقي."؟
يبقى طرح مشروع البيان هذا على مجلس النواب مهما،ً حتى لو فشل بالتصويت إذ أنه سيكون وثيقة إدانة تأريخية للشخصيَن ولكل من يقف بجانبهما في مجلس النواب أو لم يدنهما على صعيد المجتمع المدني وإعلامه ومنظماته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): أراد النائب عن إئتلاف العراقية السيد حامد المطلك أن يهوِّن من وطأة الذنب الذي إقترفه السيد أسامة النجيفي فصرح، المطلك، بأن حضور النجيفي كان بصفته الرسمية وليست الحزبية!!! أراد السيد المطلك أن "يكحِّلها"  "فعماها".
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): بلغ النظام البعثي الطغموي حداً من الإجرام والفساد قلما بلغه قبله من النظم في العالم؛ إذ مارس سياسة التطهير العرقي والطائفي بمنهجية وبرمجة واعيتين نجمت عنها جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بلغ حد إستخدام الأسلحة الكيميائية في حلبجة الكردستانية والأهوار. قتل النظام 182 ألف كردي في حملة الأنفال الشهيرة بوحشيتها، وأكثر من ربع مليون من عرب الجنوب والوسط في إنتفاضة الربيع الشعبانية عام 1991. إضافة إلى هذا سيطر النظام على كامل عوائد النفط المهرب فرشى بها ملوكاً ورؤساء وأحزاباً ونقابات وحكومات ومنظمات بضمنها الأمم المتحدة فرقصوا جميعاً على جثث العراقيين المغدورين. أيقن العراقيون أن النظام أصبح خارج إمكانياتهم للإطاحة به وما عاد قادراً على ذلك إلا الله أو أمريكا؛ فأطاحت به أمريكا لمصالحها الخاصة ولم يدافع العراقيون المغدورون عن ذلك النظام. ساعد الأمريكيون على إقامة نظام ديمقراطي في العراق. وقد وجَّه العراقيون مجمل الأحداث لصالح العراق وحسب. 
(4): أقصد بالشوفينيين تحديداً الحزبَ الديمقراطي الكردستاني وبالذات السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب ورئيس إقليم كردستان. قد لا يكون هذا التعبير دقيقاً لأن الشوفيينية تعني التعصب القومي. ولا أرى أن الحزب المذكور (ح د ك) وزعيمه بدأوا يتخذون مواقف غير سليمة بحق العراق لصالح شركات النفط التي تصر على أسلوب "المشاركة في الإنتاج" بدل "عقود خدمة" التي تعتمدها الحكومة الفيدرالية – يتخذون المواقف بدافع الحرص القومي الكردي وتوحيد الأمة الكردية التي مزقتها معاهدة سايكس- بيكو الجائرة، بل يتخذونها لمصالحهم الحزبية الضيقة وتشديد السيطرة على إقليم كردستان إستبدادياً بإسم القضية الكردية؛ وهذه مزايدة على حساب المصلحة القومية الكردية التي قد تتضرر كثيراً بتعويل (حدك) على وعود شركات النفط وتركيا والسعودية وقطر وقيل إسرائيل، ضارباً بعرض الحائط الأسلوب النضالي السليم بالتعويل على الكفاح التأريخي المشترك مع أشقاء الكرد وهم كافة مكونات الشعب العراقي وفي المقدمة منهم عرب العراق من شماله حتى جنوبه. علاوة على هذا فإن التعويل على "الأقوياء" المتفردين في العالم قد ينتهي مفعوله بظهور بوادر إنطلاق حرب باردة جديدة ستشل قدرة هؤلاء "الأقوياء" على التأثير المطلق في أحداث العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط ذات الأهميتين النفطية والستراتيجية.

28

أوباما أراد علاوي رئيساً للجمهورية(1/2)
محمد ضياء عيسى العقابي
نشر موقع "عراق القانون" تقريراً بعنوان: " أوباما طالب طالباني بالتنازل عن الرئاسة العراقية لعلاوي". شمل التقرير تصريحات لشخصيات كردية ظهرت في صحيفتي "الشرق الأوسط" السعودية و"كردستان تربيون" الكردية الصادرة باللغة الإنكليزية. [يمكن الإطلاع على التقرير كاملاً على الرابط أدناه في (1)]
أود التعليق على ثلاث قضايا في التقرير مؤشرة أدناه، علماً أنني لا أدعو إلى القطيعة أو توتير العلاقات مع الولايات المتحدة بل أدعو إلى علاقات صداقة حقيقية قائمة على التكافؤ والإحترام المتبادل والمصالح المشتركة وإلا فلا لزوم لها:
1-   ورد في التقرير:
"....إدارة الرئيس باراك أوباما كانت تريد أن يتولى زعيم القائمة العراقية إياد علاوي رئاسة الجمهورية  للحد مما كان المسؤولون في واشنطن يعتبرونه انزلاقا مثيرا للقلق لرئيس الوزراء نوري المالكي نحو الاستبداد."

هذه لغة الحرب الباردة حيث يُقال شيء جميل والمعني أمر آخر تماماً. إذ إعتادت الولايات المتحدة والغرب، آنذاك، التشهيرَ بالحكومات الوطنية وزعمائها في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وتخويفهم وحشد التآمر عليهم عن طريق إتهام الدول والقادة بعدة تهم كان أكثرها شيوعاً تهمة الشيوعية وخدمة المخططات السوفييتية ومعاداة العالم الحر (كما فعلت مع الزعماء جمال عبد الناصر وعبد الكريم قاسم وسوكارنو ونكروما وحتى نهرو). تبدلت أوضاع العالم وتبدلت الموضة فأصبح حديث الإتهام اليوم ينصب على الديمقراطية والحريات والدكتاتورية والإستبداد والإرهاب. قسط كبير منها يستخدم في محله، وهذا أمر لا يمكن نكرانه. ولكن مازالت أساليب الحرب الباردة مستخدمة في حالات غير قليلة أيضاً. فيتم توجيه تهمة الإستبداد والمقصود أمر آخر. 

 الآن يتهم البعض رئيس حكومة العراق السيد نوري المالكي،  بالإستبداد. لا أعير أي قدر من الأهمية لإتهام إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني  المالكي بالإستبداد فالذي بيته من زجاج عليه ألا يرمي بيوت الناس بالحجارة؛ كما إنهما يقرآن مزاج أصحاب المصالح العالمية كشركات النفط وداعمي إسرائيل ثم يوفران لهم مادة لممارسة الحرب الباردة ضد معتنقي مبدأ "عقود خدمة" في بغداد بدلاً من مطلب شركات النفط المحبب "الشراكة في الإنتاج"؛ كما لا أعير أهمية لإتهام التيار الصدري لأن منطلق قادته شخصي وإنتقامي وغير مسؤول ضد المالكي كما إن فهمهم للديمقراطية قاصر يشوبه التشوش الشديد.
 
سألتْ فضائية الحرة، مرة، عدة وزراء من عدة كتل: هل أن رئيس الوزراء المالكي يتخذ قرارات دون الرجوع إلى مجلس الوزراء والوزراء المعنيين؟ أجمع المستجوَبون على أن القرارات تتخذ في مجلس الوزراء بالتصويت؛ علماً أن إئتلاف دولة القانون لديه عدد محدود من الوزراء بحدود الأربعة من بين ما يربو على الثلاثين وزيراً.

في الحقيقة هناك عملان كيديان نصبهما إئتلاف العراقية بقيادة السيد أياد علاوي وهما:
 أولاً: التعمُّد في عدم ترشيح شخص مناسب لشغل حقيبة وزارة الدفاع. ولما أخطأ الإئتلاف ورشح السيد خالد العبيدي وجرت الموافقة عليه سرعان ما سحبوا الترشيح ورشحوا شخصاً  آخر متهماً بشبهة الإرهاب؛ وأخيراً رفضوا الدكتور سعدون الدليمي رغم أنه من تنظيم الوسط المنضوي في إئتلاف العراقية ورغم كونه مرشح هذا الإئتلاف لمنصب وزير الثقافة؛ فعيَّنه المالكي وزيراً للدفاع بالوكالة.
ثانياً: قدّم إئتلاف العراقية تصوّره التفصيلي للإتفاق المبدئي حول تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" ليشغله السيد أياد علاوي، فكان التصوّر عبارة عن وصفة كاملة لوضع الرئاسات الثلاث في جيب السيد علاوي ليصبح أقوى من "الولي الفقيه" الإيراني لأن هذا الفقيه يؤيد أو يرفض قرارات وقوانين مجلس الشورى. أما ولي قادتنا وفقهائنا، السيد علاوي، فهو الذي يُصدر القرارات مباشرة وعلى الآخرين التنفيذ.

إن إغفال إصدار تشريع لأخطر مجلس في العراق نص عليه الدستور وهو "مجلس الإتحاد"، والتأييد المبطن الغامض من قبل السيد مسعود برزاني لوصفة إئتلاف العراقية ل"المجلس الوطني للسياسات العليا" المفتعل والمتطفل على الدستور، يشيران إلى أن فكرة تأسيس "المجلس الوطني للسياسات العليا" هي فكرة أمريكية طلبَ نائب الرئيس السيد جو بايدن من "فخامة" السيد الرئيس مسعود برزاني طَرْحَها بإسمه (كحلّال حكيم لمشاكل العراق) لحل أزمة تشكيل الحكومة الذي تعقَّد بسبب الصدريين والمجلس الأعلى من جهة وبسبب التزوير الحاذق في إنتخابات 7/3/2010 البرلمانية، من جهة أخرى.

ربما أراد السيد بايدن من "تتويج" السيد علاوي على رئاسة "المجلس الوطني للسياسات العليا" – أراده كتعويض عن فشل طلب الرئيس أوباما ترشيحَ السيد علاوي لرئاسة الجمهورية وذلك "للحد ... من الإنزلاق المثير للقلق لرئيس الوزراء نوري المالكي نحو الإستبداد"، على حد ما ورد في التقرير الذي نحن بصدده.
من جهة أخرى، لو فرضنا جدلاً أن السيد المالكي ينزلق نحو الإستبداد، فهل أن السيد أياد علاوي هو الشخص المناسب "للحد" من هذا الإنزلاق؟ لا أرى ذلك، بل أرى أنه مطلوب لأداء مهام أخرى. لذا فقد جرى التزوير لإئتلافه والتفخيم له شخصياً.
   
 هَدَفَ هذان الكيدان إلى إظهار التحالف الوطني وبالأخص إئتلاف دولة القانون وزعيمه رئيس الوزراء بمظهر المستأثر بالسلطة، وإظهار السيد المالكي بالمستبد الذي يسعى إلى الهيمنة على الأجهزة الأمنية ليسخرها لمصالحه الشخصية وتأسيس حكم دكتاتوري، وإظهار وضع العراق بالقلِق المقبل على حرب أهلية. كل ذلك الكيد كان يرمي إلى الضغط على الحكومة العراقية لإطالة أمد بقاء بعض القوات الأمريكية وعدم إنسحابها ربما للإنتفاع منها في يوم مشابه لما خُطط ليوم 25/2/2011 وفشل. إن نشر الشائعة التي كان مفادها أن المالكي إتفق مع الصدريين على تسليمهم قيادة عدد من الفرق العسكرية، كان مصمما لوضع مزيد من التبريرات بيد الأمريكيين لتوجيه مزيد من الضغط على التحالف الوطني لإبقاء قواتهم في العراق بعد 31/12/2011. وهذه الإشاعة، بتقديري، هي مساهمة السيد مسعود البرزاني  للضغط على المالكي بإتجاه إبقاء القوات (نزولاً عند رغبة الأمريكيين) لأن الذي أطلق الإشاعة بشكل حذلقي هو أحد مرتزقة الرئيس مسعود. يُخطئ من يظن أن الأمريكيين إنسحبوا من العراق من تلقاء ذاتهم لوعد إنتخابي قطعه الرئيس أوباما على نفسه، فتخريجات التملص من الوعود الإنتخابية أمر إعتيادي في دنيا السياسة. مازال الجمهوريون في الكونغرس يوجهون اللوم بعد اللوم لهذا الإنسحاب. 

لكنني أعير أهمية لإتهامات الإدارة الأمريكية والصحف الأمريكية والبريطانية وغيرها، لا للتعرف على حقيقة أوضاع العراق عبرها وأنا المواطن العراقي الحريص على شعبه ووطنه الذي كادت أن تكون متابعته لأوضاعهما يوميةً ومنذ أكثر من خمسن عاماً. لكنني أعير أهمية لها وأتابعها للتعرف على ما يراد للعراق وما يُخطط له.   
 
إن لصق تهمة الإستبداد بالسيد المالكي قد دحضه خبراء أمريكيون لا غير في فضائية الحرة (برنامج "الطبعة الأخيرة") إذ تساءلوا: "أليس المالكي مسؤولاً أمام البرلمان؟ وأليس المالكي سيواجه إنتخابات عامة؟ فكيف هو مستبد ودكتاتور، إذاً؟"
جوابي: إنها أساليب الحرب الباردة التي خبرناها جيداً، حتى ولو نسيها البعض من العراقيين.

حقيقة موقف الرئيس أوباما هو تفضيل علاوي على المالكي لرئاسة الحكومة. وقد كشف هذه الحقيقة قبل سنتين تقريباً السيد كنيث كاوتسمان، كبير الباحثين في الكونغرس الأمريكي، إذ قال في فضائية الحرة (برنامج الجهات الأربعة) "بأنني لا أتكلم بإسم البيت الأبيض ولكنني أعلم أن الرئيس أوباما يفضل علاوي على المالكي لأن علاوي ليس صديقاً لإيران".

هنا، إذاً، يتبين جذر إتهام المالكي بالإستبداد. وبتقديري، لولا الخوف من إحتمال تأجج أغلب الرأي العام العراقي المليوني والخوف من إحتمال دفع العراق بإتجاه إيران، لسمعنا إتهامات أشد وأقسى ومؤامرات يقل فيها الحذر.
منحت الوقائع اللاحقة مصداقية لقول السيد كاوتسمان إذ أصر المالكي على إستقلالية العراق ومد يد الصداقة للجميع وعدم الإنخراط في أي محور؛ بينما صرح علاوي جهاراً بأنه سيحارب إيران "سياسياً".
لذا فالمالكي مستبد وعلاوي ديمقراطي "للكَشر".

ماذا عسانا نفهم من كلام "النيويورك تايمز"، وهي تكيل ذات التهمة للمالكي، بأن صدور حكم الإعدام بحق طارق الهاشمي يفاقم الشعور الطائفي؟ هل هذا الكلام قراءة لحقيقة أم إنه تأجيج للطائفية؟ أما كانت الصحيفة ستقول "إن إظهار الحق وإصدار الحكم القضائي بشأن من خان الأمانة الوظيفية وأزهق أرواح أبرياء وزاد في وتيرة الإرهاب، ينبغي ألا يثير أي قدر من الشعور الطائفي" لو كان طارق الهاشمي ليس عراقياً ولو لم يكن يُراد للعراق الضعف والتمزق (بعد أن فشلوا في تحقيق كامل هذه المهمة وجيوشهم جاثمة على الأرض العراقية بفضل وعي الشعب العراقي وقادته المنتخبين)؟
 
عطفت صحيفة الغارديان المؤيدة لإسرائيل على نوري المالكي فلم تطلق قولها في 10/9/2012 بغير قيد: "سِجِلُّ إنتهاكات المالكي يتضخم بإنتظام"، لكنها عطفت عليه وقالت أيضاً: "رغم أنه ليس بقدر صدام". إنها نكتة سمجة لم يفُقْها قبحاً إلا رأي الموظف السابق لدى الإعلام السعودي واليوم نائب رئيس تحرير صحيفة "المدى" الذي كتب: " مباشرة ومن دون لفّ أو دوران أو تورية أو تعمية ومن دون تردد أقول انني أقصد هذه الحكومة بالذات .. الحكومة التي تُمسك الآن بالسلطة في عاصمتنا بغداد .. انها أسوأ حكومة في تاريخ العراق الحديث (تأسس العام 1921) .. أسوأ حتى من نظام صدام الذي كنا نعتقد انه الأسوأ والأبشع والأكثر وحشية في تاريخ العراق والمنطقة، بل العالم كله."

بالطبع، هذا الكلام صادر من السيد عدنان حسين الحانق لأن "الريح العراقية لا تجري بما تشتهي سفن السعودية و "أصدقائها زرافات ووحدانا"".
حَسٍبَ السيد عدنان حسين أن العراقيين قد نسوا صدام ونظام حكمه الطغموي(2). كيف لا يحسب ذلك وهو الذي كتب قبل عدة سنوات بأن العراقيين لا يعرفون أين تقع الأردن وأين تقع الكويت؛ أي كأنه يقول إن العراقيين "صم بكم عمي فهم لا يفقهون".
إن هذا هو البؤس والإفلاس الكبيرين.

أعود إلى بريطانيا وصحفها. ربما تنطلق المواقف البريطانية من حسابات تتعلق بتوقف الحرب الباردة وبالتالي بروز الفرصة أمامها للعودة إلى الشرق الأوسط بعد أن إحتكرته أمريكا لصالحها بعد إسقاط حكومة مصدق، ثم فشل العدوان الثلاثي على مصر إثر تأميم شركة قناة السويس عام 1956 ثم تدبير إنقلاب 8 شباط عام 1963 الطغموي الأسود ومساعدة السادات على طمس إرث عبد الناصر الوطني وزج طغمويي العراق في حربي الخليج الأولى (ضد إيران) والثانية (إحتلال الكويت) ومن ثم إحتلال أفغانستان وأخيراً إحتلال العراق. لذا شاركت بريطانيا  الولايات المتحدة في غزو العراق لأغراضهما الخاصة نجم عنه تحريره من الفاشست الطغمويين آملة في أن تستعيد موطئ قدم لها في العراق معتمدة على عملائها التقليديين الذين أسست لهم نظاما تمتعوا فيه طويلاً وتبادلوا المنافع معها وهم الطغمويون بأنواعهم الثلاث: الملكيين والقوميين والبعثيين.

قد يفسر هذا، إضافة إلى رغبة إسرائيل في أن ترى في بغداد حكومة معادية لإيران وتدخل في حرب معها دون مبرر وتؤيد التدخل العسكري في سوريا، إلحاحَ بعض الصحف كالغارديان للتحرش بالعراق ووصف المالكي بالمستبد والدكتاتور.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تمكن مراجعة التقرير كاملاً على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=22522
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءاً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181


29
إعتراف صريح بالإصرار على إدامة الأزمة
محمد ضياء عيسى العقابي
صرح القيادي في إئتلاف العراقية النائب السيد جمال الكيلاني لوكالة كل العراق [أين] بما يلي:
 " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق "(1).
هذا إعتراف صريح بعدم قدرة إئتلاف العراقية على تجاوز الإستجابة للتدخلات الخارجية للسعودية وتركيا وقطر وشركات النفط، وهي الجهات المتورطة جداً بالتدخل في الشأن العراقي عبر إئتلاف العراقية بالأساس.
وإذا طرح السيد الكيلاني بأن إيران، هي الأخرى، تتدخل في الشأن العراقي عبر التيار الصدري، فأقول هذا صحيح ولكنه ليس السبب الذي منع ويمنع وسيمنع الصدريين من التصويت لصالح السيد أياد علاوي وهو بيت القصيد (الذي يتمناه الصدريون مناكفة ونكاية بإئتلاف دولة القانون وزعيمه السيد المالكي). السبب يعود، بتقديري، إلى أن الصدريين يتخوفون من خسارة تأييد معظم ناخبيهم إذا ما صوتوا لصالح السيد علاوي لأن هذه الجماهير، شأنها شأن الجماهير الديمقراطية العراقية عموماً، لا تؤيد السيد علاوي ورفاقه من الطغمويين(2) لأنهم متهمون بمساندة الإرهاب ومحاولات تعطيل التنمية والإعمار والمصالحة الحقيقية وبالتالي تدمير العملية السياسية بالكامل.
لقد سبق السيدَ الكيلاني زعيمُه الدكتور أياد علاوي بخصوص عدم التمكن من حل الأزمة حينما صرح الدكتور أياد بأن النقاط السبعين المدرجة في ورقة الإصلاح المعدة من قبل التحالف الوطني "تتطلب سبعين سنة لبحثها". هذا كلام الإصرار العنيد وليس كلام رأي وإجتهاد جادين. 
أما  دعوة السيد الكيلاني، في نفس التصريح، السياسيين في العراق الى " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق "، فهي تؤكد، مرة أخرى، أن السيد الكيلاني كحال زملائه في إئتلاف العراقية، لا يرغبون في أن يستقر العراق بل يواصلون ما إتهمتهم به الجماهير أي محاولة تدمير المسيرة الديمقراطية. فهم يريدون حل جميع مشاكل العالم صغيرها وكبيرها وتصفيرها بالكامل حتى تنتفي الحاجة لوجود منظمة الأمم المتحدة، قبل حل القضية العراقية التي لا تتطلب، في واقع الحال، سوى قدر بسيط من الأمانة والوطنية والنزاهة والإخلاص من جانب ما تبقى من إئتلاف العراقية. وإلا فما العلاقة بين الإضطراب السوري والأزمة العراقية؟ إلا أللهم إذا عول البعض على نجاح الإرهاب في إختطاف الثورة السورية والبدأ بحملة الكوفة كما وعدنا بها الشيخ عرعور الوهابي السوري القاطن في السعودية.
أراهن على أنه لولا الخوف من فضح دسائس بعض قياديي إئتلاف العراقية في التآمر على وطنهم حسبما هددهم به الرئيس السوري بشار الأسد، لشهدنا اليوم المهرجانات والخطب الرنانة والدعوات النارية بحجة الثورة السورية متهمين موقف الحكومة العراقية بالمنحاز لمجرد أن هذا الموقف يدعو إلى تلبية المطالب الديمقراطية للشعب السوري عبر الحوار السلمي بين السوريين تحت رقابة الأمم المتحدة الصارمة، بدل تدمير الدولة السورية وهي دولة الممانعة العربية ضد الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة بدفع وتأييد شركات النفط.
ختاماً، فلنتأمل التصريحات التالية المنقولة عن نائب الموصل السيد زهير الأعرجي(3):
"وأضاف النائب عن العراقية الحرة خلال تصريح صحافي، الثلاثاء، ان بعض الجهات السياسية ومنها زعامات كتل سياسية تدعم ما يحصل الآن في سوريا، وانها ستطرح فكرة انشاء الاقليم السني للمحافظات الغربية في العراق بعد سقوط النظام السوري.
وقال الاعرجي أن هناك اشارت واضحة بأن محافظتي الانبار ونينوى التي تقع ضمن الشريط الحدودي للعراق مع سوريا ستعانيان اضطراباً أمنياً عقب سقوط الأسد. "
هذه هي الحسابات التي تحول دون حل الأزمة السياسية في العراق.       
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  (1): التصريح منشور في موقع "عراق القانون" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21013
(2): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): تصريحات السيد زهير الأعرجي منشورة في موقع عراق القانون على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=21024



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الكيلاني: لا يوجد حل للأزمة
التاريخ : الثلاثاء 21-08-2012 11:58 صباحا    
 

   
 أستبعد نائب عن القائمة العراقية ايجاد حل للازمة السياسية في البلاد بسبب تدخلات بعض دول المنطقة .   

وقال النائب جمال الكيلاني لوكالة كل العراق [أين] اليوم " أننا نفضل الحل العراقي للأزمة لكن يبدو ان بعض الدول لاتستطيع الأ ان تتدخل في الشأن العراقي ولذلك نرى ان السياسيين العراقيين يتحركون في دول المنطقة لجلب العطف من هذه الدول التي تدخلت بشكل مباشر في الشأن العراقي ".

واضاف " نحن في القائمة العراقية غير مطمئنين من ان نصل الى حل لهذه الأزمة مادام هناك دول تتدخل في العراق ".

ويشهد العراق أزمة سياسية استمرت عدة اشهر بسبب تصاعد الخلافات بين الكتل السياسية حول امور تتعلق بالشراكة في ادارة الدولة بالاضافة الى ملفات اخرى ، وقد ادى استمرار الازمة الى مطالبة بعض الكتل السياسية وهي [التحالف الكردستاني ، القائمة العراقية ، التيار الصدري] بسحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي بعد ان عقدت عدة اجتماعات في كل من محافظتي اربيل والنجف مما ادى الى لجوء التحالف الوطني لاعداد ورقة اصلاحات تعرض على الكتل .

يذكر ان التحالف الوطني طرح ورقة اسماها بالاصلاحات السياسية ودعا رئيس لجنة الاصلاحات رئيس التحالف التحالف الوطني ابراهيم الجعفري في بيان تلاه  في السابع من تموز الماضي جميع الاطراف المشاركة في العملية السياسية الى التعامل مع مبادرة الحوار على اساس الالتزام بالدستور واصلاح مؤسسات الدولة.

وعن مدى تأثير الأحداث والازمة في سورية على الاوضاع في العراق بين الكيلاني " أننا نعتقد ان الأزمة السورية تلقي بظلالها على الوضع العراقي والساسة في العراق حذروا من اتساع رقعة الفتنة في سورية وربما سيكون العراق أول من سيتضرر من تداعيات الاحداث المؤسفة الجارية في سورية " ، داعياً السياسيين في العراق الى " تدارك الأوضاع في سورية وان يحاولوا قدر الامكان حل المشكلة السورية قبل المشاكل في العراق ".

 بعض الساسة يحلمون بإنشاء إقليم السنة بعد سقوط نظام الاسد
التاريخ : الثلاثاء 21-08-2012 05:43 مساء    
 

   
 أكد النائب عن القائمة العراقية الحرة زهير الاعرجي، ان بعض زعماء الكتل السياسية سيطرحون فكرة انشاء الاقليم السني لمحافظات غربي العراق، عقب سقوط نظام بشار الأسد.   

وأضاف النائب عن العراقية الحرة خلال تصريح صحافي، الثلاثاء، ان بعض الجهات السياسية ومنها زعامات كتل سياسية تدعم ما يحصل الآن في سوريا، وانها ستطرح فكرة انشاء الاقليم السني للمحافظات الغربية في العراق بعد سقوط النظام السوري.

وقال الاعرجي أن هناك اشارت واضحة بأن محافظتي الانبار ونينوى التي تقع ضمن الشريط الحدودي للعراق مع سوريا ستعانيان اضطراباً أمنياً عقب سقوط الأسد.    
   


30
إذا جرى إستجواب رئيس الوزراء فماذا نتوقعه؟
محمد ضياء عيسى العقابي

هناك أمور كثيرة جداً تستدعي الإيضاح والإستيضاح وتنوير الشعب العراقي بها من قبل رئيس الوزراء سواءاً كان مستضافاً أو مستجوَباً في مجلس النواب.
غير أن الطرفين، حكومة التحالف الوطني وخصومها وعلى رأسهم الطغمويون(1) (الذين هم جزء من حكومة "المشاركة وليست الشراكة"!!) يتحاشيان، كما أقرأُ الأحداث، الإقترابَ من تلك الأمور رغم أنهما يهددان بكشفها وقد تكون تهديدات  أحدهما تكتيكيةً وتهديدات الآخر جادة.
بتقديري، لا يريد خصوم الحكومة إستجواب رئيس الوزراء ولا إستضافته لأن هذا ليس هو المقصود بل الديمقراطية الدستورية هي المقصودة وأرادوا، بخبث، دفع رئيس الجمهورية لإغتيالها عبر سحبه الثقة من رئيس الوزراء في تصويت أبكم أصم في مجلس النواب لا سؤال ولا جواب فيه ليكون إنقلاباً ناعماً يلعب فيه المال والإرادة الأجنبية دوراً هاماً(2).
لا ينجم إغتيال الديمقراطية لمجرد حجب الثقة عن رئيس الوزراء في ظروف إعتيادية. فهذا أمر سخيف لم يتفوه به أحد غير مروجي الإشاعات والتشويه. بل ينجم الإغتيال عن عدم المقدرة على التحكم في المسيرة اللاحقة لسحب الثقة وبالذات عدم القدرة على تشكيل وزارة جديدة ما يعني إدخال العراق في نفق مظلم يحيط به الأعداء من كل جانب، وفي ذلك دمار  للأمل الديمقراطي، وهو المطلوب ضمن ستراتيجية الطغمويين الرامية إلى عدم السماح بقيام دولة لا يكونون على رأسها بدافع حب الإنتفاع السلطوي، وهنا تكمن علة العراق الجديد.
إلا أن رئيس الجمهورية كان أوعى وأنبل وأحرص من أن تنطلي عليه ألاعيب مدمرة ومخَطَطَة بعناية من هذا النوع تمتد جذورها إلى شركات النفط العالمية وعملائها في المنطقة والعراق(3).
لم يريدوا إستجواب رئيس الوزراء ولا إستضافته وذلك لخوفهم من كشف أمور كثيرة ليست في صالحهم وهي من العيار الثقيل، لأن المعلَن منها سلفاً، ومن قِبَلهم بالذات، كان من هذا العيار، فما بالك بالمخفي من وزن أفعال المتهم طارق الهاشمي(4) وليث الدليمي؟
يكفينا أن نتذكر بهذا الصدد رسالة الطغمويين من قادة إئتلاف العراقية، بقيادة زعيمها السيد أياد علاوي، الموجهة إلى "من يهمه الأمر من شرائح المجتمع الأمريكي" (وهل هناك من يهمه شأنُ العراق أكثر من شركات النفط وممثليها في الكونغرس الأمريكي كالسناتورين جون مكين وليندزلي كَراهام؟) التي نُشرت في صحيفة النيويورك تايمز داعين فيها أمريكا إلى التدخل السياسي في الشأن العراقي وإطالة أمد بقاء القوات الأمريكية وذلك قبيل خروج تلك القوات من العراق علماً أن الوجود العسكري الأمريكي كان بتفويض أممي لحفظ الأمن ليس إلا حتى 1/1/2009 حيث أصبح بتفويض عراقي حتى 31/12/2011.
وهل ننسى "مشروع" السيد أياد علاوي الذي قدمه للدكتورة (كونداليزا رايس)، وزيرة الخارجية الأمريكية، عند زيارتها بغداد عام 2007؟ لقد إجتمع السيد أياد علاوي بالدكتورة (رايس) لعرض مشروع بديل عليها لحكم العراق. أما بنود مشروع الدكتور أياد والقائمة العراقية فهي كما صرح بها النائب عن القائمة السيد أسامة النجيفي ونقلتها (د.ب.أ.) ونشرتها صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتاريخ 6/3/2007، وهي: "إعادة النظر في العملية السياسية بالكامل وتغيير طريقة إدارة الدولة العراقية وتجميد الدستور وحل البرلمان". (يا للمفارقة فإن السيد النجيفي، الذي بارك مبادرة زعيمه السيد علاوي، أصبح رئيساً لمجلس النواب الذي طالبا بحله!!).
ويكفينا تذكُّرُ إلحاحهم على مجلس الأمن وكأنهم يطلبون منه تعديل ميثاق الأمم المتحدة كي يخول المجلس إرسال قوات عسكرية للعراق، بموجب الفصل السابع، (ربما لحماية السيد أياد علاوي من هرٍّ مفترض فخَّخه وأرسله إليه نوري المالكي لإغتياله ولكن القط لم يظفر به، لحد الآن، لأنه داخ من كثرة حِلِّ وترحال الدكتور أياد بين أربيل والدوحة وعمان وبيروت ولندن وروما وموسكو وغيرها تاركاً مقعده البرلماني فارغاً ربما خوفاً من الهر المفخخ الذي ينتظره على أحرٍّ من الجمر!!)
[ نشرت صحيفة "عراق القانون" الإلكترونية تقريراً بتأريخ 24/7/2012 بالعنوان التالي: "علاوي يتحدث لصحيفة "العرب اليوم"  الأردنية عن محاولة اغتياله في بغداد".]   
وذاك نائب رئيس الجمهورية، السيد طارق الهاشمي، الذي أقسم على القرآن بصيانة سيادة العراق وأمنه وإستقلاله تبين فيما بعد أنه متهِم بقيادة(300) جريمة إرهابية، وتَوَقَّعَ، وهو هارب عن وجه العدالة، بتأريخ 1/2/2012 في فضائية أل (سي.إن.إن.) (من باب الأمل والتحبيذ!!) أن "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة". (منقول عن موقع فضائية "الحرة – عراق" بنفس التأريخ).
وهناك المزيد عن مواقفهم المُهدِدة لأمن العراق وسيادته وسأخصص الحلقة القادمة من هذا المقال إلى عرض تحليلي لرسائل متبادلة بين أرفع مسؤول طغموي وهو نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي والرئيس الأمريكي السيد باراك أوباما حسب التقرير الذي نشرته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية  في 25/4/2009.
 نعم، إنهم يخافون كشف الأمور من العيار الثقيل، خاصةً وقد أصبح الوضع العراقي بتماسكه ونضوج ديمقراطيته وتصلُّبِ عودها نسبياً، جاهزاً للبوح من جانب الحكومة العراقية ورئيسها بما لم يكن من الحكمة التطرق إليه في مرحلة الإبتزاز.
 أما الحكومة ورئيسها،  فهو الآخر، يتردد في الكشف عن المخفي أيضاً ولكن لسبب مختلف تماماً عن سبب خصومه. فهو، بتقديري، لا يريد كشف فضائح خصومه ذات العيار الثقيل بأكملها، حرصاً منه على  إدامة روح الثقة الدنيا  بوطنية المعارضين، وخوفاً على العملية السياسية من أن يُعلن تلطّخُها بدماء عشرات الآلاف من الشهداء الأبرياء، مدنيين وعسكريين، لم تُسفك بأيدي الإرهابيين التكفيريين، المدانة من الجميع صدقاً أو لفظاً ونفاقاً، وحسب بل وبأيدي بعض من هو مساهم في العملية السياسية و"أقسم بإلله العظيم وقرآنه الكريم" ويرفع صوته ملعلعاً بمشروعه الوطني المزعوم ومقته للطائفية وحرصه على الديمقراطية ووحدة الوطن ... و...و...و....!!!   
ولكن المفرح أن فشل كل جعجعة يثيرها الطغمويون وحلفاؤهم يتبعه نصرٌ للديمقراطية وأنصارها(5) ويتبعها فتح يتمثل بإختراق الحواجز والإطاحة بالمحرمات والخطوط الحمراء التي رسمتها فترة الرضوخ للإبتزاز والمحاصصة [مقابل موافقة الطغمويين على الإنخراط في العملية السياسية ولو من باب المناورة أي التكتيك من جانب أولئك الطغمويين المنخرطين ومن باب "إذا كنتَ لا تستطيع الوقوف بوجهه فسايره" (If you can`t beat it join it)].
من ناحية أخرى فإن التحالف الوطني، كما بدا لي، قد أدرك أن اللعبة خطيرة وأبعد بكثير من مجرد ممارسة حق دستوري إعتيادي يتعلق بسحب الثقة من رئيس الوزراء قد ينجح أو لا ينجح ؛ كما هي أبعد بكثير من مجرد إختبار السؤال الساذج "أليس هناك في كل العراق من هو مؤهل لإستبدال المالكي؟(6) .
لقد أدرك التحالف أن المقصود هو إدخال العراق في نفق مظلم، كما ذكرنا قبل قليل، قد يؤول إلى سلسلة من الإنهيارات بدءاً بترك البلاد بلا حكومة وهذا يعني تجميد العمل بالدستور بعد مرور شهر على تكليف تشكيلها، أي الحكومة، ولا تتشكل (حيث ينص الدستور على وجوب تشكيلها خلال شهر واحد) زحفاً إلى المؤسسات الأخرى ليتم تقويضها حتى تعم الفوضى وهي المطلوب بلوغها سواءاً عن طريق الإرهاب أو عن طريق تسخير الديمقراطية نفسها ولوي عنقها. وقد أدرك مرجع التيار الصدري حقيقة الموقف فأعاد التيار إلى صفوف التحالف الوطني نابذاً فكرتي حجب الثقة والإستجواب لإحتمال "تأثيرها سلباً على العملية السياسية الفتية" كما صرح السيد مقتدى الصدر زعيم التيار وهو يتنصل، مع حفظ بعض ماء الوجه، عن إلتزاماته حيال "حلفائه الجدد"، علماً أن الوقائع أثيتت أنه لم يكن ممكناً سحب الثقة حتى بوقوف التيار الصدري إلى جانب المشروع.
عليه وبتقديري، فإن التحالف الوطني حزم أمره ورمى بثقله وراء المالكي لا لدعمه تعصباً أو ل"عدم وجود من يستطيع أن يخلفه" بل لإحباط مؤامرة واسعة. بناءاً على ذلك أعد التحالف نفسه للسير بطريقين:
أولاً : إعدَّ ورقة إصلاح  تضم (70) بنداً حسبما ورد في الأخبار وتشمل المسائل المثارة من قبل الجميع بضمنها ما جاء في إجتماعي أربيل الأول والثاني وإجتماع النجف إضافة إلى جميع المسائل المعرقلة للبناء الديمقراطي ومسيرة التنمية وتوفير الخدمات التي شخصها التحالف الوطني نفسه.
ثانياً: إذا أصر المعارضون على رفض المؤتمر الوطني(7) وساروا في طريق مغامر قد يحاكي  مؤامرة 25/2/2011(8) فقد أعد التحالف العدة، كما صرح هو بذلك، للحيلولة دون دخول النفق المظلم وبلوغ حالة التفكك، كتشكيل حكومة أغلبية من جميع الأحزاب والحركات حتى التي ليس لها تمثيل برلماني ولكنها حريصة على إنقاذ الديمقراطية من كيد شركات النفط والدول الشمولية المرتعبة من المد الديمقراطي في المنطقة أو الطامعة الإقليمية والمحيطة بالعراق و"حلفائهم"، أو كحل البرلمان والدعوة لإنتخابات مبكرة رغم أن هذا الطريق يمكن عرقلته  من قبل المعارضة بإعاقة تشكيل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات (وإستبدالها شرط ضروري جداً لضمان سلامة الإنتخابات المستهدفة بإغراءات مليارات الدولارات السعودية والقطرية والتركية؛ إذ ظهر خلل في نزاهة المفوضية القائمة وبالتالي عدم صلاحيتها) وبإعاقة تعديل قانون الإنتخابات.
أعتقد أن التحالف قد رسم الحدود والخطوط  لما يطرحه رئيس الوزراء في مجلس النواب في حالتي الإستضافة (حيث سيتسم الطرح بالتحفظ النسبي، بتقديري)؛ وفي حالة الإستجواب (حيث سيكشف الكثير من الأمور التي تم التستر عليها قبلاً مراعاةً لشركاء إعتادوا على التهديد بالإنسحاب من العملية السياسية يوم كانت هذه الخطوة مؤذية جداً لها وما عادت بتلك الحراجة لأن المعارضين قد فقدوا القدرة على تحريك الشارع بعد إفتضاح أمرهم من وجوه عدة).
لذا أتوقع أن نسمع من رئيس الوزراء إذا ما إستُجوب كلاماً غير مألوف وقد يكون صاعقاً للبعض. أدرج فيما يلي توقعاتي للمواضيع والعناوين والمفاهيم التي قد يتناولها:
1-   سيشيد رئيس الوزراء، قبل كل شيء، بصمود الشعب العراقي وتمسكه بالديمقراطية والنظام الديمقراطي لأنه النظام الوحيد القادر على تحقيق دولة القانون والمواطنة وإحترام حقوق الإنسان. وسيشيد بصبر الشعب وسخائه في تقديم التضحيات الجسيمة لصيانة النظام، وتحمله مصاعب تفوق طاقة البشر من حيث الإرهاب وإفتقاد الخدمات الأساسية وخاصة الكهرباء في ظروف مناخية صعبة جداً.  مع هذا لم يأبه الشعب بحملة التحريض والتشويه المركزة التي أطلقتها مختلف الجهات لأهداف متباينة وذلك لإدراك الشعب بالأسباب الحقيقية التي تقف ورائها والأهداف المبتغاة منها.
2-   تفاصيل عن الإرهاب والفساد والمتورطين فيه من دول الجوار ومن كثير من السياسيين الطغمويين.
3-   بيان أنه كان ومايزال هناك جهداً مكثفاً من جانب جهات أخرى غير الإرهاب للحيلولة دون تحسن وضع الخدمات عموماً والكهرباء خصوصاً وإعاقة عملية البناء والتطوير الإقتصادي. ربما يتم طرح كون مسألة الكهرباء مخططة سلفاً كمحور هجوم أساسي للإطاحة بالحكومة. غير أن الشعب قد أدرك اللعبة وتحمل فوق ما يحتمله البشر فداءاً للعراق الجديد والحرية والديمقراطية الوليدتين.
a.   حقيقة المبالغ المصروفة على وزارة الكهرباء وأبواب الصرف منذ 2003،
b.   تقديم إيضاحات حول حقائق العقود المبرمة لتوريد مشاريع لتوليد ونقل الطاقة الكهربائية، وما هي حقيقة العقود الوهمية والمسؤولين عنها؟
c.   الموقف الحالي والمستقبلي لحجم الطاقة الكهربائية المطلوبة والمنتجة والمستوردة،
d.   حقيقة المشاكل بين وزارتي النفط والكهرباء،
4-   سيشرح رئيس الوزراء أسباب عدم الكشف عن تلك الجرائم والأحداث حين إكتشافها من قبل. وسنرى أن ذلك لم يكن رغبة في وضعها تحت اليد للتهديد بها عند الضرورة لإسكات أصوات الآخرين أي إبتزازهم أو للمقايضة وفق مبدأ "إسكت عني وأسكتُ عنك"، بل جرى السكوت لأسباب أملتها المصلحة الوطنية متمثلة بما يلي:
a.   الحرص على بقاء الطغمويين داخل العملية السياسية وتفادي خروجهم منها لأنهم كانوا يتمتعون بثقة وخوف جماهير مهمة ليس من الصالح العام التفريط بها بل الأصح الحفاظ عليها ضمن العملية السياسية والتعويل على عامل الوقت ليلعب دوره في الفرز وكشف الأطراف السياسية العديدة على حقيقتها وبالأخص إئتلاف العراقية الذي يشكل إصرار قادته على إستعادة السلطة الطغموية بوسيلة أو أخرى، شرعية وغير شرعية، جوهر المشكلة العراقية والذي تتفرع عنه جميع المشاكل الأخرى. وهذا الجوهر تفادى الجميع الإشارة إليه لأسباب بعضها حرص مبدئي وأخرى خوفاً من تسليط الإرهاب عليهم وأخرى إنتهازية نفعية هدفها زعزعة الحكومة "الرجعية" وأخرى جاهلة لا تفقه ما يدور حولها وأخرى طائفية دفينة مهما تبرقعت ببراقع التقدمية واليسارية وبعضها عمالة للمال السعودي بالذات وكل ذلك تم على حساب دماء الأبرياء.
b.   تفادي الإصطدام بالأمريكيين قبل أوانه إن إقتضى الأمر وتفادي الإنسياق وراء مخططات من يريد ويدفع بإتجاه اصطدام الحكومة بهم ليحل هو محلها ولكن ك"حليف متعاون" وليس كصديق متكافئ مع الأمريكيين.
c.   تفادي الإنخراط في محاور الدول الإقليمية التي تريد تبديد طاقات العراق، المحدودة أساساً، وذلك لإشغاله وإرباكه وإنهاكه.
5-   أوضاع حقوق الإنسان والحريات العامة ومنظمات المجتمع المدني وحقيقة الإتهامات المتنوعة التي تشير إلى خرقها. ما هي الضمانات المستقبلية للإرتقاء بمستوى هذه النشاطات؟
6-    إيضاحات عن شبكة الإعلام العراقية ومدى حياديتها؛ ومدى حيادية الهيئات المستقلة الأخرى.
7-       مدى فاعلية هيئة النزاهة؟
8-   إذا صحت إتهامات البرزاني والنجيفي وعلاوي لرئيس الوزراء بالتنصل من بعض الإتفاقات، فسيعترف رئيس الوزراء، بتقديري، بخرقه وتنصله من تعهدات فُرضت عليه فرضاً في ظروف إبتزازية وقف فيها جميع خصومه في خندق واحد مع الأمريكيين ومع الإرهابيين ومع السعودية وتركيا وقطر وغيرها من الدول وذلك بالضد من مصالح العراق بل لخدمة مصالحهم الفئوية أو الطغموية أو الشخصية. وسيطرح أن مصلحة العراق وظروفه التأريخية والراهنة وطبيعة السياسة وثقافتها التي أشاعها النظام البعثي الطغموي وأعداء العراق إقتضت المراوغة مع المراوغين والعبرة في النتائج فقد إنتقل العراق من حالة الإحتلال والتفكك والإنهيار التام إلى دولة متماسكة يحكمها دستور ويسودها نظام ديمقراطي الأساس ويحتاج إلى المزيد والمزيد من الإستكمال والتطوير ويتمتع فيه الأفراد والجماعات بالحريات العامة رغم الهنات هنا وهناك وقد خرجت قوات الإحتلال وقصم ظهر الإرهاب وإرتفع معدل الدخل الشهري للفرد العراقي من ربع دولار إلى أكثر من (300) دولار وأصبح رصيد العراق الإحتياطي قرابة 70 مليار دولار بعد أن تجاوز رصيده السالب عتبة ال(500) مليار دولار بل الألف مليار.
9-   سيطرح رئيس الوزراء التداخل المتعمَّد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ومحاولة رئيس مجلس النواب التمدد على السلطة التنفيذية تقمص أدوار تنفيذية كان آخرها قراره الخاص بإرسال طائرات لإجلاء العراقيين من سوريا.
10-   ستُطرح مسألة السعي الدؤوب للطغمويين من قادة إئتلاف العراقية لنزع المصداقية عن سيادة العراق وعرقلة تناميها المتواصل يوماً بعد يوم وعرقلة جذب المزيد من الدعم العالمي للعراق. إنهم لم يتوانوا عن دعوة الأمم المتحدة إلى إدامة إخضاع العراق لطائلة الفصل السابع من ميثاقها وتفعيله والزيادة عليه بفصول أخرى بدون مسوِّغ فقط لإظهار الإستهانة بالعراق وحكومته لأن الذي يترأسها (بالإنتخاب الحر الديمقراطي) ولدته أمه صفوياً فهو مرفوض مرفوض مرفوض ولا يستحق هذا المنصب حتى لو كان شيوعياً مازال بولادة صفوية(9) لأن الدولة العثمانية منعت توظيف الشيعة في الوظائف الرسمية حتى بدرجة شرطي على ذمة مذكرات الزعيم الديمقراطي العراقي الكبير المرحوم كامل الجادرجي.
هناك تأجيج متلاحق، من قبل السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وأسامة النجيفي، للأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الأوربي وحلف شمالي الأطلسي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي  للتدخل في الشأن العراقي. آخر مثال على ذلك دعوة السيد النجيفي الحكومة العراقية إلى الإستعانة بالجامعة العربية دون أي مبرر؛ إذ نقلت عنه فضائية الحرة بتأريخ 25/7/2012 ما يلي:
["إن جامعة الدول العربية قادرة على لعب دور مهم في معالجة العديد من الملفات الشائكة في العراق، ودعا إلى التعاون معها لتحقيق مشروع المصالحة الوطنية."
وصرح النجيفي لـ"راديو سوا" أن الجامعة العربية هي المحيط الطبيعي للعراق وأن تعاون حكومة نوري المالكي معها يمكن أن يساهم في تحقيق مشروع المصالحة الوطنية، كما شدد على أان الجامعة حاولت القيام  بدور الوسيط في الماضي لكن "جهودها أحبطت"، على حد تعبيره.]
كل هذه التحركات تنطوي على ألاعيب ترمي إلى خلق الشعور بعدم وجود دولة ونظام ودستور وحكومة في العراق مادام هؤلاء الطغمويون ليسوا قابضين على مقدرات العراق بأيديهم وأسنانهم. 
11-   تفاصيل عن مؤامرة يوم 25/2/2011 وأهدافها المعبَّر عنها بالبيان الشهير الذي كرر الشعار "الموت للديمقراطية التي ...." لعشر مرات؛ وكذلك محاولة إسقاط الحكومة أو بالأقل إرغام الحكومة العراقية على تمديد بقاء القوات الأجنبية في العراق إلى ما بعد 31/12/2011.
12-   تفاصيل التزوير الذي رافق إنتخابات 7/3/2010 والجهات المتورطة فيه.
13-   حقيقة الخلاف مع إئتلاف العراقية: إصرار بعض قياداته من الطغمويين على الهيمنة على السلطة بأية طريقة كانت حتى بتحالفات داخلية وخارجية مشبوهة، والتعريج على جميع المشاكل التي يفتعلها الطغمويون من قادة ذلك الإئتلاف للكيد والهدف هو إظهار أن الوضع غير مستقر ولا يوجد نظام ولا حكومة ولا حل ولا ربط وهي تحديداً:
a.   هل توجد شراكة وطنية؟ وما هي فذلكة "المشاركة وليست الشراكة"؟ وضرورة الأخذ بمبدأ الأغلبية السياسية ،
b.   إدارة الدولة عن طريق المؤسسات (مجلس النواب والرئاستين التنفيذيتين والقضاء) أو عن طريق الإتفاقات خلف الكواليس والمحاصصات وخرق الدستور بحجة التوافق والشراكة.
c.   حقيقة الخلاف حول تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا".
d.   عدم تعيين وزير للدفاع ،
e.   إيضاحات عن جهود المصالحة،
f.   الخطوات المتخذة بشأن تعديل الدستور وقانون المصارحة والعدالة،
g.   عدم تشريع نظام داخلي لمجلس الوزراء لحد الآن
h.    قانون النفط والغاز
i.   عرقلة جهود إحداث توازن في الوظائف القيادية بعد مقاطعتها عام 2005،
j.   عرقلة تشكيل مجلس الإتحاد والمحكمة الدستورية
14-   حقيقة الخلاف مع الحزب الديمقراطي الكردستاني  وحكومة الإقليم،
a.   عدم إمكانية تشكيل الأقاليم قبل حل مشكلة المناطق المختلف عليها حسب المادة (140) من الدستور،
b.   أسباب عدم الإنتهاء من تطبيق المادة (140) من الدستور،
c.   حقيقة السبب وراء عدم تشريع قانون النفط والغاز لحد الآن
d.   إيضاحات حول الخلاف بشأن أسلوب التعاقد مع شركات النفط العالمية عن طرق "عقود خدمة" أو "المشاركة في الإنتاج".
e.   عقد حكومة إقليم كردستان إتفاقيات نفطية مع شركة عالمية (أكسن موبيل) ومشروع مد أنبوب نفطي إلى تركيا دون علم وموافقة الحكومة الفيدرالية.
f.   إيضاح فحوى إتصالات الحكومة العراقية مع الرئيس الأمريكي حول تصرفات شركة أكسن موبيل في كردستان العراق،
g.   تقديم إيضاحات عما يًشاع عن تهريب للنفط من كردستان إلى إيران وأفغانستان،
h.   إيضاح المقصود من قول السيد رئيس إقليم كردستان عن شركة أكسن موبيل النفطية: "تعادل قوتها عشر فريق عسكرية وإذا دخلت بلداً فلا تغادره" في الوقت الذي إستبعدت وزارة النفط هذه الشركة من المشاركة في جولات التراخيص. هل ينطوي التصريح على تهديد مبطن؟
i.   إيضاح حول تصريح النائب من الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد فرهاد راوندوزي حول إحتمال إنعكاس الخلافات النفطية على الوضع الأمني في العراق، وما علاقة هذه بذاك؟ هل تصريحات النائب السيد ياسين مجيد (التحالف الوطني) حول التفجيرات الإرهابية الأخيرة لها علاقة بتصريحات السيد راوندوزي؟
j.   إيضاح حول تكرار تصريحات وزير البيشمركة المتكرر عن قطعه أصبع الجيش العراقي إذا فعل كذا وكذا.
k.   إيضاح إختلاف وجهات النظر حول تسليح الجيش العراقي ورقع قدراته القتالية.
l.   إيضاحات حول جهود السيد رئيس إقليم كردستان لإلغاء صفقة طائرات ف-16 مع الولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل العراق ملزم بالتزود بالطائرات خصوصاً والتسلح عموماً من الولايات المتحدة فقط؟ 
15-   حقيقة الخلاف مع التيار الصدري: قضية المحكومين بتهم الخروج على القانون، 
16-   أسباب عدم حجب الفضائيات الساقطة وطنياً وأخلاقياً والناجحة طغموياً وطائفياً كالشرقية.
17-   تدخلات الدول الإقليمية في الشؤون الداخلية العراقية.

أخيراً، إذا لن يجري إستجواب رئيس الوزراء أو السماح بإستضافته في مجلس النواب، فأرى أن يعمد رئيس الوزراء إلى توضيح ما يمكن من الشؤون الهامة الواردة أعلاه إلى الرأي العام عبر مؤتمر صحفي أو بيان صحفي؛ والأفضل نشرها في كراس يصدره التحالف الوطني يتضمن، أيضاً، برنامجه الإنتخابي لمجلس المحافظات ومجلس النواب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): قالت صحيفة "البوليتيكو" الأمريكية ومحطة إذاعة "أوستن" النرويجية بأن السعودية وتركيا وقطر منحت أطراف إجتماع أربيل حول سحب الثقة (وهم إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدر) خمسة مليارات دولار كما وعدت كل نائب يصوت لصالح سحب الثقة ثلاثة ملايين دولار.  ولتثييت مصداقية هذا النمط من التعاملات أذكر أن السيد حسن العلوي القيادي السابق في إئتلاف العراقية بأنه سمع بنفسه الملك السعودي عبد الله يقول لرئيس وفد إئتلاف العراقية ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي: "أعطيناكم مليارين ونصف ومازال الشيعة في الحكم".   
(3): جاء في صحيفة السفير اللبنانية ما يلي بتأريخ 9/7/2012:
"تشير «رويترز»، إلى أن «اكسون» تعتقد أن شركات عالمية أخرى، ومنها «شيفرون» و«توتال»، ستحذو حذوها في إبرام عقود جديدة على الغرار نفسه مع حكومة السنجق {يقصد كردستان – م.ض.ع.ع.}. ذلك أن تقديرات مراكز التحليل الجيولوجي في «اكسون» تؤكد أن احتياطي النفط في شمال العراق يصل إلى «45 مليار برميل نفطي» وأن استثمار هذه الثروة يجب ألا يخضع للأمزجة الفردية أو الأهداف الآنية السياسية بقدر ما يجب أن يستند إلى السياسة العالمية «للطاقة» ودور النفط في عولمة الاقتصاد السياسي الدولي."
(4): مكّن المنصب الرفيع الذي شرّف به العراقُ السيدَ طارق الهاشمي، عندما إئتمنه وإرتضى به نائباً لرئيس الجمهورية لدورتين برلمانيتين، مكّنه من المضي في مخططات الطغمويين إلى أبعد مدى وفي جميع الإتجاهات من أجل تحقيق تصميمهم على إستعادة سلطتهم "المفقودة" بأي ثمن. فقبل إكتشاف تورطه في إدارة شبكة إرهابية من ضباط حمايته متهمة بإقتراف (300) جريمة قتل تجري محاكمته عليها غيابياً الآن، مارس السيد الهاشمي نشاطات سياسية يعاقب عليها القانون في الأحوال الإعتيادية بجريمة الخيانة العظمى.
فعلى ذمة التقرير الذي أوردته صحيفة البيسو الإسبانية  إستنادا إلى مصادرها في واشنطن، وأعادت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية نشره بتأريخ 27/1/2007 وجاء فيه ما يلي:
 "إن الرئيس الأمريكي جورج بوش قال للدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي خلال زيارته الاخيرة لواشنطن ان زمن الاستئثار بالسلطة من قبل أقلية عشائرية حاكمة قد ولى ولن يعود، وان على السنة ان ينسوا صدام ونظامه. جاء ذلك في رد على اقتراح الهاشمي بتسليم المواقع الحساسة في السلطة العراقية الحالية للسنة لمواجهة الخطر المشترك الذي يعتقده الهاشمي انه يواجه امريكا والسنة. وقالت الصحيفة ان الهاشمي علل طلبه هذا بأنه يحقق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وعزز رأيه بأن جميع الانظمة السنية العربية في المنطقة راعية للمصالح الحيوية لاميركا في الخليج والشرق الاوسط، بينما تهدد ايران سلامة الملاحة في خليج هرمز، وتمارس دورا معاديا لامريكا في العراق، وتعرقل عملية السلام في الشرق الاوسط عن طريق دعمها لحماس وحزب الله، في الوقت الذي يلعب السنة دورا ايجابيا في تأمين تدفق النفط وحل النزاع العربي الاسرائيلي بالطرق السلمية."
[بالطبع من صالح السيد الهاشمي والطغمويين عموماً أن يخلطوا عمداً بين السنة العرب والطغمويين لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية الكريمة وهما كيانان مختلفان عن بعضهما تماً كما هو مبين في الهامش (1) أعلاه.]
أقول: على ذمة هذا التقرير، و تقارير أخرى سأتناولها في الحلقة الفادمة من هذا المقال، يتبين المدى الذي ذهب إليه الهاشمي ورفاقه كالسيدين أياد علاوي وأسامة النجيفي، في محاولة لتقويض النظام العراقي الجديد الطامح إلى إستكمال وتدعيم النظام الديمقراطي. 
(5): من مظاهر هذا النصر للديمقراطية إنشقاق ما يقرب من ثلاثين نائباً وطنياً من إئتلاف العراقية ووقوف الإتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير وبعض القوى الإسلامية الكردية والحزب الشيوعي العراقي إلى جانب الحكومة وضد إجراء سحب الثقة، وتأييدها جميعاً مقترح عقد مؤتمر وطني وقد نادى بذلك منذ مدة الحزب الشيوعي والرئيس الطالباني ورئيس الوزراء المالكي.
(6): لم يستطع السيد سلمان الجميلي، رئيس الكتلة النيابية لإئتلاف العراقية، من تقديم مسوغات لمشروع سحب الثقة من رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وذلك في مقابلة تلفزيونية مع السيد الجميلي. فما كان منه إلا أن دفع الإحراج بالقول: "يعني ماكو غير المالكي؟ إفرض المالكي مات، هل نبقى بدون رئيس وزراء؟".
في اليوم التالي قابلت نفس القناة النائب عن التحالف الوطني الدكتور عباس البياتي وأسمعوه قول السيد الجميلي، وطلب المحاور رأيه. فضحك السيد عباس وأجاب مازحاً: "قولوا للسيد سلمان أننا سنقوم بإستنساخ المالكي."
طلعت علينا ماكنة الطغمويين الدعائية وطلع علينا مسوقوا منتجات تلك الماكنة بتعليقات ومقالات حول "جهل هؤلاء المتخلفين أصحاب العمائم".
على كل حال، هذا تلفيق يهون أمام تلفيق "بغداد أقذر مدينة في العالم"، حيث زُعم أن إستفتاءاً عالمياً أُجري بهذا الصدد. بعد التحري تبين للسيد صادق الركابي أنه لم يكن هناك إستفتاء حول قذارة المدن بل حول تلوثها. ولم تكن بغداد مشخصة كأكثر مدن العالم تلوثاً بل كانت مدينة صينية. أما الصورة التي نشرتها بعض وسائل الإعلام فقد تبين أن إسم تلك المدينة الصينية إستُبدل ببغداد!!!   
(7): يبدو أن الأمور لا تبشر بخير. ففي الوقت الذي يطلب فيه المعارضون بحث كل المواضيع المعلقة، وإذا بالسيد أياد علاوي يعلن لصحيفة "العرب اليوم" الأردنية (في 24/7/2012) بأن بحث البنود أل(70) التي أدرجتها ورقة الإصلاح التي طرحها التحالف الوطني ستحتاج إلى (70) عاماً.
أقول: بما أن نقاط البحث التي طرحها إجتماعا أربيل والنجف قد بلغت (16) نقطة، فهي ستحتاج إلى (16) سنة أيضاً مما ستثير، هي الآخرى، إمتعاضَ ورفض الدكتور أياد. فلماذا طرحها السيد علاوي ورفاقه، إذاً؟ الجواب: أحد أمرين:
-   فأما أنه لم يكن جاداً بل اراد المناكفة والتشويش والإرباك والتخريب،
-   وأما أنه لا يريد النقاش بل يحبذ إصدار الأوامر وعلى الآخرين الإنصياع والطاعة.
أميل إلى هذا الإحتمال الأخير. فإذا ما تذكرنا تصور الدكتور أياد الذي طرحه لتحديد ماهية وصلاحيات "المجلس الوطني للسياسات العليا"، إذ أراد منه أن يكون عوناً له للجلوس فوق الدستور ويضع في جيبه الرئاسات الأربع: الجمهورية والتشريعية والتنفيذية والقضائية.
زد على هذا: لماذا ألح إئتلاف العراقية على عقد مؤتمر وطني قبل إنعقاد مؤتمر القمة العربية في بغداد، ثم تخلى عنه بعد أن تم عقد مؤتمر القمة العربية بنجاح ولم يتسنَّ عقد المؤتمر الوطني قبله؟  بالنسبة لي، الجواب في غاية الوضوح. أرادوا إفتعال مشاكل ومعارك وهرج ومرج ومفخخات للإيحاء بأن العراق مازال بلا حكومة وبلا نظام وبلا معالم دولة فلا تأتوا أيها العرب إلى بغداد؛ وإذا أتيتم فأشتموا الحكومة العراقية "الطائفية" وشكلوا لجنة عربية عليا من قطر والسعودية لتذهبا إلى الأمم المتحدة لإستدعائها إلى العراق لإنقاذ شعبه من الطائفية والدكتاتورية والإستبداد والفوضى والقمع والقتل والتعذيب في السجون وذلك بموجب الفصل السابع!!! 
 (8): لدي قناعة بأن مقالاً للسيد فراس الحمداني قد إستند إلى تسريبات مقصودة من طرف رسمي عراقي عالي المستوى حول تدبير مؤامرة كانت من أفكار السيد أياد علاوي الذي حضر إجتماعاً في لندن ضمه إلى جانب  أطراف أمريكية وبريطانية وسعودية. كان المخطط أن يدعو الطغمويون والصدريون (دون علم هؤلاء بالمؤامرة بل حسبوها لعبة لإحراج الحكومة والنيل من المالكي وإئتلاف دولة القانون) إلى تظاهرة يوم 25/2/2011 في ساحة التحرير في بغداد ليتم فيها تدبير مجزرة وفوضى وحرائق في المباني العامة وبعض السفارات وربما إغتيال رئيس الحكومة وآخرين.
ما سيتبع ذلك فسهل تصوره إذ سيهب الإعلام في المنطقة وفي العراق، الواقع تحت تأثير المال السعودي والأمريكي، لينادي ب"نجدة العراقيين من مجازر نوري المالكي والصفويين الرافضة الشروكَ" عندئذ  "ـُضطر" أمريكا للتدخل ل"حقن" دماء العراقيين الزكية، فتُصرف الحكومة ويُحلُّ مجلس النواب ويُعلن عن موعد قريب جداً لإنتخابات جديدة، وتُشكل وزارة "إنقاذ وطني" أو "حكومة طوارئ" تضم جميع الأطياف والألوان والأوزان وبأعداد سخية ليبرهنوا على كسر إحتكار الطائفيين للسلطة!!! حتى نهاية المسلسل المعروفة نتائجه إذ سيكون 8 شباط 1963 نموذجاً مصغراً له.
(9): الطائفية سمة متأصلة بالطغمويين سواءاً بسبب الفكر المتخلف أو بدافع تكتيك المصلحة الطبقية الذي يستفيد من التنأجيج الطائفي والقومي. كمثال على ذلك، لا أنسى ابداً ما قاله السيد (ش.خ.) في فضائية "المستقلة" عام 2004. لقد قال: كنت شيوعياً والحزب أصبح طائفياً لأن حميد مجيد موسى شيعي!!!


31
هل لدى العراق حكومة ومجلس نواب أم حكومتان بدون مجلس نواب؟
محمد ضياء عيسى العقابي
جاء في الأخبار: " قررت رئاسة مجلس النواب تخصيص طائرات على نفقة المجلس لتامين عودة المواطنين العراقيين المقيمين في دمشق الى بغداد نتيجة الظروف الامنية الصعبة التي تمر بها سورية."
(عن موقع قناة الفيحاء في 22/7/2012).
إنه موقف إنساني يقطر وطنية وحرصاً على مصالح الجماهير. هذا  ما يبدو في الظاهر وفي سوق المزايدات السياسية. أما في الجوهر وفي ضوء السعي لبناء الدولة الديمقراطية والفصل بين السلطات ومراعاة الإختصاصات، وهي أمور طالما دوخنا بها رئيس مجلس النواب وبشكل مفتعل، فهو إجراء مغاير تماماً لما يبدو لأول وهلة.
إنه التخريب بعينه.
أليس أمر مساعدة العراقيين العالقين في سوريا وفي أي مكان من العالم هو من إختصاصات الحكومة؟ وإذا تقاعست الحكومة أو قصرت أو تلكأت أو عجزت أو أخفقت فما على مجلس النواب إلا أن يجتمع ويناقش الأمر ويصدر القرار المناسب. وإذا تمادت الحكومة في تماهلها أو عجزت فينبغي تأنيبها أو طرح جدوى بقائها في سدة الحكم وربما حجب الثقة عنها. أما أن تبادر "رئاسة" مجلس النواب إلى إتخاذ إجراءات عملية تنفيذية فهو تجاوز على الصلاحيات والإختصاصات أي تجاوز على السلطة التنفيذية أي إنتهاك للدستور والقوانين وإرباك لعمل الدولة وتشكيك بتصميم الحكومة على خدمة المواطنين وتشكيك بقدراتها وما إتخذته من إجراءات بهذا الصدد؛ والأهم من هذا وذاك فهو تغييب لدور مجلس النواب وإختزال المجلس إلى إقطاعية صغيرة من أطيان آل النجيفي.
في الحقيقة، هذه ليست المرة الأولى التي يتخطى فيها رئيس مجلس النواب صلاحياته ويتمدد على صلاحيات الحكومة والمجلس نفسه.  كما أن السيد أسامة لم ينفرد بهكذا ممارسات، بل إنه نهج معظم الطغمويين*. فقد ورد في الأنباء، وفي أحدث خرق، ما يلي، على سبيل المثال لا الحصر: "أكد نائب رئيس لجنة النفط والطاقة أن محافظ نينوى اعترف ضمناً بتعامله مع حكومة كوردستان بخصوص النفط لحلحلة القضايا العالقة حول المناطق المتنازع عليها، مؤكداً انه وعد بعدم تكرارها والالتزام بالدستور وإعلام الحكومة الاتحادية بأي شيء يحصل. " (موقع شبكة عراق القانون في 23/7/2012). بقي التذكير بأن محافظ نينوى، السيد أثيل، هو شقيق السيد أسامة النجيفي.
إن مجمل ما يحيط بهذه التجاوزات من ظروف وملابسات يشير إلى أن الأمر ليس عفوياً بل هو مقصود ويشكل مظهراً من مظاهر رفض الآخر ورفض الحكومة المنتخبة التي يقودها ذلك الآخر، ويشكل فرضاً للذات بديلاً عن الآخر دون مسوغ قانوني. وهذا بمجمله يشير، مرة أخرى، إلى مواصلة الإصرار العجيب على محاولة إستلاب السلطة ثانية، وهي التي سبق أن إستلبها الطغمويون من قبل، لعقود من الزمن، ثم فقدوها ويريد السيد النجيفي، الآن، إسترجاعها بوسيلة لها مظهر شرعي ولكنها فاقدة الشرعية، وهذا هو جوهر الأزمة العراقية التي تتفرع عنها باقي الأزمات كالإرهاب والطائفية والمحاصصة وتعطيل دور مجلس النواب والتخريب ونقص الخدمات وتلكؤ مشاريع الإعمار والتنمية وغيرها. 
إضافة إلى هذا، فإن مجمل التصرفات المريبة للسيد أسامة النجيفي ً في واشنطن وبروكسل ولندن وأنقرة وغيرها من العواصم، تضع علامات إستفهام كثيرة حول الدوافع وراء تدخله في مسألة إجلاء العراقيين من سوريا خصوصاً وأن الحكومة لم تتوانَ عن القيام بواجبها حيالهم.، كما أن الأمر تزامن مع عزم ما تسمى "دولة العراق الإسلامية"، فرع القاعدة، على العودة المكثفة إلى العراق حسب بيان زعيمها المدعو أبو بكر البغدادي الذي دعا فيه أنصارالقاعدة في العالم إلى التوجه للعراق لقتل القضاة والمحققين والشرطة بالذات؛ وأخيراً فإن اللاجئين العراقيين في سوريا إندس بينهم عدد غير قليل من الطغمويين والتكفيريين المتورطين بأعمال إرهابية في العراق حسبما أظهرت الأيام القليلة الفائتة في بعقوبة حيث أُلقي القبض على عائدين مطلوبين للعدالة بتهمة الإرهاب، ما ينبغي التعامل مع الموضوع برمته بمهنية وحذر شديدين عبر الأجهزة المتخصصة.     
أعتقد أنه يقع على عاتق أعضاء مجلس النواب والكتل البرلمانية، وخاصة السيد قصي السهيل نائب رئيس المجلس وكتلته الصدرية البرلمانية التي تدعي مقتها للإستبداد، والصحافة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني مطالبة رئيس مجلس النواب بالكف عن هذه الممارسات الإستبدادية السيئة والمربكة والمشبوهة والإنصراف إلى المهام الدستورية لمجلس النواب الذي يعتري عمله كثير من التقصير والتلكؤ، كما تقع في صميم مهام رئيس المجلس دعوة الجمهور، وخاصة جمهور إئتلاف العراقية الذي ينتمي إليه، إلى ضرورة التعاون مع الأجهزة الأمنية لمواجهة الإرهاب وهو الأمر الذي لم يسبق أن قام به رئيس مجلس النواب السيد النجيفي ولو لمرة واحدة، على عكس طروحاته الطائفية التي لعلع بها بحماس في واشنطن وفي أماكن أخرى.
وأخيراً، أرى وجوب قيام الأجهزة الأمنية بواجباتها الأمنية بكل دقة للتحقق من هوية الأشخاص الذين تنقلهم طائرات السيد أسامة النجيفي لأنه، للأسف، نزع ثقتنا به وبنزاهته بسبب سلوكه المعيب على طول الخط والذي خيب آمالنا بعد أن رجونا منه خيراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181








مجلس النواب يخصص طائرات لنقل المواطنين العراقيين من دمشق الى بغداد
22 July, 2012 11:15:00
حجم الخط:   
 
قررت رئاسة مجلس النواب تخصيص طائرات على نفقة المجلس لتامين عودة المواطنين العراقيين المقيمين في دمشق الى بغداد نتيجة الظروف الامنية الصعبة التي تمر بها سورية.
واوضحت هيئة رئاسة مجلس النواب في بيان صحفي انه سيتم التنسيق بهذا الخصوص مع لجنة الهجرة والمهجرين ونواب المحافظات العراقية المحاذية لسورية لتنفيذ المهمة.
لؤي الربيعي 


32
هل زُوِّرت إنتخابات 7 آذار 2010 لصالح الصدريين أيضاً؟
محمد ضياء عيسى العقابي
خلاصة المقال:
لمّا توفرت الشروط التالية، فما الذي كان يمنع أن يقع تزوير لإنتخابات 7/3/2010 لصالح التيار الصدري (كتلة الأحرار) النيابية ؟ ما الذي كان يمنع مهندسي التزوير من إبتكار الفكرة وتنفيذها على أرض الواقع مثلما إبتكروا وزوروا بالفعل لصالح إئتلاف العراقية على حساب إئتلاف دولة القانون خاصة وأن التزوير الثاني لم يمر بيسر بينما الأول ربما مرَّ بسهولة لأنه ليس محط شك لدى "حلفاء" المنتفِع؛ علماُ أن ذاك المنتفِع أي التيار الصدري ربما لم يكن يعلم بالتزوير أساساً؟ :
-   وجود دول وجماعات خارج العراق وداخله ذات مصالح كبيرة جداً وبعضها مصيري، ولكنها متباينة إلا أنها جميعاً متوحدة المصلحة في تزوير الإنتخابات العراقية،
-   تمتلك الدول المشاركة إمكانيات مالية وإستخباراتية وتقنية ونفوذاً سياسياً هائلاً،
-   تمتلك الجماعات والأفراد العراقيون المتعاونون ومتبادلو المنافع مع تلك الدول لتنفيذ التزوير - تمتلك مصالحَ أنانية مرفوقة بخسة ودناءة ولاوطنية منقطعة النظير. هؤلاء يتكونون من طغمويين* وتكفيريين ومرتشين،
-   توصُّلُ أكبر جهاز إستخبارات في العالم (سي.آي.أي.) إلى نتيجة مفادُها أن الشيعة قد إنشقوا على أنفسهم ولا رجعة في ذلك، الأمر الذي جعل حسابات مهندسي التزوير تستنبط أن قليلاً من التزوير لصالح إئتلاف العراقية (ولو بفارق صوت أو صوتين)  سيجعله المؤهل لتشكيل  الحكومة القادمة بموجب المادة 76 من الدستور وهذا يقتضي (لزيادة التأكيد وحبك الطبخة) رفع عدد المقاعد النيابية للصدريين إلى أقصى حد على حساب الأطراف الشيعية الأخرى (المجلس الأعلى والإصلاح والفضيلة والمستقلين) وذلك لأن الصدريين، إفتراضاً، سوف لا يلتقون مع المالكي بتاتاً حسب معلومات وكالة الإستخبارات المركزية.
-   بانَ واضحاً أن تزويراً وقع لصالح إئتلاف العراقية على حساب إئتلاف دولة القانون،
-   إن الصدريين قد أظهروا كرهاً وروحاً إنتقامية غير معقولة لرئيس الوزراء السيد نوري المالكي خصوصاً ولإئتلاف دولة القانون عموماً، ما دفع مهندسي التخريب والتزوير إلى اليقين بسلامة خطتهم المبينة في الفقرة السابقة،
-   إن هناك مؤشرات تشير إلى عدم توافق وتوازن أعداد المصوتين لكل من اأطراف التحالف الوطني (اللاحق) أي الصدريين والمجلس الأعلى والإصلاح والفضيلة مع أعداد المقاعد النيابية التي حصلوا عليها فعلاً في إنتخابات 7/3/2010.
البدايـــــة:
دفعتني الأحداث السياسية الأخيرة بشأن ما تُسمى ب"الأزمة السياسية" إلى إستعراض جملة أحداث سبقت الإنتخابات العامة الأخيرة التي أُجريت في 7/3/2010 وأثنائها وبعدها فإقتنعتُ أن تلك الأحداث لم تكن أحداثاً عفوية متناثرة وإنما مترابطة، بعضها خاضع لقانون السبب والنتيجة وأخرى كاشفة تدعم الإستنباط . دعونا نستعرضها ونتأملها:
أولاً: في عام 2008 نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية ترجمة لتقرير ظهر في صحيفة نرويجية مفاده أن وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) توصلت إلى قناعة راسخة أن الشيعة في العراق قد إنشقوا على أنفسهم ولا رجعة في ذلك.
ومضت الصحيفة إلى القول: بناءاً على ذلك، نشط ضباط وكالة الإستخبارات المركزية وراحوا يتصلون بالتجمعات البعثية العراقية في اليمن وسوريا ومصر ودول الخليج وغيرها من الدول المتواجدين فيها.
طرح أولئك الضباط على البعثيين، حسب الصحيفة، مسألةَ الإنشقاق وألحوا على ضرورة العودة إلى العراق وإستغلال الفرصة والإنخراط في العملية السياسية والتغلب على الأحزاب الشيعية المتشتتة، إفتراضاً، في الإنتخابات البرلمانية القادمة التي كان يفترض عقدها في نهاية عام 2009 حسب الدستور.
هنا أطرح السؤالين التاليين:
1-   من جعل وكالة الإستخبارات المركزية بتلك الثقة من أن الشيعة إنشقوا على أنفسهم بلا رجعة؟
2-    لماذا هذا الحماس من جانب وكالة الإستخبارات المركزية لدعوة البعثيين للعودة إلى العراق والإنخراط في العملية السياسية؟
الجواب للسؤال (1): هناك ثلاثة إحتمالات هي:
-   أن يكون الأمر مجرد تخمينات من جانب الوكالة مبنية على معلومات إستخباراتية،
-   أن يكون هناك مصدر وثيق من التيار الصدري أعلمَ الأمريكيين بإصرار التيار على مناكفة إئتلاف دولة القانون عبر تركيز النار على رئيسه السيد نوري المالكي،
-   أما الإحتمال الذي أُرجحُه شخصياً فقد طرحتُه من قبل عدة مرات ويتلخص بتفاهم غير مكتوب بين أمريكا وإيران يقضي بالسماح لعلاوي بتسنم منصب رئاسة الوزراء مقابل تهدئة أمريكية للحملة العالمية ضد المشروع النووي الإيراني؛ ولكل منهما في ذلك حساباته للظفر بالآخر لاحقاً (فإيران تستغل الهدوء للإسراع في إنتاج السلاح النووي عندئذ سيكون إخراج علاوي من رئاسة الوزارة أمراً هيِّناً. وبالنسبة للحسابات الأمريكية، فإن وجود السيد علاوي على رأس الحكومة سيمكنه من إفتعال حرب مع إيران تتسلل تحت جناحها أمريكا وإسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي يصر الخبراء على عدم جدوى ضربها من الجو أو بصواريخ بعيدة أو متوسطة المدى).

ما أفسد هذا التفاهم هو القيادة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي لم يرق لها هذا التفاهم ولا التحفظات الأمريكية على الهجوم الجوي أو الصاروخي،
وهددت القيادة الإسرائيلية بضرب إيران وسوريا وحزب الله وحماس. إقتنعت إيران وسوريا بجدية التهديد الإسرائيلي عندما وجه اليمين الإسرائيلي إهانة علنية ولمرتين للرئيس أوباما بشأن مفاوضات السلام مع الحكومة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس، الأمر الذي أقنع البلدين على عدم مقدرة ادارة الرئيس أوباما على كبح جماح إسرائيل، فلا جدوى من الوثوق به، إذاً.
هنا، بتقديري، قرر الإيرانيون والسوريون ضرورة أن يكون رئيس وزراء العراق قوياً وإن لم يكن معهما فهو ليس مع أي طرف آخر. إنطبقت هذه السمات على زعيم إئتلاف دولة القانون السيد المالكي  الذي رفع شعار "العراق صديق الجميع ولا يسمح لأحد بالتدخل بشؤونه الداخلية". أوعز الإيرانيون للتيار الصدري والمجلس الأعلى بدعم المالكي وحسم مسألة تشكيل الوزارة.
عندما أطلقت وكالة الإستخبارات المركزية حملتها لإعادة البعثيين الهاربين إلى العراق، لم تكن العلاقات بين أمريكا وإيران قد وصلت مرحلة الإفتراق المنوه عنه أعلاه وتوجهِ إيران نحو المالكي، إذ أعلن التيار الصدري قبيل ذلك موافقته على تعيين رئيس للوزراء من إئتلاف العراقية شريطة ألا يكون السيد أياد علاوي. أعتقد أن عدم قبول مقتدى لأياد لم يكن لممانعة إيرانية بقدر ما كان خوف التيار الصدري من غضب الجماهير العراقية الواعية غريزياً (حيث جعلها وعيها الغريزي من إحتمال أعمال إبادة أوسع من الإرهاب القائم، ومايزال، متقدمة بكثير على معظم الأحزاب والأشخاص مدعي الديمقراطية والليبرالية واليسارية). 
   
أما الجواب للسؤال (2): هناك إحتمالان وهما:
الإحتمال الأول: ربما كان الأمريكيون حريصين على شد أزر العملية السياسية  وجعلها شاملة لأوسع شرائح وفئات المجتمع ومنع الدول الشمولية والدكتاتورية المناوئة للتغيير الذي حصل في العراق من تسخير تلك الفئات البعثية الضالة واليائسة للعمل ضد النظام الديمقراطي الجديد.
إذا تذكَّرْنا في هذا الصدد الجهودَ والضغوط الكبيرة التي مارسها الأمريكيون على حكومتي الجعفري والمالكي لإعادة أعداد أخرى من الضباط الطغمويين بإسم "المصالحة" زيادة على ما أنجزه الدكتور أياد علاوي في هذا المجال أثناء توليه رئاسة الوزارة، فقد يظن البعض أن الأمرين متوافقان ويؤشران إلى حرص أمريكي لشد أزر العملية السياسية كما تم شرحه أعلاه. أما التأني والتأمل فقد يفضيان إلى نتائج أخرى كما سنرى.
الإحتمال الثاني: ويتلخص بمحاولة تحشيد القوى المناوئة للديمقراطية التي ستصبح أمريكا قادرة على جعلها تنصاع لتكتيكها المتمثل بصياغة "ديمقراطية" إسماً لكنها مشوهة جوهراً تخدم الطرفين.
أميل إلى الأخذ بالإحتمال الثاني للأسباب التالية:
1-   لو أرادت أمريكا، حقاً، درء الأخطار على العراق الجديد من دول الجوار ومن تؤويهم من طغمويين لفعلت ذلك بيسر حتى هذه اللحظة لأن هؤلاء جميعهم خاضعون للإرادة الأمريكية.
2-    بعد دحر مرشح أمريكا والأمم المتحدة والنظام الرسمي العربي الدكتور أياد علاوي في إنتخابات كانون ثاني 2005، وإنتخابات كانون أول عام 2005 أرست حكومتا الدكتور إبراهيم الجعفري ونوري المالكي قواعد عمل سياسية للعراق الديمقراطي الجديد بما لا يتلائم وطموحات خط وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة الإستخبارات المركزية اللتين إستلمتا الملف العراقي من المحافظين الجدد الذين كانوا متمركزين في وزارة الدفاع (البنتاغون).
3-    لم يثنِ هذا الفشلُ الأمريكيين عن مواصلة جهودهم لفك التحالف الستراتيجي بين الإئتلاف العراقي الموحد والكتل الكردستانية ولدق إسفين بين الحكومة وجماهيرها ولتشتيت هذه الجماهير وقيادتها لأنها قادرة منفردة على مواجهة الأمريكيين سلمياً وليس كما ظن البعض الساذج من أن الأمريكيين لم يريدوا أحزاباً دينية "رجعية" في السلطة. أعتقد أن الأمريكيين أرادوا دعم السيد أياد علاوي لرئاسة الوزارة بهدف التعاون بشكل ما كإفتعال حرب مع إيران للتسلل تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية. 
4-   زيادة على ذلك فهنالك ضغوط شركات النفط على الحكومة الأمريكية إذ كانت تلك الشركات ترغب في عقد إتفاقات "شراكة في الإنتاج" رافضة أسلوب "عقود الخدمة" الذي أخذت به الحكومة العراقية في جولات التراخيص التي عزمت على عقدها ونفَّذَتها لاحقاً، وسط تبرم تلك الشركات ومنها شركة (أكسون موبيل) التي عقدت إتفاقيات مع حكومة كردستان دون إطلاع وموافقة الحكومة الفيدرالية.

تحدث مقال للسيد طارق الدليمي نشر في صحيفة السفير اللبنانية وأعاد نشره موقع "عراق القانون" بتأريخ 9/7/2012 ومنه يظهر مدى التصميم على التدخل في الشؤون النفطية الداخلية للعراق بذريعة "السياسة العالمية للطاقة ودور النفط في عولمة الإقتصاد السياسي الدولي ":

[بل تشير «رويترز»، إلى أن «اكسون» تعتقد أن شركات عالمية أخرى، ومنها «شيفرون» و«توتال»، ستحذو حذوها في إبرام عقود جديدة على الغرار نفسه مع حكومة السنجق {يقصد كردستان – م.ض.ع.ع.}. ذلك أن تقديرات مراكز التحليل الجيولوجي في «اكسون» تؤكد أن احتياطي النفط في شمال العراق يصل إلى «45 مليار برميل نفطي» وأن استثمار هذه الثروة يجب ألا يخضع للأمزجة الفردية أو الأهداف الآنية السياسية بقدر ما يجب أن يستند إلى السياسة العالمية «للطاقة» ودور النفط في عولمة الاقتصاد السياسي الدولي.]
5-   إقتراب موعدين مهمين وهما: إنتهاء تفويض الأمم المتحدة للقوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة للبقاء في العراق في نهاية عام 2008؛  وإجراء الإنتخابات البرلمانية العامة والتي كان يفترض أن تعقد في نهاية عام 2009.
أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية إلى أن مسودة الإتفاقية التي قدمها الأمريكيون للعراقيين بشأن تقرير مصير القوات الأمريكية بعد عام 2008، تضمنت الإبقاء على ما يقرب من (320) قاعدة وموقعاً عسكرياً في العراق. غير أن حكومة السيد نوري المالكي لم توافق على أي منها وأصرت على إنسحاب القوات بأكملها. وأخيراً تم الإتفاق على موعد 31/12/2011 لإنسحاب آخر جندي أمريكي من التراب العراقي ما لن تطلب الحكومة العراقية تمديد الموعد. 

كل الدلائل أشارت إلى أن الأمريكيين كانوا يريدون بقاء جزء من قواتهم في العراق عندما إقترب موعد رحيلها. وقد أثبتت الأحداث، من تصرفات أمريكية إلى تصرفات بعض الأحزاب والتكتلات السياسية (وأخص بالذات إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني) طيلة عام 2011 حتى نهايته – أثبتت هذا الرأي. زد على هذا التأنيبَ المتواصل الذي وجهه ومازال يوجهه السناتوران الجمهوريان (جون مكين) و (ليندزلي كَراهام) لإدارة الرئيس أوباما بسبب إخفاقها في إبقاء جزء من القوات في العراق. وقد كان هذا من جملة الإنتقادات التي وجهها السناتور جون مكين إلى المرشح لتولي سفارة أمريكا في بغداد السيد برت ماكغورج حتى سحبت وزارة الخارجية ترشيحه ( الأمر الذي أراح السيد أياد علاوي ورفاقه، أيضاً، لأنه قام بسابقة لم تحصل من قبل في العالم إذ إحتج، هو الآخر، لدى الرئيس أوباما على ترشيح السيد ماكغورين لأنه "صديق" لحكومة المالكي!!!). صبَّت هذه الأحداث لغير صالح السيد نوري المالكي والإئتلاف الذي يقوده وتمنى، بل سعى، الكثيرون إلى رحيلهما.

أما بالنسبة للإنتخابات النيابية العامة، التي كان من المزمع عقدها في نهاية عام 2009، فكانت الفرصة الذهبية المؤاتية لكافة الأطراف لإغتنامها: فالجميع له خبراء متخصصون في إدارة حملات إنتخابية بكيفيِّة قذرة مزورة لكنها مغطاة ومزوقة يصعب مسكها، وكثير من الأطراف تمتلك قدرات مالية هائلة وإستعداداً لتقديم رشى سخية جداً كالنظام السعودي(2)، وهناك الإندساسات كالسيدة ميتشل مساعدة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد إد ملكرت، والتي أشارت بعض المصادر إلى كونها موظفة في وكالة الإستخبارات المركزية، ولعبت دوراً كبيراً في إنتخابات 7/3/2010.
     
6-   من هذا أعد الجميع العدة لتلك الإنتخابات، ومنها بلورة خطة "حرق الأعشاش" التي وضعها وموَّلها السعوديون وأغروا الفئات الطغموية العراقية للإنضواء تحت يافطة "إئتلاف العراقية".

هنا جاء دور ضباط الإستخبارات المركزية. وعلى أغلب الظن أن نشاطهم المنوه عنه سلفاً كان بالتنسيق مع / أو بالأقل يتناغم مع جهود السعوديين وحلفائهم في المنطقة للتأثير على الإنتخابات النيابية القادمة بإتجاه ترجيح كفة إئتلاف العراقية؛ أو بأكثر دقة لإضعاف وتشتيت أطراف الإئتلاف العراقي الموحد، تلك الأطراف التي خاضت الإنتخابات بقوائم منفصلة.

أكرر، لو أراد الأمريكيون حقاً إبعاد تدخلات السعوديين والقطريين والسوريين وباقي دول المنطقة عن العراق؛ ولو أرادت إذعان السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني للدستور والقوانين المرعية في النظم الديمقراطية، لحققت ذلك بنفخة خفيفة على تلك النظم والشخصيات الهزيلة. ولكنها لم تكن تريد ذلك ولحد هذا اليوم  وذلك لإبتزاز حكومة التحالف الوطني، إن لم يكن لعزلها وإبعادها عن السلطة ولو بتزييف الإنتخابات.

ثانياً: لقد أثبت الصدريون بما لا يقبل الشك بأنهم كانوا خصوماً شديدين  ضد إئتلاف دولة القانون وزعيمه المالكي. إنهم مخيفون حقاً لأنهم في معظمهم شباب قليلو الخبرة السياسية والدينية ومثلهم تسهل إصابته بأمراض عديدة مخيفة مثل:  عبادة الفرد، التعصب الأعمى، غياب الفكر والمنطق والمرونة، إنغلاق الرؤيا، الكره الشديد للمغاير، الإعتداد بالذات لدرجة الغرور.

من هذا ناكفوا حكومة المالكي الأولى وسحبوا وزرائهم من تلك الحكومة. قبل إنتخابات 7/3/2010 صوتوا ضد القرض الياباني  لئلا يؤدي تنفيذه إلى كسب دعاية للمالكي. لم يؤيدهم في ذلك سوى إئتلاف العراقية المستعد والساعي دائماً وأبداً لتخريب النظام الجديد برمته، كما صوت مع الصدريين المجلس الأعلى . أما الأكراد فيقول الدكتور محمود عثمان أنهم إستغربوا للموقف وقالوا إن هذا ليس للمالكي بل للشعب العراقي.

كل هذا أعطى مؤشرات إلى  الأمريكيين و"حلفائهم" في داخل العراق وفي المنطقة بأن معلوماتهم أو إستنتاجاتهم بشأن إنشقاق الشيعة كان أمراً حقيقياً ومغرياً وأيقنوا بأن الصدريين أصبحوا يمثلون حصاناً جامحاً يمكن الإستفادة منه في رفس أهله قبل غيرهم وهي سمة المتخلفين تذكرنا بأحداث أيام زمان: "يا أم دعبول لا تبكين ....إلخ".   

ثالثاً: بتأريخ 15/7/2011 أجرى الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد مدير برنامج "حوار خاص" في قناة "الحرة – عراق" – أجرى حواراً مع الدكتور إبراهيم الجعفري، رئيس التحالف الوطني ورئيس الوزراء السابق وزعيم "تيار الإصلاح".
عرج الكتور إبراهيم على نتائج إنتخابات 7/3/2010. إلتقطتُ منه تذمرَه من أن أصوات تيار الإصلاح ، والتيار الصدري أي "كتلة الأحرار" والإئتلاف الوطني  أي المجلس الأعلى وحلفائه  كانت ليست بذلك الفارق الذي يبرر التباين في عدد المقاعد النيابية التي حصل عليها كل من هذه الكتل الثلاث.  على ما أذكر فإنه قد ذكر بأن أصوات الناخبين التي حصدتها كل كتلة كانت كما يلي بالتقريب: الصدريون 269 ألف صوت؛ الإئتلاف الوطني 249 ألف صوت، وتيار الأحرار بحدود 210 ألف صوتاً. بينما حصلوا على مقاعد برلمانية كالتالي  وحسب التسلسل: 40 نائباً و17 نائبا و 4 نواب.

قلتُ "على ما أذكر" لأنني بصراحة لم أركز كثيراً على هذا الجزء من الحوار ولكن الأرقام التي ذكرتُها أعلاه كانت مقاربة لما ذكر الدكتور. إلا أني لم أركز بدقة على ما أراد إستنباطه الدكتور الجعفري، لأنني كنتُ موقناً بأن العلاقات الإنتخابية البينية لهذه الأطراف الثلاث لم تشبها شائبة فالمشكلة الحقيقية كانت بين إئتلاف دولة القانون وإئتلاف العراقية، لذا فلم أُعر لهذا الجزء من حديث الدكتور الجعفري الإنتباهَ الكافي فيما عدا الأرقام (التي أردتُ تدقيقها بالرجوع إلى موقع "المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات" ولم أُوفق).

في الحقيقة  إقتنعتُ، في حينه بعد الإنتخابات، بالتفسيرات التي بررت حصول الصدريين على 40 مقعداً؛ وهي تفسيرات ظهرت هنا وهناك بضمنها تعليق صحيفة أمريكية ومفادها جميعاً أن الصدريين كانوا منضبطين ومنظَّمين جيداً في حملتهم الإنتخابية فحصدوا تلك الأصوات البرلمانية.

ربما كان في كلام الدكتور الجعفري ما ينفع إستنباطي بشأن التزوير لصالح الصدريين.  مع هذا فمجرد تذمره من عدم وجود توازن ومنطق بين أعداد المصوتين لثلاثة أطراف من التحالف الوطني وأعداد الأصوات النيابية التي حصدتها تلك الأطراف، لهوَ أمرٌ يثير كثيراً من علامات الإستفهام والغرابة.  وقد يكون تبرع بعض الجهات السياسية والإعلامية لتبرير فوز الصدريين بأربعين مقعداً، يُقصد منه قطع الطريق على مجرد الشك، خاصة وأن حذاقة تلك الجهات أظهرتهم وكأنهم متبرمون من فوز الصدريين ولكنهم "مستسلمون لقَدَرِ" التنظيم والإنضباط الجيدين. يا لهم من مساكين!!!.

رابعاً: كنتُ وماأزال مقتنعاً، كما إقتنع آخرون أيضاً، بأن تزويراً مبرمجاً حصل في إنتخابات 7/3/2010 وذلك بناءاً على مراقبة مجريات الإنتخابات وما أحاط بها. أسطع برهان كان رفضَ المحكمة، بضغط من الأمريكيين بتقديري (سواءاً عن طريق السفارة أو عن طريق السيدة ميتشل مساعدة ممثل أمين عام الأمم المتحدة في بغداد إد ملكرت والتي أُشيع بأنها موظفة في وكالة الإستخبارات المركزية)، - رفضَ المحكمة لطلب إئتلاف دولة القانون  للقيام بالعد اليدوي وكأنَّ طعن الإئتلاف لم يكن ذا قيمة. بتقديري، إن ضغوطاً وإغراءات مورست أيضاً على المفوضية االعليا المستقلة للإنتخابات. وللأسف أظهر الإستجواب الذي جرى في مجلس النواب للمفوضية المذكورة وجودَ ضعف كبير في ما يفترض أن تكون حصانة متينة جداً يتمتع بها مسؤولو المفوضية. كما لعبت القدرة التقنية المتخصصة للتحكم ببرمجيات الحواسيب دورها في تسهيل تنفيذ عملية التلاعب.

كنتُ أظن أن التزوير قد أوقف عند حد معين بفعل التهديد الجماهيري الذي أعقب نزول تظاهرات في النجف والبصرة لصالح إئتلاف دولة القانون، إذ كانت نذيراً بتأجج عصيان مدني قد يتطور إلى ثورة سلمية. لذا إجتمع السفير الأمريكي برئيس الوزراء على عجل لتدارك الموقف.

بعد مراجعة وتمحيص الموقف ، بدَّلتُ رأيي وصرتُ أعتقد أن التزوير الذي حصل كان هو المخطط والمقصود، وليس أقل مما أرادوه ولم يريدوا أكثر، إذ حقق الأهداف التالية :
-   القدرة على تفعيل المادة 76 من الدستور التي تقضي بتكليف الجهة الأكثر أصواتاً لتشكيل الحكومةً (على إفتراض أن الآخرين سوف لا يتحدون حسب نظرية وكالة الإستخبارات المركزية التي أشرتُ إليها في الفقرة (أولاً) أعلاه)؛
-   كان التزوير بالحدود التي لا تجعل الإنتخابات فاقدة المصداقية التي تحددها المعايير الدولية؛ 
-   كما كان التزوير بالحدود التي لا تستفز الجماهير كثيراً فتؤجج ثورة سلمية عارمة. لذا "تفوَّق" إئتلاف العراقية على إئتلاف دولة القانون بفارق صوتين فقط (91/89). كما كان وجود عدد كافٍ من النواب لأطراف الإئتلاف العراقي الموحد مهدءاً لغضب الجماهير على إفتراضٍ لدى تلك الجماهير بأن هؤلاء النواب سيتحالفون من جديد.

لقد إتحد أطراف الإئتلاف العراقي الموحد السابق وشكلوا التحالف الوطني بعدد أصوات يفوق كثيراً أصوات إئتلاف العراقية. هنا نفعت تظاهرات النجف والبصرة لأنها، بتقديري، مكَّنت رئيس إئتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي من التسلح به وإلغاء الضغط المشترك من الأمريكيين والأمم المتحدة على المحكمة المختصة لتقضي بأحقية تكليف التحالف الأكبر في تشكيل الوزارة حتى إذا تَشَكَّلَ بعد الإنتخابات. وهو أمر منطقي غير أن إئتلاف العراقية أراد تكليفه هو حسب المادة 76 من الدستور كي تمارس أمريكا وتركيا والسعودية ضغوطاً على الأكراد لحملهم على تأييد السيد علاوي لرئاسة الوزارة علماً أن السيد مقتدى الصدر قد أعلن إستعداده لتأييد إسناد رئاسة الوزارة إلى شخص آخر من إئتلاف العراقية على ألا يكون السيد أياد علاوي وأعتقد أنه رشح السيد محمد علاوي لكن إئتلاف العراقية رفض ذلك.

خامساً: أظهرت أحداث سوريا أن الجهد مستمر لضرب الممانعة العربية للتوسع الإسرائيلي. العراق ليس من دول الممانعة لكنه "ممانع" من وجهة النظر الإسرائيلية التي تريده أن ينظم إلى جهد الإطاحة بنظم الممانعة إيران وسوريا وإلا فإنه ممانع أيضاً. وإذا شهدنا بعض "التهاون" مع العراق بشأن عدم إنخراطه في سياسة معاداة إيران دون سبب وطني، وعدم انضمامه للجهد المبالغ به للإطاحة بالنظام السوري (الإطاحة المطلوبة لا حياً بالشعب السوري بل لتدمير منظومة الدفاع والممانعة العربيتين التي تشكل سوريا، مهما كان رأينا وإنتقاداتنا للنظام البعثي السوري الدكتاتوري، إلا أنه يشكل محورهما وآخر قاعدة للصمود العربي في الصراع العربي - الإسرائيلي)، فمرد ذلك إلى سببين:

أولهما أن الضغوط الزائدة على العراق تجعله يتجه إلى إيران حمايةً لنفسه ومصالحه؛

وثانيهما كون عام 2012 عاماً إنتخابياً رئاسياً لأمريكا وشهد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق "إنسحاباً مسؤولاً"، حسب كلمات الرئيس أوباما، لذا فهو لا يريد أن تتوتر الأوضاع في العراق فيكون الرئيس عرضة للطعن بتقديراته. لذا رأينا الإدارة الأمريكية لم تعر إهتماماً كبيراً لعروض التطوع التي تقدم بها إئتلاف العراقية والحزب الديمقراطي الكردستاني لزعزعة حكومة التحالف الوطني لصالح شركات النفط الأمريكية.
 
سادساً: إذا وضعنا كل هذه الأحداث أمامنا وسألنا أنفسنا السؤال التالي:
-   مع كل هذا الإدراك بما يحمله الصدريون من طاقة كامنة لمناكفة  إئتلاف دولة القانون ومحاولة سحب البساط من تحت أقدامه،
-   ومع توفر المبررات من وجهة نظر الأمريكيين والأمم المتحدة والسعوديين والطغمويين، وكانوا مصرين على تزوير الإنتخابات،
-   فلماذا لا يخطر ببالهم تزوير الإنتخابات بإتجاهين: لصالح العراقية والصدريين؟
خاتمـــــــة:
هذا ليس طعناً بالصدريين. لقد سبق وقلتُ إنهم لا علم لهم بالتزوير الذي جرى لصالحهم على أغلب الظن. إنه تنبيه لهم للتيقظ إلى ما حيك ويُحاك ليس لإئتلاف دولة القانون وحسب بل لجميع أطراف التحالف الوطني وبضمنهم الصدريون؛ فحذارِ حذارِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):  للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(2): ذكرت صحيفة البوليتيكو الأمريكية ومحطة إذاعة أوستن النرويجية بأن السعودية وتركيا وقطر قدموا ملياري دولار لأبطال إجتماع أربيل؛ ووعدوا كل نائب يصوِّت لصالح سحب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي بثلاثة ملايين دولار. وفي وقت سابق سمع السيد حسن العلوي بأذنيه الملك السعودي عبد الله يقول للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والقيادي في إئتلاف العراقية وكان على رأس وفد من ذلك الإئتلاف: "أعطيناكم مليارين ونصف والشيعة نمازالوا في الحكم".
هذه مؤشرات تبين المدى الذي يمكن أن يبلغه أصحاب المصالح في تخريب الديمقراطية العراقية والإستقرار.












33
أسئلة وملاحظات جديرة بالإهتمام أوجهها للتيار الصدري
محمد ضياء عيسى العقابي

كإنسان ومواطن عراقي بسيط لا حول له ولا قوة، أتمنى أن يسعفني أحد بسطاء التيار الصدري ويتبنى الأسئلة والملاحظات التالية كي يطرحها على السيد مقتدى الصدر لينورنا بما يجود علينا من فقهه جزاه الله ألف ألف خير:
-   خطفتم مواطناً أمريكياً وهددتم بإستهداف الأمريكيين في شوارع بغداد ولم ينتقدكم أحد من حلفائكم الجدد الذين يهيمون طرباً وشغفاً بالأمريكيين  قبل وبعد إنتفاء الحاجة إليهم. أليس هو سكوتاً مريباً؟ هل تصدقونهم، أليس الصديق من صَدَقَكَ؟، بينما كانوا، بالأمس، يخوِّفون الأمريكيين بكم من أجل حمل الأمريكيين على  عدم الإنسحاب العسكري من العراق؟ حتى أن أحد حلفائكم الجدد في معركة سحب الثقة، دفع أحد مرتزقته لتخويف الأمريكيين بدعوى عزم المالكي على تسليمكم قيادة بعض الفرق العسكرية. أما اليوم فبرداً وسلاماً!! لماذا؟.... إنها تكتيكات الإستدراج اللعينة!! فكروا جيداً.

-    إختطفتم أمريكياً وهددتم بإستهداف الأمريكيين في شوارع بغداد ولم تتخذ أمريكا موقفاً مهماً، على غير عادتها، سوى إصدار بيان مقتضب خجول من سفارتها في بغداد وكان ذلك قبيل تلاحمكم مع حلفائكم الجدد. لماذا؟ يبدو أن الأمريكيين كانوا على علم بالفخ المنصوب لإستدراج زعيمكم مقتدى إلى مصيدة المغفلين فأرادوا تمهيد الطريق له. ولا أعلم إن كنتم قمتم بالإختطاف والوعيد بالإستهداف لتوفير غطاء لعملية كانت جارية وبعلم قائدكم لدخوله في عش الزوجية كما حسِبَه، ولكنه كان عش الدبابير للشعب العراقي في واقع الحال.

-   حذَّرَ مرجعكم الديني آيةُ الله السيد كاظم الحائري قائدَكم مقتدى، بعدم التعاون مع الأحزاب العلمانية لسحب الثقة من رئيس الوزراء. لماذا لم نشهد موجة الإنتقادات والهجومات المعهودة على هذه الفتوة من جانب حلفائكم ومن جانب العلمانيين رغم إلتزام السيد مقتدى بها "على حياء وإنسحاب منتظم لحفظ ماء الوجه". أليس المقصود إيهام السيد مقتدى؟

-   هل من الدين أو الديمقراطية أن يصرح زعيمكم السيد مقتدى أمام الدكتور أحمد الجلبي بأنه سينقلب إلى علماني إذا أصدر السيد الحائري فتوى تحرم المشاركة في حجب الثقة عن رئيس الوزراء؟ أليس بغضُ المالكي لهذا الحد أي لحد نزع جبة الدين وإرتداء جبة العلمانية في سبيل حجب الثقة، محرماً دينياً وديمقراطياً؟

-   إذا إنطلق زعيمكم السيد مقتدى في مسعاه إلى حجب الثقة عن رئيس الوزراء، من تكليف إلهي حسبما صرح هو بذلك، فكيف يخنلط مع الآخرين في مؤتمر أربيل ويتنازل إليهم كعلاوي والنجيفي وصالح المطلك وظافر العاني وهم غير مكلفين إلهياً بل مكلفون طغموياً؟ أم هل عساهم مكلفين إلهياً أيضاً ونحن لا نعلم، وعلى أي أساس وما هي درجتهم الفقهية!؟

-   كيف يوائم الزعيم مقتدى بين تحريم آية الله كاظم الحائري الإشتراكَ في مسعى سحب الثقة من رئيس الوزراء وبين التكليف الإلهي؟ أيهما أوجب؟ وهل يستطيع السيد مقتدى بيان كيف أُبلغ بالتكليف الإلهي؟

-   لماذا يكلف الله السيد مقتدى فقط ضد المالكي وهو زعيم حزب ديني، ولا يكلفه ضد من يتستر على الإرهابيين ويضم إئتلافه نواباً مطلوبين للقضاء  بموجب المادة 4 إرهاب ويمتنع حليف زعيمكم السيد رئيس مجلس النواب عن عرض طلب مجلس القضاء على النواب لحجب الحصانة النيابية عن (13) نائباً لتقديمهم إلى القضاء بموجب المادة المذكورة؟   

-   رفضوكم من قبل، يوم كنتم متكاتفين مع أطراف التحالف الوطني  واليوم يفرشون لزعيمكم السجادة الحمراء. لماذا؟ أليس لإغراءه لسحب الثقة عن رئيس الوزراء؟ ولماذا السجادة الحمراء ذات اللمعة إذا كانت الحجج لسحب الثقة واضحة المعالم والأدلة متوفرة ومقنعة وخالية من التشهير والإدعاء؟

-   زعيمكم مقتدى والجعفري والمالكي طائفيون يوم تلاحموا لحماية المسيرة الديمقراطية من الطغمويين المصرِّين على إستعادة سلطتهم الطغموية. والجعفري والمالكي، اليوم، طائفيون وزعيمكم طار فوق الطائفية يوم جَذَبَه حلفاؤه الجدد الذين لهم مصالح تهدد المسيرة الديمقراطية. أليس كذلك؟ لا أريد جواباً بل تأملوا الموضوع مليّاً وحاسبوا أنفسكم؟

-   لماذا  يفرشون لزعيمكم مقتدى السجاد الأحمر ويرفضون إقتراحه بترشيح السيد باقر جبر الزبيدي لرئاسة الوزارة، رغم أن المقترح يُقصد منه دق إسفين بين أطراف التحالف الوطني لا أكثر ولا أقل؟ أكرر لماذا؟

-   اليوم، (21/6/2012) وفي النجف بالذات، يأتي دور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، السيد مارتن كوبلر، إذ يستشهد برسالة من قائدكم السيد مقتدى وأخرى من زميله وحليفه السيد أياد علاوي يشكوان فيها من نقص الخدمات وتدهور حقوق الإنسان.
دعونا نناقش الموضوعين:
نقص الخدمات:
o   ألم يكن مستغَرباً بالنسبة إليكم ألا يسألهما السيد كوبلر النَبِه جداً و"المهتم بمصالح العراق والعراقيين للكَشر بشهادة الخبير القانوني السيد طارق حرب"(2) – لماذا لم يسألهما: كيف تشكوان من سوء الخدمات ويمسك وزراؤكما الغالبية العظمى من الوزارات الخدمية؟ ألم توقفوا القرض الياباني  الميسَّر وغيره لعدة سنين ولحد الآن،  وكان من شأنه إعادة بناء وتجديد البنى التحتية للعراق بالكامل من مساكن ومدارس ومشاريع ماء وكهرباء وصرف صحي ومستشفيات ومستوصفات وغيرها؟ ألم تطالبا بإلغاء جولات التراخيص النفطية وهي التي رفعت إنتاج النفط والتصدير ورفعت العوائد المالية إلى 100 مليار دولار لموازنة عام 2012 ومع هذا تشكوان من نقص الخدمات؟
تردي حقوق الإنسان:
هل إستطاع السيدان مقتدى وأياد إبراز أدلة لدعم الإتهام؟ لماذا لم يقدما إسماً واحداً أو واقعة واحدة لتعزيز الإتهام؟ ألم يكن المقصودون هم سجناء الطرفين المدانين بالإرهاب والخروج على القانون؟ والسيدان لا يجرؤان على البوح بالموضوع لأنه موضوع مخزٍ لكل من يدافع عن تكفيريين قاتلي الشعب العراقي.

أليست هي حقيقة أن السيد أياد علاوي وإئتلافه دأبوا على الدفاع عن المتهمين بالإرهاب الذين يحصدون أرواح الأبرياء منذ سقوط النظام البعثي الطغموي ولحد الآن؟ أليس هذا بالضبط ما يقصده بكلامه المرسل إلى السيد مارتن كوبلر عن تردي حقوق الإنسان في العراق والذي يكرره بقدر ممجوج هو وزملاؤه طارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني لأنهم ببساطة لا يريدون أن تقضي الحكومة العراقية على الإرهاب لأن الإرهاب يمثل إحدى وسائل الطغمويين والتكفيريين لإفشال بناء الدولة الديمقراطية؟ ألم يطرح إئتلاف العراقية وجوب تسوية قضية الهاشمي، المتهم بإقتراف (300) جريمة قتل إرهابية، سياسياً وخارج القضاء وإلا فإن القضاء مسيس؟

إنهم يمنعون جماهيرهم من التعاون مع الأجهزة الأمنية للإبلاغ عن التحركات الإرهابية المشبوهة، ومع هذا لا يريدون التحقيقات التي يجريها المسؤولون الأمنيون مع من تدور حولهم الشبهات الإرهابية ويدَّعون بأن هذه الأجهزة تعتمد على كل كلمة وإخبارية تأتيهم من المخبر السري دون تمحيص. لا نعلم كيف عرفوا ذلك. إنهم مغرمون بإطلاق الإتهامات كيفما إتفق لأن هدفهم الإرباك والتشويش وإثارة الشكوك. نعم قد تثبت براءة بعض هؤلاء المتهمين لاحقاً، لكن هل العراق أول من تقع فيه مثل هكذا أخطاء؟ وهل جميع من أُطلق سراحهم كانوا أبرياء حقاً؟ ألم يعد بعضهم إلى السجون ثانية متلبسين بجرائم مثبتة هذه المرة؟
 حتى في بريطانيا وغيرها حصل أن أعدم أشخاص ثبتت برائتهم لاحقاً.
وهذا هو الذي يقصدونه من وراء الكلام عن تردي حقوق الإنسان. إنهم لا يحملون أي تقدير لقيمة الإنسان.

لمّا كان سلوك السيد أياد علاوي ورفاقه هذا مفهوماً للقاصي والداني، فلماذا يؤيده السيد مقتدى الصدر؟ أليس هذا دفاعاً عن الإرهابيين قاتلي الشعب العراقي؟ لماذا ينزل على السيد الصدر إيحاء إلهي بسحب الثقة عن المالكي ولا تأتيه  كلمة إيحائية واحدة عن حماة القتلة؛ ويقول صاحب الإيحاء: "ومن قتل نفساً بغير حق فكأنما قتل الناس جميعاً". إذا كان لدى التيار الصدري سجناء بسبب خروجهم على القانون فلماذا يساوم التيار أياد علاوي لوضع سجنائه الصدريين على قدم المساواة مع المسجونين الإرهابيين الذين يدافع عنهم السيد أياد؟ هل هذا إعتراف ضمني بتشابه جرائم الطرفين؟ أم إنها المساومة اللامبدئية التي يريد منها الصدريون إطلاق سراح سجنائهم الذين يدعون أنهم قاوموا الإحتلال، مقابل إنقاذ الإرهابيين قاتلي الشعب العراقي ؟

أية مساومة هذه؟ لقد أتت هذه المساومة السيئة بعد أن عجز الصدريون عن صياغة قانون في مجلس النواب يُطلق سراح الصدريين ويُبقي الإرهابيين بسبب معارضة أياد علاوي ورفاقه في إئتلاف العراقية، لأنهم يريدون إنقاذ السجناء التكفيريين، "الفرسان" المعوَّل عليهم للإطاحة بالنظام الديمقراطي. فلماذا، إذاً، يلوم الصدريون رئيس الحكومة على عدم تبني مجلس النواب قانوناً يُطلق سجناؤهم فقط؟ هل أن إطلاق سراح القتلة التكفيريين جاء بإيحاء إلهي أيضاً؟ أرجو التوضيح.

لماذا لم يوجه السيد كوبلر هذه الأسئلة لكل من السيدين مقتدى الصدر وأياد  علاوي؟ الجواب معروف. ففضائح الأمم المتحدة وفسادها مايزال حاضراً في الأذهان خاصة ما يتعلق بالرشاوى الضخمة التي رافقت مذكرة التفاهم حول النفط مقابل الغذاء والدواء، ذلك الفساد الذي شمل (150) شخصية ومنظمة من 45 بلداً. كما لا ننسى التزوير الذي مارسته بعثة الأمم المتحدة وخاصة السيدة ميتشل، مساعدة السيد إد ملكرت ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، والمتهمة بكونها تابعة لوكالة الإستخبارات المركزية؛ وكاد التزوير أن يكون أشد وألعن لولا نزول الجماهير في النجف والبصرة إلى الشوارع وظهرت بوادر عصيان مدني شامل قد يتطور إلى ثورة سلمية جارفة ما دفعت السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) إلى الإسراع والإجتماع برئيس الوزراء المالكي إستنجاداً به للملمة الموضوع وإيقاف التزوير عند ذاك الحد الذي سبب للعراق، مع ذلك، مصائب كبيرة.

-   بعد دراسة القرائن المتوفرة منذ أواسط عام 2008 أي قبل أكثر من عام من موعد الإنتخابات العامة السابقة التي أجِّلت وأُجريت في 7/3/2010، توفرت لدي القناعة أن التزوير الذي شاب الإنتخابات لم يطل إئتلاف دولة القانون سلباً وإئتلاف العراقية إيجاباً وحسب، بل طال التيار الصدري بالإيجاب أيضاً، إذ حصل على 40 مقعداً بينما كان عدد أصواتهم 269 ألف صوتاً وهو قريب جداً من أصوات التحالف الوطني (المجلس الأعلى وحلفاؤه) إذ حصل على 249 ألف صوتاً وحصد 17 مقعداً، وقريب من أصوات حركة الإصلاح (بزعامة الدكتور إيراهيم الجعفري) التي حصلت على 209 ألف صوت وحصدت أربعة مقاعد. أعلم أن التزوير الذي جرى لصالح التيار الصدري لم يكن بعلم الصدريين أو ربما بعلم عدد محدود جداً من الأشخاص. السؤال الكبير: لماذا التزوير الكبير لصالح التيار الصدري من جانب عميلة وكالة الإستخبارات المركزية؟ هل كان بإيحاء إلهي؟ لا أصدق.

واضح أن هناك من أراد تضخيم حجم الصدريين لأنهم مناكفون للتيار الإسلامي الديمقراطي وعلى رأسه السيد السيستاني وحزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون والتحالف الوطني، منذ الأيام الأولى لسقوط النظام البعثي الطغموي عند إصدار جريدة "الحوزة الناطقة"!! وتشكيل "جيش المهدي" والعراق يرمي لتأسيس دولة مدنية لا مكان فيها للميليشيات ويُحصر السلاح بيد الدولة وحسب.
سيكون هذا التزوير موضوع الحلقة الثانية من هذا المقال.

-   إجتمع رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي بممثل أمين عام الأمم المتحدة السيد مارتن كوبلر بتأريخ 26/6/2012. أوردت قناة "الحرة – عراق" ما دار بينهما من حديث إذ ذكرت أن السيد رئيس مجلس النواب طلب من السيد كوبلر رقــــــــابـــــــة وخبـــــــرة ديمقراطية من الأمم المتحدة. أســــئلة للســـيد مقتدى:
أولاً: هل إستشار السيد رئيس مجلس النواب أعضاء المجلس وحصل على تفويض منهم حول هذا الطلب الخطير؟ هل إستشار النجيفي السيدَ مقتدى (حليفه وحبيبه في عشق الديمقراطية!) في هذا الطلب الخطير من الأمم المتحدة وهما اللذان ترتعد فرائصهما الديمقراطية من "دكتاتورية المالكي وإستبداده" بينما لم يتذمر وزير واحد بأن المالكي إنفرد حتى بقرار واحد، فكيف لم يستشر النجيفي السيد مقتدى والحكومة وباقي الرفاق في إئتلاف أربيل؟ أين الديمقراطية إذاً؟ ومن هو المستبد برأيه؟
ثانياً: هل تنقص العراقَ رقابات ليبحث له النجيفي عن المزيد منها؟ أما يكفي السيد النجيفي وقوع العراق إلى هذه اللحظة تحت طائلة الفصل السابع لذنب لم يقترفه الشعب العراقي بل إقترفه النظام الطغموي الذي شغل فيه السيد أسامة النجيفي منصب وزير الصناعة حيث تعلم "الديمقراطية" هناك؟ أموال العراق لحد هذه اللحظة يحميها الرئيس الأمريكي وإلا فسيتناهبها الدائنون الصادقون والمدعون. العراق مازال ملزماً بإستشارة البنك الدولي وصندوق النقد العالمي عند إعداد موازنته السنوية. فماذا يريد السيد النجيفي أكثر من هذا وكيف يسمح له السيد مقتدى بإنفراده بأخذ القرار؟ ألم تأتِه الإرادة الإلهية، أم إنها إستُنفذت بالكامل لسحب الثقة من المالكي الذي خلّص العراق على الأقل من القوات الأمريكية؟
ثالثاً: إذا أرتضينا تخطي السيد النجيفي السادةَ علاوي والبرزاني والهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني وتجاوز خبراتهم في الديمقراطية، فكيف يتخطى ويتجاوز خبرات وعلوم السيد مقتدى في مثل هذه الأمور الحساسة؟ أما يستحق التأنيب؟
سيكون طلب السيد النجيفي من السيد كوبلر موضوع الحلقة الثالثة من هذا المقال.

-   هل لجهلٍ أم لحقدٍ طافحٍ تغافلَ قائدكم السيد مقتدى، عند تناوله موضوع شعبية المالكي و"شعبية" صدام حسب قوله، - تغافلَ الفرقَ الشاسعَ بين إستفتاء صدام والإنتخابات في العهد الديمقراطي الذي ساهم في تثبيت دعائمه مساهمة كبيرة السيد نوري المالكي، هذا رغم التزوير الجزئي في الإنتخابات؟ هل راقب إستفتاء صدام ما يقرب من نصف مليون مراقب محلي وأجنبي؟ وهل أدارت الإنتخابات مفوضية مستقلة، رغم هنّاتها، وإعترفت بالإنتخابات الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي؟

 أرجو أن يذكر لنا السيد مقتدى القائد جرذاً واحداً لا غير قام بالمراقبة أو التزكية في عهد الطغموي صدام.
هذا وأرجو أن تطلبوا من السيد القائد مقتدى التصحيح إذ أن صدام لم يحصل على 99% من الأصوات؛ فقد صحح هذا الرقم السيدان علي كيمياوي وعزت الدوري، المشرفان على عملية الإستفتاء، إذ كانت النتيجة "الحقيقية" بعد إعادة العد والفرز والتضبيط  105% وليس 99% فأرجو التصحيح، ولا تظلموا صداماً فقد "ظلمه" المالكي!!! 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): برجاء مراجعة "النظم الطغموية حَكَمَتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): نشر موقع "عراق القانون" ما يلي بتأريخ 21/6/2012 بشأن تصريح للخبير القانوني السيد طارق حرب:
"قال حرب في تصريح ورد (للوكالة الاخبارية للانباء) اليوم الخميس: إن تصريحات كوبلر في النجف وقوله ان العراق يمر بأزمة خطيرة وان هنالك انتهاكات لحقوق الانسان تعتبر خروجاً عن الاساس القانوني الذي تم بموجبه تعيين السيد كوبلر في العراق.
واضاف حرب: ان هذا الاساس تمثل بقرار مجلس الامن الدولي 770 لسنة 2007 والذي تم تمديده بالقرار 2001 لسنة 2011، حيث ان هذا القرار حدد مهمة ممثل الامم المتحدة بتقديم المساعدة والعون للعراق.
موضحاً: ان اقوال كوبلر تمثل خروجاً عن هذه القرارات كما انها تمثل صب الزيت على النار في الازمة السياسية الامر الذي يبعد كوبلر عن الحيادية التي اوجبتها هذه القرارات خاصة وان كوبلر وقبله ممثلي الامم المتحدة لم يقدموا المساعدة للعراق برفع الفصل السابع عنه.
وتابع حرب : كم كانت دول اخرى صائبة في قرارها عندما رفضت وجود ممثل الامم المتحدة في اراضيها كليبيا وتونس ومصر واليمن على الرغم إن ظروفها مماثلة لظروف العراق.
واعرب حرب عن امله: ان تكون خطابات كوبلر تهدئة للوضع بدلاً من الخطابات النارية التي يعتمدها كتصريحاته في النجف هذا اليوم." 





34
الكهرباء آتٍ بعد عام ولا ينتظر المهدي المنتظر!!
محمد ضياء عيسى العقابي
ساقني القدر مرة أخرى لأن تقع عيناي على مقال سفيه مسيء لأهل مذهب معين ولليسار العراقي عموماً، علماً أنه منشور في موقع "الحوار المتمدن" الإلكتروني الذي ينشر ما يرده دون مسؤولية حيال المضمون عملاً بحرية التعبير عن الرأي.  يتهكم المقال على معتقدات الناس وهو أسلوب يدينه، بتقديري، اليساريون العراقيون إدانة شديدة. ردّ عليه أحد السادة القراء ورددتُ عليه إلا أن الكاتب عاد وشكى من عدم قدرة الناس على فهم ما ينثرُه من درر عقده الفريد، وهو الذي لا يعرف كيف يُكتب إسم الموصول "الذي" فيكتبه "اللذي"؛ ويكتب الفعل المضارع "يعون" أي بمعنى "يُدركون" يكتبه "يعوون" أي "ينبحون" (الرجاء مراجعة الهامش 3.3)  . رأيتُ أن أضع أمامه الحقائق الموضوعية حول قضية الكهرباء وكم هو جاهل بشؤون بلاده. ورأيت أن أنشر نص المقال في الهامش (2) أدناه والردود في الهامش (3)، ومقالي هذا لإطلاع القراء الكرام على نموذج آخر من نماذج العبث في محيطنا الثقافي، علماً أنني لا أعرف ولم أسمع بالسيد الكاتب وهذا ليس صغراً به بتاتاً.
أولاً: الوقائع تقول إن سبب عدم معالجة توفير الكهرباء هو إمتناع الشركات العالمية الكبرى من الحضور إلى العراق إلا إذا أُعطيت ضماناً أمنياً، وهو أمر إعتيادي. لكن من غير الإعتيادي أن يمتنع الأمريكيون عن منح الضمان الأمني وهم يمسكون بالملف الأمني بموجب تفويض الأمم المتحدة بالقرار رقم 1546 حتى 1/9/2009. وذلك لأنهم، بتقديري، أرادوا أن يبقى العراقيون في ظلام دامس لا تواصلَ بينهم ولا تشكيل لرأي عام عراقي بعد الإحتلال وبعد حلِّ كيان الدولة العراقية (المبرر في مواقع كحل الجيش والأمن وغير المبرر كحل بعض الوزارات الخدمية) وذلك لكي يصهروا الشعب العراقي ومن ثم ليَصُبّوه في قوالب أمريكية خاصة ليخلقوا مجتمعاً جديداً ينفّذ سياساتهم(4) ومنها الإطاحة بالنظام السوري (لا حباً بالشعب السوري بل خدمة لأمن إسرائيل) وضرب المنشآت النووية الإيرانية من أجل أمن إسرائيل أيضاً، والسيطرة على نفط العراق عبر فرض أسلوب "المشاركة في الإنتاج" وليس أسلوب "عقود خدمة" الذي أرادته الحكومة العراقية ونفذته عبر أربع جولات تراخيص شفافة عارضها أبطال التخريب في مجلس النواب العراقي وعلى رأسهم إئتلاف العراقية والتيار الصدري وذلك لعرقلة عمل الحكومة التي "يقودها أهل العمائم أتباع المهدي المنتظر" الذي يتهكم منه ومنهم الرفيق الكاتب المحترم. إن الأفندية لم يريدوا أي مشروع لخير العراقيين لأنه يحقق دعاية للمالكي. لا أدري ما معنى التخريب ودوس الوطنية بالأقدام ولا أدري ما معنى التخلف ومع هذا يريدون سحب الثقة من المالكي ولم يجدوا ردعاً إعلامياً يقف بجانب الوطنية والديمقراطية والحق، لأن اللاوطنية ضاربة أطنابها.
حتى طاقم الصيانة الروسي الذي كان يعمل في محطة الدورة الكهربائية لم يكمل عمله وترك العراق عام 2004 بسبب الهجمات الإرهابية. ولما وصلت قطع صيانة كبيرة الحجم لهذه المحطة عن طريق الميناء الأردني لم يستطع العراقيون نقلها عبر الطريق البري إلى الدورة بسبب الإرهاب فأُعيد شحنها بحراً إلى ميناء البصرة ثم إلى الدورة.
لا أريد أن أطيل في دور الأمريكيين المعطل والذي سكت عنه الكثيرون حتى اليسار للأسف آملين أن تصطدم الحكومة "العمائمية" بالأمريكيين في غير الوقت المناسب ليقضوا على حكومة "الملالي" ويضمنوا لنا تحقق شعار "الحريات أولاً" أي تباً للجلاء والإستقلال وحفظ الثروات النفطية والديمقراطية غير المشوهة وإحترام إرادة الشعب والإنتخابات والدستور؛ ومرحباً ب"حرية" الإنخراط في الجيش من عدمه لمقاتلة السوريين والإيرانيين، ومرحباً ب"حرية" طلب الرفاهية لل"المظلومين" المتهمين بالإرهاب مفجري المفخخات، و"حرية" المطالبة بغلق السجون السرية المغلقة سلفاً قبل سنة. 
رفض الأمريكيون  مشروعاً تقدمت به إدارة حماية المنشآت الكهربائية يرمي إلى مراقبة ووقاية المنشآت الكهربائية وخطوط نقل الوقود إليها ونقل الطاقة منها بإستخدام الوسائل التقنية الحديثة وما كان ليكلف أكثر من مليوني دولار، وذلك حسب إفادة العميد مسؤول حماية المنشآت الكهربائية في فضائية الحرة عام 2005.
إذا كانت دوافع هذا الرفض الأمريكي غير واضحة إن كانت لغرض سيء أو لسبب وجيه، فقد أزال عنه الشك وقطعه باليقين الدكتور أحمد الجلبي في مقابلة له مع الإعلامي الدكتور حميد عبد الله قبل أشهر قليلة، من الآن، حيث قال الجلبي بأن رئيس الوزراء السيد المالكي، عند أول أيام توليه منصبه كرئيس لمجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، قال في إجتماع ضم العراقيين والأمريكيين بأن أولى أولوياته هما مكافحة الإرهاب وتوفير الكهرباء؛ فما كان من الجنرال كيسي إلا ورد عليه مباشرة بالقول: إنسَ الكهرباء. وقد كررها مرتين حسب قول الدكتور الجلبي.   
 حتى بعد تحسن الوضع الأمني إمتنعت شركة (جي إي) الأمريكية العملاقة التي تحتكر (وقليلات مثلها في العالم) تصنيع محطات عملاقة بقدرة (1000) ميكاواط ممما إستدعى السيد المالكي في زيارته قبل الأخيرة للولايات المتحدة أن يطلب من الرئيس أوباما التدخل شخصياً لإقناع الشركة بتجهيز العراق بمحطة. وافقت الشركة جزئياً أي ببيع المعدات دون القيام بنصبها. هنا تلقَّفَها المخربون في وزارة الكهرباء إذ خزنوا المعدات لحد الآن في مخازن ميناء البصرة في ظروف سيئة؛ ومنذ سنتين ولحد الآن لم ينصبوها ولم يوافقوا على قيام مجلس محافظة البصرة بالتعهد بنصبها وعلى نفقة محافظة البصرة.  قبل شهرين تقريباً إكتشف النائبان عن البصرة السيدان منصور التميمي وجواد البزوني (وكلاهما من التحالف الوطني) أن المعدات قد تضررت وبعض أجزائها الإلكترونية قد سرقت شأنها شأن معدات مشروع الحكومة الإلكترونية في البصرة (الذي يساعد على محاربة الفساد) التي سرقت وخربت هي الأخرى.
مع كل هذه المصائب والمشاكل والإرهاب والتخريب الذي أطاح ب(5000) برج حامل للطاقة الكهربائية فضلاً عن تفجير خطوط الأنابيب الناقلة لوقود محطات التوليد، بلغت الطاقة المنتجة اليوم (6500) ميكاواط بعد أن كانت نصف هذه الكمية عام 2003 في حين إرتفع الطلب على الكهرباء من (5000)  ميكاواط إلى (17500).
وفي هذا اليوم 17/6/2012 بالذات، إفتتح الدكتور حسين الشهرستاني (من المؤمنين بالمهدي المنتظر) والسيد كريم عفتان الجميلي محطات توليد بقدرة إجمالية قدرها (900) ميكاواط ولم ينتظرا "ظهور المهدي المنتظر(عج)". وصرح السيد الجميلي بأن نهاية عام 2013 سيشهد نهاية أزمة الكهرباء في العراق.

ثانياً: حتى الإنسان ذي الثقافة الأدبية دون المتوسطة يفهم أن إختيار إسم "علي بن أبي طالب" في أي عمل "أدبي"، ذو رمزية معينة ولا يمكن أن يكون من دون معنى وقصد . لذا فلا أستغرب أن ينتفض أصحاب العقيدة على الكاتب إذا كان إستخدامه للرمز مهيناً لشخصية إمامهم أو يمثل مساً بمحبيه وأتباعه [راجع الهامش رقم (3.3) رجاءاً]. إذا كان الكاتب منزعجاً من إحتجاج أتباع شخصية تأريخية عظيمة كعلي بن أبي طالب (الذي وضعه "دانتي" صاحب "الكوميديا الإلهية" في النار بمعية النبي محمد لكونهما ثائرين والثائر عند دانتي مآله النار لخروجه على النظام السائد، بينما أسهب الكاتب المرموق جورج جرداق اللبناني العربي في تعظيمه للإمام في كتابه المشهور عنه) - إذا مسستَ به أو بهم، فما بالك وقد أَحَلَّ الإمام محمد الغزالي (مؤجج الفتنة الدينية في الجزائر عندما كان يدرِّس في جامعة قسطنطينة في ثمانينات القرن الماضي) - أحَلَّ دمَ الكاتب العربي التقدمي الكبير عبد الرحمن الشرقاوي لأنه كتب كتاباً بعنوان "عليّ إمام المتقين" وكان كتاباً موضوعياً مستنداً إلى المصادر السنية لا غير ولم يكن كتاباً إعتدائياً أو مهيناً لأحد، علماً أن الإمام علي مبجل من كافة المذاهب الإسلامية والإتجاهات السياسية الديمقراطية وكذلك من اليهود والمسيحيين والصابئة والأزيديين؟ فما بالك وتريد المس به أو بأتباعه ولو غمزاً؟
ثالثاً: خوفي من إستغلال البعض لإسم اليسار وصحافته المحترمة كالحوار المتمدن لينفث سموم طائفيته الدفينة تحت ستار التقدمية والماركسية وهما بريئان من هكذا مقاربات ونقد فج يضر ولا ينفع ويوتر العلاقة مع الأحزاب الدينية دونما مبرر والعراق يمر بفترة حرجة تتكالب على نهش ديمقراطيته أطراف منتفعة عديدة داخلية وخارجية.   
رابعاً: أخيراً، من يحق له أن يهزأ من الآخر:
-   الذين ينتخبهم الشعب ديمقراطياً ويكافحون على كافة الجبهات الخارجية والداخلية ذات الشمال وذات اليمين ويتحدّون ويبنون في سبيل الشعب، قادوا ويقودون حكومة قصمت ظهر أشرس إرهاب مدعوم داخلياً وخارجياً ومن رجال في أعلى سلم المسؤولية في الدولة العراقية (نائب رئيس الجمهورية وغيره)؛ ووضعت حداً لتجاوزات الخارجين على القانون وخاصة في البصرة، ومحاربة الطائفية والعنصرية ورفع شأن قيمة الوطنية؛ وأخرجت قوات الإحتلال وتصفية جميع قواعده ومواقعه ومرتكزاته العسكرية بالضد من رغبة وألاعيب الآخرين حتى أن أحد أطراف تجمع أربيل - النجف سخَّر مرتزقته لتخويف الأمريكيين بدعوى عزم المالكي على تسليم فرق عسكرية لقيادات من التيار الصدري لحمل الأمريكيين على التشبث ببقاء قواتهم العسكرية، وأراد البعض الآخر إضعاف الحكومة العراقية أمام الأمريكيين فحاول تأليب الجماهير ضدها بتلبيس مسؤولية فقدان الخدمات وخاصة الكهرباء بالحكومة متناسياً عن عمد أدوار الأمريكيين والإرهاب والطغمويين ودول الجوار في شل يد الحكومة؛ وإستعادت السيادة العراقية كاملة غير منقوصة؛ وحافظت على ثروات العراق النفطية وقاومت، ومازالت تقاوم بشراسة(5) ، ضغوطاً لفرض أسلوب "المشاركة في الإنتاج" وإعتمدت هي أسلوب "عقود خدمة"؛ ورفعت معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي من ربع دولار إلى (300) دولاراً، وقضت على ما يقرب من تريليون دولار من الديون ورفعت إحتياطي العراق من العملة الصعبة إلى قرابة سبعين مليار دولار؛ وعززت النهج والبناء الديمقراطيين رغم العراقيل التي وضعها ويضعها الشركاء – الأعداء؛ وحاربت الفساد والتسيّب رغم تشجيع معظم الإعلام البائس له بترويج أفكار رديئة من قبيل "أصبح الجميع فاسدين وحرامية" فإختلط الحق بالباطل والحابل بالنابل؛ وبدأت عجلة الإعمار تدور رغم عرقلات التشريع المتعمدة في مجلس النواب، ورغم تعطيل تفعيل الإستثمار ورفض القرض الياباني – الكوري جنوبي بالدفع الآجل الميسر لإعادة بناء كامل البنية التحتية في العراق من مشاريع ماء وكهرباء ومجارٍ ومدارس وسكن ومستشفيات ومستوصفات وطرق وجسور، ووقف الطغمويون والصدريون رافضين لهكذا قروض لسنتين متتاليتين عند إقرار الموازنة؛ إستعادت للعراق موقعه القيادي في المنظومة العربية وعزلت من سعى ويسعى إلى تأجيج صراع طائفي سني - شيعي على نطاق المنطقة ليدفع عن نفسه الإستحقاق الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان فوَعَدَنا لسانُهم السلفي الشيخ عرعور بفتح معركة الكوفة بعد الإنتهاء من معركة سوريا؛ كما إستعادت للعراق إحترام المجتمع الدولي بعقد إجتماع (5+1) في بغداد وهي خطوة تقدير رمزية ذات معنى مفرح للبعض ومقلق لليعض الآخر، والقائمة تطول.
-   أم الأطرش بالزفة الذي لا يعرف من يطعن الوطن ومن يبصق على الشعب وقد يقف معهما ولا يدري، أو يدري ولكنَّ طردَ "العمائم"، عنده، أهمُ وأوجب؟ 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2): أدناه المقال المبحوث:
ظهور الامام عج هو احدى علامات ظهور الكهرباء
أبو دائرة الكهرباء كطع واير الجطل وقهرني
طلع الواير مو مالتي وقهرته
الواير طلع مال جيراني وقهرني
جيراني طلع ابن اخته وقهرته
لان الكهرباء ومجيئها أمر لا يعرفه إلا الله والراسخون في وزارة الكهرباء
فقد أصبح ظهور الكهرباء مثل ظهور الإمام عج تتعدد فيه الروايات والأحاديث والرواة حسب أراء المحللين السياسيين من أهل الخبرة في الأحاديث ,,,فقد روى تلفزيون العراقية عن مراسله عن رئيس الوزراء عليه أفضل السلام انه قال في شباط 2011 إن ظهور الكهرباء ودوام ظلها الوارف سيكون بعد خمسة عشر شهرا ,, وقد انقضى الأجل دون إن نرى الكهرباء أو ساعة من ساعاتها ,,وقد تحدث المفسرون من النواب والسياسيين في تفسير هذا التأخر بكون الشهر عند رئيس الوزراء قد يكون ميلادي أو هجري قمري أو شمسي أو انه شهر بمقياس أهل السماء لا الأرض فكما هي المائة اليوم التي وعد بها سيادته لتحسين الأوضاع وثبت إن كل يوم بألف سنة مما تعدون .. وهكذا فان الروايات كثيرة ومما روي عن وزير الكهرباء (حفظه رئيس الوزراء ورعاه ) انه قال لقد قرب ظهور الكهرباء وكل العلامات من العقود مع الشركات الكهربائية العالمية قد تحققت وان ظهورا لكهرباء عند الظهر هي أولى بوادر ظهوره عجل الله طاقته ,, وقد أفتى السيد المحافظ مد الله ظل استثماره العالي إن ظهور الكهرباء الوطنية سيكون على ارض السلام وان البشارة ستكون بضيائه وبرودة مكيفاته في هذا الصيف .وقد سألنا جمعا من المستوين والمصموطين من الذين حمسهم الحر حمسا وعجزوا عن دفع فلوس المولدة نهاري وليلي فقالوا اللهم إننا نبرأ من كل حدد وقتا لظهور الكهرباء مذكرين برواية كل صيف التي تقول كذب الوقاتون ,,, وفي النهاية نردد الدعاء اللهم كن لمولدات الكهرباء وليا وحافظا ومزودا بالكاز وناصر ا حتى تجعل أهل المولدات يعطونا الامبيرات طوعا وتمتعنا بالكهرباء طويلا
اللهم صلي على رئيس الوزراء وعلى المحافظين والوزراء وعلى التسعة آلاف سعر الأمبير من عطايا المحافظ وسلم تسليما كثيرا
س- سماحة آية الله (درجة الحرارة ) العظمى الكهرابئياني ما هو راي سماحتكم العظمى في بارتباط ظهور الكهرباء بالامام عج افتونا ماجورين
ملاحظة ,,,ان ارتباط ظهور الامام بالكهرباء واضح من خلال صوره عج التي يسطع فيها النور حيث ان ظهوره سيرافق سطوع طاقة الكهرباء الوطنية - والله ورسوله واوصيائه ومرجعياته ووزراءه اعلم
خالد الحمداني – صحيفة الكوثر
(3): أدناه الردود على المقال:
(3.1): عدنان آل أحمد الحسني • الأكثر تعليقا • الطيران
يأبى بعض الناس الا ان يوطأوا بالاقدام , لا لأنهم يتطاولون بل لأن وجودهم ضرر على المجتمع خاصة من يدعي ان له يراعا ينشر به الفكر , اقول لك يا خالد ( أخلدك الله في الذل في الدنيا والنار في الآخرة ) : أن من تتطاول عليه خلق الله الكون لمحبته ومحبة آبائه وأجداده , نعم أنا أعرف أنك لا تعي هذا الكلام وما ذاك الا لضآلتك وهذه ليست شتيمة بل تقييما لك , لعلك لا ترضى بهذا الوصف , ولكنك ترضى ان ترمي النعوت المسيئة وقذارتك في افق هذا الكون الذي ضاق علينا بأمثالك , أليك عن المقدسات
(3.2): العدد: 380667    1 - كفانا سفاهات وتفاهات!!
2012 / 6 / 16 - 00:26
التحكم: الحوار المتمدن    محمد ضياء عيسى العقابي
التهكم على عقائد الناس دليل السطحية والإفلاس. من هذا إلتفَّت الجماهير حولنا يوم الإمتحان!. حصلنا على نائبين لا أكثر ولا أقل مع وقف التنفيذ. فلنتعظ ولنحترم الناس وكفانا سفاهات وتفاهات. لو كان الكاتب مهتماً حقاً بتوفير الكهرباء للشعب لطالب بإجراء تطهير جذري في طواقم وزارة الكهرباء وهم الذين كانوا يُنتَقَون إنتقاءاً بعثياً أمنياً صارماً وقد مارسوا التخريب لحد الآن. ولي الشواهد على ذلك. وزراء الكهرباء الأول (أيهم السامرائي) والأخيران كلهم من إئتلاف العراقية، فلماذا ترمي الموضوع على المالكي.؟
(3.3): العدد: 381088    3 - شكرا وسلاما سلاما
2012 / 6 / 16 - 23:56
التحكم: الحوار المتمدن    خالد ابراهيم الحمداني
رغم اني مللت من كثرة اللذين لا يعوون ما اكتب حتى صرت افكر احيانا بان لي حروفا تختلف عن الحروف المعتادة في العربية لعجز الكثيرين ان يفهموا ما اكتب مرة نشرت قصة اسمها اعلان فقد شخص اسمه علي ابن ابي طالب فثارت الدنيا علي لدرجة ان احدى الفضائيات بررت اغلاق الصحيفة التي كنت اعمل فيها حينها باني ذا تجاوزت على مقام علي ابن ابي طالب وهكذا يستمر مسلسل الجهلاء الذين ابتلي بهم وطننا ولا ندري متى ياتي من من بصرخته سوف يضحو هؤلاء وان كنت مشككا في هذا
(4): مصدر أمريكي تحدث إلى مراسلة صحيفة "الشرق الأوسط" السيدة هدى الحسيني (صوت العراق في 17/5/2007) حيث قال، ردا على سؤال عن سبب حماسة واشنطن للحرب على العراق، ما يلي: "فكّر المحافظون الجدد أنه بالقضاء على صدام حسين سيصبح العراق الحليف الأول عسكريا ونفطيا، عندها ينهار نظام بشار الأسد ، وينتهي ياسر عرفات وتأتي قيادات جديدة".
(5): صرح السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم كردستان وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن "شركة أوكسن موبيل تعادل عشرة فرق عسكرية وهي إذا دخلت بلداً لا تخرج منه" . أقرأُ في هذا التصريح تهديداً مبطناً للمالكي وحكومته على غرار تهديدات شركات النفط للزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم الذي سقط بتدبير شركات النفط ووكالة الإستخبارات المركزية وتنفيذ الطغمويين العملاء. بقي أن نعلم أن الإقليم عقد إتفاقيات مع شركة أوكسن موبيل دون علم الحكومة الفيدرالية وعلى أساس "المشاركة في الإنتاج" ما دفع الحكومة الفيدرالية إلى إستبعاد تلك الشركة العملاقة من المشاركة في جولات التراخيص الأربع.


35
تحذير شديد إلى السيد مقتدى الصدر ونواب تياره الأربعين
محمد ضياء عيسى العقابي
على السيد مقتدى الصدر والسادة مساعديه وخاصة بهاء الأعرجي وأمير الكناني وعموم نواب التيار الأربعين، جميعاً، أن يفيقوا ويدركوا أن التحركات الجارية ليست لعبة سياسية عادية أو لعبة لهو ديمقراطي أو لُعِباً على وتر الشغف بالديمقراطية ومقت الإستبداد وأنتم مستجدون في هذا المضمار وبدلاتكم الزيتونية مازالت جاهزة وحلفاؤكم بين منتهك للديمقراطية وبين كاره لها لأنه يصر على إستعادة سلطته الطغموية وإنه رافض للآخر لا يرى إلا نفسه أهلاً للحكم بتفويض من الله ل"حراسة" البوابة الشرقية وبكونه "الفرقة الناجية"؛
ولا مجال للتعصب والإصرار على الخطأ عندما دمّرتم البصرة بأيديكم وأيدي من تريدون إخراجهم الآن من السجون فإستخدمكم حلفاؤكم لتأجيج الضجة المفتعلة من أجل إطلاق سراحهم وسيُطلق، معهم، سراحُ بعض الإرهابيين قاتلي الشعب العراقي الذين لم ينقطع الطغمويون(*) عن المطالبة بالعفو عنهم ك"أبرياء" وذلك للمقايضة؛
 ولا مجال للإنتقام من صاحب "صولة الفرسان" التي أرشدتكم وأنقذتكم من شرور صبيانية أنفسكم وثقافة بعض تابعيكم المنحدرين من أجهزة صدامية إجرامية كفدائيي صدام، على حسب معلومات من يعرفكم جيداً. إن أفعالكم تجسد إنتقاماً أعمى من رئيس الوزراء الذي أدى مسؤولياته بشرف وأمانة حيال الخارجين على القانون ووقفِ إزهاق أرواح الأبرياء وحماية أرواح الناس لكنكم لم ترفضوه وحسب بل رفضتم حتى مرجعكم الديني وأساس تياركم الذي أوصاكم أبوك، يا مقتدى، بإتباعه وهو آية الله الشيخ كاظم الحائري.
نعم، تتسم هذه التحركات بالظاهر الديمقراطي ولكنه شكلي بحت؛ ذو جوهرٍ مشبوهٍ مغاير تماماً للإدعاءات، يقترب من الإنقلاب وتوحي أهدافه بالتعطيل والإرباك والتخريب وإطلاق يد الإرهاب وخدمة الأجنبي. لقد أشعلت النيران فيكم وفي حلفائكم وفي حلفاء هؤلاء الحلفاء في الخارج – حقيقةُ "إنزلاق" العراق بسرعة كبيرة نحو الإستقرار وتطبيع أوضاعه والتصالح مع نفسه بعيداً عن الطائفية والعنصرية والإستئثار.
 تعلمون جيداً أنكم غير قادرين على إطاحة الحكومة بالسبيل البرلماني الدستوري السليم عن طريق إستجواب رئيس مجلس الوزراء على خروقات محددة معززة بالأدلة القاطعة، لذا لجأتم إلى آلية التعويل على طلبٍ من رئيس الجمهورية لإقالته بالتصويت الأصم غير المُسَبَّبِ  وحاولتم إبتزاز الرئيس للنزول عند طلبكم فتصدى لكم بشجاعة ومسؤولية لسبب بسيط هو أن رئيس وزراء من وزن المالكي وبرصيده الوطني الديمقراطي الضخم لا يمكن الغدر به بمجرد تصويت أرعن لنوابٍ خير من فيهم دافعه الحقد الأعمى لفقد سلطته الطغموية يستقتل لإستعادتها ناهيكم عمن إستلم الملايين أو يأمل إستلامها من السعودية وقطر وتركيا على ذمة صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية ومحطة إذاعة "أوستن" النرويجية  وشهادة السيد حسن العلوي الفاضحة لتأريخ بيع الضمائر وهو الذي سمع بأذنيه الملك السعودي عبد الله يقول لطارق الهاشمي نائب رئيس جمهورية العراق وأمين عام الحزب الإسلامي قبل إنسلاخه منه: "أعطيناكم مليارين ونصف مليار دولار والشيعة مازالوا في الحكم" ، أو خضع للتهديد كجبان رعديد لا قيمة عنده للقَسَم الذي أداه.
لو كان لديكم ولدى حلفائكم قدرٌ كافٍ من الثقافة الديمقراطية لعلمتم أن إقالة رئيس وزراء أي بلد ديمقراطي عن طريق طلب الرئيس الأعلى للدولة يُدرج في الدستور لمعالجة حالات معينة ونادرة جداً تتمثل بالعجز الصحي أو إختلال القوى العقلية لرئيس الوزراء أو الخيانة العظمى أو التجاوز المفرط الواضح على الدستور وحقوق الآخرين.
فأين هذا من رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي؟ إن الحكومة المنتخبة ديمقراطياً والتي يقودها التحالف الوطني ومرشحه نوري المالكي  قد قصمت ظهر أشرس إرهاب مدعوم داخلياً وخارجياً ومن رجال في أعلى سلم المسؤولية في الدولة العراقية أصبحتم حلفاء لحلفائهم؛ ووضعت حداً لتجاوزات الخارجين على القانون وخاصة في البصرة، ومحاربة الطائفية والعنصرية ورفع شأن قيمة الوطنية؛  وأخرجت قوات الإحتلال وتصفية جميع قواعده ومواقعه ومرتكزاته العسكرية بالضد من رغبة وألاعيب حلفائكم حتى أن أحد الحلفاء سخَّر مرتزقته لتخويف الأمريكيين من عزم المالكي على تسليم فرق عسكرية لقيادات من التيار الصدري لحمل الأمريكيين على التشبث ببقاء قواتهم العسكرية، وأراد البعض الآخر إضعاف الحكومة العراقية أمام الأمريكيين فحاول تأليب الجماهير ضدها بتلبيس مسؤولية فقدان الخدمات وخاصة الكهرباء بالحكومة متناسياً عن عمد أدوار الأمريكيين والإرهاب والطغمويين ودول الجوار في شل يد الحكومة؛ وإستعادت السيادة العراقية كاملة غير منقوصة؛ وحافظت على ثروات العراق النفطية وقاومت، ومازالت تقاوم بشراسة أصبحتم طرفاً فيها، ضغوطاً لفرض أسلوب "المشاركة في الإنتاج" وإعتمدت هي أسلوب "عقود خدمة"؛ ورفعت معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي من ربع دولار إلى (300) دولاراً، وقضت على ما يقرب من تريليون دولار من الديون ورفعت إحتياطي العراق من العملة الصعبة إلى قرابة سبعين مليار دولار؛ وعززت النهج والبناء الديمقراطيين رغم العراقيل التي وضعها ويضعها الشركاء – الأعداء؛ وحاربت الفساد والتسيّب رغم تشجيع معظم الإعلام البائس له بترويج أفكار رديئة من قبيل "أصبح الجميع فاسدين وحرامية" فإختلط الحق بالباطل والحابل بالنابل؛ وبدأت عجلة الإعمار تدور رغم عرقلات التشريع المتعمدة في مجلس النواب، ورغم تعطيل تفعيل الإستثمار ورفض القرض الياباني – الكوري جنوبي بالدفع الآجل الميسر لإعادة بناء كامل البنية التحتية في العراق من مشاريع ماء وكهرباء ومجارٍ ومدارس وسكن ومستشفيات ومستوصفات وطرق وجسور، لقد كنتم من بين الرافضين لهكذا قروض لسنتين متتاليتين عند إقرار الموازنة؛ إستعاد للعراق موقعه القيادي في المنظومة العربية وعزل من يسعى إلى تأجيج صراع طائفي سني - شيعي على نطاق المنطقة ليدفع عن نفسه الإستحقاق الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان فوَعَدَنا لسانُهم السلفي الشيخ عرعور بفتح معركة الكوفة بعد الإنتهاء من معركة سوريا؛ كما إستعاد للعراق إحترام المجتمع الدولي بعقد إجتماع (5+1) في بغداد وهي خطوة تقدير رمزية ذات معنى مفرح للبعض ومقلق لليعض الآخر.
هل يستحق من له هذا الرصيد أن يُعامل بالمهانة التي تخططون لتوجيهها للرجل؟
 خذ عبرة، يا سيد مقتدى، من رفض صالح المطلك وظافر العاني لمقترحك بإسناد رئاسة مجلس الوزراء للسيد باقر جبر الزبيدي. لماذا رفضوه وهم يدركون في الأمر كيداً لدق إسفين بين أطراف التحالف الوطني لتمزيقه وتمزيق الشارع الشيعي وهو ما سعى إليه الأمريكيون والطغمويون منذ بداية حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري ولحد الآن، وكان من أدواتهم الفعالة تعطيل معالجة الخدمات وخاصة الكهرباء ورقصتم أنتم وغيركم من الإنتهازيين على أنغامها وأججتم الجماهير في البصرة وبغداد؟  لقد رفضوا السيد باقر الزبيدي لأنه رجل جاد وشجاع ونزيه شأنه شأن زميله المالكي. لذا فهو لا يروق لهم لأنهم يريدون شخصاً ضعيفاً مهزوزاً خفيفاً بوزن نسبتكم في تحالفكم الجديد.
ولتوفير جهودك وتعبك أنصحك، يا سيد مقتدى، ألا تقترب من السيد باقر الزبيدي لأنه، بتقديري، يعلم جيداً بخطة دق الإسفين وهو الوطني الحريص على مصالح العراق، كل العراق، ولا يمكنك بذكائك المتواضع أن تتفوق على ذكاءه الحاد.
كونوا على ثقة: إنكم قد إستفزيتم كرامة وشعور ومخاوف الشارع الشيعي خصوصاً، وهو يشكل الأغلبية المطلقة، وإستفزيتم الشارع العراقي عموماً بجميع مكوناته وفصائله في جميع أنحاء العراق، بقدر عميق عندما مكَّنتم، وبإسم الشيعة زوراً وتلفيقاُ بتسخيركم لإستخدام أنفسكم كبيضة قبانٍ ترجٍّح تحالفاً خطيراً يشكل ثلاثة أمثال قوتكم فلا حول لكم فيه ولا قوة  حقيقية - مكَّنتم كلاً من الطغمويين(*) السادة أياد علاوي والمتهم طارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني وحكام السعودية وتركيا وقطر وشركات النفط وإسرائيل  من توجيه إهانات بالغة لذلك الشارع، إضافةً إلى، وهو الأهم، إحتمال تهديد مصالح بلاده النفطية وإحتمال زجه في حرب طاحنة مع إيران لتحقيق مصالح الآخرين وهما السعودية وإسرائيل تحديداً، ولا ناقة للشعب العراقي فيها ولا جمل، ووأد الديمقراطية وأخيراً تقسيم العراق، بعد فترة "رفاه كيدي" يسبق تلك الكوارث الوطنية(*) لفترة "تمهيدية" محدودة.
إن إتهامكم السيد رئيس الوزراء ب"تشــــييع العــــــراق" حكمٌ ظالم ومتملق ومهين؛ وربما كان باعثاً، جزئياً، لعودة القدرة الملحوظة للإرهابيين التكفيريين الطائفيين(*) ونشاطهم الأخير الذي عدتَ وحلفاؤُك، عبره، لإستفزاز الجماهير، بحجة الحرص الزائف، بالتنويه إلى تقاعس الأجهزة الأمنية والقائد العام للقوات المسلحة  وتفرِّده بالسلطة والمسؤولية، وهو أمر كاذب ومخادع ومخالف للحقيقة؛ بل هو أقرب للتأشير على مسؤوليتك وحلفائك مما على مسؤولية السيد نوري المالكي والأجهزة الأمنية التي يقودها.
يعرف العالم أجمع أن العمل الإرهابي يصبح في غاية اليسر إذا كانت له حواضن آمنة خاصةً إذا إمتدت إلى مستويات عليا في هرم السلطة، ولسنا بناسين النواب مشعان الجبوري وعبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني والوزير أسعد الهاشمي ورئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ حارث الضاري ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ومدير أحد مكاتب حركة الوفاق فراس الجبوري وعضومجلس محافظة بغداد ليث الدليمي.
إنكم قد جعلتم الشارع يغلي وقد تتسببون في تـفــجُّــــــــر ثـــــــــورة شعبيـــة عفويـــة عارمــة ضدكم تستبق ولا تنتظر حل البرلمان وإجراء إنتخابات جديدة لتلاقوا أنتم وحلفاؤكم فيها خسارة مهينة متوقعة جداً.
إنـكــــم وحلفـــــاؤكم قد أصبحتم في وادٍ والجماهير في وادٍ آخر.
فحــــــذارِ حــــــذارِ غضــــــب الشـــــعـب المـكـلــــــــوم، فقد صبر طويلاً وطُعن كثيراً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): تتم مراجعة مفاهيم "الطغمويون والنظم الطغموية" و "الطائفية" و "الوطنية" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181



36
أشجع طفل في القرن العشرين!!
محمد ضياء عيسى العقابي
"وقد استطردت الصحيفة بوصف ابن نجل  صدام حسين بأن شجاعته لا يمتلكها إلا قلة نادرة ممن هم في عمره في المرحلة الراهنة" – الإشارة إلى صحيفة النيويورك تايمز.
بالنسبة لبعض الغربيين ومن وجهة نظر تقنية بحتة، قد يُعتبر عمل(1) الطفل مصطفى قصي صدام حسين "شجاعةً". أما أن يكون أشجع طفل فهذا رأي سخيف؛ والأسخف جداً إعتبارُه الأشجع في القرن العشرين؛ وأسخفها طراً أن تعتبر الصحيفة دفاع مصطفى كان دفاعاً عن العراق. لقد كان في الواقع دفاعاً عن مملكة العائلة أو ضيعتها ودوابها، لأن نظام أبيه وجده وعمه الذي دفن الناس أحياء ومنهم الطفل تيمور في كركوك لا يمكن إلا أن يربي سادةُ النظام طفلَهم على حب الذات وليس حب الوطن بالمعنى الذي يفهمه المواطن العادي كما فهمه تيمور.
من هنا فأنا أشك في صحة تسمية موقف مصطفى ب "الشجاع"، لأن ما مرتسم في أذهاننا وأذهان العالم بأن الشجاعة مقترنة بنبل الهدف، والهدف هنا في حالة مصطفى هو السعي لإدامة حكمٍ دَفَنَ، من بين من دفن، الطفلَ تيمور حياً وكان سيدفن المئات مثله لو كتب للنظام أن يبقى أو يعود.
أعتقد أن هذه الآراء الثلاثة الأخيرة للصحيفة، ذاتُ دافع سياسي قد يرتبط  بما يلي، علماً أنني مدرك لضرورة الإبتعاد عن "نظرية المؤامرة":   
1-   صحيفة النيويورك تايمز معروفة بكونها يمينية ومقربة من أوساط الشركات البترولية. (وهي الصحيفة ذاتها التي لجأ إليها الدكتور أياد علاوي وبعض رفاقه في قيادة "إئتلاف العراقية" فنشروا فيها إعلاناً يرقى إلى دعوة الأمريكيين إلى العودة إلى العراق لأن الرئيس أوباما تركه في حالة حرب أهلية حسب إدعائهم!!!).

2-    لم تتجرع شركات النفط كأس هزيمتها في العراق بيسر، يوم تركته مضطرة، دون أن تحصل على "عقود مشاركة" إذ أحالت حكومة المالكي المشاريع النفطية بموجب "عقود خدمة" في جولات تراخيص علنية وشفافة حفظت مصالح العراق والشركات، علماً أن حكومتي العراق والولايات المتحدة قد عقدتا إتفاقاً ستراتيجياً قائماً على الصداقة والشفافية والإحترام المتبادل والمصالح المشتركة.

3-    قد ترمي الصحيفة ومن تمثلهم إلى مد حلفائهم في العراق، وهم الطغمويون(2) وحلفاؤهم الجدد(3)، بدعم معنوي، عبر ترويج فذلكة "حفيد صدام أشجع الشجعان"، وذلك لمواصلة العمل على الإطاحة بحكومة التحالف الوطني ومريديه من الكتل السياسية المختلفة. أعتقد أن ما نشهده، هذه الأيام، من حراك سياسي مشبوه المقاصد ومتوتر تطغي عليه لغة المهل وسحب الثقة في إجتماعي أربيل والنجف وقريباً في الموصل، هو مظهر من مظاهر الفعل المصلحي غير المشروع الذي يستهدف الديمقراطية العراقية بالصميم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
(1): نشر موقع "عراق القانون" تقريراً بتأريخ 23/5/2012 أقتبس منه ما يلي:
" اختارت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الطفل مصطفى ابن المقبورين قصي صدام حسين كأبرز طفل في القرن العشرين , وذلك بالنظر إلى القدرة التي أبداها في مقاومة قوى الاحتلال الأمريكي أثناء محاصرتهم له في أحد بيوت مدينة الموصل مع والده قصي وعمه  عدي ، حيث قتل الطفل مصطفى 13 جنديا أمريكيا بسلاح قناص ، وقد استطردت الصحيفة بوصف ابن نجل  صدام حسين بأن شجاعته لا يمتلكها إلا قلة نادرة ممن هم في عمره في المرحلة الراهنة، وعلى الرغم من صغر سن مصطفى الذي بلغ حين مقتله 14 عاما إلا أنه قاوم ببسالة حتى النهاية حتى بعد مقتل والده وعمه أمام عينيه خلال المعركة التي استمرت لست ساعات متواصلة واستخدمت فيها قوات الاحتلال الأمريكي الصواريخ المضادة للدروع...."
(2): للإطلاع على مفاهيم: "الطغمويون والنظم الطغموية" و "الطائفية" و "الوطنية"، برجاء مراجعة الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(3): وهم تحديداً: الحزب الديمقراطي الكردستاني والتيار الصدري.


37
إستحالة سحب الثقة أم الإنقلاب العسكري هو المانع يا صدريون؟
محمد ضياء عيسى العقابي

[إتهم عضو كتلة الاحرار النيابية النائب محمد رضا الخفاجي رئيس الوزراء نوري المالكي بـ "محاولة اخذ الرئاسة بقوة السلاح في حال سحب الثقة عنه وخلق فتنة داخلية بين اعضاء الكتل السياسية."] 
ورد هذا الخبر في تقرير نشره موقع "عراق القانون" الإلكتروني بتأريخ 15/5/2012.
مقدماً أقول للسيد النائب الخفاجي وعموم التيار الصدري ما يلي:
-   إذا كانت لديك أدلة لإتهام رئيس الوزراء فإطرحها عسى أن يقتنع بها الجمهور.
-   إتهامك رئيس الوزراء بإستخدام القوة لرفض الإمتثال لقرار برلماني بسحب الثقة منه هو "تطوير" تعيس لأطروحة النائب الصدري الآخر السيد أمير الكناني الذي قال في فضائية الحرة بتأريخ 1/5/2012 بأنه لا توجد آلية لضمان تنفيذ أي قرار أو قانون يصدره مجلس النواب، وكان يجيب على سؤال عن مدى إمتثال رئيس مجلس الوزراء لقرار سحب الثقة بحكومته يصدره مجلس النواب بموافقة التحالف الوطني نفسه وبضمنه إئتلاف دولة القانون. لقد ناقشتُ وفندتُ أطروحة السيد الكناني في مقالي المنشور حالياً بعنوان: "إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار"(1). علماً أن تنويهات السيد الكناني قد فاقت في تجنيها على رئيس الوزراء، أسوأَ الصحف الموالية للإحتكارات النفطية وإسرائيل.
-   صاحب السياسة المستقيمة يتساقط على جانبي خط سيره المتآمرون وذوو النوايا الطغموية(2) الشريرة، فيحسبه الجهلة بأنه مشاغب يتسبب ب" خلق فتنة داخلية بين اعضاء الكتل السياسية". سؤالي لك، يا سيد الخفاجي: إذا كان السيد المالكي يخلق الفتن، فأين وزراء ونواب وممثلو الصدريين في اللجنة القيادية للتحالف الوطني من كل هذا؟ لماذا لم تنتقدوه والنقد أساس التقويم والإصلاح والتطوير؟ وهل أن السلوك المستقيم "يخلق الفتنة الداخلية بين أعضاء الكتل السياسية" أم يخلقها تورط قيادي كبير في الكتلة الفلانية ويشغل منصب نائب رئيس الجمهورية ويعترف أعضاء حمايته على توجيهه إياهم لإقتراف (300) جريمة إرهابية؟
-   إذا صحت الأنباء عن توجه زعيمكم السيد مقتدى الصدر إلى أربيل بتوجيه إيراني لتخريب إتفاق شرير يعقد بين تركيا والسادة البرزاني وعلاوي والنجيفي، فهذا أسلوب تآمري خاطئ. الأسلوب الصحيح لمواجهة التآمرات (وما أكثر ما فات منها وما أكثر ما سيأتي، إلى أن ييأس أعداء الديمقراطية ويعترفوا بسواسية البشر وحقوق الإنسان ويحترموا الديمقراطية) يتجسد بتكاتف القوى الديمقراطية، دينية وعلمانية، وإنتهاج الشفافية وإستكمال البناء الديمقراطي وتمرير القوانين النافعة للشعب وخاصة للفقراء(3) وإحترام الحريات العامة، عندئذ سيتساقط على جانبي هذه المسيرة أي تآمر مهما بلغ من القوة والخبث.
-   آمل من قياديي التيار الصدري ألا يركبهم الغرور ويصدقوا، بجد، بأنهم قد أسروا قلوب الطغمويين بكلمات الإطراء المعسولة؛ وبالبساط الأحمر الذي مدوه للسيد مقتدى.  هذه كلها محاولات كيدية لإستدراجكم لخلق فتنة داخل التحالف الوطني الذي إذا إنفرط عقده تشظى العراق وحلت الكوارث. هذه كلها أحابيل إستشاريي التخريب الذين توفرهم شركات النفط والسعودية وإسرائيل لحلفائهم في الداخل العراقي. فحذارِ حذارِ.
-   كفى الصدريين تخريب وإساءة لطائفتهم الشيعية قبل غيرها بدءاً بإشاعة مفهوم "الحوزة الناطقة" وتشكيل "جيش المهدي" والتحرش  بالمكونات المتآخية منذ قرون في مناطق الجنوب والوسط من مسيحيين وصابئة، وإشاعة المفاهيم "النضالية" السخيفة من قبيل ما صرح به الشيخ عبد الهادي الدراجي، القيادي السابق في التيار الصدري، عام 2005 مفسراً أسباب "مقاومة" الأمريكيين بالقول: "كي لا يقول السنة إن الشيعة جبناء".  إن الطغمويين وقوى أجنبية تراهن على فشل الشيعة في قيادة العملية السياسية والصدريون يوفرون الدليل تلو الآخر لإثبات ذلك. أما إتهام المالكي بتشييع العراق فهو السهم الذي ينتظره التكفيريون والسعوديون والشيخ عرعور للبدأ في معركة الكوفة.
-   السنة وجميع طوائف المجتمع العراقي ليسوا بحاجة لرعاية وحماية السيد مقتدى الصدر أو أي شخص آخر فالكل يرعاهم ويحميهم الدستور والنظام الديمقراطي، فليحترمهما السيد الصدر وفي ذلك خدمة جليلة للناس بأطيافهم.
-   آمل من كل قلبي أن يبتعد قياديو التيار الصدري من الإشارة إلى السيد مقتدى وكأنه إله مقدس، وخاصة عند ظهورهم في وسائل الإعلام وهم أطباء وأساتذة ومهندسون ومحامون. كفى ما ألحقتم بالشيعة من مهازل وخزعبلات يندى لها الجبين.   
وإن كان ما طرحه النائب الخفاجي من باب الرأي والتحليل، فهو مخطئ مائة بالمائة لسببين:
أولاً:  بتقديري، لو طُرح على مجلس النواب الآن مقترح بسحب الثقة من الحكومة فسيكون الإصطفاف كالتالي: التيار الصدري (40 نائباً) وما تبقى من إئتلاف العراقية (60 نائباً تقريباً) وقسم من تحالف الكتل الكردستانية (ربما 20 نائباً) أضف لهم (20) نائباً من هنا وهناك ليصبح المجموع 140 نائباً  والمطلوب (163) نائباً بالأقل لنجاح قرار سحب الثقة. لذا سيفشل المقترح.
ثانياً: وإذا حصل قرار سحب الثقة على أكثر من 163 صوتاً فيعني هذا أن عدداً غير قليل من نواب التحالف الوطني (إضافة إلى النواب الصدريين) صوتوا لصالح سحب الثقة، وهذا إحتمال غير متوقع أبداً بل على العكس أتوقع أن بعض النواب الصدريين سوف يصوتون لصالح المالكي (وهو مرشح التحالف الوطني الذي نجح نجاحاً باهراً وأثبت جدارة عالية ما يوجب على كل حريص دعمه وهناك مسؤولية كبرى في خذلانه) لأن أغلب الديمقراطيين، من إسلاميين وعلمانيين، يدركون أن المعركة بالأساس لا تستهدف المالكي شخصياً بل هي معركة بين التحالف الوطني وشركات النفط وإسرائيل اللتين تسعيان إلى تشتيت أكبر فصيل ديمقراطي وهم الشيعة (لأنهم القوة الوحيدة القادرة على الوقوف بوجههما) ليتسنى لهما السيطرة على النفط وتأجيج حرب مع إيران لضرب منشآتها النووية.
 للأسف، وكما تشير المؤشرات، أغرت شركات النفط زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني بدعم الإنفصال عن العراق وتشكيل دولة كردية مقابل سعي ذلك الحزب إلى تشتيت التحالف الوطني عن طريق ضرب حكومة المالكي وحجب الثقة عنها، لهذا تحالف السيد مسعود مع السيد علاوي ورفاقه، الأعداء الستراتيجيين للقضية الكردية وللفيدرالية والمادة (140) من الدستور، كما صرح البرزاني بأن "شركة أوكسن موبيل تعادل عشرة فرق عسكرية وهي إذا دخلت بلداً فلا تخرج منه" وهو تهديد نفطي مبطن موجه للمالكي، كما أقرأُه.
كحقيقة،  من حق السيد البرزاني أن يبحث عن حلفاء خارجيين وداخليين لمساندة طموحات الشعب الكردي على إقامة دولته القومية، شريطة ألا يسبب ضرراً للغير وخاصة للعراق وشعب العراق الذي تعاطف بأغلبيته مع القضية الكردية على طول الخط. إن التفاهم السياسي للسيد البرزاني مع شركات النفط، والذي تشير كثير من المؤشرات إلى وجوده،  يضر العراق من الجوانب التالية:
1-   يمنح شركة النفط أوكسن موبيل دوراً سياسياً في العراق وقد يمتد إلى المنطقة عبر التحالف التقليدي بين شركات النفط العملاقة وإسرائيل (رأس حربتها في المنطقة) والرجعية العربية وتركيا،
2-   يساهم في توحيد القوى المناوئة للديمقراطية العراقية والمدعومة من الخارج من دول تضيرها هذه الديمقراطية وإستقرار العراق (السعودية تريد إثارة صراع طائفي في المنطقة لإبعاد الإستحقاق الديمقراطي وحقوق الإنسان عن نظامها الشمولي. وتركيا تريد قيادة المنطقة سياسياً والهيمنة عليها إقتصادياً. وإيران أيضاً تريد الهيمنة على العراق. الأردن يريد الإستفادة الإقتصادية من ثروات العراق بعد إستباحته لمعالجة أزمة الإقتصاد الأردني الفاسد والمتهالك).
3-   قد تترتب على كل هذا كوارث إنسانية على أيدي الطغمويين والتكفيريين لا يعلم إلا الله مداها.
ثالثاً: وإذا ما سحبت الثقة من حكومة المالكي، فأنا واثق أنه سيكون سعيداً لتسليم المسؤولية إلى من ينتخبه مجلس النواب وأسخر تماماً من فكرة إعلان العصيان المسلح على البرلمان وعلى تحالفه وإئتلافه وحزبه وعلى جميع الإعتبارات الأخرى للأسباب التالية:
1-    إنه واثق بقدرة الشعب على إحباط أية محاولة لإلحاق أي اذى بالعملية السياسية والنظام الديمقراطي اللذين له الفضل الأكبر في تدعيمهما،
2-    سيضيف إلى رصيده وساماً آخر بكونه يسلم كرسي الحكم بأمر البرلمان سلمياً بعد ست سنوات ونصف وهو على رأس مجلس الوزراء حقق أثنائها منجزات كثيرة وفي غاية الأهمية والخطورة إذ قاد المسيرة بإتجاه صيانة وتعزيز النظام الديمقراطي الفيدرالي وقصم ظهر الإرهاب وإخراج القوات الأجنبية وإستعادة السيادة كاملة ورفع معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي من ربع دولار إلى (300) دولاراً. وسينصفه تأريخ العراق الموصوف بصعوبة المراس منذ العهد السومري.
3-   بتقديري، ينتظر السيد المالكي دورٌ لا يقل خطورة عن منصب رئيس مجلس الوزراء ألا وهو التركيز على ترتيب البيت الداخلي على نطاق حزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون ليرتقي بهما إلى المستوى الحزبي اللائق لقيادة بلد ذي حضارة عريقة ومُثُلٍ عليا وثروة طائلة، وهي عوامل قادرة على أن تُبَوِّء العراق مكانة مرموقة بين الأمم الديمقراطية وتُمَكِّنَه من شق طريق حضاري مبتكر يُحدث نقلة نوعية للمسلمين والعرب يخرجهم من قرون الظلام والتخلف الفكري والمادي والأخلاقي ويحقق مجتمع العدالة الإجتماعية والكفاية والتفتح الفكري والإنضباط الأخلاقي الطوعي.
4-   سوف تستعصي مسألة تشكيل حكومة جديدة بسبب الإختلاف على برنامج عملها إذ سيقتضي الأمر إعلان الإتفاقات السرية وخاصة حول كركوك والمناطق المتنازع عليها بموجب المادة (140) من الدستور (في حالة وجودها وهي ،بتقديري، موجودة وإلا لما حصل الإتفاق على سحب الثقة) وقد تقبل الأطراف بلإعلانها ما تترتب عليها إنتفاضة شعبية متوقعة ضد إئتلاف العراقية؛ أو قد يمانع هذا الإئتلاف من إعلانها وهو أمر لا يرضي السيد مسعود البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني. قد يعود المتصارعون بعد جولات طويلة إلى دعوة المالكي ثانية إلى تشكيل الوزارة.     
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): للإطلاع على المقال "إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار"، برجاء مراجعة الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=16387

(2): للإطلاع على مفاهيم: "الطغمويون والنظم الطغموية" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الرابطين التاليين:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995

(3): كان النواب الصدريون من بين النواب الذين أعاقوا تمرير قرارات لسنتين متتاليتين تسمح للحكومة بتنفيذ قروض مُيسَّرة قدمتها مجموعة دول على رأسها اليابان وكوريا الجنوبية لبناء وتجديد كامل البنى التحتية للعراق من مساكن ومدارس ومحطات كهرباء ومحطات مياه وشبكات صرف صحي وغيرها وذلك خوفاً من إرتفاع شعبية المالكي كما صرحوا هم علانية!!!.

38
إغراء التيار الصدري إلى اللعب بالنار
محمد ضياء عيسى العقابي

أتفهم أن تنبري، في شهر آذار المنصرم، صحيفة يمينية جداً كصحيفة " كَلوب أند ميل" إلى لصق تهمتي الإستبداد والدكتاتورية  برئيس مجلس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي بسبب توجيه القضاء العراقي تهمَ الإرهاب للهاشمي، ومن ثم تدعو إلى "تصحيح الأوضاع في العراق" – أقول أتفهم هذا الموقف  لأن الصحيفة تروج لإسرائيل ولشركات النفط الأنكلو – أمريكية العملاقة (التي تعادل قوة إحداها، وهي شركة أوكسن موبيل، عشرَ فرق عسكرية على حد قول السيد مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس إقليم كردستان).
فهتان الجهتان، شركات النفط وإسرائيل، لهما مصلحة في إزاحة إئتلاف دولة القانون وزعيمه المالكي عن رئاسة الحكومة وتشتيت أطراف وجماهير التحالف الوطني القادر، منفرداً، على الوقوف بوجه أية قوة تنوي الشر للعراق.  كلاهما تريدان حكومة عراقية تعادي إيران، دون مبرر، وربما تفتعل حرباً معها. وكلاهما والسعودية وتركيا وجدوا في العراق من هو مستعد لتبادل المصالح معهم، وتباً للعراق وسيادته ومصالحه.
 وتريد الشركات، فضلاً عن ذلك، الهيمنةَ على نفط العراق وترويج مبدأ "الشراكة في الإنتاج" بدلاً عن أسلوب "عقود الخدمة" وربما تعميم ذلك على المنطقة التي يدخلونها، بترحاب، عبر بوابة كردستان بدعوة من السيد مسعود البرزاني وحزبه الديمقراطي الكردستاني وحكومته ومباركتهم مقابل، كما يبدو، وعد بتحقيق الإستقلال عن العراق تبيَّنَ فيما بعد أنه وعد مؤجل ريثما تتحقق مآرب الشركات وإسرائيل داخل العراق وليس الآن.
[مفارقات الحياة السياسية وصلابة الحكومة العراقية المنتخبة لم تسمحا لهذه الشركات بالهيمنة على النفط العراقي وفرضِ نمط "المشاركة بالإنتاج" أثناء تواجد القوات العسكرية الأمريكية على أرض العراق؛ ولم تسمحا، أيضاً، بزج العراق في سياسة المحاور والإقتتال نيابة عن هذا وذاك دون أن يكون للعراق فيهما ناقة ولا جمل.
لذا عادت هذه الشركات (ومعها إسرائيل بصورة أقل إفتضاحاً)، بعد إنسحاب القوات الأمريكية، إلى إنتهاج الأسلوب التقليدي في تقويض ممانعة الحكومات الوطنية عبر شن حرب باردة ضدها تمهيدا وموازاةً مع جهدها التآمري، للإطاحة بالحكومة، ذلك الجهد الذي راعى وسيراعي الظروف المستجدة في العالم ومنطقة الشرق الأوسط والعراق بالذات ويطور أساليب تآمر مستحدثة تبعاً لتلك المتغيرات مثلما بان من مخطط يوم 25/2/2011 الذي أُحبط.]
نعم، أتفهم كل هذا لكن الصحيفة، والحق يقال، لزمت حدودها في كيل الإتهام لرئيس مجلس الوزراء. علماً أن إتهامها رد عليه بيسر الخبير في شؤون الشرق الأوسط السيد دوكَلاس أوليفنت الذي قال لفضائية الحرة: لمجرد أن المالكي سيواجه الإستحقاق الإنتخابي فهو غير قادر على أن يكون دكتاتوراً أو مستبداً.   
لكنني غير قادر على إستيعاب أن يلصق القيادي في التيار الصدري النائب الدكتور أمير الكناني  أتعس وأخطر من تلك التهم التي ساقتها الصحيفة المذكورة، برئيس مجلس الوزراء المالكي وذلك في برنامج "بالعراقي" في قناة الحرة الفضائية بتأريخ 1/5/2012.
أجاب الدكتور الكناني على آخر سؤال في الحلقة موجه إليه خصيصاً وفي آخر لحظات البرنامج (ليس عن غير قصد خبيث إعتادت عليه فضائية الحرة. فهذه الفضائية المقتدرة تتبع مجلس الشيوخ الأمريكي لكنها ليست بعيدة عن تأثيرات مصالح شركات النفط لأنها تعتبر مصالح وطنية هامة للبلد). كان السؤال: "لو فرضنا أن مجلس النواب سحب الثقة من المالكي بموافقة التحالف الوطني فهل سيسلَّم المالكي رئاسة الوزارة ويخرج؟". كان جواب الكناني هو الأغرب والأكثر رقاعة والأبعد عن الواقع البيِّن إذ قال: "لا توجد آليات لتنفيذ قرار مجلس النواب" وأوردَ مثلاً للتدليل على رأيه بعدم تنفيذ الحكومة لقرار أو قانون يخص الرواتب التقاعدية لشريحة من شرائح المجتمع.
يبرز هنا أمران:
أولاً: لماذا القبول بالتعامل الجاد مع هذا السؤال أصلاً من جانب السيد الكناني؟ السؤال كيدي وإيحائي وليس له أي نصيب من الواقعية، بيقيني.  كانت اللياقة تقتضي من الكناني رفض هكذا سؤال مهين، ورفضَ هكذا إحتمال يُنسب إلى مرشح التحالف الذي ينتمي إليه الكناني وتنظيمُه؟  أليس هو طعن بأخلاقية مجموع قياديي وقواعد التحالف الوطني بضمنهم الصدريون بل هو طعن بأخلاقية الشيعة ومرجعياتهم الدينية ورموزهم التأريخية قبل أن يكون طعناً بشخص رئيس مجلس الوزراء؟
 أما يدل موقف الكناني على أن التيار الصدري ناصبِ ويناصب المالكي العداء لأهداف لا تتعلق بمصالح الشعب العراقي، حتى سحبته إيران صاغراً من أذنيه ليصوت لصالح السيد المالكي لتشكيل الوزارة الحالية رغم مقت إيران له ولكن التهديدات الإسرائيلية دفعتها، إيران، إلى قطع الطريق على حلفاء  شركات النفط وإسرائيل والسعودية وتركيا الذين يريدون ضرب منشآتها النووية عبر العراق، وذلك عن طريق دعم المالكي، الوطني الديمقراطي القوي المستقل العنيد، ولو على مضض؟
إن ما بدر من المالكي من سلوك وتصرفات عبر السنين، وهو متحمل عبئ المسؤولية الثقيل لدورتين برلمانيتين، كان أرقى من أخلاق بهاء الأعرجي والكناني بما لا يقاس، وهما الأشد تجريحاً وتطاولاً على الرجل لأنه وضع حداً للخارجين على القانون في البصرة وبغداد وغيرهما.
ثانياً: إذا نسينا الرادع الأخلاقي،  هل، حقاً، أن حال النظام الديمقراطي العراقي بائس وخالٍ من الآليات الديمقراطية لهذا الحد بحيث يستطيع شخص طَرَدَهُ البرلمانُ وحزبُه أن يتشبث بكرسي الحكم ويرفض تسليمه لمن ينتخبه مجلس النواب بديلاً عنه، ويضرب بعرض الحائط جميع العهود والموائيق والإلتزامات؟
هذا إحتمال بعيد جداً عن الواقع ولا يستطيع تخيّلَ حصوله إلا الجهلة والمتفننون البارعون القادرون على جعل الوهم قريباً من التصديق.
يستطيع الإجماع النيابي المفترض زج الجماهير إلى الشارع وهي العامل الأول الذي حقق السيادة للعراق سلمياً ضد أقوى دولة في العالم؟  فما بالكم والخصم شخص واحد لا يملك بين يديه سوى قوات ولاء أغلبها للشرعية الديمقراطية وولاء بعضها لغير الشرعية ومعادية لها وللمالكي فهي ملغومة متنوعة الولاءات بفضل "المصالحة" على الطريقة الأمريكية – العلاوية الطغموية(1) التي فُرضت على العراق وما يزال يعاني  منها بدماء أبناءه؟
كيف يتمرد والعراق مازال تحت طائلة البند السابع وأمواله تحميها الولايات المتحدة مشكورة من ملاحقات العالم بأجمعه تقريباً !!!؟
وإذا إفترضنا صحة المثل الذي ساقه الكناني بشأن زيادة مرتبات التقاعد فهناك ملاحظتان:
 الأولى: كيف يضع الكناني على صعيد واحد مسألتين مختلفتي الأهمية كإختلاف الأرض عن السماء والنهار عن الليل، وهما تعديل الرواتب التقاعدية لشريحة معينة، وإلغاء نظام دولة بأكمله؟
الثانية: أليس الملام الثاني في عدم تطبيق قرار مجلس النواب بشأن تعديل الرواتب التقاعدية لشريحة معينة (إذا إفترضنا صحة إدعاء السيد الكناني) هو مجلس النواب نفسه؟ أين دور الكناني وكتلة "أحرار" من ملاحقة هذا الموضوع وغيره في مجلس النواب، إذا إفترضنا أن الآخرين متقاعسون؟ كيف يغفل الكناني ورفاقه عدم إكتراث رئيس مجلس النواب بهذا الشأن؟ ولماذا لم يكترث رئيس مجلس النواب لهذا الأمر بينما جاب الدنيا مؤلباً على العراق بحجة تهميش السنة  دون حسيب أو رقيب من جانب مجلس النواب؟
أعود إلى آلية تنفيذ القرارات فأسأل: لماذا تناسى الدكتور الكناني  وجود المرجعية في النجف وثقلها في المجتمع العراقي وإحترام رئيس الوزراء والتحالف الوطني وإئتلاف دولة القانون وحزب الدعوة لها ولكلمتها ؟ فكيف يتخيل الكناني أن رئيس الوزراء سوف يتحدى قرار مجلس النواب بوجود المرجعية؟
من جهة آخرى وكآلية تضاف إلى عشرات الآليات التي تضمن الإمتثال لقرارات مجلس النواب، خارج التعويل على الرادع الأخلاقي، أسأل: مع من سيجتمع رئيس مجلس الوزراء إذا إنسحب كافة الوزراء بضمنهم وزراء حزبه من الوزارة حسب الإفتراض الذي ساقه ممثل فضائية الحرة وقَبِلَه السيد الكناني؟
أخيراً، بطل عجبي بعد أيام من إنطلاق مدافع السيد أمير الكناني إذ إنطلقت الصواريخ الأثقل للسيد مقتدى الصدر وهو يتهم رئيس مجلس الوزراء بتشييع العراق وكأن أحداً أراده أن يشد من عزم الإرهابيين ويمدهم بزاد شرعي بعد أن هُزموا فكرياً قبل أن يُقصم ظهرهم ميدانياً.
لكن من يريد تكرار سيناريو ما قبل تشكيل الوزارة الحالية عند تشكيل الوزارة القادمة سيُصاب بخيبة أمل لأن تزوير نتائج الإنتخابات سيجتث كما أن الجماهير قد مالت نحو القوى الديمقراطية الوطنية الحقيقية إثر حركة إعادة الإصطفافات التي حصلت.
إن الإغراءات الكاذبة التي يلوح بها المنافقون، في الداخل والخارج، إلى الصدريين يمكن أن تترتب عليها نتائج خطيرة جداً أقلها الإبادة الجماعية.
فلا تكرروا تجربة يوم 8 شباط 1963 الأسود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-   للإطلاع على مفاهيم "الطغمويون والنظم الطغموية" و "الطائفية" و "الوطنية" برجاء مراجعة الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181


39
حماة حضارة العراق بلا تحضّر!!!
محمد ضياء عيسى العقابي
" ... وهم في واقعهم , جهلة اميون , شهاداتهم في معظمها لا تتعدى قراءة الكف , والكشف عن المستقبل كما يفعل المشعوذون حصلوا عليها من حوزة قم الايرانية لقاء وعدٍ بخدمة ولاية الفقيه وتنفيذ اجندات الاعسم في ايران."  *
قرأتُ هذه السطور للكاتب المحترم وأدركتُ كم نحن، معشر الشيوعيين والماركسيين واليساريين، بلهاء وبائسون ومفلسون بحيث يتغلب علينا هؤلاء المشعوذون الذين لا يجيدون سوى قراءة الكف، في ثلاثة إنتخابات عامة، ونحن أصحاب أرقى نظرية توصل إليها الفكر البشري.
ولكن مهلاً..ألم تكن الإنتخابات مزورة وغير نزيهة بحكم الضرورة لكون الحكومة وردتنا من حوزة قم الإيرانية كما لاحظ بذكاء وحنكة كاتبنا المحترم؟
فرحتُ لأنني إكتشفتُ أننا لسنا بلهاء.
ولكن سرعان ما تلقيتُ صفعة طيّرت النشوة من خيالي إذ سمعتُ صوتاً في السحر ينادي:
ألم تكتفِ، يا هذا، بإفلاسك ورحتَ تصطنعُ الأكاذيب لخداع نفسك والضحك عليها؟ ألم يحضر الإنتخابات قرابة نصف مليون مراقب محلي وأجنبي وشهدتْ بنزاهتها الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والهند واليابان وروسيا والصين؟
لم أستسلم فصحتُ: من هذا الشعب الذي ينتخب المشعوذين، يا رعاع؟
أتاني الصوت ثانية: ربحَ المشعوذون لأنك خصمُهم، فطوبى لهم!!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
•   هذه عبارة مقتبسة من مقال  تناولتُه كحالة تبين بؤس بعض من يعتقد نفسه مثقفاً وحضارياً. واضح ، إن الكاتب وظّف قضية هامة لأغراض دعائية سياسية. إنني من المتابعين لحال الآثار العراقية عبر التغطية الجيدة التي قامت بها فضائيتا "الحرة - عراق" و "العراقية"، ولم أجد الحال كما وصفه كاتب المقال.
•   الكاتب هو المدعو السيد خليل الفخري (الناصرية). وعنوان المقال: "أيها الجهلة والأميون ! أعيدوا للعراق وجهه الحضاري". منشور في موقع الحوار المتمدن بتأريخ 10/5/2010
العبارة المقتبسة هي أقل عبارات المقال بذاءة. فهناك عبارات أشد من قبيل:
-   "فما بال اذن حكام بغداد اليوم ينافسون التتار في ثقافتهم ومعرفتهم ويتبارون معهم في نهج التخلف والهمجية , فيأتون على ما تبقى من حضارة فوق الارض وتحتها"
-   "لم يكتفِ جهلة العراق بهذا بل تركوا للسراق واللصوص وتجار الآثار والمرتبطين برموز في السلطة حرية التصرف بالآثار والحفر والسرقة"
-   "وزراؤنا اسماء ويافطات ليس غير وفي وزاراتهم خراف وامعات . ان البصاق في وجوهكم ايها السادة قليل لا يكفي"
-   "ان قادة ومسؤولين كأصنامنا لا ينفع فيهم حتى ما جاء على لسان احد الشعراء :
قوم اذا صَفَعَ النعالُ وجوههم ... شكا النعالُ بأيّ ذنبٍ أُصفعُ"

للإطلاع على المقال برجاء مراجعة الرابط التالي:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=306966


40

ملاحظات حول تصريحات السيد مقتدى الصدر
محمد ضياء عيسى العقابي

قد أكون مخطئاً، لكنني أعتقد أن كلام السيد مقتدى الصدر بشأن لقاء أربيل الأخير المنشور في الصحف يوم 5/5/2012 سيعود، عليه وعلى تياره، بردود أفعال غاضبة من لدن الجماهير الديمقراطية الشيعية ويضرب شعبية التيار الصدري بالصميم؛ لأن الكلام مهين ومفعم بالتجني على حقائق الحياة وعلى دماء عشرات الآلاف من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل تثبيت أسس الديمقراطية في العراق في حين حرمهم الأمريكيون من الحماية الأمنية وتركوهم لقمة سائغة لهجمات الطغمويين(1) والتكفيريين الإرهابية المميتة لأجل تشويه الديمقراطية وجعلها تصب في خدمة شركات النفط ولأجل جعل العراق ساحة معادية لإيران دون مبرر سوى توفير الأمن لإسرائيل التي تستطيع توفير أمنها بيسر إذا ما إحترمت مقررات الشرعية الدولية بحق الشعب العربي الفلسطيني الذي شردته والذي تنازل لها حتى عن حدود بلاده التأريخية فرضيَ بحدود عام 1967  وتنازل عن الأرض التي إغتصبتها إسرائيل بحربها التي ألحقت بنا، نحن العرب، شر هزيمة، ومع هذا فلم تكتفِ بما حصلت عليه.
المعركة الآن مزدوجة فهي معركة "النفط" وتحديداً محاولة الشركات العودة للعراق عبر شباك كردستان بعد الخروج من بوابة العراق خالية الوفاض ومن ثم محاولة الهيمنة على نفطه بفرض صيغة "عقود مشاركة"؛ كما هي معركة السعي لزج العراق في حرب ضد إيران لتدمير مفاعلاتها النووية الأمر الذي لا يعني العراق من قريب أو بعيد فلا يتوجب أن يُحشر في الصراع بتاتاً.
هذا رغم أن إيران، بتقديري، هي التي بعثت السيد مقتدى إلى كردستان لتعكير الأجواء أمام إئتلاف دولة القانون والسيد المالكي "العنيد في وطنيته وإستقلاله" و الذي أصبح ذا خبرة نادرة في ظروف العراق، وصولاً إلى محاولة ترشيح أحد الصدريين لرئاسة الوزارة ليكون ألعوبة بيد إيران وغير إيران، أو لمجرد محاولة إبعاد السيد المالكي ولو  بالإتيان بمرشح من إئتلاف دولة القانون لكنه حديث الخبرة يسهل على إيران إحتوائه حسب تقديراتها هي.
من هذا جاء تأكيد السادة مقتدى وبهاء الأعرجي وأمير الكناني على مسألة إمهال المالكي مدة (15) يوماً "للإذعان" وإلا فالثقة ستسحب منه. إنه كلام أريدت منه الإهانة، قبل أي شيء، لكنها إرتدت عليهم بأضعافها كما يبدو، إذ أصبحوا هم "وجه الكباحة" بعد أن تهرب مهندسو الإنذار منه خوفاً من غضب الجماهير.
لا أريد، الآن، أن أتوسع في مناقشة تصريحات السيد الصدر بل سوف أركز على قضية واحدة فقط في غاية الخطورة ألا وهي إتهامه رئيس الوزراء بالعمل على تشييع البلاد.
أشخصُ في هذا الصدد القضايا التالية:
أولاً: إلتباس موضوعين على السيد الصدر وعلى أتباعه:
1. الخلط بين التشييع (وبعض العلمانيين يسمونه الإستئثار السياسي أو الهيمنة السياسية أو التسلط السياسي لطائفة) وبين إنطلاق الثقافة الشعبية التي كبتتها النظم الطغموية بهذا القدر أو ذاك لصالح الثقافة الطغموية التي كانت تمجد الحاكم الطغموي وتبرر إستلابه السلطة من الشعب وتبرر سياساته القمعية الطائفية(1) والعنصرية والرجعية؛ علماً أن ممارسة مفردات الثقافة الشعبية بتقاليدها وطقوسها هي حق كفلته الوثيقة العالمية لحقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948 مادامت تُمارس بملئ إرادة ممارسيها، ومادامت مسالمة غير إعتدائية .
2. نسيان أو تناسي أصل مسألة ما يُسمّى إفتقاد التوازن الطائفي في الحقل الوظيفي.  وبهذا الصدد أطرح الملاحظات التالية:
a.   في بداية تأسيس النظام الديمقراطي لم يصدق كثيرون من أنصار العهد البعثي الطغموي إمكانية النظام الجديد على البقاء على قيد الحياة طويلاً خاصة وأن الآمال كانت عالية جداً بما تُسمى "المقاومة" التي ظل الدكتور صالح المطلك، على سبيل المثال، مؤمناً بها وبقدراتها على قتل الديمقراطية الوليدة حتى نهاية عام 2008 عندما عقدت حكومة المالكي معاهدة الإطار الستراتيجي مع الأمريكيين إذ عزى المطلك تحديد موعد إنسحاب القوات الأمريكية في نهاية عام 2011 إلى جهد تلك "المقاومة" التي كانت إرهاباً بحتاً موجهاً ضد العراقيين في واقع الحال.
من هذا عزف الكثيرون عن أخذ مسألة إشغال الوظائف خاصة العليا بقدر من الجدية بل أنفوا من التقدم إليها؛ وربما إنشغل البعض منهم في تعزيز جهد "المقاومة". إضافة إلى هذا، أعتقد أن البعض أبى أن يساهم في إعادة بناء الدولة العراقية الجديدة على أسس ديمقراطية خاصة وأن خط تخريب العملية السياسية من داخلها وإعاقة البناء وعرقلة الإنماء الإقتصادي، مازال غير متبلور إذ كان التعويل، كما ذكرتُ، مركزاً على المقاومة الإرهابية ورفض ما عداها. أما الآن وقد صمد النظام الديمقراطي الجديد وقُصم ظهر الإرهاب الطغموي التكفيري المجرم راحوا يضعون العصي في دواليب العربة.

b. تجاوزاً للصعوبات التي إكتنفت مسألة تشكيل هيئات متخصصة كمجلس الخدمة في بداية عام 2006 حيث وُلد أول برلمان تم إنتخابه في 31/12/2005 بموجب الدستور الذي أقره الشعب في 15/10/2005، لذا إقترحت حكومة المالكي تشكيل لجان موازنة في دوائر الدولة غير أن السيد أياد علاوي، زعيم القائمة العراقية آنذاك، رفض المقترح بدعوى كونه "طائفياً معيباً"(2). ثم عاد بعد إنتخابات 7/3/2010 وصار يطالب بالتوازن الطائفي البحت أي الأخذ بالمحاصصة لأجل المحاصصة بغض النظر عن مدى ملائمة المسؤول للموقع الذي يشغله حالياً وبغض النظر عن الإرباك الذي سيسببه التغيير غير المبرر في مسيرة الدولة الفتية التي مازالت هشة التركيب. المهم عنده هو التبديل الطائفي أو، بالأحرى، الإرباك الطائفي بحجة التوازن وهو المنادي، إدعاءاً، بالوطنية قبل الطائفية. لقد أدخل طلبه المؤجج للطائفية المنحسرة، ولو بخطى متثاقلة، في وثيقة إتفاقات أربيل ولم يرَ فيه أمراً طائفياً معيباً ومربكاً للدولة الفتية إذ أراد إعادة النظر بكل مناصب الدولة ومع هذا إستجاب التحالف الوطني له وتم تشكيل لجنة فيها السيد صالح المطلك نفسه إلا أنها توقفت بسبب عدم جديتهم. إنهم لا يريدون حل المشاكل بل إبقائها بهدف التشويش وإثارة الإرباك لتعطيل مسيرة البناء والإعمار. كان بالإمكان المطالبة بإستبدال المسؤول غير الكفوء وحسب، على أن يُصار إلى مراعاة التوازن الطائفي مع مسيرة العمل وحركة المسؤولين الطبيعية، هذا إذا كان إئتلاف العراقية مؤمناً حقاً بما يدعيه من تجاوزه للمسألة الطائفية ما يلزمه التمسك بمبدأ "وضع الشخص المناسب في المكان المناسب" بغض النظر عن طائفته وما يسمى بالتوازن الطائفي. لو أرادوا حقاً حل مسألة الوزارات الأمنية فلماذا لم يوافقوا على تعيين الدكتور سعدون الدليمي وزيراً للدفاع وهو رجل أثبت كفاءته ونزاهته في وزارة الدكتور الجعفري وهو من إئتلاف العراقية؟ لماذا سحبوا ترشيح السيد خالد العبيدي كوزير للدفاع بعد أن تمت موافقة التحالفين الوطني والكردستاني عليه؟

c. لغطَ بعض قياديي إئتلاف العراقية حول إدارة الدولة بالوكالات. كان عليهم أن يلوموا أنفسهم قبل إنتقاد الغير. إنهم يعرقلون الأمور إذا لن ينصاع الآخرون لمطالبهم. بهذا وضعوا المالكي بين خيارين: ترك الدولة بلا مسؤولين بحجة عدم التوافق عليهم، أي تعطيل الدولة والتسبب بإنهيارها (وهذا ما أرادوه، حسب تقديري)؛ أو تسييرها بتعيين وكلاء حسبما يسمح الدستور. لقد إختار السيد المالكي المسار الصحيح لإستكمال بناء الدولة ريثما يثوب الآخرون إلى رشدهم ووطنيتهم ويكفوا عن التخريب. ولو لم تكن إختياراته صائبة لما إستطاع قصم ظهر الإرهاب وتحقيق خروج القوات الأجنبية وإستعادة السيادة كاملة غير منقوصة والحفاظ على ثروات البلاد النفطية وزيادة معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي إلى (300) دولاراً بعد أن كان ربع دولار وإرتفاع الطلب التقديري على الطاقة الكهربائية من (5) آلاف ميكاواط إلى (17.5) ألف ميكاواط. 

ثانياً: المسألة في العراق ليست مسألة سنة وشيعة. هي قضية "ديمقراطيون ولاديمقرطيون" وكل جانب يضم نسبة من جميع أطياف الشعب العراقي. اللاديمقراطيون، وهم الطغمويون  والتكفيريون، أرادوا ومازالوا يسعون إلى إستعادة سلطتهم الطغموية المفقودة بطريقة أو أخرى: عنفية أو تخريبية ناعمة كما نشهد اليوم. ولقاء أربيل يشكل حلقة في هذا المسلسل التخريبي.   والإصرار على إستعادة السلطة الطغموية المفقودة هي أس وجوهر الأزمة العراقية وليس فرض التشيع كما إدعى السيد مقتدى,
 
ثالثاً: العراق يُحكم بدستور ديمقراطي إشترك الجميع في صياغته وصوت عليه الشعب؛ فليبين السيد الصدر البنود التي تنتصر للشيعة دون غيرهم. من أهم القضايا الخلافية في الدستور كانت الفيدرالية والأقاليم، إذ إعتبرها إئتلاف العراقية مدعاة لتقسيم العراق. إنتهت هذه المشكلة فمعارضو الأمس أصبحوا اليوم أشد المؤيدين، لأن مصلحة النظام السعودي إقتضت ذلك. فذاك النظام يريد أن يُبعد عن نفسه الإستحقاق الديمقراطي وحقوق الإنسان اللذين يطالبه بهما شعبه والعولمة. لذا فهو يلجأ إلى إثارة صراع سني – شيعي على نطاق المنطقة لخلط الأوراق والتملص من الإستحقاق الرامي إلى إنهاء النظام الشمولي. لقد وعدنا الشيخ عرعور ببدء معركة الكوفة بعد الإنتهاء من معركة سوريا.

رابعاً: من التداعيات الخطيرة جداً لإتهام السيد الصدر للمالكي بمحاولة تشييع العراق هي مسألة توفير الحجة للإرهابيين وخاصة للتكفيريين منهم الذين لم يطيقوا وجود الشيعة أصلاً على وجه هذه الأرض بحجة كونهم خارجين على الإسلام. فكيف سيكون إرهابهم وتصميمهم على الإفناء إذا ما وفر لهم شخص من آل الصدر الحجة المثيرة التي تستحق الجهاد لنجدة إخوتهم السنة الذين يُكرهون على التشيّع بشهادة زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر؟
إذا كان الشيخ عرعور تنقصه الحجة لشن غزوة الكوفة فها هو السيد مقتدى يهديه الحجة مجاناً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : للإطلاع على مفاهيم: "الطغمويون والنظام الطغموي" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع الرابط التالي رجاءاً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
(2) : أقتطف ما يلي من مقال لي بعنوان "علاوي والباجه جي والإئتلاف والطائفية" (الحلقة 1/2) المنشور في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 11/3/2007:
"طالب السيد أياد علاوي قبل أسبوعين بإلغاء لجنة تختص بمراعاة التوازن الطائفي في الوظائف. تبدو الدعوة، لأول وهلة، معقولة ومن شأنها أن تزيح عنوانا للجنة توحي بالطائفية. لأهمية الموضوع سأطيل فيه مع المعذرة.
لدى التعمق في هذا الموضوع، لا أشاطر الدكتور أياد علاوي الرأي. ما حصل في الواقع الفعلي أن الطغمويين البعثيين سيطروا إبان حكمهم على الوظائف الحكومية وخاصة المفصلية والهامة منها، مقصين جماهير واسعة عنها بوسائل مختلفة تراوحت بين الإنزواء وبين الدفن في قبر جماعي مرورا بالضغوط للإنخراط في صفوف حزب البعث دون قناعة والمضايقات وتوجيه الإهانات والفصل والإبعاد والسجن والتعذيب والتهجير وغيرها من الأساليب المعروفة للعراقيين جيدا. أصبح متوقعا، إذن، أن يعمد الوضع الجديد إلى تصحيح الأوضاع وإنصاف المفصولين وإزالة الإقصاء عن شباب الجيل الجديد. هنا إستغل الطغمويون ، الذين لا يتوانون لحظة واحدة عن إثارة المشاكل والنعرات وإفتعالها أنى وأينما تسنى لهم ذلك لعرقلة المسيرة الديمقراطية، هذا المسعى البرئ وشوهوا مقاصده، خاصة وأنه ترافق بالضرورة مع إنزال عقوبات إدارية بأشخاص أساءوا أثناء حكمهم......"


41
المتشبثون بالقشة في قضية الهاشمي
محمد ضياء عيسى العقابي
قالوا ويقولون إن قضية الهاشمي سُيِّست. 
فهم، إذاً، ضد تسييس القضاء والأهم ضد تسييس القضايا التي يتناولها القضاء.
غير أن هيئة محامي الدفاع عن الهاشمي لم تطرح أي شيء يشير إلى إختلاق القضايا التي إتُهم بها الهاشمي، وبالتالي لم تطرح الهيئة إقتضاءَ تبرئته لعدم وجود تهم ضده أصلاً.
على العكس فقد نهجت هيئة الدفاع نهجاً مختلفاً تماماً إذ راحت تتمسك بخيوط واهية مفادها أن الهاشمي يجب ألا يحاكم سواءاً إقترف جرماً أو لم يقترف بدعوى أنه يشغل منصباً رفيعاً في الدولة. والأنكى إنهم إخترعوا له حصانة غير موجودة دستورياً حسبما أفاد خبراء القانون.
إن التعويل على شكليات يمكن النفاذ منها لتبرئة مجرم ما، يمكن أن يتفهمه الجمهور لو تعلق الأمر بمجرم عادي لا يشغل منصباً قيادياً في الدولة، أية دولة.
أما وأن الأمر يتعلق بنائب  لرئيس الجمهورية،  فمنطق التعويل هذا  يجب أن يُرفض بشدة خاصة من قبل الهاشمي نفسه وهيئة دفاعه وإئتلاف العراقية التي طالما تغنت بالطهارة واالعفاف ما يدفع المواطن إلى الظن بأن هؤلاء الناس لا يهدأ لهم بال حتى يزيلوا عن أنفسهم أية بقعة داكنة مهما تضائل صغرها.
لكن التعويل على الشكليات لم يُرفَض بل تمسك به السيد حيدر الملا، المتحدث الرسمي بإسم إئتلاف العراقية، تمسكاً شديداً بأعتى من هيئة الدفاع ذاتها، رغم أن إثبات الطهارة والعفاف مطلوب بألف ضعف من جانب مكونات ما تبقى من إئتلاف العراقية لأنهم الأقرب إلى الإرهاب بالمشاركة أو بالرعاية والتستر في نظر غالبية الجمهور العراقي التي لم تستمد نظرتها من تعصب أو فراغ.
بوركت الحكومة العراقية التي أظهرت الجد والحزم اللازمين لفرض سيادة الدستور والتأسيس لإعلاء هيبة القانون، إذ ما عاد هناك من مبرر للتهاون حيالهما بعد إسترداد السيادة الكاملة وبعد أن أجمعت كل الأطراف، صدقاً أو نفاقاً، على وجوب السير قدماً لإستكمال البناء الديمقراطي للعراق الجديد. 
     


42
تعقيب على مقال:"نوري المالكي وعبد الكريم قاسم بين زمنين"(1)
محمد ضياء عيسى العقابي
يتشابه الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم والسيد نوري المالكي في الروح الوطنية التي يمتلكانها والحب الحقيقي للناس وخاصة الفقراء منهم.
كلاهما ناضل على طريقته الخاصة: فعبد الكريم قاسم، وهو عسكري، نظم حركة الضباط الأحرار وقادها إلى النصر صبيحة 14 تموز عام 1958. أما المالكي فقد ناضل ضمن حزب الدعوة الإسلامية نضالاً سياسياً مباشراً وقد فقد عدداً من أهله وذويه.
أيدت كليهما الجماهير الشعبية، بينما واجه كلاهما الطغمويين(2) الذين فقدوا سلطتهم لكنهم كانوا في موقع أقوى في عهد عبد الكريم قاسم لأنهم كانوا يحظون بدعم عقيدة الجيش العسكرية آنذاك وبدعم معظم ضباطه، بينما حُل هذا الجيش وجميع التشكيلات الأمنية والعسكرية بعد 2003 وهي خطوة لم يكن بالإمكان بناء ديمقراطية بدونها، وما كنتُ أصدق نيةَ الأمريكيين في المساعدة الجادة على تأسيس نظام ديمقراطي لولا إتخاذ تلك الخطوة الحاسمة (التي ندموا عليها لاحقاً، بتقديري، عندما أضرت بمصالحهم وسارت الأمور بما لم يشتهوه ولم يتوقعوه).
لعب الطغمويون في كلتا الحاتين نفس الدور التخريبي المتآمر المربك للأوضاع العامة لأن الديمقراطية تضر بمصالحهم الطبقية.
كان الغرب وعلى رأسه أمريكا ضد ثورة 14 تموز حتى، بدعمهم، أطاح بها مَنْ جاء بقطارهم يوم 8 شباط 1963 الأسود(3). بينما أطاحت أمريكا بالنظام البعثي الطغموي في 9/4/2003 لأهدافها الخاصة وإمتنع العراقيون عن الدفاع عن النظام البعثي الطغموي الذي بلغ من الجبروت، بسبب إجرامه اللامتناهي وهيمنته على أموال النفط، حتى أصبح غير قادر على الإطاحة به إلا الله أو أمريكا. لكن العراقيين بقيادة المرجعية الدينية في النجف والإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني جيَّروا التغيير لصالح الشعب العراقي بالتمام والكمال .
كانت دول الجوار في كلتا الحالتين ضد النظامين الجديدين. وكان الإتحاد السوفييتي والمعسكر الإشتراكي إلى جانب ثورة 14 تموز.
أهم فارق بين الشخصين هو أن نوري المالكي منتخب ديمقراطياً في إطار نظام حقق خطوات هامة على طريق الديمقراطية التي ترقى إلى المعايير الدولية وهي ديمقراطية واعدة، بينما إستند الشهيد عبد الكريم قاسم إلى ما كان يطلق عليها في تلك الحقبة ب "الشرعية الثورية" لأن النظم الدكتاتورية في العالم آنذاك لم تكن تعطي الشعوب حرية إختيار الحكام ديمقراطياً لذا كان لابد من اللجوء إلى الثورة أو الإنقلاب العسكري الذي تحول إلى ثورة في بعض الحالات.
في الحقيقة حدد الزعيم عبد الكريم قاسم تأريخاً معيناً للإنتخابات ولكن مؤامرات الطغمويين المتوالية جعلت تنفيذ ذلك في غاية الصعوبة والخطورة.
بنفس التكتيك يحاول طغمويو اليوم ، ومنهم معظم أطراف إئتلاف العراقية بقيادة الدكتور أياد علاوي، ومن يلف لفه، تخريبَ العملية السياسية من داخلها بعد أن فشلوا في تخريبها عبر الإرهاب الأسود.
في الوقت الذي جاء فيه النظام الديمقراطي في العراق ليبقى لأنه النظام الوحيد الملائم لحكمه بفسيفسائه وأطيافه أو مواجهة التقسيم في حالة فشله، فإن ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، رغم أهميتها والحاجة الموضوعية لها والدعم الجماهيري الهائل بظهرها فإنها، من وجهة نظري المستندة إلى دراسة أحداث العراق منذ تأسيسه إلى يومنا هذا(4)، كانت محكوماً عليها بالفشل والسقوط   بأيدي الجيش الطغموي والطغمويين ودعم الغرب لهما بقيادة أمريكا ودعم الدول الإقليمية والمحيطة، في حين كانت الحرب الباردة ومحاربة أي نَفَسٍ وطني وديمقراطي وتقدمي على أشدها، وذلك لأن الجيش، وهو أقوى قوة منظمة ضاربة في المجتمع العراقي، كان مشبعاً بالروح الطغموية الطائفية(2) التي لم تتصدَ لها الحركة الوطنية والتقدمية منذ تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي خوفاً من إستغلال التصدي، من قبل البريطانيين الذين كانوا يدعمون النظام الملكي الطغموي ويتبعون سياسة "فرق تسد".
لذا ترتب على هذه الحتمية حصول إنقلاب 8 شباط 1963 الأسود وما تلاه من تداعيات في تشرين 1963 وإنقلاب البعث الثاني في تموز 1968 حتى بلغ الوضع غاية السوء والتخلف قلما وجدنا نظيراً له في العالم، فإنتهج البعث الطغموي سياسة واعية مبرمجة وممنهجة جوهرها التطهير الطائفي والعرقي والإبادة الجماعية والتهجير الجماعي الخارجي والداخلي والمقابر الجماعية والتدمير البيئي والجرائم ضد الإنسانية.
 يشير السيد العبيدي إلى أن البعض يعزو نجاح الإنقلاب على ثورة 14 تموز إلى عدم تشريع دستور دائم للبلاد. لا أرى صحة في هذا التبرير. كما لا أرى صحة في تبرير آخر طرحه التقدميون،  في حينه دعا إلى تطهير جهاز الدولة، وهو إجراء هام جداً ولكن البلاوي تكمن فيه. إذ أرى الآن (أتحدث كحكيم ما بعد الأحداث!) أنه لو أقدم الشهيد قاسم على هذه الخطوة الثانية، أي التطهير، وهي ممهِدة للخطوة الأولى، أي تشريع دستور دائم، لجُنَّ جنون الجيش الطغموي والطغمويين ومؤازريهم في الخارج ولعجَّلوا بالإنقلاب. إن مجرد فتح باب القبول جزئياً في الكلية العسكرية لأطياف الشعب العراقي المتنوعة وخاصة الشيعة أقام الدنيا ولم يقعدها.  لم تنقطع الصحف البريطانية في حينها عن التحريض في إطار الحرب الباردة على العراق فطالما كانت تشير إلى عودة الزعيم الكردي والوطني الملا مصطفى البرزاني  من منفاه في الإتحاد السوفييتي واصفة إياه بكونه "جنرالاً في الجيش الأحمر السوفييتي". فلنتصور، إذاً، مدى الحساسية لو جرى المساس بالأجهزة العسكرية والأمنية والإدارية التي أسسها البريطانيون إبان العهد الملكي الطغموي.
لهذا السبب نلحظ أن النواح والتباكي على الجيش السابق جارٍ لحد هذا اليوم لذرائع هزيلة. ولهذا كان الطغمويون ضد الفيدرالية والأقاليم على أمل عودة الجيش السابق في ظل نظام شديد المركزية ليتمكن من القيام بدوره المعهود وهو الإنقلاب العسكري وإبتلاع الديمقراطية والديمقراطيين والفيدرالية. ولم يتحول الطغمويون إلى المطالبة بالأقاليم إلا بعد أن إبتعدت تماماً إمكانية القيام بإنقلاب عسكري بعد أن توزعت السلطة على 19 حكومة في العراق (= الفيدرالية+الإقليم+ 17 من مجالس إدارة المحافظات)، فراحوا ينفذون خطة السعودية، الرامية إلى إبعاد الإستحقاق الشعبي وإستحقاق العولمة في الأخذ بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان عنها وذلك عن طريق إثارة صراع سني – شيعي على نطاق المنطقة، والتي تبدأ بمعركة الشيخ عرعور على الكوفة بعد الإنتهاء من معركة سوريا.
من هذا أصبحتُ مقتنعاً أنه لو إستمر النضال السلمي لدفع النظام الطغموي الملكي إلى تقديم تنازلات للشعب لحصل العراقيون على نتائج أفضل بكثير مما حصلوا عليها من نكبات بدءاً من 8 شباط 1963 الأسود  حتى 9/4/2003 مضافةً إليها نكبات إرهاب الطغمويين الذي لاحق الجماهير حتى يومنا هذا.
إن النظام الطغموي وبالأخص النظام البعثي الطغموي هو نظام إجرام وإنحطاط  وهو المسؤول الأول عما لحق بالعراقيين والعراق من مآسٍ لا يتخيلها العقل، لكن هذا لا يعفي ضحاياه من المسؤولية بقدر معين وهم الذين لم يُجروا دراسة وكشفاً جادين لحد الآن. وقد يقف هذا القصور وراء ما تبدو من ملامح لتكرار ذات الأخطاء التي كُررت لمرات ومرات وحنق الشعب عليها بمرارة وعبر عنها أبلغ تعبير في صناديق الإقتراع.  وما هو إلا خداعٌ للذات وهروبٌ نحو الأمام، التعكزُ على وجود "شحن إثني وطائفي"(5) وكأنَّ الحياة تنتظرنا نقدم لها ما نشتهي من أجندات لتطرحها، نيابة عن مشتهانا، في ساحة الصراع؛ أو نفصِّل للحياة ثياباً، على مذاقنا، لترتديها رغم أنفها. أعتقد أن هذا هروب من مواجهة الواقع وهو مرض مصاب به اليسار عموماً، في الأوقات الواعدة فقط، إذ يقرأ الطموح وينسى الواقع.
أتفق مع السيد وليد العبيدي بخصوص إصرار الطغمويين على إستعادة سلطتهم المفقودة. لكنني لا أتفق مع توقعه بإنضمام أي من الحزبين الكرديين الرئيسيين وكذلك السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى إلى الطغمويين، وإلى أبعد من المناكفة وأبعد من ممارسة سياسة "شفا الهاوية" التي أشرتُ إليها في مقالي المعنون "تعقيب على مقال: "تحذير الحل الوطني أو الأقلمة والتدويل""(6) وذلك لإحراز مزيد من الكسب وللسبب الذي ذكره السيد العبيدي بشأن محاولة تجاوز الضغوط الجماهيرية في كردستان بصرف أنظار الجماهير عن المشاكل الحقيقية في الإقليم كالفساد والإنتقاص من الديمقراطية وإنتهاك حقوق الإنسان وعدم تحقيق العدالة الإجتماعية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): هذا عنوان لمقال السيد وليد العبيدي الذي تمكن مراجعته على الرابط التالي:
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=15181
(2): للإطلاع على مفاهيم "الطغمويون والنظام الطغموي" و "الطائفية" و "الوطنية" ترجى مراجعة الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(3): نُقل عن أمين سر القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي  في تلك الحقبة علي صالح السعدي بأن حزبه جاء إلى السلطة في إنقلاب 8 شباط 1963 بقطار أمريكي.

(4): كنتُ قد طرحتُ هذا الرأي في مقال لي بعنوان: "هل كان محكوماً على ثورة الرابع عشر من تموز بالفشل؟ ولماذا؟" المنشور بتأريخ 12/7/2010.

(5): طرح هذا الرأي في فضائية (الحرة – عراق) بتأريخ 14/2/2011 قائد يساري مبرراً خسارة الإنتخابات. والأكثر من هذا فقد سفه الديمقراطية العراقية وساوى بين الإنتخابات العراقية والإنتخابات في عهدي إبن علي وحسني مبارك الذي قال عنها إنها أيضاً ترتقي إلى "المعايير الدولية"!!
 
(6): للإطلاع على المقال ترجى مراجعة الرابط التالي:
 http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=15100





43
تعقيب على مقال: " تحذير الحل الوطني ام الأقلمة والتدويل"(1)

محمد ضياء عيسى العقابي

1- أنا شخصياً من المتابعين لمساهمات السيد باسم العوادي، مستشار السيد عمار الحكيم قائد المجلس الأعلى الإسلامي،  في الفضائيات منذ أيام المعارضة ومازلتُ متابعاً لما يكتبه. بالعموم كنتُ وماأزال معجباً، رغم إختلافي معه في بعض الأمور، بطروحاته وأفكاره وأسلوبه الحضاري.
2- أرى أن الأزمة ناجمة من جذر واحد يتمثل بعدم الرضى بالإحتكام إلى الدستور. وفي دنيا السياسة لا تجد من يقول لك "أنا لا أريد الإحتكام إلى الدستور"، بل يلجأ إلى تكتيك "إفتعال المشاكل"(2) والتعويل على أسلوب "سياسة شفى الهاوية" المقترنة بإسم وزير خارجية أمريكا المتشدد في خمسينات القرن الماضي جون فوستر دالاس حيث كانت الحرب الباردة على أشدها.
كما يعولون على أساليب بائسة أكل  الدهر عليها وشرب. وأهمها، في الحالة الراهنة، تركيز النار على شخص رئيس الوزراء السيد نوري المالكي رغم أنه يتحلى، بتقديري، بالروح الوطنية العالية والقناعة بالديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان وقد شهد العراقيون ذلك على أرض الواقع فحصد أعلى الأصوات الإنتخابية ومع هذا أعلن صراحة بأنه سوف لا يرشح نفسه لدورة ثالثة وسيسعى إلى تثبيت ذلك دستورياً. بتقديري،إنهم يركزون عليه النار لا لشخصه بل لأن "ضربه" سيشرذم التحالف الوطني ويجعل أطرافه هزيلةً يحتمي كل منها تحت جناح هذا وذاك من التنظيمات الطغموية(3) أو الشوفيينية؛ وهو وضع خطير قد يولِّد ردود أفعال طائشة متطرفة لدى بعض الأغلبية الشيعية قد تقود إلى حرب أهلية وتشرذم العراق.إنهم يركزون النار على المالكي لأنهم يعتقدون، أيضاً، أن إسفينهم سيُدقُ بسهولة لوجود مناكفات داخل التحالف الوطني من جانب السيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر اللذين يعرفان جيداً أن المقصود هو ليس المالكي ولكنهما يستهينان بالخطر؛ وتمثل إستهانتهما "لعبة شفى الهاوية" داخل التحالف ومع الأطراف الأخرى. ولا يملك السيدان الحكيم والصدر مهارة وخبرة وإمكانيات العجوز جون فوستر دالاس الذي أصر، في مجلة "لايف" الأمريكية، على أنه يملك المهارة الكافية لإدارة التشابك عند شفى الهاوية دون أن يسقط فيها؛ علماً أن خصم فوستر دالاس، أي الإتحاد السوفييتي، كان أضعف بكثير من الطغمويين من جهة إستعدادهم لتخريب كل شيءإذا لن ينالوا ما يريدون "لاعوب لو خاروب". فالإتحاد السوفييتي كان صاحب نظرية سلام، وكان سيلوم نفسه حتى لو بدأ الآخر بإشعال حرب، لأنه كان سيقول: "لماذا سمحتُ له أن يشعل الحرب؟". ولا يقول: "هو الذي أشعل الحرب ودمر العالم ولستُ أنا".
3- أرى أن أطراف إئتلاف العراقية رفضت الإعتراف بحكومة يقودها "شيعي" إلا إذا كان قفازاً لكفٍ طغموي* أو شتم طائفته عن غير وجه حق لشعوره بالدونية. يريدون ببساطة العودة إلى النظام الطغموي ببرقع وديكور جديدين. ويعني هذا رفضاً للدستور. ضَعُفَ هذا التيار شعبياً بقدر كبير مع مرور الأيام وإقتصر حالياً، بتقديري الشخصي، على تنظيمات السادة المتشددين ومن بقي معهم بعد التآكل، وهم: أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني. إنهم يستعينون بالأجنبي لتحقيق غاياتهم. ما وضح لحد الآن من الأجانب هم: اليمين النفطي الأمريكي وإسرائيل والسعودية وقطر وتركيا.
4- الحزب الديمقراطي الكردستاني: أعتقد أن عدة عوامل تتحكم بمواقف قيادته وهي:
  4.1: إيمان تلك القيادة، كما يبدو لي، بنظرية مفادها أن "أمن كردستان العراق يرتكز على إضعاف الحكومة الفيدرالية إلى ما دون المعقول المطلوب للجم بغداد من شن حرب عليهم، ولا مانع من جعل العراق جنوب كردستان في فوضى عارمة مستديمة". بنظري، أثبتَ الواقع منذ سقوط النظام البعثي الطغموي أن هذه النظرية تنسف إمكانية القضاء على الإرهاب في العراق الذي يسنده ويستفيد منه المتشددون في إئتلاف العراقية الذين حددتُهم في الفقرة (3) أعلاه. وقد يقود الإمعان في تطبيقات هذه النظرية إلى تقسيم العراق وإبتلاع كردستان من قبل تركيا كثمن تدفعه السعودية لتركيا مقابل دورها في تجسيد وتفعيل "معركة الكوفة" التي كشفها الشيخ عرعور نيابة عن السعودية، والكل يتحرك تحت خيمة الإحتكارات النفطية وإسرائيل.
  4.2: محاولة درء شرور تركيا والسعودية (في وقت تنشغل فيه إيران بملفها النووي والوضع السوري) بتقديم خدمة إليهما تتمثل بمعارضة مبدأ إتفاقية "تقديم الخدمات" النفطية والترويج لمبدأ "المشاركة في الإنتاج" المرفوض شعبياً(4) ، وبالإستهانة والتحقير والتشويش على الحكومة الفيدرالية بوسائل عديدة منها إيواء المتهم طارق الهاشمي. (كان بإمكان حكومة كردستان، لتفادي "العتب الخارجي"، أن تقول: "نحن جزء من العراق الفيدرالي ونخضع لدستوره وليس لنا حق التدخل إذا حضرت قوة أمنية من بغداد لإعتقال الهاشمي". علماً أن هكذا موقف، بحد ذاته، فيه قصور إذ أن الواجب الدستوري يُلزم حكومة كردستان بتنفيذ الأوامر القضائية الفيدرالية وعليها أن تعتقل الهاشمي، هي، وتسلمه مخفوراً إلى السلطات الأمنية في بغداد).
  4.3: محاولة الإنتفاع (ولو في قادم الأيام) من اليمين الأمريكي (الإحتكارات النفطية أساساً وليس الحكومة الأمريكية لحد الآن) وإسرائيل وذلك بالإنضمام إلى جوقة المطبلين ضد حكومة المركز . بنظري، لو كانت قيادة الحزب الوطني الكردستاني تعتقد أنها وإئتلاف العراقية قادران على الإطاحة بحكومة التحالف الوطني وتشكيل حكومة بقيادة علاوي، لإمتنعت، قيادة ح. د. ك.، عن هذه المناكفات والمغامرات وتكتيكات "شفى الهاوية" ولمْا سلكتْ هذا السبيل الخطر حتى ولو تحدَّتْ تلك الأطراف الضاغطة ، لأنها تدرك أن علاوي ورفاقه وداعميه (السعودية وتركيا واليمين النفطي الأمريكي وإسرائيل) سيضحون بالنظام الفيدرالي من الأساس ويحولونه، في أحسن الإحتمالات، إلى حكم ذاتي (لأن الأكراد سيكونون عندئذ في أضعف حالاتهم ولا أحد يمدهم بالسلاح والمال ولا أحد في العراق والعالم سيعطف عليهم بعدما يكونون قد فرطوا بمكاسبهم الأسطورية وتسببوا في خراب العراق) مقابل تقديم حكومة علاوي تنازلاً لتلك الأطراف يتمثل بإشعال نار حرب مع إيران لضرب منشآتها النووية (تذكَّروا ما قاله الدكتور سلام الزوبعي والسيد حسن العلوي)، وهذا يعني كسر شوكة نظام ولاية الفقيه هناك ومن ثم الإلتفات إلى العراق، الذي سيصبح عندئذ مكشوفاً بلا ظهير، لتفتيته والسيطرة على بتروله الذي فلت من أيديهم والعراق واقع تحت الإحتلال ويريدون إسترجاعه الآن وهم بعيدون (وهذه إحدى مفارقات الحياة الخضراء التي تختلف عن النظرية الرمادية كما قال جوته). ليس هذا وحسب، بل أن الحروب بين الدويلات الناشئة ستستمر لأن إسرائيل، هي الأخرى، ترى أن أمنها يأتي من تفتيت العرب وإقتتالهم مع بعضهم البعض. 
   4.4- أنا من المتمنين أن تنضج ظروف المنطقة والعالم (للعلم: ظروف العراق ناضجة والسيد البرزاني على علم بذلك لذا فهو يعمد إلى كسب ود إضافي وهو ود الخارجيين، ولكن وللأسف على حساب محبي الشعب الكردي في العراق وفي مقدمهم التحالف الوطني) كي يستطيع الكرد تقرير مصيرهم بأنفسهم وربما يؤسسوا دولتهم القومية، وهذا حق ضمنته الشرائع الدولية. غير أنهم ولذلك الحين، عليهم التصرف ضمن الدولة العراقية كجزء منها وتحت خيمة دستورها وإحترام حكومتها الفيدرالية ورئيس تلك الحكومة المنتخب ديمقراطياً، إن لم يكن بداعي الشعور الوطني والمسؤولية الوطنية والدستورية ومشاركة العراقيين بنفطهم الجنوبي، وهو حق دستوري، فبداعي إحترام رأي الرئيس الأمريكي السيد أوباما الذي حث السيد رئيس الإقليم على دعم العملية السياسية العراقية تحت مظلة الدستور العراقي أي الإبتعاد عن السيد علاوي ورفاقه والممارسات الصبيانية.
 إني أرى أن قيادة إقليم كردستان تتصرف كدولة مستقلة بل أكثر من ذلك فهي ترفس حكومة التحالف الوطني المنتخبة ديمقراطياً رغم تقاسمها ثروات العراق .
5- أما ولم يبقَ سهمٌ إلا وأُطلق وحجر إلا وقلِّب وإساءة وطنية وشخصية إلا وقذفت؛ وأما وقد تصلَّب عود الديمقراطية؛ وأما وما زال للديمقراطية العراقية أكثر من ظهير دولي، أقترح على السيد باسم العوادي، وقبل فوات الأوان، وهو المطلع على حقائق مواقف الأطراف المختلفة، الكشفَ وبالتفاصيل عن المشاكل ومؤاخذات البعض على البعض الآخر وما يريده كل طرف بالملموس وليس بالعموم ليتسنى لأبناء الشعب العراقي بحثها وإستشارة مراجعهم المتنوعة وبلورة الرأي لتمكينهم من الفصل بين الأفرقاء عبر صناديق الجولة القادمة من إنتخابات المحافظات والبرلمان وذلك تحقيقاً للشفافية ومصارحة الشعب (كما أراد السيد مسعود البرزاني) ووضع حد لمآسي الشعب العراقي وهو المالك الإفتراضي لثروات ضخمة يحسده عليها الآخرون ويتكالب البعض عليها.
_______________________
(1): المقال للسيد باسم العوادي مستشار السيد عمار الحكيم. ترجى مراجعة الرابط التالي للإطلاع عليه:
http://qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14846

(2): كأمثلة للمشاكل المثارة إفتعالاً، راجع مقالات الدكتور عبد الخالق حسين المعنونة (الحملة "الوطنية" لتدمير الدولة العراقية) على الرابط التالي:
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/  الموقع الشخصي

(3): برجاء مراجعة مفاهيم: "الطغمويون والنظام الطغموي" و "الطائفية" و "الوطنية" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

(4): لمزيد من المعلومات حول موضوع الخلاف النفطي بين المركز والإقليم، راجع مقال السيد صائب خليل بعنوان "الشيوعي العراقي ... مهلاً" على الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=15071






44
القمة العربية أوجعت قلوب البعض
محمد ضياء عيسى العقابي
القمة العربية في بغداد:
نجاح أو فشل القمة العربية التي عقدت في بغداد يوم 29/3/2012 مسألة نسبية. فالبعض إعتبرها ناجحة لمجرد عقدها في بغداد بأي مستوى تمثيل ولمجرد عدم تعرضها لمساوئ أمنية.
والبعض يعلن فشلها ولكنه مغتاض في قرارة نفسه لنجاحها الفعلي، أو لنَقلْ لإفلاتها مما كان يتمنى أن تتعرض له بواحد من أمرين:
 أولاً: تعرُّضها، القمة، لحادث أمني كإغتيال واحد أو أكثر من أعضاء الوفود المشاركة أو سقوط صاروخ أو قذيفة هاون على قاعة المجتمعين أو بالقرب منها.
ثانياً: حصول خصام بين المشتركين ما قد يقود إلى التشابك بالأيدي أو الإنسحاب من القمة وبالتالي عدم صدور بيان بإسم القمة أو، ربما، صدوره بإسم المجتمعين المتبقين فقط.
ولما خاب أمل هؤلاء، راحوا ينبشون في قواميس الطعن والتشويه والتسقيط فتفننوا حتى بلغ الحال بأحدهم وهو النائب الدكتور جمال الكيلاني عن كتلة "تجديد" ( وهي الكتلة التي يترأسها السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية المتهم ب (150) جريمة قتل إرهابية وهو الذي أقسم على صيانة سلامة العراقيين ومحاربة الفساد والإرهاب!!)  المنضوية تحت لواء "إئتلاف العراقية" – راح بكل "همة" يلاحق الفساد في شؤون القمة فتسائل في فضائية الحرة / برنامج "بالعراقي" يوم 3/4/2012 عن مصير "الأكل الفائض" أين ذهب؟!! لقد إستبق السيد الكيلاني أجهزة الدولة الرقابية كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة ولجنة النزاهة البرلمانية ولجان التدقيق ولجان النزاهة الفرعية. (شخصياً، تحمستُ للموضوع فرحتُ أبحث عن مصير البامية لأنها "تنفخ" أو "تتفخ" كما يقول العراقيون. فربما سيسرقها المنتفخون بنجاح القمة وهم الطالباني والمالكي وزيباري. وهذا ما أغاض السيد النائب الكيلاني ولم يغضه أبداً موضوع البامية التتفخ!!)
من وجهة نظري، القمة نجحت نجاحاً باهراً لخمس أمور هامة حتى لو أغفلتُ الأمور العديدة الهامة الأخرى التي حققتها. هذه الأمور هي:
أولاً: إعتراف الأمة العربية رغم أنف السعودية وقطر بحق الشيعي في أن يترأس حكومة منتخبة شعبياً وديمقراطياً ويتمتع بسلطة دستورية برلمانية حقيقية لا ديكورية كما كان يحصل، أحياناً، في عراق العهود الطغموية. الإعتراف متحقق حتى لو أرسلت السعودية شرطياً أو فراشاً يمثلها في القمة لأن الشرطي أو الفراش يمثل الملك من وجهة النظر الرسمية والسخرية بإنخفاض مستوى التمثيل تصفع الملك ولا تصفع المؤتمر أو مضيِّفيه الذين أثبتوا كونهم رجال دولة أكفاء وحاذقين ومحترمين.
كما أن القمة إعترفت برئيس العراق والقمة الكردي ووزير الخارجية الكردي وكان ممكناً أن يكون أحدهما تركمانياً أو من إحد مكونات الشعب العراقي الأخرى. وهذه إحدى تجليات الديمقراطية العراقية وإحترام حقوق الإنسان.   
ثانياً: إنتشال الملف السوري من الهيمنة السعودية – القطرية التي تخدم مصالح أجنبية، من بينها إسرائيلية، وتهدف إلى تدمير الدولة السورية ومنظومة دفاعاتها ذلك الدمار الذي، بدوره، يؤدي إلى إنهيار منظومة الدفاع العربي الركيكة أصلاً ولكن بقائها له أهميته. لقد إستغل النظامان السعودي والقطري إنشغال مصر، ذات الثقل المتميز في المنظومة العربية، بشؤون ثورتها وتعرّض الجزائر لضغوط خارجية كبيرة بلغت حد تهديدها بمقاطعة الغاز الجزائري وهو عماد إقتصادها.
 غير أن الدور العراقي وإستعداد أمين الجامعة العربية الدكتور نبيل العربي ساهم في تنشيط الدور المصري، كما دعم الموقف الجزائري المبدئي منذ الثورة الليبية حيث رفض التدخل الخارجي. لذا أصبح الصوت الطاغي على الساحة العربية هو الداعي إلى تلبية مطالب الشعب السوري المشروعة عبر الحوار بين المعارضة والحكومة ورفض التدخل الأجنبي وتسليح المعارضة وهما الأمران اللذان تمسك بهما النظامان السعودي والقطري لأهداف خارجية عدائية ولهدف تأجيج صراع سني – شيعي على نطاق المنطقة لخلط الأوراق ودفع الإستحقاق الديمقراطي وإستحقاق إحترام حقوق الإنسان إلى أبعد مدى ممكن.
ثالثا: بدى واضحاً أن قيادة الجامعة العربية عادت إلى طبيعتها أي بتزعمها من قبل دول عربية ذات ثقل معين وهي مصر والجزائر والعراق  بالإضافة إلى سوريا التي تمر حالياً بظرف خاص  فتحتاج لبعض الوقت لتستعيد عافيتها بصورة أو أخرى ولكنها ستكون على أساس سوريا محكومة بنظام ديمقراطي. على مر السنين كانت هذه هي الدول التي تتزعم الأمة العربية. وقد غاب هذا الدور لفترة غير قصيرة بسبب الظروف السياسية التي مرت بهذه البلدان ما فسح المجال للنظامين السعودي والقطري، مدفوعين بقوى خارجية، للقفز إلى مركز الصدارة.  عادت القيادة التقليدية وهي بحلة جديدة فالطاقم كله ملتزم بالديمقراطية تسانده مجموعة دول أعضاء هامة سارت على النهج الديمقراطي أيضاً وهي تونس واليمن وليبيا والمغرب فضلاً عن لبنان الديمقراطي أصلاً. 
رابعاً: إعادة الإعتبار للجامعة العربية والعمل العربي المشترك وظهور أصوات قوية تشيد بثورات الشعوب العربية والربيع العربي وهي الخطوة الأولى نحو مرحلة إحتضان الجامعة لثورات الشعوب العربية وتطلعاتها الديمقراطية وهذه، بدورها، تمثل الخطوة الأولى نحو تشكيل "جامعة الدول العربية الديمقراطية" التي تكهنتُ ببزوغها بمقالي المعنون " السيد معد فياض: إذا كنت وأصحابك لا تجيدون القراءة والكتابة والحساب فما ذنب المالكي؟" المنشور بتأريخ 29/12/2009 والذي جاء فيه:
" أتوقع أن يزحف العراق، في مستقبل ليس ببعيد، بهويته الديمقراطية الجديدة إلى المحيط العربي ليدعو إلى تشكيل "جامعة الدول العربية الديمقراطية" بدلا من جامعته القائمة "جامعة الدول العربية" الهرمة التي تضم اللص والمتخلف والدكتاتوري وجلاد شعبه والإرهابي والطائفي والعنصري والديماغوجي والمشارك في جريمة بيع فلسطين مقابل الحفاظ على عرشه وعرش طبقته الظالمة."
خامساً: أعلمت القمة العالم بأن الإرهاب قد قُصم ظهره في العراق رغم عدم نفي إحتمال حصول إختراقات أمنية مستقبلية بين آونة وأخرى إلا أن شره الأساسي قد ولى وإلى غير رجعة.
ردود فعل قطر على القمة العربية:
كانت وما تزال قطر تدعم وتروج لسياستها الخارجية عبر أهم بوقين لها وهما قناة الجزيرة الفضائية وبعض الإعلاميين والأكاديميين وفي مقدمتهم الأستاذ الجامعي الدكتور محمد صالح المسفر. كان، وما يزال، الدكتور المسفر مدافعاً عنيداً عن نظام البعث العراقي الطغموي قبل سقوطه ولحد الآن. ظهر توتر ونرفزة النظام القطري في الآونة الأخيرة بعد تلقيه عدة صفعات منها توبيخ وتحقير وزير الخارجية الروسي السيد (لافروف) له في الإجتماع الذي ضمه إلى جانب الجامعة العربية، وأذهله نجاح مؤتمر القمة العربية في بغداد. لقد عبر الدكتور المسفر عن مرارة النظام القطري بمقال له  منشور على الرابط التالي كال فيه الشتم المباشر والإتهامات البذيئة للعراق الجديد وقادته:
http://hammdann.net/index.php?option=com_content&view=article&id=6136:2012-03-30-19-58-06&catid=38:2011-01-30-07-38-38&Itemid=81
رد على الكتور المسفر:
رأيت أن مقال الدكتور المسفر يمثل الفكر العام لكل أعداء الديمقراطية في العالم العربي عموماً والخليجي خصوصاً حتى ولو تظاهروا بنصرتها. من هذا وجدتُ أن إجابته وتفنيد مزاعمه وإرتكازاته أمر ضروري إذ هناك الكثيرون، حتى بين العراقيين، ممن لم يستوعبوا الوضع العراقي، على الخصوص،  بحقيقته وواقعه.
أدرج فيما يلي  ردي على مقال الدكتور المسفر آنف الذكر والذي نشره موقع "مجالس حمدان" مشكوراً:
أنا متابع لأقوال وطروحات المسفر منذ أيام النظام البعثي الطغموي بقيادة المشنوق قضائياً صدام حسين لهول جرائمه (ومنها ضرب شعبه بالسلاح الكيمياوي في مدينة حلبجة الكردستانية وأهوار الجنوب العراقي) إذ كان يمجده لتطابق الأفكار والأخلاق. إن أي شخص لا يستحي يستطيع أن يلوك ما يريد من الكلام. إنما العبرة بالوقائع والحجج الموضوعية لا بالكلام الإنشائي والشتم الرخيص.
1-   يشير مقال محمد صالح المسفر إلى المرارة التي سممت بدنه وأبدان أمثاله من الحاقدين على الديمقراطية العراقية داخل العراق وخارجه، بسبب نجاح مؤتمر القمة .
2-   رغم أنف المسفر كتب الدستور العراقي مجلس نواب منتخب من قبل الشعب العراقي في كانون ثاني عام 2005 بإنتخابات حرة ونزيهة راقبها قرابة نصف مليون مراقب أجنبي ومحلي وشهدت على نزاهتها وإرتقائها إلى المعايير الدولية الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والهند واليابان وروسيا والصين ومنظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية ومنظمة المؤتر الإسلامي. وقد تحدى المنتخبون الإرهابيين وكانت ثورة بنفسجية بمعنى الكلمة .
3-   رغم أنف المسفر جرى إستفتاء حر ونزيه للشعب العراقي يوم 15/10/2005 حول الدستور فأقره الشعب العراقي بشهادة مراقبين دوليين ومحليين وشهادة ذات الجهات المذكورة في (1) أعلاه.
4-   رغم أنف المسفر جرت إنتخابات أخرى بموجب الدستور الجديد في 30/12/2005 وزكتها نفس الجهات المذكورة في (1) أعلاه. وتشكلت حكومة برلمانية بموجبها.
5-   رغم أنف المسفر جرت إنتخابات حرة نزيهة في 7/3/2010 (مع محاولة خطيرة للتزوير إشترك فيها السعوديون وعملاؤهم والسفير الأمريكي كريستوفر هيل ولكنها أوقفت فوراً بنزول الجماهير إلى الشوارع في النجف والبصرة فإرتعب السفير ورجا المالكي "المكروه شعبيا" (حسب إدعاء المسفر) إيقاف ما ظهر أنه عصيان مدني مليوني، مقابل الكف عن مواصلة التزوير). مع هذا كانت الإنتخابات بالعموم حرة نزيهة بشهادة نفس المحافل الدولية رغم فقدان إئتلاف دولة القانون 16 مقعداً والشيوعيين مقعدين.
6-    الذكي جداً محمد المسفر لم يعرف بأن أياد علاوي وإئتلاف العراقية لم يستطع إحراز 163 صوتاً لتمكينه من تشكيل الحكومة علماً أن المالكي أعلن عدة مرات أن من يستطيع تأمين 163 صوتاً فمبروك عليه تشكيل الحكومة وسيكون معارضاً نزيهاً لها. ولم يستطع أحد سواه، المالكي، بعد أن أضطر معارضوه داخل التحالف الوطني إلى الرضوخ للإرادة الدجماهيرية فصوتوا له بينما كانوا يريدون إستبداله، لأسباب واهية جداً، ولم يستطيعوا.
المالكي ليس مكروهاً شعبياً بل هو مكروه خارج العراق من دول الجوار بضمنها إيران وكذلك أمريكا دع عنك السعودية وقطر العظمى وتركيا والأردن وسوريا لأنه أعلم الجميع: نريد الصداقة مع الجميع ونمنع تدخل أي دولة في شؤون العراق.

لو كلف رئيس الجمهورية أياد علاوي لتشكيل الوزارة فكان سيقضي شهراً كاملاً دون أن يستطيع إحراز 163 صوتاً فقوته لم تكن تتعدى أكثر من 100 صوتاً  فيعود لرئيس الجمهورية خائباً مدحوراً ويعتذر ليكلف رئيس الجمهورية من يقف خلفه العدد المطلوب وأكثر وهو المالكي الذي جمع ما يقرب من 220 صوتاً.
7-   ألم أقل إن المسفر يبكي على أمثاله من حملة الفكر والتطبيق الفاشي؟ إنه يبكي على الذين مارسوا التطهير العرقي والطائفي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية فملأوا العراق بما يقرب من 500 مقبرة جماعية وإستعمل السلاح الكيمياوي في حلبجة والأهوار وفي حلبجة قتل 5000 طفل وإمرأة وشيخ في ظرف ساعة، وهجر داخل وخارج العراق مليون مواطن تقريباُ بعد أن أسقط عنهم الجنسية العراقية بحجة أنهم غير عراقيين ولعائلة شاعر العرب الأكبر الجواهري مقبرة تعود إلى 500 سنة ، وجفف الأهوار للقضاء على الحركة الثورية هناك.

وبعد تحرير الكويت نشبت إنتفاضة عارمة في العراق (وهي الأقوى منذ ثورة العشرين التي قادتها المرجعيات الدينية في النجف ضد الإحتلال البريطاني) وسقطت 14 محافظة "سوداء" من أصل "18" والباقي كانت محافظات "بيضاء" حيث إستطاع صدام قمع الجماهير فيها. ولم ينقذ نظام صدام الطغموي سوى الحكام العرب الذين إرتعبوا من الثورة العارمة، التي طالبت بالديمقراطية، فتوسلوا ببوش الأب الذي خاف بدوره من ثورة الجماهير إلأنه لم يرد أبعد من إستبدال دكتاتور مجرم كصدام بدكتاتور آخر لم يُظهر إجرامَه بعد. لذا سمح لصدام، ذليل خيمة صفوان، بإستخدام طائراته وأطلق بوش عبارته الشهيرة التي تناقلها الإعلام الأمريكي: "شيطان معروف خير من واحد غير معروف"، فدك صدام المدن العراقية الثائرة ودخلت دبابات حسين كامل إلى النجف وهي تحمل شعار "لا شيعة بعد اليوم".
8-   رغم أنف المسفر فالعاصم للطالباني والمالكي هي الديمقراطية والعاصم للديمقراطية العراقية هو الشعب العراقي العظيم. فأمريكا التي لم تخرج لحد الآن من ألمانيا واليابان منذ الحرب العالمية الثانية، خرجت رغم أنفها وأنف المسفر من العراق، حيث نشرت صحيفة الإندبندنت مسودة إتفاقية عام 2008 لتحل محل تفويض الأمم المتحدة لأمريكا وحلفائها في العراق.

 أرادت أمريكا من العراق الحفاظ على 325 قاعدة وموقع عسكري . النتيجة : صفر على الشمال. الجميع تحدث عن حتمية سيطرة أمريكا على نفط العراق وهو بالفعل كان هدفها. النتيجة: رفض العراق أسلوب "المشاركة في الإنتاج" الذي أرادته أمريكا وتعامل مع الشركات العالمية وفق مبدأ "عقود خدمة" فعقد عدة جولات تراخيص شفافة أمام أعين العالم أجمع ولم تحصل أمريكا على عقد واحد.

كنتُ أتمنى أن تحصل أمريكا على بعض العقود لأنها رغم الإحتكاك الخفي بينها وبين حكومتي الجعفري والمالكي إلا أنها تبقى ذات فضل كبير على العراقيين إذ أطاحت بالنظام البعثي الطغموي الذي بلغ من المنعة والجبروت بفضل إجرامه ومال النفط العراقي المسروق وبفضل الأبواق الفاشية في الخارج، والمسفر أحدهم، فأصبح غير قادر على الإطاحة به إلا الله أو أمريكا ويبدو أن الله أرسل أمريكا لتدق عنق النظام الطاغي علماً أن أمريكا لم تفعل ذلك حباً بالعراقيين بل لمصالح ستراتيجية خاصة بها وبصراعها مع أوربا حول القطب الأوحد ولكن العراقيين حصلوا على ما يريدون منها ولم يتنازلوا عن أي شيء . 

وساعدت أمريكا العراقيين على تأسيس ديمقراطية حقيقية وهي الأنضج في المنطقة  ومن ثم إحترمت إرادة العراقيين فخرجت وإستعاد العراقيون سيادة بلادهم كاملة غير منقوصة رغم أنف المسفر وعملاء السعودية في الداخل الذين أرادوا بقاء القوات الأمريكية في العراق عسى أن يتمكنوا من إحداث إنقلاب دموي مشابه لما خططوا له يوم 25/2/2011 ولكنه فشل وشكراً للسيستاني والطالباني والمالكي والصدر الذين أفشلوه.
9-   المضحك أن المسفر يتكلم عن حماية أمريكا للطالباني والمالكي وينسى الذكي جداً أن الهاشمي قال في قناة ال سي إن إن إنه يتوقع (إقرأ إنه يتمنى) أن تحتل أمريكا العراق مرة أخرى لأن مصالحها مهددة هناك.

أنا أعرف أن المصلحة الأمريكية الوحيدة المهددة هي إكتشاف تورط جاسوسهم الهاشمي في أعمال إرهابية.
10-   أي غبي في هذه الدنيا يستطيع تبرئة متهم ب (150) جريمة إرهابية دون محاكمة أصولية؟ هذا ما فعله المسفر . كان على الدكتور المسفر أن يكون ذكياً ويطلب حضور محامين عرب وأجانب في محاكمة الهاشمي ببغداد. هذا معقول. أما أن يبرِّئه وهو جالس قرب قاعدة العديد الأمريكية في قطر،( وهي أكبر وأحدث قاعدة عسكرية في العالم وهي التي دكت أوكار طالبان ودقت عنق حليف قطر والمسفر صدام حسين الذي لقي محاكمة نزيهة حسب المعايير الدولية دامت لمدة سنة. بينما كانت محاكم صدام تحكم بالإعدام وبالجملة : مئات خلال عشرين دقيقة يا سيد مسفر) – فهذا هو الهراء والسخف بعينهما.
11-   لا أريد أن أتطرق بالتفصيل إلى الكوارث الإقتصادية التي أنزلها صدام بالشعب والوطن. يكفي أن أقول أن معدل الدخل الشهري للفرد العراقي كان ربع دولار وإرتفع في عهد "المكروهين الطالباني والمالكي" إلى 300 دولاراً. ومرتب الأستاذ الجامعي تراوح بين واحد إلى ثلاثة دولارات شهرياً بينما بلغ الآن 1500 دولاراً شهرياً. هبطت قيمة الدينار العراقي أيام المقبور صدام (9900) مرة والديون بلغت مئات المليارات ومنها ديون قطرية وسعودية التي لم يتنازلا عنها رغم كونها ديوناً قذرة لأنها أعطيت لصدام لقتل الشعب العراقي حسب نظرية: (منا المال ومنكم الرجال فقاتلوا الفرس!!) ونظرية: (هد كلابهم عليهم!!). وهذه ديون، إذاً، لا لترفيه الشعب كما يفترض في الديون النظيفة الشريفة.!!!!
12-    سمِّ يا مسفر شخصاً صهيونياً واحداً يسير في شوارع بغداد. أتحداك. لكنني أعرف حلفاء لإسرائيل في بغداد بالفعل هم أولئك الذين يبكي عليهم المسفر في مقالته وهؤلاء تريد أمريكا وإسرائيل إيصالهم إلى سدة الحكم لإفتعال حرب مع إيران لتتسلل إسرائيل وأمريكا تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية. حليف أياد علاوي والهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني وهو الدكتور سلام الزوبعي قالها مراراً إن هناك بعثيون في قيادة إئتلاف العراقية يريدون إشعال نار حرب مع إيران وتجديد القتال مع الأكراد. قالها صراحة أياد علاوي"سأحارب إيران سياسيا" والقصد معروف ومقايضة الحرب مع إيران مقابل إجلاس الجماعة على كرسي الحكم هو الثمن. ولكن هيهات والشعب لهم بالمرصاد.
13-   كلام المسفر يصب في خدمة ستراتيجية السعودية التي تريد إبعاد الإستحقاق الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان الذي تتطلبه العولمة والشعب السعودي وهذا سيحل أجله مسرعاً عند إستقرار العراق وإرتفاع إنتاجه النفطي ليتم الإستغناء عن النفط السعودي ولو مؤقتاُ ريثما يتم التخلص من ذلك النظام الشمولي. السعودية تريد تأخير الإستحقاق عن طريق إثارة صراع طائفي سني - شيعي على نطاق المنطقة وهذا ما يروج له المسفر ضمناً.
14-   أتحدى المسفر إن أستطاع تقديم تعريفه لل "الطائفية" وأتحداه إن إستطاع تقديم رد منطقي على تعريفي للطائفية كما طرحته في الرابط التالي. وأراهن على أنه يفهمها بكونها "التشيع" وأن الطائفي هو الشيعي، ولادة أو إيماناً، إلا إذا كان الشيعي يشعر بالدونية فيشتم الشيعة عن غير وجه حق. هكذا تعريف منافٍ للائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948.
للإطلاع على مفاهيم: "الطغمويون والنظام الطغموي" و "الطائفية" و "الوطنية" رجع الرابط التالي:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

15-   المسفر متألم وقلبه وجعان لأسباب تفرح الشعب العراقي وعرب الربيع .
16-   لا يبقى لي سوى أن أتمنى مزيداً من الإنتصارات للعراق والعرب وكافة مكونات الشعب العراقي ليس في العراق وحسب بل وفي كل أماكن تواجدها الأخرى وهي إيران وتركيا وسوريا وجمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق الأسيوية .
 كما أتمنى الشفاء وأدعو بالهداية للدكتور محمد صالح المسفر المتباكي على السيادة والإستقلال والتحرر وهو قاطن قرب قاعدة العديد العسكرية الأمريكية في قطر ولا ينبس ببنت شفة.




45
ثانية وثالثة: أين وطنية بعض العراقيين من وطنية المصريين؟
محمد ضياء عيسى العقابي

كتبتُ في 25/5/2011 مقالاً بعنوان: "خاطرة حول العراق ومصر والسعودية". كان مفاده أنه في الوقت الذي إحتج فيه بعض المثقفين والسياسيين المصريين على الرئيس أوباما بسبب خلو خطابه بتأريخ 19/5/2011 في وزارة الخارجية الأمريكية بمناسبة مرور عامين على خطابه التصالحي الذي ألقاه في جامعة القاهرة والذي وجهه إلى العالمين العربي والإسلامي، - خلوه من الإشارة إلى دور السعودية السلبي حيال مصر والمنطقة والذي تجلى في موقفها السيء من ثورة الربيع المصرية ومحاولتها منع محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك،

قلتُ مقابل هذا الموقف نجد أن إئتلاف العراقية كان يقتنص الفرص المفتعلة للإستنجاد بالخارج سواءاً كانت السعودية أو تركيا أو غيرهما ممن لهم مصالح في إبقاء العراق ضعيفاً مكبلاً بسلاسل الفصل السابع الذي أرادوا تحميله أكثر مما يحتمل من صلاحيات حسب ميثاق الأمم المتحدة فأرادوه أن يتدخل عسكرياً ، وأرادوا أن يجعلوا من العراق بلداً مباحاً لكل من هب ودب في المنطقة والخارج ليخلقوا إنطباعاً أن العراق بلد تائه لا نظام فيه ولا حكومة (وكالة بلا بواب حسبما يقول المصريون ؛ أو بلد فالتون ، أو بلد تياه كما يقول العراقيون) فما على المجتمع الدولي إلا تكليف السيد علاوي ورفقته بتحمل المسؤولية هناك أي الإنقلاب على الديمقراطية بوسيلة أو أخرى.

بعد مرور عام تقريباً عاد المصريون ليعطوا إئتلاف العراقية درساً آخر في الوطنية بعد أن فاتهم إستيعاب الدرس السابق، بل قاموا بأفعال إضافية أكثر خطورة منذ ذلك الوقت وسآتي عليها بعد التعريج على الدرس المصري الجديد.

منعت السلطات المصرية بأمر من القضاء مغادرة مصر ما يقرب من (19) أجنبياً معظمهم من الأمريكيين لتوجيه القضاء المصري إليهم تهمة تسليم أموال لبعض منظمات المجتمع المدني المصرية وهو أمر محظور حسب القوانين المرعية. وبعد أخذ ورد مع الأمريكيين بلغ حد التهديد بقطع المعونات الأمريكية عن مصر مع إطلاق تصريحات مهينة لها من قبل بعض أعضاء مجلس الشيوخ حتى أن أحدهم صرح بأن أمريكا ستقطع المساعدات وبعدها سيعلن المصريون إفلاسهم ويذهبون للإستجداء إذا لن يسمحوا للأمريكيين بمغادرة مصر – بعد هذا الأخذ والرد سمحت السلطات المصرية بمغادرة الأمريكيين. هنا ثارت ثائرة الرأي العام المصري مطالباً بكشف ومعاقبة الجهات التي إستهانت بالقضاء المصري وسمحت بمغادرة الأمريكيين، وكان هذا الموضوع من الأسباب الهامة في طلب بعض البرلمانيين سحب الثقة عن حكومة الجنزوري.

لستُ، هنا، بصدد مناقشة التشريع المصري بشأن تمويل منظات المجتمع المدني. ولكنني معني بملاحظة غيرة الرأي العام المصري على سمعة قضاء بلده وإحترام إستقلاليته، ومقارنة ذلك بمواقف بعض قادة إئتلاف العراقية وعلى رأسهم الدكاترة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني ومعهم عدد ممن أساء ويسيء لليسار العراقي بمواقفهم الصبيانية السطحية إذ دأب هؤلاء كلهم على الإساءة لسمعة بلدهم من عدة وجوه ومنها محاولة تلويث سمعة القضاء العراقي.

بعد مرور عام تقريباً على عقد هذه المقارنة لم يراجع قادة إئتلاف العراقية سياساتهم ومواقفهم رغم أنهم قد تلقوا صفعات متوالية من الديمقراطيين الوطنيين ضمن تنظيماتهم؛ إذ إنتقد هؤلاء وإحتجوا على مواقف قادتهم المسيئة للعراق فحصلت إنشقاقات وإنسحابات عديدة. ولكن القادة كانوا يغمضون عيونهم عنها ويهوِّنون من مغزاها لحد هذا اليوم حين صرح القياديون في الإئتلاف السيدة ميسون الدملوجي والسادة فلاح النقيب وحيدر الملا وغيرهم، قبل عشرة أيام، من أن الخارجين من إئتلافهم لا يؤثرون عليه، وهو موقف يتصف بالعناد على أقل تقدير.

لقد تعمّدوا عدم ترشيح مرشح مناسب لوزارة الدفاع، وأصروا على تنفيذ تفسيرهم لتشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا حيث أرادوا أن يجلس رئيسه (الذي هو السيد أياد علاوي) فوق الرئاسات الثلاث ومجلس القضاء الأعلى أي أرادوا إلغاءاً تاماً للنظام الديمقراطي وهو الهدف الحقيقي وراء جميع مناوراتهم منذ الإنتخابات الأولى في كانون ثاني من عام 2005 عندما فشل الدكتور علاوي فشلاً ذريعاً في تلك الإنتخابات بعد أن "توَّجَهُ" الأمريكيون والنظام الرسمي العربي والأمم المتحدة رئيساً لوزراء العراق على أمل أن ينجذب الجمهور العراقي "الجاهل" نحوه على قاعدة "الناس على دين ملوكهم". ولكن ذلك لم يتحقق. لكنهم لم يتوانوا عن المضي في تصميمهم الأعمى على إستعادة السلطة الطغموية "المفقودة" بأية وسيلة كانت.

أعتقد أنهم إفتعلوا هذين الأمرين ليشكلا والإرهاب المجرم صورة مشوشة عن الأوضاع العراقية، صورة بلد تعمه القلاقل والإضطرابات وتلفه الأزمات بأانواعها ويجتاحها الهرج والمرج لتكون أرضية خصبة لتنفيذ مجزرة دموية خططوا لها مسرحاً في ساحة التحرير يوم 25/2/2011 وإشترك في التخطيط السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة وأياد علاوي في إجتماع ضمهم في لندن. جاء هذا بعد فشل محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 ولم يحققوا إلا تلاعباً جزئياً لم يسعفهم على تنفيذ مخطط الإستيلاء على السلطة.
ومضى التخريب والتآمر على أشده في الأشهر التاليةالتي شهدت تقدماً نحو الموعد المحدد لخروج القوات الأمريكية من العراق بموجب إتفاقية 2008 في نهاية عام 2011 . راحوا يؤججون الموقف ويلبدون الأجواء وتعالى ضجيجهم عن إتفاقات أربيل "المغدورة" والمجلس الأعلى للسياسات الستراتيبجية ووزارة الدفاع وراح النجيفي وعلاوي والهاشمي يجوبون الأرض من مشارقها إلى مغاربها بدءاً من واشنطن وخطاب السيد النجيفي الشهير ودعوته لإعلان الأقاليم ومن ثم ذهابه إلى بروكسل ولندن والرياض وأنقرة؛ ثم أردفه السيد أياد علاوي بوقوفه في إجتماع لحلف الأطلسي في روما يؤلب كصاحبه على الحكومة العراقية ويحرض الحلف على التدخل في العراق. كانوا يريدون بقاء القوات الأمريكية لتعينهم على تكرار مخطط يوم 25/2/2011 ولكنهم فشلوا بسبب إلتفاف الجماهير حول حكومتهم الديمقراطية والوطنية.
بلغ اليأس بهم لحد إتهام أياد علاوي رئيسَ الوزراء، بكل وقاحة ورخص، بالعمالة. وبعدها راح يُظهر رقي روحه الديمقراطية وأخلاقه الحميدة وحنكته السياسية فصرح علناً بأنه "لا يشتري كلام نوري المالكي بفلسين".
بعدها إنتقد السيد علاوي ورفاقه الرئيس أوباما وشكوه للأمريكيين برسالة نشرت في صحيفة النيويورك تايمز نوهوا فيها غمزاً إلى "خطأِ" إقترفه أوباما بالإنسحاب من العراق في حين أنه، العراق، مطحون بحرب أهلية.

وبعد أن إنكشفت أفعال نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي الإجرامية، أعلن من فضائية أل(سي.إن.إن.) بتأريخ 1/2/2012 وهو في مقره الآمن في كردستان، مربض الشهداء، أعلى درجات الجهاد "فرض عين" وأعلن أيضاً نيابة عن أمريكا: "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة".

ثم أراد الدكتور صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، أن يلفت أنظار العالم إلى دكتاتور أخطر من صدام حسين وهو نوري المالكي رئيس وزراء العراق المنتخب ديمقراطياً لأول مرة بعد الجعفري منذ العهد السومري. كان الدكتور يصطاد في بركة آسنة لأنصار إسرائيل الذين يريدون حكومة عراقية راغبة (مقابل ثمن!!) على شن حرب على إيران ليتسلل تحت جناحها البعض لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي تتطلب إجتياحاً برياً حسب الخبراء، وبركة آسنة لأصحاب شركات النفط الذين فلت النفط العراقي من بين أيديهم على مضض وهو ثاني أضخم إحتياطي للنفط في العالم ويُظن بأنه الأول.
عمدوا إلى محاولة تعطيل مجلسي النواب والوزراء إذ أعلنوا المقاطعة التي لم تسفر عن أي إستجابة تخريبية من قبل شارعهم الذي لمس بحسه الوطني مصداقية  الإعترافات التي أدلى بها ضباط حراسة السيد طارق الهاشمي وقد كانت خطوة موفقة حينما أظهروهم على الشاشات لإزالة عنصر المفاجئة والصدمة المحتملة رغم أن تلك الخطوة كانت تنطوي على قدر قليل من التعدي على أصول المحاكمات. إنكشف ضعف إئتلاف العراقية فتقدم التحالف الوطني عليهم خطوة إذ أعلن أنه قد يعمد إلى تشكيل حكومة أغلبية سياسية. 

وأخيراً، وبعد يأسهم، عادوا إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب. ثم عادوا وعقدوا العزم على التوجه لمؤتمر القمة العربية ليشكوا حالهم البائس. لكن السيد هوشيار زيباري، وزير الخارجية، أعلم الجميع عبر فضائية الحرة يوم 17/3/2012، بأن البند الثابت في جدولي أعمال القمة العربية والمؤتمر الإسلامي حول العراق المأزوم قد أصبح من الماضي وتم رفعه من الجدولين. إذاً، إذا أرد مأزوم إعادة إدراجه فعليه مراجعة طبيب نفساني أولاً، هذا إذا إستنكف من تعلم الوطنية من الإنسان العراقي البسيط أو المواطن المصري الذي حرص على سمعة قضاء بلده.
لقد قالوا كل شيء وفعلوا كل شيء إلا الشيء المفيد وهو مخاطبة قواعدهم كي تتعاون مع السلطات الأمنية للقضاء على الإرهاب وهو ما لا يروق لبعض القادة الطغمويين.

راجع: "الطغمويون والنظام الطغموي" و "الطائفية" و "الوطنية" على الرابط التالي:

http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181

46
الحسابات التكتيكية اللعينة
محمد ضياء عيسى العقابي

لا أريد أن أفتعل التواضع وأقول: "أنا لم أكن أعرف". كلا، أنا أعرف أن الغالبية العظمى من العراقيين أحزاباً وجماعات خارج مواقع المسؤولية وداخلها وخاصة الإعلاميين، يكتبون وفق حسابات تكتيكية أي لا يكتبون ولا يتخذون مواقف علنية حسبما يمليه عليهم فهمهم لما يدور في بلادهم بعفوية بريئة أي لا يكتبون عما يرصدون من ظواهر وأحداث وحسب.
 لكنني لم أكن أعرف أن حب التكتكة بلغ هذا الحد من السوء.
فرغم أن مسألة التهديد العلني بإستهداف ولو شخص واحد خارج إطار الشرعية القضائية هي مسألة خطيرة للغاية في عهد الطموح نحو إستكمال الديمقراطية وحقوق الإنسان وحكم القانون، والأخطر أن التصريح بالإستهداف موجه لأكثر من شخص، والأخطر أنه موجه لأشخاص عاملين في سفارة دولة أجنبية، والأخطر أن هذه الدولة لها فضل علينا ونريد صداقتها صداقة حقيقية ورضيتْ، هذه الدولة، بعد جهد جهيد بذلك، وهي لا ترضى عادة بسهولة وصداقتها نافعة وعداوتها مضرة جداً ودون داعً؛ ورغم أن السفارة المعنية ناشدت الرأي العام بإدانة العزم على إستهداف موظفيها دونما مبرر وخارج الأطر البروتوكولية، أقول رغم كل هذا لم أصادف  (وقد أكون مخطئاً) مقالاً واحداً (عدا مقالي) يتناول هذا الموضوع الخطير مقابل عشرات المقالات التي تناولت قضية إستهداف شباب الإيمو الإفتراضي على أهميته، وموضوع شراء سيارات مصفحة للنواب. 
لماذا؟
أولاً: أنا واثق أن الغالبية العظمى من الكتاب والإعلاميين والصحف والأحزاب والكتل والحكومات المحلية وحكومة الإقليم لا تؤيد تصريح السيد مقتدى الصدر بإستهداف موظفي السفارة الأمريكية في بغداد إذا تجولوا خارج حدود سفارتهم، بل تستهجنها وتدينها. مع هذا لم يكتب أو ينطق أحدهم بكلمة (بالطبع، رئيس الوزراء هو الوحيد المعذور من التصريح لأننا درجنا على أسلوب خاص للحكومة في معالجة هكذا أمور خارج العلنية، تماماً مثلما عالج ربما مئات القضايا من مختلف الأنواع الخطرة مع الأمريكيين طيلة السنين الماضية حتى إنسحاب قواتهم)
  أعود وأسأل: لماذا؟
 بصراحة، هو موقف تكتيكي يُقصد منه عدم "إستفزاز" السيد مقتدى، لأن إستفزازه يقرِّبه ويقرِّب تياره من المالكي وإئتلافه وحزبه وبالتالي يشد من أزر التحالف الوطني الذي يضمهم، وهو أمر غير مرغوب به لدى البعض رغم نفعه للعراق في الظروف الراهنة.
أما إذا لاذوا بالصمت، فحسبوا أن ذلك قد يفهمه السيد مقتدى وأتباعه على أنه "سكوت من الرضى"، (أما الأمريكيون فيمكن طمأنتهم سراً، وهم يتفهمون!!).  لكن هذا "الرضى" مطلوب من أجل دغدغة السيد مقتدى وخلق أوهام لديه ولدى تياره (كتلة أحرار) بأنه أصبح جماهيرياً بما فيه الكفاية ليرفع من وتيرة مناكفته لرئيس الوزراء. الجميع يريده أن يزيد من تصريحاته غير المتزنة من قبيل : "المالكي دكتاتور"، "المالكي يجير نجاح مؤتمر القمة العربية لنفسه" والتصويت لحذف البند (36) من موازنة 2012  الخاصة بتنفيذ مشاريع خدمية هامة بالدفع الآجل وهو إجراء سليم يستبق الزمن والعراق قادر بكل تأكيد على دفع المبالغ المستدانة لأن موارده النفطية في تزايد مستمر، أي يبيع العراق النفط قبل إستخراجه ليوفر الخدمات المطلوبة بإلحاح حالياً. صَرَّحوا تمويهاً وخداعاً، والصدريون معهم، أن هذا غير مرغوب به لأنه يأتي بالدعاية للمالكي، وقد فعلوا هذا في الموازنة السابقة أيضاً حيث حرموا العراق من قروض بشروط ميسرة وبفوائد زهيدة بمقدار (70) مليار دولار للبني التحتية من مدارس ومساكن ومستشفيات وغيرها. ضيق أفقهم أعماهم عن تذكّر أن السيد المالكي قد عقد العزم منذ سنة على أنه سوف لا يرشح لرئاسة الوزارة ثانية وأنه إقترح تعديل الدستور ليحدد ولاية رئيس الوزراء بفترتين إنتخابيتين لا غير. فكيف سيستفيد من الدعاية؟
ثانياً: إن تناول موضوع الإيمو تم دون تمحيص مدى مصداقية ما أُشيع حول قضية الغدر بهم؛ وأغلب الظن أن هناك تهويل إعلامي قد يكون مغرضاً ومرتبطاً بإنعقاد مؤتمر القمة العربية الذي سيكون نجاح ترتيباته الأمنية بمثابة إعلان رسمي للعالم بأن العمود الفقري للإرهاب قد قُصم ولم يتبقَ إلا القليل وسيزول بكل تأكيد. وهذا غير مرغوب به لدى البعض أيضاً.
أما تناول مسألة شراء سيارات مصفحة للنواب فقد عولج على الأغلب بشكل غير متزن وولد إنطباعاً بأن تناوله وموضوع شباب الإيمو توخى الدعاية والتسقيط السياسي بدل التعمق والبحث النافع.
خلاصةً، إن عدم إدانة تصريحات السيد مقتدى الصدر مثال ساطع على إخضاع المصلحة الوطنية العليا للتكتيكات التي تخدم المصالح الضيقة. 
إنها، إذاً، قضية حسابات تكتيكية لعينة.

 

47
مفاتيح فهم وترقية الوضع العراقي

محمد ضياء عيسى العقابي

أ و لاً:    مــقــــــدمـــــــــــــــــــــــــــة:
أعتقد أن هناك سؤال محوري لم نتفق، نحن العراقيين، على الإجابة عليه إجابةً علمية رغم مرور تسع سنوات على سقوط النظام البعثي. وعدم الإتفاق على جواب صحيح له هو الذي شوّش الرؤيا لدى الكثيرين أفراداً وجماعات لتفسير الأحداث السياسية وغير السياسية وإتخاذ المواقف الصحيحة حيالها.

السؤال المحوري الذي أقصده هو: "مَنْ حَكَمَ العراق منذ تأسيسه الحديث في عشرينيات القرن الماضي؟".
أعتقد أن الشيعة يعلنونها صراحةً أن السنة هم الذين حكموا العراق. أما السنة فقد ينفون ذلك علناً ولكنهم، وفي قرارة أنفسهم، يعتقدون أيضاً بأنهم، بالفعل، الذين حكموا العراق.

لو تعمقنا في الأمر لوجدنا أن الذي حكم العراق، في الحقيقة، هم طغم طبقية تتكون من لملوم يشكل نسبة صغيرة من جميع الفسيفساء العراقي قومياً ودينياَ ومذهبياً ذات ألوان سياسية مختلفة بدأت بالنظام الملكي ثم القومي ثم البعثي. لقد شخّصتُ السمات المشتركة للنظم الطغموية في الفقرة (ثانياَ) أدناه وهي الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية,

إن حقيقة وجود نسبة عالية من السنة في قيادة هذه الطغم، وإتِّباع هذه النظم الطغموية تكتيكَ "فرق تسد" تجلى في:

1-   محاولة تقريب النخب السنية ومحاولة إغرائها بالمناصب لخلق فجوة بينها وبين السعب؛

2-    إشاعة الطائفية ضد الشيعة والعنصرية ضد الأكراد والتركمان والكلدو- آشوريين والآخرين واللعب على هذه الأوتار لخداع الجماهير السنية البسيطة،

لا يعني أن تلك النظم كانت سنية بل كانت طغموية ولم تنطلِ ألاعيبها التكتيكية على الجماهير بدلالة أن الشعب بقي موحداً رغم سيل هائل من محاولات التشويش والتشويه وخلط المفاهيم والإثارة والكبت والقمع، ومن ثم دخول التكفيريين على خط الإرهاب بعد التغيير، وزادت في الطين بلة ألاعيب الإحتلال الذي، رغم إطاحته النظام البعثي الطغموي، بل إنه إقتلع النظام الطغموي من جذوره، وساعد على إقامة الديمقراطية، إلا أنه كانت له مطامح تتمثل بجعل العراق ألعوبة بيديه بديمقراطية شكلية مفرغة المحتوى وذلك بإجلاس المجتمع على ثلاث ركائز (شيعة، أكراد، طغمويين أسماهم قسراً بالسنة) للّعب عليها وتمشية مشيئته.

بينما التصنيف الصحيح للمجتمع العراقي يحدده الموقف من الديمقراطية فإنقسم المجتمع، في الحقيقة، إلى شريحتين هما: "أنصار الديمقراطية" و "أعداء الديمقراطية"، وكلا الصنفين يضمان جميع شرائح المجتمع القومية والدينية والمذهبية والعلمانية والسياسية بهذا التركيز أو ذاك، على أن نسبة أعداء الديمقراطية من طغمويين وتكفيريين ضئيلة جداً مقارنة بالصنف الديمقراطي.

إعتقد أن عدم طرح السؤال "من حكم العراق؟" وعدم الإجابة عليه بكيفية علمية والإنسياق وراء الإنطباعات السطحية التي تولدت مع مرور الزمن، أدت إلى سلسلة أخطاء تتعلق بتحديد مسؤولية الإرهاب فالبعض يرميها على السنة مع إستثناءات، والبعض يرميها على بعض الشيعة، واليسار أراح نفسه فإختار أن يرميها على الجميع. في كل من هذه التشخيصات القاصرة مثالبه وتداعياته العملية السيئة على المجتمع. في الحقيقة، إن الإرهاب طغموي – تكفيري وقد إستفاد منه المحتل بقدر ما (من هذا كتبتُ عام 2006 بأن هناك إرهاب مدجن إستطاع الأمريكيون السيطرة عليه وتوجيهه؛ وهناك الإرهاب الجامح الذي يعمل مستقلاً ولم يمنعه إستقلاله من القيام بأعمال كيدية لمنفعة الأمريكيين).
تم بحث النظام الطغموي في (ثانياً) أدناه.

بنفس الوقت هناك مفاهيم بعضها سطحي وبعضها لا علمي للطائفية وهناك خلط بين أنواع الطائفية وكيفية تشخيص الطائفية السياسية والسبيل إلى القضاء عليها وعلى الطائفية العقائدية. تم بحث هذه القضية في (ثالثاً) أدناه.

وهناك أمر آخر في غاية الخطورة ألا وهو مفهوم "الوطنية" لأنه أصيب بتشويهات وإستهانة وإستخفاف في الحقلين النظري الوجداني والعملي التطبيقي في الحياة اليومية. عرجتُ على هذا الموضوع في (رابعاً).

أعتقد أن هذه المفاهيم الثلاثة تشكل مفاتيح فهم الوضع العراقي والمضي لترقيته؛ وهو الوضع الذي لا يرتضيه جميعنا ولكننا جميعاً نسهم، بهذا القدر أو ذاك، بسوءه والإساءة المتواصلة دون أن نشعر لتضبب الرؤيا أمامنا.

سأنشر هذه المساهمة على هيئة مقال وسأشير إلى رابطها الإلكتروني في كل مقال أكتبه بدلاً من نشرها كاملة مع كل مقال إذ أصبحت تستوعب مساحة قد تفوق المقال نفسه.   

ثـانـــياً: الطغمــويــــون والنظـــــــم الطغمــــــــــــوية:
الطغمويون هم أتباع النظم التي تشكل الطغمة رأسها وكوادرها. والنظم الطغموية هي  التي حكمت العراق منذ تأسيسه الحديث وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي وتبادلت المصالح معه.

مرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية.

والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية، ومحاولة الخروج من "الحالة الطغموية" الخانقة إلى "الحالة الطائفية" الأرحب.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه.

بلغ الإجرام البعثي الطغموي حدَّ ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.

عمد النظام إلى هذه الأساليب الممعنة في اللاإنسانية والإجرام، وبصورة ممنهجة ومخططة، من أجل خلق مجتمع أحادي القومية والدين والمذهب والعقيدة الإيديولوجية والسياسية (monolithic society)، إن لم يكن مجتمعاً عبودياً خاضعاً لمشيئة شخص واحد.

تسبب النظام البعثي الطغموي في إحتلال العراق من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. من جانبه، لم يكترث الشعب العراقي بالدفاع عن النظام لأن ذلك النظام نظر إلى المعارضة السياسية العريضة بكونها مجموعة خونة ولم يبدِ أي إستعداد للتصالح معها؛ كما إن الشعب قد بلغ حالة اليأس أمام جبروت ذلك النظام الفاشي وأذرعه العسكرية والأمنية المتوحشة فإقتنع بعدم القدرة على إطاحته سوى على يد الله أو أمريكا.   

والطغمويون البعثيون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية بعد سقوط نظامهم، في حين كانت مُبَرْقعَةً من قبل، وذلك لجعلها مركز جذب لكل أعداء الديمقراطية المرتقبة بعد أن أفلست جميع مواقفهم الستراتيجية المختزلة بشعار"وحدة حرية إشتراكية" إذ جعلوه شعاراً تكتيكياً أُخضع لمقتضيات إستلاب السلطة من الشعب بالقوة والإحتفاظ بها وإستغلال خيراتها، الأمر الذي لم يعد صالحاً لديمومة الولاء فطرحوا الشعار الطائفي  لإبقاء البعض الفاشي مقاتلاً النظام الديمقراطي الجديد إلى جانبهم.

 كما مارس الطغمويون الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، أي الطائفية والإرهاب، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة دمار شامل.

كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

ثـالــــــــــــــــــــثاً: الطـــائـفـــــــــــــــــــــــــــــــية:
للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب.

إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة.

لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية.
والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.

طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة المدنية وإحترام الحريات العامة وحقوق الإنسان حسب اللائحة العالمية الصادرة عن الأمم المتحدة.

لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يمتاز به العراق بسبب طبيعة المذاهب والأديان السائدة فيه وهي الأقرب إلى تمجيد رفعة الإنسان وعقله بين المذاهب الإسلامية، وهذا  أمر يدعو إلى التفاؤل ، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية التأريخية التي إرتبطت كثيراً بمبدأ الدفاع عن الهوية الفرعية في وجه محاولات التذويب والتهميش والإقصاء؛ وإرتبطت مؤخراً بالتصميم على مواجهة الإرهاب وضبط العلاقة مع المحتل وحماية الديمقراطية وصولاً إلى الحفاظ على الثروة الوطنية وتحقيق إنسحاب القوات الأجنبية وإسترجاع السيادة  .

بكلام آخر يجب التمييز بين الإحلال المفاجئ والطبيعي للثقافة الشعبية، من شعائر وطقوس دينية ومذهبية، محلَ الثقافة الطغموية التي فُرضت بالقسر على المجتمع لتمجيد النظام الطغموي والحاكم ولتبرير إستلاب السلطة من الشعب لوضعها بيد الطغمويين – ضرورة التمييز بين هذا الإحلال وبين الهيمنة السياسية التي لا نلمس لها  وجوداً في الدستور المدني الذي أقرّه الشعب العراقي في إستفتاء عام مباشر وديمقراطي، والذي وضع قيمةَ "المواطنة" فوق القيم الفرعية. على أن إحترام الدستور والقوانين وتجسيد روح المواطنة قد يستغرق بعض الوقت في ظروف إصرار الطغمويين، يؤازرهم التكفيريون والخارجيون، على الإطاحة بالنظام الديمقراطي وإسترجاع سلطتهم بالإرهاب وبالتخريب من داخل العملية السياسية.

رابـــــــــــــعاً: الوطــنــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
الأصل في الوطنية أن يحترم المواطن حكومة بلاده المنتخبة وقوانين وتشريعات البلد على ألا يمنعه، المواطنَ، أيُّ عائق من ممارسة حريته في التظاهر والإحتجاج السلمي والنقد البناء والمسؤول مهما بلغ من الشدة في ظل نظام ديمقراطي أو في طريقه إلى الديمقراطية ذي المعايير الدولية التالية: التعددية، ضمان الحريات الشخصية والعامة، وجود دستور مدني دائم للبلاد مُقر بإستفتاء شعبي حر مع إحترامه والإلتزام به كأعلى مرجعية؛ التداول السلمي للسلطة عبر الإحتكام إلى صناديق الإقتراع في إنتخابات حرة ونزيهة بإشراف هيئة مستقلة ومراقَبة من قبل الهيئات الدولية؛ الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية؛ وإحترام حرية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.

من غير الوطنية: إعاقة التشريع بطرق غير قانونية، إعاقة عمل الحكومة والمصالح الوطنية بطرق غير شرعية، التأثير على القضاء بطرق غير مشروعة، ممارسة الفساد بأنواعه، تفضيل مصالح الغير على مصالح الوطن، التخابر مع دولة عدوة وأجنبية، إستعداء الخارج على الحكومة والداخل، تشويه سمعة البلد أو الحكومة في الخارج لأهداف حزبية أو فئوية.
ومن أخطر الممارسات غير الوطنية هي ظاهرة التحزُّب بمعنى وضع مصلحة الفرد أو الحزب أو الجماعة أو الطائفة أو القومية فوق مصلحة الوطن، مهما كانت المبررات؛ وأكثرها شراً وإيذاءاً هي رفض الآخر وعدم الإيمان بسواسية البشر لسبب أو آخر، أي يتوجب إحترام حقوق الإنسان حسب الوثيقة الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
بتشخيصي، فإن جوهر أزمة الوضع العراقي، التي نشأت بعد 2003 والإنتخابات، يكمن في هذا النهج ليس لدى إئتلاف العراقية وحسب بل لدى الآخرين، داخل وخارج البرلمان، بدرجات متفاوتة.
ومن العوامل المخلة بالوطنية هو التعامل مع الحكومة المنتخبة بموجب حكم مسبق  منطلِق من إيمان فكري إيديولوجي جامد ومتزمت لا يمت لفلسفة السياسة بصلة.

مارست الجماعات السياسية العراقية، وخاصة اليسارية منها، أقصى درجات المرونة والإيجابية مع حكومات دكتاتورية بشعة فاشية لمجرد أنها إدعت النية في خدمة البلد والشعب بشكل غامض غير محدد تَبَيَّنَ أنه كيدي. يصبح من الأولى، إذاً،التمسك بنفس القدر من ذلك الحرص العالي، إن لم يكن أكثر، حيال النظام الجديد والحكومة المنتخبة حتى بالقدر الذي أحرزه من مستلزمات الديمقراطية لحد الآن، مع طلب المزيد من هذا النظام الديمقراطي الوليد.

أعتقد، في ظل ظروف العراق الحديث التي أفرزتها النظم الطغموية وبالأخص النظام البعثي الطغموي الذي أجج ومارس التطهير الطائفي والعنصري بصورة ممنهجة رعتها وحمتها دولته ونظامه الدكتاتوري الديماغوجي، وفي ظل ما أنتجه في المجتمع العراقي، من طائفية وحقد أعمى وإجرام إرهابي هائل، الشحنُ الطائفي فائقُ الكثافة الذي بثه الطغمويون والتكفيريون المحليون والأجانب، بعد سقوط نظامهم الطغموي في 2003 وبحجة كاذبة هي "مقاومة" الإحتلال،أصبحت الديمقراطية شرطاً لازماً من شروط الوطنية.
فالوطنية تعني ضمان أمن المواطنين أولاً، وتحقيق العدالة الإجتماعية والكفاية وإحترام الكرامة والعقائد والأفكار ثانياً، والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلاد ثالثاً؛ وكل هذه الحاجات الإنسانية الأساسية لا يمكن تحقيقها إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يرقى إلى المعايير الدولية.

وإني أرى أن الديمقراطية شرط لازم للتقدم الإقتصادي الذي يشكل، هو الآخر، شرطاً لازماً للسير نحو الإشتراكية.

على أن تطوير النظام الديمقراطي المنشود بناءاً على ما تحقق من إنجازات هامة لحد الآن، لا يتم عبر إستفزاز السلطة ودفعها نحو مواقع القمع؛ والمزايدات والإثارة والتجريح والتحقير  ومحاولات التشويش والتشويه وترويج الإشاعات والتسقيط والكسب الرخيص والتطاول على مقدسات الناس؛ والإستفادة، إنتهازياً، من ترويج منتجات حقبة شل يد الحكومة والتسبب بنقص الخدمات والدفع بإتجاه التشتيت والتخريب؛ وأخيراً الوقوف، موضوعياً ومن حيث لا يشعر المرء، في خندق فكري واحد مع الطغمويين والتكفيريين أعداء الديمقراطية.

هناك عدة عوامل أدت بمجموعها إلى الحط من قيمة الوطنية لدى المواطن العراقي ينبغي تداركها. هذه العوامل هي:

(أ):إبتلاء العراق بنظم طغموية طائفية عنصرية دكتاتورية ديماغوجية، مارس آخرها، أي النظام البعثي الطغموي، أقصى درجات التهميش والإقصاء والإضطهاد الذي بلغ حد التطهير العرقي والطائفي والإبادة والتهجير الجماعيين ما نتجت عنه الإستهانةُ والإطاحة بكل القيم والمثل الوطنية والإنسانية وخلقُ حالة من اليأس واللاأبالية لدى الفرد العراقي.

(ب): إحتلال العراق إذ إن الإحتلال، حتى ولو إنه حرر العراقيين من نظام عبودي ما عاد قادراً على إطاحته سوى الله أو أمريكا، وحتى ولو إن خروج القوات الأمريكية كان مؤكداً (بتقديراتي الشخصية على الأقل)، إلا أنه مُذل على المدى القصير للشعب وللفرد خاصة بوجود من مارس الإستهانة بإرادة الشعب وممثليه بغية عرقلة بناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية وعلى أنقاض النظام الطغموي.

بلغت الإستهانة بقيم الوطنية حداً خطيراً فصارت إئتلافات وشخصيات سياسية تدعو للتدخل العسكري وغير العسكري الخارجي في كل صغيرة وكبيرة بحجج واهية وحاولت الإستفادة من وقوع العراق أسيراً مكبلاً بسلاسل الفصل السابع فحمَّلوه بأكثر مما يحتمل من صلاحيات  لإستثارة المجتمع الدولي ضد وطنهم المفترض بدلاً من مساعدته على التحرر من تلك العقوبات.

 لقد بلغ الحال من السوءً حتى أن عدداً من قادة إئتلاف العراقية وعلى رأسهم السيد أياد علاوي دعوا إلى تدخل عسكري أمريكي (بعيد الإنسحاب بأيام معدودة) بزعم وجود حرب أهلية قائمة في العراق أخفق الرئيس أوباما في رصدها!! وذلك في رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة النيويورك تايمز.

وذاك نائب رئيس الجمهورية، السيد طارق الهاشمي، الذي أقسم على القرآن بصيانة سيادة العراق وأمنه وإستقلاله تبين فيما بعد أنه متهِم ب(150) جريمة إرهابية، وتَوَقَّعَ بتأريخ 1/2/2012 في فضائية أل (سي.إن.إن.) (من باب الأمل والتحبيذ) أن "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة".

كما أن نائب رئيس الجمهورية، عينه، طلب من الرئيس الأمريكي بوش تجاوزَ الديمقراطية والبناء الديمقراطي في العراق وعقد صفقة مصالح متبادلة مع الطغمويين، حسبما نقلت صحيفة (ألبيسو) الإسبانية في تقرير لمراسلها في واشنطن عام 2007.

من تداعيات هكذا مواقف لا وطنية أن قيمة الوطنية قد إنحطت في العراق لدى بعض الناس بقدر مرعب حتى أن عدداً من شباب الفيسبوك أعربوا عن خيبة أملهم بأمريكا لأنها لم ترسل جيوشها لإحتلال بغداد ثانية وإطاحة حكومة المالكي لمجرد أن ذلك البعض قد خرج في تظاهرة في ساحة التحرير يوم 25/2/2011 دعوا فيها إلى إسقاط الحكومة بعد أيام من نشرهم بياناً كرر شعار "الموت للديمقراطية التي......." لأكثر من عشر مرات.

(ج): إعتماد التأجيج الطائفي والعنصري من قبل الطغمويين من أجل التغطية على فيض جرائم نظامهم ومسؤوليته في التسبب بإحتلال العراق ومحاولة التنصل من هذه المسؤولية وإلقائها على عاتق الديمقراطيين وتخوينهم. كل ذلك زاد من إضعاف الشعور الوطني لدى قسم من الجمهور.

(د): الدور المشين الذي لعبه المتخوفون من مستقبل الديمقراطية العراقية  في المنطقة ودور إعلامهم التخريبي وأخص بالذات فضائية الجزيرة القطرية وكثيراً من الصحف.
أورد مثلاُ على التشويش الفكري. كتب السيد عدنان حسين مقالاً في صحيفة "الشرق الأوسط" بتأريخ 31/10/2006 أقتطفُ منه المقطعَ التالي الذي يدل على عدم إتزانه وعدم موضوعيته وتحيزه الطائفي: ".... وكان من الممكن الحؤول دون نشوب مقاومة مسلحة واسعة وقوية، كما هو حاصل اليوم، لو أن الطبقة السياسية الجديدة في بغداد، خصوصاً العربية وبالذات الشيعية، تصرفت بحكمة وإيثار ووطنية متجاوزة الأحقاد والضغائن ومترفعة عن نزعة الثأر والإنتقام".

للعلم أن السيد عدنان كان موظفاً في صحيفة الشرق الأوسط السعودية الصادرة في لندن وكان يشتم المعارضة العراقية فيها، وأصبح الآن نائباً لتحرير صحيفة المدى.

(هـ): الإرهاب البشع الذي ضرب العراق وسط إدراك الجميع الرعايةَ والحمايةَ والتسترَ الذي أولاه الطغمويون له، ووسط إدراك الجميع أن هدف ذلك الإرهاب هو إستعادة النظام الطغموي ما سبب الإحباط لدى المواطن إذ هز جدوى تمسكه باللحمة الوطنية.

(و): نجاح خطة هجومية إعلامية طغموية خبيثة لزرع الشكوك وعدم الثقة وقد إنطلت على كثيرين حتى على بعض الطيبين لا لتصديقها وحسب بل ولترويجها أيضاً.

(ز): التطرف في ممارسة النقد حتى إنقلب بعضه وبالاً. فالمبالغة والتعميم في قضايا الفساد وعدم مقاربته مقاربة موضوعية وإستخدامه للتسقيط السياسي والدعاية السياسية أشاع روح اليأس واللاأبالية لدى المواطن البسيط خاصة وأن العراق الجديد قد ورث بلداً محطماً من النظام السابق بسبب الحروب الخارجية والداخلية، ولا يُنسى دور المحتل في هذا الصدد.

(ح): إبتلاء العراق بإرث ثقيل من السلبيات، رافق سماته الإيجابية الأصيلة، وطَبَع شخصية ونفسيةَ الفرد العراقي بالتمرد والشك بالحاكم والإستعجال وطلب الكمال بلمح البصر واللاواقعية والملل السريع من الحاكم وعبادة الفرد والتعصب.

والأسوأ هو إستغلال هذه السمات في التنافس والصراع والتسقيط السياسي.

هذه السمات ستضعف وتتغير أو تزول بمرور الزمن إذا ما أثبت النظام الديمقراطي قدرته على تعميق صيانة الحريات العامة ومنع حصول حالة قمع تعزز تلك السلبيات في المطاف الأخير، وعلى تحقيق مزيد من الإنجازات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وغيرها خاصة في مجال تحقيق العدالة الإجتماعية وإنصاف الفقراء بالذات وهو إلتزام دستوري أقسم الجميع على إحترامه. وهذا بدوره يعتمد على العراقيين حكومة وبرلماناً وقضاءاً وجماعات وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني وأفراداً، ويعتمد على تصرفهم الديمقراطي السليم بدعم الحكومة المنتخبة ونقدها على طول الخط نقداً موضوعياً بناءاً.

رغم السلبيات التي ذكرتُها في وصف بعض جوانب الشخصية العراقية، إلا أن تطورها نحو الأفضل يظهر جلياً إذا ما  إستعرضنا ما قيل بحقها تأريخياً إلا أن بعض آثارها مازالت باقية للآن:

قال الإمام علي " يا أهل العراق , ما شغب شاغب أو نعب ناعب أو زفر كاذب , إلا كنتم أشياعه وأتباعه وحماته وأنصاره  ....".
ويُنقَل عن معاوية بن أبي سفيان أنه أوصى إبنه يزيد قائلاً: "إذا أراد منك أهل العراق أن تغير لهم الوالي كل يوم فإفعل ذلك".
وبعد سنتين تقريباً من قيام ثورة 14 تموز عام 1958، وصفت صحيفة الأوبزرفر البريطانية الشعب العراقي بكونه صعب القياد أو المراس، أو لا يمكن حكمه (ungovernable).
ويقول الدكتور علي الوردي إن العراقي هو جيمس ستيوارت في الظاهر وملا عليوي في الباطن.
وكتب إبراهيم علاوي، المهندس المعماري الإستشاري والقيادي في الحزب الشيوعي العراقي (القيادة المركزية)، بأن الشعب العراقي، على مر التأريخ، يتجه تماماً عكس ما يريد حكامه، أي بعكس المقولة المعروفة "الناس على دين ملوكهم".
ولكن سمة التطرف مازالت ضاربة أطنابها في الشخصية العراقية المعاصرة.
يتطلب الأمر تكاتف الجميع للخروج من هذه الحالة الشاذة وإعادة القدسية والهيبة للوطنية، وعدم إخضاع مخرجات المرحلة الراهنة للمزايدات والتعصب والكسب الضيق.


48
مطالبة إئتلاف العراقية بإقالة وزير الكهرباء
محمد ضياء عيسى العقابي
جاء في الأخبار أن كتلة وزير الكهرباء السيد عبد الكريم عفتان تطالب بإقالته حسب التصريح المدرج في الهامش رقم (1) أدناه.
للأسف، إن تصرفات أطراف وقادة ما تبقى من إئتلاف العراقية أجبرني على نزع الثقة منهم ومن نواياهم. حتى أن تشخيصي لدورهم في العراق لا يعدو أن يتركز على محاولة إستلاب السلطة ثانية بأية وسيلة حتى ولو كانت غير شرعية، وإلا فالتخريب هو نهجهم حتى ينهكوا الوضع عسى أن تستقر الكرة أخيراً في أحضانهم، كما يظنون. العجيب أنهم لا يهجرون هذا الأسلوب المدمر للعراق رغم فشل محاولات عديدة من جانبهم وليس هناك من أمل في نجاح هكذا مخططات خطيرة.
 
قد تأتي هذه المطالبة بإقالة وزير الكهرباء  من باب جعل العراق في حالة عدم إستقرار. وقد تكون  جزءاً من محاولة تشويش البلد كالخبر الآخر الذي أتى به القيادي  في إئتلاف العراقية السيد جمال الكيلاني والذي بشرنا فيه بأن تركيا أبدت إستعدادها للتدخل بين العراقيين لتسوية "مشاكلهم" وكأن العراقيين قاصرون؛ أو ما أعلنته السيدة ميسون الدملوجي من أن السيد علاوي رئيس إئتلاف العراقية طلب من مساعديه إعداد مذكرة ترفع إلى القمة العربية تشكو مظالم الإئتلاف.
 
للأسف هذه كلها مناورات يُقصد منها خلق حالة من التشوش والقلق والبلبلة لكي يحولوا دون خلق بيئة مناسبة لجذب المستثمرين وتشجيع الدول على حث مواطنيها للدخول في مشاريع في العراق ولإشغال الحكومة والجهاز التنفيذي. والأكثر من هذا إنهم يخلقون البيئة المناسبة لإنتعاش إرهاب القاعدة ثانية خاصة وأن رئيس الأركان الأمريكي قد صرح اليوم (حسب راديو سوا) بأن تنظيم القاعدة بدأ ينشط في العراق وسوريا.
 
هذا في الوقت الذي لا يبذل قادة إئتلاف العراقية أي جهد لحث ناخبيهم على التعاون مع الدولة لمكافحة الإرهاب.
كما أنهم لا يطالبون بتطهير وزارة الكهرباء من الفاسدين سياسياً ومالياً ومعظمهم زكتهم أجهزة الأمن البعثي الطغموي(2) وأبقاهم الأمريكيون في مواقعهم دون أن تمتد إليهم يد التطهير، لأن الأمريكيين أرادوا أن يبقى العراقيون في ظلام دامس مقطوعي الإتصال مع بعضهم للحيلولة دون تشكيل رأي عام عراقي موحد عبر وسائط الإعلام المسموعة والمرئية وتركهم مشتتين ليتسنى  صهرهم وإعادة سبكهم في قوالب أمريكية. ومن ناحية أخرى أرادوا إثارة تذمر الجمهور ضد حكومة الإئتلاف العراقي الموحد لا لأنها حكومة أحزاب دينية، كما يتوهم البعض، بل لأنها الوحيدة القادرة على الوقوف بوجههم وبالفعل إستطاع التحالف الوطني لوحده إخراج القوات الأمريكية رغم معارضة الآخرين داخل البرلمان وخارجه كل لهدفه الخاص.
قبل أسابيع قليلة وفي مقابلة للدكتور أحمد الجلبي النائب وزعيم المؤتمر الوطني مع الإعلامي حميد عبد الله كشف الجلبي أنه بعد تولي المالكي رئاسة الوزارة قال إن أولويتي تتركز على الأمن والكهرباء. أجابه الجنرال كيسي مباشرة: "إنسَ الكهرباء" وكرر العبارة وكان ذلك أمام الجلبي وآخرين كانوا في الإجتماع.
علم الأمريكيون جيداً الدور التخريبي الذي لعبه هؤلاء القابعون في وزارة الكهرباء، إليك الدليل:
نقلت فضائية الحرة عن صحيفة النيويورك تايمز بتاريخ 9/3/2006 ما يلي بخصوص الفساد في وزارة الكهرباء: "هناك آلاف العمال في قطاع الكهرباء موجودون على الورق فقط بسبب الفساد"؛ ومضت قائلة "كما أن ضرب خطوط الكهرباء في أماكن معينة وأوقات معينة مرتبطة بحمل كميات كبيرة من الكهرباء ليدل على أن الإرهابيين يعرفون ما يعملون، فلديهم معلومات من داخل الجهاز الوزاري، معلومات فنية دقيقة لا يعلمها إلا المختصون".
ولكن رغم ذلك رفض الأمريكيون خطة عراقية أفصح عنها العميد آمر حماية المنشآت الكهربائية وخطوط أنابيب التغذية بالوقود وذلك لحماية المنشآت وخطوط التغذية تعتمد على أحدث النظم التقنية وإستخدام الهليكوبترات بتكلفة تبلغ مليوني دولار فقط.
 أنا شخصياً لي تقييم لوزير الكهرباء السيد عفتان غير تقييم الكتلة التي ينتمي إليها. لقد شاهدته على مدى خمسين دقيقة في مقابلة مع الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد في فضائية الحرة (برنامج حوار خاص). لمست منه أمرين:
أولاً:معرفته الدقيقة بما يجري في وزارته وهو منشغل بأمورها ولم ينشغل بالتجريح بالآخرين وبالحكومة وبمحاولة تسقيطهم كما فعل  وزير  الزراعة السيد عز الدين الدولة في أول أيامه ما إضطرني إلى كتابة مقال إنتقدت فيه أقواله في ندوة في فضائية الحرة أيضاً.
ثانياً: أن هناك خطة للكهرباء موضوعة من قبل الوزارة وجرى التعاقد على إنشاء محطات كثيرة وهو منشغل بمتابعتها. غير أن الملفت هو أن إئتلافه يطلب منه نتائج كبيرة في تحسين حالة الكهرباء في فترة زمنية قصيرة نسبياً. فهل هو الحرص الحقيقي الذي جعل الإئتلاف يتخطى الواقعية ويطلب الإسراع غير العملي؟
 أم لأن الوزير عفتان لم يقاطع جلسات مجلس الوزراء كما فعل الآخرون فأرادوا معاقبته؟ كما أنه لم ينظم لجوقة الطاعنين بالحكومة ورئيسها وهذه ليست المرة الأولى التي يُهاجم فيها الوزير الجيد من قبل نفس الجهة التي رشحته. لقد سبق أن هوجم الدكتور سعدون الدليمي وزير الدفاع في وزارة الدكتور الجعفري من قبل جبهة التوافق التي رشحته لأنه كان ومايزال الرجل مخلصاً في عمله ووطنيته(3)، وكذلك وزير التخطيط الكفوء والوطني الدكتور علي بابان وحتى وزير الدفاع السابق اللواء عبد القادر العبيدي طلبوا إقالته في وقت ما. وكذلك مرشح إئتلاف العراقية لوزارة الدفاع الدكتور خالد العبيدي؛ فما أن وافق التحالفان الوطني والكردستاني عليه حتى سحبوا ترشيحه وتعرض الرجل لمحاولة إغتيال في الموصل.
هذه عوامل تدفعني إلى الشك في هذه الغيرة المفاجئة لدي إئتلاف العراقية. أدعو لهم الصلاح.
وآمل أن يكون الوزير السيد عبد الكريم عفتان عند حسن ظننا به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): أكد نائب عن كتلة الحل المنضوية داخل /ائتلاف العراقية/ عن إصرار كتلته على سحب الثقة من وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان   ، كاشفاً عن موافقة اعضاء البرلمان لسحب الثقه عنه بسبب عدم تمكنه من تحسين الطاقة الكهربائية وليس له خطة مستقبلية.

وقال النائب الذي رفض الكشف عن اسمه في تصريح خص به (الوكالة الاخبارية للانباء) اليوم الخميس: أن كتلة الحل ستقدم طلباً الى رئاسة مجلس النواب بسحب الثقة عن وزير الكهرباء عبد الكريم عفتان بسبب الخلل في ادائه.

وأضاف: ان التصريحات المرتبكة والمتناقضة لمسؤولي وزارة الكهرباء وخاصة الوزير الذي يطلق وعود بتحسين الطاقة الكهربائية ولم يكن الوعود حقيقية لذا قررت وزارة كتلة الحل باعتبار ان الوزير من الكتلة بسحب الثقة عن الوزير.

وتابع النائب عن ائتلاف العراقية: كان من المؤمل من الوزير عند تسليمه الوزارة ان تتحسن الطاقة الكهربائية وينعم البلد بأستقرار وخدمة كهربائية اسوة بمواطنين الدول الاخرى التي تفتقر الى ربع المبالغ السنوية المرصودة لوزارة الكهرباء، مبيناً: عدم وجود خطة مستقبلية لوزارة الكهرباء من اجل تحسين الطاقة الكهربائية.

وطالب النائب: جميع الكتل السياسية بمحاسبة وتقيم اداء وزرائها وتصحيح الخلل الذي ترصده في اداء اي مفصل من مفاصل الدولة بعيداً عن التعصب الحزبي والسياسية .
(2): الطغمــويــــون والنظـــــــم الطغمــــــــــــوية:
الطغمويون هم أتباع النظم التي تشكل الطغمة رأسها وكوادرها. والنظم الطغموية هي  التي حكمت العراق منذ تأسيسه الحديث وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي،
 
مرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية.
 
والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.
 
مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه.
 
بلغ الإجرام البعثي الطغموي حدَّ ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.
 
تسبب النظام البعثي الطغموي في إحتلال العراق من قبل تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. من جانبه، لم يكترث الشعب العراقي بالدفاع عن النظام لأن ذلك النظام نظر إلى المعارضة السياسية العريضة بكونها مجموعة خونة ولم يبدِ أي إستعداد للتصالح معها؛ كما إن الشعب قد بلغ حالة اليأس أمام جبروت ذلك النظام الوحشي وأذرعه العسكرية والأمنية المتوحشة فإقتنع بعدم القدرة على إطاحته سوى على يد الله أو أمريكا.   
 
والطغمويون البعثيون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية بعد سقوط نظامهم، في حين كانت مُبَرْقعَةً من قبل، وذلك لجعلها مركز جذب لكل أعداء الديمقراطية المرتقبة بعد أن أفلست جميع مواقفهم الستراتيجية المختزلة بشعار"وحدة حرية إشتراكية" إذ جعلوه شعاراً تكتيكياً أُخضع لمقتضيات إستلاب السلطة من الشعب بالقوة والإحتفاظ بها وإستغلال خيراتها، الأمر الذي لم يعد صالحاً لديمومة الولاء فطرحوا الشعار الطائفي  لإبقاء البعض الفاشي مقاتلاً النظام الديمقراطي الجديد.
 
 كما مارس الطغمويون الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، أي الطائفية والإرهاب، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل.
 
كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
 
(3): الوطــنــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة:
الأصل في الوطنية أن يحترم المواطن حكومة بلاده المنتخبة وقوانين وتشريعات البلد على ألا يمنعه، المواطنَ، أيُّ عائق من ممارسة حريته في التظاهر والإحتجاج السلمي والنقد البناء والمسؤول مهما بلغ من الشدة في ظل نظام ديمقراطي أو في طريقه إلى الديمقراطية ذي المعايير الدولية التالية: التعددية، ضمان الحريات الشخصية والعامة، وجود دستور مدني دائم للبلاد مقر بإستفتاء شعبي حر مع إحترامه والإلتزام به كأعلى مرجعية؛ التداول السلمي للسلطة عبر الإحتكام إلى صناديق الإقتراع في إنتخابات حرة ونزيهة بإشراف هيئة مستقلة ومراقَبة من قبل الهيئات الدولية؛ الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية؛ وإحترام حرية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.
 
من غير الوطنية: إعاقة التشريع بطرق غير قانونية، إعاقة عمل الحكومة والمصالح الوطنية بطرق غير شرعية، التأثير على القضاء بطرق غير مشروعة، ممارسة الفساد بأنواعه، تفضيل مصالح الغير على مصالح الوطن، التخابر مع دولة عدوة وأجنبية، إستعداء الخارج على الحكومة والداخل، تشويه سمعة البلد أو الحكومة في الخارج لأهداف حزبية أو فئوية.
ومن أخطر الممارسات غير الوطنية هي ظاهرة التحزُّب بمعنى وضع مصلحة الحزب أو الجماعة أو الطائفة أو القومية فوق مصلحة الوطن، مهما كانت المبررات وأكثرها شراً وإذاءاً هي رفض الآخر وعدم الإيمان بسواسية البشر لسبب أو آخر أي يتوجب إحترام حقوق الإنسان حسب الوثيقة الصادرة عن الأمم المتحدة بهذا الخصوص.
بتشخيصي، فإن جوهر أزمة الوضع العراقي الذي نشأت بعد 2003 والإنتخابات تكمن في هذا النهج ليس لدى إئتلاف العراقية وحسب بل لدى الآخرين بدرجات متفاوتة.
ومن العوامل المخلة بالوطنية هو التعامل مع الحكومة المنتخبة بموجب حكم مسبق متزمت عليها منطلِق من إيمان فكري إيديولوجي.
 
مارست الجماعات السياسية العراقية، وخاصة اليسارية منها، أقصى درجات المرونة والإيجابية مع حكومات دكتاتورية بشعة فاشية لمجرد أنها إدعت النية في خدمة البلد والشعب بشكل غامض غير محدد تَبَيَّنَ أنه كيدي. يصبح من الأولى، إذاً،التمسك بنفس القدر من ذلك الحرص العالي، إن لم يكن أكثر، حيال النظام الجديد والحكومة المنتخبة حتى بالقدر الذي أحرزه من مستلزمات الديمقراطية لحد الآن، مع طلب المزيد من هذا النظام الديمقراطي الوليد.
 
في ظل ظروف العراق الحديث التي أفرزتها النظم الطغموية وبالأخص النظام البعثي الطغموي الذي أجج ومارس التطهير الطائفي والعنصري بصورة ممنهجة رعتها وحمتها دولته ونظامه الدكتاتوري الديماغوجي، وفي ظل ما أنتجه في المجتمع العراقي، من طائفية وحقد أعمى وإجرام إرهابي هائل، الشحنُ الطائفي فائقُ الكثافة الذي بثه الطغمويون والتكفيريون المحليون والأجانب، بعد سقوط نظامهم الطغموي في 2003 وبحجة كاذبة هي "مقاومة" الإحتلال،أصبحت الديمقراطية شرطاً لازماً من شروط الوطنية. فالوطنية تعني ضمان أمن المواطنين أولاً، وتحقيق الكفاية وإحترام الكرامة والعقائد والأفكار ثانياً، والحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلاد ثالثاً؛ وكل هذه الحاجات الإنسانية الأساسية لا يمكن تحقيقها إلا في ظل نظام ديمقراطي حقيقي يرقى إلى المعايير الدولية.
 
على أن تطوير النظام الديمقراطي المنشود بناءاً على ما تحقق من إنجازات هامة لحد الآن، لا يتم عبر إستفزاز السلطة ودفعها نحو مواقع القمع؛ والمزايدات والإثارة والتجريح والتحقير  ومحاولات التشويش والتشويه وترويج الإشاعات والتسقيط والكسب الرخيص والتطاول على مقدسات الناس؛ والإستفادة، إنتهازياً، من ترويج منتجات حقبة شل يد الحكومة ونقص الخدمات والدفع بإتجاه التشتيت والتخريب؛ وأخيراً الوقوف، موضوعياً ومن حيث لا نشعر، في خندق فكري واحد مع الطغمويين والتكفيريين أعداء الديمقراطية.
 
هناك عدة عوامل أدت بمجموعها إلى الحط من قيمة الوطنية لدى المواطن العراقي ينبغي تداركها. هذه العوامل هي:
 
(أ):إبتلاء العراق بنظم طغموية طائفية عنصرية دكتاتورية ديماغوجية، مارس آخرها، أي النظام البعثي الطغموي، أقصى درجات التهميش والإقصاء والإضطهاد الذي بلغ حد التطهير العرقي والطائفي والإبادة والتهجير الجماعيين ما نتجت عنه الإستهانةُ والإطاحة بكل القيم والمثل الوطنية والإنسانية وخلقُ حالة من اليأس واللاأبالية لدى الفرد العراقي.
 
(ب): إحتلال العراق إذ إن الإحتلال، حتى ولو إنه حرر العراقيين من نظام عبودي ما عاد قادراً على إطاحته سوى الله أو أمريكا، وحتى ولو إن خروج القوات الأمريكية كان مؤكداً (بتقديراتي الشخصية على الأقل)، إلا أنه مُذل على المدى القصير للشعب وللفرد خاصة بوجود من مارس الإستهانة بإرادة الشعب وممثليه بغية عرقلة بناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية وعلى أنقاض النظام الطغموي.
 
بلغت الإستهانة بقيم الوطنية حداً خطيراً فصارت إئتلافات وشخصيات سياسية تدعو للتدخل العسكري الخارجي في كل صغيرة وكبيرة بحجج واهية وحاولت الإستفادة من وقوع العراق أسيراً مكبلاً بسلاسل الفصل السابع لإستثارة المجتمع الدولي ضده بدلاً من مساعدة وطنهم المفترض على التحرر من تلك العقوبات.
 
 لقد بلغ الحال من السوءً حتى أن عدداً من قادة إئتلاف العراقية وعلى رأسهم السيد أياد علاوي دعوا إلى تدخل عسكري أمريكي (بعيد الإنسحاب بأيام معدودة) بزعم وجود حرب أهلية قائمة في العراق أخفق الرئيس أوباما في رصدها!! وذلك في رسالة مفتوحة نشرتها صحيفة النيويورك تايمز.
 
وذلك السيد نائب رئيس الجمهورية، طارق الهاشمي، الذي أقسم على القرآن بصيانة سيادة العراق وإستقلاله إتُهِم فيما بعد ب(150) جريمة إرهابية، وتَوَقَّعَ بتأريخ 1/2/2012 (من باب الأمل والتحبيذ) أن "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة".
 
كما أن هناك تقرير آخر من صحيفة البيسو الإسبانية حول طلب نائب رئيس الجمهورية، عينه، من الرئيس الأمريكي بوش تجاوز الديمقراطية والبناء الديمقراطي في العراق وعقد صفقة مصالح متبادلة مع الطغمويين.
 
من تداعيات هكذا مواقف لا وطنية أن قيمة الوطنية قد إنحطت في العراق لدى بعض الناس بقدر مرعب حتى أن عدداً من شباب الفيسبوك أعربوا عن خيبة أملهم بأمريكا لأنها لم ترسل جيوشها لإحتلال بغداد ثانية وإطاحة حكومة المالكي لمجرد أن ذلك البعض قد خرج في تظاهرة في ساحة التحرير يوم 25/2/2011 دعوا فيها إلى إسقاط الحكومة بعد أيام من نشرهم بياناً كرر شعار "الموت للديمقراطية التي......." لأكثر من عشر مرات.
 
(ج): إعتماد التأجيج الطائفي والعنصري من قبل الطغمويين من أجل التغطية على فيض جرائم نظامهم ومسؤوليته في التسبب بإحتلال العراق ومحاولة التملص من هذه المسؤولية وإلقائها على عاتق الديمقراطيين وتخوينهم. كل ذلك زاد من إضعاف الشعور الوطني لدى قسم من الجمهور.
 
(د): الإرهاب البشع الذي ضرب العراق والجميع يعلم أن هدفه هو إستعادة النظام الطغموي ما سبب الإحباط لدى المواطن إذ هز جدوى تمسكه باللحمة الوطنية.
 
(هـ): نجاح خطة هجومية إعلامية طغموية خبيثة لزرع الشكوك وعدم الثقة وقد إنطلت على كثيرين حتى على بعض الطيبين لا لتصديقها وحسب بل ولترويجها أيضاً.
أحدث مثال على الهجوم الطغموي الإعلامي، ما كتبه السيد نائب رئيس تحرير صحيفة المدى عدنان حسين وإتهامه الحكومة العراقية بالتورط بالأعمال الإرهابية التي حصلت يوم 23/2/2012، إذ كتب بكل وقاحة ما يلي: " هل تنظيم القاعدة وفلول نظام صدام أقوى من دولتنا ؟ أم أن ما حدث يوم الخميس وسواه من الأيام دبرته أو تواطأت فيه جهة أو جهات في دولتنا في إطار الصراع الوحشي بين القوى التي تتألف منها النخبة الحاكمة من أجل المال والسلطة والنفوذ؟
نعم، هي أسئلة تشير بالاتهام إلى النخبة الحاكمة بكل قواها إلى أن تثبت بالأدلة القاطعة أنها بريئة."
 
(و): التطرف في ممارسة النقد حتى إنقلب بعضه وبالاً. فالمبالغة والتعميم في قضايا الفساد وعدم مقاربته مقاربة موضوعية وإستخدامه للتسقيط السياسي والدعاية السياسية أشاع روح اليأس واللاأبالية لدى المواطن البسيط خاصة وأن العراق الجديد قد ورث بلداً محطماً من النظام السابق بسبب الحروب الخارجية والداخلية.
 
(ز): إبتلاء العراق بإرث ثقيل طَبَع نفسيةَ الفرد العراقي بالتمرد والشك بالحاكم والإستعجال وطلب الكمال بلمح البصر واللاواقعية والملل من الحاكم. (هذه السمات ستنضج وتتغير أو تزول بمرور الزمن إذا ما أثبت النظام الديمقراطي قدرته على تحقيق مزيد من الإنجازات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وفي المجالات الأخرى وخاصة في مجال تحقيق العدالة الإجتماعية وإنصاف الفقراء بالذات).
 
والأسوأ هو إستغلال هذه السمات في التنافس والصراع والتسقيط السياسي.
 
يتطلب الأمر تكاتف الجميع للخروج من هذه الحالة الشاذة، وعدم إخضاع هذه المسألة للمزايدات والكسب الضيق.





49
هل مشاكل العراق قليلة لتزيد فيها يا سيد مقتدى؟
محمد ضياء عيسى العقابي
جاء في الأخبار أن السيد مقتدى الصدر هدد باستهداف موظفي السفارة الأمريكية اذا استمروا بالتجول في شوارع بغداد.
في أصول إدارة الدولة المتحضرة أمران مهمان:
الأول: لا يجوز إستخدام القوة العنفية أو التهديد بإستخدامها من طرف أية جهة في البلاد حتى ولو كانت مشاركة في الحكومة، ضد أي طرف داخلي أو خارجي. إذ أن هذا حق محصور بالحكومة المنتخبة وهي التي تمثل الشرعية المطلقة في البلاد لا غير.
وإذا شعر أي حزب أو جهة أو شخص بضرورة إستخدام القوة فما عليه إلا طرح الموضوع على الحكومة للنظر فيه والتصرف وفق ما ترتئيه هي لا غير.
الثاني: إن قوام السفارات وحركة أفرادها في العاصمة بغداد  تتولاها الحكومة العراقية حصراً وتنظمها البروتوكولات الدولية والمعاهدات الثنائية.
وإذا رأى حزب أو كيان سياسي أوغير سياسي أو شخص خللاً في تصرفات أفراد سفارة ما، فما عليه إلا تقديم طلب أو شكوى لدى الحكومة العراقية للنظر في الموضوع والتصرف وفق تقديراتها هي لا غير.
ونظراً للثقة الكبيرة التي أوليها، كمواطن عراقي، للحكومة العراقية التي يرأسها السيد نوري المالكي الذي أبدى الحرص كل الحرص على إسترجاع سيادة العراق كاملة غير منقوصة، وسهر على الحفاظ عليها وصيانتها وتدعيمها في وجه دعوات وممارسات البعض الداخلي للإستهانة بهذه السيادة وإستعداء الخارجيين في المنطقة (الذين إستجابوا برحابة صدر!!) والعالم على العراق وسيادته وإستقلاله، لذا:
فإنني أدين تصريحات السيد مقتدى الصدر التي أوردتها الصحف العراقية والتي هدد فيها موظفي السفارة الأمريكية في بغداد بكيفية منافية لسيادة الحكومة العراقية المنتخبة على البلاد ومسؤولياتها الدستورية، علماً أن السفارة الأمريكية هي سفارة دولة صديقة وحليفة؛ وعلاقة جمهورية العراق معها قائمة على الشفافية والإحترام المتبادل والمصالح المشتركة؛ وما كان للعراق من أمل في  إبصار نور الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان لولا المساعدة الأمريكية الكبيرة.
لا مشاكل العراق قليلة ولا أعداء ديمقراطيته المتنوعين قليلون لتضيف إليهم المزيد يا سيد مقتدى. إرحم شعبنا.

50
شهداء وجرحى ودماء: قالوا كل شيء ولم يقولوا المفيد!!
محمد ضياء عيسى العقابي
ليس بالأمر المستغرب جداً حصول الهجمات الإرهابية بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة ليسقط على أثرها (45) شهيداً وأكثر من (220) جريحاً؛ ولتطال محافظات بغداد (في 19 موقعاً)، وبابل (التي حذر رئيس الوزراء عن تمركز القاعدة في جرف الصخر شمال بابل قبل يوم من الإنفجارات)، وديالى (في 9 مواقع)، وصلاح الدين (في 5 مواقع)، وكركوك (في موقعين)، والموصل والرمادي.
ما من أحد إدعى الهزيمة الكاملة للإرهاب ولكن هناك من إدعى، وهو على حق، بأن الإرهاب قد قُصم ظهره.
أقول ليس مستغرباً حصول الهجمات لأنها يمكن أن تحصل في أي بلد إذا توفرت ما يتوفر في العراق من تفرد في الدناءة والفكر المتخلف والجشع الطغموي(1) الطائفي(2) المتعلق بالسلطة المفقودة وكلها عوامل حالت دون إكتمال الطوق حول الإرهاب ومصادره وممارسيه. فالمتفجرات ووسائل التفخيخ موجودة في كل الدنيا ولكن العوامل المذكورة غير متوفرة.
بغياب تلك العوامل، تنتشر ثقافة الحرص على الأخوّة الوطنية ومصلحة الوطن خاصة في ظل نظام يسعى بجد إلى أن يكون ديمقراطياً حقيقياً مكتملاً وسط محاولات من كل الأطراف المعارضة الداخلية والخارجية الرامية إلى إستفزاز حكومة التحالفين الوطني والكردستاني لدفعها نحو الكتاتورية لأنه طريق سقوط الحكومة (وهو الهدف) وسقوط العراق (وهو المنسي وسط هستيريا المصالح الضيقة والأفكار المسبقة) .
وهنا يلعب الوطنيون والديمقراطيون الحقيقيون أدوارهم في إقناع الجماهير وحثهم على التعاون مع الدولة في سبيل القضاء على الإرهاب.
غير أن خروج البعض عن رواق الوطنية(3) والديمقراطية جعل الأمر ليس بالهيِّن.     
فلقد لفتت إنتباهي مواقف إئتلاف العراقية وبعض قادته والمتحدثين بإسمه، أتناولها أدناه:
أولاً - إئتلاف العراقية أصدر بياناً حمّل فيه، وكالعادة، الأجهزة الأمنية المسؤوليةَ ناسياً، هذه المرة، تذكّرَ وجود نائب لرئيس الجمهورية مرشح من قبلهم متهم بالوقوف وراء أكثر من (150) جريمة إرهابية سمعها قادة الإئتلاف من الجنرال بتريوس قبل أن يسمعها الشعب من القاضي عبد الستار البيرقدار، المتحدث الرسمي بإسم مجلس القضاء الأعلى في العراق.
ثانياً - لم يخجل رئيس الإئتلاف السيد أياد علاوي من أفعال الهاشمي، الأشد خزياً وعاراً، بل أعلن عزمه، عبر راديو سوا بتأريخ 24/2/2012، على طرحها، بجانب أمور أخرى (كقضية المتحلل من الأخلاق العامة السيد صالح المطلك)، على مؤتمر القمة العربي الذي حثه السيد أياد، غمزاً، على التريث في الإنعقاد بسبب التفجيرات، وإلغاء القمة هو بيت القصيد كما يُشم من مجمل تصريحاته. كل ما أرجوه من السيد أياد أن يذكَر مؤتمر القمة بضرورة عدم التهاون في قضية الهاشمي وإلا فالهاشمي قد يمد مساحة التغطية للفتوى التي أطلقها بإعلان الجهاد في سبيله كفرض عين، وقد أُعذر من أَنذر.
مشاريع الدكتور أياد لصالح الديمقراطية العراقية عديدة. في عام 2007 قدم مشروعاً لوزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك الدكتورة كونداليزا رايس أوضح فحواه حليفه السيد أسامة النجيفي قائلاً إنه تضمن إلغاء الدستور والعملية السياسية.
ثالثاً - لم يكتفِ ذلك الإئتلاف ببيانه، فأدلت المتحدثة الرسمية بإسمه السيدة ميسون الدملوجي بتصريح دعت فيه الحكومة العراقية إلى تقديم إستقالتها ليتسنى لمجلس النواب تشكيل حكومة قادرة على توفير الأمن للمواطنين.
الكلام جميل غير أنه سيضع مجلس النواب في حيرة عمن يختار لقيادة الأجهزة الأمنية فهناك "كفاءات" عديدة يصعب إختيار واحدة دون أخرى. آتي ببعض منها فقط:
 - السيد طارق الهاشمي الذي أمسى ناراً على علم في كفاءته وإخلاصه (المتهم بريء حتى تثبت إدانته!!). تقرير مراسل صحيفة (البيسو) الإسبانية في واشنطن عام 2007 أشار إلى أن السيد الهاشمي إستجدى من الرئيس بوش تسليم الطغمويين المراكز الرئيسية في العراق مقابل تلبية وخدمة جميع المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة (أشار إلى إسرائيل برمز "قضية الشرق الأوسط" التي تريد الحكومات السنية حلها وتعارض ذلك إيران التي تهدد مضيق هرمز أيضاً على حد قول الهاشمي حسبما ورد في الصحيفة). غير أن الرئيس بوش وبخه وطلب إليه نسيان البعث والعشائرية مع وجوب تمتع الناس كالشيعة بحقوقهم السياسية.
- القيادي المستجد في إئتلاف العراقية السيد جواد البولاني وزير الداخلية السابق الذي صدر أمر إلقاء قبض عليه وعلى أخيه أياد وخاله وفق المادة 4 إرهاب (المتهم بريء حتى تثبت إدانته!!)،
- وزير سابق تحدث عنه النائب السيد جواد البزوني وقال إنه على وشك الهرب خارج العراق على خلفية فساد في صفقة الطائرات المشتراة من أوكرانيا (هذه ليست صفقة طائرات السيد حازم الشعلان وزير الدفاع في وزارة الدكتور أياد علاوي)،
- الدكتور السيد صالح المطلك: عندما يختلف السيد صالح مع رئيس الوزراء لا يستقيل كما يفعل كل إنسان سويّ في هذه الدنيا، بل يذهب للفضائيات الدولية ليشتم رئيسه ويتوقع أن يعود في اليوم التالي ليجلس في مجلس الوزراء إلى جوار الرئيس الذي إشمأز من رائحته النتنة فتوسل بالرلمان أن بنجيه منها. لم يستقل الدكتور صالح لأنه يمتلك السمات القيادية التالية:
" بتأريخ 13/9/2007 وفي مقابلة له مع صحيفة الخليج الإماراتية ، قال الرئيس جلال طالباني للصحفي السيد حسني محلي بأن صالح المطلك كان يعمل مع المخابرات العراقية في عهد صدام."
"نقلت فضائية الحرة عن صحيفة اللوس أنجس تايمز بتأريخ 15/1/2010 قولها التالي عن السيد صالح المطلك: "أشركه الأمريكيون في العملية السياسية لأنهم رأوا فيه جسراً إلى التمرد". ثم قالت: "صحيح إن صالح لا يتمتع بشعبية كبيرة"".
 - السيدة ميسون الدملوجي: دعونا نقرأ شيئاً عن بطولاتها النضالية ضد الإرهاب:
بتأريخ 25/2/2009 نشرت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية تقريراً بعنوان: "إعادة طائرة نقل الدايني وأربعة نواب إلى مطار بغداد" جاء فيه نصاً ما يلي: "بغداد/ اصوات العراق: قال النائب عن جبهة التوافق العراقية احمد راضي إن طائرة تابعة للخطوط الجوية العراقية تقل خمسة نواب بينهم النائب محمد الدايني كانت متوجهة الى العاصمة الاردنية عمان، أعيدت الى مطار بغداد بعد نحو عشرين دقيقة من انطلاقها اليوم الاربعاء.
وأضاف راضي في اتصال هاتفي مع وكالة (اصوات العراق) أن “الدايني تم تأشير جوازه في المطار، غير ان طاقم الطائرة أبلغ بالعودة بعد نحو عشرين دقيقة من انطلاقها في طريقها الى عمان، ونحن جميعا الآن في مطار بغداد”.
وأوضح ان “من بين النواب النائبة ميسون الدملوجي عن القائمة العراقية وعلي الصجري مستقل واسعد العيساوي عن قائمة التوافق”.
وعلل سبب مرافقته هو والنواب الثلاثة الاخرين للدايني قائلا “علينا الوقوف مع زميلنا الدايني في محنته”.
وفي (12/4/2007) هز انفجار نفذه انتحاري بحزام ناسف كافتيريا داخل مجلس النواب العراقي ما أدى الى مقتل ثلاثة بينهم نائبان أحدهما من جبهة الحوار محمد عوض بالإضافة إلى إصابة 20 آخرين بجروح بينهم عدد من الصحفيين والعاملين في المبنى.
وكان الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا قال على هامش المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس الأحد إن ابن شقيقة النائب محمد الدايني المدعو رياض الدايني اعترف “بمسؤولية” النائب الدايني عن التفجير الذي حدث في مبنى البرلمان".
-   وأخيراً هناك رعيل من ذوي الكفاءات خرجوا من العراق للراحة والإستجمام بعد عناء طويل في خدمة الوطن ودون مقابل وهم على سبيل المثال وليس الحصر: حازم الشعلان ولؤي العرس وأيهم السامرائي ومشعان الجبوري وعبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني وسعد البزاز.     
رابعاُ -  فسَّر السيد النجيفي، رئيس مجلس النواب، التفجيرات بأنها مصدَّرة من جهات أجنبية لديها أزمة تريد تصديرها للعراق، وأعتقد أنه يقصد سوريا.
(بالمناسبة وقبل الدخول في موضوعنا أذكِّر ما يلي: عندما توفرت أدلة لدى الحكومة العراقية بتورط بعثيين طغمويين عراقيين في سوريا بتفجيرات يوم الأربعاء الدامي عام 2009 وقدمت، الحكومة، شكوى لدى الأمم المتحدة، راح إئتلاف العراقية يدافع عن الحكومة السورية بحرارة. اليوم ولأسباب لا يمكنني أن أصفها إلا بالتبعية للسعودية وتركيا، نرى السيد أسامة يتهم سوريا بتصدير الإرهاب، علماً أن تلك الحكومة ليست لديها القابلية على فعل ذلك حتى لو توفرت لديها الرغبة التكتيكية. هناك سببان للإتهام: (1) لإبعاد الشبهة عن الإرهابيين المحليين، (2) لأن الحكومة العراقية تحذر من عواقب سيطرة المتطرفين الإرهابيين من الإسلاميين على الأوضاع في سوريا؛ حيث قد تبدأ معركة "الكوفة" التي وَعَدَنا بها الشيخ عدنان عرعور الوهابي سوري الأصل القاطن في السعودية وربما على إتصال بالشيخ حارث الضاري.)         
كلام السيد النجيفي، ومفاده أن إرهاب يوم 23/2/2012 قادم من الخارج، يتضمن خطاباً قديماً أخذ بَه، في حينه، الديمقراطيون العراقيون، رسميين ولارسميين، دينيين وعلمانيين، لهدف تكتيكي يرمي إلى خلق قناعة بأن هذه الأفعال الإجرامية مصدرُها خارجي؛ إذ قدروا لو أنهم قالوا الحقيقة، التي أثبتتها تقارير إستخبارات الجيش الأمريكي (التي قالت إن الأجانب ساهموا بنسبة 2% من الإرهاب) في العراق، وأثبتها واقع الأحكام الصادرة بحق الإرهابيين المجرمين بضمنها أحكام الإعدام التي نُفذت منذ 2003 حتى يومنا هذا، - لو قالوا الحقيقة أي أن عراقيين هم الذين يمارسون الإرهاب، لقفز إلى ذهن الجمهور مباشرة تصوّرٌ مفاده أن الإرهابيين هم السنة العرب العراقيين، مثلما يروج لهذه الفكرة الأمريكيون والأوربيون ليس عن غير قصد. كان من المحتمل جداً أن ينشأ هكذا تصور بسبب الشحن الطغموي بهذا الإتجاه وإخفاق كل الفصائل الديمقراطية في تشخيص حالة الحكم العراقي السابقة والإجابة على السؤال المحوري: "مَنْ حكم العراق؟"، ذلك السؤال الذي أجبتُ عليه ب"نظم الحكم الطغموية" الموضحة في الهامش رقم (1) أدناه.
لهذا لجأوا إلى نظرية الإرهاب المصدر إلينا وذلك للحفاظ على الوحدة الوطنية وعزل الطغمويين والتكفيريين عن الجماهير العربية السنية وهي في غالبيتها ديمقراطية.
غير أن الأيام وأحداثها وتجلياتها على الصعد المختلفة أظهرت الحقيقة لمعظم الجماهير وكشفت هوية المتورطين في أعمال التخريب السياسي الطغموي والعنف الإرهابي ومن يتستر عليهما ويعاونهما.
أعتقد أن عودة السيد النجيفي إلى هذه الإسطوانة التي أكل عليها الدهر وشرب، كانت بدافع إبعاد الشبهة عن الإرهاب المحلي المزدوج التكفيري والطغموي المتحالفين. وهنا يريد السيد النجيفي تحقيق ثلاثة أهداف: أولاٍ: عدم منح المصداقية لحملة الإعتقالات التي أجرتها الحكومة وطالت ما يقرب من ألف منتم جديد لحزب العودة، وهو الإسم الجديد لحزب البعث الذي أصبح إسماً قذراً مكروهاً منبوذاً، وكانوا يخططون لفتنة دموية حسبما بينت أجهزة التحقيق الأمنية. ثانياً: وهذا هو الأهم؛ إذ تهرّب السيد النجيفي والآخرون في إئتلاف العراقية من القيام بواجبهم وهو حث جماهيرهم على التعاون مع الحكومة لمواجهة الإرهاب. إنهم لا يريدون هكذا تعاوناً لأسباب ما باتت خافية على أحد. ثالثاً: التعتيم على رأي لجنة الأمن والدفاع البرلمانية التي عزت الإختراقات الأمنية إلى تغلغل أعداء للعملية السياسية الأجهزةَ الأمنية والعسكرية وخاصة الإستخباراتية في كلا الصنفين ودعت إلى تطهيرها.
في وسط التفجيرات التي بلغت (19) تفجيراً في بغداد وحدها وقف السيد حيدر الملا، المتحدث الإضافي بإسم إئتلاف العراقية، يؤكد طلب الإئتلاف بنقل محاكمة السيد طارق الهاشمي إلى كركوك.
المشهد يوحي وكأن السيد الملا يعرض على الحكومة مطلباً شعبياً بتكريم شخص ضحى في سبيل شعبه ودرء عنه الأخطار وليس شخصاً أمعن في قتل شعبه وتفنن في إطالة أمد عذابه. فلماذا فعل ذلك السيد حيدر الملا؟
لدي قناعة بأن السيد الملا، وهو يتحدث بإسم إئتلاف العراقية، أراد توجيه تهديد مبطن إلى الحكومة المنتخبة وكل الديمقراطيين، إسلاميين وعلمانيين، بأن العراق سيشهد مزيداً من هذه الأيام الدامية إذا لم تُنقل محاكمة الهاشمي إلى كركوك ليليه تهديد آخر لمحكمة كركوك إذا لم يعلنوا الهاشمي بريئاً ويتبعه تهديد آخر لحكومة بغداد بوجوب تسليم "السلطة المفقودة لأهلها".
خلاصةً: قال قادة إئتلاف العراقية كل شيء ولم يقولوا المفيد. كان عليهم أن يتحسسوا وطنيتهم ويحتروا قَسَمَهم بخدمة الشعب والوطن ويحثوا أتباعهم على التعاون مع الحكومة لقطع دابر الإرهاب.
قبل أن أنهي الموضوع لابد لي من التعريج على مقال كتبه نائب رئيس تحرير صحيفة المدى السيد عدنان حسين(4) بعنوان: "شناشيل: من فجر العراق يوم الخميس؟". كان ملخصه ما يلي:
أولاً: " من الصعب جداً أن نتقبل إعلانات المراجع الأمنية والسياسية (الحاكمة) بأن الذي حدث يوم الخميس يقف خلفه تنظيم القاعدة أو فلول النظام السابق. فهذه المراجع هي من أعلن وكرر الإعلان الأسابيع الأخيرة بأن تنظيم القاعدة انهزم شرّ هزيمة " .
 للعلم فإن فضائية الحرة قد نقلت بأن دولة العراق الإسلامية أعلنت مسؤوليتها.  نعم إنهزم تنظيم القاعدة شر هزيمة ولم يقل أحد إنه إنتهى بل قيل إنه قد قُصم ظهره. كيف ينتهي الإرهاب وحلفاؤه موجودون في العملية السياسية؟
ثانياً: " ....... مسؤولوها المنصرفون الى صراعاتهم والمشغولون بمؤامراتهم من أجل المال والسلطة والنفوذ"
هذا كلام يُراد منه التغطية على المذنب الذي يسعى لإسترجاع سلطته بأية وسيلة كانت حتى بالتآمر مع السعودية وتركيا وذلك بخلط الحابل بالنابل لهدف يصب في خدمة المخطط السعودي الرامي إلى تأجيج حرب طائفية في المنطقة  لإبعاد إستحقاق الديمقراطية وحقوق الإنسان عن السعودية التي خدم في صحيفتها "الشرق الأوسط" السيد عدنان حسين قبل 2003 وكان منشغلاً بشتم المعارضة العراقية آنذاك، وأصبح الآن نائب رئيس تحرير صحيفة المدى؛ إذ يبدو أن صفقة تبادل مصالح على نطاق المنطقة قد أملت هذا الترتيب.
ثالثاً: " هل تنظيم القاعدة وفلول نظام صدام أقوى من دولتنا ؟ أم أن ما حدث يوم الخميس وسواه من الأيام دبرته أو تواطأت فيه جهة أو جهات في دولتنا في إطار الصراع الوحشي بين القوى التي تتألف منها النخبة الحاكمة من أجل المال والسلطة والنفوذ؟
نعم، هي أسئلة تشير بالاتهام إلى النخبة الحاكمة بكل قواها إلى أن تثبت بالأدلة القاطعة أنها بريئة."
هذا كلام سعودي يمهد لما بشَّرنا به الشيخ الوهابي السلفي عدنان عرعور سوري الجنسية القاطن في السعودية (قرب الشيخ حارث الضاري) والذي توقع أن تبدأ "معركة الكوفة" بعد أن يتم تحرير سوريا؛ ويُقال إن ملف العراق قد تولاه الملك عبد الله بن عبد العزيز بنفسه ورصد له مبلغ 250 مليار دولار!!! ألم أقل إن تعيين السيد عدنان حسين نائباً لرئيس تحرير صحيفة المدى ووجود الهاشمي في كردستان ووقاحة أردوغان والمفاعل النووي الإيراني والقضية السورية وأطماع شركات النفط وإئتلاف العراقية ودولة العراق الإسلامية وغيرها وغيرها كلها أمور متشابكة لكن ما تنتجه من شر للعراق وديمقراطيته الصاعدة ستتحطم على صخرة صمود الشعب العراقي البسيط الذي أثبت أنه أكثر فهماً ووعياً من الفاشلين ممتهني الثرثرة والكلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.
والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

 (2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية. 
(3): الوطنية: الأصل في الوطنية أن يحترم المواطن حكومة بلاده المنتخبة وقوانين وتشريعات البلد على ألا يمنعه، المواطن، أي عائق من ممارسة حريته في التظاهر والإحتجاج السلمي والنقد البناء والمسؤول مهما بلغ من الشدة في ظل نظام ديمقراطي أو في طريقه إلى الديمقراطية ذات المعايير الدولية التالية: التعددية، ضمان الحريات الشخصية والعامة، وجود دستور دائم للبلاد مقر بإستفتاء شعبي حر مع إحترامه والإلتزام به كأعلى مرجعية؛ التداول السلمي للسلطة عبر الإحتكام إلى صناديق الإقتراع في إنتخابات حرة ونزيهة بإشراف هيئة مستقلة ومراقبة من قبل الهيئات الدولية؛ الفصل بين السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية؛ وإحترام حرية الصحافة ومنظمات المجتمع المدني.
من غير الوطنية: إعاقة التشريع بطرق غير قانونية، إعاقة عمل الحكومة والمصالح الوطنية بطرق غير شرعية، التأثير على القضاء بطرق غير مشروعة، ممارسة الفساد بأنواعه، تفضيل مصالح الغير على مصالح الوطن، التخابر مع دولة عدوة، إستعداء الخارج على الحكومة والداخل، تشويه سمعة البلد أو الحكومة في الخارج لأهداف حزبية أو فئوية.
مارست الجماعات السياسية العراقية أقصى درجات المرونة والإيجابية مع حكومات دكتاتورية بشعة لمجرد أنها أظهرت النية في خدمة البلد والشعب بشكل غامض غير محدد تبين أنه كيدي. يستوجب هذا التصرف بروح المسؤولية العالية حيال القدر الذي أحرزه العراقيون من مستلزمات الديمقراطية، والمزيد مما يُطلب ويُنتظر منها.
هناك عدة عوامل أدت بمجموعها إلى الحط من قيمة الوطنية لدى المواطن العراقي. هذه العوامل هي: (أ):إبتلاء العراق بنظم طغموية طائفية عنصرية دكتاتورية ديماغوجية، مارس آخرها وهو النظام البعثي الطغموي أقصى درجات التهميش والإقصاء والإضطهاد الذي بلغ حد التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والإطاحة بكل القيم والمثل الوطنية والإنسانية ما خلق حالة اليأس واللاأبالية لدى الفرد العراقي. (ب): إحتلال العراق إذ إن الإحتلال، حتى ولو إنه حرر العراقيين من نظام ما عاد قادراً على إطاحته سوى الله أو أمريكا، وحتى ولو إن خروج القوات كان مؤكداً، إلا أنه مذل على المدى القصير للشعب وللفرد خاصة بوجود من مارس الإستهانة بإرادة الشعب وممثليه بغية عرقلة بناء دولة حديثة على أسس ديمقراطية وعلى أنقاض النظام الطغموي. (ج): الإرهاب البشع الذي ضرب العراق والجميع يعلم أن هدفه هو إستعادة النظام الطغموي ما سبب الإحباط لدى المواطن إذ هز جدوى تمسكه باللحمة الوطنية. (د): نجاح خطة هجومية إعلامية طغموية خبيثة لزرع الشكوك وعدم الثقة وقد إنطلت على كثيرين حتى من بين الطيبين. (و): التطرف في ممارسة النقد حتى إنقلب بعضه وبالاً. فالمبالغة والتعميم في قضايا الفساد وإستخدامه دعائياً للتسقيط السياسي أشاع روح اليأس واللاأبالية لدى المواطن البسيط خاصة وأن العراق الجديد قد ورث بلداً محطماً من النظام السابق بسبب الحروب الخارجية والداخلية. (ز): إبتلاء العراق بإرث ثقيل طبع نفسية الفرد العراقي بالتمرد والشك بالحاكم والإستعجال وطلب الكمال بلمح البصر واللاواقعية.
يتطلب الأمر تكاتف الجميع للخروج من هذه الحالة الشاذة، وعدم إخضاع هذه المسألة للمزايدات والكسب الضيق.
(4): كتب السيد عدنان حسين مقالاً في صحيفة "الشرق الأوسط" أقتطف منه المقطع التالي الذي يدل على عدم إتزانه وعدم موضوعيته وتحيزه: ".... وكان من الممكن الحؤول دون نشوب مقاومة مسلحة واسعة وقوية، كما هو حاصل اليوم، لو أن الطبقة السياسية الجديدة في بغداد، خصوصاً العربية وبالذات الشيعية، تصرفت بحكمة وإيثار ووطنية متجاوزة الأحقاد والضغائن ومترفعة عن نزعة الثأر والإنتقام".       

   

51
من كان وراء محاولة اغتيال قائد شرطة البصرة ؟

محمد ضياء عيسى العقابي

كتبتُ مرات عديدة عن الكيد الذي يتقنه الإرهاب بشقيه المتحالفين: التكفيري والطغموي. وبعد كشف الجرائم التي إعترف بها بعض أفراد من حماية السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، بدأت التصريحات والندوات تتوالى من مسؤولين أمنيين ومن خبراء في الشؤون الأمنية وعلى رأسهم السيد رئيس الوزراء نفسه وفي أكثر من مرة. وقد تم الكشف خلالها عن حقائق مفادها أن حمايات بعض المنخرطين في العملية السياسية يقومون بأعمال إرهابية مستفيدين من الحصانات، ومن المعلومات التي بين أيديهم أو التي يمدهم بها مسؤولوهم، ومن رخص التجوال الرسمية التي يمتلكونها، وسيارات الدولة المخصصة للمسؤولين.
 
كانت الحقائق، التي تم الكشف عنها بإيجاز، مذهلة وهوّن من هولها أمران:
أولاً: كانت لدى الكثيرين من الديمقراطيين المتابعين للشأن الأمني العراقي، بجد، شكوك ترقى إلى هذه التجليات.
   
ثانياً: إن ما تم كشفه عن تورط السيد الهاشمي وبعض أفراد حمايته قد سرق الأضواء وأصاب الناس بالذهول وكانت صدمة كبيرة خففت من الصدمات اللاحقة.
 
 يبدو أن ما شجع الحكومة والسلطات الأمنية على الكشف عما كان مكتوماً هو تصلب عود الديمقراطية العراقية بعد خروج القوات الأمريكية والنشاط الملموس في حركة البناء.  كان أحد أهم مظاهر التطور النسبي الذي حققه البناء الديمقراطي هو إشمئزاز الجماهير الديمقراطية في الغرب العراقي والموصل من الأفعال اللاوطنية للغلاة من بعض قادة إئتلاف العراقية (وهم تحديداً الدكاترة السادة: أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني) كالطلب من الولايات المتحدة التدخل في العراق لنشوب حرب أهلية قائمة هناك على حد قول رسالتهم في صحيفة النيويورك تايمز. إنه فعل يعاقب عليه القانون.

هذه مقدمة لموضوع حفزني على كتابته عثوري، بالصدفة وأنا أقلّب عناوين المواضيع العديدة التي أنوي كتابتها، على عنوان يخص خبراً قرأته يوم 27/4/2009 في شريط أخبار فضائية الحرة يقول:

 "قائد شرطة البصرة ينجو من محاولة إغتيال بانفجار قنبلة مزروعة قرب سلمان باك وهو في طريق عودته من بغداد إلى البصرة."

وفي حينها كتبتُ السطور التالية كخلاصة للموضوع لكنني لم أكمله:

"أما يدل هذا على وجود تآمر بين زارعي القنبلة وبين شخص ما في بغداد ربما في الأجهزة الأمنية التي أَفترضُ أن القائد جاء لقضاء مهام رسمية تخص عمله معها؟
هل تم التحقيق في هذا الأمر وكشف إسم او أسماء المتورط أو المتورطين؟"

واليوم وبعد كل التطورات التي شهدتها الساحة العراقية أطرح نفس السؤال ثانية، آملاً الإهتمام به وإفادة الجماهير، والأهم وجوب تطهير الأجهزة الأمنية مهما كلف الأمر.

هناك أمر آخر حفزني إلى كتابة هذا الموضوع وهو إلقاء القبض على السيارة المفخخة التي كان ينوي سائقها زرعها وتفجيرها  بين زوار كربلاء في نفس المنطقة التي حاولوا فيها إغتيال قائد شرط البصرة قبل ثلاث سنوات تقريباً أي منطقة المدائن المعروفة بإسم سلمان باك.

السيارة المفخخة الجديدة ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ كشفت عن تورط حماية السيد الهاشمي، بل تورطه هو شخصياً بهذه الجريمة التي أُحبطت قبل تنفيذها؛ ويبدو أن رئيس الوزراء والمسؤولين الأمنيين قد ضاقوا ذرعاُ بتمادي الهاشمي شخصياً والطغمويين عموماً في أعمالهم الإجرامية فقرروا الكشف عنها خاصةً وأن رئيس الوزراء كان في طريقه إلى واشنطن وقدَّر أنه كان سيضع الرئيس أوباما بالصورة مياشرة بدلاً من سماع الموضوع ربما مشوهاً من هذا وذاك.

بتقديري، إن الرئيس أوباما قد أُشعر سلفاً بقضية الهاشمي قبل إثارة الموضوع من قبل الرئيس المالكي معه وذلك عن طريق السفارة الأمريكية في بغداد التي أرسلت تقريراً مذيلاً بتواقيع تؤيد صحة الإتهامات بناءاً على معلومات إستخباراتية سابقة لدى القوات الأمريكية في العراق لكنها أخفتها بناءاً على عدم ملائمة الظروف السياسية آنئذ. الموقعون هم: نائب الرئيس السيد جو بايدن ووزيرة الخارجية ومستشار الأمن القومي.

بالمناسبة، رأى قادة إئتلاف العراقية في توجيه التهمة للهاشمي فرصة لتأليب أمريكا وتركيا والسعودية والأردن ضد العراق ممثلاً بحكومته المنتخبة. فبالنسبة إليهم يجب أن يبقى الكلام عن سيادة الدستور وإحترام القانون وإستقلال القضاء والأهم حرمة أرواح العراقيين والدم العراقي – يجب أن تبقى كلاماً في حدود الشعارات يزايد بها البعض على البعض الآخر ولا يجوز لأيٍّ كان أن يفعِّل أياً منها .... وإلّا.... فتلك هي، في نظرهم، لعبة السياسة، حتى يملَّ الناس فتسقط الحكومة والنظام ب"الضربة القاضية" وهو المطلوب وبيت القصيد.

من هذا طلبوا من السفير الأمريكي حضور الجنرال بتريوس لإجتماع لقيادة إئتلاف العراقية؛ ربما قدّروا أنه سيقف إلى جانبهم شاهداً لصالحهم ولصالح الهاشمي ضد المالكي الذي تخاصم معه على خلفية خطة المالكي لفرض سيادة القانون حسبما صرح هو، الجنرال، للصحافة العالمية في حينه.

 حَسِبَ هؤلاء الجهلة، كما يبدو لي، أن المسؤول الأمريكي يتصرف حسب أهوائه ومزاجه وعلاقاته الشخصية مع هذا أو ذاك وفاتهم أن هناك موقف رسميٌ لأية دولة محترمة يتوجب على المسؤولين في جميع مواقعهم الإلتزام به. أما تحلل قادة إئتلاف العراقية من هذا الإلتزام الإنضباطي وتحللهم من المسؤولية الوطنية فهو أمر غريب سيتم قطع دابره، بتقديري، بعد أن إسترجع العراق سيادته الكاملة. أي دستور أباح لهم الإتصال بدولة أجنبية وطلب حضور قائد عسكري للإجتماع بهم؟ ماذا فعل البجاري ومدحت الحاج سري ورشيد مصلح حتى يُعدموا كجواسيس أيام حكمهم؟

المفا جئ في الأمر لهم أن الجنرال، وكان بمعية السفير جيمس جفري،  قد أخبر المجتمعين، على ذمة التقارير الصحفية، بأن إستخبارات الجيش الأمريكي في العراق كانت على علم بنشاطات الهاشمي الإرهابية لكنه لم يفصح عنها لأن الظروف السياسية لم تكن ملائمة آنذاك.

وكما يُقال: الشيء في الشيء يُذكر، أقول لو لم يكن لدى العراق جهاز إستخبارات أنشأه لنفسه وسط ممانعة أمريكية لما إستطاعت الحكومة العراقية كشف الهاشمي وغير الهاشمي. إليكم مقطعاً من مقال نشرتُه بتأريخ 9/6/2007 في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بعنوان "جهاز لجمع المعلومات":

" هل سمعتَ في حياتك حكومة بلا جهاز إستخباراتي لجمع المعلومات عن الأعداء بل حتى عن الأصدقاء كما هو معمول به في جميع أنحاء العالم.
أما العراق المبتلى بأشد الإرهاب دموية ودناءة فلا يحق لحكومته أن تملك هكذا جهاز لجمع المعلومات. وأكثر من هذا راحوا يتهمون جهازا من المستشارين في مكتب رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بأنه يمتلك أجندة طائفية شيعية.

وقبل أشهر قليلة نشرت صوت العراق تقريرا أمريكيا فيه إحتجاج ولغط على "جريمة" إقترفتها وزارة الداخلية العراقية لأنها شكلت هيئة صغيرة متواضعة لجمع المعلومات عن الإرهابيين.
الحجة وراء الإحتجاج هي وجود "جهاز المخابرات" الذي يرأسه اللواء السابق في الجيش العراقي السيد عبد الله الشهواني؛ وأن تشكيل جهاز جديد يشكل خرقا للنظام وتآمرا من قبل الوزارة وقد ربطوا الموضوع كالعادة بالطائفية.

بقي أن نعلم أن جهاز مخابرات السيد الشهواني يقبض رواتبه من العراق ولكنه يقدم المعلومات للأمريكيين فقط. وذكر نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد الجلبي أن ذلك الجهاز قدم تقريرا يتيما للحكومة العراقية مرة واحدة فقط لا غير يقول فيه إن الأذان في البصرة صار يرفع بالفارسية!!!.

كما إتهمت أوساط سياسية الجهاز بالقيام بأعمال إغتيالات ضد الديمقراطيين العراقيين وبأعمال تفجيرات كيدية؛ حتى أطلق الجمهور على هذا الجهاز إسم "الحكومة الخفية"".
ومازلنا قد فتحنا باب "الشيء في الشيء يُذكر"، فسأقول:
في هذا اليوم الثلاثاء 21/2/2012 وقبل ساعات من الآن شاهدتُ برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق" حول موضوع مرور عام على تظاهرات 25/2/2011/ المطاليب وما تحقق منها. أدار البرنامج السيد عماد جاسم الذي طالما أبديتُ عنه ملاحظات سلبية أزدادُ وثوقاً بصحتها كلما شاهدت حلقة جديدة من البرنامج قام بإدارتها.

طرح السيد جاسم الحلفي في ذلك البرنامج مسألة الإرهاب وأشار إلى إخفاق الحكومة في القضاء عليه.

سؤالي: هل تطرق في يوم من الأيام السيد الحلفي أو السيد عماد جاسم أو فضائية الحرة عن مسؤولية الأمريكيين في الإخفاق بهذا الجانب؟ هل دعموا الحكومة والمالكي عندما أصر على موقفه وشكل جهاز مخابرات أصبح يحسب له الحساب؟ ولماذا هذا التقليل من شأن ما أنجزته الحكومة العراقية والمالكي بالذات في  قصم ظهر الإرهاب بقدر لم يتمكن الجيش الأمريكي في العراق من تحقيقه؟ هل هي مسألة "مغنية الحي لا تطرب" أم أمر آخر؟

     

52
المنبر الحر / الديماغوجيون
« في: 11:24 21/02/2012  »
الديماغوجيون
محمد ضياء عيسى العقابي
إحدى سمات الطغمويين(1) هي "الديماغوجية" بجانب السمات الأخرى وهي الطائفية(2) والعنصرية والدكتاتورية.
ماذا نستطيع أن نفهم مما جاء في بيان أصدرته المتحدثة الرسمية بإسم "إئتلاف العراقية"، الذي نقلت فضائية (الحرة – عراق) عنه ما يلي نصاً بتأريخ 19/2/2012:
"السيدة ميسون الدملوجي الناطقة الرسمية بإسم العراقية قالت إنها تستغرب الإستمرار في إستخدام الإعلام كوسيلة لإطلاق الأحكام قبل إجراء التحقيقات والمحاكمات الأصولية".
أسألُ: أيُ حكم أطلقه أيً كان على الهاشمي عبر الإعلام قبل إجراء التحقيقات والمحاكمات الأصولية؟ وماذا تعني كلمة "الإستمرار"؟ هل صدر حكم من قبل وصدر حكم الآن أيضاً؟ فهل صدر حكمان، وما هما؟ لا يوجدان، بالطبع، فهما يكمنان في كلام التورية الديماغوجي للسيدة ميسون.
وكيف تدعو السيدة إلى إجراء التحقيقات الأصولية وقد جرت هذه التحقيقات بالفعل من قبل تسعة قضاة في الوقت الذي تتطلب أصول المحاكمات إجراءها من قبل قاضً واحد فقط؟ مع هذا زاد مجلس القضاء عدد قضاة التحقيق إلى خمسة ومن ثم إلى تسعة ليطمئن قلب السيدة ميسون وقلب إئتلافها وقلب تركيا والسعودية وكل أصحاب المصلحة في التأليب ضد العراق الديمقراطي؟ 
كل الذي حصل هو أن مجلس القضاء أراد تنوير المواطنين بطبيعة التهم الموجهة للهاشمي قطعاً لدابر التشويه والبلبلة، علماً أن أصول التحقيق الجنائي تقتضي إجراءه علناً إلا في حالات خاصة جداً حسب تصريح النائب والقاضي السيد محمود الحسن الذي أدلى به لفضائية الحرة يوم 18/2/2012. لذا فإعلان الإتهام لا غبار عليه قانوناً.
لماذا، إذاً، هذا الإستغراب من جانب السيدة ميسون؟ لماذا لا تريد الشفافية؟ أما تريد التعتيم على القضية لتسهل لفلفتها بإسم الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة؟ وهل حقاً يعني إئتلاف العراقية ما يقوله حول المصالحة والوحدة الوطنية أم أنه مجرد إنحناءة أمام الريح التي عصفت به يوم فشلت محاولات إثارة الجمهور والتخريب والإنسحاب من مجلس النواب والحكومة فجاءته صفعات من تنظيماته التي تناثرت ومن جماهيره التي إشمأزت ومن الجماهير العراقية بالعموم التي تقيأت ومن الحكومة والبرلمان عندما واصلا أعمالهما بنمط إعتيادي مع إعلان العزم على التحول إلى تشكيل حكومة أغلبية.
يندرج تصريح السيدة ميسون في باب الديماغوجية لأتها تستخدم التورية الكلامية وتلعب على وتر الجهل القضائي لدى الكثيرين، لتوحي بأن مجرد إعلان مجلس القضاء عن وجود قضية جنائية بتهم محددة (150 جريمة) جرى التحقيق فيها، ولشخص متهم ومحدد بالإسم (طارق الهاشمي)، هو بمثابة إصدار حكم دون محاكمة.
ويأتي هذا الجهد الديماغوجي من جانب السيدة ميسون إستكمالاً لجهود آخرين بهذا الصدد في إئتلاف العراقية. فكبيرهم السيد أياد علاوي، رئيس إئتلاف العراقية، أنكر من كردستان وجود أية جريمة أصلاً وإعتبر الموضوع كله مجرد محاولة لتلطيخ صورة السيد الهاشمي. وذاك النائب السيد حيدر الملا إنفعل لحد توجيه الإهانة والتجريح وكيل الإتهام لمجلس القضاء الذي طلب، بدوره، رفع الحصانة النيابية عنه تمهيداً لإجراء التحقيق معه. (هنا صرخ السيد الملا بأن مجلس القضاء يريد تكميم الأفواه ونسي أن فاه رفيقه نائب رئيس الوزراء السيد صالح المطلك لم يكمم وهو يشتم رئيس الوزراء من على شاشة الفضائية الأمريكية العالمية (سي.إن.إن.)، وإنما طلب رئيس الوزراء من مجلس النواب إقالته؛ وهو طلب منطقي لتأديبه لا غير مع إحتفاظه بحق الكلام، كما أرى.)
وبتأريخ 14/2/2012 وفي فضائية "الحرة" / برنامج "بالعراقي" تباكى الدكتور ظافر العاني، القيادي الآخر في إئتلاف العراقية، على حرمان محامي الدفاع عن السيد الهاشمي من حق مواجهة الشهود (الذين بلغ عددهم 60 شاهداً حسب النائب السيد علي العلاق الذي شارك في البرنامج أيضاً). هنا إنبرى له النائب عن التحالف الوطني وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب السيد حاكم الزاملي وأكد له أن لا صحة لذلك وأبدى إستعداده لإستقبال محامي الدفاع في أي وقت وترتيب لقاء له مع الشهود دون عناء.
لا أعرف متى يكف إئتلاف العراقية عن تكتيكاته البائسة التي لا يمكنها، مهما كانت حاذقة، أن تتغلب على ستراتيج الديمقراطية والبناء والإعمار الذي يلتزم به الآخرون. وفي الحقيقة فإن تكتيكات قادة إئتلاف العراقية البائسة كانت تنقلب عليهم في كل مرة يطلقونها. والتوسع في هذا الأمر سيكون موضوع مقال منفصل لاحق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية.

والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.

والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.

 طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.

     

 

53
ما هكذا الولاء يا دكتورة ندى
محمد ضياء عيسى العقابي

إنه لأمر محمود أن يتمسك المرء، مهما كان موقعه، بموقف حزبه أو كتلته السياسية ويدافع عنه شريطة أن يكون الموقف سليماً قابلاً للدفاع.
النائبة عن إئتلاف العراقية الدكتورة ندى الجبوري، للأسف، لم تلتزم بشرط سلامة الموقف، وراحت تدعم وجهة نظر إئتلافها رغم ضعف الحجة.
في برنامج "بالعراقي" حول موضوع "الأزمة السياسية وطلبات رفع الحصانة النيابية" في فضائية "الحرة-عراق" بتأريخ 13/2/2012، أرادت الدكتورة أن تقنع المشاركين ومشاهدي البرنامج بأن طلب رفع الحصانة عن نائبين من إئتلاف العراقية كان بهدف الإساءة لإئتلاف العراقية.
يمكن أن تأتي الإساءة لكتلة ما في مسألة طلب مجلس القضاء من مجلس النواب رفعَ الحصانة عن أحد نواب تلك الكتلة، بأحد أسلوبين:
1-   إقتصار طلب رفع الحصانة عن نائب أو نواب من كتلة سياسية معينة دون أخرى.
يشكل هذا الإقتصار إساءة حقيقية إذا جرى التغاضي عن نواب من كتلة أخرى إقترفوا نفس الفعل أو فعلاً آخر يستلزم أخضاعهم لطائلة العدالة.

وفي الحالة التي نحن بصددها الآن، هنالك أربعة نواب مطلوب رفع حصاناتهم إثنان من إئتلاف العراقية والآخران من التحالف الوطني. ف"عدالة التوزيع" متحققة بالصدفة. أقول بالصدفة لأن شمول نواب الكتلتين المتنافستين بإجراء رفع الحصانة ليس بالشرط اللازم. إذا إقترف نائب أو أكثر من كتلة معينة مخالفة قانونية تستوجب رفع الحصانة، فمن أين يُؤتى بمتهمين من الكتلة الأخرى إذا لا يوجد مخالف بينهم؟ أو هل يُطلب غض النظر عن المخالفين لعدم توفر مخالفين من الكتلة المقابلة؟ هذا غير معقول.
2-   توقيت طلب رفع الحصانة، كأن ينضج الطلب لدى مجلس القضاء في وقت سابق ولا يفعّل (أي لا يُرسل إلى مجلس النواب)  إلا في مرحلة لاحقة لتحقيق واحد أو أكثر من أهداف عديدة كأن يتزامن مع حدث معين (كإنعقاد المؤتمر أو اللقاء الوطني) لإضعاف موقف هذا الطرف أو ذاك.
المعيار الذي يحدد وجود تلاعب في توقيت طلب رفع الحصانة من عدمه هو وقت حصول الفعل الذي إستوجب رفع الحصانة والمدة المعقولة اللازمة لدراسة الفعل والبت في كونه يستلزم التحقيق أم لا.
وفي الحالة التي نحن بصددها الآن، فملاحظة الدكتورة ندى تنصب على طلبي رفع الحصانة عن نائبي إئتلاف العراقية: الدكتور سليم الجبوري والسيد حيدر الملا. فلنتفحص حالتيهما من وجهة نظر التوقيت.
حسب متابعاتي فقد سمعتُ بطلب رفع الحصانة عن الدكتور الجبوري حوالي التأريخ 11/12/2012 وقد تزامن مع حدثين هامين هما إنفجار سيارة مفخخة في مرآب السيارات التابع لمجلس النواب، وإنفجار حصل في الطابق الثاني في أحد مقرات الحزب الإسلامي في العامرية حيث كان أشخاص يحوِّرون صاروخين إلى عبوات ناسفة نجحوا في تحوير إحدهما وإنفجر الآخر. نفي الدكتور سليم هذا الحادث إلا أن المتحدث بإسم عمليات بغداد طلب من النواب زيارة الموقع والتحقق بأنفسهم من صحة الإتهام.
 أعتقد أن الإتهام الموجه للدكتور الجبوري له علاقة بقضية ما حدثت في منطقة سكنه في ديالى وهي ذات طابع أمني.
توقيت طلب رفع الحصانة، إذاً، طبيعي وليس فيه إفتعال ومن يتحمل مسؤولية تأخير عرضه على مجلس النواب لحد الآن هو رئيس مجلس النواب نفسه الذي هو قيادي في إئتلاف العراقية.
أما بالنسبة للسيد حيدر الملا، فهو الآخر أدلى يتصريحات إنفعالية إعتبرها مجلس القضاء مسيئة له وذلك بالتزامن مع قضيتي توجيه تهمة إدارة شبكة إرهابية للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والقيادي في إئتلاف العراقية، وطلبِ رئيس الوزراء السيد نوري المالكي من مجلس النواب إقالة السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات والقيادي في إئتلاف العراقية على خلفية الإدلاء بتصريحات في فضائية أل(سي.إن.إن.) الأمريكية العالمية التي وصف فيها رئيس الوزراء بالدكتاتور الأتعس من صدام!!!.
هذان الأمران حصلا مؤخراً أي أن المدة الواقعة بين تقديم الشكوى ودراستها من قبل القضاء وإتخاذ قرار بالتحقيق مع السيد الملا ومن ثم الطلب من مجلس النواب رفع الحصانة كانت مدة معقولة ليس فيها تأخير.
إذاَ، يبدو أن طلب رفع الحصانة عن السيد حيدر الملا، هو الآخر، سليم ولا غبار عليه.
بهذا يكون طلبا رفع الحصانة عن السيدين سليم الجبوري وحيدر الملا  سليمين من حيث التوقيت ولا ينطويان على أي قدر من الكيد.
لذا أُحرجت الدكتورة ندى. 
  ولضعف حجتها وعدم إستطاعتها الوقوف بوجه حجج النائبين الدكتورة سميرة الموسوي والدكتور أمير الكناني والباحث في القانون السيد عبد الله التميمي من جهة، ومن جهة أخرى لحذرها، هذه المرة، من إتهام القضاء بالتسييس بكلمات صريحة، لئلا تتكرر معها تجربة زميلها النائب السيد حيدر الملا الذي أمسك به القضاء من تلابيبه وطلب رفع الحصانة عنه للتحقيق معه إذ يبدو أنه راح إتهم القضاء بالتسييس دون تحفظ أو أسانيد جرياً على عادته وعادة زملاءه أيام الفلتان عندما كانوا يتهمون ويطعنون (بل حتى يقتلون مثل المتهمين النواب: عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني وعدنان الدليمي وطارق الهاشمي) أنّى شاء لهم ذلك دون حرج وغير هيّابين لأنهم كانوا يلقون الغطاء الواقي من الأمريكيين، أقول لهذه الأسباب إبتعدت الدكتورة عن جوهر إتهامها وصارت تتكلم عن قانونية إهمال التصويت في مجلس النواب إذا أبدى النائب إستعداده المسبق بالمثول أمام القضاء، وهو أمر تم الرد عليه بحجة دامغة إذ قيل لها بأن قاضي التحقيق غير مخول قانوناً بالتحقيق مع أي شخص يتمتع بالحصانة النيابية لأن التحقيق معه يعني إهانة الشعب العراقي الذي يمثله ذلك النائب المحصن.
أثار مدير البرنامج السيد عمر محمد مسألة تضرر سمعة النائب بل أي شخص عراقي حتى إذا بُرِّء، كما أُثيرت مسألة الكيد بمعنى جرجرة النائب بين يوم وآخر إلى القضاء لتهم كيدية.
المسألة الأولى لا تخص النواب وحسب بل تخص كل مواطن عراقي لذا فهي قضية إجتماعية، ويكاد لا ينجو منها أي من المجتمعات العربية والإسلامية؛ وينبغي على الدولة ومنظمات المجتمع المدني والإعلام ودور العبادة تثقيف الشعب بوجوب إعتبار المواطن الذي تبرِّئه المحكمة كما لو أنه لم يُتهم أساساً.
أما الثانية، فيجب عدم الإستهانة بقضاة مجلس القضاء فهؤلاء قضاة محترفون لديهم خبرة واسعة في كل مجالات القضاء من تحقيق وغير ذلك وهم حريصون كل الحرص على سمعة الناس وكراماتهم وبالأخص نواب الشعب. لذا فسوف لا تمر من بين أيديهم بيانات كيدية وحتى إذا عبرت فإن عدم التمكن من إثباتها لاحقاً في المحكمة ستعرّض أصحابها للمسائلة القانونية أيضاً.
ولا ينكر أحد وجود فاسدين ومفسدين في الجسم القضائي ولكنهم قلة وستكشفهم الأيام حتماً مثلما كشفت نائب رئيس محمكة التمييز العليا القاضي نعمان الراوي الذي أوردت  فضائية الحرة نبأ إعتقاله لإخفاءه ملفات متهمين بالإرهاب محكومين بالإعدام، رغم أن القاضي نعمان أمضى في الخدمة القضائية مدة تزيد على خمس وعشرين عاماً.   
خلاصةً، كنتُ أتمنى ألا تضع الدكتورة ندى الجبوري نفسها في هذا الموقف المحرج لأن الولاء للكتلة يجب أن يبنى على أسس سليمة.
 

54
نبوءة نوري السعيد تحققت يوم 8 شباط الأسود
محمد ضياء عيسى العقابي

نجا من موتهم يوم 8 شباط الأسود من عام 1963 ولكنهم إختطفوه من الشارع يوم 26/11/1980 وأصبح في ذمة الخلود وعداد الشهداء.
إنه الشاعر ورئيس المهندسين(1) الشهيد أسعد الشبيبي إبن العلامة الشيخ محمد رضا الشبيبي الأديب والشاعر وعضو المجالس العلمية العديدة ورئيس مجلس الأعيان في العهد الملكي.
بعد إنقلاب تشرين من عام 1963 الذي قاده بنجاح المشير عبد السلام عارف(2) ضد حكومة حزب البعث الفاشية، أُطلق سراح عدد كبير من الموقوفين السياسيين وكان الشهيد أسعد من بينهم.
قدم إلى لندن وإلتقينا لبحث أمر سوف أوثّقه لاحقاً. روى لي ما جرى له صبيحة 8 شباط إذ قال:
بعد صدور البيان الذي هز الضمير العالمي ببشاعته وهو البيان رقم 13 الصادر عن "مجلس قيادة الثورة" والذي فوض أفراد "الحرس القومي"(3) صلاحية تصفية "كل من يخل بالأمن"، بدأت المطاردات الجماعية على أشدها لكل ما هو ديمقراطي ويساري.
إلتجأ الشهيد أسعد إلى دار والده ظناً منه بأن فلول الحرس سوف لا يهتدون إليه أو بالأقل يحترمون حرمة دار العلامة. غير أن ذلك لم يحصل إذ حاصرت الدار ثلة من الحرس القومي طلبت تسليم الشهيد أسعد. إتصل الشيخ بالحاكم العسكري رشيد مصلح(4) وأعلمه بالموقف طالباً إليه إبعادهم، فوعد الحاكم العسكري بكل ممنونية. غير أن ثلة الحرس القومي زادت إقتراباً من الدار. فعاد الشيخ الإتصال بالحاكم العسكري ثانية وثالثة والإعتذارات والوعود تترى من قبل الحاكم دون جدوى. أخيراً ولما أقتربوا من الإطباق، طلب الشيخ من زعيم الثلة الدخول إلى الدار وأخذه إلى غرفة الإستقبال وأجلسه على كرسي معين.
قال له الشيخ: لا تعلم من جلس على هذا الكرسي في وقت ما. أجاب: كلا.
قال له الشيخ: أتاني نوري السعيد(5) إلى داري هنا وكان رئيساً للوزراء وكنتُ رئيساً لمجلس الأعيان. كنتً من المعارضين لدخول العراق في حلف بغداد. وبعد نقاش أصررتُ على موقفي ولم أتزحزح. قبل أن ينهض نوري السعيد لينصرف، قال لي: شيخنا كلمة أخيرة أقولها لك أرجو أن تتذكرها. إذا لن نتعاون فسوف يأتي يوم ترى فيه زعطوطاً يجلس على هذا الكرسي الذي أجلس عليه الآن وسيوجه لك الإهانة.
فقال الشيخ الشبيبي لرئيس ثلة الحرس القومي: ها قد تحققت نبوءة نوري السعيد. سأنادي على أسعد خذه وإنصرف.
بالطبع لم يتردد أو يخجل أو يبدي إمتعاضاً من ثقل ما كُلف به رئيس الثلة، فإقتاد الشهيد أسعد إلى السجن، وهل يتردد أو يخجل فاشي، والأنكى: فاشي بعثي متخلف؟!!!
كان الأمر الذي أتاني من أجله الشهيد أسعد غريباً.
من ممارسات أجهزة المخابرات رصد الدول المنكوبة. فتتحرك تلك الأجهزة على رعايا تلك الدول مستغلة ضعفهم وهم يواجهون طغيان حكوماتهم الدكتاتورية وحاجتهم للحصول على الإقامة في الدولة المضيفة. هنا يبدءون بالإغراء والضغط من أجل تجنيدهم في خدمتها.
هذا ما حصل للشهيد الذي إنتفض بوجه محدثيه من جهاز المخابرات البريطانية وطردهم.
أتصل بي الشهيد، كرئيس للجنة العراقية للدفاع عن الشعب العراقي في بريطانيا (وكان مقرها العام في براغ برآسة شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري)،
طالباً مني أن نعرض الأمر على النائب العمالي البريطاني السيد (ويل كريفثس)، رئيس اللجنة البريطانية للدفاع عن الشعب العراقي، لدرء المخاطر المحتملة لجهاز المخابرات.
رتبتُ موعداً مع السيد كريفثس وذهبت والشهيد أسعد للقاءه في مبني البرلمان البريطاني. شرح الشهيد القضية بالتفصيل.
 قال السيد كريفثس: أستطيع بكل بساطة وممنونية إثارة الموضوع مع وزير الداخلية أو أُثير الموضوع في البرلمان. غير أن مسؤولي تلك الأجهزة سرعان ما ينكرون حصول هذا الأمر ويطالبون بإبراز الدليل المادي الذي لا يتركونه ورائهم بكل تأكيد وهم حاذقون في ذلك.
ثم قال: ما أقترحه عليك هو أن تطردهم دون تردد أبداً وقل لهم أنك شكوتهم عندي وسوف لا  يزعجونك ثانية.
وهذا ما حصل بالفعل(8).   
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): كان الشهيد يعمل في المؤسسة العامة للتصاميم والإستشارات النفطية.
(2): كان نائباً للزعيم عبد الكريم قاسم بعد ثورة 14 تموز/ 1958 إلا أنه أقصي من منصبه لمحاولته إغتيال الزعيم الشهيد والقيام بإنقلاب عسكري لصالح القوى القومية والبعثية والرجعية المتآلفة. بعد إنقلاب 8 شباط 1963 عين رئيساً للجمهورية رغم عدم إسهامه في التخطيط للإنقلاب. لذا جعله البعثيون رئيساً شكلياً. إستغل نقمة الجماهير على البعثيين وقوة القوميين في صفوف ضباط الجيش، فقاد إنقلاباً عسكرياً على حكومة أحمد حسن البكر البعثية في 18 تشرين من عام 1963 ذاته. توفي في حادث سقوط طائرته بين البصرة والقرنة عام 1966. 
(3): "الحرس القومي" هي ميليشيا بعثية تكونت أساساً من شباب بعثي مفعم بالحماس الفاشي الكاره لكل ما يمت بصلة للديمقراطية والتقدمية واليسار. كان الدكتور أياد علاوي قائداً لأحد فروع هذا التنظيم. وأعتقد أن أخلاق السيدين صالح المطلك وطارق الهاشمي ترشحهما لإحتمال كونهما من ذلك الحرس أيضاً. أما السيد حيدر الملا الذي لم يدرك تلك الأيام السوداء لصغر سنه فقد تعلم الأخلاق ذاتها من "جمهورية الرعب" أيام صدام و "الجيش الشعبي" الإسم الجديد لل"الحرس القومي".
إن ذكرى 8 شباط المفجعة وما نشهده اليوم كتلويح لمحاكاة تلك التجربة الكارثية، يجعلان المرء في غاية الحساسية والحذر.   
من هذا أإتجهت كتاباتي كثيراً نحو التنبيه إلى مكامن الخطر على النظام الديمقراطي العراقي الذي يطرحه المتعلقون بتلك النظم الطغموية(6)و(7) الفاشية. وبتقديري، ستزداد المخاطر بعد إنسحاب القوات الأمريكية خاصة إذا عاد الجمهوريون إلى البيت الأبيض الذين سيطالبون العراق بإمتيازات نفطية ومواجهة عسكرية مع إيران، وسيجدون هناك من هو مستعد لتبادل المصالح معهم.
إذا حافظنا، كعراقيين بجميع مكوناتنا، على الديمقراطية وطورناها وإستكملناها، بالنقد الجاد والبناء والمسؤول والمتواصل، فنستطيع الحصول على مزيد من الحريات وعلى حقوق المرأة والطفل والأرملة واليتيم والفقير والعامل والفلاح والمبدع وغيرهم وغيرهم وهو الطريق العلمي إلى الإشتراكية. وإذا سقطت الديمقراطية فلا أمل في أي شيء ويبقى الكلام شعارات جوفاء وثرثرة.
نقلت الدكتورة ناهدة التميمي عن السلفي الشيخ عدنان عرعور قوله: عندما ننتهي من تحرير سوريا سوف نتوجه لمعركة الكوفة. ونقلاً عن الدكتورة أيضاً فهناك أنباء عن تولي الملك عبد الله السعودي نفسه الملف العراقي وأنه قد رصد مبلغ (250) مليار دولار لتدمير الديمقراطية العراقية.
تريد السعودية إبعاد شبح الإستحقاق الديمقراطي عنها لذا فهي تدفع بإتجاه إثارة حروب وصراعات طائفية على نطاق المنطقة. وعلينا ألا ننسى أن إسرائيل وتركيا لهما دور كبير ومصالح في إثارة الصراع بتنسيق متكامل على ما يبدو مع السعودية وحلفائها في المنطقة.
 (4): تم إعدام رشيد مصلح من قبل البعثيين بعد مجيئهم الثاني للسلطة عام 1968 بتهمة التجسس لإسرائيل. في الحقيقة كان إعدامه وإعدام آخرين مثل مدحت الحاج سري يمثل تصفية للعناصر القومية غير البعثية في الجيش. أعتقد أن هذا هو السبب الذي جعل البعثيين والحرس القومي لا يمتثلون لأوامره عند تعلق الأمر بملاحقة الشيوعيين واليساريين والتقدميين والديمقراطيين فلدى البعثيين أجندتهم الخاصة بهم، لذا لم ينصرفوا من محيط دار الشيخ الشبيبي.
(5): كان نوري السعيد ضابطاً في الجيش العثماني وكان من القوميين العرب. أصبح حليفاً لبريطانيا بعد سقوط الدولة العثمانية وتأسيس الدولة العراقية الحديثة وترأّس الوزارة لعدة مرات. كان يعتبر رجل العراق القوي وكذلك في المنطقة . كان يعتقد أن العراق، في هذا العالم المتلاطم، لابد وأن يتحالف مع دولة قوية فإختار بريطانيا. كان معادياً للشيوعية.
من كلماته المأثورة المنقولة عنه قوله: "العراق عبارة عن بالوعة وأنا أجلس على غطاء فوهتها، فإذا تنحيت عنها إنتشرت الأرياح الكريهة".
مع قبح هذا التشبيه، لكنني أعتقد بصحة جوهر التشخيص للحالة العراقية التي هي نتاج لسياسات وتراكمات سابقة. إنما العيب يكمن في تشخيص الحل. فالجلوس على الفوهة والكبت يؤديان إلى الإنفجار الحتمي عاجلاً أو آجلاً. وتأريخ العراق والعالم ملئ بمثل هذه الإنفجارات على مر القرون. الأسلم هو الحرية والديمقراطية إذ تُحل المشاكل في حينها وهي صغيرة ولا تتراكموتنتفخ ثم تنفجر. ولنا من تجربة العراق خلال السنوات التسع المنصرمة خير دليل على ما أقول. 
(6):  الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(7): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
(8): وأنا أسجل هذه السطور عن الشهيد أسعد بمناسبة حلول ذكرى 8 شباط الأليمة، خطرت ببالي التبريرات التي وردت على لسان أكثر من مسؤول وقيادي ومتحدث رسمي بإسم إئتلاف العراقية حول موجة الإستقالات التي قدمها نواب وأعضاء مجالس محافظات ومسؤولين وفروع كاملة في مكونات ذلك الإئتلاف.
 فبدلا من الإدلاء بالحقيقة التي دفعت أولئك الوطنيين إلى ترك إئتلاف العراقية كالإحتجاج على سياسة قادته اللاوطنية حينما دعوا دولة عظمى أجنبية للتدخل في الشؤون العراقية ببيان علني وصريح نشروه في صحيفة النيويورك تايمز، والإحتجاج على المطالبة بإنشاء الأقاليم لا إيماناً بها، وقد رفضوها رفضاً قاطعاً من قبل، بل للمناكفة على أقل تقدير إن لم تكن هناك من غاية أخرى في قلب يعقوب، وغير ذلك من الأسباب الوجيهة.   
أقول بدلاً من قول الحقيقة، وإذا بأولئك المتحدثين يعزون الإستقالات إلى "الضغوط والإغراءات التي مارستها الأجهزة الأمنية عليهم".
أثار هذا في نفسي مباشرة السؤال التالي: أي نوع من نائب ذاك الذي يخاف من رجل الأمن وهو يمتلك الحصانة النيابية، وما أدراك ما الحصانة النيابية؟ أليست هذه التهمة مهينة بحق المنشقين من نواب وغير نواب؟ أنا واثق أن هذه الإتهامات سخيفة ولا أساس لها إذ إستمعت إلى كثيرين من المنشقين عبر الفضائيات وكانوا في غاية الشجاعة والمسؤولية أمام ضمائرهم ووطنيتهم.   
 

55
السيد طارق الهاشمي يهذي بتأثير حمّى إفتضاح أمره
محمد ضياء عيسى العقابي
طيلة الأعوام المنصرمة كنتُ، داخل نفسي، لا أتهم نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي بأبعد من تعاطفه مع الإرهاب وتستره عليه. أما أن يكون شريكاً فعلياً في الجرم الإرهابي فكان ذلك خارج حدود تفكيري وتوقعي، لأن التورط في مثل هذا الأمر يحتاج إلى نفسية وعقلية خاصتين جدا لا تتوفران في أبسط إنسان سوي أو موظف صغير في الدولة ناهيكم عن أن يعتلي ثاني أرفع منصب تنفيذي معنوي في العراق الجديد الذي يعلن الجميع، إدعاءً على الأقل، على جعله مجتمعاً حضارياً يسوده إحترام الإنسان وقدسيته وسواسية المواطنين أمام القانون وجعل صناديق الإقتراع فيصلاً للبت في إختلافاتنا.  ً
لما سمعتُ إعترافات بعض أفراد حماية السيد الهاشمي، قلتُ لنفسي دعني أراقب تصرفات السيد الهاشمي فهي قد تلقي بعض الضوء على مدى صحة الإتهام من عدمه.
أول تصريح للسيد الهاشمي في كردستان فضح ضعف موقفه ، وبالنسبة لي كان إقراراً بالذنب. لقد قال "إن هذا الإتهام مسيس وموجه ليس لي بل للطائفة التي أنتمي إليها". لا يصدر هكذا كلام عن شخص مؤمن حقاً ببرائته. إنه كلام أقرب إلى الهذيان منه إلى كلام الإتزان.
بعد أن فاق السيد الهاشمي من الصدمة، تهاوت ردود أفعاله في مستواها شيئاً فشيئاً بقدر ما كان يُسقط من حسابه عوامل كان يعتقدها كفيلة بتسفيه التهمة (حتى إذا كانت صحيحة) وعودته منتصراً إلى مقره في المجمع الرئاسي.
أعتقد أن العوامل التي رآها السيد الهاشمي فاعلة والتي عوّل عليها هي:
أولاً: قدرته الشخصية على تحريك الشارع ضد الحكومة، لذا نسي نفسه وإدعاءاته السابقة بكونه فوق الطوائف والطائفية(1) وإذا به يخاطب العرب السنة وطرح بأنه ليس المقصود شخصياً بل أن المقصود هو "الطائفة التي أنتمي إليها" على حد قوله. ولكنه فشل لأن العرب السنة واعون لمثل هذه الألاعيب الطغموية(2). 
ثانياً: قدرة إئتلاف العراقية، الذي ينتمي إليه السيد الهاشمي، على تحريك الشارع العربي السني ودفعه إلى إحداث فتنة وضغط على الحكومة لتتجاوز القضاء وتعقد صفقة مع ذلك الإئتلاف كما كان يجري أيام وجود القوات الأمريكية وأيام حداثة التجربة الديمقراطية. وقد فشل هذا التعويل لأن السنة العرب أوعى وأنبل من أن يتلاعب بهم الطغمويون.
أعتقد أن إقحام إئتلاف العراقية نفسه في هذه القضية القضائية البحتة نابع من علم غلاة التطرف في قيادة الإئتلاف بصحة الإتهام الذي قد يقضي على الإئتلاف بعد ثبوته قضائياً. لذا حاولوا التصدي للموضوع سياسياً بتوجيه الضغوط على الحكومة العراقية عبر الإبتزاز الداخلي وعبر التدخلات الخارجية وتقديم الإغراءات المتنوعة.   
حاول بعض شخصيات إئتلاف العراقية إثارة الجماهير بإختلاق ذرائع واطئة جداً. فالنائب الدكتور أحمد العلواني أورد في فضائية الحرة (برنامج بالعراقي بتأريخ 9/1/2012) حادثة نقل مواطن من الأنبار في سيارة إسعاف إلى المستشفى لإصابته بجلطة غير أن الشرطي منع دخوله إلى المستشفى قائلاً: "مت في السيارة". لم يعتبر السيد العلواني ذلك تصرفًاً إنفرادياً، في حالة صدقيته أساساً، بل إعتبره "يمثل سياسة ممنهجة ضد السنة".   
وحاول الإئتلاف إقلاق الوضع وتوجيه ضغط على الحكومة عبر تعليق حضور نوابه لجلسات المجلس وكذلك مقاطعة وزرائه لجلسات مجلس الوزراء، رغم رفضه ربط القضيتين. فشلت هذه الخطوة، هي الأخرى، لأن الجماهير التي إنتخبتهم، بتقديري، رأت أن هذا كان إجراءً مستهتراً لأن ممارسة الأعمال أنفع من عرقلتها ولصالح الهاشمي نفسه، من جهة؛ ومن جهة أخرى فلا يصح عرقلة سير العدالة.
كانت أقوى نقطة إعتراض  لدي إئتلاف العراقية تتمثل بعرض إعترافات بعض ضباط حماية الهاشمي على الجمهور عبر شاشات التلفزة والقضية مازالت غير منتهية قضائيا، وهو خرق لا تجيزه لوائح حقوق الإنسان. أعتقد أن القضاء العراقي فضّل أن يتحمل أعباء هذا الخرق، الخفيف نسبياً، مقابل ما كسبه من تنوير المجتمع وتحذيره سلفاً لأن الصدمة من دون هذا التحذير كانت قابلة للإستغلال السياسي قد يؤدي إلى فقدان أرواح بريئة دون مبرر. غير أن إئتلاف العراقية بالغ في الإدعاء بكون قضية الهاشمي سياسية، ما صرف الجمهور عنه لأن الإعترافات كانت دامغة ومقنعة ولم يلمس المرء عنصر إفتعال فيها.
زيادةً على هذا، فإن القضاء العراقي سبق أن إمتدحه السيد صالح المطلك قبيل إنتخابات 7/3/2010 يوم بروز مسألة شموله بقانون المسائلة والعدالة، كما أن تصديق نتائج الإنتخابات وتنصيب النواب ومجلسهم والرئاسات الثلاث ومجالس الرئاسات الثلاث وغيرها كلها تمت على يد ذات القضاء الذي أصدر مذكرة القبض على السيد الهاشمي. فلماذا الإعتراض والطعن في مفردة السيد الهاشمي فقط؟
وفوق هذا كله علمَ جمهور إئتلاف العراقية، وفي غالبيته العظمى هو جمهور وطني وديمقراطي، بأن قادة الإئتلاف قد طلبوا (دون علم الحكومة العراقية!!) حضور الجنرال بتريوس إجتماعاً لأولئك القادة لتحريضه ضد القضاء والحكومة العراقيتين بشأن قضية السيد طارق الهاشمي. كان رد الجنرال بحضور السفير الأمريكي السيد جفري: إننا كنا على علم بنشاطات الهاشمي الإرهابية ولكن الظروف لم تكن مؤاتية لإعلانها!!. 
كما أصبح جمهور إئتلاف العراقية على علم  بأن السبب الرسمي المعلن لقرار الإئتلاف بالعودة إلى البرلمان والحكومة وإنهاء المقاطعة هو الإستجابة لطلب نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن!!.
وربما إطلع البعض من جمهور إئتلاف العراقية على المقابلة الصحفية التي أجرتها صحيفة السفير اللبنانية مع السيد أياد علاوي، رئيس إئتلاف العراقية، مؤخراً. لقد إعتبر السيد علاوي أن العراق مازال بلا سيادة وأن الإحتلال باقِ ولم يتغير شيء.
فَهمَ جمهور الإئتلاف بأن قادتهم المنتخبين لا يحرك ضمائرهم الشعور بالمسؤولية الوطنية حيال منتخبيهم والجمهور العراقي والعراق ومنظومته القضائية، وإنما تحركهم الإستعانة بالأجنبي الذي مهما كانت علاقة العراق به طيبة ووثيقة إلا أن العلاقة أصبحت معه إعتيادية بعد إنسحاب قواته وأصبحت كالعلاقة بين أية دولتين تمتلكان السيادة الكاملة. وأصبح مفهوماً أن يلتزم كافة الأفراد والجماعات والأحزاب بالقوانين والأعراف حتى الأكثر إنفتاحاً منها وهي السائدة بين الدول الديمقراطية العريقة مع بعضها ولا يُطلب الإستثناء للعراق بكونه ديمقراطية فتية.
 غير أن تصرفات قادة إئتلاف العراقية المذكورة أعلاه وطروحات السيد علاوي قد تخطت الحدود بكثير وهي إعلان صارخ برفض الإستقلال والسيادة والدعوة إلى الإنبطاح ريثما يتمكن الجنرال بتريوس من إجلاسهم على كرسي الحكم الطغموي، وهو ضالتهم المنشودة منذ سقوط النظام البعثي والتي من أجلها تسببوا في إهدار دماء أبناء الشعب الزكية وإزهاق الأرواح البريئة. 
أعتقد أن تصريحات السيد علاوي هي طموح وتمنٍّ لبقاء الإحتلال فهو خير له من إستقلالٍ لا يعتلي فيه منصب رئيس الوزراء أو رئيس المجلس الوطني للسياسات العليا (شريطة أن يضم في جيوبه الرئاسات الثلاث إضافة إلى الدستور ورئيس مجلس القضاء الأعلى).
هذا هذيان ويفسر لماذا حاول بعض قادة إئتلاف العراقية، وبالأخص السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني، إبقاء القوات الأمريكية عن طريق إفتعال أحداث دامية وحرائق.
هذا كله جعل جمهور إئتلاف العراقية لا يتحرك رغم جميع النداءات والإلحاح والتأليب والتحريض والشحن الطائفي. لقد بان المعدن الحقيقي للعراقيين بجميع مكوناتهم القومية والدينية والمذهبية والإيديولوجية والسياسية.             
ثالثاً: التحرك التركي الذي يتخذ مسارات عديدة منها فاعلة ومنها خائبة ومنها بين بين، وهي:
-    الضغوط المباشرة على الحكومة العراقية وتخويفها بقدرة تركيا الوهمية على تحريك الشارع السني العراقي ضدها : وهنا لاقت تركيا فشلاً أشد نفوراً لأن العراقيين بجميع مكوناتهم يكرهون أن يتدخل الأجنبي تحت أية ذريعة كانت في شؤونهم الداخلية. للعلم فإن التهديد بقطع المياه ما عاد نافعاً لأنه قيد الممارسة منذ سنين دون جدوى؛ وبالعكس فإن العراق يمكن أن يلجأ، إذا ما أضطر، إلى إعادة النظر بالعلاقات التجارية البينية التي تقف فيها تركيا على رأس دول العالم حجماً إذ يبلغ عشرة مليارات دولاراً سنوياً. إن التمادي في قصف القرى الحدودية الكردية قد تدفع العراق إلى التوجه إلى الأمم المتحدة.
 
-   الضغوط والإغراءات التركية على حكومة إقليم كردستان: وهذا واضح من التصريحات التي صدرت عن بعض مسؤولي الإقليم وفيها كثير من التجريح بالحليف وهو الحكومة الفيدرالية التي لا يُهاب جانبها (لأنها مسالمة) من أجل كسب ود تركيا أو لدرء شرورها. أعتقد أن تركيا قد فهمت أنه بالتحليل الأخير فالأكراد لا يفرطون بسندهم العراقي الذي يتفوق بأساً على جميع القوى الإقليمية والعالمية مهما بلغت قدراتها ما لم يحصلوا على مكسب مادي مؤكد ومضمون وذي طبيعة ستراتيجية. وإلى ذلك الحين فلا يمكن أن يكون القادة الكرد غير آبهين بغضب الشعب العراقي، رغم أن السيد عدنان عثمان، النائب عن كتلة التغيير، أراد أن تكون العلاقة بين الإقليم وبغداد وفق حديثه في برنامج "حديث النهرين" (فضائية الحرة في 30/9/2011)  الذي قال فيه: "الجانب الكردي كان جزءً من المشكلة إذ لم يكن حازماً. حكومة المالكي كانت ضعيفة جداً بسبب مقاطعة السنة والصدريين وكان بإمكاننا فرض رأينا كمسألة المناطق المتنازع عليها".

-   تحريك إيران ضد الحكومة العراقية ربما لتصديق حكومة أردوغان خرافة أن العراق تابع لإيران. بالفعل حصلت إتصالات علنية بين وزيري خارجية تركيا وإيران وحضر وفد إيراني إلى كردستان العراق غير أن رئيس الوزراء المالكي ألزم جميع دول العالم حدودها عندما صرح تصريحاً قاطعاً إذ قال: "نرحب بجميع الآراء ولكننا لا نريد من أي أحد التدخل في شأن القضاء العراقي". قال هذه الكلمات بعد حصوله على تأييد تام من أطراف التحالف الوطني.
أعتقد أن هذا التصريح الرافض لأية وصاية من أية جهة كانت، إضافةً إلى الموقف من القضية السورية هما اللذان أثارا السيد أردوغان وبدر منه كلام مسيء رفضته الحكومة العراقية جملة وتفصيلاً.

-   تحريك أمريكا والحلفاء في الحلف الأطلسي ضد الحكومة العراقية. أعتقد أن أمريكا كانت على علم بنشاط السيد الهاشمي الإرهابي وأعتقد أن رئيس الوزراء السيد المالكي قد وضع الرئيس أوباما في الصورة، كصديق، أثناء زيارته الأخيرة لأمريكا من أنه قد آن الأوان لتصفية هذه النشاطات الخطيرة. لذا فعلى الأرجح أن السيد أردوغان سوف لا يجد أذناً صاغية هناك.

رابعاً: الضغوط السعودية والأردنية سواءً المباشرة أو عبر أمريكا وتركيا. وهذه ضغوط خائبة أيضاً.
إذاً، إبتدأ السيد الهاشمي حملته الدفاعية بإطلاق تصريحه آنف الذكر حول كون طائفته، وليس هو شخصياُ، المستهدفة من وراء الإتهام.
ثم طالب بحضور محامين عرب وأجانب.
بعدها طالب بحضور الجامعة العربية.
بعدها طالب بنقل المحاكمة إلى كردستان ثم إلى كركوك(3).
ثم طالب بإقالة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي قبل حضوره إلى بغداد.
وبتأريخ 1/2/2012 نقل موقع فضائية الحرة تصريحات للسيد الهاشمي أدلى بها إلى فضائية أل(سي.إن.إن.). كانت التصريحات على هيئة تكهنات لكنها تعكس تمنيات وخارطة طريق لأماني الدكتور طارق الهاشمي، نائب رئيس جمهورية العراق الذي أقسم على صيانة إستقلاله وسيادته. فهو قد تكهن بحصول حرب أهلية، وتكهن بالعودة إلى ما قبل 2003، وتكهن بمستقبل مظلم للعراق، وأخيراً طرح أمنيته الكبرى إذ راح يتكلم وكأنه مخطط ستراتيجي لسياسات الولايات المتحدة المستقبلية إذ قال: "الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكرياً في العراق مجدداً للسيطرة على الوضع ..... إن إنعدام الإستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة". أغفل السيد الهاشمي أمراً واحداً فقط وهو الأمم المتحدة والفصل السابع.
وواصل السيد الهاشمي حديثه فإنتقد الرئيس أوباما في محاولة منه، بتقديري، إلى دغدغة مطامع الصقور كالسناتورين الجمهوريين (جون ماكين) و(ليندزي كَراهام) اللذين طلبا من الرئيس أوباما إبقاء بعض القوات الأمريكية في العراق من أجل "حماية الديمقراطية".
ولخطورة تقرير فضائية الحرة، هذا، أدرجه نصاً في الهامش رقم (4). ولإستكمال الفائدة ومعرفة خلفية نشاطات السيد الهاشمي السياسية السابقة، أدرج في الهامش رقم(5) تقريراً نشرته صحيفة البيسو الإسبانية عام 2007.
ومواصلةً لنهجه في الإتهام والهجوم كخير وسيلة للدفاع (السيد الهاشمي كان ضابطاً في الجيش العراقي لذا فهو ضليع بمبادئ التعبئة العسكرية) كرر تهديده باللجوء إلى المحاكم الدولية إذا رُفض طلبه بنقل مكان المحكمة إلى كردستان أو كركوك (فضائية الحرة بتأريخ 2/2/2012).
وأخيراً وإستناداً إلى نفس المصدر السابق، أطلق السيد الهاشمي تهديداً مبطناً بالهرب كما لو كان واثقاً من قدرته، إذ قال: "إذا ضاقت أرض كردستان بالهاشمي، فأرض الله واسعة". قد يكون هذا مؤشراً على قرب تسليمه إلى بغداد. لقد خرجت تظاهرة يوم 4/2/2012 في السليمانية تطالب بتسليم الهاشمي إلى القضاء في بغداد لتورطه في مقتل قاَضٍ كان يشغل منصباً قضائياً رفيعاً في بغداد وينحدر من الشيوخ الطالبانيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
(2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(3): ليس بمقدوري مناقشة قانونية نقل المحاكمة من بغداد إلى خارجها. لكنني أبدي وجهة نظر سياسية وأمنية. طلبُ السيد الهاشمي المدعوم من إئتلاف العراقية بنقل المحاكمة يُراد منه أساساً إثبات ما يروجونه من عدم إستقرار الأوضاع في العراق خارج كردستان، والطعن بإستقلالية القضاء وأخيراً خلق الصعوبات أمام سير المحاكمة. وإذا كان هناك من داعٍ للإستجابة للطلب فلتكن المحاكمة في كردستان وليس في أي مكان آخر. السبب هو إحتمال تهريب أوإغتيال السيد الهاشمي من قبل الإرهابيين بمساعدة بعض حلفاء الهاشمي لأنه أصبح ورقة محروقة والخير لهم كل الخير، بتقديرهم، إغتياله للتخلص منه وغلق الملف قبل ظهور الفضائح، وربما النجاح في إتهام الحكومة العراقية بالقتل أو إظهار ضعف الحكومة العراقية وهشاشة الوضع في العراق. هذا وسبق لي أن دعوتُ إلى وجوب المحافظة على سلامة السيد الهاشمي من الإغتيال الكيدي. سوف لا تنقطع المحاولات، بتقديري، حتى يتم النطق بالحكم القضائي. أما التهريب فقد تقوم به تركيا أو إيران لإظهار الإستهانة بالوضع العراقي.
(4): أدناه نص تقرير فضائية الحرة:
"الهاشمي يقول إن قرارات المالكي ستعيد العراق إلى مرحلة ما قبل 2003
01/02/2012 02:15
قال نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي إن سياسات رئيس الوزراء نوري المالكي تهدد باندلاع صراع طائفي يدفع بالبلاد نحو الهاوية.وأضاف الهاشمي في مقابلة مع شبكة سي إن إن الأميركية مساء الاثنين أن قرارات حكومة المالكي ستؤدي إلى عودة العراق إلى مرحلة ما قبل عام ألفين وثلاثة: "أحذر صناع القرار من أن مستقبل العراق يبدو مظلما."
وأشار الهاشمي إلى أن الولايات المتحدة قد تضطر إلى التدخل عسكريا في العراق مجددا للسيطرة على الوضع، وأوضح أن انعدام الاستقرار في العراق سيؤثر بشكل كبير على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة.
وأبدى الهاشمي استغرابا لوصف الرئيس باراك أوباما العراق بأنه بلد حر وديموقراطي، وقال إن سيطرة رئيس الوزراء على القوات المسلحة ووزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني وأجهزة الاستخبارات في البلاد لا تدل على ذلك".
(5): نشرت الصحيفة الإسبانية البيسو تقريراً، إستنادا إلى مصادرها في واشنطن، وأعادت صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية نشر التقرير بتأريخ 27/1/2007 بالصيغة التالية: "إن الرئيس الأمريكي جورج بوش قال للدكتور طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية العراقي خلال زيارته الاخيرة لواشنطن ان زمن الاستئثار بالسلطة من قبل أقلية عشائرية حاكمة قد ولى ولن يعود، وان على السنة ان ينسوا صدام ونظامه. جاء ذلك في رد على اقتراح الهاشمي بتسليم المواقع الحساسة في السلطة العراقية الحالية للسنة لمواجهة الخطر المشترك الذي يعتقده الهاشمي انه يواجه امريكا والسنة.
وقالت الصحيفة ان الهاشمي علل طلبه هذا بأنه يحقق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وعزز رأيه بأن جميع الانظمة السنية العربية في المنطقة راعية للمصالح الحيوية لاميركا في الخليج والشرق الاوسط، بينما تهدد ايران سلامة الملاحة في خليج هرمز، وتمارس دورا معاديا لامريكا في العراق، وتعرقل عملية السلام في الشرق الاوسط عن طريق دعمها لحماس وحزب الله، في الوقت الذي يلعب السنة دورا ايجابيا في تأمين تدفق النفط وحل النزاع العربي الاسرائيلي بالطرق السلمية.

لكن الرئيس الامريكي وحسب ما تذكره الصحيفة إعترض على هذا الراي وقال بأن مرحلة صدام انتهت ولا يمكن العودة اليها، وأن استراتيجية اميركا الجديدة في إبعاد شيعة العراق عن ايران هي في اعطاء الشيعة في الحكومة والبرلمان دورا مناسبا لحجمهم الحقيقي لكي يضمنوا حقوقهم في ظل المشاركة بالسلطة لا بالتحالف مع دولة أجنبية. وتضيف الصحيفة ان هذا اللقاء أشاع اليأس في اوساط سياسيي السنة الذين كانوا يؤملون ان تلتفت الولايات المتحدة الى الاخطار التي تهدد مصالحها".
( بالطبع يخلط الغربيون، وعن عمد لترويج سياسة "فرق تسد"، بين الطغمويين والسنة العرب وهو أمر خاطئ – م.ض.ع.ع.)



 


56
لماذا موقفا منظمة (الهيومان رايتس ووج) وصحيفة (الغارديان) غريبان؟
محمد ضياء عيسى العقابي
منظمة الهيومان رايتس ووج منظمة أمريكية محترمة تعني بحقوق الإنسان في العالم. وصحيفة الغارديان البريطانية، حسبما أعرف عنها منذ خمسين سنة، صحيفة محترمة أيضاً وليبرالية ديمقراطية يحبذها المثقفون (intellectuals) ولكنها تميل نحو إسرائيل.
غير أن المنظمة والصحيفة ليستا معصومتين من الخطأ والإشتطاط ولم تبلغا درجة الكمال بل ولا حتى جزءً هاماً منه إذا تكلمنا بالكمال المطلق. إنهما تورطتا  بنشر معلومات خاطئة واضحة (أي ليست أخطاء حدودية) عن العراق لستُ بصدد مناقشتها الآن، وسأناقشها في مقالات لاحقة. إنهما ليستا الوحيدتين اللتين إنخرطتا في ما رصدتُه من وجود حملة منظمة على غرار ما كنا نشهده أيام الحرب الباردة عندما كانت تُشن حروب إعلامية لأهداف سياسية معينة. لقد تعرضت حكومة الزعيم عبد الكريم قاسم إلى حملة من هذا النوع. واليوم يتعرض العراق الديمقراطي الذي إنتزع سيادته كاملة غير منقوصة وماضٍ في إستكمال البناء الديمقراطي إلى حملة مشابهة أيضاً.
إن ما أريد تناوله الآن هو الإجابة على سؤال: لماذا هذان الموقفان الغريبان من جانب الصحيفة والمنظمة؟ علماً أنني واعٍ كل الوعي لوجوب التمييز بين النقد الحقيقي، مهما كان قاسياً، المستند إلى وقائع وأدلة رصينة، وبين ما لا يستند إلى وقائع أو يستند إلى أدلة ضعيفة أو مختلقة. وإذا تتكرر مثل هكذا نقد سلبي فلا يمكن إلا إعتباره إنخراطاً في حملة سياسية ذات أهداف معينة ينبغي التحري عنها وكشفها.
لقد ظلمتُ صحيفة الغارديان قليلاً ، وأنا أحلل موقفها العدائي من العراق ومن رئيس الوزراء نوري المالكي بالذات منذ مدة، عندما عزوتُ موقفها إلى  دعم الصحيفة لرغبة شركات النفط البريطانية في السيطرة على نفط العراق بشن حرب باردة عليه بعد أن فشلت أمريكا وحليفتها بريطانيا في ترتيب أوضاع العراق قبل الإنسحاب بما تلائم مصالح شركات النفط من جهة وتوفير الموقع المثالي لضرب المنشآت النووية الإيرانية المقلقة لإسرائيل، وذلك بالتضامن مع شركات النفط الأمريكية وإئتلاف العراقية.
قلتُ ظلمتُ الصحيفةَ قليلاً لأن الصحيفة، كحقيقة، غير معنية كثيراً بمصالح شركات النفط إذ هناك صحف ومجلات هامة ومؤثرة أخرى، وهي كثيرة العدد، معنيةٌ بهذا الأمر.
أما الجزء الصحيح من ظنوني فهو ما يتعلق بالمنشآت النووية الإيرانية وغضب إسرائيل، وبالتالي أمريكا والغرب عموماً، عليها. من هذا المنطلق إنبرت جهات عديدة إلى العويل على ترك العراق "فريسةً للنفوذ والهيمنة الإيرانية". من ضمن المتباكين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو قبل ثلاثة أسابيع تقريباً.
أعتقد أن هذا هو السبب الذي دفع الصحيفة إلى إتخاذ موقف عدائي من العراق.
ويتعزز هذا الرأي كل يوم. فبتأريخ 31/1/2012، نقلت فضائية ال(إم.تي.في.) اللبنانية خبراً من صحيفة الغارديان مفاده أن العراق وإيران ولبنانيين ينشطون في البصرة لتهريب البضائع إلى إيران بهدف كسر الحصار عليها. بينما طلب العراق من الولايات المتحدة إعفاء العراق من المقاطعة نظراً لتأثيره البالغ على الإقتصاد العراقي حسب تصريح الناطق الرسمي السيد علي الدباغ.
ويتعزز الرأي أيضاً بالرجوع سنين إلى الوراء لنكتشف أن الغارديان كانت سباقة لنشر الأخبار التي تسيء للجهود المبذولة لبناء الديمقراطية ومهاجمة المخلصين لهذا النهج. يبدو أن بناء ديمقراطية حقيقية في العراق لا يضير دول الجوار وحسب بل إنه يضير إسرائيل أيضاً لأنه ببساطة يقضي على طموحها في التمدد في منطقة الشرق الأوسط على هواها. آتي بتقريرين في الغارديان مسيئين للعراق:
1-   أقتبس فقرة من مقال لي بعنوان " المقاضاة على طريقة الإدارة العامة للمخابرات العراقية" نشر في صحيفة "صوت العراق" الألكترونية بتأريخ 8/5/2009 تطرقتُ فيه إلى مقال نشرته الغارديان على لسان ضباط مخابرات عراقيين في عهد مديرها اللواء محمد عبد الله الشهواني المعروف بولائه للأمريكيين(1). الآن وفي ضوء ما ظهر من تخوف إسرائيل من ثورات الربيع العربي، أعتبرُ نشر هذا التقرير يندرج في باب الترويج لفكرة الإستهانة بالديمقراطية العراقية الفتية التي تزعج إسرائيل، والنيل من المخلصين لتلك الديمقراطية:
"قبل أيام نقلت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن ضباط في جهاز المخابرات العراقي، طلبوا عدم نشر أسمائهم، هجوما صارخا وتشويهات لا حدود لها بحق رئيس الوزراء السيد نوري المالكي واستسخافا وإستخفافا كبيرين بالعملية السياسية والبناء الديمقراطي في العراق. بعد هذا سارعت الإدارة العامة للمخابرات إلى نفي هذه التصريحات وراحت تعدنا مرة أخرى بمقاضاة صحيفة الغارديان."
2-   نشرت الصحيفة في شهر حزيران من عام 2011 تقريراً حمل خبراً مفاده أن الحكومة العراقية أجرت تعديلاً سرياً على عقد الرميلة النفطى المعقود مع شركة النفط البريطانية (B.P.) من شأنه أن يلحق الأضرار بالمصالح العراقية ويجعل منظمة الأوبك تحت رحمة الشركة البريطانية.
نفى الدكتور حسين الشهرستاني، نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وصاحب المصداقية العالية، نفياً قاطعاً حصول مثل هذا الأمر جملة وتفصيلاً وذلك في مقابلة له مع فضائية الجزيرة القطرية في شهر أكتوبر الماضي.

أما ما يخص منظمة الهيومان رايتس ووج، فقد جلبت إنتباهي وأثارت دهشتي ملاحظة أبداها التقرير السنوي الأخير للمنظمة في الجزء الخاص منه بالعراق. كانت الملاحظة عبارة عن نقد لحكومة الولايات المتحدة لتركها العراق وهو بحالة سيئة ومرشح للإنزلاق نحو الإستبداد، على حد إدعاء التقرير نقلاً عن الغارديان.
مبعث دهشتي من هذه العبارة هو أنها تتناول شأناً سياسياً ليس من المعتاد أن تزج منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان نفسها فيه. فلماذا هذا التورط غير المعتاد؟
كما أن المنظمة أخضعت العراق للمعايير الدولية في تقييم أداءه في مجال حقوق الإنسان، وهو أمر صحيح تماماً ومطلوب جداً. غير أنها مطلوبة أيضاً الإشارة إلى أن العراق لم يعرف الديمقراطية وحقوق الإنسان طيلة حياته المعاصرة أو القديمة، وأنه  قد خرج للتو من أبشع نظام فاشي عرفه التأريخ وحكمَ العراق تحت سيف الحروب والحصار والدمار الإجتماعي مدة 35 سنة متواصلة.  ذكر التقرير العراق وكأنه دولة ديمقراطية عريقة لا تجدر الإشارة لتخلفه، بينما ذكر التقرير هذه الحقيقة للسعودية التي حضيت بالإطراء لمنجزات لا تساوي شيئاً مقارنة بالوضع العراقي، وكانت نقطة البدء متقاربة لكليهما إن لم يكن الحال العراقي أكثر سوءاً

أعتقد أن المنظمة تبحث عن أصدقاء  أو حلفاء لترويج ونشر مسالة حقوق الإنسان في العالم، كما أنها ليست بعيدة عن مداراة الهواجس الأمنية لإسرائيل وخاصة ما يتعلق بقلقها من إحتمال تطوير إيران لأسلحة نووية. والمعروف عن الحزب الجمهوري أنه الأشد في سياسته الخارجية من الحزب الديمقراطي والأكثر تدخلاً بشؤون الدول الأخرى لمصالح معينة مستخدماً ذريعة حقوق الإنسان والديمقراطية كمبرر. لذا فإن الحزب الجمهوري طالما رفع عصا الديمقراطية وحقوق الإنسان بوجه الحكومات المشاكسة للسياسة الأمريكية. وهذه السياسة، بلا شك،  لها إيمان معين بالديمقراطية وحقوق الإنسان، غير أن الجزء الأهم من سياسة العصا يخدم المصالح النفطية والستراتيجية الأمريكية بالأساس، بينما يتوجه الحزب الديمقراطي أساساً نحو الداخل لخدمة الشرائح الأقل ثراءاً.
 من هذا تلتقي طموحات منظمة الهيومان رايتس ووج الحقوقية مع بعض توجهات الحزب الجمهوري ذات الوجه العلني الحقوقي وذات الجوهر المصلحي المتصل بالشركات النفطية وحماية إسرائيل.

مع هذا لابد من التنويه إلى أن تقرير المنظمة رغم مثالبه إلا أنه لم يكن بذلك السوء. لكن الذي ضخمه وأظهره بتلك الحدة والسوء هو تقرير الغارديان عنه، وكذلك السيد عماد جاسم الإعلامي في فضائية الحرة الذي وجد فيه فرصة مؤاتية فإنبرى كعادته (في برنامج "بالعراقي" بتأريخ 26/1/2012) يهشم الحكومة العراقية ويؤلب عليها وفق خطة إدارة فضائية الحرة الأمريكية التي تدفع للسيد عماد مرتباً مجزياً للقيام بهذا الدور الإعلامي غير أنه يطرح نفسه وكأنه عراقي تقدمي حريص على العراق حتى أن السيد جاسم الحلفي عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، الذي يتسم بالسطحية، قد إمتدح أفراد طاقم الحرة واصفاً إياهم  ب"الشرفاء(2) الحريصين على حقوق الشعب العراقي" (سبحان ربك كيف إنلاحصت الأمور.... سبحان الذي جعل الإمبريالية نصيرة الشعوب دون تحفظ ... أية إساءة أبلغ من هذه لليسار العراقي يا سيد الحلفي؟!!!).
 
ربما أن ما شجع المنظمة على إنتقاد إدارة الرئيس أوباما بشأن الإنسحاب من العراق، هو النقد الشديد الذي وجهه، أيضاً، السناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندزي كَراهام للرئيس أوباما ودعوتهما إياه إلى "إعادة التفاوض"(3) مع الحكومة العراقية لإبقاء جزء من القوات الأمريكية في العراق "لحماية" الديمقراطية هناك؛ وهما يعنيان إتاحة فرصة إضافية لإزاحة حكومة التحالف الوطني وتمكين السيد أياد علاوي ورفاقه من الوصول إلى سدة الحكم بوسيلة أو أخرى، "شرعية" أو غير شرعية، لمداراة الشركات النفطية الأمريكية وشن حرب على إيران لضرب منشآتها النووية.

خلاصةً، فالمصالح النفطية الأمريكية والبريطانية، والمصالح الأمنية الإسرائيلية، فضلاً عن الجهود السعودية والتركية والخليجية عموماً،  هي التي تقف وراء موقفي المنظمة والصحيفة الغريبين.

وهذا بدوره يفسر الخبر الذي أذاعه راديو العراق الحر قبل الإطاحة بالنظام البعثي الطغموي(4)(5) ومفاده أن كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين حضروا إلى الولايات المتحدة عبروا عن معارضتهم الشديدة لتوجه الولايات المتحدة للإطاحة بصدام(6).   
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): كان اللواء الشهواني، مدير عام جهاز المخابرات العراقي، يرفع تقاريره إلى الأمريكيين وليس إلى الحكومة العراقية، حسب المعلومات التي أدلى بها الدكتور أحمد الجلبي، نائب رئيس الوزراء في وزارة الدكتور إبراهيم الجعفري. كما أفاد الدكتور الجلبي بأن اللواء الشهواني زود الحكومة العراقية بتقرير يتيم واحد أبلغ فيه الحكومة بأن الأذان في البصرة أصبح يُرفع باللغة الفارسية (وهو تقرير على أغلب الظن كيدي).

(2): بغض النظر عن السمات الشخصية للإعلامي العامل في مؤسسة إعلامية، فإنه ملزم بالعمل وفق السياسة التي تضعها تلك المؤسسة.

(3):أعتقد أن المقصود هو فرض بقاء القوات الأمريكية ولو بالتصادم مع العراقيين خاصة وأن هناك عراقيون من المؤيدين للبقاء الأمريكي وهم القادرون على إفتعال الأزمات والمشاهد الدموية ومنهم السيد طارق الهاشمي المتهم بإدارة شبكة إرهابية متورطة بتنفيذ إغتيالات عديدة.

(4): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(5): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
(6): أقمتُ الدليل (في مقال نُشر في صحيفة صوت العراق عام 2006) على أن صدام عقد إتفاقاً سرياً مع إسرائيل يقضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق (لحل القضية الفلسطينية وفق الشروط الإسرائيلية) مقابل حمايته من أي توجه أمريكي للإطاحة به. غير أن المصالح الأمريكية غلبت المصلحة الإسرائيلية.

 

57
حذارِ حذارِ من محاولات الإستهانة بمؤسسة مجلس النواب
محمد ضياء عيسى العقابي
لو لم ينجح أسلوب التحايل المتمثل بإيقاع الأذى بالغير ومن ثم التباكي لكَسْبِ العطف ضد الضحية بسكب دموع التماسيح، لما شاعت المقولة المعروفة: "قتلني وإشتكى .... وغلبني بالبكا".
لحسن الحظ، ما عادت الحياة، المتطورة أبداً لصالح الشعوب والحقيقة، تسمح لنجاح التحايل من هذا النوع في كثير من الأحوال ومنها الحال العراقي. فأصبحت المقولة المحوَّرة التالية هي الأصح إنطباقاً على واقع حالنا: "قتلني وإشتكى ..... ويريد أن يغلبني بالبكا".
اليوم وأعني منذ سقوط النظام البعثي الطغموي، أضرَّ غلاة الطغمويين(1) من قادة(2) إئتلاف العراقية (وما قبلها) بالمصلحة الوطنية العليا للعراق، جرياً على ذات الوتيرة التي ساروا عليها إبان وجود قوات الإحتلال، ويريدون الإفلات من تبعات أذاهم للعراق، وصولاً إلى مبتغاهم، عن طريق البكاء والعويل والضجيج المفتعل.
المبتغى هو تخريب العملية السياسية، (ليقينهم بفقدان الأمل بالوصول إلى قمتها ديمقراطياً بسبب أفكارهم وقيمهم الطغموية المتهرئة و تراخيهم حيال الإرهاب، وهم غير راغبين في مغادرة هذه المواقف وغير راغبين أيضاً بإحترام نتائج صناديق الإقتراع)، عبر الحيلولة دون إستقرار البلد وتشويش أوضاعه وإرباكها متأملين إنهياراً كاملاً للأوضاع الأمنية وللعملية السياسية وبالتالي سقوط العراق في سلّتهم تحقيقاً لدعوة السيد صالح المطلك عام 2005 "سلِّموا العراق لمن له خبرة في إدارته. أعطوا الخبز لخبازه".
غير أن الحياة ما عادت تسعفهم في الظفر بمبتغاهم. فبكاؤهم ونحيبهم تعرّيه أقوالهم التي تُخرجها من أفواههم قسراً الندواتُ المفتوحة والصريحة في الفضائيات التي ما كانت لتتم لولا حلول الديمقراطية على أرض العراق، رغم كونها هشة ومازالت في بداية الطريق.
أقوالهم، هذه، تفضح نواياهم، وهي تشكل الجذرَ الفكري وراء رفض "مبدأ الديمقراطية" عملياً ودون النطق به صراحةً، والتمسك بالصيغة النافية الناقضة لها والمتخلفة وهي صيغة "أهل الحل والعقد" التي طرحتها، في الأيام الأولى لسقوط النظام ودخول الأمم المتحدة على الخط، عبر الدكتور الأخضر الإبراهيمي، لوضع خارطة طريق للعراق المحتل، هيئةُ علماء المسلمين  كما أوضح الناطق الرسمي بإسمها، حينذاك، الدكتور مثنى حارث الضاري. طُرح هذا المبدأ في مقابل المبدأ الذي طرحه، من النجف، السيد علي السيستاني، المرجع الديني لأغلب شيعة العالم، وأخذت به الأمم المتحدة لتطابقه مع المعايير العصرية للديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو: "خير وسيلة للتعبير عن رأي الشعب العراقي هي صناديق الإقتراع".   
أشير في هذا الصدد إلى طرحين قدمتهما شخصيتان في قمة الهرم الفكري في قيادة إئتلاف العراقية وكلاهما أرادا شطب مجلس النواب جوهراً مع إبقائه ديكورا لطمأنة الجماهير. هما:
أولاً: بتأريخ 3/1/2012 وفي برنامج "بالعراقي" / فضائية "الحرة – عراق" حول "المؤتمر الوطني" المزمع عقده، قالت الدكتورة والوزيرة السابقة والناشطة النسوية والقيادية في إئتلاف العراقية أزهار الشيخلي ما يلي: "واجب مجلس النواب التشريع والرقابة ومن الخطأ إشغال البرلمان بالخلافات السياسية ويجب نقل هذه المسائل الخلافية إلى خارج البرلمان".
ثانياً: وبتأريخ 10/1/2012 وفي نفس البرنامج والفضائية، قال الدكتور والقيادي في إئتلاف العراقية جمال الكيلاني: "إذا عُرضت قضايا على البرلمان بعدده الكبير وتطرح على الجمهور فسوف لا نخرج بنتيجة، بينما لو جلس عدد أصغر فهو أنفع."
فكرة الدكتورة أزهار صريحة ولا تحتاج إلى تأويل، فهي تريد إبعاد البرلمان عن السياسة، في الوقت الذي إنتخب فيه الشعب البرلمان لبلورة الستراتيجيات في المجالات المختلفة ومن بينها وعلى رأسها الشؤون السياسية للبلد، وهذه هي فلسفة وجود البرلمان كإحدى المؤسسات الرئيسية في النظام الديمقراطي.
أما كلام الدكتور الكيلاني فهو، في ظاهره الحَرْفي، منطقي ومعمول به في أمريكا بالتحديد (وليس في بريطانيا وفرنسا) حيث تُحل بعض المشاكل، التي يصعب على المؤسستين التشريعيتين حسمَه وهو قليل جداً، عبر إتخاذ موقف موحد متفق عليه بين الحزبين في إجتماعات تعقد بين زعماء كتلتي الحزبين الديمقراطي والجمهوري برئاسة الرئيس الأمريكي أو بدونه، ومن بعد تُمرر الإتفاقات عبر المجلسين، (علماً أنه لا يوجد إلزام للنائب أو الشيخ (السناتور) بالتصويت لحزبه على عكس ما هو معمول به في مجلس العموم البريطاني حيث يوجد إلزام بذلك لبعض المسائل الستراتيجية المعينة، إذ يُلزم النائب بالتصويت للحزب وإلا يتعرض للعقاب وفق آلية ما يسمى "السوطwhip ").
غير أن المقدمات التي طرحها الدكتور الكيلاني (مثلاً قوله: "قضيتا الهاشمي والمطلك هما قضيتان سياسيتان للتسقيط) لا تنم عن كونه ذا مستوى يرتفع أو يتعالى على تكتيك إئتلاف العراقية الذي أفصحت عنه الدكتورة الشيخلي بوضوح وأمانة دون لف أو دوران كما فعل الدكتور جمال. 
 خلاصةً، إنهما أرادا أن يُبعدا مجلس النواب عن الخوض في الأمور الستراتيجية ويريدانها أن تبحث خلف الأبواب الموصدة. وهذا ليس موقفاً شخصياً من جانبهما بل هو الموقف الحقيقي الخفي لإئتلاف العراقية الذي يفصح عنه جميع قيادييه بصيغة أو أخرى من وقت لآخر. إنهم يريدون تهشيم الديمقراطية أو تشويهها على أقل تقدير. من هذه الصيغ: عدم حضور رئيس إئتلاف العراقية، الدكتور أياد علاوي، جلسات مجلس النواب إلا مرة واحدة (ولم يُكملها) عندما أراد، وفشل، الدكتور أياد من مجلس النواب أن يضع في جيبه الرئاسات العليا للدولة عبر تنصيبه رئيساً ل"المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي، هو الآخر وحسب رؤية السيد أياد له، صيغة من صيغ دفع مجلس النواب إلى "خانة الشواذي". 
للحق فرغم كون الدكتور صالح المطلك أقل تهذيباً من الدكتورة أزهار، لكنه يماثلها في الصراحة بل أكثر. فبدون لف أو دوران، أتى السيد المطلك للموضوع من الآخر ودعا ( بصيغة المتكهن الواثق، ربما لثقته بقرب نجاح المحاولة الإنقلابية!!) إلى إسقاط العملية السياسية والديمقراطية ومجلس النواب بخبطة واحدة إذ أعلن: "بعد خروج الأمريكان، ستسقط الديمقراطية لأن من صاغها وحماها هم الأمريكيون" (فضائية "الحرة-عراق" / برنامج "حوار خاص" بتأريخ 28/11/2011). (ولما فشل التآمر وإنتصرت الديمقراطية حنق السيد المطلك على رئيسه القائد العام للقوات المسلحة فشتمه دون حياء أو وطنية أو مسؤولية في فضائية أل {سي.إن.إن.} الأمريكية العالمية).
الغريب أن صراخ وعويل بعض قادة إئتلاف العراقية لم ينقطعا بإتجاه إتهام رئيس مجلس الوزراء بالتفرد بالسلطة والدكتاتورية ودكتاتورية القائد الأوحد والحزب الأوحد، في الوقت الذي يقاطع فيه نوابهم ووزراؤهم مجلسي النواب والوزراء وهما المؤسستان الشرعيتان اللتان يتمتعون فيهما بكامل الحرية لإيقاف أية ميول نحو التفرد والدكتاتورية. فأينهم من الصدق والجد والمسؤولية؟ 
يعتقد كثيرون من ذوي النوايا الحسنة  بأن التفاهمات خلف الكواليس، أي خارج قاعة مجلس النواب، ضرورة لأن هناك أمور لايصح أن تُطرح علناً. أقول: هذا صحيح في أمور معينة كالقضايا الأمنية. أما ما عداها، فأنا مؤمن بما طرحه المناضل الفلسطيني الدكتور عزمي بشارة عندما قال (في فضائية الجزيرة وهو يتحدث عن ثورات الربيع العربي والوضع السوري والتدخل الخارجي بالذات) ما مفاده: "إذا كنتَ غير قادر على طرح أمر ما علناً أمام الناس فعليك أن تنسى ذلك الأمر".
لكن بعض الناس يقولون خلف الكواليس ما لا يقولونه علناً أمام الناس. مثلاً: قال رئيس الوزراء السيد نوري المالكي يوم الجمعة 13/1/2012 في فضائية "الحرة – عراق" / برنامج "حوار خاص": سألتُ المسؤولين المطالبين بإقليم صلاح الدين: "على أية حدود ستقيمون الإقليم؟". أجابوا: "على الحدود القائمة حالياً". قلتُ: "طوزخرماتو تريد العودة إلى كركوك. وبلد والدجيل يريدان العودة لبغداد. وذلك حسب المادة 140 من الدستور. أما يتوجب حسم ذلك أولاً؟". قالوا: "هذه المادة 140 قد ماتت وليس لها وجود".
لكن هؤلاء السادة لا يتطرقون علناً الآن (وليس قبلاً!!) عن موت المادة 140 (بحجة إنقضاء المدة المحددة لتنفيذها)، وذلك لأن التكتيك يقتضي عدم إستفزاز بعض القادة الكرد بل تشجيعه على مناكفة الحكومة المركزية.
كما إقتنع بعض ذوي النوايا الحسنة بما طرحه الطغمويون من أن التفاهمات خلف الكواليس خارج مجلس النواب يمليها الوضع الخاص للعراق وتركيبته السكانية.
هذا كلام غير مقبول أيضاً، لأن جميع مجتمعات الدنيا فيها مكونات من نوع أو آخر: فهناك الإثنية وهناك الدينية وهناك الطائفية(3) وهناك الطبقية وهناك الإيديولوجية وهناك الحاوية على أكثر من واحدة منها. فهل أن جميع الدول تدير ظهرها للبرلمان؟ كلا وألف كلا.
وهناك من يبرر تهميش مجلس النواب بدعوى وجود أحزاب "طائفية" على رأس السلطة ووجود محاصصة ما توجب بحث الأمور خارج مجلس النواب.
هذا خطأ فادح آخر. فالأحزاب هي دينية وليست طائفية (راجع الهامش رقم 3 أدناه رجاءً حول التعريف العلمي للطائفية من وجهة نظري الخاصة) لأنها وصلت إلى السلطة عبر صناديق الإقتراع وبموجب دستور مدني (ساهمت مع الكرد في كتابته)، ووصفه كثير من أساتذة القانون، الممارسين والجامعيين، بكونه الأرقى في المنطقة (ربما عدا الدستور الإسرائيلي للإسرائيليين وليس للفلسطينيين). أما كون الحزب المعين دينياً ينتمي إليه أبناء طائفة معينة، فهذا لا يُفقده صفة الحزب الوطني الذي يعمل لصالح كل العراقيين حتى ولو حكم لوحده. (وسيحصل ذلك في المستقبل، كما أتكهن). هل الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا يعمل لصالح طائفة السيدة ميركل وحسب؟ كلا، إنه يعمل لكل ألمانيا. كما إن حزب المحافظين أو حزب العمال في بريطانيا لا يعملان لطبقتهما بشكل جائر فقط بل يراعيان الطبقة الأخرى بالقدر المقبول لدى الآخر ضمن حدود اللعبة الرأسمالية. 
أراهن على إمكانية تشكيل حكومة خالصة من أي مكون عراقي حتى الأقل عدداً  كالمكون التركماني أو المسيحي أو الصابئي أو الأزيدي أو الشبكي أو أي حزب علماني (عدا إئتلاف العراقية الذي يسعى لإستعادة النظام الطغموي) وأراهن على نجاح هكذا حكومة نجاحاً باهراً في خدمة كافة أبناء العراق لو تعاون معها الآخرون (كما يُفترض من كل وطني) ولم يلجأوا إلى التخريب والعرقلة والتآمر بل إلى النقد البناء.     
الموقف من مؤسسة مجلس النواب والتمسك به من قبل البعض ومحاولة تهميشه من قبل البعض الآخر، لا يشير إلى وجود أزمة ثقة بين الفرقاء السياسيين، كما يحلو للكثير من المثقفين العراقيين التحدث بها. إنه يشير إلى وجود إختلاف جذري أعمق وأخطر من أزمة الثقة في الموقف من نتائج صناديق الإقتراع؛ إذ هناك طرف يرفض الآخر ويصر على أن يمسك السلطة بيديه وتغيير النظام سواءً بطريق غير شرعي أو شرعي وهذا هو سر التراخي أزاء الإرهاب، وسر الإستهانة بمؤسسة مجلس النواب، وهذه من مظاهر رفض الديمقراطية، وهذا هو لب القضية العراقية وجوهرها. فالمسألة ليست مسألة فقدان الثقة بل هي مسألة رفض الآخر ورفض النظام الديمقراطي من الأساس.
هناك إستهانة من نوع آخر بمجلس النواب تأتي من أشد الناس "فهماً وتعلقاً" بالديمقراطية وبمجلس النواب. لكنهم ينسون وجود هذا المجلس ودوره الرقابي تماماً عندما يبدأ ضيق الأفق والدوافع الصغيرة تفعل مفعولها فيهم. في فضائية الحرة – عراق / برنامج بالعراقي بتأريخ 15/1/2012 قال السيد أحمد المهنا، الكاتب والصحفي، بأن المالكي حاول أن يكون دكتاتوراً لكنه لم يستطع لأنه لا يملك الإمكانيات التي كانت لدى صدام كالجيش والأجهزة الأخرى.
نسي السيد المهنا أن يذكرالسلاح الأمضى لدى صدام وهو تحرره من مجلس نواب يشرِّع ويراقب، ومجلس وزراء يناقش ويصوِّت، بشهادة وزراء إئتلاف العراقية أنفسهم، وصحافة وصحفيين وكتاب ومفكرين يقولون الحق ويقولون أضعافه من غير الحق. كان صدام حراً طليقاً لا يحب القيود في معصميه، فكما سأل هو نفسه في التلفزة العراقية مرةً: ما هو القانون؟ أجاب: إذا وقَّعتُ شيئاً على قصاصة ورق، يصبح قانوناً. بالطبع، كان صدام مصيباً جداً ولم يبالغ أبداً لأن الدستور المؤقت منحه ذلك الحق؛ ولم يمنح دستور العراق الجديد ذرةً من ذلك الحق لنوري المالكي لذا أصبح دكتاتوراً فاشلاً وديمقراطياً ناجحاً يقود نظاماً ديمقراطياً لم يسبق للعراق أن شهد شبيهاً له منذ أيام سومر، ومع هذا نقول إنه مازال نظاماً ديمقراطياً هشاً وفي بداية الطريق ما يوجب حمايته من الطغمويين والتكفيريين والمخربين والمشعوذين والسطحيين، حمايته بالنقد البناء النزيه!!.                               
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): .الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار.
والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): هم السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني والمقربون إليهم.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية. 
 

 

58
هم يلعبون ويخربون وأنتم إعملوا وإلعبوا لترويضهم!!
محمد ضياء عيسى العقابي
الجميع يطلق النصح والإرشاد والكلام الجميل المليء بالوعض والإرشاد والتمنيات الطيبة وما يجب أن يكون وما لا يجب أن يكون وإستنهاض الهمة والغيرة والروح الطيبة من أجل التهدئة والدعوة لحل مشكلة "العركة" على الكراسي و"المنافع الذاتية" و"الإلتفات إلى الشعب المسكين الذي إنتخبكم".
مع هذا، الأغلبية من الكتاب لا تريد أن تشخص، بالتحديد، المخطئ والمصيب؛ وإذا فعل البعض فيشخص بالمعكوس؛ لأن الأغلبية تتكتك وتنافق. الحكومة ورئيسها هما الوحيدان اللذان يتركز عليهما النقد لحد التجريح، ربما لأنهما أقل أذىً من غيرهما.
لا يدرك هؤلاء بأن سير الأمور لا يخضع للأماني والتمني والمناورة بل يخضع لقانون المصالح الجيدة منها والسيئة.
ومن ناحية ثانية يجب أن يكون هناك من يقول الحقيقة، كما هي، بعيدةَ عن التكتكة: الإيجابية والسلبية، الضرورية والمنافقة؛ لأن الموضوع خطير يتعلق بأرواح المواطنين ومصالحهم الحيوية وبمصلحة الوطن ووحدته ومسيرته الديمقراطية التي طالما حلمنا بها وتغنّينا بسرابها ثم أتت لنا بغير توقع أو ميعاد ولكن بعد دفع ثمن باهض لا يداني جزءً يسيراً منه الثمنُ الذي دفعته جميع ثورات الربيع العربي مجتمعة؛ ومع هذا فهناك من يشكل خطراً عليها. يجب، إذاً، قول الحقيقة ولو أن البعض قد يعتبره تأجيجاً يناقض التهدئة التي، للأسف الشديد، لا  تتم إلا على حساب مصالح الجماهير بوجود الطرف الطغموي(1) والمتواطئ معه.
تابعت وأتابع، منذ سنين، ما يطرحه السياسيون من جميع الأطراف في المقابلات التلفزيونية والصحفية وعبر التصريحات. حللتُ وقارنت وإستنتجت. وجدتُ ما يحزن ووجدت ما يسرّ.
وجدتُ، وبكل قناعة وموضوعية وحسب إجتهادي، بأن مواقف معظم قادة إئتلاف العراقية، خاصةً القريبين من السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك وظافر العاني تعكس إصراراً على إستعادة السلطة الطغموية بأية وسيلة وبأي ثمن يكبدون الشعب إياه.
لا يكفي أن نفسر هذا الإصرار بالتهالك على المصلحة الشخصية وحسب. إنه أبعد من ذلك. إنها المصلحة الطبقية الطغموية هي الدافع الحقيقي لذلك الإصرار. وإذا كان هناك من لم يكن منتفعاً من العهود الطغموية فقد إختزن له هؤلاء الطغمويون أداة جذب إضافية وهي أوتار يلعبونها للتأثير على البسطاء ويشمل ذلك التأجيج الطائفي(2) والتأجيج العنصري (قبل تجميده مؤقتاً وتكتيكياً لصالح التأجيج الأول الأكثر خطورة والأقرب إلى قلب العملية السياسية).
لم يتركوا شكاً بأنهم كانوا سيفرحون لو دمر الإرهاب العملية السياسية لأنهم أرادوا إعادة بناء عملية سياسية "مصححة" على غرار العملية السياسية في العهد الملكي الطغموي في أحسن الأحوال وأكثر إجراماً من يوم 8 شباط/ 1963 الأسود على أغلب الإحتمال.
ولكن الإرهاب لم ينتصر. والأمريكيون لم يسمحوا بالمضي في هذا الإتجاه لآخر المدى. فأصبح لزاماً على الطغمويين، إذاً، التخريب من داخل العملية السياسية. فكان اللعب واللهو من أجل التعطيل وشل يد مجلس النواب الذي تنتظره آلاف من مشاريع القوانين كي تستقيم الحياة في العراق الجديد بمختلف تفرعاتها، وشل يد الحكومة كي تفشل ويؤلبوا الشعب عليها ومن ثم يسقطونها.
نعم، إنهم يلعبون وغير جادين في قرارة أنفسهم، بل يقهقهون: يقولون كل شيء ويتهمون ويكذبون ويختلقون ويشوهون ويسيئون ويكيدون وؤلبون ويؤججون في أي وقت وفي أي إتجاه ولا تهمهم الحقيقة ولا يردعهم التناقض أو الإختلاق، لأن الرد عليهم هو كسب لهم، إذ يكونون قد أشغلوا الخصم وبلبلوا الأذهان ولبدوا الأجواء وأطلقوا العنان للإنتهازيين أن يزيدوا في الطين بلة فيساوون بين المجرم والضحية وبين المذنب والبرئ وبين المخطئ والمصيب، ويحجمون عن قول الحقيقة لعلة في نفس يعقوب.         
 أما الجانب المسر والمشرق فهو أن الماسكين بدفة الأمور في العراق قد أدركوا اللعبة ولعبوا لعبتهم المضادة على محورين متوازيين: 1) التركيز على أعمال البناء والتنمية وكأن شيئاً لم يكن، وذلك لتوفير الخدمات للشعب ورفع مستوى المعيشة وتحسين أحوال الطبقات الفقيرة المحرومة منذ عشرات السنين، ومحاربة الفساد دون هوادة. 2) اللعب مع الخصم وقلب الطاولة عليه بالإلتزام بمرجعية الدستور، قولاً وفعلاً، والإلتزام بالنهج الديمقراطي وتطويره وعدم السماح بمحاصرة الذات بأطواق يؤسسها التجاوز على الدستور والحريات العامة والمفاهيم الديمقراطية.
إلطغمويون يلعبون للتخريب والآخرون يبنون ويلعبون لترويضهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.

 

59
إنتهى الوجود العسكري الأمريكي في العراق فما هي القصة من الأساس؟

محمد ضياء عيسى العقابي
دخلت قوات الولايات المتحدة الأمريكية العسكرية العراقَ في 19/3/2003؛ وإحتلت بغداد وأسقطت النظام البعثي الطغموي(1) في 9/4/2003.
عُقدت إتفاقية بين العراق وأمريكا في شهر كانون أول من عام 2008 تَحَدَّدَ بموجبها موعدُ إنسحاب آخر جندي أمريكي من الأراضي العراقية بتأريخ 31/12/2011.
تم الإنسحاب الفعلي لآخر جندي ليلة 17 على 18/12/2011. خسرت الولايات المتحدة في العراق قرابة 5000 جندياً وقرابة 32000 جريحاً وما يقرب من 800 مليار دولار.
لم تخسر الولايات المتحدة حربها في العراق عسكرياً. إنها قد إنتصرت إنتصاراً باهراً. لكن أمريكا خسرت صفقة شاملة مع الشعب العراقي. وهذه هي المعضلة التي يصعب فهمها على الكثيرين خارج العراق بالأخص في العالمين العربي والإسلامي، وداخل العراق بقدر أقل. لا يستطيع، وبعضهم لا يريد، أن يفهم أن العراقيين دخلوا مع أمريكا في صفقة ورهان وربحوهما لحسن تقديراتهم لتوازن القوى المحلية والإقليمية والعالمية؛ بينما خسرت الولايات المتحدة الصفقة لسوء تقديراتها وسوء بعض نواياها وإصطددامها بمفاجئات لم تكن في حسبانها.
عُقدت "صفقة إفتراضية" بين الطرفين، الأمريكي والعراقي، لم يجرِ الحديث عنها ولم يُتفاوض عليها بل إعلن كلا الطرفين إيمانَهما بوجود أسلحة دمار شامل لدى النظام البعثي الطغموي، الذي أوحى من جانبه بصدقية إمتلاكه لذلك السلاح، لأغراض دعائية محلية وإقليمية، ولم يعبأ بالتهديدات لأن رأس النظام كان واثقاً من عدم رغبة أمريكا الإطاحة به نظراً لإعتقاده بحاجتها للبضاعة التي قدمها لأمريكا مرتين: مرة في شن الحرب على إيران ومرة في إحتلال الكويت، وأوحى بإستعداده لتقديم المزيد عند الطلب؛ هذا إضافة إلى ضمان كبح جماح أي تحرك أمريكي قد يكون غير متوقع ضده، عن طريق إسرائيل التي أقمتُ الدليل على عقد صفقة بينها وبين صدام، حصراً، لحماية نظامه مقابل موافقته على توطين اللاجئين الفلسطينيين في العراق؛ علماً أن مطلب الفلسطينيين بعودة اللاجئين لديارهم شكل ويشكل واحداً من أهم العقبات التي تقف في طريق حل القضية الفلسطينية (قضية الشرق الأوسط) وفق التصور الإسرائيلي. 
أعتقد أن الأمريكيين كانوا على علم بعدم وجود تلك الأسلحة، ولكن العراقيين صدقوا إلى حدود بعيدة، من باب الإفتراض أساساً، أن هناك أسلحة دمار شامل. لكن كلاً من الطرفين حَسَبَ حساباته الحقيقية من حيث الأهداف ومن حيث وسائل التحقيق، بعيداً عن صحة أو خطأ وجود الأسلحة، وإنخرط في الصفقة معتقداً بأن الغلبة ستكون له.
أدرج فيما يلي حيثيات الصفقة، حسب تقديراتي، وحسابات كل طرف مجردة من ذكر الأدلة والقرائن التي سبق لي أن سقتها في العديد من مقالاتي المنشورة منذ عام 2006.
ألأهــداف الأمـريكيـــة:
أرادت أمريكا تحقيق ما يلي من وراء غزوها العراق:
-   الإقتراب من منابع البترول العراقي ليضاف إلى بترول وغاز السعودية والخليج وليبيا والجزائر واليمن والسودان ودول أخرى حيث لأمريكا هيمنة تتراوح بين السيطرة التامة وبين التأثير الكبير.
أراد المحافظون الجدد هذا من أجل لي ذراع أوربا لحملها على قبول أمريكا كالقوة الأعظم والقطب الأوحد في العالم في عصر العولمة بعد تفكك الإتحاد السوفييتي وخروج أوربا واليابان من الخيمة الأمريكية التي إحتميا بها من "البعبع" السوفييتي  أثناء الحرب الباردة. أرادت أمريكا ذلك الموقع العالمي لضبط إيقاع التناقضات في المصالح البينية الغربية التي تفجرت في أعقاب توقف الحرب الباردة بعد أن كانت، تلك التناقضات، مكبوتة وخاضعة لصالح التناقض الأعظم مع المعسكر الإشتراكي.
-   جعلُ العراق قاعدة إنطلاق للإطاحة بالنظم التي لا تنسجم والستراتيجية الأمريكية والغربية عموماً في عهد العولمة. فارادوا عبرالعراق، أي بغطاء عراقي، الإطاحةَ بالنظامين السوري والإيراني و ياسر عرفات وحماس وحزب الله.
-   جعل العراق قاعدة متقدمة لجذب إرهابيي القاعدة إليها ومقاتلتهم على أرض العراق بدل توجههم إلى أمريكا.
-   تأسيس نظام ديمقراطي لتوجيه انظار الرأي العام في كل مكان نحوه تغطية للفشل في العثور على أسلحة دمار شامل؛ وليكون ذلك النظام الديمقراطي ملبياً للمصالح الأمريكية ومثالاً للمنطقة لإنهاء النظم الشمولية التي لا تنسجم ومرحلة العولمة وتشكل عبئاً أخلاقياً على الغرب من جهة مطالبات منظمات حقوق الإنسان بالتخلي عن هذه الأنظمة، ومن جهة كونها مصنعاً للتطرف والكراهية وفكر الإرهاب والإرهابيين.
-   إقامة قواعد عسكرية دائمية ومؤقتة في أنحاء العراق ذي الموقع الستراتيجي الهام.
الوســائــل المتـــاحـــة:
أدوات التنفيذ والعوامل المساعدة للضغط على العراقيين لتحقيق الأهداف الأمريكية بعد إسقاط النظام البعثي الطغموي:
-   قوات عسكرية بلغ تعدادها أكثر من (150) ألف جندي على أرض العراق مفوضة من الأمم المتحدة كقوة إحتلال متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة.
-   الإفتراض بأن العراقيين أصبحوا في حالة من التفكك والإنهيار والذل والجوع والمرض على يد النظام البعثي الطغموي، لدرجة فقدانهم المقدرة على أي تحرك مقاوم للإرادة الأمريكية في ترتيب أوضاع العراق، ناهيك عن إمكانية تنظيم إنتفاضة على غرار إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية.
-   خضوع العراق لطائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وتراكم ديون كبيرة عليه.
-   وجود طغمويين وجيش طغموي وقوى أمن بمختلف المسميات كلها تكافح من أجل إستعادة سلطتها المفقودة بأي ثمن، وهي قابلة للإستغلال.
-   قوى الإرهاب التكفيري الطائفي(2) العنصري المحلية والإقليمية التي تحالفت مع الطغمويين ضد الشعب العراقي.
-   إمتلاك الطغمويين والتكفيريين عقلية متخلفة جداً فهي تختزن كماً هائلاً من الكراهية والإصرار على رفض الآخر ورفض الإعتراف بحقوق الإنسان وسواسية المواطنين والبشر والديمقراطية، وإعتمدت ستراتيجية إثارة حرب أهلية طائفية.
-   محيط إقليمي كاره للديمقراطية ومساند للإرهاب ضدها بحجة رفض الإحتلال.
-   تدني الروح الوطنية لدى العراقيين عموماً بسبب سياسات النظام البعثي الممعنة في رفض الآخر والإقصاء والتهميش والقمع والإجرام.
-   التعويل على سمات سلبية غير قليلة لدى العراقيين، وخاصة لدى الطبقة المثقفة التي تعوزها الواقعية والتأمل والإستقلالي الفكري.
الأهـــداف العراقيـــــة:
أراد العراقيون تحقيق ما يلي من وراء عدم مقاومة الغزو وعدم الدفاع عن النظام وإعتبار إطاحة النظام تحريراً:
-   إطاحة النظام البعثي الطغموي الطائفي العنصري الذي ما عاد قادراً على إطاحته سوى الله أو أمريكا نظراً لتحصنه، بأموال النفط العراقي المسروق من الشعب،  والقمع الذي فاق الخيال شاملاً سياسة التطهير الطائفي والعرقي والإقصاء والتهميش، وكانت سياسة مبرمجة وممنهجة إعتمد النظام في تنفيذها جرائم الإبادة الجماعية والتهجير الجماعي، الداخلي والخارجي، وجرائم ضد الإنسانية منها إستخدام السلاح الكيميائي المحرم دولياً ونشر مئات المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها. كما إنتهج سياسة العدوان في الخارج فشن حرباً على جار وإحتل جاراً آخر وتسبب في حربين دوليتين ضد العراق وحصار دولي جائر خلّف الجوع والمرض والموت والفساد والجريمة في المجتمع العراقي ووفر للنظام الرفاهية والقصور والتحكم في قوت الناس؛ وأدت كل تلك السياسات الرعناء والجرائم إلى تلوث هواء وأرض ومياه العراق ودمرت زراعته وإقتصاده حتى هبطت قيمة الدينار بمقدار (7000) مرة ووضع العراق تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي لم يستطع التخلص منه حتى يومنا هذا؛ وحمّله ديوناً قذرة باهضة مازال الشعب العراقي يتحمل أعباءها بسبب تلك العقوبات.
-   تأسيس نظام حكم ديمقراطي فيدرالي وهو نظام الحكم الوحيد القادر على تحقيق السلم الإجتماعي بين مكونات الشعب العراقي الفسيفسائية ودرء الإقصاء والتهميش والقمع والموت والإبادة عن أيٍّ منها ويحقق قدراً مهماً من العدالة الإجتماعية ويحترم حقوق الإنسان بكل جدٍ وإهتمام وتفتح؛  وهذا هو الأساس المادي الذي يجعل الديمقراطية صالحة للمجتمع العراقي رغم عدم إقتراب هذا المجتمع منها، عدى بالإسم، منذ نشأته السومرية.
-   إستعادة السيادة العراقية كاملة غير منقوصة.
-   عدم التفريط بثروات العراق النفطية، علماً أن جميع التقديرات إنصرفت إلى إفتراض أن النفط كان الهدف الأول من وراء الغزو الأمريكي للعراق.
-   عدم السماح بإقامة قواعد عسكرية أجنبية بأي شكل كان.
-   مساعدة العراق على إطفاء ما يمكن من الديون الخارجية عليه، والتخفيف من وطأة الفصل السابع تمهيداً لللخروج من طائلته، وإعادة إدماج العراق في المجتمع الدولي والإقليمي ليلعب دوره الحضاري والسلمي بأقوى مما فعله في أية فترة سابقة في تأريخه.
-   إقامة علاقات صداقة شفافة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة والإحترام المتبادل مع الولايات المتحد الأمريكية، وهي دولة التكنولوجيا الأولى في العالم التي لها الفضل الكبير في إسقاط النظام البعثي الطغموي الفاشي وتأسيس النظام الديمقراطي وإحترام إرادة الشعب العراقي بالإنسحاب.
الوســــائل المتــاحـــة وأدوات التنفيذ والعوامل المساعدة:
-   قوة جماهيرية واسعة، دينية وعلمانية، منضبطة إلى حدود كبيرة ملتفة حول مرجعية النجف الدينية ومرجعية كردستان القومية حول مسائل إطاحة النظام البعثي الطغموي وإقامة نظام ديمقراطي فيدرالي والمحافظة على ثروات البلد النفطية وإسترجاع السيادة الوطنية.
-   الصراع الأوربي – الأمريكي حول مسألتي أحادية القطبية في العالم وإحتلال العراق دون إذن من الأمم المتحدة.
-     حساسية الأمريكيين أزاء أي تحرك شعبي عراقي ضدهم، ناهيك عن تنظيم عصيان مدني واسع، حيث يُفترض فيهم أن يكونوا محررين للشعب العراقي ويكونوا في حالة إنسجام معه. لذا فأي إصطدام به سيحسب لصالح أوربا ويحرج الإدارة الأمريكية أوربياً وداخلياً.
-   الخلاف الأمريكي – الإيراني يجعل أمريكا حذرة في تعاملها مع العراقيين من إحتمال دفعهم بإتجاه إيران.
الحصيلـــــــــــــــــــــــــة:
منذ الأيام الأولى للإحتلال ولربما بتخطيط مسبق، وخاصة بعد إنتقال الملف العراقي من وزارة الدفاع (البنتاغون) حيث يتركز المحافظون الجدد، إلى وزارة الخارجية، دأبت الإدارة الأمريكية على محاولة تطبيق صيغة جعل حاكم البلد المحتل، أي العراق، بيد أقلية ضعيفة تضطر للإعتماد على المحتل لحمايتها مقابل حماية مصالحه. وبذلك يتبادل الطرفان المصالح.
غير أن هناك فارق هذه المرة عن الحالة التقليدية التي درج عليها الإستعمار والإمبريالية بصدد تبادل المصالح مع الحكومات العميلة. فقديماً كان التنصيب يتم عن طريق القسر والفرض الدكتاتوري وفي أحسن الأحوال كان يتم عن طريق إنتخابات مزيفة كما كان يجري في العراق إبان العهد الملكي الطغموي.
أما في عام 2003، وقد دخل العالم مرحلة العولمة، أصبح لزاماً على أمريكا إسباغ نوع من الديمقراطية على النظام الجديد. وبالفعل حاول الحاكم المدني ، السيد بول بريمر تأسيس نظام ديمقراطي يناسب أهداف الولايات المتحدة. لذا حاول، السيد بريمر، دفع الإنتخابات إلى سنين نحو الأمام بحجة أن إجرائها المبكر قد يسمح للبعثيين أو الدينيين للفوز في الإنتخابات. كان السيد بريمر يهدف إلى توفير فرصة لنفسه كي يتمكن من صهر وإعادة تشكيل عقلية العراقيين بما يلائم أهداف إدارة بلاده. أعتقد أن إطالة أمد مشكلة نقص الكهرباء هي عمل متعمد قُصد منه إحداث عملية الصهر وإعادة التشكيل. 
قبل تصريح السيد بريمر هذا، إنتزعت المرجعية الدينية في النجف، ممثلة بالسيد علي السيستاني، من الأمم المتحدة إقراراً مفاده أن صناديق الإقتراع خير وسيلة للتعبير عن إرادة الشعب العراقي. وبناءً على هذا الإقرار، أجبرت المرجعية الحكومةَ المؤقتة برئاسة الدكتور أياد علاوي المدعوم أمريكياً وعربياً على كتابة الدستور من قبل مجلس نيابي إنتقالي منتخب بالتوقيت الذي حددته المرجعية.
وبالفعل تم إنتخاب مجلس نواب إنتقالي قام بتشكيل حكومة الدكتور إبراهيم الجعفري الإنتقالية، كما كتب مسودة للدستور عرضها على الشعب بعد إقرارها. وتم إجراء إستفتاء شعبي على الدستور في 15/10/2005، ثم جرى تشكيل حكومة دائمة بموجب الدستور وهي حكومة السيد نوري المالكي الأولى.
بلورت حكومتا الجعفري والمالكي الخطوط الستراتيجية العامة لتوجهات البلد في الميادين المختلفة. فداخلياً عززتا البناء الديمقراطي وأكدتا السير على نهجها. وأصبحت السياسة الخارجية للعراق تعتمد مبدأ نبذ المحاور ورفض إستخدام العراق منطلقاً للعدوان على الغير ومد يد الصداقة للجميع ومنع التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لأية دولة.
لم تستسلم الولايات المتحدة للأمر الواقع بل حاولت وحاول الطغمويون معها، على طول الخط حتى الأيام الأخيرة من تواجدها العسكري، تفتيتَ وحدة الشعب العراقي وتشويه الديمقراطية بالعمل على محورين متوازيين:1) فك تحالف الأحزاب الديمقراطية الدينية والقومية الكردية، 2) تفرقة الأحزاب الدينية وتشتيت جماهيرها، لا لأنها دينية كما أوحت أمريكا لبغض السذج بل لأنها الوحيدة القادرة على الوقوف بوجهها ووجه أهدافها.
فشلت جميع المحاولات الطغموية التكفيرية أساساً والمدعومة من الجانب الأمريكي بمديات وطرق متباينة – فشلت في عزل الأحزاب الدينية الديمقراطية أو لإختطاف السلطة منها عن طريق تزوير إنتخابات 7/3/2010 أو محاولات الإنقلاب في 25/2/2011 و22/12/2011 لسبب بسيط جداً وهو إدراك الجماهير البسيطة بكونها مستهدفة في أمنها وسلامتها من قبل الإرهاب الطغموي التكفيري الذي لم يخفِ عزمه على الإبادة الجماعية سواءً بممارسة الإرهاب فعلاً أو بالوعيد الذي يطلقه علناً وعلى رؤوس الأشهاد. لذا كانت الجماهير تزداد إلتفافاً حول تلك الأحزاب، كلما إذدادت الأعمال الإرهابية والتآمرية وأعمال التشويه والتضليل والتعطيل والتخريب. من جانبها فإن إخلاص الأحزاب الدينية للشعب والديمقراطية ومرونتها وحسن مناورتها ساعدتها على دفع المجتمع العراقي إلى شاطئ الآمان.
ليس صحيحاً الظن أن الأمريكيين لم يحاولوا البقاء عسكرياً في العراق، رغم الوعد الإنتخابي للرئيس أوباما بسحب القوات حسب إتفاقية عام 2008 التي عقدت في عهد الرئيس جورج بوش، إذ أن تجاوز أو التملص من الوعد الإنتخابي أمر هين في دنيا السياسة. فبالإمكان إفتعال حدث ما بمساعدة الطغمويين لتخويف الجمهور العراقي والأمريكي على حد سواء وجعلهما يضغطان بإتجاه إبقاء القوات.  ولو تم ذلك فسوف لا يكون هذا الإلتزام الإنتخابي الأول ولا الأخير الذي يتم تجاوزه بصورة أو أخرى. حتى المحاولات المخيفة، حاول الطغمويون إفتعالها لكنها لم ترعب الحكومة والجماهير العراقية، لذا قدر وقرر الأمريكيون ضرورة المضي في إجراءات الإنسحاب.
لقد أغاظ هذا الإنسحاب الغلاة في إئتلاف العراقية فراحوا يترنحون ويتخبطون؛ فأصدروا رسالتهم الكارثية التي نشرت في النيويورك تايمز متشبثين بقشة لا أعتقد أنها قادرة على إنقاذ مطامحهم غير المشروعة بأي قدر. لقد هجروا وإستفزوا الرئيس أوباما وإدارته والحزب الديمقراطي بتوجههم، في موسم بدء الحملة الإنتخابية الرئاسية التي لا يرغب الأمريكيون أن يتدخل الأجانب فيها، إلى ممثلي اليمين الأمريكي المحافظ الممثل للإحتكارات النفطية والرأسمالية الكبرى التي جرحها الإنسحاب، كما جرح الرأسمالية البريطانية المؤسسة للدولة العراقية الحديثة في عشرينات القرن الماضي ما منحت نفسها بسببه الحق في "وجوب" التدخل في الشأن النفطي العراقي خاصة وأن عملائها جاهزون للتخريب والإبتزاز، - جرحهم الإنسحابُ وتركُ العراقيين يتصرفون كما يشاؤون بثرواتهم النفطية في جولات التراخيص على أساس عقد الخدمة.
عوّل أولئك الغلاة أيضاً على الجنون الذي ضرب السعودية وتركيا بعد خروج القوات الأمريكية وإفتضاح أمر بعض "حلفائهم" المتهمين بالإرهاب. ثانيةً، لا أعتقد أن تدخل السيد رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، لدى نائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن، وحديثه عن "التسلط" في العراق سوف لا ينفعه ولا ينفع إئنلاف العراقية ولا ينفع السيد الهاشمي بشيء.
إن الشعب العراقي قد صبر طويلاً  وضحى كثيراً وسوف لا يطيق ولا يسمح بأي تدخل خارجي، وإذا إستجلب أي عراقي أي تدخل فسيكون عميلاً.   
    وهكذا كسب العراقيون الصفقة، على أنها ليست التحدي الأخير.   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية.

مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

 أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي.

 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
 


60
توقفوا عن التأجيج الطائفي يا أصحاب  المشروع "الوطني"

محمد ضياء عيسى العقابي

إذا أراد أحدنا أن يجسد وصمَ أي نظام بالدكتاتورية وإنفراد شخص في التحكم بشؤونه ومصيره، يبرز أمام ناظريه مباشرة نظام "القائد الضرورة". والإشارة هنا إلى نظام البعث الطغموي(1) الذي مارسَ، تحت قيادة صدام، أبشع جرائم العصر بصورة ممنهجة ومبرمجة شملت التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والتهجير الجماعي وإستخدام أسلحة الكيميائية ضد الشعب وجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية.
فمن أين أتى لنا النائب السيد حيدر الملا، المتحدث الرسمي بإسم ما تبقى من إئتلاف العراقية، بتعبير "القائد الأوحد"، وذلك في تصريحه لفضائية الحرة يوم 24/12/2011 منتقداً رئيس الوزراء السيد نوري المالكي؟
هذا أمر لا يعرف أصله التأريخي ومغزاه الحالي شبيبةُ العراق الذين لم يعاصروا ثورة 14 تموز عام 1958، ما يتوجب تسليط الضوء عليه.
ولكون السيد الملا نفسه شاباً، فهو الآخر لم يدرك أيام تموز أيضاً، ولم يكن إختيار ذلك التعبير من عندياته، ولم يكن عفوياً بل جرى إختياره بعناية من قبل "القيادة الجماعية" لإئتلاف العراقية لإيصال رسالة معينة للجماهيرعن طريق تصريحات المتحدث الرسمي بإسم الإئتلاف. فما هي الرسالة؟
صفة "القائد الأوحد" هي مزيج من صفتين هما:
-   "الزعيم الأوحد" وهي كنية الزعيم عبد الكريم قاسم قائد ثورة الرابع عشر من تموز، وهي واحدة من عدة صفات أطلقتها الجماهير عليه ومنها "إبن الشعب البار". لقد طرحتها الجماهير في وجه كيد الطغمويين آنذاك حين أرادوا إحداث الوقيعة بين القيادتين العراقية بقيادة عبد الكريم قاسم والمصرية بقيادة جمال عبد الناصر فأثاروا حساسية الجماهير الوطنية فأطلقت تلك الكنية مؤكدة بأن عبد الكريم قاسم هو قائد العراق وذلك لقطع الطريق أمام الطغمويين الذين أرادوا الإختباء في عباءة الزعيم المصري والعربي للتسلق إلى الحكم خلسة. وقد كشفهم الرئيس الراحل عبد الناصر وأظهر لهم الإحتقار.
-   "القائد الضرورة" وهي كنية صدام حسين أطلقتها وسائل إعلامه الرسمية عليه.
أرادوا من مزج الكنيتين ما يلي، كما أرى:
-   إستنهاض الروح الطائفية الموجودة على طول الخط في صلب الطغمويين منذ تأسيس النظام الملكي الطغموي، لكنها ترتفع وتنخفظ حسب الحاجة التكتيكية إليها. لقد إرتفعت أيام تموز 1958 لأن الثورة قرّبت الحكام من الشعب ولاحت بوادر الديمقراطية في الأفق فإرتعب الطغمويون ورفعوا علم الطائفية عالياً، وهو سلاح مجرَّب لشق وحدة الشعوب وتخريب الثورات، ورفعوا بجانبه أعلاماُ أصغر منها "الشعوبيون" و "أعداء العروبة" و "عملاء الصهيونية" وغيرها. وبالفعل نجحوا في إسقاط الثورة بإنقلاب دموي في 8 شباط عام 1963 قال عنه علي صالح السعدي، أمين عام القيادة القطرية لحزب البعث العربي الإشتراكي: "أتينا بقطار أمريكي"، إذ لم يعد خافياً أن وكالة الإستخبارات المركزية هي التي دبرت الإنقلاب الدموي.
الآن، وقد خرجت القوات الأمريكية من العراق وأصبح ذا سيادة كاملة وعلى رأسه حكومة عراقية مائة بالمائة منتخبة إنتخاباً ديمقراطياُ، وهو أمر لايطيقه الطغمويون، إستحق موعد رفع علم الطائفية الذي سبق رفعُه عالياً منذ 2003 ولكنه تهاوى رويداً رويداً بقدر ما سحنت الجماهير من عظام العمود الفقري للطائفية المتمثل بالإرهاب.
إستحق اليوم رفع علم الطائفية لحشد الهمم كي يضمنوا رحيل الديمقراطية مع رحيل الأمريكيين مثلما تكهن السيد صالح المطلك قبل أسابيع إذ قال لفضائية الحرة: "عند مغادرة الأمريكيين، ستسقط الديمقراطية لأن الذي صممها وحماها هم الأمريكيون"؛ وذلك لكي يستلم السلطة "من له خبرة في حكم العراق. أعطوا الخبز لخبازه" على حد قول السيد صالح المطلك نفسه عام 2005.
 
نعم إن الطغمويين يريدون اليوم تأجيج الطائفية فيريدون الناس أن يستذكروا أكوام الأكاذيب التي نسجوها حول الثورة وزعيمها عبد الكريم قاسم والأحزاب الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي "العميل" بدعوى القتل الجماعي والسحل في الشوارع وأنهار الدماء.
فلسان حالهم يقول: الآن وقد غادر الأمريكيون وبقي العراقيون فستعود أيام "الزعيم الأوحد" وأنهار الدماء ثانية تحت قيادة "القائد الأوحد" المالكي هذه المرة، فإنهضوا، لقد تراخيتم.
تقنية إطلاق كنية "القائد الأوحد" لم تكن الأسلوب الوحيد لتأجيج الطائفية. فجميع غلاة قادة إئتلاف العراقية صاروا هذه الأيام يلهجون بعبارات متخمة بالطائفية متناسين إدعائهم بكونهم يمثلون مشروعاً وطنياً مناهضاً للطائفية. فذاك المتورط بإدارة شبكة إغتيالات إرهابية الدكتور طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، يصيح بأعلى صوته بأن (طائفتي السنية مستهدفة لأنني مستهدف)؛ ثم يكشف علمه بالغيب فيقول للصحفيين الأجانب: "بالتأكيد سوف يضرب المالكي السنة". وذاك النائب عن إئتلاف العراقية السيد أحمد المساري يقول لفضائية الحرة (24/12/2011): رغم أن إئتلاف العراقية هو وطني لكنه ممثل للسنة فمن يستهدفه فهو يستهدف السنة"، وغيرهم وغيرهم.
-   من الناحية الأخرى، فخلط نصف كنية صدام "القائد" بنصف كنية الزعيم عبد الكريم قاسم "الأوحد" فيه تشريف إيحائي لصدام وذلك لتهيئة الأذهان لعودة أيام ذلك "القائد الضرورة" بعد مغادرة الأمريكيين.
تناقلت بعض وسائل الإعلام نبأً مفاده أن تفجيرات يوم 22/12/2011 هي جزء من مؤامرة واسعة إشتركت فيها السعودية والأردن تقضي بالهجوم على المنطقة الخضراء وتصفية رجال الدولة وإلتحاق السيد أياد علاوي من الأردن إلى المنطقة الخضراء بالهليكوبتر والسيطرة على الحكم؛ غير أن المخابرات السورية قد كشفت المؤامرة (واحسرتاه...!!!).
الأمران المؤكدان هما ما صرح بهما رئيس الوزراء السيد المالكي في بيانه يوم 22/12/2011 من أن التفجيرات ذات طابع سياسي ؛ وأمام حشد من وجهاء ورؤساء قبائل صلاح الدين حيث أعلن أنه تم إلقاء القبض على (4) ضباط في الأمن متورطين بقيادة عمليات التفجير وأن العراق مستهدف من قبل دول خارجية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.
     


61
حافظوا على سلامة السيد طارق الهاشمي من الإغتيال الكيدي
محمد ضياء عيسى العقابي
يغمرني إيمان راسخ بأن كثيراً من إغتيالات الشخصيات السياسية أو الحزبية أو الإعلامية جرت في العراق على أيدي الإرهابيين الطغمويين(1) التكفيريين(2) لأغراض كيدية. لم أسمع عن "الكيد" في العراق إلا في حالة "المخبر السري" (وهو أحد الأساليب التي يعول عليها جهاز الأمن العراقي للحصول على معلومات عن تحركات مشبوهة يمكن أن تسبب خرقاً أمنياً). وهذا يعكس قصوراً في نباهة وحيادية معظم القوى السياسية والإعلام العراقيين إذ ترمي بمسؤولية الإغتيال مباشرة على الأجهزة الأمنية الرسمية، ولا تنظر إلى الإحتمال الآخر. وطالما دافع قادة في إئتلاف العراقية عن الإرهابيين بحجة أن توقيفهم جرى بناءٍ على إخبار كيدي، وكأنَّ الأجهزة الأمنية بتلك الدرجة من الغفلة والسذاجة واليأس بحيث لا تميز بين الإخبار الصادق والإخبار الكاذب الكيدي. صحيح ومن المتوقع جداً أن الأجهزة الأمنية لا تستطيع تفادي إلقاء القبض على أشخاص أبرياء يُخلى سبيلهم حالما تتبين برائتهم وقد تطول فترة الإحتجاز لبعضهم وهي أمور قد تصبح مبررة في ضوء حجم الإرهاب الواسع واللئيم الذي ضرب العراق وفي ضوء عزوف بعض القوى السياسية عن حث مؤيديها على التعاون مع الأجهزة الأمنية وذلك للنيل من سمعة الحكومة بمحاصرتها وتضليلها. هذا في الوقت الذي بات معلوماً أنه ما من جهاز أمني في العالم قادر على مداهمة اوكار الإرهاب والإجرام إستباقياً دون مساعدة الجمهور. ولا شك عندي أن الإرهابيين أنفسهم، من طغمويين وتكفيريين، يمارسون عملية الإخبار الكيدي بصور مختلفة، إضافة إلى القتل الكيدي، لضرب مصداقية الأجهزة الأمنية وخلق البلبلة وشبك الأمور وخلط الأوراق(3). لقد أكد ذلك الدكتور أياد السامرائي، القيادي في إلحزب الإسلامي وإئتلاف العراقية ورئيس مجلس النواب السابق، حيث قال للإعلامي السيد سعدون محسن ضمد قبل أشهر (فضائية الحرة – عراق / برنامج "حوار خاص") بأن حزبه يعاني من الإعترافات الكيدية، حيث يُوصى أعضاء تنظيم القاعدة ب"الإعتراف كيدياً" على أشخاص محددين في الحزب الإسلامي للإيقاع بهم وبالأجهزة الأمنية وتضليلها.
لاحظت أن القتل الكيدي أو محاولة القتل الكيدي لا يأتيان عشوائياً، وإنما يدرسان دراسة متأنية وافية تأخذ بالإعتبار جميع الظروف المجتمعية المحيطة بالمرشح للعملية  لتحقق شروطاً معينة تعود بالنفع على تنظيم القاعدة. من هذه الشروط :
-   أن يكون المرشح في حالة تعارض مع الحكومة فأما أن يكون في حالة خصام أو نقد شديد لها ، بحيث يتوجه أصبع الإتهام للحكومة بشكل سليقي مقنع إذا ما قًتل أو جرت "محاولة فاشلة" لقتله.

-   يُقتل الشخص إذا لم يعد بقاؤه نافعاً (أي أصبح ورقة محروقة)، كأن يقترف المرشح جرماً يودي به إلى السجن الطويل المؤكد أو الإعدام. أعتقد أن السيد طارق الهاشمي يندرج (وللأسف الشديد) تحت هذا الباب. أو يُقتل إذا أصبح "ورقة فاقدة الصلاحية" كالنائب الشيخ صباح الساعدي (الذي آمل أن يتخذ هو وتتخذ السلطات الأمنية إحتياطات خاصة للحفاظ عليه من الإغتيال الكيدي الذي لا أستبعده.)

-   يكتفى بتدبير "محاولة فاشلة" لإغتيال الشخص الذي لا يراد قتله لأن بقاءه مازال نافعاً، بل يُستغل ظرف معين لإثارة ضجة على الحكومة من وراء المحاولة الفاشلة كما حصل بالنسبة للتفجير قرب دار الشيخ علي حاتم سليمان، أمير عشائر الدليم، في الكرادة قرب المطعم اللبناني عندما إحتدم الخلاف بينه وبين الحكومة وبدأ بتوجيه الإنذارات لها على خلفية إلقاء القبض على البعثيين الذين أعادوا تشكيل حزبهم المحظور دستورياً.

-   إذا أُلقي القبض على إرهابي هام يحمل معلومات خطيرة عن التنظيمات الإرهابية مما توجب تصفيته قبل البوح بها فتجري تصفيته داخل السجن ليحقق هدفين بضربة واحدة أحدهما الكيد.

-   إذا تماثل عدد من الأشخاص في مناكفة الحكومة بشكل حاد فلا بأس من إغتيال أحدهم لإثارة ضجة إعلامية ضد الحكومة، إذا لم تكن تلك التصفية مؤذية لإستمرار عمل الآخرين. أعتقد، على الأغلب، أن قتل الإعلامي الشهيد هادي المهدي يقع تحت هذا الباب وكذلك المحاولة الفاشلة لقتل الإعلامي السيد عماد العبادي أيضاً.

-   إغتيال أشخاص من القوى المعارضة الأكثر تشدداً إذا ظهر بينها من يدعو إلى الإعتدال كإغتيال المرحوم الدكتور عصام الراوي عضو مجلس الشورى في هيئة علماء المسلمين؛ أو إذا كان مستقلاً وغير متطرف كمحاولة إغتيال الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي في مسجد أم القرى.
خلاصـــــــــــــــــــةً: أدعو السلطات الأمنية في كردستان وبغداد إلى بذل العناية الكافية للحفاظ على سلامة الدكتور طارق الهاشمي لأنه من وجهة نظر الإرهابيين أصبح هدفاً مثالياً للقتل الكيدي سواءٍ في كردستان (لتأزيم الوضع بين المركز والإقليم، والإقليم وإئتلاف العراقية) أو في بغداد إبتداءً من الصعود إلى الطائرة في كردستان متوجهاً إلى بغداد حتى لحظة النطق بالحكم بحقه الذي آمل وأتمنى أن يكون، الحكم، لصالحه كما تمنى ذلك قادة البلاد الطالباني والمالكي والنجيفي والبارزاني والجعفري وغيرهم. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.

(3):أعتقد أن عدداً من الأعمال الإجرامية والأفعال التخريبية والفساد هي أعمال كيدية يُنتخب توقيتها بعناية لصبغ المشهد بلون الإدانة المتسرعة أو الشك بالحكومة أو إطالة أمد الأزمة.

 أذكر على سبيل المثل لا الحصر:

إغتيال الشهيد مجبل الشيخ عيسى وقد طالب رفيقه السيد صالح المطلك في حينه بتشكيل محكمة دولية على غرار المحكمة التي كانت تحقق بإغتيال رفيق الحريري، إغتيال عضو هيئة علماء المسلمين المعتدل الشهيد الدكتور عصام الراوي، إغتيال الأكاديمي الشيعي المؤيد "للمقاومة" المرحوم الدكتور النقاش، محاولة إغتيال الإعلامي عماد العبادي، إغتيال الشهيد كامل شياع، هجوم ثلة عسكرية على مقر إتحاد كرة القدم يوم كان الجدال محتدماً مع الفيفا عن زعم تدخل الحكومة العراقية في الشأن الرياضي بتحريض من السيد حسين سعيد، إغتيال النائب عن إئتلاف العراقية في مسجد أم القرى الشهيد العبيدي يوم كان الجدل محتدماً حول إدعاء بوجود تعذيب في السجون، محاولة إغتيال النائب بهاء الأعرجي في الكاظمية، محاولة إغتيال الشيخ أحمد عبد الغفور السامرائي  رئيس ديوان الوقف السني في جامع أم القرى، إغتيال الإعلامي الشهيد هادي المهدي، محاولة إغتيال السيد خالد العبيدي في الموصل وهو مرشح إئتلاف العراقية لمنصب وزير الدفاع الذي عاد وسحبه بعد أن وافق عليه التحالف الوطني وإتحاد القوى الكردستانية، حصول إنفجار قرب نقطة تفتيش للجيش العراقي عند إقتراب محافظ الأنبار من الموقع وإتهم المحافظ التيار الصدري ثم تراجع، إنفجار سيارة مفخخة قرب دار أمير عشائر الدليم الشيخ علي حاتم سليمان في بغداد يوم توترت علاقته بالحكومة بسبب إلقاء القبض على عدد من البعثيين في الرمادي وإرسالهم إلى بغداد للتحقيق،

 إرسال صناديق يفترض أن تحتوي على أجهزة ومعدات لمشروع كهرباء في الناصرية وإذا بمحتوياتها عبارة عن لعب أطفال، تعاقد شركتين أجنبيتين مع وزارة الكهرباء إحداهما مفلسة والأخرى لا وجود لها،

 إنفجار سيارة في مرأب سيارات مجلس النواب قبل أسبوع فإذا كان المستهدف هو رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي فهي عملية كيدية بهدفين: للتأجيج الطائفي وللتخلص من النجيفي لظهور بوادر إبتعاده عن الخط المتطرف الذي ينتهجه السادة أياد علاوي وصالح المطلك وظافر العاني وحيدر الملا وأمثالهم.

هناك كيد على نطاق واسع جداً وهو أقرب إلى التآمر منه إلى الكيد، مثل عرقلة التعداد السكاني عمداً فتعرقلت نتيجتها مسألة إصدار قانون الإنتخابات بسبب غياب الأرقام الرسمية الدقيقة لنفوس المحافظات حتى أوشكت العملية الإنتخابية أن تصبح في مهب الريح، حتى أن صحيفة الإنترناشنال هيرالد تربيون ذكرت أن السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) طَرَدَ بنفسه عدة نواب عراقيين كانوا جالسين في مقهى مجلس النواب لعرقلة إكتمال نصابه إستكمالاً لعملية التخريب وقال لهم: "إدخلوا المجلس لأداء واجبكم" . كما تأخرت الميزانية التقديرية لعام 2011 بسبب غياب المعلومات الإحصائية وإحتدام الجدل حول فقراتها. ومن المبررات التي تذرع بها محافظ صلاح الدين لطلب تحويل المحافظة إلى إقليم في ظروف تدعو إلى الشك رغم دستورية الطلب هو التخصيصات المالية نسبة إلى السكان التي لا توجد إحصاءات دقيقة لها بسبب عدم إجراء التعداد السكاني الذي عرقله البعض وعاد ورمى بمسؤوليته على الحكومة والمالكي بالذات حتى إنكشفت الحقيقة مؤخراً.
   
   

62
هل الدكتور أياد علاوي يتستر على الإرهاب أم متورط فيه؟
محمد ضياء عيسى العقابي
ليس هناك من فارق نوعي بين تفجيرات يوم الخميس 22/12/2011 الدامي وبين التفجيرات التي قام بها الإرهاب منذ سقوط النظام البعثي الطغموي(1). فخسة الروح وتدني العقلية وفقدان الأخلاق والبصيرة والأفق الضيق للإنفجارات هي السمات الغالبة كسابقاتها التي تفتقد جميعاً إلى الأهمية الستراتيجية فيما خلا الإرباك وتفريغ الحقد على الديمقراطية وأهلها. إنها الآن أكثر إنعزالاً وأشد مقتاً وإدانة من لدن الجماهير العراقية والمحافل الدولية.
الجميع يتسائل: أي مبرر لها ولم يبقَ على الأرض العراقية جندي قتالي أمريكي واحد، ذلك إذا كان هذا الإدعاء صادقاً ؟ وهل تستطيع هذه التفجيرات وحتى ألأشد منها قلب النظام؟ ولماذا قلبُ النظام أساساً وهو النظام الديمقراطي المنتخب وفق المعايير الدولية والذي إمتلك السيادة الكاملة وحظي بإحترام الدول والمحافل المتحضرة؟ ولكن....أليس قلب النظام هو حلم الطغموي الذي دوخه فقدان سلطته ذات الإغراء المادي والمعنوي؟ وهو حلم التكفيري الذي جعله خصومه الدينيون الديمقراطيون العراقيون يكشف عن عورته الطائفية(2) أمام الملأ؟   
نفهم أن ينبري للدفاع عن هؤلاء الإرهابيين وبصورة صريحة وواضحة من يعادي الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكن كيف نفسّر أن ينبري للدفاع عنهم، بشكل مغطى ومنافق، من يدعي كونه ديمقراطياً وصاحب مشروع وطني؟
ثلاث محاور أساسية برزت في بيانٍ بالمناسبة للسيد أياد علاوي رئيس ما تبقى من إئتلاف العراقية الذي أصبح كسيحاً. فلنتفحصها:
أولاً: أعرب السيد أياد عن خشيته من قيام حرب أهلية. السؤال: هل هناك في الأجواء السائدة ما يبرر توقع قيام حرب أهلية؟ كل الذي نراه هي أمور تتسم بتباين وجهات نظر بعضها يُحل قضائياً والأخرى تُحل دستورياً. وليس هناك من قيمة للقول بأننا درجنا في السابق على تجاوز الدستور والقضاء عبر تفاهمات جانبية فتنبغي مواصلة السير على ذلك النهج. هذا كلام غير مقبول لأن العملية السياسية بطبيعتها هي عملية متطورة تتقدم أو تتأخر. فالعراق تخطى مراحل الإنهيار حين كان عرضة وضحية للإبتزاز ما نجم عنه تجاوز الدستور والقضاء بقدر ما، أما الآن فالبناء السياسي بلغ مرحلة معقولة من الصلابة ومازال يتطور بإستمرار وآلياته توفر المجال لوضع الستراتيجيات والمفاهيم وطرح المشاكل وحلها أما بالتوافق أو بتفعيل مبدأ التصويت؛ واصبح له جيش وأمن وشرطة قادرة على حفظ الأمن وهي أجهزة مهنية تلتزم إلى حدود جيدة بمبادئ حقوق الإنسان، علماً أن ما يوجه من نقد للعراق في هذا المجال يقع على خلفية محاسبته وفق أرقى المعايير الدولية؛ وأخيراً ما عاد هناك من وجود للقوات الأجنبية على أرض العراق الذي أصبح يتمتع بسيادته الكاملة.
كل هذا قد أقنع غالبية الجماهير في كل أنحاء العراق بمصداقية العملية السياسية والنظام الديمقراطي والتنوع. فإذا إستطاع الطغمويون إحراز كسب محسوس في صفوف العرب السنة من أجل الخروج من حالة "الطغموية" الضيقة إلى حالة "الطائفية" الأفسح، فسرعان ما إنجلى ذلك بإنجلاء الموقف السياسي وعقد إتفاقية 2008 مع الولايات المتحدة ما أزال من الجو إمكانية قيام إقتتال لأي سبب كان وبالأخص الإقتتال الطائفي أو الحرب الأهلية. لذا فإن تصريح السيد أياد علاوي هو للتخويف ومحاولة الإبتزاز أولاً وللتشجيع على الإقتتال الفعلي ثانياً.
أعتقد أن إنسحاب نواب إئتلاف العراقية من حضور جلسات البرلمان جاء كخطوة إستباقية لتوجيه تهمة القتل للسيد طارق الهاشمي ومطالبة رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي مجلسَ النواب بسحب الثقة عن نائبه السيد صالح المطلك على خلفية تجاوزه لمبادئ الشراكة الوطنية، إذ أن قادة إئتلاف العراقية يريدون الإبقاء على حالة عدم إحترام الدستور والقضاء وتقزيم دور البرلمان في وقت ما عادت فيه الظروف تسمح بذلك من جهة تصلب عود الديمقراطية، خاصة وأن الإئتلاف الحاكم الأساسي وهو التحالف الوطني وبالأخص إئتلاف دولة القانون وبالذات حزب الدعوة الإسلامية قد أثبت كونه متفتحاً وذا قابلية على التطور ومواكبة متطلبات المرحلة لبناء دولة مدنية رغم وجود حزب ديني على رأس السلطة التنفيذية.       
ثانياً: قال السيد أياد إن التفجيرات تعكس ضعف الأجهزة الأمنية: لا شك فيه أن هناك ضعف في تجهيز وتدريب الأجهزة الأمنية لتعمّد أمريكي وللإختراق الحاصل بإسم امصالحة، ولكن هذا الضعف ما كان ليصبح ذا أهمية لو تظافرت الجهود على النطاق الشعبي للتعاون مع الأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن التحركات المشبوهة، وهو مصدر القوة الأول لمكافحة الإجرام والإرهاب في كافة دول العالم التي تنعم بالإستقرار.
وحث الناس على إبداء التعاون يتم عن طريق دعوات ممثليهم على الصعيد السياسي. فأين جهود السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك في هذا الصدد؟ لم نشهد منهم في يوم من الأيام دعوة تحث الجماهير على التعاون. على العكس إنهم لم يسكتوا عندما إختاروا عدم التعاون بل راحوا يشوشون أذهان الناس ويحدثون البلبلة. على كل حال هل نتوقع من مسؤول كبير في الدولة كالهاشمي يُتَّهم بتورطه في إدارة شبكة قتل وإرهاب، أن يلتفت إلى هذا الواجب المقدس؟ هل يتبقى له الوقت والهمة والأمانة لحث أتباعه على التعاون مع الأجهزة الأمنية؟ أليس تعاونه يعني كشف أمره وأمر غيره مبكراً؟ فأية مصلحة له ولغيره من دعوة الناس للتعاون؟
ثالثاً: قال السيد علاوي: "إن الأجهزة الأمنية مشغولة بملاحقة القوى الوطنية ولا مجال لها لملاحقة الإرهاب". هل هذا رأي جاد أم هو نوع من التشفّي الحاقد السفيه؟ أو طعن بالأجهزة الأمنية والتأليب عليها؟ لو فرضنا صحة ما يدعي: أليس من قبيل المعلوم شعبياً بأن المؤسسات الأمنية تحتوي على دائرة أو أكثر لكل تجمع بشري أو نشاط  نوعي. فكيف علم السيد علاوي بإهمال مراقبة النشاط الإرهابي الطغموي التكفيري من بين كل النشاطات الأخرى؟
 وأي قوى "وطنية" تلك التي تلاحقها الأجهزة الأمنية العراقية على حساب ملاحقة الإرهابيين والعراق خالٍ حتى من سجين واحد من سجناء الرأي؟ هل يعني الإرهابيين؟ هل يعني الطغمويين الرافضين للعملية السياسية ويقومون بالأعمال الإرهابية؟ هل يعني البعثيين الذين أعادوا تنظيماتهم السرية المحظورة دستورياً والذين إستعدوا لتنفيذ توجيهات سيدهم عزت الدوري التي وردت في بيان علني له طلب فيه منهم الإنقضاض على الحكومة والنظام حال إنسحاب القوات الأمريكية؟
 أم هل عساه يقصد عملية الكشف والقبض على فراس الجبوري بطل مجزرة الدجيل الذي كان مسؤول أحد فروع حركة الوفاق التي يرأسها السيد أياد نفسه وله صور تذكارية معه وكان نشطاً في إحدى منظمات حقوق الإنسان؟ أم هل عساه يقصد متابعة وكشف أعمال الفساد والمتورطين فيها في حكومة السيد علاوي الإنتقالية وهم حازم الشعلان وأيهم السامرائي ولؤي العرس وكشف الأعمال الإرهابية التي قام بها النواب عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني والوزير أسعد الهاشمي(3) والنائب عدنان الدليمي وظافر العاني؟   
أم هل عساه يقصد رصد وكشف وتوجيه الإتهام للسيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية والقيادي في إئتلاف العراقية لإدارته شبكة إرهابية حسب الإتهام الموجه إليه؟
آن الأوان أن يبدأ بعض السياسيين بممارسة الإنضباطً الذاتي على البيانات التي يصدرونها والتصريحات التي يطلقونها ويتوقفون عن الإساءة لأمن الناس. لقد إكتسب هذا االبعض حقوقاً سياسية غير مقبولة إجتماعياً على أقل تقدير، ويتولاها الإعلام في الدول المتقدمة، بمختلف توجهاته، بالنقد اللاذع والتقريع.
وهذا ينسحب على الإعلاميين العراقيين سواءً من حيث فعل الشيء ذاته مثل ذاك البعض من السياسيين، أو بعدم ملاحقة تصريحات السياسيين المخطئين بالنقد والإدانة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.
(3): يُقال إنه إبن أخت السيد طارق الهاشمي. كان وزيراً للتربية. صدر أمر قضائي بإلقاء القبض عليه بتهمة التحريض على قتل الشهيدين الشابين ولدي الدكتور مثال الآلوسي، الوجه الديمقراطي البارز وزعيم حزب الأمة العراقية. عندما حضرت الشرطة لتنفيذ أمر إلقاء القبض عليه هرب وإحتمى في دار السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي. يُقال إنه هرب إلى الخارج. 
أعلن السيد مثال يوم 22/12/2011 بأنه سيقيم دعوى ضد السيد طارق الهاشمي بتهمة التستر وحماية وتهريب أسعد الهاشمي. وذكر الدكتور مثال بأنه سبق أن قدم للهاشمي ملفاً كاملاُ بالقضية عند لجوء أسعد إلى داره وطلب تسليمه أو إنه سيقدمه إلى القضاء كاشفاً تستره على ألمتهم أسعد. فما كان من الهاشمي وأمام الدكتور مثال إلا أن إتصل بالسيد نوري المالكي رئيس الوزراء وهدده بالإنسحاب من العملية السياسية في حالة ترويج هذا الملف. 

   



   


63
أفيقي من أحلام اليقظة يا سيدة ميسون
محمد ضياء عيسى العقابي
قالت السيدة ميسون الدملوجي، الناطقة الرسمية بإسم إئتلاف العراقية، بأن الرئيس أوباما هو الذي سحب القوات الأمريكية من العراق كإلتزام إنتخابي. (فضائية الحرة / برنامج "ساعة حرة" بتأريخ 12/21/2011 الذي شارك فيه أيضاً السيد النائب عن التحالف الكردستاني محسن السعدون والمستشار الإعلامي لرئيس الوزراء السيد علي الموسوي والجنرال ماك كيميت من البنتاغون، إضافة إلى مدير برنامج الحرة السيد ميشيل غندور. والموضوع حول زيارة رئيس الوزراء المالكي لواشنطن).
في الحقيقة، كان واضحاً أشد الوضوح أن السيدة ميسون أرادت أن تقول، في كلامها هذا ، إن السيد المالكي وحكومته ومن وراءهما من جماهير شعبية، ليس لهم دور أو فضل في هذا الإنسحاب.
للحق، كان أداء السيدة ميسون في الحوار ضعيفاً، وتألمتُ لما قاطعها مدير البرنامج في كل مرة تحدثتْ فيه وإنتقلَ إلى متحدث آخر، لدرجة أنها إحتجت على عدم منحها فرصة الكلام بقدرالآخرين. السبب هو خوض السيدة ميسون في أمورحزبية داخلية صغيرة خارج الصدد وظهر فيها نوع من التحامل غير المتزن وغير اللائق على رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بل حتى على العراق لأن الذي مثله هو المالكي.
 خاضت السيدة ميسون،  مثلاً، في موضوع عدم مراعاة مبدأ المحاصصة في تشكيل الوفد المرافق لرئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة؛ والمحاصصة أمر طالما أدانه إئتلاف العراقية زعماً؛ علماً أن زيارة رئيس الوزراء للولايات المتحدة لم تكن للنزهة كي يفسح المجال للمشتركين في الحكم (لا الشركاء!!) كي يتنزهوا معه. إنها كانت زيارة عمل لذا إستصحب معه الوزراء المعنيين كوزراء الخارجية والتجارة والنقل وغيرهم.
يبدو أن زعماء إئتلاف العراقية بدأ تململهم يزداد حرارة وقنوطاً منذ أن يئست أمريكا من إمكانية التمديد لبقاء جزء من قواتها في العراق وأصبح الإنسحاب في حكم المنتهي  في نهاية هذا العام 2011 حسب إتفاقية 2008.
 فذاك السيد أياد علاوي ينسحب حتى من عضوية "المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي صُمم له خصيصاً لترؤسه. غير أن رؤيته الجشعة لذلك المجلس التي تضع جميع الرئاسات في الدولة العراقية في جيبه تسببت في رفضه من قبل شركائه في العملية السياسية. لم يراجع ولم يلم الدكتور أياد جشعه الذي أدى إلى رفض رؤيته بل أنحى باللائمة، تلميحاً، على الأمريكيين حيث قال، وهو يعلن إنسحابه، بأن "الأمريكيين قد تخلوا عن هذا المجلس".
وذاك السيد صالح المطلك دسَّ في جيبه عنترياته التي دوَّخ العراقيين بها حينما كان يدعي معارضته لتواجد القوات الأمريكية على أرض العراق وكان يمجد المقاومة "الشريفة" الوهمية، مستفزاً شعورالعراقيين الذين لم يعرفوا سوى إرهابيين مجرمين. وإذا به يصب جام غضبه على رئيس الوزراء وإئتلاف دولة القانون والتحالف الوطني لأنهم طلبوا إنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق (فضائية الحرة-عراق/ برنامج حوار خاص). كانت المناسبة هي تسليم قاعدة الأسد في الرمادي إلى القوات العراقية.
أعود إلى السيدة ميسون.
نعم، كان هناك للرئيس أوباما فضل كبير في تطبيق إتفاقية عام 2008. وفضله يتجسد أساساً بلجمه تلك الأصوات الإمبريالية المتشددة (في كلا الحزبين وخاصة في الحزب الجمهوري الممثل للرأسمالية العليا الإحتكارية في الولايات المتحدة) التي أرادت إبقاء بعض القوات لأغراض لا تخفى على أحد وهي مساندة إئتلاف العراقية على تسميم حياة العراقيين حتى يثب السيد أياد علاوي أو مثيل له إلى السلطة بطريقة التزوير (كما حصل في 7/3/2010) أو بإراقة الدماء في ساحة التحرير على نمط ما كان مخططاً ليوم 25/2/2011.  ومن بعد ذلك يبدأ مسلسل التوترات والحروب وفق نظرية السعودية والكويت "منا المال ومنكم الرجال" أي يُزج العراقيون في محرقة أو محارق لضرب المفاعلات النووية الإيرانية التي ستنتج السلاح النووي، إفتراضاً، وتهدد أمن إسرائيل.
وعلى كل حال، حتى لو كان الصقور يحكمون البيت الأبيض لكانت النتيجة واحدة. ألم يكن الصقور في البيت الأبيض وعُقدت الإتفاقية عام 2008 عندما قدموا مسودة لها طلبوا فيها (350) قاعدة وموقعاً عسكرياً حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية؟
غير أن تصريح السيدة ميسون لا يجب أن يؤخذ بالبساطة التي طرحتُها في مستهل الحديث؛ ويا ليته توقف عند ذلك الحد أي عند حد الإستهانة بقدرات العراق. أعتقد أنها أرادت أن تقول أنه يمكن للقوات الأمريكية أن تعود إلى العراق إذا ما خلقنا، نحن إئتلاف العراقية، لها الذرائع المناسبة بنفس السهولة التي خرجت بها بقرار صادر من طيبة نفس الرئيس أوباما، خاصة وأن العراق مازال تحت طائلة البند السابع. (ألم يهدد قبل أقل من أسبوع أحد طغمويي(1) التركمان بأن التركمان سيستعينون بالقوى الخارجية إذا لن يتوقف قتل التركمان في كركوك؟ وكذلك فعل المحامي سليمان رئيس هيئة المحامين في صلاح الدين إذ صرح لفضائية الحرة بأنهم سيأخذون موضوع إقامة الإقليم إلى الجامعة العربية أو الأمم المتحدة إذا مانعت الحكومة المركزية من إقامتها، ونسي هذا القانوني بأن الدستور العراقي لا يبيح إقامة إقليم إذا كان الإقليم شاملا لمنطقة متنازع عليها حتى حسمها.)
من هذا جاءت التحركات ذات المظهر القانوني والجوهر المريب (كلمة حق يراد بها باطل)  التي قام بها بعضٌ من أعضاء مجالس محافظات معينة بتحريض مشهود من قياديين طغمويين في بغداد لهم أصدقاء في الخارج كالسادة صالح المطلك وظافر العاني وأسامة النجيفي. إنهم يطالبون بالأقاليم وبالأمس كانوا أشد معارضيها. حججهم واهية لا تتطلب سوى التفاهم مع الحكومة الفيدرالية لتوسيع صلاحيات المحافظات بعد أن تطورت القدرات الإدارية والفنية لديها للنهوض بالمسؤوليات التي ستتحملها.
تندرج في هذا الإطار أحداث الشغب التي إندلعت في زاخو وكذلك تفجير أنابيب نقل النفط إلى مستودعات الزبير. 
أعتقد أن هذه الحسابات "الميسونية" التي تمثل أفكار غلاة إئتلاف العراقية هي التي أدت إلى مزيد من الإنشقاقات عن إئتلاف العراقية، إذ أعلنت أربع كتل جديدة إنشقاقها عن الإئتلاف يوم 15/12/2011 حيث ساق ممثل تلك الكتل السيد فتاح الشيخ الأسباب التي دفعتهم إلى الإنشقاق وكان من بينها خروج قادة الإئتلاف على الوعود الإنتخابية المعلنة، والعلاقات التي تربط الإئتلاف بجهات خارج العراق وأسلوب تعامل قيادة الإئتلاف مع الإئتلافات الأخرى.
لحسن حظ العراقيين ولسوء حظ السيدة ميسون وزملائها في قيادة إئتلاف العراقية أن أية قوة في العالم ما عادت قادرة على دخول العراق بعد 1/1/2012 إذ سيمتلك العراق كامل السيادة أولاً ، وله حكومة منتخبة من الشعب تحظى بإعتراف العالم أجمع ثانياً، ولأن سياسته الداخلية ترتكز على الديمقراطية المتنامية ثالثاً، وسياسته الخارجية ستواصل مد يد الصداقة والتعاون والإحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين رابعاً.
 أما مسألة الفصل السابع والتعويل عليه، فأهمسها في آذان قادة إئتلاف العراقية وأقول ما من أحد إستطاع فعل شيء للسودان ورئيسها مطارد من قبل الأمم المتحدة والمحكمة الدولية بتهمة إقتراف جرائم ضد الإنسانية، فكيف عساكم ستَقْدِرون التسبب في إحتلال العراق ثانية بعد هذه التضحيات الجسيمة ليصبح العراق جديداً يحكمه الدستور وصناديق الإقتراع؟ ومن سيستمع لدعواتكم والكل بات يعرف الشعب العراقي ومدى إستعداده للتضحية.
فالخير كل الخير للعراق ولكم إذا لجمتم السيد صالح المطلك عن التصريح بأن "العملية السياسية ستزول بعد إنسحاب الأمريكيين لأن الذي صممها وحماها هم الأمريكيون"؛ وخير لكم إذا لجمتم آخرين منكم طالبوا بإسقاط الدستور وإعادة كتابته.
 فنجوم السماء أقرب لكم من نجاح هذا التخريب البائس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)   الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.

أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.


64
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم8/8
محمد ضياء عيسى العقابي
موقف العراقيين من الثورة السورية:      
أيد العراقيون شعباً وحكومةً الثورة الشعبية في سوريا ومطالبها الشعبية. إمتنعت الحكومة العراقية عن التصويت على قرار الجامعة العربية القاضي  بتعليق عضوية سوريا في الجامعة إذا لم تتوقف عن قتل المتظاهرين. أدلى السيد على الدباغ المتحدث الرسمي بإسم الحكومة العراقية ببيان نقلت فضائية الجزيرة عنه ما يلي: [انتقدت الحكومة العراقية قرار جامعة الدول العربية بتعليق مشاركة سوريا في اجتماعاتها, ووصفته بغير المقبول والخطير جدا, وأكدت أن القرار لم يتخذ إزاء دول أخرى لديها أزمات أكبر, وانتقدت سعي البعض لتدويل القضايا العربية من خلال إحالتها إلى الأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ - في تصريح بثته فضائية العراقية الحكومية- إن بلاده مع الحوار مع المعارضة السورية ومع حرية الشعب السوري. وأضاف "نحن ننتصر لإخواننا في سوريا وبالتالي نريد لهم الحرية الكاملة".
وانتقد الدباغ الطريقة التي عالجت بها الجامعة العربية القضية السورية, ووصفها بالقسرية التي تنقل القضية إلى التدويل. وألقى الدباغ اللائمة على العرب الذين ينقلون القضية إلى الأمم المتحدة وإلى التدويل.]
         بيّن وزير الخارجية السيد هوشيار زيباري بأن تصويت العراق بالإمتناع لم يكن سلبياً أي لم يكن مجرد عدم تأييد المؤيدين أو المعارضين. قال بأن الوفد العراقي كان نشطاً جداً وهو الذي طرح الأسئلة وناقش ونبش في دواخل الأمور وتحرك بين العواصم في الوقت الذي لم يتكلم فيه أحد من المندوبين. إعترف السيد زيباري في فضائية الحرة (برنامج "حديث النهرين") بوجود ضغوط كبيرة من جهات عديدة، ولكنه أضاف ما مفاده بأن "الضغوط توجه على جميع حكومات العالم صغيرها وكبيرها، إنما العبرة في أن تكون لديك الوضوح والشجاعة والجرأة لتطرح موقفك أنت الذي ينسجم مع مصالحك وقناعاتك. وهذا ما فعلته الحكومة العراقية التي تستمد وزارة الخارجية مواقفها منها بناءاً على ما يناقش في مجلس الوزراء ويتم الإتفاق عليه بضمنه القضية السورية".

أما الرئيس جلال الطالباني فقد أعرب عن خشيته من أن يلعب المتزمتون الإسلاميون دوراً هاماً في الثورة.
 
من مجمل ملابسات القضية السورية وكلام السيدين الدباغ وزيباري، يبدو لي أن القضية مطبوخة طبخا جيداً والتهديدات غير الفارغة مورست من قبل أمريكا وفرنسا والسعودية وسمسار هذه الدول السيد رئيس وزراء قطر على كافة الوفود العربية. ويبدو لي أن الجميع من مؤيدين ومعارضين إكتفوا برفع الأيدي فقط لأن النقاش بل حتى السؤال يثير الرهبة لدى سائله لأنه كان سيُتخذ كتلميح ضد هذه الدولة المؤثرة أو تلك. لذا صمتَ الجميع وتكلم الوزير العراقي فقط لأن تأريخ العراق الجديد هو تأريخ صراع أعنف من هذا الصراع بكثير لأن قادة العراق الجديد الحقيقيين كانوا يواجهون قوات عسكرية على الأرض وقريبة منهم، بينما الثوار في تونس ومصر وليبيا مازالوا في صراع داخلي مع حكوماتهم. كان يجري الصراع في العراق سراً لأن كشفَه لم يكن يخدم الطرفين وهو قد عكس التوازن القائم بين الحكومة ومن ورائها الشعب والمرجعية وبين أمريكا وقواتها وحلفائها المحليين والأجانب. تسربت بعض المواجهات إلى الصحافة العالمية كما حصل حول خطة فرض القانون بين السيد المالكي والجنرال بتريوس قائد القوات الأمريكية. صرح الجنرال للصحافة العالمية مازحاً: "لم نصل حد الإشتباك بالأيدي".
أعتقد أن موقف الحكومة العراقية كان موقفاً مسؤولاً ومشرفاً يناصر الشعب السوري ولكنه لا يريده أن يقع فريسة التآمر والغدر وتدمير جيش وإقتصاد بلاده لتصبح سوريا رهينة للمال السعودي ورحمة الأمن الإسرائيلي – التركي. هذا هو المقصود من وراء قرار الجامعة العربية.

أما مواقف الأطراف السياسية العراقية فقد أذهلني ما سمعته عبر فضائية الحرة من طرح لإئتلاف العراقية ولم يتسنَّ لي الإطلاع على مواقف الأخرين إلا القلة. لقد عكست الآراء التي سمعتها مستوى واطئاً في التفكير السياسي وعكست ضحالة ونفاقاً وأنانيةً وتملقا للأمريكيين وخللاً في الروح الوطنية والقومية والإنسانية.

 أصابت البعض (كرئيس تحرير صحيفة العالم) الهستيريا لمجرد أن موقف الحكومة العراقية (أسماه بموقف المالكي) لم يأخذ بالموقف الأمريكي مغمض العينين دون تقليب أو تمحيص في ضوء المصلحتين الوطنية والقومية. بلغ به الغضب حداً أفقده القدرة على التمييز بين الإسلاميين الأصوليين في سوريا والأحزاب الدينية ذات الأغلبية البرلمانية في العراق. لا أعلم ماذا كان رد فعل السيد رئيس التحرير وهو يشاهد السيد نوري المالكي يوجه النقد المبطن للرئيس أوباما في مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقداه في البيت الأبيض يوم 12/12/2011 إذ قال السيد المالكي بأنه لا يسمح لنفسه بالطلب من رئيس دولة أخرى التنحي عن الحكم، في الوقت الذي فعل فيه الرئيس ذلك أو إقترب منه بالنسبة للقضية السورية.
 
أدناه مناقشة لموقف إئتلاف العراقية التي إنتقدت الموقف العراقي على لسان عدة متحدثين :
-   القرار لم يبحث في مجلس الوزراء: لقد فند ذلك وزير الخارجية السيد زيباري وأكد أن موقف العراق قرره مجلس الوزراء إذ بحث الموضوع في عدة جلسات. كما أكد ذلك الشيخ همام حمودي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي. ولم يعلن أي وزير عن عدم مشاركته بإتخاذ القرار.
-   الموقف خرج على الإجماع العربي: هذا الإعتراض هو في غاية الطرافة والضحالة والذيلية لحد السخرية. أَسْأَلُ إئتلاف العراقية: كيف يتشكل الإجماع العربي؟ الجواب لدى إئتلاف العراقية يبدو بسيطاً للغاية: الجميع يذهبون إلى إجتماع الجامعة يريدون الإجماع بغض النظر عن قناعة كل منهم الذاتية سواءاً تطابقت مع الآخرين أو لم تتطابق. يتكلم رئيس الإجتماع المندوب القطري ويؤيده صاحب السمو المندوب السعودي. عندئذ يفطن الجميع أن هذا هو إجماع أوربا وأمريكا. فينخرطون  مؤيدين قطر والسعودية.  ويصبح، عندئذ لزاماً، على المندوب العراقي أن يتدحرج بإتجاه هذا الإجماع العربي وإلا فسوف يواجهه نقد لاذع من الرفاق المولعين بالإجماع والإجتماعات العربية والتغني بمشروعهم الوطني والعروبي. ولما لم يدحرج المندوب العراقي نفسه نحو سلة الإجماع القابعة في حضن المندوبين القطري والسعودي، في القضية السورية وقبلها في قضيتي البحرين واليمن، يخرج علينا النائب عن إئتلاف العراقية السيد نبيل حربو ليعرب عن تخوفه (إقرأ: عن تمنياته) من إحتمال عدم عقد مؤتمر القمة العربي القادم في بغداد لخروج العراق على الإجماع في هذه القضايا (فضائية الحرة في 9/12/2011). أي كان على العراق تأييد سحق شعب البحرين بالدبابات السعودية وحلفائها.   
-   "نحن مع رأي الشعب السوري"،  كان هذا رد السيد محمد الخالدي، مقرر مجلس النواب والنائب عن إئتلاف العراقية، على سؤال: لماذا كنتم ضد حكومة المالكي عندما شكت الحكومة السورية بسبب تفجيرات وزارتي الخارجية والمالية التي كان وراءها بعثيون مقيمون في سوريا والآن يتغير موقفكم؟ يريد السيد الخالدي، إذاَ، أن يقول: كان رأي الشعب السوري على طول الخط مؤيداً محباً لحكومته وتحوّل فجأةً إلى معارض لها وثائراً عليها. أي كلام هذا يا إئتلاف العراقية؟
-   أخيراً طل علينا النائب السيد حيدر الملا، وهو الذي أنكر أي وجود لجريمة الدجيل بأي شكل وهي التي أصبحت ناراً على علم في كل أرجاء العراق، طلَّ علينا ليقول إن المالكي (ولم يقل الحكومة لأن رئيسه السيد صالح المطلك يشغل منصب نائب رئيس الوزراء فيها بمعية تسع وزراء من إئتلاف العراقية ولكنهم مشاركون وليسوا شركاء في القرار الخاص بسوريا!!) يكيل بمكيالين. يقصد السيد الملا ومن أحاط به في مؤتمره الصحفي أن الحكومة العراقية كانت إلى جانب الشعب في البحرين وباقي الدول العربية ولكنها إمتنعت عن تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية لأن رئيس الجمهورية بشار الاسد ينتمي إلى الطائفة العلوية. يا له من تفسير طائفي وكأنه يشي بما في داخل السيد الملا على قاعدة "كل إناء بالذي فيه ينضح". لماذا أعمت السيد الملا طائفيته وأنسته أنه لو كان المقصود من تعليق عضوية سوريا هو بشار الأسد وحسب لهانت الأمور بألف ألف مرة لأن النظام ورئيسه فاشي مجرم يعرفه السيد الملا وخدمَ الأتعسَ منه مخلصاً في غابر الأيام، غير أن المقصود هي سوريا بجيشها وإقتصادها كي ينهار النظام الأمني العربي أمام إسرائيل وقد أدركت هذه الحقيقة كل من روسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل وغيرها، وتصبح سوريا رهينة بيد إسرائيل وتركيا والمال السعودي.
-   صدرت تنويهات أيضاً من إئتلاف العراقية وغيرها بأن الموقف العراقي بالإمتناع عن التصويت أملته إيران. أقول: الذي يعرفه العالم أن إيران توصف بالعدوة اللدودة لإسرائيل وكذلك سوريا وحماس وحزب الله (رغم أني لا أتفق مع ستراتيجية المواجهة المسلحة لكنني أحترم خيار هذه الأطراف). أمريكا أبدت العداء الشديد للنظام السوري وساهمت في إبعاد الثوار عن التحاور مع النظام وإفشال مبادرة الجامعة العربية. لأمريكا قوات مازالت موجودة في العراق. أسألُ أي عاقل: أيهما مخيف أكثر للحكومة العراقية "العميلة" أمريكا أم إيران؟ الأمر الذي لا يريد أن يفهمه الملا وإئتلافه هو: ممَّن يخشى النظام العراقي وهو له التأييد الشعبي المطلق في الإنتخابات السابقة وستزداد، حسب تكهني، في اللاحقة لتحميه ضد أي معتدٍ داخلي أو خارجي؟ بقي أمر واحد: ربما
إبتلى الله شيعةَ العراق ب(جين أي مورِّث) العشق لإيران سواءاً أيام الشاهنشاه أو أيام الوليِّ الفقيه ف"العشق عشق والغرام بلاء". نسأل الله أن يقينا شر الجينات والمورِّثات الطائفية اللعينة التي ورثها البعض من النظام الطغموي.
-   أما أحد كتاب المقالات في صحيفة "المواطن" فقد خرج علينا بخبر كالقنبلة علمت به صحيفته فقط  وبشكل "مؤكد" على حد قوله فجّرَه في فضائية (الحرة – عراق) (برنامج العمود الخامس بتأريخ 17/11/2011) مفاده أن بشار الأسد قد هدد المالكي بأنه سيحرق ثلاثة أرباع العراق إذا صوت لصالح القرار في الجامعة العربية. سؤال: لماذا لم يهدد بشار الأسد الأردن مثلاً؟ أو السعودية وهي "رأس الأفعى"؟ أو قطر وهي "ذيل الأفعى"؟ علماً أن الأسد قال بأنه سيحرق المنطقة بأكملها. ودعونا نَقُلْها بالعراقي: "هو الأسد بيا حال حتى يحركَ العراق؟"
-   أنتقد نفس كاتب صحيفة "المواطن" المشار إليه في الفقرة السابقة رئيس الوزراء لأنه "لم يظهر حنكة سياسية" ، إذ كان عليه على الأقل أن يفرض على سوريا تسليم البعثيين المطلوبين للعدالة مقابل التصويت. سؤالي: هل تعامل هكذا قضية الأوطان والشعوب وهي في مأزق حقيقي؟
-   قبل أن أنهي هذا المقال شاهدت بتأريخ 25/11/2011 برنامج "حديث النهرين" في فضائية الحرة-عراق حول موقف المثقفين العراقيين من الثورة السورية ومن موقف الحكومة العراقية حيالها. أدار الحوار السيد فلاح الذهبي. كعادته، كانت آراء الدكتور عامر حسن فياض، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة النهرين والقيادي في التيار الديمقراطي، ناضجة ومتوازنة فقد ميز بين الموقف المبدئي من الثورة، التي يؤيدها بكل قوة، وبين الموقف السياسي. وبناءاً على ذلك وجملة معطيات أيد موقف الحكومة العراقية من قرار تعليق عضوية سوريا. ولاحظ عدم جدية المتحكمين بالجامعة العربية الآن من حقيقة أن التحقيق والتقصي كانا يجب أن يسبقا قرار التعليق وليس العكس كما حصل. أما السيدان فاضل ثامر، رئيس الإتحاد العام للأدباء العراقيين، والدكتور حيدر سعيد، الباحث والمحلل السياسي، فقد أيدا الثورة السورية بكل قوة أيضاً. ثم إنطلقا، كما عهدتُهما، من منطلق الأحكام المسبقة المبنية على نظرة إيديولوجية سطحية وغير معمقة لتقييم موقف الحكومة العراقية. ملخص رأيهما: "رئيس الوزراء من حزب ديني، إذاً لا خير فيه وبحكومته وبمواقفها". لقد أدان السيد فاضل ثامر موقف الحكومة العراقية وتمناه لو كان موقف الممتنع، مما أثار إستغراب الحاضرين إذ يبدو أن السيد فاضل قد شارك في الحوار وهو غير عارف بالموقف الذي إتخذته الحكومة العراقية، لأنه إفترض، كما بدا لي، أن الحكومة ستقف موقف المعارض ومن منطلق أن النظام السوري هو نظام علوي وأن المالكي شيعي فسيكون موقف الحكومة، بالضرورة الإيديولوجية المسبقة، معارضاً للقرار، وأن طروحات الدكتور عامر هي مبررات للحكومة العراقية. العجيب أن السيد فاضل إعتبر أن من لا يؤيد موقف الجامعة العربية الذي هو موقف قطر والسعودية ومَنْ ورائهما، أي أمريكا وفرنسا، فهو ضد الثورة السورية؛ وهو لم يستوعب موقف التمييز بين التأييد المبدئي والموقف العملي أي السياسي . أما الدكتور حيدر فقد عارض الدكتور عامر على إستغرابه من الهبوط المفاجئ للروح الإنسانية على حكام الخليج في الجامعة العربية قائلاً: إن تصويت الحكومة العراقية لم يبنَ على أساس أن الخليجيين رجعيون بل لأنهم سنّة!! (شخصياً، أحشر الدكتور حيدر سعيد مع عدد من الكتاب الذين يسهل عليهم لطخ الشيعة بتهم غير موضوعية ويعتقدون أنهم خارج شبهة الطائفية  لمجرد أنهم ينحدرون من أصول شيعية.)


65
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم7/8
محمد ضياء عيسى العقابي
الموقف التركي:
-   بعد وصول حزب التنمية والعدالة الديني المعتدل إلى الحكم، خففت تركيا من مطالبتها بالدخول إلى الإتحاد الأوربي، وبدأ توجهها الشرق أوسطي أكثر وضوحاً، خاصة وأن موقعها في منظومة حلف شمال الأطلسي ما عاد بتلك الأهمية كما في أيام الحرب الباردة. رفضت تركيا السماح للقوات الأمريكية من المرور عبر أراضيها لغزو العراق.
-   إن تحرر النظام السياسي التركي من دور العسكريين قد عزز الديمقراطية التركية التي كانت تراها أوربا قاصرة ولا ترقى إلى المعايير الدولية مما وقفت حجر عثرة في وجه قبول تركيا في الإتحاد. قد لا تكون هذه القضية العائق الوحيد إذ كان الفاتيكان وبعض الأحزاب المسيحية تدعو إلى إبقاء الإتحاد الأوربي مسيحياً. على كل حال أعتقد أن تعزيز دور تركيا الشرق أوسطي لا يعيق إن لم يكن يساعد على إكتساب العضوية في وقت لاحق.
-   نشرت وكالة الإستخبارات الأوربية عام 2007 خبراً مفاده أن تركيا والسعودية عقدا إتفاقية سرية للوقوف بوجه "المد الشيعي".
-   يُتوقع أن ينشأ تنافس بين تركيا وإيران للنفوذ في العالم الإسلامي. قد ينشأ خلاف جاد بين الدولتين على خلفية نصب قاعدة على الأراضي التركية ضمن مشروع الدرع الأطلسي الصاروخي لإعتراض الصواريخ الصادرة من مصدر شرق أوسطي.
-   لعبت تركيا دوراً في محاولة الوساطة بين سوريا وإسرائيل إلا أن إعتداء حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي على فرق كسر الحصار على غزة قد وترت العلاقات بين البلدين.
-   نشأت علاقات طيبة بين تركيا وسوريا إلى أن إندلعت الثورة إذ حاولت تركيا دفع النظام السوري بإتجاه إجراء إصلاحات هامة ومستعجلة إلا أنه لم يفعل ذلك فساءت العلاقات بينهما. وساهمت الحكومة التركية بعد ذلك في تأجيج الموقف.
-   إستقبلت تركيا اللاجئين السوريين على أراضيها، بضمنهم العسكريون المنشقون، وقدمت لهم العون الإنساني. غير أن تهديداتها للنظام السوري لم تسفر عن نتيجة ربما تجنباً للصدام مع روسيا والصين. كما دعمت الحكومة التركية جهود الجامعة العربية حسب النهج السعودي الذي إصطدم ، هو الآخر، بعقبات عربية من منطلق معارضة التدويل.   
-   لم تجدد تركيا مطالبتها القديمة بضم مدينة الموصل إليها. ولكن يقال إنها تدرج الموصل في الموازنة السنوية دون رصد أي مبلغ.
-   صرح السيد عبد الله غول بعد إنتخابه رئيساً للوزراء قبل تبادل المواقع مع رجب طيب أردوغان بأن لتركيا الحق في 10% من نفط كركوك.
-   لا يخفى على أحد أن النظامين الإيراني والتركي يعارضان فيدرالية كردستان العراق لأنها تبعث برسائل أمل ودفع للأكراد في كلا البلدين. غير أن الحكومتين إختارتا أن تقصفا القرى الكردية العراقية للإستهانة بالنظام العراقي الديمقراطي الفيدرالي ككل وبفيدرالية كردستان، كما تسببتا في حجب المياه عن العراق.
-   كان السيد رجب طيب أردوغان معارضا لتولي السيد نوري المالكي منصب رئيس الوزراء حسبما أفاد السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي. تربط تركيا بالطغمويين علاقات وثيقة وقد سبق أن عقدت عدة مؤتمرات علنية تحرض ضد العراق وكان أشهرها المؤتمر الذي أطلق فيه السيد عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق العراقية، نداءه الشهير لمسلمي العالم حول سيطرة الشيعة على "بغداد رشيد هارون". كما عقدت مؤتمرات سرية في تركيا حضرها الأمريكيون والطغمويون ناقشوا فيها حتى مسألة إلغاء الدستور العراقي حسبما أفاد به في حينه الدكتور علي الأديب وزير التعليم العالي الحالي. تميز السيد طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي بعلاقاته الوثيقة مع حكومة أنقرة.
-    لا أستبعد أن تتفق السعودية وتركيا على تقسيم العراق وفق السيناريو، المبحوث قبل قليل؛ وتكون حصةُ تركيا من الصفقة الإستحواذَ على كردستان العراق وكركوك، و"التنازل" عن الموصل، مع إستبعاد إمكانية إقامة فيدرالية ضمن الجمهورية التركية تضم كردستان العراق وتركيا تداركاً لغضب إيران والعسكر الترك. أعتقد أن أمريكا ستقف ضد هكذا صفقة لأنها ستزيد من إصرار إيران على إمتلاك السلاح النووي لكسب نقطة تنافسية لموازنة الكسب التركي عبر الصفقة.

الموقف الإيراني:
-   النظام الإيراني ديني يتبوء المتشددون فيه موقع الصدارة، وهو يأخذ بنظرية ولاية الفقيه التي لا تأخذ بها المرجعية الشيعية العالمية ومقرها النجف في العراق. عدا الإنتخابات التي شابتها، هي الأخرى، بعض الإنتهاكات، فإن النظام الإيراني ليس ديمقراطياً على عكس النظامين العراقي والتركي.
-   القضية الفلسطينية تشكل لهذا النظام قضية مبدئية طبعت سياسته الخارجية. وهذا الإلتزام ليس حديث العهد أو تكتيكياً بل يمتد إلى أيام الشاه الذي إضطهد والد الخميني وعدداً من زملاءه علماء الدين بسبب القضية الفلسطينية؛ وقد بحث ذلك بالتفصيل الكاتب والمفكر العربي الكبير السيد محمد حسنين هيكل في كتابه "مدافع آيات الله".
-   وفرت إيران للسياسيين المعارضين العراقيين ملجأً أثناء النظام البعثي الطغموي إضافة إلى سوريا واليمن الديمقراطية؛ وللمهنيين وفرت الجزائر وليبيا ودول عربية أخرى ملاذاً أيضاً. كما إن النظام البعثي الطغموي قد هجَّر إلى إيران أكثر من نصف مليون كردي فيلي.
-   دعمت إيران الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس والجزائر والمغرب وقد توترت علاقاتها لهذا السبب.
-   دخلت إيران في حلف مع سوريا ومع أحزاب وحركات الممانعة الرافضة للإعتراف بإسرائيل وهي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان وحزب الله اللبناني.
-   رغم دعمه للنظام السوري إلا أن الحكومة الإيرانية وجهت له نقداً خفيفياً وطالبته بالإصلاح وتلبية المطالب الشعبية على خلفية نشوب الثورة. وأعتقد أنها من باب الدعاية والكيد الطائفي إتهام إيران وحزب الله اللبناني والتيار الصدري العراقي بإرسال مسلحين إلى سوريا لدعم النظام.
-   لا تلعب قضية الثورة السورية دوراً في العلاقات العراقية الإيرانية وخطط إيران بعد الإنسحاب الأمريكي من العراق. أما التهم الموجهة للحكومة العراقية بشأن موقفها في الجامعة العربية حيال فرض العقوبات على سوريا لفتح الباب أمام التدخل العسكري فيها، وإعتباره إملاءاً إيرانياً فهو دعائي سخيف سأناقشه فيما بعد، علماً أن الطغمويين يرون أن الوضع الطبيعي في العلاقة مع إيران يجب أن يكون عدائياً، وخلافُ ذلك فالدافع هو تبعية طائفية. غني عن البيان إن هذه الصيغة كانت تساق في العهود الطغموية الدكتاتورية لتبرير إستلاب السلطة من الشعب وممارسة الإقصاء والتهميش على شرائح واسعة منه. أظهرت الأيام سخافة رأي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عندما صرح بأن ولاء الشيعة ليس لأوطانهم منوهاً بإنصرافه لإيران، وأظهرت سخافة تصريح الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة العربية السعودية الذي قال فيه "سلمت أمريكا العراق إلى إيران".
-   ستحكم السياسة الإيرانية تجاه العراق، بعد إنسحاب القوات الأمريكية، العوامل التالية: محاولة الترويج لموقفها من مسألة ولاية الفقيه ومحاولة عزل رأي مرجعية النجف، الديمقراطية العراقية إذ لا يروق لهم توطدها وتطورها لأنها ستدفع الجماهير الإيرانية إلى المطالبة بمثيلها، الفيدرالية العراقية لأنها تحفز الشعب الكردي في كل من إيران وتركيا على الإقتداء بها.
-   لقد بدأت إيران على إلحاق الأذى بالعراقين حتى أثناء وجود القوات الأمريكية كتدريب وتسليح ميليشيا عصائب أهل الحق وقطع المياه وقصف القرى الكردية الحدودية وذلك لإحراج الحكومة العراقية وبالأخص إئتلاف دولة القانون وحزب الدعوة والمالكي.
-    كما هو حال الطغمويين في إئتلاف العراقية والسعودية وتركيا، فإن إيران تبذل جهداً للإيقاع بين العراق وأمريكا كل لهدفه. 
   


66
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم6/8
محمد ضياء عيسى العقابي
  المشروع السعودي:
أعتقد أن بيوت الإستشارات السياسية والتنبؤات التي يوظفها النظام السعودي من مختلف أنحاء العالم، قد تكهنت له بأن الإستحقاق الديمقراطي الداخلي والخارجي سيعود ليرمي بحبله حول عنق النظام السعودي الشمولي المتخلف. كما أعلمته بيوت الإستشارات الأخرى المتخصصة بالتخريب والإرهاب بأنها تتكهن بأن الموجة التالية من طلبات الإذعان للإستحقاق الديمقراطي ومراعاة حقوق الإنسان سوف لا يمكن إجهاضها ووأدها بأية وسيلة مهما بلغت تكاليفها المالية، بل تمكن عرقلتها لفترة ما. وهكذا وضع، بتقديري، فريق آخر ثالث خطةً وفق هذا الإطار الستراتيجي على أن يبدأ تنفيذها قبيل إنسحاب القوات الأمريكية من العراق.
أعتقد أن هذه الخطة قد وُضعت تطويراً وتفصيلاً للخطة السابقة التي كشفها السيد نواف عبيد المستشار الأمني لسفير السعودية في واشنطن الأمير تركي بن عبد العزيز الذي كان، بدوره، يشغل منصب مدير المخابرات السعودية قبل أن يصبح سفيراً. نشر السيد نواف عبيد مقالاً في صحيفة الواشنطن بوست بتأريخ 29/11/2006 أوضح فيه خلاصة تلك الخطة إذ كتب بالحرف الواحد: "السعودية ستتدخل في العراق لصالح السنة بالمال والسلاح وغيرهما في حال انسحب الأمريكيون منه". وبرر المستشار موقف بلاده هذا بضرورة كبح التداعيات بعد الإنسحاب التي وصفها ب"التداعيات التي هي اسوء بكثير من التداعيات المترتبة على عدم تحرك السعودية"(13).
بتقديري، شخص خبراء المسؤولين السعوديين مصادر القلق المستقبلية للمملكة وهي كالتالي:
1-    توسّع الحركة الديمقراطية المنادية بحقوق الإنسان في المجتمع السعودي وهو أمر طبيعي تمكن عرقلته ولكن لا يمكن إجهاضه. زادت في جذوة هذه الحركة معطيات الديمقراطية العراقية وثورات الربيع العربي، خاصة بالنسبة للشرائح المضطهدة والمهمشة وهي تشمل كافة الطوائف الدينية شيعية وسنية غير الوهابية المتزمتة.
2-    توقع توطد الديمقراطية العراقية بعد إنسحاب القوات الأمريكية . إن هذا سيشجع الحركة الديمقراطية السعودية ويرفع من وتيرة المطالبة بإحترام الحريات وحقوق الإنسان، خاصة وأنه من المرجح أن تبقى الأحزاب الدينية الشيعية على رأس الحكومة المدنية في بغداد في إنتخابات حرة ديمقراطية ؛ الأمر الذي سيفهمه مضطَهَدو النظام السعودي، ومن بينهم الشيعة، على أنه نقضٌ لسياسة الإقصاء والتهميش والإضطهاد التي دعمتها القوى العظمى الغربية طيلة القرن الماضي. كما سيفهمون أنه ما عاد المجتمع الدولي الملتزم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يتقبل مثل تلك المفاهيم البالية. وأخيراً سيتفهمون أن الإسلام الحقيقي يدعو إلى الديمقراطية ولا يكبحها.   
3-   سيزداد حجم إنتاج نفط العراق بما قد يوازي أو يفوق الإنتاج السعودي. ومع أن الدراسات التي أجراها العراق ومنظمة الأوبك قد توقعت أن يزداد الطلب العالمي على النفط ليستوعب الإنتاجين (حسب إفادة نائب رئيس الوزراء الدكتور حسين الشهرستاني في فضائية الحرة)، إلا أن إحتمال إرتفاع حجم الإحتياطي النفطي العراقي بما يفوق شبيهه السعودي قد يقوض المكانة الإبتزازية للسعودية في العالم ما يقلل من إهتمام أمريكا وأوربا في حالة تعرض النظام السعودي لهزات سياسية وإنقلابية متوقعة.
4-    ستزيد منظمات حقوق الإنسان العالمية وغيرها من منظمات المجتمع المدني ضغوطهاً على النظام السعودي لتحسين سجله في مجال حقوق الإنسان وسيطالبونه بتغييرات جوهرية في هيكل البناء السياسي ومنطلقاته الممعنة في التخلف. وسيقفون ضد الدعم الذي تقدمه أمريكا وغيرها له.
5-    سواءاً تنوي إيران أو لا تنوي؛ أو نجحت أو فشلت في إقتناء السلاح النووي فإن إيران تكسب لها مؤيدين في أوساط الجماهير العربية والإسلامية في الوقت الذي تزداد فيه السعودية عزلة عن هذه الجماهير بسبب تباين موقفيهما من إسرائيل والحق العربي في فلسطين.
6-    سواءاً سقط النظام البعثي الطغموي في سوريا أو تحققت مصالحة ، فإن النظم العربية، بما فيها سوريا واليمن والبحرين، ستستقر على أساس ديمقراطي وسوف تُنشأ جامعة عربية جديدة قائمة على الأساس الديمقراطي أيضاً؛ وسوف لا تُقبل في عضويتها غيرُ الدول العربية الديمقراطية التي ترقى إلى المعايير الدولية بحذافيرها. وهذا سيحرم السعوديين مؤكداً من عضويتها، ما يثير سخطاً عارماً في أوساط الشعب السعودي ويعزز مطالبته بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان.
7-    قد يمتد أفق التطور الوارد في البند (6) أعلاه ، في وقت لاحق، إلى المحيط الإسلامي فيعاد النظر بمنظمة المؤتمر الإسلامي لتفرض الديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان شرطاً للعضوية ما سيحرم السعودية من عضويتها أيضاً. وربما ستتم المطالبة بتأسيس هيئة إسلامية عالمية مستقلة تقوم بإدارة كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة وإنتزاعهما من يد النظام السعودي الشمولي. 
بناءاً على هذه المعطيات وضع النظام السعودي خطة للتحرك المستقبلي بعد أن تجاوزت الأيام خطةَ "حرق الأعشاش"(14) التي إستهلكت وإنكشفت فصولها أمام السياسيين والجماهير العراقية؛ وكان تزوير الإنتخابات في 7/3/2010 والمحاولة الإنقلابية في 25/2/2011 من أهم مخرجاتها العملية. لقد كان قبول الحزب الإسلامي في إئتلاف العراقية إيذاناً بإنتهاء حقبة "حرق الأعشاش"، لأن الخطة إقتضت إبعاد الحزب الإسلامي عن إئتلاف العراقية ليطرح نفسه كتحالف علماني مقابل التحالف الوطني كإئتلاف "ديني طائفي بغيض". لم تنطلِ الحيلة على العراقيين رغم التزوير والرشى والحملة الدعائية الباذخة الظالمة التي إنخرط فيها حتى كثير من الطيبين الغافلين إذ صاروا أبواقاً لها.
أدرج فيما يلي مفردات المشروع السعودي، كما أتصوره، بناءاً على بعض التسريبات هنا وهناك وبناءاً على التكهنات المستندة إلى متابعة سياسات النظام السعودي التي إزداد إهتمام العراقيون بها منذ سقوط النظام البعثي الطغموي وتدخل السعوديين في الشأن الداخلي العراقي.
سيكون المحور الأهم للمشروع هو إثارة صراع واسع النطاق في المنطقة ذي سمات تسهّل أمر جرِّ وتوريط دول أخرى عالمية وإقليمية لخوض المعمعة سواءاً بالإغراء أو بالإكراه. تنطبق هذه المواصفات على صراع سني –  شيعي يُلهب العواطف والتعصب الأعمى والغرائز العدوانية ويغيّب العقل والحكمة والروح الوطنية والقومية والشعور بالمسؤولية.
إن هذا المشروع هو "تطوير" وتضخيم لما هو جار الآن، وهو عودة لمحاولة سابقة تم تقزيمها عام 2009 على يد مصر وحكومة الرئيس أوباما ودعوة موجهة إليه من السيدة مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد الرئيس كلينتون إلى عدم التورط في هكذا صراع. لكن المحاولة بدأت تشتد مرة أخرى من جانب السعودية ومجلس التعاون الخليجي منذ فترة بمواجهة إيران ربما بالتوازي مع المتاعب السياسية الداخلية في السعودية المتصلة بسلسلة من المشاكل بدءاً بالمطالبة بحقوق الإنسان والديمقراطية ومقتل ناشطين حتى قبل يومين، وإلى جلد فتاة لقيادتها سيارة. نشر موقع ويكيليكس برقية من السعودية والإمارات تدعوان فيها أمريكا إلى ضرب إيران لأنها تمثل"رأس الأفعى". أتكهن أن تتفجر الأحداث الأكثر إثارة عندما يُباشر بتنفيذ الحلقة الخاصة بالعراق. أعتقد أن محاور المشروع السعودي ستكون كما يلي:
1-    مواصلة محاولة سحق الثورة البحرينية وتعميق الطائفية،
2-    دعم مراوغات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للحصول على أقصى المنافع والنفوذ في النظام الديمقراطي الجديد، ونشر الطائفية والفتن المذهبية والعشائرية.
3-    مواصلة محاولات التأثير السلبي على الثورات المصرية والتونسية والليبية بما يحدُّ من مساحات الديمقراطية والحريات العامة، ومحاولة النفخ في الطائفية على مستوى الساحة العربية.
4-    تأليب اليمين اللبناني ضد حزب الله وسوريا، ومواصلة تأجيج الطائفية.
5-    تكثيف الجهد الدبلوماسي لإثارة فزع إسرائيل من "الهلال الشيعي" الذي سبق أن حذرها منه ملك الأردن عبد الله الثاني أيضاً، علماً أن فزع إسرائيل ليس وهمياً لأنها تعرف أن المقاومة اللبنانبة بقيادة حزب الله هي التي حررت الجنوب اللبناني.
6-    مواصلة الدفع بإتجاه منع أي حوار بين الحكومة السورية والمعارضة، ومحاولة إثارة الفتنة الطائفية في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرها.
7-     محاولة دفع الجامعة العربية بإتجاه توفير الغطاء الدولي لتدخل عسكري خارجي في سوريا إذا ما أفلحت محاولتها في تعطيل معارضة روسيا والصين ودول آسيوية وأفريقية وأمريكية لاتينية أخرى،
8-    تصعيد وتيرة الحرب الباردة مع إيران وتأليب أمريكا وأوربا وإسرائيل والمجتمع الدولي ضدها على خلفية برنامجها النووي. وقد تساهم السعودية وحليفاتها من دول الخليج على توفير المعلومات الإستخباراتية عن إيران وربما توفير القواعد العسكرية وتقديم المساعدة اللوجستية اللازمة.
9-    تنشيط الإتفاقية السرية بين تركيا والسعودية ل "مواجهة المد الشيعي" وقد تُقْدِم الدولتان على تقسيم العراق لتحقيق أهداف مادية وستراتيجية، علماً أن السيد رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي قد عارض تولي السيد نوري المالكي منصب رئيس الوزراء، على حد ما أعلنه السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي، عند تشكيل الحكومة العراقية الحالية. ولا يمكن تفسير ذلك وتفسير قطع المياه وقصف قرى كردستان العراق الحدودية وإحتضان زعماء طغمويين مخربين أمثال السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وأسامة النجيفي وغيرهم إلا مسايرة الحليف للسياسة السعودية المعادية للعراق الديمقراطي.
لتركيا أطماع نفطية وإقليمية في العراق؛ ولها تخوفات منه أيضا وبالأخص النظام الفيدرالي. سنأتي على ذلك لاحقاً.
10-   تنفيذ خطة لتقسيم العراق وتشكيل دولة، تتكون من المناطق الغربية من العراق والموصل، بعد أن تصبح أقاليم، مع سوريا "المحررة" على الطريقة السعودية أي جعلها رهينة للمال السعودي ورهينة الأمن التركي-الإسرائيلي بعد تحطيم جيش وإقتصاد سوريا في حالة نجاح السعودية وقطر والجامعة العربية "المُخْتَطَفَة" بتدبير تدخل عسكري خارجي. قد يحمل إسم هذه الدولة معنى تكتيكياً يُفصح عن وظيفتها المخططة لها مثل "الجمهورية العربية الشرقية" أو "إتحاد الدرع العربي الشرقي" ليكون إيذاناً بإنطلاق حروب القرن الواحد والعشرين بين الأخوة الذين أُريدَ لهم أن يصبحوا أعداء. تشير تصريحات وتقارير وتسريبات كثيرة إلى وجود هذه النية التي تحمل في ثناياها بذور حروب وإقتتال في أكثر من مكان في العراق حول حدود المحافظات لتتسع وقد تنضمّ إليها السعودية والأردن ومن ثم إيران وهكذا.
أدناه بعض الشواهد على وجود نوايا تصب بإتجاه الحروب والتقسيم وما إلى ذلك:
-   ما كشفه الدكتور سلام الزوبعي، نائب رئيس الوزراء الأسبق وزعيم إحدى الكتل داخل إئتلاف العراقية، من أن هناك في الإئتلاف من البعثيين من يريد تأجيج حرب مع إيران وتجديد القتال مع الأكراد.
-   الوثيقة المنشورة في موقع ويكيليكس التي تحث فيها السعودية ودولة الإمارات الولايات المتحدة على ضرب رأس الأفعى أي إيران.
-   تصريح الدكتور أياد علاوي، زعيم إئتلاف العراقية، من أنه يريد شن حرب "سياسية" على إيران.
-   تصريح النائب في كتلة القائمة العراقية البيضاء السيد زهير الأعرجي الذي نقلته فضائية الحرة بتأريخ 22/11/2011 حيث حذر فيه من البعض الذين ينفذون مخططاً خارجياً لتقسيم العراق بذريعة الإقصاء والتهميش.
-   التهديد الذي أطلقه محافظ صلاح الدين (وكان السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء والقيادي في إئتلاف العراقية يقف بجنبه ومؤازراً له) من أنه سيقطع الكهرباء والوقود عن بغداد إذا لن تتم الموافقة على جعل المحافظة إقليماً.
-   بروز مطلب تحويل بعض المحافظات إلى أقاليم جاء بعد سلسلة من النشاطات السياسية خارج العراق مع أطراف أقل ما يُقال عنها أنها ليست على ود مع الحكومة العراقية المنتخبة. أدناه جرد لبعض هذه النشاطات:
o   إجتماع السيد أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب العراقي، مع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن وإطلاق تصريحات عن إقصاء وتهميش السنّة العرب في العراق وإحتمال إنفصالهم عن العراق وتشكيل أقاليم. للعلم فإن نائب الرئيس السيد جو بايدن معروف بكونه صاحب الرأي الداعي إلى تقسيم العراق.
o   خطاب الدكتور أياد علاوي في إجتماع لحلف الأطلسي في روما الذي دعا فيه إلى التدخل في الشأن العراقي ومواجهة إيران.
o   خطاب السيد أسامة النجيفي في الإتحاد الأوربي طالباً منهم ما طلب زميله السيد علاوي في روما.
o   إجتماع السيدين النجيفي ونائب الرئيس طارق الهاشمي بالملك السعودي ومسؤولين آخرين ولم يفيدوا الجمهور بما تم بحثه.
o   خطاب السيد أسامة النجيفي في لندن حيث كرر فيه إدعاءاته بشأن الإقصاء والتهميش والإنفصال والأقاليم.
   
يمكن أن يتخذ المخطط السيناريو التالي الذي لا أتوقع له نصيباً وافراً من النجاح لمعارضة الشعب العراقي في المناطق المراد إنفصالها وربما لمعارضة أمريكا لتقسيم العراق في هذه المرحلة على الأقل. ولكن السعوديين يتوقعون له النجاح لأن النظام السعودي يائس فهو يتشبث حتى بالقشة من جهة ، وربما يتوقع مساندة إسرائيل له، وهو في مأمن من تداعيات الفشل المباشرة لأن السعودية بعيدة عن مسرح العمليات وهناك مطايا راضية بتحمل وزرها من جهة أخرى. 
a.   تعمل السعودية على "تحرير" سوريا بتدبير تدخل خارجي. سيكون السنايو الليبي المشدد هو المفضل لدى المتدخلين. تصبح سوريا آنئذ رهينة للمال السعودي فتتحكم بسياستها.
b.   يجري إعلان المحافظات العراقية: صلاح الدين والأنبار والموصل أقاليم بشكل أصولي دستوري دون علم أي أحد بما هو مبيّت سوى تثبيت وتأجيج الشحن الطائفي كترويج فكرة أن إعلان الأقاليم هو "لحفظ الكرامة" كما هتف بذلك في فضائية الحرة أحد المتظاهرين في سامراء قبل أيام وكررها فيما بعد السيد صالح المطلك حسبما نقلت فضائية الحرة. تُفتعل مشاكل وتوترات بين المحافظات على الأمور الأمنية (خاصة إيواء المطلوبين من البعثيين وتوفير الجو المناسب لتآمرهم  وزجهم في التشكيلات العسكرية) والإلتزام بالقوانين الفيدرالية والحدود والموارد والمياه والمساجد ومرقد الإمامين العسكريين وغير ذلك. تبدأ مناوشات إلى أن تنتهي بإقتتال يتوسع حتى يُعلن الإنفصال عن العراق والوحدة مع سوريا. ويستمر القتال.
c.   (عندئذ تستحوذ تركيا على كردستان العراق بضمنها كركوك و"تتنازل" عن الموصل لدولة الإتحاد الفتية. سوف تبتلع تركيا كردستان دون التفاهم مع أهلها أي لا تكون مستعدة للإبقاء على الفيدرالية هناك مضافة إليها كردستان تركيا ضمن الجمهورية التركية. إنها لا تفعل ذلك تداركاً لغضب الجيش التركي وغضب إيران المنافسة لها والمعارضة للحكم الفيدرالي أيضاً.)
d.    تتعمد السعودية التدخل في الحرب بصيغة ما ودفع الأردن أيضاً للتدخل ليُضطر العراق إلى الإستعانة بإيران بصورة ما لتضمن السعودية إنحياز أمريكا لجانبها.
e.   تأمل السعودية من هذه اللخبطة أن تدفع عنها الإستحقاق الديمقراطي وتطمس ألق الديمقراطية العراقية بل ألق جميع الديمقراطيات العربية إذ ستُشغلها بصراعات جانبية ذات صبغة متخلفة وتحول دون تأسيس جامعة عربية ديمقراطية. بإختصار ستداري كل أو معظم هواجسها ومخاوفها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(13): كتبتُ رسالتين نشرتا في صحيفة الواشنطن بوست بتأريخ 29/11/2006 تعقيباً على مقال المستشار نواف عبيد. أدناه ترجمتهما اللتان نشرتا في صحيفة صوت العراق الإلكترونية بتأريخ 1/12/2006: 
"سيدي العزيز،
دع السيد نواف عبيد يفصح عن "التداعيات التي هي اسوء بكثير من التداعيات المترتبة على عدم تحرك السعودية" في حال انسحاب القوات الأمريكية من العراق، على حد قوله. لو كان السيد نواف صادقا، بما فيه الكفاية، لأجابنا بما يلي: إن العراقيين قادرون على بناء نظام ديمقراطي بمساعدة الولايات المتحدة(إن لم يكن بدافع الحب للديمقراطية فبدافع الحفاظ على أرواح الناس العراقيين من الفناء، وبالأخص الشيعة والكرد، الذين تعرضوا لجرائم الإبادة الجماعية تحت نظام صدام حسين؛ ذلك النظام الذي يسعى السعوديون وغيرهم في المنطقة إلى اعادة فرض نظام شبيه له من جديد على العراقيين).

وإذا كان السيد عبيد صادقا، ثانية، لأضاف قائلا: تشكل الديمقراطية لنا، نحن السعوديين، مرضا قاتلا كمرض الإيدز.
عندئذ سأقول هذا هو كلام الحق والصدق. أما الحديث عن قتل السنة والتدخل الإيراني فهذا كلام سخيف.

علينا أن نتذكر أن النظام السياسي السعودي هو من أشد النظم في العالم رجعية وتخلفا؛ وأن سجله في مجال حقوق الإنسان لهو أسوأ سجل. وهتان الحقيقتان هما اللتان أنتجتا 16 إرهابيا من أصل 19 قتلوا 5000 إنسانا بريئا يوم 11/9/2001. وشكرا.
محمد ضياء عيسى العقابي
مهندس عراقي متقاعد
مونتريال – كندا."
وجاء في الرسالة الثانية ما يلي:
" إذا نظرنا إلى الأمور من زاوية أخرى، فقد يكون ما كتبه السيد نواف عبيد إفصاحا عن خطة مستقبلية أمريكية- إسرائيلية- سعودية لمصلحة هذه الأطراف. ربما أيقنت الولايات المتحدة وإسرائيل بعدم قدرتهما على منع إيران من تطوير سلاحها النووي. عليه فربما فكرا بتعطيل فاعلية هذا السلاح "الشيعي" ضد إسرائيل عن طريق مواجهته بالسلاح النووي "السني" الباكستاني وتحييده......
وهكذا تنشأ قضية جديدة في الشرق الأوسط تستنزف العرب والمسلمين للقرن الواحد والعشرين، بعد أن يسدل الستار على قضية الشرق الأوسط الحالية أي القضية الفلسطينية التي استنزفتهما طيلة القرن العشرين. ولكن الإحتدام الكارثي هذه المرة سيكون سنيا – شيعيا على نطاق العالم.
وبهذا ستحصن العائلة المالكة السعودية الرجعية الشمولية الأوتوقراطية نفسها من مرض الديمقراطية الكريه. "
(14): "مخطط حرق الأعشاش": أشارت التقارير إلى أن عددا من دول المنطقة وغيرها بزعامة السعودية ومشاركة أطراف عراقية قد وضعوا مخططا بهذا الإسم ورصدوا له أموالا طائلة بهدف تخريب/ أو التأثير على الإنتخابات البرلمانية التي جرت في 7/3/2010 في العراق لصالح الطغمويين والتكفيريين مستخدمين جميع الوسائل الممكنة، إرهابية وإعلامية وفساد، والضرب والتهريج والتخريب في كافة الإتجاهات وبكافة الوسائل وفي أي وقت وتحت أي ظرف.
الغريب أن أقطاب إئتلاف العراقية علت صيحاتهم حول حصول تزوير ومنعهم من إحراز المرتبة الأولى المؤكدة، وذلك قبل بدء الإنتخابات ولكنهم بدلوا النغمة بعد الإنتهاء من التصويت. على عكس ذلك، أعرب قادة إئتلاف دولة القانون منذ البدء بثقتهم بنزاهة الإنتخابات المفترضة؛ ولكنهم بدلوا موقفهم بعد الإقتراع وبعد ما إدعوه من وجود قرائن قوية تشير إلى حصول تزوير إلكتروني، وهو إعتراض منطقي. قامت تظاهرات في النجف والبصرة ضد التزوير المزعوم وظهرت بوادر عصيان مدني شامل في الوسط والجنوب. فإجتمع، على عجل، السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) مع زعيم إئتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي. يبدو أن التزوير قد توقف عند ذلك الحد (91صوتاً للعراقية/89 صوتاً لدولة القانون) مقابل إيقاف التظاهرات. قدم إئتلاف دولة القانون طعناً لم تستجب له المحكمة (بضغط من الأمريكيين حسب تقديري) إذ أراد إعادة الفرز يدوياً وليس إلكترونياً حيث يقع التزوير. 
قُبلت النتائج والجميع فرحون على الوجه التالي: الأمريكيون والأمم المتحدة وإئتلاف العراقية (والسعوديون من بَعيد) فرحوا لأن النتائج كانت ستجعل رئيس الجمهورية يكلف أياد علاوي لتشكيل الوزارة حسب المادة 76 من الدستور . وسيقوم السيد السفير بإقناع (وفي الحقيقة ترهيب) الأكراد لدعم علاوي خاصة وأن نظرية وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) التي أشاعتها في المنطقة (نقلاً عن صحيفة نرويجية نشرت صوت العراق تقريرها بالخصوص) هي أن الشيعة قد تمزقوا بلا رجعة (بنظري كان هذا صحيحاً لو التدخل الإيراني وضغطه على الصدريين والمجلس الأعلى لا حباً بالمالكي وحزبه وإئتلافه المستقل العنيد ولكن خوفاً من علاوي) وبذلك كان علاوي سيحصل على الأغلبية البرلمانية لتشكيل الحكومة إلى آخر المسلسل المأساوي المتوقع.
إئتلاف دولة القانون: كان فرحاً أيضا ولو على مضض لخسارته ما يقرب من (19) مقعداً حسب تقديراته. مع هذا بقي فرحاً لأنه حصل قبل بدأ الإنتخابات على توضيح من المحكمة الإتحادية في أحقية التكليف بتشكيل الحكومة: الفائز الأول في الإنتخابات أم التكتل الذي يلتئم بعد ظهور النتائج الإنتخابية. جاء الجواب بتكليف الكتلة الأكثر عدداً حتى إذا شُكلت بعد الإنتخابات؛ وهي كتلة التحالف الوطني.
التحالف الكردستاني: فرح لأنه تخلص من الإحراج الأمريكي أولاً، ولأنه مع التحالف الوطني وضد إئتلاف العراقية بحكم الستراتيجية رغم المجاملات وتبويس اللحى فكلها تكتيكية، ثانياً.



67
متى يستقيم وضعنا، يا مثقفون ؟
محمد ضياء عيسى العقابي
أعتقد أن من أهم أسباب إطالة أمد الأزمة العراقية هي إستطاعة المخطئ والمعرقل (عن قصد أو غير قصد) والمخرب على الصعيد السياسي من الإفلات من طائلة التشخيص والكشف والتعرية والإدانة المعنوية أمام المجتمع العراقي وغير العراقي؛ والمسؤولية تقع على الكتاب العراقيين.
أُلقي اللوم على الكتاب قبل الحكومة بسبب أنهم أكثر حرية من الحكومة التي عليها أن تراعي وتداري مَنْ دخل العملية السياسية (وهم الطغمويون(1) تحديداً) وبنيَّتِهم، كما أشارت جلُّ تصرفاتهم وسلوكياتهم، الركونُ إلى الإبتزاز: فأما الحرية المشروعة وغير المشروعة وأما الإنسحاب من العملية السياسية والمقاطعة (لاعوب لو خاروب).
لا يستطيع الكاتب إثبات الجرم على المجرم والإرهابي لأن ذلك يتطلب إبراز الأدلة الجنائية الملموسة التي يجب أن تقنع القضاء. ولكن الكاتب يستطيع أن يبرز الدليل الظرفي أو القرائن لتشخيص السياسي المخطئ أو المعرقل أو المخرب.
عندما يحصل فعلٌ سيء أو إجرامي فكل ما نحصل عليه هو إدانة عامة لا لون لها ولا رائحة ولا طعم في معظم الأحيان بسبب غياب تشخيص تحليلي إعلامي: للفاعل، للمحرض المحتمل، الهدف، تكتيك الإعداد والتخفي والتستر والدعم المتنوع المقدم من الغير ودوافعه المحتملة وخلفياته، وغيرها وغيرها من الأمور الهامة.
أرى أن هذا السلوك قد لازم كتاب المقالات السياسية منذ سقوط النظام البعثي الطغموي . أعني بهذا السلوك هو توزيع الذنب على الجميع عبر إستخدام إصطلاحات ضبابية مشوِشة تخلط العامي بالشامي والحابل بالنابل يفهمها الجميع من كل الأطراف على أنها دعم لهم. "المذنب" الوحيد الذي أشاروا إليه بصريح العبارة، بحق وبدون حق، هو الحكومة والقوات الأمنية فقط؛ ربما لأنهما لا يؤذيان(2). أما ماعدى ذلك فنسمع عبارات الخلط والتشويش: الطبقة السياسية، الطبقة الحاكمة، الأحزاب المتنفذة، الفاسدين، المتنافسين على الكراسي، المتلهفين للسلطة، الطائفيين، المتصارعين إلى آخر القائمة.
أما خلط المواضيع على الصعيد الفكري فحدث ولا حرج؛ وقد يكون عدم الوضوح أو التكتكة النفعية للجماعة أو الحزب أو الخوف من عقاب الطغمويين وشركائهم الإرهابيين أو الخوف من الأمريكيين هي الأسباب التي تكمن وراء ذلك.
إن هذا الإحجام عن توخي التحديد والتشخيص يتناقض تماماً مع جذرية التغييرات التي جرت في العراق. (المفارقة هي أن من قام بالتغيير الثوري، الذي لم يكن يحلم به أي يساري مهما بلغت ثوريته وتطرفه، هم المحافظون الجدد القريبون من غلاة اليمين المتطرف. أما المترددون في قول الحقيقة وتشخيص المذنب فهم جمهرة من كتاب المقالات السياسية القريبين من اليسار عموماً.)   
من هذا، فإذا حصلت أزمة ما أو هزة سياسية فنجد أن غياب التشخيص هو سيد الموقف فيُصار إلى طمس الموضوع الحقيقي والإنجرار وراء ذيوله أو تحريفه.
رأيناهم، مثلاً، تركوا جوهر الموضوع وهو تصورات إئتلاف العراقية ل"المجلس الوطني للسياسات العليا" المتفق عليه من حيث المبدأ في أربيل، وتركوا إعتراض إئتلاف دولة القانون على تلك التصورات من منطلق مخالفتها للدستور؛ ووجَّهوا الأنظار نحو الشخصنة والتسخيف: "صراع المالكي وعلاوي" و "القضية هي إختلاف بين شخصين" و "عركة على الكراسي"و "عركة على تقاسم الكيكة" وهكذا.
لا أريد أن أتطرق إلى ذلك البعض الذي حاول نشر الوهم والتزييف، وعياً أو جهلاً، بالتساؤل: إذا كان المجلس غير دستوري فلماذا وقع عليه المالكي؟ (بالطبع إن المجلس دستوري من حيث المبدأ، لكن ما أراده السيد علاوي وإئتلافه من نظام لهذا المجلس، هو الذي يخالف الدستور لأنه ببساطة يضع الرئاسات الثلاثة زائداً رئيس مجلس القضاء في جيب السيد أياد.)
كما أخفقوا في أن يكونوا حَكَماً عادلاً وموضوعياً في الجدل الذي نشب بين الرجلين فوضعوهما على صعيد واحد بإستخدام مصطلحات من قبيل "التجاذب الكلامي" و"التراشق الإعلامي" و "العراك" وغيرها من المصطلحات المضلِلة متناسين أن أحدهما (وهو السيد أياد علاوي) خرج على قواعد السلوك السياسي عندما إتهم خصمه وهو رئيس وزراء العراق المنتخب (أضع ألف خط تحت كلمة "المنتخب") بالعمالة لدولة أجنبية (دون دليل)، ما دفع المالكي إلى التصريح بأن السيد علاوي ما عاد شريكاً مقبولاً في العملية السياسية، وهو تصريح يلتزم القواعد السياسية بغض النظر عن صرامة أو رخاوة الموقف السياسي الذي إنطوى عليه.
 يعود السيد أياد ويخرج على السلوك الأخلاقي، هذه المرة، ليصرح بأنه "لا يشتري كلام المالكي بفلسين"، وهو كلام بلطجية يذكِّرنا بالأيام التي تلت إنقلاب 8 شباط / 1963 الأسود والدور الذي لعبه الدكتور أياد في الحرس القومي المجرم وفي كلية الطب.
وفي هذه الأيام لم أجد مَنْ طالب مجلس النواب بإدانة الحزب الإسلامي الذي مُسكَ متلبساً بجريمة إيواء إرهابيين كانوا يحوِّرون صواريخ إلى عبوات ناسفة أفلحوا في تحوير واحد وإنفجر الثاني ففضح الجريمة. لم يكتفِ الحزب الإسلامي بجرمه هذا بل راح الدكتور سليم الجبوري، المتحدث بإسمه ورئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، يكذِّب الخبر، ما دعى اللواء قاسم عطا، المتحدث الرسمي بإسم قوات حفظ النظام، إلى دعوة من يرغب من النواب إلى زيارة الموقع وهو في الطابق الثاني من البناية الكائنة في منطقة العامرية. ثم عاد عضو المكتب السياسي للحزب السيد مطشر السامرائي فإتهم اللواء عطا بالتعمد في إثارة الرأي العام ضد الحزب الإسلامي. كان بودي أن أسمع التعليق الذي صدر من اللواء عطا رداً على إتهام السيد مطشر له من عدد غفير من كتابنا المحترمين ولكنني أشك أن أحداً تناول هذا الموضوع لأنه يخلو من مساحة لشتم الحكومة والمالكي. كان رد اللواء قاسم عطا بليغاً إذ قال: ليس لدينا عداء شخصي مع الحزب الإسلامي، لكن الحزب يخشى من مواجهة الرأي العام. في الحقيقة هذا تعقيب ذي مسحة سياسية كنتُ أتمنى أن يتولاه سياسي برلماني أو كتاب المقالات بدلاً من العسكري اللواء قاسم عطا لأننا نريد قوات مسلحة مهنية لا تُجرُّ إلى السياسة عنوةً.
من جانبي كمواطن عراقي، أرجو من الحزب الإسلامي ألا يكرر مثل هذه الأفعال المضرة بمصلحة البلاد والتي تنزل قوانين الدنيا بمقترفيها أشد العقاب، وإن كررها الحزب فسأدعو إلى تجريمه بموجب المادة (4 إرهاب) التي طالما طالب الدكتور سليم بإلغائها. 

وأخيراَ أنتقل إلى حادث إنفجار سيارة مفخخة في مرأب السيارات التابع لمجلس النواب قبل أيام. قرأتُ مقالات وسمعتُ تعقيبات كلها إبتعدت عن جوهر المشكلة. فسواءاً كان المستهدف هو المالكي أو النجيفي أو النواب فهي كارثة في هذا الوقت بالذات، إذ لم يتبقَ سوى (10) عشرة آلاف جندي أمريكي سيغادرون قبل 1/1/2012 ويتم الإنفجار داخل حدود مجلس النواب وفي المنطقة الخضراء وفي سيارة تحمل رخصة الدخول ويتم تصنيع العبوة في المنطقة الخضراء نفسها. هل هناك من علاقة بين هذا التفجير وبين الإنفجار في أحد مقرات الحزب الإسلامي في العامرية الذي أشرتُ إليه قبل قليل؟
هل هناك من تخطيط أوسع إذا كان المستهدف هو رئيس الوزراء؟ هل كان الإغتيال هو ساعة الصفر (كما كان إغتيال الشهيد جلال الآوقاتي ساعة صفر إنطلاق إنقلاب 8 شباط/ 1963 الأسود)؟ هل يرافق الإغتيال تجمع متفق عليه من قبل عناصر طغموية تكفيرية في مكان ما في بغداد ليبدءوا حرائق وتفجيرات عشوائية إلى آخر المسلسل الذي سبق أن شرحته أكثر من مرة وهو سيناريو 25/2/2011؟
وإذا كان المستهدف هو رئيس مجلس النواب، أليس قتله كيدياً يقصد منه ضرب عصفورين بحجر؟ عصفور رقم (1): يُتهم بقتله المالكي وإئتلاف دولة القانون لتنشب فتنة طائفية إلى آخر المسلسل. عصفور رقم (2): يتم التخلص من شخصية ذذكرت بعض التقارير الصحفية نيته الطلاق من السيد أياد علاوي وطرح نفسه زعيماً للسنة العرب وتنفيذ إرادتهم في خلق جو سياسي صحي للعراق يتم في ظله إستكمال المسيرة الديمقراطية وتجسيد الوطنية والأخاء والمحبة.
من الناحية الثانية: إذا كنتُ أعير أهمية وأمنح المصداقية لما طرحه رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة من أن نتائج التحقيق هي أولية ، ولما طرحه المتحدث الرسمي بإسم عمليات حفظ النظام لأنهما مسؤولان وإطلعا بالضرورة على تقارير التحقيق بأنواعها سواءاً كانت أولية أو نهائية، فما هي المصداقية التي يحملها النائب السيد أكرم العبيدي، المتحدث الرسمي بإسم رئيس مجلس النواب، الذي أكد أن المستهدف هو السيد رئيس مجلس النواب، وقد أطلق هذا التصريح حتى قبل إجراء أي نوع من المعاينة أو التحقيق؟
كذلك كان تصريح السيد النائب محمود عثمان، من أن نتائج تحقيق عمليات بغداد ليست صحيحة وأن التفجير إستهدف كل النواب، يدعو إلى الإستغراب.
كان رأي عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب سردار عبد الله ناضجاً عندما دعى إلى إنتظار نتائج التحقيق الرسمي النهائية.     
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.

(2): أعتقد أن عدداً من كتاب المقالات سوف لا يستسيغون فكرة أن الحكومة والأجهزة الأمنية لا يُخاف من أذاهما، مستندين إلى أحداث مأساوية وقعت لأفراد وجماعات وقد عبّر عنها السيد طارق الهاشمي غمزاً "بالإستهداف السياسي" (الحرة – عراق بتأريخ 4/12/2011). في الوقت الذي إعتذرت فيه الحكومة عن إنتهاكات حقيقية وقعت لأبرياء يوم 25/2/2011 (ولا يمتد الإعتذار لمن أراد تنفيذ مخطط دموي أراد الطغمويون والتكفيريون تننفيذه بالتعاون مع جهات أجنبية)، فإني أعتقد أن عدداً من الأعمال الإجرامية والأفعال التخريبية والفساد هي أعمال كيدية يُنتخب توقيتها بعناية لصبغ المشهد بلون الإدانة المتسرعة أو الشك بالحكومة أو إطالة أمد الأزمة. أذكر على سبيل المثل لا الحصر: إغتيال الشهيد مجبل الشيخ عيسى وقد طالب رفيقه السيد صالح المطلك في حينه بتشكيل محكمة دولية على غرار المحكمة التي كانت تحقق بإغتيال رفيق الحريري، محاولة إغتيال الإعلامي عماد العبادي، إغتيال الشهيد كامل شياع، هجوم ثلة عسكرية على مقر إتحاد كرة القدم يوم كان الجدال محتدماً مع الفيفا عن زعم تدخل الحكومة العراقية في الشأن الرياضي بتحريض من السيد حسين سعيد، إغتيال الإعلامي الشهيد هادي المهدي، حصول إنفجار قرب نقطة تفتيش للجيش العراقي عند إقتراب محافظ الأنبار من الموقع وإتهم المحافظ  التيار الصدري ثم تراجع، إنفجار سيارة مفخخة قرب دار أمير عشائر الدليم الشيخ علي حاتم سليمان في بغداد يوم توترت علاقته بالحكومة بسبب إلقاء القبض على عدد من البعثيين في الرمادي وإرسالهم إلى بغداد للتحقيق، إرسال صناديق يفترض أن تحتوي على أجهزة ومعدات لمشروع كهرباء في الناصرية وإذا بمحتوياته عبارة عن لعب أطفال، تعاقد شركتين أجنبيتين مع وزارة الكهرباء إحداهما مفلسة والأخرى لا وجود لها، إنفجار سيارة في مرأب سيارات مجلس النواب قبل أسبوع فأياُ كان المستهدف فهو جزء من عملية كيدية.  هناك كيد على نطاق واسع جداً وهو أقرب إلى التآمر منه إلى الكيد، مثل عرقلة التعداد السكاني عمداً فتعرقلت نتيجتها مسألة إصدار قانون الإنتخابات بسبب غياب الأرقام الرسمية الدقيقة لنفوس المحافظات حتى أوشكت العملية الإنتخابية أن تصبح في مهب الريح، حتى أن إحدى أمهات الصحف الأمريكية ذكرت أن السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) طَرَدَ بنفسه عشرَ نواب عراقيين كانوا جالسين في مقهى مجلس النواب لعرقلة إكتمال نصابه وقال لهم: "إدخلوا المجلس لأداء واجبكم" . كما تأخرت الميزانية التقديرية لعام 2011 بسبب غياب المعلومات الإحصائية وإحتدام الجدل حول فقراتها. ومن المبررات التي تذرع بها محافظ صلاح الدين لطلب تحويل المحافظة إلى إقليم في ظروف تدعو إلى الشك رغم دستورية الطلب هو التخصيصات المالية نسبة إلى السكان التي لا توجد إحصاءات دقيقة لها بسبب عدم إجراء التعداد السكاني الذي عرقله البعض وعاد ورمى بمسؤوليته على الحكومة والمالكي بالذات حتى إنكشفت الحقيقة مؤخراً.   

   


68
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم5/8
محمد ضياء عيسى العقابي
الأهداف والسيناريوهات:
لدي قناعة بأن السعودية وقطر نفذتا طلباً أمريكياً وأوربياً بإصدار ذلك القرار من الجامعة العربية، كلٌ لأهدافه الخاصة التي أدرجها فيما يلي، علماً أن روسيا إنتقدت قرار الجامعة الصادر يوم الأربعاء 16/11/2011 وعبرت الصين عن قلقها:
أولاً: المشروع الأمريكي الأوربي:
دأبت أمريكا وأوربا على صياغة النظام العالمي الجديد بعد توقف الحرب الباردة وتفكك الإتحاد السوفييتي والمعسكر الإشتراكي، وفق منظور العولمة الرأسمالي مع مواصلة دعم إسرائيل بما يحقق لها السيادة والتفوق في جميع المجالات على العالم العربي مجتمعاً وخاصة في المجال العسكري ل"ضبط" أوضاع المنطقة على طول الخط. ومن بين مفردات المشروع الغربي حلُّ مشكلة الشرق الأوسط أي القضية الفلسطينية بما "يرضي جميع الأطراف".
 بناءاً على هذا المنظور للنظام العالمي الجديد شَخِّصت أمريكا وحليفاتها آخرَ العثرات التي تقف في طريق تحقيق هذا الهدف، وكانت: كوريا الشمالية ذات السلاح النووي وإيران الطامحة إفتراضاً لإمتلاك السلاح النووي والداعمة لخط الممانعة العربية، وحركتا حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتان وحزب الله اللبناني وكلها لا تعترف بإسرائيل، وسوريا الداعمة سياسياً لهذه المنظمات العربية وحلقة الوصل بينها وبين إيران الغنية بالبترول والقادرة على تجهيزها بالسلاح؛ إضافة إلى ليبيا القذافي وبعض دول أمريكا اللاتينية والكاريبي.
إحتلت كوريا الشمالية وبعض دول أمريكا اللاتينية وليبيا المقامَ الثاني بعد المجموعة الأولى أي إيران وسوريا وحلفائهما.
لهذا السبب حوصرت حكومة حماس المنتخبة في إنتخابات حرة ديمقراطية وتمت الإطاحة بها. ربما يُبرَّرُ هذا الإجراء من منطلق أن عملية السلام تفوق أهميةً رأيَ الشعب الفلسطيني. وهذا بنظري أمر غير منطقي ويضع مصداقية المشروع الغربي موضع الشك.
ومن هنا جاء موضوع المحكمة الدولية بشأن إغتيال الرئيس رفيق الحريري، رئيس وزراء لبنان الأسبق، ورفاقه وهو معروف بميوله السعودية والغربية. من متابعاتي، ورغم إختلافي مع ستراتيجية حماس وحزب الله وسوريا وإيران، لكنني أعتقد أن المحكمة الدولية مسيسة ويراد منها إلصاق تهمة الإغتيال بحزب الله لإنهاءه.
ومن هنا، أيضاً، جاء الموقف من الثورة الشعبية السورية إذ وجد الغرب فيها فرصةً نادرة يمكن التسلل إليها لنيل رضى قادتها بالتدخل العسكري بمساعدة الأعوان في المنطقة لتصفية الحساب مع هذه العقبة الكأداء المتمثلة بالشعب السوري وجيشه أولاً ونظامه ثانياً. بتقديري، إن السيناريو الذي تريده أمريكا وأوربا مشابه للسيناريو الليبي وأشد، إذ سيرتكز على أساس توجيه ضربات موجعة ومدمرة لقواعد وثكنات ومخازن الآليات والسلاح والعتاد بأنواعد الثقيل والمتوسط والخفيف ومرابض الصواريخ والمدافع والرادارات والقواعد الجوية وطائرات الجيش السوري، على أن يتم إنجاز المهمة خلال فترة وجيزة جداً لتحاشي الإحتجاجات خاصةً إذا كُشفت مصادر الإنطلاق والأهداف. سوف لا يكون هناك رصداَ جوياً في المنطقة للطائرات والصواريخ المهاجمة، لذا فسوف يصعب تحديد قواعد الإنطلاق ومصادر النيران. عليه، فإلى جانب القواعد المعروفة في قطر وتركيا والبحرين والإمارات وقبرص والبحر الأبيض، قد تشترك كل من إسرائيل وتركيا خفيةً في هذا الجهد سواءاً بالهجوم أو بتوفير القواعد.
أعتقد أن الغرب لا يريد حرباً أهلية في سوريا، لأن الحرب ستعطي ذريعة للنظام السوري لزج كامل قواه العسكرية دون تردد أو توجس من ردود أفعال مستنداً إلى شرعية القتال في إطار حرب أهلية ومتبجحاً بصحة أطروحته، وسيكون النظام هو الأقوى. والأهم أن التدمير للقوات العسكرية السورية في إطار حرب أهلية سوف لا يكون بمستوى الطموح. بينما تفضل القوى الغربية السيناريو الليبي المشدد الذي تستطيع عبره إلحاق الدمار الشامل بالجيش السوري كما أسلفت قبل قليل. من هذا، ولقطع الطريق أمام إزدياد نفوذ الإسلاميين المتطرفين، عارضت وحذرت وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلنتون وكذلك وزيرا خارجية فرنسا وتركيا من مغبة قيام حرب أهلية في سوريا.
يلوح في الأفق شبحُ مشروع سعودي لما بعد الإنسحاب العسكري الأمريكي من العراق. هدف المشروع إثارة صراع سني – شيعي على مستوى منطقة الشرق الأوسط وربما العالم. يرتكز هذا المشروع على عدة محاور منها "تحرير" سوريا على الطريقة السعودية وإنفصال غرب العراق والموصل ليشكلا مع سوريا دولة جديدة قد تسمى "إتحاد المشرق العربي". أعتقد أن المطالبة بتشكيل أقاليم لهذه المحافظات والطريقة الفجة التي طرحت بها، قد تشير إلى وجود هكذا نية.
آمل ألا تكون أمريكا قد خططت قبلاً، أو يتم توريطها وإغرائها من قبل السعودية والطغمويين على تمرير هذا المشروع مقابل اقتطاع محافظة ديالى، المحاذية للحدود الإيرانية، من العراق وضمها إلى الدولة الجديدة لتوفر قاعدة ستراتيجية في حالة التصادم مع إيران حول موضوع السلاح النووي المتهمة به. ما يثير القلق حيال ديالى هو النشاط الإرهابي المحموم الذي ضربها، والتهجير المكثف للسكان الشيعة، عرباً وأكراداً، منها والتحرش والقتل المستمرين لهتين الشريحتين فيها؛ علاوة على إجراءات أمنية غير منطقية إتخذتها القوات الأمريكية عام 2007 من بينها إقالة مدير أمن المحافظة وسط تذمر مسؤولي وزارة الداخلية العراقية لكفاءة ذلك الضابط وتحسن الوضع الأمني تحت قيادته، وقد كتبتُ مقالاً حول الموضوع في حينه نشرته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية عام2007. قد تثير هذه الإجراءات، إضافة إلى التعمد في عرقلة تطبيق المادة 140 من الدستور، بشأن المناطق المختلف عليها، الشكَ بأن جهوداً إستثنائية منسقة كانت تبذل من أجل تغيير ديموغرافيا هذه المحافظة وتحويل هويتها وإعتبارها من ضمن المحافظات الغربية لا لغرض إلا لهذا الهدف العسكري.
موقع العراق في المشروع الغربي:
يدخل العراق الجديد الديمقراطي في إطار الستراتيجية الغربية وقائدتها الولايات المتحدة، لا كدولة من دول محور الشر كما كان يصنَّف سابقاً، بل يُراد له أن يكون عاملاً مساعداً في دعم وإنجاح الستراتيجية الغربية حتى ولو بالإكراه وبقدر من التآمر. يبدو لي أن المطلوب من العراق أن يساهم في منع إيران من حيازة السلاح النووي وصولاً إلى ضرب المنشآت النووية وعزل السياسة الإيرانية الرامية إلى تأجيج الممانعة للتطبيع مع إسرائيل في المنطقة.
يبدو، أيضاً، أن ألأمريكيين (وقد أقنعوا، بدورهم، الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيد أد ميلكرت- كما أعتقد) يبررون طلبهم هذا بالإستناد إلى قناعاتهم التالية: أولاً : إن المشروع الأمريكي الغربي يسعى إلى خير العالم وبناء نظام عالمي يقوم على مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والسلام، وإن الواجب الأخلاقي يفرض على دول العالم المساهمة في إنجاحه. ثانياً: إن أمريكا وحلفائها قد ضحوا بأرواح أبنائهم وأموالهم من أجل تحرير العراق من النظام الفاشي، وساعدوا العراقيين على بناء مجتمع ديمقراطي واعد، رغم أن أمريكا أسقطت نظام صدام حسين  بالإستناد إلى حجة حيازته أسلحة دمار شامل وليس من منطلق تحرير العراقيين. لذا فقد وجدت أمريكا أنه من اللائق أن تناشد العراق للعب دوره في ضمان سلام العالم.
سأتوسع قليلاً في هذا الموضوع نظراً لأهميته خاصة بالنسبة للثوار السوريين ليقفوا على حقائق ما حصل في العراق قبل إتخاذ أي قرار بشأن طلب المعونة الأجنبية.
تحسس الأمريكيون منذ الأيام الأولى لسقوط النظام البعثي الطغموي أنهم سيلاقون معارضة لهذا التوجه من قبل أغلبية الشعب العراقي. لذا حاولوا دفع الإنتخابات إلى ما بعد عدة سنين (لصهر الشعب العراقي وإعادة سبكه  في قوالبهم الخاصة) بحجة أن الإنتخابات المبكرة ستنتج حكومة بعثية أو دينية، حسب تصريح السيد بول بريمر الحاكم المدني. في الحقيقة، كان السيد بريمر يقصد الثانية لأن البعثيين كانوا ومازالوا موضع كره وإحتقار شديدين لدى الشعب العراقي. حتى الحكومة الدينية طرحها السيد بريمر للتخويف وشق الصفوف لأن ما من أحد كان وما يزال يحبذ ذلك.
خرجت مظاهرة في البصرة قوامها (150) ألف مواطن تأييداً للسيد علي السيستاني المرجع الديني الأعلى لشيعة العالم وكانت مظاهرات أخرى على وشك الخروج في بغداد والنجف لولا مناشدة المرجعيات في النجف بالكف عن ذلك إلا عند اللزوم. بعد ذلك لم يعد السيد بريمر يصرح بمثل ذلك التصريح. عندئذ أدرك الأمريكيون أن تقديراتهم لنفوذ المرجعية الدينية في النجف وإلتفاف الجماهير حولها كان قاصراً، إذ إفترضوا بأن إضطهاد صدام الطغموي لم يُبقِ أية جهة في العراق ذات شأن ويحسب لها حساب سياسي ما يتيحُ لهم المجالَ، أي للأمريكيين، لإعادة تشكيلهم كما يشكلون العجينة. غير أن العكس هو الذي حصل إذ أن سياسة التطهير الطائفي للشيعة والعرقي للأكراد والآخرين قد أقنعت وأرغمت الجماهير على الإلتفاف حول مرجعياتها الدينية والقومية للحفاظ على هوياتها الفرعية من سياسة حزب البعث الطغموي الذي أراد خلقَ مجتمع ذي قومية واحدة ودين واحد ومذهب واحد وفكر واحد ولو بالإكراه والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والطائفي.
وهذا ما إعترفت به، بين السطور، الدكتورة كونداليزا رايس، مستشارة الأمن القومي ثم وزيرة الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الإبن، في مذكراتها التي نشرتها مؤخراً. لقد إنتقدت في المذكرات "ضعف العمل الإستخباري الأمريكي"(9) وإجراءات أخرى، وهذا يعني، كما أعتقد، الإخفاقَ في تشخيص سعة نفوذ المرجعية الدينية في النجف. كتبت الدكتورة بأن قرار حل الجيش العراقي قد إتُخذ في بغداد دون علم البيت الأبيض. هذا دليل، من وجهة نظري، على أن الإفتراض كان قائماً في البنتاغون والبيت الأبيض بأن العراقيين بلغوا حداً من التفكك والضياع على يد البعث "الصامد" بحيث يسهل صهرهم وإعادة سبكهم في قوالب أمريكية خالصة، عليه أصبح مسموحاً للسيد بول بريمر إتخاذُ أي قرار من شأنه هدم القديم. لذا هدم الدولة وأبقى التيار الكهربائي معطلاً لحد الآن وهما عمليتان إنصهاريتان. وأسفت الدكتورة، بشكل ما، على حل الجيش العراقي السابق الذي أدركتْ أنه كان سينفع سياسةَ بلادها لو بقي على قيد الحياة بعد إكتشاف القوة التي تتمتع بها المرجعية. إن أمريكا الديمقراطية التي جاءت لمساعدة العراقيين، وهي في حالة خصام مع حلفائها الأوربيين، لم يكن بمقدورها مواجهة عصيان مدني سلمي تدعو له المرجعية ومن المرجح أن يستجيب له أكثر من عشرة ملايين مواطن عراقي. وهنا يكمن سر لوم الجهاز الإستخباراتي الأمريكي؛ إذ كان عليه التنبيه إلى وجود هذه القوة، التي تفاجئوا بها، ليتغير تكتيكهم بما يحقق لهم أهدافهم، كعدم حل الجيش مثلاً لأنه قوة عراقية طغموية مدربة على القمع والإقصاء وسيكون بالإمكان إستخدامها دون حرج. حاول الألأمريكيون إستعادة بعض ذلك الجيش تحت يافطة "المصالحة" تارة، وتحت يافطة "قوات الصحوة" تارة أخرى، ولكن ذلك لم يجدِ نفعاً بكثير.
 
إنتزع السيد علي السيستاني موافقة الأمم المتحدة ممثَلةً بالدكتور الأخضر الإبراهيمي على أن خير وسيلة للتعبير عن رأي الشعب العراقي هي صناديق الإقتراع، وإنتزع الموافقة على كتابة الدستور من قبل عراقيين منتَخَبين وقد أيده الشهيد ديمللو، ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، بحرارة حسب إفادة مساعده الوزير اللبناني السابق الدكتور غسان سلامة. كما فرض السيد علي السيستاني موعد الإنتخابات للمجلس التأسيسي الذي كتب الدستور، حسب قول السيدين هنري كيسنجر وجورج شولتز وزيري خارجية أمريكا الأسبقين في مقال مشترك لهما.
جرت الإنتخابات وكُتب الدستور وتم إستفتاء الشعب عليه وتمت إنتخابات جديدة بموجبه. تم كل ذلك خلال عام 2005.
في تموز من عام 2004 تشكلت حكومة إنتقالية أعقبت مجلس الحكم. "تَوَّجَتْ" أمريكا والنظام العربي والأمم المتحدة – توجت السيد أياد علاوي رئيساً للوزراء. أعتقد أنهم برّزوه ظناً منهم بأن الشعب العراقي سينتخبه حسب قاعدة "الناس على دين ملوكهم". وإذا به وبهم يفشلون فشلاً ذريعاً في إنتخابات كانون الثاني عام 2005 وكذلك في إنتخابات كانون الأول عام 2005 وفي إنتخابات 7/3/2010 وفاز الإئتلاف الوطني الموحد ومن ثم التحالف الوطني رغم كل المعوقات ضدهما(10) .
أعلن رئيس الوزراء الدكتور إبراهيم الجعفري ومن بعده السيد نوري المالكي بأن سياسة العراق الخارجية تستند إلى نبذ سياسة المحاور ومد يد الصداقة لكل من لا يريد الأذى للعراق لأن العراق عانى ما عانى من سياسات المحاور والحروب والإعتداء على الغير. لم تَرُقْ تلك السياسة للأمريكيين، وكان ما كان.
 بسبب ذلك الموقف، لم ينفك الأمريكيون عن محاولة فك التحالف الديمقراطي بين العرب والأكراد والمكونات الديمقراطية الأخرى وتشتيت قوى وجماهير الإئتلاف العراقي الموحد ومن ثم التحالف الوطني بشتى الطرق التي لا تُعد ولا تحصى نوعاً وكماً. لقد ساعدهم في مسعاهم هذا الطغمويون والتكفيريون الذين فقدوا السلطة ويريدون إسترجاعها بأية وسيلة كانت بضمنها المساهمة والإنتفاع بصيغة أو أخرى من الإرهاب الأسود الذي ضرب العراق. ولما نجحت الحكومة العراقية في قصم ظهر الإرهاب تفرغت إلى فرض إتفاقية 2008 التي حددت نهاية عام 2011 كآخر موعد لإنسحاب القوات الأمريكية من العراق. قبيل إنتخابات عام 2010 إشتدت المناورات لمساعدة السيد أياد علاوي والطغمويين من رفاقه على تشكيل الوزارة من أجل إفتعال حرب مع إيران لتتسلل تحت جناحها أمريكا وإسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية لأن ضربها من الجو أو بواسطة الصواريخ بعيدة المدى غير مجديين ولا يثنيان إيران عن عزمها على إمتلاك السلاح النووي،وذلك حسب تقديرات خبراء وزارة الدفاع الأمريكية التي حذرت إسرائيل من مغبة المضي في هذا الإتجاه.
بناءاً على هذا حصلت أخطر محاولتين لإستلاب السلطة من الشعب بجعل الديمقراطية مشوهة: الأولى محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 غير أن الجماهير قد أجهضتها وقلصت مفعولها، ونُقل على أثرها، كما أعتقد، السفيرُ الأمريكي في بغداد السيد كريستوفر هيل ومندوب الأمم المتحدة السيد أد ميلكرت. الثانية محاولة 25/2/2011 التي أريد منها إفتعال حرائق ومذابح مخططة مسبقاً لتتدخل القوات الأمريكية وتطيح بحكومة المالكي وتشكل حكومة "إنقاذ وطني" أو "حكومة طوارئ" – سمِّها ما شئت والمهم أن السيد أياد علاوي أو شيعي آخر على طرازه يصبح رئيساً للوزراء ويبدأ مسلسل حرق العراقيين ثانية في حرب مع إيران ولكن تحت يافطة إنتخابات يجري تزويرها.
كادت الجماهير أن تنزلق إلى هذه الهاوية السحيقة(11) لولا  التدخل الإستثنائي العاجل للسادة علي السيستاني وجلال الطالباني ونوري المالكي ومقتدى الصدر الذين حذروها مما كان مبيتاً فتنبهت وأحبطت المؤامرة التي قيل إنها طبخت في إجتماع عقد في لندن حضره السعوديون والأمريكيون والبريطانيون وأياد علاوي(12).
يفصلنا الآن أقل من خمس أسابيع عن موعد إنسحاب آخر جندي أمريكي من العراق بموجب إتفاقية عام 2008. وفي الوقت الذي يتوجب توجيه أحر التحيات والشكر لأمريكا على حسن صنيعها، بغض النظر عن دوافعه، وذلك بإطاحة النظام البعثي الطغموي المجرم، بل إطاحة النظام الطغموي الجائر برمته الذي ما كان قادراً على إطاحته إلا الله أو أمريكا، وتوجيه الشكر للمساعدة في إقامة نظام ديمقراطي لم يشهد العراق مثيلاً له منذ العهد السومري، مع هذا أعتقد أن مشاكل العراق الإستثنائية لم تنتهِ بعد. وأتوقع أن يزداد الصراع شراسةً لأن صراع الحكومة والعراقيين مع الأمريكيين كان صراع حلفاء وكان صراعاً مع دولة ديمقراطية متحضرة يهمها وتحترم رأي شعبها المتنوع ويهمها الرأي العام العالمي بقدر كبير. أما صراعنا المستقبلي فسيكون  مع نظام همجي هو النظام السعودي وحلفائه وبالأخص المحليين من طغمويين مسكونين بهوى السلطة المفقودة التي أرادوا ويريدون إسترجاعها بأي ثمن ووسيلة كانت، همجيةً أو ذات برقع حضاري، إرهابيةً أو ذات برقع سلمي.
سآتي على تفاصيل المشروع السعودي المحتمل لاحقاً. لكنني آمل ألا تكون التدابير التي قامت بها أمريكا في محافظة ديالى خلال الأعوام التي سبقت عام 2009 تمثل تخطيطاً مسبقاً لما سيجري توقعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8. نشرتُ، في صحيفة صوت العراق الإلكترونية عام 2006، أدلة على إنتهاج النظام البعثي الطغموي سياسة ممنهجة مبرمجة للتطهير العرقي والطائفي وجرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية. وقد نشر آخرون كتباً وموسوعات بهذا الصدد وأهمها ما وثَّقه ونشره الدكتور صاحب الحكيم، رئيس لجنة حقوق الإنسان العراقية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وكتاب "جمهورية الرعب" للمهندس كنعان مكية.
9. الشيء في الشيء يُذكر. فقد وجه عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي اللوم لوكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) بُعَيدَ نجاح ثورة 14 تموز عام 1958 في العراق  لإخفاقها في رصد حركة الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم (الذي ظفروا به في 8 شباط عام 1963 الأسود بإنقلاب دبرته الوكالة بمعية آخرين ونفذه الطغمويون الذين يحاولون لعب نفس الدور اليوم).
10. وهذا رد مفحم على المتحذلقين ومزوري التأريخ والمغرضين الذين يشيعون بأن الأحزاب الحاكمة في العراق تمكنت من الوصول إلى السلطة عن طريق الأمريكيين، وتناسوا جولات الإنتخابات التي زكتها الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي واليابان والهند بكونها ترقى إلى المعايير الدولية. إن الناكرين، من حيث يعون أو لا يعون، يحتقرون الديمقراطية والشعب. صحيحٌ أن العراق ما كان ليحلم بشيء من الديمقراطية التي ينعم بها اليوم لولا الأمريكيون أساساً، وصحيحٌ لولاهم لما سقط النظام الطغموي أبداً، إذ حتى لو سقط صدام وعائلته لبقي النظام طغموياً معادياً للشعب مادامت هناك طبقة طغموية مستفيدة يدعمها جيش وشرطة وأمن وشريحة إعلامية - فكرية ذيلية تبريرية مستفيدة؛ وتشهد المفخخات وكواتم الصوت على شراسة بقاياهم حتى يومنا هذا حيث حصلت بالأمس ثلاث إنفجارات في البصرة واليوم خمس إنفجارات في بغداد. ما كانوا ليسقطوا حتى لو كان هناك مائة ربيع عربي، وقد رأينا ما حل بالبحرين.     
11. أعتقد أن السبب يعود إلى إضطرار الحكومة العراقية إلى التعتيم على خروقات الأمريكيين تحاشياً للإصطدام بهم علناً ومحاولة دفع الأمريكيين لتحقيق علاقات صداقة نزيهة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة والإحترام المتبادل، وهذا ما تم أخيراً. كان بالإمكان تثقيف كوادر حزب الدعوة على نطاق ضيق وحذر بما يجري في شتى المجالات ليقوموا، بدورهم، في توعية الجماهير بالقدر والإسلوب المناسبين.
12. هذه ليست المرة الأولى التي وردت فيها تقارير عن تورط قادة في إئتلاف العراقية للهيمنة على السلطة في العراق بأية وسيلة كانت ضاربين الديمقراطية بعرض الحائط ولو أدى ذلك إلى إراقة الدماء على نطاق واسع. أدرج فيما يلي ثلاث تقارير ظهرت في الصحافة العالمية والمحلية تؤكد صحة إصرار الطغمويين على محاولة إسترجاع السلطة بأية وسيلة كانت:
a.   على هامش مؤتمر بروكسل عام 2005 الذي نظمه الإتحاد الأوربي حول العراق، تقدم الطغمويون السادة: سعد البزاز وعدنان الباجه جي وأيهم السامرائي بمباركة حزب البعث ومحمد سعيد الصحاف والشيخ حارث الضاري- تقدموا بعرض للغربيين تعهدوا فيه بطمأنة مصالحهم النفطية ومحاربة إيران إذا سُلِّموا الحكمَ في العراق.
b.   قدم السيد أياد علاوي، عام 2007، مشروعاً إلى الدكتورة كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية. أوضح السيد أسامة النجيفي ماهية ذلك المشروع، فقال إن مشروع الدكتور أياد دعى إلى إلغاء الدستور وحل مجلس النواب. 
c.   نشرت صحيفة (البيسو) الإسبانية عام 2007 تقريراً حول إجتماع نائب الرئيس العراقي السيد طارق الهاشمي بالرئيس الأمريكي السابق السيد جورج بوش الإبن في واشنطن حيث طلب السيد الهاشمي تسليم الطغمويين السلطة في العراق مقابل أداء خدمات مشابهة لتلك التي يقدمها الحكام العرب الآخرون لأمريكا بضمنها حل قضية الشرق الأوسط (أي القضية الفلسطينية) وفق الهوى الإسرائيلي.



69
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم4/8

محمد ضياء عيسى العقابي

خلاصةً، أعتقد أن تأييد الغرب للثورة السورية ليس نابعاً من منطلق إنساني وحسب بل يتصل أساساً بإزالة أحد المعوقات الرئيسية، المتجسد بالجيش السوري، الذي يقف حجر عثرة في طريق مشروع الغرب الستراتيجي لعالم ما بعد الحرب الباردة والمستند إلى العولمة مع ضمان أمن إسرائيل وبعض مصالحها غير المشروعة.
هنا جاء دور الجامعة العربية التي إعتبرَها الغربُ الوسيلةَ الملائمة لحمل روسيا والصين على تغيير موقفهما والسماح بالتدخل الدولي في سوريا تفادياً لإحراجهما. كما إن روسيا والصين وآخرين وجدوا في الجامعة الوسيلة الملائمة لإجراء مصالحة بين الحكومة السورية والمعارضة على أساس تلبية مطالب الشعب السوري وعلى رأسها الحرية والديمقراطية وبذلك يتم تجنيب سوريا التدخل العسكري الخارجي والمآسي المترتبة عليه. غير أن الجامعة إنتصرت، برأيي، للفريق الأول أي لأمريكا وأوربا فامتدحها؛ وخذلت الفريق الثاني فإنتقدها، كما سنرى.
طرحت الجامعة العربية مبادرة لحل القضية السورية حلاً سلمياً وأمهلت الحكومة السورية مدة محددة للتنفيذ. وفي نهاية تلك المدة إعتبرت الجامعة العربية، على مستوى وزراء الخارجية، بأن الحكومة السورية قد أخفقت في الإيفاء بإلتزاماتها، لذا أصدرت قراراً بتعليق عضوية سوريا في الجامعة إذا لن تستجيب الحكومة في موعد أقصاه الأربعاء 16/11/2011. أيد هذا القرار 18 عضواً وعارضه كل من سوريا ولبنان واليمن وإمتنع العراق عن التصويت. عادت الجامعة يوم الأربعاء وأمهلت الحكومة السورية ثلاثة أيام أخرى وإلا فستجمد عضوية سوريا. ووسط الضغوط أجلت الجامعة العربية إتخاذ قرار تريده قطر والسعودية ومن ورائهما. بتأريخ 24/11/ 2011 صرح السيد هوشيار زيباري وزير خارجية العراق بقبول الحكومة السورية ببروتوكول الجامعة حول إرسال مراقبين عرب للإطلاع على الأوضاع وتقييمها، مع تهديد رئيس وزراء قطر بتحويل الموضوع إلى مجلس الأمن (أي التهديد بالتدخل العسكري الأجنبي).
 لوحظ ما يلي من مواقف الأطراف المتعددة حيال تلك المبادرة:
-   قبول الحكومة السورية للمبادرة من حيث المبدأ ولو أنها لم تنفذها خلال الفترة المحددة،
-   إشترطت المعارضة تنحي بشار الأسد أولاً وقبل إنطلاق أي حوار،
-   ناشدت الولايات المتحدة الثوار السوريين لعدم تسليم أنفسهم أوأسلحتهم إلى السلطات السورية وأطلقت تصريحات لم تساعد على تهدئة الأجواء وحفظ ماء وجه النظام لتسهيل مهمة تراجعه وتقديم التنازلات. وإتهم وزير الخارجية الروسي السيد لابروف الغرب بتأجيج الموقف ومنع المعارضين السوريين من الحوار مع الحكومة (فضائية الحرة في 21/11/2011).
-   كان طرح المبادرة من قبل الجامعة طرحاً إستفزازياً للحكومة السورية لم ينم عن جهد جاد لإقناع وحمل الحكومة والمعارضة على الحوار مع إفهامهما بأن المفاوضات والحوار لا يتمان بين المتصالحين بل يتمان بين المتخاصمين لذا فلا مجال للشروط المسبقة كالمطالبة بتنحي بشار الأسد أولاً. كما لم تبذل الجامعة أي جهد لإقناع المعارضين بقبول المبادرة.  
-   كان موقف الجامعة من ثورتي البحرين واليمن بعدم تحريك ساكن أزائهما وبما يتلائم ورغبة الغرب على عكس تحركها في الوضع الليبي بما يلائم رغبة الغرب، قد أثار شكوك النظام السوري.
-   تسترعي الإنتباه ظاهرتان:
1-   خروج تظاهرات لصالح النظام البعثي الطغموي السوري في أنحاء من سوريا لا يمكن إعتبارها كلها نتاج تدبير قسري وإجبار، وقد أكد هذا الرأي الصحفي جوناثان ستيل في صحيفة الغارديان البريطانية يوم 18/11/2011.
2-   تماسك الجيش السوري وتماسك حزب البعث الحاكم والمسؤولين السياسيين السوريين دون إنشقاقات ذات أهمية لحد الآن؛ وأتوقع أن قرار الجامعة العربية الأخير، الذي قد يشكل بدايةً لفتح الباب أمام التدخل الخارجي، قد يزيدهم إلتحاماً بدلاً من تفككهم .

 هنالك ملاحظات تفرضُ التوقفَ عندها وإمعانَ النظر فيها وهي:
أولاً:  كان على الجامعة العربية منذ البداية أن تدرك بأن الثورة في أي بلد عربي (عدا البحرين لذا قمعت الثورة بالإحتلال الأجنبي) غير قادرة على النجاح دون تدخل خارجي. فهل حسبت الجامعة، التي قادتها قطر ظاهرياً والسعودية باطنياً (وأمريكا حقيقياً)، بأن عدم حمل الطرفين السوريين، أي الحكومة والمعارضة، على التصالح على أساس برنامج ديمقراطي حقيقي، من شأنه أن يفتح الباب واسعاً أمام التدخل الأجنبي المسلح، بل هو دعوة لهذا التدخل؟
ثانياً: أما كان منطقياً أن تطلب الجامعة العربية المراقبة والتحقيق في الوضع السوري قبل تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية؟
ثالثاً: ما الذي جعل قطر (إقرأ السعودية!) تتحول من ممولة لنظام البعث الطغموي العراقي وللإرهاب اللاحق لقتل أبناء الشعب العراقي، إلى حامية للشعب السوري؟ قد يكمن السبب في هبوط ملائكة الإنسانية والرحمة عليهم وتحسُّن السيرة والسلوك. ولكن لماذا لم يمتد ذلك لنجدة أهل البحرين واليمن، بل على العكس إحتلوا الأولى إحتلالاً عسكرياً لصالح نظام طائفي بشع ولصالح القاعدة البحرية الأمريكية هناك، وراوغوا ويراوغون في دعم رئيس اليمن الذي فقد الشرعية، حتى أعلنوا عن توقيع إتفاق يوم 24/11/2011 وفق المبادرة الخليجية التي رفضها الثوار.
رابعاً: ألم تقم التظاهرات في مصر وتونس ضد السعودية وقطر لتدخلهما ضد الثوار لصالح النظامين الساقطين؟ وألم يدعُ المسؤول الليبي السيد مصطفى عبد الجليل قطرَ للكف عن التدخل في الشأن الليبي لصالح جهة ضد جهات أخرى بتأريخ 17/11/2011.  ألا يجعلنا هذا نشك في بواعث تأييد السعودية والخليجيين لحلف الناتو لضرب نظام القذافي؟

 خامساً: لماذا هذا النشاط المفاجئ لقطر والسعودية في الجامعة العربية وإتخاذ قرارات حاسمة تمس الأمن والمستقبل العربيين بالصميم في ظرف تنشغل فيه مصر، ذات الثقل الأكبر والأنضج، بمسائل داخلية؟ والأهم لماذا لم يُعطوا الفرصة الكافية للمبادرة العربية بل إستعجلوا إصدار القرار وكأنهم راهنوا على رفض النظام البعثي السوري الطغموي لها ولكنه فاجئهم بقَبولها؟

سادساً: لماذا خُرقَ ميثاقُ الجامعة العربية في مسألة وجوب إتخاذ أي قرار بهذا الوزن والخطورة بالإجماع وفي إجتماع قمة وليس في إجتماع وزراء خارجية خاصة في أوضاع غير طبيعية كانت فيها مصر، مركز ثقل الجامعة، مشغولة بأمورها الداخلية، وفي مسألة تحريض الجيش السوري على إتخاذ موقف من شأنه أن يقود إلى إقتتال وحرب أهلية وليس إلى صيانة أرواح المدنيين؟

سابعاً: لماذا لم تُدنْ الجامعة العربية (بقيادة قطر - السعودية) الولاياتِ المتحدةَ، أو بالأقل تدعو الشعب السوري إلى عدم الإلتفات إلى ندائها، أمريكا، الموجه لأبناء الشعب السوري لعدم التعاون مع السلطات السورية بعد صدور قرار العفو بناءاً على المبادرة العربية، ذلك القرار الذي مهما كان مخادعاً لكن كان بالإمكان البناء عليه لحفظ ماء وجه النظام من أجل التراجع لا إنقاذاً للنظام بل درءاً لحرب أهلية أو تدخل خارجي مدمر لسوريا وللشعب قبل المسؤولين؟
          
ثامناً: لماذا يضطهد النظام السعودي الشمولي المتخلف الحركات الديمقراطية السعودية المطالبة بالديمقراطية والنظام الملكي الدستوري، ويضطهد الأقليات المذهبية بهدم مساجدهم وإختطاف زعمائهم كما حصل مؤخراً لأحد زعماء الطائفة الإسماعيلية وقتل المتظاهرين يوم 24/11/2011 ولم تحتج قطر والجامعة والخليجيون؟

تاسعاً: لماذا لم تنبس الجامعة العربية وعلى رأسها، لهذه الدورة، دولة قطر (والسعودية) ببنت شفة ضد قرارات حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي المنتهِكة لقرارات الأمم المتحدة بشأن الإستيطان وبناء مساكن جديدة على الأرض الفلسطينية؟ ولماذا لم تعبر قطر، عن إستغرابها أو إدانتها للموقف الأمريكي الذي حضر المبعوث السيد وليام بيرنز إلى القاهرة لإبلاغه للرئيس محمود عباس والذي هدد السلطة الفلسطينية بقطع المعونة المالية عنها في حالة التفاهم مع حماس، كما أشارت التقارير الصحفية.

عقّب وزير الخارجية السوري وليد المعلم على هذا القرار للجامعة العربية الذي إعتبره غير دستوري، بأنه، القرار، قد تمت التهيأة له منذ فترة مع بعض الدول الأجنبية قاصداً الولايات المتحدة وفرنسا. وقد لاحظ السياسي العراقي السيد هاشم الحبوبي، الأمين العام للتجمع الجمهوري، أن تنازل دولة فلسطين عن رئاسة القمة العربية لصالح قطر قد دفعه إلى الشك في وجود نية لتمرير طبخة ما (فضائية الحرة/ برنامج بالعراقي بتأريخ 15/11/2011).

بعد إنطلاق فضائية الجزيرة بقليل، وزهو كادرها أمثال السادة سامي حداد وفيصل القاسم بكونها فضائية لا تهاب أية قوة في العالم، أجرى السيد سامي حداد مقابلة مع وزير خارجية قطر آنذاك ورئيس وزرائها اليوم وبطل الجامعة العربية هذه الأيام الشيخ حمد بن جاسم. بُهتَ المسكين سامي حداد لسماعه الشيخ حمد يقول له: "أمريكا لم تطلب منا إنطلاق طائراتها لضرب العراق، ولكنها لو طلبت لوافقنا بدون تردد لأننا لا نملك لا حول ولا قوة أمام أمريكا فما علينا إلا الإنصياع". الإشارة هنا إلى ضرب أمريكا العراقَ في عهد الرئيس بيل كلينتون بدعوى الإنتقام لما أُشيع عن وجود مؤامرة صدامية لإغتيال الرئيس السابق جورج بوش الأب عند زيارته الكويت. وقد أثبت الشيخ صدق كلامه عندما دكت الطائرات الأمريكية المنطلقة من قاعدة عديد في قطر وهي أكبر وأحدث قاعدة متطورة في العالم – دكت أفغانستان ومن ثم العراق.
وأخال أن إصدار قرار بتدويل القضية السورية بناءاً على مشيئة أمريكا لهو أهون بكثير في تقدير الشيخ في هذه المرحلة مما فعله مع العراق، إذ يحتاج إلى توطئة قبل الإنتقال للخطوة الأخرى خاصة وأن الشعوب العربية مازالت في ربيعها الثوري.  



70
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم3/8
محمد ضياء عيسى العقابي
أعتقد أن معظم أبناء الشعب السوري بضمنهم معظم الثائرين لا يريدون، بحق، التدخل الأجنبي. لكنني غير واثق من موقف بعض قيادات المعارضة السورية، إذ رصدتً ما يلي من المواقف، حول هذه القضية وغيرها، التي لا تبعث على الإطمئنان:
- تصريحات عدد من قياديي المعارضة توحي بأنه يتخذ موقف "المشتهي أُومستحي" أو "المشتهي أُوخايف" فهو يريد حماية المدنيين والحماية الخارجية  ولكنه يرفض التدخل العسكري وهما أمران متناقضان.
- دعوات تدعو إلى فرض حظر جوي على سوريا لحماية المدنيين علماً أن الجيش السوري لم يستخدم الطيران في قمع الثورة مثلما عزم القذافي على إستخدامها ضد ثوار بنغازي الذين هددهم بالفناء فأوقفته طائرات حلف الناتو الحربية.
- طمس الحقيقة حول موقف سوريا من إسرائيل إذ إعتبر البعض أن النظام حارس للحدود الإسرائيلية؛ وهو أمر غير صحيح إذ أن قرارات الحرب والسلم مع إسرائيل هي قرارات عربية تتجاوز سوريا وغير سوريا على إنفراد، لأن إسرائيل أُعطيت من القدرة العسكرية ما تفوق قدرات الدول العربية مجتمعة. إذا أراد ذلك البعض أن يتملق لأمريكا وإسرائيل بهذه التهمة فهذا أمر خاطئ ومضر بالمصالح القومية وبسمعة الثورة الديمقراطية السورية، علماً أن دور الجيش السوري يختلف عن دور الجيش العراقي بعد تشويهه على يد النظام الطغموي والذي تم حله غير مأسوف عليه.
- في الوقت الذي تؤكد فيه الثورة على سلميتها ينبري البعض إلى مباركة المنشقين على الجيش وهجماتهم على منشآت الدولة والجيش السوري.
- إذاعة أخبار غير صحيحة من قبيل ما ذكره مسؤول ثوري في الداخل عبر فضائية الجزيرة يوم 23/11/2011 عن إحتفال الثوار في سوريا لإعتراف بريطانيا وفرنسا بقيادة المعارضة كممثلة للشعب السوري وهو أمر غير صحيح؛
- اللعب على الوتر الطائفي مثل إتهام ذلك المسؤول نفسه (في الفقرة السابقة) جيشَ المهدي (العراقي) بمساعدة النظام السوري على قمع الإنتفاضة، وهي كذبة روَّجها محافظ الأنبار لأهداف معروفة لعب فيها على الوتر الطائفي. فلا النظام السوري بحاجة لدعم أنفار قادمين من العراق أو لبنان أو إيران، ولا التيار الصدري بهذه الرعونة والسذاجة. ردَّ السيد  مقتدى الصدر على محافظ الأنبار بتخويله إلقاء القبض على هؤلاء عند مرورهم في محافظته أو عند الحدود التي تقع تحت قاطع مسؤوليته وليفعل بهم ما يشاء ويعرضهم على الجمهور، ولم يفعل لحد الآن. إن مثل هذه الإتهامات الفارغة تسيء إلى الثورة وتمنح المصداقية للتقارير التي تتحدث عن النفس الطائفي الخطير كالقتل على الهوية مثلما نشرت صحيفة النهار اللبنانية، أو ما أشيع من إطلاق شعار "العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت".
- هناك من القياديين وخاصة من بين الإسلاميين من يتوعد بشن حرب على إيران. هذا موقف يسئ للثورة السورية سواءاً قيلت هذه الكلمات عن عاطفة مبنية على الإفتراضات أو عن شعور طائفي أو تملقاً لأمريكا وغيرها.
-  رُفعت شعارات متطرفة تسيء إلى الثورة ذاتها خاصة وأن بعض المراقبين على الصعيد الدولي يرصدون بعص المظاهر ويضعونها أمام أنظار العالم. أدناه بعض التعليقات بشأن الوضع السوري أدرجها للتنبيه إليها عسى أن تتم ملافاتها: 1-  قال مساعد لوزير دفاع أمريكي سابق بأن العلويين في نظر كثير من أهل السنة هم كفرة يستحقون الموت وهذا بدوره سيجعل العلويين في سوريا يستميتون دفاعاً عن أرواحهم، وتكهَّنَ ذلك المساعد أن يحصل حلٌ وسط يرحل بموجبه بشار الأسد ولكن الجيش يبقى على ما هو عليه كضمانة أمنية للعلويين (فضائية الحرة). 2-  قال جوناثان ستيل في صحيفة الغارديان البريطانية: إذا كان الثوار يتوعدون بشار الأسد بالموت دون محاكمة، أما يكون طبيعياً أن يستميت الأسد ويقاتل حتى النهاية بدلاً من الإستسلام؟. 3-  كان يُفضَّلُ، من وجهة نظري،  لو مارس قادة الثورة السورية الضغط على الجامعة العربية لإتخاذ منحى يساعد على إنتزاع تنازلات من النظام بدلاً من مواقفها الإستعراضية الإستفزازية التي دفعته إلى العناد كما حدث مع القذافي . جاء في موقع فضائية الجزيرة: "أكد أسقف طرابلس المونسنيور جوفاني مارتينللي الذي ولد في ليبيا وعاش فيها خلال الـ 40 سنة الماضية، أن العقيد الراحل معمر القذافي كان مستعدا للتفاوض "لو أنه أتيحت له فرصة إنقاذ ماء الوجه"."
حسب ما ظهر من تقارير فإن حلف الناتو أفشل محاولات أفريقية أمريكية جنوبية لإقناع القذافي بالتنازل. أعتقد أن أوربا المهتمة بنفط ليبيا أرادت التدخل لتحجيم من تريد تحجيمه من القوى السياسية الليبية لخدمة المصالح النفطية الغربية. 
   
بلغ الوضع حالةَ الإصرار على إسقاط النظام من جانب الثوار وبجانبهم الحق المبدئي المطلق رغم رفضهم الغامض للتدخل العسكري الخارجي، ولكنهم غير قادرين على إطاحة النظام؛ وبلغ حالةَ التعنت من جانب الحكومة رغم تقديمها التنازلات بالقطارة. وبات هناك، حسب التحليلات المبحوثة أعلاه، حلّين لا ثالث لهما: أما التصالح على أساس الأخذ بالنظام الديمقراطي وإحترام حقوق الإنسان بشكل جاد وموثق، وهما المطلبان الأساسيان للثورة الشعبية وبذلك يتم تجنيب سوريا ويلات الحرب والدمار وإرتهان السيادة والإستقلال؛ وأما التدخل الخارجي الذي سيتطور حتماً إلى تدخل مسلح بغض النظر عن موافقة أو معارضة قيادة الثورة، وبذلك سيتحمل البلد أعباء وتبعات سيناريو العمل العسكري؛ وسيتحمل الطرفان (الحكومة بمستوى الإجرام والثوار بمستوى الحماقة) مسؤولية جعل سوريا ألعوبة تتقاذفها مشاريع متنوعة مدمرة لها وللعرب وللمنطقة برمتها، كما تم شرحه سلفاً وسأزيدها تفصيلاً فيما بعد.ً
لا أرى إمكانية عملية لإستمرار الثورة على وتيرتها وأسلوبها الحاليين حتى يسقط النظام دون تدخل خارجي، لأن الأمور ستؤول لسبب أو آخر إلى تدخلات خارجية ويأخذ الحل الثاني المنوه عنه أعلاه مجراه. وها هي الجامعة العربية تصدر توصية (توصية وليس قراراً والشكر للعراق ولبنان والأردن)، مع هذا فالتوصية قد تفتح باباً للتدخل الخارجي. قد يستشهد البعض بحالة الثورتين اليمنية والبحرينية إذ بقيتا مستمرتين. هنا ينبغي التذكير بليونة أمريكا أزاء حكومتي البلدين وبالإحتضان التام لدول الخليج لهما موفرين الدعم المادي والمعنوي ولصق التهم بالثوار خاصة في البحرين التي أُحتُلَّت عسكرياً وبعد القمع عادوا وأخذوا العنب وتركوا السلة الفارغة للشعب بتقرير لجنة بسيوني. أما الموقف من سوريا فأمر آخر. 
وإذا طرح بعض الثوار مخاوف مشروعة من إحتمال إنقلاب النظام والتنكيل بالثوار والثورة بعد زوال سكينها عن رقبته، فهذا تمكن معالجته عن طريق نشر مراقبين من الجامعة العربية وإستحصال تعهد صارم وضمانات كافية مسبقاً من النظام.

إنها لمن الحماقة الكبرى محاولةُ إستنساخ التجربة العراقية في إطاحة النظام البعثي الطغموي، فهناك فوارق جوهرية بين الحالتين العراقية والسورية ما تجعل الإستنساخ الآلي للتجربة كريهاً ومرفوضاً، إذ لا أرى مسوغا له، وهذا لا يناقض ما دأبتُ على طرحه وما أزالُ من أن النظام العراقي لم يعد قادراً على الإطاحة به سوى الله أو أمريكا. أدرج فيما يلي الفوارق بين الحالتين:
- ليس النظام البعثي السوري مطابقاً للنظام البعثي العراقي من حيث كيان حزب البعث وطبيعته ودوره في الدولة والمجتمع،
- لا يتشابه النظامان من حيث مستوى العنف والإجرام7 ولم يكن البعث السوري متورطاً في سياسة تطهير عرقي وطائفي ممنهجة ومبرمجة للشيعة والأكراد8 (يشكلان أكثر من 80% من سكان العراق)؛
- إذا إعترف النظام البعثي السوري الطغموي بصورة غير مباشرة بالثورة ورضخ للتعامل مع الجامعة العربية حولها وقبَل مبادرة الجامعة ولو بالإدعاء أو تحايلاً؛ وحدد القياديين فقط وإتهمهم بالتعاون مع الأجنبي (وهي تهمة باطلة) فإن النظام العراقي أنكر وجود مشكلة مع شعبه أصلاً وأنكر وجود معارضة وقال: "ليست لدينا معارضة بل يوجد خونة" على حد ما نقل السيد عبد الرزاق عيد، ألمنسق العام لمنطمات المجتمع المدني السورية (والقيادي البارز في الثورة السورية الحالية)، عن طارق عزيز نائب الرئيس العراقي صدام عند زيارته دمشق قبل سقوط نظامه ومبادرة وفد المنظمات إلى الإجتماع به ودعوته كممثل للحكومة العراقية إلى "التصالح مع الشعب والمعارضة" (صرح بهذا السيد عبد الرزاق عيد في إحدى الفضائيات العربية، وربما كانت فضائية الجزيرة على أغلب الظن).
- الأهم من ذلك، لا يمتلك الشعب السوري الآلية التي إمتلكها العراقيون والتي مكّنتهم من إنهاء الإحتلال، وهي تَوَحُّد ما أُقَدِّرُه ب 90% من ديمقراطيي الشعب العراقي، دينيين وعلمانيين ومن جميع مكونات الشعب، حول مرجعيتي النجف وكردستان في موضوع الأخذ بالنظام الديمقراطي الفيدرالي وإنهاء الإحتلال؛
- لا تمتلك سوريا الثروة البترولية الكبيرة التي يمتلكها العراق والتي تخشى أمريكا والغرب أن تُضاف إليها ثروة إيران النفطية لتصبح قوة ردع هائلة في حالة الضغط غير المنصف على العراق الديمقراطي، كمحاولة تقويض أو تشويه ديمقراطيته، ودفعه إلى التحالف مع إيران رغم إرادته. بتقديري، رغم أن أمريكا هي التي ورطت صدام بدفعه وإغرائه على إحتلال الكويت عام 1990 لأغراض ستراتيجية، إلا أنها إستطاعت إقناع المجتمع الدولي بضرورة التحالف العسكري لإخراج صدام من الكويت لأنه لو بقي لسيطر على 11% من نفوط العالم.
- عدم إمتلاك سوريا الثروةَ النفطية التي يمتلكها العراق سيجعل الخراب الإقتصادي والأمني بالغاً ولا يمكن تجاوزه في فترة قصيرة ما يجعل سيادة سوريا وإستقلال قرارها مرهونين للمال السعودي وأمنها مرهوناً بيد إسرائيل وتركيا.   
- أعتقد أن السيناريو المعد لسوريا يختلف عن ذلك الذي طُبق في العراق بإختلاف الدافع الستراتيجي  للتحرك الخارجي في كلتا الحالتين. فالتدخل العسكري في العراق إتخذ شكل الإحتلال لأنه كان بدافع إقتراب أمريكا من منابع البترول للي ذراع أوربا الغربية وغيرها للقبول بوضعية القطب الأوحد الذي نتج عن تفكك الإتحاد السوفييتي وإنتهاء الحرب الباردة. أما التدخل الخارجي في الحالة السورية فسيقتصر، بتقديري، على هجوم جوي وصاروخي عنيفين جداً لتدمير الجيش السوري الذي هو بلا شك حجر عثرة في مسيرة "حل" القضية الفلسطينية (المسماة قضية الشرق الأوسط) وفق المصالح الإسرائيلية وإنتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7. بعد قتل قصي صدام حسين للفريق الركن كامل ساجت عزيز الجنابي بدم بارد (ربما لطمس أسرار إحتلال الكويت لأن الفرق كامل كان على رأس القوات التي إحتلت الكويت)، هرب شقيقه الرائد خالد الجنابي وأدلى بحديث من راديو العراق الحر (حوالي عام 2000) قال فيه إنه شهد بنفسه حضور قصي صدام حسين إلى سجن أبي غريب وطلب من آمر السجن العميد حسن العامري إعدام ال (2500) موقوف وسجين سياسي لديه خلال يومين. وقد تم ذلك بالفعل.
كما أفادأحد مسؤولي دائرة الأمن في البصرة في فضائية الحرة-عراق بأ ن أوامر وصلتهم من بغداد (من علي حسن المجيد) تقضي بإرسال أربع معارضين مقابل كل بعثي قُتل في إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية. قال المسؤول بأن عناصر الأمن ألقت القبض على أي مشتبه به ولو من بعيد ولم يصل إلى العدد المطلوب، لإختفاء الآخرين. طلب المسؤول في بغداد لملمة المستطرقين لإستكمال العدد وإرسالهم. وهذا ما تم،  "وأرسلناهم ولم نسمع عنهم شيئاً".



71
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة والعالم2/8
محمد ضياء عيسى العقابي
ثانياً: النضال المسلح:
ترمي ستراتيجية الحرب الأهلية هذه، إلى تحقيق أحد ثلاثة أهداف هي:
1-   دحر الأجهزة الأمنية والجيش النظامي السوري وفرض الإستسلام عليها، وهذا مستبعد جداً.
2-    تحفيز قوى الأمن والجيش السوريين إلى الإنشقاق والتمرد والإنقلاب على الحكومة والنظام، وهذا إحتمال مستبعد أيضاً، حسب التحليل الوارد في الفقرة السابقة.
3-    وَضْعُ المجتمع الدولي أمام الأمر الواقع بأمل فرض التدخل العسكري الخارجي بعد محاصرة وإسقاط الممانعة الروسية الصينية في مجلس الأمن بإحراجهما عربياً وعالمياً وداخل بلديهما. أولاً: لا توجد إمكانية لسلاح الثورة كي تُدفع الأمور إلى هذه المرحلة المتقدمة . ثانياً: حتى لو قامت حرب أهلية إفتراضاً، فقد لا يجد العالم منفعة من التدخل فيها لأن الإقتتال والدمار سيحققان الهدف المطلوب. وإذا حصل تدخل فسيتم، بتقديري، عن طريق الهجوم الجوي على النمط الليبي المشدد وسآتي على هذا السيناريو لاحقاً. ثالثاً: لا تساعد الأوضاع الدولية الراهنة على إنفراد أية دولة أو مجموعة دول من التدخل العسكري في سوريا دون الحصول على غطاء قانوني من مجلس الأمن.

خلاصةً: لا تتوفر الإمكانيات العملية لنجاح هذه الستراتيجية لا من الناحية اللوجستية بخصوص عدم توفر السلاح ولا من ناحية توفر الخبرات المهنية العسكرية، والشعب يواجه آلة قمعية مهنية متمرسة عنيفة وميليشيات حزبية تابعة للحزب الطغموي الحاكم (حزب البعث) الذي لا تظهر مؤشرات واضحة على تفككه مثلما تفككت حركة اللجان الثورية الليبية. 
وإذا ما تطوعت إحدى الدول المجاورة لتزويد الثوار بالسلاح فستكون تركيا، لا غير، المرشحةَ للعب هذا الدور، إذ لديها القدرة على تهريب السلاح إلى الداخل السوري، لكنني أشك في توفر الإرادة السياسية لديها في الوقت الحاضر على الأقل، لأن القرار خطير ويقود إلى حرب أهلية لا تتقبلها نسبة مهمة من الثوار السوريين أنفسهم إضافة إلى معظم شعوب وحكومات المنطقة والعالم خوفاً من التداعيات اللاحقة، علاوة على موقف إيران؛ وهذه الأمور قد تثبط عزيمة تركيا الطامحةِ إلى لعب دور الداعم للسنة في المنطقة حسب رأي بعض المراقبين، علماً أن تركيا تضم أقلية علوية بنسبة غير قليلة وأتوقع أن تكون متعاطفة مع العلويين السوريين الذين ينتمي إليهم الرئيس السوري بشار الأسد. هذا في الوقت الذي تشير فيه بعضُ التقارير إلى بروز نغمات وأفعال طائفية من جانب بعض الثوار المنتمين، إفتراضاً، إلى فصائل إسلامية أصولية. ذكرت صحيفة النهار اللبنانية المناوئة للنظام السوري بأن قتلاً قد جرى على الهوية. وذكرت مصادر أخرى أن شعاراً ردَّده البعضُ مفعمٌ بالطائفية ومسيءٌ للثورة، تقول كلماته : "العلوي على التابوت والمسيحي على بيروت".
ربما ينظر القادة العسكريون السوريون بريبة إلى الدور التركي أيضاً كريبتهم من الدورين الأمريكي- الأوربي والسعودي. فتركيا لها معاهدة سرية مع السعودية لمحاربة "المد الشيعي" كشَفَتها وكالةُ الإستخبارات الأوربية عام 2007. وقد يقود هذا إلى الإعتقاد بتورط الحكومة التركية في المخطط السعودي الذي أشرتُ إليه قبل قليل ما يعني إثارة صراع جديد في المنطقة (سني – شيعي) يستنزف العرب ومواردهم خلال القرن الجديد مثلما خطط الإمبرياليون وعملاؤُهم من صهاينة وحكام عرب للمأساة الفلسطينية التي إستنزفت المنطقة خلال القرن الماضي، وهذا ما يرفضه الحس القومي لدى الجماهير السورية بضمنها الجيش.
وإذا قيل إنه إذا نجحت الثورة السورية فسوف تحجم عن الدخول في هكذا صراعات، ينبغي التذكير بأن سوريا "المحررة" بموجب السيناريو السعودي – التركي – الأمريكي، ستكون منهكة ومستنزفة عسكرياً وإقتصادياً ما يجعلها رهينة للمال السعودي والضغوط الأمنية الإسرائيلية التركية. وقد تجد سوريا نفسها مكرهةً بضغط النظام السعودي على الدخول في إطار دولة جديدة تضم سوريا وغرب العراق والموصل وربما الأردن ليبدأ الإقتتال. سآتي إلى تفاصيل هذا السيناريو لاحقاً عند بحث المشروع المستقبلي السعودي.   
أعتقد أن هناك رغبة لدى بعض أوساط قوى 14 آذار اللبنانية لتهريب السلاح إلى سوريا بدفع من السعودية وتملقاً لأمريكا وفرنسا. غير أن الإمكانيات ضعيفة نظراً للمراقبة السورية الصارمة.
لا أرى أية إمكانية لتهريب السلاح من إسرائيل عبر الجولان المحتل أو منها ومن غيرها عن طريق البحر، وهذا الإحتمال مرفوض من قبل الثوار والحكومة.
كما لا أرى أهمية لحجم سلاح قد يقوم التكفيريون في العراق بتهريبه إلى الداخل السوري.
وعلى كل حال فإن تسليح ثورة الشعب السوري قد ترتد سلباً على الثورة لأنها ستوفر الذريعة للسلطة لتصعيد القمع وتوسيعه وكسب دعم داخلي وخارجي، خاصةً إذا  تبين أن السلفيين الذين كانوا يهربون السلاح والإرهابيين إلى الداخل العراقي، بتنسيق سعودي سوري، أصبحوا يهربونه بعكس الإتجاه.
ثالثاً: التدخل العسكري الخارجي:
 كنتُ أظن أن النظام البعثي الطغموي العراقي كان الوحيد الذي تنطبق عليه مقولتي التي طالما ردَّدتُها وهي أن النظام قد بلغ حداً من الحصانة القمعية والإفسادية بحيث لم يعد قادراً على إطاحته إلا الله أو أمريكا. غير أن الواقع قد أثبتَ أن كافة النظم العربية تتميز بهذه السمة المرعبة؛ وبالفعل كان تدخل أمريكا بصورة أو أخرى هاماً حينما  أُطيح ببعض النظم كما بينتُ أعلاه؛ بينما أُجهضت ثورةُ البحرين العريقة عن طريق الإحتلال العسكري السعودي الخليجي للبحرين بسبب سعة تلك الثورة شعبياً وعجز الحكومة البحرينية عن حماية نظامها الدكتاتوري رغم قمعها الوحشي. جرى هذا بسبب عدم رغبة أمريكا في سقوط النظام البحريني لوجود قاعدة بحرية لأحد الأساطيل الأمريكية في البحرين وبسبب العلاقات السيئة بين أمريكا وإيران، علماُ أن ذريعة التدخل الإيراني قد إستخدمها النظام البحريني والسعوديون لتبرير قمع الثورة5.
كما إن أمريكا إلتزمت الصمت تقريباً تجاه حكومةَ علي عبد صالح اليمني بفعل التأثير السعودي الذي إزداد إرتعاباً منذ إطاحة النظام البعثي الطغموي في بغداد ونشوء النظام الديمقراطي الجديد هناك. لدى أمريكا القدرة "الناعمة" القادرة على إطاحة النظام اليمني لو أرادت. غير أن النظام اليمني يثبت، مرة أخرى، بأن الحكام العرب بلغوا حد الإستعصاء على الجماهير لإطاحتها إلا بمعونة الأمريكيين بالذات.
وتنطبق نفس هذه الأطروحة على الوضع السوري. فالثورة السلمية في سوريا مشتعلة منذ ثمانية أشهر ولم تستطع الإنتصار رغم مناصرة أمريكا والغرب والسعودية وتركيا لها سياسياً ودعائياً وتحريضياً، وكذلك مناصرة كل مؤيدي حقوق الشعوب في الحرية والديمقراطية في المنطقة والعالم. هنا تجد أمريكا نفسها عاجزة عن لعب دور مشابه لدورها في حالتي الثورتين المصرية والتونسية لأن أمريكا لا تملك تأثيراً لا داخل النظام السوري السياسي ولا داخل المؤسسة العسكرية، الأمر الذي يقتضي منها إستصدار قرار من مجلس الأمن وهو ما لايمكنها الحصول عليه بسبب الممانعة الروسية الصينية بسبب التجربة الليبية كما أسلفتُ.
خلاصةً، إندلعت الثورة السورية بإرادة شعبية سورية خالصة وتقع المسؤولية الكاملة على النظام البعثي السوري الذي كان ينبغي عليه تقديم التنازلات للشعب على الأقل بعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية وإشتعالها في البحرين واليمن وليبيا؛ أو الإعلان عن التوجه إلى صناديق الإقتراع حال إشتعالها في سوريا خلال فترة يتفق عليها مع المعارضة وعلى أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان وضمانة الجامعة العربية. غير أن هذا وللأسف لم يحصل بسبب طبيعة النظم الدكتاتورية العربية وبالأخص النظم البعثية(6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5. أثبتت لجنة تقصي الحقائق التي شكلها ملك البحرين برآسة السيد محمود بسيوني في تقريرها الصادر يوم 24/11/2011، عدمَ وجود ما يشير إلى تدخل إيراني في ثورة 14 فبراير شباط البحرينية (وهو أمر معروف سلفاً وجاءت هذه التهمة الجاهزة لتبرير القمع). مقابل هذا برّأت اللجنة قوات درع الجزيرة السعودية-الخليجية من أية إنتهاكات لحقوق الإنسان. ولإستكمال صيغة "لنا العنب ولكم السلة"، إعترف التقرير، بعد أن بقي عنب السلطة بيد الطغمويين، بحدوث تعذيب بقصد العقاب وإنتزاع إعترافات من الثوار. وهذا الإعتراف هو السلة التي رموها للشعب.

6. قال السيد حسن العلوي، زعيم القائمة العراقية البيضاء، بأن صدام إنتقد شاه إيران لأنه سلم الحكم للخميني وكان عليه عدم التسليم حتى ولو أحرق نصف طهران.



72
الثورة السورية والعراق والربيع العربي والجامعة1/8
محمد ضياء عيسى العقابي
شئنا أم أبينا، فلقضية الثورة السورية، ولأية قضية مشابهة في أي مكان في العالم، خاصةً في أماكن النفط والثروات المربحة والمواقع الستراتيجية، وجهان: مبدئي وعملي.
مبدئياً: وبجميع المقاييس، يرمي الحقُ نفسَه بكامل ثقله إلى جانب الشعب السوري البطل المناضل، وهو لم يطالب سوى بحقه في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم خاصةً وهو ينوء تحت نظام حكم بعثي طغموي1 فاشي خَبَرَ العراقيون مثيلَه ولو كان أشد وطأةً منه. إن ما ينادي به الشعب السوري هي مطالب طبيعية كفلها البيان العالمي لحقوق الإنسان وأصبحت الديمقراطية النمط الأكثر قبولاً في العالم والمنطقة العربية بدءاً بلبنان (إلى حد ما2) والعرااق ثم تونس ومصر وليبيا والتآمر مستمر على طموح الشعبين البحريني واليمني.
عملياً: هنا تكمنُ، وللأسف، الشياطين، إذ لا يكفي توفًرُ الحق الإنساني الأخلاقي لنجاح ثورة الشعب السوري وأية ثورة أخرى، وهذا نتاج النظام السياسي العالمي قديمُه وحديثه، بل يتوجب توفرُ الشرط العملي أيضاً، وتحديداً توفر آلية ما لإزاحة النظام الحاكم الظالم. فما هي الآليات المتاحة أمام ثورة الشعب السوري لقلب الأوضاع وإنتزاع السلطة وما هي آفاقها وحظوظها في النجاح وما هي البدائل؟:
أولاً: النضال السياسي السلمي:
وهذا هو الستراتيجية المعتمدة حالياً من قبل ثوار سوريا. إن هذه الستراتيجية ترمي إلى مواجهة النظام سلمياً في الشوارع والأزقة وتقديم الضحايا لتحقيق أحد الأمور التالية:
 1-  إنهيار النظام تحت وطأة شعوره بالنبذ والذنب ومسؤوليته عن تعطيل الحياة العامة للبلد، وهذا ما لم ولن يحصل مع نظم حكم ليس لها أي قدر من الحياء والإنسانية وإحترام الشعب أو إحترام الرأي العام الإقليمي أو العالمي، خاصة وأن النظام السوري، كغيره، يلتمس الأعذار لنفسه بالقول إنه ليس أول نظام قتل هذا القدر من الشهداء. وقد يجد الإرتياح عندما يشير إلى ضحايا الثورة الكردية وإنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية في العراق3 وضحايا الثورتين المصرية والليبية الأخيرتين؛ كما إنه يهوِّن على نفسه بالقول إنه ليس  النظام الوحيد في العالم (حتى على صعيد الدول المتقدمة) الذي يتصف بالنفاق والكذب، وقد يستشهد بقمع الثورة البحرينية بدبابات السعوديين والخليجيين والتواطؤ الأمريكي والغربي معهم. زد على هذا قناعتَه بأنه يلعب دوراً أساسياً في صراع الشرق الأوسط (والقضية الفلسطينية تشكل لب هذا الصراع) مما جعله مستهدفاً من قبل أعدائه، وهو أمر لا يستطيع أحدٌ نكرانَه. لكن النظام السوري يذهب إلى أبعد من ذلك فيدَّعي بأن الإنتفاضة الشعبية هي من فعل وتأجيج أولئك الأعداء وهو إدعاء عارٍ عن الصحة بالطبع.
2- التسبب في دفع قوات الشرطة وأجهزة الأمن وبالأخص الجيش إلى الإنشقاق عن النظام والإنتفاض عليه؛ وهذا ما لم يحدث بقدر هام وفعال لحد الآن في سوريا ولا توجد بوادر لحصوله على نطاق واسع؛ وتقف وراء ذلك أسباب سياسية ووطنية ومصلحية علماً أن الخبير العسكري المصري اللواء طلعت مسلَّم قد أفاد في فضائية الجزيرة قبل أسبوعين بأن الجيش السوري ومنذ عام 2005 قد أصبح جيشاً مهنياً ذا قدرات قتالية وتسليح صاروخي جيدين يحسب لهما حساب في إطار الصراع العربي الإسرائيلي وأي صراع آخر.
أعتقد أن قادة الجيش السوري يساورهم الشك، كما يساورني شخصياً، في دوافع أوربا وأمريكا لتأييد الثورة السورية. فليست سوريا بدولة نفطية ولا يمكن أن يكون الجانب الإنساني وعشق الديمقراطية هما السببين الوحيدين أو الأكثر أهمية لحماسهما. لذا لا يبقى مجال للشك لدى القادة العسكريين بأن القدرات العسكرية السورية هي المستهدفة لإنهاء صراع الشرق الأوسط (أي القضية الفلسطينية) وفق التصور الستراتيجي للغرب وإسرائيل، كما سآتي عليه فيما بعد.
كما إن القادة العسكريين السوريين قد يُدهشُهم، كما يدهشني ويدهش الكثيرين، وقوفُ النظام السعودي إلى جانب ثوار سوريا في الوقت الذي وقف ويقف فيه هذا النظام على طرفي نقيض من حقوق الإنسان والديمقراطية سواءاً بالنسبة لشعبه أو بالنسبة للعراق الجديد الديمقراطي وبالنسبة للثورتين التونسية والمصرية ومن ثم إحتلال البحرين عسكرياً لإخماد ثورته، والمناورة لإجهاض الثورتين الليبية واليمنية.
وربما يلاحظ هؤلاء القادة العسكريون السوريون بأن موقف النظام السعودي من ليبيا لم يكن من باب إحترام الشعب الليبي وطموحه الديمقراطي، بل جاء بسبب العداء الشخصي بين القذافي والأسرة الحاكمة السعودية التي طالما إتهمها القذافي بالعمالة ومعاداة العرب وقد أطلقَ التحقيرَ العلني لملكهم في قمتين عربيتين. وللحق فإن القذافي، رغم سوءه في نواحٍ عديدة أخرى، فقد كان على حق فيما يخص النظام الشمولي المتخلف الحاكم في السعودية. أخص بالذكر مقترح القذافي بوضع إدارة مكة المكرمة والمدينة المنورة بيد منظمة المؤتمر الإسلامي.
 هذا بالإضافة إلى إحتمال تقديم تنازلات لأمريكا والغرب لمساعدة النظام السعودي بالمقابل على تنفيذ، ولو جزئياً، مشروع سعودي خفي يذهب إلى أبعد من المشروع الأمريكي الأوربي المنوه عنه أعلاه، يرمي إلى إدخال المنطقة في دوامة من الصراعات السنية – الشيعية هدفُها طمس معالم الصراع الحقيقي الذي يدور حول حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو المشروع الذي ترهبه السعودية وتحاول حرفه وتوفير غطاء من الدخان الكثيف لحجبه والنجاة بجلد نظامها الشمولي المتخلف الذي سترتفعُ، توقعاً، الأصوات عالياً في داخل السعودية وفي شتى أنحاء العالم بإنهائه عندما تستقر أوضاع العراق وديمقراطيته وديمقراطيات الربيع العربي ويرتفع إنتاج العراق النفطي ليُنهي الإبتزاز النفطي- السياسي السعودي.
لا أريد أن أقول أبداً أن إدراك القادة العسكريين السوريين لهذه المخاوف  تجعل منهم ديمقراطيين ومؤيدين لحقوق الإنسان، بل أُريد أن أقول إن قلقهم الوطني والقومي قد يحول دون إنضمامهم للثورة بل قد يؤدي إلى معاداتها، وربما يولد لديهم قناعةً، في أحسن الأحوال بالنسبة للثوار، بضرورة الحوار بين الحكومة والثوار على أساس برنامج ديمقراطي حقيقي يقول المسؤولون الروس إن النظام السوري قد باشر بطرحه فعلاً، حسبما نقلت فضائية الجزيرة.     
إذا كان هناك من يشير إلى نجاح الثورتين التونسية والمصرية في تحييد الجيشين في البلدين، فهذا، بتقديري، غير دقيق لأنه، أي التحييد، قد نجم عن مقدرة أمريكا على التأثير ليس على حكومتي هذين البلدين العربيين ومنعهما من إستخدام القوات المسلحة ضد الثوار وحسب، بل التأثير حتى على جيشيهما أيضاً وبشكل مستقل ومباشر أي بعيداً عن الحكومتين، كما أوضح خبراء أمريكيون في فضائية الحرة عدة مرات. تدخلت أمريكا لثني الحكومتين عن مواجهة الشعبين الثائرين ودفعت بإتجاه تحييد الجيشين ومنع إستخدامهما من قبل الحكومتين، بعد أن إقتنعت، ومعها الغرب، بقدرتهما على إحتواء وتوجيه هتين الثورتين الشعبيتين الحقيقيتين نحو المسار الذي تتطلبه الستراتيجية الغربية التي سأتناولها لاحقاً. قدَّرَ الغرب، كما يبدو، أن الإحتواء والتوجيه سيتمان عبر تأثير مجموعة عوامل في مسيرة الثورتين، وهي: تأثير الجيشين، وتأثير الطبقة الإجتماعية - الإقتصادية التي إرتكز عليها النظامان السابقان، وتأثير بعض احزاب المعارضة، وأخيراً تأثير الفكر الوهابي المدعوم بالمال السعودي. لقد بانت واقعية التقديرات الغربية واضحةً مما نشهده حتى اليوم من صراعات على الساحتين المصرية والتونسية بين الثوار وبين هذه القوى المذكورة4، وخاصةً الجيش الذي أمسك بزمام الأمور.
وحتى الجيش الليبي فقد تفكك جزئياً؛ ورغم ذلك فما تبقى للقذافي منه كان قادراً على ذبح الثورة الليبية الشجاعة لولا تدخل الحلف الأطلسي تحت غطاء الأمم المتحدة وتحطيم القدرات العسكرية المتبقية للقذافي، أي ذهبَ الحلف إلى أبعد من تخويل مجلس الأمن له لحماية المدنيين، وهو ما أثار غضب روسيا والصين وبعض الدول الأخرى معتبرين ذلك من باب البحث عن مصالح ستراتيجية نفطية بالمقام الأول، الأمر الذي إنعكس على الموقف من الثورة السورية بإتجاه عدم سماح روسيا والصين بتكرار التجربة الليبية في مجلس الأمن. لذا لم يَصدر أيُّ قرار إدانة من الأمم المتحدة بحق النظام السوري وقمعه بسبب هذه الممانعة الروسية الصينية إلا قبل أيام أي في 23/11/2011، إذ أن هتين الدولتين تدركان، كما أرى، بأن لسوريا موقعاً ستراتيجياً حساساً ومحورياً في منظومة الأمن العربي والصراع العربي الإسرائيلي بالذات، وتنظران إلى التوازن الستراتيجي العالمي أيضاً.
3-  الحصول على مساندة الدول الإقليمية والعالمية لإتخاذ خطوات عملية أبعد من الإدانة السياسية والإنسانية مثل فرض عقوبات إقتصادية، تجميد أرصدة، تحديد حركة المسؤولين وغيرها. قد تكون هذه الإجراءات محدودة الأثر لأن سوريا عاشت منذ عقود وهي ليست في موقع المحتفى به في الأوساط المالية والتجارية العالمية بسبب موقفها من إسرائيل وتحالفها مع إيران ورعايتها لمنظمات الممانعة العربية كحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله. هذا وقد أفاد خبير إقتصادي لبناني في فضائية الحرة قبل بضعة أشهر بأن النظام السوري قد حقق إصلاحات إقتصادية خلال أربع سنوات بقدرٍ لا تستطيع تحقيقَه دولٌ عربية أخرى بعشرين سنة. قد تفسر، جزئياً، هذه المعلومة والمعلومة العسكرية التي ذكرها اللواء طلعت مسلَّم حقيقةَ عدم تحمّس برجوازية المدن والجيش للثورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.

2. في الحقيقة، الديمقراطية اللبنانية منتقصة. فهي تقوم على الطائفية الصرفة مثلما يريد أن يفرضها الطغمويون في العراق دون إستجابة. فالمواطنون اللبنانيون ليسوا سواسية أي لا يأخذ النظام الإنتخابي هناك بمبدأ: "لكل مواطن صوت". فالمسلمون والمسيحيون لهم أصوات متساوية في مجلس النواب رغم أن المسلمين يشكلون 59% مقابل 41% للمسيحيين. غير أن الفرد اللبناني ديمقراطي الفكر والتعامل مع الآخر، وهو ما نفتقده في العراق وفي كثير من الدول العربية لأننا لم نعرف نظماً سياسية متسامحة توفر شيئاً من الحرية إلا في أيام ثورة 14 تموز/1958 وفي العراق الديمقراطي القائم بعد سقوط نظام البعث الطغموي.

3. أفادت المصادر العراقية بأن عدد ضحايا حملة الأنفال ضد الشعب الكردي في كردستان العراق بلغ (182) ألف شهيد. كما أفادت المصادر أن عدد ضحايا الشهداء الذين قتلوا في وسط وجنوب العراق أثناء إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية بلغ أكثر من ربع مليون شهيد. قدرت وكالة الإستخبارات المركزية (سي.آي.أي.) ضحايا الأنفال ب (72) ألف شهيد وعدد ضحايا الإنتفاضة ب (21) ألف شهيد.

4. أعتقد أنه سوف تكون الثورتان العراقية والليبية الأكثر جذرية من الثورتين المصرية والتونسية. السبب هو أن كيان الدولة السابق قد إنهار بالكامل في العراق وليبيا وأهمها المؤسستان العسكرية والدينية المواليتان للنظام السابق، إضافة إلى جهاز إعلامي دعائي ضخم. أصبح لزاماً على النظامين بناء هياكل ومؤسسات جديدة تلعب القوى الجديدة فيها الدورَ الرئيسي في وجه عرقلة أضعف نسبياً من عرقلة الإنشداد للماضي في كل من مصر وتونس. قوى الإنشداد للماضي هي: المؤسستان العسكرية والأمنية والطبقة الإجتماعية السياسية التي مثَّلها النظام السابق فدعمته، وبعض قوى المعارضة التقليدية وأخيراً الفكر الوهابي المدعوم بالمال السعودي. لابد من توضيح مصطلح "الأكثر جذرية". فالجذرية هنا لا تعني موضوعة أسس النظام الإقتصادي إن كان رأسمالياً أو إشتراكياً بل يعني "العدالة" النسبية، ضمن النظام الرأسمالي، ومكافحة الفساد وتوفير حد أدنى لدخل الفرد. وتعني الجذرية سياسياً نزاهة الإنتخابات وإستقلال القضاء وضمان الحريات المختلفة.



73
الديمقراطية ليست هامبركر يا سيد صالح المطلك!!
محمد ضياء عيسى العقابي
"بعد خروج الأمريكان، ستسقط الديمقراطية لأن من صاغها وحماها هم الأمريكيون".
صاحبُ هذا الكلام الخطير جداً جداً هو نائب رئيس الوزراء والقيادي في إئتلاف العراقية وزعيم جبهة الحوار الوطني،  ضمن ذلك الإئتلاف، الدكتور صالح المطلك الذي دخل الوزارة بالزحف1. أطلقَ هذا التصريح في فضائية "الحرة-عراق" / برنامج "حوار خاص" بتأريخ 28/11/2011 الذي أداره الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد.
يُلاحَظُ أن الكلمتين المحوريتين في التصريح هما كلمة "صاغها" وكلمة "حماها".
فلنبدأ بالكلمة الأولى إذ تنطوي على شيء من التورية. فهي تحتمل فهمين مختلفين، وكما يلي:
أولاً: يمكن أن نفهمها على أنها تعني إبتداع شيء لا وجود له في هذه الدنيا وغير مألوف. أي أراد  السيد المطلك أن يقول إن النظام السياسي الذي "فرضه" الأمريكيون في العراق والمسمى "ديمقراطية" هو شيء لم يسمع به أحد في هذه الدنيا وسوف يذهب معهم عندما تنسحب قواتهم العسكرية في نهاية هذا العام 2011.
قد لا يصدق القارئ أن يوجد هناك شخص في هذه الدنيا لم يسمع بالديمقراطية كنظام سياسي تطمح جميع شعوب العالم للأخذ به منذ عقود بل منذ قرون وهو جوهر ثورات الربيع العربي منذ عام تقريباً. ولكن، في الحقيقة،  يوجد هكذا أشخاص غير الدكتور صالح المطلك. فالبعض لم يسمع بالديمقراطية والبعض لا يريدها والبعض يريدها مشوهةً على هواه. تأمل النماذج التالية:
 فذاك الشيخ عبد السلام الكبيسي ، الناطق الرسمي بإسم هيئة علماء المسلمين، قد قال: "... الإحتلال الذي فرض صيغة المحاصصة الطائفية ومنطق الأغلبية والأقلية" (من تقرير حول "وثيقة مؤتمر الصلح بين السنة والشيعة في العراق" نشرته صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 12/10/2006 نقلاً عن صحيفة "الشرق الأوسط").
أما الشيخ حارث الضاري، رئيس هيئة علماء المسلمين، فقد طرح الرأي ذاته ولكن بصيغة أخرى، إذ طالب في صحيفة الوطن السعودية بتأريخ 17/10/2006  بما يلي: "الخروج من الأزمة الراهنة في العراق يكون بإنهاء العملية السياسية الحالية وتغيير الوجوه الحالية....".
وفي عام 2005 وبعد الإنتخابات العامة أعلم السيد إبراهيم الجنابي، المتحدث الرسمي بإسم القائمة العراقية، التي تزعمها السيد أياد علاوي، – أعلم راديو لندن العربي بما يلي: "قلنا لهم نريد مجلساً نيابياً متوازناً وإلا..." (ضحكت مديرة البرنامج وقالت له: "سيد إبراهيم من يقرر التوازن في مجلس النواب؟ هل هو أنت أم المصوتون؟").
بعد ذلك وفي نفس السنة وعند تشكيل حكومة المالكي الأولى، حاول السفير الأمريكي سيء الصيت زلماي خليل زاد فَرْضَ "مجلس الأمن الوطني". لم ينتظر الدكتور عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق، بل سارع إلى التصريح لراديو لندن العربي قائلاً: "نريده مجلساً فوق البرلمان".
وفي عام 2007، قدم السيد أياد علاوي، رئيس القائمة العراقية آنذاك ورئيس إئتلاف العراقية اليوم، مشروعاً إلى الدكتورة كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية. أوضح السيد أسامة النجيفي ماهية ذلك المشروع، فقال إن مشروع الدكتور أياد دعى إلى إلغاء الدستور وحل مجلس النواب.
وفي عام 2010، أعاد الدكتور أياد علاوي وبمساعدة السيد جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، الكرّة  لكي يجلس فوق البرلمان ويضع الرئاسات الثلاث في جيبه عبر مشروعه الذي عكس تصوره الخاص ل "المجلس الوطني للسياسات العليا".
وردد عبارة "وجوب تصحيح مسار العملية السياسية" عشرات المرات في مقابلات تلفزيونية السيدان طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، وظافر العاني، كان آخرها في فضائية الحرة-عراق / برنامج بالعراقي بتأريخ 22/11/2011 إذ علل السيد ظافر مطلبه هذا بالقول الطائفي: "لأن العملية جاءت أثناء وجود إحتلال وجماعات معينة"2.
ثانياً: ويمكن أن تعني كلمة "صاغها" تشويهاً لشيء معروف ومتفق عليه.  فالديمقراطية أمر معروف للسيد المطلك لكن الأمريكيين صاغوها مشوهة في العراق، لذا فسوف تذهب معهم، حسب رأيه.
هنا أنا أتفق مع السيد المطلك مع توضيحين:
-   التشويه تجسد في الأخذ بمبدأ "الشراكة" الذي آل في واقع الحال إلى "المحاصصة". وهذا المبدأ مستمد من صيغ طولب بها قبل سنين لكنها فشلت مثل "أهل الحل والعقد"، "التوافق"، "حق النقض"، و "حق الفيتو" وغيرها من المسميات.
إن هذا تشويه للممارسة الديمقراطية السليمة وهي الأخذ بمبدأ "الأغلبية السياسية".
-   إن المسؤول عن المحاصصة والذي دفع الأمريكيين إلى الأخذ بها هم المستفيدون منها الذين يعرفهم السيد صالح المطلك جيداً.
فلماذا هذا النفاق؟
أخيراً، آتي إلى كلمة "حماها" الأمريكيون، أي حموا الديمقراطية، وستذهب معهم.
أقولها صريحةً لصالح المطلك ولكل طغموي3 :
الذي طالب بالديمقراطية وحماها هم ديمقراطيو الشعب العراقي بجميع مكوناته العرقية والدينية والمذهبية وواجهوا بشراسة إرهابَ أعداء الديمقراطية الطغمويين والتكفيريين المنتمين لجميع مكونات الشعب العراقي أيضاً ولكن بنسبة ضئيلة. 
يتمسك العراقيون بالديمقراطية لأنها نظام الحكم الوحيد الذي يحافظ على أرواح الناس من التطهير الطائفي والعرقي والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي مارسها النظام البعثي الطغموي الذي كنتَ تنتمي إليه، ومارسها الإرهاب الأسود لفلوله بعد سقوطه وأنتَ متهم شعبياً بالتعاون مع هذا الإرهاب والتستر عليه.
فأنا واثق أن الشعب سوف لا يسمح لأي كان أن ينال من الديمقراطية الوليدة بشكل أو آخر.
فإعلم أن الديمقراطية ليست "هامبركر" تذهب عندما يذهب مطعم "ماكدونالد".
فإياك إياك أن تأتينا بمشاريع أجنبية لتقسيم العراق وإثارة إقتتال الأخوة المتحابين مهما إختلفوا، خدمةً لمشروع صراع سني – شيعي مدمر على نطاق المنطقة خططت له الصهيونية وحكام السعودية الذين يريدونه للتعتيم والتهرب من الإستحقاقات الديمقراطية التي يطاردهم شعبهم وشعوب المنطقة والعالم لإنتزاعها منهم طال الزمن أم قصر.   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-   في الحقيقة كان السيد صالح المطلك خاضعاً لقانون المسائلة والعدالة. لذا إستُبعدَ من خوض الإنتخابات التي جرت في 7/3/2010. غير أن الضغوط الأمريكية التي تلت التزوير الجزئي للإنتخابات فُرضت على العراقيين إتفاقات أربيل وكان من ضمنها الصفح عن الدكتورين صالح المطلك وظافر العاني فأُعفيا من طائلة قانون المسائلة والعدالة بعد الإعتذار عن تمجيدهما لحزب البعث الطغموي وهو عمل محظور دستورياً.
2-   قرأتُ في كلام السيد ظافر عن "الجماعات المعينة" – قرأتُ حنيناً إلى الأيام الطغموية حيث هُمِّش وأُقصي وأُبيد ودُفن أمواتٌ وأحياءٌ في مقابر جماعية الملايينُ الغفيرة من أبناء شعبنا، وهؤلاء هم "الجماعات المعينة".
3-   .الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.



74
موقــف  الجــــــادرجـي  مــن  قـيـــادة ثـورة 14 تمــــوز

محمد ضياء عيسى العقابي

كتب الدكتور فاضل الجلبي، قبل عدة سنوات، مقالاً عن موقف المرحوم الزعيم الديمقراطي الكبير كامل الجادرجي، مؤسس وزعيم الحزب الوطني الديمقراطي، من زعيم ثورة الرابع عشر  من تموز / 1958 الشهيد عبد الكريم قاسم. أثار الموضوع الذي كتبه الدكتور الجلبي جدلاً لم أستطع في حينه، لظروف صحية، أن أدلي بما لدي من معلومة هامة حول الموضوع. في هذه السطور سأذكر المعلومة لأهميتها ولابأس من التعريج على ذكر نتائج زيارة قام بها للعراق بعيد إنقلاب 8 شباط الأسود نائبٌ بريطاني وإتصاله بسياسيين عراقيين ديمقراطيين.

بعد إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 وما رافقته من أحداث فاشية دامية هزت العالم وأوربا بالخصوص، لعبت جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة (مدعومة من التنظيم السري للحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا) دورها في تشكيل "اللجنة البريطانية للدفاع عن الشعب العراقي".  كان أنشط عضوين فيها هما رئيسها النائب العمالي (من الجناح اليساري) عن منطقة (مانجستر أكسجينج) السيد (ويل كريفثس) الذي قاتل مع الجيش البريطاني في العراق أثناء الحرب العالمية الثانية وأصبح مناصراً، في مجلس العموم، للطلبة العراقيين الذين تعرضوا للإضطهاد في العهد الملكي الطغموي بسبب نشاطهم في جمعية الطلبة العراقيين وبتهمة الشيوعية منذ بداية الثلث الأول من العقد الخامس من القرن الماضي؛ والكاتبة (أثيل مانين) البريطانية وإيرلندية الأصل والمعروفة بدفاعها عن القضية الفلسطينية.

تشكلت، أيضاً، "لجنة الدفاع عن الشعب العراقي" برآسة شاعر العرب الأكبر المرحوم محمد مهدي الجواهري وكان مقرها في براغ ولها فروع في عواصم العالم أينما تواجد عراقيون، وخاصة في أوربا. كنتُ رئيساً لفرع هذه اللجنة في بريطانيا.
(في الحقيقة، ونظراً لخطورة الأوضاع السياسية والإنسانية المأساوية في العراق، كرست اللجنة المسؤولة عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي في بريطانيا جل عملها لمواجهة الموقف ومحاولة تأجيج وتوجيه الضغوط العالمية على الإنقلابيين البعثيين للحد من إنتهاكاتهم لحقوق الإنسان. كان المرحوم هادي أحمد علي المرزا، مسؤول لجنة قيادة التنظيم، مشرفاً على/ وموجهاً لنشاط أعضاء قيادة التنظيم. وكنا أنا ووالرفيقان عدنان الجنابي {حالياً رئيس لجنة الطاقة والنفط في البرلمان العراقي} وطارق الهيمص {حالياً الخبير الإقتصادي في الأمم المتحدة} مسؤولين عن متابعة أعمال اللجنة العراقية للدفاع عن الشعب العراقي، والتنسيق مع اللجنة البريطانية ومع منظمة العفو الدولية (الآمنستي إنترناشنال) وحركة تحرير المستعمرات (إيم.سي.إيف.) وغيرها. أما الرفيق الشهيد خالد أحمد زكي فقد تركز نشاطه تقريباً مع "مؤسسة برتراند رسل للسلام" وأصبح عضواً في مكتب سكرتارية المؤسسة، قبل أن يلتحق في ألحركة المسلحة التي نشبت في أهوار العراق بتدبير القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي  ليستشهد هناك. وكان نشاط المرحوم يوسف رزين منصباً على جمعية الطلبة العراقيين. )

 أفلحت جهود العراقيين في الضغط على الحكومة العراقية لقبول دخول سياسيين وحقوقيين بريطانيين إلى العراق للإطلاع على الأوضاع الإنسانية هناك. كان من بين من ذهب إلى العراق، النائب العمالي والقانوني الحامل للقب "مستشار الملكة" (كوينز تشانسلر) السيد (لزلي هيل) الذي أصدر تقريراً خطيراً قدَّر فيه عدد الموقوفين ب (144) ألف مواطن.

كما أفلحت الجهود في موافقة الحكومة العراقية على إستقبال النائب ويل كريفثس رئيس اللجنة البريطانية للدفاع عن الشعب العراقي. كنا، الجانب العراقي، قد زودنا السيد كريفثس بأسماء وعناوين أهم السياسيين والشخصيات العامة وعلى رأسهم: المرحومين كامل الجادرجي ومحمد حديد والدكتور عبد الجبار عبد الله والدكتور محمد سلمان حسن (كان على علاقة صداقة طيبة بكريفثس منذ أيام العهد الملكي وإضطهاد الطلبة) والمحامية الأستاذة نعيمة الوكيل وآخرين.
 إجتمع السيدان كريفثس وكامل الجادرجي. أبلغ الجادرجي كريفثس بأنه لم يشأ أن ينخرط في العمل السياسي مع قادة الثورة العسكريين بقيادة الزعيم الركن عبد الكريم قاسم إستناداً إلى تجربته الشخصية السلبية مع العسكر أيام الحكومة التي تشكلت في أعقاب إنقلاب اللواء بكر صدقي في منتصف ثلاثينات القرن المنصرم. وهو يرى أن على العسكر أن يعودوا إلى ثكناتهم بعد أن قاموا بالثورة مشكورين، ويتركوا الأمر للسياسيين.
هذا ما رواه لي شخصياً السيد كريفثس (في الحقيقة لا أذكر بالضبط إن كنت سوية مع الأخ عدنان الجنابي، على أغلب الظن إجتمعت منفرداً بالسيد كرفثس في إحدى قاعات الإستراحة في مجلس العموم).
وكان الأمر الآخر الذي رواه كريفثس عن الجادرجي قوله: "إذا كانت الحكومة السابقة حكومة مجانين فحكومة الإنقلاب هي حكومة مجرمين"

لقد سجلتُ هذه المعلومات، والمعلومات التي ستلي، التي نقلها السيد كريفثس، في تقرير بعثتُ به إلى براغ حيث المقر العام للجنة الدفاع عن الشعب العراقي.

وما زلتُ قد أسهبتُ في الوصول إلى هذه المعلومة، فأجده نافعاً إستكمال بقية مشاهدات النائب السيد كريفثس في بغداد:
ذهبَ النائب إلى السجن الذي قبع فيه المرحوم محمد حديد. أول ملاحظة سجلها النائب هي ما سمعه من المرحوم حديد الذي أعلمه بأن إدارة السجن طلبت منه حلاقة ذقنه وإرتداء ملابس نظيفة وكفى. لم يُعلم بأن زائراً جاء لمقابلته أو السبب وراء طلبهم. إعتبر النائب كريفثس أن ذلك يمثل قمة القسوة واللاإنسانية. في النقاش السياسي، وصف المرحوم محمد حديد حدث الإنقلاب والإنقلابيين والنظام الذي أنتجه بأنه "أكثر نظام دموي إجرامي شهده العراق منذ هولاكو".
لقد أُعجب النائب كريفثس بالدكتور عبد الجبار عبد الله لأنه كان متابعاً للشؤون العلمية وهو في سجنه.
(تشكلت في ذلك الوقت لجنة برلمانية سبقتها لجان عديدة على مدار عدة سنوات لمراجعة النظام التعليمي في بريطانيا ووضع العلوم والبحوث العلمية ككل والعمل على إصلاحها في أعقاب صعود أول قمر صناعي أطلقه الإتحاد السوفييتي إلى الفضاء الخارجي وفي أعقاب الضجة التي أحدثها في المجتمعات الغربية في النصف الثاني من خمسينات القرن المنصرم. أصدرت تلك اللجنة تقريراً علنياً طًرح على الجمهور وعلى مجلس العموم لإتخاذ الإجراءات اللازمة).

قال السيد كريفثس إنه إستلم التقرير و لم يكن قد درسه بعد إستعداداً لمناقشته في مجلس العموم. غير أنه وجد الدكتور عبد الجبار يناقشه في محتواه لأنه كان قد حصل عليه ودرسه قبل الإنقلاب.
المؤسف والمخزي أن النائب علم من الدكتور عبد الجبار بأن إدارة السجن كانت تجبره وآخرين على حمل (تنكات) القاذورات إلى حيث تُرمى.

أعلم المسؤولون الإنقلابيون النائبَ بأن الدكتور محمد سلمان حسن موجود في داره. إستقل النائب سيارة أجرة كانت متوقفة قريباً من الفندق. إعتقد النائب أن سيارة الأجرة كانت مرتبة لتضليله، لأن التاكسي أخذه إلى منطقة المنصور وتوقف عند دار تظهر عليه إمارات الغنى. إستقبلته سيدة الدار وفهم منها أنه كان دار الدبلوماسي المعروف السيد محمد حسن سلمان. كانت ملاحظة النائب (الذي كان يملك مصنعاً للعوينات فكان حاله ميسوراً نوعاً ما، وكان داره يقع في منطقة (ريجموند) المصنفة من بين المناطق الغنية في أطراف لندن بإتجاه منطقة {سري} الأرستقراطية) بعد مشاهدته مستوى البناء والمواد المستوردة من إيطاليا في دار السيد محمد حسن إذ قال لي: "فهمتُ لماذا تحدث عندكم في العراق هذه الهزات السياسية العنيفة. إنه الفارق الطبقي الكبير بين الأغنياء والفقراء. أنا شخصياً لا أستطيع أن أملك داراً كالدار الذي رأيتًه رغم كوني نائباً وصاحب مصنع، فما بالك بالفقير العراقي!!".   


75
ماذا وراء تصريحات وزير الدفاع الأمريكي؟

محمد ضياء عيسى العقابي

أولاً: أدهشتني أقوال السيد بنيتا، وزير الدفاع الأمريكي الجديد، الذي وعد الجنود الأمريكيين في العراق بأن القوات الأمريكية "ستلاحق الميليشيات الشيعية بمفردها وسيحث العراقيين على القيام بواجبهم في ملاحقة هذه الميليشيات" وللتخفيف من قسوة تصريحه أردف قائلاً: "وقامت الحكومة بالفعل بالملاحقة"، وذلك أثناء زيارته العراق مؤخراً. (قناة الحرة في 11/7/2011).
كما توقعتُ، جاء رد الحكومة العراقية على لسان ناطقها الرسمي الوزير علي الدباغ رافضاً قيام الجنود الأمريكيين بأعمال عسكرية بمفردهم دون أخذ الإذن من الحكومة العراقية، كما جاء الرد الأقوى من وزير النقل السيد هادي العامري الذي أعلن أيضاً عزم الحكومة العراقية على عدم تجديد البقاء لأي جزء من القوات الأمريكية وإعتبر التصريح إستهانة بالسيادة العراقية كماإعتبر زيارة وزير الدفاع غير مرحب بها. وفي يوم 12/7/2011 أصدر التحالف الوطني بجميع فصائله قراراً يرفض التجديد لبقاء أي من القوات الأمريكية في العراق. وبتأريخ 13/7/2011 نقل راديو سوا عن رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي تحذيره من إختراق السيادة العراقية قائلاً: "إن العراق يُدار بإرادة عراقية كاملة". 
ثانياً: مبعث دهشتي من أقوال الوزير الأمريكي ما يلي:
1-    اجراء الملاحقة الإنفرادية الذي ينوي إتخاذه وزير الدفاع هو عمل لا تجيزه الإتفاقية الموقعة بين الطرفين ؛ ولا أرى أن الأخطار التي يتعرض لها الجنود الأمريكيون بتلك الحدة والحرج.
2-    إن التصريحات تشكل إمتهاناً للسيادة العراقية.
3-    إن هكذا تصريحات لا تصب في مجرى بناء علاقات قائمة على الشفافية والإحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وهي التي يسعى إليها الطرفان.
4-    من الملاحظ أن أكثر مكان في وسط وجنوب العراق تعرض له الأمريكيون لهجمات هي مدينة الديوانية. إتضح أن أكبر هجوم تعرضت له المدينة مؤخراً قرب دار المحافظ كان من تدبير تنظيم القاعدة.
5-    خلت أقوال الوزير من أية إشارة إلى مقتل العراقيين الأبرياء ،مدنيين وشرطة وعسكريين، بأعداد تفوق عدد الضحايا الأمريكيين بقدر كبير جداً.
6-    يتهم الوزير بصورة غير مباشرة الحكومةَ العراقية بالتقاعس عن أداء واجبها في ملاحقة الإرهابيين أياً كان لونه، وربما أراد التنويه إلى أن الحكومة تطارد السنة ولا تطارد الشيعة وهو تأجيج للشعور الطائفي. وهذا أمر لمسته في أقوال بعض أمهات الصحف الأمريكية وبعض المعلقين السياسيين الأمريكيين حتى جرى الحديث عن حرب أهلية وما إلى ذلك من الأمورالبعيدة عن الواقع على قدر ما نلمسه من أحداث أمنية على الساحة العراقية.
7-    ألاحظ أن هناك بعض المبالغة في تضخيم نشاط الميليشيات في الوسط والجنوب؛ كما أن هناك مبالغة مفتعلة في تصوير الدور الإيراني الذي لا أُبرِّؤهُ أبداً من الإساءة للعراق وللحكومة العراقية ولرئيسها بالذات قبل غيرهما، لكنه ليس بذلك القدر. فالعراق "يُدار بإرادة عراقية كاملة" كما قال رئيس الوزراء. 
8-    تعقيباً على أقوال وزير الدفاع، قال السيد هارلن أولمان، مستشار وزير الخارجية الأسبق كولن باول، أمرين أحدهما هام والآخر غريب. قال إن موقف وزير الدفاع يؤشر إلى تغييرٍ في السياسة الأمريكية. كما إعترض على إشارة قناة (الحرة – عراق) إلى "الحكومة العراقية"، إذ لم يعتبر أن هناك حكومة عراقية وأشار إلى عدم تعيين وزراء أمنيين، وقال "هذه مشكلة"، وراح يتكلم عن السنة والشيعة بشيء من الإفتعال، كما تكلم عن التيار الصدري كمشكلة، في الوقت الذي أعلن فيه الصدريون وقائدهم السيد مقتدى الصدر والمتحدث بإسمهم الشيخ صلاح العبيدي ما هو أبعد من إستمرار تجميد جيش المهدي حتى في حالة عدم إنسحاب القوات الأمريكية، وإعتبرت قناة الحرة أن الصدر والصدريين هم الآن أقرب إلى حلِّ جيش المهدي من مجرد تجميده.
9-    كما أسلفتُ، لاحظتُ تصاعدَ نغمةٍ بأعلى مما يستحقه واقعُ الحال حيال إيران. فبالأمس تكلم قائد الأركان الأمريكي الأدميرال مايك مولن عن تزويد إيران للميليشيات الشيعية بأسلحة متطورة جداً؛ واليوم يتكلم وزير الدفاع السيد بانيتا ويدعو إلى ضرورة وضع الضغوط على إيران للتوقف عن دعم الميليشيات الشيعية. تشعركَ هذه التصريحات وكأن العراق ملتهب وغارق في بحر من الدماء بسبب الميليشيات الشيعية، في الوقت الذي تُحصد فيه، على أرض الواقع، أرواحُ الديمقراطيين الأبرياء في بغداد والموصل والرمادي والفلوجة وصلاح الدين وديالى والتاجي والرطبة وغيرها مقابل سقوط بعض الصواريخ أو الهاونات من وقت لآخر على القواعد العسكرية الأمريكية في بعض المطارات الوسطى والجنوبية. إنها هجمات مدانة بلا أدنى شك ولكنها لا تقارن بما يحصل للمدنيين والعسكريين العراقيين على أيدي الإرهابيين.
10-   أجد أن هناك تناغم واضح في مواضيع الإستهانة بالسيادة العراقية، والمبالغة في تصوير العلاقات بين السنة والشيعة في العراق لحد الكلام عن حرب أهلية والإنفصال، وإفتعال وتضخيم الخطر الإيراني على العراق وتضخيم دورالميليشيات الشيعية والإستهانة بسعي الحكومة لمطاردتها – أرى تناغماً فيها بين الأمريكيين وبعض فصائل إئتلاف العراقية وسأدرج في الفقرات اللاحقة تصريحات السيدين علاوي والنجيفي في كل من واشنطن وروما وبروكسل مقر البرلمان الأوربي.  وأعتقد أن التناغم ذو مغزى وليس عفوياً أو من دون هدف.

ثالثاً: ماذا تعنيه هذه الإستهانة بالسيادة العراقية؟
أعتقد أن هناك قدر من النرفزة في حديث الوزير لا توازيها إلا نرفزة الدكتور أياد علاوي، زعيم إئتلاف العراقية، حينما وصف رئيس وزراء بلاده المنتخب ديمقراطياً والحائز شخصياً على أعلى عدد من الأصوات - وَصَفَهُ، بكل صفاقة ووقاحة، بالعميل لمجرد كون المالكي شيعياً، فهو،إذاً، في نظر السيد علاوي ورفاقه طائفيٌ وعميلٌ!!! .
ولكن لماذا هذه النرفزة؟
أعتقد أن هناك عدة عوامل تقف وراء ذلك. ببساطة، لقد ضاقوا ذرعاً بالأمور التالية:
1-   تسارع الجهود الإيرانية لتخصيب اليورانيوم ما يستدعي تدمير المفاعلات قبل بلوغ مرحلة الإنتاج من وجهتي النظر الأمريكية والإسرائيلية، خاصة وأن الإلحاح الإسرائيلي يتصاعد مع مرور الأيام، وربما السعودي أيضاً، علماً أنه لم يتبقَ لحلول موعد الإنتخابات الرئاسية سوى عام ونيف من الأشهر وقد تُلام إدارة الرئيس أوباما على عدم تحقيق خطوات ملموسة ضد إيران. وربما يُفسر هذا الرغبة الأمريكية في بقاء بعض القوات في العراق وظهور بوادر شن حرب باردة على حكومة المالكي للإطاحة بها بوسيلة أو أخرى ومن ضمنها المطالبة بإجراء إنتخابات مبكرة. لا يهمنا كعراقيين شأنُ المفاعلات النووية الإيرانية، ولكنني أعتقد أن غالبية الشعب العراقي العظمى ترفض رفضاً قاطعاً زج شعبنا ووطننا في أي عمل عنفي. 
2-   نجاح الحكومة العراقية في مكافحة الإرهاب الذي أمسى يلفظ أنفاسه الأخيرة، وهذا سيضعف السيد علاوي وحلفائه بقدر كبير.
3-   إستعصاء قضية تشتيت التحالف الوطني ومن قبله الإئتلاف العراقي الموحد في أعقاب فشل الدكتور أياد علاوي في إنتخابات كانون ثاني 2005 ومن ثم في إنتخابات كانون أول عام 2005 وذلك بشل يد الحكومة والإبقاء على تردي الخدمات ومضاعفة وتيرة الفساد ؛ وفشلِ مخطط "حرق الأعشاش" الذي رعاه وموَّلَه بسخاء النظام السعودي، وفشلِ محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 بقدر واسع، وفشلِ محاولة الإستفادة من التزوير الجزئي لتفعيل المادة 76 الدستورية وذلك بتشكيل التحالف الوطني، ومن ثم فشل مخطط 25/2/2011 الذي أُجهض قبل المباشرة فيه، وأخيراً فشل محاولة خلق حكومتين ورأسين للعراق عبر فذلكة "المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي أراد إئتلاف العراقية "إنتخاب" رئيسه من قبل مجلس النواب دون مسوغ قانوني لأغراض مكشوفة وليست في نفس يعقوب وحسب.
4-   الممانعة التي تصطدم بها الجهود الرامية إلى تمديد بقاء بعض القوات الأمريكية في العراق كافية من حيث العدد، بتقديري، للإستجابة لنداء "إستغاثة" تطلقه "حكومة طوارئ" تشكل بعد إنقلاب مشابه لما خطط ليوم 25/2/2011، علماً أن الأمريكيين، وعلى عكس ما يدعونه، يلحون على بقاء بعض القوات.
5-   الممانعة التي تلقاها جهود الإبتزاز بالتهديد بالإنفصال، بل الممانعة حتى لإقامة الأقاليم وذلك من قبل جماهير المناطق المعنية ذاتها.
6-   ترسخ مصداقية السيادة العراقية وإستقلالية الحكومة وإحترام الديمقراطية العراقية في المحافل الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي والولايات المتحدة وروسيا والصين واليابان وغيرها من الدول الأمر الذي يجعل نجاح أي تآمر على النظام الديمقراطي العراقي في حكم المستحيل.   
 
رابعاً: وماذا بعد؟ هل بدأت عجلة التآمر بالدوران؟ وهل إن الحركة تترافق مع التغيير في السياسة الأمريكية الذي تحدث عنه السيد أولمان؟ هناك مقدمات تصب في هذا الإتجاه وهي مبعث قلق لأنَّ ما من ديمقراطي يرغب في توتر العلاقة مع الولايات المتحدة، بنفس الوقت ما من ديمقراطي يرغب في التفريط بسيادة العراق أو زجه في مغامرات مهلكة لشعبه.   
من هذه المقدمات: طرح شروط تعجيزية في مسألة رآسة المجلس الوطني للسياسات العليا من أجل إطالة أمد الأزمة السياسية المفتعلة بذريعة التنصل من إتفاقات أربيل، المماطلة المتعمدة بعدم حسم تعيين الوزراء الأمنيين، إتهام علاوي لرئيس الوزراء بالعمالة، التأجيج الطائفي الذي أطلقه السيد أسامة النجيفي بعد إجتماعه في واشنطن بالسيد جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي بحديثه عن تهميش وإقصاء السنة وإحتمال إنفصالهم عن العراق والدعو لإقامة أقاليم سنية (أرى أن الهدف الحقيقي من حديث السيد النجيفي هو إقامة الأقاليم بهدف حماية الإرهابيين من الجيش والشرطة الإتحادية ودمجهم في حركة سياسية سرية للتحضير لحركة دموية مسلحة على غرار ما كان مخططاً ليوم 25/2/2011 لإستدعاء تدخل عسكري أمريكي لصرف الحكومة وحل مجلس النواب وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة الدكتور أياد علاوي ليبدأ حربه "السياسية" التي وعد بها على إيران. وسأتناول هذا الموضوع في مقال منفرد)، ومن ثم النداء الذي أطلقه السيد إياد علاوي أمام مؤتمر حلف الناتو حول تقييم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في إيطاليا بتأريخ 5/7/2011 الذي طالب فيه بالتدخل الخارجي في شؤون العراق، إذ قال:  "إن الحكومة والعملية السياسية في العراق فشلتا في تحقيق المتطلبات الأساسية للمجتمع العراقي" (فضائية الحرة في 5/7/2011). وأضاف: " إن تصعيد العمليات المسلحة التي تستهدف الإطاحة بالتجربة في العراق يتم في ظل غياب سياسة واضحة للمجتمع الدولي"، ويضيف تقرير فضائية الحرة قائلاً: "وإنتقد علاوي ما دعاها بالتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي. وقال إن تلك التدخلات بلغت مديات خطيرة من خلال تشجيع النشاطات المسلحة للميليشيات". (مالفرق بين خطاب علاوي "العراقي الوطني" هذا وخطاب الوزير بانيتو؟)؛

وأخيراً السيد النجيفي ثانيةً، فقد تضمن خطابه أمام البرلمان الأوربي ما يلي حسبما نقلته فضائية الحرة بتأريخ 14/7/2011: "في العراق اليوم نتوءات دكتاتورية حزبية وشخصية قد تتفاقم لتعود بالعراق إلى ما هو أسوأ مما شهده من دكتاتوريات" (أليست هذه محاولة لبييض صفحة النظام البعثي الطغموي الذي تجاوز ثقل إجرامه ورزاياه وزن جبال الأرض وأكثر!!). ثم مضى السيد النجيفي قائلاً: "سفينة الديمقراطية تمضي في يوم مضطرب قد يعصف ويلقي بها حطاماً وهذا جل ما نخشاه ونعمل في مجلس النواب على تداركه".

تمثلت إجابة الإتحاد الأوربي على هذا الخطاب المشوِّه للحقائق والتحريضي، بتحديد موعد لعقد مؤتمر أوربي لتشجيع الإستثمار في العراق. وبتقديري، لا يُقْدمُ الإتحاد الأوربي على هكذا خطوة مسؤولة لو لم تكن له ثقة كافية بالنظام الديمقراطي العراقي والسيادة والحكومة العراقيتين. أعتقد أن الإتحاد على علم بخلفية النجيفي وعلاوي ومن يمثلان ومع من هما "متحالفان" خارجياً وداخلياً. ربما لاحظوا أن خطابي السيدين، أيضاً، خليا حتى من كلمة واحدة عن الإرهاب!!

خامساً: أعتقد أن التحرك السافر بدأ ينشط وهدفه تمكين السيد علاوي من تشكيل الحكومة بطريقة أو أخرى ليقوم بدوره بتنفيذ ما صرح به قبل أشهر من أنه سيحارب إيران "سياسياً" ، وأخشى أن تكون حربه "السياسية" هذه محرقة جديدة للعراقيين ليتسلل تحت جناحها من تهمه المنشآت النووية الإيرانية لضربها.

سادساً: أدعو الحكومة العراقية إلى مزيد من اليقظة و التعويل على الجماهير الشعبية العراقية، وخاصة الفقيرة منها، ولفها حولها للتصدي للإرهاب وتحقيق مزيد من الإنجازات لها وتوفير الخدمات وفرض سيادة القانون ومكافحة الفساد بشتى أنواعه والسماح بممارسة مزيد من الديمقراطية والحريات والسهر على إحترام حقوق الإنسان . هذه هي الأسلحة الحقيقية التي وإن كانت في بداية الطريق إلا أنها جعلت الديمقراطية العراقية تشق طريقها بثبات متحدية المشاكل والعراقيل الطبيعية والمفتعلة بقدر لا تواجهه أيةُ حكومة على وجه الأرض.

 


76
لو حرصوا حقاً على مصالح الشعب!!
محمد ضياء عيسى العقابي
ما أن يَضربَ الإرهابُ ويُفجِعَ أبناء وبنات العراق حتى تتبعه، في كل مرة، رشقاتٌ تكميلية يُطلقها واحد أو أكثر من قادة إئتلاف العراقية. هذه الرشقات تُغلَّف بكلمات إستنكار منمقة ومنافقة. لو تمعَنّا في جوهرها لوجدناها تصبُّ بإتجاه تجريح وطعن الخصم السياسي والحكومة ورئيس مجلس الوزراء بالذات والإستهانة بالوضع العام وبالقوات الأمنية والقوات المسلحة والشرطة؛ وتنحو منحى إثارة الضباب والتشكيك ومحاولة تيئيس الجمهور وتأليبه ضد حكومته المنتخبة ديمقراطياً. يشعرُ المتتبعُ أنَّ مجمل ما يطرحون هو إطلاق رسائل متواصلة لتأكيد موقفهم التقليدي الذي لم يتزحزحوا عنه وهو "أما نحن وإلا فلا". هناك من يفسر هذه المقولة بأن بعض أطراف العراقية مصر على أنهم الوحيدون المؤهلون لقيادة العراق وتوفير الإستقرار له. وهناك من يذهب أبعد ويفسر المقولة بكونها تهديداً مبطناً مفاده: "أما نحن على رأس السلطة وإلا فالإرهاب سيستمر" وذلك إنطلاقاً من مصالح طبقية فقدوها بعد أن كانت متوفرة لهم أثناء العهود الطغموية(1) ويسعون الآن لإستعادتها بوسيلة أو أخرى.
آخر مشهد من هذه المشاهد الموجعة هو الهجوم الإجرامي المزدوج الذي طاول المجلس البلدي في التاجي يوم 5/7/2011 وراح ضحيته 35 شهيداً وأُصيب 58 مواطناً.
أدلى السيدان أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب، وطارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية، بتصريحين حول الهجوم الإجرامي لم يبتعدا في شكلهما وجوهرهما عما جاء أعلاه.
لكن السيدين الهاشمي والنجيفي، كما هو حال جميع من سبقهم من رفاقهم ممن أدلوا بتصريحات مشابهة منذ سنين، تكلموا كثيراً وتفوهوا بكل شيء إلا بأمر واحد لم يقتربوا منه بتاتاً رغم بساطته وهو: دعوة الجماهير وبالأخص جماهير مناطقهم الإنتخابية إلى مد يد العون للأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن التحركات المشبوهة.
لقد بات معروفاً لجميع من لهم إطلاع على أحوال البلدان الديمقراطية في العالم بأن ما تفقده السلطات الأمنية من حرية في الإعتقال الكيفي وعلى أسس الظن والشبهات والإستباق في مسألة مكافحة الجريمة عموماً والإرهاب خصوصاً، بسبب وجوب إحترام حقوق الإنسان وضرورات الإلتزام بالقانون الجنائي -  تكسبه عن طريق العون المعلوماتي أي الإستخباراتي الذي يقدمه المواطنون إختيارياً للأجهزة الأمنية. ولتشجيع المواطنين على تجاوز حالات الغفلة والكسل وضعف الوعي، تعمد الحكومات الديمقراطية، أحياناً، إلى تخصيص المكافئات المالية المجزية للمواطنين الذين يخبرون عن حالات أمنية ذات أهمية.
على عكس المطلوب، راح بعض قياديي إئتلاف العراقية والحزب الإسلامي  لا يكتفون بضرب هذا الطوق المزدوج: حول الأجهزة الأمنية لتضليلها، وحول الإرهابيين للتستر عليهم وحمايتهم ، بل راحوا يسبغون عليهم الألقاب الإعتبارية ويشوشون على عمل الأجهزة الأمنية ويحاولون شل يدها بالتشهير بالمخبر السري ويبالغون بحالات مَنْ لا تثبت إدانتهم في خضم هذه الأوضاع التي  إختاروا وإختار الإرهاب أن تكون صاخبة. 
تعزز هذه التصرفات الرأيَ بتورط بعض أطراف إئتلاف العراقية وخاصة الأطراف الأقرب إلى الدكتور إياد علاوي، مع الإرهاب بكيفية أو أخرى، أقلها "إستساغة الإرهاب" لمواقف تلك الأطراف ما يدفعه، الإرهاب، إلى الإقدام على ضبط تناغم في نشاطه الإرهابي يصب في خدمة السيد علاوي ورفاقه.
وفي هذا الصدد، لا يجد أتباع الدكتور إياد حرجاً من التعكز على النشاط الإرهابي، بعد تشويه طبيعته، ليشهر بالحكومة العراقية بالخارج ويستعدي الخارجيين على العراق وحكومته المنتخبة بحجة إخفاقها في وضع حد للإرهاب. نقلت فضائية الحرة عن السيد علاوي بتأريخ 5/7/2011 قوله ما يلي في مؤتمر الحلف الأطلسي لتقييم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في روما بتأريخ 5/7/2011: " إن تصعيد العمليات المسلحة التي تستهدف الإطاحة بالتجربة في العراق يتم في ظل غياب سياسة واضحة للمجتمع الدولي"، ويضيف تقرير فضائية الحرة قائلاً: "وإنتقد علاوي ما دعاها بالتدخلات الإقليمية في الشأن العراقي. وقال إن تلك التدخلات بلغت مديات خطيرة من خلال تشجيع النشاطات المسلحة للميليشيات".
هل تفوه السيد علاوي بكلمة واحدة عن الإرهاب الحقيقي وعن داعميه الحقيقيين داخل العراق وخارجه؟ كلا وألف كلا، فكيف نتوقع منه ومن رفاقه حثَّ ناخبيهم على التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن النشاطات المشبوهة؟ يحصل هذا لو كانوا حريصين حقاً على مصالح الشعب العراقي.... ولكن....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.

     


   
   
 
 
       


77
الإنتخابات المبكرة ليست مخرجاً للأزمة
محمد ضياء عيسى العقابي

نشر الدكتور رائد فهمي، وزير التكنولوجيا السابق، مقالاً بعنوان " الانتخابات المبكرة مخرجاً للأزمة" تطرق فيه إلى الأزمة السياسية الراهنة والمحاصصة والفساد وعدم إكتمال تشكيل الوزارة ، ومن ثم رأى أن المخرج المناسب من الأزمة هو الإنتخابات المبكرة.
أدناه أدرج ملاحظاتي حول موضوعي المحاصصة والإنتخابات المبكرة.
أولاً: مقال الرفيق الدكتور رائد فهمي مثال للغموض وشبك الأمور وتوزيع مسؤولية الإخفاق بالتساوي المفتعل على الأفرقاء وعدم تشخيص المشاكل وأصولها بدقة، وهي إحدى أهم علل العراق الجديد.
علينا أولاً أن نسأل أنفسنا: لماذا جاءت المحاصصة؟ هل يُعقل أن تأخذ بها الأغلبيةُ كأغلبية (الإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني) أو أغلبية (التحالف الوطني والتحالف الكردستاني)؟ طبعاً لا، لأن المحاصصة ليست لصالحهما. لماذا المحاصصة، إذاً؟
1.   ألم تكن المحاصصة إرادة أمريكية فُرضت لتحقيق هدفين؟:
a.   محاولة إقناع وإغراء القوى المعارضة (الطغموية)بجدوى المشاركة في العملية السياسية وقبول الديمقراطية كخيار سليم لإدارة البلد بدل الإصرار على طريق الإنفراد بالسلطة وإلعودة إلى سياسة إقصاء وتهميش الآخرين وسياسة التطهير العرقي والطائفي السابقة.
b.   لتجاوز حقيقة وجود جبهتين عريضتين في العراق هما: جبهة أنصار الديمقراطية وجبهة أعداء الديمقراطية (وكلٌ منهما تضم جمهوراً من جميع شرائح المجتمع القومية والدينية والمذهبية والسياسية بنسب متفاوتة)، والإستعاضة عنها بثلاثة كتل أسموها (شيعية-كردية-سنية)للَّعب عليها وتحقيق منافع سياسية.
2.    وافق الفريق الآخر على الدخول للعملية السياسية شريطة الأخذ بالمحاصصة وقبول مبدأ التوافق في الصغيرة والكبيرة للحصول على مكاسب على حساب مقتضيات الديمقراطية؛ ومن ناحية أخرى لشل يد الأغلبية وإفشال حكمها وربما لتخريبه.

ثانياً: أن يُعتَقَد أنَّ الإنتخابات المبكرة هو الحل المناسب للأزمة، فهو ضرب من الخيال. إن تصحيح نتائج الإنتخابات السابقة في 7/3/2010 ستنجم عنه إضافة مقعدين للحزب الشيوعي و15 مقعداً لإئتلاف دولة القانون. وهذه سوف لا تغير شيئاً في ميزان القوى القائم.
ربما يظن الرفيق رائد بأن جهود الأمريكيين والطغمويين خلال السنوات السبعة الماضية والتظاهرات في ساحة التحرير قد عزلت القوى الدينية وخلقت واقعاً جديداً قد ينعكس في الإنتخابات المبكرة بقدر مؤثر. هذا وهمٌ، وهو قراءة ذاتية أكثر منها موضوعية.

القراءة الموضوعية هي أن الشعب مازال يعاني من إرهاب القوى المعادية للديمقراطية (طغموية وتكفيرية بمؤازرة السعودية وحلفائها)  وهو موعود بالمزيد منها والأشد، خاصة إذا سقط الحكم بأيديهم. وهذا العامل يتفوق على أي عامل آخر إطلاقاً في تقرير إصطفاف الجماهير؛ فالروح أغلى من أي شيء آخر لدى الإنسان، كما هو بديهي.

 هذا وإن الشعب على علم بمن شلَّ يد الحكومة وعطَّل الخدمات وعلى علم بالهدف منهما وهو تشتيت القوى الدينية الديمقراطية، لا لأنها دينية بل لأنها القوة الوحيدة القادرة على الوقوف بوجه الأمريكيين  سلمياً ومنعهم من تنفيذ أي مخطط مضر بالعراق مثل مخطط زج العراق في حرب مع إيران لضرب منشآتها النووية. لذا فُرضت إتفاقية سحب القوات على غير مرام الأمريكيين.
(وهذا لا يتعارض مع الإعتراف بحقيقة فضل أمريكا على العراقيين في تحريرهم من النظام البعثي الطغموي الذي ما كانت إطاحته ممكنةً إلا من قبل الله أو أمريكا ؛ ولا مع كون العراق ينشد علاقات صداقة شفافة ونزيهة ومتكافئة قائمة على الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع الولايات المتحدة).

خــــــلاصــــــــــة: إذا حُلَّ مجلس النواب الحالي فسوف لا يــــرى العراق مجلسَ نواب آخر، على أغلب الإحتمال. إني على قناعة بأن ستراتيجية بعض أطراف إئتلاف العراقية إتجهت بشكل مكثف نحو إثبات عدم صلاحية الديمقراطية لحكم العراق وبالتالي عرقلة عمل الحكومة والنظام السياسي برمته، وذلك بعدما فشلت ستراتيجية وأد الديمقراطية عن طريق الإرهاب. إنه الإصرار على إستلاب السلطة من الشعب ثانية. في كلمته أمام مؤتمر تقييم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنعقد في إيطاليا بتأريخ 5/7/2011، قال السيد إياد علاوي: "إن الحكومة والعملية السياسية في العراق فشلتا في تحقيق المتطلبات الأساسية للمجتمع العراقي" (فضائية الحرة في 5/7/2011).
   
يجب ألا يغرنا الهدوء الظاهري الخادع. فالعمل جارٍ على قدم وساق، والديمقراطية العراقية هي المستهدفة. إن النظام السعودي، ب"حلفائه" الداخليين والخارجيين، يقود معركة طبقية شرسة ضد فقراء العراق الديمقراطيين؛ والديمقراطية تشكل مقتلاً للنظم الشمولية الجالسة على مليارات المليارات المليارات من الدولارات. فهل سمعنا في حياتنا من سلَّم هكذا سلطة للشعب بيسر؟ وإلا لماذا هذا الإرهاب الأسود في العراق؟ أليس جوهره محاولة إسترداد السلطة الطغموية المفقودة بكل منافعها المادية والمعنوية وبأية وسيلة كانت؟
فلنتفهم قانون الصراع الطبقي فهماً حيوياً، قبل فوات الأوان. ودعونا ننتفع من تجارب الماضي ولا نكرر أخطائنا مرة تلو أخرى.

ختــــــامـــــاُ: أرى أن الحل الأمثل هو تشكيل حكومة أغلبية برلمانية. ولتحقيق هذا يتطلب الأمر من جميع المؤمنين بالديمقراطية جماعات وأفراد، دينيين وعلمانيين، الوقوف بجانب هذا الرأي وحث الأطراف السياسية المعنية على الأخذ به.


78

تباً لهكذا منظمات مجتمع مدني!!!
محمد ضياء عيسى العقابي
أنا واثق لو أنني  تركتُ مقالي هذا بفقرتين فقط هما:
أولاً: العنوان أي " تباً لهكذا منظمات مجتمع مدني!!!"
ثانيا: البيان بأكمله دون زيادة أو نقصان أي البيان المعنون "أكثر من 100 منظمة مجتمع مدني تستعد للخروج بتظاهرة لتغيير الواقع السياسي في البلاد بدءاً من حل البرلمان العراقي" المدرج في الهامش (1) أدناه،
لأوصلتُ فكرتي إلى غالبية أبناء الشعب العراقي دون مزيد من الكلام؛ ولشاركتني القول: "تباً وألف ألف تباً". فمتن البيان يكشف تفاهةَ مستواه وركاكةَ مصدِّريه وحقارةَ نوايا منظِّميه وهبوطَ المقدرة اللغوية وحتى الإملائية لمدبِّجيه!! (بالعربية والإنكليزية).
مع هذا، ومن باب الإحتياط، أود الإشارة إلى / والتوسع في تناول الهدف من وراء المطلب الذي طرحه هذا البيان البائس وهو "حل البرلمان العراقي".
الملاحظة الأولى هي أن الهدف من التظاهرة كما يطرحها البيان هو "تغيير الواقع السياسي في البلاد"، وإعتبار التظاهرة بمثابة "الحملة المصيرية"، أما "حل البرلمان العراقي" فهو نقطة البدأ. يتجسد في كلام البيان رفضُ مجلس النواب من حيث المبدأ بإعتباره أصلَ الشرور المفترضة، ويغيب عن الكلام تحديدُ البديل والخطوة القادمة. هذه إشارة واضحة إلى التعويل على الحل "التقليدي" أي برفض وضرب الديمقراطية والعودة إلى عهد الإنقلابات وحكومات التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية الطغموية(2).
السؤال: هل طُرح مطلبُ "حل البرلمان" على خلفية تزوير كبير حصل، في إنتخابات 7/3/2010، على حساب جهات ومرشحين تدعمهم منظمات "المجتع المدني" هذه؟
 الجواب: كلا وألف كلا. فأصحابهم "ربحوا" وغمرتهم الفرحةُ. ومن طاله الحيف هما:
1-   إئتلاف دولة القانون الذي أصر وما يزال يصر على حصول تلاعب محدود بحيث هبطت مقاعده من (104) مقعداً إلى (89)، لكن الإئتلاف يقر ويشيد بالإنتخابات ككل.
2-    الحزب الشيوعي العراقي الذي حكمت المحكمة لصالحه بشأن سوء تطبيق قانون الإنتخابات من قبل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات ما تسبب في خسارته مقعدين نيابيين.
سؤال آخر: هل تغيرت الظروف وأصبح البرلمان في وادٍ والناس في وادِ آخر ما يقتضي حله وإجراء إنتخابات جديدة لتحقيق درجة معقولة من التطابق؟ الجواب: لا يظهر في الأفق أمرٌ جادٌّ يبرر وجود هكذا طلاق. فحتى التظاهرات لا تعني، بكل ملابساتها، وجودَ إنفصام بين الحكومة والجماهير. إنها أضغاث أحلام أصحاب البيان البائس وأحلام بعض زعماء إئتلاف العراقية في بيانهم الذي ألقاه السيد صالح المطلك يوم 16/6/2011 الذي جاء، بتقديري، لتهدئة خواطر السيد أياد علاوي (الزعلان عليهم لعدم وفائهم!!!) قبل أي شيء آخر.
المثير للسخرية في بيان السيد المطلك أنه أبدى إحتراماً لتظاهر عدد محدود من ذوي الإرهابيين والمشتبه بهم الذين يطالبون بإطلاق سراح المشتبه بهم بل حتى المدانين منهم، بينما يصف بالمهزلة  تظاهرات الآلاف الذين نزلوا إلى ساحة التحرير مطالبين بإنزال عقوبة الإعدام بسفاحي مذبحة شاطئ التاجي البشعة وتنفيذ حكم الإعدام بمن أدينوا من الإرهابيين وإكتسبت أحكامهم الدرجة القطعية (سبحانَ ربك كيف الأمرُ منقلبٌ!!!).
كانت تلك الجماهير، وهي على حق، تطالب بمحاسبة بعض الحركات السياسية ذات الصوت الدعائي الصاخب التي كانت تؤوي سفاحاً بوزن فراس الجبوري وهي تنادي ليل نهار بوجوب نبذ المخبر السري والتعويل على الإستخبارات. إنها كلمة حق يُراد بها باطل إذ قصدوا إسقاط المخبر السري وقانون محاربة الإرهاب، والسخرية من إستحالة الوصول إلى عمل إستخباراتي شامل مازال هناك من يثقف بإتجاه تضليل الأجهزة الأمنية وعدم التعاون معها وإحتضان السفاحين والإرهابيين.   
أعتقد أن الجماهير إتعظت من عدم جدوى رحمة وتهاون الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم يوم خرجت التظاهرات الشعبية وهي تهتف: "إعدم...إعدم"، ولم يعدم. ويوم خاطبه شاعر العرب الأكبر الجواهري إذ أنشد: "وضيِّق الحبلَ وأشدد من خناقهمو..... فربما كان في إرخاءه ضرر" ثم قال: "تصوَّر الأمر معكوساً وخذ مثلاً.....إلخ." فصاح الشهيد: "الرحمة فوق القانون" و "العفو عند المقدرة" حتى غدروا به وبالشعب.
آهٍ لو تصوَّرَ الشهيدُ عبد الكريم الأمرَ معكوساً، لما أصاب أهل العراق والعراق ما أصابهم من مصائب وويلات ودمار شامل على أيدي الطغمويين ألأعداء الطبقيين لعامة أبناء العراق!!! واليوم تريد النائبة الدكتورة عتاب الدوري (من إئتلاف العراقية) أن يصدر عفو عام عن الجميع من أجل المصالحة!!! (فضائية "الحرة – عراق" برنامج "بالعراقي" يوم 14/10/2011).
لماذا، إذاً، هذا الإلحاح على حل البرلمان؟ هل لأنهم يعتقدون أنها الفرصة المؤاتية إذ بظنهم أن الجماهير إنقلبت على إئتلاف دولة القانون؟ الجواب: إنهم يعرفون جيداً أن هذا هراء في هراء، رغم ديماغوجية البعض الذي يفترض إفتراضاً كاسحاً بأن الجماهير العريضة العراقية إختبأت في جيبه تتوسل حمايته والدفاع عن حقوقها. فهذا السيد حامد المطلك (نائب عن إئتلاف العراقية) يطلب من الحكومة تلبية مطاليب الجماهير وعدم خلط الأوراق وخلق الفتن (فضائية الحرة في 18/6/2011). يتكلم وكأنه وإئتلافه أصبحا كعبة الجماهير تقصدهما للنجاة!!! وأصبح، في نظره، كشفُ تورط بعض أطراف إئتلافه بالإرهاب خلقاً للفتنة وخلطاً للأوراق. وذاك زميله في مجلس النواب الدكتور أحمد المساري يقول في فضائية الحرة (20/6/2011) بأن هناك من الجماهير من يُعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية. وراح السيد أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب، يصيح من واشنطن بأن السنة محبطون ويشعرون بكونهم مواطنين من الدرجة الثانية، وقد ينفصلون عن العراق!!. لا يوجد في الدستور العراقي ما يؤسس لهكذا حال، أي لا توجد مادة تميز بين المواطنين تحت أية ذريعة كرعايا "المحافظات البيضاء" و "محافظات الغدر والخيانة" و "محافظات الغوغاء" كما كان التصنيف أيام زمان. المشكلة تتمثل في أن البعض مغرم بالنظام البعثي الطغموي ورأسه صدام وأفعاله الإجرامية، وراح يرفع صوره على رؤوس الأشهاد متحدياً مشاعر الغالبية العظمى من أبناء العراق ما يولد ردود أفعال معنوية شعبية مضادة تتمثل بالإحتقار والإزدراء، فينشأ شعور "المواطنة من الدرجة الثانية". وهذه ليست من أفعال السنة الديمقراطيين، وهم الأغلبية، إنما يعبر السيد النجيفي عن شعور الطغمويين الذين يرون أنفسهم مهمشين ومواطنين من الدرجة الثانية إذا لم تكن رقاب الناس تحت سكِّينهم كما كان الحال أيام زمان. لا أنكر أن هناك خلل في تفعيل سيادة القانون، وهذا منوط بتعاون الجميع على إشاعة ثقافة إحترام القانون وفرض سيادته وتغليب مبادئ "تكافؤ الفرص" و "وضع الشخص المناسب في المكان المناسب" و "تحقيق التوازن" في إنتفاع مكونات الشعب من خيرات البلد والوقوف صفاً واحداً لمحاربة الإرهاب الحاضن الأول لخرق القانون. غير أن الطغمويين من بعض أطراف إئتلاف العراقية والتكفيريين لا يفسحون المجال لفرض سيادة القانون بل على العكس يشجعون ويدفعون بإتجاه الإستهانة بالقانون وسيادته.
   
أعود وأسأل: لماذا الإلحاح على حل البرلمان؟
 الجواب: لأنه إذا حُلَّ مجلس النواب فسوف تترتب على الحلَّ عدةُ إحتمالات كلها مدمرة للديمقراطية العراقية، وتحديداً: سوف لا تكون هناك إنتخابات جديدة على أغلب الظن، أو ستكون هناك إنتخابات غير نظيفة. وهذا هو بيت القصيد، إذ أن تخريب الإنتخابات أو تشويهها يمثلان ستراتيجية الطغمويين بعد فشل ستراتيجية الإرهاب؛ علماً أن ألأساليب والعرقلات وووضع العصي في عجلة إعادة إنتخاب مجلس النواب وتشكيل حكومة جديدة، سهلةٌ وطوعُ بنانهم لأن التخريب أسهل من الإعمار بما لا يُقاس.
لقد كرروا هذه المرة أيضاً ممهدات التخريب. كما في إنتخابات 7/3/2010 حيث منعوا قبلها إجراء التعداد السكاني وإذا بهم يعيدون الكَرّة الآن ويحولون دون إجراء التعداد العام للسكان رغم كل الضمانات التي قدمت للحيلولة دون إستخدامه إستخداماً سياسياً بما يؤثر على وضع مدينة كركوك، كما شرحها السيدان وزير التخطيط علي بابان ووكيل الوزارة ورئيس المركز الوطني للإحصاء علي مهدي العلاق. بناءاً على هذا سوف يصبح من الصعوبة بل من المستحيل، في ظل وجود إرادة الإعاقة والتخريب،  تعديلُ قانون الإنتخابات الذي صدر مشوهاً قبيل إنتخابات 7/3/2010 التي، هي الأخرى، أُجلت منذ الفصل الرابع من عام 2009 بسبب العرقلة، وأُجريت بعد عملية قيصرية.
ذكرت إحدى أمهات الصحف الأمريكية أن السفير الأمريكي السيد (كريستوفر هيل) طَرَدَ بنفسه عشرَ نواب عراقيين كانوا جالسين في مقهى مجلس النواب لعرقلة إكتمال نصابه وقال لهم: "إذهبوا للمجلس لأداء واجبكم". (يا للعار، يا للوطنية الراقية والمشروع الوطني الراقي العابر للطائفية والعنصرية ... والمصلحة الوطنية والقارات!!!).
يأمل أصحاب هذا البيان أن يُحل مجلس النواب على عجل ليُضطر هذا المجلس  قبيل حلِّهِ إلى تمديد صلاحية المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات الحالية للإستفادة من الفساد المتهمة به والذي يُظن أن عشرات أو مئات  ملايين الدولارات السعودية تقف وراءه. وإذا لا تمدد صلاحية هذه الهيئة فسوف لا نرى هيئة جديدة نظيفة أبداً كما حصل في مسألة تعيين وزير الدفاع.
رشح إئتلاف العراقية السيد خالد متعب العبيدي لمنصب وزير الدفاع. ما أن تمت موافقة التحالف الوطني والكتل الكردستانية على السيد العبيدي وإذا بإئتلاف العراقية يعود ويسحبه بحجة أن السيد العبيدي هو الذي سحب نفسه. أين الجدية في الموضوع؟. (وأخيراً تعرض الرجل لمحاولة إغتيال ربما عقاباً له لأن الإئتلافين قبلاه ولم يرفضاه فربما كان عليه التفوه بما يجعلانهما يرفضانه لتكتمل خطة السيد علاوي بالعرقلة، وربما إنتظاراً لمحاولة إنقلابية جديدة !!!). كما رشح، للمهمة نفسها، رئيسُ مجلس الوزراء الدكتورَ سعدون الدليمي وزير الدفاع الأسبق ورفضه بعض أطراف إئتلاف العراقية علماً أن الدكتور الدليمي كان مرشح جبهة التوافق في حكومة الدكتور الجعفري وكان وزيراً ناجحاً ومخلصاً ومهنياً. لم يَرُقْ هذا لجبهة التوافق في حينه فطلبت إقالته كما طلبت، من بعد، إقالة وزير الدفاع الآخر الذي رشحته هي في حكومة المالكي السابقة وهو اللواء عبد القادر العبيدي لأن الرجل، هو الآخر، أدى واجبه بمهنية وشرف وإخلاص.   
أعتقد، وبناءاً على بعض المؤشرات، أن الطغمويين يحاولون طرح شعار "المطالبة بحل البرلمان" آملين منه أن يكون نقطة إلتقاء فكري سياسي لشرائح واسعة من المجتمع ليشكِّلَ هذا الإلتقاءُ السياسي خلفيةً دعائيةً، على نطاق العراق والخارج، تدعمُ تحركاً على الأرض وفي ساحة التحرير بالذات على هيئة تظاهرة من أنصار الطغمويين فقط (لأنهم يئسوا من مشاركة أنصار الديمقراطية بناءاً على تجربة يوم 25/2/2011) وذلك لإعادة تنفيذ مخطط مشابه لمخطط يوم 25/2/2011 الفاشل ، الذي أسماه البيان ب"الحملة المصيرية"، وأسماه أحد كتابهم ب"الضربة القاضية".
مـخــطـــــــــــــــط يوم 25/2/2011 الفــاشـــــــل:
أنقل المقطع التالي عن مقال للسيد فراس الحمداني بعنوان "السيد مقتدى الصدر يحبط مؤامرة علاوي لإسقاط المالكي وحرق المنطقة الخضراء" المنشور في موقع "شبكة البرلمان العراقي" الإلكتروني:
"أكدت لنا مصادر مطلعة وبالوثائق والأدلة القاطعة بوجود خطة محكمة يقودها أياد علاوي وبدعم أمريكي وبريطاني وسعودي وبالتنسيق مع العديد من القيادات الإعلامية وعناصر من الجيش والبعض من الأجهزة الأمنية.
وتم وضع هذه الخطة في لندن من خلال اجتماعات متعددة حضرتها العديد من الأطراف وكانت تهدف في الدرجة الأساس لاستكمال الغضب الجماهيري وتحشيد المواطنين الغاضبين والمتذمرين من نقص الخدمات للمتظاهرين في كل مدن العراق يوم 25 شباط وعلى الطريقة المصرية وقد تم توزيع الأدوار بدقة متناهية بحيث يتم توظيف المظاهرات لتنفيذ هذه المؤامرة وخاصة بوجود التيار الصدري الذي يتمتع بشعبية كبيرة والذي كان من المقرر إن يشارك بمئات الآلاف وبعدها يتم سحب المتظاهرين وفق أجندة محددة لافتعال اشتباكات مع القوات الأمنية والعبور بالجماهير إلى المنطقة الخضراء من خلال جسر الجمهورية والسنك والمعلق والالتحام مع متظاهرين قادمين من مناطق بغداد المختلفة حيث تم تزويدهم بخرائط من قبل قيادة المجموعات لمتآمرة.

وتم الاتفاق مع المجموعات التي اندست وسط المتظاهرين بسحب المتظاهرين من ساحة التحرير إلى رأس جسر الجمهورية ومن ثم اختراق هذا الجسر ومن بعده الجسور الأخرى وبعد ذلك يتم السيطرة على الجماهير بالمطالبة بشكل سلمي لكسب الوقت حتى عصر ذلك اليوم ومع أول المساء تنطلق مجموعات كبيرة من المتآمرين لإضرام النيران في كل الأماكن العامة والأسواق لإثارة الرعب والتمهيد لاختراق المنطقة الخضراء وحرق مجلس الوزراء واحتلال السفارات وتدميرها وإحراق مجلس محافظة بغداد والاستيلاء على الإذاعات شبه الحكومية في الصالحية تمهيدا لإعلان سقوط حكومة المالكي والإعلان عن تشكيل حكومة طوارئ بإسناد أمريكي ودعوة أياد علاوي لتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني."
مـــدى  مـصـــداقـيـــــــــة  هـــذه الخـطــــــــــة؟ :
أعتقد أن هذه الرواية تتمتع بمصداقية جيدة، إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار:
أولاً: إمكانية تطبيق الخطة عملياً إذ تنسجم وتتماشى تماماً والظروف المحيطة بالتظاهرة وتَحَلُّلَ المنفذين المتآمرين من أية قيود وروادع أخلاقية أو وطنية أو دينية أو إنسانية ولنا من جريمة عرس الدجيل ودور داعية "حقوق الإنسان" فراس الجبوري، مدير مكتب حركة الوفاق الوطني / الرصافة الثانية خير دليل على ذلك؛ وإذ لا تنقصهم الإمكانيات المادية تخطيطياً ولوجستياً، أيضاً.
أدرج فيما يلي رسالة لهيئة علماء المسلمين إقتطفتها من مقال للدكتور عبد الخالق حسين: "رسالة خاصة إلى كافة فصائل المقاومة من هيئة علماء المسلمين في العراق"، جاء فيها: "وقد حان الوقت للتغيير الشامل وعلينا جميعاً اغتنام الفرصة القادمة، يطالب بها عدد كبير من المواطنين العراقيين يوم الجمعة القادم الموافق 25 شباط 2011، وقد أكملنا كافة المستلزمات المطلوبة وفق الخطة التي تم إعدادها في الاجتماع السابق لقياداتكم الميدانية".
ثانياً: دوافع الجهات المشتركة فيها إذ لدى جميع الأطراف دوافع نفعية لا مجال لتفصيلها الآن.
وإذا ساورَ أحدَنا الشكُ في تورط الأمريكيين والبريطانيين في التآمر، فلنطرح الموضوع بصيغة أخرى تفضي إلى نفس النتيجة وبالصورة التالية: قد يكون المخطط موضوعاً من قبل السيد أياد علاوي والسعودية والأطراف الأخرى عدا أمريكا وبريطانيا. ينفذ هؤلاء المخطط  بالصيغة المشروحة أعلاه من قبل السيد فراس الحمداني. فإذا ما وصل التنفيذ حد القاتل والمقتول وإختلاط الحابل بالنابل ونشوب الحرائق في أبنية مهمة من بغداد ومن ثم إقتحام محطة إذاعة وتلفزيون بغداد والإستيلاء عليها ومباشرةَ البث المعد له سلفاً ثم إقتحام السفارات وحرقها وإختطاف بعض موظفيها (عدا السفارتين الأمريكية والبريطانية إذ ستقع حرائق في الحديقة الأمامية مع خطف بوابين وبعض الحرس)، والهجوم على مقرات الحكومة وربما قتل رئيس الوزراء. عندئذ تتشكل "حكومة طوارئ" تدَّعي بأن "قوات الحرامي المتسلط نوري المالكي" هجمت على المتظاهرين المسالمين الذين لم يطالبوا سوى بتحسين الخدمات والقضاء على الفساد، وقتلت بالرصاص الحي والمتفجرات والرشاشات المئات وربما ما يفوق الألف شخصاً (حتى ولو كانوا من الطغمويين، فهذه هي الشهادة!!!) ما أغضب الجماهير "البريئة" فهاجمت الفاسدين في عقر دورهم المتوفرة على الكهرباء والماء النظيف و"الدجاج" تاركين الغلابة "تتلكَه العجاج". وحكومة الطوارئ التي تضم "مختلف" شرائح المجتمع المؤمنة بالديمقراطية والرافضة للإستبداد (سوف تختفي لفظة "الطائفية" تماماً لأنها ستكون ضوءاً كاشفاً لهوية الإنقلابيين وموضع إثارة وتحشيد شعبي آني مضاد لا ينتظر إيضاحاً من أحد، حليفاً كان أو عدواً، يرتد على المتآمرين فوراً) - الحكومة توجه نداءاً إلى أمريكا وسفارتها في بغداد بموجب إتفاقية الإطار الستراتيجي بين العراق وأمريكا للتدخل والإعتراف ب "حكومة الطوارئ" وإجراء إنتخابات "حرة ونزيهة" خلال شهرين على أبعد تقدير!!!
عندئذ توضع أمريكا وبريطانيا أمام الأمر الواقع. وهنا قد تنخرط الدولتان في العملية الإنقلابية أو ب"الإكتفاء" بالإدانة.
الإستعدادات المسبقة:
1-   بالنسبة للطغمويين والتكفيريين:
a.   محاولة تمديد بقاء القوات الأمريكية إلى ما بعد 2011 حتى بعدد لا يتجاوز (15) ألف جندياً. بحساب الطغمويين، فإن هذا العدد مضافاً إليه عدد لابأس به من الأمنيين من بين أل (16) ألف شخص وهو مجموع موظفي السفارة الأمريكية والقنصليات في العراق، مضافةً إليهما الوحدات العسكرية والأمنية العراقية التي تمكن السيطرة عليها من قبل الإنقلابيين، سيكون العدد الكلي  كافياً للسيطرة على الموقف وإنجاح الإنقلاب.
إن بقاء القوات الأمريكية في العراق سيحقق ، بتقدير بعض أطراف إئتلاف العراقية، نفعاً  آخر حتى لو لن تقع محاولة إنقلابية. يتمثل ذلك النفع بعدم السماح للحكومة العراقية بكسب الثقة والمصداقية وبلوغ حالة الإستقرار وإحراز مزيد من إحترام المجتمع الدولي للسيادة العراقية وإستقلال العراق وحكومته المنتخبة وديمقراطيته. إن السيد أياد علاوي دأب على النيل من هذه القيم. ففي هجومه "الصاعق" الأخير، إتهم السيد نوري المالكي بالعمالة لإيران، وهو أمر مسيء للمصلحة الوطنية العراقية قبل الإساءة للمالكي شخصياً لأنه معروف بإستقلاليته. إن بعض أطراف العراقية لا يريدون أن يستقر العراق وهم ليسوا على قمة الهرم.       
b.   علاوة على ما ذكره السيد الحمداني من تنسيق كامل بين الفصائل المعادية للديمقراطية على النحو المذكور أعلاه، فستُعَدُ قوائمٌ مفصلة بأسماء وعناوين وأرقام هواتف وتفاصيل عائلية كاملة عن جميع قيادات الأحزاب الديمقراطية الدينية والعلمانية والنواب الديمقراطيين والوزراء ورئيس  الجمهورية ونوابه، عدا السيد طارق الهاشمي الذي سيكون من قادة الإنقلاب كما أتوقع، وكبار موظفي الدولة، وعزل جميع السفراء الديمقراطيين وتعيين المساعدين من الميالين إلى الطغمويين بموجب مبدأ المحاصصة (الذي فرضه الأمريكيون والطغمويون لصالح الطغمويين لأنهم أقلية وأنحى البعض غير الموضوعي بمسؤوليته على المالكي). إنها إجراءات مشابهة لتلك التي نُفِّذت صبيحة يوم 8 شباط 1963 الأسود. نشرت صحيفة الإهرام المصرية في حينه بأن رسائل عبر الأثير كانت تُبثُّ من الأردن تعطي للحرس القومي البعثي أسماء وعناوين الشيوعيين والقاسميين لإغتيالهم.
c.   إن تصريحات السيد أياد علاوي ضد إيران لا تدع مجالاً إلا لقليل من الشك في أنه يجدد الإشارات إلى إسرائيل لتثق بمسعى السعودية لتنفيذ مخطط من قَبيل ما تم شرحه، ولترويج فكرة الإصطدام بإيران بين أبناء الشعب العراقي كي لا تصيبهم الدهشة إذا ما تم تنفيذ المخطط. قبل سبع أشهر تقريباً صرح السيد أياد علاوي بأنه سيشن حرباً "سياسية" ضد إيران، وذلك في مقابلة له مع صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية نقلتها صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتأريخ 25/11/2010. وفي حينه فضح الدكتور سلام الزوبعي، القيادي في إئتلاف العراقية، وجود مسعى لبعض أطراف الإئتلاف لإشعال حرب مع إيران وتأجيج القتال ثانية مع الأكراد. وبتأريخ 18/6/2011 نقلت فضائية "الحرة ـ عراق" عن موقع "العرب اليوم" الذي أجرى مقابلة مع السيد أياد، قوله: "أُأَكِّدُ أن إيران لها الدور الأعظم فيما يجري في العراق وأستغرب لصمت المجتمع الدولي وغياب الموقف العربي." وفي بيانه "الصاعق" الذي أصدره يوم 11/6/2011، إتهم السيد علاوي رئيس الوزراء السيد نوري المالكي بالعمالة لإيران، وهو إتهام يندرج ضمن ديماغوجية دعاية الحرب.

2-   أتكهن أن السعودية تكون قد إتخذت الإجراءات المسبقة التالية:
أولاً: التفاهم مع إسرائيل والأردن (وربما الكويت) ليقوم الثلاثة بإشعار الولايات المتحدة بما سيقع خلال السويعات القليلة القادمة ويضعون أمريكا وبريطانيا أمام الأمر الواقع للإنخراط في العملية لآخر المشوار، أو للإكتفاء بإدانتها.
ثانياً: التهيؤ لضرب الوحدات العسكرية العراقية الموالية للشرعية الديمقراطية من الجو بطائرات جميع أو بعض الدول المتآمرة الثلاث: إسرائيل والأردن والسعودية.
ثالثاً: إعداد خطة عسكرية متكاملة هدفها ضرب المفاعلات النووية الإيرانية وفق أحد السيناريوهات التالية سواءاً تدخلت إيران ضد الإنقلاب أم لم تتدخل:
1-   إحتلال مطار البصرة للإيحاء بأن الجهد الكلي للطيران ينطلق من هناك، بينما هو في واقع الحال قد ينطلق من الكويت التي يكون التحشيد اللوجستي فيها قد تم مسبقاً، وكذلك الحال بالنسبة لقاعدتي العديد في قطر والقاعدة البحرية في البحرين، إذ تكون كلها جاهزةً للعمل في أي وقت على عكس القاعدة في البصرة حيث لا يمكن التحشيد المسبق فيها بسبب الرقابة العراقية. ولكن يمكن إستغلال قاعدة البصرة، علاوة على توفير التغطية، لإعادة تزويد الطائرات القادمة من قطر والبحرين بالوقود وكذلك كنقطة تحشد لقوات برية من الكوماندوز محدودة العدد إذا إقتضت الخطة زجهم في عمل ما.
2-   لا أعرف كم هي الحاجة لتواجد قوات كوماندوز إسرائيلية في منطقة ديالى. إذا أظهرت المعلوماتُ الإستخباراتية حول مواقع المفاعلات النووية الإيرانية، وجودَ الحاجة لمثل هذه القوات، فيمكن إستقدام هذه القوات خفية وبهدوء وإخفائها في البساتين بالتنسيق مع الطغمويين والتكفيريين في المنطقة التي تعرضت من قبل لحملة واسعة من الإرهاب والتهجير، بمساعدة أمريكية واضحة، ليس عن غير قصد.   
3-   قد تُعلن حرب نظامية على إيران لزج القوات العراقية وهذا مستبعد في الوقت الحالي إذ يتطلب الأمر وقتاً طويلاً  للإعداد.
رابعاً: إعداد حملة إعلامية "هادفة" بنقل إعلاميين منتقين (وعلى رأسهم مراسلو فضائية الجزيرة القطرية) إلى بغداد بعد غلق الأجواء العراقية أمام الملاحة الدولية.
خامساً: تخزين كميات من سلاح دمار شامل كيمياوي في كل من السعودية والأردن يستخدم ضد أي تحرك جماهيري أو عسكري داخل بغداد وخارجها إذا ما بلغ خطره حد تهديد الإنقلاب والإنقلابيين وعجزت الطائرات عن معالجة الموقف، حسب تقديراتهم.
سادساً: مواصلة الحملة التشويشية المنبثقة من مخطط "حرق الأعشاش" وإبتداع مواضيع جديدة لتدويخ رأس الحكومة وإقلاقها وتشتيت إنتباهها وإنهاك قواها وصرفها عن التصدي لمعالجة البناء والإعمار لإثارة الجماهير ضدها وتوفير الظروف الملائمة لإستغلالها من قبل المناوئين للنظام الديمقراطي .
أعتقد أن الشروع ببناء ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان الكويتية الذ ي سيتسبب بخنق العراق كما قال السيد نوري المالكي؛ وملاحقة الخطوط الجوية العراقية من قبل الكويت لهما جزء من هذا المخطط الخبيث، وهو حلقة من حلقات المسعى السعودي لإثارة صراع سني – شيعي على نطاق المنطقة ليتخفى النظام السعودي بظله ويصرف أنظار مواطنيه بعيداً عن المطالبة بالديمقراطية والملكية الدستورية.
الـرضــوخ للـنـتـيـجـــــــــــــة النـهــــــــــائيــــــــة:
إذا ما نُفِّذَ المشروع بنجاح، أتوقع أن يُفاجأُ السيد أياد علاوي ورفاقه بقرار تقسيم العراق حتى دون إستشارته، بعد ضمان إقتطاع حصة معينة من موارد النفط للمناطق الغربية التي قد تُلحق بالأردن.
أما كردستان العراق فربما يصار إلى عقد صفقة مع تركيا لتأسيس فيدرالية تركية تضم كركوك أيضاً ويتمتع فيها كرد العراق وتركيا بالإستقلال الذاتي الفيدرالي.
وعند ضرب المفاعلات النووية الإيرانية ستحصل تغييرات سياسية داخل إيران لصالح الغرب فما تعود إيران قادرة على التأثير على دولة تتشكل من وسط وجنوب العراق وبذلك فلا خطر من إنضمام نفط العراق ونفط إيران ليمنحا البلدين قوة سياسية مؤثرة.
خاتمـــــــــــــــة:
أولاً: ما عرضتُ من سيناريوهات إنقلابية – حربية محتملة تمثل تصورات لما يمكن أن يُقدم عليه المتآمرون. غير أن هذا لا يعني بالضرورة نجاحهم في مساعيهم. ولكن مع ذلك فالحيطة والحذر من الجانب الديمقراطي واجب في غاية الخطورة.
ثانياً: بالطبع ليست هذه المنظمات المائة على دراية بكامل أبعاد المخطط. فهي مكلفة بجزء منه، كما هو حال غيرها في مجالات أخرى. إنها، في الحقيقة، ليست منظمات مجتمع مدني بل إنها واجهات حزبية طغموية معادية للديمقراطية تذكِّرُنا ب"نقاباتهم" التي إستغلت تذمر سائقي سيارات الأجرة في بغداد وتذمر الطلبة فشنوا إضراباً لإرباك الوضع وتسهيل تمرير إنقلاب 8 شباط الأسود عام 1963  الكارثي. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1):
أكثر من 100 منظمة مجتمع مدني تستعد للخروج بتظاهرة لتغير الواقع السياسي في البلاد بدءا
(صوت العراق) - 13-06-2011 | www.sotaliraq.com

أكثر من 100 منظمة مجتمع مدني تستعد للخروج بتظاهرة لتغير الواقع السياسي في البلاد بدءا من حل البرلمان العراقي

More than 100 civil society organizations are preparing to get out a demonstration to change the political reality in the country starting from dismantling the Iraqi parliament


في اطار استعدادات لحملة اطلقتها رابطة الصحفيين المستقلة بنداء عاجل للمنظمات الفاعلة للمطالبة بحل البرلمان العراقي فقد وقعت اكثر من 100 منظمة مجتمع مدني و20 صحفي عضوا في نقابة الصحفيين العراقيين للخروج بتظاهرة سلمية تطالب بحل البرلمان العراقي الذي لم يقدم للانسان العراقي سوى النهب والاستهانة بمشاعره من خلال الحوافز والمكافئات والرواتب الكبير ة والمصفحات والسفر الى جزر المالديف وباريس فضلا عن المحاصصة السياسية والطائفية التي احتلت مكانة واضحة في اروقة مجلس النواب " فقد وقعت 100 منظمة حتى الان بالمشاركة في التظاهرة المقررخروجها بعد ان يتم الاتفاق على المكان والزمان وتحدث الدكتور احسان الخزاعي مدير مكتب حقوق الأنسان ونائب رئيس رابطة الصحفيين المستقلة قائلا لـ وكالة اسرار الشرق (واش) أن البرلمان العراقي وأعضائه وكل من يدور طامعا في فلك السلطة في العراق منذ السقوط ولحد هذه اللحظة هم مافيا للنهب والسرقة وحدت جهودها ضد مصالح الوطن والشعب وغلبت مصالحها الشخصية على المصلحة العامة وكل مايتحدثوا بشأنه من الغيرة والحرص والتضحية والوطنية وخدمة العراق ماهو الا محض هراء في خيالهم المريض على حد قوله واضاف الخزاعي تحدثثنا عن ذلك في عدة مناسبات وكتابات ولكم أن تطلعوا على المقالة الأخيرة :البرلمان العراقي مؤسسة الفساد الأولى"


ايضا صرح رئيس منظمة دعم ضحايا الارهاب حسام الجنابي لـ وكالة اسرار الشرق (واش) ان هذه الحملة تعبر عن تطلعات الشعب العراقي والكل يعرف ان البرلمان لم يخدم الشعب العراقي فبقاءه اهانة للعراقيين ورواتبه حرام بحرام واكد الجنابي الى ان المنظمات تتفق لتحديد المكان والزمان ويتوقع الجنابي انظمام منظمات اخرى الى هذه الحملة المصيرية " اما رئيس مكتب عشائر الفرات الاوسط الشيخ رشيد العنزي المنضوي في الحملة قال وبصريح العبارة يجب علينا كـ عراقيين تغير الواقع السياسي ومحاسبة المفسدين واستعادة الاموال المسروقة التي نهبت فضلا عن الوجوه التي لم تتغيرمنذ الاطاحة بالنظام البعثي المجرم عام 2003 انتهى


للاطلاع على تواقيع المنظمات في حملة حل البرلمان اضغط على الرابط


http://asrar-alsharq.net/news/localnews/15116.html


لقراءة مقال الـ د: احسان الخزاعي اضغط على الرابط التالي


http://asrar-alsharq.net/news/articles/15414.html

البرلمان العراقي مؤسسة الفساد الاولى
(2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
     

79
أتفق مع علاوي أن إيران دعمت المالكي... ونسي دعم إسرائيل!!!
محمد ضياء عيسى العقابي

أبدى الحريصون على الشعب العراقي وأوضاعه السياسية تخوفا وقلقاً كبيرين على مصير العملية السياسية بعد بيان الدكتور أياد علاوي الصاعق الذي ركز، تكتيكياً، على شخص أمين عام حزب الدعوة وزعيم إئتلاف دولة القانون ومرشح التحالف الوطني رئيس الوزراء السيد نوري المالكي.
أنا شخصياً إستبشرتُ خيراً من بيان السيد علاوي. لأنني وجدت فيه علماً أبيض مرفوعاً ورأيت فيه بداية الطريق للسير على درب الحسم ونبذ المحاصصة التي فرضها الأمريكيون لتحقيق هدفين هما:
أولاً: إغراء الأطراف الرافضة للديمقراطية وحقوق الإنسان وسواسية البشر – إغراؤهم بخليط من الديمقراطية بمعناها الحداثي ومبدأ "أهل الحل والعقد" التراثي القاصر الذي نادت به "هيئة علماء المسلمين" على لسان متحدثها الرسمي الدكتور مثنى حارث الضاري. فنتجت المحاصصة وهي إنتقاص من الديمقراطية ولكنها أكثر تطوراً من صيغة "أهل العقد والحل". هذا رغم أن حق أولوية الديمقراطية أصبح مصاناً بقوة الدستور الذي صوت عليه الشعب العراقي.
ثانياً: خلقُ ثلاث كتل في المجتمع العراقي متقاربة من حيث القوة النوعية؛ فمَنْ نَقٌصَهُ الدعمُ البشري رفدته أمريكا بالدعم العسكري والأمني من العناصرالسابقة المعادين إلى مواقع الدولة الحساسة تحت يافطة "المصالحة". إستفادت وتستفيد أمريكا من هذا التصنيف للِّعب على تناقضات أطرافه وفرض إرادتها. مثلاً: أراهن على أن العراق سيمنح أمريكا حق تمديد بقاء بعض القوات العسكرية لما بعد عام 2011 لأن أمريكا تريد هذا التمديد.  التأخير في إتخاذ القرار ناجم عن سعي بعض أطراف إئتلاف العراقية بقيادة السيد أياد علاوي لتلبيس القضية برأس المالكي مثلما أفلحوا في تلبيس مسؤولية التلكؤ في تقديم الخدمات وأهمها الكهرباء بالتحالف الوطني والمالكي، ظلماً وإنتهازيةً وجبناً، للإستفادة منه في عملية التسقيط المنافي للوطنية.
لقد إستنفذت المحاصصة أغراضَها فعوَّلوا ،أمريكا وعلاوي، وقبل إندلاع الثورات الديمقراطية العربية، على صيغة أكثر تطوراً وهي الشراكة. وإقترحَ نائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا". غير أن السيد علاوي أبى إلا أن يجعل منه حكومة ثانية، وهو أمر مرفوض دستورياً بالطبع. ورُفض بالفعل. فصرخ السيد علاوي: هذه مشاركة وليست شراكة. مشكلة الدكتور أياد علاوي وبعض أطراف إئتلاف العراقية أنهم لم يتزحزحوا بتاتاً عن عقيدتهم بأنهم وحدهم المؤهلون لحكم العراق وعلى الآخرين تقديم فروض الطاعة لهم صاغرين ربما من منطلقات غيبية كنا نتوقع صدورها من قوى دينية لا علمانية وإذا بنا نتفاجئ بتبادل المواقع.
ونحن في خضم هذه العنعنات، إلتهبت الثورات الديمقراطية العربية وسقط حكام داعمون للسيد أياد ووقف حكام السعودية على أرض رخوة وغطسوا في دماء البحرينيين الأبرياء. وإنطلقت الحملة الإنتخابية الرئاسية في أمريكا وكان على إدارة الرئيس أوباما أن تتخذ موقفاً حاسماً بشأن العلاقة مع العراق: فهل تستمر بلعبة تكبيل يد حكومة التحالف الوطني بإنتظار فوز علاوي بمقعد رئاسة الوزارة؛ أم الإعتراف بحقيقة فشل الجهود الرامية إلى زعزعة التحالف الوطني وتشتيت جماهيره والإعتراف بإئتلاف دولة القانون وزعيمه المالكي بكونه الشريك العراقي المؤهل.
توالت التصريحات الأمريكية المشيدة بالعراق وديمقراطيته وتوقُّعِ لعبِه دوراً سياسياً – إقتصادياً محورياً في شؤون المنطقة الثائرة.  جاءت التصريحات على لسان الرئيس أوباما ووزيرة الخارجية السيدة هيلاري كلينتون ووزير الدفاع السيد روبرت غيتس ورئيس مجلس النواب والسفير الأمريكي في بغداد السيد جيمس جفري. كانت كلمة السيدة كلينتون ذات دلالة هامة إذ قالت: يجب إنجاح الديمقراطية العراقية. وقد يكون هذا مؤشراً إلى العودة الجزئية لمشروع المحافظين الجدد الذي خطط لجعل العراق نموذجاً ديمقراطياً للمنطقة التواقة للديمقراطية والتي شقت الآن طريقها عنوة نحو ذاك الهدف.
ربما غسل الدكتور أياد علاوي يديه من أمريكا ورأى أنه إهتزَّ بعنف فوق  أرضية إئتلاف العراقية، فإستغل حادثة طلب الحكومة العراقية من وفد من الكونغرس الأمريكي مغادرةً الأراضي العراقية لطرحه موضوع إحتمال مطالبة أمريكا العراقَ دفعَ تعويضات لأمريكا مقابل تحريره، كما أراد التدخل في شأن عراقي داخلي سيادي وهو التحقيق في موضوع مخيم أشرف الذي يسكنه أعضاء منظمة (مجاهدين خلق) الإيرانية على خلفية الأحداث الأخيرة التي قُتل فيها (35) شخصاً وجرح آخرين – إستغل هذه الحادثة فأطلق بيانه الورواري، وناشد المجتمع الدولي، للمرة العشرين، للوقوف إلى جانبه في وقت أصبح فيه متأخراً جداً حيث أحرزت حكومة نوري المالكي إحترام العالم وأثبتت مصداقيتها ومصداقية السيادة العراقية وخلقت وشائج مصلحية مع أوربا واليابان وروسيا والصين ودول عديدة أخرى.
أتوقع أن السيد علاوي يئس أيضاً من ترؤس "المجلس الوطني للسياسات العليا". لذا فسيدعو وزراء إئتلافه للإنسحاب من الحكومة وربما من العملية السياسية برمتها. أتوقع أن يُواجه برفض شامل فيما يتعلق  بالإنسحاب من العملية السياسية وربما سيلقى إستجابة جزئية بالنسبة للإنسحاب من الحكومة؛ أي سيرفض بعض أطراف إئتلاف العراقية الإنسحابَ من الحكومة. إذا حصل إنسحاب من العملية السياسية فسيكون الخاسر الأكبر هو إئتلاف العراقية.
وإذا عوَّلَ السيد علاوي على نهوض الخلايا النائمة فسيحصد الخذلان لأنني أعتقد أن الجماهير ستضغط بإتجاه تشديد الإجراءات الأمنية واللجوء إلى مبدأ الإعتقال الإحترازي للمشتبه بتورطه بالإرهاب وستفضح كل متورط به، وهو مبدأ أخذت به أعرق الديمقراطيات في العالم عندما تعرضت لظروف أخف قساوة ومأساوية من المأساة العراقية بما لا يُقاس.
أتوقع أن تهمل الحكومة العراقية ذلك النوع من الإحتجاجات المُسيَّسة والمُبرقعة ببرقع الدفاع عن حقوق الإنسان، وذات الهدف الرامي إلى إسقاط الحكومة وإجراء إنتخابات مبكرة خارج السياقات الدستورية ولا تجد الجماهير ضرورة لها لأن الجماهير أوعى من كثير من "المثقفين" الضائعين، وتعرف جيداً، بحكم الغريزة، ما يُخطط ويدور حولها.
أخيراً أعرِّج على قضية واحدة ذكرها السيد علاوي في بيانه وهي دعم إيران للسيد المالكي ليكون رئيساً للوزراء. وفي مكان آخر أشار إلى دعم المجتمع الدولي. والأمران صحيحان سبق لي أن شخصتُهما في عدة مقالات وأضفتُ إليهما  الدعم الإسرائيلي!!! ولكن كيف؟
بالنسبة لدول العالم فقد لمستْ هذه الدول، كما أسلفتُ، مصداقيةَ وإستقلالية حكومة المالكي لمسَ اليد وأقامت معها علاقات إقتصادية خاصة في مجال العقود النفطية التي توفر المؤشر الأهم في إختبار مدى مصداقية السيادة الوطنية ومدى إستقلالية الحكومة ومدى مصداقية إتفاقية الإطار الستراتيجي مع الولايات المتحدة القائمة على إحترام السيادة والمصالح المشتركة والشفافية إفتراضاً.
أما بالنسبة لإيران وإسرائيل فالأمرُ كما يلي:
الجميع: أمريكا و(السعودية وفرخاتها) وتركيا وإيران ومصر وسوريا والأردن أرادوا تشكيل حكومة عراقية بموجب الصيغة: "أريد حكومة تنفعني" إضافة إلى مساومات أخرى بشأن ملفات عديدة أهمها الملف النووي الإيراني. فكان علاوي هو المرشح، أو، وهو الأرجح، شخصُ ما من التحالف الوطني غير المالكي "المتعنت".
مضت الأيام وإذا باليمين الإسرائيلي المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو يُظهر الصلف ويكشر عن أنيابه ويوجه إهانة للرئيس الأمريكي أوباما مرتين بصدد المفاوضات مع القادة الفلسطينيين. وأصرت إسرائيل على ضرب المنشآت النووية الإيرانية من الجو رغم التحذير الشديد الذي وجهه قائد الأركان الأمريكي الأدميرال مايكل مولن الذي أوضح عدم جدوى ذلك تقنياً بل إحتمال إشتعال المنطقة بأكملها في حالة الهجوم الجوي.
هنا دقت نواقيس الخطر لدى إيران وسوريا وحماس وحزب الله وفهموا أن أمريكا لا توفر لهم رادعاً يحول دون حصول هجوم إسرائيلي عليهم جميعاً. إنهم على يقين تام، كما أنا، بأن السعودية لها تفاهم تام مع إسرائيل بهذا الصدد.
لذا بدّلت إيران وسوريا موقفيهما من المالكي وعلى مضض فهو الكريه لهم ولكنه المطلوب لإستقلاليته في آن. وطلقتا "الصديق" الدكتور أياد لأنه رهينة بيد السعودية، حليفة إسرائيل، والتي مولت حملته الإنتخابية بضمنها محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 على نطاق واسع فأحرزت القليل.
وهكذا إتفقت أطراف التحالف الوطني على المالكي لا غير كرئيس للوزراء. وغنيٌ عن البيان أن التحالف الكردستاني والأكراد عموماً لا يصوتون إلا لحلفائهم الطبيعيين المنضوين تحت خيمة التحالف الوطني حيث يلتقون في مسائل مصيرية تفوق في أهميتها علاقة الصداقة والتحالف التي تربطهم بأمريكا وهي: الديمقراطية والفيدرالية ووحدة العراق وضمان سلامة الجماهير من الإبادة الموعودة بها على يد الإرهابيين والطغمويين* وحماتهم.
من هذا تبدلت صيغة التعامل مع العراق وأصبحت: "أريد حكومة لا تنفع الغير ولا تنفعني". وبذلك نجحت سياسة المالكي الذي أراد صداقة الجميع وإستقلالية العراق .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية .
 




80
الذين يمتصون دم الناس بتجارتهم الفاسدة بضاعة وخلقاً...!!

محمد ضياء عيسى العقابي

أُكبرُ في الكاتب، السيد حمزة الدفان، أسلوبه الرصين وأفكاره الموضوعية وحرصه على الديمقراطية والمصالح الوطنية في مقاله المعنون: " من لا يعرف هدف تظاهرات ساحة التحرير؟" المنشور في صحيفة "صوت الحرية" الإلكترونية.

 يكفي أن نتذكر أن بيان الدعوة لتظاهرات يوم 25/2/2011  كرر شعار "الموت للديمقراطية التي تفعل كذا وكذا.." لعشر مرات تقريباً. الديمقراطية لا تأتي بالسيئات التي ذكرها البيان بل أن إنتهاكها هو الذي يسبب السيئات. فلماذا، إذاً، أراد البيانُ الموتَ للديمقراطية، ولم يقل: بإسم الديمقراطية أُطالب بإصلاح كذا وكذا؟.

 لما عرفت الجماهير حقيقة الموقف والنوايا عزفت عن الحضور لساحة التحرير رغم أن أصحاب البيان قد أزالوا بيانهم تكتيكياً. ولو أراد الناس الحضور لما منعهم منع تجول السيارات أو ما شابه من الحجج البائسة. أكثر من هذا، فإن المتظاهرين في مدينة الكوت التي حرق فيها بيت المحافظ وتم العبث بمكاتب المحافظة وقتل شرطي بحجارة أحد المندسين، لما شعروا بوجود إندساس عادوا في اليوم الثاني ليعبروا عن طيبتهم وبرائتهم من أفعال المندسين فقاموا بتنظيف ساحة التظاهر بأنفسهم.

الحكمة الشائعة تقول: "الجارَ قبل الدار". وكان السيد كاتب المقال على حق عندما أراد أن يقول: "منظمي المظاهرة قبل شعاراتها"، لأن الشعارات ممكن أن تُصاغ للخداع، فعليك معرفة القائمين عليها لتتعرف على نوايا تظاهراتهم الحقيقية قبل فوات الأوان.
ألم ترفع دبابات الغدر شعارات تناصر الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ورفعت صوره لتسمح لها الجماهير المحتشدة في شارع الرشيد بالمرور إلى وزارة الدفاع وسط ترحيبها وتصفيقها ولكن ما أن وصلت باب الوزارة حتى إنقلبت على الجماهير وضربتها وبدأت القصف العنيف على مقر الزعيم الشهيد في وزارة الدفاع صبيحة يوم 8 شباط الأسود  من عام 1963؟

 ألم يرفع "الدكتور" فراس حسن فليح الجبوري، سفاح شاطئ التاجي، شعارات براقة حول حقوق الإنسان في ساحة التحرير؟؛ وألم يظهر وهو يصلي بين معممين محترمين هناك؟.

أليس أس المشكلة العراقية يتجسد بالصراع بين أنصار الديمقراطية وهم الأغلبية الساحقة وأعداء الديمقراطية وهم الأقلية الطغموية* وكلا الطرفين يضمان من جميع مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بهذه النسبة أو تلك؟. ألم يحاربوا الديمقراطية بالإرهاب ولما قُصمَ ظهر الإرهاب لجأوا إلى التخريب السياسي وإستغلال معاناة الجماهير البريئة والإندساس بينها ورفع شعارات "الموت للديمقراطية التي....."؟.

مِنْ هؤلاء المندسين حَذَّرَ المالكي ولم يقل الرجل أكثر من ذلك بشأن تظاهرات يوم 25/2/2011. لم أشم لا من قريب ولا من بعيد أية رغبة لدى الكاتب المحترم لتقديس المالكي، بل أحسب أنه قد وجده تصرفاً بذيئاً أن يُهانَ رجلٌ حققت حكومته للعراق أكثر مما يلي:

1-   رفع معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي من أقل من دولار (راتب أستاذ الجامعة كان 3 دولار شهرياً!!) إلى 240  دولارا. وإذا قيل إن الثروة تركزت بيد "فئة صغيرة جداً من السراق والحرامية وفق مقولة: ناس تاكل بالدجاج وناس تتلكه العجاج "، فأقول إن هذا كلام سافل ومدسوس من قبل واضعي مخطط "حرق الأعشاش" وعلى رأسهم حكام السعودية المتخلفون، بدلالة تضاعف الطلب على الطاقة الكهربائية بسبب تزايد الآلات والمعدات الكهربائية في بيوت المواطنين العراقيين، وكذلك قول وزير الإتصالات السيد محمد علاوي (من إئتلاف العراقية) لفضائية الحرة/ برنامج "حوار خاص" بتأريخ 2/6/2011 إذ قال بأن "هناك أعداداً هائلة من العراقيين مشتركة في شبكة الهواتف النقالة".

 كيف يستطيع أن يقتني هذه المعدات الكهربائية من لا يملك المال اللازم؟ فتباً لإعلان فضائية الحرة المغرض الذي يُكرر عدة مرات في اليوم الواحد والذي يظهر فيه مواطن عراقي يقول: "الأحلام تلاشت"، وآخر يقول: "ما بقى شي بهذا البلد عكَب هذا الشعب الفقير". وتباً لتهريج السيد عماد جاسم في فضائية الحرة الذي ينادي بالثورة وإسقاط الحكومة (يقصد المالكي!!)، وتباً لبعض العراقيين الذين ينشرون صور البؤس والخراب وكأن المالكي إستلم سويسرا ودفع بها إلى الوراء فأصبحت العراق!!!، وتباً لمن قال أنه لم يحصل تغير خلال المائة يوم!! وتباً للشياطين الخرساء!!

لا أريد أن أقول إن الوضع القائم يمثل العدالة الإجتماعية المطلوبة ولا أنفي وجود فساد واسع بوسع ظروفه التأريخية. أبداً. ولكن المهم أيضاً أن الحكومة متجهة لرفع المستوى العام ومكافحة الفساد وتحقيق مزيد من العدالة. فأعطوها المجال ولاحقوها بالنقد البناء الديمقراطي وأنبذوا الإرهاب والحرب الإعلامية والشوشرة والتسقيط والتشويه. هل نسينا الإرهاب ودوره التخريبي على عشرات الجبهات؟ هل نسينا دور أمريكا في شل يد الحكومة من أجل إثارة الجماهير وتشتيت التحالف الوطني وقبله الإئتلاف الوطني الموحد؟ لا لكونهما متكونينً من أحزاب دينية أو "طائفية" بل لأنهما الوحيدان القادران على الوقوف بوجه أي مشروع ضار بمصالح العراق كمشروع (الدكتور أياد علاوي – السعودية ـ إسرائيل) الذي يريدون توريط أمريكا به وهو إشعال حرب مع إيران لتتسلل إسرائيل وربما أمريكا تحت غطائها لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي يؤكد الخبراء العسكريون الأمريكيون بأن ضربها من الجو أو بالصواريخ بعيدة المدى غير مجدٍ تقنياً وقد يؤدي إلى إشتعال المنطقة بأكملها.

هذا ليس حرصاً على النظام الإيراني بل هو حرص على شعبنا من زجه في محرقة جديدة مقابل عودة السلطة "المفقودة" إلى الطغمويين الأعداء الطبقيين لفقراء الشعب العراقي، والعودة إلى الحروب تحت صيغة "منا المال ومنكم الرجال" وصيغة "هدّ كلابهم عليهم"؛ والعودة إلى الإقتتال الداخلي بصيغة "لا تَقْلَقْ، عبد علي وكاكه حمه يتقاتلان" وهي مقولة القومي عبد السلام عارف الشهيرة. ألم يصرح الدكتور أياد علاوي أنه يريد شن حرب "سلمية" على إيران؟ ألم يفضح القيادي في إئتلاف العراقية الدكتور سلام الزوبعي بعض أطراف ذلك الإئتلاف بسعيهم لإشعال حرب مع إيران وتجديد القتال مع الأكراد؟

2-   قصم ظهر الإرهاب المدعوم من عشرات الجهات الداخلية والخارجية، لأنهم يرفضون الديمقراطيةَ ويرفضون الآخرَ ولا يعترفون بسواسية البشر وحقوق الإنسان.

3-   ضاعف إنتاج الطاقة الكهربائية لكن الطلب تضاعف بوتيرة أعلى بسبب تحسن الظروف المعاشية وإقتناء مزيد من الأجهزة الكهربائية. وتم التعاقد على إنشاء محطات توليد بطاقة مجموعها يغطي زيادة الطلب حتى عام 2020 وسيحصل العراقيون على (18) ساعة وربما أكثر عام 2013.

 للعلم فإن مشكلة الكهرباء هي مشكلة أمريكية وليست مشكلة المالكي . ولكن الطغمويين والإنتهازيين والجبناء والذين وضعوا وطنيتهم وضمائرهم وذممهم في ثلاجة والمزايدين والفاشلين والسطحيين والنفعيين والجهلة والطائفيين والعنصريين وأعداء الديمقراطية والهاربين نحو الأمام والعملاء يرمونها على المالكي. الشركات الكبرى العملاقة الإحتكارية التي تنتج المولدات العملاقة مثل (جي إي) و (سيمنس) رفضت العمل في العراق لأن الأمريكيين، الماسكين بالملف الأمني بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 1546، رفضوا أن يعطوا تلك الشركات تصاريح أمنية. بعد تدخل المالكي مع أوباما ضغط الأخير على شركة جي إي للتعاقد مع العراق. ومع ذلك وافقت على بيع المعدات فقط أي دون نصبها .

(بالمناسبة حتى هذه المعدات بالذات حجزتها تركيا دون مبرر لمدة ستة أشهر وأطلقتها بعد ذهاب وفد أمريكي خصيصاً إلى تركيا لتخليصها. ذهب طارق الهاشمي وعدنان الدليمي وأياد علاوي ومحمد سلمان وغيرهم عشرات المرات إلى تركيا ولم يحركوا ساكناً بشأن هذه القضية أو قضية مياه الفرات ودجلة أو قصف القرى الكردية العراقية ولكن الدليمي إنشغل بخاطبة العالم الإسلامي من هناك وصرخ مستنجداً "الشيعة يستولون على بغداد رشيد هارون"{يقصد هارون الرشيد}، أما السيد الهاشمي فقد ظهر على التلفزيون التركي ليقول للأتراك: "يجب تغيير الدستور العراقي"!!!!!!).

والأكثر فإنه حتى الشركات الأجنبية العاملة في مجال صيانة المحطات المهملة منذ غزو الكويت قد غادرت العراق لعدم توفير الأمريكيين لها الحماية كما حصل للشركة الروسية التي كانت منهمكة بصيانة محطة توليد الدورة. كما أن معدات ثقيلة وردت عن طريق ميناء العقبة الأردني إستحال نقلها إلى محطة الدورة عن طريق البر بسبب الإرهاب فأعادوا الإبحار بها إلى ميناء البصرة ومنها إلى بغداد فالدورة.

4-   إنشاء شبكة الحماية الإجتماعية.

5-    الإستمرار بمشروع "البطاقة التموينية" رغم تلكؤاته والفساد، ورغم إلحاح المؤسسات المالية الدولية العاملة وفق مقتضيات الفصل السابع ومؤتمر باريس حول الديون العراقية، على التوقف عن هذا المشروع.

6-   حسب صحيفة الإندبندنت البريطانية فإن أمريكا أرادت إنشاء 300 موقع عسكري، إلا أن حكومة المالكي المستندة إلى قوة الجماهير المليونية السلمية لم توافق على منحهم حتى موقع واحد في الإتفاقية المعقودة في نهاية عام 2008 وستنسحب كافة القوات في نهاية هذا العام 2011 إلا أن الدكتور أياد علاوي قالها بصريح العبارة لفضائية الحرة بتأريخ 30/5/2011 بأنه يريد تمديد بقاء بعض هذه القوات "خوفاً" من الإرهاب.

7-   أنجزت حكومته عدة جولات تراخيص لعقود خدمة نفطية شفافة ونزيهة رست العقود على شركات عديدة في العالم آسيوية وأوربية أساساً.  (ذكر السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية في أول إجتماع علني لمجلس الوزراء العراقي بعد إنتهاء مهلة المائة يوم بتأريخ 7/6/2011 ، ذكر أن السفير الروسي قال له ما معناه أن لا أمل يرجى من وراء الإشتراك بجولات التراخيص لأن أمريكا هنا بجيوشها. وإذا بالشركات الروسية تفوز بعقد لتطوير أكبر حقل نفطي في العراق. فذكّر السيد هوشيار السفير بعد توقيع العقد وإبتسم الأخير!).

8-   أسقطت ودفعت الديون الخارجية التي سببها النظام البعثي الطغموي بحروبه العبثية لخدمة إسرائيل والإمبريالية.

9-   أرغمت حكومته جميع الدول المحيطة بالعراق ودول المنطقة والدول البعيدة بضمنها أمريكا على تغيير صيغة التعامل مع العراق. فبدل مطالبة كل دولة ب "حكومة عراقية تنفعني" أصبحت الصيغة: "حكومة عراقية لا تنفع الآخرين ولا تنفعني" أي نجحت سياسة المالكي "صداقة مع الجميع وإستقلال عن الجميع".

10-   بناء القوات المسلحة قدر الإمكان رغم إشهار الفصل السابع بوجهه وبوجه العراق من قبل "جهات عراقية لها مشروع وطني عراقي غير طائفي وغير عرقي للكَشر لا يخر الماء منه أبداً!!" وجهات خارجية مرتعبة من الديمقراطية العراقية.  (قال السيد هوشيار زيباري في إجتماع مجلس الوزراء العلني يوم 7/6/2011 بأن وزير خارجية أحدى الدول قال له: عملتم ديمقراطية وقلنا مفهوم، ونشرتم علناً تصدير النفط الشهري ومردوداته المالية وقلنا مفهوم، وقمتم بتنظيم جولات التراخيص النفطية وقلنا مفهوم والآن إجتماعات علنية لمجلس الوزراء... إلى أين أنتم ذاهبون؟ أنا أقول نيابة عن السيد هوشيار لصديقه الوزير: نعم إنها حكومة الشعب المنتخبة ترى النور لأول مرة منذ أيام سومر وبابل).

11-    حققت حكومته وضعاً رفيعاً في مجال حقوق الإنسان بدلالة أن إعتقال أربعة شبان (حتى على إفتراض أن إعتقلهم لم يكن قانونياً ، والأمر بيد القضاء) سبَّبَ إحتجاجات داخل العراق (وعلى رأسها عربدة هناء أدور) لم يشهد العراق واحداً من المليون منها يوم قتل (182) ألف كردي مؤنفل وحرقت (5000) قرية كردية وضربت حلبجة بالأسلحة الكيميائية فمات خلال سويعات (5000) طفل وإمرأة وشيخ وهُجِّر أكثر من نصف مليون كردي فيلي إلى خارج العراق مع تغييب من كان دون سن ال25 من الشباب لحد الآن ومحو قرية بشير التركمانية وتهجير التركمان والمسيحيين وقتل 110 من آيات الله في النجف وقتل أكثر من ربع مليون منتفض في إنتفاضة ربيع 1991 الشعبانية وضرب الأهوار بالأسلحة الكيميائية ومن ثم تجفيف الأهوار والتسبب بتهجير نصف مليون إنسان يعيشون على ثرواتها إلى داخل وخارج العراق، والتسبب بمشكلة بيئية على المنطقة شملت حتى الجنوب العربي.

12-   الفساد الواسع له جذوره الممتدة منذ عام تأميم النفط أي عام 1972 وإحتفاظ صدام ب 6% من العائدات في حساب خاص حسبما كتبه وزير التخطيط الأسبق الدكتور جواد هاشم؛ مروراً بالفساد المرعب والمتنوع الذي شمل حتى مسؤولين كبار في الأمم المتحدة و (150) شخصية في (46) بلداً، وصولاً إلى الدور الأمريكي في الفساد والإفساد بعد التحرير في 9/4/2003. بحضور رئيس ديوان الرقابة المالية الدكتور عبد الصمد في مجلس النواب العراقي تم ذكر أمرين هامين: 1- لم يُعرف مصير مليار و350 مليون دولار سلمها الحاكم المدني بريمر إلى الدكتور أياد علاوي شخصياً.  2- سؤل ضابط أمريكي عن مصير (7) ملايين دولار سلمت إليه فقال إنه صرفها في بابل ل "تطوير الديمقراطية". بعد ذلك جاء دور وزراء الدكتور أياد وهم وزير الدفاع حازم الشعلان الهارب عن وجه العدالة ووزير الكهرباء أيهم السامرائي  الذي هربه الأمريكيون من سجنه والوزير لؤي العرس الهارب.
بالمناسبة، إن مبلغ ال (40) مليار دولار الذي أثار لغطاً كثيراً ويحقق فيه البرلمان العراقي، لا وجود له أساساً حسب تصريح الدكتور أحمد البريهي الخبير الإقتصادي والإداري في فضائية الحرة، وهو من القلائل المطلعين على حقيقة أموال العراق ويتسم بدقة البيان والتحليل.   
في جلسة مجلس الوزراء العراقي المفتوحة يوم 9/6/2011، إستوقف رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الجلسة قائلاً: لم نسمع من الوزراء شيئاً عن الفساد، فهل أن الفساد غير موجود والإتهامات التي توجه إلينا غير صحيحة أم إنه موجود ولكن الكشف عنه ومحاربته لم يجريا بالشكل المطلوب؟ ثم قال: الفساد موجود والحالة الثانية هي القائمة وسنخصص إحدى جلساتنا القادمة لبحث موضوع الفساد فقط.
أنا لا أريد أن أتوسع سوى أن أقول أمراً واحدا وهو جواب على سؤال ديماغوجي طرحه السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي  أثناء إنتخابات 7/3/2910 إذ قال: أين المليارات الواردة للدولة؟ أُجيبه: إضرب 150 (لا 240) دولارا معدل دخل الفرد العراقي في الشهر (في) 12 شهراً في السنة الواحدة!! (في) 27 مليون مواطن عراقي . ستكون النتيجة أكثر بقليل من 48 مليار دولار سنوياً كا نت تصرف كلها للميزانية التشغيلية لرفع معيشة الناس  ما يعني عدم وجود تخضيصات إستثمارية ما يعني عدم المباشرة بمشاريع إ‘مار إلا على نظاق ضيق لأن المعيشة أهم ما يعني أن الكلام عن "أين الإعمار هو كلام ديماغوجي فارغ" والأكثر ديماغوجية هو كلام الدكتور أياد علاوي ومن ثم ميسون الدملوجي (في فضائية الحرة برنامج الجهات الأربعة) من أن اللعراق كان له المال اللازم للتسلح!! (ونسيا أنه حتى لو توفر المال فكان العامل السياسي والفصل السابع الذي يهرع كل يوم أياد ورفاقه إلى السعودية وتركيا ومصر والأردن والخليج.... ووو.... لتفعيله على العراق

خلاصة: العراق إحتل مركزاً متميزاً جداً في منظمة الشفافية الدولية  التي دخلها وأصبح تصدير النفط كمية ومردوداً مالياً يكشف كل شهر على الملأ؛ وقال السيد هوشيار زيباري في جلسة مجلس الوزراء المفتوحة عندما إستمع إلى هذه المعلومة وإلى مشاريع وزارة النفط القائمة والمخططة التي عرضها الدكتور حسين الشهرستاني ـ قال بأن كل العالم يعتبر هذه المعلومات من أسرار الدولة العليا ولا توجد دولة بهذه الشفافية.
كما حظيت هيئة النزاهة بمكانة متميزة عالمياً في نشاطها في مكافحة الفساد.

أخيراً أقول:
أرجو ألا يفهم القارئ بأني ضد أمريكا رغم كوني ماركسياً. على العكس فأنا أعتقد أنه ما كان قادراً على إطاحة النظام البعثي الطغموي إلا الله أو أمريكا، لذا فأنا شاكر لها تحرير العراق. ولكنني أدعو إلى علاقة صداقة شفافة نزيهة قائمة على المصالح المتكافئة المشتركة والإحترام المتبادل .
كما أرى أن التشوش والتخبط لدى البعض خاصة من اليسار أصبح يذكرنا بأيام ثورة 14 تموز المجيدة التي  فقدناها أخيراً بصورة مأساوية. فالحذر الحذر.
   
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الداخلي والخارجي والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

** الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسي.




81
بلاغ عن "المناضل الوطني" السيد عدنان حسين
محمد ضياء عيسى العقابي

قرأتُ بلاغ السيد عدنان حسين الموجه إلى النائب العام وهو في الحقيقة محاولة للنيل من رئيس الوزراء. مفاد البلاغ أنه يشكو من إلقاء القبض على أربعة شبان أغرار من قبل رئيس الوزراء ولم يُلقِ القبض على متورطين بالإرهاب أشار إليهم، رئيس الوزراء، في خطاب له مؤخراً. تعمَّدَ السيد عدنان تفسير خطاب رئيس الوزراء وكأنه يشير إلى أشخاص في الوزارة بينما غفل السيد عدنان تعمداً ما أدلى به المسؤولون الأمنيون وذكروا إسم الدكتور أياد علاوي تحديداً.
اللواء قاسم عطا، الناطق الرسمي بإسم عمليات بغداد، قد أشار (ولم يتهم) إلى علاقة الدكتور أياد علاوي بسفاح شاطئ التاجي فراس حسن فليح الجبوري الذي ثبت كونه مديراً لفرع حركة الوفاق الوطني (حركة الدكتور أياد) فرع الرصافة الثانية. الإشارة كافية لتحريك دعوى قضائية ضد أياد علاوي. فإذا أخفق السيد المالكي لسبب ما في إحالته للقضاء، فلماذا لم تحدده، وأنتَ "المناضل"يا سيد عدنان، بالإسم في بلاغك أعلاه الموجه إلى النائب العام، والذي يُفترض فيه أن يكون محدداً لا عائماً يُقصد منه النيل من رئيس الوزراء وحسب، كما فعلتً من قبل وألقيتَ بالمسؤولية عليه، المالكي، بشأن إلغاء التعداد السكاني ما عقَّد مسألة إصدار قانون الإنتخاب في مجلس النواب وتبين فيما بعد أن الطغمويين وإئتلاف العراقية هم المسؤولون عن ذلك الإلغاء!!! .
تعرف جيداً، يا سيد عدنان "المناضل"، أنه لو أُلقي القبض على السيد أياد علاوي لإهتز البلاط السعودي والبلاط الأردني (وإذا كان البلاط منشغلاً هذه الأيام بقتل البحرينيين الأبرياء "الأغرار" والتآمر على الثورتين المصرية واليمنية، فإن إسرائيل ستسارع إلى تنبيهه للحدث الخطير وحثه على التحرك) ولإهتزت إسرائيل كذلك، ولجعلا أمريكا تشتاط غضباً وعندئذ تحصل أمور كثيرة العراق بغنى عنها الآن. وستظهر المقالات النارية في صحيفة "الشرق الأوسط" التي كنتَ تناضل فيها وتشتمُ المعارضةَ العراقية الديمقراطية بجميع فصائلها أيام النضال. لا أنسى أبداً مقالك في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، عندما كنتَ موظفاً أجيراً فيها، الذي قلتَ فيه أن إطراف المعارضة إجتمعوا في واشنطن مع الأمريكيين وخرجوا متخاصمين يطلقون الكلام البذئ الواطئ والفشار نحو أحدهم الآخر. ثم أضفتَ: كل الكلام البذئ عن الكل كان صحيحاً لأنهم يعرفون أحدهم الآخر جيداً. قلتَ هذا بينما كان تقييم الرجل الطيب والمناضل الحقيقي الدكتور غسان العطية (مع إختلافي معه في بعض وجهات النظر الإيديولوجية والسياسية ولكنني أحترمه جداً لنضاله الحقيقي ضد النظام البعثي الطغموي* الذي أجبر عشيرته على الحكم بإهدار دمه) قد قال عن ذلك الإجتماع بالذات بأنه كان من أنجح الإجتماعات وأكثرها علميةً ومهنيةً.
ولا أريد أن أتوسع كثيراً "بنضالك الوطني" في سبيل عزة وكرامة العراقيين "الأغرار" بل أكتفي بإقتراحك المهين للشعب العراقي عندما طالبتَ بتقسيط ديون الكويت القذرة على العراق ("الديون القذرة" مصطلح إقتصادي علمي يُعنى به تقديم قروض لا لتعمير البلد وخدمة الشعب بل لقتله في حربٍ، خاصةً إذا كان شعارها "هدّ كلابهم عليهم" بموجب صيغة "منا المال ومنكم الرجال") (ولم يقولوا "الرجال الأغرار" كما قالها الرفيق المناضل عدنان).
إقترحتَ التقسيط على هيئة دينار أو عشرة دنانير شهرياً يدفعها العراق للكويت للتذكير الدائم بضرورة عدم تكرار الإعتداء على الكويت ثانية!!!! أي أردتَ أيها "المناضل الوطني" أن تُفهم العالم بأن الشعب العراقي هو المعتدي وليس المُعتدى عليه من قبل الكويت والسعودية بدعمهم النظامَ البعثيَ الطغموي لقتله. فوق هذا تريد أن تُحَسِّسَ الشعب العراقي بالدونية أمام الكويت، صاحبة ميناء مبارك في جزيرة بوبيان البريء جداً جداً، لمدة فلكية تفوق على (300 مليون) سنة!!!! (بتقسيم الديون المتبقية 27 مليار دولار على عشرة دنانير شهرياً بسعر الصرف 3.3 دولار للدينار الكويتي.)
مرحى لعبقريتك ونضالك وحبك "للشبان الأغرار"!!!!. لمَ لا تطرح هكذا مقترحاً واطئاً وأنتَ الذي قلتَ في نفس المقال: معظم العراقيين لا يعرفون أين تقع الكويت أو مصر أو الأردن أو سوريا. إنهم لا يعرفون أيَّ شيء عن أيِّ شيء. أي أردتَ أن تقول إن العراقيين صم بكم عمي فهم لا يفقهون!!!!. لهذا لم تحسب حساباً للشعب وأنتَ تبث الدعايات اللئيمة، إذ نقل عنك الكاتب الليبرالي الدكتور شاكر النابلسي بأن العراق عاد إلى ما كان عليه الوضع أيام النظام البعثي الطغموي أي أيام صدام (هذا تقليل من جرم النظام البعثي وهو تبييض لصفحته). الغريب أنه إعتبرك شخصاً يسارياً. وأنا كماركسي منذ ما يقرب من ستين عاماً آنف أن يكون بين صفوف اليساريين طائفي من قبيلك.
أعود وأقول إن أمريكا وإسرائيل والسعودية وذيولها من الإعلاميين الذين يحاولون الإندساس بين صفوف الديمقراطيين العراقيين، لا يدعمون الدكتور أياد علاوي "لجمال طلعته وكاريزميته وبهاءه" بل لأنه ببساطة أعلن إستعداده لشن حرب "سلمية" على إيران مقابل إستعادة السلطة للطغمويين. وهذه حقيقة نوه عنها القيادي في إئتلاف العراقية الدكتور سلام الزوبعي.
وهذه الحرب مطلوبة إسرائيلياً وأمريكياً للتسلل تحت جناحها لضرب المنشآت النووية الإيرانية التي أصر ويصر الخبراء العسكريون ومنهم قائد الأركان الأمريكي الأدميرال مايكل مولن على أن ضربها من الجو غير مجدٍ ولا ضربها بالصواريخ بعيدة المدى بمجدٍ أيضاً بل خطِرٌ للغاية وقد يًلهب المنطقة بأجمعها (هذا الكلام كان قبل الثورات العربية الديمقراطية فما بالك الآن والشعوب أصبحت تمتلك الحرية في الوقوف بوجه إسرائيل والسعودية ومخططاتهما كحليفين يقفان على منصة دينية واحدة متطرفة، ذاك "يهودي" وهذا "إسلامي" ضد "الصفويين الكفرة" ).
هذه هي الحقيقة الدامغة بشأن الإرهاب الذي يدعمه بعض أطراف العراقية "العلمانيين" وهذا هو السبب الذي يجعل المالكي لا يُلقي القبض عليه والعراق جريح. وهذه هي الحقيقة التي تقف وراء شل يد حكومة المالكي خلال السنين الماضية لتتردى الخدمات ويتذمر الناس (وهم محقون) ويتظاهر الإنتهازيون ضد الحكومة بعد تلبيس المالكي المسؤولية الكاملة ويبرِّئون المسؤولين الحقيقيين.  
إني أقدم بلاغاً ضدك بالدجل وخدمة "مخطط حرق الأعشاش" السعودي، لدى ضمير كل يساري، إن كنتَ فعلاً يسارياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية

  



82
إئتلاف العراقية يعلن الحداد!!

محمد ضياء عيسى العقابي

لا أعرف لماذا لم يلبس السادة أياد علاوي وطارق الهاشمي وآخرون من قادة إئتلاف العراقية الملابس السوداء. لو لبسوها لتفهمتُهم جيداً. ولتماشى الملبس مع منظر الوجوم العام الذي بدا على محياهم. كان ذلك عندما وقفوا أمام الصحفيين، يوم1/6/2011، وألقى السيد طارق الهاشمي ، نيابة عما تبقى من إئتلاف العراقية، بياناً "أنذروا" فيه السيد نوري المالكي  بتعليق المفاوضات حتى يستجيب، المالكي، (لم يقولوا التحالف الوطني ولا إئتلاف دولة القانون) لمطالبهم الخمس؛ وإلا فقد يطالبون بإنتخابات مبكرة "حسب طلب الجماهير" حسب بيان السيد الهاشمي. ما هذا الإنقلاب المفاجئ؟ من الأجواء الإحتفالية لحيدر الملا وظافر العاني بمناسبة إستشهاد رجل الحق والقانون الصلب المرحوم علي اللامي إلى جو الجنائز والوجوم الذي لف الرفيقين أياد وطارق.
ربما يظن البعض أن إلقاء البيان من قبل السيد الهاشمي كان خطوة تكتيكية قُصد منها تكذيب ما أُشيع عن بروز إختلافات داخل إئتلاف العراقية قد تعصف به يوم رَصَدَ بعضُ المراقبين خروجَ السيد الهاشمي وأعوانه، متوترَ الأعصاب، من أحد إجتماعات قيادة الإئتلاف قبل فترة وجيزة. هذا خطأ لأنه لو كان الأمر كذلك لألقى السيد الهاشمي البيان وهو بشوش المحيا لإظهار وحدة وصلابة الموقف.
ربما يظن البعض الآخر أن الوجوم البادي على الأوجه كان بسبب توسع دائرة الإفلاس الخارجي على النحو التالي :
فبالأمس سقط الرئيس الحليف محمد حسني مبارك الذي أظهرت وثائق ويكيليس أنه كان يرسل بهائم بشرية لقتل أهل العراق(1) لصالح "جهة ما".
تلاه إنغمار "الأخ القائد" العقيد معمر القذافي في الوحل والدم الليبيين؛ وتلاهما "الأخ" علي عبد الله صالح الذي لم تعد تنفع لتهدأته "شَدّاتُ القات" فما بالكم بضيفه الرفيق عزت الدوري!!!؛ ثم تلاهم الغاطس في الأوحال والرمال السعودية والدماء البحرينية والمتلقي صفعة أوباما التي وجهها له وهو يخاطب مجلسي العموم واللوردات البريطانيين يوم 25/5/2011. لقد خفَّ أثرُ ملياراته التي خصصها لدعم الإرهاب و"الأحباب" في العراق عبر مخططاته ومنها مخطط "حرق الأعشاش". ثم بدأت الثورة السورية التي طيَّرَت وزير الخارجية السيد وليد المعلم إلى بغداد فكانت زيارته "سياسية إقتصادية" كما قال السيد علي الدباغ الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية. إلا أن فضائية الحرة أبت إلا أن تستوضحه عما يدور في أوساط المراقبين السياسيين الذين قالوا إن حضور السيد المعلم كان لطلب إرسال رسالة عن طريق الحكومة العراقية إلى الأمريكيين، كما وعد السيد المعلم بتسليم جميعَ المطلوبين العراقيين القاطنين في سوريا إلى بغداد. إن صح هذا فسيفضح هؤلاء أموراً بشعة كثيرة لا يريد "البعض" أن يطَّلع عليها الشعب العراقي، وهذا مصدر إزعاج مقلق (ولو أني لا أتصور أن مفعولها سيكون قوياً على الجماهير لأن الجميع من مؤيدين ومعارضين عارفون القصة منذ البداية وكلٌ مصرٌ على موقفه ولا يتزحزح. الديمقراطي محقٌ بإصراره ولكن علامَ يُصر الخاطئ؟ إنها المصالح الطبقية التي وفَّرَتها السلطة المفقودة المغطاة بوشائح "حراسة البوابة الشرقية" و "الفرقة الناجية" و "الطائفة المنصورة" إلى غير ذلك من الترهات!!!).
من بعد، جاء دور "دوخة الرأس الأمريكية". فأمهات الصحف الأمريكية والبريطانية لا تنفك تشيد بالديمقراطية العراقية على خشونتها ووعورة مسارها، وتنوه بالتقدم الإقتصادي والآفاق المبشرة بخير. جاء خطاب الرئيس أوباما ملفتاً للنظر إذ توقع في خطابه في وزارة الخارجية بتأريخ 19/5/2011 بمناسبة مرور سنتين على خطابه التصالحي في جامعة القاهرة الموجه إلى العالمين العربي والإسلامي، توقع أن يلعب العراق الديمقراطي دوراً محورياً في المنطقة. ومن ثم جاء دور وزير الدفاع الأمريكي السيد روبرت غيتس، المعارض أصلاً لإحتلال العراق، ولكنه إمتدح الديمقراطية العراقية وإعتبرها أرقى ديمقراطية في المنطقة في وقت يُقتل فيه المتظاهرون في شوارع الدول العربية الأخرى ولا تجد ذلك في العراق (إلا على أيدي الإرهابيين وحماتهم أعداء الديمقراطية). جاء هذا في مقابلة له مع صحيفة الوول ستريت جورنال مؤخراً. اللطمة الكبرى جاءت على لسان السفير الأمريكي في بغداد السيد (جيمس جفري) في 1/6/2011 إذ صرح بأنه، كسفير دولة صديقة للعراق، يرى أن تفعيل الحكومة القائمة التي تضم جميع الأطراف هي خير وسيلة لتحقيق الشراكة وتنشيط العمل ولم يرَ أية ضرورة لعقد إتفاق أربيل جديد. كل هذا الكلام والمواقف تشكل مصدر قلق للسادة بعض قادة إئتلاف العراقية، لأنه يؤشر إلى عزوف أمريكا عن تأييد محاولاتهم لتكرار ما خططوا له ليوم 25/2/2011 والذي أفشله السادة السيستاني والطالباني والمالكي، وعدم الإهتمام  بتكتيكهم الجديد بمحاولة إجراء إنتخابات مبكرة الذي قد لا يحظى في البرلمان بتأييد أكثر من (60) نائباً على أكثر تقدير، ولكنهم أرادوه، سواءاً تتم الموافقة عليه أو لن تتم، إستمراراً في إلهاء الحكومة وتصديع رأسها ومنعها من تحسين أحوال البلد عبر توفير الخدمات والإعمار لتعميق الهوة بين الشعب والحكومة. ما يقلق أولئك السادة أكثرَ وأكثرَ هو فشل ستراتيجية تخريب الديمقراطية "سلمياً" بعد فشل تخريبها "إرهابياً" وقد بان لهم ذلك من إحتمال ميل أمريكا إلى التخلي عن سياسة محاصرة التحالف الوطني لإدراكها صعوبة عزله عن الجماهير الملتفة حوله، لا لأسباب طائفية كما أوهمهم إئتلاف العراقية من قبل، بل لأن الجماهير بضمنها الجماهير الكردية والكلدو - آشورية والمسيحية والأزيدية والصابئية  والشبك كلها معرضة للإبادة الموعودة بها والتي تبدو مظاهرها الإجرامية كل يوم في أنحاء العراق.
أدرك السيد أياد علاوي أن عوامل جديدة، إضافة إلى ما ورد أعلاه، دخلت حلبة الصراع السياسي وجعلت حركة مناوراته ورفاقه ضيقة مهما قدّموا من مغريات للأمريكيين مثلما فعل في مقابلته الأخيرة يوم 30/5/2011 في برنامج "حوار خاص" في فضائية الحرة، إذ حاصره الإعلامي السيد سعدون محسن حتى أخرجه من لعبة المناورة فإعترف بتأييده تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق. العاملان الجديدان هما: بدأ الحملة الإنتخابية للرئاسة الأمريكية والحاجة لإظهار الوجه المشرق لنتائج سياسة أمريكا في العراق الديمقراطي الجديد؛ وحاجة أمريكا إلى دور فاعل للحكومات الديمقراطية العربية، ومنها حكومة العراق، للعب دورها في تشكيل الكيان العربي الديمقراطي الجديد والتأثير على مسارات الثورات الديمقراطية التي لم تحسم لحد الآن.          
حتى هذه لم تكن هي اسباب الوجوم والطريقة الإنفعالية للسيد الهاشمي وهو يلقي البيان والسيد علاوي وهو يستمع له.
ربما كَشَفَ التسلسلُ الذي طُرحتْ فيه "نقاطُ الإنذار" سرَ الوجوم والإنفعالِ. لاحظتُ أن هناكَ أمراً تقدم على سائر المطالب بضمنها مطلب "المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي أمل منه قادة إئتلاف العراقية إحكامَ الطوق على رئاسة الحكومة الشرعية ومحاصرة المالكي، وإحلال رئاسة "جماعية ديمقراطية للكَشِر" رباعية الأركان، ثلاثة من أركانها باليد (الهاشمي والنجيفي وصالح المطلك) وبقي الركن الرابع (علاوي) على "تيل الكهرباء".
نعم كشف التسلسل أمراً أخطر. لقد تصدَّر الشروطَ شرطٌ خطيرٌ شغلَ بالَ السيدين أياد علاوي وطارق الهاشمي بالذات. جاء في البند الأول من الشروط: "وقف الخروقات الأمنية".
ما أن رأيت تقدم هذا الشرط على بقية الشروط الأخرى أدركتُ أمرين:
 أولهما: تذكرتُ المحنة الوجدانية التي "سببوها" للسيد الهاشمي. بتأريخ 28/3/2011 وفي لقاء مع الإعلامي السيد سعدون محسن ضمد في فضائية الحرة، كاد السيد طارق الهاشمي أن يقطِّع أنياط قلب المشاهد وهو يصرخ من أعماق قلبه المكلوم "ماذا فعلتم؟ إنكم قد حطمتم عائلة عراقية؟". ظننتُ أن السيد الهاشمي كان يتكلم عن حالة من حالات العشرات من الألوف من ضحايا الإرهاب الذين تناثرت أشلائهم ودمائهم وعوائلهم. كلا لم يكن ذلك ما حرك ضميره الحي. كان الذي هزه من الأعماق شخصاً متهماً بالإرهاب ثم أُخلي سبيله وما أصبح قادراً على "مقابلة زوجته" على حد كلمات السيد طارق الهاشمي نصير المظلومين والمكلومين. يا للمصيبة الكبرى.  عجبتُ لهذه الروح الوطنية الجياشة التي تملأ السيد الهاشمي. ولكن لماذا العجب؟ أليس هذا من شيم السيد الهاشمي؟ ألم يفتح موقعاً خاصاً للدفاع عن "المظلومين"؟ (ومع كل دفاعه المستميت عن المظلومين فلت من بين يديه 1174 محكوماً بالإعدام بتهمة الإرهاب طالَبَ البعض بتنفيذ الإعدام بهم، بعد إفتضاح جريمة عرس شاطئ التاجي، لولا أن زميلة الهاشمي النائبة وحدة الجميلي إنبرت لهم وقالت هناك بين هؤلاء من هو برئ لأن القضاء العراقي لا يروق لها!!!)، ألم يُؤوِ إبنَ أخته (كما قيل)أسعد الهاشمي وزير "الثقافة" الأسبق عندما طاردته رجال الشرطة لإلقاء القبض عليه بأمر قضائي بعد أن توفرت أدلة جنائية بتورطه في إستشهاد ولدي الدكتور مثال الآلوسي زعيم حزب الأمة العراقية؟
ثانيهما: أدركتُ سر وجوم الدكتور أياد. إنه ليس وقوف الجميع بوجه أن يصبح "شاهنشاه حكام العراق" أو "الولي الفقيه للعراقيين" عبر "المجلس الوطني للسياسات العليا". كلا، أصبح هذا أمراً ثانوياً. إنها "الخروقات الأمنية"(2) التي قامت بها قوات الأمن العراقية والتي إستطاعت الوصول إلى "الرفيق" فراس حسن فليح الجبوري سفاح شاطئ التاجي والحامل لشهادة الماجستير والنشط في منظمة حقوق الإنسان/قسم السجون والمعتقلات والذي تبين أخيراً أنه مدير مكتب حركة الوفاق الوطني في منطقة الرصافة الثالثة، وهي الحركة التي يتزعمها الرفيق أياد والقلب النابض لإئتلاف العراقية. ألم أقل أن الطغمويين(3) والطائفيين(4) لا يهدأ لهم بال حتى يستعيدوا السلطة المفقودة. إنه صراع طبقي بإمتياز.
بعد كل هذا، أما يحق للسيدين أياد علاوي وطارق الهاشمي أن يلبسا ثياب الحزن والحداد؟!!!!    
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): قد يكون من بين من أرسلهم مبارك للعراق، مفتي عصابة قاتلي ضحايا عرس الدجيل على شاطئ التاجي وهم 15 طفلاً رُبطوا إلى كتل كونكريتية وأُلقوا في النهر وهم أحياء؛  ونساء إغتصبوهن جميعاً قبل قتلهن وقطعوا ثديَي العروس بعد إغتصابها أمام أعين عرّيسها في سرداب المسجد التابع لمضيف الشيخ محجوب، ثم قُتل بينما تُركت عروسه تنزفُ حتى الموت وذلك بعد أن أفتى المصري أبو ذيبة بذلك؛ ورجال قُتلوا جميعاً وأُلقوا في النهر. كان مجموع الضحايا سبعين شهيداً، وكان على رأس عصابة الإرهاب المدعو إبراهيم نجم عبود، ومن بين السفاحين كان فراس حسن فليح الحاصل على شهادة الماجستير والناشط في منظمات حقوق الإنسان في العراق ومدير مكتب حركة الوفاق الوطني العراقية / منطقة الرصافة الثالثة.
(2): لو كان قادة إئتلاف العراقية يشكون في صحة إتهام من يُلقى عليه القبض من أعوانهم بتهمة الإرهاب لتعاونوا مع الأجهزة الأمنية للتحقق من الأمر والوصول إلى الحقيقة بدلاً من الإتهام المباشر للأجهزة الأمنية والحكومة ورئيسها والتشهير بهم. قدم الدكتور أياد السامرائي رئيس مجلس النواب السابق والقيادي في الحزب الإسلامي تفسيراً معقولاً لورود إعترافات من إرهابيين موقوفين يحاولون شبك الأمور وتوريط أشخاص أبرياء لإثارة السخط ونزع المصداقية عن نشاط القوات الأمنية. يبدو أن الإرهابيين يُكلفون من تنظيماتهم بإتهام أبرياء من الحزب الإسلامي والإدعاء بكونهم ذوي صلة تنظيمية بهم بغية توريطهم.
(3): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(4): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية
  
  



83
المقاصد الضيقة تغلبت على المصلحة الوطنية
محمد ضياء عيسى العقابي

من خلال شاشة فضائية "العراقية"، شاهدتُ وقائع جلسة مجلس النواب العراقي بتأريخ 12/5/2011 التي طُرح فيها تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس بشأن هرب سجناء خطرين في تنظيم القاعدة من سجن القصور الرئاسية في البصرة. لاحظتُ أموراً هامة لابد من تثبيتها أدناه، علماً أن الجادين من أعضاء مجلس النواب طلبوا إحالة الموضوع للتحقيق بالتعاون مع الأجهزة الحكومية والقضائية المختصة لمعالجة الثغرات بعيداً عن التسييس والمناكفات السياسية. بقي الموضوع طي الكتمان، من حيث المسؤولية الشخصية لذوي العلاقة، بإنتظار التحقيقات اللاحقة:
أولاُ: عدم إعارة أية أهمية في النقاش لتوصية هامة جداً وردت في التقرير حول ضرورة التشديد على تطبيق قانون المسائلة والعدالة لأن جميع المتورطين في عملية الهروب مشمولون بهذا القانون. ورغم أن عضو اللجنة الشيخ حسين الأسدي قد أبرزها وطلب التأكيد على الحكومة للتشدد في هذا الموضوع لوجود بعثيين بعضهم كبار وخطرون في مراكز حساسة في الأجهزة الأمنية، ولكن نداءه لم يلقَ الأذن الصاغية.
ثانياً: على غير المعتاد هرع رئيس مجلس النواب السيد أسامة النجيفي إلى طرح التقرير مباشرة على التصويت لإقراره قبل السماح للنواب ببحثه بل جرى البحث لاحقاً. كأنه أراد أن يضمن الحصول على "ورقة رابحة" للإستفادة اللاحقة منها. وحتى البحث الذي جرى فلم يَرْقَ أبداً إلى مستوى خطورة التقرير؛ إذ كما أوضح النائب الدكتور حيدر العبادي فإن التقرير يتكون من (14) صفحة ويتطلب وقتاً لدراسته وإستيعابه قبل إبداء الرأي حوله. وبنفس القدر من المسؤولية طلب النائبان الدكتوران محمود عثمان وفؤاد معصوم وآخرون التعامل الجاد مع التقرير.
ثالثاً: تَكَتَّمَ أعضاء اللجنة، عند قراءة التقرير ، على أسماء المتهمين بالتورط  من منطلق عدم جواز ذكر أسماء أشخاص هم في دائرة الشك، وهو إجراء صائب وقانوني؛ ولكنهم لم يتكتموا على تسمية مكتب رئيس الوزراء تكراراً (والمقصود رئيس الوزراء نفسه، حسب تقديري وكما سيظهر أدناه).
رابعاً: كمن يريد أن يدفع عن نفسه تهمة ما (كالإستهداف أو الطعن مثلاً) ذهب البعض من أعضاء اللجنة إلى التبرير المتكرر، ودونما إتهام صدرَ من أحد، إلى ترديد عبارة "إن التقرير مهني وبعيد عن التسييس"، حتى أن النائبَ السيد بهاء الأعرجي، مثلاً، إستهوته فكرةُ الإعلاء من شأن اللجنة ومهنيتها فأشار إلى وجود الضابط السيد حامد المطلك (نائب عن جبهة الحوار الوطني) بين أعضائها، وهو الذي "أسقط أول طائرة أمريكية" قالها السيد الأعرجي بفخر وإعتزاز. (كم كنتُ أتمنى أن ينقلَ السيد الأعرجي عن اللواء حامد كلمةً واحدةً ضد صدام لنصرة الشعب، لا إسقاط طائرة، يوم  حصد صدام عشرات بل مئات الآلاف من أرواح العراقيين الأبرياء.)
خامساً: أوصت اللجنة بإلغاء مكتب الأمن والمتابعة في ديوان رآسة الوزراء. أتسائل: تحت أي مسوِّغ حشرت اللجنة نفسها في هذا الأمر وهي غير مكلفة بتقييم أداء هذا المكتب أو التحقيق بأمره؟ كل الذي كانت تستطيع فعله اللجنة هو التوصية بتوجيه لوم لتدخل المكتب أو بعض منتسبيه في هذه القضية، وطَلَبُ عدمِ تدخُّله مستقبلاً في قضايا مشابهة في أي مكان. حتى لو كانت اللجنة مكلفة بالتحقيق في أمر هذا المكتب، كيف توصلت إلى توصية بحله دون دراسة عدد كافٍ من المشاكل العديدة والمتنوعة التي تعامل معها المكتب، وعدم الإكتفاء بدراسة قضية واحد فقط على أهميتها؟ وكيف عرفت مدى تأثير حل المكتب على عمل رئيس الوزراء وهي لم تتباحث معه حول الموضوع وغير مخولة بذلك؟ أعتقد أنها محاولة لإثارة اللغط لا أكثر ولا أقل.
سادساً: ما أن فُتح باب النقاش حتى راح البعض يغني على ليلاه: فالسادة حيدر الملا وسليم الجبوري وجداها الفرصة المؤاتية "للتدليل"، إيحاءاً، على براءة كافة السجناء في العراق وأوحوا أن "الفاسدين " وضعوهم في السجون ربما طلباً للرشوة!!!    
وضح لي أن نواباً من التيار الصدري والفضيلة إستغلوا التقرير لتصفية حسابات سابقة مع من وضع حداً لإستهتارهم وأفعالهم الخارجة على القانون التي أدت إلى سقوط عشرين ضحية يومياً في البصرة قبل صولة الفرسان.
سابعاً: بتأريخ 13/5/2011، أفادت فضائية الحرة أن اللجنة الأمنية في محافظة البصرة قد إنتقدت تقرير لجنة تقصي الحقائق.

أخيراً..... لاحظتُ أنه، وقبل إتخاذ خطوة بإتجاه التحقق المعمق وتحديد المسؤوليات الشخصية وهي أمور ينبغي للقضاء أن يقول كلمته فيها، قفز كثير من الكتاب ولدوافع متباينة إلى توجيه اللوم والإتهام إلى رئيس الوزراء وبعض مساعديه. وأنا أقرأ بعض تلك المقالات، شعرتُ وكأنني أقرأ عن قائد للإرهابيين وليس عن رئيس وزراء قصم ظهر الإرهاب رغم أنف حماتهم ومموليهم والمتسترين عليهم ومرشديهم والمدافعين عن "برائتهم" والمستقوين بهم والمنتفعين من أعمالهم الإجرامية.

ما هكذا يُقضى على الإرهاب يا أولي الألباب!! وإن الفساد السياسي يحول دون القضاء على الإرهاب والفساد المالي والإداري.
 


84
خاطرة حول العراق ومصر والسعودية
محمد ضياء عيسى العقابي

وأنا أستمع إلى برنامج "الجهات الأربعة" في فضائية "الحرة" يوم 20/5/2011 جاء دور الخبير في مركز الإهرام للدراسات السياسية والستراتيجية السيد عماد جاد، فإنتقد خطاب الرئيس الأمريكي أوباما الذي ألقاه يوم 19/5/2011 في وزارة الخارجية الأمريكية بعد سنتين تقريباً من خطابه التصالحي الشهير في جامعة القاهرة الذي وجهه إلى العالمين العربي والإسلامي. إرتكز نقد السيد جاد إلى خلوِّ خطاب الرئيس من أية إشارة إلى السعودية ذات النظام الشمولي المتخلف التي تلعب حالياً دوراً في غاية السوء في المنطقة العربية، على حد رأيه. وذكر السيد جاد أن الشعب المصري قد غضب جداً للتدخل السعودي في الشؤون الداخلية لمصر، حتى أن شباب الثورة المصرية الغاضب قد نظم تظاهرة أمام السفارة السعودية في القاهرة طالب خلالها النظام السعودي بالكف عن التدخل بشؤون مصر. قال السيد عماد جاد بأن السعودية تحاول منع محاكمة الرئيس السابق محمد حسني مبارك. كما أنها وبعض دول الخليج يجمعون تبرعات عبر صندوق في الإمارات لتمويل حملة تهدف إلى الحيلولة دون إجراء تلك المحاكمة.
هنا فرحتُ لتحرر شباب الأمة العربية من أسار الأنظمة العربية الدكتاتورية الفاسدة المتآزرة مع بعضها وإنطلقوا لمحاصرة من تبقى يتنفسُ نَفَسَه الأخيرَ من تلك الأنظمة الشمولية وعلى رأسها النظام السعودي.
لكنني بنفس الوقت حزنت لحظِّنا العاثر، نحن العراقيين، إذ تذكرت أن هناك من العراقيين "الصفوة"، لا الشباب المفتقر إلى الخبرة، من شَتَمَ المالكي ألف ألف مرة لأنه قال للسعودية وسوريا وإيران: "كفى قتلاً لأبناء شعبنا".
السيد أياد علاوي، وهو "صفوة الصفوة" تسائل "ببراءة" في فضائية "الحرة"، قبل عامين تقريباً، عمن هو الملام في توتر العلاقات: الحكومة العراقية أم الحكومة السعودية، ثم يضيف "عندما كنت رئيسا للوزراء أكد لي الأخوة السعوديون إستعدادهم للتعاون التام مع العراق لمكافحة الإرهاب. فماذا حصل؟". لم يُجب الدكتور أياد على سؤاله لأن الجواب واضح وضوح الشمس وهو أن المالكي، المرتعب من الديمقراطية السعودية، هو الملام لأنه أرسل المفخخات والبهائم وفتاوى التكفير والقتل إلى "الأخوة السعوديين" لوأد ديمقراطيتهم!!
من هنا صَعَدَتْ الحميةُ في رؤوس بعض قادة إئتلاف العراقية فراحوا ينادون الفصل السابع لتخليص "الأخوة السعوديين" من براثن الوحش العراقي.
أين وطنية بعض العراقيين من وطنية المصريين، يا أولي الألباب؟!!


85
إسقاط الحكومة بين الجد والعبث القاتل

محمد ضياء عيسى العقابي
تتزاحم التصريحات النارية في سوق السياسة العراقية. أكثر اللاعبين صراخاً وصخباً متخماً بالتهديد والوعيد، هم بعض قادة إئتلاف العراقية أو المتحدثون بإسم بعض مكونات هذا الإئتلاف، وهو البعض الأقرب إلى الدكتور أياد علاوي. فالسيد محمد سلمان، القيادي في ذلك الإئتلاف، خيِّر العراقيين، حسب تصريحه لفضائية الحرة في 6/5/2011، بين تسليم مقاليد البلاد إليه أو أن يُحَلَّ مجلس النواب أو أن "يكون المالكي شجاعاً فيستقيل" أو أن يواجهوا "الفوضى". أية فوضى تلك التي يعنيها السيد سلمان غير رفع وتيرة الإرهاب؟ وهل يدع هذا مجالاً للشك بأن آلة التنفيذ طوعُ بنان بعض مكونات إئتلافه؟ أليس هذا إصراراً على محاولة خطف السلطة "بالكَوّة أو بالمروّة" خارج السياقات الدستورية والحضارية؟ لا نعرف لماذا لا يريحون الناس ويريحون أنفسهم بإحترام الدستور والطرق الديمقراطية ويسلمون الإرهابيين للعدالة بدل الإستقواء بهم ما يدفعهم إلى التستر عليهم وتسيير التظاهرات في الموصل والرمادي وتكريت للمطالبة بإطلاق سراح من حوكم منهم وأُدين بالجرم المشهود؟ هل يساعد كل هذا على بناء الثقة التي يتذمرون من غيابها؟ أم أن طروحاتهم هي مجرد إدعاءات فارغة؟
على كل حال لو يستطيعون إنتاج ما يهددون به بأكثر مما هو جارٍ لأنتجوه منذ زمن وبكامل أبعاده. غير أنهم يبالغون بالتهديد كجزء من حملة تشويش وتحريض يترافق مع جزء آخر هو الكلام عن إسقاط الحكومة وتشكيل حكومة أخرى مُلَمِّحِين إلى إقصاء إئتلاف دولة القانون عنها. وكل ذلك يترافق مع الحديث عن تمديد أو عدم تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق الأمر الذي بدا واضحاً أن إئتلاف العراقية يدفع بإتجاه التمديد غير أنه يستخدم تكتيك "المشتهي والمستحي!!". ما مدى الجدية في أُمنية إسقاط الحكومة وما هو الهدف من وراء كل هذا الصخب المتنوع؟ فلنتفحص الأمر. 
تسقط الحكومة بواحدة من خمس حالات هي:
1.    إذا سحب مجلس النواب الثقة من الحكومة. السؤال: وماذا بعد؟ إن الجواب على هذا السؤال هو الذي يحدد موقف الكتل السياسية من مسألة سحب الثقة وإسقاط الحكومة. فإذا أعيد تشكيل الحكومة بصيغتها الحالية، فلماذا،إذاً، تسحب الثقة أساساً؟ وإذا رجَّح البعض إمكانية تشكيل الحكومة برئاسة الدكتور أياد علاوي ومشاركة الآخرين مع إبعاد إئتلاف دولة القانون عنها، فهذا غير وارد بتاتاً للأسباب التالية:
1.1.   الكتل الكردية ستقف بحكم الضرورة إلى جانب المالكي لأسباب ستراتيجية تتعلق بموقف معظم أطراف إئتلاف العراقية السلبي من الفيدرالية وحقوق الأكراد، وهذا أمر غير قابل للتكتكة والتلاعب. ولنتذكر ما صرح به السادة الهاشمي والمطلك والعاني يوم خُيِّل إليهم أن آخر مرحلة من مراحل مخطط "حرق الأعشاش" برعاية السعودية وغيرها قد نجح بفضل المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات وأنهم سيشكلون الحكومة بموجب البند (76) من الدستور؛ ولنتذكر ما قاله الدكتور سلام الزوبعي، زعيم أحد مكونات إئتلاف العراقية، من أن هناك جهات داخل هذا الإئتلاف تسعى إلى إثارة حرب مع إيران وبدء قتال مع الأكراد. وبالفعل قال الدكتور أياد علاوي قبل أشهر إنه سيحارب إيران "سياسياً". بالطبع إثارة حرب وقتال ليست قضية مزاجية. إنها وسيلة لإستعادة السلطة لأنصار العهد البائد بمظهر محسَّن أي لأولئك الذين رفضوا صدام فقط ولم يرفضوا النظام البعثي الطغموي*. ولكن كيف تستعاد السلطة؟...إليكَ التكتيك: أمريكا وإسرائيل وربما أوربا مصرّون على ضرب المفاعل النووي الإيراني. والخبراء يقدِّرون أن هذا لا يتم من الجو بتاتاً لأسباب تقنية. لذا فلا مناص من ضربة أرضية،(أو ربما بضربة جوية ولكن من منطقة قريبة). وهنا تأتي الطبخة: حرب عراقية - إيرانية ليتسلل تحت جناحها الأمريكيون والإسرائيليون لضرب المفاعلات. وهذه الطبخة تتطلب مساعدة السيد علاوي ورفاقه على تشكيل الحكومة تبدأ بكسب ثقة الشعب فيساعده الأمريكيون على فعل ما سيفعل من إنجازات هائلة: توفير خدمات ممتازة وتقليص البطالة بأقصر وقت  جنباً إلى جنب مع عجائب خفية هادئة وهم المتحكمون بإعلام المنطقة الذي سيصمت. فسوف لا نسمع عن إعادة ضباط العهد الطغموي ولا نسمع سوى عن "المصالحة الحقيقية" و "المشروع الوطني" المعارض ل"المشروع الطائفي" وعن "المفخخات وكواتم الصوت الإيرانية الصفوية" وعن إختفاء الشروكي فلان وإغتيال الصفوي فلتان ومحاكمة الشعوبي فلان بتهمة "العمل الميليشياوي" و "التفخيخ" و "الفساد" و "العمالة". وهكذا تتم التهيئة للحرب علماً أن النظام الإيراني لا ينقصه الغباء والرعونة لتسهيل مهمة الطغمويين في إشعال حرب.
1.2.   التيار الصدري والمجلس الأعلى والفضيلة والإصلاح: قد لا يكون ما ذكرتُه أعلاه غائباً عن بالهم وهم يعرفون مغزى ما صرح به السيد علي الدباغ، وزير الدولة والمتحدث الرسمي بإسم الحكومة (فضائية الحرة في 22/4/2011) من "أننا لا نخفي بأن الأمريكيين أبدوا رغبة لبقاء بعض قواتهم في العراق"، وما قاله رئيس مجلس النواب الأمريكي السيد (جو بينر) حسبما نقلَ عنه موقع فضائية الفيحاء بتأريخ 4/5/2011: "وأضاف بينر أنه ينبغي لحكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحوار مع العراق للتوصل إلى إتفاق لبقاء القوات وقال "أرى أنه ينبغي بقاء قوة صغيرة"" . سؤالي: لماذا؟ الجواب: أعتقد أنه بعد أن باءت كل المحاولات منذ ست سنين لإفشال حكومة الإئتلاف العراقي الموحد ومن ثم التحالف الوطني عبر تأجيج الشارع ضدهما لنقص الخدمات المُتَعَمَّد لجأوا إلى محاولة تزوير إنتخابات 7/3/2010 على نطاق واسع ففشلوا؛ ثم عمدوا إلى مخطط 25/2/2011 إذ أرادوا، قبل الجلاء، إستغلال التظاهرات البريئة ليُحدثوا مجزرة وحرائق قد يسقط فيها الآلاف لتتدخل القوات الأمريكية وتعلن حالة الطوارئ وتصرف حكومة المالكي (إذا بقي على قيد الحياة) وتشكَّل حكومة "إنقاذ وطني" برئاسة الدكتور أياد علاوي وتسند مسؤولية الإعلام للسيد سعد البزاز صاحب فضائية الشرقية والمطلوب من قبل الإنتربول الدولي بطلب من العراق لتهمة أمنية. ومن هناك يبدأ سيناريو الإعداد للحرب مع إيران. وبعد إنتهاء العملية وقبل أن يتمتع الدكتور أياد ورفاقه بالحكم الجديد تدفع أمريكا بإتجاه تقسيم العراق إلى ثلاثة دويلات. إذا فشل مخطط  25/2/2011 بفضل السادة علي السيستاني وجلال الطالباني ونوري المالكي فلا يعني أن المتآمرين سيتركون هذا الشعب المسكين الذي عانى ما عانى وشأنه. سوف يحاولون ثانية وثالثة. ولهذا فهم يريدون تمديد بقاء القوات الأمريكية لحجج يفتعلونها هم أنفسهم كقضية كركوك. يلف الموصل الآن إعتصام (يؤيده المحافظ السيد أثيل النجيفي) يطالب فيه المعتصمون بإطلاق سراح الإرهابيين. والحبل على الجرار. سيتخيَّل الصدريون ما سيفعل بعض أطراف إئتلاف العراقية لو قُدِّر له أن يشكل الحكومة. السيد أسامة النجيفي الآن يتصرف ويتكلم وكأنه "الكل بالكلية" وهذا قبل أن تتشكل الحكومة الثانية أي حكومة "المجلس الوطني للسياسات العليا". فما عساهم فاعلين لو شكلوا الحكومة الأولى؟
2.   حل مجلس النواب: حتى لو إستوفى طلب حل مجلس النواب الشروط  المنصوص عليها في الدستور، سوف لا يُكتب له النجاح في حل المجلس بسبب وقوف الأغلبية البرلمانية ضد الطلب للسبب الوارد في البند(1) أعلاه، خاصة وأن التحالف الكردستاني قد أعلن على لسان النائب السيد محسن السعدون (الحرة في 6/5/2011) بصدد قرب إنتهاء فترة االمائة يوم التي حددها رئيس الوزراء لتقييم أداء كل وزير،  بأن التحالف سيؤيد رئيس الوزراء في أي إجراء يتخذه حيال أي وزير متلكئ حتى ولو كان من وزراء التحالف الكردستاني. غير أن السيد محمد سلمان ، القيادي في إئتلاف العراقية، له موقف مغاير تماماً لموقف التحالف الكردستاني، إذ هدَّدّ السيدُ محمد العراقيين ب"الفوضى" (إقرأ: الإرهاب) إذا لن تسلَّم مقاليد الأمور بيد إئتلافه أو لن يُحلَّ البرلمانُ حسب مشيئته، أو إذا لن يتحلى السيد المالكي "بالشجاعة ويستقيل" وذلك بعد مهلة المائة يوم (والإقتباسات عائدة للسيد محمد سلمان من تصريح له في فضائية الحرة يوم الجمعة 6/5/2011). هذه، إذاً، سمات "المشروع الوطني" لإئتلاف العراقية وهو مشبَّع ب"الوطنية والديمقراطية". أنا أسأل: وإذا حُل المجلس وأعيدت الإنتخابات، فهل سيأتي بنتائج مغايرة عن الوضع الحالي؟ أراهن على أن إئتلاف العراقية قد يخسر. غير أن هذا الإئتلاف يعوِّل على بعض العوامل من وراء طلبه بحل البرلمان هي:
2.1.   الإستفادة من مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات الحالية قبل صرفها المتوقع لفسادها وتلاعبها في نتائج إنتخابات 7/3/2010
2.2.   التعويل على القوات الأمريكية، قبل إنسحابها، في حالة نشوء ظرف طارئ.
2.3.   ربما محاولة الإستفادة من إلتزام السيد نوري المالكي بعدم الترشح لرئاسة الوزارة لدورة ثالثة. عندئذ سوف لا يبقى أمام السيد علاوي منافس قوي بوزن السيد نوري المالكي.
3.   محاولة تدبير إنقلاب على غرار محاولة 25/2/2011 الفاشلة. وفيما يلي أركان هذه المحاولة التي تتفرع من الجذر الذي لم يذبل وهو التصميم على إستعادة السلطة بوسيلة أو أخرى مهما كلف الأمر العراقَ من ويلات:
3.1.   مظاهر المحاولة:
3.1.1.   عرقلة تنفيذ إتفاق أربيل عبر وضع شروط تعجيزية لتشكيل "المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية" بالمطالبة بمنحه كياناً يرقى إلى مستوى حكومة موازية، أي تصبح للعراق حكومتان. وإذا أضفنا رئيس مجلس النواب السيد النجيفي، المُتَمَدِّدِ ورافع لواء المناكفة والمخاصمة والتصفير والتسقيط، إلى الحكومة الموازية برئاسة السيد أياد علاوي فستصبح الحكومة الشرعية المنتخبة برئاسة السيد نوري المالكي مركونة على الرف، وتلك هي "الشراكة الحقيقية وليست المشاركة"!!!
3.1.2.   إستكمالاً لمفهوم "الشراكة وليس المشاركة"، قال النائب عن إئتلاف العراقية السيد نبيل جربو (فضائية الحرة في 2/5/2011) بأن وزراء إئتلافه في الحكومة البالغ عددهم عشرة لا يستطيعون العمل وأداء مهامهم لأن الوزارات مبنية على أسس خاطئة ما ينبغي تغييرها!!. أما الدكتور شاكر كتاب المتحدث الرسمي بإسم إئتلاف العراقية، وهو من حلفاء السيد طارق الهاشمي، فقد شكى حال وزراء إئتلافه لمشاهدي فضائية الحرة بتأريخ 3/5/2011 إذ قال بأن الوزير لا يستطيع تعيين مدير عام في وزارته إلا بموافقة المالكي. أوضحَ الموقفَ الحقيقيَّ السيدُ سامي العسكري، النائب عن التحالف الوطني، قائلاً: قَرَّرَ مجلسُ الوزراء إجراءَ تغييرات كثيرة في طواقم المدراء العامين في الوزارات بغية تحقيق التوازن بين الكتل. ولمنع المحاصصة أي منع الوزير من تعيين مدراء عامين من الأقارب والمعارف والخلان، قرر مجلس الوزراء أن يصادق هو، أي مجلس الوزراء، على ترشيحات الوزير المختص. أين هذه من ذيك ياسيد شاكر!! المفارقة الكبرى في مواقف إئتلاف العراقية هذه هي: إذا كان وزراء إئتلاف العراقية لا يستطيعون العمل وأن الوزارات قائمة على أسس خاطئة وأن التحالف الوطني لم ينفذ سوى واحد من تسعة بنود متفق عليها بضمنها تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" وعدم إطلاق سراح الموقوفين والسجناء وعدم تحقيق "المصالحة الحقيقية"  وأن الشراكة لم تحصل بل حصلت المشاركة العرجاء، وأن إئتلاف العراقية سيقلب الدنيا عاليها سافلها بعد المائة يوم ، ومع كل هذا فهم باقون على رئاسة مجلس النواب وبشكل مناكف ويشغلون عشرة مقاعد وزارية ونيابة رئاسة مجلس الوزراء ونيابة رئاسة الجمهورية (لولا عرقلتهم هم). فلماذا لا يخرجون من الحكومة ويشكلون معارضة برلمانية جادة؟ ولماذا لا يلتزمون بإدعائهم بمعارضة مبدأ المحاصصة وينسون إتفاق أربيل وينسون فلسفة "الشراكة لا المشاركة" وينسون "المجلس الوطني للسياسات العليا" ويطرحون بدل ذلك بناء حياة برلمانية صحية؟ لماذا لا يطرحون قضيتهم ومشروعهم الوطني ويُعرّون المشاريع اللاوطنية للآخرين على مجلس النواب؟ فإذا دعمتهم أغلبية مجلس النواب ب(163) أو أكثر فستسقط حكومة المالكي ويشكل السيد أياد علاوي الوزارة برضى الجميع. وهذا هو الأسلوب الوطني والديمقراطي. وإذا حصل العكس فعلى إئتلاف العراقية إحترام البرلمان. على قادة إئتلاف العراقية أن يتذكروا أنهم لم يفرضوا شيئاً على التحالف الوطني لأنه صمم هو والتحالف الكردستاني، بعد المماطلات الطويلة، على الذهاب إلى مجلس النواب بحكومة مقترحة من خارج إئتلاف العراقية للتصويت عليها. هنا أدرك إئتلاف العراقية أن "حديدة" الديمقراطية والشرعية أصبحت حارة ولم يتبقَ للإئتلاف سوى تصعيد الإرهاب الذي لم تعد لديه من الإحتياطي ما يكفي للتصعيد. وهكذا وافق إئتلاف العراقية مع إدخال بنود غير جديدة على المالكي بل هو مستمر بها منذ مدة كالمصالحة وإطلاق سراح من تثبت برائته ووضع نظام لمجلس الوزراء وغير ذلك مما يتطلب وقتاُ للتنفيذ في سياق مجرى العمل، خاصة وأن السيد سامي العسكري قد أجاب الدكتور شاكر كتاب بأن تسعة بنود قد نفذت أو أنها على طاولة التنفيذ وبقي بند واحد فقط وهو تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا".   
3.1.3.   نقلت فضائية "الحرة – عراق" عن صحيفة "النيويورك تايمز" الصادرة يوم 16/3/2011 تقريراً يقول إن التأخر في تعيين الوزراء الأمنيين في العراق أدى إلى تأخر الإتصالات بين الجانبين الأمريكي والعراقي من أجل وضع الترتيبات اللازمة لإكمال إنسحاب القوات الأمريكية في نهاية عام 2011. وذكرت الصحيفة بأن هناك رأي بإبقاء عشر آلاف جندي أمريكي في العراق ريثما تنتهي الترتيبات.   
ذكرتُ في الفقرة (1.2) أعلاه بأن الأمريكيين يريدون بقاء بعض القوات الأمريكية في العراق للغرض الذي ذكرتُه أعلاه حسب تقديراتي. أما تأخُّر تعيين الوزراء الأمنيين فهو ذريعة. غير أن إئتلاف العراقية قد تمادى كثيراً في المماطلة بشأن الوزراء الأمنيين. فهو يرشح ثم يسحب مرشحيه. ولما رشح رئيسُ الوزراء وزيرَ الدفاع السابق السيدَ سعدون الدليمي (من إئتلاف الوسط) للمنصب مجدداً رفضه إئتلاف العراقية، حسب فضائية الحرة في 6/5/2011، بحجة أن المنصب من حصته، وهو الشاتم ليل نهار "المحاصصة اللعينة"!! أليس هذا تناغماً مع الرغبة الأمريكية في بقاء بعض من القوات في العراق، خاصة وأن السيد أياد علاوي قد أعطى إشارتين بهذا الإتجاه: مرة إتهم السيد المالكي بطلب بقاء بعض القوات الأمريكية سراً ونفي ذلك علناً. الجميع من عراقيين وأمريكيين (وزير الدفاع وقائد الأركان ورئيس مجلس النواب والسفير جيمس جفري والسيدة ورئيسة الأقلية في الكونغرس السيدة بيلوسي) نفى هذا الإتهام. عاد السيد أياد وأوحى بضرورة بقاء بعض القوات ولكنه برقع طلبه إذ قال بالإمكان إستدعاء قوات من الأمم المتحدة!!
3.1.4.   محاولة توسيع أعمال العصيان في الموصل والرمادي وتكريت لتمتد إلى كافة أنحاء العراق "المحروم من الحرية والخدمات". يطالب هؤلاء بإطلاق سراح المشتبه بتورطهم بأعمال إرهابية وإطلاق سراح السجناء المدانين بالإرهاب وهم جميعاً "أبرياء" بالطبع. لقد رأيتُ بأم عيني شعاراً من شعارات أهل الجنوب مرفوعاً في الموصل. الشعار كان لافتة كبيرة للإمام الحسين. أما تظاهرات الرمادي فقد إلتحق بها أهالي الوسط والجنوب حسب الإدعاء. أعتقد أن كل هذه الحركات ألاعيب بهلوانية لا تنفع بشيء.   
3.2.   مبررات المحاولة الإنقلابية: المظاهر التي رصدتًها أعلاه والتي تشير إلى وجود تفكير لدى قادة بعض إئتلاف العراقية للقيام بمحاولة إنقلابية، هي نفسها تشكل مبررات في قناعة هؤلاء القادة للقيام بمحاولة إنقلابية وكالتالي:
3.2.1.   إغتنام فرصة وجود مجلس المفوضية العليا للإنتخابات الفاسد قبل صرفه وخسران خدماته.
3.2.2.   الإستفادة من وجود القوات الأمريكية قبل إنسحابها من العراق لأنها آلة التغيير الحاسمة التي يبدأ مفعولها بعد إنطلاق الخطوة الأولى في اليوم المائة، إذ يؤمل أن يُدفع بالجماهير البريئة إلى الشوارع ليبدأ سيناريو التفجيرات والقتل العشوائي وخلط الحابل بالنابل وإشعال الحرائق في الأبنية الحكومية وربما في بعض السفارات ليصل عدد القتلى إلى أكثر من ألف شخص (لنتذكر مجزرة جسر الأئمة) وهنا يبدأ الدور الأمريكي.
3.2.3.   تمديد بقاء القوات الأمريكية في العراق: تشير كل المؤشرات إلى أن الدكتور أياد علاوي وبعض حلفائه في إئتلاف العراقية يريدون بقاء هذه القوات أو بعضها في العراق للإستفادة منها في إنجاح المخطط الالمذكور في الفقرة (1.2) أعلاه.
3.2.4.   أحد مبررات هذه المحاولة الإنقلابية هو فتح الطريق أمام تنفيذ مخطط شن حرب على إيران وقطف ثماره.
3.3.   المناسبة التي تتم فيها المحاولة الإنقلابية: تتم المحاولة في نهاية فترة المائة يوم التي حددها رئيس الوزراء حيث سيجري في نهايتها تقييماً لأداء كل وزير خلال الفترة المنصرمة وتقييم مدى وضوح ورصانة برنامجه للفترة القادمة ومدى حظوظ نجاحه. يشيع قياديو إئتلاف العراقية أنه لا شيء تغيَّرَ منذ 25/2/2011 ويتحمل المالكي وحده الفشل، لذا فهم يوحون بإندلاع ثورة في ذلك اليوم، بل يحثون على الإنخراط فيها. أعتقد أن هذه مجرد أضغاث أحلام. وقد يحصل العكس إذ حذَّر المالكي وزرائَه وحتى مجلس النواب من أنهم إذا لن يدفعوا الأمور نحو الأمام ويطمئنوا مصالح الجماهير فسوف لا يكون أمامه سوى إقالة الحكومة وتشكيل حكومة بإرادته هو بالتشاور مع الكتل السياسية كافة مع إهمال أية كتلة غير جادة هدفها العرقلة وإقلاق الوضع العام منتظرة بلوغ حالة الفوضى التي "تنبَّأ" بها السيدان أياد علاوي ومحمد سلمان.  وإذا أجاب إئتلاف العراقية بواحد من أمرين أو بكليهما، وهو الأكثر إحتمالاً، فسيأتيه الرد المناسب أي: عرقلة أعمال مجلس النواب. هنا يوجد طريقان للمعالجة: أما إقالة رئيسه السيد النجيفي وإنتخاب بديل له؛ وأما حل مجلس النواب وعقد إنتخابات جديدة. والطريق الثاني هو رفع وتيرة الإرهاب وهذا لاقدرة للإئتلاف عليه إذ لو إستطاع ذلك قبلاً لما توانى عن تفعيله. وإذا عوَّل إئتلاف العراقية على التظاهرات في الموصل والرمادي وتكريت فعلى الأرجح ستكتفي قوات الحكومة المركزية، إن وجدت، بالمحافظة الصارمة على أرواح وممتلكات الأبرياء والممتلكات العامة وما عدى ذلك فليتظاهروا ليل نهار وليشنّوا الإضراب عن الطعام حتى الموت فسوف لا يتعاطف معهم أحد من محبي الديمقراطية في العالم لأن هناك ما يكفي من الأدلة التي تحدد الهويات والمقاصد. 
4.    حصول ثورة شعبية تطيح بالحكومة : إذا كانت الجماهير ترغب في إطاحة الحكومة وحسب، فلماذا الثورة، إذاً، فبإمكان الجماهير حتى حل البرلمان دستورياً إذا تغيَّرَ رأيُها الآن وندمت على التصويت في 7/3/2010 (حسب الطريقة المسرحية التي جرت في ساحة التحرير حيث قطعوا أصابعهم ندماً)؟  يمكن أن تثور الجماهير ضد النظام القائم برمته وهذا يعني أنها إقتنعت بمزاعم قادة إئتلاف العراقية والمتظاهرين في الموصل وتكريت والرمادي. لكن هذا غير وارد بتاتاُ. لا أريد أن أذهب بعيداً في الشرح والبيان فيكفي الناس أن تشاهد صور صدام وأضرابه مرفوعة لتعرف التمثيلية بكامل فصولها. مع هذا لا يتوانى قادة إئتلاف العراقية عن الإيحاء بأن "ثورة" عاتية آتية آتية لا محال بعد المائة يوم. وهذا نوع من أنواع الحث الذي يخاطب اللاوعي لدى الجماهير للتوجه إلى جموع الثورة آلياً دون سؤال أو جواب. ولكن نسى هؤلاء السادة أن الجماهير أثبتت منذ زمن بعيد بأنها أوعى من كثير من المزيفين والأفندية و"المثقفين" فهي تعرف أين تضع ثقتها ومن هو مصدر الخطر عليها وعلى الوطن.
5.   إحتمال حلّ الحكومة بطلب من رئيس مجلس الوزراء أي تقديم إستقالة الحكومة ليعيد تشكيلها وقد أشرتُ إلى ذلك في الفقرة (4) أعلاه. هنا لابد من توضيح نقطة هامة. فقد كتب البعض أنه إذا إستقالت الحكومة وأُعيد تشكيلها فسوف لا تكون برئاسة السيد نوري المالكي بحجة وعده بعدم الترشيح لدورة أخرى. في الحقيقة إن وعد رئيس الوزراء يأخذ مفعوله في حالة إجراء إنتخابات جديدة سواءاً إعتيادية أو مبكرة ولا ينطبق على حالة إستقالة الحكومة وإعادة تشكيلها ضمن الدورة البرلمانية الواحدة ولو لعدة مرات.

ختاماً، يتضح مما جاء أعلاه أن كلام بعض قادة إئتلاف العراقية وتهديداتهم بإسقاط الحكومة أو "اللجوء إلى طرق أخرى" أو "الفوضى" ما هي إلا زوبعة في فنجان تُقصد منها إثارةُ الصخب والتشويش وخلط الأوراق وتشجيع  الإرهابيين على إنزال مزيد من الأذى بالشعب ومنحهم، بنفس الوقت، الأملَ وهم الذين يلفظون أنفاسهم الأخيرة؛ وتشكل كل هذه باقة تكتيكات تهدف إلى توفير المبرر لتمديد بقاء بعض القوات الأمريكية  بأمل تكرار مغامرة 25/2/2011 . إنه عبث قاتل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*:الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.


 








86
حرية التفكير وشجاعة التعبير عن الرأي

محمد ضياء عيسى العقابي
حرية التفكير على الطريقة العراقية:
أثار الدكتور هاشم العقابي في مقاله المعنون "دفاعاً عن حرية التفكير" موضوعاً في غاية الخطورة. في الحقيقة، تناول السيد هاشم موضوعين يُكمل أحدهما الآخر من أجل تحقيق فائدة الفرد الفكرية للمجتمع، وهما: حرية التفكير أي حرية إنتاج الفكرة أي بلورة الرأي الخاص غير المُسْتَمَد من الآخر عبر آلية الترديد الببغاوي، وشجاعة البوح والتعبير عن هذا الرأي الخاص.
أعتقد أن ظاهرتي عدم القدرة على التفكير المستقل وعدم القدرة على البوح بالرأي الصريح للفرد العراقي مَرَّتا بمرحلتين:
الأولى ترتبط بالتراث التأريخي للمسلمين والعرب. بعض جوانبه كان قامعاً لحرية الفكر والتعبير عنه، وبعضه كان متسامحاً أو مشجعاً.
الثانية وهي الأخطر لأنها تحدد معالم الوضع الحالي، وهي إمتدت منذ بداية عشرينات القرن الماضي. هناك عاملان فاعلان في هتين الظاهرتين وهما: السلطة والفرد.
السلطة: منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتي 9/4/2003 (بإستثناء فترة ثورة 14 تموز عام 1958 حتى سقوطها على يد الطغمويين* في 8/2/1963 الأسود) تعاملت السلطات المتعاقبة مع الحرية الفكرية بالقمع المطلق خضوعاً لمقتضيات الحرب الباردة التي إتسمت بسياسة محاربة الشيوعية عملياً وفكرياً.
أما ما يخص الفرد العراقي، فالبعض من الأفراد إقتنع أو إنصاع لنهج الحكومة والبعض إلتزم جانب السكوت على مضض رغم أنه يملك رأياً متبلوراً خاصاً به مناهضاً لرأي السلطة، والبعض الآخر تمرد وإنتظم في أحد الأحزاب السياسية السرية التي تحمل أفكاراً مغايرة لفكر السلطة وفيه مساحة واسعة نسبياً من حرية التفكير وشجاعة التعبير. ولكن هذه الحرية كانت محددة أيضاً بالإطار الإيديولوجي والنظرية التنظيمية لهذا الحزب أو ذاك فضاقت الحرية والشجاعة يوماً بعد يوم. الطامة الكبرى أن الحزب السري تنقصه الديمقراطية في حياته الداخلية بسبب قمع السلطة وبسبب الموروث وبسبب تخلف المجتمع من الناحية الإقتصادية وخاصة الصناعية إذ أن الصناعة تدفع بإتجاه الإنفتاح الفكري والحرية وتنمية شجاعة التعبير عن الرأي وخلق تنظيمات سياسية ناضجة تمارس النقد والنقد الذاتي بصدق.
مع مرور الأيام إزداد الأمر سوءاً إذ طورت قيادات الأحزاب السرية أساليب قمعية ضد المعارضين داخل الحزب ذاته ممن لهم فكر مستقل وشجاعة للإدلاء بآرائهم، لضمان الحفاظ على وحدة الحزب الفكرية والتنظيمية وهي ممارسة تؤول موضوعياً عن غير قصد إلى تشديد قبضة القيادة على القاعدة أي فرض الهيمنة ومصادرة حريتي التفكير والتعبير، وقد يشتط البعض فيقصد الولاء. من هذه الأساليب القمعية التشهير ووصم المخالف بالمنحرف وحامل آراء غريبة وبالمتخاذل والمهزوز والجبان والإنتهازي والشللي والنفعي والمرتد والضعيف فكرياً والمشوَّش والمتآمر والخائن والعميل والجاسوس وغير ذلك من الأوصاف حسب درجة الإختلاف. هذه الممارسات السيئة قتلت جو الحرية للتفكير المستقل وشجاعة التعبير عن الرأي الصادق النابع من صميم الفرد وضميره لا الترديد الببغاوي لما يريده المسؤول أو الآخرون (أي الجمع).

نمطان عالميان لحرية التفكير:
وقع العراق، وأغلبية بلدان العالم الثالث، وهي خليط من دول مستقلة ومستقلة شكلياً ومستعمرة وشبه مستعمرة، في القرن الماضي بين قطبين قامعين قتلا حرية التفكير المستقل أولاً وشجاعة الفرد في التعبير عن رأيه بأمانة ثانياً، وهما:
أولاً: ثقافة الحرب الباردة التي ألزَمَ بها الغرب الرأسمالي حكوماتِنا والتي إتخذتْ في دول العالم الثالث منحى قمعياً شمولياً متخلفاً مباشراً ومطلقاً ما نجمت عنه ثلاث أمور هي: غياب المعلومات الأساسية وهي المادة الأولية للتفكير، وقمع القدرة على التفكير المستقل أي قمع حرية التفكير، وقتل شجاعة التعبير.
إختلفَ هذا المنحى في بلدان العالم الثالث تماماً عما كان عليه الحال في الدول الرأسمالية نفسها حيث ساعد المستوى الإقتصاديُ المتطورُ هناك الطبقةَ الراسماليةَ الحاكمة على نشر ثقافتها بين شرائح واسعة من المجتمع بقناعة ودون إكراه فأصبح الجميع يفكرون والجميع يتحدثون بحرية... ولكن..... سأعود لهذا الأمر في نهاية هذه المداخلة. 
 ثانياً: ثقافة المعسكر الإشتراكي وقائده أي الإتحاد السوفييتي الذي نُحرتْ الديمقراطيةُ في حزبه ثم في مجتمعه وفي الأحزاب الشيوعية على نطاق العالم منذ الفترة الستالينية ما نجم عنه قتلٌ لحرية التفكير ونحرٌ لشجاعة التعبير لم تستطع حتى "إنتفاضة" المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، وحتى "إنتفاضة"  "الشفافية وإعادة البناء" (الكلاسنوست والبريسترويكا) على الستالينية بقيادة الأمينين العامين للحزب نيكيتا خروتشوف عام 1955 وميخائيل غورباشوف في بداية ثمانينات القرن الماضي، من تدارك آثارها الكارثية على الفرد الشيوعي والأحزاب الشيوعية حتى تفكك الإتحاد السوفييتي وإنتكس مشروعه الإشتراكي ولم يتحقق حلمه في بناء الفرد المستقل فكرياً والمعبر عن رأيه بثقة وبحرية تامة ويمتلك ثقافة متنوعة متكاملة الأركان.
أستدرك هنا وأقول إن هذا القتل والنحر لا يشمل ممارسة نقد الآخر (نظام آخر أو حكومة أخرى أو حزب آخر أو شخص آخر..إلخ) فهو يذهب، أحياناً، إلى أبعد مما ينبغي لحد الشتيمة دون رادع ذاتي.
بناءاً على ذلك نشأت حالة العقلية الببغاوية في الأحزاب السرية وخاصة "الثورية" منها سواءاً الصادقة كالحزب الشيوعي أو المدَّعية كحزب البعث وكلها أثَّرت تأثيراً كبيراً على فئات واسعة ونشطة من المثقفين.  بقيت هذه العقلية الببغاوية تعشعش في رؤوس كثير من مثقفينا حتى يومنا هذا.
في المجتمعات الرأسمالية المتطورة، الجميع يمتك حرية وشجاعة التفكير وشجاعة البوح بالرأي دون تردد. ولكن هناك موضوع "الأصالة" في ما يطرحه الفرد. فعموم الناس يردد من حيث لا يدري أفكار المؤسسة الرأسمالية في شؤون الحياة المختلفة التي تزحف وتتسلل إليه عبر وسائل الإعلام المتباينة التي يسيطر عليها، بصيغة أو أخرى، الرأسماليون بثقافتهم وأفكارهم وقيمهم بسبب مقدرتهم المالية. إذاً، هو ترديد مقارب للببغاوي أيضاً، خاصة في المسائل الكبرى وبالأخص في ما يتعلق بالخارج، ولكن بآلية غير مباشرة وأكثر حذاقة وهي لا تقبل بالكسل الفكري لكنها تتقبل الفكر المقولب.
وهناك نسبة ضئيلة من المواطنين ممن يمتلك "الوعي" لما يدور حوله وفي العالم، فينتج أفكاراً "أصيلة" غير متسللة إليه من الإعلام العام دون وعي، وأخيراً لديه "الشجاعة" (كما لدى الآخرين) للبوح بها علانية دون وجل. وهؤلاء هم قادة المجتمع الفكريون أي المفكرون.
أخيراً:
أعتقد أن المثقفين العراقيين، وخاصة اليساريين منهم، بحاجة إلى "ثورة فكرية" تشمل الموضوع والأسلوب، أي تشمل حرية التفكير أي حرية إنتاج الفكرة أي بلورة الرأي الخاص غير المُسْتَمَد، عبر آلية الترديد الببغاوي غير الواعي، من الآخر أو مما إستقرَّ ورسخَ في الذهن منذ عقود؛ وتشمل شجاعة التعبير عن هذا الرأي الخاص.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*:  الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.


87
أطالب بإقالة مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات فوراً

محمد ضياء عيسى العقابي

خطـــأ أعضـــاء مجلــــس المفـــوضيــــة القــــاتــــــل:
لا جدال فيه، أن كيان النظام الديمقراطي الجديد في العراق، بالذات، مرتبط إرتباطاً وثيقاُ بنزاهة المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات. والنظام الديمقراطي هو أسلوب الحكم الوحيد القادرعلى نيل رضى الطيف العراقي وبالتالي صيانة السلم الأهلي والحفاظ على وحدة الوطن وأرواح الملايين المهددة. 
ولا مجال للشك، بالنسبة لي،  في أن مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات بتركيبته الحالية ما عاد يصلح لأن يستمر يوماً آخر على رأس هذه المؤسسة الخطيرة، وذلك بناءاً على معلومة واحدة، فقط لا أكثر، إعترف بها رئيسُ المجلس أثناء الإستجواب الذي أجرته النائبة الدكتورة حنان الفتلاوي لمجلس المفوضية في مجلس النواب بتأريخ 2/5/2011، وسآتي على هذه المعلومة بعد قليل.
رغم أن النائبة لم تطرح سوى قدر ضئيل مما تريد طرحَه من أسئلة، ورغم أن "ما سيأتي هو أشد وأقسى مما سلف" على حد قول الدكتورة حنان في تصريح لها لفضائية الحرة بعد إنتهاء الجلسة الأولى من الإستجواب، فإن ما ظَهَرَ من الإستجواب الذي تم يوم الإثنين كان كافياُ لتقرير عدم صلاحية مجلس المفوضية، حتى لو أغلقتُ سمعي عن جميع ما طرحته النائبة، وهو تلٌّ من المخالفات المخزية على مستوى العفة والأمانة التي عجز رئيس المفوضية عن تقديم الأجوبة الشافيه لها. هناك  قضية واحدة، لا غير، ترنُّ في الأذن وتضرب في الرأس ولا تدع مجالاً للإنتظار وهي: أن جميع المسؤولين في مجلس المفوضية قد عيَّنوا أقاربهم في جهاز المفوضية فمثلاً: رئيس المفوضية السيد فرج الحيدري عيَّن ثلاثة من أبنائه قاطنين في السويد وغيرهم من الأقارب؛ ومدير عام الإدارة الإنتخابية القاضي قاسم العبودي عيَّن أخاه وغيره؛ وهكذا بالنسبة للآخرين: التميمي والراوي والبيرقدار وحمدية الحسيني وغيرهم.
لا أريد أن أتناول في هذا الصدد كيف عُيِّنَ هؤلاء الأقارب خلافاً لأصول التعيين والتنافس ولا أريد أن أتناول أموراً كثيرة أخرى، بل أُريد أن أفترض أنهم لم يخالفوا قانوناً أو نظاماً أو حتى تعليمةً واحدةً وكانوا نظاميين من الناحية القانونية البحتة في كل الجوانب، مع هذا تبقى هناك قضية شاخصة للعيان ومستفزة لشعور كل مواطن وهي تعيين الأقارب بأعداد شرهة مذهلة حتى كادت الطبقة العليا من المفوضية تقتصر على عوائل أعضاء مجلس المفوضية وحسب.

الفســــاد يُضعـــــــف حصـــــانــــــــــة المســــــؤول:
إن هذه الشراهة تدل على فقدان حسِّ العدالة والعفة والنزاهة. ما تجعل صاحبَها فاقداً للحصانة الأخلاقية ضعيفاً أمام المغريات وعُرضةً للإبتزاز. كيف أقدموا على هذا العمل المشين وهم يقفون على رأس مؤسسة يُفترض فيها أن توفر للفرد العراقي أقصى درجات النزاهة وضماناتها ليعبر عن رأيه بأمانة لإختيار حكام هذا البلد ليسهروا ويحرصوا على ديمقراطيته وحريته ومصالحه وسلامته؟ حتى في معظم الشركات التجارية الربحية في أوربا وأمريكا لا يجوز توظيف أقارب الدرجة الأولى كالزوج والزوجة والأخوان في نفس المكان خوفاً من حصول تواطئ وفساد. فما بالك ونحن أمام مفوضية إنتخابات وفي وضع وموقع وظروف في غاية الحساسية والخطورة. كانت العفة تقتضي منهم ردعَ النفس والإبتعاد عن هذه الممارسة السيئة حتى لو أباحها لهم نظام المفوضية. فهناك من تُهَدِّدُ الديمقراطية العراقية عروشَهم الجاثمة على آلاف المليارات من الدولارات. فهم يتربصون لهذه الديمقراطية ومستعدون أن يقدموا مئات الملايين من الدولارات للقضاء على هذه "الجرثومة الخبيثة"، وقد أُعلنت مثلُ هذه النوايا والتوجهات والأفعال.  وهناك في الداخل من هو مستعد ليدق عنق الوطن فداءاً لأصحاب المليارات إذا ساعدوه على التسلق لكرسي الحكم ثانية؛ وهناك إسرائيل المصممة على ضرب المشروع النووي الإيراني والساعية إلى التسلل إليه عبر العراق؟ فهل هنالك من شك في أن شبكة أصحاب هذه المصالح المتربصين قد إصطادت بعض من فقد حصانته الأخلاقية وما كان عليه إلا أن يُغمض عينيه عن أمر أو أمرين هنا وهناك ليسمح بالتزوير أن يأخذ مجراه مقابل عشرات بل مئات الملايين من الدولارات؟

تـــــــــــداعيـــــــــات  التــــــــــــــــلاعــــــب:
 حسب المؤشرات التي رصدتُها خلال الأيام التي سبقت ورافقت وأعقبت إنتخابات 7/3/2010، وَضحَ بأن الوضع السياسي كاد أن ينزلق إلى مواجهة مكشوفة بين إئتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء السيد نوري المالكي وبين الأمريكيين، وهي مواجهة أخذت طابع الحرب الباردة الخفية منذ فشل السيد أياد علاوي في إنتخابات عام 2005، ولعب فيها الأمريكيون دور المهاجم والحكومة العراقية دور المدافع. كان الأمريكيون يسعون إلى تشتيت جماهير الإئتلاف العراقي الموحد لا لكونه دينياً، كما قد يظن البعض، بل لأنه الوحيد القادر على الوقوف بوجه الأمريكيين ولم يسمح بتنفيذ مخططات محتملة تضر بمصالح العراق كإفتعال حرب مع إيران ليتسلل تحت جناحها من يريد ضرب المفاعلات النووية الإيرانية. إستند ذلك الإئتلاف ومن بعده التحالف الوطني إلى القوة السلمية للجماهير المليونية، الملتفة حول مرجعية السيد علي السيستاني قائد وراعي الديمقراطية العراقية، والتي أظهرت يقظة غريزية عالية وشخصت مكامن الخطر ومصادره. 
ولما فشلت مساعي تشتيت جماهير أطراف الإئتلاف الوطني العراقي إنتقل التعويل إلى محاولة تزوير الإنتخابات البرلمانية في 7/3/2010. وحينما بانت البوادر الأولى للتزوير التي أُطلقت ربما لإختبار ردود الفعل المحتمل، نزلت الجماهير في النجف والبصرة إلى الشوارع وبانت بوادر إندلاع إنتفاضة سلمية جماهيرية. هرع السيد كريستوفر هيل السفير الأمريكي في بغداد إلى الإجتماع بالسيد المالكي. يبدو لي أن مكاشفة قد تمت بين الطرفين وتوقف التزوير عند حدود (89) صوتاً لإئتلاف دولة القانون و(91) صوتاً لإئتلاف العراقية، وكانت لكلٍ حساباتُه العملية. فهناك التعويل على المادة (76) من الدستور وهناك التعويل على إعادة تشكيل التحالف الوطني بمجموع مقاعد تقل بقليل عن الأغلبية، علماً أن إئتلاف دولة القانون أصرَّ ومايزال يصر على أنه قد حصل على (104) أصوات ولم تسعفه المحكمة الإتحادية في إعادة الفرز بالعد اليدوي للتخلص من مصدر التزوير وآلته وهو العد الإلكتروني، ولا شك عندي أن الأمريكيين والأمم المتحدة لعبوا دورهم في الضغط على القضاء العراقي بإسم الحفاظ على العملية السياسية.
إن دفع العلاقات العراقية – الأمريكية إلى ذلك الوضع الذي إقترب من التفجّر لهو عمل مضر بمصالح العراق. ويتحمل مجلس المفوضية العليا للإنتخابات المسؤولية.

شـــــــــروط  نجـــــاح  التــــــــــلاعــــــــــــب:
كنتُ مقتنعاً وعلى طول الخط بحصول تلاعب في إنتخابات 7/3/2010. لكنني شخَّصتُ عاملين من ثلاثة عوامل يتوجب توفرها لإنجاح عملية التلاعب. هذان العاملان هما: أولاً: وجود جهة أو أكثر تنتفع من التزوير وهذه هي : السعودية وبعض أطراف إئتلاف العراقية والولايات المتحدة وإسرائيل. ثانياً: وجود هدف لكل منتفع. وهذه هي على التوالي: القضاء على/أو تشويه الديمقراطية العراقية، إستعادة السلطة المفقودة، إفتعال حرب عراقية – إيرانية لضرب المفاعلات النووية الإيرانية.
أما العامل الثالث وهو ألية التلاعب بنتائج الإنتخابات أي التدخل في نزاهتها، فقد أوقعني في حيرة. سألتُ نفسي كيف يمكن أن يحصل تلاعب ويقف على رأس المفوضية أولئك الطيبون الذين ملأوا قلبي ورأسي ثقة وإطمئناناً وإحتراماً. لذا لُذْتُ بنظرية "التزوير عالي التقنية الذي لم تستطع المفوضية التنبه إليه" خاصة وأنه قد ظهرت تقارير تشير إلى أن الشركة التي صممت برمجيات تسجيل وفرز الأصوات هي شركة مشبوهة حتى قيل إنها ترتبط بمنظمة "مجاهدين خلق" المعارضة الإيرانية. وقد حسبتُ أن ذلك لم يرتبط بفساد بقدر إرتباطه بجهل أو تضليل أو كيد أو تآمر.       
بعد الإستجواب الذي أجراه مجلس النواب العراقي على لسان الدكتورة حنان الفتلاوي، الأستاذة الجامعية في مادة القانون، والذي تناولتُه في هذه السطور، زال الغموض ووُضِعَتْ النقاطُ على الحروف وباتت عملية التلاعب متكاملة الأركان.

ســــــيا ســــــــــــة صـــــــــــــرف الأنظــــــــــــــار:
يبدو أن القائمين على محاولة تدمير أو تشويه الديمقراطية العراقية كأصحاب مخطط  "حرق الأعشاش"، الذين لا أشك في تورطهم بأعمال تزوير الإنتخابات، لم تَفُتْهُم تقنيةُ التخفي وحماية المفسدين الحقيقيين وصرف الأنظار عنهم. من هذا شهدنا قبل وبعد إنتخابات 7/3/2010 سيلاً من المادة الدعائية التي تتهم الأبرياء بالفساد وذلك للتعتيم والتشويش وحرف الأنظار وفق القاعدة العسكرية النابليونية القائلة "خير وسيلة للدفاع هو الهجوم".
ولما نجحت هذه الخطة التي سخَّرت الأقلام الخبيثة والبريئة الساذجة على حد سواء، تشجَّع المتآمرون فأطالوا فترة الهجوم الإعلامي ليخدم مخطط 25/2/2011 الدموي الإنقلابي سواءاً في مرحلة الإعداد أو مرحلة ما بعد الفشل وإلى يومنا هذا.

مطــــــالبــــــــــــــــات:
أولاً: أدعو إلى إقالة مجلس المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات حالاً لإتاحة الفرصة لإنتخاب مجلس جديد دون تأخير، على أن يستمر إستجواب المجلس الحالي للوقوف على الصورة الكاملة وإحالة من يثبت تورطه في مخالفات جرمية إلى القضاء لينال جزاءه العادل.
ثانياً: ضرورة تضمين قانون كل من المفوضية العليا للإنتخابات وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية تشريعاً يحرم توظيف ألأقارب وكل ما من شأنه أن يغري عضو مجلس المفوضية أو الهيئة أو الديوان على التورط في أفعال من شأنها أن تُضعف حصانته الذاتية ضد الإغراء والإبتزاز.
ثالثاً: إن الأحداث بالغة التطرف والإشتطاط والقسوة والإقصاء والحرمان التي مرت على العراق أثناء العهد البعثي الطغموي وما سببه من إحتلال مقبول على مضض من قبل عموم أبناء الشعب لتعرضهم للإبادة الجماعية، عبثت بالروح الوطنية وولدت إستهانة بقيمة "الوطنية" لدى عدد غفير من العراقيين سواءاً كانوا مجرمينً قتلة أو معذِّبين أو مشاركين بصورة أو أخرى أو ضحاياً غَمَرَهم اليأسُ. يشكل الفساد المنتشر في جسد الدولة العراقية منذ عقود والذي طال حتى هيئة إرتكازية هامة كالمفوضية العليا المستقلة للإنتخابات، كما يشكل التعويل على الخارج كالفصل السابع، بعضَ إفرازات ذلك الخلل في "الوطنية"، الأمر الذي يستدعي من الجميع: المعاهد التعليمية بجميع مراحلها والهيئات الدينية والسلطات الرسمية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الإلتفاتَ إلى هذه الظاهرة ومعالجتها.     

88
من حاول إغتيال النائب بهاء الأعرجي؟

محمد ضياء عيسى العقابي
تعقيباً على محاولة إغتيال النائب عن "كتلة أحرار" السيد بهاء الأعرجي، رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب، بتأريخ 21/4/2011 في منطقة الكاظمية، نقلت فضائية "الحرة – عراق" تصريحاً للنائبة عن "إئتلاف العراقية" السيدة وحدة محمود الجميلي إتهمت فيه، بصريح العبارة وبثقة العارف، ما أسمتها "ميليشيات الحكومة العراقية" بالقيام بهذه المحاولة.
  أفاضت النائبة في طرح رأيها بالحكومة العراقية حيث وجهت لها أبشع التهم والتحقير وصوَّرتها وكأنها عصابة مجرمة من النوع المتدني جداً.
 هذا بالطبع يقع ضمن حقوق النائبة بل ضمن حقوق أي مواطن عراقي في التعبير عن رأيه بحرية تامة دون أية مسائلة قانونية. غير أن الكلام القاطع (وليس الإعتقاد)عن وجود "ميليشيات" لمتنفذين كبار في الحكومة، والتأكيد (وليس الإعتقاد) على أن هذه الميليشيات هي التي أقدمت على محاولة إغتيال النائب بهاء الأعرجي، لهو أمر مختلف تماماً عن مسألة إبداء رأي.
كمواطن عراقي، أطلب ما يلي:
أولاً: لو تكرمتْ النائبة المحترمة السيدة وحدة محمود الجميلي وأعلنتْ أسماء المسؤولين الفاسدين وأسماء ميليشياتهم والمخالفات التي إقترفوها، ومن أقدم على محاولة الإعتداء الأخيرة على حياة النائب السيد بهاء الأعرجي بالذات؟ وإن إمتنعتْ السيدة لسبب أو آخر عن إعلان هذه المعلومات وعزمها على إثارة الموضوع في مجلس النواب، فهل تستطيع طمأنتنا متى سيتم ذلك؟   
 ثانياً: أطلب من الحكومة ومجلس النواب بيان ما يلي:
1- مَنْ حاولَ إغتيال النائب الأعرجي كأشخاص وكتنظيم أو كتنظيمات، إن وجدت، خاصة وأن الذين قاموا بالمحاولة قد أُلقي عليهم القبض؟
2- إن كانت إتهامات النائبة السيدة وحدة الجميلي صحيحة فمن هم المجرمون والمفسدون بالأسم؟ وما هي مواقعهم الوظيفية في الدولة؟ وما هي إجراءاتكم ضدهم؟
3- إن لم تكن إتهامات السيدة النائبة صحيحة فماذا تنوون عمله حيالها؟ إذ أن الإتهامات خطيرة ومرعبة تمس حياة الناس وأمن البلد؛ وأنه ما عاد مقبولاً التلاعب بها بهذه الصيغة: واحد يقتل وآخر يتهم الحكومة والحكومة تسكت. فإن كان الإتهامات صحيحةً فإكشفوا الحقائق، وإن كانت الإتهامات باطلة فأسعوا لمقاضاة النائبة دون إنتظار أو تردد ودون أي إعتبار آخر. وإلا فإن السكوت من الرضا والتسليم بصحة الإتهامات.
ثالثاً:
ما هي إجراءات المدعي العام وهيئة النزاهة من إتهامات النائبة في حالتي صحتها أو بطلانها؟
رابعاً وأخيراً:
1-    أما يكفي الشعبَ ما عانى ويعاني في مجمل حياته "الجديدة" مِنْ مداراةِ مَنْ يمتهنُ "فَنَّ" الإبتزاز ويجازف بوحدة الوطن لمصالحه  الطبقية الخاصة التي فَقَدَها في صناديق الإقتراع، ويرفضُ الآخرَ من منطلقات متخلفة، ويصرُ على التخريب سواءاً بالطلق الناري أو بالطلق الكلامي؟
2-    أما يكفي اللعب على الحبال والإستهتار بمصالح وأرواح الناس بإبتداع البدع فيصبح المجرم بريئاً وشريكه مظلوماً و"المشارك ليس شريكاً" وحكومة "القائد الأعلى" المنتخبة يجب أن تقابلها حكومة "رئيس المجلس الوطني للسياسات العليا" المعينة، وتُترك للبرلمان المنتخب "السياسات الدنيا"؟

3-   هل إن ما نشهد هو تجسيد لسياسة "أَحْكُمُكَ أو أَقْتُلُكَ أو أُخَرِّبُ البلدَ"؟

4-    لا يقع اللوم كله على عاتق المذنب بل يشاركه الذنبَ مَنْ يساوي بين الجاني والضحية لأغراض تكتيكية و"الساكتُ عن الحق شيطانٌ أخرس".

89
إئتلاف العراقية: "وشهد شاهد من أهلها"!!
محمد ضياء عيسى العقابي

ما صرح به الشيخ الدنبوس:
قال الشيخ عدنان الدنبوس، القيادي في إئتلاف العراقية، كلاماً خطيراً ربما لم يلتفت أو يفطن إلى مغزاه وتبعاته. لقد أباح بشئ عن النوايا من حيث لا يدري. ففي برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 7/4/2011 وفي معرض تبريره لإنسحاب الدكتور أياد علاوي، رئيس ذلك الإئتلاف، من "المجلس الوطني للسياسات العليا" قال الشيخ: "الدكتور أياد لا يبحث عن وظيفة أو منصب بل هو يبحث عن دور سياسي. لديه مشروع يريد أن ينفذه، فإن أتاح له المنصب تلك الفرصة فبها، وإلا فليس له إهتمام بذلك المنصب".
في الحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي يعبر بها قياديون في إئتلاف العراقية عن إصرارهم على تشكيل هذا المجلس وبصلاحيات واسعة وإسناده للدكتور علاوي ل"أهميته القصوى في تنفيذ سياستنا الوطنية"، على حد قولهم، وكأن سياساتهم مسلَّم بها ومقبولة ومعتمدة من قبل الآخرين. ومن ضمن المنادين بهذا الطرح الدكتوران صالح المطلك وظافر العاني.
إن التمعن في قول الشيخ الدنبوس وآخرين يُظهر أن هذا الإئتلاف عازم على تطبيق ما يعتقده صحيحاً وعلى هواه، بغض النظر عن موقف الآخرين؛ أي لدى الإئتلاف الإستعدادُ للمضي منفرداً لتنفيذ سياسة يشوبها كثير من الشكوك وتثير كثيراً من المخاوف لدى أغلبية الشعب العراقي، رغم أن الإئتلاف يشترك في تشكيلة حكومية لم يكلفه البرلمان بقيادتها، ورغم أن التكليف بقيادة الحكومة، لا يبيح تهميش الآخرين في أحسن الظروف بالنسبة للجهة القائدة. إن قياديي إئتلاف العراقية يَمنحون أنفسَهم حقَ التصرف الكيفي، ويحرِّمون على رئيس الوزراء، المنتخب برلمانياً، حقَه في قيادة العمل على رأس فريق متكامل يتخذ قراراته جماعياً وبشكل ديمقراطي.
بكلام آخر، إن هذا الإصرار هو مظهر من مظاهر الإيمان بأن كلمة إئتلاف العراقية هي الأعلى بلا جدال، وأن الإئتلاف "مُكلَّف" بإرادة خفية قد تكون إلهية. وهذا تعبير مهذب ودبلوماسي لإطروحة أن السلطة يجب أن تعود إلى الحلفاء الطغمويين(1) بوسيلة أو أخرى وبصورة أو أخرى من منطلق أن النظام الطغموي صالح لحكم العراق إذا ما نُحِّيَ رأسُه صدام وبعضُ معاونيه؛ وهو منطلقٌ تمسكَ به قادةُ الإئتلاف منذ قبل الإطاحة بالنظام البعثي؛ وهذه، بتقديري، هي أس الأزمة العراقية (وهو الأمر الذي طالما رصدتُه ونبَّهتُ إليه).
وإذا تصدى لهذا النهج الشمولي الغيبي المُغطى بساتر من اللغط الديماغوجي عن "مشروع وطني" - إذا تصدى له الآخرون بدء بعضُ قادة إئتلاف العراقية يتذمر ويعزف إسطوانة "هذه مشاركة وليست شراكة". ومع ذلك، فهذا البعض لا يستقيل ولا ينتقل إلى موقع المعارضة النزيهة التي يحتاجها البلد والتي أبدى السيد نوري المالكي، زعيم إئتلاف دولة القانون، إستعداد إئتلافه للإنتقال إليها في حالة تمكُّن إئتلاف العراقية من تشكيل الحكومة.
 إن إئتلاف العراقية لا يفعل ذلك، لأنه يريد أن يتيحَ لنفسه حريةَ إلتهام المنافع من جميع الموائد، فهو في الحكومة وهو معارض، في آن، يشتمُها ويلعنُها، ويحصدُ وينسبُ لنفسه الجيدَ الذي زرعته الحكومةُ السابقة. وإذا سُئِلَ لماذا لا تستقيلون، يأتيك رد السيد عدنان الدنبوس في حلقة النقاش المشار إليها آنفاً: "هو الحرص على المصلحة ولا نريد أن تتدهور الأوضاع أكثر"!!.

كيفية القفز إلى سدة الحكم؟   

من جهة أخرى، فإن قادة إئتلاف العراقية ليسوا غافلين عن حقيقة أن هذا الإصرار على الإنفراد في العمل، أي الهيمنة على السلطة، يصطدم، بطبيعة الحال، بالمنظومة الإدارية الدستورية للبلد. لذا كان عليهم إبتداعُ السبيل لتجاوز هذه المنظومة. والتجاوز أمرٌ عسيرٌ وأصبح بمصاف المستحيل لأن الإرهاب الطغموي التكفيري(2) وهو في "ربيع" عنفوانه وشدته وشراسته لم يستطع تحقيق تلك الأمنية فما بالك وقد قُصم ظهرُه ، وبنفس الوقت ضَرَبَتْ أو هَزَّتْ الجماهيرُ العربية الحكوماتِ الداعمةَ لإئتلاف العراقية والإرهاب.
من هنا لجأ قادة إئتلاف العراقية إلى مقاربة أخرى ذات مظهر دستوري ولكنها في الجوهر غير دستورية  وتتمثل بوضع تشريع جديد يتحايل على التشريع الأصلي أي يتحايل على الدستور. ... كيف؟
التحايل لا يأتي عن طريق تشكيل "المجلس الوطني للسياسات العليا" بحد ذاته، لأن هكذا مجلساً مهمٌ إذا ما وُضع في نصابه الصحيح كهيئة إستشارية تتشكل من كافة الأحزاب لرسم الخطوط الستراتيجية العامة لمسيرة البلد نحو الديمقراطية المكتملة. بل يتجسد في الإجراءات التي يطالب بها إئتلاف العراقية لإعلان ولادة هذا المجلس أولاً، ولصلاحياته ثانياً، وكنية مسؤوله ثالثاً. وفيما يلي التفاصيل:
أولاً: إعلان ولادة المجلس: يريد إئتلاف العراقية مصادقة مجلس النواب على تشكيل المجلس ونظامه وتسمية مسؤوله.
أعتقد أن هذا يمكن أن يتعكز عليه إئتلاف العراقية في مراحل لاحقة بإعتباره تشريعاً يتمتع بقدر من قوة الدستور. علينا التذكر بأن إئتلاف العراقية متمسك لحد الآن بزعم حقه في تشكيل الحكومة لمجرد أن أطراف التحالف الوطني قررت خوض الإنتخابات على إنفراد لتعود وتأتلف بعد الإنتخابات، علماً أن إئتلاف العراقية لم يستطع حشد (163) صوتاً منذ الإنتخابات لحد الآن. فكيف يستطيع تشكيل حكومة؟
ثانياً: صلاحيات المجلس: في بداية المفاوضات طالب إئتلاف العراقية بصلاحيات واسعة من ضمنها ربط وزارتي الدفاع والداخلية(3) والقيادة العامة للقوات المسلحة بمسؤول هذا المجلس؛ كما طالب بجعل قرارته إلزامية أي يصبح المجلس جهازاً تنفيذياً. كما طالب بوضع ملاك موظفين له وموازنة مالية.
بعد مفاوضات مضنية تم التوافق على أن يكتسب الإتفاق صفة القرار الإلزامي في حالة تصويت 80% من الأعضاء.
ثالثاً: كنية مسؤول المجلس: هنا وقع إختلاف كبير أيضاً. فإئتلاف العراقية يريد منح الدكتور أياد علاوي إسم "رئيس المجلس الوطني للسياسات العليا" والمجلس يضم كأعضاء فيه، كلاً من: رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء الأعلى.
فكيفَ يُعَيَّنُ رئيسٌ للرؤساء المُنْتَخَبين بموجب الدستور؟ لهذا أراد الدكتور أياد الحصول على "دمغة" مجلس النواب ل"يَدْمَغَ" بدوره رئيسَ الجمهورية ورئيسَ الوزراء بها إذا ما إعترضا على "مشروعه" الذي سيكون "المجلس الوطني للسياسات العليا" جسرَ عبور إليه، وسيكون غير ذي أهمية إذا أخفق الدكتور في تمرير ذلك المشروع عبره، على حد ما طرحه الشيخ عدنان الدنبوس.
أما يعني كلُ هذا خلقَ حكومةٍ موازيةٍ، وهو ما يرفضه الدستور ويتمسك به الدكتور أياد ورفاقه؟

تشوُّشُ المفاهيم:

هذا هو، إذاً، السبيل الذي يريد إئتلاف العراقية إنتهاجه لتنفيذ مشروعه الذي مهما أعطاه من أوصاف رنانة، فهو خاضع للنقاش وموافقة أغلبية 80% من أصوات المجلس الوطني ليكون أيُّ إتفاق قراراً ملزماً وإلا فيصبح بمثابة توصية.
يبدو أن لدى إئتلاف العراقية قصوراً في فهم الشراكة والمشاركة والمحاصصة (بمعناها السلبي).
ف"الشراكة" عنده تعني وضع الدولة والرئاسة والحكومة ومجلس النواب والقضاء في جيبه، وإذا تنازل وتذكَّر أن هناك رئيس جمهورية ورئيس وزراء فيتوجب على هذين الرئيسين، عندئذ، ألا يخطوا أي خطوة حتى بإتجاه غرفة النوم أو النطق بكلمة حتى البسملة، قبل أن يتحصلا على موافقة "رفيق الشراكة"، 
و"المشاركة" تعني وضع الوزارات التي يتولاها وزراء إئتلاف العراقية في الجيب مع السماح للآخرين بوضع وزاراتهم في الجيب أيضاً أسوة ب"رفاق المشاركة"(4)،
إذا تم كل هذا سيفتخر إئتلاف العراقية، آنئذ، بأنه قد قضى على "المحاصصة" وإلى الأبد. وأنا أتفق مع إئتلاف العراقية في هذه ا"المفخرة" لأننا سنطرد "المحاصصة" ولكن سنحصل على "سوبر محاصصة"!!
خلاصةً، لنا الحق أن نقول: "وشهد شاهد من أهلها".

لماذا الإنسحاب؟ نظرة أخرى:

من جهة أخرى، لابد من إمعان النظر في سبب إنسحاب الدكتور أياد علاوي من "المجلس الوطني للسياسات العليا"؛ أو، بالأحرى، لماذا الإنسحاب أساساُ وإئتلاف العراقية لا يُضيع أية فرصة لل"تباحث" والمماطلة إلى ما لا نهاية بأمل أن يُرهق "الخصم" ويطرحه أرضاً. يُلاحظ أن إنسحابه لم يُرافقه صراخٌ عالي الضجيج كالعادة في مثل هذه الأحوال.
 إذا كان أعوان الدكتور في المنطقة منشغلين بالنفاذ بجلودهم من لهيب سياط شعوبهم، فماذا دهى بعض أطراف إئتلاف العراقية؟ وماذا دهى الأصدقاء الأمريكيين، أصحاب فكرة هذا المجلس بتقديري، فيما عدا إشارة إلى أهمية تشكيل هذا المجلس في محاضرة ألقاها في مجلس الدراسات الستراتيجية الأمريكي بتأريخ 9/3/2011، نائبُ مساعد وزيرة الخارجية السيد مايكل كوربن؟
أعتقد أن الإنسحاب جاء بعد "صخمان الوجه". وأعني بذلك أن السادة المالكي والطالباني والجعفري، بتقديري، قد واجهوا السيد أياد بتفاصيل المخطط  الدموي الذي وضعه، الدكتور أياد، ووافقت عليه السعودية وبريطانيا وأمريكا في إجتماع عقد في لندن لتنفيذ إنقلاب دموي مرعب بإستغلال "يوم الغضب" في 25/2/2011، ولكنه فَشَلَ لحسن حظ العراق وشعبه المبتلى(5).     
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية
(3): خذ مثلاً "رفيق المشاركة"، عن إئتلاف العراقية، وزير التربية السيد محمد تميم الذي أصدر قراراً بإعا دة المعلمين البعثيين بدرجة عضو فرقة وأعلى إلى الخدمة. قد لا يكون قراره منافياً لقانون "المسائلة والعدالة" ولكن هناك العقبة الإجتماعية والنفسية لدى المجتمع العراقي. لذا كان أعتراض مجالس التربية في محافظات الوسط والجنوب على هذا القرار مصيباً بتقديري. إستند الإعتراض إلى ما يلي:
•   المشمولون لا يمتلكون من المعلومات التربوية غير ما هو مرتبط بثقافة العهد الطغموي المتسم بالطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية. وهناك مؤشرات كثيرة على عدم إستعدادهم لهجر أفكارهم اللاديمقراطية التي رفضها الشعب والدستور رفضاً باتاً.
•   إنهم محالون على التقاعد ويتقاضون رواتب مجزية مراعاةً لعوائلهم.
•   ضرورة الإلتفات إلى تعيين الخريجين الجدد العاطلين.
•   ضرورة إنصاف المفصولين .

(4): أباح بهذه المعلومة السيد عدنان الشحماني، القيادي في التحالف الوطني عن المجلس الأعلى، في برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 7/4/2011.
(5): كشفَ تفاصيلَ هذا المخططِ السيدُ فراس الحمداني بناءاً على معلومات وردته من "مصادر موثوقة" حسب قوله. وأنا أعتقد أن مصدره هو الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي أرادت تسريب معلومات للشعب بإسلوب غير رسمي تفادياً لتوتير العلاقة مع الأصدقاء. (أعددتُ تحليلاً خاصاً لهذا المخطط سأنشره في وقت لاحق.) 

 
           






90
السيد سلمان الجميلي: رائحةُ الإرهاب تنبعثُ منك!!!
محمد ضياء عيسى العقابي

عندما كنتُ أشاهد أحداث الإعتداء الإجرامي على محافظة صلاح الدين من جانب الإرهابيين التكفيريين ومطاياهم الطغمويين* في فضائيتي "العراقية" و "الحرة – عراق" ، أُقسمُ بأغلظ الإيمان أنني ركزتُ كلَ إنتباهي على أمر توقعتُ أن تثيرَه جهةٌ ما في "إئتلاف العراقية".
هذا الأمر هو: من بدأَ أولاً: هل بدأَ الإرهابيون بقتل الرهائن مباشرةً، أم أن قتل الرهائن بدأَ بعد إقتحام قوى الأمن والجيش لبناية المحافظة ؟
حفزني على تتبع هذه القضية ما جرى في جريمة إقتحام "كنيسة سيدة النجاة" في بغداد قبل عدة أشهر. لم أكن، في حادث الكنيسة، متقصداً متابعةَ هذا الأمر أي: من بدأَ أولاً. ولكنني وكعادتي كنتُ أُسجل أقوال الشهود وملاحظات المراسل. آنئذ إقتنعتُ مباشرةً بأن الإرهابيين بدأوا بقتل الرهائن حالاً وقبل وصول القوات الأمنية. مع هذا خرجتْ علينا بعضُ الفضائيات وبعض السياسيين من إئتلاف العراقية بقصة الشروط التي طرحها الإرهابيون مقابل إطلاق سراح الرهائن. حتى الشرط الذي نسبوه للإرهابيين لم يُتقنوه؛ إذ طالبوا بإطلاق سراح فتاة مسيحية قيل إنها إعتنقت الإسلام وإحتجزتها الكنيسة.
بكل صراحة، في حادث محافظة صلاح الدين، وبعد أن طرح مراسل الفضائية هذا السؤال (مَنْ بدأ أولاً) بين أول ثلاثة أسئلة وكان الجواب واضحاً وعلى لسان مسؤولين في المحافظة شملهم الإعتداء، ما عدتُ أفكر بأن جهةً ما ستشكك بهذه القضية لوضوحها، أو على الأقل قد يأتي تشككٌ من جانب شخص أو جهة ثانوية.
غير أنني فوجئت يوم الخميس 31/3/2011 أن أشهد في مجلس النواب السيد سلمان الجميلي نعم سلمان الجميلي، رئيس الكتلة البرلمانية لإئتلاف العراقية، وهو يُطنب في تناول الحادثين الإرهابيين في الكنيسة والمحافظة معلناً حصولَ "إبادة جماعية من قبل القوات الأمنية في كل من كنيسة سيدة النجاة ومحافظة صلاح الدين" بكلماته هو، متحاشياً أي ذكر للمجرمين الحقيقيين وهم الأرهابيون.
بصراحة،شعرتُ كما لو كان السيد الجميلي يقترح على الإرهابيين الأخذ بإسلوب طرح الشروط بدل المباشرة بقتل الرهائن كي يكسبوا أكبر قدر من الدعاية والتشهير والتسبب في أكبر قدر من الإرباك والفوضى للحكومة.
تكلم السيد الجميلي عن "البيئة الناقمة وليس الرافضة" التي تسود بين الضباط السابقين الذين يشعرون بالتمييز. وعرَّج على ضرورة "المصالحة".
هذا إعتراف صريح بأن الضباط الذين يتقاضون رواتب تقاعدية مجزية ولكنهم لا يُسَلَّمون وحدات عسكرية فعالة للعبث بأمن العراق، هم الذين يساعدون الإرهابيين، لأنم يعيشون في "بيئة ناقمة" على حد قول السيد الجميلي ، وأنا أقول "بيئة رافضة" وهذه هي الحقيقة، والمسؤولية كل المسؤولية تقع على عاتق إئتلاف العراقية الذي يمارس الشحن الطائفي والعرقي المستديمين.
أراحني، والحق يُقال، النائب عن التحالف الوطني الدكتور علي شلاه حيث أنه وضع النقاط على الحروف وأظهر عيوب الإفتراضات التي ساقها السيد الجميلي ونيله من القوات الأمنية وإغفال ذكر الإرهابيين.
لاحظتُ من متابعاتي لجلسات مجلس النواب، أن السيد الجميلي وكذلك رئيس المجلس السيد أسامة النجيفي يسعيان في مداخلاتهما البرلمانية إلى:
-   محاولة تصفير إنجازات الحكومات السابقة،
-   محاولة إظهار أن الجماهير الشعبية في وادٍ والمالكي وحكومته في وادٍ آخر،
-   محاولة تبرئة إئتلاف العراقية من أية مسؤولية في الإخفاقات السابقة (أنا أعتبرهم المسؤول الأول لأنهم كانوا سلبيين وأقرب إلى مواقع التخريب والإرهاب والطائفية )،
-   محاولة إظهار أن العراق الجديد إقترف جرائم بوزن جرائم العهد البعثي الطغموي (لاحظ إتهامه قوى الأمن في حادث محافظة صلاح الدين إذ تكلم عن "إبادة جماعية")،
-   محاولة تجيير منجزات الحكومات السابقة والتي تظهر نتائجها تباعاً لصالح مشاركة إئتلافه في الحكومة.
آمل أن يتصرف السيد الجميلي وكامل إئتلاف العراقية وفق ما يعلنونه من كونهم يملكون برنامجاً وطنياً وأن يعزلوا مَنْ تَحَدَّثَ عنهم الدكتور سلام الزوبعي والسيد حسن العلوي، وإلا فسأبقى عند رأيي بأن بعض أطراف إئتلاف العراقية يسعى إلى تدمير العراق الجديد المتجه نحو الديمقراطية  بأمل إسترجاع النظام الطغموي الشمولي، وقد يكون تخطيط يوم 25/2/2011 إحدى المحاولات بذلك الإتجاه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية

91
الــرمـــادي تتظاهــــر

محمد ضياء عيسى العقابي
أوردت الأنباء بأن تظاهرة إنطلقت في مدينة الرمادي تحتج على تعطيل مجلس النواب العراقي لمدة عشرة أيام، إذ إعتبر المتظاهرون التعطيلَ يعني التأخرَ في تشريع القوانين.
إنها تظاهرة ذات هدف هام في حياة البلد الذي يعاني من مشكلة تكبيل يد الحكومة والحكومات المحلية بسبب عدم تشريع قوانين جديدة وعدم إلغاء أو تعديل قوانين العهد البعثي الطغموي* أو قوانين سلطة الإئتلاف (عهد السيد بريمر).
آمل ألا يكون هناك هدفاً آخر للتظاهرة غير هذا الهدف المعلن. ما يحملني على طرح هذا الأمل أن الغرض من تعطيل مجلس النواب لم يصحح بعدُ، بل كان مازال قائماً يوم التظاهرة على أساس أنه، التعطيل، جاء تضامناً مع شعب البحرين الذي تسعى حكومته الطغموية والحكومة السعودية حليفة  القمع، إلى تصوير الصراع وكأنه صراع طائفي، وتسعى الحكومتان إلى جعله كذلك. كما إن شخصيات إجتماعية في منطقة الرمادي ولعهد قريب كانت تعلن صراحة عدم إعترافها بحكومة بغداد رغم أن حالة إختطاف المدينة من قبل الإرهابيين الذين أذاقوها وأذاقوا العراق الويلات،  قد إنتهت قبل ذلك.
في الحقيقة كنتُ أنتظر من جماهير المناطق الغربية من العراق ونينوى أن يشاركوا إخوتهم في المحافظات الجنوبية عندما تظاهروا ضد قمع السلطة البحرينية والتدخل العسكري السعودي في البحرين لأن الإحتلال والقمع والإضطهاد أعمال مدانة من أية جهة تصدر وعلى أية جهة تُمارس.
هذا وسأنظر بعين الإكبار لو خرجت تظاهرة أخرى في الرمادي تدين إنسحاب نواب إئتلاف العراقية من أول جلسة لمجلس النواب بعد عودته للإنعقاد  بعد عطلة العشرة أيام التي جرى التظاهر ضدها. السبب وراء الإنسحاب كما قال زعيم ذلك الإئتلاف السيد سلمان الجميلي "أن هناك مشكلة حقيقية تقتضي التحقيق"، وهو يشير إلى الحريق الذي شب في سجن الرصافة والإضطرابات داخل السجن التي رافقت الحريق. قال وزير العدل السيد حسن الشمري إن الحريق والإضطرابات كانت مفتعلة من قبل السجناء بهدف الهروب.
طيّب، أين يتم التحقيق وأين يتم إقتراح الحل؟ هل في الشارع أم في مجلس النواب؟ طبعاً في مجلس النواب. لماذا خرجوا، إذاً؟
الجواب، بنظري: من أجل عرقلة أعمال مجلس النواب والحكومة؛ وعند بلوغ السوء مرحلة معينة ينسحب وزراؤهم من الحكومة للتنصل من المسؤولية وإتهام الغير بالفشل، كما عملوا في الدورة السابقة.
إنه عمل يفتقر إلى الشعور بالمسؤولية ومنافٍ للوطنية؛ وقد يضر بوحدة العراق إذا إلتزمنا الحكمة ونظرنا بعيداً.
لهذا أدعو الجماهير في مدينة الرمادي إلى التظاهر ضد إنسحاب أولئك النواب وهي التي إنتخبت بعضهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
           








هو إضطهاد لــرمـــادي تتظاهــــر .... وبعدهــــا ســـامـراء تتـظــــاهــــر
يقولون: "شر البلية ما يُضحك" . وأقول: "شر النفاق ما يثير السخرية".




خروج نواب إئتلاف العراقية من جلسة مجلس النواب بحجة سجن الرصافة. هذه محاولة لتعطيل البرلمان
هل أننا نشهد تعويضاً عن يوم 25/3
بعد أن تبين أن تعطيل مجلس النواب لمدة عشرة أيام كان لجملة أسباب غير السبب الذي ذُكر ومفاده أن المجلس رفع جلساته تضامناً مع شعب البحرين بل كانت الأسباب هي: حلول موعد العطلة الإعتيادية وعيد نوروز وكان اليوم الأول فقط للتضامن مع الشعب البحريني –  أرى أنه ينبغي على زعامة الكتلة البرلمانية للتحالف الوطني أن تحقق وتبحث عمن أطلق خبر تعليق جلسة مجلس مجلس النواب لمدة عشر أيام تضامناً مع شعب البحرين: فإن كان من بين نواب التحالف الوطني فتجب محاسبته على إطلاق هذا الخبر لإساءته للتحالف حتى لو قصد به إظهار الإهتمام والتضامن فهذا ليس هو الطريق الصحيح . وإن كان المصدر جهة أخرى فلا أعتقد أن حسن النية متوفرة في تلك الجهة شخصاً كان أو جماعة. الأهم من محاسبة هذه الجهة فرداً كان أو جماعة أو مؤسسة، هو اليقظة والحذر حيال هذه الألاعيب السياسية الخبيثة ورصدها وتكذيبها رسمياً فور صدورها. 




خروج نواب إئتلاف العراقية من جلسة مجلس النواب بحجة سجن الرصافة. هذه محاولة لتعطيل البرلمان
هل أننا نشهد تعويضاً عن يوم 25/3
بعد أن تبين أن تعطيل مجلس النواب لمدة عشرة أيام كان لجملة أسباب غير السبب الذي ذُكر ومفاده أن المجلس رفع جلساته تضامناً مع شعب البحرين بل كانت الأسباب هي: حلول موعد العطلة الإعتيادية وعيد نوروز وكان اليوم الأول فقط للتضامن مع الشعب البحريني –  أرى أنه ينبغي على زعامة الكتلة البرلمانية للتحالف الوطني أن تحقق وتبحث عمن أطلق خبر تعليق جلسة مجلس مجلس النواب لمدة عشر أيام تضامناً مع شعب البحرين: فإن كان من بين نواب التحالف الوطني فتجب محاسبته على إطلاق هذا الخبر لإساءته للتحالف حتى لو قصد به إظهار الإهتمام والتضامن فهذا ليس هو الطريق الصحيح . وإن كان المصدر جهة أخرى فلا أعتقد أن حسن النية متوفرة في تلك الجهة شخصاً كان أو جماعة. الأهم من محاسبة هذه الجهة فرداً كان أو جماعة أو مؤسسة، هو اليقظة والحذر حيال هذه الألاعيب السياسية الخبيثة ورصدها وتكذيبها رسمياً فور صدورها. 


92
تظاهرة سامراء ... أين إئتلاف العراقية؟

محمد ضياء عيسى العقابي
بعد صلاة الجمعة يوم 25/3/2011 إنطلقت تظاهرة في سامراء طالبت بوضع مرقدي الإمامين العسكريين تحت رعاية الوقف السني بدلاً من الوقف الشيعي؛ كما طالب المتظاهرون بمنع بيع المساكن المحيطة بالمرقدين بأبعد من قطر (50) متراً في حين يسعى الوقف الشيعي إلى تملّك المساحات المحيطة إلى قطر (200) متراً ، حسبما نقلت فضائية الحرة.
إذاً، هناك مشكلتان: أولاً: تبديل الجهة التي ترعى المرقدين. ثانياً: تحديد مساحة التوسع.
بالنسبة للقضية الأولى: أليس منطقياً أن يرعى المرقدين الوقفُ الذي تربطُه بالإمامين علاقةٌ إيمانية خاصة، بدلاً من النظر فقط إلى الواقع الطائفي للتركيبة السكانية للمدينة وكأن دخول الوقف الشيعي إلى مدينة سامراء السنية يوازي دخول الأجنبي لسامراء، متناسين الجانب الوطني الذي يدَّعي بعضُ نواب المدينة المنتمي إلى إئتلاف العراقية بكونه وكون إئتلافه عابراً للطائفية وذا مشروع وطني؟
من الملفت أن إدارة الوقف السني برئاسة الشيخ الدكتور أحمد عبد الغفور السامرائي لم يُثر هذه القضية، حسب علمي، لكنها أُثيرتْ، بقدر مخفف، أيام تولّي الدكتور عدنان الدليمي لرئاسة الوقف.
أما القضية الثانية فتنطوي على عدة عناصر تقتضي الوقوف عندها:
بتقديري كمهندس، يرمي الوقف الشيعي، من وراء التملك لقطر 200 متراً، إلى تشييد منشآت ومرافق خدمية، خاصة وعامة، لزوار هذه العتبات الدينية من داخل العراق وخارجه. وهذا بدوره سيشجع السياحة الدينية إ لى سامراء وفي ذلك مردود إقتصادي ينجم عن تنشيط الحركة التجارية وتقديم الخدمات وفيه نفع عام لأهل سامراء.
ربما سيُبنى عددٌ محدود من الدور السكنية لإسكان القائمين على إدارة وخدمة وحراسة وصيانة العتبات. غير أن هذا العدد المحدود من العوائل سوف لا يؤثر بأي قدر على الطبيعة الديموغرافية لسامراء أي لا يؤثر على التركيبة الطائفية لها؛ علماً أن المواطنَ العراقي، حسب دستور "العراق الجديد"، مباحٌ له السكن أينما شاء على أرض العراق بعد أن أُلغيتْ قوانينُ نظام البعث الطغموي* التى حرّمت على بعض العراقيين التملكَ في بغداد بينما سمحت لغير العراقيين فعلَ ذلك، كما قامت بتغييرات ديموغرافية في أماكن أخرى من العراق بالضد من مصالح الكرد والتركمان الذين هُجروا تهجيراً قسرياً، وقد طالت التغييرات حتى بعض العرب.
لذا فإن المخاوف التي روَّجَ لها اللواء وفيق السامرائي ومن لف لفه لا أساس لها في الواقع.  ودعواته، بتقديري، ترمي إلى إدامة الفتنة الطائفية** التي إعتمدها الطغمويون منذ سقوط النظام البعثي الطغموي، جنباً إلى جنب مع ستراتيجية الإرهاب، لإضعاف العراق وتمزيق نسيجه وفرض المحاصصة عسى أن تؤدي إلى وأد الديمقراطية أو تشويهها أو عرقلتها وقد نجحوا في الهدفين الأخيرين.
بالطبع أفترضُ، وأكاد أكون واثقاً، أن الإستملاك، لو حصلَ، فسيتمُّ مقابلَ تعويضات مالية عادلة ومجزية لمالكي العقارات والأراضي، ويتم بعيداً عن أي نوع من أنواع الإكراه، وأن تخطيطَ كاملِ المنطقة المستملكة سيُعرض على الجهة المعنية بالتخطيط الحضري التابعة لمحافظة صلاح الدين لإستحصال موافقتها قبل المباشرة بالتنفيذ، وهو أمر مفروض روتينياً بموجب القانون.
بقيت مسألة واحدة وهي فيما إذا كان هناك تخطيطاً عاماً معتمداً لمدينة سامراء وجرى تجاوزه بهذا المشروع حول الحضرة العسكرية. لو كان هذا هو الحال لما إحتاج المتظاهرون إلى التظاهر بل كان الأمر يتطلب رفع شكوى لدى المحافظة أو اللجوء إلى المحاكم.
أعتقد أن هكذا مخططاً غير موجود وإلا فما كان يغفله المتظاهرون وبينهم، في أغلب الإحتمال، مهندسون ومحامون ممن لهم معرفة بهذا الأمر ليرشدوا منظمي التظاهرة.
من جهة أخرى، لو كان هناك تخطيطاً للمدينة مُعْتَمَداً أو في طور الإعداد فإنه، على الأغلب، سيأخذ بمشروع أل (200) متراً لأنه يتلائم تماماً مع متطلبات مَعْلَمٍ سياحي ديني بهذا الحجم والوزن وفي مدينة بهذه الأهمية التأريخية. 
وبتقديري أيضاً أن إدارة الوقف الشيعي لابد وأنها قد إستشارت، في هذا الأمر،  بعثة اليونسكو الفنية التي أشرفت على إعادة بناء الحضرة العسكرية بعد جريمة تفجيرها مرتين من قبل الإرهابيين عامي 2005 و2006؛ وكان المشرف على البعثة المهندس المعماري العراقي اللامع والخبير لدى اليونسيكو السيد عصام غيدان. 
كمواطن يحرص على تعزيز عقلية وروح المواطنة الحقيقية في المجتمع العراقي وفق الأسس الديمقراطية  الناشئة، أدعو نواب إئتلاف العراقية وباقي الكتل السياسية للمبادرة إلى حث ناخبيهم للتفكير مليّاً فيما يطرحون من قضايا على أن تكون حقيقية ولا تخفي ورائها أهدافاً سياسية يُقصدُ منها التأجيج والكيد والعرقلة والإحراج والمحاصرة والإسقاط والتشهير وإثارة النعرات؛ ومن ثم إختيار الوسائل المنطقية الديمقراطية للتعبير عنها.
 وإلا فإن رفع الشعار واللعلعة حول الوطنية يبقيان إدعاءاً فارغاً لا قيمة له. والأكثر فعلى قادة إئتلاف العراقية بالذات، وعلى الجميع بالعموم، التخلي عن فكرة القبض على الحكم عبر تهشيم الآخر لأن محاولة تهشيم هذا الأخر سيهشِّمُ الجميع. والخير كل الخير يكمنُ في العمل الوطني النزيه، حاكمين ومعارضين، والتداول السلمي للسلطة. ولنتذكر أننا مازلنا في بداية الطريق وأمامنا الكثير الكثير وأول هذا الكثير: "الكلمة الصادقة". فلنقلها كما قالها جورج أورويل:
"قول الصدق في زمن الخديعة عمل ثوريٌّ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
*: الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
 

93
ما هكذا يتم التضامن مع شعب البحرين يا مجلس النواب!!

محمد ضياء عيسى العقابي

يمر شعب البحرين بظروف عصيبة. لم يكتفِ النظام الملكي الطغموي في البحرين بقمع الشعب، بجميع طوائفه المطالبة بمملكة دستورية منذ عام 1975، بالإستعانة بقواته القمعية المتكونة أساساً من مرتزقة أجانب، وإذا به يستعين، هذه المرة، بالقوات السعودية والإماراتية تحت مسمى "قوات درع الجزيرة" وهي قوات أنشأها "مجلس التعاون الخليجي" بهدف درء أي عدوان خارجي على أي عضو فيها وليس للتدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء وقمع الشعوب.لم يدعْ الحكام السعوديون المتخلفون الشموليون أي مجال للشك بأن منطلقهم طائفي بحت. وهذا ما أثار حفيظة رجال الدين الشيعة والسنة والجماهير بمختلف إتجاهاتها الدينية والطائفية والقومية والسياسية، خاصة وأن العراق هو موطن المرجعية الأول للشيعة في العالم، وأعتقد أن العراقيين على حق. وهناك عدة سوابق تأريخية على هذا المنوال. فعندما هاجمت قوات حلف شمال الأطلسي صربيا (أكبر جمهوريات الإتحاد اليوغسلافي السابق)، بسبب مشكلة كوسوفو، إنطلقت التظاهرات في شوارع أثينا تضامناً مع الشعب الصربي؛ وعزت الصحف الغربية ذلك التضامن في حينه إلى التشابه  الطائفي بين البلدين المسيحيين رغم أن اليونان عضو في حلف الناتو والإتحاد الأوربي.
أما الثورات العربية في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا فقد تمت مباركتها ومساندتها على لسان الحكومة والبرلمانيين والسياسيين العراقيين من كافة الأديان والطوائف والأعراق والأحزاب والتنظيمات المدنية المتنوعة، ولم ينفرد رجال الدين بموقف خاص بهم لأن تلك الثورات خلت من ذلك البعد الطائفي.
أبدى مجلس النواب العراقي يوم الخميس 17/3/2011 موقفاً جيداً من حيث المبدأ عندما أدانت كافة الكتل السياسية فيه القمعَ الذي يتعرض له الشعب البحريني والتدخل الخارجي لدعم هذا القمع. ويشير هذا الموقف إلى إهتمام ممثلي الشعب، بمختلف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وتنوعاتهم السياسية، بكلمة الحق وحقوق الإنسان غير آبهين بالجانب الطائفي. وهذا، بدوره، يسقط رهان البعض على الطائفية أو العنصرية ويدفع، إلى الأمام، مسألةَ تلاحم الشعب العراقي على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويُسرع في إستكمال بناء العراق الجديد على أساسهما.
لديَّ ملاحظتان هامتان بهذا الصدد وهما:
أولاً: أنا أختلف كلياً مع الأسلوب الذي إختاره مجلس النواب بالإجماع للتعبير عن تضامنه مع الشعب البحريني، وذلك بتعليق عمله لمدة عشرة أيام حسبما أذاعت فضائية "الحرة – عراق".     
إن التضامن لا يتم بإيذاء الذات ما ينجم عنه تحجيمٌ لما يمكن تقديمه للشعب البحريني نفسه. فالعراق بأمس الحاجة إلى قوانين لإسناد حركة التنمية وتوفير الخدمات لشعبه كي يجتاز مرحلة المعاناة ويصبح بإمكانه، وهو شعبُ الغنى المادي والروحي والموقع الستراتيجي، أن يلعبَ دوراً فعالاً على النطاقين الإقليمي والعالمي، آنئذ سينفع البحرين وغير البحرين بأفعال ملموسة تتخطى الكلمات.
هناك حاجة لتشريع (3000) قانوناً لإستكمال المنظومة القانونية للبلد وهناك حاجة لمعالجة (13500) قانوناً للتعامل مع القوانين السابقة التي ما عادت صالحة في العراق الجديد. هذا إلى جانب الدور الرقابي الهام لمجلس النواب. فإذا ما علمنا بأن المجلس السابق قد شرَع (200) قانوناً فقط فلنتخيل كم من الوقت يحتاج المجلس الحالي لإنجاز مهامه؟ من جهة أخرى فإن صوت مجلس النواب وهو ملتئم يومياً ويؤدي واجباته الإعتيادية ويراقب تطورات الأحداث البحرينية واليمنية والليبية ويتخذ القرارات المناسبة لمناشدة برلمانات العالم لتوفير الدعم للشعوب الشقيقة هناك، لهو أشد وأمضى بدلاً من تعليق الإجتماعات وإنصراف كثير من النواب لبيوتهم أو للسفر؛ وفي ذلك إغضابٌ للناس وتأجيجُ إتِّهامٍ للكتلة الأكبر بالتصرف الطائفي، والناس على حقً. 
أعتقد أن الكتلة البرلمانية الأكبر، أي التحالف الوطني بجميع فصائله، تتحمل المسؤولية الأولى بهذا الصدد وعليها وعلى رئيسها، الدكتور إبراهيم الجعفري، المبادرة لتلافي الخطأ وقطع هذه الإجازة قبل فوات الأوان وإثارة غضب الجمهور مرة أخرى.
بهذه المناسبة، أقولها للكتلة الأكبر وللمتطرفين منها، بالذات، بكل ودٍ وصراحة وأضع الإحتمالات المستقبلية العملية أمامها والمخاطر المحدقة بها، أقولها بدافع الحرص على الناس وعلى المسيرة الديمقراطية التي لا يمكن الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أهله بدونها: 1- هذا التعليق ليس السبيل الصحيح لإظهار التضامن والمؤازرة. 2- إذا أردتم الإستعراض أو إبهار الآخرين بقدرتكم على التعطيل والتحدي الفارغ وعدم مراعاة شعور الناس بضمنهم شارعكم أنتم، فهذا هو الطريق الخطأ الذي يفضي إلى الإفلاس. 3- وإذا كابرتم وتَعَنَّتُم وراهنتم على محاولة السيطرة على  الحكم في العراق، موحداً أو مجزَّءاً، بالقوة فستواجهون معارضة وهجراً من مرجعيتكم حسب مواقفها المعلنة، أولاً ؛ وستواجهون ثورةً شعبية تتقدمها جماهيركم قبل غيرها. 4- الطريق الأضمن لكم هو خدمة الناس أولاً وقبل كل شيء وخاصة الفقراء منهم وبسرعة، فلا تظلموهم بمثل ما ظُلموا به قبلاً أو أكثر. والطريق إليه يسيرٌ ومأمونٌ بفضل ثراء العراق وحيوية شعبه. إنه طريق يضمن للناس ولكم العيش الكريم القادر وحده على إعلاء كلمتكم وإستقطاب إحترام الجماهير في الدنيا كلها نحوكم إذا كنتم تبحثون عن ذلك. يستدعي هذا الطريق تعزيز الديمقراطية التي تستدعي،  بدورها، رفع مستوى عمل مجلس النواب وعدم إضاعة دقيقة واحدة من وقته سواءاً بالعطل والإجازات أو ببحث الأمور الجانبية والمناكفات والمزايدات. ستتعاظم ثروات العراق وليس هناك من سبيل لصرفها لخدمة أصحابها أي الناس لأن قوانين الدولة مكبِّلة لأيدي المنفِّذين ومرحِّبة بالفساد والمفسدين وينبغي تعديلها. إن العملية التشريعية بطبيعتها بطيئة، فكيف ستصبح إذا ما تراخى أصحابها النواب وتمددوا؟ بصراحة إن الناس بدأوا يفقدون الثقة بجدوى الديمقراطية وبمجلس النواب بالذات ويعيرون أذناً صاغية لكلام الطغمويين عن "الدكتاتور العادل"؛ فتنبهوا.
ثانياً: أخاطب الحكومة والبرلمان والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني فأقول: لا تفسحوا المجال أما حكام البحرين الطغمويين وحكام السعودية للمناورة وربط قضية الشعب البحريني بمسألة الصراع الإقليمي بين أمريكا وإسرائيل من جهة وبين إيران من جهة أخرى حول الملف النووي، علماً أن إيران قد لا تبالي بإحباط هذه المناورة وقد تحاول إقحام نفسها بصورة تسيء للبحرينيين. إن الصوت العراقي سيكون أكثر مسموعاً وأشد فاعلية لو تم الحديث المباشر مع أمريكا حول الموضوع خاصة وأن تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية بشأن التدخل السعودي في البحرين كان لصالح القضية  البحرينية، وأن المجتمع الدولي قد أبدى تعاطفاً أيضاً.

94
ما هكذا يتم التضامن مع شعب البحرين  يا مجلس النواب!!

محمد ضياء عيسى العقابي
يمر شعب البحرين بظروف عصيبة. لم يكتفِ النظام الملكي الطغموي في البحرين بقمع الشعب، بجميع طوائفه المطالبة بمملكة دستورية منذ عام 1975، بالإستعانة بقواته القمعية المتكونة أساساً من مرتزقة أجانب، وإذا به يستعين، هذه المرة، بالقوات السعودية والإماراتية تحت مسمى "قوات درع الجزيرة" وهي قوات أنشأها "مجلس التعاون الخليجي" بهدف درء أي عدوان خارجي على أي عضو فيها وليس للتدخل في الشؤون الداخلية للأعضاء وقمع الشعوب.
لم يدعْ الحكام السعوديون المتخلفون الشموليون أي مجال للشك بأن منطلقهم طائفي بحت. وهذا ما أثار حفيظة رجال الدين الشيعة والسنة والجماهير بمختلف إتجاهاتها الدينية والطائفية والقومية والسياسية، خاصة وأن العراق هو موطن المرجعية الأول للشيعة في العالم، وأعتقد أن العراقيين على حق. وهناك عدة سوابق تأريخية على هذا المنوال. فعندما هاجمت قوات حلف شمال الأطلسي صربيا (أكبر جمهوريات الإتحاد اليوغسلافي السابق)، بسبب مشكلة كوسوفو، إنطلقت التظاهرات في شوارع أثينا تضامناً مع الشعب الصربي؛ وعزت الصحف الغربية ذلك التضامن في حينه إلى التشابه الطائفي بين البلدين المسيحيين رغم أن اليونان عضو في حلف الناتو والإتحاد الأوربي.
أما الثورات العربية في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا فقد تمت مباركتها ومساندتها على لسان الحكومة والبرلمانيين والسياسيين العراقيين من كافة الأديان والطوائف والأعراق والأحزاب والتنظيمات المدنية المتنوعة، ولم ينفرد رجال الدين بموقف خاص بهم لأن تلك الثورات خلت من ذلك البعد الطائفي.
أبدى مجلس النواب العراقي يوم الخميس 17/3/2011 موقفاً جيداً من حيث المبدأ عندما أدانت كافة الكتل السياسية فيه القمعَ الذي يتعرض له الشعب البحريني والتدخل الخارجي لدعم هذا القمع. ويشير هذا الموقف إلى إهتمام ممثلي الشعب، بمختلف أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وتنوعاتهم السياسية، بكلمة الحق وحقوق الإنسان غير آبهين بالجانب الطائفي. وهذا، بدوره، يسقط رهان البعض على الطائفية أو العنصرية ويدفع، إلى الأمام، مسألةَ تلاحم الشعب العراقي على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويُسرع في إستكمال بناء العراق الجديد على أساسهما.
لديَّ ملاحظتان هامتان بهذا الصدد وهما:
أولاً: أنا أختلف كلياً مع الأسلوب الذي إختاره مجلس النواب بالإجماع للتعبير عن تضامنه مع الشعب البحريني، وذلك بتعليق عمله لمدة عشرة أيام حسبما أذاعت فضائية "الحرة – عراق".     
إن التضامن لا يتم بإيذاء الذات ما ينجم عنه تحجيمٌ لما يمكن تقديمه للشعب البحريني نفسه. فالعراق بأمس الحاجة إلى قوانين لإسناد حركة التنمية وتوفير الخدمات لشعبه كي يجتاز مرحلة المعاناة ويصبح بإمكانه، وهو شعبُ الغنى المادي والروحي والموقع الستراتيجي، أن يلعبَ دوراً فعالاً على النطاقين الإقليمي والعالمي، آنئذ سينفع البحرين وغير البحرين بأفعال ملموسة تتخطى الكلمات.
هناك حاجة لتشريع (3000) قانوناً لإستكمال المنظومة القانونية للبلد وهناك حاجة لمعالجة (13500) قانوناً للتعامل مع القوانين السابقة التي ما عادت صالحة في العراق الجديد. هذا إلى جانب الدور الرقابي الهام لمجلس النواب. فإذا ما علمنا بأن المجلس السابق قد شرَع (200) قانوناً فقط فلنتخيل كم من الوقت يحتاج المجلس الحالي لإنجاز مهامه؟ 
من جهة أخرى فإن صوت مجلس النواب وهو ملتئم يومياً ويؤدي واجباته الإعتيادية ويراقب تطورات الأحداث البحرينية واليمنية والليبية ويتخذ القرارات المناسبة لمناشدة برلمانات العالم لتوفير الدعم للشعوب الشقيقة هناك، لهو أشد وأمضى بدلاً من تعليق الإجتماعات وإنصراف كثير من النواب لبيوتهم أو للسفر؛ وفي ذلك إغضابٌ للناس وتأجيجُ إتِّهامٍ للكتلة الأكبر بالتصرف الطائفي، والناس على حقً. 
أعتقد أن الكتلة البرلمانية الأكبر، أي التحالف الوطني بجميع فصائله، تتحمل المسؤولية الأولى بهذا الصدد وعليها وعلى رئيسها، الدكتور إبراهيم الجعفري، المبادرة لتلافي الخطأ وقطع هذه الإجازة قبل فوات الأوان وإثارة غضب الجمهور مرة أخرى.
بهذه المناسبة، أقولها للكتلة الأكبر وللمتطرفين منها، بالذات، بكل ودٍ وصراحة وأضع الإحتمالات المستقبلية العملية أمامها والمخاطر المحدقة بها، أقولها بدافع الحرص على الناس وعلى المسيرة الديمقراطية التي لا يمكن الحفاظ على وحدة العراق وسلامة أهله بدونها: 1- هذا التعليق ليس السبيل الصحيح لإظهار التضامن والمؤازرة. 2- إذا أردتم الإستعراض أو إبهار الآخرين بقدرتكم على التعطيل والتحدي الفارغ وعدم مراعاة شعور الناس بضمنهم شارعكم أنتم، فهذا هو الطريق الخطأ الذي يفضي إلى الإفلاس. 3- وإذا كابرتم وتَعَنَّتُم وراهنتم على محاولة السيطرة على الحكم في العراق، موحداً أو مجزَّءاً، بالقوة فستواجهون معارضة وهجراً من مرجعيتكم حسب مواقفها المعلنة، أولاً ؛ وستواجهون ثورةً شعبية تتقدمها جماهيركم قبل غيرها. 4- الطريق الأضمن لكم هو خدمة الناس أولاً وقبل كل شيء وخاصة الفقراء منهم وبسرعة، فلا تظلموهم بمثل ما ظُلموا به قبلاً أو أكثر. والطريق إليه يسيرٌ ومأمونٌ بفضل ثراء العراق وحيوية شعبه. إنه طريق يضمن للناس ولكم العيش الكريم القادر وحده على إعلاء كلمتكم وإستقطاب إحترام الجماهير في الدنيا كلها نحوكم إذا كنتم تبحثون عن ذلك. يستدعي هذا الطريق تعزيز الديمقراطية التي تستدعي، بدورها، رفع مستوى عمل مجلس النواب وعدم إضاعة دقيقة واحدة من وقته سواءاً بالعطل والإجازات أو ببحث الأمور الجانبية والمناكفات والمزايدات. ستتعاظم ثروات العراق وليس هناك من سبيل لصرفها لخدمة أصحابها أي الناس لأن قوانين الدولة مكبِّلة لأيدي المنفِّذين ومرحِّبة بالفساد والمفسدين وينبغي تعديلها. إن العملية التشريعية بطبيعتها بطيئة، فكيف ستصبح إذا ما تراخى أصحابها النواب وتمددوا؟ بصراحة إن الناس بدأوا يفقدون الثقة بجدوى الديمقراطية وبمجلس النواب بالذات ويعيرون أذناً صاغية لكلام الطغمويين عن "الدكتاتور العادل"؛ فتنبهوا.
ثانياً: أخاطب الحكومة والبرلمان والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني فأقول: لا تفسحوا المجال أما حكام البحرين الطغمويين وحكام السعودية للمناورة وربط قضية الشعب البحريني بمسألة الصراع الإقليمي بين أمريكا وإسرائيل من جهة وبين إيران من جهة أخرى حول الملف النووي، علماً أن إيران قد لا تبالي بإحباط هذه المناورة وقد تحاول إقحام نفسها بصورة تسيء للبحرينيين. إن الصوت العراقي سيكون أكثر مسموعاً وأشد فاعلية لو تم الحديث المباشر مع أمريكا حول الموضوع خاصة وأن تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية بشأن التدخل السعودي في البحرين كان لصالح القضية البحرينية، وأن المجتمع الدولي قد أبدى تعاطفاً أيضاً. 
 
 

95
هل هي محاولة لسرقة الثورة الديمقراطية السورية المرتقبة؟

محمد ضياء عيسى العقابي

تحركات شعبية سورية:
بانت مؤشرات تصاعد حركة جماهيرية في سوريا قد تؤول في نهاية المطاف إلى ثورة عارمة. أقول "عارمة" لأن النظام الطغموي السوري(1) قد يتسبب في صراع دموي بوتيرة عالية العنف لأنه يأتي، في إستعداداته الفكرية والقمعية، في الدرجة الثانية بعد النظام البعثي الطغموي العراقي(2) يليهما في الدرجة الثالثة النظام الليبي الذي يمتلك الإستعداد الفكري كالعراقي والسوري ولكنه يفتقر إلى التنظيمات القمعية الأقرب إلى الفاشية الأوربية منها إلى العشائرية التي لا يمكن الركون إليها وإلى تماسكها عند الأزمات والشدائد، كما شهدنا في الأحداث الأخيرة. ربما لعبت وتلعب الطائفية(3) دوراً تحشيدياً هاماً بإتجاه التماسك في حالتي البعث العراقي والسوري. ورغم أن الطائفية ممارسة متخلفة ولكنها تنطوي على جوهر طبقي. تلي هذه النظم الثلاث في التوحش السودان ثم اليمن فالسعودية ومصر والجزائر والخليجيين فتونس وهي الطرف الذي أثبت نظامه كونه أكثر حضارياً من غيره. أما على قمة الهمجية فوقف النظام العراقي الذي نَقَلَ عن رئيسه صدام السيدُ حسن العلوي إنتقادَه لشاه إيران لأنه "سلَّمَ إيران للخميني وكان عليه أن يحرقَ نصف طهران ولا يُسَلِّمُها له". من هذا مارس ذلك النظام بصيغة منهجية ومبرمجة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي الداخلي والخارجي وإستخدام الأسلحة الكيمياوية وإقتراف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. أما النظام اطغموي السوري فلا تُنسى له مجازر مدينة حماة.
على حسب ما أفادت به "فضائية" الحرة فقد إنطلقت تظاهرات تطالب بالحرية والإصلاح السياسي ومحاربة الفساد في عدة مدن سورية يوم الجمعة 18/3/2011 منها درعا وبانياس وحمص ودمشق قرب الجامع الأموي. كما أفادت الفضائية بأن عدة مواطنين إستشهدوا في مدينة درعا.
لم تكن هذه أول تظاهرات تحصل في سوريا. بل سبقتها عدة تظاهرات في عدة أيام على إمتداد الأسابيع المنصرمة.
أحداث ذات أهمية:
رصدتُ بعض الأحداث التي أعتقد أن لها علاقة بصورة ما مع هذه النذر على الساحة الشعبية السورية. هذه الأحداث هي:
أولاً: إعلان سلطات الأمن السورية ضبطَ شحنة من الأسلحة والمتفجرات قادمة من العراق بإتجاه الداخل السوري (فضائية الحرة بتأريخ   13/3/2011)،
ثانياً: إعلان سلطات الأمن العراقية في الرمادي أن تلك الشحنة التي ضبطت في سوريا كانت قادمة أساساً من سوريا ودخلت العراق إلا أن قوات الأمن العراقية طاردتها فهربت عائدة إلى سوريا (فضائية الحرة بتأريخ   14/3/2011).
ثالثاً: بتأريخ 16/3/2011 نقلت فضائية الحرة عن اللواء ضياء حسين قوله أنه تم قتل المدعو "أمير الحرب في دولة العراق الإسلامية" وتم ضبط وثائق هامة معه تخص تنظيم القاعدة ودولة العراق الإسلامية وأوكارهم وخططهم ومنها ما كان مخططاً ل"يوم الغضب" أي تظاهرات يوم 25/2/2011.
والأمر الهام جداً الذي أعلنه اللواء ضياء حسين، أيضاً، هو أن حركة أعضاء تنظيم القاعدة في العراق بدأت تتجه نحو خارج العراق أي هاربةً منه.
ماذا تعني هذه الأحداث؟
 أعتقد أنه لكل من الروايتين السورية والعراقية، فيما يخص شحنة الأسلحة والمتفجرات، نفسُ النصيب من الصحة. ولكن يمكن أن يكون هناك إحتمالاً ثالثاً مفادُه أن الإرهابيين أدخلتهم القوات السورية إلى العراق ولكنهم يملكون توجيهاتٍ من قياداتهم بالتظاهر بدخول العراق على أن يعودوا أدراجهم إلى الداخل السوري بعد التأكد من إنصراف القوات السورية وذلك لأداء مهام مستقبلية، غير أن القوات السورية كانت لهم بالمرصاد لمعرفة أحدهما بأسرار الآخر وأزماته ومعاناته وتكتيكاته وخبثه.
هنا يُلقي تصريحُ اللواء ضياء حسين الضوءَ على الموقف كالتالي:
ربما بلغ تنظيم القاعدة في العراق حدَّ أليقين بخسارته التامة بإفتضاح كافة تنظيماته وأوكاره وركائزه وإنكشافها أمام قوات الأمن ما دفعه إلى إتخاذ قرار بمغادرة العراق. ولكن إلى أين؟
من المؤكد أيضاً أن فترة "زواج المصلحة" بين النظام السوري والطغمويين العراقيين والتكفيريين الإرهابيين قد أتاحت الفرصة للأخيرين للتعرف على كثير من نقاط ضعف النظام السوري ومواقع المعارضة وربما أسسوا لهم ركائز وأوكار بينها من وراء ظهر الأجهزة الأمنية السورية للعمل المستقبلي آخذين بنظر الإعتبار وسع المعارضة الشعبية ضد النظام البعثي الطغموي السوري، وحتمية إنتقال المد الثوري في تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا إلى سوريا. إنها أصبحت فرصة مؤاتية لهم كانوا يخططون لها، بتقديري، منذ البداية إنتظاراً للفرصة المؤاتية التي قد تأتي بصيغة ما : فإذا نجحوا في العراق وأسسوا "دولة العراق الإسلامية" فما هي إلا فترة "نقاهة" قصيرة ينقضّون بعدها على البعثيين العراقيين لتوطيد حكمهم والبدأ بمحاولة إطاحة النظام السوري، ليتوجهوا بعده إلى الأردن ثم السعودية أو العكس.
وإذا فشلوا في العراق فينتقلون إلى سوريا (كما يفعلون الآن) محاولين إطاحة النظام السوري بالتعاون والتحالف مع السعودية وربما أمريكا وإسرائيل طارحين أنفسهم لا كقاعدة بل كمعارضة سورية ديمقراطية. وقد تفكر السعودية بالإستفادة منهم لمحاولة إطاحة النظام الديمقراطي العراقي ثانية أو بالأقل إرباكه وتشويه بناء الديمقراطية فيه؛ ومحاولة القضاء  على حزب الله اللبناني أيضاً.
خلاصــــــــــــــــــــة وتحذيـــــــــــــــــــــر:
كنتيجة يحاول تنظيم القاعدة سرقة الثورة الديمقراطية السورية المحتملة والإستيلاء على الحكم هناك وجعل سوريا نقطة إنطلاق في المنطقة بمباركة سعودية... هذا إذا بقي النظام السعودي معافى أو بقي على قيد الحياة أصلاً.
ويستلزمُ الأمرُ من الديمقراطيين السوريين، على كل حال، التنبهَ للحفاظ على ثورتهم المرتقبة من السراق الشريرين الهاربين من العراق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): تُشابهُ النظامُ البعثي السوري النظامَ البعثي العراقي من حيث كونهما طغمويين ويحملان السمات الطغموية التالية : الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية.   
(2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
           

 

96
ماذا يُراد للعراق يا كاظم حبيب؟!!
إلى: الدكتور كاظم حبيب المحترم،(1)
من: محمد ضياء عيسى العقابي
تحيــــــــــــــــــــة،
لأول مرة أسمع معلوماتٍ خطيرةً يذيعها شخص لا يحمل صفة رسمية. وقد إعتدتُ أن أقرأ هكذا معلومات خطيرة، صحيحة وكاذبة بريئة وكيدية، من مصادر إما أمريكية أو طغموية(2)و(3) فهي لم تغفل شاردة ولا واردة إلا وأذاعتها. لذا آمل أن يكون مصدرك للمعلومة التي وصلتك رصيناً. ولكي أَطْمئِنَّ إلى ذلك فسأطلبُ منك بعض المعلومات (التي لابد وأنك قد طلبتَها من مصدركَ وإستقيتَ الأجوبةَ الشافيةَ لها وتيقَّنْتَ منها قبل إقدامك على نشرها) قبل أن أجيبك على إستفسارك حسب طلبكَ:ـ   
أولاً: أعطِ الدليل على أن الصدريين فرضوا شرطاً على المالكي بأن يتسلموا قيادة فرق عسكرية معينة ذكرتَها.
ثانياً: أثبت ما قلتَه من أن "جيش المهدي.... ما يزال قائماً".
ثالثاً: أعطِ الدليل على كون السيد "المدعو قيس المحمداوي" ينتمي إلى التيار الصدري علماً أن الإنتماء الحزبي محرم في الجيش العراقي.
رابعاً: ما هي أسماء الضباط الثلاث الآخرين الذين تمَّ تعيينهم قوّادَ فرقٍ، حسب المعلومة التي وصلتكَ ؟ وأثبِتْ أنهم ينتمون للتيار الصدري.
خامساً: من المعروف وحسبما أذاعت الصحافة الأمريكية، فإن حكومة الولايات المتحدة طلبت من بعض الجهات السياسية العراقية الإبطاء في تشكيل الحكومة الجديدة ريثما يتضح الموقف إثر تشكيل "التحالف الوطني" ودخول الصدريين فيه وإحتمال تسليمهم حقيبة أو حقائب وزارية أمنية، والكلام للصحافة الأمريكية. عندئذ كرر السيد المالكي تأكيده على عزمه بأن الوزارات الأمنية ستُشغَل من قبل مستقلين في السلوك إن لم يكن بالإنتماء. آنذاك تشكلت الحكومة. فأين موقع المعلومات التي وصلتكَ من هذه الوقائع؟ هل فكرتَ بها، يا سيد كاظم؟ هل ضَحَكَ المالكي على الأمريكيين والطغمويين من أنصار الدكتور أياد علاوي، وتريدُ أنتَ تنبيهَهُم إلى هذه "الخديعة الخبيثة" و "الكارثة" المنتظرة كما فَعِلَ "الزميل" سمير جعجع في لبنان ذات يوم؟
سادساً: قالت "المعلومة" التي وصلتك، يا سيد كاظم، بالحرف الواحد إنّ:
"المالكي في خطى حثيثة لإحداث فوضى في البلاد لا أحد يعلم حدودها الكارثية"
أسألُكَ بربك:
هل فكَّرتَ ولو للحظة واحدة في مصداقية هذا الجزء من المعلومة التي وصلتك، قبل أن يجعلك، هذا الجزء، تضطرب وترعد وتزبد وربما ستقضُّ مضاجعَ الأصدقاء الأمريكيين والعملاء الطغمويين ما قد يدفعهم القلقُ إلى "الإستفسار" منك عن المصدر الذي ربما فاتهم (وقلما يفوتهم!!)؟.
كان بإمكانكَ أن تطرح على مصدر "المعلومة" السؤال التالي قبل أن يعتريك "الرعب":
لماذا يًحدث فوضى في البلاد (أي بلاد، لا يهم، العراق أو غير العراق؟) رئيسُ وزراءها بعد أن حقَّقَ الإنجازات التالية؟:ـ
1-   واصلت حكومته مسيرة حكومة الجعفري بصبَّ المُنْصَهَرَ العراقيَ الذي أعدَّه الإحتلال (ليَصُبُّهُ في قالبه لأهداف معينة(4)، وأراد الطغمويون صبَّه في قالبهم لإستعادة حكم الطبقة الطغموية الطفيلية) – صَبَّهُ في القالب العراقي الخالص حتى إحترَمَتْه وإحترمتْ العراقَ الدولُ التي ناوأت الإحتلال ظناً منها بأنه سيُنصِّبُ في بغداد حكومة عميلة تمنحه النفطَ والقواعدَ العسكريةَ وتنطح ياسرعرفات وبشار الأسد. هذه الدول هي الإتحاد الأوربي وعلى رأسها فرنسا وألمانيا إلى جانب روسيا والصين والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومعظم دول العالم في كافة القارات.

2-   كان، قبل أن يُنتخب رئيساً للوزراء، قيادياً هاماً في "الإئتلاف العراقي الموحد" الذي قاد بمعية "التحالف الكردستاني" عملية إنتخاب مجلس النواب في كانون الثاني من عام 2005 الذي أنجز صياغة مسودة الدستور والتصويت عليه جماهيرياً في 15/10/2005 ومن ثم إنتخاب مجلس نواب بموجبه في شهر كانون أول عام 2005 حيث إنتُخب المالكي رئيساً للوزراء وبعد ذلك تم إنتخاب مجلس نواب آخر في 7/3/2011.
   
3-   الإشراف على تنفيذ خطة "فرض القانون" التي إقترحها، رغم سخرية الدكتور أياد علاوي منها  حينئذ، ورغم الإحتدام الذي نشب بينه وبين قائد القوات الأمريكية الجنرال ديفد بتريوس وشاع خبره في الإعلام العالمي حتى صرح الجنرال للصحف "لم نصل لحد الإشتباك بالأيدي".

4-   إستطاعت حكومته تطوير قدرات القوات المسلحة العراقية والقوي الأمنية وسط فيض من المشاكل التي إعترضت طريق التجهيز والتدريب.

5-   إستطاعت حكومته قصم ظهر الإرهاب والإرهابيين والتكفيريين والطغمويين وكل من إحتضنهم وحماهم وآواهم وتستر عليهم ودعمهم وأرشدهم وشدَّ أزرهم.

6-   إستطاعت حكومته بلورة وتثبيت معالم النظام السياسي للعراق الجديد وفتح الآفاق واسعة لإستكمال المؤسسات الديمقراطية والنظام الفيدرالي بكامل أبعاده ومدياته وخلق البيئة المناسبة لتطور منظمات المجتمع المدني.

7-   إستطاعت حكومته التعامل مع ملف "المصالحة" تعاملاً وطنياً ذكياً وإستطاعت تحاشي الضغوط الخارجية الكبيرة الواقعة عليها ومنعت إستغلاله لتمرير إجندات غير وطنية مدعومة بحملات إعلامية مغرضة متعددة المصادر(5).

8-   قطعت حكومته أشواطاً هامة على طريق إخراج العراق من قيود الفصل السابع الذي تسعى قوى خارجية وداخلية بشدة وخبث للإبقاءعليه.   

9-   إقنعت حكومته الأمريكيين بتوقيع معاهدة الإطار الستراتيجي بين البلدين القائمة على الشفافية والصداقة والمصالح المشتركة والإحترام المتبادل علماً أن الأمريكيين طلبوا ما يقرب من (300) موقعاً عسكرياً حسب مسودة الإتفاقية التي نشرتها صحيفة "الإندبندنت" البريطانية ولم يحصلوا على أي موقع.
كان هذا الأمر موضع إحترام العراقيين وإنتزع إحترام العالم للعراق.

10-    منح عقود نفطية، وفق مبدأ "تقديم خدمات" بموجب جولات تراخيص شفافة، لشركات من مختلف دول العالم كالصين وبريطانيا وفرنسا وتركيا وماليزيا وأنغولا واليابان وغيرها.
زاد هذا في إحترام العالم للعراق ووثوقه بمصداقية تحكمه بسيادته ومصداقية معاهدة الصداقة المتكافئة مع الولايات المتحدة وإرتكازها على مبدأ الإحترام المتبادل.

11-    يرجع لحكومته الفضل الأكبر في رفع معدل الدخل الشهري للمواطن العراقي إلى (240) دولاراً بعد أن كان لا يتجاوز الدولارين أثناء العهد البعثي الطغموي الذي هبطت، أثناءه أيضاً، قيمة الدينار العراق بمقدار (7000) مرة وأصبح سعر الصرف (3000) دينار للدولار الواحد بعد أن كان الدينار الواحد يعادل (3.3) دولاراً بينما أصبح الآن (1170) ديناراً تقريباً. كما إنخفضت ديون العراق الخارجية من مئات المليارات من الدولارات إلى أقل من (50) مليار مع بناء رصيد إحتياطي بلغ (40) ملياراً ساعد العراق على إجتياز الأزمة الإقتصادية العالمية الحادة بنجاح نسبي.

12-   تجاوزَ المالكيُ الشهيدَ الزعيمَ عبد الكريم قاسم في كمية الشتم واللعن والكلام البذئ الذي وُجِّهَ إليه وهذا من سمات الزعماء المخلصين لشعوبهم الذين يثيرون حنق طيف واسع من الشتامين يتراوح بين الطغمويين أعداء الديمقراطية وأعداء الشعوب إلى الطيبين الفاشلين في "الرقص" ويلقون باللائمة على "الكاع العوجة" مروراً  بالإنتهازيين والمأجورين والأميين والجهلة والسطحيين ومحبي الشهرة وغيرهم.

13-   مع إنتشار الفساد في العراق بشكل رهيب وهي حالة تكاد تكون طبيعية في بلد حكمه نظام طغموي أشاع الفساد وأثار إهتمام الأمم المتحدة لإرتفاع نسبة الجرائم وتاركي المدارس فيه ومن ثم جاء الإحتلال ومن ثم الإنتقال المفاجئ من النظام الأشد مركزية وصرامة إلى النظام الأشد لامركزيةً وإرتخاءاً وتهاوناً مصحوباً بإرهاب بالغ ألتوحش ـ ومع هذا فقد سجل معهد الشفافية الدولية لصالح العراق تقييماً متميزاً في مجالين: نشاط هيئة النزاهة في مكافحة الفساد، والشفافية في الكشف شهرياً عن مقدار الصادرات النفطية كماً بالبراميل وعائداً بالدولارات وهو ما لا يحصل في معظم الدول المصدرة للبترول في العالم.

بعد هذا، هل يُعقل أن يعمدَ رئيسُ وزراء ناجح بهذا القدر والوزن إلى "إحداث فوضى في البلاد لا أحد يعلم حدودها الكارثية"، حسب الكلمات التي نقلتَها من مصدركَ دون تمحيص متعقل كما يبدو.

سابعاً: تقول، يا دكتور كاظم، وبالحرف الواحد: " أتمنى أن أحصل على جواب من أحدهم وأن يعرف الشعب العراقي ما يجري في العراق".
لا يحق لكَ أن تفترض أن الشعب العراقي لا يعرف ما يجري في العراق. من الذي خوَّلك أن تتكلم بإسم العراقيين؟ قد لا يكون العراق شفافاً 100% ولكنه أكثر شفافية بما لا يقاس بالنسبة لكافة الدول العربية والإسلامية ولكثير من دول العالم. فما عليكّ إلا أن تتابع جلسات مجلس النواب ووسائل الإعلام المتنوعة وإذا لم تكتفِ فإذهب إلى الفيسبوك.
لقد ولّى ذلك الزمن الذي كان فيه مباحٌ لأي حزب أو تجمع أو فرد أن يدَّعي تمثيلَ الشعب لسبب بسيط جداً وهو إن السلطة غير شرعية وغير ديمقراطية ولم تصل إلى كرسي الحكم عن طريق صناديق الإقتراع، لذا فيصبح من حق كل جهة أن تطعن بشرعية ومصداقية تلك السلطة وتدَّعي التمثيل لنفسها ولا أحد يستطيع أن يقول :"لا". أما الآن فقد تغيَّر الحال.
ثامناً: رغم عدم صحة ما إدَّعَيتَهُ من تحكُّم حزب إلله بالدولة اللبنانية (6)، مع ذلك أَسأَلُكَ يا سيد كاظم: " أيهما أكثر إحتمالاً للوقوع في العراق: سيطرة الصدريين على الوضع بأكمله، أم تنفيذ مخطط عسكري ـ مدني يساهم فيه ضباط كبار من الجيش الطغموي السابق أُعيدوا إلى الخدمة (بضغط أمريكي ـ طغموي تحت ستار المصالحة) وإستلموا مناصب عسكرية خطيرة منها قيادة فرق، ويساهم فيه مدنيون ذكرهم الدكتور سلام الزوبعي، ليُعدوا العدة لإشعال حرب مع إيران لتنبري تحت غطائها أمريكا وإسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية وهي حرب لا ناقة للعراق فيها ولا جمل؟
وما هي مصلحة المالكي وحزبه وإئتلافه وتحالفه من كلا هذين الإحتمالين وهو الذي أعلن طواعية(7) عدم رغبته في الترشح ثالثة لرئاسة الوزارة؟
تاسعاً: هل تعتقد حقاً، يا سيد كاظم، أن المراحل التي قطعها التوجه الديمقراطي، مهما كانت، والتي ساهم فيها السيد المالكي، وكذلك إلتزامات العراق الدولية وفي مقدمها العهد الدولي الذي إلتزم به ـ ستسمح للسيد المالكي نفسه، حتى لو أراد، أن ينفذ ما خطر بذهنك وأتعبه؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): ما أن إستلم الدكتور كاظم حبيب "معلومة" حتى صدَّقها، كما يبدو، وأثارت في مخيلته سيناريو "كارثي" لمستقبل العراق  فلازمه السؤال التالي: "ماذا يُراد للعراق؟". فأرسل لكل العراق والعراقيين والعراقيات سؤالاً للتنبيه إلى سيناريو خطير على مستقبل العراق خاصة وأن الجيش الأمريكي سينسحب في نهاية هذا العام بموجب الإتفاقية الموقعة بين الطرفين ما قد يجعل العراق في حال كارثي؛ وما قد يستدعي تغيير خطط الإنسحاب كما تطالب بعض الصحف الأمريكية الحريصة على مستقبل العراق كحرص الدكتور كاظم وكحرص أنصار "الفصل السابع" داخل العراق. كما تكهَّن الدكتور، الحال مشابه لحال لبنان الذي لم يستمع قبلاً إلى "تحذير" مشابه لكنه صدر من الدكتور سمير جعجع رئيس اللجنة التنفيذية للقوات اللبنانية. أدرج فيما يلي نص "معلومة" و"تحذير" الدكتور كاظم حبيب:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
}ماذا يراد للعراق؟
كاظم حبيب
هذا السؤال, " ماذا يراد للعراق؟ " يلازمني منذ أن وصلتني المعلومة التالية نصاً:
"تحياتي
لقد سلم المالكي قبل ثلاثة أيام قيادة أربع فرق عسكرية إلى الصدريين وكان شرطهم على المالكي أن يتسلموا قيادة الفرق التي شاركت في صولة الفرسان لضرب جيش المهدي والعصابات  المرتبطة به وقد تسلم احد هذه الفرق المدعو قيس المحمداوي الفرقة  الثامنة في الديوانية. المالكي في خطى حثيثة لإحداث فوضى في البلاد لا أحد يعلم حدودها الكارثية."
أوجه هذا الخبر إلى جميع أعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء وقيادات الأحزاب المشاركة في السلطة, إلى كل الأحزاب العراقية غير المشاركة في السلطة, إلى الشعب العراقي بكل قومياته وأتباع أديانه ومذاهبه واتجاهاته الفكرية والسياسية وأستفسر منهم: هل يريد تسليم القوات المسلحة العراقية تدريجاً إلى جيش المهدي, الذي ما يزال قائماً حتى الآن وهو لا يراد جعله على نمط ما يجري في لبنان من وجود جيش جرار لحزب الله يتحكم بالدولة اللبنانية.
والسؤال الأساسي هل يعرف الوزراء والنواب ومسؤولو الأحزاب ذلك؟
أتمنى أن أحصل على جواب من أحدهم وأن يعرف الشعب العراقي ما يجري في العراق.{
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 (2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية
(3): الطائفية
(4): قال مصدر أمريكي تحدث إلى مراسلة صحيفة "الشرق الأوسط" السيدة هدى الحسيني (صوت العراق في 17/5/2007)، ردا على سؤال عن سبب حماسة واشنطن للحرب على العراق، ما يلي: "فكّر المحافظون الجدد أنه بالقضاء على صدام حسين سيصبح العراق الحليف الأول عسكريا ونفطيا، عندها ينهار نظام بشار الأسد ، وينتهي ياسر عرفات وتأتي قيادات جديدة".
(5): إتَّهَمَ السيدُ كاظمُ حبيب العراقيين بالتعامل مع البعثيين بنفس مستوى القتل الذي تعامل به البعثيون مع الشيوعيين وديمقراطيي الشعب العراقي عموماً عبر بيانهم رقم (13) الشهير في وحشيته الصادر عن "مجلس قيادة الثورة" في 8 شباط عام 1963. لقد قال بالحرف الواحد (صوت العراق 23/3/2009):
"..... وفي ضوء تلك السياسات والفتاوى احترق في العراق الأخضر بسعر اليابس وكانت العواقب أوخم مما توقعها أي إنسان في العراق أو خارجه. لقد قتل الكثير من البعثيين بعيداً عن المحاكمات, بل كانت أشبه بالبيان رقم 13 الذي أصدره البعثيون ضد الشيوعيين في العام 1963"
للعلم أذاع راديو "العراق الحر"‘ التابع للكونغرس الأمريكي، خبرَ صدور فتاوى من المراجع الدينية العليا في النجف ومن ضمنهم الشيخ كاظم الحائري (في مدينة قم ) حرَّموا فيها قتل أي إنسان من دون محاكمة أصولية. فمن أين أتى السيد كاظم بخبر الفتاوى التي شجعت على القتل؟ أتحداه إن أبرز بعضها على الملأ.
(6): حتى زعماء قوى (14) آذار (تحالف الحريري وجمِّيل وجعجع وغيرهم) لم يدَّعوا ما إدَّعاه السيد كاظم حبيب من أن حزب الله يتحكم بالدولة اللبنانية. ففي خطابه يوم أمس الأحد 14/3/2011 في ساحة الحرية في بيروت حيث إحتشد ما يقرب من (800) ألف لبنانياً، قال الرئيس السابق السيد أمين الجميِّل، رئيس حزب الكتائب، بأن حزب الله يطمح للإستحواذ على القرار السياسي في لبنان ولم يقل ما قاله السيد كاظم حبيب.
ومن متابعاتي الشخصية للوضع اللبناني ورغم إختلافي مع ستراتيجية حزب الله وحماس وسوريا وإيران (إلا أنني أحترم خيارهم في المواجهة مع إسرائيل)، فإنني مقتنع بأن سلاح حزب الله موجه للدفاع عن لبنان في وجه التهديدات الإسرائيلية المتكررة، والحزب منخرط في العملية السياسية ومؤمن بها إلا أن هناك جهود لتصفيته وبالأخص إذا ما تخلى عن سلاحه. 

 
 


 

97
"المجلس الوطني للسياسات العليا" مرةً أخرى!!

محمد ضياء عيسى العقابي
أوردت فضائية "الحرة – عراق" بتأريخ 5/3/2011 وجهتي نظر إئتلاف العراقية والتحالف الوطني؛ كما أوردت فضائية "الفيحاء"، بنفس التأريخ، وجهة نظر متممة لرأي إئتلاف العراقية، وذلك في أعقاب إعلان الدكتور أياد علاوي إنسحابَه من إحتمال تسنم منصب رئيس أو أمين عام(1) "المجلس الوطني للسياسات العليا".
قال الدكتور شاكر كتاب، النائب والقيادي في تنظيم "تجديد" الذي يتزعمه السيد طارق الهاشمي ضمن إئتلاف العراقية، معرباً عن وجهة نظر إئتلافه – قال بأن إعتذار الدكتور أياد علاوي شاهدٌ على عدم إلتزام إئتلاف دولة القانون بالإتفاقات التي أُبرمت بناءاً على مبادرة السيد رئيس إقليم كردستان(2).
هنا أقول إن تصريح الدكتور شاكر لا يعدو أن يندرج تحت باب "وفسَّر الماءَ بعدَ الجهد بالماء".
أما تصريح التحالف الوطني فقد جاء على لسان النائب السيد محمد الصيهود الذي أوضح بأن التحالف لم يلتف على الإتفاقات المبرمة بل أراد أن يكون "المجلس" منسجماً مع الدستور حيث أن المسودة المقدمة من قبل إئتلاف العراقية بلغت،  في أكثر من مكان، حدَ المطالبة بتشكيل حكومة أخرى موازية. وأضاف الصيهود إنهم أرادوا رصد تخصيصات مالية وموظفين ومستشارين لذلك المجلس.
دخلت النائبة عن إئتلاف العراقية السيدة عالية نصيف على الخط  وأوضحت الجهة التي خرجت على الإتفاقات إذ قالت بأن التحالف الوطني أفرغ المجلس من محتواه وأضافت: "إننا لا نريده أن يكون مجلساً إستشارياً فقط".
للحق لم أسمع أياً من مسؤولي التحالف الوطني يصرح بما يناقض الإتفاق حول هذه القضية وهي أن ما يتم التصويت عليه بنسبة 80%  داخل المجلس يصبح إلزامياً للكتل المشاركة للإلتزام به عبر السياقات والمسالك الدستورية والقانونية(3) وما عدا ذلك فهو إستشارة.
ولدى الإطلاع على مسودة هذا المجلس التي قدمها إئتلاف العراقية لا يسع المرء إلا تأييد وجهة نظر السيد الصيهود في مسألة خلق حكومة موازية ورأس آخر للدولة لو أُخذ بتلك المسودة.
نقلت فضائية "الفيحاء" عن مسؤولٍ في إئتلاف العراقية لم تذكر إسمه قوله بأن إئتلافه قد ينسحب من الحكومة.
لم أُخفِ سعادتي بهذا التصريح وقد أثنيتُ على التظاهرات، التي خرجت في جميع محافظات العراق تقريباً خلال الأسبوعين المنصرمين، لسببين:
 الأول: إعطاء درس بليغ لمجالس المحافظات ولكل مفسد في جميع مفاصل الدولة العراقية وأطلقت يد رئيس مجلس الوزراء السيد نوري المالكي لتنحية أي وزير أو مسؤول كبير يتلكأ في عمله أو يُفسد، سواءاً بقيت الوزارة كحكومة شراكة وطنية أو تحولت إلى حكومة أغلبية برلمانية.
الثاني: تشجيع بعض أطراف إئتلاف العراقية على ترك الحكومة ولعب دور المعارضة البرلمانية أملاً في تجيير هذه التظاهرات لصالحه، ولو إنه سيجد، بتقديري، صعوبةً بالغة في ذلك لأن دور ذلك الإئتلاف السلبي في الدورة السابقة سواءاً على المستوى التنفيذي أو التشريعي كان عاملاً هاماً في عرقلة أعمال الحكومة ومجلس النواب على حد سواء، وبث روح البلبلة وعدم الإستقرار في أعماق المواطنين وذلك بالإلحاح على مطالبة العالم الخارجي للتدخل في الشأن العراقي بحجة خضوع العراق للفصل السابع في الوقت الذي كانت تقتضي فيه المصلحة الوطنية تضافر الجهود لإخراج العراق منه لا لتوسيع فكي كماشته ليبتلع العراق وأهله. نجم عن كل ذلك إضرار بالغ بمصالح المواطنين.
أخيراً لابد من البوح بملاحظة جديرة بالإهتمام وهي أن قريحة بعض أطراف إئتلاف العراقية (وليس كلها) كانت منفتحة للتهديد بالإنسحاب من العملية السياسية بأكملها إذا لن يتم الرضوخ لمطالب ذلك البعض التي لا تحيد كثيراً عن عقيدة الطغمويين(4)و(5) التي إنتهجوها على طول الخط والتي تفترض أن العراق لا يمكن أن يُحكم إلا من قبلهم بصيغة أو أخرى، لكونهم "حراس البوابة الشرقية" بتفويض إلهي. وهذا في التحليل الأخير يعني رفضاً للآخر ولصناديق الإقتراع والديمقراطية وهي أمور يرفضها الدستور العراقي ولائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة. وإذا كان هذا التصميم المدمر، الذي دفع أصحابه إلى سلوك طريق الإرهاب، قد وجد من يدعمه في المحيط،، فقد أصبح أولئك الداعمون أما في خبر كان أو أصبحوا ينازعون بين الموت والحياة، وموتهم محتم في عصر العولمة التي رفعت عنهم الغطاء الغربي الذي كان يُعتِّم على جرائمهم بحق شعوبهم لإخضاعها.
هناك أمر آخر يدعو إلى التفاؤل وهو أن بعض أطراف إئتلاف العراقية، كما تشير بعض المؤشرات، لا يمتلك الرغبة في الإنصياع لرأي السيد أياد علاوي و"القائمة العراقية"، التي يترأسها، في الإنسحاب من العملية السياسية بل حتى من الحكومة،  وذلك بدافع الشعور بالمسؤولية، ربما لشعورذلك البعض بأن السيد أياد يريد الركوب على ظهور الآخرين لتحقيق مآرب شخصية، في سنة ستشهد إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ما يستلزم تظافر جهود جميع الوطنيين الخيّرين من أجل إقناع الأمريكيين والمجتمع الدولي بآهلية العراق لحكم نفسه بنفسه ديمقراطياً بالإحتكام إلى صناديق الإقتراع. وإذا كان هناك مَنْ تَخَوَّفَ من إحتمال تحوّل السيد نوري المالكي إلى "دكتاتور" على الطريقة البونابارتية فها هو الرجل يعلن من تلقاء نفسه عدم رغبته في ترشيح نفسه لدورة ثالثة منطلقاً من مقولته "لا أؤمن بثلاث دورات. إثنتان كافيتان. فإن كنتَ جيداً فستظهر نتائج عملك الإيجابية خلالهما وإن طلبتَ المزيد فإنك فاشلٌ"(6).       
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): لكون ما يُسمّى "المجلس الأعلى للسياسات العليا" نشازاً في أي نظام ديمقراطي في العالم، وقد فرضه الأمريكيون على العراقيين بالإبتزاز لتمهيد السبيل أمام إئتلاف العراقية وزعيمه الدكتور أياد علاوي نحو الموقع القيادي الأول في الدولة على المدى البعيد لخدمة ستراتيجية معينة قد تلحق أفدح الأضرار بالشعب العراقي، حسب تقديراتي، بدت الصعوبة منذ أول خطوة على طريق تأسيسه إذا إختلف الشركاء على تسمية من سيقف على رأسه. فهل سيسمى "رئيس المجلس" وهو يضم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء وغيرهم أي سيصبح بمثابة "شاهنشاه" (أي ملك الملوك) أم "الولي الفقيه"؛ أو يسمونه "أمين المجلس" وهو ما يرفضه الدكتور علاوي لعدم لياقته بمقامه!!.   
(2): لسبب تكتيكي، يُلاحظ أن الدكتور شاكر  كتاب إستخدم إسم "إئتلاف دولة القانون" في تصريحه ولم يستخدم إسم "الإئتلاف الوطني" الذي فاوض ومازال يفاوض وفدٌ منه إئتلاف العراقية حول موضوع هذا المجلس.
(3): أي لا يقوم "المجلس الوطني للسياسات العليا" بمخاطبة الحكومة أو البرلمان أو مجلس القضاء مباشرة بل أن الكتل المتفقة هي التي تقوم بذلك عبر ممثليها.
(4): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(5): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية
(6): أدلى السيد المالكي بهذا التصريح (بالمعنى وليس بالكلمات) في مقابلة له مع فضائية "العراقية". أرى أن الإنجازات التي أحرزها المالكي ا أعطت للعراق الديمقراطي كياناً صلباً ووضعته على طريق سيرتقي به إلى مصاف الدول الأرقى من حيث توفير حياة الكفاية والكرامة لأبنائه جميعاً في ظل النظام الديمقراطي وحيوية الشعب والموارد الطبيعية الوافرة.
وأرى أنه لو أكمل المالكي المسيرة وفق ما تم تحقيقه لحد الأن، سيُذكر، آنئذ، كأعظم مَنْ حكم العراق منذ السومريين لا يدانيه إلا الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم.



98
بوادرُ فَشَلِكَ بانتْ فتداركْها يا وزيرَ الزراعة

محمد ضياء عيسى العقابي
تصفيرُ جهودِ الغير:
كمواطن بسيط، أتمنى النجاح كل النجاح لجميع الوزراء مهما كان إنتماؤهم؛ لأن نجاح الوزير، بل نجاح أي مسؤول في الدولة العراقية، يعني أن خدمة حقيقية قد أنجزت للشعب الذي ظُلم كثيراً وطويلاً حتى فقد توازنه، كأفراد وأحزاب، منذ زمن بعيد وأصبح يتخبط ويجرح نفسه بنفسه.
من هذا المنطلق فأنا أنبِّهُ وزيرَ الزراعة السيد عز الدين الدولة إلى خطأٍ جسيم إقترفه  سيتسبب في فشله بكل تأكيد إذا ما أغفل معالجته أو تمادى فيه.
في حديث له ولمستشار وزارة الزراعة الدكتور فيصل رشيد ناصر مع قناة "العراقية" الفضائية بتأريخ 2/3/2011 ، ضمن برنامج "الزراعة العراقية... الواقع والطموح"، كانت أول جملة نطق بها الوزير عبارة عن تصفير لأعمال الوزارة قبل تسلّمه إياها منذ شهرين تقريباً. ثم أردف قائلاً، ربما لتعزيز رأيه بتقديم السبب،: "لا يمكن أن تُدار الوزارة عن طريق الوكلاء". (أعتقد أنه كان يلمِّح إلى إنشغال الوزير السابق الدكتور أكرم الحكيم بملف "المصالحة" إضافة إلى وظيفته كوزير للزراعة).
عجبتُ لهذا الهجوم الصاعق لأن متابعاتي، رغم تواضعها، للوضع الزراعي بالأخص عبر برنامج "بالعراقي" الذي تنضمه فضائية "الحرة" وعبر برامج قناتي "العراقية" و "الفيحاء" وقراءات هنا وهناك، ولَّدتْ لدي الإنطباع بأن إهتماماً ملحوظاً كانت توليه الحكومة العراقية للواقع الزراعي ما ساهم في إحراز تقدم ملحوظ في ذلك المضمار. علمتُ أن هناك ما تُسمى " المبادرة الزراعية" التي أطلقها رئيس الوزراء السيد نوري المالكي  وأثبتت جدواها وفهمتُ أنها ستستمر للسنة الثالثة.
فكيف، إذاً، يطلق الوزير ذلك التصريح الخطير؟
فنَّدَ الوزيرُ نفسَه بنفسِه:
لم يقطع الحوار إلا شوطاً قصيراً حتى فنَّد الوزير نفسه بنفسه. إذ وافق على ما طرحه المستشار من أن هناك مشاريع بمختلف الحجوم تتراوح بين العملاق وبين المتوسط والصغير جاري العمل بها ومنذ مدة غير قصيرة مثل مشروع الري بالتنقيط الذي يستهدف تغطية (3) ملايين دونم، إقراض الفلاحين بدون فائدة إذ بلغ الإقراض لحد اليوم (622) مليار ديناراً. وشملت المساعدات والدعم لمربي الدواجن والأسماك والعجول وشملت نشاطات المكننة الزراعية وحفر الآبار. كما دعمت الوزارة أسعار الأسمدة والعلف بواقع 40% من سعرها الأصلي، وقامت بتوزيع النايلون والهياكل والساحبات للبيوت البلاستيكية بأسعار مدعومة تبلغ 50% من سعرها؛ كما سمحت الوزارة للفلاحين والمربين بشراء سيارات نقل (بيك أب) دون الحاجة لإسقاط سيارة بالمقابل.  وقال الوزير أن جميع الأراضي المستصلحة مستغلة للإنتاج الزراعي رغم أن بعض مستغليها يقومون بذلك متجاوزين حق الملكية أو التعاقد ولكن المهم أنَّ الأراضي مستغلة وتنتج. وأعلن المسؤولان أنه تم لحد الآن إنجاز أربع محطات نسيجية لتنمية النخيل التي هبط عددها في العراق من (30) مليون نخلة إلى ما بين (10 – 12) مليونأ بسبب حروب النظام البعثي الطغموي* أساساً. وأخيراً أعلن الوزير والمستشار عن وجود خطة لإنشاء (30) قرية عصرية زراعية تستوعب كل منها العشرات من المهندسين الزراعيين والأطباء البيطريين. أشار المستشار إلى أن إستملاك الأرض كانت العائق الذي حال دون المباشرة بمعظم هذه القرى حيث يتطلب التخصيص، من جانب مجالس المحافظات، وقتاً غير قليل بسبب وجوب حصول على موافقات من جهات مختلفة كوزارة النفط والدفاع  وهيئة الآثار وغيرها. تم التمليك والمباشرة بالعمل في محافظة كربلاء؛ وتم الإعتراض على الأرض الممنوحة من قبل محافظة السماوة لعدم صلاحيتها للزراعة.
وأعتقد، فوق هذا، أنه لو أتيح المجال للمستشار لأبلغنا عن مشاريع أخرى هامة كان يلوِّح بها.
نطق الوزير بجملة وجدتها صادقة وفي محلها، إذ قال: "لدى الوزارة قصور في أدائها الإعلامي". وفي الحقيقة أرى أن هذه ملاحظة لها مصداقيتها على عموم الوضع العراقي في ظل إلغاء وزارة الإعلام وفي ظل إطلاق الحريات العامة مع ترك الرقابة منوطة بضمائر العاملين بهذا الحقل وشعورهم بالمسؤولية الوطنية ما زرع في الوسط الإعلامي، مع بالغ الأسف، بعضَ جهاتٍ وقنوات مموَّلة خارجياً بهدف تخريب التوجه الديمقراطي الذي يرعب الكثيرين في المحيط.
الزراعة العراقية والسياسة:
بعد الكلمة الصاعقة للوزير في بداية الحديث، أعقبه مستشار الوزارة الدكتور فيصل رشيد ناصر شارحاً مشروعاً للوزارة إعتبرَه عملاقاَ بحجمه وأهمية هدفه. فنظراً لشحة المياة الواردة من تركيا وإيران وسوريا، عمدت الوزارة،، منذ عدة سنوات، إلى إطلاق مشروع "الري بالتنقيط" الذي كان سيوفر كميات هامة من المياهً بعد تقليل الفاقد منها عند هجر الأسلوب التقليدي في الري.
هنا وقبل أن يُكمل المستشار حديثه قاطعه الوزير مدلياً بتصريح صاعق آخر إذ قال: "هذا ليس حلاً جذرياً". وراح يشرح "الحل الجذري" الذي كان مفاده أن تستخدم الحكومة العراقية آلية الضغط الإقتصادي على الدول الثلاث (إيران وتركيا وسوريا) حيث يبلغ حجم التبادل التجاري مع كل منها عدة بلايين من الدولارات وذكر الرقم (9) ملياراً.
هنا دخلت السياسة على خط الزراعة وعلى الوجه التالي:
أولاً: أظهر الوزير جهلاً بقضية الخلاف العراقي - التركي حول كمية المياه المطلقة من تركيا إلى العراق. فأكثر من حلقة من حلقات برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة – عراق"، تناولتْ هذا الموضوع وشاركَ فيها خبراء من وزارة الموارد المائية وأكاديميون، مالوا فيها إلى وجود مصداقية بقدر كبير في إدِّعاء الحكومة التركية بكون ما تُطلقه من مياه إلى العراق يكفي لإحتياجاته وفق القوانين والمعايير الدولية، غير أنَ المياه المفقودة والتبذير داخل العراق، والكلام مازال للحكومة التركية، يشكلان هدراً هاماً لهذا المورد الحيوي. من هذا المنطلق دعى اولئك الخبراء العراقيون السلطات المعنية إلى وجوب تقليل الفاقد من المياه عبر إتخاذ إجراءات فعالة وجادة يقف على رأسها مشروع "الري بالتنقيط".
ثانياً: بإثارة وزير الزراعة موضوع إستخدام آلية الضغط  الإقتصادي على الجيران وتنويهه، ضمناً، بتقصير الحكومة العراقية في إستخدام هذا الحق لصالح مياه العراق، يكون قد أبدى نفاقاً سياسياً ما بعده من نفاق وكما يلي:
-   أقام إئتلاف العراقية، الذي ينتمي إليه السيد وزير الزراعة، الدنيا ولم يُقعدها عندما أبدت الحكومة العراقية قليلاً من الحزم حيال الجيران لأمر أكثر إلحاحاً وخطورة من قضية المياه وهو تصدير الإرهاب والإرهابيين إلى الداخل العراقي حيث حصدوا الأرواح البريئة بالجملة. فراح السيد أياد علاوي وغيره من قياديي إئتلاف العراقية يلقي باللوم على حكومة المالكي لتدني العلاقات وهي التي حاولت إقامة علاقات طيبة مع الجيران دون إستجابة. فماذا كان سيفعل قادة إئتلاف العراقية لو إستخدمت الحكومة العراقية آلية التجارة للضغط على تركيا وهو أمر لا تبيحه قوانين "منظمة التجارة العالمية" (الكَات) التي يطمح العراق إلى الإنضمام إليها؟

-   أما كان حريّاً بالوزير السيد عز الدين الدولة أن يوجه لومه لا لحكومة المالكي بل إلى زملائه، هو، في إئتلاف العراقية وجبهة التضامن الذين أكثروا من زياراتهم إلى تركيا لمختلف الأغراض إلا منفعة العراق، الأمر الذي شجع تركيا وغير تركيا كإيران والسعودية وسوريا على الإستهانة بالحقوق العراقية؟ فمِنْ تركيا خاطب الدكتور عدنان الدليمي ، رئيس جبهة التضامن، العالم الإسلامي مستنجداً به من "كارثة" سيطرة الشيعة على "بغداد رشيد هارون" (من شدة إنفعال الرجل نسي الإسم الصحيح: هارون الرشيد!!). ومن شاشة التلفزة التركية أطلَّ نائب رئيس الجمهورية السيد طارق الهاشمي، أيام التجاذبات لتشكيل الحكومة بعد إنتخابات 7/3/2010، على تركيا وعلى العالم ليطالب بتغيير الدستور العراقي!!! بعد أن أكَّد للجمهور العراقي الناطقُ الرسميُ بإسمه، السيدُ عبد الإله كاظم، بأن زيارات السيد النائب المتكررة إلى تركيا تهدف إلى تأمين تدفق الماء إلى العراق!!
بعد هذا آمل أن يبادر السيد وزير الزراعة إلى تصحيح خطإه وأن ينصرف إلى أعمال وزارته ويعمل كوزير في الدولة العراقية لا كمروِّج لدعاية حزب أو إئتلاف يسعى إلى الظهور بمظهر الوحيد القادر على إدارة شؤون العراق وحماية مياهه ومصالحه. آمل أن يدرك أيضاً أن الأمة العربية بعد الثورات الديمقراطية السابقة والقائمة واللاحقة ما عادت بحاجة مفترضة إلى وظيفة "حارس البوابة الشرقية".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**: الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.   


     





99
اليسار العراقي بحاجة إلى ثورة فكرية عاجلة

محمد ضياء عيس العقابي
حفَّزني مقال للدكتور هاشم حسن، أستاذ  فلسفة الإعلام في جامعة بغداد، المنشور على موقع فضائية "الفيحاء" بتأريخ  27/2/2011 بعنوان: "التظاهرات في الميزان" (أُعيدُ نشره في الهامش (1) أدناه لأهميته القصوى من وجهة نظري) – حفزني إلى تحقيق جزء من رغبة قديمة لدي تعود إلى ما بعد عام من سقوط النظام البعثي الطغموي(2) في 9/4/2003. كنتُ أُريدُ أن أضع تحت مجهر النقد والتقييم، مواقفَ اليسار العراقي السياسية والفكرية، التي فهمها الناس عبر كتابات أشخاص يساريين ربما كانوا شيوعيين ولكنهم ليسوا حزبيين الآن إلا أن أصواتهم طغت على صوت أقوى فصيل في اليسار العراقي
 وهو الحزب الشيوعي العراقي. هنا أعني اليسار الذي أيَّدَ التغيير والعملية السياسية التي أعقبته ولا أعني اليسار المتطرف الرافض للعملية السياسية من الأساس بإعتبارها تدبيراً من تدابير الإحتلال وذلك بالإستناد إلى فهمه الدوغمائي للماركسية.
وأنا أتابع النتاج الفكري لكثير من اليساريين منذ سقوط النظام البعثي الطغموي، شعرتُ بأن الكثيرين لم يستوعبوا ولم ينتفعوا نفعاً كافياً وبعضهم لم ينتفع بأي قدر من دروس سقوط الإتحاد السوفييتي والمنظومة الإشتراكية وإنتكاسة المشروع الإشتراكي ولم يستوعبوا دروس ثورة 14 تموز وما آلت إليه من مآس تكثَّفت إبتداءاً من 8 شباط 1963 وصولاً إلى مرحلة البعث الثانية التي مارس فيها ذلك الحزب الطغموي بشكل منهجي مدروس سياسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
أشعر أن الجمود الفكري والسطحية والنصية في فهم الماركسية هي سيدة الموقف، الأمر الذي يدعو اليسار إلى إحداث ثورة فكرية حقيقية.
سبق لي في بعض مقالاتي التي نشرتها منذ عام 2006 أن تعرَّضتُ إلى أفكار أشخاص يساريين هنا وهناك، ولكنني لم أحقق أمنيتي في معالجة متكاملة كالتي أردتُها، ومازلت أنتظر، وذلك بسبب إنشغالي بمسألة ملاحقة المخاطر التي تتهدد التوجه الديمقراطي الذي أراه الأسلوب الوحيد لحكم العراق القادر على صيانة وحدته والحفاظ على أرواح الملايين من العراقيين من الهلاك الموعودين به من قبل الإرهابيين والتكفيريين والطغمويين ومؤازريهم في المحيط؛ وهما، أي الوحدة وصون الأرواح، شرطان أساسيان إذ بدونهما لا يمكن الحديث عن تنمية متعددة الجوانب وسعادة إنسانية
 للعراقي وإشتراكية وما إلى ذلك.
حفزني الآن مقال الدكتور هاشم إلى العودة للموضوع ولو بإيجاز أي بتقديم العناوين الرئيسية ولكن بشكل أكثر شمولاً قدر الإمكان.
رأيتُ أن مقال الدكتور هاشم ناضج جداً وجاء في ظرف حساس إذ تردني رسائل إلكترونية من رفاق شيوعيين ويساريين أشعرتني وكأننا أمام حكومة في غاية العداء للوطن والجماهير وهي على وشك إعلان "دولة الفقيه" وعلى وشك تبديل إسم بغداد إلى "قندهار" "تيمناً" بقيمها الطالبانية وهي نهبت وتنوي نهب كل فلس في العراق، لذا فالحكومة على وشك السقوط أو يتوجب إسقاطها بشتى الوسائل المستقيمة والمعوجة، وكأنها ليست حكومة لم تمضِ على إنتخابها ديمقراطياً حتى سنة واحدة. أشعر بتصرفات اليسار وكأننا نعيش أيام عبد الكريم قاسم: كان هناك صخباً وضجيجاً من أجل درء المخاطر
 على الثورة. وكانت المخاطر بالفعل مائلة للعيان ولكنها كانت مدججة بالفكر الطغموي ذي الفاعلية التكتيكية التحريضية القصوى، الذي واجهه الديمقراطيون واليساريون بمعالجة ناقصة منذ الأيام الأولى لتأسيس الدولة العراقية الحديثة. كانت معالجة القضية القومية صحيحة ومؤثرة، أما القضية الطائفية فقد تهربوا منها ودسّوها تحت البساط فأتت على الأخضر واليابس حتى يومنا هذا. ولو لم يرمِ الأمريكيون بقوتهم الجبارة لصالح الشعب العراقي، (بغض النظر عن الدوافع التي لسنا بصددها الآن)، لما إستطاع العراقيون أن يبصروا ديمقراطية على أرضهم حتى في الأحلام
 وحتى لو حظيت كافة الدول العربية، بضمنها الصومال، بنظم ديمقراطية في ظل العولمة.
إني أرى أن الديمقراطيين العراقيين عموماً واليساريين خصوصاً  بأمس الحاجة إلى هكذا مقاربة، كمقاربة الدكتور هاشم، للتحليل الموضوعي لنبتعد (وأتكلمُ كماركسي داخل الحزب الشيوعي وعلى مقربة منه منذ ستين عاماً تقريباً) عن ممارسات فكرية في غاية الخطورة سبق أن ألحقت بالشعب أوخم العواقب يوم 8 شباط 1963؛ ويوم لم يكن للعراقيين من خيار للخلاص سوى على يد الإحتلال الأمريكي في 9/4/2003.
أشعر أن أخطائنا القاتلة تتكرر ومازالت تسكن داخل الكثيرين منا دون مراجعة حقيقية رغم الأحداث الجبارة التي هزت العالم ما دفع بحركتنا الوطنية والتقدمية إلى درجة من البؤس ما عادت معها تضاهِي حتى حركة المعارضة الليبية التي قد تبني مجتمعاً ديمقراطياً دون أن تمرَّ بمآسٍ كمآسي العراقيين (والليبيون، للعلم، يفهمون من كلمة "الشيوعي" بأنها "الشخص البخيل" أي أن الليبيين ليسوا "قافزين" كالعراقيين كما يحلو لنا أن نعتقد!!).
سأدرج ما أستطيع حصره من أخطائنا المتكررة بنوعيها: الأساسي العقائدي والعملي المتفرع عن الأساسي. وكلا النوعين يحتاجان إلى دراسات ودراسات لإيفائهما حقهما لإيقاف إنكماش اليسار وهروبه إلى الأمام بدل إمعان النظر وإجراء دراسة متأنية للوضع العام ووضع ستراتيجية واضحة واثقة بنفسها مستمدة من المبادئ الحقيقية للإشتراكية العلمية بعيداً عن الجمود والنصية والعواطف والتمنيات والمراهقة والإستفزاز والتخوف من التهميش لأن قوانين الحياة لا تسمح به، أي التهميش، على المدى البعيد:
تشخيص العيوب في المفاهيم الأساسية (العقائدية) وتداعياتها العملية:
-       الميل إلى عبادة الفرد على الطريقة الستالينية. (من مظاهر هذه الممارسة غير السليمة الإنجرار وراء أشخاص يسعون إلى الشهرة الشخصية بعد أن خرجوا من الحزب الشيوعي لعدم إستطاعتهم الحصول عليها داخله وصاروا يُنَظَّرون بما لا طاقة لهم به متسببين في إستفزاز أحزاب السلطة المنتخبة)،
-       إعتبار الحزب، أي حزب، هو الغاية وليس الوسيلة،
-       الخلط بين الإيديولوجيا والسياسة (من هنا جاء رفض التعامل مع الأحزاب الدينية؛ وهذا الموقف أملته النظرة الإيديولوجية التي أفرزت بدورها ذلك الموقف المسبق. الغريب أن هذا المعيار الإيديولوجي لم يؤخذ به عند التعامل مع الأمريكيين وإحتلال العراق بل تعامل اليسار معه تعاملاً براغماتياً أي عملياً، وهذا تصرف متناقض وإنتهازي. كان من الواجب التصرف في الحالتين تصرفاً براغماتياً أي عملياً وتلك هي السياسة. من جهة أخرى ينظر بعض اليساريين إلى الأحزاب الدينية كمتساوين متطابقين كما نظروا في أيام الحرب الباردة للمجتمعات الرأسمالية. بينما يشير
 الواقع إلى وجود إختلافات جوهرية بين أحزاب المذاهب المختلفة وبين أحزاب المذهب الواحد)،
-       التطرف اليساري (أعتقد أنّ لدى الكثيرين تطرفاً يسارياً لا يرتضي به حتى ستالين. والأعجب أن البعض أبدى حرصاً منقطع النظير، في حينه، على تلميع صورة التحالف الكاذب وغير المتكافئ مع البعثيين والآن ومنذ سقوط النظام البعثي يجهد هذا البعض نفسه في سبيل فك التحالف بين الأحزاب الإسلامية والكرد وهو تحالف طبيعي أملاه تلاقي المصالح الستراتيجية للطرفين وهو نافع جداً لمصالح العراق وتوجهه الديمقراطي وهو صاحب الدور الأكبر في إنتاج الدستور والفيدرالية وإنتخابات المجالس التشريعية والحكومات الفيدرالية وحكومات الأقليم والمحافظات المنتخبة
 والفصل بين السلطات وإستقلالية القضاء وغيرها من مستلزمات البناء الديمقراطي)،
-       تغليب الطموح على الواقع الموضوعي
-       قراءة الأحداث بمنظار الشعور الذاتي والتمني وليس بالقراءة الموضوعية الصادقة  ،
-        إخضاع المسائل الستراتيجية للتكتيكات اليومية،
-       إغفال القانون الأول للإشتراكية العلمية الذي وضعه مؤسساها ماركس وأنجلز وهو "الإشتراكية تلي النظام الرأسمالي الأكثر تطوراً" (الإتحاد السوفييتي أثبت صحة هذا القانون والصين أثبتت خطأه ... لماذا وكيف؟)، فالإشتراكية إذاً لا تبنى بالشعارات والتمنيات والصخب والتشويش على الحكومة المنتخبة ديمقراطياً؛ بل تبنى بوضع المقدمات الأساسية لها وهو التطور الإقتصادي تحت ظل الديمقراطية وهذا يعني مساعدة الحكومة المنتخبة على البناء بنقدها نقداً موضوعياً جاداً بعيداً عن التجريح والمناكفة والكف عن الدعاية الرخيصة بتلبيس الفساد برأس الفريق
 الديني من الحكومة وكأن الفساد ليس ظاهرة مصاحبة لجميع النظم الشمولية والدكتاتورية والديمقراطية بضمنها المتطورة؛ وله جذوره التأريخية؛ وله إرتباط بالمحتل ومشاريعه ونواياه وله إرتباط بالصراعات الداخلية والإرهاب.
-       الخلط بين النتيجة والسبب (مثل: خسرنا الإنتخابات لأن هناك شحن طائفي وإثني!!! وكأن الطائفية ليست، كالعنصرية، مشكلة تتوجب إتخاذ موقف حيالها (كما إتُخِذَ حيال القضية القومية) بدلاً من القفز فوقها أو دسِّها تحت البساط)،
-       طرح حلول سطحية أخلاقية بعيدة عن التحليل الطبقي العلمي ما تنجم عنه المساواة بين الجاني والضحية (مثلاً: إدانة الجميع بجرم الإرهاب والقتل الطائفي وعدم التمييز بين الفعل ورد الفعل)،
-       الإعتداء بالسخرية والقدح والإستهزاء من عقائد الآخرين ضاربين بعرض الحائط النقاش الموضوعي الهادئ ومتناسين ما قاله لنين : "الدين كالمسمار في الخشبة فكلما طرقتَه كلما زاد ثباتاً فيها"،
-       الخلط بين كون حزب ما دينياً أو طائفياً
-       عدم ربط الطائفية بالمصالح الطبقية
-       عدم رسم الحدود الفاصلة بين الوطنية ولعب دور المعارض والتخريب (التحريض على الإرهاب، التأليب الخارجي على العراق، الإستقواء بالخارج على الداخل ... إلخ)،
-       إعتبار الذات فقط مَنْ تمتلك الحقيقة المطلقة والنزاهة وحب الشعب ما تنجم عنه الإستهانة بالغير،
-       عدم التمييز بين المصالح الحزبية (لأي حزب على الإطلاق) وبين المصالح الوطنية وإخضاع الأولى للثانية.
-       عدم التشخيص الصحيح لمن حكم العراق منذ تأسيسه الحديث. لقد إعتقد معظم اليسار كما إعتقد الجمهور عموماً بأن السنة العرب هم الذين حكموا العراق. وهذا خطأ، والصحيح هم الطغمويون الذين وضعتُ مواصفاتهم في الهامش رقم (2) أدناه. نجمت عن هذا الخطأ في التشخيص سلسلة أخطاء أخرى، إذ  لصقوا سمات الصغمويين كالطائفية(3) والعنصرية بالسنة العرب. ولما وجدوا ذلك ثقيلاً لبعده عن الواقع راحوا يتهمون الشيعة بالطائفية أيضاً وذلك بهدف التهوين والموازنة المفتعلة. وهكذا جرّموا الطرفين وتركوا الطغمويين أحراراً.
-       عدم مراجعة أفكار تَقبَّلَها اليساريون بتحفظ وعلى مضض أيام النظم الطغموية على أمل أن يلفظوها حالما يتم التحرير المنتظر من تلك النظم الطغموية، ولم يُرِدْ اليسار أن يتصادم مع السلطات الطغموية حولها، في حينه، لأن كفتها كانت هي الراجحة بسبب إصرار الغرب على دعمها وفرضها على الشعب. من تلك الأفكار كان الفهم الخاطئ بأن الأوضاع السائدة في العهود الطغموية لم تكن طائفية أو عنصرية. غير أن تلك الأفكار الطارئة على أذهان اليساريين أصبحت مع مرور الأيام، التي طال أمدها، مسلمات ومفاهيم راسخة وأصبح معظم اليسار مصدقاً بأن الأوضاع لم تكن طائفية
 وإنما برزت الطائفية مع الإحتلال ورفع الحظر عن الأحزاب الدينية التي كانت مقموعة بعنف.

-       الخلط بين الثقافة الشعبية والإستئثار السياسي. فالنظم الطغموية وخاصة النظام البعثي أشاعت ثقافات هجينة هدفها تبرير إستلاب السلطة من الشعب وفرض حكمها بالقوة. ولما تحرر الشعب وإنطلقت الحريات العامة إنطلقت معها الثقافات الشعبية بمختلف مستوياتها. هنا بدأت تظهر المواقف غير السليمة. فهذا خَلَطَ بين إنطلاق الثقافة الشعبية وبين الإستئثار السياسي؛ وذاك صاح بأنها ثقافة متخلفة، وآخر نادى أنها ثقافة مستوردة من الصفويين، وكأنهما يريدان  العودة إلى سياسة القمع في الوقت الذي يدعيان فيه بالديمقراطية وإحترام حقوق الإنسان.
-       الخلط بين الديني والطائفي. والخلط بين الطائفية العقائدية والطائفية السياسية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1): التظاهرات في الميزان
د.هاشم حسن
ماجرى يوم الجمعة الماضية وماسبقه من تحضيرات ، يحتاج لوقفة جريئة وشجاعة لتقييم وتقويم كل ماجرى وسيجري بعين المصلحة الوطنية والمنزهة من الدوافع الكيدية والمصالح الحزبية والمنافع الشخصية والنزعة الانتقامية والثأرية وهي عوامل واسباب كانت حاضرة ونتائجها تؤكد عليها..!
ان اية عملية مراجعة لابد ان تقر اولا بحق الناس في التظاهر واعلان غضبها ضد الفساد وغياب الخدمات، يقابل هذا الحق احترام القانون والتعبير عن المطاليب بطرق سلمية ليس من بينها اقتحام المباني بالقوة وحرقها والتهديد بقتل من قصدناهم للاصغاء لمطاليبنا بالصوت الهادىء والشعار المهذب والطلب المكتوب الواضح والمعقول والمنطقي ، فليس من المعقول المطالبة باطلاق سراح من جرمتهم المحاكم ولابأس بالمطالبة بتحسين اوضاعهم والالتزام بلوائح حقوق الانسان بالتعامل معهم او توفير محكمة عادلة لهم ، ولعل بينهم من تطالب المظاهرات بمعاقبتهم لتشابه
 حالاتهم بارتكاب جنايات ومنها فساد اداري واعمال ارهابية واعتداء على المواطنين وتجاوز على الاملاك العامة.
والحق يقال باننا لابد من اتخاذ اجراءات حازمة وتحميل كل الكتل النيابية وقادتها مسؤولية فشل وزرائها واصحاب الدرجات الاخرى بما فيهم السفراء والوكلاء والمدراء، والاعلان عن ذلك اولا باول وليس انتظار نهاية مهمة التنصيب، ولرئيس الوزراء القيام بالمكاشفة امام البرلمان والشعب لكي لايتحمل لوحده وزر ترشيحات الاخرين بوزارة تعدى عددها الحجم المعهود عالميا لارضاء الكتل !
المطلوب خطة طوارىء لتحديد اولويات تحقيق المطالب العادلة للجماهير التي صبرت طويلا ضمن توقيتات محددة وتشترك فيها لجان البرلمان والرئاسات والوزارات وكل المجالس ويكون مقياس الانجاز في الميدان في الاحياء السكنية وداخل الوزارات لمراقبة الاداء والنظر بشكاوى الناس وتطهير الجهاز الاداري من المفسدين وتقديمهم مع المقصرين وباثر رجعي لهيئة النزاهة والقضاء والتعجيل بالغاء كل القوانين التي تستوجب استحصال موافقة الوزير لفتح ملفات الفساد فتكون النتيجة التستر بعمد او بجهل ومجاملات...!
وقبل هذا وذاك علينا ان نصدق نظرية المؤامرة ومحاولات جر التظاهرات لاستغلال غضب الناس وقيام البعض باستفزاز واهانة الاجهزة الامنية وتحريضها لضرب المتظاهرين لتكون هي الشماعة التي تبرر خلق الفوضى وتحقيق مآرب الشياطين، وتعزز هذه القناعة وتفعلها بقوة قنوات فضائية مأجورة تلفق وتزور الحقائق وتتاجر بمعاناة الناس وتقبض ثمن تحريضهم باموال السحت الحرام من جهات اجنبية تحقد على العراق والعراقيين وتعلن عن ذلك بدون حياء وتنفذ خططها من خلال مفسدين ومغامرين ينغمسون باموال السحت الحرام ووجدوا في الاعلام وقضية الدفاع عن الحريات وسيلة لابرام
 صفقات مشبوهة ضد اوطانهم يتوجون بها مسيرتهم وسيرتهم السوداء فهم يتفرجون من عروش رذيلتهم خارج العراق على مآسينا وهم شركاء فيها رغم انهم يتظاهرون بالحرص على مستقبل البلاد وينظمون مهرجانات ومسابقات لرعاية بعض القضايا الانسانية لتضليل الناس التي لم تجد من يكشف لها الحقيقة ويبصرها بالذي يجري..!
كما ان تصديق نظرية المؤامرات يحب ان لايكون ذريعة لاسكات صوت المواطنين ووسائل الاعلام الوطنية الحرة الباحثة عن الحقيقة وليس تزييفها وتوظيفها..، ولابد ان تتوفر لصناع القرار هيئات استشارية وخلايا ازمة حقيقية وذكية وجريئة تقترح ماينزع فتيل الازمات ويعالجها قبل فوات الاوان، وعلينا ان نحذر من تسلق الانتهازيين واستثمار هذه الظروف للتزلف والتقرب ، فالبعض منهم كان يضع رجلا مع الحكومة ورجلا اخرى مع المعارضين ، فكانوا يحسبون ضمن شلل نفاق النظام السابق وهم الان يتملقون لابناء النظام اللاحق ، فهم مع الحكومة ومع المتظاهرين مع السابقين
 ومع اللاحقين ، والحقيقه انهم اذكياء يعرفون من اين يتسللون لنيل المناصب والمكاسب...!
ولعل السماح بذلك والتمسك بالحرس القديم الذي اثبت فشله سيجعلنا نراوح بذات النقطة ولانتقدم خطوة واحدة الى الامام باتجاه انهاء مبررات الغضب بالعمل المخلص وبتقبل النصيحة الصادقة والاصغاء للعقلاء... هل سنتعظ كل من موقعه ونتكاشف ونتصارح ونقول لبعض الشركاء لقد وقفتم بذات الخندق مع الغرماء وكادت ان ترفع صور صدام مع صور جيفارا...!
وصور ضحايا المقابر الجماعية مع صور الزرقاوي...؟ وضاع صوت النخب بالحريات مع اصوات اخرى طالبت بشرعنة التجاوزات على القانون واطلاق سراح ارهابيين تلطخت ايديهم بدماء العراقيين... فهل بهذه الطريقة يجري الاصلاح ولقوى عريقة.
(2) : الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب
 وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛
 كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما
 الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات
 الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع،
 آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.

100
ثارت البحرين وستنجح الثورة مع بقاء الملك!!

محمد ضياء عيسى العقابي
بوادر ثورة:
تواترت الأنباء عن إنطلاق مظاهرات وإعتصامات   في عدة مدن بحرينية منها العاصمة المنامة في (دوّار اللؤلؤة الذي أبدل الثوار إسمه إلى دوّار الشهيد والبعض أسماه دوار الحرية) ومدينة السليمانية، مطالبةً بنظام ديمقراطي. إنها ثورة حقيقية. ذكرت فضائية الحرة أن المتظاهرين هتفوا بسقوط النظام. وإمتدت المظاهرات لأكثر من يومين وقتل حتى صباح يوم 15/2/2011 شهيدان برصاص قوى الأمن الملكي. هذا وقد علّق (18) نائباً في مجلس النواب البحريني عضويتهم في ذلك المجلس.
أكاد أكون واثقاً، بناءاً على متابعاتي للشأن البحريني منذ فترة طويلة، أن التظاهرات تمثل بداية ثورة سلمية حقيقية وسوف لا تتوقف حتى النصر.
رغم أن هذه الثورة إزدادت زخماً بعد إندلاع الثورتين التونسية والمصرية غير أنها، واقعاً، أقدمُ منهما وتمتد إلى عشرات السنين المتواصلة؛ والآن جاء وقت نجاحها لا بسبب فيسبوك وتويتر ولكن بسبب عمقها الشعبي وعدالة قضيتها وحنكة قادتها والعولمة التي أعقبت توقف الحرب الباردة وزوال التحدي الإشتراكي ما طمأن الرأسمالية العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بإتجاه عدم الخوف من حركات الشعوب فرحبت بالتغيرات الديمقراطية في كل من تونس ومصر وأتوقع ترحيبها بثورة البحرين أيضاً.
إن هذا الترحيب هو الذي شلَّ أيدي الحكام من إستخدام القوة والقمع المنفلتين ضد الشعب الذي تشجعت مزيد من شرائحه للإنضمام إلى التظاهرات الثورية.
وهكذا توفرت البيئة الملائمة لإنطلاق الثورات الحبيسة منذ زمن طويل.
هل البحرين مؤهلة للثورة؟:
في مقالي الذي نشرتُه قبل أيام بعنوان (لا تجعلوا من "المجلس الوطني للسياسات العليا" إنقلاباً على الديمقراطية) أَدرجْتُ فيه البحرينَ بين آخر من توقعتُ أن تسوده الديمقراطية الحقيقية في العالم العربي. السبب أن الشك كان يساورني بشأن موقف الغرب من البحرين وهي قريبة من إيران وأن العمود الفقري للحركة الديمقراطية هناك في البحرين هم الشيعة الذين يشكلون الأغلبية السكانية، ولكنهم مهمشون، الأمر الذي قد يثير المخاوف الغربية من قيام ثورة ديمقراطية هناك، خاصة وأن النظام الطغموي البحريني ومعه جوقة النظم العربية الدكتاتورية، طالما روَّجوا لفكرة ولاء الشيعة لإيران. وقد قمع النظام البحريني المعارضة الديمقراطية في بداية ثمانينات القرن الماضي بدعوى وجود مؤامرة دبرتها  حكومة إيران الإسلامية بالتعاون مع المعارضة للإطاحة بالنظام. وقبل عدة أشهر من الآن تكلمت الحكومة البحرينية ثانية عن وجود مؤامرة خارجية ملمحةً إلى تورط إيران وذلك حسب فضائية الحرة يوم 15/2/2011.
 
غير أن شَكّي لم يكن في محله إذ تبيَّنَ أن الغرب وعلى رأسه أمريكا، وبعد تردد قصير، حسم أخيراً موقفه بالوقوف إلى جانب الثورتين التونسية والمصرية وتشير الدلائل، ومنها التغطية الإعلامية لفضائية الحرة الأمريكية،  إلى وقوفه إلى جانب عدم قمع الثوار البحرينيين، علماً، والحق يُقال، أن الرأي العام البريطاني كان متعاطفاً مع المعارضة الديمقراطية البحرينية على طول الخط ؛ ولم يكن الموقف الرسمي للحكومة البريطانية معادياً لتلك المعارضة. (سأناقش موقف الغرب من الثورات الجارية في المنطقة في حلقة منفصلة).

واقع حال البحرين:
للبحرين ظروف سياسية – إجتماعية مشابهة لظروف العراق.  والمجتمع هناك منقسم كالعراق إلى معسكرين أساسيين: ديمقراطيين وهم الأغلبية الساحقة ومناهضين للديمقراطية وهم الطغمويون. وكلا المعسكرين يضمان جميع طوائف وشرائح المجتمع البحريني بهذه النسبة أو تلك. 
كما في العراق، إستخدم النظام الملكي البحريني نفس الأساليب القمعية والإقصائية التهميشية ضد الأغلبية الشيعية كإتهام أتباعها بالطائفية(1) والولاء لإيران؛ وإبعاد أهل البلاد عن الوظائف الحكومية وخاصة القيادية وتسليمها إلى الأجانب كالباكستانيين والبنغاليين والأفغان ومنح الجنسية البحرينية للأجانب من أجل إحداث تغيير ديموغرافي.
ذكرت السيدة مريم الخواجة، رئيسة مكتب العلاقات الخارجية في "مؤتمر البحرين لحقوق الإنسان"، بأن المعتقلين السياسيين الذين تمت مقابلتهم قد وصفوا بشاعة أساليب التعذيب التي تعرضوا إليها، وهناك (100) طفل بين أولئك المعتقلين حالياً، وذلك حسب تصريح لها في فضائية الحرة بتأريخ 15/2/2011.
كما صادر النظام البحريني حق الشعب الإنتخابي والتمثيلي بقوانين إلتفافية بعد أن ألغى أمير البحرين، والد الملك الحالي، دستور عام 1975 الذي أصبحت إستعادته المطلب الأول للمعارضة على طول الخط. أجرى الأمير الإبن تعديلات دستورية وحوّل البحرين من إمارة إلى مملكة وذلك قبل بداية هذا القرن بقليل، ولكنه أبقى الصفة الإقصائية للدستور الذي فرضه بإستخدام أسلوب الترهيب والترغيب مُؤَيَّداً من الغرب ومن النظام الرسمي العربي وخاصة من السعودية. بناءاً على هذا، إنقسم الشيعة إلى فئتين فهناك من عارض التعديلات الدستورية ورفض التعاون مع الملك وحكومته وقاطع الإنتخابات النيابية؛ وهناك من وافق وتهادن مع النظام على مضض.
لقد تميزت "جمعية الوفاق" من بين التنظيمات المعارضة في نشاطها السياسي ضد النظام. وقد صرح زعيمها الشاب الشيخ علي السلمان بأن حركته لا تدعو إلى قيام نظام ديني بل تريد نظاماً ديمقراطياً حسبما نقلت عنه فضائية الحرة بتأريخ 16/2/2011.

حينما إبتدأ الحديث عن المباشرة بتأسيس نظام ديمقراطي في العراق بعد إطاحة النظام البعثي الطغموي(2)، عقد القسم العربي في محطة إذاعة أل (بي.بي.سي.) البريطانية ندوة إشترك فيها متخصصون ومحللون عرب بعضهم يعمل في مركز الإهرام للدراسات الستراتيجية والسياسية  وغيره. تناولت الندوة موضوعاً جوهره إنصب على كيفية الإلتفاف والتحايل على الأغلبية الشيعية في الإنتخابات القادمة في العراق. هنا طرح بعض المتحدثين المثلَ البحريني كتجربة "ناجحة يُقتدى بها"!!!.
سبب تأخر إنطلاق الثورة:
ورغم نشاط المعارضة البحرينية للمطالبة بعودة دستور عام 1975 ومن ثم رفض التعديلات الدستورية الجديدة بصورة ناضجة وسلمية ومستمرة إلا أنهم تأخروا قليلاً عن إعلان الثورة بعد إنطلاقها في كل من تونس ومصر، وعلى غير المتوقع. يظهر أن الديمقراطيين بجميع فئاتهم وإنتماءاتهم إحتاجوا لبعض الوقت من أجل التباحث لتوحيد مواقفهم وشعاراتهم والتضامن في حركة واحدة تقود الثورة وتضمن نجاحها.  ولا أستبعد أن تكون جهود التفاهم والتنسيق بين هذه القوى قد إبتدأ منذ خطاب وزيرة الخارجية الأمريكية، السيدة هيلاري كلنتون، في العاصمة القطرية الدوحة في شهر كانون ثاني 2011 الذي حذرت فيه ودعت حكومات المنطقة إلى إجراء إصلاحات ديمقراطية وإقتصادية؛ وهو خطاب مثَّل، بتقديري، عودة حذرة من جانب إدارة الرئيس أوباما إلى سياسة المحافظين الجدد في عهد الرئيس بوش الإبن التي دعت إلى دمقرطة المنطقة والتي أطاحت بالنظام البعثي الطغموي العراقي، ولكن بإتفاق أوربي هذه المرة.
وهذا ما حصل بالفعل أي إحتاجت قوى المعارضة إلى بعض الوقت للتفاهم فيما بينها وتوحيد صفوفها ونجحت، إذ صرحت السيدة مريم الخواجة لفضائية الحرة يوم 15/2/2011 بأن التظاهرات سلمية وتضم جميع شرائح المجتمع السياسية والفكرية والطائفية من سنة وشيعة ويهود وأشخاص لا يدينون بديانة معينة.
من الإنطلاق حتى نجاح الثورة:
أعلن الثوار المعتصمون في "دوّار الؤلؤة" بأنهم سوف لا يغادرونها حتى تتحقق مطاليبهم المتمثلة بإقامة نظام ديمقراطي. أعتقد أن الحكومة قد توقعت مثل هذا التحرك منذ نجاح الثورة التونسية وإشتعالها في مصر، فإنتفعت من التجربة وأعدت العدة لمواجهة التحرك، رغم أن قتل مواطنين إثنين برصاص الشرطة لا يشير إلى إحكام اللعبة.
مهما يكن من أمر، أتوقع أن تلتزم الحكومة جانب الحذر والصبر وضبط النفس والتعامل مع المعتصمين بطول نفس؛ وفد تترك المعتصمين وشأنهم في الميدان بأمل أن يتعبوا ويملّوا ويعودوا إلى بيوتهم خائبين. غير أن الثوار أكثر دهاءاً إذ سيطلبون مزيداً ومزيداً من المعتصمين حتى يخرج معظم سكان البلاد البالغ 1.2 مليون نسمة وتكتظ الساحات والطرقات وقد تتوقف دوائر الدولة والمصالح الخاصة عن العمل وسط حضور كثيف للإعلام العالمي إلى أن تفقد الحكومة أعصابها وتنهار وتنتصر الثورة سلمياً.
أما إذا ركب الملك رأسه وواجه الثوار بالرصاص فتلك  هي نهاية عرشه.
وأنا أكتب هذه السطور بالذات وإذا بفضائية الحرة تُظهر أن القوات البحرينية تهاجم المعتصمين لتفريقهم بالقوة دون سابق إنذار فقتلوا شخصين وجرحوا العديدين وألقوا القبض على آخرين.
أعتقد أن الملك يكون قد أطاح بعرشه بنفسه إن عاجلاً أو آجلاً إذا ما تمادت قواته باللجوء إلى العنف والقمع.
ماذا بعد نجاح الثورة؟:
بناءاً على إصرار الديمقراطيين البحرينيين المستديم منذ عشرات السنين على إقامة نظام ديمقراطي متَحَدِّين كل سياسات الترغيب والترهيب، أتكهن بنجاح الثورة المحتم. لكنّ السؤال هو: مدى جذرية هذه الثورة؟ هل ستطيح بالملكية؟ هل ستطيح بالأجهزة الأمنية كما حصل في العراق؟ إلى أي حد سيتم إجتثاث المسئولين السابقين: على الطريقة العراقية أم حسب ما يطالب به التونسيون أو المصريون؟ 
نظراً لطبيعة العلاقات التي ربطت دول الخليج ببريطانيا خصوصاً والدول الغربية عموماً، فإن النظام البحريني لم يقترب أبداً في قسوته وبأي قدر هام من قسوة النظام البعثي الطغموي العراقي رغم أن النظامين طائفيان والطائفية، كما هي العنصرية، قادرة على إنتاج قمع بأعلى درجات الوحشية.  بل إن مستوى القمع في البحرين لم يصل حتى مستوى القمع في تونس  ومصر.
لذا فأتكهن أن يحصل حل وسط يقدم الملك بموجبه التنازلات التالية مقابل بقاءه على سدة الحكم وسيكون الإجتثاث أخف مما جرى في العراق وما يطالب به المصريون وربما يقترب مما يطالب به التونسيون:
أولاً: إلغاء الدستور والعودة إلى  دستور عام 1975.
ثانياً: حل مجلس النواب وإجراء إنتخابات حرة نزيهة مع مراقَبة دولية حسب أحكام الدستور الجديد.
ثالثاً: تطهير الأجهزة الأمنية وجهاز الشرطة من المفسدين والمتورطين بأعمال التعذيب والقتل وإنتهاك حقوق الإنسان وتقديم من يستحق للمحاكمة.
رابعاً: إبعاد ومحاكمة السياسيين وألإداريين المتورطين بأعمال منافية للقانون.
هل ستتدخل السعودية في البحرين؟
إن نجاح الثورة البحرينية سيضع الثورةَ على أعتاب المملكة العربية السعودية ذات النظام الشمولي المتخلف لحد التوحش والذي لم يتبقَ مثيل له في العالم إلا القلة النادرة. إن الشراكة السياسية – الدينية القائمة بين آل سعود وبين أئمة المذهب الوهابي أصبحت مشخصة في العالم بكونها أهم مصدر للإرهاب والتطرف، علماً أن الوهابيين لا يشكلون الأغلبية في المجتع السعودي المقموعة بضمنها أتباع المذاهب السنية الأخرى. لقد أشار مثقفو الثورة المصرية إلى الدور السعودي الرجعي في الحياة المصرية العامة الأمر الذي شكل أحد أسباب رفض نظام الرئيس حسني مبارك. أعتقد أن منظمات حقوق الإنسان العالمية قد ضاقت ذرعاً من بقاء هذا النظام الإستعبادي وصارت تمارس ضغوطاً أشد وأعنف على حكومات الدول القيادية في العالم وخاصة أوربا والولايات المتحدة للتخلص منه، خاصةً وأن ذريعة البعبع السوفييتي قد إنتهت فلا خوف على النفط السعودي بل لا خوف على نفوط العالم كلها لأن مآلها هي الدول المستهلكة له لا غير.
أبدى البعض تخوفاً من إحتمال تدخل عسكري سعودي لقمع الثورة البحرينية.
أستبعدُ حصول مثل هذا التدخل لأنه سيلقى مقاومة عنيفة من قبل البحرانيين وهم في حالة من التنظيم والمعنوية العالية تؤهلهم لإنزال الهزيمة بالقوات السعودية أو تكبيدها خسائر جسيمة بالأقل. من جهة أخرى فإن العالم أجمع سيقف ضدهم وربما سيتم إخراجهم بالقوة من قبل الأمم المتحدة وعندئذ سيخسر آل سعود وآل خليفة عروشهم وإلى الأبد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.

   






101
لا تجعلوا من "المجلس الوطني للسياسات العليا" إنقلاباًعلى الديمقراطية!!

محمد ضياء عيسى العقابي

"نظرية المؤامرة" :-
أحمل نفسي، بدأب، على أن أبتعد عن تحليل بعض الأحداث والمظاهر السياسية وفق أسلوب "نظرية المؤامرة".  ولكن سرعان ما تتزاحم الأحداث وتتداخل وتنتجُ في مخيلة المتتبع صوراً لا تمكن قرائتها، بصورة منطقية، إلا وفق تلك النظرية.  
 أيقنتُ أخيراً أن هذا هو أسلوب يفرض نفسه على أية محاولة للتحليل الجاد في كثير من الأمور، لا هوساً أو شغفاً  به، بل لأنه أسلوب علمي جدلي رصين.
قد لا يكون مصطلح "نظرية المؤامرة" هو الإسم الأنسب للعملية، بل إن هذا المصطلح هو المسئول عن التطيّر عند ذكر هذه المقاربة في التحليل. أعتقد أن الإسم الأنسب هو "نجاح تخطيط المُقتدِر".  فالجميع: أفراداً وجماعاتٍ وحكوماتٍ، يضع خططاً، بوعي أو بدون وعي، يأمل منها أن تحقق له أهدافَه ومصالحه. هنا، وفي أغلب الأحوال وليس في جميعها، يكون تخطيط الجهة المقتدرة أكثر فاعلية وأوفر حظاً في النجاح والتفوق والتغلب على مخططات الآخرين إذا ما تعارضت مع بعضها البعض حول قضية ما(1). وحتى إذا لم يحقق المقتدر كامل أهدافه فالقليل منها كافٍ لإيقاع الأذى بالضعيف.
"العركة على الكراسي" :-
من ضمن ما أثار إستغرابي بعد إنتخابات 7/3/ 2010 البرلمانية وعند إنطلاق عمليات الحوار والمفاوضات متعددة الجوانب لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة التي إستمرت ثمانية أشهر تقريباُ – أن تُعطى تلك الحوارات الساخنة والمفاوضات الصعبة إسم "العركة على الكراسي".  أنا أدرك أن جميع الحوارات والمفاوضات في الدنيا بدءاً مما يجري في الأمم المتحدة نزولاً إلى "حوار الطرشان" هو، في التحليل الأخير، "عركة على الكراسي"  بمعنى "صراع على المصالح" وهو أمر جاد ومقبول في معيار العلاقات الدولية  والمحلية. غير أن إستخدام ذلك المصطلح في المعترك السياسي العراقي قُصِدَ منه ذلك وأبعد. إذ اراد الذين وضعوه موضع التداول اليومي بين الجماهير أن يصرفوا أذهان المواطنين عن التيقظ إلى جوهر الصراعات المتنوعة التي أُريدَ تشكيل الحكومة بموجبها حسب الستراتيجيات والبرامج الحقيقية ونوايا الكتل السياسية المختلفة وإرتباطاتها الداخلية والخارجية، تلك الصراعات التي كانت وماتزال تمسُّ مواضيع في غاية الخطورة بالنسبة للوضع السياسي العراقي مثل مصير التوجه الديمقراطي والنظام الفيدرالي وإحتمال زج العراق في حرب طاحنة مع هذا الجار أو ذاك نيابة عن الغير لضمان أمن حليف ذلك الغير، ومثل قانون المسائلة والعدالة وقانون مكافحة الإرهاب ومفاهيم "المصالحة" المتباينة وعلاقتها بالإرهاب وغيرها من المواضيع.
ولأجل توفير الجو الملائم لمحاولة جعل هذا الطرح، أي "العركة على الكراسي"،  يحظى بالقبول الشعبي، إسْتُخْدِمَتْ الوسائل النفسية لمحاولة التلاعب بأفكار المواطنين. فنوَّهوا إلى إرتباط هذه "العركة" بالبطالة وسوء الخدمات والفساد المستشري بالبلد بعد أن رموا، صراحةً أو تنويهاً، بكامل مسئوليتها على حكومة المالكي وتحديداً على المالكي وحزبه وإئتلافه وهو أمر في غاية التبسيط والتضليل والظلم والإنتهازية والإستغفال وعدم الشعور بالمسئولية لأنه يتناسى إمتداد جذور الفساد، مثلاً، إلى العهود الطغموية(2)و(3) وخاصة النظام الطغموي البعثي(4)، مروراً بالأيام الأولى لسقوط النظام ومن ثم الدور الأمريكي اللاحق حين "فَقَدَ" الأمريكيون، على سبيل المثال لا الحصر، تسعَ مليارات ونصف المليار من الدولارات عجزت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) عن إبراز وثائق صرف أصولية عنها للمدققين(5)، وهي مبالغ تخص عملية إعادة إعمار العراق وكافية لخلق شريحة فاسدة تتولى، بدورها، نشر الفساد؛ وأخيراً جاء الإنفتاح والحرية والبناء الديمقراطي وهي أمور لم يألفها العراقيون منذ السومريين فأثارت إرهاباً تكفيرياً طغموياً شديداً وأعمى أدّى بالضرورة إلى الإرباك العام وخاصة في مجال تشريع القوانين وتعديل القوانين السابقة(6) وضعف الرقابة على شعب طالت معاناته من حرمان وعوز وكبت وإقصاء وتجهيل وإفساد للعقول والأخلاق بمقاييس خيالية فأتاحت الفرصة للفاسدين ولضعاف النفوس لممارسة فسادهم.
أعتقد أن تبسيط مسألة الفساد بهذه الصورة لم يكن عفوياً، هو الآخر، بل كان مدروساً دراسة جيدة و"مُتَكْتَكاً" تكتيكاً جيداً أيضاً. أعتقد أن هذه السيناريوهات بأكملها هي من نتاج ثلاث جهات:
أولاً: شركة "العلاقات العامة" الإستشارية الأمريكية التي وظَّفَها الدكتور أياد علاوي لتلميع صورته وصورة إئتلافه وتقبيح صورة الآخرين حسبما أفادت بذلك الصحف الأمريكية عام 2007 في أعقاب فشل المشروع الذي قدمه الدكتور أياد إلى الدكتورة كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، والذي دعا فيه إلى إلغاء العملية السياسية والدستور حسبما أوضح ذلك حليفه السيد أسامة النجيفي في حينه.
ثانياً: الطغمويون وخاصة البعثيين منهم الذين طالما تَغَنَّوا ب "خبرتهم في إدارة شئون العراق" التي لا تعدو إتقانهم القتلَ وألإبادة الجماعية والتطهير العرقي والطائفي والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية والكذب والتزوير والتلفيق والتشويه والتشهير والتخريب. مع هذا لابد من الإعتراف بنجاح سريان نتاجهم الدعائي عبر جسور المفلس والساذج والمشَوَّش والغافل والحالم والطائفي والعنصري من بعض المثقفين ذوي الإنتماءات المتنوعة. يجيد الطغمويون أيضاً فن اللعب على سمة عراقية شخصَّها قديماً معاوية بن أبي سفيان في وصيته لإبنه يزيد إذ قال له: "إذا طالبك العراقيون بتغيير الوالي كل يوم فإفعل ذلك".
ثالثاً: الأمريكيون الذين بانت تكتيكاتهم المصلحية حتى قبل إطاحة النظام البعثي الطغموي؛ إذ ركزت التكتيكات على تشتيت أية قوة وطنية عراقية قادرة على الوقوف بنجاح بوجه ما يسئ لمصالح العراق، رغم تصميم العراقيين على الإحتفاظ بعلاقات صداقة شفافة ونزيهة ومتكافئة مع الأمريكيين.
أما وسائل التنفيذ فكانت متعددة الأوجه أذكر منها فيما يلي ما يتعلق بالترويج لمسألة "العركة على الكراس" التي نحن بصددها.  
دور فضائية "الحرة – عراق":
من الملاحظ أن من بين أوائل من فعل ذلك، أي وَضَعَ هذا المصطلحَ موضعَ التداول ورَوَّجَ له على طول الخط، كانت فضائية "الحرة - عراق" الأمريكية ذات المستوى الرفيع والرائع في جوانب إعلامية عديدة حتى أصبحت بحق جامعة تعليمية للعراقيين في أصول الحوار والنقاش الديمقراطي الحضاري بين حاملي الأفكار والمصالح المتباينة؛ ولكنها، أي الفضائية، بنفس الوقت، كانت ذات وخز سياسي لئيم وأليم في جسد الحكومة العراقية المنتخبة(7). كَشْفُها للفشل والإخفاقات والفساد أمر في غاية الروعة والصراحة والشفافية والإتزان غير أن العيب يتركز في ترويج الرأي بأن سبع سنين من عمر النظام المتجه نحو الديمقراطية كانت كافية لمعالجة مسائل عويصة كالقضاء على الفقر وتوفير السكن والخدمات والقضاء على البطالة وإحداث تنمية واسعة وشاملة، ويتركز في عدم الموضوعية بتحديد المسئولية. فهي تبرِّأ الأمريكيين من أية مسئولية بخصوص فرض المحاصصة إستجابة لمعارضي الديمقراطية وللطغمويين عموماُ ما تسبب في شل يد الحكومة وإضعاف جهود مكافحة الإرهاب بإختراق الأجهزة الأمنية بدعوى "المصالحة"، وإنتشار الفساد وتردي الخدمات وبالأخص الكهرباء وعدم تأهيل منشآت القطاع العام بدعوى تشجيع القطاع الخاص(8) الذي لم ينهض، هو الآخر، بسبب الإخفاق في توفير الأمن حتى بداية عام 2010(9)؛ حيث كان الأمريكيون مفوَّضين من الأمم المتحدة وملزمين بتحقيقه بموجب القرار رقم 1546 منذ عام 2003(10). كما أخفقوا في تجهيز  وتدريب القوات العراقية في الأوقات المناسبة(11)و(12)؛ ومتغافلة عن أي جهد أمريكي لتشتيت وعزل القوى الوطنية الجماهيرية القادرة على الوقوف بوجههم سلمياً، وذلك بتكتيكات متنوعة منها "الناعمة" كمحاولة إحداث إنقلاب أبيض، عبر تزوير فني في صناديق الإقتراع في 7/3/2010، على تلك الحكومة لصالح إئتلاف العراقية الذي يترأسه السيد أياد علاوي(13)؛ ومنها "الخشنة" كحثِّ الشعب العراقي على التمرد والثورة اللذين دأب وتميز السيد عماد جاسم بإطلاقهما، في فضائية الحرة، بشكل سافر عبر البرنامج الحواري "بالعراقي" (موهماً سامعيه بأنه حريص على مصالح فقراء العراق وليس حريصاً على ترويج الخط السياسي لأمريكا صاحبة الفضائية وعلى راتبه المجزي).
"المجلس الوطني للسياسات العليا" :-    
بدايةً، إنّ هذا المجلس لا محل له من الإعراب في كيان أي نظام ديمقراطي في العالم(14). تَكَشَّفَ الإفتعال في ماهية هذا المجلس من أول خطوة خطاها الفرقاء  بإتجاه تشكيله. فقبل الحديث عن تحديد مهامه وصلاحياته برزت أمامهم مسألةُ الإسم الذي يُمنح للشخص الذي يتولى أمرَه: فهل سيُسمى "رئيس المجلس الوطني للسياسات العليا" وهو يضم بين أعضاءه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء؛ أي سيكون هناك للعراق رئيساً لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس القضاء سوية (طَبُكْ!!)؟ ( عندئذ سيدخل العراق مرة أخرى في كتاب "كَينيز" للأرقام القياسية.) أم يُسمى "أمين عام المجلس الوطني للسياسات العليا" وهو ما يرفضه الدكتور أياد علاوي؟ ( وزعلُ الدكتور أياد مُكلف لأنه يُغضب الأمريكيين والسعوديين وغيرهم ، رغم أن فاعلية النظم العربية قد إنكمشت  في أعقاب الثورتين التونسية والمصرية وإضطرار الإدارة الديمقراطية للرئيس أوباما إلى العودة الخجولة والإضطرارية لسياسة المحافظين الجدد الداعية لدمقرطة المنطقة.)
 لقد تم الإتفاق على تشكيل هذا المجلس في العراق نتيجة عملية إبتزاز واضحة المعالم عبَّر عنها النائب الكردي الدكتور محمود عثمان بقوله إن الضغوط الأمريكية على الأكراد قد فاقت الحدود الدبلوماسية، أي فاقت حد اللياقة كما فهمتُ من التصريح؛ كما عَبَّرَتْ عنها التقارير الصحفية الأمريكية التي أشارت إلى أن الإدارة الأمريكية أوقفت حثَّ الأكراد على لعب دورهم للإسراع في تشكيل الوزارة بل طلبت منهم التريّث بدعوى إحتمال إسناد حقيبة أمنية للتيار الصدري، مع علم الإدارة المسبق بما أعلنه رئيس الوزراء المكلَّف السيد نوري المالكي عن تصميمه الذي فُهِمَ منه أنه يرغب في إسناد الوزارات الأمنية إلى وزراء مهنيين محايدين ومستقلين بالسلوك إن لم يكن بالإنتماء الحزبي، وهذا إستبعاد ضمني للصدريين عن هذه المواقع الحساسة الأمر الذي تَفَهَّمَهُ الصدريون بروح مسئولة؛ لكن تلك التسريبات الصحفية الأمريكية أبلغت، برأيي، رسالة إبتزازية للعراقيين مفادها: وافقوا على ما نريد من تقاسمٍ للسلطة مع حليفنا الأول الدكتور أياد علاوي(15) وإلا... فسوف لا تتشكل الوزارة ولا يتوقف الإرهاب.
في هذه الظروف وُلدت مبادرة الرئيس مسعود البارزاني بعد أن رفض إئتلاف دولة القانون المقترح الأمريكي بتقاسم الفترة الوزارية بسنتين لكل من المالكي وعلاوي كما إنه أبدى إستعداد إئتلافه للعب دور المعارض في البرلمان ودعم أية حكومة تحظى بدعم (163) صوتاً .  
بالطبع لم تكن هذه الولادة القيصرية لفكرة هذا المجلس من دون سبب وهدف هامَّين للغاية وستراتيجيين. فمن إستمع إلى ما أراده قياديو إئتلاف العراقية ومن ثم يقرأ المسودة التي قدمها الإئتلاف للأطراف السياسية الأخرى لمشروع قانون إنشاء هذا المجلس سيجد العجب العجاب. لقد وصفَ مضمونَها السيدُ نوري المالكي بأنه "عالم آخر" بالمقارنة مع ما تم الإتفاق عليه في وثيقة الشراكة الوطنية بين التحالف الوطني وإئتلاف العراقية والكتل الكردستانية(16). فقد أراد إئتلاف العراقية منحَ رئيس المجلس (أي السيد أياد علاوي) ما يفوق ما هو ممنوح للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران ضمن إطار دولة "ولاية الفقيه" التي لا يأخذ بها الدستور العراقي وجميع القوى السياسية ومنها أطراف التحالف الوطني الإسلامية والعلمانية وإئتلاف العراقية والكتل الكردستانية. فالمرشد الأعلى يستطيع الإعتراض على القوانين التي يقرها مجلس الشورى ولا يمررها؛ أما "ولي نعمة العراق" المقترح فهو لا تأتيه قوانين لتصديقها أو لرفضها بل هو الذي يصنع القوانين، أصلاً، ويرسلها لمجلس النواب ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة ومجلس القضاء لتنفيذها. يوحي ما طلبوه بأن على جميع هؤلاء أن يتنازلوا عن كياناتهم وصلاحياتهم ويسلموها إلى السيد رئيس المجلس الوطني للسياسات العليا. إن هذا يمثل إنقلاباً فاضحاً على التوجه الديمقراطي بدلاً من العمل على تعميقه والإسراع في تثبيته عبر إستكمال مؤسساته وتشريع القوانين اللازمة. المفرح أن الدستور العراقي الذي صوت له أكثر من (15) مليون مواطناً عراقياً لا يمنح هذه الجهات حق التنازل عن صلاحياتها وحقوقها التي رسمها الدستور نفسه، كما هو مطمإنٌ، أيضاً، حرصُ القوى السياسية الأخرى على التمسك بالدستور، والإصرار على إستكمال مقومات النظام الديمقراطي المؤسساتية بدافع الإدراك، كما أعتقد، بأن النظام الديمقراطي المضمون دولياً هو الوسيلة الوحيدة الملائمة لحكم العراق والحفاظ على وحدته وعلى حرية وسلامة مكونات شعبه من الإبادة الجماعية التي مارسها التكفيريون ومطاياهم البعثيون الطغمويون بعد السقوط، والتي يتوعدون الشعب وخاصة "الرافضة الصفويين" بأشد منها إذا إستقرت السلطة والحكم في أحضانهم في حال سقوط الخيار الديمقراطي.
بعد الإتفاق على صلاحيات هذا المجلس إثر مفاوضات عسيرة كما يبدو، برزت الآن مشكلة توصيف الكيفية التي يُنتخب بها رئيس هذا الكيان المفتعل. فإئتلاف العراقية يريد الإنتخاب أن يتم من قبل مجلس النواب "لأهمية المجلس القيادية العليا في الدولة" حسب خلاصة الرأي الذي طرحه الدكتور صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء والقيادي في إئتلاف العراقية، في فضائية الحرة بتأريخ 31/1/2011. أما باقي الأطراف فيريدون أن يتم الإنتخاب في المجلس الوطني للسياسات العليا.  يمثل هذا الإختلاف، بنظري، مؤشراً إلى نوايا كل من الطرفين التي سأتطرق إليها لاحقاً. أعتقد أنه لو سلمت النية حيال البناء الديمقراطي وحيال تأسيس هذا المجلس لحُسم هذا الجدل بالعودة إلى دراسة ماهية هذا المجلس. فالمجلس، كما أرى، عبارة عن أحد منتجات تحالف سياسي (أو جبهة وطنية) جرى بين عدد من التكتلات السياسية (التحالف الوطني وإئتلاف العراقية والكتل الكردستانية). والتحالفات الحزبية هي توافقات تُعقد خارج قبة البرلمان وهي ذات طبيعة مؤقتة حتى ولو إمتدت لعدة سنوات فلا يمكن إدراجها في الدستور أو التصويت عليها في البرلمان إلا إذا عُدِّل الدستور وهذا نحر للديمقراطية؛ ولكن يمكن للبرلمان أن يبارك نشوء هذا التحالف ويؤيد وثيقة نشوءه؛ وهذا ما فعله مجلس النواب في أول جلسة عقدها. هذا ولا يحق للمجلس الوطني للسياسات العليا أن يخاطب أياً من السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) بصورة مباشرة. بل إن ما يتم الإتفاق عليه بنسبة 80% (17) من الأعضاء المنضوين في هذا (المجلس – الجبهة) يتمُّ تجسيده على هيئة قرارات وقوانين، وتفعيله على أرض الواقع عبر قيام أعضاءه بنقل الإتفاق إلى كتلهم لتطرحه، بدورها، على السلطة المعنية وفق الأصول الدستورية والقانونية، أو أن يقوم عضو المجلس (الوطني للسياسات العليا) بعرضه على مجلس الرئاسة أو مجلس الوزراء أو مجلس القضاء إذا كان عضواً في أحدها، على أن تُراعى إستقلالية القضاء بشكل صارم. بكلام آخر: لا يمكن أن يُهمَّش دور مجلس النواب ويبقى كياناً شكلياً لا حول ولا قوة له، لأن ذلك يعني إلغاءاً للديمقراطية وهي التي تحمَّلَ الشعب العراقي في سبيل قيامها وحمايتها الأهوالَ سواءاً أيام النظام البعثي الطغموي أو أيام الإرهاب الذي أعقب سقوطه حتى يومنا هذا؛ وللحق لم يكن دور بعض أطراف إئتلاف العراقية مشرفاً أو بعيداً عن الشبهات بخصوص ذلك الإرهاب؛ فعلى أقل تقدير كان الإرهابيون يوجهون نشاطهم الإرهابي من حيث التوقيت والشدة والمكان بما ينفع طروحات ومواقف إئتلاف العراقية لمد يد العون له قي صراعه مع الآخرين. وهذا يثير سؤالاً كبيراً وهو: لماذا هذا التناغم؟      
مع كل هذه المسائل الهامة والتعقيدات وما يطرحه إيجاد هذا المجلس من مخاطر، جرى تبسيط هذا الأمر مثلما تمَّ تبسيط عملية تشكيل الحكومة قبلاً بمنحها وصف "عركة على الكراسي" ومن ذات الجهات التي شخَّصْتُها آنفاً. فجَرَتْ محاولةُ التهوين من عواقبه الوخيمة عن طريق شَخْصَنَةِ ولادةِ المجلس للتبسيط ولحرفِ الأنظار والتضليل وتوجيه الضغوط على الفرقاء السياسيين الآخرين  لقبوله على عواهنه، فقالوا إنه مجلس مُفَصَّلٌ لتلبية رغبة شخص الدكتور أياد علاوي في إشغال منصب "فخفخي" في الدولة العراقية، وأقاموا الدليل على ذلك بعدم حضوره، أي الدكتور أياد، إجتماعات مجلس النواب المنصرف ( والحالي أيضاً) لشعوره "بعدم لياقة مجلس النواب بمقامه الرفيع". إنه نقد صحيح ولكنه خفيف للدكتور علاوي مقابل الحصول على مكسب التخدير والتضليل بغية تمرير ولادة المجلس وخلق حكومتين ورأسين للدولة العراقية وهو الدمار بعينه.
كان على الجميع عدم القيام بذلك التبسيط أو السكوت عليه بل على العكس كان الواجب يقتضي الإعلان عن رفضه والدعوة إلى تشكيل حكومة أغلبية وأقلية معارضة بدل بدعة حكومة الشراكة الوطنية، والأنكى حكومة "شراكة وطنية زائداً مجلساً وطنياً للسياسات العليا" بتلك المواصفات المريبة.
نظرية المؤامرة .... مرة أخرى!
  هل إنَّ هذين التبسيطين، في كلتا الحالتين المذكورتين، عفويّان وعن غير قصد وتخطيط؟
لا أظن ذلك. فبعض وسائل الإعلام وبعض المحللين "مفتحين باللبن" ويرون ما لا يُرى إلا في الخيال حتى أنهم ضَبَطوا، مندفعين وراء همهم بتلطيخ سمعة خصومهم السياسيين، وزارةَ النفط وهي تحرق عقود جولات التراخيص النفطية الأخيرة للتغطية على تلاعبات مفترضة(18).
وهكذا دواليك في مواضيع عديدة كالإغتيالات بكواتم الصوت وهرب مجرمي تنظيم القاعدة من معتقلهم في مجمع القصور الرئاسية في البصرة وغيرهما.
وهم، أي التبسيطيون، بهذه "الحذاقة والتنبُّه واليقظة"، إذاً، كيف عَبَرَ عليهم هذان التبسيطان ومَنْ وراءهما وما هو الهدفُ منهما؟ الجواب: لأنهما يخدمان الأمريكيين والطغمويين وهو ما يريح البعض، ولسذاجة أو تشوُّش أو غفلة أو أوهام البعض الآخر.
هنا لابد لي من التنويه إلى أنني لم ألمس موقفاً يُذكر أو أشهد فعالية ملموسة من جانب منظمات المجتمع المدني العراقية أو "المبادرة المدنية" في هذا الصدد أي في مسألة التنبيه إلى مخاطر هذا المنزلق المحتمل الذي يعقب إقرار نظام المجلس الوطني للسياسات العليا بالصيغة التي يطلبها إئتلاف العراقية. بل حزَّ في نفسي خلوُّ النداء المعنون "نداء إلى القوى والشخصيات الديمقراطية العراقية" من أية إشارة لتنبيه الجماهير إلى خطورة لعبة "المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية" المصمم أمريكياً وهو خطر حقيقي في ضوء عداء جميع الدول المحيطة بالعراق لديمقراطيته الوليدة وفي ضوء الدوافع الحقيقية التي سآتي عليها لاحقاً.
آمل من أنصار الحريات العامة، الذين أتعاطف معهم بشدة، أن يضعوا الأمور في نصابها ويعطوها أحجامها الطبيعية ولا يغفلوا أهمية الحفاظ على المسيرة الديمقراطية من المخاطر المحدقة بها وعدم تغليب المصالح الضيقة على المصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن المتمثلة بصيانة التوجه الديمقراطي ووجوب تعميقه وتوسيعه وإستكمال بناء مستلزماته المؤسساتية والقانونية فهي الكفيلة بحماية الحريات.
أقول هذا ويزمجر أمامي يومُ 8 شباط 1963 الأسود، وأستعيد في ذاكرتي ما سبقه من تخريب مماثل من حيث الجوهر لما نشهده اليوم ولو بصيغ أخرى تلائم الوضع الحالي. من جانب آخر، عند تذكُّر ذلك اليوم الأسود يرتسم حدث واحد في مخيلاتنا وحسب وهو الأفعال الإجرامية التي إقترفها الطغمويون بقيادة البعثيين. هذا صحيح ويجب ألا يغيب عن البال أبداً، غير أن هناك أمر آخر في غاية الخطورة لم يولَ الإهتمام اللازم ربما عن قصد أو لكسل فكري وهو: لماذا حَدَثَ 8 شباط؟ وكيف سمح الديمقراطيون بأنواعهم ببلوغ الحال ما بلغه ذلك اليوم الأسود الذي مثَّل الذروة؟ إنه سؤال مشروع.  لأن المسئولية كبيرة جداً وأن الشعب قد رأى الأهوال بعينها إمتدت حتى 9/4/2003.
الأنكى أن المأساة قد تكررت ثانية. يجب ألا نلقي باللوم والمسئولية الكاملة على النظام البعثي الطغموي فقط في مسألة إحتلال العراق والترحيب به شعبياً كمنقذ حقيقي من نظام التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والتهجير الجماعي والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. نعم إن ذلك النظام هو المسئول الأول والأكبر الذي تسبب في الإحتلال؛ ولكن أعود إلى طرح السؤال المماثل: لماذا سمح الديمقراطيون عموماً أن ينحدر وضع الحركة الوطنية العراقية إلى مستوى أصبحت فيه عاجزة عن مواجهة النظام البعثي الطغموي بأي قدر مؤثر، فأصبح إنقاذُ العراق مستحيلاً إلا على يد الله أو أمريكا لا غير؟  
آمل ألا يكرر اليسار والديمقراطيون والليبراليون أخطاء الفترتين المذكورتين مرة ثالثة. فهناك في الداخل العراقي والمنطقة من يسعى إلى ما هو أبشع من 8 شباط الأسود بدافع المصالح الطبقية وستزيدُ الثورتان التونسية والمصرية الجيرانَ إصراراً على إطاحة التوجه الديمقراطي في العراق حماية لمصالح الشرائح الحاكمة هناك(19). إني بصراحة أشعر أن هناك من المثقفين مَنْ يدفع بإتجاه التحالف مع "الطغمويين" بدعوى كونهم علمانيين. أعتقد أن هذا هو الإجرام بعينه، فالعراق لديه الضمانات الدستورية والإلتزامات الدولية الكافية لضمان الحريات العامة ما يغنينا عن التحالف مع من يرى أن حكم العراق حكر  عليه بأمر رباني وهو "العلماني العابر للطوائف" كما يدعي.  
عودة إضطرارية:
كنتُ آمل، بعد تشكيل الوزارة، ألا أعود مضطراً إلى تناول أمور  لغير صالح بعض أطراف إئتلاف العراقية ولغير صالح الأمريكيين. ولكن ما العمل إذا إضطروك وإضطرتك المصلحة الوطنية لذلك وأنت مواطن بسيط ترقب الأمور عن كثب فتتألم لوضع شعبك ويرعبك ما خُطط له من قَبْلُ وإكتوى به، وما تعتقده يُخَطَّطُ له في الخفاء من مزيد من المهالك؟ أزدادُ قلقاً ورعبا عندما أجدُ أن إعتقادي ليس وَهْمَ شخصٍ مهووس ب "نظرية المؤامرة"، بل صرَّح به أحد أركان إئتلاف العراقية ونائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور سلام الزوبعي الذي أعلنها صراحةً بأنَّ هناك من يخطط لإشعال حرب مع إيران وتأجيج قتال مع أكراد العراق. والأكثر رعباً هو وجود مبرر مصلحي محلي وحاضن دولي لهكذا حرب وقتال. كما أثارَ القلقَ، أيضاً، أعضاءٌ آخرون بارزون في إئتلاف العراقية كالسيد حسن العلوي الذي صرح بأمور سياسية وثقافية خطيرة.
إضافة إلى هذا كله، لاحظتُ أن قادة بعض أطراف إئتلاف العراقية لم ينفكوا عن الطعن بوطنية الآخرين(20) رغم الحذر والتحفظ وضبط النفس الذي يمارسونه بتكلُّف، بتقديري، لعبور مرحلة توريط الآخرين بنظام "المجلس الوطني للسياسات العليا". أما ما يلي ذلك فالله أعلم؛ وقد يكون السيد حسن العلوي على حق في تكهنه من أن وزارة الشراكة الوطنية قد لا تستمر لأكثر من ستة أشهر لتبلغ حالة الإنهيار وهو أعلم بنوايا رفاقه في إئتلاف العراقية. وهذا يعني إدخال العراق في دوامة جديدة وشلل جديد في الحياة العامة، في حين أصبح وضع الخدمات والبطالة والحالة الإقتصادية في حال يُرثى له وهو ما سعى ويسعى إليه الطغمويون والتكفيريون وحماتهم والأمريكيون منذ سنين ولحد الآن آملين من وراء ذلك تأليب الجماهير ضد حكومتهم.
ما هو الرابط؟
للأسف الشديد لا أستطيع أن أقرأ الوضع العام والتحركات المختلفة إلا برؤية الأمور وهي تسير وفق محورين متوازيين متناغمين وهما:
-   إصرار الأمريكيين على إزاحة أية قوة عراقية وطنية (دينية أو علمانية) قادرة على الوقوف بوجههم(21)، وذلك لتحقيق أهدافهم من إحتلال العراق. الأمر "الجيد" أن الأمريكيين يريدون أن تتم إزاحة التحالف الوطني بطريق ذي مسحة ديمقراطية شكلية أي عن طريق صناديق الإقتراع ولو بقليل من التلاعب(22) مسبوقاً بشل يد الحكومة وتعطيل التنمية وإطالة أمد المعاناة من غياب الخدمات لتأليب الجماهير ضد الأحزاب الدينية (وهو ما لمسناه حتى يومنا هذا منذ أول إنتخابات عامة في كانون ثاني عام 2005 عندما خذل الشعب مرشح أمريكا والنظام الرسمي العربي الدكتور أياد علاوي) ، وليس عن طريق الإنقلاب العسكري كما فعلوا في 8 شباط عام 1963. غير أن هذا لا يهوِّن أبداً من الخطورة الكامنة في ذلك الإصرار خاصة وأن هناك أطرافٌ داخلية عراقية مستعدة لتنفيذ هذا المخطط مقابل عودتها إلى السلطة.

وفيما يتعلق بماهية الأهداف الأمريكية، فقد تناولتُها عدة مرات في مقالات نشرتها منذ عام 2006(23). واليوم آلت الأمور في الشرق الأوسط إلى نشوب صراع حاد بين أمريكا وإسرائيل والغرب عموماً (إضافة إلى روسيا والصين إلى حد ما) من جهة وبين إيران من جهة أخرى حول مشروعها النووي الذي يُشك في توجهه نحو إنتاج سلاح دمار شامل. هذا في الوقت الذي يُجمع فيه الخبراء العسكريون الأمريكيون على عدم جدوى، بل خطورة، ضرب تلك المنشآت النووية الإيرانية من الجو (وهو ما تهدد به إسرائيلُ إيرانَ)، ما يستدعي القيام بإجتياح عسكري بري موجه لا لهدف إحتلال إيران (لأنه أمر يكاد يكون مستحيلاً) ولكنه موجه نحو تدمير المنشآت النووية وحسب بجهد منسق بري- جوي. هنا برزت الحاجة، بتقديري، إلى تأمين قاعدة إنطلاق ذات جبهة عريضة وعمق مديد مع وجود متحمسين محليين للإنخراط في هذا الجهد الضخم من حيث خلق المبررات والأجواء المناسبة له ومن ثم قيادته شكلياً. أعتقد أن أمريكا وإسرائيل قد وجدتا في العراق قاعدة الإنطلاق المثالية. فللعراق عمق يمتد من حدوده الشرقية حتى البحر الأبيض المتوسط مروراً بالأردن وإسرائيل مع ساحات لوجستية جانبية في السعودية وقطر؛ وله جبهة مواجهة مع إيران عريضة جداً يزيد طولها على الألف كيلومتر؛ علاوةً على وجود "الشريك العراقي" أمثال من أشار إليهم الدكتور الزوبعي.

فالعراق، إذاً، مرشح لحشره في هذا السيناريو الذي لا ناقة لشعبه فيه ولا جمل. ولكن لا يمكن لأمريكا دفع العراق إلى هذا المنزلق المدمر بوجود حكومة يقودها التحالف الوطني والكتل الكردستانية وبعض أطراف إئتلاف العراقية وباقي القوى الديمقراطية دينية وعلمانية. غير أن هناك قوى داخل إئتلاف العراقية، لها إرتباطات قوية بقادة الجيش البعثي الطغموي الذين تسعى تلك الأطراف حثيثاً لإعادتهم للقوات المسلحة تحت ستار "المصالحة"، مستعدة للعب هذا الدور مقابل تسليمها السلطة. سنكون ساذجين لو تصورنا أن الحرب ستعلن بين أمريكا أو إسرائيل وإيران. كلا، إنها ستعلن بين العراق وإيران وبعد فترة تمهيدية قد تستمر عدة سنوات(24) يكون الدكتور أياد علاوي أو غيره على رأس الحكومة يجري الأعداد لها وتثار مشاكل تزداد حدةً على الحدود، والحكام الإيرانيون ليسوا قليلي غباءاً وسفالة للإساءة للعراق بهدف إضعاف حكومة المالكي والقوى الديمقراطية العراقية وتمكين أعداء الشعبين العراقي والإيراني وتوفير الذرائع لشن الحرب لتنفيذ السيناريو المنوه عنه أعلاه.

أعتقد أن هذا هو جذر الصراع في العراق، وما بدعة "المجلس الوطني للسياسات العليا" إلا إحدى اللبنات لتمهيد الطريق للمضي بهذا الإتجاه. بتقديري، إنه، أي المجلس، يحظى بدعم شديد من قبل نائب الرئيس الأمريكي السيد جو بايدن شخصياً إن لم يكن من بنات أفكاره أساساً، علماً أنه هو المسئول عن الملف العراقي في إدارة الرئيس أوباما؛ وهو الذي إقترح تناصف الدورة الوزارية بين السيدين المالكي وعلاوي. هناك ملاحظة قد تكون ذات أهمية بهذا الصدد وهي أن السيد بايدن ما عاد له نشاط يذكر فيما عرف عنه من تحبيذ لفكرة تقسيم العراق وذلك لأن مستجدات الملف الإيراني يستدعي إبقاء العراق موحداً ريثما يتم الإنتهاء من هذا السيناريو المنوه عنه.
  
لقد قلتُها مراراً وتكراراً وما زلتُ أقول إنه لم يكن قادراً على إطاحة النظام البعثي الطغموي سوى الله أو أمريكا. وقد أطاحت به أمريكا، ونحن (أعني، بتقديري، الكثيرين من العراقيين) لها شاكرون رغم أن الإطاحة لم تكن لسواد عيون العراقيين ولكن الشكر يبقى واجباً حتى للقاء المصالح، وهذا أمر مفهوم في دنيا السياسة الواقعية. ونحن شاكرون أيضاً لجهودهم الجبارة لإقامة نظام ديمقراطي في العراق والمساعدة على حل مشاكل داخلية عويصة ليس في ثقافتنا ما يعين على حلها بينياً بدلالة التهديد المتواصل ضد حكومة المالكي، من جانب بعض القوى العراقية، بعصا الفصل السابع رغم أنه لا يبيح للأمم المتحدة أصلاً التدخل في الشئون الداخلية لأي بلد. ولولاهم، الأمريكيون، لما إستطاع العراق أبداً أن يبصر الديمقراطية على أرضه حتى ولو عمت الديمقراطية كافة الأقطار العربية بضمنهاالسعودية وسوريا والبحرين والصومال لأن لدينا، نحن العراقيين، بعض سمات خطيرة سيئة تؤول إلى أذى الذات، ولأن العراق حَكَمَتْهُ طبقة مشبعة بالروح والعقلية الطغموية الطائفية العنصرية وهيمنت على إمكانات مالية نفطية ضخمة حتَّمت الأخذ بأحد خيارين متضادين تماماً حيالها: فأما بقاء الفاشية(25) وأما إجتثاثها من الجذور وإلإطاحة بكامل مؤسساتها وخاصة العسكرية والأمنية والبدأ في البناء من جديد، وهو ما لن يحصل في ثورتي تونس ومصر أو أية دولة عربية أخرى.
علما أن ما دفع أمريكا بإتجاه إقامة النظام الديمقراطي في العراق هي ثلاث عوامل: أولاً: المحافظون الجدد وأفكارهم الخاصة بدمقرطة الشرق الأوسط التي إمتزجت بمفاهيم العولمة. ثانياً: عدم العثور على أسلحة دمار شامل في العراق وهي الحجة التي إحتل بذريعتها الأمريكيون وحلفاؤهم العراق وهم غير مخولين من الأمم المتحدة فأرادوا تعويض فشلهم بإنجاز ذي أهمية فكانت الديمقراطية. ثالثاً: الحشود الجماهيرية المليونية(26) التي تنزل للشارع عدة مرات في السنة الواحدة متحديةً الإرهاب ما أعطى تحذيراً "شديد اللهجة" لمن صهر العراق وأراد إعادة سبكه (صبه) في قوالبه التي تلائم مصالحه فصُبَّت في قوالب عراقية على يد الحكومات العراقية الوطنية المنتخبة ديمقراطياً أي حكومتي الجعفري والمالكي(27).  
ولكن مساعدة أمريكا للعراقيين في مجالي التحرر وإقامة النظام الديمقراطي شيء ومصالح الشعب وقداسة صيانتها شيء آخر. فمصالح الطرفين خارج مساحة الإطاحة بالنظام البعثي الطغموي قد تضع الحليفين على طريقين لا يتوازيان رغم عقد إتفاقية الإطار الستراتيجي المتكافئة بين العراق والولايات المتحدة. وهنا يبدأ الصراع حتى بين الأشقاء إذا تباينت مصالحهم فما بالك بين قوي وضعيف. أعتقد أن الدفع الإسرائيلي لتنفيذ السيناريو المنوه عنه عامل هام جداً يُضاف إلى المصالح الرأسمالية الأمريكية.
ومع كل هذا فالعراق قوي رغم ضعفه العسكري، قوي بعنفوان جماهيره الشعبية التي دحرت إرهاباً من أعتى ما عرفه العالم.

-   إصرار بعض أطراف إئتلاف العراقية على إلتزام الستراتيجية العامة للطغمويين وهي إسترجاع السلطة المفقودة بأية وسيلة كحق إلهي مطلق مستفيدين مما نشروه أيام حكمهم الطغموي الأسود من إشاعة ثقافة رفض الآخر والإقصاء. الفارق الجديد هو تبديل التكتيك الذي فرضته حقيقة ثبات التوجه نحو النظام الديمقراطي وحماية الجماهير العريضة له (رغم معاناتها الكبيرة) وإندحار الإرهاب بعد قصم عموده الفقري. إتَّبع التكتيكُ الجديد لتلك الأطراف الحكمةَ السياسية الإنكليزية المعروفة "إن لم تستطع الوقوف بوجهه فسايره"  (If you cannot beat it join it). من مظاهر هذا الرفض للعراق الجديد والتصميم على عودة النظام السابق إبتداعُ الحجج الواهية، وأكثرها مدعاةً للسخرية هو إصرار إئتلاف العراقية على إدِّعائها بحقها في تشكيل الحكومة العراقية في وقت لم يستطع الإئتلاف في أي وقت ضمان (163) نائباً لصالحه. لقد كرر هذا الإدِّعاء الدكتور صالح المطلك نائب رئيس الوزراء والقيادي في إئتلاف العراقية في فضائية الحرة بتأريخ 3/2/2011 منوِّهاً بأن التعويض يجب أن يتم عن طريق حصول إئتلافه على المجلس الوطني للسياسات العليا بصيغته العجيبة التي تجعل العراق برأسين وحكومتين.    

الموقف الملائم حيال المجلس ودعاته:
لم تدع تصريحات وتهديدات بعض قادة إئتلاف العراقية، وعلى رأسهم السيد أياد علاوي، مجالاً للشك في أنهم لم ينفكوا عن ممارسة لعبتهم الإبتزازية السابقة: أما اليد الطولى في حكم البلاد أو التخريب حتى بعد فشلهم برلمانياً أو إرهابياً. الأدهى والأمر، اليد الطولى هذه المرة هي "المجلس الوطني للسياسات العليا" الذي يشكل بحد ذاته تخريباً وإنقلاباً على الديمقراطية إذا ما أُخذ بمفاهيم إئتلاف العراقية حول ماهيته.
أعتقد أن بعض أطراف إئتلاف العراقية قد تجاوز الحدود في محاولة فرض رؤاه وجر البلد إلى صراعات ومشاغل غير منتجة قد يُراد منها شل يد الحكومة وبالأخص نشاط رئيس الوزراء في الوقت الذي تتفاقم فيه المشاكل.
لقد آن الأوان للوقوف بحزم في وجه تلك الأطراف إذا ما أُريد الحفاظ على النهج الديمقراطي في العراق وهو قضية حياة أو موت بالنسبة لجماهير الشعب العراقي العريضة. عليه فيتطلب الأمر عدم تقديم أي تنازل يضر بمصلحة الشعب وديمقراطيته حتى ولو أدى الأمر إلى إنسحاب بعض أطراف إئتلاف العراقية لا من الحكومة وحسب بل حتى من العملية السياسية كما يهدد ذلك البعض من أجل الإبتزاز. على ذلك البعض، عندئذ، تحمل كامل المسئولية بضمنها إحتمال تقسيم العراق.
إن هكذا تطوراً يتطلب بدوره الوقوف بحزم من جانب الحكومة مع الأصدقاء الأمريكيين وإيضاح الموقف لهم بصراحة؛ كما يتطلب رص الصفوف والإبتعاد عن المزايدات ومكافحة الفساد والفاسدين بكل قوة وعدم تأجيج المشاكل الجانبية المنافية لنصوص الدستور كالتضييق على الحريات العامة.
هناك ثلاث أمور تلفت النظر رصدت ترابطاً بينها وهي:
-   الثورتان المصرية والتونسية وتعويل البعض وربما بعض أطراف العراقية على تأجيج ما يماثلهما في العراق.
-   تصريح الدكتور صالح المطلك يوم 10/2/2011 (نقلته فضائية الحرة) الذي قال فيه أن صبر إئتلاف العراقية كاد ينفذ بسبب عدم تشكيل المجلس الوطني للسياسات العليا.
-   تصريح الدكتور حسن السنيد رئيس لجنة الأمن في مجلس النواب الذي نقلته فضائية الحرة بتأريخ 10/2/2011 والذي قال فيه بأن هناك مسئولين أمنيين لم يريدوا إستقرار الأوضاع الأمنية ولهم دور في بعض الخروقات الأمنية التي حصلت مؤخراً.
إذا كان تعنت بعض أطراف إئتلاف العراقية وتهديداتهم المبطنة والصريحة نابعة من حقيقة دعم جهات دكتاتورية لهم كالسعودية ومصر ومن جهات صديقة كالولايات المتحدة ومن إعتقادهم بقدرتهم على تحريك الجماهير على خلفية سوء الخدمات والبطالة والفساد جرياً وراء النموذجين التونسي والمصري، فعلى تلك الأطراف أن تعرف أنها واهمة وأن الأحداث سارت لغير صالحها، وأصبحت موازين القوى في المنطقة والعالم في غير صالحها وكما يلي:
-   فشلت تلك الأطراف وفشل حلفاؤها في المنطقة والعالم في تعويلها وإياهم على محاولات تفتيت التحالف الطبيعي بين التحالف الوطني والكتلة الكردستانية بحكم تطابق الرؤى الستراتيجية بين هذه الأطراف، وفشلوا في التعويل على تشتيت قوى التحالف الوطني نفسه.
-   إن الإرهاب بلغ مرحلة لفض الأنفاس رغم عدم تعاون كثير من مؤيدي بعض أطراف إئتلاف العراقية مع جهد مكافحة الإرهاب وربما العكس كان هو الصحيح.
-    جاءت الثورتان التونسية والمصرية(28) لتثلما من هيبة أمريكا في المنطقة ولتزيحا أكبر مؤيد عربي لإئتلاف العراقية وهو نظام الرئيس حسني مبارك(29) ولتصعقا وتصفعا أكثر النظم العربية شمولية وأكثرها تورطاً في دعم الإرهاب في العراق وهي المملكة العربية السعودية.
-   إذا إنطلق رهان على تحريك الجماهير في الشارع فحكومة المالكي تحترمها لكونها مطلبية وتحتج على نقص أو إنعدام الخدمات والبطالة والفساد وهو دفع للحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية لتحسين أدائها. وإذا كان الرهان على غير ذلك فالجماهير المليونية ستخرج للشوارع تطالب حكومة المالكي بكشف الحقائق التي تحدث عنها الدكتور حسن السنيد حول الإرهاب ومن يقف وراءه ومن يؤويه ويرشده ويدعمه ويتستر عليه ويشل اليد التي تكافحه. عندئذ ستكون النتائج لغير صالح تلك الأطراف داخل إئتلاف العراقية، والجماهير على علم بذلك مسترشدةً بقوة حواسها الفطرية.  
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): أجرى مراسل التلفزيون البريطاني (بي. بي. سي. للخدمة العالمية) مقابلة مع ضابط أمريكي كبير في العراق في نهاية عام 2009 أيام توقيع إتفاقية الإطار الستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة. تحدثا عن تقرير كان قيد التداول السري في الدوائر الإستخباراتية الأمريكية مفاده "العراقيون منقسمون ومتناحرون وقد يتقاتلون بعد رحيل الأمريكيين. فلنتركهم يفعلوا ذلك". طرح المراسل البريطاني على الضابط الأمريكي سؤالاً ذا مغزى إذ قال "ألم يكن ذلك من تدبيركم؟".
أعتقد أن الأحزاب الإسلامية إستطاعت بالكاد النجاة من "التخطيط المقتدر للأمريكيين" لتشتيتها وتأليب الجماهير عليها بشتى الوسائل بضمنها، بتقديري، إغراء البعض من المسئولين الكبار على سلوك طريق الفساد ربما بذريعة ضرورة خلق طبقة برجوازية على عجل أي عن طريق "السلكَ" (كسلق البيض) كما عبر عنها الكاتب السيد حسين القطبي .
(2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(3): الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها. طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
 (4): ذكرَ الفريق الركن رعد مجيد الحمداني قائد فيلق الحرس الجمهوري الثاني (الفتح المبين) – ذكرَ حقيقةَ إنتشار الفساد في المؤسسة العسكرية وذلك في كتابه "قبل أن يغادرنا التأريخ".
(5): أذاعت هذه الحقيقة فضائية الحرة قبل أربع أشهر تقريباً. وللمزيد حول تورط الأمريكيين في موضوع الفساد في مرحلته الثالثة التي إبتدأت منذ سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 تُرجى مراجعة الفصل الخاص عن الفساد في الطبعة الرابعة من كتاب الدكتور محمد علي زيني المعنون "الإقتصاد العراقي: الماضي والحاضر وخيارات المستقبل" . أشار الدكتور زيني إلى ثلاثة مراحل مر بها الفساد في العراق : الأولى منذ تأميم النفط العراقي عام 1972. والثانية منذ بدء الحصار الدولي على العراق عام 1990 في أعقاب إحتلال رأس النظام البعثي الطغموي للكويت وأخيراً المرحلة الثالثة التي أعقبت سقوط النظام عام 2003.
(6): أفاد الدكتور عبد الحسين الياسري، النائب والمدير العام السابق لمصرف الرافدين، في فضائية الحرة بأن العراق بحاجة إلى تشريع (13500) قانوناً.
(7): كمثال: يتكرر في فضائية "الحرة – عراق" إعلان عن برنامج "حديث النهرين" الذي يقدمه الإعلامي السيد فلاح الذهبي وهو برنامج جيد في معظم مواده، ولكن الإعلان عنه يتكرر عدة مرات في اليوم الواحد وهو مستمر منذ أقل من عام بقليل ويظهر فيه مواطن عراقي يقول: "الأحلام الأحلام تلاشت"؛ وآخر يقول: "ماكو شي بقه بهذا البلد عكب هذا الشعب الفقير".  
الشعب العراقي في الواقع هو شعب فقير ولكن الأمور نسبية. مؤاخذتي على الإعلان تنبع من حقيقة التنويه غير الصادق في القول الأخير الذي يوحي بتدني حالة العراقيين بعد سقوط النظام البعثي الطغموي، في الوقت الذي تشير فيه الإحصاءات إلى أن معدل الدخل الشهري للفرد إرتفع من (3) دولاراً إلى (240) دولاراً حتى أن الزيادة التي حصلت في إنتاج الطاقة الكهربائية، وهي زيادة هامة، لم تكن توازي الزيادة الحاصلة في الطلب على الكهرباء الناجمة عن تحسن القدرة الشرائية للمواطنين العراقيين  الذين إقتنى الكثيرون منهم أدوات كهربائية متنوعة بضمنها مكيفات الهواء. وهذا لا يعني بالطبع القضاء على الفوارق الطبقية الكبيرة الموروثة فمستوى البطالة عالٍ وهناك 23% من الشعب يعيشون تحت خط الفقر بدخل شهري يقل عن (76) ألف دينار حسب المعلومات الواردة في مقال للخبير الإقتصادي السيد باسم جميل أنطوان منشور في صحيفة "الصباح".  
(8):  جاء في تقرير ل "راجيف تشاندراسيكاران" في صحيفة "الواشنطن بوست" المنشور في صحيفة "صوت العراق" الإ

102

هل أغاضكِ وزيرُ النقل أم النظامُ السياسي "الهجين" يا دكتورة أزهار الفضلي؟1/3

محمد ضياء عيسى العقابي
رغم نفي وزارة النقل ما أشيع عن ذهاب وزيرها إلى كل من قطر وعمان دون تنسيق مسبق ما دفع سلطات الدولتين إلى حبسه في طائرته وعدم السماح له بدخول البلدين – أقول رغم نفي وزارة النقل لهذا القول وإصرارها على وجود تنسيق مسبق مع الدولتين "الشقيقتين جداً" ومن ثم إنقلابهما على الإتفاق، فإني أتجاهل الإشاعة والرد عليها ولا أخوض فيهما لسببين:
1.    إن مضمون إثارة هذه القضية من قبل الدكتورة أزهار علي الفضلي في مقالها المعنون "آخر فضائح وزارة النقل العراقية" المنشور في صحيفتي "صوت العراق" و "صوت الحرية" الإلكترونيتين (المقال مدرج في الهامش (3) في نهاية هذه الحلقة) لا يوحي بوجود أدنى قدر من المصداقية بما إدَّعَتْه من أن تصرفات الوزير أدت إلى إغاضتها إغاضةً طافحة بدعوى أنه جلب الإستخفاف والسخرية والإستهانة للعراق. أعتقد أن بيت القصيد من المقال هو أمر آخر ًيتعلق بجهد متعدد الأوجه من جانب أعداء الديمقراطية يهدف إلى الإطاحة بها عبر محاولة تسفيهها. إغتاضت الدكتورة وكأن إهانة العراق وأهله بل سحقه وسحق جماهيره المسكينة لم تحصل أبداً إلا على يد هذا الوزير و "الحكومة المطنشة الفاسدة التي ينتمي إلى حظيرتها" والتي أضحكت الخليجيين "على ما آلت اليه السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس" الذين شوهوا "صورتنا في المحافل الدولية" والذين أثبتوا وجهة نظر الدكتورة المحترمة حتى واصلت الحديث وهي تهتف "ألم أقل لكم إن النظام العراقي الجديد لا نظير له البتة، ولا شبيه له في عموم أقطار الشرق والغرب، إنه نظام هجين مراهق قلق متخبط ، لا تحس معه بالفخر كمواطن ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة، التي حباها الله بكل العطايا والثروات، وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها." ؟ (ملاحظة للتأكيد: ما بين القويسات مقتبس من مقالة الدكتورة أزهار الفضلي الذي أُدرجُه في نهاية هذه الحلقة. من جانبي أضفتُ علامة الإستفهام ؛ إذ نستها الدكتورة  لأنها، كما يبدو لي، إنجرفت بجو الهتاف وظنت أنها "ميرابو" العراق وأن الثورة على الأبواب وأن مخطط "حرق الأعشاش" و "الإنقلاب الأبيض" قد نجحا أو على وشك النجاح، وأن "الضربة القاضية"، التي سأل الدكتور سيّار الجميل سيّدةَ النجاة عن موعد حصولها، آتية، كالساعة، لاريبَ فيها!!!) .
 
هل يُعقل أن الدكتورة أزهار التي كانت تُدَرِّس في الجامعة المستنصرية وغادرت العراق إلى البحرين في تسعينيات القرن الماضي (أي بعد بدء الحصار الإقتصادي) – لم تكن على علم بفضائح النظام البعثي الطغموي* التي أبكت الدنيا بأكملها وهزتها وأضحكتها ولم تبقِ للعراق ذرة إحترام في "المحافل الدولية" الحقيقية (لا محافل الدكتورة الخليجية الوهمية)؟ ربما لم تكترث الدكتورة وهي داخل العراق ولم تكترث وهي خارجه إلا عندما ظهر من "جلب لنا الهم والغم والحزن" على حد قولها الذي يُظهر أنها، وهي في العراق أو البحرين، لم يكن لديها أي قدر من "الهم والغم والحزن". لهذا فقد رأت الدكتورة العجب العجاب في رواية سفرة وزير النقل على إفتراض صحة ملابساتها. لو كانت الدكتورة مهتمة حقاً ب "صورتنا في المحافل الدولية" لوجهت اللوم لقطر وعمان على تشددهما لحد التزمت حيال وزير من بلد "شقيق" حتى لو لم يكن هيَّأ ترتيباً مسبقاً للزيارة. هذا هو الموقف المتوقع أن يتخذه أي عراقي غيور غير متحيز بل أي إنسان سويَ على وجه البسيطة. لماذا تبدي قطر وغيرها التساهل أزاء المسئولين الإسرائيليين ويحرمون الوزير العراقي منه. لا أبخس "فضل" قطر وأنسى الأموال الطائلة التي أغدقتها على بعضٍ من العراقيين والنائب السابق السيد علي الصجري (الذي إحتج وهجر الدكتور أياد علاوي) شاهدٌ على ذلك!!. على كل حال فهذه التصرفات المعادية ليست جديدة على قطر. ألم تجبر قطر وفد الأطفال العراقيين (قبل ست سنوات تقريباً) الذين توقفوا في مطار الدوحة، وهم في طريقهم إلى ماليزيا للمشاركة في مسابقة رياضية آسيوية، على قضاء ليلتهم مفترشين أرض المطار في الوقت الذي تعاملوا فيه بشكل محترم وإنساني مع وفود أخرى؟  أما كان ينبغي على الدكتورة توجيه اللوم للدولتين الخليجيتين بدلاً من سوق ذلك الكلام السخيف البذيء عن الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس ... ووو ... ضد الحكومة العراقية؟ ومع كل هذا وذاك فإن عمان وقطر بالذات ترغبان بإقامة علاقات طيبة مع العراق غير أنهما تواجهان ضغوطاً سعودية شديدة للحيلولة دون ذلك كما أظهرت الوثائق الدبلوماسية الأمريكية التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني. فليس من المستبعد أن هذين القطرين فعلا ما فعلا  مع وزير النقل لكسب رضا السعودية عنهما. 
مادمنا بصدد القهقهة الخليجية على العراقيين بسبب "فعلة" الوزير حتى كادت الدكتورة تجزم "أنهم إستلقوا على قفاهم من شدة الضحك"، فلابأس من تأجيل بحث المآسي التي تدمي القلوب التي سببها النظام البعثي الطغموي للعراقيين في إطار سياسة التطهير الطائفي** والعرقي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والتهجير الجماعي والجرائم ضد الإنسانية فهذه أمور ليست ذات أهمية من وجهة نظر البعض رغم أنها هزت العالم هزاً– ولنتناول بضع حوادث من بين مئات الآلاف مما أضحك العالم من منطلق "شر البلية ما يضحك" إذ يبدو أن البعض صدّق أن الإرهاب الأسود الذي أعقب سقوط النظام الطغموي قد أنسى العراقيين مآسي ومهازل النظام البعثي:
-    في ليلة رمضانية عام 1971، قابل الإعلامي  التلفزيوني السيد إبراهيم الزبيدي (حي يرزق) الحاج خير الله طلفاح محافظ بغداد كشخصية رمضانية. تكلما عن الإشتراكية. قال الحاج للزبيدي: "هي شنو الإشتراكية، جان الخليفة عمر بن الخطاب يكَعد مع العبد ويكلمه. هذي هيه الإشتراكية. آني الآن مو كاعد وياك. بعد شكو؟!!!"
-    ظهر مرة "الرفيق القائد صدام" على التلفزيزن وقال: "شنو القانون؟ جيب قصاصة ورق أوقِّعلك عليها، تصير قانون." . لم يكن الرجل يمزح أو يكذب بل كان صادقاً؛ لأن الدستورالمؤقت لبلادنا (التي أبصرَت أولى القوانين في العالم النورَ فيها قبل آلاف السنين) نص آنذاك على أن قرارات مجلس قيادة الثورة أو من يخوله هي بمثابة قوانين. وكان المجلس "الموقر" قد خوَّل رئيسه "الموقر" صدام صلاحية إصدار قرارات نيابة عنه أي إصدار القوانين!!!
-   صدر قانون آنذاك يمنح الحكومة "الموقرة" حق إصدار قوانين سرية.
-   صدر قانون آنذاك يقضي بإعدام كل عسكري إنتمى لحزب غير حزب البعث بأثر رجعي منذ سنة 1960.
-   صدر قانون ينص على إعدام كل بعثي يشجع بعثياً آخر على ترك الحزب.
-   صدر قانون ينص على إعدام كل من إنتمى لحزب البعث ولم يكشف للحزب عن ماضيه السياسي وإرتباطاته الحزبية السابقة.
-   قانون يقضي بإعدام كل من إنتمى لحزب الدعوة الإسلامي بأثر رجعي.
-    صدر قانون بحبس من يشتم صدام (15) سنة ومن يشتم الخالق (3) سنوات!!!
-   بعد إحتلال الكويت، وصف صدام الرئيس المصري ب "حسني الخفيف". أجابه الرئيس مبارك: "هو مين الخفيف أنا أو أنت الراكب حصان وجامع الأطفال من حولك يسئفولك (أي يصفقون لك)".
-   بعد تحرير الكويت قال شوارتسكوف بأنه متوجه إلى بغداد لإلقاء القبض على صدام (لم يعرف شوارتسكوف أنه ما كان يستطيع إلقاء القبض على صدام لأنه كان سيهرب إلى حفرة أو حوض تعفين مهجور كما فعل بعد(12)سنة من الممارسة والصلابة!!!). لكن بوش الأب غيّر رأيه نتيجة تدخل ملوك ورؤساء عرب خائفين من إنتصار ثورة الشعب العراقي. فخاف بوش أيضاً وصرح  "شيطان معروف خير من آخر غير معروف" فسمح لصدام، في خيمة صفوان المذلة، بإستخدام الطائرات التي دكت المدن الجنوبية والوسطى والكردستانية دكاً لقمع أعنف إنتفاضة عرفها العراق منذ ثورة العشرين . عندئذ طرح الرفيق القائد تحليله السياسي وصموده وإنتصاراته للعالم عبر أهزوجة رددها نعاج حزبه "هذا بوش المايتبوَّش، دسنه كلج أوبوَّشنا".
-   على إثر ذلك راح الخليجيون يتندرون بسمات قائدنا الفلتة وإنتصاراته، وأصبحوا يعرفونه أكثر مما يعرفون العراق. فتردد السؤال التالي بين الخليجيين "من هو البلد النفطي إلّلي رئيسه عفطي؟"
-   ظهر في فضائية الحرة قبل سنوات مَنْ أكَّدَ روايةً ضَحكَ لها العالم ، وأنا كنتُ من بين من إعتقدوا بأنها من ِتأليف أحبابنا المعارضين. قال الرجل: إستُدْعِيتُ لمديرية الأمن العامة لأنهم علموا بأنني قد حلمتُ أني أصبحتُ وزيراُ. أرادوا أن يعرفوا كيف أصبحت وزيراً ومن كان معي في الوزارة!!!!
-    على إثر تحرير الكويت وتدمير العراق هبطت قيمة الدينار العراقي (7000) مرة وتبخر رصيد العراق الإحتياطي بل تراكمت عليه ديون قاربت التريليون (ألف مليار) دولار؛ وهبط معدل الدخل الشهري للفرد العراقي إلى (2) دولار وهم أبناء "هذه الأرض الطيبة التي حباها الله بكل العطايا والثروات وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها." على حد قول الدكتورة التي لم تنبس ببنت شفة حول مهالك النظام البعثي التي أنزلها بالشعب العراقي، بينما إرتفع صوتها حينما إرتفع معدل الدخل الشهري الآن إلى (240) دولاراً وإرتفع معدل صرف الدينار مقابل الدولار من (3000) ديناراً إلى حوالي (1170)، كما إرتفع الرصيد الإحتياطي إلى (50) مليار دولار رغم الديون الخليجية التي  لم تشطب والتي أعطيت لصدام لا لإعمار العراق بل لإدامة الحرب مع إيران وحرق العراقيين فيها (لذا يُطلق عليها إقتصادياً إسم "الديون القذرة"). تم هذا على يد حكومة أسمتها الدكتورة الفضلي بصاحبة "السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد  الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس".
 أما تدعو هذه الترهات من جانب الدكتورة إلى القهقهة الحقيقية الممزوجة بالصراخ؟

كل واحدة من هذه الأمور تضحك حتى الحجر أمّا أسى على العراقيين أو سخريةً من النظام البعثي الطغموي.  أتحدى الدكتورة أزهار الفضلي إن أبرزت سطراً واحداً إنتقدت فيه أولئك الحكام البعثيين الذين ، حسب تنويهها، ما أن أُزيحوا من السلطة حتى ضحك الناس "...على ما آلت إليه السياسات العراقية الإرتجالية التي شاءت الأقدار أن تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس". يالها من ذكية ووطنية وديمقراطية!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2)
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.
أصل مقال الدكتورة أزهار علي الفضلي:

كان من المتوقع أن تتجاهل الحكومة العراقية الفضيحة المزدوجة, التي جلبها لنا وزيرها المدلل عامر عبد الجبار في مطار الدوحة ومطار مسقط, فقد صفعه القطريون على خده المفلطح الأيمن, وصفعه العمانيون في اليوم نفسه على خده الآخر, فتغاضت الحكومة العراقية عن الحادث كعادتها في كل مرة, ولم تبد أي تذمر, كما لو كانت متعودة على تلقي الصفعات والركلات.
صفعتان خليجيتان في يوم واحد, كانت الأولى في الدوحة والثانية في مسقط, اغلب الظن أن الخليجيين كانوا يتفرجون على هذه المسرحية الساخرة, التي كتب تفاصيلها مهندس المشاريع العراقية الفاشلة في زمن السقوط والتردي, وأكاد اجزم أنهم استلقوا على قفاهم من شدة الضحك, على الطائرة العراقية وهي تحوم فوق دول مجلس التعاون الخليجي, وتبحث لها عن عش يؤويها, فلم تلق غير الهش والنش والطرد,
وأُغلقت المطارات الخليجية كلها بوجه الوزير الطائش, وتعاملت معه بتعال وعجرفة كما كانت تتعامل مع الشغالات السريلانكيات في ثمانينات القرن الماضي, أما اليوم فالمطارات الخليجية تتعامل معهن بأسلوب حضاري, وتستقبلهن بأفضل بكثير مما استقبلت به وزير النقل العراقي, الذي احتجزته في مقعده داخل الطائرة, مثلما تحتجز المشبوهين بالاتجار بالمخدرات, وحولته إلى مادة للسخرية والأخبار الطريفة النادرة, وجعلته أضحوكة للرايح والجاي, ولم تسمح له بملامسة أرضها وتربتها.
وجهت له الدوحة اهانة ما بعدها اهانة, وصفعته مسقط صفعة قاسية شعرنا بها جميعا, وتصرفت معه بأساليب مبتذلة جرحت كرامتنا, وأساءت ألينا كلنا, لكنها لم تجرح مشاعر الوزير الطافش أبدا, ولم تجرح مشاعر الحكومة المطنشة الفاسدة التي ينتمي إلى حظيرتها, والتي كانت ولا تزال سخية جدا في فتح منافذها الحدودية على مصراعيها, من مخفر صفوان الى مخفر ربيعة, ولم تكن بخيلة أبدا مع أبناء الأمراء القطريين الباحثين عن متعة صيد الصقور وطيور الحبارى في البوادي العراقية العذراء.
ألم اقل لكم ان النظام العراقي الجديد لا نظير له البتة, ولا شبيه له في عموم أقطار الشرق والغرب, انه نظام هجين مراهق قلق متخبط, لا تحس معه بالفخر كمواطن ينتمي إلى هذه الأرض الطيبة, التي حباها الله بكل العطايا والثروات, وأسبغ عليها من نعمته ما لم يمنحه لقارات بكاملها.
ان قلبي يكاد ينفجر من الغضب وانا أشاهد ما فعله بنا هذا الوزير الطائش, الذي يجهل ابسط مبادئ الدبلوماسية, ويركب الطائرات والقطارات, واليخوت, ويصطحب معه في جولاته الصبيانية أفواج من الإعلاميين والمطبلين والمزمرين, وتحف موكبه جوقة من المهرجين, تراه يتنطط في كل مكان مثلما يتنطط الأطفال, ويتحرك على هواه من غير رادع ولا وازع, ويتصرف حسبما تملي عليه نزواته وشطحاته من دون ضوابط ولا قواعد.
لقد كتبت عنه الصحف الخليجية, بعد فضيحة الدوحة, مئات المقالات الساخرة, وكانت تتندر في كتاباتها على ما آلت إليه السياسات العراقية الارتجالية التي شاءت الأقدار ان تكون بيد الصبيان والغلمان والمنحرفين والجواسيس.
ووصلت السخرية بالصحف الخليجية إلى المستوى الذي جعلها تشوه صورة شعار الخطوط الجوية العراقية بعبارة (خطوط الحرامية العراقية), بل انها كتبت تحت الشعار عبارة بالانجليزية مخدشة للحياء, لا يسمح لي حيائي كامرأة ان أترجمها لكم, لكنني اترك لكم حرية ترجمتها على انفراد, فقد كتبوا تحت شعار الخطوط الجوية العراقية, عبارة:
(Ass Airways)
 
يا للعار, يا للمصيبة, ويا للخسة, ويا للنذالة, اللهم اخسف الأرض بكل من جلب لنا الهم والغم والحزن, اللهم اهلك كل من شوه صورتنا في المحافل الدولية, ولا تؤاخذنا بما فعله هؤلاء السفهاء والمنحرفون. وصدق من قال:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
صوت الحرية جميع الحقوق محفوظة



103


هــــذا  لـيــس حــــــــــز ناً  على  الشـــهـد ا ء،  بــلْ  عشـقٌ  لـلإرهـــــــا ب، يـا دكتـور ســيّـا ر  الجميل!4/7

محمد ضياء عيسى العقابي
سادساً: " المصير سيبقى قاتما ما بقي العراق يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا !":

أليس هذا رفضاً قاطعاً وصارخاً وسافراً للتعددية السياسية في العراق؟ وأليس هو رفضاً للآخر؟ أليس هو فكراً يدعو لإلغاء الأعراق، والمقصودون هم الكرد والتركمان والكلدو-آشوريون؟ أما يدعو هذا الفكر إلى محو الفِرَقِ والجماعات المذهبية وهم الشيعة والمسحيون والصابئة والأزيديون والشبك والكاكائيون واليهود؟ أليس هذا هو الفكر الشمولي بعينه؟ أليست هذه فلسفة و ممارسة حزب البعث الطغموي وعهده البائد التي إستهدفت ما يقرب من 95% من الشعب العراقي أي لم تستثنِ سوى الطغمويين (المنتمين لكل الطوائف والأديان والأعراق كما هو موضح في الهامش*)؟

إن هذا هو الفكر الذي قاد حزب البعث الطغموي، الذي كنتَ عضواً فيه أو قريباً منه يا سيد سيار، إلى ممارسة أبشع أنواع الإقصاء والتهميش والتطهير العرقي والطائفي الممنهجة التي، بدورها، دفعته إلى إنتهاج الإبادة الجماعية ومن مظاهرها ما يزيد على (400) مقبرة جماعية إكتشفت لحد الآن، وحملة الأنفال التي قتل فيها (182) ألف كردي وهدمت (4000) قرية كردية ، وقَتْلُ ما يربو على (110) من المراجع الدينية العليا في النجف وطلاب الحوزة العلمية، وقتلُ المتظاهرين في (خان النص)، وتهجير (إلى خارج العراق) ما يقرب من مليون مواطن عراقي كردي فيلي شيعي مع إحتجاز شبابهم دون سن الثلاثين ليختفوا نهائياً وقيل أن بعضهم أستخدم لإختبار أسلحة جرثومية وكيمياوية كتلك التي إستخدمت في حلبجة فأهلكت (5000) بريئاً خلال سويعات قليلة، كما إستخدمت في الأهوار؛ ومن مظاهرها قتل ما يزيد على ربع مليون إنسان بريء عند إخماد إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية العارمة التي شملت (14) محافظة "سوداء" من أصل (18)؛ ومن مظاهرها أيضاً إزهاق الأرواح العراقية بتمويل سعودي وتحريض أجنبي في حرب مع إيران دامت ثماني سنوات وإحتلال الكويت وكلا الحربين لم تبقيا أخضر ولا يابساً في العراق من بنية تحتية ومن سوء تغذية وسوء صحة إذ إنهار الدينار وهبطت قيمته بمقدار (7000) مرة فإنتشر الفساد وأعيد العراق إلى العصور الحجرية. ومن مظاهرها جريمة تجفيف الأهوار وتشريد نصف مليون مواطن عراقي خارجياً وداخلياً مع التسبب بكارثة بيئية إستكملت التلوث الإجرامي الآخر الناجم عن حرق آبار النفط الكويتية.

كل هذه الأفعال شكلت جرائم ضد الإنسانية بإمتياز. وهذه هي الجرائم الكبرى أما جرائم الحجمين المتوسط والفردية فهي لا تعد ولا تحصى وقد تبلغ الملايين.

العراق لا يتشظى لأن التشظي يعني إنفصال الجزء عن الكل والتشرذم والتهرؤ وهذا لم يحدث في العراق. على العكس فقد إستقل إقليم كردستان العراق عن بغداد لمدة (14) عاماً بعد إنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية وعاد طواعية  للعراق الفيدرالي الأم بعد تحريره من الطغمويين الفاشست عام 2003 وأختير كردي رئيساً للجمهورية لثلاث دورات برلمانية بالإنتخاب الحر. وإذا كنت، يا دكتور سيار، تعتبر النظام الفيدرالي وقانون إدارة المحافظات تشظياً فإنك مخطئ. فالشعب في هذا النظام يدير شئونه بنفسه. إنه أحدث نظام إداري في العالم. وأصبحت جميع المواضيع الهامة كقضية كركوك وتوزيع الثروات وحدود المحافظات وغيرها تُبحث بين أبناء الشعب الواحد بصراحة وشفافية للوصول إلى حلول توافقية متوازنة بدلاً مما كان يحصل أيام النظم الطغموية حيث كان يقرر شخص واحد هذه الأمور الخطيرة كما تحلو له ولقيمه الفاشية البالية فيبدل الديموغرافيا ويغيّر الحدود قسراً، وأكثر من هذا فيحرق العراقيين في آتون الحروب وقد يكون أميّاً لا يميز بين غرب العراق وكل من شرقه وجنوبه وأيهما يوصل إلى تل أبيب!. في العراق الجديد تبحث هذه الأمور لفترة قصيرة نسبياً وتوضع لها الحلول التوافقية وإلى الأبد.

أما في النظام الطغموي فلا تُحل الأمور وإنما تُكبس في "بالوعة" المرحوم نوري السعيد حتى التعفن فيزداد الكبس لحبس الأرياح الكريهة ويزداد الضغط ويتضخم حتى الإنفجار كما في ثورة 14 تموز 1958؛ أو يتسبب بغزو أجنبي كما حصل عام 2003.   

لا يكون المصير قاتما، يا سيد سيّار، بسبب بقاء العراق  "يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا"، فهذه مكونات وليست تشظيات وهي الفسيفساء العراقي الجميل وهي موجودة منذ فجر التأريخ. أما التعددية السياسية فأمر طبيعي ومن سمات البشر وليست مقتصرةً على العراق وحسب بل هي ظاهرة تتجلى في جميع مجتمعات العالم الديمقراطي. غير أن النظم الطغموية كانت قامعة للمكونات وللأحزاب العراقية ولم تُشركها في إدارة شئون البلد بل لم تعترف بشرعيتها ولم تمنحها حق التعبير أو الوجود. لذا بدى لك الأمر غريباً ومرهباً ونشازاً وغير طبيعي، حينما أصبح الوضع طبيعياً بحق.

آمل ألا يحسب السيد سيار أن اظهار اعتزاز المكونات بشخصياتها وهوياتها وخصوصياتها (التي تلي الهوية العراقية) والاحتفال باعيادها او ممارسة طقوسها هو مظهر من مظاهر التشظي. لقد كفل الدستور والبيان العالمي لحقوق الإنسان هذه الحقوق التي ترعاها شرائح المجتمع والدولة العراقية الجديدة بضمنها الحكومة التي "تتحكم بمصيرنا بإسم الدين".

إذاً، "التشطي" الذي قصدتَه – يا سيد سيار – هو، بوضوح، حقوق ومظاهر ديمقراطية. أما "المصير" الذي تتحدث عنه فهو نسبي. عن أي مصير تتحدث وتقلق؟ إن كنتَ تقلق على مصير الإرهاب والتكفير فهو، دون أدنى شك، مصير قاتم بوجود الديمقراطية، فهما مقضي عليهما وهيهات أن ينجحا ب "الضربة القاضية" أو غيرها فهي محض تَمَنٍّ بائس، بل على العكس ستسحقهما سحقاً ماحقاً حادلةُ الديمقراطية رغم بطئ حركتها. أما "مصير" العراق الجديد فستمده الديمقراطية بجميع عناصر القوة والشروق. فالقتامة تكمن في الإرهاب والتكفير كما كانت تعشعش في لب النظام الطغموي وليس في الديمقراطية التي أسميتها ب "التشظي".

وإذا أردتَ أن تعرف مَنْ رَسَمَ صورة المصير القاتم للعراق الجديد في أذهان البعض، فأقول: هم أولئك الذين كانوا وراء الإرهاب والكراهية والقتل؛ وإليك الأسباب التي دفعتهم إلى إقتراف تلك الأفعال المخلة بالوحدة الوطنية والمدمرة لمفهوم وروح المواطنة والمؤدية إلى التشظي الحقيقي:

قبل الدخول في التفاصيل أقول مباشرة إن السبب الحقيقي لما جرى في العراق من إرهاب أسود بعد تحريره هو تجمع فئات طغموية وتكفيرية متطرفة عارضت الديمقراطية بشدة لأن هذه المجاميع ترفض الآخر ولا تؤمن بسواسية المواطنين العراقيين أمام القانون وفي الحقوق والواجبات لذا فقد برروا إستلاب السلطة من صاحبها الشرعي وهو الشعب العراقي بالإستناد إلى مبررات  رجعية متخلفة كإدعاء أنهم "مكَلَّفون من الله بحراسة البوابة الشرقية" وبعضهم يعتقد أنه "الفرقة الناجية" والبعض الآخر أنه "الطائفة المنصورة" وغير ذلك من الطروحات التي ما أنزل الله بها من سلطان. لقد تطرفوا في إرهابهم وتعلقهم بالسلطة لدرجة أنهم أوحوا وكأنهم يتصرفون بموجب أفكار راسخة من قبيل "أن الله قد خلقهم ليحكموا العراق" و "إن الله قد خلق العراق ليحكموه" أو كأنهم توجهوا للآخر "الأقل شأناً منهم" بخطاب في غاية التطرف والعنف يقع تحت عنوان "أحكمك أو أقتلك أو أخرب البلد".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ**والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكامالقبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كماإنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
**
الطائفية: للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب. إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير القسري؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات. أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي؛ ولم يحصل إضطهاد طائفة لطائفة أخرى. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية. وقد حوربت الأحزاب الدينية الديمقراطية بوحشية خاصة أثناء الحكم البعثي الطغموي. الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية. لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع، آخذين بنظر الإعتبار ضرورة التمييز بين ما هو شأن سياسي وما هو شأن ثقافي تراثي شعبي قابل للتطوير في أشكاله الطقوسية.


أصل النداء:
 
سيّدة النجاة .. متى تنقذين العراق ؟
 
أ.د. سيّار الجميل

سيدتي العظيمة ..يا سيدة النجاة ، أتضرع وأتوسّل إليك إنقاذ العراق من هول الكوارث التي تعصف به .. سيدتي الأم الحزينة أراك حزينة منذ أزمان طوال ، وأنت تشهدين هول المأساة .. لقد قتل اهلك وهم يتضرعون إليك .. وهم يؤدون صلاتهم في رحابك الجميل .. ما ذنبهم ؟ وما ذنب كل الأبرياء ليكونوا طعاما رخيصا للصراعات المقيتة على ارض بلاد الرافدين التي صبغها الاحمرار ؟ ماذا نفعل مع هؤلاء القتلة الذين لا يعرفون إلا الموت طريقا لهم ؟ ماذا يفيد الأسى وإعلان بيانات الاستنكار ؟ إن السنين العجاف تمر ، وكل يوم وبلدنا يغرق في بحر الظلمات كالذي قلته وكتبته قبل شهر ! إن العراقيين المسالمين الطيبيين يتمنون أن تستقر هذه العاصفة الهوجاء التي جلبها الأشرار وهم لا همّ لهم إلا نحر الأبرياء  .. لم يزل الإرهاب يترصّد بالعراقيين ، نعم ، إن الإرهاب ضدهم ، يقف بكل خططه وبرامجه بالمرصاد كي يحصد أرواحهم ويعصف بمستقبل أولادهم وأحفادهم ! ما الذي يريده المجانين ؟ ما الذي يرمي إليه كل القتلة ؟ إنهم يحصدون الأرواح بدم بارد .. إنهم يخططون لإفناء البلاد والعباد . لماذا يريدون خطف الطيف المسيحي من العراق ؟ من أعطاهم الحق بتصفية الأبرياء نساء ورجالا ، وهم يؤدون شعائرهم في دور عبادتهم التي أذن الله أن يذكر فيها اسمه ؟
سيدتي الحنونة .. أيتها الأم الحزينة ، أراك تذرفين دمعة على خديك بعد أن ذرفت الدموع طويلا .. وأنت تشهدين مأساة العراق والعراقيين .. متى تهدأ هذه العاصفة الهوجاء ؟ متى تزول الأحقاد وتمحى الكراهية من الصدور ؟ متى يهب النسيم عليلا على كل العراق ؟ متى تسود الحكمة والعقل عند حكام العراق ؟ كم كنت أتمنى أن تعالج المحنة مع الإرهاب والإرهابيين بغير هذا الأسلوب الهمجي الذي حوّل كنيستك الجميلة إلى ساحة حرب ! كم كنت أتمنى أن لا يخرج بعض المتشدقين وهو يمتدح " الفرقة الذهبية " في الذي صنعته من جنون ! المأساة ستبقى إن اكتفينا بالصمت القاتل .. المأساة ستبقى ما بقي الإرهاب ! الإرهاب سيبقى ما بقيت جماعات وأحزاب تتحكم بمصيرنا باسم الدين ! المصير سيبقى قاتما ما بقي العراق يتشظى فرقا وجماعات وكتلا وأعراقا !
سيدتي الكبيرة يا سيدة النجاة .. أنقذي العراق .. ادعوك وأتوسل إليك لا تتركي اهلك وسط غابة يعبث بها الوحوش ويتحكم بمصيرها الزناة .. وأهل العراق يتقطعّون اربا اربا  وقد استعد الناس للمواساة وكلمات الرثاء وإلقاء المواعظ السخيفة ! متى يشعر كل العراقيين أنهم عراقيون قبل أن يكونوا شيئا آخر ؟ وأخيرا .. متى الضربة القاضية لكل العابثين والإرهابيين والمتواطئين والانقساميين والحاقدين والمجانين .. كي يذهبوا إلى الجحيم ، وتشرق الشمس ، ويسدل الستار على أقذر مسرحية شهدها تاريخ العراق ؟
 
تنشر على موقع الدكتور سيار الجميل
www.sayyaraljamil.com




104
ما هو “المشروع الوطني” الذي يتبنّاه إئتلافُ العراقية؟
محمد ضياء عيسى العقابي
طالما طرحتُ قناعتي بأن الأطراف التي أصبحت تشكل إئتلاف العراقية الحالي كانت معارضة للنظام الديمقراطي الفيدرالي الجديد القائم في العراق لعدم قبولها بمبدأ سواسية البشر ولرفضها الآخر من منطلقات عنصرية وطائفية تخفي في جوهرها مصالح طبقية لشريحة طغموية* طفيلية تحكمت بمقدرات البلد دون حسيب أو رقيب. وهذه الأطراف، في أحسن أحوالها، ترنو إلى عودة نظام قريب من النظام البعثي الطغموي ولكن من دون رأسه صدام الذي عكَّر صفو حياة أتباعه مثلما جعلهم يسممون حياة الناس. من هذا فقد شخَّصتُ هذا الإئتلاف بكونه يشكل أكبر خطر على الديمقراطية في العراق التي لم تتجاوز دائرة الخطر لحد الآن. ولهذا السبب، أيضاً، أصبحتُ أتتبع نشاطه وأُنبِّه إليه لثقتي بأن فقدان الديمقراطية في العراق يعني الكوارث بعينها لشعبه.

الآن، ما عاد هذا الأمر ضرباً من التكهن والقناعة الذاتية؛ حيث توفر الدليل الدامغ. فقد نشرت صحيفة “البيان” بتأريخ 2010/9/26 وثيقة مطالب نَسَبَتْها إلى إئتلاف العراقية تلخص شروطه للإشتراك في حكومة “شراكة وطنية” وهي: إحتفاظ القائمة العراقية بمنصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب وسبع عشرة وزارة من بينها وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والمالية  إضافة إلى إدارة المخابرات العامة ورئاسة مجلس الأمن الوطني؛ ويُعطى للأكراد مناصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ونائب رئيس مجلس النواب وثلاثة وزارات يحددها إئتلاف العراقية وليس الكرد أو إستحقاقهم الإنتخابي. وصفت فضائية “الحرة” صحيفة “البيان” بكونها مقربة من رئيس الوزراء السيد نوري المالكي الذي خاض إئتلاف دولة القانون الذي يترأسه  مفاوضات مطولة مع إئتلاف العراقية لتثبيت أسس الشراكة الوطنية، الأمر الذي يشير إلى أن تلك الوثيقة تحظى بمصداقية الفحوى ومسئولية النشر. إضافة لذلك، قال القيادي في إئتلاف دولة القانون السيد خالد الأسدي في برنامج “بالعراقي” في فضائية الحرة بتأريخ 2010/9/29 بأن معلومات صحيفة البيان قريبة جداً من مطاليب إئتلاف العراقية التي عرفها هو شخصياً أثناء المفاوضات. وللتذكير، وكإفصاح عملي فإن السيد طارق الهاشمي، زعيم تكتل تجديد ضمن إئتلاف العراقية، قد سارع إلى إطلاق تصريحه الشهير بوضع (فيتو) على حق الأكراد في تولي رئاسة الجمهورية بعد الإنتخابات مباشرة عندما أيقن أن خطة “الحلفاء الخارجيين” على تسليم إئتلاف العراقية السلطةَ في العراق قد نجحت مما شجعه على البوح عما في سره. كما طالبَ السيد أسامة  النجيفي، زعيم تكتل عراقيون أحد مكونات ذلك الإئتلاف، قد طالب أيضاً، وفي نفس تلك الفترة، بتأجيل البحث في قضية كركوك ريثما “يستقر” العراق (وربما بعد تحقيق مشروعه الوطني وتستقر قوات الأمن والقوات المسلحة بيده ويد إئتلافه).

وخلال الأسابيع القليلة الفائتة برزت في فضائية الحرة المعلومات التالية:
بتأريخ 2010/9/21 وفي برنامج “ساعة حرة” قال السيد محمد علاوي، القيادي في إئتلاف العراقية، بأن إئتلافه يطالب بنصف القوة العسكرية في العراق. وهنا عقَّب السيد كمال الساعدي، القيادي في إئتلاف دولة القانون، على غرابة هذا المطلب علماً أن السيد الساعدي قد سبق له أن قال بتأريخ 2010/9/10 إن إئتلاف دولة القانون غير مستعد لإناطة القوات المسلحة بمن يصرح بأنه سوف يزيح الضباط الحاليين ويستدعي الضباط السابقين. 

 قبل إسبوعين تقريباً من نشر مقال صحيفة “البيان” ذكر الدكتور علي شلاه ، القيادي في إئتلاف دولة القانون، في فضائية الحرة، مطاليب إئتلاف العراقية وكانت مقاربة لما نقلته صحيفة البيان؛ وأضاف بأن إئتلافه قد أَطْلَعَ السيدَ مسعود البارزاني، رئيس إقليم كردستان، على مطالب إئتلاف العراقية تلك فعقَّب السيد مسعود: إن هذه المطالب تمثل إنقلاباً أحمر، وكان إئتلاف دولة القانون قد وصفها له بالإنقلاب الأبيض.

  هذا ما بدا من معتقدات إئتلاف العراقية، فما عدا مما بدا؟ لقد أمست معروفة معارضة الإئتلاف للفيدرالية أيضاً. إنه  يريد، كما تشير كثير من المؤشرات، نظاماً شديد المركزية وخاصة بالنسبة للقوات المسلحة التي يُلحُّ كثيراً  على مسكها بذريعة توزيع السلطة، وعلى إشباعها بضباط طغمويين  بذريعة المصالحة،  وذلك لتوفير الفرصة المناسبة لإحداث إنقلاب عسكري، أو على الأقل لتمكين الجناح السياسي لإئتلاف العراقية من ممارسة الضغط والإبتزاز بالإعتماد على قوة ذراعهم العسكري.
من هذا يتوجب على كافة القوى الديمقراطية دينية وعلمانية أن تحسب ألف حساب لهذه القضية الخطيرة في مفاوضات تشكيل الحكومة.
           ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*
الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

105
قراءة في المشهد العراقي: إسرائيل حسمت الموقف لصالح إئتلاف دولة القانون والمالكي!!
محمد ضياء عيسى العقابي
ببساطة: اليمين المتطرف الإسرائيلي بقيادة نتنياهو تحدى، بشكل مهين، الإدارة الأمريكية، والرئيس أوباما بالذات، في ثلاث مناسبات متعلقة بقضية الشرق الأوسط (القضية الفلسطينية) والمفاوضات الجارية، الأمر الذي جعل إيران وحليفتها سوريا لا تثقان بقدرة أمريكا على كبح جماح إسرائيل، المدعومة بلوبيات عديدة ومؤثرة داخل الولايات المتحدة، فيما إذا قررت توجيه ضربة عسكرية جوية إلى المنشآت النووية الأيرانية  وربما إلى حزب ألله اللبناني وسوريا أو إلى أحد هذه الأطراف المتحالفة الثلاث. ويبدو أن إسرائيل عازمة على ذلك، رغم أن الولايات المتحدة لا ترغب بهذا الإجراء وحثت إسرائيل على عدم التورط فيه لأن جميع الخبراء العسكريين أصروا على عدم جدوى الضربة الجوية مقابل إحتمال أن تؤدي إلى إشعال منطقة الشرق الأوسط  برمتها ما يشكل تهديداً خطيراً للسلام العالمي (1) .
تبعاً لهذا، أعادت إيران وسوريا حساباتهما فيما يخص تشكيل الحكومة العراقية وفيما يخص التفاهم السابق بين أمريكا وإيران والسعودية وتركيا وسوريا على حمل السيد أياد علاوي إلى سدة رئاسة الوزارة ذلك التفاهم الذي إصطدم بممانعة شعبية عراقية قوية أخاف كل من حدثته نفسه، نكاية بالمالكي أو لأي سبب كان، بالموافقة على ترشيح السيد علاوي نظراً لما تحمله هذه الخطوة من مخاطر حقيقية على مسيرة الديمقراطية العراقية الحارسة الوحيدة لسلامة العراقيين من الفناء الذي يعلنه صراحة التكفيريون وحلفاؤهم الطغمويون.
راجعت إيران وسوريا حساباتهما وخلصتا إلى ما يلي، كما يبدو لي:
-   إستبعاد إسناد منصب رئاسة الوزارة إلى الدكتور أياد علاوي لأن إسرائيل ستحتاج إلى الأجواء العراقية عندما تتحرك عسكرياً ضد إيران. عندئذ، سيقع الدكتور أياد تحت التأثير السعودي - الأردني وليس السوري لأسباب معروفة. السعودية والأردن ستقفان سراً بجانب إسرائيل ضد إيران وحتى ضد سوريا وحزب الله، و "ستطلبان" من الدكتور أياد علاوي فتحَ الأجواء العراقية أمام الطيران الحربي الإسرائيلي(2)، وسيرضخ الدكتور مضطراً بحكم "التحالف" القوي معهما(3)  .
للعلم، فإن إئتلاف العراقية وزعيمه الدكتور علاوي مُسْتَبْعَدان أساساً، بتقديري، من قبل إئتلاف دولة القانون بل حتى من قبل الإئتلاف الوطني (لولا الضغوط الإيرانية عليه حسب صيغة التفاهم بين إيران وأمريكا والسعودية وتركيا وسوريا)، مهما بلغت خلافاتهما الداخلية، لسبب أنهما لا يريدان:
أولاً: أن يفسحا المجال أمام إئتلاف العراقية لإعادة ضباط ومدنيين بعثيين خاضعين لقانون المسائلة والعدالة إلى أجهزة الدولة المختلفة بإسم "المصالحة".
ثانياً: أن يقطف السيد أياد علاوي وإئتلافه ثمرات منجزات الإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني في مجال الأمن والخدمات وخاصة الكهرباء(4)، التي ستظهر نتائجها خلال الدورة البرلمانية القادمة، وهي المنجزات التي أرست قواعدها حكومة المالكي المدعومة من قبل الإئتلاف الوطني والتحالف الكردستاني وسط الإرهاب والدمار وعشرات الألوف من الضحايا الأبرياء على يد الطغمويين(5) والتكفيريين ووسط المعوقات والتخريب اللذين مارسهما إئتلاف العراقية بقدر وكيفية لا يقبلان الشك؛ كما يُشتبه أيضاً في تورطه بالتناغم، إن لم يكن بالتتنسيق والتعاون، مع إرهاب الطغمويين والتكفيريين، علاوة على ألاعيب الحليف الأمريكي الرامية إلى تمزيق الإئتلاف العراقي الموحد (الذي أصبح الآن التحالف الوطني) وفك عرى التحالف بين الإئتلاف والتحالف الكردستاني.

-    ضرورة طمأنة الأمريكيين بترشيح رئيس وزراء لا يزعجهم من جهة قربه من إيران كمرشحي الإئتلاف الوطني المحتملين؛ ولا يخضع للأمريكيين بنفس الوقت.

خلاصةً وجدت إيران وسوريا، بتقديري، أن المالكي هو الحامل لهذه السمات. فهو وإئتلافه طبقوا عملياً وبإخلاص وصبر شعارهم "الصداقة مع الجميع والإستقلال عن الجميع والولاء للشعب والعراق"؛ وأن إئتلاف دولة القانون مصرٌّ على ترشيحه بحيث لا يتيح الفرصة للتفكير بترشيح غيره أذ أن لعبة "جر الحبل" مع إئتلاف دولة القانون قد أوشكت على النهاية دون التمكن من زحزحة هذا الإئتلاف عن تمسكه بمرشحه نوري المالكي رغم الحملة التسقيطية الظالمة التي شُنَّت ضده والتي إشتركت فيها أطراف عديدة داخل العراق وخارجه بضمنها فضائية "الحرة-عراق"، علماً أن إسرائيل قد أعلنت إستكمال إستعداداتها للهجوم على إيران وأن الوضع اللبناني آخذ بإرتفاع السخونة بتدبير إسرائيلي(6) مما لا يتيح مزيداً من الوقت أمام إيران وسوريا للمناورة.
وهكذا حُسم الموقف، بتقديري، إضطراراً لصالح إئتلاف دولة القانون ومرشحه السيد نوري المالكي.
 
إبلاغ "الحلفاء" الصغار:
أصبح لزاماً على إيران إبلاغ "حليفيها" المجلس الإسلامي الأعلى والتيار الصدري، وأصبح لزاماً على سوريا إبلاغ "حليفها" السيد أياد علاوي بقرار ترشيح المالكي لرئاسة الوزارة لضرورات "المصلحة العليا للأمة الإسلامية والعربية" . هنا تفجرت روح التعصب والثأر والإعتداد بالنفس والغيرة والحسد والتنافس الحزبي الضيق لدى كل من السيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر حيال المالكي. كان الصدر أكثر صعوبة في الإقناع لأن تياره أكثر إدعاءً ومزايدة وتخلفاً وأشد طلباً للثأر من المالكي لأن الرجل خلّص العراقيين من شرورهم وإنفلاتهم وفسادهم وإعتدائهم على حريات الناس وخاصة المرأة والمسيحيين والصابئة واليساريين ما تسبب في عدم تحسين الخدمات خلال السنين الماضية(7) وأساء لسمعة الشيعة. لذا رفض الصدر مقابلة وفد مشترك من إئتلاف دولة القانون وبعض عقلاء الصدريين في إيران للإيحاء ب "إستقلالية" قراره. ومداراةً لفخفخته، تفاهمت، بتقديري، إيران مع سوريا لتوجيه دعوة ل "سماحته" لزيارة دمشق والإلتقاء بالرئيس السوري ومن ثم برئيس إئتلاف العراقية الدكتور أياد علاوي وسط ضجيج إعلامي وإلتقاط سيل من الصور  للظهور بمظهر من يملكان قرارهما بيديهما وأنهما ليسا ألعوبة بيد أحد.
 
لم يشأ السيد عمار الحكيم، هو الآخر، أن يستسلم بسهولة لهذا الإنقلاب الدراماتيكي السريع. لهذا راح هو والدكتور عادل عبد المهدي يكيلان سيلاً من الإتهامات غير الموضوعية لمرشح إئتلاف دولة القانون. الصدريون والمجلس الأعلى يلومون المالكي على "غدره" بهم خلال السنين الماضية وهم الذين حملوه إلى كرسي رئاسة الوزراء. القضية وما فيها، كما أراها، أن الصدريين أرادوا من المالكي أن يتركهم أحراراً يعيثون في الأرض فساداً. أما المجلسيون فكانوا يريدون من المالكي، وهو يضاعف من تأييد الجماهير له بسبب نجاحه في عدة جوانب هامة، أن يُصدر كل يوم بياناً للجماهير يُذكِّرُها فيه بضرورة عدم نسيان المجلس الأعلى  لأنه صاحب الفضل في صعوده إلى رئاسة الوزارة.
 
أما السيد أياد علاوي فقد آثر السلامة وعدم الوقوف في موقع يُضْطَرُه إلى المفاضلة بين السعودية والأردن المؤيدتين لإسرائيل وبين سوريا وإيران المُهَدَدَتين من قبل إسرائيل. لذا يُلاحَظ أن نغمة التمسك ب "أحقية" تكليفه بتشكيل الوزارة قد خفتت نسبياً بعد إجتماعه بالرئيس السوري ومن ثم بمقتدى الصدر.

لمن الشكر؟!!!
إذا صحَّت رؤيتي وأصبح المالكي رئيساً للوزراء، فليس هناك من تعقُّلٍ وحرص ونزاهة ووطنية لدى بعض العراقيين ودول الجوار لكي أرسل شكري لهم كمواطن عراقي حريص على مصير شعبه وديمقراطيته الوليدة. ولا أرى أمامي سوى عنجهية اليمين المتطرف الإسرائيلي لأشكرها لأنها ساعدت على وضع الأمور في نصابها.   
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): قد لا يستطيع العراق، تقنياً، وتحت أية حكومة أن يمنع الطيران الحربي الإسرائيلي من المرور عير أجواءه. ولكن بإمكان الحكومة المتحررة من الضغوط السعودية - الأردنية وغيرهما من رصدها والإبلاغ عنها مباشرة إنسجاماً مع سياسة العراق المعلنة بعدم التسبب بأذى الغير والعكس بالعكس.
   
(2): تشير المؤشرات إلى أن أمريكا تُعد العدة لمواجهة التسلح النووي الإيراني بنَفَسٍ طويل يمتد لفترة قد تبلغ ما بين الخمس إلى عشرة سنوات. 
وربما تدخل ضمن هذه الستراتيجية مسألة عزل الأحزاب الإسلامية وتمكين الدكتور أياد علاوي وإئتلاف العراقية من تبوء مقاليد الحكم في العراق عن طريق صناديق الإقتراع.
 
(3): أعتقد أنه لولا الكابح الأمريكي لحصل إئتلاف العراقية على أكثر من 163 مقعداً نيابياً يوم 7/3/2010 بفعل القدرة التزويرية الفنية التي دعمها المال السعودي وكانت خارج مقدرة المفوضية العليا للإنتخابات والحكومة العراقية على ضبطها. من المحتمل أن حسابات السعودية، التي كبحها الأمريكيون، كانت كالتالي: إذا قبل الآخرون هذه النتيجة، فهو أمر جيد لأن العراقية ستشكل الوزارة ويسقط العراق في الجيب السعودي. وإذا رفضها الآخرون فهي الحرب الأهلية ودمار العراق تماماً وهو المطلوب سعودياً وبحرقة.
أما الأمريكيون والأمم المتحدة فقد إكتفوا بهذا القدر المتواضع من "الطبخة" (أي أصوات بنسبة 91/89) لتفعيل المادة (76) من الدستور التي ستجعل من إئتلاف العراقية لاعباً قوياً يحتمل أن يشكل الوزارة أو أن يتقاسم رئاسة الوزارة مع دولة القانون في هذه الدورة تمهيدا لفوز "كاسح" في الدورة القادمة.ً
هذه الحسابات كانت قبل تهديد دولة القانون بإنزال الجماهير إلى الشارع لوأد محاولة "الإنقلاب الأبيض" الذي حذر منه المالكي،  وقبل التصرفات الوقحة والمستهترة لليمين المتطرف الإسرائيلي.

(4): تعاقدت الحكومة العراقية أثناء ولاية وزير الكهرباء السابق السيد وحيد كريم على إقامة مشاريع كهرباء بقدرة 15 ألف ميكاواط، ومن المؤمل أن تُنجز مع البنية التحتية اللازمة كشبكة التوزيع بعد سنتين إلى ثلاثة سنوات من الآن. فإذا أضفنا إليها ما سيتبقى من القدرة المنتجة حالياً ولنفترضها (بعد الإندثار التقادمي) بحدود 6 آلاف ميكاواط ليصبح مجموع الإنتاج 21 ألف ميكا واط  مقابل ما لا يتجاوز أل 15 ألف ميكاواط بعد عامين أو ثلاثة.  بهذا يؤمل أن تُحل مشكلة الكهرباء حلاً جذرياً.
(5): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية  في  حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(6): صرح قبل أيام أحد الوزراء الإسرائيليين بأن الإستعدادات لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران أصبحت جاهزة. كما إن إسرائيل أعلنت قبل أيام بأن حزب الله قد نشر عشرة آلاف مقاتل من قواته على الحدود مع إسرائيل. هذا في الوقت الذي إرتفعت فيه سخونة الجو السياسي في لبنان على خلفية إكتشاف شبكة تجسس إسرائيلية في قلب نظام الإتصالات اللبناني، وإعلام السيد سعد الحريري، رئيس الوزراء اللبناني، أمينَ عام حزب الله السيد حسن نصر الله، بأن المحكمة الدولية، المكلفة بالتحقيق في إغتيال والده رفيق الحريري، ستوجه "إتهاماً ظنياً إلى أعضاء غير منضبطين" في حزب الله ما دفع السيد نصر الله إلى الإعلان عن أن المحكمة مسيَّسة لصالح إسرائيل وأن حزب الله هو المستهدف وأن "هناك بيئة حاضنة" في لبنان للتحرك الإسرائيلي ما أثار ردود أفعال غاضبة من جانب حزب القوات اللبنانية (بقيادة سمير جعجع) وبعض فئات تيار المستقبل الذي يقوده سعد الحريري. وأصبح الكلام عن ضربة إسرائيلية وحرب أهلية محتملتين قيد التداول في لبنان هذه الأيام.

(7) : بعد كل هذه الإساءات راح الصدريون ينظمون المظاهرات من أتباعهم (صوَّت لهم في الإنتخابات العامة حوالي 240 ألف مواطناً) مستغلين محنة الجماهير بسبب تردي حال الخدمات وخاصة الكهرباء في وقت بلغت فيه درجات الحرارة مستويات غير إعتيادية (فاقت ال 50 درجة مئوية) وفي وقت توقف فيه التيار الكهربائي المستورد من إيران وتوقفت المشتقات النفطية المستوردة من الكويت (كلها بالصدفة طبعاً) . كانت التظاهرات، حسبما كان واضحاً، جزءاً من الجهود الدعائية الضخمة  ومتعددة المصادر والإتجاهات لتحميل المالكي وإئتلاف دولة القانون المسئولية متناسين أن الإخفاقات يُلام بها الأمريكيون قبل غيرهم لأن الملف الأمني كان بأيديهم حتى 1/1/2009 ولم يمنحوا الشركات الأجنبية ضمانات أمنية عندما كانت تريد تنفيذ مشاريع في العراق. حتى إلى قبل عشرة أيام أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها الموجه للمستثمرين الأمريكيين لإفادتهم بظروف البيئة الإستثمارية في دول العالم. أشار التقرير إلى المخاطر الأمنية في العراق، وهي إشارة كافية لإبعاد الإستثمار عن العراق (أشارت فضائية الحرة إلى هذا التقرير في برنامج "الطبعة الأخيرة"). زيادة على هذا، فرغم موافقة شركة (جي.إي.) العملاقة والمتخصصة في إنتاج مولدات الكهرباء الضخمة (إضافة إلى شركة سيمنز الألمانية) على تجهيز العراق بعد تدخل الرئيس أوباما نفسه بطلب من رئيس الوزراء نوري المالكي أثناء زيارته للولايات المتحدة، إلا أن الشركة إمتنعت عن الإلتزام بنصب المولدات لأسباب أمنية وهي خطوة ليست بالهينة نظراً لما قد تثيره من مشاكل تعاقدية عندما تكون الحدود الفاصلة بين مسئولية الآلة وتركيبها ضيقة عند حصول خطأ ما.
من الجدير بالذكر أن بعض أطراف الإئتلاف الوطني قد حاول في مجلس النواب عرقلة التعاقد لشراء محطات التوليد نكاية بحكومة المالكي ولو على حساب الإضرار بالمصلحة الوطنية العامة. إنها سياسة تدمير الذات التي أثبت العراقيون للأسف أنهم متفننون بها وخاصة الشيعة منهم!!         


106
هل كان محكوماً على ثورة الرابع عشر من تموز بالفشل؟ ولماذا؟


محمد ضياء عيسى العقابي


جوابي المباشر على هذا السؤال: نعم، كان محكوماً على ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 العظيمة بالفشل، وتحديداً بالإغتيال وبشكل وحشي. وأزيد وأقول: ما كان على الثورة أن تنشب أساساً. فبرغم الحاجة الموضوعية إليها، إلا أنها، برأيي، كانت رمية حجر في الظلام كلفت الشعب العراقي الكثير الكثير بما لا يُقاس مع ما أحرزته من نتائج نهائية، وكان بالإمكان حصدُ نفس تلك النتائج النهائية بوسيلة أقل تكلفة. لو كانت لدى قادتنا الديمقراطيين والتقدميين الحكمة التي إكتسبها اليوم "حكماء ما بعد الأحداث" لوضعوا المقدمات اللازمة لثورة 14 تموز قبل عشرات السنين؛ وإن كان قد فاتهم الإعداد اللازم فما كانوا ليُقْدموا على الثورة. الحقيقة المرة هي أن الأحداث الطاحنة لخمسة عقود وأكثر مضت لم تجعل إلا القليلين من القادة العراقيين حكماء فما أصعب أن نتوقع الحكمة من القادة الأوائل وهم في بداية الطريق.
أعتقد أن نقص الحكمة تتجلى في غياب التحليل الموضوعي لواقع العراق، ماضياً وحاضراً. وهذا هو الذي دفع الفنان الكبير يوسف العاني لأن يطرح سؤالا هاماً في فضائية "الحرة" خلال شهر أيار المنصرم وهو: "لماذا حلَّ بنا ما حلَّ؟" ثم أردف قائلا: "إن بعض مثقفينا لم يجيبوا على هذا السؤال." (أعتقد أنه قصد "الجميع" ولم يقصد "البعض").     
كانت الحاجة الموضوعية للثورة ملحة لحل التناقض الصارخ الناجم عن نمو قوى إجتماعية وإرتفاع مستوى الوعي الجماهيري العام، الأمرين اللذين جعلا الشعب والنظام السياسي القائم آنذاك وهو النظام الملكي الطغموي(1) على طرفي نقيض. لذا سرت الثورة، بعد إندلاعها، بين أبناء الشعب العراقي كسريان النار في الهشيم.
غير أن الثورة لم تحسب حساب مقدرتها على مواجهة أعدائها سواءً المطاح بهم، أي الملكيين الذين فقدوا السلطة، أو الجددَ المشاركين فيها وفق برنامج وأهداف مختلفة عن تلك التي تمسك بها قائدها، الزعيم عبد الكريم قاسم، ومؤيدوه الذين شكلوا الغالبية بين صفوف الشعب وقواه الديمقراطية والتقدمية، وداخل القوات المسلحة (بالمستويات المتوسطة والدنيا). لذا إفتقدت الثورة عنصر الديمومة لإفتقادها الشرط اللازم للثبات بوجه الأعداء والمضي قدماً نحو تحقيق أهدافها.
وهذا الشرط المُفتَقَد كان على القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية تشخيصه قبل تشجيع قادة الثورة على المضي بها ومنحهم الموافقة على تأييدها. وفي الحقيقة كان على تلك القوى إدراك ذلك الشرط منذ زمن بعيد أي منذ تأسيس الدولة العراقية الجديدة لإعداد البيئة الضاغطة الملائمة للتغيير السلمي أو الإصلاح على يد السلطة الملكية ذاتها أو فتح الباب، في حالة عناد السلطة، إلى عمل إنقلابي ثوري مضمون النتائج النهائية.
كانت ثورة الرابع عشر من تموز، بحق، جبارة هزت العالم وأدت إلى دخول قوات أمريكية في لبنان وقوات بريطانية في الأردن لقطع الطريق على أية تداعيات محتملة في المنطقة، وبأمل خنق الثورة إذا ما توفر الظرف الملائم للغرب. كان على القوى الديمقراطية والتقدمية أن تدرك حصول ردود الأفعال تلك منذ وقت طويل وتتخذ الحيطة له لأن الوضع العراقي ومخزون النفط فيه والموقع الجغرافي هام جداً في حساب الستراتيجيات العالمية وخاصةً أثناء الحرب الباردة، فهذه ثورة حقيقية وليست مظاهرات أو إحتجاجات أو إنتفاضة أو وثبة. وكان على تلك القوى الوطنية  أن تفطن إلى  أنه حتى إذا  أخفقت القوى الغربية في إجهاض الثورة عسكرياً فهي كانت قد أعدت العدة لإجهاضها لاحقاً بتدابير مختلطة عسكرية داخلية وغير عسكرية هيئت لها سابقاً إضافة إلى تدابير جديدة تلائم أوضاع ما بعد إنتصار الثورة. ولكن لم تكن تلك التدابير هي الحاسمة، بل إنها ساهمت في بناء الحصانة الذاتية للنظام الطغموي.
كحصيلة، حصّن النظام الطغموي الملكي نفسه، كنظام وليس بالضرورة كأشخاص ، تحصيناً جيداً منذ نشأته . 
أما القوى الديمقراطية والتقدمية المعارضة فقد طرحت الستراتيجيات الصحيحة الواضحة المتمثلة بإستكمال الإستقلال الوطني وتحقيق الديمقراطية الحقيقية والإصلاحات في شتى مناحي الحياة وما إلى ذلك. غير أنها أخفقت في التصدي للوساائل التكتيكية للنظام الطغموي ومن وراءه الذي حصن نفسه بها آخذاً بالإعتبار الحسابات البعيدة.
لقد أفلح النظام وحماته البريطانيون في أمرين تكتيكيين:
الأول: إختيار موضوع التحشيد،
الثاني : إختيار آلة حماية الذات.
موضوع التحشيد: عمد النظام الملكي والنظم الطغموية الأخرى التي أعقبته (القومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي)  إلى إلتزام الطائفية (2)(غير المعلنة رسمياً) والإيحاء بكون النظام ينتصر للطائفة السنية على حساب الطوائف الأخرى. كما عمد بأكثر صراحة إلى إلتزام العنصرية في نهجه .
مهما كان إيمان وإلتزام المسئولين  بالدين والمذهب والقومية إلا أنهم لم يستطيعوا أن يُخفوا حقيقة أن نهجهم هذا كان يُقصد منه شق صفوف الشعب وخلق تعصّبٍ يَصلح لشحن وتحشيد أعوان النظام  حوله. ورغم أن هذا المسعى لم ينطلِ على أغلبية العرب السنة والعرب عموماً إلا أن النظام إستطاع، بخطابات متعددة من هذا النوع، شدَّ طغمٍ من المنتفعين والمؤمنين بالنظام من جميع قوميات وأديان ومذاهب العراق، ينسب متفاوتة، حوله. لقد ضَمَنَ النظام الملكي تشبّعَ معظم القيادات العليا في الدولة، وخاصة قي ألأجهزة العسكرية والأمنية، بهذه العقلية الطغموية.
من جهتها، ركزت المعارضة الوطنية الديمقراطية والتقدمية على جانب واحد في مواجهتها لطائفية النظام؛ ركزت على أن نشر الطائفية في المجتمع العراقي هو مشروع إمبريالي يقصد منه تفتيت لحمة المجتمع العراقي وإجهاض حركته الديمقراطية والتقدمية المعارضة، وهوخطاب صحيح بطبيعة الحال. إلا أنه لم يُستكمل بطرح شعار يدعو ويضغط بشكل منهجي بإتجاه نبذ الطائفية مع توفير المعلومات والإحصاءات الدامغة حول الموضوع وربطه بموضوع هيمنة الشرائح الإستغلالية على مقدرات البلد، على غرار شعار معارضة الإضطهاد العنصري وإن كانت تعوزه، هو الآخر، مستلزمات المنهجة كالمعلومات والإحصاءات التفصيلية أيضاً.
يمكن أن تُطرح ثلاث تبريرات لعدم التركيز على القضية الطائفية هما:
أولاً: إن العراق كان حديث التكوين ما يستلزم إبعاد المسائل المثيرة للفرقة عن مسرحه السياسي.
هذا تبرير مردود عليه، لأن بناء الدولة وبلورتها على أسس خاطئة كان سيجعل من الدولة كياناً مشوَّهاً غير قابل للإصلاح والتطور ما يؤول إلى تحجر المجتمع وإرتفاع تكاليف النهوض به؛ وقد شهدنا ذلك بوضوح في وأد ثورة الرابع عشر من تموز  حيث لعب العامل الطائفي دوراً تحشيدياً هاماً ضد مسيرتها الديمقراطية وإن كانت المصالح الطبقية تكمن في أساس الصراع. وفي الحقيقة كانت الفرقة موجودة في أعماق المجتمع العراقي إلا أن البوح بها كان محظوراً قسراً بحجة كاذبة وديماغوجية مفادها الحفاظ على الوحدة الوطنية التي كانت صورية. لقد أحلوا الجزء محل الكل وإعتبروه هو الكل سواءً كان الأمر طائفياً أو عنصرياً. 
ثانيا: إن رفع شعار محاربة الطائفية هو تكريس وتعميم للطائفية ذاتها، الأمر الذي يصب في مصلحة النظام وراعيته بريطانيا.
وهذا مردود عليه أيضاً. إذ بهذا المنطق ستُضطر المعارضة إلى دسّ مسائل إجتماعية وإقتصادية وحقوقية كثيرة، كحقوق المرأة مثلاً، تحت البساط مخافة ان تصب في مصلحة النظام لأن هناك كثيرون ممن كانوا يعارضون هذه الحقوق في مجتمع محافظ جداً كالمجتمع العراقي(3). كان سيصبح هذا الإحتمال وارداً إذا لم تكن المعالجة قائمة على أسس ديمقراطية حضارية تلتزم بحقوق الإنسان؛ أي إذا جرت معالجة الخطأ بالخطأ. فالطائفية لا تُجاب بالطائفية ولا العنصرية بالعنصرية بل بالدعوة إلى مجتمع ديمقراطي قائم على الشفافية وإحترام حقوق الإنسان ومبدأ تكافؤ الفرص ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب. وهذا ما كانت تؤمن به القوى الديمقراطية والتقدمية المعارضة إلا أنها لم تجسده دعائياً في مجال معارضة النهج الطائفي للسلطة.
كنتُ، كمواطن ذي إهتمام بالشـأن السياسي، أحد المؤمنين بهذا الطرح، أي بعدم إثارة الموضوع تجنباً للإستغلال السيء له من قبل السلطة القائمة، حتى قبيل سقوط النظام البعثي الطغموي بثلاث سنين تقريباً عندما أيقنتُ، بعد دراسة وتأملٍ مستفيضين، أن رأس ذلك النظام، صدام، كان ينفذ سياسة واعية ومخططة ومبرمجة للتطهير الطائفي والعرقي، دونما معارضة ملموسة من حزبه الطغموي، مستخدماً أساليب في غاية التطرف والإجرام كالإبادة الجماعية وإقتراف الجرائم ضد الإنسانية اللتين شهدت عليهما المقابر الجماعية التي فاقت الأربعمائة ومازالت الإكتشافات العفوية لمزيد منها قائمة لحد هذا اليوم، كما شهدت عليها أثار حملة الآنفال والسلاح الكيمياوي الذي إستخدمه النظام الطغموي ضد شيوخ ونساء وأطفال مدينة حلبجة الكردستانية، وشهد عليه القمع العنيف  لإنتفاضة ربيع عام 1991 الشعبانية في وسط وجنوب وكردستان العراق(4).
إن ما حصل بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 9/4/2003 لدليل ساطع على مدى تعويل النظم الطغموية على الشحن والتحشيد الطائفيين. فلما سقط النظام ولم تكن غالبية كوادره القيادية العليا بتلك النزاهة والأمانة والإخلاص للشعب كي تعترف بأخطاء وجرائم حزبهم ونظامهم وتعتذر للجماهير كي يُصار إلى إنهاء الإحتلال خلال فترة قصيرة جداً،  بل أصرت على إسترجاع سلطتها بأي ثمن، ولما كانت تلك الكوادر القيادية على علم بأنها لم تكن قادرة على إقناع أي مواطن عراقي متزن للتعاطف مع نظامها الطغموي ومع طموحها  لإستعادة السلطة ثانية، بدعوى مقاومة المحتل، أثارت تلك القيادات الموضوع الطائفي بأعلى وتيرة مكشوفة ووقاحة متناهية ووضعوا يدهم بيد التكفيريين ولحد هذا اليوم لتنفيذ سياسة التكفيريين المعلنة التي لا ينافقون فيها والمتمثلة بإبادة الشيعة. كل ذلك من أجل تقويض النظام الجديد المتجه نحو الديمقراطية ومحاولة إستعادة السلطة المفقودة.
يشير هذا إلى أن السكوت على طائفية النظام الملكي السعيدي ومن ثم طائفية النظام القومي العارفي قد شجع الطغمويين على الإمعان أكثر وأكثر في سياستهم الطائفية حتى بلغت حد التطهير الطائفي على يد النظام البعثي وخاصة على يد صدام شخصياً، وبلغت بعد سقوطه حدَ التحالف مع قوى تكفيرية داخلية وخارجية مدعومة من دول أجنبية لم تتردد في إعلان سياسة الإبادة التامة والمضي بتنفيذها بكل خسة وسفالة. حتى خلال هذا اليوم 8/7/2010 والذي سبقه سقط 68 شهيداً وما يزيد على 400 جريحاً من زوار الكاظمية بمناسبة دينية شيعية كفل شرعية الإحتفال بها الدستور العراقي والبيان العالمي لحقوق الإنسان واللوائح الأخرى الصادرة عن الأمم المتحدة..
إن ما شهدناه خلال السنين السبع المنصرمة من جرائم لا يمكن تخيل وحشيتها، لم تكن وليدة اليوم أو البارحة. إنها تعكس شحناً وتحشيداً متراكماً دفيناً يمتد إلى الأيام الأولى لتشكيل الدولة العراقية الحديثة. ولم يجرِ فضحه بالقدر الكافي فإزداد حدة ووحشية وإستهتاراً خاصة عند المنعطفات كإقتراب الجماهير الديمقراطية من تحقيق نوع من التوازن والعدالة الإجتماعية كما حصل أيام ثورة 14 تموز عام 1958 المجيدة.
ثالثاً: إن طرح شعار المطالبة بديمقراطية حقيقية من قبل أطراف المعارضة العراقية كان شعاراً شاملاً يغطي ضمناً القضية الطائفية.
ليس كل من يقرأ شعاراً يدرك كاملَ أبعاده السياسية والإجتماعية والإقتصادية وغيرها، خاصة بالنسبة للجماهير العريضة محدودة الثقافة، إضافة إلى إفتقاد الشفافية في المجتمع العراقي منذ نشأته حتى 9/4/2003 وهيمنة الحكومات على وسائل الإعلام بنهجها المعروف بتشويه الحقائق لصالح السلطة.
والأهم هي القدرة التنويرية والتحريضية والتأجيجية والتحشيدية للشعار. فكلما كان الشعار أكثر تخصصاً أصبح أقرب إلى إدراك الجماهير وأكثر ملامسة لمعاناتها المادية أو الفكرية أو النفسية وبالتالي يكون أكثر فاعلية في نفس المتلقي ونشاطه السياسي.
أـسوق مثلاً  على قصور التثقيف الديمقراطي التقدمي المعارض في فضح طائفية النظم الطغموية منذ أيامها الآولى ما أدى إلى تمكّن ثقافة تلك النظم من النفاذ إلى أعداد غير قليلة حتى من الشرائح المثقفة التقدمية الواعية وإلى يومنا هذا. فما بالك بدورها في أوساط الطغمويين أنفسهم؟
 قبل أشهر قليلة’ أطلقت، عبر فضائية "الحرة"، المناضلة والناشطة في مجال حقوق المرأة السيدة (هـ. أ.)، أطلقت تصريحاً خطيراً قالت فيه إنها لم تعرف الطائفية في حياتها إلا الآن، وهي قد تركت الموصل وعمرها (16) عاماً. لا أريد أن أخوض بالتفصيل لإثبات طائفية النظم الطغموية سواءً الملكي أو القومي  أو البعثي إذ سبق لي أن نشرت مساهمة بهذا الصدد في صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية في الشهر العاشر من عام 2006. إلا أنني أذكّر السيدة الفاضلة بحدثين فقط لبيان مدى بعدها عن الواقع. نشرت صحيفة "القوش" الإلكترونية قبل أيام أن السلطات المختصة وافقت على إقامة نصب تذكاري للمناضل الشيوعي توما توماس. هذا أيام الطائفية. أما أيام اللاطائفية فقد أوشك النظام البعثي الطغموي على تدريس القرآن الكريم في مدارس القوش التي لا تضم طالباً مسلماً واحداً في صفوفها لأنها مناطق مسيحية خالصة، لولا التدخلات الخارجية (وليست الداخلية لأنها ليست ذات قيمة في حساب البعث) . أليست دليلاً كافياً على الطائفية حملةُ التطهير الطائفي ومنها دخول دبابات حسين كامل إلى النجف لقمع الإنتفاضة الشعبانية وهي ترفع اللافتات والملصقات وتبث النداءات أن "لا شيعة بعد اليوم"؟
الثاني: إختيار آلة حماية الذات: حرص النظام الملكي الطغموي كل الحرص على أن يحتكر أجهزة الدولة لنفسه ولسلطته بهدف حمايتها من الضغوط الشعبية التي  كانت تتأجج بين آونة وأخرى بسبب السياسات اللاديمقراطية للحكومات المتعاقبة ذاتها؛ بينما كان يُفترض في تلك الأجهزة أن تكون محايدة وموجهة لخدمة المجتمع بأكمله. كان الإحتكار أشد وضوحاً ووطأة في  القوات المسلحة من شرطة وجيش وفي القوى الأمنية. ولم يكن ذلك من دون سبب.
هذه مسألة أخرى لم تولِها قوى المعارضة أهميتها المنهجية التفصيلية اللازمة خارج المطالبة العامة المُتَضَمَّنة في شعار المطالبة بديمقراطية حقيقية وخارج الشعارات الآنية في بعض التظاهرات حيث إنطلق هتاف في ساحة السباع ببغداد ربما في وثبة عام 1948 يقول "عاش الجيش عدا ضباطه الكبار". إذ كان عليها أن تطالب وتلح بصورة منهجية على وجوب تحقيق حيادية الأجهزة العسكرية والأمنية ووجوب التوقف عن ضخ الثقافة والنَفَسِ الطائفيين فيها وفسح المجال أمام المواطنين من كافة الطوائف للمشاركة في تسنم المناصب القيادية العليا المسئولة عن وضع الخطط  بكافة تفرعاتها ومستوياتها.
أعود وأقول مرة أخرى إن تخصيص موضوع الشعار يجعله أقرب إلى فهم الجماهير وأكثر قبولاً لديها وأشد دفعاً لها للعمل لأنها تتلمس  مصداقيته عند مقابلته مع ما يجري على أرض الواقع.
في الحقيقة ، من أهم الشعارات التي طرحها الحزب الشيوعي العراقي بعد نجاح ثورة الرابع عشر من تموز كان شعار المطالبة ب " تطهير أجهزة الدولة" مع تركيز خاص على تطهير الأجهزة الأمنية.  غير أن هذا المطلب جاء متأخراً بعشرات السنين، لذا كان ذا مردود عملي محدود جداً لآن الفاسدين المطلوب إقصاؤهم تمكنوا من التحرك ضد الثورة قبل أن تتمكن هي من التحرك عليهم وهو أمر مفهوم لأن تحشيدهم جاهز بينما تحشيد الثورة ضدهم يحتاج إلى وقت طويل أضاعه الديمقراطيون والتقدميون سلفاً.
لبيان أهمية الجيش السابق للطغمويين، قديماً وحديثاً، وتعويلهم عليه، نجدهم يولولون عليه ليل نهار وما زالوا، ويطالبون بإعادته. وهناك منهم، من يريد تحويل الجيش الجديد إلى نسخة من القديم عبر ذريعة "المصالحة" المفصلة على قياسهم وليس على  قياس المصلحة العامة . لا تقف وراء ذلك عاطفة أو حرص منهم على ضبط الأمن لأنهم هم أصل البلاء الإرهابي. بإعتقادي، تتضح النوايا أكثر وأكثر إذا ما سألنا أنفسنا: لماذا يعارض الطغمويون النظام الفيدرالي وقانون المحافظات؟ هل السبب حقاً يكمن في الخوف من تقسيم العراق؟ لا أعتقد ذلك. بل أعتقد أنهم لا يريدون توزيع السلطة والمسئوليات ولا يريدون تعدد مراكز القرار في العراق؛ بل يريدون عراقاً مركزياً تتركز السلطة السياسية فيه بيد حفنة من السياسيين الذين يشكلون الحكومة ، وتتركز القوة الضاربة والحاسمة في البلد بيد جيش مركزي يتبع لمركز قرار واحد يمكن أن يسيطر عليه متآمرون يحبسون الحكومة ويحلون مجلس النواب، مهما كان لونهما، ويعلنون الأحكام العرفية ويحذرون " كل من تسوِّل له نفسه بالعبث بالأمن العام بالسحق الماحق بالدبابات والطائرات" كما يعيدون قراءة البيان رقم 13 الذي أصدروه صبيحة 8 شباط  1963 الآسود الذي خؤّلوا فيه "الرفاق" "حق تصفية كل من يهدد الأمن العام". وهكذا تعود حليمة إلى عادتها القديمة.
                              ـ ـ ـ ـ     ـ ـ ـ ـ     ـ ـ ـ ـ     
إن النظام الملكي بنهجه هذا قد بذر البذرة الأولى للنظام الطغموي، الذي بيَّنتُ سماته وتطوراته في الهامش (1) أدناه، وقد أثبت فاعليته السامة المدمرة على العراق في المراحل اللاحقة من حياته السياسية التي  رغم تبدل الأشخاص والحكومات وشكل النظام فيها لكنها شهدت إحتفاظ النظم، التي نشأت، بالجوهر المعادي للشعب حتى أوصلو العراق إلى هذا الوضع المزري الذي بلغه بسبب سلسلة الإنقلابات الطغموية البينية والحروب التي زجه بها النظام البعثي الطغموي وبسبب الحصار الظالم على الشعب الذي أوقعه بالعراقيين ومن ثم تَسَبُّبِهِ بالإحتلال عام 2003 الذي حرر العراق من عبوديته الطغموية البعثية ولكن بثمن باهض إضافي.
الخلاصة:
لقد كانت قيادات الجيش والأمن بيد السلطة الطغموية بمختلف شرائحها وإصطفافاتها التي تتناحر فيما بينها ولكنها موحدة أمام الشعب والقضية الديمقراطية. كانت معبأة ومحشدة، وهذه هي القوى الحاسمة في المجتمع العراقي تحت الظروف الداخلية والخارجية السائدة آنئذ. وقد تحرك الضباط الأحرار بزعامة عبد الكريم قاسم ورفاقه وفق منظور معين لآفاق الثورة، وتحركَ معهم أيضا شركاؤهم من ضباط  قوميين وبعثيين، وهم من طغمويي الخط الثاني من الحكم الملكي، تحركوا وفق منظور آخر أساسه تأثير المد القومي الناصري وبإندفاع عاطفي وشعارات غامضة وفجة حول الوحدة العربية وتحرير فلسطين، ولم يكن لدى هذا الفريق أدنى إهتمام بالإصلاح الديمقراطي والإجتماعي والإقتصادي والثقافي وغير ذلك؛ خاصةً وأن المحتوى الإجتماعي  للثورة المصرية ، بعد أن حُسمت قيادتها لصالح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لم تكن قد وَضُحَتْ بعد. وأغلب الظن أنهم ما كانوا ليهتموا بها ، إذ أن همهم الأول كما أظهرت التجربة العملية إنصبت على المغامرة وإستلام الحكم وإطلاق شعارات رنانة دعائية غير جادة أساءوا لمحتواها النبيل وجعلوها موضع سخرية الجماهير؛ كما ورطوا وأساءوا لسمعة الرجل الوطني والقومي الكبير جمال عبد الناصر (5). 
ولما إقتحم الزعيم عبد الكريم قاسم ومؤيدوه الميادين الإجتماعية والإقتصادية وغيرها، وخاصة الميدان الديمقراطي وبالأخص التقليل من وطأة الإقصاء الطائفي في كليتي الشرطة والعسكرية، إستفز ذلك الحِسَّيْن الطائفي والعنصري المشحونِ بهما الطغمويون ودق نواقيس الخطر على مصالحهم الطبقية الأمر الذي جعل الطغمويين يرتعبون من إحتمال فقدان السلطة الطغموية برمتها وإجتثاثها من الجذور (كما حصل على يد الأمريكيين في 9/4/2003)، لذا سرعان ما تفجرت براكين الشحن الطائفي والإستنفار والتحشد وأصبح الإصطدام التآمري حتمياً؛ وقد حصل، فعلاً، بأعنف صيغة إجرامية في 8 شباط الأسود عام 1963 بدعم من وكالة الإستخبارات المركزية كما فضحتها صحف أوربية عديدة وإعترف بها في حينه أمين سر القطر لحزب البعث العربي الإشتراكي علي صالج السعدي.
 لو درسنا، بتمعن وموضوعية، موازين القوى داخل العراق وخارجه في المحيط أو العالم، لما أخفقنا في الوصول إلى نتيجة مفادها حتمية إغتيال ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة على أيدي أصحاب مصالح ومنافع طبقية مغلفة تكتيكياً بشحن وتحشيد طائفي عنصري تشبعت بهما الأجهزة الضاربة الحاسمة في المجتمع العراقي آنذاك مدعومة بقوى خارجية إقليمية وعالمية. ولو تحرك اليسار، وكان يمتلك قوة جماهيرية واسعة ولكنها غير مؤهلة لمثل هذه الخطوة، وإستلم السلطة لكانت النتيجة، بإعتقادي، أكثر كارثية من الكارثة الحقيقية التي حصلت بدءاً من صبيحة 8 شباط 1963 الأسود حتى 9/4/2003، كما أثبتت التجارب اللاحقة في أفغانستان والعراق نفسه.
ولما  لم يكن الإعداد لقيام الثورة بالقدر الكافي، كان من الملائم النضال لدفع النظام الملكي نحو الإصلاح الديمقراطي وكان هذا ممكناً لطبيعة النظام الأقل شراسة بما لا يقاس مع شراسة النظام البعثي المتوحش والمنفلت من أي إلتزام حقوقي أو حضاري أو إنساني بينما كان النظام الملكي واقعاً في إطار الرعاية البريطانية التي كانت حكوماتها تهوِّن، بين الفينة والأخرى، من تطرف الحكومات العراقية بدفع من نواب في الجناح اليساري في حزب العمال المعارض الذين كانوا، بدورهم، يستمعون ويتعاطفون، بهذا القدر أو ذاك، مع وجهات نظر المعارضة العراقية الديمقراطية واليسارية (6).
كان من المحتمل أن يقود ذلك إلى نتائج إيجابية مقاربة لما نحن عليه اليوم متفادين أبشع وأقسى وأعنف التجارب وأكثرها دموية في المنطقة ومن بين القلائل على الصعيد العالمي في هذه المعايير المأساوية.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية  في  حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.
(2): الطائفية:
للطائفية معنيان: أحدهما عقائدي وهي طائفية مشروعة إذ تبيح لائحة حقوق الإنسان الصادرة عن الأمم المتحدة حق إعتناق أية ديانة وأي مذهب ومعتقد ديني أو سياسي أو إيديولوجي شريطة ألا يدعو إلى الكراهية والعنف والحرب.
إن محاولة توحيد أصحاب المذاهب من الديانة الواحدة هو ضرب من الخيال. فالطريق الأسلم والحل الصحيح هو أن يحترم كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير دون إقناع؛ ويتم كل ذلك في إطار الدولة المدنية الديمقراطية التي يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات.  وهذا لا يعني عدم خوض نقاشات علمية هادئة متخصصة بين هذه الفئات المختلفة والدعاية للمذهب أو الدين أو الفكر السياسي والآيدولوجي ونقد الآخر.
أما الطائفية المقيتة والمدانة فهي الطائفية السياسية، بمعنى إضطهاد وإقصاء وتهميش طائفة على يد طائفة أخرى أو على يد سلطة طغموية لا تمت بصلة لأية طائفة. لو تعمقنا في موضوع الطائفية السياسية لوجدناها ترتبط بمصالح طبقية. والطائفي هو من يمارس الطائفية بهذا المعنى أو يؤيدها أو يدعو لها.
طائفية السلطة الطغموية ضد الشيعة وغيرهم هي التي حصلت في العراق إبان العهد الملكي السعيدي والقومي العارفي والبعثي البكري- الصدامي. وعلى يد تلك النظم الطغموية مورست العنصرية، أيضا، ضد الأكراد والتركمان والقوميات الأخرى، كما مورس إضطهاد الأحزاب الديمقراطية واليسارية وخاصة الحزب الشيوعي العراقي والحزب الوطني الديمقراطي بسبب أفكارها الديمقراطية والوطنية والتقدمية.
 الحل الصحيح للقضاء على الطائفية السياسية يكمن بإعتماد الديمقراطية بكامل مواصفاتها اساساً لنظام الدولة وعدم حشر الدين في الشئون السياسية.
لا نجد اليوم في الدستور العراقي والقوانين ما ينحو بإتجاه الطائفية. وحتى برامج الأحزاب الدينية لا تحتوي على هكذا إتجاهات. وهو أمر يدعو إلى التفاؤل والتشجيع.
لابد من التعريج ولو بعجالة على بضعة ملاحظات تخص القضية الطائفية وهي تشكل نقداً لبعض جوانب الفكر السياسي لبعض العلمانيين العراقيين في حقبة ما بعد التغيير؛ وأعتقد أن التجارب المريرة التي مر بها العراق لابد وأن تجعلها موضع إهتمام. وأعتقد أنها كان لها تأثير كبير على الأداء السيء لليسار العراقي  في إنتخابات 7/3/2010 ؛ وربما سيكون لها دور أشد أهمية في المستقبل إذا لن يُصار إلى معالجة الوضع.
أولاً: إن الطائفية ظاهرة موجودة في المجتمع العراقي منذ ما قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة وما بعدها وليومنا هذا. وإنَّ تناولها وفق أسس علمية مستندة إلى لائحة حقوق الإنسان، ليس بالأمر الطائفي كما يتصور البعض الذي أما يفترض أن الطائفية ستعالج بالطائفية المضادة وهذه بالطبع معالجة طائفية خاطئة، ولكنها غير واردة في ظل النظام العراقي الجديد القائم على الدستور والديمقراطية البعيدين عن الطائفية؛ أو أن ذلك البعض مازال واقعاً تحت تأثير أفكار الحقبة التي أعقبت تأسيس الدولة العراقية في عشرينات القرن الماضي حتى سقوط النظام الطغموي في عام 2003. في تلك الفترة، هيمن على الشرائح الديمقراطية والتقدمية واليسارية فكرٌ دعى إلى "دفع القضية الطائفية تحت البساط مخافةَ أن يستفيد منها البريطانيون" (ومن ثم الإمبريالية العالمية ومن ثم الصهاينة وإسرائيل). النتيجة، تمادت النظم الطغموية في سياساتها وممارساتها الطائفية دون حسيب أو رقيب حتى بلغت ذروة ألإستهتار في العهد البعثي الطغموي الذي مارس سياسة التطهير الطائفي (إضافة إلى التطهير العرقي) والإبادة والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
أعتقد أن هذا النمط من التفكير، الذي أَعْتبرُهُ تفكيراً إنهزامياً، قد جعل قيام ثورة 14 تموز المجيدة حدثاً محكوماً عليه بالفشل المحتوم لا لعدم وجود حاجة موضوعية للثورة بل لعدم توفر الشرط التكتيكي للنجاح في نهاية المطاف. إذ كانت قيادات الجيش والأمن بيد الحكم الطغموي وهذه هي القوى الحاسمة في المجتمع تحت الظروف السائدة آنئذ.  ولكنني أقول الآن وبإختصار إنه كان على الحركة الوطنية أن تقرأ الواقع العراقي بموضوعية تامة بعيداً عن أسلوب تغليب التمنيات والأوهام. فكان عليها: أما أن تطرح موضوع مقاومة الهيمنة الطغموية الطائفية العنصرية بقوة منذ بداية تشكيل الحكم الملكي الطغموي لتحييد الجيش والأجهزة الأمنية والدينية وعدم جعلها أدوات بيد السلطة الطغموية؛ وأما ألا يُصار إلى القيام بثورة عندما  كان الجيش والأمن بيد السلطة الطغموية بمختلف شرائحها وإصطفافاتها التي تتناحر فيما بينها ولكنها موحدة أمام الشعب والقضية الديمقراطية.
لقد حشرت الحركة الوطنية الديمقراطية العراقية نفسها في زاوية بسبب عدم التناغم مع ما كان يعتلج في نفوس الجماهير حتى تمكن الحكم الطغموي وإزداد ثقة وإستهتاراً فأقدم على أبشع أنواع القمع وأصبح عصياً على الردع وما عاد قادراً على الإطاحة به سوى الله أو أمريكا التي أطاحت به فعلاً وحررت العراقيين منه بعد دفع أبهض الأثمان.
أعتقد أن غياب التحليل الموضوعي لواقع العراق، ماضياً وحاضراً، هو الذي دفع الفنان الكبير يوسف العاني لأن يطرح سؤالا هاماً في فضائية "الحرة" خلال شهر أيار المنصرم وهو: "لماذا حلَّ بنا ما حلَّ؟" ثم أردف قائلا: "إن بعض مثقفينا لم يجيبوا على هذا السؤال." (أعتقد أنه قصد "الجميع" ولم يقصد "البعض").     
ثانياً: هناك من ربط بين حدثين وإستنتج إستنتاجاً خاطئاً، وهما: حدثُ سقوطِ النظامِ الطغموي البعثي في 9/4/2003، وحدثُ إرتفاعِ النعرة الطائفية حتى إرتسم في أذهان الكثيرين بشكل لاواعٍ وجودُ ربط وعلاقة سببية مباشرة بين الحدثين "الجديدين". الربط السببي موجود بالفعل، ولكن بمعنى معيَّن وليس بالمعنى السطحي الذي يتبادر إلى الذهن والذي أشاعه السطحيون والطغمويون وأعوانهم في الخارج حيث أنحوا باللائمة على الشيعة والأكراد والأمريكيين، وذلك في خضمِّ "نضالهم" لإسترجاع سلطتهم المفقودة. لقد أشاعوا هذا المفهوم من باب "خير وسيلة للدفاع هو الهجوم"، بمعنى أن جبال الجرائم التي ينوء تحتها حكم البعث الطغموي حالت دون الدفاع عنه إلا بهذه الوسيلة الفكرية الإعلامية المشوشة التي يُقصد منها التخريب. في الحقيقة أثار الطغمويون، أنفسهم، النعرةِ الطائفية جنباً إلى جنب مع رفع شعار "مقاومة الإحتلال" وذلك لتقويض النظام الجديد وإستعادة سلطتهم المفقودة وهي بيت القصيد ولم تكن "مقاومة الإحتلال" هي المقصودة كما أثبتت الأيام. لقد إستفاد الأمريكيون من إثارة النعرة الطائفية وضخموها ووضفوها لصالحهم دون شك.
 الطائفية ليست بألأمر الجديد ولكنها كانت تُمارس اثناء النظم الطغموية بشكل قسري ومبطَّن، ولم تجابه من قبل القوى الديمقراطية واليسارية بمنهجية وقدر كافيين.
ثالثاً: هناك خلط خاطئ وخطير بين الطائفية وبين إنطلاق ثقافة طائفة، وهي الطائفة الشيعية، من قمقمها لتأخذ حجمها الطبيعي في المجتمع، بعد تحررهما من القمع، مهما كانت طبيعة تلك الثقافة كمبادئ وكطقوس، متقدمة أو متخلفة، منبعها "صفوي أو سلجوقي"، فهي قد أصبحت ثقافة شعبية منذ قرون، ولعبت دورا سياسياً هاماً في الحفاظ على الهوية الثقافية لذلك المكوِّن من محاولات النظم الحاكمة منذ قرون لمحوهاً. علماً أنها أثبتت بالدليل الملموس كونها ثقافة مسالمة ولا تدعو للعدوان ولا تُفرض حتى على أتباع الطائفة بغير الإختيار الطوعي.
ومن يريد تطوير أو تغيير أو محو هذه الثقافة أو تلك، وعزل من يعتقدهم مستفيدين منها ومستغِلين لها، فليس أمامه سوى النضال الإجتماعي بين الجماهير والإقناع بالوسائل الديمقراطية سبيلا. فهذا هو شعبنا على حقيقته، أحببنا أم كرهنا، والثقافات لا تُفرض من الأعلى. لأن الفرض، أراد صاحبه أو لم يرد، سينحدر يوماً بعد يوم حتى يصل حالة التطهير الطائفي وكذلك العرقي اللذين بلغهما النظام البعثي الطغموي نظام التطهير العرقي والطائفي والإبادة والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
بإعتقادي أن هناك من اليساريين العراقيين من أساء لليسار بإنشغاله في وعظ الناس بترك مفردات ثقافتهم "الخرافية" على أساس كونها قادمة من مصدر خارجي (صفوي) وعلى أساس كونها تهدد الوحدة الوطنية. أعتقد أن هذا هو وعظ الواهمين. الأنكى ، والذي شكل إساءة مضاعفة لليسار، أن هذا الوعظ والتسبيب جاءا في وقت إنطلق، على أساس مشابه لهما، الإرهابيون التكفيريون في عزمهم المعلن على إبادة الشيعة.
هذا وأعتقد أن الإستقرار وشيوع الأمان وإنقشاع أخطار الإبادة ونضوج الوعي الديمقراطي ستقود كلها إلى مراجعة الطقوس والقرار بأدائها بشكل أكثر ملائمة وأكثر توفيراً  للوقت والجهد وإجدى من حيث النفع والجوهر.
رابعاً: طرح البعض رأياً يقول: كان صدام ظالماً في كل شيء لكنه كان عادلاً في توزيع ظلمه على جميع المكونات. هذه مقولة غير دقيقة من وجهة النظر التأريخية. نعم إنه كان قاسياً لا يرحم كل من يقف بوجهه، وفي ذلك الظلم كان عادلاً. غير أنه قد ذهب أبعد من ذلك بكثير. إذ أن بطشه بالشيعة والأكراد جاء نتيجة منهج مخطط له بوعي وإرادة جازمة يرمي إلى تنفيذ حملة تطهير عرقي وطائفي. وهذا أمر أخطر بكثير من الحالة الأولى.
 خامساً: يريد البعض من العلمانيين العراقيين نقدَ إقحام الدين في الشئون السياسية خاصة في فترة ما يسميها الإسلاميون بالصحوة الدينية، وهم على حق في ذلك، وأنا بدوري أدعو إلى الفصل بين الدين والدولة. لكن ذلك البعض يستبدل الدين بالطائفية ويبدأ بمهاجمتها. يمارس قسمٌ من هذا البعض هذا السلوك عن جهل وببراءة. ويمارسه القسم الآخر عن عمد بهدف التخفي لإفتقاده الشجاعة على تسمية الأمور بمسمياتها. يسلك الطغمويون والتكفيريون والدول ذات النظم الدينية المغلقة كالسعودية نفس هذا السلوك للنيل من الديمقراطية الوليدة في العراق والأحزاب الدينية، المساهمة الرئبسية إلى جانب الأكراد في تأسيس الديمقراطية، دون أن تسبب، أي السعودية وحلفائها، لنفسها الحرج، فهي تلعن وتصدر فتاوى القتل ضد الطائفيين وليس ضد الدينيين!! .
سادساً: وفي مجال تشخيص المذنبين ساوى بعض العلمانيين بين الجاني والضحية. لقد تهربوا من تحمُّل مسئولية التشخيص الصادق سواءً لإثارة الطائفية أو القيام بأعمال إرهابية وراحوا يلقون باللوم على الجميع مذنبين وضحايا. وفي أحسن حال فقد ساووا بين الجهد الكلي للمذنب وبين جهد بسيط ومنعزل يغلب عليه طابع "رد الفعل" للضحية. إن هذا الموقف ينطوي على تشجيع للمذنبين لآنهم يشعرون بعدم الملاحقة الأدبية لهم والإدانة.
لو كان هناك تشخيصا ًواقعياً للجاني والضحية، بعد سقوط النظام، من قبل عدد غير قليل من المثقفين العلمانيين، لتردد الطغمويون من بناء قبر صدام من المرمر ومحاولة جعله مزاراً عاماً للمدارس وغير المدارس وهو تحد صارخ وإهانة بل إعلان حرب على ضحايا النظام وما أكثرهم.
سابعاً: وفي مجال محاربة الطائفية يبتعد بعض العلمانيين عن الأسلوب العلمي ويعوِّلون كثيراً على الحلول المستندة إلى الوعظ والمنطق الديني الأخلاقي المسطح الجامد الداعي إلى "التوحّد ونبذ الفرقة" الذي لا روح فيه لإبتعاده عن الواقع وتجاهله طبيعة البشر وتأثير المصالح المتنوعة عليهم. ربما نبعت هذه المقاربة من الثقافة التراثية التي ورثناها والقائمة على تبجيل "الوحدة عبر التماثل" بينما يرى علماء الإجتماع أن الحياة تطلب "الوحدة عبر الإختلاف".
الحل الصحيح يكمن، إذاً، في الإلتزام بالمرجعية الحضارية الشاملة التي أقرتها الأمم المتحدة وهي لائحة حقوق الإنسان. أي أنْ يَحترمَ كلُ شخصٍ قوميةَ ودينَ ومذهبَ وفكرَ الآخر على ما هو عليه دون قمع أو إقصاء أو تهميش أو إكراه على التغيير دون إقناع.
وباعتقادي ان عدداً غير قليل من العلمانيين وقعوا في هذا الخطأ. وبناءً على هذا الخطأ أخفقوا في تشخيص جذر القضية العراقية وهي تحديداً مسالة "رفض الآخر" ذلك الآخر الذي أتى عن طريق صناديق الإقتراع. وكان الرفض، وما يزال فاعلاً، على أساس محاولة إسترجاع السلطة للطغمويين بعد أن عيّنوا أنفسهم "حراساً للبوابة الشرقية" للأمة العربية، وعلى أساس تشكيل "دولة العراق الإسلامية" للتكفيريين من منطلق أنهم "الفرقة الناجية" و "الطائفة المنصورة". وعلى أساس هذا الرفض نشأ إرهاب وحشي لم تنفع معه تهدئةُ الخواطر بلوم الضحية والجاني، وكأنه الربتُ على الأكتاف، ما شجع الجاني على التمادي في غيِّه.   
ثامناً: في الوقت الذي تعاملت فيه جميع الأطراف الديمقراطية من اليمين واليسار والدينيين والعلمانيين مع الإحتلال الأمريكي للعراق تعاملاً عملياً (براغماتياً) من منطلق تلاقي مصلحة الشعب العراقي العليا مع المصالح الستراتيجية الأمريكية في مفردة إسقاط النظام البعثي الطغموي،  تعامل البعض من العلمانيين مع الأحزاب الدينية تعاملا إيديولوجياً. فإفترضوا سلفاً أن هذه الأحزاب، وبضرورة الحكم العقائدي (الإيديولوجي) المسبق عليها، سترينا العجب العجاب في أمور السياسة والإجتماع وغيرها وفي مقدمها فرض نظام "ولاية الفقيه".  كان هذا موقفاً خطراً لكون هذه الأحزاب قد نالت تأييد الأغلبية الشعبية ودخلت في صراع خفي متعدد المحاور وكانت بحاجة إلى دعم المثقفين: محور الصراع مع الأمريكيين حول الملف الأمني وإنسحاب القوات ومقاومة محاولات تشتيت الأحزاب الدينية الديمقراطية، ملف الصراع مع الإرهاب، محور الصراع مع المخربين داخل العملية السياسية، ملف الصراع مع دول المحيط . ولابد من القول أن جزءً من حكومة المالكي وبقيادته واجه هذه التحديات وسط مثبطات عديدة لكنه حقق الإنتصار، بدعم شعبي، وما زال العراق في أول الطريق. 
تاسعاً: يتوجب توخي الحذر حيال الأدعياء وقليلي الوعي والمتعصبين والمُشَوَّشين فكرياً. فمن غير الصحيح إعتباره من المسلمات تطابق فكر وسلوك كل فرد، وفي جميع المواضيع، مع فكر الحزب أو الإيديولوجيا أو الجماعة التي ينتمي أو يلتزم بها. فكثيرون هم  الذين يدَّعون أو يلتزمون ولكن سلوكهم ومواقفهم العملية لا تطابق ما يدَّعونه وما يلتزمون به. وقد رأيت هذا جلياً في الموضوع الطائفي، للأسف.
عاشراً: وَضُحَ، أثناء المسيرة السياسية للعراق منذ تأسيس النظام الديمقراطي فيه ولحد الآن، سلوكٌ شائن ولاوطني، مفادُه: التمني والسعي لإفشال الحكومة ولو على حساب المصالح الوطنية والإضرار بها وعلى رأسها صيانة الديمقراطية وإستكمال مؤسساتها. هنا لا أتكلم عن أعداء الديمقراطية أصحاب الذرائع المتنوعة، بل أعني الأطراف والأفراد المؤيدين للديمقراطية. هؤلاء على عدة أنواع: فمنهم من ساير الديمقراطية لتخريبها من الداخل وفق قاعدة "إذا لم تستطع إحباطه فسايره" وهؤلاء هم الطغمويون. ومنهم من هو منخفض الوعي السياسي؛ ومنهم من يفعل ذلك بدافع الأنانية. أعتقد أن  الجميع يعانون من مرض مصاب به العراقيون نتيجة القمع القاسي والطويل الذي تعرضوا له وهو مرض التطرف لدرجة إيذاء الذات.
أحد عشر: على الرغم من الفضل الكبير الذي أسداه الأمريكيون للعراقيين سواءً بإطاحة النظام البعثي الطغموي أو بإقامة النظام الديمقراطي، ما يقتضي إقامة علاقات صداقة حقيقية وشفافة قائمة على الإحترام الملبادل والمصالح المشتركة وهو ما حاولت حكومة السيد المالكي تحقيقه، إلا أنني ألحظ أيضاً جهودهم لتفتيت الأحزاب الإسلامية الديمقراطية وتشتيت جماهيرها لا لكونها طائفية كما يظن البعض بل لأنها قادرة على الوقوف بوجه المصالح المناقضة للمصالح العراقية وخاصة النفطية والأمنية الإقليمية. أعتقد أن تأخير حل مشكلة الكهرباء والخدمات عموماً يقع ضمن إطار هذا الجهد. لذا أرى عدم الإنجرار وراء هذا الجهد للمقتضى الوطني من جهة ولدرء ما قد يكون الأسوأ من جهة أخرى. فالمنطقة والعالم يعجان بحركات التطرف واللاعقلانية. وإذا أخطأنا الحساب فقد تكون العواقب كارثية بعد أن أوشكنا على بلوغ شاطئ الأمان بعد جهد جهيد وشق الأنفس.     
(3): يُلاحظ وجود مفارقة في طبيعة الشعب العراقي حيث إنه محافظ جداً من الناحية الإجتماعية، بينما هو تقدمي لحد التطرف أحياناً في تقبل الأفكار اليسارية، علماً أن المحن الطاحنة التي تعرض لها خاصة منذ إنقلاب 8 شباط الأسود ولحد الآن قد ليَّنت من عريكته وجعلت الفجوة تضيق ويميل المؤشر لهذه الناحية في بعض القضايا ولتلك الناحية في قضايا أخرى. 
(4): قدّرت المصادر الكردية بأن عدد ضحايا حملة الأنفال بلغ (182) ألف شهيد، وقدرته المصادر الأمريكية ب (62) ألف شهيد. أما ضحايا القصف الكيمياوي لحلبجة فقد أجمعت المصادر العراقية المعارضة والأجنبية على أن الضربة الآولى أودت بحياة (5000) شهيداً. أما عدد ضحايا قمع الإنتفاضة الشعبانية في الوسط والجنوب فقد قدرته مصادر المعارضة العراقية بما يزيد على الربع مليون شهيداً. أما المصادر الأمريكية فقد قدرته ب (22) ألف  شهيد. أعتقد أن المصادر العراقية أقرب إلى الدقة.
(5): بالطبع هذا لا يعني نسيان العيوب الجادة في النظام الناصري وأهمها غياب الديمقراطية وعدم الإعتماد على الجماهير في النشاط العام، ودعمه للنشاطات التآمرية كإسلوب لتحقيق الوحدة العربية.
(6): لابد من التنويه إلى الدور البارز والمشرِّف الذي لعبته "جمعية الطلبة العراقيين في المملكة المتحدة" بهذا الخصوص. فرغم صبغتها اليسارية وحقيقة كون الطلبة الشيوعيين في مقدمة من قدموا التضحيات لبقاء الجمعية على قيد الحياة في وجه الضغوط الشديدة للحكومة العراقية وسفارتها في لندن، إلا أن الجمعية، بحق، كانت تنطق بإسم جميع القوى الديمقراطية واليسارية المعارضة وتوصل وجهات نظرهم إلى الأحزاب والنواب والسياسيين والصحف البريطانية.



107
ماهي الطائفية؟ ما هي الوطنية؟ وهل إن إئتلاف العراقية حقاً وطنيٌ وعابرٌ للطائفية؟ (4-7)

محمد ضياء عيسى العقابي

إفتراض وواقع:
أطرح الحالة الإفتراضية التالية: لو أنيطت بالجماهير التي إنتخبت إئتلاف العراقية مهمة إنتخاب حكومة عراقية، وإنطلقت حملة إنتخابية تتنافس فيها مجموعتان: أياد علاوي ورفاقه مقابل عزت الدوري ويونس الأحمد ورفاقهما، فلمن ستكون الغلبة؟
أكاد أكون واثقاً أن أنصار إعادة عزت الدوري ويونس الأحمد للسلطة (بل حتى صدام لو أُعيدَ حياً!!) سيشكلون الأغلبية الساحقة، إذ سيقول لسان حال جماهير إئتلاف العراقية للدكتور أياد: إذا حضر الماء بطل التيمم، أيها الرفيق أياد!!!.
أليس كذلك؟ هل في هذا تجنٍّ على واقع حال جماهير إئتلاف العراقية؟ إليك المزيد:
أولاً: شكت السيدة ميسون الدملوجي، الناطقة الرسمية بإسم "إئتلاف العراقية"، في إحدى حلقات برنامج "بالعراقي" في فضائية "الحرة" قبل أسابيع معدودة، بأن "إئتلاف العراقية" خسر أصواتاً في جنوب ووسط العراق نتيجة صَبْغِهِ بالصبغة البعثية؛ فرد عليها مدير البرنامج السيد عمر محمد قائلا: "ولكنكم، بالمقابل، إستفدتم وكسبتم أصواتاً من هذه الصبغة البعثية في المناطق الغربية والموصل". لم تستطع السيدة الرد لأن الحقيقة واضحة.

ثانياً: وبتأريخ 1/6/2010 أضطر السيد اياد علاوي إلى إطلاق الكلام اللامعقول وأصابه التلعثم عندما واجهه محاورُه صاحبُ برنامج "الحديث الصعب / هارد توك"، في فضائية البي بي سي البريطانية، بالكلام الصريح الذي يتجنبه العراقيون عادة لأسباب مختلفة تنقصها الشجاعة والأمانة. قال له: تتكلم عن حرب أهلية وهو أمر في غاية الخطورة، فهل تعني أن الذي سيقوم بها هم مؤيدوك من السنة؟ أجابه بتلعثم وحرج ولم يردد له نغمته الديماغوجية المعتادة من أنه يمثل الشعب العراقي كله ولا يمثل طائفة دون أخرى، قال: كلا . فصعقه محاوره بسؤال آخر: مَنْ، إذاً؟ أجابه بأشد تلعثماً: هم ...... الطائفيون!!. هنا بدا صاحب "المشروع الوطني" سخيفاً للغاية لأن مصدر الإرهاب معروف للعالم أجمع وهم الطغمويون* وحلفاؤهم التكفيريون. لم يفت المُحاور أن يقول للسيد أياد أن إئتلافه يستمد قوته من البعثيين؛ وكانت أجوبته على العموم باهتة بائسة لأن مستمعي البي بي سي لا يُبهَرون بكلام اللف والدوران الذي تصطبغ به أحاديث السيد أياد ورفاقه في الفضائيات العربية. أما مجلة الإيكونومست البريطانية فلم تتهم السيد أياد علاوي بالطائفية ولكنها قالت إن العراقيين ينظرون إليه كبعثي لذا أوصت المجلة بإستبعاده من رآسة الوزارة.

ثالثاً: لم يطلق السيدان أياد علاوي وحسن العلوي صرختهما بوصف صدام يوم إعدامه ب "الشهيد" لدوافع نفسية. أعتقد أنهما كانا يتحسسان الشعور الحقيقي للجماهير التي يرمون الشباك لإصطيادها بهدف توسيع القاعدة الشعبية لحركة الوفاق الوطني والقائمة العراقية، رغم أن صرخة "الشهيد" التي أطلقاها قد كلفتهما نفور أبرز أطراف وشخصيات القائمة العراقية الذين أكسبوها نوعاً من الإحترام كالحزب الشيوعي العراقي وحركات قومية ووطنية وشخصيات ديمقراطية محترمة كالقاضي وائل عبد اللطيف والسيدة صفية السهيل والدكتور مهدي الحافظ والدكتور حاجم الحسني والسادة عزت الشابندر والدكتور مالك دوهان الحسن وأياد جمال الدين وغيرهم حيث إنضم معظمهم إلى إئتلاف دولة القانون والإئتلاف الوطني. بينما إنضم إلى إئتلاف العراقية حركات وأشخاص يقعون بين بعثي "قطمر" وبين ربع بعثي أمثال السادة: ظافر العاني وصالح المطلك وطارق الهاشمي وعبد الفتاح الشيخ وغيرهم.   

أسأل: ماذا يعني أن تقود معلمة أو مديرة مدرسة في تكريت تلميذاتها لزيارة قبر صدام حسين الذي أدانته محكمة عراقية عادلة** وحكمت عليه بالإعدام لكونه المسئول الأول عن إقتراف مجزرة في الدجيل التي كانت قضيةً رمزية تؤشر لمسئوليته في أعمال التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية ونشر المقابر الجماعية في أرض العراق والجرائم ضد الإنسانية منها جريمة مهاجمة الأبرياء في حلبجة بالأسلحة الكيميائية والأنفال وقمع إنتفاضة ربيع 1991 الشعبانية؟
 وماذا يعني أن يُعاد بناء قبر صدام بالمرمر والمواد الفاخرة المستوردة من الأردن أو عن طريقه ليُجعل منه مزاراً، لا خاصاً بل عاماً، للإحتفاء به؟
لا شأن لي بالقبر والمرمر إذا كانا يريحان أهله وأقاربه وأصدقاءه ومريديه ونحن في عراق ديمقراطي فيه الناس أحرار ويفعل كل إنسان ما يلائم ضميره وقيمه وأخلاقه وحياءه ووطنيته.
ولكن هل فكر هؤلاء بشعور ملايين العراقيين الذين أريقت دماء ذويهم وأزهقت أرواحهم وإنتهكت حرماتهم وإستبيحت مقدساتهم على يد هذا الرجل وأعوانه؟ وهذا، ثانيةً، أمرٌ خاص بالأهل والأقارب والأصدقاء والمريدين.
ولكن هل أقاموا إعتباراً لملايين العراقيين عندما أرادوا أن يجعلوا منه مزاراً عاماً للمدارس وهي مؤسسات رسمية يموّلها المجتمع المنكوب؟ وهل إحترموا العدل وحقوق الإنسان والدستور والقضاء العراقي؟
وهل كان هذا أول حدث يبجلون فيه صداماً؟ كلا، والجميع يتذكر المظاهرات واللافتات الإستفزازية، ويتذكر هتافات "شهيد الحج"!!
وهل نستغرب هذه التصرفات إذا كان زعماء إئتلاف العراقية يعلنون عن مواقف أقرب أو أشد من موقفي السيدين علاوي والعلوي بشأن "الشهيد" صدام.

الأهم، هل كانت تلك المدرّسة أو المديرة أو القائمون على تبجيل صدام تبجيلاً عاماً وليس خاصاً، يجرؤون  على الإقدام على أفعالهم لو كان هناك في تكريت رأياً عاماً رادعاً يحترم الديمقراطية والآخر وحريصاً على الوحدة الوطنية؟ أليست هي حقيقة أن ضحايا صدام يعلنون ليل نهار بأن صدام وأعوانه هم طغمويون لا يمثلون أياً من قوميات أو أديان أو طوائف الشعب العراقي بل هم لملوم من جميع تلك الشرائح هيمنوا على السلطة قسراً لمنافعهم الذاتية، بينما ينبري لنا الرأي العام في تكريت ليقول لنا غير ذلك متحدياً شعور الغالبية العظمى من جماهير الشعب العراقي وكأنه يقول لهم "نحن نؤيد كل ما فعله صدام بكم"؟ أليست هذه صرخة تزكية وتمجيد لواحد من أبشع أنواع الإجرام التي عرفتها البشرية؟ كيف تتم الوحدة الوطنية على هذا الأساس؟ أليس هذا رفضاً للآخر ورفضاً قاطعاً للديمقراطية؟ هل يُلام من لا يكنُّ الإحترام لمثل من يقوم بمثل هذه الأعمال الداعية إلى الفرقة والتبعثر؟
 
والأكثر أهمية، أين دور إئتلاف العراقية ووطنيته ولاطائفيته من هذا الأمر؟ هل هو نائم أم هو منشغل في الإدعاء وإطلاق التهم والتخوين؟ ألا يعني هذا أن إدعاءاته بالوطنية العابرة للطائفية مجرد كلام دعاية لا أكثر؟
أعتقد أن هذا ينسف من الأساس تعكّزَ إئتلاف العراقية، بكونه عابراً للطائفية، على حصوله على مقاعد في هذه المحافظة وأمثالها بينما لم يحصل التحالف الوطني والتحالف الكردستاني على شيء فيها.

سيقول إئتلاف العراقية: هذه جماهير وهذه آراؤها. وسأقول: لقد رفضت أوربا والعالم الديمقراطي السيد (هايدر) النمساوي، الذي فاز بأغلبية الأصوات البرلمانية التي كانت تؤهله لتشكيل الحكومة مع حلفاءه؛ لكنه  رضخ لذلك الضغط الرافض لأن الديمقراطية لا تعني السماح لمن يريد العودة إلى ممارسات النظم الفاشية التي نبذتها الشعوب، تحت هذه الواجهة أو هذا البرقع أو ذاك. 
     
معيار اللاطائفية الحقيقي:
من جهة أخرى، فإن تنوّع قوميات وأديان ومذاهب المنتخِبين ومواقع تواجدهم الجغرافي ضمن البلد لا يعني، بالضرورة، أن المنتَخَبَ يحمل مشروعاً وطنياً إذا لم يكن برنامج عمله وطنياً فعلا. وبالعكس فإن صاحب المشروع الوطني اللاطائفي يبقى وطنياً ولاطائفياً حتى ولو صوَّتَتْ له شريحة واحدة فقط أو سكان بقعة جغرافية معينة. علماً أن التحالف الوطني قد فاز في 10 محافظات وفازت الأحزاب الكردية في أربع وفاز إئتلاف العراقية في 4 محافظات فقط.

 أعتقد أن حال البرنامج الحقيقي (وليس البرنامج الورقي والإدعائي) لإئتلاف العراقية هو من النوع الطائفي واللاوطني، كما رأينا أعلاه فيما يخص مواقف قادته وسمات جماهيره.
بنفس الوقت فإن برامج عمل إئتلافي دولة القانون والوطني العراقي والأحزاب الكردية هي برامج وطنية وديمقراطية (على الورق وفي الإدعاء وفي الممارسة العملية) رغم إقتصار التواجد الجغرافي لمنتخِبيهم في مناطق محددة لكنها تشمل أغلبية المحافظات العراقية وليس جميعها.

جاءت، إذاً، نتائج الإنتخابات منطقية ومطابقة للواقع (وهذا لا يعني عدم حصول تزوير مدبَّر خارجياً بتقنية عالية بهذا القدر أو ذاك) . فمناطق نجاح إئتلاف العراقية هي المناطق التي قمعت الديمقراطيين من السنة العرب وإنطلق وينطلق منها الإرهاب فهناك من إنخرط في العمل الإرهابي وهناك من روّج له وهناك من دعمه وهناك من تستر عليه وهناك من سكت عنه وهناك إنبسط لنجاحه وإكتئب لخذلانه وهناك من بدّل تكتيكه وسلك طريق صناديق الإقتراع بهدف التخريب بدعم خارجي. نعم، هناك إرهابيون وخارجون على القانون في المناطق الأخرى ولكنهم معزولون وبأعداد ضئيلة جداً.
 
إنه، إذاً، ليس بالأمر المستغرَب أن لم يفز ولا نائب من إئتلافي دولة القانون والوطني العراقي في المناطق الغربية والموصل. فهذا يصب في صالح سلامة مواقف الإئتلافين وليس لصالح إئتلاف العراقية لإن  التصويت لهذا الأخير تمَّ على أساس قبول طروحاته المنافية للديمقراطية كما ذكرتُ أعلاه؛ وحصل على دعم من شرائح متعصبة رافضة للآخر رفضاً تدينه لائحة حقوق الإنسان؛ بينما يوجد تبرير مُقْنِع لعدم إنتخاب إئتلاف العراقية في كثير من المناطق الوسطى والجنوبية والمناطق الكردستانية مع نجاح محدود في عدد صغير منها.
 
خلاصةً أقول: أن يكونَ الحزب أو الإئتلاف أو الجماعة، أو لا يكونَ، صاحبَ مشروعٍ طائفي أو عنصري أو وطني، لا يحددُه دينُ أو مذهبُ أو قوميةُ قادةِ ومنتسبي ومؤيدي ومُنتَخِبي ذلك الحزب أو الإئتلاف. المُحدِّدُ الحقيقي هو برنامج ذلك الحزب أو الكيان أو الجماعة بمحاوره المتعددة.

أما إئتلاف العراقية بمكوناته العديدة فهو في أحسن الإحتمال يريد إفراغ الديمقراطية من جوهرها وتشويهها إن لم يكن وأدها عن طريق تسفيهها. أرى أن كثيرين في هذا الإئتلاف، للأسف، مازالوا رافضين للديمقراطية الحقيقية ورافضين للآخر ورافضين لسواسية البشر أمام القانون وحقوق الإنسان ولم يتخلوا عن عزمهم على إستعادة السلطة والإحتفاظ بها. وهذه هي مشكلة العراق الحقيقية مهما ألبسها مفتعلوها، داخل أو خارج العملية السياسية، داخل العراق وخارجه، حللاً براقةً. وما إدعاء إئتلاف العراقية بكونه صاحب مشروع وطني لاطائفي، وما إتهامه الآخرين بكونهم أصحاب مشروع طائفي وعنصري، إلا إدعاء وإتهام فارغان ولغو ديماغوجي، والديماغوجية من سمات الطغمويين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية  في  حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

** نقلت فضائية "العراقية" بتأريخ 24/1/2010 عن السيد صالح المطلك، أحد أبرز قادة إئتلاف العراقية، قوله التالي (وكان يتحدث بصدد عدم السماح له بالمشاركة في الإنتخابات حسب قانون المسائلة والعدالة): ".... ولي ثقة كبيرة جداً بالقضاء العراقي".



108
ماهي الطائفية؟ ما هي الوطنية؟ وهل إن إئتلاف العراقية حقاً وطنيٌ وعابرٌ للطائفية؟( 7-3)

محمد ضياء عيسى العقابي

مَنْ إنتخبَ مَنْ ولماذا؟
وإذا كانت المناطق الشيعية قد إنتخبت نواباً شيعة والمناطق الكردية إنتخبت نوّاباً كردا فهو أمر مفهوم ومتوقع ومنطقي وليس هو بالفعل الغريب أو الطائفي أو العنصري بالمعنى العلمي. إنهم إنتخبوا نواباً وقفوا بجانب الشعب وإلتزموا ببرنامج ديمقراطي قائم على رفض النظام الطغموي (1)  المستند إلى الطائفية والعنصرية والدكتاتورية والديماغوجية، وبالتالي فهو برنامج وطني ديمقراطي فيدرالي أثبت أصحابه بالدليل الملموس إخلاصهم لمنطلقاته ومرتكزاته الأساسية فكتبوا الدستور وإستفتوا الشعب عليه وأجروا ثلاث جولات من الإنتخابات النيابية الديمقراطية وأسسوا قضاءً مستقلاً وحكومة منتخبة ومسئولة أمام البرلمان وشكَّلوا أجهزة أمنية أقرب إلى المهنية وأطلقوا الحريات العامة ومن بينها حرية الصحافة. (وهذا لا يعني أن الأمور بلغت ذروتها فمازال هناك الكثير الكثير ثم الكثير ينتظر التفعيل والتطوير والإستكمال).

أما الجماهير التي إنتخبت نواب إئتلاف العراقية فماذا إنتخبت، أولاً؟ وما هي قِيَمُها، ثانياً؟ إنتخبت أصحاب المنطلقات الستراتيجية التالية المعارضة للديمقراطية والدستور، ولم تنتخب نائباً واحداً من إئتلافي دولة القانون والوطني العراقي وهو أمر مستغرب لكونه رفضاً مطلقاً لبرنامج ديمقراطي، كما هو أمر مستغرَب لدعمه إئتلافَ العراقية لأنه دعمٌ لبرنامج لا ديمقراطي (بالفعل وليس بالإدعاء) وهو إئتلاف تكَوَِّنَ ك "صنيعة لإرادات خارجية مدعومة من قبل الولايات المتحدة" على حد قول المحلل السياسي السيد إبراهيم الصميدعي في فضائية الحرة بتأريخ 1/6/2010 :

أياد علاوي: عرض السيد أياد علاوي مشروعاً بديلاً لحكم العراق على الدكتورة كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة. أما بنود مشروع الدكتور أياد والقائمة العراقية فهي كما صرح بها النائب عن القائمة السيد أسامة النجيفي ونقلتها (د.ب.أ.) ونشرتها صحيفة "صوت العراق" الإلكترونية بتاريخ 6/3/2007، وهي: "إعادة النظر في العملية السياسية بالكامل وتغيير طريقة إدارة الدولة العراقية وتجميد الدستور وحل البرلمان".
وهو مازال يلح على جوهر هذا الأمر حتى في آخر بيان له صدر عن مكتبه ونقله موقع فضائية "الفيحاء" بتأريخ 23/6/2010 إذ ورد في البيان ما يلي بالحرف: "إن مسئولية العراق تقع على عاتق الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والأمم المتحدة، مُطالبَها بإصلاح ما يمكن إصلاحه قبل الإنسحاب....". يبدو أن السيد علاوي وإئتلافه يريدان إرباك الحياة السياسية في العراق وتدويخها حتى تقوم أمريكا والمجتمع الدولي والأمم المتحدة بعمل دراماتيكي داخل العراق يناسب مفهمومه ل "الإصلاح".

أما الآن فإنه يحمِّل الحكومة العراقية مسئولية سوء العلاقات مع بعض دول الجوار كالسعودية وسوريا وينسى الإرهاب الذي يصدِّرونه للعراق لخنق الديمقراطية لا أقل بل أكثر. إنه يَعِدُ العراقيين بعلاقات أفضل مع المحيط وآخرين ولا يذكر الثمن الذي يقدمه مقابل ذلك (2) لسبب بسيط وهو فداحة التنازلات التي ينوي تقديمها ويصر الآخرون على الحصول عليها وهي إلغاء الديمقراطية أو تشويهها بالأقل.

الأخطر منها قاطبةًً هو قبوله أن يكون تولِّيه رآسة الوزارة نتاجاً لتفاهم أمريكي – إيراني (3) قد ينتهي في نهاية المطاف بحرب مدمِِّرة لا  ناقة لنا فيها ولا جمل(4) تنطلق من أرض العراق وبارواح عراقية وأموال سعودية وسلاح أمريكي وقهقهة إسرائيلية، والهدف هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية التي يجمع الخبراء الأمريكيون على عدم جدوى ضربها من الجو بل بجهد عسكري على الأرض. قد يتطلب هذا بين ستة إلى عشرة سنوات تكون كافية للسيد أياد علاوي أو من يخلفه والأمريكيين لترتيب الساحة العراقية. أما إيران فحساباتها تتلخص في أنها سوف تمتلك السلاح النووي قبل ذلك الموعد ما يجعلها قادرة على فرض إرادتها على العراق وربما خوض الحرب على أرض العراق. وفي جميع الأحوال يكون الشعب العراقي والوطن العراقي هما الضحية الأولى دون أدنى مبرر.   

(أما الهدف المشترك الأول من التفاهم أو الصفقة التي نحن بصددها هو الحيلولة دون ترؤس السيد نوري المالكي، مرشَّح "إئتلاف دولة القانون" وزعيم حزب الدعوة الإسلامية، الحكومةَََ القادمةََ، وذلك لأن المالكي وحزب الدعوة وإئتلاف دولة القانون يتمسكون بسياسة مفادها الصداقة الصادقة مع الجميع، وخاصة مع الولايات المتحدة، والإستقلال الحقيقي عن الجميع والولاء الكلي للعراق وشعب العراق.)
 
طارق الهاشمي: حسب صحيفة البيسو الإسبانية، فقد طلب السيد طارق الهاشمي من الرئيس الأمريكي السابق السيد جورج بوش الإبن تسليم المفاصل الرئيسية في الدولة العراقية إلى الطغمويين (أسماهم السيد الهاشمي في حينه بالسنة، ظلماً وبهتاناً) مقابل قيام هؤلاء بحراسة المصالح الأمريكية والأمن الإسرائيلي والوقوف بوجه إيران. إن تنفيذ هذه المقايضة، لو تمَّت، كان يعني إلغاء النظام الديمقراطي في العراق.
كما نادى قريباً (يوم تراءى له أن الإرادة الخارجية ستفرضهم حكاماً جدد على العراقيين)  بإقصاء الأكراد من تبوِّء منصب رئاسة الجمهورية وهو أمر مخالف للدستور بل ينسف الدستور من الأساس.

أسامة النجيفي: طالب بتأجيل حل قضية كركوك إلى حين إستقرار العراق!! وهو إستهانة بالدستور أيضاً.

صالح المطلك وظافر العاني: لمْ ولا يخفيان دعوتهما لعودة حزب البعث حتى بدون إعتذار عن إجرامه الذي بلغ وزن الجبال. وبالنسبة للدكتور ظافر العاني فموقفه هذا يشير بوضوح إلى عدم مغادرته موقعه المعادي للتغيير الديمقراطي عندما صرح في فضائية "الجزيرة" القطرية تعقيباً على أول تفجير إرهابي لأنابيب البترول في مصفى بيجي عام 2003 قائلا بالحرف الواحد: "لدينا مقاومة مسلحة وهذه مقاومة إقتصادية".

الأخطر من هذا، فإن جميع قادة إئتلاف العراقية لا ينفكون، ليل نهار، عن التجريح بالشيعة العراقيين وتخوينهم وإتهامهم بالعمالة لإيران وهم يشكلون أكثر من 60% من الشعب العراقي. قد يظن البعض أن هذا يندرج ضمن الدعاية السياسية (البروباكاندا) والوقاحة المعتادة من الطغمويين. الموضوع ليس كذلك، وله خلفيات تأريخية. فهو ممارسة إقصائية من جانب حكومات النظم الطغموية بهدف تبرير إقصاء وإستلاب السلطة من الشعب وفرض الدكتاتوريةعليه. كانت العملية تجري وفق المنطق التالي: إيران عدوة العرب التقليدية < الشيعة عملاء لإيران < بالإستنتاج: الشيعة أعداء للعرب والعراق < إذاً، يتوجب إقصاء الشيعة وتسليم الحكم إلى "حرّاس البوابة الشرقية" (وهذا هو الأساس، كما يبدو لي، الذي أنشأ وفقه السيد سعد البزاز ومن يقف وراءه في الخارج والداخل فضائيةَ "الشرقية"). إن هذا الإتهام الخطير، إذاً، يعبر عن نوايا خفية لإقصاء وإستلاب السلطة ثانيةً من الشعب العراقي والعودة بالعراق إلى العهود الطغموية. من جهة أخرى، ألا يشكل هذا التخوين دعوة صريحة للإقتتال؟ ألا يشكل تبريراً ضمنياً لإرهاب التكفيريين الذين أعلنوا عزمهم على إبادة الشيعة وعلى إشعال نار حرب طائفية في العراق؟ (5). فأين الوطنية، إذاً؟ وأين اللاطائفية؟
     
بعد توتر العلاقات بين إيران من جهة وأمريكا وإسرائيل والغرب من جهة أخرى منذ إنتصار الثورة الإسلامية وخاصة بعد إثارة موضوع الملف النووي الإيراني، فقد أُضاف النظام الطغموي بقيادة صدام ومن بعده بقايا الطغمويين وإئتلاف العراقية، عاملاً جديداً إلى دواعي إطلاق هذا التجريح الإجرامي بحق الشيعة العراقيين وهو إبداء الإستعداد، لأمريكا وإسرائيل، لخوض حرب مع إيران نيابة عنهما بأرواح عراقية وأموال سعودية وخليجية. الغريب أن طغمويي اليوم لم يتَّعضوا بتجربة صدام حيث خاض حرباً مدمرة للعراق وإيران وحصد الخيبة ومع هذا يريدون ركوب نفس المسلك الوعر. يبدو أن حب السلطة والتسلط تعمي العيون والعقول.

الملفت أن إئتلاف العراقية توقَّف عن مهاجمة إيران بمناسبة وغير مناسبة، بل بدأ يتكلم بلغة رقيقة حولها بعدما إنخرطت إيران في تفاهم مع الولايات المتحدة والسعودية حول تمكين أياد علاوي من تشكيل الوزارة، حتى أن إئتلاف العراقية تبرَّم لما تأخرت طهران في دعوته لزيارتها بعد الإنتخابات حيث حجَّ الجميع إلى هناك عدا إئتلاف دولة القانون. ولما أحبط إئتلاف دولة القانون محاولة "الإنقلاب الأبيض"، ومن ثم دخل في تحالف مع الإئتلاف الوطني العراقي وشكلا التحالف الوطني كأكبر كتلة برلمانية، وتضاءلت حضوض السيد علاوي في تشكيل الحكومة حتى ولو كُلف إئتلافه بذلك أولاً، عاد السيد اياد وإئتلافه إلى شتم إيران ثانية والتجريح بإئتلاف دولة القانون بصوت أعلى كي يهاجم تشكيل التحالف الوطني وإعتباره نتاجاً لضغوط إيرانية ضده؛ بينما تشير مجريات تشكيل الحكومة الجديدة إلى أن أهم سبب لتأخير تشكيلها هو، كما أراه، الدور التخريبي الذي يلعبه التيار الصدري الواقع تحت تأثيرات إيرانية لدعم السيد أياد علاوي ضد مرشح إئتلاف دولة القانون أو بالأقل إقصاء السيد المالكي من ترؤس الوزارة، ولكنه، التيار، يتخوف من إعلان موقفه صراحة لئلا يثير الجماهير ضده. لذا نراه يناور ويناور: مرةً يأتي ببدعة إستفتاء جماهيره على ترشيح رئيس للوزراء، ومرة يشيع الإنطباع بأن حبه للإنتقام من المالكي، الذي وضع حداً لتجاوز ميليشيات جيش المهدي على النظام العام والقانون، هو الذي يدفعه إلى رفض المالكي وفق الصيغة القديمة المتخلفة "يا أم دعبول لا تبجين..." (6)؛ وأخيراً لجأ إلى أسلوب تحريض الجماهير وخاصة الفقيرة منها للتظاهر إستغلالاً لمعاناتها الحقيقية من نقص الكهرباء والخدمات وتوجيهها ضد حكومة المالكي، والتيار على علم تام بأن حكومة المالكي تعاقدت على إنشاء محطات توليد بطاقة 15 ألف ميكاواط ستدخل الخدمة بعد 2-3 سنوات وتنهي الأزمة. ولم تستطع التعاقد من قبل لأن الملف الأمني كان بيد الأمريكيين الذين رفضوا تقديم ضمانات أمنية للشركات الراغبة في التعاقد مع الحكومة العراقية، وكذلك لنقص التمويل الذي كان بمستطاع أمريكا إقراضه للعراق على أن يُستردَّ لاحقاً بحكم مسئوليتها كدولة محتلة.     
                                   
فأية وطنية  هذه؟ وأية وطنية في تلك الجهود الحثيثة التي بذلتها أطراف إئتلاف العراقية على طول الخط لإفشال الحكومة بوضع العراقيل في مسيرتها وإفتعال الأزمات وتأليب الجيران الحاقدين على الديمقراطية وعليها؟ وأي وطنية تلك التي سعى ويسعى أصحابها إلى عدم السماح بإستقرار العراق والنيل من سيادته بدعوة المجتمع الدولي إلى بدعة تفعيل كون العراق واقعاً تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة والدعوة للتدخل بشئونه الداخلية وتشكيل حكومة أجنبية له بحجة أن القضية العراقية مدوَّلة أصلاً منذ غزو الكويت. للعلم فإن الفصل السابع لا يبيح للأمم المتحدة التدخل في الشئون الداخلية لأية دولة؛ وإلا فلماذا لم تتدخل في العراق عندما إحتلت حكومتُه دولةً عضوةً في الأمم المتحدة هي الكويت، وثار عليها شعبها وسقطت 14 محافظة (من أصل 18) بيد المنتفضين في ربيع عام 1991 لولا سماح الأمريكيين لصدام بإستخدام الطائرات والدبابات لسحق الإنتفاضة؟ كما إن الحكومتين الأمريكية والبريطانية تطلقان التأكيد بعد الآخر بعدم رغبتهما التدخل في الشأن العراقي ولا يرغبان بتدخل أية دولة مجاورة في هذا الشأن أيضاً. وكان آخر تأكيدين جاءا يومي 15 و 16/6/2010 من المسئول الكبير في الخارجية الأمريكية جيفري فيلتمان ومساعد وزير خارجية بريطانيا اللذين زارا بغداد. أعتقد أن موقف الحكومتين صادق وجاد خاصة وأنه قد جاء واضحاً وصارماً بعد ما شهدت الساحة العراقية تحركاً جماهيرياً جزئياً إثر ظهور بوادر "إنقلاب أبيض" عبر العملية الإنتخابية حذَّر منه رئيس الوزراء السيد نوري المالكي. أعتقد أن الأمريكيين والبريطانيين أدركوا أن المظاهرات التي إنطلقت هي الجزء البارز من الكتلة الجليدية الغاطسة.

 وأخيراً، أية وطنيةٍ تلك التي تبيح التورط والتناغم وربما التنسيق المباشر وغير المباشر مع الإرهابيين والدفاع عنهم والتستر عليهم وإفتعال المبررات لهم وعدم إدانة تهديدات التكفيريين وحلفائهم لإبادة الشيعة؟ وما معنى التهديدات المتلاحقة المبطنة لتأجيج حرب أهلية عندما يخذلهم الشعب في صناديق الإقتراع؟ لدي شكوك قوية في أن الإغتيالات الأخيرة التي طالت مرشحةً لمجلس النواب ونائباً منتخباً عن الموصل وآخرين من إئتلاف العراقية بل حتى التهديد الأخير للسيد أياد نفسه (الذي إتهم به رئيس الوزراء العراقي تنويهاً ما أثار سخرية مُحاوِرِهِ البريطاني من صحيفة التايمز) إنما هي من فعل "دولة العراق الإسلامية" لإختلافات تكتيكية بينية محتملة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية  في  حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

(2): التفسير الوحيد الذي سمعتُه من مصدر في إئتلاف العراقية صدر من السيد عدنان الدنبوس إذ عزى ذلك إلى "كاريزما" يمتلكها الدكتور أياد.

(3): هناك مؤشرات ودلائل كثيرة، لسنا بصدد تفاصيلها الآن، تشير إلى وجود هكذا تفاهم . أذكر إثنين منها فقط: أولاً: تقرير في صحيفة أتلانتيك ذكر أن إيران ترغب في دعم علاوي لرآسة الوزارة. ثانياُ: أشار السيد سامي العسكري العضو البارز في إئتلاف العراقية والنائب السابق، أن إيران طلبت من التيار الصدري والمجلس الأعلى تأييد تولي إئتلاف العراقية رآسة الوزارة. وأعتقد أن تصرفات التيار الصدري سواءً في مسألة عرقلة ترشيح السيد المالكي لرآسة الوزارة أو محاولة إضعاف إئتلاف دولة القانون وزعيمه عن طريق إستغلال محنة الجماهير بسبب أزمة الكهرباء وتوجيهها ضد الحكومة وكأنَه، التيار، ليس على علم بأن الأزمة ترتبط أصلاً بالأمريكيين. كل هذه التصرفات تأتي لوقوع التيار الصدري بين نارين يحاول التملص منهما بصيغة لا تنطوي على خسائر له: خيار تأييد علاوي وخسارة الجماهير وإستنكارها ، وخيار عدم تأييده وإثارة غضب "الصديق" الإيراني.

(4): تماماً كالحرب المدمرة التي شنها صدام على إيران نيابة عن السعودية وأمريكا وإسرائيل ولم تكن للعراق فيها ناقة ولا جمل.

(5): كانت رسالة الزرقاوي الموجهة إلى أيمن الظواهري، قبل عدة أعوام من مقتله، دليلاً دامغاً على عزم التكفيريين وحلفائهم الطغمويين على إثارة حرب أهلية طائفية. ولم يتخلَ التكفيريون وحلفاؤهم عن هذه الستراتيجية. إذ أعلن رئيس الوزراء السيد نوري المالكي العثور على وثيقة من بين الوثائق التي ضبطت بعد مقتل إبي عمر البغدادي تشير إلى جهود التكفيريين المستمرة لإثارة حرب طائفية. وأخيراً صرح وزير الأمن الوطني السيد شيروان الوائلي لفضائية "الحرة" بتأريخ 21/6/2010 بأن الأجهزة الأمنية رصدت جهوداً إستثنائية من قبل التكفيريين لتأجيج حرب طائفية.

(6): هذه أهزوجة قديمة (ربما تعود إلى بدايات القرن الماضي) رددها أهل الكاظمية عندما قُتل منهم شخص إسمه دعبول في شجار حصل بين مواكب الكاظمية ومواكب النجف في كربلاء أثناء زيارة أربعينية إستشهاد الحسين. وقد أكدت مواكب الكاظمية لأم دعبول بأنهم سيقتلون أربعة من "الخصم" إنتقاماً لدعبول!!



109
 
ماهي الطائفية؟ ما هي الوطنية؟ وهل إن إئتلاف العراقية حقاً وطنيٌ وعابرٌ للطائفية؟ (2-7)

محمد ضياء عيسى العقابي

معيارا إئتلاف العراقية للطائفية:

أعود إلى إدعاء ومعيارَي إئتلاف العراقية بشأن الوطنية واللاطائفية. 
إذا تعمقنا في هذا الإدعاء ومعياريه، سنجده كلاماً سطحياً تغلبُ عليه السمة الدعائية، ويفتقرُ إلى الفهم العلمي للطائفية (1). فكون السيد أياد شيعياً بالولادة لا يجعل، بالضرورة، منه ولا من إئتلافه غير طائفيين؛ لأن الدكتور أياد ببساطة طائفي، أو لنقل إرتضى لنفسه أن يعمل ضمن بيئة حزبية طغموية طائفية (2). وليس هو الأول ولا الأخير في هذا الموقف. لقد إنتمى في شبابه لحزب طائفي هو حزب البعث  ومن ثم شكَّل حركة وإئتلافاً طائفيين. إن نكرانه لطبيعة النظام اللاطائفي القائم في العراق، وإن محاولة عرقلة إستكمال بناءه على أسس ديمقراطية تُنهي حالةَ الإقصاء التي درجت عليها الحكومات الطغموية السابقة، وإن طبيعة معايير إئتلافه لتزكية نفسه من المرض الطائفي، وإن إتهام الآخرين بالطائفية دون تقديم الأدلة ضدهم، وهم الذين تزعَّموا عملية البناء الديمقراطي على أرض الواقع، تُفصح كلها عن فكر طائفي لديه. نعم، إن الدكتور علاوي علماني؛ ولكن ليس كل علماني ليس طائفياً، كما ليس كل ديني طائفياً. فصدام كان علمانياً لكنه كان طائفياً. وكان الرئيس القبرصي الأسبق مكاريوس يونانياً ورئيساً لأساقفة إحدى الطوائف المسيحية ولم يكن طائفياً ولا عنصرياً. والذي صنع العراق الجديد الديمقراطي الفيدرالي لا يمكن أن يكون  طائفياً ولا عنصرياً.  وليس بالأمر الغريب أو الجديد أن يكون المرء متحيِّزاً ضد طائفته أو قوميته لا على أسس موضوعية بل لدوافع ذاتية (3). لم يقدم الدكتور أياد دليلاً واحداً لإثبات طائفية خصومه فيما خلا الإتهام المجرَّد، حتى يَخْلصَِ المرءُ، من كل ما تقدم، إلى أنَّ فَهْمَ الدكتور أياد للطائفية ينحصر في ألا يعلن الشيعي عن إعتذاره لكونه شيعياً بالولادة (وقد أكدت الدكتورة أزهار الشيخلي، العضوة البارزة في إئتلاف العراقية، عن مفهومها هي للطائفية ولم يكن يبتعد عن هذا الفهم، حسبما فهمتُ من كلامها، وذلك أثناء مساهمتها في برنامج "بالعراقي" في فضائية الحرة بتأريخ 20/4/2010)‘ أو أن يكون الشيعي بعيداً عن حزب البعث وعن أشباهه الفكريين أو إئتلاف العراقية، أو أن تأتلف اغلبية أهالي المحافظات الوسطى والجنوبية، الذين صدف أن يكونوا من الشيعة، على برنامج وطني ديمقراطي ولا تتشتت ولا تتناحر، أو أن يعود إئتلافا دولة القانون والوطني العراقي إلى التحالف كما وَعَدا به قبل إفتراقهما لأغراض إنتخابية. إذا كان حزب الدعوة والمجلس الأعلى وحزب الفضيلة وما شاكلها أحزاباً دينية (4)، فإن هذه الأحزاب قد إنخرطت في إئتلافات مدنية عامة لا تحمل الصفة الدينية في برامجها الإنتخابية. لكن أغلبية مؤيديها تبقى شيعية. وهذا يبدو كافياً لوصمها بالطائفية من قبل الدكتور أياد علاوي ورفاقه لفهمهم القاصر للطائفية، وإعتبارهم أن "التشيع" سبة وأن توحُّدَ الشيعة بموجب أي برنامج هو سبة أيضاً؛ علماً أن إئتلاف العراقية يطلق، دون مبرر، إسم "الشيعة" وليس إسم "الدينيين" أو "الإسلاميين" على أحزاب الدعوة والمجلس الأعلى والفضيلة بهدف اللعب على الوتر الطائفي وإثارة النعرة الطائفية وحرب باردة للإستفادة السياسية منها، كما أنه لا يجرؤ على نقد الأحزاب الإسلامية بصفتها الدينية حذراً من غضب "الأصدقاء" التكفيريين عبر الحدود الغربية، لذا فهو يشير إليها بالأحزاب الطائفية.

إن طائفية السيد أياد علاوي حقيقة موضوعية سواءً وعاها أو لم يعِها، إعترف بها أو لم يعترف. إعتبرَ إنصافَ مضطهدي النظام البعثي الطغموي وذويهم وإحترام الهوية الثقافية لشرائح المجتمع العراقي المختلفة والإقتصاص من المسئولين، في العهد البعثي، عن التجاوزات غير القانونية وإخضاعهم لقانون المسائلة والعدالة بل حتى إصدار هذا القانون بحد ذاته - إعتبَرَها كلها مظاهرَ طائفيةً(5).  أما ثورته على نظام البعث الطغموي الطائفي العنصري فكانت بحدود إزالة رأس النظام صدام وكفى (6)، أي دون التحرش بأسس النظام الطغموي الطائفي العنصري الذي أطاحت به أمريكا في ظرف تأريخي قد لا يتكرر حيث تطابقت فيه مصالح أمريكا الستراتيجية مع مصالح الشعب العراقي في هذه المفردة بالذات التي تلتها إقامة نظام ديمقراطي في العراق (7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطائفية: سأتناول موضوع الطائفية بالتفصيل في الحلقة السادسة من هذا المقال.

(2): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.

 (3): خذ مثلا الرئيس اليمني السيد علي عبد الله صالح.

(4): يشير الطغمويون وكثير من العلمانيين إلى حزب الدعوة والمجلس الأعلى وغيرها بالأحزاب الطائفية بدلاً من صفتها الحقيقية أي "الدينية". هذه إشارة غير علمية فهي خاطئة. البعض يقترف الخطأ عن جهل وبراءة والبعض يتعمد الإساءة لهدف دعائي تسقيطي ولكن تنقصه الشجاعة لتسمية الأمور بمسمياتها؛ وهذه، أي عدم تسمية الأشياء بمسمياتها، من علل السياسة العراقية قبل وبعد التغيير.

(5): قال السيد عبد الباسط، مدير عام الهيئة الوطنية المعنية بإنصاف عوائل الشهداء والسجناء ضحايا العهد البعثي الطغموي، بأنه قابلَ بمعية الدكتور أياد السامرائي، عندما كان رئيساً لمجلس النواب، مسئولاً من "المعارضين" لرئيس الوزراء المالكي . إحتج ذلك المسئول على التعويضات المتواضعة التي تدفع لبعض المنكوبين من أرامل وأيتام، وقال له بالحرف الواحد "سوف نسترجع كل فلس صرفتَه منك بالذات لأن الصرف غير قانوني". أدلى السيد عبد الباسط بهذا التصريح في فضائية "العراقية" ببرنامج "أنت والمسئول".   

(6): كان هناك رأيين في الإدارة الأمريكية. رأي البنتاغون (وزارة الدفاع)، الذي كان على رأسه المحافظون الجدد، أراد إقتلاع النظام الطغموي من الجذور. وتحالف البنتاغون على هذا الأساس مع الدكتور أحمد الجلبي. أما الدكتور أياد علاوي فقد تحالف ومايزال مع مؤسستي وزارة الخارجية ألأمريكية ووكالة الإستخبارات المركزية (سي. آي.أي.) اللتين كانتا تناديان بإزالة رأس النظام وبعض معاونيه وعدد محدود من كبار المسئولين قد لا يتجاوز الأربع أشخاص في كل وزارة. بعد أن إقتلعت أمريكا النظام البعثي والطغموي عموماً من الجذور، إنتقل الملف العراقي إلى يد وزارة الخارجية لأسباب خارج نطاق هذا المقال لعب فيها السعوديون الدور الأساس، وإنقلب الأمريكيون على الدكتور أحمد الجلبي. وصار الدكتور أياد علاوي رجل أمريكا والسعودية وتركيا والأردن وسوريا. وإنضمت إيران إليهم مؤخراً (قبل الإنتخابات) بموجب تفاهم بينها وبين أمريكا بصدد ملفها النووي.
منذ أن إنتقل الملف العراقي إلى وزارة الخارجية إشتدت ستراتيجية محاصرة حكومة الإئتلاف العراقي الموحد وشل يدها (في ملفات الأمن والتنمية والخدمات وخاصة الكهرباء) ومحاولة تمزيق الإئتلاف وتشتيت جماهيره وضرب عرى تحالفه الستراتيجي مع الأكراد.     

(7): بلغ النظام البعثي الطغموي من المَنَعة، بسبب إمعانه في الإجرام والتوحش ورشوة الآخرين، حتى أصبح غير قادر على الإطاحة به سوى الله أو أمريكا التي أطاحت به فعلاً وكانت لها اليد الطولى في تأسيس نظام ديمقراطي شهد على نجاعته هذا الجنون الإرهابي الذي ركب قادة النظامين الشموليين السعودي والسوري.





110
ماهي الطائفية؟ ما هي الوطنية؟ وهل إن إئتلاف العراقية حقاً وطنيٌ وعابرٌ للطائفية؟ 1-7

محمد ضياء عيسى العقابي

معيارا الطائفية:
يرددُ، بصخب، قادةُ إئتلاف العراقية كونّهم أصحابَ مشروع وطني عابر للطائفية. وصاروا يتكلمون بقدر من الغطرسة والغرور والثقة وكأنهم حقا المرجعية في تحديد من هو وطني ومن هو لاوطني وطائفي، وخاصة في الحقبة التي تراءى لهم فيها بأن الجهد الخارجي، وخاصة السعودي، أصبح قادراً على حملهم إلى كراسي الحكم. يذكِّرني هذا الإدعاء بإدعاء صدام حسين الذي جعل من نفسه ومن حزبه الطغموي المرجعية العراقية لمنح سمة الوطنية لهذا الحزب أو الشخص أو ذاك، وطرح ذلك جلياً في خطابه المعنون "خندق أم خندقان" في منتصف سبعينيات القرن الماضي. وصار كلا الطرفين، حزب البعث وإئتلاف العراقية، يلحّان في تقمص هذا الدور، الذي لم يمنحهما إياه لا برلمان ولا إستفتاء شعبي نزيه ولا إجماع وطني، لدرجة أنهم صدَّقوا أنفسهم بكونهم المرجعية الوطنية وأصحاب مشروع وطني وسلكا سلوك القائل "إحلم وإدَّعِ، ثم إحلم وإدَّعِ، حتى تُصدِّقَ نفسَك ويصدّقكَ الناسُ"!!.

الآن، إستند إئتلاف العراقية في هذا الإدعاء إلى معيارين: أولاً: إن قائد الإئتلاف الدكتور أياد علاوي وعدداً آخر من القياديين هم من الطائفة الشيعية. وثانياً: إن إئتلاف العراقية نجح في فوز عدد من نوابه في مناطق الجنوب والوسط بينما لم يحصل إئتلافا دولة القانون والوطني العراقي على مقاعد في المناطق الغربية والموصل ولم تحرز الأحزاب الكردية مقاعد في المناطق الغربية.

بادئ ذي بدء، وقبل أن أناقش هذين المعيارين للطائفية، أقول إن إئتلاف العراقية لم يعمد إلى تفحص ودراسة المعيارين الحقيقيين لمواضيع الوطنية والطائفية واللاطائفية وهما: أولاً: البرنامج السياسي للإئتلاف ولخصومه، وثانياً: ما حققه كل منهما على أرض الواقع. إذا وضعنا جانباً برنامجي الطرفين المكتوبين وتفحَّصنا موقفيهما العمليين، وهما الأهم، لوجدنا أن الإئتلاف العراقي الموحد (الذي أصبح الآن التحالف الوطني) قد أفصح عن برنامجه الستراتيجي الحقيقي وصبَّه في الدستور العراقي الذي لعب ذلك الإئتلاف، إضافة إلى التحالف الكردستاني، الدور الرئيسي والقيادي في بلورة مشروع الدستور قبل عرضه على الشعب لإستفتاءه. بينما نجد أن أطراف ما أصبح اليوم يُعرف بإئتلاف العراقية عارضت ومازالت تعارض بنوداً هامة في الدستور حول حقوق الأكراد والنظام الإداري والفيدرالية للعراق وقضيتي كركوك والأراضي المختلف عليها ومحاسبة قياديي النظام البعثي الطغموي وقطع الطريق على عودة أية ممارسات مشابهة لتلك التي إنتهجها ذلك النظام الطغموي، وغير ذلك. كما سآتي على ذكره لاحقاً، فقد دأب السيد أياد علاوي على المطالبة ب "إصلاح" العملية السياسية وحلِّ البرلمان وتجميد الدستور وقدَّم مشروعاً بهذه المفردات إلى الدكتورة كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة إلا أن السيد علاوي وقائمته وإئتلافه لم يجرؤوا على إعلان مشروعهم بشكل علني ومفصل وواضح بأبعد من الكلام المقتضب الذي أدلى به السيد أسامة النجيفي. الغريب أن الدكتورة رايس قد ايدت المشروع غير أن السيد المالكي رئيس الوزراء كان أقوى من أن يسمح لأحد بمسِّ النظامَ الديمقراطي الذي صوت عليه الشعب. وهذا دليل آخر على الجهة الصادقة في إحتضان الديمقراطية والجهة التي تسعى لتقويضه، والديمقراطية نقيض الطائفية، بينما نقض الديمقراطية هو تأسيس للطائفية. 

ومن الناحية التطبيقية فإن إئتلاف العراقية ينسب لنفسه مشروعاً وطنياً عابراً للطائفية وكأن العراق ومنذ إنتخابات كانون ثاني 2005، أي منذ أن خذل الشعب السيد أياد علاوي في صناديق الإقتراع بعد أن "توَّجَهُ" رئيساً للوزراء، الأمريكيون والنظام الرسمي العربي والأمم المتحدة، يفتقد هكذا مشروعاً. وهذا يجافي الواقع إذ كان هناك مشروعاً منذ البدء وقطع مراحل عملية هامة وتجاوز حالة المشروع فأصبح واقعاً على أرض العراق، بينما مازال مشروع إئتلاف العراقية المفترَض يحبو على سطح الإدِّعاء الفارغ لحد الآن، ولا تشير مواقف هذا الإئتلاف الإجتماعية والسياسية إلى أنه سيقف على رجليه.
فمنذ أن صوَّتَ العراقيون على الدستور الدائم في 15/10/2005 الذي أُقر النظام الفيدرالي للعراق وإنتُخِبَتْ بموجبه حكومةٌ عراقية في شهر كانون أول عام 2005؛ ومنذ صدور قانون المحافظات وإنتخاب مجالس المحافظات بموجبه  في نهاية عام 2008  أصبح العراق، خارج إقليم كردستان الذي تربطه علاقة فيدرالية بالمركز، يُدار من قبل حكومات محلية منتخبة جماهيرياً، ولا يُعيَّن المسئولون فيها من بغداد كما جرت العادة أيام النظم الطغموية (1)، في جميع المحافظات ولها موازناتها المالية المموَّلة مركزياً بموجب الدستور الذي تنص إحدى مواده على كون ثروات العراق الطبيعية وعلى رأسها النفط "هي ملك للشعب العراقي". تُحدَّدُ الموازنات المحلية سنوياً ضمن موازنة الدولة العامة التي تقترحها وزارة المالية ويعتمدها مجلس الوزراء ويقرها مجلس النواب ويصادق عليها مجلس الرئاسة لتصبح نافذة المفعول (2)، علماً أن الرآسات الثلاث تتمثل فيها شرائح المجتمع تمثيلاً حقيقياً لاشكلياً ولأول مرة في تأريخ العراق.
لا أعتقد أن الطائفية قادرة على إختراق هذا النسيج الإداري المترابط الذي يغطي العراق كله دون تمايز أو إستثناء (عدا كركوك بقدر معين).

كل هذه الإنجازات، التي أحدثت ثورة في البناء السياسي العراقي وخلقت أرضية صلبة لوحدة العراقيين على أسس طوعية حرة،  قد حصلت أثناء حكومتي السيدين الجعفري والمالكي المتهمتين من قبل السيد أياد علاوي وحركته وقائمته وإئتلافه ومن لف لفهما بالطائفية واللتين يطرح إئتلاف العراقية نفسه نقيضاً "وطنياً لاطائفياً" لهما وللتحالف الحكومي مع الأكراد والآخرين الذي قاداه. وبدلاً من دعم تلك الجهود التي جسدت الوطنية واللاطائفية، حاولت القائمة العراقية وجبهة التوافق عرقلة تلك المسيرة حتى أن بعض نوّابهما صدرت بحقهم أحكام قضائية بتهمة الإرهاب (3)، كما إنهما إنسحبتا من الحكومة بهدف تقويضها، والأنكى دعا السيد أياد علاوي وزيرة الخارجية السابقة الدكتورة كوندليزا رايس إلى "إعادة النظر في العملية السياسية بالكامل وتغيير طريقة إدارة الدولة العراقية وتجميد الدستور وحل البرلمان"؛ كما طلب السيد طارق الهاشمي من الرئيس بوش تسليم الطغمويين المفاصل الحساسة في الدولة العراقية، أي نقض النظام الديمقراطي، مقابل إسداء خدمات للمصالح الأمريكية على غرار ما تقدمه الحكومات العربية الأخرى، حسب تعبيره وعلى ذمة تقرير صحيفة البيسو الإسبانية.

فأية وطنية ولاطائفية يتحدث عنها إئتلاف العراقية، إذاً؟. يبدو لي أن  ما يعتبره هذا الإئتلاف طائفياً هو البناء القائم وخصوصاً النظام الفيدرالي ومحاولة حل قضية كركوك والمناطق المختلف عليها ديمقراطياً وحسب الدستور، ووجود "هيئة المسائلة والعدالة" وعدم صياغة "المصالحة" حسب مقاسه، (رافضاً المشروع الحكومي للمصالحة الذي لا يفرط بحقوق الشعب)، والوقوف بحزم بوجه التدخلات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها التدخل السعودي والسوري والإيراني، التي ترمي إلى النيل من سلامة البناء الديمقراطي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): الطغمويون والنظم الطغموية: هم أتباع الطغم التي حكمت العراق وبدأت مفروضة من قبل الإحتلال البريطاني في عشرينات القرن الماضي، ومرت النظم الطغموية بمراحل ثلاث هي: الملكية السعيدية والقومية العارفية والبعثية البكرية-الصدامية. والطغمويون لا يمثلون أيا من مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والمذهبية بل هم لملوم من الجميع ، رغم إدعائهم بغير ذلك لتشريف أنفسهم بالطائفة السنية العربية وللإيحاء بوسع قاعدتهم الشعبية. مارستْ النظمُ الطغمويةُ الطائفيةَ والعنصريةَ والدكتاتوريةَ والديماغوجيةَ كوسائل لسلب السلطة من الشعب وإحكام القبضة عليها وعليه. بلغ الإجرام البعثي الطغموي حد ممارسة التطهير العرقي والطائفي والإبادة الجماعية والمقابر الجماعية والجرائم ضد الإنسانية كإستخدام الأسلحة الكيمياوية  في  حلبجة الكردستانية والأهوار. والطغمويون هم الذين أثاروا الطائفية العلنية، بعد أن كانت مُبَرْقعَةً، ومار سوا الإرهاب بعد سقوط النظام البعثي الطغموي في 2003 وإستفاد الإحتلال من كلا الأمرين، فأطالوا أمد بقاءه في العراق بعد ثبات عدم وجود أسلحة الدمار الشامل. كان ومازال الطغمويون يتناحرون فيما بينهم غير أنهم موحدون قي مواجهة الشعب والمسألة الديمقراطية؛ كما إنهم تحالفوا مع التكفيريين من أتباع القاعدة والوهابيين لقتل الشعب العراقي بهدف إستعادة السلطة المفقودة.


(2): في الوقت الذي أقر فيه مجلس النواب العراقي الموازنة العامة لعام 2010 قبل إنتهاء ولايته، لم تصدر موازنة العام 2010 اللبنانية لحد الآن رغم تشكيل الحكومة منذ أشهر ورغم عراقة الديمقراطية اللبنانية وتمرسها وتمرس السياسيين والتكنوقراط في الدولة اللبنانية. والجدير بالذكر أن كلا الحكومتين اللبنانية والعراقية لم تقدما كشوفاً بالحسابات الختامية للسنين المنصرمة لحد الآن.

(3): صدرت أحكام قضائية، بتهمة الإرهاب، بحق النائبين السابقين الهاربين عبد الناصر الجنابي ومحمد الدايني؛ وهناك مذكرات برفع الحصانة تمهيداً لمحاكمة النواب السابقين: عدنان الدليمي وحسن ديكان وتيسير المشهداني.
 
 


صفحات: [1]