عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - بدران امـرايا

صفحات: 1 [2]
501


503


506


509


512


513
من موروثنا الشعبي

كــــــوّارا
                                                                                                                                      بدران امرايا

الحياة القروية قديما كانت حافلة بالنشاط خلال الصيف والشتاء , وكان لكل فصل أعماله الخاصة تلاءم أجواء مناخه ,فكان أهلنا في القرى دائما منشغلين بأمور حياتهم اليومية ,ولدى رفع محصول البيادر ( مرمتا دبدراثا ) كان لزاما عليهم أن يقوموا بتهيئة أماكن لاواء المحاصيل الزراعية وذلك  ببناء أواني كبيرة خاصة ونظيفة من الخشب والطين تسمى كورا. وهنا سأتطرق إلى هذا البناء الطيني .   
 
(كوارا)  كلمة سريانية مركبة بمعنى الخلية أو ( كَاو_ وارا , كَا عوارا  ) أي يدخل فيها ,مشتقة من فعل ( كَوارا) أي الزواج , وهي بناء عمودي طيني - خشبي مدبب شبيه بالمسلة أو شبيه بخلية النحل, أو لربما إن الفكرة مستوحاة من عش عصافير السنونو ( سلونياثا ) التي تبنى على سقوف البيوت , و بارتفاعات مختلفة كان يبنى في القرى  لغرض إيواء الحبوب من الحنطة – الشعير - الحمص - العدس في البيوت بدل الكَواني أو الاكياس الحالية ولإبعادها من ملاحقة الفئران والحشرات، وكان البناء يشرع, بإحضار حزمات كبيرة ( قَبلي درَوطي ) من العصي الطرية بالأخص من شجرة ( خيلابا ) الخلاف التي كانت تنمو على ضفاف الأنهر من تلقاء ذاتها ,التي تمتاز بطراوة العيدان وانحناءها حسب الرغبة .

 في البداية كانت العيدان تصف على الأرض بشكل عمودي تمهيدا لعمل القاعدة الدائرية ثم يؤتي بعصي ارفع وإمرارها فيما بينها بشكل أفقي بعد (كَدلتا) جدل القاعدة كانت تظهر بشكل مربع  فكانت تقص أطراف العصي لجعلها تبدو بشكل دائري ثم الإتيان بأخشاب طويلة ( شَقلي ) حسب طول الكوارا المراد صنعها  وتنصب بشكل عمودي في أطراف تلك القاعدة وربطها بأحكام و بمسافة شبر بين كل خشبة وأخرى .
 ثم تُحضرالنسوة خبطة من الطين اللزج المخبوط بالتبن وكذلك مع فضلات الأبقار( (ريخ , شَرّي ) لكي يبعد عنها الفئران . وتطلى القاعدة من الداخل والخارج به جيدا بحيث تغطي أو تخفي الخشاب والعصي مع ترك منفذا صغيرا يسمى بالسريانية بـ ( بويا  دكوارا, عينا دكوارا )أي الثقب والعين لإخراج الحبوب عند الحاجة وصغير بحيث يسع لدخول يد واحد ة فيه فقط وسده بواسطة قماش يسمى ( بوكرا ) ولدى رفع الغطاء كانت الحبوب تنساب منها مثل الماء, وهناك مثل يقال عن (البكرا) ( كوارا ايلا بزيتا اينا بوكرا بشرما دخمرا دريلا) أي إن( الكوارا) مثقوبة فوضعت (البوكرا) في مؤخرة الحمارة, أي يقال للشخص الذي لا يربط بين الكلام فيخلط بين الشرق والغرب .
 بينما أعمال الجدل الأخرى, كانت على عاتق الرجال وبعد أن تتصلب وتكون كتلة واحدة متماسكة مع البعض ,وتترك تحت أشعة الشمس حتى تنفذ الرطوبة نهائيا ،وكانت احزم العصي توضع في المياه لكي تكون رطبة وسهلة الاستعمال, وفي متناول اليد وبعد يوم أو يومين على تلك المرحلة كان يكمل الجدل لنصف المتر, ثم يطلى بالطين من كلا الجانبين مع مراعاة عدم ترك أية فسحة لتكون منفذا لخروج الحبوب أو لدخول الفئران الحشرات من خلالها , ويترك تحت الشمس ليوم أو يومين ثم يكمل التجديل إلى أن يطأ نهايات الأخشاب العمودية ويطلى كذلك وبعد الجفاف والتصلب ، ثم يأتي دور الغطاء الذي كانت خطواته شبيه بالقاعدة بحث تغطي فوهة الكوارا جيدا دون ترك أية فسحة مع طليها جيدا بالطين وعمل حمالة وسطها لحملها بها عند الفتح أو الغلق بعد جفاف الكوارا جيدا ونفاذ أية رطوبة فيها .

 فكان صاحبها يستعين بسواعد رجال المحلة وإمرار الحبال من تحتها  ورفعها بهدوء وتأني ,ونقلها  بخطوات رزنة إلى داخل البيت لكي لا تتكسر أو تتهشم  وفي المكان المخصص لها  وكانت توضع على الغالب في مؤخرة البيت ، عندها تكون جاهزة  لإيواء الحبوب, وكانت سعتها تختلف من كوارا لأخرى, وحسب رغبة صاحبها فكانت تمتاز بسعتها ونظافتها وامانتها من السرقة بحيث يصعب حملها كالكَواني ( جوالي ) والأكياس  والهروب بها ,وصعوبة دخول الحشرات فيها ، إلى جانب السيطرة في إفراغها  وملئها ، ولشعبنا الكلدوآشوري مثل عنها ( ما ددارت كو  كوارا  آو بد ناخت مِنّا ) أي ما تضعه في كوارا سوف تتلاقاه منها ، على غرار المثل القائل( ما يزرعه الإنسان إياه يحصده ) , ( ايلا مَخ كوارا خلمتا ) أي إنها مثل  (الكوارا) كان يقال للمرأة السمينة ذات الحوض العريض. ( بَيتهِ ايلي مَخ كوارا ) أي بيته مثل ( الكوارا) لضيقه وظلامه , ولدى ملئها بالحبوب كانت  فوهتها توضع ثم تغطى بنفس  تكوينة الطين وتترك لحين الحاجة اليها , وكانت هيبة البيوت اقتصاديا تحدد بعدد هذه (الكوارات )  المليئة فيها بالحبوب .
ولم يعد لهذا البناء الطيني التراثي لشعبنا الكلدو اشوري أي اثر للوجود في وقتنا الحالي, أو لربما عدد قليل في زوايا المتاحف في شمال العراق  , وذلك بسبب تطور مناحي الحياة, وانتفاء الحاجة اليها    ... عم شلامي .


Badran_omraia@yahoo.com


514


516
قاطع ملبورن لحركتنا يقيم دعوة عشاء على شرف الاستاذ صباح ميخائيل.

مساء يوم الخميس 13 كانون الاول 2012 اقام قاطع ملبورن لحركتنا الديمقراطية الاشورية ( (زوعا) دعوة عشاء على شرف الاستاذ صباح ميخائيل رئيس اتحاد بيث نهرين الوطني القادم سدني ,يرافقه الدكتور عامر ملوكا رئيس نادي بابل الكلداني .
واستقبلا الضيفان العزيزان من قبل الرفيق خوشابا هوزايا مسؤول القاطع وعضوية الرفاق سركون قندو, ادور خوشابا, كوركيس هارون, اكرم عمانوئيل , مريم باي و بدران امرايا اعضاء القاطع .

واستهل اللقاء بالترحيب بهما ,  ثم تناول الحضور قضايا تخص الوضع السياسي والقومي في الوطن , والتاكيد على الوحدة القومية بين كل مسميات شعبنا الواحد ,وسبل توحيد الخطاب السياسي لتنظيمات شعبنا لنيل وضمان حقوقه القومية والوطنية المشروعة ,  وكذلك سبل وكيفية اللقاء بين مؤسسات وتنظيمات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري  في المهجر للحفاظ على لغتنا و سفر تراثنا الثر وعدم التعثر بالتسميات ,وتوقف الحضور على  داء ونزيف الهجرة  القاتل عند شعبنا , وايجاد سبل لدعم نضاله وترسيخ وجوده في ارض الاجداد بين النهرين العراق , وامور اخرى ذات الاهتمام المشترك .
وبعد تناول العشاء التقطت الصور التذكارية .وودع الضيفان العزيزان بالحفاوة التي استقبلا بها .

الحركة الديمقراطية الاشورية
قاطع ملبورن
   13 كانون الاول 2012





   
  

518
في ملبورن حركتنا تستذكر رفيقيها الخالدين نينوس واسحق ادم في صلاة الاربعين.

بسم الاب والابن والروح القدس
(طوبى للذي تختاره يارب ليسكن في ديارك ) مز65 :4
في صبيحة الاحد الموافق 9 كانون الاول 2012 استذكر قاطع ملبورن لحركتنا الديمقراطية الاشورية ( زوعا ) رفيقي دربه المرحومين نينوس ايشو واسحق ادم , في صلاة الاربعين على راحة نفسيهما الخالدتين , حيث اقيم القداس الالهي على مذبح كنيسة مريم العذراء للكنيسة الشرقية القديمة من قبل نيافة الاسقف الجليل مار ماري عمانوئيل القادم من سدني, وحضرة الاركذياقون نسطورس هرمز راعي الكنيسة,وتناول سيادة الاسقف قبسات مضيئة من سيرة المرحومين واخلاصهما وتفانيهما في سبيل قضية امتهم العادلة, مبتهلا للرب ان يسكنهما فسيح جناته مع القديسين والصالحين, وان تكون مسيرة حياتهما نبراسا وهاجا يقتدي بها رفاقهم الاخرين , وعزاءا سماويا لذويهم وفاق مسيرتهم  .
 وحضر القداس الرفيق خوشابا هوزايا مسؤول القاطع وعضوية الرفاق سركون قندو, ادور خوشابا, اكرم عمانوئيل, وليم سادة , كوركيس هارون,عمانوئيل شمعون ,اشور يوسف, بدران امرايا اعضاء القاطع .وبعد القداس الالهي اتجه الحضور الى قاعة الكنيسة لتناول لقمة الرحمة على روحي الفقيدين والتي اعدها القاطع , ومن بعدها قام الحضور بتقديم التعازي لرفاق الحركة .
المجد والخلود لروحهما الطاهرتين.

الحركة الديمقراطية الاشورية
قاطع ملبورن
9 كانون الاول 2012






















   
 

 
 
         

519


520
من موروثنا الشعبي

مندورتا
             
       
بدران امرايا


البيوت القروية  الترابية تمتاز بالكثير من المواصفات الهندسية الخاصة من الجمال والدفء في الشتاء والمنعشة في الصيف ,ويعود سبب ذلك لهيكلها المبني من الطين والخشب .

 ولا سيما إن سقفها مغطى بالخشب والقصب والتراب وخلال فصلي الأمطار يحتاج إلى الحادلة الحجرية لضغط وكبس ترابه لمنع الأمطار من التوغل فيه, وهنا سأتطرق إلى تفاصيل الحادلة  الحجرية المستخدمة على السطوح .
   ( مندورتا) اسم سرياني مركب بمعنى( مَن دارا ) اي المدورة أو الحادلة الحجرية ، وهي عبارة عن حجر كبير ,الغرض منه تحديل السطوح الترابية خلال الشتاء, أي بدوانها عليه ذهابا وإيابا, ولعدة مرات حتى يتثقل التراب, ويتكبس على البعض, ويتقوى شريطة أن يتبلل السطح بالزخة الأولى للمطر جيدا وبذره بمخلفات عقد التبن ( قطرا دتونا ) لكي لا يلتصق التراب بالحادلة .

و كان عند  أهلنا في القرى عدد من المهرة بهذه الصنعة المحلية ,حيث كانوا يقصدون السهول حيث تتواجد الصخور الكبيرة ومعهم حقيبة عدتهم ( امورتي , ماني ) من المطرقة (مرجا) والأقلام الحديدية والزاد, فيختاروا احجارا ويبداؤن بطرقه ونقره( نقرتا ) وتهذيبه ليحولوه إلى شكل هندسي اسطواني مدور أملس الملمس ,وبطول متر أو اقل اسطواني الشكل بحيث بأقل دفعة يدور في كلا الجانبين, بعدها ينقر حفرتين متقابلتين في الجانبين لعدة سنتمترات ليستقر فيها المقبض الخشبي ( برامندورا ) وكانت عملية النقر وتهذيب الحجر وهندسة شكله تستمر لعدة أيام, أو بعد أن يقل وزن الحجر كان ينقل بواسطة الدواب إلى البيت ويتم نقره هناك وبأنامل فنية وحذر كبير كي لا يتهشم الحجر بالضربات القوية ويذهب التعب سدى مع أدراج الرياح, لذلك كان يقال بالسريانية (كل كيبا اتلي بالا دنقرتا ) أي إن لكل حجر جانب خاص للنقرعليه .

 وبعد إكمال الحجر ( مندورتا )، فيأتي دور المقبض الخشبي والتي يكمن بإحضار خشبتين بطول أكثر من متر, ويثقب رأس إحداها ويمرر رأس الأخرى فيها,. ويثبت بإحكام بحيث يشكل مثلث بضلعين أو شكل رقم سبعة بالعربية , ثم يثقبان الرأسان الآخران ويمرر فيهما خشبتين بطول عشر سنتمترات بحيث تبرز إلى الجانب الداخلي وتتقابلان وتثبتان جيدا لتدخل في الحفرتين عند التركيب ، مع عمل ثقبين مقابلين وسط ضلعي المثلث, وإمرار حبل ( خولا ) قوي فيها للتحكم  بشده وإرخاءه عند التركيب وليلائم كل أحجام  الحادلات الحجرية  ومن ثم ربط حبل بطول متر مع جعل رأسه عقدة ( قطرا )  لسحبه من خلال ذلك الحبل, ويسمى هذا التركيب بـ ( برا مندورا) .

ومؤخرا استعان الناس بصنع أو صب حادلات إسمنتية كونكريتية و بأحجام مختلفة وحسب الرغبة ، إلى جانب عمل مقابض حديدية بسهولة تامة .
 وكان يوصف ذوي الرؤوس الكبيرة ( ريشي اخ مندورتا ) أي رأسه كالحادلة  والنساء والبنات السمينات (ايلا مَخ مندورتا خْلمتا ) أي انها كالحادلة سمينة ،وما زالت هذه الحادلة فعالة وحية الممارسة في بعض القرى النائية وخاصة حظائر الحيوانات منها ...

ولدى سقوط الزخات الأولى للمطر أي بعد أن يتبلل السطح الطبقة الأولى للتراب , كان احد الأشخاص البالغين يصعد عبر السلم الخشبي ( سملتا ) حاملاً معه كمية من التبن الخشن( العقد) ومقبض الحادلة , ففي البداية كان يعين اتجاه الرياح( صوبا دبَوخا) لكي يبدأ ببذر التبن ويخفض يده كي لا يتطاير التبن ويذهب مع  أدراج الرياح لكي لا يلتصق الطين بالحادلة,بعدها يركب المقبض ويتحكم به بشد الحبل الموجود وسطه, عندها يبدا بحدل السطح عبر سحب الحادلة بواسطة الحبل المشدود بالمقبض ,وذلك بسحب الحبل فان الحادلة تدور على الطين وتضغط عليه فيتكبس على البعض, وتنسد مساماته فلا يخترق المطر التراب ,ويبقى البيت بمَنى عن تنقيط المطر فيه عبر السقف ( دَلوبي ) .

وعند تغطية السطح كله بالحادلة كانت تسمى هذه الحالة بـ ( لوشا قَمايا) أي اللباس الأول والثاني والثالث وهكذا, وعادة كان اتجاه التحديل باتجاه تمايل السطح نحو الأسفل لتجري مياه الأمطار نحو الأسفل عبر حافات السطح ( سواناثا).
 
وأحيانا لدى تحديل السطح كانت الحادلة تنزلق وتسقط من حافة السطح ( سوانا دكَاري ), لذلك كان الشخص يستعين بسواعد الجيران للمساعدة لنقل الحادلة إلى السطح عبر إدخالها في كيس ( كَونية ).وعند الانتهاء من تحديل السطح كانت الحادلة توقف في مكان مستوي ويحشر حجرين في كلا اتجاهيها لكي لا تنزلق من شدة الرياح وتقع على شخص ما . وكذلك كان يستعين بالحادلة لهرس بعض المحاصيل ( كَرستا) . هذه كانت الحادلة الحجرية التي لاهلنا ذكريات مسلية معها.وإنها بلا شك سمة وصفحة مشرقة من سفر مورثنا الشعبي الكلدواشوري الثر.. تدوي غلبا ...

Badran_omraia@yahoo.com

521
من موروثنا الشعبي

شَيّــتا دبَيــّتا

                      
*بدران امرايا


البيوت الطينية القديمة كانت على نمط خاص يختلف كلياً عن نمط  البيوت الحالية المبنية من الكلس أو الاسمنت والمواد الأخرى , وكانت هذه البيوت تفرض على ساكنها ديمومة العناية بها  ,وترميمها من الداخل والخارج لإدامة بقائها, وهنا سأتطرق إلى إحدى المهام التي كانت تماس قديماً في القرى المتعلقة بالبيوت وهي شَيّتا دبَيّتا.
 
شَيتا دبَيّتا اسم سرياني مركب معناه اطلاء البيت وهذه العملية كانت تمارس بعد بناء البيت سواء من الطابوق أو الحجر أو اللبن، فكان يطلى من الداخل والخارج ليكون دافئا جميل للمنظر أملس الجدران ،فكان أهالي القرى يقومون بأعمال البناء في الخريف أو الربيع لاعتدال الجو آنذاك او بعد الانتهاء موسم البيادر. فبعد تكامل البناء كانوا يطلون جدران البيت أو يردمون الفسيحات الموجودة بين الأحجار بالطين المخبوط بالتبن حتى يستوي سطح الجدران من الاعوجاج ( بليموتا ) بطين أي تراب كان ، بعد جفاف الجدران فكانت للقرى مناطق خاصة بالتراب الأبيض اللزج تسمى بالسريانية ( خِبَرتا او كنّدي ),والناس كانوا يقصدون تلك المناطق لجلب كميات مناسبة تكفي حاجتهم من هذا التراب بواسطة الدواب عبر وسيلة الخِرج ( خِركَا ) ويهشمون أي كتل فيه ليكون ناعماً ثم رشه بالماء لمدة ليلة واحدة حتى يتبلل الكل ويتخمر, ويعملون وسط كومته حفرة كبيرة ( جالي او كوري ) و يملأ ؤنها بالماء ثم يلكزون التراب فيها من كل الأطراف بعدها يخلعون الأحذية رجالا ونساءا ( خْبيايي ) ويجبلونها بالأقدام جيدا حتى تصبح لزجة متماسكة تخلوا من أية كتلة من التراب اليابس .

ثم يقومون برش الجدران بالماء تمهيدا لطليها  بطبقة من الطين الجديد، فكنت نساء أو بنات المحلة تأتي من كل صوب وحدب ومعهن احجاراً ملساء تسمى بالسريانية ( شُندوختا او دَلكتا ) الدلك. فكانوا في البداية يرسمون علامات الصليب على وجوههن الطيبة والمؤمنة ( رشمتا دصليوا ) ومن بعدها  يقومَنّ بلطم الطين يدوياً على الجدران ( شَيّتا ), بعدها يقومَنّ بتسطيحه بالأيدي حتى ينهونها, بعدها تجلب كل واحدة من النسوة طاسه بها ماء فترش الماء على الجدار, وتقومن بإمرار ذلك الحجر ذهاباً وإياباً شمالاً وجنوباً عليه حتى يتسطح ويصبح أملساً وهندسياً, ترضى عنه النسوة وكانت تعملن بمهارة ودقة لإظهاره بالشكل المطلوب ,وحتى يكون عند حسن ظنهن, وخلال العمل كانوا يطلقن العنان لصوتهن العذب بالغناء وتبادلن الكلام الطريف أو يتخللن العمل فرص راحة لاحتساء الشاي المغلي على الجمر ( جايّ دكَومري ) ، وبعد الانتهاء كانوا يباركن صاحبته، وبعد جفافه يظهر جماله ونظافة عملهن ,وكان البيت يطلق رائحة طيبة رائحة التراب الجديد ( ريخا دعوبرا خاتا )  هذا كان أول طلاء بعد تشييد البيت الجديد.

ولدى قدوم  الأعياد أو مناسبات الزواج أو بعد انتهاء فصل الشتاء ومما كان يترتب من آثار الدخان البقع الصفراء أو السوداء على جدران البيت من جراء تشغيل  مدفئة الخشب ( سوبا دقَيسي )  أو من تنقيط سقف البيت من قطرات الماء خلال الشتاء ( دلوبي ) وغيرها كان  يتم طلاء البيت بطريقة مختلفة .

 لكن الطلاء الثاني أو السنوي  كان أسهل عملاً فكانت النساء تجلب كمية قليلة من ذلك التراب الأبيض وتخبطه بالماء جيداً وتجعله سائلاً مخففاً  كالشربت أو العصير , وتجلب حزمات من عشب النعناع ( الزعتر ) ذو الرائحة الزكية والذي كان ينمو على حافات جداول المياه ( خدر او مرزاني د ميا )، وتحزمه إلى حزمة بمستوى مقبض اليد ( كَبا ) الكف, وتمرره في ذلك السائل ليتشبع منه ، ثم تقوم بضربه في الهواء باتجاه الجدران ليتطاير رذاذ السائل ويتلطخ على الجدران  بمثابة الفرشاة  الحالية  (بْرجّا ), وبذلك يتم تغطية كل جدران  الغرفة ,وبعد جفافه فتظهر الجدران بيضاء وتعبق منها رائحة الزعتر (نَنخا ) الزكية تفوح منها على مدار السنة وتملأ البيت عطرا منعشا مثل المعطرات الحالية ، وهذه العملية الأخيرة كانت تسمى (مَطربتا دبَيَّتا ) أي رش البيت وتبيضه ، فكانت تلك البيوت الطينية دافئة في الشتاء منعشة خلال الصيف .

 وعلى ذكر اللطخ أو اللطم ( مَطرَبتا ) فان لشعبنا الكلدو آشوري أمثلتهم ومقولاتهم الفلكلورية المعبرة والرصينة في كل مناحي الحياة , ( بْد طربنوخ لخا كَودا مبلطنّ خَخينا منوخ  ) أي سارطمك على الحائط لأخرج شخصاً آخراً منك, ( ميتنوخ خا لَطما مَنختني كاكوخ كَاو بَلوتوخ ) أي سأضربك لطمه انزل بها أسنانك في بلعومك , ( [glow=pink2,300]ميتنوخ خا لطما بَودنَي كاكوخ خوردا [/glow]) أي سأوجه لك لطمه سأجعل من أسنانك خوردا فكانت هذه المقولات وغيرها تقال لحظة العصبية أو الغضب . وحالياً لم يبقى لهذه الظاهرة وغيرها  إلا الاسم  وذلك بسبب تطور مناحي الحياة  ... عم شلامي..
Badran_Omraia@yahoo.com



522


523
المنبر الحر / خبير في طب الكسور
« في: 19:17 26/11/2012  »




524
من موروثنا الشعبي
مَربَيتا دقنيانا
بدران امرايا
في صباحيات حياة القرى هناك واجبات مهمة عديدة تستدعي القيام بها دون كلل او ملل منها  اطلاق وتغذية  الدواجن , تغذية وحلب الحيوانات ومن ثم اطلاقها في القطيع العام للقرية لينطلق نحو المراعي دون اي تاخير, وهنا سنتطرق الى احدى تلك المهام وهي,                                     
مربَيتا دقنيانا اسم سرياني مركب معناه إطلاق القطيع  في الصباح الباكر ,  وهي ظاهرة يومية تمارس من قبل أصحاب قطعان الماشية في القرى والأرياف عند الصباح وفي الساعة السادسة او السابعة مثلا وحسب فصل السنة كان صاحب القطيع يستيقظ مبكرا ويفتح باب الحظيرة ( كَووما) ويقول عوووو فان القطيع يبدأ بالخروج من الحظيرة , فيقوم هو مع شخص أخر بإدخال علبة التبن ( تونا ) مع تنكه من الشعير(صعري ) فيقوم على وجه السرعة بجمع مخلفات التبن الخشن( قطرا ) للاستفادة منه في تحديل سطح البيت في الشتاء او لخلطه مع التراب وجعله طين لاستخداماته الكثيرة في القرى ,من مذود الحظيرة ( اوري ) وهي معالف مصنوعة من التراب  والحجر وسط الحظيرة  وبشكل طولي ثلاثة أمتار أو وحسب كبر الحظيرة, ومؤخرا صنعت هذه المعا لف من التنك لسهولة تنقلها من مكان لأخر ( بوتي ). فكانت تعبأ بالتبن ويرش عليه الشعير ويخلطا معا , وتعبأ الأواني (مركَلي ) بالماء وكان القطيع ينتظر بلهفة للدخول إلى الحظيرة , وحال الانتهاء من ذلك كان الباب يفتح ويقف شخصا عند الباب ليراقب حركة الدخول لكي لا تتزاحم عند الدخول ويؤدي ذلك إلى قتل او طرح أجنة الحوامل ,فكان القطيع يتوزع على المعا لف من كلا الجانبين فتتعلف وتشرب الماء , ثم تأتي السيدة وتبدأ بحلب القطيع بعد أن تغذى وتشبع من الأكل وامتلأ كيس حليبها ( كَيهانا ) بالحليب ( مزيرا) فتحلب واحدة فواحدة مع ترك نسبة من الحليب للجدي او الخروف الصغير فكان يقول الصاحب للتي تحلب ( لا كَلطتا كُلا خليا ) اي لا تنهي الحليب كله من كيسها , وأحيانا لا تركن بعض الماشية أثناء الحلب فيقوم الصاحب بتعقبها ومسكها بواسطة إمرار كف (القوبال)  عصا الراعي ذات الرأس المقوس لتلاءم مسكة الكف , على عنقها وبعد هذه الخطوة فيقول الصاحب بفتح باب حظيرة الخرفان او الجديان ليأتوا إلى أمهاتهن ويصدرون ضجيجا من الأصوات  ماااااا حتى يلتقون بالأمهات وأحيانا لا تقبل الأم بان يتغذى صغيرها فيمسكها الصاحب حتى يرضع الصغير او يرشد كل صغير الى امه ,وبعدها يفتح الصاحب باب الحظيرة فيقول عوووو فيبدأ القطيع بالخروج ويقف شخصا عند الباب فيمنع الجديان والخرفان من الخروج فيقال لها بالسريانية ( برَشتا) أي التفرقة .فالصغار تبقى في الحظيرة , والقطيع يجره الصاحب إلى خارج القرية حيث ينتظر الراعي هناك وكانت هناك أماكن خاصة عند مخارج القرية  لجمع القطيع ,بعدها يأتي الراعي وهو يجر مقود حماره الحامل كل احتياجاته ويسلم ( صبروخون طاوا – قدمتوخون طوتا – برختا ) طاب صباحكم على أصحاب الماشية ,فكانوا أصحاب القطيع يوصون الراعي بالانتباه إلى الأغنام والماعز المشرفة على الولادة , ويرافقون القطيع لإخراجه من مناطق ( الزياني ) أي مناطق الأضرار حيث تتواجد حقول المزارع والبساتين لان الراعي وحده لا يستطيع السيطرة على حركة القطيع فيجر نحو البساتين والحقول ويمحيها يسويها بالأرض .بعدها يرجع أصحاب الماشية إلى بيوتهم أما الراعي فيجر القطيع إلى حيث المراعي النظرة والأجواء الخلابة ببساطها المخضر وجوها الخلاب _وخاصة في الربيع . وكان الراعي ( رَعيّا) يحترم ويقدر ويدفع أجره حسب عدد رؤوس  الماشية . وكانت هناك مقولة يتداو لونها اهلنا ( ليبوخ كربت من ملبانا ولا رَعيّا سَبَب سنيقَايوت  عليهي) اي ليس بإمكان الشخص (الزعل) او يتخاصم مع المعلم والراعي لأنه بحاجة ماسة إليهم على الدوام ) .هذا كان ملخصا عن برنامج حياة أهلنا الروتيني في كل صباح من يومياتهم القروية . فكانت يوميات حياتهم مليئة بالنشاط والحيوية المستمرة لذلك كانت أجسامهم رشيقة قاماتهم منتصبة كشجرة الحور ( خورتا )أصحاء كالأحصنة الرهوانة  (مَخ سوسي ) فلو سال احد عن صحة شخص أخر كان يقال ( ايلي مَخ كودّنا دا طوبي لِي بَقالي ) أي انه كالبغل ليس بإمكان قنبلة تفجيره ) كناية عن حالتهِ الصحية الممتازة .فلم يكونوا يعرفوا شيئا اسمه الضغط العالي ولا الواطئ ولا الكلسترول والسكر فكانوا يتجاوزون قرنا من العمر بكل يسر وصحة .
Badran_omraia@yahoo.com

525


526

527
من موروثنا الشعبي
طريتا دبُقّرا   
                                   
  بدران امرايا
  ليس من شك إن حياة القرية حياة حافلة بالنشاط والممارسات اليومية العديدة ,وكون طبيعة القرى تتطلب تربية الحيوانات المختلفة للاستفادة منها للعمل أو لمنتجاتها الكثيرة ,إلى جانب إطلاق تلك الحيوانات  إلى المراعي عند عدم استخدامها اليومي وتسمى هذه الظاهرة ( بقرا ) وهنا سوف نتطرق إلى إحدى تلك الظواهر القروية .
طريتا أو مربَيتا  دبقرا اسم سرياني مُركب معناه إطلاق البُقرا والبُقرا مَعناهُ حصراً البقر , وهنا إنها تعني القطيع الذي يضمُ الأبقار, الحَمير ,الخيول, البغال , الجحوش. وهي ظاهرة تمارسُ ولحد الآن في القرى عند الصباح ويختلف التوقيت من فصل لأخر , فكان أهالي القرى يملكون عدد كبير من الأبقار ( تَوراتا )وحسب غنى كل بيت فكانت لأغراض كثيرة منها اللحوم ومشتقات الحليب العديدة , والجلد كان يدبغ ويستعمل لغرض تخزين الحبوب ( بردي ) ويسمى ( مزيدا- زميدا) أو لصناعة ( كالكي)الحذاء المحلي الصنُع أو يباعُ إلى تُجار متجولين أو لـ (لقراجايي ) لصناعة الطبول ( دَولا ) , أما الثيران فكانت تستخدم للحراثة ( بدانا , بعدانا ) لجر المحراث الخشبي ( اقولتا – عقولتا )أو لـ (دوارا ) أي لهرس سيقان الحنطة والشعير والعدس وغيرها في بيادر الخير والبركة , بالإضافة إلى الدواب من الحمير ( خماري ) والبغال ( كََودني ) والخيول ( سوسي ) .

 ففي الصباح كان صاحب البيت أو السيدة تقوم بالدخول إلى ( كََوما) الحظيرة وتفرغ ( اوري ) من مخلفات التبن الخشن العقد (قطرا) وجلب تنكه من التبانة ( بيث توّني ) وإفراغها في المعلف ووضع كمية من الشعير عليه وخلطه فتتغذى عليه البقر وغيرها من الحيوانات واملآ آنية الماء لتشرب منها , وبعد حوالي نصف ساعة , فيؤتى بعجل البقر الصغير ويقرب من أمهِ فيرضع بعض الشيء ثم يُبعد عن الأم فتسمى هذه العملية ( ممرجتا) أي لكي تترك البقرة حليبها , ومن عادة البقرة عند الحلب فإنها لا تترك حليبها لذا كان يُجلب العجل فيرضعُ فتترك الحليب له , وكانت سيدة البيت تحلبها عندئذ,  وبعدها تترك كمية من الحليب للعجل الصغير , ثم يترك العجل بحريته ليرضعَ وبعد أن ينفذَ الحليب  من ( كَوهانا ) تبعده عنها , عندئذ يبعد العجل عن ألام نهائيا, ويفك حبل الربط ( كابكا) من يد البقر وعادة يسمى الزوج الأمامي من أطراف البقر باليدان  والزوج الخلفي الرجلان , عندئذ كانت البقرة تعرف طريقها نحو ( البُقرا)  أو أحياناً لا تترك عجلها بيسر فيقودها الصاحب أو الزوجة إلى مكان غالبا ما يكون وسط القرية قريب من الكل فيسمى ( جمعتا دبقرا ) أي تجمع القطيع ,وكان الطريق نحو تلك الساحة محكاً للقاء الرجال أو السيدات وتناول آخر الأخبار الصباحية المحلية وغيرها .

 وبعد تجمع (البُقرا ) القطيع كان الراعي ( بقارا ) يتشرف ويسلم على الحاضرين , ومن الناس من كان يوصي الراعي بإشراف بَقَرتهِ على الولادة وان ينتبه لها , بعدها كانوا يحركون القطيع من مكان التجمع ويساعدون الراعي في اجتياز ( زياني) البساتين والحقول المجاورة للقرية لكي لا ترعاها البُقرا فكان الراعي وحده لا يسيطر على البُقرا لوحدهُ وعند اجتياز تلك المناطق كان أصحاب الأبقار يرجعون لبيوتهم مثل الجيش المنكسر( كَيسا  تويرا ) أي لا يرجعون معا بشكل منظم , أما الراعي فيشقُ طريقهُ نحو المراعي السهلية والجبلية والوديان , ولدى ولادة أية بقرة كان الراعي يشرف عليها فيقوم بمساعدة العجل على الرضاعة ووضع كمية من الملح على جسمه فتقوم الأم بأكل الملح بإمرار لسانها على جسم العجل الذي يسمى بالسريانية  عند الولادة بـ ( موجا ) أي الرضيع, وتمشيطه بلسانها وقبوله أن يرضعها  وتسمى هذه العملية ( رخمتا ) بالسريانية أي الرحمة وبعدان يكبر العجل  ويجتاز السنة يسمى ( شرخا  او لولا) أي المرهق بالسريانية وبعد أن يجتاز السنتين يسمى ( تورا) أي الثور .
 ويقال للشخص الكريم ( ايلي تورا ونورا كيبي خا )  أي عنده يتساوى الثور والمرآة  فشتان بين قيمة الشيئين أو يقال ( يولي تورا بنورا ) أي ضحى بالثور من اجل المرآة أي للتاجر الذي على موعد دائم مع الخسارة  , ( فيدا دبقارا ركّوتا لخماري ) أي فائدة الراعي هو فقط ركوب الحمير, ففي إحدى قرانا كان هناك راعي للبقر ( بقارا ) وذات مرة قال احد أبنائه الصغار والذي كان يتلهف للذهاب مع قطيع( البُقرا ) متى ستأخذني معك فكان يقول لم يحن الوقت بعد وبعد إلحاح كبير ذات صباح أخذه معه. وكان هدف الابن فقط ركوب الحمير فقط لان في القطيع عدد كبير من الحمير والأحصنة والبغال والجحوش . إلى جانب البحث عن أعشاش الطيور المختلفة . ومنذ الصباح ألحّ على الوالد بان يسمح له بالركوب على ظهر الحمار ( بابي ايمن بد ركون؟ ) أبي متى سأركب ؟ فكان الوالد يقول له ( سي مدريّ انيهي توراتا  وبد ركّوت ) أي ارجّعْ تلك الأبقار الخارجة عن السرب وبعدها ستركب!! وكان الولد يذهب بسرعة البرق ويفعل ذلك  على  أمل أن يركب وهكذا كان الأب يتماطل على  الولد  باستمرار منذ الصباح  والى حد المساء فتعب الولد إلى حَدّ الإرهاق  وعند الإياب للقرية تغاضى الولد عن طلبهِ ونساهُ من شِدة المَلل , فقال الوالد يا ( و) إلا  تركب الآن ؟ فرد على والدهُ ( والله بابي جو خا لا بريطالي يمّي إلا أتّي ) أي والله يا أبي لا احد مزق أمي إلا أنت , أي على غرار لم يدمرني احد إلا أنت !! وكان (البقارا) الراعي عادة  يرمز إلى الفقر في القرى ( ايلي بقارا دماثا ) أي انه راعي البقر نكاية بمكانة الشخص الاجتماعية . وكانت العادة أي يستلم الراعي أجره كل ستة أشهر فقد وحسب عدد رؤوس الحيوانات الموجودة في القطيع , وكان يقال في القرى ( ليبُخ كربتْ من طلا ناشيّ  بقارا ومَلبانا وقاشا ) أي ليس بإمكانك مخاصمة  ثلاثة أشخاص وهم  الراعي والمعلم والقس ) لأنه ليس بالإمكان الاستغناء عن خدماتهم  .

 وكان لهذا الراعي صديقه الحميم وهو حماره( خمارا درعيا) الذي كان يحمل أمتعته الكثيرة من المأكل والملبس ويحمل العجول المولودة حديثا . وعند المساء لدى إياب (البُقرا ) إلى القرية كان عدد من أصحاب القطيع يأتون لمساعدة الراعي لإدخال القطيع إلى القرية , وكان صاحب البقرة المولودة يعطي هدية إلى الراعي بمناسبة ولادة بقرتهِ وتسمى  تلك الهدية ( خَليتا ) أي الخلوة .. تودي ساكَي ..

Badran_omraia@yahoo.com
 


528

529
من موروثنا الشعبي
خْوَيتا دقْنيانا
بدران امرايا
لاصحاب قطعان الماشية واجبات ومهام كثيرة تفرض عليهم القيام بها على اكمل وجه ,وخاصة في اجواء القرى حيث تتوفرالعديد من الظواهر والطقوس الحياتية اليومية البسيطة والمُعقدة ومن بين تلك الظواهر خْوَيتا دقْنيانا.
 خْويتا دقنيانا اسم سرياني مُركب معناه أحواء او لَمْ المقتنيات ,والمقصود هنا قطعان الماشية الأغنام والماعز بعد يوم بطوله في المراعي النظرة الجبال والسهول والوديان وعند المساء كان قطيع الماشية يعود أدراجه نحو القرية وخاصة في فصل الشتاء لشدة البرودة والتساقط ,عكس الصيف فان القطعان تبقى في المروج الغنية بالماء والكلأ ( كوزي, زوماثا ) وتسمن هناك إلى فصل الخريف حيث تساقط الأمطار فتعود أدراجها إلى الحظائر في القرى وكان اصحابها  احيانا لا يميزون او يعرفون رؤوس اغنامهم  من جراء التغيير بالسمنة, وعند اقترابها من مداخل القرية كان أصحاب القطيع ربما كان القطيع يعود إلى أهل القرية كلها كل له حصته فيه , فكانوا هؤلاء الناس يذهبون إلى مشارف القرية ليساعدوا الراعي وكل واحد كان يحمل (كوباله ) العصا المقوسة الرأس لتلاءم راحة اليد وكذلك لإمرارها على عنق الماشية للمسك بها عند الحلب او لضربها عند اقتيادها . ولدى الوصول لعند الراعي يقال له ( قوتا هاوي لوخ ) اي ما معناه لتكن لك القوة او على غرار المقولة العربية ( الله يساعدك ) فكان الراعي يجاوب مبتسما ( نيخي بابوخ ويموخ ) الراحة لوالديك او( برديسا لبابوخ وليموخ ) الجنة لوالديك وكانت هذه المقولة تزيح التعب والجهد نفسيا من على كاهل الراعي او تقديمهم له بعض الحلوة وما الى ذلك .

  ثم يقودون القطيع معاً عبر الطرق الضيقة بين ( زياني ) أي الأضرار المقصود بها الحقول والبساتين الموجودة حول القرية او او على  مشارفها لئلا يطالها القطيع إلى ان يدخل القرية فكانت الماشية تعرف طريق بيت صاحبها او حظائرها , وتسمى هذه الظاهرة ( برَشتا ) أي التفرقة  تفريق القطيع في ازقة القرية فكانت تأتي إلى البيت وأحيانا كانت تذهب مع قطيع أخر فيذهب صاحبها لجلبها للبيت أو تبقى في حظيرته ولكن يقول لصاحبها إنها عندنا لكي لا يضيع الوقت في البحث عنها.وأحيانا لا يجد لها أثرا في القرية كلها ويسال الراعي عنها ,وعند عدم ايجادها  يذهب الصاحب إلى بيت الشماس أو الملا لغرض عقد افواه الذئاب لكي لا يفترسوا  الغنم أو الماعز المفقود في البراري و فهناك كان الضحك فيقوم الشماس أو الملا ببعض المراسيم الخرافية كعقد احد خيط عدة عقدات ويقول لصاحب الغنم اطمئن فان الذئاب لن تقترب منها ابدأ حتى وان تضورت جوعاً لأنني عقدت افواهها , وفي اليوم التالي إن وجدوا المفقود يتقوى موقف الشماس او الملا ويقول ها الم أقول إنني عقدت فم الذئب!!! وقد صدقت في الأمر!! ويستلم أجره  وان لم يجدوا المفقود يقول إنني حين عقدت الفم كان الذئب قد افترس الرأس المفقود  وانتهى الأمر وأنت تأخرت في المجيء إليّ ,ويضع الحق واللوم على صاحب الرأس المفقود .
وكان صاحب الماشية مسبقاً يحضّر المعالف ( اوري ) المذود الحظائر يملئها بالتبن والشعير وأواني الماء المراجل( مركَلي ) كذلك, فهذه للأغنام طبعاُ, أما للماعز كانت تعلق حزمات أوراق ( اصاري دطربا ) من أشجار السنديان أو الميشا بمعالق خاصة مصنوعة من الخشب ( كيزماثا ) ومربوطة  بالحبال تتدلى من وسط الحظيرة وترش بالماء المالح فتتهافت الماعز على قضم الاوراق من كل الاتجاهات . هذا كان جانبا  بسيطا من حياة اهلنا في القرى خلال الشتاء .. تودي ساكَي ..       
Badran_omraia@yahoo.com

530
قاطع ملبورن لحركتنا يقيم دعوة عشاء على شرف السيد شامايا

 مساء يوم الاحد الموافق 21 تشرين الاول 2012 وفي قاعة حمورابي
اقام قاطع ملبورن لحركتنا الديمقراطية الاشورية ( زوعا ) دعوة عشاء على شرف الضيف العزيز القادم من ارض الوطن السيد سعيد ياقو شامايا امين عام المنبر الديمقراطي الكلداني, العضو في تجمع تنظيماتنا السياسية الكلدانية السريانية الاشورية ,ورئيس مركز كلكلمش للثقافة في اربيل, والشماس صباح كويسا ,واستقبلا الضيفان العزيزان من قبل الرفيق خوشابا هوزايا مسؤول القاطع وبحضور عدد من رفاق اعضاء القاطع.
واستهل اللقاء بتقديم الضيفان والترحيب بهما من قبل مسؤول القاطع, بعدها تناول السيد شامايا الوضع السياسي الراهن في الوطن وتداعياته على مستقبل شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وتطلعاته القومية واكد السيد شامايا على الوحدة بين مسميات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري , وعدم الانجرار وراء من يقسمون شعبنا ,وتوحيد الخطاب القومي وتمتين الاواصر بين مؤسساتنا واحزابنا هو السبيل والضمانة الوحيدة لاستحصال حقوقنا, وتحقيق تطلعاتنا القومية المشروعة في ارض الوطن , حيث اجاب الضيف الكريم مشكورا على اسئلة واستفسارات الرفاق الحضور  ومن بينها الهدف من زيارته, والمؤتمر القومي المزمع عقده , وغيرها من الاسئلة , وبعد تناول العشاء التقطت الصور التذكارية , وودع الضيف العزيز بالحفاوة التي استقبل بها , بعد ان تمنت حركتنا له والصحة والموفقية وطيبة الاقامة  ...
الحركة الديمقراطية الاشورية
قاطع ملبورن . لجنة الاعلام


     
   

531
 
    تحية لميلاد صحافتنا السريانية 63 بعد المائة..

                                                                                                                                         بدران امرايا
 
تعد الصحافة أو السلطة الرابعة , مهنة المتاعب ( صاحبة الجلالة ) الحرة والحقيقية كما اصطلح عليها  الوجه المشرق والمرآة العاكسة لأي مجتمع أنساني متحضر لما تضم من معاني وقيم سامية و نبيلة في الاضطلاع بمهامها ودورها الريادي المهني والرقابي لتفاصيل وأمور المجتمعات . فهي التي تسلط قبسات من نورها القوي والمشع على زوايا  وخبايا أمور ومهام الحياة  ,وترصد أية حالة ايجابية كانت أو سلبية في معترك هذه الحياة من خلال الوقوف عليها ,وتسليط حزمة من الأضواء عليها, لتكون واضحة وشفافة أمام أنظار الرأي العام وفق ضمير حي ووجدان عادل و بتعابير شيقة وسلسة  وبالعمق الفكري وسمو المنطق بعيدا منطق الإطناب والإسهاب المداهنة والممالقة والتزلف التي تضمر جوهر الحقيقة ,وتطمس معالمها الروحية, فجوهرا لصحافة  النزيه يكمن في انها العين الساهرة والفكر الثاقب و الراصد لقضايا الإنسان ومحيطه وكل ما له صلة بالحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية  وسبل ديمومتها بالسعادة والرفاء ووضع المجتمع أو الرأي العام في صورة ما مضى من أحداث وما يحدث الآن  ,وسيحدث مستقبلا وفق تحليلات علمية ومنطقية ,أي عرض الحقائق كما هي للجمهور ومن ثم المطالبة من الكتاب والمفكرين والمحللين السياسيين الاجتماعيين والنفسانيين  بتحليلها وتفكيك طلاسمها ليدرك الإنسان ويعرف أين هو من مما يجري على خارطة الحياة .

فالصحافة أو الإعلام النزيه تعد اذا  مدرسة حقيقية للتنوير الفكري للمجتمع او الخبز الحار اليومي للناس فكما هم يبتاعون الخبز الحار يوميا لإشباع وإدامة الجسم بالطاقة القوة اللازمة ,كذلك فهم يشترون الصحف اليومية ويتصفحونها قبل الشروع بالأكل أحيانا , للاضطلاع على مجريات الأحداث لتغذية وإشباع  الفراغ ا وحاجة الفكر والروح  فالكلمة الصادقة الأمينة والنزيه تشبع و تعد الغذاء الروحي الدسم  للنفس لما تشكله وتملئه من فراغ روحي ونفسي عند النفس المتعطشة للمكنون الفكري فتلك الكلمة النزيه والصريحة و الصارخة بالحق تعد إكسيرا للحياة والفكر الإنساني النبيل .

  وجاء في سفر التكوين من الكتاب المقدس  (في البداية كانت الكلمة ومن الكلمة صار كل شيء  ) ( والكلمة الطيبة صدقة ) والكلمة الطيبة تخرج الحية من جحرها  وتشفي غليل الإنسان, وتبعث فيه الراحة والطمأنينة والاستقرار النفسي .والصحافة والإعلام بجوانبه الثلاثة المسموع والمقروء والمرئي  هي مصدر الكلمة ومنبعها المستديم , والإنسان بطبيعته الفطرية يتطلع دائما على إشباع حاجة باطنية وإملاء فراغ  في صميم أعماقه  بقوة تلك الكلمة الفعالة فهي التي تملأ أوصال الجسم بالطاقة والحيوية وتفجر منابع الأمل وتوسع آفاق وتفتح مروج الآمال الزاهية أمام مداركه وتشحنه بديمومة القوة ليجتاز معضلات الحياة ومنغصاتها اليومية ويشق سبيله وسط أمواجها العاتية وهو مدجج بسلاح الأمل ولا يحدوه شيء من الوصول ولبلوغ الآمال المنشودة  , وبقوة الكلمة أيضا يمكن  تسدل الستار الأسود على الحياة وتمحي الإنسان والأمم  من خارطة الحياة والوجود, وقوة كلمة الصحافة اشد و أقوى وفعالية من فتاكة سلاح البندقية ,فهي السلاح العصري الحديث والرقيب الأول والمتابع ,والعدو اللدود للرؤساء السياسيين والمشاهير من الفنانين والمطربين وغيرهم والرقيب الأول والمتابع الشغوف لاقتفاء لأثر خطاهم , الصحافة وسيلة فكرية فعالة للنخبة السياسية او الثقافية وغيرها من النخب للتأثير على رأي المجتمع وتغيير مجراه باتجاه إتباع سياسة او هدف معين .

فهي اذا الأداة الأولى للحركات التحررية للأمم ووسيلتها لإيصال رسالة نهجها وإيديولوجيتها لأوسع الشرائح والطبقات الاجتماعية .ومن تلك الشعوب شعبنا الكلدو آشوري الذي دشن لبنة  مشوار حركته التحررية القومية بحركة فكرية ثقافية واسعة بواسطة مجموعة من الصحف والمطبوعات البسيطة بهيئتها وإخراجها التصميمي الفني لكن قوية بمضمون محتواها الفكري والسياسي منها باكورة وطليعة صحافتنا  القومية جريدة ( زهريرا دبهرا ) أشعة النور الخالدة  التي أصدرها نخبة من رواد الفكر القومي المعاصر وفي الاول من تشرين الثاني عام 1849 م في منطقة أورميا الإيرانية باللغة السريانية والتي استمرت بالصدور لفترة زمنية معينة  واعتبر ذكرى صدورها يوم الصحافة السريانية ,وفي سنة 1530 اصدر الكاتب القومي الجريء سعيد حمو رابي جريدة ( بيث نهرين ) مسطرا إياها بأنامله الذهبية وبالخط السرياني الغربي في قلعة امتنا الشامخة ( مردي ) مردين  بتركيا ,  وفي سنة 1532  اصدر أبناء امتنا مجلة ( صوت أثور وآرام  ) في مدينة تكريت ومسطرة بخط اليد ايضا. أي كانت أبناء امتنا الكلدوآشوريين من أوائل الأقوام اللذين اهتموا بمجال الصحافة في المنطقة وهذا ليس بالأمر الغريب عنهم كونهم أحفاد وامتداد لمهندسي اقدم الحضارات وباني أقدم المكتبات الزاخرة بالألواح الطينية انطلاقا  بمكتبة نيبور السومرية التي كانت تظم (40) ألف لوح مكتوب  ومكتبة الملك الآشوري العظيم  آشور بانيبال بمدينة نينوى والتي ضمت أكثر (20) إلف لوح طيني.

 وتصد ونوه رواد الفكر القومي لشعبنا عبر خطاباتهم ومطبوعاتهم  إلى الأمراض التي تنخر كيان شعبنا مثل التخلف والأمية والفرقة والتشرذم القومي ووضعوا يدهم مصدر الداء وشخصوا له الدواء الشافي والوافي إلا وهو نشر الشعور القومي  الوحدوي بين مسميات شعبنا الواحد الأحد والترفع عن التشبث بالانتماءات الصغيرة من الطائفية والذهبية والعشائرية والمناطقية والحدود والهواجس النفسية الفاصلة والتي لا تفيدنا بشيء سوى تشتيت  جهودنا وقوانا ومحو كيان وجودنا الروحي والقومي من على خارطة الوجود , والمفارقة الكبيرة إن هؤلاء الرواد والرعيل الأول رغم ظروفهم القاهرة آنذاك من التخلف والأمية المتفشية والجهل والفرقة والحروب والبعد ألمناطقي الشاسع وعدم وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاتصال والمعرفة كانت أفكارهم وأطروحاتهم وخطاباتهم  وحدوية حتى لب النخاع وصميم الذات والوجدان وكأنهم يهمسون في آذان بعضهم بهذا التوجه القومي الإنساني النبيل  دون أن يزايدوا أو أن يتاجروا أو أن يضحكوا على ذقون هذا أو ذاك . فنرى فحوى هذا التوجه القومي الوحدوي المستنير ينبع من أورميا وسلامس بإيران ليطابق أراء وأنفاس وتوجهات أشقائهم في الدم والإيمان في ديار بكر وخربوت ومردين وطور عابدين  بتركيا ,ومع أثير ونفحات أمثالهم الغيارى في بغداد وكركوك وحبانية واربيل ونينوى بعراق ,وعلى هذا النحو بين إخوتهم في النبض القلبي القومي في  زالين ( قامشلي ) ورأس العين بسوريا .فبرغم مرور ما يربو على قرن ونصف على هذا الخطاب القومي ألخلاصي  والمخلصي العتيد , والذي من دونه تجرعنا ألكاس الممزوج بالمرارة والعلقم وحصدنا  الخيبة والخسارة والتشتت وضياع الغالي والنفيس وخسرنا ما خسرناه لهذه الأسباب وغيرها مجتمعة والغريب كل الغريب والمضحك المبكي في نفس الوقت لا زال نفر ضال من أبناء امتنا من رجال الدين أولا والعلمانيين المرتبطين بأجندة من خارج البيت القومي و رغم هذا البعد الزمني والسنين والمظالم التي ترتبت على هذا الواقع المزري .

وهؤلاء النفر يسعون بكل الطرق البائسة لإرجاعنا إلى متاهة المربع الأول ,عبر مؤسسات  هزيلة ومائعة وخطابات هستيرية غوغائية شرانية وأقلام مأجورة تستلم أجرها البخس بالكامل مقدما  قبل أن تجر خطا أو تلامس أزرار لوحة مفاتيح الأحرف وبعيدة كل البعد عن المنطق والواقع وعبر الشبكة العنكبوتية , وتثخن من عمق جراحاتنا  وتبذر الملح عليها . وكأننا حسب رأيهم الساذج امة عظيمة وفي قمة رفاهيتها ومجدها ولا ينقصنا شيء  سوى هذه الترهات والافتراءات الفارغة والمضحكة لإلهائنا  بها بعض الشيء.

وتخليدا لـ ( زهريرا دبهرا ) تلك الجريدة القومية  العتيدة  اطلق  اسم (بهرا  ) الضياء على الجريدة المركزية  لحركتنا الديمقراطية  الاشورية  والتي انطلقت بالصدور منذ 26 حزيران عام 1982 أيام الكفاح المسلح , والتي رافقت مسيرة رفاق زوعا الميامين في حقيبة زادهم وهم يجوبون المناطق المحررة ويرسلونها لتنظيمات الداخل وبطرق سرية جدا الى ان ضبط احد أعدادها مع الرفيق الخالد يوبرت شليمون في بغداد والتي كانت كفيلة ودليلة دامغة بان تدينه و تعتلي به لخشبة الإعدام وتزهق روحه الطاهرة ليكون شهيد ا لمحراب جريدة بهرا ويعمدها بدمه الطاهر وكسلفه شيخ الصحافة السريانية الشهيد الخالد البروفيسورآشور يوسف خربوت وصاحب جريدة (مهديانا اثورايا – مرشد الآشوريين )التي أصدرها في 1910 واستمرت لغاية أيار من عام 1915 حيث اعدم هذا المناضل القومي الفذ لآرائه السياسية  المتطورة وواقعية وأطروحاته القومية الوحدوية على ايدي السلطات العثمانية. والمناضل القومي  الشاعر والاديب فريدون اثورايا الذي اعدمته المخابرات الروسية (كي جي بي ) والمعلم  والرائد القومي نعوم فائق صاحب الجرائد (بين النهرين , كوكب الشرق كوحوو دمدنحو , انتباه عيروثو , الاتحاد  حويودو) وفريد نزها  صاحب مجلة الجامعة السريانية و يوسف مالك وادي الخص  الذين ماتوا في الم  ولوعة الغربة . وعشرات  الاخرين من الكتاب والادباء والصحفيين من ابناء هذه الامة . 

لذا على كتابنا وأدبائنا  الاشاوس أن يسخروا مداد أقلامهم لما فيه خير وخدمة  وصلاح امتنا وسبل لملمة شملها  وان لا يسطروا  أو أن يجروا خطا في هذا المنحى إلا وان يصب في بناء وعلو شان امتنا لكوننا قد فاتنا الكثير الكثير ونحن خلال سبات أشبه بالموت المرغوب والطوعي ونحن متأخرين بما فيه الكفاية  , والتوجه بهمة فولاذية لبحث وإبراز تراثها وفلكلورها وترميم معالم وجودها وإظهار وجهها المشرق من خلال شخصياتها من الأفذاذ والمبدعين والعباقرة من الأطباء والحكماء والفنانين والمطربين والأدباء والشعراء والكتاب والنقاد والرياضيين  وغيرهم .

 والتوجه لعقد مؤتمر عام بهذا الصدد تحضره الشخصيات  والمؤسسات الإعلامية المختلفة لشعبنا من الداخل الخارج وتدرس فيه سبل النهوض بواقع الإعلام والصحافة القومية الوحدوية الهادفة والتصدي للإعلام المضاد الغوغائي لمسيرتنا الوحدوية المباركة وتشويه قضيتنا وتحريف مسارها وطمس وسطو سفر تراثنا وارثنا الحضاري والإنساني  الثر, وفي كل المجالات واسلاط  حزمة من الضوء المشعشع عليهم ,لان هذا العمل لهو من صلب واجبات الإعلاميين والكتاب والصحفيين , لكي لا تنسى الأجيال اللاحقة عظمة الإسلاف ومساهماتهم الخلاقة في خدمة الإنسانية لان زمانهم لم يمدهم ويحضوا بهذا الكم والنوع الهائل من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية بما فيها الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة المنتشرة حاليا والتي بفضلها أصبح العالم اليوم قرية الكترونية صغيرة تدار بالأزرار, وكما ذكرنا أن جزا من صميم رسالتنا القومية إظهار عظمة من طوتهم صفحات الزمن ,ولقد كشفت لنا الكثير شخصيات هذه الأمة من قبل أناس من خارج البيت القومي  خلف الله عليم  وبارك الله بجهودهم الخيرة ,وعلينا الاحتفاء بطرق عدة بهذه المناسبة الميمونة عيد الصحافة السريانية وتسليط الأضواء الكافية والمناسبة عليها على اعتبارها حدث قومي مهم وجليل ويستحق منا الوقوف والدراسة والتحليل  لمعطياته القومية والإنسانية قياسا بذلك الوقت ووفق تلك الظروف العصيبة , وختاما المجد والخلود لشهداء صحافتنا ..و فتحية فخر واعتزاز بذكرى مرور 163  سنة لميلادها الميمون ولأدبائنا وكتابنا وصحفيينا الأشاوس و لكل صاحب فكر نير وقلم يسخر مداده صوب التوجه القومي الوحدوي كل الحب والتقدير ... تودي غلبا ..

بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com


532

533
من موروثنا الشعبي
دمَختا لكاَري
   بدران امرايا
حياة القرى حياة لها  طابعها وطعمها المميز في كل شيء فنهارها حافل بالنشاط  وليلها شيق مسلي وكل لحظة منها ممتعة للغاية .
 وهنا سوف أتطرق إلى ظاهرة ( دمَختا لكًاري)  وهي مصطلح سرياني مركب معناه النوم على السطح,بعد انتهاء الشتاء القارص وحلول الربيع وفي وسطه وبعد انتهاء شيرا دمار كًوركًيس في 24 نيسان كان الجو يبدأ بالحر تدريجيا في النهار والليل أيضا وكان يصعب النوم داخل البيوت من الحر . لذلك كان أهلنا يبدؤون بتنظيف سطح البيت ( كًَاري ) بازاله الحشيش ( كًَردتا دكًَلا ) ثم اصعاد الافريشة على السطح . وفي المساء بعد غروب الشمس كانت الافرشة تسطح لكي تبرد وتكون منعشة للنوم ,ويصعد حَب الماء وهو إناء جيري ( تَلما  وطاسي ) لحفظ مياه الشرب وتكون باردة منعشة فيه , اصعاد الطعام وجبة العشاء ( اخل رمشا ) مع الفواكه المحلية وخاصة الرقي والبطيخ والجرز من حب الشمس الجوز والكشمش , الزبيب, والفانوس للإنارة يضعونه جانبا خارج الكلا فكانت الحشرات تتجمع عليه بكثرة , فكانوا يصعدون كل ما يحتاجون إليه في ليلهم وبعد البيوت كان لهم جهاز الراديو فكان صوت الراديو يغطي غالبية السطوح, وكانت بيوت القرى قديما قريبة من بعضها وسطوحها متلاصقة بالبعض  (خَكَاري كما في منطقة الآباء والأجداد هكاري والمشتقة من خكاري أي سطح واحد ) وهذه العملية لمسائل أمنية لاصال الإنذارات عند أوقات الشدة والمحن .
وعند المساء كان الكلا الناموسية تنصب وهو قماش خفيف مشبك يسمح بنفاذ الهواء فقط لإبعاد قرصات ولدغات الحشرات المتوفرة بكثرة في جو القرى بسبب تواجد الغطاء الأخضر وعدم وجود المبيدات آنذاك .
وبعد يوم مضني وحافل بالعمل الشاق كان أهلنا يَحون ماشيتهم ودوابهم ودواجنهم يغلقون الأبواب ( دَورا دتَرعا ) أي قفل والمفتاح الخشبي للباب ثم يصعدون إلى سطح المنزل مع جميع احتياجاتهم وخاصة المهد ( دَركًَوشتا ) للأمهات المرضعات  وكذلك أسلحتهم من ( بَرنو, دارجو , جفتا , قورما اي المسدس , شَش خانه  ) للحماية والدفاع عند الضرورة والى حيث الافرشة مسطحة والكلا منصوبة فيضعون المفتاح تحت الوسادة ( برشتا= بيث ريشا ) فيأكلون عشائهم بهناء وعافية بعد ( رشمتا دصليوا ) أي رسم علامة الصليب على وجوههم الطيبة والكريمة , تحت الكلا ويحتسون الشاي المخمر على الجمر حيث يمتاز بنكهته ورائحته الطيبة والزكية  والممتدة لمسافة عبر الأثير, وكانوا يتكلمون مع الجيران من على السطح ويسالون عن الأخبار وشؤون حياتهم وشجونها وأحيانا كان بإمكان الشخص أن يعد الرجال عند الجيران بواسطة نيران شكائرهم الملفوفة ( بَبروزي دتوتن )وخاصة عند سحب الدخان فان نار رأس السكًارة كان يشتد ويلمع وتتبين ملامح صاحبها المدخن .
وكان في العادة أن يجتمع عدد من الرجال عند احد الجيران ويبدؤون بتلاوة القصص الشيقة وكان الأطفال يستمعون ويتلذذون بتلك القصص المثيرة والممتعة , وكان هذا بمثابة التلفزيون أو الراديو أو المسليات المتوفرة الحالية , وبعد سهرة ممتعة ومسلية كان سلطان النوم يتسلط على أجفانهم فيثقلها فيقوم الضيوف وينصرفون بعد قولهم ( رَمشا دمارَن بريخا عَلوخون) أي مساء المسيح مبارك عليكم ,فينصرف كل واحد إلى سطح بيته لينام , وأحيانا لم يكن الأطفال ينامون مباشرة فكان احد الولدين يقول لهم ( مني لكوخوي ودموخ) أي عد النجوم ثم نم فكان يشتغل بعد النجوم التي لا تحصى وتعد, وخلالها يتغلب النوم عليه فينام وهو قبالة نجوم السماء, وخلال الليل كان أحيانا الرضيع في المهد يبكي  وأمه لا تشعر به وهي غارقة في نوم عميق , فكان الجيران يصيحون عليها لتسكت الطفل بإرضاعه أو هز مهده ( شعشتا ددَركَوشتا) فيقولون لها ( فلانه فلانه هَي قورخ مارَواتخ او دشمنخ قو هولي برونخ او براتخ ببخايا  )  فلانة فلأنه قبرت أصحابك أو أعدائكِ فان ابنكِ أو بنتكِ تبكي قومي عليه أو عليها وهذا طبعا من دافع الغيرة والنية الطيبة .
وأحيانا كانت السماء تمطر فيضطرون إلى النزول والنوم داخل البيوت تخلصا من شدة زخات المطر وخاصة عند حلول الخريف . وكان النوم على السطوح يمتد إلى ( عيذا دصليوا ) عيد الصليب المقدس الواقع في 13- 14 أيلول من عام أو (عيذا دكَليانا ) أي (عيد التجلي والصيف راح ولي ) أو ملاحظة ظهور نجم اسمه بالعامية ( كيمَن ) وكانت الليل تدريجيا يبدأ بالبرود وتبدأ السماء بالإمطار .
وخلال الليل كانت هناك أصوات مزعجة ومقرفة من أصوات نباح الكلاب ونهيق الحمير وخوار البقر طنين البعوض, وغيرها تعيق النوم وتعكر صفائه وخلوته ولكن أهلنا في القرى كانوا متعودين على سماع هذه الأصوات .
 وفي الصباح كانت الديوك توقظ الناس بصيحاتها المتكررة ,فيقوم الوالدين ويصلون ويبدؤون يومهم الجديد بهمة ونشاط عاليين.فيطلقون الدواجن ويطعمونها ( بذرتا دلقطا ) أي بذر الحبوب لها, وإطعام الماشية ( قنيانا )وكذلك (البقرا ) أي الأبقار الحمير والخيول والبغال ثم إطلاقها بذمة الراعي ليقودها إلى المراعي  ثم هم يمضون إلى أشغالهم بعد تناول الفطور ( طعَمتا ) .هذا كان جانبا  بسيطا من حياة أهلنا في القرى قديما بدون مزايدة أو رتوش وتودي .
Badran_omraia@yahoo.com

534

535

536
الامراويين وتذكار مار سوريشوع

                                                                                                                                  بدران امرايا
في مطلع تشرين الأول من كل عام تحتفل عشيرة امراويي مارسوريشوع في كل مكان من العالم حيثما وجدوا وبطريقتهم الخاصة وحسبما تتاح لهم الظروف بتذكار شفيعهم القديس مار سوريشوع الذي معناه بلغتنا السريانية (امل المسيح) وشقيقته بارسيا ( الدليلة ) , ومار سوريشوع عاش بين  550 – 620 م ولد في مدينة نينوى مطلع النصف الثاني  من القرن السادس الميلادي كما هو مُبين , وتربى ورعا منزهاً ومعتكفاً نفسه عن كل أمر دنيوي إلا العلم منذ نعومة إظفاره وعلى خبز التقوى والحكمة والنعمة الإلهية الفائضة  ومخافة الربِ على الدوام والعيش باستقامة على هدى الهالة النورانية المشعشعة لحكمة رَبْ الكون عبر كتابه القدير (كتاب الحياة ) بعد أن كبر وتصلب عوده , دعتهُ القدرة الإلهية لان يكون من جندها الأفذاذ مُتزهداَ ومُتنسكاَ وعَالماَ دينيا مُهيباِ على طريقة البر والتقوى والإيمان ,نَذَرَ ذاته البسيطة وداس بقدماه على المال والجاه والسلطة وملذات حياة الدنيا  وبهرجتها الفضفاضة والفانية في نفس الوقت .
مفضلاً ومرجحاً كفة العفة والتزهد والتسلح بتلك الفضائل , وَنَشر نور الكلمة الإلهية هنا وهناك ,حيث كانت نفسه وديعة كالحمام وروحه لطيفه كالنسيم العليل المنعش القادم من الوِهاد , وفي مناطق نائية خاض هذا العامل الطوعي في الحقل الإلهي وجاب مناطق عديدة سعياً لحيثما توجد الكتب والمخطوطات ومجالس الملافنة الأبرار ليتتلمذ على ما تجيد به قريحتهم الواسعة ,لإرواء ضماه اللا محدود والتشبع من سطور الكتب المتلألئة بالروحانية والالق الإلهي المشع ,ويتفقه من هديها ويستشف حكمتها المستنيرة وعبقها الفواح المنعش الذي كانت يمد أوصاله بالقوة والحيوية وينشط خلايا روحه المتأججة وتثبت خطاه بالرصانة على هذا السبيل ألخلاصي .
 ومنها توجه لمنطقة نوهدرا- دهوك وليُشيدَ فيها ديراً تنعش وتستأنس فيه روح المؤمنين هناك من هذا الينبوع الصافي الذي لا ينضب منطلقا من اربائلو ( اربيل ) حيث أمضى سنيناً من شجرة عمره هناك ليس لشيء سوى التعمق الروحي والفكري والاستظلال بفي تعاليم ملافنة أديرتها العظام, ومن ثم لدير ايزلا الكبير الواقع قرب مدينة نصيبين جنوب تركيا الذي لعب دورا رياديا في مسيرة كنيسة المشرق العظيمة وليسترشد بتعاليم مؤسسه العظيم ابراهيم الكشكري ,وغدَ شلالاً هادرا يتدفق بالروح والحكمة الراجحة ,صال وجال هذا القديس فساحة السهول ولحاف الجبال وبطون الوهاد حتى استرشدهُ وقاده النور الإلهي إلى منطقة نوهدرا ليبني ديراً هناك باسم ( عاوا شبيرا) أي الغابة الجميلة , الواقع في المنطقة الحدودية العراقية التركية ,والتي تمتازُ بكونها مناطق أو لوحة فنية طبيعية ذو جمال آخاذ تستأسر الأفئدة والألباب بخلفية سماءها المرصعة ببياض الغيوم والمتدرجة بزرقتها الداكنة من الأعالي  وبتلاشي تلك الزرقة لبياض ناصع تنيره خلفية سلاسل جبالها الشاهقة والمكتظة بنِعم الطبيعة من الخضار والفاكهة والاحراش وتليها التلال بتعرجاتها صعودا  وهبوطا  ومن ثم مسطحات أرضية خضراء بهية تشرح القلوب  وتشحن النفوس اليائسة بدفق الآمال والتطلعات الزاهرة  من السهول والمروج الزاهية بطيفها اللوني ,تتخللها مجاري لجداول وساقيات المياه الرقراقة العذبة والمنحدرة جنوبا والمتدفقة بالأحياء لتكون هذه البقعة اسما يطابق المسمى بالحرف الواحد ,ويظهر الذوق الفني الرفيع لهذا الطوباوي الجليل , فاتخذ هذا القديس من مروج هذه المنطقة مقرا ومستقرا لرأسه مع أخته القديسة بارسيا والتي تعني ( الدليلة ) حيث استقرا في صومعة حقيرة بكهف محفور في لحف جبل الشامخ هناك , ذلك الجبل الذي استمد اسمه من اسم مار سوريشوع ,ظل هذا القديس يحاكي رب الطبيعة الساحرة وقوته العظيمة واعتكف على العزلة والصمت والتأمل والصلاة والخلوة والسباحة الروحية في تلك الآفاق الرحبة مع آيات الله بخشوع وعفة وتزهد ,وبفضل خصاله المحمودة وتأويلاته السديدة أصبح قبلة المساكين والمرضى   والمعدومين وممن جارت وقست عليهم الحياة والزمن.
 فقصدته جموع الناس مسلمين ومسيحيين للتلمس من فيض بركات خالقه وعلى يداه الطاهرتين , وظهرت قوة الله على يداه فشفى المرضى وطرد الأرواح الشريرة  ونسبت إليه الكثير من المعجزات والتبصر بعواقب الأمور, وبذلك ذاع صيت حسناته  وعفته الكبيرة في المنطقة , فاستقطب حوله عدد من التلاميذ العطاش والعشاق للنعمة الإلهية الفياضة بالبركات الروحية , وبذلك كان نواة حسنة لجمع واقتداء المؤمنين بفضائله وتكوين جماعة صغيرة والبدا بتأسيس ديراً يؤويهم ويسد حاجاتهم الروحية والمادية , ولدى انتقال مار سوريشوع لجوار ربه ,وري جثمانه الطاهر في ذلك الدير الذي حمل اسمه المبارك , وكذلك القديسة بارسيا لدى وفاتها دفن جثمانها النوراني في مزار جبلي إلى الجانب الغربي لدير شقيقها سمى المزار باسمها الخالد و وبدأت الناس تستظل وتتلمس الحماية بجوار هذا الدير وبالأخص عائلتان نزحتا من منطقة تياري العليا بهكاري ( جولمرك ) وهما عائلتي  ساكو ابن مرخائيل ابن يونان ابن الشماس شمسو  ومنه نشا وامتد جذع بيت آل ساكو والثاني هو القس إسرائيل الذي كان له ثلاثة صبيان وهم بازو والذي امتدت منه عائلة آل بازو والقس يوسف والقس اسطيفان والد يوسف زوج كهاري والذي منه امتدت عائلة آل كهاري .
وشيدت البيوت وتفرعت العوائل آخذة من الدير شفيعا لها إلى أن وصلت لعشرة بيوت فسميت بقرية ( امرا دمارسوريشوع) والناس سموا بالامراويين  نسبة إلى امرا – عمرا – الكنيسة أو أحيانا سميت القرية ب (أسرا ) أي العشرة نسبة لعدد بيوتها العشرة آنذاك عاش أهالي القرية من كلتا العشيرتين واختلطت الدماء عبر التزاوج وتشابكت الوشائج بينهما امتازت حياتهم بالهدوء وسكينة الطبيعة وبساطة الروح والألفة الحميمة وقاسموا الرغيف والملبس والمأوى والمصير المشترك في السراء والذراء , معتمدين على الزراعة بشكل عام وتربية الحيوانات المختلفة , وماتدرُ عليهم الطبيعة من خيرات وأعمال متفرقة أخرى .
وكان الامروايين يحيون في مطلع تشرين الأول من كل عام ذكرى انتقال شفيعهم إلى الاخذار السماوية ( شيرا  دمارسوريشوع) بنحر الذبائح وتوزيع الخيرات على الفقراء والمحتاجين  ومن إلى ذلك من الصدقات , تيمنا بتلك الذكرى الميمونة والمحفورة في صفحات قلوبهم المتلهفة له, والتي ستظل منارا هاديا لهم حيثما حطوا الرحال , وفي الثامن أيلول ذكرى ميلاد الأم الحنونة مريم العذراء من عام 1925 نجا أهالي هذه القرية الوديعة من الموت المحتم ضمن المسلسل العدواني المحاك والمعد سلفا من قبل الجيش التركي ومرتزقته من عشائر المنطقة لإبادة شعبنا الكلدواشوري السرياني واستئصال شانه من مناطقه التاريخية . لكن بفضل الرب وشفاعة قديسهم وحنكة وفطنة الكاهنان المرحومان عوديشو موشي  وهرمز كورو استطاعا تهريب الامراويين من كماشة ذلك الموت المحقق باتجاه الحدود العراقية , حيث وصلوا لقرية برخ ولم يمكثوا طويلا فيها ليواصلوا الترحال إلى زاخو ضاحية  (كيستا ) ومن ثم استقر بعضهم من آل كورو في  قرية ( هفشن ) و ( بهنونة) المطلتان على نهر خزلا- هيزل إلا أنهم لم يسلموا من النهب والسلب والقتل هناك ليشدوا الرحال وليشيدوا قريتان متجاورتان الأولى باسم اسطبلاني اسم سرياني بمعنى ( اسطبلا الخشب ) لتستقر فيها عائلة بي ساكو والثانية بهيري اسم سرياني من مبهرتا أي البهية والجميلة لعائلة بي كوهاري عاش أبناء القريتين المطعمتين والمتشابكتين بين أبناء العمومة والأخوال ما يقارب نصف قرن , وبينما عائلة بي بازو بقيت في قرية هفشن إلى عام 1976 حيث مسحت هذه القرى من الوجود وسويت بالأرض بعد أن رحل أبنائهما قسرا ضمن حملة إخلاء الشريط الحدودي العراقي التركي , وبذلك انفرط عقد امراويي مار سوريشوع أكثر من ذي قبل وتشتت شملهم بين دهوك ونينوى وكركوك وبغداد  ومن ثم المهجر ,إلا أن ما يجمع  شذى والق روحهم هو الرباط والالتفاف الأزلي بشفاعة قديسهم مار سوريشوع وأخته باريسيا حيث لا يحدهم شيء عن إحياء مراسيم وطقس ذكراه العطرة وحسبما تقتضيه الظروف , إلى جانب إطلاق اسمي مار سوريشوع وباريسيا على المواليد الجدد من أبنائهم ,ولهذا القديس مذبح يضم صورته وقيوده وسلسة نحاسية في كنيسة مار كوركيس الشهيد بمدينة زاخو تقصد الناس للتشفع ونيل البركات والاستشفاء.
وتضم عشيرة الامراويين عددا من الاكادميين بمختلف المجالات والاختصاصات ورجال الدين وشمامسة وغيرهم , إلا أن ما يدمي القلوب ويحزن الأفئدة هو هجرة غالبية العشيرة وطن الأم العراق الحبيب باتجاه المهجر بعد تردي الوضع الأمني وما ترتب على ذلك من دمار وكارثة إنسانية للشعب العراقي ككل وخاصة شعبنا الكلدواشوري السرياني بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003  واستقر غالبيتهم في استراليا مدينة ملبورن  ويحيون تذكار شفيعهم  سنويا بروح مفعمة بالود والفرح وعقدوا العزم إن شاء الله على أحياء تذكار هذه السنة  2012 في  يوم الأحد  الموافق 7 تشرين الأول الجاري  وفي قاعة سان ماثيو الكائنة بمنطقة فوكنر ..فتحية عطرة لأبناء هذه العشيرة العتيدة والتي تعد برعما باسقا من شجرة امتنا الكلدواشورية السريانية , وشيرا بريخا تودي .

•   المصدر كتيب مار سوريشوع للاب البير ابونا1985 
•   



     








537
من موروثنا الشعبي
اِزَلْتا لكَلا
         
بدران امرايا
تعتبر الحياة القروية حياة بسيطة المعالم والممارسات فيها يكمن النقاء والصفاء وجمال الطبيعة والكرم الجود الرجولة , وهي حياة ليست معقدة التركيب بل يتغلب عليها طابع البساطة, لأسباب غنية عن الذكر , ففي أجواء معالمها الطبيعية  يكمن سر الإبداع و تفجير المواهب الخلاقة عند الإنسان وفي كل مجالات الحياة ,هذا من جانب والجانب الآخر لهذه الحياة له ضريبته الكبيرة وخاصة أيام الزمان في القرى ,وليس في وقتنا الحاضر فان القرى أضحت كالمدن تحضرا بفضل ثورة التكنولوجيا والمواصلات وما إلى ذلك. .
ففي القرى كانت هناك الكثير من المهام يجب إنهائها في وقتها المناسب قبل أن يذهب أوانها , وقد تناولنا الكثير منها في حلقات سابقة , وهنا سوف أتطرق لمهمة كان يجب القيام بها في نهاية الربيع وبداية الصيف وهي ( ازلتا لكَلا)  وهي مصطلح سرياني مركب معناه الذهاب للحشيش , والحشيش هنا ليس المخدر وما إلى ذلك طبعا , بل هو الحشيش الذي ينمو من تلقاء نفسه في الربيع في السهول والجبال والوديان  والمروج من أنواع الحشيش ( نَفَل, بَيجرا, كَليا, كَربَشا كِّزر , كَلَن دوري, وغيره ) فكان أهلنا يكدسون الحشيش اليابس لماشيتهم في فصل الشتاء , ففي نهاية الربيع وبعد أن يكتمل نمو الحشيش (ماطي كَلا )كان الشبان يشدون الرحال بحميرهم وحبالهم ومناجلهم أو يأخذون ( خركَا ) ويقصدون أماكن الحشيش فيربطون دوابهم لدى الوصول ثم يشرعون بـ (خزدتا ) بحصد الحشيش بمناجلهم البتارة , وكانت هناك طريقتين للحصاد الأولى مسك حزمة الحشيش باليد اليسرى وإمرار المنجل باليد اليمنى على أسفل                                                                                                                       حزمة الحشيش وقطعه بسحب المنجل ووضعه جانبا وهكذا دواليك هذه إذا كانت الأرض محجره  بها حجارة  , والطريقة الثانية هي ( كَريتا, كَرعتا ) أي الحلاقة وذلك بإمرار المنجل على أسفل الحشيش على شكل ضربات وباليد اليسرى قلب الحشيش المحصود وهكذا  يتجمع الحشيش بحلاقة مساحة كبيرة أذا كانت الأرض خالية من الحجارة التي تدمر حافة المنجل الحاد عند الضرب  .
.ثم جمع الحشيش على شكل كومة ( قوخا) ,وبعد التيقن بان الحشيش كافي لحمل الحمار ثم مساعدة الأصدقاء في الحصاد ولدى الحصاد كان يصادف وجود ( خوواوي )الأفاعي ( عقروي ) العقارب أو أعشاش الطيور فيها بيض أو الفراخ الصغيرة العمياء الحمراء ( بَرخي ملوخي ) أي الفراخ المالحة ,وكم من شخص لدغته الأفاعي والعقارب خلال عملية الحصاد .
 وأحيانا كان الأفعى يرفع رأسه ويقوم على ذنبه استعدادا للقفز ولدغة خاطفة فكان الشخص يسبقه بإمرار المنجل الحاد على رأسه وفصله عن جسمه ثم سحق رأسه, وأحيانا كانت الافاعى تختبئ في كومة الحشيش وتنقل إلى البيت دون أن ينتبهوا لها , وذات مرة كانت الخالة  (سور – ساره )  تحمل ( بَرزونا) على ظهرها وهو قماش منسوج من شعر الماعز ( صيرا , صَعرا ) وهو على شكل جيب كبير  مثلث الشكل  يوضع على الظهر وله حزامين طويلين يمرران من فوق الكتفان ويعقدان وسط صدر المرأة ويستعمل لحمل أشياء كثيرة من الأطفال وغيرها وكان يزركش ويزخرف بنقوش متنوعة , فكان حمل الخالة ( سور) محشو بالحشيش فجأة ظهر أفعى كبير من بين حشيش الحمل فالمسكينة  لا تراه لأنه خلف رأسها فكانت رفيقاتها تصرخن بكل قوة ( سرو سرو خوي خوي !!) أي ساره ساره أفعى أفعى !! ففي الحال حلت عقدتي الرباطين ورمت (البَرزونا) عن ظهرها بسرعة البرق وابتعدت عنه  حمدا لله على سلامة الخالة ( سَرو).
بعد الانتهاء من الحصاد , يبنى الحمل ( طينا , طعينا ) بإمرار الحبل ذات العقدتين في الوسط على الأرض بشكل ثنائي ثم حمل رزم الحشيش المحصود ووضعها على الحبل وجعله كومتين كبيرتين أو كفتين متساويتين تقريبا ثم إمرار راسي الحبلين فوق الكومة الأولى وإمرارهما تحت نفسي الحبلين وسط الكومتين ثم فوق الكومة الثانية وإدخال راسي الحبلين في الحلقتين ( قلبكياثا) وشد الحبلين بكل قوة بحث تتكبس كومتي الحشيش وعقد راسي الحبلين هناك.
ثم اقتياد الحمار قرب كفتي الحمل وحملهما ووضعهما على ظهر الحمار وإرخاء الحبلين بحيث تستقران الكفتين على الظهر لكن دون إن تؤثر على حركة أطراف الدابة وتحد من حركتها . بعدها حمل حزمات الحشيش ووضعها على الكفتين وبشكل متساو, وبعد إنهاء الحشيش ,إمرار الحبل الأخر ذات الحلقة من فوق الحمل وسحب رأس الحبل من تحت بطن الحمار وإمرار الحبل في تلك الحلقة وشده ومراه ثانية وشده بكل قوة , بعدها إمرار المنجل تحت الحبل وسحبها وتدوير المنجل بحيث يلتف الحبل عليها ويشد الحمل أكثر فأكثر. وبعد انتهاء كل الأصدقاء ينطلقون نحو القرية وأحيانا يركبون على حمل  الدابة الناعم  ويشرعون بأكل ( كليي ) وهي  أنواع من البازاليا الطبيعية البرية منها (كليي دجيرجير) عند احتكاكها بالبعض تصدر صوت ( جيير )( وكليي ددَربو, وكليي دخوي) الأفعى (وكليي دجويكي) العصافير الصغيرة واكل ( كلَن دَوري ) وما أكثر من خيرات الطبيعة عند الربيع. وأحيانا يوضع الحشيش القصير في كفتي (الخركَا ) ويحشو بقوة ويوضع  (الخركًا ) على ظهر الحمار ويبنى الحشيش على فوهة (الخركًا )وينطلقون نحو القرية يُغنونَ ويزمرونَ.
 وعند الوصول كان الحمل ينزل ثم  يرمى الحشيش على سطح البيت ويسطح هناك تحت الشمس لكي يجف الحشيش وبعد يومين أو ثلاثة يقلب الحشيش إلى الجانب الآخر لكي يجف تماما ثم يبنى على شكل ( كوَشتا ) بناء مخروطي الشكل ويترك هناك إلى انتهاء الصيف ثم ينزل ويوضع في الحظيرة قبل أن تمطر عليه الدنيا ويتلف ( سابس , بَكي )أو لف الحشيش وجعله أحزمة طويلة تسمى ( بَتيلي) ووضعها تحت الشمس . وتقديمها للماشية في الشتاء حيث الثلج والقحط. ومؤخرا يستخدم ( تربانا ) لحصاد الحشيش وهو منجل كبير وله يد خشبية طويلة تصل لحد المترين فيستخدمه الشخص وهو واقفا دون أن يؤثر العمل سلبا على ظهره فضلاً عن السرعة في الانجاز لكن بشرط أن يكون  سطح الأرض خاليا من الحجارة ومستوي . فهذا كان احد إشغال أهلنا في القرى , ولم تكن الحياة سهله بل حافلة بالمهام لكنها كانت ممتعة في نفس الوقت فتعاون بينهم كان يجعل كل شيء هَين , فكان لهم مثل يشحذ هممهم ( شولا ايلي اخ اريا ,بس ايمَن دِدارت ايذا الِه كي بائش اخ تَعلاَ ) أي العمل يبدو للوهلة الأولى صعبا  كمواجهة  حيوان الأسد ولكن حالَ الشروع به يصبح كالثعلب الجبان يهزم بسرعة. أي هو شعور نفسي يزودهم بشحنة الصبر والقوة في مواجهة أشغال الحياة . تودي غَلَبَا ..

Badran_omraia@yahoo.com
       

538

539
من موروثنا الشعبي
كارا – كاري
بدران امرايا
كارا ,كاري اسم سرياني مركب من ( كي اري , كي عاري ) بمعنى يمسك  ,وهنا انها ظاهرة شعبية شتوية تمارس في اجواء القرى ,عند تساقط الثلوج بكثرة وتغطيته لسطح الارض وبعد مدة يومين او اكثر فان طيور الحجل القبج ( قَقْواني ) وهي طيور رصاصية اللون تمتاز بجمالها وصوتها الرخيم ( ققبو ققيو) ففي لغتنا السريانية فانها اكتسبت اسمها من صوتها لدى الغناء ققبانا,تجوع  ولا تجد ما تتغذى عليه لان سطح الارض مغطى بالثلج ,لذلك كان اهلنا في القرى يخرجون جماعات لتعقب هذه الطيور المسكينة الجائعة وشبه مشلولة الحركة فكانت تطير لمسافات قصيرة وتقع وتتبلل اجنحتها ايضا مما يزيد الطين بلة فتغرس راسها في الثلج او تضع راسها تحت احد جناحيها من كثرة التعب ,فتكون من نصيب من وقعت من قربه او من اسرع الخطى اليها فيمسكها حية او يفصل راسها من جسدها اذا اراد ,ولدى تعقب  الطير من قبل الجماعة فكانوا يصرخون للجماعات التي يتجه صوبها ( اتيلي اتيلي ) اي جاء جاء وهناك كان مشهد الضحك والجد والسرعة .
وكانت السرعة تلعب دورها  في تحديد نصيب من يفوز بمسك الطير وكانوا احيانا يقفزون ثلاثة او اربعة اشخاص على الطير المسكين  فيموت تحتهم خنقا, وخلال هذه الرحلة الشاقة وباجواءها الباردة جدا فكان الذي يفوز بالصيد ينسى تعبه حال التمسك بالطريدة او الصيد , اما الذي لم يمسك شيئا فكان تعبه يتضاعف ويرجع خائبا عندها يقال له بالسريانية ( دِري ايداتي بُش يَريخي من اقلاتي ) اي رجع ويداه اطول من رجليه . واحيانا كان الشبان يتقاتلون فيما بينهم بواسطة كرات الثلج ( كذتاتا ) لاضفاء جو المرح  والحمية عليهم في ذلك الجو البارد. او يقومون بدحرجة حجر صغير على الثلج فيتكتل الثلج حوله ويكبر شيئا فشيئا الى ان يصبح كرة كبيرة يصعب دحرجتها , ويعملون كرة اخرى اصغر حجما فيضعونها على الكبيرة وهي بمثابة الصدر ثم كرو اخرى اصغر وهي بمثابة الراس, ويضعون حجرين صغيرين على الكرة الصغيرة فتكون العينين والانف والفم الاذنين فيتكون رجل الثلج ,ويمزحون فيما بينهم فيقولون هذا انت او فلان شخص وغيرها من الطرائف الشيقة .
 وذات مرة قال مجموعة من الشباب للعم يوسف بان يصطحبهم الى كارا فرد عليهم ( ليتلي نصيب باها بُلخانا , وليون بخزايا بكَاني  دبَلطن بايا قرتا ) اي انني غير محظوظ بهذه الشغلة ولا اجد في نفسي القدرة على  الخروج بهذه الاجواء الباردة ,فانصرف الشبان الى سبيلهم , وبعدها شرد احد هذه الطيور من ملاحقيه نحو القرية ليتجه الى بيت العم يوسف ويدخل المطبخ  ويحط في جدرية الطبخ  فلاحظ اهل البيت بدخول شيء غريب للمطبخ فاسرع العم يوسف الخطى اليه  ليجد انه طير القبج فامسك  به بسهولة , ثم وصلت جوقة متعقبي الطير الى بيت العم يوسف للبحث عن الطير ففاجأهم العم بوجود الطير بين يديه انفجروا ضحكا  وهنأؤه بذلك الصيد السهل , وكان دائما يمازح الشباب بان نصيب الانسان راح يصيبه يأتيه لا محال وان تأخر الامر بعض الشيء . ومما يؤسف له ان هذه الظاهرة الشيقة لم يعد لها مكان حاليا الا القليل جدا.ولشعبنا امثاله وحكمه السديدة  في الثلج ( تلكَا لطورا ودَينا لكَورا ) اي الثلج على الجبل والدَين على الرجل ,كان هذا المثل يقال للشخص الذي كان يخاف من الدَين وتشجيعه على ذلك لممارسة الحياة وتشبيه المُدين بالجبل الذي يتحمل الثلج.( وئخري لي اتي مطاشويي بتَلكَا ) اي لا يمكن اخفاء الفضلات بالثلج , يقال لمَن يريد عبثا اخفاء والتستر على السيئات الفضيعة بسهولة ويسر.
عم شلامي ..
Badran_omraia@yahoo.com

 


540

541
من موروثنا الشعبي
( قاجكي )  العلكة الجبلية 
         
   بدران امرايا
                 

  قاجكي اسم سرياني مشتق من قجي - قجايا اي بمعنى يلوي او يكسر وهنا الاسم يعني العلكة الجبلية وخلال عملية  لواك العلكة في الفم فأنها تنحني وتقلب بين الفكين فينحصر الهواء فيها على شكل بالونات او فقاعات صغيرة  ولدى الضغط عليها فأنها تتفرقع وتصدر اصواتا مثل ( قج قج قج )  من هنا اكتسبت هذا الاسم في لغتنا السريانية الحبيبة .

 وهذه العلكة هي عبارة عن دهن لزج او حليب نباتي ابيض اللون كان يستحصل من من نبة جبلية متوفرة بأماكن خاصة في المرتفعات من مناطق (الزومي ). و تسمى النبة  بالكعوب ( صصي او ققني او لكني ) وهي متوفرة بكثرة بمنطقة هكاري وغيرها ، فكان رجال ونساء  القرى وممن يريدون استحصال تلك العلكة يقصدون جماعيا  تلك المرتفعات الجبلية اخذين معهم عدتهم مثل ( اشبا ) الحفارة اليدوية  وزادهم  ومياه الشرب  وكمية من الطحين – الدقيق  وحال وصولهم للمكان المقصود ,يتوزعون عليها  , ثم يرسمون علامات الصليب على وجوههم المؤمنة والطيبة.

 ويبادرون بحفر جذع تلك النبة الشوكية أي يعملون حفرة صغيرة تحت جذعها الرئيسي  ويبذرون حفنة من الطحين في تلك الحفرة و تحت الجذع مباشرة ثم يقطعون الجذع بالسكين  لكي تنقط قطرات الحليب ( عصير النبات ) من الجذع على الطحين مباشرة  ولا تسقط على الأرض وتتسخ وبسقوط النقط كان الطحين يتكتل و يتصلب مكونا كرة شبيه بالدعبلة , وهكذا مع العشرات من  تلك الجذوع , فكانت النبة تفرز حليبها ويتساقط  قطرة قطرة على الطحين مع مرور الوقت ,  وكان كل شخص يعرف منطقته ،ولدى التعب كانوا أهلنا يجلسون تحت ظل احد الأشجار يأكلون و يرتشفون المياه ويبدؤون بالمسامرات الشيقة حيث دفئ  المشاعر وبساطة الروح ويطلقون العنان لصوتهم الرخيم بالغناء,و يواصلون كرة العمل ثانية وثالثة إلى حد التعب ثم يواصلون سيرهم إيابا نحو قراهم قبل أن تعود قطعانهم الجرارة من الماشية والابقار للقرى و يدركهم ظلام الليل هناك .

 وفي اليوم التالي كانوا يقصدون تلك المناطق الخلابة والمنعشة فيبدؤون بالمرور على تلك النباتات ويجمعون الكرات المتصلبة من الطحين  جراء تساقط الحليب عليها في كيس قماشي ، ويضعون حفنة اخرى من الطحين تحت جذع النبة ثانية ، وهكذا لثلاثة ايام ومرات متتالية لكل نبة ، ولدى العودة للبيت يجمعون المحصول ويخر زونه في خيط على شاكلة سلسلة او (سبحة ) كبيرة وطويلة , تؤخذ وتعلق جانبا لأيام الشتاء ولياليه الطويلة او لترطيب افواهم وهم في عز قيض الصيف الملتهب,  وخاصة أثناء العمل الصيفي وخاصة الحصاد  فكانوا يضعون كرة من تلك العلكة  في افواهم ويلوكونها حتى تتلين لثواني وتفرز مادة وتكون مرة المذاق للوهلة الأولى فيبصقونها خارجا , ثم تظهر  تدريجيا حلاوتها  وتتماسك جزئياتها أكثر. فكانت تمتاز بمذاق حلو الطعم, لذيذة منعشة  للبلعوم, تنظف الأسنان, وتزيل الحموضة المفرزة من المعدة , وكذلك الروائح الكريهة للفم , فكانت تسمى هذه المادة بـ (قاجكي دطورا) أي العلكة الجبلية  ,وصحية لا غبار عليها..


ولفعل( قجايا ) أي الكسر, مكانته المميزة في أمثالنا الشعبية, ولدى كسر أي شيء فان عملية الكسر تصدر صوتا مثل ( قج ). ( ايلي اخ قيابا بد قجيلي خاصا دخمارا) أي انه ضخم مثل قيابا يستطيع لوي أو كسر ظهر الحمار, يقال للشخص الضخم بدنيا. ويستعمل هذه الفعل السرياني عند التهديد على شاكلة ( إن دوقنوخ بد قجني قدالوخ  يان  خاصوخ ) أي ما معناه إذا ادركتك فسوف اكسر عنقك أو ظهرك ( ايلي اخ دنوا دكلوا قجيا) أي انه مثل ذنب الكلب ملتوي ( اعرج)  ( هولي ميتا وقجيا قدالو ) أي انه ميت وعنقه ملتوي. ختاما الرحمة لتلك الأيام الخوالي التي ذهبت وطواها الزمن مع ماكنته الدوارة,  لكن شذى ذكراها بقى معلقا كالحلم في ذاكرة من عاشروها أو سمعوا عنها . وليس هناك أي وجه للمقارنة بين تلك العلكة المحلية الطبيعية الصحية وبين البضا عات المتنوعة حاليا و المليئة بالمعطرات والملونات الكيماوية  الضارة. والمسالة هنا ليست إلا توثيق وتجسيد لمجريات ونمط حياة أبائنا و أجدادنا العظام ,والتي تشكل الآن أمانة مقدسة في أعاقنا جميعا يجب  علينا حمايتها وديمومة إيصالها للأجيال اللاحقة لأنها وببساطة تشكل رافدا معطائا  في تغذية وتقوية تراثنا وبالتالي تعزيز ملامح هويتنا القومية الكلدو اشورية السريانية , مكانة فخرنا واعتزازنا الدائمين . وبشولامو شلامو عليكون .       

•   قيابا :هو رئيس كهنة اليهود أيام السيد المسيح له المجد.



Badran_omraia@yahoo.com
   

542
مجدا لشهداء مذبحة صوريا المنسية !

بدران امرايا

في 16 من أيلول القادم تحل علينا الذكرى الثالثة والأربعون لمذبحة صوريا ( مفردة سريانية مشتقة من صورا بمعني الأمل )القرية الكلدو اشورية السريانية  الوديعة التي كانت آمنة في بسهل السليفاني  ( الصليباني المشتقة من صليوا أي الصليب  ) المطلة على ضفاف نهر دجلة بمياه الرقراقة .كان أهالي القرية الطيبين يعيشون بجو من الهدوء والمودة والتعاون والألفة يمارسون أعمالهم الروتينية اليومية في القرية ككل يوم وكل حسب واجباته وما يتيح له من أعمال , إلا إن رحى الزمن لم تشأ أن تدور وتستمر الحياة بأجواء تلك الدرة السهلية وعل ذلك المنوال المرغوب والمعتاد.

 حيث مع انبلاج نور صبيحة يوم الثلاثاء المصادف 16 –  9 -1969  وبينما كانت مفرزة من الجيش العراقي بقيادة ألبعثي العفلقي السفاح الملازم الثاني عبد الكريم خليل الجحيشي من سكنه محافظة نينوى كعادتها تتوجه إلى المثلث الحدودي العراقي السوري التركي ( قرية فيشخا بور ) مارة بعدة قرى مطلة على الشارع العام ومن ضمنها القرية الوديعة صوريا بحثا عن الفارين من الخدمة العسكرية هنا وهناك وكانت من خصال هذا الضابط ألبعثي المغرور شتم الناس بإسماعهم كلاما خشنا من سلاطة لسانه وإيذاء الشباب ليشبع ميوله العدوانية وعقدة نقصه .
وعند وصول المفرزة للقرية المذكورة توقفت لدقائق معدودات ولم يبخل الأهالي الطيبين عن تقديم ما وجب تقديمه لعابر سبيل من حسن وكرم الضيافة التي يمتاز بها شعبنا الطيب ، ثم واصلت المفرزة  شق مشوارها واجتازت القرية بأكثر من خمسة كيلومترات وفجأة انفجر لغم ارضي تحت إحدى سيارات المفرزة المذكورة دون أن تسفر عن خسائر بشرية ، ولدى سماع أهالي القرية صوت الانفجار تناثروا متفرقين كحبات ثمرة الرمان عند وقوعها أرضا هائمين على وجوههم في البساتين والأدغال والأحراش للهروب من بطش هذا الجزار الظالم وعلى اثر الانفجار أمر هذا الضابط المفرزة بالرجوع إلى قرية صوريا وعند بلوغها شرع الجنود بمد طوق ضيق حول القرية وجمع سكانها صغارا وكبارا شيوخا ونساءا في إحدى حظائر الحيوانات القريبة,وفي ذلك اليوم شاء المشيئة الربانية أن يقصد القس حنا القرية قادما من زاخو لإكمال واجباته الكهنوتية تجاه المؤمنين لكن لم يقدر إحياء طقس القداس الإلهي في ذلك الصباح المشئوم .
ولدى إحضار من وقع في مخالبهم الدموية من الناس البسطاء والعزل انتصب ذلك المجرم وركبّ بندقيته الفتاكة صوب من هم في الحظيرة وكان القس يتصدرهم وأطفال لم يتجاوزا الثلاثة أشهر بأحضان أمهاتهن ولم تفلح محاولات القس حنا في إفهامهم واقناعم بأن أهل القرية براء من الصلة بمصدر ذلك الانفجار  براءة الذئب من دم يوسف حتى وجد نفسه تحت زخة كثيفة  من وابل الرصاص لتجعله يغرورق ويتعمد بدمه الطاهر,وبذلك دارت الدائرة على هؤلاء العزل دون أن يرتكبوا أي ذنبا او مهانة والحصيلة كانت( 38 ) شهيدا و(22 ) جريحا ولم ينجو ممن كانوا في الحظيرة سوى من حالفه الحظ وتستر بين الجثث الهامدة ومن بينهم رضيع كان طفل يرضع من صدر امه وهي جثة هامدة غارقة بدمها ,ورافقت المذبحة قصص استشهادية بطولية مثيرة حيث حاولت الفتاة ( ليلى خمو ) منع الضابط من إكمال فعلته الشنيعة وجريمته النكراء عندما رأت إن والدها الشيخ انبطح ساقطا على الأرض ولكن ذلك الوحش الدموي وجه لصدرها السلاح وارداها قتيلة في الحال .
 إلى جانب الفتاة ( كاترين )التي رمت بجسدها النحيل على زوجها لإنقاذه من براثن الموت لكن القلب الفولاذي والعديم للرحمة والرأفة لذلك الضابط المتهور صوب نحوها البندقية وأمطرها بوابل من  برصاص فتراقص جسدها الواهن على أنغام قعقعة الرصاص فاستشهدت في الحال لتسجل آية من نكران الذات وقيم الشهادة والتضحية بأغلى واعز الأشياء من اجل الأحبة وتكون مثلا وقمة للزوجة الوفية والعظيمة ,وسجل هذا المجرم في صفحة ذكرياته السوداء صفحة مطرزة بالخزي والعار عبر أفعاله الشنيعة .
ولم تشبع ميوله العدوانية  مما أقدم عليه حتى أمر بإحراق القرية وما يوجد فيها مما تدب فيه الحياة ,حتى وصلت وقاحته بأمر المعاون الطبي في ناحية العاصي بعدم إسعاف جرحى جريمته النكراء ,وبذلك تكون هذه المذبحة أول فعل مشين وأول وسام لصليب معقوف رمز الخزي والعار واللعنة الأبدية اثبت إن أزلام البعث ولدوا وتخرجوا من المدرسة النازية الهتلرية وما اقترفته في ( محارق هولوكوست ) وتصدر هذا العمل اللا أخلاقي قائمة البعث بعد مرور عام وشهر على انقلابهم الأسود  17 – 30 تموز 1968 وجثوهم على صدور وأنفاس العراقيين لما يقارب ثلاثة عقود ونيف وما ترتب على ذلك الانقلاب من مسلسلات المذابح الدموية وتدمير العراق أرضا وشعبا وحضارة ولم تسلم منهم اية شريحة عراقية وحتى البيئة والطبيعة نالتا حصتهما .
وبذلك تكون المذبحة هذه باكورة للأنياب الدموية للنظام المقبور الذي كان صائما وفي سبات وتغدى بهذه الضحية الحقيرة ,وعدّها بمثابة رسالة ودرس دموي مهيب ورادع للشعب العراقي ومن يرفع رأسه باتجاههم  ولم تنصف هذه المذبحة بحقها الإعلامي والقانوني المطلوب لتكون على مرأى ومسمع الشعب العراقي والرأي العام .

وبعد الإطاحة بالنظام المقبور في 9 نيسان 2003 فما زال الإعلام مقصرا تجاهها  والانكى مازالت القرية على حالها كومة من الأنقاض تعشعش فيها الغربان وتتطاير مناه ذكريات ورائحة الموت منذ 1991 ولحد عام 2007 حيث شيدت مجموعة من الدور فيها لكنها لا تناسب وتضحياتها الجسام  وتم البحث عن مدفن الضحايا وتحليل الحامض النووي وما إلى ذلك من إجراءات الروتينية  ,وكان من الحري بحكومة إقليم كردستان الإحاطة بها وإنصافها وتعويض أهالي الضحايا ماديا ومعنويا بما فيها إقامة نصب تذكاري يعكس ويجسد الملامح الأليمة للمذبحة في بمنطقة وقوعها ( المفرق الحدودي دير بون فيشخا بور زاخو ) إلى جانب نصب آخر لشقيقتها مذبحة سميل ( يوم الشهيد الكلدوآشوري السرياني ) التي حصدت ( 5000 ) شهيدا في 7 آب 1933 بنصب تذكاري بمنطقة مفرق دهوك سميل نينوى ، أسوة بباقي النصب التذكارية العديدة للكرد في الإقليم ، لزيارتهما في الذكرى السنوية من كل عام وإيقاد الشموع عليها ورفع الصلوات على راحة أرواح الضحايا ووضع أكاليل الغار على النصبين أو تخليد  هذه المناسبتان على الطوابع المالية أو غيرها من المجالات التذكارية ، لأنهم وببساطة رووا شجرة حرية الحياة بدمائهم الطاهرة ,وسطروا تاريخ أممهم بمداد من الذهب وعلى سفر الخلود ،او درج تلك الجريمة المخزية في قائمة اتهامات رأس النظام المقبور لكن  ومع الأسف لم يحدث ذلك .

وإدراج المذبحتين في ديباجة الدستورين العراقي الفدرالي ودستور إقليم كردستان العراق أسوة مما تعرض له الأشقاء العرب والكرد والتركمان من المذابح التي ذكرت في الدستورين المذكورين مستقبلا وإلا سنستشف من عكس ذلك استخفافا واسترخاصا بدماء ضحايا شعبنا الكلدوآشوري السرياني,على مذبح حرية العراق وشعبه, لتعكس الوطنية الحقة والتآخي القومي الفعلي وليس الديني فقط بين الكرد والكلدوآشوريين السريان  القومية الثانية في الإقليم , وانعكاس مفهوم القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية في السلطات العراقية المركزية إلى القوميتين الرئيسيتين  الكردية والكلدوآشورية السريانية في إقليم كردستان  العراق ,.
وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات والواجب القومي والديني والإنساني يدعونا نحن أبناء هذه الأمة أن  نخلد تلك التضحيات  بطرق عدة منها إقامة القداديس في كنائسنا وشرح معنى ومغزى الشهادة في ماض وحاضر امتنا من قبل الكاهن او من له إلمام بذلك وزيارة أضرحة الشهداء وإصدار بوسترات وبيانات معبرة وكتابة مقالات والقصائد الشعرية وإطلاق تلك التسميات على المواليد الجدد مثل (سيفو,  سميل شمئيل ,صوريا للإناث وصورا للذكور )،  ونشاطات وحدوية أخرى تجسد هذه الذكرى الأليمة وشقيقاتها السابقات من سيفو وسميل  واللاحقات من كنيسة سيدة النجاة وكل معاناة شعبنا لحد هذه اللحظة وليس التغني بالواحدة وإهمال الأخريات وكأنها لا تتعلق بنا ,وكفى من هذه المتاجرة والمزايدة العقيمة بمعاناة شعبنا ومجازره وذكر الواحدة دون الأخريات فهي خيانة وذرف دموع التماسيح وضحك على الذقون وتهريج إعلامي فارغ واللعب الماكر بعواطف أهلنا وخاصة البسطاء منهم , وزيادة الشرخ بين تسميات شعبنا .
 بل ويجب أن نكون انهر دماء شعبنا دعامة ووحدة متكاملة وقوية نحو وحدتنا المقدسة وان تكون جماجم شهدائنا سلما ولبنات أساسية نحو بنيان وتماسك وعلو كيان شعبنا ودافعا قويا في وحدة خطابنا القومي الجريْ والحاضن لحقوقنا القومية المتكاملة دون ردع أو مساومة .
 وأدعو الغيارى من أبناء شعبنا وخاصة الكتاب والصحفيين والأدباء  والإعلاميين  والسياسيين أن يستغلوا كل منبر إعلامي مرئي مسموع مقروء فضائي الكتروني للتبشير والإعلام عن شعبنا وتاريخنا وتراثنا  وماسينا وقضايانا القومية وعدم الرد والمهاترات الكتابية القذرة ضد بعضنا البعض  والتي اعتبرها( ريقتا لباريلي ) بالسريانية أي البصق نحو الأعلى فترد على وجه صاحبها  دون شك,  كما وبرز من بين شعبنا قادة وإبطال  وأباطرة مخلصين أسطوريين  وهميين عبر صفحات الانترنت فقط ومن خلال شن حروب ملحمية برية بحرية جوية  لكن ضد من يا لا الخسارة  والخيبة والخذلان وسواد الوجه !!!ضد مسميات شعبنا المسكين حصرا والذي يعاني الامرين في الوطن, وكأن مسمى ما من مسميات شعبنا حقق ذاته وأقام إمبراطورية مترامية الأطراف , والمسمى الآخر حقق حكما ذاتيا لا باس به ,بينما الأخير ضاع بين حوافز خيول السابقين وضل عبدا مسخرا لا حول له ولا قوة  ويا أسفاه !!!.وأقول ويا خجلاه للذين يقسمون شعبنا  بمواقفهم وكتاباتهم !! واقول وبكل مرارة حتى أن سيف الإرهاب وأيدلوجيتهم الدموية  التكفيرية توحدنا فلا يفرقون بين مسميات شعبنا لدى الاستهداف والذبح  ...وانتم تفرقوننا !!!. ولوا كان بمقدور البعض لاخرج جثث وجماجم كل شهداء شعبنا عبر التاريخ  القديم والحديث واخضعها لفحص الحامض النووي اولا وليصنفها في ثلاث خانات شهداء منفصلة باسوار عملاقة في العلو وفوقها اسلاك شائكة  لكي لا يتسنى لهم اللقاء ابدا حتى في الاخرة (شهداء الكلدان  - شهداء السريان- شهداء الاشوريين ) ثانيا.حتى يشبع ميوله الانقسامية الجياشة.

مع كل الأسف لهذا الشعور الخائب ,بل الحري بنا الرد على من يمس شعبنا وتاريخنا ووحدتنا من خارج بيتنا القومي الكلدو اشوري السرياني فلتكن الحمية الغيرة القومية المتأججة في ذلك الخندق حيث يبان معدن الاصلاء  وان تكون  كتاباتنا دروعا لحماية شعبنا وأرضنا وتاريخنا وتراثنا. وختاما نتذرع للرب أن يتغمد شهداء سيفو وسميل وصوريا وسيدة النجاة والعراق برحمته الواسعة ويمطر عليهم شآبيب الرحمة والرضوان , وينعم العراق والعراقيين بالخير والسلام والأمن والرفاهية., ويعود سالما معافى لمكانته الريادية.بين الأمم ... تودي ساكي ..

 
Badran_omraia@yahoo.com

                                                                   آ           

543

544
من موروثنا الشعبي

صيدا باربّالا


بدران امرايا

كان لشعبنا الكلدو آشوري السرياني منذ قديم الزمان طرقه وفنونه الخاصة في عملية استدراج الحيوانات باختلاف أنواعها  بواسطة الطعم وصيدها لأغراض كثيرة كالأكل والترويض وللعمل وأحيانا لإبعاد شرها عن الحقول , وهذا ليس بغريب عنا لأننا وببساطة امتداد لأجدادنا العظام  صناع ومهندسي أولى الحضارات الإنسانية. فالملك الآشوري آشور ناصر بال الثاني صادّ  أكثر من مائتي أسد  وملوك آخرين كانت هوايتهم المفضلة الصيد .
و صيدا باربّالا اسم سرياني مركب معناه الصيد بالغربال , وهي عملية تقليدية لصيد (جوجكي - جويكي ) أي العصافير بواسطة الغربال حيث كانت تمارس  الطريقة في أجواء القرى ,وذلك لصيد عدد كبير من العصافير لغرض الأكل وخاصة إنها كانت هواية الشباب منذ القديم  .
وتتضمن هذه الطريقة البسيطة أولا تعيين مكان تقاطر العصافير بكثرة ,ثم جلب غربال كبير( اربّالا – أربع اله ) بالسريانية كما هو اسم مدينة اربيل ( أربا الو – أربع الهي ) وانه كان متوفر بكثرة ولم يكن يخلو منه بيت في القرى لأنه من الحاجيات الأساسية لرفع محصول البيادر في فصل الصيف , وكذلك جلب عصا بطول ثلاثون سنتمترا أو أكثر وربط رأس خيط البكرة بالعصا  ثم إسناد احد طرفي الغربال  مائلا على رأس العصا المقام عموديا  وجلب بذور التي تأكلها العصافير من حنطة و شعير عدس, الرز, البرغل , فتات الخبز وغيرها .وبذرها خارج مدار الغربال وتدريجها لتحت الغربال كطعم , ثم مد الخيط لمكان غير مكشوف للعصافير وعلى بعد معين تحت امتداد البصر وبعد لحظات تبدأ أسراب العصافير بالتقاطر لمكان الطعم وتدريجيا تدخل تحت الغربال  ولدى التأكد بان العدد كبير فيسحب الخيط المربوط بالعصا فيتحرك العصا ويقع فينقلب الغربال على العصافير وتنحبس تحته فتحاول مرارا وتكرارا إيجاد مخرج للهروب لكن بلا فائدة .
 ففي الحال يذهب الصاحب ويغطي محيط الغربال بقطعة قماش لكي لا تتسرب العصافير من تحتها لدى إخراجها , ثم يمد يده تحت الغربال ليمسك العصافير ويفصل رؤوسها عنها  ويضعها في آنية وتحاول العصافير عض اليد بمناقيرها دفاعا عن النفس إلا أن ذلك لا يجدي نفعا  , ثم يعيد الكرة ثانية وثالثة  وحسب الرغبة  فيجمع عدداً كبيراً من العصافير , تكون وجبة دسمة لصاحبها  وأحيانا كان العدد يتجاوز العشرون وكان ذلك يعتمد على وقت سحب الخيط واستغلال لحظة_ تقاطر العصافير تحت الغربال .وبعد عملية الصيد كانت العصافير تشوي ( مطاويتا ) على النار فتكون لذيذة جداً فتقر مش بعضاهما الخفيفةِ بين الفكين وخاصة عندما تكون مالحة  الطعم بعض الشيء . ولشعبنا سفر زاخر من الأمثال الشيقة وفي كل مجالات وتفاصيل الحياة وفي صدد الصيد يقال ( صيدا ليتبي فيدا) أي ليس للصيد فائدة , وهذا ليس انتقاصا من مكانة الصيد , بل إن بعض أرباب الأسر كان همهم الوحيد هو الصيد على حساب أمور أخرى مهمة في إدارة شؤون الحياة  اليومية لذلك سيق هذا المثل السلبي عن الصيد , ( ومني دازل لنوني بد تريا  شرمي (قوني)) أي مَن يذهب لصيد السمك فان مؤخرته سوف تتبلل, أي سوف يدفع ضريبة عن عمله أي لكل شيء  في الحياة ثمنه الخاص  . ولشعبنا أغاني تراثية كثيرة  ومعبرة عن  الصيد (  جلو برونا دطوراني بر خزالي وققواني ) أي  جلو ( شخص صياد ) هو ابن الجبال يلاحق الغزلان وطيور القبج. عم شلامي .
Badran_omraia@yahoo.com


545

546
من موروثنا الشعبي
ازَلتا لقَيسي
       
بدران امرايا
ازلتا لقيسي اسم سرياني مركب بمعنى الذهاب للحطب وهي ظاهرة تمارس في أجواء القرى, الغرض منها لجلب الحطب بواسطة الدواب لإغراض كثيرة بيتية كثيرة منها لإشعال النار والطبخ عليه أو لتعمير البيوت وحظائر الحيوانات وغيرها من الأشغال ,  وكان شباب القرى يتفقون فيما بينهم  عند المساء للانطلاق في الصباح الباكر . إنها فعلا  كانت شيء ممتع  ومسلي وروح جماعية جياشة تفيض بالحماس والنشاط ,ففي المساء كان الشبان يجتمعون في بيت احد الأصدقاء  فيقررون صوب الذهاب ونوع الحطب ( قورمي  الثخينة والمدببة , روطي الرفيعة والرطبة  , تلاشي جْلبي ترائش الأشجار , اوري  الزنود لغرض الأعمار , ترّكي الرفيعة واليابسة لغرض التنور وغيرها ).
وفي الصباح الباكر فيقوم كل شخص ويجهز نفسه ودابته  وكرتنتها أي وضع الكرتان عليها وشّد حبليه  المؤخرة ( بَرخَرايا )و(بَر قَمايا) المقدمة , ووضع زوج من الحبال على ظهرها  وحقيبة الأكل والفأس ( نَرا  , نركَا ) و( جّوودا او كسوختا ) أي القاطعة  . ثم يمتطيها الصاحب فيقصد مكان الانتظار ليأتي بقية الأصحاب هناك وغالبا كان مكان الانتظار في احد مخارج القرية  , ثم ينطلقون إلى الجبال والوديان أو السهول حيث تتواجد غابات الخشب  وحيثما اتفقوا مسبقا , وخلال الطريق يتسامرون فيما بينهم ويتسابقون أحيانا لمعرفة سرعة دوابهم في ( مطريتا ) السباق , ولقلة الساعات اليدوية  حينذاك فكانوا يتوهمون أحيانا بان الدنيا في تباشير الصباح فينطلقون في ساعات مبكرة مثلا الساعة الثانية أو الثالثة صباحا أو لدى سماع صيحات الديك المتوهم بالصباح  فكانوا يعتقدون إن الدنيا أوشكت على الصباح بصيحات الديك ,
 وفي مسيرة الذهاب وهم على ظهور داباتهم يلفون سكائر التبغ والدابة تمشي دون أن ينظروا إلى أيديهم فيلفون سكائر وكأنها ملفوفة بالماكينة لجودتها  دون أن ينظروا إلى أيديهم , وكأنهم كما هو الحال  الآن لدى الكتاب  المهرة  على الكيبورد وكيف يكتبون دون أن ينظروا لأصابعهم المتراقصة على الأحرف . وأحيانا لدى ورود مسالة تتطلب الحلفان في صُلبّ الموضوع المناقش أو المتداول بينهم  فكان يقول صاحب كيس التبغ ( كستا ) والذي كان يضم حفنة من التبغ ودفتر أوراق اللف والقداحة المشتقة من السريانية ( قدوختا ) فيضع صاحب الحديث يده على دفتر الأوراق الصغير ويقول بالسريانية ( اوا اونكاليون يلي وئيدي برشه ) بمعنى هذا بمثابة الإنجيل ويدي عليه أي أداء القسم .

 وأحيانا كان الشخص الممتطي للدابة  ومن شدة النعاس كان ينام  ويسقط من على دابته وينام على الطريق بينما دابته تبقى واقفة عنده دون أن تبرحه . ولدى الوصول إلى المكان المقصود فكانوا يتوزعون كل واحد إلى مكان معين  فيربطون داباتهم بأحد الحبال الطويلة لكي يكون لهم متسع من المجال للحركة والرعي  وأحيانا كانت الدابة تضغط  فتقطع الحبل وتنطلق نحو القرية فيلاحقها الصاحب , فان افلح بإمساكها فكان بها ,وان لم يفلح فيضطر إلى حمل العدة وكرتان الدابة والرجوع إلى البيت دون فائدة ( ايدهِ بُش يَريخيِ من اقلاتىِ)  أي يديه أطول من رجليه يقال هذا السرياني عند عدم تحقيق أية نتيجة  او مساعدة أصحابه والرجوع معهم.
وفي الصيف كان الكرتان يؤخذ عن الدابة لشدة الحر ( مشلختا ) , وتوضع الحقيبة الحاوية على علبة الماء ( جودا) والأكل البسيط  ( لخما وقشكي ) أي الخبز وقشكي أكلة صلبة من مشتقات الحليب  ,في مكان بعيد عن الدابة وتحت ظل شجرة  أو صخرة أو الأحراش ( تراشي )  وكثيرا من الحالات كانت الدابة تطأ حقيبة الزاد وتأكلها دون تردد فتترك صاحبها صائما رغما عنه أو يشارك الأصحاب في زادهم إذا كان برفقة أصحاب ..
 ثم يقول الشخص (بشما دبابا وبرونا وروخا دقدشا  ) أي بسم الأب والابن والروح القدس  ويبصق على كفيه  لكي تترطب ويحكها بالبعض لكي لا ينزلق الفأس أو ( جَوّذا) من يداه  ويبدأ بقطع الخشب أو قلعه بواسطة مؤخرة الفأس بالسريانية ( قوبا  دنَرَا- نركا ) وليس بفمه الحاد , لكي يقلع شيء من جذور الخشب معه فيكون رأسه مدببا وهذا جيد لتكوين الجمر عند الاحتراق , ويسمى الخشب ذات الرأس المدبب بـ ( قلبكي - قوبّي) وهكذا إلى أن ينهي احد الأحراش ( تراشي ) ثم يقوم بتنظيف الخشب الثخين من فروعه الجانبية  بواسطة (الجاوته )  أي تجذيبها , ثم جعلها حزمة ( قبلا ) بالسريانية ,  وهكذا إلى أن يصل عدد الحزمات إلى 15 – 20  وكل حزمة تضم بين 15 – 20 خشبا ويعتمد على سمك أو ثخانة الخشب .
 فيجمعها في مكان قريب من دابته  وبين الحين والآخر يستريح الأصحاب لاحتساء أكواب الشاي أو لتدخين السكائر أو لرشفة ماء أو تناول الفطور . وبعد الانتهاء يقوم الشخص بالتحميل ( مطعنتا – مَطَنتا)  . ففي البداية يوضع الحبل على الأرض بشكل ثنائي , أي بحيث يكون نصفي ويعقد حلقتين في وسطه بمسافة شبرين بين الحلقتين ثم يؤتى بحزمات الخشب وتوضع على الحبل بشكل متساوي وعلى بعد شبر بينهما وحال تساوي الكفتين يؤتى براسي الحبل ويمرران فوق الكفة الأولى للخشب ويمرران كل رأس تحت نفس الحبل ثم يمرران فوق الكفة الثانية ليمرا في الحلقتين ويشدان بقوة  حتى يتكبس الخشب ويكونان حزمتين مشدودتين ,وطبعا يتعاون الأصدقاء في هذه المهمة , ثم يشد الكرتان على ظهر الدابة  وتجلب بقرب الكفتين ثم ترفع الواحدة فوق الأخرى  وكل صديق يرفع من جهة بعد رسم علامة الصليب ويدفع على ظهر الدابة , فيذهب احد الأصدقاء إلى الطرف الآخر للدابة  ويقوم بإرخاء الحبل بحيث يستقر على الظهر وبشكل متساو بحيث لا يتدلى كثرا فيؤذي الدابة ويحد من حركتها ,ويقوم كل شخص بالضغط على إحدى الكفتين في آن واحد حتى يستقر أكثر بعد إرخائه .
بعدها يقوم الشخص بتحميل الخشب حزمة حزمة بشكل متساوي على الكفتين اللتان تعتبران مثل الميزان أو القاعدة التي يبنى عليها الحمل (طينا – طعنتا ) وأحيانا تتحرك الدابة  لأنها تلدغ  بالدبابير او تجفل من مشهد ما غير مألوف فيتساقط الخشب فيستعين صاحبها بالأصدقاء لمساعدته  في هذه الحالة وحالة انتهاء الخشب , يستعين بالحبل الآخر ويرمي رأس الحبل ذات الحلقة  الخشبية  فوق الحمل ويسحبه من تحت بطن الدابة ليمرر الرأس الآخر للحبل في تلك الحلقة ويضع إحدى قدماه  على الحمل ويسحب الحبل ويشده بكل قوة .
ويمرره تحت الحبل الامامي للكفة ويعقده ثم يذهب به إلى الحبل الخلفي للكفة ويمرره من تحته ويعقده ثم يرميه ثانية فوق الحمل إلى الطرف الآخر ويذهب هناك ويمرر رأس الحبل تحت حبل الكفة الخلفي ويشده بعد أن يضع قدمه على الحمل ويشد بكل ما أوتى من قوة ويعقد رأس الحبل هناك . وبعدها يستعين بأوتاد خشبية محضرة مسبقا بأطوال مختلفة شبرين أو أكثر تسمى بالسريانية ( كمدو- اشكي ) فيضعها تحت الحبل ويضع إحدى قدماه على الحمل ويسحب الوتد باتجاهه ويبدأ بدوران الوتد ويلتف الحبل على الوتد  وكلما برم الوتد يشتد الحبل أكثر فأكثر على الحمل ,وبذلك يتكبس الخشب ويكون كتلة متراصة .
 وفي الطرف الآخر للحمل يفعل نفس الشيء مع الحبل الآخر  , عندئذ يكون الحمل في مأمن من الانهدام والوقوع ,وأحيانا يمرر حبل الحمل عبر  مؤخرة الدابة  إلى الطرف الآخر  ويعقد هناك ,لكي لا يزحف الحمل باتجاه الأمام وخاصة عند المنحدرات(بَرتَختي) , أو يمرر على مقدمة الدابة عند الارتفاعات لكي لا يزحف الحمل إلى الوراء عند الصعود ( باريلي). وبعد تحميل الدواب يضعون أو يغرسان الفأس والقاطعة ( جووذا ) في الحمل في الطرف الخفيف لكي يتوازن الحمل .
وبعد انتهاء الكل من التحميل ينطلقون نحو القرية ,وهو سعداء وخلال طريق الإياب يتبادلون أطراف الكلام , وذات مرة وبينما كان احد الأصدقاء يراهن على حماره فيقول انه سريع وقوي وهادئ عند التحميل فكان يقول لأصحابه اذهبوا وبيعوا حميركم التي لا تسوى شيء واشتروا بأثمانها البخسة كرتاناً لحماري العزيز , وبينما كعادته كان يمدح بحماره ,وفجأة أطلق الحمار بطنه بقوة  والذي كان مصابا باضطراب في المعدة  وعلى بعد مسافة فاهلك قامة صاحبه من الصدر والى قدماه بإسهال قوي وكريه , وعلى إثرها انفجر الأصدقاء الآخرين بالضحك .ثم انهالوا عليه وحماره بالتعليقات المضحكة وقال احدهم ( خقري بملا خريلي بشَلا ) أي مدحوا بالمُلا فعملها على نفسه "مع احترامي الشديد " وهو مثل سرياني مشهور. ومن شدة الخجل حلف ذلك الشخص بأنه سيقتل حماره بالفأس لدى الوصول للبيت .

 وذات مرة احضر احد الأشخاص حمل الخشب  وجاء بحماره ليحمله فلم يهدا الحمار فكان يوقع الحمل , وأخيراً اشتد غضب صاحبه وكان معه قطعة سلاح  لاصطياد الطيور أو غيرها من الحيوانات فاستعان بسلاحه وقال " أنا فقد اعرف كيف أجعلك تهدأ " فاهدأ الحمار والى الأبد بعد أن أطلق  أطلاقة نارية على رأسه فارداه على الأرض . وكم من المرات احضر الصاحب الحمل وجهزه  وجاء ليأخذ حماره النائم  فيتفاجأ  بان حماره ميت لان الحية لدغته .

وفي الكثير من الحالات كان الشخص ينزع جاكيته قبل عملية القطع ليكون أكثر انطلاقاً وراحة ً فيضع الجاكيت على الأرض , فتتسلل إحدى العقارب إلى احد جيوبه ولدى ارتدائه للجاكيت  ووضع اليد في الجيب فكانت تلدغه على الحال , لذا كان عليه أن ينفضه عدة مرات قبل ارتدائه . وحاليا لم يبقى لهذه الظاهرة إلا ما ندر في القرى  البعيدة والنائية,  لان المكننة سهلت المهمة ووجود المحروقات البديلة عن الخشب كل هذه غطت على هذه الظاهرة . عَم شلامي .
Badran_omraia@yahoo.com

547

548

549

550
من موروثنا الشعبي
طمكاتا – طعمكاثا
        بدران امرايا
طمكاتا مفرده طعمكي اسم سرياني معناه الطعم أو مصائد الطيور التي كانت تصطاد بواسطة الطعم , والتي تبنى في التراب لاستدراج الطيور إليها , ففي البداية تختار مناطقها والتي كانت الطيور تتقاطر عليها بكثرة ايام الصيف أو الربيع وخاصة ( جوجكي- جويكي ) التي تتواجد في القرى وبداية كانت الأرض تحفر بشكل مربع او مستطيل وبأبعاد 15 -20 سم  وبعمق شبر ومن ثم إيجاد حجر مسطح ليغطيه كليا فوهة الحفرة وعند إكمالها كان الحجر المسطح يقام بشكل مائل على فوهة الحفرة المسماة ب (طمكي ) ويسند بعصا صغيرة وخفيفة على حافة الحجر المسطح , وكانت تقام أكثر من (طمكي) في آن واحد لاصطياد اكبرعدد ممكن من العصافير  وبعد إكمال البناء ونصب أغطيتها تجلب حبوب الحنطة أو الشعير وتبذر على حافة (الطمكي ) ومن ثم لاستدراج الحبوب في داخل ( طمكي) وكانت العصافير تتقاطر لالتقاط الحبوب وتندفع لدخول الحفرة لالتقاط الحبوب الموجودة فيها  فتصطدم بالعصا  فيتدحرج العصا الذي يسند الحجر فيقع الحجر على الفوهة مغطيا إياها كليا فينحبس عصفور أو أكثر داخل الحفرة فيحاولون مرارا وتكرارا الفرار لكن دون جدوى , وهكذا مع مجموعة كبيرة من هذه المصائد كانت الأولاد يصطادون مجموعات كبيرة من العصافير لأكلها , وعند إخراجها كان الحجر يرفع بتأني وحذر  وتدخل اليد فيها لمسك العصفور  لكي لا يطير خلسة . وكثيرا من الأحيان كانت الحيات أو العقارب تدخل الحفرة وتلدغ من اليد الممدودة  فيها . أو يقوم الأولاد الخبثاء نكاية بأصحاب ( الطمكاثا )  بالأفراخ  أو التغوط فيها فيأتي صاحبها ويجدها مسدودة فيضن أنها تضم عصافير فيفرح لذلك ويحاول إدخال يده فيها فيصطدم بوجود الفضلات فيشتد غيضا وعصبية من هذا الموقف المحرج . وكانت هناك طرق متعددة لاصطياد الطيور المختلفة  منها بواسطة مادة لزجة كانت تصنع في القرى من جذور نبتة (شولتا)  فتخضع لعدة مراحل تصنيعية فتسمى في النهاية بـ ( دبوقانا) من ( دواقا – دباقا ) أي الماسك فكانت هذه المادة توضع على أخشاب اسيجة البيوت أو حافات سطوح البيوت ( سواناثا) أو البساتين ( كدلي ) المجدولة  حيث عادة تتجمع العصافير وعند ملامسة أرجل العصافير لهذه المادة اللزجة فتلتصق في الحال فيحاول الطير مرارا وتكرارا الطيران لكن دون جدوى بل بمحاولاته هذه يزيد الطين بلة فيلتصق كل جزء من جسمه يلامس ( الدبوقانا) عندئذ يأتي صاحب الدبوقانا فيجمع العصافير لتكون وجبة دسمة له , أو تأتي القطة وتسبقه فتنال من العصافير المسكينة التي لا مفر لها . وبهذه الطريقة كانت تصطاد أعدادا كبيرة من العصافير. وكان يقال للشخص الذي يحب الاسترسال في الكلام ( ايلي اخ دبوقانا ددابش ) أي انه كمادة (الدبوقانا) اللزجة يلتصق بالآخرين ولدى قدوم ذلك الشخص كان يقال ( هولي تيلي دبوقانا ددابش )  أي جاء الشخص الذي يلتصق على غرار المثل ( يشبه لصقة جونسون ), وكانت هناك طرق أخرى لاصطياد الطيور سنأتي إليها لاحقا, ومن تلك الطيور( ققواني القبج , قوشيني, زرويلتا , لقطا دباشي  اكلة النحل , شوشبيني الحمام البري ,  لولكي العندليب , زوزيري الزرازير  , يوناثا الحمام  , ديكي دشليمون انويا  ديك سليمان النبي وغيرها ) ولدى شعبنا أمثلة  وأغاني ومواقف وقصص كثيرة وشيقة  وحزينة وفي كل المناسبات وبخصوص الصيد يقال ( صيدا لتبي فيدا ) أي الصيد ليس له فائدة , (وهاو دازل لنوني بت تريا قوني – شرمي ) أي من يذهب لصيد السمك ستتبلل مؤخرته. ومن الجدير ذكره إن الإله آشور( شورايا أي البداية ) الإله القومي لشعبنا الآشوري قبل الميلاد, هو على هيئة صياد صنديد رمز القوة والحكمة والسلام موجود وسط قرص الشمس يحمل قوس الحق, وله أجنحة النسر الملائكية رامزة للمجد والعلو والعظمة . تودي ساكي وشلاما .
Badran_omraia@yahoo.com            

551

553

من موروثنا الشعبي
الجَنجَر (كَركرا)   
                           

                                                                                                                               بدران امرايا

الجنجر كلمة سريانية بمعنى التعذيب مشتقة  من(جنجارا) فعل السحب او السحل ،او (كركرا) للاصوات التي يحدثها عند الحركة (  كركركر ) ، وإنها من الآلات الزراعية الخشبية المتحركة  والمصنعة محليا لدى النجارين المهرة . والتي تستخدم في طحن او هرس سيقان الحنطة او الشعير بعد حصادها يدويا خلال موسم الصيف ، وهذه الآلة الخشبية  عبارة عن دولاب خشبي شبيه بالدبابة او صندوق كبير وفيه دولابين متحركين من الخشب  يستند عليهما في الحركة ومزروعين برؤوس من الفؤوس الحديدية  الحادة ولا يظهر منها سوى افواهها القاطعة وهذه الآلة سهلة التركيب والفك و تسحب بواسطة زوج  الدواب أكانت حميرا أو بغالا أو خيولا أو الثيران فتدور تلك الرؤوس الحادة  ملامسة الأرض , وتقطع ما يقع امامها حيث تمتد منها خشبة بطول مترين تسمى بالسريانية ( مشانا ) وظيفتها الربط بين الدواب والجنجر وتمتد هذه الخشبة من الجنجر الى خشبة اخرى بطول متر او اكثر تسمى بالسريانية  (نيرا )او من نير الظلم , النير الذي كان يوضع على اعناق الناس لتعذيبهم  قديما وصدق مطربنا القومي الكبير ايوان اغاسي في اغنيته الأصيلة والرصينة  ( شمطخلي نيرا قد دماطخ لايقارا دناشا خيرا ) ( أي نحطم النير لنصل الى وقار الانسان الحر)  ، وفيه بوابتين لتمرير فيهما راسي الدواب ويستند على زوج من  الباصولين الموضوعين على عنقي الدواب ,  وهما عبارة عن اقواس جلدية محشوة بالحشيش او العشب اليابس لتكون خفيفة الحمل وظيفتها منع الاحتكاك او ايذاء عنقي الدواب اثناء الحركة او الدوران على البيدر  ,وتثبت كل أجزاء الجنجر ببعضها بواسطة اوتاد خشبية تمرر من خلال الثقوب الجاهزة لذلك الغرض ، ويمتد حبل طويل من النيرا الى وسط البيدر ليربط بوتد عمودي يمنع الدوابين من الخروج خارج مدار البيدر ويدور مع دوران الدواب, وهذا كله بعد ان يقوم الفلاح بتحضير البيدر او تسوية سيقان الحنطة او الشعير وعلى شكل دائري والجنجر يدور عليه حتى يهرسه الى دقيق التبن والعملية تمتد حسب كثرة او حجم البيدر  ولا ثقال الجنجر لكي يهرس او يقطع  اسرع يركب احد الاشخاص عليه , وعلى الأغلب كانت هذه المهمة المسلية والممتعة  من نصيب الاطفال او الصبيان وكثيرا من الاحيان ولسؤ حظ هولاء الصبيان كانت الدواب تجفل وتتخبط حركتها وينقلب الجنجرعلى رؤوسهم او يمر الجنجر عليهم محدثا جروحا وكدمات في اجسادهم ،أو أحيانا كانت الدابتين  تتركان البيدر وتلوذ بالفرار وتسحبان هذا الاله الزراعية وراءها, وبذلك تتحطم رؤوس أو أفواه الفؤوس وتحتاج بعد ذلك إلى عملية الشحذ .    ولأبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني  أغاني وأمثال وقصص فلكلورية رائعة  تغنى على البيدر ولا تزال كلماتها والحانها  الشجية على افواه الكبار الى يومنا هذا ووظيفة هذه الاغاني كانت شحذ همم الرجال , وهم في خضم هذا العمل المضني , وفي عز وقيظ الصيف الحارق معتبرين العمل لاول وهلة اسد ضاري صعب التغلب عليه ولكن حال الشروع بالعمل يتحول ذلك الأسد إلى ثعلب خواف لا يصمد امام عزيمتهم وهمتهم الفولاذية, او اعتبار ان الشتاء القارص عدو يركض وراءهم  فيجب ان يلملموا محاصيلهم الصيفية الى البيوت  قبل ان تدركهم الامطار وتتلف قوتهم ومصدر رزقهم واعلاف دواجنهم و دوابهم . وكان للبيدر سلامه الخاص فلدى مرور شخص كانت يقول بالسريانية ( بوركاثا ببيدروخون , أي البركة في بيدركم  فكان الجواب  بركاثا ببيتوخون - أي البركة في بيتكم ) ,وما أحلى هذا السلام الذي كان يصدر من صميم القلب  واسم البيدر سرياني الاصل بيدرا  بمعنى بيث درايا  اي بيت الرمي لرمي المحصول الزراعي  في الهواء. ولدى شعبنا قرية في غرب مدينة زاخوثا أي النصر  اسمها بيداور أي بيث درايا  أي ارض الرمي أو المعركة والتي أنجبت الشاعر والكاتب و المناضل والقومي والديني الغيور المرحوم بولس بيدا ري صاحب القصيدة الرائعة ( خيا اثور لعالم علمين لخرثا دزونا)  أي تعيش آشور إلى آخر الأزمنة  والتي غنتها حنجرة مطربتنا المتألقة ليندا جورج  .وكان في كل قرية منطقة البيادر تكون الأرض مستوية السطح ومكشوفة من كل الاتجاهات لكي يبذر المحصول في الهواء  فيفصل الحبوب من التبن تسمى هذه العملية بالسريانية ( مدَرَيثا )  فتعود كل واحدة لعائلة معينة تسمى باسمها , وكانت هذه البيادر مشغولة خلال الصيف بالمحاصيل المختلفة من خطي- الحنطة  وسعري -الشعير   وخرطماني- الحمص وطلوخي – العدس  وششمي – السمسم  وغيرها ,  وترفع قبل مجيء الخريف وتبدأ الدنيا بالمطر . وفي الخريف لاعتدال الطقس كانت البيادر ساحات لاستقطاب الشبيبة وممارسة العاب مختلفة  وكذلك كانت حفلات الأعراس تتم فيها وكانت أصوات الطبل والزرنا تعلو في عنان السماء  وأهلنا يهزون قاماتهم الرشيقة على إيقاعاته الشجية . وأحيانا ومن شدة الحر في النهار أو من الظروف السياسية الغير المستقرة  في شمالنا الحبيب  كانت عملية الدوارا الجنجر تتم في الليل خوفا من قصف الطيران الحكومي وحرق البيادر , وخلال الليل كان يعلق فانوس وسط البيدر وتدور رحى الجنجر إلى الساعات الأولى للصباح , والشخص الجالس على الجنجر يغفو وينام ويسقط عدة مرات من على البيدر, وطبعا لا يتأذى من السقوط لأنه يسقط على التبن . ومن الجدير ذكره ان مثل هذه الالات لم تعد قائمة حاليا , لاحتلال المكننة محلها لكنها ستظل قابعة بشموخ ووقار في صدارة سفرالفلكلور والتراث القومي والوطني والإنساني لامتنا , وتذكر الأجيال اللاحقة بان البداية هكذا كانت شاقة وفي نفس الوقت ممتعة  . تودي ساكي  .



Badran_omraia@yahoo.com

554

555
في ملبورن حركتنا تشارك حفل تأسيس نادي الجالية الاجتماعي

بتاريخ 11 حزيران 2012  وبدعوة من الأخوان  نادر وسامي يونان من الهيئة الإدارية لقاعة لاميراج  ملبورن ,شارك وفد من حركتنا الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) قاطع ملبورن  ممثلا بالرفاق سركون قندو مسؤول القاطع وكالة وعضوية الرفاق  أدور خوشابا وأكرم عمانوئيل وبدران أمرايا في حفل تأسيس النادي المذكور ليكون ملتقى اجتماعي ثقافي فني ترفيهي يجمع أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري تحت مظلته وليمارسوا نشاطاتهم المختلفة, هذا وفي بداية الحفل ألقى الأخ نادر كلمة مقتضبة رحب فيها بالحضور أشخاصا ومؤسسات  وجمعيات وأحزاب ثم عرج فيها إلى الهدف من تأسيس هذا النادي , تلتها كلمة الأخ سامي يونان استهلها ايضا بالترحيب بالحضور الكرام , ثم ذهب فيها إلى شرح أهداف وبرامج النادي , ثم فتح باب المناقشة وتقديم الاقتراحات والسبل الكفيلة لإنجاح هذه الملتقى الاجتماعي  فقدم الحضور باقة من المقترحات القيمة , وتلقى الأخ سامي يونان صورة للسيد المسيح  له المجد مع باقة ورد كهدية من خورنة كنسية حافظة الزر وع الكلدانية بهذه المناسبة . وتخلل فقرات الحفل أغاني سريانية شجية ووجبة عشاء . مع امنيانتا بالتقدم والنجاح  لهذا المشروع الخدمي.

الحركة الديمقراطية الآشورية
قاطع ملبورن
لجة الاعلام



 

556
مشاهد وانطباعات رائعة عن حضارة النهرين في ملبورن

                                                                                                                                      بدران امرايا
 في الخامس عشر من حزيران الجاري 2012 توجهنا طلبة الصف الرابع اللغة الانكليزية بمعهد كنكان برفقة الأستاذ كيم والست الفيرا , والطلبة كانوا ( وليد – جيمس – سميرة – مها – سناء – ساندرا – بدران ) من أبناء شعبنا الكلدو آشوري السرياني والأخت رشا عراقية من مدينة البصرة الفيحاء ,  والأخوات  ( كولشن ميرفي – اكين ) من أصول تركيا , والأخ مسعود من أصل إيراني فكان الكل زملاء متفهمين يكنون الاحترام والتقدير العاليين للأخر والأخ جيمس زيزا مشكورا كان بمثابة المحرك الفعلي باتجاه إقامة هذه الرحلة  بمناسبة انتهاء الموسم الدراسي, فكانت وجهة السفرة مكان رائع وبامتياز وهو متحف ملبورن بولاية فيكتوريا الاسترالية ,والذي ضم مكنونات حضارة مابين النهرين درة الحضارة العالمية ,الحضارة التي أبهرت الشرق والغرب معا , والتي جلبت من متحف لندن لتكون في متناول مشاهدات الزوار الاستراليين بكل موزائيكهم العرقي والديني والطائفي . في الحقيقة الأمر إن هذه الخطوة الرائعة اختصرت المسافات والتكلفة المالية وعناء رحلة السفر الشاقة للاستراليين محبي ورواد الآثار والمتاحف إلى بريطانيا .وفي المقابل طارا الثور المجنح ( لاما سو ) بأجنحته القوية  والنسر الآشوري  ( نشرا داثور) حاملين آثار الحضارة النهرينية على جناحيهما قاطعين البحار والمحيطات  إلى ارض الجنوب المجهولة ( استراليا ) . فكانت بداية رحلتنا  الطلابية التجمع في محطة قطار بروميدوس وتوجهنا معا إلى  مركز المدينة حيث وجود المتحف وخلال الرحلة كانت الأحاديث الشيقة والمسامرات اللطيفة بين الزملاء فكانت أحيانا تعلو قهقهات الضحك بين الزملاء الزميلات . وخلال وقفات محطات القطار انضمتا ألينا الزميلتين سميرة القصراني وكولشن . ثم انضم ألينا أيضا الزميل مسعود في محطة ( كلين روي ) وصار بنا القطار إلى حيث انتهاء الرحلة فقادنا الأخ جيمس وهو الأعلم بالطرق إلى المتحف لينضم ألينا الأستاذين الفاضلين ( كيم والفيرا ) فقام الأستاذ كيم  مشكورا بترتيب المجريات الروتينية للزيارة مع طاقم المتحف .فكنت أنا شخصيا متلهف جدا لهذه الزيارة الميمونة سيما إنها بخصوص حضارتنا العريقة وهويتنا النهرينية العتيدة. ففي البداية ولدى المدخل الرئيسي استوقفتنا  بعض الجداريات التراثية كبرج بابل وامتداده  العالي نحو عنان السماء حيث اكتشف أجدادنا  العظام من فوقه الإجرام السماوية  وسموا الأسماء بمسمياتها ,وقسموا الزمن منطلقين من السنة وتفاصيلها ألاثني عشر شهرا منتهين بالثواني ( ربابي ) . فكانت الطلة الأولى للمتحف حضارتنا السومرية  4000 – 3000 ق.م التي ظهرت في الإلف الخامس قبل الميلاد, وعاصمتها اور العظيمة  بفجر عصر سلالات المدن السومرية ( كيش- لكش -اوراك – نيبور- سبار - اريدو – نفر- اشنونا – اوما -  اداب – ايسن – لارسا ) , فكانت مشاهدات حية لا توصف فيها الأحاسيس الجياشة  يتناثر منها عبق البخور الطيبة لمعابد هذه المدن السومرية ولسبعة آلاف سنة , حيث جذبتنا زقورة أور  بأدراجها العديدة حيث مجموعة من الكهنة يقصدون الطابق العلوي ليؤدوا مراسيم الصلاة ,فمرينا بالأختام السومرية الدائرية والاسطوانية  الرائعة والمنقوشة بأدق التفاصيل  معكسة الخط المسماري ( صصايا ) ورسومات رائعة الدقة لمختلف شؤون وشجون الحياة  السومرية ونماذج من الألواح الطينية التي تضم اتفاقيات سياسية عقود تجارية وزواج وغيرها من المواقف الحياتية . حيث مرينا بملوك سومر من ايتانا - اور نانشه - لبت عشتار – اور نمو – شولكي – امارسن – اورز بابا – انميبراغيس – ميسانيبادا  اويناتوم – انتيمينا – لوكال زاكيزي -. ثم أخذنا الدرب إلى صالة الإمبراطورية الاكدية ( 2340 – 2150) ق .م  حيث الخوذة  البرونزية لموحد السلالات السومرية ومؤسس الدولة الاكدية اليتيم الذي صار ملكا سركون الاكدي (2334- 2279) ق.م  ( الملك الصادق )  التي وجدت في نينوى ,والتمثال النصفي له ,وابنه الأصغر ريموش ( هدية الإله ) ثم أخوه الأكبر منيشتوسو ( من معه ) ملك الجهات الأربعة , ثم نارامسين ( القمر العالي ) ذو القرنين . ثم اجتذبنا وأخذنا مشهد رائع الجمال حيث إحدى بوابات نينوى الخمسة عشر  (نركال ) مزينة بزوج من الثيران المجنحة ( لاماسو – شيذو ) حارسة المدن والقصور والهياكل في الإمبراطورية الآشورية العظيمة من الأرواح الشريرة رمز الجمال والقوة  والشجاعة والجنس , ترحب بالمارة وتحرسهم من العين الشريرة وقبل يومين من الرحلة كنت قد قدمت درسا عن الثور المجنح لزملائي في الصف المدرسي فتكونت لدى الزملاء فكرة عن المعاني والمدلولات  المثيولوجية والفلسفية عن (لماسو ) الثور المجنح احد أهم رموز حضارتنا الآشورية العملاقة مستعينا بعارض الصور لهذا الرمز الآشوري الخالد ,المتكون من رأس الإنسان الذي يرمز للذكاء  واللحية للحكمة والوقار , التاج رمز الملوكية  وفي بعض الثيران عليها ثلاثة حلقات أو قرون رامزة لثلاثة عناصر الطبيعة  الثالوث السومري الاكدي الآشوري المقدس ( انو السماء الهواء – انليل الأرض – أيا المياه )  أو حلقتين رامزة للخير والشر لنهري ( دجلة  دقلا النخيل - والفرات  من بريوثا الثراء ) جسم الثور رامزا لقوة الخصوبة العمل ووفرة اللحم , وجناحي النسر رمز المجد والسمو الملائكي والنسر ملك طيور السماء وذو البصر الثاقب,وجلد الحوت رمز العظمة  والعمق والسيطرة وملك المياه , وذيل الأسد ملك الغابة  ورمز القوة والسيطرة . وثيران زمن الملك سركون الثاني كانت بأربعة أرجل رمز الثبات والصلابة من المشهد الأمامي للثور ,وثيران عهد ابنه سنحا ريب  705 – 681 ق. م (  سين اخا ربا - اخو القمر الكبير ) بخمسة أرجل للدلالة على الحركة من مشهد جانبي  رمز التقدم والتطور الذي أحرزته الإمبراطورية  الآشورية في كل مناحي الحياة من الحضارة - العلم – الطب- الفلك الفلسفة- الهندسة المعمارية - فنون القتال – القانون-  الثقافة ( مكتبة آشور بابيبال 25 ألف رقيم طيني ) . وكان فوق بوابة نركال الشامخة اسم آشور أي  الجناح الآشوري فدخلنا إليه  ورجعت بي الذاكرة إلى الوراء ل (6762 ) سنة حيث طاف بي الخيال إلى مدينة آشور ( شورايا – أفق السماء البداية التي ليس لها نهاية ) حيث رأيت تمثال الإله القومي آشور الصياد رمز القوة والعدالة والخصوبة القرص المجنح بجماله البهي وهو يمد سهم قوسه نحو الأفق . ومشهد آشور ناصر بال الثاني 883- 859 ق.م صياد الأسود  ( صاد ما يقارب 200 أسد )وهو مشهد متحرك وحي فلم قصير, وهو قمة البداعة عندما نسمع صوت  زئير الأسود وصهيل الخيول  الرهوانة . وكيفية الإيقاع بالأسود . ثم مرينا بمشد للأختام الآشورية الجميلة , ومشهد حي آخر للدفاعات الآشورية ضد الأعداء القادمين عبر المياه وخرير المياه وأصوات رشقات الأسهم .ومشهد متحرك آخر يجسد سقوط نينوى عام 612  ق .م والدفاع المستميت للملك الآشوري الأخير ( سين شار اشكول ) حتى الموت عن نينوى العظيمة التي لا زالت قائمة خالدة حتى ألان بسهلها الأخضر سهل الحضارة  سهل نينوى , بقرانا ومدننا المنتشرة على طوله وعرضه رغم كيد الكائدين وشرور الحاقدين على أهله الاصلاء النجباء من أبناء شعبنا الكلدواشوريين السريان , وما تتعرض له الحبيبة برطلة ( وراء الظل  ) لتغيير ديموغرافيتها الأصيلة الآن. ونحن بطريقنا مرينا على لوحات أخاذة للملك أشور بانيبال  ( رمز العلم والاقتدار ) وهو يحمل وعاءا على رأسه . وقلائد وإكسسوارات نسائية ورجالية في غاية الجمال , وصورة للاثاري القدير المرحوم هرمز رسام الموصلي وهو من ابنا شعبنا ,والذي يعود له الفضل في اكتشاف مواقع أثرية مهمة  ومنها الثيران المجنحة في دور شروكين ( حصن سركون ) 1842م . ومجموعة من الملوك الآشوريين العظام من قائمة 116 ملكا حكموا هذه الإمبراطورية العظيمة والملك كلكامش وهو يحمل شبل أسد ,ولوح آشوري من الحجر الأسود مكتوب عليه بالخط المسماري , وفي الجانب الأخر جندي آشوري صنديد يحمل رمحه ويقف قبالة ملك آشوري . وفي أعلى اللوح علمنا القومي  قرص الشمس والنجمة الرباعية تمثل  الجهات الأربعة للعالم حيث امتدت السيطرة الآشورية ,وأشعة الشمس المتكونة من الأحمر رمز الحب والحرب والاقتدار , والأبيض رمز الطهارة والنقاء والسلام , والأزرق رمز الوفرة والعلم والحكمة , وقرص الملك سركون الاكدي النجمة الثمانية , والقمر ( سين ) , وتمثال الحاكم كوديا وهو يتربع على الأرض . ثم وجدنا أنفسنا أمام المسالة السوداء مسلة الملك المشرع حمو رابي التي كانت يوما  ما وسط مدينة بابل العظيمة ليطلع عامة الناس على شرائع هذا الملك البالغة بين 282 -300 قانون مسطرة بالخط المسماري  وفي الجانب العلوي صورة حمو رابي وهو يستلم القوانين والشرائع من الإله شمش .وبعد خطوات وجدنا أنفسنا أمام بوابة عظيمة وشامخة مزينة بحيوانات خرافية من كلا الجانبين زرقاء اللون وهي بوابة عشتار ( اله الحب والخصب والجمال عند  البابليين والاكديين والآشوريين ) ومرينا عبر البوابة لندخل حضارتنا البابلية العتيدة حيث يوجد أسد بابل وهو يزمجر ويقف صلبا أمام عاتيات الزمن , ولوحة مجسمة لمدينة بابل ( بوابه الإله )يظهر فيها شارع الموكب ومعابد ايساكلا واكيتو وبوسيبا , وجنائن بابل المعلقة إحدى عجائب الدنيا السبع حيث الجمال والنقاء والبهاء . والملك العظيم نوخذنصر ( الإله نبو يحمي ذريتي ) (605 -563 )ق.م . كل هذا التجوال بصحبة الزملاء بين أروقة المتحف ,ونحن نسمع موسيقى نهرينية شجية وعذبة آتية من  نسمات قلب تلك الأحدث التاريخية التليدة .وبعدها دخلنا إلى المكان المخصص لبيع نسخ من الآثار والتحفيات النهرينية الجميلة فاشترت قطعتين تعودان للعصر الآشوري . استمرت الزيارة أكثر من ساعتين بعدها غادرنا صالات المتحف إلى المطعم الملحق فتناولنا وجبة غذاء خفيفة  مع المسمرات الشيقة بين الزملاء الزميلات  الأعزاء . فغادرنا بعد ذلك بناية المتحف , وودعنا الأستاذين كيم والفيرا هناك , والتقطنا بعض الصور التذكارية  الجماعية في الحدائق المجاورة للمتحف .حقيقة كان يوما رائعا بالنسبة لي شخصيا وهذا ما تلمسته من وجوه الأصدقاء أيضا  فقد سبحت ذاكرتي في تلك الآفاق التاريخية الحضارية لبلاد ما بين النهرين وتركت انطباعا حميما في مشاعري, واثر بالغا في خلجات نفسي , وهو الحب واللهفة والشوق والحنين إلى بلدي مابين النهرين مهد الحضارة الإنسانية . حقيقة كان ذلك اليوم مميز جدا في حياتي , ولا يمكن التعبير عما يجيش في أحاسيسي حيال تلك المشاهدات الرائعة . وإنها لفرصة ذهبية لجاليتنا العراقية عامة ,  ولشعبنا الكلدو آشوري السرياني زيارة هذا المتحف لتعريف الأجيال الناشئة و الصاعدة هنا  بتاريخها وحضارتها ورموزها وفنونها وشموخ ارثها الإنساني ,لان التراث هوية ومجد وعنوان ,وكما قالها فيلسوفنا القومي الشهير نعوم فائق ( كل امة تعرف بلغتها وثقافتها وفنونها ). واقتناء نسخ من آثارنا العتيدة , لتمدنا بشحنات من الصبر والأمل والفخر, لمواجهة الم ومرارة الغربة وتحديات هذا البعد الشاسع بين وطن الأم وارض الغربة . ومما يؤسف أنهم لا يسمحون بالتقاط الصورة داخل المتحف . الشكر كل الشكر للأخت العزيزة مها جبرو لهذه الصور الجميلة . بشولاما تودي ساكي .
Badran_omraia@yahoo.com
             

557
في ملبورن حركتنا تشارك حفل تأسيس نادي الجالية الاجتماعي

بتاريخ 11 حزيران 2012  وبدعوة من الأخوان  نادر وسامي يونان من الهيئة الإدارية لقاعة لاميراج  ملبورن ,شارك وفد من حركتنا الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) قاطع ملبورن  ممثلا بالرفاق سركون قندو مسؤول القاطع وكالة وعضوية الرفاق  أدور خوشابا وأكرم عمانوئيل وبدران أمرايا في حفل تأسيس النادي المذكور ليكون ملتقى اجتماعي ثقافي فني ترفيهي يجمع أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري تحت مظلته وليمارسوا نشاطاتهم المختلفة, هذا وفي بداية الحفل ألقى الأخ نادر كلمة مقتضبة رحب فيها بالحضور أشخاصا ومؤسسات  وجمعيات وأحزاب ثم عرج فيها إلى الهدف من تأسيس هذا النادي , تلتها كلمة الأخ سامي يونان استهلها ايضا بالترحيب بالحضور الكرام , ثم ذهب فيها إلى شرح أهداف وبرامج النادي , ثم فتح باب المناقشة وتقديم الاقتراحات والسبل الكفيلة لإنجاح هذه الملتقى الاجتماعي  فقدم الحضور باقة من المقترحات القيمة , وتلقى الأخ سامي يونان صورة للسيد المسيح  له المجد مع باقة ورد كهدية من خورنة كنسية حافظة الزر وع الكلدانية بهذه المناسبة . وتخلل فقرات الحفل أغاني سريانية شجية ووجبة عشاء .

الحركة الديمقراطية الآشورية
قاطع ملبورن
لجة الاعلام





558
نتاجات بالسريانية / لاسمو
« في: 19:27 10/06/2012  »

559

560

561
    من موروثنا الشعبي

سولاقا  ـ عيد الصعود
                               

                                                                                                                                بدران امرايا

سولاقا اسم سريني من ( ساقا  ) آي بمعنى الصعود ،أو كالو دسولاقا  - عروسة الصعود  وهو طقس ديني مسيحي يحتفى به بعد مرور أربعين يوما على عيد قيامة السيد المسيح جل شأنه, وبعد إقامة طقس القداس الكنسي والانتهاء من ذلك حيث يحتفل أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني به بطريقة فلكلورية خاصة , فيخرجون إلى حيث المروج والروابي الربيعية الرائعة لكون هذا العيد يصادف او على موعد دائم مع أجواء الربيع المرحة والبهية بجمالها الأخاذ والى حيث الأشجار الباسقة من التوت والسنديان والبلوط بالمناطق القروية الجبلية آخذين معهم كل ما أمكن من الحوائج الآكل والشرب والحبال الطويلة محور فعالية هذا اليوم الجميل ،فيفرشون على عشب الأرض ويتربعون عليه وبين أزاهيره الفواحة بالعطر الطيب ، وهكذا كل عائلة تفترش تحت ظل شجرة باسقة الأغصان كثيفة الظل, والأطفال يجدون ضالتهم في هذا الفضاء الرحب الممتع ليسرحوا ويمرحوا دون عائق أو رقيب يحد من حركتهم ، فيقوم الرجال بإمرار احد أطراف الحبال على إحدى الأغصان العالية والتي تمتاز بامتدادها الأفقي ومن ثم يعقد طرفي الحبل جيدا ويوضع عليه غطاء مثخن لكي لا يؤذي من يجلس عليه ومن ثم يهز ذهابا وإيابا في الجو فيعلو لعدة أمتار وعلى شكل نصف دائري وتسمى هذه الفعالية بـالسريانية ( جيانا )، وكان جميع أفراد العائلة يجلسون فيها باعتبارها طقس ديني يرمز لصعود المسيح إلى السماء ، وكان أحيانا يمرر حبلان بهذه الشاكلة وعلى بعد متر أو اقل ويوضع عليها لوح خشبي لجعل قاعدته اعرض لجلوس أكثر من شخص عليه ، وكانت العوائل تتمتع بجو هذا اليوم وتفيض بالغبطة والسرور اللامتناهيين ويتناولون وجبة الغذاء واحتساء الشاي بهناء ولذة ويواصلون التناوب على التطاير عبر الحبال دون تعب او ملل فيزيحون عن كاهلهم الفكري والبدني  مصاعب ومتاعب والهموم اليومية الروتينية للحياة ،وهكذا كان الوقت يدركهم على وجه السرعة فيجر بمساء ذلك اليوم عليهم ، فيعودون إدراجهم إلى البيوت ، بعد مضي يوم حافل بالسعادة يحفر مكانته المميزة في تلا فيف الذاكرة وبالأحرى الأطفال منهم ،والسائد ان مواليد ذلك اليوم او بعده  من الذكور يسمون بـاسم ( سولاقا ) ويصغر بـ ( سوكو ) وما شاء الله على كثرة هذه الأسماء عندنا ، والى جانب ظاهرة أخرى وما زالت تمارس لحد الآن فبحلول هذا العيد يذهب الناس معايدة والمباركة حاملي هذا الاسم على اعتباره عيدهم الخاص حاملين معهم الهدايا البسيطة وخاصة الحلويات ، وبعد الانتفاضة المباركة لعام 1991حيث سعت الحركة الديمقراطية الآشورية (زوعا ) بعد فوز قائمتها البنفسجية بتمثيل شعبنا في برلمان إقليم كردستان العراق خلال انتخابات 1992 بجعل هذا اليوم عطلة رسمية أسوة بالأول من نيسان ( اكيتو ) راس السنة البابلية الآشورية وغيرها من المناسبات القومية والدينية ، ولإضفاء طابع المرح على الجلسات والمناسبات السعيدة كان هناك مقولة بهذا الصدد مفادها ( سقلي لخورتا ونختلي مخورتا  .. انا خوارا وبابي خوارا ) ويطلب ترديد المقطع الأخير بالسرعة عندئذ يتخبط التلفظ بين خوارا الأبيض وخمارا أي الحمار اللذان يتشابها لفظا في لغتنا السريانية العزيزة . ولحد الآن يمارس أبناء شعبنا مراسيم هذا الطقس الديني  وخاصة في أجواء قرانا الجميلة وخاصة إقامة القداديس في كنائسنا,  ومباركة حاملي اسم سولاقا وكل عام وهم بألف خير  ... 


 
 Badran_omraia@yahoo.com

562
تحية لتجمع تنظيماتنا السياسية

بقلم الشماس سركون قندو
 إن من الضروريات القصوى للحركات السياسية للشعوب المناضلة من اجل إحقاق حقوقها أن تكون قيادتها على معرفة تامة بقراءة وتفسير ومجريات أحداث تاريخها , وان تكون على بينة من مكامن  القوة والضعف فيها لكي تتمكن من توظيف واستغلال القوة لتحقيق أهدافها ونصرة قضيتها وان تستفيد من  مواطن الضعف عبر ماضيها الأليم  , وان تبذل الجهود الحثيثة والمضاعفة للوصول إلى أهدافها المنشودة لا عبر إعادة أخطاء الماضي بمنظور حديث  .
ومما لاشك فيه أن اضعف حقبة في تاريخ نضال شعبنا  الكلداني السرياني الآشوري كانت حقبة التفرقة والتشرذم في الصفوف, وبروز خلافات الرأي هنا وهناك كلها مبنية على أسباب  مذهبية كنسية أو تفسيرات لاهوتية . لذا يستوجب على القيادات السياسية لأحزاب شعبنا وعلى كافة قواه القومية ومؤسساته الأخرى  بذل جهود مضاعفة  ومتواصلة لرص صفوف شعبنا وإنهاء خلافات الرأي القائمة بينها أو تأجيلها  وجعل الوحدة عنواننا لها  وتحقيق مطالبنا القومية هدفها الدائم الرئيسي والمحوري .ولقد أثبتت التجارب العملية التي مارستها أحزابنا  وقوى شعبنا إن الصراعات الداخلية بينها لم تؤدي لشئ ولم نحصد منها غير التشتت والضعف والهجرة وانحسار عددنا وتأخير تقدم قضيتنا ولم تفرز النتائج نصرة الواحد على الآخر, وتهميشنا في كل الميادين , بل كان المستفيد فيها أعداء شعبنا  الذين تمكنوا من زيادة الهوة واتساع الشرخ واستغلال صراعاتنا الداخلية لإضعاف قوانا السياسية منها الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) وتفويت الفرص عليها لتحقيق مطا ليبنا القومية وعبر أساليب رخيصة وملتوية .
كما أثبتت التجارب الواقعية للسنوات الأخيرة بان نضال أحزاب شعبنا بصورة منفردة لم يكن موفقا ولم نجد نتائج ملموسة على أرض  الواقع سوى ما تحقق منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي عبر نضال (زوعا) مع عدد القوى السياسية الوحدوية في شمال العراق وما تحقق بعد عام 2003 في بغداد  كان جيدا لكن لم يكن بمستوى طموح وتطلعات شعب عريق كشعبنا . لذا لم تجد أحزابنا وقوانا السياسية منفذا آخرا سوى وضع الخلافات الداخلية جانبا وتأجيل المسائل العالقة والتي تثير الحساسية والنفور, وكل ما من شانه أن يفرق  ويشتت القوى, وتقديم التنازلات المتبادلة بينها شعورا بعظمة المسؤولية الملقاة على عاتقها لخدمة شعبنا وقضيته القومية المشروعة .لا نجاري الحقيقة إذا قلنا أن إيماننا بوحدة شعبنا بكل مسمياته ونطالب بإيجاد حل نهائي موفق وحاسم الآن يرضي الكل ويسوي الخلافات القائمة . إن ميلاد التنسيق بين أحزاب وتنظيمات شعبنا في هذا الظرف العصيب وان جاء بعد كارثة كنيسة سيدة النجاة  ومتأخرا بعض الشيء فهو يعتبر مكسبا قوميا لكل التنظيمات المؤمنة بالوحدة القومية لأن وحدة الخطاب السياسي وتحديد مطاليب وتطلعاتنا شعبنا المشروعة هي التي يجب أن تكون في قمة الأولوية للبرنامج السياسي للتنظيمات , وبهذه الخطوة المميزة وضعت كل التنظيمات مصلحة شعبنا وامتنا فوق مصالحهم الحزبية الضيقة . وان الأهداف المنشودة التي ناضلت وما زالت تناضل من اجلها الحركة الديمقراطية الآشورية هي واضحة وجلية وفي مقدمتها ما يتعلق بداخل بيتنا القومي الوحدة القومية لأنها تؤمن بالوحدة القومية لكل مذاهب ومسميات شعبنا وتعتز بهذا التنوع داخل بيتنا وتعتبره ثراء وليس مصدرا للفرقة كما يحلو للبعض توظيفه بهذا المنحى  ونبذ التفرقة والتشرذم وسد المنافذ أمام الانتهازيين من داخل شعبنا لاستغلال ذلك للمصلحة الشخصية والبكاء وذرف دموع التماسيح على هذه التسمية او تلك وفضح نوايا هؤلاء القلة القليلة أولا ,وتؤمن بان اللغة السريانية وتاريخ وتراث شعبنا هي أسس قوية لتجسيد وإظهار معالم وسمات امتنا وتهدف لحماية الموروث الحضاري واللغوي وتجسيده وتطويره ونبذ الهجرة  وإزالة مسبباتها الجذرية وتعتبرها نزيفا قاتلا وماحيا لوجودنا ومخططا مبرمجا من قبل أعداء قضيتنا  وتوحيد كل الجهود وصبها بقوة نحو المطالبة باستحداث محافظة في سهل نينوى تظم أبناء شعبنا  الكلداني السرياني الآشوري والموزائيك القومي والديني المتواجد هناك وتمتين روح الأخوة التعايش المشترك و لتنمية وتطوير المنطقة وانتشالها من مستنقع حالة التردي المعيشي والبطالة المتفشية وجعلها واحة التعايش والتآخي المشترك لأن هذا السهل يعتبر عراقا مصغرا من حيث التكوين القومي والديني وهذه الخطوة مكفولة ومضمونه دستوريا , والحكم الذاتي في إقليم كردستان العراق يضمن ويكفل حقوق شعبنا السياسية والإدارية والثقافية ,والعيش بحرية وكرامة وعدم التدخل في شؤونه الداخلية ومصادرة إرادته وفرض الهيمنة عليه . وختاما وبالمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثون لتأسيس حركتنا الديمقراطية الآشورية (زوعا ) تحية لرفاقها وأصدقائها ومؤازريها ومسانديها والمجد كل المجد لشهدائها الأبرار ولشعبنا العز والتقدم. 
 

563
من موروثنا الشعبي
شيتا دكاري
                       
بدران امرايا


شيتا دكاري كلمتان سريانيتان شيتا بمعنى الطلي ويقال بالعامية  لبخ  وكاري بمعنى السطح أي  طلي السطوح الترابية في القرى بالطين سنويا ،ففي الحياة القروية هناك أعمال مهمة كان لابد القيام بها لتدبير المنزل أو البيوت الطينية  وتحصينها من كل الجوانب قبل مجيء فصل الشتاء ، و التقاعس فيها كانت العواقب وخيمة ، فالبيوت الطينية كانت تفرض على ساكنيها ترميمها سنويا وتصليح أية نواقص ومن جملة تلك الأعمال ( شيتا دكاري )اطلاء السطح الذي كان يتآكل نتيجة الأمطار وتقل نسبةاو سمك التراب عليه فكان لابد من تعويض ما استنزف من التراب مع الأمطار وإلا كانت سقوف البيوت تترشح بالمياه والمسماة بالسريانية ( دلوبي )اكره واقرف شيء خلال الشتاء وخاصة صوتها المزعج عندما كانت تتساقط من السقف وهناك مثل كلدوآشوري بهذا الصدد ( شواوا  ددلوبي ولا شواوا دفلان ) أي جار ذلك السقف المنقط بالماء المزعج ولا جار فلان شخص ، والشخص المتقاعس الذي كان يقبل بالدلوبي في بيته فهو مهان وسيقبل بكل الاهانات الموجه له، وايظا صدحت حنجرة مغنيتنا القومية المتالقة لندا جورج باغنيتها الشجية  ( ايتيلن كوبي كوبي دلالي وقم مطرا وقم دلوبي )أي جئنا بسطاء بسطاء وتحت المطر والدلوبي ، وعودة لصلب موضوعنا فشهر ايلول كانت الوقت المناسب وخاصة فيه تقل حدة الحر فكان القرويين يستغلون أيامه فيقصدون مناطق خاصة بالتراب الابيض المسماة ( خبرتا – كندي  ) وكانت هذه المناطق تمتاز بوجود تراب ابيض لزج وقوي كان الناس يقصدونه لغرض اطلاء جدران بيوتهم من الداخل والخارج وبناء التنانير والمواقد وغيرها من الاشياء ، فكان الرجال يحفرون ويهشمون الكتل الكبيرة إلى تراب ناعم ، ثم يحملون التراب في أناء منسوج من الخيوط يسمى بالسريانية ( خركا ) كان له كفتان ليتوازى على ظهر الدواب وكان على الأغلب يحمل أربعة تنكات ذات وزن ( 16 ) كغم اثنين في كل كفة ، ويأتون بها إلى البيت فيقلبون الخركا برفع إحدى كفتيه على الأرض وهكذا يوفرون التراب الكافي لأشغالهم ، والخطوة الأولى كانت تبدأ بخبط التراب بالتبن الخشن لتتماسك حبات الطين ومن ثم رشه بالماء مساءا وتركه هناك ، وفي الصباح كان يجعل وسط كومة التراب حفرة كبيرة وتملأ بالماء ومن بعدها تخبط الطينة جيدا وتترك هناك ليوم آخر حتى يتخمر الطين ولا تبقى فيه أية حفنة من التراب الجاف وكانت عملية الخبط  بواسطة الأرجل الحفاة من النساء والرجال وأحيانا الأطفال كذلك مع ترطيبه بالماء، وبعد أن يصبح الطين جاهزا كانت نساء المحلة تقصد ذلك البيت وزنودهن مكشوفة تمهيدا للعمل الجماعي  وكل واحدة تحمل قطعة من الحجر الأملس ( دلكتة او شوندوختا ) فيرش السطح بالماء ليكون رطبا ليتماسك مع الطين  بعدها يشرع الرجال بنقل الطين إلى حوافي السطح  المسماة بالسريانية ( سوناتا) ومهمة النساء كانت تسطيح الطين على السطح بمستوى وسمك واحد وبالرجوع إلى الوراء شيئا فشيئا حتى يكتمل السطح كله بالمرة ، وبعد استراحة شرب الشاي  فكان الطين يتقشف بعض الشيء فكانت كل واحدة منهن تملأ طاسه من الماء وتحمل الدلاكة وتدلك الطين مع رشه بالماء بين حين وآخر بحيث يستوي سطحه ويكون أملسا ، وعند الانتهاء من العمل كانت النساء تنزل. ويرفع السلم المودي للسطح ليكون مأمنا من خدشات الأطفال ويجف الطين ويتصلب وهذه العملية المضنية  كانت سنوية الممارسة ، ولكن بتكاتف وتعاون الكل كانت تمر مرور الكرام دون الشعور  بأي تعب أو ملل فضلا عما كان يتخللها من الغناء والحكايات الطريفة لكن حاليا انحسرت البيوت الطينية وأخذت معها هذه المهمة الشاقة  بفضل تطور مناحي الحياة  بأوجهها الهندسية والعمرانية وان وجدت بعض البيوت الطينية من ذاك القبيل في القرى النائية فإنها تغطى بالنايلون خلال فصل الأمطار  ...

Badran_omraia@yahoo.com   

564
في ملبورن حركتنا تحتفل بذكرى التأسيس

بتاريخ 21 نيسان 2012 وبمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثون لتأسيس حركتنا الديمقراطية الآشورية ( زوعا) أحيا قاطع ملبورن لحركتنا و في قاعة حمو رابي حفلا حضره رفاق ( زوعا )  ,ومؤازريه وعدد من مؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الآشوري منها مكتب ملبورن للمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري , مؤسسة الأدباء والكتاب والفنانين الآشوريين , مجلس أشوريي فيكتوريا , نادي بيث نهرين الثقافي , والمركز الثقافي الآشوري .
وفي البداية وقف الحضور دقيقة صمت إجلالا وإكراما لشهداء حركتنا وشعبنا وشهداء الحرية .ثم رحب الرفيق بدران امرايا بالحضور تلتها كلمة حركتنا  ألقاها الرفيق سركون قندو مسؤول القاطع وكالة تطرق فيها إلى مسيرة حركتنا منذ التأسيس والتضحيات الجسام التي قدمتها على مذبح حرية شعبنا ووطننا والمنجزات التي حققتها لشعبنا عبر مسيرتها النضالية المشرفة  لاكثر من ثلاثة عقود . ومن ثم ألتم شمل ممثلي مؤسسات شعبنا مع رفاق حركتنا حول قالب (الكاتو) لقطعه بصورة جماعية وسط  الأغاني القومية الحماسية و الشجية التي غنيت بمسيرة زوعا الأبية  والأهازيج والهلاهيل والفرحة تغمرهم من الأعماق .وأبدع الأخ عدنان (دي جي) مشكورا في تقديم الأغاني . ثم صدحت حنجرة الموهوبة اوليفيا نبيل بوصلات غنائية عذبة , وكذلك قدم الأخ منير كينا عدد من الأغاني الممتعة .
و في الختام الشكر كل الشكر لكل من ساهم في إحياء هذا الحفل الممتع وفي ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعا ألا وهي ميلاد حركتنا المناضلة ونخص بالذكر:
الأخ ولسن قندو عن مجلس آشوري فيكتوريا – لقاعة حمو رابي  العادة للمجلس.
الأخ عدنان (دي جي) .
الاخ ايفان ياقو مصور فيديو.
الاخ جيفون موشي مصور فوتو.
الاخ يوئيل ( أبو جوني) لتقديم المأكولات والمشروبات .

عاشت حركتنا الديمقراطية الآشورية (زوعا)
المجد كل المجد لشهدائنا الأبرار.




الحركة الديمقراطية الآشورية
قاطع ملبورن 21 نيسانو 2012م
6762 ا






565
من موروثنا الشعبي

خوشيبا داوشعني

                                                                                                                               بدران امرايا
 
خوشيبا داوشعني معناها بالسريانية احد الشعانين وهو عبارة عن طقس احتفالي ديني يمتاز به أبناء
 شعبنا الكلدوآشوري السرياني المسيحي في إحياء طقوسه بأمانة وإخلاص رغم ما مر به من الظروف القاسية وحتى يومنا هذا، وهو ذكرى دخول السيد المسيح عليه السلام إلى مدينة أورشليم ( ارض السلام ) قبل أسبوع من إطلالة احد القيامة المجيدة ( عيد القيامة ) ، ففي صبيحة هذا الأحد المميز كان المؤمنين يقصدون الكنائس والأديرة  لسماع قداس طقس هذا اليوم ويتناولون القربان المقدس خلاله ولدى الانتهاء منه وفي باحة الكنيسة كانت تقطع و تحضر مجموعة من أغصان شجرة الزيتون الرامزة للسلام والحياة بخضرتها الدائمة منذ أيام النبي نوح عليه السلام أثناء الطوفان الكبير وكيف حملت الحمامة له غصنا من الزيتون كدلالة على وجود اليابسة أو بر الأمان وهم في فلكهم يجوبون عباب مياه الطوفان الهائجة حسب ما ورد في العهد القديم ، أو الاستعانة بأوراق شجرة الخيلاف من خلافا أي البقاء والكثرة وهي بالسريانية  وهي شجرة تنبت من تلقاء نفسها بمحاذاة الشواطئ إن لم يتواجد الزيتون ، والناس كانوا يجعلون من أوراقها تصاميم لصلبان على الصدور أوالرؤوس أو جدائل شعر البنات أو الخواتم  وأفواه ( الكوذا ) وهو بالسريانية آنية مصنوعة من جلد الماعز أو الخروف بعد خضوعها لمراحل عملية  الدباغة  لتحويل اللبن إلى الدهن الحيواني الحر ( كرعا )  ونصبها في البساتين والحقول لتبركتها لتحل بركة هذا اليوم المقدس عليها ، وفي المناطق السهلية لشعبنا حيث يحيون الناس هذا اليوم وهم وراء القسس و جوقة الشمامسة  يطوفون أزقة القرى ويعطرونها بالبخور الفواحة ( البسما ) ناشدين بصوت عالي ترانيم وأناشيد دينية بأصوات شجية وهم حاملين أغصان الزيتون والشموع المتقدة والصلبان . ومن الجدير ذكره إن المولودون من الذكور في هذا اليوم يسمون باسم اوشعنا  ويلفظ شانا  ويصغر بـ اوشو وخلال يوم الشعانين  أو السعانين لدى ابناء شعبنا في المناطق السهلية طقس جميل وهو يقوم الناس بزيارة كل شخص اسمه اوشعنا وتبركت  بهذا اليوم أو ربما تقديم هدية له باعتبار عيد ميلاده. وهكذا لمولدي يوم عيد الصعود  يسمون بـاسم ( سولاقا ) , ولمولدي يوم الأحد خوشابا للذكور وخوشيبو للإناث, ولمولدي يوم عيد الصليب يسمون  صليبوا- صليو, ولمولدي فترة الصيام يسمون صومو وغيرها من المناسبات الكثيرة وما أحلى هذه الأسماء المعبرة و الغنية بالمعاني والمدلولات الدينية والقومية معا . وعلى أبناء امتنا الكلدو آشوريين السريان الغيارى أن ينتبهوا إلى مسالة الأسماء المهمة للغاية وتسمية فلذات أكبادهم وكل شيء عائد لهم من الجماد والحيوان بأسمائنا القومية ذات المعاني المعروفة لان الاسم يعتبر عنوانا للشخص أو صاحب المصلحة  وهوية انتمائه القومي من الاسم يعرف خلفية أو كنية الشخص أو صاحب الشيء القومية. وخاصة أسماء الاكليروس رجال ديننا الأحبة فيا حبذا لو كانت أسمائهم من موروثنا القومي وخاصة عند الرسامة الكهنوتية المقدسة (سيم ايذا) لان وبالبساطة أسماء  كنائسنا أسماء ذات مدلول حضاري تاريخي قومي (الكنيسة الكلدانية – كنيسة المشرق الآشورية- الكنيسة السريانية بشقيها ) بينما أسماء رجال ديننا عجيبة وغريبة على العكس مما كانت عليه  قبل نصف قرن تقريبا . وهنا سأسرد موقفا عند وزاج شقيقاي كانت بطاقة الدعوة التي اخترت تصميمها ذات مدلول ديني وقومي وباللغتين العربية والسريانية  عند ذهاب العريسان مع الخطيبتان لدى القس لسماع محاضرات عن أهمية الاقتران أو الزواج  المسيحي وما إلى ذلك وعندما رأى القس بطاقة الدعوة جن جنونه وفقد توازنه العقلاني وقال بالحرف الواحد أنا لن أبارك زوجكما أبدا فاذهبوا إلى آشور بنيبال ( نكاية بمدلولها القومي ) ليعقد قيرانكما هو !!! فيالا سخرية الزمان من هذا الموقف المبكي والمضحك  فبدلا من أن يحث الناس على التمسك بالمسائل الدينية والقومية معا  نراه يقف بالضد منها وحجر عثرة في طريقها . وهذه الخطوة تسهم في تعزيز والحفاظ  على وجودنا القومي  .  وما احلي هذه الطقوس التي تعتبر لمسة جمال مليئة بمشاعر الدفيء الروحي في سفر فلكلورنا القومي والديني الثر. وفي الختام  أقول اكيتو 6762 مبارك.  وقملي مارن -   شوخا لشمي وبركاتا ليمي – وذكرى ميلاد زوعا الثالثة والثلاثون مباركة على شعبنا الكلدو آشوري السرياني حيثما تواجدوا  . بارخ مار . تودي ساكي  ...

Badran_omraia@yahoo.com

566
احتفال شعبنا باعياد اكيتو6762 في ملبورن




بتاريخ 31 اذار 2012  أحيت مجموعة من تنظيمات ومؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في ملبورن احتفالا  بمناسبة قدوم واطلالة اعياد اكيتو الخير والبركة الاول من نيسان راس السنة البابلية الاشورية 6762 هذا العيد والارث القومي المجيد الذي  يمتد الى عمق التاريخ في الحضارة النهرينية من السومرية الاكدية البابلية الاشورية, فكانت مراسيم هذا العيد الديني وطقوسه تمتد لاثني عشر يوما متتالية ومتنوعة الفعاليات , وأحياءا لهذا العيد القومي الاغر واستذكارا له اجتمعت وناقشت وحضرت مؤسسات وتنظيمات شعبنا الواردة اسماءها ادناه شكل  كيفية الاحتفال بهذا العيد القومي فاقيم الاحتفال بمسيرة قومية زاهية الالوان يتقدمها موكب عشتار آلهة الحب والجمال والخصوبة وهي مرتدية ملابسها الملكية البهية تعكس ألوان نيسان الربيع والزهو ووراءها ابناء شعبنا  يرتدون ويحملون الأعلام القومية النجمة الرباعية واشعاعها الثلاثي الممتد نحو الجهات الاربعة  للعالم , وشعار الحركة الديمقراطية الاشورية (زوعا) النسر واللون البنفسجي رمز الحكمة والوقار والعلم الاسترالي ويرقصون على انغام وايقاعات الاغاني القومية الشجية و الحماسية وتقدمت المسيرة نحو مكان الاحتفال متنزه حمو رابي وبخطوات راقصة على ايقاعات الموسيقى والأغاني الرخيمة , وبعد الوصول المسيرة مكانها المحدد ارتجلت عشتار من مركبتها نحو حبيبها الراعي دموزي الذي كان ينتظرها بفارغ الصبر ثم انطلقا معا نحو منصة الاحتفالات الكبرى, فهناك افتتحت قريحة الراعي دموزي الشعرية  لينشد حبيبته عشتار ابيات شعرية غرامية وكذلك بادلته الحبيبة عشتار ابيات مماثلة في الحب والغرام . ثم يعلنان معا بدا احتفالات اكيتو  لهذا العام 6762 بابلية اشورية 2012 ميلادية فكانت هذه المراسيم خارجا في الهواء الطلق في المتنزه المذكور, ثم انتقلت مراسيم الاحتفال الى قاعة المتنزه الداخلية  , ففي البداية رحباعريفا الحفل  السيد يوسف يعقوب بالانكليزية والسيدة فالنتين اغاجاني بالسريانية بالحضور الكرام من مسوولي الدولة وممثلي ولاية فيكتوريا في برلمان الولاية والبرلمان  الاسترالي  ومنهم ( ماريا فاماكينو - كلفن تومسون  - جيني ميكاكوس – خليل ادي – جين كاريت )  ورجال الدين الأفاضل ( الخوري افرام اسكندر والخوري نسطورس هرمز والقس انطوان ارميا و القس كوركيس توما رعاة كنائسنا الإجلاء في ملبورن)  ثم عزف النشيدان الوطني الاسترالي  والقومي لشعبنا الكلداني الاشوري السرياني  وعلى إيقاعهما وقف الحضور دقيقة صمت إجلالا وإكراما لشهداء شعبنا وشهداء الحرية في كل مكان , ثم قدمت نخبة من شبيبة شعبنا  لوحة لرقصة فلكلورية جميلة قادها الحبيبان دموزي وعشتار وبزيهما الأصيل .فكانت اللوحة جميلة ومعبرة جدا أعجبت الحضور لأدائها الفني الراقص. ثم ألقى عدد من الضيوف المسؤولين ونواب الولاية والدولة كلمات معبرة عن معاني ومدلولات هذا العيد القومي وهنئوا أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بالعام الجديد 6762 . وبعد الانتهاء من الكلمات خرج الحضور إلى حديقة المتنزه ليستمتعوا بمشاهدة الدبكات الفلكلوري الجميلة  والأغاني القومية الحماسية والشجية ,والأعلام القومية وراية (زوعا )البنفسجية  ترفرف في عنان السماء وأداء فعاليات والعاب  متنوعة وشيقة , ثم ألقى السيد سركون قندو مسوول قاطع ملبورن لحركتنا الديمقراطية الأشورية (زوعا)وكالة كلمة قيمة جاء في مستهلها  تهنئة شعبنا الكلداني الاشوري السرياني بهذا العيد القومي الأغر اكيتو 6762وأكد على الحفاظ على هذا الموروث الحضاري النهريني العتيد الذي يعتبر هوية شعبنا وعنوانا لوحدته القومية والوطنية , وقال إننا شعب واحد وقومية واحدة لا تفرقنا محاولات البائسين هنا وهناك مهما حاولوا وزادوا من وتيرة محاولاتهم  الخاسرة لان شعبنا قالها عدة مرات وفي محطات متنوعة وسيقولها لاحقا وله الحق في كلمة الفصل , وهنأ بعيد قيامة مخلصنا السيد المسيح له كل المجد,  وتهنئة رفاق (زوعا ) قيادة وقواعد  ومؤازري بالذكرى الميمونة  الثالثة والثلاثين لميلاد حركتنا الديمقراطية الآشورية وتطرق إلى منجزات (زوعا) القومية  والوطنية خلال نضاله المشرف لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن لاجل استحصال حقوقنا القومية والوطنية  المشروعة وان صفوف الحركة تعتبر بوتقة لوحدة شعبنا بكل مسمياته  التاريخية ونعتز بكل تلك التسميات من الكلدانية السريانية الاشورية والتي تعتبر مصدر غنى لشعبنا وليس مصدر لتفرقته ولا نسمح باستغلالها لغاية التفرقة  والتشرذم .وتطرق إلى عملية التعليم السرياني هذه الخطوة العملاقة التي أثبتت نجاحها وقطفنا ثمارها اليانعة والتي جاءت الى الوجود بدعم وإسناد لا محدودين من قبل حركتنا الديمقراطية الآشورية. وتمنى أن يحل الأمنوالأمان في وطننا الأم العراق وعرج في كلمته  إلى الاستنكار بالأعمال الإرهابية التخريبية التي طالت مصالح  شعبنا والإخوة اليزيديين في منطقة بهد ينان ودعا الى معاقبة الجناة والمقصرين والمتواطئين من الجهات الأمنية وتقديمهم للعدالة وتعويض المتضررين ماديا ومعنويا من جراء ذلك والعمل على ترسيخ روح الإخوة والعيش المشترك بسلام ووئام في الإقليم والعراق الفدرالي  . وان تستقر الاوضاع في سوريا وتستعيد عافيتها ليبقى شعبنا آمنا هناك مع أشقائه من أبناء الوطن. وثمن خطوة التقارب التي بادرتها حركتنا في ملبورن تجاه منظمات ومؤسسات شعبنا والاستجابة والتقارب التي أبدته تلك المنظمات والمؤسسات  مشكورة لإحياءوإقامة هذا الحفل البهيج و بجهود الكل, وأكد على ترسيخ هذه المبادرة مستقبلا لتشمل بقية المؤسسات لنعكس وجه امتنا الوحدوي المشرق , وفي الختام  ودعا إلى التقارب والوحدة بين كنائس شعبنا الواحد لديمومة وجودنا وعطائنا الحضاري ولتعزيز دعمنا وإسنادنا المادي والمعنوي لصمود شعبنا في ارض الوطن العراقوتحقيق حقوقنا القومية المشروعة في ارض الوطن العراق.ومن الجدير ذكره إن احتفال اكيتو في ملبورن أقيم من قبل
- الحركة الديمقراطية الآشورية
– المجلس الآشوري في فيكتوريا
– المركز الثقافي الآشوري الاسترالي
– مؤسسة الأدب والفنون الآشورية
– نادي بيث نهرين الثقافي
– جمعية آشوريي فيكتوريا
.وفي الختام كل اكتيو شعبنا ووطننا بألف خير ..
الحركة الديمقراطية الآشورية
قاطع ملبورن
اللجة الإعلامية
1 نيسان 6762 آ 2012م

        


 




568
من  موروثنا الشعبي
(قوطما بقاصورياثا )

                                                                                                                             *  بدران امرايا

منذ دخول شعبنا الكلدوآشوري المسيحية كان له طقوسه الخاصة بها في كل مناسبة ،منها ما كان يمارسه قبل الميلاد من موروثه القومي الزاخر المستمد من سفر تاريخ هذه الامة المجيد خلال مسيرتها لسبعة الآف عام ،ومع اعتناقهم لهذه الديانة السمحاء ظلوا مخلصين لها وحملوا كرازة بشارتها الى اصقاع العالم تاركين كل شيء وراءهم من جاه ومال الدنيا ومغريات الحياة وكرسوا نفسهم لهذه الرسالة السارة ,ويعتبر اول شعب ذو كيان سياسي آمن بها في مملكة اورهاي ( اورفا الحالية ) وفي زمن ملكها ابجر الخامس اوكاما وحافظ هذا الشعب على كل طقوس ومراسيم هذه الديانة ومارسها بكل اخلاص وتفاني ولم يحد عنها قيد انملة بحيث غدت هذه الطقوس من خلال ممارسته لها جزءا لا يتجزأ من ثقافته القومية ، وخلال الصوم الخمسيني قبل عيد القيامة وخاصة ايام الاحاد كانت له مراسيم شيقة ظل يداوم على ممارستها , وفي ايام الاحاد كانوا يمارسون طقس ( قوطما  بقصورياثا ) فكان الاحد الاول للصوم الكبير يكنى بهذا الاسم و بمعنى (الرماد بالجدريات او  الجدريات المرمدة ) أي كان الرماد يتراكم على الجدريات في هذا اليوم  وفيه كانت البنات الغير المتزوجات ( الآنسات ) تقومن في الصباح بجلب احدى الملاعق الخشبية الكبيرة ( باخوشتا ) والباسها والملابس وتزينها وجعلها تبدو كالعروسة ، بعدها تقوم هذه الجوقة من البنات بالتنقل بين ازقة القرية من بيت لبيت وكان اصحاب البيوت يقدمون لهن ما امكن من الحبوب ( الرز – البرغل – الحمص – الجرش- الماش – الجوز ) اي كل ما من شانه يدخل في تكوين الطبخة وبعد ان تنتهي بيوت القرية ويصبح في حوزتهن مجموعة كبيرة من هذه المواد كانتا تذهبن الى احدى البيادر القريبة وتحضر المراجل الكبيرة والاخشاب وتعدن العدة لطبخ اكلات متنوعة مما جمع لدهن  وبعد ان تستوي الاكلات كانوا يعدن سفرة كبيرة وطويلة ويفرشن الارض بهذه الاكلات اللذيذة  وفي نفس الوقت تقومن جماعة منهن بدعوة اهالي القرية الى تلك السفرة العامرة والمتنوعة وبعد رسم علامات الصيب على وجوههم كانوا يشرعون بالاكل والشرب ومن ثم يعقدون سلسلة كبيرة وطويلة من الدبكات الفلكلورية والغناء والطرب حتى حلول المساء ، تمهيدا لدخولهم للصوم الخمسيني وخلاله لا يجوز الزواج والطلاق والتزين بالزينة المبهرجة وكل مظاهر الفرح والتباهي ، بل كانت هذه الفترة مخصصة للصلاة والتعبد والتعفف والتزهد والوعظ والبر والتقوى والخير وغيرها من القيم السامية والنبيلة لهذه الديانة، ومما يؤسف له ان هذه المظاهر والممارسات قبعت الى ركن النسيان بعد تقدمت الحياة وتطورت مناحيها المختلفة..  .. 

Badran_omraia@yahoo.com

569
اكيتو يتألق باحتضان ميلاد زوعا
   
                                                                                                                                  بدران امرايا
 للأول من نيسان معاني ومدلولات حضارية عميقة وعظيمة فهو يمتد إلى 6762 عام وهذا الرقم او التاريخ  يستخلص  بإضافة 4750 عام ق.م السنة التي انتهى فيها الطوفان الكبير بموجب لوح طيني مكتوب بالخط المسماري إلى السنة الميلادية  2012عام ،ويرتبط هذا الطقس الاحتفالي بالقيم المثيولوجية الروحية والجمالية وتقاسيم الزمن عند الإنسان الرافد يني العراقي الذي يعود إليه الفضل في مراقبة الفلك حركة الكواكب والنجوم وعلى ضوءها وضع تقاسيم السنة 365 يوم للفصول الأربعة  ولـ 12 شهر وسماها ( نيسانو- ايارو – سيمانو – دوزو – آبو – اولولو – تشريتو – ارخمسنا – كسليمو – طيبيتو – شباطو – ادارو ) واليوم لـ 24 ساعة  والنظام الستيني الساعة لـ 60 دقيقة  والدقيقة لـ 60 ثانية وتوصلوا إلى تطبيق النظريات الرياضية وابتكار الساعات المائية والشمسية  وغيرها من التفاصيل ،وأطلقوا على هذه الظواهر الطبيعية أسماء عديدة حيوانية وآدمية و خرافية وإلهية  مثل( آنو – انليل – ايا – ادد – ننليل –انكي –ابسو – سين – اوتو – ننكال ..الخ ) من خلال مراقبتهم للكواكب بمراكز رئيسية خاصة للرصد في اربيل والوركاء وسبار،وبواسطة عدسات من حجر الكرستال كما بين علماء الآثار ،وهذا الطقس يمثل أو يرمز لانتصار قوى الخير على الشر( تيامات ) وتجدد الحياة وانبعاثها وخلودها روحيا فبنزول انانا – عشتار آلهة الحب والجمال والخصب رمز الأنوثة والتي تتجسد بالنجمة الثمانية ( كوكب الزهرة ) المع الكواكب إلى العالم الشر السفلي ( شيؤول ) حيث يكمن حبيبها الراعي ( تموز –دموزي ) وهو بين مخالب نركال اله ذلك العالم السفلي المظلم ، وإنقاذه من براثن ذلك العالم التحتاني ، والذي بقى فيه طيلة فصلي الخريف والشتاء  فصلي الفقر والقحط والسبات ، واتحادهما والتزاوج فيما بينهما لبعث بذور الحياة وتجددها وثمرة تزاوجهما المقدس هو حلول نيسان أي ( نيشن ) بالسريانية ( الرمز- الاشارة )على سطح الأرض المتمثل بتلاقح  وتزاوج عناصر الطبيعة من بذور النباتات وتكوين براعم جديدة واكساء الأرض بحلة طبيعية خضراء زاهية براقة محثة الأحياء الأخرى على التزاوج و التكاثر وتكوين أحياء جديدة تلاؤم حلة الطبيعة الجديدة أيضا ،فبحلول الأول من نيسان من كل عام ، كان أبناء الرافدين بناة الحضارة الإنسانية ، يحيون طقوس إنسانية روحية احتفاءا و تمجيدا بمكانة هذه المناسبة المباركة، ففي نهاية شهر آذار ( آذارو ) وإطلالة نيسان ( نيشانو ) كانت الإمبراطورية البابلية- الآشورية تستنفر قوتها لاستقبال مراسيم هذا الطقس النهريني الخالد الذي يتغير فيه التوقيت الشتوي للصيفي، فقد كانت كل مؤسسات الإمبراطورية الدينية والسياسية والأجهزة الأمنية  تتأهب لذلك و بهمة رجل واحد ، فكانت تتواصل الوفود القادمة من أصقاع الدولة ومدنها ( اربيل  اربا ايلو – اكد – نمرود كالح – اوهاي – زالين قامشلي – سومر – اورميا – شروباك – نبور – ادب – دور شروكين خرسباد  – نصيبين-  اريدو –كيش – نوهدرا دهوك – ميشان – اربخا كركوك – ميافارقين دياربكر- مردي مردين – الوركاء – اور – لارسا – الحضر – نفر- ايسن – اشنونا – اروك- وغيرها ) الى حيث معبدي آشور ( شورايا ) البداية التي ليست لها نهاية ، ومردوخ صاحب الذبائح في بابل حاملين معهم تماثيل معابد مدنهم الفرعية إلى حيث المعبدين الرئيسين ( آشور ومردوخ ) وإحياء طقوس دينية معقدة و تعبيرية تمتد لاثني عشر يوما متتالية  دون انقطاع ولكل يوم طقسه الخاص ، وكانت الحشود الجماهيرية من الإمبراطور أو الملك وحاشيته والحكام والوزراء والأمراء الكاهن الأعظم والكهنة بجميع رتبهم وقادة الجيش والقوى الأمنية وكافة والعلماء والمؤرخين والقضاة وممثلي كل المؤسسات وملوك ومماليك دول مجاورة يدعون للمشاركة ، فكانت هذه الحشود تتراصف بشكل مسيرة كبيرة وطويلة يتقدمهم جوقات الأطفال حاملين أزهار نيسانية  تليهم صنوف الجيش المختلفة المشاة والخيالة ومن ثم عربات تجرها الخيول ومزينة بأبهى صورها يمتطي الإمبراطور أو الملك إحداها وهو يلبس بزة زاهية تعكس براقة نيسان  يتوسط رجال أشداء ومقاتلين أفذاذ وحشود عارمة من عامة الناس حاملين سعف النخيل وأغصان الأشجار الخضراء وعلى أنغام ارتال الفرق الموسيقية ودقات الطبول تعانق عنان السماء وزغاريد الأطفال والنساء من على شرفات البيوت والقصور المطلة على شارع الموكب مارين ببوابة عشتار ببابل  ممطرين المارة بالأزهار وحبات الحبوب الارز – الحنطة – الشعير .. الخ رمزا لبيادر الخير والبركة إلى ساحة الاحتفال الكبرى ( معبد ايساكيلا ) ، منطلقين من معبد  (اكيتو ) البيت المقدس او الذبائح والى حيث هيكل الآلة  مردوخ الذي تفوح منه عبير البخور الفواحة وعلى ايقاعات انغام وتراتيل الكهنة مهيئين الجو للصلاة ،وكانت طقوس الأيام ألاثني عشر تتم بهذا الشكل ؛ مسيرة الاستعراض المنوه عناها * اليوم الأول كان يمر في الصلاة والعبادة والخشوع وتلاوة التراتيل بأصوات عالية ، * وفي الصباح الباكر لليوم الثاني وقبل شروق الشمس كان الكهنة يقصدون نهر الفرات للتغسل والتطهر وارتداء الملابس البيضاء تمهيدا  لدخول هيكل مردوخ للصلاة  فيه وإقامة الصلوات لمردوخ بمشاركة واسعة للناس وفي جو من السعادة الغامرة ، *وفي اليومين الثالث والرابع كانت الصلاة تبدأ قبل بزوغ  أشعة الشمس وخلالها كان الملك يقصد هيكل برسيبا لجلب تمثال نابو نجل مردوخ حامي الألواح  * واليوم الرابع كان الكاهن العظيم يعيد قراءة قصة الخليقة البابلية ( اينوما ايليش ) وانتخاب كهنة لمعابد  ايساكيلا و برسيبا  وبابل * واليوم الخامس كانت الصلاة في معبد ايساكيلا من الصباح وحتى المساء وتقديم الذبائح وكان الملك يشارك الصلوات مع كبير الكهنة والأخير كان يغطس يد الملك في دم الذبيحة ويضعها أمام تمثال مردوخ وبهذا كان الملك يتنازل عن صولجان والتاج وشارات الملك ويضعها أمام الآلة مردوخ ويصبح كعامة الناس وهو يتبارك أمام مردوخ  يصلي ويدعو المغفرة لخطاياه ،وكان كبير الكهنة يصفع أو يلطم الملك على خده وان أدمعت عيناه فكانت دلالة على مغفرته وقبول مردوخ لصلواته، ورش المذبح بالمياه المقدسة وتطهيره بدم الذبائح وتبخيره بالبخور الزكية وفي المساء كانت الذبيحة تلقى في نهر الفرات تكفيرا عن الذنوب للعام الذي مضى وخلال تنازل الملك عن الملوكية او الحكم كانت تعم الفوضى في الدولة لعدة ساعات ليعرف الناس قيمة الحكم والسلطة ومن ثم يستلم الملك الشارة الملكية فتعم سلطة القانون والأمن ثانية وهذا اليوم يعرف بـ (كذبة نيسان ) والذي أصبح ظاهرة عالمية يجوز فيها الكذب وانتقلت الظاهرة إلى اليوم الأول من نيسان * اليوم السادس كانت تصل و تستقبل تماثيل الآلهة من مدن الدولة وتوضع تحت حماية ورعاية مردوخ ،  *واليوم السابع كان مردوخ يتوارى عن أنظار الكهنة وعامة الناس * وفي اليوم الثامن كان مردوخ يظهر في معبد ايساكيلا وتتحد الآلهة فيه لتتوفر الخصوبة * أما بخصوص اليوم التاسع فليس هناك أية معلومات عن طقسه الاحتفالي لتهشم اللوح الأثري لذلك اليوم مع كل الأسف *أما العاشر كان يقام حفل كبير في معبد اكيتو وكان معبد آشور يزين بالأعشاب الخضراء للدلالة على الفلاحة وكثرة الزراعة ومردوخ كان ينقل من ايساكيلا  الى مجلس الآلهة ، * وفي اليوم الحادي عشر( يوم الفرحة ) كان مردوخ يصارع الأرواح الشريرة ومعلنا الانتصار عليها وعلى تيامات ، * وفي اليوم الثاني عشر يوم مسك الختام كان نابو يرسل من معبد ايساكيلا الى برسيبا وترد جميع الآلهة إلى أماكنها الأصلية ،  وغيرها من الطقوس الكثيرة التفصيلية والتي لا يسع المجال لذكرها ، وظلت هذه الطقوس تمارس طيلة الحكم النهريني السومري – الاكدي – البالبلي – الآشوري دون الحياد عنها قيد لنملة ، وبعد سقوط الكيان السياسي النهريني بسقوط نينوى 612 ق م والبابلي 539 ق م  انحسرت ظواهر الاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية العظيمة بسبب تعاقب اجناس غريبة على حكم بين النهرين وأدى ذلك إلى تشويه و طمس الكثير من المعالم الحضارية النهرينية الجميلة  ،لكن مع الأسف الشديد أهملت هذه المناسبة وغيرها من قبل عامة الشعب العراقي وكأنها تراث غريب جاء من وراء الحدود ، ما عدا أبناء شعبنا الكلدآشوري السرياني الذي حافظ عليها بطرقه الخاصة ومارس طقوسها بطرق بسيطة خلسة من عواقب قبضة السلطات الحاكمة ،وربما لا ترتقي  إلى عظمة وقدسية هذا الإرث الحضاري الإنساني الثر، فبحلول الأول من نيسان كان أبناء هذا الشعب يضعون حزمة من أعشاب او أزهار او سنابل الحنطة مجدولة من العام الفائت وتسمى بـالسريانية ( دقنا دنيسن) اي لحية نيسان، على شرفة الباب او مدخل البيت ، ولم يتسنى لهم إحياء تفاصيل هذه المناسبة الوطنية العراقية الحضارية خوفا من براثن السلطات الحاكمة بحجة تأجيج المشاعر القومية عند أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني وكأن المناسبة هي حكرا خاصا بهم وكذلك التسمية بمسميات حضارية عراقية  آشور – سنحاريب –نارمسين - سركون – نهرين – كلدو -...الخ  وانفرد شعبنا بهذه التسميات العراقية الأصيلة  ، وان هذه لهي نقطة فخر واعتزاز يجب أن تسجل في الذاكرة الوطنية العراقية لشعبنا ويكافأ عليها ،وفي 12 من هذا الشهر المبارك عام 1979 م  ولد من رحم معاناة التقسيم والشرذمة والاضطهاد وطمس المعالم القومية لامتنا فصيل سياسي وطني قومي سمي بالاسم الآشوري ( الحركة الديمقراطية الآشورية  ) ( زوعا ) الحضاري النهريني والذي دام حكمه زهاء ألفين عام استلهم القيم والمعاني وراية رمزه النسر الرافديني تتوسطه  قرص الشمس نجمة بابل الرباعية  من الإرث الحضاري النهريني وانتهج النهج الواقعي والحيادي في سبيله النضالي من قبل رعيل شبابي  جامعي مؤمن بالقضية القومية وعدالتها حتى النخاع ، ووسط ظروف سياسية قاهرة ، وفي 15 نيسان من عام 1982 التحق بالفصائل الوطنية العسكرية المعارضة ( النضال السلبي ) وقدم كوكبة خالدة من الشهداء الأبرار على مذبح الحرية ، مثل شعبنا في كل محطات ومنابر وفعاليات المعارضة العراقية داخلا وخارجا ، وخلال الانتفاضة المباركة عام 1991 في كردستان  حيث ساهمت الحركة  مع بقية الفصائل السياسية في تنظيف المنطقة من أزلام النظام السابق وافتتحت مقرات لها حيثما تواجد شعبنا الكلدوآشوري السرياني وحازت بأربعة مقاعد من أصل خمسة والمخصصة لشعبنا في برلمان إقليم كردستان العراق عام 1992 وكانت وراء استحصال الموافقة بالتعليم السرياني تشريعيا ودعم نجاحها ومواصلته واستحصال حقيبة وزارية  وجعل الأول من نيسان ( اكيتو ) رأس السنة البابلية الآشورية عطلة رسمية لأبناء شعبنا والاحتفال بالمناسبة لمدة اثنا عشر يوما  بمسيرات بنفسجية عظيمة في محافظة دهوك واربيل ودعوة وفود من مؤسسات المهجر والفنانين للمشاركة بها  وتقديم عروض رائعة والاحتفال بيوم السابع من آب يو م الشهيد استذكارا وتخليدا لمذابح سميل عام  1933 والاحتفاء بالأول من تشرين الثاني من كل عام بيوم الصحافة تخليدا لذكرى أول صحيفة باللغة السريانية ( زهريرا دبهرا ) عام 1849، وساهمت بفعالية في إنضاج الوعي القومي والوطني والسياسي لشعبنا وبشرت بالوحدة القومية ونبذت الطائفية ، فكانت البوتقة الوحيدة التي جمعت كل أطياف ومسميات شعبنا فيها ، وساهمت في إعادة بناء قرى شعبنا ماديا ومعنويا من خلال تأسيس اللجنة الخيرية الآشورية  والمنظمات الأخرى ، ولم تتوانى في مساعدة شعبنا في أحلك الظروف والمطالبة بحقوقهم ورفع الغبن عنهم ، وناضلت وما زالت تناضل بلا هوادة من اجل رفع التجاوزات من على قرانا في إقليم كردستان العراق ، وقدمت بهذا المنحى كوكبة من الشهداء الخالدون  نشوان سمير عام 1991 فيشخابور وزيا يوناذم وفرنسيس يويف شابو الشهيد الأول لبرلمان إقليم كردستان ، وشاركت بجهود حفظ السلام بين الفصيلين الكرديين المتقاتلين وكل المحطات السلمية لهذا الاقتتال مع التزامها بالحياد الايجابي ، وكان لها الفضل الأول في نضوج الوعي القومي والوطني والديمقراطي  وممارسة كل شريحة اجتماعية حقها وبلورة أفكارها في إطار مؤسسات ومنظمات مهنية وزجها في النضال من اجل المطالبة بحقوق جماهيرها ، وتبلور ذلك في بروز اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدو آشوري والتي قدمت الشهيدين الخالدين بيرس وسمير من اجل حماية كلتا الشريحتين وحقوقهما ، واتحاد النساء الآشوري والأندية الرياضية القومية التي سجلت حضورها اللافت في الساحة الوطنية  وممثليات شعبنا في النقابات والاتحادات المهنية المختلفة ،وفي المجال الإعلامي فقد واصلت جريدة بهرا طلتها باللغتين العربية والسريانية منذ  26 حزيران 1982 ولحد اليوم وأدبيات ودوريات أخرى للفروع والمكاتب والبث التلفزيوني والإذاعي من زاخو ودهوك واربيل والبث الفضائي ومحطات خارج الوطن ، وزارت وفود من الحركة دول المهجر وتم تنظيم فعاليات شعبنا هناك وافتتاح ممثليات للحركة هناك لربط المهجر بالوطن لتعريف  ودعم  قضيتنا العادلة حيث تمثل الحركة السفير الوحيد لايصال قضيتنا لكل المحافل والمستويات الدولية ،وفي حياتها الداخلية والتنظيمية عقدت الحركة ستة مؤتمرات ديمقراطية وثلاثة كونفرانسات كمحطات لمراجعة الذات وتقييم المسيرة ورسم سياسات تواكب التغيرات الحاصلة ، وخلال مسيرتها الممتدة لـ  33عام واجهت الحركة تحديات سياسية وعسكرية ومواقف سياسية حرجة ، إلا إنها بسياستها الراقية ونهجها السلمي وإيمانها بالتضحية من اجل حقوق شعبنا ووطننا اجتازت وما زالت تجتاز كل المراحل والمواقف دون أية مساومة على قضية شعبنا ووطننا وأهدافها السامية والمقدسة بدماء الشهداء،وخلال عملية حرية العراق شاركت حركتنا بجهد عسكري قوامه (2000 ) مقاتل لأجل حرية العراق من النظام السابق وحماية شعبنا ومصالحه أثناء الفراغ السياسي والحكومي فكانت اليد الآمنة والعين الساهرة لقرى شعبنا ومناطقه وافتتحت مقرات لها حيثما يتواجد شعبنا ، وشاركت مؤتمرات صلاح الدين 1992 ونيويوك ولندن وصلاح الدين الثاني قبل الإطاحة بالنظام السابق والناصرية ممثلة لشعبنا ومجلس الحكم المنحل والحكومة المؤقتة والمجلس الوطني وفي مجلس النواب الحالي بثلاثة نواب لتمثيل شعبنا ضمن قائمة الرافدين الخاصة بشعبنا  وبممثلين اثنين في المجلس الوطني الكردستاني ، كل ذلك رغم التحديات المستميتة التي واجهها ممثلي حركتنا والضغوطات النفسية الكثيرة التي مورست بحق شعبنا خلال الانتخابات الماضية و الأخيرة . ،واستحصلت الحركة قرار فتح قسم اللغة السريانية بكلية اللغات جامعة بغداد، وساهمت في تجسيد وبلورة فكرة جمع فصائل شعبنا السياسية المخلصة والوحدوية وتشكيل تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا لوحدة الخطاب السياسي وتعزيز وتقوية مطالبينا القومية المشروعة ,  والجدير ذكره والشيء المهم والاهم إنها التنظيم السياسي الوحيد الواحد التي تصدت  لجهات سياسية وشخصيات قصدت ومازالت لزرع بذور الشرذمة والشقاق بواوات العطف  بين مسميات شعبنا والارتزاق من خلال ذلك وواجهت وما تزال الحركة حملات شرسة من الأقلام المأجورة والانشقاقية  من ذوي زارعي الفتنة بين مسميات شعبنا ظنا منهم بان شمس الحقيقة تحجب بغربالهم المتهرئ وأقلامهم المسمومة ، وتبين وتجلى ذلك واضحا من خلال بيان بطريركية بابل الكلدان حول ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى وكيف انبرى أصحاب الأقلام المسمومة والأفكار الانقسامية  المريضة بالتأييد والتشجيع والهجوم البري والبحري والجوي ضد خيرة أبناء أمتهم والطليعة السياسية المقدامة لشعبنا (زوعا ) دون تأني ودراية ومنطق وعقلانية وتبين فيما بعد ان المسالة كانت إجراء إداري حكومي بالوثائق والمستمسكات والأدلة الدامغة وبالتالي ذهبت كتاباتهم وزوبعتهم المصطنعة إلى مزبلة التاريخ . وليس من أدنى شك فالحركة تعتبر مدرسة عالية للوطنية والقومية والإنسانية لشعبنا مؤمنة بالتعايش السلمي والتآخي بين فسيفساء الشعب العراقي  ،وما احتفاءها بأعياد نيسان إلا دليلا  دامغا وساطعا لعمق انتماءها القومي الكلدوآشوري السرياني والوطني العراقي النهريني ،لذا على السلطات العراقية مراجعة الذات و رفع الغبن عن هذه الشريحة والتي يعبق منها عبق الأصالة النهرينية  ورفع واو التقسيم بين مسمياتها في الدستور العراقي الاتحادي أسوة بدستور إقليم كردستان العراق ..  وعدم الإصغاء على  الأبواق الفارغة وذوي القرب الجوفاء هنا وهناك والذين يزبلون دموع التماسيح لهذه التسمية أو تلك ضحكا على عقول البسطاء من أهلنا الطيبين وبذر بذور الشرذمة والشقاق بين من خلقوا بقومية  وتاريخ وارض ومشاعر ومصير ودين واحد احد ويتحدون إرادة الخالق بتقسيم هذه الأمة المجيدة كل ذلك ارضاءا لشعورهم الداخلي  بالنقص وغيرتهم العمياوية القاتلة ..  وذكر المذابح التي تعرض لها  من سميل وصوريا ، وجعل الأول من نيسان عطلة رسمية عامة في  كل العراق حفاظا على هذا الإرث الحضاري للعراق العظيم والاحتفاء به بطقوس لائقة تليق بعمقه الروحي والفلسفي و الإنساني ، أسوة بيوم عاشوراء  ونوروز وغيرها وتهنئة الشعب العراقي  بهذا اليوم النيساني الأغر ومن لدن أعلى سلطات الدولة رئاسة الجمهورية والحكومة الاتحادية والبرلمان  وحكومة اقليم كردستان العراق ، وإدخال طقوسه الاحتفالية في مناهج التاريخ الدراسية لكونه موروث وطني عراقي أصيل يجمع حضارة ما بين النهرين  السومرية – الاكدية – البابلية – آلاشورية و ليس محصورا بفئة معينة  دون أخرى  ،والعمل على إطلاق التسميات التاريخية على المواليد الجدد من أبناء العراق  ككل وعلى الشوارع والأبنية والحدائق  والمؤسسات والمتنزهات ليكون الجيل الصاعد ملما بتاريخه وارثه الوطني و الحضاري العميق وإبعاده عن التخندقات المذهبية والطائفية التي لم تجلب عليه سوى القتل والتهجير وتمزيق النسيج الوطني ،واعتبار التاريخ الأساسي والصحيح  للتأسيس الكيان السياسي العراقي  يعود لـ ( 2340 ) ق.م على يد الإمبراطور العظيم سركون الاكدي  وليس23 آب 1921  م ... واختيار تصميم العلم الكلدو الآشوري السرياني النهريني  قرص الشمس والنجمة الرباعية وإشعاعات النور المنطلقة منها نحو الاتجاهات الأربعة لتكون علما جديدا للعراق ولربطه بامتداده النهريني السحيق والتي تزخر بالمعاني والقيم والمدلولات النهرينية الثرة .. وكذلك تغييرالعلم الكردي ليعكس موزائيك شعب كردستان عامة وليكون مرغوبا وقريبا من قلوب الكل ومؤججا لمشاعرهم وليس مفروضا على أنوفهم ، الاستعانة بقدر أكثر من التصاميم والرموز الحضارية العراقية على أوجه العملة الوطنية المعدنية والورقية ،والمحافظة على اللغة السريانية وآدابها العريقة والتي هي نتاج الامتداد و التواصل والتلاقح الحضاري النهريني والأخذ بتعليم  بأبجديتها السلسة  في المناهج اللغوية للمدارس العراقية ، والعمل على ضمان حقوق شعبنا الكلدوآشوري السرياني  بصورة عادلة وحقيقية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مركزيا وذلك باستحداث محافظة في سهل نينوى لجميع القوميات المتآخية هناك ولتعزيز وجود شعبنا وديمومة عطائه القومي و الوطني  والإنساني بجانب أشقائه هناك وتوفير فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية لدحض فكرة الهجرة وترك الوطن  ,وفي إقليم كردستان في اختيار ممثليه دون التدخل في شوونه الخاصة ولا بعاد شبح الموت قتلا والتهجير عنهم محل الملفات العالقة من التجاوزات على القرى  وتقديم مجرمي احداث  بهدينان  الى العدالة وتعويض المتضررين بأسرع وقت ممكن  والاعتراف من لدن السلطات الحكومية بالعجز والتقصير والاعتذار الرسمي  لشعبنا والإخوة اليزيدين عن تلك الاحداث .. واعتبارابناء شعبنا القومية الثانية في الإقليم بعد الكرد وما يحمل هذا الشيء من إنصافا لحقوقهم المهمة على الأرض تيمنا بكون الكرد القومية الثانية في العراق وما يطالبون من خلال تلك الشراكة من الحقوق والامتيازات في الحكومة العراقية الاتحادية وليس حكومة وامتيازات الحصتين  بين الحزبين الكرديين الرئيسيين والآخرون مهمشين  يفتحون أفواههم نحو السماء لاستجدا منة صغيرة منهم حتى ملّ الشعب الكردي من معادلة المحاصصة المقيتة   .. وكلنا أمل أن تصل هذه الملاحظات لمرأى ومسمع المعنيين .. وسنة بابلية آشورية جديدة 6762 مباركة على جميع العراقيين،  ... وميلاد ميمون للحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) وعقبال أن تعاد على وطننا واهلنا بالأمن والأمان والاستقرار  .....
Badran_omraia@yahoo.com



570
 
من موروثنا الشعبي
اشوط تملي
                                                                             
بدران امرايا

كان لشعبنا الكلدوآشوري السرياني منذ قدم التاريخ عادات وممارسات وطقوس محبذة ذات مدلول فلسفي عميق من حيث المنطق بسيطة المعالم والممارسة وكثيرة العدد وفي مناسبات كثيرة حيث تركت  لمسة واثر جميل في ذاكرة أبناء شعبنا وخاصة من عاشر أيامها تلك وان كل وقفة عدت بحد ذاتها مسحة جميلة في تكوين مخزونه التراثي القومي والوطني الثر .و شباط اسم سرياني بمعنى السبات وهو الشهر  الأخير من فصل الشتاء القارص والسبات الشتوي وما له من اثر بالغ في مجرى وسير أحداث الحياة اليومية للناس قديما وخاصة في القرى  وما يمتاز به من الركون والسكينة وقلة النشاط خارجا من نطاق سقف المنزل ، والخوف لنفاذ ( القوت ) المواد الغذائية  للناس والحيوانات ، لهذا كان الناس تهاب هذا الفصل وامتداد طول بقاء حليته البيضاء الناصعة على وجه الأرض ، وتأثير ذلك في تأخير بزوغ وإطلالة أزاهير الربيع، الفرشة  البهية الزاهية الخضراء للأرض ، ففي نهاية شباط ومطلع آذار يقومون شبان وشابات القرى بالتوجه إلى أطراف القرية لجمع ما أمكن من عيدان والخشاب شجرة ( الدبرانا – د ابرانا  ) وهو اسم سرياني بمعنى  ذو التراب لتجمع التراب عليه , وهي شجرة شوكيه جبلية دائمة الخضرة كانت تستخدم في القرى كشجرة الميلاد وكان يشبه الشخص الغير المحبذ اجتماعيا بهذه الشجرة الشوكية  ويقال له بالسريانية ( مشبي لقيسا لدبرانا ) وكانت أخشاب هذه الشجرة تجمع في إحدى بيادر القرية القريبة ومساء الليلة الأخيرة من شهر شباط كانت جموع من أهالي القرية تتجمع عند كومة الأخشاب فيقوم احد الشبان بإشعال النار فيها والسنة النار تمتد لمسافات في الأعالي والناس فرحين يغنون ويزمرون من فرحة انتهاء كابوس الشتاء وتوديعه بهذه الممارسة البسيطة المسماة ( اشوط تملي )أي بمعنى انتهى الشباط ويتأملون إن( كومرتا دشخنا مبلا رش ارعا ) اي جمرة الحر باتت على الأرض انطلاقا من تلك الليلة المفرحة  وكان هاجس الخوف عندهم يتبدد من قسوة الشتاء ونفاذ غذاء حياتهم اليومية وكانوا دائما يرددون مقولتهم السريانية (بد بلطي يالن من ايدن من كبنا وقرتا  ) أي سوف نفقد أطفالنا  من الجوع والبرد , وبالعكس يقولون إزاء الصيف ( قيطا بابا دفقيري ومسكيني ) أي أن الصيف بمثابة الأب للفقراء والمساكين حيث فيه تكثر بيادر الخير والبركة  والجو الطيب حيث يستطيع الشخص أن ينام تحت أية شجرة  ،ولم يبقى كثيرا لينطلق قطيع حيواناتهم  إلى حيث المروج والسهول والوهاد الربيعية المزهرة بلوحات لونية جميلة أخاذة تمتد لطول النظر ،فكان هذا الطقس البسيط يمارس سنويا في أجواء قرانا الجبلية ، واحتل هذا شباط حيزا من أمثالنا الشعبية  فقد قيل (اشوط شيطا وآذر ليطا ) ( اشوط يومي كويي ) أي أيام الشباط مستجدية أي قليلة  العدد .     




 1شباط 2012 م
6761 آ
 

572
محلية ملبورن تستقبل عضوي قيادة حركتنا
بتاريخ 1 شباط 2012
 وصل إلى مطار ملبورن قادمين من سدني السادة فريد ياقو وادد يوسف عضوي الجنة المركزية لحركتنا الديمقراطية الآشورية (زوعا ) وزيا زيا مسؤول مكتب تنظيم  فرع استراليا للحركة , وكان في استقبالهم السيد خوشابا هوزايا مسؤول محلية ملبورن وعضوية الرفاق إبراهيم البازي  وأدور خوشابا وكوركيس هارون وداليا ياقو  وبدران امرايا وجمع من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وأعرب المستقبلين عن سرورهم بهذه الزيارة المهمة بتقديم باقات الورود والتعبير عن المشاعر الجياشة  والتقاط الصور التذكارية متمنين لهم طيبة الإقامة  , و سيجري الوفد لقاءات واجتماعات تنظيمية على الصعيد الحزبي . وزيارات لمؤسساتنا القومية والدينية ,إلى جانب لقاء جماهيري في قاعة عشتار مع أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في ندوة عامة بتاريخ 5 شباط2012 وسيسلط الضوء فيها على المستجدات السياسية على الساحة  الوطنية والقومية ومسيرة عملية  التعليم السرياني في الوطن – العراق..   
الحركة الديمقراطية الآشورية
محلية ملبورن





573
من موروثنا الشعبي
دَلوبي 
                                   
بدران اُمرايا

دَلوبي كلمة سريانية مشتقة من فعل (دلب) بمعنى المنقط المتساقط من الماء نقطة نقطة من مكان عالي . وظاهرة دلوبي كانت تحدث خلال فصلي الإمطار الشتاء والربيع وخاصة في القرى الطينية ذات السقوف الترابية بالسريانية ( كارواثا دعبرا ) والتي تهمل  وتترك بدون تحديل بواسطة الحادلة الحجرية الثقيلة ( مندورتا ) فكان الماء يتخلل بين التراب وبالتالي يتسرب داخل البيوت من خلال السقف ذات السمك الترابي الكبير (شكوري- بيت قرشي) أي المغطى ولدى تساقطه داخل البيوت فكان يحدث صوتا مقرفا (  تب تب تب ) بالإضافة إلى رائحة كريهة داخل أجواء  البيت رائحة ( الرطوبة ),  فكان أهلنا يضعون أواني معدنية تحتها لتتساقط فيها النقاط وكان أحيانا تغطى أرضية البيوت بالأواني المعدنية ولاحظ عزيزي القارئ شدة الأصوات التي تصدع الرأس الناتجة من كثرة الأواني وتخيل ذلك وأحيانا كان أهل ذلك البيت ينتقلون إلى بيت الجيران لعدم وجود مكان للنوم  وكان يتطلب تشغيل المدافيء الخشبية بصورة مستمرة للقضاء على تلك الرائحة المقرفة فضلا عن إن مياه النقط كانت تترك بقعا وآثارا صفراء على مكان سقوطها ويصعب إزالتها وخاصة على الافرشة , ولدى توقف الأمطار المياه المتساقطة لا تتوقف لان الطبقة السميكة من تراب السطح امتصت  وتشبعت من كثرة مياه الأمطار ويجب أن ترشحها داخل البيت لذلك كانت دلوبي تواصل سقوطها بعد عدة أيام من توقف الأمطار والناس تسهر خلال الليل لإفراغ مياه الأواني بين الحين والآخر, وأحيانا كانت المياه تخرج من الباب حيث تشق طريقها . ولدى تبلل السقف فكان ذلك يشكل خطرا لتسرب كميات كبيرة من الماء فيه ويختل الوزن ويتضاعف فتنكسر ( قارياثا - قا اريثا ) أي  للمسك السقف - الأخشاب التي يستند عليها وبالتالي يتهدم السقف على رأس من فيه لذلك كانت تلك الأصوات المزعجة تنبه الناس بعدم النوم قريري العيون من ذلك المصير المجهول وأحيانا كان أهلنا يربطون خيطا صوفيا ( كدي) بمكان نبع النقاط ويمدوه إلى داخل آنية فكانت المياه تشق طريقها و تمتد عبر الخيط إلى الآنية ولا تسقط مباشرة وهذه الحالة كانت تصلح إذا  كان عدد النقاط محددا . وأحيانا بعد تسرب المياه داخل البيوت فكان الصاحب يشد همته ويصعد لتحديله ( لكن بعد أن وقع الفأس بالرأس ) فكان يقال له بالسريانية  ( من بار مطيلا بيتا لترا دشرما ) أي بعد أن وصلت البيضة إلى مؤخرة فتحة الشرج .لذلك كان على الرجال أن ينتبهوا لهذه المسالة وبعد أن تسقط الزخة الأولى للمطر أي بعد تبلل الطبقة السطحية من تراب السطح فكان من الأجدر أن يحدل بالحادلة بإمرارها عليه عدة مرات وكل تغطية كانت يسمى بالسريانية  ( لوشا ) أي التلبيس وكانت الطبقة الأولى تحدل بعكس مجرى الماء والثانية باتجاه سير المياه لفتح مجاريها , وكان السطح يتكبس  ويتداخل التراب وتتماسك حباته ولا تسمح بتسرب الماء فيه بل إن المياه تنزلق على السطح  باتجاه اخفض نقطة ليتساقط منها والتي كانت تسمى ( نوريني ) حيث كانوا يضعون أنبوبا أو صفيحا مقوسا لتمر المياه عليه وتتساقط بعيدة عن الجدار ولا تتخلخل فيه, وأحيانا كان السطح يتبلل كثيرا فتزداد لزوجة الطين فيلتصق بالحادلة  لذلك كانوا يرشونه بطبقة من التبن الخشن ( قطرا ) لكي يحول دون التصاق الطين بالحادلة , وأحيانا كانوا يضعون الحادلة في كونية أو كيس نايلوني  للحيلولة دون التصاق الطين بها ,لذلك كان أبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني  يحثون الرجال للاهتمام بشؤون  بيتهم وإدخال ذلك  وربطها بمسائل وقيم الكرامة والشرف, لكي لا يهمل هذه الواجبات الضرورية ويغض الطرف عنها لأنها  بالتالي ستؤدي لخراب البيوت (مهيلي واري ( وريدي ) ومربيلون قديلا رش كاري) أي محا نسله ورموا المفتاح على السطح بعد أن لم يبقى له أي شخص يرث مفتاح بيته وهذا المثل السرياني  الشائع كان يقال عند تهدم البيوت من جراء الإهمال خلال الشتاء أو غيرها من المواقف. وكم من البيوت رميت مفتاحها على السطوح وأصبح نسل أصحابها في خبر كان أو لم يكن .لهذا كان يقال ( أد قابل دلوبي لبيته بد قابل كل مندي لبخته ) أي الذي يقبل بترشح الماء في بيته سيقبل كل شيء مهين على زوجته لاحظ عزيزي القارئ كيفية ربط هذه الظاهرة بقيم الشرف والشهامة . ( شواوا ددلوبي ولا شواوا دبلن ناشا ) أي جيران نقط المياه المترشحة وصوتها المزعج المقرف  ولا جيران الشخص الفلاني   المزعج  كان هذا المثل يضرب لوصف الجيران المزعج وهو على غرار المثل العربي  القائل – كومة حجر ولا هل جار – ( لا عدوت دلوبي ) يقال للشخص الذي يستغل الفرص ليطفر في المسائل و يصب الزيت على النار ( بلكازا نورا ) أي يلكز النار تحت المشكلة ويزيد شعلتها ويوسع من مساحتها وأشبه هذا بالبيان المخجل والركيك  الذي صدر من بطريركيتنا الكلدانية مع جل احترامي لهذه المرجعية الدينية  حول ديوان أوقاف المسيحيين والديانات الأخرى على كرسي شغله شخص من أتباع نفس الكنيسة والديانة وبصدور هذا البيان الغير منطقي  ليستغله أصحاب الدلوبي  ليكتبوا بيانات داعمة ومساندة  ومقالات صفراء دون تروي وتفكير وعقلانية و يوزعون فيها التهم يمينا وشمالا ويضخمون المسالة ويلكزون نارها نحو صراع طائفي ولم يبقى بنظرهم  إلا تدويل هذه المسالة إلى طاولة مجلس الأمن الدولي ليرسل بدوره مراقبين للحيلولة  دون وقوع أية اشتباكات بين الطرفين مع كل الأسف لهذه المواقف المشينة بين أبناء الأمة الواحدة والدين الواحد . وعودة لموضوعنا أو على غرار  مقولة  (أكرمنا بسكوتك ), و (عيني ايلا بدلابا ) أي عيونه تدمع  ترشح الدموع عند المرض و( نخيرو هولي بدلابا ) أي انفه يترشح  , ويقال للأطفال الذين يقضون شيء من حاجتهم على نفسهم ( شرمي هولا دلبتا ) وذات مرة تبول احد الأطفال على نفسه في الفراش فبللها وعند الصباح سألته الأم ما هذه المياه ؟ فقال على الفور: ( أيلي دلوبي ) أي مياه مترشحة من السطح متناسيا أنهم كانوا في الصيف . ولدى مغنيتنا القومية المتألقة ليندا جورج أغنية بهذا الخصوص ( اتيوخ كوبي كوبي دلالي .. قم مطرا وقم دلوبي هواري  ) أي جئنا متواضعين متواضعين  أعزاء .. تحت المطر  والنقط ...الخ . وهنا سأورد موقفا حدث بالفعل في  إحدى  قرانا الكلدو آشورية السريانية  كانت الدنيا تمطر بغزارة عند المساء وترشح من السقف احد (دلوبي) وسط غرفة النوم فاستهان به رجل البيت ولم تكن له العزيمة الكافية  ليصعد في ذلك الجو الممطر والبارد  ويحدل السطح بل اكتفى بجلب علبه دهن فارغة من التنك فئة 16 كغم  وربط بها علاقة من الخيط وعلقها تحت ( الدلوبي) لتسقط فيها المياه وريح رأسه من ذلك , وعند النوم فرشوا الافرشة على ارضية الغرفة وخلودا إلى النوم الهادئ الأب والأم والأطفال ما شاء الله عليهم كانوا بين خمسة إلى ستة متراصين على الأرض كنوم العسكر , وفي ساعات متأخرة من الليل وبينما تراكمت نقط الماء في علبة التنك حتى  تثاقل وزنه ولم يتحمله الخيط فانقطع  وجاء مباشرة على وجه صاحب البيت يا سبحان الله تخيل أيها القارئ الكريم شخص غارق في النوم ليسقط على وجهه ثقلا بهذا الوزن ومن الماء الباردة وهو بين أطفاله الصغار فجفل مستيقظا بطول قامته فظن  فقال ( آنا خشوولي قملا قيمتا ) أي اعتقدت إن القيامة قامت ,وبالتالي ( نقشلا باتو ) أي زخرفت وجهه  بكدمات عديدة لكن حمدا لله على سلامته . ومؤخرا يقومون أهالي القرى ذات السطوح الترابية بوضع نايلون على السطوح وتثبيته بأثقال ويريحون فكرهم من هموم السطح والحادلة ولكن في حالة سقوط الثلج بكميات كبيرة فان النايلون وما عليه  يحولان دون إزاحة الثلج من على السطح  ...والسلام ..
Badran_omraia@yahoo.com     

574
من موروثنا الشعبي
شيلا   
 
بدران امرايا
شيلا اسم سرياني مشتق من شلا  السروال العريض الذي يلبسه أبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني في القرى أي الملابس التقليدية لشعبنا في المناطق الجبلية ( شلا وشابك ) المنسوجة محليا من قبلهم  وخاصة أبناء قرية كيرامن  والمنحدرين لقرية جلك الواقعة في بداية منطقة برواري , والشلا هنا ليس السروال أو المناطق المنخفضة الرطبة والتي ينمو فيها القصب ( زالا ) بكثرة  بل هو أداة أو كيس كبير يمتاز بكفتين كبيرتين وطويلتين كان يستخدم لغرض نقل التبن من ( بيدرا ) أي البيدر إلى القرية او  (بيث توني ) بيت التبن لاحتوائه لفصل الشتاء والبداية كانت قص ( كرعتا دصيرا دعزي) اي جز شعر الماعز في الصيف لتخفيف من وطأة الحر عليها ثم كانت النساء تستلم زمام أموره  وكان الشعر يخضع لعملية الغسل والنبش بالسرياني ( نبشتا ) لأطرح ما بها من الشوائب والفضلات وليكون ناعما سهل التعامل او التداول بواسطة ( مسرقا ) أي المشط الخشبي ذو الأسنان الحديدية الكبيرة والحادة , ومن بعدها كان يلف ويعمل منه كرات تسمى بالسريانية ( كندرياتا- كوتاتا ) ليكون سهل الاستعمال لعملية الغزل ( عزلتا ) بواسطة كوشا من كوشتا- كناشا- كواشا اي الضم او الجمع )  وهو عبارة عن قطعة خشبية بطول ثلاثون سنتمترا او ربما اقل فرأسها العلوي يكون أكثر تثخنا وبه حلقة خشبية مدورة تكون مثقوبة من الوسط ويمرر هذا الخشب فيها ويثبت بإحكام ، وفي وسط الحلقة هناك سلك مثبت وعلى شكل (علاقة ) او سنارة صيد السمك والجانب الأسفل من الخشبة تكون نحيفة ومدببة ،كان ولازالت هذه الخشبة تستعمل في نسج الصوف أو الشعر (صيرا ) وتحويله إلى خيوط نحيفة أو ثخينة حسب الحاجة المراد لها والمهمة هذه كانت على عاتق النساء كما قلنا . وبعد أن تحول الشعر إلى الخيوط بالسرياني ( كدا يجمع كدي  ) ثم يخضع لعملية النسج وهي عملية معقدة  تحتاج لأيدي فنية ماهرة من قبل الرجال أو النساء فتتحول الخيوط إلى قماش ثخين وبقياسات مختلفة وكان بين أبناء شعبنا الكلدو اشوري السرياني أيادي فنية ماهرة لهذه الصنعة المحلية من أمثال المرحومة كردني جبوا والمرحوم افرام بولس ميخو  وغيرهم الكثيرين , ثم يفصل القماش المنسوج إلى جيبين أو كفتين كبيرتين وطويلتين تكونان مترابطتين تسميان (بنتاتا ) بلغتنا الحبيبة بالبعض ويخيط بنفس الخيوط الثخينة وتسمى بالسريانية (شلالي) ومن بعدها يكون جاهزا للاستخدام في نقل التبن من البيدر فكان يملأ بالتبن ويحشى يضغط باحكام (مخشيتا ) بواسطة الأقدام  أو يدخل الرجل ساقاه  فيه ليضغطه  بقوة  وخير مثال له المرحوم شمعون من قرية بيرسفى و الذي لقب بشمعون دبابة لضغط الشيلا بإحكام من قبله  ليحمل اكبر كمية من التبن ثم يخيط فمه ( كما دشيلا ) بواسطة (شلالي ) ثم ترفع إحدى كفتيه لتجلب الدابة نحوه فتنزل على ظهرها وعادة يكون التبن خفيف الوزن ثم يشد بالحبال ( خولي - حبلي ) وتسوق الدابة نحو البيت حيث  (بث توني ) التبانة  مكان أحواء التبن ولصعوبة إدخال الشيلا من باب التبانة والتي كانت في اغلب الأحيان في مؤخرة البيت  اي يجتازون عدة أبواب للوصول لها وإفراغه فيها والغبار ( طوز- كمريتا بالسرياني) الذي ينتج من عملية التفريغ فيؤدي لخنق الشخص او سد مجاري التنفس عنده, لذلك كانوا أهلنا يفتحون ثقبا كبيرة فوق سطح غرفة التبن لإفراغ التبن فيه بسهولة وعدم وجع الرأس فيسمى الثقب ( زوما ) وعند أفراغه فيوضع على ظهر الدابة ويمتطها الصاحب وينطلق نحو البيدر مطلقا العنان لصوته بالغناء  وكان الدنيا كلها  ملك له , ولدى وصوله للبيدر يجد إن الشخص الموجود هناك قد عبا شيلا آخر واحضره فيسلمه الفارغ ويحملان المعبأ على الدابة وينطلق باتجاه بيت التبن وهكذا كان أبناء شعبنا من القرويين يرفعون مواد بيادرهم  بيادر الخير والبركة قبل ان تطأها زخات المطر الخريفية فتخلط الحابل بالنابل وتتلف كل شيء لذلك فكانوا يصارعون عقارب الزمن من اجل ضم منتجاتهم تحت سقف منازلهم حيث كانوا يعتقدون ان لم يضموا المواد تحت سقف بيوتهم فهي ليست مضمونة لهم منطلقين من حكمة حكيمهم القومي الشهير اخيقار وزير الملك الاشوري السركوني سنحاريب القائل " عصفورا باليد خيرا من عشرة على الشجرة "  والمثل السرياني ( إن مندي ليلي كو ايدوخ ليلي ديوخ) أي ما ليس في يدك فهو ليس مضمون لك. وعودة الى موضوعنا شيلا فناك مثل سرياني بصدده  يقول " ايلا كاسي مخ شيلا " اي بطنه شبيه بشيلا لكبر بطنه يقال لكبيري البطن ..وحاليا لم يبقى لشيلا اي وجود  بسبب وجود بدائل اسهل واسرع وخاصة المكننة .

Badran_omraia@yahoo.com

 

576
من موروثنا الشعبي
عيدواتا  
                                             
*بقلم / بدران امرايا

 عيدواتا كلمة سريانية لجمع مفردة عيدا أي العيد من الإعادة والتكرار، وهي طقوس احتفالية سنوية مختلفة منها  وطنية وقومية و دينية أو مناسبات اجتماعية تنعاد خلال مدار السنة ويحتفل بها  بطرق عديدة تختلف باختلاف تقاليد المجتمعات منذ القديم ولد الآن .  ولأيام العيد قديما نكهة خاصة لا يمكن نسيان لذتها أو محوها بسهولة من تلا فيف الذاكرة وخاصة عند أبناء شعبنا الكلدو آشوري السرياني ، وان حلاوتها  كانت متأتية من عدة أسباب وفي مقدمتها بساطة الحياة الاجتماعية ومتطلبات المعيشة المحدودة والطيبة اللا متناهية  والشفافية لدى الناس وشدة ارتباطهم بالبعض وتشابكهم ومشاركتهم في السراء والضراء على حد سواء ،ووجودهم في محيط  جغرافي محدد أدى إلى معرفتهم بالبعض وتشابكهم بالعلاقات الاجتماعية بواسطة رابطة الزواج المقدسة ، كل هذه الأمور وغيرها كانت عوامل تجعل برامج الحياة اليومية شيق و سلس ومليء بالأفراح والحيوية المتواصلة ، ففي أيام العيد وغيرها من المناسبات القومية والدينية وبالأحرى  عيدي الميلاد والقيامة المباركان  وبعد انتهاء قداس الكنيسة الخاص بالعيد وكان على الأغلب ينتهي في الساعات الأولى للصباح بعد تناول القربان المقدس بعد طول (الشهرتا ) السهرة الكنسية الليلية طقس المناسبة ، كان الناس يباركون بعضهم بالعيد  في باحة الكنيسة وبمشاعر جياشة حارة ، ويكسرون صومهم بتناول شيء بسيط  حمل في الجيوب مثل الحلوة أو البيض المسلوق الكليجة وغيرها وهذا بعد فترة طويلة من الصوم لخمسين يوما التي تسبق عيد الفصح القيامة المباركة أو خمسة وعشرين يوما لعيد الميلاد المجيد ، ويدعون بعضهم إلى مائدة الفطور، وبعد الفطور كان الرجال و وجهاء القرية يتوجهون إلى دار القس لتهنئته مقدما ، ومن هناك كانوا يخرجون سوية لقصد من هم الأولى وخاصة العوائل المتخاصمة والمتزاعلة والمصالحة فيما بينهم بدون قيد أو شرط ، وكانت تلك العوائل تنصاع وتتصالح على الفور احتراما  نزولا عند رغبة هذا الحضور المميز ( خور دقني وريشاني ) من الشيوخ والوجهاء والقس على رأسهم وترجع روح الأخوة المودة بينهم وتتصافى القلوب (صافية يا لبن ) بعد تناول القربان المقدس ،ومن ثم يشكلون فريقا يقصدون ذوي الموتى وممن لم يمر على موتاهم الذكرى السنوية الأولى  ،وقبل دخول هذا الوفد إلى البيوت كان الناس يحضرون آنية فيها ملح ليصلي الكاهن عليها وهو يحمل صليبه  ومن ثم يرسم علامة الصليب   بإمرار صليبه في الملح وهذا الملح يكون مقدسا  عندئذ ويدخل في تكوين المأكولات العديدة ويقدم للحيوانات  وهي مادة غير قابلة للفساد وغيرها من المعاني الفلسفية الدينية كقول السيد المسيح له المجد ( انتم ملح الأرض ) ، وكان الحضور يقبلون الصليب رجالا ونساءا وأطفالا  وشيوخ والمرضى والعجز، ويجلسون لعدة دقائق في بيوت الموتى ويعزونهم بالكلمات الطيبة المليئة بدفء المشاعر والأحاسيس ويصلون ترحما على الفقيد  ويحثون أهله  على التخلي عن ارتداء الملابس السوداء لان الأسود يتواصل بالأسود ( كوما كي كارش كوما ) أي يتواصل الحزن بموت الأعزاء متلاحقين  ، ومن بعدها ذوي الموتى يشدون الرحال إلى المقبرة حيث يرقد ألأحباء وألا عزاء حاملين البخور ليبخروا القبر بعد تنظيفه وتطهيره بدموع عيونهم الغالية ويشفون غليلهم باستذكاره ويوقدون الشموع عليها ترحما لأرواحهم . و كان الرجال يتجولون سوية على كل البيوت وهم مغبوطين بالمحبة والسرور ولدى دخولهم للبيوت كانوا يقولون عبارة ( هويلي مارن ) أي ولد سيدنا  إذا كان عيد الميلاد  أو( قملي مارن ) أي قام سيدنا  لعيد القيامة وكان الجواب ( شوخا لشمي وبركاتا ليمي ) أي المجد لاسمه والبركات لامه , أو يقولون ( عيدا بريخا وكل شات ببصخوتا ) عيد مبارك وكل سنة بالفرحة والرد كان ( الوخ ولبيتوخ ولكل سورايي مشيخايي ) أي لك ولبيتك ولكل  اسورايي -الآشوريين المسيحيين والجدير ذكره هنا إن مصطلح  اسورايي  هو اسم قومي مشتق من اسوري – اشوري السرياني اسيرين  وهو يسبق المعتقد الديني مشيحايي - مشيخايي الذي يأتي بالاكتساب أو الانتماء- الاعتناق وهو دليل قاطع يفصل بين المصطلحين القومي والديني واللذان يشكلان عائقا في إدراك أو الفصل بينهما عند غالبية أبناء شعبنا الكلدوالاشوري  السرياني . وكان الناس يقدمون عيدانية القس وهو مبلغ بسيط من المال ، وكانت جوقات الأطفال تجوب أجواء القرى بيتا فبيتا قائلين (عيدا بريخا  ) عيد مبارك فيرد بعض من أصحاب البيت من باب المزح والفكاهة ( شلت بابوخ يريخا  ) أي سروال والدك طويل وكانوا أحيانا يذهبون لبيوتهم لإفراغ حملهم الثقيل من بركات العيد ولعدة مرات وخاصة القرى الكبيرة ومن ثم يقصدون القرى المجاورة مشيا على الأقدام وبمجموعات كبيرة لمعايدة الناس هناك . بينما سفرة العيد كانت عامرة بالحلوة بأنواعها من الجوز والتفاح والرمان  والعرموط والزبيب  والحمص المقلي وحب الشمس والقرع والرقي والبطيخ  وأرغفة التين والمشمش المجففين والكادي والكليجة والبيض المسلوق الملون و (البطم ) الحب الخضراء  والتمر واللوز والملفت إن السفرة كانت  محلية أو ذاتية التحضير من الإنتاج المحلي في قرانا  ما عدا التمر والجكليت ، بينما جوقات الأطفال كانت تتزاحم على أبواب البيوت والفرحة تملأ كيانهم بمواد العيد والملابس الجديدة وكان يقال (عيدا ايلي ديالي زوري ) أي العيد هو للأطفال الصغار من شدة فرحتهم به وما يدر عليهم من الامتيازات النفسية من الفرح والغبطة والمشاعر الجديدة بلقاء والأهل والأحبة والأصدقاء خلال تلك الأيام  والمادية من الملابس والحلوة والألعاب ، وحاليا دخلت مظاهر جديدة وعديدة على تلك الطقوس الأصيلة  وأدت إلى تشويهها و تراخي أواصر ووشائج المحبة والألفة  بين قلوب الناس التي كانت سائدة يوم ذاك  ، لأسباب وعوامل عديدة لا يسع المجال لذكرها ، لكن ذكرى تلك الأيام الخوالي ستبقى تنبض بالحياة في ذاكرة من عاشروها وذاقوا طعم حلاوتها ...مع امنياتي بالعيد السعيد والسنة الميلادية المباركة 2012 للكل والسلام ...


 Badran_omraia@yahoo.com


577
 
من موروثنا الشعبي
خاطورتا
                       
بدران امرايا
خاطورتا اسم سرياني مشتق من الفعل الثلاثي خْطَََرْ أي الضرب وهي أداة خشبية ذات مقبض كانت تصنع من قبل نجارين مهرة من أبناء شعبنا منذ قديم الزمان وذلك لقضاء الكثير من حاجاتهم الملحة بها , ففي البداية كان يحضر الخشب وخاصة من شجرتي الدلب ( دلبا ) بالسريانية  أو بارما الرطب او غيرها من الأشجار التي تمتاز بالقوة والصلابة ثم يرسم شكل وحجم هذه الأداة على الخشبة ومن ثم كانت النجار يبدأ بتجذيب وحفرها أي تقطيع ما حولها من الخشب بواسطة عدته الحادة حتى يظهر ويبرز شكلها المدبب أو شكل المستطيل او المربع والمسطح من الجانب الواحد ومن ثم يعمل المقبض الذي كان غالبا بطول نصف المتر وجعله اسطوانيا يلاءم مقبض اليد وبعد هذا تسمى بخطورتا فكانت توضع تحت أشعة الشمس لتجف وتتصلب ويخف وزنها لتكون جاهزة للاستعمال عند الحاجة , فكانت هذه الأداة تستخدم لإغراض كثيرة  منها لضرب الغسيل وخاصة الأشياء الكبيرة والثخينة والثقيلة كالصوف  أو شعر الماعز (صيرا) بالسرياني ولدى تنقيعه بالماء كان يوضع على صخرة كبيرة ( شندوختا ) بالسريانية ثم ينهال عليه بالضرب بالخاطورتا وبين الحين والأخر تقليبه لوجهه الأخر وتنقيعه بالماء وهكذا كان يطرح الوساخة منه بفعل الضرب وهكذا لغسل البطانيات والحاف والمواد الأخرى , أو لضرب الحافات البارزة من سطوح البيوت الطينية ( سواناثا ) بالسريانية خلال الشتاء لكي يتقوى ترابها ويتكبس ( كوشتا ) ويتنعم سطحه بحيث لا يسمح بتسرب الماء فيه ثم للحائط الذي تحته فيتبلل وينهدم البيت من جراء تبلل الحائط . ولدينا كأمة كلدواشورية  سريانية عريقة الكثير من الأمثال والطرائف والقصص والمواقف الشيقة حول الكثير من المواقف ولهذه الأداة حصتها أيضا مثل ( إلا بد خطرني كلدوخ بخاطورتا  ) أي التهديد بأنني سوف اجلد جلدك بالخاطورتا انهال عليك بالضرب بواسطة هذه الأداة . ( ايلا مخ خاطورتا ) أي إنها شبيه بالخطورتا لسمنتها الغير المعتادة يقال للبنات أو النساء ذوات الوزن الكبير ( بد خطرنوخ رشا ريشي لارعا ) أي سارطمك من على راسي على الأرض.( لي شَوقنْ خَا سيطا من بَخروخ دلا خطارا)  أي لن اترك شبرا من جسمك إلا وأدكه ضربا .(إن ديلي بخياكا كلدوخ بد خطرنلي طالوخ ) أي ذا يحكك جلدك فسوف  أضربكَ يقال لمن يبادر بإثارة المشاكل  (زوانا دبلاثا ) الذي يشتري ويبحث عن المشاكل .  ويقال لعصا الضرب خوطرا وورد في الكتاب المقدس  سفر اشعيا ( اشور ايلي خوطرا دكربا دالاها ) اي (آشور قضيب غضب الله ) .ويقال لدعموص الضفدع عندما يكون صغيرا خطورتا أي لتقارب شكله لشكل الخاطورتا . وعندما كان ينشب أي صراع أو تشابك بين الناس كانوا يستعينون بهذه الأداة للضرب والدفاع عن النفس. ومن الجدير ذكره لم يبقى لهذه الأداة  أي وجود حاليا لعدم الحاجة إليها إلا أعدادا قليلة في أروقة المتاحف التراثية تحاكي ذاكرة الإنسان  ما كان لهذه الأداة  الخشبية من دور فعال في سالف الأيام   .  badran_omraia@yahoo.com
   

580
مجدا لصحافتنا السريانية بذكرى 62 بعد المائة


تعد الصحافة أو السلطة الرابعة , مهنة المتاعب ( صاحبة الجلالة ) الحرة والحقيقية كما اصطلح عليها الوجه المشرق والمرآة العاكسة لأي مجتمع أنساني متحضر لما تضم من معاني وقيم سامية و نبيلة في الاضطلاع بمهامها ودورها الريادي المهني والرقابي لتفاصيل وأمور المجتمعات . فهي التي تسلط قبسات من نورها القوي والمشع على زوايا  وخبايا أمور ومهام الحياة  وترصد أية حالة ايجابية كانت أو سلبية في معترك هذه الحياة من خلال الوقوف عليها وتسليط حزمة من الأضواء عليها, لتكون واضحة وشفافة أمام أنظار الرأي العام وفق ضمير حي ووجدان عادل و بتعابير شيقة وسلسة  وبالعمق الفكري وسمو المنطق بعيدا منطق الإطناب والإسهاب المداهنة والممالقة والتزلف التي تضمر جوهر الحقيقة وتطمس معالمها الروحية, فجوهرا لصحافة  النزيه يكمن في انها العين الساهرة والفكر الثاقب و الراصد لقضايا الإنسان ومحيطه وكل ما له صلة بالحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية  وسبل ديمومتها بالسعادة والرفاء ووضع المجتمع أو الرأي العام في صورة ما مضى من أحداث وما يحدث الآن  وسيحدث مستقبلا أي عرض الحقائق كما هي للجمهور ومن ثم المطالبة من الكتاب والمفكرين والمحللين السياسيين الاجتماعيين والنفسانيين  بتحليلها وتفكيك طلاسمها ليدرك الإنسان ويعرف أين هو من مما يجري على خارطة الحياة فالصحافة أو الإعلام النزيه تعد مدرسة حقيقية للتنوير الفكري للمجتمع او الخبز الحار اليومي للناس فكما هم يبتاعون الخبز الحار يوميا لإشباع وإدامة الجسم بالطاقة القوة اللازمة ,كذلك فهم يشترون الصحف اليومية ويتصفحونها قبل الشروع بالأكل أحيانا , للاضطلاع على مجريات الأحداث لتغذية وإشباع  الفراغ  وحاجة الفكر والروح  فالكلمة الصادقة الأمينة والنزيه تشبع و تعد الغذاء الروحي الدسم  للنفس لما تشكله وتملئه من فراغ روحي ونفسي عند النفس المتعطشة للمكنون الفكري فتلك الكلمة النزيه والصريحة و الصارخة بالحق تعد إكسيرا للحياة والفكر الإنساني النبيل , وكما جاء في سفر التكوين من الكتاب المقدس  (في البداية كانت الكلمة ومن الكلمة صار كل شيء  ) ( والكلمة الطيبة صدقة ) والكلمة الطيبة تخرج الحية من جحرها  وتشفي غليل الإنسان, وتبعث الراحة والطمأنينة والاستقرار النفسي .والصحافة والإعلام بجوانبه الثلاثة المسموع والمقروء والمرئي  هي مصدر الكلمة ومنبعها المستديم , والإنسان بطبيعته الفطرية يتطلع دائما على إشباع حاجة داخلية وإملاء فراغ  في صميم أعماقه  بقوة تلك الكلمة الفعالة فهي التي تملأ أوصال الجسم بالطاقة والحيوية وتفجر منابع الأمل وتوسع آفاق وتفتح مروج الآمال الزاهية أمام مداركه وتشحنه بديمومة القوة ليجتاز معضلات الحياة ومنغصاتها اليومية ويشق سبيله وسط أمواجها العاتية وهو مدجج بسلاح الأمل ولا يحدوه شيء من الوصول ولبلوغ الآمال المنشودة  , وبقوة الكلمة أيضا يمكن  تسدل الستار الأسود على الحياة وتمحي الإنسان والأمم  من خارطة الحياة والوجود, وقوة كلمة الصحافة اشد و أقوى من فتاكة سلاح البندقية ,فهي السلاح العصري الحديث والرقيب الأول والمتابع ,والعدو اللدود للرؤساء السياسيين والمشاهير من الفنانين والمطربين وغيرهم والرقيب الأول والمتابع الشغوف لاقتفاء لأثر خطاهم , الصحافة وسيلة فكرية فعالة للنخبة السياسية او الثقافية وغيرها من النخب للتأثير على رأي المجتمع وتغيير مجراه باتجاه إتباع سياسة او هدف معين . فهي اذا الأداة الأولى للحركات التحررية للأمم ووسيلتها لإيصال رسالة نهجها وإيديولوجيتها لأوسع الشرائح والطبقات الاجتماعية .ومن تلك الشعوب شعبنا الكلدو آشوري السرياني الذي دشن لبنة  مشوار حركته التحررية القومية بحركة فكرية ثقافية واسعة بواسطة مجموعة من الصحف والمطبوعات البسيطة بهيئتها وإخراجها التصميمي الفني لكن قوية بمضمون محتواها الفكري والسياسي منها باكورة وطليعة صحافتنا جريدة ( زهريرا دبهرا ) أشعة النور الخالدة  التي أصدرها نخبة من رواد الفكر القومي المعاصر في الثاني من تشرين الثاني عام 1849 م في منطقة أورميا الإيرانية باللغة السريانية ,وفي سنة 1530 اصدر الكاتب القومي الجريء سعيد حمو رابي جريدة ( بيث نهرين ) مسطرا إياها بأنامله الذهبية وبالخط السرياني الغربي في قلعة امتنا الشامخة ( مردي ) مردين أي صاحب الدين  بتركيا  أي قبل( 479 ) سنة ,  وفي سنة 1532  اصدر أبناء امتنا مجلة ( صوت أثور وآرام  ) في مدينة تكريت  ومسطرة بخط اليد . أي كانت أبناء امتنا الكلدوآشوريين السريان من أوائل الأقوام اللذين اهتموا بمجال الصحافة في المنطقة وهذا ليس بالأمر الغريب عنهم كونهم أحفاد وامتداد لمهندسي لأقدم الحضارات وباني أقدم المكتبات الزاخرة بالألواح الطينية انطلاقا  بمكتبة نيبور السومرية التي كانت تظم (40) ألف لوح مكتوب  ومكتبة الملك الآشوري العظيم  آشور بانيبال بمدينة نينوى والتي ضمت أكثر (20) إلف لوح طيني. فقد تصد ونوه رواد الفكر القومي لشعبنا عبر خطاباتهم ومطبوعاتهم  إلى الأمراض التي تنخر كيان شعبنا مثل التخلف والأمية والفرقة والتشرذم القومي ووضعوا يدهم مصدر الداء وشخصوا له الدواء الشافي والوافي إلا وهو نشر الشعور القومي  الوحدوي بين مسميات شعبنا الواحد الأحد والترفع عن التشبث بالانتماءات الصغيرة من الطائفية والذهبية والعشائرية والمناطقية والحدود والهواجس النفسية الفاصلة والتي لا تفيدنا بشيء سوى تشتيت  جهودنا وقوانا ومحو كيان وجودنا الروحي والقومي من على خارطة الوجود في الوطن, والمفارقة الكبيرة إن هؤلاء الرواد والرعيل الأول رغم ظروفهم القاهرة آنذاك من التخلف والأمية المتفشية والجهل والفرقة والحروب والبعد ألمناطقي الشاسع وعدم وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاتصال والمعرفة كانت أفكارهم وأطروحاتهم وخطاباتهم  وحدوية حتى لب النخاع وصميم الذات والوجدان وكأنهم يهمسون في آذان بعضهم بهذا التوجه القومي الإنساني النبيل  دون أن يزايدوا أو أن يتاجروا أو أن يضحكوا على ذقون هذا أو ذاك . فنرى فحوى هذا التوجه القومي الوحدوي المستنير ينبع من أورميا وسلامس بإيران ليطابق أراء وأنفاس وتوجهات أشقائهم في الدم والإيمان في ديار بكر وخربوت ومردين وطور عابدين  بتركيا ,ومع أثير ونفحات أمثالهم الغيارى في بغداد وكركوك وحبانية واربيل ونينوى بعراق ,وعلى هذا النحو بين إخوتهم في النبض القلبي القومي في  زالين ( قامشلي ) ورأس العين بسوريا .فبرغم مرور ما يربو على قرن ونصف على هذا الخطاب القومي ألخلاصي  والمخلصي العتيد , والذي من دونه تجرعنا ألكاس الممزوج بالمرارة والعلقم وحصدنا  الخيبة والخسارة والتشتت وضياع الغالي والنفيس وخسرنا ما خسرناه لهذه الأسباب وغيرها مجتمعة والغريب كل الغريب والمضحك المبكي في نفس الوقت لا زال نفر ضال من أبناء امتنا من رجال الدين أولا والعلمانيين المرتبطين بأجندة من خارج البيت القومي و رغم هذا البعد الزمني والسنين والمظالم التي ترتبت على هذا الواقع المزري .وبعد أن ولدت قبلة امتنا السياسية المقدسة والمقدامة زوعا الحركة الديمقراطية الآشورية وفجرت ثورة الوعي القومي الوحدوي وحقنت أبناء امتنا من السهل والجبل بمصل الوعي القومي الوحدوي والسبيل إلى النهضة القومية واستحصال الحقوق  المشروعة والغير منقوصة ومسحت الدم والدموع من وجنة هذه الأمة المسكينة والمكتوية بهذه الأوبئة القاتلة,وردت جزءا من مكانتها الروحية المعتبرة  داخل الوطن وخارجه وخلدت اسم ( زهريرا دبهرا ) تلك الجريدة القومية بجريدتها المركزية الغراء بهرا التي انطلقت بالصدور منذ 26 حزيران عام 1982 أيام الكفاح المسلح للحركة الديمقراطية الآشورية والتي رافقت مسيرة رفاق زوعا الميامين في حقيبة زادهم وهم يجوبون المناطق المحررة ويرسلونها لتنظيمات الداخل وبطرق سرية جدا الى ان ضبط احد أعدادها مع الرفيق الخالد يوبرت شليمون في بغداد والتي كانت كفيلة ودليلة دامغة بان تدينه و تعتلي به لخشبة الإعدام وتزهق روحه الطاهرة ليكون شهيد ا لمحراب جريدة بهرا ويعمدها بدمه الطاهر وكسلفه شيخ الصحافة الكلدوآشورية السريانية الشهيد الخالد البروفيسورآشور يوسف خربوت صاحب جريدة (مهديانا اثورايا – مرشد الآشوريين )التي أصدرها في 1910 واستمرت لغاية أيار من عام 1915 حيث اعدم هذا المناضل القومي الفذ لآرائه السياسية  المتطورة وواقعية وأطروحاته القومية الوحدوية , وهذا النفر يسعون بكل الطرق البائسة لإرجاعنا إلى متاهة المربع الأول ,عبر مؤسسات  هزيلة ومائعة وخطابات هستيرية غوغائية شرانية وأقلام مأجورة تستلم أجرها البخس بالكامل مقدما  قبل أن تجر خطا أو تلامس أزرار لوحة مفاتيح الأحرف بعيدة كل البعد المنطق والواقع , وتثخن من عمق جراحاتنا  وتبذر الملح عليها . وكأننا حسب رأيهم الساذج امة عظيمة وفي قمة رفاهيتها ومجدها ولا ينقصنا شيء  سوى هذه الترهات والافتراءات الفارغة والمضحكة لإلهائنا بعض الشيء.لذا على كتابنا وأدبائنا أن يسخروا مداد أقلامهم لما فيه خير وخدمة امتنا وسبل لملمة شملها  وان لا يسطروا  أو أن يجروا خطا في هذا المنحى إلا وان يصب في بناء وعلو شان امتنا لكوننا قد فاتنا الكثير الكثير ونحن خلال سبات أشبه بالموت المرغوب والطوعي ونحن متأخرين بما فيه الكفاية  , والتوجه بهمة فولاذية لبحث وإبراز تراثها وفلكلورها وترميم معالم وجودها وإظهار وجهها المشرق من خلال شخصياتها من الأفذاذ والمبدعين والعباقرة من الأطباء والحكماء والفنانين والمطربين والأدباء والشعراء والكتاب والنقاد والرياضيين  وغيرهم  والتوجه لعقد مؤتمر عام بهذا الصدد تحضره الشخصيات  والمؤسسات الإعلامية المختلفة لشعبنا من الداخل الخارج وتدرس فيه سبل النهوض بواقع الإعلام والصحافة القومية الوحدوية الهادفة والتصدي للإعلام المضاد الغوغائي لمسيرتنا الوحدوية المباركة وتشويه قضيتنا وتحريف مسارها وطمس وسطو سفر تراثنا وارثنا الحضاري والإنساني  الثر, وفي كل المجالات واسلاط  حزمة من الضوء المشعشع عليهم ,لان هذا العمل لهو من صلب واجبات الإعلاميين والكتاب والصحفيين , لكي لا تنسى الأجيال اللاحقة عظمة الإسلاف ومساهماتهم الخلاقة في خدمة الإنسانية لان زمانهم لم يمدهم ويحضوا بهذا الكم والنوع الهائل من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية بما فيها الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة المنتشرة حاليا والتي بفضلها أصبح العالم اليوم قرية الكترونية صغيرة تدار بالأزرار, وكما ذكرنا أن جزا من صميم رسالتنا القومية إظهار عظمة من طوتهم صفحات الزمن ,ولقد كشفت لنا الكثير شخصيات هذه الأمة من قبل أناس من خارج البيت القومي  خلف الله عليم  وبارك الله بجهودهم الخيرة ,وعلينا الاحتفاء بطرق عدة بهذه المناسبة الميمونة عيد الصحافة السريانية وتسليط الأضواء الكافية والمناسبة عليها على اعتبارها حدث قومي مهم وجليل ويستحق منا الوقوف والدراسة والتحليل  لمعطياته القومية والإنسانية قياسا بذلك الوقت ووفق تلك الظروف العصيبة , فتحية فخر واعتزاز بهذه المناسبة الجليلة لأدبائنا وكتابنا وصحفيينا الأشاوس و لكل صاحب فكر نير قلم يسخر مدادها صوب التوجه القومي الوحدوي ,ولخدمة قضيتنا العادلة ...
* بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com


582
من موروثنا الشعبي

طريتا لبلوطي
                                                                   
   بدران امرايا
طريتا – مربيتا لبلوطي اسم سرياني مركب بمعنى جني البلوط , والبلوط هو من ثمار شجرتي السنديان  الميشا ( الغابات الجبلية) وهو اسطواني الشكل اخضر اللون ينمو في قوقعة ( قوقستا )  بالسرياني ليمتد خارجا منها  وهو على أحجام مختلفة منه الكبير  والطويل والناعم والطويل الذي يمتاز بمرارة طعمه الحاد  ويسمى( ببلوطي دعزي ) أي بلوط الماعز لكثرة تناوله من قبل الماعز , وذو الحجم الكبير كان يجمع  للأكل البشري  والناعم الصغير للحيوانات وخاصة الماعز كما أسلفنا في المناطق الجبلية .وموعد جنيه هو فصل الخريف بعد أن ينضج جيدا  ويتغير لونه من الأخضر الغامق إلى  البني أو القهوائي . وكان لقرانا  الكلدواشورية  ولازال مجلس  القرية ( موتوا ) يضم المختار  وبعض شيوخ ووجهاء القرية ( خور دقني ) ذوي اللحايا البيضاء يتشاورون في أمور القرية وشؤونها يجتمعون في بيت المختار  أو في الكنيسة وخاصة يوم الأحد لكونه يوم مقدس وعطله  ليقرروا موعد الانطلاق إلى غابات البلوط  ومن ثم كان الموعد يتلى على مسامع أهالي القرية عبر شخص يدعى قارويا بالسرياني أي القاري أو المنادي الذي يمتاز بصوته الضخم فيعلن الخبر أي الموعد واليوم والتاريخ ومن على مكان مرتفع وسط القرية  وبتكرار  وكذلك إعلانه في الكنيسة حتى يكون جمع أهالي القرية على العلم بهذا الشيء . وفي يوم الانطلاق كانت جموع الناس ذكورا وايناثا تذهب إلى الغابة  التي كانت تعتبر ملكا لعامة أهل القرية , ولا يجوز لأحد الذهاب مسبقا فكان يعاقب بالتحريم في الكنيسة والقرية , لذا كانت الناس تلتزم بهذه الأمور وتكن لها الاحترام خشية من الملامة  وغيرها من الاعتبارات الأخلاقية .وكانت الناس تصطحب معها عدتها  وزادها ومحملة على ظهر الدواب , ولدى الوصول فكانت الدواب تربط بالأشجار بحبال طويلة ليتسنى لها الحركة والرعي بحرية ويحملن عنها الكرتان كي تستريح   وتتقلب على الأرض ( مكافستا ) ولا تتأثر بالحر  فكان لكل عائلة قطع قماش ذو لون خاص  تربط على الشجرة  ليعرف الآخرين أنها محجوزة للشخص الفلاني , لكن لا يجوز الإفراط في هذه الظاهرة , فضلا عن أن للقرية غابات شاسعة من حيث المساحة  والناس كانت تختار  أشجار ذوي الثمار الكبيرة وخاصة للأكل البشري , ويعلق ( دبلة )  عقدة الزاد وكذلك الماء الذي كان يوضع في أواني خاصة  كي يبرد ويحتفظ بالبرودة  ويسمى  ب ( جودة ) المصنوع من قماش الجوخ الخشن بالشجرة كي يكون في الظل ويلامسه تيار الهواء  ويكون بمأمن  من تسلل الحشرات  وخاصة النمل الصغير ( زيزرتا ) ثم يبدؤون بنفض فروع الشجرة بعصا طويلة تسمى ب( شقلا ) أو هز الشجرة إن كانت صغيرة فيتساقط البلوط مخلفا قوقعته كالمطر على غطاء  قماشي موضوع مسبقا ( مرشا ) وبعدها يجمع البلوط المتساقط  ويوضع في علب فماشية ثخينة ( تليسي – جوالي ) أو في علب قماشي منسوج يسمى ب ( خركا ) والذي يمتاز بكفتين متساويتين من حيث المساحة ثم يخيط بخيوطه المتدلية منه والمسماة ( شلالي ) الخيوط الثخينة. ويؤتى إلى البيت ليوضع في أماكن مهيأة مسبقا تسمى ( كوزكي ) وهي مساحة من الأرض الدائرية الشكل تجدل جدرانها بارتفاعات مترين أو أكثر بواسطة عصي شجرة الخلاف الطرية , وتتكدس هناك إلى حيث الشتاء فيلامسها الهواء والمطر لكي لا تفسد  فتزاد حلاوتها  ويتغمق لونها أكثر فمن الناس من يأكلها طازجة بعد إزالة قشرها , ومنهم كان يضعها في فوهة المدفئة الخشبية بعد إزالة رأسها لكي لا تنفجر وتطفر بعيدا وبعد بضعة دقائق كانت تستوي فيتم إخراجها وبمجرد الضرب عليها بمقبض اليد كانت تنفلق لفلقتين ويزيح عنها القشر وكانت تؤكل بلذة , ومنهم من يضعها تحت التراب لعدة شهور  فتحلو أكثر فأكثر  وإخراجها قبل أن يبرز عقدها( جيلا – بيجا ) وتنمو  وتوكل بعد إزالة قشرها . أما البلوط الناعم الخاص للحيوانات فكانت تعطى لها في الشتاء وخاصة الماعز الذي يندفع إليه بشدة . ويقال للشخص المتسرع مثل سرياني ( بلوطا بشرما دعزا ) اي بلوط في مؤخرة الماعز. وكان الأطفال يلعبون بها أو عليها فيخسر احد الطرفين ما بحوزته من البلوط فيعود إلى البيت خائبا ويقال له هذا المثل السرياني ( ايداتي بش يريخي من اقلاتي ) أي يداه اطول من رجليه فارغا من أي شيء,وكثير من الأحيان كان طلاب القرى الدارسين في المدن يجلبون كميات من البلوط إلى أساتذتهم وزملائهم , ويقال للمكان الضيق ( ايلي مخ قوقستا دبلوطا ) أي شبيه بقوقعة البلوط لضيقه . فكانت هذه الثمرة الجبلية عونا للناس كمادة غذائية أيام الشدة والمحن ( الخلاء) فكان أهل الجبل يتباهون بالصبر وتعزية أنفسهم ويقولون إن جارت علينا الأيام فلدينا البلوط وغيره من خيرات الجبل ( إن بيشلي كبنا ايتلن بلوطي وبيري دطورا  ) لذلك كان أهل السهل يصدرون نكاتا  وطرائف نكاية بأهل الجبل ومن باب الهزل طبعا فقولون ( كاخلي مراقا دبلوطي ) أي يأكلون مرق البلوط بينما أهل الجبل يقولون للسهليين ( أيلي ايخ كتايي د معمل كيجاني وربيي ) أي أنهم كالدجاج المفقسة  الاصطناعية مترهلين . و كان هناك شخص من أهل الجبل يدرس في المدينة ومتزوجا من هناك ومستقرا فيها  وذات مرة أراد أن يزور ذويه في القرى الجبلية فاخذ زوجته السهلية وقصد القرية  التي كانت تقع تحت قمة جبلية شامخة وبعد مسيرة متعبة ومضنية وصل القرية ففرحي الكنه السهلية بالمناظر الخلابة والفاكهة الطازجة وطارت من الفرحة برؤية الحيوانات المختلفة ولدى حلول المساء ففرشوا لها ولزوجها  المنام على الهرزالا  ولدى صعودها لمكان النوم تحدقت بنظر الجبل الشامخ والمطل على القرية فدخل الرعب في قلبها من منظر الجبل فقامت وقالت لن أنام هنا وان قامت القيامة لان الجبل سيسقط علينا ففي الوهلة الأولى ضنوا أهل البيت أنها تمزح لكن من شدة إصرارها تيقنوا أنها جدية فقالت لزوجها المسكين يجب أن نرجع ألان وحالاً فألتم عليها الأهل لإقناعها بان هذا الشيء غير ممكن ولكن دون جدوى فظلت المسكينة سهرانة وتمرضت من شدة الخوف دون أن يغمض لها جفن من سقوط الجبل  وكذلك ذوي زوجها ضلوا ساهرين طيلة الليل لقلقهم عليها وفي صباح اليوم التالي فالح ذوي الزوج بان يرجع بها إلى المدينة فان بقت لليلة أخرى فستجن إن تموت لا محال ,مع شديد احترامي وتقديري لأهلنا وأبناء امتنا الكلدو آشورية السريانية  الكرام من السهل والجبل معا  والسلام .

 Badran _ omraia@yahoo.com    


583
من موروثنا الشعبي
ار- زالا
بدران امرايا
ارزالا اسم سرياني مركب من ارعا - الأرض وزالا -القصب و تعني  ارض القصب  وهي القمرية  الصيفية التي كانت تصنع في قرى أبناء شعبتا الكلدو اشوري قديما لغرض النوم عليها خشية من لسعات الحشرات أولا  ومن حرارة الجو ثانية , فكانت ارزالا عالية  بما يقارب المترين فتكون باردة منعشة في الليل للنوم . وبداية صناعتها كانت  بجلب أربعة أخشاب غليظة من شجرة السنديان القوية ( بارما ) وذات روؤس سباعية  متفرعة على أن  لا تقطع تفرعاتها من الجذر بل تترك نتؤات بأطوال شبر أو اقل لمسكها عند الصعود والنزول , وتسمى هذه الأخشاب الأربعة ( يماتا ) ( صطونياثا ) أي الأعمدة  فكانت تنصب في الأرض بشكل مربع أو مستطيل  بما يتناسب مع عدد أفراد العائلة  التي تنام عليها  , وان كانت ارزالا كبيرة فكانت تدعم بأعمدة أخرى إضافية لتزيد من متانتها , وكانت على الأغلب تحفر الحفر الأربعة  بأعماق  قد تصل إلى نصف المتر  ثم توضع الأعمدة  فيها عموديا وتبنى بالحجر  والطين حولها لكي لا تتزحزح  وتترك لمدة يوم واحد  لكي يجف الطين  وتتقوى  ثم تجلب خشبتين طويلتين تسمى بالسريانية  (قارياثا – قا - اريثا  ) بمعنى للمسك  من شجرة الخورثا  - خورثا بيضاء أي الحور  فتوضعان طوليا  ثم يؤتى بأخشاب ملساء من شجرة الخورثا  وتصف عرضيا الوحدة ملاصقة للأخرى  لكي يغطى السقف كله , ثم يؤتى بخيوط جلدية مصنوعة من جلد الحيوانات المدبوغة المرنة  القوية  فتربط الأخشاب  لكي لا تتحرك  من مكانها  وبعد فترة كان الجلد يجف ويتصلب  فيكون متينا ويزيد من تماسك ارزالا . ثم تجلب رزم من القصب بالسريانية ( زالا) فيتم فرشها على الأخشاب لكي تكون ناعمة الملمس  لا تؤذي الجسم  أو يستعان ب بالسريانية ( بَتورته )  وهي لوحات مجدولة من عصي شجرة الخلاف الطرية وبإحجام  مختلفة  لكي تكون أرضية ارزالا , ولكي لا تنغمس الأقدام فيها  إن كانت أخشابها متباعدة عند المشي عليها ,وكانت تصنع سلم خشبي بارتفاعها  للصعود والنزول منها  او يستعان بالنتؤات الموجودة على الأعمدة لهذا الغرض , وكانت هذه القمرية تقام أمام البيوت حفاظا على سلامة البيوت من الأيادي المتطاولة  ,  وعند المغرب - المساء كانت الافرشة تبسط لكي تبرد وتكون منعشة للنوم وخاصة أيام الصيف الحارة  , أو كانت وجبة العشاء تصعد عليها مع جرة الماء ( تلما ) وتلتئم العائلة حولها واحتساء أكواب الشاي المحضر على الجمر الطيب وذو النكهة المميزة مع التلذذ بالمسامرات الشيقة  من لدن كبار السن  أو قص الحكايات المختلفة وكان الآخرين يستمعون بكل مشاعرهم  أو الكلام عن البرنامج اليومي  وخطة عمل الغد , وهكذا إلى الساعات المتأخرة من الليل حتى يتسلط سلطان النوم على أجفانهم فيثقلها فيقول الضيوف عبارة ( رمشا دمارن بريخا الوخون )  أي مساء الرب مبارك عليكم فيفترق كل واحد لسبيله بين أزقة القرية ثم تخلد العائلة للصلاة والنوم , والأطفال كانوا ينومون في وسط خشية  من الحركة ليلا  والوقوع من على ارزالا وكان السلم يسحب عليها خشية من صعود شيء ما ,  هذه من ناحية الليل . أما النهار فكان الجو حار كما أسلفنا لذا كان أهلنا يقومون بطلي أرضية القمرية بالطين اللزج ( شيتا )  وتجديا الجانبين الشرقي والغربي لغرض الظل بواسطة جذوع السنديان إلى جانب عمل ساقية وتمرير المياه حولها وزراعة النباتات المتسلقة  أو الورود والرياحين  أو ( خطي شاميا ) الذرى وكانت النباتات تتسلق على الجداران المجدولان  وخلال الحر كانت الجداران ترشان بمياه الساقية مع  لمس الهواء للمياه فكانت يتولد رذاذ من التيار البارد المنعش يدفع كل التعب من على كاهل الموجودين ومن هذه الفكرة ابتكرت المبردات الكهربائية المزودة بالتبن وتمرير الماء عليه .هذه كانت قمرية ارزالا  التي كانت تأوي الناس ليلا على سطحها  وفي النهار تحتها . كما كانت تقام هذه ارزالا عند السفر إلى (زوماثا )  أثناء الصيف إلى حيث المروج والمراعي الشمالية وتقام هناك لنفس الغرض كل الصيف وحتى مجيء المطر في الخريف , وخلال الشتاء كانت هذه ارزالا تتهدم من كثرة تراكم الثلوج عليها  وذات مرة قصد حبيب بيت حبيبته إلى منطقة الزوماثا لرؤيتها ولما بلغها فكانوا مسافرين أو راجعين إلى البيوت بمجيء الشتاء ولم يرى سوى  أماكن ارزلا الزهور والرياحين الذابلة فألف أغنية عاطفية شجية حزينة مطلعها ( سيقلي لزوماثا هييييييييييييي ولا خزيلي شوق من شوبا د وردي وريخاني هيييييييي )  فقال قصدت زوماثا ولم أرى سوى أطلال الورود والرياحين الذابلة  والسلام .

Badran_omraia@yahoo.com


584
الامراويين وتذكار مار سوريشوع

                                                                                                                       بدران امرايا
في مطلع تشرين الأول من كل عام تحتفل عشيرة امراويي مارسوريشوع في كل مكان من العالم حيثما وجدوا وبطريقتهم الخاصة وحسبما تتاح لهم الظروف بتذكار شفيعهم القديس مار سوريشوع الذي معناه بلغتنا السريانية (امل المسيح) وشقيقته بارسيا ( الدليلة ) , ومار سوريشوع عاش بين  550 – 620 م ولد في مدينة نينوى مطلع النصف الثاني  من القرن السادس الميلادي كما هو مُبين , وتربى ورعا منزهاً ومعتكفاً نفسه عن كل أمر دنيوي إلا العلم منذ نعومة إظفاره وعلى خبز التقوى والحكمة والنعمة الإلهية الفائضة  ومخافة الربِ على الدوام والعيش باستقامة على هدى الهالة النورانية المشعشعة لحكمة رَبْ الكون عبر كتابه القدير (كتاب الحياة ) بعد أن كبر وتصلب عوده , دعتهُ القدرة الإلهية لان يكون من جندها الأفذاذ مُتزهداَ ومُتنسكاَ وعَالماَ دينيا مُهيباِ على طريقة البر والتقوى والإيمان ,نَذَرَ ذاته البسيطة وداس بقدماه على المال والجاه والسلطة وملذات حياة الدنيا  وبهرجتها الفضفاضة والفانية في نفس الوقت .مفضلاً ومرجحاً كفة العفة والتزهد والتسلح بتلك الفضائل , وَنَشر نور الكلمة الإلهية هنا وهناك ,حيث كانت نفسه وديعة كالحمام وروحه لطيفه كالنسيم العليل المنعش القادم من الوِهاد , وفي مناطق نائية خاض هذا العامل الطوعي في الحقل الإلهي وجاب مناطق عديدة سعياً لحيثما توجد الكتب والمخطوطات ومجالس الملافنة الأبرار ليتتلمذ على ما تجيد به قريحتهم الواسعة ,لإرواء ضماه اللا محدود والتشبع من سطور الكتب المتلألئة بالروحانية والالق الإلهي المشع ,ويتفقه من هديها ويستشف حكمتها المستنيرة وعبقها الفواح المنعش الذي كانت يمد أوصاله بالقوة والحيوية وينشط خلايا روحه المتأججة وتثبت خطاه بالرصانة على هذا السبيل ألخلاصي . ومنها توجه لمنطقة نوهدرا- دهوك وليُشيدَ فيها ديراً تنعش وتستأنس فيه روح المؤمنين هناك من هذا الينبوع الصافي الذي لا ينضب منطلقا من اربائلو ( اربيل ) حيث أمضى سنيناً من شجرة عمره هناك ليس لشيء سوى التعمق الروحي والفكري والاستظلال بفي تعاليم ملافنة أديرتها العظام, ومن ثم لدير ايزلا الكبير الواقع قرب مدينة نصيبين جنوب تركيا الذي لعب دورا رياديا في مسيرة كنيسة المشرق العظيمة وليسترشد بتعاليم مؤسسه العظيم ابراهيم الكشكري ,وغدَ شلالاً هادرا يتدفق بالروح والحكمة الراجحة ,صال وجال هذا القديس فساحة السهول ولحاف الجبال وبطون الوهاد حتى استرشدهُ وقاده النور الإلهي إلى منطقة نوهدرا ليبني ديراً هناك باسم ( عاوا شبيرا) أي الغابة الجميلة , الواقع في المنطقة الحدودية العراقية التركية ,والتي تمتازُ بكونها مناطق أو لوحة فنية طبيعية ذو جمال آخاذ تستأسر الأفئدة والألباب بخلفية سماءها المرصعة ببياض الغيوم والمتدرجة بزرقتها الداكنة من الأعالي  وبتلاشي تلك الزرقة لبياض ناصع تنيره خلفية سلاسل جبالها الشاهقة والمكتظة بنِعم الطبيعة من الخضار والفاكهة والاحراش وتليها التلال بتعرجاتها صعودا  وهبوطا  ومن ثم مسطحات أرضية خضراء بهية تشرح القلوب  وتشحن النفوس اليائسة بدفق الآمال والتطلعات الزاهرة  من السهول والمروج الزاهية بطيفها اللوني ,تتخللها مجاري لجداول وساقيات المياه الرقراقة العذبة والمنحدرة جنوبا والمتدفقة بالأحياء لتكون هذه البقعة اسما يطابق المسمى بالحرف الواحد ,ويظهر الذوق الفني الرفيع لهذا الطوباوي الجليل , فاتخذ هذا القديس من مروج هذه المنطقة مقرا ومستقرا لرأسه مع أخته القديسة بارسيا والتي تعني ( الدليلة ) حيث استقرا في صومعة حقيرة بكهف محفور في لحف جبل الشامخ هناك , ذلك الجبل الذي استمد اسمه من اسم مار سوريشوع ,ظل هذا القديس يحاكي رب الطبيعة الساحرة وقوته العظيمة واعتكف على العزلة والصمت والتأمل والصلاة والخلوة والسباحة الروحية في تلك الآفاق الرحبة مع آيات الله بخشوع وعفة وتزهد ,وبفضل خصاله المحمودة وتأويلاته السديدة أصبح قبلة المساكين والمرضى   والمعدومين وممن جارت وقست عليهم الحياة والزمن. فقصدته جموع الناس مسلمين ومسيحيين للتلمس من فيض بركات خالقه وعلى يداه الطاهرتين , وظهرت قوة الله على يداه فشفى المرضى وطرد الأرواح الشريرة  ونسبت إليه الكثير من المعجزات والتبصر بعواقب الأمور, وبذلك ذاع صيت حسناته  وعفته الكبيرة في المنطقة , فاستقطب حوله عدد من التلاميذ العطاش والعشاق للنعمة الإلهية الفياضة بالبركات الروحية , وبذلك كان نواة حسنة لجمع واقتداء المؤمنين بفضائله وتكوين جماعة صغيرة والبدا بتأسيس ديراً يؤويهم ويسد حاجاتهم الروحية والمادية , ولدى انتقال مار سوريشوع لجوار ربه ,وري جثمانه الطاهر في ذلك الدير الذي حمل اسمه المبارك , وكذلك القديسة بارسيا لدى وفاتها دفن جثمانها النوراني في مزار جبلي إلى الجانب الغربي لدير شقيقها سمى المزار باسمها الخالد و وبدأت الناس تستظل وتتلمس الحماية بجوار هذا الدير وبالأخص عائلتان نزحتا من منطقة تياري العليا بهكاري ( جولمرك ) وهما عائلتي  ساكو ابن مرخائيل ابن يونان ابن الشماس شمسو  ومنه نشا وامتد جذع بيت آل ساكو والثاني هو القس إسرائيل الذي كان له ثلاثة صبيان وهم بازو والذي امتدت منه عائلة آل بازو والقس يوسف والقس اسطيفان والد يوسف زوج كهاري والذي منه امتدت عائلة آل كهاري . وشيدت البيوت وتفرعت العوائل آخذة من الدير شفيعا لها إلى أن وصلت لعشرة بيوت فسميت بقرية ( امرا دمارسوريشوع) والناس سموا بالامراويين  نسبة إلى امرا – عمرا – الكنيسة أو أحيانا سميت القرية ب (أسرا ) أي العشرة نسبة لعدد بيوتها العشرة آنذاك عاش أهالي القرية من كلتا العشيرتين واختلطت الدماء عبر التزاوج وتشابكت الوشائج بينهما امتازت حياتهم بالهدوء وسكينة الطبيعة وبساطة الروح والألفة الحميمة وقاسموا الرغيف والملبس والمأوى والمصير المشترك في السراء والذراء , معتمدين على الزراعة بشكل عام وتربية الحيوانات المختلفة , وماتدرُ عليهم الطبيعة من خيرات وأعمال متفرقة أخرى . وكان الامروايين يحيون في مطلع تشرين الأول من كل عام ذكرى انتقال شفيعهم إلى الاخذار السماوية ( شيرا  دمارسوريشوع) بنحر الذبائح وتوزيع الخيرات على الفقراء والمحتاجين  ومن إلى ذلك من الصدقات , تيمنا بتلك الذكرى الميمونة والمحفورة في صفحات قلوبهم المتلهفة له, والتي ستظل منارا هاديا لهم حيثما حطوا الرحال , وفي الثامن أيلول ذكرى ميلاد الأم الحنونة مريم العذراء من عام 1925 نجا أهالي هذه القرية الوديعة من الموت المحتم ضمن المسلسل العدواني المحاك والمعد سلفا من قبل الجيش التركي ومرتزقته من عشائر المنطقة لإبادة شعبنا الكلدواشوري السرياني واستئصال شانه من مناطقه التاريخية . لكن بفضل الرب وشفاعة قديسهم وحنكة وفطنة الكاهنان المرحومان عوديشو موشي  وهرمز كورو استطاعا تهريب الامراويين من كماشة ذلك الموت المحقق باتجاه الحدود العراقية , حيث وصلوا لقرية برخ ولم يمكثوا طويلا فيها ليواصلوا الترحال إلى زاخو ضاحية  (كيستا ) ومن ثم استقر بعضهم من آل كورو في  قرية ( هفشن ) و ( بهنونة) المطلتان على نهر خزلا- هيزل إلا أنهم لم يسلموا من النهب والسلب والقتل هناك ليشدوا الرحال وليشيدوا قريتان متجاورتان الأولى باسم اسطبلاني اسم سرياني بمعنى ( اسطبلا الخشب )لتستقر فيها عائلة بي ساكو والثانية بهيري اسم سرياني من مبهرتا أي البهية والجميلة لعائلة بي كوهاري عاش أبناء القريتين المطعمتين والمتشابكتين بين أبناء العمومة والأخوال ما يقارب نصف قرن , وبينما عائلة بي بازو بقيت في قرية هفشن إلى عام 1976 حيث مسحت هذه القرى من الوجود وسويت بالأرض بعد أن رحل أبنائهما قسرا ضمن حملة إخلاء الشريط الحدودي العراقي التركي , وبذلك انفرط عقد امراويي مار سوريشوع أكثر من ذي قبل وتشتت شملهم بين دهوك ونينوى وكركوك وبغداد  ومن ثم المهجر ,إلا أن ما يجمع  شذى والق روحهم هو الرباط والالتفاف الأزلي بشفاعة قديسهم مار سوريشوع وأخته باريسيا حيث لا يحدهم شيء عن إحياء مراسيم وطقس ذكراه العطرة وحسبما تقتضيه الظروف , إلى جانب إطلاق اسمي مار سوريشوع وباريسيا على المواليد الجدد من أبنائهم ,ولهذا القديس مذبح يضم صورته وقيوده وسلسة نحاسية في كنيسة مار كوركيس الشهيد بمدينة زاخو تقصد الناس للتشفع ونيل البركات والاستشفاء. وتضم عشيرة الامراويين عددا من الاكادميين بمختلف المجالات والاختصاصات ورجال الدين وشمامسة وغيرهم , إلا أن ما يدمي القلوب ويحزن الأفئدة هو هجرة غالبية العشيرة وطن الأم العراق الحبيب باتجاه المهجر بعد تردي الوضع الأمني وما ترتب على ذلك من دمار وكارثة إنسانية للشعب العراقي ككل وخاصة شعبنا الكلدواشوري السرياني بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003  واستقر غالبيتهم في استراليا مدينة ملبورن  ويحيون تذكار شفيعهم  سنويا بروح مفعمة بالود والفرح وعقدوا العزم إن شاء الله على أحياء تذكار هذه السنة2011 في الأحد الجديد من تشرين الأول المقبل ..فتحية عطرة لأبناء هذه العشيرة العتيدة والتي تعد برعما باسقا من شجرة امتنا الكلدواشورية السريانية , وشيرا بريخا تودي .

•   المصدر كتيب مار سوريشوع للاب البير ابونا1985  



•    صورة القديس مار سوريشوع



    







586
مجدا لشهداء مذبحة صوريا المنسية !

في 16 من أيلول الجاري تحل علينا الذكرى الحادية والأربعون لمذبحة صوريا التي كانت قرية آمنة من قرى أبناء شعبنا الكلدوآشوري بسهل (صليباني) السليفاني المطلة على ضفاف نهر دجلة بمياه الرقراقة كان أهالي القرية الطيبين يعيشون بجو من الهدوء والمودة والتعاون والألفة يمارسون أعمالهم الروتينية اليومية في القرية ككل يوم وكل حسب واجباته وما يتيح له من أعمال , إلا إن رحى الزمن لم تدور وتشأ أن تستمر الحياة بأجواء تلك الدرة السهلية وعلى ذلك المنوال المرغوب والمعتاد، حيث مع انبلاج نور صبيحة الثلاثاء المصادف 16 –  9 -1969  وبينما كانت مفرزة من الجيش العراقي بقيادة ألبعثي العفلقي السفاح الملازم الثاني عبد الكريم خليل الجحيشي من سكنه محافظة نينوى كعادتها تتوجه إلى المثلث الحدودي العراقي السوري التركي ( قرية فيشخا بور ) مارة بعدة قرى مطلة على الشارع العام ومن ضمنها القرية الوديعة صوريا بحثا عن الفارين من الخدمة العسكرية هنا وهناك وكانت من خصال هذا الضابط ألبعثي المغرور شتم الناس بإسماعهم كلاما خشنا من سلاطة لسانه وإيذاء الشباب ليشبع ميوله العدوانية وعقدة نقصه ,وعند وصول المفرزة للقرية المذكورة توقفت لدقائق معدودات ولم يبخل الأهالي الطيبين عن تقديم ما وجب تقديمه لعابر سبيل من حسن وكرم الضيافة، ثم واصلت المفرزة  شق مشوارها واجتازت القرية بأكثر من خمسة كيلومترات وفجأة انفجر لغم ارضي تحت إحدى سيارات المفرزة المذكورة دون أن تسفر عن خسائر بشرية ، ولدى سماع أهالي القرية صوت الانفجار تناثروا متفرقين كحبات ثمرة الرمان عند وقوعها أرضا هائمين على وجوههم في البساتين والأدغال والأحراش للهروب من بطش هذا الجزار الظالم وعلى اثر الانفجار أمر هذا الضابط المفرزة بالرجوع إلى قرية صوريا وعند بلوغها شرع الجنود بمد طوق ضيق حول القرية وجمع سكانها صغارا وكبارا شيوخا ونساءا في إحدى حظائر الحيوانات القريبة,وفي ذلك اليوم شاء المشيئة الربانية أن يقصد القس حنا القرية قادما من زاخو لإكمال واجباته الكهنوتية تجاه المؤمنين لكن لم يقدر إحياء طقس القداس الإلهي في ذلك الصباح ، ولدى إحضار من وقع في مخالبهم الدموية من الناس البسطاء والعزل انتصب ذلك المجرم وركبّ بندقيته الفتاكة صوب من هم في الحظيرة وكان القس يتصدرهم وأطفال لم يتجاوزا الثلاثة أشهر بأحضان أمهاتهن ولم تفلح محاولات القس حنا في إفهامهم واقناعم بأن أهل القرية براء من الصلة بمصدر ذلك الانفجار  براءة الذئب من دم يوسف حتى وجد نفسه تحت زخة كثيفة  من وابل الرصاص لتجعله يغرورق ويتعمد بدمه الطاهر,وبذلك دارت الدائرة على هؤلاء العزل دون أن يرتكبوا أي ذنبا او مهانة والحصيلة كانت( 38 ) شهيدا و(22 ) جريحا ولم ينجو ممن كانوا في الحظيرة سوى من حالفه الحظ وتستر بين الجثث الهامدة ومن بينهم رضيع كان طفل يرضع من صدر امه وهي جثة هامدة غارقة بدمها ,ورافقت المذبحة قصص استشهادية بطولية مثيرة حيث حاولت الفتاة ( ليلى خمو ) منع الضابط من إكمال فعلته الشنيعة وجريمته النكراء عندما رأت إن والدها الشيخ انبطح ساقطا على الأرض ولكن ذلك الوحش الدموي وجه لصدرها السلاح وارداها قتيلة في الحال ، إلى جانب الفتاة ( كاترين )التي رمت بجسدها النحيل على زوجها لإنقاذه من براثن الموت لكن القلب الفولاذي والعديم للرحمة والرأفة لذلك الضابط المتهور صوب نحوها البندقية وأمطرها بوابل من  برصاص فتراقص جسدها الواهن على أنغام قعقعة الرصاص فاستشهدت في الحال لتسجل آية من نكران الذات وقيم الشهادة والتضحية بأغلى واعز الأشياء من اجل الأحبة وتكون مثلا وقمة للزوجة الوفية والعظيمة ,وسجل هذا المجرم في صفحة ذكرياته السوداء صفحة مطرزة بالخزي والعار من أفعاله الشنيعة ,ولم تشبع ميوله مما أقدم عليه حتى أمر بإحراق القرية وما يوجد فيها مما تدب فيه الحياة ,حتى وصلت وقاحته بأمر المعاون الطبي في ناحية العاصي بعدم إسعاف جرحى جريمته النكراء ,وبذلك تكون هذه المذبحة أول فعل مشين وأول وسام لصليب معقوف رمز الخزي والعار واللعنة الأبدية اثبت إنا أزلام البعث ولدوا وتخرجوا من المدرسة النازية الهتلرية وما اقترفته في ( محارق هولوكوست ) وتصدر هذا العمل اللا أخلاقي قائمة البعث بعد مرور عام وشهر على انقلابهم الأسود  17 – 30 تموز 1968 وجثوهم على صدور وأنفاس العراقيين لما يقارب ثلاثة عقود ونيف وما ترتب على ذلك الانقلاب من مسلسلات المذبح دموية وتدمير العراق أرضا وشعبا وحضارة ولم تسلم منهم اية شريحة عراقية وحتى البيئة والطبيعة نالتا حصتهما ,وبذلك تكون المذبحة هذه باكورة للأنياب الدموية للنظام المقبور الذي كان صائما وفي سبات وتغذى بهذه الضحية الحقيرة ,وعدّها بمثابة رسالة ودرس دموي مهيب ورادع للشعب العراقي ومن يرفع رأسه باتجاههم  ولم تنصف هذه المذبحة بحقها الإعلامي والقانوني المطلوب لتكون على مرأى ومسمع الشعب العراقي والرأي العام .وبعد الإطاحة بالنظام المقبور في 9 نيسان 2003 فما زال الإعلام مقصرا تجاهها  والانكى مازالت القرية على حالها كومة من الأنقاض تعشعش فيها الغربان وتتطاير مناه ذكريات ورائحة الموت منذ 1991 ولحد عام 2007 حيث شيدت مجموعة من الدور فيها لكنها لا تناسب وتضحياتها  وتم فتح و نبش مكان المقبرة وإجراء تحليل على رفات الضحايا قبل عام من الآن فكانت هذه خطوة ايجابية ,ولكن كان من الحري بحكومة إقليم كردستان الإحاطة بها وإنصافها وتعويض أهالي الضحايا ماديا ومعنويا بما فيها إقامة نصب تذكاري يعكس ويجسد ويخلد الملامح الأليمة للمذبحة في بمنطقة وقوعها ( المفرق الحدودي دير بون فيشخا بور زاخو ) إلى جانب نصب آخر لشقيقتها مذبحة سميل ( يوم الشهيد الكلدوآشوري السرياني ) التي حصدت ( 5000 ) شهيدا في 7 آب 1933 بنصب تذكاري بمنطقة مفرق دهوك سميل نينوى ، أسوة بباقي النصب التذكارية العديدة للكرد في الإقليم ، لزيارتهما في الذكرى السنوية من كل عام و ورفع الصلوات على راحة أرواح الضحايا ووضع أكاليل الغار  وإيقاد الشموع على النصبين أو تخليد  هذه المناسبتان المأساويتان على الطوابع المالية ودرجها في كتب التاريخ  أو غيرها من المجالات التذكارية ، لأنهم رووا شجرة حرية الحياة بدمائهم الطاهرة وسطروا تاريخ اممهم بمداد من الذهب وعلى سفر الخلود ،او درج تلك الجريمة المخزية في قائمة اتهامات النظام المقبور,ودرج المذبحتين في الدستورين العراقي الفدرالي ودستور إقليم كردستان العراق أسوة مما تعرض له الأشقاء العرب والكرد والتركمان من المذابح التي ذكرت في الدستورين المذكورين والا سنستشف من عكس ذلك استخفافا واسترخاصا بدماء ضحايا شعبنا الكلدوآشوري السرياني,على مذبح حرية العراق وشعبه, لتعكس الوطنية الحقة والتآخي القومي الفعلي وليس الديني فقط بين الكرد والكلدوآشوريين السريان  القومية الثانية في الإقليم  وانعكاس مفهوم القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية في السلطات العراقية المركزية الى القوميتين الرئيسيتين  الكردية والكلدوآشورية السريانية في إقليم كردستان  العراق وما يترتب على ذلك من حقوق وواجبات ومن أهمها استحداث محافظة في سهل نينوى لشعبنا ولبقية القوميات المتعايشة هناك وإحقاق لطموحات شعبنا المشروعة وفق الدستور وحمايته من الإرهاب الذي بات يلاحقهم في كل مكان ولصرف نظرهم عن مسالة الهجرة  التي باتت مثل السلاح الفتاك لمحو وجودنا القومي في وطننا الأم   ، وختاما نتذرع للرب أن يتغمد شهداء صوريا وسميل والعراق ككل برحمته الواسعة ويمطر عليهم شآبيب الرحمة والرضوان , وينعم العراق والعراقيين بالخير والسلام والأمن والرفاهية., ويعود سالما معافى لمكانته الريادية.بين الأمم ...

بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com
 

                                                                       



587
من موروثنا الشعبي
كتكاتا
                                               
بقلم بدران امرايا
كتكاتا اسم سرياني بمعنى كتا المفردة وهي التين المجفف اليابس , وهي أكلة نباتية حلوة وطيبة تصنع محليا في قرانا الكلدو اشورية  منذ القديم في فصل الصيف  حيث تتوفر فاكهة التين المتنوعة الأسود الأحمر الأبيض أو الأخضر الفاتح  وبأحجام مختلفة. فكان التين في فصل نضوجه يزيد عن حاجة الاستخدام المحلي ومتوفر بكثرة بمناطق معينة من قرانا ,ولم تكن هناك المواد والأجهزة الحافظة كالتبريد وغيرها ,لذلك ابتكر أهلنا طريقة لتصنيعه وخفضه ليبقى على مدار السنة دون أن يفسد او  يفقد طعمه ونكهته ليكون لهم مادة غذائية غنية بسعرات حرارية في فصل البرودة القارص  وهذه العملية متوارثة جيلا بعد جيل . ففي البداية كانوا يستعينون بمادة الرماد الخشبية النظيفة  حصرا فيضعونها في آنية معدنية ويضيفون الماء إليها بكميات كافية ثم غلي الماء جيدا وخبط الماء بين حين وآخر أو إضافة كمية من نبه النعناع  الأخضر فيه ( ننخا ) بالسريانية لإضافة الرائحة الزكية  والمنعشة للتين ثم إخماد النار أو إبعاد الآنية من على النار  وتركها حتى تبرد ويبدأ الرماد بالترسب في قاع الآنية , ثم يصفى الماء من الرماد عندئذ يسمى الماء الصافي ب ( زركي ) المادة القوية المستعملة للغسيل وخاصة الأقمشة البيضاء, ثم يأتون بالتين المراد تصنيعه أو تجفيفه موضوعا في سلة خشبية مجدولة من عصي شجرة  الصفصاف ( خيلابا ) الطرية , فكانت سلة التين تغمس في أنية الماء كليا بحيث يتبلل التين  ثم ترفع فيترشح الماء عنها بعد أن تبللت التين وتشبعت من الماء ثم يوتى ( ببتورتا ) وهي لوح خشبي مجدول من عصي شجرة الصفصاف (خيلابا ) والمسماة بالسريانية ( ربيته ) اي المسترخية والتي كانت تستخدم  لمبيت الدجاج ( ربيتا دكتايي ) وبمساحات مختلفة لقضاء حاجات كثيرة به  فيرصف التين عليه بعد وضعه بمكان مشمس ونظيف وبعيدا عن متناول الآخرين ولمدة أسبوع كانت التين تجف وتتصلب كالعظم فتقلب على الطرف الأخر ليتجفف أيضا , وعندئذ كان المحصول يسمى ( كجكاجي ) ومن ثم تحفظ في كيس قماشي وبعد فترة تبدأ بالتلين وتحتفظ بطعمها ولذتها وطراوتها  وخاصة للمسنين  وعديمي الأسنان , او يتم خرزها في خيط  والمسماة بالسريانية ( قنثا ) وتعليقها بأماكن نظيفة  او يتم خرزها بعصا طويلة  وغمسها في زركي وتجفيفها ووضعها تحت الشمس لتجف وتحفظ على وضعيتها . او يتم فتح التين وجعله مثل رغيف الخبز وعند جفافه كان يشبه الرغيف ,وكانت هذه الأكلة تتصدر مائدة المناسبات المختلفة وخاصة أعياد الميلاد تعطى للأطفال  و واحتفالية القرما أو تضاف إلى حقيبة المسافرين ( قٌرون ) المسيرة وحاليا لم يبقى لهذه الظاهرة مكان  فيستعان  عوضا عنها  بمواد كيمياوية حافظة وغيرها من الوسائل , إلا إن طعم وحلاوة كجكاجي  المصنع وفق طريقة  أهلنا المحلية سيظل يراود مخيلة من أكلوها  حيث كان طلاب المدارس يستعينون بها  لدى ذهابهم للمدارس  لتضيف إليهم كميات من السعرات الحرارية وكان يقال للشخص الذي يقصد مكانا رغم نصحه بعدم فعل ذلك ويرد دون أية نتيجة خائبا ( ايداتي بوش يريخي من اقلاتي ) أي يداه أطول من رجليه ( دسي وخول كجكاجي ) أي اذهب واكل كجكاجي  والسلام .   

Badran_omraia@yahoo.com


588
من موروثنا الشعبي

قرايا
               

بقلم  بدران امرايا 
                       
 قرايا  - قارويا اسم سرياني بمعنى القارئ أو المنادي او (كزيرايا )  بمعنى القادم من الجزيرة وهو طبعا ليس المقصود بالشخص القارئ اي الذي يهتم بقراءة الكتب  والساعي  وراء نور العلم  وما الى ذلك  من المعاني . إنما هو شخص  يمتاز بحنجرة قوية وصوت خشن وعالي النبرات وصافي ( صبيا اخ دما دديكا ) اي صافي كدم الديك  كان يتلى الإعلانات والأخبار المفرحة والمترحة على الهواء مباشرة وبأعلى  ما يمكن من الصوت على مسامع الناس ليضعهم في صورة ما يحدث وآخر الأنباء  والمستجدات وخاصة شؤون وشجون القرية كخبر احتراق بيت او مكان معين فكان القارئ يصعد إلى مكان معين وسط القرية ليتسنى للكل سماعه فيتلى الخبر أكثر من مرة ويحث الناس إلى الإسراع إلى وكان الحريق  لإخماده على وجه السرعة حاملين معهم  ما يلزم لهذه المهمة .أو إعلان خير وفاة شخصا ما فيتلى الخبر بنبرات حزينة او كانت مدامعه تزبل بالدموع وينفجر باكيا على  ذكرالشخص الفقيد محثا الناس لقصد المقبرة لعمل الواجب فالرجال كانت تشد الهمم وتأخذ عدتها لحفر القبر والنساء تقصدن بيت الفقيد حيثما تتواجد الجثة للندب واللطم  والبكاء عليه . وكان المنادي يبدأ كلامه ( هي  يا ناشت دماثا رحماثا لبابو وليمو مني ديازل لبدقورا سبب متلي فلان نخلي ) أي   (هي يا أهل القرية الرحمة على والديه من يقصد المقبرة لان الشخص الفلاني مات ) او ليعلم الناس ان فلان قد ضاع او فلان ذهب ليتحطب ولم يرجع وهلموا للذهاب والبحث عنه , أو موعد ( قطيتا دطربا ) او ( طرايا لبلوطي ) أو ( طريتا لعبصي ) ( زبارا ) العمل المجاني , او لبيع شيء ماء لحث الناس للتجمهر عند البائع في المكان الفلاني  أو اتلاء خبر غزو وسلب قطعان الماشية أو الأبقار أو الاستعداد لأي طارئ  وغيرها من الموافق وكان هذا الشخص أي القاري لا يتقاضى أجرا محددا بل مساعدات مختلفة منها العينية والنقدية من أهالي القرية .. فعندما كان يقول ( هي)  كانت الناس  تقول ( يا الها ) أي يا الله  وتترك ما في يدها وتتجمد في مكانها لالتقاط الخبر بتأني وهدوء ومن ثم كانت الأخبار تسير بسرعة البرق في أزقة القرية من شخص لشخص يتناولون الخبر وحيثياته وتداعياته  وأسبابه وتفسيره حسب معرفتهم ..



Badran_omraia@yahoo.com

589
مجدا لشهداء شعبنا بيومهم الأغر
                                                                                                                            بدران امرايا
 ليس من شك إن الشهادة تعتبر اعلي قيمة إنسانية ومعنوية في  ماضي وحاضر الأمم و منذ فجر التاريخ ,وفي لغتنا السريانية تعني المصادقة وختم الشيء  (سهدوثا ) والشهيد هو ذلك الإنسان المتفاني والمحاط بهالة من القدسية تجعله يسترخص و ينذر روحه لينال هذه القيمة العظيمة والنبيلة لأجل أقدس الأهداف ونبلها مكانة وسموا ، وشعبنا الكلدو آشوري السرياني يعتبر اول شعب لازم وواكب مسيرة الشهادة مرخصا الغالي والنفيس من اجل حبه لامته ووطنه التاريخي بين النهرين حتى وصفت امتنا بأم الشهداء ، وقيمه الإنسانية الشامخة ولم يساوره الشك يوما بالمساومة على هذه القيم والمعاني السامية  لأجل شيء ما، بل تغنى بها في كل مجالات ومراحل حياته وبالمقابل لم يرى من أنظمة حكم  بلده سوى المهانة والإذلال والمذابح المروعة ونكران الوجود وتجزئته بكل ما أمكن  دون وازع من الضمير  وغدت مسيرة هذه الأمة سفرا مجيدا للشهادة منذ عام 1914- 1915- 1918 - 1933 - 1969   وفي مناطقه المختلفة من هكاري - سلامس - طورعابدين - سميل - صوريا ومذبحة كنيسة سيدة أم النجاة  الأخيرة  ومسلسل اغتيالات ابناء شعبنا وتهجيره وإفراغ العراق منه بعد الإطاحة بنظام صدام حسين . ومن جراء ذلك خسر نصف عدده ومناطق تواجده التاريخية وتغيرت ديموغرافيته السكانية ، بحيث خرج من هذه المعادلة أقلية مسلوبة الإرادة مخنوقة المشاعر مشرذمة .كل هذه مورست بطرق فنية بارعة وتجلت قمة هذه الماسي في القرن العشرين والمتمثلة بمذبحة سميل في 7 -  آب 1933 يوم الشهيد الكلدوآشوري والذي أودى بحياة ما يقارب الآلاف من أطفال وشيوخ ونساء  وبقيادة المقبور بكر صدقي  ومباركة السلطة الملكية العراقية  آنذاك وبتخطيط مسبق مع الانكليز  ، ففي صبيحة ذلك اليوم الصيفي الملتهب اسودت الدنيا بوجه هذا الشعب الأصيل حيث نزل فرمان ابادتة وفترات باستباحة دمهم  دون رأفة أو رحمة والمسرحية التراجيدية لهذا الحدث كانت ارض (  شمئيل  )  قضاء سميل الحالي في شمال العراق بحيث رأت العيون مالا تشتهي رؤيته  وسمعت الأذان ما لم تسمعه أبدا  من إبادة اغتصاب أعمال لا إنسانية  يندى لها جبين الإنسانية والتاريخ  وبدم بارد وشعور ميت مقبور .كل هذا  لأجل مطالبته بحقوقه العادلة والمشروعة هذه الدماء التي سالت فوق هذه الأرض المقدسة بالإضافة إلى الظروف الذاتية والموضوعية للأمة وما ترتب عليها لاحقا من معاناة  الانصهار والهجرة والانقسام  الداخلي  وبتدخل عوامل خارجية ,وضعف المعنويات وتمييع في إثبات  الشخصية القومية الذاتية والاختلاط بينها وبين الانتماء الديني والطائفي وحياة المهانة  هذه الظروف مجتمعة خالطت مخيلة ونفسية نخبة من الأبناء الغيارى و الأفذاذ وخرجوا بنتيجة واحدة وحيدة لا غيرها حيال هذا الواقع المزري . وهي  تكمن بتأسيس تنظيم سياسي طليعي قومي  ووفق ايدولوجية عصرية واضحة  الأهداف والاستراتجيات يحل مكان القيادة التقليدية المختلفة لشعبنا والمطالبة  والنضال من اجل حقوقه المشروعة  وهكذا ولدت طليعة امتنا المقدامة  الحركة الديمقراطية  الآشورية  (  زوعا ) من عمق رحم الأمة حاملا آمالها وآلامها شؤونها وشجونها  في 12 نيسان 1979 وبهذا أشرقت خيوط الشمس البرونزية على هذه الأمة في العراق وكانت هذه الولادة هزة وجدانية ورعشة من السبات القاتل ونفخ القوة والعزم في أوصال أبنائها ، وفي ظل ظروف سياسية قاهرة المتمثلة بسلطة النظام ألصدامي البائد ، وبهذا النضال وبإمكانات بسيطة جدا سجلت حضورها السياسي اللافت ضمن خارطة المعارضة العراقية  بقرارها إعلان الكفاح المسلح في 15 نيسان 1982  وسطرت نضالها المشرف وعمدته بدماء طاهرة زكية  ولم يتوانى الرعيل الأول المؤسس لهذه الطليعة عن مسيرة الشهادة وديمومة العطاء والتضحية من اجل قضية مؤمنة بان نيل الحقوق لا يأتي عبر طريق مفروش بالزهور والرياحين  بل بالقرابين والتضحيات  الجسام , وان شجرة حرية الأمم لا تنمو إلا بالدماء  .بعد الانتفاضة الآذارية لعام 1991 نزل رفاق الحركة إلى الساحة وكان هذا النزول كزخات مطر في لهيب الصحراء بالنسبة لأبناء شعبنا التف حولها واكسبها شرعية أول محطة على طريق الديمقراطية بانتخابات عام 1992  حيث فازت ب (4 ) مقاعد برلمانية من أصل  (5 ) المخصصة لأبناء شعبنا آنذاك  وهي من أضفت الطابع الشرعي للمجلس الوطني الكردستاني وعمدته بدم الشهيد الخالد المهندس فرنسيس يوسف شابو  ( شهيد الوحدة القومية ) الذي اغتيل غدرا  عام 1993 وهو الشهيد الأول للبرلمان وما زال قاتله يسرح ويمرح هنا وهناك دون حسيب او رقيب  ، وقدمت أربعة شهداء أبطال قربانا لاسترجاع قرانا في منطقة فيشخابور  وهم الخالدون  ( نينوس وقاتله ما زال يهز قامته في أزقة وشوارع  دهوك - ننوايا - انور - ماجد ) وكانت وراء استحصال بعض حقوق شعبنا بإقليم كردستان  كالتعليم السرياني وجعل مناسباتنا القومية عطل رسمية ولم تتهاون في المطالبة بإخلاء قرانا المتجاوز عليها وتمثيل شعبنا في كافة المجالس الإدارية والنقابات والاتحادات  وغيرها ، إلى جانب مساعدة أبناء قرانا ماديا ومعنويا في الرجوع إلى القرى وأعمارها وربط جالياتنا بالوطن من خلال زيارة وفود الحركة لدول المهجر فضلا عما سجله إعلامها المرئي والمسموع في إنضاج الوعي الوطني والقومي والسياسي .وفي مجال الوحدة القومية  كانت ولازالت الحركة المعول الذي دمر هواجس وحواجز الفرقة بين أبناء امتنا الكلدوآشورية السريانية  وغد تنظيمها قيادة وقواعد ومقراتها البوتقة الوحيدة لوحدة صف أبناء شعبنا ، ومن يتطلع على قوائم شهدائها يتيقن ان الدم الكلداني الاشوري السرياني امتزج في هذه البوتقة  وقبور هؤلاء الأبطال الخالدون شاخصة لمن يراوده الشك  انطلاقا من زاخو وسميل ودهوك وبليجاني وكركوك واربيل وعقرة وبغداد وحتى البصرة وغيرها من المناطق ،أو الاحتفال بالأول من نيسان  رأس السنة البابلية الآشورية  ( اكيتو ) هذا الطقس السنوي الذي دشنته الحركة كعطله رسمية في وجدان شعبنا بحيث أصبح مسيرة تظاهرية بنفسجية قومية وطنية مستمدة من الإرث الحضاري العراقي  .وخلال عملية حرية العراق كان رفاق الحركة بإمكاناتهم الذاتية البسيطة أول من وضعوا أرواحهم على انكفائهم ولبسوا أكفانهم من اجل حرية الوطن وحماية أبناء شعبنا في المناطق المحررة من الانفلات الأمني آنذاك  وأول ما اكتحلت به عيون أبناء شغبنا في تلك المناطق كانت برؤية رفاق الحركة وفتح مقراتهم وتأمين الاحتياجات الممكنة لهم  إلى جانب توفير الحماية للأرواح والممتلكات  . والحضور السياسي لتمثيل هذه الشريحة العراقية الأصيلة في  لجنة التنسيق ومجلس الحكم والجمعية الوطنية  ومجالس المحافظات وفي كل نشاط سياسي ، إلى جانب لملة صف شعبنا  والخروج بتسمية ترضي الكل لتعريفنا في فقرات قانون إدارة الدولة المؤقت  وكانت الحركة المبادرة الأولى إلى جانب المنظمة الآثورية الديمقراطية  وكنائسنا  وأحزاب ومنظمات أخرى  لعقد المؤتمر القومي  الكلداني الآشوري السرياني وخرج المؤتمر بصيغة التسمية القومية  ( الكلدو آشورية  )واللغة والثقافة  ( السريانية )  وهذه التسمية التي يتغنى البعض بهندستها من قبل الحركة  والمؤتمر  متناسين انها مستمدة من اهم مصدر تاريخي ووثائقي وكنسي عند شعبنا وهو كتاب   ( كلدو آشور  ) لمثلث الرحمة المطران الكلداني  ادي شير   بمنطقة سعرد  عام 1912   في  ذات الوقت نرى ونسمع بعض أصوات النشاز تحاول باستماتة وبتحركات وايعازات من خارج السرب تنادي بشق صف الأمة  وتقامر من خلال التسميات التاريخية للأمة ووضع واوات العطف من بين تلك التسميات وكأنها تستعين بواوات العطف لتجمع أقطاب الدنيا الأربعة المختلفة  غير هيابين ما لهذه الواوات من تأثير كإرثي مستقبلا  إن وقعت بين مسمياتنا   ولكن بوصلة المصلحة الشخصية لهم أولا والسذاجة السياسية ثانيا  هي التي تغطي  مداركهم وتعمي إبصارهم  ليرقصوا على هذه الأوتار الحساسة والخطرة  وفي اخطر المراحل السياسية للوطن  مرحلة  ( سن الدستور  العراقي  الدائم )  وعلى أمل أن يتدارك الجميع  أحزابنا وكنائسنا  ومنظماتنا الأخرى  الموقف ليتصرفوا بمنطق وواقعية ويوحدوا تسميتنا القومية بالدستور  دون الاستعانة بهذه الواوات الشرذمة لوحدة امتنا  والقاتلة  لكل أمل وحدوي منشود  في المستقبل .. وبمناسبة الذكرى الثامنة والسبعون ليوم شهيدنا الأغر نقف إجلالا وإكراما لتلك الأرواح الطاهرة التي قدمت على مذبح حرية شعبنا الكلدوآشوري السرياني وشهداء العراق والمجد كل المجد لهم  ..

Badran_omraia@yahoo.com


590
موسرديل ..ارث نهريني يزخر بقيم الأصالة

                                                                                                                      بدران امرايا

 موسرديل او نوسرديل كلمة سريانية مركبة تعني الله يزخ أو يرش ا لمياه ، وهو اسم لطقس احتفالي يعود لقدم التاريخ النهريني حيث استمد من الإرث الحضاري للإمبراطورية الآشورية - البابلية وتحديدا لدى إياب الجيش من المعارك منتصرا غانما على أعدائه حيث كانت تمارس هذه الطقوس الاحتفالية الكبرى  ( نشوة النصر )  في  آشور ونينوى وبابل وفيها كانت الجماهير تصطف على جانبي شارع الموكب المؤدي لبوابة عشتار ببابل لاستقبال ارتال الجيش بصنوفه وتشكيلاته المتعددة للأبطال العائدين من ساحات الوغى حاملين أوسمة النصر والفخر يملا أنفسهم ، وعلى رأس المستقبلين كبار رجالات الحكم والكاهن الأعظم بما فيهم مساعديه وحاشية الملك وعائلته ( ورب شاقا )  رئيس السقاة والأطفال والشيوخ والنساء وكافة الشرائح الاجتماعية الأخرى ولدى مرور موكب القائد العام للجيش  (رب كيسا ) أو ربما في الكثير من الأحيان الملك بشخصه الذي كان يقود المعارك بضراوة لإضفاء روح المبادرة والإيثار في نفسية المقاتلين للدفاع من الوطن ولصد أي مصدر يهدد أمنهم وبلادهم يجرون ورائهم صفوفا جرارة من الأسرى وهم مقيدون بالأغلال يجرون أذيال الخيبة والخسران  . وحال وصول الملك وصفه الأمامي إلى مشارف الشارع تنهال عليهم عبارات التبجيل وزغاريد النساء وحبات من الأرز  وحبوب أخرى وأزهار وأصوات الأبواق والطبول والصنوج مرددين أغاني وأناشيد تضفي الحماسة الخاصة بالغلبة والنصر إلى جانب رش الجنود بزخات من المياه للدلالة على إن المياه عنصر مهم لديمومة الحياة البشرية والحيوانية والنباتية  وعنصر لخصب الطبيعة وللغسل والتطهر الجنود من الدماء العالقة بهم وبأسلحتهم  وتقديم المياه النظيفة والباردة لهم ليكسروا ضماهم حيث كانت هذه المهمة من اختصاص رئيس السقاة في الدولة الذي كان يقود فصيله إلى  مشارف الطرق لاستقبال طلائع الجيش  فضلا عن فصيل السقاة  المرافق للجيش  حيث كانت هذه المراسيم مماثلة لاحتفالات(اكيتو ) الأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية . ولكن بعد انبلاج نور المسيحية في الشرق امتازت بأول طقس وهو المعمودية المقدسة  التي تتم مراسيمها بصلوات خاصة وغطس الطفل أو الشخص المعمد بالماء وتسميته باسم ما  تيمنا بمعمودية المسيح جل شانه على يد مار يوحنا المعمدان في نهر الأردن ... حيث إن كل شخص يدخل المسيحية كالتزام بأركانها المقدسة  وحال زيادة عدد المؤمنين لم يكن بالإمكان معمودية كل واحد على حد لذلك ذهب التلاميذ إلى جعل المؤمنين يبركون  وبدئوا برشهم بالمياه لإتمام هذا الطقس  المقدس ليستمر أدائه ويرى النور في صفحات تقاويم كنائس شعبنا الكلدوآشوري السرياني ليتواصل هذا السفر التاريخي الحضاري القومي الديني الوطني الخالد وأحياءا لهذا الموروث الزاخر والمبارك يقوم أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني صبيحة احد هذا اليوم التموزي الحار بشد الرحال إلى حيث شواطئ المياه العذبة الرقراقة وهذا طبعا بعد إتمام طقوس القداس الصباحي للكنائس وتناول القربان المقدس  ثم قصد مناطق المياه وشوطيها للسباحة ورش المياه على البعض بحيث لا يترك أحدا دون أن يتبلل وبروح مرحه  إلى جانب ممارستها في جو المدن وبطرق متفاوتة وحسب ما هو متاح ولا يسلم المرضى الراقدين في الفراش من زخات تلك المياه  ، اكتسب هذا العيد عبر التاريخ أسماء عديدة إلى جانب ( موسرديل  ونوسرديل -عيد الرشاش - يوم الله - احد نوسرديل - تذكار الاثنى عشر رسولا ... وغيرها ) لذا ومن هذا المنطلق الإنساني علينا نحن المسيحيين عامة والكلدوآشوريين السريان خاصة أن لا ندخر مشاعرنا الاحتفالية بهذا العيد وممارسة طقوسه الجميلة  لنجعله يوما جديدا لتمتين وشائج الاتحاد بين كنائسنا إلى جانب مطالبة السلطات الحكومية لجعله عطلة رسمية لشعبنا وتغطية فعالياته إعلاميا  ، للاستمتاع بطقوس هذا اليوم الصيفي الممتع وبين أبناء الأمة الواحدة التي خصها الرب بوحدة الأرض واللغة والتاريخ والمشاعر والطموحات والمصير المشترك وبمخلص واحد وهو السيد المسيح له المجد وبمياه معمودية واحدة وبكنيسة واحدة جامعة رسوليه مقدسة  ولاستنشاف عبرة الوحدة القومية الكلدوآشورية السريانية من روافد نهري وطننا العظيمان  ( الزاب الأعلى  والأسفل  والعظيم والخابور....الخ ) كيف يلتقون في دجلة والفرات ومن ثم المصير الواحد بكرمة علي و بشط العرب ، وهنا استذكر مقولة أبينا مثلث  الرحمة البطريك مار روفائيل الأول بيداود حيث قال بالحرف الواحد ( خلاص امتنا يكمن بوحدتها  ) إذا لا خلاص بدون الوحدة القومية علينا أن نستذكر هذه المقولة الخالدة ونسطرها بأحرف من الذهب على ضمائرنا ووجداننا وسفر وجودنا ونبتعد عن أسلوب التراشق وتبادل الاتهامات  بين أبناء الأمة الواحدة كما يحدث الآن على المواقع الالكترونية وتبادل الاتهامات الكلام البذي ونبش بطون الكتب  والاستشهاد بكل موقف مشين ودحض أسس حضارتنا وأسمائنا التاريخية وكيل التهم   يمينا وشمالا ودق الإسفين بين أبناء شعبنا بحجج التباكي على هذه التسمية أو تلك وكتابة مقالات محشوة وملئها السم الزعاف غير هيابين بأننا مهما حصل ومهما كتبوا في أوراقهم الصفراء والمسخمة بالسواد  كوجوههم   لن يغيروا من حقيقة إننا شعب واحد بشيء  وان المحطات الانتخابية الماضية أفرزت الرأي السديد والوحدوي من الزيوان المر كالعلقم  وان نستذكر المناقشات البيزنطية العقيمة التي كانت تدور بين حكام  قسطنطينية ومفادها (هل إن الملائكة ذكور أم إناث ؟ والى ما ذلك  حتى خسروا الجمل بما حمل وسحب البساط من تحت أقدامهم ) ..وان نستعد بكل وعي والتزام أنساني وأخلاقي لان نبين وحدتنا القومية العتيدة واصلنا النهريني المتجذر في التعداد السكاني المزمع إجرائه في المستقبل  بحيث أن نكون مصطفين متوحدين ونختار أو نكتب ما يوحي بجمع شملنا  كشعب واحد وأمة واحدة لا نقبل بواوات العطف الفاصلة والتي  ينشدها البعض  القليل من بيننا وممن يسبحون  بعكس التيار الوحدوي   ويتراقصون  على إيقاع أنغامها النشاز والذين يسعون بتوجههم التخريبي هذا لامحاء وطي صفحة وجود شعبنا  ولا نقبل بان نكون متشرذمين نضحك الآخرين علينا .. ونصب الزيت على النيران التي تحرقنا وتقضي علينا ..فإحصائية شعبنا الآخذة بالتناقص يوما بعد يوم في الوطن لا تقبل ولا تستحمل بان نكون مجزئين أكثر مما نحن عليه .. وان أوضاعهم المأساوية وتسلط الإرهاب عليهم  يدعونا بان نستنفر قوانا و نوحد الخطى والخطاب والتوجه والمبادرة بعمل شيء كتحريك الرأي العام العالمي لمناصرة قضية شعبنا والعمل بكل ما من شانه لا يجاد حل  لأبنائنا الذين يقتلون هنا وهناك ومناصرة وحشد الرأي لإقامة أو استحداث محافظة تجمع لم شمل شعبنا والقوميات المتآخية في سهل نينوى  ...لا أن  نحشو المواقع الالكترونية بالكتابات السواء ضد بعضنا وكأنه فخر ووسام العلى وشرف .. فصدقوني بان هذه الكتابان السوداء ستكون في المستقبل القريب  وصمة الخزي والعار مذيلة بشخوص كتابها وسيخجلون منها  على الرغم من أنهم  يتفاخرون بها الآن ... ونوسرديل مبارك عليكم يا أبناء أمتي الأحبة ..


Badran_0mraia@yahoo.com
 .

 

 
   

591
في مالبورن تنظيمات شعبنا تحتفل بيوم الشهيد

بهدف التهيؤ للاحتفال بالسابع من آب يوم الشهيد الكلداني السرياني الآشوري التأم شمل عدد من ممثلي تنظيمات شعبنا في 9 تموز 2011 بقاعة مجلس ( باكن ستريت ) الكائنة في منطقة (ميدوهايتس) وبداية وقف الحضور دقيقة صمت إجلالا وإكراما لشهداء شعبنا ووطننا وشهداء الحرية , وتم خلال الاجتماع مناقشة سبل وصيغ وزمان ومكان الاحتفال بهذه المناسبة التأبينية  الخالدة في ذاكرة شعبنا بكل مسمياته ,حيث تم أغناء الموضوع بالآراء والمقترحات القيمة والاتفاق لعقد لقاءات أخرى مشتركة بهذا الصدد , ودام الاجتماع زهاء الساعتين حضره ممثلي   الحركة الديمقراطية الآشورية محلية مالبورن والمجلس الشعبي الكلداني السرياني الآشوري والمجلس القومي الآشوري الكلداني السرياني .

وفي يوم الثلاثاء الموافق 19 تموز2011 عقدت هذه التنظيمات إضافة إلى حضور ممثلي المجلس الآشوري في ملبورن اجتماعا تكميليا ثانيا بهذا الخصوص في منطقة برود ميدوز وخلالها تم الاتفاق على جملة من القضايا والأمور الفنية الخاصة بهذا الحفل التأبيني. 
 

592
من موروثنا الشعبي
                            نوبا                                         بدران امرايا
نوبا اسم سرياني بمعنى المتناوب ويجمع بنوباني وهو الشخص الذي يقوم بالتناوب في حراسة الغنم والماعز ليلا خلال الصيف , فكانت القطعان الجرارة من الاغنام والماعز تبات في البراري المراعي البعيدة وبذلك يصعب جلبها والذهاب بها في تلك المراعي النضرة وكان الناس تذهب لحراستها ورعيها ليلا وكان النمط الجاري ان يذهب احد الاشخاص ليبات مع الراعي لحراسة القطيع الذي يسمى بالسرياني  (ناطورا)  اي الحارس , وان يبات اصحاب القطيع ايام تتوازي مع عدد روؤس العائدة لهم في القطيع , وعند المساء كان الشخص المتناوب الذي يعرف مسبقا بتناوبه  يعد العدة لهذه المهمة الليلية منها كان ينام في النهار ليشبع من النوم وجبة العشاء له وللراعي والشاي  والماء وكذلك الطعام للكلاب المرافقة والفاس و(نرا  وجوتا ) والحبال فيضعها على ظهر الدابة ويمتطيها ويقصد القطيع مع كلابه وعند الوصول كان سلامه للراعي ( قوتا هاويلوخ ) اي لتكن لك القوة  فكان الجواب ( الاها منخلوخ) اي الله يشفيك وهي على غرار مقولة ( الله يساعدك ) فكان الشخص المتناوب يربط دابته  وسط القطيع لئلا تطأئها انياب ذئاب الليل ويجمع الحطب على وجه السرعة ليحضر الشاي ويفرش وجبة العشاء للراعي وله  وسط القطيع فيقومان بتناول وجبة العشاء (ما اقسمه الله لهما) واحتساء الشاي اللذيذ والمخمر على الجمر ويطعم الكلاب المرفقة معهم  ويتبادلان اطراف الكلام  بشوؤن وشجون الحياة ,الى ان يتغلب سلطان النوم على جفني الراعي فيفرش مكانه ثم يخلد الى الراحة و النوم وسط فراش دافيء وهذا بعد ان يربط حبل ( شلالا ) طوله مترين او اكثر  بعنق الكبش الذي يقود القطيع ويحمل ناقوسا معلقا بعنقه ( رش كوتا ) اي راس القطيع ويشده برجله لئلا يتحرك القطيع في غفلة من الناطور ويصبح تحت رحمة انياب الذئاب والكبش عادة هو الذي يحرك القطيع ويقوده لذا كان يوضع تحت السيطرة ولدى تحركه كان الراعي يستيقظ بفعل سحب او شد الحبل المربوط بقدمه فيوقظ الناطور الذي سرقه النوم  فيقومان بتحريك القطيع في منتصف الليل  ليرعى لمدة ثلاثة ساعات اواقل حتى يشبع  ثم يعودون بالقطيع الى محله الاول المسماة (مخل ) ليستريح القطيع هناك  فيقوم الراعي والناطور باكل وجبة خفيفة ثم يتخلد الراعي ثانية لاكمال نومه والناطور يحرس القطيع ويكون يقظا من تطاول الذئاب ويوقظ الكلاب بين الحين والاخر ,ولدى اقتراب الذئب من القطيع فكانت الاغنام تصدر صوتا مميزا (كفففففففففف ) لوجود الخطر المميت وتلتم على بعضها فكان الناطور يصيح باسماء الكلاب  ويحثها على مصدر الخطر فكانت الكلاب تلاحق الذئب الى ان تنال منه او يفلت منها  فكانت تعود الى محيط القطيع ثانية او كان على الاغلب الراعي اوالناطور يحملان اسلحة مختلفة وعند اقتراب الذئاب يطلقان رشقة نارية باتجاهه فيتوارى بسرعة البرق او ان يقتل , او في الكثير من الاحيان كان الذئب او قطيعها يعاود الكرة اكثر من مرة الى ينال حصته فكانت الضحية تطلق صرخات استغاثة ورويدا رويدا يتباعد صوتها الى ان ينقطع فيلتهمها الذئاب دون ان  يتمكن الكلاب من انقاذها , وكم من المرات انشرد القطيع من الراعي النائم والناطور الكسلان واصبح في قبضة الذئاب وقادته الذئاب الى حيث مرادها  وانفردت  به فكان من عادة الذئاب ان تقتل اكبر عدد ممكن من الحيوانات قبل ان تشرع في اكلها , ولدى ضياع عدد او جزء من القطيع كانت الناس تقصد  الشمامسة والملالي وذوي الاحاجي وقارىء البخت وذلك لسد فم الذئاب على حد بساطتهم وسذاجتهم فكان الملا يعقد احد من الخيوط  عدة مرات وكانه فم الذئب ويقول ان الذئاب لن تقدر على اكلها مطلقا, وذات مرة عقد احد الملالي فم الذئاب لكي لا يفترسوا العنزة الضائعة لاحدى العجوزات مقابل مبلغ من المال, وفي اليوم التالي خرج الناس تضامنا مع العجوزة المسكينة  للبحث عن العنزة فوجدوا جلدها المسلخ فقط مفروغا من لحمها وعظامها , فاشتدت العجوز غيظا وعصبية  فقصدت دار الملا معاتبة اياه فرد الملا قائلا: إن تأخيرها في المجيء اليه كان السبب وعندما قصدته كان العنزة في احشاء الذهب وبهذا تحايل عليها وطويت المسالة . وعند تباشيرالصباح الباكر ( كونيثا – مبدلاتا – مزللتا دبهرا ) كان الناطور يوقظ الراعي بعد ان هيأ له وجبة الفطار وحلب له الحليب وسخنه فكان الراعي ياكل ويشرب و يبرم شواربه كما كان يقال بالسريانية ( خلي وشتيلي وبريميلي سمبيلي ) فيحرك القطيع ( شاقسلي قنيانا ) بالسرياني اما الناطور فيقوم بقطع الحطب ويحمل دابته متوجها للبيت وعند الوصول كان عليه ان يبلغ الشخص الاخر المتناوب , وهكذا كانت تدور رحى ايام اصحاب المواشي الى ان يمضي الصيف وجزءا من الخريف حتى تبدا الدنيا بالامطار ويبرد الجو فكان يصعب البقاء في العراء فكانت القطعان تعود ادراجها الى القرى وهي مسمنة بحيث يصعب على اصحابها  تمييزها ومعرفتها .  
Badran_omraia@yahoo.com





  

593
من موروثنا الشعبي
قطيتا دلوني                     بدران امرايا

قطايا لوني ( كربيجي )  اسم سرياني مركب معناه صناعة الطابوق وهو من الأعمال المهمة  لأنها تعتبر من ضروريات عمليات الاعمار فكان لشعبنا الكلدواشوري السرياني في  مناطق أريافه طرقه المعتادة لهذه الصناعة المحلية  . لذا كان يتهيأ لها في فصل الصيف تحديدا مستغلا الطقس الحار فكان يمد مجرى الساقية إلى حيث التراب الأحمر أو الأبيض  وهي مناطق معروفة  عند أهالي القرى  وتسمى بالسريانية ( خبرتا أو كندي )  الذي يمتاز باللزوجة والتماسك فتترطب الأرض جيدا أو كان يحفر التراب  مسبقا  ويضاف إليه التبن الخشن بالسرياني ( قطرا ) لكي تتماسك جزيئات الطين عندما يجف  الطابوق ثم يرطب بالماء ويجبل  بالأقدام  او بواسطة الدواب الثيران أو الحمير إلى حد التيقن بان بأنه لم يبقى أية جزيئات من التراب  الجاف في الطين , ثم يستعان بقالب  (قلوا ) خشبي مصنوع محليا وبقياسات مختلفة  ويضم مكانا لطابوق إلى أربعة , وبعد التيقن بان الطين حاضر ولزج ليكون طابوقا وتحضير ارض مستوية لوضع الطابوق عليها فكان العمل يوزع بين الشبان ذوي الزنود المفتولة فكان أحدا يصب الطين في أواني معدنية أو بلاستيكية والآخر ينقل الطين إلى حيث الشخص الثالث المشرف على القالب فيفرغ الطين في القالب فيقوم  المشرف بتمرير الطين على فراغات القالب  ويملئها ويستعين بخشبة فيمررها سطحيا على القالب ليكشط الطين الزائد من على القالب ويستوي سطح القالب مع تمرير الخشبة في الماء بين الحين والأخر لكي لا يلتصق الطين بها , بعدها يرفع القالب عموديا من مقابضه الخاصة بتأني ليخلف القالب الطابوق المنضم , ثم يوضع في مكان آخر وبهذا يمتد الصف لمسافات طويلة ذهابا وإيابا . وهكذا العمل لأيام وحسب الحاجة , وبعد عدة أسابيع فيجف الطرف المواجه لأشعة الشمس , ثم يقلب الطابوق بتأني ليواجه الطرف الرطب أشعة الشمس ويجف كذلك  ثم يرص فوق البعض لكي لا يأخذ مساحة كبيرة  من الأرض لصناعة أعداد أخرى إضافية , وعند التيقن بان العدد كاف للبناء مع أعداد إضافية تحسبا للتي تتكسر عند الاستعمال أو النقل عندئذ كان يستعان بسلالي خشبية تسمى بالسرياني (قتبي ) التي كانت توضع على ظهر الحمير تحديدا لقصر قامته ولسهولة وضعها وإنزالها دون عناء  ومشقة ,وحاليا لم يبقى لهذه الصناعة الطينية المحلية أي وجود للاستعانة بالمكننة السريعة والمنتجة واستعمال السمنت وغيرها من المواد لصناعة الطابوق , وكان من مميزات هذا الطابوق الخشبي الدفء في الشتاء والبرد صيفا  ...
Badran_omraia@yahoo.com

594
من موروثنا الشعبي

ظاهرة رنايا 

                                                     
بدران امرايا
                                                                                                                                                                                                                                   
رنايا – ندابا – جنانا وغيرها  كلمات سريانية عديدة  لمعنى واحد وهو الندب أو البكاء على الميت ، وهي ظاهرة اجتماعية مشوبة بالحزن والألم  تمارس في أجواء حزينة خلال كالمآتم والتعازي في قرانا الكلدوآشورية ، وهي مجموعة من القصص والأغاني ذو طابع تشاؤمي تبعث على المرارة ، لازمت الإنسان منذ قديم  التاريخ ،فالحزن ظل مع الإنسان منذ بدأ الخليقة ومنذ أدرك الإنسان ووعى لمعنى الحياة ومرارة الموت وفراق الأحبة ، فالإنسان في هذه الأجواء التعيسة والمؤلمة إن لم يبكي ويفجر مكامن دموعه سوف يتكبت وينحصر ويتألم داخليا ، أو يصاب بصدمة عنيفة تفقده صوابه وتوازنه فيما بعد ،لذلك لدى مقتل أو موت إنسان بغض النظر عن طريقة الموت أو سببه والموت واحد وان تعددت الأسباب كما يقال ، فكانت نساء القرية ورجالها يحضرون بسرعة البرق للتضامن والتآزر مع ذوي الفقيد ،فكان القارئ ( كزيرايا ) بالسريانية  يقصد منطقة عالية مسلطة على بيوت القرية كلها ويملي الخبر على مسامع الناس وبأعلى صوته وعلى اثر سماع الخبر تقوم مجموعة من شبان ورجال القرية ذوي السواعد المفتولة بقصد المقبرة لحفر القبر والبقية الباقية يقصدون دار الميت أو حيث هو يجلسون حول تابوت نعشه وتبدأ النساء أو الرجال ذوي الخبرة  بهذا الفن أو اللون الغنائي والمتميز بنبرته الحزينة وبإطلاق العنان لأصواتهم الرخيمة  ومجموعة أخرى كانت ترد بأبيات أخرى من الأغاني، أو بقراءة آيات معينة من الإنجيل المقدس بصوت أشخاص معينين و بلحن مرير بحيث يفجر مدامع الحضور أو الإشارة بقبسات أو لمحات مقتضبة من حياة المرحوم وخصاله الطيبة من الحب والطاعة والكرم والشجاعة والضيافة أو صفاته الجسمية من الرشاقة والشوارب والقامة ولون العيون أو البشرة  وما إلى ذلك ،وبخلق هذا الجو المشحون بالألم كان الحضور يشتدون في النحاب والبكاء والعويل إلى حد الإغماء على البعض من قوة الشد النفسي والعصبي فينهالون على أنفسهم باللطم ونبش شعر الرأس ودر الرماد على الرأس أو قص خصائل أو جدائل الشعر ورميها على النعش ، أو يؤمنون بأنهم يغسلون الميت ويطهرونه بدموع عيونهم الغالية ، وبهذه الأجواء المؤلمة كان الحضور يشاركون أهل الفقيد بدموعهم ويتشبعون من البكاء ويشفون غليلهم ويداوون جراحاتهم الثخينة  ويكوون  جوارحهم ، وكانت دموع العيون كفيلة لتسيل على نار القلب وتطفئيه وتنظفه من الغم والحسرات الكامنة ، وبعد هذه الظاهرة كان ينظف ويغتسل جيدا من قبل الرجال إن كان ذكرا وبالعكس إن كانت أنثى  ، ويلبس الملابس النظيفة أو التي يوصي بها قبل الوفاة أو بدله الزفاف إن كانت موجودة الشل والشابك  وكانت على الأغلب يضمون بدلات زفافهم ليوم  وفاتهم ، على اعتباره  او اعتبارها عريس أو عروسة رجع إلى أحضان الرب نظيفا  طاهرا  من كل إثم ، وهذه الملابس الفاخرة  كانت تجعل قبر الميت هدفا لا يمكن الحياد عنه لمعاول نباشي القبور من السراق واللصوص  وعديمي الرحمة فيذهبون كخفافيش الليل إلى المقبرة وينبشون القبر  ويخلعون ملابسه ويرمونه في القبر إن كان لديهم ذرة رحمة أو يتركونه في العراء وينقشعون إلى سبيلهم  الأعرج كخصالهم ليرتدوا تلك الملابس أو بيعها فيما بعد . وكم من بدلات الشل والشابك وجدت على قامات أشخاص مزورين يهزون قاماتهم إمام إيقاعات الطبل والزرنا في حفلات الزفاف هنا وهناك ،ثم اللقاء النظرة الأخيرة عليه ومن ثم  يكفن بالقماش الأبيض ( كراوا ) ويوضع على خشبة الاسا  وحاليا في التابوت ويرفعون التابوت لثلاثة مرات ويطأؤنها على الأرض ثم يضعونها على الأكتاف وعندئذ يتزاحم الشباب على حملها لما لذلك من رحمة وخير وثواب ويذهبون بها بخطوات رزنة ومتوازنة وبخشوع تام وراء الكاهن وجوقة الشمامسة وهو يرتلون الطقس الكنسي الخاص بذلك إلى حيث الكنيسة وإقامة القداس رحمة على روحه  ومن ثم الاتجاه به إلى حيث مثواه الأخير ،ويوارى الثرى وفق طقوس كنسية خاصة لا يمكن الخوض فيها الآن . وكانت العادة ولازالت إن الناس  لا يدعون أهل الفقيد المفجوعين بالهم  بطبخ الطعام فيجلبون لهم ولضيوفهم خلال الأسابيع الأولى إلى جانب إن الناس لم تكن تستحمم أو تبدل ملابسها خلال الأسبوعين الأولين إلا بعد اخذ الإذن من ذوي الفقيد احتراما وتقديرا لمشاعرهم المنكسرة ، وكان في القرى عددا لا باس به من هولاء المغنين ( رنايي) المشهورين بصوتهم الشجي وأداءهم المميز بحيث يفلقون الصخر من شدة الحزن ،وهناك أمثلة بهذا الصدد منها ( ميتا شرمو خليتا ) أي مات ومؤخرته أحلوت  ،يضرب لمن كان غير محبذ في الحياة ولدى مماته بكته الناس بمرارة .

Badran_omraia@yahoo.com
     

596
من موروثنا الشعبي
طليبوتا  _  الخطوبة 
                         
بقلم / بدران امرايا
طليبوتا اسم سرياني بمعنى الخطوبة وهي ظاهرة اجتماعية قديمة مرت وما زالت تمر بفترات وتخضع لمراحل تطورية هامة هي حالة  او مرحلة اجتماعية تسبق عملية الزواج بالسريانية ( كوارا بمعنى  كاو- وارا  يدخل فيه او دخول القفص الذهبي  ) و فترة للسؤال عن خصال أهالي او عائلتي الخطيبيــن وا لدراسة والتفاهم بين الخطيبين أنفسهما ، والعملية هذه كانت قديما تتم بطريقة بسيطة وسلسة عند أبناء شعبـــــنا الكلدوآشوري السرياني ، حيث حجرهـــــــا الأساسي  وعمودها الفقري المحوري كان القناعة والإيمان التــــام بالقسمة والنصيب ، والغالب فيها إن أم او أخت الشاب المزمع للزواج كانت العقل المدبر لإيجاد خطيبة لائقة لابنها او شقيقيها على قناعتها ومستوى ذوقـــــــها ،والشاب كان يقدر ويحترم إرادتهما في اختيار شريكة حياته ، لان العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعيـــــــة حينذاك كانت تقف حائلا او هاجسا في طريق التقاء الشاب والشابة والاختلاط  وبناء علاقات الود والــــغرام او العشق فيما بينهما كما هو معتاد في الوقت الراهن من هذا العصر ، وكان على الغالب أمام الشاب تجاه الفتاة هو تلميحها او ألفات نظرها  او تلميحها عن طريق النظر او استغلال فرصة متاحة على طريق النبع او غيرها مـــن الفرص ، الى جانب ان الشبيبة قديما كانــــــت قديمــا اكثرالفتا واختلاطا بين كلا الجنسين في أجواء القرى والأرياف ولكن هذا الاختلاط  كان امتدادا وبناءا علـــى روح ملؤها الإخوة والمحبة والبراءة اللامتناهية ، ولم تكن هـــــــذه الظواهر الفاحشة الملهبة والمثيرة للمشاعر بين كلا الجنسين وغيرها من الأفكار الهدامة المسائل المتدنــــــــــية  معروفة ومنتشرة على هذا النحو العالي ، ولدى وصول عمر الشاب للزواج وغالبا كان يحث مبكرا باتجاه  هذه المرحلة المصيرية لبناء ذاته والاتكال على نفسه  فيما بعد وفتح بيت جديد له ،فكان الشاب يقول لامه اذا كان هذا  يتصف بالجرأة الكافية لذلك بان فلان فتاة تملأ عيني او دخلت قلبي  او ميل نحوها  بإحساس معين ،او كان الوالدين هما يلحان عليه في الزواج ، فكانت الام او الشقيقة تنتهز فرصة للخلو بتلك الفتاة واخذ رأيها بالشاب ، وإذا سكــــــــتت او خجلت او ضحكت  فهذه كانت علامات الرضا او استنفرت من الفكرة فيعني الرفض ،عندئذ كانت الام تذهـــب لبيت الفتاة وتطلب من أمها  ( بتختا داورخا ) أي فتح الطريق لمجيء الخطاب ، وكانت ام الفتاة تمهل لفـــــترة أسبوع حتى تأخذ برأي الفتاة والعائلة اجمع ومن ثم ترسل خبر الى ام الشاب فتقول اما لكم طريق او لا وفــــي حالة لا فكانت المسالة تموت عند ذلك الحد ،ولكن العكس فكان مجموعة من الوجهاء وأهل الشاب يقصـــــدون  بيت الشابة وعلى خلـــــفية موعد محدد مسبقا بين الطرفين ولدى الوصول وتبادل التحايا والجلوس ، فكان يضيف الضـــــــيوف بشاي او القهوة فكان الخطابين لا يشربون شيئا ،فيقول والد الشابة تفضلوا البيت بيتكم ، فيرد احــــــد الخطابين البيت عامر بشيمة اهله لكن لدينا طلب عندكم وهي القرب منكم  ، فيرد والد الشابة :  (طلبكم مجاب على العــــــين والرأس ،والبنت بنتكم وسأجعلها حذاءا في قدمكم مع تقديري العالي لكل بنت وأخت وأم   ) للدلالة على التواضع  والاحترام الكبير فقط وليس انتقاصا من مكانتها الاجتماعية ،عندئذ كانــــــوا يمدون أيديهم  فيشربون ما هو أمامهم ، ثم يدخلون في تفاصيل المهر والذهب وغيــــــرها مــــــن الحاجات وبعد الاتفاق على هذه الأمور مجتمعة  فكانت الشابة تجلب شيء آخر للشرب او الحلوة فيتصافحون ويقبلون رؤوس بعضهم البعض، او ربما كان الأهل يتفقون او يقطعون العهد بالتزاوج ويتوعدون بان هذه الطفلة ان ماتت فهي للقبر وان بقيت فهي لهذا الطفل عندما يبلغون من العمر السن المناسب  ويقال بالسريانية  ( ان ميتلا تا قورا وان خيلا  ايلا تا فلان يالا ايلا  )، او يتبادلون فيما بينهم ( الكصة بالكصة ) أي فتاة مقابل أخرى ،وهناك امثلة كثيرة بخصوص الزواج  منها ( كورت كرا وشبرا بايدوخ ) أي تتزوج البرص والسكين بيدك ، و( كور ساوا وخل لخما طاوا ) أي تزوجي المسن وكلي الخبز الجيد ، ( اد كاور ولا مباقر مارمل ولا رايش) أي الذي يتزوج ولا يسال يترمل ولا يشعر، ( خزي يما وشقل براتا ) أي لاحظ الام وتزوج البنت ،(تراري خسبتا لكما وبراتا  كي دميا  ليما ) أي طاسة مخسوفة على الوجه والبنت شبيه بالأم  وغيرها من أمثالنا الشعبية  الوفيرة . لكن في وقتنا الراهن اندثرت الكثير من هذه القيم التراثية القومية الثرية وحلت محلها عادات غريبة وعجيبة .





597
من موروثنا الشعبي
 (رندولا ) الحقيبة الجلدية   
             

بقلم بدران امرايا
(رندولا ) كلمة سريانية مركبة بمعنى ( رنة الطبل ) حيث كان صوتها أشبه بالطبل وهو إناء جلدي أشبه بحقيبة واسعة الفوهة محكمة وقوية كان يستعان بها قديما أبناء شعبنا الكلدوآشوري في قراهم الجبلية لغرض جني الحب الخضراء ( البطم والبيوك) فيه باعتبارها مواد ذهنية وذات لزوجة يصعب لمسها و وضعها في أواني  من خامات أخرى، لذا كانوا مضطرين لصناعة او اختراع شيء يقضي حاجتهم  منطلقين من مقولة( الحاجة ام الاختراع ) لذا ذهبوا إلى جلب الجلد الحيواني الذي كان متوفر عندهم بكثرة وتنظيفه ودباغته بدقيق قشور الرمان (كمرا ) والرماد المحلل(زركي ) في المياه الساخنة ليكون الجلد لين ،وسهل الاستعمال ثم يفصل حجم الحقيبة ويخيط بعدها يستعان بعصا طرية  من شجرة الرمان وتقوس على شكل حلقة دائرية وتربط لتبقى دائرية وبالحجم المراد ثم تمرر ألحوافي العلوية للجلد فيها وتقلب حول الحلقة الدائرية ومن ثم تخيط لتختفي العصا ويستعان بقطعة جلدية طويلة وناعمة (حزام ) لتخيط إطرافها الاثنان بحافتي الحقيبة لتكون يدة  او حمال لحملها عند الاستعمال في جني الحب الخضراء حيث كان الشخص يصعد على الشجرة المذكورة حاملا هذه الحقيبة المسماة بـ (الرندولا)  معه ليقطع عناقيد  البطم  لتسقط في هذا الإناء وبعد أن يثقل حمله يمرر من خلال حبل طويل به إلى أسفل الشجرة لشخص آخر ليستلم الرندولا وينفض العناقيد فيه لتسقط البطم منه  فيرمي مخلفات العناقيد أما البطم فيضعها في آنية أخرى ثم يسحب الرندولا من قبل الرجل الصاعد على الشجرة  بواسطة الحبل ويستأنف عمله ثانية  مستعينا بعصا طويلة رأسها مقوس لتمرر إلى الأغصان العالية والتي ليس بالإمكان الوصول إليها  وانحنائها لجني عناقيدها وهذه العصا كانت تسمى بالسريانية ( جلاكي ) لرأسها المقوس ..


Badran_omraia@yahoo.com



                                                                                                                                                                                                                         
           

598
اكيتو ارث حضاري.. وعمق إنساني عراقي   

بدران امرايا
للأول من نيسان معاني ومدلولات حضارية عميقة وعظيمة فهو يمتد إل 6761عام وهذا الرقم او التاريخ  يستخلص  بإضافة 4750 عام ق.م السنة التي انتهى فيها الطوفان الكبير بموجب لوح طيني مكتوب بالخط المسماري إلى السنة الميلادية 2010عام ،ويرتبط هذا الطقس الاحتفالي بالقيم المثيولوجية الروحية والجمالية وتقاسيم الزمن عند الإنسان الرافد يني العراقي الذي يعود إليه الفضل في مراقبة الفلك حركة الكواكب والنجوم وعلى ضوءها وضع تقاسيم السنة 365 يوم للفصول الأربعة  ولـ 12 شهر وسماها ( نيسانو- ايارو – سيمانو – دوزو – آبو – اولولو – تشريتو – ارخمسنا – كسليمو – طيبيتو – شباطو – ادارو ) واليوم لـ 24 ساعة  والنظام الستيني الساعة لـ 60 دقيقة  والدقيقة لـ 60 ثانية وتوصلوا إلى تطبيق النظريات الرياضية وابتكار الساعات المائية والشمسية  وغيرها من التفاصيل ،وأطلقوا على هذه الظواهر الطبيعية أسماء عديدة حيوانية وآدمية و خرافية وإلهية  مثل( آنو – انليل – ايا – ادد – ننليل –انكي –ابسو – سين – اوتو – ننكال ..الخ ) من خلال مراقبتهم للكواكب بمراكز رئيسية خاصة للرصد في اربيل والوركاء وسبار،وبواسطة عدسات من حجر الكرستال كما بين علماء الآثار ،وهذا الطقس يمثل أو يرمز لانتصار قوى الخير على الشر( تيامات ) وتجدد الحياة وانبعاثها وخلودها روحيا فبنزول انانا – عشتار آلهة الحب والجمال والخصب رمز الأنوثة والتي تتجسد بالنجمة الثمانية ( كوكب الزهرة ) المع الكواكب إلى العالم الشر السفلي ( شيؤول ) حيث يكمن حبيبها الراعي ( تموز) وهو بين مخالب نركال اله ذلك العالم السفلي المظلم ، وإنقاذه من براثن ذلك العالم التحتاني ، والذي بقى فيه طيلة فصلي الخريف والشتاء  فصلي الفقر والقحط والسبات ، واتحادهما والتزاوج فيما بينهما لبعث بذور الحياة وتجددها وثمرة تزاوجهما المقدس هو حلول نيسان أي نيشن  بالسريانية ( الرمز )على سطح الأرض المتمثل بتلاقح  وتزاوج عناصر الطبيعة من بذور النباتات وتكوين براعم جديدة واكساء الأرض بحلة طبيعية خضراء زاهية براقة محثة الأحياء الأخرى على التزاوج و التكاثر وتكوين أحياء جديدة تلاؤم حلة الطبيعة الجديدة أيضا ،فبحلول الأول من نيسان من كل عام ، كان أبناء الرافدين بناة الحضارة الإنسانية ، يحيون طقوس إنسانية روحية احتفاءا و تمجيدا بمكانة هذه المناسبة المباركة، ففي نهاية شهر آذار ( آذارو ) وإطلالة نيسان ( نيشانو ) كانت الإمبراطورية البابلية- الآشورية تستنفر قوتها لاستقبال مراسيم هذا الطقس النهريني الخالد الذي يتغير فيه التوقيت الشتوي للصيفي، فقد كانت كل مؤسسات الإمبراطورية الدينية والسياسية والأجهزة الأمنية  تتأهب لذلك و بهمة رجل واحد ، فكانت تتواصل الوفود القادمة من أصقاع الدولة ومدنها ( اربيل  اربا ايلو – اكد – نمرود كالح – اوهاي – زالين قامشلي – سومر – اورميا – شروباك – نبور – ادب – دور شروكين خرسباد  – نصيبين-  اريدو –كيش – نوهدرا دهوك – ميشان – اربخا كركوك – ميافارقين دياربكر- مردي مردين – الوركاء – اور – لارسا – الحضر – نفر- ايسن – اشنونا – اروك- وغيرها ) الى حيث معبدي آشور ( شورايا ) البداية التي ليست لها نهاية ، ومردوخ صاحب الذبائح في بابل حاملين معهم تماثيل معابد مدنهم الفرعية إلى حيث المعبدين الرئيسين ( آشور ومردوخ ) وإحياء طقوس دينية معقدة و تعبيرية تمتد لاثني عشر يوما متتالية  دون انقطاع ولكل يوم طقسه الخاص ، وكانت الحشود الجماهيرية من الإمبراطور أو الملك وحاشيته والحكام والوزراء والأمراء الكاهن الأعظم والكهنة بجميع رتبهم وقادة الجيش والقوى الأمنية وكافة والعلماء والمؤرخين والقضاة وممثلي كل المؤسسات وملوك ومماليك دول مجاورة يدعون للمشاركة ، فكانت هذه الحشود تتراصف بشكل مسيرة كبيرة وطويلة يتقدمهم جوقات الأطفال حاملين أزهار نيسانية  تليهم صنوف الجيش المختلفة المشاة والخيالة ومن ثم عربات تجرها الخيول ومزينة بأبهى صورها يمتطي الإمبراطور أو الملك إحداها وهو يلبس بزة زاهية تعكس براقة نيسان  يتوسط رجال أشداء ومقاتلين أفذاذ وحشود عارمة من عامة الناس حاملين سعف النخيل وأغصان الأشجار الخضراء وعلى أنغام ارتال الفرق الموسيقية ودقات الطبول تعانق عنان السماء وزغاريد الاطفال والنساء من على شرفات البيوت والقصور المطلة على شارع الموكب مارين ببوابة عشتار ببابل  ممطرين المارة بالازهار وحبات الحبوب الارز – الحنطة – الشعير .. الخ رمزا لبيادر الخير والبركة إلى ساحة الاحتفال الكبرى ( معبد ايساكيلا ) ، منطلقين من معبد  (اكيتو ) البيت المقدس او الذبائح والى حيث هيكل الآلة  مردوخ الذي تفوح منه عبير البخور الفواحة وعلى ايقاعات انغام وتراتيل الكهنة مهيئين الجو للصلاة ،وكانت طقوس الأيام ألاثني عشر تتم بهذا الشكل ؛ مسيرة الاستعراض المنوه عناها * اليوم الأول كان يمر في الصلاة والعبادة والخشوع وتلاوة التراتيل بأصوات عالية ، * وفي الصباح الباكر لليوم الثاني وقبل شروق الشمس كان الكهنة يقصدون نهر الفرات للتغسل والتطهر وارتداء الملابس البيضاء تمهيدا  لدخول هيكل مردوخ للصلاة  فيه وإقامة الصلوات لمردوخ بمشاركة واسعة للناس وفي جو من السعادة الغامرة ، *وفي اليومين الثالث والرابع كانت الصلاة تبدأ قبل بزوغ  أشعة الشمس وخلالها كان الملك يقصد هيكل برسيبا لجلب تمثال نابو نجل مردوخ حامي الألواح  * واليوم الرابع كان الكاهن العظيم يعيد قراءة قصة الخليقة البابلية ( اينوما ايليش ) وانتخاب كهنة لمعابد  ايساكيلا و برسيبا  وبابل * واليوم الخامس كانت الصلاة في معبد ايساكيلا من الصباح وحتى المساء وتقديم الذبائح وكان الملك يشارك الصلوات مع كبير الكهنة والأخير كان يغطس يد الملك في دم الذبيحة ويضعها أمام تمثال مردوخ وبهذا كان الملك يتنازل عن صولجان والتاج وشارات الملك ويضعها أمام الآلة مردوخ ويصبح كعامة الناس وهو يتبارك أمام مردوخ  يصلي ويدعو المغفرة لخطاياه ،وكان كبير الكهنة يصفع أو يلطم الملك على خده وان أدمعت عيناه فكانت دلالة على مغفرته وقبول مردوخ لصلواته، ورش المذبح بالمياه المقدسة وتطهيره بدم الذبائح وتبخيره بالبخور الزكية وفي المساء كانت الذبيحة تلقى في نهر الفرات تكفيرا عن الذنوب للعام الذي مضى وخلال تنازل الملك عن الملوكية او الحكم كانت تعم الفوضى في الدولة لعدة ساعات ليعرف الناس قيمة الحكم والسلطة ومن ثم يستلم الملك الشارة الملكية فتعم سلطة القانون والأمن ثانية وهذا اليوم يعرف بـ (كذبة نيسان ) والذي أصبح ظاهرة عالمية يجوز فيها الكذب وانتقلت الظاهرة إلى اليوم الأول من نيسان * اليوم السادس كانت تصل و تستقبل تماثيل الآلهة من مدن الدولة وتوضع تحت حماية ورعاية مردوخ ،  *واليوم السابع كان مردوخ يتوارى عن أنظار الكهنة وعامة الناس * وفي اليوم الثامن كان مردوخ يظهر في معبد ايساكيلا وتتحد الآلهة فيه لتتوفر الخصوبة * أما بخصوص اليوم التاسع فليس هناك أية معلومات عن طقسه الاحتفالي لتهشم اللوح الأثري لذلك اليوم مع كل الأسف *أما العاشر كان يقام حفل كبير في معبد اكيتو وكان معبد آشور يزين بالأعشاب الخضراء للدلالة على الفلاحة وكثرة الزراعة ومردوخ كان ينقل من ايساكيلا  الى مجلس الآلهة ، * وفي اليوم الحادي عشر( يوم الفرحة ) كان مردوخ يصارع الأرواح الشريرة ومعلنا الانتصار عليها وعلى تيامات ، * وفي اليوم الثاني عشر يوم مسك الختام كان نابو يرسل من معبد ايساكيلا الى برسيبا وترد جميع الآلهة إلى أماكنها الأصلية ،  وغيرها من الطقوس الكثيرة التفصيلية والتي لا يسع المجال لذكرها ، وظلت هذه الطقوس تمارس طيلة الحكم النهريني السومري – الاكدي – البالبلي – الآشوري دون الحياد عنها قيد لنملة ، وبعد سقوط الكيان السياسي النهريني بسقوط نينوى 612 ق م والبابلي 539 ق م  انحسرت ظواهر الاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية العظيمة بسبب تعاقب اجناس غريبة على حكم بين النهرين وأدى ذلك إلى تشويه و طمس الكثير من المعالم الحضارية النهرينية الجميلة  ،لكن مع الأسف الشديد أهملت هذه المناسبة وغيرها من قبل عامة الشعب العراقي وكأنها تراث غريب جاء من وراء الحدود ، ما عدا أبناء شعبنا الكلدآشوري السرياني الذي حافظ عليها بطرقه الخاصة ومارس طقوسها بطرق بسيطة خلسة من عواقب قبضة السلطات الحاكمة ،وربما لا ترتقي  إلى عظمة وقدسية هذا الإرث الحضاري الإنساني الثر، فبحلول الأول من نيسان كان أبناء هذا الشعب يضعون حزمة من أعشاب او أزهار او سنابل الحنطة مجدولة من العام الفائت وتسمى بـالسريانية ( دقنا دنيسن) اي لحية نيسان، على شرفة الباب او مدخل البيت ، ولم يتسنى لهم إحياء تفاصيل هذه المناسبة الوطنية العراقية الحضارية خوفا من براثن السلطات الحاكمة بحجة تأجيج المشاعر القومية عند أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني وكأن المناسبة هي حكرا خاصا بهم وكذلك التسمية بمسميات حضارية عراقية  آشور – سنحاريب –نارمسين - سركون – نهرين – كلدو -...الخ  وانفرد شعبنا بهذه التسميات العراقية الأصيلة  ، وان هذه لهي نقطة فخر واعتزاز يجب أن تسجل في الذاكرة الوطنية العراقية لشعبنا ويكافأ عليها ،وفي 12 من هذا الشهر المبارك عام 1979 م  ولد من رحم معاناة التقسيم والشرذمة والاضطهاد وطمس المعالم القومية لامتنا فصيل سياسي وطني قومي سمي بالاسم الآشوري ( الحركة الديمقراطية الآشورية  ) ( زوعا ) الحضاري النهريني والذي دام حكمه زهاء ألفين عام استلهم القيم والمعاني وراية رمزه النسر الرافديني تتوسطه  قرص الشمس نجمة بابل الرباعية  من الإرث الحضاري النهريني وانتهج النهج الواقعي والحيادي في سبيله النضالي من قبل رعيل شبابي  جامعي مؤمن بالقضية القومية وعدالتها حتى النخاع ، ووسط ظروف سياسية قاهرة ، وفي 15 نيسان من عام 1982 التحق بالفصائل الوطنية العسكرية المعارضة ( النضال السلبي ) وقدم كوكبة خالدة من الشهداء الأبرار على مذبح الحرية ، مثل شعبنا في كل محطات ومنابر وفعاليات المعارضة العراقية داخلا وخارجا ، وخلال الانتفاضة المباركة عام 1991 في كردستان  حيث ساهمت الحركة  مع بقية الفصائل السياسية في تنظيف المنطقة من أزلام النظام السابق وافتتحت مقرات لها حيثما تواجد شعبنا الكلدوآشوري السرياني وحازت بأربعة مقاعد من أصل خمسة والمخصصة لشعبنا في برلمان إقليم كردستان العراق عام 1992 وكانت وراء استحصال الموافقة بالتعليم السرياني تشريعيا ودعم نجاحها ومواصلته واستحصال حقيبة وزارية  وجعل الأول من نيسان ( اكيتو ) رأس السنة البابلية الآشورية عطلة رسمية لأبناء شعبنا والاحتفال بالمناسبة لمدة اثنا عشر يوما  بمسيرات بنفسجية عظيمة في محافظة دهوك واربيل ودعوة وفود من مؤسسات المهجر والفنانين للمشاركة بها  وتقديم عروض رائعة والاحتفال بيوم السابع من آب يو م الشهيد استذكارا وتخليدا لمذابح سميل عام  1933 والاحتفاء بالأول من تشرين الثاني من كل عام بيوم الصحافة تخليدا لذكرى أول صحيفة باللغة السريانية ( زهريرا دبهرا ) عام 1849، وساهمت بفعالية في إنضاج الوعي القومي والوطني والسياسي لشعبنا وبشرت بالوحدة القومية ونبذت الطائفية ، فكانت البوتقة الوحيدة التي جمعت كل أطياف ومسميات شعبنا فيها ، وساهمت في إعادة بناء قرى شعبنا ماديا ومعنويا من خلال تأسيس اللجنة الخيرية الآشورية  والمنظمات الأخرى ، ولم تتوانى في مساعدة شعبنا في أحلك الظروف والمطالبة بحقوقهم ورفع الغبن عنهم ، وناضلت وما زالت تناضل بلا هوادة من اجل رفع التجاوزات من على قرانا في إقليم كردستان العراق ، وقدمت بهذا المنحى كوكبة من الشهداء الخالدون  نشوان سمير عام 1991 فيشخابور وزيا يوناذم وفرنسيس يويف شابو الشهيد الأول لبرلمان إقليم كردستان ، وشاركت بجهود حفظ السلام بين الفصيلين الكرديين المتقاتلين وكل المحطات السلمية لهذا الاقتتال مع التزامها بالحياد الايجابي ، وكان لها الفضل الأول في نضوج الوعي القومي والوطني والديمقراطي  وممارسة كل شريحة اجتماعية حقها وبلورة أفكارها في إطار مؤسسات ومنظمات مهنية وزجها في النضال من اجل المطالبة بحقوق جماهيرها ، وتبلور ذلك في بروز اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدو آشوري والتي قدمت الشهيدين الخالدين بيرس وسمير من اجل حماية كلتا الشريحتين وحقوقهما ، واتحاد النساء الآشوري والأندية الرياضية القومية التي سجلت حضورها اللافت في الساحة الوطنية  وممثليات شعبنا في النقابات والاتحادات المهنية المختلفة ،وفي المجال الإعلامي فقد واصلت جريدة بهرا طلتها باللغتين العربية والسريانية منذ  26 حزيران 1982 ولحد اليوم وأدبيات ودوريات أخرى للفروع والمكاتب والبث التلفزيوني والإذاعي من زاخو ودهوك واربيل والبث الفضائي ومحطات خارج الوطن ، وزارت وفود من الحركة دول المهجر وتم تنظيم فعاليات شعبنا هناك وافتتاح ممثليات للحركة هناك لربط المهجر بالوطن لتعريف  ودعم  قضيتنا العادلة حيث تمثل الحركة السفير الوحيد لايصال قضيتنا لكل المحافل والمستويات الدولية ،وفي حياتها الداخلية والتنظيمية عقدت الحركة ستة مؤتمرات ديمقراطية وثلاثة كونفرانسات كمحطات لمراجعة الذات وتقييم المسيرة ورسم سياسات تواكب التغيرات الحاصلة ، وخلال مسيرتها الممتدة لـ 32عام واجهت الحركة تحديات سياسية وعسكرية ومواقف سياسية حرجة ، إلا إنها بسياستها الراقية ونهجها السلمي وإيمانها بالتضحية من اجل حقوق شعبنا ووطننا اجتازت وما زالت تجتاز كل المراحل والمواقف دون أية مساومة على قضية شعبنا ووطننا وأهدافها السامية والمقدسة بدماء الشهداء،وخلال عملية حرية العراق شاركت حركتنا بجهد عسكري قوامه (2000 ) مقاتل لأجل حرية العراق من النظام السابق وحماية شعبنا ومصالحه أثناء الفراغ السياسي والحكومي فكانت اليد الآمنة والعين الساهرة لقرى شعبنا ومناطقه وافتتحت مقرات لها حيثما يتواجد شعبنا ، وشاركت مؤتمرات صلاح الدين 1992 ونيويوك ولندن وصلاح الدين الثاني قبل الإطاحة بالنظام السابق والناصرية ممثلة لشعبنا ومجلس الحكم المنحل والحكومة المؤقتة والمجلس الوطني وفي مجلس النواب الحالي بممثل واحد لشعبنا ضمن قائمة الرافدين الخاصة بشعبنا  وبممثلين اثنين في المجلس الوطني الكردستاني ، كل ذلك رغم التحديات المستميتة التي واجهها ممثلي حركتنا والضغوطات النفسية الكثيرة التي مورست بحق شعبنا خلال الانتخابات الماضية و الأخيرة في السابع من اذار 2010 لثنيه عن التصويت لقائمة الرافدين ،إلى جانب اختلاق أشخاص ومجالس مؤسسات إعلامية تطبل وتزمر لأشخاص وتسويقهم لغمضة عين كممثلين غيارى لشعبنا واختزال قضيتنا القومية من خلالهم  واستغلال مشاعر البسطاء في أطروحات ومشاريع قومية خيالية كاسطوانة الحكم الذاتي وبعيدة كل البعد عن واقع الوطن وظروفه السياسية الصعبة كل ذلك بدون أي مسوغ قانوني شرعي  ومما عكس سلبا على استهداف ونحر شعبنا وتهجيره وجعله وقودا رخيصا  للصراع العربي الكردي على ما اصطلح عليه بالمناطق المتنازع عليها وسياسة الشد والجذب .. وظاهرة المحسوبية والمنسوبية  المقيتة  بدعم وإسناد ومباركة داخلية ومن خارج البيت القومي أيضا  ،واستحصلت الحركة قرار فتح قسم اللغة السريانية بكلية اللغات جامعة بغداد، والجدير ذكره والشيء المهم والاهم إنها التنظيم السياسي الوحيد الواحد التي تصدت  لجهات سياسية وشخصيات قصدت ومازالت لزرع بذور الشرذمة والشقاق بواوات العطف  بين مسميات شعبنا والارتزاق من خلال ذلك ،وليس من أدنى شك فالحركة تعتبر مدرسة عالية للوطنية والقومية والإنسانية لشعبنا مؤمنة بالتعايش السلمي والتآخي بين فسيفساء الشعب العراقي ،وما احتفاءها بأعياد نيسان إلا دليلا  دامغا وساطعا لعمق انتماءها القومي الكلدوآشوري السرياني والوطني العراقي النهريني ،لذا على السلطات العراقية مراجعة الذات و رفع الغبن عن هذه الشريحة والتي يعبق منها عبق الأصالة النهرينية  ورفع واو التقسيم بين مسمياتها في الدستور العراقي الاتحادي أسوة بدستور إقليم كردستان العراق ..  وعدم الإصغاء على  الأبواق الفارغة وذوي القرب الجوفاء وممن يعقدون المؤتمرات الكيفية يفصلون ويقررون على أهوائهم ومزاجهم هنا وهناك والذين يزبلون دموع التماسيح لهذه التسمية أو تلك ضحكا على عقول البسطاء من أهلنا الطيبين وبذر بذور الشرذمة والشقاق بين من خلقوا بقومية  وتاريخ وارض ومشاعر ومصير ودين واحد احد ويتحدون إرادة الخالق بتقسيم هذه الأمة المجيدة كل ذلك ارضاءا لشعورهم الداخلي  بالنقص وغيرتهم العمياوية القاتلة ..  وذكر المذابح التي تعرض لها  من سميل وصوريا ، وجعل الأول من نيسان عطلة رسمية عامة في العراق حفاظا على هذا الإرث الحضاري للعراق العظيم والاحتفاء به بطقوس لائقة تليق بعمقه الروحي والفلسفي و الإنساني ، أسوة بيوم عاشوراء  ونوروز وغيرها وتهنئة الشعب العراقي  بهذا اليوم النيساني الأغر ومن لدن أعلى سلطات الدولة رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان ، وإدخال طقوسه الاحتفالية في مناهج التاريخ الدراسية لكونه موروث وطني عراقي أصيل يجمع حضارة ما بين النهرين  السومرية – الاكدية – البابلية – آلاشورية و ليس محصورا بفئة معينة  دون أخرى  ،والعمل على إطلاق التسميات التاريخية على المواليد الجدد من أبناء العراق  ككل وعلى الشوارع والأبنية والحدائق  والمؤسسات والمتنزهات ليكون الجيل الصاعد ملما بتاريخه وارثه الوطني و الحضاري العميق وإبعاده عن التخندقات المذهبية والطائفية التي لم تجلب عليه سوى القتل والتهجير وتمزيق النسيج الوطني ،واعتبار التاريخ الأساسي والصحيح  للتأسيس الكيان السياسي العراقي  يعود لـ ( 2340 ) ق.م على يد الإمبراطور العظيم سركون الاكدي  وليس23 آب 1921  م ... واختيار تصميم العلم الكلدو الآشوري السرياني النهريني  قرص الشمس والنجمة الرباعية وإشعاعات النور المنطلقة منها نحو الاتجاهات الأربعة لتكون علما جديدا للعراق ولربطه بامتداده النهريني السحيق والتي تزخر بالمعاني والقيم والمدلولات النهرينية الثرة .. وكذلك في العلم الكردي ليعكس موزائيك شعب كردستان عامة وليكون مرغوبا وقريبا من قلوب الكل ومؤججا لمشاعرهم وليس مفروضا على أنوفهم ، الاستعانة بقدر أكثر من التصاميم والرموز الحضارية العراقية على أوجه العملة الوطنية المعدنية والورقية ،والمحافظة على اللغة السريانية وآدابها العريقة والتي هي نتاج الامتداد و التواصل والتلاقح الحضاري النهريني والأخذ بتعليم  بأبجديتها السلسة  في المناهج اللغوية للمدارس العراقية ، والعمل على ضمان حقوق شعبنا الكلدوآشوري السرياني  بصورة عادلة وحقيقية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مركزيا وفي إقليم كردستان في اختيار ممثليه دون التدخل في شوونه الخاصة ولا بعاد شبح الموت قتلا والتهجير عنهم.. واعتبارهم القومية الثانية في الإقليم بعد الكرد وما يحمل هذا الشيء من إنصافا لحقوقهم المهمة على الأرض تيمنا بكون الكرد القومية الثانية في العراق وما يطالبون من خلال تلك الشراكة من الحقوق والامتيازات في الحكومة العراقية الاتحادية وليس حكومة وامتيازات الحصتين  بين الحزبين الكرديين الرئيسيين والآخرون مهمشين  يفتحون أفواههم نحو السماء لاستجدا منة صغيرة منهم حتى ملّ الشعب الكردي من معادلة المحاصصة المقيتة وبدا بالانشطارعنها وحقق نتائج مرجوة عبر قائمة التغيير في محطتين انتخابيتين رغم حداثتها .. وكلنا أمل أن تصل هذه الملاحظات لمرأى ومسمع المعنيين .. وسنة بابلية آشورية جديدة6761مباركة على جميع العراقيين،... وميلاد ميمون للحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) وعقبال أن تعاد علينا  بالأمن والأمان والاستقرار  .....


599
مجدا  للطفلة آشورينا ( زنبقة العراق  )

                                                                                                                      بدران امرايا

في التاسع والعشرين من آذار الجاري ستحل الذكرى الأليمة الرابعة لرحيل الطفلة  الكلدو آشورية البريئة آشورينا  ..هذه الطفلة التي ازبلت مدامع الدنيا عامة والعراقيين على وجه الخصوص ووحدت دموع وقلوب العراقيين من زاخو إلى الفاو ومن القائم إلى المندلي .. لأنها فتحت عيناها لنور الدنيا وهي تأن من وطأة الألم والآهات والحسرات لكونها ولدت بعد ثلاثة سنين من العجاف والحرقة لتكون باكرة اسرتها ( بركتا دبيثا ) بركة البيت كما تسمى بالسريانية وتضيء وتعطر زوايا البيت الموحشة بالمسك والزعفران .. ولان قلبها الصغير لا ينبض كباقي أقرانها من الأطفال فكان مشوها بأربعة فتحات خلقية ( رباعي الفالوت ) وكانت هذه الطفلة المعدومة صحيا سببا لان تطوف العائلة بها من مكان لأخر عساهم أن يجدوا لها دواءا وعلاجا شافيا يقلل من وتيرة آلامها المبرحة .. لان التأخير كان يقلل من فرصة إنقاذها من براثن الموت المحقق وفعلا كانت هذه الطفلة الشقراء كالفراشة الرقيقة تطير من زهرة لتحط على أخرى سعيا وراء هدف سام اسمه العلاج وإنقاذ الحياة وإطالة العمر ..ولكثرة ترددها للدكاترة والمشافي وبعيدة كل البعد عن أجواء أقرانها من الأطفال واللعب واللهو بين الأزقة والدرابين  تعقدت نفسيتها من أجواء الطب والملابس البيض ..فبدا الدكاترة ينبشون صدرها الغض وإجراء القسطرة وتناول الأدوية بشكل يومي ..ولما بلغت الخامسة من العمر ولكثرة ذكائها وولعها بالجو الدراسي سجلت بالمدرسة السريانية فكانت الأولى  وخاصة بلغة أمها وأمتها الحضارية ( السريانية  ) فكانت تقرا جريدة بهرا الغراء الجريدة المركزية للحركة الديمقراطية الآشورية الطبعة السريانية بشكل عكسي إلى جانب امتيازها بالانكليزية إلا إن جسمها الوهن الهزيل كان يحدها من حمل حقيبتها المدرسية فكانت تستعين بزملائها لحمل هذا العبء من على أكتافها  وهكذا دارت رحى الأيام  واجتازت هذه الزنبقة الربيعية الصف الأول للثاني بجدارة وتفوق  .. وخلال الصف الثاني لم يدم جلوسها كثيرا على مقعدها المدرسي وبين أحبائها من التلاميذ .. بل طارت إلى الأردن للعلاج الذي كفلته لها فضائية الشرقية الغيورة ( الأم الحنونة والحضن الدفيء لمعاناة أطفال العراقيين ) المحرومين من براءة الطفولة في وطنهم الأم العراق وضمن برنامج اليد البيضاء ولدى السفر قالت هذه الوردة الصغيرة لامها ( انا بيازن وبنيخوتن مني ) أي ما معناه أنا سوف ارحل وترتاحون مني .. لكن الحرقة و مشاعر التوديع ودموع الفرقة غطت على هذا التنبؤ البريء والمبكر من لدن طفلة مثقلة بالألم والترهل الجسدي .. وكذلك عندما ارتفعت الطائرة قالت لوالدها ثانية ( انا بزالي لكب مريا ) أي أنا سوف اذهب لعند الرب , لكن الوالد رد عليها سنعالج قدماك وسوف تعودين لتركضين إلى المدرسة على قدماك وستحملين حقيبتك بنفسك دون مساعدة احد .. لقد اخفي عليها مرضها الحقيقي خوفا من أن تنهار نفسيتها لأنها كانت حساسة ووديعة ورقيقة المشاعر كقطرات الندى الصباحية .. وخلال فترة العلاج هناك تآكلت من نفسها ومن جسدها الوهن بحيث فقدت 2كغم من وزنها لشدة اللوعة والحسرة والبكاء على أسرتها  البعيدة عنها على الرغم من المكالمات الهاتفية معهم على الدوام فكانت شديدة الحسرة لرؤية  شقيقتها بابلينا وأشقائها نينوس وسركون وسنحا ريب وامها. هكذا استمر الحال لما يقارب الشهر إلى يوم الحسم يوم العملية ذلك اليوم المشئوم فخلال تلك الليلة المشينة لم تترك والدها أن يغمض عينيه للنوم من شدة التقبل وضمه بشدة ولهفة فكانت تشعره بقرب اجلها المحتوم وتودعه وتشبع نظرها منه وعوضا عن أسرتها الغائبة وتنبه بان ساعات حياتها بدأت بالعد التنازلي وإنها تلمح سربا من ملائكة الموت يحوم فوق رأسها .. وفي الصباح غطت في النوم قليلا وبعد ساعة نهضت واتجهت بسرعة صوب النافذة وأزاحت الستار وبدأت تحدق في السماء وكأنها تبحث عن شيء افتقدته .. فقام الوالد بإسدال الستار عساه أن يهيأ جوا مريحا لنومها لكنها أصرت بإزاحة الستار والرجوع للتحديق في السماء والتحلق في الآفاق البعيدة فعلى ما يبدو إنها كانت تشبع نظرها من ضوء الدنيا لان ملائكة  الموت بدؤوا بإلباسها الكفن الملائكي الأبيض تمهيدا لجعلها عروسة صغيرة لحضارة العراق تيمنا باسمها العتيد والشامخ وعند أخذها  لردهة العمليات وهي مستلقية على عربة كانت تقرا الأسماء المكتوبة على أبواب غرف المفشى وتساءلت لماذا لا يكتبونها بالسريانية ؟ لشدة حبها وتعلقها بلغتها القومية .. ومن ثم قبلها الوالد القبلة ولم يعرف بأنها ستكون الأخيرة ومن ثم انتزعت بقوة وهي تصرخ وتستنجد بكل ما أوتيت من قوة من قبل احد الدكاترة وبعد أن زرقها بالمخدر فذبلت كالزهرة المتعطشة للماء وماتت الموتى الأولى بين يديه لينبش الدكاترة صدرها عساهم أن يجدوا لقلبها المشوه علاجا يمدها بدم  الحياة  وبعد ستة عشر ساعة من عملية القلب المفتوح والبث المباشر للعملية من على شاشة الشرقية والملايين المشاهدين يتابعون مصير هذه الطفلة التي  تصارع الموت بشدة وخلالها توالت جموع العراقيين بكل أطيافهم ومن ضمنهم السفير العراقي السيد  سعد الحيالي والسيد سعد البزاز صاحب مؤسسة الزمان الإعلامية  وقناة الشرقية  والآنسة كلوديا حنا ملكة جمال العرب  إلى مشفى الإسراء الأهلي بالعاصمة عمان  لمؤازرة الوالد المسكين وهو في أحلك الظروف فبدا الجموع بإيقاد الشموع وتلاوة الصلوات الجماعية مسلمين ومسيحيين تشفعا بسلامتها إلى جانب العشرات من المكالمات الهاتفية من أصقاع الأرض تدعو بسلامتها ورجوعها معافية إلى أحضان أهلها وأحبابها لكونها هوية العراق الحضارية كما وصفوها العراقيين..وفي الساعة التاسعة ليلا خيم الهدوء على الأجواء ليأتي احد العراقيين بخطوات بطيئة ومتذبذبة ومشوبة بالحزن والقلق واسمه حامد البصري ( أبو زهراء ) ليحضن والد الطفلة بشدة ويصرخ بكل قوة وينفجر بالبكاء عندئذ بات كل شيء واضحا وضوح الشمس وانفجرت مدامع الحاضرين بالبكاء والعويل  لرحيل طفلة العراق وزنبقتها الشقراء آشورينا  بأجواء الغربة وتوقف قلبها الصغير والمشوه عن الخفقان وماتت موتتها الثانية والأخيرة عندئذ طارت روحها البسيطة لتسبح مع سرب الملائكة لتستقر في الاخدار السماوية حيث النقاء والصفاء والطهارة وحيث لا يوجد الدواء والألم ورؤية المشافي بعد وكل عذابات الحياة وهمومها..ونقل جثمانها الطاهر إلى ارض الوطن بعد أن غسل وعمد بدموع الجالية العراقية هناك وحطت الطائرة بمطار اربيل الساعة الثالثة صباحا ليكون أول المستقبلين رفاق زوعا الاحبة وكادر الشرقية الميامين .. ومن ثم ينقل الجثمان إلى دهوك قرية بيرسفى حيث ولدت وقضت سنينها السبعة الحافلة بالأم والآهات  .. حيث خرجت القرية عن بكرتها لتستقبل ابنتها وعروستها البارة بالهلاهيل والزغاريد  وتناثر الورود  وطلاب مدرستها والهيئة التعليمية كانوا مصطفين على جانبي الطريق ليسلموا على زميلتهم  المدرسية ويؤدون لها التحية الأخيرة ووجوههم موسومة بالحزن والأسف ووريت الثرى هذه الطفلة الرقيقة وسط استقطاب جماهيري ومؤسساتي  وحزبي واسع .. هذه كانت آشورينا الطفلة التي ولدت في 18 آذار 2000 وتوفيت 27 آذار 2007 والتي كتب لها الشقاء والألم لسبع سنين حياتها القصيرة.. الطفلة التي وحدت قلوب العراقيين  المنكسرة ومزجت ودموعهم الحزينة على فراقها .. والتي فتحت قريحة الشعراء ليمطروها بأبياتهم الشاعرية الجياشة بالأحاسيس الحزينة  كالشاعر شاكر سيفو -اسيت يلدا -جوزيف يعقوب و يونان يوخنا وغيرهم .. ولم يبقى من تلك الطفلة الهزيلة جسميا إلا اسمها الحضاري الشامخ ..وذكراها المدمية عند من عرفوها .. وزينت مدرستها السريانية  بلوحة جداريه كبيرة تحمل صورتها ومكتوب عليها  عبارة (أشورينا تحبكم  ) لتكون الذكرى الأليمة عند أقرانها في صف الثاني السرياني وبقية تلاميذ المدرسة.. أما حقيبتها الدراسية اليتيمة والحزينة على فراق صاحبتها  فقد ظلت مخدة قاسية لرأس والدها  يسند رأسه عليها ليشتم عبق آثار أناملها الطيبة وعطر أنفاسها والمنعشة ويخور في ذكراها القاتلة لأنها فلذة وكبده ووجدانه وشريان حياته المتدفق .. وستظل آشورينا لوحة جداريه جميلة  ورقيقة معلقة في ضمير كل من عرفوها .. وجرحا مفتوحا في قلب والدها ..والذي لا يندمل بكل عقاقير عالم الطب .. فإلى الروضة الإلهية الفياضة بالراحة والنعيم والسكينة السرمدية ..أيتها الحبيبة الغالية ... 

   
صورة الطفلة المرحومة اشورينا بدران امرايا ( زنبقة العراق )

600
من موروثنا الشعبي
 (خوشيبا  دبناثا )احد البنات

كانت ولازالت المرأة منذ القديم  تحتل مكانة مرموقة ومتقدمة في أواسط شعبنا الكلدوآشوري منذ أيام حكم إمبراطوريته المترامية الإطراف وبسلالاتها العديدة من السومرية والاكدية والبابلية والآشورية قبل سبعة الآف عام ، فقد رقيت إلى درجة الإلهة ( عشتار –انانا – اورنينا-  )والسياسية والملكة والعسكرية ( سميرة ميس (شمي رام ) - شبعاد )فقد ضمن حقها دستوريا وشرعيا في قوانين الملك اورنمو أول مشرع لقانون في العالم ولبت عشتار وحمو رابي، انطلاقا من اعتبارها نصف المجتمع وهي الأم  و الأخت  والزوجة والجدة والصديقة والمربية الفاضلة والزميلة المخلصة والحميمة للرجل خلال مسيرة الاقتران وفي حضنها الدفيء تنمو وتترعرع الأجيال وهي أول مدرسة يتلقى الطفل منها الدروس والعبر وهي وراء كل رجل عظيم ،ولهذه ألمكانه وصفها شعبنا بالسريانية ( كنوشتا دبيتا ) أي هي جامعة البيت ، ووصفت البنت الكبيرة (ببركة البيت)، ولهذه المكانة المتميزة خصص شعبنا لها  عيدا او يوما  سنويا وهو (خوشيبا دبناتا )أي احد البنات حيث يصادف الأحد الأول  للشروع بالصوم الخمسيني لعيد القيامة المجيدة حيث كانت الأم او بيت الأب يقومون بتحضير طبقة شهية ودسمة وذات قيمة واعتبار( ساما )أي ( الحصة ) ويذهبون بها إلى حيث بناتهم المتزوجات لتتغذى بها وتتباهى أمام أهل زوجها بقيمتها ومكانتها المعتبرة عند ذويها ، هذه ان كانتا البنات متزوجات داخل القرية او مكان قريب من بيت الأهل اما ان كانوا بعيدات فيستعينون بقطعة قماش ثمينة بدل طبقة الأكل ويذكرون بها بنتهن خلال ذلك الأحد من السنة ،على اعتبار ان لها مكانة متميزة ومعتبرة وحصة في بيت الوالد وعلى الدوام  وغيرها من المعاني والقيم الإنسانية السامية والنبيلة ، وما زال هذا اليوم فعالا ويشغل حيزا كبيرا من فلكلور شعبنا القومي الثر وحي الممارسات في كثير من الأماكن ويمتد للخارج وعبر الدول والقارات..
 
بدران امرايا
 ..

601
من موروثنا الشعبي
مل خاوا
 
بدران امرايا

ملخاوا اسم سرياني مركب ( مال – خويتا- خوايا ) أي معناه أداة لضم أو لجمع المحاصيل وهو أداة خشبية زراعية مقعرة الأصابع تضم بين10 – 12 إصبع مهمة خفيفة الوزن شبيه بشوكة  الأكل , تستعمل خلال فترة تصفية بيادر الحبوب في قيظ الصيف في أجواء القرى بحيث تلملم  وتقلب وتدردر في الهواء محاصيل البيدر  بواسطته.والمواد التي تستخدم في صناعته  هي خشبة الحور ( خورتا  من خورتا  كلمة سريانية بمعنى  البياض ) لان ساق هذه الشجرة ابيض اللون ويمتاز بالاستقامة والطول وتزرع في بطون الوديان  وإنها تنافس قمم الوديان في الطول وخفة الوزن عند جفافه يستخدم بكثرة في صناعة مقابض الأدوات الزراعية المختلفة , وهناك جملة سريانية معروفة عن هذه الشجرة  تقال بتكرار وبسرعة ( سقلي لخورتا .. نختلي من خورتا . أنا خوارا .. بابي خوارا  .. أنا خوارا .. بابي خوارا ) فعند ترديدها فان الشخص يتخبط ويتخربط  بين كلمتي  خوارا وخمارا ( الأبيض والحمار ) وعودة لهذه الأداة الزراعية  ومن عيدان من شجرة العفص  وخيوط من الجلد الحيواني وكان بداية يحضر مقبض بطول مترين  من شجرة الحور كما سلفا ويكشط غلافه أو جلده بحيث يجعل أملس ومريح عند المسك ثم تجلب  رزمة من عيدان شجرة العفص الطرية والقوية ذوات سمك شبيه بأصبع الإبهام , ثم تدق أوتاد في الأرض وتحصر هذه العيدان بينها لكي تأخذ شكل مقوس  ولعدة أيام  حتى تجف ويثبت قالبها ( قلوا ) بالسريانية فيتم قصها بطول 35 سم تقريبا ثم يجلب المقبض ويجذب رأسه السميك بحث تصفف تلك العيدان الأصابع  بعد أن يتم تعشيقها وتشابكها مع البعض في القاعدة بواسطة الحبال الجلدية الطرية وبأحكام بحيث يأخذ شكلا مثلثا وتنفرج عند نهاياتها أي يأخذ شكل شوكة الأكل بعدها يتم تحديد رؤوس الأصابع  وكذلك يستعين بخشبة بطول تمتد على رؤوس  كل الأصابع ثم يقوم الصانع بتأشير مكان رؤوس تلك الأصابع على تلك الخشبة ثم يقوم بثقب تلك الأماكن بثقوب بحيث تسع لتمتد فيها الأصابع  فيدخل كل إصبع في ثقبه الخاص . والغرض من هذا لكي لا تنفرج الأصابع أو تلتوي أو تتعرج أو تنكسر عند ضمه خلال الشتاء وعند ضمه كان يضع مقلوبا بحيث تكون الأصابع نحو الأعلى وكان هناك أشخاصا من أبناء شعبنا ذوي أيادي فنية ماهرة بهذه الصنعة المحلية من أمثال المرحوم افرام بولس الامرواي  وهرمز عيسى وغيرهم بحث كانوا محط أنظار مريدي هذه الأداة الزراعية الخشبية الهامة. والأداة هذه كانت تستخدم خلال فترة البيادر تقليب البيدر وضم التبن وبذر محصول البيدر في الهواء لفصول الحبوب عن التبن (مداريتا ) بالسرياني  وكذلك كانت تستخدم لتحريك الحبية (خشي - كوركور )عند سلقها في الخريف لجعلها برغل أو جريش , ومن مميزاته كان خفيف الوزن لا يجهد حامله , ومن الجدير ذكره كان للبيدر سلامه الخاص عند شعبنا الكلدواشوري فعند مرور شخص أمام البيدر كان يقول لصاحب البيدر ( بركاثا ببيدروخ  فيرد الصاحب بركاثا ببيتوخ  ) أي لتحل البركة ببيدرك والجواب لتحل البركة في بيتك .وهذه الأداة الزراعية لحد الآن تستعمل للتعامل مع التبن   .


 



602
من موروثنا الشعبي

بر جنكاني 
                                     
                                                                                                                         * بدران امرايا

برجنكاني اسم سرياني مركب بمعنى بـ الاطراف اي ما يسمى بلعبة المصارعة الحالية وهي لعبة كلدو اشورية  ذكورية  قديمة  قدم التاريخ النهريني الغاية منها تنمية القدرات البدنية لجسم الانسان وتقوية عضلاته وتهيئته ليكون انسان قوي البنية سالم  يستطيع الدفاع عن نفسه ويكون قويا مرفوع الراس بين المجتمع  وليواجه الحياة  وصعابها ، لان القوة الفحولة كانتا رمز الرجولة والاقتدار والبسالة منذ الأزمنة القديمة في كل الحضارات القديمة  ، ولكون المجتمعات قديما كانت تعتمد بالدرجة الأولى على مصدر القوة في فرض هيمنتها وسلطتها وتوسيع مستوطناتها وممتلكاتها ،اي كانت في صراعات مستديمة من اجل إخضاع الآخرين لديمومة البقاء للأقوى  ، فضلا عن ان هذه اللعبة كغيرها  كانت هادفة وذات مميزات كثيرة اقل ما يقال عنها   إنها تعلم نظم القوانين والالتزام بها والأخلاق في التعامل  والصبر والمنافسة  والروح الرياضية العالية في تقبل النتيجة ايا كانت سلبية ام ايجابية والقوة البدنية العالية والصحة والجيدة  واللهو والمتعة ، فكان أبناء شعبنا يحثون الشباب لممارسة هذه اللعبة وتقوية ابدانهم في اوقات الفراغ ، وخاصة ايام الآحاد بعد مجيء المسيحية  لكونها عطلة وفرصة لممارسة انشطة وفعاليات وهوايات محبذة  لتغيير روتين الحياة اليومية ،وبرجنكاني إحدى تلك اللعب المشهورة في أواسط شعبنا  فهي تعتمد بالدرجة الاولى على قوة وضخامة البدن  ويكنى له بالسريانية ( ايلي مخ قيابا  ) ورشاقته والزنود أو السواعد  المفتولة كما كان يقال  ومكان وزمان ممارستها كانت اجواء الطبيعة العراء او شواطيء الانهار او البيادر القريبة عن القرى  ، ولهذه اللعبة قواعد ومعايير اخلااقية تستوجب الالتزام بها ، ومن يخالفها كان يعرض نفسه للانعزال والقطعية عند كبار القوم وعامته ،ولدى تجمع الجمهور في مكان معين متقاطرين حول ساحة مدورة ليشاهدوا مباراة المصارعة الحامية الوطيس بين الخصمين ، ولكل لاعب مشجعيه حيث كانا المصارعين يطبقان جسمهما على البعض وجها لوجه ،فيضع كل واحد منهما يده اليمنى على الكتف الايسر للاخر واليسرى تحت الكتف الايسر ويشد كل واحد منهما الاخر بكل قوة ، ثم يقول الحكم وهو احد الاشخاص الموجودين وممن له الخبرة والدراية الكافية بقواعد اللعبة ونزيه في حكمه فيعد الحكم لحد الثلاثة ايذانا ببدا المصارعة ، عندها يحاول كل منهما لوي ظهر الاخر وايقاعه على الارض بحيث يسطح ظهر خصمه على الارض ، وهذا شوط لاحد منهم وهكذا لثلاثة اشواط  فيحسب ذلك هو الفائز ، ولا يجوز خلال المصارعة استخدام تعثيرة القدم او الكسرة لايقاع الخصم  بل انها تتمحور حول شد ظهره ولويه وايقاعه على الارض وبعد انتهاء المباراة وفوز احد كانا المتصارعين يتصافحان ويتقبلان بروح أخوية  وكأن شيئا لم يحدث بينهما ،وحاليا لم يبقى لمثل هكذا فعاليات ارضية  وبتلك الشاكلة  بفضل وجود الاندية الرياضة المختصة والتي تاخذ بعين الاعتبار العامل النفسي والبدني للرياضي .لكن الجدير ذكره ان ابناء شعبنا كانوا دائما السباقين في الابتكار والاختراع ولا عجب في ذلك لكونهم امتداد واحفاد بناة ومهندسي أقدم الحضارات الإنسانية من  السومرية – الاكدية - البابلية - الاشورية ... 


Badran_omraia@yahoo.com

603
من موروثنا الشعبي
                                     بلطا دعرق

                                                                                                          بدران امرايا


بلطا دعرق اسم سرياني مركب معناه  إخراج أو صناعة مادة العرق المادة الكحولية التي لا لون لها و تحتسى من قبل نسبة كبيرة من الناس وخاصة الرجال أثناء المناسبات المفرحة والتجمعات واللمات والسفرات المختلفة وما إلى ذلك بعد تخفيفها بالماء البارد إلى مستحلب ووضع الثلج فيها . ولشعبنا الكلدواشوري طريقته الخاصة في صناعة هذه المادة وبالاعتماد على المواد الأولية الذاتية دون الاستعانة بشراء مواد من السوق والمادة الخامة لهذه الصناعة هي التمر و العنب الأبيض أو الأصفر المرمد عنب الكروم والذي عليه مادة شبيه بالرماد , المتوفر بكثرة في بساتين الكروم العائدة لأبناء شعبنا في قراه العديدة , وتتلخص خطوات هذه الصناعة  المحلية في غسل العنب ونثر حباته من العناقيد في مرجل كبير ( مركلا ) بالسرياني ثم البدا بهرسها بواسطة الأقدام النظيفة لكي تتحرر مياهها ومن ثم إيوائها في  القرب الكبيرة ( لنياتا ) او الأواني البلاستيكية لمدة 15-20 يوما  لكي تتخمر أكثر فأكثر بفعل البكتريا وخاصة إن العملية تتم في قيظ الصيف الحار ومن شدة التخمر فان تلك الحلاوة  القوية للعنب تتحول إلى المرارة وتسمى هذه المادة  (السمنتا او موزا ) وبعد هذه الفترة كان يختبر بواسطة النار كما يختبر الذهب بالنار  لمعرفة هل إن المادة ناضجة لكي تكون عرقا جيدا  ؟ أم إنها تحتاج لمدة أطول ؟ فكانت القداحة ( قدوختا ) بالسرياني تشعل  وتمرر فوق مادة السمنتا او موزا فان انطفأت فان المادة ليست ناضجة بما فيه الكفاية , وان بقيت مشتعلة فإنها جاهزة كمادة كحولية قابلة للاشتعال . ثم تأتي مرحلة التكرير أو التقطير ( قطيتا ) بالسريانية وكانت العملية تقام قرب جداول ينابيع المياه الجارية والباردة وكانت هناك آواني خاصة بالعملية فان ماد ة الموزا توضع في مرجل من الألمنيوم وتوضع على الموقد الناري ( كانونا ) وتسد مسامات الغطاء  بواسطة عجينة الخبز لكي  لا تتنفس ويذهب البخار سدى وفي غطائه ثقب لكي تمرر فيه لبنة ( القصبة ) المجوفة بمثابة الأنابيب الحالية وتمتد تلك القصبة إلى تنك موضوع في حوض من المياه الجارية من خلال ثقب فيه وتطلا مسامات الثقب ومحيط القصبة بالعجينة جيدا ثم تبدأ العملية بإشعال النار ثم جعل الشعلة أو النار هادئا  كي لا تفور المادة وتصعد إلى القصبة وتسد منفذها فان المادة تبدأ بالغليان بصورة انسيابية فان البخار يتمرر إلى التنك عبر  القصبة وحين يلامس التنك البارد فان البخار يتكاثف إلى قطرات من السائل ويتراكم فيه وهكذا تستمر العملية وبين الحين والآخر فتمرر قصبة على رأسها قطعة قطن في الثقب الصغير الخاص بالتنفس في التنك لمعرفة مستوى ارتفاع العرق في التنك  وكذلك لمعرفة قوة العرق وبعد إخراجها يعرف مستوى ارتفاع العرق في التنك إلى جانب ذلك تشعل  النار بالقطن النار فان كانت شعلة القطن اصفر فان العرق قوي وان كانت زرقاء فان مستوى قوته متوسط .. ولجعل العرق أجود كان يكرر ثانية  بنفس الخطوات وبذلك يكون أغلى ثمنا وأطيب ذوقا  وبذلك يسمى العرق المستخرج بالقجغ .وعند أبناء شعبنا أناس مهرة ومشهورين بهذه الصناعة المحلية منذ القديم يقال هذا عرق فلان (؟) كناية عن صاحبه . لان نكهته كانت تدل على صاحبه  وكانت تضاف إليه مادة ( برخليا ) أي الرزيانا وهي نبتة تمتاز برائحتها الزكية وهي التي تجعل العرق ابيضا لدى إضافة الماء إليه . واحتل اسم العرق مساحة لا باس به من كلمات أغانينا السريانية الفلكلورية الثرية والشجية والأغاني الحديثة  إلى جانب كم كبير من المواقف النكات الطريفة  والمضحكة. وكم من البيوت والعوائل تهدمت أواصرها الاجتماعية وانفرط عقدها  الأسري  المترابط من جراء سوء أو الإفراط  في احتساء هذه المادة الكحولية القوية التأثير. وهذه المادة كانت المتربعة الأولى وبدون منافس على طاولات حفلات الزفاف في قرانا بحث يمرر كاس العرق على الضيوف كدلالة على السلام أو الترحيب الحار بهم  ومن لا يحتسي رجفة أو جرعة منه كأنما لا يحترم الحضور. ويقال إن عجوزا مدمنا على هذه المادة مرض واخذ إلى الدكتور فشخص الدكتور حالته المرضية وكتب وصل العلاج ( راجيته ) وذهب هو وابنه إلى الصيدلية  لاستلام الدواء  وكان الدواء كثيرا ومكلف بعض الشيء , فقال الشخص لابنه إن هذا العلاج لا يفيدني بشيء إنما علاجي واحد لأسواه وهو بطل عرق ( قجخ ) . وهناك الكثير من المواقف والقصص الطريفة حول مادة العرق . و يقال للشخص الثمل بالسريانية ( رويا- أي نما - تكبر ايلي بشيلا ) أي انه مستوي .( هولي مخكوي من كو بطل ) أي انه يتكلم من داخل البطل ( قنينة العرق) ..
  

Badran_omraia@yahoo.com

604
من موروثنا الشعبي
                                           برما  كوسلي                                                    بدران امرايا


برما كوسل- اسم سرياني مركب بمعنى  برما  - نحر أو  ذبح و كوسلي  الحيوانات  الربيطا  أي المربوطة  في البيت التي لا تذهب مع القطيع إلى المروج أو المراعي  الطبيعية و الخاصة للذبح لتوفير اللحم للشتاء . فكان أبناء شعبنا الكلدو آشوري منذ القدم  يخصصون ( كما رشي ) أي كم رأسا من الماعز أو الأغنام لهذه المهمة  وكان الأغلب  يحددون كم عدد من التيس والكبش لعملية الخصي أي اخصائها لتكون عقيمة لا تقدر على المجامعة مع اقرأنها من الإناث  وتهدر الطاقة البدنية في  المجامعة  وبالتالي تضعف بدنيا  بل لتكون سمينة ( ربيطا ) كما أسلفنا  لغرض اللحم فكان ضمن أبناء شعبنا شخصيات ماهرة أو أطباء بيطريين بمعنى الكلمة لهذه المهمات فيقومون بخصي تلك الذكور الحيوانية وفق طريقة معينة تطرقنا إلى مجرياتها في موضوع  آخر قائم بذاته باسم ( خصيتا ) وعملية الذبح كانت تتم في فصل الخريف لبدا الجو بالبرودة تدريجيا لكي لا يتلف اللحم فكان في كل القرى أناس مهرة بالذبح  والسلخ فيستعان بهم لهذه المهمة , فان كان جلده يخصص ( لزميذا – مزيدا ) أي ليكون  الجلد سليم مثل الكيس لاواء الحبوب المختلفة بدل الكواني الحالية أو ليكون الجلد  ( كوذا- مشكا ) لخلط اللبن في واستحصال الدهن الحيواني الحر ( كرعا - كرا)  وكانت العادة السائدة إن كل يوم كان مخصصا لبيت معين فيذهب ذلك الشخص القصاب  ( نخارا ) بالسرياني مع مساعده إلى ذلك البيت  فيقوم أهل البيت بإحضار الحيوانات له ليقوم هو  برسم الصليب ويبدأ بالذبح والسلخ وتنعيم اللحم وفصل العظم عنها . وفي مساء نفس  اليوم يدعو صاحب البيت جميع رجال القرية  إلى وليمة فخمة , وما أدراك بتلك الوليمة الطيبة !! فيأكلون ويشربون ويغنون ويزمرون بكل جوارحهم متناسين  خصوماتهم الخاصة  إن وجدت وهموم الحياة عامة كلها دفعة وحدة . وهكذا كانت تفعل جميع البيوت تحسبا لأيام الشتاء في أجواء القرى الجبلية والسهلية . والبيوت التي لم يكن لديها الحيوانات الخاصة للذبح  فيقوم كل بيت بإرسال حصتها من اللحم دونما أي تأخير ليتسنى لتلك البيوت توفير لحمها ( القلية ) خلال الشتاء. ثم يأتي دور النساء بقلي ذلك اللحم مع تمليحه جيدا كي لا يفسد ثم ايواه في علب التنك أو تمليحه وتعليقه في الهواء الطلق داخل البيوت حتى يجف ثم وضعه في كيس جلدي ( كلدا ) وتفحصه بين الحين والآخر كي لا يفسد ,وخلال الشتاء كانوا يستعينون بذلك اللحم ودهنه لطبخ معه الآكلات الكثيرة من الرز أو البرغل  أو الماش أو قلي البيض ( صبيرا ) بالسرياني  وغيرها من الطبخات اللذيذة وليس من ألذ مثلها في الأفواه وحاليا لم يبقى لهذه الظاهرة أي شيء سوى لمحات  بسيطة من الذكريات الطيبة في نفوس من عاشروا أيامها الخوالي وخاصة بعد ظهور أجهزة التجميد  العديدة التي احتلت صدور البيوت  وتربعت فيها ...  

Badran_omraia@yahoo.com

605
من موروثنا الشعبي

خصيتا
                                                                 
بدران امرايا
خصيتا اسم سرياني بمعنى الخصي  او اخصاء  ذكور أو فحول بعض  الحيوانات وجعلها عقيمة ( جرك ) لا تستطيع نشر جيناتها  وتتكاثر فيما بعد وذلك بإتلاف خلايا الخصية التي تنتج الحيوانات المنوية,وهذا ليس من باب الإبادة لأجناسها أو نسلها بل لتحسين نوعها وزيادة قوتها وفعاليتها  وهدوئها ولجمها في مجال لعمل . لان فعالية أغلبية الحيوانات الجنسية تستنهض مع استنهاض حيوية الطبيعة خلال فصل الربيع لان البرد يتلاشى وتبدأ الدنيا بالدفء تدريجيا ويقال بالسريانية عندئذ  (تيلي بهر دخماري ) أي جاء ربيع الحمير وهذه الفترة تعتبر انسب وقت لهذه العملية لكي لا يلتهب جرح الحيوان ويموت من جراء ذلك , والحيوانات التي تخضع لهذا العملية هي ذكور الخيول والبغال لتحسين أدائها في العمل وكذلك التيس والكبشان لكي تتسمن لذبحها لغرض زيادة وزنها من اللحم . والأحصنة والبغال كانت تخصى بعد إكمالها السنة  الأولى من العمر أي قبل أية مجامعة مع قرائنها من الإناث . وكان عند  أبناء شعبنا  الكلدواشوري رجال ذوي أيدي طبية بيطرية  ناعمة وماهرة لهذه العملية الجراحية ويملكون من الأدوات ما يلزم لإكمال المهمة بيسر ونجاح ويسمى  ( بهوستا ). والعملية كانت تتم بربط الحيوان وإسقاطه على الأرض  من قبل مجموعة من الشبان الأقوياء ذوي الزنود المفتولة  ولجم حركته ثم يأتي الطبيب البيطري ويستعين بحقيبة أدواته فيشحذ شفرته بقطعة من الحجر الأملس ( مشنا ) بالسرياني ويمررها على لهيب من النار لكي تتعقم  , ثم يبدأ بسحب خصيتي الحيوان نحو الأسفل  ويفركها من الأعلى للأسفل لربع ساعة لكي تتمدد ويزداد امتداد طولها والحيوان خلال يحاول عبثا الخلاص مرارا وتكرارا من شدة الألم , ثم يرفع الهوستا البيضتان نحو الأعلى ويبدأ بسلخ الجلد وتظهر البيضتان فيقطع الأنبوب الممتد بين القضيب  والخصيتان بعدها يرفع الأنبوبان نحو الأعلى وياتى بقرصان خشبيان طريان على شاكلة رقم سبعة ( كلابي _ كزكي ) بالسريانية  ويمرر كل واد منهما في احد أنبوبي الخصيتان ويربط بحيث يتطابق على الأنبوب بأحكام يمنع مرور أي سائل فيه أما الجرح فيطبب بمسحوق الشب  و( الكمرا ) بالسرياني وهو مسحوق مستخلص من قشور الرمان والعفص وكرات ( كليري ) من شجرة العفص  والملح وغيرها من المواد التي تسهم في تجفيف الجرح . وكان هذا الحيوان يفصل عن القطيع ويترك في البيت  للعناية الزائدة به خلال هذه الفترة أي لمدة شهرين فقط  وخلالها كان الجرح يطيب ويتجفف أنبوبي الخصيتان ويتساقط  ويضعف الحيوان وتقل حركته وربما يموت في بعض الأحيان من جراء التهاب جرحه وتركم الحشرات عليه ,وبعد مرور شهرين يأتي ذلك الطبيب البيطري ويفك القرصان الخشبيان  من الحيوان بعد ربطه وإيقاعه على الأرض ثانية , بعدها يسترد الحيوان صحته وحيويته  تدريجيا ويمتلأ بدنه  فيستعان به لكل الأعمال الشاقة ويكون هادئا بحث يقوده طفل ويستحسن لكل الأعمال وتموت غريزة الاندفاع نحوالجماع فيه  . وقديما كانت الناس تخصي  أيضا وخاصة  من طبقتي  العبيد أو الخدم  بإزالة الخصيتين او ضمورها بإتلاف خلايا الخصية كما أسلفنا وذلك بطريقة ماهرة ودقيقة بحيث لا تودي بحياة  الشخص المخصي وخسارته. وعند أبناء شعبنا الكثير من الأمثال بهذا الصدد فكان يقال للشبان الحروكين ذوي الفعالية البدنية الزائدة ( ايلي سنيقا لخصيتا ) أي فهو بحاجة إلى الخصي . أو يقال من باب المزح للاطفال المشاغبين ( د كلي الا خاصني بابوخ ) أي انتظر فسوف اخصي والدك ) او يقال  لوصف ذوي الكروش الكبيرة ( ايلي مخ خمارا خصيا ) أي انه مثل الحمار المخصي . أو يقال للمصابين بالعقم من الرجال ( ايلي خصيا ) أي انه مخصي وغير من الأمثال الكثيرة . وحاليا اندثرت هذه الطرق القديمة المؤذية للحيوان وابتكرت وسائل ناجعة سهلة وبسيطة مثل الأدوية أو زرق الإبر. ..


Badran_omraia@yahoo.com

606
من موروثنا الشعبي

مناطق زومي
                                                                                                                بدران امرايا
زومي مناطق أو مروج جبلية شمالية تتميز باعتدال مناخها ووفرة أعشابها وينابيع مياهها العذبة  وغاباتها الكثيفة المليئة بخيرات الطبيعية  ومناظرها الخلابة النظرة فكانت أجواء هذه المناطق العلاج الشافي لكثير من الإمراض الجسدية والعقد النفسية وإلى ما هنالك من الإمراض فكان اهالي قرانا الكلدوآشورية بعد انتهاء فصل الربيع وتحديدا الشهر الخامس أيار يقومون بحركة عمودية جماهيرية فيتجهون شمالا نحو تلك المروج الغنية بالإعشاب والمياه والخيرات الطبيعية كما اسلفنا للتخلص من قيظ الصيف وحرارته الملتهبة فكان لكل قرية زومها الخاص مثل (مركا ـ زومي ختاياـ ناجورا ـ بلنبيراـ دوفيافي وغيرها )  ،فكان يوم الأحد  لكونه عطلة  دينية الفرصة السانحة أمام أهالي القرية وخاصة الوجهاء للاجتماع والتداول بأمورهم ومصالحهم المشتركة فكان يحدد موعد الانطلاقة ، ويترك مجموعة من الأفراد لحماية القرية والاهتمام بالبساتين ورعايتها والعودة بين الحين والأخر لزومي ،الانطلاقة كانت تتم بواسطة تحميل الخيول والبغال والحمير بالمؤن والافرشة وكل ما يحتاجونه هناك خلال هذه الفترة، فكان مجموعة من الشباب يتجهون بالأحمال إلى زوما ثم يرجعون على وجه السرعة لتحميل الدواب بالنساء والأطفال والشيوخ  وممن لا يستطيعون مواصلة الطريق مشيا على الأقدام ، إلى جانب قيام الرعاة بقيادة قطعانهم إلى هناك والغبطة تملا أوصالهم الطريق كان يمتد ليوم أو أكثر ولدى الوصول كان الرجال على وجه السرعة يقومون بنصب القمريات ( هرزالي ) المغطاة بـ (طربا ) اغصان شجرتي البلوط السنديان للتفيأ بها وتعديل أرضية القمرية وتحديلها وتسويتها بعد لبخها بالطين الأبيض لتكون مريحة للجلوس خلال النهار  ، وقيام الرجال بزرع بعض الخضروات الموسمية كالطماطة والخيار والفلفل والقثا  وغيرها لتسد حاجتهم اليومية وتحضير أماكن لإيواء الماشية  والأبقار ليلا ، ونصب القمريات العالية المسماة بـ ( هرزالة )كما ذكرنا للنوم عليها أثناء الليل خشية من لسعات الأفاعي والحشرات والحيوانات المفترسة ، كانوا يعيشون هناك وسط هذه المناظر الخلابة بجوها وأجوائها بسعادة وبساطة غامرة متعاونين متحابين إلى أقصى الدرجات وأثناء الليل كانوا يلتمون عند احد منهم وبالتناوب ويقصون القصص المسلية ويتناولون شؤونهم وشجونهم اليومية أو يغنون الأغاني للترويح عن النفس وهناك أغنية فلكلورية مشهورة بهذا الصدد تعبر عن قصة حب بين شاب قصد الزوما لرؤية الحبيبة مطلعها ( سقلي لزوماتا ولا خزيلي شوق من شوبا دوردي وريخاني ) ( أي وصلت لزوماتا و لم أرى سوى الأطلال أماكن الورود الرياحين الذابلة )  او المثل القائل ( ققواني بصلايلي من زوماتا ) أي طيور قبجه نازلة من الزوم, فهذا المثل يضرب للأشخاص  الذين يتصرفون دونما حسبان  لعواقب الأمور .وهناك الكثير من الأغاني السريانية غنيت لوصف الحياة بمناطق زومي  ،عند حلول الخريف والبرود التدريجي للجو كانوا الناس يشعلون لهيبا من النيران عند الصباح والليل للتدفئة وبعد تيقنهم إن الجو أصبح لا يطاق من شدة البرودة هناك، كانوا يشدون الرحال جنوبا بعد الاتفاق الجماعي  فيما بينهم إلى قراهم تاركين قمرياتهم الصيفية  في زومي يتيمة تتغطى بالثلوج المتراكمة وتسقط  من جراء ذلك ،أما هم فيعودون إلى بيوتهم وبساتينهم لقضاء فصلي الشتاء والربيع بقرب من مدافئهم الخشبية هذه كانت صورة ووصف بسيط وبدون رتوش لحياة أبناء القرى  قديما ،عسى أن نكون الصورة هذه واضحة المعالم والزوايا للأجيال اللاحقة ...


Badran_omraia@yahoo.com

607

شعاع من امتنا 
بولس  بيداري..  كاهن ومناضل....

•   بدران امرايا

في السابع من أيلول الجاري نكون قد تخطينا الذكرى السادسة والثلاثون الأليمة على قلوبنا جميعا حيث فيها  1974 أفل نجم ساطع وكوكب منير من آفاق سماء امتنا الكلدوآشورية الرحبة , حيث توقف قلب كبير عن النبض ليترك أمته إلى حيث  الخلد الأبدي  دون أن تكتحل عينيه بأدنى ما ممكن من الحقوق القومية التي كرس جل أيام حياته البسيطة من اجل نيلها .وودعنا والدموع تغرورق وجنتيه لان آفاقه الفكرية الرحبة كانت مثقلة بأماني وطموحات لا يقدر على حملها بغل مسمن , خدم الأمة والكنيسة معا وعلى خطين متوازيين وبنفس الوتيرة من السرعة دون أن يبخل بشيء من طاقاته وإمكاناته الهائلة أسيرة القيد الفكري إلى داخل كفنه للمقبرة, بل زجها بكل حب وبساطة وبأبهى الطرق لخدمة البشرية دون تواني أو تردد حيث صال وجال ميادين العلم والمعرفة نابشا وبتمحيص مضامين ما وقع بين أنامله من الكتب والمصادر والمخطوطات التاريخية, كل ذلك ليصقل فكره ويرسخ نهجه ويقيم سبيله ويزخر عطائه ويستديم أكثر فأكثر هذا ليس للمنفعة الذاتية والتباهي والتبهرج  الآنيين بين مجالس الناس هنا وهناك ,بل لأجل أن يسعف الأمة والكنيسة  والمجتمع معا بزخم هائل من المعرفة والأفكار النيرة واستقامة السبيل .وكل ما من شأنه ليعزز روح العيش بكرامة وتآخي ومحبة إلهية ومساعدة المحتاج وتنوير التائه وهديه إلى السبيل السوي. انه كان الأب الفاضل والشاعر الثائر  والكاتب الجريء المناضل القومي والوطني بولس بيداري الذي اقترن اسمه الشامخ بقرية مسقط رأسه ( بيدارو – بيث درايا ) (ارض المعركة )المطلة على نقطة التقاء مجرى نهري الخابور و الخزلا ( الهيزل ) غرب مدينة انتصار ومحط الأمير الآشوري مار قرداغ الشهيد  ( زاخوتا النصر ) ترعرع وتلمذ بحب قريته محبا بكل ما فيها من ناس ومعالم وتضاريس طبيعية ، تلقى دراسته الأساسية فيها أحب وتعمق في نحو لغته السريانية وغاص بتشعبات قواعدها وألم بكل ما يمت إليها بصله إلى جانب نبوغه وإلمامه الواسع بشقيقتها العربية التي تفنن في أصول نحوها ومعانيها واجري دراسة مقارنة تحليلية بين الشقيقتين وألقاها كمحاضرة ببيروت سنة 1936 وتحت عنوان ( قنبلة الأب بيداري )ونشرت فيما بعد بكتيب , ومن يطلع عليه يتقن بأن الاسم على مسمى فقد كان تأثيره النفسي كتأثير قنبلة في تأجيج المشاعر وإلهاب العواطف .إلى جانب باقة من المؤلفات القيمةّ وفي مختلف شؤون وشجون الحياة . ولم يترك مناسبة تمر عليه مرور الكرام إلا وأدلى بدلوه فيها منها  بكل أمانة وإخلاص وموضوعية  ومهنية عالية * سيدة الرهبان هرمزد * ترجمة حياة نبي السريان الملفان مار افرام  * فضيلة فتاة سنة 1956 قامشلي  * بين العزوبية والزواج 1966  * دليل الطلاب في النحو الموجز موصل 1923  * مقالات وقصائد مختارة 1977   ومنذ نعومة إظفاره نما شعور في أعماقه وظل هذا الشعور يكبر ويتغذى ويستمد  الدم من شرايين جسمه القوي ، انه كان الشعور القومي المتأجج والإحساس الرقيق بمعاناة شرذمة أمته وما آل إليها حالها بعد أن كانت سيدة العالم الشرقي واللاعبة الأولى على مسرحه منذ الأزل ، وهذا الشعور حثه ودفعه بخطوات رصينة وقوية للمطالبة بحقوق أمته أينما حل وحط الترحال دون خوف او وجل , ويمثل شعبه في قيادة ثورة أيلول  الكردية عام 1961 ليسجل حضور قضية أمته العادلة ومعاناة ومظالم شعبه على كل منبر ومحفل وخاصة المجال الشعري, حيث أجادت قريحته بالإشعار السريانية والعربية ووصف أحداث مذبحة سميل برائعته السريانية  ( ابكي يا روحي بالحزن وبدموع القلب المكسور ) والتي غنتها الفنانة الكلدوآشورية المتألقة ليندا جورج بصوتها الملائكي الشجي وذابت بأدائها بحث ألهبت مشاعر سامعيها  . وقصيدته الرائعة ( جريمة سميل ) بـ140 بيتا والتي نشرت في كتاب ناقوشا الذي صدر بشيكاغو عام 1933 . ورائعة أخرى من روائع قصائده  باسم  ( أيتها الأمة الحبيبة ) التي عبر من خلالها عن حبة  وتلهفه الكبير وارتباطه ألصميمي الأزلي بقضية شعبه العادلة والمقدسة .والتي تجسدت في كل نبضة من نبضات فؤاده وفي كل نسمة هواء استنشقها حيث ولد هذا الشخص وصرخة القضية فاقت صرخة حياته الأولى . فانه ولد للقضية وعاش لها ومات واقفا من اجلها كشجرة البلوط الباسقة في عنان السماء وكل هذا ,لم يجعله أن يتغاضى لقيد أنملة عن أداء وبتفاني رسالته الكهنوتية المقدسة تجاه ربه . وخدمة للمرعية الملقاة على عاتقه أدى ما لقيصر لقيصر وما لله لله إلى جانب تصدح حنجرته  بالكلام والمناداة من صميم الأعماق بردم الهوة بين مسميات شعبنا الواحد الأحد, والعمل بكل ما من شأنه لتكريس الاتحاد ولم الشمل  منوها إن في الاتحاد وحده يبزغ علينا نور قيامة الأمة وهي الوحيدة والكفيلة بضمان كامل حقوقنا المشروعة في ارض الأجداد والعيش بكرامة أسوة بأشقائنا  الآخرين  في الوطن وكان هذا الكوكب المشع يذيل كتاباته بتوقيع  الأب بولس بيداري الكلداني الآشوري  دون أن يستعين بواوات العطف اللعينة بين أسماء امتنا لاعتزازه الكبير بكل مسميات شعبنا الواحد عكس ما تذهب إليه شلة من المحسوبين على شعبنا وبفكرها الضلالي  بتعزيز روح التقسيم وزيادة الهوة بين مسمياتنا بكل الطرق السقيمة والقذرة  وتشن هجمات كتابية غوغائية عقيمة على ذوي الفكر الوحدوي  العقلاني والمنطقي المستمد والمستند من روح وأرضية الواقع والخط العام لغالبية شعبنا وهناك من ابرز نفسه ككاتب وبطل أسطوري للدفاع عن هذه التسمية أو تلك ولا يعرف إن بهذه الكتابات المسخمة بالسواد يحفر قبره بقلمه  ويشطب اسمه بالمداد الأسود من بين سفر غيارى الأمة ومخلصيها  ليسطره في الدرك الأسفل بين الخونة والأعداء وسفاكي دماء أبنائه عبر التاريخ وستكون هذه الكتابات الانقسامية وصمات بارزة من العار وصفحات  سوداء  من خزي  والمذلة الأبدية مذيلة بأسماء أصحابها وسياتي يوم ان شاء الله فهو لقريب بان يعض هولاء النفر الضال أصابع الندم والخجل سوف ينخر وجدانهم كالدود لموقفهم المنحطة  وكتاباتهم الصفراء هذه . وبرحيل بولس بيداري  ترك ذكرى محفورة في وجدان  كل من عرفوه أو طالعوا نتاجات أنامله  الذهبية ,وسيبقى اسمه يتصدر موكب الخالدين  من أبناء هذه الأمة والمجد كل المجد لروحه الطاهرة   . وأملنا أن يحذوا رجال كنائسنا الاخرين خط ونهج هذا الرجل العظيم  كنسيا وقوميا لنعجل  الخطى من انبعاث و نهضة هذا الأمة المجيدة ولتشرق خيوط شمسها الذهبية بين الأمم ولتستعيد مكانتها اللائقة  ...


Badran_omraia@yahoo.com


609
من موروثنا الشعبي
عاقولتا

 
                         
بدران امرايا

عاقولتا  أو أقولتا اسم سرياني مشتق من عقرتا بمعنى الاجتثاث وهو اسم المحراث الخشبي القديم الذي كان يجر وراء الدواب لحراثة وقلب سطح الأرض والمصنوع من جذع شجرة البلوط أو السنديان الثخين والقوي وبطول يصل لثلاثة أمتار و له فرع قوي يمتد باتجاه الطول ، فبعد أن تقطع الشجرة بالطول المراد وتنظف وتكشيط  من أية أغصان ماعدا المنوه عنه بحث تكون ملساء فيثقب رأسها النحيف بثقب ليمرر في خشبة النيرا التي تكون موضوعة على عنقي الدواب ومن ثم يمرر وتد ( كلما – قلما ) في ذلك الثقب بحيث يتشكل مع النيرا ويكون قطعة منه ،وبعدها يحدد راس الفرع المتروك أو الوتد الذي ينغمس في الأرض ويقلبها ولضمان عدم انشطاره أو تكسره باصطدامه بالأحجار أو الصخور داخل الأرض لمدة طويلة   فتجلب سكة حديدية قوية ذو راس حاد مع مقبض مجوف ( سكثا ) بمقياس ذلك الوتد وتمرر عليه فتثبت جيدا لتشق وتقلب الأرض بأكثر انسيابية وسهولة ، ثم ثقب مؤخرة المحراث لنصب مقيض خشبي فيه بطول متر أو أكثر وذو رأس سباعي ليلاءم راحة اليد ليمسك به الفلاح المحراث وللسيطرة على عمق المنطقة المحروثة فضلا عن إن مربطي الدواب تكون مسندة عليه ويسمى عند شعبنا الكلدوآشوري بـ (مشانا ) ، ورفع المحراث من خلاله عند ينحشر بين الصخور المطمورة لتلافي تكسر راس السكثا ،وكذلك ورفع المحراث به عند نهاية الأرض أو خط الحراثة ، وبعد تحضيره كان يوضع تحت الشمس ليجف ويتصلب ليتقوى أكثر  وكان من بين أبناء شعبنا الكلدو اشوري أناس ذوي خبرة وأيدي فنية ماهرة  لصناعة هذه  الآلات الزراعية  العديدة من امثال المرحوم هرمز عيسى  ساكو  وغيره ، ولدى مجيء فصل الزراعة بعد سقوط الأمطار الكافية بالسريانية (برا - البرعا ) أي توغل الرطوبة داخل الأرض  لعدة سنتمترات كان الفلاح يستعان به للحراثة بسحبه وراء الحمير أو البغال أو الثيران أو الخيول وكان الفلاح يستعان بأداة حديدية لها مقبض خشبي  بطول متر أو أكثر تسمى ( مسا ) لتنظيف راس المحراث من الطين العالق وتخفيف وزنه كلما تراكم عليه الطين والدواب كانت تعلف بواسطة تعبئة كيس بالتبن والشعير وتعلقه بعنقها خلال العمل لإمدادها بالقوة اللازمة للعمل ،وكثيرا من الحالات كان احد الدواب ينبطح في خط الحراثة من شدة التعب لذا كانت تلكز بضربها بسياط طويل ، وهذا العمل كان شاق جدا ولذ كانت المساحة الزراعية محدودة ، أما حاليا فقد ودع الفلاح هذه الآلة الزراعية الخشبية  إلى غير رجعة اللهم في بعض الدول الفقيرة وفي مناطق نائية وعاصية التضاريس لا تطأها المكننة الزراعية كل ذلك بفضل الثورة الصناعية وتوغلها في المجال الزراعي بكافة مراحله وخطواته .

 
   

610
من موروثنا الشعبي
(شخرا) وسيلة النقل   
         
  بدران امرايا

شخرا كلمة سريانية مشتقة من ( سكرا) أي بمعنى  (  الحجز أو الخزن ) وهي أداة أو وسيلة زراعية خشبية قديمة تراثية شبيه بالسلم ذات الشكل الثماني كانت تستخدم سابقا في قرانا لأجل نقل المحاصيل  الزراعية الصيفية المحصودة ومن على ظهر الدواب إلى البيادر من قبل الفلاحين ،حيث كانت تصنع من أربعة أخشاب من شجرة التوت أو الخلاف لخفة وزنهما  طول الواحدة 130 سم فكان كل خشبتان تربطان مع البعض وعلى هيئة سلم عبر إمرار ثلاثة أخشاب بينها بطول  40 سم واثبات ذلك بأحكام وتسمى هذه بـ ( كتا )  أي الكفة وكذلك نفس العمل مع الزوج الآخر من الأخشاب وبذلك يتكون لنا سلمان كل طرف بثلاثة درجات او ( خوقي ) بالسريانية، ومن ثم تثقيب الطرفان العلويان من السلمان بثقب واسع وجعل الرأسان يتداخلان فيما بينهما بحيث يتقابل الثقوب وبخط مستقيم ومن ثم إمرار خشبة  تسمى بـ (خمارا ) أي الحمار في الثقوب وإثباتها بحيث لا تخرج  ، عندها يتشكل سلم شبيه بسلم الصباغين و بشكل رقم ثمانية تنفرج على الأرض وتنتصب حسب حاجة استعمالها ، ويمر عليه من الأسفل نحو الأعلى  حبلان ينتهيان بحلقات خشبية يمرر الحبل فيها و يشدان على ما يصفف على أطرافه من سيقان رزم الحنطة أو الشعير أو الرز وما إلى ذلك إلى خشبة ( الخمارا ) وهكذا مع الطرف الأخر، بعد بناء الشخرا بالحمل وشده بأوتاد تسمى (كمدو – قمطو  ) كانت يرفع إحدى أطرافه ليؤتى بالحمار أو أية دابة أخرى  مقابله  وإنزاله على ظهره ومن ثم إمرار حبلا من أسفل الشخرا و تحت بطن الدابة إلى الطرف الأخر وشده بحلقة خشبية هناك  جيدا وبشكل متوازن  ومن ثم التوجه نحو البيدر لإلقاء الحمل هناك ،  ولدى وقوع الشخرا من على  ظهر الدابة كان يتفلش و تتشرمط  وتتخربط سيقان المحاصيل  ويصعب إعادة تصفيفه وبناءه من جديد ،  لذا كان لأبناء شعبنا مثلا بهذا الصدد حيال الرجل المخربط  في عمله أو قيافته وهندامه  ما نصه ( ايلي مخ   شخرا  فليشا ) أي انه مثل الشخرا المفلشة ، وحاليا لم يبقى لهذه الوسيلة أي اثر حاليا في ميدان العمل والممارسة إلا عددا قليلا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة  في أروقة بعض  المتاحف ، بعد أن طرأت على الحياة بصورة عامة  تطورات دراماتيكية  عظيمة وخاصة دخول المكننة في المجال الزراعي واحتلالها لخطواته ومراحله وانحسار دور الإنسان في بعض المسائل المحددة فقط   ...
Badran_omraia@yahoo.com
 


 

613
موسرديل ..ارث نهريني يزخر بقيم الأصالة

         
بدران امرايا

 موسرديل او نوسرديل كلمة سريانية مركبة تعني الله يزخ أو يرش ا لمياه ، وهو اسم لطقس احتفالي يعود لقدم التاريخ النهريني حيث استمد من الإرث الحضاري للإمبراطورية الآشورية - البابلية وتحديدا لدى إياب الجيش من المعارك منتصرا غانما على أعدائه حيث كانت تمارس هذه الطقوس الاحتفالية الكبرى  ( نشوة النصر )  في  آشور ونينوى وبابل وفيها كانت الجماهير تصطف على جانبي شارع الموكب المؤدي لبوابة عشتار ببابل لاستقبال ارتال الجيش بصنوفه وتشكيلاته المتعددة للأبطال العائدين من ساحات الوغى حاملين أوسمة النصر والفخر يملا أنفسهم ، وعلى رأس المستقبلين كبار رجالات الحكم والكاهن الأعظم بما فيهم مساعديه وحاشية الملك وعائلته ( ورب شاقا )  رئيس السقاة والأطفال والشيوخ والنساء وكافة الشرائح الاجتماعية الأخرى ولدى مرور موكب القائد العام للجيش  (رب كيسا ) أو ربما في الكثير من الأحيان الملك بشخصه الذي كان يقود المعارك بضراوة لإضفاء روح المبادرة والإيثار في نفسية المقاتلين للدفاع من الوطن ولصد أي مصدر يهدد أمنهم وبلادهم يجرون ورائهم صفوفا جرارة من الأسرى وهم مقيدون بالأغلال يجرون أذيال الخيبة والخسران  . وحال وصول الملك وصفه الأمامي إلى مشارف الشارع تنهال عليهم عبارات التبجيل وزغاريد النساء وحبات من الأرز  وحبوب أخرى وأزهار وأصوات الأبواق والطبول والصنوج مرددين أغاني وأناشيد تضفي الحماسة الخاصة بالغلبة والنصر إلى جانب رش الجنود بزخات من المياه للدلالة على إن المياه عنصر مهم لديمومة الحياة البشرية والحيوانية والنباتية  وعنصر لخصب الطبيعة وللغسل والتطهر الجنود من الدماء العالقة بهم وبأسلحتهم  وتقديم المياه النظيفة والباردة لهم ليكسروا ضماهم حيث كانت هذه المهمة من اختصاص رئيس السقاة في الدولة الذي كان يقود فصيله إلى  مشارف الطرق لاستقبال طلائع الجيش  فضلا عن فصيل السقاة  المرافق للجيش  حيث كانت هذه المراسيم مماثلة لاحتفالات(اكيتو ) الأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية . ولكن بعد انبلاج نور المسيحية في الشرق امتازت بأول طقس وهو المعمودية المقدسة  التي تتم مراسيمها بصلوات خاصة وغطس الطفل أو الشخص المعمد بالماء وتسميته باسم ما  تيمنا بمعمودية المسيح جل شانه على يد مار يوحنا المعمدان في نهر الأردن ... حيث إن كل شخص يدخل المسيحية كالتزام بأركانها المقدسة  وحال زيادة عدد المؤمنين لم يكن بالإمكان معمودية كل واحد على حد لذلك ذهب التلاميذ إلى جعل المؤمنين يبركون  وبدئوا برشهم بالمياه لإتمام هذا الطقس  المقدس ليستمر أدائه ويرى النور في صفحات تقاويم كنائس شعبنا الكلدوآشوري السرياني ليتواصل هذا السفر التاريخي الحضاري القومي الديني الوطني الخالد وأحياءا لهذا الموروث الزاخر والمبارك يقوم أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني صبيحة احد هذا اليوم التموزي الحار بشد الرحال إلى حيث شواطئ المياه العذبة الرقراقة وهذا طبعا بعد إتمام طقوس القداس الصباحي للكنائس وتناول القربان المقدس  ثم قصد مناطق المياه وشوطيها للسباحة ورش المياه على البعض بحيث لا يترك أحدا دون أن يتبلل وبروح مرحه  إلى جانب ممارستها في جو المدن وبطرق متفاوتة وحسب ما هو متاح ولا يسلم المرضى الراقدين في الفراش من زخات تلك المياه  ، اكتسب هذا العيد عبر التاريخ أسماء عديدة إلى جانب ( موسرديل  ونوسرديل -عيد الرشاش - يوم الله - احد نوسرديل - تذكار الاثنى عشر رسولا ... وغيرها ) لذا ومن هذا المنطلق الإنساني علينا نحن المسيحيين عامة والكلدوآشوريين السريان خاصة أن لا ندخر مشاعرنا الاحتفالية بهذا العيد وممارسة طقوسه الجميلة  لنجعله يوما جديدا لتمتين وشائج الاتحاد بين كنائسنا إلى جانب مطالبة السلطات الحكومية لجعله عطلة رسمية لشعبنا وتغطية فعالياته إعلاميا  ، للاستمتاع بطقوس هذا اليوم الصيفي الممتع وبين أبناء الأمة الواحدة التي خصها الرب بوحدة الأرض واللغة والتاريخ والمشاعر والطموحات والمصير المشترك وبمخلص واحد وهو السيد المسيح له المجد وبمياه معمودية واحدة وبكنيسة واحدة جامعة رسوليه مقدسة  ولاستنشاف عبرة الوحدة القومية الكلدوآشورية السريانية من روافد نهري وطننا العظيمان  ( الزاب الأعلى  والأسفل  والعظيم والخابور....الخ ) كيف يلتقون في دجلة والفرات ومن ثم المصير الواحد بكرمة علي و بشط العرب ، وهنا استذكر مقولة أبينا مثلث  الرحمة البطريك مار روفائيل الأول بيداود حيث قال بالحرف الواحد ( خلاص امتنا يكمن بوحدتها  ) إذا لا خلاص بدون الوحدة القومية علينا أن نستذكر هذه المقولة الخالدة ونسطرها بأحرف من الذهب على ضمائرنا ووجداننا وسفر وجودنا ونبتعد عن أسلوب التراشق وتبادل الاتهامات  بين أبناء الأمة الواحدة كما يحدث الآن على المواقع الالكترونية وتبادل الاتهامات الكلام البذي ونبش بطون الكتب  والاستشهاد بكل موقف مشين ودحض اسس حضارتنا واسمائنا التاريخية وكيل التهم   يمينا وشمالا ودق الإسفين بين أبناء شعبنا بحجج التباكي على هذه التسمية أو تلك وكتابة مقالات محشوة وملئها السم الزعاف غير هيابين بأننا مهما حصل ومهما كتبوا في أوراقهم الصفراء والمسخمة بالسواد  كوجوههم   لن يغيروا من حقيقة اننا شعب واحد بشيء  وان المحطات الانتخابية الماضية أفرزت الرأي السديد والوحدوي من الزيوان المر كالعلقم  وان نستذكر المناقشات البيزنطية العقيمة التي كانت تدور بين حكام  قسطنطينية ومفادها (هل إن الملائكة ذكور أم إناث ؟ والى ما ذلك  حتى خسروا الجمل بما حمل وسحب البساط من تحت أقدامهم ) ..وان نستعد بكل وعي والتزام أنساني وأخلاقي لان نبين وحدتنا القومية العتيدة واصلنا النهريني المتجذر في التعداد السكاني المزمع إجرائه في الخريف المقبل من هذا العام  بحيث أن نكون مصطفين متوحدين ونختار أو نكتب ما يوحي بجمع شملنا  كشعب واحد وأمة واحدة لا نقبل بواوات العطف الفاصلة والتي  ينشدها البعض  القليل من بيننا وممن يسبحون  بعكس التيار الوحدوي   ويتراقصون  على إيقاع أنغامها النشاز والذين يسعون بتوجههم التخريبي هذا لامحاء وطي صفحة وجود شعبنا  ولا نقبل بان نكون متشرذمين نضحك الآخرين علينا .. ونصب الزيت على النيران التي تحرقنا وتقضي علينا ..فإحصائية شعبنا الآخذة بالتناقص يوما بعد يوم في الوطن لا تقبل ولا تستحمل بان نكون مجزئين أكثر مما نحن عليه .. وان أوضاعهم المأساوية وتسلط الإرهاب عليهم  يدعونا بان نستنفر قوانا و نوحد الخطى والخطاب والتوجه والمبادرة بعمل شيء كتحريك الرأي العام العالمي لمناصرة قضية شعبنا والعمل بكل ما من شانه لا يجاد حل  لأبنائنا الذين يقتلون هنا وهناك  ...لا أن  نحشو المواقع الالكترونية بالكتابات السواء ضد بعضنا وكأنه فخر ووسام العلى وشرف .. فصدقوني بان هذه الكتابان السوداء ستكون في المستقبل القريب  وصمة الخزي والعار مذيلة بشخوص كتابها وسيخجلون منها  على الرغم من أنهم  يتفاخرون بها الآن ... ونوسرديل مبارك عليكم يا أبناء أمتي الأحبة ..
 .

 

614
الرفيق بانيبال ايشو في الذاكرة والوجدان
 

 انه الرفيق ( توني ايشو ) الذي عهدناه منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي  ضمن متطوعي الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) , امتاز هذا الرفيق بدماثة أخلاقه وبحب ملؤه الغيرة المتأججة  للعمل القومي من اجل نصرة قضية أمته السامية والعادلة , وبصدر واسع يسع الدنيا بما فيها في تحمل المشقات دون أن يشعر يوما بالكلل أو الملل أو بدا منه أي تقصير أو تخاذل في أداء أي واجب مناط إليه , بل كان لا يغمض جفنه حتى إتمام الخطوات أو اللمسات الأخيرة منه بتفان وإخلاص وكأنه كان مقاتلا صنديدا تخرج من إحدى الكليات الحربية  .ولد رفيقنا هذا من رحم الأمة,ونذر نفسه للعمل والنضال من اجل إحقاق حقوقها ,كان دائما مجهزا بالتمام والكمال ويقظا شديد الحذر,وفي نفس الوقت كان مرحا رقيق القلب خفيف الظل سلس الكلام يصغر مع الصغير ويكبر مع الكبير , وذو معدن اصفر أصيل لا يهرم أو يصدا , محبا لعمله وواجبه الحزبي . بدليل انه نقل للعديد من مقرات الحركة نفذ الواجب دون أن يتردد ولو للحظة .فقد خدم في صفوف الحركة انطلاقا من مركز دهوك  ,ديرلوك ,اربيل ,برواري بالا , فيشخابور , زاخو, بغداد بعد التحرير , وفي كل مكان خدم فيه ترك اثر طيبا وذكرى عزيزة في نفس رفاقه ومن تعامل معهم من المواطنين . فعند التحاقه بصفوف الحركة عام 1991 لم يكن قد تجاوز ربيعه العشرين  واستمر في تلقي الدروس الحزبية ومحاضرات التثقيف السياسي , وظل ينهل من النهج الفكري القومي والوطني والإنساني للحركة واستسقى من هذا النبع الصافي دون أن يكتفي ,وطغى هذا الفكر الإنساني المتدفق في جميع مفردات حياته وكانت هذه المبادئ اللبنة الأولى في تشكيلة بنائه الفكري الإنساني  ومحورا في نكران ذاته ,حيث شارك ضمن مقاتلي الحركة عام 1994 في قوات حفظ السلام في إقليم كردستان العراق , اقترن بشريكة العمر في زاخو وحطا الرحال فيها , وكانت الثمرة الأولى لتلك الشراكة الروحية والجسدية المقدسة هي نينب  وبانيبال التوأم الذي زخ على حياته زخة مطر مرذذة باردة منعشة اثلجت صدره وجعلت مجرى حياته تواكب ربيعا حافل بالنضارة والزهو , ومرجا شبيها بالفردوس الروحي , نعم هذه المشاعر الطيبة كانت تفيض منه عند الحديث عن فلذا كبده وتوأما روحه . انه كان صديقا حميما لجريدة بهرا والتي اقترن اسمه بتوزيعها وهذه المهمة أدت بشعبنا والمؤسسات الحكومية أن تعرفه من خلال صولاته وجولاته وهو يتأبط حزمة من حبيبته بهرا ليوصلها طازجة لقرائها  ومريدها دون أن يكترث بالبرد أو الحر أو التعب , وكأنه ولد وقدر له أن يكون لهذه المهمة فقط ,دون سواها فقد كانت من شيمه الانسجام والتأقلم مع أي واجب موكل إليه , وكان موجوا في مقر محلية زاخو لدى تعرضها لوابل من الطلقات النارية عام 1994 وهب كالصنديد المقدام للرد على مصادر النيران المتأتية من أعداء وجود امتنا وطليعتها المقدامة (الحركة) وسجل حينها صفحة مطرزه بالرفعة والمجد والتقدير العالي بين رفاقه وأصدقائه ولدى كل من عرفوه , كان متأثرا بقضية وحدة أمته حتى النخاع واعتبرها من أقدس الواجبات للعمل من اجلها , وظل يتألم وقلبه يتقطر حزنا وكمدا لواقع امتنا المتشرذم والأيادي الخفية تمتد من الخارج بين تسمياته وتغذي انقساماته بغية مسح وجودنا كأمة وشعب عبر أدوات ومؤسسات كارتونية رخيصة خاضعة تابعة ذليلة و ذيليه.عمل مخابرا على جهاز الاتصالات اللاسلكية " الركال " بين مقرات الحركة وظل يردد مصطلح مشرياتا – مشرياتا أي محطات محطات وهو باسم (عنانا ) أي الغيمة بين رفاقه من المناطق الأخرى , وكم من مرة تداخلت خطوط الاتصالات واشتبكت مع خطوط القطعات العسكرية للجيش العراقي والمرابطة في المناطق القريبة , وظل يتلقى وابلا من الكلام الخشن والمسبات والتهديدات بالويل من مخبريها وكان يسخر منها دون أن يأخذها محمل الجد أو أن يكلف نفسه في التفكير بها , ودون أن يأبهه بان تنعكس هذه المواقف على وضع أسرة والده في بغداد , إلى جانب انه شقيق الرفيق الشهيد " سامي  ايشو " الذي استشهد وهو بعمر الزهور غدرا على يد الإرهابيين في عاصمة أمته التاريخية نينوى دون أن يقترف ذنبا سوى إبراز هوية الحركة عام 2004 وهو في طريقه إلى مقر الحركة في الزيونه ببغداد  بعد أن زار شقيقه الوحيد في الوطن بانيبال  بزاخو , وكأنه جاء لتوديعه وإشباع نظره منه .. كان بانيبال ايشو من مواليد بغداد  ومنحدر من قرية بليجاني بمنطقة العمادية تلك القرية التي تكونت فيها البذرة الأولى للوعي القومي والسياسي للحركة ,القرية التي ولد فيها الشهيد الخالد  المغوار يوسف توما هرمز احد مؤسسي الحركة, أنها القرية التي أبت إلا أن تنجب وترضع المناضلين والأفذاذ لتزج بهم في الخندق النضالي للأمة والذين قارعوا زنزانات النظام البائد بالصلابة الفولاذية ورصانة المبادئ إلى آخر رمق من حياتهم . ودعنا الرفيق بانيبال مبكرا وفي غير أوانه وفي ذكرى 14 تموز من هذا العام 2006 , بحادث مؤسف "غرقا " لا يرتقي إلى مستواه النضالي ومواقفه ألصلبه , ونقل جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير بقرية بليجاني ووري الثرى إلى جانب شهيد المبدأ يوسف توما هرمز لتستأنس روحيهما في الاخدار السماوية حيث النقاء والصفاء والأزلية .المجد والخلود لروحك الطاهرة ولروح من سبقوك ومن سيلتحقون بمسيرتكم الخالدة , والتعازي الحارة لذويك ورفاق دربك في مدرسة الحركة المقدامة  ..

رفيق مسيرته

•   بدران امرايا
 






615
من موروثنا الشعبي
مربتا دتلكا

مربتا دتلكا اسم سرياني مركب بمعنى مجرفة او مزيحة الثلج ، وهي أداة خشبية مثلثة الشكل لها مقبض يدوي كان الناس يستخدمونها لجرف الثلوج من على سطوح منازلهم بالمناطق الجبلية ، وتمتاز بخفة الوزن والطول والقوة وناعمة لكي لا تكشط أو تحفر السطح أثناء دفع الثلج،فالظروف القاسية كانت تفرض الكثير من الأعمال لحسن مواجهتها وتدبير شؤونها ، لان الاستمتاع بالجو البارد المنعش في المناطق الجبلية ربيعا وصيفا كانت ضريبته موفورة الدفع في الشتاء الثلجي القاسي وقلة الحركة خارج المنازل ، لذا فتلك الظروف الزمكانية كانت تلزم ساكنيها التأقلم وتوفير سبل المواجهة من جميع النواحي ، فجرافة الثلج أداة بسيطة المنظر والصنع لكن مهمتها في عز الشتاء جدا مهمة ولا يمكن الاستغناء عنها تحت أي طائل فكانت تصنع من مواد بسيطة متوفرة تحت اليد ( قطع وخيوط من الجلد  أخشاب أو أضلاع لمثلث  خشبة للمقبض بطول مترية ورزم من عصي الخيلاف الطرية ( الصفصاف) ففي البداية كانت تمرر رؤوس أضلاع المثلث في بعضها وإمرار خشبة المقبض عند تلاقي الضلعين إلى وسط الضلع الثالث وتثبيتها بإحكام جيد وكانت الخشبة الأمامية أثخن ( الدعامية ) بعدها تمرر عصا الخلاف وتجدل أفقيا بين الضلع الأيمن  وخشبة المقبض والضلع الأيسر بحيث تتشكل لوحة مثلثة وتثبيت ذلك بواسطة الخيوط الجلدية ، وبعد الانتهاء منها كانت توضع تحت الشمس لكي تجف فتقوى أكثر ويخف وزنها ثم تضم إلى حيث مجيء أوانها في عز الشتاء وزمهريره عندئذ تسمى عند شعبنا الكلدوآشوري  بـ ( مربتا دتلكا ) ولدى تراكم الثلوج كان يستعان بها لجرفه ليتساقط من على السطوح خشية من تراكمه عليها وسقوطها من جراء وزنه ، فكانت ( المربتا ) توضع فتلامس دعاميتها ارض السطح وتدفع للأمام فتكشط الثلج فيتصاعد على لوحها المثلث أو يتراكم أمامها فتحتاج إلى الهمة لدفعه نحو الأسفل ، وهكذا كانت السطوح تنظف لعدة مرات خلال اليوم الواحد لكثرة تساقطه بمناطق معينة ، فكانوا الشباب يصعدون عبر السلم وينزلون عبر الثلج المزاح والذي كان أحيانا يصل بمستوى السطح ويسد منافذ البيت ومخارجه ، لذا كان الرجال يتناوبون فيما بينهم من اجل تنظيف السطوح  ، وإلا كانت تنهار عليهم وهم خائرين في أحلام نومهم الوردية فالحذر كان يدفعهم للسهر بجانب المدفئة الخشبية وإدامتها على الدوام وتناول المواد الحلوة الدهنية لتوفير السعرات الحرارية لمهمة الإزاحة وكم من بيوت محت من الوجود عن بكرتها نتيجة الإهمال والتقاعس خلال تلك الليالي الشتوية الطويلة ، وبمنطقة تياري الهكارية جنوب شرق تركيا ذات مرة رفع رجل مسن ظهره المقوس ووضع يده المرتجفة على جبينه ولمح نظره خاطفة إلى السماء وهز رأسه حزنا ، حيث كانت زرقاء داكنة فقال لأهل قريته ( الله يكون في عوننا فاحذروا فان هناك موجة من الثلوج آتية ويجب أن نتهيأ لها من الآن بكل الوسائل الممكنة )، لكن قلة من الناس أعاروه الاهتمام وآخرون اتهموه بالهذيان والخرافة لكبر سنه أما أهل داره فسمعوا له فقال هاتوا الثور المسمن واذبحوه واجعلوا من لحمه قلي وهيئوا الأخشاب وحظائر الحيوانات بالأعلاف وكل ما من شانه لسلامة البيت بما فيه  .وفي المساء اخذ ت نتف الثلج تتساقط بكثافة فأمر العجوز بتعليق جرس في راس عصا ونصبها على السطح ليطلق أنينا لدى تلقيه الرياح الثلجية وأمر أولاده وأحفاده بالتناوب في جرف الثلج من على السطح وإبعاده عن مخارج البيت واكل القلية الساخنة والصعود إلى السطح كلما انقطع صوت الجرس ، حيث كانت إشارة بان مستوى ارتفاع الثلج وصل إليه وانغمر فيه لذا لا يسمع صوته عندئذ يجب أن يزاح وهكذا لعدة أيام  ، بحيث انغمرت الكثير من البيوت تحت الثلوج  وتهدمت على من فيها ، أما الذين اخذوا النصيحة محمل الجد فقد سلموا من جراء هذه الكارثة المروعة  ...

بدران امرايا

             Badran_omraia@yahoo.com                                                                              

616
   تحية حب .. لسفيرة قضيتنا .. بهرا الغراء ..

           
بدران امرايا

بهرا مفردة سريانية مشتقة من بهرتا وتعني ( الضياء – النور المشع - الوهج ) جريدة سياسية ثقافية عامة صدرت دورية ثم شهرية حتى ظلت تطل علينا صباح كل احد من الأسبوع .فهي لسان حال الحركة الديمقراطية الآشورية  ( زوعا ) صدر العدد الأول في 26- حزيران  1982 وبحجم ( A4 ) وبحلة بسيطة وإمكانات محدودة وبشكل سري للغاية حتى عمدت نفسها بدم الشهيد الخالد  يوبرت شليمون  ( شهيد بهرا )الذي كمش وهو يحمل عددا منها لتكون شاهدة كافية ودامغة لإدانته لتعتلي به  حبل المشنقة حتى الموت في 5 شباط 1985 وبعد سلسلة طويلة عريضة من العذابات النفسية والجسدية .حيث كانت تخفي وكأنها تعويذة هنا وهناك لدى تداولها ونشرها لسطوة النظام ألصدامي  المقبور ، وبعد إعلان الكفاح المسلح للحركة والتحاق الرفاق بالمناطق المحررة في الشمال ,ولدى إيصال أول مطبعة لمقر الحركة  تجمهر الرفاق الميامين حولها وبدؤوا يطبلون ويزمرون مشكلين دبكة فلكلورية حولها وكأنها عروس تزف لعريسها لشدة سعادتهم بهذه الخطوة اللافتة في مسيرتهم الكفاحية ، صدرت بلغتين (السريانية والعربية ) السريانية لأنها لغة شعبنا الكلدوآشوري إحدى أقدم اللغات السامية في المنطقة فضلا عن إنها لغة السيد المسيح جل شانه ويفاءا بالتزامها بالخط القومي لنهج الحركة في إحياء امجاد اللغة السريانية .وطلتها  بلغة الضاد لأنها لغة غالبية الشعب العراقي والعالم العربي ولإيصال أهداف ومبادئ حركتنا القومية والوطنية والإنسانية  إلى اكبر مساحة ممكنة من القراء لكسب وحشد الرأي لمناصرة قضية شعبنا العادلة. وظلت تصدر وبصورة متذبذبة نتيجة ما رافق مسيرتها من الصعوبات خلال تلك المرحلة العصيبة خلال فترة الكفاح المسلح. وبعد انتفاضة آذار عام 1991 وبنزول الرفاق إلى الداخل والتحامهم بالتنظيمات الداخلية وعامة جماهير شعبنا  لبست بهرا حلتها الجديدة بتشكيل هيئة مختصة لإصدارها منطلقة من اربيل بحجم اكبر ومانشيتات بنفسجية للصفحة الأولى  والأخيرة  وإصدار منظم نهاية كل شهر ووفق أسلوب إعلامي ملتزم بالقوانين والأنظمة ومجاز حكوميا وبهيئة كاملة معلنة  من صاحب الامتياز - رئيس تحرير - سكرتير تحرير - مدير التحرير -  وغيرهم وبـثمان صفحات وانشقت عنها الطبعة السريانية بحلة وتسلسل خاص وعلى خط متوازي في الطلة والصدور مع الطبعة العربية ولتجد لها موقعا على الشبكة العنكبوتية  العالمية( الانترنيت ) وبعد حلول ذكرى تأسيسها اللاحقة حتى تحلت بحلة أكثر أناقة وعصرنة وذلك بصدورها بحجم الجرائد الاعتيادية وتستمر بالاستصدار بهذه الشاكلة الجميلة إلى أن يتحرر الوطن 2003  لتتحرر هي أيضا من حجمها المعتاد وألونها ومقرها في اربيل لتشد الرحال إلى مدينة المنصور بغداد السلام لتعاود الطلة على قرأها بحجم أوسع والزيادة في الصفحات وانعكس على الصفحتان الأولى والأخيرة ألوان القوس والقزح وبطاقم تحريري جديد ودائرة كتاب أكثر مساحة لتشمل أنامل على مستوى العراق ككل وتستقر بالشارع الربيعي بمنطقة الزيونة في احد اكبر أوكار النظام الدكتاتوري شهرة بالإعدامات وقطع الأطراف والآذان والألسن والاغتصاب وأعمال لا إنسانية أخرى لتحول هذا الوكر إلى صرح إعلامي وطني قومي أنساني شامخ تصدح منه إذاعة وفضائية آشور لتساهم في امحاء آثاره وتركته السلبية الثقلية من مخيلة الإنسان العراقي ليكون لها ولأقسامها مركزا خاصا تصدر منه  وزوايا ثابتة على صفحاتها من رسائل المحافظات الإخبارية والثقافية والإعلانات التجارية وبطاقات التهاني المختلفة وغيرها وتصل إلى قراءها في الداخل والخارج وبصورة منتظمة وبشبكة من المراسلين  لتغطية ما هو مستجد وطازج  وتجتاز إطارها  القومي لتصبح جريدة وطنية عراقية تتناول شؤون وشجون البلد إلى جانب الوقوف على أخبار شعبنا لتعبر عن آماله وآلامه وتدفع عن وجوده وتصد لمن يحاول المساس به بحيث غدت بهرا سفيرة شعبنا بصولاتها وجولاتها المكوكية خلال الأسبوع .استمدت قوة الانطلاقة والعزم من باكورة صحافتنا القومية الكلدوآشورية ( زهريرا  دبهرا ) أشعة النور التي صدرت في أورميا بإيران  سنة 1849 ولتكون سليلتها الشرعية . لبهرا تأثير كبير في توسيع الآفاق الفكرية القومية والوطنية والإنسانية لشعبنا وأججت فيهم روح المشاعر وبلورت شخصية قراءها لكونها خاطبت جميع الشرائح الاجتماعية مكبرة فيهم جوهر الوطن وغلاوته ومجسدة بشعبنا الوحدة القومية بدراساتها وتحاليلها الواقعية والمنطقية و بعيدة  كل البعد عن روح المزايدة والإيثار كشفت النقاب عن النوايا السيئة  لمن يضع واوات العطف بين تسميات الكلدو آشوري السرياني وفضحت محاولات البعض ممن ارتضوا لنفسهم الرذيلة والارتزاق على مسميات شعبنا الواحد احتضنت المقالات والنتاجات الأدبية المختلفة دون أن تلفت لاتجاهات كتابهم السياسية والقومية والطائفية أو الدينية وضلت جسرا ممتدا بين شعبنا في الداخل والخارج  وأغنت المكتبة الوطنية برفوفها وموقعها الالكترونية بمجلدات  سريانية وعربية.ولشدة تعلق شعبنا بجريدته العزيزة بهرا التي أبهرت العقول والأفكار بنافذتها الواسعة المشعة أطلق شعبنا اسمها البهي على المواليد الجدد من الإناث  تيمنا بغلاوتها ومعزتها الكبيرتين .. وبمناسبة إطفاءها الشمعة الثامنة والعشرون لانطلاقتها المباركة اهنىء جميع القائمين عليها والكتاب الذين يرفدونها بنتاجاتهم القيمة دون كلل وملل و للأنامل التي وضعت فيها الحجر الأساس أيام الصعاب والمحن ( الجبال والوهاد والسهول والثلوج والجوع وقسوة الظروف )  ولقرائها الأحبة حيثما كانوا. والذين حملوها في حقيبة زادهم البسيط ( رفاق زوعا ) الميامين وهم يصولون ويجولون  ساحات الكفاح المسلح لإيصالها لأبناء شعبنا آنذاك مسترخصين الغالي والنفيس لأجل هذه القضية النبيلة وتسجيل حضورها اللائق في المعادلة السياسية العراقية والإقليمية والدولية.... آملين أن تطل علينا مع إطلالة بزوغ نور كل فجر جديد .. لتتيمن بمعنى اسمها البهي . والسلام ..


   badran_omraia@yahoo.com





 


618
من موروثنا الشعبي
زورتا ( شربكي )
             
بدران امرايا

زورتا – شربكي تصغير لشربي - كوزكي أسماء سريانية لمسمى واحد وهو القربة الصغيرة المصنوعة من الفخار والتي تستعمل لشتى والوسائل أو بالا حرى لضم الأشياء  داخل البيوت قديما . وخلال مراسيم زواج أبناء شعبنا الكلدواشوري السرياني  كانت هذه الآنية الفخارية الصغيرة تعبا بالنقود المعدنية والعملات الورقية من الفئات الصغيرة المختلفة إلى جانب حبات الأرز والحلوة (جكليت) والجوز واللوز وما إلى ذلك من المواد الموجودة  وحينئذ تسمى بـ ( زورتا ).  ولدى إدخال العروسة إلى العش الزوجي  بيت الزوج  كانت أم العريس (حماتها )  تحضر  أنية ( طاسة) فيها بعض من الدهن الحيواني الحر( كرعا )  بالسريانية  فكانت العروسة تطمس فيه سبابتها وترسم به على الباب علامة الصليب المقدس ليكون دخولها لهذا البيت  فاتحة خير وبركة وليمطر عليهم الرب ببركاته الوافرة ( كون الدهن علامة البركة يمسح به الأشياء  منذ قدم الزمان ) ثم تقوم العروسة أو العريس  بـ (رطم ) أو  بضرب هذا الآنية على الحائط  فوق الباب  فتتناثر محتوياتها على الأرض  وكان أطفال المحلة ينتظرون هذه اللحظة  بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر فيتهافتون عليها كالبرق لالتقاط نصيبهم من محتوياتها  فكانوا يتزاحمون  على البعض  ويتدافعون ليتناولوا من بركة العروسين وكانوا أحيانا يصابون بالادى  من شدة الازدحام والاندفاع وكانت العادة إن العروسة لا تدخل البيت إلا بعد أن تستلم هدية  قيمة من حماها أو حماتها  وكانت على الأغلب صيغ ذهبية وكانت أنية زورتا  تحضر سلفا من قبل والدة العريس أو( الملك ) كما كان يصطلح عليه خلال مراسيم الزواج  وبروح ملئها البهجة والسرور ولهذه الظاهرة الجملية معانيها ومدلولاتها الفلسفية الغزيرة والوفيرة  عند أبناء شعبنا وخاصة أهالي القرى على وجه الخصوص.منها إن بهذا الزواج  والرباط المقدس يكسر العريس أو يفتح باب أو مخازن الحظ والوفرة والبركة بالأطفال ( الذرية الصالحة  له )  إلى جانب انه سيفقأ العيون الغاضبة والحاسدة عليه بتلك الوفرة أمام الأطفال الذين كانوا يتناولون من بركة زواجهما ويدعون لهما بالصحة والخير والحياة السعيدة  وما اعز من دعوات الأطفال الأبرياء , زد على ذلك إن مراسيم الزواج لدى شعبنا كانت قديما تمتد لسبعة أيام بلياليها والناس والمساكين والعتل منهم كانت تتزود من سفر بيت العريس العامرة ونارهم كانت متقدة على الدوام لمضايفة الناس المباركين بهذا الزواج ويحظى بدعواتهم ورضاهم ولدى شعبنا أمثال  تضرب بهذا الخصوص منها ( ماني دمسوي خدا كاسا كبنتا ملكوتا الي زونتا  ) أي من يشبع بطنا جائعة فقد اشترى أو  ضمن الجنة أو الملكوت . هذه كانت نقطة صغيرة من بحر سفر موروثنا الشعبي الزاخر بالأصالة والقدم والقيم النبيلة . ومما يؤسف له حقا إن هذه الممارسات أو الطقوس القومية  - الدينية لم تعد تماس بسبب تطور مناحي  الحياة من جهة وما زاد  من انجرف هذه الطقوس الأصيلة  إلى زاوية النسيان  هي السيول  الهادرة للممارسات والعادات الغربية  والغريبة عنا وعن قيمنا  العتيدة و التي طغت على  مناحي حياتنا  وتفاصيلها  المتشعبة  من جهة أخرى  ..



6 حزيران 2010 م
6760 ا

619
من موروثنا الشعبي
عملية دوارا

                                                                                                      بدران امرايا

دوارا أو توارا  فعل سرياني بمعنى طحن أو هرس أو تكسر ، وهي إحدى الخطوات المهمة والمحورية  لعملية الزراعة قديما والتي كانت سائدة يوما بين المزارعين إلا إن دخول المكننة بعد الثورة الصناعية في المجال الزراعي أدى إلى جرف الكثير هذه الخطوات إلى خانة النسيان ، وطيها بتفاصيلها من عالم الفعل  والممارسة  على الأرض. بعد إيجاد بدائل أهم وأسرع مما كان سائدا آنذاك ، ودوارا كانت إحدى هذه العمليات والتي تلي الحصاد ونقل المحصول إلى البيدر والمسماة بالسريانية( بدراثا أي بيث درايا ) بيت الرمي ، حيث كان المحصول المحصود (حنطة شعير حمص عدس وغيرها)  يفرش على مساحة البيدر ويأخذ شكل دائري ، ثم الاستعانة بمجموعة من الدواب إن كانت حميرا أو بغالا أو خيولا أو ثيرانا ، فكانت هذه الدواب تربط بالبعض وبصورة متراصة بواسطة حبل يجعل عقدة بين عنقي كل دابتين لكي لا يشتد الحبل على عنقي البعض الذي لا يواكب السرعة في الجري  لدى الحركة ويخنقها ، وكان السائد أن يربط الحيوان الرهوان السريع على راس السرب بحيث يسحب الكل ويحثها على سرعة الجري ،والبطيء في البداية والذي لا يبدي أي مجهود سوى الدوران في مكانه ويكون مربطه في يد الشخص الذي يقود دفة السرب إن صح التعبير ، ويحمل بيده عصا يضرب الدواب لحثها على السرعة والدوران على البيدر لهرس وتكسر سيقان المحصول وتدقيقه بواسطة حوافزها ، وكلما  كانت الحركة سريعة كلما انتهى العمل بسرعة أكثر ، ولدى تكسر الطبقة العليا كان هناك رجل آخر يبدأ بقلب البيدر أي بإخراج السيقان الغير المتكسرة لتكون تحت الحوافز والتبن الناعم يترسب إلى الأسفل ، وكلما تتنعم السيقان أكثر كلما استوي مستوى البيدر مع مستوى  سطح الأرض ، وهكذا تقلب البيدر بين الحين والآخر لكي لا تبقى أية سيقان خشنة غير متكسرة فيها  ، ولدى انتصاف النهار كان السرب يقود لخارج البيدر ثم يفك الحبال لتسترح الدواب وتشرب المياه أما التعليف فكانت على الدوام أن تعلف أثناء العمل أو يقدم لها وجبة إضافية خلال تلك الاستراحة ولكي يفسح المجال لها لكي تنبطح على الأرض وتقلب جسمها وحكه عدة مرات وتسمى هذه بالسريانية ( مكفزتا ) وبعد ها كان يعاد ربطها ويتناوب عدة أشخاص لقيادة دفة السرب ، للاستراحة من الدوران وشدة الحر ولارتشاف المياه بين الحين و الآخر في ظل قمرية بسيطة مقامة بقرب البيدر ، وهذه الحالة كانت تمتد لعدة أيام وحسب كبر حجم محصول البيدر ، ولنظافة البيدر من فضلات الدواب كان هناك آنية تسمى بـ ( قرطالا ) مخصصة لإيواء الفضلات والبول ولدى وقوف الحيوان لقضاء حاجته كانت تمتد هذه الآنية إلى مؤخرته لتتلقى ما يطرحه ،ويقال إن رجلا غبيا كان يقود مربط البيدر وتصادف أن الدواب بدأت بطرح الفضلات معا ولم يدركها في إمرار الآنية إليها ، فتحير في أمره وقال في نفسه لابد إن هذه الحيوانات قد سمعت بشيء مهم  لذا تقوم بهذه الفعلة المتزامنة ، فقال ؛وهل بقت علي ؟   فقام بخلع ملابسه وفعل فعلته في وسط البيدر أسوة بالحيوانات ، ولدى تحول المحصول إلى تبن ناعم فكانوا يقودون الدواب خارجا ثم يجمعون المحصول ويجعلونه كومة بواسطة أداة تسمى بالسريانية ( ملخاوا ) تمهيدا لقدوم الليل ورمي المحصول في الهواء  ( مداريثا دبيدرا ) أي در البيدر لفصل الحبوب الثقيلة عن التبن الخفيف  ، وكانوا يسرعون الخطى  لإيواء قوتهم وقوت وحيواناتهم قبل أن  يدركهم الشتاء فيذهب كل شيء مع أدراج الرياح ويضربون الأخماس بالأسداس عندها... 
                                                           

Badran_omraia@yahoo.com
 

620
رِمزًا من ةَشعيٌةَن

كَندلًنوٌ ( 648- 627)ق.م

•   بَدرًان عومرًيًا

يٌىّوًا ىًو مَلكًا دفيٌشلٍى نؤيٌبًٌا بدوكةًا د ( شمشو شمو اَوٌجيٌن ) بيَد مَلكًا دمَلكًا خقيٌرًا اًشوُر بًنٍابًل جًو مديٌنّةًٌا دبًبٌل من بًةّر مَريدوٌةًا دشمشو اَوٌجيٌن دَرقوبٌل اَخونٍى اًشوُر بًنٍابًل  جًو نيٌنوٍْا ,كَد عبٌدلٍى قيًمًا نَكٌيلًا عَم بَعلدبًٌبٌْــٍا عَيٌلًمًيٍْا وشَذبًةٍا بةَيمنًا دبيٌةٌ نَىذين دسنيىّوًا لاًشوُر , ايٌنًا مًلكًا اًشوُر مؤٍالٍى بىَنٍى خَريفًا وةَخمنةٍى واوفقٍى ذويٌخٍا دمَدعكٌ اَنٍْا شجٌوشيْـٍا وبولبًلٍْا لًا كيًنًيْــٍا وممرعًنْــٍا جًو مَلكوةًٌا , وشورٍالٍى لشًرورٍا ةَذمَيًةٍا  وشوجٌلًنٍْا دبنيًنٍْا وشووشًطًا ومَفرَيةًا دخٍاروةًٌا وزدقٍْا جًو كلًا كِنشًا  ومنيه سيَمةًٌا دكَندلًنو مَلكًا وةَخلوفٍى جًو بًبٌل لمخيدةًٌا داَمبرًطوُريوةًا ومَقوَيةًٌا داِسًىُ وىًي فًسوعةًٌا يٌىّوًا خدًا مَشرَيةًٌا خَدّةًا من فرَسةًٌا دطَبٌوةًٌا وشليٌوةًٌا وشَينًا , وكَندلًنو يٌىّوًا مَلكًا أخرًيًا دشيٌشلةًا دمَلكٍْا دبًبٌل ديٌىّوًا ةًبٌوعًا لشولطًنًا دمَلكٍْا دنينوٍْا وبخَرةًٌا دخوكمًا دكَندلًنو برٍالىّون لوخًشٍْا عَل اَمبرًطوُريوةًا داًشوُر وباَيٌدًا اَريكٌةًٌا من عَيلًمًيٍْا  لمزَعزَعةًٌا  وشجٌَشةًٌا دىًيٌ مَلكوةًٌا جَنّبَرةًٌا جًو عَلمًا عَةيٌقًا , كَد موقربٌلٍى كَندلًنو ايٌدًا دىَيَرةًٌا لخَدّ من نبٌجٍْا دمَردوكٌ بلدًان ديٌىّوًا شِمٍى نَبوبلًا  ( نبوبيل اًشوُر) ىًو دمشورٍالٍى بشوخلًفًا نكٌيٌلًا جًو ةَيمنًا دبًبٌل وكبٌشلٍى وفرسلٍى لوخًشٍْا وشجٌوشيٍْا جًو مديٌنّةًٌا داَوروك ونَثَر  وفريٌشًايٌةٌ من بًةّر مَوٌةًا دكَندلًنو بشَنّةًٌا (627) ق.م , كَد يةبٌلٍى عَل كورسيًٌا دبًبٌل نَبوبلًؤَر ,ووًليًا لَن دمَدكٌرخ داًكٌي نوكٌذيٍا يٌىّوًا مًر معَبدًنوةًٌا جًو فلَجٌةًٌا دكيًنَن فوليٌطيٌقًيًٌا بدَعبٌَر وىَل اديوم بسنَدةًٌا دخَدّكمًا من بنيْ اًنيْ دمزوبنىّوُن نَثشَيهٌ واَوٌمةَيهٌ بطيمٍْا فشيطٍْا ( اَرزَن) وبكل زَبٌنًا وعَدًنًا  كٍا ىًوٍا ىَدكًٌا بَرنًشْا مًر طيٌمًا اَرزَن وةَبعًنٍْا اَيكٌ دَنبًٌا ةًا نوكٌذيٍا وسَنيًنٍْا دعَمَن  ....



 



621
مجدا لرفيق المسيرة عبد الأحد فرنسو بالذكرى الثالثة لرحيله

 
                             
                                                                                                  بدران امرايا
مناضل ولد وسط عائلة فلاحيه بسيطة وفي قرية كلدوآشورية وصفت بالجنة لمكانتها المتميزة بين قمم جبلية شامخة تعانق عنان السماء وبجوها الخلاب كانت هذه القرية محطة استوقفت الكثير من الأدباء والشعراء والفنانين لتفريغ ما في جعبتهم من ألاغاني والأشعار حيالها ،وجوها يبعث في الإنسان مشاعر فياضة ويوقظ فيه مكامن الحب والغيرة للعمل و مشاعر نحو عالم الإبداع والتفنن ، ولد هذا الشخص ليولد معه شيئا آخر ظل هذا الشيء يتغذى معه ويقاسمه شهقة الأنفاس ، ألا وهو الحب الكبير والغيرة المتأججة  بين كوامن نفسه لامته الكلدوآشورية ووطنه الكبير العراق ، ظل هذا الحب السرمدي يكبر ويتوسع بين خلجات نفسه حتى فاضت به روحه ويسقي خلاياه من شرايين دمه وعلى مدار الأيام والسنين ليتحول هذا الحب العظيم إلى قنبلة موقوته تزداد خطورتها بمرور الزمان بسبب واقع أمته المزري من الانقسام والتشرذم  و اللاوعي القومي والسياسي والتهميش والإقصاء، ظل يقارن واقع الأمة بماضيها المجيد وهو يئن تحت وطأة نظام سياسي فردي يحصي أنفاسه وينكر ابسط مفردات خصوصياته القومية ولم يجد إلا  أن يتنفس هامشا من الحرية المتاحة في المناطق المحررة من قبضة النظام الجاثم على صدور العراقيين آنذاك  ملتحقا بمفارز الحركة  الديمقراطية الآشورية (زوعا)، إلا إن ذيول والأزلام الرخيصة لذلك النظام وصلت إليه لتكمشه وإحالته إلى غياهب السجون ليحكم بالإعدام شنقا حتى الموت ، ومن ثم ليخفف حكمه إلى السجن المؤبد ، ومن ثم يقضي اثنا عشر عاما من سنين شجرة حياته خلف القضبان الحديدية ، ويذوق خلالها فصول مريرة وطويلة من العذبات النفسية والجسدية لتكون هواجسها المريرة والقاتلة صديقه حميمة ملازمة لحياته الباقية وطاغية على مفرداتها بثوانيها ودقائقها وساعاتها وأيامها ، واشتدت تداعيات تلك المحن عليه لتحد من حركته ونشاطه  لكن عزة نفسه الكبيرة وكرامته العالية جعلته يتغاضى عنها ويرميها جانبا  ليواصل  درب النضال مع رفاق مسيرته في صفوف زوعا  ويعوض أيام السجن والبعد وكأنها ديون واجبة التسديد على عنقه وبهذا ينسى الآمة المبرحة  ويتغاضى عنها عمدا ، إلى أن تشتد حالته ويسقط  هذا الفارس الغيور من على صهوة جواده الرهوان شهيدا ويسجل بدمه الطاهر صفحة مشرقة مذهبة في سفر أمته وبين أفئدة رفاقه وأحبائه ، انه رفيق الدرب عبد الأحد فرنسو توما من مواليد قرية اسنخ الحدودية بزاخو 1951 متزوج وأب لستة أفراد وحاصل على شهادة المتوسطة ، انتمى و التحق بصفوف الحركة الديمقراطية الآشورية زوعا عام 1983 بعد بالالتحاق بالنضال السلبي ( الكفاح المسلح ) في المناطق المحررة من وطننا الحبيب ، وكانت هذه الفترة مفعمة بالمصاعب والمشقات فضلا عن صعوبة الجبال والوهاد والسهول والقصف المستمر من قبل القطعات العسكرية والطائرات لمقرات الأحزاب المعارضة وتجمعاتها ، لكن كان الالتحاق بمحض إرادته وأيمانه القوي بان النضال العسكري والسياسي معا هما السبيل الأوحد لخلاص شعبنا العراقي من ذلك الكابوس الدموي ، فضلا عن أيمانه المتجذر بأهداف ومبادئ الحركة القومية والوطنية ونهجا الصائب بمشاركتها الفصائل الوطنية خلال مرحلة النضال السلبي إلى جانب النضال السياسي  ، وتأسيس الحركة كان بالنسبة  له كالبلسم الشافي لجروحات والآم  هذه الأمة المكتوية بنار التقسيم والتهميش  وإنكار الحقوق وعدم الاعتراف بها أصلا ، وبعد فترة وجيزة من التحاقه هذا القي القبض عليه في الساعة التاسعة ليلا من يوم الأحد 14 نيسان 1984 أي بعد خمس سنوات  لتأسيس الحركة من قبل مرتزقة  (الجحوش ) وعناصر الأمن  وأثناء قيامه بأداء واجب  بقرية كندالا بمنطقة زاخو وخلالها عاملوه معاملة وحشية واقتيدا إلى مديرية امن زاخو ومكث في وكرها 15 يوم ذاق خلالها الضرب والصعقات الكهربائية  والفلقة والمحاربة النفسية والجسدية والاهانات الرخيصة والتجويع ، وبعدها حول لمديرية استخبارات زاخو  وبنفس الوتيرة من التعذيب ولمدة شهرين ، ثم أحيل هذا المناضل الفذ إلى استخبارات الفيلق الأول لمدة عشرة أيام وهو تحت التعذيب والتحقيقات المستمرة ، ليرسل بعدها إلى مديرية استخبارات المنطقة الشمالية ببغداد حيث المصير الأسود وبقى هناك مدة أسبوع وكان حافلا بما لا تشتهي الأنفس والأعين ،بعدها اقتيد إلى الشعبة الرابعة في وزارة الدفاع ومكث هناك أسبوعا ومؤشر تعذيبه يزداد من سوء إلى أسوأ ، ومن ثم إلى مصير أتعس في الشعبة الخامسة للاستخبارات ببغداد ، والتي كانت تعرف بالحوت آنذاك لكونها شبيه بالحوت أو الطاحونة تلتهم وتهرس الأخضر واليابس معا، ونسبة 30% من سجناء هذه الشعبة يفقدون عقولهم من شدة التعذيب النفسي والجسدي وقلة وجبات الطعام بحيث كانت حصة السجين خلال 24 ساعة  صمونة واحدة وكوب تمن وثلاثة أكواب ماء ، ومكث في هذا الجحيم  لمدة شهر ثم اقتيد إلى المنظومة الشمالية بكركوك وحبس في غرفة بقياس 2متر مربع وبارتفاع اقل من مترين وبواقع 13 سجين وبدون أي مصدر للتهوية ،و كانت الحرارة مرتفعة فيها بحيث أدت في يوم من الأيام لوفاة ثلاث من نزلائه، إلى جانب فصول التعذيب المتلاحقة ولمدة ستة أشهر على هذه الحالة المزرية ثم يحال في 26 -12 -1984 إلى الجناح الخاص بسجن أبو غريب انتظارا للمحاكمة والتي كانت تسمى بفرق الإعدامات وفي 10 – 1- 1985 اقتيد إلى بئس المصير محكمة الثورة السيئة الصيت ليحكم بحسب المادة 157 وفقا للقانون الجنائي العراقي بالإعدام شنقا حتى الموت ، وخلال جلسات سرية  مغلقة والقرارات تصدر بدقائق او ساعات حتى يحرم المحكومين من حق الاستئناف ، وبقى في زنزانة الإعدامات مدة أربعة أشهر وكانت تضم 380 شخص بانتظار تنفيذ حكم الإعدام بهم  ومن مختلف أطياف الشعب العراقي العرب والكرد والكلدوآشوريين والتركمان المسلمين والمسيحين واليزيديين والصابئة ومن بينهم المناضل الشيوعي نشأة فرج والسيد حسين الشهرستاني وزر النفط الحالي وسماحة السيد عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي و مؤسسة شهيد المحراب ومن رفاق مسيرته ومن بينهم الثالوث القومي المقدس مؤسسي الحركة الشهداء الأبطال ( يوسف – يوبرت – يوخنا ) مكث معهم لمدة شهر و لحد إعدامهم وكان شاهدا حيا على صلابة أيمانهم الفولاذي حيث كانوا يلقون محاضرات في علم السياسة وشرعية قضيتنا القومية والتي يجب أن تصل إلى المحافل الدولية والرأي العام العالمي لمناصرتها وبالتالي استحصال كامل حقوقنا دستوريا وان توحيد شعبنا من الأهداف المقدسة في نهج زوعا وان تلك الأيام لا تنسى  وتمحى من تلا فيف الذاكرة لقد كانوا هؤلاء الأبطال أناس خياليون ذاقوا فصولا أسطورية من العذابات المتنوعة ولم يتزحزح أيمانهم قيد أنملة ، وقال أنهم كانوا يكررون دائما بأنهم سوف يعمدون نهج الحركة بدمائهم الطاهرة لكي يشرعون نضالها ويثبتون بالدليل القاطع إن الحركة تنظيم سياسي دشن نضاله بكوكبة خالدة من الشهداء ،كما إن السيد المسيح بذل ذاته على الصليب من اجل خلاص وفداء البشرية  وكانوا أشداء متماسكين فولاذي الإيمان لم يهابوا الموت إطلاقا بل كانوا يرددون أنشودة قومية لدى اعتلائهم خشبة المشنقة ولم يطأطوا هاماتهم العالية للجلادين الذين ضاقت بهم السبل وباسوا في استمالتهم إلى الخضوع والخنوع ونزع الاعتراف منهم ،وفي 3 شباط 1985 دخل الجلادين للزنزانة فقرا احدهم قائمة بالأسماء المزمع إعدامهم ذلك اليوم وكان الاسم الأول للشهيد الخالد يوسف توما والثاني يوبرت بنيامين والثالث يوخنا ، وبعد التوديع بالأحضان والقبلات الحارة  قال الرفيق عبد الأحد للشهيد يوسف ( يا ليت لو كان اسمي ضمن قائمتكم الحالية لاحظى بهذا الشرف العالي معكم ) فرد عليه يوسف عليه ؛( كلا يا رفيق عبد الأحد من يعرف بالظروف والمستجدات السياسية  من المحتمل أن تخرج وان تكون شاهدا حيا على شهادتنا ومواقفنا هذه  )  وحينها فتح الجلادين باب الزنزانة وقيدوا أيادي الرفاق إلى الخلف بعد أن ربطوا الأكتاف بحزام إلى الخلف أيضا لعدم إثارة أية حركة سعيا للتنفس أثناء الإعدام ، وحينها قال احد الجلادين من هو يوسف الزيباري ؟ فرد عليه الشهيد البطل أنا هو بكل فخر وتعالي، عندها لكمه الجلاد على البطن ،، وعلى الحال رد الشهيد بلكمة كتفية على صدر الجلاد ، عندها انهالوا عليه عشرين شخصا بالضرب واللكم ، وقتها قال كلمته المأثورة ( سيبقى رؤوسنا فوق مشانقكم حتى تسقط رؤوسكم تحت أقدامنا ) وعلى إثرها صارت ضوضاء من قبل السجناء وأثنائها ألقى الرفيق الخالد يوبرت قصيدة باللغة السريانية ولم يتسنى للرفيق عبد الأحد التقاطها لشدة الضجيج ،وبعدها اقتيدوا ضمن قافلة قوامها 23 سجين ونفذ حكم الإعدام بهم ، بعد إمضاء أربعة أشهر في هذه الزنزانة خفف الحكم إلى السجن المؤبد ونقل إلى السجن الخاص بابو غريب ، وأمضى رفيقنا اثنا عشر عاما خلف القضبان ذاق خلالها الآمرين ، وفي 23 حزيران من عام 1996 صدر عفو عام بمرسوم جمهوري، عاد إلى أهله ورفاق مسيرته على أنغام الطبل الزرنا  وبهمة ونشاط لا يعرفان الكلل أو الملل ، ليرتقي إلى عضوية اللجنة المحلية بزاخو ومن بعدها إلى درجة كادر متقدم  ومسولا  لمحلية زاخو وخلال عملية حرية العراق 2003 شارك بالجهد العسكري للحركة وبفتح مقرات في المناطق المحررة فاستقر به المقام في قرية تللسقف ليكون مسوؤلا للجنتها المحلية ، ومن ثم رقي إلى درجة مرشح للجنة المركزية ومسوؤلا لفرع سنحاريب في قضاء تلكيف ، ومن ثم نقل إلى مكتب العلاقات العامة  ببغداد ،ثم أعيد لمسؤولية لجنة زاخو تلبية لرغبة لرفاق هناك ،أرسل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وسوريا ضمن مهام حزبية كان هذا لمناضل دمث الأخلاق  شهم كريم  النفس مبدئي  صبور واسع الصدر لم يعر أي اهتمام بالمال والجاه والسلطة بحث استلم كل زملائه من السجناء السياسيين من الأحزاب الأخرى أراضي وعقارات ومناصب وغيرها من الحقوق بينما هو لم يحضى بتلك الهبة من لدن السلطات الحاكمة في الإقليم والحكومة الفدرالية وظل ينتقل بعائلته بين دور الاستئجار هنا وهناك لكونه فقط ابن الحركة البار ولم يبع قيمه ومبادئه القومية والوطنية بأثمان بخسة رغم المحاولات المتكررة والبائسة ومن جهات سياسية  وشخصيات متعددة ومتنفذة .ولم يسلم من التهديدات الكثيرة لثنيه عن عزيمته الفولاذية و ظل راسخ الإيمان بقضية أمته ووطنه وفيا لمبادئه ، كانت حياته داخل السجن وخارجه حافلة بالمواقف والأحداث الشاقة والنشاطات المتميزة ،وفي شهر أيار من عام 2007 وبعد أن اشتد ت عليه وتيرة الأمراض المتعددة نتيجة التعذيب خلال سنين المعتقل قصد  إيران للمعالجة ، وهناك خضع لعملية القلب وعلى إثرها سقط هذا الرفيق المغوار من على حافة قلعة خندقه النضالي شهيدا في 26 ايار2007 ونقل جثمانه الطاهرة وهو ملحف بالعلم الكلدوآشوري إلى ارض الوطن ليستقبل استقبال الملوك والأمراء من قبل أهله ورفاقه وعلى رأسهم السيد يوناذم كنا السكرتير العام للحركة الديمقراطية الآشورية  وأحبابه وأبناء شعبه ووري الثرى في زاخو  ونقش  نسر الحركة  على قبره ليكون قريبا من سما روحه الطاهرة واستقل جناحي هذا النسر العظيم  لينطلق بها إلى حيث سفر الخلود والمجد السرمدي إلى حيث من فارقوه من على خشبة الإعدامات الرفاق الخالدون ( يوسف – يوبرت - يوحنا ) و الرفاق روفائيل ننو – نينوس سمير – غسان  حنا -  فرنسيس يوسف شابو -  جميل متي – شيبا هومي   وما أطول هذه القائمة ،وليسطر اسمه بمداد من الذهب في السفر المتعالي للخلود ،المجد كل المجد لرفيقنا الخالد عبد الأحد فرنسو يوم ولد ويوم أن يبعث خالدا مع الأبرار والقديسين وتحية مفعمة بالحب لفلذات كبده الأحبة ( آشور – فريد- وليد- فراس ) والذين يسيرون على نهجه القومي والوطني والمتطبعين بخصاله ودماثة أخلاقه  ولكل رفاق مسيرته الأشاوس وستبقى ذكرى هذا الرفيق الشهم دمعة حزن دائمة  على وجنتي من عرفوه  وعاشروه عن قرب وغصة الم كبيرة في قلوبنا جميعا  .

Badran_omraia@yahoo.com


622
طائر أدركته المنية قبل أن يبسط جناحيه في الآفاق


طفل وسيم أبصر النور في 1-5- 1954 وسط عائلة قوامها سبعة أفراد احتضنت ولادتهم قرية كلدوشورية صغيرة  وجميلة مطلة على نسائم نهر الخابور في أقصى الشمال (جلك ) تلمذ منذ نعومة إظفاره على حب الوطن والأمة ومضغ هموم وحدة الأمة وواقع الوطن المزري مع الحليب الذي نهله من صدر أمه الدافئ وهو يعبر عن ذلك بالغناء وملازمة شواطئ صديقه نهر الخابور الخالد متأثرا بجماله الخلاب وبرقرقة مياهه العذبة . ونتيجة للوضع السياسي الغير المستقر للقرى  آنذاك وبداية ثورة أيلول غادرت عائلته إطلال القرية والدموع تنهمر على وجنتيها صوب مدينة نوهدرا (دهوك) لتستقر بإحدى أحيائها الشعبية , وهناك دخل المدرسة الابتدائية وظل حبه لفن الغناء والموسيقى يكبر ويسمو في كيانه كنمو الإزهار وتفتقها في مطلع الربيع حيث ابهر معلميه ومدرسيه بتفوقه الدراسي  وموهبته الغنائية العالية والخلاقة , وكان من الأوائل دائما ومن المبادرين بالغناء في حفلات الزفاف والمهرجانات العامة  في المحافظة , لذا فقد انهالت عليه الهدايا  وعبارات الثني والتشجيع من شخصيات مختلفة عاليه المستوى مما زاد من حماسه وحرقته للغناء ورفد سبيله هذا بكل ما هو جديد ونافع حتى وصل به الأمر إلى أن يتسلل خفية لإحدى حفلات المطرب الكردي المعروف المرحوم محمد عارف  الجز راوي في دهوك ليتلذذ سمعه وبصره برؤية هذا الفنان الكبير وهو يداعب أوتار طنبوره وليرى هذه الآلة  الموسيقية لأول مرة في حياته ويعرف مكوناتها ليصنع واحدة منها من ثمار نبة القرع المجوف ويظل يرن بأوتارها ويطلق صوته الشجي  في الغناء معبرا عما يدور في خلجات نفسه من شؤون و شجون إلى جانب مساعدة الأسرة في ممارسة مهنة النسج المتوارثة أبا عن جد لصناعة الملابس الفلكلورية  الكلدواشورية ( الشل والشابك )  والسير بخط متوازي لتكملة دراسته المتوسطة والإعدادية  وتعلم لغة الأم السريانية  وفاض بمصطلحاتها الشيقة ليتسنى له الغور في أعماق الكتب والمصادر  التاريخية الخاصة بأمته وحضارتها الممتدة  .وفي مطلع العقد السبعيني من القرن الماضي شدت عائلته الرحال إلى بغداد حيث أضافت تلك الرحلة الكثير إلى موهبته وصقلت أفكاره ومهدت له الكثير من السبل , وفي عام 1977 اقترن بشريكة العمر (ليلى سفر ) حيث أصبحت من خيرة المشجعين له , إضافة إلى أن أجواء بغداد الفنية والثقافية والأدبية والسياسية  ومنتدياتها ونواديها الحافلة بالرواد والفنانين الرومانسيين آنذاك ووسعت تلك الظروف من آفاقه الفكرية  وجعلته يصطف مع المغنيين الكبار ونال رضاهم حيث تعرف وغنى مع الفنانين العراقيين الكبار أمثال الهام المدفعي  وسيتا هاكوبيان  والبرت روئيل والمرحومين محمد عارف الجز راوي  وعيسى برواري  وغيرهم . كما أتقن العزف على آلة الطنبور بحيث كانت تتراقص بين أنامله الذهبية وكأنها ولدت بين يديه . كما يظهر في الصورة وهو يحتضن طنبوره  ويؤدي إحدى وصلاته الغنائية ويذوب في أدائها بحدائق نادي المشرق ببغداد . مع العلم ان هذه الصورة أخذت بناءا على طلب الفنان الكبير الهام المدفعي .. غنى وصدح صوته باللغات العراقية الثلاثة  السريانية والعربية والكردية . ولكن تلك الحالة لم تدوم  بل سرعان ما  بدا جو العراق يتلبد بغيوم الحرب العراقية الإيرانية  في مطلع الثمانينات  من القرن الماضي , حيث توقف عن الدراسة واكتفى بالشهادة الإعدادية , وهذا ما قلب موازين حياته رأسا على عقب فقرر العودة بطنبوره وعائلته الصغيرة إلى شمال الوطن عام 1987 ليستقر بمجمع قرية بيرسفى حيث ملتقى الأهل لأحبة هناك بعد أن أخليت قرى الشريط الحدودي مع تركيا وترحيل سكان تلك القرى عام 1979 ليستقروا في المجمعات القسرية . واستقر به المقام في هذا المجمع لينفذ بجلده من آتون الحرب تاركا وراءه مكتبته الغزيرة بالمصادر الفريدة  وذكريات مسيرته الحافلة بالمواقف وأصدقائه ومعجبيه في بغداد الحبيبة , ومن مجمع بيرسفي بدا مشواره الجديد في جو القرية المختلف جذريا عن جو بغداد العاصمة  وأصبح هنا تحت أمر واقع القرية الذي يفتقر لأبسط مقومات الحياة.. لقد سجن صاحبنا هذا عدة مرات بسبب مواقفه القومية الشجاعة  وصراحته المعهودة , لكن واقع الحياة  الصعب في القرية  ومتطلبات المعيشة  جعلته يعود إلى امتهان مهنة أبائه وأجداده  وينزل في جب النسيج والحياكة بروح متأججة  وبأنامل فنية ماهرة ومتخصصة , ولجودة عمله ودقته جعلته مقصدا لتجار هذه المهنة من داخل العراق وخارجه حتى وصل إنتاجه إلى  السيدة ( تانسو جيلر ) رئيسة وزراء تركيا السابقة ..وعلى هذا الحال ظل في القرية مشاركا أهلها أفراحهم وأتراحهم  , وقلما خلت مناسبة قومية من صدى حنجرته الذهبية بالغناء وترديد العبارات والشعارات  الحماسية ,كالاحتفال بالأول من نيسان رأس السنة البابلية الآشورية  ( اكيتو ) إضافة إلى إحيائه لحفلات الزفاف . وهنا قصدته الكثير من وسائل الإعلام المسموعة والمرئية لشرف اللقاء به  ومنها تلفزيون وإذاعة آشور في دهوك وذلك لكثرة إلمامه بالكتب التاريخية والغناء الفلكلوري الكلدو آشوري  وأمور الحياة الأخرى .. وهنا يمكن  أن ينطبق عليه  المثل الشعبي ( صاحب سبع صنائع ) . وامتاز فنانا الكبير بخفة الدم  وببشاشة الوجه إلى درجة يجعل الناس يتمتعون بالضحك المفرط وهم في قمة الغضب , كما كان يتميز بحنانه وعاطفته الجياشة فتره في المآتم ودموعه تنهمر على وجنتيه . أما في المناسبات السعيدة فقد كان يهز قامته الرشيقة أمام أنغام الطبل والزرنا ويذوب في أداء الحركات الراقصة وكأنه خلق لها فقط دون غيرها ,أما في مجالس أهل الفكر فكان  يدلي برأيه السديد  بكل الأمور وبكل رصانة ومصداقية وموضوعية تامة . ونتيجة لعمق أفكاره وبعد آفاق خياله الرحبة وتثقل رأسه بالأفكار والأماني وطموحات لا تحدوها حدود وهو في واقع مرير لا يؤمن له تحقيق الحد الأدنى  من تلك الأفكار والرؤى المستقبلية . ومما أدى ذلك إلى التآكل من الداخل  والنخر في أوصاله  واثر ذلك  سلبا في معنوياته  وغيرت مجرى حياته وبالنتيجة امتدت إليه يد المنون  وتأخذه إلى الادخار السماوية في الثامن من نيسان الشهر الذي يعزه كثيرا من عام 2000  ..انه المطرب المحبوب الشاب اوشانا  انويا المكنى بـ  (أبو اريا ) الذي ودعنا مبكرا اثر نوبة قلبية حادة وهو في ريعان شبابه ليترك فلذات كبده وأحبابه ( هيلين – نهرين - اريا – ارخا -  اوكر – اوكن – اركون ) أيتاما يعيشون على ذكريات والد منحهم  كل ما يملك ويتدفق من صدره الدافئ  من الحب والحنان الأبوي وبسخاء كبير, متطبعين بخصاله  ودماثة أخلاقه . تاركا طنبوره يتيما حزينا معلقا في زاوية المنزل تتراكم عليه حبات الغبار ولتدمع الأعين حزنا وكمدا  لدى رؤيته .. حيث وري جثمانه الطاهر الثرى بطقوس خاصة  مهيبة شبيه بطقوس العرسان إلى جانب أمه الحنونة  بمقبرة بيرسفي ليترك رحيله أثرا بالغا في نفوس كل من عرفوه  وتعاملوا معه . وليترك فراغا قلما شغله غيره .. فتحية مفعمة بالراحة الأبدية لروحه الطاهرة  ولأهله ومحبيه الصبر والسلوان ..



بدران امرايا

623
اكيتو 6760  يزهو بتألق قائمة الرافدين وبميلاد زوعا الميمون
 
   
                                                                                                      بدران امرايا         
                      للأول من نيسان معاني ومدلولات حضارية عميقة وعظيمة فهو يمتد إلى6760 عام وهذا الرقم او التاريخ  يستخلص  بإضافة 4750 عام ق.م السنة التي انتهى فيها الطوفان الكبير بموجب لوح طيني مكتوب بالخط المسماري إلى السنة الميلادية 2010عام ،ويرتبط هذا الطقس الاحتفالي بالقيم المثيولوجية الروحية والجمالية وتقاسيم الزمن عند الإنسان الرافد يني العراقي الذي يعود إليه الفضل في مراقبة الفلك حركة الكواكب والنجوم وعلى ضوءها وضع تقاسيم السنة 365 يوم للفصول الأربعة  ولـ 12 شهر وسماها ( نيسانو- ايارو – سيمانو – دوزو – آبو – اولولو – تشريتو – ارخمسنا – كسليمو – طيبيتو – شباطو – ادارو ) واليوم لـ 24 ساعة  والنظام الستيني الساعة لـ 60 دقيقة  والدقيقة لـ 60 ثانية وتوصلوا إلى تطبيق النظريات الرياضية وابتكار الساعات المائية والشمسية  وغيرها من التفاصيل ،وأطلقوا على هذه الظواهر الطبيعية أسماء عديدة حيوانية وآدمية و خرافية وإلهية  مثل( آنو – انليل – ايا – ادد – ننليل –انكي –ابسو – سين – اوتو – ننكال ..الخ ) من خلال مراقبتهم للكواكب بمراكز رئيسية خاصة للرصد في اربيل والوركاء وسبار،وبواسطة عدسات من حجر الكرستال كما بين علماء الآثار ،وهذا الطقس يمثل أو يرمز لانتصار قوى الخير على الشر( تيامات ) وتجدد الحياة وانبعاثها وخلودها روحيا فبنزول انانا – عشتار آلهة الحب والجمال والخصب رمز الأنوثة والتي تتجسد بالنجمة الثمانية ( كوكب الزهرة ) المع الكواكب إلى العالم الشر السفلي ( شيؤول ) حيث يكمن حبيبها الراعي ( تموز) وهو بين مخالب نركال اله ذلك العالم السفلي المظلم ، وإنقاذه من براثن ذلك العالم التحتاني ، والذي بقى فيه طيلة فصلي الخريف والشتاء  فصلي الفقر والقحط والسبات ، واتحادهما والتزاوج فيما بينهما لبعث بذور الحياة وتجددها وثمرة تزاوجهما المقدس هو حلول نيسان أي نيشن  بالسريانية ( الرمز )على سطح الأرض المتمثل بتلاقح  وتزاوج عناصر الطبيعة من بذور النباتات وتكوين براعم جديدة واكساء الأرض بحلة طبيعية خضراء زاهية براقة محثة الأحياء الأخرى على التزاوج و التكاثر وتكوين أحياء جديدة تلاؤم حلة الطبيعة الجديدة أيضا ،فبحلول الأول من نيسان من كل عام ، كان أبناء الرافدين بناة الحضارة الإنسانية ، يحيون طقوس إنسانية روحية احتفاءا و تمجيدا بمكانة هذه المناسبة المباركة، ففي نهاية شهر آذار ( آذارو ) وإطلالة نيسان ( نيشانو ) كانت الإمبراطورية البابلية- الآشورية تستنفر قوتها لاستقبال مراسيم هذا الطقس النهريني الخالد الذي يتغير فيه التوقيت الشتوي للصيفي، فقد كانت كل مؤسسات الإمبراطورية الدينية والسياسية والأجهزة الأمنية  تتأهب لذلك و بهمة رجل واحد ، فكانت تتواصل الوفود القادمة من أصقاع الدولة ومدنها ( اربيل  اربا ايلو – اكد – نمرود كالح – اوهاي – زالين قامشلي – سومر – اورميا – شروباك – نبور – ادب – دور شروكين خرسباد  – نصيبين-  اريدو –كيش – نوهدرا دهوك – ميشان – اربخا كركوك – ميافارقين دياربكر- مردي مردين – الوركاء – اور – لارسا – الحضر – نفر- ايسن – اشنونا – اروك- وغيرها ) إلى حيث معبدي آشور ( شورايا ) البداية التي ليست لها نهاية ، ومردوخ صاحب الذبائح في بابل حاملين معهم تماثيل معابد مدنهم الفرعية إلى حيث المعبدين الرئيسين ( آشور ومردوخ ) وإحياء طقوس دينية معقدة و تعبيرية تمتد لاثني عشر يوما متتالية  دون انقطاع ولكل يوم طقسه الخاص ، وكانت الحشود الجماهيرية من الإمبراطور أو الملك وحاشيته والحكام والوزراء والأمراء الكاهن الأعظم والكهنة بجميع رتبهم وقادة الجيش والقوى الأمنية وكافة والعلماء والمؤرخين والقضاة وممثلي كل المؤسسات وملوك ومماليك دول مجاورة يدعون للمشاركة ، فكانت هذه الحشود تتراصف بشكل مسيرة كبيرة وطويلة يتقدمهم جوقات الأطفال حاملين أزهار نيسانية  تليهم صنوف الجيش المختلفة المشاة والخيالة ومن ثم عربات تجرها الخيول ومزينة بأبهى صورها يمتطي الإمبراطور أو الملك إحداها وهو يلبس بزة زاهية تعكس براقة نيسان  يتوسط رجال أشداء ومقاتلين أفذاذ وحشود عارمة من عامة الناس حاملين سعف النخيل وأغصان الأشجار الخضراء وعلى أنغام ارتال الفرق الموسيقية ودقات الطبول تعانق عنان السماء وزغاريد الأطفال والنساء من على شرفات البيوت والقصور المطلة على شارع الموكب مارين ببوابة عشتار ببابل  ممطرين المارة بالازهار وحبات الحبوب الارز – الحنطة – الشعير .. الخ رمزا لبيادر الخير والبركة إلى ساحة الاحتفال الكبرى ( معبد ايساكيلا ) ، منطلقين من معبد  (اكيتو ) البيت المقدس أو الذبائح والى حيث هيكل الآلة  مردوخ الذي تفوح منه عبير البخور الفواحة وعلى إيقاعات أنغام وتراتيل الكهنة مهيئين الجو للصلاة ،وكانت طقوس الأيام ألاثني عشر تتم بهذا الشكل ؛ مسيرة الاستعراض المنوه عناها * اليوم الأول كان يمر في الصلاة والعبادة والخشوع وتلاوة التراتيل بأصوات عالية ، * وفي الصباح الباكر لليوم الثاني وقبل شروق الشمس كان الكهنة يقصدون نهر الفرات للتغسل والتطهر وارتداء الملابس البيضاء تمهيدا  لدخول هيكل مردوخ للصلاة  فيه وإقامة الصلوات لمردوخ بمشاركة واسعة للناس وفي جو من السعادة الغامرة ، *وفي اليومين الثالث والرابع كانت الصلاة تبدأ قبل بزوغ  أشعة الشمس وخلالها كان الملك يقصد هيكل برسيبا لجلب تمثال نابو نجل مردوخ حامي الألواح  * واليوم الرابع كان الكاهن العظيم يعيد قراءة قصة الخليقة البابلية ( اينوما ايليش ) وانتخاب كهنة لمعابد  ايساكيلا و برسيبا  وبابل * واليوم الخامس كانت الصلاة في معبد ايساكيلا من الصباح وحتى المساء وتقديم الذبائح وكان الملك يشارك الصلوات مع كبير الكهنة والأخير كان يغطس يد الملك في دم الذبيحة ويضعها أمام تمثال مردوخ وبهذا كان الملك يتنازل عن صولجان والتاج وشارات الملك ويضعها أمام الآلة مردوخ ويصبح كعامة الناس وهو يتبارك أمام مردوخ  يصلي ويدعو المغفرة لخطاياه ،وكان كبير الكهنة يصفع أو يلطم الملك على خده وان أدمعت عيناه فكانت دلالة على مغفرته وقبول مردوخ لصلواته، ورش المذبح بالمياه المقدسة وتطهيره بدم الذبائح وتبخيره بالبخور الزكية وفي المساء كانت الذبيحة تلقى في نهر الفرات تكفيرا عن الذنوب للعام الذي مضى وخلال تنازل الملك عن الملوكية او الحكم كانت تعم الفوضى في الدولة لعدة ساعات ليعرف الناس قيمة الحكم والسلطة ومن ثم يستلم الملك الشارة الملكية فتعم سلطة القانون والأمن ثانية وهذا اليوم يعرف بـ (كذبة نيسان ) والذي أصبح ظاهرة عالمية يجوز فيها الكذب وانتقلت الظاهرة إلى اليوم الأول من نيسان * اليوم السادس كانت تصل و تستقبل تماثيل الآلهة من مدن الدولة وتوضع تحت حماية ورعاية مردوخ ،  *واليوم السابع كان مردوخ يتوارى عن أنظار الكهنة وعامة الناس * وفي اليوم الثامن كان مردوخ يظهر في معبد ايساكيلا وتتحد الآلهة فيه لتتوفر الخصوبة * أما بخصوص اليوم التاسع فليس هناك أية معلومات عن طقسه الاحتفالي لتهشم اللوح الأثري لذلك اليوم مع كل الأسف *أما العاشر كان يقام حفل كبير في معبد اكيتو وكان معبد آشور يزين بالأعشاب الخضراء للدلالة على الفلاحة وكثرة الزراعة ومردوخ كان ينقل من ايساكيلا  الى مجلس الآلهة ، * وفي اليوم الحادي عشر( يوم الفرحة ) كان مردوخ يصارع الأرواح الشريرة ومعلنا الانتصار عليها وعلى تيامات ، * وفي اليوم الثاني عشر يوم مسك الختام كان نابو يرسل من معبد ايساكيلا إلى برسيبا وترد جميع الآلهة إلى أماكنها الأصلية ،  وغيرها من الطقوس الكثيرة التفصيلية والتي لا يسع المجال لذكرها ، وظلت هذه الطقوس تمارس طيلة الحكم النهريني السومري – الاكدي – البالبلي – الآشوري دون الحياد عنها قيد لنملة ، وبعد سقوط الكيان السياسي النهريني بسقوط نينوى 612 ق م والبابلي 539 ق م  انحسرت ظواهر الاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية العظيمة بسبب تعاقب أجناس غريبة على حكم بين النهرين وأدى ذلك إلى تشويه و طمس الكثير من المعالم الحضارية النهرينية الجميلة  ،لكن مع الأسف الشديد أهملت هذه المناسبة وغيرها من قبل عامة الشعب العراقي وكأنها تراث غريب جاء من وراء الحدود ، ما عدا أبناء شعبنا الكلدآشوري السرياني الذي حافظ عليها بطرقه الخاصة ومارس طقوسها بطرق بسيطة خلسة من عواقب قبضة السلطات الحاكمة ،وربما لا ترتقي  إلى عظمة وقدسية هذا الإرث الحضاري الإنساني الثر، فبحلول الأول من نيسان كان أبناء هذا الشعب يضعون حزمة من أعشاب او أزهار او سنابل الحنطة مجدولة من العام الفائت وتسمى بـالسريانية ( دقنا دنيسن) اي لحية نيسان، على شرفة الباب او مدخل البيت ، ولم يتسنى لهم إحياء تفاصيل هذه المناسبة الوطنية العراقية الحضارية خوفا من براثن السلطات الحاكمة بحجة تأجيج المشاعر القومية عند أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني وكأن المناسبة هي حكرا خاصا بهم وكذلك التسمية بمسميات حضارية عراقية  آشور – سنحاريب –نارمسين - سركون – نهرين – كلدو -...الخ  وانفرد شعبنا بهذه التسميات العراقية الأصيلة  ، وان هذه لهي نقطة فخر واعتزاز يجب أن تسجل في الذاكرة الوطنية العراقية لشعبنا ويكافأ عليها ،وفي 12 من هذا الشهر المبارك عام 1979 م  ولد من رحم معاناة التقسيم والشرذمة والاضطهاد وطمس المعالم القومية لامتنا فصيل سياسي وطني قومي سمي بالاسم الآشوري ( الحركة الديمقراطية الآشورية  ) ( زوعا ) الحضاري النهريني والذي دام حكمه زهاء ألفين عام استلهم القيم والمعاني وراية رمزه النسر الرافديني تتوسطه  قرص الشمس نجمة بابل الرباعية  من الإرث الحضاري النهريني وانتهج النهج الواقعي والحيادي في سبيله النضالي من قبل رعيل شبابي  جامعي مؤمن بالقضية القومية وعدالتها حتى النخاع ، ووسط ظروف سياسية قاهرة ، وفي 15 نيسان من عام 1982 التحق بالفصائل الوطنية العسكرية المعارضة ( النضال السلبي ) وقدم كوكبة خالدة من الشهداء الأبرار على مذبح الحرية ، مثل شعبنا في كل محطات ومنابر وفعاليات المعارضة العراقية داخلا وخارجا ، وخلال الانتفاضة المباركة عام 1991 في كردستان  حيث ساهمت الحركة  مع بقية الفصائل السياسية في تنظيف المنطقة من أزلام النظام السابق وافتتحت مقرات لها حيثما تواجد شعبنا الكلدوآشوري السرياني وحازت بأربعة مقاعد من أصل خمسة والمخصصة لشعبنا في برلمان إقليم كردستان العراق عام 1992 وكانت وراء استحصال الموافقة بالتعليم السرياني تشريعيا ودعم نجاحها ومواصلته واستحصال حقيبة وزارية  وجعل الأول من نيسان ( اكيتو ) رأس السنة البابلية الآشورية عطلة رسمية لأبناء شعبنا والاحتفال بالمناسبة لمدة اثنا عشر يوما  بمسيرات بنفسجية عظيمة في محافظة دهوك واربيل ودعوة وفود من مؤسسات المهجر والفنانين للمشاركة بها  وتقديم عروض رائعة والاحتفال بيوم السابع من آب يو م الشهيد استذكارا وتخليدا لمذابح سميل عام  1933 والاحتفاء بالأول من تشرين الثاني من كل عام بيوم الصحافة تخليدا لذكرى أول صحيفة باللغة السريانية ( زهريرا دبهرا ) عام 1849، وساهمت بفعالية في إنضاج الوعي القومي والوطني والسياسي لشعبنا وبشرت بالوحدة القومية ونبذت الطائفية ، فكانت البوتقة الوحيدة التي جمعت كل أطياف ومسميات شعبنا فيها ، وساهمت في إعادة بناء قرى شعبنا ماديا ومعنويا من خلال تأسيس اللجنة الخيرية الآشورية  والمنظمات الأخرى ، ولم تتوانى في مساعدة شعبنا في أحلك الظروف والمطالبة بحقوقهم ورفع الغبن عنهم ، وناضلت وما زالت تناضل بلا هوادة من اجل رفع التجاوزات من على قرانا في إقليم كردستان العراق ، وقدمت بهذا المنحى كوكبة من الشهداء الخالدون  نشوان سمير عام 1991 فيشخابور وزيا يوناذم وفرنسيس يويف شابو الشهيد الأول لبرلمان إقليم كردستان ، وشاركت بجهود حفظ السلام بين الفصيلين الكرديين المتقاتلين وكل المحطات السلمية لهذا الاقتتال مع التزامها بالحياد الايجابي ، وكان لها الفضل الأول في نضوج الوعي القومي والوطني والديمقراطي  وممارسة كل شريحة اجتماعية حقها وبلورة أفكارها في إطار مؤسسات ومنظمات مهنية وزجها في النضال من اجل المطالبة بحقوق جماهيرها ، وتبلور ذلك في بروز اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدو آشوري والتي قدمت الشهيدين الخالدين بيرس وسمير من اجل حماية كلتا الشريحتين وحقوقهما ، واتحاد النساء الآشوري والأندية الرياضية القومية التي سجلت حضورها اللافت في الساحة الوطنية  وممثليات شعبنا في النقابات والاتحادات المهنية المختلفة ،وفي المجال الإعلامي فقد واصلت جريدة بهرا طلتها باللغتين العربية والسريانية منذ  26 حزيران 1982 ولحد اليوم وأدبيات ودوريات أخرى للفروع والمكاتب والبث التلفزيوني والإذاعي من زاخو ودهوك واربيل والبث الفضائي ومحطات خارج الوطن ، وزارت وفود من الحركة دول المهجر وتم تنظيم فعاليات شعبنا هناك وافتتاح ممثليات للحركة هناك لربط المهجر بالوطن لتعريف  ودعم  قضيتنا العادلة حيث تمثل الحركة السفير الوحيد لايصال قضيتنا لكل المحافل والمستويات الدولية ،وفي حياتها الداخلية والتنظيمية عقدت الحركة خمسة مؤتمرات ديمقراطية وثلاثة كونفرانسات كمحطات لمراجعة الذات وتقييم المسيرة ورسم سياسات تواكب التغيرات الحاصلة ، وخلال مسيرتها الممتدة لـ 31عام واجهت الحركة تحديات سياسية وعسكرية ومواقف سياسية حرجة ، إلا إنها بسياستها الراقية ونهجها السلمي وإيمانها بالتضحية من اجل حقوق شعبنا ووطننا اجتازت وما زالت تجتاز كل المراحل والمواقف دون أية مساومة على قضية شعبنا ووطننا وأهدافها السامية والمقدسة بدماء الشهداء،وخلال عملية حرية العراق شاركت حركتنا بجهد عسكري قوامه (2000 ) مقاتل لأجل حرية العراق من النظام السابق وحماية شعبنا ومصالحه أثناء الفراغ السياسي والحكومي فكانت اليد الآمنة والعين الساهرة لقرى شعبنا ومناطقه وافتتحت مقرات لها حيثما يتواجد شعبنا ، وشاركت مؤتمرات صلاح الدين 1992 ونيويوك ولندن وصلاح الدين الثاني قبل الإطاحة بالنظام السابق والناصرية ممثلة لشعبنا ومجلس الحكم المنحل والحكومة المؤقتة والمجلس الوطني وفي مجلس النواب الحالي المنتهية ولايته  بممثل واحد لشعبنا ضمن قائمة الرافدين الخاصة بشعبنا  وبممثلين اثنين في المجلس الوطني الكردستاني ، كل ذلك رغم التحديات المستميتة التي واجهها ممثلي حركتنا والضغوطات النفسية الكثيرة التي مورست بحق شعبنا خلال الانتخابات الماضية و الأخيرة في السابع من آذار 2010 لثنيه عن التصويت لقائمة الرافدين إلا إن شعبنا  الأبي وبرغم كل الممارسات والضغوطات عليه  صوت لقائمة الرافدين المرقمة 389 والتي حصدت ثلاثة مقاعد من أصل خمسة بكل جدارة واستحقاق ،إلى جانب اختلاق أشخاص ومجالس مؤسسات إعلامية تطبل وتزمر لأشخاص وتسويقهم لغمضة عين كممثلين غيارى لشعبنا واختزال قضيتنا القومية من خلالهم  واستغلال مشاعر البسطاء في أطروحات ومشاريع قومية خيالية كاسطوانة الحكم الذاتي وبعيدة كل البعد عن واقع الوطن وظروفه السياسية الصعبة كل ذلك بدون أي مسوغ قانوني شرعي  ومما عكس سلبا على استهداف ونحر شعبنا وتهجيره وجعله وقودا رخيصا  للصراع العربي الكردي على ما اصطلح عليه بالمناطق المتنازع عليها وسياسة الشد والجذب .. وظاهرة المحسوبية والمنسوبية  المقيتة  بدعم وإسناد ومباركة داخلية ومن خارج البيت القومي أيضا  ،واستحصلت الحركة قرار فتح قسم اللغة السريانية بكلية اللغات جامعة بغداد، والجدير ذكره والشيء المهم والاهم إنها التنظيم السياسي الوحيد الواحد التي تصدت  لجهات سياسية وشخصيات قصدت ومازالت لزرع بذور الشرذمة والشقاق بواوات العطف  بين مسميات شعبنا والارتزاق من خلال ذلك ،وليس من أدنى شك فالحركة تعتبر مدرسة عالية للوطنية والقومية والإنسانية لشعبنا مؤمنة بالتعايش السلمي والتآخي بين فسيفساء الشعب العراقي ،وما احتفاءها بأعياد نيسان إلا دليلا  دامغا وساطعا لعمق انتماءها القومي الكلدوآشوري السرياني والوطني العراقي النهريني ،لذا على السلطات العراقية مراجعة الذات و رفع الغبن عن هذه الشريحة والتي يعبق منها عبق الأصالة النهرينية  ورفع واو التقسيم بين مسمياتها في الدستور العراقي الاتحادي أسوة بدستور إقليم كردستان العراق ..  وعدم الإصغاء على  الأبواق الفارغة وذوي القرب الجوفاء هنا وهناك والذين يزبلون دموع التماسيح لهذه التسمية أو تلك ضحكا على عقول البسطاء من أهلنا الطيبين وبذر بذور الشرذمة والشقاق بين من خلقوا بقومية  وتاريخ وارض ومشاعر ومصير ودين واحد احد ويتحدون إرادة الخالق بتقسيم هذه الأمة المجيدة كل ذلك ارضاءا لشعورهم الداخلي  بالنقص وغيرتهم العمياوية والشرانية القاتلة ..  وذكر المذابح التي تعرض لها  من سميل وصوريا ، وجعل الأول من نيسان عطلة رسمية عامة في العراق حفاظا على هذا الإرث الحضاري للعراق العظيم والاحتفاء به بطقوس لائقة تليق بعمقه الروحي والفلسفي و الإنساني ، أسوة بيوم عاشوراء  ونوروز وغيرها وتهنئة الشعب العراقي  بهذا اليوم النيساني الأغر ومن لدن أعلى سلطات الدولة رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان ، وإدخال طقوسه الاحتفالية في مناهج التاريخ الدراسية لكونه موروث وطني عراقي أصيل يجمع حضارة ما بين النهرين  السومرية – الاكدية – البابلية – آلاشورية و ليس محصورا بفئة معينة  دون أخرى  ،والعمل على إطلاق التسميات التاريخية على المواليد الجدد من أبناء العراق  ككل وعلى الشوارع والأبنية والحدائق  والمؤسسات والمتنزهات ليكون الجيل الصاعد ملما بتاريخه وارثه الوطني و الحضاري العميق وإبعاده عن التخندقات المذهبية والطائفية التي لم تجلب عليه سوى القتل والتهجير وتمزيق النسيج الوطني ،واعتبار التاريخ الأساسي والصحيح  للتأسيس الكيان السياسي العراقي  يعود لـ ( 2340 ) ق.م على يد الإمبراطور العظيم سركون الاكدي  وليس23 آب 1921  م ... واختيار تصميم العلم الكلدو الآشوري السرياني النهريني  قرص الشمس والنجمة الرباعية وإشعاعات النور المنطلقة منها نحو الاتجاهات الأربعة لتكون علما جديدا للعراق ولربطه بامتداده النهريني السحيق والتي تزخر بالمعاني والقيم والمدلولات النهرينية الثرة .. وكذلك في العلم الكردي ليعكس موزائيك شعب كردستان عامة وليكون العلم مرغوبا وقريبا من قلوب الكل ومؤججا لمشاعرهم وليس مفروضا على أنوفهم ، الاستعانة بقدر أكثر من التصاميم والرموز الحضارية العراقية على أوجه العملة الوطنية المعدنية والورقية .. وإصدار طوابع بريدية تعكس وتجسد أعياد اكيتو الحضارية ،والمحافظة على اللغة السريانية وآدابها العريقة والتي هي نتاج الامتداد و التواصل والتلاقح الحضاري النهريني والأخذ بتعليم  بأبجديتها السلسة  في المناهج اللغوية للمدارس العراقية ، والعمل على ضمان حقوق شعبنا الكلدوآشوري السرياني  بصورة عادلة وحقيقية في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مركزيا وفي إقليم كردستان في اختيار ممثليه دون التدخل في شوونه الخاصة ولا بعاد شبح الموت قتلا والتهجير عنهم.. واعتبارهم القومية الثانية في الإقليم بعد الكرد وما يحمل هذا الشيء من إنصافا لحقوقهم المهمة على الأرض تيمنا بكون الكرد القومية الثانية في العراق وما يطالبون من خلال تلك الشراكة من الحقوق والامتيازات في الحكومة العراقية الاتحادية وليس حكومة وامتيازات الحصتين  بين الحزبين الكرديين الرئيسيين والآخرون مهمشين  يفتحون أفواههم نحو السماء لاستجدا منة صغيرة منهم حتى ملّ الشعب الكردي من معادلة المحاصصة المقيتة وبدا بالانشطار عنها وحقق نتائج مرجوة عبر قائمة التغيير في محطتين انتخابيتين رغم حداثتها .. وكلنا أمل أن تصل هذه الملاحظات لمرأى ومسمع المعنيين .. مبروك لقائمتي شعبنا للفوز بالانتخابات النيابية العراقية ..وسنة بابلية آشورية جديدة 6760 مباركة على جميع العراقيين، وقيامة مسيحية مجيدة ... وميلاد ميمون للحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) وعقبال أن تعاد علينا  بالأمن والأمان والاستقرار  .....


626
مجدا  للطفلة آشورينا ( زنبقة العراق  )

                                                                المفجوع بفراقها      بدران امرايا     

في التاسع والعشرين من آذار الجاري ستحل الذكرى الأليمة الثالثة لرحيل الطفلة  الكلدو آشورية البريئة آشورينا ..هذه الطفلة التي ازبلت مدامع الدنيا عامة والعراقيين على وجه الخصوص ووحدت دموع وقلوب العراقيين من زاخو إلى الفاو ومن القائم إلى المندلي .. لأنها فتحت عيناها لنور الدنيا وهي تأن من وطأة الألم والآهات والحسرات لكونها ولدت بعد ثلاثة سنين من العجاف والحرقة لتكون باكرة أسرتها ( بركتا دبيثا ) بركة البيت كما تسمى بالسريانية وتضيء وتعطر زوايا البيت الموحشة بالمسك والزعفران .. ولان قلبها الصغير لا ينبض كباقي أقرانها من الأطفال فكان مشوها بأربعة فتحات خلقية ( رباعي الفالوت ) وكانت هذه الطفلة المعدومة صحيا سببا لان تطوف العائلة بها من مكان لأخر عساهم أن يجدوا لها دواءا وعلاجا شافيا يقلل من وتيرة آلامها المبرحة .. لان التأخير كان يقلل من فرصة إنقاذها من براثن الموت المحقق وفعلا كانت هذه الطفلة الشقراء كالفراشة الرقيقة تطير من زهرة لتحط على أخرى سعيا وراء هدف سام اسمه العلاج وإنقاذ الحياة وإطالة أيام العمر ..ولكثرة ترددها للدكاترة والمشافي وبعيدة كل البعد عن أجواء أقرانها من الأطفال واللعب واللهو بين الأزقة والدرابين  تعقدت نفسيتها من أجواء الطب والملابس البيض ..فبدا الدكاترة ينبشون صدرها الغض وإجراء القسطرة وتناول الأدوية بشكل يومي ..ولما بلغت الخامسة من العمر ولكثرة ذكائها وولعها بالجو الدراسي سجلت بالمدرسة السريانية فكانت الأولى على أقرانها وخاصة بلغة أمها وأمتها الحضارية ( السريانية  ) فكانت تقرا جريدة بهرا الغراء الجريدة المركزية للحركة الديمقراطية الآشورية الطبعة السريانية بشكل عكسي إلى جانب امتيازها بالانكليزية إلا إن جسمها الوهن الهزيل كان يحدها من حمل حقيبتها المدرسية فكانت تستعين بزملائها لحمل هذا العبء من على أكتافها  وهكذا دارت رحى الأيام  واجتازت هذه الزنبقة الربيعية الغير محظوظة الصف الأول للثاني بجدارة وتفوق  .. وخلال الصف الثاني لم يدم جلوسها كثيرا على مقعدها المدرسي وبين أحبائها من التلاميذ .. بل طارت إلى الأردن للعلاج الذي كفلته لها فضائية الشرقية الغيورة ( الأم الحنونة والحضن الدفيء لمعاناة أطفال العراقيين ) المحرومين من براءة الطفولة في وطنهم الأم العراق وضمن برنامج اليد البيضاء ولدى السفر قالت هذه الوردة الصغيرة لامها ( انا بيازن وبنيخوتن مني ) أي ما معناه أنا سوف ارحل وترتاحون مني .. لكن الحرقة و مشاعر التوديع ودموع الفرقة غطت على هذا التنبؤ البريء والمبكر من لدن طفلة مثقلة بالألم والترهل الجسدي .. وكذلك عندما ارتفعت الطائرة قالت لوالدها ثانية ( انا بزالي لكب مريا ) أي أنا سوف اذهب لعند الرب , لكن الوالد رد عليها سنعالج قدماك وسوف تعودين لتركضين إلى المدرسة على قدماك وستحملين حقيبتك بنفسك دون مساعدة احد .. لقد اخفي عليها مرضها الحقيقي خوفا من أن تعرف وتنهار نفسيتها لأنها كانت حساسة ووديعة ورقيقة المشاعر كقطرات الندى الصباحية .. وخلال فترة العلاج هناك تآكلت من نفسها ومن جسدها الوهن بحيث فقدت 2كغم من وزنها لشدة اللوعة والحسرة والبكاء على أسرتها  البعيدة عنها على الرغم من المكالمات الهاتفية معهم على الدوام فكانت شديدة الحسرة لرؤية  شقيقتها بابلينا وأشقائها نينوس وسركون وسنحا ريب وأمها. هكذا استمر الحال لما يقارب الشهر إلى يوم الحسم يوم العملية ذلك اليوم المشئوم فخلال تلك الليلة المشينة لم تترك والدها أن يغمض عينيه للنوم من شدة التقبل والكلام اللطيف وضمه بشدة ولهفة فكانت تشعره بقرب اجلها المحتوم وتودعه وتشبع نظرها منه وعوضا عن أسرتها الغائبة وتنبهه بان ساعات حياتها بدأت بالعد التنازلي وإنها تلمح سربا من ملائكة الموت يحوم فوق رأسها .. وفي الصباح غطت في النوم قليلا وبعد ساعة نهضت واتجهت بسرعة صوب النافذة وأزاحت الستار وبدأت تحدق في السماء وكأنها تبحث عن شيء غالي افتقدته .. فقام الوالد بإسدال الستار عساه أن يهيأ جوا مريحا لنومها لكنها أصرت بإزاحة الستار والرجوع للتحديق في السماء والتحلق في الآفاق البعيدة فعلى ما يبدو إنها كانت تشبع نظرها من نور الدنيا لان ملائكة  الموت بدؤوا بإلباسها الكفن الملائكي الأبيض تمهيدا لجعلها عروسة صغيرة لحضارة العراق تيمنا باسمها العتيد وعند أخذها  لردهة العمليات وهي مستلقية على عربة كانت تقرا الأسماء المكتوبة على أبواب غرف المفشى وتساءلت لماذا لا يكتبونها بالسريانية ؟ لشدة حبها وتعلقها بلغتها القومية .. ومن ثم قبلها الوالد القبلة ولم يعرف بأنها ستكون الأخيرة ومن ثم انتزعت بقوة وهي تصرخ وتستنجد بكل ما أوتيت من قوة من قبل احد الدكاترة وبعد أن زرقها بالمخدر فذبلت كالزهرة المتعطشة للماء وماتت الموتى الأولى بين يديه ليبدأ الدكاترة بنبش صدرها عساهم أن يجدوا لقلبها المشوه علاجا يمدها بدم  الحياة  وبعد ستة عشر ساعة من عملية القلب المفتوح والبث المباشر للعملية من على شاشة الشرقية والملايين المشاهدين يتابعون مصير هذه الطفلة التي  تصارع الموت بشدة وخلالها توالت جموع العراقيين بكل أطيافهم ومن ضمنهم السفير العراقي السيد  سعد الحيالي والسيد سعد البزاز صاحب مؤسسة الزمان الإعلامية  وقناة الشرقية  والآنسة كلوديا حنا ملكة جمال العرب  إلى مشفى الإسراء الأهلي بالعاصمة عمان  لمؤازرة الوالد المسكين وهو في أحلك الظروف فبدا الجموع بإيقاد الشموع وتلاوة الصلوات الجماعية مسلمين ومسيحيين تشفعا بسلامتها إلى جانب العشرات من المكالمات الهاتفية من أصقاع الأرض تدعو بسلامتها ورجوعها معافية إلى أحضان أهلها وأحبابها لكونها هوية العراق الحضارية كما وصفوها العراقيين..وفي الساعة التاسعة ليلا خيم الهدوء المطبق على الأجواء ليأتي احد العراقيين بخطوات بطيئة ومثقلة ومتذبذبة ومشوبة بالحزن والقلق واسمه حامد البصري ( أبو زهراء ) ليحضن والد الطفلة بشدة ويصرخ بكل قوة وينفجر بالبكاء عندئذ بات كل شيء واضحا وضوح الشمس وانفجرت مدامع الحاضرين بالبكاء والعويل  لرحيل طفلة العراق وزنبقتها الشقراء آشورينا  بأجواء الغربة وتوقف قلبها الصغير والمشوه عن الخفقان وماتت موتتها الثانية والأخيرة عندئذ طارت روحها البسيطة لتسبح مع سرب الملائكة لتستقر في الاخدار السماوية حيث النقاء والصفاء والطهارة وحيث لا يوجد الدواء والألم ورؤية المشافي بعد وكل عذابات الحياة وهمومها..ونقل جثمانها الطاهر إلى ارض الوطن بعد أن غسل وعمد بدموع الجالية العراقية هناك وحطت الطائرة بمطار اربيل الساعة الثالثة صباحا ليكون أول المستقبلين رفاق زوعا الاحبة وكادر الشرقية الميامين .. ومن ثم ينقل الجثمان إلى دهوك قرية بيرسفى حيث ولدت وقضت سنينها السبعة الحافلة بالأم والآهات  .. حيث خرجت القرية عن بكرتها لتستقبل ابنتها وعروستها البارة بالهلاهيل والزغاريد  وتناثر الورود  وطلاب مدرستها والهيئة التعليمية كانوا مصطفين على جانبي الطريق ليسلموا على زميلتهم  المدرسية ويؤدون لها التحية الأخيرة ووجوههم موسومة بالحزن والأسف ووريت الثرى هذه الطفلة الرقيقة وسط استقطاب جماهيري ومؤسساتي  وحزبي واسع .. هذه كانت آشورينا الطفلة التي ولدت في 18 آذار 2000 وتوفيت 27 آذار 2007 والتي كتب لها الشقاء والألم لسبع سنين حياتها القصيرة.. الطفلة التي وحدت قلوب العراقيين  المنكسرة ومزجت ودموعهم الحزينة على فراقها .. والتي فتحت قريحة الشعراء ليمطروها بأبياتهم الشاعرية الجياشة بالأحاسيس الحزينة  كالشاعر شاكر سيفو -اسيت يلدا -جوزيف يعقوب و يونان يوخنا وغيرهم .. ولم يبقى من تلك الطفلة الهزيلة جسميا إلا اسمها الحضاري الشامخ ..وذكراها المدمية عند من عرفوها .. وزينت مدرستها السريانية  بلوحة جداريه كبيرة تحمل صورتها التي تظهر فيها وهي حزينة حتى الموت وتحتضن دبها الناعم ومكتوب عليها  عبارة (أشورينا تحبكم  ) لتكون الذكرى الأليمة عند أقرانها في صف الثاني السرياني وبقية تلاميذ المدرسة.. أما حقيبتها الدراسية اليتيمة والحزينة على فراق صاحبتها  فقد ظلت مخدة قاسية لرأس والدها  يسند رأسه عليها ليشتم عبق آثار أناملها الطيبة وعطر أنفاسها والمنعشة ويخلو في ذكراها القاتلة لأنها فلذة وكبده ووجدانه وشريان حياته المتدفق .. وستظل آشورينا لوحة جداريه جميلة  ورقيقة معلقة في ضمير كل من عرفوها .. وجرحا مفتوحا في قلب والدها ..والذي لا يندمل بكل عقاقيرعالم الطب .. فإلى الروضة الإلهية الفياضة بالراحة والنعيم والسكينة السرمدية ..أيتها الحبيبة الغالية ...     


 

627
من يتعكز على الآخرين .. فهو مكسور العنق
   
بدران امرايا

يقول المثل الشائع ( إذا كنت لا تستحي فاعمل ماشئت ) انه الأمر المبكي والمضحك في آن واحد أن يستنجد السيد عبد الأحد افرام أمين عام بما يسمى  الحزب الاتحاد الكلداني برسالة إلى السيد مسعود بارزاني  داعيا إياه بعدم إسناد قائمة المجلس ألتشعبي الكلداني السرياني الآشوري واصفا إياها بالتجني على الكلدان فقط بحسب قوله والحياد عن المسار الانتخابي الصحيح والنهج  الديمقراطي وحقوق الإنسان  وسلب إرادة الناخب المسيحي وتدخلا في الشأن المسيحي ( وكأنها تدخلا في أمور طقسية مسيحية كعقد الزواج وسر المعمودية والقربان) .. والأجدر تدخلا في  شاننا القومي ) وغيرها من الأمور التجاوزية بنظر السيد افرام .. صراحة  لا غبار على هذا الكلام كله ونحن مع جوهر الرسالة حصرا .. لكن الغبار والخجل وما يندى له الجبين أن تصدر هذه الرسالة من مَن ؟  من شخص ولد أو بالأحرى اختلق كأداة  رخيصة  وذليلة وعمد  وتربى واشتد عوده على نهج ( البارتي ) الحزب الديمقراطي الكردستاني ليكون الخنجر المسموم  والممزوج بالسم الزعاف القاتل والعار في ظهر ( زوعا ) الحركة الديمقراطية الآشورية  وأي تطلع قومي وحدوي منشود منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي ولحد انتهاء مفعوله ( اكسباير ) عام 2007  باختلاق أداة رخيصة أكثر عصرنة  وتمويها  وفضفاضا( زرق ورق )  وجذبا لشريحة الشبيبة من خلال إيقاعات الطبل والزرنا  ورشفات الجيرس وهز الخصر والأكتاف والطرب ( فريق كردبولي ) التهريجي المطعم  عفوا  المجلس الكلداني السرياني الآشوري .. نعود لموضوعنا الأساسي فان شخص السيد افرام ارتضى لنفسه أن يؤدي دور الخنجر المسموم في ظهر زوعا وكل مسعى لوحدة الأمة بكل فخر واعتزاز مقابل المال والجاه ( وكيل وزير ) وما إلى ذلك من المنافع الشخصية ..فقد أوحى له من الأسياد بان يبدأ النضال عبر الكلمة أو الثقافة ( المرحلة الثقافية ) و يؤسس المركز الكلداني للثقافة والفنون بدهوك  ليبذر بذور الحقد وخميرة الفرقة والتقسيم  عبر إصدار مجلة ( صوت الكلدان ) التي كانت تظم مقالات تحريضية انشقاقية انسلاخية تشر ذمية تطفلية وما إلى ذلك من التوجهات التقسيمية المشينة المنحطة لمسميات شعبنا ونبش كتب التاريخ والاستشهاد بكل كلمة أو فقرة أو مقولة تقسيميه  تسهم في رفد وتعزيز  وتيرة التخندق وزيادة الهوة و التشرذم والضياع  لشعبنا مذيلة باسم  عبد الأحد افرام .. ابو افرام التخومي الصنديد .. إلى جانب موضوعات عنوانها  ( الرد ..الاستنكار .. الشجب .. الإدانة .. الخيانة  .. اشروه أي جعله آشوريا وغيرها من العناوين النارية ... فكان يتهم اعضاء زوعا من الكنيسة الكلدانية بالخونة والمأجورين وغيرها ويشن حملات شرسة عبر الكلام السيئ على  زوعا والوحدة القومية وإصدار البيانات والأوراق الصفراء الفارغة والمعيبة .. وبنهاية المجلة كانت هناك مسابقة حتى أسئلتها كانت هادفة لإزكاء  نار الحقد والكراهية والضغينة المقيتة بين أبناء شعبنا الواحد على سبيل المثال (مَن هو الملك الكلداني الذي اسقط الدولة الآشورية وحطم صنم آشور  إلى ابد الابدين  ؟؟؟ وغيرها من المسائل المسمومة المؤججة لروح الفرقة ) ومن يفوز يحصل على هدية قيمة , ونعت كتابنا الوحدويين الأشاوس بنعوت واتهامات مهينة ..  وعند انعقاد مؤتمر لندن للمعارضة العراقية استحصل له جواز سفر على وجه السرعة واستخدم ( كقرقوز_ الفزاعة التي تنصب في البساتين لإخافة وإبعاد الطيور عن محاصيل الحقول ) وإبرازه كأداة طيعة مخجلة لتشرذمنا وتفتيت الخطاب القومي رغم  الإجماع  والخطاب القومي لشخصيات شعبنا هناك ,  وتعكير الأجواء باتجاه أي مسعى لوحدة الخطاب القومي  .. وبينما كان شعبنا يحتفل بأعياد نيسان الأغر( اكيتو) المسيرة البنفسجية خلال العقد التسعيني من القرن الماضي بدهوك بينما كان هذا الشخص ومركزه ألتقسيمي يؤجر باصات النقل لنقل الشبيبة أو عامة الناس واستقطابهم إلى مكان آخر بعيد أجواء مسيرة اكيتو بحجة اجتماع أو كونفراس انتخابات للمركز أو الحفلات الترفيهية والتي كان يقود  دفتها ويهزا قامته الرشيقة على أنغام الطبل والزرنا والهلاهيل ..وهو يطل على شاشة تلفزيزن خبات الكردية لتقليل من حضور الجماهير و لإيهام  بسطاء الناس بان الآشوريين يحتفلون برأس سنتهم الآشورية بينما الكلدان يعقدون أو يعملون شيء آخر.. لا صلة لهم باكيتو .. فشتان بينهم !!!  وكانت هذه الأخبار تبث من خلال النشرات الإخبارية لتلفزيون خبات  الأرضي.. وبعدها اصدر السيد افرام كراسا احمرا وخطرا مليئا بالأخطاء والمفخخات والشتائم والروح الانتقامية التشرذمية والمذلات التاريخية الفظيعة تحت عنون من هم الكلدان .. الآشوريين ...  السريان ؟  وفيها يفرغ جام غضبة المعبأ من قبل الغير على التسميتين السريانية والآشورية وينكر وجودهما قبل الميلاد وبعده , ومن يتصفح هذا الكراس الأسود المخجل والمنحط يتقن مدى الحقد ألعمياوي والكراهية  المقيتة والبغض الدفين الذي يكمن بين ضلوع  هذا الإنسان المختلق تجاه أبناء أمته من التسميتين السريانية والآشورية ... واليه يعود الفضل لخلق وتعزيز رأي  مفاده بان الكلدان أكراد وهو بارتيين  وأدعو القراء الكرام لتصفحه والوقوف على هذه الأخطاء المشينة والتي تعتبر وصمة عار أبدية له .. والسيد أبو أيمن احد أتباعه ( أميل عيسى ) مسئول مكتب زاخو للمركز الكلداني كان ولا زال يستلم الدعم والإسناد المادي والمعنوي واللافتات الصفراء المكتوبة بالكردية الحاضرة ويعلقها على واجهة المركز المغلق على الدوام انه والذي يكنى بـ (مكتب محلة النصارى لتنظيم البارتي ) .. وحتى إن اللافتة العنوا نية للمركز مكتوبة بأخطاء إملائية سريانية .. وهذا مركز للثقافة القومية .. مشاء الله على هذه الثقافة الرصينة .. ونعم الثقافة العصرية .. والمخجل والانكى  إن نجل السيد أميل عيسى  مسئول مكتب زاخو للمركز الكلداني  وفيما بعد عضو اللجنة المركزية للحزب كان لا يحضر دروس اللغة السريانية بمدرسته( زين) باستمرار وعندما سألته المعلمة عن السبب قال الطالب البريء إن والدّي  نبه عليّ  بعدم الحضور للدروس السريانية .. مشاء الله على الحرص القومي العالي لدى هذا القيادي الفذ  !!! ... ثم تلتها فترة النضال السياسي  بتأسيس الحزب الافرامي  حزب الأوراق والبيانات النارية والمفرقعات المتلألئة الآنية .. الحزب الذي جاء رد ا وندا  لزوعا  والذي هيئا من قبل الأسياد لبعد عملية تحرير العراق والانطلاق من خلاله لمناطق للسهول الفسيحة شعبنا بنينوى لكسبها من خلاله و لحصر ولجم  وسد المنافذ أمام امتداد جماهيرية زوعا لتلك السهول النضرة  ..وهذا تبين  من خلال عملية حرية العراق وإبطال زوعا يدخلون قرى وقصبات شعبنا ويقدمون لهم الحماية والأمن  والمساعدات وأسباب الراحة قدر المستطاع  ويستقبلون بالزغاريد والهلاهيل كالأبطال الأشاوس  ..بينما كان هؤلاء الغربان  السود  يوزعون البيانات التحريضية المريضة ضد زوعا وينبهون ويحرضون أبناء شعبنا من الكلدان بعدم الاقتراب والانخراط  فيه وتهم باطلة بعيدة كل البعد عن قيم ومبادئ زوعا الصادقة و السامية .. وها هو السيد افرام اليوم يتناسى ماضيه ودروه السياسي والقومي القاتم بحلكة السواد الأدهم يطلب عبر رسالة من السيد البارزاني بعدم دعم قائمة المجلس ألتشعبي غير آبها انه صعد تحت قبة البرلمان وأصبح ( كاتب نفوس وتسجيل حضور أعضاء مجلس النواب  ) ولمع نجمه  السياسي الخارق  ليس بفضل سلم حزبه وجماهيره المحدودة  بل عبر نفس الدعم والأصوات  من الإخوة الأكراد عبر قائمة التحالف الكردستاني والتي ينكرها الآن على غيره .. حلال عليه وحرام على غيره .. وكان الأجدر بالسيد افرام استذكار المثل الشعبي المعروف  (  يا حافر البير لا توسع مساحيها خاف الفلك يندار وأنت التكع فيها ) وها وهو يرأس قائمة انتخابية باسم أور الوطنية وليس بـ  (أور الكلدانية ) كالمعتاد وهذا تكتيك سياسي تنكري محنك ومطعم بالسذاجة المفرطة  لجمع الأصوات للانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة وببرنامج انتخابي ضبابي لا يمت بصلة وصل لشعبنا  ومسمياته التاريخية وخصوصيتنا القومية والوطنية ويفتقر إلى أي رمز قومي أو على اقل تقدير العلم  الكلداني الذي اختلقه هو وفريقه ألتقسيمي مؤخرا.. لكن شعبنا  الكلدو آشوري السرياني الأبي بات يميز بين أصحاب الإرادة الحرة  والقرار السياسي المستقل والنضال المرير وقافلة الشهداء المتمثلة  بقائمة الرفعة والشهامة والعزة القومية ( قائمة الرافدين المرقمة 389 ) وبين مَن هو ذيلي و يسيره الآخرون وارتضى لنفسه بان يكون أداة أو سوطا غليظا  قذرا لضرب  أي جهد وحدوي لشعبنا .. كما سلم شباب تللسقف لاسايش دهوك ليسجنوا ويعذبوا وهذه  سابقة معروفة له ... ويتنكر بجلد الحمل الوديع من اجل نيل الأصوات من هنا وهناك فشتان بيد المجد والمذلة ..وبين العز والعار..وهذا غيض من فيض بركات  صفحات نضاله القومي ... نتساءل بالله عليكم .. اهكذا يكون نكران الذات والنضال القومي الحقيقي   ؟؟؟؟ والخيار كل الخيار لكم أيها الناخبون الأحرار.... الله و الغيرة القومية الوحدوية وحقوق هذه الأمة التي تذبح كل يوم  من وراء القصد ... 

Badran_omraia@yahoo.com

628
الرافدين  389
 قائمة الوحدة القومية.. والإرادة الحرة الكريمة

                                                                                                 بدران امرايا

مرة أخرى شعبنا العراقي مطالب بان يدلو بدلوه في تغيير مسار العملية السياسية والديمقراطية وهو مقبل على منعطف مهم وحاسم في عملية انتخابية  فيصليه مطلع آذار القادم  وسوف تتنافس فيه الكيانات والكتل و الشخصيات السياسية  على مقاعد البرلمان البالغة 325 مقعدا وهذه المحطة الديمقراطية لهي استحقاق دستوري مهم , والشارع العراقي ينتظرها بفارغ الصبر لكي يعد اصطفاف الكيانات الكتل والشخصيات السياسية المستحقة بنيل أصواته لتقود دفة العملية السياسية في البلد وإسدال الستار على هذه الحكومة وهذا البرلمان المتشرذم والغير المتأقلم والمعطل لإقرار وتشريع أهم القوانين , إلا في أمور وقضايا خاصة بمصلحة أعضائه وامتيازاتهم الشخصية الغير محدودة , وفي الطرف الثاني الشعب يئن تحت وطأة الظلم القهر والفقر المتقع  والحرمان  والفلتات الأمني والاستئثار بالسلطة وبمؤسسات الدولة وتصفية الخصوم السياسيين وتخوينهم وتبعيثهم  واجتثاثهم وإلصاق التهم جزافا بهذا الطرف أو ذاك وعقب أية عملية إرهابية أو اختراق امني فان التهم جاهزة والطبخة مهيأة لإلصاقها بالقاعدة والبعث لصدامي دون عمل فعلي لإيقافها حمامات الدماء,  إلى جانب البطالة المتفشية وعدمية الخدمات الأساسية . . وأربعة سنوات من عمر هذه الحكومة كافية بما فيها الكفاية لتقييم سياسة الأحزاب الحاكمة , والشعب  أدرك يقين الإدراك بان وعود الحملات الانتخابية لتلك الأحزاب بات معلنا ولم يرى الشعب ويتلمس على ارض الواقع سوى الكلام والوعود الفارغة , حقيقة مسامع الشعب ملت من كثرة هذه التهم والمؤتمرات الصحفية المفبركة والجوفاء ... والآن احتدمت  الحمى الانتخابية بعد انطلاق حملتها وراحت الكيانات السياسية تستعرض لائحة برامجها الانتخابية العريضة والتي تتمناها  شعوب الأرض قاطبة ولا غبار عليها من حيث التحرير والصياغة اللغوية ولكن الطامة الكبرى هي في تحقيق الحد الأدنى منها ... إن وصلت هذه الكتل تحت قبة البرلمان وتتوعد الناخبين بحياة حرة سعيدة ومرفه والقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه وتوفير فرص العمل وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية بمشاركة كل فئات الشعب العراقي دون تهميش أو إقصاء وتنعيش الروح الوطنية وتغليب كفتها على التوجهات والانتماءات الأخرى ومبدأ السيادة وإحقاق حقوق كل فئات وشرائح الشعب  وما إلى ذلك من الكلام المنمق والمعسول والعزف على هذه ألأوتار الشجية .. لكن شعبنا العراقي جرب هؤلاء الناس وذاق الويل وتجرع كاس المرارة من سياستهم السطحية والفاشلة .. وباتوا معروفين للقاصي والداني  ..والمؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين ...هذه كانت حالة شعبنا العراقي عموما  ..أما بخصوص شريحة شعبنا الكلدو آشوري السرياني المسيحي فان معاناته مضاعفة مقارنة بالشعب العراقي ككل .. فقد هجر من مناطقه واستهدف شر استهداف وفجرت أديرته وكنائسه وذبح رجال دينه وعامة أبنائه  ومازال مسلسل القتل والذبح مستمرا واعتمدت سياسة الإقصاء والتهميش ضده وخضعت  ابسط حقوقه لصفقات البيع والمتاجرة والمساومة الرخيصة والغير الشريفة من قبل الكتل الكبيرة المتنفذة لزمام السلطة . وخلقت فيه كيانات وشخصيات  طفيلية وذيلية وهزيلة طبيعتها الاقتيات على فتات موائد الغير وسيقت عبر المؤتمرات الشكلية وعلى أنغام الطبل والزرنا لتكون واجه سياسية لشعبنا والتغني والتزمير بها وبأمجادها المزيفة  بإيعاز ودعم ومباركة جهات من خارج بيتنا القومي  لمصادرة  إرادة وحرية شعبنا  وجعله تابعا ذليلا منفذا لسياسية وأجندة الأسياد واستجداء الدولارات منهم  لقاء بيع الشرف والذمة والضمير والتخلي عن القضية وقراءة  صلاة الفاتحة على وجودنا كشعب حر وذو إرادة كريمة ..كل ذلك مقابل جر البساط من تحت أقدام طليعة امتنا السياسية ومذبح تضحياتها الجسام الحركة الديمقراطية الآشورية  ( زوعا )  والتي تخطت عقدها الثالث من مسيرة نضالها المرير والمكلل بأكثر أربعون شهيدا ورفاقها الذين رخصوا وقدموا أرواحهم الخالدة  قربانا  على مذبح حرية وإحقاق حقوق شعبنا منذ أيام الكفاح المسلح مطلع الثمانينات من القرن الماضي ... ومدرسة الوعي القومي والوحدة القومية ويعود إليها الفضل في إيقاد شعلة الوعي القومي وتأجيج المشاعر القومية  الحقيقية وقيادتها وصفوفها أعضائها وقائمة شهدائها الأبرار تعكس مسميات شعبنا الكلدو آشوري السرياني فهي بوتقة الوحدة القومية .. أبهرت  ونورت فكر شعبنا بتاريخه الممتد لسبعة آلاف عام ومهد حضارته الإنسانية  وما قدمته للبشرية من الأبجدية والعلوم المختلفة والفنون..عمقت الوعي الثقافي باحتفالات ومناسبات شعبنا كـ  (اكيتو ) رأس السنة البابلية الآشورية 6759  والسابع من آب يوم الشهيد الكلدو آشوري السرياني  .. ويوم الصحافة السريانية في الثاني من تشرين الثاني من كل عام .. وتأسيس المنظمات الجماهيرية والمهنية  داخل الشرائح المختلفة لشعبنا  من الطلبة والشبيبة والنساء والأندية الثقافية والرياضية والاجتماعية .. وغدت الحركة سفيرة قضيتنا وتعريفها بالرأي العام الوطني والدولي بكل تفاني وإخلاص انطلاقا بأيام المعارضة العراقية وبكل صولاتها وجولاتها الخارجية والداخلية وسجلت حضور شعبنا الحي  وأكدت على حقوقه  المشروعة بتمثيله خير تمثيل ولم تساوم على حقوقه تحت أي طائل في كل المنابر والمحطات.. نبهت بمخاطر الهجرة وترك الوطن وعدت الهجرة كالنزيف المميت الذي يجهز على قضيتنا ووجودنا القومي ..أكدت وتؤكد على التشبث بأرض الوطن والعودة لأعمار القرى وبث الحياة في ركام أطلالها ..ورفع التجاوزات الغير المشروعة على قرانا وحقوق شعبنا في إقليم كردستان وقدمت الشهداء في هذا المنحى واليها يعود الفضل تدشين عملية التعليم السرياني هذا الانجاز القومي العملاق الذي سخم وجوه من راهنوا على فشله وباتوا عقبة في طريقه  ..  وها هي الحركة تطل على شعبنا عبر قائمة العزة والشرف والإرادة الحرة الكريمة قائمة الرافدين المرقمة 389 ومن خلال برنامج انتخابي  وطني وقومي منطقي وصريح وواقعي وبأعضاء  يمتازون بخلفية وسيرة ذاتية مشرفة وبالقدرة العملية والكفاءة العلمية العالية والنزاهة والإخلاص الوطني والقومي . عكس بعض القوائم الأخرى المحسوبة على شعبنا والمدفوعة من خارج بيتنا القومي و شخوصها أعضاء في الأحزاب الكردية ويرتزقون من فتاتها ويخلو برامجها من أية إشارة قريبة أو بعيدة لمسميات  شعبنا ووحدتها ولغتنا وحضارتنا أو خصوصيتنا القومية وكأنها هبطت من كوكب آخر وبعيد كل البعد عنا ..فضلا عن أن البعض منها  قوائم لمرشحين  ذات اللون والمسمى الواحد لشعبنا (التسمية الكلدانية حصرا )  ..هذا إن دل على شيء إنما يدل سذاجة النهج والفكر السياسي وعدم الإيمان بوحدة شعبنا وقضيتنا أو جرنا لصراع التسميات المقيت  أو على اقل تقدير إن هذا البرنامج الانتخابي الركيك والضعيف والمخجل  دوّن وصّيغ بأيادي غريبة عنا ..على العكس من مواقفهم الطبيعية المعتادة فمواقعهم وأدبياتهم تنشر النتاجات المتعفنة المضادة للوحدة القومية و الممزوجة بالسم الزعاف على كل مسعى وحدوي ويلم الشمل وكيل التهم يمينا وشمالا ونبش صفحات التاريخ .. وإيجاد قومية مستحدثة ومنفصلة باسم الكلدان لا تمت بصلة للآشورية أو السريانية على حد تعبيرهم الضيق وإيجاد علم قومي كلداني جديد كل هذا  وتوجهات أخرى شوفينية وانفصالية وتقسيميه مشينة  يندى لها الجبين بعد  أن  تغيير النظام  في بغداد وبروز فسحة من هامش الحرية وحضروا بعد أن هيأة  الكعكة وباتت جاهزة  وزالت المخاطر بزوال النظام السابق وبرز الأشاوس من المناضلين والمنضرين الجدد وبدون أية خلفية سياسية ونضالية قومية  .. ونحن في القرن الحادي والعشرين  وكأننا شعب وأمة  لحد ألان بدون علم  أو رمز قومي نتجمع تحت لوائه  رغم إن العلم القومي ( قرص الشمس و النجمة البابلية الرباعية وإشعاعاتها الثلاثية الألوان  الأحمر والأبيض والأزرق تمتد بأربعة اتجاهات  ) موجودة بالقها المميز وبألوانها الزاهية  المتلألئة وتنبض بعبق الأصالة والامتداد الحضاري النهريني العتيد  وهي واضحة وجلية لمن لم يصب بعمى الألوان و الضمير والذاكرة والوجدان ,  وقدمت القرابين السخية لأجل أن يكون هذا العلم الأبي مرفوعا ومرفوفا في  صميم أعالي وجداننا وجوهر كينونتنا .. وهي معروفة لدى كل أطياف وطننا والعالم  بأنها رمز تمثل شعبنا الأصيل .. إلى جانب الاستشهاد بكل موقف مشين يؤدي  لشرذمة شملنا ونشر غسيلنا أمام مرأى ومسمع الكل دون خجل أو حياء.. حتى بات الكتاب الحاقدين على شعبنا وتاريخنا التليد وممن لا يميزون اليمنى عن اليسرى في أبجدية علمي التاريخ والجغرافية  من أمثال محمد المندلاوي  وغيره من الأقلام الرخيصة البائسة  ليستشهدون بأقلام والنتاجات المزيفة والمسخمة  بالسواد لهؤلاء العميان بصرا وبصيرة ..أي يستشهدون بالشاهد من أهله .. ويحرقوننا بنيران أخشابنا  ... هذه هي أخلاقيات من لا أخلاق له ..ومن ليست له أية غيرة أو أدنى شعور قومي.. ممن نذروا أنفسهم لتقسيم وخراب الأمة ومسخ  وطمس وجودنا ... وأكدت المحطات الانتخابية السابقة  بالدليل القاطع عجز وعقم التطلعات السياسية الهزيلة لهؤلاء الشرذمة وكانت كافية بان يستشفوا الدروس والعبر الهادفة منها .. لكن على ما يبدو إن هدفهم الأول والاسمي تشتيت الأصوات وشرذمة المواقف القومية وتشويش على الناخب الكريم وتقديمنا للعالم بأننا ضعفاء ولا نستحق بان تقوم لنا قائمة .. لكن نحن نراهن على الإرادة الحرة والوعي السياسي الناضج للناخب الكريم الذي سيميز الحنطة الصالحة من الزيوان  الفارغ والمر كالعلقم  .. وفرز هؤلاء الشرذمة إلى زاويتهم المظلمة والمتعفنة في مزبلة التاريخ وطي صفحتهم القاتمة هناك, وهذه لا محال ستكون حال من سعى ويسعى لشرذمتنا والنيل من وحدتنا ... لذا نهيب  بالغيارى من أبناء امتنا الكلدو آشورية السريانية  في كل مكان بالتوجه إلى مراكز الاقتراع و بعدم تمييع وتضييع أصواتهم الثمينة هنا وهناك بل بالتصويت بال ضمائرهم اليقظة أولا  وبجرة قلمهم الحاد ثانيا  إزاء قائمة الرافدين وبرقمها 389  لفقا عيون ممزقي وحدة  شعبنا  ومريدي واوات العطف بين مسمياتنا التاريخية ...  لقائمة * من نذروا أنفسهم للقضية وقدموا الغالي والنفيس  من اجلها  وأبوا أن يطأطأوا رؤوسهم الشامخة لحفنة الأوراق الخضراء  وقطع الأراضي على حساب بيع مبادئهم وضمائرهم  الحية  بسوق النخاسة ..* قائمة  قافلة الشهداء الأبرار انطلاقا بجميل متى وشيبا هومي منذ عام 1983 والمسيرة ما زالت مستمرة ومكللة بالشهادة .. والنضال  الطويل و المرير وغياهب السجون والإعدامات والحرمان والأنفال والمواقف المشرفة ..و ليس قوائم من  ولدوا وتربوا بأحضان الغرباء وتطبعوا بخصالهم وباتوا أدوات رخيصة بيد أعداء قضيتنا يستخدمونهم ضد قضيتنا  متى ما شاءوا وكحجر عثرة بوجه أي تطلع قومي منشود  وللنباح على قافلة العزة والكرامة .. وظاهرة تمزيق وتشويه  البوسترات والملصقات الدعائية لهذه القائمة المباركة في اربيل مؤخرا أمام مرأى ومسمع السلطات , إلى جانب رشق بيوت رفاق زوعا ومؤيديه بالحجارة والطلاقات النارية وملاحقتهم وسجنهم وتعذيبهم وتهديدهم وبخروج التظاهرات الليلية للخفافيش الظلام وترديد الشعارات والعبارات التحريضية والمسبات والشتائم الرخيصة كخصال فاعليها كل هذه الظواهر السيئة وغيرها  حدثت لي شخصيا ولعدة مرات بمحافظة دهوك خلال الانتخابات السابقة و بمباركة وغمسه عين من السلطات الحكومية المحلية وبلغنا عنها في حينها لكن دون تحريك أي ساكن  ..  وستحدث لاحقا بمناطق أخرى كما عهدناها سابقا هذا خير دليل دامغ  وساطع على صواب  وقدسية نهج هذه القائمة الأبية  لأنها أثارة حفيظة أعداء قضيتنا ووجودنا وأيقظت مضاجعهم .. ومتى ما  كان خصمنا وعدونا راضيا عنا فهذا يعني إننا لاشيء في أجندة حساباته  وها هم يعدون العدة ويحسبون ألف حساب للحركة وسيرتها الشامخة ولقائمتها الانتخابية المشرفة بهذه الأفعال المشينة والمنحطة... قائمة الأفعال والخطوات الجريئة والثابتة والرصينة وليس قوائم الأحزاب التي تقوم على نضال الطبل والزرنا وإيقاع  إصدار البيانات والمفرقعات النارية والأوراق الصفراء العقيمة  دن أي فعل ملموس على ارض الواقع .. وها أنت حر أيها الناخب  العزيز وأيتها الناخبة الكريمة .. إزاء هذا المشهد الواضح والجلي للعيان  ..


Badran_ omraia@yahoo.com

631
المنبر الحر / مربيتا لبطمي
« في: 23:16 26/01/2010  »
مربيتا لبطمي

مربيتا لبطمي  اسم سرياني مركب  معناه الانطلاق لجني ثمار  البطم "الحب الخضراء "وهي مهمة أو عمل خاص بأهالي القرى الجبلية, وهي رحلة إلى غابات الجبال  لجني هذه الأثمار والتي كانت تعد المادة الأولية  لصناعة  الصابون والزيوت المحلية  فضلا عن أكلها مباشرة لكونها مادة غذائية غنية بالدهون .وأشجارها تكثر في الغابات والتي هي ملك جميع أهالي القرى القريبة ,لذا كان هناك موعد محدد للانطلاق لهذه الرحلة الجبلية الممتعة والشاقة في نفس الوقت وهذا طبعا بعد التأكيد من نضوج ثمارها وتحديدا النصف الثاني من شهر أيلول الخريفي  أي بعد عيد الصليب المقدس مباشرة والمصادف 13 -14 من أيلول ,فكان الناس يعدون عدتهم من أكياس و "الرندولا " وعصا "جلاكي " وتقصد بصورة جماعية تلك الغابات الكثيفة  وبوصولهم إليها كانوا يتبعثرون بين أشجارها وأحراشها المتداخلة فيجنون العناقيد المتدلية القريبة والبعض يتسلقون على الأشجار حاملين معهم الرندولا  الحقيبة الجليدية الجلاكي العصا المقوسة لإمدادها على الأغصان العالية والحافلة بالعناقيد لثنيها وقطف عناقيدها في الرندولا , وبعد تثاقل الرندولا يمرر عبر الحبل إلى الأسفل ليفرغ محتواه في إناء آخر ومن ثم سحبه للجني ثانية وهكذا بعشرات المرات  ومن شجرة لأخرى , إلى وقت تناول الغذاء فكانوا يجتمعون تحت ظل شجرة باسقة الأغصان لتناول وجبة الغذاء واحتساء أكواب من الشاي الطيب المغلي على الجمر وهم بين تلك المناظر الخلابة والجبال العالية , بعد استراحة الظهيرة كانوا يعودون إلى عملهم بهمة ونشاط حتى حلول المساء فيحملون ما جنوه على ظهر الدواب ومن ثم يعودون إلى بيوتهم , أو كانوا يباتون في كهوف الغابة ويحتاطون لذلك مسبقا من حيث الأكل والماء والمنام والسلاح لحماية الذات . وخلال الليل كانوا يشعلون لهيبا من النار للإضاءة والتدفئة من برودة الليالي الخريفية ,حيث كانوا يجلسون حول النار ويتبادلون الكلام والقصص المسلية والطريفة إلى  ينتابهم التثاؤب وتتثاقل أجفانهم فيخلدون إلى النوم الهادئ بعد نهار مضني وحافل بالنشاط , ويتناوب البعض للحراسة عند بوابة الكهف ويكون يقظا على الدواب كذلك من الذئاب الخاطفة , وفي الصباح الباكر يتناولون طعام الفطور ثم يتابعون عملهم . وهكذا لعدة أيام حتى يجنون كفايتهم من خيرات الغابة الوفيرة ثم يعودون إلى القرى ويسطحون ما جنوه تحت أشعة الشمس ليجف ثم يبيعوه أو يصنعون منه الصابون أو يضم للأكل  في الليالي الشتوية الطويلة  ..

بدران امرايا

632
( زبارا ) العمل الشعبي
   

                       
زبارا كلمة سريانية بمعنى العمل الشعبي ظاهرة تعاونية جماعية  كانت سائدة في القرى قديما وخاصة خلال فصل الصيف لكثرة وتراكم العمل فيه مثل الحصاد او تصفية غلة  البيادر ترميم او بناء المساكن او حظائر الماشية جز الماشية او قطع الطربا جذوع شجرتي البلوط السنديان وتكديسه للشتاء او حفر وتهيئة  البساتين وما إلى ذلك من أعمال شاقة التي تحتاج لجمهرة من  السواعد المفتولة  ،والتي كان يصعب القيام بها من قبل شخص او اثنين وخاصة قضايا الحصاد والبنادر لان التأخير في إدراك و لملمة المحاصيل الصيفية كان صعبا لان الشتاء بزمهريره وتراكم ثلوجه كان يدركهم وينال من مجهودهم وكد عرق جبينهم  فتذهب محاصيلهم سدى مع أدراج الرياح  فكانوا يعتبرون هذا الفصل العدو اللدود لغلتهم وهي خارج البيت ولم يكونوا يضمنونها إلا إذا استقرت داخل البيت ، بينما الصيف كان عندهم بمثابة أبو الفقراء ( قيطا بابت فقيري ومسكيني ) أي أن الصيف هو بمثابة الأب للفقراء والمساكين ،وكانت العادة الدارجة أن يقوم (كزيرايا ) وهو الشخص الذي كان يعمل كمنادي في القرية ويمتاز بصوته العالي ونبراته الضخمة لإيصاله إلى مسامع كل أهالي القرية ومن على منطقة عالية فكان يصيح أن الغد زبارا لبيت فلان ، بعد اتفاق مسبق لهذه المسالة بين وجهاء وشيوخ القرية والانطلاقة ستكون الساعة كذا فكان كل بيت او عائلة ترسل احد أبناءها  والبالغ من العمر ويجيد ذلك العمل وليوم واحد فقط ، وكانت قافلتهم المحبة والمتآلفة وكفريق واحد  تذهب معا إلى حيث موقع العمل ويرسمون علامة الصليب على وجوههم ومن ثم يشرعون بالعمل بكل  إخلاص وتفاني بيد وقلب واحد مقسمين أنفسهم على فريقين لإثارة روح المنافسة والحمية والمتعة وتحديد أهداف او مساحات معينة لهم والشروع بالمسابقة وإدانة الفريق الخاسر وفرض الجزية عليه كحلاقة شعره او لحيته وغيرها من المواقف الهزلية المضحكة ، إلى جانب إطلاق العنان بالغناء والطرب وهناك أغاني خاصة تؤجج الشعور بالمنافسة والنكت والطرائف والمواقف المضحكة فيما بينهم ، بينما صاحب العمل او نساءه يقومون بتهيئة وجبة الغذاء وتأمين المياه المتواصلة لهم وأحيانا كان كل عامل (بالا ) يصطحب معه زاده الشخصي  لكي لا يكونوا عبئا على صاحب العمل، وخلال فترة الاستراحة عند الحصاد يقومون الحصادين  بشحذ المناجل (مكزي ) بواسطة قطعة حجر ملساء (مشنا ) بعد ترطيبها بالدهن الذي كان يضم او يحفظ في قرون الحيوانات, وشرب المياه فكانوا ينهون عملهم بيوم واحد وفي اليوم الثاني يذهبون لبيت آخر وهكذا حتى ينهون كل أعمالهم  الصيفية بروح ملئها المحبة والتآخي والتآزر والألفة ، ومساءا كانوا يتناولون العشاء ببيوتهم او في بيت صاحب العمل ومن ثم يتكلمون عن انجازهم اليومي  وبرامجهم ليوم غذ . هذه كانت صوره توصيفيه لطبيعة العمل في القرى والأرياف   ...
 Badran omraia

633
(أين العراق)من احتفالية حقوق الإنسان العالمي؟؟

احتفل العالم بذكرى حقوق الإنسان الذي صدر العاشرة من كانون الأول لعام(1948).والعراقيين منهمكون بجمع أشلاء الجثث من الشوارع والأرصفة وفوق السطوح البنايات أو إنقاذ من بقى لدية نبض يدق في صدره .الكل مشغولون  يريدون المساعدة  بخدمة بسيطة يقدمها لأخيه العراقي قدر المستطاع، وصراخ الأطفال ومع صرخة الأم تنادي إنقذو طفلي الصغير ،ترى حذاً أو يداً أو رأساً
لا تفرقه من قطعة لحم المبعثر  على الأرصفة والشوارع ...و صرخة لرجل مسكين :يا عالم في أي سطر مكتوب هذا الظلم وأي دين
يقبله ومن يستمع إلينا ويفسر الأحد الدامي_ألأربعاء الدامي _والثلاثاء الدامي واحفظنا من يوم أخر دامي وحزين . كل الأديان كل روح مخلوقة ركزت لفكرت التعايش السلمي وأمان والعراق يتمنى الاستقرار ليرسم هدفه في الحياة ومعناها ،السؤال هل الفرد في 
العراق يفكر كل هذه الأشياء البسيطة وله الحق فيها ومتى يحتفل بهذه الذكرى والمناسبة الجميلة لأنه ولدا حراً من أم أصيله.كيف يكون ذلك مادام هناك شيء في العراق أسمة ,عبوه ناسفة سيارة مفخخة دبابات الاحتلال .الإرهاب والقتل والأجرام المتعمد في عراقنا الحبيب الغالي الذي لم يذق إلى يومنا هذا طعم السعادة بكل معانيها . ينبغي دراسة موضوع الاِنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان الجارية في واقعنا العراقي لمنع من ارتكابها لأنها أفعال مخلة بالإنسانية ومتابعة كل المغرضين لها لأنها أمور تعيد العراق
والمجتمع إلى الوراء للتخلف ودرجة السقوط تحت أسفل الجهل ونطالب الجهة المسئولة تحرير العراق من الخوف الدائم والعنف الإرهابي واتحاد الشعب ونقيه من الشوائب ألمرضيه القاتلة ليشعر الشعب أنة بخير لهُ ظهر يحميه وانه غير مهمش ومغبون وله
حقوقه المحفوظة من  قبل الدولة  العراق تحت حكم أمين ودخوله مرحلة تختلف كلياً عما سبقت ترغب برياح الحرية الديمقراطية  التي بدأت تتفتح شيئا فشيئا رغم الأصوات الداعية إلى الوراء بدون سماح لها بالعيش .لن أبتعد عن الموضوع وإنما الأشياء التي سوف أتحدث هي من ضمن حقوق البشر كما يدعونَ بها المحتل لو جلسة واستمعتَ لبرامجهم ولو القليل والبسيطة منها لعرفةَ بأنهم لا يفكرون ألا بأنفسهم والأشياء الأخرى هي تداعيات ليس ألا .مثلاً استمعت لبرنامج الدكتور( فيل على أم .بي .سي4) في تقرير للجنود الأمريكيين والحالات والإصابات التي وصلُ أليها بعد رجوعهم من العراق منهم بحالة الاكتئاب أو عن الذين أنتحرو أو فقدُ
رجله أو ذراعه أو وصولهم حالات لحد الجنون بحيث لا يستطيع أفراد العائلة العيش معهم أو لا يتحمل تصرفاتهم وحسب إحصائيتهم
    ).    حتى عام( 2005)وصلة عدد المنتحرين إلى ( 6256
طبعاً هذا الرقم كبير بنسبة أليهم ويطالبون أفراد عائلتهم بحقوقهم وأنهم متجاهلون من قبل الحكومة الأمريكية ولا معنى لوجودهم
على فيد الحياة وتحدث د. فيل قال جنودنا يضحون بحياتهم من اجل أن نعيش بسلام ، لكن لا وجود لشخص هناك جالس يرد علية
مع من حاربوا هل العراق أحتلكم أو أعلانا الحرب عليكم أو مسه ذرة من ترابكم يا محتل لا تفكرون ألا بأنفسكم ، والذي يجري في
العراق شيء بسيط على أننا لسنا بشر لا وجود لحقوقنا الأمنية  ولا نفهم معنى السعادة ولا نريد البسمة على شفاهنا وصوت الضحكة يعلو من أفواه أطفالِنا ونرغب ولو أن نكون أحياء لنتمتع بالحياة الجميلة والسعادة الداخلية الصادقة .يا محتل لا تفكر أن قدوم أعياد الميلاد ورأس السنة وأين حق العرق من أعياد الميلاد  نود أن نتمتع بها ونزين شوارعنا قبل بيوتنا مثلما تفعلون بمدنكم المضيئة لا تعرفون الليل من النهار في هذه الأيام ، أم أننا لسنا بشر لا نرى ولا نحس ولا نسمع فقد نتنفس لنعيش الحياة كيفما كانت ....أو طعم العسل مرً في فم المريض . ومتى تنتهون من أكاذيبكم وتقولون الحقيقة ولا نحتاج لشجاعتكم بعد انتهاء الحرب ونحنا لا ننسى ضعفنا أذن نحن أقوى الأقوياء لحد كبير فقد أتركونا وأخرج يا محتل !!!..



أسيت يلده خائي

635
المنبر الحر / طليبوتا _ الخطوبة
« في: 20:21 31/12/2009  »
طليبوتا  _  الخطوبة
                         

 بقلم / بدران امرايا
طليبوتا اسم سرياني بمعى الخطوبة وهي ظاهرة اجتماعية قديمة مرت وما زالت تمر بفترات وتخضع لمراحل تطورية هامة هي حالة اجتماعية تسبق عملية الزواج و فترة للسؤال عن خصال اهلي او عائلتي الخطيبيــن وا لدراسة والتفاهم بين الخطيبين انفسهما ، والعملية هذه كانت قديما تتم بطريقة بسيطة وسلسة عند ابناء شعبـــــنا الكلدوآشوري السرياني ، حيث حجرهـــــــا الاساسي  وعمودها الفقري المحوري كان القناعة والايمان التــــام بالقسمة والنصيب ، والغالب فيها ان ام او اخت الشاب المزمع للزواج كانت العقل المدبر لايجاد خطيبة لائقة لابنها او شقيقيها على قناعتها ومستوى ذوقـــــــها ،والشاب كان يقدر ويحترم ارادتهما في اختيار شريكة حياته ، لان العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعيـــــــة حينذاك كانت تقف حائلا او هاجسا في طريق التقاء الشاب والشابة والاختلاط  وبناء علاقات الود والــــغرام او العشق فيما بينهما كما هو معتاد في الوقت الراهن من هذا العصر ، وكان على الغالب امام الشاب تجاه الفتاة هو تلميحها او الفات نظرها  او تلميحها عن طريق النظراو استغلال فرصة متاحة على طريق النبع اوغيرها مـــن الفرص ، الى جانب ان الشبيبة قديما كانــــــت قديمــا اكثرالفتا واختلاطا بين كلا الجنسين في اجواء القرى والارياف ولكن هذا الاختلاط  كان امتدادا وبناءا علـــى روح ملؤها الاخوة والمحبة والبراءة اللامتناهية ، ولم تكن هـــــــذه الظواهر الفاحشة الملهبة والمثيرة للمشاعر بين كلا الجنسين وغيرها من الافكار الهدامة المسائل المتدنــــــــــية  معروفة ومنتشرة على هذا النحو العالي ، ولدى وصول عمر الشاب للزواج وغالبا كان يحث مبكرا باتجاه  هذه المرحلة المصيرية لبناء ذاته والاتكال على نفسه  فيما بعد ،فكان الشاب يقول لامه اذا كان هذا  يتصف بالجرأة الكافية لذلك بان فلان فتاة تملأ عيني او دخلت قلبي  او اميل نحوها  باحساس معين ،او كان الوالدين هما يلحون عليه في الزواج ، فكانت الام او الشقيقة تنتهز فرصة للخلو بتلك الفتاة واخذ رأيها بالشاب ، واذا سكــــــــتت او خجلت او ضحكت  فهذه كانت علامات الرضا او استنفرت من الفكرة فيعني الرفض ،عندئذ كانت الام تذهـــب لبيت الفتاة وتطلب من امها  ( بتختا داورخا ) أي فتح الطريق لمجيء الخطاب ، وكانت ام الفتاة تمهل لفـــــترة اسبوع حتى تأخذ برأي الفتاة والعائلة اجمع ومن ثم ترسل خبر الى ام الشاب فتقول اما لكم طريق او لا وفــــي حالة لا فكانت المسالة تموت عند ذلك الحد ،ولكن العكس فكان مجموعة من الوجهاء واهل الشاب يقصـــــدون  بيت الشابة وعلى خلـــــفية موعد محدد مسبقا بين الطرفين ولدى الوصول وتبادل التحايا والجلوس ، فكان يضيف الضـــــــيوف بشاي او القهوة فكان الخطابين لا يشربون شيئا ،فيقول والد الشابة تفضلوا البيت بيتكم ، فيرد احــــــد الخطابين البيت عامر بشيمة اهله لكن لدينا طلب عندكم وهي القرب منكم  ، فيرد والد الشابة :  (طلبكم مجاب على العــــــين والرأس ،والبنت بنتكم وساجعلها حذاءا في قدمكم  ) للدلالة على التواضع  والاحترام الكبير ،عندئذ كانــــــوا يشربون ما هو امامهم ، ثم يدخلون في تفاصيل المهر والذهب وغيــــــرها مــــــن الحاجات وبعد الاتفاق على هذه الامور فكانت الشابة تجلب شيء آخر للشرب او الحلوة فيتصافحون ويقبلون رؤوس بعضهم البعض، او ربما كان الاهل يتفقون او يقطعون العهد بالتزاوج ويتوعدون بان هذه الطفلة ان ماتت فهي للقبر وان بقيت فهي لهذا الطفل عندما يبلغون من العمر السن المناسب ، او يتبادلون فيما بينهم ( الكصة بالكصة ) أي فتاة مقابل اخرى ،وهناك امثلة كثيرة بخصوص الزواج  منها ( كورت كرا وشبرا بايدوخ ) أي تتزوج البرص والسكين بيدك ، و( كور ساوا وخل لخما طاوا ) أي تزوجي المسن وكلي الخبز الجيد ، ( اد كاور ولا مباقر مارمل ولا رايش) أي الذي يتزوج ولا يسال يترمل ولا يشعر، ( خزي يما وشقل براتا ) أي لاحظ الام وتزوج البنت ،(تراري خسبتا لكما وبراتا  كي دميا  ليما ) أي طاسة مخسوفة على الوجه والبنت شبيه بالأم ،

637
التراث هوية الأمة ومفخرة الوطن
   

     
لا يخفى على القارئ اللبيب ما للثقافة والتراث  من دور فعال وريادي في شحذ وإبراز وتجسيد معالم وسمات الهوية القومية لأية امة على وجه المعمورة فهي تشكل اللمحات الأساسية والرتوش الجمالية وتستبين معالم ومفردات وجودها وتمييزها عن بقية الأمم والشعوب( كل امة تعرف بثقافتها وفنونها ) فهي تصقل وجهها الحضاري وتضفي إليها سمات القوة والحيوية ,فالتراث يعرف بأنه مخزون إنساني يتراكم عبر مرور السنين من فعاليات وممارسات ونشاطات مادية ومعنوية لأبناء الأمة خلال مسيرتهم الحياتية اليومية من على مسرح الحياة ,لكن بتطور سبل ومناحي الحياة العصرية وتجديد معالمها على الدوام والتجديد هي سمة من سمات الحياة الدائمة منذ الأزل ولحد الآن ,وهذا بحد ذاته يفرض عليها تهميش والاستغناء عن إحياء وممارسة بعض أوجه الموروث الحضاري والذي لا يواكب روح العصر وصرخة الموضة , وان لكل عصر أدواته وفعالياته وممارساته الخاصة به فلا تتلاءم إن مورست في غير أوانها او إطارها الزمني المحدد وتتناشز فاقدة لقيمتها وخصائصها الذاتية , وبعدم ممارستها او الاستعانة بها فإنها ستترسب إلى حيث عالم السكينة وتخضع لعملية الضمور والتلاشي والاضمحلال والى حيث وادي النسيان . وان بقي هذا الموروث قيد التداول و التناقل عبر اللغة والكلام الشفوي بين الناس فان سبل زواله واضحة المعالم و تكمن في إطار الأفق المنظور والقريب وتكمن وتتكفل بمدى بقاء حياة الشخص المتقن لها وتواكب مسيره في النعش متى فارق نسمة الحياة وانطفأ سراجه المتقد , وهذه إرادة ربانية لا غبار عليها تخضع لها الأحياء بمجملها ,ولكن اخذ هذه الكم العظيم من الموروث الشعبي القومي والإنساني فهو فعل إرادي ويخضع لمشيئة وسلطة الإنسان ويتحكم بالسيطرة التامة والانسيابية لمسيره ومجراه إن أدرك ووعى لذلك الواجب الإنساني . التراث يعني الموروث المادي والمعنوي  وكل ما للأمة من نشاط وفعالية ممتدة من سالف وغابر الأزمان ,انطلاقا بالأغاني التي كانت متنوعة المصادر والأزمان من حماسية أبان الحروب والمنازعات او أيام السلم  خلال العمل موسم الحصاد وجني الثمار وتصفية البيادر والإعراس وغيرها ,او رثائية أيام الشدة والمحن التعازي والمآتم وما إلى ذلك ,والأقوال المأثورة والأمثال والحكم المعبرة والحكايات والقصص الشعبية والعاب فردية وجماعية ذكورية واناثية شبابية وشيبيه وحتى المسبات فإنها تدخل قالب  الموروث الشعبي للأمم , حيث كان لكل فصل ألعابه وممارساته الخاصة وتخضع لعوامل وظروف مناخية وزمكانية معينة ,فكانت أجواء القرى وغيرها من الأماكن تستدعي بإلحاح لخلق وإيجاد هذه الممارسات الشيقة للترويح عن الذات واللهو وتمضية أوقات الفراغ ولإضفاء وتأجيج مكامن روح المنافسة عند الفرد , حيث لم يكن هذا الكم الهائل من موجودات عالم اللهو والمرح ووسائل الراحة متوفرة وقتذاك .وان الحياة بطبيعتها تتجدد عبر امتداد حبل الأجيال وفي نفس السياق فان حاجات وأدوات الإنسان تتطور من شكلها البدائي البسيط نحو الأحسن والأدق وتطرح ماكينة الحياة الأشياء القديمة المادية والمعنوية وتهمشها على خطى مسيرتها الدينامكية .فقديما لم يكن بوسع الإنسان تدوين وتسجيل وتصوير هذا الكم من النشاطات والأحداث والفعاليات  الفكرية والمادية بتفاصيلها الدقيقة وحفظه , بل خضع لعملية النسيان ومن ثم الاندثار لأسباب عديدة لا نجهلها اقلها كقلة وسائل هذا المهمة الخاصة وشخوصها . فأجدادنا العظام من السومريين والاكديين والبابليين والآشوريين لم يدخروا وسعا في  الإبداع والحفاظ على مورثوهم الثر لإدامة وصوله للأجيال اللاحقة بأمانة واقتدار عبر آلاف السنين وهو يتجسد في المواقع الأثرية والألواح المخطوطة والجداريات والتماثيل والأبنية والقصور الشاهقة والأسوار الممتد ة والقلاع والسدود  والأواني المعدنية والفخارية الثيران المجنحة (لاماسو) وأسد بابل والمدن وغيرها . وما يحز فينا الألم تعرض متاحفنا العراقية لعاصفة هوجاء من التخريب والسطو والسرقة والتهريب أثناء عملية التغيير عام  2003  وهذه بحد ذاتها خسارة جسيمة لا يمكن تعويضها على الإطلاق والمضحك المبكي ان الشعوب تسعى جاهدة لاسترداد ما لها من رموز تراثية خارج أوطانها  لترجع متربعة لمكانها الأصيل وتتعطر بنفحات من نسيم الوطن العليل وتقترن بأرضها الأصيلة  ليزداد جمالها ورونقها على العكس من شعبنا العراقي الذي شهد الأيادي العابثة وبمباركة جهات خارجية تعث في الأرض فسادا وتدمر رموز ومعالم حضارته العتيدة ولم يأبه لذلك , فكنا نتمنى أن يكون كل تراثنا ومقتنيات متاحفنا خارج القطر على الأقل لتكون بعيدة ومصانة من سطوة هؤلاء العابثين , والعمل بكل ما من شانه ان يرفع من قيمنا ونفتخر به على الدوام . لكن هذا لا يكفي والتبجح به هنا وهناك ,لكن الواجب كل الواجب يدعونا ونحن في خضم هذا الحياة التي تعج بوسائل الحفظ والارشفة والتصوير المتطورة ومجالات النشر العديدة وهذا بطبيعة الحال يفرض علينا الواجب ممارسة دورنا الفعال كأفراد ومؤسسات ذات الصلة الحكومية والمستقلة والإعلام المسموع والمقروء والمرئي بان لا ندخر وسعا لحفظ ورفع شاننا وقيمنا المادية والمعنوية والدفاع عنه من أيادي اللصوص والسطو والطمس والتشويه لان التراث او الموروث الشعبي هوية الأمة وعنوانها ووساما لازورديا لامعا على صدور أبنائها الغيارى , وعلى كتابنا وأدبائنا الأعزاء استغلال حدة أقلامهم وفعالية مدادها في لم وجمع وتدوين ما أمكن من تراث الأمة الزاخر ونشره في صحف ومطبوعات ورقية والكترونية ليكون في متناول الأجيال اللاحقة  لتشتم من عطره العبق وتسير على هدى نوره المشعشع لرفع الروح المعنوية الايجابية والبناءة فيهم لخدمة الأمة والوطن والإنسانية جمعاء وعدم تركه قيد شفوية الذاكرة ويطويه الزمن بزوال صاحب الذاكرة وكم من هذا الموروث الشعبي الهائل ذهب سدى كونه لم  يسطر على بياض الورق .  وعدم الزج بأقلامهم في خضم سجالات بيزنطية عقيمة وأوراق صفراء هزيلة لا تهدف إلا لدغدغة مشاعر الفرقة والتشرذم والرص في الصفوف المعادية لوحدتنا و لتطلعاتنا القومية المنشودة والمشروعة  ...

بدران امرايا
 badran_omraia@yahoo.com

640
اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدوآشوري ..ميلاده و مسيرته المعطاء

بعد الانتفاضة الاذارية المباركة لعام 1991 وتحررا لمنطقة الشمالية من قبضة النظام السابق وظهور فسحة من الحرية في المنطقة هبت نخبة واعية وغيورة من شعبنا  شريحتي الطلبة والشبيبة بمدينتي دهوك واربيل منطلقة من مبدأ " الشباب هم طليعة الأمة وعماد المستقبل وأداة التحول والتغيير نحو الأحسن في حركات الشعوب  " إلى تاطير وتنظيم عملها الطلابي والشبابي في إطار مؤسسة قومية خاصة بها, وبذلك عقدوا العزم في السير بهذا المنحى وألفوا لجنة تحضيرية تسعى جاهدة نحو الإعداد للمؤتمر التأسيسي وتهيئة تقارير أعمال اللجان المتعددة , وبعد أن استوفت جميع المستلزمات اللازمة لذلك  وتحديدا الخامس من كانون الأول من عام 1991  التام شمل المؤتمر التأسيسي في دهوك بحضور واسع للطلبة والشبيبة وبعد انتهاء مراسيم الجلسة الافتتاحية وما رافقها من التحضيرات الجيدة والجميلة انصرف الضيوف الكرام ,ومن بعدها أنعكف المؤتمرون الأشاوس إلى دراسة ومناقشة وتقييم تقارير اللجان وكانت نتيجة هذا العمل و الشمل القومي المبارك ولادة منظمة طلابية شبابية قومية تعمل على رص وتنظيم صفوف الطلبة والشبيبة الكلدوآشورية السريانية  وتناضل من اجل استحصال حقوقها وتحقيق تطلعاتها القومية والوطنية وتنمية قدراتها وتفجير مواهبها  وصقلها ورفدها في خدمة قضيتنا القومية والوطنية وتوعية أبناء شعبنا بالوعي القومي الوحدوي وتجاوز إشكاليات التسميات وعدم جعلها عثرة في العمل القومي وسدا منيعا أمام إحقاق حقوقنا المهدورة,  ورفع الغبن عنها  وتمثيلها عند المنظمات المماثلة والدوائر والمؤسسات الحكومية وما إلى ذلك . وكانت نتيجة هذا المؤتمر الطلابي والشبابي الخير ولادة جنين من عمق ومخاض رحم امتنا ومن صلب وجدانها وضميرها  الحي وهو (اتحاد الطلبة والشبيبة الآشوري ) لتكون مظلة قومية واسعة بفيها لهاتين الشريحتين العزيزتين من كل مسميات شعبنا , وكان شعار الاتحاد " لتتوحد صفوف الطلبة والشبيبة الآشورية من اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية " وهو شعار عام وشامل يدعو إلى رص ووحدة الصف والتلاحم داخل البيت القومي , كون شعبنا مكتوي بنار الفرقة والشرذمة ويافطة المسميات الطويلة والعريضة وهذا المرض والوباء الخطير كان ولازال ينخر كياننا القومي ويشكل حجرا لعثرة في استحصال حقوقنا وتطلعاتنا القومية المنشودة , ومتى  ما تلاحم صفنا الداخلي وسحبت الأيادي الغريبة عنه من خلال أدوات رخيصة تعمل بالنيابة داخل بيتنا القومي وتحت مسميات ويافطات هزيلة عديدة ,ومتى حصل هذا, هناك تكمن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية  لشعبنا أسوة بأبناء الوطن الآخرين , وهذه المهمة  والواجب  القومي المقدس يقع على عاتق وكاهل هاتين الشريحتين اللتان تشكلان النبض الشبابي الدائم للأمة بالقوة والحيوية المستديمة بالعطاء والتدفق , إلى جانب ذلك اتخذ الاتحاد شعارا أو رمزا له وهو بلا شك يرمز لتطلعاتها وأهدافها ومضامينها وهو عبارة عن كتاب مفتوح وهو يرمز للعلم والمعرفة وعليه مخطوطة اسم الاتحاد بالخط السرياني  "الاسطرنجيلي " ( اسطر الانجيل ) منبع الخط العربي الكوفي واللغة السريانية  التي تعبق بعطر الحضارة النهرينية وريثتها وامتدادها  التاريخي وهذا يدل على اعتزازنا الكبير بلغتنا القومية لغة العلم والمعرفة  والتي قدست بفم السيد المسيح جل شانه عندما تكلم بها , يتوسطه قرص الشمس البابلية الغزيرة بالعلم والعطاء المتدفقين والنجمة الرباعية تمثل أقطاب العالم الأربعة حيثما امتد شعاع العلم والمعرفة أيام الإمبراطورية السومرية -الاكدية - البابلية - الآشورية درة الحضارة في بلاد النهرين وعنوانها اللامع وامتدادها نحو الحاضر, وهذه الملامح مستوحاة من العلم القومي الكلدوآشوري السرياني  , والريشة الممتدة  نحو الأعالي إنها رمزا وأداة  الكتابة منذ سالف العصور والأزمان وفي الجانب الأخر منها غصن الزيتون  الأخضر رمز لديمومة الحياة والسلام والوئام والى الجانب الأعلى اسم الاتحاد بالغة الضاد العربية الشقيقة  لتكون المنظمة معروفة للكل , إلى جانب كتابة سنة 1991 وهي سنة ولادة الاتحاد وأسفل الشعار هناك أربعة احرف سريانية تمثل اختصار لاسم الاتحاد باللغة السريانية . وهذه صورة وصفية  مبسطة لرمز الاتحاد  البهي , وخلال المؤتمر انتخب المؤتمرون سكرتارية للاتحاد بصورة ديمقراطية  ومن ثم انتخبت السكرتارية سكرتيرا لها ووزعت مهام اللجان على أعضائها وافتتح الاتحاد فرعين له في دهوك واربيل ومن ثم  تفرعت اللجان المحلية والمنظمات في قرى وقصبات شعبنا لتحتضن طلبة وشبيبة امتنا وعقد الندوات التعريفية بالاتحاد وتوزيع البيان التأسيسي على المنظمات الطلابية والشبابية المماثلة والدوائر الحكومية والمؤسسات الأخرى في الإقليم حقيقة كان وما زال أعضاء الاتحاد كخلية نحل فعالة في مواصلة العمل الطوعي الدووب دون كلل أو ملل وكانت النواة واللبنة الأولى للتأسيس الرفاق الغيارى ( جوني كوركيس - سامي اسحق – سامي اسبنيا- نينوس يوخنا  هؤلاء الرفاق شغلوا سكرتير الاتحاد عصام نيسان – نابليون يوسف – سميع هرمز – عامر بولس – بهجت مرقس – بنيامين نيسان – عامر ناصر – منير دنخا – يونان يوخنا – حبيب زكي - ايفان متى - عصام حنا – كلدو اغونا السكرتير الحالي للاتحاد ,نهاد حنا بدي – سمير ايشو – اميرة ايشو – منيرة ليوي – جانيت – وويليت – امجد يلدا  وآخرون ممن لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم الكريمة فعذرا منهم  سلفا وتحياتي لهم حيثما هم ) , وغدت مقرات الاتحاد مجمعا لكلا الجنسين ومحطا تتقاطرا إليه على الدوام  لتفجير طاقاتهم الكامنة ومواصلة وإثارة حدة التنافس الخلوق بينهم وفي مختلف الأنشطة والفعاليات الفكرية والبدنية المختلفة والرياضية والفنية والثقافية وكان الأعضاء يتزاحمون على الخفر والنوم في مقار الاتحاد والتواجد فيها على الدوام حتى قالت إحدى الأمهات ذات مرة " إن الاتحاد اخذ مني أولادي ولا أكاد أن أراهم إلا في مقار الاتحاد ولم يبقى إلا أنا والوالد في البيت  فاقبلونا نحن كذلك اعضاءا للاتحاد " , لكونها مدرسة التوعية الفكرية القومية وملئت وسدت فراغا يسيرا من فكرهم المتعطش وحاجتهم الروحية والوجدانية لمكنونهم القومي الحقيقي ومن لدن مؤسسة ولدت ونمت واشتد كيانها من داخل بيتنا القومي لا تزايد علينا بل  تنبض بنبض أحاسيسنا وآهاتنا ومشاعرنا الفياضة  بلوعة الفرح والحزن والغيرة والحماس المتأجج ,فكان ولازال  الأعضاء يتزاحمون في القيام بمهامها وواجباتها وبرحابة صدر ونشاط لا متناهي حيث أنهم  ينسبون أنفسهم كأولاد روحانيين للاتحاد بالسريانية  (يالي دخويادا )  أي بمعنى أولاد الاتحاد , هكذا كانت ما زالت صلة القرابة الروحية العالية  والارتباط ألصميمي والحميمي بين أبناء شعبنا ومنظمتهم الطلابية الشبابية الوحيد , على الرغم من وجود اتحادات أخرى تدعي والوطنية والشمولية وتهدف لكسب أبناء شعبنا ومن خارج البيت القومي لكن في المحصلة النهائية كان هدفها الأسمى والمحوري كسب و تسخير إمكانات ونشاطات طلبتنا وشبيبتنا لصالح أهدافا وترسيخ هويتها القومية على حساب تمييع وطمس و تأخير قضيتنا القومية. وخلال مسيرة اتحادنا الفذ والمكللة بأكاليل الغار وإيمانا بروح الديمقراطية في جمع هيئاتها ,عقد الاتحاد كونفرسا واحد وسبع مؤتمرات كمحطات ديمقراطية لتجديد القيادة والقواعد ورفدها بدماء شبابية جديدة و لتقييم ومراجعة ذاته مواكبة التغيرات الحاصلة واستيعابها ضمن نهجه وتطلعاته . وخلال المؤتمر الذي عقد بعد تغيير النظام في العراق عام 2004 بسهل نينوى قرية كرملس تم تغيير اسم الاتحاد إلى ( اتحاد الطلبة والشبيبة الكلدوآشوري ) وبإجماع المؤتمرون وذلك تماشيا ومواكبة لمقررات المؤتمر القومي العام  الكلداني الآشوري السرياني الذي عقد ببغداد نهاية عام  2003وتبنى فيه المؤتمرون التسمية القومية الكلدواشورية وبلغة وثقافة سريانية وإيمانا بنهج الاتحاد الوحدوي حتى النخاع وكل ما يؤدي للم الشمل داخل بيتنا القومي . وبعد التغيير النظام استيعاب الاتحاد هذا الحدث الوطني الهام فهب أعضاء الاتحاد وبروح ملئها نكران الذات بفتح فروع ومحليات ومنظمات في مناطق تواجد شعبنا والعمل في كل ما من شانه لإيصال أهداف وبرامج الاتحاد لأوسع شريحة جماهيرية ممكنة, لاستيعاب حالة توسع ساحة العمل والنضال الطلابي والشبابي , ساهم الاتحاد رفع مستوى الوعي القومي والوطني لأعضائه ومؤازريه , ونبه إلى الوحدة القومية ونبذ التشرذم في خطاباته واد بياته وبرامجه ,افتتح ورعى دورات ثقافية وبرامج لتعليم لغة الأم السريانية واحتلت هذه اللغة مكانة بارزة في نهج الاتحاد , ودورات  أخرى لمحو الأمية بين الشبيبة , وأخرى  لتقوية الطلاب المشرفين على الامتحانات النهائية لمرحلتي المتوسطة والإعدادية ,والمخيمات الكشفية  والسفرات الترفيهية وحفلات تعارف الطلبة في مطلع العام الدراسي وإصدار تقاويم سنوية جيبيه وكبيرة ,  بالإضافة إلى إقامة الاحتفالات بالذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد وصدور بيان وبوستر بهذه المناسبة الجليلة , ولجان تطوعية للعمل الشعبي الخيري ,شارك أعضائه وبصورة فعالة ومميزة في تنظيم وإحياء احتفالاتنا القومية السنوية كالأول من نيسان (اكيتو ) رأس السنة البابلية الآشورية والسابع من آب يوم الشهيد الكلدواشوري السرياني وعيد الصحافة السريانية  ومناسبات أخرى  ,ودعم أعضاء قائمة الرافدين خلال الانتخابات المركزية والإقليم غيرها من المناسبات وخاصة أعضاء كشافة حمو رابي ودورهم المميز والمتألقة في الفعاليات الجماهيرية لشعبنا , والحضور اللافت للاتحاد في مهرجان تموز الرياضي السنوي باروميا إيران . اصدر الاتحاد في بداية انطلاقته الميمونة جريدة باسم ( نوهدرا) تيمنا بالاسم التاريخي الآشوري لمدينة دهوك العزيزة  وكانت تصدر شهريا وكانت صفحاتها تعكس تجارب و تطلعات كلتا الشريحتين في الكتابة  وخاصة بالشأن القومي  ومن صفحات هذه الجريدة البسيطة انطلق مشوار كتاب أشاوس في الجانب القومي .وفي عام 1995 غير اسم الجريدة إلى (ميزلتا) أي  المسيرة لان مسيرة الطلبة والشبيبة  ممتدة ولا يمكن أن تتوقف أو تستكين  عند الأمم الحية  , وأصبحت مركزية الصدور من اربيل وانتظم صدورها وصفحاتها بصورة أكثر جمالا وتألقا , إلى جانب صدور طبعة شهرية بنفس الاسم باللغة السريانية , دعما وتشجيعا للكتابة بلغتنا الحبيبة , وبعد عام 2003  انتقل إصدار الجريدة إلى العاصمة بغداد ومن ثم طلت علينا بإخراج فني رائع وملون ,إلى جانب صدور دوريات فرعية كمجلة ( اربا ئيلو ) اربيل التي صدرت من فرع اربيل للاتحاد , ومنشور  (برتا )  التي صدرت من منظمة اينشكي للاتحاد , ومجلة نابو لفرع بغداد للاتحاد بعد تغيير النظام في العراق , إلى جانب إعداد فروع الاتحاد ولجانه وإلقاء برامج إذاعية وتلفزيونية أسبوعية في إذاعة وتلفزيون أشور في زاخو ودهوك واربيل وبغداد , أضف إلى ذلك انطلاق موقع الاتحاد الالكتروني الرسمي على الشبكة العنكبوتية العالمية .وخلال المحطات الانتخابية الطلابية في إقليم كردستان العراق فاز اتحادنا بأصوات طلبتنا رغم ما شاب هذه الانتخابات من التلاعب والتزوير والترهيب والترغيب حيث تعرض أعضائه إلى الضرب والسجن والاهانة والمضايقات وتتصدر قمة تلك المضايقات التعسفية استشهاد الخالدين بيرس وسمير( شهيدي الاتحاد )  دفاعا عن أعضاء الاتحاد عام 1996 باربيل  وموقف أخرى لا تحصى وتعد ليس لأجل شيء وإنما لأجل وقوفهم وراء استحصال حقوق جماهيرهم ولمنع مصادرة حرية كلتا الشريحتين من أبناء شعبنا وجعلها تابعة ومسيرة ومسخرة وذليلة . إلى جانب تمثيل شريحتي شعبنا خلال الفدراسيونات المنظمات الطلابية والشبابية في الإقليم .وكانت وما زالت مقار الاتحاد الملاذ الآمن  (الأقسام الداخلية ) لسكن طلبتنا خلال حياتهم  الدراسية ولم يبخل الاتحاد في دعمهم ورعايتهم  وحملهم على كفوف الراحة , على الرغم من إمكاناته المادية البسيطة , وهنا أسوق قضية استوقفتني عندها " ففي1993 كان في محافظة دهوك شخص إفريقي( مستر فاتح) من دولة نيجيريا كمش في تركيا وهو في طريقه الغير الشرعي إلى أوروبا ورمى في دهوك وساء وضعه الصحي والنفسي وجيوبه خاوية وهو مرمي على قارعة الطريق يستجدي ما يسد رمقه اليومي خلال الليل وفي النهار كان يتوارى عن الأنظار لان الأطفال كانوا يلاحقونه ويسخرونا منه لسواد بشرته ولم توليه السلطات الحكومية أية اهتمام فبقى يتأرجح هنا وهناك إلى أن تبناه اتحادنا واسكنه وأطعمه والبسه ووفر له احتياجاته الشخصية ,وخلال الذكرى الثانية لتأسيس الاتحاد نظم الرفاق حفلة جماهيرية بدهوك وكانت تتصدر برامج الحفل مسرحية تحت عنوان ( ديرتا ) أي " العودة" من الخارج ونبذ الهجرة وما إلى ذلك ومن أعداد وإخراج الفنان المبدع الطيب الذكر بهجت مرقس وكانت إحدى مشاهد المسرحية تصور حياة الغربة وبذلك استعان مخرجنا بهذا الشخص الإفريقي لأداء هذا الدور كون بشرته سوداء كهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا وبعد أن خضع هذا الشخص لبروفات عديدة لإتقان دوره وعرضت المسرحية وكانت ناجحة بكل المقاييس وعندما وطأ مستر فاتح ارض  المسرح ففاجأ الجمهور بطلته وقيافته الأمريكية فضجت القاعة بالتصفيق والهلاهيل الحارة وبعد مسك انتهاء الحفل كان الاتفاق بان يستغل هذا الشخص المغلوب على أمره هذه الأجواء وهو في حضرة المسئولين الحكوميين ويعرض عليهم  حالته متلمسا مساعدته والمضحك في المسالة عندما عرف نفسه وهويته وقال إني سافرت من تركيا قاصدا أوروبا وان السلطات التركية كمشوني ورموني في  "باكستان" بدلا من أن يقول كردستان ,رغم تأكيد الرفاق له بذلك أكثر من مرة إلا انه لم يستطيع التمييز بين الاسمين لكن الرفيق بهجت عندما ترجم كلمته من الانكليزية إلى العربية صحح الخطأ وعرض حالته لمسامع المؤولين, وبعد فترة أرسلت محافظة دهوك بطلبه وسفرته إلى بلده والقصد هنا المسرحية سلطت عليه الأضواء وحلت قضيته فيما بعد مع تحياتنا له بالصحة والسعادة أينما كان  . وتخرج متأثرا بنهج الاتحاد  ومدرستها القومية والوطنية القومية شخصيات أكاديمية وحملة شهادات محتفلة وكوادر سياسية  كفوئة و غيورة  وطموحة انخرطت في العمل السياسي وتبوأت مكانتها المرموقة ضمن تنظيمات و مؤسسات شعبنا والمؤسسات الحكومية.والشيء المهم والاهم إن الجندي المجهول واليد الممدودة بسخاء لدعم فكرة تأسيس كل المنظمات الجماهيرية الحقيقية لشعبنا من الطلبة والشبيبة والنساء والمؤسسات المهنية كان الابن البار لامتنا وطليعتها السياسية المقدامة الحركة الديمقراطية الآشورية  ( زوعا ) التي لم تبخل بالغلي والنفيس في بلورة وإيجاد هذه المؤسسات العتيدة وزجها في الخندق النضالي من اجل المطالبة بحقوق جماهيرها وبالتالي خدمة قضية امتنا ووجودنا القومي والوطني  .وبمناسبة الذكرى الثامنة عشر لتأسيس اتحادنا ( عيد الطلبة والشبيبة الكلدوآشوري السرياني ) الميمون تحية مفعمة بأكاليل الغار لرفاق ومؤازري وأصدقاء اتحادنا والمجد كل المجد لروحي الشهيدين الخالدين بيرس وسمير ..  تودي ...

 بقلم الرفيق
 بدران امرايا
30 – 11 – 2009 م 6759 ا



 

                                                                                                     
لقطة من المؤتمر الثاني للاتحاد بمدينة اربا ائيلو- اربيل  عام 1995    
     

642
المنبر الحر / "جلك "درة الخابور
« في: 23:26 26/11/2009  »
"جلك "درة الخابور

                                                                                                بقلم | بدران امرايا

على ضفاف نهر خابور ومياهه الرقراقة ومروجه الخضراء النضرة المنبسطة والزاهية بألوان الطيف الشمسي ,وفي أقصى الشمال الشرقي لقضاء زاخو ..وفي وادي كبير وسحيق تعلوه قمم لسلسلتين جبليتين شامختين شموخ عنان السماء تمتد في الآفاق , تتوسط واحة مزهرة بالخضار ومملؤءة بكل ألوان الحياة ومظللة بغابة من أشجار التوت والبلوط والسنديان والخلاف متخذة شاكلة الانحدار نحو مياه شاطئ الخابورليتعانقا معا مكونان لوحة تشكيلية بارعة التصميم متقنة في الإخراج الفني لوحة لواحة تستجمع كل عناصر الجمال  وتتقوى بمفاتن الطبيعة الخلابة  وتستصرخ مدوية بجمالها الأخاذ ومياهها العذبة وصفاء  جوها الممتع  , فاتنة أبت  إلا أن تحفر نفسها وبتفاصيلها الدقيقة في تلا فيف ذاكرة زوارها وروادها وأبنائها أينما حلوا وارتحلوا غنوا بها بملء الحناجر وبأصوات شجية وإيقاع جبلي يهز القامات عنوة ويملا القلوب طربا وغناءا ويكون مبعثا للسعادة والغبطة الغامرتين . أنها قرية جلك التاريخية . ابنة الخابور المدللة وجوهرته المستكينة وقلبه النابض , استمدت اسمها السرياني من مبعث وجودها " خابور" والتي كانت تعانقه على الدوام  بكلكها " قاربها " تبحرعبابه ذهابا وإيابا يومذاك , إنها القرية الكلدوآشورية التي تدشن بداية منطقة برواري بالا جغرافيا تمتد منها إلى حيث الحدود العراقية التركية ,إنها مجبولة ومعطرة بعبق التاريخ  وموغلة في قدمه  حتى الثمالة  مستمدة أصالتها من العصور الآشورية درة العصر النهريني  بما تضمه من قلاع وحصون ومناطق أثرية كانت مطلة على مياه نهر الخابور والتي خانها هذا النهر وجرفها بسيوله الربيعية الهائجة والمائجة إلى حيث المجهول . أهالي هذه القرية ينحدرون من قرية كيرامن الواقعة الآن ضمن الحدود التركية  بمنطقة تياري , اعتمد أهالي القرية في معيشتهم بالدرجة الأولى  على " كوبا " أي جوب معمل للحياكة اليدوية  الذاتية  للقماش تمهيدا لخياطته وجعله الملابس الكلدوآشورية الفلكلورية " الشل والشابك " أو ملابس " الخومالة " الجميلة التي ترتدي ولحد الآن في المناسبات المختلفة والمميزة , وهذه المهنة الخاصة حرفة وراثية اكتسبت مع حليب الأم  لهؤلاء  الناس, حيث إن لكل أسرة معملا خاصا بها  في البيت  تعمل متى ما شاءت وتستريح كذلك, فضلا عن انها  مهنة تضامنية يتضامن الكل في ظلها ذكورا أم إناثا خلال أدائها , وتمر بمراحل إلى أن توشك على النهاية . إلى جانب ممارسة حياة القرية بجوانبها الكثيرة والشائكة  كالزراعة واهم وارداتها التفاح البرواري المشهور, والرز ,الرمان ,الخوخ ,المشمش, وتربية الحيوانات من المواشي والأبقار  والدواجن ,أضف إلى ذلك ما يدر شريان القرية وعمودها الفقري  نهر الخابور من الثروة السمكية حيث اعتاد أهالي القرية منذ القديم على بناء ما يسمى " السلتا "  وهو حوض لصد الأسماك في فصل الشتاء , حيث يتكاتفون الأهالي كوحدة متماسكة ببناء ذلك الجدار المائي لصد طريق الأسماك واصطيادها وهي في طريق انحدارها نحو الجنوب مع التيار المائي , ويتقاسمون ما يصيدونه بالتساوي  وفي أجواء يحسدون عليها من السعادة  وخاصة أثناء الليل  وهم يحومون كدائرة حول شعلة النار ورائحة السمك المشوي تتطاير في الاجواء وهم يتبادلون أطراف الحديث والمزاح إلى أن يطبق النوم على أجفانهم فيغورون في تشعبانه وأحلامه الوردية .للقرية كنيسة باسم شفيعهم  القديس مار موشي والتي كانت قائمة على جبل شامخ  عرفت باسمه وفي لحف الجبل هناك كهوف وأقبية عديدة  منقورة باليد وكان الرهبان يتخذونها مسكنا للتزهد والاعتكاف والخلوة في حضرة الرب ,إلى جانب إن لشفيع القرية  ذكرى أو " شيرا "  يصادف الأحد الجديد بعد عيد القيامة من كل عام , وتعد هذه المناسبة عزيزة على قلوب أهالي القرية بحيث تجعلهم يتقاطرون من كل صوب وحدب للتشفع  في حضرة القديس مار موشي ولتقديم نذورهم على راحة  أرواح موتاهم  ,فضلا عن إنها محطة مهمة وجميلة للقاء والتعارف بين أهالي القرية ولزيارة مراقد  موتاهم للصلاة والترحم عليهم ,والكنيسة المذكورة فجرت عام 1977 عند ترحيل القرية أسوة بالقرى الأخرى  ضمن ما يسمى بعملية " إخلاء الشريط الحدودي  العراقي التركي " 1976 – 1977  . احتضنت القرية ولادة شخصيات اجتماعية فذة سجلت حضورها اللافت في الصفحات المشرقة القومية والدينية والاجتماعية لشعبنا , بحيث قدمت بلا بخل وتردد ما جاد به فكرها وأناملها رافده مسيرة امتنا الكلدوآشورية بمواطن الرفعة والتقدم , وظلت ينبوعا متدفقا بالعطاء الثر إلى آخر لفظة من أنفاسها , ومن بين من قدمتهم هذه القرية " القس الأقدم عوديشو موشي , يوخنا اوراها , القس اوراها يوخنا  , القس الشهيد شمعون شليمون زيا الذي اعدم عام 1988 بكركوك  ,الشماس موشي  يوحنا , الشماس باكوس  صومو , المختار الشهيد هرمز شامانا , المرحوم يلدا خائي  ,المرحوم يوخنا يوسف الذي أراد الشهيد مار بنيامين شمعون  أن يرافقه إلى ديوان القاتل سمكو شكاك عام 1918 , القس توما اوراهم يوخنا الذي يخدم الآن رعية بغداد , القس كوركيس خمو الذي يمتاز بذاكرته الحادة في  سرد وتوثيق الإحداث وهو الآن يخدم كنيسة الرب بدهوك , إلى جانب القس شمعون موشيل شمون  خادم الرعية بقرية بيرسفي .. وغيرهم الكثيرون . وكانت هذه القرية  خرابا وأنقاضا منذ عام 1977 وحتى بداية عام 1991 بعد الانتفاضة  الاذارية , حيث هب أهالي القرية هبة رجل واحد لأعمار موطن آبائهم وأجدادهم لينفحوا في أطلالها المغبرة نسمة الحياة والزهو وبدعم وإسناد من المنظمات والمؤسسات الخيرية القومية والحكومية والدولية , وفي شهر تموز من كل عام  يكون للقرية بشاطئها ألخابوري  المنعش موقف مشهود  وماثل للعيان  وهو يوم نوسرديل  " عيد الرشاش "  حيث تكون محطة لتقاطر الناس من كل الاتجاهات والألوان  للاصطياف على ضفاف مياه الخابور وقضاء يوم حافل  بالنشاط والسعادة والمرح وسط هذا الحضور الجماهيري الواسع ,  يوم يسجل بوضوح في مفردات الذاكرة الشخصية لكل من حظي بالحضور والتشميس على ذلك الشاطئ الذهبي وبين أمواج خابور المتسارعة نحو دجلة الخير. ويجدر بالإشارة إن معظم أهالي القرية ذكورا وإناثا مثل صغار البط عوامين يراهنون الأسماك في الغوص  بشاطئهم ألخابوري  وينسبون أنفسهم كأولاد لهذا النهر منذ الأزل .




643

احتفالية  (قورما )                                                      من موروثنا الشعبي
طقس أو لعبة من ألعابنا الشعبية الأصيلة والتي تعود إلى غابر الأزمان والعهود وكانت تمارس بأجواء قرانا الكلدوآشورية وخلال ليلة رأس السنة البابلية الآشورية (اكيتو ) قبل الميلاد ومن ثم تحول الاحتفال بها إلى ليلة رأس السنة الميلادية أي بمثابة احتفالاتنا الحالية بعيد رأس السنة وطقوسه المتشعبة من عمل المغارة أو شجرة الميلاد (كرسمس) أو التنكر بزي القديس الخيالي بابا نوئيل وغيرها ، وخلال أجواء هذه الليلة الشتوية والثلجية القارصة والتي كانت تحل على أجواء قرانا الجبلية ، وهذه الممارسة المحببة من النفس والجميلة كانت جزء يسير وبسيط من سفر امتنا الفلكلوري المجيد والذي يفرض علينا أمانة الحفاظ عليه بأي شكل من الأشكال من الاندثار والنسيان والسطو والسرقة لأنه وعلى اقل تقدير يسهم وبشكل فعال في بلورة وتجسيد هوية امتنا بتراثها الزاخر ، وكما أسلفنا في مناسبات أخرى فكان لقرانا عادات وممارسات وتقاليد اجتماعية ربما كانت تتميز بطابع البساطة والفكاهة من حيث المعالم والممارسة الظاهرة للعيان ولكنها من حيث المعنى تزخر بكثرة السمو القيم العالية  ، وأبناء قرانا حافظوا عليها وكأنها أمانة ما بعدها أمانة ومستمدة من جيل لآخر مثلما حافظ على حياته وحاجياته ومارسها وخلال ظروف مختلفة . و( قورما ) كلمة سريانية تعني سلاح المسدس وهنا تعني قطعة أو لوح خشبي متوسط الحجم وغير هندسي الشكل والأبعاد وهذه القطعة الخشبية كانت توضع وخلال ليلة رأس السنة الميلادية وسط البيت ويلتم عليها أفراد العائلة بعد أن تهيأ كافة مستلزمات تلك الليلة الشتوية السعيدة والمؤثرة في نفسية ومخيلة أبناء العائلة وبالأحرى الأطفال منهم وتحضر سفرة غذائية دسمة مليئة بكل ما لذا وطاب من الفواكه المجففة آنذاك لعدم وجود الثلاجات الحالية مثل المشمش- الرمان –الكمثري- السفرجل- الجوز – التفاح –الزبيب –وكرس التين – إلى جانب حب الشمس والحب الخضراء ( البطم )بنوعيه الكبير والناعم والبلوط المشوي والأكلات الأخرى ، وكان هذا الطقس من بطولة آخر عنقود العائلة ( الطفل الأصغر) والذي كان ليلتها يحمم و يلبس الملابس الجديدة ويزين بأبهى صوره ويوضع على ذلك اللوح الخشبي ( قورما ) ومن من ثم تبدأ الهلاهيل والزغاريد والتصفيق والغناء والرقص وهم يحومون حول الطفل السعيد المركون على القورما ونثر الحلوى على رأس الطفل ومن ثم تبركته بالميلاد ورأس السنة وبعدها يجلس الحضور حول السفر المعد وعلى مقربة من المدفئة الخشبية التي كانت تتوسط البيت وكانت أحيانا تجعل من أجواء جهنم لا يطاق من شدة الحر ، ووسط هذه المشاعر الدافئة والجياشة كانوا يحيون هذه المناسبة وعلى طرقهم الخاصة والبهجة تغمرهم تاركين كل المشاكل والخصومات والنزاعات يطويها العام الفائت ويطهرون قلوبهم من كل أثم انطلاقا من تلك الليلة السعيدة وكأنها إن صح التعبير ليلة التكفير عن الذنوب والابتداء بصفحات ناصعة البياض ، والمغزى من الطفل الصغير كونه آخر العنقود ويفرح أكثر بإسناد البطولة إليه خلال هذه الليلة بالذات ، اللوح الخشبي يعني إن هذا الطفل بمثابة جذع الشجرة للبيت وسيكون ملاصقا  ومتجذرا في الأرض والبيت على عكس الآخرون الذين سيتزوجون ويغادرون على حال سبيلهم ، لكنه هو سيرث البيت وهو جذع البيت أساسه  (قورما دبيتا ) بالسريانية وسيظل موجودا بصحبة الوالدين  ولن يبرح البيت على حد فكرهم ، وكانت المراسيم تمتد حتى منتصف الليل حتى تنقلب السنة للعام الجديد ويهنئون أنفسهم والآخرون بالعام الجديد وما يحمله لهم من آمال وطموحات وسعادة وشقاء وتعاسة  وغيرها من المعاني والدلالات  ...


بدران امرايا
 

Badran_ omraia @ yahoo.com


645
العلم ..( الكلدو آشوري السرياني) رمز  أصيل لحضارة العراق..
   

                                                                                 •   بقلم بدران امرايا

العلم .. رمز أو شعار يستمد من الإرث الحضاري للدولة ويتخذ رمزا يمثلها ليعبر عن مكونها الحضاري والاجتماعي – العلمي والأدبي  ويميزها عن بقية الدول والأم, إذا فهو رمز شامل يعكس ما هو بارز وقيم وذو مكانه واعتبار عند المجتمع ونابع من صميم رموز الدولة . بالإضافة إلى أن يكون شعارا أو رمزا بسيطا للرسم والطبع والنشر ، وبعيدا عن التعقيد وشفافا سهلا زاهيا للرؤية ليرمز للدولة في المحافل والقمم ويرفرف على مؤسساتها المختلفة ليعكس السيادة والاستقلال الوطنيين ويكون محل حب وتقدير المواطنين جميعا بغض النظر عن العرق والمعتقد الديني دون أن يكون حكرا لمكنون لفئة معينة من المجتمع على حساب الآخرين.وقد اكتسب العلم وعبر حركة التاريخ بعض المراسيم المعنوية والفخرية الرسمية الخاصة , كالخدمة العسكرية المسماة بـ( خدمة العلم ) المقررة ليشعر كل مواطن بشرف خدمة الوطن عبر تلك الفترة من حياة الجيش أو القوات المسلحة أو تحية العلم في المؤسسات التعليمية أو استعراض حرس الشرف لدى استقبال الوفود الرسمية للبلد المضيف , ويوضع العلم أمام أو خلف  مندوبي أو ممثلي الدول عبر اللقاءات والمؤتمرات الرسمية والشعبية أو يرفع خلال التظاهرات وغيرها من المراسيم .كل ذلك ليكرس ويعزز حب الوطن ورموزه الحضارية في نفسية المواطنين ..وكم من الأرواح أزهقت عبر التاريخ من اجل إن يكون العلم مرفوعا شامخا يعانق الذرى . وليس من شك إن القرص الاكدي البابلي الآشوري ذلك الرمز المستمد من الألواح الأثرية النهرينية الممتدة لسبعة الآلف سنه بما يحمل من ارث وقيم حضارية تعكس حضارة أنارت الشرق والغرب بالمعارف والفنون والآداب الإنسانية وأولى القوانين الاجتماعية , ولهذا القرص معان ومدلولات وقيم معنوية ثرة تشبع فكر ونظر الإنسان معا فهو يؤكد الهوية النهرينية للعراق مهد الحضارات الإنسانية الشامخة.فهو بلا شك يعتبر همزة الوصل ليربط الماضي بالحاضر ويمتد نحو الآفاق المستقبلية ,والقرص يتكون ويضم هذه الرموز والمعاني الغنية ؛ قرص الشمس البابلية الآشورية ترمز للخير والبركة والعطاء بلا مقابل هذه من صفات الشمس رمز الحياة وديمومتها, النجم الرباعي على هيئة الصليب يرمز للجهات الأربعة وحيث بسطت الإمبراطورية الاكدية البابلية الآشورية نفوذها يوم كانت إمبراطورية سائدة ومتربعة في الشرق, وأشعة الشمس التي تمتد من النجمة بالاتجاهات الأربعة ، دلالة لنشر هذه القيم والمعاني الإنسانية الاتية ,والأشعة ثلاثية الألوان ، الأحمر- ويرمز إلى الحب المستمد من أول وأقدم قصة حب بابلية بين العاشقين ( بيرم وتشبين ) قبل سبعة آلاف عام ومن تراجيديتها استمد واعتمد اللون الأحمر كرمزا أبديا للحب والعاطفة الجياشة والحرب فهو لون الدم الذي يراق أيضا والأبيض يرمز للنقاوة والسلام والطهارة , إما الأزرق فيرمز إلى ينابيع العلم الغزير والمياه الوافرة متمثلة بنهري وتؤمي العراق الأزليان دجلة والذي معناه بالسريانية النخلة الشجرة العراقية المباركة , والفرات من ( بريوتا) وباري أي النقود والتي اشتقت من الوفرة بالسريانية أيضا وهي متداولة في أكثر من لغة ( ارض الرافدين- بين النهرين- ميسبوتاميا ) وآفاق السماء الرحبة والحكمة فضلا عن إن الوني الأحمر والأزرق هما من الألوان الأساسية في التكوين اللوني وبالتالي ويبقى هذا العلم العتيد ليعد لوحة جمالية فنية وهندسية رائعة التصميم ودقيقة التنسيق وترتيب المحتوى انطلاقا من المركز وامتداد نحو الاتجاهات الأربعة والألوان المتدرجة في الزهو والبهاء . وقد اتخذ هذا القرص بعد  تحويره بعض الشيء علما للجمهورية العراقية المعلنة  أبان ثورة 14 تموز 1958  بقيادة المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم . وفي عام 1972 عقد الاتحاد الآشوري العالمي  مؤتمرا واقر هذا القرص علما للأمة الكلدوآشورية السريانية ,إلى جانب فهو شعار بطريركية بابل الكلدانية ورمزا على الدرع المقدس لمثلث الرحمة البطريرك ما رروفائيل الأول بيداويد ، وهو ما يزال محورا أغلبية شعارات ورموز الاتحادات والأندية والمنظمات والأحزاب الكلدوآشورية السريانية, وبعد إسقاط صنم الدكتاتور صدام حسين وإزاحته من ساحة الفردوس وسط بغداد في 9 نيسان 2003 وضع هذا القرص الجميل في أعلى النصب وحل مكان الصنم المحطم, وكان من المؤمل أن يكون تصميما أساسيا أو يدخل في تصميم العلم العراقي الجديد بعد التحرير ، إلا إننا فوجئنا من مجلس الحكم المؤقت في حينه بعلم ذي ملامح ضعيفة وهزيلة ويفتقر لأبسط المعاني والقيم التراثية الأصيلة للعراق وبألوان  نشاز وركيكة غير منسجمة باهتة ونحمد الله لعدم اعتماده علما للعراق الأبي على حساب هذا الكم الهائل من الإرث الحضاري المجيد للعراق مهد الحضارات السومرية الاكدية البابلية الآشورية الإسلامية . آملين من الساسة العراقيين الشرفاء والغيورين والوطنيين صميميا عند تغيير العلم العراقي الحالي أن يضعوا نصب أعينهم هذا الرمز العراقي العتيد .أو على اقل تقدير أن يكون تصميم العلم الجديد يمثل الطيف اللوني للشعب العراقي من العرب والكرد والكلدوآشوريين السريان والتركمان والأرمن. ولا يكون حكرا على القوميتين الرئيسيتين فقط وكذلك نفس الحال بالنسبة للعلم الكردي في إقليم كردستان العراق فهو يجب أن يغير ليعكس الموزائيك القومي للإقليم من الكرد والكلدوآشوريين السريان والتركمان والأرمن .ليكون العلم الجديد محركا لمشاعر الكل ويكون محط احترامهم وتقديرهم على حد سواء, على أمل أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب وها هي دعوة صادقة عساها أن تلقي من يتبناها ويلبيها .والله والعراق من وراء القصد والسلام..   



647

648
مجدا لصحافتنا الكلدوآشورية السريانية بذكرى ميلادها الستين بعد المائة

تعد الصحافة أو السلطة الرابعة , مهنة المتاعب ( صاحبة الجلالة ) الحرة والحقيقية كما اصطلح عليها الوجه المشرق والمرآة العاكسة لأي مجتمع أنساني متحضر لما تضم من معاني وقيم سامية و نبيلة في الاضطلاع بمهامها ودورها الريادي المهني والرقابي لتفاصيل وأمور المجتمعات . فهي التي تسلط قبسات من نورها القوي والمشع على زوايا  وخبايا أمور ومهام الحياة  وترصد أية حالة ايجابية كانت أو سلبية في معترك هذه الحياة من خلال الوقوف عليها وتسليط حزمة من الأضواء عليها, لتكون واضحة وشفافة أمام أنظار الرأي العام وفق ضمير حي ووجدان عادل و بتعابير شيقة وسلسة  وبالعمق الفكري وسمو المنطق بعيدا منطق الإطناب والإسهاب المداهنة والممالقة والتزلف التي تضمر جوهر الحقيقة وتطمس معالمها الروحية, فجوهرا لصحافة  النزيه يكمن في انها العين الساهرة والفكر الثاقب و الراصد لقضايا الإنسان ومحيطه وكل ما له صلة بالحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية  وسبل ديمومتها بالسعادة والرفاء ووضع المجتمع أو الرأي العام في صورة ما مضى من أحداث وما يحدث الآن  وسيحدث مستقبلا أي عرض الحقائق كما هي للجمهور ومن ثم المطالبة من الكتاب والمفكرين والمحللين السياسيين الاجتماعيين والنفسانيين  بتحليلها وتفكيك طلاسمها ليدرك الإنسان ويعرف أين هو من مما يجري على خارطة الحياة فالصحافة أو الإعلام النزيه تعد مدرسة حقيقية للتنوير الفكري للمجتمع او الخبز الحار اليومي للناس فكما هم يبتاعون الخبز الحار يوميا لإشباع وإدامة الجسم بالطاقة القوة اللازمة ,كذلك فهم يشترون الصحف اليومية ويتصفحونها قبل الشروع بالأكل أحيانا , للاضطلاع على مجريات الأحداث لتغذية وإشباع  الفراغ  وحاجة الفكر والروح  فالكلمة الصادقة الأمينة والنزيه تشبع و تعد الغذاء الروحي الدسم  للنفس لما تشكله وتملئه من فراغ روحي ونفسي عند النفس المتعطشة للمكنون الفكري فتلك الكلمة النزيه والصريحة و الصارخة بالحق تعد إكسيرا للحياة والفكر الإنساني النبيل , وكما جاء في سفر التكوين من الكتاب المقدس  (في البداية كانت الكلمة ومن الكلمة صار كل شيء  ) ( والكلمة الطيبة صدقة ) والكلمة الطيبة تخرج الحية من جحرها  وتشفي غليل الإنسان, وتبعث الراحة والطمأنينة والاستقرار النفسي .والصحافة والإعلام بجوانبه الثلاثة المسموع والمقروء والمرئي  هي مصدر الكلمة ومنبعها المستديم , والإنسان بطبيعته الفطرية يتطلع دائما على إشباع حاجة داخلية وإملاء فراغ  في صميم أعماقه  بقوة تلك الكلمة الفعالة فهي التي تملأ أوصال الجسم بالطاقة والحيوية وتفجر منابع الأمل وتوسع آفاق وتفتح مروج الآمال الزاهية أمام مداركه وتشحنه بديمومة القوة ليجتاز معضلات الحياة ومنغصاتها اليومية ويشق سبيله وسط أمواجها العاتية وهو مدجج بسلاح الأمل ولا يحدوه شيء من الوصول ولبلوغ الآمال المنشودة  , وبقوة الكلمة أيضا يمكن  تسدل الستار الأسود على الحياة وتمحي الإنسان والأمم  من خارطة الحياة والوجود, وقوة كلمة الصحافة اشد و أقوى من فتاكة سلاح البندقية ,فهي السلاح العصري الحديث والرقيب الأول والمتابع ,والعدو اللدود للرؤساء السياسيين والمشاهير من الفنانين والمطربين وغيرهم والرقيب الأول والمتابع الشغوف لاقتفاء لأثر خطاهم , الصحافة وسيلة فكرية فعالة للنخبة السياسية او الثقافية وغيرها من النخب للتأثير على رأي المجتمع وتغيير مجراه باتجاه إتباع سياسة او هدف معين . فهي اذا الأداة الأولى للحركات التحررية للأمم ووسيلتها لإيصال رسالة نهجها وإيديولوجيتها لأوسع الشرائح والطبقات الاجتماعية .ومن تلك الشعوب شعبنا الكلدو آشوري السرياني الذي دشن لبنة  مشوار حركته التحررية القومية بحركة فكرية ثقافية واسعة بواسطة مجموعة من الصحف والمطبوعات البسيطة بهيئتها وإخراجها التصميمي الفني لكن قوية بمضمون محتواها الفكري والسياسي منها باكورة وطليعة صحافتنا جريدة ( زهريرا دبهرا ) أشعة النور الخالدة  التي أصدرها نخبة من رواد الفكر القومي المعاصر في الثاني من تشرين الثاني عام 1849 م في منطقة أورميا الإيرانية باللغة السريانية ,وفي سنة 1530 اصدر الكاتب القومي الجريء سعيد حمو رابي جريدة ( بيث نهرين ) مسطرا إياها بأنامله الذهبية وبالخط السرياني الغربي في قلعة امتنا الشامخة ( مردي ) مردين أي صاحب الدين  بتركيا  أي قبل( 479 ) سنة ,  وفي سنة 1532  اصدر أبناء امتنا مجلة ( صوت أثور وآرام  ) في مدينة تكريت  ومسطرة بخط اليد . أي كانت أبناء امتنا الكلدوآشوريين السريان من أوائل الأقوام اللذين اهتموا بمجال الصحافة في المنطقة وهذا ليس بالأمر الغريب عنهم كونهم أحفاد وامتداد لمهندسي لأقدم الحضارات وباني أقدم المكتبات الزاخرة بالألواح الطينية انطلاقا  بمكتبة نيبور السومرية التي كانت تظم (40) ألف لوح مكتوب  ومكتبة الملك الآشوري العظيم  آشور بانيبال بمدينة نينوى والتي ضمت أكثر (20) إلف لوح طيني. فقد تصد ونوه رواد الفكر القومي لشعبنا عبر خطاباتهم ومطبوعاتهم  إلى الأمراض التي تنخر كيان شعبنا مثل التخلف والأمية والفرقة والتشرذم القومي ووضعوا يدهم مصدر الداء وشخصوا له الدواء الشافي والوافي إلا وهو نشر الشعور القومي  الوحدوي بين مسميات شعبنا الواحد الأحد والترفع عن التشبث بالانتماءات الصغيرة من الطائفية والذهبية والعشائرية والمناطقية والحدود والهواجس النفسية الفاصلة والتي لا تفيدنا بشيء سوى تشتيت  جهودنا وقوانا ومحو كيان وجودنا الروحي والقومي من على خارطة الوجود في الوطن, والمفارقة الكبيرة إن هؤلاء الرواد والرعيل الأول رغم ظروفهم القاهرة آنذاك من التخلف والأمية المتفشية والجهل والفرقة والحروب والبعد ألمناطقي الشاسع وعدم وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاتصال والمعرفة كانت أفكارهم وأطروحاتهم وخطاباتهم  وحدوية حتى لب النخاع وصميم الذات والوجدان وكأنهم يهمسون في آذان بعضهم بهذا التوجه القومي الإنساني النبيل  دون أن يزايدوا أو أن يتاجروا أو أن يضحكوا على ذقون هذا أو ذاك . فنرى فحوى هذا التوجه القومي الوحدوي المستنير ينبع من أورميا وسلامس بإيران ليطابق أراء وأنفاس وتوجهات أشقائهم في الدم والإيمان في ديار بكر وخربوت ومردين وطور عابدين  بتركيا ,ومع أثير ونفحات أمثالهم الغيارى في بغداد وكركوك وحبانية واربيل ونينوى بعراق ,وعلى هذا النحو بين إخوتهم في النبض القلبي القومي في  زالين ( قامشلي ) ورأس العين بسوريا .فبرغم مرور ما يربو على قرن ونصف على هذا الخطاب القومي ألخلاصي  والمخلصي العتيد , والذي من دونه تجرعنا ألكاس الممزوج بالمرارة والعلقم وحصدنا  الخيبة والخسارة والتشتت وضياع الغالي والنفيس وخسرنا ما خسرناه لهذه الأسباب وغيرها مجتمعة والغريب كل الغريب والمضحك المبكي في نفس الوقت لا زال نفر ضال من أبناء امتنا من رجال الدين أولا والعلمانيين المرتبطين بأجندة من خارج البيت القومي و رغم هذا البعد الزمني والسنين والمظالم التي ترتبت على هذا الواقع المزري .وبعد أن ولدت قبلة امتنا السياسية المقدسة والمقدامة زوعا الحركة الديمقراطية الآشورية وفجرت ثورة الوعي القومي الوحدوي وحقنت أبناء امتنا من السهل والجبل بمصل الوعي القومي الوحدوي والسبيل إلى النهضة القومية واستحصال الحقوق  المشروعة والغير منقوصة ومسحت الدم والدموع من وجنة هذه الأمة المسكينة والمكتوية بهذه الأوبئة القاتلة,وردت جزءا من مكانتها الروحية المعتبرة  داخل الوطن وخارجه وخلدت اسم ( زهريرا دبهرا ) تلك الجريدة القومية بجريدتها المركزية الغراء بهرا التي انطلقت بالصدور منذ 26 حزيران عام 1982 أيام الكفاح المسلح للحركة الديمقراطية الآشورية والتي رافقت مسيرة رفاق زوعا الميامين في حقيبة زادهم وهم يجوبون المناطق المحررة ويرسلونها لتنظيمات الداخل وبطرق سرية جدا الى ان ضبط احد أعدادها مع الرفيق الخالد يوبرت شليمون في بغداد والتي كانت كفيلة ودليلة دامغة بان تدينه و تعتلي به لخشبة الإعدام وتزهق روحه الطاهرة ليكون شهيد ا لمحراب جريدة بهرا ويعمدها بدمه الطاهر وكسلفه شيخ الصحافة الكلدوآشورية السريانية الشهيد الخالد البروفيسورآشور يوسف خربوت صاحب جريدة (مهديانا اثورايا – مرشد الآشوريين )التي أصدرها في 1910 واستمرت لغاية أيار من عام 1915 حيث اعدم هذا المناضل القومي الفذ لآرائه السياسية  المتطورة وواقعية وأطروحاته القومية الوحدوية , وهذا النفر يسعون بكل الطرق البائسة لإرجاعنا إلى متاهة المربع الأول ,عبر مؤسسات  هزيلة ومائعة وخطابات هستيرية غوغائية شرانية وأقلام مأجورة تستلم أجرها البخس بالكامل مقدما  قبل أن تجر خطا أو تلامس أزرار لوحة مفاتيح الأحرف بعيدة كل البعد المنطق والواقع , وتثخن من عمق جراحاتنا  وتبذر الملح عليها . وكأننا حسب رأيهم الساذج امة عظيمة وفي قمة رفاهيتها ومجدها ولا ينقصنا شيء  سوى هذه الترهات والافتراءات الفارغة والمضحكة لإلهائنا بعض الشيء.لذا على كتابنا وأدبائنا أن يسخروا مداد أقلامهم لما فيه خير وخدمة امتنا وسبل لملمة شملها  وان لا يسطروا  أو أن يجروا خطا في هذا المنحى إلا وان يصب في بناء وعلو شان امتنا لكوننا قد فاتنا الكثير الكثير ونحن خلال سبات أشبه بالموت المرغوب والطوعي ونحن متأخرين بما فيه الكفاية  , والتوجه بهمة فولاذية لبحث وإبراز تراثها وفلكلورها وترميم معالم وجودها وإظهار وجهها المشرق من خلال شخصياتها من الأفذاذ والمبدعين والعباقرة من الأطباء والحكماء والفنانين والمطربين والأدباء والشعراء والكتاب والنقاد والرياضيين  وغيرهم  والتوجه لعقد مؤتمر عام بهذا الصدد تحضره الشخصيات  والمؤسسات الإعلامية المختلفة لشعبنا من الداخل الخارج وتدرس فيه سبل النهوض بواقع الإعلام والصحافة القومية الوحدوية الهادفة والتصدي للإعلام المضاد الغوغائي لمسيرتنا الوحدوية المباركة وتشويه قضيتنا وتحريف مسارها وطمس وسطو سفر تراثنا وارثنا الحضاري والإنساني  الثر, وفي كل المجالات واسلاط  حزمة من الضوء المشعشع عليهم ,لان هذا العمل لهو من صلب واجبات الإعلاميين والكتاب والصحفيين , لكي لا تنسى الأجيال اللاحقة عظمة الإسلاف ومساهماتهم الخلاقة في خدمة الإنسانية لان زمانهم لم يمدهم ويحضوا بهذا الكم والنوع الهائل من الثورة التكنولوجية والمعلوماتية بما فيها الأجهزة الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة المنتشرة حاليا والتي بفضلها أصبح العالم اليوم قرية الكترونية صغيرة تدار بالأزرار, وكما ذكرنا أن جزا من صميم رسالتنا القومية إظهار عظمة من طوتهم صفحات الزمن ,ولقد كشفت لنا الكثير شخصيات هذه الأمة من قبل أناس من خارج البيت القومي  خلف الله عليم  وبارك الله بجهودهم الخيرة ,وعلينا الاحتفاء بطرق عدة بهذه المناسبة الميمونة عيد الصحافة الكلدوآشورية السريانية وتسليط الأضواء الكافية والمناسبة عليها على اعتبارها حدث قومي مهم وجليل ويستحق منا الوقوف والدراسة والتحليل  لمعطياته القومية والإنسانية قياسا بذلك الوقت ووفق تلك الظروف العصيبة , فتحية فخر واعتزاز بهذه المناسبة الجليلة لأدبائنا وكتابنا وصحفيينا الأشاوس و لكل صاحب فكر نير قلم يسخر مدادها صوب التوجه القومي الوحدوي ,ولخدمة قضيتنا العادلة وعلى وجه الخصوص  فقيد صحافتنا القومية والوطنية الحرة المرحوم جميل روفائيل...
بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com

649
ملطايا مدينة وقلعة آشورية شامخة
ملطايا اسم محور و مستمد من التسمية السريانية معلثايي وهي اسم مدينة تاريخية آشورية وردت في الكثير من النصوص والمصادر التاريخية القديمة وتعني المدخل أو المعبر أو الممر العالي وتشمل المنطقة جغرافيا الجنوب الغربي من مدينة نوهدرا ( ارض البهاء والمجد ) بالسريانية مركز محافظة دهوك الحالي ويعود بناء هذه المدينة إلى عهد الملك الآشوري العظيم سنحا ريب ( 705 – 681 )ق.م كونها كانت مركزا لإحدى أهم الحاميات العسكرية للمنطقة وتامين الطرق التجارية وسلامة المنطقة ، كما اتخذها والد هذا الملك (سركون الثاني) كحصن عسكري منيع لتامين سير وإياب القوافل التجارية , وما زال أطلال تلها الأثري ماثلا للعيان وشاخصا على هذا الحصن ودليلا دامغا لهوية أصحاب هذه المنطقة ومنذ بدأ الخليقة .وكانت تعتليه قلعة شامخة باسم ( شندوخا او شندوختا ) ومعناها السرياني الحجر الكبير المتربع أو المنبطح أرضا, والمدينة كانت البوابة الشمالية نحو إقليم  منطقة الجبال والجزيرة الفراتية واورهاي  أو الرها ( الأرض المقدسة ) ونصيبين  (نصب أو زرع أشجار الزيتون  )آمد  (ميافارقين ) و ماردين  و قامشلي- زالين  ( من كثرة القصب )و هكاري ( الفلاحين ) وطور عبدين  ( جبل العبيد )وغيرها من المناطق الشمالية لبيث نهرين  الإمبراطورية الآشورية ، ولها آثار شاخصة للعيان لحد الآن مثل (كرا دمالطايي) تل مالطايي وينتشر فوق سطحه فخار من الدور الآشوري , وفي السطح الشمالي للجبل المطل توجد معالم ومنحوتات ورموز منقوشة في الصخر قرب كفركي, وفي لحف جبل كاني قصاره تعرف المعالم باسم منحوتات معلثايا – مالطايا وحيث تمتاز هذه المنحوتات  البارزة بالجمال والدقة البارعة في التصميم وحسن اختيار الموقع فإنها تشرف فوق مساحة كبيرة من الوادي الذي تطل عليه وتتألف المنحوتات من أربعة مشاهد متشابهة القوام ولكل مشهد منها موكب متآلف من سبعة آلهة ممتطية ظهور الحيوانات يقف الملك نرام سين ( 2259- 2223 )ق.م أمامها وشخص آخر وراءه والآلهة السبعة هي ؛ * آشور أبو الآلهة –أفق السماء – سيد جبال حمرين – آلهة البداية – سيد البلدان كان الإله المعبود عند شعبنا الآشوري  وهو يرمز لقرص الشمس المجنح وفي داخله محارب صنديد يحمل قوسا وتأسست إمبراطورية عظيمة مترامية الأطراف بهذا الاسم في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد على يد طوريا – توديا- شيبا  أول ملك للدولة الآشورية * آنو اله السماء عند الآشوريين والبابليين  السيد الفعلي لجميع الإلهة مركز عبادته الرئيسية مدينة ( اوروك) وكان يترأس مجامع الآلهة وهو رئيس المثلث الإلهي ( انو – انكي – انليل )اله الحكمة والأرض والهواء رقمه الرمزي (60) الذي أصبح مقدسا وأساس الحساب الستيني في قياس الوقت والدوائر وحيوانه الرمزي ( الثور)  *انليل اله الهواء والعاصفة عند البابليين والآشوريين  وهو الذي فصل بين اله السماء ( انو) واه الأرض (كي )  وباعد بينهما  وكون السماء والأرض وهو اله مدينة نيبور المقدسة , وقد نسبت إليه أساطير خلق المعول ومولد القمر , وكلمته الريح التي تهز السماء وتزلزل الأرض , وهو من النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد  *ايا اله الماء والأرض  ( آنو – انليل – ايا )( الأرض – الهواء – الماء )العناصر الطبيعية كانت تشكل الثالوث المقدس  عند أجدادنا العظام * عشتار آلهة الحب والجمال والخصوبة البابلية  ( 1074 – 1057 ) ق.م ومركزها كان في مدينة اربا ايلو ( اربيل الحالية ) هي انانا السومرية وتمثل بنجمة الزهراء * آدد اله العواصف والمطر والصواعق والسحاب والرعد  واعتقدوا انه الإله الذي سبق الطوفان حسب ملحمة كلكامش , حسب مصدر الأستاذ اسحق قومي* شمش اله الحكمة والعدالة وهو الإله الذي يظهر في مسلة حمو رابي وهذا الملك يستلم الشريعة منه. هذه هي عظمة منحوتات معلثايا  إلا إن قساوة العوامل الطبيعية, وعدم أولاء الاهتمام الكافي بها من قبل السلطة المحلية بمحافظة دهوك أدى لإطلاق العنان للمتطاولين  والأيادي العابثة والتي أثرت وبشكل سلبي على هيئة  هذه المنحوتات الأثرية  الثمينة لكنها ستبقى تقارع تقلبات وأهوال الزمن وتثبت بأدلة واضحة وشاخصة ودامغة لهوية ألأصحاب الحقيقيين لهذه الأرض الطيبة...


                          بدران امرايا
* صحيفة نجم تللسقف العدد 23 لسنة 2006 م 6756 آ 

650
المنبر الحر / الجاجيك وتحضيرها
« في: 14:54 19/10/2009  »
الجاجيك وتحضيرها 

   * بدران امرايا
الجاجيك (جاجق ) أكله شعبية تراثية قديمة في قرانا الكلدوآشورية وهي مخلوط  نباتي - حيواني مركب تعد من الوجبات الدسمة على مائدة الفطور بشكل خاص  ،تحضر هذه الاكلة خلال فصل الربيع عندما يكون الحليب ومشتقاته  متوفرا من الجبن والثوم ، بداية يجمع و يحضرا لجبن ويقطع إلى قطع صغيرة ناعمة أو تترك قطع كبيرة من الجبن فيها، و يجلب الثوم الأخضر أو (البيك ) ويثرما  وتحفظ في أواني مملئة بالماء لفترة حتى يحمض الثوم أو ألبيك ويتحول لونهما إلى الأصفر بعدها يخرج من الماء ويعصر جيدا  ليخبط مع الجبن  بالإضافة إلى مادة ( الخلوة) وهي مادة لبنية تضاف إلى ذلك المخلوط لجعله ابيضا مع إضافة كمية مناسبة من الملح ثم يوضع هذا المخلوط في كيس جلدي كبير و يثقل بصخرة كبيرة لعدة أيام لتنشف منه المياه  ثم يأتي بأواني الجير المسماة ( حب)أو الأجران أو القرب النظيفة فتقوم إحدى النساء الخبيرات بحشو المخلوط فيها بإحكام جيد بعد جعل كل المخلوط في أواني الحب يؤتى بأوراق التين أو العنب أو شجرة البطم أو الحب الخضراء وتوضع على فوهة الإناء ويليها طبقة من الصوف  ثم طبقة من الطين الأحمر المخبوط بالتبن ويغطى بها فوهات الحب جيدا لكي تترشح ما بقى فيها من المياه ويرسم عليها علامات الصلبان ليرحم الله ويرأف  في حالهم ويخرجوها بسلامة  لهم بعتباها قوتهم  طوال فصل الشتاء وتترك الحب حتى يجف غطائها الطيني بعدها يأتي دور الرجال لحفر حفرة متوسطة العمق في مكان مظلل وأمين وكان على الأغلب داخل البيت لحمايته من السرقة ، عندئذ تفرش أرضية الحفرة بحجارة مسطحة  توضع أواني الحب مقلوبة الرأس داخل الحفرة على تلك الحجارة لمنع أية فسحة بين الفوهة و الأرضية تكون منفذا لدخول الحشرات الجرذان أو الفئران وليطرق ما بقى من الماء بعدها تردم الحفرة بالتراب بعناية لكي لا تتكسر الأواني بعد حين وآخر يرش فوقها المياه خلال الصيف وتبقى الجاجيك هناك مقبورة مجتازة فصلي الصيف والخريف خلال هذه الفترة تنشف كل المياه منها ويزداد طعمها ذوقا ولذة وفي مطلع الربيع يقوم الرجال برسم الصليب عليها  ثم الشروع برفع التراب عنها بعناية ودقة وإخراجها وإزالة  أغطيتها لتفوح رائحة تعطر أجواء البيت كله وتظهر نصاعة بياضها (خواروتا ) لتسيل اللعاب و ترسل حصص الأهل فالجيران بدون تمهل بعدها تتربع على الوجبات الصباحية ولذتها تكمن مع الشاي المغلي على الجمر وأهالي القرى سابقا كانوا يعدونها وجبتهم الرئيسية الأولى في الصباح ومن ثم الانطلاق نحو أشغالهم الشاقة بقوة وحيوية الحصان الرهوان ولم يكونوا يعرفون بأسماء هذه الأمراض المزمنة التي تفتك بالناس وهم صغارا وكانوا يجتازون العقد التاسع من العمر وهم بكامل قواهم العقلية والبدنية  ....


  Badran_omraia@yahoo.com

651

652
( زبارا ) العمل الشعبي
 
  بقلم/بدران امرايا
زبارا كلمة سريانية بمعنى العمل الشعبي ظاهرة كانت سائدة في القرى قديما وخاصة خلال فصل الصيف لكثرة العمل فيه مثل الحصاد او تصفية غلة  البيادر او بناء المساكن او قطع الطربا جذوع شجرتي البلوط السنديان وتكديسه للشتاء او حفر البساتين وما إلى ذلك من أعمال شاقة ،والتي كان يصعب على القيام بها من قبل شخص او اثنين وخاصة قضايا الحصاد والبيادر لان التاخير في لملمة المحاصيل الصيفية كان صعبا لان الشتاء كان يدركهم وينال من مجهودهم وكدهم فتذهب محاصيلهم سدى مع أدراج الرياح  فكانوا يعتبرون هذا الفصل العدو اللدود لمحاصيلهم وهي خارج البيت ، بينما الصيف كان عندهم بمثابة أبو الفقراء ( قيطا بابت فقيري ومسكيني ) أي ان الصيف هو الاب للفقراء والمساكين ،وكانت العادة الدارجة ان يقوم (كزيرايا ) وهو الشخص الذي كان يعمل كمنادي في القرية ويمتاز بصوته العالي لإيصاله إلى مسامع كل أهالي القرية ومن على منطقة عالية فكان يصيح أن الغد زبارا لبيت فلان ، بعد اتفاق مسبق لهذه المسالة بين وجهاء القرية والانطلاقة ستكون الساعة كذا فكان كل بيت او عائلة ترسل احد أبناءها  والبالغ من العمر ويجيد ذلك العمل وليوم واحد فقط ، وكانت قافلتهم تذهب معا إلى حيث موقع العمل ويرسمون علامة الصليب على وجوههم ومن ثم يشرعون بالعمل بيد وقلب واحد مقسمين أنفسهم على فريقين لإثارة روح المنافسة والحمية والمتعة وتحديد أهداف معينة لهم والشروع بالمسابقة وإدانة الفريق الخاسر وفرض الجزية عليه كحلاقة شعره او لحيته وغيرها من المواقف المضحكة ، إلى جانب إطلاق العنان بالغناء والنكت المضحكة فيما بينهم ، بينما صاحب العمل او نساءه يقومون بتهيئة الغذاء والمياه المتواصلة لهم ، وخلال فترة الاستراحة وعند الحصاد يقومون الحصادين  بشحذ المناجل (مكزي ) بواسطة قطعة حجر ملساء (مشنا )  وشرب المياه فكانوا ينهون عملهم بيوم واحد وفي اليوم الثاني يذهبون لبيت آخر وهكذا حتى ينهون كل أعمالهم  الصيفية بروح ملئها المحبة والتآخي والتآزر والألفة ، ومساءا كانوا يتعشون في بيت صاحب العمل ومن ثم يتكلمون عن انجازهم اليومي  وبرامجهم ليوم غذ هكذا كانت طبيعة العمل في القرى ...
Badran_omraia@yahoo.com

653
تحية بمناسبة تذكار القديس مار سبر يشوع

في مطلع تشرين الأول من كل عام تحتفل عشيرة امراوي مارسبرايشوع في كل مكان من العالم حيثما وجدوا وبطريقتهم الخاصة وحسبما تتاح لهم الظروف  . بذكرى شفيعهم القديس الراهب مار سبر ايشوع الذي معناه بالسريانية (امل المسيح ) وشقيقته القديسة بارسيا والتي تعني بالسريانية (الدليلة ) ومار سبرايشوع القديس الذي عاش بين عامي (550 -620 ) م ولد في مدينة نينوى مطلع النصف الثاني من القرن السادس الميلادي , وتربى ورعا منزها و معتكفا نفسه عن كل أمر دنيوي إلا العلم منذ صغره وعلى خبز التقوى والحكمة والنعمة الإلهية الفائضة ومخافة الرب على الدوام والعيش باستقامة على هدى الهالة النورانية المشعشعة لحكمة رب الكون عبر كتابه القدير"كتاب الحياة " , بعد أن كبر وتصلب عوده , دعته القدرة الربانية لان يكون من جندها الأفذاذ متزهدا ومتنسكا وعالما دينيا مهيبا على طريقة البر والتقوى والإيمان ,نذر ذاته البسيطة وداس على المال والجاه والسلطة وملذات حياة الدنيا وبهرجتها الفضفاضة الاخاذة والفانية في نفس الوقت .مفضلا ومرجحا كفة العفة والتزهد والتسلح بتلك الفضائل , ونشر نور الكلمة الإلهية هنا وهناك , حيث كانت نفسه وديعة كالحمام وروحه لطيفه كالنسيم العليل المنعش القادم من الوهاد , وفي مناطق نائية .خاض هذا العامل الطوعي  في الحقل الإلهي وجاب مناطق عديدة سعيا لحيثما توجد الكتب والمخطوطات ومجالس الملافنة الأبرار ليتتلمذ على ما تجيد به قريحتهم الواسعة,و لإرواء ضمأه اللا محدود والتشبع من سطورا لكتب المتلألئة بالروحانية والالق الإلهي المشع , ويتفقه من هديها ويستشف حكمتها المستنيرة و عبقها الفواح المنعش الذي كل يمد أوصاله بالقوة والحيوية وينشط خلايا روحه المتأججة وتثبت خطاه بالرصانة على هذا السبيل ألخلاصي . و منها توجه لمنطقة نوهدرا (دهوك) وليشيد فيها ديرا تنعش وتستأنس فيه روح المؤمنين هناك من هذا الينبوع الصافي الذي لا ينضب منطلقا من اربائيلو  (اربيل) حيث أمضى سنينا من شجرة عمره هناك ليس لشيء سوى التعمق الروحي والفكري والاستظلال بفي تعاليم  ملافنة أديرتها العظام  ,ومن ثم لدير ايزلا الكبير الواقع قرب مدينة نصيبين بتركيا الذي لعب دورا رياديا في مسيرة كنيسة المشرق العظيمة و ليسترشد بتعاليم مؤسسه العظيم إبراهيم الكشكري , وغد شلالا هادرا يتدفق بالروح والحكمة الراجحة . صال وجاب هذا القديس فساحة  السهول ولحاف الجبال وبطون الوهاد حتى استرشده وقاده النور الإلهي إلى منطقة نوهدرا ليبني ديرا هناك باسم  (عاوا شبيرا ) أي الغابة الجميلة باللغة السريانية , الواقع في المنطقة الحدودية العراقية التركية , والتي تمتاز بكونها منطقة او لوحة فنية طبيعية ذو جمال أخاذ تستأسر الأفئدة والألباب بخلفية سماءها المرصعة ببياض الغيوم المتدرجة بزرقتها الداكنة من أعالي  وبتلاشي تلك الزرقة لبياض ناصع تنير خلفية سلاسل جبالها الشاهقة والمكتظة بنعم الطبيعة من الخضار والأحراش  وتليها التلال بتعرجاتها صعودا وهبوطا ومن ثم مسطحات أرضية خضراء بهية تشرح القلوب وتشحن النفوس اليائسة والبائسة بالآمال والتطلعات الزاهرة,  من السهول والمروج الزاهية بطيفها اللوني , تتخللها مجاري لجداول المياه الرقراقة العذبة المنحدرة جنوبا,المتدفقة بالاحياء لتكون هذا البقعة اسما يطابق المسمى بالحرف الواحد , ويظهر الذوق الفني الرفيع لهذا الطوباوي البار,فاتخذ هذا القديس من مروج هذه المنطقة مقرا ومستقرا لرأسه مع أخته القديسة باريسيا حيث استقرا في صومعة حقيرة بكهف محفور في  لحف الجبل الشامخ .الجبل الذي استمد اسمه من اسم مار سبرايشوع , ظل هذا القديس يحاكي رب تلك الطبيعة الساحرة وقوته العظيمة واعتكف على العزلة والصمت والتأمل والصلاة والخلوة الروحية والسباحة الروحية في تلك الآفاق الرحبة مع آيات الله بخشوع وعفة وتزهد, وبفضل خصاله المحمودة وتأويلاته السديدة أصبح قبلة المساكين والمرضى والمعدومين ,وممن جارت  وقست عليهم الحياة والزمن . فقصدته الناس مسلمين ومسيحيين للتلمس من فيض بركات خالقه وعلى يده الطاهرتين, وظهرت قوة الله على يديه فشفى المرضى وطرد الأرواح الشريرة ونسبت اليه الكثير من المعجزات والتبصر بعواقب الأمور, وبذلك ذاع صيت حسناته وعفته الكبيرة في المنطقة ,فاستقطب حوله عدد من التلاميذ العطاش والعشاق للنعمة الإلهية الفياضة بالبركات الروحية , وبذلك كان نواة حسنة لجمع واقتداء المؤمنين بفضائله وتكوين جماعة صغيرة  والبدا بتأسيس ديرا يؤويهم ويسد حاجاتهم الروحية والمادية , ولدى انتقال مار سبرايشوع لجوار ربه , وري جثمانه الطاهر في ذلك الدير الذي حمل اسمه المبارك , وكذلك القديسة باريسيا لدى وفاتها دفنت في مزار جبلي إلى الجانب الغربي لدير شقيقها سمى المزار باسمها الخالد , وبدأت الناس تستظل وتتلمس الحماية  بجوار هذا الدير,وبالأخص عائلتان نزحتا من تياري العليا بهكاري (جولمرك ) ووهما عائلة آل ساكو ابن مرخائيل ابن يونان ابن الشماس شمسو ومنه نشأة وامتدت عشيرة آل ساكو .والقس إسرائيل الذي كان له ثلاثة صبيان وهم  باز والذي تمتد منه عشيرة آل بازو والقس يوسف و القس اسطيفان والد يوسف زوج كهاري والذي تمتد منه عشيرة آل كهاري. وشيدت البيوت وتفرعت العوائل آخذة من الدير شفيعا لها إلى ان وصلت لعشرة بيوت فسميت بقرية ( امرا دمار سبر ايشوع ) والناس سموا بالامروايين نسبة إلى امرا أي الكنيسة أو أحيانا قرية ( اسرا ) أي عشرة لعدد بيوتها العشرة آنذاك , عاش أهالي القرية من كلتا العشيرتين واختلطت الدماء عبر التزاوج وتشابكت الوشائج بينهما ,امتازت حياتهم القروية بالهدوء وسكينة الطبيعة وبساطة الروح الألفة الحميمة ,وقاسموا الرغيف والملبس والمأوى والمصير المشترك في السراء والذراء, معتمدين على الزراعة بشكل عام وتربية الحيوانات المختلفة , وما تدر الطبيعة الجبلية من خيرات وأعمال أخرى وكان الامراويين يحيون في الأول من تشرين الأول من كل عام  ذكرى انتقال شفيعهم إلى الاخدار السماوية ( شيرا دمار سبر ايشوع ) بنحر الذبائح وتوزيع الخيرات على الفقراء والمحتاجين وما إلى ذلك من الصدقات , تيمنا بتلك الذكرى الميمونة والمحفورة على صفحات قلوبهم , والتي ستظل منارا هاديا لهم حيثما حطوا الرحال, وفي الثامن من  أيلول ذكرى ميلاد الأم الحنونة مريم العذراء من عام 1925 نجا أهالي هذه القرية الوديعة من الموت المحتم ضمن المسلسل العدواني المحاك والمعد سلفا لإبادة  أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني واستئصال شانه من مناطقه التاريخية . لكن بفضل الرب وشفاعة قديسهم وحنكة وفطنة الكاهنان المرحومان عوديشو موشي و هرمز كورو استطاعا تهريب الامراويين  من كماشة ذلك الموت المحقق باتجاه الحدود العراقية ,حيث وصلوا لقرية برخ ولم يمكثوا طويلا فيها ليواصلوا الترحال إلى زاخو ضاحية (كيستا) ومن ثم استقر بعضهم من آل كورو في قرية (هفشن ) و (بهنونة) المطلتان على نهر خزلا –هيزل  , إلا إنهم لم يسلموا من النهب والسلب والقتل هناك ليشدو الرحال وليشيدوا قريتان متجاورتين الأولى باسم اسطبلان لتستقر فيها عشيرة آل ساكو  والثانية بهيري لعشيرة آل كوهاري عاش أبناء القريتين المطعمتين والمرتبطتين بين أبناء العمومة والأخوال ما يقارب نصف قرن , بينما عشيرة آل بازو بقيت في قرية هفشن ,إلى عام 1976 حيث مسحت هذه القرى من الوجود وسويت بالأرض بعد أن رحل أبنائها قسرا ضمن حملة إخلاء قرى الشريط الحدودي العراقي التركي, وبذلك انفرط عقد امراويي مار سبر ايشوع وتشتت شملهم بين دهوك ونينوى وكركوك وبغداد ومن ثم دول المهجر , إلا إن ما يجمع شذى والق روحهم هو الرباط والالتفاف الأزلي بشفاعة قديسهم مار سبرايشوع وأخته باريسيا حيث لا يحدهم شيء عن إحياء مراسيم وطقس ذكراه العطرة وحسبما تقتضيه الظروف المتاحة , إلى جانب إطلاق اسمي القديسين على المواليد الجدد من أبنائهم, ولهذا القديس مذبح يضم صورة وقيود وسلسلة نحاسية بكنيسة مار كوركيس الشهيد بمحلة النصارى بزاخو , وتضم العشيرة عددا من الاكادميين  بمختلف المجالات والاختصاصات ورجال الدين وشمامسة وغيرهم , إلا إن ما يدمي القلوب ويحزن الأفئدة هو هجرة غالبية أبناء العشيرة وطن إلام العراق الحبيب باتجاه المهجر بعد تردي الوضع الأمني وما ترتب على ذلك دمار وكارثة إنسانية للشعب العراقي بعد الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003 , فتحية عطرة لأبناء هذه العشيرة العتيدة والتي تعد برعما صغيرا متفتقا في شجرة امتنا الكلدوآشورية السريانية الباسقة في الأعالي... وشيرا بريخا تودي..

•   المصدر كتيب مار سبر يشوع للأب ألبير أبونا 1985م
 
بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com




654
من موروثنا الشعبي
(قشكي ) أكلة الرجال
قشكي كلمة سريانية بمعنى المنشف أو الميبس ،أكلة تراثية شعبية تعد من مشتقات الحليب ، وهي عبارة عن كتل بيضاوية بيضاء اللون صلبة تحضر من الشنينة المتبقية بعد استحصال الدهن الحيواني الحر عند إمرارها أو إخضاعها للكوذا فالشنينة توضع في إناء وتسخن ثم توضع في كيس قماشي قابل لترشيح المياه منه فيعلق في منطقة عالية لتنزل كل المياه المتبقية فيبقى مخلوط رائب شبيه باللبن فيضاف كمية مناسبة الملح إليه ويعجن في إناء خاص من خشب الدلب يسمى بالسريانية ( ميجو )ثم يجعل منه كتل وأشكال هندسية بيضاوية وكروية وقرصية  حسب الرغبة ويسطح تحت أشعة الشمس ليجف ويتصلب عندها يأخذ تسمية  ( قشكي )  فيأكل مباشرة مع الخبز والشاي على مائدة الفطور او يدخل في تكوين آكلات شعبية محببة مثل (كردو او بشالا درزا )  و (كتلاتا دمذيرا ) واخذ قشكا حيزا من أمثالنا وحكمنا فيقال بالسريانية (دري خا قشكا كو جيبخ وسي ) أي ما معناه ضع قشكا في جيبك واذهب أي انه سهل الحمل وخفيف يؤكل مباشرة لكونه مادة مغذية صحية ومقوية تسند الإنسان وهو في مسيرة طويلة أو شاقة، أو ( خوارا اخ قشكا )أي ابيض مثل القشك يضرب به المثل لنصاعة بياضه وصلابته ، (اخ قشكا قويا ) أي قوي مثل القشكا  ويقال أيضا  (قشكي اكلة الرجال) وهناك موقف طريف يقال أن رجلا من أبناء امتنا الكلدوآشورية السريانية  قصد يوما  منطقة بعيدة وغريبة وجلس في ديوان كبير القوم ووسط رجاله وحاشيته فجاع كثيرا ولم يعيروه أي اهتمام فاضطر إلى يدخل يده تحت حزامه وبفعلته هذه ادخل الرعب والفزع في قلوب الحضور فلكل انتبهوا ظنا منهم انه سيشهر مسدسا  أو خنجرا أو شيء يفجره بينهم  فجفت عروقهم واصفرت وجوههم وصمتوا واخذوا يتراشقون فيما بينهم بنظرات الريبة والحذر الشديدين ولما اخرج يده لاحظوا حبة من القشكا فطلب رغيفا من الخبز ليأكله مع حبة القشكا ولدى رؤية هذا الموقف الطريف مر على خير عادت الدماء تجري في وجوههم وانفجروا ضحكا  وقهقهة من تداعيات هذا الموقف المخيف والظريف معا ..
Badran_omraia@yahoo.com

655
معاني ومدلولات لماسو ( الثور المجنح )
ليس من شك إن لكل امة عظيمة كم هائل من معالم ورموز أثرية مستمدة من امتداد سفر ارثها الحضاري الإنساني .تخلدها للأجيال اللاحقة مبينة فيها مشاهد و لمحات معينة من فنونها المعمارية وآدابها وقمة مجدها وازدهارها.وامتنا الكلدوآشورية السريانية تعد سفرا مجيدا زاخرا تنضح بالفنون المعمارية والزخارف والمنحوتات الجداريات والأدب والأساطير والملاحم والقصص وغيرها , بحيث غزا ارثها الحضاري الجميل مساحات شاسعة من أروقة متاحف العالم المهمة .وغدا هذا الإرث معهدا او مادة للدراسات الأكاديمية واستحصال ونيل الشهادات الأكاديمية العليا وما إلى ذلك.وهنا سوف نتطرق الى تفاصيل احد تلك الرموز الأثرية العجيبة والجميلة والخالدة والذي ابهر العالم بفكرة تصميمه ومقاومته لأهوال وأحوال الزمكانية ليقطع مسافات القرون ويمتد إلينا لحد هذا اليوم منتصبا شامخا شموخ الجبال ويعكس قمة الحضارة الاشورية، وهو الثور المجنح  احد الرموز الفنية لحضارة بين النهرين  ( مهد الحضارات الإنسانية ) والذي يعرف بـ ( لاماسو) آلهة  الحماء والحراسة وهو عبارة عن مكون او مخلوق تشكيلي لعدة رموز مجتمعة ومجسدة في هيكل مركب بين الإنسان والحيوان لإثبات أسبقية ما يعرف ب (  عملية استنساخ ) الحالية بأخذ جينات من عدة مخلوقات وزرعها في حيوان واحد فيكون وليد  ذلك مخلوقا متجانسا ومركبا, وقد أدمجت كل قوى القوة بشكل تكويني منسق وحسب اعتقاد الأقدمين فان المخلوق المركب سيكون له القدرة القوية والخارقة لإخافة وإرعاب الأرواح الشريرة ,التي يمكن أن تتعش عش داخل المباني ( القصور  الملكية – المعابد والهياكل وغيرها من الأماكن ) حيث يتكون من رأس الإنسان للدلالة على انفراد الإنسان بالعقل والفكر وفطنة الذكاء والحيلة والتاج للملكية التي نزلت من السماء بعد الطوفان الكبير في عدة مدن سومرية, والحكم وحنكة القيادة الرشيدة للإنسان الواعي و المقتدر، وجسم الثور هذا الحيوان المعروف بالقوة للشؤون الزراعة وجر العربات وفحولة الإخصاب لثور واحد بين قطيع كبير من الأبقار الى جانب فائدته الجلدية ولحمه كمادة غذائية وقرونه القوية للمسائل الدفاعية والتي ترمز للملوكية التاج الملكي ذو القرنين للملك نارامسين ,وأجنحة طائر النسر الذي يعتبر ملك الطيور او ملك السماء ولقوة بصره وشدة انقضاضه على الفريسة من الأعالي ومخالبه الحادة وشموخه في الأعالي ,ورؤيته تتطلب التحديق في الأعالي دائما،وذيل الأسد ملك الغابة اقوي الحيوانات المفترسة وما يمتاز به من الكبرياء والغطرسة وفرض الذات، وقشور جسم الحوت ملك المخلوقات المائية الوفيرة في بلاد النهرين ، والأرجل الخمسة لبعض الثيران لتصويره في حركتين أو مشهدين , الأمامي واقفا متجسدا راسخا  لايتزحزح من مكانه  أمام المباني للحراسة وطرد الأرواح الشرانية ومن المشهد الجانبي لتصويره في حالة الحركة المستمرة ولملاحقة  تلك الأرواح ، وحلقات تاجه الملكي الثلاثية لإظهار الثالوث الكلدوآشوري المقدس  ( انو – انليل – ايا )، عناصر الطبيعة الأساسية ( الأرض – الماء – الهواء ) هذه هي العناصر المكونة لهذا الرمز الوطني والقومي والإنساني . وأول ملك استعمل هذا الرمز للحراسة كان آشور ناصر بال الثاني  ( 833- 859 ق .م ) لغايتين أساسيتين الأولى للحراسة وطرد الأرواح الشريرة كما أسلفنا ، والثانية لغرض إظهار مدى وصول مستوى الفن والفكر النهريين المعماري ا اذ كانت هذه المنحوتات تزين جدران المداخل من الجانبين انسجاما مع فكرة استمرار الألواح المرمرية المنحوتة بالنحت البارز وعلى هذا الأساس فان احد وجوهها الجانبية ترك غير منحوتا لالتصاقه بجدار المدخل ، فهي من هذه الناحية لتكتمل الناحية الفنية المعمارية للألواح الجدارية في القصور أما أرضيات المداخل التي كانت تحرسها هذه المنحوتات  فقد رصفت بلوح من الحجر زين سطحه بزخارف جميله متنوعة .والثيران المجنحة في عهد الملك آشور ناصربال الثاني كانت بخمسة أرجل , إلى جانب نحت مخلوقات أخرى بهيئة أسد ذي خمس أرجل لحراسة مدخل معبد نينورتا في مدينة كالح ( خورسباد )  أما نحاتي عهد الملك  الآشوري سنحاريب (681-704) ق.م فقد جعل الثيران المجنحة بأربعة أرجل  .ومما يؤسف له حقا تعرض المتحف العراقي الذي كان يزخر برموز الحضارة النهرينيه الممتدة لسبعة الآلف سنه منطلقة من سومر – اكد – بابل -  آشور – والحضارة العربية الإسلامية هوية العراق الحضارية لأيادي ثلة من العابثين منفذين لجهات خارجية غايتها محو رموز حضارتنا العراقية ممن لا يولون أهمية للمكنون الحضاري  سوى الانجراف وراء حفنة الدولارات .ولذا على الجهات ذات الصلة و المسئولة أن تلتفت لهذه الناحية بهمة ومسو ولية جادة لتأهيل وإعادة ما بقى إلى أروقة المتحف العراقي والتوجيه لاستغلال المواقع الأثرية الشامخة بعد ترميمها وتأهيلها بحيث لا تفقد قيمتها وامتدادها الأثري وعمقها الحضاري,كمشاريع سياحية واكتشاف ما بقي لحد الآن مدفونا ينتظر اشراقة نور الشمس عليه والاهتمام بالمؤرخين وعالمي الآثار وتسمية مناطق العراق الجديدة برموز تاريخية تعكس مكنون الحضارة النهرينية وتشجيع الأسر لإطلاق مثل هكذا تسميات علة المواليد الجدد بحيث لا يبقى هذا الإرث حبيس واسير المتاحف وبطون الكتب,وإعادة ما سرق وبيع للدول الأجنبية إلى  مكانه وأرضه الطبيعية لترتاح روح الأجداد العظام الخالدة فان العظام النتنة اليابسة تبكي لأرض الجدود أيضا ,وإعادة طبع المناهج الدراسية وخاصة مناهج التاريخ لتعكس تفاصيل الحضارة العراقية دون أي طمس او تهميش او إقصاء لأي فترة  تاريخية ومحولة تسجيلها كمواقع اثرية عالمية ولتكون تحت رعاية منظمة يونسكو كما سجلت قلعة اربيل التاريخية مؤخرا والتي يعود تاريخ تشيدها لملك الآشوري سنحاريب ,و لترسيخ ونشر روح  الوحدة الوطنية والفكر الإنساني لهذه الحضارة العتيدة  ....

 بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com





656

657
من موروثنا الشعبي
الحلقة الثانية *
( زبارا ) العمل الشعبي                            
زبارا كلمة سريانية بمعنى العمل الشعبي ظاهرة تعاونية جماعية  كانت سائدة في القرى قديما وخاصة خلال فصل الصيف لكثرة وتراكم العمل فيه مثل الحصاد او تصفية غلة  البيادر ترميم او بناء المساكن او حظائر الماشية جز الماشية او قطع الطربا جذوع شجرتي البلوط السنديان وتكديسه للشتاء او حفر وتهيئة  البساتين وما إلى ذلك من أعمال شاقة التي تحتاج لجمهرة من  السواعد المفتولة  ،والتي كان يصعب القيام بها من قبل شخص او اثنين وخاصة قضايا الحصاد والبنادر لان التأخير في إدراك و لملمة المحاصيل الصيفية كان صعبا لان الشتاء بزمهريره وتراكم ثلوجه كان يدركهم وينال من مجهودهم وكد عرق جبينهم  فتذهب محاصيلهم سدى مع أدراج الرياح  فكانوا يعتبرون هذا الفصل العدو اللدود لغلتهم وهي خارج البيت ولم يكونوا يضمنونها إلا إذا استقرت داخل البيت ، بينما الصيف كان عندهم بمثابة أبو الفقراء ( قيطا بابت فقيري ومسكيني ) أي أن الصيف هو بمثابة الأب للفقراء والمساكين ،وكانت العادة الدارجة أن يقوم (كزيرايا ) وهو الشخص الذي كان يعمل كمنادي في القرية ويمتاز بصوته العالي ونبراته الضخمة لإيصاله إلى مسامع كل أهالي القرية ومن على منطقة عالية فكان يصيح أن الغد زبارا لبيت فلان ، بعد اتفاق مسبق لهذه المسالة بين وجهاء وشيوخ القرية والانطلاقة ستكون الساعة كذا فكان كل بيت او عائلة ترسل احد أبناءها  والبالغ من العمر ويجيد ذلك العمل وليوم واحد فقط ، وكانت قافلتهم المحبة والمتآلفة وكفريق واحد  تذهب معا إلى حيث موقع العمل ويرسمون علامة الصليب على وجوههم ومن ثم يشرعون بالعمل بكل  إخلاص وتفاني بيد وقلب واحد مقسمين أنفسهم على فريقين لإثارة روح المنافسة والحمية والمتعة وتحديد أهداف او مساحات معينة لهم والشروع بالمسابقة وإدانة الفريق الخاسر وفرض الجزية عليه كحلاقة شعره او لحيته وغيرها من المواقف الهزلية المضحكة ، إلى جانب إطلاق العنان بالغناء والطرب وهناك أغاني خاصة تؤجج الشعور بالمنافسة والنكت والطرائف والمواقف المضحكة فيما بينهم ، بينما صاحب العمل او نساءه يقومون بتهيئة وجبة الغذاء وتأمين المياه المتواصلة لهم وأحيانا كان كل عامل (بالا ) يصطحب معه زاده الشخصي  لكي لا يكونوا عبئا على صاحب العمل، وخلال فترة الاستراحة عند الحصاد يقومون الحصادين  بشحذ المناجل (مكزي ) بواسطة قطعة حجر ملساء (مشنا ) بعد ترطيبها بالدهن الذي كان يضم او يحفظ في قرون الحيوانات, وشرب المياه فكانوا ينهون عملهم بيوم واحد وفي اليوم الثاني يذهبون لبيت آخر وهكذا حتى ينهون كل أعمالهم  الصيفية بروح ملئها المحبة والتآخي والتآزر والألفة ، ومساءا كانوا يتناولون العشاء ببيوتهم او في بيت صاحب العمل ومن ثم يتكلمون عن انجازهم اليومي  وبرامجهم ليوم غذ . هذه كانت صوره توصيفيه لطبيعة العمل في القرى والأرياف   ...


 
      (مزيذا ) واستخداماتها                                        
مزيذا او زميدا كلمة سريانية بمعنى الجلد المدبوغ والمنفوخ وهو عبارة جلد حيواني كان أجدادنا يستخدموه لتعبئة محاصيلهم من (خابي - بردي) الحبوب كالحنطة والشعير والعدس والحمص والرز والدخن وغيرها أي بمثابة الكواني الحالية , قديما في القرى والأرياف  كونه كان يمتاز بالقوة والسعة الكبيرة,والإدامة  والنظافة من قضم  الحشرات أو الفئران التي كانت تستهدف قوت الناس من الحبوب وهم أحوج إليها ، وتحضير هذا الجلد كان يمر بمراحل وخطوات عدة  بدءا بذبح الحيوان أكان ثورا أو بقرة أو من المواشي حيث لا يجوز صلخ جلده بل ينفخ بعد شد أماكن نفاذ الهواء لكي يفصل الجلد عن اللحم أو يكشط بواسطة إدخال اليد فيه ، ومن ثم تعلق الجثة ويسحب الجلد منها وبمهارة لكي لا يتشقق أو يثقب ، بعدها ينقع الجلد في جدرية من معدن الصفر ويضاف إليه كمية من الطحين وخميرة الخبز ويسخن لعدة ساعات ليتراخى الجلد و تسهل عملية نزع الشعر أو الوبر أو الصوف منه ، بعد ذلك ينظف من الخارج بقشطه بآلة حادة أو إمراره على خشبة لصقله وتبيضه ، عندها تخيط الثقوب إن وجدت فيه ،عندئذ يصبح الجلد (مزيذا) ويكون جاهزا لتعبئته بالحبوب بعد أن أصبح ابيضا وليننا لاستخداماته الكثيرة ويضعونه على ( ستيرا ) في صدر البيت، وهو الآن منقرض وغادره الإنسان بعد أن تطورت مناحي حياته وألقت بظلالها على تطور استخداماته واختياراته من الإغراض  والأشياء، ولم تبقى من زميدا إلا اسمها عند كبار السن وممن عاصروا استخدامها أو أعداد على حد أصابع اليد في الزوايا التراثية من المتاحف الفلكلورية ، ولحد الآن يضرب المثل بها على من يأكلون بشراهة أو ذوي الكروش الكبيرة يقال بالسريانية ( كاسي ايلا اخ مزيدا ) أو بطنه شبيه بـ  (مزيدا ) ...


 بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com   


658
معاني ومدلولات لماسو ( الثور المجنح )
ليس من شك إن لكل امة عظيمة كم هائل من معالم ورموز أثرية مستمدة من امتداد سفر ارثها الحضاري الإنساني .تخلدها للأجيال اللاحقة مبينة فيها مشاهد و لمحات معينة من فنونها المعمارية وآدابها وقمة مجدها وازدهارها.وامتنا الكلدوآشورية السريانية تعد سفرا مجيدا زاخرا تنضح بالفنون المعمارية والزخارف والمنحوتات الجداريات والأدب والأساطير والملاحم والقصص وغيرها , بحيث غزا ارثها الحضاري الجميل مساحات شاسعة من أروقة متاحف العالم المهمة .وغدا هذا الإرث معهدا او مادة للدراسات الأكاديمية واستحصال ونيل الشهادات الأكاديمية العليا وما إلى ذلك.وهنا سوف نتطرق الى تفاصيل احد تلك الرموز الأثرية العجيبة والجميلة والخالدة والذي ابهر العالم بفكرة تصميمه ومقاومته لأهوال وأحوال الزمكانية ليقطع مسافات القرون ويمتد إلينا لحد هذا اليوم منتصبا شامخا شموخ الجبال ويعكس قمة الحضارة الاشورية، وهو الثور المجنح  احد الرموز الفنية لحضارة بين النهرين  ( مهد الحضارات الإنسانية ) والذي يعرف بـ ( لاماسو) آلهة  الحماء والحراسة وهو عبارة عن مكون او مخلوق تشكيلي لعدة رموز مجتمعة ومجسدة في هيكل مركب بين الإنسان والحيوان لإثبات أسبقية ما يعرف ب (  عملية استنساخ ) الحالية بأخذ جينات من عدة مخلوقات وزرعها في حيوان واحد فيكون وليد  ذلك مخلوقا متجانسا ومركبا, وقد أدمجت كل قوى القوة بشكل تكويني منسق وحسب اعتقاد الأقدمين فان المخلوق المركب سيكون له القدرة القوية والخارقة لإخافة وإرعاب الأرواح الشريرة ,التي يمكن أن تتعش عش داخل المباني ( القصور  الملكية – المعابد والهياكل وغيرها من الأماكن ) حيث يتكون من رأس الإنسان للدلالة على انفراد الإنسان بالعقل والفكر وفطنة الذكاء والحيلة والتاج للملكية التي نزلت من السماء بعد الطوفان الكبير في عدة مدن سومرية, والحكم وحنكة القيادة الرشيدة للإنسان الواعي و المقتدر، وجسم الثور هذا الحيوان المعروف بالقوة للشؤون الزراعة وجر العربات وفحولة الإخصاب لثور واحد بين قطيع كبير من الأبقار الى جانب فائدته الجلدية ولحمه كمادة غذائية وقرونه القوية للمسائل الدفاعية والتي ترمز للملوكية التاج الملكي ذو القرنين للملك نارامسين ,وأجنحة طائر النسر الذي يعتبر ملك الطيور او ملك السماء ولقوة بصره وشدة انقضاضه على الفريسة من الأعالي ومخالبه الحادة وشموخه في الأعالي ,ورؤيته تتطلب التحديق في الأعالي دائما،وذيل الأسد ملك الغابة اقوي الحيوانات المفترسة وما يمتاز به من الكبرياء والغطرسة وفرض الذات، وقشور جسم الحوت ملك المخلوقات المائية الوفيرة في بلاد النهرين ، والأرجل الخمسة لبعض الثيران لتصويره في حركتين أو مشهدين , الأمامي واقفا متجسدا راسخا  لايتزحزح من مكانه  أمام المباني للحراسة وطرد الأرواح الشرانية ومن المشهد الجانبي لتصويره في حالة الحركة المستمرة ولملاحقة  تلك الأرواح ، وحلقات تاجه الملكي الثلاثية لإظهار الثالوث الكلدوآشوري المقدس  ( انو – انليل – ايا )، عناصر الطبيعة الأساسية ( الأرض – الماء – الهواء ) هذه هي العناصر المكونة لهذا الرمز الوطني والقومي والإنساني . وأول ملك استعمل هذا الرمز للحراسة كان آشور ناصر بال الثاني  ( 833- 859 ق .م ) لغايتين أساسيتين الأولى للحراسة وطرد الأرواح الشريرة كما أسلفنا ، والثانية لغرض إظهار مدى وصول مستوى الفن والفكر النهريين المعماري ا اذ كانت هذه المنحوتات تزين جدران المداخل من الجانبين انسجاما مع فكرة استمرار الألواح المرمرية المنحوتة بالنحت البارز وعلى هذا الأساس فان احد وجوهها الجانبية ترك غير منحوتا لالتصاقه بجدار المدخل ، فهي من هذه الناحية لتكتمل الناحية الفنية المعمارية للألواح الجدارية في القصور أما أرضيات المداخل التي كانت تحرسها هذه المنحوتات  فقد رصفت بلوح من الحجر زين سطحه بزخارف جميله متنوعة .والثيران المجنحة في عهد الملك آشور ناصربال الثاني كانت بخمسة أرجل , إلى جانب نحت مخلوقات أخرى بهيئة أسد ذي خمس أرجل لحراسة مدخل معبد نينورتا في مدينة كالح ( خورسباد )  أما نحاتي عهد الملك  الآشوري سنحاريب (681-704) ق.م فقد جعل الثيران المجنحة بأربعة أرجل  .ومما يؤسف له حقا تعرض المتحف العراقي الذي كان يزخر برموز الحضارة النهرينيه الممتدة لسبعة الآلف سنه منطلقة من سومر – اكد – بابل -  آشور – والحضارة العربية الإسلامية هوية العراق الحضارية لأيادي ثلة من العابثين منفذين لجهات خارجية غايتها محو رموز حضارتنا العراقية ممن لا يولون أهمية للمكنون الحضاري  سوى الانجراف وراء حفنة الدولارات .ولذا على الجهات ذات الصلة و المسئولة أن تلتفت لهذه الناحية بهمة ومسو ولية جادة لتأهيل وإعادة ما بقى إلى أروقة المتحف العراقي والتوجيه لاستغلال المواقع الأثرية الشامخة بعد ترميمها وتأهيلها بحيث لا تفقد قيمتها وامتدادها الأثري وعمقها الحضاري,كمشاريع سياحية واكتشاف ما بقي لحد الآن مدفونا ينتظر اشراقة نور الشمس عليه والاهتمام بالمؤرخين وعالمي الآثار وتسمية مناطق العراق الجديدة برموز تاريخية تعكس مكنون الحضارة النهرينية وتشجيع الأسر لإطلاق مثل هكذا تسميات علة المواليد الجدد بحيث لا يبقى هذا الإرث حبيس واسير المتاحف وبطون الكتب,وإعادة ما سرق وبيع للدول الأجنبية إلى  مكانه وأرضه الطبيعية لترتاح روح الأجداد العظام الخالدة فان العظام النتنة اليابسة تبكي لأرض الجدود أيضا ,وإعادة طبع المناهج الدراسية وخاصة مناهج التاريخ لتعكس تفاصيل الحضارة العراقية دون أي طمس او تهميش او إقصاء لأي فترة  تاريخية ومحولة تسجيلها كمواقع اثرية عالمية ولتكون تحت رعاية منظمة يونسكو كما سجلت قلعة اربيل التاريخية مؤخرا والتي يعود تاريخ تشيدها لملك الآشوري سنحاريب ,و لترسيخ ونشر روح  الوحدة الوطنية والفكر الإنساني لهذه الحضارة العتيدة  ....

 بدران امرايا
Badran_omraia@yahoo.com




                                                                                 

659
التراث هوية الأمة ومفخرة الوطن
         
لا يخفى على القارئ اللبيب ما للثقافة والتراث  من دور فعال وريادي في شحذ وإبراز وتجسيد معالم وسمات الهوية القومية لأية امة على وجه المعمورة فهي تشكل اللمحات الأساسية والرتوش الجمالية وتستبين معالم ومفردات وجودها وتمييزها عن بقية الأمم والشعوب( كل امة تعرف بثقافتها وفنونها ) فهي تصقل وجهها الحضاري وتضفي إليها سمات القوة والحيوية ,فالتراث يعرف بأنه مخزون إنساني يتراكم عبر مرور السنين من فعاليات وممارسات ونشاطات مادية ومعنوية لأبناء الأمة خلال مسيرتهم الحياتية اليومية من على مسرح الحياة ,لكن بتطور سبل ومناحي الحياة العصرية وتجديد معالمها على الدوام والتجديد هي سمة من سمات الحياة الدائمة منذ الأزل ولحد الآن ,وهذا بحد ذاته يفرض عليها تهميش والاستغناء عن إحياء وممارسة بعض أوجه الموروث الحضاري والذي لا يواكب روح العصر وصرخة الموضة , وان لكل عصر أدواته وفعالياته وممارساته الخاصة به فلا تتلاءم إن مورست في غير أوانها او إطارها الزمني المحدد وتتناشز فاقدة لقيمتها وخصائصها الذاتية , وبعدم ممارستها او الاستعانة بها فإنها ستترسب إلى حيث عالم السكينة وتخضع لعملية الضمور والتلاشي والاضمحلال والى حيث وادي النسيان . وان بقي هذا الموروث قيد التداول و التناقل عبر اللغة والكلام الشفوي بين الناس فان سبل زواله واضحة المعالم و تكمن في إطار الأفق المنظور والقريب وتكمن وتتكفل بمدى بقاء حياة الشخص المتقن لها وتواكب مسيره في النعش متى فارق نسمة الحياة وانطفأ سراجه المتقد , وهذه إرادة ربانية لا غبار عليها تخضع لها الأحياء بمجملها ,ولكن اخذ هذه الكم العظيم من الموروث الشعبي القومي والإنساني فهو فعل إرادي ويخضع لمشيئة وسلطة الإنسان ويتحكم بالسيطرة التامة والانسيابية لمسيره ومجراه إن أدرك ووعى لذلك الواجب الإنساني . التراث يعني الموروث المادي والمعنوي  وكل ما للأمة من نشاط وفعالية ممتدة من سالف وغابر الأزمان ,انطلاقا بالأغاني التي كانت متنوعة المصادر والأزمان من حماسية أبان الحروب والمنازعات او أيام السلم  خلال العمل موسم الحصاد وجني الثمار وتصفية البيادر والإعراس وغيرها ,او رثائية أيام الشدة والمحن التعازي والمآتم وما إلى ذلك ,والأقوال المأثورة والأمثال والحكم المعبرة والحكايات والقصص الشعبية والعاب فردية وجماعية ذكورية واناثية شبابية وشيبيه وحتى المسبات فإنها تدخل قالب  الموروث الشعبي للأمم , حيث كان لكل فصل ألعابه وممارساته الخاصة وتخضع لعوامل وظروف مناخية وزمكانية معينة ,فكانت أجواء القرى وغيرها من الأماكن تستدعي بإلحاح لخلق وإيجاد هذه الممارسات الشيقة للترويح عن الذات واللهو وتمضية أوقات الفراغ ولإضفاء وتأجيج مكامن روح المنافسة عند الفرد , حيث لم يكن هذا الكم الهائل من موجودات عالم اللهو والمرح ووسائل الراحة متوفرة وقتذاك .وان الحياة بطبيعتها تتجدد عبر امتداد حبل الأجيال وفي نفس السياق فان حاجات وأدوات الإنسان تتطور من شكلها البدائي البسيط نحو الأحسن والأدق وتطرح ماكينة الحياة الأشياء القديمة المادية والمعنوية وتهمشها على خطى مسيرتها الدينامكية .فقديما لم يكن بوسع الإنسان تدوين وتسجيل وتصوير هذا الكم من النشاطات والأحداث والفعاليات  الفكرية والمادية بتفاصيلها الدقيقة وحفظه , بل خضع لعملية النسيان ومن ثم الاندثار لأسباب عديدة لا نجهلها اقلها كقلة وسائل هذا المهمة الخاصة وشخوصها . فأجدادنا العظام من السومريين والاكديين والبابليين والآشوريين لم يدخروا وسعا في  الإبداع والحفاظ على مورثوهم الثر لإدامة وصوله للأجيال اللاحقة بأمانة واقتدار عبر آلاف السنين وهو يتجسد في المواقع الأثرية والألواح المخطوطة والجداريات والتماثيل والأبنية والقصور الشاهقة والأسوار الممتد ة والقلاع والسدود  والأواني المعدنية والفخارية الثيران المجنحة (لاماسو) وأسد بابل والمدن وغيرها . وما يحز فينا الألم تعرض متاحفنا العراقية لعاصفة هوجاء من التخريب والسطو والسرقة والتهريب أثناء عملية التغيير عام  2003  وهذه بحد ذاتها خسارة جسيمة لا يمكن تعويضها على الإطلاق والمضحك المبكي ان الشعوب تسعى جاهدة لاسترداد ما لها من رموز تراثية خارج أوطانها  لترجع متربعة لمكانها الأصيل وتتعطر بنفحات من نسيم الوطن العليل وتقترن بأرضها الأصيلة  ليزداد جمالها ورونقها على العكس من شعبنا العراقي الذي شهد الأيادي العابثة وبمباركة جهات خارجية تعث في الأرض فسادا وتدمر رموز ومعالم حضارته العتيدة ولم يأبه لذلك , فكنا نتمنى أن يكون كل تراثنا ومقتنيات متاحفنا خارج القطر على الأقل لتكون بعيدة ومصانة من سطوة هؤلاء العابثين , والعمل بكل ما من شانه ان يرفع من قيمنا ونفتخر به على الدوام . لكن هذا لا يكفي والتبجح به هنا وهناك ,لكن الواجب كل الواجب يدعونا ونحن في خضم هذا الحياة التي تعج بوسائل الحفظ والارشفة والتصوير المتطورة ومجالات النشر العديدة وهذا بطبيعة الحال يفرض علينا الواجب ممارسة دورنا الفعال كأفراد ومؤسسات ذات الصلة الحكومية والمستقلة والإعلام المسموع والمقروء والمرئي بان لا ندخر وسعا لحفظ ورفع شاننا وقيمنا المادية والمعنوية والدفاع عنه من أيادي اللصوص والسطو والطمس والتشويه لان التراث او الموروث الشعبي هوية الأمة وعنوانها ووساما لازورديا لامعا على صدور أبنائها الغيارى , وعلى كتابنا وأدبائنا الأعزاء استغلال حدة أقلامهم وفعالية مدادها في لم وجمع وتدوين ما أمكن من تراث الأمة الزاخر ونشره في صحف ومطبوعات ورقية والكترونية ليكون في متناول الأجيال اللاحقة  لتشتم من عطره العبق وتسير على هدى نوره المشعشع لرفع الروح المعنوية الايجابية والبناءة فيهم لخدمة الأمة والوطن والإنسانية جمعاء وعدم تركه قيد شفوية الذاكرة ويطويه الزمن بزوال صاحب الذاكرة وكم من هذا الموروث الشعبي الهائل ذهب سدى كونه لم  يسطر على بياض الورق .  وعدم الزج بأقلامهم في خضم سجالات بيزنطية عقيمة وأوراق صفراء هزيلة لا تهدف إلا لدغدغة مشاعر الفرقة والتشرذم والرص في الصفوف المعادية لوحدتنا و لتطلعاتنا القومية المنشودة والمشروعة  ...وهنا سوف أتطرق للموروث الشعبي الكلدو آشوري السرياني القروي وعلى شكل حلقات متتالية ليكون في متناول القارئ الكريم ..
*الحلقة الاولى

(خوشيبا  دبناثا )احد البنات
كانت ولازالت المرأة منذ القديم  تحتل مكانة مرموقة ومتقدمة في أواسط شعبنا الكلدوآشوري منذ أيام حكم إمبراطوريته المترامية الإطراف وبسلالاتها العديدة من السومرية والاكدية والبابلية والآشورية قبل سبعة الآف عام ، فقد رقيت إلى درجة الإلهة ( عشتار –انانا – اورنينا-  )والسياسية والملكة والعسكرية ( سميرة ميس (شمي رام ) - شبعاد )فقد ضمن حقها دستوريا وشرعيا في قوانين الملك اورنمو أول مشرع لقانون في العالم ولبت عشتار وحمو رابي، انطلاقا من اعتبارها نصف المجتمع وهي الأم  و الأخت  والزوجة والجدة والصديقة والمربية الفاضلة والزميلة المخلصة والحميمة للرجل خلال مسيرة الاقتران وفي حضنها الدفيء تنمو وتترعرع الأجيال وهي أول مدرسة يتلقى الطفل منها الدروس والعبر وهي وراء كل رجل عظيم ،ولهذه ألمكانه وصفها شعبنا بالسريانية ( كنوشتا دبيتا ) أي هي جامعة البيت ، ووصفت البنت الكبيرة (ببركة البيت)، ولهذه المكانة المتميزة خصص شعبنا لها  عيدا او يوما  سنويا وهو (خوشيبا دبناتا )أي احد البنات حيث يصادف الأحد الأول  للشروع بالصوم الخمسيني لعيد القيامة المجيدة حيث كانت الأم او بيت الأب يقومون بتحضير طبقة شهية ودسمة وذات قيمة واعتبار( ساما )أي ( الحصة ) ويذهبون بها إلى حيث بناتهم المتزوجات لتتغذى بها وتتباهى أمام أهل زوجها بقيمتها ومكانتها المعتبرة عند ذويها ، هذه ان كانتا البنات متزوجات داخل القرية او مكان قريب من بيت الأهل اما ان كانوا بعيدات فيستعينون بقطعة قماش ثمينة بدل طبقة الأكل ويذكرون بها بنتهن خلال ذلك الأحد من السنة ،على اعتبار ان لها مكانة متميزة ومعتبرة وحصة في بيت الوالد وعلى الدوام  وغيرها من المعاني والقيم الإنسانية السامية ، وما زال هذا اليوم فعالا ويشغل حيزا كبيرا من فلكلور شعبنا القومي الثر وحي الممارسات في كثير من الأماكن ويمتد للخارج وعبر الدول والقارات..
 ..
( رندولا ) الحقيبة الجلدية                 
(رندولا ) كلمة سريانية مركبة بمعنى ( رنة الطبل ) حيث كان صوتها أشبه بالطبل وهو إناء جلدي أشبه بحقيبة واسعة الفوهة محكمة وقوية كان يستعان بها قديما أبناء شعبنا الكلدوآشوري في قراهم الجبلية لغرض جني الحب الخضراء ( البطم والبيوك) فيه باعتبارها مواد ذهنية وذات لزوجة يصعب لمسها و وضعها في أواني  من خامات أخرى، لذا كانوا مضطرين لصناعة او اختراع شيء يقضي حاجتهم  منطلقين من مقولة( الحاجة ام الاختراع ) لذا ذهبوا إلى جلب الجلد الحيواني الذي كان متوفر عندهم بكثرة وتنظيفه ودباغته بدقيق قشور الرمان (كمرا ) والرماد المحلل(زركي ) في المياه الساخنة ليكون الجلد لين ،وسهل الاستعمال ثم يفصل حجم الحقيبة ويخيط بعدها يستعان بعصا طرية  من شجرة الرمان وتقوس على شكل حلقة دائرية وتربط لتبقى دائرية وبالحجم المراد ثم تمرر ألحوافي العلوية للجلد فيها وتقلب حول الحلقة الدائرية ومن ثم تخيط لتختفي العصا ويستعان بقطعة جلدية طويلة وناعمة (حزام ) لتخيط إطرافها الاثنان بحافتي الحقيبة لتكون يدة  او حمال لحملها عند الاستعمال في جني الحب الخضراء حيث كان الشخص يصعد على الشجرة المذكورة حاملا هذه الحقيبة المسماة بـ (الرندولا)  معه ليقطع عناقيد  البطم  لتسقط في هذا الإناء وبعد أن يثقل حمله يمرر من خلال حبل طويل به إلى أسفل الشجرة لشخص آخر ليستلم الرندولا وينفض العناقيد فيه لتسقط البطم منه  فيرمي مخلفات العناقيد أما البطم فيضعها في آنية أخرى ثم يسحب الرندولا من قبل الرجل الصاعد على الشجرة  بواسطة الحبل ويستأنف عمله ثانية  مستعينا بعصا طويلة رأسها مقوس لتمرر إلى الأغصان العالية والتي ليس بالإمكان الوصول إليها  وانحنائها لجني عناقيدها وهذه العصا كانت تسمى بالسريانية ( جلاكي ) لرأسها المقوس ..



بدران امرايا
 badran_omraia@yahoo.com


صفحات: 1 [2]