ankawa

الحوار والراي الحر => المنبر الحر => الموضوع حرر بواسطة: حامد الحمداني في 19:46 07/11/2018

العنوان: دراسة تربوية / علموا ابناءكم الحياة / الحلقة الاولى
أرسل بواسطة: حامد الحمداني في 19:46 07/11/2018
دراسة تربوية / علموا ابناءكم الحياة / الحلقة الاولى

حامد الحمداني


شهدت الأساليب التربوية في عصرنا الحاضر تطورات هامة جعلت المدرسة الحديثة تقوم على أساس تفهم حاجات التلاميذ ومشاكلهم، وأصبح جلّ اهتمامها حل هذه المشاكل بأسلوب تربوي صحيح وإشباع تلك الحاجات، إنها تهدف إلى تربية أبنائنا اجتماعياً و أخلاقياً وعاطفياً، والعمل على تهيئة كل الوسائل والسبل لنمو أفكارهم وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم وبذلك يكونون عناصر فعالة ومحركة في المجتمع .

إنها تهدف كذلك إلى إذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفسية الأجيال الصاعدة، وجعلهم يدركون حاجات المجتمع ، ويتفاعلون معه، من أجل تحقيق تلك الحاجات، وبالتالي تطوير المجتمع ورقيه وسعادته، وعلى هذا الأساس نجد أن المربي وليس المناهج الدراسية والكتب المقررة للدراسة هي العناصر الفعالة والحاسمة في تحقيق ما تصبوا إليه المدرسة والمجتمع .

[ إن الاتصال عقلا بعقل ونفساً بنفس،وشخصية بشخصية هو لب التربية] كما يقول المربي الكبير[ قستنطين زريق]، فالمربي يستطيع أن يؤثر إلى حد بعيد بأبنائه، وهذا التأثير ونوعيته، ومدى فائدته يتوقف على المربي ذاته، على ثقافته وقابليته وأخلاقه، ومدى إيمانه بمهمة الرسالة التي يحملها، وعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، فأن كل أعمالنا وسلوكنا وأخلاقنا تنعكس تماماً على أبنائنا الذين نقوم بتربيتهم سواء في البيت أم المدرسة، لأن كلاهما يكمل بعضه بعضا، ولاشك أن البيت هو المدرسة الأولى، وأن الأم هي المربية الأولى التي أجاد في وصفها الشاعر الكبيرمعروف الرصافي
حيث قال:
الأمُ مدرســةٌ إذا أعــددتها
أعددتَ شعباً طيبَ الأعراقِ
الأمُ أسـتاذُ الأساتذةُ الأولـى
شَغلتْ مآثُرها مـدى الآفــاقِ

إنه لمن المؤسف حقاً أن الكثير من المربين لم يدركوا هذه الحقيقة، ولا زالوا يسلكون تلك الأساليب التربوية البالية التي لا تهتم إلا بتلقين أبنائهم مبادئ القراءة والكتابة والمناهج النظرية المقررة في المدارس، أما مشاكل الأبناء وأساليب حلها، والتغلب عليها فتلك مسائل ثانوية في نظرهم، وفي اغلب الأحيان يلجأ الأهل إلى استعمال العنف والقمع مع أبنائهم كوسيلة للتربية، فهل تحقق هذه الأساليب القسرية ما نصبو إليه نحو أجيالنا الصاعدة؟ وبكل تأكيد أجيب كلا وألف كلا، فأن هذه الأساليب تؤدي إلى عكس النتائج المرجوة.

أن علينا كآباء ومربين أن ننبذ هذه الأساليب بشكل مطلق، ونعمل على دراسة وتفهم حاجات ومشاكل أبنائنا، والأسباب المؤدية لتلك المشاكل، وسبل حلها.
إن أبنائنا الذين يمثلون اليوم نصف المجتمع، والذين سيكونون كل المستقبل، هم بحاجة ماسة وضرورية لتأمين الظروف النفسية والاجتماعية السليمة لتنشئتهم وإعدادهم لهذا المستقبل الذي ينتظرهم، إنهم بحاجة للرعاية العائلية الحقيقية الفاعلة، حيث ينبغي أن يجد الأطفال حولهم القيم السامية والقدوة الحسنة، والمثل الإنسانية العليا في محيطهم العائلي وخاصة في مرحلة المراهقة التي تعتبر من أهم المراحل التي يمرّ بها أبنائنا وأخطرها، والتي يتم خلالها تثبيت دعائم القيم، واستيعاب المعارف والمفاهيم والأفكارالتي تخلق منهم عناصر إيجابية نافعة في المجتمع.

إننا بحاجة إلى بذل المزيد من الاهتمام بالجوانب الوجدانية والاجتماعية لأبنائنا وتطوير الأساليب التربوية التي يمكن أن توصلنا إلى هذا الهدف، والابتعاد عن أساليب التلقين العقيمة المتبعة في تعليم المواد التحصيلية، وعلينا أن ندرك أن أبنائنا بحاجة إلى الخبرات التي تجعلهم قادرين على التعبير عن آمالهم وحاجاتهم وخبراتهم ومشاكلهم.

كما انهم بحاجة للتدرّب على أساليب التعبير والمناقشة وإبداء الرأي، والتعود على العمل الجماعي، حيث أن العمل الجماعي يمثل عصب الحياة الاجتماعية الذي ينبغي توجيه الاهتمام له في عملية التربية، والتي تمكن أبنائنا من تحمل المسؤولية تجاه النفس، وتجاه البيت والمدرسة، وتجاه الحي الذي يعيشون فيه، حيث تجعلهم قادرين على المشاركة في الاجتماعية التي يمكن أن تتدرج من العمل الخاص إلى العمل العام، ومن العمل الفردي إلى العمل الجماعي الذي يمكنهم من التفاعل الإيجابي بالمجتمع، وتجعلهم متوافقين مع أنفسهم ومع المجتمع.
وينبغي لنا أن نؤكد على أن النجاح في تربية أبنائنا لا يتوقف على البيت والمدرسة فقط، بل أن وسائل الإعلام تلعب دوراً هاما وأساسياً في التأثير على حياة أبنائنا ومشاعرهم وسلوكهم خيراً كان أم شراً، وأخص بالذكر منها التلفزيون والسينما والصحافة التي يمكن أن تكون عامل بناء وتثقيف وإصلاح، ويمكن أن تكون عامل تهديم وتخريب لسلوكهم إذا ما أسيء استخدامها.
لقد كان لي شرف العمل في المجال التربوي لمدة ربع قرن من الزمان كنت خلالها أقرأ بنهم، وأتتبع كل ما يقع تحت يديّ من الكتب والأبحاث المتعلقة بالتربية الحديثة محاولا الاستعانة بها لخدمة أبنائي التلاميذ، وتربيتهم وتنشئتهم النشأة الصالحة، ومن خلال دراساتي وتجربتي التربوية تلك، رأيت أن من واجبي أن أقدم هذه المساهمة المتواضعة حول سبل تربية وتنشئة أجيالنا الصاعدة ودراسة ومناقشة مشاكلهم وسبل معالجتها بما يحقق لنا الأهداف المرجوة في بناء جيل قويم قادر على أخذ زمام المستقبل، ومالكاً لكل المقومات التي تؤهله للنجاح .
العنوان: رد: دراسة تربوية / علموا ابناءكم الحياة / الحلقة الاولى
أرسل بواسطة: جميل يوسف في 16:41 08/11/2018
الأستاذ حامد الحمداني المحترم
مقالكم علموا أبناءكم مقال جيد ومناسب جداً أن يُوجه في هذا الوقت الى العراقيين والى الشعوب العربية بشكل عام. هناك نقطة أود التنبيه عنها فابيات الشعر التي نسبتها الىالشاعر معروف الرصافي هي ليست له وإنما لقصيدة تربوية للشاعر المصري حافظ ابراهيم والقصيدة هي:


الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا
أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق

قصيدة ل ألأم
للشاعر
حافظ ابراهيم



إنـي لـتطربني الخلال كريمة
طـرب الـغريب بـأوبة وتـلاقي

وتهزني ذكرى المروءة والندى
بـيـن الـشـمائل هــزة الـمشتاق

فــإذا رزقــت خـلـيقة مـحـمودة
فـقـد اصـطـفاك مـقسم الأرزاق

فـالـناس هــذا حـظـه مــال وذا
عــلـم وذاك مــكـارم الأخــلاق

والـمـال إن لـم تـدخره مـحصناً
بـالـعـلم كـــان نـهـاية الإمــلاق

والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل
تـعـلـيه كـــان مـطـية الأخـفـاق

لاتـحـسبن الـعـلم يـنـفع وحــده
مــالــم يــتــوج ربـــه بــخـلاق

مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها
فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق

الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا
أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق

الأم روض إن تــعـهـده الـحـيـا
بــالــري أورق أيــمــاً إيـــراق

الأم أســتــاذ الأســاتـذة الألـــى
شـغـلت مـآثـرهم مــدى الآفـاق

أنا لا أقول دعوا النساء سوافرا
بين الرجال يجلن في الأسواق

يدرجن حيث أرَدن لا من وازع
يحذرن رقبته ولا من واقي

يفعلن أفعال الرجال لواهيا
عن واجبات نواعس الأحداق

في دورهن شؤونهن كثيرة
كشؤون رب السيف والمزراق

تتشكّل الأزمان في أدوارها
دولا وهن على الجمود بواقي

فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا
فالشر في التّقييد والإطلاق

ربوا البنات على الفضيلة إنها
في الموقفين لهن خير وثاق

وعليكم أن تستبين بناتكم نور
الهدى وعلى الحياء الباقي

أرجو ملاحظة ذلك ولكم التقدير