ankawa

الاخبار و الاحداث => أخبار العراق => الموضوع حرر بواسطة: الحزب الشيوعي العراقي في 16:13 22/11/2012

العنوان: حسان عاكف - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:"دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية"
أرسل بواسطة: الحزب الشيوعي العراقي في 16:13 22/11/2012
حسان عاكف - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:
(http://upload.ankawa.com//files/1/ankawa/y55.jpg)
حول شعار المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي: "دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية"


ضيف موقع "الحوار المتمدن" الالكتروني في الفترة الماضية عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي د. حسان عاكف، في حوار مفتوح حول شعار المؤتمر التاسع للحزب، الذي انعقد في شهر أيار الماضي، ونشر الموقع أولا مطالعة حول الشعار  بقلم  د. عاكف ، قدم لها بمايلي: "من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بإجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام".
وبعد نشر المطالعة فتح الموقع الباب واسعا أمام قرائه وقارئاته للحوار مع د. عاكف، الذي رد في سياقه على الأسئلة والاستفسارات وناقش الآراء والأفكار، وأوضح ما تطلب التوضيح، وقد استمر الحوار أشهرا عدة، وشارك فيه الآلاف من قارئات وقراء "الحوار المتمدن"، وحسب معلومات إدارة الموقع وصل عدد من ساهموا فيه وتابعوه الى نحو 60 الفا.
في أدناه ننشر نص المطالعة الخاصة بالشعار "دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية" التي كتبها حسان عاكف، وسنعود في عدد قادم الى الحوار الذي اشرنا اليه أعلاه، لننشر شيئا من أهم ما ورد فيه.




تضمن التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي المنعقد في الفترة 8-13 أيار 2012، عموم المواقف والسياسات التي تبناها الحزب وسعى لتطبيقها في نضاله اليومي خلال السنوات الخمس التي أعقبت المؤتمر الوطني الثامن، الى جانب تحديد السياسات والتوجهات المستقبلية للسنوات القريبة القادمة، وبهذا الخصوص يمكن النظر الى شعار المؤتمر "دولة مدنية ديمقراطية اتحادية، عدالة اجتماعية"، باعتباره التعبير او التجسيد المكثف لأهم تلك السياسات والمواقف الآنية والمستقبلية، وضمن هذا الفهم حرص الشيوعيون العراقيون ان يضمنوا شعار مؤتمرهم الأخير البعدين الأساسيين لنضالاتهم و نضالات الجمهرة الواسعة من أبناء الشعب والقوى الوطنية والديمقراطية، وهما البعد الوطني الديمقراطي السياسي (دولة مدنية ديمقراطية اتحادية)، والبعد الاجتماعي- الاقتصادي (عدالة اجتماعية)، بكل ما يعنيه هذان البعدان من مواقف و سياسات ونضالات مرحلية وإستراتيجية، متوسطة المدى وبعيدته، وهذا الاختيار للشعار لم ينطلق من رغبة ذاتية لطرح المواقف والبرامج السياسية، بل جاء مستندا الى الحاجات الفعلية الموضوعية لواقع البلاد، و المهام و التحديات الأساسية العملية، التي تطرحها الحياة أمام جميع القوى السياسية، من اجل بناء "دولة اتحادية واحدة مستقلة، ذات سيادة كاملة، بنظام جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي.." كما أكدت المادة الأولى من الدستور العراقي، لقد بات معروفا للقاصي والداني كيف ان الصراع حول المستقبل وشكل الدولة ومضمونها والنظام السياسي- الاقتصادي- الاجتماعي، يشكل اليوم محورا أساسيا من محاور الصراع الدائر بين الكتل السياسية الحاكمة في بلادنا، الى جانب المحور الأساسي الآخر المتمثل بالنظر الى السلطة والدولة باعتبارهما غنيمة مغرية، لابد من خوض الصراع من اجلهما للهيمنة على مراكز صنع القرار والنفوذ و الثروة.
من هنا كان لزاما على الحزب الشيوعي العراقي، كما هو لزام على جميع القوى السياسية، ان يحدد موقفه من هذه القضايا الستراتيجية الهامة.


دولة مدنية ديمقراطية
تعتبر الدولة مسألة أساسية في السياسة، و يحتل الموقف منها موقعا مركزيا في نضال أي حزب سياسي.
و معلوم انه لحد الآن ينظر الى العراق، وعلى الرغم من مرور أكثر من تسع سنوات على الخلاص من النظام الدكتاتوري، ينظر اليه باعتباره دولة قيد البناء و التكوين (دولة قيد الانجاز اذا صح التعبير).
ورغم ان مصطلح "الدولة الديمقراطية" يعني ضمنا "دولة مدنية"، إذ من الصعب، أو الاستحالة، الحديث عن دولة ديمقراطية عصرية دون ان تكون مدنية بالضرورة، الا ان الشيوعيين العراقيين كانوا حريصين على التأكيد على الطبيعة "المدنية" للدولة التي يريدون، الى جانب طبيعتها الديمقراطية، وتثبيت ذلك في الشعار المركزي للمؤتمر، ويأتي هذا الحرص من الواقع الذي تعيشه بلادنا كون قوى الإسلام السياسي في العراق تحتل مواقع مفصلية في نظام الحكم والدولة المنشودة، كما يتأتى من الجو العام السائد في المنطقة بعد انتفاضات الربيع العربي، المتمثل في جانب منه برغبة أطراف سياسية دينية منتشية بالتجاحات الانتخابية التي حققتها، رغبتها في تشكيل دولة دينية ثيوقراطية.
ومفهوم الدولة المدنية الذي يتبناه الحزب الشيوعي، و معه قوى وأطراف عديدة، وطنية وديمقراطية ومدنية وإسلاميين متنورين بات معروفا للجميع، بما في ذلك جمهرة واسعة من المواطنين غير المرتبطين بأحزاب سياسية، الذين باتوا يطرحونه ويؤكدون عليه، باعتباره مرادفا للدولة العلمانية، ويدعو الى فصل الدين عن الدولة و السياسة، وبديلا عن مفهوم الدولة الدينية، الذي يشاهدون تجربته ونموذجه التسلطيان و المحافظان في عدد من بلدان المنطقة و يرفضونه.
ومنذ البداية، وحتى قبل سقوط النظام الدكتاتوري، كان الحزب الشيوعي العراقي حريصا على وضوح موقفه تجاه حلفائه في قضية علاقة الدين بالسياسة، و واصل التعامل مع الرأي او الموقف السياسي للقوى والأطراف الدينية ضمن معايير سياسية مدنية ديمقراطية معاصرة، يمكن الإشارة الى أهمها:-
- التعاطي مع هذه الآراء على أرضية سياسية وطنية بالأساس، و بالتالي فهي آراء يمكن الاتفاق معها او تخطئتها ورفضها، حالها حال ما يطرح من القوى والأطراف السياسية المدنية والعلمانية، حيث لا توجد مواقف مقدسة، أو معصومة، لا يطالها النقد والتصويب في القضايا السياسية، التي هي في طبيعتها خلافية ومتغيرة، ويمارس الكثير من محترفيها الألاعيب والحيل التي لا تنسجم مع القيم الإنسانية الحقيقية للأديان.
- في الموضوعات السياسية والعمل السياسي نميز في التعامل بين "الفتوى الدينية"، بما تعنيه من إضفاء صفة المقدس الديني غير الخاضع للجدل على المواقف والآراء السياسية، و بين "الرأي او الموقف السياسي المستند الى أرضية فكرية دينية"، وفي الوقت الذي نتعامل فيه بايجابية مع اي رأي أو موقف سياسي مستند الى مرجعية أو نظرية دينية، في إطار حرية الرأي و الرأي الآخر، نتعاطى ونتفاعل معه، نجادله، ننتقده، نرفضه اذا كنا نتقاطع معه، الا اننا رفضنا ونرفض الإقحام الفج للفتوى الدينية في العمل السياسي، و تصدينا على الدوام بوسائل مختلفة لهذه الفتاوى و نبهنا الجماهير لمخاطرها، و المنزلقات المظلمة التي يمكن ان تقود المجتمع اليها.
- أكد التقرير السياسي للمؤتمر التاسع في أكثر من مكان اننا كنا و مانزال مع إعتماد مبدأ المواطنة، ومع نبذ توظيف الدين لأغراض سياسية ليبقى في منأى عن التنافس والصراع السياسيين، و مع نبذ أشكال التعصب الديني والمذهبي والقومي والعشائري جميعا، وبدون ذلك يصبح الحديث عن التوجه لإقامة دولة المؤسسات والقانون المدنية، فضلا عن الشروع ببنائها خدعة سياسية و بضاعة بائرة لن تنطلي على احد.
- سنبقى مواضبين مع الآخرين من الديمقراطيين وعموم القوى  والشخصيات الوطنية العلمانية والأطر الاجتماعية والمدنية والثقافية والأكاديمية والدينية المتنورة، سنبقى جميعا مثابرين في مواجهة المحاولات التي تستهدف الالتفاف على حرية المعتقد والضمير وحرية التعبير عن الرأي، أو تستهدف قضم ما موجود من حريات وقيم وأنشطة اجتماعية وثقافية، بحجة منافاتها للدين والقيم الاجتماعية وغيرها، وخاض الشيوعيون واليساريون وعموم الديمقراطيين والنخب الثقافية والمدنية المواجهات السياسية والاجتماعية والإعلامية، متصدين لمساعي جهات حكومية لإلغاء فعاليات فنية وثقافية في هذه المحافظة او تلك، ووقفوا بوجه سلطات محلية واتحادية تجاوزت على نوادي وأماكن اجتماعية وثقافية،  كان آخرها "صولة فرسان الحكومة" على عدد من النوادي الاجتماعية و الثقافية في بغداد.
- منذ الأيام الأولى بعد التغيير وقفنا ضد مسعى الآخرين لإلغاء منجز وطني كبير وملمح أساسي من ملامح الحياة المدنية الديمقراطية المتعلق بحقوق المرأة، واعني به مسعى الغاء قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، و معروف موقفنا المتحفظ أو الرافض للمادة 41 من الدستور الخاصة بنتظيم الأحوال الشخصية للعراقيين و مطالبتنا بتغييرها.
- سعينا مع الآخرين و الملايين من أبناء الشعب لإضفاء أوسع بصمة حضارية مدنية على الدستور وتخفيف القيود المحافظة عليه، وبالنهاية جاء الدستور بالصيغة التي هو عليها الآن، كحصيلة لتوازن القوى الاجتماعية و السياسية في لحظة تاريخية معينة، وهو على العموم دستور جيد رغم الثغرات و نقاط الضعف التي يحتويها.
- الدولة المدنية الديمقراطية تتقاطع بكل تأكيد مع المساعي التي تقوم بها قوى سياسية متنفذة في الحكم في إحياء اطر اجتماعية - ثقافية، تعود الى تشكيلات المجتمع الأهلي، الذي ساد في العصور الإقطاعية وشبه الإقطاعية، كما هو الحال مع مجالس الإسناد العشائرية ومؤتمرات شيوخ العشائر وغيرها من التشكيلات الحاملة للهويات الثانوية، التي نميز تماما بينها كأطر للتعبئة والتنظيم الاجتماعيين عفا عليها الزمن، و بين جمهرة منتسبيها من المواطنين الذين هم في غالبيتهم مواطنون مخلصون لبلدهم ويسعون جاهدين لخدمته.
- الدولة المدنية الديمقراطية تتقاطع مع الاستهانة بالقوانين والدستور، و تفسيرها حسب الرغبات والمصالح  والأمزجة، وهي تتعارض تماما مع احتفاظ أحزاب رئيسية حاكمة بميلشيا خاصة بها، تهدد و تلوح بها بين الحين والآخر.


الدولة الاتحادية
يعتبر التوجه نحو بناء الدولة على أسس من اللامركزية في الحكم والنظام الفدرالي(الاتحادي) تجربة تاريخية جديدة في بلادنا، ماتزال في بداية مسيرتها وتطبيقاتها، بعد قرابة ثمانية عقود من الحكم المركزي التسلطي، وممارسات شوفينية من جانب اغلب الحكومات التي تعاقبت على السلطة طيلة تلك العقود.
وينظر الحزب الشيوعي العراقي الى هذا التوجه باعتباره شكل الحكم المناسب لبلد بحجم العراق وتنوعه القومي والثقافي والاجتماعي، خصوصا بعد ان أكدت تجربة الحكم فيه على مدى السنوات الـ 80 من عمر الدولة العراقية استحالة إدارة شؤون البلاد عبر حكم مركزي، يدار من العاصمة بغداد لوحدها.
الحكم الاتحادي هو شكل من أشكال الإدارة الذاتية، وينسجم مع طبيعة النظام الديمقراطي الذي يعطي الأولوية للمواطنين في أية محافظة او اقليم في تنظيم وتقرير شؤون حياتهم الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية، وهو التجسيد الافضل للقيم الديمقراطية، ولم يكتف التقرير السياسي للمؤتمر بتثبيت هذا المبدأ العام، بل كان حريصا على إعلان موقف الحزب من الطروحات التي شهدتها الساحة السياسية العراقية في السنوات القليلة الماضية، حول موضوعة الفدرالية وتشكيل الأقاليم، معتمدا في ذلك على قناعاته السياسية والفكرية، ومستندا على ماورد في دستور البلاد.
و كان الحزب صريحا في رفضه التعامل الانتقائي المزاجي والبراغماتي مع هذه القضية الهامة، وسعي الفرقاء السياسيين لتوظيفها ضد بعضهم البعض، في عملية الضغط والابتزاز السياسيين، في حلبة صراع المحاصصة الطائفية والاثنية وإقتسام المغانم، لذا أكد المؤتمر "ان الفيدرالية رهن بإرادة العراقيين الحرة وحقهم في اختيار شكل دولتهم ونظامهم، بعيدا عن اي ظرف آني طارئ، وبما يصون مصالح العراقيين جميعا على اختلاف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، وبهذا المعنى فهي تتعارض على طول الخط مع دعوات التقسيم والانفصال، وتشكيل الأقاليم خارج سياقاتها الدستورية".
وشهد المؤتمر الأخير للحزب حراكا نسبيا في الموقف من الحقوق القومية والإدارية والثقافية للقوميات الأخرى من غير العرب والكرد، واعني بهم التركمان والكلدان السريان الآشوريين والأرمن، بما يتيح لأبناء هذه القوميات التمتع بالإدارة الذاتية للقرى والبلدات التي يشكلون فيها الأغلبية السكانية، وصولا إلى صيغة حكم ذاتي ملائمة عندما تتوفر الظروف والمستلزمات الموضوعية لذلك، وجاء هذا الحراك انطلاقا من المبدأ الاممي في حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، ومن الحرص على تعزيز النضال الوطني المشترك والتآخي القومي بين قوميات شعبنا كافة.


العدالة الاجتماعية
يجسد مفهوم "العدالة الاجتماعية" في شعار المؤتمر البعد الاقتصادي- الاجتماعي لنضالات الحزب الشيوعي، في إطار مرحلة تاريخية طويلة، تستهدف السعي للوقوف على الدوام الى جانب الفئات والطبقات الاجتماعية الفقيرة والكادحة، وتبني مصالحها الراهنة والجذرية-المستقبلية، كما تستهدف وضع سياسات تسعى الى إقامة نظام اجتماعي ديمقراطي في العراق، ينزع على الدوام نحو العدالة الاجتماعية، ويحقق عبر عملية تاريخية وصيرورة اجتماعية اقتصادية متواصلة مستلزمات البناء الاشتراكي، بما يتناسب وينسجم مع ظروف العراق الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية والروحية.
وعند الحديث عن ماهو آني في هذا الشعار يمكن القول ان وثائق المؤتمر التاسع، خصوصا وثيقتي البرنامج والتقرير السياسي، أفردت حيزا هاما للجوانب الاقتصادية والمعيشية والخدمية في البلاد، وقد جرى تحديد السمات الاقتصادية – الاجتماعية للواقع الراهن، وتشخيص حالة غياب الرؤى والستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية والمجال المالي وغيرهما، وتناولت الوثائق أيضا سياسة الإضعاف القسري لدور الدولة، خاصة في الميدان الاقتصادي، وإطلاق العنان لآليات السوق المنفلتة والمغالاة بها دون المعاينة للواقع الملموس، وكان لابد ان تقود هذه السياسات، مع استشراء الفساد المالي والادراي، الى اتساع فجوة الفقر في المجتمع واشتداد التفاوت في توزيع الدخل والثروة.
وتوقفت وثائق المؤتمر عند حالة الحراك الذي طال بنية وتركيبة المجتمع الطبقية ووزن وثقل مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية، مؤكدة استعادة الفئات الوسطى لدورها الاجتماعي والاقتصادي تدريجيا، لا سيما العاملة منها في الدولة، الى جانب تعزز دور الكومبرادور التجاري والفئات الطفيلية والبيروقراطية، على حساب الكادحين وذوي الدخل المحدود.
وانطلاقا من تحليل معطيات الواقع الراهن يرى الحزب ان العلاقات الرأسمالية ستسود في العراق لآماد بعيدة نسبيا، ارتباطا بطبيعة المرحلة التي يعيشها البلد، وتناسب القوى الطبقي والسياسي فيه، والأجواء والظروف الدولية الراهنة، من هنا التأكيد على أهمية مواجهة النتائج والتداعيات السلبية للتطور الرأسمالي على الكادحين وعموم أبناء الشعب، وعلى ضرورة مواصلة النضال لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية واجتماعية لجميع الفئات والطبقات الاجتماعية المتضررة من سياسة اقتصاد السوق المنفلتة.
وارتباطا بهذا الواقع أكد التقرير ان المطلوب اليوم هو الانطلاق الحقيقي على طريق تنمية اقتصادية – اجتماعية مستدامة ومتوازنة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وايلاء انتباهة خاصة للكادحين والفئات الاجتماعية الأكثر تضررا، وإعادة توزيع الثروة بشكل عادل.
أما اذا انتقلنا الى البعد الاستراتيجي لشعار "العدالة الاجتماعية" فلابد من القول انه ارتباطا بطبيعته الطبقية باعتباره حزبا يستهدف الدفاع عن المصالح الجذرية لمنتجي الخيرات المادية والروحية وعموم الفقراء وذوي الدخل المحدود، يحرص الحزب الشيوعي العراقي من مواقعه الماركسية على بناء مجتمع خالٍ من كل أشكال الاستغلال والتسيد والاستلاب والقهر المفروضة على الفرد والمجتمع، ويهدف الى تحسين شروط الحياة المادية والروحية ومنح الأولوية لرفاه الإنسان، وصولا في نهاية المطاف الى بناء الاشتراكية بما ينسجم و يتناسب مع ظروف بلادنا، وكما تمت الإشارة فان الحزب يرى ان عملية إنضاج شروط البناء الاشتراكي تتضمن سلسلة طويلة من المحطات والانتقالات تغطي حقبة تاريخية طويلة نسبيا.
واجد انها فرصة مناسبة هنا للتذكير بوثيقة "خيارنا الاشتراكي دروس من بعض التجارب الاشتراكية"، التي صدرت عن المؤتمر الوطني الثامن للحزب/2007، و التي لحقها غبن واضح، كما أرى، لأنها لم تنل حظها من الدراسة والاهتمام من جانب أعضاء الحزب ومنظماته، وكذلك من جانب الكتاب والباحثين والمتخصصين.
تعاملت هذه الوثيقة الفكرية مع مفهوم الاشتراكية وفق ثلاثة مضامين أساسية هي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتشريك الجزء الأكبر من الاقتصاد(تحقيق الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج).
وحسب الفهم الاشتراكي للديمقراطية لابد من إعطاء معنى حقيقي لمفهوم المواطنة وسيادة الشعب، يتجاوز، الى حد بعيد، مجرد حق الانتخاب الشامل والحقوق السياسية الأخرى، كما تسلم الاشتراكية بضرورة تغلغل الديمقراطية في جميع جوانب النظام الاجتماعي.
ويستهدف مبدأ المساواة الاشتراكي إزالة اشكال التفاوت المفرط في كل جانب من جوانب الحياة، والذي يميز المجتمعات المنقسمة على أساس الدخل والثروة والسلطة والفرص المتاحة، مع التأكيد ان الاشتراكية تهدف الى بناء مجتمعات تختفي فيها، مع الزمن، الانقسامات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية العميقة.
وتستلزم الاشتراكية تشريك الاقتصاد، بمعنى إخضاع الجزء الأعظم من وسائل النشاط الاقتصادي، و خاصة الأساسية منها، لأشكال شتى من الملكية والرقابة والإدارة الاجتماعية او العامة.
ولان الوثائق الرئيسية الصادرة عن مؤتمرات الأحزاب السياسية مترابطة جدليا و تكمل احداها الأخرى، لذا لم أجد أفضل ما اختتم به هذه الورقة من اقتباس الفقرة التالية من مقدمة برنامج الحزب كونها تتواءم والتوجهات الواردة في شعار المؤتمر التاسع، و تلقي ضوءا إضافيا عليها:
"الحزب الشيوعي العراقي حزب ديمقراطي في جوهره، يعمل على إقامة نظام ديمقراطي أساسه التعددية الفكرية والسياسية، والفصل بين السلطات، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الإنسان، وضمان الحريات الشخصية والعامة، واعتماد مبدأ تكافؤ الفرص، وتأمين العدالة الاجتماعية، وبناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة الديمقراطية العصرية".
مصادر تم اعتمادها في إعداد هذه المطالعة:
* برنامج الحزب الشيوعي العراقي المقر في مؤتمره الوطني التاسع.
* التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي.
* وثيقة "خيارنا الاشتراكي دروس من بعض التجارب الاشتراكية" - المؤتمر الوطني الثامن للحزب الشيوعي العراقي.
* الاشتراكية لعصر شكاك بقلم رالف ميليباند.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة "طريق الشعب" ص 8
الخميس 22/ 11/ 2012