عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - احسان جواد كاظم

صفحات: [1]
1
بولونيا - انتخابات ليست على مرام اليمين !

احسان جواد كاظم


جاءت نتائج الانتخابات البولونية للسيم Sjem/ البرلمان, والسينات Senat / مجلس الشيوخ التي أجريت في أكتوبر من العام الماضي, بما لا تشتهي سفن اليمين القومي البولوني وخسارة أبرز أحزابه (القانون والعدالة - PiS ) الوثيق الصلة بالكنيسة الكاثوليكية أمام تحالف ليبرالي ( Platforma Obywatelska - المنبر المدني, Inicjatyiwa Polska - المبادرة من أجل بولونيا ( يسار الوسط ),  Zielonych الخضر )… ولا زالت تداعياتها متواصلة وتثير جدلاً, رغم انقضاء فترة على الانتخابات وتشكيل الحكومة بحلتها الجديدة برئيس الوزراء الليبرالي دونالد توسك Donald Tusk الذي تعرض لحملة تشويه قبل الانتخابات وخلالها وبعدها من قبل أحزاب اليمين ووسائل الإعلام من تلفزيون وصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومنابر الكنيسة الكاثوليكية التي أغدقت عليها حكومة اليمين بالامتيازات والسلطات الواسعة في التحكم بالبرامج المدرسية وتنظيم الاحتفالات الدينية في مؤسسات الدولة والجيش كذلك.
لقد دأبت حكومات اليمين منذ استلامها للسلطة عام 2005 إلى تبني خطة من واقع توجهاتها الدينية لرفع العوائق امام الانجاب الواسع وتشديد العقاب على حرية قرار المرأة في الإنجاب بموجب ظروفها الشخصية وفرض الإجهاض, حتى لو امرأة حملت نتيجة اغتصاب.
 لكسب الشرائح الاجتماعية المحرومة من المواطنين أقرّت مساعدات مالية مغرية للأزواج لزيادة الإنجاب وحسب عدد الولادات, ورفع رواتب التقاعد لكبار السن, الذين هم, على الأغلب, متأثرين بالخطاب الكنسي.
 
ولا تخفى لهجة عداء أحزاب اليمين بكافة الوانها تجاه الاتحاد الأوروبي والتي اعتبرت انتماء بولونيا إليه انتقاصاً للسيادة بقوانينها وأنظمتها الجامعة وتقويضاً للعقيدة الكاثوليكية وقيمها, قبل تسلمها للسلطة.
 وقد تصاعدت الخلافات بينهما بعد استلامها الحكم , بعد سلسلة إجراءات السيطرة على وسائل الإعلام وعمليات التطهير فيها, والتي شملت الجهاز القضائي بمستوياته المختلفة بتعيين قضاة موالين. مما دعا الاتحاد الأوروبي الى فرض عقوبات على الحكومة البولونية.
كما دأبت أحزاب اليمين وحكوماته على دغدغة المشاعر القومية وبعث الأحقاد التاريخية بخطاب معادي للروس, لاسيما بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية, وللالمان حد المطالبة بتعويضات حرب رغم أن ترتيبات ما بعد الحرب بين القوى المنتصرة على النازية قد حسمتها.
ولابد من التذكير من الموقف المتشدد من اللاجئين, بمنع مرورهم وبناء جدار معدني عازل وتسيير دوريات مسلحة على طول الحدود مع بيلاروسيا, رغم انهم لا يريدون البقاء في بولونيا بل المرور من خلالها إلى دول الرفاه الأوروبي.
وكان قد أكد أحد المروجين للتوجهات اليمينية أن : "  للمهاجرين لدينا قاعات جاهزة لايوائهم في ( Auschwitz, Majdanek & Treblinka ) " أوشفيتز - قالها بالألمانية واسمها بالبولونية Oświęcim. علقت محررة في صحيفة نيه اليسارية البولونية : " يبدو ان هذا التصريح بمثابة اعتراف أن معسكرات الاعتقال هذه بولونية !".
 وللتوضيح فقد كانت هناك انتقادات حادة من قبل البولون لصحف أوروبية أشارت إلى " معسكرات اعتقال بولونية " مما أثار حفيظة الأوساط الشعبية والرسمية لهذه التسمية  واعتبرتها افتراءاً وان هذا التعبير غير دقيق, وإنما هي " معسكرات اعتقال المانية نازية في بولونيا ".

وفي عودة لموضوع اللاجئين فإن التعامل التفضيلي للاجئين الأوكرانيين يستند إضافة إلى الموقف الجماعي لحلف الناتو الذي تنتمي إليه بولونيا واندفاعها في مساعدة الجيش الأوكراني, الذي يستند إلى العداء التاريخي لروسيا. ولكون بولونيا كانت القوة الأضعف بين الإمبراطوريتين الروسية والبروسية ثم الالمانية على مر التاريخ, لذا فإنها كانت ضحية لحروبهما سواءاً بتقسيمها فيما بينهما أو بخوض الحروب على أراضيها.
السلوكية الاحتفائية بالمهاجرين الأوكرانيين بدأت تتراجع بعد امتعاض المواطنين البولونيين من الامتيازات والمنافع والمساعدات السخية التي حصلوا عليها على حسابهم. وكان توريد القمح الأوكراني الرخيص إلى الاسواق البولونية قد أثار حفيظة المزارعين البولون مما حدا بهم لتنظيم وقفات احتجاجية على الحدود لمنع بيعه في الاسواق البولونية.
كل هذه المؤشرات والسلوكيات لحكومات أحزاب اليمين دفعت الكثير من المواطنين لاعادة النظر في مواقفهم, لاسيما بعد أن تم الكشف بأن حكومات اليمين قد كبلت الميزانية بقروض كبيرة لتغطية برامجها في المساعدات الاقتصادية لأغراض الكسب الحزبي.

وكأن اليمين كان ناقصاً , لتندلع فضيحة جديدة, ما بعد انتخابية, لتزيد الطين بلّة, تتعلق بسمعة وأهلية أهم ممثليها الباقين على رأس السلطة وهو رئيس الدولة   أنجي دودا - Andrzej Duda , حيث التجأ نائبين برلمانيين سابقين من حزب PiS  القانون والعدالة اليميني, سبق وان حكموا بقضايا فساد, و استفادا من عفو رئاسي, إلى القصر الرئاسي, مما استدعى اقتحام الشرطة للقصر والقبض عليهما.

تشيع في أوساط اليمين والسلطات الكنسية مخاوف من إجراءات الحكومة الليبرالية الجديدة ذات التوجهات الأوروبية بالتراجع عن التشريعات والقوانين التي أقرتها سابقاً.

هل ينجح الليبراليون في جعل بولونيا, دولة أوروبية بحق وحقيق ؟



2
هستيريا الصغار من أفعال الكبار !

احسان جواد كاظم

تنتاب القوى المتنفذة بكل ما تمثله من أحزاب دينية ومليشيات ودولة عميقة.. حالة هلع من احتمالات اندلاع احتجاجات شعبية بعد تفاقم أزمة الكهرباء وانقطاعها عن أجزاء واسعة في البلاد, في ظروف قيض خانق بعد عشرين عاماً من حكمها العضوض, وبات الشعب يُدرك تعمدها وإصرارها على عدم حلها رغم المليارات التي أنفقت ومازالت تنفق, حتى باتت هواجسها المريضة تتضايق حتى من أبسط المبادرات الفردية او من فعل إيجابي عابر, يظنون انها تتعرض لهم وتعرّض بهم وتسيء إليهم.
فقد حصلت فعاليات فردية بريئة وباندفاع ذاتي, ليس لها علاقة بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد, لكنها جوبهت بردود فعل هستيرية غير مبررة.

 وكان قد اعتقل شاب في مدينة الناصرية بادر إلى تنظيف مناطق في مدينته وزيّن جدرانها بلوحات تمثل مشاهير عراقيين… شعروا في فعله إشارة إلى تقصيرهم تنبيه للمواطن إلى الجهات التي لا تؤدي واجباتها كما يجب… وكأن مواطنو مدينة الناصرية ومحافظة ذي قار غائبة عنهم صور فشل حكومتهم المحلية ويحتاجون من ينبههم !
وكذا الحال كان مع أحد المدرسين والكادر التدريسي المكلف بمراقبة الممتحنين في الامتحانات الوزارية العامة.. فقد فُرضت إجراءات عقابية ضدهم, باستبعادهم عن التواجد في القاعات الامتحانية, لأن أحد المدرسين استعان بكرتونه للتهوية والتخفيف عن التلاميذ من شدة الحر بسبب انقطاعات الكهرباء…
 انتشار اللقطات المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي.. أثارت حفيظة السلطات الإدارية التربوية التي قرأت في مبادرة الأستاذ, إيماءة إلى إهمالها في توفير ظروف امتحانية مناسبة للتلاميذ. في ظل صمت مطبق من نقابة المعلمين وذوي الطلبة.

 السلطات المعنية اعتبرت ما حدث من كليهما تحدياً لفشلها وتحريضاً على النظام العام لمجرد احساسها الخاطئ بوجود ملمح احتجاجي في فعليهما… انها عقدة سوء الظن الآدلرية * التي تمسك بتلابيبها !

أحد المطبلين لأحزاب السلطة أشار في لقاءٍ تليفزيوني : " أن الإطار التنسيقي الشيعي الحاكم يقوم بترميم وإصلاح العلاقة مع الشعب ونجح بذلك ! ", بيد أننا لا نشهد جديداً, فلا في الشؤون الفردية الصغيرة, كما في أعلاه, ولا في الشؤون العامة…  فنهب المال العام ماضٍ على قدمٍ وساق, والتهديد المسلح لكل صاحب رأي مستقل او منظومة إعلامية لا تلتقي مع توجهاتهم الولائية والشرعية قائم.. وتطمين مطالب المواطنين مسألة ليست ذات نظر.

أصبحت مسألة تقدير خرق القانون خاضعة لأهواء المسؤول الأمني أو الإداري ومتروكة لاستنتاجاته وليس على أساس ثوابت القانون والقضاء والتعريفات الحقوقية, وهذا الأمر بحد ذاته يُعد خرقاً للقانون.. ولهذا كان اعتقال الشاب بدون أمر قبض قضائي وتعرضه, على الأقل, للضغط النفسي وإجباره على توقيع عدم عودته إلى تنظيف مدينته او تزيين جدرانها..
 كما كان طرد الأستاذ الحاني على تلامذته, وزملائه اجراءً فضاً, ولا يمكن أن يكون له وجود في سياقات العقوبات الإدارية, وإنما تركت لتقديرات المتنفذين في الدوائر التربوية لإدانة فعله واعتباره تجاوزاً وعُوقب على أساسها.

كل ما يحدث يستند لسيكولوجية التسلط المرتبطة بعقدة نقص كامنة في إيديولوجيات متبنيها وممارسيها, أساسها التشدد والفكر الواحد والاستبداد السياسي والهيمنة والعنصرية التي اتخذت اليوم طابعاً طائفياً.

مازالت انتفاضة تشرين المجيدة واحتمالات اندلاع احتجاجات واسعة بسبب الأزمات السائدة وبالخصوص ازمة الكهرباء, يشكل هاجساً مقلقاً بل بالاحرى كابوساً رهيباً يؤرق أعداء الشعب الفاسدين مائلً أمامهم, لهذا يسعون لخنق أي نأمة أو تململ شعبي في المهد.

لكن للشاعر رياض الركابي رأي آخر :

" ضوه الشمعة شما صغر..
يخنگـ ظلام الليل " !


●   عقدة آدلرية - متعلقة بالشخصية سيئة الظن, يغلب عليها الشك بالآخرين والريبة الزائدة والحذر من الناس.




3
عشيقات الميليشياوي ميليشيا !

احسان جواد كاظم

بعد حادثة الاعتداء المشين لإحدى عشيقات, كما أشيع, نائب برلماني عن ائتلاف إسلامي, على ضابط مرور يؤدي واجبه, بعد مخالفتها للنظم والقوانين المرورية, تحول الحادث إلى قضية رأي عام, تداولته وسائل التواصل الاجتماعي واضطر الحزب الذي ينضوي تحت لوائه, لحساسية الظرف والموقف وكون المتورط متحدث رسمي بأسم دولة القانون / نوري المالكي ذات التوجهات الاسلامية, إلى التعاطي مع ما حدث.

فقد اعتدت هذه المرأة ومرافقتها على ضابط المرور بالحذاء وشتمته بعد أن سبته وهددته بتجريده من رتبته العسكرية و" ارجاعه للجلوس عند أخته " أي طرده من العمل. وهذا كله موثق بفيديو انتشر على كل وسائل التواصل الاجتماعي وناقشته قنوات فضائية.
سبق وان حدث تجاوز إحداهن على شرطي مرور حاسبها على خرق النظام العام وهددته بالنقل إلى مناطق حدودية نائية وفعلت ذلك, لأنها مدعومة من سياسي إسلامي متنفذ.
كما وحدث لنائبة برلمانية عن حزب إسلامي آخر أن تجاوزت على شرطي مرور لفظياً ثم يدوياً بواسطة أفراد البودي كاردس المكلفين بحمايتها وأدموه, لأنه تجرأ على إيقاف جكسارتها وطابور حمايتها بسبب اختناق مروري أوجب انتظارها للحظات لحين تسليك الطريق… ولكن لهفتها لحل مشاكل المواطنين الملحة, غلبت, ودفعتها للاقتصاص منه.

هؤلاء النسوة من عشيقات ومحظيات اللواتي أصبحن ظاهرة بملامح ميليشياوية, يستمدن السطوة و الاستقواء وجرأتهن على القانون ووقاحتهن على الموظفين الرسميين من طبيعة علاقاتهن أو قوة من يتبناهن ويسبغ حمايته عليهن من المتنفذين وأصحاب السلاح والسطوة الذين هم بكومتهم فوق القانون والنظم والأعراف والقيم… فهم يحسبون أنفسهم بالنهاية أسياد بلد وحماة عرض, يجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم, فهم ليسوا كأي مواطن, عادي غير ذي بأس, يخضع للدستور والقانون وما يرغبون ! وهو دائماً مشروع قمع وتنكيل !

في لقاء مع النائب البرلماني الذي استل المرأتين في سيارته وتدخل لإطلاق سراحهما, أشار إلى التراضي الذي حصل بين الجانبين على ما يدعي, لكنه كعضو في ائتلاف دولة القانون, كان بالأحرى به مراعاة الالتزام بقانون الدولة التي يحكمها حزبه في تحالف إسلامي عريض.. والقانون يفترض وجود حق عام يجب على السلطات القضائية أن لا تنساه.. هذا غير إهانة الرتبة العسكرية التي يحملها هذا الشخص كأي منتسب في القوات المسلحة والأمنية ومنها المرورية والمستندة إلى قرار جمهوري خاص.. له حيثيات تدين من يعتدي عليه باعتباره إهانة لهيبة المؤسسة الأمنية وكل الدولة.

وينبغي التذكير بوجود قانون يجرّم كل من يعتدي على موظف حكومي أثناء أدائه لواجبه الوظيفي فما بالك بالاعتداء على منتسب في القوات الأمنية ؟!

أن الاستهتار بقوانين وأنظمة الدولة وعدم احترامها, سواءً من مجموعات مسلحة أو أفراد متنفذين مقربين منهم دليل هشاشة النظام وحتمية انحلاله… والجماهير تتحرق للتغيير .




4
ما السر الكامن وراء حرق القرآن !

احسان جواد كاظم

تتفاعل تداعيات حرق شخص, أقل ما يمكن أن نقول عنه : أخرق, نسخة من القرآن الكريم أمام جامع في ستوكهولم بحضور وسائل إعلام وشرطة سويدية..
انطلقت بسببها المظاهرات الغاضبة في مناطق مختلفة في العراق نظمها التيار الصدري وتوالت بعدها الإدانات الرسمية وغير الرسمية, بما فيها مواقف متأخرة من قوى إسلامية وضعت نفسها قيمّة على الدين, وتطورت حد طرد سفيرة مملكة السويد في بغداد.

مواقف كل الأطراف من الحدث تركزت على ادانة العملية ولعن مرتكبها سلوان موميكا والتعامل معها كحدث خارجي وحسب, دون تجشمهم عناء متابعة جدية لشخصيته وقبل كل شيء لماذا لجأ لهذا الفعل ؟ فكونه ملحداً لا يبرر هذا العمل المشين بحق كتاب يقدسه المسلمين في أنحاء العالم..
ورغم نشر وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عنه, فإن التساؤلات المشروعة في أسباب التحولات التي طرأت على شخصيته ومواقفه مازالت مجهولة.. فقد ذكرت وسائل التواصل الاجتماعي أنه كان  شخصاً متنفذاً في ميليشيات الشيخ ريان الكلداني قائد الحشد المسيحي المنضوي تحت راية الحشد الشعبي, ثم انتسب إلى كتائب الامام علي وهي فصيل شيعي مسلح.. وتشهد على ذلك صور تجمعه بقياديين في الكتائب المذكورة.
ربما التساؤل الأهم والمُلح هو ما الأسباب التي دفعته إلى اللجوء إلى السويد ؟ وهل أنه ألحد قبل وصوله السويد او كان ملحداً جاهزاً في العراق ؟
إن المتتبع لسيرة سلوان موميكا ونشاطاته من خلال ما نشرته وسائل التواصل الاجتماعي وتجنبت المصادر الرسمية وأطراف الحشد وبالخصوص كتائب الامام علي التي كان منتمياً إليها, توضيحها, يدفعنا إلى الشك أن وراء تحولاته وتخليه عن ديانته وعن انتمائه الوطني للعراق الذي تمثل بحرقه العلم العراقي وبالخصوص عن مواقعه المؤثرة في الحشد بما فيها من امتيازات والهروب إلى السويد ومن ثمة حرقه للقرآن أسباباً أخرى تتعدى موقفاً فكرياً مفترضاً.

فالمعروف أن أصحاب  الرأي والموقف الفكري لا يتعاملون بهذا الشكل النزق والاستفزازي وإنما بأساليب النقاش والمحاججة والإقناع…
ولو كان له موقف فكري الحادي مستحكم, فلماذا  اقتصاره على حرق القرآن دون غيره من كتب مقدسة, إذا لم تكن عنده أسباب موجبة لهذا الفعل ؟

نحن كعراقيين بحكم تجربتنا و فهمنا لطبيعة تفكير افراد ومجاميع ومؤسسات القوى المتنفذة لا بد وان نشم في ذلك صراعاً على النفوذ والمغانم وليس شيئاً آخر, فوراء حرق القرآن دوافع أخرى, أعتقد أن العراقيين قد أدركوها ولا يخفى عليهم سر !

فلا هو صاحب موقف ورأي ولا هم أصحاب حميّة وغيرة على القرآن والدين.

5
مصداقية غائبة… ثقة معدومة

احسان جواد كاظم

عندما تفقد السلطة, أية سلطة ثقة الشعب, يصبح إنحدارها نحو الهاوية محققاً.. هذا ما أكدته تجارب الشعوب.
تحاول أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة انقاذ مايمكن انقاذه بترشيحها للسيد محمد شياع السوداني لأشغال موقع رئاسة مجلس الوزراء بسبب  سجاياه الشخصية  وتجربته… لكن الهاجس الشعبي من الأطراف التي رشحته ودعمته يضعه في موقف حرج أمام الشعب, يستدعي تبرؤه من التبعية لهذه الجهات, لينزع عنه الاتهام بأن مهمته تجميل الصورة الكالحة لها وتحسين سمعتها.

يرى الكثيرون أن الإطار التنسيقي الشيعي الذي رشحه وصل إلى نتيجة أن استمرار تسيير أمور الحكم بنفس الأساليب السابقة بالقسر المسلح, أصبحت عقيمة, لا سيما بعد انتفاضة تشرين الشعبية المجيدة ضد نهجهم, التي أغرقوها بالدم, وهو ما فاقم من فرص استمرارهم في السلطة, لذا كان لابد من البحث عن مخرج, بعد تنامي الغضب الشعبي من أساليبهم الدكتاتورية في الحكم والاستئثار بثروات البلاد.. المخرج الذي وقعوا  عليه لمقاومة رياح التغيير القادمة لا محالة, هو ليس بناء مصدات رياح بترشيح نوري المالكي القوي صاحب الأصوات الانتخابية الأكثر من بينهم, الممقوت شعبياً, بل ببناء طواحين هواء, تسرب هذه الرياح فكان ترشيح محمد شياع السوداني كرئيس لمجلس الوزراء الغير معروف شعبياً.
ولا ينبغي اغفال  ظهور عامل مؤثر جديد في الواقع السياسي العراقي وهو دور السفيرة الامريكية في بغداد السيدة ألينا رومانسكي في إملاء قراراتها على المنظومة الحاكمة.

أكثر ما يُثاب ويُمتدح عليه السيد رئيس مجلس الوزراء هو الاستقرار الأمني وتوقف استهداف السفارات الأجنبية واغتيال المواطنين وغيرها من مظاهر الانفلات الأمني والعنف التي كانت سائدة أيام سابقه السيد مصطفى الكاظمي. وفي حقيقة الأمر فإن القوى التي جاءت به ورشحته هي نفسها التي كانت تعبث بالأمن, وهي بذلك تحرص اليوم على تسليك أمور حكومته أي حكومتها لعكس صورة إيجابية للمواطن الذي أصبح يبغض شخوصها ومسمياتها الحزبية وقبلهما نهج المحاصصة النهبوي الذي اعتمدوه كأساس نظام فشل طوال عشرين سنة بادراتهم من دفع العراق نحو التعافي والنهوض في دوره.

ينظر المواطن العراقي بعدم الثقة في حقيقة الاستقرار الأمني, ويعتبره شكلياً وهو يشهد الإجراء الحكومي بزيادة أعداد منتسبي الحشد الشعبي وزيادة تخصيصاته في الميزانية المقترحة, رغم أن الحاجة إلى وجود هذه الحشود قد انتفت أغراضها بعد القضاء على داعش, وأصبحت عالة على الأقتصاد الوطني, كما أن فتوى السيد السيستاني كانت مشروطة بقتال داعش وليس التمدد في الجغرافية العراقية.
حتى السيد نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء الأسبق طالب بحلها.

كما أن الزوبعة المُثارة حول تمسك السيد السوداني بشروطه للاطار التنسيقي وصلاحية إقالته الوزراء الفاشلين في أداء مهامهم خلال ستة أشهر, وتقديم أسمائهم لمجلس النواب لاستبدالهم, الذي لاقى معارضة من السيد نوري المالكي الذي يُتوقع إقالة وزرائه…لا تنطلي على العراقيين… الأكثرية البرلمانية ستجهض مساعي السوداني وسيكون مجبراً على التعايش مع وزراء فاشلين… وذاك الطاس وذاك الحمّام, كما يقول المثل العراقي.
ولأن عشرين سنة من الغش والخداع, كانت كافية لينظر العراقيون إلى ما يحدث بعين الشك والريبة, وأن ما يدور هو مجرد محاولة للقفز على نباهتهم, واستغفال الوعي الشعبي, بدعوى نتائج التصويت الحر لنواب الشعب !!!

نواب شعب الذين يهرعون كالقطط نحو وليمة من السمك حين تطأ قدم سيدهم أرض البرلمان, ليسوا ممثلين للشعب بل اتباع لأسيادهم.
 التعويل على مثل هؤلاء غباء !

المعروف أن المعارضات السياسية في النظم الديمقراطية والاستبدادية هي التي تناكف الحكومات وتحاول إسقاطها, بينما عندنا فإن الإطار الشيعي التنسيقي الحاكم هو الذي يضع العصي في عجلة حكومته ويعرقل خطوات رئيس مجلس الوزراء الذي جاء به, عندما يستشعر بوجود مساس بمصالحه, ولهذا لم يرَ المواطن تحقيقاً لوعوده ولا انجازاً يسجل له.

حتى الاستجابة إلى مطالب الخريجين العاطلين, التي برغم ظاهرها الإيجابي فإنها في ظل ترهل جهاز الدولة واستيعابهم القسري بدون تخطيط, فسره البعض بكونه محاولة لتوظيف ذلك لأهداف انتخابية لصالح الجهات المهيمنة او على الأقل اسكات الأصوات المنادية بحقوقها ولو مؤقتاً, بسبب  مستوى العجز في الميزانية العامة والديون الداخلية والخارجية وتذبذب أسعار النفط التي تهدد بعدم قدرة الحكومة, لاحقاً, الوفاء بالتزاماتها إزاء من عينتهم !

إشارة أخيرة للسيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني :

 " السياسة فن الممكن.. السياسة فن المستحيل " !!!


6
براغماتية الثعالب !

احسان جواد كاظم

كثر في الآونة الأخيرة تداول مفهوم " البراغماتية ", في وسائل الإعلام, واقترن بمواقف الإطار التنسيقي الشيعي الأخيرة المتسمة بالانضباط والهدوء في العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والإمارات ومن المشاريع الاقتصادية المشتركة المزمع تنفيذها (بعدها حبر على ورق ) والتي كانت سابقاً تلاقي الرفض القاطع. ثم التراجع الدراماتيكي عن شعارات طرد المحتل, لتستبدل بالتزام الصمت إزاء صولات وجولات السفيرة الامريكية لدى بغداد السيدة رومانسكي في مؤسسات الدولة وحتى الترحيب ببعضها أحيانا, وغيرها من المواقف المستغربة من قياداته.

يروّج الإطار من خلال قنواته الفضائية او تصريحات ممثليه في القنوات الاخرى لمفهوم البراغماتية ويجعله تحولاً في سياسته ونضجاً سياسياً لأحزابه وميليشياته من أجل العراق والعراقيين, إلا أن كل الحكاية تذكرنا بقصيدة أحمد شوقي " قصة الثعلب والديك " والحكمة المستقاة في نهاية القصيدة :  " مـُخـْطـِئ ٌمـَنْ ظـَنّ يـَومـاً *** أنَ لِلثـَعـْـلَبِ ديـــنا ".

و التشكيك بصدقية هذه البراغماتية كونها مفروضة من أعلى,من جهات ليست عراقية, وليست ثمرة مراجعة وانتقاد تجربة, لهذا ستكون أشبه بديمقراطية بريمر التحاصصية التي اكتوى بنارها العراقيين !

فالمواطن العراقي لا يستطيع, ببساطة, هضم هكذا ادعاء صحوة مفاجئة لأحزاب سلطة لم تعمل يوماً للصالح العام, ولم تقدم أي خدمة تُثنى عليها, بل انها جلبت الكوارث الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية والخدمية الخ الخ الخ.
.. لاسيما وان البراغماتية المذكورة مقتصرة على العلاقات الخارجية وليس للعلاقات الداخلية مع المواطن من نصيب في هذه البراغماتية المزعومة… فلا نهج السلطة المحاصصي الطائفي - العرقي تراجع ولا السلاح الموازي لسلاح القوات المسلحة الدستورية سُحب, ولا مبدأ التوزيع العادل للثروات جاري ولا احترام الحريات والحقوق معمول به, ولا التطوير الاقتصادي… بينما جرح انتفاضة تشرين المجيدة وشبابها ينزّ منذ 2019 وقتلتهم " يمشون في الأرض مَرحاً ".

السياسة كل متكامل, لا يمكن تبني البراغماتية والانفتاح في السياسة الخارجية وتتشبث بالدوغماتية والتشدد في السياسة الداخلية.
ويُفترض بالدول الراسخة أن تكون سياستها الخارجية انعكاساً لسياستها الداخلية وتكريس لها… متفاعلة فيما بينها لضمان مصالح البلاد وشعبها.

" براغماتية* " بساق واحدة لا يمكن أن تقود الا إلى بقائنا في " الدوغماتية* " التي نعيش في كنفها اليوم !


●   براغماتية - التعامل العملي مع الأحداث والمواقف.
●   دوغماتية - تعني الجمود الفكري والتعصب لعقيدة والجزم بصحتها.

7
كوميديا دانتي والكوميديا العراقية

احسان جواد كاظم


" الكوميديا الإلهية " لدانتي أليغييري ليس فيها من الكوميديا شيئاً, خصوصاً قسمها الأول والأهم " الجحيم ". فهذه الملحمة الشعرية الايطالية, سميت بالكوميديا لأنها " ببساطة " أول ملحمة شعرية كتبت باللهجة المحلية, لكنها أصبحت أهم منتج أدبي في عصره بايطاليا واوروبا.
 لانها تعرض زيارة دانتي بمعية صديقه " فيرجيلو " الذي قاده في أرجاء الجحيم. فهي بالتالي تعرض بالأحرى كل ما يجعل المرء مكتئباً خائفاً. ومعراجه هذا تواصل إلى " المطهر والجنة ".

كذلك العراق يحفل بكوميديا وما هي بكوميديا… كوميديا سوداء, تجعل المواطن مهموماً مسلوب الحقوق والحريات والثروات ويحيا جحيمه الخاص دونما معين ولا مرافق.
لذا فلا تستغرب, عزيزي المتابع, وأنت ترى العراقي يقع في نوبة ضحك هستيري عند سماعه جواب سياسي, متباهي بورعه ويمّن به على الناس, عن سبب غياب الخدمات, بكونه مستهدف من الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الامريكية والصهيونية العالمية بسبب حبه للحسين بن علي !
ملاعين! تبين أنهما علّة معاناتنا وتخلفنا.
 ولكن نفس هذا المواطن يتساءل : عجبي, لماذا اذاً لم يعرقلا سكنكم القصور وتمتعكم بالامتيازات وتهريبكم النفط والمخدرات ؟!!

 ويقال, بأن من " الكوميديا " ما قتل !

فان سرقة أربع مليارات دولار تافهة من أموال العراقيين سموها " سرقة القرن " للتمويه عن سرقات اكبر.
وكانت قمة الكوميديا التي أضحكت العراقيين عندما وقف " حرامي القرن " امام الجميع وهدد متنفذي السلطة, عينك عينك, بكشف الأسرار او اطلاق سراحه.. ليُسرح بمعروف. وأرجلهم فوق رقابهم و ممنونين !

وقرارات محكمة دستورية عليا, باتة وقاطعة, يجري القفز عليها لصالح اتفاقات سياسية غير شرعية, باستخفاف, كأنها لعبة حواجز ألعاب قوى.

وغيرها من مظاهر الكوميديا التي يطلقها شفندحية السلطة, كأن يعلن أحد رموز فشل المشروع الإسلامي في العراق, نجاحه. رغم أنف الحقيقة والواقع, وأنف المواطن الذي دفع ضريبة حروبهم الطائفية.. وهو الذي أضحك علينا وجوه قميئة جهمة من الدواعش, باحتلال محافظات كاملة على وقع الهورنات, لينظموا فيها حفلات دم بربرية… احتفاءاً بدولتهم الإسلامية التي زرعت الخراب وكلفت البلاد آلاف الشهداء وسبي همجي للعراقيات و " لم تهتز لهم قصبة " , ثم مغدوري سبايكر… حتى الاعدام الميداني والقمع الفاشي لأنبل شباب العراق من منتفضي تشرين المجيدة, بدم بارد.
أما عن الفقر والبطالة والعوز العام وغياب الخدمات والولاء للأجنبي, فحدّث ولا حرج.

إذا كان كل ذلك يسمى نجاحاً فكيف يكون شكل الفشل ؟!!
لقد جعلوا العراق بلداً فاشلاً بكل المعايير وعلى مختلف الأصعدة.
ربما ما قصده بنجاح مشروعهم الإسلامي, هو أنه جعلهم مليونيرية دولار وأفقر العراقيين.

كتب عالم الاجتماع العراقي الراحل فالح عبد الجبار : " خرج العراق من الحرب مع ايران كعملاق عسكري, لكن
كقزم اقتصادي ".
اليوم العراق قزم عسكري كما قزم اقتصادي.
 قواه العسكرية الرسمية وخلافها, رغم أعدادها المليونية, ضعيفة, ينخرها الفساد, غير قادرة على حماية سيادة البلاد… بلا عقيدة عسكرية موحدة.. موزعة على تشكيلات نظامية وميليشيات متنوعة الولاءات.

أما اقتصادياً, فإن الفائض النفطي مصدر الدخل الوحيد للبلاد, مسروق منهوب ولم يستفد منه المواطنين طوال العشرين عاماً من تجربتهم في الحكم.

وأكثر الأمور التي تجعل المواطن ينفجر ضاحكاً حد الغضب, هو استفحال الرشوة والفساد في أركان الدولة, وتربع الفاسدين على سدة الحكم وسرقاتهم الوقحة المكشوفة.
ولأن كل حملات مكافحة الفساد تطال صغار السراق وتتعدى كبارهم, كأن سرقاتهم قد أخفاها ربيبهم الشيطان تحت ذيله, ليتحملها صنائعهم مؤقتاً حتى يجري إطلاق سراحهم بكفالات هزيلة, تُضحك الثكالى والايتام وكل إنسان, أو بعفو عام مفصل على مقاسهم ولأجلهم.
مبدؤهم يستند إلى بديهة أن الرشوة " تشحّم وتزيّت النظام " وتجعله سلساً وفعالاً, والسرقة فهلوة وشطارة !!!

وأكثر ما يُضحك العراقي, حديثهم عن " الديمقراطية التوافقية " وتقسيم الحصص حسب الأوزان المكوناتية. وهو مجرد هراء لم يعد يقنع أحداً…
 فالديمقراطية تتعارض مع المعاملة التفضيلية لفئات صغيرة متنفذة على حساب حقوق الملايين من المواطنين… فهي كأحزاب فئوية وطائفية ليست بالضرورة تمثل مصالح كل مكون أو شريحة اجتماعية في المجتمع, بسبب التنوع الفكري والثقافي في كلٍ منها.
وقد أثبتت الممارسة السياسية أنهم لايمثلون إلا ذواتهم ويلهثون وراء أطماعهم.

وبسبب فائض الكوميديا ومستوياتها الصاعدة للهامة عندنا, آثر سعادة سفيرنا في البحرين إلى تهريبها معه عندما قام بدغدغة ملك البحرين, لرسم الضحكة على محياه, على رؤوس الأشهاد, " قيل بحكم الميانه التي بينهما " متجاوزاً بذلك السلوك العام وحدود اللياقة والأصول والأعراف الدبلوماسية…

دانتي في إلهيته الكوميدية زار حلقة الجحيم السابعة حيث يتم عقاب من انغمس في خطيئة العنف والاعتداء.. حيث يجبر الآثمين على الانغماس في نهر الدم حسب درجة الخطيئة… كما شاهد كيف يعذب المرتشين في بحر مغلي من النار..

ولكن من منهم يؤمن بمبادئ الثواب والعقاب حتى بصيغتها الإسلامية ؟!!



8
ظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيره *!

احسان جواد كاظم


الأحزاب  السياسية الشيعية عادت إلى عادتها القديمة, بنبش أدراج دفاترها القديمة وبث الروح في قوانين جائرة, جُمدت لتعارضها مع الدستور والمبدأ الديمقراطي والقبول الشعبي, لما تعيشه من مأزق وجودي… فهي تجاهد لإيجاد مخرج لها, مستغلة ما تظنه " الدنيا ربيع والجو بديع " و فرصتها الذهبية لتمرير ما تريد,  لا سيما بعد التخلص من العقبة الكأداء المتمثلة بشباب انتفاضة تشرين الشعبية وقمعهم, تقتيلاً وترهيباً, وخلو الساحة من التيار الصدري ذو الشعبية الواسعة, بعد تقاعد السيد مقتدى الصدر عن العمل السياسي ( الذين طگوا لذلك إصبعتين ), ثم التضييق على القوى الديمقراطية والوطنية والجمعيات والاتحادات والنقابات والروابط المهنية وكل منظمات المجتمع المدني, واستبعادها بكل تلاوينها المختلفة في صنع القرار الوطني الذي هو مسؤولية كل الفعاليات العاملة وليس فقط نواب أحزاب المحاصصة البرلمانيين الذين هناك علامات استفهام كبيرة على طريقة انتخابهم.

تعيش قوى الإسلام السياسى المتشبثة بالسلطة معضلة الحفاظ عليها.

ولأن أحزاب الإطار التنسيقي أصبحت غير قادرة على الفكاك من هذا المأزق, مأزق احتمالات فقدانها السلطة وكل ما كنزته وبنته من نفوذ وامتيازات, وهي ترى بأم عينيها تصاعد مستويات الرفض الشعبي لشخوص قياداتها وأفكارها وتوجهاتها, بعد أن جربتها وفقهتها.. لذا فهي بدأت تلجأ إلى الدفاتر القديمة, كما التاجر المفلس, بالبحث عما ينقذها من هذا المصير, بالالهاء وجذب الأنظار بعيداً عما تبيته من مخططات, فكان وقوعها على " قانون المحتوى الهابط " البائس.

وبعد أن قدموا خلال فترة حكمهم أدنى مستوى اداء هابط خلال ما يقارب العشرين عاماً وفي كل المجالات, وخاصة في المجال التربوي والثقافي, وغلق الأبواب أمام الثقافة والفن الهادفيّن ذات المستوى الراقي ومحاصرة المبدعين وغلق المسارح والسينمات, الذي سمح للمحتويات الهابطة من التسلل من الشباك فكانت برامج الفكاهة التافهة والاسفاف والمسلسلات غير الهادفة والروزخونيات الطائفية على فضائيات الحكومة وأحزابها, ثم بدأوا يطاردون ضحايا سياساتهم الاقتصادية والتثقيفية والتعليمية, والسيرك السياسي الذي امتهنوه ومارسوه, من " التُفّه الظرفاء ".
يُدان هؤلاء " التُفّه الظرفاء " بهبوط محتويات نتاجاتهم الفيديوية, بينما هم يعكسون ويرسمون, في حقيقة الأمر الوجه الآخر لما هو سائد من رياء وتديّن كاذب, وتمردهم ( السلبي ) على الواقع المتردي والبيئة التي يتلوون فيه, محاولين العثور على موضع قدم لكياناتهم, لكن الآفاق مسدودة أمامهم.

لسان حالهم يردد مع الخالد مظفر النواب : " اغفروا … كلماتي القاسية.. بعضكم سيقولُ بذيئة, لا بأس, أروني موقفاً أكثر بذاءة مما نحن فيه !".

أرادت أحزاب السلطة, في حقيقة الأمر, بلقيتهم التي استلّوها من تحت غبار النسيان - ورقة " المحتوى الهابط " , التذلل والأقتراب من التيار الصدري الذي يناصبهم العداء, متوسلين بالسيد مقتدى الصدر لدعم سلطتهم المتهاوية ( لإنقاذ مشروعهم الإسلامي ) المزعوم من الانهيار, متأملين منه ومن تياره انتشالهم من مأزقهم.
 وكذلك كسب المرجعية الدينية التي أغلقت أبوابها بوجوه قادتهم الفاسدين, لخداعها بلبوس الغيرة على الدين والمذهب والقيم والشعائر الخ الخ الخ.

يشير بعض المتهكمين إلى أن السبب الرئيسي وراء سن قانون " المستوى الهابط " إلى غيرتهم وحسدهم من أعداد المتابعين لهؤلاء المدونين مقارنة بأعداد من يتابع خطابات ودروس قياداتهم  المعممة والمجاهدة الورعة… مع أن المتابعة الواسعة, التي وصلت إلى مئات الآلاف لهذه الفيديوهات ( الهابطة ), لا تعبر بالضرورة والقطع بتدني الوعي والذائقة الشعبية العامة بل هو بحث عن كل ما هو مختلف ومشاكس وفكاهي عما تطرحه قنوات وفضائيات الأحزاب الحاكمة من مواعظ فارغة ومظاهر ورع  كاذبة وأدعية وبكائيات مملة مكررة, والتشفي بها.

ثم أعادوا الحياة لقانون " حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية " الذي تم تمريره في مجلس النواب في 22 تشرين الأول 2016     , بدعوى تحريمه دينياً والحفاظ على القيم والتماسك العائلي وغيرها من الذرائع, ليشفع لهم أمام المرجعية الدينية في النجف وتفتح لهم أبواب الرضا…
 
ولو سألت أي مواطن عراقي عن أسباب سن هذا القانون في القرن الحادي والعشرين في مجتمع مدني متنوع في تركيبته الاجتماعية وهوياته, يقول لك بأنهم يهدفون إلى توسيع دائرة تعاطي المخدرات بأنواعها وترويجها بين الشباب لعدم وجود نص يحرمها, رغم أن أضرارها الاجتماعية والاقتصادية أكثر ضرراً في المجتمعات من المشروبات الكحولية لأن إمكانية السقوط في حمأة الإدمان عليها أسرع, لكنها تجارة تدر عليهم أرباحاً طائلة, كما لمورديهم من الجيران.

هذا القانون مفصل على مقاسهم, مقاس احزاب الاسلام السياسي فقط, فهو إذن مجرد لعبة سياسية, لأن شركائهم في المحاصصة ليسوا معنيين بتطبيقه في مناطقهم.. عكس نظام سانت ليغو الانتخابي الذي يرغبون به بإحيائه جميعهم بعد أن  أسقطه شباب انتفاضة تشرين المجيدة, ومعه رئيس وزرائهم.

ومن المؤكد أن الإجراءات البنكية الاميركية لمنع فوضى تهريب الدولار لإيران, أشعرتهم, أكثر من أي وقت مضى, بهشاشة سلطتهم بعد خسارتهم مصدر قوتهم المالية. لهذا تجد أكثر قيادات الإطار التنسيقي رزانة قابعين في حضن سفيرة الشيطان الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية الدافيء السيدة " ألينا رومانسكي ", مفضلين " الجهاد البراغماتي - عالي الجودة " ضد الأمريكانوس عن صبيانية أيام الكاتيوشا !

قوى الإسلام السياسي الشيعي يملؤها الغيظ, وهي ترى رئيس جمهورية ايران الاسلامية السيد ابراهيم رئيسي يدعو عدوها اللدود رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي ويستقبله بحفاوة استقبالاً رسمياً, واجتماعه, من ثمة, قيادات نافذة في الجمهورية الاسلامية. وهذا يعني من بين ما يعني تبرئته من تهمة المشاركة في اغتيال الجنرال سليماني, الذي كانوا يريدون الثأر له من الكاظمي, وقد حاولوا اغتياله في بيته, فعلاً, بطائرة مسيّرة.

وقد كانت دعوة الرئيسين السابقين مصطفى الكاظمي وبرهم صالح إلى طهران ضربة في مقتل, لأنها قد تعني نضوب مصادر دعمهم الأيديولوجي الفقهي بعد الانزياح التكتيكي للإيرانيين بسبب الضغوط الأمريكية والدولية..

ولم يبق أمامهم من حل سوى الاستمرار بمنهج رفض الآخر ومحاولة تركيعه, فهم لا يستطيعون مغادرة اسلوبهم الاستبدادي في الحكم بمسحته الثيوقراطية, بفرض كل ما يلائمهم وينفعهم ويطمّن مصالحهم, من قرارات, وتجاهل حاجات المواطن ومصالحه ومشاعره, ولا يهمهم كسب ثقته بتقديم الخدمات له وتحسين سبل حياته ورفع مستواه المعيشي.

انهم يتجاهلون رئيس الوزراء السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي اختاروه ويعملون على تجاوزه وتكبيله وتحميله مسؤولية القوانين المكرسة لدكتاتورية الفكر الواحد وسلب حرية الرأي وانتقاد السلطات والشخصيات, إضافة إلى حرية التظاهر…

إنهم يريدون جرّه إلى مستنقعهم !



●   مثل يُضرب عن من يحاول نهب الآخرين بالدجل والخداع. ومطيرة امرأة مشعوذة أرادت استغلال ثقة السذج لمآربها.



9
ورود انتظرت من يُهديها !


احسان جواد كاظم

بقيت ورود 8 آذار يوم المرأة العالمي يتيمة في مزهرياتها تنتظر من يهديها لحبيبة, لأم او لأخت…
 ولا من أحد سأل : " عمي يا بياع الورد… كلي الورد بيش..".
ولا من سمع مناجاة الأخطل الصغير بشارة الخوري ومعه الموسيقار محمد عبد الوهاب للورد : " يا ورد مين يشتريك وللحبيب يهديك… "؟

 مرّ عيد المرأة العالمي دون احتفاء يليق به على المستوى الرسمي والشعبي, إلا من مجاميع العشاق والمتنورين والشيوعيين.

في حقيقة الأمر لا توجد عندنا تقاليد تقديم الورد في المناسبات, فرغم أن العراق بلد زراعي ( كان ), تنتشر في أنحاءه الازاهير والشجر والمياه الا أن استيطان الطبع البدوي بعد غزوة الحملات الايمانية, هوى بالذائقة العراقية إلى أدنى مستوياتها, جفف كل منابع الطراوة والرقة في النفس العراقية, لولا عناد شعراء العراق في صياغة أجمل صور الحب والجمال والرقة.
قد يقدم عاشق مغرم وردة ندية لحبيبته في ثمة لقاء, ولكن الأمر ينتهي عندما ينال مراده ويتزوجها, الا القليل !

العوالم المتحضرة تطبعت بعادة إهداء باقات الورود بالمناسبات المختلفة كالأعراس واعياد الميلاد وعند عيادة مريض أو حتى وضع إكليل من الزهر على قبر عزيز وإيقاد شمعة.

عندنا… يحاصرون, من الأساس, الاحتفال بهكذا مناسبة تذكّر نسائنا بأسباب اعتماد هذا اليوم كعيد عالمي, ودور قريناتهن من نسوة نيويورك العاملات واضرابهن البطولي ضد مستغليهن, وإعطائه القيمة… فهي اذاً مناسبة كفر.

ذكرتني المناسبة لحادثة, من الايام الخوالي, حدثت لصديق عاشق كان في موعد مع صديقته في حديقة الزوراء ببغداد, ولأنه طالب ومن عائلة كادحة, انتهز فرصة تأخر حبيبته ليقطع بعض الورود المترامية حوله, ليهديها لها. لسوء حظهما, كانت شرطة آداب  سيء الذكر خير الله طلفاح خال الحزب والثورة وصدام حسين, بشدة واحدة, متربصة بهما.

بعد أن ساقوهما إلى الأمن العامة للاستجواب, ركزوا طبعاً على ظروف لقائها بشخص غريب ( حبيبها ), لكنهم انتبهوا إلى انها تضم باقة ورد مسروقة… لا وبمناسبة عيد المرأة الذي يحتفل به الشيوعيون… فتحول الاستجواب من منحاه الاجتماعي إلى السياسي.

 السائد اليوم هو الفكر الظلامي الرجعي, فكر الدواعش, فكر خير الله طلفاح الذي يكره كل مظهر من مظاهر الجمال.. رقة الورد وشذاه. ولا يرى في المرأة سوى شيطاناً للإغواء.. جميل ولكن ملعون.
 يتوق لها ويجاهد ليمتلكها وعندما يظفر باحداهن بلحظة متعة عابرة, فالف عفارم على غزوته المظفرة وفتوحاته الذكورية… فهي أولاً وأخيراً خلقت لذلك. تبقى عورة وناقصة عقل ودين, تتلاعب بها العواطف والنوازع المتناقضة التي جُبلت عليها. وهي مجرد ضلع رجل مكسور. يجب الحجر عليها, وتعويدها على الضرب وإعطائها العين الحمرا - عين التنين, لكي لا ترفع صوتها امام معيلها ومستتها والقوّام عليها. ومبطلة صلاة المؤمن لو مرت أمامه, حالها حال المبطلات الاخرى من الكلاب والحمير.

اضافة الى ما ظهر من داعيات تقيّات, عدوّات بنات جنسهن.. دعوَنَ إلى تعدد الزوجات واحتضان الضرائر, وجعلن من حجابهن رديفاً لغشاء البكارة, ودافعن عن قانون الاحوال الشخصية الجعفري رغم مصادرته للكثير من حقوقهن ككائنات بشرية مثل حضانة طفلها بعد الطلاق وحق الميراث بعد موت زوجها او أبيها… منهن من تواطأن في تقنين نكاح القاصرات… ونائبة برلمانية منهن نادت بمبدأ القتل الطائفي على أساس 7 × 7… وتوزيع الكعكة ( الوطن وثرواته ) بين المنتصرين.
ولا يدخلن الجنة الا معدودات !

لكل ما سبق أصبح الاحتفال بمناسبة تخلد كفاحات المرأة ضد الامتهان والاستغلال وتؤكد على قيمة العمل, رجسٌ من عمل الشيطان, وتقليد أعمى للغرب.

ربما هناك في العراق من يفضل استيراد منتوجاً آخر من هولندا, أكثر مردوداً من ورودها الملونة !!!






10

هل من معادٍ للحرب منادٍ للسلام ؟!!

احسان جواد كاظم

ما قاله رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديمتري ميدفيديف, الشخص الثاني بعد فلاديمير بوتين رئيس دولة روسيا الفيدرالية, لا ينبغي إلا أن يؤخذ على محمل الجد, عندما صرح : " أن هزيمة قوة نووية في حرب تقليدية, قد تشعل حرباً نووية !".

العالم على شفا حرب عالمية ثالثة تختلف عن سابقاتها المدمرة بكونها ستكون ماحقة للجميع ولا يخرج منها منتصر.
وبغض النظر عن البادئ بها, وإدانة أطرافها, فإن المستغرب عدم ظهور قوى مناهضة للحرب ومصعّدي أوارها كما كنا نشهد احتجاجات قوى السلام في العالم وخاصة في العواصم الأوروبية وأمريكا, كالمظاهرات العارمة ضد الحرب الفيتنامية في واشنطن وباريس وبرلين أو المظاهرات الكبيرة ضد الحرب على العراق في مدن ألمانية عديدة وفي مقدمتها برلين وكذلك لندن وباريس..

غالباً ما كان الدور المحوري, تقليدياً, في مناهضة الحروب يقع على عاتق الشعوب الأوربية التي اكتوت بنيران حربين عالميتين مدمرتين وبالتالي الأكثر وعياً بمخاطرها. إضافة إلى كون حلف الناتو العسكري حلف اوربي - امريكي شمالي بالأساس.
وقد كان الداينمو المحرك لحركات السلام هي أحزاب اليسار, التي إنحسر تأثيرها وأصبحت تعاني اليوم من صعود قوى اليمين في دول أوروبية عديدة, التي تحاصرها وتكبل حركتها.

يبدو أن المصاعب والهموم والاحتياجات اليومية للمواطن الغربي والأوروبي بالخصوص, غيّبت , مؤقتاً, المخاطر التي تجلبها تداعيات الحرب, ولهذا ظهروا كالمنومين, يلفهم جزع كافكوي, غير آبهين بحجم المأساة القادمة.

لكن تصاعد التململ والخشية الشعبية من تداعيات هذه الحرب, تنامى وأصبح جلياً على مواقع السوشيال ميديا, لاسيما مع وصول أفواج ملايين اللاجئين الأوكرانيين إلى بلدانهم. وانعكس هذا التململ على وسائل إعلامية عالمية منظورة ومقروءة, كانت إلى فترة قريبة تدين روسيا وتخوض ضدها حرباً اعلامية ضروساً وتحرض عليها دون النظر إلى تداعيات هذه المواقف المنحازة والتغاضي عن أدوار الأطراف الأخرى من حلف الناتو وامريكا بالخصوص, التي " تزيد النار حطباً " وتنزلق يوماً بعد آخر في مستنقع هذه الحرب.. وكان لابد أن يصل القلق إلى سياسيين صرحوا : " أن أوروبا ليست مستعدة للتضحية بنفسها لأجل أوكرانيا !"

 لم تتبلور الاحتجاجات المتصاعدة في أوروبا إلى مستوى حركة سلام معادية للحرب, فأغلبها أخذت طابعاً اقتصادياً وليس سياسياً, تتعلق بالحد من التضخم الذي يضرب اقتصاديات الغرب, وارتفاع أسعار السلع وتراجع الخدمات والوقود والسكن…
 وقد يكون عنصر القطبية وانقسام العالم, سابقاً, بين رأسمالي واشتراكي والصراع بينهما كان عاملاً محفزاً لتغذية مواقف معارضة تكون أساساً لدعوات السلم ونشوء حركة مناهضة للحرب. بينما اليوم نشهد صراعاً بين قطبين رأسماليين تحركهما طموحاتهما نحو تعزيز النفوذ والهيمنة… فبينما تجهد روسيا لتؤكد قطبيتها كدولة عظمى عائدة, فإن أمريكا تقاتل لبقاء وحدانيتها.


شعوب قارات العالم الاخرى كذلك غارقة في مشاكلها الخاصة, وهي لا تقيم وزناً لما يدور, وربما تعتبرها حرباً بعيدة عن حدودها بين ضواري تبحث عن نفوذها ومصالحها وهيمنتها على العالم, رغم انها تدفع ايضاً فاتورة هذه الحرب بشكل او بآخر, اقلها في تذبذب أسعار النفط والدولار في الأسواق العالمية.

ومن خلال متابعتنا لما يدور على الجبهات في أوكرانيا من تقدم روسي وعجز ناتوي عن تغيير الكفة لصالح الجيش الأوكراني حتى لو وصلته المئة دبابة غربية… حيث يقلل الخبراء العسكريين من قدرتها على قلب معادلة الحرب لصالح الغرب وأوكرانيا, فجبهة حرب تمتد لألف كيلومتر, لايمكن لهذا العدد من الدبابات أن تحسم حرباً وتأتي بنصر.
وقد جاء تصريح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغاضب حاسماً : " سنصهرها !".

يعتقد البعض بعدم تحول هذه الحرب إلى حرب نووية وبقائها في حدود حرب استنزاف, ليس بسبب خشية أطرافها على السلام العالمي بل  بسبب حجم المصالح الهائل لديها المهدد بالهدر, والتي تتعدى أهميةً بقاء أوكرانيا على الخارطة.
وقد تلعب مفارقة " دور المصالح " عاملاً ايجابياً في لجم الحرب وتجميدها, وتطمين مخاوف البشرية منها, على النقيض مما يُظن بها من سوء.

ويعزو مراقبون إلى أسباب عدم إحتمالية تحولها إلى حرب نووية أيضاً, الى صراع المصالح والمواقف بين الدول الداعمة لأوكرانيا ذاتها والحديث عن نضوب مخزونها الحربي الذي استنزفه الثقب الأسود الأوكراني, مما حدا برئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري الجديد كيفن مكارثي التصريح حول المساعدات العسكرية والمالية الأمريكية لأوكرانيا : " لن يكون هناك شيك على بياض ".

لا يخفى التعاطف العربي العام مع روسيا ضد أمريكا والناتو فلطالما كانت روسيا السوفيتية تاريخياً, والحالية داعمة لقضاياه, عكس أمريكا والناتو, رغم أن مباديء روسيا الرأسمالية اليوم غير مبادئها عندما كانت سوفيتية.. وترى الجماهير العربية اليوم, رافضة لمبدأ القطب الواحد الذي يدافع لبقاءه قادة أمريكا والغرب .

هل يُعقل أن تضحي أوروبا بنفسها لأجل أوكرانيا ؟!!

11
هل استعاد ثغر العراق " البصرة " ابتسامته ؟

احسان جواد كاظم


لطالما وصفت البصرة ب " ثغر العراق الباسم " ولكنها قُهرت وغُيبت بسبب حروب الدكتاتور البائد وتلقف وحوش الظلام ومافيا المخدرات والتبعية والتهريب, للسلطة بعده بارادة المحتل..
السلوك العفوي الراقي لأهالي البصرة في ترحيبهم بضيوف اولمبياد كرة القدم خليجي 25 في البصرة والاحتفاء بهم بشكل كرنفالي بنكهة فرح بصراوية, كان مفاجأة للكثيرين من العراقيين وضيوفهم الخليجيين, وصادم للأطراف التي لا تود إلتئام وحدتهم وتآلفهم التاريخي… وهو يضمر روح إحتجاج ايجابي ناعم, لا يمكن تفسيره إلا بسعي مواطني البصرة الفيحاء للتغيير ونزوعهم للارتقاء وحبهم الصادق لجيرانهم الخليجيين بعد قطيعة مفتعلة, فكانت تظاهرة رفض مدني بهية, لما هو سائد في المحافظة من انفلات السلاح والعنف. تظاهرة ذات طابع مجتمعي بملمح رياضي, تتواصل مع انتفاضة تشرين المجيدة بالمبادئ رغم اختلاف منطلقاتهما وظروفهما, غير أنهما تغرفان من نفس النبع الصافي : " اريد وطن " !
كان الكرنفال البصراوي بمثابة إستفتاء شعبي, بمشاركة واسعة ومتنوعة من ألوان المجتمع العراقي وأطيافه لإنجاح الدورة, وحسم الأمور نحو خيار الدولة المدنية المنفتحة ورفض خيار الدولة الدينية المتزمتة المستورد, الغريب عن طبيعة العراقيين…
وكانت التفاتة رائعة وذات مغزى من منظمي حفل افتتاح بطولة الخليج لكرة القدم 25, تقديم العقيد الكفيف علاء العيداني الذي فقد بصره في معارك تحرير الموصل, حاملاً العلم العراقي في اشارة إلى الدور البطولي لقواتنا المسلحة في دحر ارهابيي داعش.
اندهاش الأشقاء الخليجيين وانبهارهم بظروف البطولة, جعلهم يصفون الحدث, أثناء لقاءاتهم بوسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي, بأنه " كان عرساً بصراوياً رائعاً !".
وعدّوا شعب البصرة, منتخباً تاسعاً, أُضيف إلى منتخبات الدورة الثمان والفائز الأول بامتياز.
الظاهرة التي أثارت إعجاب وتقدير وتثمين ممثلي الفرق المشاركة في الأولمبياد, اندفاع العراقيين لاشغال مقاعد الملاعب التي لا يتنافس فيها المنتخب العراقي, قبل ساعات طويلة من بدئها… عزاه البعض إلى عطش عراقي مزمن للفعاليات الرياضية الكبيرة, ولكن إلى م تعزو تواجد كبار السن من عجائز وشيوخ وذوي احتياجات خاصة وفاقدي بصر وكذلك أمهات مع أطفالهن, على المدرجات ؟ !
معلق خليجي آخر وصف هذا الحضور المتميز من الجمهور العراقي,
قائلاً : " هذا مش جمهور رياضي, هذا جمهور وطن "!
وأضاف : " كانت بطولة استثنائية بفضل العراقيين ".
لقد كان تنادي أهل البصرة لإنجاح المونديال الخليجي وإرسال رسالة بليغة للخليجيين, بأنهم محضر ترحيب وتبجيل مع توق شعبي عراقي لترميم علاقات الأخوة التاريخية التي قوضتها حروب الدكتاتور المقبور والخطاب الطائفي التخريبي اللاحق.
لابد وان الاطراف الغير محبة للعراق والعراقيين ما كانت تتمنى نجاح الدورة بعد أن تفاجأت بهذا الاستقبال الحميمي العراقي الكبير لاشقائهم الخليجيين, ومبادلتهم العراقيين مشاعر الود والعرفان الحقيقي, لذا فإن دعاة سياسة المجافاة لدول الخليج والانعزال عنها وحتى معاداتها يعيشون اليوم أسوأ أيامهم ويعانون هضيمة الفشل !
احتفاء البصاروة المبالغ فيه بضيوفهم وكرمهم, تمثل بمبادرات فردية وجماعية ومجتمعية من منظمات وفرق فنية شعبية تمثل بانوراما التنوع الثقافي العراقي وثرائه من خشابّة البصرة وراقصي الهيوة إلى دبكات
الجوبي من المناطق الغربية و الرقصات الكلدانية والآشورية والكردية, ولم تغب عنها المقامات العراقية وأطوار الاغاني المختلفة, ومنها الموصلية وغنائيات المربعات البغدادية والأغاني الوطنية والطقطوقات الشعرية وأغاني البادية...

ولم يستبعد البعض أن يكون هذا الاحتفاء المبالغ به بضيوفهم الخليجيين ومظاهر الكرم المابعد الحاتمي, من الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني, كان نكاية بإيران ومن يتبعها من تنظيمات ظلامية داخلية اعترضت على مظاهر التحضر والبهجة. لاسيما بعد إحتجاج الإيرانيين المستهجن على تسمية الخليج بالعربي, لتعكير صفو الاحتفالية والمهرجان الرياضي وسلب العراقيين لحظات سرورهم…
كانت الجماهير العراقية تحتاج فرحة, فكان الإنجاز الكروي الذي حققه " اسود الرافدين " بالفوز بالبطولة, الذي أثلج قلوبنا. بالرغم من جرعة الإثارة والانفعالات العالية المتباينة, صعوداً ونزولاً, التي وضعونا فيها, بحب, خلال المباراة النهائية امام الفريق العماني.
ومما يستحق الاشادة, الإنجاز العمراني المتحقق بالبصرة بجهود منتسبي دوائرها الفنية والهندسية والخدمية وجماهيرها وبإشراف من الحكومة المحلية ودعم الحكومة المركزية, على ان تستمر عملية البناء لخدمة أهالي البصرة, لاسيما ساكني العشوائيات الذين وُضعوا خلف جدار العزل ( قيل إنه كلف ملياري دينار, كان يمكن بهما بناء عمارات سكنية تأويهم وتحل مشاكلهم ), وذلك لعدم خدش عيون زوار الدورة. وان لا تتوقف عمليات تطوير البصرة عند بناء ملاعب رياضية وطرق موصلة لها ومولات وكورنيش…؟
سندباد ألف ليلة وليلة كان مغامراً يخترق عباب البحار بحثاً عن الجديد والمفيد والغريب, هل هناك من يمتلك روحيته, ويرسم البسمة الدائمة على " ثغر العراق " ؟

12
الحرامي, كذلك, " مفتح باللبن "* !


احسان جواد كاظم


كنت في مقالٍ سابق لي "  توثيق فوتوغرافي للحرامي " قد توقعت أسباب مواجهة المطلق السراح بجريمة ما سميت " سرقة القرن 2.5 مليار يتيمة " نور زهير, زوم الكاميرات بأريحية تامة, بدون أدنى مشاعر الحرج او الندم بل كانت " بوزاته " تحدي مطلق !
تساءلت في المقال هل هو تحدي وقح للعراقيين المسروقين او هي نظرة تهديد لمن يقفون وراءه, ويفكرون التضحية به ككبش فداء لينعموا بما جاد به من أموال ونفوذ وتمكين. أو هي ربما ثقة تامة بإفلاته من السجن سالماً غانماً, بشكل من الأشكال..
تبين لاحقاً أنه كان قد هدد وأنذر, من سجنه الفاره, ولاة الأمور : " أطلع قبل 1 / 12 لو أگـلب الطبگ عالطابگـ "*. هذا نقلاً عن خطيب جامع ومن على منبره.
https://www.youtube.com/watch?v=1Cq5498JgmQ&ab_channel=%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B8%D9%87
وكان له ما أراد, وأخلي سبيله بكفالة مالية ( ربما من نفس المال المسروق ) يوم 25 / 11  تشرين الثاني 2022.

اليوم قرأت خبراً, أنه أنهى فترة كفالته القانونية المتفق عليها مع القضاء, فهل يا ترى جرى استدعاؤه, مرة أخرى, أمام الجهات القضائية المسؤولة ؟

يعود فضل الكشف عن عملية سرقة صندوق الأمانات الضريبية. حقيقة, لمصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق الذي قدم أوليات عملية الفساد إلى القضاء قبل أشهر من خروجه من موقع المسؤولية.. وما تبع القبض على شبكة سارقي أموال الضرائب بعد تسنم رئيس الوزراء الجديد محمد شياع السوداني, ما هو الا تحصيل حاصل.

يُحتمل أن يكون لرئيس الوزراء السابق الكاظمي, دوراً في دحرجة الأمر للحكومة الجديدة وقدّم لهم هذه الهدية الإشكالية, في إطار التغالب السياسي المحتدم ؟  أراد بها أحراج الجهات التي تقف وراء نور زهير وسرقة الودائع, بعد أن " غسل إيده " وتيقن  بعدم وجود أي أمل لتمديد فترة حكمه.

 ويُحتمل أيضاً, أن الصراعات بين أجنحة الإطار التنسيقي الشيعي على المراكز والغنائم, دفعت طرف منها إلى كشف المستور والتضحية بفاسد من الدرجة الأدنى لإحراج غرمائه الآخرين, ووضعهم أمام محكمة الرأي العام النابذة لهم أصلاً, وجني المحصول منفرداً, لكنه تفاجأ بفداحة العاقبة التي ستطال الجميع, فعملوا على تدارك الأمر ب " صفقة القرن " كما أطلق عليها البعض, بإرجاعه لجزء من البوگة.. القابضون على السلطة هم بالنهاية أصحاب النهايات السائبة في كل قضايا الفساد والسرقات ولجانها التحقيقية السابقة والواردة, وبالخصوص المتعلقة بقوت المواطن وسلامة البلاد وحريتها, فكيف بهم لا يبذلون الجهد الجهيد لتسويف وتمييع فضيحة سرقة طالت خدّامهم الذين يديرون شبكات فسادهم, والتي قد تصل نيرانها إلى أقدامهم وتكشفهم عراة امام الرأي العام… 

لابد أن أعترف للسارق نور زهير بحدة الذكاء وحتى العبقرية أو أنه على الأقل " مفتح باللبن ", ولم يكن ساذجاً ! لأنه يبدو قد إتخذ كل الاحتياطات اللازمة من احتمالات غدره وخيانته من الأطراف التي يخدمها, بمواجهتهم مرة بهيئته الواثقة في الصور ثم بتهديده الحاسم القاطع : حديث قلب "  الطبگ عالطابگـ " وكشف الحقائق والشخصيات السياسية التي تتعامل معه, فيما لو أبقوه في السجن…
 وأسقط كل احتمالات مساعدته في انتحار ذاتي في زنزانته كما حدث للمسؤول الكوري في ميناء الفاو, أو تدبير ذبحة قلبية او جلطة دماغية تودي بحياته.. فربما لم يُبق أسراره حبيسة قلبه, بل سربها إلى أشخاص موثوقين آخرين أو دونّها على أوراق محفوظة في مكان آمن ما, وهو بتهديده قد أوصل هذه الإشارات إلى ذوي الشأن, لوأد خططهم ومؤامراتهم..
 
من الملاحظ أن إجراءات التحقيق معه أنجزت بسرعة البرق وبدون أي محاولات ضغط أو تعذيب أو فرض اعترافات, عكس ما نالوه شباب انتفاضة تشرين الوطنيين النزيهين من معاملة مهينة وتعذيب وحشي… فهو حقيقة, لا يحتاج لذلك, ليس لأن هناك من أوصى به, بل استعداده الذاتي للبوح بما لديه من معلومات, برحابة صدر. و أكاد أكون واثقاً أنه مستعد لفضح كل ما لديه من معلومات إلى الإعلام, فيما لو تعرض لأدنى حالات الامتهان, ولهذا استنفرت كل قوى السلطة جهودها لتلافي المحظور لضمان سكوته.

وهذا يعني أن ما جرى من إخراجه من مسرحيات بطولية بالإعلان عن اعتقال شبكة فاسدين,  أُريد منها تسويق نجاح باهر لحكومة محمد شياع السوداني في ظهوره التلفزيوني مع أكداس الأموال المسترجعة وأحبطها نور زهير نفسه ذلك بتهديداته, فلا يمكن الدوس على ذيله, كما يقال, ويبقى ساكتاً, ومن ثمة جاء قرار إخلاء سبيله !

ويُحسب لنور زهير إنه أول عراقي استطاع إذلال طغمة الفساد واخضعها لإرادته, وهو من إفرازاتها.

الخطاب الإعلامي الجديد للمتحدثين باسم الأحزاب الإسلامية لخداع الجماهير " المفتحة باللبن " أخذ يدعي بأن ليس هناك أحزاب فاسدة بل أفراد فاسدين في هذه الأحزاب.
 نتساءل إذاً : لمن تتبع " المكاتب الاقتصادية التابعة للأحزاب " وماذا كانت تفعل طوال كل هذه السنين ؟ هل ذهبت ملياراتها لعموم العراقيين أم للأطراف السياسية المتحاصصة على تقسيم الكعكة فقط ؟  ومن أين لكم كل هذا الثراء الاسطوري المفاجيء ؟ أليس ذلك دليل على فساد أحزابكم, بقادتها, بتركيبتها التنظيمية, بأذرعها المسلحة, بشيوخ تدليسها وقنواتها الفضائية…
وأحد دلائل فسادها, انها لا تجرؤ الكشف عن مصادر تمويلها ومن أين لها قصور قادتها ومقرات أحزابها وتمويل ميليشياتها وكذلك الصرف الباذخ على قنواتها الفضائية.. ؟ بالتأكيد هذه الأموال مسروقة من ثروات العراقيين ولقمة عيشهم..
العلة ليست فقط في سارقي المال, افراداً وكيانات, بل بالنظام الذي هيأ لهم الظروف المناسبة لارتكاب جرائمهم, وهو نظام المحاصصة النهبوي وتوزيع الكعكة الذي يتمسكون به بمخالبهم وأنيابهم, لأن مصيرهم من مصيره !
إنهم يستثمرون في قصر ذاكرة بعض المواطنين واستغباء البعض وشراء ذمم آخرين, لتسويق أحزابهم واظهارها بمظهر ورع تقي نظيف, وهو إدعاء أصبح يُضحك العراقيين.

 * "  أگـلب الطبگ عالطابگـ !" - تهديد يعني أكشف المستور.
* " مفتح باللبن " - يعني لا يفوته شيء, يدل على النباهة والفراسة. أي يرى الأشياء الخفية حتى بالبياض الناصع.
 الاستعمال الشائع هو " العراقي مفتح باللبن ".

13
ساكو وفانزيتي - جريمة قتل قضائية بدوافع سياسية


احسان جواد كاظم


كان فيلم محاكمة ساكو وفانزيتي قد عُرض لأول مرة في بغداد على قاعة سينما غرناطة, اذا لم تخني الذاكرة, التي غصت بالمشاهدين لأسابيع عديدة. رغم عسس سلطة البعث المتوجسة من كل ما لا يتناسب مع نزعتها القومية, التي يتقاطع سلوكها الفعلي مع ما كانت تشهده بداية سبعينيات القرن الماضي من مظاهر انفراج سياسي.
 تعتبر محاكمة النقابييّن الفوضويين* ساكو وفانزيتي واحدة من أكثر المحاكمات الغير عادلة في التاريخ القضائي في الولايات المتحدة.
حيث تم قبل 95 عامًا، في 23 أغسطس 1927
،إعدامهما على كرسي كهربائي.
 كتب هيلموت أورتنر كتابًا عن ذلك في عام 2015، نشر فيه آخر رسالة لبارثولوميو فانزيتي إلى نجل رفيقه ساكو دانتي وكانت وثيقة مؤثرة جداً.

وبرغم الاحتجاجات الدولية الكبرى، أُعدم نيكولا ساكو وبارثولوميو فانزيتي بعد محاكمة صورية, على الكرسي الكهربائي, في وقت كفّت فيه العدالة الأمريكية عن إرسال المعارضين السياسيين إلى الكرسي الكهربائي. فقد كان موميا أبو جمال أو ليونارد بلتيير مثالان على كيفية دفن المعارضين السياسيين أحياء في السجون الأمريكية. وكذلك جوليان أسانج الذي حُكم عليه بالسجن لمدة  175 عاماً لفضحه جرائم حرب أمريكية.

 في هذا الصدد، يؤكد الكثير من الشهود بأن القتل القضائي لساكو وفانزيتي كان وثيق الصلة بمؤامرة ودور مشبوه لقيادات نقابية من خدمة الرأسماليين, لتلفيق تهمة جنائية ضدهما بسبب نشاطهما النقابي في أوساط العمال.

في 15 أبريل 1920، نصب قطاع طرق كمينًا لعربة نقل الأجور في ولاية ماساتشوستس، أسفر عن مقتل الحراس والفرار بالنهب, سرعان ما تركزت التحقيقات على المهاجريّن الإيطالييّن نيكولا ساكو وبارثولوميو فانزيتي… كان يكفي أن يكونا من المهاجرين وفوضويان ملحدان, ليُدانا, على الرغم من أن الأدلة واهية. فقد اتُهم الاثنان بارتكاب جريمة القتل العمد والسرقة وأدينا في محاكمة مثيرة للجدل في عام 1921. وكانت قد رُفضت عدة طلبات استئناف رفعتها هيئة الدفاع المتكونة من عدد من المحامين للمحكمة المختصة.
 نُفذ حكم الإعدام بعد سبع سنوات من السجن, في ليلة 22/23 أغسطس / آب 1927… أُعدما ساكو وفانزيتي على الكرسي الكهربائي في سجن ولاية تشارلز تاون.
أدى كل من حكم الإدانة والحكم النهائي الصادر في 9 أبريل 1927 إلى اندلاع مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء العالم.
واتهم منتقدو القضاء الأمريكي, أنه تعامل بناءً على أدلة مشكوك فيها مع جريمة قتل قضائية بدوافع سياسية… ولم يتم الأخذ بالمعلومات والأدلة النافية بل تم إلغاؤها.
 وقد شارك مئات الآلاف من الأشخاص في التماسات لمحاولة تأجيل تنفيذ العقوبة أو وقفها, ولكن ذهبت كل تلك الجهود عبثًا : الاحتجاجات، والاعتراضات، والدعوات إلى الرأفة.

 في الساعة 11:03 مساءً يوم 22  آب 1927، قرر حاكم ولاية ماساتشوستس الأمريكية ألفان ت. فولر : " أن إعدام نيكولا ساكو وبارثولوميو فانزيتي لن يتوقف ". حيث تقرر تنفيذ الإعدام في منتصف الليل, عندما تبدأ وردية عمل الجلادين المسائية في سجن تشارلز تاون.

واحدًا تلو الآخر، يُقاد ساكو وفانزيتي إلى غرفة الإعدام… يهتف ساكو البالغ من العمر 36 عامًا من الكرسي الكهربائي : " تحيا الفوضوية !". " وداعا زوجتي وطفلي وجميع أصدقائي !".
 ثم يقول لشهود الإعدام مودعاً : " عمتم مساءً أيها السادة ", بعدها يشغل حراس السجن المفتاح فتسري الكهرباء عبر جسد نيكولا ساكو. عند الساعة 0.19 تُعلن وفاته.
بعد بضع دقائق، تبعه  رفيقه بارثولوميو فانزيتي إلى غرفة الموت.
 قال الشاب البالغ من العمر 39 عامًا للمشرف على الاعدام : " أريد أن أخبرك أنني بريء, لم أرتكب جريمة مطلقًا، ربما لدي بعض الذنوب، لكنني لم أرتكب جريمة. أنا رجل بريء "... ثم يصافح المشرف واثنين من الحراس, ويجلس على الكرسي الكهربائي. " الآن أريد أن أسامح بعض الناس على ما يفعلونه بي"!
 كانت هذه كلمات فانزيتي الأخيرة. يتدفق التيار عبر جسد الإنسان مرة أخرى في تلك الليلة.
 الساعة 12:27 صباحًا في 23 أغسطس 1927، مات فانزيتي.
هل كانا مذنبين أم لا؟ حتى الآن، لم تتم الإجابة على هذا السؤال بشكل نهائي، لكن الشكوك والمحاكمة غير العادلة وحدها كافية لجعل القضية أسطورية.

في المساء الذي يسبق الإعدام، كتب بارثولوميو فانزيتي خطابًا أخيرًا إلى نجل ساكو, دانتي, أصبح بمثابة وثيقة مؤثرة :

عزيزي دانتي،
ما زلت آمل, وسنقاتل حتى اللحظة الأخيرة لاستعادة حقنا في الحياة والحرية، لكن كل من له قوة ومال، يقف ضدنا ويطلب لنا الموت لأننا فوضويان. أكتب باختصار لأنك أصغر من أن تفهم هذه الأمور وغيرها من الأشياء التي أود مناقشتها معك.
لكنك ستكبر وأتمنى أن تفهم كيف كان موقف اباك وموقفي, وما هي المبادئ التي كان والدك وأنا نتبعها، وهي المبادئ التي من أجلها سنقتل قريبًا.
أخبرك الآن أنه من خلال ما أعرفه عن والدك، فهو لم يكن مجرمًا بل كان أحد أشجع الرجال الذين عرفتهم على الإطلاق. ذات يوم ستفهم ما أقوله لك هنا, أن أبوك ضحى بكل شيء عزيز على قلب الإنسان لإيمانه بالحرية والعدالة للجميع.

في ذلك اليوم ستفتخر بوالدك، وإذا كنت شجاعًا بما فيه الكفاية، فستأخذ مكانه في الصراع بين الاستبداد والحرية، وستنتقم بإسمه لدمنا.
إذا كان علينا أن نموت الآن، فبمجرد أن تفهم هذه المأساة بالكامل، ستعرف كم كان والدك شجاعًا ووفياً لك ولوالدتك ولي خلال هذه السنوات الثماني, سنوات الاعتقال المفعمة بالكفاح والمعاناة والعاطفة والعذاب والكرب.
يجب أن تكون شجاعًا، كن عوناً لوالدتك !
أود أيضًا أن أطلب منك أن تتذكرني كرفيق وصديق لوالدك وأمك، ولسوزي ولك… وأؤكد لك أنني لست مجرمًا ولم أرتكب أي سرقة أو قتل، فقط كنت انساناً سوياً…
 قاتلنا ضد الجرائم التي يرتكبها الناس تجاه بعضهم البعض ومن أجل حرية الجميع.
تذكر دانتي، أي شخص يقول غير ذلك عن والدك وعني هو كاذب يهين الموتى الأبرياء الذيّن كانا شجعانًا في حياتهما… تذكر، واعلم أيضًا يا دانتي، أنه إذا ما كنا أنا ووالدك جبناءً ومنافقيّن وتراجعنا عن معتقداتنا، لما تم إعدامنا.
 وبناءً على الأدلة التي قاموا بتلفيقها ضدنا، لم يكونوا بامكانهم حتى ادانة كلب أبرص، وما كانوا ليقتلوا عقربًا سامًا مميتًا, مقابل الأدلة التي قدمناها لبراءتنا.

تذكر دانتي ! تذكر دائمًا : لسنا مجرمين ؛ أدانونا بناء على أدلة كاذبة. ورفضوا اسئنافاً للمحاكمة.
 عندما سيتم إعدامنا بعد سبع سنوات وأربعة أشهر وسبعة عشر يومًا من العذاب والظلم اللذين لا يوصفان، فذلك بسبب ما كتبته إليكم بالفعل؛ لأننا كنا فقراء وضد استغلال الإنسان واضطهاده.
ستثبت لك الوثائق المتعلقة بقضيتنا والتي ستجمعها أنت والآخرون وتحافظ عليها أن والدك وأمك وعائلتي قد ضحوا من أجل موقف شجاع ضد عُسف رأسمالي أمريكي مستغل.
سيأتي اليوم الذي ستفهم فيه تمامًا السبب الرهيب لما ورد أعلاه. ثم ستمجدنا !
الآن، دانتي، كن دائمًا شجاعًا !

وداعا دانتي
بارثولوميو

●   الفوضوية : (الأناركية) أو اللا سلطوية, تعرّف عمومًا بأنها الفلسفة السياسية التي تجعل الدولة غير مرغوبة وغير ضرورية وضارة.


14

انبطاح من أجل تأمين المستقبل !

احسان جواد كاظم

استقتتال الإطار التنسيقي الشيعي لتشكيل الحكومة بعد ضمان السيطرة على مجلس النواب إثر انسحاب الكتلة الاكبر, الصدرية, وتخليها عن حقوقها, لم يكن لأنه يلتزم بالقانون والشرائع الدستورية, كما يدعي بل لتأبيد وجوده في السلطة بسن قوانين تخدمهم وتحميهم وتفتح الطريق امام تنفيذ تجربة ولي الفقيه الإيرانية في العراق, لذا أسرع الإطار باستبدال النواب المنسحبين بعناصر من طرفه. وقد لاحظ المراقبون, باستغراب, تبني قادة ميليشياويين, متهمين بقتل وإرهاب وسلب العراقيين, خطاب جديد يتشدق بالديمقراطية والالتزام بالدستور والقانون والمحافظة على مؤسسات الدولة والابتعاد عن الفوضى.

كل ذلك لأجل اغتنام الفرصة الذهبية السانحة لسن القوانين والأنظمة القرو - وسطية والرجعية الطائفية وتنفيذ ما كان يطمح إلى القيام به السيد عبد العزيز الحكيم, مباشرة بعد تسلمه الرئاسة الدورية لمجلس الحكم بعد 2003, لتمرير قانون معادي للمرأة والطفل وإلغاء قانون الأحوال الشخصية العادل والذي ضمن تماسك واستقرار العائلة العراقية, الذي سنته حكومة جمهورية 14 تموز 1958.
أن مصداقية انتخاب رئيس مجلس النواب واختيار رئيسي الجمهورية والوزراء, مثلومة, لأنها  لم تخضع للمعايير الديمقراطية القويمة بأي حال من الأحوال, إنما لتوازنات المصالح, وبسبب المآخذ الكثيرة على الانتخابات الأخيرة التي قاطعتها غالبية الشعب

كما أن إعطاء حق ترشيح رئيس جمهورية لكل العراقيين لحزبين سياسيين لا غير, على أساس تحاصصي غير قانوني وعُرف سقيم, إتفقت عليه أحزاب محددة فيما بينها في التفاف على الارادة الشعبية, أمر يناقض الديمقراطية و مبدأ تمثيله لكل العراقيين, وقد شهدنا ما كان من نتائج كارثية بعد تعوق سير العملية السياسية وشل نشاط الدولة والمجتمع لمدة عام كامل, بسبب صراع عائلتين حاكمتين في اقليم كردستان العراق على توزيع الامتيازات والثروات.

والكل مترقب لما ستسفر عنه جلسة مجلس النواب يوم الخميس القادم في ظل إصرار التيار التنسيقي في تمريرها بأي شكل من الأشكال.لا سيما بعد أن كثر الحديث عن التنصل عن وعوده لحليفه بافل الطالباني - الاتحاد الوطني الكردستاني لصالح مسعود البارزاني - الحزب الديمقراطي الكردستاني.

ويُجمع العراقيون أن ذلك لابد أن يقترن بتقديم تنازلات كبيرة لمسعود البارزاني ليدعم توجهاتهم, على حساب مجموع العراقيين.

وبعدما أصبحوا " كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية " - قرآن… جاثمون على صدر الشعب وأبناؤه لا يطيقونهم.

فإن التغيير الشامل للسلطة وإرساء نظام ديمقراطي أساسه تكافؤ الفرص والحرية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية أصبح مطلباً شعبياً, وهو يشكل بديلاً حقيقياً عن نظام الفوضى والاستغلال, الذي لا يمكن أن يُرسيه الا القوى الشعبية من قوى تشرين والقوى الوطنية الديمقراطية وكل محبي العراق.

15

" السياسة الخارجية النسوية " ومأزق الألمانية آنالينا بيربوك

احسان جواد كاظم

هل من لمسة نسوية في السياسة الخارجية العالمية ؟

أثارت ادعاءات وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيربوك عن حزب الخضر, حول انتهاجها لسياسة خارجية نسوية , انتقاداً واسعاً في الأوساط الثقافية والسياسية الألمانية. لأن السياسة الخارجية النسوية يجب أن تكون سياسة سلام, بينما مواقفها وممارساتها بعيدة كل البعد عن هذه السياسة.

الدبلوماسية النسوية، أو السياسة الخارجية النسوية، هي مفهوم صيغ لأول مرة عام 2014 من قبل وزيرة الخارجية السويدية السابقة مارغوت والستروم, يدعو الدولة إلى تعزيز القيم والممارسات المناسبة لتحقيق المساواة بين الجنسين, وضمان تمتع جميع النساء بحقوقهن الإنسانية, والحق المتساوي في الموارد والتمثيل السياسي المتساوي وسلطة صنع القرار، من خلال العلاقات الدبلوماسية.
وفقًا لما ذكرته مارغوت والستروم، فإن إشراك المرأة في مفاوضات السلام يزيد من احتمالات نجاحها واحترامها. وثبت أن إشراك المرأة في مفاوضات السلام له هذه الآثار الإيجابية.
 فقد كشف تحليل إحصائي لمئة واثنين وثمانين اتفاقية سلام موقعة بين عامي 1989 و2011 أن اتفاقيات السلام التي تشارك فيها النساء, من المرجح أن تستمر بنسبة 35% لمدة خمسة عشر عامًا.
وفي عودة إلى السيدة وزيرة الخارجية الألمانية ومواقفها المجافية لما تدعيه من اتباع نهج السياسة الخارجية النسوية, يشير المنتقدون إلى خطابها امام المؤتمر ال ٢٦ لوزراء الاتحاد الأوروبي في ٣١ آب الماضي في براغ, حيث قالت :
" طالما وعدت الناس في أوكرانيا بالوقوف معهم, سنفي بوعدنا ونكون إلى جانبكم ما دمتم في حاجة إلينا, وسنستمر على ذلك, بغض النظر عما يفكر به ناخبّي من الألمان…( وهذا ما أغضب الكثير من مواطنيها ).
 وأضافت : "وليكن واضحاً, يأمل كل منا أن تنتهي الحرب غداً, ولكن أن لم تنته فأنا باقية لعامين آخرين… يبدو أمر الإجراءات العقابية المتخذة, صعباً بعض الشيء على مستوى الأتحاد الأوروبي, لأن كل حزمة عقوبات, علينا أن نستعد لها أيضاً لعامين مقبلين, لكن يجب أن نصمد مادامت أوكرانيا بحاجة إلينا… وتابعت: … ونتيجة لقدوم الشتاء ومشاكل الطاقة سنواجه كسياسيين ديمقراطيين تحديات… سيخرج الناس إلى الشارع ويقولون : " لا نستطيع دفع أسعار الطاقة !". سأقول : " أعلم, لذلك نحن سنساعدكم في التدابير الاجتماعية "...
" لكني لا أريد أن أقول : " حسناً, سنوقف العقوبات ضد روسيا.. بل سوف نقف إلى جانب أوكرانيا.. وهذا يعني أن العقوبات ستبقى أيضاً في فصل الشتاء, حتى لو أصبح الأمر أكثر صعوبة على سياسيينا. علينا إيجاد الحلول الجيدة في جميع أنحاء أوروبا لمواجهة الآثار الأجتماعية, لأن ذلك هو الجانب الآخر للحرب, انها حرب مركبة, لتقسيم ديمقراطيتنا, بدعوى ترك الفقراء ورائهم. لا نحن متضامنون مع الجميع في بلدنا, كما نقف مع الجميع في أوكرانيا ".

في خطابها أعلاه, أكدت أيضاً في معرض اشارتها لأوكرانيا, أن ألمانيا هي واحدة من " أكبر موردي السلاح في الوضع الراهن… أن هذا ليس شيئاً نفخر به, لكنها لن تتخلى عن تسليم السلاح مادام هناك طلب متزايد على الأسلحة الثقيلة, وقد بررت ذلك : " بصفتها دولة كبيرة وذات نفوذ, لذا فإن ألمانيا تتحمل " مسؤولية خاصة " لأن أفعالها تشكل مثلاً أعلى للدول الأصغر في الاتحاد الأوروبي... كما أن تسليم الأسلحة الثقيلة ليس دخولاً في الحرب بل دعم حق أوكرانيا في الدفاع عن النفس, المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

منذ نهاية تشرين الثاني/ أكتوبر 2000, طلب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 منح النساء والفتيات في مناطق الحرب حماية خاصة وزيادة مشاركة المرأة في العمليات السياسية.
تمت مناقشة هذه الفقرة أثناء عقد التحالف الحكومي باعتبارها واحدة من النقاط المهمة في برنامج حزب الخضر Bündnis 90 / Die Grünen, وتتضمن : تعزيز حقوق وموارد وتمثيل النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم بروح السياسة الخارجية النسوية. وتعزيز التنوع الاجتماعي, بإرسال النساء إلى مناصب الإدارة الدولية ، وتنفيذ خطة العمل الوطنية بشكل طموح, ومواصلة تطويرها لتنفيذ قرار الأمم المتحدة المذكور.
أُقرت السياسة الخارجية النسوية الآن في اتفاقية الائتلاف الحكومي في ألمانيا.
  أعلنت أنالينا بيربوك , تبعاً لذلك رغبتها في متابعة منصبها كمتبنية ل "سياسة خارجية نسوية " من الآن فصاعدًا، وبالتالي تريد محاكاة حكومتي السويد وكندا.

لكنها تجاهلت احتفال النساء الكرديات في بعض الدول الأوروبية بذكرى سكينة جانسيز وفيدان دوغان وليلى شايل مز، اللواتي قُتلن في باريس في 9 يناير 2013, برصاص المخابرات التركية. رغم إقامة احتفالات مشابهة لإحياء ذكراهن في ألمانيا.
 لم تقل الوزيرة أنالينا بيربوك كلمة واحدة عن ذلك, ولا عن مصير النساء الأفغانيات اللواتي تُركن لقمة سائغة لعصابات طالبان بعد الانسحاب الأمريكي. وغيرها من وقائع تتعلق بالنساء في الشرق الأوسط بالخصوص.

وبحجة " نقطة التحول في الزمن " ، عللت السيدة وزيرة الخارجية بيربوك التغييرات في سياستها : " لتكون مواكبة للعصر ". لكنها لا زالت تتمسك بمصطلح " السياسة الخارجية النسوية ".

يشير المنتقدون أن السياسة الخارجية لهذه الحكومة الفيدرالية ليست نسوية ! وهو ما ينعكس في مقاربة وزير الخارجية لقضايا الحرب والسلام.
فقد كانت قد وافقت على تخصيص 100 مليار من الأصول الخاصة للبوندسفير ( الجيش الألماني ) التي تم التفاوض عليها في التحالف الحكومي : حيث قالت الوزيرة في موقع دويتشلاند فونك إن التخصيص " حل وسط جيد حيث نضمن أن حلف شمال الأطلسي يمكن أن يعتمد علينا ".
كما أنها أبدت استعدادها لتقديم المزيد والمزيد من الأسلحة ، والتحدث عن حشد الأسلحة وبالتالي تمرير المليارات من الأوامر لشركات صنع السلاح.

وبعد سبعة أشهر على بدء الحرب في أوكرانيا, لا ترى وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك أي جدوى من المحادثات المحتملة مع الحكومة الروسية حول إنهاء الحرب الأوكرانية في ظل الوضع الحالي.

تساهم تصريحات مشابهة من قبل كبار الدبلوماسيين في ألمانيا في تأجيج التفكير الحربي وتهدف إلى تشجيع الصراع العسكري بهدف القتال حتى النصر !  وليس التوسط وخوض مفاوضات دبلوماسية لحلها.

وطالما تستند السيدة بيربوك في أحاديثها إلى  " حريتنا و قيمنا ".
لكن المواقف من الحروب في مناطق أخرى من العالم ، والأسئلة التي لم تتم الإجابة عنها حول السياسة في أفغانستان ، والحرب في اليمن ، وحول مالي - تثير أسئلة حول ماهية هذه القيم, وحياة وحريات الشعوب على المحك.

 إذا تم الاحتذاء بسياسة مارغوت والستروم كأساس حقاً ، فمن الصحيح على الأقل أن تكون السياسة الموجهة نحو السلام ونزع السلاح هي وحدها التي تؤكد ادعاء " السياسة الخارجية النسوية ".
 وزيرة الخارجية السويدية والستروم لم تتجنب الصراع مع حكومتها سياسياً وصوتت ضد تصدير الأسلحة لأنها لا تتناسب مع النسوية في السياسة الخارجية, كما
نجحت في الضغط من أجل اعتراف السويد بدولة فلسطين ، والذي تقرر في 30 أكتوبر 2014.

ثم تم لاحقاً إعلان والستروم " شخصًا غير مرغوب فيه " من قبل الحكومة الإسرائيلية في عام 2016, لقيامها بحملة في البرلمان السويدي لإجراء تحقيق في مقتل 150 فلسطينيًا على أيدي قوات الأمن الإسرائيلي.
خلال فترة الوزيرة والستروم، وافقت السويد على معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017.
 في يوليو 2019، أدى الضغط السياسي الداخلي والضغط من قبل الناتو إلى أن تعلن فالستروم أنها لن توقع على المعاهدة بوضعها الحالي.
 بعد أقل من شهرين، استقالت والستروم من منصبها " لأسباب شخصية " !!!

 اعتبر موقع FAZ.net في 22/9/9 ان النقد الموجه إلى سياسة الحرب المتبعة : " بروباغاندا أثارها دعاة بوتين " !


الشيء الوحيد الجلي اليوم, على الرغم من التعريف غير الدقيق للمصطلح الذي يعترف به الخبراء أنه : " لا ينبغي وصف سياسات وزيرة الخارجية آنالينا بربوك بأنها " سياسة خارجية نسوية "!
         




16
التجسيد المحاصصي لمفهوم " العقد الاجتماعي "

احسان جواد كاظم

عندما حاول رئيس الوزراء المخلوع عادل عبد المهدي التعريض بانتفاضة تشرين الشعبية وشبابها, أشار إلى مفهوم " الدولة واللادولة " للإشارة الى ما شكلته ( فوضى ) الانتفاضة من تهديد لكيان التحاصص النهبوي. في الوقت الذي كانت فيه الميليشيات تصول وتجول وتسرح وتمرح تحت غطاء رسمي او تعامي متعمد  عن جرائمها, حيث كانت تغتال من تريد بالكاتم تحت سمع وبصر حكومته وتخطف الناشطين, براحتها, وتغيبهم, وتغير على ساحات التظاهر لترتكب مذابح مروعة بحق شباب مسالم.

ولتبرير تغاضي الدولة واجهزتها الامنية عن مرتكبي الجرائم, المعروفين لديها ولدى المواطنين, لتبرئة نفسها والقتلة, فبركت الحكومة واحزابها كذبة وجود " طرف ثالث " شبحي هلامي كلي القدرة هو الذي ارتكب المذابح بحق مواطنيها, وتناسى الجميع بمن فيهم رئيس الحكومة حينها عادل عبد المهدي فذلكته عن مفهوم " اللادولة " وكأن وجود طرف ثالث يلبس طاقية اخفاء, وله امتياز تصفية من لايعجبه, لا يدخل ضمن  مفهوم " نقيض الدولة " وليس فوضى يهدد كيان الدولة وهيبتها, وبالتالي يدين تهربها من أداء مسؤولياتها في ضمان الأمن والأمان المجتمعي الذي يكفله الدستور باعتباره وثيقة عقد اجتماعي بين من يحكم ومواطني البلاد.

" العقد الاجتماعي " بين الدولة والشعب بأبسط تفسيراته هو - تضمن الدولة الأمن والأمان مع توفير أبسط مقومات الحياة واستمرارها مقابل ان يحترم الشعب القوانين والأنظمة التي تسنها الدولة, الملزمة للجميع.

نظام المحاصصة الطائفية - العرقية الذي وضع أسسه الاحتلال الامريكي, لم يكن عقداً اجتماعياً عادلاً وهو لا يتناسب حتى مع المعايير الامريكية للديمقراطية. لكن أحزاب السلطة تلقفته لتجعله نهجاً ثابتاً, عملت عليه الحكومات المتعاقبة. هو, في حقيقته, اتفاق توزيع مغانم فيما بين أحزاب أعطت كياناتها امتياز احتكار تمثيل المكونات من الشيعة والسنة والأكراد, وتمسكت به كعرف ورفعته إلى مستوى أعلى من بنود الدستور الذي لا يشير إلى هذا التوزيع الفئوي الفج وإلى إضفاء القدسية عليه بعد ان استطعمت ثمراته.

ان اعتبار نهج المحاصصة النهبوي كرديف ل " عقد اجتماعي " او تجسيد له أثبتت الحياة خطله. لأن الدولة ممثلة بمؤسساتها وحكوماتها واحزابها المتحاصصة لم تؤد التزاماتها في هذا " العقد " يوماً. ولم تخدم سوى طرفاً متنفذاً يمتلك سلاحاً شرعياً وغير شرعي من أطراف العقد, لتأمين مصالحه فحسب, بينما تجاهل معاناة الملايين من غياب الأمان. والقتل على الهوية وفوضى السلاح وشيوع الفساد وتكاثر الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة ومهربي المخدرات.... اضافة الى غياب الخدمات وتفشي البطالة والفقر الاجتماعي…

لقد تحولت الدولة الى نقيضها - " لا دولة ", بالمعنى الحرفي, بعدما ابتلعتها احزابها المتنفذة من خلال تحاصص الوزارات والمؤسسات الرسمية وتحكم مكاتب الأحزاب الاقتصادية في النشاطات المالية والاقتصادية والاستحواذ على العقارات وفروع الاقتصاد عامة.

أكدت الأحداث بان فترة انتفاضة تشرين/ أكتوبر ٢٠١٩ وفي إطار المساحات التي كانت فاعلة فيها جسدت مفهوم " الدولة " الحقيقي, وحضور مباديء " العقد الاجتماعي " بين جنباتها, قبل تسلل أفراد الأحزاب الفاسدة المدفوعين لتخريبها من الداخل. فهي وفرت الأمان وأجواء السلام والتعاون والتآلف والوحدة الوطنية والمسؤولية الشخصية والإيثار الوطني بإنبراء شابات وشباب بتقديم خدمات ليست من جنس اختصاصاتهم ومستوياتهم الاجتماعية.. حيث حولوا ساحات الاحتجاج الى كرنفالات فرح وثقافة, وجمّلتها باللوحات والشعارات المتفائلة المفعمة بحب الوطن ووحدته ورفعة شعبه... فقد أنجزوا خلال أسابيع ما عجزت عن القيام به حكومات متتالية طوال سنوات... فقد حولوا بناية المطعم التركي الكئيبة التي تتوسط مركز العاصمة إلى مزار ومكان طافح بالالوان والمحتفي بشعارات المنتفضين وصور شهدائهم وأوصلوا إليه النور بعد عقود من الظلام.

لقد أرسلوا حينها رسالة واضحة للمواطن العراقي بأن بناء وطن آخر بدون عصابات الفساد أكثر من ممكن, وفي فترة قصيرة, لو حسنت نوايا المتصدين للأمر وتمتعوا بالوطنية الحقة وحب الوطن.

وكانت رسالتهم الثانية إلى شاغلي المنطقة الخضراء المحصنة والمقابلة لبناية ( المطعم التركي ) بحلته الجديدة... بأن تغيير ما عملوا عليه من إهمال مصالح البلاد ومواطنيها, قادم لا محالة. وان بديلهم من شابات وشباب الانتفاضة جاهزون للنهوض بالواقع المزري الذي كرسوه.

هذه التغييرات السريعة في فضاء ساحة التحرير في بغداد وساحات التحرير في محافظات البلاد الأخرى, فقأت أعينهم وفتت أكبادهم وأثبتت لهم كم هم صغار امام عزم التغيير الذي ينشده الشباب الثائر. لهذا بذلوا جهودهم الغادرة في إرهاب المنتفضين بالقتل والاختطاف وتسريب أعوانها لتخريب الانتفاضة من الداخل, بارتكاب ممارسات إجرامية وعنفية هي بعيدة عن سلوكيات المحتجين السلميين وحاولوا توسيخ سمعتهم, وبث روح الفرقة بين أوساطهم, ونجحوا من ثم في فض تجمعاتها لكنهم عجزوا عن إطفاء جذوة الانتفاضة في قلوب العراقيين. وأصبحت الانتفاضة انصع وأكبر حدث تاريخي يعتّز به العراقيين لما أنجزته من إسقاط الفكر التقسيمي الطائفي العرقي و مرغت بالتراب الهيبة المسلحة لعصابات القتل بعد التضحيات البطولية لشباب الانتفاضة في مواجهتها, ونهضت بالوعي الاجتماعي في رفض طغمة الفساد وضرورة التغيير.

17
مباحثات... محادثات وما من مخرجات !

احسان جواد كاظم

فشلت دعوات متوالية لجمع أطراف الخلاف الشيعي في محفل واحد لتداول شؤونهم بعد رفض السيد مقتدى الصدر وتياره الجلوس مع من أسماهم بالفاسدين بعد أن قطعوا على تياره امكانية تشكيل حكومة ذات نهج يختلف عما كان سائداً من محاصصة فاقعة, عمادها الوطنية ونبذ التحاصص.
آخرها كانت مبادرة رئيس مجلس النواب المجمد محمد الحلبوسي.
عدم الثقة هي السائدة في علاقاتهم, لذا فأن التيار الصدري يرفض عقد جلسة لمجلس النواب ويدعو لحله, رغم تحرّق قوى الإطار لعقده, ليس حباً وتمسكاً بالأصول الديمقراطية في سير الإجراءات, كما يدعون, بل ربما لخداع الصدريين واستثمار غيابهم عنه, والانقلاب عليهم, والمضي بتشكيل حكومة, أمر واقع, اطارية قح تقوم بقص أجنحة التيار واضعافه, ويبدو ان السيد مقتدى الصدر يعي ذلك !
 السمة العامة في كل لقاءاتهم استبعاد القوى الديمقراطية وشباب تشرين ومنظمات المجتمع المدني الأخرى عنها, لأنهم يخشون الشفافية والمكاشفة ورفع الستار عن الفضائع المرتكبة. وهي لقاءات استحواذ على القرار الوطني, لا يرى فيها الشعب أي جدوى او نفع, ويعلم بأنها لا تخرج عن حلقة صراع سياسي على المغانم واجترار النموذج الفاشل في الحكم.
 تجنبهم اشراك القوى الأخرى من خارج اطرهم التحاصصية يضع ألف علامة استفهام على نوايا اجتماعاتهم وخططهم.
يجيبك أي مواطن عراقي بسيط عن فحوى تداولاتهم واجتماعاتهم :- بأنه تآمر !!!

عندما سُئل أحد ممثلي الإطار التنسيقي الشيعي عن سبب استبعاد أطراف سياسية فاعلة من خارج منظومتهم, أجاب متبجحاً : لضعف خبرتهم السياسية !!!
قد يكون كلامه صحيحاً, فهم لا يمتلكون خبرة التحايل وسرقة قوت المواطن وليسوا ضالعين في تشريح البلاد إلى شرائح طائفية وعرقية ومناطقية وعشائرية....

فيا ترى أين تكمن خبرتهم السياسية التي يتفاخرون بها على الآخرين ؟ هل بكم الانجازات الهائل التي يرفل بها العراقيين طوال ما يقارب العشرين عاماً من حكمهم, المتمثلة بالحروب الداخلية وشيوع الفساد وتغلغله في كل مفاصل الدولة والحياة الاجتماعية نتيجة سياساتهم النهبوية وسرقتهم للمال العام, وتدميرهم للاقتصاد العراقي وإلحاقه بإيران الإسلامية أم هذه العملية السياسية المشلولة ؟!!
خبرتهم السياسية تتمثل في جر البلاد إلى حافة الهاوية, بكفاءة منقطعة النظير... إلى ثقب أسود ومصير مجهول.

ان مشاركة القوى الوطنية والديمقراطية وشباب تشرين ضرورية لمعرفة ما يحاك ضد شعبهم و بلادهم وطرح البديل المدني الديمقراطي بدولة مواطنة وقانون وتكافؤ فرص لجميع العراقيين وحرية وسلام.
آن الأوان لتجمعوا أنقاض عمليتكم السياسية الفاشلة وترحلوا إلى غير رجعة. الشعب نبذكم !!!


18
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي       وأسمعت كلماتي من به صمم !


احسان جواد كاظم

بيت الشعر المشهور للمتنبي أبي محسب أحمد بن الحسين الجعفي هذا, يمكن ببساطة تذييله بأسم مظفر النواب, دون تردد !

 باعتباري متذوق ومتابع مزمن للشعر بأنواعه.. أحس, فطرياً, بالشاعر الذي يرقّص الكلمة ويداعب شغاف القلب.
كلاهما كان عظيماً ومتميزاً في شعره, نالا إعجاب الأجيال, ووصلت أشعارهما أطراف الأرض ونواحيها, سمعها المحب والمبغض, ولا يمكن لأحدٍ أن ينكر شعريتهما الآسرة.

ظروف حياة الشاعرين تكاد تكون متشابهة رغم اختلاف الحقب الزمنية التي عاشا فيها, حيث الاحتدام الحضاري و الاضطراب والتوتر الاجتماعي وصراع القوى الحاد.
فبينما عاصر المتنبي زمن انحسار الدولة العباسية وتناثرها إلى إمارات ودول متخاصمة في الشام ومصر.. وظهور الحركات الاجتماعية النازعة نحو التغيير والعدل الاجتماعي, كالقرامطة.. إضافة إلى تهديدات الروم المتكررة لثغور الدولة.
فإن مظفر النواب عايش فترة الاحتدام الداخلي وتجبّر الاقطاع المدعوم من المحتل البريطاني, وانقلابات العسكر الاولى ومؤامرات القصر, ونقيض كل ذلك, تنامي الفكر الثوري والوعي الاجتماعي الذي ترجم إلى انتفاضات شعبية وهبّات جماهيرية, شارك فيها باندفاع, وما كابده أثرها من مطاردة وعسف وإبعاد وسجن, حتى قيام ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨, حيث عاش العراقيون في سنواتها الأولى شيء من الهدوء, ولكن انتكاستها بعد انقلاب ٨ شباط الفاشي ١٩٦٣, رسم ملامح تحدي جديد, استمر طوال القرن العشرين, وعلى ذات المنوال عاش حياته رافضاً للظلم وساعياً لحرية شعبه.
لا أريد الإسهاب في سرد تاريخه وأكرر ما كُتب وقيل, خصوصاً واننا لازلنا في أجواء تشييعه ورثاءه.

وإذا كان المتنبي قد اتهم بممالأة الحكام من خلال قصائد المدح لبني حمدان وبعدهم كافور الإخشيدي حاكم مصر, مجبراً.. دفعه عدم رضا الأمراء والسلاطين عليه إلى الهروب من عسفهم, وكذلك مضت حياة مظفر النواب بين الملاحقة والهروب, لكنه غادرنا نقياً من اعطيات او مدح ملك او رئيس دولة.

أصبح استلهام نص أي قصيدة او جزء منها في عمل فني موازٍ - تمثيلي, نحتي او تشكيلي… ممكناً في عصر تنوع أشكال الإبداع والمواهب وتقنيات تنفيذها.

لم تتحول قصائد المتنبي إلى لوحات تشكيلية معاصرة, ربما فقط في فن الكاليغرافي, لوحات الخط العربي.
 ولكني وقعت, سبعينيات القرن الماضي, على لوحتين مستلهمتين من إحدى أجمل قصائد مظفر النواب. لم تُزين اللوحتان جدار كاليري فن تشكيلي ولا باحة فندق فخم, بل جدار غرفة صغيرة في بيت كادحين بغدادي في منطقة الرحمانية, مجاورة لصورة " فهد ", بريشة طالب علوم سياسية حينها الصديق العزيز عارف ( لا اريد ذكر اسمه الكامل دون تخويل منه ) مستوحياً لوحته من قصيدة النواب " عشاير سعود " :

" تتجادح عيون الخيل
وعيون الزلم بارود
وياخذنا الرسن للشمس
من زود الفرح ونزود "...
 
كنت ابحلق في عيون الفارس وحصانه المحمّرة, وحركة رأس الحصان المشرئبة نحو الشمس وجسد الفارس المنحنية, قابضاً برسن فرسه الجامحة.

اللوحة التالية ابدعها نفس الفنان ومن مقطع آخر من نفس القصيدة :

" سعد يسعود يمصنگر
عله الحومة غضب أرگط "...

جسّد فيها سعود, متأهباً كصقر على قمة مرتفعٍ من الأرض, مترقباً مجيء " الحوشية والشرطة, كما قال النواب في قصيدة أخرى له " مسدداً بندقيته نحوهم, ومعالم الغضب بادية على عينيه بشرايينها الحمراء الظاهرة.
ابهرتني اللوحة بتجسيدها لمفردة النواب المتفردة " غضب أرگط " على كلاب السلطة, كما غضب أفعى رقطاء.

وإذا كان أبو الطيب المتنبي " ماليء الدنيا وشاغل الناس " بحق, فكذلك هو صنوه المعاصر مظفر النواب.

19
بيوتر إيكونوفيتش*: قبل أن نكرههم


ترجمه عن البولونية - احسان جواد كاظم

تفاجأ فقراء البولونيون عند رؤيتهم, طلائع اللاجئين الأوكرانيين القلائل، ولكن الظاهرين للعيان، الذين يملكون المال والسيارات باهظة الثمن.
يبدو اننا مهددون بصراع اجتماعي إذا لم تبدأ الدولة البولونية العمل.

الأغنياء يهربون دائمًا أولاً. وهذا ينطبق على الأفغان والسوريين كما على الأوكرانيين. لا عجب في ذلك.
 الاحصائيات تشير إلى ان من بين أكثر من 3 ملايين لاجئ من خارج الحدود الشرقية، فإن الغالبية (حوالي 62٪) حاصلون أيضًا على تعليم عالٍ أو يدرسون.
 لماذا يحدث هذا ؟
ببساطة, حتى عندما تهرب يجب أن يكون لديك ما يؤمن عملية الهروب. أسهل بالطبع, عندما تكون معظم ثروتك على حسابك المصرفي, أكثر مما لو كانت جميع ممتلكاتك عبارة عن أثاث منزلي أو شقة. عندما يكون كل ما لديك هو منزلك وما بداخله، فإن قرار المغادرة يعني خسارة " كل شيء", حتى لو لم يكن كثيرًا.

إن مشهد " العربات الفارهة " على أرقام التسجيل الأوكرانية في مدينة لوبلين الفقيرة نسبيًا, مدعاة إثارة أكثر مما هو عليه في وارشو. ومع ذلك، لا يخفى على أحد أن المجتمع الأوكراني يتسم بانقسام طبقي أكثر من مجتمعنا, فهناك فجوة مذهلة بين الأغنياء والفقراء.

لقد أظهرت السنوات الأخيرة أن هناك صورة نمطية معينة عن اللاجئين ترسخت لدينا, إنه رجل متواضع، هزيل، يرتدي أي شيء، ممتن ومستعد لقبول أي مساعدة منا، حتى أصغر مساعدة، على سبيل المثال في شكل ملابس مستعملة, ومن هنا جاء السخط الكبير لجزء كبير من أبناء وطننا من الأخبار التي تفيد بأن اللاجئين من الشرق الأوسط لديهم هواتف ذكية. ماذا كان من المفترض أن يمتلكوا , توثية إنسان بدائي, مثلاً ؟

وبالمثل، يسمع المرء تعليقات ضد لاجئي الحرب من الأوكرانيين مفادها كونهم " يرتدون ملابس بماركات تجارية معروفة ", ومع ذلك, لابد من الاعتراف بأن معظم اللاجئين، حتى لو لم يبدوا أنهم فقراء، فإنهم فقدوا مكانهم على الأرض, منزلًا أو شقة, وكذلك أحبائهم نتيجة للحرب. علاوة على ذلك، يحيا هؤلاء التعساء، ومعظمهم من النساء والأطفال, ظروف نفسية صعبة وخوف دائم من احتمالات استلام خبر وفاة أزواجهن وآبائهم وأبنائهم وإخوانهم, في أي لحظة… فما من آفاق لنهاية وشيكة للحرب تمكنهم من العودة السريعة إلى وطنهم.. وربما سيكون عليهم بدأ حياة جديدة, من الصفر هنا في بولونيا.
ينتقد المزيد والمزيد من الناس الوافدين الجدد على حقيقة أنهم يتلقون مساعدة مالية وإسكانية من الدولة البولونية، على الرغم من الدلائل الواضحة على مستواهم الاجتماعي المرتفع.
 ويبدو أن هذا الكرم الحكومي تجاه الوافدين الجدد يتناقض مع ندرة المساعدة الاجتماعية للبولون والنساء البولونيات، حيث يجبر بعضهم على العيش بما يزيد قليلاً عن 700 زلوتي بولوني, بدل مالي دائم على ان يوقعوا التزامًا بعدم كسب أموال إضافية.

في الوقت الحالي، ليس سوق العمل هو موضع الخلاف. لقد اعتدنا بالفعل على وجود عاملين من أوكرانيا, حتى قبل اندلاع الحرب, فقد عمل لدينا أكثر من مليون منهم, معظمهم أشخاص حاصلون على تعليم عالٍ أو ثانوي، لكنهم يؤدون عملاً بدنيًا.
 حتى الآن، لم يبدأ العمل "رسميًا " في بولونيا سوى حوالي 70 ألف شخص من اللاجئين الأوكرانيين ( لأنهم من النساء بشكل رئيسي ), لذلك، يصعب تصديق أن ذلك الأمر سيسبب توترات في سوق العمل.
الأمر مختلف مع الشقق السكنية, حيث تنتشر دعايات مضللة ( قد تكون أنتجت عمدًا لصالح الكرملين) حول كيف يجلب المهاجرون الأوكرانيون الأثرياء حقائبهم المالية ويدفعون ثمن السكن نقدًا, لكن في الواقع، يبحث معظم اللاجئين، بعد فترة من النوم في صالات الألعاب الرياضية، عن مأوى مناسب.

انعكس هذا الطلب المتزايد في زيادة أسعار الإيجارات, ففي الأشهر الأخيرة، قفزت تكاليف الإيجار في العديد من المدن البولونية من 20 إلى 40 %.
 العدد الدقيق للعائلات التي أخذت اللاجئين لأول مرة إلى منازلهم غير معروف. كان البعض يسترشد فقط برد فعل عاطفي، والبعض الآخر بحوافز الدعم المالي الحكومية لكل من يستضيف لاجئاً أوكرنياً ( 40 زلوتي بولوني لكل أوكراني في اليوم ). ومع ذلك، فإن هذه الضيافة تقترب ببطء من نهايتها… نستضيف في مكتبنا أمًا لديها ثلاثة أطفال، سكنت سابقًا عند أشخاص طلبوا منها مغادرة المنزل بعد ثلاثة أسابيع.
حتى قبل أزمة اللاجئين، كانت لدينا أزمة سكن مزمنة في بولونيا, حيث تشير التقديرات إلى أن حوالي 3 ملايين شقة مفقودة في السوق الآن، لذا عندما يأتي 3 ملايين شخص إضافي من الشرق إلى بولونيا، فلابد أن يرتفع العجز بما لا يقل عن مليون آخر…
الشقة التي ينبغي أن تكون منفعة عامة أصبحت سلعة فاخرة.

سيتعين على العديد من المواطنين العمل لمدة عام مقابل متر مربع واحد من شقة في العاصمة وارشو ، مع تخصيص رواتبهم بالكامل لهذا الغرض فقط. تبلغ الجدارة الائتمانية لشراء شقة (رهن عقاري) حوالي 14%, وهذا الوضع يفرض على الآخرين النضال من أجل الحصول على شقق بلدية ( الإحصائيات تشير بأن كل بلدية في بولونيا تقوم, سنوياً, ببناء واحدة من هذه الشقق ) أو استئجارها في السوق الحرة.
هذا الوضع الكارثي جعل قضية الإسكان حساسة اجتماعياً بشكل خاص.

الادعاءات التي تقول " إنهم يعطون الأوكرانيين والبولونيين لا " نشأت بالفعل عندما كان لدى إدارة المحافظة عدد محدد من الشقق, مخصصة للاجئين… اليوم، وبسبب تدفق اللاجئين الأوكرانيين, أصبح الوضع أكثر سخونة, بعد إصدار رئيس بلدية وارشو ، رافاو تشاسكوفسكي، أمرًا بتعليق العمل بقائمة المنتظرين للحصول على سكن بسبب أزمة اللاجئين.

زوج مارينا ، التي تعيش مع أطفالنا، موجود في بولونيا منذ فترة طويلة, يعمل في موقع بناء ويعيش في سكن للعاملين, يحتل واحدًا من الأسرّة العديدة في غرفة مؤثثة كما زنزانة السجن… تحلم عائلته بالعيش معًا في شقة مستأجرة. وهذا شأن مئات الآلاف من العوائل الاوكرانية في بولونيا الآن.
في الوقت نفسه، كشف المكتب المركزي للإحصاء مؤخرًا أن البيانات التي تم جمعها خلال التعداد لا تزال تظهر  وجود 11% من المباني السكنية, تقف فارغة, لا أحد يعيش فيها, يمكن في حالة طرحها في السوق، خفض أسعار الإيجارات, ولكن ملّاكيها يستخدمونها في المضاربة - الملّاك يلعبون لرفع الأسعار من خلال تجميد " السلع النادرة - المطلوبة " بدلاً من تلبية الاحتياجات الاجتماعية.
وكما أورد إميل زولا في روايته جرمينال :" كان هناك خباز يحتكر الدقيق في أوقات الجوع ، قطعن النساء خصيتيه !".
 المضاربون لدينا ليسوا حتى في خطر فرض ضريبة لثني المضاربة.

لم تقض موجة هجرة الحرب على الفقر ، ولا سيما فقر السكن. لذا فعندما نحاول إخراج شخص ما من حالة التشرد ، ومحاولة استئجار غرفة لسيدة مسنّّة في مدينة كيلسه, مثلاً، نسمع أن المُلّاك يفضلون الطلاب… كما تستبعد العائلات التي لديها أطفال عن الاستئجار، لأن أحد المعايير المهمة للتأجير هو سهولة إلقاء المستأجر في الشارع, ومع وجود الأطفال يصعب طرد العائلة وإخلاء السكن.
 أحد هذه " الضمانات " لأصحاب العقارات هو تصريح المستأجر الكتابي بأنه سيكون لديه مكان ينتقل إليه إذا لزم الأمر.
أنا أعيش في بناية ، طالب مالكها بمثل هذا التصريح ، ولكن بما أن ذلك غير سليم، فقد رفض كل سكان البناية كتابة مثل هذا الإعلان, الذي يفرض تأجير الناس شققًا, مقابل أموال باهظة, بشرط مجحف :- " إذا لم يكن لديهم مكان يذهبون إليه ".

ينظر فقراء البولون بجفاء إلى الأوكرانيين القلائل، ولكن الظاهرين للعيان، الذين يمتلكون المال، والسيارات الفارهة باهظة الثمن، والتي بالإضافة إلى ذلك، كما ذكرت، تمولهم الدولة مجانًا.
 عدم التقبل تجاه من يحضون بالامتيازات والذين غالبًا ما يكونون متعجرفين، سرعان ما يتحول إلى رهاب. هذا هو سبب الضغينة ضد الأوكرانيين بشكل عام - لأن الانقسامات الوطنية يسهل على الأشخاص البسطاء التقاطها من الانقسامات الاجتماعية، التي تخضع الى تمويه وسائل الإعلام على قدمٍ وساق.

باختصار - نحن مهددون برهاب معادٍ لأوكرانيا إذا لم تبدأ السلطات البولونية، المحلية والوطنية، تدخلًا جذريًا في سوق الإسكان. على سبيل المثال، من خلال الأدوات الضريبية التي ستجبر مالكي الشقق الفارغة على تسويتها على الفور ( كما في حالة العاصمة وارشو )، ولكن أيضًا من خلال البناء الواسع للشقق لأغراض الاستئجار, المناسبة لجميع الميزانيات.
 إذا لم يمض الأمر كذلك، فسنشهد صراعات عرقية بين أكثر من 3 ملايين لاجئ وجزء كبير من المجتمع البولوني ، عندما يتزايد الشعور بالمعاملة
غير العادلة.

●   Piotr Ikonowicz:
●    Zanim ich znielubimy العنوان باللغة البولونية
●   موقع /lewica.pl
●   الحزب الاشتراكي البولوني



20

" إذا أعيت مكافأةُ الجميلِ "*, مظفر النواب

احسان جواد كاظم


كما درجت عليه العادة, يأتي تقدير مبدعينا, بمختلف مجالات إبداعهم, متأخراً دائماً ! بعد أن يقضوا أو وهم يعانون إهمالاً وكمداً ممضاً.
 هكذا كان الأمر مثلاً مع العالم والباحث الاجتماعي الدكتور علي الوردي… وقد لا يحدث الاهتمام أبداً, كما بالنسبة لجواد سليم وزينب وحسين مردان والمثقف العضوي المفكر هادي العلوي والفنان التشكيلي الكبير فيصل لعيبي و المعمارية الراحلة زها حديد, ومطربين وملحنين وسينمائيين ومفكرين وأكاديميين وأطباء… والكثير الكثير من مبدعينا طوردوا واستشهد من استشهد منهم تحت التعذيب وأغتيل بعضهم, ونفذ آخرين منهم الى خارج الوطن, وما من مؤسسة حكومية تتابعهم اليوم وتحتضنهم.

على العموم أن ما يخلّد هذه الشخصيات هو ما تركوه من منجزات وآثار ابداعية, بالأساس, متداولة بين المواطنين وتسكن ذاكرتهم..
 وقد ترك شاعرنا الأثير مظفر النواب إرثاُ غنياً ثراً من شعره الثوري والعاطفي, باللهجة الشعبية العراقية او باللغة العربية الفصحى, بقيت لأجيال تدور على شفاه العراقيين وغير العراقيين, تشحن ثوريتهم تارة وتداعب أرق مشاعر عشقهم, تارة أخرى.

الكثير من محبي فقيدنا مظفر النواب اقترحوا مكافأته بإعادة نشر دواوينه وجمع القصائد المتفرقة الضائعة ومقابلاته الإذاعية والتلفزيونية والصحفية وكاسيتات مهرجانات الشعر التي أنشد فيها قصائده, وصوره ولوحاته وحتى جمع نتاجات كل من كتب عنه شعراً أو نثراً أو نقداً والاغاني التي استلهمت من أشعاره…
آخرين طالبوا بتمثال له يزين شارع المتنبي قريباً من متنبيه. أو اطلاق اسمه على شوارع وساحات في مدن البلاد او على مؤسسات ثقافية أو قاعات محاضرات ومهرجانات شعرية او كاليريهات رسم تشكيلي او مكتبات.

كل الاقتراحات الواردة أعلاه , وغيرها مما لم أطلّع عليها ,مفيدة. وهي تستحق وضعها موضع التنفيذ, تقديراً لقامة استثنائية كبيرة من قامات الثقافة العراقية مثل مظفر النواب, أرسى أسس مدرسة نوعية جديدة للشعر الشعبي, وأصبح أيقونتها, ولثوري فذ انحاز إلى بُناة الحياة الجديدة وقضايا حرية الشعوب.

وأسمح لنفسي أن أضيف, بأن من الأهمية بمكان, تأسيس متحف خاص به, يكون مزاراً لمحبيه, ولتلاميذ المدارس والطلبة بعد تضمين المناهج المدرسية, باقة مختارة من أشعاره, وخاصة التي تمجد الوطن وحب شعبه, وكل ما يرفع من أذواق قارئيه, واطلاع المستمعين على تقنيات القراءة الشعرية, التي أبدع بها الشاعر, بصعودها وهبوطها, بتحولات الفرح والشجن فيها… فقد كان مميزاً بحق في طرق القاءه لقصائده.
قد يكون اقتراحي سابق لأوانه, وسقفه عالٍ, في ظل عملية التجهيل المنظمة, وتغييب كل صانعي وممثلي الجمال والفرح والانعتاق, في زمن " الغشاش راهي وإيده بجيوبه, والحر الكريم محاسنه ذنوبه ", كما غنى المنولوجست عزيز علي. ولكن, من قال بأن كل ما يتمناه الناس ومحبي الشاعر, يدركوه ؟!
المؤكد أنه سيأتي أوانه في يوم بهي !


●   العنوان مأخوذ عن الشاعر ناصيف اليازجي.


21
إنسداد سياسي… تسليك ملتبس !

احسان جواد كاظم

فن إيجاد الحلول للمشاكل والمصاعب التي تواجه البلدان والدول تحتاج إلى عقول تتعامل مع الواقع كما هو ولا تُشرك الاحلام والاماني في العملية, كما ذهبت وسائل إعلام غربية في محضر بحثها عن مخارج للحرب الأوكرانية, بالحديث تارة عن إصابة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالسرطان وتوسل موته العاجل لا الآجل او تعرضه للاغتيال في إحدى قاعات الكرملين على يد أحد مُخلصيه وتارة أخرى عن انتحاره.
 يبقى كل ما يُطرح في إطار التمني ليس الا, وبالخصوص لجوئه للانتحار , فإضافة إلى عدم وجود أسباب لذلك كأن تكون, على سبيل المثال - انكسار عسكري, فإن السمات الشخصية لبوتين, وحتى بمعايير المحللين الغربيين لها, لا تشير إلى شخصية ضعيفة او مهزوزة مترددة بل على العكس, فهو يمتلك كاريزما قيادية وثقة عالية بالنفس ووضوح أهداف إضافة إلى جبروته السياسي والعسكري واستناده إلى تأييد شعبي واسع.

وعلى غرار أولئك, جاءت المقترحات والحلول الملتبسة المطروحة لتسليك الانسداد السياسي الحاصل عندنا بعد حالة الدوخان والتوهان واختلال التوازن السياسي التي تعانيه القوى المتحكمة بزمام الأمور في البلاد, بعد الصفعة التي تلقتها من شباب انتفاضة تشرين الباسلة 2019 التي أطاحت بالنزعات الطائفية و التقسيمات التجزيئية من الوعي العراقي, لتقود بعدها إلى واقع مادي موضوعي جديد تمثل في تفكك وانهيار ما كانت تسمى البيوت الطائفية والعرقية من شيعية وسنية وكردية.. المدعية تمثيلها لمكونات العراقيين رياءً, حيث انعكس وتجلى ذلك في نسبة المشاركة البائسة ال 19% من 27 مليون من الذين لهم حق التصويت في انتخابات  10/ 10 البرلمانية العام الماضي, وتحول هذا الانحسار إلى انقسامات وصراعات داخلية في صفوفها.

هُزال وهزلية عمليتنا السياسية يتمثل في تحكم " الثلث البرلماني المعطل " الذي يشكل بحجمه الهزيل - ثلث نسبة الـ 19% المذكورة, ممن شاركوا في الانتخابات الفائتة , الا انه يشل حياة البلاد بكل مناحيها !!!

ولأننا نعرفهم عن ظهر قلب بعجزهم  عن اجتراح شيء جديد, تابعنا بغير اقتناع,  المقترح الأول للقوى السياسية لتسليك مجاري العملية المسدودة واختناقاتها, بعد الفشل بتشكيل كتلة برلمانية اكبر للتصويت على رئيس جديد للبلاد - يكمن في العودة إلى المحكمة الدستورية العليا, مرة أخرى, التي أفتت, قبل أشهر ب " الثلث المعطل ", سبب فوضى الانسداد الحالية, لتفصّل لهم أو تستنبط مخرجاً قانونياً آخر, ينقذ العملية السياسية من حالة الاختناق.
 وهذا المقترح الخيالي نابع من أمنية غير عملية, لا تستطيعه المحكمة العليا ولا قضاتها, لأن التراجع يسيء لها ويقلل من هيبتها.

هاجس الوصول إلى مخرج من الأزمة السياسية جاء بالخيار او المقترح التالي - بإجراء استفتاء شعبي مباشر لاختيار رئيس الجمهورية.
 وهذا الاقتراح رغم كل ما يحويه من جاذبية ديمقراطية مطلقة, سقط سقوطاً مدوياً لأنه لا يستند إلى أساس دستوري, حيث لا توجد اشارة في الدستور العراقي إلى استفتاء لاختيار رئيس للدولة.

غير أن آخر ما طُرح بعد إخفاق " التحالف الثلاثي الوطني " الفائز الأكبر في الانتخابات عن انتخاب رئيس للجمهورية بسبب تعنت  " الإطار التنسيقي الشيعي " الذي اصطلح على تسميته بالثلث البرلماني المعطل, هو إعطاء النواب المستقلين, والكثير منهم شباب انتفاضة تشرين, مسؤولية تشكيل الحكومة ! ( المقترح بالعموم خارج موضوع الإشكال السياسي وأسباب الأزمة الراهن, لأن المشكلة المطروحة حالياً هي في اختيار رئيس جمهورية لا ايجاد رئيس الوزراء, التي هي مهمة رئيس الجمهورية المصوت عليه برلمانياً ).
 لذا يبدو التكليف طوباوياً !
 و " شي مايشبه شي"... كيف لمجموعة برلمانية, حتى لو توحدت أطرافها, عددها محدود, أن تُمرَر وتنجح, في حين أن كتل برلمانية أكثر عدداً اخفقت قبلاً ؟ هذا إذا افترضنا وجود حسن نيّة وإجماع بين الكتل المتصارعة الفائزة التي قمعتهم البارحة, بهمجية بالغة, على إعطائهم الفرصة اليوم ؟ فهذا الأمر لا ينسجم مع المنطق السياسي وواقع الاستكلاب على مراكز النفوذ ومنافذ الامتيازات.
 هل يمكن تصديق استعدادهم للنزول عن بغلتهم الأثيرة, السلطة, وهم الذين تدافعوا ويتدافعون بالارداف لنيّلها ونوالها ؟
يبدو الأمر وكأنه دعابة سمجة !

من المؤكد بأن مقترحات الحلول الفوقية التي لا تستند إلى الحاجات والمطالب الشعبية في التغيير, ستبقى عائمة وهائمة, وسوف لن تفضي إلى حلول او نتائج حقيقية مفيدة, ولا يتفاعل معها المواطن…

.. فقد أدرك العراقي بأن انسداد مجاري العملية السياسية الراهنة لا تسلّكه القوى التي خنقتها سياساتها الفاشلة وفسادها, بل التغيير الجذري لهذه العملية المقلوبة رأساً على عقب, ورفع عاليها الشعب على سافلها من سياسيي الصدفة !


22
برلمانيون ليسوا كغيرهم !


احسان جواد كاظم


شكّل اعتصام مجموعة من نواب مجلس النواب العراقي عن " حركة امتداد " امام مقر نائبة برلمانية تابعة للتيار الصدري, سابقة جديدة, متميزة, تجاوزت المألوف في الممارسة والسلوك البرلماني في العراق, عما تعودنا عليه من ممارسات منتسبي مجالس النواب منذ 2005, الاستعلائية و الازدرائية للمواطن عموماً و ناخبيهم أيضاً.
 تقرر الاعتصام بعد ان اعتدت حماية النائبة المذكورة ,بالسلاح ,على ناشطين مدنيين كانوا ينوون دعوتها لحضور ندوة نقاشية لنواب محافظة بابل, جُرح أثرها المحتج المدني المعروف الدكتور ضرغام ماجد بجروح بليغة, وآخرين من رفاقه.

لقد أسست هذه الثلة الطيبة من برلمانيينا المنبثقين من ساحات الاحتجاج الشعبي التشرينية ضد الفاسدين والقتلة, لممارسة جديدة, تعبر حقاً عن صفات وسجايا " ممثل الشعب " الحق وطبيعة دوره, بتواجده مع المواطن في الشدائد كما في المسرات.

وقد عبّر الجانبان عن فهم متناقض لموضوعة " تمثيل الشعب " : النائبة إياها فهمتها أنها تعالي وتسلط, كما هو دارج بين أوساط ممثلي أحزاب السلطة, بينما فهمها ممثلي الشعب الحقيقيين بأنه انتصار للمواطن ودفاع عن حقوقه وحماية له من الاعتداءات والتجاوزات التي تطاله من مختلف الجهات الرسمية وغير الرسمية.

كما أعاد المعتصمون الاعتبار لمعنى " الحصانة البرلمانية ", ليس بكونها سلاحاً وامتيازاً للنائب البرلماني لفعل ما يحلو له, بما في ذلك التجاوز على القانون والدوس على حقوق المواطنين, واستغلالها لنيل المغانم, بل هي حماية قانونية من تأثير وتدخلات السلطات التنفيذية وضغوطها, تضمن تعبيره الحر عن آرائه, دون ضغوط او تدخلات, ومتابعة أوضاع الحقوق والحريات العامة ووضع السلطات والهيئات والمؤسسات امام مسؤولياتها الدستورية والقانونية.
ولا يغيب عن بال البعض, معنى الاعتصام امام مكتب حزب او ميليشيا, في الأوضاع العادية ومن مواطنين عاديين, غير ان الاستثمار الواعي من نواب حركة امتداد  لحصانتهم البرلمانية, جعل المعتدين يحسبون حساباً آخر !

لقد اتسمت خطوات المعتصمين بالجدية, فقد اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة, بتقديم الدعاوى ضد المعتدين و مطالبتهم السلطات القضائية بإصدار أوامر القبض بحقهم, واستباق محاولات افلاتهم من المحاسبة, بتعميم أسمائهم على نقاط التفتيش والمنافذ الحدودية والمطارات… كما التقوا بممثلي أجهزة السلطة الإدارية والشرطوية في المحافظة…

هذا السلوك المتميز من نواب " حركة امتداد ", دليل موقف أخلاقي عالٍ ووفاء لكل تضحيات العراقيين وبالخصوص شهداء وجرحى ومغيبي ومختطفي انتفاضة تشرين الباسلة, وجدير بالتعضيد والاتباع من قبل نواب تشرين الآخرين في البرلمان وكل النواب المستقلين والأحرار, لإرساء بديل سلوك برلماني جديد يكون الإنسان وكرامته, موضوعه وهدفه!
الشفاء العاجل للدكتور ضرغام ماجد وكل ضحايا هذا الاعتداء الإرهابي الآثم, والظفر لجهود ممثلي الشعب الحقيقيين في انتزاع حقوق العراقيين !



23
أوكرانيا - اللاعبون على أوتار الحرب وتقاليد التنصل !

احسان جواد كاظم

الأيحاء الغربي بوجود خطر اجتياح روسي لأوكرانيا, لا يمكن لأحد أن يستبعده كلياً. فكل متابع لمراحل التأجيج الإعلامي في أمريكا وبلدان غربية أخرى, لاحظ تغذية نار الضغائن بين الطرفين, برمي الحطب في نيران المواجهة لإشعال جذوة الحرب, بتوريد وتكديس الأسلحة وتحريك قوات في الدول المحيطة بروسيا, وعدم الاحتكام إلى الطرق الدبلوماسية في حل النزاع.
وقد كانت هناك مواقف سياسية غربية, في فترات سابقة, للتنصل عن اتفاقات مع الاتحاد السوفيتي بشخص الرئيس بوريس يلتسين في مباحثات توحيد ألمانيا مع الغرب عام 1990, بعدم تمدد حلف الناتو نحو الحدود الروسية, وسبق ذلك وعداً قطعه وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جيمس بيكر لميخائيل غورباتشوف بجملته الشهيرة :" لا بوصة واحدة شرقاًً ! ", ولم يتم الالتزام بذلك, وتم قبول انتماء دول أوروبية شرقية, بعضها سوفيتية سابقة, عديدة في الناتو, وهذا ما قد يشكل دافعاً كافياً للقيادة الروسية لتبني خيار المواجهة.
 
كل المؤشرات تشير, حتى اليوم, إلى ان الهدف من التحشيد الروسي دفع حكومة كييف للعودة إلى " اتفاق مينسك " والالتزام ببنوده.
ولولا تصاعد النزعات القومية للابتعاد عن دائرة النفوذ الروسي والارتباط بالغرب والناتو, وهو ما تراه روسيا تهديداً لأمنها القومي ومؤشر خطر حصار ناتوي وشيك لها, لما كانت الإجراءات الروسية في ضم شبه جزيرة القرم وتأييد لقيام جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك , ذوا الأغلبية السكانية الروسية.

أن ما يربط بين الشعبين الروسي والأوكراني من وشائج أكثر مما يفرقهما, فبالاضافة للعلاقات الاجتماعية والتاريخية والجذر السلافي التاريخي المشترك, فإن من المعروف إلى أن كيان الدولة الاوكرانية المعاصرة لم يتحدد الا بعد الثورة البلشفية, ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917 ونشوء جمهورية أوكرانيا السوفيتية.
 فقد كانت الأراضي التي يقطنها الاوكرانيون موزعة بين امبراطوريات وممالك أوروبية مختلفة, أغلبها كانت تحت سلطة قيصر روسيا وبعضها الآخر خضع لسلطة إمبراطور النمسا - المجر, وأجزاء أخرى سيطرت عليها مملكة بولونيا.

للسائر في عاصمة أوكرانيا كييف, اليوم, يشاهد تمثال بهي لبوشكين شاعر روسيا العظيم, ولابد أن يمر بشارع مهم فيها بأسم ليو تولستوي ويقف شاخصاً تمثال الشاعر الأوكراني يفغيني يفتوشينكو, شاعر يمكن أن يطلق عليه شاعر الشعبين الروسي والأوكراني. وهذا يعني وجود تشابك و تلاقح ثقافي متجذر.

الصراع على المصالح والخشية الأمريكية والغربية من تراجع مقومات القوة لديها مقابل روسيا بعد إنجاز خط الشمال للغاز الرابط بين روسيا وألمانيا عن طريق بحر البلطيق, سيعني اختراقاً اقتصادياً استراتيجياً روسياً, وسيكون كذلك عامل قوة لدول الاتحاد الأوروبي يعزز النزعات الاستقلالية عن الهيمنة السياسية الأمريكية.
زبيغنيو بريجنسكي مستشار الأمن القومي الأسبق, المعروف ومهندس ما سمي بـ " قادسية بريجينسكي "  الحرب العراقية - الايرانية, و " ايران غيت ", وكذلك " الجهاد الإسلامي ضد الاحتلال الشيوعي في أفغانستان ", كان قد حذر بعد انتهاء الحرب الباردة من " إذلال روسيا ", ولكن يبدو أن هناك من لا يريد أن يسمع نصيحته هذه المرة.

ولأن الروس على قناعة بأن لا واشنطن ولا أعضاء حلف الناتو ملزمون بالدفاع عن أوكرانيا, لأنها ليست عضواً في الحلف, فإنهم ليسوا بصدد إشعال حرب مدمرة.

وقيل: " مئة عام مفاوضات… ولا ساعة حرب !".

24
المنبر الحر / " مَكر التاريخ "
« في: 03:14 13/02/2022  »
" مَكر التاريخ "

احسان جواد كاظم

" مَكر التاريخ " عبارة ابتدعها الفيلسوف الألماني هيغل في معرض دراسته لفلسفة التاريخ من منطلق مثالي, حيث ارتبط التاريخ عنده, ارتباطاً وثيقاً بالروح, واعتبر الروح نفسها هي التاريخ.

لا أنوي الخوض في محيط الفلسفة المحتدم ولا سبر كوامنه المتنوعة المتناقضة بل هي مجرد ضربة كف في لجّة عابرة, تبعاً لما تحيق ببلادنا من أنواء وعواصف.

" مَكر التاريخ ", باختصار, أراد به أن العظماء وهم يصنعون التاريخ, يتوهمون ذلك, فهم لا يفعلون ذلك بمحض إرادتهم ونتيجة رغباتهم الشخصية. بل بتأثير مصدر أسمى منهم ( الروح ), استخدمهم لكي يحقق غايته الكلية في سيرورته ( التاريخ ) نحو المطلق.
وقد ردد هيغل باستمرار عبارة " مكر التاريخ " لأنه عاصر وعارض غزوات نابليون بونابرت في أوروبا والدمار الذي خلفته حروبه, ربما لأنه وجد في اندفاعه في تحقيق أهدافه دحضاً لنظريته.

نتساءل على ضوء ما سلف, أليس تجريد هيغل الأفراد والعظماء منهم من الارادة الحرة في صنع التاريخ وإحالته " مكر التاريخ " إلى الروح, يعني عدم تحميل المستبدين على مر  التاريخ مسؤولية الجرائم والفظائع التي ارتكبوها واسقاطها عن كاهلهم وتبرئتهم منها ؟!!

تخريجة هيغل هذه ستجعل طغاة التاريخ ومجرميه منذ فجر التاريخ مروراً بجنكيز خان ثم هتلر وستالين حتى صدام حسين ومن جاؤوا بعده مع المحتل الامريكي وأبو مصعب الزرقاوي ودواعش دولة الخلافة, وقتلة شباب انتفاضة تشرين… مرحبين يرقصون لها اصبعتين !

 زميله في الهمّ في معالجة فلسفة التاريخ, كارل ماركس الذي تبنى ديالكتيكه ونبذ مثاليته, والذي وضع نظرية " المفهوم المادي للتاريخ " قال بأن الصراع الاجتماعي الطبقي هو المحرك للتاريخ وان الإنسان الفاعل في عملية الإنتاج الاجتماعي والعلاقات الناشئة عنها, هو الذي يصنع التاريخ.

لكن حتى التنظيرات الحداثية المتعددة التي نشأت بعد  مادية ماركس وانجلس التاريخية, تقف عاجزة عن إيجاد تفسير مقنع لعبارة هيغل " مَكر التاريخ " بطبعتها العراقية. بعد ان اتخذت التشكيلة الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا  شكلاً غرائبياً مشوهاً بسبب أن الفئات المهيمنة لا تمتلك وسائل إنتاج من مصانع ومصالح وليس لها ملامح رأسمالية, لأنها مجرد تشكيلات صيرفية وتجار عقارات ومزورين وسماسرة بورصة ومهربين… لا يمكن وصفها بطبقة لعدم توفرها على خصائصها, ولا نحن إزاء قوى إنتاج حقيقية من عمال وفلاحين بعد التخريب المنظم لقطاعات الاقتصاد العراقي نتيجة حروب داخلية وخارجية متواصلة وصراعات عبثية, ولكن رغم ذلك فإن الصراع الاجتماعي لدينا محتدم بين أوليغارشية ملامحها الطبقية مشوهة, بسمات فاشية, وبين عموم باحث عن تأمين متطلبات حياته المعيشية بوسائل المانيفاكتورة, البيع المفرد من تجار جملة مقربين من الأوليغارشية التي تبتزهم بدورها رغم التخادمية في العلاقات بينها, وكذلك أعداد غفيرة من جيوش العاطلين عن العمل, في ظل تهميش قسري لدور المشاريع الإنتاجية في مجالات الصناعة والزراعة للقطاع العام والخاص ومحاربة الاستثمار الأجنبي, بل حتى في مجال الصناعات النفطية التي هي أبرز مظهر للنشاط الاقتصادي في البلاد, مكبلة باتفاقيات وصفقات استرقاقية, أعطت الشركات الأجنبية دوراً مهيمناً  في التعدين والانتاج, بحضور مكثف للعمالة الأجنبية, واستبعاد للطاقات والخبرات الوطنية في هذا المجال الحيوي.

"مَكر التاريخ " مجرداً من الاسقاطات الفلسفية بل بتجريد لفظي, كان على العراقيين شديداً على مر العصور, خصوصاً بعد ان اكتسب صراع القوى, اليوم, بعداً جديداً, فهو اليوم لم يعد صراعاً على حكم ومصالح فقط, بل اقترن ايضاً بنزعة متغولة للرجوع بالبلاد إلى الظلامية والتخلف والتقسيم لخاطر عيون دول خارجية تدفع بها قوى الإسلام السياسي بالخصوص, وترحب بها أطراف التعصب القومي, بيد ان عموم العراقيين يعارضها.

وبينما صاغ هيغل عبارته " مَكر التاريخ " فإن ماركس أظهر تناقض تمثلات هذا التاريخ عندما قال: " إنّ التاريخ يعيد نفسه مرتين, مرة على شكل مأساة, ومرة على شكل مهزلة ".

 ما أفضعها من مهزلة مُوجعة !


25
مظلومية العراقيين… من لها ؟

احسان جواد كاظم

تعددت المظلوميات التي حُكمنا بها ! بعضها أُعطيت لها أبعاداً طائفية تاريخية ومنها معاصرة, أُسكتت بالسلاح الكيمياوي لإطفائها ووأدها.
مدّعو هذه المظلوميات, الذين أدخلهم المحتل الأمريكي إلى البلاد على دباباته وسلّمهم مقاليد السلطة ومفاتيحها وسلاحها, لم يداوا جروح ضحايا هذه المظلوميات بل انشغلوا واندفعوا لإشباع نوازع وجوع مظلومياتهم الفردية وقياداتهم الحزبية والطائفية والعرقية, واصبحوا بأحزابهم وميليشياتهم وسياساتهم احدى مفردات المظلومية التي يكابدها العراقيون.
أسسوا أثرها كانتوناتهم المذهبية والعرقية من بيت شيعي وبيت سني وبيت كردي, ليسجنوا الشعب في " غيتوات " خيالية ليس لها وجود حقيقي, ولأن المواطن لم يشعر يوماً بأن هذه البيوت لا تمثله وليست بيوته وليس له فيها " طابوقة " واحدة ولا من أثاثها  " بريج مزروف ", بل نظر اليها باعتبارها أوكار سرقة وارهاب ودعارة سياسية, فرفضها وانتفض على سدنتها في تشرين ٢٠١٩, وشيّد بيت الشعب الجامع لكل مواطني هذه البلاد المسماة العراق في ساحات تحرير البلاد, ودافع بصدق وبسالة عن مظلوميتهم. ثم عاقب جلاديه في انتخابات تشرين ٢٠٢١ الأخيرة, وجعلهم بين حانه ومانه… " يفرون بأذاناتهم ".

اثبت ما حدث تحت قبة مجلس النواب من هرج ومرج, إصرار هذه القوى, التي ترفع شعار التقوى والدين, على التشبث بالسلطة ومغرياتها ومغانمها حد ارتكاب أدنأ وسائل الخداع والكيد والمكر والكذب والتدليس والغش والنفاق, لكي تحتفظ بامتيازاتها رغم أنف القانون والخيار الشعبي الرافض لها ولوجودها.

أن تأثيرات انتفاضة تشرين التي حطمت أسس الطائفية السياسية والعرقية, التى بات المرء يشهد مآلاتها بانتكاسات سياسية متتالية لكل من ناصبوها ويناصبوها العداء, وتوسلهم للحصول على وعد بعدم فتح ملفات فسادهم وتبديد المال العام وقتلة  أبناء الشعب وتسليم الموصل وثلث العراق لأوباش داعش ومجزرة سبايكر والصقلاوية وسجن الموصل وسبي الإيزيديات وتهجير المواطنين وتغييب آخرين وتغيير الواقع الديموغرافي وترهيب السكان ومنع تعمير المناطق المدمرة بسبب الحرب وعدم السماح بعودة الفارين من ويلاتها وغيرها.

 تحالف شلة المتحزبين الإسلاميين الذين كانوا إلى وقت قريب يكفرون بعضهم البعض, من الاخوان المسلمين وأحزاب الولي الفقيه الإيراني, تحت قبة البرلمان لتمرير ( بلتيقة ) العوبة, الاعتداء على رئيس السن في الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي وسقوطه في إغماءة, لتأجيل أو تأخير اختيار رئيس جديد لمجلس النواب لما بعد انتخابات ١٠/ ١٠ / ٢٠٢١ والتي خسرت فيها احزاب ايران, لهو أكبر دليل على صواب تقييمات شباب انتفاضة تشرين المجيدة, باستعداد تجار الدين, الصميمي, للكذب والغش والتحايل والخداع وحبك الدسائس لتحقيق مآربهم!

قرار المحكمة الاتحادية العليا برفض اعتراضاتهم, بعد الكشف, بتقرير طبي, عن فرية تعرض رئيس السن للضرب, يجعله, كنائب وسياسي, غير مؤهلاً لتمثيل من انتخبوه وغيرهم من العراقيين, ويجب أن يقدم للمحاكمة بتهمة الحنث باليمين الدستوري الذي ردده في جلسة مجلس النواب الاولى التي ادارها.

لا يتقبل الفاشلون بالانتخابات مصيرهم المقر قانونياً, بالادعاء بالتهميش والإقصاء, ورفضهم لثنائية "  حكم ومعارضة " الجديدة, التي يجري تداولها حالياً في الطروحات السياسية بعيداً عن نهج المحاصصة السابق, لأنهم تعودوا على المشاركة في كعكة الحكم بغض النظر عن معادلة الفوز أو الخسارة الانتخابية السابقة.

مظلومية العراقيين لا يمكن أن يتجاوزها و يطفؤها إلا من كان ابناً باراً لشعبه, منحازاً لأكثر فئاته تعرضاً للظلم والتهميش, مؤمناً حقاً بدولة المساواة وتكافؤ الفرص وخضوع جميع مواطنيها للقانون بغض النظر عن انتمائهم الطبقي او الاجتماعي او الديني والطائفي, وهي قوى الشعب المؤمنة بالديمقراطية حقاً.

 

26
!مشهد كاريكاتوري للفجيعة

احسان جواد كاظم


قدم لنا برلمانيونا, ممثلو الشعب وصلة جميلة من اللقطات الدرامية التي تفاوتت بين التراجيديا والكوميديا, في الجلسة الأولى لانعقاده.
 بدأت الجلسة بعرض أزياء مأساوي هو خليط من اكسسوارات تتراوح بين أكفان بيضاء وملابس عسكرية وعباءات سود, وملابس رياضية ودشداشة مخرّقة وعمائم ستن, ولولا الحلل المزركشة لنائباتنا الكرديات, لأصبح العرض كله هم وغم, واستدعاء مبكر للمآسي.

تحول المشهد لاحقاً لعملية انتخاب رئيس المجلس ونائبيه, التي فشل مخرجها في سبك مقدمتها الدرامية, بعد محاولة رئيس السن, كبطل أساسي للمسرحية, تأجيل الجلسة لصالح ممثلين فاشلين, معجبيهم يتلاشون يوماً بعد يوم, فصعد له مشاهدوه محتجين على خشبة المسرح, حتى تحولت درامية المشهد إلى لقطات " أكشن ", تضاهي بهلوانيات  فقيد الكونغ فو" بروس لي ", كما قيل, جعلت المسكين يدخل في غيبوبة, لكن حبكته للدور لم تقنع أحداً .

آخر الميلودراما البرلمانية, شهدنا انقلابها المفاجيء من حالٍ إلى حال, في غرفة طوارئ المستشفى , وكما هو معتاد في الأفلام الهندية, إلى دراما رومانسية, حيث الأحباب, من مؤلف النص والسيناريست وحارس الكواليس, بكل تلوناتهم الميليشياوية والدعوية من حواليه وهو " منسدح " على سريره, بمحيا ( متفّح ) مغموراً ببياض طاغي, غير ان السينوغرافيا المحيطة, وكامل الديكور في غرفته بقيت بائسة.
يبدو من الوجوه المستبشرة, أن الجو العام  تغمره قفشات كوميدية, ذكّرتنا بخفيف الظل " شكوكو ", أجبرت هذه الوجوه العبوسة والمنكسرة نفسياً على الضحك من مصيبتها… أنه ضحك كالبكاء !
لم ينته العرض بل كان لابد أن يكتمل, بتقديم تظلّم إلى حاكم الضبط, ليقدم نقوده الفنية لكامل العرض وأبعاده, لعل وعسى, يكون لهم نصيب من جوائز المسرحية, رغم أن تجاربهم السابقة باءت بالفشل, لفطنة الجمهور ومهنية الحاكم, وثقل دم ممثليهم, الذين بلا موهبة ولأدوارهم الشريرة وسوء نواياهم.

بعد كل هذه الاخفاقات السياسية, كم نتمنى أن لا يكونوا بطيش " أوفيليا " بطلة شكسبير التي رمت نفسها من جرف بل بحكمة هاملت الأمير الدنماركي الذي انتحر شرفاً !
ولكن من جانب آخر, من أين تأتيهم الحكمة وهم في خصام معها ؟!!


 

27
مكيافيلي  والعرافة البلغارية فانغا, معاً بلسان واحد !


احسان جواد كاظم



كتبت, قبل أيام, مقالاً عن النظرية المالثوسية وتوقعات وحلول واضعها لمعالجة الانفجار السكاني الذي يعاني منه كوكبنا, حيث أشار توماس مالثوس ‏ ( 1766- 1834 )  في معادلته الأُسيّة ان الحروب ستكون المعادل المطلوب بين زيادة السكان وانخفاض الموارد الغذائية.
وقعت, أخيراً, على رأي لنيكولو مكيافيلي ( 1469 -1527 ), لا يختلف في فحواه عن جوهر ما قاله زميله, اللاحق زمنياً, بالحل المأساوي للمشكلة ولكن ليس بالحرب, ربما بسبب عدم ضراوة الحروب في زمانه كما في زمن مالثوس, بحكم التطور, بينما شهدت أوروبا, في حينه, انتشار الطاعون : " عندما تعج كل مقاطعة في العالم بسكان لا يستطيعون البقاء حيث هم, ولا الانتقال إلى مكان آخر… فإن العالم سيطهر نفسه ".
وهو بذلك يختلف عن مالثوس فليس الحروب ستكون ( المنقذ ) من الانفجار السكاني وما يأتي به من مجاعات بل " الأمراض هي التي ستشكل الطريقة الطبيعية للتطهير الذاتي للعالم ".

يشير المتخصصون أن عدد السكان المثالي لكوكب بحجم  كوكبنا هو 4  مليارات, بحسب ما يمكن توفره من موارد غذائية, بينما عدد سكان الأرض تعدى, اليوم , أكثر من 7 مليارات.
كما أن زيادة نسبة ثاني اوكسيد الكاربون في الجو واتساع ثقب الأوزون والتلوث البيئي والتصحر واجتثاث الغابات وحرائقها وذوبان الثلوج في قطبي الأرض وانقراض أنواع من الكائنات من السلسلة الغذائية للمزيد من الحيوانات والحشرات والنباتات, وحتى تضرر الأحياء المائية بسبب التلوث البيئي. كلها تهدد الوجود البشري على كوكب الأرض, لذا فإن الاوبئة والأمراض ستكون حلاً طبيعياً حسب مكيافيلي لإعادة التوازن البيئي.

ومن يتابع اليوم الأخبار, سيتيقن بأننا نتوفر على بؤر حروب عديدة, مع انتشار واسع لفيروس كورونا وتحولاته الخطيرة.

 ورغم محاولات إطفاء بؤر الحروب والسباق اللاهث وراء جهود اكتشاف لقاح او علاج ناجع يلجم كورونا, إلا أن احتمالات اندلاع حروب قد تكون نووية او تطور الأوبئة تبقى مفتوحة.
وبينما تقف البشرية عاجزة عن التحكم بالزيادة السكانية, عليها أن تبتكر الطرق والوسائل الناجعة لتلبية وتوفير حاجات ومتطلبات ذلك.
قرأت منذ سنين طويلة في " سلسلة المعرفة " التي كانت تصدرها وزارة المعارف الكويتية عن أبحاث عن " الكائن البشري الأخضر "  ذي " الكلوروفيل " الذي يعيش ويحيا كما النباتات في الطبيعة أو عن الاستفادة من الحشرات كمصدر رئيسي للبروتين الغذائي بسبب سرعة تكاثرها وحجم المساحة الصغيرة المطلوبة لاكثارها..
وفي دراسة أخرى الاستفادة من النفط في توفير اللحم  بالتدخل الكيمياوي لتحوير الأواصر العضوية للبترول وتحويلها إلى بروتينية.

تعارض أوساط واسعة الدراسات المتعلقة بالهندسة الوراثية للسيطرة على الأمراض وتتحدث عن خطورتها على الجنس البشري, لأنها تعطي مناعة دائمة وتمنع الكونترول الطبيعي لأعداد السكان, بينما العلاجات لأمراض مثل الكوليرا وشلل الأطفال والتدرن تجعل الأنسان أكثر مناعة فحسب, وتعطي لعملية تطور المناعة البشرية الطبيعية من المرض دورها, وهي قد تستغرق مئات أو آلاف السنين لأكتساب مناعة تامة.
فالتطور عملية بطيئة, والتدخل جينياً في ذلك بهدف إحراز قفزات طبية, قد تؤدي إلى نتائج غير محسوبة العواقب, لأن إزالة سمة بشرية واحدة قد تؤدي إلى تغيير في مئات السمات الأخرى, محدثة نتائج كارثية.

وبين حديث الخيال والواقع وتعزيزاً لهذه المخاوف, تأتي توقعات العرافة البلغارية فانغا لتغذي هذه المخاوف, مضيفة عليها بهاراتها التخمينية. فقد تنبأت قبل وفاتها للعام ٢٠٢٢ بأنه بنتيجة الاحتباس الحراري ستتحرر أنواع قديمة من الفايروسات بعد ذوبان الثلوج عن أنهار جليدية في سيبيريا ستشكل خطراً جديداً على البشرية.
 نأمل, بالطبع, عدم تحقق ذلك وأن تكون من ضمن توقعاتها التي لم تتحقق في الأعوام السابقة.


يذكر أنه, عندما تبجح الحجاج بن يوسف الثقفي امام أهل العراق, بعدم انتشار الطاعون في فترة حكمه, قال الناس : " الله أرحم من أن يجمع علينا مصيبتين في آنٍ واحد, أنت والطاعون !"

فكيف بنا, اليوم, وقد تجمعت علينا احتمالات حرب, لا ناقة لنا فيها ولا جمل, وفيروس متغطرس ومتسلطين بغاة ؟ !

28
المالثوسية*- معادلة الديموغرافيا والحرب, عراقياً !

احسان جواد كاظم


تظهر الإحصائيات التي نشرتها وزارة التخطيط العراقية عن معدلات الانفجار السكاني في البلاد التي وصلت مداها الأقصى, بعد ان بلغت مليون مولود جديد سنوياً, في ظل غياب إحصاء عام حقيقي وخطط معالجة رصينة لهذه المستجدات, التي تتزامن مع نشوء مخاطر جفاف نهري دجلة والفرات بسبب قطع دول الجوار المياه القادمة من أراضيها والتي تغذيهما وتوقف الانتاج الفلاحي وما يتصل به من صناعات غذائية و انتاج حيواني من لحوم والبان وبيض وجلود الخ.
ستهدد الأمن الغذائي في دولة نامية ذي اقتصاد ريعي قائم على ثروة ناضبة كالنفط, تفتقر الى مصادر اقتصادية اخرى للدخل الوطني, وادارة وطنية للموارد.
 تستنزف ثرواتها على استيراد عشوائي بعيد عن السيطرة النوعية والضرائبية والأمنية. تضع الأمن الغذائي كما الأمن السكاني والتخطيط العائلي وتنظيم الزيادة السكانية خارج دائرة الاهتمام.

توصل مالثوس من خلال نظريته التي تقول :  سينمو عدد السكان بسرعة كبيرة في متوالية هندسية (1 ، 2 ، 4 ، 8 ، 16 ...) ، في حين أن إنتاج الغذاء ، سينمو ببطء وحسب متوالية عددية ( 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 …), لذا فان الحروب ستصبح المخرج العملي للسيطرة على تداعيات ونتائج الانفجار السكاني وتحقيق التوازن المنشود بين نسب النمو السكاني وزيادة انتاج الغذاء وتلافي حصول مجاعات.

لابد أن الاستنتاج الذي توصل اليه مالثوس سينال ترحيب وتأييد الدول التوسعية وقوى الارهاب بكل تلاوينها التي تمتهن صنع الحروب والاضطرابات, فهو يوفر لها تبريراً جهنمياً لتلفق كل يوم عدواً لتقاتله, بينما تدمر قوى الانتاج والابداع والبناء والخيارات الديمقراطية للشعوب والسلام العالمي, لترضية نزواتها واهوائها ولزيادة ارباح كارتيلات انتاج السلاح وبارونات الحرب وصانعي الكوارث والمجاعات.

قد يبدو بصيص الامل مفقوداًً, ولكن دراسة تجارب الصين والهند ودول شرق آسيا في معالجة مشكلة الانفجار السكاني والنمو الاقتصادي, بعد أن غيرت رؤاها الاقتصادية وجاءت بتشريعات وأنظمة وقوانين مهدت الطريق امام امكانية التخطيط المستقبلي للزيادة السكانية.
وحققت انجازها الحقيقي في إنهاء مشكلة الجوع, ولا زالت أمامها تحديات. الطفرات الاقتصادية وصلت شذراتها اسواقنا واقتحمت بيوتنا.

المعضلة عندنا, مقارنة بتجارب الصين والهند والنمور الآسيوية, تكمن في عدم وجود دولة وانما دولة عميقة مكونة من مجموعة من مراكز القوى والمافيات التي تعتمد المحاصصة كنهج سياسي واقتصادي... والتي تتصارع فيما بينها للأستحواذ على اكثر ما يمكن من غنائم ومكاسب وامتيازات على حساب القوانين النافذة... بعد ان أفرزت آليات عمل عشوائية لترتيب الامور فيما بينها, بما يتناسب مع حجومها وموازين قواها, في لحظة معينة, ومستجدات بورصة المصالح.

لذا فان البديل لابد ان يكون وجود جهاز حكومي حازم وارادة سياسية صارمة قادرة على مسك خيوط اللعبة بأيديها, تشرع باحصاء سكاني شامل وكامل للبناء على معطياته وتطبق القانون بدون تهاون.

ويهدف التعداد العام للسكان إلى :
جمع ونشر المعلومات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية للسكان لأجل توفير متطلبات الدولة واحتياجات المخططين والباحثين من البيانات الأساسية عن السكان
والمساكن التي تتطلبها خطط التنمية.
المعرقل الاساسي هو تعارض مصالح المتربعين على سدة الحكم والمتحاصصين لمؤسساتها مع عملية التعداد, لأنها تكشف حجم فضائييهم (الافراد الذين ليس لهم وجود ولا انتاج حقيقي, يستلمون رواتب شهرية وامتيازات تذهب الى جيوب مسجليهم ) وعقارات الدولة والمواطنين التي استولوا عليها دون وجه حق, والاعداد الحقيقية لافراد ميليشياتهم وحجم تجنيس الاجانب خلافاً للقانون العراقي... ومجالات توزع نشاط اعوانهم الاقتصادي في تهريب العملة وتزوير الوثائق والشهادات والمتاجرة بالمخدرات والسلاح وادارة المواخير والبارات وتهريب الكحول والسكائر..

 لو توفرت فرصة تطبيق حازمة للقانون وفرض عقوبات على المتجاوزين عليه, كان ابسط منافعها ضبط مدفوعات ضرائب الدخل لخزينة الدولة.

 احزاب السلطة بعيدة عن هموم المواطنين, تبحث عما ينفعها, وليست معنية بدراسة ومتابعة تبعات الانفجار السكاني وتأثيراته, فهذه قضايا أبعد ما تكون عن اهتماماتها, لأن حالة الفوضى العارمة هي جنتها التي تنفذ فيها مشاريعها الشيطانية. وهي لن تتسامح مع اي توجه لارساء مقومات دولة قانون ونظام رصين قابل للحياة, يمكن ان يعوق مشاريعها ويقوض سطوتها, وهو الأمر الذي اندلعت انتفاضة تشرين الباسلة لتقويمه ووضع البلاد على سكة الاستقرار والتقدم !



*  النظرية المالثوسية - هي نظرية ديموغرافية طورها الإنجليزي توماس روبرت مالثوس.




29
المنبر الحر / … بل هي صرخة شعب !
« في: 13:04 25/12/2021  »
… بل هي صرخة شعب !

احسان جواد كاظم

نعت أحدهم من جوقة المداحين والرداحين, وأحد محامي القتلة والسارقين, انتفاضة تشرين الباسلة بأنها " عفطة عنز ", يعكس مقدار الغل الذي يعتمل في نفسه المريضة ومن يمثلهم بالحقد الأسود ضد شعبنا, لاسيما وهو ورهطه يعيشون فترة سقوطهم المادي والمعنوي بين العراقيين.
 وإذا كان من بد لوصفها بهذا الوصف الدنيء لكانت " عفطة شعب " بوجه رموزكم وجبروتكم, واهانت تعاليكم إلى الحضيض وهزت عروشكم الخاوية.
لقد أطاحت الانتفاضة بمنظومتكم الفكرية والقيمية  القائمة على الطائفية والفئوية وكل مخرجاتها من محاصصة, واستطاعت أن تنفذ إلى قناعات بعض مريديكم البسطاء الذين عانوا من فسادكم وبذخكم على حساب تضحيات أبنائهم على جبهات الحرب مع داعش, حتى امتنعوا عن انتخاب قادتكم المنافقين, الفاشلين والخاسرين على التوالي.
سمو انتفاضة شعبنا بادية للعيان وللقاصي والداني وتعلن عن نفسها بفخر :

 فمقابل ظلاميتكم كانت اشراقتهم !
ومقابل عنفكم كانت سلميتهم !
وأمام عمالتكم كانت وطنيتهم الخالصة !
ونقيض كذبكم كان صدقهم وصدقيتهم !
امام غدركم كانت شهامتهم وفروسيتهم !
وخلاف جنائزيتكم وسوداويتكم كانت فرائحيتهم ونصاعتهم !
وضد جفافكم ويبابكم كانت نداوتهم وطراوة ارواحهم وشبابهم المتفتح !

لقد خلدت الانتفاضة كحدث بارز في سجل تاريخ بلاد الرافدين… علامة مضيئة منذ بزوغ فجره في أعماق.
حفرت أسماء شهدائها في قلوب العراقيين بحروف من نور وستبقى في ضمائرهم.
بينما قال التاريخ بعد الشعب كلمته فيكم ووضعكم في مزبلته باعتباركم من قمع شعبه وامتص دماء فقراءه وبدد ثرواته وتحايل على معتقدات البشر للكسب غير المشروع…

وصح فيهم في هذا المحضر بيت الأعشى  :
كناطحٍ صخرة يوماً ليوهنها… فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

لعنة الانتفاضة ستبقى تلاحقكم, ودماء الشهداء تصرخ بوجوهكم : هؤلاء قتلتي !!!



30
رئيس وزراء " حوك* " وليس " قح " !


احسان جواد كاظم

تستميت احزاب الاسلام السياسي الخاسرة في انتخابات 10.10.2021 في خطب ود مقتدى الصدر سيد التيار الصدري الفائز الأكبر في هذه الانتخابات, بعد أن وجدت نفسها خارج حسبة توزيع المغانم, فيما لو أصر السيد الصدر على " نزوته " بتشكيل حكومة أكثرية وطنية غير تحاصصية, مستبعدة من وليمة الحكم الدسمة وليس القليل من كيكة السلطة وهو السيناريو الذي لا يمكنها أن تتصوره وتتقبله.

اعتصامات القوى الخاسرة في الانتخابات أمام بوابات المنطقة الخضراء والتي تستهدف تهديد الحكومة وقضاة المفوضية العليا للانتخابات والضغط على المحكمة العليا لتوليف قراراتها بما يرضيهم, لم تكن موفقة. فلقد اختار المعتصمون المكان الخطأ لنيل ما يحلمون به من عودة مضمونة لهم إلى مراكز النفوذ في السلطة التنفيذية وسائر مرافق الدولة, برغم ما جاءت به الإرادة الشعبية وصناديق الاقتراع, و " وقع الفاس بالراس ". لأن الحل والربط في شأن إشراكهم في الحكم هو في الحنّانة / مدينة الكوفة حيث مقر السيد مقتدى الصدر الفائز الأكبر في الانتخابات. وهناك بالاحرى المكان المناسب لنصب خيام اعتصامهم.
 لا زالت الجهود تبذل لاستعطافه للتراجع عن مشروعه في حكومة الأكثرية الوطنية التي يصر على الالتزام بتشكيلها لحد الآن, ورفض العودة إلى حضن المحاصصة والتوافق الدافيء الضامن لأمتيازاتهم جميعاً, الرابح والخاسر على السواء بدعوى وحدة المكون الشيعي وتماسكه.

ولازالت هذه القوى تنظر باحتقار وتجاهل لما طالب ويطالب به الشعب من حكومة خادمة له وليست سيدة عليه, تمضي نحو تغيير حقيقي, لذا فإن طروحات الإتيان برئيس وزراء " قح " من أي جهة كانت مرفوضة شعبياً, لأنه سيخدم الفئة التي ينتمي اليها بالتحديد, وإنما المطلوب هو رئيس وزراء " حوك " ينفذ التزاماته وبرنامجه, بتجرد, بما تتطلبه عملية التغيير لصالح المواطنين, دون تردد, ساداً الأبواب أمام التدخلات بشؤون دوائره الرسمية بقوة القانون.
أن الأطراف الخاسرة في الانتخابات التي تعتبرها مزورة, رغم وجود إجماع واسع, داخلي وخارجي, على كونها الأكثر نزاهة حتى اليوم, ونفسها أشادت بها ولكنها تراجعت عن ذلك بعد ظهور نتائجها المخيبة لآمالها…
  تعتبرها مزورة لكونها تعودت على تسرب المحاصصة حتى في تزوير الانتخابات,وامتلاكها ومحاصصيها حق حصري في تزويرها, واعتراضها اليوم على وجود جهة معينة, لا تعلنها مع انها تعني, ضمناً, التيار الصدري, استفردت هذه المرة بالتزوير دون إشراكها بمنافعه.

لقد اختبر المواطن العراقي حقيقة التزام احزاب الاسلام السياسي والقوى المتحاصصة معها بالديمقراطية وفهمهم لها, خلال فترة حكمهم الماضية, والتي تُرجمت بتوزيع إجرامي للمغانم والامتيازات بينهم مقابل لا مبالاة فضّة لحاجات المواطنين وعدم توفير أبسط متطلبات الحياة الكريمة.
وأيقن المواطن أن حديثهم عن الديمقراطية وتمسكهم بآلياتها الانتخابية دون غيرها, هو مجرد لغو فارغ, فهو بمثابة عبارة " إفتح يا سمسم  !" السحرية لعلي بابا للولوج لمغارة امتيازاتهم الأسطورية بشكل قانوني وشرعي, وبفقدهم لذلك يكونون قد فقدوا سلاحاً ماضياً بل هو سلاح الأسلحة, فهو الذي يمول ترسانتهم من السلاح وخطط تغولهم وطمس جرائمهم ويفرض سطوتهم وقدسيتهم وثراء قياداتهم الفاحش… فقدانهم لذلك يعني بالضرورة, خسارتهم لقاعدتهم الشعبية التي اوهموها بخرافاتهم من خلال فضائياتهم الممولة او الذين تفضلوا على بعض أفرادها بالتوظيف في مؤسسات الدولة مقابل الالتزام بفروض الطاعة والولاء لهم بالتصويت لصالحهم, والتي ستتحرر اليوم من ربقتهم, وسيتبدد بالتالي ظهيرهم التنفيذي في الفساد الأداري.

هذه القوى لم تتعلم من درس انتفاضة تشرين الباسلة!
 أطماعها وبلادتها ستجلب عليها ويلات غضب شعب لا يعرف المستحيلات !

●   " حوك " - تعني صاحب موقف وذو شكيمة.






31
حل الميليشيات والمهدي المنتظر !

احسان جواد كاظم


استاءت ميليشيات الأحزاب الأسلامية الخاسرة في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة, من الدعوة التي أطلقها قائد التيار الصدري السيد مقتدى الصدر, بحلها جميعها وتنظيف الحشد الشعبي من العناصر المسيئة.
جاء الرد سريعاً من رئيس ( الإطار التنسيقي الشيعي ) المؤلف من القوى والاحزاب الخاسرة في الانتخابات, هادي العامري, بأن سلاحهم لن يُسلم إلا للإمام المهدي !
المواطن العادي اعتبر هذا التصريح عبث صبيان!
 فليس من معنى وجدوى لحمل السلاح في نظام انت تشكل حكوماته وترسم سياساتها وتشارك في امتيازاتها وتسقطها عندما يحلو لك... ومتى ما تتطلبه مصلحتك, ثم تحمل السلاح في حضرته.

 وما من منطق بجهاد المحتل الأمريكي وانت تتبنى طرائقه في نظام الحكم المحاصصي وتوافقاته وتتمسك بقوانينه وتتمتع بثمراته وخيراته.
لهذا اصبح المواطن ينظر لهذا السلاح بعين الريبة وبكونه سلاحاً لحماية الأمتيازات والارتزاق وخلق المشاكل ولتنفيذ مآرب ايران, ليس الا. ويحمل ثيمة طائفية مرفوضة شعبياً, اسقطتها انتفاضة شعبنا في تشرين ٢٠١٩ دون رجعة !
 وتوصل الى قناعات بأن حتى قتالهم للدواعش لم يكن لوجه الله, بسبب منّهم على العراقيين, بالرايحة والجاية, بهذا القتال للدواعش, الذين ذهبوا اليه متطوعين, والذي لم يكونوا فيه وحيدين بل بمشاركة العراقيين في القوات المسلحة وابناء المناطق المغتصبة وغيرهم من متطوعين, وسفكت دماء زكية لتحرير الوطن. 
.وقد استنفذ سلاحهم غرضه بعد كسر ظهر دولة الدواعش الاسلامية

محاولة ربط استمرار وجود هذه الميليشيات بعودة الإمام المهدي وتابعيتها له, لا تصمد أمام واقع ممارساتها اليومية على ارض الواقع ومع المواطنين. فلا يُعرف لها, شعبياً, دوراً رسالياً في يوم من الايام, وهي لم تأت باضافة ايجابية جديدة للتراث الشيعي الثوري بمجمله, بل أساءت إليه.

 فالذاكرة الشعبية زاخرة بالكثير من صور القمع وحماية الفاسدين والظلمة واستغلال النفوذ والتسلط, وتصفية المخالفين بالرأي وليس آخرها قمع جماهير انتفاضة تشرين 2019 وشهدائها الذين تساموا في سماوات الوطن.
وهي كذلك لم تقدم بديلاً فكرياً أو سلوكياً لنموذج داعش الأرهابية الذي قاتلته.

 التشبث بالغيبية واستغلال رمزية الأمام المهدي وسردية ظهوره, غرضها التبرير الأعلامي للتمسك بالسلاح امام بسطاء المواطنين الشيعة الذين ملّوا الحروب التي كانوا وقودها في كل الحقب الماضية, وتحملوا فضائعها, ليس دون غيرهم من المواطنين بل باعتبارهم اكثرية سكانية.

غالباً ما يفتخر المدافعون عن تركيبة مقاتلي الحشد الشعبي المتنوعة اثنياً, بأنه يضم كل العراقيين في صفوفه, وهو لكل العراقيين, لكنهم يستدعون المرويات الشيعية, مثل " عودة الامام المهدي " وفرضها على جميع منتسبيه دون مذاكرة.

 السيد هادي العامري قائد ( الإطار التنسيقي الشيعي ), في محضر رده المنفعل الرافض لدعوة السيد مقتدى  الصدر, وقع, في سوء فهم, بدفاعه المطلق عن كل سلاح, سواءاً بالحشد الشعبي او خارجه من ميليشيات ترفع شعار المقاومة, تستظل براية  الحشد الشعبي وتختبأ وراء شرعيته لتنفذ عمليات خارجة على القانون, لتحقيق اهداف فئوية وطائفية.
مطالب " حصر السلاح بيد الدولة " وتفكيك الميليشيات الحزبية الرديفة لقوات الدولة المسلحة المقرة دستورياً, ليست جديدة, فقد طالبت بها قبل سنوات عديدة قوى وطنية وديمقراطية ثم اصبحت شعار أساسي لشباب انتفاضة تشرين المجيدة " نريد وطن " مدني ديمقراطي خالي من فوضى السلاح, لهذا انفلت إرهاب الميليشيات ضدهم هستيرياً ودموياً إلى أقصى الحدود.
اليوم تحول المطلب إلى  هدف شعبي, وشاغل كل مواطن عراقي يهفو إلى حياة آمنة مستقرة كريمة,  وقد عبر عن ذلك برفض انتخاب رموزها وممثليها لمجلس النواب القادم, سواءاً بمقاطعة الانتخابات الواسعة او بمعاقبتها بعدم التصويت لها.

محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المتهمة بها الميليشيات وردود الفعل عليها, وطنياً وعالمياً وحتى ايرانياً, وضعت سلاحها, اكثر من أي وقت مضى, موضع تساؤل واتهام, وعزز المطالبات بضرورة نزعها, ورفع الشرعية الرسمية عنها.
 أبلت تشكيلات الحشد الشعبي التي دعمت الجيش والشرطة الاتحادية في سحق " الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش ", بلاءاً حسناً .

اليوم, انتهى دورها العسكري كلياً, بعد ان استنفذت مبررات وجودها, منذ سنوات عديدة, وكان ينبغي أن تحل تشكيلاتها المسلحة ويعود أفرادها إلى شؤونهم الخاصة, أو أن يجري استيعاب أفرادها , ممن تتوفر فيه المواصفات والشروط المناسبة في صفوف القوات المسلحة او في الوظائف العامة, ولكن أحزاب الإسلام السياسي وخصوصاً الشيعية, وبحكم هيمنتها على مجلس النواب, شرّعت قانون الحشد الشعبي, الذي أصبح مؤسسة تابعة للقائد العام للقوات المسلحة - رئيس الوزراء - نظرياً لكنها, عملياً, لا تمتثل لأوامره, بل لتوجيهات قادة الميليشيات التابعين لجمهورية ايران الاسلامية الذين ينفذون استراتيجيتها في العراق والمنطقة...  ميليشيات لها لجانها الاقتصادية وبنوكها ومحاكمها الخاصة وتتدخل في كل شاردة وواردة في الاقتصاد والسياسة الخارجية والداخلية وقرارات القضاء, وتفرض مواقفها على أصحاب الرأي والفضائيات.

 انخراط منتسبي الحشد الشعبي في القوات المسلحة هو تأكيد لوحدة المصير الوطني وضمان لتخليد بطولاتهم من اجل وحدة العراق وتأمين حقوقهم, وتسد الطريق امام تجيير تضحياتهم لصالح  تجار الحروب والقوى الاقليمية التي تعمل على تحقيق مآربها متاجرة بدم العراقيين.

لا أمان ولا استقرار ولا تقدم بوجود سلاح  غير سلاح الدولة الرسمي !



 



32

مصطفى الكاظمي ليس " الأم تيريزا "* !


احسان جواد كاظم

ما صدر من بيان مقتضب عن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان بقادة الأحزاب الإسلامية في " الإطار التنسيقي الشيعي " الخاسرة بالانتخابات والمتهمة بتدبير محاولة اغتيال رئيس الوزراء باستهداف مقر إقامته في المنطقة الخضراء بطائرات مسيرة "درون ", لم يكن مذيلاً بتواقيع المشاركين, وهذا يدلل على عدم استعداد أطراف اللقاء الالتزام ببنوده, بسبب وجود خلافات لا يمكن تجاوزها, استدعت اصداره ضرورات إعلامية .

 هذا البيان دعا إلى الاتفاق على التهدئة ومتابعة قضية قتل متظاهري الأحزاب الخاسرة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة وكذلك بالنسبة لقصف مقر اقامته, قانونياًَ, ثم " البحث عن معالجات قانونية لأزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية "!!!
لقد كان التوقع الشعبي من رئيس الوزراء الكاظمي أن يمارس صلاحياته الدستورية بحزم في محاسبة الفاعلين لا الجلوس معهم, وكان امتعاض المواطنين من الأمر كبيرا كما تابعناه على مواقع التواصل الاجتماعي, وشكك البعض من غايات اللقاء وعودة " سليمة إلى عادتها القديمة " بتوافقات مشبوهة. والرأي الغالب كان يطالبه باستثمار هذا الهجوم الارهابي على, أولاً, المنصب الاعتباري السيادي لرئيس وزراء العراق وعلى أمنه الشخصي, ثانياً, لتحجيم دور المنفذين وتأديبهم.

يُعرف عن شخصية السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالهدوء, والتأني وطول النفس ولا تتعامل برد الفعل, تذهب نحو حلحلة الإشكالات السياسية بالحوار والتفاوض.

ولكني لا أعتقد بأنه سيتعامل مع محاولة الانقلاب بسماحة ووداعة " الأم تيريزا ", ويقبل باتفاق ساذج بالتهدئة على أساس " عفا الله عما سلف " مع جهات تتلبسهم الجريمة, محبس, كما يقول المثل العراقي.
فمصطفى الكاظمي ليس كما عبد الكريم قاسم, فالأول يحاول أن يرسي دولة قانون ومواطنة, بينما الثاني كان يقرر بفردية الزعيم الأوحد باعتباره هو صاحب القوانين.
 
وقد كان ذهاب الكاظمي إلى مواجهتهم وجهاً لوجه بالحقائق, لا يخلو من شجاعة وتحدي, وهو متسلح بتعاطف شعبي كبير ورفض عالمي كاسح لمحاولة الاغتيال, حتى من جمهورية ايران الاسلامية الداعمة للميليشيات, على لسان العديد من قادتها, ومدعم ببيان صريح لمجلس الأمن الدولي يدين المحاولة عملية الهجوم ويساند العراق وحكومته ضد التهديدات الإرهابية ووجوب مكافحتها.
هل يا ترى  سيضيع الكاظمي الفرصة التاريخية في استغلال شطط وطيش أعدائه لإدانتهم بعد أن وضعوا أنفسهم, طوعاً, في الزاوية الحرجة ؟

خرج اجتماع الإطار التنسيقي الشيعي بحضور الرئاسات الثلاث, ببيان بخمس نقاط, بدون توقيع, الأخطر فيها هو :

" البحث عن معالجات قانونية لأزمة نتائج الانتخابات غير الموضوعية ".

هذه الفقرة, لو أخذت طريقها للتنفيذ, وبموافقة هذه الرئاسات, لكانت بمثابة انقلاب ثانٍ على العملية الانتخابية والسياسية عامة ونسف لها بعد محاولة الانقلاب الأولى لتصفية رأس السلطة التنفيذية, رئيس الوزراء.

لا بد من التذكير بأن لقاء الإطار التنسيقي مع الرئاسات الثلاث وما تمخض عنه, كان بمعزل عن التيار الصدري الفائز الأول في الانتخابات البرلمانية الأخيرة, وهو رقم صعب, وقوة شعبية ومسلحة لا يمكن تجاوزه, لذا فإن الاتفاق من وراء ظهره, غير قابل للتنفيذ, لاسيما بمشاركة شخص رئيس الوزراء الكاظمي المدعوم صدرياً.

ولو افترضنا جدلاً, صدق أطراف الإطار الشيعي وبيانها, بلغته الجديدة التي تتحدث عن الركون للقانون في محاسبة مرتكبي الجرائم, فإن ذلك يعني نجاحاً باهراً لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إخضاع الميليشيات واحزابها, اخيراً, لسلطة القانون والقضاء, وهو بذلك يكون قد حقق تطوراً جوهرياً في الواقع السياسي العراقي ولدولة المواطنة, لأنها لطالما اعتبرت نفسها كيانات مقدسة, فوق القانون ولا يمكن المساس بها وترفض التعامل معها بنفس مستوى التعامل القانوني الرسمي مع المواطنين الآخرين.
 
ولكن فرحتنا ما تمت ! بعد التهديدات  الغاضبة لقادة الأحزاب الإسلامية الخاسرة في الانتخابات, بعد يوم من اللقاء, بمقاطعة العملية السياسية بأسرها وليس الاكتفاء بمعارضتها, والذي يعني نسف كل ما جاء به البيان, جملة وتفصيلاً, ويؤكد فشل اللقاء بين الرئاسات الثلاث وأحزاب الإطار الشيعي, والتوجه نحو الهاب الوضع وتأجيج الموقف.

عندها سيكون انتحارها السياسي خيار اليائس  !!


●   الأم تيريزا - راهبة مسيحية من أصل ألباني كانت مثالاً للوداعة ونكران الذات ورائدة العمل الخيري.



33
فاتورة حرب وفاتورة فساد !

احسان جواد كاظم


خصصت الحكومة الإسرائيلية مليار ونصف دولار من ميزانيتها لوأد الأحلام الإيرانية في صنع قنبلة نووية,  لتأمين أمنها وأمانها, بكل ما يعنيه ذلك من اقتطاع موجع من التخصيصات المالية الاجتماعية الداخلية, وتأجيل خطط ومشاريع جديدة.
 بينما قام الحكام الفاسدون في بلادنا من سرقة بليون وثلاثمائة مليار دولار ومئات أخرى من الملايين, خلال ثمانية عشر عاماً من حكمهم, وبدون وجع ضمير, لضمان مستقبلهم الشخصي والسلطوي, بدون توفير منجز يذكره الشعب ويمكنهم أنفسهم أن يباهوا به, بل على العكس فإن استئثارهم بخيرات البلاد وثرواتها وسياساتهم الجائرة, أدخلتنا في نفق مظلم عنوانه الحروب الطائفية والفقر والعوز والتفاوت الطبقي الحاد الذي ينذر بعواقب اجتماعية وسياسية وخيمة قادمة.
 
فاتورة الحرب الإسرائيلية الباهظة بنظر المجتمع والحكومة الاسرائيلية, تصيب المواطن العراقي, عند سماعها, بنوبة ضحك هستيرية عندما يقارنها بمستوى النهب السلطوي الحاصل لدينا… فهي عندنا, مجرد خردة ( فكة ). فبمثل هذه التخصيصات المالية لا تعمر, الجهات المسؤولة, عندنا, جسراً ولا تبني مستشفى ولا تفتح شارعاً معتبراً, بينما أصبح اتفه سياسي بليد من أحزاب المحاصصة يملك هذه الطراطيش, وبعض قادتهم من أصحاب المليارات.
بل أن حكومة سابقة استوردت من الجمهورية الاسلامية الايرانية بما يعادل هذا المبلغ طماطم في سنة ماضية حسب التصريحات الرسمية لأبواب صرفيات الميزانية السنوية..

قد لا تكون هذه المقارنة صائبة, بأي حال من الأحوال, بين دولة مستقرة كإسرائيل, ذات مؤسسات راكزة ونظام حكم مبني على أسس قانونية واقتصاد متكامل ورصين وعلاقات دولية واسعة, وبين دولة ونظام مهلهل, كما هو العراق - تغيب عنه سلطة القانون ويتبوأ مركزاً متقدماً في مجموعة الدول الأكثر فساداً في العالم, تتحكم به أهواء احزاب الطوائف وأطماع قادتها واذرعها المسلحة, بنظام محاصصي جائر واقتصاد فاشل وعلاقات دولية وإقليمية غير متكافئة, مع جفاء شعبي لأحزاب السلطة ومقت رموزها, كما أكدتها نتائج الانتخابات الأخيرة.
وبينما نحن في محضر المقارنة, لابد من التذكير بأن من يحكمنا هم من تقاة الناس والمتمسكين بعرى الدين, وليس كما حكام الإسرائيليين من شذاذ الآفاق والممسوخين.

لعل احزاب الطوائف الحاكمة تتمسك بتقاسم الثروات والامتيازات مع المتحاصصين معها على حساب الشعب من باب حرمة التشبه باليهود, حتى لو كانوا أمناء متفوقين ومتميزين, لم يسمحوا لعقيدتهم الدينية أن تكون سبباً في تعويق تقدمهم, وبناء ضمانات استمرار التفوق.

يا حبذا لو حققوا جزءاً بسيطاً مما أنجزه أبناء ( المغضوب عليهم والضالين ) الذين يلعنونهم ليلاً ونهاراً في خمس صلوات, ويتخلون عن بعض " شايلوك*...يتهم " المقيتة بحق ابناء جلدتهم.

طمعهم الدنيوي غلب توقهم الآخروي الزائف !

* شايلوك - التاجر اليهودي في مسرحية شكسبير " تاجر البندقية ".


34
فرضوا مدخلاتها وتمردوا على مخرجاتها !


احسان جواد كاظم

انجلت غمامة الانتخابات وظهرت النتائج بخسارة مدوية لأحزاب الإسلام السياسي وميليشياتها الموالية لإيران, والتي شكلت مفاجأة كبيرة لأطرافها والتي وصفها بعض المحللين بأنها صفعة شعبية مؤلمة.

أحزاب الإسلام السياسي التي كانت مطمئنة لفوزها قبل ليلة الانتخابات, لم تستطع هضم هول المفاجأة بنسبة التصويت المتدنية لها, في اليوم التالي, حيث لم تصوت لها حتى قواعدها ومن كانت تعول عليهم من أهالي شهداء الحشد الشعبي, فرفضت نتائج العملية الانتخابية ومخرجاتها وطالبت المفوضية العليا للانتخابات التي شكلتها على أساس التحاصص الطائفي - العرقي, وفرضت مدخلاتها مثل سن قانونها, على مقاسها, ووضعت أسس عملها, بإعادة العد يدوياً, بعد ان اتهمتها بالتزوير لصالح غريمها التيار الصدري الذي فاز ب ٧٣ مقعداً برلمانيا, واصبح مؤهلاً لتشكيل الحكومة القادمة. ورغم أنه تياراً إسلاميا شيعيا, له ما له وعليه ما عليه حسب التقييم الشعبي العام, فهو لا يُصنف ضمن الأحزاب الشيعية التابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

كما أن ميليشيات أحزاب الاسلام السياسي هددت بما لا يحمد عقباه, إذا ما أبقت المفوضية العليا للأنتخابات على نتائج الاقتراع على حالها وطالبتها بتصحيح أرقامها, كما كان معمولاً به سابقاً, والا استخدام السلاح… ديمقراطية ولا أحلى منها !

الأطراف الخاسرة الأكثر ( تعقلاً ) طالبت بالالتزام بالقانون والتقدم بالاعتراضات إلى المحكمة الدستورية العليا على أن " تراعي الوضع العام  " وهو بتعبير آخر, عدم الاعتراف بشرعية العملية الانتخابية ونتائجها برمتها, وهذا الموقف يتوافق مع التهديدات الميليشيات.

أحزاب الإسلام السياسي الشيعية التي هي محور أساسي في العملية السياسية التي تدعي التزوير لصالح تيار السيد مقتدى الصدر, لا ترى الأصوات العالية نسبياً التي أحرزتها  دولة القانون التابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الموالية للتوجهات الايرانية, والتي تدحض فرضية الاستهداف والتزوير المتعمد لأصواتهم.

ادعت هذه الأحزاب الخاسرة وجود مؤامرة من قبل قوى اقليمية وخصوصاً من دولة الإمارات العربية, تستهدفها بسبب وجود السيرفرات الخاصة بأجهزة الانتخابات فيها, رغم أن السيرفرات في الانتخابات العراقية السابقة أيضاً, التي فازت بها, كانت فيها, ولم يجر الاعتراض عليها حينها, لأن نتائج الانتخابات السابقة كانت لصالحها… وفي تصريح لخبير سيبراني, بأن ليس للسيرفرات علاقة بالتلاعب بالأصوات واعدادها وإنما التلاعب يمكن أن يحصل فقط  في أجهزة التصويت الموجودة في المراكز الانتخابية. لذا فإن حجة وجود مؤامرة اماراتية تسقط, عملياً.

كانت خسارة هذه القوى قد بدأت عندما قامت دعايتها الانتخابية وفضائياتها المتعددة على تبرير فشلها التام والعام بدغدغة مشاعر المؤمنين البسطاء وايهامهم, كما في المرات السابقة, بالادعاء بوجود مؤامرة صهيونية باشتراك الشيطان الأكبر, أمريكا, لم يسمح لهم بتعمير مناطق وسط وجنوب البلاد, ولا حتى بتبليط شوارعهم بالأسفلت, لكونهم من أتباع علي بن ابي طالب, ينتهجون نهج ابنه الحسين, غير أن المواطن البسيط لم يعد مغيب الوعي والفكر, بل بدأ يتساءل : لماذا لم تمنعهم الصهيونية والشيطان الرجيم أمريكا من الإثراء الفاحش وتصدر واجهة الحكم , وهم المنادين بسقوطها ؟!
 ثم أين ذهبت الأموال المخصصة لبناء وتعمير مناطقهم, التي منعت تقدمها هذه القوى الشريرة ؟ هل عادت إلى خزينة الدولة أم أخذت طريقها إلى جيوب قادة مافيات الفساد واحزابها وميليشياتها ؟

تقوم هذه الأحزاب الخاسرة بالانتخابات, بتسيير مسيرات وقطع الطرق وتوتير الأوضاع ومنع المواطنين من التنقل الحر وتعطيل مصالحهم, بحرق الإطارات من أجل كراسي برلمانية, بينما كانوا ينتقدون بعض ثوار انتفاضة تشرين الذين أجبروا على هذا الفعل لمنع تقدم قوى القمع الميليشياوية التي أوغلت في استهدافهم وقنصهم وبعد تسامي شهداء لهم.

ليس مستغرباً أن نشهد تحولاً ايرانياً في التعامل, براغماتياً, مع مخرجات العملية الانتخابية ونتائجها, خصوصاً بعد الرفض الشعبي لأدواتها في العراق, بالتوجه نحو تيار مقتدى الصدر الفائز  الانتخابي الشيعي ووضع الخاسر الانتخابي الآخر على الرف, لحين الحاجة اليه, او تركه للتلاشي.

بدأت انتفاضة تشرين تعطي أُكُلها !




35
محنة مفوضية الانتخابات أم محنة شعب ؟!


احسان جواد كاظم


بين آونة واخرى تعلن المفوضية العليا للانتخابات عن استبعاد أحد المرشحين لكونه مطلوب قضائيا او بسبب تزوير شهادته الدراسية او اعطاءه معلومات غير وافية عن هويته الحقيقية  او معاقبة آخر لاستعجاله بالدعاية الانتخابية, وغيرها من حالات تدخل ضمن شروط الترشح للانتخابات, ولكن هذه الحدود والشروط رغم أهميتها والتي تتعلق بالذمة الفردية الشخصية ومصداقية غرضه من الترشح, تبقى في اطار فردي محض لا ترقى إلى مستوى الخروقات الفاضحة لقانون الانتخابات, وشروط المفوضية وأساسيات وأبسط شروط إجراء انتخابات نزيهة ومتكافئة, لشموليتها وخطورتها العامة, وهي التغاضي عن ترشح عناصر ميليشياوية او اعضاء احزاب مسلحة او شيوخ وافراد عشائر مدججة بالسلاح.
كذلك الأمر يتصل باستخدام المال العام وإمكانيات الدولة وأجهزتها ودوائرها وزجها في عملية الصراع التنافسي يهبهم امتيازا مؤثرا على المرشحين الآخرين.
وهذه وصرف المال السياسي في الدعاية الانتخابية ببذخ بدون سقوف محددة ومعقولة, ومجهولية مصادر هذا المال, كلها تتعارض مع قانون الأحزاب المقر والموضوع على الرف.
كل هذه النواقص القاتلة بقيت خارج اهتمامات المفوضية وتجاهلتها القوى الداعمة والمستقتلة لتمرير الانتخابات بأي شكل من الأشكال, ومع انتشار السلاح السائب واستهتار الميليشيات واستمرار التهديدات للمرشحين المستقلين حقا وليس مقنّعي الأحزاب.

يعرف المواطن العراقي بأن المفوضية لا تمسك الأعنّة بقبضتها, وان الكثير من المرشحين لهذه الانتخابات ليس لهم علاقة بالصالح العام وإنما ترشحوا عن أحزاب ممقوتة شعبيا تحاول أن تنفذ إلى البرلمان بوجوه  وتسميات جديدة لتحافظ على وجودها وتأثيرها في الواقع السياسي. او مرشحين هدفهم تمرير اجندات طائفية لمصلحة جهات اقليمية, كما ان هناك حاجة ملحة لزحلقة بعضهم تحت قبة البرلمان لتأمين حصانة برلمانية وحمايتهم عن جريمة قتل سياسي او نهب اموال البسطاء لصالح مراجعهم السياسية وحتى الدينية, لمكافأتهم او لإسكاتهم, طبعاً لا تخلو الجعبة من عناصر وصولية من نوع خاص بحثا عن الأبهة والشهرة والأمتيازات الخيالية من حمايات وجكسارات وسفرات سياحية تحت غطاء العمل البرلماني مع رواتب شهرية ضخمة وتقاعد خيالي طول العمر.

لهذه الأسباب وربما لأسباب أخرى, أصبح التوجه نحو مقاطعة الانتخابات مبررا !

رغم الطبيعة التحاصصية في تشكيل مفوضية الانتخابات العليا بيد انها صرحت بحياديتها التامة ونشطت في بعض المجالات, وبالخصوص في توفير رقابة دولية للانتخابات, ونجحت, كما تشير الأخبار.

المواطن العراقي الذي راقب نشاطات المراقبين الدوليين في الانتخابات السابقة المزورة الذين أقروا حينها شرعيتها, لا يرى في وجودهم كثير فائدة, رغم التأكيدات بأنها, هذه المرة, أكثر جدية ومن دول ومؤسسات ومنظمات رصينة, ولكن خشيته من أن أعدادهم لن تغطي كل المراكز الانتخابية, مما يعرض المراكز الانتخابية البعيدة عن انظارها لتدخلات ذوي النفوذ والسطوة في تقرير نتائجها.

أكثر ما يتمسك به المنادون بإجراء الانتخابات والمشاركة فيها, انها كانت استجابة لمطلب شباب الانتفاضة بالانتخابات المبكرة, غير أن مناداة المنتفضين بها, اشترطت الالتزام ببنود الدستور والقوانين, ولأجل تغيير واقع المحاصصة والمتحاصصين وليس لتوفير فرصة لهم لشرعنة وجودهم وإفلات مسببي مآسي العراقيين وقتلة العراقيين ومنهم قتلة شهداء الانتفاضة من عقاب محكمة الشعب والتاريخ… لذلك فإن الاقتراع غير ذي جدوى !







36

محنة اللاجئين على حدود بيلاروسيا وبولونيا… استغلال جائر !




احسان جواد كاظم


تتفاقم المعاناة الإنسانية للاجئين الهاربين من جحيم طالبان و فوضى السلاح في العراق بسبب البرد والظروف المعيشية الصعبة الأخرى, فقد تناقلت الوكالات الاخبارية نبأ العثور على جثة امرأة عراقية على الحدود البيلاروسية - البولونية, مع تبادل اتهامات بين الطرفين في المسؤولية عن الجريمة.

 ولقد تحولت معاناة هؤلاء اللاجئين إلى ورقة للضغط في الصراع السياسي والإعلامي بين بيلاروسيا وبولونيا بالخصوص ثم جمهوريتي البلطيق  لاتفيا وليتوانيا الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المتحاددة مع بيلاروسيا.

الحكومة البولونية التي يقودها حزب القانون والعدالة اليميني والتي كان لها مواقف متشددة من إيواء اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط في السنين الماضية واغلبهم من السوريين, والتي رفضت اقتسام استقبالهم, حسب نسب اقترحها الاتحاد الأوروبي, صعّدت من رفضها لقبول أي طالب لجوء قادم من حدود بيلاروسيا بسبب العداء الأيديولوجي لنظام الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشينكو  وقمعه المعارضة اليمينية من جانب ثم تحالفه المتين, من جانب آخر, مع روسيا وعلاقاته الشخصية المميزة مع رئيسها بوتين الذي تنظر إليه المجموعات القومية البولونية باعتباره قيصراً جديداً.

لوكاشينكو من جانبه, وعلى خطى أردوغان, فتح أبواب مطاراته وحدود بلاده أمام اللاجئين الراغبين  بالعبور إلى دول الاتحاد الأوروبي, كرد فعل على فرضها العقوبات على نظامه وشخصيات بارزة فيه, بما فيهم رئيس البلاد لوكاشينكو نفسه بعد اعتقال أحد قادة المعارضة اليمينية في البلاد وقمع الاحتجاجات ضد سياساته الداخلية.

تدفق اللاجئين إلى حدود بولونيا وليتوانيا ولاتفيا جعل حكومات هذه البلدان الاتفاق على إجراءات مشتركة ( ليس منها إيجاد حلول انسانية وإنهاء معاناتهم حسب القانون الدولي ) تمنع بموجبها  تجاوز حدودها مع بيلاروسيا بأي شكل من الأشكال, بدأتها بولونيا بنشر الأسلاك الشائكة على حدودها وتسيير دوريات مسلحة من الجيش البولوني, ثم اتفقت سلطات الدول الثلاث على فرض الأحكام العرفية في المناطق الحدودية مع بيلاروسيا ونشر حرس الحدود, لإجهاض محاولات لمنظمات حقوق الإنسان وأحزاب يسارية وليبرالية لتقديم المعونات وفتح ثغرات في الحاجز لتيسير مرور المحتجزين على الحدود.

تسوق الأوساط المحافظة البولونية والكنسية مبررات, يراها الكثير من المهتمين  بالازمة, بأنها واهية وليست واقعية, فهي تخشى إمكانية استيطان هؤلاء اللاجئين الذي سيهدد الهوية الثقافية للبلاد والنسيج الاجتماعي, ويفاقم من أزمتها الاقتصادية..
إلا أن المعروف أن تشبث كل لاجيء بأدنى إمكانية للحصول على فرصة حياتية واعدة, لايعني بالضرورة رغبتهم في البقاء والاستيطان في هذه البلدان المصنفة بالأضعف اقتصادياً في الاتحاد الأوروبي, إنما يسعى أغلبهم للتوجه إلى بلدان أوروبا الغربية الغنية مثل ألمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية… لطلب اللجوء.

أحزاب اليسار ومنظمات حقوق الإنسان وشخصيات كنسية كاثوليكية, يعتبرون ان البلاد أمام امتحان أخلاقي, ولا يرون مبرراً لعدم استقبال الدولة البولونية لعدد محدود من اللاجئين في الوقت الذي تستقبل به دول الاتحاد الأوروبي من 4 - 4,5 مليون بولوني يتوزعون على أراضيها…
 كما أنهم حملوا حكومتهم والناتو والولايات المتحدة بالخصوص, المسؤولية عن الأزمة, لأنها أعطت شعوب هذه المناطق أملاً في حياة آمنة ولكنها نصبت حكومات فاسدة, ثم انسحبت فجأة بعد 20 سنة من احتلالها لأفغانستان دون أن تنجح في إرساء أسس نظام ديمقراطي رصين فيها, وكذلك الحال ينطبق على العراق الذي يعيش نهباً للفساد وسلاح القتلة.

نتساءل: هل نحن ياترى امام ( ستار حديدي جديد او جدار برلين آخر ) تعليه الدول التي كافحت لاسقاطه يوماً ما ؟!!






37
عرس انتخابي أم مأتم الانتخابي ؟



احسان جواد كاظم


لو كان للشعوب الأخرى عرسها الانتخابي فإننا على موعد قريب مع مأتم انتخابي في 10/10 القادم.

مأتميتها متأتية من إصرار قوى الإسلام السياسي الفاسدة والأطراف المتحاصصة معها على تمرير هذه الانتخابات رغم أنف الشعب.

 فالذي يطبخ لنا هو عملية نحر شرعية للديمقراطية, عملية نحر لها قوانينها الملفقة مهيئة ومصاغة بشكل تضمن نجاح الجهات التي فصلت هذه القوانين على مقاسها, تحميها أسلحة الدولة والخارجة عليها بنفس الوقت, لاسيما وان الدورات البرلمانية السابقة واداء البرلمانيين, حازا على درجات عالية من الفشل في مجالات التشريع والرقابة البرلمانية على الأداء الحكومي ومؤسسات الدولة وأجهزتها.

وهذا بسبب أن الحركات الإسلامية بعيدة عن الإيمان بالديمقراطية وقيمها وقواعدها وقوانينها, وإنما يعتبرونها سلماً للتسلق إلى سدة الحكم وفرصة للإثراء والاستحواذ ليس إلا, ولم يكن في اعتبارهم لحرية الرأي والاعتقاد والمساواة في الحقوق مكان في كل تجاربهم في مختلف البلدان.
وكذلك الأمر مع أحزاب الإقطاع السياسي المتحاصصة معها, ولكن من منطلقات استبدادية أخرى.

وبعيدًا عن الخوض في الأمور النظرية من تعريفات مفهوم الديمقراطية التي طال البحث فيها, فالاهم منها الامور المتعلقة بمخرجات العملية الديمقراطية في ضمان حرية وأمان وظروف حياة كريمة للمواطنين ودولة مؤسسات, وهي التي تأملها العراقيون ولم يروها  منذ استفتاء الدستور عام 2005 وما أعقبه من انتخابات تشريعية متعددة..

ولأنهم فاشلون بجذر تكعيبي وبمتوالية هندسية, عراة من الانجازات ولا حتى بتوفير أبسط متطلبات الحياة الكريمة للمواطن العراقي من ماء وكهرباء وعمل يؤمن له ولعائلته سد الرمق, تراجعت شعبيتهم الانتخابية.

بات منتجو ومعممو المآتم والمصائب والحرمانات من أكاسرة الفساد يشعرون بمستوى المقت الشعبي لهم ولما يمثلونه من قيم وأفكار وممارسات, ولخطر مقاطعة شعبية عامة للانتخابات كانوا يعولون على غياب وعيها لاستمرار استفرادهم بالسلطة وامتيازاتها والتهرب من استحقاقات المحاسبة الشعبية  على سنوات فشلهم الطويلة, لذا أصبحوا لا يتحملون أي تبشير بمقاطعة هذه الانتخابات... وتنامى نزقهم وغيظهم حد قيام أجهزة أمنية حكومية باعتقال ناشطين يمارسون هذا الحق الدستوري المعارض الخالص.

وفي سعيهم لإعطاء زخم للمشاركة الشعبية في الانتخابات أصبحوا يتوسلون لذلك بمختلف الطرق ومنها اللجوء إلى القديمة منها باغداق نفس الوعود السابقة التي لم ينجزوها طوال فترة تحكمهم بالدولة, كما لم تعد كومة العقد التاريخية وكذلك القومية في شعاراتهم السابقة مؤثرة في وجدان المواطن العراقي بعد أن أسقطتها انتفاضة تشرين المجيدة,  وكذلك الأمر بالنسبة للتحايل على المواطن بتقديم وجوه جديدة من الصف الثاني والثالث من منتسبيها, ظناً منهم بأنها ستعبر على نباهته. 

المقاطعة الشعبية الواسعة التي بدأوا يدركون عواقبها, وتراجع المشاركات المعارضة الأخرى التي ستفقدهم الشرعية المعنوية التي أضفته, سابقاً, مشاركة قوى وأحزاب رافضة لنهجهم الطائفي والمكوناتي بالعموم, وبعد استخدام مختلف أساليب التهديد والاغتيال للناشطين الشباب ممن تجرأوا على ترشيح أنفسهم كبدائل, دفعهم أخيرا إلى بذل اقصى الجهود لعودة المفسوخة عقودهم من منتسبي الحشد الشعبي والذي يبلغ عددهم 30 ألف عنصر, لما قد يشكلوه من قوة انتخابية ضاغطة اضافة إلى افراد عوائلهم, تمكن أحزاب السلطة من رفع نسب المشاركة في الانتخابات واعطائها صفة الشرعية, مستخدمين كذلك الضغط على موظفي الدولة الذين يعدون بالملايين في المؤسسات المدنية والعسكرية في الدولة, وخصوصاً ممن عينوا بالواسطة والتوصية عن طريقهم ليكونوا قوتهم الانتخابية المؤثرة, رغم أن هذه الفئات تضررت, كما سائر المواطنين, من سياسات غياب برامج اقتصادية تضمن لهم حياة مستقرة.

الثغرة القانونية التي يعاني منها القانون الانتخابي العراقي الذي لم يحدد حداً معيناً لنسبة المشاركة الشعبية فيها للاعتراف بشرعيتها القانونية, أصبحت بمثابة حبل النجاة للفاسدين من فقدان السلطة بسبب احتمالات المقاطعة الشعبية الواسعة, ومفتاح استمرارهم في الحكم رغم  الإرادة الشعبية.

ولان العثور على ميليشيا صديقة للبيئة الانتخابية, أمراً مستحيلاً, في الوقت الذي تمور به الساحة باشكال وارناك من الميليشيات التي لا تحتمل وجود منافس, والفشل في تهيئة البيئة المناسبة لإجراء انتخابات تتسم بالحيادية وتكافؤ الفرص, أصبحت المقاطعة موقفاً شعبياً.

ونحن نسمع صدى الانتصار الانتخابي المغربي, نستحضر قول الروائي أحمد المديني في روايته " وردة للوقت المغربي " : " سرعان ما أصبح الأنين هو النشيد اليومي " الذي أثمر, أخيراً رفضاً عارماً أطاح بعروش الأسلام السياسي... فأنى للذي احتل عقله وقلبه ودورته الدموية شعار " اريد وطن " أن يتنازل عن الحلم بثورة وسنبلة ؟!!

38
الأنتخابات العراقية المبكرة - حرية انتخاب قامعيكم !

احسان جواد كاظم



سُدت الأبواب أمام أي إمكانية للتغيير انتخابياً !
وذلك بعد ان أصرت أحزاب السلطة على تقديم مصالحها الحزبية والذاتية على مصلحة الشعب والوطن, وبعد تراجع ثقة المواطن بها إلى أدنى مستوياتها بسبب الفشل في توفير شروط عملية انتخابية حرة ونزيهة تكفل أبسط شروط الاقتراع الآمن والاختيار الحر. أضحت المشاركة فيها عقيمة, وليست ذات جدوى, ولم يبقوا للمواطن الا خياراً واحداً وهو التصويت لهم.. لقامعيه ولقاتليه, بالمعنى الواسع للمفردتين من انتهاك للحريات وهضم للحقوق وكذلك التجويع والتعطيش والتصفية الجسدية…
لهذا فإن الانسحابات السياسية من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها في الشهر العاشر القادم, تتوالى, لما تمتلكه المقاطعة من حجج ومبررات قوية, مما حدا بقوى سياسية متعددة ومن مشارب مختلفة بحسم مواقفها الرافضة للمشاركة في انتخابات تعطي تفويضاً جديداً لأحزاب عاثت في الارض فسادا ونهبت المال العام وأثرت على حساب المواطن الفقير وقمعت تطلعاته المشروعة..

 ابتدأها الشيوعيون, منذ أشهر عدة, برميهم الكرة في ساحة المتسلطين, بتعليق مشاركتهم بالانتخابات لإعطاء فرصة للجهات المعنية لفعل ما يخدم العملية الديمقراطية بالعموم وليس مجرد رمي أوراق الاقتراع في صناديق التصويت, رغم توفر القناعة بعجزها عن تأمين حتى أبسط المتطلبات الضرورية على الأقل لإجرائها, مثل لجم سلاح الميليشيات وإيقاف جولات اغتيال الناشطين المدنيين وكشف الجهات التي تقف وراء القتلة, ولكن لم يطرأ تحسن ما, فاتخذوا قرار المقاطعة.

 وكذلك قررت أحزاب وكيانات تشرينية ووطنية وديمقراطية وما زالت قائمة المقاطعين تجذب المزيد من القوى السياسية.

لاشك بأن مقاطعة تيار السيد مقتدى الصدر المشارك المؤثر في السلطة التي جاءت لأسباب تختلف عن أسباب القوى المقاطعة الأخرى, كان لها وقعاً مؤثراً على خندق أحزاب السلطة المتضامنة, لكن احتفاظه بكل امتيازات السلطة ومنافعها ومواقعه فيها أضفت على جدية مقاطعته شكاً لدى أوساط واسعة من المواطنين, عدّها محللون أنها كانت لأغراض التعبئة الداخلية لمريديه, وان عدوله عنها, في اي لحظة, وارداً.

ان أقل ما كان في مقدور السلطات المعنية عمله, كما أعتقد, فيما لو توفرت إرادة حقيقية لإنجاح الانتخابات, هو تفعيلها لقانون الأحزاب الذي يمنع مشاركة الأحزاب التي تمتلك أذرع مسلحة من المشاركة في التنافس الانتخابي وان تصرح عن مصادر تمويلها, وهو ما لم تفعله لأن معنى ذلك ضياعها ونهايتها..
قلت أقل ما يمكن فعله , لأن أهم مطلب سياسي شعبي : وأد نهج المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض, أس الفساد الذي جلب الويلات للبلاد وللمواطنين وسلط هذه الطغمة, ليس أمراً سهلاً.. ويتطلب أما نبذاً جماعياً لأعضاء البرلمان لها, وهو أمر مستحيل, في ظل التركيبة الحالية له حيث سيطرة أحزاب المحاصصة المعتاشة على أبواب فسادها أو قيام حكومة إنقاذ وطني تأخذ على عاتقها تصحيح الأوضاع بإعلاء شأن القانون ووضع حد لكل التجاوزات على الدستور والقانون ( ولا أقصد هنا نسخ النموذج التونسي الذي يسوقه بعض الباحثين عن الحلول السهلة وأصحاب النيات الطيبة, والمختلف كلياً عن ظروف بلادنا, بسبب تعقيدات الظرف السياسي والاجتماعي عندنا عنه في تونس في ظل التنوع السياسي وتغول الميليشيات وغياب الدولة شبه الكامل وعدم وجود فعاليات شعبية مؤثرة كما عندهم مثل الاتحاد العام التونسي للشغل وغيره من منظمات المجتمع المدني الفاعلة, هذا غير كاريزما الرئيس التونسي قيس اسعيّد وشعبيته وصلاحياته المختلفة الواسعة عن صلاحيات الرئيس العراقي برهم صالح حسب الدستور....).

لقد كان توصيف حملة السلاح لمقاطعة الانتخابات باعتبارها " هروباً من المعركة ", وليس تنافساً سلمياً ينبع من مبادئهم العنفية, لهذا فإنهم يتمسكون بسلاحهم الموازي لسلاح الدولة الشرعي… فتمتعهم بامتياز استخدام السلاح متى يشاؤون, يلغي أساساً مهماً في عدالة إجراء الانتخابات وهو تكافؤ الفرص بين المرشحين والاختيار الحر للمقترعين, وتصبح  مقاطعتها و" الهروب من هكذا معركة " خاسرة مسبقاً, موقفاً صائباً, يرفع عنها الشرعية الشعبية التي تضاف إلى عدم شرعيتها الدستورية.

إصرار أحزاب السلطة على إنجاز الانتخابات حتى بنسبة مشاركة شعبية متدنية للبقاء في مراكزها وتسلطها, سيقود بالضرورة إلى حصول انفجار شعبي, لأنهم بحكم التجربة, غير راغبين في بناء دولة رصينة خادمة للمواطن بل سينزلقون إلى فرض حكم غاشم على الشعب, أصبح اليوم من الصعب الخضوع له.

المزاج الشعبي العام أوجزها :- انتخابات لا تتضمن مخرجاتها ارادة انتفاضة تشرين المجيدة وأهداف المنتفضين, انتخابات مرفوضة !!!



 




39
!يكرهون الأمريكان… يعشقون محاصصته


احسان جواد كاظم

ما من أحد ينكر أن المحتل الأمريكي هو من وضع أسس نظام المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض على يد الحاكم المدني للعراق بعد 2003 بول بريمر, وجعل نظام الحكم يستند إلى الأثافي الثلاث المسماة بالمكونات - الشيعة, الكرد, السنة. وسلم السلطة إلى الأحزاب التي أيدت حربه على العراق كما أيدت الحصار الأقتصادي على شعبه في تسعينيات القرن الماضي, والتي أثبتت الوقائع والحقائق على الارض انها لا تمثل جماهير مكونها حقاً بل احزابها وميليشياتها.

المحاصصة التي أثبتت فشلها لكونها مشروع تمزيق للمجتمع وتدمير للبلاد, وبرنامج سرقة منظمة من قبل أطراف الطغمة الحاكمة لثروات العراقيين, ومصدر ثراء فاحش لها ولقادتها وفقر وعوز لمجموع العراقيين.

ونفس هؤلاء الذين وضعوا أيديهم بأيدي المحتل وتمتعوا بأفضاله, انقلبوا على حليف الأمس وتحولوا اليوم إلى مقاومين له, وهو أمر لا يهم العراقي بقدر خشيته من مشاريع إشعال الحروب واستمرار سيل دماء ابنائهم وبقاء وطنهم يعاني من الخراب والفساد وفوضى السلاح وغياب القانون والعدالة.
 ومما تجلبه حروبهم من مآسٍ ونكبات... فهو الذي يردد " فليتقاتلوا بعيداً عنا… نارهم تاكل حطبهم ", لأنه خبر حقيقة الطرفين باعتبارهما العصا المدسوسة في عجلة التقدم.

كل الحماسة الاسبارطية والهجمات على مواقع تواجد الأمريكان وقوى التحالف الدولي لا تستطيع أن تقنع العراقي بصدق نوايا هذه الميليشيات المقاومة فيما تدعيه بسعيها لطرد المحتل الأمريكي, لأن ممثليهم في السلطة لم يهيئوا عناصر القوة والمنعة لخوض غمار حرب ناجحة, طوال ثمانية عشر عاماً من وجودهم في السلطة وهذا يشمل توفير قاعدة اقتصادية قوية ونظام يحترم حقوق وحريات وكرامات المواطنين, ينهض بقدراتهم ووضعهم المعيشي العام إلى المستوى الذي يجعله قادراً على تحمل عقبات مصيبة جديدة.

وان اقتصار مظاهر القوة على وجود ميليشيات وفصائل طائفية مسلحة وتابعة لجهات متورطة بالفساد وقتل ومطاردة ابنائهم من شباب انتفاضة تشرين, لا يؤمن استعداد شعبي للتضحية, لاسيما وإن هذه الميليشيات لا تخفي انضوائها تحت المشروع الإيراني لجعل العراق ساحة حرب بين الدولة الاسلامية والولايات المتحدة وبدماء عراقية.

أن المقاوم الحقيقي ذو الولاء الوطني, هو من يتخلى, قولاً وفعلاً, عن المحاصصة كنهج للحكم وينبذ قواها, والذي ينخرط في إعلاء شأن بلاده واستقلالها وهيبتها, بالعمل الجاد لإرساء اقتصاد وطني قوي وتحقيق حياة حرة كريمة لشعبه… وبذلك تتحقق عناصر القوة والمنعة وتنتفي الحاجة لوجود قوى أجنبية على أرض البلاد وتغلق الأبواب أمام التدخلات الخارجية.

أي تمسك بالمحاصصة الطائفية - العرقية, من أي طرفٍ كان حتى لو رفع عقيرته بقتال المحتل, هو تشبث بالوجود الأمريكي في العراق, لأن استمرار نهجها النهبوي التخريبي هو جوهر سياسة الفوضى الخلاقة الأمريكية التي تهدف لإبقاء العراق ضعيفاً ممزقاً مستنزفاً تتقاذفه الأهواء, ابوابه مشرعة امام كل من هب ودب ليعبث فيه.
لقد كانت انتفاضة تشرين المجيدة محاولة شعبية باسلة لسد الباب أمام استمرار سياسات الفوضى الخلاقة برفضها للمحاصصة واحزابها ورفعها شعار " اريد وطن " , وهو هدف لا يزال على مرمى نظر !





40
من هم أبناء السفارات الحقيقيين  ؟


احسان جواد كاظم

كان اخ الشهيد ايهاب الوزني واضحاً  وصريحاً في حديثه مع ممثلة بعثة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت في بغداد عند زيارتها لبيتهم في مدينة كربلاء قبل فترة, فقد اتهمها بأنها لم تعكس في تقاريرها الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حقيقة المذابح الوحشية التي ارتكبتها ميليشيات الأحزاب الإسلامية الحاكمة ضد المتظاهرين السلميين منذ 1 تشرين الأول 2019 وطوال الفترة اللاحقة والتي بلغ ضحاياها أكثر من 700 شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمئات من المخطوفين والمغيبين, ولم تحقق بأحداث القنص والقتل بالرصاص الحي وبالقنابل الغازية المنتهية الصلاحية وعمليات الاختطاف والاغتيال الكثيرة...وتسترت بذلك على القتلة بل جلست وتباحثت مع أحد قادتهم.
وهذا النهج المدان من ممثلة منظمة أممية التي من أهم مهامها متابعة التنفيذ السليم للمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة في البلد المعني ونقلها بموضوعية لمجلس الأمن, لم توضع موضع تنفيذ.

أن هذا الموقف المنحاز من قبلها يؤشر إلى تجاهل متعمد لدماء أبناء العراق المهدورة والى وجود توجه دولي لإبقاء الأوضاع في العراق تحت رحمة احزاب الاسلام السياسي وميليشياتها التي نصبتها سلطة الحاكم المدني الامريكي بول بريمر, وابقائه مشرذماً ضعيفاً تعبث به مافيا المحاصصة الطائفية العرقية.
وبذلك فإن أصحاب الحظوة لدى القوى الأجنبية, اقليمية وعالمية, والمقدمين لديها هي الاحزاب الاسلامية وميليشياتها, وليس المتظاهرين المدنيين الذين دفعتهم ظروف حياتهم الصعبة وتوقهم إلى حياة حرة كريمة إلى التظاهر السلمي وبشكل حضاري والتزام عالٍ بالقانون للمطالبة بحقوقهم, الذين لم  تصدر شعاراتهم إلا عن جرح.
 ولأن كل شيء يحدث بسبب ولسبب , فلم يكونوا بحاجة لجهة خارجية لتدفعهم للانتفاض, معاناتهم كانت محركهم ودافعهم, ولهذا فإن وسمهم ب " ابناء السفارات " وهم يُعدون بالملايين أمر يدعو  للضحك !

ويثبت مسار الأحداث أن السفارة الامريكية في بغداد, عدا بعض التصريحات الخجولة على عمليات القنص والقتل للمنتفضين, فإنها لم تنبس ببنت شفة بعدها, واغمضت عيونها المخابراتية والسياسية عما يحدث, ولم تهتم بالدماء الغزيرة التي سالت من أبرياء, وهي المعروفة باثارتها لزوابع سياسية وإعلامية عن حقوق الإنسان وحرية الرأي لمجرد اعتقال معارض روسي فرد, لذا فان اتهام المنتفضين بانهم ابناء السفارات, والأمريكية بالخصوص, سقط بالمرة.

أن السكوت الأمريكي والغربي عموما عن عمليات القتل الدموي ومرتكبيها, يكشف من هم حقا أبناء السفارات الحقيقيين… انهم بالتأكيد ليسوا من تفرجت على عمليات قنصهم و تصفيتهم بدم بارد من شباب الانتفاضة الأبرياء بل هم قناصيهم الميليشياويين المتخفين تحت طاقية " الطرف الثالث ", وهي أفضل من تعرفهم , لأنها تعاملت معهم وتعاملوا معها, ونعرفهم عن ظهر قلب !

لذا فإن " أبناء السفارات " هم من يعلنون جهاراً نهاراً بأنهم تابعين لدولة إقليمية, يأتمرون بأوامرها ويحمون مصالحها, وهم كذلك من المستفيدين من تغاضي الامريكان عن جرائمهم ضد أبناء شعبهم… وهذا ما لا ينطبق على منتفضي تشرين الذين يدعون إلى رفعة بلادهم وخير شعبهم, والذين كانوا أنفسهم ضحايا البطش الهمجي.

ولم يكن في وارد أي سفارة أجنبية في العراق الدفاع الحقيقي العملي او القانوني لنجدة وانصاف ابناء الانتفاضة المجيدة, طوال الوقت, بل تغاضت عن الجرائم المرتكبة بحقهم وصمتت لصالح القتلة… في الوقت الذي وقفت فيه السفارة الايرانية في بغداد ودبلوماسييها المعتمدين, قلباً وقالباً, ضد المنتفضين دفاعاً عن قاتليهم ممن يواليها !

كان اندلاع انتفاضة شعبية عارمة ضد اكاسرة الفساد المتحاصصين, جعل الغضب يتآكلهم, لهذا بذلوا ما بوسعهم في تلفيق تعابير مدلسة مثل " أبناء السفارات و الجوكرية ".

وصدق من قال : " رماني بداءه منسلاً ! ".

41
حرف الأنظار أمرٌ من المحال !


احسان جواد كاظم


تتابعت المحاولات المشبوهة الرامية إلى حرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي تعاني منها البلاد المتمثلة بأزمة الحكم والنظام, والانفصام المصيري بين عموم أبناء الشعب وطموحاتهم وأساطين المحاصصة الطائفية - العرقية ونهجها التدميري, وذلك بإعادة إحياء جدث الفرقة الطائفية والفئوية التي قبرتها انتفاضة تشرين المجيدة وإطلاق زومبي الطائفية, من جديد, بدعوات تفجير تمثال باني بغداد الخليفة العباسي ابي جعفر المنصور او تهديم مرقد مؤسس " المذهب الحنفي " الإمام أبي حنيفة النعمان قرين وصديق امام الشيعة موسى بن جعفر, اللذين تعرضا كليهما لجور الخليفة العباسي.

هذه الشراذم ليست بلا آباء بل هي مدفوعة من جهات متنفذة في السلطة لا تجرأ اليوم التصريح, علناً, بحنينها إلى أيام الاقتتال الطائفي التي تؤمن لها بيئة مثلى لابتلاع صناديق الانتخاب والانفراد بالسلطة و الاستفراد بالشعب وابناءه المنتفضين.
 يتفق متابعون لما يجري بأنه محاولة لوضع العصا في عجلات أي تغيير قادم.

يشير بعض المهمومين بقضايا التغيير بأننا لسنا بحاجة إلى " ثورة جياع " كما انتفاضات " الربيع العربي " بل إلى " ثورة فكر ", كما انتفاضة طلاب باريس عام 1968 والتي اكتسحت أوروبا وبلدان أخرى في العالم.
الحقيقة أن ظروف الواقع والصراع الدائر ومسار الأحداث هي التي تحدد طبيعة التوجه وهي ليست مسألة رغبوية وإنما تؤثر بها عوامل متعددة.
عموماً صعوبة الظروف المعيشية وارتفاع مستويات الفقر وشمولها شرائح لم تكن تندرج تحت خطوطها توفر ظروفاً ملائمة لثورة جياع.
 انتفاضة تشرين جمعت بشكل او بآخر " ثورة الجياع " ب " ثورة الفكر " ولهذا كان شعار " نريد وطن "  جامعاً متضمناً مطامح الجميع.

 وبعد تجربة الانتفاضة وما أحاطها من قمع همجي, فاحتمالات اندلاع ثورة شعبية قائمة, حيث تتوفر ظروفها وتجد مقوماتها في مظاهر انقسامات في الطغمة الحاكمة وتعمق التمايز الطبقي بين فئات المجتمع العراقي واحتدام الصراع بين قلة مستذئبة تستأثر بثروات البلاد واكثرية شعبية غارقة في الأزمات والمشاكل من حيث انتشار البطالة وتردي الأوضاع المعيشية لعموم المواطنين من طبقات المجتمع وشرائحه المسحوقة وخريجي الجامعات, وتتوسع لتشمل نخب فكرية واقتصادية وفنية, تمنع من تقديم إبداعاتها لعامة الناس لرفع مستواهم المعيشي والثقافي وذائقتهم وتشذيب طبائعهم التي شوهتها حروب وقمع الدكتاتور السابق وكذلك ورثته الحاليين الذين أضافوا لها مما في جعبتهم من بهارات تفرقة طائفية وعرقية ومناطقية.
 وهنا تبرز الحاجة إلى تثبيت المفاهيم !

" أعرف أن هناك من يصاب بالذعر عندما يُذكر اسم كارل ماركس ", بيد ان تصنيفه للثورات لازال راهناً وصائباً : " أن كل ثورة تلغي المجتمع القديم هي ثورة اجتماعية, وكل ثورة تلغي السلطة القديمة هي ثورة سياسية ".
وبينما تتجمع الشروط والظروف الموضوعية للثورة, كما أسلفت, وتتبلور وتتضافر وتنضج, فأن الظروف الذاتية لقيامها, المتمثلة بتراص الصفوف ووحدة الرؤى وتوفر قيادة قادرة على إدارة الصراع وتحظى باتفاق واسع, لازالت متعثرة.
لذا فإن محاولات العودة إلى ماضي الصراع الطائفي مستمرة لعرقلة الوصول إلى أيٍ من شكلي الثورة التي أشار لهما ماركس.

في حقيقة الأمر تمتلك الحكومة السلاح القانوني لمحاصرة هذه النزعات التخريبية, حيث منع الدستور إثارة النزاعات الطائفية وصنفها باعتبارها شكل من أشكال الإرهاب  ( المادة 7 - أولاً وثانياً )* كما فصّل ( قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة  2005 )* في بنوده ما يعتبره ارهاباً, ومنها الدعوة إلى التفرقة الطائفية... الذي يُعد شكلاً من أشكال الإرهاب .

 السلطات الرسمية التي تداري خوفها وجزعها بالادعاء في أحيان كثيرة بأن قتلة شباب العراق جهات مجهولة, ربما هم نفر من الجن لأنها عجزت عن أن تجمع آثاراً لجرائمهم سوى أجساد أكثر من 700 شهيد وعشرات آلاف الجرحى والمئات من المختطفين والمغيبين, سمتها واعلام القتلة بالطرف الثالث ( الذي حل المواطن لغزه منذ الأول لارتكابهم الجريمة ) .

تشرينيو 2019 أسقطوا قدسية الفاسدين وعرّوا حقيقتهم المرآئية و أطاحوا بالطائفية في ضربة نجلاء تضامنية, رغم فداحة تضحياتهم.
تشرينيو آيار 2021 جعلوا القتلة يكشفون عن وجوههم للعلن بمحض إرادتهم بعد اعتقال أحد منتسبيهم المتهم بقتل ثوار وناشطي كربلاء في استعراض تحدي لهيبة الدولة ولسلام المجتمع.
 وكذلك الأمر بالنسبة للمشاغبين الطائفيين, فإن مجرد اعتقال فرد منهم حتى تسفر الجهة التي تقف ورائهم, بكل غباء, عن وجهها وهويتها برد فعل متهور, ويسهل التعامل بعدها معهم قضائياً.

أعلنتها قوى التغيير جلياً, بدون توفير أرضية مناسبة لإجراء انتخابات حرة وبدون الكشف عن قتلة ابناء العراق وإنهاء ملف السلاح السائب والمال السياسي المنهوب, لا يمر أمر !

والليالي من الزمانِ حُبالى….


*https://www.constituteproject.org/constitution/Iraq_2005.pdf?lang=ar دستور العراق الصادر عام 2005


*http://iraqld.hjc.iq/LoadLawBook.aspx?SC=290320067056983 قانون مكافحة الأرهاب رقم 13 لسنة 2005

42
كتابات ساخرة - غُراب احلامي الابيض

احسان جواد كاظم


حلمت مرة, فيما يرى النائم, اني احلم حلماً في حلمي, كان لذيذاً حتى أن هرمون السعادة الأندروفين طفر عندي عالياً, لكني لم أتذكر مضمونه. بعد أيام زارني في الحلم غراب أبيض, حيرني وقمت اضرب اخماس بأسداس, هل هو بشرى خير او مخبر شر.
عادة لا أهتم بتفسير أحلامي, لكن تتابع حلمين مشجعين بذرا في نفسي التوجس : ربما القدر يخبيء لي دوراً جديداً في الحياة… فقد يجعلني نبياً او مجنوناً, وهذا كان مبعث فضولي واهتمامي.
افتقدت كثيراً " ابن سيرين* " حينها, لعله كان انقذنا من الورطة. فالغراب معروف تقييمه في الذاكرة الشعبية كفأل سيء, لكن غرابي أبيض ! لعله يحمل بشرى كما هدهد سليمان, او كما الحصان الأبيض او الكائن الأبيض الذي يزور بالأخص المعممين دون غيرهم, رغم التعداد الملياري للمؤمنين, لسبب غير معروف, ويكشف لهم قرب حدوث معجزة !
تصوروا, حتى زوجتي التي تعرف كل شيء وقفت عاجزة أمام حل هذا اللغز.
لم أرد اللجوء إلى من يرفعون يافطات من قبيل : " العالم الروحاني الفلكي مفسر الأحلام والمنوم المغناطيسي ", ولا لقارئة فنجان غجرية " تتأمل فنجاني المقلوب… " وما إلى ذلك, وإنما قررت العودة إلى الأصول .
وبعد سيرفنك في بحور الغوغل بحثاً عن " ابن سيرين " وتفسيراته... وقعت على ما يثلج القلب فيها وهي التالية : " يدل الغراب على طول العمر للرائي؛ لطول عمر الغراب في الواقع ".

ابنتي جذبتني من علياء سماوات خيال أحلامي وانزلتني إلى ارض واقع أيامي, كما هي عادات هذا الجيل الذي لا تبهره الروحانيات إلا بقدر ما تحقق احلامهم الأرضية الأكثر خصوصية, وطلبت مني, على ضوء المعطيات الايجابية المتوفرة من الحلمين, وعلى جناح السرعة, شراء ورقة يانصيب, لعل بياض الغراب محضر خير, ويضرب الحظ ضربته بعد مجافاة تاريخية.
طبعاً نتائج السحب لم تأتي ( بما تشتهي السفن ).
لم نقنط, فلم يكن هناك تعويل حقيقي على مليونات ورقة اليانصيب التي يجيء بها غراب شائب الريش أبيضه, وكل رجع إلى عمله المعتاد, واعتبرناها  مجرد أحلام عصافير او ربما حتى أضغاث أحلام.
أحد أصدقائي المقربين الذي تعشمت فيه الحصافة وبعد إنصاته  الصبور لقصة أحلامي بحذافيرها وبالتفصيل الممل, قدّم لي, ضاحكاً, نصيحته التي اعتقدها ذهبية : " لا تنام مكّشف ! ".
 

* ابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري. التابعي الكبير والإمام القدير في التفسير, والحديث, والفقه, وتعبير الرؤيا، علاَّمة في تفسير الأحلام.





43
فقاعة ستنفثيء في أي لحظة !

احسان جواد كاظم


كشفت احداث الايام الماضية منذ 25 آيار الجاري والامعان في قتل المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بالقصاص من قتلة رفاقهم قبل اجراء اي انتخابات, مستوى الاختراق البنيوي لقوى الإرهاب الميليشياوي للأجهزة الأمنية الرسمية, وعدم امتثال بعض عناصرها لأوامر وتأكيدات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والقائد العام للقوات المسلحة وتشديداته بعدم استعمال السلاح الناري بأي حال من الأحوال ضد المتظاهرين.
كما تزامن ذلك مع اعتقال الاجهزة الامنية لاحد قادة الحشد المتهمين  بقتل الناشطين السلميين وعمليات فساد, تحت طائلة القانون 4 ارهاب, واتهامات أخرى بقتل مدنيين في مناطق انتشار فصيله المسلح, وهو ما أثار حفيظة قادة ميليشيات الحشد الذين دفعوا بقوات مسلحة اخترقت مراكز تابعة للحكومة في المنطقة الخضراء مطالبين بإطلاق سراحه وانهاء التعقيبات القانونية ضده, بشكل غير مبرر, مع اطلاق التهديدات بتصفية رئيسهم وقادته الأمنيين, وكان هذا دليلاً واضحاً على سطوة هذه الميليشيات وسعيها لفرض إرادتها على الدولة والقانون.
 وقد اعتبر محللون اقتحامهم لمراكز حكومية  شروعاً بانقلاب عسكري ضد السلطات الشرعية المنتخبة للدولة وهو ما يجب أن تكون له عواقب قانونية لكون هذه القوات المهاجمة تابعة رسمياً لأمرة القائد العام ولا يفترض تحركها بدون أوامره.
أن سبب هذا السلوك غير المنضبط للحشد كقوة عسكرية كامنة في صيغة قانونه الخاص الذي شرعه مجلس النواب, المنافي لبنود الدستور التي تمنع إنشاء قوة عسكرية موازية للدولة وسلاحها الرسمي, والذي أقر في ظروف هيمنة أحزاب الإسلام السياسي الشيعي على السلطات التشريعية ّمجلس النواب " والتنفيذية " الحكومة " وتنمرها على السلطة القضائية, مباشرة بعد دحر الدولة الاسلامية داعش, والتي شارك الحشد الشعبي  كداعم أساسي للقوات المسلحة القوة الضاربة في الحرب لتحرير البلاد من براثنها.
ولأن أغلب هذه الميليشيات تشكلت بعد فتوى المرجعية الدينية العليا للسيد السيستاني" الجهاد الكفائي " لمحاربة داعش, فقد أسبغت على نفسها قدسية خاصة, خصوصاً بعدما سقط شهداء في صفوفها ( وكأن لم يسقط شهداء آخرين من أفراد الجيش والشرطة والبيشمركه الكردية وابناء العشائر المقاتلة... ), واستغلال العطف الشعبي عليهم, رغم تجاهلها المسبق لمضمون الفتوى الداعي إلى الانخراط في صفوف القوات المسلحة وليس تشكيل ميليشيات موازية لجيش البلاد وشرطتها, والتي استغلت سلاحها المجهز من قبل الدولة وبأموال مواطنيها, لاحقًا لفرض أجندات سياسية واقتصادية على الواقع السياسي والاقتصادي, بشكل يخالف القانون العسكري العراقي الذي يمنع منتسبي مؤسسة القوات المسلحة بكافة صنوفها وتشكيلاتها من ممارسة السياسة او التجارة.

هشاشة الأساسات التكوينية القانونية والفقهية لمؤسسة الحشد وضعف الدولة وغياب الولاء الوطني لبعض تشكيلاتها وتضخم الأنا لدى أفرادها بوضع ذواتها فوق القانون, والدعم الخارجي المباشر المشبوه لاستمرارها وتورطها في المحاصصة وفسادها, وضلوع ميليشياتها الولائية في عمليات قتل واختطاف وتغييب شباب الانتفاضة والإساءة إلى تضحياتهم, أطاح بالكثير من مشاعر الاعتبار الشعبي لها, حتى أصبحت محط ازدراء ورفض عام, وهذا ما لاحظه الكثيرون من المراقبين على الأرض كما عكسته مواقع التواصل الاجتماعي, من خلال الترحيب الشعبي الكبير باعتقال متهم مهم من قادتها بجرائم قتل وفساد, واستنكار واسع لتحريك قوات ضاربة في شوارع العاصمة لكسر هيبة القانون والدولة وتهديد السلم العام.
لقد أصبح وجود تشكيلات ميليشياوية  عائقا كبيرا أمام إرساء أسس دولة وطنية قوية, ولابد أن يبلغ الصراع بين قوى الدولة واللادولة وبين المنادين إلى قيام دولة مواطنة ديمقراطية وبين دعاة الدولة الثيوقراطية الدكتاتورية إلى نهاية.
بدون الركون إلى صوت العقل والرجوع إلى أحضان الوطن والاتفاق على أفضل السبل لخدمة شعبه, ستنفثيء فقاعة الثنائية المسلحة وفوضى السلاح السائب, يوماً لا محالة, ولات ساعة مندمٍ !
 
 



44
اغتيال إيهاب الوزني شرارة تحرق بطاقات إنتخاباتهم المزورة !



احسان جواد كاظم


نفذ صبر القوى الديمقراطية ومنتفضو تشرين في انتظار تنفيذ مطلبهم الأساسي بلجم سلاح الميليشيات وتقديم امراء القتلة إلى المحاكم, وإرساء أسس نظام ديمقراطي حقيقي.

 وجاء إغتيال الناشط المدني في حراك كربلاء ورئيس تنسيقيتها " إيهاب الوزني " بالكاتم في منطقة محصنة بالقوات الأمنية من كل صنف ولون, بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير, ليحسم المواقف من المشاركة في انتخابات العاشر من تشرين الأول المقبل البرلمانية... فقد علق الشيوعيون وممثلو قوى وطنية متعددة المشارب وقوى تشرينية المشاركة في هذه الأنتخابات.

لقد لاقت قراراتها بعدم المشاركة في انتخابات تجرى على وقع كواتم الصوت والدعاوى الكيدية وتفجير بيوت النشطاء, إرتياحاً وترحيباً شعبياً وخاصة من قواعد هذه الأحزاب والقوى التي رأت في الأشتراك غير المتكافيْ في الصراع الأنتخابي مع قوى تمتلك المال والسلاح واجهزة الدولة وتمارس الفساد والقتل بشكل علني فاضح لايمت بصلة لممارسة ديمقراطية محترمة, وهو انعتاق من قيود " شاهد الزور " على انتخابات تشرعن تزويرهم المتتابع, لتُعاد بها ذات الوجوه الكالحة التي يطالب الشعب بالقصاص منها, كما في الحالات السابقة.

استنفذت القوى الديمقراطية والوطنية جميع المحاولات لفتح ثغرة في جدار نهج المحاصصة الطائفية - العرقية بتجريب كل الطرق والوسائل السياسية التقليدية؛ مثل المشاركة المثابرة في الانتخابات المتتالية بالاعتماد على قواها الخاصة وتبوء وزارات, لم تخضع لمعايير التحاصص, لأجل التغيير او بالمداخلات الدقيقة المنحازة لمصالح المواطنين والفقير منهم بالتحديد, أو في الدخول في ائتلافات عابرة للأيديولوجيا على أساس مدني لكبح الطأفنة وإشاعة قيم التسامح وتقبل الآخر أو محاولة التأثير على الحكومات من خلال تحريك الشارع وطرح المواطنين لمطالبهم الآنية والعامة مباشرة في تظاهرات شعبية, قوبلت بالقمع…

 حتى كان بزوغ فجر انتفاضة تشرين الأول ٢٠١٩ المجيدة, التي فرضت واقعاً جديداً بسبب المشاركة الشعبية الواسعة ومبادئها المدنية وعنفوان شبابها الثائر التي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي الجائرة, وفرضت على طغمة الحكم الإتيان برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, الذي توقع العراقيون منه تخليصهم من جور الميليشيات وفرق الموت ولكنه وقف عاجزاً أمام تغولها, لكونه كان قد قدم وعوداً وتعهدات لأحزاب المحاصصة الإسلامية منها والقومية الكردية, أثبتت الوقائع بأنها أمضى من وعوده وتعهداته لشعبه بإنتشاله من هوة الهلاك التي أوقعه بها من جاءوا به.


أن التمسك بانتخابات بهذه المواصفات البائسة سيكون عبثاً في مستقبل العراق والعراقيين بعد أن أغلقت المنافذ أمام اي تطور في كنف هذه القوى المتنفذة المجروحة في ولاءاتها التي لا تمت بصلة بمصالح العراقيين ووحدة ومنعة بلادهم.

ما من وصفة لتحمل تداعيات مضي القوى المزورة والفاسدة في انتخاباتها رغم أنف الشعب والقوى الممتنعة سوى الوصفة السحرية القديمة المتجددة أبداً :
" الأتحاد " !
وإلا سيكون اقتصاصهم منكم فرادى قاسياً يتحول به ارتياحكم و حماسكم إلى انكسار وهوان.
فالطغمة الحاكمة ليست معنية بالتنازل وهي غير قادرة على ذلك لفداحة جرائمها بحق العراقيين, وضخامة غنائمها, مما يجعلها تستميت في الدفاع عن مصيرها المعروف سلفاً, عندما سيقول الشعب كلمته الأخيرة !

أرى تحت الرماد وميض نار... ويوشك ان يكون لها ضرام
 

45
بين " صرخة الحقيقة " و" صرخة الحق ", حقوق لم تُسترد !


احسان جواد كاظم

بين "صرخة الحقيقة " و" صرخة الحق "  سنوات تفصلها أحداث ووقائع متخمة بمعاناة شعب من الظلم والظلامية والضلالة وأنهار دماء ودمار شامل.

كان " أبو تحسين " قد أوجز آلام العراقيين في صرخته أمام كاميرا في لقطة قصيرة لم تتجاوز الدقيقة الواحدة - نقلتها وسائل الإعلام العالمية, دارت حول العالم  وهو يجلد وجه الدكتاتور بنعله - حقيقة المظالم التي عاشها العراقيون خلال فترة حكمه الدموي, بعد هروبه المخزي أمام الغازي الأمريكي في 9 نيسان 2003 وتهاوي كل مظاهر جبروته واقتداره المتمثلة بسطوة اجهزته الامنية التي إنفض عنه أفرادها طلباً للسلامة, كما " فص ملح وذاب ".

لكن كل ما تضمنته صرخته الصادقة من نزوع نحو الانعتاق من جور لتدشين عهد جديد مشرق قوامه العدل والسلام بقيت كما حلم أخضر, تمناه وحلم به كل العراقيين وانتظروا تحققه.
لكن ما ظنوه حلماً أخضراً تمخض عن كابوس رعب !

لم نشهد بديلاً حقيقياً للطغمة الدكتاتورية المنهارة بل قامت بعدها طغمة للمحاصصة الطائفية - العرقية فاسدة, امتطت الديمقراطية وأبرزت نيوبها المسلحة ثم أدخلت البلاد في مآزق وأزمات, لا تقل مأساوية عما ورطنا بها نظام المقبور السابق. ولم تمح سنوات حكمهم العجاف الطويلة, المظالم السابقة بل عمقت ندوبها وجعلتها أكثر ايلاماً, شملتْ الجميع, وعم الجدب وانتشر الفساد, وتكللت بطغمة جشعة نصّبت نفسها راعياً لمكونات وطوائف وعرقيات وأفخاذ. وفرّخت ميليشياتها… همّها وهمّتها منصبّة على سرقة المال العام وتعزيز شبكة فسادها… أفضى ذلك لأن يسيء الشعب الظن بسياسييه وبالخصوص المتلفعين بعباءة التدين والتقوى.
لكل ما حدث وصار واستمراء طغمة الفساد والمحاصصة لتعسفها بحق الشعب وامعانها في إذلاله وجعله خانعا بليداً, تعالت " صرخة الحق " المدوية !

" صرخة الحق " أطلقها شباب انتفاضة شعبية أذهلت العالم بجبروتها ونبلها ومبادئها السامية وباندفاع شبابها وحبهم للوطن وتفانيهم من أجله, ورفضوا أن  "يذوبوا بمن هو خارج الحدود بل ذابوا بوطنهم ".

انتفاضة تشرين 2019 التي جاءت " لتعديل الميلة " أفرزت واقعاً جديداً وتوزيعاً وتراصاً  واعداً للقوى الاجتماعية التي تنادي بالتغيير من جهة, وهم  يمثلون طبقات وشرائح اجتماعية طحنها فسادهم وقوى طارئة قفزت إلى السلطة, في غفلة من التاريخ, تمثل كومبرادور مشوه ومافيات تحاول تعويق هذه العملية التاريخية  المتناغمة مع التطور, من جهة أخرى, مستثمرة تشويهات التأثير الديني لطأفنة المجتمع ولنفي وجود الفوارق الطبقية وتنافر مصالح القوى الأجتماعية ...
وأصبحت الانتفاضة بذلك بداية النهاية لحقبة تاريخية سوداء ونمط تفكير رجعي متخلف ومنظومة فساد متسلطة لكن مأزومة متناحرة, متشبثة بمخالبها ونيوبها بالسلطة باعتبارها متراسها الأخير, وفرضت نمط تفكير تنويري علماني بديل.

نكران الذات العالي لدى المنتفضين وروح المسؤولية العالية اتجاه وطنهم وعزمهم على التغيير وشرعية مطالبهم وسلمية تحركهم, جابهته قوى السلطة واذرعها المسلحة, بجبن وخسة, مستخدمة كل ما في جعبتها من وسائل القتل وتقنيات التصفية الجسدية وبقسوة مفرطة تضاهي الإعدامات الميدانية الممنهجة للمنتفضين العزل السلميين.

ولأن طغمة الفساد والتخلف بدأت تشعر بأن زمانها آيل للأفول, وقد تأتي الأنتخابات القادمة, فيما لو أجريت, إلى ما لا تُحمد عقباه, لجأت لاغتيال بعض رموز المنتفضين او اتهامهم بأتهامات كيدية لتعطيل مشاركتهم بالتنافس الانتخابي واجبارهم على مغادرة مدنهم لتلك الأسباب وامتشاقها لسلاح التشويه والتسقيط برميهم باتهامات من جنس سلوكها هي : العمالة والتبعية, ونعتهم بأبناء السفارات والجوكرية وغيرها من اتهامات للإيحاء بأن الجميع على شاكلتها في عمالتها وولائها للأجنبي, والجميع " في الهوا سوا ! " و " ماكو واحد أحسن من واحد ! ".
أن هذه المواقف تعبر  في حقيقتها عن أزمة القوى المتنفذة وفشل نظام المحاصصة السائد وعقم تفكيرها وعقدة  المتبنين لها.

أن السقوط المتواتر لبعض حلقات منظومة فسادها وصراعاتها الفئوية على النفوذ وتغوّل ميليشياتها ثم تنامي الغضب الشعبي, وانخراط فئات اجتماعية جديدة في الأحتجاجات المطلبية بسبب تردي الأوضاع المعيشية المزمن وفشل الأجراءات الحكومية في مواجهة جائحة كورونا والتي كان الحريق في مستشفى ابن الخطيب في بغداد احدى دلائلها الفاضحة !
أدى إلى ان أوساط متزايدة من المصنفين تقليدياً عليها بدأت تغادرها وأصبحت ترفض استغفالها لهم باسم الدين.
 كما انها في محضر التهيؤ للانتخابات المحتملة القادمة, تجد, اليوم, صعوبة في إيجاد شخصيات محترمة تقبل الترشح بأسمها خوفاً من تلوث سمعتها, بعد أن تراجعت حظوظ الوجوه القيادات التقليدية في الفوز, والتي بات المجتمع العراقي يمقتها ويطالب بمحاسبتها قضائياً على سنين الشقاء التي ساموه فيها العذاب !
لذا فليس أمام الحركة الديمقراطية ومنتفضو تشرين وجموع المتضررين من استمرار الفاسدين, سوى مواصلة مساعيهم في رص الصفوف وشد العزم لإنتزاع حقوقهم واسترجاع وطنهم… وبذلك فلن تضيع صرخة " أبو تحسين " أو صرخات وتضحيات شباب انتفاضة تشرين المجيدة, هباءً.
 في توحدكم الخلاص !




46
*ذكريات من آيار بعيد

احسان جواد كاظم


مرت عدة أشهر على انتسابي لمعهد تعلم اللغة في مدينة ووج العمالية تحضيراً لاكمال دراستي في احدى جامعات بولونيا الشعبية عام 1984. مدينة ووج العمالية ذكرها لينين في كتاباته وكذلك روزا لوكسمبورغ باعتبارها معقلاً من معاقل الحركة العمالية البولونية حيث تنتشر فيها معامل النسيج ولازالت تحتفظ بين جدرانها بقصص نضالات بطولية ضد الرأسمال.
فاجأنا أول آيار بانهمار غير متوقع لثلج كثيف, نحن الآتين من بلاد الدفْ,..اعطى للكرنفال رونقاً اضافياً. فقد انتشرت لافتات تحيي المناسبة بألوان زاهية واعلام حمراء ترفرف في سماء المدينة ومجاميع المحتفلين من شيب وشباب وفاتنات يوزعن زهور الخزامى الحمراء على الناس.
كنا ثلة من الشباب العراقي المندفع الناجي من بين انياب فاشية البعث...يحدونا الأمل بالتفوق العلمي والعودة لوطن حر لخدمة شعبه. فكان منا عبد الزهرة البصراوي الاسمر وجمال الآتي من حارات الاعظمية وكاكا صباح ابن كردستان ثم نشأت السرياني من قصبة ديانا قرب راوندوز واحسان التركماني وزوجته وسليم الجنوبي السحنة الباسم ابداً وراضي ابن مدينة الثورة, وعلاء السامرائي وزوجته القادمة من الناصرية ويحيى المندائي حفيد سومر الدارس في اكاديمية سينما ووج ثم أنا ابن النجف عاشق بغداد...باختصار كان قوس القزح العراقي حاضراً رغم الثلوج, اما القلوب فكانت عامرة بدفء حب العراق.
بدأت المسيرة من أحد شوارع المدينة المهمة "شارع الجيش الشعبي البولوني" مروراً بشارع البتروكوفسكا التأريخي لتنتهي بساحة الحرية. مظاهر الفرح تعم المكان. موسيقى.. ورود الخزامى.. كركرات اطفال.. رقص.. هتافات.. طيور سلام بيضاء.
كنا قد تهيأنا للمناسبة بلافتات تحيي الطبقة العاملة العراقية والبولونية والسلام العالمي وبيانات تدعو لإيقاف الحرب العراقية الايرانية واسقاط الدكتاتورية والبديل الديمقراطي.
كانت اجواءاً احتفالية مفعمة بمشاعر الاخوة الاممية...فكان بجنبنا الرفاق اليونانيين وعدة رفاق من راكاح ورفيق مغربي وليس بعيداً عنا رفاق من امريكا اللاتينية و زوو النيجيري المرح ويوسف السنغالي عاشق الشيوعيين العراقيين وأحمد الفلسطيني القادم من لبنان وفاركيس ورفاقه من الهند....
وفي غمرة أجواء البهجة هذه كان هناك مكاناً للمنغصات. فقد تقاطرت شراذم اتحاد طلاب السلطة الإرهابي بدفع من سفارة النظام تنظر إلينا شزراً وتتوعدنا... يتفرسون بملامحنا..يصورونا لمعاقبة أهالينا في الوطن.. ينفثون سموم العداء للشيوعية بلكنة فاشية.
كان زملاؤنا ورفاقنا قد حذرونا من محاولات استفزاز قد يمارسها ازلام السفارة وعدم الانجرار اليها. كم كان بودنا إشباع غليلنا منهم, لكن التعليمات كانت صارمة.. عدم الانجرار الى استفزازاتهم احتراما لأصول الضيافة التي غمرنا بها الشعب البولوني.
وأول من لاحظ تحرشاتهم كان الرفاق من الشبيبة الشيوعية اليونانية, فجاؤا الينا وابدوا استعدادهم لمعاقبتهم اشد عقاب بإشارة واحدة منا, ثم انضم اليهم شباب راكاح وزجروهم فانسلّوا خائبين.
توقفت طفلة بولونية بجدائل شقر امام احدى لافتاتنا التي كتبت باللغة العربية, بحلقت بها ثم استدارت لامها متساءلة: ماما...ما هذه الشخابيط؟
اجابتها امها وهي تنظر الينا مع ابتسامة اعتذار: مكتوب هنا...عاشت الحرية!!

●   توضيح : هذا المقال كنت قد كتبته في ٢٠٠٧ وأعيد نشره مع بعض التغييرات الضرورية البسيطة.


47
ميضأتهم* المترعة بدماء العراقيين !
احسان جواد كاظم


ما إن نخرج من مأساة حتى نقع في فاجعة, هكذا منذ ثمانية عشر عاماً, لم يشهد العراقيون فيها الأمان الذي هو المقوّم الرئيسي التي تقوم عليه المجتمعات البشرية في استمرارها.

 اليوم صُدمنا بفاجعة مستشفى ابن الخطيب في بغداد المخصص لعلاج المصابين بفيروس كورونا, بأحتراق أناس أبرياء فاجأهم إنفجار قناني الأوكسجين المخصصة للعلاج عليهم, بسبب الأهمال وغياب المتابعة والتفتيش الدوري, وعدم توفير وسائل الوقاية من الحرائق المعتمدة في مستشفيات العالم والبنايات العامة مثل إنذار الدخان المبكر او المتحسسات الحرارية التي ترش الماء لتطفيء النيران في الحال, أو توفير الأوكسجين بشبكة أنابيب مركزية يُنظم ضغط الغاز فيها أوتوماتيكيا, لتفادينا فقدان أحبة لأسباب غبية… لكنه الجشع والطمع واللامبالاة تجاه حياة البشر.

فلم يكن في وارد الطغمة المتحاصصة الحاكمة توفير الأمان ولا كان شاغلها يوماً. همْ رموزها واحزابها الأول هو الاستحواذ السريع على ثروات العراقيين وخيرات بلادهم وجمع الامتيازات, واستغلال سلطاتهم التي " لو دامت لغيرهم ما اتصلت إليهم " لإسكات أي مطالبات بالحقوق والحريات, وسخرّوا لذلك اجهزة قمعية وميليشيات تأتمر بأمرهم.



رويبضة اليوم أصبحت ميضأتهم مترعة بدماء العراقيين, وأياديهم المتوضئة مغمسة بها.

ولم تعد تنفعهم ادعاءات التقوى والزهد والورع ومخافة الله.



هذه الحادثة تضاف إلى سجلهم الحافل بالانتكاسات والمذابح والاقتتال والاغتيالات والتغييب والاختطاف والتهجير والمقابر الجماعية والتغيير الديموغرافي والخطاب الطائفي والاستيلاء على ممتلكات المواطنين والولاء للأجنبي و سرقة المال العام وإهدار ثروات البلاد وتجييرها لخدمة مآرب دول اقليمية...



فلولا سنوات تعطيل بناء مستشفيات جديدة حسب المواصفات المعاصرة, وإهمال تطوير المشافي القديمة, وعدم توفير خدمة صحية تليق بمواطن دولة ثرية مثل العراق, وتنصيب تابعيهم من غير ذوي الخبرة والكفاءة, وجعل وزارة الصحة بقرة حلوب لجني الأموال وتحويل مناقصات الأنشاء واستيراد الأجهزة الطبية والأدوية والتجهيزات الأخرى إلى مصادر لمنفعتهم.

  لما شهدنا مثل هذا الحادث الشنيع.



لذا فأن ما حدث لم يكن قضاءاً وقدراً, بل جريمة ارتكبت مع سبق الإصرار والترصد, منذ اليوم الأول لتحاصصهم, واليوم كان ختامها… ولابد من معاقبة كل المجتمعين على 

ميضة الشيطان ممن ارتكبوا ذنب التحاصص وآمنوا  بنهجه ومشوا على سراطه !



*ميضأة - حوض الوضوء




48

ابتسامة في عيد الشيوعيين العراقيين



احسان جواد كاظم

في ركن قصي من كهوة الساقية في حي الحرية البغدادي أواسط سبعينيات القرن الماضي, بعيداً عن سمع عسس البعث ولكن ليس عن بصرهم, على ناصية تقاطع شارع معمل الطحين وشارع العدل مع شارع الحرية الأولى المؤدي الى باتا, كنا ثلاثة شبان منهمكين في نقاشنا عن قوانين الديالكتيك الماركسية الثلاث " نفي النفي, وحدة وصراع الأضداد, تحول الكم إلى كيف " وضرب ما يتيسر من الأمثال التي توضحها.
رغم جلوس وجهان شيوعيان معروفان في المنطقة وهما أستاذ اللغة العربية طيب الذكر الفقيد منصور كاظم - ابو واثق - والصحفي اللامع والشخصية الوطنية الأستاذ عبد المنعم الأعسم على مبعدة أمتار عنا, كانا يمكن أن يجنبونا مشقة نقاش طويل, كما كانا يتحملان عنا تكاليف شاياتنا.

كانت جريدة " طريق الشعب " الشيوعية تفترش الطاولة أمامنا.
 وأثناء تقليب صفحاتها ومطالعة المانشيتات والعناوين الثانوية, وقع نظري على مقالين في صفحة الشؤون الدولية, عنوانيهما أثارا انتباهي بغرابة تعلقهما بموضوع نقاشنا وطرافتهما بنفس الوقت, فلقد ( فسرا ) بشكل تبسيطي ما جهدنا لفهمه حول القانون الماركسي " وحدة وصراع الأضداد " بالجمع في متن صفحة واحدة وبعمودين متقابلين, يتناولان الأوضاع السياسية في بلدين متباعدين بشخصي قائديهما, تضمّن اسميّهما تناقضاً لفظياً يجسد الضدية من خلال عبارة  " مو " السومرية الفارقة التي تفيد النفي.
إلتقطا صاحبّاي المفارقة !

العنوانان كانا عن بوتو الباكستاني* وموبوتو الكونغولي*.

قرأناهما حسب ما تمليه علينا أبجديات اللهجة العراقية بروحها الفكهة : بوتو - مو بوتو !

أسأل زميلي : بوتو ؟ فيجيبني نافياً : مو بوتو !
 ثم نكررها ونغرق في ضحك طفولي في محضر استغراب مرتادي القهوة الآخرين, في البداية, حتى اصابتهم عدوى الضحك, بعدما عرفوا السبب, امام استياء البعثيين من تفاعل بعض رواد المقهى معنا.
تساءلنا بعدها هل كان الجمع بين الاسمين متقابلين في صفحة واحدة في جريدة جادة لحزب شيوعي عريق , مجرد صدفة أم هناك مقصد فكاهي من محرر شقندحي مجهول يقبع في مكاتبها ؟!
اليوم وقد وخط الشيب شعورنا, ما زلنا نضحك من اندفاعاتنا لسبر أغوار الماركسية ونقاشاتنا الجدية وبساطة تفكيرنا وتهريجاتنا البريئة.



*) ذو الفقار علي بوتو ( 1928 - 1979 ) - رئيس وزراء باكستان. مات معدوماً.

*) موبوتو سيسي سيكو  ( 1930 - 1997 ) - ثاني رئيس لجمهورية الكونغو الديمقراطية ( زائير ) اطيح به ومات بالمنفى في المغرب.

*) ساقية الحرية جرى ردمها بعد تراجع الخدمات البلدية واندثرت كمتنفس جمالي إسوة بالمشتل الذي كانت تغذيه.

49

كلمة حق يراد بها ألف باطل !


احسان جواد كاظم

كلمة الحق التي نعنيها هي عبارة " حرية التعبير بكل الوسائل " المقرة في الدستور.
حيث لفتت حادثة اعتقال المحلل السياسي والخبير الأمني ابراهيم الصميدعي الأنظار الى هذه العبارة الدستورية من جديد, وهل كان إجراء إلقاء القبض عليه إنفاذاً للقانون حقاً أم تكميماً للأفواه ؟
 أثارت عملية الاعتقال ردود أفعال مستنكرة في أوساط الرأي العام والإعلاميين وكل المهتمين بالحريات وحقوق الإنسان, بعد انتشار فيديو يوثق لحظة تقييده من قبل القوى الأمنية على مواقع التواصل الاجتماعي والفضائيات.

 قامت الجهات الرسمية, عملياً, بترجيح تنفيذ " المادة 226 " لسنة 1969 التي شرّعها مجلس قيادة الثورة المنحل لحماية نظامه الدكتاتوري على " المادة الدستورية 38 " من دستور 2005 الذي أقر " حرية التعبير بكل الوسائل ". باعتبارها مبدأ أساسي من مباديء الديمقراطية.

في حقيقة الأمر, غموض اسباب اعتقال السيد الصميدعي, أضفت على الإجراء الحكومي إلتباساًَ  اكبر!
 فهل كان إبداء رأيه الصريح أم تهجمه على شخصية أو مؤسسة, كما نُقل, في لقاء في غرفة مغلقة من غرف مواقع التواصل الاجتماعي جريمة تستدعي العقاب لها قانون يحكمها ؟!
ولو صح ذلك لعدنا مجدداً الى هواجسنا السابقة بأن " للحيطان آذان " !

أما الألف باطل فهي تلقف ممثلو الإعلام المغرض من المطبلين لأحزاب السلطة الإسلامية ومحللي فضائياتها,  الحدث على الطريقة السفيانية : " تلقفوها تلقف الكرة !" وكما حبل إنقاذ اللحظة الأخيرة, وتراصفهم لشن حملة إعلامية شعواء ضد حكومة مصطفى الكاظمي لما سموه " سياستها في تكميم الأفواه وقمع المعارضين ", محاولين تلميع صورتهم أمام الرأي العام وتسويق أنفسهم ومن يقف ورائهم من ميليشيات ومافيات فساد كمدافعين عن حرية الرأي وحقوق الإنسان وكرامته... أملاً في استغباء العراقيين, مرة أخرى, بعد أن مقتوهم, وأسقطوا أسهم الإسلام السياسي إلى الحضيض.

أحد دكاترة الأعلام من اتباع أحزاب الإسلام السياسي ومن على إحدى منابرها الفضائية الصفراء, والمتعود على الدفاع المستميت عن فسادها وجرائمها وولائها لإيران وأفكار القهقرى التي تتبناها, وخطابها المأزوم, وتبريره الاجرامي لفضائع ميليشياتها في قتل واغتيال واختطاف شباب الإنتفاضة الذين لم يُتركوا ليعبروا عن رأيهم بحرية ضمنها لهم الدستور بل وُجهوا بقمعٍ وحشي ليس له نظير. وكذلك تجاهله لعمليات اغتيال طالت ذوي الأفكار النيرة والمطالبين بالحقوق التي كفلتها الديمقراطية من المفكرين والصحفيين الأحرار وبالخصوص بعد اندلاع إنتفاضة تشرين المجيدة, من الذين دافعوا عن مبادئها, ووجوه اعلامية بارزة تحظى بتقدير شعبي مثل هشام الهاشمي واحمد عبد الصمد وغيرهم من العاملين بالمجال الإعلامي والمدونين والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي, وكذلك لعمليات اختطاف وتغييب آخرين مثل الصحفي توفيق التميمي والناشر مازن لطيف والمحامي علي كاسب وترهيب ومطاردة ناشطين غيرهم الكثير…
 تحول هذا الدكتور, بقدرة قادر وبين ليلة وضحاها, إلى مدافع شرس عن الحريات الصحفية وحرية الرأي, متباكياً على حقوق وحرية السيد ابراهيم الصميدعي المنتهكة, بينما لم يعرف عنه مناشدته, يوماً, جوقة التقاة والمجاهدين من أحزابهم في مجلس النواب بالغاء القرار الجائر لمجلس قيادة الثورة المنحل 226 لسنة 1969 طوال هذه السنين, او مطالبته بسن وإقرار قانون ديمقراطي للعمل الصحفي, يضمن حقوق الصحافيين الاستقصائيين وحمايتهم من عسف شرطة الثقافة وتكريس الصحافة كسلطة رابعة وضمان حرية الفكر والرأي لكل مواطن… ولا غرابة في ذلك !

كما أنه لم يطالب مثلاً النائب العام للمحكمة الاتحادية ولا حتى نقابة الصحفيين بإتخاذ موقف ضد خطف ( زملائه ) الصحفيين والإعلاميين وتغييبهم من قبل ميليشيات اجرامية تقوم ايضاً بحرق القنوات الفضائية التي تختلف معها بالرأي, بل سكت واغمض عينيه وصمّ أذنيه عن كل ما دار ويدور… ولا غرابة في ذلك أيضاً !
وعلى العكس من كل الجرائم المقترفة بحق الجسم الصحفي والإعلامي والشعبي, التي ارتكبتها مجاميع مسلحة ليس لها أي صفة رسمية دستورية, سمّوها طرفاً ثالثاً, ولم تكن ممارساتها مدعمة بقرارات قضائية شرعية, ولم تتبع الأصول القانونية المتبعة كتوفير محامي, ولم تستند الى قوانين الدولة, وبدون تحديد أماكن احتجاز معروفة, مع ممارستها التعذيب الوحشي لانتزاع اعترافات كاذبة, كما كشف ذلك بعض الناجين من براثنهم.  لكن هذا الدكتور وغيره ممن على شاكلته دافعوا عن منفذيها بإستماتة, فأن القوة التي نفذت اعتقال السيد الصميدعي كانت على الأقل تحمل صفة رسمية وتابعة للدولة وتلتزم, بقدر ما, اسلوب التعامل القانوني مع المعتقلين.
ستلجأ الماكنة الأعلامية لتجار الدين ومنابرها الفضائية والالكترونية الى  استغلال واستثمار كل زلة او حدث او ممارسة لتحسين صورتهم البشعة امام المواطن العراقي الذي " عجنهم وخبزهم " وكشف كل ألاعيبهم وأكاذيبهم وحسم أمره بشأنهم في شعاره العتيد الذي رددته حناجرهم " بأسم الدين باكونا الحرامية "!.

ونحن على أعتاب الإتيان بمحكمة قضاء أعلى جديدة, فربما ستكون من أهم المسؤوليات الملقاة على عاتقها, إنهاء الازدواجية في القوانين وخاصة تلك التي تعارض روح الدستور والديمقراطية مثل قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل, وتسد الطريق أمام أي تخريجات معادية لحقوق الإنسان وحرية الفكر أو تمهد لعودة الاستبداد بأي شكلٍ كان !










50
زيارة البابا للعراق - أربعة أيام خرَس فيها السلاح وتوقف القتل !


احسان جواد كاظم


لم تكن زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس للعراق ككل زيارات رؤساء الدول له, فقد كانت خالية من صراع المصالح والبحث عن الصفقات, بسبب طبيعة الزيارة الروحانية وشخص البابا بما يمثله كرأس للكنيسة الكاثوليكية في العالم ولدولة الفاتيكان الصغيرة المركز القيادي الروحي لهذه الكنيسة.
وقد كان معروفاً بأنه جاء حاجاً لبيت ابراهيم, كما أشار, واللقاء بأتباعه من العراقيين ونسج صلات مع أتباع الأديان العراقية الأخرى وليس لإعلان مواقف ووضع حلول أو خوض صراعات مع أحد.
لقد تنعم العراقيون اثناء ايام زيارته الأربعة بالأمان بفضل الأجراءات الأمنية التي رافقتها, وتنفسوا الصعداء, رغم  قناعتهم بأنها مؤقتة. فقد أخرست, على الأقل, جعجعة السلاح وصرخات الحرب الميليشياوية وتوقف القتل, حتى مغادرته للبلاد.
 ولولا جائحة كورونا لكان الأحتفاء بمقدمه أوسع... فقد عكست مواقع التواصل الاجتماعي ارتياح العراقيين للزيارة وترحيبهم بشخص البابا فرنسيس ومنهجه التجديدي, مما أثار ضغينة دعاة التعصب والانغلاق الذين لم يعجبهم هذا الحال, حال تراجع التمترس الديني والعقائدي وتراجع الحساسيات الطائفية بين العراقيين.
حتى الأحزاب الحاكمة أبدت ترحيبها بزيارته للعراق, على مضض, والتي تناولها من خلال نقده لفسادها واجرامها وتمييزها بين العراقيين وتكريس معاناتهم.
 
دعوات البابا لنبذ السلاح والركون إلى الحوار والتآخي والتآزر وتقبل الآخر المختلف والتوحد والشروع في عملية بناء البلاد, كلها تتقاطع مع نهج القوى المتحكمة بالسلطة في القهر السياسي والاجتماعي وفرض الرأي الواحد والاحتكام الى القوة, وخلق الأزمات وتعطيل شؤون المواطنين.

هذه القيم والمواقف الخيّرة التي طرحها البابا خلال زيارته التاريخية ليست جديدة على العراقيين فقد رفع لواءها منتفضو تشرين الأبطال وتمسكوا بها, وقدموا من أجل تحقيقها دماءاً زكية وأرواحاً غالية امام اصرار همجي مسلح على استمرار نهج هضم الحقوق ومصادرة الحريات واذلال كرامة المواطن.
وكلا الموقفين, موقف البابا وموقف شباب الانتفاضة, تلاقيا مع المواقف الداعمة التي تبنتها مرجعية السيد علي السيستاني في النجف إزاء الانتفاضة, وهدف بناء دولة المواطنة المدنية.

وقد كان للقاء التاريخي بين بابا الفاتيكان فرنسيس الذي يتبعه ملايين البشر في العالم بالمرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني الذي يقلده ملايين الشيعة ويحترمه المسلمين الآخرين, مغزىً كبيراً, وخصوصاً أنه عقد ليس على أساس مباديْ الدين البحتة بل على أساس مباديء إنسانية عامة… هذا اللقاء الذي ادمى قلوب المتعصبين, وممثلي احزاب الاسلام السياسي  الذين استُبعدوا, بعد أن ظنوها فرصة سانحة للنفاذ, من جديد, إلى حلقة السيد السيستاني المقربة.
كانت لديّ امنية صامتة أن يبادر السيد السيستاني بدعوة البابا لزيارة ضريح الإمام علي بن أبي طالب, وهو على بعد خطوات من بيته, واطلاعه على تراثه وتاريخه ومكانته المعنوية والتاريخية لدى العراقيين وغيرهم من المسلمين في العالم, وهو ما كان قد يشكل فرصة فريدة, على الأقل, اعلامية للتعريف بهذه الشخصية المميزة في اصقاع الارض ومجاهلها بين أتباع الكنيسة الكاثوليكية وكسباً معنوياً كبيراً في تجسيدها العملي لمعاني التسامح السامية.
لكن يبدو أن عوائق نفسية وسياسية لدى المرجعية كما لدى الحكومة, عرقلت ذلك. كما أن حتى البابا ومرافقيه وخصوصاً من المطارنة والقساوسة العراقيين, ربما قد خطر على بالهم ذلك, ولكنهم تجنبوا طلبه لمنع الاحراج للجانبين.

أن جمع البابا بين قيادة دولة الفاتيكان ورئاسة الكنيسة الكاثوليكية في العالم تضفي عليه وزناً معنوياً وسياسياً مضاعفاً في الأوساط الدولية العالمية, رغم أن دولته غير مسلحة ولا تهدد احداً ولا تتمتع بامكانيات استثمارية يمكن أن نستفيد منها, إلا أن تعميق العلاقات معها يعزز وشائج التعاون مع أوساط ومنظمات شعبية ورسمية متنوعة في العالم قد تقف مع قضايانا العادلة.

لقد أسقطت الزيارة ادعاءات الحكومات المركزية والمحلية المتعاقبة عن قلة الموارد وعدم كفايتها لتقديم الخدمات الأساسية من بنى تحتية, بعد ما أنجزته الكوادر الفنية في بغداد والمحافظات من إصلاحات وترميمات, خلال أيام معدودة, أثارت استغراب المواطنين وإعجابهم بنفس الوقت. كما أن اجراءات توفير حماية الضيف ومرافقيه الأمنية والعسكرية دللت على امكانية الدولة على الإيفاء بواجبها الدستوري بتوفير الأمن لمواطنيها وكبح المظاهر المسلحة في البلاد, لو توفرت الإرادة لديها.
 
حلّ بابا الفاتيكان فرنسيس, على العراقيين, ضيفاً خفيف الظل عزيزاً, نال احترامهم واعجابهم, لنواياه الإنسانية الطيبة ودعواته الصادقة لخير هذه البلاد وتجنيب شعبها مآسٍ جديدة.

مع عودته الى بلاده سالماً غانماً, عادت عندنا الحياة إلى طبيعتها السابقة بدون سلام وغُنُم, فأبتدأت الاغتيالات واختطاف أطفال ناشطي الانتفاضة وفوضى السلاح والتطنيش الحكومي.




51
150 عاماً على ولادتها - روزا لوكسمبورغ الأخرى  !


عرض : احسان جواد كاظم


السيدة نهلة الشهال في ترجمتها لرسائل حب روزا لوكسمبورغ - روزا الحمراء " صقر الماركسية المحلق " كما وصفها لينين, أضاءت جوانب غائبة من شخصيتها, وكشفت الجانب الرومانسي في هذه الشخصية… جانب مختلف يتناقض مع ما مترسخ في الأذهان  عن " روزا القائدة الحزبية التي تجيد التأسيس والأنشقاق على السواء - تأسيس الحزب الأشتراكي البولوني مع آخرين ثم الأنشقاق عنه, وتأسيس الحزب الأشتراكي الديموقراطي لمملكة بولونيا وليتوانيا, الأنشقاق عن الأشتراكية الديموقراطية الألمانية وتأسيس جماعة " الأممية " ثم عصبة " سبارتاكوس " نواة الحزب الشيوعي الألماني أثناء الحرب.
ولكي لا أبعث الملل لدى القاريء العزيز, أكتفي بهذا الجزء من المقدمة الضافية للسيدة المترجمة نهلة الشهال, القيمة والتي تضمنت إشارات مهمة من حياة هذه المناضلة العمالية المميزة التي اغتيلت مع رفيقها كارل ليبكنخت في مطلع عام 1919 أي بعد شهرين من إعلان ليبكنخت قيام " جمهورية فايمار الأشتراكية " والقيت جثتها في قناة " لاندفيهر كانال ".
أقتطف هذه الرسالة من الكتاب لما فيها من رومانسية رائعة وحب طاغي للطبيعة وكائناتها والناس, معنونة الى حبيبها هانز هن المرابط على جبهة من جبهات الحرب العالمية الأولى :

" هانز هن ! أ نائم أنت ؟ جئت لأدغدغ أذنك بقشة طويلة. أحتاج للصحبة, فأنا حزينة وأريد أن افضي بأعتراف, كنت في الأيام الماضية شريرة, ولذا تعيسة ومريضة. او اذا اتبعنا الاتجاه المعاكس, كنت مريضة ولذلك تعيسة وشريرة. - لم أعد أدري - عادت لي الان طيبتي, واقسم بألا أعير اذناً صاغية, بعد اليوم, لشياطيني الداخلية.

أتلومني إذ اشعر بالتعاسة أحياناً وأنا أكاد لا ارى ولا أسمع إلا لماماً, ما هو بالنسبة لي الحياة والسعادة. يا إلهي ! ألا يكفي لأكون ممتنة وفرحة أن تلمع الشمس وأن تغني العصافير اغنيتها القديمة التي عرفت جيداً معناها ؟
 ارسل لك صورة رفيقي الصغير الذي أعادني, في اغلب الاحيان, الى الصواب… هذا الفتى بمنقاره الجسور وجبينه المائل ونظرته الثاقبة, يسمى " هيبولي هيبولي " وفي الالمانية " عصفور العرائش " او أيضا " ساخر الحدائق ". لابد انك سمعته قبل ذلك, فهو يبني عشه حيث الحدائق الكثيفة والجنائن, ولكنك لم تلحظه, شأنك في ذلك شأن أغلب الناس الذين يمرون بالقرب من أحلى أشياء الدنيا, دون انتباه.
هذا العصفور طائر غريب غرابة فريدة. انه لا يغني اغنية او لحناً ما مثل سائر العصافير, ولكنه خطيب شعبي بالفطرة. أنه يلقي على الحدائق محاضرات بصوت قوي ممزوج بحماس دراماتيكي. وهو يستعمل عبارات انتقال فجائية, وتصعيد موسيقي حزين. انه يطرح الأسئلة الأكثر غرابة ويسارع الى الاجابة عليها بأجوبة عجيبة وهو يعلن التأكيدات الأكثر جرأة ويناقض بحماس اقوالاً لم يعلنها أحد. يقتحم ابواباً مفتوحة, ثم يصرخ فجاة " أ لم أقلها ؟ أ لم أقلها, وفجأة بعد ذلك ينذر كل من يريد او لا يريد أن يسمع " سترون, سترون ". ( وان عنده العادة الذكية بأن يكرر كلمات مزاحه مرتين ). وهو لا يتوانى في هذه الاثناء عن السقسقة مثل فأر إنحشر ذيله او ينفجر ضاحكاً ضحكة يريدها جهنمية وهي تترك أثراً هزلياً إذ تصدر عن هذه الحنجرة المتناهية الصغر. باختصار انه لا يمل من مليء الحديقة بضجيج الحماقات الأكثر زهواً... وفي الصمت الذي يخيم اثناء محاضرته, يتراءى لك أن سائر العصافير تتبادل النظرات وتهز الأكتاف. وحدي أمتنع عن هذه الحركة, و لكني كلما سمعته, صحت ضاحكة " أيها الحكواتي اللطيف ".
أعرف أن في ثرثرته الهاذرة, أعمق الحكم, وأنه على حق في كل ما يعلن. مثل " ايراسم روتردام " ثانٍ, فإنه يمتدح الجنون, بوعي, وهو يحسن القول. أظنه بات يعرفني من صوتي. اليوم عاد, بعد أسابيع صمت عديدة الى إثارة نفس الضجيج, واقفاً على شجرة البندق الصغيرة المقابلة لنافذتي. وحينما وجهت له تحيتي المعتادة " أيها الحكواتي اللطيف", أجابني صارخاً بوقاحة, ما يمكن ترجمته على الشكل التالي : " انت المجنونة ", ووافقته على صحة رأيه وانفجرت ضاحكة ممتنة, واحسست بالشفاء فجأة من الخبث والحزن والمرض.

هانز هن, لست أخرف فيما يخص هذه الثرثرة المسرحية, كل كلمة قلتها لك صحيحة. ستتأكد بنفسك من الأمر يوماً, في الحديقة الزراعية في برلين, حيث يسكن هذا العصفور الساخر بكثرة, وسوف تتلوى من الضحك وانت تستمع لهذا البشوش المرح.

لم تنته رسالتها لحبيبها هانز هن, ولن أتحجج بنفاذ مداد محبرتي في عصر الكمبيوتر والكيبورد, لكني احرضكم على قراءتها كاملة من مصدرها " رسائل حب  " روزا لوكسمبورغ بترجمة الأستاذة نهلة الشهال/ عن دار الفارابي.

والآن عذراً ! ذاهب لأطعم قططي…
 كما كتب أحدهم يوماً.

52
صناديق مواجع و " صندقچـة " مباهج !


احسان جواد كاظم

بصندوق الأقتراع يتبجح مسؤولو السلطة والأحزاب الحاكمة, كلما خرجوا على قناة فضائية ومصارحتهم بالاعتراض الشعبي على تشبثهم بالمناصب مع فشلهم القاطع في كل مجال : - " صندوق الاقتراع هو الذي جاء بنا تحت قبة البرلمان وسلّمنا سدة الحكم ونصبّنا عليكم ". اسطوانتهم المشروخة هذه التي لا يصدقها حتى المواطن البسيط… بل انهم انفسهم لا يصدقونها ولكنها لازمتهم المحفوظة التي يلوكونها عادة.

الكل يعرف ما أفرزته هذه الصناديق من وجوه سوء جلبت المصائب والمحن على العراقيين, لوت عنق الديمقراطية واختصرتها بالاقتراع وحده, وطرق وصولهم الملتوية والغير شريفة يعرفها المواطن, من استخدام المال السياسي وإمكانيات الدولة, وتجيير قوانين الانتخابات لتضمن تحويل اصوات من يكرههم أو لا يريدهم ليضعها في جعبتهم وتعيين مفوضين موالين لهم في هيئة المفوضين العليا لإدارة العملية الانتخابية من احزابهم وبالتحاصص, وقبل كل شي سلاح ميليشيات الترهيب المشرع وشراء أصوات البعض أو سرقة أو تزوير بطاقاتهم الانتخابية أو حرق صناديق اقتراع يشكّون في اختيارات المواطنين فيها, وحتى ارهاب القضاء واستغلال الدين ورجاله في فوزهم… وغيرها من أساليب الخداع من اعلام كاذب يروج لأياديهم المتوضئة ومرات حجهم إلى مكة وتوزيعهم القيمة والزردة.

من الصناديق التي فتحت مزاليقها على مصائب للبشر كما السابقة للعراقيين, " صندوق باندورا " في الميثولوجيا الأغريقية, الذي يحوي كل شرور البشرية من جشع وكذب وغرور. والذي يعود لباندورا  الجميلة أول امرأة على الأرض, خلقها " الإله زيوس " الكاره للبشر على صورة " أفروديت " آلهة الجمال,  كجزء من العقوبة البشرية وانتقام من " بروميثيوس " أحد الجبابرة المحبين للبشر, على قيامه بسرقة النار من الآلهة واعطائها للبشر, واهداها  بعد زواجها من أخ " بروميثيوس " صندوقاً واشترط عدم فتحه مطلقاً.
 النتيجة أن فضول  " باندورا " غلبها ففتحت الصندوق لتتسرب منه كل الشرور لكن تسربت منه أيضاً ومضة ضوء مثلت بصيص الأمل للبشر.

حديث الصناديق لا ينتهي, فهناك الكثير منها لمن يود البحث عنها.

ولكن في انتقالة من الشرق المتوسطي الإغريقي الى الغرب منه, المنسدح بارتخاء على شواطيْ الأطلسي, حيث يتداول البرتغاليون حكاية الصندوقين الحجريين اللذين دفنهما المسلمون عند مغادرتهم  شبه الجزيرة الأيبيرية بعد سقوط دولة الخلافة الأموية في الأندلس… صندوق العجائب, المملوء ذهباً ونفائس, الذي يجلب لسعيد الحظ الذي يفتحه الثراء والسعادة, وصندوق المصائب الذي يجلب لسيء الحظ الذي يفتحه النوائب والنكائب والمصائب والأمراض.
يُحكى أن لا أحد من البرتغاليين بحث عنهما, خشية فتح الصندوق الخطأ, صندوق المصائب ويؤذي أهله والبشرية.

 " الصندقچـة "صندوق جدتي فقط هو الذي كان يجلب الفرح والحلوى والسلامة بالمطلق. كانت جدتي الكبيرة كما كنا نسميها لأنها في حقيقة الأمر والدة جدتي ( جدة والدي ) وقد عمّرت لما بعد المئة عام. كنا عندما نزور بيت جدي بمدينة النجف, تفرح بنا نحن الصغار أيما فرح ! وبعد التقبيل والتشميم, تقودنا إلى صندوقها الخشبي  " الصندقچـة " والفضول يغمرنا لما يمكن أن تعطينا.
كانت عندما تفتحه ينبعث منه عطر شفيف جميل غامض به غرابة الشرق, لا يزال متغلغلاً في تلافيف دماغي, تجمع فيه حاجياتها الخاصة من ملابس ومشط خشب ومسواك اسنان... وتستل " الأبنبات " من بين موجوداته, وهي حلويات سكر باللون الأصفر ربما لأنه مخلوط بالزعفران, وكذلك الجوز والتُكي المجفف - التوت - و" كليجة التمر أو الشكر " " معمول العيد " لتوزعها علينا.
وكان بين حاجياتها المتنوعة " كَلّة القند " وهو سكر مبلور نقي بلون الزجاج مصبوب على شكل مخروط, يستعمل بدل السكر العادي مع الشاي بوضع قطعة منه تحت اللسان ثم احتساء الشاي المرّ عليه, على الطريقة الإيرانية.
كان أكبر مثارات فرحي هو عندما تكلفني بتكسير القند لأجزاء صغيرة, مع استعمال الجاكوج الصغير الجميل الفريد الخاص به… طبعاً كنا نلتهم قطعاً منه, وهي ترانا وتغض النظر مبتسمة.
نسيت أن اخبركم بأن جدتي الكبيرة فقدت بصرها لفترة ثم عاد لها النظر مرة اخرى فجأة.

أكثر ما كان يثير اعجابنا " قوري الزعفران " ابريق شاي الزعفران المزخرف, بحجمه الأكبر من المعتاد, المصنوع من الخزف الصيني وهو عبارة عن جملٍ بارك على الأرض, سنامه مزركش بنقوش شرقية, ومنه توضع مكونات الشاي, ويجري سكب الشاي ذو اللون الذهبي بخيوط  زعفران حمراء أحياناً من خلال فتحة على شكل فم جمل. كانت جدتي الكبيرة تخرجه مع فناجينه فقط عند وجود " قراية " وهي تجمّع لنساء الحي في عاشوراء لتذكر فاجعة استشهاد الأمام الحسين بن علي وآل بيته في واقعة كربلاء والبكاء عليهم.
وكنت " أكربع " - أعبّ وأكرع ما تبقى من شاي الزعفران المُحلى بكل ممنونية وسعادة بعد انفضاض اللقاء.

كان صندوق جدتي الكبيرة الوحيد الذي لم يحو على شر ولا تكمن فيه مشاعر كره للآخرين كما الصناديق الآنفة الذكر, بل كان طافح بالخير والعطاء والحب كما روحها الشفيفة, حتى انها حولت سُم العقرب القاتل إلى ترياق شفاء...فقد كان يملأنا الفضول والخوف عندما نرى قنينة زجاج بداخلها عقرب يغطيه زيت… كنا نتجنب مجرد لمسها, لكنها كانت تطمئننا بأنها ميتة وغير مؤذية, وعندما نسألها لماذا تحتفظ بها في صندوقها بين حوائجها, فتجيبنا بأنها تستعملها للئم الجروح, فتغشانا الدهشة أكثر من ذي قبل : كيف لسُم عقرب أن يعالج جروحاً وهي بلؤمها المعروف تقتل الإنسان بمجرد لسعة ؟!!!

هذه الأحجية ظلت ترافقنا لفترة طويلة حتى فكنّا لشفرة الشعار المرفوع على الصيدليات ( الأفعى والكأس ) واطلاعنا على قصة إله الطب عند الإغريق " اسكليبيوس " مع الأفعى التي تغيّر جلدها, ثم دور السُميّات, من جانب آخر, في صناعة العقاقير والعلاجات الشافية في الصناعات الدوائية الحديثة.

 صندقچـة جدتي غيّبها الزمن ولكن مكنوناتها المبهجة لا تبرح الذاكرة.
عسى أن تبشرنا صناديق الأقتراع, يوماً, بما يُنسينا كوالح  حاضرهم !




53
عن هيبة الدولة المفقودة والسيادة الغائبة والانتخابات المؤجلة


احسان جواد كاظم


هيبة الدولة هي القوة المعنوية للسلطة الحاكمة بأدواتها الدستورية من مؤسسات قانونية وادارية وعسكرية وشرطية التي تكفل تحقيق شروط التعاقد الاجتماعي لأبناء الوطن الواحد وتحمي حقوقهم... غيابها يعني الفوضى بعينها بسبب تعدد مراكز القوى والقرار وصراع المصالح المنفلت, وهو بالضبط ما هو يجري في بلادنا.

حديثنا عن " البطة " ونزول ميليشيا السرايا للمدن وزيارة بلاسخارت إلى إيران , وعلاقة الحدثين بالانتخابات.

انا مدين أولاً للقراء من غير العراقيين الذين لا يعرفون المعنى العراقي للبطة المقصودة, بتوضيح حولها :
 " البطة "  - هي ببساطة سيارة تويوتا, مضللة لا تحمل عادة ارقام تسجيل, استخدمتها ميليشيات جيش المهدي سابقاً في إرهاب وقتل المواطنين والمعارضين منهم بالخصوص ويجري التهديد باستعادة دورها السابق.

بدأ اللغط مع تصريحات رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي رئيس " دولة القانون " حول " لا عودة لسلطة البطة " في مجرى تنافسه والتيار الصدري على الفوز برئاسة الوزارة القادمة, بمثابة " استدعاء الذئب من الغابة ", حيث أثارت ضغينة اتباع التيار عليه, وهاجموه من خلال القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي, ثم قاموا بقرار من مقتدى الصدر باستعراض قوة في مدن بغداد والنجف وكربلاء بدعوى وجود تهديدات إرهابية لتهديم مراقدها المقدسة, لم تثبت صحتها.
إلهاب الصراعات في هذه الفترة المبكرة على موعد الانتخابات ( تشرين 1 / اكتوبر القادم ) ينم عن عدم مسؤولية, بسبب ما تعيشه البلاد من انسدادات واحتقانات وأزمات.
لاسيما وان بحوزة الطرفين ميليشيات مسلحة تصل سلطتها حد القفز على سلطات المؤسسات الشرعية للدولة. فالتيار الصدري لديه اليوم ميليشيا " سرايا السلام " بينما دولة القانون/ نوري المالكي متحالف مع تكتل يضم ميليشيات مسلحة ايضاً ضمن منظومة " الحشد الشعبي".

أغرب ما في صراعهما ليس في اقحام البطة هذا الكائن الظريف الوادع بل أن تراشقهما يدور في إطار التحضير للانتخابات التي يفترض أن تكون ممارسة ديمقراطية سلمية حرة بينما يحاول كلاهما الفوز بها بالغطرسة والفرض المسلح.
لم يتنازعا على الطريقة الفضلى لخدمة الجماهير, بالتخلي عن نهج المحاصصة والفساد الذي حكموا ويحكمون به البلاد, سبب مآسي المواطن الحالية, بل على أسهل الطرق للاستحواذ على موقع رئيس الحكومة والاستئثار بأمتيازاته وسلطاته الواسعة.

ورغم كل هذه الزوبعة الإعلامية ما قبل انتخابية فإن احتمالية توافقهما واردة. فقد حدثت مثل هذه الحالات في فترات سابقة, لذا أصبح المواطن لا يكترث بها ولا يحملها على محمل الجد, فهي يوم ما تصح تضره وليس فقط عندما تثبت كذبها وريائها التمثيلي الاستعراضي, وتراه يردد " نارهم تاكل حطبهم ", فبالنهاية هناك الكثير من المشتركات التي تدفعهما للتوافق مثل :
اولاً - تمسكهما بالطائفية السياسية ايديولوجياً وتقسيم شعبنا على اساس الطوائف واعتماد نهج المحاصصة الطائفية - العرقية في الحكم.
ثانياً - اتفاقهما على تصفية نتائج انتفاضة تشرين المتألقة وازاحة شبابها من المنافسة الانتخابية بالقتل والترهيب والتشويه والتزوير.
ثالثاً - تشبثهما بالسلطة لكونها الحامي والغطاء لكل ما ارتكبوه من جرائم وسرقات ومقامرات في مصير البلاد والشعب.
رابعاً - اتفاقهما وتوافقهما على إبقاء ملفات الفساد ورؤوسه, والكوارث التي حاقت بالعراقيين منذ استلامهما السلطة ولهذا اليوم مغلقة... وعدم الكشف عن قتلة شباب انتفاضة تشرين الشعبية 2019 وابقاء اسماء مرتكبيها طي الكتمان وبعيدا عن المحاسبة القانونية.

وفي الوقت التي تتجاهل به أحزاب السلطة واذرعتها المسلحة هيبة الدولة  في كل شاردة وواردة, فان دول الجوار الإقليمي لا تدخر جهداً ومناسبة للتدخل في الشان الداخلي وخرق سيادة البلاد وقضم حدودها ومياهها وسرقة ثرواتها, التي اتخذت مظاهراً متعددة مثل التغلغل الإيراني في مفاصل الدولة العراقية وأجهزتها, انتشار القواعد العسكرية التركية في شمال البلاد لمحاربة البه كه كه وكذلك التأثير الأمريكي في توجيه بعض سياسات الدولة العراقية وغيرها من هذه التجاوزات…

 وكل هذا كوم, وتجاوز الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس بلاسخارت على سيادة البلاد بزيارتها الأخيرة لإيران لبحث مسألة الانتخابات العراقية معهم وكانها تمسك بيديها " كارت بلانش - تفويضاً حكومياً ", كوم آخر... فهو موقف استهجنه الكثير من العراقيين, ولم يكن توقعه من المنظمة الاممية.
 ورغم ما قيل بأن الزيارة جاءت لدعوة السلطات الإيرانية لضبط اذرعها المسلحة والأحزاب التابعة لها وعدم تعويق الانتخابات, غير ان رد المسؤول الإيراني كان واضحاً بوضعه شرط - عدم تدخل قوى اخرى لكي لا تتدخل بلاده - وهذا يعني عملياً فشل جهود الممثلة الأممية بلاسخارت.
وتحولت مشكلة شرعية زيارتها لايران بصفتها الأممية الرسمية, ومدى تقاطع ذلك مع السيادة العراقية وقانون ممثلية المنظمة الاممية في العراق " يونامي " نفسها, موضع تساؤلات...
فقد تعددت القراءات لزيارتها ولقائها بعلي اكبر ولايتي مستشار  المرشد الإيراني الأعلى السيد خامنئي, ومناقشتهما الانتخابات العراقية القادمة.

البعض اعتبرها خرقاً للسيادة العراقية لكون مناقشة قضية عراقية داخلية بحتة, قضية الانتخابات, مع قيادة دولة اجنبية أمر مستغرب وغير وارد اطلاقاً, لمساسه بالسيادة العراقية من جانب وعدّه البعض بأنه أشبه باعتراف ضمني من "يونامي " بكون العراق خاضع للإيرانيين وهم من جانب آخر يحددون مصيره.
باحثون اعتبروا الزيارة خرقاً  لضوابط عمل الممثلية الأممية " يونامي " ذاتها, المقرة في مجلس الأمن و يتقاطع مع المباديء المكتوبة التي تؤكد على مساعدة العراق في مختلف المجالات…. بشرط وجود موافقة وتفويض حكومي بذلك.

فقد وصف الباحث السياسي الدكتور يحيى الكبيسي, في لقاء على احدى القنوات الفضائية,  بيان يونامي الذي صدر بعد اعتراضات اوساط سياسية وشعبية على الزيارة, بأنه " تدليس واضح " لأنه تجاهل الفقرة 2 من قرار مجلس الأمن2522 (2020 ) الذي جاء فيه عبارة ( متى طلبت حكومة العراق ذلك ).
http://www.uniraq.com/index.php?option=com_k2&view=item&layout=item&id=110&Itemid=207&lang=ar

لا أحد يعرف هل كان هناك طلب رسمي عراقي لبلاسخارت لإجراء محادثات مع الإيرانيين بشأن الأنتخابات ام لا... فلم تفصح الحكومة عن ذلك وكأن الأمر لا يعنيها !!!
لا اتمنى أن يكون خيالي قد شط كثيراً فيما لو توقع تقديمها طلباً للإيرانيين للمشاركة في الإشراف على نزاهة الانتخابات كحل وسط توافقي!!!
 ولو حصل ذلك لكان نكتة الموسم بحق !
لا مكان, بالطبع, لنظرية المؤامرة في توقعي هذا, وإنما هي عدم الثقة التي زرعتها في نفوس العراقيين تحركات ومواقف وتقارير ممثلية الامم المتحدة "يونامي" ورئيستها المتجاهلة لعمليات القنص والقتل الوحشي والاختطاف الممنهج والسافر الذي مارسته ميليشيات أحزاب السلطة بحق المنتفضين السلميين إبان احداث انتفاضة تشرين المجيدة وضحاياها التي تجاوزت أعدادهم عشرات الآلاف بين شهيد وجريح ومختطف مغيب.

أمراض الدولة العراقية المعاصرة ارتبطت بطبيعة القوى الطبقية التي تداولت شؤونها  وأساليب حكمها الدكتاتورية, ذات المنطلقات الايديولوجية الاستبدادية, لذا أصبح  العلاج الأنجع لها, هو في مغادرة النهج السابق والبدء بنهج جديد : إجراء انتخابات ديمقراطية حرة عادلة وباشراف اممي وبمنع تام لاستخدام المال السياسي ولمشاركة الأحزاب التي تمتلك أذرع مسلحة, إضافة الى توفير كل المتطلبات القانونية والإدارية والفنية التي تكفل تحقيق انتخابات نزيهة تعبر حقا عن ارادة الشعب.



54

 وجرائم النازيين COVID-19


احسان جواد كاظم

أثار بيرس كوربين البالغ 73 عامًا شقيق جيريمي كوربين رئيس حزب العمال البريطاني السابق, زوبعة اعلامية في المملكة المتحدة وبولندا, بعد أن شكك باللقاحات المُعدّة ضد فيروس كورونا, وفقاً لنظرية المؤامرة, وشبّهها بما كان يزرقه النازيون في اجساد معتقلي معسكر الاعتقال الموجود في مدينة كراكوف البولندية, المسمى ألمانياً بأوشفيتز وبولونياً بأوشفنجيم, من أمصال ومحاليل, على سبيل التجريب والاختبار الطبي, مدعياً وجود رقائق دقيقة في لقاحات COVID-19, تجعل الفرد رهن المراقبة المستمرة من قبل الاجهزة الامنية, وتكشف كل المعلومات المتعلقة به وعلاقاته وتحركاته واماكن تواجده وحتى حساباته البنكية... وهذا يُعد انتهاكاً للحريات الشخصية.

وكان كوربين قد اعترف بمسؤوليته عن فكرة المنشورات التي تم إلصاقها في الأيام الأخيرة على أبواب المنازل في أحياء بارنت وساوث وارك في لندن (تم إعداد الرسومات بواسطة ألكسندر هيتون).
 تحمل المنشورات رسومات لمعسكر الاعتقال أوشفيتز 1 ببوابتة الرئيسية الشهيرة التي يرتفع عليها شعار " Arbeit macht frei ", ومسارات السكك الحديدية ومواقع للحراسة ثم البوابة الرئيسية لمعسكر أوشفيتز 2.
حيث تم استبدال شعار المعسكر سيئ الصيت "Arbeit Macht Frei" (بالألمانية: العمل يجعلك حرًا) بعبارة " Vaccines are save. Path to Freedom " (بالانكليزية: اللقاحات آمنة… طريق للحرية ).
 
 
وبعد أن شاع الأمر, قدم أعضاء مجلس ساوث وارك المحلي بلاغاً إلى الشرطة, مسندين ذلك بحجة أن المعلومات المضللة تقوم بشكل مخجل على تبديد جهود أولئك الذين يحاولون إقناع أكبر عدد من المواطنين بالتطعيم لينقذون أرواحهم.
وقد بادر بيرس كوربين الى تسليم نفسه الى مركز الشرطة, حسب ما اوردته وكالة البي بي سي الاخبارية, وجرى اعتقاله بتهمة  نشر معلومات كاذبة بسوء نية والإخلال بالنظام العام.

 لكن الامور لم تنته عند هذا الحد بل أخذت منحىًً آخر بعد التعليقات المستنكرة للمنشور في وسائل الإعلام البريطانية التي أكدت ان: " من المهم منع هذه الصور المسيئة للمحرقة وبنفس الوقت الهراء المروع ضد اللقاح ".

" متحف أوشفيتز " في مدينة كراكوف البولندية ( تحول معسكر الاعتقال الى متحف ومزار لليهود والمهتمين بمآسي الحقبة النازية ) من جانبه أشار في تغريدة له على Twitter قبل بضعة أسابيع : " إن استغلال مأساة الأشخاص الذين عانوا وقتلوا في معسكرات الاعتقال والإبادة نتيجة أيديولوجية الكراهية المستخدمة للترويج ضد التطعيمات التي تنقذ حياة الإنسان ، هو مظهر مرعب للانحدار الأخلاقي والفكري".



55
أما آن الأوان لتوحيد الأجهزة الاستخبارية ؟!!



احسان جواد كاظم


فاجعة تفجير جديدة تطوح بحياة 32 عراقياً وعشرات اخرى من الجرحى من الباحثين عن لقمة العيش لعوائلهم في مركز بغداد اليوم. وقد سبق للإرهابيين ان استهدفوا في عملياتهم الانتحارية ساحة الطيران مكان جريمة اليوم كثيراً, لكونها تشهد اكتظاظاً للمتبضعين الفقراء وتجمعاً غفيراً من بائعي البسطات وعمال المساطر ( المياومة ) الذين ينتظرون بلهفة فرصة عمل, وكذلك بائعو الملابس المستعملة ( البالات / اللنكات ) وسواق التك تك…

الدولة مسؤولة اولاً بحكم واجبها الدستوري بحماية المواطنين وتوفير الأمن والأمان من كل تهديد, وضمان سير حياتهم سالمة مطمئنة… ولكنها أخفقت في فترات سابقة وآخرها في حماية شباب انتفاضة تشرين المجيدة من بطش الميليشيات.
طريقة تنفيذ الجريمة واسلوبها بالتفجير الانتحاري المتتالي يشير بوضوح الى الدواعش, حيث شهدت أسواق وساحات ومدن العراق, في السنين الماضية, عمليات انتحارية مشابهة لهم.

دأب المسؤولون العسكريون وقادة ميليشيات على التأكيد على تحقق الانتصار على داعش كقوة متحكمة, حيث لم يبق منها سوى فلول وذئاب منفردة, يسهل التعامل معها.
ولأن الحديث غالباً ما يدور عن أن الحرب مع داعش لم تعد حرب مواقع ومواجهات واسعة وتحرير اراضي بل تحولت الى حرب استخباراتية, تهدف الى اختراق خلاياها, لمعرفة أمكنة اختباء ارهابييها ومخططاتهم الدنيئة والقيام بعمليات استباقية لإفشال اختراقاتهم الأمنية وشل تحركاتهم.

لذا فإن المسؤولية الأكبر تقع على الأجهزة الاستخبارية ودورها وفعاليتها… لكن تعدد تشكيلاتها وتوزع مصادر القرار على جهات مختلفة, أضعف من تأثيرها وحد من فعاليتها..
 اشار بعض الخبراء الأمنيين في شؤونها بأنها لا تنسق, بالضرورة, فيما بينها, او غياب انسيابية فعالة في تبادل المعلومات في الوقت المناسب, او تخضع للحجب لدواعٍ سياسية او مصلحية.

فنحن نرى اجهزة تابعة للدولة مثل جهاز استخبارات للجيش والشرطة وأخرى تأتمر بأمرة الحشد الشعبي والبيشمركة… واخرى, فضحت أحداث انتفاضة تشرين المجيدة دورها التعسفي, هي أجهزة الأستخبارات الرديفة المرتبطة بالميليشيات التي تصدت لثورتهم, وقامت وتقوم بعمليات تجسس وتعقب ومتابعة لتنفيذ عمليات اغتيال, بالبداية, كما حدث مع الشهيد صفاء السراي, وزملاءه المقربين. بالقنابل المسيلة للدموع ولاحقاً بالكاتم لشهداء آخرين... أو اخضاع الثوار المختطفين الى استجواب غير قانوني في أقبية تعذيب تابعة لهم وانتزاع اعترافات ملفقة ضدهم, وحتى تغييب آخرين.. ولا ننسى تحول بناية المطعم التركي الى موقع رصد لتحركات المنتفضين, تحت سمع وبصر السلطات الحكومية, لتحديد الأكثرهم نشاطاً لاقتناصه أو لقنصه.

وأصبحت ظاهرتي " الصكاكة " الجواسيس المأجورين أو " المخبر السري " براتب رسمي, أمراً معروفاً لدى العراقيين, تضرر منهما الكثير وباتتا سبباً للاحتجاج.

ان العمل الاستخباراتي المنفرد, كل لحسابه, يوفر ارضية خصبة للفساد والابتزاز السياسي, ومنفذ سهل لاختراقات اجهزة استخباراتية أجنبية لها وهو ما يقوض كيان الدولة وأجهزتها الأمنية واستقرار البلاد.

لقد سجلت داعش, اليوم وللأسف الشديد, بجهازها المتداعي اختراقاً لكل هذه الأجهزة المكينة و أثخنت المواطن العراقي بالجراح والآلام.

لذا, وبعد هذه الجريمة, وللثأر للشهداء ولقطع دابر القتلة, يجب توحيد الأجهزة الاستخبارية تحت إمرة قيادة وطنية مجربة واحدة ولا مجال لتعددية الرؤوس الاستخبارية !!!

اليوم, في ساحة الطيران وقرب جدارية فائق حسن, تعانقت أرواح الشهداء مع حمامات فائق حسن البيضاء المرفرفة… واصبح لشجن هديلها وقعاً أكثر حرقة !


56
غواتيمالا - العراق… مقاربة سياسية !


احسان جواد كاظم


اندلعت تظاهرات سلمية حاشدة  في غواتيمالا ضد رئيس البلاد المحافظ اليخاندرو جيامّاتي, بسبب غياب الشفافية في إقرار الميزانية العامة ٢٠٢١ التي لا تلبي متطلبات حل المشاكل الاجتماعية مثل الفقر وانتشار سوء تغذية الأطفال, وادارة تخصيصات مكافحة جائحة كورونا وحل المصاعب الاقتصادية للمواطنين, اضافة الى اتهامات للسياسيين بتضمينها امتيازات لهم.

 وقد أطلق المتظاهرون اسم " ثورة الفاصولياء " على احتجاجاتهم بعدما وصف النائب عن حزب الرئيس, الحزب الوطني المحافظ , روبين باريوس المتظاهرين, متهكماً, بأنهم من " أكلة الفاصولياء ".
وانتشر تبعاً لذلك وسم #فريخوليروسونيدس ( الفاصولياء موحدة ) على شبكات التواصل الاجتماعي , والذي تحول من كونه احتجاجاً اجتماعيا - اقتصاديا الى سياسي ايضاً بعد إطلاق دعوات بتنحي الرئيس اليخاندرو جيامّاتي.
وكان البرلمان الغواتيمالي " الكونغرس " المؤلف بمعظمه من أعضاء الحزب الوطني المحافظ الحاكم وأحزاب مرتبطة به, قد صادق على ميزانية بقيمة ١٣ مليار دولار, هي الأكبر في تاريخ البلاد.
 رغم ما قد يذهب إليه البعض من عدم إمكانية اجراء مقاربة بين غواتيمالا والعراق, وأن لا وجه مقارنة بينهما, لا من حيث حجم الثروات والسرقات ولا مستويات الفقر والكثافة السكانية والتنوع الإثني ولا أهمية الموقع الجيوسياسي….. وهذا صحيح, إلا انهما, من جانب آخر, يشتركان في العراقة التاريخية : حضارة المايا وحضارات بلاد ما بين النهرين, والحضور الدكتاتوري الدموي في تاريخهما السياسي والعنفوان المعارض له, كما تمكن الفساد من مفاصل الدولة, والطبيعة السياسية المحافظة للسلطات الحاكمة في البلدين وقربها من المؤسسة الدينية وتبعيتها للأجنبي, وتماثل المطالب الشعبية بالعدالة الاجتماعية.
كلاهما يعتمدان اقتصاداً أحادي الجانب... فكما أن غواتيمالا جمهورية موز فان العراق جمهورية نفط وحسب.
ومن المقاربات الاساسية المستجدة التي لابد للمتابع ان يخلص الى وجودها بين غواتيمالا والعراق, هي التقائهما في إطلاق حكومتيهما لميزانية هي الأكبر في تاريخ البلدين ( غواتيمالا - ١٣ مليار دولار والعراق - ١٠٣ مليار دولار  !!!) للسنة الجارية ٢٠٢١, هما موضع نقد وشك شعبي واسع.

لكن من أبرز التباينات حضوراً بين البلدين هو تقدمهم علينا بعدم وجود ميليشيات تقمع المواطنين, وتغولها عندنا في العراق !
كذلك اختلاف طريقة تعامل السلطات الحكومية المنضبط مع المحتجين الغواتيماليين والمتعقل مع مطالبهم, رغم حرقهم لمقر الكونغرس - البرلمان, عن عمليات القمع الوحشي الممنهج للمحتجين العراقيين السلميين.
 فبمجرد استعمال قوات الشرطة الغازات المسيلة للدموع لتفريقهم وإصابة بعض المواطنين, صعدّوا من سقف مطالبهم وطالبوا  بإقالة وزير الداخلية جيندري رييس.

ورغم كل ما حدث فلا الحزب الحاكم ولا السلطات الأخرى لم تعتبرهم مدفوعين من سفارات أجنبية, مثل كوبا أو حتى فنزويلا التي قطع رئيس البلاد اليميني جيامّاتي العلاقات الدبلوماسية معها بسبب ضغوطات امريكية لمحاصرة حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وفي المقابل, لايخفى على أحد طبيعة تعامل الطغمة السياسية الحاكمة في العراق وميليشياتها, الوحشي, مع منتفضي انتفاضة تشرين ٢٠١٩ المجيدة, والإمعان الإجرامي في قمع ثوارها, مع  شنهم حملات تشويه لسمعتهم وتسفيه مطالبهم بالتغيير ومحاربة الفاسدين, واصرار القتلة على التمسك بنهجهم الفاشي.

 وبينما اتخذ البرلمان الغواتيمالي خطوات عملية في الاستجابة لمطالب المحتجين, بتجميد إقرار الميزانية , ودعوة رئيسه للمتظاهرين الى التفاهم للوصول إلى حلول مشتركة, فإن ممثلي الشعب في برلماننا آثروا الصمت والتغليس عن الدماء التي سالت في ساحات التحرير السلمية, ناهيك عن متابعة المطالب التي انتفضوا لأجلها, وآثروا التغافل عن معاناة أبناء الشعب والبقاء سادرين في سرقاتهم وامتيازاتهم.

رفع محتجو غواتيمالا شعار: " نريد تغييرات جذرية لا اجراءات شكلية !" لأنهم يتعاملون مع نظام دولة مؤسسات متمكنة.
شبابنا المنتفض رفع شعار : " نريد وطن !"  لأن أحزاب الأسلام السياسي الحاكمة وميليشياتها اختطفوه, كما ملك يمين !
 ولابد, منتفضو تشرين مسترجعوه !




57
يتعطّس كورونا ويداوي بنقيع التميمة !


احسان جواد كاظم


أصبح للموت إسماً جديداً -  كورونا ( كوفيد - 19 ).
في حمأة انشغال العالم بجائحة كورونا وتسابق مراكز البحث في سبر أسرار هذا القاتل الجديد و (تفليسه ) وحل شفرة الدي ان أي وفركشة كروموسوماته, ونتف كلابات شُعيراته.... ومنذ أن اكتسح فيروس كورونا الدول والصدور, ومؤسسات البحث العلمي تُصارع الزمن, وتتسابق فيما بينها لأكتشاف لقاح واقٍ منه وعلاج دائمٍ له, زاجّة بكل تخصصاتها ومعارفها الرفيعة في المجالات الطبية والصحية والصيدلانية والهندسة الالكترونية وعلوم إدارة الأزمات... لتقديم ثمرة جهودها وعصارة عقول علمائها لخدمة البشرية.

ومنذ أن فرض فيه هذا الفيروس سلطانه المطلق على شعوب وأقوام واثنيات بالغة التنوع قاطنة كامل الجغرافية العالم واكتساح ابعد زواياها نأياً, الأسكيموشية منها وحتى مجاهل الغابات الأمازونية, وتمدد  حتى سافانا أفريقيا وضفاف بحيرة تنجانيقا وتندرا سيبيريا, متسلقاً جبال الألب كما قمم الهملايا وجبال ابلاشيان وروكي, مروراً بمفازات الأنديز ورأس الرجاء الصالح وبلاد زهر الكرز, ولم يعفي الأزقة القرطبية ولا خيابان طالقاني.. اقتحم قصور فرساي وكواليس" الطاحونة الحمراء " وعبر سور الصين العظيم وبوابات الكرملين المنيعة وحراسات البيت الأبيض الالكترونية, متسلقاً شرفة بابا الفاتيكان ومقتحماً باحة معبد السيخ الذهبي ( هارمندير صاحب ) وساحة طواف كعبة مكة ودوالين النجف… ببساطة طال الجميع, ولم يعوض أحداً مهما علا قدره وارتفع شأنه وقدسيته.

كوسموبوليتية كورونا الذي يتصرف بسلطة اوتوقراطية مطلقة, لا يمنع اكتساحاته انتماءاً ولا أيديولوجيا ولا حدوداً ولا رمزاً يعبده أو يضعه تاجاً على رأسه, هو المتوج أصلاً بشنادخ تلز بالضحية لزاً,... الزم البشر الانعزال والتقوقع ورسم حدوداً تضيق كل يوم للحركة. لا يعترف بالأمم المتحدة ولا يلتفت لقرارتها على اختراقاته ومجازره.

 هذا الفيروس الدكتاتور الذي هو أصغر وأوضع من ان ندعسه ببوز أحذيتنا, الذي لم يكن في عين أحد. أرهب العالم - أثار هستيريا كونية في البحث عن كمامات ومعقمات, وورق تواليت, وأودى بنظم صحية وكشف عورات مؤسسات ودول تتباهى بتفوقها الطبي والدوائي, وأربك اقتصادياتها وتحركاتها, وأخضع امبراطوريات تتبجح بجبروتها النووي او بقداستها الربانية,.لكنها ركعت عاجزة امام غيّ هذا الطاغوت... الذي عطّل عادات اجتماعية متجذرة  وطقوس لم تنقطع مراسيم تأديتها قرون طويلة,  كما ألغى بصفاقة كونسيرتات موسيقى الكلاسيك وحفلات مغني الروك والريكا والهافي ميتال والراب والكونتري وباليهات البولشوي...كما مباريات الليغا و الفورمولا - وان, والأولمبياد.. وقلب أوضاع البشر رأساً على عقب وشل حركتهم, وحوّل السلوك الطبيعي الى خطر !

في وقت هذه الجائحة الجامحة, يتوسل الأنسان بأي بصيص امل لينفذ من حصار المرض اللعين وما يفرضه من قيود الأيزوليشين والكفارانتين والأحتماء وراء كمامة, ليغطي بها أضعف منافذ تسلل المرض, أنفه وفمه.

ولأننا " لا نتحوط لقارعةٍ حتى تحل بنا ".
غالباً ما تطفو على السطح, معالجات فنطازية, اضافة الى التي  تستند إلى العلم كالأدوية واللقاحات التي استعملت في حالات سابقة لمكافحة أوبئة وأمراض, مثل الملاريا والإيبولا وكذلك الإيدز…, ليست نتاج تجارب مختبرية او أبحاث علمية تعتمد دأب التجربة وديمومة البحث بل وسائل تقليدية, ليست لها علاقة, حتى, بطب الأعشاب.  اقل ما يمكن ان يقال عنها أنها تدخل في دائرة الخزعبلات والدجل والشعوذة والروحانيات والسحر لإخراج شياطين الأمراض من الجسد البشري بعد ان تعجز عن طردها عصا الدجال.

 فبالرقى والبخور و أدعية الوقاية من الأمراض الفتاكة, ثم التعلق بحبال الأستغفار عن خطايا لم يرتكبها المستغفر يوماً ولكنه يتوسل العفو والمغفرة, بحكم العادة, وعلى سبيل الاحتياط, ليتحرر من ثمة هاجس داخلي ممض يؤرقه, واستمطار البركة الإلهية, من ثمة, لأجتراح معجزة تحل الأمور بضربة يد ميتافيزيقية حانية واحدة, تمحق بها كل الأوبئة والأمراض وما تسببها من بكتريا وجراثيم وفيروسات وفطريات وطفيليات, وغيرها من مُسمياتٍ لكائناتٍ مجهرية...

آخر صرعات الوقاية كانت " نقيع التميمة " جادت به قريحة مُعمم, يُشيع أنه قادر على الإتيان بمعجزة...
 بيد أنه, هو ذاته كان يتعطّس كورونا, ويكاد يلفظ رئتيه على الجالسين تحت منبره, ثم ينصحهم بشرب " ماء التميمة " بعد تنقيعها  واستخلاص عصارتها المقدسة, بشرط كرعها على الريق بعد البسملة والحوقلة.

كان يردد, في البدء, أن الفيروس كذبة, وعندما جد الجد وانتشر الوباء, اعتبره مؤامرة عدو تأكله الغيرة من ديننا وتديننا وتاريخنا التليد.
أحد الجالسين بين يديه همس, متوجساً, لصاحبه : " انظر ! وجهه أبيض مثل الكفن ويتصبب عرقاً مثل أهل النار " !
 فلم يكن من الضروري ان يكون المرء بذكاء باستور كي يستنتج أن الفايروس قد تلبسه وأخذ يفعل فعلته.

ولا يقل عن ذلك كارثيةً, نصيحة طبيب تقي, تبوأ رئاسة أعلى هيئة وطنية رسمية لمكافحة الفيروس, بالتمسك بالدعاء مرفقاً بغرغرة يومية بماء الملح, للوقاية منه ونوال الشفاء التام... وهو بما أوصى قد كان, في حقيقة الأمر, يستعجل عزرائيل لجمع حصاده الوافر من الضحايا.
ولنهرع بعدها لدفانّة مقبرة " وادي السلام " بالنجف لنواريهم الثرى بتسعة ملايين دينار لا غير.

ولتصبح المستشفيات والمؤسسات ومراكز البحث الطبية ووزارات الصحة وكليات الطب والتمريض ومن يشتغل بها, وفقاً لذلك, زائدة عن اللزوم, لا داعي لوجودها, يمكن حلها وتسريح منتسبيها, لنوفر الجهود والتكاليف في ظروف أزمتنا الاقتصادية الحالية, ونسارع متضرعين الى رجال الدين ومعابدهم لينثروا علينا نعائم بركاتهم من الرحمة ونصائح القبول بالمكتوب وبما يقدره القدر !

 المشكلة لا تنتهي عند خزعبلائية هؤلاء المشعوذين وممارساتهم المجافية للعلم والمنافية للعقل, بسبب ما تحويه من أدعية وآيات لطرد شياطين الأوبئة وتعاويذ محق الجن, بل الرفض يتعلق ايضاً, بجوهر الفكر السقيم الذي تستمد منه نزعة كراهية الآخر والأنانية المقيتة, بإقصاء غير المسلمين من كل نيّة خير طيبة ولو دعوة بالشفاء نابعة من قلب نظيف.
وهذا السلوك يتقاطع مع الفطرة الأنسانية السليمة, ومع ما شرعته شعوب الأرض في لوائحها الدولية من وحدة المصير البشري وخصوصاً في مواجهة جائحة كورونا, بما يتوائم مع  مفهوم إنسانية الطب وشموله لكل البشر حسب مباديء " أبقراط "  السامية, بالاستعداد لمعالجة كل انسان محتاج للمساعدة بغض النظر عن أي تفصيلات شخصية وبكل الظروف…
 فما يقترحه العلم من علاجات وحلول.. امصال وأدوية, وما ينشد اليه العاملون في هذا الحقل هو الصحة والسلامة, وهو حق للجميع دون تمييز.

ربما سيكون الحل الأمثل للهرب من طغيان الوباء وخزعبلات ائمة الدجل, ركوب قارب منفوخ,  إلى جزيرة " غيغليو " الايطالية الصغيرة الواقعة بين البر الإيطالي الرئيسي وجزيرة كورسيكا, المنيعة على كورونا, كما أشارت الأخبار, رغم تواصل سكانها مع أقارب وسواح مصابين بالفيروس القاتل.

غير ذلك, وتبعاً لإملاءات الفيروس وانقطاع السُبل, لم يبق لدينا سوى التعلل بالمثل القديم :

" زُر غُبّاً ( في اوقات متباعدة ) تزدد حُباً !".




58
عن الحلول " القيصرية " لأزمتنا الاقتصادية !

احسان جواد كاظم


الكثير منا يتذكر وصفة الشيخ جلال الدين الصغير " النستلائية " القديمة : بضرورة توقف العوائل الفقيرة عن شراء " النستلة " لأطفالها لتحسين وضعها المعيشي ! بعد تذمر الفقراء من حالتهم البائسة في بلد النفط, وتحميلهم الحكام المتحاصصين, أسباب الأزمة الأقتصادية.
 فالحلول الاقتصادية الحكومية الأخيرة لا تبتعد كثيراً عن جوهر نصيحة الشيخ المذكور !

رئيس الحكومة ووزير ماليته إنتضيا مشارط عملياتهما الاقتصادية القيصرية التي توسمنا بها خيراً, ولكنهما بدلا من سلوك الطريق الصائب باستئصال الفساد واجتثاث جذوره والمعتاشين عليه, ذهبا الى متاهات مضرة بالمواطنين, وأعملا تقطيعاً في أشلاء الميزانية العامة للبلاد, وتمثيلاً بشعاً بالحالة المعيشية للمواطن البسيط, بعد فرض تسعيرة جديدة للدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي, تخفض من قدراته الشرائية الفعلية, وتلقيه في لجّة البطالة بعد شلل الأسواق وغلق مواطنين لمصالحهم, لتسلمّه, في النهاية, قبضة الفقر المدقع.

وغلبنا الظن بأننا أصبحنا كما سيرفانتس الذي سلّم بغلته لدون كيشوت دون أن يتحسب للنتائج !

وأصبح رئيس وزرائنا يحارب طواحين الهواء بدل معالجة السبب الرئيسي لأزمة اقتصاد البلاد - بؤر الفساد والفاسدين, المنفجرين ضحكاً من التخفيضات الحكومية لرواتبهم, والتي سيسترجعونها بطرق أخرى مضاعفة, والتي هي بالنهاية, أرقام بسيطة في حساب غنائمهم الكبيرة.

وبينما تلجأ الدول الرأسمالية العريقة في أوقات أزماتها إلى استعادة دراسة كتاب " رأس المال " لكارل ماركس, مثلاً, لتبين جذور أزماتها وايجاد الحلول لها, فإننا نعود إلى فنطازيا الشيخ !
 فلكل اقتصاد وزنه ومستواه, واقتصاد بلادنا مهلهل مخربط, ويذهب البعض إلى انه ليس اقتصاداً بالمعنى العلمي للاقتصاد, ولا تعرف طبيعة توجهاته... البعض وصفّه بالأشتراكي من منطلق أن للدولة الحالية الدور الحاسم في الإدارة واليد الطولى في توزيع الثروات وبالخصوص " الريع النفطي " على المواطنين, متناسين جوهر الاقتصاد الاشتراكي القائم على شرط "عدالة توزيع الثروات على أفراد المجتمع "…
 متجاهلين من جانب آخر حقيقة سيطرة الأحزاب الحاكمة وميليشياتها على حقول نفطية وموانئ ومطارات ومنافذ حدودية برية, وسيطرات جباية جمارك داخلية واتاوات طرق خارجية مفروضة على سائقي شاحنات نقل البضائع… ايراداتها تذهب الى جيوبها ولا تحصل الميزانية العامة إلا فُتات مضحك… وهي بالتالي خصخصة فئوية مسلحة بإمتياز !

كما لا يمكن وسم اقتصادنا بالرأسمالي, في ظل غياب إلانتاج السلعي. وفوضى السوق العارمة التي لا تشبه اقتصاد السوق الحر, إلا اللهم من حيث توزيع الثروات الجائر بين طبقة طفيلية بثراء فاحش وطبقات وشرائح اجتماعية كادحة بفقرها الفاحش ايضاً.
ربما التوصيف الدقيق لطبيعة اقتصادنا, هو ما أورده الباحث الاقتصادي الدكتور صالح ياسر في إحدى مقالاته : " رأسمالية المحاسيب " ! ل " محاسيب الرأسمالية " !

كشفت الانتقادات الاعلامية الصاخبة لنواب برلمانيين لخطة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الاقتصادية, وجمع التواقيع الواسع من ثمة لاستجوابه بمعية وزير ماليته في مجلس النواب, وبمبادرة من كتلة دولة القانون ( نوري المالكي ) مناكفةً لتيار ( مقتدى الصدر ), لأهداف بعيدة عن الدفاع عن لقمة المواطن الفقير, حجم الرياء المستشري بين ( نواب الشعب ) هؤلاء, بعد أن تركوا قاعة البرلمان خاوية إلا من بعض أتباع المالكي الواقفين كاليتامى أمام كاميرات الفضائيات, يشكون حظهم العاثر.

الآن, تلتقي الحلول النستلائية للشيخ جلال الدين الصغير مع الأجراءات الحكومية, من حيث تحميلها الكادحين تبعات أزمة فاقمها  فاسدو احزاب الطوائف وسماسرة الميليشيات, وتوافقها على زيادة مرارة حياة أطفالهم !

النشرات الأقتصادية لحركة السوق, بعد الاصلاحات القيصرية للحكومة, تؤكد بأن الأجور والرواتب تلهث خلف الأسعار ! وهي قد تدفع الى حلول قيصرية غير محمودة العواقب, بطلها الشعب الجائع !!!




59
معاقبة شعب على انتفاضته !
   

احسان جواد كاظم


كلما ألصقت قوى الفساد والأرهاب وضيع صفاتها وشائن سلوكها بشباب انتفاضة تشرين المجيدة, تراها تتساقط كما قشرة صبغ قديم, ولا يبقى سوى معدنهم الوطني الأصيل.
يتعزز يوماً بعد يوم تقدير الشعب لتضحيات شبابها وسمو مبادئها, بينما تتصدع سمعة اعدائهم وينالون الاحتقار العام.
بدأت دائرة عقابهم للشعب بتجاهلهم لإرادته وتوقه للحرية منذ اليوم الأول لجلوسهم مع بول بريمر ممثل سلطة الاحتلال في العراق بعد اسقاط نظام الدكتاتور المقبور٢٠٠٣, وتكرّمه عليهم بتقسيم الكعكة على اساس محاصصي تقسيمي, شيعة سنة أكراد, وتسليمهم مقاليد السلطة.

ولأن الشعب لم يكن همهم يوماً, فقد انبروا على التكالب على ثرواته والتحكم برقابه, الذي أنتج اصطفافاً مريضاً, دفعوا لتأجيجه وتغذيته ليتحول إلى صراع طائفي وتخندق مذهبي مقيت, قاد إلى
عقاب متعدد الأطراف للشعب المغلوب على أمره, تمثل بحرب طائفية همجية, تكأكأت فيها القاعدة وداعش والميليشيات الطائفية عليه, تتبارى في ابتداع طرق إيلامه وتعميق مآسيه, وخرج منها خاسراً, مثقلاً بالجراح والضغائن, منهكاً من سرقاتهم لثرواته وأمواله, حتى بزغ فجر انتفاضة تشرين / اكتوبر ٢٠١٩ المجيدة الذي فاجأ الجميع بسطوع نوره ونقاء ووعي شبابه, وقلب الامور, وأوقفها على قدميها بعد أن كانت تقف على رأسها, بمبادئها الوطنية وأهدافها السامية في بناء وطن حر ونظام مدني ديمقراطي, وكشفت عوراتهم وفضحت زيف ادعاءاتهم ونزعت القدسية عن رموزهم, ثم عززت التلاحم الوطني وحب الوطن والولاء له وحده لا شريك له.
ورغم وحشية قناصيهم وهمجية ميليشياتهم وحقد متنفذيهم الأسود وقنواتهم الفضائية المأجورة الصفراء, صمد الثائر العراقي بصدرٍ عارٍ, أمامهم, مقدماً قوافل من شباب الوطن قرابين فداء لتحريره من قبضة القتلة والحرامية.

لقد أسقط المنتفضون العُزّل, كل مراهنات احزاب الفساد وميليشياتها واطاحوا بكل مناورات سياسييها المتربعين على دست الحكم, لأركاعهم أو الالتفاف على مطالبهم : بإنهاء نظام المحاصصة النهبوي ومحاسبة قتلة رفاقهم وسارقي ثروات شعبهم, وإرساء أسس نظام سياسي مدني عادل.

ببساطة, فرضت الأنتفاضة نفسها  كرقم صعب  فاعل في المعادلة السياسية في البلاد, بعد أن أسقطت وزارة القناصين وقمعت رغبة القتلة في ترشيح ممثلين جدداً عنهم.

وبعد أن هشمت الأنتفاضة صورة قيادات ميليشياوية قبيحة غارقة في طائفيتها وولاءاتها الخارجية تتبجح بقتالها يوماً, بسلاح الدولة, وحشاً طائفياً أجنبياً, ثم تفتخر بإستدارتها لتوجه فوهات هذا السلاح نحو أبناء الوطن الثائر لقمع انتفاضة الشعب بوحشية مفرطة.
تاجروا بدماء شباب العراق المتطوعين لصد همجية الدواعش, وتسلموا المكافأة وزارات ونواب وجيوش وأموال واراضي… على حساب شهداء, لم تجنْ عوائلهم الفقيرة شيئاً سوى الترحم عليهم , والثناء على تضحياتهم, واكتفوا برفع صورهم على أعمدة الكهرباء.

يبدو أن فرض الانتفاضة واقعها كرقم صعب في المعادلة السياسية, رغم استمرار  الاغتيالات ضد ناشطيها وعمى السلطات الأمنية عن مرتكبي هذه الجرائم, جعل طغمة الفساد تتوجه  لاعتماد أساليب جديدة لقمع المطامح الشعبية بحزمة عقوبات سياسية جديدة, تتمظهر بمظهر قانوني برلماني موازية لعُسفها المسلح... بصياغة قانون الانتخابات العامة يخدم تأبيد وجودهم في مجلس النواب وفي السلطة التنفيذية بالتالي, ويغلق الأبواب أمام  أي إمكانية لمجيء بدائل شبابية عنهم. أو سحب مشاريع قوانين سابقة من الدُرج, كانت مخبأة لاستثمارها بالوقت الذي يناسبهم وإعادتها للحياة, مثل"  جرائم المعلوماتية العراقي " السيء الصيت  والذي وصفته منظمة أمنستي انترناشونال بأنه : " بمثابة صفعة قاسية للحريات ". والذي يعاقب على ابداء الرأي الآخر على وسائل الاتصال الجماهيري والتواصل الاجتماعي الالكتروني, وعلى انتقاد القتلة والفاسدين, وابقاء المواطنين, بالتالي, تحت سطوة  أكاذيب الإعلام الميليشياوي الأجير.

او اعلان مبادرات للعودة الى مستنقع المحاصصة السابق, والبقاء على ذات الطغمة في السلطة, والتي تجاوزها الزمن.

ولا يخرج عن حزمة العقوبات ضد الشعب, برامج التقشف الاقتصادي المقترحة في ميزانية العام القادم, وتحديد أسعار جديدة للدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي, ستؤثر سلباً على القدرة المعاشية للمواطن البسيط بينما حيتان فساد السلطة وقططها السمان, ستبقى تتمرغ بنعيم الامتيازات وسرقات المال العام.

تحاصصكم ممهور بالدم العراقي !!!











60
ورقة شرف أطلال البيت الشيعي!

احسان جواد كاظم

المبادرة التي طرحها قائد التيار الصدري, دليل ازمة بنيوية تعيشها احزاب الأسلام السياسي الشيعية بالخصوص, والتيار الصدري تحديداً. وما طرح هذه المبادرة, في هذا الوقت, إلا احدى تجلياتها, فهي بعيدة كل البعد عن واقع الوعي السياسي العراقي في هذه المرحلة, لأن مبادئها الطائفية قد تجاوزتها انتفاضة شباب تشرين/ أكتوبر ٢٠١٩ برؤاها ومنطلقاتها الوطنية الجامعة ودعوتها الى مدنية الدولة والمواطنة وسيادة القانون وإلغاء نظام المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض, اضافة الى ان التجربة الشعبية مع  هذا التوجه شهدت اكثر مشاهد الخسارات والانتهاكات, بشاعة, وهي راسخة في وعي العراقيين وذاكرتهم.

ان تيار مقتدى الصدر يريد ان يرمم اطلال بيت, هُدم بمعاول هذه الأحزاب, معها وبها.
فهي, بالتالي, دعوة تصرّ على تلصيق اشلاء أحزاب وميليشيات, فقدت حتى جماهيرها الثقة بها, وثارت عليها, بعد أن صوبت رصاصاتها الغادرة إلى صدور أبنائها,  لاعتراضهم على تغوّل قياداتها في سرقة المال العام والإثراء الفاحش على حساب عوزها وبؤسها.
انها دعوة تجميع وفرض لذات الوجوه القميئة المتنعمة والضالعة في الفساد والقتل والتي تكرشت وثقلت اوزارها حتى أصبحت لا تستطيع الافلات من كراسيها الا بالشلع قلع.

 اوليغاركيو شيعة السلطة, لن يرحبوا بمبادرة الصدر لترميم البيت الشيعي وتوقيع ميثاق عقائدي... لأن ما يمنعهم, هو ضخامة المغانم والمصالح التي استحوذوا عليها وليسوا مستعدين للتنازل عنها.
وحتى المواطن البسيط, لم تعد تنطلي عليه ألاعيب العقيدة والمذهب وأصبح يهزأ مما يطرح من مواثيق الشرف بين التكتلات الطائفية, لعدم جدواها, ولتعدد الساقطة منها في اليوم التالي لتوقيعها, ولأنه أصبح متيقناً بأن من لم يستحضر العقيدة والدين في سلوكه طوال سبعة عشر عاماً من وجوده على قمة السلطة, لن يستحضرها اليوم!

 وبارونات الطائفة والميليشيات, في الحقيقة والواقع, ليسوا بحاجة لتوقيع وثيقة شرف وميثاق عقائدي جديدين, يرتبان عليهم  التزامات عقائدية واخلاقية هم في غنى عنها, ويمكنهم التعويض عنها بمظاهر التدين الزائف, بالصلاة الأستعراضية وترديد الآيات القرآنية والتمسح بأذيال الأنبياء والأئمة والتابعين, لتضليل البسطاء.
 
وأكثر ما أفزع جموعهم, هو رغبة مقتدى الصدر, مع ما تخبئه شخصيته المتقلبة ونرجسيته القيادية, في تنصيب رئيس الوزراء القادم من خاصته ويقال, من عائلته... فهم, كما أظن, لم يُجنّوا بعد ليسلمّوا رقابهم له, بطيب خاطر !

ان هذه الدعوة المبهمة, الغير معلنة البنود, لا تقدم حلولاً للأزمة العامة المحيقة بالمواطن والوطن بل تفاقمها, لأنها تهدف إلى تأمين فوز تحالف طائفي مجرب, ممقوت شعبياً, فشل في تحقيق اي انجاز يُذكر. لهذا فمبادرته ولدت ميتة.

61
ورقة شرف أطلال البیت الشیعي!

احسان جواد كاظم
 
المبادرة التي طرحها قائد التیار الصدري, دلیل ازمة بنیویة تعیشها احزاب الأسلام السیاسي الشیعیة بالخصوص, والتیار الصدري تحدیداً. وما طرح هذه المبادرة, في هذا الوقت, إلا احدى تجلیاتها, فهي بعیدة كل البعد عن واقع الوعي السیاسي العراقي في هذه المرحلة, لأن مبادئها الطائفیة قد تجاوزتها انتفاضة شباب تشرین/ أكتوبر ٢٠١٩ برؤاها ومنطلقاتها الوطنیة الجامعة ودعوتها الى مدنیة الدولة والمواطنة وسیادة القانون وإلغاء نظام المحاصصة الطائفیة - العرقیة البغیض, اضافة الى ان التجربة الشعبیة مع  هذا التوجه شهدت اكثر مشاهد الخسارات والانتهاكات, بشاعة, وهي راسخة في وعي العراقیین وذاكرتهم.
 
ان تیار مقتدى الصدر یرید ان یرمم اطلال بیت, هُدم بمعاول هذه الأحزاب, معها وبها.
فهي, بالتالي, دعوة تصرّ على تلصیق اشلاء أحزاب ومیلیشیات, فقدت حتى جماهیرها الثقة بها, وثارت علیها, بعد أن صوبت رصاصاتها الغادرة إلى صدور أبنائها,  لاعتراضهم على تغوّل قیاداتها في سرقة المال العام والإثراء الفاحش على حساب عوزها وبؤسها.
انها دعوة تجمیع وفرض لذات الوجوه القمیئة المتنعمة والضالعة في الفساد والقتل والتي تكرشت وثقلت اوزارها حتى أصبحت لا تستطیع الافلات من كراسیها الا بالشلع قلع.
 
 اولیغاركیو شیعة السلطة, لن یرحبوا بمبادرة الصدر لترمیم البیت الشیعي وتوقیع میثاق عقائدي... لأن ما یمنعهم, هو ضخامة المغانم والمصالح التي استحوذوا علیها ولیسوا مستعدین للتنازل عنها.
وحتى المواطن البسیط, لم تعد تنطلي علیه ألاعیب العقیدة والمذهب وأصبح یهزأ مما یطرح من مواثیق الشرف بین التكتلات الطائفیة, لعدم جدواها, ولتعدد الساقطة منها في الیوم التالي لتوقیعها, ولأنه أصبح متیقناً بأن من لم یستحضر العقیدة والدین في سلوكه طوال سبعة عشر عاماً من وجوده على قمة السلطة, لن یستحضرها الیوم!
 
 وبارونات الطائفة والمیلیشیات, في الحقیقة والواقع, لیسوا بحاجة لتوقیع وثیقة شرف ومیثاق عقائدي جدیدین, یرتبان علیهم  التزامات عقائدیة واخلاقیة هم في غنى عنها, ویمكنهم التعویض عنها بمظاهر التدین الزائف, بالصلاة الأستعراضیة وتردید الآیات القرآنیة والتمسح بأذیال الأنبیاء والأئمة والتابعین, لتضلیل البسطاء.
 
وأكثر ما أفزع جموعهم, هو رغبة مقتدى الصدر, مع ما تخبئه شخصیته المتقلبة ونرجسیته القیادیة, في تنصیب رئیس الوزراء القادم من خاصته ویقال, من عائلته... فهم, كما أظن, لم یُجنّوا بعد لیسلمّوا رقابهم له, بطیب خاطر! 
 
ان هذه الدعوة المبهمة, الغیر معلنة البنود, لا تقدم حلولاً للأزمة العامة المحیقة بالمواطن والوطن بل تفاقمها, لأنها تهدف إلى تأمین فوز تحالف طائفي مجرب, ممقوت شعبیاً, فشل في تحقیق اي انجاز یُذكر. لهذا فمبادرته ولدت میتة.

62
ذكريات بغدادية - بائع الفستق السوداني على ناصية جامع مرجان


احسان جواد كاظم


عندما وصل المغني السوداني الفقيد محمد وردي الى مقطع اغنيته الوطنية :" الناس التنضح سكر, تتجرع كاس الحنظل ", تذكرت مباشرة بائع الفستق السوداني, الذي طالما رأيته واقفاً على واجهة جامع مرجان في شارع الرشيد في بغداد, اوائل سبعينيات القرن الماضية...
رجل فارع الطول, رشيقاً, آسر برزانته رغم مظاهر الفقر الظاهرة على هيئته, بلون سوداني قاتم, يعتمر عِمّة اهل السودان البيضاء المميزة التي تكبر العمائم عندنا والجلابية التي هي جزء اصيل من زيهم الشعبي.

يبيع الفستق المُحمص ( المُسهى ) على صينية فافون ( المنيوم ) على طرف منها مدخنة رشيقة كما مبخرة صغيرة يتصاعد منها دخان ذو عبق ( ربما بسبب استعماله نوع خشب خاص  )... أثارت اعجابي من اول وهلة, لأني لم أرى مثلها سابقاً.
كان ساهماً, ربما بسبب ألم فراق وهموم غربة يعيشها, يداورها في رأسه مع تموجات الدخان المتصاعد من مدخنته الجميلة كما منارة رشيقة... اقتلعه الدهر من هدأة القرى البعيدة ورماه الى صخب بغداد, فربما كان راعياً نوبياً او فلاحاً من كردفان او صياداً لتماسيح النيل الأبيض.

صامتاً...لا ينبس ببنت شفة... إلا عندما يسأله سائل عن سعر فستقه. كانت لهجته غريبة عليّ.
 بجانب صينيته كانت المخروطات الورقية - كبوزات ورقية متداخلة جاهزة يملأ بها حبيبات فستقه.
 
متطلعاً بهيئته, بفضول طفلٍ بغدادي تساءلت حينها, مع نفسي, ما الذي دعا هذا الإنسان بسحنته وزيه وبغرابة مهنته الى مغادرة ناسه وأهله والمجيء الى بغداد ؟ كنت حينها صغيراً لم امتهن الغربة ولم اعرف شقائها ( الغربة مهنة شاقة - كما قال ناظم حكمت ), التي أصبحت اليوم للكثيرين منا واقعاً.

اتمعن اليوم بهذا الكادح البسيط الذي قذفته صرائف الدهر الى عالم آخر, حيث صخب العاصمة العراقية, واقفاً في قلب مركزها التجاري, الشورجة من جانب ومقابل المركز المالي للدولة العراقية, مصرف الرافدين وشارع السمؤال, شارع الصرافين... وفي خضم عنفوانات شارع الرشيد... كأنه جاء متحدياً بصينيته وحُبيبات فستقه تجار بغداد ورأسمالييها, بحرفية العارف, منافساً فيها اكثر اصحاب رجال الاعمال حنكة وخبرة في فن الأعلان والتسويق التجاري, رغم بساطة بضاعته والأرباح المكتسبة منها.

اقف اليوم متمعناً ومتعجباً من طريقة هذا البائع البسيط العفوية في تسويق بضاعته, فقد جمع, حينها, كل مفردات التسويق التجاري الناجح المعروفة حالياً, دون ان يدري, وخاصة عنصر التشويق الشخصي وطريقة عرض البضاعة... تلك التوليفة الذكية بين زيه الغريب ولون بشرته الغامقة وبضاعته بتسميتها الجديدة غير المألوفة " فستق سوداني " وليس كما تتداوله ألسنة عامتنا " فستق عبيد ", مستثمراً عبق فستقه المُسهى والدافيء لجذب المارة من بعيد وأغرائهم على شراء وتذوق ما تجود به صينيته, بل حتى ورق اللف الحلزوني" الكبوز ", كنت اراه متميزاً, حيث يكتسب, مع الوقت, بسبب قربه من حرارة الموقد, لوناً بنياً رائقاً مُحمصاً... فضلاً عن قيامه بعملية التحميص, على الملأ, امام الزبائن, الذين تلبسهم الفضول كما تلبسني. اضافة الى شكل صينية التحميص الغير عادية.

كانت عبقرية عفوية بسيطة ببساطة الكادح لأجل لقمة عيشه.

هذا ما بقي في الذاكرة عن هذا الأنسان , من المرات النادرة لشراءنا لفستقه, والذي كنت اشاهده كل يوم, ويغمرني عبق فستقاته.

 كنت حينها اتمتع بالعطلة الصيفية المدرسية, وكان ابي قد اصطحبني الى الشورجة حيث مكان عمله في احدى محلات بيع القرطاسية, واستثمر مالاً من راتبه الشحيح في شراء علب السكائر المتنوعة لأبيعها على بسطية صغيرة, بالباكيتات او بالمفرد " للمفاليس ", وكذلك العلك " علج السهم " بينما اتفرج على المارة  بسحنهم المختلفة وازيائهم وتسريحاتهم و طرق مشيهم, منتظراً الأرباح التي ستنهال عليّ وتملأ جيبي, لتحقيق امنية العمر, امتلاك - " طوبة كريكر "!

الغريب انني اسمع اليوم من اهلي بأن قرار اصطحاب أبي لي وإشغالي بمشروع الأستثمار التجاري بالسكائر والعلك كان بسبب شكواهم من شقاوتي ووكاحتي, ومحاولة لأراحتهم مني وهو ما أعتبره تجنياً... فأنا احلف لكم بأغلظ الأيمان, وما لكم عليّ يمين, بأني كنت وديعاً مسكيناً - " البزونة تاكل غدايا " !!! 




63
بولندا - انتفاضة النساء رافعة للتغيير الشامل !

احسان جواد كاظم

موجة عارمة من الأحتجاجات شهدتها المدن البولندية, نهاية الشهر الماضي وبداية الشهر الجاري والتي استمرت لأكثر من اسبوع. كان سبب اندلاع شرارتها المباشرة اعلان المحكمة الدستورية, حكماً فحواه: " أن فرضية الإجهاض للأجنة المريضة غير متوافقة مع الدستور البولندي".
 وجاء الرفض له قاطعاً, من اوساط واسعة من النساء منظمات وأفراد باعتباره قراراً مجحفاً ومهيناً, ومصادرة لحرية الأختيار المقرة دستورياً, ولأنه صادر لدواعي ايديولوجية دينية بحتة.
 كما وجدت فيه احزاب يسارية وليبرالية اخرى, محاولة لتأطير المجتمع.

ان فرض حمل الأجنة  التي تثبت الفحوصات الطبية تشوهها او تعاني من عيوب تكوينية داخلية... وولادتها, موقف يخلو من الأنسانية, بالنسبة للأم وكذلك للطفل, لما سيلحق بهما كما بكامل افراد عائلتهما من معاناة حياتية ونفسية واجتماعية واقتصادية, في ظل الغياب شبه التام للعناية الصحية المتخصصة لهذه الشريحة وضعف الدعم الحكومي في مجالات العلاج والدواء وتأمين ظروف معيشية مناسبة له.
 لقد تبين أن فرض حظر كامل تقريباً على الإجهاض, والاحكام الصادرة عن محكمة مشكوك في شرعيتها, بسبب طبيعة وظروف تشكيلها من قضاة من ذوي النزعات اليمينية بالتعيين (اعترض الأتحاد الأوربي الذي تنتمي اليه بولندا على التعيينات واعتبرها خرقاً لأستقلالية القضاء والنظام الديمقراطي عموماً, تتناقض مع مبادئه ودستوره وهدد بمعاقبتها), كان بمثابة قطرة ملأت كأس مرارة مجتمع سئم الطبيعة القمعية لسلطة حزب القانون والعدالة والأيديولوجية القومية الكاثوليكية ، والتي تستخدمها حكومة ماتيووش مورافيسكي كأداة رئيسية للسيطرة على المجتمع.

لذا فان الانتفاضة اجتذبت قطاعات لم تكن مرتبطة بقضية الأجهاض حتى الآن، مثل عمال المناجم من WZZ Sierpień 80 والمزارعين من Agro Unii واتحادات طلاب الجامعات والثانويات, لكنها كانت معارضة أصلاً للحكومة قبل اندلاع الصراع على إنهاء الحمل.

هناك سبب آخر للنظر إلى تمرد الإجهاض كمظهر من مظاهر السخط العام الأوسع, فمسألة إنهاء الحمل لا تتعلق فقط بمسألة النظرة الحداثية للعالم... إنها أيضاً وإلى حد كبير مسألة طبقية...
 إن عدم السماح بالإجهاض، والافتقار العملي لحقوق الإنجاب للمرأة البولندية، يقلق الجزء الفقير من النساء البولنديات، من وجهة نظر مادية ومالية بالكامل, لما يشكله من عبء كبير عليهن وعلى عائلاتهن في حياتهن اليومية.

 أظهرت الاحتجاجات في المدن الصغيرة بشكل خاص ، وحتى في قرية Choczewo  التي لايتعدى عدد سكانها 1400 نسمة، بأنها بداية تشكل وعي رافض... وأن البولنديات والبولنديين بدأوا عموماً يضيقون ذرعاً بحزب القانون والعدالة وسياسة حكومته, وان اندلاع هذه الأحتجاجات العارمة ( بلغت تقديرات المشاركين باحتجاجات وارشو المئة ألف امرأة ورجل )ولأكثر من اسبوع  هي بداية نهاية حكمه.
وقد كان للعجز التام لحكومة ماتيووش مورافيسكي في مواجهة وباء كورونا والتدهور الواضح في الوضع الاقتصادي, المرتبط أيضاً بالفايروس والإغلاق, رافداً مهماً في تعزيز الأحتجاجات بمؤيدين, لأن السياسات الحكومية أدت الى تحميل العمال والفقراء بشكل عام تكاليف الأزمة بالكامل, بما فيها الدعومات المقدمة للشركات المعطلة.

تعددت صور الترحيب العام بالأنتفاضة, فقد ضجت وسائل الأعلام ومواقع التواصل الأجتماعي بصورة الشرطية التي أوقفت مركبتها وخرجت تحيي المحتجات وتصفق لهن.
كما كتب احدهم على تويتر عن صور اخرى للتضامن الشعبي معهن, في ظروف التباعد الأجتماعي بسبب كورونا, قائلاً: " كان المواطنون يطلّون من شرفات مساكنهم, مصفقين هاتفين ورافعين شعارات التظاهرة, وسواق السيارات يطلقون مزاميرهم تحية لهن ".

 سببت الأنتفاضة النسوية والشعبية صدمة كبيرة للكثيرين وخصوصاً لسياسيي اليمين ورجال الكنيسة وفاجأت الصحفيين, بحجمها وسعتها التي تجاوزت, حسب متابعين, احتجاجات واضرابات منظمة التضامن, ايام عنفوانها في سبعينيات وثمانيات القرن الماضي, ضد حكومة بولندا الأشتراكية, حينها.

انتفاضتهن رسمت وجه بولندا جديدة !






 












64
تزييفكم للحقائق لعبة مفضوحة !

احسان جواد كاظم



الكذب والتدليس والأفتراء على شباب انتفاضة تشرين أول / اكتوبر 2019-2020 ممارسة دأب عليها ممثلو احزاب الفساد وفضائياتهم الصفراء طوال عام كامل من عمرها لشيطنتها والتقليل من ألقها ورميها بكل ما ارتكبوه من تجاوزات على الحق العام والخاص, بعد أن سطر شبابها بأحرف من نور أحداثها وابطالها وشهدائها في سجل تاريخ العراق الحديث.
ولم تكتف الطغمة الفاسدة بذلك, بل انها زجت بمندسيها بين المعتصمين من شباب الانتفاضة الأبطال. وبتنا نرى خيم مشبوهة لأزلام الميليشيات منصوبة في ساحات التظاهر وفي ساحة التحرير ببغداد بالخصوص, وهي تقوم بدور تخريبي إنشقاقي تشويهي, واجرامي في احيان اخرى.

وفي عودة لتصريح القيادي في تحالف الفتح - عن صادقون العصائب في مجلس النواب الدكتور نعيم العبودي (26.10.2020 / الفرات نيوز ) الذي قد يكون قد مضى عليه وقت الا انه يعكس حجم الغل الذي تكنه طغمة الأحزاب الحاكمة للشعب, والذي يدخل في اطار " رماني بداءه منسلاً ". فقد صرح بأن نسبة المندسين المشاركين في إحياء ذكرى مرور عام على انتفاضة 25 تشرين / اكتوبر  فاقت 90%.

 لم يذكر الدكتور المحترم مصدر هذه ( الأحصائية ) والتي تنم عن معرفة تامة موثوقة من جهات ذات اطلاع مؤكد لابد وانها تستند الى معطيات ( مراكز ابحاثهم ) الحزبية,  التي تبقى مصداقيتها مجروحة, بين اغلبية ابناء شعبنا,  ولايمكن ان تؤخذ على محمل الجد, والتي لم يعتمدها أحد غيرهم.
ولو صح ذلك فأنها ستصبح محل ادانة جديد لكل من يعادي الأنتفاضة الشعبية والذي يحاول كسرها وافشالها وهي بالطبع القوى المتسلطة المعادية للشعب التي انتفض عليها ابناؤه.

وكانت قد سبقت انطلاق تظاهرات الذكرى الأولى للانتفاضة تصريحات وتغريدات لشخصيات سياسية وميليشياوية تحذر من المندسين والمخربين, والحرق, والاعتداء على القوات الأمنية وهيبة الدولة... حد ان : " كاد المُريب ان يقول خذوني !".

لابد من اعطاء المواطن البسيط الحق في السخرية المرة من هذه النصائح المجانية للمنتفضين بضرورة التزام السلمية في التظاهر من جهات ميليشياوية مارست وتمارس الارهاب ضده وخرقت وتخرق القانون و تعتدي على هيبة الدولة ثم تأتي وتحدد ما ينبغي ان تكون عليه سلوكيات المتظاهر السلمي الحباب وترسم حدود حركته وطبيعة شعاراته وتعلمّه ضرورة الألتزام بالقانون.
او تقوم احزاب سياسية فاسدة استولت على املاك الدولة والمواطنين جوراً وهجّرت آخرين وسيطرت على اراضيهم, بتحذير المنتفضين من التعرض للأملاك الخاصة والعامة بطهرانية الصوفي.

وكان ( الدكتور العبودي ) قد بيّن ان : " لا اصلاح من دون حراك اجتماعي لكن ليس عبر اهانة المعلم او المدير او حرق او صلب الاخرين".

وكأن ليس اهانة للمعلم ان لايكون له ولطلابه مدرسة وصف دراسي ملائم, ومنهج واضح وعملية تعليمية وتربوية ناجحة, وكتب وقرطاسية, لم تعمل احزاب السلطة الأسلامية, ومنها التي يمثلها الدكتور العبودي على توفيرها خلال سبعة عشر عاماً من حكمها, ولا تخجل من الحديث عن اهانة المعلم وهو الذي يتعرض, على طوال السنة, لأعتداءات من افراد وجهات ميليشياوية, والتدخل في شؤونه التربوية وفرض نتائج امتحانية زائفة او تنصيب مدراء تربية او مدارس شبه أميين عليه, تابعين لأحزابهم, في استنساخ مشين للممارسات البعثية السابقة.

كما ان حديثه عن الحرق اوالصلب يدعو للسخرية, لأن المواطن العراقي يعرف ذوي التاريخ الحافل بهذه الممارسات في ربوع الوطن كافة, ومن يمتلك ناصية الأستاذية في مثل هذه الأفعال الأجرامية الشنيعة, ولايحتاج المواطن العراقي وجموع شباب الأنتفاضة بتذكيرهم بصور البطش الهمجي ضد ابنائهم وزملائهم, فالأحداث لازالت طرية, بعمليات قنص وقتل وجرح واغتيال وخطف وتغييب الآلاف من شابات وشباب انتفاضة الشعب ضد حكوماتهم ورموزهم وسياساتهم التخريبية, ويعرفون من كان ورائها.

طبعاً كلنا ممنونية للدكتور على تنوريرنا من خلال تأكيده على " الحاجة الى الاستقرار السياسي لينعكس ايجابا على البلاد". وهو في تصريحه هذا يبدو محقاً فعلاً, لكن ينبغي على كل ذي عقل ومنطق, ان يسأل :  لماذا, اذاً, غاب الاستقرار السياسي خلال 17 عاماً من حكمكم؟
وهل عكر المنتفضون ياترى صفو استقرار لم يشعر به المواطن العراقي منذ عقود طويلة ؟

وهل ان زج البلاد والعباد بحروب داخلية طائفية, وصراعات الديكة  على مغانم المحاصصة البغيضة, ودوامة ازمات تشكيل الحكومات وتوزيع الكعكة, اضافة الى الفساد الأداري والأنفلات الأمني وتغول الميليشيات والأرهابيين ومهربي المخدرات, وتدخل جنرالات دول اجنبية في تعيين الوزراء وحتى الجايجية التابعين لهم. وانتهاكات الدول الاقليمية للسيادة الوطنية وسرقة ثروات البلاد وتعويق بناء موانيء استراتيجية, ومشاريع صناعية وزراعية لكي تصدر لنا بضاعتها.
 وبعد كل هذا وذاك فشل سلطات الدولة الثلاث, التشريعية والتنفيذية والقضائية في اداء واجباتها الدستورية ازاء المواطن. وحتى السلطة الرابعة الصحافة ( مقروءة ومرئية ) مصادرة ميليشاوياً, حيث اغتيالات الصحفيين والمثقفين واختطافهم او حرق القنوات الفضائية التي تختلف بالرأي معهم.

هل يمكن للدكتور ان يقول عن كل ما سلف, وعن قصف المقرات الدبلوماسية للدول الأجنبية والمراكز الحيوية العراقية وبيوت المواطنين بالكاتيوشا, ودعوات اشعال حرب مع الولايات المتحدة على ارض العراق , إستقراراً ؟

 لهذا جاءت الأنتفاضة كرد شعبي ضد فوضاكم... نابعة من المعاناة والحرمان والطامحة الى التغيير وارساء استقرار وأمان حقيقي للمواطن, قائم على اساس سيادة القانون على الجميع وتأمين حياة حرة كريمة له.

و جوهرة نصيحته كانت : " ضرب القوات الامنية بقنابل الميلتوف ( كما كتبت  في الأصل ) امر مرفوض...." !

من البديهي ان من يضرب القوات الأمنية بالمولوتوف هو من له السطوة والقدرة على ادخالها الى ساحات التظاهر المحاطة بمراكز تفتيش أمنية وبهذه الكمية الهائلة ( أشار المتحدث الرسمي لرئيس الوزراء احمد ملا طلال بتعرض القوات الامنية ل 1500 قنبلة مولوتوف ), وكذلك من له مصلحة بتخريب الاجراءات الايجابية التي بدأتها حكومة مصطفى الكاظمي بحق المنتفضين... التي ظهرت تباشيرها برفع ربقة الميليشيات المسلطة على رقاب الجهات الأمنية التي كانت تقف متفرجة على بطش عصابات الاجرام الميليشياوية بهم و تقديمهم لغمة سائغة للقتل او الاختطاف ايام حكم رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي.
ورغم رفع خيم الأعتصام في ساحة التحرير لكن جذوة الأنتفاضة لازالت مستعرة في قلوب العراقيين.

وكما قال, ماليء الدنيا وشاغل الناس, ابو الطيب المتنبي :

" وقُل للشامتين بنا أفيقوا... فإن نوائب الدنيا تدورُ "ّ !

65
يسار الحزب الديمقراطي وانتخابات الرئاسة الأمريكية

احسان جواد كاظم


أثبت اليسار الأمريكي حضورة المؤثر في الحياة السياسية الأمريكية, خصوصاً بعد دخول عضو مجلس الشيوخ بيرني ساندرز, اليساري التوجه, المنافسة لأنتخابات الرئاسة عن الحزب الديمقراطي مقابل جو بايدن الذي جرى اختياره في انتخابات الحزب الداخلية.
اليسار في الولايات المتحدة - يسار الحزب الديمقراطي, وكذلك شريحة اوسع من الناس المدعوين هناك ب " الاشتراكيين " المدعوين في اوربا ب " الأشتراكيين الديمقراطيين ". وجدت نفسها اليوم في وضع صعب, فالحركة التي يشكل واجهتها بيرني ساندرز والظاهرة الاستثنائية عضو الكونغرس الامريكي الشابة عن نيويورك ( ألكسندريا اوكاسيو - كورتيز Alexandria Ocasio-Cortez، والمعروفة شعبيًا بالاختصار: AOC), البورتوريكية الأصل , هي في حقيقتها حركة ضد الرأسمالية, او على الأقل ضد النسخة الأمريكية للرأسمالية, النيوليبرالية, والشركات الكبرى التي تحاول اقناع فقراء الناس بأن المليارديرية الذين يثرون بفضل شقائهم, يفعلون ذلك بأسم حريتهم.

لكن مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الثلاثاء الماضي جو بايدن ( والذي أُعلن فوزه في السباق الرئاسي بالأمس ), لا تهدده بالتأكيد هكذا رأسمالية.

من جهة اخرى فان البديل الخطر المتوفر لجو بايدن هو دونالد ترامب, الذي لاتحتاج طبيعة علاقة اليسار به لتوضيح... وكما اوجزها ساندرز بوضوح في احدى التجمعات في بنسلفانيا قائلاً : " هذه البلاد, وفي حقيقة الأمر, العالم كله, لا يتحمل اربع سنوات اخرى من حكم ترامب ".

لذا فقد كانت المهمة الأساسية والملحة لليسار الديمقراطي اقناع جماهيره للذهاب, عاضين على النواجذ, للتصويت لأجل المؤسسة الديمقراطية لأنقاذ العالم من ترامب.

بيرني ساندرز تبنى صيغة " الأقل سوءاً " قائلاً :" ترامب هو اخطر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة, بينما بايدن شخصية نزيهة... طبعاً لدينا افكار مختلفة لكن يمكنني ان اؤكد نزاهته واحترامه لدولة القانون والديمقراطية ".

وقد طرحت الناشطة الأشتراكية الديمقراطية واصغر نائب في الكونغرس الأمريكي الكساندريا اوكاسيو - كورتيز, اكثر التفسيرات واقعيةً عن نقاط عدم التوافق بين يسار الحزب الديمقراطي و مرشح الحزب للرئاسة بايدن, قائلة :"  الناخبون الشباب في اقصى حالات الوعي. فالأمر لايعني لديهم, انتخاب شخصية محببة ما او التصويت على شخص كامل, فهم براغماتيون في خياراتهم الانتخابية, وهم يسعون للتصويت على شخص يمكنهم تشكيل ضغط عليه في القضايا المهمة والأساسية التي تهمهم... يريدون التصويت لرئيس مستعد لسماع حججهم, متفهم لنشاطاتهم واحتجاجاتهم.
بلا شك فان جو بايدن هو المرشح الافضل لسماع اصوات الشباب من دونالد ترامب الذي يركز على الأثراء الخاص له ولحاشيته ".

وكان الرد المباشر للمفكر اليساري المعروف نعوم تشومسكي في لقاء بالمتحدثة السابقة لساندرز " بريانا كري - Briahna Gray " على سؤالها : هل ان "التصويت على ديمقراطي, بغض النظر عن اي شيء ", لن يعطل التغييرات الضرورية في الحزب ؟
اجابها تشومسكي, في اطار تقييمه للمخاطر والترجيحات المستقبلية, متساءلاً :" هل لكي نسمح لترامب بالفوز لأربع سنوات اخرى؟ اربع سنوات اخرى من تخريب البيئة التي يمكن ان تصل الى مستويات خطيرة لايمكن التراجع عنها واصلاحها... او السماح بملأ المحاكم من الأعلى الى الأسفل بقضاة يمينيين متطرفين , يغلقون امكانيات التغيير  لكل الجيل, لا أظن بأن هذا الخيار سيكون ذكياً ".


ربما سيكون ما يقنع المصوتن اليساريين والمحفز الأكبر لهم للتوجه الى صناديق الاقتراع اكثر من تفسيرات وتعليلات اي من قادتهم, التسريبات القائلة بان بيرني ساندرز يسعى لتبوأ منصب وزير العمل في ادارة بايدن, وهذا يعني, في الحقيقة, تغييراً ثورياً في سوق العمل الأمريكي.

السؤال المهم : هل جو بايدن مستعد لذلك ؟




66
اليونان - حزب اليمين القومي " الفجر الذهبي Golden Dawn " كمنظمة إجرامية !

اعداد احسان جواد كاظم

بعد خمسة سنوات من محاكمة ماراثونية ،قررت محكمة في أثينا أن حزب اليمين القومي " الفجر الذهبي " منظمة اجرامية للنازيين الجدد. كما وجدت زعيمها نيكوس ميخالولياكوس وسبعة نواب سابقين آخرين مذنبين بتوجيه أنشطة إجرامية.
وتضمنت لائحة الاتهام، في جملة أمور منها, قتل مغني الراب الشهير المناهض للفاشية بافلوس فيساس طعناً بالسكاكين، والحيازة غير المشروعة للأسلحة، والسرقة، والابتزاز، واستهداف المهاجرين ومحاولات قتل نقابيين شيوعيين وصيادين مصريين، ونشطاء معادين للفاشية وكذلك مثليين وثنائيي الجنس ومتحولين جنسيًا.
وقد تلت رئيسة المحكمة ماريا ليبينيوتي الأحكام الصادرة ضد زعيم الحزب ميخالولياكوس وقادة الحزب الآخرين, بالسجن لمدة 13 عاماً.

وبعد ان رفضت رئاسة المحكمة إلتماساً من محامي الدفاع بتخفيف الحكم, طالب محاميهم يوانيس لاغوس بإستبدال ثلاثة قضاة, وصف قرارهم بالمتحيز.
ثم هدد باللجوء الى المحكمة الأوربية لحقوق الأنسان لاستئناف الحكم, واضاف بأن اعضاء من الحكومة اليونانية حاولوا التأثير بالحكم.
وكان عضو الفجر الذهبي والنائب السابق في البرلمان الأوربي يوانيس لاغوس هذا قد اثار أزمة سياسية بين أنقرة واثينا بتمزيقه ورقة مطبوع عليها العلم التركي احتجاجاً على ممارسات الاتراك التوسعية وقضايا اللاجئين.
ويُذكر ان حزب الفجر الذهبي Golden Dawn قد دخل البرلمان اليوناني في عام 2012 على خلفية برنامج مناهض للتقشف ومعادي للمهاجرين, واصبح ثالث أكثر الأحزاب, حينها, شعبية في ذروة الأزمة المالية في البلاد.

لكنه فشل في الفوز بمقعد برلماني واحد في انتخابات العام الماضي.
وكانت احزاب سياسية وتنظيمات ونقابات عمالية ومنظمات طلابية قد دعت المواطنين للتجمع امام المحكمة في أثينا لسماع قرار المحكمة النهائي بإدانة الجناة والحزب بالعموم.

وقد حضر التجمع امام المحكمة الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي اليوناني ديميتريس كوتسوباس وعلّق على قرار الأدانة, قائلاً: " بأن المحاكمة كشفت عن أذرع النازيين الأخطبوطية... وان الأمر الرئيسي هو ان يجتث الشعب الشر من جذوره, عبر اسقاط النظام الذي يحتضن بيضة الأفعى هذه ".
مردداً قول الشاعر :" إفهم الفاشية بعمق
                            إنها لن تموت من ذاتها.
                            إسحقها !

67
الكشف عن قتلة شباب الإنتفاضة قبل أية انتخابات !


احسان جواد كاظم


عوّل منتفضو ساحات التحرير على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحكومته على انصافهم والكشف عن قتلة رفاقهم  الشهداء العزل من منتفضي انتفاضة تشرين اول / اكتوبر 2019 - 2020 وتقديمهم للعدالة, بعد سماعهم لوعوده الوردية, ولأن " تأجيل احقاق الحق ظلم ", وبعد مرور اكثر من ستة اشهر على تسنمه الوزارة والقتلة يسرحون ويمرحون ويواصلون جرائمهم بأستهتار فاشي, ولازال الحبل على الغارب... الامتعاض يتعاظم.

وقد عوّل البعض من الناشطين على منظمة الأمم المتحدة للنظر في الجرائم المرتكبة بحق المطالبين بحقوقهم الأنسانية الأساسية, فإجتمعت جينين بلاسخارت ممثلتها في العراق بأحد قتلتهم, لكن للتوسل بالكف عن قصف السفارات والبعثات الدبلوماسية الأجنبية فحسب.

لم يعوّل أحداً من المنتفضين على الرئيس الأمريكي ترامب, لأن التجربة علمتهم بأن التصريحات والوعود الأنتخابية, كما " علج السهم ", يُعلك ويُلفظ, ليست محضر ثقة ولا تؤخذ بجدية, وتجربتنا ( الديمقراطية العراقية ) التي تكرموا بها علينا مع اهدائهم رموزها الفاسدة لنا  " كراتيس - دون مقابل " دليل فاضح على ذلك.


لذا فأن ليس لنا الا ان نعوّل على الذات, على شباب الانتفاضة وعزمهم واسناد شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية المنحازة لهم فقط. فهم عماد قوة التغيير المنشود... وهم أهل لها !

ان الكشف عن قتلة شباب الأنتفاضة ليس فقط اجراءاً قانونياً جزائياً مستحقاً يجب على كل دولة تحترم نفسها ان تنجزه, فقتل اكثر من 700 مواطن وجرح اكثر من 20 الف متظاهر واختطاف واغتيال وتغييب مئات اخرى منهم, قضية اكبر من مجرد عملية قتل جنائية عادية بل هو فعل ارهابي سياسي ممنهج, ارتكب بدم بارد, طال الآلاف من المواطنين العزل, بأيدي غادرة وسلاح حكومي, هدفه إسكات اصوات المطالبين بحقوقهم الأساسية الشرعية سلمياً.

ان وضع هذا المطلب موضع التطبيق, سيفتح المجال واسعاً امام اجراء انتخابات حرة وديمقراطية حقاً بعد استبعاد المجرمين قتلة ابناء العراقيين وسارقي أحلامهم...غير ذلك كله هراء !

يحاول البعض تسويف الأمور بحجة ترتيب الأولويات, وذلك حسب مزاجه بتقديم إجراء الأنتخابات وتأجيل الكشف عن قتلة المنتفضين لحين الإتيان بحكومة كاملة الصلاحيات, تكون اولى مهامها  الكشف عن إرهابيي الميليشيات وملاحقتهم قضائياً.
 لكن الوقائع على الأرض لا تُنبأ بخير ", فحساب الحقل لا يطابق حساب البيدر ", ولا يمكن لمن له مسكة من عقل تصديق هذا الوعد الجديد.

 لاسيما ونحن نشهد إستماتة قوى الفساد والمحاصصة لأدامة وجودها في السلطة للتهرب من استحقاقات الحساب الشعبي,  وتكرار تجربة التحاصص النهبوية حسب ما تفرضه تسعيرة بورصة سوق مريدي لكل نائب منهم وخارطة توزيعهم الوظيفي... ولا توجد لديهم اية نية لافساح المجال للشباب الوطني لأخذ دوره في ادارة الدولة.


حيث تتوسع, يوما بعد يوم, دائرة القائلين باستحالة أجراء الأنتخابات المبكرة, وانا منهم, بالموعد الذي اقترحه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 6 حزيران 2021, لعدم توفر الأسس والأجواء والبيئة المناسبة لأجرائها.
 فليس من المعقول ان نتوقع من نواب احزاب السلطة المتحاصصة حل مجلس النواب قبل الأوان, وهو أحد الشروط لأجراء أية انتخابات جديدة, والتضحية بامتيازاتهم ومكاسبهم السياسية والمالية وغيرها, قبل الموعد المحدد, واحتمالات اجلاس اغلبهم على بساط الحساب الشعبي والقانوني بعد رفع الحصانة البرلمانية عنهم, لذا فأنهم سيفعلون أرذل الأفاعيل لتعطيل العملية لحين نهاية عمر مجلس النواب الحالي عام 2022.

كما ان مصادرة احزاب المحاصصة المهيمنة على مجلس النواب لأحدى واجبات المفوضية ( المستقلة ) العليا للأنتخابات في رسم خارطة الدوائر الانتخابية وأعدادها, لتفصيلها على مقاساتهم هو دليل اصرار منها لمنع مضي الأمور نحو التغيير المنشود وبالتالي تأجيل كل مطالب الشعب المنتفض واولها مطلب محاسبة قتلة المنتفضين.

ولا يمكن ان ننسى مساعيهم لأبقاء قانون الأحزاب مجمداً, وفي خبر كان, لتمسكهم بحيازة السلاح ولأجل عدم الأفصاح عن مصادر تمويلهم المالي.... اضافة الى الكثير من الأمور الفنية التي طرأت ليس آخرها معضلة سد النقص الحاصل في نِصاب قضاة المحكمة العليا التي تقر شرعية الأنتخابات من عدمها بعد وفاة أحدهم وتقاعد الآخر, وهي عملية تخضع عادة الى صراع محاصصي محتدم لملأ هذه المقاعد الشاغرة, سيستغرق وقتاً طويلاً لحساسية البت فيه, وخشية من ظهور وضع غير مأمون فيها يضع القتلة وسراق المال العام وعبيد الأجنبي تحت طائلة القضاء العادل.

مخلص الكلام :- لايمكن اجراء انتخابات عادلة ودماء الشهداء والجرحى لازالت تفور في الساحات وتنادي : أين حقي ؟ وقلوب امهاتهم تملأها اللوعة ويعصرها الألم. وأوجاع وآهات جرحى الأنتفاضة والمخطوفين والمغيبين تملأ سماء الوطن.










68
" عليّ وعلى أعدائي " - شمشونيات معاصرة !

احسان جواد كاظم


تزخر القصص التوراتية بالشخوص والأحداث, حتى لتشيب من تنوعها رؤوس الشباب, ومنها شخصية " شمشون الجبار " المعروفة, والحدث الأبرز المرتبط بها, وهو تهديمه المعبد على رأسه كما على رؤوس اعداءه, بصيحته التراجيدية الشهيرة : " عليّ وعلى اعدائي "!

 ونرى, اليوم, اعادة انتاج نفس المشهد, بعبثية فجة, لاتُسر المواطن العراقي البتة ! من خلال هجمات الكاتيوشا على البعثات الدبلوماسية والمصالح الوطنية الحيوية, بدعوى طرد المحتل, وهي ممارسات تحاكي الحدث التاريخي وتحاول اسقاطه على الواقع المعاصر في استعادة لذات العقد التاريخية  والسلوكيات العدمية المدمرة, ولكن بشكل اكثر كارثية من سابقتها الشمشونية, دون النظر الى مآلات ما يمكن ان يحدث من تداعيات وعواقب وخيمة للعراق وللعراقيين.

وبغض النظر عن تفصيلات الحكاية التوراتية وغاياتها او فلم " شمشون الجبار " ودوافع منتجيه الفكرية, الذي شاهدته, سابقاً, مع شلّة من اولاد الحي بعد دفع عيدية العيد الشحيحة, في سينما ميامي في مركز بغداد التي هُدمت لاحقاً, ايام حملة صدام الأيمانية, لتتحول الى محطة نقل عام, فأن عموم الحدث يركب مناسباً " بالفت او بالنينية" بالضبط كما " كلاو " على كل ما يحدث اليوم في البلاد من سعي بعض الميليشيات التي ترى في نفسها سيماء شمشونية, لجرّ البلاد, تبعاً لمزاجها, الى أتون حرب مع الأمريكان تحت ذرائع, لايصدق أحداً بأنها تتعلق بسيادة البلاد وخير مواطنيها, وهم يحملون سلاحاً مقوضاً لهيبة هذه الدولة وقامعاً لشعبها.

الفرق الأساسي بين الحدثين, التاريخي منه والمعاصر يكمن في : من هو العدو ؟
... فشمشون التاريخ كان عدوه مركب, ديني - قومي مُعرف :" الأغيّار "... بينما عدو " شماشنة " اليوم من الميليشيات, هو, في حقيقة الأمر, ليس الأجنبي, الأمريكي بالتحديد, الذي جاء بهم الى السلطة, والذي يشاغلونه, بين الفينة والأخرى, بكاتيوشا اعلامية,  وانما عدوهم الحقيقي هو الشعب الذي قمعوه بقسوة وحاولوا اخضاعه وتسييره كما يشاؤون, والذي عاندهم ورفضهم في انتفاضة عارمة, ورفض سياساتهم وسرقاتهم وسلوكهم التسلطي وتبعيتهم.

" الشمشونيون " المحليون يسعون الى تحطيم اعمدة الدولة, لكن ليس على رؤوس الأمريكان الذين الذين تجنبوا اصابتهم المباشرة بقذائفهم, والذين لايقلون شراً مستطيراً عنهم, بل سيكون على رؤوس مواطنيهم...
 فإستمرار الوجود الأمريكي في العراق, هو في حقيقة الأمر ضروري لهم, رغم كلوم قتل سليماني والمهندس, وهم في حاجة اليه... في تخادم مصالح بينهما. فهو مبرر لدعواتهم لمقاومته وضمان لديمومة بقائهم... فبإنسحاب قواتهم, سيفقدون تلك المبررات, لاسيما بعد غياب الحجة التقليدية السابقة - داعش.

انهم يدافعون عن مصالح قادتهم التي هي ليست ذات مصالح المواطن العراقي الذي ملّ الحروب والذي ينزع للسلام والبناء والحياة الحرة الكريمة...
 واذا ما رغبوا حقاً بالأنتحار فليبحثوا عن فنائهم الذاتي بعيداً عن العراقيين, الذين لا يرغبون في اعادة تجربة  الحروب والحصار لأجل عيونهم.

ان انتزاع آلالاف من المواطنين من طوابير العاطلين عن العمل من ضحايا سياساتهم الخاطئة, لزجهم في أتون حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل ليكونوا ضحايا اطماعهم الأنانية. وكالعادة مع اعفاء أبناء قياداتهم ومن تحميهم عشيقات عليّة القوم منهم, لن يتكرر !






69
الإستخذاء امام تهديد الخارج وقمع تطلعات الداخل

احسان جواد كاظم


الأنقلاب الدراماتيكي, بين ليلة وضحاها, في مواقف قادة ميليشيات احزاب السلطة من مجمل قضايا الوطن بعد التهديد الأمريكي بالتعامل بشدة مع مطلقي الكاتيوشا على محيط سفارتهم في المنطقة الخضراء, بعد ان ضاقوا ذرعاً منها, كان مدعاة للتهكم في الأوساط الشعبية, التي رأت فيه إنكفاءاً يفتقر الى ادنى صور اللياقة والشجاعة التي كان هؤلاء القادة لأيام سابقة يتنافخون ويتنافحون ويتنافجون في مقاومتهم للمحتل ووجوب طرده ويهددون الحكومة ورئيسها الى ان " يغلس " يغض النظر عما يفعلون.

الأكثر مضاضة ان هذا التراجع حدث بسرعة سنة ضوئية, ونتيجة إكراه خارجي, وليس استجابة لأستحقاقات ومطالب شعبية مشروعة مضى عليها سبعة عشر عاماً, ولا هي صحوة ضمير, لذا فأن ابناء شعبنا لا يقيمون لهذا الموقف وزناً, وليسوا معنيين به. وكل ما جاء في بياناتهم من عبارات مثل : هيبة الدولة والأمان وسيادة القانون ومحاسبة قتلة المتظاهرين, لا يقنع بعوضة, ومثلهم عاجز عن توفيرها...فهي بالنهاية ثمرة استخذاء وانبطاح امام شيطانهم الأكبر, وليس نتيجة مراجعة نقدية لجرائمهم ضد البلاد وشعبها وابداء ندم, والتخلي عن السلاح, او استعداد منهم للوقوف امام القضاء واحقاق الحق.

في حقيقة الأمر ان موقفهم الهزيل هذا كان تحصيل حاصل وانجاز من انجازات انتفاضة تشرين - اكتوبر التي ستمر بعد ايام ذكرى سنويتها الأولى, بعد ان هزمتهم بسلميتها وبدماء ضحاياها من شهداء وجرحى ومفقودين ومختطفين, وجردتهم من أسمال قدسيتهم وأهانت تجبرهم وطغيانهم وفضحت رجعية قيمهم وظلامية افكارهم وكشفت مديات تخريبهم لمقدرات البلاد خدمة لأيران.

لابد وانهم بهذا الأنصياع المذل للاعب الأمريكي سيعملون على ترتيب أوضاعهم معه, ولو بتغيير جلودهم الطائفية الى ( ليبرالية ), والتلون كالحرباء لنيل بركته...ويدخلون بعدها حضيرة المطبعين آمنين !



70
أولها قضم الأظافر... آخرها عض الأصابع


احسان جواد كاظم


يعيش رؤوس الفساد حالة قلق غير مسبوقة بعد اعتقالات طالت تابعيهم ومعقبي مصالحهم, لا سيما وانهم يرون بأن الأمور بدأت تفلت من ايديهم, واي تدخل غير محسوب دفاعاً عن متهمين بالفساد سيضعهم في دائرته ( رغم ان جماهير الشعب تعرف يقيناً بتورطهم ), ولا أحد يردع هذا البعبع المسمى مصطفى الكاظمي, الذي أطلقوه من قمقمه في غفلة منهم, من متابعة تهوره في تدمير دولتهم العميقة وتفتيت أسسها التي ظنوا انها كأداء ولا مجال لهدمها.

ان عجزهم عن الأتيان بأي فعل في ظل رفض وكره شعبي لكياناتهم ورموزهم, ونفور ظاهر من قبل المرجعية النجفية يضعهم في حالة غم وكآبة تشبه الى حد بعيد حالة الأكتئاب الخريفي النرويجي المطبقة, ودخولهم مرحلة " خريف البطريرك "*, لكن هذا لايعني بالطبع, انهم لا يراجعون حساباتهم ويتحسبون لبعض أمورهم والا ما كان لتزاحم الأزلام على المطارات لمغادرة البلاد, كما نقلت عواجل القنوات, فهم بذلك يأمنون من ثرثرة هؤلاء واحتمالات تقيأهم بكل ما يعرفون من سرقات اسيادهم طلباً للنجاة او تخفيف العقاب.

قضم الأظافر جاري على قدمٍ ويد, مكلل بأرق يورث الجنون !

لهذا نشهد تخبط تصريحاتهم, فتارة تجدهم يطالبون بهيبة الدولة التي خرّقوها وخرقوها طوال فترة حكمهم, بشتى الطرق.
 وتارة اخرى يتحدثون عن المحاصصة وكأنها مسخ غريب لم يكن وليد أرحامهم النجسة...

 " وعلى الحرة العفيفة نغل ذبن ". كما يقول الشاعر الفقيد سعد محمد الحسن.

" أمر لا يتناطح فيه كبشان " - لقد سجلت حقبتهم في سجل التاريخ العراقي بالأسوأ  وأودعت في أكثر الدرجات قرباً من الجحيم بعد ان حولوا العراق الى يباب رهيب تجاوز اليباب الأليوتي* بمراحل.

أرادوا للعراقي ان يصرخ صرخة الأنسان المستلب الواقف على جسر كما في لوحة النرويجي " إدفارت مونك " الشهيرة " الصرخة " والتي تجسد ملامح الفزع والقنوط...

لكن العراقي أطلقها صرخة تحدي " اريد وطن " من على جسر الجمهورية - ساحة التحرير من وسط بغداد.

ولأنهم يرون الأمور من قفا, فان أوان " عض الأصابع " ندماً قد حان !

وأصبحت نصيحة محمود درويش راهنة اكثر من اي وقت مضى, فأغتنموها فرصة : " احملوا أسماءكم وانصرفوا "!





*رواية " خريف البطريرك " للكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز

* قصيدة " اليباب " ل  ت. أس. أليوت.
















71
المنبر الحر / هذيان المهزومين !
« في: 18:12 10/09/2020  »
هذيان المهزومين !
احسان جواد كاظم


يحاول المهزوم العتل, عادة, التشبث بخطاب يقلب الحقائق والمفاهيم لتبرير افعاله الشيطانية ويحولها الى ملائكية, فيستبشع جميلاً ويستحلي بشعاً, تبعاً لمصلحته.

فالمتابع لتصريحات رؤوس طغمة الفساد وأذرعها المسلحة وربكتهم نتيجة الأنتفاضة, يراهم قد غيروا الموجة وانقلبوا, فجأة وبقدرة قادر, من مقوضين لأمن المواطن ومنتهكين لهيبة الدولة واتباع للأجانب ورعاة للفساد الى عشاق مولهين بهيبة الدولة وضبط النظام العام, ووطنيين اقحاح, رغم تدججهم بالسلاح لحد انوفهم وخرقهم لقوانين دولتهم, ليل نهار, عالرايح والجاي, وتهديداتهم العلنية الصريحة بتدمير البلاد او تصفية رئيسي الوزراء والجمهورية.

احدهم المتعود ان يثرثر عن رأسين, أعلن, دون دليل, بلوذعية العارف بان نسبة المتظاهرين السلميين  في ساحات انتفاضة تشرين / اكتوبر المجيدة لا يتعدى ( لو تريد تكتل نفسها ) 2 %. و ( غلس عن ) وتجاهل  الأحصائيات الأممية التي وثقت سلميتهم, بالأشارة الى تقديم المنتفضين عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمختطفين والمغيبين والمعتقلين والذين أُغتيلوا غدراً, على يد قتلة, تتجنب حكومته الكشف عنهم.
 بينما خانه ذكاؤه عندما لم يتطرق الى خسائر القناصة وأصحاب الكواتم وحملة بنادق الصيد والأسلحة النارية, ومجاميع الأختطاف والأغتيال, الذين استهدفتهم  ال 98%  من المتظاهرين غير السلميين المزعومين.

ويبدو اتهامهم الآخرين بالدفع للحرب الأهلية والأنقلابات بائساً. فالشعب يعرف بأن ما من أحد يرغب ويستطيع بعث هذا البعبع من قمقمه سواهم, لأنهم من يملكون السلاح والنفوذ والمال والاعلام والدعم الخارجي وامكانيات الدولة وسلاحها وباجاتها, وشبكة الأعوان في دوائر ومؤسسات الدولة وهم من يستطيعون ان يقلبوا عاليها سافلها.

حجتهم التي تُضحك الثكلى, هي قيام شباب مندفع دمّر مقرات احزابهم في الناصرية... شباب متيقن بأن العبوات الناسفة التي زُرعت في خيامهم وعلى اطراف ساحة اعتصامهم جاءت منها, وان مجاميع الاغتيال تحركت من هذه المقرات التي هي عبارة عن مراكز حجز وتعذيب وتنكيل وملاذ لأصحاب الكواتم الذين صفّوا غِيلةً أعز زملائهم...

وان كان في هذا العمل اعتداءاً على  ممتلكات خاصة ( وهي أغلبها مغتصبة ) فأنه لا يوازي بأي شكل من الأشكال حفلات الدم التي بيّتوها للمتظاهرين السلميين.

ولفرط خواء جعبتهم من ادلة على هؤلاء الشباب العزل, تشبثوا بدعوة فيسبوكية مجهولة, لينسبونها للمنتفضين جوراً, تلّوح بحمل السلاح لمواجهة قتلة المتظاهرين...

بينما يعرف القاصي والداني ان السلمية وليس حمل السلاح هو نهج المنتفضين طوال ما يقارب العام منذ اندلاع الانتفاضة, وقد أعجزوا قاتليهم من جرّهم الى طريق العنف المسلح...
واصبح الشارع العراقي يعي بأن ما من مستفيد من هكذا دعوة سوى القتلة, وما تركيزهم عليها وتضخيم معانيها الا ليتسللوا لواذاً من المستنقع الذي ولغوا فيه, مستنقع معاداة شعب ثائر.

وتجدر الأشارة بأن بعض الناشطين السلميين يؤكدون بأن هذه الدعوة خرجت من ( عب ) أزلامهم المندسين في ساحات الأعتصام و ذبابهم الألكتروني لخلط الأوراق وشيطنة الأنتفاضة.

كما لا يغيب عن بال أحد بأن اول من دعا للأنتخابات الحرة المبكرة باشراف أممي كسبيل للتغيير, هم منتفضو تشرين. وليس من المعقول ان تطالب بهذا المطلب المشروع جهة تسعى للقتال وسفك الدماء, بل على العكس, عن شباب متمسك ببنود الدستور والأصول الديمقراطية في التداول السلمي للسلطة, ويجنح للسلام لبلوغ أهدافه, لذا فأن تشويه مواقفهم باتت عقيمة... لا تنطلي على العراقيين.

ويدهش المرء لسرعة تحول موضوعة " هيبة الدولة " لأعز ما على قلب رئيس وزراء سابق بعد حادثة تهديم مقرات احزاب اسلامية مهجورة, وتهويشاته ضدهم! بينما شهد عهده الوان متعددة من التجاوزات على هذه الهيبة بل تمريغها بالتراب, ابتداءاً من تعريض وحدة البلاد للخطر, بعد فشله كقائد عام للقوات المسلحة في مواجهة شرذمة ضالة من ارهابيي داعش لتحتل ثلث البلاد, وفي وأد  النزعات الأنفصالية ومخاطر تقسيم البلاد, ثم رجاؤه الذليل للأمريكان للعودة ودول اخرى لانجاز ما لم يستطع انجازه... مترافقاً بدعمه لتغول ايراني في التحكم بأمور البلاد, بذريعة المساعدة في مواجهة الدواعش. ثم تمكين مجاميع مسلحة من العبث بمقدرات الوطن والمواطن...

 وكل ذلك هدد كيان الدولة وليس فقط ثلم هيبتها التي يسكب دموع الأسى على انتهاكها من قبل الشباب.

لهذا فأن حديثهم أليوم عن " هيبة الدولة " المنسية طوال عشرات السنين من تسلطهم, هو مجرد ورقة سياسية لأحراج وابتزاز غريمهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, الذي يطالبه الشعب  بمعالجة الأسباب التي أدت الى هذا الدمار وعدم الأنشغال كثيراً بالنتائج.

الرفض الشعبي لهم غالق ( غالق عالقضية ) وآفاق نظامهم مسدودة. كذلك المرجعية الدينية العليا في النجف التي يتبجحون بولائهم لها ودعمها لهم لا تطيق رؤية وجوه قادتهم ولا تستقبلهم.

حنقبازيو السياسة يعرفون بأن أوانهم قد أزف بعد ان ثقلت اوزارهم بجرائم القتل وسرقة المال العام, ولا مجال, بعد اليوم, للألتفاف على الوعي الشعبي الذي أطلق الأنتفاضة ثم صقلته في أتونها.

هزمتهم انتفاضة شعب مدمى !


72


قراءة أولية لسياسات ومواقف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي





تتوجه الانظار والآمال نحو حكومة رئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي الذي يبدو ان الوعود التي أطلقها للمواطنين وكرر التزامه بتحقيقها تختلف عن خطاب من سبقوه من رؤساء الحكومات المتعاقبة, الذين لم يحققوا وعداً واحداً من وعودهم للعراقيين, انما قدموا لأحزابهم المتحاصصة المراكز والامتيازات والغنائم ومكنت مليشياتهم من الأمساك بخناق العراقيين وفرض ممارساتها في هضم حقوقهم وتقويض حرياتهم.

والسبب وراء استقبال المواطنين الأيجابي لخطاب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, هو أولاً لعدم انتماءه الى دائرة الأحزاب الأسلامية او المتحاصصين معها, فهو ذو توجه مدني علماني.

كما لا يعرف عنه, انه تورط بسرقة المال العام او استغلال موقعه كرئيس للاستخبارات العسكرية للحصول على منافع شخصية, وعدم اشتراك دائرته في الصراعات الدائرة بين قيادات الأجهزة الامنية وكذلك المليشيات الحزبية على مراكز النفوذ, ولعدم تورط جهازه الأمني المهم في عمليات قمع للمتظاهرين والمنتفضين كما كان سائداً في الحقب السابقة, على نقيض ممارسات القتل والخطف والأغتيال التي مارستها قوى محسوبة تارة على اجهزة الحكومة وتارة اخرى على المليشيات الحزبية.

وصل السيد مصطفى الكاظمي الى سدة رئاسة الوزارة إثر أزمة سياسية واقتصادية خانقة, حيث الأزمة البنيوية الحادة التي تعصف بنظام المحاصصة الطائفي - العرقي والآفاق المسدودة لأستمراره, وفساد اداري مستفحل, وانتفاضة شعبية عارمة تطالب بالتغيير, قمعت بوحشية.

وبعد ان أفشل المنتفضون كل محاولات احزاب السلطة في فرض شخوص من نفس دائرتها لرئاسة الوزارة, صوتوا في مجلس النواب, على مضض, على المستقل السيد مصطفى الكاظمي بأعتباره الخيار الأخير الذي قد ينقذها من غضب الشعب, يُقضّون به الفترة الأنتقالية المحدودة... ولم يأبهوا للوعود التي أطلقها بوضع البلاد على سكة التغيير ومحاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين السلميين وغيرها من شعارات براقة تعودوا على سماعها ممن سبقوه من رؤساء الوزارات.

لكن اليوم وبعد ان أصبح الأمر واقعاً ووقع الفاس بالراس... اصبحوا متيقنين بأن اختياره كان كارثة حقيقية وورطة سياسية يصعب التعامل معها, بعد ان تبين لهم انه رئيس وزراء آمر وليس مؤتمر, لاسيما بعد تقريبه لعسكريين أكفاء يحظون باحترام شعبي, قاتلوا ببسالة ارهابيي داعش وسحقوا دولتهم, جرى استبعادهم سابقاً لأجل عيون قادة المليشيات التابعين لأيران.

وقد رُفع بأعادتهم الى مواقعهم القيادية, شبح المليشيات على القوات المسلحة.

مصطفى الكاظمي غير المنتمي لأحزاب الأسلام السياسي الحاكمة والذي ليس له سند سياسي ولا برلماني, كان لابد من ان يبحث عن سند شعبي, بالتوجه الى شباب الانتفاضة قاطرة التغيير وعموم المواطنين لنيل رضاهم, رغم التوجس العام الموروث من اصحاب السلطة.

وقد تفاجأت الأحزاب المهيمنة الحاكمة بموقفه من دفع رواتب المواطنين المتقاعدين المتأخرة لشهور عديدة, والذي حاول ممثلهم في هيئة التقاعد العامة إحراجه بتأخيرها, بحسب ما كان معمولاً به سابقاً, الا انه زار بنفسه مقر الهيئة وأمر بدفع الرواتب كاملة ثم نحى رئيسها الذي كان معشعشاً فيها, محاصصياً, لسنين طويلة ويمارس ابتزاز المواطنين المتقاعدين بأمرهم.
وتلك كانت اولى خسارات احزاب السلطة وأولى نجاحاته وتسديده هدفاً في شباكهم. أنعشت الآمال الشعبية بصدقيته.

الحادثة الأكبر والتي أرعبت المليشيات واحزابها كانت بتجرأه على اعتقال افراد ما سميت ب" خلية كاتيوشا البو عيثة " التابعة لمليشيا حزب الله الأكثر بطشاً, وهو أمر لم يقدم عليه أحد قبله بعد 2003, وتسليمهم للقضاء حسب ما تقتضيه السياقات الأدارية والقانونية التي تقع في اطار مسؤوليات السلطة التنفيذية بأعتباره رئيساً لها, لكن المحكمة أرتات اطلاق سراحهم لأسباب أثارت حفيظة المواطنين المكتوين بنار المليشيات... فأعقب الابتهاج الشعبي بأعتقالهم إمتعاضاً !

ولكنه, بالنهاية, كان قد رمى رميته وسدد الكرة في مرمى السلطات القضائية بعد ان ادى ما يقع في اطار مهامه الدستورية كسلطة تنفيذية وأخلى مسؤوليته من تبعاتها.

وأظهرت الاستفزازات المليشياوية الأستعراضية وافعالها الصبيانية, التي أعقبت العملية, الى انه اصابهم في مقتل واطاح بعنجهيتهم, رغم استمرارهم بالتعرض لمنشآت الدولة العامة ومعسكرات القوات المسلحة والمطارات بالكاتيوشا للثأر لكبريائهم المهانة.

اعتقد بأن مواقف وسياسات وتكتيكات الكاظمي تستند الى الأستفادة القصوى من اخطاء احزاب الفساد ورعونة مليشياتها, والبناء عليها لترسيخ سلطته وتعزيز الثقة الشعبية بأجراءاته, وهذا عين الصواب.

وفي ظل الأزمة الأقتصادية الحادة للبلاد, كان لابد من ان يبحث عن سبل لسد احتياجات الميزانية العامة التي استلمها فاضية تقريباً, وبعد تراجع اسعار النفط وانخفاض مستويات تصديره, فكانت الخطوة الموفقة بضبط المنافذ الحدودية البرية والبحرية والجوية وفرض سلطة الدولة, وطرد المسؤولين الفاسدين فيها وتقويض سيطرة المليشيات والمافيات فيها, فكانت ضربة مؤثرة لقوى الفساد ومكاتب احزاب السلطة الأقتصادية.
وهو انجاز يحسب له... الأرادة الشعبية تطالب بتعزيزه.

كما ان لقاءاته المباشرة مع شرائح متعددة من خريجي الجامعات واصحاب الشهادات العليا, وايعازه باستيعابهم في مؤسسات الدولة, قد عزز من شعبيته ومن ثقة المواطنين من وجود مساعي حقيقية من قبله لتحسين أوضاعهم, حسب الأمكان.

من الطريف ان يحاسب بعض سياسيي واعلاميي احزاب السلطة السيد الكاظمي بعد مرور مئة يوم من حكمه على ما خربوه طوال اكثر من خمسة عشر عاماً من حكمهم, ويطالبوه بأصلاحه !

لايمكن بالطبع توقع انجازات سريعة, لصعوبة الأوضاع وتعقد الظروف ومقاومة جبهة الفساد المتغلغة في اجهزة الدولة, إلا ان بعض الأجراءات الأدارية التي تبدو بسيطة وليست ذات تأثير, كانت ضرورية لتمهيد الطريق للشروع في توجهات اعمق واكبر, وهي خطوات متأنية بأتجاه اصلاحاته المنشودة, مثل التغييرات في الطاقم الأداري في رئاسة الوزراء مع توظيفه شخصيات متنفذة من احزاب السلطة الى مستشارين ليس لديهم سلطة القرار, احتساباً للتوازنات السياسية, على الأرجح, وهذا ما يُشكل عليه بعض المتشككين.

أتوقعه مستوعباً لحقيقة وجود هذا الطابور الخامس قريباً من مواقع اتخاذ القرار, وخطورة ذلك وضرورة الحذر منهم, ولابد ان يكون هناك من طاقم مستشاريه من نبهه الى ذلك لو افترضنا غفلته عنهم.

الظاهر انه يحاول تجنب إبقاء ثغرات في سياساته وإجراءاته يمكن ان يستفيد منها المتربصين به والمتصيدين بالماء العكر... فالحذر أساس عمله, لهذا يصبح توقع ثمرات ناضجة قابلة للقطف سريعاً, أمراً عسيراً... فهي ستبقى مشرعة لشمس النضوج... وانا أيضاً من الناس الذي نفذ صبره من انتظار موسم القطاف, ولكن للضرورة أحكام !

نتائج زيارته للولايات المتحدة وثمرات عقده لأتفاقيات اقتصادية في مجال الكهرباء بالخصوص, وكذلك فتح آفاق تعاون اقتصادي مع دول عربية وبوابات جديدة كانت مغلقة للأقتصاد العراقي, هو ما يهم المواطن العراقي, ويرغب رؤيتها على أرض الواقع بأسرع وقت ممكن .

ان دينامكية تحركات السيد الكاظمي تعكس سعيه الحثيث لخدمة العراق والعراقيين وهي سمة يُثاب عليها, تتقاطع نوعياً مع جمود او سلحفائية ما سبقوه من رؤساء الوزراء " الخدجية " السابقين.

فقد كان توجهه المباشر الى محافظة البصرة مباشرة بعد رجوعه من الولايات المتحدة للبت بأمر مواجهة استباحة المليشيات والعصابات الأجرامية للمحافظة وسكانها, طريقة تعامل غير مسبوقة لمسؤول حكومي رفيع على مستوى رئيس الوزراء في تاريخ العراق, تعودنا التجاهل الفض من سابقيه ان لم تكن التغطية على جرائم القتلة.

وقد تلقى العراقيين, بتفاؤل, حزمة قراراته كقائد عام للقوات المسلحة بتنحية قيادات أمنية في المحافظة تابعة لسلطة الأحزاب الأسلامية, متورطة بقمع المتظاهرين, متواطئة مع مليشيات القتل ومافيات التهريب, وهو ما أعتبر ضربة جديدة لهذه الأحزاب, وتنفيذاً لمطلب شعبي... يتطلع الى استكمال هذا الأجراء بتقديمهم للقضاء لينالوا جزائهم العادل, وكذلك بإقالة المحافظ الذي كان أحدى أدوات القمع السلطوي وعنوان للفساد في البصرة.
ان انتزاع محافظة البصرة بما تشكله من أهمية استراتيجية من سيطرة المليشيات وأحزابها يعني تجفيف لمواردها وبالتالي إستتاب الأوضاع الأمنية وحل للأزمة الأقتصادية التي تعصف بالبلاد وتفتح آفاق تطوير البنى التحتية والبدأ بعمليات البناء.

لقد الهبت جرائم اغتيال المنتفضين في البصرة والناصرية وغيرها من محافظات البلاد نار الانتفاضة بدل ان تخمدها, وزادتهم عزماً على المطالبة بالكشف عن قتلة رفاقهم وتقديمهم للعدالة, وعلى انتزاع حقوقهم من سالبيها, خصوصاً بعد حملات التشويه الأعلامية التي طالتهم من قبل قيادات إسلامية حزبية وبرلمانية سقطت في امتحان الوطنية والسياسة كما في امتحان الحياة
ونالت المقت الشعبي.

وتبقى مهمة كل وطني عراقي يطمح الى مستقبل افضل... تجنيب شعبنا إراقة المزيد من الدماء!


73
هل افتتحت ثورة 14 تموز 1958 حقاً عهد الأنقلابات العسكرية ؟

احسان جواد كاظم


وقائع التاريخ العراقي تجيب على هذا السؤال بالنفي !

فتاريخ العراق قبل قيام الثورة حافل بالعديد من هذه المحاولات من طلاب السلطة والجاه والمغامرين.

فأول انقلاب عسكري عراقياً ( وكذلك صنف الأول عربياً ايضاً )  قاده الفريق الركن بكر صدقي ( 1886 - 1937 ) ذو الميول القومية عام  1936, تكلل بإزاحة حكومة ياسين الهاشمي ومقتل جعفر العسكري. وثلاثتهم المذكورون كانوا ضباطاً في الجيش العثماني المنحل.

الملك غازي نصبه بعدها رئيساً لأركان الجيش بدلاً من طه الهاشمي. ثم سيطر لاحقاً على مقاليد البلاد تماماً بعد هروب نخبة السلطة المقربين من القصر الملكي من امثال نوري السعيد ورشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي الى خارج البلاد.
جرى اغتياله في الموصل وهو في طريقه الى تركيا للمشاركة في مناورات عسكرية هناك, وقد قيل ان  عملية الأغتيال مدبرة من قبل العقيد فهمي سعيد ( الذي شارك لاحقاً في حركة انقلاب رشيد عالي الكيلاني عام 1941 ) والضابط محمود خورشيد, ببصمات استخباراتية بريطانية.

عملية اغتياله هذه كانت بمثابة الأنقلاب الدموي الثاني في التاريخ العراقي.

كما يمكن اعتبار الموت المفاجيء للملك غازي بن فيصل الأول ( 1912 -  1939 ) في حادث سير , انقلاباً ايضاً, بسبب التكهنات التي دارت حول احتمال تصفيته من قبل نوري السعيد والأنكليز, وتناقض تشخيص الأطباء الذين عاينوا الجثة مع تقرير اللجنة الطبية الخاصة برئاسة الطبيب البريطاني سندرسن. وشكوك بعضهم في طبيعة اصابته التي قد تكون بآلة حادة على مؤخرة رأسه وليس بسبب الأصطدام بعمود كهرباء... اضافة الى الأختفاء الغامض لخادمه المرافق.

اعتبر مؤيدوه من العراقيين الحادث انقلاباً مدبراً من قبل اخ زوجته عبد الأله ذو الميول الأنكليزية, بسبب ميوله القومية العربية ومناهضته للانكليز باعتباهم ناهبين لنفط البلاد وآثارها, وظهور اولى بوادر تقاربه مع المانيا النازية قبل الحرب العالمية الثانية, وانشاءه اذاعة تشيد بالنازية في قصر الرحاب نكاية بالأنكليز.

الأنقلاب الأشهر كان بعد تشكيل السياسي المعروف رشيد عالي الكيلاني ( 1892 - 1965 ) حكومة " الأنقاذ الوطني " اثناء الحرب العالمية الثانية بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية ومحاولته إقصاء الوصي على العرش عبد الأله بن علي (1913 -  1958 ) المقرب من الأنكليز وتنصيب الشريف شرف وصياً على العرش بدلاً عنه. وهرب الأول الى خارج البلاد.
وكان رشيد عالي الكيلاني ومجموعة العقداء الأربعة, المقربة منه, صلاح الدين الصباغ  وفهمي سعيد ( المشارك في اغتيال بكر صدقي ) ومحمود سليمان وكامل شبيب, معروفون بمعارضتهم للأحتلال البريطاني للعراق وبميولهم القومية العربية, وانحيازهم لدول المحور ( المانيا ايطاليا اليابان ) ضد دول الحلفاء ( بريطانيا المحتلة للعراق وامريكا والاتحاد السوفيتي... ). حيث انتشرت الدعاية النازية في العراق وحصل حينها ما يسمى ب" الفرهود " والأعتداءات على مواطنينا اليهود.
وقد زار رشيد عالي الكيلاني بمعية الشيخ أمين الحسيني مفتي القدس برلين حينها, وقابلا الفوهرر النازي ادولف هتلر.

عودة الوصي عبد الأله ونوري السعيد الى الحكم انقلابياً بتدخل عسكري بريطاني مباشر لصالحهما, واجهاض حركة رشيد عالي الكيلاني وهروبه الى الأردن واعدام رفاقه العقداء الأربعة, لتثبيت مواقع قوات الأحتلال في البلاد.



السمة المميزة للأنقلابات العسكرية التي تبرر غالباً سبب تدبيرها بأنه كان استجابة للأرادة الشعبية الساخطة على وضع معين, لكنها تخفق في تحقيق تغييراً حقيقياً في طبيعة النظام, فهي لا تضع في حسبانها قضية تحسين ظروف واقع الحياة الأجتماعية والأقتصادية لصالح من تدعي قيامها لأجلهم بل مجرد الهيمنة وركوب الكرسي, فقد بقيت مؤشرات الفقر والأمية وانتشار الأمراض بأعلى مستوياتها مع تغول الأقطاع ضد الفلاحين المعدمين وعسف السلطات ضد المعارضين والفتك بهم.

لقد كانت ثورة تموز 1958 نفسها ضحية انقلاب دموي فاشي دبرته المخابرات الأمريكية والبريطانية بدعم من شركات النفط الأجنبية وقوى الردة المحلية من اقطاع محلي ورجال دين رجعيين والطابور الخامس  في السلطة, المتضررة من مواقفها الوطنية والتقدمية والتغييرات الأقتصادية الأجتماعية العميقة التي أحدثتها في كل مجالات الحياة العراقية, رغم قصر عمرها.

 ولكل من يحاول ادراجها في خانة الأنقلابات العسكرية التقليدية الفوقية, فأن مايدحض ادعائاتهم ويؤكد كونها ثورة هو قيامها على أساس تآلف وطني مدني ( جبهة الأتحاد الوطني ) - عسكري ( الضباط الأحرار ), اضافة الى كمية ونوعية انجازاتها وسعة التأييد الشعبي العارم لها, ومستويات الحقد والضغينة السوداء التي اعتملت في صدور اعدائها, وحجم التضحيات الجسام التي قدمتها القوى الشعبية بعد التآمر عليها واسقاطها في 8 شباط الأسود.



74
الأول من تشرين الأول / اكتوبر عيداً وطنياً للعراق !


احسان جواد كاظم


شكل اندلاع انتفاضة تشرين الأول / اكتوبر الشعبية في العام الماضي والتي لازالت مستمرة, حدثاً بارزاً في التاريخ العراقي المعاصر, حتى أصبحت الأيام بعدها تؤرخ بأحداث ما قبل انتفاضة اكتوبر وما بعدها.

فهي الانتفاضة الأولى التي شارك فيها ملايين العراقيين من طبقات اجتماعية مختلفة وشرائح اجتماعية متنوعة ونخب فكرية بارزة, اغلبهم من الشباب الواعد الذي ولد بعد 2003 ضد طغمة فاسدة .

هي الانتفاضة الفريدة في سلميتها وشعاراتها  وفعالياتها وافعالها, وديناميكية تطور اهدافها, التي مثلت بديلاً مشرقاً لسنوات الاستبداد والفساد والطائفية السياسية.

هي الانتفاضة الأولى التي اجمع العراقيون فيها على انتزاع حقوقهم المشروعة وحرياتهم غير المنقوصة والأمان الاجتماعي من مغتصبيها او مانعيها.

الانتفاضة التي حطمت كل ما بنته قوى الظلام والتخلف من فرقة طائفية وعرقية, ورسمت خطوط مستقبل واعد من الوحدة الوطنية والأئتلاف الشعبي وثقافة التنوع المتفاعل, واسقطت قدسيات زائفة تحكمت برقاب العراقيين باسم الدين والمذهب والعرف العشائري.

هي الانتفاضة التي اسقطت رئيس وزراء وأفشلت تنصيب آخرين منذ انتفاضة تشرين الثاني 1952.

هي الانتفاضة التي تعرضت لأبشع غدر سلطوي وهمجية دموية, اعتلى على اثرها مئات الشهداء من المتظاهرين والمنتفضين العزل سلالم المجد والخلود بعد قنص وقمع وحشي بربري من قبل ميليشيات اجرامية واطراف حزبية اسلامية من داخل المنظومة الأمنية الرسمية لأسكات اصواتهم.

هي الانتفاضة التي جرح وتعوق فيها اكثر من ثلاثين ألفاً من المنتفضين السلميين نتيجة ارهاب السلطة... واختطف ازلامها المئات وتغييب العشرات من المختطفات والمختطفين في معتقلات سرية.

هي الانتفاضة التي تعرضت لأكبر عملية تشويه وتزييف لقيمها ومبادئها وافتراء على شاباتها وشبابها, في التاريخ العراقي, من قبل فضائيات مافيات الفساد والقتل وطبالة الصحافة الصفراء الخادمة للأجنبي وعمائم التخلف.

هي الانتفاضة التي تآمرت عليها جهات خارجية وأرسلت جنرالاتها ليقدموا خبراتهم في قمع المنتفضين واخمادها.

هي الانتفاضة التي حطمت المرأة العراقية فيها قيود التخلف الاجتماعي والظلامية, واثبتت وجودها كفاعل اول شأنها شأن الرجل, ومشاركتها بشكل مبهر, في تنظيمها وقيادة بعض مفاصلها.

هي الحدث التاريخي الأكبر في حجم المشاركة الطلابية الواسعة من جامعات وكليات والمدارس الثانوية وحتى تلاميذ الصفوف المتوسطة والابتدائية, وتناديهم المستمر لأدامة زخم الانتفاضة وصيانتها.

هي الانتفاضة التي شهدت اكبر وأوسع مشاركة من الجيش الابيض من أطباء ومساعدين طبيين وممرضين وفنيي مختبرات وصيادلة... سهروا على سلامة المنتفضين ومداواة جراحاتهم, واول استعمال واسع للكمامات الواقية من الغازات قبل انتشار فايروس كورونا في الواقع العراقي.

هي الأنتفاضة الأولى التي جمعت نخب ثقافية من مشارب مختلفة واخرى علمية من مجالات متنوعة وممثلي نقابات مهنية... شعراء ممثلين مطربين تشكيليين موسيقيين نحاتين معلمين محامين اطباء حرفيين فلاحين عمال...

هي الحدث الوطني الذي حضى باوسع تأييد وتضامن شعبي في التاريخ الوطني تمثل بالكم الهائل من الدعومات المادية والمعنوية والجهود الفردية لنساء شعبيات واصحاب مهن وسواق تكتك وتجار وكسبة وعمال خدمة ومزارعين...

هي الانتفاضة الأنصع التي اظهرت معدن المواطن العراقي الشهم الشجاع, وتوقه للحرية والحياة السعيدة الآمنة والعدالة الأجتماعية.

هي الانتفاضة التي قدمت الكثير من الجنود المجهولين من ابطال مكافحة قذائف قوات الشغب وحراس الساتر الأول على خطوط التماس, وداعميهم اللوجستيين, ومعدي قناني خمرة معالجة سموم الدخانيات ومسعفي الجرحى.

هي الانتفاضة التي نظمت فيها كرنفالات الفرح واعراس العشاق والندوات الفكرية ومهرجانات الشعر والفنون الأدبية والمسابقات الرياضية.

هي الانتفاضة التي كانت فضاء لعب ومرح وضحك لأطفال العراقيين وساحة لرقصهم.

هي الحدث الأستثنائي الأول الذي اعاد الحياة والألوان والاضاءة الزاهية لساحات الوطن المظلمة وتزيين شوارعه المهملة... واحياء بناية المطعم التركي في بغداد والباسها حلة قشيبة بعد ان كانت لعقود طويلة هيكلاً كئيباً مهملاً وسط العاصمة, بجهود وابداع مهندسين وفنيين وعمال كهرباء متطوعين, والذي اصبح بعدها احدى ايقونات الانتفاضة لولا استيلاء اعداء الجمال عليه مرة اخرى وتحويله الى موقع رصد ومراقبة للمتظاهرين ومكب زبالة.

هي الانتفاضة التي كشفت وعرّت نذالة احزاب الفساد والتخلف والرجعية, وفاشية وبربرية ميليشياتها المجرمة.

هي الحدث الأكبر الذي غنت به جموع المنتفضين نشيد " موطني " والدموع تنهمر من عيونهم.

لكل هذا ولربما لأكثر من ذلك يستحق هذا اليوم ان يكون عيداً وطنياً للعراق والعراقيين.



75
صواريخ الكاتيوشا... إستجداء ميليشياوي للصدام المسلح !


احسان جواد كاظم

 اختلفت الأهداف التي وُجهت لها قذائف الكاتيوشا هذه المرة عن سابقاتها. فقد سقطت على معسكرات للجيش والقوات الأمنية العراقية في معسكر التاجي القريب من بغداد, بينما كانت توجه سابقاً الى معسكرات مشتركة تتواجد فيها قوات امريكية الى جانب العراقية, او المجمع الدبلوماسي في المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد, بدعوى مقاومة الأحتلال. وهذا يعني حسب القانون العراقي بأن مرتكب هذا الفعل سيخضع لقانون 4 أرهاب.

الميليشيات التي اطلقت هذه القذائف معروفة لدى الأجهزة الامنية, ولو لم تكن تعرفها فان ابسط مواطن يستطيع ان يدلها على مقراتها واعطاء اسماء قادتها... فهي ذاتها التي دأبت على دفع الأوضاع العامة, في حالات سابقة, الى التأزيم عندما تستدعي مصالحها ذلك.

ان مافيات الفساد واذرعتها المسلحة تستشعر مكامن الخطر التي تحيطها بعد الأدانة الشعبية لجرائمها ضد شباب انتفاضة تشرين / اكتوبر المجيدة التي قوضت نفوذها وقضت على عصمتها وكشفت ولاءاتها وكسرت اصنامها, وهي تحصد اليوم نتائج ما زرعته من عداء للشعب, من خلال  اجبار ميليشياتها على غلق مقراتها في محافظات عديدة, كانت حاضنة شعبية لها, كما ان مقراتها في مناطق اخرى في البلاد لا تحضى بالقبول شعبياً... ثم اختفاء واختباء الصف الأول من قادتها, واستقالة رموز لها من مراكز مهمة في الدولة, وكذلك تجرؤ أهالي شهداء انتفاضة تشرين 2019, لأول مرة, على تقديم دعاوى قانونية ضد قيادات هذه الميليشيات من قتلة المتظاهرين, وغالباً ما اصبحت تصريحات قياداتها عرضة للتندر والأستهزاء والأستهجان من قبل جمهور واسع من العراقيين, وقد كان مجرد الدعوة لأخضاعها للقوانين وتنظيم ادوارها كفراً صراحاً.

اضافة الى ما سبق, فأن مستجدات لاحقة عززت من مشاعر قلقها حول مستقبل وجودها, تمثلت بفرض شخصية السيد مصطفى الكاظمي كرئيس للوزراء ضمن صفقة أمريكية - ايرانية, واستدعاءه لقادة عسكريين مرموقين كان لهم دورهم المشرف في دحر داعش وتحرير المدن العراقية من تحت برائنها, تحضى بأحترام شعبي واسع, ترى فيهم مصدر خطر على حرية نشاطاتها, ثم سعيه للسيطرة على المنافذ الحدودية وقطع شريان حياتهم الأقتصادي.

لهذا فأنها تستجدي صداماً مسلحاً مع اجهزة الدولة العسكرية والأمنية بقصفها لمنشآت تابعة للدولة , لتعقيد الأوضاع وربما توجيه الأمور نحو قتال داخلي.

ان التعرض الأخير لمواقع القوات الوطنية المسلحة بالصواريخ, وكذلك لمرفق حيوي مثل مطار بغداد الدولي يطلق بالونات اختبار لعدة جهات رسمية ودينية وكذلك اجنبية يفترض اسنادها لبناء دولة مؤسسات عراقية رصينة :

- اختبار لجدية رئيس الوزراء الكاظمي وتحدي له بنفس الوقت بشأن وعوده بحصر السلاح بيد الدولة.
- اختبار لهيئة الحشد الشعبي, كمؤسسة تخضع لأمرة القائد العام للقوات المسلحة, وموقفها من وجود اطراف فيها تعادي الدولة واجهزتها الدستورية الشرعية.
- اختبار لموقف المرجعية الدينية من هذه الممارسات المناهضة للدولة, بأعتبارها الأب الروحي لهذه الجهات التي لازالت تربط وجودها بفتوى المرجعية.
- اختبار لمدى صبر الأمريكان على ضرب سفارتها بالعاصمة, بعد انسحابها من معسكرات مشتركة والتمركز في مواقع محددة متفق عليها مع الحكومات المتعاقبة السابقة.

مصلحة شعبنا تتطلب تفادي اي صراعات مسلحة يكون وقودها الشباب العراقي, لذا يجب عدم تبليغ هذه الميليشيات مرادها والأنجرار لقتال داخلي معها, وانما التعامل معها على اساس القانون وقطع شرايينها الأقتصادية ومصادر نفوذها, ثم وضع المرجعية الدينية وهيئة الحشد الشعبي امام مسؤولياتها التاريخية اتجاه الشعب والوطن.



76
طيور السايلو وجلد الفاسدين فكاهياً


احسان جواد كاظم


أخذت حادثة سايلو النجف لحبوب الحنطة حيزاً واسعاً من اهتمامات وتعليقات المواطنين, اتسمت أغلبها بالسخرية من تعليل أحد المسؤولين على السايلو اسباب النقص : " اكلتها الطيور !".

 فقد التهمت هذه الطيور الشرهة من قوت المواطنين والفقراء منهم بالخصوص, ما مقداره 752 طناً من الحنطة المودعة هناك. وقد قدرت لجنة تحري من هيئة النزاهة وكذلك دائرة الرقابة المالية والتجارية التابعة لوزارة التجارة, قيمة الحنطة المفقودة ب 420 مليون دينار عراقي, خسرتها الميزانية العامة ( ويُذكر ان سعر الطن رسمياً 560 ألف دينار عراقي, حسب ما أورده " موقع النجف مدينتي " على النت ).

لأول مرة في تاريخ العراق منذ 2003, لا تسجل حالة فساد او أختلاس في دائرة حكومية ضد مجهول, وهذا وحده انجاز يثلج قلوب العراقيين, فالفاعل, هذه المرة, موجود يتقافز بيننا وحوصلته تحتوي على قرينة ادانته, ومنقاره يواصل التقاطه لحنطتنا, عينك عينك...

وبقدر ماهو انجاز فأنه تعجيز, لأن مرتكبي الجريمة عددهم لايحصى ولا تستطيع اية قوة شُرطية القاء القبض عليهم, ,فالأمر يحتاج الى معجزة ! ... هذا فيما لو رغب أحد قضاة التحقيق اصدار مذكرة القاء قبض.

أحد أصحاب الشأن اشار الى : " حقيقة ان الحبوب  تُستلم, عادة, من الفلاحين والتجار او المسوقين برطوبة الحصاد, اي رطوبة عالية... تُستلم بما لايزيد عن 12.5 نسبة رطوبة... وهي تبقى في المخازن لفترة غير محدودة, عندها تفقد جزء من رطوبتها, اي انها تفقد جزءاً من وزنها الأصلي, ويتناسب فقدان الوزن طردياً مع فترة الخزن... اضافة الى مفقودات التحميل والخزن ".

تفسير يبدو منطقياً ومقبولاً يدعو للتفهم لأول وهلة.
وما دام الأمر يتعلق بتحميل الطيور دون البشر مسؤولية الضياعات والنقص, أضيف من عندياتي متهميّن محتمليّن آخريّن من فصيلة اللا بشريات, لا أعرف سبب اسقاطهم من دائرة الشبهة, هل هو تواطؤ ام نسيان ؟ ألا وهي القوارض وما تلتهمه و أسراب النمل وما تحمله من حبوب الى جحورها.

لا نعرف من ألهم هذا المسؤول هذا التبرير, لكن تبرير نقص 752 طناً من الحنطة, يبقى غير مقنعاً, فهي كمية كبيرة حقاً...
 فهل يا ترى خسائر الأعوام الماضية كانت بنفس هذا الحجم ؟ ولماذا لم يعلن عن حصول هدر بمثل هذا المقدار في سايلوات اخرى في البلاد ؟ وكيف تتعامل سايلوات العالم مع آفة أسراب الطيور الملتهمة ؟ ولماذا أوصت لجنة التحري بمسائلة القائمين على السايلو اذاً ؟ ويمكن للمرء تسطير الكثير من الأسئلة .

وحتى لو حاولنا تفهم بعض الحجج الفنية, فمن يستطيع ان يقنع ملايين العراقيين الذين عملت احزاب السلطة المتحاصصة طوال حقبة حكمها على غشهم واستغلالهم وسرقتهم ؟
 فقد اثبتت هذه الطغمة انها لم تكن يوماً أهلاً للمسؤولية, بعدم أمانتها وسرقتها لثروات البلاد, واشاعتها لعدم الثقة لدى المواطن الذي أصبح يمقتها ولايصدق أي تصريح تطلقه في اي شأن من شؤون الحياة, لهذا رفضهم وانتفض.

ولنفس السبب, اكتسحت عاصفة التهكمات والسخرية, مواقع التواصل الأجتماعي, وانتعشت صناعة النكتة واطلاق الدعابات لجلد الفاسدين فكاهياً, ولتبرئة الطيور التي لا حول لها ولا قوة ولا حتى محامٍ لها ولا مُعين.

اعترض البعض على قدر السخرية من هذه التبريرات والضحك من حمق الحكام, والتشفي بسقطاتهم, واعتبرها مبالغة, ودعا الى العودة الى الجدية في متابعة ما يجري في واقعنا السياسي.

لا أتذكر من قال بأن " الفرح فعل مقاومة ", لكني متيقن من ان تكريسهما اصبح ضرورة في ظروف بلادنا المأساوية, وسلاح الفكاهة هو بالنهاية سلاح من لاسلاح له, فهو مقاومة ثقافية  سلمية لجور الحاكمين وعسف السلطات وتغول الميليشيات, ومن خلال مواقع التواصل الأجتماعي, الملجأ الأخير, ليثأر بها المواطن لنفسه, ولو معنوياً.

والأدب والفن الساخر, بما يتضمناه من تهكم وتندر ودعابة وتنكيت ومُلح وهزء وقفشات ولمعات وهزل ورسوم ومشاهد كاريكاتورية, حاجة موضوعية مُلحة في ظرفنا الحالي, في ظل شيوع المظاهر الجنائزية والبكائيات وسوداوية الصورة العامة ومناخ الكآبة واعتلاء الوجوه القميئة الكالحة ناصيات الساحات واحتلالها لبرامج الفضائيات.

ولمواجهة كل هذه الفجائعية ووحشية القُبح, ولشفاء الروح المحتقنة للعراقيين جراء كل ما يحدث, لابد من تحفيز مضادات الأكتئاب لديهم مثل هرمون السعادة " السيروتونين ", واثارته بكل ما هو متاح من وسائل, لرفع معدلات الفرح والحبور والمرح والسرور والتفاؤل, والأقبال على الحياة وكل ما هو ايجابي يبعث على الثقة بالنفس, ليلاقي الأنسان مصاعبها بعزيمة وتصميم بعيداً عن روح الأنكسار والدونية والضعف والخنوع والسوداوية التي تريدها لهم قوى التخلف والظلام.

أسهل من تطبيق الحد على طيور السايلو, بنتف ريشها عالآخر بما فيها قوادم أجنحتها  لجعلها مجرد دواب تدب في الأرض ولا تنطلق الى عنان السماء, اعتقال المتسببين بهذا الأهدار في الموارد, والكشف عن السرّاق الحقيقيين وتقديمهم للعدالة.

وقد قيل : " لكل ساقطة لاقطة " !
وهذا ينطبق على حنطة السايلوات المنثورة وطيورها كما على المال العام السائب وسرّاقه .





77
الأهم من ادعاء الفضيلة, العمل بها !


احسان جواد كاظم


قامت قائمة مدعي الفضيلة من احزاب السلطة وهيئاتها على رفع ممثلية الأتحاد الاوربي في العراق وسفارتي كندا والمملكة المتحدة علم المثليين " قوس قزح " على أبنيتها, كأحتفال ب " اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية والتحول الجنسي " والذي يصادف يوم 17 آيار من كل عام...

وهم بفعلهم الأحتجاجي هذا قاموا بدعاية واعلان مجاني للمناسبة التي لم يسمع بها العراقيون من قبل, ولعلم المثليين, الذي ربما ان أغلبهم لم يروه في حياتهم او حتى لم يكونوا يعرفون ان لديهم علم.

 من جانب آخر فأن هذا العلم رفعته, حول العالم, هيئات عديدة على بنايات, بعضها تخضع للقانون والعرف الدبلوماسي الدولي. حيث تتموقع عندنا, في مناطق داخل المنطقة الخضراء او مناطق مغلقة اخرى في العاصمة, لا يدخلها سوى الراسخون في السلطة من متنفذيها وتابعيهم, بينما يحظر دخولها على المواطن العادي, ويصعب الوصول اليها, وخصوصاً بعد اغلاق قنصليات الدول ابوابها امام المواطنين الباحثين عن تأشيرات بعد جائحة كورونا.

وهذا يعني من بين ما يعني بأنهم هم فقط من لاحظ رفع هذا العلم, فارادوا توظيفه سياسياً بدعوى الفضيلة واستثمار الحدث لصالحهم.

ان هذه الزوبعة المفتعلة ما هي الا هروب غير مجدي من استحقاقات الواقع المزري, والأفق المسدود التي اوقعوا البلاد والعباد فيها خلال فترة السبعة عشر عاماً من حكمهم, و يحاولون التشبث بعبثية بقضايا هامشية هي آخر اهتمامات المواطن العراقي... الذي لم تعدْ هذه الألاعيب  تنطلي عليه, وتحرف أنظاره عن قضايا مصيرية ومأساوية تقض مضاجعه, وأصبح متعسراً على مدعي الفضيلة تسويق أنفسهم كحراس لها ولقيم الدين بعد تمرغهم برذائل لا تُعد ولا تُحصى وارتكابات يندى لها الجبين.

ظاهرة المثلية ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تفاعل عوامل بيولوجية بيئية... وجدت منذ فجر التاريخ, والتاريخ زاخر بقصصها وحتى في التاريخ الأسلامي وهي ليست لها علاقة بالفضيلة او الرذيلة, لهذا فلا الوعظ الديني ولا القسر الأجتماعي وضع حداً لها, وهي حالة, كما اشار العلماء, متعلقة بجينات كل انسان  تحدد هي ميوله الجنسية ان كانت مثلية الجنس او مغايرة الجنس.

الدراسات العلمية تشير الى ان اغلب الناس يكونون ذو توجه جنسي مغاير ( رجل وامرأة ) ولكن المثلية تكون ما بين ( 2.8 - 9 % ), اي انهم أقلية بين سكان العالم اجمع, تأثيرهم على مناسيب الفضيلة في المجتمعات ضئيلة جداً.

لهذا رفعت هذه الجهات علم المثليين كتعبير تضامني معهم, حيث لازالت بعض المؤسسات الكنسية واحزاب اليمين المتطرف وبعض الأوساط الشعبية في بلدانهم, تناهض أعطائهم حقوق اقرتها مؤسسات انسانية وسياسية محلية وعالمية.

وفي الوقت الذي يتوجه فيه العالم نحو تحقيق اعلى توازن وعدالة في الحقوق لجميع فئات المجتمع بما فيها اقلياته, يصادر دعاة الفضيلة في بلادنا ابسط حقوق الأنسان في العيش بأمان وكرامة وحياة كريمة.

ركوب الفضيلة لغرض رذيلة !

78
تدمير ابراج نقل الطاقة الكهربائية - المستفيدون كُثر والخاسر واحد !

احسان جواد كاظم


عمليات تفجير ابراج نقل الطاقة الكهرباء المغذية لحواضر عراقية عديدة, نُسبت الى شراذم عصابات داعش الارهابية.

الخاسر الأوحد واكثر متضرر منها هو المواطن العراقي, ليس من طرف انقطاع الطاقة الكهربائية فقط, فهي عليلة اصلاً ومستوردة بالأغلب, بل برفع داعش رأسها, بما تمثله من توجه همجي في تطبيق الشريعة الاسلامية, وما تؤججه من احقاد طائفية ودينية, قد تقود الى اقتتال منفلت, وهو الأمر الذي يمقته العراقيون أي مقت !

ارادت داعش, بالتأكيد, تذكير العراقيين بوجهها البشع بهذه الطريقة التدميرية وما تبعها من اعتداءات اجرامية, وتسويق عودتها اعلامياً...
 ولعل توصيلها لهذه الرسالة, هي الفائدة الوحيدة التي ستجنيها... لكنها باتت تجهل ان هذه الوسائل الأجرامية لم تعد ترهب العراقيين, واصبح من الصعب اخضاعهم, بعد تجربتهم المرّة مع كل اطراف الصراع الطائفي بالخصوص والمحاصصي بالعموم, وبعد ان انحسرت حضاناتها بعد ارتكابها لمجازر فظيعة ضد من كانت تعتبره سياجها الطائفي الحامي.

 ان عملياتها هذه, جاءت في حقيقة الأمر, حبل نجاة لأحزاب الاسلام السياسي الحاكمة الموالية لأيران وميليشياتها بالتحديد, لأنتشالها من المستنقع الذي أوقعت نفسها فيه بعد استعدائها للعراقيين بقتل ابنائهم ونهبها لثرواتهم وفشلها في بناء دولة قادرة حتى على تأمين عناية معقولة لهم بعد تفشي فايروس كورونا... فهي اذن المستفيدة الفعلية من عودة الدواعش !

وليس صعباً على المتمعن في مواقف وسياسات هذه الأحزاب والكتل, بحثها المستميت عن مخرج من ازمتها الوجودية الحالية, فجاءها الفرج من حيث لا تتوقع, من عدوها الطائفي, لتستثمره في تأجيج خطابها الطائفي, وفي تبريراتها الفكرية لضرورة استمرارها, وتجميل صورتها المتهشمة...
لتتراجع, تبعاً لذلك, دعوات حصر السلاح بيد الدولة, والغاء التشكيلات العسكرية غير الدستورية الموازية لقوات الدولة المسلحة الشرعية بما يعنيه ذلك من استمرار تسلط الميليشيات وتهديدها لحريات المواطنين و مصادرة حقوقهم والأعتداء على كراماتهم.

لايمكن استبعاد, من جانب آخر, وجهة النظر القائلة بأمكانية وجود " تخادم غير معلن " بين دواعش وبعض الأطراف  الطائفية الحاكمة, من خلال هذه الأنتهاكات للأمن الوطني, لتكريس نهج المحاصصة المستهجن والتمسك به, بأعتباره الأصلح لتمثيل الطوائف والعرقيات, رغم ما أفرزته التجربة العملية من أنه كان عقبة كأداء في سبيل التقدم والبناء ووحدة الشعب, ولم يضمن مصالح المكونات بل فائدة احزاب متطفلة على هذا المكون او ذاك, انتحلت تمثيله... أدت صراعاتها على الغنائم بالنتيجة الى تهشيم وحدة مجتمعاتها الداخلية.

كما ان هذه العمليات التخريبية حصلت بعد تحذيرات امريكية لأحزاب الحكومة من ضرورة الألتزام بالحصار الذي فرضته على ايران وخصوصاً في مجال استيراد الكهرباء, وتحديد استفادة العراق من الأعفاءات المتكررة, وهي ما ستعطي الحكومة سبباً لأستعطاف الأدارة الأمريكية لغض النظر عن تطبيق العقوبات على ايران من أجل عيون ( العراقيين ).
( مددها الأمريكان اليوم, كمساعدة, من أجل عيون رئيس الوزراء الجديد الكاظمي وحكومته ).

ومن صور استفادة هؤلاء من هذه الهجمات على البنى التحتية للبلاد, القائهم مسؤولية وضع الطاقة الكهربائية المتردي وصعوبات تطويرها على عاتق عصابات داعش, ومن ثمة اقناع المواطنين بانه لا مناص من الأعتماد على المساعدة الكريمة للجمهورية الأسلامية الأيرانية في بيعها السخي لكهربائها لكي نتمتع, بفضلها, بصيف منعش.

وفي حالة عجز الحكومة العراقية عن تسديد اثمان الكهرباء المصدر الينا, لعدم توفر السيولة المالية مثلاً, بعد تراجع الواردات النفطية واغراق الاسواق العالمية بالنفط وجائحة كورونا, سيؤدي ذلك بالضرورة الى تكبيل العراق بديون مالية, وزيادة ارتهان البلاد للنظام الإيراني, اكثر مما هو عليه الآن, وسيرتب علينا التزامات سياسية واقتصادية ثقيلة, ستعود فائدتها لصالح ايران أولاً ثم اتباعها, دون المواطن العراقي التائق لحياة وادعة في وطن حر.










79
ما أحوجنا الى شخص كالأيطالي "جيوفاني فالكوني " !


احسان جواد كاظم

في ظل هيمنة واستفحال مافيا المحاصصة في الواقع  العراقي, يكون ايجاد شخصية تحمل مواصفات وسجايا القاضي الايطالي " جيوفاني فالكوني " عدو المافيا والفساد, ضرورة ملحة !

... تأتي بعد ارادته واستعداده الشخصي لخوض غمار هكذا خيار خطر, شروط اخرى يجب ان تتوفر له لكي يضمن مقومات النجاح في عمله, كالسند القانوني وقوى امنية ضاربة قادرة على انفاذ هذا القانون على كائن من كان بدون محاباة او خشية, اضافة الى الدعم الشعبي.

وهذه الشروط لازالت غائبة عن واقعنا, لهذا فأن قضيتنا أعقد, رغم توفر عامل السخط الشعبي.

 فبالمقارنة مع وضع المافيا الايطالية التي كانت لها وشائع قوية مع شخصيات سياسية وامنية وقضائية نافذة, وقد تكون في حالات معينة قد امتلكت أذرعاً في هذا المكان او ذاك, فأن مافياتنا هي التي تحكم وتسيطر على قرارات السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية, ان لم تكن تكتسح السلطة الرابعة من صحافة ووسائل اعلام بعديد وحجم فضائياتها وصحفها وقدراتها المالية في شراء الازلام ومرتزقة الثقافة ووعاظ السلاطين, الى الشبكة الواسعة من ائمة المساجد و الملايات...

ولا مجال للمقارنة بين موارد المافيا الايطالية الكبيرة بالتأكيد, بما يتوفر لأمثالها في بلادنا من ميزانيات انفجارية تأتيهم عفواً وبدون تعب, اضافة الى سعاياتهم لجني الاموال والمغانم بطرق اخرى.

القاضي جيوفاني الذي اغتالته المافيا بعبوة ناسفة بلغت الطن من " التي ان تي " مع زوجته القاضية " فرانشيسكا مورفيلو وحمايته بالقرب من باليرمو عاصمة صقليا, في ثمانيات القرن الماضي, انطلق من مبدأ : " المافيا ليست ظاهرة لا تقهر. فهي واقع إنساني, ومثل كل واقعة إنسانية, فهي لديها بداية وسيكون لها نهاية ."

ان دافع هذا القاضي الشجاع وزوجته ( اتفقا على عدم انجاب اطفال بسبب ما يتعرضان له من اخطار الأغتيال ) كان ينبع من شعور عالٍ بالمسؤولية إزاء شعبهم... فقد ولد فالكوني وترعرع في وسط باليرمو عاصمة المافيا الصقلية, وقد اصبح بعض اقرانه لاحقاً من قيادات المافيا, لكن هاجس العدل دفعه كقاضٍ الى ملاحقة هذه العصابات التي تحكمت بمصائر الناس ورسمت مستقبلهم, ووضع بعض قياداتها وجنودها خلف القضبان.

وقد قامت المافيا الايطالية في ثمانيات القرن الماضي باغتيال رئيس  فالكوني " القاضي روكو شينيشي " و " الجنرال كارلو البيرتو دالا كييسا ", وفي السنة ذاتها 1982, جرى اغتيال القائد الشيوعي بيو لا توري الذي اقترح قانوناً يجرّم المافيا ويسمح بمصادرة الدولة  لممتلكاتها واراضيها.

لقد هدفت جرائم الاغتيال هذه الى إبقاء الطريق امام المافيا مفتوحاً لتحقيق مآربها من جانب, ومن جانب آخر شكلت إرهاباً للدولة الايطالية ورموزها وتحدياً لهيبتها, وردعاً للقوى الامنية عن التدخل في شؤونها ونشر للفزع في صفوف المواطنين.

وهي ذات الأساليب العنفية التي تستخدمها المافيات التابعة للأحزاب المتنفذة عندنا, عندما تتهدد مصالحها للخطر, وقد شهد العراقيون امثالها ويعرفون من ورائها.

لا يوجد أدنى شك بوجود شخوص وطنية عراقية قادرة على القيام بدور القاضي " جيوفاني فالكوني ", لكن عدم توفر البيئة الرسمية الملائمة للقيام بدورهم كما توفرت للأيطاليين, وتردد النواب الوطنيين من دعمهم, يجعلهم يحجمون عن المغامرة. كما ان التذمر الشعبي من الفاسدين ليس كافياً امام غياب قرار سياسي علوي حازم داعم للتغيير.

 سمة اخرى تجعل من مكافحة الفساد ومافياتها عندنا أعقد, هو وجود امتدادات لهذا الفساد في دول  اقليمية كايران, مستفادة من الفساد المستشري في اجهزتنا الرسمية وتشجع عليه وتدعم الميليشيات والمافيات القائمة به.

 لذا فأن نشاط المافيا الايطالية في مجالات المخدرات والتهريب والافساد وما يتصل بها من اجرام وقتل... تميّز بكونه جاء لخدمة مصالحها الخاصة, بينما لا يجهد أساطين الفساد ومافياتهم عندنا  الى خدمة مصالحهم وحسب بل انهم يدعمون بنهبهم لثروات العراقيين مخططات واقتصاديات دول اخرى.

نهج المحاصصة هو نظام الدولة المعتمد والذي يوفر بيئة خصبة لأستشراء الفساد وتفريخ الفاسدين, وهو بذلك أس الفساد في بلادنا, بوجوده لا يمكن الحديث عن عدالة اجتماعية!

كل المعاول لتهديم هذا الأساس !


80
الأجماع على مصطفى الكاظمي... لغز !


احسان جواد كاظم


تهافت القوى المتنفذة الحاكمة على تكليف السيد مدير المخابرات العراقية مصطفى الكاظمي والأجماع عليه, اثار الكثير من علامات الاستفهام والريبة لدى المواطن العراقي... لأنه لم يشهد خلال حكم هذه المجموعة بكل تاريخها المحاصصي, ان اتفقت على اختيار شخصية لرئيس الوزراء بهذه السرعة, سرعة سنة ضوئية, وبهذه السلاسة, كما هذه المرة, طوال 17 عاماً من حكمهم.

وربما سيُدوّن اسمه, تبعاً لذلك, كأول رئيس وزراء عراقي يُكلف, بهذه السرعة, في سجل تاريخ العراق بعد 2003, ودخل بذلك التاريخ من اوسع ابوابه, بغض النظر عما ستؤول اليه نتائج تكليفه لاحقاً.

كما ان تغيّر مواقف القوى والكتل النيابية الداعمة للسيد عدنان الزرفي المباغت نحو السيد مصطفى الكاظمي مثل سائرون وائتلاف النصر والقوى العراقية وائتلاف الوطنية, ايضاً يثير التساؤل عن اسبابه الحقيقية... وكذلك التحالف الكردستاني الذي لم يكن رافضاً للزرفي صار مرحباً بتكليف الكاظمي.

ومن الجدير بالملاحظة, ان خطاب الانسحاب الغير متوقع للسيد الزرفي من ماراثون تشكيل الوزارة لم يشُبه الكثير من الامتعاض والأسف من قبله, كما هو معتاد في مثل هذه المواقف.

الأمر المؤكد ان السيد الكاظمي لم يتعب, كما كل سابقيه من الساعين الى تشكيل الوزارات, بتوسل اللقاءات, واللهاث وراء القوى السياسية لتجميع الداعمين لتكليفه, وانما وصلته جاهزة مطبوخة, وبأجماع يكاد يكون تاماً... وقد كان ذلك جلياً اثناء مراسم التكليف, التي نقلتها وسائل الأعلام, فقد اصطفت قيادات الأطراف السياسية الحاكمة ورؤوس الميليشيات, لتمريره وعلى قلب رجل واحد.

إن إجماع كل هذه القوى المتنافسة والتوافق عليه فجأة, بعد أن وصمته بعضها, قبل ايام معدودات, بالعمالة للأمريكان وان له يداً باغتيال الجنرال سليماني وابي مهدي المهندس, يزيد من فوضى التقييمات ومتاهة التأويلات.

لذا ترانا امام لغز !

ولابد ان وراء ذلك سر اً يفسر ذلك الاجماع !

طبعاً ما من عراقي سيصدق ان توافقهم على السيد الكاظمي كان بسبب شعورهم العالي بالمسؤولية ازاء الوضع المتدهور السائد بالبلاد المتمثل بأزمة حكم حادة, تضاف اليها ازمات الفقر والبطالة وتغول الميليشيات, والنفوذ الاجنبي وخاصة الأيراني في البلاد, ووجود انتفاضة شعبية رافضة لهم تطالب بالتغيير, واخيراً جائحة كورونا التي باغتت الجميع... هي ما جعلتهم يجمعون على اختيار الكاظمي كرئيس وزراء مخلّص !

ذهب البعض في رأيه الى محاولتهم انقاذ ما يسمى بالبيت الشيعي المتهاوي بسبب صراع المصالح, وحشد القوى, من منطلق ان رئيس الوزراء هو حصة حصرية للاحزاب الشيعية ( وليس للمكون الشيعي كما يحاولون ان يخلطوا الأمور ), وخصوصاً بعد تدهور اوضاع الحشد الشعبي بغياب قائديه الجنرال سليماني والمهندس... وانكفاء الدور الايراني نحو الداخل بعد الانهيار الاقتصادي بسبب الحصار الأمريكي وكذلك استفراد فايروس كورونا بالشعب الايراني.
 علة صراع المصالح ذاتها تنخر بالبيتين الآخرين المشتركيّن بالمحاصصة, البيت السني والبيت الكردي اللذين يعانيان من التداعي بنسب مختلفة ولأسباب مشابهة او مختلفة.

والحجة الآخرى لتداعيهم للأجماع عليه, هو انتشار فايروس كورونا ووجوب مواجهته, بعد ان انتظم العالم بأجمعه للحد من آثاره ومكافحته... وهذه تهمة ايجابية لايمكن ان نوصم بها المجموعة السياسية الحاكمة واحزابها المتحاصصة التي لم نعرف لها يوماً اهتماماً بشان المواطن والوطن, في غمرة استكلابها على المغانم والأمتيازات.

 من التفسيرات المعقولة لهذا الأجماع والاستعجال, اللغز, في التكليف هو وجود اتفاق امريكي - ايراني, الزم اطراف الحكم بالأذعان له والامتثال لبنوده... وهو أمر كانت له سوابق.

البعض من المتابعين للوضع السياسي العراقي عزوا الاجماع  على تكليف السيد الكاظمي الى خشية اصحاب السلطة من فقد امتيازاتهم وغنائمهم فيما لو دفع الامريكان نحو تحويل ملف العراق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الى البند السابع وانفلات خيوط اللعبة من بين اصابعهم, بعد شروع المنظمات الدولية بإدارة الأمور والأموال بشكل لا يسرهم ! خصوصاً بعد الترتيبات العسكرية الامريكية الجديدة في تمركز قواتهم.

الممسك بمهاميز السلطة بظفره ونابه, لن يسلمها بسهولة, رغم سلسلة فشله الطويلة, لذا فأنه سيطرق كل الطرق للألتفاف على مطالب المنتفضين وتخدير يقظتهم وتأبيد تسلطه.

ان أكثر ما يثير الشكوك لدى المواطن العراقي في اجماعهم عليه بهذا الشكل, امكانية تطمينه لكل مطالبهم على حساب مصالح ابناء الشعب, خصوصاً بتلافيه التعرض للمحاصة الطائفية - العرقية في  تصريحاته. لهذا فأن أهم ما يجب الانتباه اليه هو ليس شخص رئيس الوزراء, رغم اهمية ذلك, وانما برنامجه واستعداده الحازم على تنفيذ المطالب الشعبية الآنية واللاحقة !

الغائب الأكبر في كل ما يجري هو الشعب المنتفض المبتلي بهؤلاء الحكام وبجائحة كورونا, والذي ستكون كلمته هي الأعلى في كل حين ولو بعد حين.

81
غرانيقنا العُلى*... لا تمرض !


احسان جواد كاظم

مع انشغال العالم بدوله الكبيرة والصغيرة والغنية والفقيرة بجائحة فايروس كورونا, حيث تنشر, كل يوم, حصيلة اعداد المصابين وضحاياه وعجز الامصال والعلاجات عن وقف هذا الهجوم الوبائي, والذي لم تصده حتى ادعية المؤمنين وبخورهم المحروقة بكرم.

الظاهرة الجديدة التي نراها بأم اعيننا ونسمعها بآذاننا هو اعتراف شخصيات سياسية واجتماعية وفنية... ذات وزن وحضور مميز, على رؤوس الأشهاد وبعضمة لسانهم, بأصابتهم بالمرض وخضوعهم للحجر الصحي اسوة بغيرهم من البشر الذي لا يميز بينهم الفايروس... فكان ولي العهد البريطاني الامير تشارلز ورئيس وزراء بريطانيا جونسون ورئيس الوزراء الاسرائيلي نتانياهو ووزير صحته اضافة الى مدير الموساد, كما جاء بالاخبار... منهم ايضاً ماكرون الفرنسي ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وانجيلا ميركيل قنصل المانيا, والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الامريكي دونالد ترامب نفسه وقادة دول في آسيا خضعوا لعزل صحي واختبار اصابة. لابل حتى دول اقل اهمية مثل ايران اصبحت تعلن عن اصابة مسؤوليها ونوابها بصراحة كبيرة عدا المرشد الأعلى خامنئي, طبعاً المصان قدسياً.

وربما لذلك السبب ايضاً لم يعلن رسمياً عندنا عن اصابة اي مسؤول حكومي او نائب برلماني او قائد ميليشياوي بالفايروس, رغم ما تعج به صفحات التواصل الاجتماعي من اخبار متواترة, ربما لأن اكثرهم ينحدرون من احزاب وتشكيلات اسلامية مقدسة لايتورط هذا الفايروس الشيطاني اللعين في مهاجمتها... وعلى عناد كل الجمهور الذي يعلن عن غبطته وفرحه, ببراءة, لاخبار أصابة رئيس حزب نهبهم او قائد ميليشياوي اوغل في دمائهم.

 غرانيقنا العُلى هؤلاء, لا يستطيعون ان يعلنوا عن حقيقة وضعهم الصحي وربما عن مغادرة بعضهم الآخر الحياة الفانية الى جنة الخلد المحجوزة قصورها حصراً لهم بعد توديعهم لقصور الارض وتمتعهم بملذاتها الدنيوية, لسبب واحد وحيد, هو ان انفضاح حصانتهم القدسية المدعومة بتأييد الهي ونبوي واماموي, التي لم يحسب لها الفايروس وزناً, سيقود الى انفلات قبضتهم عن رقاب الاتباع المكبلة بالخرافات القدسية او الدفوعات المالية والتعيينات, وانفضاضهم عنهم وتحلل وانحلال تشكيلاتهم السياسية والعسكرية وسيفقدون , حتى لو تعافوا, امكانية لمّهم من جديد.

 لا نريد ان نسفه أوثان احد, لكن تشبثهم بالحياة واختفائهم في سراديب امانهم, وضع شعار " الموت لنا عادة " في اطار الحجر وانكشاف حقيقة توقهم للمقاومة ومن ثمة الشهادة بصاروخ امريكي غادر, كانوا بعده محل تذكر في مجالس عزاء الناس وبواكيهم.

كما اننا لم نسمع بعملية اختبار حراري لمسؤولين سياسيين مهمين عائدين من خارج البلاد, سوى لشخصين, معمم وافندي:-

 الاول تسبب في حصول احد الكوادر الطبية على  علقة, بسطة عراقية, ناشفة من حماياته لتجرأه برفع جهاز الفحص الحراري بوجه سماحته الغراء.

الحالة الثانية كانت لأفندي, رئيس مجلس وزراء اقليم, خضع بكل ممنونية للفحص الحراري من منطلق ديمقراطي بحت, تبعته حملة اعجاب اعلامية عارمة عن تواضعه وطيبته وتسامحه وتقبله لمعاملته كأي مواطن عادي.

واضافة الى ما سبق, فربما كان الاعلان عن اصابة اي شخصية متنفذة في الدولة العراقية بالفايروس, هو بمثابة كشف خطير لأسرار الدولة ومكامن ضعفها, وجعلها بالتالي, لقمة سائغة في حلوق المتربصين والمتآمرين من أعداء الوطن والدين !!!

يذكرني ذلك بحادثة تعرض الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك لوعكة صحية, سرّب خبرها احد الصحفيين للاعلام, مما اثار عليه جهاز امن الدولة المصري وتعرض للاعتقال لكشفه هذا السر المتعلق بصحة الشخص الاول في الدولة, مما دعاه لاحقاً ليكتب تهكماً :
 
" الرؤساء لايمرضون !"


* الآيات الشيطانية " غرانيقنا العُلى " لمن لا يعرفها, تجدها على غوغل.

82
رئيس الجمهورية برهم صالح على المحك !

احسان جواد كاظم

احدى تداعيات انتفاضة تشرين اول/ اكتوبر 2019 الشعبية المجيدة كانت فشل السيد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي في تشكيل  وزارته بعد ان اصطدم بحائط صلد من مطالب واملاءات احزاب المحاصصة الفاسدة التي عقدت عليه العزم, في البداية, وحاولت ان تفرضه على الشعب الثائر في سوح الكفاح التي رفضته, لعدم تطابق مواصفاته مع شروطها ومواصفاتها لشخصية رئيس الوزراء الذي تنشده.

 واصبح منوطاً برئيس الجمهورية السيد برهم صالح, وحسب الدستور النافذ, امر ترشيح رئيس وزراء جديد, لايخضع للاجراءات والشروط الدستورية من قبيل الكتلة البرلمانية الاكبر واللادستورية الرغبوية التي طبقت على رئيس الوزراء المقال السابق السيد عادل عبد المهدي والسيد المكلف المتنازل محمد توفيق علاوي.

هذا الأمر يحمله مسؤولية تاريخية في ظروف الصراع المحتدمة في بلادنا !

قد تكون الاحزاب والكتل المتحاصصة المتنفذة قد ارتكبت خطأ قاتلاً, برفضها لطوق النجاة الاخير الذي رماه لهم السيد رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي, حيث حاول من خلال برنامجه ورؤيته ان يمسك العصا من الوسط,  من خلال الموائمة بين بعض مطالب الشعب المنتفض الرافض لنظام المحاصصة وكامل منظومتها المتنفذة, وعنادهم ورغباتهم باستمرار ذلك النظام الجائر, والابقاء على ما كان عليه الحال قبل انتفاضة تشرين الشعبية 2019.

   " يعني شوية من ذولة وشوية من ذولاك "

وقد يكونوا قد ارتكبوا خطأً قاتلاً آخراً, في سوء تدبيرهم وعدم تمريرهم لكابينة علاوي, ووضعوا مصيرهم بيد برهم صالح الذي خوّنوه قبل فترة قصيرة وهددوه بالقتل, فيما لو تجرأ واختار مرشحاً لا يرتضونه لرئاسة الوزراء.

الأمر الآخر الذي قد لا يتوافق مع مشاريعهم, ان الرئيس الحالي للجمهورية برهم صالح سياسي ليبرالي يعتمد, من خلال مواقفه المعلنة, منهج البراغماتية في التعامل السياسي, وينحو نحو مأسسة الدولة وسيادة القانون, وهو نقيض توجهاتهم الميليشياوية والعنفية, وسياسات التجاوز على الاصول الديمقراطية واضعاف الدولة, وهذا التناقض قد يكون امراً بالغ الخطورة على مصائرهم... وهذا بالتالي احد القضايا التي قد يكونوا غفلوها.

اليوم بعد ان اصبح نظام المحاصصة الطائفية - العرقية هو ومنظومته عائقاً امام اي تقدم ينشده الشعب العراقي الثائر... آن الأوان لتغييره والأتيان ببديل عادل, يضمن حقوق المواطنين كل المواطنين... وبين يدي برهم صالح بعض اوراق التغيير المؤمل.

 لذا فأن السيد الرئيس على محك الأختبار والاختيار بين ان ينتصر لعراقيته ولليبراليته الجامعة الشاملة وبين محدودية انتماءه القومي والحزبي الضيق, في ترشيح رئيس وزراء جديد مقبول شعبياً.

طبعاً تعوّل طغمة الحكم على كونه قيادياً بارزاً في حزب قومي كردي ومتحاصص اصيل في العملية السياسة هو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني, وانه خارج من تحت آباطهم, ومنّصب كرئيس للجمهورية بفضلهم, وسوف لن يخرج عن طوعهم ولن يقطع سلسلة طوقه القومية والمحاصصية.

ترى هل سيتخذ الموقف الصائب ويكون مع شعبه ام سيخضع لضغوط المتنفذين ؟!!
عيش وشوف !






83
في ذكرى 8 شباط الأسود - وميض النار تحت رماد انقلاب العار

احسان جواد كاظم


توهم البعثيون بعد انقلابهم الدموي في الثامن من شباط 1963, وبعد مذابح قطعان حرسه القومي الفاشي ضد الشيوعيين والديمقراطيين وقادة ثورة 14 تموز المجيدة,  بأن الامور قد استتبت لهم, ونفذوا ما اراده اعداء الثورة من دول حلف بغداد ( السنتو ) الاستعمارية وشركات النفط المتضررة من قانون رقم 80 لسنة 1961, اسوة بالاقطاع المحلي ورجال الدين الرجعيين... بالقضاء على الشيوعية في العراق.

ورغم القمع الدموي للمقاومة الباسلة ضد الانقلابيين دفاعاً عن الثورة ومكاسبها, التي سطر فيها الشيوعيون والديمقراطيون مآثر بطولية يشهد لهم بها التاريخ, الا ان ثلة من الشيوعيين الناجين من هذا الدولاب الدموي, حملوا راية الكفاح, وقاموا بتجميع القوى ولمّ الشتات والشروع بالعمل بعد ان عضّوا على جراحاتهم وحملوا ارواحهم على راحاتهم من اجل الوطن الحر والشعب السعيد...

وكل منهم " كام كومة حزب للكلفات " كما قال العظيم مظفر النواب.

من هؤلاء الرفاق المجهولين الذين اخذوا على عاتقهم تهيئة ظروف الثورة على الانقلابيين وسادتهم واستعادة الوطن من براثنهم, كان " الرفيق عبد الأله القزاز " الذي هو محور حديثنا.

هذه احداث حقيقية اسردها من واقع ذكرياتي عن تلك الحقبة العصيبة. فقد عشت هذه الاحداث كمراقب بعمر صبي, عرف الجلاد من كره أهله ومحيطه وما سمعه ورآه من وقائع, كما عرف الضحية,  الشيوعيين المقاومين الابطال من حب أهله وشعبه لهم ومن مواقفهم التي تسر القلب والنظر... فقد كان من بينهم معارف لا تغفل رقيّهم عين.

" عبد الأله القزاز " احد هؤلاء الأخيار الذين حفظ لهم القلب والذاكرة أطيب ذكرى, فقد كان بسلوكه وتعامله الراقي معي شخصياً بالغ الأثر في حبي له, واعجابي بمآثره وتأثري بفكره النيّر.

جمعتنا بعائلته اواصر محبة وصداقة من خلال الأخوات حيث كن زميلات دراسة, فقد كانت احدى اخواتي تأخذني معها لبيتهم الكائن في شارع الكفاح, في زيارات متفرقة حتى توطدت بيني وبين اولادهم وخاصة ابنهم توفيق ,المقارب لي بالعمر, صداقة قوية لنلعب كرة القدم وابيت عندهم احياناً, وقد دخلت السينما, لأول مرة في حياتي بفضلهم, حيث اخذوني معهم, وجلسنا في خانة الشواذي لنشاهد احد افلام الأكشن الذي لا اتذكره.

التقيت بعبد الأله اخيهم الأكبر في بيتهم بأوقات متفرقة, فقد كان دائم الغياب بسبب, كما عرفت لاحقاً, انه كان ملاحقاً من الاجهزة الامنية لكونه شيوعياً خطيراً... فقد كان احد نزلاء سجن " نكرة السلمان " الرهيب, رغم صغر عمره, بعد مشاركته بانتفاضة 1956 الشعبية ضد العدوان الثلاثي على مصر, وفصل على اثرها من مدرسته الثانوية, وكان من السجناء السياسيين الذين اطلق سراحهم بعد الثورة, لكن متابعتهم الامنية عادت بعدما بدأت قوى الردة تستعيد بعض مواقعها في السلطة.

,الحادثة التي انطبعت في ذاكرتي, حدثت بعد انقلاب شباط الفاشي بعدة اشهر, لا اتذكر بالضبط بأي شهر, لكني اتذكر مفارز الحرس القومي التي كانت لا تزال تجوب الشوارع, وتدقق هويات المواطنين, وغدارات " بور سعيد " على جنباتهم.

ذهبت مع اختي الى دارهم,  طرقنا الباب عدة مرات لكن ما من مجيب... لم تفتح الباب بالسرعة المعتادة, فمن المستبعد عدم وجود احد في البيت لان عدد افراد العائلة كبير ولا يمكن ان يكونوا قد غادروه كلهم. بعد انتظار, تحركت ستارة الشباك المشرف على الشارع وأطل منها وجه امهم, تأكدت من الطارق ثم اوصدت الشباك وفتح الباب لنمرق من دفتيها الى الممر الموصل بباحة الدار كما هي في معمار كل  البيوت العربية.

اذهلنا المنظر الذي لم نشهد له مثيلاً في حياتنا ولم يتكرر بعدها أبداً.. كانت ارض الباحة, على وسعها, مفروشة بمنشورات مطبوعة, لا اعرف لماذا, ربما للتجفيف او للفرز لتهيئتها للتوزيع...طبعاً  لم نسال فقد ألجمتنا المفاجأة.

 المهم, بعد ايام من هذا الحدث, شهدت بغداد حالات استنفار وتوتر بين قطعان الحرس القومي وكثرت حواجزهم واعتداءاتهم على المواطنين.

 " ابو خضر " القومي الفلسطيني الذي كان يسكن الشقة التي فوقنا في " قمبر علي " اخبر أبي بأن الشيوعيين وزعوا منشورات معادية للثورة

لا اتذكر آخر لقاء لي بعبد الأله, الذي لم يبرح ذاكرتي يوماً,  ربما كان بعد انقلاب عبد السلام عارف في  18 تشرين 1963, ثم انقطع التواصل بعد انتقالنا الى بيت آخر في اطراف بغداد البعيدة.

" عبد الأله القزاز " هو واحد من شيوعيين كثر حافظوا على وميض نار الثورة ضد الطغاة واداموه ليتلقفونه شباب انتفاضة تشرين / اكتوبر 2019 ليكملوا مشوار الطلائع المجاهدة التي ضحت من اجل دولة التقدم والعدالة الاجتماعية التي ينشدونها.

 ! الرفيق عبد الأله القزاز " لذكراك العاطرة الف تحية... دمت خالداً في القلوب "

84
هوليودية حاكم الزاملي شيطنة للانتفاضة الشعبية


احسان جواد كاظم


نقلت لنا وسائل التواصل الاجتماعي صورة النائب عن التيار الصدري في البرلمان العراقي حاكم الزاملي, وكأنه في ساحة حرب, وهو يوجه كلاشينكوفه مباشرة للكاميرا, مما حدا بأحد المواطنين بالتعليق عليها غامزاً :" منو صوّرها ؟ العدو ؟!!

يبدو ان هذا النائب الذي انكر ارتقاء شهداء بعد هجوم مبيّت لأصحاب القبعات الزرق التابعة لسرايا السلام ميليشيا قائد التيار الصدري مقتدى الصدر الذي ينتمي اليه النائب المذكور,  على ساحة اعتصام منتفضي النجف في ساحة الصدرين, قبل ايام, ووصفها بأنها مجرد تمثيل هوليودي, يرى الامور بعيون ذاته.

فقد دأب الصدريون على فبركة افلام مضحكة لتبرير فعلتهم الغادرة, تذكرنا بكوميديا بوليود الهندية وليس حتى هوليود الامريكية ولكنها غارقة في البلادة وعدم الاقناع, لأنهم كرروها لأكثر من مرة وفي مواقع تمثيل مختلفة, مما يؤشر الى عدم وجود مخرج حاذق...

وعلى طريقة " رماني بداءه منسلاً "... فقد نشروا فيديوهات عن اكتشافهم لكميات من علب البيرة وقناني العرق في خيم المعتصمين في ساحة الصدرين في مدينة النجف, وهو امر غير مقبول في مدينة مقدسة كالنجف.

 لكن, من جانب آخر, فأن ما هو متعارف عليه بين مواطني النجف والعراقيين عموماً ان ما من قنينة كحول يمكن ان تعبر من نقاط التفتيش الامنية الى داخل المدينة المقدسة, ما لم تكن مهربة بسيارات المسؤولين المظللة او بجكسارات حماياتهم وميليشياتهم المعفية من التفتيش.

 كما فاتهم, لسوء الحظ, اضافة اكسسواراً بسيطاً كان سيعطي للصورة واقعيتها الكاملة,  وهم المعروفون وغيرهم من منتسبي الاحزاب الاسلامية في صولاتهم وجولاتهم في معاقرة شرب الخمور وتعاطي المخدرات وتهريبها, الا وهو صورة المزّة المرافقة لمثل هكذا جلسات شرب, من جاجيك ولبلبي وباقلاء وحمص بطحينة وغيرها من المقبلات التي لايستغني عنها كل صاحب ميز عراقي.

وبهذا انكشفت لعبتهم وسوء تدبيرهم في شيطنة المتظاهرين وتبرير جرائم قتلهم لهم.

صورة اخرى جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي, تشبه سابقتها, تظهر كومة من قناني المشروبات الكجولية وعلب البيرة, لكن هذه المرة, وضع الى جانبها سيف وخنجر, على اعتبارها مصادرة من خيم المعتصمين كدليل على عدم سلميتهم, اضافة الى عدم احترامهم لتقاليد المدينة المقدسة.
 لكن صورة التقطتها عدسة موبايل متظاهر مجهول, بالصدفة, فضحت كل ترتيباتهم... فقد كشفت عائدية هذا السيف لاحد المهاجمين الذي كان يتمختر به في الساحة مهدداً به المعتصمين.

في حقيقة الامر ان لجوئهم وقنوات الميليشيات الحزبية الاسلامية الى هذه الاساليب الخبيثة في تشويه الانتفاضة, ليست جديدة عليهم بل هي ممارسة يومية عندهم, تعبر عن افلاس سياسي وفكري, بحيث اصبحوا يستجدون تعاطف المواطن البسيط بأساليب الخداع هذه التي قد تكون قد نجحت في اوقات سابقة ولكنها اليوم وبعد انتفاضة تشرين/ اكتوبر المجيدة 2019, بالخصوص,  لم تعد تنطلي على احد بل انها اصبحت وبالاً عليهم وتأتي بنتائج عكسية تتمثل بنفور شعبي عام من هذه الاساليب البعيدة عن النزاهة والملتوية, وهو ما خبرهم الشعب طوال 17 سنة من حكمهم, واصبحت ادعاءات القدسية والفضيلة لاتصمد امام حجم الكوارث التي اوقعها الاسلام السياسي بالعراقيين.


85


احسان جواد كاظم

خسارة شباب عراقي مرابط في ثغور البلاد المواجهة لعصابات دولة داعش الاسلامية, جريمة لا تغتفر. يتحملها اضافة الى الامريكيين باعتبارهم القوة الغاشمة الاكبر في العالم,  رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي الذي أبلغه الامريكان عزمهم على الرد على قصف مواقعهم في K1  وتوقيتها وعينوا له  الفصيل المستهدف " كتائب حزب الله العراقي ".

 كما يتحمل مسؤولية ارتقاء هؤلاء الشباب شهداءاً, قادة ميليشيات الحشد الشعبي, الذين لابد وان يكون عادل عبد المهدي قد ابلغهم بذلك مباشرة, بأعتباره القائد العام للقوات المسلحة, خصوصاً بعد ان سلمهم الملف الامني ليديروه على هواهم منذ انطلاق التظاهرات الاحتجاجية في الأول من تشرين 1/ اكتوبر العام الماضي.

المفترض بكل قائد عسكري يُبلغ بذلك, ان يتخذ كل الأجراءات الضرورية للتقليل من الخسائر في الارواح والمعدات, وقد كان لديهم ساعات ليقوموا بذلك, كأن يأمروا قواتهم بالانتقال الى مواقع رديفة او الانتشار على الاقل في الصحراء.

لكن هؤلاء القادة المتشبثين بالسلطة " حتى لو كان ضحية ذلك استشهاد آلاف العراقيين ولا يعطوها  ", كما نُقل عن شيخهم القائد, وجدوها فرصة ذهبية سانحة لأستغلال حماقة الامريكان وغطرستهم ولو بالتضحية بحياة هؤلاء الشباب ودمائهم وتحويلها الى ورقة ابتزاز تخدم مخططاتهم في سحب البساط من تحت شباب الانتفاضة السلميين المزعجين لهم والمطالبين بالتغيير واستبعاد كل فاسد وتابع وقاتل عن مراكز القرار والتحكم بمصير العراقيين.

لذلك كان دفع اتباعهم نحو السفارة الامريكية في المنطقة الخضراء المحصنة والممنوع الدخول اليها على العراقيين ولكن ليس عليهم وعلى ميليشياتهم, لتأزيم الوضع وتعقيده ولفت الأنظار بعيداً عن الأعتصامات الشعبية لثوار اكتوبر في ساحة التحرير في مركز بغداد.

لقد أوقعت الطغمة الفاسدة ومن ضمنها قادة الميليشيات نفسها في ورطة حقيقية, لم تحسب حسابها, تتعلق بالمعاهدات والاتفاقية الدولية الخاصة بحصانة السفارات ومسؤولية الدولة المضيفة بحمايتها من اية تجاوزات حسب اتفاقية فينا لعام 1961, وتبعات التجاوز عليها.

اخيراً, بعد شد ورد, واحتمالات تطور الاوضاع باتجاهات دراماتيكية بعد دفع الامريكان بقوات مارينيز اضافية الى محيط سفارتهم لحمايتها وتهديدات ترامب وتنصل خامنئي من مسؤولية تنظيم هذه التظاهرات والاعتصامات والاعتداءات على جدار السفارة الخارجي, قررت قيادات الميليشيات سحب اتباعها من امام السفارة والغاء اعتصاماتها " وهم صاغرون ".

وبذلك تمزقت صفحة جديدة من صفحات متاجرة مافيات الفساد والحروب بدماء ابناء الفقراء والتسلق على اكتافهم.

كان لابد لهذه القوى المتحكمة بالشأن السياسي والعسكري بالخصوص ان يعرفوا مدى حساسية الامريكان من وجود معسكرات غير تابعة لسلطة الدولة على الحدود, يعتبرونها, محطات امداد للنظام السوري وحزب الله اللبناني بالصواريخ والاعتدة الايرانية, او على الاقل, نقاط حماية لممرات نقلها ولهذا قصفوا المواقع التابعة للحزب المذكور في العراق وسوريا, وذهبوا شبابنا ضحية لذلك.

ينبغي على ذوي شهداء القائم تقديم شكوى قضائية على قادة الحشد الشعبي الذين لم يصونوا ارواح ابنائهم وجعلوهم لقمة سائغة للغول الامريكي, اضافة الى متاجرتهم بدمائهم لتأمين استمرار تسلطهم وتمتعهم بالامتيازات على حساب العراقيين.

كما اصبح لزاماً على مجلس النواب تحمل مسؤولياته في لجم قادة الميليشيات من التغول على حساب الدولة واستعادتها بعد اختطافهم لها, واستهتارهم بمصير ومقدرات المواطنين

86
هل من أحد يتمنى ان يكون بجلد عادل عبد المهدي ؟


احسان جواد كاظم

بعد المجيء بالسيد عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء,  تعشم به البعض خيراً وبنى عليه الآمال لكونه اقتصادياً من خارج قفص احزاب السلطة الاسلامية بعد انسحابه تنظيمياً منها, ولما كان يكتبه من مقالات تطرح رؤى واعدة لتغيير الوضع المزري الذي قادت اليه سياسات الخمط والنهب لتلك الأحزاب, ولما تتسم به شخصيته من هدوء وعدم تعصب في التعامل مع الأفكار الاخرى والاستماع لها.

بدأ التحول في النظرة والتقييم الشعبي له بعد الاحتجاجات الشعبية في 1 تشرين اول / اكتوبر العام الجاري, حيث لم تعد الجماهير قادرة على الصبر في انتظار اصلاحات موعودة, فكل الوقائع والحقائق على الارض تؤكد عكس ما اعلن ويعلن, بل تؤشر الى تمادي الطغمة الحاكمة في سياسات التسويف والمماطلة واحتقارها للارادة  الشعبية في القيام باصلاحات تنهض بالشعب من الحالة الماساوية والمعاناة التي يعيشها... وانغماس اطراف السلطة الوقح وعلى رؤوس الاشهاد وبدون اي رادع في عملية الاستئثار بثروات البلاد وتخريبها وتهشيم المجتمع...

بدأ تقييمه ينحدر بشكل حاسم بعد قمعه القاسي, بدفع من الاحزاب الاسلامية الحاكمة, للاحتجاجات السلمية في الاول من تشرين الاول / اكتوبر من هذا العام, والاصرار على كسرها وانهائها في المهد, بمختلف الوسائل وصلت حد القنص الوحشي المباشر للشباب المتظاهر الذي لم يحمل بيده سوى علم بلاده, الذي تسبب في ارتقاء المئات من الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى وآلاف المعتقلين, مما اشعل الغليان الشعبي ضد هذه الاجراءات التعسفية غير المبررة في مواجهة شباب سلميين عزل , ذوي رؤى وطنية مستقلة سامية, فتصاعد الانخراط الشعبي في الاحتجاجات التي اخذت طابعاً وطنياً مشرقاً, ايقظت كل ما كان كامناً في الشخصية العراقية من قيم الوطنية الحقة والتضامن والتعالي على التقسيمات المكوناتية فيها التي حاولت ان تغرسها النظم السابقة وبالخصوص الطغمة الحالية, في تجسيد رائع لم تشهده البلاد منذ تسلط قوى الطائفية السياسية على الحكم...
ومما أوغر القلوب عليه كان اصراره على عدم الاعتذار عن الدماء الزكية التي سُفحت بوحشية.

 هنا احترقت ورقته شعبياً... احرقتها ذات الاحزاب الي جاءت به, وجعلته اسيرها, وتحول الى مجرد  ماريونيت ( دمية بخيوط تحركها الايدي ), خاضع ذليل ينفذ اوامرها ويوقع على قراراتها ويبرر جرائمها.

في الجولة الثانية من الاحتجاجات في 25 من نفس الشهر, بعد توقف بسبب اربعينية استشهاد الامام الحسين, كان الرد الشعبي حاسماً... بمشاركة شعبية واسعة اذهلت الجميع وحتى ازلام السلطة وميليشياتها, فقد تحولت هذه الاحتجاجات الى انتفاضة شعبية مليونية امتدت افقياً الى كل مدينة من مناطق وسط البلاد وجنوبها... لا يمكن لأية قوة ان تغلبها. ألجمت قوى القمع الحكومية وألقمت ميليشيات القتل حجراً بسلميتها ورؤى شبابها الوطنية وعزمهم على نيل حقوقهم كاملة رغم التضحيات الغالية الجمة امام قوة غاشمة باطشة, اتبعتها بمجازر متتالية في الناصرية والنجف والبصرة وبغداد ( جسر السنك - الخلاني ) وعمليات الاغتيال الجبانة للناشطين.
لقداجبرته دماء الشهداء والارادة الشعبية على الاذعان لما تريد... الاستقالة الفورية !
 واذعن صاغراً بعد مماطلة, وبعد استجابة المرجعية الدينية لدعوات المنتفضين بوجوب طرده من مركزه الحكومي.

معدنه الحقيقي كشفتها الوقائع والجماهير, وهو من جانبه لم يعد له مخرجاً بعد ان تلبسته جرائم قتل عمد لمواطنين عزل لم يطالبوا الا بحقوقهم الطبيعية التي وعد بتوفيرها وقبله وعود سلسلة من حكومات محاصصة كان لولباً في تروسها.

لقد تبين انه كان يبيعنا كلاماً لن يأخذ طريقه للتطبيق العملي لا بواسطته ولا بواسطة الجالبيه... كانت آراءه مجرد ادعاء فارغ بالرغبة في خدمة البلاد ومواطنيها, ولكن تبين انه كان كله هراء منمق للتمويه على سرقات مشغليه.

يذكر التاريخ العراقي القريب, بأعتزاز, شخصية " عبد المحسن السعدون " رئيس الوزراء ايام العهد الملكي الذي انتحر احتجاجاً على محاولة فرض ضابط انكليزي ايام احتلالهم للعراق امراً عليه ينتقص من وطنيته, والذي خلده الشعب على موقفه الشجاع بنصب شاخص له يتوسط اهم شوارع العاصمة بغداد, سمي بأسمه " شارع السعدون ".

احزاب الاسلام السياسي وبالخصوص الشيعية سلبته قرار انتحاره المشرف, الذي كان ينبغي عليه ان يقوم به في الايام الاولى من تشرين الاول, لان عرفت فيه سياسياً رعديداً يخافها ويذعن لمشيئتها فدفعته للايغال بالقمع لشعبه الصابر الذي توسم فيه خيراً ولكنه خذله !
سلبته تاريخه كأنسان وكسياسي وكمفكر وكسليل لعائلة عراقية معروفة حتى اصبح مكروهاً منبوذاً من ابناء مدينته ومسقط رأسه محافظة ذي قار.

يمكن اعتبار سقوطه السياسي اليوم انتحاراً بدون مجد وعزة ومعه احزاب المحاصصة الطائفية - العرقية وميليشياتها التي نبذها الشعب كما نبذ ملهمها في القمع صدام حسين !


 

87
المنبر الحر / سلميتكم أفزعتهم !
« في: 20:58 11/12/2019  »
سلميتكم أفزعتهم !


احسان جواد كاظم


سلميتكم أغاضت الطغمة الحاكمة بكل مستوياتها وبالخصوص بارونات الميليشيات بعد ان اختطفوا الدولة, فهي أخرجتهم عن طورهم, جنّنتهم بعد ان صارت اراقة الدماء كل عالمهم بل هوايتهم ومصدر رزقهم وتسلطهم.

فقد تعود افراد هذه الميليشيات على العنف وصور القتل والحرب, الذين لا يرون انفسهم بدونها, بعد الصراع الطائفي اعوام 2006 - 2008 وكذلك الحرب ضد الدواعش, لاسيما بعد ان ارتبط ذلك بسلطة لا متناهية حاكمة ومتحكمة وقدسية ملفقة, وموارد مادية وامتيازات متنامية ودعم سلطات دينية متنفذة مع تقدير شعبي للتضحيات الجسام لتحرير البلاد من رجس " الدولة الاسلامية " داعش.

لكنهم استفحلوا بعد تشكيلهم لأحزاب دينية تشارك في التحاصص الحكومي لتكريس الفساد, وتحولت هذه الميليشيات لغطاء الحماية المسلح لكل تلك السرقات لموارد الشعب اضافة الى انتهاك الكرامات والاعتداء على الحريات الخاصة والعامة بدعوى الالتزام الديني... وبعد ان اصبح قادتهم يجاهرون بالولاء لقادة ايران الاسلامية على حساب الوطنية العراقية...
 هنا بدأ النفور الشعبي من هذه الممارسات واصحابها.

اصبح سلاحهم جزء من شخصيتهم وكيانهم ومقدارهم... بدونه لا يساوون شيئاً, فهو مصدر قوتهم الوحيد وحجتهم في كل نقاش صريح, ولم يعد يهمهم معنى امتلاكه في ظرف لا يحتاجه.

لذا فأنهم يرون في سلمية المنتفضين تجريداً لسلاحهم وتهديداً لكيانهم ومستقبلهم, خاصة بعد اسقاط صنيعتهم عادل عبد المهدي عن كرسي رئاسة الوزارة, لذلك يحاولون, بأقصى جهودهم, ان يستعيدوها بمحاولة جر المنتفضين الى رفع السلاح, بارتكابهم مجازر عديدة ضدهم مرة على ايدي مُدمجيهم في القوات المسلحة ومرات اخرى بشكل مباشر, وهو ما كان له مكان في مجزرتي الناصرية والنجف وفي مجزرة جسر السنك - الخلاّني الرهيبة.

وتشهد سوح التحرير على مدى الوطن, من جانب آخر, اشتراك مقاتلو المتطوعين الشعبيين في الحرب ضد داعش او ابنائهم في انتفاضة تشرين / اكتوبر الشعبية, ممن لم يُنصفوا وممن شاهدوا بأم اعينهم غياب عنصر العدالة والتقدير لتضحياتهم المتمثلة بمظاهر ثراء قادتهم الميليشياويين مقابل ضعف حالهم, كما يشهدون مدى ارتماء هؤلاء القادة في احضان القادة الايرانيين وخدمة مصالحهم على حساب مصالح شعبهم.

غالباً ما يصاب المقاتلون في الحروب بما يسمى نفسياً ب " سندروم ( متلازمة ) الحرب " والتي تتسم بعض اعراضها بالسلوكيات العنفية غير المبررة حتى بعد العودة الى الحياة الطبيعية العامة, وهكذا كان هناك ما يسمى ب " سندروم حرب فيتنام " لدى الجنود الامريكان العائدين بعد حرب فيتنام, و " سندروم حرب الخليج " الذي عانى منه الجنود الامريكان والبريطانيين وغيرهم.

لقد كانت مجزرة السنك - الخلاّني في ساديتها ومسلسل الاختطاف والاغتيالات المجنون للناشطين المدنيين تأكيداً جلياً على اصابتهم بمرض " سندروم, متلازمة الحرب ", لذا فقد اصبح من اللازم والضروري والواجب تجريدهم من ادوات اجرامهم بحق المواطنين وادخالهم باسرع وقت الى مصحات التأهيل النفسي بعد محاكمتهم كل حسب جريمته.

بصبر غاندوي ( من المهاتما غاندي ) وبعزم مانديللي ( من نيلسون مانديلا ) تنتزعون انتصاراتكم... انتصاراتنا !



88
اليوم, الشعب يُملي شروطه عليهم !

احسان جواد كاظم


سنون عجاف مرت والشعب يعاني. منذ ان انتزعوا من الشعب الموافقة على الدستور الجديد في استفتاء التحدي في تشرين اول عام 2005 ( يا لمفارقات التاريخ, الانتفاضة الحالية اندلعت ايضاً في تشرين اول ! ), بتحديه لأرهاب منظمة القاعدة, حتى سارعت الاحزاب المهيمنة بأدارة الوجه لكل تطلعاته, حيث مارست سياسة التنكر لتضحياته وارادته وتجاهل توقه نحو نظام ديمقراطي حقيقي, بل اعتبرتها كلها صفراً على اليسار مقابل تطمينها لجشعها الفئوي اللامتناهي لابتلاع الوطن وثرواته واركاع مواطنيه.
لقد قامت باخضاع بنود الدستور الى عمليات لوي وتأويل تضمن استمرارها في الحكم وتأبيد تسلط احزابها الفاسدة بالاتفاق على نهج المحاصصة الطائفية - العرقية سيء الصيت وسن قوانين جائرة متخلفة تتعارض مع كل ماهو ديمقراطي وعادل, وعلى قياسها, لمنع صعود اي صوت وطني مخلص... وانتهجت سياسة تمييز طائفي بغيضة أدت الى تقسيم المجتمع الى شيع وطوائف وأفخاذ,  أحاطتها بسور من ميليشيات طائفية مسلحة متقاتلة لترويع المواطنين وتسخير أجهزة الدولة الإدارية لإهانة كرامتهم ولامتصاص دمائهم بإشاعة الرشوة والمحسوبية والمنسوبية.
وبرغم المناشدات الشعبية وقوى الديمقراطية وحقوق الانسان للسلطات بضرورة الالتفات الى ما يعانيه الشعب من مآسي ووجوب اخذ حاجاته بنظر الاعتبار من خلال الاحتجاجات والتظاهرات, الا ان قوى المحاصصة استكبرت وركبت رأسها.
و كلما احست هذه الاحزاب التي تحولت الى اوليغاركيا متنمرة بسمات مافيوية, بتصاعد النقمة الشعبية عليها, كما في احتجاجات 2011 و 2015  وما تبعها من انتفاضة البصرة والاحتجاجات المطلبية والوقفات الاسبوعية في ساحات التحرير, كانت تشرع بأتخاذ خطوات تتسم بالاصلاحية لكنها سرعان ما تتراجع عن وعودها وتتنصل عن عهودها بعدما تلحظ خفوت الضغط الشعبي, وفي حالات كثيرة قاموا بتجيير كل اجراء اصلاحي شكلي ليصب في صالحها بتدبيره محاصصياً, ليشبع جشعها الأشعبي ولا يجني الشعب منه نفعاً.

انتفاضة تشرين 1 / اكتوبر 2019 قلبت المعادلة راساً على عقب.

لقد ظنت الطغمة الحاكمة وهي تشعر انها في أوج جبروتها وغطرستها ان معالجة انتفاضة شباب اكتوبر بالحديد والنار سيحطم ارادة شبابها الثائر وسيرغمهم على الانكفاء والاذعان ... وان مصير انتفاضتهم ستكون كما سابقاتها تهب لتخمد... لم تقرأ هذه الطغمة, جيداً, شعار المنتفضين الاول " نازل آخذ حقي " وعزمهم وتصميمهم على الوصول الى الهدف, فأرتقى شبابها سلم الشهادة على ايدي قناصين اوباش, سارعت السلطة بالتبرؤ منهم واسمتهم " طرفاً ثالثاً ", لنفض يديها عن الجريمة... لكن الجريمة كانت راكبة عليهم تلبيس لما لأحزابها من أذرع مسلحة لم تتورع يوماً عن اغتيال او اختطاف اي ذي صوت جريء ونافذ وحر.

وقد تفاجأت احزاب الفساد بحجم الغضب الشعبي العارم ضدها, والتلاحم الشعبي مع شبيبة الانتفاضة الابطال الذي تمثل بالمشاركة البطولية في حمايتهم وتدعيمهم وتمرير وسائل استمرار ثورتهم المظفرة.

اليوم وبعد ان اسقط منتفضو ساحات التحرير على مدى الوطن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وكل كابينته الوزارية, اعلنوا بأن عادل عبد المهدي ليس شيئاً مهماً وهو لم يكن اساس اهتمامهم بل هو مجرد صامولة سايفة وخطوة نحو اسقاط نهج المحاصصة النهبوي, بكله وكلكله...كل اطرافه واحزابه وميليشياته ومافياته, واسترجاع العراق لحضن شعبه.

لقد تجاهل المنتفضون كل اوراق الاصلاح الكاذبة المتزلفة التي سارعت اجهزة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية الى تمريرها بسرعة سيارات الفورميلا 1, حتى ظن المرء  انها واحزابها يعانون من اسهال تشريعي وصحوة اصلاح عاتية, لولا ما رافقها من عمليات قمع وحشي, يندى له الجبين,  طال انبل ابناء الشعب العراقي من رفاقهم السلميين المتطلعين لمستقبل افضل...

البون طبعاً شاسع بين التجاهل السلطوي المتعجرف لحقوق شعب أبيّ, وتجاهل هذا الشعب العادل لتوسلات طغمة ولغت في دماء ابناءه بخسة, وسرقت ثرواته و جيّرتها لرخاءها وتسلطها ولقمعه وجعل ارض وطنه ضيعة للاجنبي, بأعطائها فرصة اخرى لأصلاح ما مضى...

اصبحت الشرعية اليوم لدماء الشهداء التي سالت مدرارة, والقول الفصل لرفاقهم الابطال في سوح الكفاح.

لقد وعى شبابنا ومعهم شعبنا لبديهية بسيطة : " فاقد الشيء لا يعطيه !".




 

89
اختطاف النشطاء السلميين... سلاح الخائبين !

احسان جواد كاظم

 
مع تنامي جبروت انتفاضة تشرين اول / اكتوبر الشعبية المجيدة في العراق, وبعد ان جربت احزاب السلطة واجهزتها القمعية كل ما في جعبتها من وسائل قمع وقتل, بواسطة القناصين والرصاص الحي والمطاطي والاغتيال, ثم الماء الحار والقنابل الحارقة والمسيلة للدموع السامة, وحملات التسقيط الاعلامية المغرضة ومحاولات تشويهها اخلاقياً او رميها بالعمالة لجهة خارجية... وبعد ان أعيت بطولات المنتفضين ووعيهم وايثارهم وتضامن الشعب معهم, سيدهم الاجنبي المتمرس بقمع شعبه, فأسقط في يدهم, لذا  لجأوا الى ملجأهم الأخير الا وهو محاولة حرمان الانتفاضة من رأسها المدبر وقيادتها ذات الجهادية العالية.
لكن اجهزة السلطة القمعية واجهت  معضلة حقيقية في معرفة رأس الانتفاضة ليمكن تصفيته, والتخلص من وجع الرأس مرة واحدة.
ولأن الانتفاضة شعبية بامتياز وعفوية بالتمام, فأن العثور على من يوجهها من بين الشباب المحتج صعبة ان لم تكن مستحيلة, فكلهم خلية نحل متضامنة... كلهم قادة وكلهم جنود.
فكان الحل الذي توصلوا اليه هو " الاختطاف ". اختطاف الاكثر نشاطاً وبروزاً من بين المحتجين, بعد جمع المعلومات عن طريق جواسيسهم المندسين بين المنتفضين, لعل وعسى يصلون الى رأس الخيط لينهوا الانتفاضة.
تنوعت جهات الخاطفين من رسمية وغير رسمية... وقد تعرض اغلب المختطفين الى تعذيب جسدي ونفسي, لمدد مختلفة, فهم يحاولون خلال فترة الاحتجاز استجوابهم لكسر اراداتهم ولجمع الخيوط للوصول الى مبتغاهم.
الرسالة التي ارادت هذه الجهات ارسالها, هي رسالة " ارهاب ", لا تخص المختطفين فقط بل حتى زملائهم واهاليهم بأشاعة اجواء رعب نفسي يردعهم عن مواصلة الانتفاضة ورفض الفاسدين والرضوخ لأرادتهم.
لقد مارست الدولة من خلال هذه الاجراءات " ارهاب دولة " موجه ضد مواطنيها, منافي للدستور وللقانون ولكل الشرائع الانسانية, بمصادرة حرية اناس مسالمين.
وقد شرعت اجهزة القمع الحكومية بارتكاب خروقات اخرى, باستعارتها لخبرات أجهزة قمع حقب بائدة, بأجبار المعتقل على التوقيع على ورقة " عدم التظاهر او عدم التحريض ضد الحكومة ".
ان هذه الاساليب مارستها تحقيقات بهجت العطية الجنائية ايام الحكم الملكي لمنع المناضلين الوطنيين من معاودة نشاطهم السياسي, كما استمرت اجهزة القمع في مراحل لاحقة في انتزاع " البراءات " من السجناء السياسيين, ومنها ايام المقبور عبد السلام عارف بعد انقلابه في 18 تشرين 1963 على انقلاب حلفاءه البعثيين الفاشي في 8 شباط 1963 ضد حكومة عبد الكريم قاسم.
والكثير من مواطنينا قد يكون قد قرأ قصيدة " البراءة " لطيب الذكر الحاضر ابداً شاعر الشعب مظفر النواب الموجهة اساساً الى المناضلين الشيوعيين في سجون عارف.
نفس هذه الممارسة, ممارسة انتزاع الاعترافات والبراءات والتنازل عن الحقوق مارسها البعث البائد بعد حملته ضد الشيوعيين والديمقراطيين عام 1978-1979, باجبار معتقلي الامن العامة بالتوقيع على ورقة بعدم معاودة العمل السياسي مع اية جهة كانت عدا حزبهم الفاشي.
ان اسليب اذلال المنتفضين وانتزاع التنازلات منهم بالتخلي عن حرياتهم التي ضمنها الدستور والقانون الساريا المفعول, سلاح الخائبين, وهي دليل فشل آخر يضيفه الخاطفون الى سجلهم الحافل بالانتهاكات الفضّة للحريات والحقوق الشرعية للمواطنين.
دعوة للنشطاء المدنيين وكل ذوي النوايا الحسنة للعمل على تدويل جرائم اختطاف الناشطين والتنكيل بهم وسلب حريات المواطنين...
 انها قضية آنية ملحة, لا يجب التهاون بشأنها !

90
كفوّا عنّا مندسيكم !


إحسان جواد كاظم

يرفع مسؤولون حكوميون وقادة ميليشيات عقيرتهم بوجود مندسين بين المتظاهرين السلميين, يقومون بأعمال شغب, تصل حد قتل متظاهرين إسوة بقتل افراد من القوى الأمنية.
ليُخلوا مسؤوليتهم عن ما يحدث, بعد ان بلغ عدد شهداء الانتفاضة, خلال اقل من شهر ونصف من انطلاقها, اكثر من ثلاثمئة شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى.
لكن من هو المندس ؟
هو, ببساطة, الشخص المدفوع من جهة متجبرة لينفذ الى طرفٍ مناهضٍ للقيام بعمل تخريبي, مادي او معنوي, يضر او يعطل او يشوه أهداف الجهة الأخري.
وبسبب ان الحركة الاحتجاجية ضد الفساد والمحاصصة في العراق والتي تحولت الى انتفاضة شعبية سلمية, هي حراك عفوي واسع مفتوح لكل الناس, فإنه يسهل اختراقها, ولابد ان تواجه من قبل اعدائها, من  اجهزة الدولة القمعية, كما من اطراف الدولة العميقة, بقسوة... إضافة الى محاولات تخريبها من الداخل بدس عملائها فيما بين المنتفضين, وتشويهها إعلامياً.
أليس إثباتاً ادعاءات السلطات بوجود مندسين في صفوف المنتفضين حصراً, دليلاً بأنهم الضحية وان اعدائهم هم من يرسلون هؤلاء المخربين لإفشال الانتفاضة التي يجهد المنتفضون لانجاحها سلمياً ؟
فأن المنطق يشير بأن من له مصلحة في إجهاضها هو من يقف وراء هؤلاء المندسين.
لكنهم يزرعون مندسيهم ثم يطالبون المنتفضين الضحايا بالكشف عنهم !

لذا فلابد للسلطات من معرفتها بالمندسين, قبل غيرها , لأنها وميليشيات احزابها هي التي دستهم, باعتبارهم الطرف الرئيسي الذي له مصلحة في قمع الانتفاضة, وهم أيضاً مسؤولون عن كل اندساس, حتى لو كان خارجياً.
سير الأحداث يؤكد بان أعمال العنف كانت تصدر من الطرف السلطوي بالخصوص, الذي استعمل الرصاص الحي والمطاطي والغازات السامة لتفريق المتظاهرين العزل.
واذا ما كان هناك أفراد متهورين ومندفعين من بين المتظاهرين, فأن اللوم يقع على الأحزاب الحاكمة وعسفها, فهي من أوصلتهم إلى هذه الحالة من اليأس ودفعهم الى إحقاق الحق على طريقتهم وبأسرع ما يمكن, بدون انتظار اعتراف القوى القمعية بتجاوزاتها او التعويل على قضاء تابع مرتعب ان يدين الظلمة.
 ولو وجدت مثل هذه الشريحة بين المنتفضين, الذين دللوا على سلميتهم رغم الخسارة الفادحة من شهداء ابرار وجرحى اعزاء, فأنها اقل من القليل ولا تشكل ظاهرة بينهم.
ان اتهامات ممثلو السلطة بوجود مندسين بين المنتفضين هو جزء من الحرب النفسية عليهم ومحاولة جعلهم في دائرة الاتهام دائما وفي موقع الدفاع عن النفس, وتشويه صورتهم الوطنية الناصعة, ووضع العصي في عجلة انتفاضتهم المظفرة.

 وكانت جهات امنية وحكومية, قد ادلت بتصريحات تؤكد وجود جهة اخرى كانت تقتل المواطنين وافراد القوات الامنية معاً. اي ان هناك جهة ثالثة ليس لدى المنتفضين علاقة بها, لكنها بالتأكيد, قريبة من السلطة,لا تجرأ الكشف عنها بصراحة, هي التي تقوم بهذه الجرائم الشنيعة والتي كانت اولها عمليات القنص البشعة للمواطنين المسالمين بسادية مفرطة وخطف الناشطين المدنيين وترويع المواطنين.

وكذلك ليس دون دلالة تصريح وزير الدفاع بعدم مسؤولية الجهات الرسمية عن استيراد النوعيات القاتلة من القنابل المسيلة للدموع... فمن هي هذه الجهات التي لا يستطيع حتى وزير الدفاع تسميتها ؟
لا بل حتى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي اشار الى جهات تقوم بالاختطاف مستخدمة سيارات حكومية, وانها ليست فوق القانون, بعد حادثة اختطاف ضابط كبير في وضح النهار وفي وسط العاصمة بغداد, الا انه ايضاً لم يتجرأ على تسميتها.
هؤلاء هم الطابور الخامس الذي خرب البلاد والذي يأملون زرع بذور عدم الثقة بين الشعب وقواته المسلحة, ومن ثمة, اجهاض أعز منجز لشعبنا العراقي في تاريخه المعاصر... انتفاضة تشرين اول / اكتوبر الجبارة.






91
عملها جيل ( السپـونج بوب ) وانتفض !
احسان جواد كاظم

لطالما تهكم البعض من جيل ما بعد التغيير عام 2003 بأعتباره جيل تربى على ( سپـونج بوب - شخصية من افلام كارتون امريكية شائعة هي اسفنجة بحر ), شباب خائب, غير مبالي, جاهل, يتلبسه خواء فكري فاضح, لايفقه شيئاً في شؤون السياسة, منزوع الوطنية ولايهمه كل ما يطبخ له في مطابخ السياسية اوما يدبر له في دوائر احزابها او كتلها البرلمانية او وزاراتها التحاصصية...
 ولطالما نظرالمتسلطون الى الشعب بعين " قنطورس "* ناقمة, ودلقوا بوجهه كل ما يحمله " صندوق باندورا "* من شرور- جشع وغرور وكذب ووقاحة وهمجية...
 وبينما تمكن اليأس من دواخل الكثيرين من عقم الوضع حتى فاجأنا هذا الجيل, جيل ال ( سپـونج بوب ) بمستحيله وقلب الطاولة على التنظيرات التقليدية المتفذلكة واودى بتحليلات المحللين الاستراتيجيين الضليعين بعلم السياسة, اليقينية... وأسقط كل قدسية أضفيت على الأنتحال التحايلي للدين سواءاً مارسه أشخاص او مؤسسات او ميليشيات.
من معاناة هذا الجيل... من معالم الرثاثة التي تحيطه, انفجرت انتفاضة شعبية عارمة بعد ان شهدوا تمادي ممثلي الطغمة الحاكمة في الفساد مقابل فقرهم ومصادرة حرياتهم وخنق تطلعاتهم بتابوهات دينية واجتماعية اكل عليها الدهر وشرب, مثقلة بشعائر مأتمية...
هم شباب يحاول رسم خريطة احلامه بصدور عارية وبيارق الوطن وبدون وصاية دينية او سياسية... فهم لم ينتظروا اشارة او امر من احد, وانتفضوا على القطيعية, ثم اخذوا قضية العراق والعراقيين على عاتقهم ومضوا... بحناجر تصدح بأسم الوطن, سلاحهم الوحيد كان الموبايل الذي صوّر وحشية زبانية السلطة وميليشيات احزابها وقمعها غير المسبوق لهم.
 فبعد ان استهانوا بالمنتفضين بنعتهم ب " كومة زعاطيط, جيل سپـونج بوب او جماعة لعبة الپـبجي, وبالمتآمرين, والمدفوعين من جهات اجنبية لتدمير الجنان التي شيدها المتحاصصون, قاموا لغبائهم, وللتقليل من شأن الانتفاضة, بالحديث عن الاف قليلة من المتظاهرين, لا يعتد بها... لكنهم فرضوا منع التجول واغلقوا الطرق بالحواجز الكونكريتية وانزلوا قواتاً مدججة بالسلاح الى الطرق والساحات العامة وحجبوا خدمة الأنترنيت, ومن ثمة اوقعوا بأكثر من 7 آلاف متظاهر بين شهيد وجريح و آلاف اخرى من المعتقلين والعشرات من المغيبين.
 وهذا ما جلب الويل عليهم... واوقعوا انفسهم في ورطة حقيقية, امام الرأي العام في الداخل والخارج, وادانوا انفسهم بأنفسهم قبل ان يدينهم الشعب او اية منظمات حقوقية محلية او عالمية, فمستوى القمع وشدته لا يتناسبان مع ما يمكن ان يشكله ( خطر ) المتظاهرين, وحسب معطياتهم هم. وهذا يعني ارتكابهم مجزرة مروعة, تستدعي تدخل اممي لحماية المواطنين العراقيين من اضطهاد حكومتهم.
سياسة العصا الغليظة لقمع المحتجين لم تأت أكلها, فقد ارادوا تقليل اعداد اعدائهم فاذا بهم يزيدونهم اضعافاً مضاعفة باضافة اهالي الشهداء والجرحى والمغيبين والمطاردين وكل المهضومة حقوقهم.
انتبهوا الى عقم حلولهم القمعية, فتغير خطابهم الأعلامي ولجئوا في اليوم التالي للانتفاضة الى سياسة الجزرة... بحزمة من  القرارات السخية التي عكست هلعاً عظيماً من غضبة الشعب, بأغداق سيل من المغريات والهبات المادية من اراض ورواتب وفرص عمل , كأنها سحبت من قمقم ( المارد المعنوي ), بعد ان كانت غائبة طوال ستة عشر عاماً, وما من أحد يصدق انهم قادرون على الأيفاء بها.
وما كان لهذه المسرحية السمجة ان تمضي بدون لمسة كوميدية... بأعلان الحداد على ضحاياهم, وتشكيل لجنة تقصي حقائق عن استعمال العنف المفرط ضد المتظاهرين العزل, مكونة من اجهزة وشخصيات ضالعة في قمع المتظاهرين, والأنكى من ذلك ان نتائجها غير ملزمة قضائياً, اي ان هدفها مكشوف, مجرد الضحك على الذقون, وما تشكيلها الا لذر الرماد في العيون والاستفادة من الوقت لخداع المواطنين للالتفاف على مطاليب المنتفضين المشروعة.
لتعلن بعدها الجهات الرسمية بتأجيل موعد الأعلان عن نتائج تحقيقاتها الى اشعار آخر, بعد ان الزمت نفسها امام الجماهير بموعد محدد, لزيادة التمييع تسويفاً.
لكن لاخفي الا سيظهر, ولا مكتوم الا سيُعلم !
والمؤكد ان مشاهد القتل المروعة شاهدها الجمهورعلى التلفاز ووسائل التواصل الأجتماعي, ولا مجال لنفيها, والقتلة معروفون, ولا صحة لما يلوكه ويحاول ان يمرره اعلام السلطة وقياداتها عن " الأشتباك " الذي يفترض وجود جانبين متقاتلين, فأطلاقات الموت جاءت من الطرف المواجه للمتظاهرين العزل, واعداد شهدائهم الكثيرة دليل ذلك.
يوم القصاص من القتلة ومصاصي دماء الشعب يقترب !

* قنطورس - أقرب ثقب اسود الى كوكب الأرض بمسافة لاتزيد عن 11 مليون سنة ضوئية.
* صندوق باندورا - في الميثولوجيا اليونانية, صندوق يحمل كل شرور البشر.





92
كل الرصاصات المنطلقة من الفوهات من مسؤولية الحكومة !
احسان جواد كاظم
برر اعوان السلطة ارتقاء هذا العدد الكبير شهداءاً والآلاف المؤلفة من الجرحى, الى وجود مندسين بين المتظاهرين السلميين, تصدوا للقوات الحكومية التي تقمعهم, لكن كل القرائن والأثباتات التي نقلها شهود عيان والآلاف من الفيديوهات التي تسجل لحظات قمع وحشي غير مسبوق ضد المتظاهرين السلميين الذين لم يحملوا اي سلاح ولا حتى عصى, تؤكد عكس ذلك... ولا حتى السلطة امسكت بمندس مسلح واحد لتدعم ادعائها لقمع الشباب بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع والخانقة ( وحتى المنتهية الصلاحية من تركة نوري المالكي ) والماء الحار, ثم بالرصاص الحي المباشر وغدر رصاص القناصين, بشكل وحشي يندى له الجبين, يذكرنا بجرائم نظام البعث البائد.
ان السلاح المستعمل لقتل هؤلاء المواطنين هو سلاح الدولة بغض النظر من يحمله ومن اطلق الرصاصة, هل هو منتسب نظامي من منتسبي اجهزة الدولة الأمنية او من منتسبي الميليشيات التابعة لأحزاب السلطة, لذا فان الحكومة تتحمل مسؤولية قتل مواطنيها المسالمين المطالبين بحقوقهم التي سلبت منهم طوال ستة عشر عاماً من حكم هذه الاحزاب التي تداولت وتداورت الحكم.
وحتى لو افترضنا بأن كان هناك مندسين مسلحين بين المتظاهرين السلميين, تبقى من مسؤولية الحكومة, بكل اجهزتها الأستخبارية ومجساتها الأمنية ان تستبق هؤلاء وتعتقلهم لتحمي مواطنيها سواءاً كانوا من المتظاهرين او من منتسبي اجهزتها, لكنها لم تفعل وفشلت في اداء مسؤولياتها المهنية في تأمين الأمن والأمان لمواطنيها.
كما ان بقاء فوضى السلاح وانتشاره حتى في الاسواق الشعبية تقع تبعاته بلا شك على الحكومة وليس على اية جهة اخرى ولا حتى على المواطن الذي يقتنيها, لعدم ثقته بقدرة الحكومة على حمايته, لأن تطبيق القانون الذي يقنن حمل السلاح وتداوله في السوق وتطبيق هذا القانون هو واجب اجهزة الحكومة الحصري.
ولا يمكن ان يغيب عن بال أحد وجود ميليشيات مسلحة, تجوب شوارع الوطن وتنصب سيطراتها في مفترقاتها وساحاتها مدججة بسلاح حكومي مدفوع من خزينة الدولة التي هي مال عام وليس مال احزاب السلطة الحاكمة...  اشير لها بالاصابع في عملية قمع المتظاهرين الشباب, لا بل ان بعضها تباهى, بلا مواربة على وسائل الأعلام, بمشاركته بأسكات الاصوات التي تتجرأ المساس بها وبمرجعياتها وقياداتها.
وقد شهد المواطن العراقي عمليات توزيع سلاح من مسؤولين في الدولة لرؤساء عشائر بغرض كسب ولاءاتهم وضمان تصويت ابناء عشائرهم لصالحهم في اية انتخابات قادمة, فكان من نتيجتها انتشارالسلاح وصولات قتال دامية بينهم.
الحكومة مسؤولة عن قتل هؤلاء الشباب الابرياء وجرح آلاف اخرى منهم, ولابد من حساب قاس لكل المجرمين.
لكن تتوارد الى اسماعنا بأن الحكومة التي قررت اعتبار ضحايا المظاهرات الشعبية شهداءاً, تقوم بمكافأة وترفيع الأفراد الذين ولغوا في دماء هؤلاء الشهداء. وهذا سيكون لو صح مبرراً مشروعاً آخر لدعوات اسقاط الحكومة.

93
عادل عبد المهدي - شيل حواجز... حط حواجز !
احسان جواد كاظم
الانجاز الأوحد الملموس لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هو قراره بأزالة الحواجز الكونكريتية عن واجهات البنايات الحكومية والمراكز المدنية ومفارق الطرق, استبشر بها العراقيون, واعتبروها اشارات تطور امني يمكن ان تؤمن حياة طبيعية, وانهاء تقطيع اوصال احياء مدننا وسكانها, وعودة الأواصر الأجتماعية بين المواطنين الى سابق عهدها.
وقد دأبت الحكومات التحاصصية المتتالية وقيادات احزابها المتنفذة على بناء جدران واعلاء الحواجز امام ابناء شعبها طوال سنين تسنمها للسلطة منذ ستة عشر عاماً كالحة, لتستأثر بالحكم وبثروات البلاد.
 كان اكثرها جوراً, اعتماد نهج المحاصصة الطائفية - العرقية وسن القوانين الجائرة مثل قانون الأنتخاب سانت ليغو 1,9 الأخير, التي تكرس استئثارهم بكل شيء وتؤبد هيمنتهم. ثم تلفيق تشكيلات ادارية خادمة لهم وتحقق مصالحهم مثل الهيئة العليا للأنتخابات واجهزة قضائية وشُرطيّة لا تطارد المجرمين ولا الفاسدين, ورجال دين وميليشيات وقحة تعتدى على حقوق المواطن وحريته وكرامته.
وقد كابدها المنتفضون ومجموع الشعب العراقي بمضض, ولهذا كان سيل الأحتجاجات المتتالية منذ 2011 ولحد اليوم والتي تتوجت بأنتفاضة 1 اكتوبر / تشرين الاول الجاري .
ولأنهم مرعوبون من زخم وجدية واصرار المنتفضين على اهدافهم, اضاف لها السيد عادل عبد المهدي, بأعتباره رأس الحكومة والساهر على امتيازاتهم ومصالحهم, حواجزاً جديدة, بينه ونظامه وحكومته وجماهير شعبنا... تكرس عزلة حكومته... بعد فرضه منع التجول الى اشعار آخر لكتم افواه المتظاهرين السلميين ومصادرة حق التظاهر, ثم توزيع قناصين يعتلون قمم البنايات العالية لأصطيادهم, كما أشارت الى ذلك شهادات الكثير من المواطنين, ثم أتبَعَ كل هذه الأجراءات الجائرة بقطع خدمة الأنترنيت وسلب المواطن حق دستوري في الحصول على المعلومة ومتابعة ما يجري والأطلاع على وجهات النظر والدلو بدلوه فيها بكل حرية...
 وفوق كل هذا وذاك منع الصحافة الحرة من نقل الحقائق من ارض الانتفاضة بينما اطلق عنان فضائيات احزاب الأسلام السياسي لتشويه الحقائق ولتكيل الأتهامات الكاذبة للمتظاهر العاري الصدر الأعزل بالتخريب.
آخر حواجزه التي رفعها بوجه المنتفضين والمواطنين كان خطابه البائس المصّر على المضي على ذات النهج الفاشل.
ثُبتت الحواجز الكونكريتية لحماية المواطنين وسلامتهم من ارهاب دولة داعش الأسلامية وسياراتهم المفخخة بينما حواجز حكومات المحاصصة الطائفية - العرقية والحالية منها, هي عقاب للعراقيين جميعاً.
هل تحققت نبوءة الجواهري العظيم حقاً ؟ :
سينهض من صميم اليأس جيلٌ..... مَريدُ البأس جبّارٌ عنيدُ
يقايضُ ما يكونُ لما يُرجّى..... ويعطفً ما يُراد لما يُريدُ

94
إنتشال إستشاري من فشل إنتخابي!
احسان جواد كاظم

حملت لنا الأخبار تنصيب السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي النائبة السابقة حنان الفتلاوي التي فشلت في الانتخابات الأخيرة, كمستشارة له لشؤون المرأة, وهو اجراء طالما لجأ اليه متنفذو السلطة لضمان كرسي دافيء لتابعيهم قريباً من سلطات القرار, او لحمايتهم من المسائلة القانونية عن تجاوزات او استغلال مناصب عن فترة سابقة, او على الأقل لأستمرار تأمين لقمة فم دسمة, ولتطمين طموحاتهم السياسية.
ان اتخاذ مسؤول رفيع ما لنفسه مستشاراً, غير ان يقرّب منه سميراً من طينته.
فالحكمة من اتخاذ مستشار في شأن ما, هو ان يشير عليك برأي راجح جديد, او يقترح حلولاً بحكم تجربته الفنية في اختصاص معين. لهذا يفترض بمن يشغل منصب المستشارية ان يكون  اكثر خبرة واوسع ادراكاً عمن يستشيره في مجالٍ معين.
وهذه المواصفات لاتنطبق على النائبة السابقة حنان الفتلاوي مقارنة بتجربة السيد عادل عبد المهدي السياسية, ولا حتى بمعرفتها بالأحكام المتعلقة بالمرأة كما أظن, لأن مشربهما الفكري والقيمي واحد.
فهذه السيدة لاتصلح قطعاً لشغل منصب الأستشارية لشؤون المرأة في مكتب رئيس الوزراء, ليس لأنها لاتمتلك رأياً, فغالباً ما ظهرت بصورة المرأة الحديدية التي تجادل دفاعاً عن وجهة نظرها بأندفاع لبوة, كما يحلو لمقربين منها تسميتها, لكن لأن اختصاصها الوظيفي كطبيبة بعيد عن صفة المنصب, هذا أولاً, كما اننا لا نعرف لها نشاطاً في مجال الدفاع عن حقوق المرأة, ثانياً, بل هي بالأحرى, ناشطة سياسية في احزاب اسلامية لاتعترف للمرأة حقوقاً, سوى المسطّرة قبل اربعة عشر قرناً, لذا ستكون مواقفها بعيدة كل البعد عن حقوق المرأة المعاصرة.
 فلم نعرف لها, يوماً, موقفاً رافضاً لقانون الاحوال الشخصية الجعفري الجائر الذي يمتهن المرأة ويؤسس لنكاح القاصرات, او ضد العنف الأسري ودعماً لقانون يمنعه, او من الأعراف العشائرية التي تعامل المرأة كسلعة من خلال النهوة والفصلية وغيرها من عادات اقطاعية بائدة.
او من مظاهر الأستعباد الأنساني والجنسي الذي تعرضن له مواطناتنا الأيزيديات المختطفات من قبل الدواعش او بمصيرالمحررات منهن البائس.
وكانت قد كشفت بتصريحها المنفعل من مقطع تمثيلي كوميدي للفنان محمد قاسم, جسد فيه شخصيتها في البرلمان, عن قناعة فكرية راسخة لديها عن دونيّة الأنثى مقابل الذكر, حيث اشارت : " اذا ارتضى رجل لنفسه ان يلبس ملابس امرأة فهذا شأنه ونحترم حريته "... فهي تستهجن ذلك حتى ولو في عرض تمثيلي ساخر.
كان المفترض برئيس الوزراء المنادي بالأصلاح ان يتخذ مستشاراً له من أوساط العاملات في شؤون المرأة والمدافعات عن حقوقهن وحقوق الطفل, لأنهن سيقدمن حلولاً ناجعة لمشاكل المرأة تعزز برنامجه الأصلاحي, وليس ناشطة سياسية اسلامية, ليس بمعيتّها من أفكار ورؤى اكثر مما يعرفه هو عن المرأة وحدودها الشرعية التي تشربّها, بحكم قربه من رجال دين وتقليده لهم, او خلال فترة انتماءه التنظيمي السابق الى احزاب الأسلام السياسي, حسب ما يقال, وبقى منتمياً لهم قلباً وروحاً ومنهاجاً.
ان تعيين رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للسيدة حنان الفتلاوي كمستشارة له لشؤون المرأة,  لايمت حقيقة بصلة للحاجة الفعلية لمكتبه وانما هو مجرد تقديم فرصة عمل لزميلة وقفت معاهم ودافعت عن سياساتهم السابقة التي لا يريدون ان يتجاوزوها رغم ما جلبته من مآسٍ على العراقيين.
ترى هل سيكون للسيدة الفتلاوي دوراً في دفع رئاسة الوزارة الى اقتراح مشاريع قوانين تنصف المراة وتنقذها من واقعها الأجتماعي المزري, متعلقة بقوانين الزواج والطلاق وحضانة الطفل والتعنيف الأسري وحرية المرأة في العمل والسفر والتعبير عن الذات بالشكل الذي تراه مناسباً, وليس في الدفع باتجاه تكريس الهيمنة الذكورية على حساب المساواة لطرفي العلاقة الأنسانية ؟
انا أشك في ذلك !
السيد عادل عبد المهدي ! علامة ( - ) اخرى ستضاف الى سجل تقييم وزارتك الأصلاحية الحالية .

95
كتابات ساخرة - مراجعة روتينية لدائرة حكومية
احسان جواد كاظم
مراجعة دوائرنا الحكومية لشأن ما, أشبه بالدخول الى جحيم دانتي. فأول ما يصدمك بعد انتظار طويل تحت الشمس الحارقة وصراع المناكب وتبادل الخبرات المراجعاتية بين المنتظرين, الأسترخاء البيروقراطي لدى الموظفين, وغياب مظاهر الضبط و( الأستعباد ) الوظيفي المعهود لرؤسائهم... ليستقبلك موظف له شفتان تحملان تعبيراً إزدرائياً مستخفاً, ليسألك : شتريد ؟! وكأنك تراجع دائرته لغرض النزهة وليس لشأن يتعلق بأختصاصها ولضرورة رسمية.. يقلب ما بحوزتك من أوليات ووثائق ويطابقها, بأستخفاف, بما حوزتك من هوية شخصية وشهادة جنسية وبطاقة سكن... ليرميها اليك على مكتبه, فتجمعها. ليبعثك بعدها, متفضلاً, لأستنساخها وبفايل مُشترى, لزاماً, من كشك الأستنساخ مع طوابع, وترجعها اليه... الى نفس الموظف ببراطمه وأوداجه المنتفخة, ليحن عليك أخيراً بتسجيلها في الواردة.
تقفز فرحاً بعبورك الحاجز الأول, لتتحول الى زميله الذي غالباً ما يكون منشغلاً في إجراء مكالمة, تتبين بأنها خاصة, يتحدث فيها لصديق له عن سهرة البارحة الحافلة وما قالت له إحداهن, في شأن ما, يجاهد في إخفاءه عن السامع المتسمع الواقف امامه على أحر من الجمر لأنجاز معاملته, وهو يتضاحك مع صاحبه مع غياب تام لأحساسه المسلكي بوجودك كمراجع, حتى ينتهي من المهم, ليراجع إضبارتك مرة أخرى, بضجر, ليختمها أخيراً بختم الدائرة السامي... يحولّك بعدها الى الحجي, حيث يتجمع امام مكتبه مجموعة من المراجعين ممن سبقوك, وهو يستضيف معمماً بعمامة سوداء او بيضاء, لافرق, او شيخاً عشائرياً على استكان شاي متبادلاً معهم الأخبار والنكات في انتظار انهاء معاملات تتعلق بأعوان لهم, خارج الأصول الأدارية, دون حضور شخصي ودون خضوع مستمسكاتهم, طبعاً, لتدقيق رسمي وذلك كله بضمانة وجاهتهم المجتمعية وحضوتهم الحزبية... بعد حين ينتبه الحجي الى وجود مراجعين آخرين عند بابه العالي, ليأذن بدخولهم.. يروزك من فوق لتحت, ويدحق في هويتك الشخصية ليعرف من أي عمام أنت, ليجعل معاملتك في دائرة التداول او يبعثك لجلب " صحة صدور " لوثائق رسمية أصلية صادرة ايام كان تزوير أية وثيقة, جريمة شديدة العقاب.
بعد اللتي واللتيا, وان كنت مولوداً تحت نجم سعد, وداعيتلك أمك, وأخذت معاملتك صك غفران الحجي,  يدحرجك الى مكتب العلوية ذي الوجه النوراني, المتخاصم مع اي سمات إنثوية. ولولا حجابها وتاء التأنيث المعقودة على توصيفها الوظيفي كمديرة, او كنية " أم فلان " لأصبح عسيراً تصنيفها من الجنس اللطيف.
على العموم تكتشف بأن الشكل ليس بالضرورة يعبرً بصدق عن المضمون, فتسير معاملتك بسلاسة, تستغرب لها !
تتنفس الصعداء بعد ان تتسلم إضبارتك مدققة وموقعة ومبصومة ومختومة, تتراقص فوقها ملائكة الرضا البيروقراطي.
تتحول أخيرا الى غرفة الصادرة, حيث  يجلس شاب وسيم وراء مكتب بدُرج مفتوح, يعلو الجدار خلفه ملصقاً يحمل عبارة " لعن الله الراشي والمرتشي... حديث نبوي شريف "... تقف قبالته زميلة بحجاب زرق ورق ينقصه الذوق السليم, لاتعوزها ملامح جمال فطري لولا طبقات الميك اب الهائلة وحمرة الشفاف الفاقعة, تتضاحك وتتغنج لزميلها, الذي تبدو عليه علامات البهجة والزهو لوقوف ملكة جمال الدائرة بكل جلالها حذاء مكتبه, بينما هي قد تعبر عن إنزعاجها لو لمحت نظرة عابرة من عيونك الجريئة المتطلعة لعطف وظيفي أخير, أو تتجاهل وجودك العواذلي, مستمرة في مناجاتها, كأنك حشرة هائمة ليس إلا.
وكأنه تفاجأ بوجود كائن غريب يقف على رأسه, يختم معاملتك " صادرة ", بتأفف, لتنطلق هلهولة فرح كافكوية مكتومة تحت قحف جمجمتك المهمومة, وتنفذ بعد جهد جهيد من جحيم دانتي الروتيني الى جحيم الواقع الشوارعي, باحثاً عن تكسي يقلك الى مبتغىً آخر, لتواصل كفاحك المرير في دائرة حكومية اخرى .


96
بعيداً عن الشعبوية... قريباً من الحزب الشيوعي
احسان جواد كاظم
" الشعبوية " كخطاب سياسي صاخب يعتمد الأثارة الجماهيرية بأنتقاء مواقف او احداث معينة, لنقدها خارج سياق عملية الصراع الشاملة, التي لها مدخلاتها ومخرجاتها وتعقيداتها, هي غير" الثورية "  كنظرية بما تعنيه من مشروع تغيير لواقع مجتمع ما... والتي لها أساليب عملها المتعددة التي تبدأ من التنظيمي السري وبث الوعي والتظاهر الأحتجاجي والأشكال النضالية الأخرى, مروراً بالنضال النقابي والعلني والبرلماني... والكفاح المسلح أحدها. ولكل من هذه الأساليب ظروفه وشروطه الذاتية والموضوعية.
 ان لأستثمار ظروف واقعنا السياسي الحالي, بعد توفر امكانية النشاط العلني القانوني, أهمية خاصة, من اجل جذب الجماهير نحو برنامج واقعي طويل النفس, والأنغمار في الصراع الطبقي والسياسي الدائر, وعدم ترك الساحة للفاسدين والرجعيين, ليعبثوا اكثر مما عبثوا بمقدرات البلاد, بل السعي لأيقافهم عند حدهم, والعمل على تحقيق اهداف الكادحين ولو بإستلال قانون يخدم مصالحهم ويحسّن ظروفهم الحياتية.
 وهذا كله لا يلتقي مع الشعارات الشعبوية الفارغة وتعابيرها الرنانة, التي يطلقها البعض, ودعوات عدمية رافضة لكل شيء واي شيء, تقود للأنعزال.
وكانت الجهود الدؤوبة والعمل المتفاني للشيوعيين بين الناس ومعهم في اماكن العمل والأحياء وفي ساحات الأحتجاج قد أثمرت بوصول نائبين شيوعيين الى قبة البرلمان, هما السيد رائد فهمي والسيدة هيفاء الأمين, وقد أثار نشاطهما انزعاج وخشية اوساطاً رجعية متعددة, ترجموه أخيرا,ً بالهجوم على مقرات الحزب في مدينتي الناصرية والبصرة, لاسيما وانهما يشغلان رئاسة لجنتي متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي برئاسة السيد رائد فهمي, ولجنة المرأة برئاسة السيدة هيفاء الأمين, المهمتان في مجلس النواب                                    العراقي, اللذان هما اكبر من مجرد مواقع شرفية او وجاهية, بل هما مجالات عمل مسؤول لخدمة العراقيين, بمتابعة الأداء الحكومي واقتراح التشريعات التي تؤمن حقوقهم وحرياتهم.
لذا فأن دعوات البعض لترك كل شيء وعدم المشاركة في العملية السياسية والأنكفاء الى المقرات والأكتفاء بصب اللعنات من بعيد, ولعن الظلام دون ايقاد شمعة, هي دعوات غريبة عن مباديء الشيوعيين, لأنها لا تأتي بفائدة للشعب, وهو مسعى الشيوعيين الأول ومبرر وجودهم, خصوصاً في ظل غياب برنامج عمل واقعي بديل لدى مطلقي هذه الدعوات.
كما ان المصابون ب " فوبيا التحالف ", أسرى الماضي المكبلون بذكريات جبهة 73 مع البعث الذي اجهضها بسبب نزعات قادته الأستبدادية اولاً, واخطاء قيادة الحزب حينها ثانياً, والتي ربما كان المؤتمر الوطني الرابع للحزب, البداية للأطاحة بأغلب القيادة السابقة, اضافة الى ما تكفل به الزمان بتغييبهم بسبب المرض او الشيخوخة... وبعد إجراء الحزب لمراجعة نقدية شاملة لكل تجربته, لازالوا يتهيبون خوض النضال السياسي من خلال تحالف, الذي هو كممارسة سياسية واردة ومشروعة في العمل السياسي, لذا فأنهم يطالبون بالأنسحاب من " تحالف سائرون ", لأنهم واقعون في أسار المقارنة الميكانيكية بين جبهة 73 والتحالف الحالي, رغم ان طبيعة الظروف السياسية وأساليب العمل, تغيرت... كما ان خارطة القوى السياسية قد طرأ عليها تبدل كبير جداً. فقد أفل نجم بعضها مثل حزب البعث وظهرت اخرى بأيديولوجيا دينية... تحاول تأبيد طريقة حكم طائفية محاصصية جائرة... ونشأ وعي مجتمعي آخر وليد لفترة الأستبداد والحروب والحصارات ليس متفاعلاً مع افكار اليسار التحررية.
 كما شهدت الأحزاب التاريخية ذاتها تغيرات بنيوية واسعة, واكتسابها لتجربة سياسية اعمق كما في الحزب الشيوعي العراقي وصعود قيادات جديدة.
ان تعثّر عمل " تحالف سائرون ", ناتج عن احتدام الصراع حوله وداخله, وضغط قوى المحاصصة لأجهاض خططه الأصلاحية وشقه وتفتيته, ويعرف بأنه اكثر التحالفات السياسية تماسكاً وثباتاً, وهو ببرنامجه المدني يشكل المعادل الموضوعي لمتحاصصي السلطة... وعلى الحزب الشيوعي ليس الأنسحاب منه بل النضال من اجل ترجيح كفة الأفراد او الأطراف الأكثر صدقاً في انحيازها للفقراء والمضطهدين وتعميق توجهاته الصائبة والدفع لتحقيق شعاراته التي قام على أساسها... فهو لم يستنفذ امكانياته بعد.
 ولابد لتجاوز تلكؤات هذا التحالف, من تطويره ليكون تحالفاً على مستوى الشارع, وليصبح عامل ضغط شعبي حقيقي ولا يبقى أسير قاعات الأجتماعات المغلقة لقادة محدودين.
كما ان توجيه بعض التقدميين نيران غضبهم نحو " تحالف سائرون ", يبدو غير مبرراً سياسياً, لأنه ببساطة, ليس هو العقبة امام التقدم, كما يتوهمون في سعيهم للأجهاز عليه, بل قوى المحاصصة التي ينبغي محاصرتها ومكافحتها... ولأن الغاء قوة سياسية فاعلة, بكل ما لها وما عليها, ذات أهداف مدنية, تقف ضد تغوّل التوجه الطائفي والمحاصصة, من مسرح الصراع سيؤدي الى صعود الكفة الأخرى وخسران الجميع.
لازال هناك من يستهويهم العمل السري رغم تحولات الزمان, ويحنّون اليه لدوافع رومانتيكية, في عودة سلفية حالمة الى ايام الماضي التليد... هؤلاء, حان وقت إيقاظهم !


97
مخدرات أشكال وكلاشي !
احسان جواد كاظم
غالباً ما تذكر تقارير الشرطة عن تجاوزرات جنائية ناجمة عن تأثيرات الكحول على ادمغة شاربيها كسبب لعنفيّتهم, بينما لا تذكر اسباب جرائم اخرى يرتكبها متعاطو مخدرات او تتغاضى عن ذلك. ربما لأن تعاطيها وتجارتها أصبح ظاهرة اكثر من طبيعية في مجتمعنا بحيث لا تستحق الأشارة اليها, لاسيما مع عدم وجود تحريم شرعي لأستهلاكها.
فنحن لم نرْ يوماً تقريراً مفصلاً عن مرتكبي الجرائم تحت تأثير المخدرات او الكحول, رغم ما لظاهرة الأدمان من عواقب مدمرة على المجتمع...
على العموم, تتجنب الأجهزة الحكومية او الهيئات التابعة للأحزاب الأسلامية الحاكمة الكشف عن اسباب لجوء شبابنا الى تعاطي المخدرات او شرب الكحول, فهي تعزوها, على الأغلب, الى سوء تربية عائلي اوانحراف أخلاقي, رغم ما يتلقوه هؤلاء الشباب من جرعات المواعظ الدينية والتهديدات الشرعية التي تبثها فضائيات الأسلام السياسي ومنابر الجوامع ودروس التربية الدينية في المدارس, اضافة الى الكم الهائل من المناسبات الدينية التي تزدحم بها روزنامتنا السنوية, والأبتداع المستمر لطقوس جديدة وتلفيق أضرحة لأئمة جدد, يعطوك مرادك.
كل ذلك ينبغي ان يكون عاصماً لهم عن الأنحراف, لكنه لا يعالج المشكلة. فجذرها يكمن في مكان آخر... في الظروف الأقتصادية الصعبة التي يعيشها هؤلاء الشباب, بسبب البطالة والفقر وإنسداد الآفاق امام أي تحسن لواقعهم الأجتماعي المتدهور, لكن المجموعة الحاكمة من أحزاب الأسلام السياسي لا تود الأعتراف بذلك, ولا تُعير الأمر أهمية, لاسيما مع وجود تقارير رسمية كثيرة تثبت تورط ميليشيات تابعة لها تسيطر على المنافذ الحدودية في تمرير هذه السموم, وحتى قيام بعضها بزراعتها ( وطنياً ) لتحقيق الأكتفاء الذاتي في بعض مناطق البلاد الخاضعة لنفوذها.
مسؤولون حكوميون رفيعون أكدوا, بدورهم,  وجود مصادر جديدة لتوريد المخدرات, غير المعروفة تقليدياً, في اشارة الى الأرجنتين التي اكتسحت مخدراتها مدننا المقدسة وشبابنا اللاطم الباكي, لكنهم لم يذكروا اجراءاتهم الرادعة لوقف تهريبها عبر المنافذ الحدودية.
كنت لأقترح على حكومتنا الموقرة  حلاً متداولاً في دول عديدة للحد من ظاهرة التعاطي, باستيراد الدولة لهذه المنكرات, مع تقنين انواعها وكمياتها والتحكم بمقادير تناولها, اضافة الى ضمان وصول ايرادات الضرائب الكمركية المتحصلة من استيرادها الى الخزينة العامة بدلاً من تسربها الى جيوب تجار المخدرات, لولا ان هذه الأجراءات تكون مترافقة, في تلك الدول التي تتمتع حدودها بسيطرة صارمة للأجهزة الحكومية المعنية عليها, مع تقديم حلول لمشكلة البطالة والفقر وتوزيع مناسب للثروة الوطنية, مع حملات توعية مكثفة بأضرارها الصحية والأجتماعية, وتهيئة أمكنة لتأهيل المدمنين واستعادتهم الى المجتمع... وهذا ما تعجز حكومتنا عن تحقيقه, بسبب غياب الأرادة واستمرار التحاصص لسرقة المواطن.
هناك من يسعى لتكريس معاناة هؤلاء المواطنين وزرع اليأس في نفوسهم ودفعهم الى دروب الضياع, لكي لا تنهض البلاد من كبوتها وليبقى المواطن العراقي, متسمّعاً لمواعظهم, لاهثاً ورائهم مُغيّب العقل, مجتّراً لمآسيه.


98
من يلعب عندنا بالنار ؟
احسان جواد كاظم
بعد تعرض آلاف الدونمات من مزارع الحنطة والشعير في مناطق تكاد تغطي مساحة كامل التراب الوطني العراقي, تصاعدت الأتهامات لجهات متعددة  بتدبير هذه الحرائق, لأسباب ارهابية او خيانية او انفصالية او مافيوية بحتة.
 فقد وجه الأتهام, مرة, الى الدواعش الذين رسالتهم المعهودة التدمير والقتل, والى ميليشيات في الحشد خدمة لمصالح ايران الأقتصادية والى البيشمركة الكردية, خصوصاً في مناطق كركوك و المختلف عليها لأنتزاعها مرة اخرى لسلطتهم. ولسياسيين من المتاجرين بقوت الشعب ( مافيا ), مرة اخرى, لا بل حتى أتهم الفلاح ظلماً بحرق محاصيله.
الجميع يعرف ان الحنطة والشعير من المواد الأستراتيجية في اقتصاديات بلدان العالم كافة, المتقدمة منها والمتخلفة, وتحسب الحكومات حساب توفيرها كأولوية, حيث لا يمكن الأستغناء عنهما كمادة غذاء أساسية يحتاجها كل انسان ( الخبز أولاً ), وهما عماد الأمن الغذائي لكل شعب.
 ورغم ذلك فأننا نتابع سوء التدبير الحكومي في معالجة المشكلة جذرياً. فقد انحصر الدور الحكومي, من خلال تصريحات مسؤوليها, في التقليل من شأن مخاطر هذه الحرائق والتهوين من تأثيراتها, بالتأكيد على محدودية جغرافيتها وكميات المحاصيل التي التهمتها, او النجاح في اخماد حرائق في مزارع اخرى.
ان الأكتفاء بالأعلانات والتبريرات لايحل المشكلة, وانما الحل يكون بالكشف عن المخربين الحقيقيين, بعد إكمال الجهات المختصة التحقيقات المطلوبة وتسليمهم الى القضاء لنيل عقابهم الصارم.
لكن يبدو بأن الجهات المعنية تعرف مشعلي الحرائق الكبار وتكتمهم علينا, كما تعودنا, عندما تعلق الأمر بالمسؤولين عن تسليم الموصل ومحافظات اخرى والأيزيديين وغيرهم من أثنيات عراقية الى ايدي الدواعش او في جريمة سبايكر وفساد صفقات السلاح وتهريب النفط والمخدرات واستيراد المواد الغذائية المنتهية الصلاحية لتسميم العراقيين بعد تسميم مياه دجلة لتنفق الأطنان من اسماكه بين ليلة وضحاها, وغيرها كثير مما تعجز الذاكرة عن ملاحقتها وتسطيرها... والأمر في النهاية سواء, سواء ادرجناها ام لا, فيكفي لو قامت الجهات المعنية والقضائية بالخصوص بفضح المرتكبين الحقيقيين لأية جريمة من المذكورة أعلاه لأنفرطت سلسلة المتحاصصين بأجمعها.
طبعاً من السهل على سياسي متنفذ او مسؤول حكومي ان يعلق إضرام هذه الحرائق بجيد ارهابيي الدولة الأسلامية الدواعش " بحبلٍ من مسد " و" كفى الله المؤمنين شر القتال ".
 لكن ألا يعني ذلك فشلاً مدويّاً لكل الطبقة السياسية الحاكمة منذ 2003, وبعد مرورخمس سنوات من الذكرى المأساوية لسيطرة ارهابيو الدولة الأسلامية على الموصل, وبعد تقديم الآلاف من المقاتلين والمدنيين شهداء لتحريرها, ثم نشهد اعلانهم الرسمي بعودتها بزخم قادر على تهديد الكيان العراقي في مقتل من خلال حرمانه من مصدر اساسي لغذاءه وتهديد أمنه الغذائي ؟!
بهذه الحالة ستكون السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية, ثم قيادات الأحزاب الحاكمة طوال ستة عشر عاماً, هم اللاعبين الأساسيين بالنار بسكوتهم عن الجناة !!!
هكذا على الهامش, لا استطيع هضم إتهامات البعض للفلاحين بحرق محاصيلهم لغرض الحصول على تعويض, لأن الفلاح الذي حرث وبذر وسقى وسمّد وكافح آفات الزرع وامراضه وفرح بأول نبتها وراقب نموّها, وانتظر بشوق موعد حصدها, لايمكنه ببساطة الأتيان بهذا الفعل المؤلم له... لاسيما ونحن نعرف المعاناة التي يمكن ان يكابدها مع الروتين الحكومي والبيروقراطية والفساد الأداري والمالي في تحصيل التعويض المنشود, مما يجعل من عملية الحرق غير ذي فائدة, ولا تعود بربح مادي مجزي له... لكن قد يقدم على هذه الفعلة الدنيئة اصحاب الأقطاعيات الواسعة من الأقطاع المتبرجز الذي لايهمه ملأ بطون الجوعى غذاءاً بل ملأ جيوبه أرباحاً.


99
للشيوعيين سلطة الورد !
احسان جواد كاظم
دون أسلحة ودون ميليشيات... دون أموال سياسية وشراء ذمم... بلا ديماغوجيا سياسية ولا دجل إعلامي, حاز الشيوعيون العراقيون على تعاطف شعبي واسع, عكسته وسائل التواصل الأجتماعي والرأي العام في الشارع العراقي, بعد الأعتداء الغادر الأخير على مقر الحزب الشيوعي في مدينة البصرة الجنوبية, حتى اصبحت هذه المواقف الشعبية وحملات المثقفين التضامنية ظاهرة ثابتة في الواقع العراقي بعد كل هجوم عنفي آثم ضدهم او عنف كلامي جائر عليهم.
هذه المشاعرالطيبة ليست نابعة بالتالي عن نفاق قائم على الخوف او وجاهة مصطنعة... بل مستمدة من قوة المثال بالنزاهة والعفة التي يتحلى بها الشيوعيون, وامتلاكهم ناصية الحجة المقنعة والرأي السديد, اضافة الى مُثل التفاني في خدمة الناس التي يلتزمونها نهجاً.
لذا فلو كان للورد سلطته على البشر بشذاه الغامر وتنوع اشكاله وجمال الوانه الزاهية فأن سلطة الشيوعيين الآسرة مستمدة من عبق فكرهم النيّر ودأبهم الكفاحي والمبدأي من اجل سعادة الفقراء والمسحوقين والمهمشين والمقموعين, ومن أجل حرية وطنهم وإزدهاره.
فقد اصبح الكثير من العراقيين, بعد عقود من تشويه الفاشيين والظلاميين للشيوعيين وأفكارهم وإلصاق أبشع التهم لهم بالعمالة او الكفر, يدركون اليوم بأنهم النقيض النوعي الناصع لكل ما هو سائد من سخام قوى المحاصصة والفساد مهما تحدثت عن الفضيلة.
حتى المختلفين مع رؤاه من اعضائه تراهم يهبّون, في الملمّات, للدفاع عن صرحهم الذين وضعوا لبناته وضحوا من أجل قيمه ومبادئه السامية وسطروا في سفر تاريخه النضالي الثر, كلمات مآثر تضحياتهم وتواريخ اعمارهم.
ولا يخلو الأمر من أنفار من المتربصين والمترصدين لكل هفوة موقف او زلل لسان في عمل الحزب, لكنهم تواروا قابعين وراء دخان خيبتهم, وصمتوا يملؤهم الأمتعاض ومشاعر اليأس, وهم يشهدون زخم وسعة المواقف المساندة لمثقفين معروفين إسوة بمواقف مواطنين عاديين, لا منتمين حزبياً في التضامن معه والدفاع عنه ضد ريح الظلاميين الصفراء.
ان ما يربط  الناس البسطاء والمثقفين بالحزب هو ليس برابط عاطفي عابر, بل هاجس طبقي ومصيري, فالمواطن الكادح المسحوق الواعي يرى فيه صوته وأمله والتعبير الطبقي عن أمانيه المستقبلية في العدالة الأجتماعية وانتزاع الحقوق.
 اما بالنسبة للمثقفين, فهي علاقة تلاقي رؤى ابداعية مع أهدافه الأنسانية التقدمية الداعية الى حرية الفكر والأعتقاد وإشاعة قيم الجمال وفنونه.
 تنامي دور الشيوعيين العراقيين في الواقع السياسي العراقي يُفزع قوى الظلام والرجعية والفساد, لذا فهي تلجأ, بين حين وآخر, الى أفضل ما في جعبتها من سلاح الحقد والغضب, بالهجوم على مقراته في البصرة وقبلها في الناصرية, لكنها ووجهت بإصرار الشيوعيين على مضيهم على نهج التصدي والأنحياز للكادحين, والتفاف محبيهم حولهم.
خابت مساعي الأرهابيين وانقلبت ضدهم !



100
السلام من مطلب نخبوي الى نزوع شعبي !
احسان جواد كاظم

لا يُعرف بعد عدد المشاركين في مظاهرة دعاة السلام المضادة للحرب في ساحة التحرير وساحات الوطن الأخرى, الجمعة الفائتة.... وبغض النظر عن ذلك والأهم منه هو تحول رفض الحرب وجرّ العراقيين الى اتونها الى مطلب شعبي وظاهرة عامة قبل ان تكون نخبوية سياسية محدودة !
خصوصاً بعد انخراط تيار اسلامي شعبي واسع, في الدعوة اليه, وهو التيار الصدري, في سابقة تاريخية حيث كانت شعارات السلام ومناهضة الحروب والنضال من أجل تحقيق هذه الأهداف محصورة بالشيوعيين والديمقراطيين فحسب.
لكن هل نحن حقاً إزاء تحول جذري في التفكير العراقي بالجنوح نحو التعامل السلمي على كل المستويات في حل تناقضاتنا ؟
لايمكن نفي ذلك, لأن النزوع الفطري الأنساني الطبيعي هو دائماً نحو الحياة والأستقرار وليس العكس... اضافة الى عذابات العراقيين من تجربة تاريخهم القريب المريرة عن الحروب التي لازالت مآسيها طرية في ذاكرتهم, لا سيما وان وقودها كان دائماً الكادحين والفقراء .
ان تحول ذلك الى ثقافة ومبدأ, فيما لو حدث, سيُعد تحولاً ايجابياً في طريقة التفكير العراقية بعد معاناة طويلة من ثقافة العنف والسلاح وسياسات شن الحروب.
وبرغم ان للضغط الشعبي حوبته وتأثيره الا ان الكابح الأكبر للسلام الداخلي يتمثل في مناهج وأجندات القوى السياسية واذرعها الميليشياوية التي تمتلك السلاح وتهدد به السلام الأجتماعي, وضرورة تغييرها.
 وهذا يستوجب, قبل كل شيء, وجود قرار حكومي حازم بأحتكار السلاح بيد الدولة ممثلة بالقوى الأمنية والجيش وتجريد اية قوى اخرى منه, وفرض سلطة القانون ومباديء دستور البلاد.
ان القوى المسلحة ترى نفسها اليوم أزاء مفارقة جديدة, الا وهي توفر قناعة عامة لدى المواطن العراقي بأنتفاء الحاجة لوجودها. فقد ادت الدور المناط بها في سحق الدواعش وآن أوان نزع سلاحها وتحولها الى أداة بناء ما دمرته المواجهات الحربية, لاسيما وأن اذرعها السياسية فاعلة على المسرح السياسي ولها وزنها المؤثر,الذي تستطيع من خلاله, لو خلصت نيّتها, خدمة المواطن العراقي الذي يفتقر لأبسط الخدمات, وهو لعمري التحدي الأعظم.
لم يعدْ الأنحياز نحو دعاة الحرب والصدام العسكري, والموت من أجلهم, امراً مقبول شعبياً, حتى ان هذا المنطق اصبح سارياً حتى في اوساط مؤيدي هذه التشكيلات المسلحة.
 ولا هو توجهاً جدياً لدى قياداتها بعد تراجع نبرة تصريحاتهم النارية وتهديداتهم بمواجهة القوات الأمريكية على الأراضي العراقية, بسبب الكُلف الباهضة التي ستتكبدها بفقدها الأمتيازات والمنافع والغنائم التي تنعم بها, لذا يبدو تورطها بالمواجهة مستبعداً.
لايكفي تعبير حكومتنا الموقرة عن عدم الانحياز واستعدادها للتوسط بجمع رأسي الخلاف تحت خيمة تفاوض حلال, لتجنيب البلاد آثار اندلاع مواجهة مسلحة محتملة بينهما, بل يجب اتخاذ اجراءات عملية في المجالات الأقتصادية والسياسية والأجتماعية لتلافي تبعاتها على المواطنين, وعلى كيان البلاد ووحدة ترابها الوطني.
وأخيراً, " لا تظن أبداً ان الحرب, مهما كانت ضرورية او مبررة ليست جريمة ". كما قال أرنست همنغواي.

 


101
شرارات نارية في رسمة كاريكاتورية
احسان جواد كاظم
اعجبتني الرسمة الكاريكاتورية لرسام الكاريكاتور العراقي المبدع قاسم حسين بفكرتها البسيطة لكن العميقة المعبرة, فهي تحمل مغازٍ عدّة تحيلنا الى اخطار محدقة.
بداية أود ان اشير بأنه يمكن ان تكون هناك رسوماً كاريكاتورية لفنانين آخرين تعالج نفس الموضوع, لا تقل حذاقة عن هذه الرسمة, لكن هذه الرسمة هي ما وقعت عليه عيني بفضل صداقتي الفيسبوكية بالأخ الفنان الذي لم ألتقه يوماً, حيث تصلني أعماله تباعاً عند نشره لها, التي هي كما أعمال زملائه من رسامي الكاريكاتير, تتراوح بين اللاذعة والقارصة او الصادمة وحتى الموجعة للفاسدين و للمجتمع.
الرسمة هي عبارة عن قذيفة في الهواء تسأل مُطلقها :" وين أطيح ؟ ع السفارة لو ع الحنطة ؟ ".  فيجيبها :" ماكو فرق ".
الفكرة الذكية التي اراد ان يمررها الفنان ان الأطراف التي تحاول زج العراق والعراقيين في اتون حرب قد تندلع بين ايران وامريكا, هي نفسها التي تقوم بحرق مزارع الحنطة والشعير حيث تشهد غلتّها هذا العام وفرة لم يتوقعها أحد.
ان هذه القذيفة تحمل شرارات نار حرب مرتقبة او جوع قادم... وهما بمآسيهما على الأنسان.. سواء ! وقد نال العراقي النصيب الأوفر منها خلال العقود الماضية... بعد ان ذاق مآسي حروب الثمان سنوات مع ايران ثم حرب تحرير الكويت من احتلال الدكتاتور, تبعتها بعد اكثر من عقد من السنين حرب اسقاطه, بعدها كانت حروب مخلفاته من طائفيين وارهابيين وميليشيات منفلتة.. وكذلك ذاق مرارة حرمانات ايام حصار دولي طويلة ونقص الغذاء وتعميم الجوع, ولا يزال يعاني من حصار قوى الفساد في كل شؤونه.
الجهات التي أطلقت قذيفة الهاون على محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء بهدف جرّنا الى مواجهة عسكرية لا ناقة لنا بها ولا جمل, كما من يحرق مزارعنا, لابد ان تكون عدواً كارهاً للعراقيين.
ولقد تنوعت بل وتناقضت التخمينات لمن له مصلحة حقيقة في اعمال التخريب هذه التي تدفع نحو صِدام عسكري في المنطقة, وكلها تتضمن شيئاً من الصواب.
 في مقدمتها تقف اسرائيل, لتتخلص من كابوس ايران وحزب الله اللبناني بسلاح العرّاب الأمريكي وبماله, وبأجداث العراقيين والأيرانيين, وفي ساحة بعيدة عن حدودها.
او ان تكون ايران التي تريد ان تُبعد ساحة الحرب الرئيسية أبعد ما يمكن عن حدودها وتجنب شعبها أهوالها, ليكون العراقيين وقودها, كما تعودوا ان يكونوا في حروب الموت السابقة بالنيابة.
 ثم امريكا ذاتها لدواعي الهيمنة والغطرسة ولأهداف استراتيجية تتعلق بمنابع النفط واستمرار تدفقه ومنافذ تصديره, ثم بتكريس نفسها القوة العسكرية الأولى في العالم   وحقها الحصري, كقوة غاشمة, في تشكيل العالم على مزاجها خارج اطار القانون الدولي.
او قوى اقليمية او داخلية لاتود ان ترى العراق متعافياً مزدهراً.
 وأخيراً وليس آخراً تجار السلاح ومافيا المخدرات التي تروق لها اجواء التوترات وغياب القانون واستفحال الفساد لتثرى على حساب الأنسانية.
يجب ان لا يغيب عن بال المتابع عن وجود تخادم متبادل بين هذه القوى المتناقضة, فهي تدين لأستمرار تأثيرها ووجودها, لوجود نقيض لها ولمصالحها ولدورها. وهذا لا يلغي امكانية لجوئها, في اية لحظة, الى مستوى من التفاهم يتسامح مع وجودها لكن ليس مع تماديها. وقد نصحو يوماً على صفقة ايران غيت جديدة.
 لايمكن ادراج صراعهم في اطار الصراع بين الخير والشر بل هو صراع اشرار على حساب الشعوب والأنسانية, لذا يجب الوقوف ضده.
وفي غمرة الرفض الشعبي العام لحرب اخرى في المنطقة, لا ينبغي ان يعدم المواطن العراقي فراسة التمييز بين الدعوات الحقيقية الرافضة لها والمنادية بسلام راسخ مقترن بعدالة اجتماعية وبين دعوات المنتفعين من اصحاب السلطة برفضها, لكن بهدف الأبقاء على الوضع الحالي البائس والقلق واستمرارهيمنتها وتسلطها وامتيازاتها.

102
نذُر حرب... والعراق مُسبلاً يديه !
احسان جواد كاظم
لم يكن همّ أطراف الطبقة السياسية التي تحكم البلاد منذ 2003, يوماً, ملأ الفراغ السياسي الحاصل بعد اخراج العراق كقوة اقليمية سياسية وعسكرية واقتصادية من معادلة موازين القوى في المنطقة والذي إختل إثر الحرب والأحتلال, وانما كان تسابقها على إشغال المراكز في الدولة, بأعتبارها حصص من غنائم دون تفعيل دورها  واشباعها بمسؤولياتها كمؤسسات قامت لخدمة المواطن.
 واذا لم تكن القيادات الكردية معنية بإرساء أسس مقومات دولة رصينة بسبب مآربها القومية الخاصة, ودفعها المتواصل الى تعطيل كل توجه بهذا الأتجاه, فان القوى الأسلامية عملت على رهن البلاد وكل مقدراتها لأيران, ثم تفكيك وتوزيع مقوماتها السياسية والأقتصادية وحتى القيمية, بالقطعة, فيما بينها, فأضعفت العراق طوال ستة عشر عاماً وجعلته في ذيل قائمة الدول المتحضرة.
وكان من الطبيعي, ان يكون اختلال التوازن الأستراتيجي لصالح المنتصر والأقوى من دعاة الحرب من امريكان وايرانيين واسرائيليين ودول اقليمية اخرى, وحتى لصالح شراذم تافهة مثل داعش على حساب العراق واصبحنا كشعب الخاسر الأكبر, وسنصبح الضحية الأكبر ان لم نتجنب الخطر.
تهديدات ادارة ترامب الأخيرة للحكومة الأيرانية والدائرين بفلكها, جاء واضحاً وحازماً - بأنها سترد بضربات موجعة على اي تعدي على المصالح الأمريكية حتى لو كان من أصغر اتباع ايران في المنطقة, على حد قولها !
هذه التهديدات لها دلالات كبيرة لبلد مثل العراق بوضعه المهلهل الحالي حيث لا حكومة مكتملة وغير قابضة على مجرى الأمور في البلاد, وحيث الصراع السياسي محتدم دون إلتفات لمصالح المواطنين, وحيث فوضى السلاح المستشري, وخروج بقايا الدواعش من جحورها في بعض المناطق وتربّص آخرين لوحدة البلاد اضافة الى اقتصاد ينخره الفساد المافيوي وعلى اعلى المستويات.
ورغم كل نُذر الحرب, لم نسمع بأجراءات او خطط احترازية أمنية, او اقتصادية على الأقل, على صعيد تعزيز المخزون الغذائي او توفير الوقود, قامت بها الحكومة تحسباً من عواقب نشوبها, لكن يبدو انها متيقنة من عدم حدوث تماس عسكري سيؤثر على أمننا الوطني, وهو ما نتمناه طبعاً.
في ظل كل هذه المعطيات المثبطة لآمال كل مواطن, جاء اعلان مديرية أمن الحشد الشعبي بأغلاق 320 مقراً وهمياً, تنتحل صفة الحشد الشعبي في بغداد وحدها.
 ورغم ما يبدو من تحول ايجابي بأتجاه حصر السلاح وتعزيز الأمن المجتمعي وتقويض مصادر الجريمة والأرهاب الفكري, إلا ان البيان جاء عمومياً, فهو لم يذكر عائدية هذه المقرات ولا مصادر تمويلها واية اجندات كانت تنفذ, ولماذا لم يلحظ وجودها أحداً من الأجهزة الرسمية, كل هذه الفترة, بهمراتها وأسلحتها الثقيلة وافرادها الذين يتنقلون في حارات بغداد بباجات الحشد, ولا الى اين آلت أسلحة أفرادها ؟
فوضى السلاح هذه هي بالضبط ما يعوّل عليه ترامب وجنرالاته ليستغلها كذريعة في ضرب ايران واتباعها من المسلحين في العراق... فقد يقوم فرد نزق معبأ عقائدياً من أفراد هذه المقرات الوهمية المُسرّحين بأستهداف موقع امريكي في العراق بقذيفة آر بي جي -7 مثلاً, لتقوم القيامة على رؤوس العراقيين الشابعين ضيماً, بضرب مواقع في البلاد تُأزم وضعه وتنشر الخوف والخراب وعدم الأستقرار في ربوعه.
وقد يلجأ الأمريكيون ذاتهم الى فبركة هجوم على قواتهم او مصالحهم, مستغلين هذه الفوضى وغياب سلطة الدولة وتنوع الميليشيات, للوصول الى مآرب اشعال الحرب.
وآخر دلائل غياب مؤسسة امنية رصينة قادرة على حماية المواطن وتقديم المعلومة الصادقة بشفافية المحترف, كان الأختلاف, بين أطراف متعددة, في التفسيرات لحادثة تفجير منطقة جميلة الأخير, وستغيب بالتالي المعالجة المناسبة لمثل هذه الحوادث الخطيرة.
اننا امام مأساة جديدة لايمكن تلافيها إلا بتبني سياسة ترتكز على مصالح شعبنا وسلامته أساساً, بتجنب الأنحياز الى طرف من طرفي النزاع ومحاولة الدفع نحو تهدئة الأوضاع. وفيما يخصنا, تطويق امكانيات استغلال اية ذرائع لحرب مدمرة, بإتخاذ اجراءات جدية عاجلة لحصر السلاح بيد الدولة وإبعاد بلادنا وشعبنا عن شرورها.
فهل من مجيب ؟!

103

احسان جواد كاظم
من يتذكر احداث حرق محتجين غاضبين لمقرات احزاب السلطة الأسلامية الحاكمة في حكومة المركز والحكومات المحلية في مناطق الجنوب العراقي العام الماضي بسبب غياب الخدمات العامة وحتى ماء الشرب في البصرة أمّ الأنهار, والحالة المزرية التي وصلت لها هذه المحافظات في كل مجالات الحياة الأخرى, ومستويات الفساد العلني غير المسبوقة لممثلي هذه الأحزاب واستهتارهم بحياة وقوت المواطن وإهانتهم لكرامته ؟
لقد كانت تلك الأحتجاجات شعبية عفوية لاتقف ورائها جهات سياسية, وكانت تدعو لرفع الضيم عن أهل الجنوب وقشع غمة حكم هذه الطغم الجائرة, فجوبهت بالحديد والنار... وما كانت مطالبهم بتقديم الخدمات ومحاسبة الفاسدين لتبتعد عن اهداف متظاهري ساحة التحرير في بغداد, الذين ينتمون الى طيف واسع من الناشطين المدنيين, وبينهم الشيوعيون, ببرنامجهم المطالب بالخدمات والحريات وتحقيق العدالة لكل المواطنين.
بينما مهاجمو مقرات الحزب الشيوعي في محافظة ذي قار, شلّة تقف ورائهم وتشاركهم احزاب فساد معروفة, طالما أشار اليها سكان هذه المناطق بالأسم وبالسبابة ثم بعود ثقاب.
لابد من الأعتراف بأن المحرضين على هذه العنف المباشر وحملة الأكاذيب والأفتراءات على مواقع التواصل الأجتماعي, على الحزب ونائبته السيدة هيفاء الأمين, يلعبون لعبتهم الخبيثة بحرفيّة عالية تليق بحرامية نفط وزرّاع مآسي... لكنها لن تغيب عن فطنة المواطن العراقي ( المفتّح باللبن ).
  فهم يؤملون انفسهم بأستغفال جمهور المؤمنين البسطاء الذي هو ضحيتهم وضحية سياساتهم النهبوية بأستخدامهم بأسم الدين وقيم المذهب الذي لم تكن لها مكان احترام حقيقي من لدنهم, ليكونوا أداةً لمحاربة المدافعين عنهم حقاً وعن حقوقهم المسلوبة الا وهم الشيوعيون.
 وفي اطار هذه اللعبة المكشوفة, وبذرائع واهية أفتعلوا أزمة سياسية, للتهرب من استحقاقات وعودهم للمواطنين بتوفير الكهرباء التي سيعاني من غيابها او انقطاعاتها, بالخصوص, عموم الصائمين... مع قدوم حر القيض الذي بدأت ( بشائره ) تهل مع بداية شهر الصوم شهررمضان, ولحرف الأنظار عن عدم رغبتهم ( وليس فشلهم ) في حل مشكلة ازمة الكهرباء وتحويلها بإتجاه يخدم مآربهم الدنيئة... حيث إدعوا زوراً وكذباً, بإهانة النائبة هيفاء الأمين لأهل الجنوب... أهلها, وتلفيق نعتها لهم بالتخلف مع ان الفيديو المنتشر عن ندوة عقدت في بيروت يكّذب ما ذهبوا اليه ويؤكد بوضوح تام وبالدليل القاطع عكس ذلك, بإشارتها للجنوب كمنطقة متخلفة, وليس لسكانه. وقارنت مستوى تخلفه بمناطق وحواضر كبغداد ومحافظات كردستان وليس بساكني هذه المناطق, مما يسقط كل امكانية لسوء الفهم الا لأصحاب النوايا المبيّتة, فكان الهجوم على مقرات الحزب الشيوعي العراقي ومكاتب النائبة في محافظة ذي قار التي تمثلها في البرلمان.
ان ما أوغر صدورهم ,اصلاً, على النائبة الشيوعية هيفاء الأمين التي حاربت النظام الدكتاتوري البائد كنصيرة في قوات الحزب, وفازت بجدارة في اكثر مناطق نفوذهم قوة, هو سعيها لأصدار قانون لحماية الأسرة العراقية, يُحرّم تعنيف المرأة والطفل ويحمي كرامتهما, يرونه نسفاً لمساعيهم في تمرير قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يسمح بما يسمى ب " نكاح القاصرات " اضافة الى فقرات اخرى تمتهن المرأة وتسيء الى كيانها وتسرق الأطفال طفولتهم.
لذا فقد انبرت حفنة نائبات معاديات لحقوق بنات جنسهن, من ممثلات هذه الأحزاب في مجلس النواب, في شن حملة لأزاحتها من رئاسة لجنة المرأة في مجلس النواب العراقي.
الهجومان... سواءاً الشعبي المبرر على مقرات احزابهم, العام الماضي, او هجوم ازلامهم الغادر على مقرات الحزب الشيوعي في الجنوب, أعطيا صورة واضحة عن حقيقة مشاعر الكره التي يكنّها الشعب لهم ولرموزهم, وحقدهم المرضي على كل من يدافع عن هذا الشعب و ينتصر لحقوق مظلوميه.
هذا الهجوم الرجعي على الحزب الشيوعي العراقي ونائبته عن محافظة ذي قار السيدة هيفاء الأمين, دليل صواب نهجهما في الأنحياز للشعب والدفاع عن قضاياه ومصالحه.
سِيرا فلا كبا بكما الفرس !


104
.                        رأي - ليكن نشيدنا الوطني, نشيد مباديء وقيم لا هتافات ونقم !


احسان جواد كاظم

تنوعت المقترحات حول اختيار نشيد وطني عراقي بالصميم, كلمات وموسيقى بدل " نشيد موطني " الذي كتبه الشاعر الفلسطيني " ابراهيم طوقان " والذي لحنه الموسيقار اللبناني " محمد فليفل ", والمعتمد رسمياً كنشيد وطني.

 واختلفت الآراء حول ابرز مقترحين للنشيد الوطني, وهما : نشيد مُغنى بصوت الفنان كاظم الساهر" سلام عليك... على رافديك عراق القيم...." وهو من شعر الشاعر أسعد الغريري وبين قصيدة شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري " حييت سفحك عن بعد فحييني... يا دجلة الخير يا أم البساتين..... "

المقترحان يشتركان بسمّة سهولة الحفظ وهي خاصية مطلوبة في أية صياغة لكلمات النشيد الوطني المنشود, ليسهل ترديدها من قبل كل مواطن مهما كان مستواه الثقافي وفي مختلف المناسبات.

اما في مجال موسيقى النشيد, فمن خلال استعراضي للأناشيد الوطنية لدول كثيرة من مختلف اصقاع العالم وجدت انها تستقي موسيقاها, بالأساس, من مارشات عسكرية لبث روح حماسية ترفع من شحنات مشاعر الفخر الوطني او من مقطوعات موسيقى كلاسيكية لها علاقة بالتراث الوطني للبلد المعني... وفي نظرة الى تاريخ الأناشيد الوطنية العراقية, الملكية منها والجمهورية, فأننا سنكتشف انها أُنشدت ايضاً على أساس مارشات عسكري.

لا يعرف أحد بالضبط ما يمكن ان تكون عليه اغنية المطرب كاظم الساهر بكلمات الشاعر اسعد الغريري, فيما لو أُعيد تلحينها على شكل مارش عسكري, وهل ذلك ممكن بالأساس, وكيف سيكون وقعها على المسامع ؟

 مع العلم بأن بداية اداء المطرب الكبير كاظم الساهر للنشيد يحمل ملامح مارش عسكري ولكن في الأبيات اللآحقة خفتت نبرة نشيده. عموماً لا أعتقد انهما, لا المطرب ولا الشاعر, قد فكرا حينها لأن تكون القصيدة المغناة نشيداً وطنياً.
وكذلك الأمر بالنسبة لقصيدة شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري, فهي أصلاً قصيدة حنين لا حماسة, بينما النشيد الوطني ينبغي ان يكون نشيد تفاخر واعتداد, يشحن المشاعر ويرفع الهمم.

وقد كنت قد قرأت رأيا لأحد المؤلفين الموسيقيين العراقيين بتعسر تلحين قصائد شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري لصعوبة تركيبتها اللغوية مما يجعلها غير غنائية بالعموم ( تحضرني في هذا الخصوص محاولة يتيمة لفنان الشعب طيب الذكر فؤاد سالم في تحويل قصيدة الجواهري " حييت سفحك..." الى أغنية ), هذا غير توليفها مع موسيقى مارش عسكري مثلاً لتصبح نشيداً وطنياً يُعزف ويُغنى في المناسبات والأستقبالات الرسمية داخل البلاد وخارجها.

ومن جانب آخر وبغض النظر عن مناسبة ايً من المقترحين من عدمه فأني أرى بأن العواطف لازالت تمسك بتلابيبنا كعراقيين, ولم نغادر بعد طوق المشاعر الحرّى, ولازلنا أسرى ل " الأنوستالجيا " ( مصطلح يستخدم لوصف الحنين الى الماضي والتغني بأمجاده التليدة والتي يعتبرها البعض حالة مرضية ), بينما نحن كشعب بأمس الحاجة للتفكير بالمستقبل والعمل من أجله.

والسبب في ذلك يقع بالدرجة الأولى على عاتق القوى التي تسلمت زمام الأمور بعد 2003 وطبيعتها الماضوية الأستحواذية والتي لا ترى من مصلحتها السير الى الأمام بل الهرولة نحو الخلف, فعملت على عكس كل ما كان يأمله كل شعب متحرر من ربقة دكتاتورية همجية مقيتة, بقطع الصلة بتلك الحقبة و قيمّها المدمرة وحروبها ونزعتها العسكرية المتعجرفة وإرساء بديل مشرق ديمقراطي سلمي يجمعنا.
 احتدم الصراع فيما بين القوى المهيمنة على السلطة وحتى في اطار محاصصتها للكعكة, فأندفعت الى تجزأة المجزأ وتشيئة كل شيء, حتى امتد ذلك الى النشيد الوطني الذي طالب البعض صياغته بما يتلائم مع تقسيماتهم التجزيئية للمجتمع والقيم والمباديْ بأضافة عبارة هنا او اشارة هناك تشير الى المختلف في العقائد والقوميات وترجح هيمنة هذه الفئة على الأخرى وتقديم رموز تاريخية او تراثية دون غيرها, وهذا ما سبّب عدم الأتفاق على صيغة مناسبة له وتأجيل اقراره, رغم ما تؤكد عليه فلسفة كل نشيد وطني ان يصهر كل تنوع وتميّز في بوتقة الوطنية الموحدة.

ارى وبتواضع شديد ان يركز النشيد الوطني الجديد على المباديء والافكار التي تشكل مطلباً وحاجة وعاملاً مشتركاً لكل المواطنين في هذا الوطن, وما يطمح اليه من قيم السلام والديمقراطية وضمان المساواة في الحقوق وحرية الفكر والعقيدة ومستقبل الأجيال الفتية, دون الأشارة الى الأختلافات العرقية او الدينية او الطائفية...

تحضرني هنا التجربة الألمانية... فبعد توحيد المانيا جرى اعتماد المقطع الثالث من قصيدة لهاينريش هوفمان فون فاليرسليبن كنشيد وطني, المسمى ايضاً ب " اغنية الألمان " وموسيقى مارش من تأليف يوزف هايدن, كبديل عن  نشيد فترة الحكم الهتلري الذي اعتمد المقطع الأول من نفس القصيدة لنفس الشاعر ليوظف معاني كلماتها المتصلة بحقبة سابقة ويضفي عليها معنىً عرقياً مغايراً لما اراده الشاعر, بتمجّيد التفوق العرقي للجنس الآري على باقي البشر" دويتش لاند أوبر آل - المانيا فوق كل شيء ", ليعبّر عن العهد الجديد والمرحلة الراهنة بعد دكتاتورية هتلر وتبديل حكمه بنظام ديمقراطي برلماني.

فتم تبني النشيد الحالي :

 https://www.youtube.com/watch?v=LeNW56hxAVM

هذا النشيد يتحدث عن قيم لا عن أمجاد ماضي او مميزات قومية المانية بل يؤكد على وحدة الألمان وسعيهم لأرساء العدالة وبناء حياة رغيدة هانئة لأجيالهم القادمة.

وتجربتنا العراقية تقترب كثيراً في بعض حيثياتها من التجربة الألمانية ( مدخلاتها دون مخرجاتها للأسف ) من حيث مغادرتنا لحقبة دكتاتورية مقيتة الى عهد جديد يفترض به ان يكون ديمقراطياً خالصاً, وهو ما يستوجب قطع الصلة العملية والفكرية مع تلك الحقبة الظالمة.. ولكن الطبقة السياسية المسيطرة آثرت الأحتفاظ بأسوأ مفاهيم العهد البائد من تمجيد للعنف ومصادرة انسانية البشر, وتصنيفه عرقياً وطائفياً ومناطقياً, واوقعتنا في ظلامية التغني بالماضي دون التطلع الى المستقبل.

 لهذا فأن الأمر يستوجب التمسك بمطلب اختيار كلمات النشيد الوطني المنشود لتعبر عن حب الوطن وقيم الديمقراطية والوحدة والمستقبل المشترك والعالم الجديد... وهذا الأختيار, الحل سيجنبنا الخوض في نقاشات بيزنطية حول اولوية تثبيت رموز دون غيرها ثم الأختلاف على دلالاتها, والى ما ذلك من مشاكل متعلقة بالماضي وتقييمنا المعاصر لأحداثه وشخوصه.

أشير هنا, في الختام, ان بلداناً كثيرة في العالم حافظت على أناشيدها الوطني الرسمية رغم  تبدل انظمة حكوماتها, لأنها اختارت منذ البداية قيماً ومباديْ مشتركة لأغلبية مواطنيّة واسعة.

105
كتابات ساخرة - الأحتمال المكين في قضية مخدرات الأرجنتين
احسان جواد كاظم
كعراقيين نبخس كثيراً قدرات رموزنا السياسية, غالباً ليس بدون أساس. فقد عانينا من محاصصتهم وريائهم وسرقتهم لثرواتنا بأسم الدين, لكن ربما كانت حملة المجاميع الألكترونية حسنة النيّة منها والسيئة من تصريحات السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي, المثيرة للأستغراب, عن المصدر الأرجنتيني للمخدرات التي تدخل لبلادنا وتفتك بشبابنا وتملأ جيوب متنفذين وذوي سطوة ومافيات مقدسة فيها بملايين الدولارات, كان مبالغاً فيها ونابعة من سوء فهم لشخصية السيد عادل عبد المهدي المتحسبة حد اللعنة والحاذقة بنفس الوقت.
ورغم اني كنت منجرفاً مع هذا التيار بعد صدمة التصريح الأولى , إلا اني بعد تمعن, أدركت بأن تصريح السيد رئيس وزرائنا  لايخلو من ثعلبية مستترة بصوف حمل تائه. فهو " يلعب سايكلوجيا " على كل أهل الحل والربط من قوى دولية واقليمية ومحلية....( لكن ليس علينا كمواطنين, لسبب بسيط هو ان حكامنا لم يتعودوا ان يحسبوا حساباً لوجودنا ولا لحاجاتنا... حسناً ربما ان " لعبة السيكولوجيا " خاصته شملتنا بحدود افساح المجال لنا لتفريغ شحنات نقمتنا وتذمرنا من اداء حكوماتهم المتعاقبة بالتهكم والتندر على تصريحه الفكاهي الذي كان اكبر نقائصه هولاً, خلوه من حركة تانغو ارجنتيني رشيقة ).
... " لعب سايكولوجيا " من خلال توظيف نظرية الانعكاس الشرطي البافلوفية في تصريحه, لأثارة شهية البعض وإسالة لعابهم ليس بالضرورة للمخدرات بل لمقابل سياسي, فقد اعطى ايران ماتريده من ابعاد تهمة تصديرها المخدرات الينا, اللابسة عليها فت كما جبة روزخون, ورميها على طرف آخر على حافة الكون.
وارضى اتباعها المسلحين منهم والمقنعين بالسياسة المتربصين على الأرض في البلاد.
وطمأن كل ذي شأن بهذه التجارة من موردين ومتعاطين ومُثرين, بأن " دار السيد مأمونة " وان الأمر لايعدو عن عملية توصيف للمصدر ليس إلا, لا يتعداها الى المكافحة.
اما امريكا فقد اعطاها هدية تحميل حلفاء مسلحين لأيران في عرسال وسوريا يقفون على حدود اسرائيلها المدللة, تهمة المتاجرة بالمخدرات بعد ان بدأت ايران تسحب ايديها عنهم بسبب ضغط  الحصار الأمريكي والغربي المفروض عليها, وهي عظمة اكبر واكثر شهية للأمريكان من تحميل حكومة طهران ذاتها بها.
لينعم هو بعد ذلك بفسحة راحة من طوق ايراني امريكي ميليشياوي.
ثعلبية التصريح تكمن ايضاَ في اختياره دولة بعيدة, ربما لاتوجد لها سفارة عاملة في بغداد, ومن المستبعد اصدارها لموقف احتجاج رسمي فوري.
بس بيناتنا, لاندري كيف فات السيد عادل عبد المهدي, وهو الأقتصادي البارع ان يرمي, بهذه البساطة, كارتيلات مافيوية بحجم الأمريكية اللاتينية التي تضارع دول في امكانياتها الأدارية والفنية بالغباء من خلال عدم عملها دراسة جدوى اقتصادية لتجارتها بمواد ممنوعة, تتابعها وكالات شرطوية في كل دول العالم, على هذه المسافة البعيدة ؟ !
ربما كان اكبر تأثير للتصريح الصدمة اياه كان على مسطولينا المحليين, الذين اكتشفوا الأصل الأرجنتيني لنشوتهم الراقصة بدون حسناء مرافقة... وأساس شعور كل واحد منهم بأنه مارادونا عصره.
 وخير الختام سلام : آديوس أميگوس !
 Adios Amigos !

106
سيلفي لواقعنا السياسي !

احسان جواد كاظم

 تخضع عناصر واقعنا السياسي الثلاث, القوى السياسية اولاً ثم برامجها واجنداتها واخيراً مجال تطبيقها لهذه البرامج وهو البيئة الأجتماعية لأزمات بنيوية مستفحلة تستمد بعض اسبابها من الماضي اضافة الى ما جاءت به الممارسة السياسية المأزومة بعد 2003.
فأحزاب السلطة فاسدة ومتناحرة على اغتصاب الغنائم... بسبب تحاصصها النهبوي واجندات خدمة الاجنبي, وسياساتها التي قادت الى واقع الخراب والتخلف وسرقة المال العام,  بينما يغيب عن قاموس اهتماماتها كل ما يتعلق بالشعب ومعاناته.
ولذلك فهي تواجه غضباً شعبياً, ساهمت تركات الحروب والنزاعات السابقة التي لها انعكاساتها النفسية المدمرة وما تتلاعب به من غيبيات التخلف وواقع العوز والبطالة التي تكرسها الفئة الحاكمة, في تكبيله وفرملته وعدم تحوله الى فعل جارف... وفي تشكّل قيادة قادرة على توجيه كفاحه.
وفي مراجعة سريعة للصورة السياسية الحالية, نشهد استعصاءات بنيوية سياسية وادارية متعددة ليس آخرها العجز عن استكمال تشكيل الحكومة رغم مرور اكثر من تسعة اشهر على الانتخابات البرلمانية الأخيرة في نيسان 2018.
 كما ان عمل مجلس النواب يجري بدون تحديد أولويات لأقرار التشريعات والقوانين الجديدة الملحّة المتعلقة بمصالح المواطنين او تلك التي يُراد اعادة النظر فيها, سوى اقرار قانون الموازنة الحكومية العليل المقرّ أخيراً.
 اضافة الى ما نشهده من شجارات قانونية محتدمة بين المحكمة الاتحادية العليا ومجلس القضاء الأعلى حول توزيع الصلاحيات, وهو صراع لايخرج عن اطار صراع المصالح القائم بين الجميع ومع الجميع.
الأيجابي في وضعنا السياسي الراهن هو التشرذم الكبيرالذي لحق بأحزاب الأسلام السياسي في تحالفاتها وصفوفها, بعد حصول افتراق مصلحي فيما بينها... فقد تحول أهم أحزابها, حزب الدعوة الأسلامية الى جبهتين متخاصمتين وصلت خلافاتها حد تقاذف الأتهامات بجلب المحتل الأمريكي الى العراق, اضافة الى انطفاء بريق بعض نجوم الخط الأول فيها مثل ابراهيم الجعفري وعباس البياتي وهمام حمودي وخضير الخزاعي ...كما نشهد الموت السريري للمجلس الأعلى الأسلامي بعد انسحاب السيد عمار الحكيم منه وتشكيله لتيار الحكمة....
ولم تبق للشيخ جلال الدين الصغير, أحد أكبر صقور هذا المجلس, غير الظهور بين آونة واخرى واطلاق التصريحات المثيرة للجدل, لأثبات الوجود والتي هي أشبه بشهقة موت. وكذلك حضور الرئيس الاول السابق لمجلس النواب الشيخ همام حمودي, كأضافة تلفزيونية لعديد المجتمعين في اجتماعات كتلة البناء التي يتزعمها السيد هادي العامري الذي كان احد مرؤسي الشيخ همام في المجلس الأعلى سابقاً.
لا يختلف اثنان على تردي سمعه احزاب الاسلام السياسي في الأوساط الشعبية بعد رفعها لسلاح الدولة المخصص لقتال داعش لقتل متظاهرين سلميين إتهموهم بالفساد, مما أدى الى تعرض مقراتها في مدن عراقية عديدة, للرجم واخرى للحرق.
وبات المواطن العراقي يهزأ من تهديدات بعض قادة الميليشيات بتدمير الجيش الأمريكي وحتى اسرائيل فيما لو تجرأوا على احتلال العراق مرة اخرى لحصار ايران. ليس حباً بأمريكا ولكن كرهاً لزجهم في حرب مدمرة لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
في حقيقة الأمر لايمكن لأي مراقب منصف للأحداث ان يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد. لأن هذه القوى التي ترفع لواء الحرب ومقاتلة الأمريكان, سوف لن تلجأ لهذا الخيار بأي حال من الأحوال, لأن ظروفها وامكانياتها في العشرية السابقة لم تصل الى ما هي عليه الآن. لذا فأن حجم خساراتها ستكون هائلة ومدمرة وخاصة الأقتصادية, هي التي تعيش بحبوحة قارونية, اضافة الى خسارتها لقدراتها العسكرية واللوجستية وتراجع سطوتها المسلحة وتأثيرها الدعوي الذي بنت عليه كل انجازاتها.
انها مغامرة وجود وبقاء.
اما في اقليم كردستان العراق, فبالرغم من احراز حزب السيد مسعود البارزاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني تقدماً في انتخابات الأقليم البرلمانية الأخيرة بعد فشل استفتاء الأنفصال, فأن الأقليم لا زال يعيش اوقاتاً عصيبة, حتى بعد جرعات التغذية المقدمة له. فأضافة الى تهاوي احلام السيد البارزاني في الأستفتاء, فأن سياسات حزبه الأستئثارية الأزلية ستؤدي, في حقيقة الأمر, الى تكريس وضع الأدارتين السابق بشكل أعمق. والذي هو أمر واقع عملياً.
 فبينما يحكم السيد البارزاني قبضته على السلطات العليا في اربيل, إلا ان الواقع السياسي وحتى العسكري على الأرض في اطراف اخرى من الاقليم مثل السليمانية وحلبجة, خارجة عن اطار نفوذه وصلاحياته... وهي اراضٍ واسعة من الأقليم, يسكنها اكثر من مليوني كردي, لايخضعان له.
وفي أمر آخر, كان وقوف السيد هادي العامري كرمز يمثل الحشد الشعبي ومعه شيخ دين آخر على منصة احتفالية تأسيس الجيش العراقي في 6 كانون الثاني الفائت بجانب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي, الذي ظهر بصورة المغلوب على أمره, اضافة الى قادة عسكريين وقفوا ورائهم, قد أرسل رسالة خاطئة الى الشعب العراقي, بأن من يمثلهم هم الأصل والجيش في ذكرى عيد تأسيسه دون ذلك. وهذا الأمر رغم ما قد يشيع من مشاعر الأمتعاض الشعبي, فانه لا يمكن ان يقنع أحداً.
في هذا الخضم المتلاطم, تواصل قوى شعبية ناهضة, تكافح لأجل ان تضع اقدامها على سكة التغيير للسير بثبات على طريق المستقبل وتحرز يوماً بعد يوم تعاطفاً شعبياً متعاظماً.
 

107
غفاريو بغداد وغيفاريّوها !

احسان جواد كاظم
ينحتون الصخر بدأب... انهم متظاهرو ساحة التحرير في بغداد من ابناء العراق, نساءاً ورجالاً, أزميلهم الصبر والمواظبة والثبات وقبل كل شيء حبهم لشعبهم ووطنهم.. تزنروا بمبدأية ابي ذرٍ الغفاري الذي دفع ضريبة تعجبه ( دعوته ) : " ممن لا يجد قوت يومه, ولا يخرج شاهراً سيفه في وجوه الأغنياء " نفياً في صحراء الربذة حتى وفاته شهيداً, وثورية وتصميم أرنستو تشي غيفارا على الكفاح واستشهاده في أدغال بوليفيا : " ما دام هناك طفل لايجد كسرة خبز يسد بها جوع يومه ".
" هاجس العدل " هو ما جمعهم بهاتين الشخصيتين الأسطوريتين.
تعالت اصواتهم بشعارات التغيير والأنحياز الى آلام الناس وحاجاتهم, لكنهم لم ينالوا تجاوباً حقيقياً حتى ممن يطلبون لهم السمّو ويدافعون عن حقوقهم... كذلك قدموا حلولاً للتغيير الى المسؤولين على شؤون المواطن.. لكنها لم تلق آذاناً صاغية, ولم تجد صداها في الأجراءات الحكومية بل إعطوهم الأذن الطرشة !
 التضحية من اجل العدالة عبر التاريخ اتخذت اشكالاً متعددة بأختلاف ظروفها, واعلى درجاتها, اكتسبت منطقها من خلود شهدائها الذين تساموا على مذبح تحقيقها, فكان سبارتاكوس والمسيح وهيباتيا ثم كان الحسين بن علي, والحلاج وغيلان الدمشقي صاحب مقولة " هلموا الى متاع الظلمة "  حتى يوسف سلمان فهد وغيرهم من المضحين الكُثرمن ضحايا الجور والظلامية... واليوم يجسدها هذا النفر القليل المثابر من الوطنيين الحقيقيين في ساحات التظاهر من اجل الحرية والكرامة والحقوق.
 ورغم شيوع مظاهر الفوضى والفساد وتسلط تشكيلات مسلحة على الواقع السياسي ومحاولتها فرض اراداتها الفئوية المستبدة, تتواصل تظاهرات هؤلاء, دعاة احترام الحريات العامة وصيانة الحقوق, وهذا بحد ذاته قمة البطولة وعنفوان التحدي. وقد دفعوا مقابل ذلك تضحيات عزيزة من متظاهرين سلميين ودعاء, اختطفتهم قوى الظلام وغيبتهم في مجاهل زنازينها التي تشبه تلافيف عقولها الظلامية او سقطوا بنيران غدرها.
وكم تعرضوا لنقد واستهانة اوساط مختلفة, كان يفترض ان تكون داعمة لهم ؟ منها ما كانت مشاركة بالاحتجاجات الشعبية, وكانت جزءاً من مشروع التغيير لكنها انسحبت, وآثرت الجلوس على التل والتفرج عن بُعد والتزمت الصمت بأنتظار ما يأتي به القدر, بينما مضوا هم على طريق انتزاع حقوق شعبهم المشروعة.
بوثبتهم هذه, سجلوا في كتب التاريخ, الأسبقية في ألقاء الحجر في بركة السكون والخنوع وحركوا مياهها الراكدة, ثم كسرهم لحاجز الخوف الذي كان معشعشاً في قلوب العراقيين الذي ورثوه من ايام الارهاب السلطوي الدكتاتوري, ومخلفات حروب الطوائف البغيضة وذباحي الدولة الأسلامية وغطرسة المحتل, حتى اصبحت الأحتجاجات من أجل الحقوق والحريات وضد الفساد والفاسدين, واقعاً ومعلماً للرفض الشعبي في الواقع السياسي العراقي, أمتدت لتعم مختلف مدن البلاد ولتنقل جذواها الى منتسبي مختلف مجالات الحياة الاقتصادية للمطالبة كل بحقوقه الوظيفية, حتى باتت السلطات تتجنب قمعها كما تتمنى بعض أوساطها...
وبتبنيهم لفكرة " النضال السلمي " في عملهم الأحتجاجي, ووضعها موضع التنفيذ على أسس قويمة ثم جعلها ممارسة اسبوعية منتظمة لا تخضع للموسمية والرغبوية, مستمدة قانونيتها من بنود الدستور... وضربهم المثل الرائع في الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة, المترافق مع دعواتهم الثابتة للحفاظ على تراث العاصمة ونظافتها واستعادة رونقها... رسخوا قيمة رفيعة في التعامل بين المحتجين اينما كانوا والجهات الامنية, تعتمد التفاهم والأبتعاد عن الصدام, من منطلق ان افراد القوى الأمنية جزء من ابناء شعبنا الذين يدافعون عنهم ويطالبون بتحسين ظروفهم المعيشية اسوة بباقي المواطنين, حتى باتت أوساط كثيرة من افراد هذه الأجهزة تنظر بعين الأحترام والتقدير لهذه المجموعة الصامدة من المتظاهرين.
 ان قيمة اسمى الأفكار تكمن في تحويلها الى واقع مشرق وليس ببقائها في عقول المفكرين او في متون الكتب اوبين دفتي المجلدات, ولا ان تهوّم في عقول الحالمين او في فضاءات القاعات المغلقة او على مواقع التواصل الاجتماعي... فالأفكار الجيدة لن تكون مفيدة إلا بعد ان تترجم الى حقيقة على أرض الواقع لفائدة البشر... وهذا ما تحاول ان تفعله هذه النخبة الطيبة من بنات وابناء العراق, بتجرد وبشعور عالٍ بالمسؤولية.
طوبى لمن كان طليعة مضحية مقدامة... مشعل حرية... ومنبه ايقاظ !
" أسعد القلوب هي التي تنبض للآخرين " !


108
في وداع عامٍ مضى - ظاهرتان شعبيتان فاجئتا الأسلام السياسي !
احسان جواد كاظم
ظاهرتان من مظاهر المقاومة الشعبية ضد الفكر المنحرف وتسلط احزاب الاسلام السياسي وميليشياتها, برزتا بشكل واضح, ألقتا الرعب في قلوبهم, الأولى حدثت في مدينة البصرة المنتفضة والأخرى كان لها مكان في كل الوطن العراقي, ومسّتا كل ما يعتبرونه غير قابلاً للمساس ولن يجرأ احد عليه... أشرتّا ايضاً الى حدوث تغيّر في المزاج الشعبي, ليس لصالحها :
 الظاهرة الأولى هي التظاهرات الشعبية العفوية العارمة في مدن الجنوب وخاصة في محافظة البصرة, وحرق مقرات احزاب الاسلام السياسي الحاكمة المتورطة بالفساد في عدة مدن عراقية, تعتبر معاقلاً لها, وفي مدينة البصرة خصوصاً, بعد احتجاجات شعبية غاضبة.
 لاشك ان عمليات الحرق ليست أنجع الطرق لردع تخريب هذه الأحزاب المتنفذة لكيان المجتمع العراقي, ولكن يجب الأعتراف ان شباب البصرة المنتفضين لم يلجأوا الى هذا الخيار الا بعد ان استنفذوا كل الخيارات الأخرى وبعد ان جرى استهدافهم بالرصاص الحي وتسامي العشرات منهم شهداء .. وما تخرصات قيادات الاحزاب المحروقة بوجود اجندات خارجية تقف وراء هذه الافعال, إلا مجرد هراء, لأن احتجاجات أهالي اغنى مدينة في العراق, البصرة وشبابها  ضد الفساد واحزابه, لم تأت من فراغ او عن بطر بل عن معاناة مديدة هي اكبر من اي دفع خارجي يحرض شبابها على الانتفاض, بعد ان اصبحت قضيتهم قضية حياة او موت وتسمم الآلاف منهم وعدم توفر ماء صالح للشرب في مدينة الأنهار... عدا غياب أبسط الخدمات التي تشترك في فقرها مع المدن العراقية الأخرى.
 اما الظاهرة الثانية فكانت, الرفض الشعبي العام لفتاوى الفتنة التي اطلقها رجال دين مسلمين من الشيعة والسنة ضد مشاركة مواطنينا المسيحيين اعيادهم بل وحتى تهنئتهم بها, والذي تجلى بالرد الشعبي السريع, بتبادل واسع النطاق للتهاني بمناسبة أعياد الميلاد الكرسمس, كان لها مكان في وسائل التواصل الأجتماعي ايضاً, وجرى تزيين اشجار اعياد الميلاد في الشوارع والمحلات وبيوت المواطنين وتبادل الهدايا وانتشرت مظاهر الفرح في كل مكان.. ثم تلتها مساهمة اعداد غفيرة من المواطنين في تجمعات احتفالية ليلة قدوم السنة الميلادية الجديدة لم تشهد البلاد مثيلاً لها,  وفي مناطق متعددة من البلاد وفي العاصمة بغداد بالخصوص, ختمت بالألعاب النارية البهيجة, رغم انف التكفيريين.
هناك طبعاً, ظواهر مقاومة لمرامي تأطير المجتمع بأتجاه سلفي مغلق, تقوم بها مؤسسات مجتمع مدني مسجلة رسمياً, ولكن تبقى لهاتين الظاهرتين الجديدتين, موضع الحديث, أهمية معنوية خاصة وبالغة الخطورة, فبالأضافة الى طبيعتهما الشعبية الواسعة وعفويتهما, فأنهما هزّتا كيان الاسلام السياسي من الداخل وهزأت من تسلط احزابه... فهي هشمت كل ما بنته هذه القوى من هياكل قدسية زائفة حول احزابها وميليشياتها ومطلقي فتاواها, وكسرت حاجز الخوف النفسي منها.
لقد تنبهت قوى الطائفية السياسية بعد القضاء على داعش الى مخاطر تصاعد المشاعر الوطنية الجامعة عليها, والى تنامي الوعي الشعبي وتصاعد مظاهر الرفض العام لسياساتها التجزيئية ونهبها للمال العام, مما دفع ببعض شيوخها, لحرف الأنظار عن المآسي الحقيقية التي يكابدها المواطن العراقي, بالحديث عن انتشار الألحاد في اوساط الشباب العراقي, وهو ظاهرة, ان وجدت بالسعة التي يدّعون, فهي لم تنشأ الا من رحم الرفض لنزواتهم  ولقيمهم وافكارهم المتخلفة, فالشيْ بالشيْ يُذكر والتزمت الديني يستدعي نقيضه.
 وبفتاويهم الأخيرة ارادوا العودة بالوضع المجتمعي الى ايام امجادهم الخوالي.. ايام الأحتراب الطائفي قبل تتويجه بأحتلال ارهابيو داعش لمدن وحواضر عراقية مهمة وابادة اهاليها, لكن المواطن العراقي, ألقمهم الحجر, في رد بليغ, بمشاركته الواسعة بأحتفالات السنة الميلادية الجديدة.
ورغم ان حديثنا يتركز على ظاهرتين عفويتين شعبيتين بأمتياز, لابد من الأشارة الى مُتغير ايجابي, لم يكن في حسبان الأطراف المتحاصصة الحاكمة, ومزعج لها, افرزته السنة الماضية 2018... اتخذ طابعاً  سياسياً حزبياً تلتقي منطلقاته واهدافه مع التطلع الشعبي الى التغيير, وهو ظهور " تحالف سائرون " وبرنامجه الواعد الداعي الى نبذ المحاصصة كنهج وبرنامج, وتبني بديل جديد ... برنامج الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الأجتماعية, والذي له أمتداد مؤثر في مجلس النواب الحالي بعد فوزه بأكبرعدد مقاعد في الدورة البرلمانية الجارية.
لا ندعي ان " الدنيا گـمرة وربيع " ولا حتى ستصبح كذلك في المدى القريب ولكن عملية الصراع مستمرة, وعلى قوى التغيير ان تحسن ادارتها !
ان هدف تحويل الأمكانية الى واقع, هو ما ينبغي ان يدفع كل القوى الوطنية والديمقراطية الحقيقية الى التضافر من أجله والظفر به !


109
السيادة الوطنية ودائرة الولاءات

احسان جواد كاظم
اكتشف الجميع فجأة, بعد زيارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب قوات بلاده المتمركزة في قاعدة الأسد في غرب البلاد, خلسة, بأن السيادة الوطنية العراقية منتهكة. وكأنها لم تكن مستباحة منذ حرب احتلال الكويت والحصار الدولي بعدها. فقد كانت فرق التفتيش تصول وتجول في انحاء العراق حتى دخلت المكان ( الأكثر حرمة سيادية ) الا وهو مخدع الدكتاتور.
الوضع تغير بعد اسقاط النظام في 2003 واصبحت حدود العراق اكثر استباحة والغيت كل مظاهر السيادة الوطنية, بحل الجيش والاجهزة الامنية ورفع الرقابة على الحدود وتعطيل مؤسسات الدولة, وفتح استيراد السلع من الخارج على ابوابه بعشوائية مريبة, فأصبح الوطن ساحة لكل من هب ودب... من المخابرات الاجنبية الى عصابات الجريمة المنظمة ومهربي السلاح والنفط والآثار والمخدرات ناهيك عن الارهابيين المتحالفين مع ايتام البعث الذين وجدوها فرصة سانحة للتحرك...
وقد تمنى العراقي ان يكون نهج الدولة الجديدة بديل حقيقي لنهج دولة القمع والحروب, الآفلة ونهاية العنتريات القومية معه, لكنه ايقن بأن البديل الجديد ليس أقل خيبة من سابقه مع بدء حقبة الخناقات الطائفية والعرقية.
وبدل من اعادة تجميع ما تساقط من مقومات السيادة المتمثلة بأمساك الدولة بكل السلطات العليا والهيمنة الكاملة على الأرض والمؤسسات والأفراد والثروات في اطار دستور وقانون حاكم وملزم التطبيق, تبنت القوى المهيمنة نهج المحاصصة الطائفية - العرقية كنظام لأدارة الدولة, وبذلك جرى تقسيم عناصر هذه السيادة الوطنية فيما بينها, بتوزيع الوزارات والمراكز السيادية والأقطاعيات على احزابها كغنيمة, وفي تشكيل المؤسسات العسكرية والشُرطية على اساس تحاصصي مع اطلاق تكوين ميليشيات حزبية موازية لها يمنعها الدستور, وتوزيع الثروات بشكل ظالم بين قادة احزاب وميليشيات المكونات, مما ادى الى تمزيق نسيج المجتمع العراقي, وتراجع مشاعر الولاء الوطني, مسبباً تمترساً طائفياً عرقياً مسلحاً, انحدر بالبلاد ومواطنيها في أتون حرب طائفية دموية, ثم الى بروز نزعات الانفصال القومي.. كل هذا جرى مع دعم وتدخل سافرين من هذه الجهة الاقليمية او الدولية او تلك, وهي تسعى لتخريب اكبر للبلاد وانهاك اكثر للمواطن العراقي, وظهور علاقات تبعية واستزلام ذليلة للأطراف الخارجية المتدخلة بالشأن الداخلي العراقي والمنتهكة لسيادته واستقلاله..
استمراء ترامب  طريقة دخوله العراق ثم الخروج منه بهذا الشكل دون اعتبار للأعراف الدبلوماسية والأصول البروتوكولية, كان لتوفر قناعة لدى ادارته بعدم وجود ضرورة لأوجاع الرأس وتقديم طلب من الحكومة العراقية, لأن الولايات المتحدة صاحبة الفضل الأول في اسقاط النظام السابق وهي التي اجلست قيادات هذه الاحزاب المهيمنة على كراسي السلطة, في الوقت الذي تشهد فيه بأم أعينُها المجردة والألكترونية كيف تحول العراق الى " خان شغان " تدخله كل يوم شخصيات غير ذات شأن بالمقارنة مع شخص رئيس بلادها الولايات المتحدة الامريكية صاحبة الفضل عليهم.
يمكن تفهم ردود الفعل الشعبية الغاضبة على هذا الانتهاك الفض للسيادة الوطنية, لكن ما يتعسر تصديقه هو مواقف الأطراف الحكومية والأحزاب السياسية المهيمنة وقادة الميليشيات, المبالغ فيها... ليس لعدم وجود خرق وانما لأن مطلقي التهديدات لترامب ب ( تأديبه فيما لو تجرأ مرة اخرى على انتهاك السيادة العراقية ) هم من مهدوا لخرق وانتهاك السيادة طوال سنين طويلة من ممارساتهم السياسية وكرسوه عملياً على الارض, من خلال السماح لحلفائهم بالدوس على هذه السيادة كما يحلو لهم.
ثم اتبعوه بقصف بعض فصائلهم لمحيط السفارة الامريكية في بغداد في المنطقة الخضراء, وهذا ما يمكن اعتباره انتقاصاً من السيادة الوطنية التي يدينون انتهاكها, بمصادرة دور الحكومة ذات الحق الحصري في متابعة الأمر ( قدم السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تبريراً متأخراً, في ملخصه الأسبوعي, لم يحض بقناعة الكثيرين من متابعي الشأن العراقي ), وبأستعمال سلاح الدولة الرسمي لأغراض غير قتال الأرهابيين, في خرق واضح للقانون العراقي.
لايخفى على أحد ولاءات هذه الجهات واهداف الغيرة المفاجئة على السيادة العراقية ومقدسات العراقيين التي يجب ادراكها في اطار عملية الصراع المحتدم على مناطق النفوذ وبالخصوص بين ايران وامريكا, لاسيما وان هذه القوى نفسها لم تنبس ببنت شفة عندما تسلل سفير الدولة الأسلامية الأيرانية في بغداد " ايرج مسجدي " منسحباً من احتفالية اقامتها قيادة الحشد الشعبي بمناسبة ذكرى الانتصار على داعش... وبسبب دعوة للوقوف دقيقة حداداً على ارواح شهداء العراق... والكل يعرف ما يعنونه في خطابهم الاعلامي, عندما يتحدثون عن شهداء العراق, فهم يعنون بالتحديد شهداء الفصائل المنتمية للحشد الشعبي والميليشيات الاسلامية الاخرى بالخصوص وليس كل شهيد عراقي سقط في قتال داعش. فالسيد السفير الأيراني, بتسلله المستهجن, لم يحترم قدسية حتى شهدائهم الذين يصرح يومياً, بأن دولته اول من ساعدتهم.
ان صيانة السيادة الوطنية تكون بقيام الدولة بمسك كل خيوط مقوماتها وممارسة دورها كاملاً, ونبذ تحاصصها, وبفرض القانون على الجميع بدون استثناء.

110
عادل عبد المهدي - انقلاب على الذات ام إذعان للإملاءات ؟
احسان جواد كاظم

الانتظار يبعث على الملل فكيف به لو كان متعلقاً بترقب تشكيل كابينة وزارية لحل جبال من المشاكل المتراكمة التي خلفتها عقود من حكم الدكتاتورية البائد, لتعقبها سنين عجاف اخرى من حكم الاحزاب الاسلامية وحلفائها في محاصصة النهب ؟
 موعد التصويت على استكمال التشكيلة الوزارية, مؤجل, ولا أحد يعرف الى متى ؟!
 وفي ظل تراجع قادة تحالف الفتح عن الالتزام بالأتفاق المبرم مع تحالف البناء والاصلاح وتحالف سائرون بالتحديد ورئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي, بعدم ترشيح شخصيات سياسية لأشغال منصبي وزارة الدفاع والداخلية بالخصوص واطلاق يده في اختيار من يريد من وزراءه, ثم اصرارهم لاحقاً على شخص بذاته كمرشح لوزارة الداخلية, بسي ڤي مثقل كما سيرة السيد فالح الفياض المعروف بأنحداره السياسي الاسلامي وتجربته الأمنية التي تحوم عليها علامات استفهام والقريب الصلة من أيران... بات الخروج من عنق الزجاجة صعباً ولا مجال لأستدراك ما سيحدث بعد تمسك تحالف سائرون بشروط الأتفاق ورفض تجاوزها.
وبما يبدو ظاهراً من نفى السيد هادي العامري, في تصريح جديد له, ترشيح تحالفه للسيد الفياض, وتأكيده بأنه مرشح السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وحده... انه تخلى عنهما سوية, عن السيد عبد المهدي والسيد الفياض, لكن حقيقة الامر تظهر بأنه تخلى عملياً عن السيد عبد المهدي فقط وتمسك بالسيد الفياض, لأن بمستطاعه لو اراد حل ازمة ترشيح السيد الفياض, بالأيعاز لنواب تحالفه, ببساطة, بعدم التصويت لصالحه, وتُزاح العقبة وتفتح ابواب اختيار بديل بمواصفات ترضي الجميع.
 لكن ما يجري هو العكس تماماً... فهو ونوابه يبذلون جهوداً مضنية للتحشيد البرلماني والأعلامي لفوزه بمقعد وزارة الداخلية ويتهمون الآخرين بعدم التعاون ووضع العقبات امام استكمال تشكيل الحكومة.
 ان مواقف وتصريحات السيد هادي العامري لا تخرج عن كونها مجرد مناورات سياسية... فقد سبق وان اعتذر للشعب العراقي عن سنوات حكم احزاب الاسلام السياسي الفاشلة ومعاناة العراقيين خلالها, ولكنه عاد وتمسك بالمحاصصة الطائفية - العرقية, سبب هذه المعاناة, في تشكيل هذه الوزارة .
 اصحاب الذاكرة الضعيفة, نُذكرهم بأن السيد هادي العامري سيد الحشد وقائد تحالف الفتح هو من سارع في الذهاب الى اربيل للاعتذار للسيد البارزاني عن تمرد نواب الحشد على قيادته بعدم التصويت لصالح مرشح البارتي لرئاسة الجمهورية واختاروا السيد برهم صالح المرفوض برزانياً بدلاً عنه... ثم قام لتعويض ذلك الفشل بتنسيق المواقف معه في عملية تشكيل الحكومة الجديدة على ذات الأسس السابقة, أسس المحاصصة التي لعنها في خطاب الاعتذار.
 واستناداً الى تصريح التنصل للسيد هادي العامري, يمكن ان يتوصل المرء الى استنتاج جديد - هو ان مرشح وزارة الداخلية السيد فالح الفياض, لم يأت بضغوط من ادوات ايران العراقية على السيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي, كما كنا نظن, بل بأملاءات ايرانية مباشرة.
وجه الانقلاب الذي يمكن ان يكون السيد عادل عبد المهدي قد نفذه على نفسه, قبله على الآخرين من تحالف سائرون وكل جبهة الاصلاح هو تخليه عن برنامجه السياسي الاصلاحي, وخرقه للاتفاق معهم واصراره على طرح اسم السيد فالح الفياض كمرشح وحيد اوحد, مع عدم وجود تعليل منطقي, مرتبط بمصلحة الشعب العراقي لتمسكه به.
طبعاً لا يمكن القبول بحجة وجود تهديدات بالتصفية للتمسك بتوزير شخصية معينة مرفوضة شعبياً, وهو السياسي المخضرم.. فيمكنه ببساطة, ان يتنحى عن المنصب وينسحب مصارحاً شعبه بعجزه عن تشكيل الحكومة واسبابه, ليسجل موقفاً جريئاً يحوز به احترام شعبه رغم كل التداعيات.
اما مغامرته فتكمن في سعيه لأدارة كابينته الوزارية بأشخاص مرفوضين شعبياً, واحتمال مواجهته لأكبر اصطفاف سياسي معارض يشهده العراق منذ 2003. فأستمرار نهج الحكم على ما كان, يعني كوارث جديدة ستقع على كاهل العراقيين ليسوا بوارد تحملها من اجل عيون بعض المتحاصصين الفاسدين.
ولا يستطيع اي من هؤلاء السياسيين الاسلاميين, بعد اليوم, ان يدعي بأنه من ورثة الرسل والأئمة بعد عقد ونصف من فترة حكمهم المثقلة بالفضائح والفساد والتفريط بالحقوق والتقييد على الحريات... فما عاد ذلك ينطلي على أحد !
 مقبل الايام ستكشف, هل ان رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هبة من السماء ام مقلباً من مقالبها ؟ أو ما اذا كان يحمل مهمة رسالية ام مجرد أُلعبان سياسي خاضع ؟


111
زيارة السيد البارزاني للعاصمة بغداد... لا جديد !
احسان جواد كاظم

ليس صحيحاً ما قيل ويقال على لسان سياسيين واعلاميين عن  ثمرات طيبة للعراقيين تحملها زيارة السيد مسعود البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني والحاكم الفعلي لأقليم كردستان الى بغداد... او انها شكلت منعطفاً, وفتحت صفحة جديدة في العلاقة بين حكومة المركز والاقليم, الا ربما في اذهان أصحاب المصلحة منها... ففي حقيقة الامر, ما من جديد فيها.
 ربما الشيء الجديد الوحيد فيها هو مجيئ السيد البارزاني الى العاصمة بزي معاصر بدل الشروال الكردي التقليدي.
وما استقبال صنوا المحاصصة وضلعاها السيد محمد الحلبوسي رئيس مجلس النواب والسيد هادي العامري قائد تحالف الفتح بما يمثلاه من توجهات سياسية طائفية للبارزاني, الضلع الثالث للمحاصصة المرفوضة شعبياً, في المطار, هذا الاستقبال الحفي بوجوه مبالغ في بشاشتها, الا ليشير الى امر بالغ الخطورة على وشك الحدوث, لن يكون في صالح عموم العراقيين !
فهذه الزيارة المفاجئة جاءت لبروز حاجة ملحة لأنقاذ جبهة قوى المحاصصة وترميم  بيوتها الثلاث, الشيعية والسنية والكردية التي تعرضت للتصدع خلال الفترة الماضية واعادة تشكيلها بأضلاعها الثلاث واخراجها من مأزقها, بعد ان استعصى عليها تمرير ما كانت ترغب في تمريره بالبساطة التي كانت تفعلها  في الدورات السابقة دون دعم السيد البارزاني ونواب حزبه في مجلس النواب, بعد دخول قوى مدنية اصلاحية مثل تحالف سائرون وغيره في البرلمان, تقف بصلابة ضد المحاصصة ونهجها التخريبي.
 فغرض الزيارة الحقيقي هو ترجيح كفة ميزان المعادين للاصلاح من المتحاصصين الفاسدين على حساب كفة دعاة الاصلاح ودولة المواطنة والعدالة الاجتماعية, ليس إلا !
 فتصريحات السيد البارزاني الأعلامية بعد عودته لأربيل هي هي, ولا يظهر فيها أي اشارات لأعادة حسابات او استقاءه لدروس وعبر, كما زعم بعض المحللين السياسيين, من فشل تجربة استفتاء الانفصال, فهي لم تخرج من دائرة تحميل الحكومة الاتحادية كل التعقيدات والتداعيات التي حدثت في العلاقة فيما بينهما, والمطالبة بأكثر من الاستحقاقات الواقعية للأقليم على حساب باقي العراقيين...
 وان كل ما قام به هو فقط أعادة ترتيب اولوياته على ضوء متغيرات الواقع السياسي العراقي لما بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة.
وحتى تصريحه الايجابي عن دعمه للحكومة الاتحادية, لم يكن ترحيباً ببرنامجها الاصلاحي, بل إتخذ طابعاً شخصياً متعلقاً بوجود صديقه القديم السيد عادل عبد المهدي على رأسها, والتي ربما يعوّل السيد البارزاني عليه وعلى طبيعة شخصيته التي يبدو أنها مترددة في نيل امتيازات حصرية.
اذن هي ليست زيارة خير, ينتفع منها المواطنين العراقيين بمن فيهم الكرد بل هي زيارة للالتفاف على جهود الاصلاح واعادة تقسيم المغانم للمتحاصصين.
كما ان ما تسرب لمصادر اعلامية عن وقوف ايران وراء هذه الزيارة للعاصمة, تؤكد المساعي الايرانية في ابقاء اليد الطولى لوكلائها المحليين في السلطة والحكم, بما يوفر لها ورقة لعب رابحة في صراعها ضد التدخلات الامريكية والغربية عموماً, وهذا ما يضيف بعداً خطيراً آخراً للزيارة واهدافها تضر بمصالح الشعب العراقي وسلامة اراضيه وسيادته الوطنية.
المتحاصصون لم ينسوا آدمية الآخرين من مواطنيهم فقط, بل انهم فقدوا آدميتهم في خضم تهالكهم على المغانم ومغريات السلطة.

112
تسييس قضية سمك مسيّس !
احسان جواد كاظم
سيّس يُسيّس فهو مسيّس تسييساً. من محاسن الصدف ان يظهر التصريف النحوي لكلمة " سيّس " من السياسة في العربية الفصحى, مشابهاً الى حد كبير للتصريف النحوي لنفس الكلمة باللهجة العراقية الدارجة عدا اختلاف طفيف في التشكيل, واختلاف بيّن في المعنى وهو بمعنى " طاف, طوّف " اي طفا على وجه الماء.
كلامنا يتعلق بنفوق اطنان كثيرة من السمك في نهر دجلة لأسباب غامضة.
فقد اخرجت الكارثة البيئية, والى اجل غير مسمى, أطباق السمك من قائمة الطعام العراقي ومن الاستهلاك البشري عموماً.. وتحول الحدث الى قضية رأي عام.
 فهي خسارة اقتصادية لها ذيول سياسية غير خافية على العراقيين, خصوصاً وان حدوثها جاء بعد اعلان الجهات الرسمية المختصة, قبل فترة وجيزة, عن اكتفاء البلاد من الانتاج السمكي النهري وعزمها على اغلاق ابواب الاستيراد من البلدان المجاورة.
ورغم تحذير بعض المتنفذين من اعطاء الحدث معنىً سياسياً, فقد بادرت مختلف الجهات المتضررة والمستفيدة الى الأدلاء بدلاها, لكشف اسبابه وتبعاته.
البعض اعتبره مؤامرة على الأمن الغذائي العراقي من اعداء متربصين حاقدين.. الصيادون واصحاب مزارع السمك الصغار, بعد ان برأوا طيور الفلامنكو الجميلة من تهمة افراغ مجمعاتنا المائية من الاسماك بألتهامها الشره لها, عادوا فوجهوا اصابع الأتهام نحو متنفذين كبار في اجهزة الدولة وفي الميليشيات من حيتان مزارع السمك بخلق هذه الازمة في خضم صراعهم على مفاتيح مناطق النفوذ السياسي ومغاليق التحكم بأسواق السمك.. بعضهم ذهب مذهباً ان هؤلاء المنتفعين من " تسييس السمك " سمموا المياه لأجل عيون الجارة المسلمة ايران... ثم قدموا تعليلاً, لا يخلو من وجاهة, كونها المستفيد الاول من بقاء العراق غير مكتفياً بثروته السمكية ومعتمداً عليها في استيراد حاجته منها. ودعمّوا حجتهم بدليل آخر وهو قطعها للعشرات من الروافد والانهار التي كانت تصب في روافد نهر دجلة وفي اهوارنا, مما سبب انخفاض مناسيب المياه فيها وتراجع ثروتنا السمكية.
متحدث بأسم احد الاحزاب الاسلامية المتنفذة, انتفض كالمقروص ليدفع بحزم التهمة عن ايران وينفيها جملة وتفصيلاً, مسيّساً " تسييس السمك " بأعطاءه بعداً دولياً وتحميل الشيطان الاكبر امريكا جريمة تسميم مياه انهارنا لزرع الفوضى... ولسان حال المواطن البسيط يقول : " بين العجم والروم بلوة ابتلينا ".
 ولم يخطر على بال المتحدث اياه مدى خطورة تعرض امن مواطنيه الغذائي للتقويض وفقدان مورد مهم للغذاء الصحي... فمن على شاكلته, عادة ما تتلبسهم اللامبالاة في مثل هكذا امورتتعلق بالصالح العام, رغم ما يتصل بفقداناتهم فتافيت من عوائدهم هنا وهناك مثل بعض مزارع سمك قادتهم, يمكن تعويضها بألف طريقة وطريقة.
 كما لم تدفعه حميته الوطنية الى التفكير بفداحة تغييب رمز وطني من مينيو الاكلات العراقية التقليدية الا وهو " السمك المسگـوف " فخر مائدتنا الوطنية وعلامتنا الفارقة     , وحرماننا من اطباق تقليدية اخرى, عزيزة على قلب كل مواطن مثل " الطابگـ مع سمك العمارة " ثم اكلة " مطبگـ السمك " التي لايتخلى عنها اي ذوّاقة طعام عراقي...
ولكي لا نغرق او" نسيّس " بالتحليلات السياسية كثيراً, نقول ببساطة : كيف يمكن نفي وجود غرض سياسي تآمري في العملية في ظل توفر معطيات فاقعة بوقوف  الأوليغاركية الحاكمة بكل سفالتها ولا مبالاتها وراء كل العملية ؟ بدفع من أيادٍ خارجية مستهدفة الأمن الغذائي للمواطن العراقي, وبألغاءها جانب من عملية الانتاج الاقتصادي الغذائي بدأ يتعافى, يتعلق بصحة المواطن...
فالدعوات الى عدم تسييس الأمر, هو في الحقيقة توجه نحو تعويم الكارثة وتمييع الأمر وطمطمة الجريمة ووضعها في طي النسيان, ليبقى المنفذون الحقيقيون للجريمة خارج حلقة المسآئلة القانونية رغم ما احدثوه من تخريب بأقتصاد البلاد.
ولأن ليس للسمكة صوت وخيوط القضية في ايديهم فأن المخرب آمن... لتسجل كل المأساة ضد الطبيعة ببكترياها وفطرياتها.
يعني ببساطة " سّيسوا " القضية...  وفسرّها عزيزي القاريْ كما تريد بمعنى " سياسة " او " طفواً "...او بهما معاً.

113
افتراءات ما قبل الأستيزار !
احسان جواد كاظم
ننتظر كما ينتظر الكثير من العراقيين تكذيب مرشح رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي لأشغال منصب وزارة الثقافة السيد حسن الربيعي, لما نشر على لسانه من افتراءات في احد المواقع بشأن موقف اتحاد ادباء وكتاب العراق من تنصيبه وزيراً للثقافة العراقية.
 حيث نسب الموقع اليه قوله :- " وحول الجهات المعترضة، يقول الربيعي، إن اصرار اتحاد الأدباء على عدم تقديم الدعم ينطلق من نظرة إقصائية تعتقد أنه ليس من حق المسلمين أو الإسلاميين الولوج إلى مجال الثقافة، من جهتي أحترم هذا الرأي رغم أنه إقصائي، لكنني ماضٍ بمهمّتي ".
 ادعاءه هذا يدخل في باب الأفتراء الظالم بحق اتحاد عريق ضم ويضم في صفوفه خيرة مثقفي البلاد من مختلف المشارب الفكرية ومن كافة الاثنيات وملل ونحل البلاد بمختلف الفنون الادبية. ويعبر ايضاً عن ازدراءه للثقافة والمثقفين العراقيين وعن نظرة قاصرة عنهما...
اتحاد الادباء والكتاب في العراق على لسان متحدثه الرسمي, كذّب بدوره ما نشره الموقع الالكتروني على لسان السيد المرشح في بيان ضافي, واشار الى ان الاعتراض الاساسي كان على منهج الاختيار على اساس محاصصاتي حزبوي, وكذلك على اختيار شخص من خارج دائرة المهمومين بالهمّ الثقافي الوطني...
 واكد ان " السيد المرشّح سجّل اللقاء تصويراً ومحضراً، وهو خير من يفنّد الكلام المزعوم المنسوب لنا ".
السيد حسن الربيعي شخص من خارج الوسط الثقافي لايُعرف له مقالاً او قصيدة او لوحة تشكيلية او تأليفاً موسيقياً او حتى دوراً مسرحياً وهو كمرشح لايعرف لديه مشروعاً ثقافياً للنهوض بواقع الثقافة العراقية.
 وهو, من جانب آخر, مرشح جهة سياسية بخلفيات طائفية مسلحة لاتؤمن بالفن وتعتبر الموسيقى والغناء حراماً والباليه رجساً ما بعده رجس والرسم والتجسيد بالنحت عبادة اصنام... كما ترى الشعراء بشياطينهم الشعرية لا يتبعهم الا الغاوون.
 جماعة ترى في افتتاح دورالسينما فعلاً منافياً لقيم الدين والشريعة, فكيف يقوم مرشحها بأعلاء شأن الثقافة العراقية بتاريخها وتراثها الثر وتنوع مشاربها الفكرية والثقافية ؟
واذا كان السيد المرشح قد ابتدأ فعله الثقافي الاول وهو على شفا الوظيفة بفرية فما بالك لو توزر رسمياً واصبحت لديه السلطة والقول الفصل في شأن الثقافة العراقية ؟
ان غياب نفي ما صرح به, يفضح ما يدبر للثقافة العراقية من مستقبل اسود.
 ويؤكد حقيقة واحدة : اذا ما كان يمتلك السيد المرشح من برنامج فهو بالتأكيد ليس برنامجاً للنهوض بالثقافة العراقية ومجالاتها الابداعية المتنوعة, بل برنامج مناهض... يستهدف تفكيك أنبل ما فيها من قيم التنوع والتسامح والجمال والذوق الرفيع لتأخذ مكانها ثقافة النحيب واللون القاتم الواحد وتمجيد احداث الماضي الجنائزية وتشويه الذوق العام.
ومن سوء حظ السيد المرشح والجهات التي رشحته, ان حقائق جديدة تتكشف, يوماً بعد آخر, تتعلق بشخصية وزير ثقافتنا المستقبلي, فقد تبين, حسب وثيقة نشرتها المواقع الاخبارية, بأنه عسكري سابق في جيش النظام السابق, وهو ما لم تتضمنه سيرة حياته المقدمة لغرض الأستيزار, ربما تهرباً من اجراءات المسآئلة والعدالة... وهو بذلك يكون قد خدع السيد رئيس الوزراء ونواب مجلس النواب والشعب العراقي... وهذا التحايل على القانون يفقده الأهلية لأشغال اي منصب حكومي ناهيك عن اشغال منصب قيمي يتصل بالابداع الثقافي.
ان اصرار السيد الربيعي على الوزارة رغم رفض المثقفين, بمختلف مجالات ابداعهم وتشكيلاتهم المهنية, تولي شخص مثله ليس له علاقة بالثقافة, هو ضرب من ضروب التسلط والاستبداد لن تضيف لشخصه مجداً ولن تكون له معيناً في موقعه الحكومي. وانتماءه السياسي المدعم بالسلاح لن يعلو على صوت الثقافة العراقية الحرة بعمقها الوطني وابعادها وتأثيراتها ومكانتها في الأوساط العربية والأممية.

* رد اتحاد الادباء والكتاب (https://www.alghadpress.com/news/180319/اخبار-العراق-السياسية
*مرشح الثقافة ضابط سابق
https://www.alghadpress.com/news/180762/


114
الى أين يدفعون بالوضع في البلاد ؟
احسان جواد كاظم
الهجمة المنظمة الجارية ضد نزعات التغيير على المستوى السياسي وكل مظاهر المدنية والتحضر في البلاد ستقود البلاد الى  مسارب خطرة اذا لم يجر لجمها.
ليست غائبة عن وعي المواطن العراقي طبيعة هذه القوى وايديولوجيتها ومن يقف ورائها , فهو يمتلك الجواب اليقين حولها وهي مجموعة احزاب الاسلام السياسي المتنفذة وميليشياتها المنفلتة العائدة لأيران, والتي وجهت لها الهبة الشعبية الأخيرة في مناطق الجنوب العراقي والبصرة بالخصوص, ضربة معنوية كبيرة, بتحميلها وممثليها في السلطات المحلية والمركزية مسؤولية ما آلت الية اوضاع المدينة, بأطلاق الهتافات المناهضة لها, ثم بحرق مقراتها بعد قتل حراسها باقة واعدة من شبابها المتظاهرين السلميين المطالبين بأبسط حقوقهم.
.. فالبصرة حيث يلتقى في شمالها نهري دجلة والفرات وتحاذي شاطيء شط العرب والمشرفة على راس الخليج العربي, تعاني من العطش واي عطش... غياب ماء الشفة, الشرب وهو ابسط حاجة انسانية, من واجب اية حكومة مهما كانت جائرة او تقيّة توفيرها للمواطنين.
ورغم استجابة المنتفضين للدعوات الحكومية الى التهدئة ولوعودها بأجراءات آنية مستعجلة لتنفيذ المطالب الاكثر الحاحاً لسكان البصرة وهو توفير المياه الصالحة للشرب وايقاف التدهور الصحي والتسمم الجماعي, الا ان رد الفعل المقابل سرعان ما جاء غادراً على يد الحاكم العسكري بحملة اعتقالات طالت المئات من الناشطين المدنيين , تبعتها موجة من اغتيالات ثأرية بكاتم الصوت لأبرز ممثليهم وتغييب بعضهم من قبل ميليشيات متنفذة, تحت سمع وبصر سلطة الاحكام الاستثنائية التي تمسك بزمام الامور في المدينة, وهي على اقل من مهلها في كشف القتلة.
 هذا المنحى الخطير امتد ليشمل محافظات اخرى ومنها العاصمة بغداد وليتخذ اطاراً اوسع ليشمل كل من يمثل الوجه المدني في المجتمع وخاصة من النساء. فقد جرى اغتيال  نساء يعملن في مجال التجميل او الازياء في شوارع العاصمة وفي وضح النهار, لمجرد انهن مختلفات نوعاً ما,  ولاينضوين تحت غطاء التصنيف التقليدي للالتزام الديني.
هذا الانفلات الأمني واندفاع هذه الجهات في اقتناص الفرصة, اخذ توجهاً خطيراً يوم أمس بأغتيال احد افراد الحشد الشعبي من العاملين في المجال الطبي مما يؤشر الى تصعيد نوعي ينذر بتصفيات جسدية متبادلة بين اطراف هذه الميليشيات المتنافسة ذاتها.
ربما ان احداث البصرة عمقت الجرح الذي اوغره رد الفعل الشعبي الرافض في قلوب القائمين على احزاب المحاصصة الطائفية مما جعلها تستكلب للأنقلاب على الارادة الشعبية في نبذ نهج المحاصصة والمطالبة بمحاسبة فاسديها.. وذلك في ظل تراجع الزخم الاحتجاجي وانحناء نسبي امام العاصفة من قبل قوى الاصلاح المناهضة للمحاصصة المتمثلة اساساً بتحالف " سائرون ", والتي اتخذت مظهرين رئيسيين : اولهما, تصفية قيادات الهبة الشعبية في الجنوب من جانب ثم النكوص سياسياً الى نهج المحاصصة وتقسيم الكعكة والتمسك بأمتيازاتها, وهو ما شهدناه في طريقة انتخاب رئيس مجلس النواب والظروف التي احاطت بها من همسات, تحولت الى صيحات حول بيع منصب الرئيس بملايين الدولارات دون اجراء قانوني لكشف الحقيقة.
 وكذلك الامر مع تواصل اللقاءات للاتفاق على رئيس للوزراء ضمن مواصفات وطريقة اختيار هي اقرب الى بروسيجير الاختيار المحاصصي السابق وهذا يشمل ايضاً ( انتخاب ) رئيس كردي للجمهورية, وبأصرار ظاهر من قبل رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيس اقليم كردستان السابق مسعود البارازاني على الاستحواذ على المنصب, حد تقديمه تنازلات سخية لغريمه حزب الاتحاد الوطني الكردستاني, بمقايضة منصب رئيس الجمهورية بكل الوزارات والمناصب التي قد يحصل عليها الاكراد من الصفقة... وهو ما اثار تساؤلات الشارع العراقي عما يخبأ مسعود البارازاني في جعبته من مفاجآت غير سارة من تنصيب احد اعوانه رئيساً لجمهورية العراق وهو الرافض لوحدة البلاد.
ان جر البلاد الى دوامة جديدة من الازمات والصراعات وسيل الدماء من اجل مصالح القوى المتنفذة على حساب الشعب لن تدوم طويلاً, فلابد للارادة الشعبية يوماً من نفاذ, عندها سيكون حسابهم عسيراً.
سلْ الطواغيت هل من غالبٍ أشرٍ..... الا وهذا الدم المغلوب غالبهُ ؟   / محمد مهدي الجواهري


115
هل ستقوم للعراقيين قائمة ؟!!
احسان جواد كاظم

المواطن العراقي الذي يراجع اي من دوائر الدولة العراقية من اقصى تخوم اقليم كردستان العراق الى منفذ الشلامجة وسفوان يكابد الأمرين بسبب الفساد المستشري بأقصى صوره فيها. فلا تكاد تمرر اية معاملة مهما بدت بسيطة الا بعد دفع المعلوم, لموظف فاسد معدوم الشرف والضمير, خصوصاً اذا لم يكن المواطن مسنوداً بواسطة قوية, لاسيما وان هذه الجهات الحاكمة تمتلك تفويضاً شرعياً بالنهب تحركها شبكة مافيوية متعنكبة في اجهزة الدولة وتسندها ميليشيات مسلحة ظاهرة ودولة عميقة مستترة, لا تتورع عن ارتكاب ابشع الجرائم لأبقاء الأمور على ما هي عليها. ولهذا السبب طالما ردد احد الاصدقاء بشكل يائس, بأنه لن تقوم للشعب العراقي قائمة !!!
ما من احد ينفي انحدار الوعي الاجتماعي والاخلاقي الذي طال مراتب في النسيج الاجتماعي بسبب اعوام من ضغط العسف الدكتاتوري لنظام البعث البائد وما دفعه العراقييون من ثمن باهظ نتيجة حروبه العبثية. ثم فترة الحصار الاقتصادي والتفقير المادي والمعنوي الذي تعرضوا له بعد مغامرة احتلال صدام للكويت الشقيقة والحرب المدمرة التي اعقبته.
 وبرغم عملية اسقاط الدكتاتورية التي جاءت سريعة وبعملية قيصرية امريكية واحتلال البلاد في 2003, فأن امل التغيير لحياة افضل قد انتكس بعد ان تبين ان ثمرة المحتل الامريكي من اغتصابه للبعث وسلطته كان مسخاً, هو عبارة عن تحاصص طائفي - عرقي هدفه نهب ثروات البلاد وتوزيعها بين احزابهم.
 ومع تبني نهج المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض, رسمياً, والذي أسس للفساد من صباح يومه, بتقطيع الكيكة, تشكّلت مؤسسات تشرعه وتحميه وتؤمن مطامع اطرافه بشكل وقح وفج طوال خمسة عشر عاماً من حكم هذه الاحزاب التي اختصرت قوميات وملل ونحل شعب العراق بها وبقياداتها.
ولوقاحة وفجاجة عملية النهب المنظمة لمقدرات العراقيين التي حرمتهم من ابسط مقومات العيش الكريم, وما دفعت اليه هذه العملية من تهديد وحدة التراب الوطني الى مخاطر تقسيم البلاد بعد استباحة ارهابيو داعش لمحافظات بكاملها, ونزعات الانفصال القومي والانخذال امام دول الاقليم... بدأت الحركة الشعبية تتململ رداً على ما آلت اليه الاوضاع من تدهور, وبدأت تتجسد بتظاهرات سلمية ضد سياسات السلطة منذ شباط 2010 مطالبة بحقوقها بحياة آمنة مستقرة وخدمات هي ابسط ما يجب ان تقدمه اية حكومة مسؤولة. ثم تتابعت هذه الاحتجاجات بعد قمع وحشي من قبل السلطة وازلامها عام 2011, لتبلور مطالبها بشكل اعمق, لتتصاعد, بعد ذلك, عام 2015 بأجتذابها لجماهير التيار الصدري الفقيرة وانضواءه تحت راية اصلاح الدولة على اساس دولة مواطنة ومؤسسات ومن ثمة تشكيل تحالف سائرون بمبادئه المدنية, وتوافق المرجعية الدينية في النجف مع هذا التوجه...تطورالحراك الشعبي في 2018 الى هبة شعبية عارمة ضد الفاسدين, وخصوصاً في البصرة بعد تفاقم الاوضاع المعيشية فيها, وتصاعد المطالبة بأجراءات آنية لحل مشاكل مياه الشرب وانتشار الامراض فيها اضافة الى بروز الحاجة الى تغيير حقيقي في نهج الدولة ونبذ الطائفية السياسية واحزابها ونهجها المدمر.
 ان هذا الصعود المتراكم للعنفوان الشعبي الذي تشهده محافظات الوسط والجنوب, والذي يجذب يوماً بعد يوم شرائح جديدة في المجتمع العراقي, وتبلور واقع جديد, هو واقع الرفض, يثبت حقيقة ناصعة بأن قائمة العراقيين ستقوم وان حساب الفاسد والمستهتر بالشعب وحقوقه سيكون عسيراً.
 الحنكة السياسية تتطلب البناء على هذه المعطيات الايجابية لدفع عملية تصاعد دور الجماهير في رسم صورة مستقبل اجيالنا القادمة وعدم الركون الى دعوات عدمية تصدر من هنا وهناك تدعو القوى الديمقراطية  الى الانسحاب من تحالف سائرون ومن البرلمان وعدم التعامل مع الفاسدين, و" ترك الجمل بما حمل " !.. والتخلي عن برنامجها الديمقراطي ومسؤولياتها تجاه شعبنا بترك الساحة لأحزاب المحاصصة الفاسدة بدعوى الحفاظ على سمعتها الوطنية ونظافتها واللجوء الى المعارضة ؟.. وكأن التواجد بالمعارضة, سواءاً بالبرلمان او الشارع, سيعصمها من التعامل, رغم ارادتها, مع هذه الاحزاب الفاسدة والتي هي واقع سياسي موضوعي, له جمهوره الذي صعّده الى البرلمان, وليس لدينا خيار تجاهله, وهي معشعشة في كل مفاصل الدولة والمجتمع, لابد من التعامل معها بهذا الشكل او ذاك. وهو امر ليس له علاقة برغباتنا الذاتية.. وهو لايعني الانحدار الى شاكلتهم بل الوقوف موقف الند منهم ومن خططهم.
قد يكون تراوح باروميتر الصراع الاجتماعي بين صعود ونزول, والذي كان آخره مهزلة انتخاب رئيس مجلس النواب بعملية شراء ذمم يندى لها الجبين, شكل انتصاراً لصالح قوى المحاصصة والفساد, كان سبباً في بث مشاعر الاحباط لدى الكثير من المواطنين, ولكن الايام دول والجروح قصاص... والصراع يستمر, و " الخايف خل يتكتر " !.
 ولأني اثق بقدرات شعبنا وقواه الوطنية الديمقراطية, اسمح لنفسي بأستعارة مقطع من قصيدة لشاعرنا الرمز مظفر النواب : " هذه أمة لو جهنم صُبت على راسها واقفة " !!!

116
" المحاصصة المحسنة " بعد " المحاصصة المتوحشة " لن تمرْ!

احسان جواد كاظم
تتسارع خطى القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة نحو تجميع الكتلة البرلمانية الاكبر ليتسنى لها تشكيل الحكومة القادمة, وهي الخطوة الاولى للسير نحو تنفيذ برامجها الانتخابية بشكل شرعي.
ان ما افرزه نهج المحاصصة الطائفية - العرقية الفاشل بالتطبيق العملي, من تعميق للفوارق الطبقية في المجتمع العراقي, وانتاجه طبقة من الطفيليين, ممثلوها السياسيين جرّوا البلاد الى متاهات خطيرة.... ثم على نقيضها, كان لابد من ظهور شرائح اجتماعية متضررة, تعاني من شظف العيش وعسف الاحزاب الدينية وميليشياتها واستبداد الاحزاب القومية ومافيات الفساد التابعة لها المعشعشة في مؤسسات الدولة, تأمل بتقويم وضعها, بعد ان اصبحت هذه المنظومة الحاكمة, عقبة كأداء امام اية محاولة لدفع البلاد نحو الامام.
ازمة الحكم هذه ومعاناة الجماهير, حتمت ظهور حركة شعبية مناوئة لتوجهات المتحاصصين النهبوية, تدعو لدولة مدنية بعيدة عن المكوناتية وتقاسم الكعكة, منحازة لشعبها, وتسعى الى محاسبة المسؤولين عن كل مآسي البلاد ومواطنيها, تمثلت بالتظاهرات الشعبية في ساحات التحرير التي ابتداءات منذ 2010 وتواصلت رغم القمع السلطوي لسنوات عديدة, لتشهد نهوضاً في 2015 بعد انخراط التيار الصدري تحت يافطاتها المدنية حتى اندلاع الهبة التموزية الشعبية العفوية العام الجاري, والمستمرة حتى هذا اليوم.
الصراع محتدم بين قوى سياسية جديدة تطمح للتغيير لصالح المواطن متمثلة بالأساس من " تحالف سائرون " المؤلف من الحزب الشيوعي العراقي وحزب الاستقامة الذي يدعمه السيد مقتدى الصدر قائد التيار الصدري وقوى واحزاب مدنية ديمقراطية اخرى وبين قوى النهج القديم من احزاب الاسلام السياسي والتشكيلات الميليشياوية والحزبين القوميين الكرديين الحاكمين في الاقليم.
خصوصية الانتخابات البرلمانية الأخيرة أنها افرزت توازناً سياسياً صعباً, يتمثل بتقارب نتائج الفوز الانتخابي اولاً, اضافة الى بزوغ تغيير نوعي في الخارطة السياسية تمثل بظهور تحالف جديد عابر للطوائف " تحالف سائرون ", منبثق عن ساحات الاحتجاج الشعبي, يناهض طريقة الحكم القديمة كلياً ببدائل مدنية.
 وانتهى بذلك الى الابد ترف توزيع كعكة الحكم على البيوتات الطائفية والعرقية وشخصياتها, بالشكل الفض الذي كان يجري به والمتجاهل كلياً لمصالح الجماهير, وظهر مبدأ جديد لأجراء التحالفات على اساس برامج خدمة المواطن.
المخاض مستمر لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر, والتنافس يتركز بالاساس بين " تحالف سائرون ", الفائز الاول في الانتخابات ومعه " تحالف النصر" التابع لرئيس الوزراء السيد حيدر العبادي و" تيار الحكمة " وقوى سياسية اخرى, وبين " تحالف الفتح " التابع للسيد هادي العامري ودولة القانون التابعة لرئيس الوزراء السابق السيد نوري المالكي ومجموعة اسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية وتشكيلات من بقايا البعثيين كخميس الخنجر اضافة الى شيوخ عشائر, وهي قوى ذات مرجعيات طائفية مناطقية, تُضمر سعيها الى انتهاج " محاصصة محسنة " مطعمة صفوفها بوجوه جديدة غير مثقلة بشبهات فساد وقتل وتزوير... لتكرس من خلالها هيمنتها وتضمن بقائها في السلطة.
اما الحزبان الكرديان, حزب السيد مسعود البارازاني الديمقراطي الكردستاني وحزب عائلة الطالباني الاتحاد الوطني, فأنهما لم ينخرطا لحد الآن في اي من الكتلتين المتنافستين, فهما يتخلفان عن دعوات المشاركة ليلعبا بالوقت الضائع لأبتزاز الآخرين لاحقاً بفرض شروطهما التي تتمسك بنهج المحاصصة المتوحشة السابق.
في مقدمة شروطهما للدخول مع اي كان, هو مطالبتهما بأعتماد الشراكة والتوافقية والتوازن في ادارة الدولة, بالطريقة التي يريدونها, وليس كما في كل شرائع الدول الاتحادية... اي التمتع بكل امتيازات الفدرلة لكن بدون الالتزام بشروط الفيدرالية, في حق الادارة الاتحادية الاشراف الاداري والاقتصادي والعسكري وغيرها على الاقليم.
الايام القريبة القادمة حبلى بالأحداث والتي ستحسم امر الكتلة الاكبر المؤهلة لتشكيل الحكومة القادمة وعلى اي اساس... هل على اساس اقامة دولة مواطنة ديمقراطية بعدالة اجتماعية, وهي مايُعقد عليها الامل, ام بحكومة محاصصة محسنّة لخداع الجماهيرمع مواصلة سرقة المال العام وتخريب البلاد ؟
 او ربما بالانكفاء كلياً نحو نهج المحاصصة المتوحشة الذي خبرناه طوال سنين, كما يعمل عليه الحزبان الكرديان الحاكمان في الاقليم بدأب .
وكلا الخيارين الاخيرين مرفوضان شعبياً.
الاكيد بأن الهبّة الشعبية سيشتد أوارها اذا لم تستجب الحكومة الجديدة لمطالبها بالتخلي عن نهج المحاصصة التدميري وتفكيك منظومته واعادة بناء الدولة على اساس المواطنة.

117
قرارات العبادي - اجراءات عقيمة لسلطة عنينة !
احسان جواد كاظم
التظاهرات التموزية التي اندلعت ضد الفساد واحزاب الفاسدين في مدن الوسط والجنوب العراقي والمستمرة, عكست تحولاً في المزاج الشعبي العراقي ضد تجربة الاسلام السياسي الفاشلة, ولأجل بناء دولة بملامح مدنية.
فأعنف المظاهرات الغاضبة خرجت من مناطق كانت تعتبر حواضناً ومراكز نفوذ قوى الاسلام السياسي الشيعي وميليشياته, المكينة.
 حيث بلغ مستوى الرفض الشعبي لهذه القوى حد المطالبة بألغاء احزابها ورفع يدها عن العراقيين ثم تطورت الاحتجاجات الغاضبة, في احيان متعددة, لتتحول الى عمليات حرق لمقراتها تحت وابل من رصاص حراسها من ميليشيات هذه الاحزاب.
 الاجراءات السلطوية التي اعتمدتها الاحزاب الحاكمة تتراوح بين القمع البوليسي والتغرير بالمواطن وتخديره بوعود فارغة.
القمع البوليسي, تجسد بأستعمال مفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين باستخدام العصي الكهربائية وخراطيم المياه الحارة والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي الذي اودى بحياة العشرات من المتظاهرين العزل وجرح مئات اخرى, وليس انتهاءاً بأعتقال المئات منهم وتعريضهم للتعذيب واجبارهم على توقيع تعهدات, حسب التقليد البعثي المقيت, بعدم العودة للتظاهر والمطالبة بالحقوق والتخلي عن حقهم الدستوري في حرية ابداء الرأي.
 ووصلت الاجراءات التعسفية حد فصل عاملين في مؤسسات الدولة من عملهم لمجرد ابداء دعمهم للتظاهرالسلمي.
وكانت اكثر اساليب القمع مدعاة لأدانة السلطات الحكومية, هو اطلاق ايادي ميليشيات حزبية لأعتقال الشباب المتظاهر وتعذيبهم والاخفاء القسري لبعضهم, ولجوء حراسات بعض الاحزاب الحاكمة الى اطلاق الرصاص العشوائي الحي على المواطنين وسقوط ضحايا واعتقال آخرين...
 كل ذلك فشل في اسكات اصوات المنتفضين وكشف وجه السلطة الكالح اكثر امام المواطنين ودفع بأعداد متزايدة منهم الى ساحات التظاهر والاعتصام والاصرار على نيل حقوقهم.
وتكون السلطات الحاكمة بذلك قد دشنت, بأمتياز, انحداراً قوياً نحو ممارسات دكتاتورية غاشمة, كان من المفترض ان يكون العراق قد تجاوزها.
 وقامت السلطة بموازاة اسلوب القمع البوليسي بأعتماد اسلوب التغرير بالمواطن وخداع الجماهير بأغداق الوعود السخية التي لاتمس بقاعدة الفساد ومافياته وغير القابلة للتنفيذ بسبب غياب الغطاء القانوني اوالمالي او شروط البنك الدولي المانعة, وكذلك تأجيل موعد انتظام مجلس النواب الجديد الذي يفترض به تشريع القوانين المناسبة لوضع الكثير من القرارات الحكومية موضع التنفيذ, بسبب المماطلة في اعلان النتائج النهائية للانتخابات بدعوى الفرز والعد اليدوي بعد اتهامات لأحزاب السلطة بتزوير الاصوات, وتبعاً لذلك, تأخر تشكيل حكومة جديدة بدل حكومة تصريف الاعمال, تكون قادرة على البت بالامور شرعياً, ناهيك عن غياب الارادة السياسية الحقة, مما أثار تساؤلات ليست في صالح اطراف الحكم, عن سبب حجب الحلول كل هذه السنوات مادامت كانت في متناول اليد وقابلة للتنفيذ كل هذه الفترة ؟
ولأن احزاب السلطة وقياداتها ايقنت بأن حلحلة الامور وتعدي ازمتها الخانقة بالشكل الذي تتمناه قد مضى اوانه امام اصرار شعبي عام على اسقاطها بأعتبارها سبب الفساد وموضوعه... لجأت الى محاولات الالتفاف على التظاهرات. فقد شرعت باستغلال بعض نواقص التحركات الاحتجاجية المتسمة بالعفوية  لوأد الحركة بالتقليل من زخمها اولاً ثم بأحتواء بعض اطرافها وتشتيت قواها وبعثرة جهودها, خصوصاً مع عدم تبلور قيادة ميدانية للتحرك, وغياب برنامج عمل وتنسيق موحد بين اطرافها مما يسهل التعامل معها كشراذم متفرقة.
وهذا ما فعلته السلطة ممثلة برئيس الوزراء حيدر العبادي بأعتباره محامي القوى المتحاصصة امام غريمهم الشعب, فقام بأستدعاء شيوخ عشائر من المقربين لأحزابهم في محافظات البلاد مع مجموعة مختارة, على المرام, من المتظاهرين للمساومة معهم على حصص كل محافظة على حدة وبشكل منفصل وكأن مشاكل مواطني هذه المحافظات ليست واحدة ومتشابهة. وبذلك فأنهم يسعون لتحقيق اهدافاً اساسية بالنسبة لهم وهو تفريغ الاحتجاجات من طابعها الوطني العام المتمثل بوحدة المعاناة والمطالب ووحدة وواحدية مسببي مآسي المواطنين.
الهدف الأبعد الذي يسعون اليه هو ابقاء هذه الاحتجاجات تدور في اطار المطالبة بالحاجات المطلبية اليومية دون تحولها الى مطالبة حقيقية بتغيير بنية النظام.
ولم يعدم اساطين السلطة من تجربة اساليب اخرى لخداع الجماهير, بأتباع, مثلاً, اسلوب الاعتذار العاطفي الفارغ واعلان التأييد لمطالب المواطنين دون التخلي عن امتيازاتهم وسلطاتهم ومساعي تخليد تحاصصهم الذي على اساسه جلبوا كل هذا الدمار للبلاد وللمواطنين.
وغير بعيد عن نفس هذا الاسلوب بأستدرار عطف المواطن وسذاجته, طرح مسؤولو محافظة البصرة الذين يتهمهم المواطنون بالفساد وسرقة المال العام, مطلب تحويل محافظة البصرة الى اقليم على اعتبارها البقرة الحلوب التي تدر على العراقيين بخيراتها من ايرادات نفطية وواردات الموانيء والمنافذ الحدودية التي لم ينتفع بها الشعب العراقي عموماً واهالي البصرة خصوصاً منها, مع الابقاء على الطاقم المحاصصي الحزبي الحاكم لقوى الاسلام السياسي على خوانقها.
وكأن مشكلة محافظة البصرة ادارية بحتة وليست مشكلة طغمة فاسدة فاشلة.
واحدث ما تفتقت عنه عقلية مخططو تكتيكات الاحزاب الاسلامية الحاكمة والمتحاصصة معها من محاولات لأفشال الاحتجاجات الشعبية, هو ركوب الموجة واعلان تأييدها لخطبة الجمعة الاخيرة لممثلي المرجعية الدينية الداعية الى الامتثال الى الارادة الشعبية في مكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين... ثم دعوتهم لتظاهرة عامة ترحيباً بتلك الخطبة في استهزاء وقح من رأي المرجعية وشخص السيد علي السيستاني ومن الارادة الشعبية في مكافحة المحاصصة الطائفية - العرقية, اس الفساد.
انهم في دعوتهم المرآئية للتظاهر تأييداً لموقف المرجعية الدينية يهدفون, في حقيقة الامر, الى كسر التظاهرات الشعبية بعد ان فشلوا في تشويهها, وحرفها عن مسارها السلمي بعد دسهم لأزلامهم للاعتداء على القوى الامنية والمؤسسات الحكومية وتلبيس التهمة للمتظاهرين السلميين. او رفع شعارات عدمية تنسف العملية الديمقراطية كاملة.
الهتاف الاول الذي اطلقه متظاهرو 2010 ثم شباط 2011 في ساحات التحرير في ارجاء البلاد وبعدهم متظاهرو 2015 تحول في تموز 2018 الى صرخة غضب مدوية ارعبت طغمة الفساد التي تتخبط بأجراءات عقيمة, لأنقاذ نفسها, صادرة عن حكومة عنينة لم تقدم شيئاً للعراقيين لأكثر من عقد ونصف من السنين فكيف بها ستحل مشاكلهم بقرارات ترقيعية هزيلة, في فترة وجيزة من عمرها الآفل ؟


118
حكومة الصدر الأبوية و" تحالفات الباطن " !
احسان جواد كاظم
بعد الفوز الصادم ل " تحالف سائرون " ذو التوجهات المدنية المناهضة لنهج المحاصصة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة واحرازه المركز الاول بعدد المقاعد البرلمانية ( 54 مقعداً ) بفضل الدعم الشعبي الواسع له, رغم العقبات الكأداء التي وضعت في طريقه, وما اسفرت عنها هذه الانتخابات من ازاحة ما يقارب سبعين شخصاً من رموز المحاصصة والفساد في التشكيلة الحاكمة.
 وبعد دعوات السيد مقتدى الصدر لتشكيل " حكومة ابوية ", تهافتت قوى وتحالفات سياسية للائتلاف مع " تحالف سائرون " الذي يدعمه, بهدف تشكيل حكومة اكثرية نيابية, وكان اكثرهذه التحالفات بروزاً, " تحالف الفتح " الذي يقوده السيد هادي العامري الفائز الثاني في الانتخابات ( 47 مقعد برلماني ), والذي تكلل لقاءه بالسيد مقتدى الصدر في منطقة " الحنّانة " بالكوفة, بأعلان تحالف يجمعهما.
 يبدو الاتفاق مع " تحالف الفتح " مبهماً بقدر ما كان مفاجئاً, فهو تشكيل بدون برنامج او على الاقل جرى ابقاءه في طي الغيب, لأسباب غير معروفة وغير مبررة. فللمواطنين الحق في معرفة بنوده لأنه يتعلق بحياتهم ومستقبلهم, ومن هنا مصدر الارتياب الاساسي الذي يسود في الاوساط الشعبية.
الحس الشعبي يتوجس خطراً داهماً من هذه التحالفات المفتقدة للشفافية... فقد تكون محاولة استغلال لضبابية مفهوم " الحكومة الأبوية " الذي لا يتطابق مع الفهم الديمقراطي للحكومة بأعتبارها خادمة للمواطن وليست راعية له.
 أو مقدمة التفاف على الفوز المحرز بسحب البساط من تحت " تحالف سائرون " وتهشيم نصره ووقف عملية التغيير, لتبقى الامور على ما هي عليه الآن من محاصصة ونهب...
ولهذه المخاوف ما يبررها على ضوء ما يُدبر سواءاً تحت قبة مجلس النواب او خارجها من مؤامرات, فأننا نشهد ايضاً تحركات مثيرة للشبهات تتمثل بتقاطرالعديد من الوجوه التي اسقطها الشعب في هذه الانتخابات مع مرشحي احزابهم الفائزين للانضواء" بالباطن " في اطار " تحالف الفتح ".
 قد يكون الامر مشروعاً في اطار لعبة التحالفات السياسية, لكنه يوجب التنبيه لما يشكله من تهديد لعملية الاصلاح والتغيير المنشودة. فهو سيعيد ترتيب سلم التحالفات الفائزة على حساب " تحالف سائرون " واختلال موازين القوى لصالح " الفتح وحلفاءه الجدد " لزيادة عديد مقاعده البرلمانية, مما يتيح للسيد العامري تجاوز اتفاق الحنّانة, غير المريح... وليتفرد بدور المقرر في اية كتلة برلمانية قادمة, ويشرع من ثمة في تشكيل حكومة على مقاسهم, تعود بنا الى المربع المحاصصي الاول.
ليصحو السيد الصدر يوماً, فلا يجد لا مشروع " حكومته الأبوية " ولا  برنامج " تحالف سائرون " الاصلاحي الذي اختاره المواطن وعلّا سعوده, وقد فقد سلطة القرار في الكتلة البرلمانية الاكبر, ولتفرض عليه شروط صعبة.
ان قوى المحاصصة التي قست على العراقيين طوال عقد ونصف من حكمها لايمكن ان تشكل حكومة رحيمة ابوية لخدمتهم !!!
لذا فأن ما من اجراء يطمن, نسبياً, مخاوف العراقيين من امكانيات الانقلاب على اتفاق الحنّانة الثنائي, أقل من وجود برنامج واضح مكتوب موثق معلن, يُلزم جميع اطراف الاتفاق على احترامه.

* تعبير " تحالفات الباطن " مستنبط من مصطلح مقاولات الباطن اي الثانوية المتعارف عليه في اوساط رجال الاعمال.


119
الانقلاب المقتدائي والحرب الاهلية
احسان جواد كاظم
جاء اعلان تحالف السيد مقتدى الصدر راعي " تحالف سائرون " مع " تحالف الفتح " الطائفي, بمثابة انقلاب مبدأي على كل ما اتفق عليه الصدر مع الناشطين المدنيين, مما ولّد امتعاضاً شديداً, طال شرائح واسعة من المواطنين العراقيين, ناهيك عن دعاة المدنية, الذين كانوا قد عوّلوا على تحالفهم في سائرون بأحداث تغيير ما, وبدد الاماني التي عقدوها عليه بنبذ الطائفية ومحاربة الفساد وعقاب الفاسدين والخروج من نهج المحاصصة النهبوي والعبور الى ارض الوطنية الصلبة ودولة المواطنة والقانون.
هذا الانقلاب المباغت على مواقف السيد مقتدى الصدر ذاته والتيار الصدري المعلنة منذ ما يقارب سنتين يعتبر نكوصاً صارخاً  عن توجهاتهم الجديدة, وقضماً لمصداقية التيار الذي بالكاد استطاع ان يخرج من نير تجاوزات جيش المهدي التي ادانها السيد الصدر وحل على اثرها هذه الميليشيا التي لا يتذكرها العراقيون جميعاً بخير كما غيرها من ميليشيات.
التبرير الاساسي الذي اعلن عن سبب عقد هذا التحالف مع " فتح هادي العامري " والذي يمكن ان تلتحق به قوى كان الصدر نفسه لايطيقها, كان " درأً تهديد حرب اهلية " قد تندلع بين فينة واخرى.
وبينما لايمكن ان " يُعبد الله من حيث يُعصى " من حيث أن هذه الاطراف المتجمعة كانت وسياساتها سبباً للحروب الاهلية السابقة وكانوا ابطالها...
قد تكون هذه طريقة السيد مقتدى الصدر في لجم هذه القوى واحتواء الحرب الاهلية المرتقبة, وهو امر يعنيه ويخضع لحساباته, ولكن ماذا عن حرب الفاسدين الأهلية المستمرة منذ 2003 وحتى هذه اللحظة ضد المواطن العراقي بسبب غياب الدولة وتراجع هيبتها وتسلط الفاسدين وميليشياتهم عليه واهدار كرامته ؟ من له بعد التراجع عن " برنامج الأمل " برنامج تحالف سائرون ؟
 ويقف انفصاليو كردستان ومزورو انتخاباتها في الدور للدخول الى خيمة هذا التحالف الابوية, لاستلام حصتهم, كما نشهد, بنفس الوقت, تسرب شخصيات واطراف مجرّبة لفظها العراقيون في الانتخابات الاخيرة الى التحالفات الفائزة. فالأمر بالتأكيد عودة الى التحاصص وتقسيم الكعكة, كما يمكن ان يستقرأه كل متابع.
ويبقى العراقي البسيط هو من دفع ويدفع فاتورة حروب الظلمة والفاسدين منذ عقود طويلة دماً وعوزاً وخوف !
قد يكون الفيصل في توضيح مواقف السيد مقتدى الصدر الحقيقية, هي طريقة تشكيل الحكومة القادمة. هل ستتشكل على الاساس الطائفي التحاصصي المقيت السابق ام على اساس ما وعد به جماهير تياره من الكادحين الفقراء وجموع العراقيين بحسب مباديء " تحالف سائرون " ؟ !
وبعدها للعراقيين القول الفصل !

120
العراقي انتخب... العراق انتحب !
احسان جواد كاظم
رغم ما افرزته الانتخابات العراقية الاخيرة في آيار الماضي من نتائج تبشر بالخير من حيث انها جلبت بقائمة انتخابية ذات تطلعات مدنية ديمقراطية " تحالف سائرون " , قد تتوفر لها امكانية تشكيل حكومة عابرة للطوائف والقوميات بآفاق مدنية, تسعى الى بناء دولة المواطنة على انقاض نهج المحاصصة الطائفية - العرقية و دولة المكونات الزائفة.
 لكن غبار ركضة الانتخابات لم ينقشع بعد, لاسيما بعد اقصاء المفوضية العليا للانتخابات  قبل ان تبت بالنتائج النهائية بسبب أعتراضات جدية من جهات خاسرة, بعضها صائبة وخاصة في الرمادي وكردستان حيث جرت عمليات تزوير واسعة لصالح احزاب وشخصيات فاسدة مستهترة بخيارات المواطنين.
وقد اظهرت النتائج الانتخابية ان المواطن العراقي لم ينضج كفاية للقيام بتغيير مؤثر لصالحه رغم ما شهده من مآسي ومعاناة تحت سلطة الاحزاب الدينية والعرقية طوال سنين عديدة... فقسم من المصوتين اعادوا انتخاب سارقيهم ومعذبيهم لأسباب ولائية طائفية, وهم في الغالب من المستفيدين من غياب سلطة الدولة والقانون او من المنتفعين من التعيينات العشوائية في اجهزة الدولة على اساس حزبي ومحاصصاتي.
 اما القسم الآخر فهم المقاطعون, من الساخطين لأسباب مبررة لكن بمخرجات يائسة, لاترى جدوى من المشاركة بالانتخابات بدعوى استحالة حصول  تغيير وهم في الغالب ممن لم يطرحوا برنامجاً بديلاً, عن المشاركة بالانتخابات, لأنقاذ البلاد ومواطنيها من براثن العابثين بأمنها وسلامتها ووحدتها من المتحاصصين.
 وقد اثبتت الوقائع عقم سلوك المقاطعة من اجل المقاطعة في هز شعرة في رؤوس الفاسدين ولحاهم, لأن جمهورهم كان سيصوت لصالحهم في كل الاحوال.
 لا بل ادى هذا السلوك الى تقديم خدمة مجانية لهم, بتعطيل قوة تصويتية رافضة, كان يمكن ان تحد من دورهم السياسي المقرر في القرار السياسي العراقي وترسم واقعاً واعداً للتغيير بوتائر اسرع, ولذلك ظهرت نتائج الانتخابات على ما هي عليه مع حصول تغيير نسبي بالأتجاه الصحيح, مع بقاء عملية الصراع مفتوحة ومشرعة الابواب على احتمالات متعددة, ليس اولها انقلابهم على مفوضيتهم الحزبية التي فشلت في ادارة العملية الانتخابية لصالحهم والسعي لأدانة ممثليهم فيها, وليس آخرها محاولتهم اعادة ترتيب اللعبة الانتخابية بأستخدام العد اليدوي واللجوء الى القضاة, الذين رفضوهم سابقاً, للخروج من مأزق الفشل وتساقط قيادات مؤثرة منهم, دون انتظار قرار المحكمة العليا في الافتاء الدستوري الحاسم بهذا الشأن.
اطالة أمد بقاء من تساقطوا من قياداتهم في مراكز القرار, بالقفز على التوقيتات الدستورية, من خلال حكومة تصريف اعمال وغيرها من التفافات اجرائية وقانونية, سيعطيهم الوقت الكافي والفرصة لترتيب اوضاعهم من جديد بعد ان صُدموا بالنتائج الانتخابية التي كانوا متيقنين من الفوز فيها, بعد ان هيأوا لها كل امكانياتهم الشرعية وغير الشرعية, ولكنهم سقطوا في الامتحان بجدارة.
تمديدهم أمد الازمة السياسية الناجمة عن الانتخابات ستعني المزيد من التداعيات السلبية للعراق وللعراقيين, وقد فقهناهم وهم أهل لها ! 



121
الصوم عن الكهرباء... فضيلة !
احسان جواد كاظم

من منطلق " الثواب على قدر المشقة "  آثرت وزارة الكهرباء تقنين تزويد الكهرباء للمواطنين وخصوصاً في المناطق الشعبية المكتظة بالسكان بمناسبة قدوم شهر رمضان الفضيل.
 هذا الامر ليس منفصلاً عن النظرة الاستراتيجية لوزير الكهرباء, المتأرجحة بين خصخصة الكهرباء لشركات المتنفذين وحصحصة اصحاب المولدات الأهلية حزبياً, والذي أعيد انتخابه قبل ايام بنجاح... ف " من يحبه الله يبتليه ", لأكمال رسالة التعذيب الكهربائي  لخير الصائمين وآخرتهم.
  فبأنقطاع الكهرباء يكون قد قدم لهم خدمة جليلة اخرى غير كرم المشقة... فقد جنبهم مشاهدة برامج الطبخ المملة وحزازير رمضان التافهة والمسلسلات التاريخية المكرورة وبرامج الترفيه الساذجة التي تزخر بها فضائياتنا المختلفة, لكنه قطع الطريق على كل صائم مخادع, يرى بأن الصوم انسداح تحت نسائم السبلت الباردة انتظاراً لموعد الافطار, ليتبجح علينا بورعه ويمّن علينا بصيامه ويجمع حسنات مجانية, بالكوم دون مشقة, تؤهله لحجز مقعد مريح تحت سدرة المنتهى.
 فتهانينا للوزير بفوزه المظفر لدورة برلمانية جديدة قد تتوّجه وزيراً للكهرباء لأربع سنوات سمان قادمة من مقبلات السلطة, وسيل الحسنات التي ستنهال عليه لأعلاءه شأن الدين... وتبريكاتنا الحارة للصائمين, وخاصة ممن انتخبوه, الثواب المضاعف الذي سيسجل لهم في حسابهم يوم القيامة عن مكابدة, جموع المؤمنين, الصوم بغياب الكهرباء وشح المياه في هذا القيظ اللاهب.
لا بل آلت وزارة الكهرباء, وهذه حسنة اخرى تضاف الى سجل الوزير لأجل الصائم, على نفسها استمرار تدفق الكهرباء الى المنطقة الخضراء ومقرات احزاب السلطة وجوامع احزابها لتوفر الاجواء المنعشة للتخفيف عن اصحاب السلطة من عناء خدمتهم المضنية المتجردة للمواطن المبتلى والسهرعلى ضمان نيله اكثر ما يمكن من حسنات المشقة, ولكي تكون دعواتهم الخاشعة وصلواتهم القلبية لله من اجله, تحت تبريد الايركوندشنات المركزية مرطبّة بعبق التقوى وندى الخشوع.
 الأجواء مكهربة في ارجاء البلاد بسبب انقطاع الكهرباء وغياب الخدمات الاخرى... رمضان يجمعنا, بعد كل فطور, من اجل التغيير !

122
تغييب كهرمانة لدواعي انتخابية !
احسان جواد كاظم

في غمار التنافس الانتخابي بين المرشحين للانتخابات البرلمانية القادمة, بعد ايام قليلة, على ايجاد افضل المواقع لرفع صورهم الدعائية, ولغياب اية  ضوابط وقوانين تنظم هذه العملية تحول دون التجاوز على الممتلكات العامة والخاصة وشواهد البلاد التاريخية والعمرانية والثقافية, اختفى نصب كهرمانة والاربعين حرامي الذي كان شاخصاً في احدى اهم ساحات العاصمة بغداد وراء ركام من صور واعلانات المرشحين المثبتة بشكل عشوائي فوضوي شائه.
 وبينما يبدو امر اخفاء النصب ورمزيته عن اعين المواطنين غير مقصوداً, لكنه, رغم كل شيء, يحمل دلالات كبيرة... فالنصب المستمدة فكرته من احدى حكايات ليالي الف ليلة وليلة, يصور صب كهرمانة الزيت الحار على اللصوص المختبئين في جرارٍ كبيرة, مع ملاحظة ان اغلب المتجاوزين على النصب يمثلون احزاباً متنفذة في السلطة متهمة شعبياً بسرقة المال العام واثراء قادتها غير المشروع على حساب قوت المواطن.
لكن ما يعزز شبهات تعمد بعضها, على الاقل, في حجب كهرمانة وراء ستار دعاياتهم الانتخابية... هي ان هذه الاحزاب لم تبد يوماً, اثناء فترة حكمها التي استمرت 15 عاماً, اهتماماً بالثقافة عموماً ولا بجمالية مدن البلاد ولم تشغل نفسها في الحفاظ على الشواهد التاريخية والحضارية فيها, لأنها غريبة على الذوق الراقي والثقافة, بل معادية لهما. لذلك لم يكن مستغرباً اهمالها لوجود النصب وجماليته ومنع التجاوز عليه وربما تكشف الايام عن تعرضه للتخريب.
فوضى الدعايات الانتخابية وطريقة توزيعها ومبالغة البعض بأحجامها التي تجاوزت على فضاءات المكان, كشفت عن مستوى متدنٍ من الوعي الثقافي لهذه القوى وبكونها غير قادرة على القيام بحملة دعائية انتخابية بوجه حضارى, لا شكلاً ولا مضموناً من خلال بعض الشعارات والتعريفات الهزيلة بشخوص مرشحيها التي ذيلت صورهم.
 لقد عكست ممارساتها الدعائية المشوهة والمشوشة جوهر نهجها الفكري والسياسي في اللا نظام والفلتان الممتد منذ 2003.
انها ارتكبت بذلك فساداً من نوع جديد, انه تكريس فساد اشاعة القبح بعد حرمان حواضرنا من الخدمات.
بعد كل هذا, هل يا ترى سيصب المواطن لظى نار سنوات معاناته وحرماناته من سياسة حرامية بغداد المعاصرين كما صبت كهرمانة الزيت الحار على حرامية بغداد السابقين ؟ 

123
تصفير غفلتنا السابقة لأستغفال قادم !
احسان جواد كاظم

كل يوم يخرج علينا من خلال الشاشة الملونة قائداً سياسياً من النوع الناهي عن المنكر, من احزاب الغفلة الحاكمة يتحدث الينا برصانة فقيه متبحر, ليلعن المحاصصة الطائفية ويمقتها وليتبرأ من الذي اوجدها, ومن كل ما ادت اليه من مصائب لشعبنا, الى يوم الدين.
 ثم يجود علينا بنصيحة ذهبية بوزن جمل, ليبهرنا بألمعيتها... فهي لم تخطر على بالنا المتبلد, يوماً, ولا تنزل بعبقريتها وقيمتها الثمينة الارض, في هذا الوقت العصيب, وهي :- عدم انتخاب وجوه الفساد السابقة التي ادت الى هذا الخراب... واتخاذه قائداً واحداً أحد للأنقاذ.
المواطن العادي الذي يرى كل هذا العرض الكوميدي بكل تراجيديته, يبقى مشدوهاً, لمقدار الوقاحة التي يتحلى بها صاحب الرصانة ومن على شاكلته, الذين انقلبوا بين ليلة وضحاها على " البطانة " الى مصلحين جدد, يتسابقون على نجدتنا وانقاذنا من محنتنا التي دُخنا في معرفة مسببيها... من ( البعض ) و ( الآخرين ) في خطاب الشفافية الرسمي.
قد يختلف المواطن مع هذا الفقيه الحزبي في نسبية تقييم عمق سوداوية الوضع وقتامته إلاّ انه متفق بالمطلق مع نصيحته بعدم انتخاب من سبّب له هذه المصائب.
ادوات ووسائل استغفالنا الجديدة لا تقتصر على هذا الخطاب الاستخذائي اللين اتجاه المواطن, المتملق للشعب وبذل الوعود, فقد سبقها اتخاذ تسميات مدنية لأحزابهم الطائفية او زج شباب من قبيل تغيير الوجوه مع بقاء الموّجه المُستهلَك " من وراء حجاب " مع ترسانة منظومة تفكيره السالفة, بصلفها الطائفي.
 غير ذلك, ان هؤلاء الشباب, من ابناء الاخت والعم, المتخرجون من اكاديمية " تاج راسك " الفيسبوكية, يتحلون اضافة الى ضعف الخبرة السياسية...  الى طموح القفز الكنغرلي على سلم المجد المالي, ونيّل الحُسنيين معاً المال والسلطة, ضامنين لمعلميهم - تيجان رؤوسهم حسن المآب.
ولكي تستمر وليمة طهو " الخدعة " على نار هادئة مع علم الجميع انها لن تكون اطعم من مرقة حصى...
طرحوا خطاباً بالغ الثعبنة, عندما تحدثوا حديث " الأغلبية السياسية " الذي يشرح القلب, والمتناسب مع روح العصر وجوهر الديمقراطية بعيداً عن ( هرطقة الديمقراطية التوافقية المتهافتة ). لكن حديثهم يبقى كما محاولة إلباس شمطاء رمصاء حلّة حسناء غيداء, عندما ( نسوا ) وأبقوا على الجوهر الطائفي لأحزابهم, ليعودوا بنا الى الحالة الاولانية, بتوزيع الكعكة على اساس مكوناتي تحاصصي, وتشكيل حكومة مقبولية... مرفوضة شعبياً.
ولأننا ناس من اهل الله, على لاهيتنا, موجة تجيبنا وموجة تودينا, سريعو النسيان, يظنون اننا سنفرح بأغراءاتهم الانتخابية, بعد ان خنقتنا الظلمة وأخرسنا الظلم, لسنين. ولايدرون اننا لن نتكأ, بعد اليوم, على عصا كانت يوماً تجلدنا !
الخلاصة :
" لا يجب دائماً قلب الصفحة, احياناً ينبغي تمزيقها ". / مالك حداد




124
الدعاية الانتخابية المسبقة... فساد ما قبل الفوز !
احسان جواد كاظم

استبقت احزاب السلطة المتنفذة والاسلامية منها بالخصوص, موعد اطلاق الدعاية الانتخابية من قبل المفوضية العليا للانتخابات في 10 نيسان الجاري, لترفع بوسترات مرشحيها الدعائية للانتخابات البرلمانية  في ارجاء البلاد, بدون ارقامها الانتخابية وتسمياتها ( كأنها متفقة مقدماً ), في تحايل واضح على قانون الانتخابات, المُعد من قبلها ولصالحها.
ففي حقيقة الامر, ان هذه القوائم المتنفذة , ليست بحاجة للجوء الى هذا الاسلوب الرخيص في التحايل الانتخابي. فهي  صاغت قانون انتخابي جائر, مفصل على قياسها وشكلت مفوضية من ممثليها, وتجاهلت قانون الاحزاب الذي ينص على الكشف عن مواردها المالية ومصادرها, ثم تجاوزت على القانون الانتخابي الذي حدد سقفاً للاموال الموظفة في الدعاية الانتخابية, ببذخ اسطوري على حملات مرشحيها ( في ظل صمت السلطات القضائية والتنفيذية عن هذه الخروقات ), اضافة الى تسخيرها لدوائر ومؤسسات حكومية لصالحها افراداً وامكانيات. ثم حيازتها لمال سياسي كبير, جنته من صفقات الفساد وسرقة المال العام وتهريب ثروات العراقيين, يمكنّها من شراء الذمم وارشاء ذوي النفوس الضعيفة, هذا غير الدعم المادي والسياسي من اطراف اقليمية ودولية تتبع لها وتمثل اجنداتها...
انها ببساطة كالمتسابق في مسابقة جري, الذي انطلق قبل اطلاق اشارة البدء, على حساب زملاءه.
لقد خرقت قانون الماراثون الانتخابي الذي يُلزم بتكافؤ الفرص لكل المشاركين بغض النظر عن حجوم هذه القوائم.
 لذا فأن الدعايات الانتخابية السابقة لأوانها والتي تحمل بالاساس صور زعامات احزاب اسلامية وميليشيات, تشكل عملية فساد علنية مفضوحة, وهي تعبير عن الأثرة الانانية وروح البلطجة السياسية التي تتملك هذه القوى والمستندة على ثقة داخلية بأنها فوق القانون وان ما يجوز لها لا يجوز لغيرها... فلا تتجرأ قوائم صغيرة على القيام بهذا الخرق القانوني والا تعرضت للمسائلة القانونية الحازمة.
 كما ان استباق الموعد الرسمي لأنطلاق حملة الدعاية الانتخابية, هو سرقة للوقت الانتخابي باعتباره حقاً عاماً, يُتاح خلاله للمواطن فرصة المفاضلة والترجيح الاخيرة بين المرشحين لأختيار الافضل, وكذلك مصادرة لحقوق مرشحي القوائم الانتخابية الأخرى في وقت متساوي للمنافسة الشريفة, وبهدف التأثير نفسياً على وعي المواطن وخيارات الناخب, بأبقاء اشكال وجوههم, كبضاعة جاهزة والمعروفة من تمثل, عالقة في عقل المواطن الباطن حتى يوم الانتخابات.
انها احدى وسائل التأثير على الناخب والاحتيال عليه, لأستلال صوته ان لم تنجح محاولات التزوير والتلاعب التي اتقنوا فنونها في الانتخابات البرلمانية والبلدية السابقة.
ولايمكن تعليل سبب اللجوء الى هذا التحايل, الا بقصورعقلها السياسي الفاسد وفكرها الهزيل القائم على نزعة التسلط وطمع المال وازدراء المواطن, اولاً, ثم الخشية من اصوات الاحتجاج الشعبي المتصاعدة الرافضة لها ولسياساتها المقترنة بصعود قوى جديدة تحاول ان تكون بديلاً لها.
لا احد يعرف مدى جدية تهديد المفوضية لهم برفع دعاياتهم الانتخابية, بغضون ايام, وما هي اجراءاتها العملية بالضبط ؟ وهل ستكون لها الجرأة والقدرة على انفاذ ارادتها بحرمان القوائم التي تخرق القانون الانتخابي من المشاركة في الانتخابات, بينما الكاسرون لهيبتها هم اربابها المؤسسون, ام ستكتفي بغرامات مالية هزيلة مضحكة لذر الرماد في العيون ؟
ان هذا العمل الدنيء يعطي سبباً آخرا,ً اضافة الى فشلهم وفسادهم طوال السنين الماضية لمعاقبتهم ومقاطعتهم انتخابياً, بالتصويت لمن احترم الدستور والقانون ولوائح المفوضية العليا للانتخابات والتزم بآليات الصراع الانتخابي المتكافئة من القوائم البديلة غير المتورطة في الفساد.


125
هل من لمسات مافيوزية في الانتخابات البرلمانية ؟
احسان جواد كاظم

ملف تجارة المخدرات في العراق اصبح له حضوره الفاعل في الواقع العراقي انتشاراً وتعاطياً, وقد اكتسب مستوىً عالياً من الخطورة بمساعي استثماره في الصراع السياسي وتوظيف موارده في التمويل الانتخابي لصالح احزاب الطائفية السياسية الحاكمة, كما تشير بذلك المعطيات.
لقد حملت حادثة كبس جهاز مكافحة المخدرات على ملايين الحبوب المخدرة في احدى موانيء البلاد البحرية, ثم ما تبعها من احباط تهريب شحنة اخرى من المخدرات في مطار بغداد الدولي, معانٍ خطيرة... فقد اشرت الى شعور عالٍ بالأمان والثقة لدى المهربين حد تجرؤهم على جلب هذه الكميات الهائلة ( قدرت بعشرات الملايين من الحبوب المخدرة ) ومن خلال منافذ الدولة الحدودية وبوثائق شحن واستيراد رسمية وليس تهريباً من وراء ظهر سلطات الرقابة الكمركية واجهزة مكافحة المخدرات, مما يعني وقوف جهات سياسية متنفذة وراءهم لتحميهم.
ثم جاء التصريح الأخير للقيادي في دولة القانون النائب عن حزب الدعوة الاسلامية الحاكم السيد صادق اللبان الذي اتهم به, صراحة, مسؤولين تابعين لأحدى الحكومات المحلية المجاورة لمدينة النجف, وهم اسلاميين بالضرورة, والاجهزة الامنية المؤتمرة لها بالتدخل لاطلاق سراح احد تجار المخدرات الخطرين في المحافظة, ليؤكد وجود علاقة لقوى متنفذة بعمليات ادخال منظمة للمخدرات الى البلاد.
لم يذكر السيد اللبان كما جرت عادة الساسة العراقيين عندما يتصدون لأمر خطير يتعلق بحياة وصحة العراقيين, اسماء الاشخاص المتورطين, ولم يحدد الجهة المسؤولة عنهم. لهذا بقي الامر معوّماً.
 ورغم وجود قوانين حازمة لمكافحة المخدرات, الا ان الوجهة العامة للقوى الاسلامية المهيمنة على السلطة, هو في تقنين تنفيذها, والتغاضي عن ادخال المخدرات والمتاجرة فيها, لعدم وجود نص شرعي بتحريم تعاطيها, على خلاف تشددها مع استيراد الكحول وتناوله بسبب ما نصح به القرآن في احدى آياته "... فأجتنبوه ! ". لاسيما وان الأفيون " الترياق " يأتينا, بالاساس, من جمهورية ايران الاسلامية التي تربطنا بها وشائج  تاريخية وعقائدية وجوار جغرافي والى ما غير ذلك من مصالح واجندات مشتركة بين حكام البلدين.
ولا يمر يوم الا ويتم الاعلان في وسائل الاعلام عن اعتقال افراد ايرانيين يعبرون الحدود, بحوزتهم مواداً مخدرة متنوعة, لو جمعت كمياتها لأصبحت رقماً مرعباً, بعدما حولوا زيارة مراقد الأئمة ستاراً مقدساً لتمرير عمليات تهريب مأمونة لممنوعاتهم الى العراق,  ولا يبدو هناك تصدياً رادعاً لهذه الظاهرة الخطيرة بسبب استمرارها.
  كما ان تحول العراق بعد 2003 من ممر آمن لتجارة المخدرات الى مكان لأنتاجها واستهلاكها, يشكل تحولاً خطيراً.
 فقد اشار رئيس اللجنة الامنية في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي في احدى تصريحاته الى تورط جهات ميليشياوية بزراعتها في مناطق تخضع لحمايتها في محافظة الديوانية بالتحديد لتمويل احزابها.
مستوردو هذه السموم ومنتجوها زراعة او في المختبرات الكيمياوية, لايمكن الا وصمهم بمنزوعي الوطنية والانسانية بسعيهم للكسب السريع ولتسليح ميليشياتهم على حساب صحة المواطن العراقي وأمنه, ولا احسب ان رميهم بنعت " منزوعي الوطنية " سيهز مشاعرهم او سيشكل لهم امراً مهيناً, وهم يتشابهون من حيث الاهداف مع عصابات طالبان والقاعدة وداعش في اخضاع المجتمعات لشرائعهم.
لابد من جانب آخر, الاشادة بالجهود المضنية التي تقوم بها اجهزة مكافحة المخدرات على صعيد اجهاض عمليات التهريب وكشف شبكات عصابات المتاجرة بها وتقديم افرادها الى القضاء, رغم اصطدام هذه المساعي بتعويقات جهات سياسية متعاملة مع المافيات, تقف معرقلاً لكل هذه الجهود, بفردها جناح الحماية على قادة هذه العصابات.
لا ارى من ضرورة للتذكير بمضار المخدرات الصحية والاجتماعية على حياة الفرد والمجتمع والتي تجعل من المواطن كائناً هامشياً فاقداً لأرادته, فهي معروفة, ولكنني اود ان اشير الى ان بعض سياسيينا قد اضافوا ضرراً جديداً لها وهو توظيف مواردها في العمل السياسي لأضفاء لمسات مافيوزية على الخارطة السياسية في البلاد برسمها بألوانهم المعتمة.
ونحن على ابواب اطلاق الحملة الانتخابية , يتوجب على كل القوى الخيرة سد الطريق على كل من يتعامل مع مافيات المخدرات ويستخدم موارد تجارتها في الكسب الدعائي والترويج الانتخابي لصالح مرشحيه وكتلته, وكشفه.
 مع تضمين برامجها الانتخابية حلولاً عملية لمكافحة هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة.

http://aliraqnet.net/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%81%D8%B4%D9%8A-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D8%AF%D8%B1/

126
في العراق - التكفير والتخوين يمضيان معاً كتفاً بكتف !
احسان جواد كاظم
الظاهرة الصحية الجديدة التي تتشكل في الواقع السياسي العراقي, على هامش التحضيرات الجارية للانتخابات البرلمانية في آيار القادم, المتمثلة ببروز توجهات ونوازع لكسر قيود الاطر الفرعية الفئوية التي قامت عليها المحاصصة الطائفية - العرقية والتي كبلت البلاد على مدى اربعة عشر عاماً عجاف, اربكت اصحاب مشاريع الطائفية السياسية والعصبوية القومية.
 واخذت هذه الظاهرة تحوز, يوماً بعد يوم على الترحيب الشعبي حيث بدأت تشق طريقها لتؤسس لثقافة جديدة قوامها تقبل الآخر ودفع القوى السياسية للبحث عن مشتركات برنامجية من اجل اعادة بناء دولة القانون والمجتمع المدني .
تحالف سائرون بين الشيوعيين وقوى ليبرالية ومدنية اخرى مع الصدريين ممثلين بحزب الاستقامة, شكّل اختراقاً جريئاً للتفكيرالتقليدي الذي لايتصور امكانية التقاء طرفين ايديولوجيين يُفترض بهما ان يكونا متناقضين على برنامج خدمة وطنية مشترك لعموم الشعب على اساس وطني ديمقراطي.
كما ان سعي قوى ومواطنين كرد للترشيح في قوائم مختلطة أثنياً غير قوائم الاحزاب القومية المتنفذة فتحت بدورها كوة في جدار الانعزال القومي الذي دأبت على اعلاءه احزاب التعصب القومي ودعاة الانفصال المتنفذة في اقليم كردستان العراق.
ربما كان من ابرز تجليات هذا التحول هو ترشح النائبة الحالية عن الاتحاد الوطني الكردستاني " آلا الطالباني " مع كيان انتخابي عربي لخوض الانتخابات القادمة وكذلك اعلان النائبة عن حركة التغيير " سروة عبد الواحدة " عن ترشحها ضمن قائمة رئيس الوزراء " قائمة النصر " ثم انسحابها منها لأسباب بعيدة عن الاعتبارات القومية, يعبر عن توصل السيدتين الى قناعة بضيق الوعاء القديم وضرورة التحرر من ربقته في خضم بحثهما عن خدمة وتمثيل افضل لشعبهما وقوميتهما....
 وعلى نفس هذا المسار تتوجه قوى سياسية اخرى مثل " التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة - برهم صالح " و " حزب الجيل الجديد - شاسوار عبد الواحد ".
لقد اثارت هذه الأختراقات على روّادها ردود افعال غاضبة حادة من قبل اعداء التغيير من الفاسدين, ليس اقلها التكفير للشيوعيين والخيانة للساعين للتغيير من الكرد.
 وبينما ووجهت دعوات امام قناة " آفاق " الشيخ عامر الكفيشي التكفيرية ضد الشيوعيين والعلمانيين, بردود فعل رافضة ومطالبات بمحاكمته, فأن اتهامات الخيانة القومية  ضد شخصيات ومنظمات كردية لم يمتثلوا لنزوات انعزاليي الاقليم, بقيت بدون ردع مناسب يتناسب مع عظم التهمة التي لا تقل خطورة عن تكفيريات الكفيشي.
 ولأن مثقفو الاقليم يعيشون هاجس الخوف من القمع والاتهام المجاني بالخيانة القومية, كان على المثقفين والشخصيات الوطنية ومنظمات مجتمع مدني من خارج الاقليم والتي هي في مأمن من اضطهاد سلطات الاقليم الامنية, ان تنهض بمهمة التضامن والدفاع عن كل من يتعرض للتهديد بسبب مواقفه المناهضة للانعزال والكره القومي.
يمكن ارجاع هذا التهاون, حسب اعتقادي الى ثلاثة اسباب:
 الاول : ان نواب البرلمان العراقي والبعض من الناشطين في المجال الثقافي خارج الاقليم يرون في تخوين زملائهم شأناً داخلياً يخص الاقليم. لاسيما وان مثقفو الاقليم واعلامييه آثروا, في فترة سابقة, الانعزال عن باقي المثقفين العراقيين بدعوى خصوصية السمات القومية او استقلالية الكيان الاداري عن اطراف العراق الاخرى.
 ثانياً : ان البعض الآخر من هؤلاء المثقفين, كما يُنقل, يستلمون اموالاً من احزاب الاقليم المتنفذة الغنية لتشتري سكوتهم وتضمن تأييدهم ( على شاكلة مثقفي كوبانات نفط النظام البائد ).
 وثالثاً : القسم الآخر, هم مثقفو احزاب الاسلام السياسي في المركز الذين لا يودون التدخل, لما لسلطات الاقليم عليهم وعلى قياداتهم من ملفات فساد تدينهم فيما لو احتجوا انتصاراً للكرد المنتفضين على سلطة القمع الفكري في الاقليم.
اما الآن وبعد فشل مساعي عزل الشعب الكردي وفعالياته السياسية عن محيطها الوطني, فأن التضامن المتبادل بين قوى التغيير في اقليم كردستان كما اطراف العراق الاخرى, اصبح واجباً وضرورة ملحة للجم كل دعوات التكفير والتخوين ومقاضاة مطلقيها بأعتبارها جرائم ضد حرية الرأي والمعتقد, وبث للكراهية والتعصب وخرق للدستور والقانون.


127
المنبر الحر / غوبلز معمم !
« في: 21:07 07/03/2018  »
  غوبلز معمم !
احسان جواد كاظم
خطاب الكراهية هو ما يجمع جوزيف غوبلز وزير دعاية هتلر الذي كان يتحسس مسدسه عندما يسمع كلمة " ثقافة ", بالشيخ عامر الكفيشي, مفخرة فضائية  حزب الدعوة الاسلامية التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي " آفاق " الذي يظهر في برنامج اسبوعي, والذي لا يتمنطق بمسدس كما غوبلز, لكنه يتحسس عمامته فزعاً عندما يسمع كلمة " علمانية " او " شيوعية ".
ولأن الأعلام المُلائي التابع لأحزاب القهقرى لايستطيع ان يخرج من جلده التكفيري الاقصائي, والشيخ الكفيشي ابن بار لهذا الفكر ويمشي على هُديّه.
فإن أفّاق " آفاق " الذي كانت تغلي بداخله الكراهية, اطلقها بصفراوية مقيتة, في حلقة برنامجه الاخيرة, وحث على تكفير وقتل المدنيين والعلمانيين والشيوعيين ببرود دم داعشي بعد ان هوّن من جرائم دولة داعش الموؤدة... في اهانة وقحة للدستور الذي اقر حرية الاعتقاد والفكر, وللقانون الذي سمح بتشكيل أطرهم السياسية والجماهيرية.
واصبح العراقيون يرونه واتباعه في مرآة الزمن انعكاساً لأولئك الدواعش بتجسدات سياسية.
ما من حجج مقنعة يسوقها في برنامجه لنقض موضوعة الدولة المدنية الديمقراطية بل مجرد جولات ذم وقدح, للعلمانيين بكل تنويعاتهم ( حسب تصنيف الاسلاميين البدائي لهم, بأنهم كل من لا يصلي ولا يصوم ولا يلطم ), ولوي للحقائق بتحويل الابيض أسوداً والشهلاء عمشاءً, وبأسلوب نياديرتالي, وعلى طريقة - وعيّر قساً بالفهاهة باقل ", حد ان المرأ العاقل لايشتري ما يقوله بفلس أكله الصدأ.
كأن الشيخ يحاول ان يثبت لنا بالبراهين وبالوقائع, من خلال محاضراته المحملة بوحشية الخطاب الطائفي اللاوطني, بفداحة اشتغال رجال الدين بالسياسة او استغلال الدين كمطية للوثوب الى السلطة وكسب مغانمها. رغم اننا كنا اول الناس تحذيراً من عواقب ما يحاول ان يقنعنا به... فمصائبهم, بشحمها ولحمها, تمشي على الارض ودخلت في كل بيت عراقي من الباب ومن الشباك ولم تعد بحاجة الى اثبات او دليل, ويشهد لهم المواطن عليها.
واقتداءاً بالشعار الغوبلزي الشهير: " اكذب... اكذب حتى يصدقك الناس "  اخذ يسوق علينا في محاضراته كذبة سيطرة المدنيين على اجهزة الدولة مع تحميلهم الفساد المستشري, ناكراً اسلمتها, لتتهافت اكاذيبه بالقطعة, لكي تنهار بالجملة عند محاججته بالعقل.
فقد خانته لوذعيته اكثر من مرة... خذلته هذه المرة, عندما تناسى بأن محاصصتهم الطائفية - العرقية جعلت من الوزارات الحكومية اقطاعيات مغلقة للاحزاب الحاكمة, كما ايام البعث البائد, كل حزب منهم بما غنمه من السحت الحرام, فرحون. وليس من تأثير لأي علماني في توجهاتها او سياساتها... وتدخله في امر ما, قد يكلفه كثيراً ليس اقلها حياته.
  كما لم يؤشر لنا غوبلزنا الرث على موظف علماني حقيقي واحد, قد تحول  الى مليارديراً كما رؤسائه من الاسلاميين في القناة التي يبث منها بهتانه, خلال فترة قصيرة من وجودهم على سدة الحكم.
لا بل ان هؤلاء المدنيون او العلمانيون, ان وجدوا, عجزوا عن تمرير قانوناً مدنياً واحداً يرفع ربقة الظلامية السائدة عن كواهل مواطنيهم.
 وان كان هناك من قانون له لمسة مدنية لخدمة المواطن, فأنه معطل. فقد جرى تجميد حزمة واسعة من البنود الدستورية التي كان يجب ان تُنظم بقانون, او ايقاف العمل بقانون الخدمة المدنية لأهداف استمرارهم بالتعيين على اساس حزبي مصلحي وليس على اساس الكفاءة وتكافؤ الفرص لكل المواطنين.
وكم من قانون قد شُرع ثم عُطل لدواعي فزع مافيوي او فوبيا حرية, مثل قانون حماية الصحفيين وحرية الاستقصاء الصحفي وابداء الرأي, حد ان عبارة " الطهي على نار هادئة " اصبحت قرينة قانونية, كانت سبباً لرمي أحد النشطاء المدنيين في السجن لانتقاده احدى المؤسسات الحكومية بهذه العبارة.
 بينما دأبوا على محاولات سن تشريعات بصبغة دينية : مثل نكاح القاصرات, او لتضييق الحريات العامة او لجعل قانون الاحوال الشخصية خاضعاً لأمزجة شيوخ شريعة يقضون في الناس بشرائع الفترة المظلمة, كمقدمة لفرض دولة الفقيه.
 او لتشريع قانون للاحوال المدنية يصادر حقوق مواطنينا من معتنقي اديان ومذاهب عريقة عراقة بلاد ما بين النهرين كالكلدان والسريان والآشوريين والصابئة المندائيين والايزيديين... ومحاولة الغائهم وجودياً.
والتي أُوقف تمريرها, بفضل الضغط الشعبي العام وبدأب متظاهرين مدنيين وعلمانيين وشيوعيين ومواطنين آخرين في ساحات الاحتجاج, وعاملين في منظمات المجتمع المدني ليسوا من منتسبي اجهزة الدولة.
  يظن الشيخ بأنه بما يطرحه من افتراءات, سيُدفن بالحسنات آخروياً وبالامتيازات الحزبية دنيوياً, منتشياً بنشوة التحريم والقتل, رغم ان ما يأتي بها من تهريجات اعلانية على قناته الفضائية, لاترقى لأكثر من وصفه بمرّوج اشاعات, لم تعد تنفذ على وعي العراقي الذي ادرك ضرورة مقاطعة الفاسدين والمروجين لهم, كما لو كانوا بضاعة اسرائيلية.




128
النائب عباس البياتي ليس استثناءاً !

احسان جواد كاظم
الضجة المثارة حول هفوة التحدي التي أطلقها القيادي والنائب البرلماني البارز في الائتلاف الوطني العراقي الحاكم السيد عباس البياتي بوجه الآخرين, والتي اعتبرت تعريضاً بالمقدسات, مبالغ فيها.
 فهي مجرد زلة لسان غير مقصودة, ولا ينبغي تحميلها اكثر من حجمها, فهي بالأخير, ليست اولى شطحاته.
 فالسيد البياتي اراد, ببساطة, ان يستبق عملية الدعاية الانتخابية بتفضيل وتقديم هذه التحالفات الخمسة الرئيسية, الاسلامية بأغلبيتها على غيرها من تحالفات سياسية, كما هو ديدن الأسلاميين دائماً, لأرتباطه الروحي الحميمي بها, طيلة حياته السياسية ومايقارب الخمسة عشر عاماً من حكمها, بتشبيهه لها بأصحاب الكساء الخمسة بما لهم من قدسية وهم " فاطمة وابيها وبعلها وبنيها ". وهو حديث شائع يتداولة الشيعة.
وهو لم يأت ببدعة تتلبسها الضلالة, ولم يكن الوحيد الذي فعل ذلك, فعملية توظيف الرمز الديني المقدس لدى بسطاء المؤمنين ليظفر المشتغلين بالدين على اكثر ما يمكن من منافع خاصة, قديمة قدم التاريخ.
فقد اعتادت احزاب الاسلام السياسي والشيعية منها بالخصوص على اضفاء القدسية على بعض شخوصها من قياداتها الحزبية او مرجعياتها وحتى على أسوأ برامجها السياسية وميليشياتها المسلحة لا بل انها في بحث دائم عن قبر مجهول او شجرة لتوصمها بالقداسة والانتفاع من بركاتها... ولطالما تشبّهت قيادات اسلامية او مسؤولين في الدولة بأنبياء او ملائكة وأئمة او ادعاء التقوى والصلاح.
 ألم يسبق السيد البياتي الى ذلك زميله في التحالف الحكومي ووزير الخارجية الحالي ابراهيم الجعفري عندما قال بأن حكومتهم " ملائكية " ؟!! مع ان مؤشرات غياب الأمان وتفاقم الفقر والجهل والفساد الاداري والمالي ونقص الخدمات عالية بشكل فاضح لاتحسدهم عليها حتى الصومال والسودان وافغانستان, تنزع عنها هذه الصفة... اضافة الى ما تطالها من اتهامات بالفساد ! 
وما عدا بعض اشارات التهكم على مواقع التواصل الاجتماعي, لم يرتفع اي صوت محتج على اعتباره لزملاءه في الحكومة ملائكة تسعى على الارض واعمالهم بالملائكية, رغم ما للملائكة من قدسية دينية, يُفترض ان يكونوا ارفع من زملاءه منزلة, بحكم قربهم من الخالق وكمالهم الروحي, فأصبح وزملاؤه بين ليلة وضحاها أقراناً لناقل الوحي جبرائيل.
ومن يمكن ان ينسى العنوان الدعائي الذي أُطلق على رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بتسميته ب " مختار العصر " موائمة له بالمختار الثقفي الذي اخذ بثأر الحسين بن علي من قتلته بالكوفة ؟ بما يحمله من رمزية طائفية خاصة, وقد استمرأ الأمر واعجبه التشبيه. ولم يثر ذلك ثائرة احد !
ألم يصل الى منتقدي السيد البياتي حديث السيد لؤي الياسري محافظ النجف بعد اعتقال نجله بتهمة حيازة وتجارة المخدرات بأنه حتى للانبياء بنات وابناء او اخوة عاقين كما لوط ونوح ويوسف... ووضع نفسه كأب بمنزلة كل هؤلاء الانبياء ؟ وتعالت الاصوات منددة بهذا التشبيه لكنها خمدت لاحقاً.
او اشارة زميل له آخر من حزب الدعوة الاسلامية - تنظيم العراق, السيد خضير الخزاعي ووزير التربية والتعليم في وزارة السيد نوري المالكي السابقة, بأنهم من " المتوظأة اياديهم " التي تميزهم عن العلمانيين, ممن ليس لهم هذه الرمزية ولا القدسية عند رب العالمين, بينما تلاحقه اتهامات بملفات فساد كبيرة قدرت بملايين الدولارات, عن فترة اشغاله لمنصب وزير التربية والتعليم  ومنها قضية استيراد هياكل حديدية من ايران لبناء مدارس... والتي تحولت الى مجرد هياكل حديد يأكلها الصدأ وبقي التلاميذ في مدارسهم الطينية في بلد غني مثل العراق, وذهبت اموال الصفقة هباءاً منثورا وتوزعت على الاعوان وشركائهم الايرانيين.
وهناك الكثير مما يمكن ان يسرده المرء حول وسائل توظيف المقدس الديني لأغراض دنيوية خالصة... وماكان سابقاً, ما لله لله وما لقيصر لقيصر, اصبح اليوم كله بالكوم لهم وحدهم.
اليوم... بتحولهم الى المدنية, ظن اسلاميو السلطة بمن فيهم السيد عباس البياتي, ان تلبّسهم بلبوسها وتجمّعهم في تحالفات تسمياتها لا تتذيل بالاسلامية وتطرح نفسها على كونها عابرة للطوائف والقوميات وانها تسعى لبناء الدولة المدنية, ومع فرض سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة وكرامة المواطن وحقوق المرأة والطفل وكل ما هو جميل مما لاتحويه الدولة الدينية, كافية لأن يغيّبوا وعي العراقي ويعطلوا نباهته بحقيقتهم الطائفية, ثم جاءت زلقة لسان السيد النائب في لحظة انفعال على الهواء ليكشف الكساء عن سوءاتهم الطائفية لمن صدّق للحظة بأنهم جنحوا نحو المدنية.
 وحري بمن يطالب بمحاسبة السيد عباس البياتي على هفوته ان يسعى الى محاسبة كل من يستخدم المقدس الديني نصوصاً وقيماً وشخوصاً لتنفيذ مآرب سياسية ونفعية دنيوية خاصة ومنهم المطالبين بالقصاص منه.


129
الصحوة الاسلامية من صدام حسين الى علي اكبر ولايتي !
احسان جواد كاظم

رائد الصحوة الاسلامية الحقيقي في العراق متأثراً بالثورة الاسلامية في ايران عام 1979 ومن موقع النديّة لنظامها الجديد, كان صدام حسين على سن ورمح وليس غيره...ركب موجتها ولم تكونا يداه قد جفتا بعد من دماء الشيوعيين.
 فقد بدأت تحولاته بعد اجتياحه للاراضي الايرانية واعلانه الحرب ضدها عام 1980 وتضمينه لكل بيانات القتال الحربية وخطاباته الرسمية بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية لتبرير حربه المقدسة, ثم تعمقّت صحوته بعد الهزائم المتتالية على الجبهة, فنشر شجرة عائلته الهاشمية ثم قام بزياراته المكوكية لأضرحة ( اجداده ) من أئمة آل البيت والتي توّجها بكتابة القرآن بدمه, لا ندري هل لأضفاء القدسية على القرآن ام على نفسه ؟!
وكان من ابرز التجليات الصحووية للرئيس الضرورة عند احتلاله للكويت كانت - " كتب كلمتي الله واكبر على العلم العراقي والدموع تنهمر من عينيه " على حد قول مذيع التليفزيون العراقي آنذاك, في لحظة صرع إلهامي انتابته بعد صحوته الاسلامية على العناد من الخميني, ثم تبعها بحملته الايمانية التي استعرت , في فترة صفاءه مع بلد الثورة, والمتجسدة بقرارات تضيّق على الحريات العامة في مدن البلاد وتقريب رجال الدين وهستيريا بناء الجوامع وفتحها للشعب الذي كان يئن من عسف نظامه وظلم الحصار الدولي, باحثاً عن ملاذ.
وبينما استبق المقبور صدام حسين  صحوته بقتل الشيوعيين فالسيد علي اكبر ولايتي مستشار قائد الثورة يريد مواصلة صحوته بمحق الشيوعيين والليبراليين ومنعهم من تسلم السلطة في العراق وبالضد من كل ما يتعلق بالعملية الديمقراطية التي يعيش اتباعه في كنفهها اسعد ايامهم.
لم يرشدنا مستشار المرشد, كيف يعيد الصحوة الاسلامية في العراق وهي قائمة فيه, والعراقي يعيشها كل يوم في حله وترحاله ويحس بأنفاس عرّابيها على رقبته من خلف الياقة, ويلعن, كل لحظة, سلسفيل الذي جاء بها الى بلاده.
 ماذا يريد السيد ولايتي اكثر من هكذا صحوة في مدن العراق ؟ فالسواد سائد وصور قادته مرفوعة في ساحات الوطن, والابداع الفني معطل, وتطلعات الشباب مقموعة, وحقوق المرأة مهضومة, وسرقات زهاده تجري على قدم وساق وعينك عينك, امام أعين اطفال العشوائيات الجوعى, وبوقاحة قرصان... واحكام " نكاح القاصرات " سارية, بدون قانون ولا محكمة, على صغيراته, كما " افتخاذ الرضيعة " من وحي مؤلف سيده " تحرير الوسيلة ".
 عبيده يسمعون ما يهرف به من تهديدات ضد ابناء شعبهم ويجلسون صامتين في خنوع الذليل... ولا تهتز لهم قصبة عندما يسمعون بمسؤول ايراني آخر يفتخر بأنهم هم الايرانيون من اعدموا المقبور بأدواتهم المحلية ثم يردد بغباء مطبق عن قرب قيام امبراطوريتهم التي ستبتلع العراق وهم صامتون صمت قبور وادي السلام, او مشاركتهم في الترديد كما الببغاء عن ملاحم قاسم سليماني الحربية في انهاء داعش بينما الآلاف من ابنائنا شهداء الجيش والحشد والمتطوعين الآخرين قد سقطوا زلقاً على طرقات الفلوجة والانبار والموصل.
ألم يصله النبأ بأن اربعة عشر عاماً من صحوة احزاب اتباعه الاسلامية قد تكللت بتراكضها الى تبديل اسمائهم الصحووية المباركة بأخرى مدنية ملعونة تسمى بها الشيوعيون والليبراليون ؟!   
صحوته الجديدة, سياسية, جاءت لأجل الفساد واصحابه والتخلف وصنّاعه, وليس لتقويم قيم الدين التي شوهها عبيده... لتقويض الشيء الوحيد الذي يدعو للتفاؤل في العملية السياسية في بلادنا وهو مشاركة الشيوعيين والديمقراطيين فيها.. انها صحوة ترهيب ! فهل ينحاز ذوو العقل السليم في الاحزاب الاسلامية  لوطنيتهم ام لتبعيّتهم ؟!
العراقيون كما الشعب الايراني, ايها السيد ولايتي, باتوا يلعنون صحوتكم الشائهة ويطمحون الى نهضة قوامها الانسان وفكره الحر وقيمه السامية !
" أفَه يا گـاعنة الوكحة !
أفَه يا گـاع !
ينبت بيــچ للواوي عنب
يا طيبة !
... ويعرّس عليـچ الذيب " ؟!!!.............( من قصيدة حچام البُريس لمظفر النواب )



130
كُرد وعرب معاً ضد سُرّاقهم !
احسان جواد كاظم
يعاني مواطنونا في اقليم كردستان من تداعيات استفتاء الانفصال وما جلبه من مصاعب وتعقيدات على حالتهم الاقتصادية وبالخصوص بعد ردود فعل الحكومة الاتحادية بأتخاذ مجموعة من الاجراءات الحازمة التي تحد من امكانية استغلال حكومة الاقليم لموارد عامة لتنفيذ اجندات خاصة.
فقد كشفت الاحداث هشاشة قوام اقتصاد الاقليم رغم ما كان يعيشه من بحبوحة متميزة عن مناطق العراق الاخرى وعدم استثمار حكومته الموارد الضخمة التي تحصلت عليها بعد السيطرة على آبار نفط كركوك لسنوات عديدة, بعد احتلال الدولة الاسلامية داعش لأراضٍ واسعة في البلاد, اضافة الى ما جنته وتجنيه من المنافذ الحدودية والضرائب العامة من مدخولات ضخمة, للصالح العام.
الأمر لا يتعلق بسوء ادارة اموال فقط, كما أكد مواطنو الاقليم وجهات سياسية فاعلة فيه وحتى جهات اقليمية ودولية, بل ايضاً بأستحواذ طرف سياسي متنفذ على موارد الاقليم لصالحه في حسابات مصرفية خاصة.
والآن حيث الواقع المرّ الذي يعيشه العراقيون عموماً بسبب ازمة الحكم المستفحلة والقائمة على اساس المحاصصة الطائفية - العرقية, اصبح لزاماً عليهم بكل انتماءاتهم الأثنية والدينية ايجاد مخرج من الازمة العامة بعيداً عن مسببيها من المتحاصصين.. ولا خيار لهم الا التوحد في مواجهة هذا العدو المشترك المتمثل بجوقة الفاسدين الذين غامروا بمقدراتهم واهدروا دمائهم وبددوا ثرواتهم على نزواتهم الذاتية ونزعاتهم المريضة وضيّعوا عقوداً من السنين من امكانيات تطورهم, وتركوا مستقبل اطفالهم والبلاد في مهب الريح, بدعاوى دينية وقومية متعصبة.
لابد من ادراك المحتجين في الاقليم, ابتداءاً, لأهمية تحويل قضيتهم الى مسألة رأي عام عراقي والاندماج في حركة الاحتجاج المجتمعية العراقية , وعدم الاكتفاء بمطالبات لسياسيين منتفعين, مسوّفين وانتظار ما تجود به مفاوضاتهم السلحفائية.
وهذا التلاحم الشعبي لو حدث فأنه لن يعجب المتنفذين لا في الاقليم ولا في اطراف العراق الاخرى, فهم لا يودون رؤية قيام جبهة ضغط شعبي مؤثرة. في الوقت الذي تشهد وحدتهم الى تصدعات بنيوية... رغم انه لا ينبغي الوقوع في وهم المغالاة في تقدير هذا التصدع, فمهما اختلفوا على التفاصيل فأن ما يجمعهم من مصالح اعظم وأهم. لذا ينبغي ان تكون جبهة مكافحي الفساد موحدة متضامنة.
فما يجمع دعاة التغيير, وحدة الهدف المتمثل بضمان حقوق وكرامات المواطنين وتقدم البلاد, والذي لايمكن بلوغه دون وحدة العمل, الغائبة حالياً بسبب ما عمل عليه دعاة الأنعزال القومي واصحاب الضغائن العنصرية والشوفينية وتلفيق وجود تناقض مصالح وحقوق بين المواطنين الكُرد وبين مواطنيهم الآخرين, بتحميل كل العرب جرائم الانظمة البائدة في كردستان, رغم انهم كشعب كانوا ايضاً ضحايا لهذه الانظمة.
وحدة العمل والتضامن المتبادل يتحققان بنبذ الانعزال القومي والانخراط في عملية الاحتجاج الشعبية العامة, اللذان سيضيفان للحركة الاحتجاجية في الاقليم زخماً معنوياً وتاثيراً سياسياً كبيراً, خصوصاً وان متظاهري ساحات التحرير لاتحكمهم عُقد عنصرية او طائفية في تعاملهم مع الآخرين تعيق هذا التوجه, وهم جاذبين للتنوع لا طاردين له, بدلاً من انزواء حركة الاحتجاج الكردية بحدودها الفئوية الضيقة, الذي يضعفها ويقلل من فرص تحقيق اهدافها, لاسيما وان مطالبها موجهة الى حكومة المركز كما الى حكومة الاقليم.
 وهذا يستدعي, على الصعيد العملي, عقد وتوثيق العلاقات مع مثيلاتها الوطنية من نقابات المعلمين والاطباء والفنيين ومنظمات النساء والطلبة والحرفيين... فسمات الحركتين الاحتجاجيتين متماثلة في الشكل والمضمون... وكل ما يعيق تحقيق ذلك هو الهاجس النفسي القومي الذي زرعه دعاة التفرقة في دواخل المواطنين على اساس مكوناتي بغيض, وخشية بعض المحتجين من رميهم بتهمة الخيانة القومية من قبل قيادات سياسية فاسدة في الاقليم, تستكثر على المواطن دفع رواتبه المستحقة من ثرواته المسلوبة.
 دولة المواطنة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية هي الخيمة الجامعة والكفيلة بأحقاق حقوق الجميع بشكل عادل بدون عُقد قومية او دينية او عشائرية....



 


131
الأستنجاد بمومياوات البعث !
احسان جواد كاظم
تزامناً مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في آيار القادم تعالت الاصوات, مرة اخرى, من الاوساط المقربة من احزاب السلطة محذرة من نشاط للبعث البائد في محافظتي البصرة وذي قار الجنوبيتين, وسعيه للعودة الى الحكم بشكل من الاشكال وقد يكون بالتأثير على نتائج الانتخابات لصالحه.
اصحاب هذه الاصوات يؤكدون حقيقة اساسية ادركها المواطن العراقي. هي حقيقة فشلهم التامة الكاملة النموذجية في كل المجالات حتى في مجال مكافحة الطابور البعثي الخامس, الذي لايكن له المواطن العراقي الا عظيم الاحتقار والرفض.
فكيف يمكن بعد كل هذه السنين من تثبيت حضر حزب البعث الفاشي دستورياً من العمل السياسي وتشريع اجتثاثه قانونياً, وسن قانون احزاب, يفترض ان يكون منيعاً عليه من اختراقه وتشكيل مفوضية عليا للانتخابات مقتصرة على ممثليهم والمتحاصصين معهم ثم ينجح ايتام هذا الحزب المارق من التأثير على سير امور البلاد سياسياً ؟
ثم أين ؟ في اكثر محافظتين خضعتا لسلطتهم المستحكمة طوال هذه السنين منذ 2003 !
أليست هذه مفارقة تضيف فشلاً جديداً الى قائمة اخفاقاتهم الحافلة الغنية ؟
مما سبق نستنتج بأن هذه الادعاءات والتحذيرات ما هي في حقيقتها الا عملية استنجاد بمومياوات البعث البائد واشباحه لترهيب المواطنين وتذكيرهم بعهدٍ اسودٍ مضى الى غير رجعة ومنعهم من التصويت لبدائل اخرى وابقاء الوضع البائس الراهن, الذي ابدعوه, على حاله.
ان ادعاءات عودة البعث تهدف الى خلط الاوراق امام المواطن المشوش وزيادة حيرته بجعل كل المنتقدين لفترة حكم احزاب المحاصصة الطائفية وسياساتها, ومنهم المطالبين بالاصلاح والتغيير, دون تمييز, في سلة واحد.
مع انهم وليس غيرهم, يشتركون مع البعث بجملة من المشتركات, على خلاف الداعين الى دمقرطة الدولة وفصل الدين عن الدولة... فهو حزب استبدادي لايعترف بالآخر وهم كذلك لولا الظروف الآنية التي تجبرهم على التعامل مع موضوعة الديمقراطية انتقائياً وهو ما نشهده من اقرارهم لقوانين تعيق المسار الديمقراطي وقيامهم بممارسات فئوية متزمتة تتقاطع مع هذا المسار.
وهم والبعثيون المستفيدون الأوائل من تخريب العملية الديمقراطية اكثر مما هي مخربة, كل لمآربه الدنيئة.
ان هذه الادعاءات ما هي الا تعظيم لهذا الحزب الفاشي بدل تحقيره, بتقييمهم العالي لأمكانياته في القفز على كل هذه الموانع التي وضعت امام نشاطه, وقدراته لينمو ويترعرع ليصبح تهديداً فعلياً.
ولا يخفى على احد بأن اغلب اعضاء حزب البعث المنحل انخرطوا في احزاب الاسلام السياسي بالخصوص, كل حسب طائفته, في صفقة تخادم متبادل - فهذه الاحزاب المتنفذة تضمن لهم الحماية من المسائلة القانونية والمجتمعية مقابل تقديم خبراتهم الادارية والقمعية.
 من يدري ؟ فربما جعلوا من انتمائهم الجديد غطاءاً لعملهم, هذا لو اتفقنا مع زعم عودة نشاطهم, ماضين نخراً في هذه الاحزاب, التي نشهد تشظيها يوماً بعد يوم وكذلك التخريب المبطن في اجهزة الدولة... وهذه ايضاً, ان كان لها مكان في ارض الواقع, تقع مسؤوليتها على عاتق هذه الاحزاب التي استفادت من خدماتهم وتدفع الحساب الآن.
مع اني ارى انتفاء وجود بعثي عقائدي على شاكلة بعثيي الستينات واوائل السبعينات, يسعى الى نظام بعثي بالمنظور العفلقي بعد التغييرات البنيوية التي طرأت على حزب البعث ذاته بعد اختطاف صدام له واخضاع قيادته واعضاءه لمشيئته وزج البلاد في حروب عبثية بأسمه والمعاناة التي عاشها اكثر المنتمين ( ليس بالضرورة عقائدياً ) للحزب في هذه الفترة وما تلاها من حصار, اسوة بكل المواطنين, وظهور منظومة قيم ومصالح مختلفة لها الاولوية لديهم, خصوصاً بعد انخراط الكثير منهم في الاحزاب الاسلامية طلباً للسلامة والمنفعة.
حتى عزت الدوري كقائد معلن لشراذم ما تبقى من هذا الحزب قد تحول الى درويش نقشبندي, يتنطط في خطاباته بين افكار القومجية وادعية الدروشة الدينية, معبراً عن افلاسه المطبق.
ثم ان هناك مجموعة مكفراتية من أفاقي الفضائيات معممين وغير معممين, ينتمون لعناوين حزبية اسلامية متنفذة, لايقلون حقداً من البعث في بثهم للسموم وعدائهم لكل مختلف وجديد وعادل وجميل.

" الكواسر لاتنهش بعضها " - جبران خليل جبران

132
ملامح انتفاضة تلوح في الأفق !
احسان جواد كاظم
ارى فيما يرى الرائي بأن نُذر انتفاضة شعبية تتجمع في الافق, رؤيتي ليست كما تهويمات المتكهنين وضاربي الودع وفتاحي الفال وقراء اوراق الكوتشينة, الميتافيزيقية.
 هي رؤية واقعية, كما اعتقد, وليست رؤيا خيالية.
تستند الى اسس ومعطيات... هي استنتاج بأن الانتخابات البرلمانية القادمة اذا ما اعادت انتاج نفس الوجوه الكالحة التي سامت العراقيين العذاب ستعقبها انتفاضة شعبية غاضبة ضد احزاب الفساد ورموزها بعد مصادرتها حق الجماهير في التغيير ديمقراطياً وتعويق سبل التداول السلمي للسلطة, وبعد ما أمنتها لقياداتها من امتيازات ووسائل وظروف فوز انتخابي غير عادلة بعيدة عن مبدأ تكافؤ الفرص الدستوري.
ملامح انتفاضة حاسمة تتشكل, قد تندلع بعد الانتخابات في الشهر الخامس آيار الذي يشهد عادة ارتفاع الحرارة بدرجات تموزية, مترافقة مع اخفاقهم المخزي في توفير الكهرباء ومتزامنة مع ما تشهده البلاد من شحة مياه ستؤثر على مياه الشرب وسنضطر الى استيراد ماء الشفة من صحراء العربية السعودية.
تتوفر اسس مادية كافية لألهاب الجو السياسي... فلدينا قانون غير عادل للانتخابات - سانت ليغو 1.7 يتعارض تقنينه مع مبدأ تكافؤ الفرص لكل العراقيين وهو بمثابة وقود الاشتعال السريع, ومفوضية انتخابات حزبية لتقدح النار, ثم نتائج مزورة ستوفر حجر القدح لأيقاد الشرارة, خصوصاً بعد اغلاق الباب كلياً امام امكانية اي تعديل للقانون بعد نفاذ الوقت لذلك.
 يمكن تلافي ذلك بتأجيل الانتخابات والتنازل للجماهير بالغاء القانون المجحف الحالي واستبداله بآخر جديد اكثر عدلاً. ولكن هذا بالتأكيد مجرد حلم يقظة لمن لم يفهم طبيعة تفكير اصحاب السلطة وسايكولوجيتهم الاقصائية.. فهو اجراء لن يفكروا بأتخاذه في هذه الظروف ولو على قطع رقابهم.
لست من دعاة الانقلابات والتغييرات العنفية ولكن كل شروط امكانية اندلاع انتفاضة شعبية قائمة وتتعزز, فهناك انسداد أفق سياسي, ومحاولة فرض نهج استبدادي احادي في الحكم عاجز عن جلب الامان للمواطن, بفرض القانون على مجاميع مسلحة ميليشياوية وعشائرية مرتبطة بأصحاب القرار ومتورطة في فساد مؤسساتي وسرقة وقحة للمال العام مع سخط شعبي عارم.
 فأين يمكن ان نجد تعشّق هكذا عوامل مثالية, مع بعضها البعض, لاندلاع انتفاضة غير العراق ؟
 واخيراً لأني اؤمن بمقولة هيغو " عندما يصبح الظلم حقيقة واقعة, تصبح الثورة حقاً من الحقوق ". لذا فأن على سياسيينا البحث عن ملجأ آمن لهم من سُوَر الغضب الشعبي التي لا تعرف مدياتها, غير المنطقة الخضراء !
الامر لاينحصر فقط في التزوير الانتخابي فمسألة فوز احزاب الفساد من عدمه يبدو محسوماً, رغم احتمالية تراجعه بنسب اقل ( اشار احد الخبراء الى ان من المعروف بأن وجود ممثل لأي حزب في المفوضية العليا للانتخابات يعني الفوز الاكيد لكتلته ), لكن تنامي الرفض الشعبي لهم ومخاوفهم من نوايا محاربة الفساد العامة التي قد تطالهم, ستجعلهم يمعنون في عمليات التزوير وخداع الجماهير واستغلال المال العام لصالحهم, ليضمنوا فوزاً مؤثراً يقيهم محاسبات ومسائلات ومحاكمات قادمة. وهذا بالضبط ما سيلهب الوضع ويوقعهم في سوء اعمالهم ويقود الى الانتفاض !
ربما هناك بصيص أمل لتلافي ذلك, فيما لو عاد مريدو احزاب الاسلام السياسي والاحزاب المتحاصصة معها الى رشدهم, وهم بغالبيتهم متضررون من سياسات احزابهم, ووقفوا مع الذات وراجعوا حساب البيدر وسنوات معاناتهم وخسارات العراق والعراقيين وقرروا عدم التصويت الى وجوه الفساد والتقسيم واختيارالذي يحس بآلام العراقيين ويسعى الى مداواتها.
اما نحن فنقول :
" ياجدي حزنّة نجمة سيّارة
تهلهل حين ظالم ينهدم داره "        / مظفر النواب - جد ازيرج

133
تنزيلات نهاية موسم برلمانية - الكرسي بفلس !
احسان جواد كاظم
قضية بيع كرسي نائب برلماني مستقيل لآخر لم يفز بالانتخابات الماضية واستعجال السيد رئيس مجلس النواب بعرض التصويت على البديل قبل البت بقبول استقالة المتنازل - لولا اعتراض البعض وسحب التصويت في آخر لحظة -  والبرلمان مقبل على اطفاء شمعته البرلمانية بعد اربعة اشهر, قوبلت بأستغراب شعبي ولامبالاة من لدن اغلب برلمانيينا على اعتبار انها باتت تقليداً مشت عليه الاحزاب المهيمنة من اسلامية ومتحاصصة معها, وهو يشكل احد مصادر مدخولاتها .
فكم من مرة, علق احدهم غسيل الآخر الوسخ في  كشف عمليات بيع وشراء مقاعد برلمانية ؟!
العلة هذه المرة تكمن في التسعيرة المعلنة والتي ربما اثارت غيرة البعض من نواب الشعب على برستيج البرلمان وكراسيه, فقد بدت كما لو انها تنزيلات آخر الموسم لمتجر ( سكند هاند ) اعلن افلاسه, والتي لم تتعد النصف مليون دولار تافه, كما أعلن, وهو ثمن بخس لكرسي مجلس نواب عراقي الذي ليس ككل الكراسي في العالم... ليس لأن وظيفته الطبيعية بأراحة عجائز ممثلي الشعب ليفكروا برفاهه, تختلف.
 ولا لأن جماله يضاهي طراز كراسي لويس السادس عشر وعروش قياصرة آل ايفانوف المرصعة ولا حتى عرشا طيبا الذكر هيلاسي لاسي والشاهنشاه محمد رضا بهلوي المذهبة, بل لأنه يرفع بمكانة المتربع عليه الى مستوى لورد في مجلس اللوردات البريطاني, بفترة قياسية لاتتعدى الربع دورة برلمانية, لما تدره ( صنعة ) تمثيل الشعب بتسخين احد كراسي مجلس نوابنا الموقر من غنائم على شكل رواتب ومخصصات مليونية, تضمن لحائزه ثلاثية السعادة - الامان والرفاه والمستقبل الزاهر.
  الامان بما يعطيه من حصانة برلمانية تبيح له تشكيل الميليشيات التي تتيح له الاستيلاء على اراضي المواطنين وعقارات الدولة واستلام الكومشنات من صفقات اسلحة او تمرير اغذية فاسدة عبر الحدود لفائدة دولة جوار شقيقة او تهريب نفط الى ميناء ايلات الاسرائيلي, بدون رادع.
 اما الرفاه فهو بما يضمنه له وعائلته من رغد العيش الهني, الآني والمستقبلي, بتقاعد باذخ و قصر منيف في المنطقة الخضراء مؤبد, مع جوازات سفر دبلوماسية له ولكل افراد عائلته ليبددوا ضجرهم في اوربا او امريكا. مع حمايات وسيارات مصفحة رغم قبوعه بالمنطقة الخضراء وعدم مغادرتها, تجنباً لنظرات الحسد الشعبي او قل الحقد الشعبي وغبار وازدحامات شوارع بغداد الحضارة. ليدوم له كل ذلك حتى بعد انهاءه لخدمة الشعب الذي يئن من وطأة الفقر والمرض ونقص الخدمات وحصار احزاب الشريعة.
والمستقبل الزاهر المدعّم بحساب بنكي تقاعدي وسمعة نيابية وتاريخ نضالي محاصصي.
لاتخلو هذه الصفقة من لمسة انسانية, اخوية لايمكن اغفالها, وهو تنازل السيد النائب البرلماني, حبياً, عن كرسيه الدافيء لزميل حزبي محروم مقابل مبلغ تافه كما ذكرنا.
وهذه اللمسة الحبية موصولة بأجتهاد السيد رئيس مجلس النواب بالتعجيل بالانجاز لتجاوز التعقيدات البيروقراطية الغبية والروتين الأداري الممل.
بالنتيجة, خرج الجميع من الصفقة بحمص ومستوي بعد, راضين مرتاحين... النائب المستقيل وحزبه وزميله المرتقي لكرسي النيابة !
 فقد خرج النائب المستقيل بتقاعد عالٍ وحافظ حزبه على حصته الطائفية المقدسة مصانة من اطماع المتربصين بالكرسي والطائفة, مع ضمان حماية دستورية لزميله المستفيد المتهم بقضايا فساد, بحصانة برلمانية تمنحه وقتاً لتدبير اموره للهروب الآمن الى الخارج او تسوية مشرفة مع قانون العفو النافذ عن المزورين والفاسدين وتجار المخدرات والارهابيين.
الايجابية الاخرى ( حسب التعبير العلماني ) او الحسنة الاخرى ( حسب التعبير الديني ) التي يتصف بها النائبان المستقيل و البديل هي " القناعة " وهي كنز اثمن من اي كنز, فليس من واحد منهما طامع ان يعمّر على كرسي النيابة, كما عمّر لُبد نسر لقمان الحكيم, او كما غيرهم من ديناصورات ممثلي الشعب الذين اخذوها من ايام التكوين الديمقراطي الأولى الى اليوم وربما الى يوم يبعثون.
حمى التحالفات التي نراقب مشاهدها عن كثب اليوم, حيث الصراع محتدم على ضمان الكرسي وموارده وليس على افضل البرامج واعدلها التي تخدم المواطن, تعكس قيمة الكرسي البرلماني الحقيقية وثمنه الاخلاقي الباهض.
مسؤولية تثمين الشخوص والاحزاب والتحالفات والكراسي المتنازع عليها تقع على عاتق المواطن والكلمة الفصل لهذا الناخب. وله ان يشارك بقوة لقلب الطاولة على المعتاشين على مآسيه وجوعه !
ومضة - " ما احد يعرفك يا هوى الناس
غير اليحب الوطن والناس "


134
لقاءات بغداد لبدائل البارازاني والتحالفات المرتقبة
احسان جواد كاظم
الاشارات الاولية للقاءات وفد احزاب المعارضة الكردستانية ( حركة التغيير والجماعة الاسلامية الكردستانية وحزب برهم صالح الجديد, التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة ) لحكومة اربيل وحزب السيد مسعود البارازاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني وكذلك وفد ( الاتحاد لوطني الكردستاني - بافل الطالباني ), كل على حدة, مع اطراف الحكومة الاتحادية  تشير الى ان المشاكل بين الاقليم والمركز في سبيلها الى الحلحلة في اطار القانون والدستور, بعد ان عجزت حكومة السيد نيجيرفان البارازاني عن الأتيان بما هو مفيد لرفع معاناة ابناء شعبه بعد فشل استفتاء الانفصال وتداعياته وتعنت حكومته في تنفيذ التزاماتها الدستورية اتجاه الدولة العراقية.
لابد وان هذه اللقاءات قد ارعبت القائمين على الحكم في اربيل لأنها سحبت البساط من تحت ارجلهم وجعلتهم يترنحون... فهي دشنت ظهور بدائل كردستانية , تعبت حكومة بغداد في البحث عنها كشريك لها على مائدة المفاوضات, مستعدة وقادرة على تمثيل مصالح شعب الاقليم.
 وكانت اولى ثمار هذه اللقاءات, تبويش مساعي ادارة اربيل الى توتير الاوضاع داخلياً وتمديد امد الازمة بأمل حدوث طاريء يقلب موازين القوى لصالحها فئوياً على حساب معاناة مواطنيها.
كما احبطت هذه اللقاءات مشاريع تأليبها القوى الدولية  ضد الحكومة الاتحادية لتعقيد اوضاعها خارجياً, بدعوى رفض المركز للحوار مقابل استعدادها هي لذلك, وقد اعطت هذه اللقاءات رسالة واضحة لدول العالم بأن التملص عن الجلوس على مائدة المفاوضات كان من قيادة الاقليم في اربيل وليس من حكومة المركز.
وفدا الاقليم خرجا باستنتاج متفائل من اللقاءات مع الرئاسات الثلاث, وبالخصوص من اللقاء مع السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء.
ان اجراءات حسن النيّة التي ابداها السيد العبادي في فصل القضايا المتعلقة بمعيشة المواطن في الاقليم كرواتب موظفي الاقليم عن الخلافات السياسية, عبرت عن بُعد نظر وتُحسب له. كما ان تأكيد الوفدان التزامهما بوحدة العراق قد عززت امكانيات التوصل الى حل.
 الحديث يجري ايضاً عن احتمالات قيام تحالفات بين هذه الاحزاب او بعضها والسيد رئيس الوزراء حيدر العبادي بما يدفع بمشروع الدولة العابرة للطائفية والاثنية الى النور, وهو ما يقوض وحدانية تسلط حزب البارازاني في الاقليم.
 وهذا ما دفع السيد مسعود البارازاني هو ايضاً بالمقابل للبحث عن حليف مناسب له في المركز, ويبدو انه قد حصل على ضالته بشخص عدو الامس اللدود ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي بعد جولات غزل سياسي دارت بينهما على موجات الأثير نشرتها صحف ايضاً.
وهما في حقيقة الامر يلبقون لبعضهما البعض, والمشتركات بينهما عديدة, فهما يعانيان من خسارات وخيبات سياسية كبيرة, اودت بسمعتهما السياسية, شعبياً الى الهاوية. ولديهما سوابق تحالف وتوافقات تحاصصية ارهقت العراقيين وادمتهم.
والاهم من كل ذلك, لديهما عدو مشترك جاهزملبلب هو السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي رافع لواء مكافحة الفساد, وقد يكونان من ضحاياه لو شرع بها حقاً.
 كما ان الجماهير في الاقليم كما في باقي مناطق العراق وصمت فترات حكمهما بالفاشلة والاستبدادية.
ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية في الاقليم, كما قيل, في نيسان القادم فأن تغييرات جوهرية سوف تطرأ على شكل حكومة الاقليم قد تستبعد وجوه الفساد والاستبداد عن السلطة او تحد من نفوذها.
ان ما تظهر من تطورات واعدة نتيجة هذه اللقاءات ستنعكس ايجابياً على احزاب المعارضة الكردية وتزيد من حظوظها امام شعبها للحصول على مقاعد وتأثير اكبر في البرلمان فيما لو لم يجر تزوير الانتخابات كما هو مألوف في كل انتخابات سابقة اسوة بسلوكيات أحزاب المركز الاسلامية.
تتكشف يوماً بعد يوم مظاهر التزوير التي مارسها حزب السيد البارازاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني وتوابعه من احزاب السلطة على اطار واسع كما اشار لذلك مسؤولون في المعارضة بلغت نصف مليون صوت مزور, مما يعطي الشرعية للمعارضة لتمثيل شعب الاقليم لاسيما بعد اعادة تمديد عمل برلمان كردستان, بشكل مزاجي من قبل رئيس الاقليم السابق مسعود البارازاني بعد تعطيل غير شرعي له بعد سنوات ايضاً بمزاجية الحاكم الفرد.
لله در النائبات فأنها.... صدأ اللئام وصيقل الاحرار / لعلي بن محمد التهامي


135
كربلاء الفداء الغارقة في نفاياتهم !
احسان جواد كاظم
من يسمع توصيف احد اعضاء مجلس محافظة كربلاء لوضع المدينة الحالي كسبب لتفعيل تشريع محلي مشبوه المرامي حول قدسية المدينة, يضع يده على قلبه لهول المصيبة التي تعيشها المدينة.
فقد ورد في حديثه المنشور في وسائل اعلام الكترونية متعددة : انه " تم وضع ملصقات  للحد من ظاهرة الاباحة في الشوارع وشرب الخمر والزنا..." وتحذر هذه الملصقات ايضاً من عقوبات بحق المخالفين تشمل " لعب القمار والجهر بالاغاني وبيع الافلام المخلة بالآداب وعرض الملابس النسائية في واجهات المحلات بشكل فاضح ".
الملصقات هذه ليست مذيلة بتوقيع جهة رسمية معروفة بل بأسم " لجنة رعاية تطبيق المرسوم الخاص بقدسية كربلاء ". ليس معلوماً, هل لهذه اللجنة أب راعي اوهل لها وجود فعلي قانوني, وممن تتكون ؟
من مضمون الملصقات, تتوضح طبيعة اللجنة والمهام المنوطة بها, التي تبدو انها مستنبطة من " هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " السعودية, فكراً وعملاً, وان فلسفتها مشابهة, لسوء الصدف لفلسفة " الشرطة الاسلامية " للدواعش.
وبحسب مارسمته مخيلة السيد عضو مجلس المحافظة لمستوى الرذيلة المتفشية في المدينة فأن الف قانون قدسية وجيش من ميليشيا الأخلاق الحميدة غير قادرة على ارجاعها الى جادة الورع والتقوى ونبذ الظواهر المسيئة والغير مشروعة والجريمة المنظمة من دون اجراءات حقيقية تكافح البطالة بتشغيل المعامل وتفعيل النشاط الزراعي ووأد الامية والجهل بتعليم متطور وتطمين حاجات الناس من الخدمات واحترام كراماتهم ومكافحة الفساد... وهذا بالتحديد ما يتعفف عن سماعه القائمين على صلاحها.
 وبغض النظر عن كل شيء, فأن هذا التوصيف المعيب للسيد حامي الفضيلة, والحال التي وصلت اليه محافظته حسب تقييمه, وكذلك نشر الملصقات يدينان هذه الأحزاب الحاكمة في المحافظة ويحملانها مسؤولية الاساءة الى قدسية المدينة بدل ان يبرآنها.
فهي التي جرت المدينة الى هذا الوضع المتدهور بسبب عدم اهلية ممثليها في سلطة المحافظة, اضافة الى انشغالهم بما هو اهم من التفرغ لشؤون الناس واداء واجباتهم الوظيفية كل هذه الفترة منذ 2003, بأنغمارهم في جني مغانم السلطة.
في الوقت الذي يستميت فيه زملاؤهم في مجلس النواب على تمرير قوانين نكاح القاصرات وتشجيع الزيجات خارج محاكم الدولة الشرعية والطلاق العشوائي, ثم يستغربون وجود مظاهر الرذيلة والفساد وتفشي الجريمة, في مدينتهم المقدسة.
التساؤل المشروع الذي ينبغي ان يطرحه كل مواطن من اتباعهم وكل المواطنين: لماذا تخدش حيائهم رؤية ملابس نسائية على واجهة فترينات المحلات وتثيرهم المانيكانات ولا تخدش حيائهم ونظرهم اكوام النفايات والمياه الآسنة التي تغرق بها المدينة ومظاهر الفقر المدقع لمواطنيهم وانتشار المتسولين وغياب الخدمات وتفشي المتاجرة بالمخدرات وتعاطيها ؟ هل مدينة كهذه, يحكمها اسلاميون تليق بمقام سيد الشهداء ؟
ان ما تدره الزيارات المليونية لأضرحة شهداء الطف على المدينة من اموال هائلة اضافة الى التخصيصات الاتحادية من الخزينة العامة للدولة, كانت ستحل الكثير من مشاكل المواطنين بل تقلب حالهم البائس الى حال رفاه  لو كانت في ايدي امينة عفيفة... هذا ما يردده المواطن الكربلائي.
ليس من الصعب كشف سبب التوقيت المفاجيء لتفعيل هذا المرسوم المحلي والغرض منه, فالانتخابات البرلمانية والبلدية على الابواب, وهم يحاولون اثارة ازمة قدسية في المدينة وتسويق ذواتهم بأعتبارهم المدافعين عن حياض الشريعة وحاملي مفاتيح جنانها لفرض نمط فكري وحياتي متخلف على المواطنين بدعوى تدنيس قدسية المدينة, لعل ذلك يحقق لهم عودة ثانية الى قدس اقداسهم, كرسي السلطة الوثير... بقرتهم الحلوب.
كرب وبلاء المحافظة يكمن في اسلامها السياسي الذي يحاول فرض دَجله عليها وسلبها قدسيتها الشعبية الفطرية المترسخة منذ قرون, من حب مواطنيها لها ومن وجود رمزي الفداء الحسين بن علي واخيه العباس في كنفها.
 

136

فوائد السفر خمسة... مضار زيارات السياسيين للخارج جمة !
احسان جواد كاظم
لم يستخلص القادة الكرد من مآلات الاستفتاء المعطل, الدرس الصحيح. فلازالوا يعولون على الخارج في حل مشاكلهم واداروا حينها وجوههم عن الداخل, فخُذلوا.
الآن يعيدون الكرّة من خلال زيارات السيد رئيس وزراء اقليم كردستان العراق نيجيرفان البارازاني ونائبه السيد قباد الطالباني الى بلدان اوربية بغرض البحث عن دعم خارجي لحلحلة شأن داخلي... بتأليب حكومات هذه الدول ضد الحكومة الاتحادية لتستخدم سلاح الضغوط السياسية والاقتصادية ضدها ودفعها نحو الحوار معهم, مع ان تجاوز الاستعصاء السياسي يبدو بسيطاً... ويكون بالألتزام العملي والفعلي لا اللفظي بالدستور واحكام قرار المحكمة الاتحادية العليا والبدء بأجراءات تسليم الاراضي المتبقية مما يسمى بالمناطق المتنازع عليها اضافة الى ادارة المطارات والمنافذ الحدودية الى السلطات الاتحادية, لتبدأ الخطوة الجديدة في العلاقة مع الاقليم على اساس قويم.
 تهرب قيادة الاقليم من الايفاء بهذه الالتزامات هو سبب استمرار ازمة العلاقة معها وتواصل معاناة مواطنينا في الاقليم.
الاحتجاجات الشعبية في الاقليم التي تشارك بها شرائح واسعة, تبدأ من تلاميذ المدارس حتى الشريحة المثقفة من معلمين وموظفين واساتذة جامعة ونساء... جاءت بمثابة جر اذن لقيادة الاقليم لتنزل من تهويمات شطح الخيال السلطوي الى جدية تردي الواقع المعيشي, وعدم ترحيل ازمة الاقليم الى خارجه بدعاوى تآمرية, فالجماهير عارفة بأن أس ازمة الاقليم يكمن في نهب قيادته واحزابه المتنفذة لثرواتهم قبل حصارالحكومة الاتحادية.
زيارات رئاسة وزراء الاقليم لدول اوربية لتوسلها بالضغط على الحكومة المركزية للتفاوض معهم دون تنفيذهم للالتزامات الدستورية والقانونية ازاء الدولة العراقية, تلحق ضرراً بالعراقيين جميعاً بما فيهم سكان الاقليم.
فالتصريحات الحكومية الالمانية على اعقاب لقاءات رئيس وزراء الاقليم نيجيرفان البارازاني ونائبه قباد الطالباني بالمسؤولين الالمان, " بأمكانية تأثر برنامج مساعداتها للدولة العراقية اذا لم تجر مفاوضات بين قيادة الاقليم والحكومة المركزية ", رسالة سيئة, ولايمكن اعتبارها نصراً محققاً لا للاقليم ولا للسيدين المذكورين.
فهذه التصريحات لو تحولت الى قرار ستؤدي الى خسارة الجميع وليس الحكومة الاتحادية فقط, فلا مجال لمساعدة حكومة الاقليم وحدها دون الحكومة الاتحادية او من خلالها على الاقل والا سيعتبر هذا الاجراء تجاوزاً على السيادة العراقية. اضافة الى ان استدعاء دولة اجنبية للتدخل في شؤون بلادهم الداخلية هو بحد ذاته خرق يحاسب عليه القانون.
هذه الاساليب تفضي الى تعقيد المشاكل بين جميع الاطراف لا الى حلها, وتسيء الى رئاسة اقليم كردستان التي تقوم بأستعداء الدول الاخرى ضد حكومتها الاتحادية ودفعها لاتخاذ قرارات بعيدة عن الاعراف الدبلوماسية ومبدأ سيادة الدول, رغم ان هذه القيادة هي من عصى وتمرد على القوانين الاتحادية.
المفارقة ان سلطات الاقليم تستخدم, اليوم, الاسلحة المقدمة من هذه الدول التي زاروها كمساعدات عسكرية لمواجهة داعش, كسلاح لقمع المحتجين العزل من مواطنيهم.
ان دعوات اقحام جهات خارجية في المفاوضات بين ادارة الاقليم والحكومة الاتحادية حتى لو كانت الامم المتحدة دون شرط التزام جميع الاطراف, فعلياً بالدستور والقانون , سيعيدنا الى مربع الاتفاقات والتفاهمات الثنائية والمحاصصة المكوناتية التي اثبتت الحياة اجراميتها, مما يعنى ابقاء طغمة الفساد في الاقليم والمركز جاثمة على صدر شعبنا !


137
ما غاب عن بال ترامب وادارته والاسرائيليين !
احسان جواد كاظم
اشبه بشرك كان اعتراف الرئيس الامريكي ترامب بالقدس كعاصمة موحدة لأسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها, نصبه للمنطقة. لكن وقع هو فيه كما اوقع اسرائيل في شراكه.
اراد ان يدعم حليفه الاستراتيجي في المنطقة, بتنفيذ وعده الانتخابي بنقل سفارة بلاده الى القدس وفعل... هللت اسرائيل بتحقق حلمها التوراتي بتوقيع ترامبي.
 لقد كانت اسرائيل مستريحة البال, بعيدة عن اوجاع الرأس, لكن برمي ترامب لحجره في البركة الساكنة منذ عقود, وضع اسرائيل في عين العاصفة بعد ان كانت بعيدة عنها وفي مأمن منها ولم يعصف بها عاصف, ولم يلتفت اليها احد. فقد كانت شعوب ودول المنطقة مشغولة بشأنها, تخوض حروبها ضد الهمجية وتدفع عن نفسها الابادة, رغم ان دولة الاحتلال لم تنأ بنفسها عن تأجيج أوار حريق هنا او هناك, بدعم ارهابيي النصرة وغيرها من منظمات ارهابية على حدودها الشمالية لوجستياً حد قصف مواقع الجيش السوري لتخفيف ضغطه عليهم.
ايقظ ترامب القضية الفلسطينية من سباتها ووجه اليها الانظار والاضواء ودفع الى المزيد من التوحد الفلسطيني الداخلي والرفض الاممي لأجراءه, حتى تنصل حلفاء اساسيين للولايات المتحدة من هذا القرارالمنافي للقرارات الاممية, بمن فيهم اعضاء في حلف الناتو, عُدّوا لفترات طويلة بأنهم مؤيدين ثابتين لكل ما تقرره الولايات المتحدة ان لم يكونوا تابعين لها كالمملكة المتحدة.
 مواقف " حكومات ومنظمات التطبيع " المستنكرة للقرار سواءاً كانت بالمفرق او بالجملة من خلال الجامعة العربية او منظمة الدول الاسلامية, لا تحضى بثقة رعاياها, حتى اصبحت مشاريع اقامتها علاقات طبيعية مع اسرائيل, اكثر تعقيداً,  مما كانت قبل الاعلان الامريكي القدس عاصمة لدولة الاحتلال.
الامر الآخر الذي ربما لم يُحسب حسابه او غاب عن بال ادارة ترامب, هي تنامي قوة وشكيمة القوى المناهضة للمشروع الصهيوني, في ايران والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من الشعوب والدول في المنطقة خصوصاً بعد فشل مشروع اسقاط العراق وسوريا وتقسيمهما طائفياً اوعرقياً وتعثرمشاريع الارهاب في السيطرة على ليبيا واركاع اليمن او انهاك مصر ووضع دول عربية مثل تونس والجزائر تحت تهديد سكين الجزار الهمجي الاسلامي.
ان تنامي الرفض الفلسطيني للقرار يهدد بأندلاع انتفاضة فلسطينية شاملة, لاسيما بعد ان جردت حكومة الاحتلال الفلسطينيين من كل أمل في حل سلمي عادل... ومواجهتها بالحديد والنار سيعقد الامور امام واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط المنتهجة لسياسة الابارتهايد العنصرية ضد الفلسطينيين منذ 1948.
سعت اسرائيل لمرات عديدة لزج حليفها الامريكي بحرب مباشرة مع ايران, نيابة عنها, لتقطف الثمار جاهزة لكن يبدو ان الحليف الاميريكي ليس بهذا الغباء ليتورط بهكذا حرب غير مأمونة النتائج لذا اكتفى بقرار القدس كهدية, وجعل اسرائيل تواجه فرحها.
 ان اية مغامرة غير محسوبة النتائج, وهي ممكنة الحدوث على ضوء ما هو معروف عن الغرور والغطرسة الاسرائيليين, مع حزب الله في لبنان, قد يشعل اوار حرب مدمرة في المنطقة بمشاركة ايرانية وفصائل عراقية وسورية مقاتلة, خرجت للتو من حرب ضروس ضد الارهاب وتمرست في قتال المدن وحرب العصابات واختبرت استعمال اسلحة مختلفة ومتطورة لم تكن تتوفر يوماً لدى المنظمات الفلسطينية في منظمة التحرير الفلسطينية. اضافة الى انها تنظر الى قضية القدس من منطلق عقائدي ديني كما هو حال الجانب اليهودي الاسرائيلي, لذا يتوقع اندلاع حرب اكثر شراسة من الحروب السابقة, لأن الأخيرة كانت تُخاض من اجل تحرير الارض بينما القادمة ستكون من اجل تحقيق نبوءات السماء.
 احدث قرار ترامب ردود فعل اخرى لم تكن في حسبانه وهي انحسار نسبي للخلاف الطائفي المذهبي الذي طالما لعبت على وتره اسرائيل وامريكا... فنحن نشهد دعوات شعبية صريحة من قلب القدس المحتلة  للحشد الشعبي العراقي للمشاركة في تحريرها وهو ما لم يكن وارداً قبل ايام.
ان حدوث تحولات دراماتيكية في المنطقة, تكون اسرائيل احد اطرافها سيؤدي الى انهيارها, وهذا ليس بخساً بأمكانياتها العسكرية  ولا بجهادية الولايات المتحدة في تقويتها بل بسبب عدم قدرتها على تحمل حرب واسعة طويلة الامد مقارنة بشعوب المنطقة المحيطة التي كابدت ظروف استثنائية من حرمان وتشرد وحرب مستمرة ضد الارهاب ولسنين طويلة, في الوقت الذي رفل الاسرائيليون فيه بالحياة الهادئة ودعة العيش, هذا مادياً, اما معنوياً فأن اغلب الاسرائيليين, والمؤمنين منهم بشكل خاص, عدا سكانها من يهود المنطقة, كما اتصور, يعرفون في دواخلهم, انهم لاينتمون لهذه الارض وتنتابهم فوبيا " دياسبورا " شتات يهودي, جديدة, وان العودة التوراتية اليها بعد الانقطاع عنها مايقارب الالفي عام لا يجعلهم اصحابها.
تبقى اسرائيل مكبلة بميعادها التوراتي ونبوءات زوالها التلمودية.



138
المنبر الحر / حبيس الشعارين !
« في: 20:08 08/12/2017  »
حبيس الشعارين !
احسان جواد كاظم
انفعل السيد خالد الاسدي قائد حزب الدعوة - تنظيم العراق ورئيس كتلته النيابية في مجلس النواب والمتحدث بأسم ائتلاف دولة القانون الحاكم, أيما انفعال, بعد ان استفزه مقدم برامج احدى الفضائيات, بسؤاله عن الاصوات المنادية بوأد مقترح التعديل الطائفي التقسيمي المهين للمرأة والطفولة العراقية على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المنصف النافذ, الذي يحاول الاسلام السياسي تمريره غدراً في البرلمان, ليعلن ان رافعي شعار " باسم الدين باگـونا الحرامية " ضد فساد احزاب الاسلام السياسي في عراق اليوم, هم ذاتهم من رفعوا شعار" ماكو مؤامرة تصير والحبال موجودة " في ستينات القرن الماضي بعد مؤامرات انقلابية ضد ثورة 14 تموز 1958 وزعيمها عبد الكريم قاسم من قبل البعثيين والقوميين المتحالفين مع اعوان النظام الملكي البائد من اقطاعيين ورجعيين بدعم غربي, في محاولة للاساءة اليهم.
 الشعاران رُفعا, في لحظتها بشكل عفوي خالص, جادت بهما قريحة عراقي مهموم بقضايا شعبه, وتلقفتهما الجماهير كخبز حار لأنهما عبرا عن حماسة اللحظة التاريخية .
كل شعار منهما عبّر عن حالة سياسية وظرف سياسي مختلف وحالة وعي مختلفة ايضاً, شهدها او يشهدها الواقع التاريخي العراقي لكن جوهرهما جسد كنه الصراع الدائر بين قوى طامحة الى حياة حرة سعيدة واخرى لها اجنداتها الانانية التي ليس منها رفعة وخير الوطن ومواطنيه. سابقاً تحت شعارات القومية والوحدة العربية  اما اليوم فبشعارات الدين ودعوى التدين.
 رافعو شعار اليوم ضد الفاسدين المتنطعين بالدين, هم غير رافعي شعار الامس ضد اولئك العصبويين القوميين, فهم اكثر وعياً... يسعون لأستلال حقوقهم بأطر قانونية... بالتظاهر والاحتجاج السلمي ودفع الدولة واجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية للقيام بواجباتها  الدستورية وترفعوا عن انتزاع الحقوق بأيديهم.
غضب او جهل السيد المتحدث الرسمي اوقعه في شر افكاره, لأنه وضع نفسه ومن يمثلهم من اسلامچـية السلطة الفاسدين, بمحض ارادته الحرة, في جبهة و صف المتآمرين السابقين على ثورة تموز المجيدة من بعثيين وقوميين واذناب النظام الاقطاعي البائد, بعداوته لرافعي الشعار الجديد كما رافعي الشعار القديم.
ربما لديه املاً مدفوناً في اعماقه لأن يجعل من مصير هؤلاء مشابهاً لمصير اولئك, لكن الزمان غير الزمان وقواعد اللعبة اختلفت وهو قد يتشارك مع زميله حسن الشمري من حزب الفضيلة الاسلامي, صاحب مشروع نكاح القاصرات الجعفري الذي اسقطته الارادة الشعبية قبل اعوام, والذي صرح بمكنوناته داعياً علناً : " الى القضاء على العلمانيين بأعتبارهم احدى تجليات المد التكفيري ".
هذه النوازع البائسة تذكرنا بشرائع تلك الدولة الزائلة التي تقلصت حد الهلاك.
مخاوف السيد المتحدث الرسمي مبررة جداً. فهو لا يود رؤية دولة عادلة تنصف مواطنيها وتضمن لهم حرياتهم وحقوقهم وتمكنهم من ثرواتهم لأن ذلك تقويض لمشروع التسلط ونهب المال العام والفساد التي تزخر بها سلطنته الحالية.
واكثر الامور بؤساً في ادعاءاته المتهافتة كون العلمانيين هم اكثر فساداً من الاسلاميين واستعداده لتقديم قائمة طويلة بأسمائهم, وهو امر لايمكن استبعاده ماداموا هؤلاء "العلمانيين " يطلون علينا من تحت عباءاتكم ويخدمون اغراضكم.
.
"ان أسوأ ما في المتدينين انهم يتسامحون مع الفاسدين ولا يتسامحون مع المفكرين " / عبد الله القصيمي.

139
  المواطن العادي بين ازمة استفتاء كردستان ومشاحنات الساسة
احسان جواد كاظم

المواطن العراقي في كردستان ومناطق البلاد الاخرى تعب من لعبة شد الحبل التي يمارسها سياسيو المركز والاقليم ويتمنى ان يرسوا على بر, ويحضى بأنفراج الازمة لمواصلة حياته الطبيعية, بينما السياسيون ليسوا في عجلة من امرهم وعلى اقل من مهلهم, فالامر بالنسبة لهم اكثر تعقيداً من مجرد تطمين توقعات المواطن لأنه يتعلق بلعبة المصالح والنفوذ.
 الزيارة الاخيرة للسيد رئيس الجمهورية  فؤاد معصوم لأقليم كردستان, يبدو انها لم تتمخض عن شيء ذي شأن في حلحلة الامور. ففي ظل حالة عدم الثقة والانقسام السائدة بين السياسيين, تبقى الامور تسير بشكل ان لم يكن كسيحاً فمتعثر.
  القادة الكرد يظهرون ضلاعتهم باللغة العربية, بالتلاعب بعبارات من قبيل " تجميد " الاستفتاء او " احترام "  قرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان الاستفتاء لأعتقادهم بأن ذلك سينطلي على الطرف الآخر, الحكومة الاتحادية, لتمرير مآربهم, بينما يبدو رئيس الوزراء حيدر العبادي  يقظاً امام هذه المقالب ويطالب ب " الالغاء " والالغاء بالتهجي, الف لام غين الف تتبعها همزة, ليس اقل.
" الالغاء " يبدو ثقيلاً على القادة الاكراد وخاصة على السيد مسعود البارازاني الرئيس المقال, لأن ذلك يعني اعتراف منه بأنهيار طموحاته السياسية بالكامل, لهذا تجده متشبثاً بموقفه العقيم, والذي لايشاركه به الكثير من القوى السياسية الكردستانية.
وعلى ذمة  صحيفة " العربي الجديد " فأن القادة الاكراد مستعدين, كما ابلغوا الرئيس معصوم, للتنازل بشأن الغاء الاستفتاء بشرط ابقاء الامر سراً وبضمانات, طبعاً دولية وبالذات امريكية.
العبادي ومن وراءه الحكومة الاتحادية يشعرون بأنهم ليسوا مضطرين لتدويل شأن داخلي وأدخال طرف ثالث في المشكلة بينهم وبين الاقليم في مسألة اكثر من عادية وتحدث في احسن الدول, بالامتثال لقرار المحكمة الاتحادية العليا ببطلان الاستفتاء بألغاءه والتراجع عن تبعاته الغير دستورية وتنفيذ التزامات الاقليم بشأن المطارات والمنافذ الحدودية... خصوصاً وان الجانب الكردي في موقف لا يحسد عليه, اضافة الى ان اشراك طرف ثالث هو قرار يمكن ان تبت به الحكومة الاتحادية حصراً, ولهذا كان رفض العبادي لتوسط الالمان, لاسيما  مع عدم توفر حماس امريكي للدخول كوسيط بين الجانبين حسب تصريحات المتحدثة الرسمية بأسم وزارة الخارجية الامريكية هيذر نويرت.
 وبالمناسبة فأن تعويل البعض من السياسيين والاعلاميين في الاقليم على تردي العلاقات الدبلوماسية العراقية - الالمانية بسبب تأجيل الحكومة الاتحادية لزيارة وزير الخارجية الالماني زيغمار غابرييل, لتفتح كوة الامل امام القيادة الكردية للتملص من استحقاقات اجراء الاستفتاء من جانب واحد وخارج اطار الدستور العراقي والابقاء على الامتيازات السابقة, مجرد وهم.
فمن المتعارف عليه في العلاقات بين الدول بأن برامج الزيارات الدبلوماسية يجري الاتفاق عليها مسبقاً بين الجانبين ولا يستطيع اي طرف ان يفرض ارادته وبرنامج زيارته ومع من يلتقي على الآخر في امر سيادي كهذا, ولا يترتب على الاختلاف في ذلك تأزماً في العلاقات.
شبح السيد مسعود البارازاني, كقائد ظل, بتصريحاته المتصلبة بأستحالة الغاء الاستفتاء بأعتباره ارادة شعبية والاصرار على انه كان صائباً رغم كل التداعيات السلبية للاقليم ومواطنيه, يلقي بظلاله  على مواقف رئيس وزراء الاقليم نيجيرفان البارازاني, فتظهر متذبذبة وتضع العقبات امام مساعيه لحلحلة الامور مع المركز, وتضعف موقفه التفاوضي وهو ما يطيل من عمر المشكلة ومعاناة شعبنا الكردي.
يبالغ القادة الاكراد عندما يدعون بان الاستفتاء كان ارادة شعبية لأننا لم نر تظاهرة او تجمعاً شعبياً مستقلاً عن السلطة قد دعا اليه.  ثم هل ان هذه الارادة الشعبية نفسها هي التي قررت تجميده لاحقاً ام كان قراراً سياسياً فوقياً بغياب البرلمان, ولم تكن للجماهير حول ولا قوة في تجميده كما في اجراءه ؟
ان ما يهمنا في المقام الاول هو وضع حد للمعاناة المعاشية لمواطنينا الكرد وحل مشكلة الرواتب, بفصل هذا الامر عن الخلافات السياسية حول الاستفتاء او السيطرة على المنافذ الحدودية.
لقد اثبت بناء الدولة على اساس المكونات ونهج المحاصصة الطائفية - العرقية كان خطأً بل جريمة بحق العراقيين جميعاً.
لذا هي دعوة للقوى المدنية والديمقراطية واليسارية الكردستانية وكل العراقيين للانخراط في حركة التغيير الديمقراطي العراقية الجامعة  ضد المحاصصة والفساد ومن اجل دولة مواطنة مدنية بعدالة اجتماعية تضمن للجميع حقوقهم, ونبذ نظام المكونات اللاديمقراطي الزائف المولد للازمات والمآسي.
الانتخابات البرلمانية قادمة وهي مناسبة لقلب الطاولة على الفاسدين بتكاتفنا... الأنعزال سيكون خسارة للجميع كما اثبتت التجربة !
   

140
عوائل الدواعش, ورقتنا الرابحة لتحرير مواطناتنا الأيزيديات !
احسان جواد كاظم
عبء وجود عوائل الدواعش التي احتجزتهم القوات الامنية بعد تحرير البلاد من الدواعش وسحق دولتهم, يبدو واقعاً. فمن جانب ان القانون يمنع محاسبة عائلة المجرم بجريرة افعال احد اعضائها بأي حال من الاحوال, رغم ما لما ارتكبته الدولة الاسلامية داعش وارهابيها من فضائع من وقع في ذاكرة وقلوب العراقيين, وتفكير الاغلب من الناس بأنه لولا عائلته لما اصبح مجرماً بهذه البشاعة والسادية, اواننا لا يمكن ان نتعامل مع الدواعش القتلة مطلقاً. لكننا امام حالة انسانية اسمى الا وهي انقاذ بناتنا واخواتنا الايزيديات مع الاطفال المختطفين من براثنهم.
كما ان الاشكال الآخر في وجود هذه العوائل, هو استحالة امكانية ارجاعها الى اماكن سكناها السابقة حتى لو اثبت قضائياً عدم مشاركتها او مسؤوليتها عما فعله احد افرادها, وذلك بسبب الطبيعة العشائرية لمنطقة الموصل وهيت والرمادي وسهل نينوى... التي تضعها تحت طائلة الثأر العشائري السائد في المنطقة وهو ما قد يؤلب منظمات حقوقية عالمية على الدولة العراقية.
 لذا فأن اعتقادي المتواضع, بأن اسلم الحلول في التخلص من هذا العبء هو مبادلة هذه العوائل بمواطناتنا الايزيديات والاطفال المختطفين لدى داعش, الذين ما من احد يستطيع ان يحررهم بسبب عدم توفر معلومات عن اماكن انتشارهم ولا يعرف تجمع لهم لكي يجري انقاذهم, مثلاً, بعملية كوماندوس.
لذا فأن الحل الامثل لاستعادتهن مع الاطفال هو بمبادلتهم بعوائل الدواعش التي بحوزة قواتنا الامنية.
 يمكننا لتحقيق هذا الهدف, اعتماد ذات الآلية التي جرى اعتمادها في سوريا - وهي بتكليف المنظمات الدولية مثل الصليب الاحمر اوالهلال الاحمرالدوليين لأجراء اتفاق التبادل كما حصل في سوريا بنقل الارهابيين وعوائلهم الى مناطق اخرى مقابل كسر الحصار على منطقة ما وانقاذ مواطنيها السوريين واعادتهم الى كنف الدولة.
لا ازعم بأن هذه المحاولة قد تؤتي أُكلها كاملة, لكن ذلك قد يجعل بعض الارهابيين يضغط على قادته ( لأنقاذ ) عائلته وعوائل ( الشهداء والمجاهدين الآخرين ) من الاعتقال ونكون بذلك قد ضربنا اكثر من عصفورين بحجر, انقذنا بناتنا واخواتنا المختطفات مع الاطفال من قبضة الدواعش وتخلصنا من عبء عوائل الارهابيين, والتزمنا بالقانون ولم ندخل في نزاع مع المنظمات الحقوقية الدولية, وربما زرعنا, على اقل تقدير, بذرة للنزاع فيما بينهم, اذا لم يتفاعلوا مع المبادرة.
بالنهاية فما يعنينا هو ارجاع نسائنا واطفالنا الى ذويهم, ولن نكون مسؤولين عما سيحدث لعوائل داعش لاحقاً بعد ان حققنا لهم جمع الشمل. 

141
دهشة الاحتفال الاول بذكرى أكتوبر العظيم
احسان جواد كاظم
كان ذلك منذ  وقت طويل.. في بداية سبعينيات القرن الماضي مع اولى خطواتي في العمل الطلابي المنظم, اقترح عليّ صديقي وزميلي في اعدادية الكاظمية وفي اتحاد الطلبة العام ابراهيم ياسين النجدي زيارة احد معارفه وهو عضو اتحادي ايضاً. ذهبنا الى منطقة الجعيفر المقابلة لمنطقة الرحمانية في بغداد ( غير موجودة الان بعد تهديمها)  وطرق باب بيت عربي متهالك هو بيت عادل تركي الطالب حينها في كلية الاداب - بغداد / فرع انكليزي والذي استشهد لاحقاً في كردستان. طلت من شقه احدى اخوات الشهيد عادل, تمعنت بوجوهنا بتوجس ثم تعرفت على ابراهيم. دعتنا الى الانتظار لمناداة اخيها, ليأتي ويقودنا, بعد ترحاب, الى غرفته المتواضعة التي ترتفع عن حوش الدار عدة درجات. دخلنا الغرفة لنفاجأ بعدة شباب من كليات بغداد المتعددة ممثلي الاتحاد كانوا قد انهوا اجتماعهم تواً, ودعونا للاحتفال معهم بذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى, بأغاني لم تطرق اسماعي قبلاً بسبب سرية عمل الحزب الشيوعي ومنع السلطة لأي ما يمكن ان يعبر عن وجوده ويُذكّر بثورة اكتوبر. مع اني كما كل عراقي يعرف الحزب الشيوعي ونضالاته وحب الكادحين له, وانحدر من عائلة قريبة منه روحياً. أغاني تتغنى بحب العراق ورافديه وجباله ونخيله وتمجد بطولات شعبنا وانتفاضاته وتضحيات الشيوعيين, وعن الاممية وشعوب العالم واغاني للشيخ امام واخرى فلسطينية عن نضالات الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني. لأول مرة اسمع كلمات النشيد الاممي الذي غنيناه وقوفاً ونشيد اكتوبر العظيم. ربما هذه كانت اولى مظاهر دهشتي بعد الاستقبال الحميمي والحافل بنا من قبل الزملاء الحاضرين. كنت وانا الجديد في العمل الديمقراطي انظر برهبة واحترام لهؤلاء الشبان, الذين سبقوني في العمل الديمقراطي المهني لسنين طويلة, والذين تحدوا بطش البعث بشجاعة وعزم في جامعات وثانويات بغداد من خلال العمل الطلابي السري المنظم. وكانت احدى مظاهر دهشتي بالصور التي كانت تزين جدران غرفته المتواضعة التي اضفت على اللقاء جواً مفعماً بالرهبة لازلت اعيشه. هي صور لكارل ماركس ولينين وجيفارا والرفيق فهد الذي رأيت صورته لاول مرة.
خرجت وانا تملأني الحماسة والعزم على العمل من اجل هذه المباديْ السامية المنحازة للشغيلة وعموم الفقراء ومع هكذا اناس خُلص, بسحنهم التي تشير الى انحداراتهم الطبقية الكادحة. حفلتي الاولى بذكرى اول ثورة اشتراكية في العالم, اغنتني ليس بشحنات الحماس وقيم الاغاني التي صدحت بها حناجر الزملاء بل كذلك بالاحاديث والنقاشات الثرة التي دارت بين الحاضرين عن قائد الثورة لينين وعن المدرعة بوتمكين وعمال وبحارة بتروغراد الثوريين والسوفييتات والهجوم على القصر الشتوي, والطرائف التي اوردوها عن تشاباييف الجندي البسيط في الجيش الاحمر ووعيه الطبقي الفطري.
بين الحين والاخر كانت والدة الشهيد تدق باب الغرفة تنبهنا, لنخفض من اصواتنا التي يرفعها حماس الاغاني الثورية التي كانت تغنى وتحذرنا من صوتنا العالي الذي قد يجلب انتباه عسس البعث.
في مئوية ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى, لايمكن ان تغيب ذكرى الاحتفال الاول مع الشهيد عادل تركي الذي قُتل غدراً عندما كان منخرطاً في حركة الانصار الشيوعية في كردستان العراق مع رفيقين معه وسلمت جثثهم للنظام, من قبل بعض اعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني العملاء لجهاز مخابرات صدام المقبور, لنيل المكافأة.
 كبيرهم يتصور الان مع قيادات نافذة في الاقليم من اعلى المستويات بعد ان تقاعد برتبة عميد تدفع راتبه الحكومة الاتحادية.


 


 

142
استفتاء اقليم كردستان - ارادة شعبية ام قرار سياسي ؟
احسان جواد كاظم
المعضلة الاساسية وليست الوحيدة امام اجراء حوار سياسي بين حكومة الاقليم والحكومة الاتحادية هو مطالبة حكومة المركز قيادة الاقليم بالتراجع عن الاستفتاء والغاءه, بأعتباره غير دستورياً, بينما تتحجج القوى السياسية الكردية وخاصة حزب الرئيس البارازاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني بأن الامر خرج من ايديها وان لا احد يمكنه الغاء الاستفتاء لانه عبر عن ارادة شعبية.
قد يبدو التبرير, للوهلة الاولى, وارداً ويمتلك شيئاً من المصداقية, ولكن منذ متى اصبحت الحكومات الشرق الاوسطية بالتحديد تعير بالاً للارادة الشعبية ؟ ثم هل كانت للارادة الشعبية في الاقليم حقاً دوراً في اجراء الاستفتاء ام هو قرار سياسي وارادة حزبية دفعت الامور بهذا الاتجاه مستغلة تطلع طبيعي لكل شعب الى قيام دولته المستقلة. فقد اكدت تصريحات لسياسيين واعلاميين كرد, بأن الغرض الاساسي من اجراءه كان هو تمديد فترة تشبث السيد مسعود البارازاني وعائلته بالسلطة في الاقليم, والتراجع عنه يعني انتحار سياسي وتهشم الصورة الاسطورية التي رسمها اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني لمسعود البارازاني.
فقط الساذج والمتغابي يمكن ان يدعي بأن الاستفتاء كان لمجرد استمزاج الرأي الشعبي بموضوعة الاستقلال وعدم وجود نيًة للانفصال, بعد كل هذه الحملات الاعلامية والدعائية والصرف الباذخ عليها واستخدام مستشارين اجانب باهضي السعر, اضافة الى ما رافقها من تصريحات نارية, لهذا اصبح من غيرالممكن  الوثوق بتوجهات حكومة اربيل, خصوصاً بعد تعمير الجانبين المتحاصصين المتخاصمين, ولسنوات طويلة, لجدار عالٍ من عدم الثقة.
ان هؤلاء الحكام يجيّرون الارادة الشعبية, في حقيقة الامر, لخدمة مصالحهم الشخصية والسياسية ولا يستجيبون لها.
فاية ارادة شعبية كانت وراء الاصرار على نهج المحاصصة الطائفية - العرقية المقيتة ؟
اية ارادة شعبية في تشظية الشعب العراقي الى شيع وملل وطوائف ؟
اية ارادة شعبية دعمت تأبيد بقاء احزاب الفشل والفساد في السلطة, بسن قوانين مفصلة على قياسها تضمن مصالحها ؟
 اية ارادة شعبية وراء عدم محاسبة المتسببين بكارثة الموصل ومذبحة سبايكر ؟
اية ارادة شعبية كردية كانت وراء تهريب نفط العراقيين لصالح قيادت حزبية متنفذة في الاقليم ؟
اية ارادة شعبية في حجب رواتب موظفي وبيشمركة الاقليم وعدم دفعها من عوائد النفط العراقي المهرب من حقول كركوك وغيرها واستحواذ قيادة الاقليم عليها ؟
وقبل كل هذا وذاك, اية ارادة شعبية وراء قيام ادارتين وبيشمركتين في اقليم أقره الدستور العراقي موحدا ؟
وهل كانت هناك ارادة شعبية في الاقتتال الحزبي في التسعينات بين الحزبين الحاكمين في الاقليم والتي لم تحل تبعاتها لحد الآن ؟
اية ارادة شعبية في تخريب العملية الديمقراطية في الاقليم ومنع رئيس البرلمان من وطء ارض عاصمة الاقليم اربيل ؟
اية ارادة شعبية عطلت توفير الظروف الذاتية والموضوعية لقيام دولة كردية ؟
اية ارادة شعبية تقف وراء اقرار قوانين رجعية تحط من قدر المرأة وتصادر حقوق الطفولة ؟
اخيراً وليس آخراً, اية ارادة شعبية في الارتهان للقوى الاجنبية ؟
اجراء الاستفتاء كان قراراً سياسياً وليس ارادة ومطلباً شعبياً !
 


143
اعلام اسرائيلية في سماء كردستانية !
احسان جواد كاظم
صُدم الكثير من العراقيين بمن فيهم كرد بكثافة الاعلام الاسرائيلية التي رُفعت قبل واثناء الاستفتاء وبعده, والتي تعدى رفعها من قبل شباب اغرارمتحمسين الى تلويح افراد من البيشمركه بالعلم الاسرائيلي بيد وباليد الاخرى سلاح الدولة العراقية التي طالما اكد المسؤولون الاكراد, بأنهم جزء من منظومتها الدفاعية, مما يوحي بوجود تشجيع رسمي برفعها.
 ويتحجج البعض من مسؤولي الاحزاب الكردستانية بأن الكثير من " الاعراب " يرتبطون بعلاقات بأسرائيل... فما المانع اذا هم رفعوا علمها ؟
لكنهم ينسون بأن بعض الافعال, في لحظة تاريخية ملتبسة, كالتي نشهدها, تتخذ معانٍ اخرى. لاسيما وان شعوب المنطقة رفضت وترفض التطبيع مع نظام الابارتهايد الصهيوني رغم وجود علاقات دبلوماسية لحكامها معه.
المشجعون على هذا الفعل, وهم شرذمة عنصرية متعصبة تحاول دق اسفين في العلاقة بين الشعبين الشقيقين, واثارة مشاعر العداء بينهما. فهم يعرفون تأثير ذلك السلبي على وجدان ومشاعر كل عراقي وليس على العرب منهم فقط, عندما يجري تفضيل عدوهم الاسرائيلي عليهم.. هم جارهم التاريخي برفع علم هذا الكيان اللقيط المغتصب لأرض شعب مظلوم... وكأن الحقد يمكن ان يؤسس دولة.
واذا كان رفع هذا العلم جاء نكاية بالعرب من العراقيين , فهذا ليس من شيم واخلاق شعبنا الكردي الكريم الذي عشنا معه وفهمناه, وهو بعيد كل البعد عن هكذا ممارسات مشبوهة. واذا كان تعبيراً عن امتنانٍ لدعم ما من الكيان الصهيوني لقادة الأقليم, فأنه يبعث رسالة خاطئة عن حقيقة هدف الاستفتاء, هل هو تعبير عن توق مشروع لتقرير المصير, ام تنفيذ لمخططات تقسيم البلاد لمصلحة الاعداء ؟
 عند ذاك يختلف الأمر و يصبح مدعاة للرفض والمكافحة !
لايمكن لدولة كأسرائيل تضطهد شعباً وتغتصب ارضه ان تدعم حرية شعب آخر الا لغرض خبيث يخدم مآربها الدنيئة في اشاعة الفوضى وتقسيم البلدان.
   

144
استفتاء اقليم كردستان العراق بين الدوغما والبراغما !
احسان جواد كاظم
عُرف عن الساسة الكرد بأنهم براغماتيون في تعاملهم السياسي, لكن الدوغما التي انتابتهم بشأن اجراء الاستفتاء, عجزت عن اقناع اقرب شركائهم وحلفائهم في المحاصصة ودول المحيط الاقليمي ودول العالم  بحججهم وتبريراتهم وشرعية قرارهم, رغم ما يسوقوه من حديث عن حقوق مشروعة للشعب الكردي مع رغبتهم في انهاء العلاقة مع بغداد. فهكذا روابط شعبية ورسمية, تحكمها شروط الجغرافيا والتاريخ, اكثر تعقيداً من ان يقررقطعها طرف سياسي واحد بشكل انفرادي وهي لاتشبه العلاقات الفردية بين الاشخاص.. يمكن حسم امرها ببساطة, نتيجة زعل وخصام.
بلا شك بأن للسياسة احكامها وشروطها البراغماتية الخاصة, لا تتوافق مع الانماط الدوغماتية الشخصية للقائد السياسي, بسبب التعقيدات التي تحكم علاقاتها والتي يوجهها مبدأ الأخذ والرد.
الدوغما التي تتشبث بخناق الخطاب الديماغوغي التكراري الاجتراري, تنطلق من نظرة تبسيطية للامور, تثير الغرائز, عنوانها الجمود الفكري, والتي تعمى عن رؤية العوامل والشروط الموضوعية المحيطة وتتصور بأنها الوحيدة التي تملك الحق والجدارة دون غيرها.
 وهي في جوهرها, حسب التحليل السايكولوجي للسلوك الفردي, مجرد ردود افعال نابعة من ضعف في التكوين النفسي لفرد يعاني من صراعات داخلية, يحاول صاحبها مداراة ذلك, بسلوك متهور مغرور يتسم بالتعنت والعناد والاصرار العدمي.
اما البراغما فهي تعبرعن استعداد لخوض النقاش والتفاوض المثمر مع الاطراف الاخرى والأنفتاح على ايجاد حلول مشتركة.
ان التجييش الحاصل للقوى واثارة نزعات التعصب القومي لدى الجماهير في الاقليم ضد شركائهم في الوطن واخضاع مناطق غير محسومة تابعيتها القانونية لأقليم كردستان والاصرار الذي رافق عملية التحضير لأجراء استفتاء الانفصال عن العراق, رغم تواتر المناشدات الوطنية للأحتكام للحوار والمساعي الدولية لأصلاح ذات البين والضغط الاقليمي, سيؤدي الى صراعات وتداعيات دراماتيكية, الجميع في غنى عنها, خصوصاً عندما يكون الخاسر الأول فيها, المواطن البسيط من كل الاطراف.
 كما لن يفض الهاب المشاعر هذا, في النهاية, الى تغيير الخارطة الجيو سياسية في المنطقة لدواعي عاطفية, ويبقى ذلك في اطار العبث السياسي ليس الا, وذلك بسبب عدم وجود ارادة سياسية دولية توازي او بمستوى المطامع الاستعمارية التي فرضت معاهدتي سايكس بيكو وسان ريمو لتقسيم تركة الدولة العثمانية قبل قرن والتي كانت من نتائجها مشاكلنا الحالية. اضافة الى سياسة العولمة السائدة واستحقاقاتها, وتوازنات صراع الاقطاب, تكبح حدوث تغيير.
ان عناد الدوغما السياسية لأصحاب القرار اكثر ضرراً من الدوغما الشعبية المتحمسة لها, لأن فشل التهييج في بلوغ اهدافه, سيشكل صدمة ويخلف يأساً وجزعاً لا نتمناه لأهلنا ومواطنينا الكرد واللذين قد يؤديا الى نتائج لايحمد عقباها, أقلها الكفر بكل قياداتهم السياسية.
بين دوغما الذات الاستعلائية للقادة النرجسيين المدمرة وبراغما التعقل لحظة شعور بالمسؤولية... غيابها, نهر متدفق من دماء الفقراء, يتحمل تبعات اراقتها اصحاب القرار الذين يمكن ان يتوافقوا بعد حين بعد ان تقع الفاس برأس المواطن البسيط.
تؤشر الازمة البنيوية التي سببتها المحاصصة الطائفية - العرقية, والتي فقعت دملتها عملية الاستفتاء, الى ضرورة صياغة علاقة فيدرالية قويمة مع الاقليم تضمن لمواطنيه حقوقهم وتمنع تغول وتضخم اللاشرعية في البلاد.
 

145
وصفة الوزير السابق رائد فهمي للحد من الفساد !
احسان جواد كاظم
هي ليست اختراعاً حصرياً للشيوعي رائد فهمي ولكن يبدو انه اول من وضعها موضع التنفيذ في عراق اليوم واثبتت نجاعتها. فلم يعرف عن الوزارتين التي تسلمهما الشيوعيون في السنين الماضية, وهما وزارتي العلوم والتكنولوجيا وشغلها السيد رائد فهمي والثقافة التي شغلها السيد مفيد الجزائري, ان شهدتا فضائح فساد خلال فترة توليهما لهاتين الوزارتين.
 ففي لقاء للسيد رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي على قناة آسيا الفضائية, سأله مقدم البرنامج عما فعله من اجراءات ليحد من تفشي الفساد في وزارته في ظل استشراءه في وزارات واجهزة الدولة كافة ؟  فأجاب بأنه حصر دراسة المناقصات بلجان متخصصة وبعد التدقيق الداخلي لها, يقوم بالتوقيع عليها وهو بذلك اوصد الباب بوجه حيتان الفساد, وليس كما هو متداول في الوزارات الاخرى بحصر عقد المقاولات بمكتب الوزير المرتبط بدوره بالمكتب الاقتصادي لحزبه, مما يفتح مجالاً للمساومات المباشرة معه على حساب الصالح العام.
 اجراءه هذا, قلص امكانيات حصول عمليات فساد كبيرة, كان يمكن ان توقع ضرراً للاقتصاد الوطني. لذلك لم يحاول صائدو الصفقات اللقاء به او الوصول اليه, لعدم وجود جدوى من ذلك, اضافة الى ما يعرفونه من ( مثالية الشيوعيين في مسألة النزاهة ).
هي وصفة كانت لعمري لتحد من الكثير من ملفات الفساد وتحصرها في ادنى درجاتها وفي مستويات وظيفية دنيا, وتقلل من اهدار المال العام وتسربها الى جيوب مافيات الفساد من راشين ومرتشين ومزورين لو توفرت لدى الوزير المعني النيّة الصافية والارادة الوطنية الصادقة اضافة الى الارادة السياسية القويمة لدى الاحزاب السياسية المتصدية للعمل الوزاري خلال حقبة مابعد سقوط صدام 2003, لكن القوى المتنفذة كانت لها ارادة سياسية اخرى مختلفة, فقد آثرت الانحياز الى مصالحها الفئوية بأتباع نهج المحاصصة الطائفية - العرقية, الذي استند على توزيع ميزانية الدولة ومشاريع الوزارات ووظائفها فيما بينها وعلى اعوانها واتباعها دون غيرهم من العراقيين, وهذا هو الفساد بعينه.
ان ما اعتمده الوزير السابق رائد فهمي للسيطرة على عملية التلاعب بالعقود الوزارية للحد من الفساد في وزارته لم تكن الآلية الوحيدة التي تم تبنيها اضافة الى طرق الرقابة التقليدية المعتمدة  في اجهزة الرقابة الرسمية المتعددة في الدولة العراقية.
 فربما ان ما يشهد للاستاذ رائد فهمي خلال فترة توزيره, هو بذله الجهود لجعل مشروع الدولة الالكترونية موضع التطبيق بأستخدام الأنترنيت, كما هو معمول به في الدول المتقدمة, ليغلق منافذ فساد عديدة مثل: الحد من عملية الابتزاز الواسعة النطاق للمواطن المراجع لدوائر الدولة التي يمارسها بحقه اصحاب النفوس الدنيئة من موظفين فاسدين يفرضون الأتاوات ويستجدون الرشاوى, وذلك بتقنين الاتصال المباشر بين المواطن المراجع والموظف, اقصى ما يمكن بالتعامل الالكتروني, ويقضي بدوره على ظاهرة المعقبين والوسطاء, ويحصر المحسوبية والمنسوبية في اطر ضيقة ويوقف ممارسات بيع الاستمارات الحكومية المجانية ... اضافة الى انه يحد من الروتين والبيروقراطية الاداريين والترهل الوظيفي.
المثل العراقي القائل بأن " السمكة تجيف من راسها " يعبر عن حقيقة يعرفها الجميع لكنه يقودنا ايضاً الى معرفة انجع السبل الى مكافحة الفساد في اجهزة الدولة, وهي البدأ بتفكيك حلقات الفساد في المستويات الوظيفية العليا, لتكون رادعاً للمستويات الدنيا من المرؤوسين المرتشين بعد توفير كل مستلزمات مكافحة ناجحة للفساد وهي وجود قوانين عقابية صارمة اضافة الى توفر جهاز قضائي اجرائي له صلاحيات قانونية قادر على تطبيق الاحكام القضائية على كل من كان مهما علا شأنه.
لأفشال عملية مكافحة الفساد, تصّر الاحزاب المتنفذة على " طهو تلك السمكة المنتنة ", بالتمسك بنهج المحاصصة النهبوي وتسعى الى حماية هذا الفساد بقوانين مفصلة على القياس لتحميهم, كالأبقاء على قانون انتخابات جائر او قانون احزاب بثغرات كبيرة او بأحتواء استقلالية هيئة الانتخابات والهيئات المستقلة الاخرى تحاصصياً, لتؤمن استمرارها في السلطة. اضافة الى استغلال المال السياسي واجهزة وسلاح الدولة وقمع اي احتجاج شعبي وتقويض الحريات العامة والحقوق وخصوصاً حرية الرأي والتظاهر... كما تلجأ لذر الرماد بالعيون من خلال قيامها, وبعد ان انكشفت فضائحها, بالتضحية بكباش فساد, مرة بأخضاعهم لمحاكمات حزبية داخلية شكلية ومرة اخرى بتهريب " الجمل بما حمل" الى خارج البلاد, متصورين بأن هذه الحيّل سوف تنطلي على المواطن الحصيف.
فما انتم فاعلون " اذا جاء أمرنا وفار التنور ؟ " / المؤمنون-27

https://www.youtube.com/watch?v=EAUvJWX5LuM&index=1&list=PL_bjxmpeM97PTqLPRoXGlIY9xgYrLMZ8f


146
طريقة سانت ليغو المُحرفة وصنع الأغلبية الباغية !
احسان جواد كاظم
 André Sainte-Laguë لعل الرياضي الفرنسي
( 1882 - 1950 ) يتقلب في قبره بعد اقرار مجلس النواب العراقي لطريقته في توزيع الاصوات الانتخابية بعد تحريف.   
 فقد كانت فلسفته من ابتكار هذه الطريقة هو احقاق الحق, قدر الامكان, وتوسيع المشاركة الديمقراطية بينما يريد اسلامچـية السلطة وحلفائهم في المحاصصة بعد تحريفها, تسخيرها لضمان استمرار وجودهم على قمة السلطة رغم انف الناخب العراقي, بسرقة صوته الانتخابي واحتسابه لمن لم ينتخبه ولصالح من لايستحقه ولجهات لم تهتم يوماً بآلامه وآماله, بل تناصبه العداء فكراً وسلوكاً. وفرضهم من ثمة, ذات قياداتهم الفاسدة الفاشلة واقصاء الوطنيين الرافضين لسياساتهم التدميرية.
 وبين الحل والحيلة يتراوح اجتهاده. بعد ان حوّلوا طريقته في احتساب الاصوات من حل لضمان حقوق المصوتين الى حيلة لسلبها لصالحهم.
وبعد ان استفادوا من نهج المحاصصة الطائفية - العرقية, النهبوي المُدان والغير شرعي دستورياً, في ترتيب اوضاعهم من خلال سرقة المال العام والتغلغل في مؤسسات الدولة والمجتمع وشراء الأتباع وترهيب المواطنين, يسعون اليوم الى تأبيد وجودهم في السلطة بأرساءه على اساس قانوني من جانب, ولأبعاد شبح المسائلة القانونية عما جلبوه من مآسٍ بحق العراقيين خلال سنوات حكمهم الماضية العجاف, من جانب آخر.
وفي محاولتهم للخروج من هذا المأزق الذي وضعوا انفسهم فيه, لجأوا الى خيار التشبث بالسلطة بأية طريقة, كحل أنجع وأسلم, حتى ولو بلوي عنق القوانين وهضم الحقوق, كما حدث بالألتفاف على تشكيل مفوضية مستقلة حقاً للانتخابات اوعلى سن قانون احزاب ديمقراطي اوقانون انتخابي منصف... ألحقوها بقيامهم, هذه الايام, بمناورة لم تنطل على المواطن العراقي الواعي, بطرح سقف عالٍ لطريقة احتساب الاصوات الانتخابية متمثلاً بسانت ليغو 1,9 لجس نبضه, ليجري التساوم عليها لاحقاً بعد الرفض الشعبي الواسع لتوجه الهيمنة الجائرة ثم القبول بقاسم 1,7 والظهور بمظهر المتنازل والمستجيب للضغط الشعبي في اختبار فاشل لنباهة وانتباهة هذا المواطن, لأن هذا القاسم الجديد ايضاً لايطمّن مطالب القوى الشعبية في احتساب الاصوات الانتخابية على اساس مبدأ تكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين المعتمد في الدستور.
ولم تعد مبرراتهم, بأن اعتماد قاسم 1,9 في توزيع الاصوات او غيره من قواسم التي تضمن هيمنة الكتل الكبيرة على الساحة السياسية والحكم, وتقوض وجود الكتل والاحزاب الصغيرة في مجالس المحافظات, سيدفع خططها في البناء نحو التحقيق, تقنع أحداً. بل انها مجرد هراء!
  فلن نقتنع ابداً بأن سرقتهم للمال العام ومصادرة حقوق المواطنين وحرياتهم وفشلهم في تقديم الخدمات طوال سني حكمهم كانت بسبب مماحكات هذه الكتل الصغيرة ومضايقاتها لهم.
ثم انحدروا, بسبب تداعي موقفهم الاخلاقي, لترقيع سمعتهم السيئة, نحو كيل الاتهامات لمعارضيهم من ديمقراطيين مدنيين, برميهم بالالحاد او بالخيانة الفكرية, لتشويه صورتهم شعبياً.  لكنهم لن يستطيعوا رميهم بتهم الفساد وسرقة قوت الفقراء والتبعية لقوى اجنبية على حساب مصالح الوطن العراقي. كما لا يمكن اتهامهم بأعتناق فكر طائفي, هو اشد فتكاً من الالحاد, أشعل نار فتنة طائفية دموية مدمرة, وهيأ البيئة الملائمة لنمو قوى الارهاب مثل القاعدة وداعش وغذى الفكر الظلامي الرجعي في المجتمع.
ان تشكيل دكتاتورية الاغلبية الباغية من احزاب ثيوقراطية وقومية عصبوية حاكمة, بأستغلال آليات الديمقراطية لسد الطريق امام عملية التغيير والاصلاح الحقيقي, اصبحت دون أفق, بعد استفحال الأزمة وتنامي الوعي الشعبي, رغم الامكانيات السلطوية التي بحوزتها من ميليشيات مسلحة وامبراطوريات مالية واعلامية وعصابات مافيا فساد تابعة مستحكمة في اجهزة الدولة, لأن حساب هذه الاحزاب التي فقدت الثقة الشعبية بها, سيكون عسيراً, فالشعب يُمهل ولن يُهمل.

 


147
رسالة السيد مسعود البارازاني الأخيرة... لمن ؟
احسان جواد كاظم

رسالة السيد مسعود البارازاني رئيس اقليم كردستان العراق في يوم 19 تموز الجاري غير معنونة لاية جهة, رغم اشارة وسائل اعلام مرئية ومقروءة الى انها موجهة الى الرأي العام العراقي.
فلا هي رسالة عادية مباشرة مرسلة الى جهة معينة ولا هي رسالة بالمعنى المجازي او تلميح لتوصيل موقف, فمضمونها قديم قدم وجود السيد البارازاني على رأس السلطة. حتى ان وقعها المكرور على مسامع الاكراد انفسهم اصبح مملاً بسبب ما لاكته الماكنة الاعلامية التابعة لمتنفذي السلطة في الاقليم.
الرسالة بالاحرى, لاتعدو ان تكون سوى بيان اعلامي, لأفتقادها لصيغة الرسائل شكلاً. ومضمونها لا يتضمن حتى استعمال ضمير المخاطب.
فهو لم يذكر ابداً في ( رسالته ) تعبير " الشعب العراقي او الرأي العام العراقي ", لنقتنع انها موجهة له.
وحتى اشارته في نهايتها الى :" أنا ارى من الافضل أن نعيش كجيران نحترم بعض ونراعي العمق الاستراتيجي لبعضنا، وأن نتعاون كأصدقاء وإخوان في المجالات المتعددة " هي دعوة  للساسة العراقيين, الممتعض من تجربته السابقة الفاشلة في التعامل معهم.
 لذا يمكن القول بأنها موجهة بالاساس الى مؤيديه, لدغدغة مشاعرهم وللتأكيد على مضيه في اجراء الاستفتاء حول انفصال الاقليم عن العراق, رغم كل الاعتراضات الداخلية والخارجية عليه.
ما يُشكل على  (الرسالة ) لو انها كانت تخاطب الرأي العام العراقي فعلاً, انها تقع في سوء فهم كبير, فرفض الاستفتاء ليس موقفاً عراقياً ( شوفينياً ) حصرياً , كما يود تصويره قادة الاقليم للبسطاء من ابناء شعبنا الكردي, بل هو موقفاً لقوى اقليمية ودولية نافذة ومنها الامم المتحدة ( تعمدت الرسالة عدم الاشارة اليها من قريب او بعيد ), وهو يتعلق بالمصالح الجيوسياسية لهذه الدول وتوازن القوى.
لاسيما وان بعض المواطنين يعلنونها واضحة بانهم ضاقوا ذرعاً بسياسات قادة الاقليم الانفرادية والفئوية الانانية على حساب العراقيين في اجزاء العراق الاخرى غير كردستان, ويرحبون بانفصاله عن طيب خاطر.
يحاول المصرون على اجراء الاستفتاء ايهام المواطنين البسطاء بأن العبرة في اجراءه هو في نسبة المصوتين ايجابياً عليه والذي تحكمه - في العادة - دوافع عاطفية محضة. بينما العبرة الحقيقية هي في تهيئة الظروف الملائمة لما يمكن ان يُبنى على هذا الاستفتاء, وهو قيام دولة قابلة للحياة. وقد فشلت قيادة السيد البارازاني في توفيرها.
في حقيقة الامر ان القيادة الكردية في حاجة الى تبرير سياساتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لسكان الاقليم اكثر منه الى الرأي العام العراقي قبل ان تشرع في اجراء الاستفتاء. فهي لم تجب على التساؤلات الشعبية عن مصير العملية الديمقراطية في الاقليم بعد تعطيل البرلمان الكردستاني والاستئثار بالسلطة وقمع حرية الرأي, اضافة الى الغموض الذي يعتري اوجه صرف واردات النفط المصدرة وضرائب المنافذ الحدودية , او لماذا حجبت الحكومة الاتحادية حصة الاقليم ( 17% ) من الميزانية العامة للبلاد ؟ ...
عدم الانصاف هي السمة البارزة في هذه الرسالة بعرض أنصاف الحقائق, وهو ما كان متوقعاً من معديّها. فهي اعطت التبريرات التي تدفع قيادة الاقليم للمضي في الاستفتاء والانفصال بالأشارة الى مشاكله مع الحكومة الاتحادية ولم تذكراسباب الطرف المقابل في رفضه ومآخذه على سياسات قيادة الاقليم الانعزالية والفئوية وعدم التزامها بالدستور وضربها عرض الحائط القوانين الاتحادية العامة الملزمة لكل الوحدات الادارية التي يتكون منها كيان الدولة العراقية بما فيها اقليم كردستان.
ان المتابع الدؤوب للمواقف السياسية, لابد ان يعترف بان لغة التهديد والوعيد, التي اشارت لها ( الرسالة ), هي في اغلبها صادرة من قيادات سياسية متنفذة في الاقليم ضد الاخرين التي ظنت ان تعقيدات الوضع الداخلي في مناطق البلاد الاخرى ستدوم ولن تنفرج, عدا بعض التهديدات الفارغة المضمون التي اطلقتها جهات خارج الجهاز التنفيذي للدولة العراقية او بعض الموتورين المتفرقين على مواقع التواصل الاجتماعي لهذا السبب او ذاك, وهي مواقف لا يُعتد بها.
 اذا كان هناك من جزء مفقود في الرسالة اياها فهو عدم وجود اي مؤشر سياسي جديد في الموقف الكردي الرسمي, يعبر عن استيعاب للمتغيرات الجارية بل هو يتجاهل كلياً المستجدات التي طرأت على ارض الواقع المتمثلة بعودة مدينة الموصل ومحافظة نينوى الى حضن الوطن والبعد العالمي لهذا الحدث في تقويض الارهاب, والذي يمكن ان يوفر اجواءاً سياسية مناسبة للتفاهم والتعاون والتآخي الوطني, ويفتح آفاقاً جديدة للتقدم.

http://www.rudaw.net/mobile/arabic/kurdistan/190720172






148
لكي لايُسرق النصر على داعش او يُقزّم !
احسان جواد كاظم
كان النصر المؤزر على عصابات الدولة الاسلامية داعش في الموصل ثمرة للتلاحم الوطني ولتضحيات ابناء مؤسسة وطنية عريقة هي القوات المسلحة العراقية الباسلة وفي سبيل اهداف وطنية هي تحرير الارض والانسان.
 ولذلك جاء النصر تأكيداً جديداً على رفعة النهج الوطني الجامع الذي حرر الارض ازاء وضاعة النهج المحاصصاتي المكوناتي التمزيقي الذي سلمها للاعداء.
لقد ادت انتصارات المقاتلين العراقيين الى فقدان اعداء الوحدة الوطنية لتوازنهم, فهم بين مصدوم ساهم لايعرف ما يفعل وبين من يحاول تفريغ النصر من مضمونه الوطني بتجزئته تارة على مقاس فئوي ضيق او بنسبه تارة الى سيد اجنبي, ويبخسون بذلك التضحيات والدماء التي اريقت لابناء العراق.
لم يستسلم اصحاب المشاريع الفاشلة والمسؤولون عن كل هذه المآسي من تجريب حظوظهم في سرقة هذا الانتصار الذي تعمّد بدماء الشهداء في سوح القتال, فشرعوا بأرتداء لبوس المقاتلين والذهاب الى مناطق القتال بعد ان هدأ أوار نيرانها ليتصورا معهم وبين الانقاض, رافعين شارات النصر, باعتبارهم صنّاعاً مشاركين لهؤلاء الابطال في انتصاراتهم, لكن الوعي الشعبي لمراميهم الدنيئة كان لهم بالمرصاد.
البعض منهم يحاول التقليل من قيمة النصر المتحقق وتمييعه بالحديث مرة عن مستوى التدمير الذي لحق بالمدينة واحيائها ( بعد ثلاث سنوات من حكم داعش الذي دمر ابرز شواهدها التاريخية والمعمارية وقتال شرس ) او الاساءة الى القادة بصورة ما او تحميلهم فضائع ارتكبتها عصابات الدولة الاسلامية داعش بحق المواطنين المدنيين رغم التريث الصبور للقيادات الميدانية في حسم المعركة حفاظاً على ارواحهم, والمُمل ( بالنسبة لنا نحن المترقبين على احر من الجمر سماع خبر سحق الارهابيين, بأسرع وقت ) .
البعض الآخر آثر الصمت وتجاهل الامر, للتقليل من اهمية انجاز التحرير وتقزيمه, وكأن حدث استعادة ثاني اكبر مدينة في العراق اهمية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية... وكثافة سكانية ( وعاصمة خلافة الارهاب بما يحمله هذا من مغزى ) من براثن داعش لايشكل انعطافاً استراتيجياً في موازين القوى العسكرية والسياسية, سينعكس ايجابياً على الاوضاع في المنطقة والعالم... وحتى بعد أعتباره من قبل ستراتيجيين امريكان واوربيين درساً في العلم العسكري يمكن ان يدرس في الاكاديميات العسكرية العالمية.
 انه حدث عالمي بحق كما هو وطني!
يجمع الكل على ضرورة استيعاب الدروس مما حدث وتجاوز الاسباب التي ادت الى سقوط اكثر من ثلثي الاراضي العراقية تحت براثن الارهابيين, لكن لايبدو على القوى السياسية المتنفذة من ( اسلامچية السلطة )* وحلفائها والتي قادت سياساتها الى هذه المآسي, انها قد استلهمت العبر مما حدث, فهي لازالت متمسكة بذات النهج التقسيمي, نهج المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض وبمصالحها الفئوية الانانية.
فها هي الاحزاب الطائفية الشيعية تحاول تجيير تضحيات وانتصارات ابناء قواتنا الوطنية المسلحة لصالحها سياسياً باعتبارها (ممثل ) المكون الطائفي الاكبر في البلاد. والاحزاب الطائفية السنية تحاول رص صفوفها على ذات الاسس البائرة, بعقد اجتماعات ذات صبغة طائفية عشائرية, تضم شخصيات وجهات مشبوهة كانت سبباً في تأزيم الاوضاع وتخاذل بعضها امام زحف داعش. لذا باتت ثقة مواطني هذه المناطق بنخبهم السياسية والعشائرية ومنها الممثلة في حكومتي الانبار ونينوى المحليتين, مهزوزة.
قيادة اقليم كردستان, بعد قضمها المستمر لاراضي جديدة اثناء قتالها للدواعش في بعض المناطق ذات التنوع الاثني وضمها الى سلطتها, لفرض واقع جديد عليها, باعتبارها اراض اضافية مكتسبة بحدود الدم, فانها لم تنصف سكان هذه المناطق المنكوبة, ولم تقم بتبرير ضمها لهذه المناطق على شكل تعمير هذه المناطق وتحسين ظروف حياة مواطنيها المعيشية بل جرى العكس بتهجير بعضهم ومنع رجوع عوائل البعض الآخر الى مناطقهم المحررة.
 ولمحو آثار الدعشنة قامت قيادة الاقليم بحملات كردنة لهذه المناطق التي عانت ويلات العربنة قبلها على يد النظام البائد.
الدرس المستفاد من كل ما حدث : أن الاطراف السياسية المنهزمة امام داعش غيرمؤهلة - لا اخلاقياً ولا فنياً ولا سياسياً - لتنفيذ استحقاقات النصر, لذا يصبح من الضروري البحث عن حلول عملية على ضوء حقائق التواجد الميداني لقواتنا المسلحة المنتصرة في الموصل ومحافظة نينوى, والثقة العالية التي يمحضها السكان.
 ولتحقيق هدف اعادة الاعمار, ربما ينبغي تعيين حاكم عسكري مؤقت للمنطقة مدعم بأدارة مدنية نزيهة مختارة من نخب ادارية وثقافية وعلمية كفوءة ذات توجهات وطنية, بعيداً عن الادارة المحلية الفاشلة السابقة للمحافظة, تقع على عاتقها عملية تقييم الاضرار وتحديد الاولويات للشروع بأعادة بناء البنى التحتية واحياء المناطق المدمرة وتهيئة ظروف الامان والاستقرار للمواطنين وانغمارهم بتنمية مناطقهم, والا ستبقى هذه المناطق رهينة دوامة الخلافات السياسية على تحاصص اموال التعمير, وتتهيأ بذلك, مرة اخرى, بيئة صالحة لعودة جديدة لداعش.
 وكمرادف لأنتصارات قواتنا الوطنية المسلحة, كان تنظيم الشباب المدنيين من كل مناطق العراق لأحتفالات فرح مع اهالي الموصل بمناسبة عيد الفطر المبارك ثم في احتفالات النصر على داعش في الجانب الايمن, مبادرة متقدمة بأتجاه مصالحة مجتمعية حقيقية تبدأ من الاساس... القاعدة الشعبية, متجردة من اللهاث وراء المنافع الذاتية, بديلة عن مبادرات المصالحة الزائفة التي دأبت عليها احزاب السلطة المتنفذة مع مشايخ دين وشيوخ عشائر وسياسيين نفعيين لم تفض يوما الى توفير مناخ صحي للتآخي الوطني.
 لقد انجز الشباب المدني بزيارتين سريعتين للموصل المحررة وبباقة من الفعاليات المجتمعية الثقافية تآلفاً وطنياً , عجزت عن تحقيقه سنين من العروض الاستعراضية ومؤتمرات المصالحة التليفزيونية والتوزيع السخي للاموال والاسلحة والمناصب التي اغدقت على منتفعين , لم يقدموا شيئاً لمواطنيهم.
اكتسب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بعد الانتصارات على داعش, قوة مادية متمثلة بقوات وطنية مسلحة مقدامة مُجربة ودفعة معنوية متجسدة بألتفاف شعبي حول صانعي النصر, وهذان العاملان ينبغي ان يشكلا حافزاً قوياً له للشروع في تقديم المتورطين في سقوط الموصل بايدي الدواعش عام 2014 وتداعياته الى القضاء ثم البدء بعملية اصلاح وتغيير حقيقية بالاطاحة برؤوس الفساد والجريمة في البلاد, كعربون وفاء للجماهير الشعبية التي قدمت ابنائها وقوداً لعملية التحرير وهي الوحيدة التي تستحق جني ثمار هذه الانتصارات بتأمين حياة حرة كريمة لها ومستقبل واعد للاجيال الصاعدة.
ولأننا لانريد لداعش بلبوس جديدة ترى في مثل فرادة الشاب المغدور كرار نوشي وفردانيته سبباً لأراقة دماء, ان تقوم لها قائمة... نطالب بالشروع بالحرب الوطنية ضد دواعش الفساد .

* تعبير ( اسلامچية السلطة ) مأخوذ من مقال للكاتب ( صبرائيل ) في الفيس بووك.

149
ازمة قطر والتسامح في حقوق العراقيين !

احسان جواد كاظم

الاتهامات الموجهة لدولة قطر بدعمها ورعايتها للارهاب من شقيقاتها الخليجيات لم تكن غريبة او مفاجأة لنا نحن العراقيين وللكثير من شعوبنا العربية. فما اعلنته هذه الدول خبرناه, بتفجيرات همجية, طالت مواطنين ابرياء في اسواقنا ومدارسنا واحيائنا الشعبية, والتي اورثتنا دماراً هائلاً لبُنانا التحتية.
 وما من بلد يزخر بالبراهين المادية على تورط السعودية وقطر وتركيا ومؤسسات دينية واعلامية ومتنفذين في الدول الخليجية والاسلامية الاخرى... كالعراق, سواءاً بعدد ضحايا العمليات الارهابية او باعترافات الارهابيين الموثقة او المستمسكات الثبوتية بتمويل الدول الخليجية ودعمها اللوجستي لها, وعلى اعلى المستويات الرسمية... هذا غير اكداس الوثائق الشخصية التي تثبت جنسيات هؤلاء الارهابيين, ومن يقف ورائهم من جهات دينية تكفيرية, تقوم بتجنديهم من خلال الجوامع والمدارس الدينية في بلدانهم وارسالهم لارتكاب جرائم همجية.
 يسكن كل عراقي يقين ثابت, ان بعض الدول التي ترمي قطر بتهمة دعم الارهاب, هي ذاتها ليست اقل تورطاً منها في دعم منظمات اسلامية ارهابية كالقاعدة وتلويناتها ثم دولة داعش, ودورها البغيض في تفتيت مجتمعات دول عديدة في المنطقة.
لهذا فأن بقاء الموقف الرسمي العراقي مقتصراً على اتباع سياسة " دفع البلاء " مع أبالسة الاسلام السياسي مفرخي الارهاب, لكف أذاهم, رغم ان أذاهم سابق ومتلاحق, لاينم عن جدية في التعامل مع هذا الملف... فمثل هؤلاء لا يمكنهم ان يكونوا غير ما هم عليه من حقد وخوف من اي دور حضاري تنويري للعراق في المنطقة.
 بينما المطالبة بالاقتصاص القانوني من الدول والجهات التي غذت الارهاب ودعمته ووجهته الى بلادنا, يعتبر حقاً كفلته شرائع الامم المتحدة .
ان تبني هذا الموقف لايمكن ان يكون انحيازاً لجهة ضد اخرى او انخراطاً في محاور وانما انحيازاً لمصالح شعبنا وحقوقه.
فحتى دول اقل تضرراً من سياسات دولة قطر الداعمة للارهاب كمصر وتونس تسعى لمقاضاة حكومتها الآبقة, بينما تتسامح جهات سياسية متنفذة في الدولة, مرتبطة بأجندات اقليمية ودولية, بدماء ابناءنا ومعاناة شعبنا وخساراته.
لقد آن الأوان لأستثمار انتصاراتنا العسكرية الداخلية على الارهاب لأحراز مكاسب خارجية, ليست على مستوى سياسي دولتي فقط بل على مستوى شعبي ايضاً... بمطالبة الدول والمؤسسات التي دعمت الارهاب ( على الأقل ) بتعويضات مجزية مقابل ما احدثه من ارسلوهم من حثالات الامم من تقتيل ودمار ومآسي في بلادنا, خصوصاً ونحن نشهد انفراط عقد هذه الدول, الذي هو احدى ثمرات هذه الانتصارات المتحققة على الجبهات في العراق وسوريا, ويأسها من تحقيق مآربها.
ينبغي على الحكومة العراقية والجهات القضائية والمنظمات الشعبية والمجتمعية وكل متضرر مباشر من عمليات الارهابيين الاجرامية, تهيئة لائحة اتهام بحق دولة قطروحكومتها وغيرها من بلدان ومؤسسات ساندت الارهابيين بالقول او بالفعل. لاسيما ونحن نعيش الذكرى الاليمة باحتلال داعش الموصل ومدن عراقية اخرى و ذكرى مجزرة سبايكر الرهيبة.
ان الضغط بهذا الاتجاه على مستوى المنظمات الدولية, مستفيدين من تحول الرأي العام العالمي الشعبي والرسمي من الارهاب الاسلامي وضرورة محاربته ومحقه, يعطي من جانب آخر شعوب الدول الداعمة للارهاب, دعماً معنوياً للوقوف ضد مستبديها الذين يرعون الارهاب ويمارسونه باسم الدين.
خدمة مصالح شعبنا الوطنية يجب ان تكون دافع حكومتنا الاول في ادارة ملف السياسة الخارجية... فلو دارت الدوائر اليوم على قطر فانها ستتدحرج عاجلاً او آجلاً على السعودية, وهما شريكتان في انشاء التنظيمات الارهابية ودعمها وتمويلها, لاسيما وان كل جهة بدأت تنشر الغسيل الوسخ للجهة الاخرى وتتكشف كل يوم حقائق جديدة في تنافسهما في دعم الارهاب وقتل الابرياء في البلدان الاخرى بعد تفتيتها.
 كما لاينبغي ان يغيب عن بالنا ان " قانون جيستا " الامريكي لازال قائماً رغم حفظه المؤقت في ادراج الادارة الامريكية بعد استلام الرئيس الامريكي ترامب للجزية من الملك السعودي في الرياض, والذي يمكن ان يُفعّل في اية لحظة, بسبب مطالبات أسر ضحايا 11 سبتمبر للقصاص من حكومات الدول التي دعمت ومولت الارهابيين منفذي الهجوم على برجي مانهاتن.
وفي النهاية لابد من تحميل الادارة الامريكية مسؤولية السكوت على دور حلفائها في تغذية الارهاب وتعاظمه, وتفرجها على مآسي شعبنا وشعوب المنطقة الاخرى والعالم.
انها شريك مباشر في المذبحة.
 اللا موقف في شأن استلال حقوق العراقيين, موقف شائن !



150
مناقشة لرؤية الشيخ قيس الخزعلي حول رئيس الوزراء القادم
احسان جواد كاظم

كثر الحديث عن فترة مابعد داعش, وقد طرحت مبادرات بتسويات سياسية لتوليف محاصصة مُحسنة مُلمعة, لخداع المواطن العراقي بعد ان ذاق الأمرّين من فشل برامج الاسلام السياسي في كل المجالات وما قادت اليه من كوارث.
الشيخ قيس الخزعلي قائد عصائب اهل الحق المشاركة في الحشد الشعبي في التصدي لداعش كان له خطاباً ورؤية لما بعد داعش بوجوب ان يكون رئيس الوزراء القادم حشدياً حصراً.
وقد علل ذلك, لكي يحافظ رئيس الوزراء الحشدي على انجازات وتضحيات الحشد على جبهات القتال مع داعش ومساهمته الفاعلة في تحرير مدن وقرى من براثنها. ولعل هذا التصريح يُبطن عمق الانقسام السياسي الحاد والشيعي منه بالخصوص, حد التصنيف على اساس " حشدي وغير حشدي ".
لا نريد هنا ان ندخل في مقارنة, مَن من القوى المقاتلة حقق حجم انتصارات اكبر على داعش من غيره, لأنها لن تكون في صالح المطالبين بها, لا ادبياً ولا عملياً, وهو ما يعرفه كل عراقي...والتواضع سيد الاخلاق.
 ولأن للنصر آباءاً متعددين والهزيمة يتيمة. فأنه لا يستطيع اي احد ان يحتكر الانتصارات المتحققة ونسبها له, لاسيما وان سير المعارك والتنسيق بين القوى المقاتلة كان تكافلياً.
ونربأ بأنفسنا عن المفاضلة بين دماء المقاتلين من ابنائنا في سبيل الوطن, فالدم العراقي واحد, وهم كلهم اعزاؤنا. 
مبدئياً, ليس هناك اعتراض على تسنم اي مواطن عراقي, تفرزه انتخابات نزيهة وحرة حقاً, رئاسة الوزراء, شرط ان يخدم مصالح كل العراقيين بدون استثناء وبدون تمييز ويلتزم بالأطر القانونية والديمقراطية في ادارة الدولة, وان يحمل برنامجاً متكاملاً للبناء, وليس لجني مكاسب ذاتية انانية لتوجهه السياسي.
لكن التأكيد على ان يكون من الحشد الشعبي بالتحديد لكي لا تضيع تضحياتهم, فأن هذا الشرط لن يكون منصفاً. فالمضحون في القتال ضد داعش... كُثر, ولايقتصرون على الحشديين والمنخرطين منهم بفصائل اسلامية شيعية تحديداً. فهناك ابناء قواتنا المسلحة الباسلة بكل صنوفهم, الذين اعطوا دماءاً زكية غالية في تحرير مدن كبيرة عصية على الاختراق, وهناك متطوعو العشائر والبيشمركة والتشكيلات المسلحة المدافعة عن مناطقها من المسيحيين والايزيديين والتركمان.
 لابد من الأشارة ايضاً, بأن مفهوم التضحية ليس محدداً بالاستشهاد في سوح الوغى بل ان حتى ابناء شعبنا المنتهكة حرياتهم وحقوقهم, الصابرين على ظلم الفاسدين وسرقاتهم وتسلط ازلامهم والمدنيين المهجرين او الهاربين من همجية الدواعش, الذين يعانون شظف العيش في المخيمات والشباب المؤجلة امانيهم لما بعد القضاء على الدواعش... هؤلاء كلهم مضحون بدرجة ما ويستحقون ان يكون لهم صوتاً عالياً في اختيار من يحكمهم.
عموماً, لا يمكن الرجم بالغيب, بأفتراض ان رئيس الوزراء القادم من خارج الحشد سيفرط بكل هذه التضحيات والمعاناة.
ثم ان مؤسس الحشد الشعبي السيد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ( حسب زعمه ) قبل دعوة المرجعية الدينية للتصدي لداعش, هو متهم أساسي, بحكم مسؤوليته, بتسليم الموصل وغيرها من المدن العراقية للدواعش عام 2014  والتسبب بمجزرة سبايكر التي راح ضحيتها 1700 شاب عراقي بعمر الورد, ومناصبته الحراك الشعبي ضد الفساد ومن اجل الاصلاح والتغيير, العداء. ودعمه للتوجهات العشائرية, بتزويد بعضها بالسلاح, وهي اليوم تتقاتل بهذا السلاح وتهدد السلام الاجتماعي والامن العام وتثلم هيبة الدولة, وهو بنفس الوقت, زعيم اكبر تحالف شيعي - التحالف الوطني العراقي - .
اضافة الى ان التجاوزات الميليشياوية الكثيرة لأطراف تنتمي للحشد او تتستر برداءه على كرامات وحريات المواطنين وتهديد النظام والامن العام. والتي تمر دون اجراءات ردع من قياداته للمعتدين, المسيئين لسمعة الحشد, خلفت ردود فعل سلبية من قبل المواطنين ازاءه.
والتي لن يكون اضفاء القدسية عليه وعلى ممارساته سبباً كافياً لتناسيها.
لهذه الاسباب وبحكم التجربة السابقة, والتجربة أحسن برهان, فأن وجود رئيس وزراء حشدي لا يعتبر ضماناً كافياً, لعدم التفريط بالوحدة الوطنية العراقية مستقبلاً او لعدم استمرار الاحتراب الداخلي على اسس طائفية او عرقية او هضم حقوق المواطنين وتبديد ثرواتهم. 
ولمن يتذكر, فأن الميليشيات التي اصبحت فصائل في الحشد بعد الانهيارات الامنية في الموصل, كانت كما غيرها تحت تأثير الصدمة. وقبعت ساكناً في مناطق نفوذها في انتظار قدوم داعش اليها للدفاع عن غيتواتها داخل المدن لولا دعوة السيد علي السيستاني, العراقيين قاطبة للتطوع والدفاع عن بغداد والانطلاق لتحرير المدن والقرى المغتصبة.
 التضحية في سبيل الوطن واجب وليس فضلاً او منّة !

للأطلاع :
https://www.youtube.com/watch?v=hjye3VkqZbA
https://www.youtube.com/watch?v=fvCgi8oCss8


151
ضيق الأفق القومي... وصمة !
احسان جواد كاظم
يتعلل السيد مسرور البارازاني المستشار الامني لأبيه رئيس اقليم كردستان العراق السيد مسعود البارازاني وغيره من السياسيين الاكراد ب " فشل الدولة العراقية " ليطالب بالأنفصال عنها, وكأنه الحل السحري لمشاكل الاقليم الجمة.
 ومع اننا نتفق معه على فشل الاساس الذي بنوا عليه مع حلفائهم الاسلاميين في بغداد, كيان الدولة العراقية بعد 2003 وأرسوه على نهج المحاصصة الطائفي - العرقي النهبوي, الذي قاد الى سقوط المؤسسات الرسمية العراقية في امتحان ضمان الامن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمواطن العراقي, الا اننا نختلف معه على الاستنتاج الخاطيء الذي توصل اليه... بأن مجرد الانفصال سيجلب الرخاء للشعب الكردي.
 لأن الاحزاب الكردية المتنفذة في الاقليم وحكومته, هي ذاتها جزء من هذا الفشل الكبير, واحد اعمدته. ولا تزال احدى الاطراف الاكثر تمسكاً ببقاء هذا النهج الفاسد واستمراره, رغم ما جلبه من ويلات للعراقيين جميعاً بمن فيهم مواطنينا سكان الاقليم. حيث كانت هذه الاحزاب دائماً حجر عثرة امام ارساء دولة مواطنة بدل دولة المكونات المعتمدة.
وحالة الفشل ليست مقتصرة على المركز دون الاقليم, فكردستان وشعبها يعانيان ايضاً من فساد وفشل السياسيين الاكراد السياسي والاقتصادي والاجتماعي. يعني ما فيش ناس احسن من ناس, بل أن فشلهم مضاعفاً بحكم اشتراكهم في السلطة في بغداد وحكمهم الاقليم...اذا لم يكن وضعهم أسوأ, فلا برلمان فاعل في كردستان ولا حرية رأي ولا تداول سلمي للسلطة, بعد رفض السيد رئيس الاقليم مسعود البارازاني التنحي عن الرئاسة, رغم انتهاء اجلها.
 لذا فأن تكرار الحديث عن الفشل يسيء اليهم اكثر مما يسيء الى حلفاء المحاصصة الاخرين. وهذا ما ينبغي ان يتفكر فيه السيد مسرور البارازاني قبل الحديث عن الفشل.
ومن كثر ما جرى التلويح بأجراء استفتاء الاستقلال واعلان الانفصال, اصبح العديد من المراقبين وحتى في الاوساط الكردية, يقرؤنها بأعتبارها مجرد تهويشات اعلامية لترحيل مشاكل الاقليم الى خارجه وهي ليست لها مقومات نجاح حقيقية.
 وبقدر ما كان التلويح بالأنفصال اسلوباً لأبتزاز المركز فأنه كان اداة لتخوين الاكراد المعترضين عليه ومناسبة لقمعهم.
 كما ان الاستعجال في اعلان الأستقلال, من كل ولابد, في هذا الوقت المتوتر والعصيب لكل شعوب المنطقة, هدفه الأول, في حقيقة الأمر, تسجيل سبق سياسي على غيرهم من الغرماء السياسيين الاكراد, لضمان تدوين امجاد اعلان الاستقلال بأسم رموزهم العائلية والحزبية حصراً في سجل التاريخ, بغض النظر عن مآلات هذا الاستقلال.
 وليس كما يتصور البعض, لتوفر الفرصة الذهبية, المتمثلة بضعف الحكومة المركزية في بغداد وانشغالها بالحرب مع داعش وصراعات اطرافها على الغنائم ومراكز النفوذ... فهذا الوضع لن يدوم ابداً وان محاولات تمزيق الوحدة الوطنية العراقية تصبح اضعف يوماً بعد يوم بعد الانتصارات المتحققة على داعش والتي تبرز القوات المسلحة كجاذب وطني للمواطنين العراقيين.
ان كل ادعاءات القوميين الاكراد عن الحرية والاستقلال والعيش الرغيد, تهاوت, لحظة سماحهم بتواجد قوات عسكرية تركية داخل الاراضي العراقية في مناطق الاقليم لمحاربة اكرادها. وبرهن نفط الاقليم لتركيا لشراء وهم رضاها على انفصال الاقليم عن العراق. وكذلك بأستجداءهم الامريكان لانشاء قدر ما يريدون من قواعد " عديد وسيلية " في كردستان .
ولابد من الذكر,بأن ما من احد سليم التفكير, يرحب بزيادة عدد الدول غير الديمقراطية في المنطقة بواحدة اخرى, تكون بؤرة توتر فيها.
فلا تبدو سمات هذه الدولة المبتغاة, سمات دولة وطنية للشعب الكردي رغم تغنيهم بتضحياته, بل دولة خاصة بهم... امارة مفصلة على مقاسهم.
شعبنا الكردي المضحي في العراق والذي عانى من السياسات الشوفينية للحكومات العراقية المتعاقبة, يستحق دولة ديمقراطية بعدالة اجتماعية, تكون مصدر اشعاع على شعوب المنطقة وسند للحركات الديمقراطية, لا دولة تحكمها افخاذ عشائرية او ملالي ذكر.

152
سلامات للمختَطَفين... لا سلام للمختَطِفين
احسان جواد كاظم
السيد وزير الداخلية قاسم الاعرجي, أعلن مشكوراً, الثلاثاء عن اطلاق سراح النشطاء المدنيين السبعة الذين اختطفوا في وقت سابق من منطقة البتاويين وسط بغداد.
 من المؤكد, ان اعلان هذا الخبر كان مبعث فرح للعراقيين وعوائل المخطوفين بالخصوص, بنجاة هؤلاء الشباب من عسف المجرمين.
لكن ماذا كان يعني السيد الوزير بعبارة :" أُطلق سراح " ؟
هل كانوا معتقلين لدى جهة امنية رسمية, فأطلقت سراحهم؟
ام انها كانت عملية تحرير لهم من براثن ميليشيا مجرمة ؟
في كلا الحالتين, الشفافية مطلوبة وهي ما نتوقعها من السيد وزير الداخلية ووزارة السيد حيدر العبادي المتصدية للاصلاح.
فهي اول ما يجب ان تبدأ وزارته باعتمادها, كأساس للاصلاح ووضع الامور في نصابها, ومد جسور الثقة مع المواطنين. فلم تعد عملية التضليل مجدية وانما احترام وعي المواطن, بالكشف عن الجهة التي انتهكت حرية مواطنين مسالمين وروّعتهم.
فلو كانوا من اجهزة الدولة الامنية, هل كان شروعهم بأعتقال هؤلاء الشباب قد استند على اجراءات اصولية ؟ هل كان لديهم, على سبيل المثال, أمر قضائي ؟ هل وجهت لهؤلاء الشباب تهمة محددة ؟
الأجابة الصريحة ستبرر عملهم, او تنفيه. عندها يجب تقديم مصدري امر الاعتقال غير الشرعي الى المسآئلة القانونية لنيل جزائهم العادل, لتجاوزهم على القانون والدستور.
اما اذا كانت ميليشيا متنفذة, فأنه لا ينبغي محاباتها, اذا كان هدفنا حقاً الاصلاح وبناء دولة قانون ديمقراطية, بل يجب تجريمها, لأن وجودها هو اصلا غير شرعي حسب الدستور, فما بالك وهي تمارس اعمالاً ارهابية كالاختطاف والتعذيب, ان لم يكن القتل.
ولذلك فينبغي حل هذه الميليشيات ومصادرة اسلحتها مع تقديم قادة هذه المجموعات المسلحة ومسؤوليها السياسيين الى القضاء. هذا ما نتوقعه من حكومة مسؤولة عن امن وأمان العراقيين.
 وبنفس الوقت, لابد للحشد الشعبي المقاتل للدواعش, ان يتبرأ من كل مجموعة مسلحة تقوم بانتهاك كرامة المواطن العراقي لفرض اجنداتها وقيمها الخاصة, محتمية بعباءة أنتمائها لمؤسسة الحشد وتثبيت ذلك كفقرة في قانونه لمنع ان يتحول الحشد ككيان, ملاذ آمن لمجرمين يريدون ملأ الفراغ الاجرامي للدواعش مع اقتراب حين سحقهم.
تحرر شبابنا من براثن المختطفين سالمين غانمين, بمدة قياسية لاتتعدى يومين, وهو ما لم يحصل في اية عملية اختطاف سياسي سابقة, تحقق بفضل التضامن الشعبي العارم معهم والرفض الحازم لافعال المجرمين.
 فقد تصدى لمهمة تحريرهم, جمع كبير من زملائهم في ساحات الاحتجاج على طول البلاد وعرضها ومنظمات مجتمع مدني واحزاب سياسية ومنظمات طلابية وشبابية ونسوية ومنظمات حقوق انسان ونواب برلمانيين ومثقفين وكتاب على مواقع التواصل الاجتماعي ومواطنين عاديين اضافة الى اهاليهم.... فقد وقف العراقيون وقفة رجل واحد معهم ضد المختطفين, ولم تكن اسباب اطلاق سراحهم, ابداً, اشتباه بالاسماء كما ادعى خاطفيهم !
أهلاً وسهلاً بكم مرة اخرى الى حضن الوطن !


153
العقل الباطن والخوف من المجهول الميتافيزيقي
احسان جواد كاظم

لست ممن يؤمن بالروحانيات, ولم اكن مهتماً يوماً بالتحليل النفسي للظواهر الفردية والاجتماعية وليست  لدي فكرة عنها بقدر ما اطلعت عليه اثناء دراستي للصحافة وتأثيراتها النفسية على الجماهير في لحظة معينة من التاريخ.
الذي جذب انتباهي وجعلني أثير هذه المسألة, حدث مأساوي حدث لأحد اقرب الاصدقاء, كان له تأثيره عليّ وعلي عائلتي واصدقائي من معارف هذا الصديق. فقد فقدنا في غفلة من الزمن صديقاً وفياً صدوقاً, انسان بمعنى الكلمة, هو العزيز بيرج زاكاريان, الارمني البغدادي الجميل, حيث داهمته سكتة قلبية وهو الذي لم ينه بعد ربيعه الخمسيني.
الذي دفعني للكتابة هو انعكاسات الحدث على العقل الباطن. فربما صدمتي البالغة بموت صديق عزيز كان بمثابة اخ, امراً مفهوماً, لكن رد الفعل الباطني للآخرين من افراد عائلتي واصدقائي الذين لم يكن لديهم صلة مباشرة بالفقيد وخبر الوفاة, لا اعرف له تفسيراً.
فقد حدث في اليوم التالي لورود خبر الوفاة ان التقيت مع صديق مشترك للفقيد للتذاكر والتأسي على وفاة صديقنا الحبيب المفاجئة, وتذكر سجاياه واخباره وقفشاته الكثيرة التي استدعت عندنا الضحك احياناً رغم حزننا الممض على فقدانه.
وبينما نحن قابعين في طمأنينة الذكرى,  تحرك الحس الباطن للمقربين منا والخشية الكامنة من فقدان حبيب, لمجرد تأخرنا في العودة الى دفء العش العائلي, رغم عدم وجود مبررات حقيقية للخوف. فقد توالت الاتصالات بي من زوجتي للاستفسار عن حالي ومكان تواجدي ثم بعد فترة من ابني للأطمئنان عليّ, ثم من اختي التي كنت وقتها مع زوجها, صديق الفقيد, بعد ان تمشيناً وقتاً طويلاً, على تليفون البيت للسؤال على سلامته, وهو مالم يحدث يوماً ان اطمأنت يوماً على نسيبي وهو بين يدي. ثم اتصال غير متوقع من صديق آخر, له علم بوفاة الفقيد, استفسر عن سبب اتصالي به, رغم ان موبايلي كان راقداً في جيبي الداخلي عند القلب هامداً ساكناً دون حراك, لم ألاعب ازراره ابداً, وخشيته من حدوث طاريء لي, وسألني ان كنت احتاج لأن يأتيني بسيارته.
ما حدث جعلني افكر , هل نحن وصلنا من العمر عتياً, على حد تعبير الصديقة الشاعرة وفاء الربيعي, لكي يثير ادنى تأخر في العودة الى البيت, حتى ولو لهنيهة من الزمن, خشية الاهل والاحبة من فقداننا المفاجيء في صدفة سخيفة ؟ , رغم صحتنا التي لازالت زي البمب وقلبنا الاخضر الذي يخفق عند رؤية كل قوام مياس وخد اسيل ام انه هاجس الموت الذي يأتي بدون ميعاد, والذي يقض مضاجع البعض, والذي لا يوفر احداً ؟
المؤكد ان فقداننا المفاجيء لصديق اصيل, ايقظ لدينا ولدى احبتنا مشاعر الحيطة من عوادي الزمن التي ليس لها مرد.
شخصياً, اعيش حياتي ملأ كأسها, ولا اخشى اقتراب قابض الارواح, ان كان له وجود, رغم مسحة الأسى التي تسكن قلبي من فقدان حبيب كما خالد الذكر بيرج زاكاريان.
ذهب وترك خلفه شذى طيبته وصدى موسيقاه الرقيقة. وداعاً ايها العراقي البعيد !
 

154
مسكينهم الواقف في شارع المتنبي
احسان جواد كاظم
استفزاز, هو بأختصار ما يمكن قوله عن رفع لافتات في وسط شارع المتنبي في بغداد, مزار المثقفين, تعيّر العلمانيين بعدم تقديمهم شيئاً للوطن مقابل ما قدمته جماعتهم من دماء.
صيغة اللافتات المباشرة والحادة تفضح شخصية وغرض مرسلي حامليها, المتعجرفة, والساعية لأفتعال مشكلة واشعال فتنة بين العراقيين في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا التي تستوجب التضامن والتكاتف والوحدة.
حسناً فعل رواد شارع المتنبي برد فعلهم المسؤول بتجاهلها واهمالها, فقد كان رداً بليغاً على لجلجة الجهات التي تقف وراء هكذا كتابات مغرضة.
 وقد اثبتوا سموهم ورفعتهم ورقي وعيهم ازاء هكذا استفزازات بليدة. فلابد وان الساعين للفتنة كانوا يتربصون في زاوية ما في شارع المتنبي, يتحينون الفرصة للانقضاض على رواد هذا الشارع الثقافي, الزاخر بالتنوع الفكري, عند ادنى هفوة.
ان طريقة قاصدي اثارة الفتنة في (عرض آرائهم) الاتهامية, تتعارض مع طبيعة الشارع المتسامحة, المنفتحة على تلاقح الافكار بينما هم يودون فرض نمط تفكير اقصائي, فئوي, مغرق في تخلفه, يعبر عن بلطجة فكرية لاتمارسها سوى ميليشيات وقحة.
انه سلوك ميليشياوي مشين. تتوسع يوماً بعد يوم مؤشرات رفضه ومقاومته شعبياً رغم بطش هذه الميليشيات, لابل ان اوساطاً رديفة لها طائفياً باتت تشكو منها ومن سلوكياتها وتدعو الى نقل مقراتها الى خارج المدن, اضافة الى محاولات حكومية لتجريدها من السلاح.
اخيراً, كانت مرجعية السيد علي السيستاني العليا, على لسان ممثلها في كربلاء, صريحة في ادانتها لميليشيات تقوم بترويع واختطاف المواطنين وزوار البلاد الاجانب, ودعت الحكومة الى مكافحتها.
اغلب العلمانيين ان لم يكونوا كلهم يميزون بين المقاتلين على الجبهات ضد داعش, الذين يضحون ويدفعون دمهم ثمناً لحرية الوطن وسلامة شعبه, بما فيهم ابناء الحشد الشعبي بكل اطيافه, وبين الميليشيات التي تجول في مدن البلاد الآمنة لترهب المواطنين وتبتزهم وتفرض عليهم شرائعها المتخلفة البالية بغطرسة وتجبّر.
ولان ليس للعلمانيين ميليشيات خاصة بهم, لأحترامهم دستور بلادهم الذي يمنع تشكيلها, فهم منخرطون بالتأكيد, كأفراد, في تكوينات قواتنا المسلحة والقوى المقاتلة الساندة لها, بأعتبارهم من ابناء هذا الشعب البررة, ويدفعون اسوة بالآخرين ضريبة الدم على وجود داعش على اراضينا. وما من احد يحق له المزاودة عليهم لمجرد كونه منخرطاً في ميليشيا غير شرعية. كما انهم ليسوا مطالبين بأعطاء صك براءة لأحد.
أليس صلافة... ان يبخسوا دماء وتضحيات الشهداء الآخرين من غير ميليشياتهم, حتى من غير العلمانيين؟
  بمذهبكم, مو جان حمل اليشماغ السومري, أهيب من جفية الباسداران ؟!


 
 

155
في الأول من آيار - " العقب الحديدية " وطبقتنا العاملة
احسان جواد كاظم

لمن يقرأ رواية جاك لندن (1876 - 1916 ) " العقب الحديدية " , التي تروي احداثاً متخيلة وقعت في سان فرانسيسكو, تخطر على باله مباشرة أجواء احداث تشيكاغو الحقيقية واحتدام الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة, التي تنامى وعيها وجبروتها بسبب توسعها وشدة الاضطهاد الطبقي وظروف العمل الصعبة والحياة المزرية, وممثلي الرأسمال المتوحش. حيث انطلقت شرارة الاضرابات العمالية في الاول من آيار عام 1886 المطالبة بحقوقهم المشروعة ومنها تحديد ساعات العمل بثمان ساعات, لتنتشر, كما النار في الهشيم, في دول اوربا حتى وصلت الى استراليا.
كان عمر جاك لندن عند بدأ اضراب عمال تشيكاغو عشر سنوات, وهذا يعني انه قد يكون واعياً لتلك الاحداث وقد عايش ذيولها في مدينته سان فرانسيسكو, او سمع وتأثر بها, خصوصاً بعد دخوله دورة العمل مبكراً, كعامل مناجم ومراسل صحفي وعامل بالمعامل. 
وقد اشير في الرواية الى زيارة جون بيرنز احد زعماء العمال الانكليز والعضو السابق في الوزارة البريطانية, الذي سأله احد الصحفيين في تشيكاغو خلال زيارة قام بها للولايات المتحدة رأيه في تلك المدينة, فأجابه قائلاً : تشيكاغو نسخة شعبية عن الجحيم".
 " (A pocket edition of hell " (
وبعد فترة يسيرة, فيما كان يصعد الباخرة ليبحر الى انكلترا, تقدم اليه صحافي آخر, اراد ان يعرف هل غيّر رأيه في تشيكاغو ام لا, فكان جوابه : " اجل, لقد غيرت رأيي. ان رأيي الحالي هو ان " الجحيم نسخة شعبية عن تشيكاغو ".
ورغم نسخة الجحيم الطائفي والارهابي المتحالف مع مافيا الفساد في العراق, فأن الاحتفال بالاول من آياراصبح تقليداً راسخاً مع نشوء التشكيلات النقابية الاولى وحتى يومنا هذا.
 التغييرات البنيوية التي طرأت على المجتمع العراقي نتيجة حروب الدكتاتور المقبور وما نتج عنها من حصار ظالم وتدمير شامل للبنية التحتية واحتلال اجنبي, والذي تتوج بتسلط حفنة من الطفيليين على مقدرات البلاد السياسية والاقتصادية بعد اسقاط النظام السابق في 2003, ادت كل هذه العوامل الى تراجع الدور الكفاحي للطبقة العاملة العراقية.
" العقب الحديدية " عندنا تحاول لبس قفازات حريرية لضرب الطبقة العاملة. فالتدمير الحاصل في القاعدة الصناعية في البلاد وقوانين العمل الجائرة, الموروثة من ايام النظام البائد ,التي عملت الوزارات المتعاقبة, على تكريسها, كالقانون الدكتاتوري الكاريكاتوري رقم 150 لعام 1987 القاضي بتحويل الطبقة العاملة, بجرة قلم, الى موظفين ( برجوازية صغيرة ), يصب في خدمة اهدافها.
وكذلك تفكيك وبيع ما تبقى من منشآت صناعية بالقطعة للبلدان المجاورة بأبخس الاثمان. او في احسن الاحوال, خصخصتها بصفقات مشبوهة.
او أستقدام عمال آسيويين بديلاً عن العمال والخبراء العراقيين, لتنفيذ خطط تطويرالانتاج النفطي, وهي اهم ما جاهد المحتل الامريكي للنهوض بها, من خلال عقد صفقات لرهن ثروتنا النفطية لكارتيلات عالمية, والتي مررت بشروط مجحفة للعراقيين. مع حجب حق الاضراب العمالي.
وقد ترافق ذلك مع توجه حثيث لأحزاب الاسلام السياسي للسيطرة على النقابات الموجودة لأفراغها من محتواها وجعلها مجرد واجهات للاعوان وادوات للصراعات السياسية فيما بينها.
كل ذلك يستهدف ايقاف عجلة التطور الاقتصادي ومنع بناء قاعدة صناعية متينة في البلاد ونشوء طبقة عاملة فاعلة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
وبسبب ذلك, يصعب على جهابذة الاقتصاد السياسي ان يحددوا كنه نظامنا الاقتصادي الحالي هل هو رأسمالي بالمعنى الكلاسيكي المعروف او اقتصاد مانيفاكتورة او اي شيء آخر؟ بسبب التشوه الحاصل في بُناه وقيمه.
ربما كان ابلغ وصف لطبيعة النظام الحالي, هو ما اطلقه الباحث الاقتصادي المرموق الدكتور صالح ياسر عليها في بحث له في مجلة الثقافة الجديدة العراقية, بأنها " رأسمالية المحاسيب "  بتجليها التجاري والعقاري, الغير انتاجي, المشوه, وممثليها الطفيليين ب "محاسيب الرأسمالية ", بتحولهم الى سماسرة صفقات اوتجار استيراد لموردين اجانب.

بمناسبة عيد العمال العالمي, نقول لعمال المياومة التعبانين : عظم الله اجوركم اليومية !



156
من هو الاوّلى بالطرد من جامعة القادسية ؟
احسان جواد كاظم
اثار قرار عمادة كلية القانون/ جامعة القادسية في محافظة الديوانية جنوب العراق, التعسفي بالفصل, بحق اربعة طلبة قبل ادائهم الامتحانات النهائية بسبب رفضهم تحويل كليتهم الى حلبة صراع بين قوى سياسية متنفذة, استنكاراً واسعاً في الاوساط الشعبية والاكاديمية.
ان ما سمته عمادة الكلية " اساءة الى سمعة الجامعة او الهيئة بالقول او بالفعل " لتبرر قرار الطرد, تتلخص بهتافهم ضد اقحام كليتهم بالصراعات السياسية وانتهاك الحرم الجامعي اثر دخول مسلحين, تابعين لشخصية متنفذة في ميليشيا اسلامية معروفة, جاء ليلقي خطاباً في مهرجان سياسي, بدعوة من عمادة الكلية.
 العقوبة اذن, ليست موجهة في حقيقتها لاساءتهم للجامعة او لهيئتها التدريسية وانما لرفضهم تجريد الجامعة من حياديتها والاعتداء على حرمتها المعنوية التي تؤكد عليها كل الصروح العلمية الرصينة في العالم, بدعوة طرف سياسي للترويج لنفسه انتخابياً تحت سقفها.
من يستحق حقاً هذه العقوبة, الطلبة ام العمادة ؟
بداية, فأن دعوة جهة سياسية لالقاء كلمة في تجمع سياسي داخل الجامعة, تتنافى مع التعليمات الادارية الخاصة بالجامعة التي تمنع في مادتها رقم 1 فقرة عاشراً واحدى عشر واثنتا عشر ( الدعوة إلى تنظيمات تعمق الفرقة او ممارسة أي صنف من صنوف الاضطهاد السياسي )٫ ( تجنب الدعاية لأي حزب او تنظيم سياسي)، ( عدم دعوة شخصيات حزبية لالقاء محاضرات او اقامة ندوات حزبية او دينية داخل الحرم الجامعي )  وهو ما خرقته عمادة الكلية, جملة وتفصيلاً, واعترفت بذلك.
ثم ان امكانيات عصائب اهل الحق التي يقودها الشيخ قيس الخزعلي المالية, تمكنها من عقد هذه الفعاليات في قاعات تملكها او تؤجرها, تغنيها عن الالتجاء الى الجامعة لو لم يكن وراء ذلك غرض سياسي, بأختراق الجسد الجامعي وتمرير وجهة نظر فئوية محددة.
واذا كانت العمادة حرة في دعوة من تشاء, وتراه صائباً. فهل تجرأ, مثلاً, على دعوة جهة سياسية اخرى من خارج المنظومة الفكرية التي ينتمي اليها اعضائها, من باب التوازن, لممارسة الدعاية الحزبية في اروقة جامعتها ؟
ان محاباة اساتذة جامعيين في ادارة الجامعة لجهة سياسية بعينها, اساء لاستقلالية الجامعة وثلمت امانتهم العلمية وخلقت الشكوك في امكانيتهم على توفير الظروف المناسبة للبحث العلمي وتبادل الافكار وتلاقحها, وهي المهمة الاولى لكل جامعة.
  وفي الوقت الذي خضع قرار عمادة الكلية بمعاقبة الطلبة, لضغوط جهة سياسية من خارج الجامعة, تتناقض مبادئها مع حرية البحث العلمي والنقاش الحر وصراع الافكار المثمر.
فأن هذه العمادة  لم تمتثل الى العرف الجامعي ولا الى تعليمات مرجعها الاداري وزير التعليم العالي والبحث العلمى بأبعاد الجامعات عن الصراعات الحزبية و" عدم جعلها مكاناً للاستعراضات الانتخابية "
تساؤلنا هو: هل اتخذت عمادة جامعة القادسية وكلية القانون خصوصاً, بالمقابل  اي قرار او رد فعل على حمل افراد  حماية الشيخ قيس الخزعلي السلاح داخل الحرم الجامعي واطلاقهم الرصاص, اسوة برد فعلها الصارم ازاء ما قام به الطلبة ( من تجاوز ) ؟ هل ستجيب العمادة عن هذا التساؤل ام ستهون لديها حرمة الحرم الجامعي, لانها شريكة في الاعتداء على الجامعة والهيئة التدريسية والطلبة.
هل سيقف السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى مكتوف الايدي ازاء سوء اداء مرؤسيه من العمداء الذين يداهنون قوى سياسية متنفذة وميليشيات ضد ابناءه الطلبة ؟
بعد كل هذه الخروقات التي ارتكبتها العمادة للوائح والتعليمات الادارية الخاصة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتغاضيها عن انتهاك الحرم الجامعي والسكوت عن اطلاق الرصاص داخله ضد طلبتها. ثم قرارها غير العادل بالطرد, لطلبة كان كل ذنبهم الذب عن استقلالية جامعتهم بشكل سلمي. هل من قرار حكومي منصف ؟
يحاول مصدري هذا القرار الجائر, ايجاد مخرج للورطة التي ادخلوا انفسهم بها, بالحديث عن وجود اسباب اخرى لقرار الفصل ليست لها علاقة بالهتافات وانما متعلقة بنشر وجهات نظرعلى وسائل التواصل الاجتماعي اساءت للبعض. لكن لماذا انتظرت العمادة للبت بالعقوبة لحين حصول المواجهة بين المسلحين والطلبة داخل الجامعة ؟ ألا يبعث موقفهم هذا على الشك ؟
ان اقالة المسؤولين عن هذه الخروقات, استناداً الى تصريحات السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي, " بأقالة القيادات الجامعية التي لم تحافظ على استقلال الجامعات ", وابطال القرار المجحف بحق ابناءنا الطلبة, مطلب واقعي.
 ام هل رجعى الى عهد الطواغيت ؟

157
" ليش تتكلم يا بومة, دائمي ضد الحكومة ؟ " *
احسان جواد كاظم

احتج صحفيو واعلاميو كربلاء بالامس امام مقر حكومة المحافظة على التجاوزات ضدهم ومعاقبتهم بالاعتقال او بالجزاءات القضائية. وكأن العقوبات التي وجهت اليهم, دون اساس. فهم يتطاولون على شخصيات مهمة نزيهة حد اللعنة, ومؤمنة بقدر السلطة التي سربلها الله لها دون غيرها. المساس بها خط احمر.
هؤلاء الجاحدون لايحسون بثقل ما تتحمله الحكومة واحزابها من اوزار انجازاتها,من اجلهم. والتي لا يريدون رؤيتها رغم هولها, بسبب قصر نظرهم المهني والسياسي.
 هل يستطيع اي مدعي منهم, انكار النجاح الاقتصادي الباهر بأستدراج القروض الاجنبية وانهيالها المبارك علينا من كل حدب وصوب من أيادٍ كريمة في بلدان العالم ؟
... ديون الطيبين قلائد فخر حول رقبة كل عراقي ابد الدهر, وفاءاً للكرم والسخاء !
 ولان سوء النيّة تتلبسهم, فهم يتلقطون الصغائر ويضخّمون الاخفاقات التافهة, من قبيل صفقات فساد, مستوفية للشروط القانونية. او طفح مجاري مزمن. او يقومون, مدفوعون من جهات لا تريد الخير لبلادنا موطيء اقدام النبيين ومضجع الصالحين, بتسييس الامور, كما حصل بشأن الرز العفن المستورد من ارصن المصادر العالمية المشهود لها. او مافيات حدود تستولي على اموال الكمارك بحسن نيّة. او موانيء تُهرب, عبرها نفايات زراعية وصناعية ومخدرات, من منطلق " يا معوّد خليهم ياكلون ".
بتسابقهم الاعمى على قفشة صحفية, جعلوا من تهويمات قادة التحالف الاسلامي الحاكم النائبين موفق الربيعي وهادي العامري عن البحبوحة التي يعيشها العراقيون, سبقاً اخبارياً, فاجأ العراقيين, بما يرفلون به من عز ودلال وهم عنهما ساهون.
 ثم تهكموا على دعوة شيخ جليل كجلال الدين الصغير المواطنين بالكف عن التهام النستلة والتبذير, وتوسلهم برد جميل دولته عليهم, بشد الحزام على البطون المنتفخة.
متصنعين الجدية, تحدثوا عن دور الصحافة كرقابة شعبية مباشرة. والله زمن...صار كل حافي, براسنا صحافي !
 ونسراً ويعوق, لنؤدبهم بالجزاءات القضائية الملياردية, وبالفصول العشائرية المدمرة. 
انهم لايدركون بأن اغتيال هادي المهدي وتغييب آخرين ثم حملات تأديب حمايات المسؤولين لمن على شاكلتهم من صحفيي واعلاميي قنوات فضائية وتكسير كاميراتهم على رؤوسهم, كان لتجرأهم وتجاوزهم على تيجان رؤوسهم. وتدخلهم بأمور مصيرية ليست من شأنهم, كان عليهم تركها للكبار لحلها.
دماغ سزية... لم تصلهم بديهية بسيطة, بأنه لو كانت للسلطة الرابعة قيمة لما اصبحت في ذيل السلطات في الدول الديمقراطية. وحرية الرأي والفكر, يافطة نرفعها لأرضاء الأغراب. فهي ترف لايناسب عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة, وهي قيم دخيلة ترفضها شريعتنا السمحاء واعراف عشائرنا الكريمة. ولا يمكن ان نسمح لمحاولات نشر الفساد الاخلاقي والخلاعة والخمورفي مجتمعاتنا المحافظة.
يستحقون اقصى العقوبات,  لولا لُطف  اهل العقل وتسامحهم, والأكتفاء بمتابعتهم وكل زعران مواقع التواصل الاجتماعي الذين تسول لهم انفسهم انتقاد ذوات رفيعة وانفس سامية لشخصيات واحزاب حكومتنا الرشيدة وبرلماننا الموقر, كما تكرم بذلك وطالب رئيس وزرائنا السابق السيد نوري المالكي المرفّع الى منصب نائب رئيس جمهورية حالي, جريرة انجازاته الاقتصادية الباهرة والعسكرية المجيدة في الموصل السليبة...وسبايكر.
" ترچية خلوها بأذنكم " ... محاولاتكم لتكيم افواه مسؤولي الحكومة وحرية فكر متحدثيها الحزبيين لن تنجح .
*) من قصيدة لملا عبود الكرخي.

158
معضلة برلمانية عصية على الحل
احسان جواد كاظم

في كل جلسة عادية لمجلس نوابنا الموقر يسجل غياب اكثر من مئة نائب (+, - ) من مجموع 328. الا في حالات استثنائية, كأقرار امتيازات وزيادات في الرواتب لهم اوالشروع بممارسة جديدة تثير خشيتهم كالأستجوابات التي  جذبت اهتمام النواب لحين بدأ افول نجمها بعد التعوّد عليها وفقدانها لعنصر الاثارة, واطمئنانهم بانها ليست جدية كفاية لتهدد مصالحهم ومكتسباتهم, خصوصاً بعد ان جرى الالتفاف عليها بأتفاقات سياسية مسبقة, بتمريرالاستجواب او افشاله تبعاً لمصالحهم كما حصل في جلسة اول امس لأستجواب المفوضية العليا للانتخابات الاخيرة من قبل الدكتورة ماجدة التميمي, حيث بلغ عدد النواب الحاضرين 25 - 40 فقط لاغير.
 رئاسة المجلس لاتريد او تعجز لاسباب تحاصصية عن القيام بأجراءات عقابية ضدهم, رغم اعلانها, اكثر من مرة, عن اجراءات صارمة ضد النواب المدمنين على الغياب غير المبرر.
ربما لايوجد بين برلمانات العالم نواباً يتمتعون بعطالة رسمية مدفوعة الأجر كما في العراق. فأضافة الى العطل الرسمية التي يتمتعون بها بعد كل دورة برلمانية, ومناسبات الحج والعمرة والايفادات وتعدد العطل الدينية وتمططها, تأتي ايام التعطيل الجانبية الطارئة بسبب الصراعات السياسية في البرلمان الناتجة عن أنسحاب هذه الكتلة او تلك بسبب عدم توافقها على شأن ما وهو ما يشل العمل لصالح راحتهم.
المعروف ايضاً بأنه قد حددت ايام لجلسات عمل في البرلمان واخرى خلال الاسبوع للدوام في مكاتب دوائرهم الانتخابية في المحافظات التي جاؤا منها ويمثلون سكانها, والتي يتعامل اغلبهم مع هذه الايام كأيام عطالة, ومناسبة لمتابعة شؤونهم العائلية ومصالحهم الخاصة اضافة الى الزيارات الاجتماعية لمشايخ دين المحافظة وشيوخها العشائريين لتقوية الاواصر معهم, باعتباره الغرض الاساس من تخصيص هذه الايام ( للتواجد ) في مكاتبهم الانتخابية المحلية, وليس لسماع شكاوى المواطنين في مختلف الشؤون ونقلها الى البرلمان او اقتراح مشاريع قوانين تسهل من ظروف حياتهم وتضمن حقوق اضعفهم.
المشكلة ان تعلل النواب المتغيبين بأنهم يتابعون شؤون منتخبيهم, لايقنع احداً, لاننا ببساطة, لم نر ثماراً لهذه الجهود ( لاتتضمن هنا طبعاً, خدمة الوساطة في تعيين اشخاص لصالح هذا الشيخ او تلك الجهة الدينية او السياسية على اساس المحسوبية والمنسوبية, لأن هذا التوظيف لايخضع لمبدأ تكافؤ الفرص لكل المواطنين ). فالمتمعن باعداد مشاريع القوانين المقترحة مقارنة مع عدد نواب البرلمان, تبدو هزيلة. هنا ينبغي علينا التوضيح لكي لايخرج علينا احدهم ليسفه ما نقوله جملة وتفصيلا. كلامنا لايعني بان على كل نائب ان يقدم مشروعاً لقانون لأدراكنا بتشابه ووحدة المشاكل التي يعاني منها المواطن العراقي ووجود اكثر من جهة رسمية لها الحق في اقتراح مشاريع القوانين, لكن كنسبة, هي لاتتناسب مع حجم المشاكل والمصاعب التي تنتظر الحل والتي يقع على عاتقهم والجهاز التنفيذي مسؤولية تذليلها.
ان العائق الاكبر الذي يعيق العمل البرلماني الصحيح ومعاقبة كُسالاه هو المحاصصة وسلوك شيلني واشيلك على حساب مصلحة المواطن والبلاد, فهي تبقى كما نّير على رقبة ثور.
وبمعرفة السبب بطل العجب والحل الغاء المحاصصة الطائفية - العرقية المقيتة .

159
فوضى السلاح وذيولها
احسان جواد كاظم

اعاد الاعتداء الآثم على مقر الحزب الشيوعي العراقي في محافظة الديوانية بقنابل يدوية وقبله اطلاق الرصاص الحي على طلاب عزل محتجين من قبل حماية احد المتنفذين داخل الحرم الجامعي في المدينة, التساؤلات عن مصير البنود الدستورية المتعلقة بحصر السلاح بيد الدولة ومنع تأسيس تشكيلات مسلحة موازية للقوات المسلحة الشرعية وكذلك مصير وجدية الاجراءات الحكومية بأنهاء فوضى السلاح ومصادرته, خصوصاً في المناطق التي شهدت انتشاراً ميليشاوياً او اقتتالاً عشائرياً بالاسلحة الثقيلة والمتوسطة او تهديداً ارهابياً.
ولابد من ان التذمر الشعبي من وجود مكاتب لتشكيلات اسلامية مسلحة في المدن, مستغلة اسم الحشد الشعبي, ترهب المواطنين وتعبث بأمنهم وتتجاوز على حرياتهم وتثلم هيبة الدولة هو ما دفع السيد عمار الحكيم, رئيس اكبر ائتلاف اسلامي, الى الدعوة لغلقها ونقلها الى خارج المدن.
لقد لبت تشكيلات الاحزاب الاسلامية المسلحة دعوة المرجع الديني السيد علي السيستاني, العراقيين, للتطوع لقتال داعش التي باتت تهدد العاصمة بغداد, بعد الانهيارات الامنية عام 2014 بأنضمامها بكياناتها الميليشياوية كاملة وليس كأفراد في العملية. ورغم البلاء الحسن لأفرادها والمتطوعين الآخرين على الجبهات في رد مجرمي داعش عن العاصمة وتقديمهم لشهداء ابرار في سبيل الوطن الا ان قياداتها آلت على نفسها استغلال هذه التضحيات لتعزيز نفوذها ودورها السياسي , فهي لم تذعن لمطلب المرجعية الدينية العليا بنبذ رايات ميليشياتها الخاصة ذي الصبغة الطائفية ورفع العلم الوطني العراقي بدلها والانخراط في قتال داعش الى جانب القوات المسلحة الشرعية ككل متكامل, لهذا يبقى توصيفها بالميليشيات قائماً وموضوعياً.
 وحتى بعد سن قانون " الحشد الشعبي ", الذي قيل بأنه شُرع لتنظيم العلاقة بين جموع المتطوعين, ومن بينها هذه التشكيلات, والقوات المسلحة صاحبة الشأن الحصري في ادارة القتال ضد داعش وتحديد الاولويات وطبيعة القوى المشاركة في التحريروحركة قطعاتها, فأن خضوع هذه المجموعات للقانون يبدو شكلياً.
وهي لم تنضج بعد لتغادر نمط السلوك الميليشياوي في التعامل مع المواطنين, حتى بعد مرور ما يقارب السنتين على دعوة المرجعية الآنفة الذكر وقتال داعش. فلا زال قادة في الحشد, مستخدمين سطوتهم, يقومون من خلال زيارات سياسية ميدانية لمسؤولين في الدولة متهمين بالفساد بتوصيل رسائل تحذير للمواطنين المطالبين بأقالة هذه الشخصيات, بأن هؤلاء تبعهم و يخضعون لحمايتهم وحذاري من المساس بهم ! بينما تعبر قيادات اخرى فيه, علانية, عن عزمها المنفرد للمشاركة في مشاريع قتالية خارج الحدود الوطنية ضمن اجندات اقليمية ودون النظر الى المصلحة الوطنية العراقية العليا.
 وفي خضم توهانها بين خوض العمل السياسي او لعب دور العسكر, الذي يمنع الدستور الجمع بينهما, نجدها تدخل كطرف في محاور الصراع السياسي... اوتهدد المظاهر المدنية في المجتمع من منطلقات ايديولوجية سلفية مثل أقتطاع مدن كاملة بحجة قدسيتها لتكون فضاءاً لممارسة هيمنتها الفكرية, او بمنع الفعاليات الفنية والثقافية بدعوى التحريم.
 وهي تنحو نحو تمييز شهدائها الذين سقطوا في القتال ضد داعش تحت عناوينها الميليشياوية المعروفة,عن غيرهم, حيث تملأ صورهم واجهات المباني ونواصي الشوارع في المدن, في توظيف صارخ لتضحيات العراقيين لمصالح قياداتها السياسية الحزبية وتدخل في " حرب الصور " فيما بينها, في سباق تنافسي بعدد الشهداء واختيار افضل المواقع لعرض صورهم.
 ويبقى طبعاً شهداء متطوعي الحشد الآخرين غير المنتظمين بميليشيا - الذين ليس لهم اهداف خاصة سوى تلبية دعوة المرجعية الدينية او دافع وطني بحت لدرء خطر الارهاب عن شعبهم - وشهداء القوات المسلحة, خارج المشهد.
ثم تقوم, تبعاً لذلك, وانطلاقاً من مبادئها العقائدية الجنائزية بتعميم اجواء طقوسية مأتمية على المجتمع واضفاء قدسية فئوية على شهدائها دون غيرهم, وتكتب على الصور عبارة " الشهيد السعيد " تسبق اسمه بينما هي تفرض على المجتمع اجواء الحزن والاكتئاب طول بقاء هذه الصورمعلقة حتى تهرؤها عوارض الزمن والمناخ.
الشائع ايضاً انهم يمنًون على العراقيين, على الرايح والجاي, في تطوعهم للقتال ضد داعش, وكأن احداً ضربهم على ايديهم للتطوع ولم يكن قراراً حراً لهم... خصوصاً عند اي انتقاد لتجاوزات غير قانونية يقوم بها البعض من افراد ميليشياتهم... بأنهم تاج رأس وحامي اعراض المنتقدين حصرياً وليس اعراضهم ايضاً, وهذا تعبير عن موقف استعلائي ينبع من فهم ساذج بأن مكافحة الدواعش وفكرهم الاجرامي لايجري الا بحمل السلاح واطلاق القذائف. كما يغيب عن بالهم بأن السياسات الطائفية لأحزاب الاسلام السياسي المهيمنة... احزابهم ,هي التي, بالاساس, ادت الى استفحال امر داعش ثم الانكفاء امام شراذمها الهمجية.
 وفي مقارنة بسيطة بين مقارعي نظام الدكتاتورية البائد من المعارضة الوطنية والديمقراطية والاسلامية وبين البعض من ميليشياويي اليوم, فأننا نرى بأن اولئك لم ينبروا يوماً بتذكير الآخرين بأفضالهم وافضليتهم ولم يفكروا بمقابل نفعي لأيثارهم وتضحياتهم او حلموا بوضع انفسهم اسياداً فوق القانون للتحكم بمصائر مواطنيهم, بل كان خير المواطن العراقي وحريته هو هدفهم ودولة القانون والديمقراطية مطمحهم.
فوضى السلاح وجه آخر للأرهاب... يجب مكافحتها ! 


160
في احتفالية الشيوعيين العراقيين بعيدهم - فراشات فرح ليست دون مشاغبة !
احسان جواد كاظم
بعد ان تقاطر ابناء الجالية من مدينتي هانوفر واولدينبورغ على مكان الاحتفال بالذكرى الثالثة والثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي, المزدان بالرايات الحمر وعلم الوطن واللافتات والشعارات المتنوعة والبالونات الملونة, حيث يبدأ الداخل للقاعة باستطلاع اجواء المناسبة ويجول ببصره بين الشعارات والصور, شرع اطفال المدعوين يدفعهم الفضول الى التسلل الى زوايا القاعة وكواليسها, متجولين بين كراسيها كأنهم فراشات حائرة.
فراشة بلون فرح عراقي سألتني عندما وقع نظرها على علم الحزب : عمو, شنو هذا المرسوم على العلم؟ أجبتها منجل الفلاح وجاكوج العامل. عادت واستفهمت, ليش ؟ قلت لها: لان الفلاح يزرع ثم يحصد بمنجله لنأكل اما العامل فهو يصنع لنا كل شيْ الثوب والكتاب والسيارة ولعبتك هذه. ابتسمت قائلة : علم حلو! اخذت واحداً ملوحة.
 في فعالية شموع الميلاد, انخرط الكثير منهم بفرح حاملين علم الوطن والرايات الحمراء مع صبايا الحزب. احدهم جاء رافعاً علم ثورة 14 تموزالمجيدة, استله من بين بقايا مناسبات العام الماضي, دون علمنا.
فراشات مهومة في اجواء فرح العيد, اضافت الى رونقه جمالاً.
كانت القاعة تمور بهم. لقد كانوا اكثر حضوراً من اللجنة المشرفة على الاحتفال ذاتها.
لم يكن للحفل ان يسلم من ( وكاحات ) مشاغبات طفلية بريئة. فقد حاول بعضهم الاغارة على كيكة الميلاد قبل تقطيعها لولا يقظة الرفيق المكلف الذي احبطها في آخر لحظة.
عندما انتهى الاحتفال كانت جعبتنا خاوية من اعلام ندّخرها عادة لأحتفالات العام القادم.

صور لفراشات العيد :

161
في يوم المرأة العالمي - عيدية للمرأة ام للرجل ؟ !
احسان جواد كاظم
لم ينته مسؤول سياسي اسلامي من تصريحه في احتفال حكومي بمناسبة يوم المرأة العالمي/ 8 آذار في بغداد, عن تطور وتنامي دور المرأة في المجتمع العراقي , مستشهداً وبالخصوص, بدخولها البرلمان ومشاركتها لأخيها الرجل كنائبة للشعب فيه, حتى خرجت احدى هاته النائبات لأعطاء المرأة العراقية عيدية شرعية متمثلة بالدعوة لسن قانون يسمح بتعدد الزوجات.
مما يجعلنا ان نتسائل : هل وجود هكذا نائبات نعمة ام نقمة على بنات جنسهن ؟
النائبة بعد ان قدمت آيات الشكر للرجال على احتفالهم بعيدها, مبينة في مؤتمر صحفي, اننا " نذكر النائبات باننا غفلنا عن ماهو اعظم لنا من حق نسيناه او لم نفهم حقيقته استجابة لانانيتنا الا وهو تعدد الزوجات..."
ورغم ان تعدد الزوجات كممارسة ماشية على عواهنها في مجتمعاتنا, بشكل غير شرعي ولا تحتاج الى سن قانون. حيث يقوم رجال دين بعقد عقود زواج خارج المحكمة مع اضفاء صفات شرعية مقدسة على هذه الزيجات بدون الالتزام بالضوابط والشروط الوضعية القويمة لكل زواج ناجح. وعلى الرغم من تأشير تصاعد نسب الطلاق في المجتمع بشكل غير مسبوق, بسبب سوء التنظيم والعشوائية, والذي تدفع نتائجه المرأة بالخصوص, لانها تخرج واطفالها عند حدوث الطلاق, بدون اية حقوق شرعية من قبيل مؤخر الصداق او الاعالة, لاسيما وان الاحكام الدينية في التطبيق منحازة دائما ضد المرأة.
 ان ما يفعله رجال الدين هؤلاء, مدعم معنوياً من سلطات دينية عليا ومادياً بسلطة ميليشياوية عصبوية تقية فوق القانون .
 ظروف الحياة الصعبة التي يكابدها الانسان العراقي والرجل بالخصوص, من بطالة وضنك عيش وفقدان للامن وحروب... لاتشجعه على اتخاذ شريكة جديدة, لزوجته, فأنه كان يمكن للنائبة المصون ان تفكر لحل مشكلة ملايين الارامل والمطلقات والمتأخرات في الزواج, بحلول اكثر عقلانية... باقتراح قوانين مثلاً ترفع عمر الزواج لتقويض زواج " نكاح القاصرات " الشائع عند المذهبين, رغم عدم شرعيته بعد فشل مشروع سن قانون " الاحوال الشخصية الجعفري " الذي اقترحه  حزب الفضيلة الاسلامي ووزيرعدله حسن الشمري سابقاً, الذي لم يُمرر بسبب ضغط منظمات الدفاع عن المرأة وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني الاخرى.
ان منع زواج القاصرات, سيدفع الكثير من الشباب للاقتران بنساء يناسبن اعمارهم. وهي فيما لو عملت على ذلك ستكون قد ساهمت بحل جزء من مشكلة النساء اللواتي ينتظرن زوج المستقبل. كما كان يمكنها ان تقترح قانوناً  يحدد سقف المهور او تقديم محفزات للشباب الباحثين عن شريك حياة, مثل توزيع بيوت للمتزوجين حديثاً او تقديم سلف زواج لدعم العرسان وغيرها الكثير من المقترحات مما يمكن ان تشغل به بالها لحل المشكلة.
لكن ما يؤرق السيدة النائبة, هو هاجس ايديولوجي ديني قبل ايجاد حلول لمشكلة... مجرد وضع نص ديني في موضع النفاذ ليس الا, دون النظر الى عواقب تطبيقه القسري على ارض الواقع في وقتنا الحاضر, ومظاهر فشله بادية, للقاصي والداني, في دول تعيش بحبوحة اقتصادية تطلق يد الرجال في الزواج من اربع.
 حتى الشرط الديني في النص القرآني " على ان تعدلوا " تغيّبه السيدة النائبة والكثير مثلها لمجرد فرض شروط حياة وزواج بدائية سالفة.
 قلبياً, نتمنى على زوج السيدة النائبة ان يحقق رغبتها, ويطمّن حقها الشرعي باستكمال عدد شريكاتها, ضرائرها, في عش الزوجية لتتخلص من انانية النسوة البغيضة, والف مبروك مقدماً لكليهما !
 

162
مغالطات من مستنقع " دواعش السياسة " الآسن !
احسان جواد كاظم
كما هو ديدن سياسيو السلطة في العهد الجديد من غموض ومراوغة وتهرب من تسمية الاشياء بمسمياتها. أثارت تصريحات السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي عن " دواعش السياسة " تكهنات متناقضة.
 ففي برنامج " بصراحة " الذي يعده السيد عدنان الطائي على قناة دجلة الفضائية والذي استضاف به السيد عبد الرحمن اللويزي النائب البرلماني عن محافظة نينوى والسيد كاظم الشمري رئيس كتلة ائتلاف الوطنية - علاوي البرلمانية والدكتور عدنان السراج رئيس المركز العراقي للتنمية الاعلامية, حيث تمحور النقاش عمن كان يقصدهم حيدر العبادي بخطابه الاخير بهذا التوصيف.
 جرت الاشار الى شخصيات طائفية اجتمعت في الخارج او الى  دمى, دون تحديد, يمثلون مصالح واجندات دول اقليمية او دولية, او انه لم يكن يعني اشخاص محددين بل يعني ممارسة سياسية سائدة او كل من يذكي العامل الطائفي في التعامل السياسي.
الاجابة الوحيدة التي حملت الكثير من الغل على حركة الاحتجاج السلمية من اجل التغييرتضمنتها اجابة الدكتور عدنان السرّاج, المجافية للحقيقة . فقد حاول تمرير فرية خبيثة لتضليل متابعي البرنامج من خلال ادعائه بان العبادي كان يعني من بين ما يعني من يحاول " استغلال الشارع لتأجيج الموقف امام واقع الحكومة والدولة في ادارة المعركة " واشارته الى ان " يجب عدم التشويش على قدرة وامكانية الجيش..." و " تنشيط حركة الشارع بأتجاه خلق جو عام يسلب الانظار ويوجه الانظار الى اماكن اخرى ويشغل القوات المسلحة " على حد تعبيره, لاختلاق حالة تناقض بين حركة الاحتجاج السلمي لخلاص ابناء شعبنا من الفساد والفاسدين وابناء قواتنا المسلحة وقتالهم البطولي لتحرير مدننا من براثن الدواعش.
ليس غريباً سماع هكذا تخرصات بائسة من شخص كان متحدثاً رسمياً لدولة القانون - المالكي ويحاول ان  يحمّل المتظاهرين والتظاهرات السلمية المطالبة بمكافحة الفساد وجرائم  جماعته, جريرة ما اقترفوه من سرقات وما تعرضوا له من هزائم.
 غاب عن باله بأن التظاهرات السلمية المطالبة بالاصلاح بدأت عام 2011 قبل ان يصنعوا هم الهزيمة المخزية امام ارهابيي داعش عام 2014 في الموصل وتقديمهم قرابين سبايكر وآلاف المواطنين الابرياء على مذبح دولة داعش الاسلامية ثم تركهم لأكثر من مليوني عراقي تحت براثنها وتقديم اكثر من ثلث الاراضي العراقية وكل امكانيات البلاد في هذه المناطق من ثروات وبنى تحتية بما فيها من مطارات ومعسكرات ومستشفيات ومصانع وسدود وآبار نفط وانابيب ومصافي ومقدرات وامكانيات, اضافة الى اسلحة ومعدات وعتاد ... هدية لخلافتهم السافلة. بينما لايتورع عن تقديم من يمثلهم من خونة وفاسدين وكأنهم المخلص القادم على صهوة جواد ابيض.
ويعلم كل ذي بصر وبصيرة قويمة ان المتظاهرين كانوا ظهيراً صلباً لقواتنا المسلحة بكل تسمياتها واصنافها, بالقول والفعل, من خلال تحديهم لحرامية السلطة وفضح فسادهم الذي قاد الى المآسي التي يضطر فيها شباب العراق الابي, اليوم, للتضحية بأرواحهم  لترميم نتائجها الكارثية, واستلال ما فرطوا به من عيون الدواعش. بينما هم يواصلون وبوقاحة لا متناهية, سياسة تدمير وحدة الوطن العراقي بتعصبهم العرقي والطائفي ويصرّون, في هذا الوضع الحرج, على سرقتهم للمال العام وتبديد ثروات الشعب وتمزيق المجتمع.
وكما بيّن النائب اللويزي بصراحة في رده عن من هم " دواعش السياسة "  الى اشخاص متنفذين بعينهم, أشارت لهم, بالاسماء, النتائج المستخلصة من متابعات لجنتي التحقيق البرلمانية, حول اموال المهجرين من مناطق القتال, وحول اسباب سقوط الموصل, حيث كان عضواً فيهما. الا ان هؤلاء الاشخاص المتنفذين لم تجر مسائلتهم لانهم فوق القانون. رغم ان هذه النتائج التي خرجت بهما اللجنتان قد قدمت الى خمس جهات رسمية من بينها هيئة النزاهة و مكتب القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي.
ان " دواعش السياسة " ليس الخونة والفاسدين وسراق المال العام فقط بل كل من يتستر عليهم.
لماذا اللغو الكثير؟! فلو اوقفنا اي مواطن عراقي في شارع او جامعة او سوق شعبي وسألناه : من هم " دواعش السياسة " الذين عناهم رئيس الوزراء حيدرالعبادي دون ان يصرح بهم ؟  لأجابنا وافحم الدكتور عدنان السراج رئيس المركز العراقي للتنمية الاعلامية والمتحدث الرسمي السابق لدولة القانون, وبدون لف ودوران, وبالاسماء: انه كان يعني قادته وصحبه ومن فرطوا بوحدة العراق ومستقبل اجياله وسرقوا ثرواته من المتحاصصين من احزاب اسلامية شيعية وسنية وقومية كردية... وشيوخ دين وعشائر.

https://www.youtube.com/watch?v=gQvLD0ycI8c للمتابعة :
 

163
المنبر الحر / سوالفهم المكّسرة
« في: 23:04 01/03/2017  »
سوالفهم المكّسرة *
احسان جواد كاظم
- فرضت الدولة الاسلامية داعش الجزية على المسيحيين في الموصل وسهل نينوى. احزاب الاسلام السياسي الشيعية والسنية الحاكمة عمّمتها على جميع العراقيين ولم تحصرها بأهل الكتاب, من باب المساواة. وذلك من خلال سرقتها لثروات البلاد والمال العام وتجريد المواطنين منها وهم صاغرون, والما يعجبه يولّي لبلاد الكفر !
وبهذا فهم عدلوا مرتين... الاولى, في توزيعهم العادل للظلم على كل العباد, وكان لهم في سلفهم المقبور اسوة حسنة. والاخرى تقديم الاموال لمن يحافظ عليها من طمع الرعاع في جيوبهم حلالاً بلالاً.
خصوصاً وانهم متمسكين, بالديمقراطية للگشر(بمعنى آخر للنخاع ). فديمقراطيتهم       Democracy تتطابق مع تفسير المأسوف على شبابه معمر القذافي الذي يقول, بأن       
 آتية من ديمو وكراسي. وقد طبقوا نظريته ببراعة من خلال عراكهم الديّكي على الكراسي رغم تحاصصهم وتوافقهم ومقبوليتهم الانتخابية.
الشيء الوحيد الذي ابدع الفقيد في توصيفه لهذه الديمقراطية, هو تسمية ممارسيها, من هالنمونة, وبهذا الشكل  ب " دهماء الكراسي ".
المرحوم كان عنده طلعات فكاهية ما تنّسي !

- على طاري الجكسارات ( سيارات الدفع الرباعي المدرعة المظللة التي يستخدمها المسؤولون عندنا واغلبيتهم العظمى من المتوظئة اياديهم و المبصومة جباههم ), التي تكون على شكل موكب طويل من الحمايات والاعوان المسلحين وما تسببه من مضايقات للمواطنين بغلقها للشوارع وخلقها للازدحامات المرورية وتعطيلها لأشغال الساعين على باب الله.
نذّكرهم بما قد يجرح مشاعرهم المرهفة, انه قيل... كان الامام علي قد ركب لحاجة, فتبعه رجل يمشي خلفه. فقال له علي : " ارجع ! فان مشي مثلك وراء مثلي فتنة للمتبوع ومذلة للتابع ". / نهج البلاغة /.
بس منو يقرا, منو يكتب ؟ فالسيارات المدرعة والحمايات المسلحة يعتبرونها ضرورة من ضرورات ابهة السلطة وسطوة الحاكم... وامام الفقراء والمتقين وسيد البلغاء والمتكلمين كان يبالغ كلش.
ومن قصص التراث الطريفة التي تتكرر اليوم على شكل مأساة... انه صادف وجود سيبويه المصري ( محمد بن موسى الكندي ) مرور موكب حاكم مصر حينها.
 فسأل احد المتفرجين :" ما هذه الاشباح الواقفة, والتماثيل العاكفة, سُلطت عليهم قاصفة, يوم ترجفُ الراجفة, تتبعها الرادفة, وتعلى لهم قلوب واجفة ؟
فقال رجل :" انه الأخشيد ينزل الى الصلاة ! "
فقال المصري :" أما كان يكفيه صاحب او صاحبان, ولا حاجب ولا حاجبان, ولا تابع ولا تابعان. لا قبل الله له صلاة, ولا قبل له زكاة, وعمّر بجثته الفلاة...
فضحك الناس وحسبوه مجنوناً.
- تجمعت مجموعة من الباحثين عن الحسنات, كما في منجم ذهب, في منطقة منصورية الجبل في محافظة ديالى, كما جاء بالاخبار, لتقوم باصلاح بيوت الله التي خربتها الدولة الاسلامية ايام مجدها الباقي والمتمدد قبل سحقها...
 في غمرة بحثهم الملهوف هذا, نسوا بان لديهم اهالي متهجولين في البراري يعيشون في مخيمات بائسة في هذه الاجواء الباردة واطفالهم بدون مدارس ومرضاهم وحواملهم يحتاجون لمستشفيات تعالجهم.
هل من يسلّفني ضحكة ؟!!
او حتى يضحك عني بالنيابة, وله الاجر والثواب.


* السالفة - تعني الحكاية باللهجة العراقية الدارجة.
المكّسرة - تعني عراقياً, بالتافهة.



164
دودة الداعشية الكامنة في السايكولوجيا - العراق مثالاً !
احسان جواد كاظم

 بغض النظر عمن تمثل " مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر " والتي هددت, في بيان لها, مدير آثار بابل بالقتل وبقصف آثار مدينة بابل التاريخية بالكاتيوشا, هل هي ميليشيا دينية متعصبة ام مجموعة من المتضررين البسطاء من ادراج المدينة التاريخية على لائحة التراث العالمي الذي  سيؤدي الى فقدانهم لاكواخهم العشوائية المجاورة للمدينة الأثرية. لكن الثابت باليقين انهم استغلوا الذرائع الدينية من قبيل تطبيق الشريعة ومحاربة الفجوروغيرها من مصطلحات دينية متخلفة كسلاح لتنفيذ مآربهم.
 هذا يؤشر الى وجود قناعة مستبطنة في وعي الفرد تسمح او تحلل له ترهيب الآخر باشهار الوازع الديني كرادع ماحق, باعتبارها ( هذه القناعة ) جزء من المنظومة الفكرية السائدة في العمل السياسي وممارسة مألوفة في الحياة الاجتماعية العراقية تمارسها احزاب السلطة الاسلامية من خلال ميليشياتها, على نطاق واسع ويومي, لأبتزاز المواطن.
فالفعاليات الفنية للترويج لأدراج مدينة بابل التاريخية على لائحة التراث العالمي اثارت دودة الداعشية الكامنة في بواطنهم...وهي في جوهرها نزعة دينوية رجعية عابرة للطوائف والمذاهب ترجمتها, القتل الجماعي وتدمير الآثار وكره المختلف وتحريم الموسيقى والفرح ورفض كل ماهو حضاري. وهذا ما تضمنه بيانهم.
لمن ينسى سريعاً, نذكّره بأنه سبق وان حاول البعض شطب اسم " بابل " التاريخي من الخارطة العراقية, جملة وتفصيلاً.
وللذين يملؤهم القلق حول حقبة ما بعد داعش عليهم بمعالجة هذه المعضلة المرضية واستئصالها من السايكولوجيا العراقية ببرامج اقتصادية واجتماعية وسياسية بعيدة عن الاستبداد الطائفي والتمييز القومي, جوهرها الوطنية العراقية والعدالة الاجتماعية ومباديء التسامح السامية...
 وغير ذلك فهو كالعهن المنفوش.


165
دار السيد ما مأمونة !
سوء تقدير نوري السعيد باشا رئيس الوزراء في العهد الملكي وعدم استقراءه العميق للمجتمع العراقي حينها جعله يتصور بأن " دار السيد مأمونة ", حتى قامت ثورة 14 تموز 1958 واكتسحت نظامه.
 نرى ان اسياد اليوم قد استفادوا من تجربة نوري السعيد, فأحتاطوا بالمزيد من الاعوان المسلحين والاسلاك الشائكة, وعزلوا انفسهم في المنطقة الخضراء, لتبقى دارهم مأمونة.  لكنهم لم يستفيدوا شيئاً من تجربة سلفهم المقبور صدام ونظامه القمعي القائم على احتقاره لابناء شعبه واسكات اية مطالبة بالحقوق والحريات.
 احلامنا كوابيسهم... هاجس الخوف الذي يؤرقهم هو ما يفسر ردة الفعل الهستيرية التي اعترت الطغمة الحاكمة بمجرد محاولة بعض الشبان يوم 11 شباط الجاري, سمّوهم بالمندسين لعبور جسر الجمهورية الى الضفة المقابلة من النهر حيث دار السيد في المنطقة الخضراء. فأمطروهم بالرصاص واردوهم شهداء. ولو كان هدفهم هؤلاء ( المندسين ) حقاً لأكتفوا, ولكن هدفهم كان فض المظاهرة كلياً, حيث جرى ملاحقة المتظاهرين في ازقة منطقة البتاويين وساحة النصر وشارع الرشيد, بعيداً عن مكان التظاهر. لذا يظهر بأن كل الشغلة كانت مُبيتة ودُبرت بليل.
يظهر من تصريح رئيس الوزراء حيدر العبادي في اليوم التالي لأحداث ساحة التحرير. انه لا يعرف من اصدر الاوامر بتهدئة الحماس الشعبي, بأطلاق الرصاص. لان تصريحه جاء خالياً من تحميل اية جهة حكومية هذه المسؤولية, بل حاول تحميل المتظاهرين المسؤولية عن سقوط شهداء منهم... لكن, بذمتك يا رئيس الوزراء, هل تستدعي مجرد محاولة البعض عبور الجسر هذا الكم من القتلى برصاصكم وحقدكم, اكثر من عشر شهداء بعمر الورد ومئات الجرحى؟
ومهما كان عدد المندسين مع المتظاهرين, فأنه لم يكن بامكانهم عمل فتنة اكبر مما حققه المندسون في القوات ( الرسمية ) المهاجمة بقتلهم متظاهرين عُزل من ابناء شعبهم.
ثم ان مغريات الاندساس في اجهزة الدولة اكبر, لما فيها من امتيازات وسلطات وحرية حركة وسهولة تنفيذ, عنه من الاندساس بين متظاهرين سلميين لاتعدو ان تكون فتنة المندسين لو مرّت, بائسة... مجرد زوبعة في فنجان, لاسيما بوجود قيود صارمة التزم بها المتظاهرون, طيلة سنوات, لحرصهم على ان لا يحصل انحراف على طابع تظاهراتهم السلمية.
العبادي وتحالفه ومن معهم, بعد ان تباكوا, رياءاً, على سقوط الشهداء الذين حمّلوهم مسؤولية موتهم المبكر, تحدثوا في الاعلام عن سياسة فرض الارادات ولي الاذرع عن طريق التظاهر ثم اشاروا الى التوقيت غير الملائم للقيام بهذه التظاهرات بسبب الحرب ضد داعش. واعربوا عن نيتهم بتغيير وجوه ( فقط ) في الانتخابات القادمة, وطالبوا تبعاً لذلك, بتأجيل الدعوات الشعبية  لمكافحة الفساد الى اجل غير مسمى. بينما لم يُلزموا طغمة الفساد المستمرة بسرقاتها ونخرها أسس الكيان العراقي بسوستها المحاصصية, بتجميد نهبها وتبديدها ثروات البلاد والتلاعب بمصير شعبها, ولو حتى,  لما بعد داعش.
قمة السفالة ان يدعوا الذين قدموا  نينوى الى داعش الارهابية على طبق من ذهب, ضحايا سياساتهم الانهزامية من العراقيين الى التخلي عن المطالبة باستحقاقات وشروط صنع النصر على داعش من محاربة الفساد واطلاق الحريات وصيانة الحقوق.
ان أمان دار السيد في المنطقة الخضراء مهددة ليس من المتظاهر السلمي الساعي الى نيل حقوقه بل من ذوي القمصان السود الذين لن يقتنعوا يوماً ان يكونوا مجرد عبيد تابعين لرغبات اسياد !!!


166
شيطنة عيد الحب... لماذا ؟
احسان جواد كاظم

مع كل قدوم ميمون لعيد الحب الفالانتاين من كل سنة, تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي فتاوى لرجال دين و من مذاهب اسلامية مختلفة تحرم هذا العيد وتشيطنه امام الشباب التواقين للحياة الوادعة والساعين للتمتع بما حباهم الله من مشاعر سامية تربط حبال الود والحب والانسانية بين الجنسين.
أثارت انتباهي فتوى لأحد آيات الله الشيعة تحرم وبالخصوص على الفتيات الاحتفال بعيد الحب لجذوره الوثنية ولكونه نابعاً من ثقافة صليبية على حد تعبيره... وكان قد سبقه في هذه الفتوى رجال دين وهابيون وبتعابير اخرى لاتختلف في مضمونها.
لكن هل وثنية العيد, لو صحت, سبباً كافياً لألغاءه ومصادرة مشاعر الفرح بالاحتفال به ؟ أليس من الافضل الأخذ بكل ما يتوافق مع الفطرة البشرية التي جبل الله عليها البشر والذي ينفع استمرار الانسان والانسانية ؟
لابد هنا من التذكير بأن لكل الاديان السماوية جذوراً وثنية. ونذكر على سبيل المثال قصة الطوفان وسفينة النبي نوح - أتونابشتم في الاساطير السومرية او قصة النبي موسى - الملك نبوخذ نصّر البابلي الذي وضعته امه في سلّة وتركته مع مجرى ماء النهر لينجو من  بطش جبار او ممارسة تقديم النذور البشرية لأرضاء الرب كما فعل ابو الانبياء ابراهيم بتقديم أبنه اسماعيل والذي يشترك في هذه الممارسة حتى مع ديانات حضارات المايا والانكا والازتيك الامريكية البعيدة... ويمكن لكل متمعن بقصص القرآن من اكتشاف ما يقابلها في ديانات وثنية اخرى في المنطقة.
هل يستطيع هذا الآية الله الذي يحرّم عيد الحب الفالانتاين بسبب جذوره الوثنية, ان يطلق فتوى بتحريم احتفال الايرانيين وهم مسلمين ومن مذهبه بعيد النوروز - السنة الفارسية الجديدة, كما يسمونها, وهي تقليد مجوسي ؟ ... ليس هذا فقط بل يقال بأنهم يتمتعون بعطلة رسمية اطول بايام عديدة عن عيد الاضحى عيد المسلمين الكبير.
العقدة الاساسية لدى هؤلاء ومن يتبعهم, أنهم ينظرون للحب ومشاعره السامية بأعتبارها ذنوباً, لا يحق لغيرهم ان يقترفها. وما على عباد الله الآخرين الا ان يعتصموا بالكراهية والابتعاد عن المشاعر الانسانية التي تمثل كنه الأله.
اذا كان هناك من يرتكب ذنباً فهو ليس من يحب من العشاق ويحتفل بحبه بل من يناقض ارادة الرب في انباته لبذرة الحب والانسانية في قلوب البشر ليهنأوا بالحياة والفرح.
وكما قال الشاعر البغدادي العباس بن الاحنف:
استغفر الله الا من محبتكُم......... فأنها حسناتي يوم ألقاهُ
فأن زعمتِ بأن الحبَ معصيةً.... فالحبُ احسنُ ما يعصى به اللهُ 
 

167
التوزير, غنيمة ام مسؤولية ؟!
احسان جواد كاظم
 يبدو الجواب على هذا السؤال بديهياً, لكن ليس في عراق اليوم حيث انقلبت المفاهيم وانحرفت المرامي ليصبح ذلك الجواب خاطئاً... يؤدي بمن يتمسك به بالاتهام بالجهل وعدم ادراك مستجدات الوضع الجديد.
 سمعنا باستغلال سياسيين في ارجاء المعمورة لمناصبهم الحكومية للحصول على منافع,  لكننا لم نسمع بحدوث فساد على هذا النطاق المروع الذي طال مؤسسات المجتمع كما الدولة, عمودياً وافقياً, وبهذه السرعة الفائقة التي تحدث في بلادنا.
فقد سارع اخ السيد وزير الداخلية الجديد قاسم الاعرجي, ومنذ الوهلة الاولى لتسلم اخيه مهام عمله كوزير, وحتى قبل ان يتسنى له من احماء مقعد كرسيه الوزاري, ليقوم هذا الاخ بأستغلال صلة قرابته لجني المكاسب, بتسهيل تعيينات في الوزارة مقابل اموال. فأخ الوزير وزير, كما هو معلوم.
 وكان امر تعيين وزير جديد للداخلية قد دخل مخاضات صعبة وصراعات طويلة بين القوى المتحاصصة حتى رست الصفقة على استعادة منظمة بدر الاسلامية لحصتها في المنصب, بعد شغوره لمدة طويلة, وذلك لتفعيل دور وزارة الداخلية التقليدي في محاربة المجرمين والمزورين والمحتالين وتوفير الأمان للمواطنين.
لابد من الذكر, ان السيد الوزير الاعرجي أمر برمي اخيه في الحبس ولكن لاندري هل سيقدم الى القضاء ام انها مجرد جرّة اذن اخوية.
الامر المهم ليس هنا بل بظاهرة استغلال السلطة بعمومها, والتي استفحلت حتى باتت اشبه بقانون ثابت, بعد انتهاج المحاصصة الطائفية - العرقية المقيتة كنظام حكم. واصبح المسؤول في دولتنا وافراد عائلته وزملاءه الحزبيين ينظرون الى اي منصب بأعتباره غنيمة وحق سربله الله لهم ولحزبهم, ولا تتورع احزابهم عن المطالبة ب ( حقهم ) بحصتهم هذه على رؤوس الاشهاد وعلى وسائل الاعلام بشكل يثير الاشمئزاز.
 والانكى من ذلك ان المواطن صار مذعناً لهذا الواقع البائس, بعد سنوات طويلة من تسلطهم عليه واذلالهم له, واصبح يتعامل  مع الامر بلا ابالية بليدة, كتحصيل حاصل, في غمرة تدافعه للحصول على اية وظيفة حكومية مضمونة المردود في نهاية كل شهر, يمّن بها عليه احد المتنفذين.
ولم تعد بدعة استغلال السلطة لفائدة المسؤول او اقاربه لأغراض الكسب المادي او المعنوي, ضلالة, بل امر يدعو للفخر في بعض المرات. فقد سبق وان روى مسؤول تنفيذي كبير رواية ارساله لابنه الذي ليس له صفة او صلاحيات رسمية على راس قوة عسكرية للقبض على حوت فساد كبير مقرب من جهات سياسية منافسة ذات أنياب مسلحة, وبدون سند قانوني شرعي ليقوم بهذا العمل سوى كونه ابناُ للمسؤول التنفيذي الرفيع اياه ويستمد سلطته وهيبته من صلة قرابته هذه.
كما اصبحت سيطرة المتنفذين, احزاباً وافراداً, على املاك الدولة او شرائها بثمن بخس, امراً دارجاً. وكذلك هو تعيين الابناء والاقارب كمستشارين في المؤسسات الرسمية العليا او دبلوماسيين في سفارات البلاد في الخارج, خارج الضوابط القانونية والوظيفية من كفاءة وتجربة... وكذلك الامر بقيام مسؤول محلي من احزاب السلطة بتوزيع قطع سكنية على ابناءه وابناء عمومته اوتسجيل معارف متمكنين مالياً للحصول على تقاعد او اعانة اجتماعية من الدولة دون مستحقيها من الفقراء والمعوزين. وغير ذلك من عجائب يشيب لها شعر الرضيع.
ان شيوع هذه الظاهرة يرتبط برباط وثيق بطبيعة المجتمع والنظام السياسي القائم, بعد سنين من التراجع الفكري والقيمي المريع, والمتمثل بتغول دور رجال الدين في الدولة وأعادة احياء اعراف عشائرية بالية وبوجود نظام سياسي قائم على محاصصة البشر والحجر والمصالح يجعل من الفساد والافساد سمة له, نشأت تبعاً له شريحة اجتماعية فاسدة من الاعوان المستفيدين والساكتين على السرقات الكبرى لأولياء نعمتهم. ويبقي بذلك نظامهم السياسي مباديء دستورية مثل المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين وصيانة حقوقهم وحرياتهم مجرد حبر على ورق.
ولمن يتذكر فأن نظام البعث البائد قد استخدم ذات الاساليب الدنيئة بتقديم المقربين حزبياً وعشائرياً لأشغال المراكز المهمة في الدولة, حد اضطراره لاحقاً, بعد استفحال استغلالهم لصلة قرابتهم بعائلة الدكتاتور للتدخل في شؤون الدوائر الرسمية وترهيب المواطنين, رفع الالقاب في الوثائق الرسمية.
ان ما يميز تمظهرات استغلال السلطة من قبل نظام الدكتاتورية البائدة عن حكم احزاب المحاصصة النهبوي الحالي, انه الآن اصبحت اكثر انفلاتاً واشد سفورا وبشاعةً, عنه عن ايام الدكتاتورية حيث كانت القبضة الحديدية للسلطة قد حجمتها في نطاق محدود. مما يمكن ان نستنتج بأن حكم احزاب المحاصصة وهي بالاغلب الاعم احزاب اسلامية تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر ويدعي قادتها الورع والتقوى ليست بأحسن من سلفها الدكتاتوري, لأن معيار افضلية كل حكم هو مستوى تطبيقه للعدالة الاجتماعية وخدمته للناس وتوفير الامن والامان لهم وحماية حرياتهم.
 وكلاهما بعيدان عنها بعد السماء عن الارض.


168
الحراك الشعبي... بين العلّة وأُس البلاء - وجهة نظر
احسان جواد كاظم
منذ شباط 2011 عند انطلاق التظاهرات الشعبية ضد الفساد والفاسدين في العراق, بقي شعار انهاء المحاصصة الطائفية - العرقية بأعتبارها أُس الفساد هدفاً لها. وجرت المطالبة بأصلاحات في سلطات الدولة الثلاث, دون التعرض, بجدية,  الى العلّة المتمثلة بالقوى السياسية التي جاءت بها.
 وكان للضغط الشعبي على اطراف المحاصصة نتائجه المحدودة حيث انها انبرت في شتم نهجها التحاصصي اعلامياً لأمتصاص الغضب الشعبي, بعد ان تجرّع العراقيين غصص نهجها المّرة التي كلفتهم دماءاً وجهوداً وامكانيات ووقت. فقامت ببعض الاصلاحات الشكلية, من قبيل ترشيق الوزارة او تغيير وجوه فيها وادانة  مرتشين صغار  بينما بقي حيتان الفساد الحزبيين في منأى عن المسائلة رغم تضخم ثرواتهم بشكل اسطوري خلال فترة تسلمهم لمناصب في الدولة توازي حجم الاموال المهدرة من المال العام.
 وكمن يمتطي صهوة الوهم, وفي اطار تشبثها بالسلطة, تتحايل احزاب الطوائف لايجاد صيغ جديدة لبرقعة الجوهر الطائفي  التقسيمي للسلطة بأقتراح مخرج لايقل بشاعة عن المحاصصة, بما يسمى حكم الاغلبية البرلمانية,  الذي هو بحقيقته حلاً صائباً لمشاكل الحكم, لكن ليس مع الابقاء على تكوين احزابها الفئوي الطائفي.
 ان تمرير ذلك سيكرس واقعاً اكثر كارثية من المحاصصة, بنشوء دكتاتورية طائفية بدعوى الاكثرية وسحق اية معارضة حتى ولو كانت مبنية على ذات الاسس الطائفية فما بالك بمعارضة ديمقراطية علمانية.
ولا تخرج مشاريع " التسوية" و" الحوار " او تلفيق نظام انتخابات " سانت ليغو" مشوه, التي يقترحونها, عن اطار ما يحاولون تمريره من حلول ليست في حقيقتها منقذاً الا لهم.
لقد كانت المحاصصة الطائفية - العرقية الوليد المسخ لتوافق مصلحي والتي لايمكن مكافحتها واجتثاثها كنهج فاسد دون مسخ حاملتها المتمثلة بأحزابها.
لابد للداعين الى الدولة المدنية الديمقراطية مغادرة التهيّب من الاشارة  الى الاحزاب الطائفية والعرقية باعتبارها العلّة في كل مشاكل البلاد ومعاناة المواطنين والشروع في كفاحهم, هذه العلّة التي سببت كل مصائبنا, لا الاستغراق في ملاحقة افرازاتها من محاصصة وفساد.
 ولهذا يجب التسلح بالدستور ومضامينه التي تمنع التعصب الطائفي والقومي..., والتركيز على فقرات قانون الاحزاب التي تمنع تشكيلها على اساس طائفي او عرقي او مناطقي, ووضع الجهات القضائية المسؤولة عن تطبيق قانون الاحزاب امام مسؤولياتها الدستورية والقانونية برفض اعطاء رخصة لأحزاب تشكل على هذه الاسس الباطلة, خصوصاً ونحن على اعتاب انتخابات بلدية.
ان من اول شروط نجاح هذا الكفاح هو توحيد القوى الديمقراطية والمدنية وتجميع الجهود ورص الصفوف لخلق بديل ديمقراطي, همه وحدة البلاد وخدمة المواطن.
ألا ايها النّوام ويحكمُ هبوا !



169
حكومة اقليم كردستان العراق -  تخبط سياسي !
احسان جواد كاظم

التناقضات في سياسات حكومة اقليم كردستان - العراق كثيرة, حتى اصبحت " الناس ما تدري بيا حجارة تعثر ", فهي لم تعد محصورة في اطار العلاقة مع الحكومة المركزية في بغداد او مقتصرة على علاقتها بالاحزاب الكردستانية المتحاصصة مع الحزب المهيمن على السلطة في الاقليم - الحزب الديمقراطي الكردستاني بل تعداه الى قضايا مصيرية تهم كل العراقيين كشعب ووطن بمن فيهم الكرد.
لقد اصبح اصطياد المناسبات للشجار نهجاً, بعد ان فشلت سياسة خلق الازمات مع بغداد  من ان تأتي بأُكلها. وخاصة بعد سقوط شماعة حصار حكومة بغداد للاقليم, بتوصل اطراف كردستانية كثيرة لقناعة بأن سياسة عدم الامتثال للدستور وللقوانين والاتفاقيات المرعية مع الحكومة المركزية, المتعلقة بأنتاج الاقليم للنفط وتصديره وحصة الاقليم من الميزانية العامة للبلاد, يتحملها الحزب الديمقراطي الكردستاني وقياداته, لاسيما مع تغييب الحقائق عن الفعاليات الكردستانية السياسية والشعبية  بمآل ايرادات النفط المصدر من الاقليم وأوجه صرفها.
وفي خضم مطالبات سلطات الاقليم للمركز بحصتها من الموازنة العامة للبلاد البالغة 17 % مع اصرارها على عدم تحقيق التزاماتها المالية للخزينة المركزية والمتعلقة بأيرادات النفط وواردات المنافذ الحدودية والضرائب, اقدمت على اجراء مشين, أقل ما يمكن وصفه بخيانة الامانة الوطنية. ان لم تكن لشعب العراق بأكمله فلشعب كردستان بالخصوص, برهن آبار نفطية في الاقليم لتركيا بحفنة مليارات لتسليك مجاري فسادها في فضيحة لم يستطع مسؤولو الاقليم المتنفذين انكارها ( رسائل وزير الموارد الطبيعية في الاقليم آشتي هورامي الى مثيله التركي ).
وكان العذر الذي اوردوه لفعلهم المشين هذا ( انه كان نكاية ببغداد التي لاتدفع حصتهم من  الموازنة) اقبح من ذنب. فهم يرفضون التعامل مع الوطن العراقي الذي يمسكون فيه بسلطة ادارية مقيّمة بانها أكثر من فيدرالية ليرهنوا آبار كردستان النفطية ( التي هي ملك لكل العراقيين دستورياً ) لتركيا التي لاتعترف بوجود اكراد فيها. وان اعترفت فبمواطنين من الدرجة العاشرة. والتي لا يمكن ان تتقبل بأي حال من الاحوال بوجود دولة كردية على حدودها مهما قدموا من مغريات اقتصادية سخية وتنازلات سياسية مهينة, خصوصاً ان اغراءاتهم مهما بلغت تبدو هزيلة امام مغريات اقتصادية جمة يسيل لها لعاب قادة تركيا, يمكنهم جنيها بالتعامل مع حكومة المركز واطراف العراق الاخرى.
اقلها, المشاركة بتعمير المدن المهدمة بعد داعش.
وعلى خلفية زيارة رئيس وزراء تركيا الاخيرة للعراق لتسوية الاوضاع المتوترة بين البلدين, ولكسب رضا الاتراك, دعت قيادة الاقليم لحزب العمال الكردستاني الكردي التركي المتمركز بسنجار بمغادرة المنطقة او حسم الوضع معهم عسكرياً.
 لسنا مع اي تواجد اجنبي على الاراضي العراقية ولكن للحزب المذكور دوراً مشهوداً, يصرحون به الايزيديون انفسهم, في حماية الآلاف من مواطنينا اهاليهم من بطش داعش, بعد ان تخلت عنهم قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني المكلفة بحمايتهم, وانسحبت لتقدمهم لقمة سائغة لأرهابيي داعش وحصل ما حصل من مجازر وجرائم انتهاك اعراض وتدمير اوابد تاريخية ودينية.
احد المتنفذين في الاقليم اتهم الحكومة في بغداد بتقديم رواتب لمقاتلي حزب العمال الكردستاني. نحن لانستطيع تأكيد ذلك من عدمه, لكن ألا يستحقونها وهم الذين واجهوا اوباش داعش وانقذوا الآلاف من  مواطنينا الأيزيديين من بطشهم عن اولئك الذين هربوا امامهم ؟
كما لم يعد سراً, دور قيادة الاقليم في تسهيل دخول القوات التركية للاراضي العراقية عبر منفذ ابراهيم الخليل الحدودي, الذي تسيطر عليه, وتمركزهذه القوات في بعشيقة, دون ابلاغ السلطات العراقية, بهدف تعقيد الاوضاع السياسية الداخلية في البلاد ومع الدولة التركية واضعاف كيان الدولة العراقية وتوفير فرص اكثر ملائمة لأعلان الانفصال.
 في الوقت الذي ترفض فيه سلطات الاقليم أية تحركات عسكرية عراقية في الاقليم حتى لو كانت لقتال داعش... لولا الضغوط الامريكية الاخيرة عليها وامتثالها لها.
من المتناقضات البيّنة التي وقع بها قادة الاقليم مشاركتهم بالحملة السياسية الشعواء التي شنتها اجهزة الاقليم الامنية والاعلامية ضد نائبة كردية, اشارت الى الحالة البائسة التي وصلت لها عوائل مقاتلي البيشمركه بعد قطع رواتبهم رغم تضحياتهم البطولية وفسروا حديثها بأنه اساءة الى هذه العوائل, وتنافخوا شرفاً, وسيّروا المسيرات المناهضة لها ومنعوا زيارتها لأهلها في الاقليم وهددوها بالتصفية بينما لم يرف لهم جفن لشرف آلاف الأيزيديات اللواتي اختطفهن ارهابيو داعش ( بعضهن بنات او زوجات لبيشمركه ), وهم الذين يتشدقون كل يوم بأنتماء الايزيديين القومي للكرد.
التخبط السياسي قاد الى تشويه موضوعة حق تقرير المصير بما فيه الاستقلال باستعمالها كأداة ضغط وابتزاز ضد العراقيين, دون الانشغال بتوفير الظروف المناسبة لقيام دولة مؤسسات ديمقراطية حقاً, تكون محضر ترحيب من شعوب المنطقة المتعطشة للحرية لتدعمها.
 وربما كان التصريح الاخير لرئيس الاقليم السيد مسعود البارازاني بأنه سيعلن الاستقلال فيما لو تسلم نوري المالكي مرة اخرى لرئاسة الوزارة في حكومة المركز, سقطة سياسية ومن اكثر التصريحات الرسمية الكردستانية مدعاة للرثاء, وتعبر عن قصر نظر هذه القيادة. فقد اختصر قضية وارادة شعب كامل بخلاف شخصي بينهما.
ان اشارة البعض الى وجود تقبل شعبي وسياسي لانفصال كردستان عن العراق, لايستند الى فهم صحيح وموضوعي. فقد ضاق الناس ذرعاً من سياسات حكومة الاقليم في خلق الازمات ومحاولات التشاطر في مشاركة الآخرين خيراتهم دون تقديم ما يتوجب عليها. وهذا لايمكن توصيفه بتفهم او تقبل عام للاستقلال مع انه حق مشروع لشعب تعرض لأضطهاد الحكومات الشوفينية المتعاقبة التي لم تنصف العرب وغيرهم من اهل العراق لكي تنصف الاكراد.






 

170
في موصل نينوى, يتلفت الرعب مذعوراً !
احسان جواد كاظم
يجترح ابناؤنا في القوات المسلحة بطولات رائعة, أذهلت العالم, ويحرزون انتصارات باهرة بسحقهم ارهابيي داعش بسرعة مذهلة. واسقطوا, بضربة معلم, اسطورة الرعب البربري حيث تتهاوى معاقل الظلامية والهمجية تحت بساطيلهم التي يطأون بها جباه كل امراء الارهاب وشيوخ فتاوى التكفير وداعميهم.
وفي الوقت الذي يستعيد جيشنا هيبته الوطنية ويحوز على التأييد الشعبي لأقدامه الجريْ على تحرير البلاد من رجس القتلة وتجنيب اهلنا  في الموصل وكل محافظة نينوى ويلات العمليات الحربية, تلتهب المشاعر الوطنية بين اوساط شعبنا وتتعزز وحدة الوطن العراقي.
من المؤكد ان عراق ما بعد تحرير نينوى سوف لن يكون ذاته الذي كان قبلها. فالاداء المهني المكين والانساني الرائع للجيش والقوات المشتركة في التعامل مع المواطنين قد كسر الصورة السالفة, التي أشاعتها داعش, بأعتباره جيشاً فئوياً طائفياً واسقط كل التخرصات الاعلامية لارهابييها وماكنتها الدعائية من فضائيات مأجورة بأن دخول الجيش سيتبعه مذابح وانتهاك اعراض وتصفية حسابات, بينما قام جيشنا  بتحطيم كل قيود شريعة داعش الظلامية المريضة التي كُبل بها المواطنين, بحجب كل مظهر حضاري ومنع كل ممارسة انسانية لا تتوافق مع نهجها وتصفية التنوع الأثني والثقافي التاريخي للمنطقة والغاء دور المرأة في المجتمع وتأطير المجتمع بصبغته الاستبدادية السوداء, وقتل كل مظاهر الحياة الاجتماعية الطبيعية بتحريماته المتخلفة. وبذلك فقد رسم جيشنا ومن معه من قوات مشاركة ملامح حقبة جديدة في التاريخ العراقي, انصع صورها تحرير الارض واسترداد الحقوق.
المطلوب انتهاج نهج جديد, يجتث كل ما يتعلق بشريعة داعش الظلامية وممارساتها الاجرامية, بأشاعة نقيضها الانساني التعددي وعلى كل المستويات, وعدم ابقاء ظلال مبهمة من فضلات فكره الاقصائي في اي مجال من مجالات الحياة الاجتماعية.
 واعتبار كل ممارسة فرض سلوك او اجراء يشابه ممارسات داعش, من قريب او بعيد, جريمة يعاقب عليها القانون بالاستناد الى الدستور الذي يمنع اي مظهر من مظاهر التعصب ومصادرة الرأي او التضييق على الحريات, خدمة لأبناء شعبنا في المحافظة وتوابعها وكل العراق.
ومن اهم الاجراءات العملية التي ينبغي القيام به لتطمين مواطنينا المسيحيين والايزيديين والشبك والارمن والكاكائيين... ارجاع المهجرين والهاربين لمناطقهم التاريخية السابقة وضمان كل حقوقهم وحرياتهم في ادارات ذاتية مستقلة في مناطقهم وتوفير حماية قانونية وعسكرية تمنع تجاوزات, قد يفكر بها بعض الطامعين للاستحواذ على مناطقهم وتغيير طبيعتها السكانية والتقافية اواخضاعهم لمشيئة غير مشيئتهم الحرة, والشروع الجدي في تعمير مناطقهم.
لابد بالتأكيد البدء بكل ما يشيع الاطمئنان والتفاؤل وتهدئة الخواطر لدى المواطنين وضرورة متابعة امور النساء والاطفال المختطفين لدى داعش وتحريرهم وارجاعهم الى اهاليهم, وتنظيم حقوق شهدائهم وكل ضحايا ارهاب داعش من كل مواطني المحافظة, مع تعويض المتضررين جراء احتلال داعش للموصل ومصادرتها للممتلكات او تدميرها. والعمل الجاد من اجل تأمين ظروف جاذبة لمواطنينا الذين اضطروا للهجرة بسبب ما حدث, ليعودوا الى مناطقهم واهليهم.
وليس اخيرا تقديم كل المتسببين بسقوط الموصل بيد داعش للقضاء لينالوا جزائهم العادل لتفريطهم بالارض وتعريضهم حياة ومصيرالملايين للخطر وكذلك وجود اقوام اصيلة في العراق للابادة والالغاء بسبب تخاذلهم.
الامر الاهم الذي يجب ان تدركه الاحزاب الحاكمة في المركز والاقليم بعد الهزة التي عشناها جميعاً, والتضحيات الغالية التي قدمها شعبنا, ان استمرارهم في ادارة شؤون البلاد بنفس الطريقة الانانية الفاشلة التي اداروا بها البلاد قد تؤدي الى تداعيات خطيرة  لن يخرجوا منها منتصرين امام شعب عانى تبعات فشلهم وتبديدهم لثروات بلاده وسرقتهم المال العام والاستخذاء امام شذاذ الآفاق من الدواعش.
فهل من لبيب بينهم يفهم ؟

171
المنبر الحر / لقطات عراقية ساخرة
« في: 21:42 18/01/2017  »
لقطات عراقية ساخرة
احسان جواد كاظم
- اعتبرت وزارة التربية الكشف عن " مقبرة " المناهج الدراسية في البصرة, استهدافاً لوزيرها وللوزراة ولأنجازاتها النوعية للتربية والتعليم في العراق.
ناكرو المعروف وسيئو الظن من العراقيين بالغوا كثيراً بدون موجب واعتبروها جريمة فساد, فقد كان هدف القائمين على الوزارة مجرد تنظيف مخازن الوزارة من المخلفات المنهجية و حاشاهم من تنظيف خزينتها.
بيني وبينكم... انا غير متأسف على اعدام هذه المناهج, لأنها مناهج تجهيل وتلقين جعلت العملية التعليمية في العراق في ذيل البلدان التي تضاهي الصومال وافغانستان بتخلفهما التعليمي والعلمي.
الاموال مسروقة مسروقة... قلبي محروق فقط على الطفل العراقي الذي لم يفرحوه بكتاب جديد واقلام ملونة في اول يوم من ايام دوامه المدرسي.
- نقلت الاخبار بأن شرطة الحدود في البصرة, القت القبض على متسلل بنغالي قادم من دولة الكويت...هذه بشارة خير للعراقيين !
 اخيراً اصبحت بلادهم ألدرادو للعمل وكعبة استقطاب وجذب للاستثمارات الاجنبية من ذوي السواعد العارية.
- تبين ان كل الضجة الاعلامية المثارة حول صفقة الرز الهندي التالف مجرد مؤامرة دبرها صحفي مشاكس ( احدى حلقاتها كانت اتهامه الوزير المكلف بالتجارة وحمايته بمحاولة اختطافه ) يعمل في احدى الفضائيات المنبوذة للأساءة الى الانجازات المتحققة في وزارة التجارة.
 فالصفقة, لاغبار عليها, لكن التلف بس بالتمن وهو محدود, هلهلن يالعراقيات ! وكل الضجة المفتعلة كانت لرفع اسعار الرز اثناء شهر محرم, وحرمان مشاية كربلا من الاستمتاع بأكلتهم الشعائرية المفضلة - التمن وقيمة, حسب تصريح جهات رسمية في الوزارة.
المصيبة, ان كل هذه التوضيحات الصادقة النابعة من القلب والحلفان على كومة قرائين, لم تلق آذاناً صاغية لا من هيئة النزاهة التي ابدت شكوكها بوجود شبهات فساد ولا من محافظات امتنعت عن استلام حصتها من الرز بدعوى انه لاگـف ماي.
الخسران كان حليف المواطن الذي لم يحصل على الرز والذي لن يرْ شيئاً من اموال صفقته ولن يجني اية فائدة من توزير وزير جديد من احزاب الفساد لم يتمتع بكومسيون صفقة مشبوهة بعد.
 وكالعادة المواطن العراقي بس يهوس : " ( فالح ) ياكل عنبر وآنه أسفْ الفوح " , وساكت.
* فالح اقطاعي لايختلف عنه سياسيو السلطة اليوم.

- النائبة البرلمانية عن كتلة التغيير الكردستانية  سروة عبد الواحد طالبت السيد رئيس الوزراء العبادي التحدث الى الكتل " بلغة اخرى ".
 يبدو ان لدى السيدة النائبة مشاكل لغوية, لها اول وليس لها آخر. فلا الاكراد يفهمونها حد تهديدها بالقتل ولا هي تفهم العرب.
لأعتزازنا بها كنائبة جريئة وصريحة, نوصي لها بمترجم ضليع بشخص السيد وزير الخارجية ابراهيم الجعفري. وانا لله وانا اليه راجعون !

- في احتفال بهيج, حضرته نخبة من وجهاء قرية العوينة وشيوخها, قص مسؤولون محليون في محافظة الديوانية شريط افتتاح جسر العوينة الحديدي للمشاة.
يعتبر الجسر باكورة هدايا الحكومة المحلية و" مديرية طرق وجسور الديوانية" لسكان القرية الذين اثلج قلوبهم هذا الانجاز, ببناء جسر طوله عشرين متراً وبعرض مترين, بسايدين, حديدي بألوان زاهية, يستند على اكتاف ترابية.
كلفة المشروع غير معلومة لكنها بالتأكيد لاتتعدى كم مليون تافهة.
احد المتصيدين بالماء العكر, الذي يمكن ان يقلع الجسر بمن حمل ايام الفيضانات, علق : " يمكن ثمن قوط (بدلات ) المسؤولين الذين افتتحوا الجسر اعلى من الكلفة الحقيقية لأنشاءه ! "
الامر المفرح الذي لم يبدگ ( ينتبه ) له أحداً, انه صار لعشاق العوينة والقرى المحيطة بها جسراً لتعليق اقفال الحب المحفورة بأسمائهم, واصبح للفاشلين منهم مكاناً للآنتحار, أسوة بعشاق البلدان المتقدمة.
- اختتم مؤتمر " حوار بغداد " اعماله دون مقررات. عراب المؤتمر الشيخ همام حمودي وجموع المسؤولين العراقيين, كعادتهم, لم يأتوا بجديد, فقد كان كلامهم مكروراً, علكوا ذات الكلام الذي اطلقوه على وسائل الاعلام منذ ما يقارب اربعة عشرعاماً, يعني بالعربي الفصيح كان حوار طرشان.
 فشلهم يعرفه حتى اطفال التقاطع من بائعي الكلينكس, الذي لن يمسح عرق الخجل المفقود من على جبينهم, ولا يحتاجون لتأكيده بمؤتمر عالمي.
البشارة التي طالما انتظرها العراقيون والتي منّ بها المؤتمر عليهم, بعد ايام من الخطابات, كما تسرب من كواليس المؤتمر, انه اوصى بتجريم داعش !!!
 لتنم الارامل واليتامى من ذوي ضحايا الارهاب منذ اليوم ملء جفونهم, قريري العيون.
ملاحظة اوردها على ذمة الشيخ همام حمودي, بأن تكاليف المؤتمر لم تتعد 50 مليون دينار عراقي, شهالرخص ؟!  تم استلافها من امانة مجلس النواب.... هممممم من سيدفعها, الشيخ همام ونواب المجلس من جيوبهم ام الشعب العراقي ؟
الامر المهم الذي يدعو للسرورحقاً, أننا اريناهم الكرم والضيافة العراقية على اصولها الحاتمية في اسكانهم في مقر ضيافة مجلس الوزراء, يعني ببلاش !!!
ربما كان الخطاب الختامي للمؤتمر قد جاء على لسان رجال دين من دول متعددة, ابرزتهم القناة الرسمية دون غيرهم بعد ان أدوا واجبهم الولائمي... أمطروا فيه جيشنا ومقاتلينا بالدعاء بالنصر وغادروا مودعين بداعة الله.

 


172
غيرة ملثمة واخرى معفرة بغبار المعارك
احسان جواد كاظم
غيرة الملثمين على استقرار الاوضاع في العاصمة بغداد ولأجل عيون المعتصمين في ساحة التحرير وتحت نصب الحرية, من اهالي شهداء العمليات الارهابية في مدينة الثورة وجميلة, ليس لها حدود... فقد تُرجمت بوابل من الرصاص المطاطي والغازات الخانقة المسيلة للدموع والمفرقة للجموع واعتقال بعضهم بعد ان اوكلوهم ضرباً واحرقوا خيمهم وانتصروا بجعلهم شذر مذر, ثم اتهموهم بتسهيل امور داعش.
 لهذه الغيرة الملثمة فلسفتها الخاصة, هي ان مطالبة اهالي الشهداء بمحاسبة المسؤولين الامنيين عن الانفلات الامني وحصول الاختراقات الارهابية المتكررة ولنفس المناطق واستمرار السقوط المجاني للضحايا المدنيين من العراقيين الابرياء, يخدم ارهابيي داعش.
 ... نعم يخدم الدولة الاسلامية داعش التي تلفظ انفاسها الاخيرة في الموصل على ايادي ابناء هؤلاء المعتصمين وغيرهم من فقراء شعبنا, أليست هذه مفارقة عجيبة ؟ !
هذه الفلسفة لاتصمد امام عفطة عنز. فهل ان تذكير الحكومة بمسؤولياتها الدستورية بتوفير الامن والسلام لمواطنيها يسهل امور الارهابيين ام هي تبرير لفشلهم في اكتشاف مؤامرات هؤلاء ؟
بينما نشهد الغيرة الحقيقية المعفرة بغبار المعارك ضد داعش  متمثلة بالسجل النظيف من التجاوزات على المدنيين للقوى الامنية المقاتلة لداعش على الجبهات, الذي يدعو للفخر, والتي تتقاطع مع السجل المليء بالاعتداءات والاختطافات وتغييب النشطاء المدنيين في بغداد والمدن العراقية الاخرى.
وكأن ملثمي المدن بزيهم الرسمي لا يتبعون لنفس الجهة الامنية التي تقود ابطال التحرير على جبهات القتال... فهم لايشبهونهم البتة. فهؤلاء بلثامهم  يعتدون على المواطنين بحجة داعش ويفشلون بصدها, بينما يقصمون اولئك ظهر داعش وينقذون المواطنين من براثن ارهابييها.
هؤلاء بلثامهم يخافون المواطن الذي تطحن قلبه لوعة فقدان احبته, والمحاصر بالازمة الاقتصادية واستكلاب الفاسدين ومتفجرات الارهابيين, بينما اولئك يواجهون وحوش الدواعش, اعداء الانسان والفرح, بشجاعة وبوجوه مكشوفة و قلوب ثابتة.
لانعلم من اصدر الاوامر بتهدئة الحماس الشعبي بأطلاق الرصاص, لكنه بالتأكيد يهدف الى رفع جدران عدم الثقة بين الشعب والحكومه او رئيس وزرائها, على اقل تقدير. وهذا بالضبط هو ما يقدم خدمة لداعش ويسهل اختراقاتها.
اطلاق الحريات العامة للمواطن هي السلاح الامضى في الانتصار على داعش لا قمعه.
لذلك نتساءل: ألم يحن الوقت لمحاسبة المسؤولين عن سلسلة الاعتداءات على هامش الحريات العامة ؟   



173
عن افراحنا المختطفة - المتهم قابع في حديث العميد سعد معن !
احسان جواد كاظم

لم يصدر اي تصريح رسمي للنتائج التي توصلت لها الجهات الامنية بشأن مصيرالناشطة المدنية والصحفية المختطفة افراح شوقي ولا كشفت حقيقة الجهات التي قامت بالاختطاف, رغم مرور ما يقارب الاسبوع على اختطافها عدا اشارة السيد العميد سعد معن المتحدث الرسمي بأسم وزارة الداخلية في برنامج على فضائية الحرة عراق الى توصل الجهات الامنية الى خيوط تتعلق بجريمة اختطافها.
فما اورده من معلومات مقتضبة وجهت اصابع الاتهام الى جهات امنية او ميليشيات تابعة الى الاحزاب الدينية المتنفذة اكثر منها الى عصابات اجرامية عادية.
ننبري هنا لأبداء المساعدة لذوي النيات الحسنة من الجهات الامنية المختصة والتوضيح للمواطن الكريم في تحليل الواقعة والمعلومات كما رواها السيد العميد نفسه واستنتاجاتها لكشف المسؤولين عن العملية.
ابتداءاً, ان كل ما سرده السيد العميد عن الانجازات الامنية التي حققتها الجهات الامنية في تحرير مختطفين , قد اقتصرت على عمليات اختطاف لعصابات اجرامية ولم يذكر ولا انجازاً واحداً يتعلق بالجرائم السياسية التي ارتكبت طوال السنوات الماضية من اغتيال لكامل شياع الى هادي المهدي وحتى اختطاف جلال الشحماني و واعي المنصوري, وسجلت ضد مجهول.
كما ان ما اورده من معلومات, بمشاركة ثلاثة سيارات دفع رباعي مظللة وبدون ارقام تسجيل وما يقارب الأربعة عشر ملثماً عبروا من سيطرات تفتيش في منطقة محصنة كالسيدية, يؤكد بأن هؤلاء, بهذه الامكانيات, لايمكن ان يكونوا عصابة عادية. وحتى لو كانت عصابة اجرامية, فأن تحركها بهذه الحرية السافرة يشكل ادانة للاجهزة الامنية, ويشير الى عجز امني تام وهشاشة هذه الأجهزة برمتها.
كما ان اشارته في حديثه عن دخول هذه السيارات بشكل انفرادي وليس على شكل رتل يؤكد اشتراك منتسبي كل السيطرات الامنية بالجريمة , لان ولا واحدة منها لم توقفهم, لا في الدخول ولا في الخروج. وهذا يعني شيئين: اما ان المختطفين بسياراتهم تابعين لجهات امنية لديهم باجات رسمية تسهل عملية تحركهم او لميليشيات احزاب اسلامية متنفذة لايتجرأ افراد السيطرات على مسائلتهم.
وقد ذكر ايضاً خلال حديثه بالبرنامج بأن المختطفين قاموا بسرقة اموال وذهب وموبايلات اضافة الى الحاسوب الشخصي لأفراح شوقي, وهذا ما تلقفه البعض للتدليل على الطابع الجنائي لجريمة الخطف ونفي طابعها السياسي. في حين لايعرف عن السيدة افراح شوقي الغنى لكي تشكل هدفاً مباشراً لعملية سرقة وسطو, ولايمكن ان تكون هدفاً مغرياً لأية منظمة اجرامية عادية حد المغامرة بأدخال ثلاث سيارات دفع رباعي مظللة بدون ارقام تسجيل وبباجات رسمية , مع عشرات من عناصرها  لمنطقة محصنة كحي السيدية في بغداد, حيث تسكن المختطفة, والذي تفرض سيطرات المنافذ الامنية على السكان فيها ابراز هوية السكن لتسمح لهم بالدخول, لسرقة هذه الحصيلة البائسة من الغنائم وبدون تواطأ مع المجرمين من قبل الجهات الامنية المسؤولة عن القاطع.
لذا فأن سرقة المختطفين لمقتنيات العائلة كان هدفه التمويه على حقيقة جريمتهم السياسية بأعطائها مظهراً جنائياً وتضليل الرأي العام.
كما ان اجراء مصادرة الحواسيب عادة ما تتخذه الجهات الامنية عند مداهمتها لاوكار الارهابيين لمعرفة اسرارهم ومعارفهم واتصالاتهم وبهذا فأن مسلكهم فضح تبعيتهم.
ثم ان الحاسوب الشخصي الخاص بالناشطة المدنية أفراح شوقي لا يشكل فائدة لهذه الجهات, لأن كان من الاسهل لها, دون التورط بعمل منافي للدستور كهذا, تصوير المتظاهرين كل جمعة تحت نصب الحرية في ساحة التحرير في بغداد او شارع المتنبي ليعرفوا بمن تتصل ومع من تتعامل, كما ان مقالاتها منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي والصحف, وآرائها معلنة في مقالاتها ولقاءاتها موثقة على الفضائيات اضافة الى الندوات العامة التي تعقدها. واقصى ما دعت اليه هو نبذ الطائفية وانهاء فوضى السلاح وقيام دولة مدنية ديمقراطية بالطرق السلمية وكذلك تأييد قضية المرأة وحريتها.
 كما ان عصابة عادية بهذه الامكانيات ليس من مصلحتها سرقة سيارة شخصية لا تجلب لها مكسباً كبيراً بل على العكس ستكون عبئاً وعامل كشف لتحركاتها, لكن يبدو ان هذه العصابة المزعومة, لها ظهر قوي... واثقة من عدم تعرض احد لها.
المؤشر الاوضح على تبعية الاشخاص المختطفين لجهات امنية او ميليشيات متنفذة هي تطوع احدى سيارات شرطة المرور في توفير مرور سلس في شوارع بغداد المزدحمة, كما اظهرت كاميرات.
واضافة الى كل ما مر,فأن ما ينفي الطابع الجنائي لعملية الاختطاف الاهتمام الرسمي للرئاسات الثلاث, رئاسة الوزراء والجمهورية ومجلس النواب بتحرير المختطفة من خلال مطالباتها للجهات الامنية بالتحري والكشف عن الخاطفين. فكل هذه الجهات لابد وان تكون مقتنعة بأن العملية ذات خلفية سياسية, والا لما تدخلت بهذه القوة.
لا يمكن ان يكون لعملية اختطافها الا مغزى سياسي يستهدف ارسال رسائل تحذير لكل اصحاب الرأي الحر المنتقدين للأحزاب الاسلامية الحاكمة, المطالبين بدولة مدنية ديمقراطية, بالويل والثبور. والكف عن فضح فسادهم والدعوة لحصر السلاح بيد الدولة وحل ميليشياتهم ومحاكمة رؤوسهم المتورطين بكارثة الموصل وسنجار وسبايكر والاختراقات الامنية للارهابيين.
الحكومة مدانة في كل عملية اختطاف او قتل, فواجبها الدستوري ان توفر الامن والأمان لمواطنيها, وان تكون صارمة في تطبيق القانون على منتسبيها وموظفيها كما على المواطنين وعدم محاباة اي شخص او جهة والا فلتودع.


174
أسأل مجرب ولا تسأل الحكيم !
 
احسان جواد كاظم
مشروع التسوية الوطنية الذي يقترحه السيد عمار الحكيم بأسم التحالف الوطني الشيعي, الذي بدأوا الترويج له قبل اتفاق اطرافه انفسهم عليه و قبل طرحه على الرأي العام, لا يفي بالغرض ولا يشبع الحاجة الحقيقية لترميم ما لحق بالنسيج المجتمعي العراقي من خراب.
 فالمشروع " باين من عنوانه " الموصوف بالوطنية, المتناقض مع طبيعة القوى الداعية اليه و الآليات الطائفية المكوناتية  المعتمدة لتنفيذه. والذي يثبت بأن السيد الحكيم ومن يقف وراءه من القوى المتنفذة عصية على التعلم من عوادي الزمن وتجارب الامم والشعوب. فالتحالف يريد ان يسقينا من نفس كأس السم التقسيمي الذي دأب على صبه لنا, بحديثه عن التسوية بين المكونات الطائفية والعرقية وممثليها السياسيين.
 بينما التسوية التاريخية الحقيقية التي يجب على الاطراف السياسية الحاكمة ان تعقدها هي مع ابناء شعبنا الذين ذاقوا الويلات من سياسات المحاصصة النهبوية والتدخل الاجنبي وارهاب زمر الذبح على الهوية. والتي يجب ان تتلخص بالاعتراف بالفشل وترك المسؤولية لغيرهم من القادرين على قيادة دفة البلاد نحو شاطيْ الامان والتقدم.
ولأنهم مجتمعين, على يقين بأن اية تسوية منصفة مع هذا الشعب المظلوم سيخرجون من مولدها بلا حمص... خاسرين, فأنهم لجأوا الى طرح مشروعهم التسووي الذي في حقيقته محاولة انقاذ سياسي لاحزابهم بعد ان تعرض ادائهم السياسي خلال ما يقارب الاربع عشرة سنة الى الرفض الشعبي له, وللالتفاف بالتالي على المطلب الشعبي بالتغيير الناجز.
جربهم المواطن العراقي وفقههم حتى بات رافضاً, مقدماً, لكل مشروع او مقترح يخرج من جعبهم حتى بدون حاجة لقراءتها او نقاش ما تتضمنها, لانه فقد الثقة بهم واصبح متيقناً من عدم توافق مشاريعهم مع مصالحه الآنية والمستقبلية.
 انهم لازالوا يعملون ويعولون على بقاء التشرذم الشعبي والسلبية الفردية على حالهما وعدم تشكل الارادة الشعبية في حركة اجتماعية موحدة, من خلال رسم صورة سلبية قاتمة عن كل نشاط جماعي اوعمل حزبي نزيه والاساءة له  باظهاره بأنه سعي اناني لجني الغنائم, كما هي ممارساتهم الحزبية المستندة على اساس المحسوبية والمنسوبية الطائفية والعشائرية التي ورثوها فكراً وممارسة عن البعث البائد وطبقوها  ببدائية مقيتة.
لذا فان هذه القوى تمعن بسياساتها التقسيمية مستغلة مواقعها في السلطة في اقتراح مشاريع قوانين تقوض مدنية الدولة ومظاهر الديمقراطية وتصادر الحريات العامة, واثارة ازمات جديدة وفرض خيارات ماضوية رجعية لمشاكل معاصرة لاتستشرف المستقبل.
النفور الارستقراطي من العامة والنظرة الاستعلائية ازاء الوعي الشعبي هي سبب استبعاد المواطن عن القيام بدوره في حل مشاكله الملحة.
 فبأبقاء مناقشات المشروع تجري وراء ابواب مغلقة وبأطر ضيقة من اصحاب الجاه في احزاب المحاصصة وربطها بموافقات الدول الاقليمية, وعدم اطلاع المعني الاول وصاحب المصلحة الحقيقية في كل مبادرة صادقة لتعزيز الوحدة الوطنية الا وهو الشعب العراقي, وأد هذه المساعي قبل ولادتها.
ان اي مشروع تسوية بديل للوضع المتردي الحالي او مصالحة مجتمعية صادقة لايمكن ان ينجحا الا على اساس مدني ديمقراطي يستبعد التمايزات الطائفية والقومية والعشائرية وغيرها من عوامل تفرقة وتمييز بين المواطنين, وان يكون ثمرة نقاش ديمقراطي عام, تشارك به منظمات المجتمع المدني والقوى المدنية الديمقراطية التي لم تتلوث بأدران الطائفية والعرقية والفساد المتشابك معهما وكل من يود نقاش بنودها من المواطنين. لذا فأن قوى المحاصصة, بالنتيجة, غير مؤهلة لأنجاز هكذا عمل سامي, ففاقد الشيء لايعطيه.
والا فأن المحاصصة الطائفية - العرقية باقية تدمر وتتمدد.


175
تقويض مدنية الدولة... مخططات حثيثة !
احسان جواد كاظم
من يوم اعلان نهج المحاصصة الطائفية - العرقية كنظام حكم, ابتدأت سياسة تقويض مدنية الدولة وسيادتها ووحدة البلاد والمجتمع والتوجه نحو اسلمتها وشرذمتها. وماعدا بعض المناسبات العابرة الذي تعطلت فيها هذه السياسات بسبب الهلع الذي انتاب اركان السلطة بعد انتشار الاحتجاج الشعبي ضد الفساد والفاسدين والمطالبة الشعبية بالاصلاح ثم التغيير , فأن اندفاع قوى الاسلام السياسي الحاكمة ومن تتحالف معها من قوى ساعية الى تمزيق الوطن العراقي, تسارعت وتيرتها. وليس اكثر تعبير عن هذا التسارع هو سلسلة مشاريع القوانين والقوانين التي اقرت بأستعجال مريب. ابتداءاً من قانون الاحوال الشخصية الجعفري ونكاح القاصرات مروراً بقانون محمود الحسن البلدي الذي اقحم فيه فتوى تحريم الخمر ثم قانون الحشد الشعبي واخيراً مشروع قانون القبائل والعشائر المطروح على مجلس النواب لاقراره.
هذه القوانين مجموعة ومتفرقة وقبلها نهج المحاصصة السيء الصيت كلها تستهدف الحريات العامة وحقوق المواطن والانسان, بشكل او بآخر, وتتناقض مع فقرة صريحة في الدستور العراقي تتعلق بالمساواة بين العراقيين واخرى تكفل تكافؤ الفرص لهم وبينهم.
واذا كان قانون الحشد الشعبي قد مُرر لدواعي غير مقنعة من قبيل مكافأة المقاتلين على تضحياتهم وبطولاتهم, فأن القوانين اساساً لا تُسن لمكافأة أحد بل لحاجة عملية لتنظيم أمر ضروري ما.
 اما حقوق مقاتلي الحشد وشهدائهم كما جرحاهم , فأنه يمكن ضمانها من خلال قوانين سارية لدى المؤسسة العسكرية تتعلق بحقوق مراتبها ومكافآتهم, تتحمل تضمينها فقرة تشمل بها جميع حاملي السلاح ضد داعش, خصوصاً مع الاعلان المستمرمن قادة الحشد بأن تشكيلاتهم جزء من المؤسسة العسكرية العراقية وتأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة ووزارة الدفاع.
 وبذلك فلا ضرورة لأقرار قانون منفصل لصالح جهات لها مطامح سياسية خاصة.
ان قانون الحشد لم يكن مكافأة للمتطوعين الابطال الذين يقارعون عصابات داعش ببطولة ونكران ذات, بل هو مكافأة للميليشيات والفصائل التي لم ترضخ للدستور يوماً وبنده المتعلق بحصر السلاح بيد الدولة, ولا توجد ضمانات فعلية بأمكانية خضوعها لقانون الحشد الجديد المفصل على مقاسها.
ثالثة الاثافي ان لم تكن رابعتها هو قانون القبائل والعشائر المطروح على مجلس النواب لمناقشته واقراره. فقد اثبتت السنوات الماضية خطورة التطبيقات التقسيمة للمجتمع العراقي وتحويله الى كانتونات طائفية وقومية متصارعة والان يجري العمل على تشظيته   اكثر على اساس عشائري ومناطقي.
فأذا كان اصدار الانكليز لقانون دعاوى العشائر اوائل القرن الماضي قد كرس نشوء طبقة اقطاعية موالية أمنت طرق سير وامداد قواتهم واضطهدت الفلاح العراقي, فأن تشريع هذا القانون الآن يهدف الى تشكيل شريحة طفيلية مرتبطة باحزاب الاسلام السياسي بالخصوص, مجردة من قيم العشيرة الايجابية, تكون لها ظهيراً اجتماعياً يضمن لها قوة انتخابية مدفوعة الأجر من المال العام, تؤبد وجودهم في السلطة, وتلغي حق تكافؤ الفرص الدستوري نهائياً.
 هذا غير ان تكريس شريعة العشيرة الابوية التقليدية التي لاتتناسب مع روح العصر وقيم الحرية الفردية واستقلالية الاختيار الفردي, كان لها افرازاتها من الصراعات العشائرية المسلحة في مناطق عديدة في البلاد والتي عكست صورة قاتمة عما يمكن ان تسود الحياة الاجتماعية العراقية من فوضى في حالة تمرير مشروع هذا القانون في مجلس النواب.
وليس غائباً عن البال ما ترتب على تطبيق القيم العشائرية في المنازعات الفردية والعامة من تجاوزات كبيرة على حقوق المواطنين, وتحولت, في حالات كثيرة, الى مصدر للابتزاز من بعض المتشيخين. وهي تلغي حق مجتمعي قضائي اصيل في القانون المدني هو ما يدعى ب " الحق العام" في كل المنازعات القضائية الجنائية, حيث تقتصر المحاسبة على ارتكاب اية جريمة, ببساطة, عند عملية دفع ديًة وتصالح وتبويس لحى, ثم تذهب الديًات الى جيوب شيوخ متنفذين كعربون امتنان, بينما الامن المجتمعي يبقى مهدداً.
 ان ما يدعو للاستنكار هو ان اقتراح هذه القوانين جاء بالتزامن مع الانتصارات الرائعة التي تحرزها قواتنا المسلحة الباسلة على ارهابيي داعش والتي تستدعي تلاحماً وطنياً حولها لا بث الفرقة وحرف الانظار عن هذه الانتصارات الباهرة, والانتقاص من دور مؤسسة الجيش بما تمثله من وعاء وطني يجمع فئات شعبنا كلها.
الدرس البليغ الذي يمكن ان يتعلمه كل نجيب من اللحظة التاريخية التي نعيشها : هو انه لايمكن ان يكون بديل نموذج دولة اللون الواحد الداعشية الاقصائية الا دولة مدنية ديمقراطية اتحادية بعدالة اجتماعية.


176
هل هي نكتة ؟ تحريم فقهي في قانون بلدي !!!
احسان جواد كاظم
ربما نكون نحن العراقيين اكثر شعوب العالم توقاً لما يخفف من مآسينا التي ابتلينا بها. فبالاضافة الى همجية داعش وتكالب الاشقاء والاخوة في العروبة والاسلام علينا فقد ابتلينا بطبقة حاكمة فسادها بات يزكم الانوف لكنها تتخذ الدين مطية لبلوغ مآربها.
فلابد للقاريء لبنود قانون واردات البلديات الذي اقره مجلس النواب العراقي اخيراً ليستغرب وجود مادة تتعلق بحظر استيراد وتصنيع وبيع الخمور في ذيله, فالقانون لاينبغي ان تكون له صلة بتاتاً بالمنع او الاباحة ولو كانت هناك اية صلة, لكانت بمقدار وطريقة استيفاء الواردات  من معامل تصنيعها او اماكن بيعها وحتى هذه الامور هي من شأن دوائر الضرائب والكمارك.
الاستعجال في تمرير هذه المادة يبدو ظاهراً من اقحامها في ذيل القانون, والارباك الحاصل في ترتيب المواد في اصل القانون (  ت- المادة 15- ينفذ......ثم ث- لايعمل... وكأن المادة 15 تابعة للفقرة 14), وقد اشار النائب جوزيف صليوا الى حصول عملية خداع في تمرير هذه المادة (14) لعدم تضمن القانون لها في القراءة الاخيرة له وكان يتوجب على من اضافها ابلاغ النواب بأي تغيير يطرأ على القانون قبل التصويت عليه وهو مالم يفعله المخادعون.
 السعي الى تمرير هذه المادة في ظل الانشغال العام شعباً وجيشاً وحكومة بقتال داعش وتحرير اراضينا المغتصبة من تحت براثنها, تؤشر  للانتهازية البغيضة في  تمرير هذه المادة الطارئة في القانون المذكور وبأي ثمن, فبالاضافة الى اقحامها في قانون خدمي مدني ليس له علاقة بمسالة فقهية, هي نفسها خاضعة لتأويلات ونقاشات طويلة عريضة, فأن ذلك يعني تزويراً لأرادة النواب وتعدياً على الآليات الديمقراطية هذا غير تناقضه مع الدستور الذي ضمن الحريات العامة والخاصة خصوصاً في بلد متعدد القوميات والاديان والملل والنحل.
واكثر ما يدعو الى الرثاء لهؤلاء المخادعين هو مسارعتهم الى تهنئة المرجعية الدينية بهذا الانتصار الباهر الذي تطلب الكثير من الغش والخداع والمخاتلة والكذب لتمريره, وهم بذلك يحاولون شراء عقل المرجعية بحلاوة لتطلق يدهم في سرقة المال العام وتقسيم البلاد مقابل اقرار المنع.
وفي الوقت الذي حول المتظاهرون المدنيون تظاهراتهم لدعم قواتنا المسلحة والقوات المساندة لها في قتال داعش, وتخفيف الضغط على الحكومة, لم يعطل سراق المال العام ماكنة قضمهم لقوت الشعب واستمرار مصادرة الحقوق وحجب الحريات.
وبعدما فرطوا بالموصل وغيرها من اراضي البلاد فانهم لم يمتثلوا, على الاقل, لمتطلبات توفير الظروف الملائمة لتحريرها من داعش, بل لجأوا الى هذه الاجراءات المستنكرة التي تقود للانقسام والتصادم المجتمعي وتشظية الجبهة الداخلية.
لقد اظهر تمرير هذه المادة في القانون المذكور حقيقة ما تسمى بجبهة الاصلاح البرلمانية باعتبارها واجهة اعلامية للجهات التي ينتسبون لها اعضائها. فمشروعهم الاصلاحي لم يكن مستنداً على مباديْ المساواة بين المواطنين واحقاق حقوقهم وانما فقط في تحريك بعض الملفات المتعلقة بالفساد التي لم تسفرعن نتائج ملموسة تتعلق بالحياة اليومية للمواطن وصيانة حقوقه وحرياته.
ان تمرير مادة تحريم الخمور في قانون واردات البلديات يدلل على السعي الدؤوب لقوى الاسلام السياسي لأعادة تشكيل المشهد السياسي بعد داعش وملأ الفراغ السياسي والفقهي الذي ستتركه بما لايجبّها.


قانون واردات البلديات
22 تشرين الأول, 2016
المادة-1- تتكون واردات البلديات مما ياتي :-
اولا- مايخصص لها ضمن الموازنة السنوية العامة للدولة.
ثانيا- الرسوم المنصوص عليها في الجدول الملحق لهذا القانون.
ثالثا- الايرادات التي تحصل عليها البلديات وفقا للقوانين النافذه.
رابعا- الغرامات التي تفرض عن المخالفات الخاصة بالشؤون البلدية وفقا للقانون .
خامسا- الايرادات التي تحصل عليها من بدلات بيع اموال البلدية واستغلالها واستثمارها ومن خدماتها ومشاريعها.
سادسا- الاقتراض والاعتمادات الثابتة.
سابعا- الهبات والتبرعات المقدمة لها من الجهات العراقية والاجنبية وفقا للقانون.
المادة-2- اولا- تفرض الرسوم المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون وتخصص الى البلديات كلا ضمن منطقتها وتجبى من موظفي البلدية مباشرة او بالطرق الاخرى التي تحددها عدى رسوم اليانصيب والمراهنات والسكائر والتبغ والكبريت(الشخاط) والمشروبات الغازية والمرطبة على اختلاف انواعها فأنها تستوفى من الجهات المناط بها ذلك وتدفع حصيلتها الى وزارة الاعمار والاسكان والبلديات وامانة بغداد حسب العائدية.
ثانيا- تدفع الشركات والمعامل والجهات المنتجة للمشروبات الغازية المرطبة والمعامل التي تصنع الكبريت (الشخاط) الرسوم المترتبة عليها في نهاية كل شهر الى وزارة الاعمار والاسكان والبلديات    فيما يخص البلديات العاملة في المحافظات وامانة بغداد فيما يخص العاملة في العاصمة.
ثالثا- أ- تتولى الجهات التي يجري الاعلان عن طريقها او باستغلال منشأتها او ارضها او وسائط النقل الخاصة بها بأي صورة كانت استيفاء مبلغ الرسم بمواعيده القانونية وايداعه الى وزارة البلديات والاشغال العامة وامانة بغداد وحسب العائدية.
ب- يقصد بالاعلان المنصوص في فقرة (أ) من هذا البند توجيه الانظار الى شخص او شركة تمارس حرفة او مهنة اوصناعة او الى بضائع او مواد معروضة للبيع او الايجار او المعارض التجارية او محلات تقديم الخدمات على اختلاف انواعها بضمنها الخدمات الاستشارية وكذلك الترويج للاعمال التجارية او لاعمال الانتاج السينمائي والمسرحي والتلفزيوني والاعمال الفنية بوجه عام وذلك بطريقة الكتابية او الرسوم او النقش او التعببير الصوتي او المرئي او الفني .


المادة -3- أولاً- تعفى الجهات التالية من دقع الرسوم المتحققة عليها وفق الجدول الملحق بهذا القانون:
أ‌-دور العبادة.
ب‌-الهيئات الدبلوماسية والقنصلية المعتمدة لدى العراق مع مراعاة مبدأ المعاملة بالمثل.
ثانياً- لمجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير البلديات والاشغال العامة او امين بغداد اعفاء الجهات التالية من الرسوم المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون كلاً أو جزءاً:
أ‌-المنظمات والجمعيات التي تمارس نشاطاً انسانياً بموافقة الحكومة الاتحادية سواء كانت عراقية أو اجنبية.
ب‌-المنظمات والجمعيات العلمية والثقافية العراقية.

المادة- 4- اولاً- لكل من وزير البلديات والاشغال اعامة وامين بغداد ان يقرر شطب او تنزيل المبالغ المتحققة من الايرادات المنصوص عليها في البندين( ثالثاً) و( خامساً) من المادة (1) من هذا القانون بما لا يزيد على (300000) ثلاثمائة الف دينار في كل حالة اذا وجد ان هذه المبالغ يتعذر استحصالها لعجز المدين او المكلف بها او تضررهما لسبب لا دخل لارادتهما فيه.
ثانياً- لا يجوز صرف الهبات والتبرعات المنصوص عليها في البند (سابعً) من المادة (1) من هذا القانون الا للغرض الذي يحدده المتبرع.


المادة _1_ أولا_ يلتزم المكلف بابلاغ البلدية تحريريا بتاريخ مباشرته للعمل الخاضع للرسم وايداع نسخة من عقد الايجار الخاص بمحل أو مكتب مزاولة المهنة او العمل الى البلدية .
        ثانيا _ اذا قسط الرسم المتحقق ولم يدفع المكلف احد الاقساط خلال شهرمن تاريخ استحقاقه تصبح الاقساط كلها مستحقة الدفع بدون انذار .
ثالثا _ اذا تحقق للبلدية بموجب هذا القانون أو القوانيين الاخرى دين على المكلف ولم يسدده في الموعد المقرر يخطر بلزوم التسديد خلال ( 30 ) ثلاثين يوما من تاريخ التبليغ بالاخطار وبخلافه تفرض على الدين المتحقق فائدة سنوية قدرها ( 7%) سبعة من المائة تستوفي مع أصل الدين .
رابعا _ لكل من وزير البلديات والاشغال العامة وأمين بغداد أن يعفى المكلف من الفائدة المنصوص عليها في البند ( ثالثا ) من هذه المادة كلا أو جزء أذا تاخر عن الدفع لمعذرة مشروعة .
خامسا _ تعد ديون البلديات والمبالغ الاضافية المتحققة عليها من الديون الممتازة ويطبق في شأنها قانون تحصيل الديون الحكومية رقم (65) لسنة 1977 .
المادة _ 6_  أولا لايجوز لدائرة التسجيل العقاري اجراء اي معاملة مصرفية على العقار الذي ورد في شأنه اشعار من دائرة  البلدية بمديونيته الى البلدية المعنية .
ثانيا _ تلتزم دوائر الدولة والاتحادات والنقابات المهنية التي يقر القانون مراجعتها لاستحصال اجازة ممارسة العمل او المهنة بعدم منح تلك الاجازة أو تجديدها للمكلف الذي ورد في شأنه اشعار من دائرة البلدية بمديونيته الى البلدية المعنية .
ثالثا _ على دوائر الضريبة تزويد البلديات بصورة من قوائم التقديرات السنوية النهائية للعقارات .
المادة _7 _ يعاقب المكلف لاحكام البند ( أولا ) من المادة (5) من هذا القانون والبند (ثالثا ) من القسم السابع من الجدول الملحق بهذا القانون بغرامة  لاتزيد على ( 500000) خمسمائة الف دينار .


مقترح اللجنة
المادة – 8 – أولا : لوزارة الاعمار والاسكان والبلديات وأمانة بغداد تقرير ما يجب استيفاؤه من الاجور لقاء الخدمات التي تقدمها بعد موافقة لجنة الشؤون الاقتصادية .
ثانيا : عند نقل الصلاحيات من وزارة البلديات والاشغال العامة الى المحافظات يكون للمحافظة تقرير ما يجب استيفاؤه من الاجور لقاء الخدمات التي تقدمها بعد موافقة مجلس المحافظة .
مقترح اللجنة :
المادة – 9 – لمجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الاعمار والاسكان والبلديات أو أمين بغداد أو المحافظ إضافة بعض المهن الى الجدول الملحق بهذا القانون .
المادة – 10 – يقصد بالسنة المنصوص عليها في الجدول الملحق بهذا القانون السنة المالية .
المادة – 11 – أولا – تحدد كيفية استيفاء واردادت البلديات بتعليمات يصدرها وزير البلديات والاشغال العامة بالتنسيق مع أمين بغداد .
ثانيا – لوزير البلديات والاشغال العامة بالتنسيق مع أمين بغداد إصدار تعليمات لتسهيل تنفيذ  أحكام هذا القانون .
المادة – 12 – ( مادة جديدة ) :
أولا : يلغى نص البند ( ثامنا ) ما المادة ( 9 ) من القانون رقم ( 14 ) لسنة 1996 ويحل محله ما يأتي :
ثامنا : منح إجازة تأسيس المرافق السياحية كالمطاعم والفنادق والشقق والدور السياحية ومكاتب وكالات السفر والسياحة ومكاتب تأجير السيارات للسياح والاجانب ومحلات بيع التحف والمنتوجات التراثية داخل المرافق الصحية والمقاهي السياحية وتجديدها وفق التعليمات الخاصة بذلك .
ثانيا : يلغى نص البند ( ثانيا ) من المادة (12 ) من القانون رقم (14 ) لسنة 1996 ويحل محله ما يأتي :
ثانيا : يقصد بالمرفق السياحي لأغراض هذا القانون المطاعم والفنادق والشقق والدور السياحية وشركات ومكاتب ووكالات السفر والسياحة والمقاهي السياحية .

مقترح  اللجنة :
 المادة – 13-  يلغى قانون واردات البلديات رقم ( 130 ) لسنة 1963 والمواد (2) و(3) و(4) و(5) من القانون رقم (175) لسنة 1969 والتعليمات الصادرة لتسهيل تنفيذ احكامها.
 المادة – 14 – ( مادة جديدة ) :
أ‌-يحظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها.
ب‌- يعاقب كل من يخالف البند (أ) من هذه المادة بغرامة لاتقل عن (1000000) عشرة ملايين دينار ولاتزيد عن ( 25000000) خمسة وعشرون مليون دينار.

ت‌-المادة- 15- ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
ث‌-لايعمل بأي نص يتعارض مع هذا القانون.
                               
                                    الأسباب الموجبة
لمرور زمن طويل على تشريع قانون واردات البلديات رقم (130) لسنة 1963 ولأن الكثير من أحكامه لم تعد تلبي الحاجة المطلوبة من تشريعها ولظهور مهن وحرف وأعمال جديدة يتعين شمولها بأحكامه ولأن مبالغ الرسوم التي تضمنها القانون لم تعد تواكب قيمة النقد والظروف الاقتصادية في الوقت الحاضر ولكثرة التعديلات التي طرأت عليه.

177
المنبر الحر / افراح عاشوراء !
« في: 19:40 12/10/2016  »
افراح عاشوراء !
احسان جواد كاظم

بينما تتوشح مدن العراق وقصباته بمسوح الحزن في ذكرى استشهاد الحسين بن على ورهطه في واقعة الطف امام جيش طاغية عصره يزيد بن معاوية, ترتسم علامات السرور ومظاهر الفرح الغامر على وجوه الكثير من سياسيي احزاب الفساد من اعداء الاصلاح والتغيير بعد ان قدمت المحكمة الاتحادية العليا بقرارها بنقض قرار سابق لرئيس الوزراء حيدر العبادي بتجريدهم من مناصب نواب رئيس الجمهورية, سبباً وجيهاً لفرحهم وشماتتهم بأبناء شعبنا وتحدياً لتطلعاتهم.
وبعد اعلان قرار النقض مباشرة وبسبب الغضب الشعبي, عاد المتحدث بأسم السلطة القضائية عبد الستار البيرقدار ليصرح بأن قرار المحكمة الاتحادية العليا لم يتطرق الى اعادة او عدم اعادة نواب رئيس الجمهورية المرفوعة ايديهم الى مناصبهم !!!
اذن لم كانت هذه الزوبعة في هذا التوقيت بالذات؟ واهدار المحكمة الاتحادية العليا لوقتها الثمين في دراسة دعوى اسامة النجيفي ضد قرار الغاء مناصبهم ( وخصوصاً وانهم كانوا يستلمون طول الوقت رواتبهم  كنواب لرئيس الجمهورية )؟ ألم يكن من الاوجب الانشغال بملفات مهمة ومصيرية مثل اسباب سقوط الموصل بأيدي الارهابيين او مأساة سبايكر او مطاردة رؤوس الفساد وغيرها الكثير ؟
هل كان القرار مجرد تطبيق بيروقراطي للقانون من قبل قضاة مسلكيين يتوجب عليهم القيام بعملهم وحسب؟ او هو استدراج للسلطة القضائية لتكون طرفاً في الصراع السياسي الدائر؟ 
ان الامر في حقيقته محاولة لكسر حلقات الاصلاح وتقويضها كلياً, واشاعة اليأس والقنوط في نفوس المطالبين بالتغيير والاصلاح.
فأننا نشهد هجمة رجعية للتنصل من كل الخطوات الاصلاحية الخجولة التي خطاها رئيس الوزراء تحت تأثير الضغط الشعبي المطالب بالتغيير. فقد كان لفرحتهم هذه ما سبقها من لملمة لأطراف تحالفهم الطائفي للاستمرار بذات السياسات الطائفية التحاصصية وممارسات النهب للمال العام التي ادت الى تقديمهم العراق لقمة سائغة لوحوش الدولة الاسلامية داعش وجعلوا كل معتوه حالم يسخر من العراق كدولة وليتحدث عن ضرورة تهشيمه وتفريقه كانتونات حقد بين مافيات الطوائف والقوميات.
يفترض بمن انتخب ممثلي احزاب الاسلام السياسي بالتحديد ان يحتجوا قبل غيرهم على قرار المحكمة العليا لان من يدعي تمثيلهم ويزعق بمظلوميتهم, خدعهم ولم يحقق لهم حتى ما وعدهم به, وهو يضحك منهم اليوم, بينما  يشهدون هم بأم اعينهم تحول قيادات هذه الاحزاب الى ملياردية بعد ان كانوا حفاة, لايملكون شروى نقير.
لقد جاء القرار وفي هذا التوقيت بالذات, تحدياً لمطامح شعبنا العراقي في حياة حرة كريمة, واهانة للأيثارالحسيني وتنكر سافل لقيم استشهاده في احقاق الحق ونصرة المظلوم.
كم كان بودنا ونحن في حضرة الحزن البالغ لوفاة فقيد الفن العراقي يوسف العاني ان نردد معه في وداع الحارس الليلي, لرئيس المحكمة الاتحادية العليا مدحت المحمود لو انصف : اسعدت مساءاً يا صديقنا ويا عدو اللصوص !

178
موسم الصفقات السياسية !

احسان جواد كاظم

حدثان سياسيان كانت الساحة السياسية العراقية خلال فترة وجيزة مسرحاً لهما. الاول الاتفاق بين حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية ثم عودة مقتدى الصدر وتياره الى  حضن تحالفه الام, التحالف الوطني العراقي الشيعي.
واذا كان امتثال رئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني, كما يبدو, للنسخة المركزية من التفسير الدستوري لتقسيم الثروات والاملاء الامريكي للتنسيق مع القيادة العسكرية العامة لتحرير الموصل ووضع قوات البيشمركة تحت امرتها, فأن الجانب الآخر من الصفقة السياسية المتعلقة به والذي نال بها سكوت التحالف الحاكم والحليف الامريكي عن استئثاره بالسلطة السياسية والمالية في الاقليم, لم تكن بمستوى طموحاته. فالدعوات لتصفير المشاكل والتصريحات الدبلوماسية العمومية التي صرح بها رئيس الاقليم في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ووجومه امام الكاميرات يدللان على عدم سروره بالصفقة.
الحدث الآخر ايضاً يتعلق بالتراجع عن مواقف ومباديء طالما صرحت بها اطرافها. فلم تمر اسابيع قليلة عن تصريحات رئيس المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم ودعوته المرآئية لتشكيل كتلة عابرة للمكونات حتى نقضها وزملاءه بالتحالف من خلال خطط مأسسة ائتلافهم الشيعي بصبغته الطائفية المعهودة والاصرار على الابقاء على تركيبته الحالية التي اثبتت فشلها خلال فترة ثلاثة عشر عاماً في الحكم.
وباستدراجهم لمقتدى الصدر وتياره للعودة الى تحالفهم, يكونون قد حققوا خرقاً لتعاونه مع قوى الاصلاح والتغيير المكونة من ابناء شعبنا المتظاهرين ضد الفساد والطائفية في ساحات التحرير, بتنصله عن كل شعاراته ووعوده ودعواته للدولة المدنية ومحاربة الفساد, وهم بذلك يكونون قد احرزوا انتصاراً مركباً بالابقاء على تكتلهم الطائفي وتقويته بتيار مقتدى الصدر واستمرارهم في اعتماد المحاصصة كنهج للحكم وحاصروا من جانب آخر التيار المدني الشعبي ولجموا غضب جماهير التيار الصدري الفقيرة, ومن المؤكد انهم سيسعون لتفكيك ما تسمى بجبهة الاصلاح البرلمانية باستقطاب نوابهم المشاركين فيها لايقاف سلسلة الاستجوابات وخاصة التي تلاحق قادتهم ومنهم ابراهيم الجعفري المرشح المرتقب للاستجواب والعودة الى سياسات الخطوط الحمر والشخوص الواقفون فوق القانون.
ويبدو ان التيار الصدري لم يحظ سوى بوعود عن عدم حماية الفاسدين وجعل المرجعية الدينية كغطاء لتحالفهم وهو الامر الذي رفضته مرجعية السيد علي السيستاني والتي نفضت يدها عن احزابهم وصرحت بانها لاتدعم اية جهة سياسية, وامتناع السيد السيستاني عن استقبال قادتهم.
ان هذه الاتفاقات الصفقات جاءت لترميم بيوتهم المحاصصية وليس لايجاد مخرج من الازمة الخانقة والخطيرة التي يعاني منها المواطن وتئن منها البلاد بسبب سياساتهم المدمرة. 
واذا كانت الولايات المتحدة وراء الصفقة الاولى فان ايران تقف وراء الصفقة الثانية, وهما بالتأكيد لا تهمهما الارادة الوطنية لشعبنا العراقي ومصالحه.

179
زيارة مسعود البارازاني الى بغداد... ما عدا مما بدا !!!
احسان جواد كاظم
اخيراً وصل السيد مسعود البارازاني رئيس اقليم كردستان المنتهية ولايته الى بغداد, وهو الذي كان يتجنب لسنين طويلة زيارتها. اسباب الزيارة تبدو جلية بعد ان تدهورت الاوضاع في الاقليم وتراجع شعبيته بسبب المشاكل الاقتصادية والسياسية الجدية التي تواجهها حكومته والتي تأتي بعد سنين عديدة من سياسات تجاهل الحكومة المركزية ونهج مناكفتها وممارسات تعقيد الاوضاع السياسية ثم فرض انعزال قومي على مواطني الاقليم عن باقي مواطنيهم في العراق بتأجيج مشاعر قومية عنصرية في احيان كثيرة.
اليوم الاول من الزيارة وطبيعة اتصالاته السياسية تشير الى صواب تكهنات البعض من المحللين السياسين وبالخصوص الكرد بأهداف الزيارة التي رأوا فيها محاولة للبحث عن تحالفات جديدة لتدعيم  موقفه السياسي مقابل غرماءه السياسيين في الاقليم بترميم العلاقة مع الاحزاب الاسلامية المتنفذة في حكومة المركز  وانقاذ ما يمكن انقاذه من نفوذه وعائلته في الاقليم بعد تآكل تحالفه مع الاتحاد الوطني الكردستاني وتصاعد حالة الخصام مع حركة التغيير كوران ومظاهر عدم الثقة مع الاحزاب الاسلامية الكردية, والاهم من كل ذلك تصاعد الغضب الشعبي في الاقليم ضد سياسات حكومة الاقليم الاقتصادية بعد فشلها في تأمين رواتب موظفيها وتدهور الاوضاع المعيشية لعموم المواطنين وتوسع الهوة الطبقية بينهم وبين شلة المنتفعين في احزاب السلطة وبالخصوص حزب البارازاني.
الحكومة المركزية بدورها كانت بحاجة لهذه الزيارة لاثبات نجاحها في اعادة الابن الضال الى كنفها اضافة الى حاجتها للبارازاني باعتباره القائد الفعلي لقوات البيشمركة للتنسيق معه بشأن التهيئة لعملية تحرير الموصل, من باب اشراك كل القوى وحشد كل الطاقات من اجل تحقيق النصر على داعش, خصوصاً بعد تقلص قائمة الاشتراطات الكردية في اشراك البيشمركة في القتال نتيجة ضغوط امريكية مباشرة على البارازاني لوضع قواته تحت امرة القيادة العسكرية العراقية.
وفي مقابل مساعيهم لترميم تحالفاتهم القديمة وعقد صفقات جديدة, فأن على القوى الشعبية الديمقراطية, وفي اطار الانحياز الى المصالح المشروعة لشعبنا الكردي في الاقليم, الضغط على احزاب السلطة ومؤسسات الدولة وبالخصوص مجلس النواب العراقي لمطالبة السيد البارازاني بأعادة الحياة لمؤسسة البرلمان الكردستاني واطلاق الحريات العامة وبالاخص حرية الرأي والانصياع اخيراً لبنود الدستور الكردستاني بما يخص عدد دورات ولاية رئيس الاقليم, لخلق مناخ ديمقراطي مستقر في الاقليم.
كما ان حل المشاكل الاقتصادية لابناء شعبنا الكردي تبقى اولوية, ينبغي على مؤسسات الحكومة المركزية السعي الى حلها بجدية, والتأكيد على الملحة منها والمتعلقة بقوت المواطن وبالتحديد مشكلة الرواتب المتأخرة, وذلك كما اقترح بعض النواب بتسليم حصص محافظات الاقليم من الموازنة المركزية مباشرة الى كل محافظة على حدة, بدلاً من ارسالها الى حكومة الاقليم لتتبدد بدون ان يحصل الموظفين ومنتسبي البيشمركة على مستحقاتهم الكاملة.
لابد وان الزيارة قد اثارت استغراباً كبيراً للجمهور الكردي وبالأخص للمقربين من حزب الرئيس, الحزب الديمقراطي الكردستاني. فهي تتقاطع كلياً مع حملات التهييج الاعلامية التي كانت محتدمة في مناصبة الحكومة المركزية العداء والاستهانة بالقرارات المركزية وكذلك تحميلها كل اخفاقات حكومة الاقليم, ثم التهديد عالرايح والجاي بأنفصال الاقليم عن العراق.
في العموم, لابد من الترحيب بكل زيارة تؤدي الى حل المشاكل وتهدئة الخواطر واحقاق الحقوق, لكن معرفتنا بأطراف اللقاءات وخلفيات عقدها وحيثياتها تثير مكامن الشكوك في نفوسنا من نتائجها وعواقبها على العراق والعراقيين اجمعين.

180
الكتلة العابرة للمكونات - مشروع استغفال !
احسان جواد كاظم
تخفي الدعوات لتشكيل كتلة سياسية عابرة للمكونات وراء شكلها المشرق ظلالاً مظلمة. وهي لا تتعدى ان تكون اكثر من مكيدة يتوقع مطلقوها تمريرها ببساطة على شعب اكتوى بنيران الكراهية الطائفية والعنصرية.
فهذه الدعوة التي جاءت كرد فعل على المطالب الشعبية في انهاء المحاصصة الطائفية - العرقية, اعتبرها الكثير من المحللين  محاولة للالتفاف على تلك المطالب ومناورة للتملص من مسؤولية الفشل المريع في كل مناحي الحياة الاجتماعية في البلاد, والتي اتسمت بها فترة حكمهم وجعلت موارد البلاد كلها وقفاً لشريحة صغيرة من المتنفذين.
 الجهات الداعية لهذه الدعوة, هي أصلاً, غير مؤهلة للمضي بها, لان اصابع الاتهام الشعبي تشير لها وبذمتها رغم ما تتلبس به من لبوس التدين.
جوهرهذه الدعوة اعادة تدوير المحاصصة وطرحها بكبسة وطنية مسلفنة لأستغفال المواطنين, بما يضمن استمرار نزف ثروات البلاد لتصب في جيوبها تحت شعارات جديدة رثة تعلن الابتعاد عن التقسيمات الطائفية والعرقية البغيضة بينما تضمر تأبيدها, وذلك بالقيام بتكديس عددي لذات القوى المتحاصصة تحت خيمة التكتل وبنفس روح التصنيف الطائفي والعرقي البغيضة, على ان يستمر من خلاله على ما درجوا عليه من توزيع للغنائم من داخله.
بينما الاساس المكين للقيام بمثل هذه الخطوة الجريئة لابد وان يستند الى وجود برنامج حقيقي لترجمة هكذا مشروع سياسي عابر للمكونات, ورغبة صادقة في التغيير وتوفر مناضلين وطنيين لتنفيذه.
 وهذه الجهات عاجزة عن الاتيان ببرنامج يرسم ملامح هذا التكتل. كما ان الطمع الاشعبي المستمكن في قلب وعقل قيادات هذه القوى المتنفذة يجعلها عصية على تبني اي مشروع توزيع عادل للثروات وهي التي تتشبث بنهج توزيعها حصصاً على اساس مكوناتي ظالم لشلة من قياداتها الحزبية.
ورغم ما تشكله هذه الدعوة من مخرج للازمة الخانقة التي يعيشونها بسبب الرفض الشعبي لنهجهم فأن رد الفعل الفاتر للشركاء الآخرين في المحاصصة ازائها جعلها تظهر بحكم الميتة .
ان اولى الخطوات التي يمكن اجراؤها, لو حسنت النيات, في تشكيل هذا التكتل العابر للمكونات يكون بحل هذه الاحزاب والتشكيلات السياسية الطائفية والعرقية لنفسها والدعوة العامة لكل من يرغب من المواطنين الى الانتماء الطوعي الفردي للتكتل الجديد مع اجراء انتخابات ديمقراطية داخلية تحت اشراف جهات قضائية مستقلة تضمن عدم الانحراف عن الفكرة السامية من تشكيل هكذا تكتل وهو قيام تجمع مدني لا طائفي ولا عرقي يخضع لبنود الدستور وشروط القوانين ومن ضمنها قانون الاحزاب.
 الساذج فقط يمكن ان يتوقع من هذه الاحزاب التنازل عن سلطتها وتسلطها واسلوب حياة قادتها الباذخ.
 كما ان نمط التفكير التقليدي السائد بدور" القائد الملهم " لازال سارياً في منظومة التفكير الاجتماعي العراقي لا اعتماد البرامج الرصينة, وما يرتبط بهذا النمط من امكانية شراء جوقات المصفقين والمهللين لمن يدفع بسخاء, مما يُنبيء بأستمراره لفترات قادمة لخدمة ذات المرامي.
ولا ينبغي اغفال ان هذا الاجراء يعني من ضمن ما يعني اعادة الممتلكات العامة التي استولوا عليها خلال فترة امساكهم بالسلطة والتخلي عن ميليشياتهم وما يتصل بها من علاقات استزلام وشبكة مصالح طفيلية بينية بينها, وبينها وبين دول داعمة لها بالسلاح والتدريب والتوجيه ولها اجنداتها السياسية الخاصة في العراق تقابلها بالولاء.
ان التوسل بالتغيير سلمياً وفي اطار الدستور والقانون لازال يحكم سلوك وتفكير شباب الحراك الشعبي, لكن انسداد الآفاق واستمرار مكائد المتنفذين قد يؤدي الى انفجار شعبي عارم يتجاوز قوى الحراك الشعبي السلمي ويصب جام غضبه على النخب الحاكمة.

181
ائتلاف المحاصصة, راد يكحلها عماها !
احسان جواد كاظم
ائتلاف المحاصصة الحاكم في ورطة حقيقية بعد تداعيات جلسة استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي في مجلس النواب بل وبعد ما قررته محكمة التحقيق من عدم كفاية الادلة لأدانة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بتهم فساد وجهت له.
فهم كأحزاب, على ما يبدو, لم يلعبوا لعبتهم جيداً في مسرحية  انقاذ الجبوري. وبدلا من ان يكحلوها عموها كما يقول المثل الشعبي. فقد جرّت ضغوطهم على السلطة القضائية لأصدار قرار محايد وبوقت قياسي الى تصاعد الغضب الشعبي وانسحابه عليها وضدها, بعد ان كان الغضب موجهاً جله على السلطة التشريعية ( البرلمان ) والتنفيذية, ووضعتها في دائرة التهكم الشعبي لسرعة قرارها بشأن اتهامات الفساد ضد الجبوري الفرد وانقاذه من تبعات ذلك وامتعاضهم منها بسبب تخلفها لسنين في البت بملفات فساد خطيرة كبرى ادت الى استشهاد الآف العراقيين وتشريد ومعاناة الملايين منهم , كالكشف عن المسؤولين عن سقوط الموصل بأيدي عصابات داعش ومحاكمتهم. او ادانة المتسببين بمجزرة جنود معسكر سبايكر ثم مذبحة الكرادة, وصفقات السلاح ولعبة كاشف المتفجرات ونهب المال العام وغيرها الكثير.
 التساؤل المحدد : لماذا قرار ( البراءة ) لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري بصيغة عدم توفر الادلة الكافية لأدانته ؟
يظهر جلياً ان دافع القرار سياسي بأمتياز, فهناك ارادة بتمييع الاتهامات ولملمة ذيول الازمة وابقاء الامور على ما كانت عليه قبل حادثة الاستجواب. وما من تعليل معقول للسرعة في البت بأمره سوى الضغوط السياسية على السلطات القضائية.
 فمن المعروف ان منصب رئيس مجلس النواب يدخل في صلب صفقة التحاصص على المراكز الكبرى والمفاصل المهمة للدولة بين احزاب اسلامية شيعية وسنية واحزاب كردية والتي تسمى بأعمدة المحاصصة الثلاث, اتفقوا على تقسيم الغنيمة فيما بينهم. وان الاطاحة بأحد هذه الأعمدة سيؤدي بالتالي الى انهيار البيت التحاصصي برمته  على رؤوسهم وتفركش عصبتهم. وهذا ما يفسر محاولات رئيس التحالف الوطني ( الشيعي )  في مجلس النواب علي الاديب الحثيثة لتأجيل جلسة الاستجواب بعد ان أحس بأنها قد تأخذ منحىً آخراً لايفرح احداً منهم, ولكن اُسقط بيده بعد اصرار بعض النواب على وجوب استمرار وزير الدفاع في الكشف عن ملفات الفساد بل والاصرار الاشد على ذكر اسماء المتورطين بها بعد تردده.
ودأب التحالف الكردستاني ونوابه على خلط الاوراق بدعم رئيس المجلس المتهم بالفساد وتوجيه سهام التشكيك لشخص وزير الدفاع والادعاء بأن اجوبته غير مقنعة وتفتقر للادلة. وهذا ربما له علاقة بنجاحات الوزير, وتمكنه في خلال فترة قياسية من تسنمه للمسؤولية من تطوير المؤسسة العسكرية وجعلها قوة ضاربة حقيقية اثبتت قدرتها في تحرير مدن كبرى وتخطى عوائق صعبة مثل الرمادي والفلوجة وهيت ومعسكر قضاء القيارة الاستراتيجي... بسرعة لم يتوقعها الامريكان انفسهم وبخسائر بشرية اقل.
 وبذلك كان ائتلاف المحاصصة بوحدة صار بأثنين... بورطتين - فساد رموزالسلطة التشريعية ( البرلمان ) واستخذاء السلطة القضائية.
اما لو استحكم غباؤهم حد محاولتهم رتق الفتق الكبير هذا بأقالة وزير الدفاع في هذا الوقت الحساس في مقاتلة داعش, وهوممثل اهم وزارة في السلطة التنفيذية. وهي الوزارة الوحيدة التي لها انجازات محسوسة بل رائعة في تحرير اراضي البلاد, وتحضى بثقة وتقدير العراقيين. فسيقعون بالورطة الثالثة, ثالثة الأثافي. ان اصرارهم على ابقاء الوضع المزري على ما هو عليه سيؤدي الى انهيار السلطات الثلاث للدولة العراقية بسبب اطماعهم وخطل خططهم وغباء استراتيجييهم السياسيين.
 همنا طبعاً ينصّب على تفادي تعرض مؤسسات الدولة للانهيار مرة اخرى.
وبعيداً عن حقيقة ان مركز وزير الدفاع خالد العبيدي كان جزءاً من صفقة المحاصصة, فأن ذنبه الذي لايغتفر هو تجاوز خطوطهم الحمر بتسريب اسماء رؤوس متنفذة متهمة بالفساد وعدم اكتفاءه بشتم الفساد والفاسدين كما دأب على ذلك الفاسدون انفسهم, لهذا توجه نحوه السهام ويدفعون بأتجاه اقالته.
مأزق ائتلاف المحاصصة مستحكم وفساد احزابه بحكم قضائي او بدونه, يعرفه شعبنا بل يحس بلسع سياطه على ظهره كل لحظة. يوم الحساب قادم وان الصبح لقريب !

182
على هامش وقائع استجواب وزير الدفاع في مجلس النواب - استباحة وزارة !
احسان جواد كاظم

اسفرت وقائع استجواب وزير الدفاع خالد العبيدي وعلى هامش اجاباته, عن بعض الامور التي ربما تكون غائبة عن بال الكثيرين هي في غاية الخطورة تتعلق بالامن الوطني وبضعف الاداء الحكومي في مجال صون اسرار الدولة وضعف تحصين وزاراتها عموماً امام الاختراق وبالخصوص وزارة الدفاع رغم ما تتمتع به من حساسية امنية بالغة الخطورة لاسيما في الوقت الحاضر حيث الحرب على الارهاب واستفحال النشاط المخابراتي المعادي في البلاد.
 فقد كشف حديث الوزير, بشكل غير مباشر, وبدون ارادة منه, في محضر حديثه عن تحركات مافيات الفساد في الوزارة الى وجود ثغرة كبيرة في الجدار الامني الحامي لاسرار الدولة, اوجدها مزيج من حالة استرخاء امني ومنظومة سلوكيات المحسوبية والمنسوبية قرينة المحاصصة والتي حولت هذه المؤسسات الادارية ومنها وزارة الدفاع الى اشبه بديوانيات لنسج العلاقات المشبوهة وتمرير الصفقات الثنائية وتلبية واسطات المتنفذين من افراد او احزاب في اجراء تنقلات عسكريين اوتنسيبهم او ربما حتى ترقيتهم. واصبحت كما خان جغان مباحة لكل من هب ودب من تجار ومقاولين ذوي جرأة مستمدة من حضوتهم لدى احزاب الفساد الحاكمة ليبتزوا الوزراء او يرشونهم بوقاحة بالغة وبسوقية لاتراعي لشخص الوزير ومنصبه اي وزن.
لقد كان رد وزير الدفاع على مستجوبته النائبة عالية نصيف عن فحوى مستند, بأن احد زواره من صائدي المقاولات سرقه من على مكتبه في غفلة منه, مدعاة للاستغراب حقاً.
 فهذا يشير بوضوح الى ما آلت اليه مؤسسات الدولة الحساسة من هشاشة وسهولة اختراق .
 كما تبين من حديثه ايضاً بأن قائمة حاجات الوزارة من منظومات سلاح ومعدات وتجهيزات وذخائر وتموين وكذلك مشاريعها لانشاء مطارات او مستشفيات عسكرية, مع حتى مواصفاتها الفنية معروفة  لدى سماسرة سلاح ومقاولين عاديين وهي التي ينبغي ان تخضع معظمها للسرية والكتمان.
لذا وبوجود هكذا تسيب, لم يكن من المستبعد ابداً تسرب خطة عسكرية مهمة بحجم خطة تحرير الموصل من داعش, كما اُعلن في فترة سابقة, ومرور الامر مرور الكرام. بينما كان على الوزير وهو المتصدي للفساد في وزارته بالتعامل بحزم مع الخونة الذين سربوا مفردات الخطة العسكرية وسببوا التأخر في تنفيذها واستنقاذ الملايين من مواطنينا من قبضة داعش الاثيمة.
ان حجم الاختراق لأجهزة الوزارة يبدو مهولاً, فهي مستباحة بكل ما لهذه الكلمة من معنى. لذا يصبح الحديث عن امكانية وضع تهديدات الاطراف الضالعة بالفساد بتصفية الوزير ذاته موضع التنفيذ امراً ممكناً بل ليس اكثر منه بساطة.
ان التشدد في صيانة اسرار الدولة ومنها امكانيات الوزارة وخططها في التهيئة والتدريب والتسليح وكل ما يتعلق بالامور اللوجستية الاخرى, ضرورة بالغة الاهمية, لدعم منعة الوطن وضمان صيانة حياة ابناءه المقاتلين على الجبهات.

183
بيان خلية الاعلام الحربي حول تظاهرات الجمعة - انحراف بوصلة !
احسان جواد كاظم
في سابقة جديدة في التعامل السياسي العراقي, تتصدى خلية الاعلام الحربي التابعة لقيادة العمليات المشتركة لشأن لا يدخل ضمن اختصاصها, الا وهو ترخيص المظاهرات من عدمه. فالمعروف لدى القاصي والداني ان الجهة التي تمنح التراخيص للتظاهرات في العراق هي وزارة الداخلية حصراً وليس اية جهة اخرى, وهي التي كان ينبغي ان تعلن ذلك, لكن فوضى تداخل وتشابك المهام التي تعصف  بالواقع العراقي, سببه فشل مجلس النواب في التصويت على مشروع " قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهرالسلمي " خلال سنين طويلة.
صيغة البيان التي تبدو صارمة مع كل مظاهر مسلحة في المظاهرة الموعودة, لا تنطبق في حقيقة الامر على المظاهرات الشعبية ضد الفساد ومن اجل الحريات والخدمات منذ بدأها عام2011 والتي اتسمت بالسلمية رغم تعرضها لمرات عديدة لمضايقات القوى الامنية واعتداءات ازلام الفاسدين.
ان التكرار الممل لممثلي احزاب السلطة في كل مرة يتحدثون فيها عن حق التظاهر, عن وجوب الالتزام بسلمية التظاهرات وعدم الاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة, وهو الأمر الذي لم يفعله المتظاهرون المدنيون يوماً, تراهم, في محضر خلطهم للأوراق, يلفون ويدورون دون توجيه الاتهام المباشر الى الجهات التي اقتحمت المنطقة الخضراء او التي تعرضت لبعض مقرات احزاب السلطة الفاسدة, خشية منها, لكونها جهات اسلامية متنفذة ذي جبروت عسكري, والا لكانوا سحقوها مباشرة.
تعبر صيغة بيان خلية الاعلام الحربي, باستعدادها على التعامل مع المظاهر المسلحة, عن وصول الصراع السياسي بين القوى المتنفذة الى مرحلة جديدة من التصعيد الخطير, لايتمناه المتظاهرون السلميون ولا اي مواطن. فهي موجهة بالتحديد للتيار الصدري وقائده مقتدى الصدر الذي دعا الى تظاهرة مليونية ضد الفساد, والذي تفقد منطقة التظاهر يوم أمس بملابس عسكرية بكل ما لذلك من دلالة.
لقد كانت الانتصارات الباهرة لقواتنا المسلحة على ارهابيي داعش ثمرة وطنيتها وعدم انجرارها الى الصراعات السياسية الفئوية بين القوى المتنفذة, التي تقوض بسياساتها المحاصصية السيئة الصيت تماسك الجبهة الداخلية وكشف ظهر قواتنا المقاتلة, بينما يسعى المتظاهرون السلميون لتوطيدها بأسقاط الفاسدين وقيام دولة مؤسسات مدنية ديمقراطية وعدالة اجتماعية.

184
مصادرة تاريخية " بابل ", لماذا ؟
احسان جواد كاظم
قد يكون تصريح ممثلو العتبتين, الحسينية والعباسية بعد مؤتمر لهم عن سعيهم لأستبدال التسمية التاريخية لمحافظة " بابل " الى " مدينة الحسن المجتبى ", مجرد جس نبض لردة الفعل الشعبي على نواياهم بأسلمة كل مايمكنهم في واقع الحياة الاجتماعية, لكن بالتأكيد تقف وراءه اهداف ابعد من مجرد تغيير اسم محافظة عريقة في تاريخها الذي يشهد عليه العالم بأجمعه, بأسم احد ائمة آل البيت.
فلم تكن للامام الحسن بن علي بن ابي طالب اية صلة بالمدينة وربما انه لم يمر بها يوماً في حياته, بينما هي حاضرة وجدت قبل ولادته بآلاف السنين.
 ان التبرير الساذج الواهي الذي اعطاه اصحاب الاقتراح والذي هو لتكريم اهلها على كرمهم عند مرور الزوار بها, واضفاء التقدير عليها بشخص الامام, لم يقنع احداً... وانما هم ينطلقون من المثل القائل " شيّم المعيدي واخذ عباته ".
لماذا اذاّ جاء اقتراحهم ؟
لأنهم, ببساطة, يسعون الى توظيف حب العراقيين لآل البيت لخدمة اهدافهم وتطلعاتهم الفئوية المصلحية, بأعتبارهم المحتكرون المعتمدون في تصنيف الناس وتقدير مقدار حبهم لهذا الامام او ذاك, ولهم الحق الحصري بالتالي في اطلاق التسميات المقدسة وتوزيعها على كل مدينة او قصبة او ناصية حي, في الوقت الذي يروق لهم وبالشكل الذي يناسبهم.
ولأنهم يمتلكون هذا الحق الحصري ( كما يتصورون ), فأنهم يمتلكون حق استغلال حب آل البيت واسمائهم, مرة اخرى, كسوط مسلط يُساط به كل من يعترض على رغباتهم ومخططاتهم بأنه لايحترم هذه الاسماء المقدسة ويناصب الدين العداء, لترهيبه واسكاته.
ولأن هؤلاء ومن ورائهم من حكام خالو الوفاض من اية انجازات فأنهم يريدون شراء عقول الناس بحلاوة. فهم يبيعونهم انجازاً وهمياً بأطلاق تسميات ذات طابع مقدس على مدنهم, لاتغني من جوع , بينما هم يجنون الغنائم والامتيازات  ويبسطون سلطانهم على المخدوعين بهم. فلو تابعنا وضع المدن المقدسة البائسة كالنجف وكربلاء والكاظمية وسامراء فهي لم تجن من نعتها بالاشرف والمقدسة سوى الاسم , فمستويات الفساد فيها, حسب تقديرات رسمية معلنة, تتقدم حتى على مستوياته في مدن اخرى ( ليست مقدسة! ), وواقع الخدمات فيها مزرٍ كما هو حال أية مدينة عراقية اخرى, رغم الموارد المالية الضخمة التي تجنيها سلطات هذه المحافظات, الادارية والروحية, من الزيارات المليونية والتي يصل عدد زوارها في بعض المناسبات الى سبعة ملايين زائر على حد تصريحاتهم, اضافة الى ضخ الحكومة, التي تهيمن عليها احزاب الاسلام السياسي, المتواصل للملايين من الدولارات لدعم مايسمى بالسياحة الدينية لكن دون طائل, فمواطنو هذه المدن يعيشون بلا كهرباء وماء وخدمات تحفظ حقوقهم وكرامتهم. وهي مدن شهدت تفانين افاعيلهم وتجليات آثامهم.
ولأن هدفهم ليس طمس تاريخ مدينة وحضارة بابل فقط, بل سرقة مستقبلها ومستقبل مواطنيها بكل ما تحتويه من تنوع ثقافي.
ان اكرام اهالي محافظة بابل وغيرهم من المواطنين ليس منّة يعطيها عاطي بل هو واجب على الدولة وموظفيها, ويكون  بتأمين حياة آمنة حرة سعيدة لهم ولأطفالهم وليس  بنثرالتسميات هنا وهناك.
كما ان اثارة هذا الامر في هذه الفترة العصيبة التي تستدعي تجميع القوى من اجل الأنتصار على داعش, باقتراح مشاريع خلافية تغذي التجييش الطائفي وتفرق الصفوف وتثير القلق, مرفوض, ويتحمل اصحابها وزر التعقيدات المترتبة عليها .
ولتلافي تداخل السلطات الادارية الحكومية بمهام الهيئات الدينية, ينبغي اعادة انشاء وزارة للاوقاف يقع على عاتقها الاشراف على اوقاف كل الاديان والطوائف والملل المتواجدة في البلاد, بما فيها تسيير امور العتبات والمراقد الدينية والجوامع والحسينيات وهيئة الحج وغيرها من مؤسسات دينية, وارساء الامر بذلك على اساس رصين يحفظ حقوق كل المواطنين بكل معتقداتهم وتطلعاتهم.


185
شرعية وزارة المحاصصة في مأزق قانوني !
احسان جواد كاظم
فجرت النائبة في مجلس النواب العراقي عن جبهة الاصلاح الجديدة السيدة عالية نصيف جاسم في برنامج " من الآخر " الذي تبثه قناة دجلة الفضائية يوم 29/05/2016, قنبلة دستورية قانونية تتعلق بشرعية وزارة السيد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي.
فقد اتهمت النائبة رئاستي السلطة التشريعية المتمثلة بسليم الجبوري والسلطة التنفيذية بحيدر العبادي بخداع الشعب العراقي, بكشفها عن  خرق قانوني مشين, تستروا عليه خلال عقد جلسة التصويت على منح الثقة لكابينة العبادي الوزارية يوم 09/09/2014 بتمرير توزير ستة وزراء  ومنحهم الثقة رغم عدم حصولهم على النسبة المطلوبة شرعياً 83  لكل وزير. منهم رؤوس كبار مثل صالح المطلك وبهاء الاعرجي وسلمان الجميلي.
وكانت السيدة النائبة قد حصلت على الوثيقة التي عرضتها على الهواء من احدى الديسكات المزودة من المحكمة العليا على هامش الاشكال القانوني على شرعية جلسة اقالة رئيس مجلس النواب الاخيرة والتي من المفترض البت بها في فترة قادمة.
ان تبعات الخديعة المبيتة ضد الشعب العراقي ينبغي ان لاتقتصر على استرداد رواتب ومنافع الوزراء المعنيين, كما أشار الى ذلك السيد صلاح عبد الرزاق - حزب الدعوة - ( احد المحاورين في البرنامج المذكور ) ولا يتحملها فقط المسؤوليّن المذكوريّن بل انها تتعداها الى رؤساء كتلهم واحزابهم, الذين لامجال لعدم معرفتهم بالامر, وسكوتهم على هذا الاستغفال للشعب العراقي.
تكشف هذه الفضيحة عن معدن الجهات المهيمنة على العملية السياسية واساليبها الملتوية لأدامة وتأبيد سلطتها على مقدرات مواطنينا والتحكم بمصيرهم من خلال الاكاذيب والتزوير, وهي التي تستغل اية فرصة لأبتزاز ابناء شعبنا الرافضين للفساد والمحاصصة من خلال الحديث عن فرض حضر على التظاهرات بحجة الحرب على الارهاب وعمليات تحرير الفلوجة من براثن داعش بينما ان اساس كيانهم يفتقر الى الشرعية واداعاءاتهم للمصداقية.
 فهم وسياساتهم مسؤولون عن وجود الارهابيين في الفلوجة وغيرها من الاراضي العراقية وعن جريمة سبايكر وضحايا العمليات الارهابية في المدن والقصبات, اضافة الى ملفات الازمة الاقتصادية والخدمات وصولاً الى مصادرة الحريات, ومع ذلك فأنهم لايستمرأون تجاوز القانون والحقوق الدستورية.
ينبغي على السيدة عالية نصيف جاسم وزملائها ان يتحلوا بالشجاعة البالغة, ان كانوا جديين حقاً, وبالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وممثلي المتظاهرين الى تقديم شكوى الى الجهات القضائية المختصة لوضع الامور في نصابها والاطاحة بقوى الفساد والغش, و التأسيس على ذلك لاسقاط المحاصصة الطائفية - العرقية وبناء دولة المواطنة والقانون والشفافية.
المعطيات الجديدة تعتبر قرائن اضافية لأدانة الفاسدين وخونة الأمانة, قانونياً واخلاقياً. فالى الامام لأسترداد الحقوق !

* https://www.facebook.com/DIJLAHtv/?fref=ts 

186
توفير مستلزمات النصر والتظاهر السلمي
احسان جواد كاظم
تتواتر الاخبار عن الانتصارات الباهرة التي يسطرها ابطالنا في القوات المسلحة والتشكيلات الساندة لها في سحق عصابات داعش الارهابية في الفلوجة, التي تحطمت اسطورتها على اكثر من جبهة امام عزم العراقيين في احراز النصر المؤزر. ويتسابق ( مجاهدوها ) على حلق لحاهم باعتبارها مصدر شبهة .
وقد اجمع العراقيون حكاماً ومحكومين على اهمية تحرير مدينة الفلوجة من رجس داعش ومحقها نهائياً من العراق, لكن لكل منهم منطلقه ومبرره.
 الحاكمون يودون التخلص من تهديد داعش خشية من سلبها لسلطانهم التي سربلهم اياه الله بما فيه من امتيازات ونفوذ وتسلط. اما جموع العراقيين فأنهم يريدون دحر داعش لضمان حياة آمنة مطمئنة دون مفخخات وانتحاريين وشهداء, ومستقبل افضل لأبنائهم. ولا يخفى على أحد, الاختلاف في الهدف من دحر داعش بين الحكام والمواطنين, فهو يبين الوجه الاناني للحكام بينما يسعى المحكومون الى خير الجميع.
ان عدم التفات قواتنا المسلحة  الى ألاعيب قادة احزاب السلطة المتنفذين, واستمرارها في عملياتها الناجحة ضد ارهابيي داعش, يضفي عليها مصداقية عالية في ولائها للوطن والشعب وليس لحاكم اولأحزاب السلطة. ولكنها لم تكن بمنأى من محاولات زجها في صراعاتهم السياسية ولخدمتهم واستخدام نفوذهم لتجيير الانتصارات التي اجترحها ابناء الفقراء لصالحهم بزيارات اعلامية تهريجية وتصريحات فارغة, لم تعد تنطلي على افراد قواتنا المسلحة والقوى الساندة لها وعموم ابناء شعبنا.
يحاول البعض من المتنفذين استعارة شعار حكومات الاستبداد السابقة " كل شيء من اجل المعركة " ليمرر مآربه في استمرار سرقة المال العام ومصادرة الحريات العامة.
فقد كان مسؤولون متحاصصين قد اطلقوا دعوات لأيقاف الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد وحاضنة الارهاب المحاصصة الطائفية - العرقية او تأجيلها, كما طلب رئيس الوزراء حيدر العبادي, بأعتبارها, حسب ادعائهم, تؤثر على الجهد الحربي في قتال داعش. في حين ان أغلب القوات المتكدسة في العاصمة بغداد بالخصوص هي لحمايتهم وحماية قصورهم ومؤسساتهم, ولاتشكل اعداد هذه القوات التي تحيط بالمتظاهرين في ايام الجمع سوى عدداً قليلاً منها. كما ان الخروقات الامنية حصلت في غير ايام التظاهر, ولم تكن القوات الامنية منشغلة بحمايتهم.
  ان ادعاء احد ممثلي حيتان الفساد : " بأن التظاهرات مصدر للفوضى في البلاد " . بينما الفوضى كانت وليدة اليوم الاول من تسنمهم مقاليد الامور والتسلط على رقاب الناس وملازمة صميمية لنهجهم. وبالعكس من ذلك يسعى المتظاهرون الى ارساء دولة مؤسسات ديمقراطية يكون للقانون الكلمة الفصل فيها وليس لرغبات ونوازع افراد او ثُلل, وتحترم حرية المواطن وكرامته.
ان من اولى مستلزمات صنع النصر على داعش وارهابه هي تأمين جبهة داخلية منيعة, تحمي ظهر قواتنا المقاتلة, بمكافحة كل من استنزف ثروات البلاد ونخر مؤسسات الدولة بفساده وادخلها في اتون صراعاته العبثية الفئوية المقيتة, وهي مايسعى اليه المتظاهرون من اجل الاصلاح والتغيير, وان استمرار التظاهر هو ضمان عدم دفع البلاد الى كوارث جديدة على مذبح مصالحهم الخاصة.
ان ثبات ابنائنا المقاتلين في جبهات قتال داعش يجب ان يكون مقترناً بنضال أهليهم الدؤوب في ساحات الاحتجاج ضد قوى الفساد والفوضى, وان يمضيا جنباً الى جنب, فعدوهم واحد. والا فأننا  سنرى انفسنا امام داعش جديد اكثر جشعاً وربما اكثر وحشية.


187
الطغاة على سر سابقيهم !
                                         
احسان جواد كاظم
المتابع لتاريخ طغاة العالم من نيرون وحتى صدام حسين ومن سبقهم وتبعهم, يرى ببساطة ذات العوامل المشتركة التي تجمع بينهم, وهو احتقار مستمكن لابناء الشعب واستعلاء مريض عليهم. مرتكبين ابشع الجرائم بحق ضحاياهم, بأبوية حنونة, بأسم تمثيلهم الشرفي لهم . وهذا ما كان مع خطاب رئيس وزراء الفساد حيدر العبادي الذي بُث بعد اقتحام متظاهرين غاضبين, اكتووا بنار فساد المتحاصصين جوعاً وبطالة وانعدام خدمات, وسفكت دمائهم بمجانية عجيبة, بهجمات ارهابية اجرامية, لم تكن ان تحدث لولا توفير بيئة فاسدة تتيح للارهابيين شراء رؤوس كبيرة في الاجهزة الامنية والادارية في الدولة, قدموا على اساس تفاهمات تحاصصية لصوصية.
قد لايكون حيدر العبادي ذاته طاغية لكنه يمثل المُلك العضوض لأحزاب الاسلام السياسي وقوى المحاصصة الحاكمة الاخرى.
لذا لا غرابة من ان ينعت رئيس الوزراء المقتحمين لأوكار الفساد في المنطقة الخضراء, القادمين من مدن الجوع والمعاناة في مدينة الثورة واحياء الشعب والشعلة... الفقيرة, بالمشاغبين واعمالهم بأعمال شغب. اسوة بما قام به اسلافه من طغاة. فقد نعت المقبور السادات انتفاضة الخبز المصرية يناير 1977 بأنتفاضة الحرامية, كما وصف المقبور صدام انتفاضة آذار المجيدة 1991 بصفحة الغدر والخيانة.
طبعاً اسموها اعمال شغب لأنها تعرضت لقدس اقداسهم, قلاع غطرستهم.
اما ربط الاحتجاجات بدور للبعث البائد فيها فهي اغبى حجة يمكن ان يطلقها انسان عاقل, والعقلاء من السياسيين في هذا الزمان قليل, لأنه يدين نفسه قبل غيره, فبعد ثلاثة عشر سنة من سقوط البعث وحكمهم الفاشل, لازالوا يتحدثون عن دور هائل للرّمة.
الا يشكل هذا ادانة لهم ولسياساتهم التي فشلت في محقه والتي مدت هذا الكيان العفن, ان كان لايزال حياً, بالدم من خلال سرقاتهم وكذبهم ودجلهم؟
الغريب ان اغلب شباب هذا الجيل الثائر لم يتربى في كنف البعث بل في احضان ورعهم وتقواهم.
يتحدثون عن وجود اختراقات لصفوف المتظاهرين , والتظاهرات بطبيعتها شعبية عامة ومفتوحة ويتناسون اختراق الارهابيين للاجهزة الامنية والادارية وهي مؤسسات قائمة بذاتها, تحكمها شروط وضوابط لقبول منتسبيها, ادت الى كوارث رهيبة. لذا فأنه لو كان هناك من ادانة فهي يجب ان توجه اليهم ولنهجهم الفاشل.
لايمكن السكوت على اراقة دماء العراقيين بعد الان. يجب تقديم المسؤولين المباشرين وغير المباشرين عن الجريمة الى القضاء لينالوا قصاصهم العادل.
قيامة الوجع العراقي قادمة لامحالة, عندها لاينفع مال ولاجنون !

188
حول الدولة الكردية المستقلة
احسان جواد كاظم
الرغبة الوطنية الصادقة في قيام كيان مستقل لشعب ,ظلمته الضواري الاستعمارية في اتفاقية سايكس - بيكو 1916 كالشعب الكردي, ليست كافية للأسف, بل يتطلب ذلك توفر ظروف مناسبة مؤاتية لقيامه. وليس صحيحاً مايصرح به بعض قادة الاكراد في الاقليم بأن الظرف الحالي ظرفاً مثالياً لأعلانها لمجرد ضعف الحكومة الاتحادية في بغداد فهو ليس كافياً, لوجود عوائق اخرى.
فلا الظروف الذاتية ولا الموضوعية ناضجة . فعلى الصعيد الداخلي الكردي, يشهد المرأ تشرذم الاطراف السياسية الكردية بفعل سياسات الاستئثار بالسلطة من قبل حزب رئيس الاقليم مسعود البارازاني والنكوص عن الكثير من المظاهر الديمقراطية التي كانت سائدة في الاقليم... من برلمان عُطل رغم علته التحاصصية, وحرية رأي وصحافة مصادرة مع فشل اقتصادي خانق, بسبب سوء السياسات المتبعة, قبل كل شيء, وليس بسبب شماعة حصار الحكومة المركزية ضد الاقليم, كما يجري الادعاء.
بمعنى آخر فأن كل مايسمى بالسياسات الاستقلالية لقيادة الاقليم في المجالات العامة, مجرد مظاهر ليست مكينة, تستغل لاقناع المواطن الكردي البسيط بالانجازات, في حين جرى حقيقة, استنساخ شكل وفلسفة الحكم في بغداد وأسوأ ما في التجربة الفاشلة للحكومة المركزية في عهد نوري المالكي, وهو الفردية في الحكم.
لقد فشلت القيادات المتنفذة في الاقليم في تقديم نموذج جديد مشرق, ديمقراطي, يختلف عما هو سائد في المنطقة من نظم شمولية متخلفة, تقنع به شعبها قبل كل شيء ناهيك عن الدول الديمقراطية في العالم.
وليس غائباً, لهاث بعض قادة الاقليم باستعجال اعلان الأستقلال لأسباب شخصية وغايات فردية ليرتبط الاعلان بأسم هذا القائد وعائلته او ذاك, ويسجل تاريخياً كمجد من امجاده, وليس مهماً ما يحدث للمواطن بعد ذلك من تبعات.
 ان مجرد الرغبة بتقليد تجربة جمهورية مهاباد الشهيدة ورئيسها قاضي محمد, في وضعنا الراهن, خطل سياسي.
 وهل يمكن للسيد مسعود البارازاني مثلاً, اعلان استقلال الدولة الكردية وهو مطعون بقانونية ودستورية بقاءه في منصب رئيس الاقليم ؟
ألا يشكل ذلك مثلبة او يثير اعتراضاً لدى الدول التي ربما ترغب بالاعتراف بالدولة الفتية؟
من المعروف ان انتهاء مفعول اتفاقية سايكس - بيكو لن يؤدي بالضرورة الى اعادة النظر فيها بعد ان اصبحت امراً واقعاً لقرن كامل, لاترغب دول المنطقة ولا دول العالم النافذة تغييرها لأسباب انسانية, لأن الاخلال بالتوازنات الاقليمية والدولية, خصوصاً في هذه الظروف العصيبة بوجود دولة داعش الاسلامية, سيخلق مشاكل عويصة ليست في وارد مصالح هذه الدول.
رغم كل شيء, فمن المؤكد بأن الاسوء من عدم قيام دولة هو قيام دولة غير قابلة للحياة.

189
ليلة عيد العمال العالمي من تحت قبة مجلس النواب
احسان جواد كاظم

كانت ليلة عاصفة حقاً. الحماس بلغ اوجه, الشباب المندفع الباحث عن فسحة أمل يقتحم جدران العزل الطبقي بين جموع الشعب من الفقراء وحيتان الفساد المتمترسين داخل اسوار المنطقة الخضراء ويدخل قاعة جلسات مجلس النواب.
فقد واصلت سلطة المحاصصة الحالية ذات النهج التخريبي لنظام الدكتاتورية البائد لتمزيق الطبقة العاملة والغاء وجودها وتفريغ نقاباتها من طابعها النضالي الطبقي بتنصيب عملائها وجعلها مجرد تابع مصفق ذليل لرغبات وعُقد دكتاتور ارعن ومحاولة اجتثاث حزبها الشيوعي من الواقع السياسي.
سلطات اليوم باعتمادها نهج المحاصصة الطائفية - العرقية ارادت تحقيق ما فشل من تحقيقه البعثيون بألغاء التقسيمات الطبقية الاجتماعية وتعبيراتها السياسية بجعل الطائفة والقومية اساس فلسفتها الاجتماعية .
شلل عملية الانتاج وعدم وجود دورة اقتصادية سبّب تشوهاً في بنية الطبقة العاملة وغيرها من طبقات وشرائح المجتمع وافرز جمهرة واسعة من العاطلين.
 فقد امعن المتحاصصون في الفساد من خلال انتهاج سياسة تعطيل كل مظهر من مظاهر النشاط الاقتصادي بعد ان تحولوا واجهزة الدولة التابعة لهم الى مجرد وسطاء تجاريين لتصريف القمامة الصناعية والزراعية المستوردة على حساب شعبهم وجني الارباح. فلا معامل  تنتج ولا حقول تزرع.
 ولا هم اوقفوا القطاع العام على قدميه ولا شجعوا القطاع الخاص على الاستثمار والبناء. وحتى القطاع النفطي, بعد ان رهنوه للكارتيلات النفطية جرى استيراد عمالة اجنبية  للقيام بكل عمليات الانتاج من ابسطها وحتى اكثرها تعقيداً رغم توفر كوادر عراقية كفوءة مجربة قادرة على التنفيذ المبدع.
وانعكاساً لذلك ظهر الوهن بادياً على النقابات العمالية وحصر نشاطاتها في مواقع محدودة وهي مكبلة بقوانين تمنع قيامها بدورها الطبيعي, اضافة الى دخول قوى الاسلام السياسي على الخط لجعلها جزءاً من مجال هيمنتها السلطوية واداة في صراعاتها السياسية وتفريغها من كل مضمون طبقي انطلاقاً من التحريم الشرعي الاسلامي لوجود نقابات بدعوى ان الاتفاق بين العامل ومستخدمه عملية توافق بينهما وخرقها خروج على الشرع, بغض النظر عن ظروف عقد هذا الاتفاق ومدى الغبن الذي يتحمله العامل.
ان سياسة الابقاء على البطالة سياسة رسمية, تسعى القوى المتنفذة على الحكم تأبيدها بالترابط مع سياسة تغذية الاستقطاب الطائفي والعرقي وخلق الازمات وزج الشباب في اتون صراعات عبثية تستنزفهم وتقمع تطلعاتهم المستقبلية في بناء حياة مزدهرة.
كانت قاعة جلسات مجلس النواب تغص بالمواطنين المقتحمين من كل الطيف العراقي. الشيخ الجالس بجانبي اقعده التعب وهو يراقب ما يحدث, لكنه ينطلق بحماس الشباب في هتافاته ضد الفاسدين والمحاصصة.
قلت له بابتهاج وانا ارى اتفاق العراقيين على هدف انهاء المحاصصة : حجي شوف اللُحمة الوطنية ما اروعها !
اجاب : عمي يا لَحمة همة الاوباش بقوا شي للفقرا ؟
ضحكت: لا حجي لَحمة مو لَحمة !
نظر الي وقال لَحمة لُحمة كلها صارت ببطونهم, هذولة ناس ماتنفع وياهم الا ثورة المسقوف*.

* ثورة المسقوف تعني ثورة اهل موسكو اي ثورة اكتوبر1917.
 


190
ارتكاب المحاصصة مع سبق الاصرار والترصد !
احسان جواد كاظم

بوقاحة بالغة, تعلن الاحزاب والتحالفات الحاكمة اصرارها على التمسك بنهج المحاصصة الطائفي - العرقي المرفوض شعبياً, والذي جرّ البلاد الى هذه الهوة.
كل التفسيرات والتأويلات عن المحاصصة كممارسة وفلسفة حكم, بجمعها لمكونات المجتمع العراقي وتحقيقها للتوازن والعدالة في حكم البلاد, كبديل ( ديمقراطي ) لنظام الدكتاتورية البائد, كان محض سراب وسقطت بالتطبيق وفشلت بالتجربة, وافرزت دكتاتورية حزبية بغطاء طائفي او قومي بغيض.
فالمحاصصة لم تكن عقداً اجتماعياً بين الشعب وقواه السياسية, كما هو شأن الديمقراطية, بل انها كانت اتفاقاً بين احزاب طامعة على توزيع المغانم.
 الغت مفهوم الشعب الجامع وفرقته في كانتونات مكوناتية سمتها بالبيت الشيعي والسني والكردي وغيرها. ثم نصبّت نفسها ممثلة وحيدة لهذه المكونات, بدون تفويض شعبي. بل حتى فوزهم الانتخابي, بغض النظر عن الاعتراضات على ظروف وشروط حصوله, لايعني اعطائهم صك على بياض, للتلاعب بمصائر المواطنين والبلاد. فحجم الجسم الانتخابي المشارك في اية انتخابات لا يشمل كل مواطنيه, وبهذا فمهما كانت نسبة الفوز لاية كتلة انتخابية, كبيرة فأنها تبقى قاصرة عن تمثيل المكون او الشعب بأجمعه.
واذا افترضنا بأن الشعب قد اختارهم فعلاً, فكان عليهم تنفيذ رغباته وتمثيل مصالحه لا نهبه وتدمير اقتصاده وتسهيل استباحة اراضيه من قوى خارجية يخدمونها وتحويل جغرافية البلاد الى اقطاعيات لهم ولعوائلهم واعوانهم.
هذا الفهم في دس الشعب بعد تقسيمه الى مكونات في جيوبهم الخاصة واستيلاؤهم تبعاً لذلك على المال العام والامتيازات والمغانم والسلطات لتشكيلاتهم الفئوية بأسم تمثيلها له, خاطيء.
ان اصرار احزاب الفساد على المحاصصة بعد كل هذه المآسي والمصائب التي تعيشها البلاد ومواطنيها, اضحى بحد ذاته اعتراف علني صريح منها, كمؤسسات سياسية وافراد, بجريمة سرقة المال العام وسعيها الى استمرار هذه السرقات. وهذا يستدعي تقديمها الى القضاء.
ان استبعاد احزاب وائتلافات وتحالفات الفساد الحاكمة المتحاصصة من اية انتخابات قادمة اصبح مطلباً شعبياً له سند قانوني واضح. ففي شروط تقديم الترشيح لأي مركز رسمي بما فيه النيابة البرلمانية ان يكون المتقدم غير محكوم عليه بتهمة مخلة بالشرف. وهذه الكيانات لم تترك, افراداً كانوا او جماعات, اي عمل مشين الا وارتكبته.
 ورغم عدم تقديم كيانات الفساد المتسلطة وافرادها للمحاكمة بعد, الا ان اعترافها بمسؤوليتها عن الوضع الحالي البائس ووجود ادلة ملموسة على مسؤوليتهم, ليس اولها الخروقات الامنية الاجرامية الاخيرة في العاصمة بغداد وباقي المدن العراقية, تُعد اساساً كافياً لأدانتها, اضافة الى اتهامها بالخيانة العظمى لأنها اوقعت البلاد بمآزق وازمات ومحن لايمكن لأنسان شريف او حركة وطنية ان تفعلها.
وعلى ضوء ذلك, فان تأسيس اطر سياسية جديدة عابرة للطوائف والقوميات كبديل, ببرنامج وطني يسعى لخدمة الشعب لا استخدامه, اصبح ضرورة موضوعية, لاسيما وان ارهاصات توفر ظروف ذاتية مناسبة متمثلة بتجمع نواب مجلس النواب المعتصمين, يكون في مقدمة برنامجها مقاضاة احزاب الفساد الحاكمة لمنعها من المشاركة في الانتخابات القادمة.
ولن يكتب النجاح لأي تغيير حقيقي الا بتبني برامج قوى الحراك الشعبي المدني الداعية الى دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية.


191
مهازل برلمانية (كتابات ساخرة)
احسان جواد كاظم
- شاهدنا لايف على شاشات التليفزيون, تقاذف ممثلو الشعب في مجلس نوابنا العتيد بقناني الماء والبيبسي كولا ( دايت ) المستوردة, ورغم مايبدو على هذه الممارسة ظاهراً من سلبية, فأنها تعكس جانباً ايجابياً مشرقاً لايمكن تجاهله, وهو تطور الوعي الصحي لدى برلمانيينا, هذا من جانب. ومن جانب آخر, تعبيرهم الوطني, يدوياً, عن رفضهم لكل ماهو مستورد واجنبي دخيل.
 رغم ذلك فأننا كمواطنين نعد التقاذف بقناني الماء او المشروبات الدايت شكلاً من اشكال التواطؤ المحاصصي, ونفضل عليها تقاذفهم بقناني مشروبات بسكرية عالية, لعلها بوزنها الزائد تجعل المتلقيها يُعمل فكره من اجل تحلية الحياة الاجتماعية للمواطنين ديمقراطياً.
هذا الموقف ليس قلة حصافة منا, لان الممارسة العنفية التي تحولت الى ظاهرة في الواقع البرلماني, لم تكن لنا يد في اذكائها ولا نحن طرف فيها وهي ماركة مسجلة باسم برلمانيينا المتحاصصين.
- ما ان تحدث سياسيونا عن هيبة الدولة بعد اقتحام المتظاهرين لأسوار المنطقة الخضراء, حتى جسدوها على ارض الواقع, بأبداع مقرف, فقد نزلت مجاميع ميليشياوية مسلحة, يمنع الدستور تشكيلها, لتحمي مراكز اكثر الجهات زعيقاً عن الهيبة والالتزام بالدستور واحترام القانون وعدم ترويع المواطنين.
ولأن عدم التعدي على الرموز السيادية, هدفاً عزيزاً على قلبها, سيّرت مواكب ترفع اعلام ايران للتدليل على عظيم رغبتها للاستظلال, من كل ولابد, براية الله اكبر, لكن ليس بطبعتها الوطنية. أليست هذه مفارقة ميلودرامية ؟
- أُطلقت تسمية سندريلا البرلمان على رئيسة كتلة التحالف الكردستاني آلا الطالباني, تهكماً, بعد هروبها حافية من تحت قبة البرلمان, اثر اقتحامه. لكنها خرجت مسممة بالغيظ بسبب فقدانها للعبتها التحاصصية وليس لأي سبب آخر... واكثر ما اثار استيائها هو التجاهل العام لتهديداتها بانسحاب اعضاء تحالفها من البرلمان والوزارة, التي تطلقها ومسؤولي الاقليم عالرايح والجاي بغرض الابتزازالسياسي. مما افقدها صوابها تماماً وجعلها تطلق العنان لأنفعالات عنصرية نارية من قبيل :" فلتذهب بغداد الى الجحيم, وما يهمنا هو امن الاقليم فقط !!! "*.
نصيحة لله, القليل من ممارسة الهاتا يوغا الهندوسية يعطي مفعولاً سريعاً لتبريد الاعصاب المجهدة.
- نائب عن احدى الاحزاب الكردية الاسلامية في مجلس النواب العراقي اعلن بعد ان بسمل وحمدل وحوقل : " بأن من الخطأ العودة الى بغداد بعد ما حدث ".
 - " نؤيد رغبتكم العليّة قلبياً. فليس من مبرر للعودة بقي لديكم بعد ان فقدتم مصدر ثرائكم السهل من السحت الحرام وقوت الفقراء ".
... نقول لكم : " خفة وراحة... هو من قلة الاسلاميين الفاسدين عندنا لتأتي لتزيدنا نهباً. دفعة مردي وعصّاية كردي" .
- حديث القنفة البرلمانية ذو شجون, فقد حجّت اليها رؤوس كبيرة في الدولة العراقية من ممثلي السلطتين التنفيذية والتشريعية بكامل حماياتهم لتفقدها واشبعوها تحديقاً.
 رغم ان استخداماتها التقليدية, معروفة للجميع, والتي لاتعدو ان تكون الا حاضنة للأرداف المتعبة لحيتان الفساد البرلمانيين... لكن يبدو ان مصدر الاهتمام المبالغ به هذا ربما يكون مستمداً من حجم الاستثمار من اموال الشعب الداخل في تسمين هذه الممتلكات الخاصة جداً, فبالنهاية الملكية الخاصة وحواضنها, مقدسة !
والله ل ( اكسر القنفة وانعل ابو راعيها ) !

*http://www.bahzani.net/services/forum/showthread.php?119103-%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%84%D8%AA%D8%B0%D9%87%D8%A8-%D8%A8%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AD%D9%8A%D9%85-%D9%88%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D9%87%D9%85%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85-%D9%81%D9%82%D8%B7



192
اعتكاف مقتدى... حيرة اتباعه !
احسان جواد كاظم
لايعلم احد سبب اعتكاف السيد مقتدى الصدر, في هذه اللحظة الحرجة التي تشهدها البلاد, بعد تصعيده وتياره لمستوى التوتر على الساحة السياسية العراقية, باقتحام اسوار المنطقة الخضراء والدخول الى قاعة جلسات مجلس النواب, هل هو بسبب اعتراضه على ممارسات اتباعه, كما حدث في مرات سابقة, او لحاجته للحظة رواق لفرد اوراقه ومراجعتها ام هو التردد في المضي في طريق التغيير؟ بينما مريدوه واتباعه, بالخصوص, يلفهم الاستغراب من هذا القرار المفاجيء لقائدهم, والذين كانوا ينتظرون اوامره على احر من الجمر, كما عوّدهم دائماً. في الوقت الذي يقبع هو في صومعته.
 وفي ظل تسارع الاحداث وتوالي المواقف, فالوقت كالسيف ( واي سيف في وضعنا الحالي ) ان لم تقطعه قطعك, فهو يمضي لاينتظر احداً ولا يأبه لقدسية اي كان, والامور تحتاج الى الحسم .
يتبادل الكثير من المراقبين رأياً بأن اختيار توقيت الاعتكاف كان خاطئاً, لابل ان وراءه اسباب, لاتخفى على المواطن, مثل تدخل ايراني لأحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد.
وقد شرع غرمائه المتحاصصين, مباشرة, بأستثمار الغاء الأعتصام في ساحة الاحتفالات داخل المنطقة الخضراء, سياسياً, بالحديث عن انتهاك لهيبة الدولة ولحرمة البرلمان, رغم ان رد الفعل الشعبي جاء بعد شهور من التظاهر والاعتصام السلمي وبعد تعنت الاحزاب المتنفذة في اجراء الاصلاحات والمماطلة في اقرار حتى ابسطها واستهتارها بالأرادة الشعبية بتأجيل جلسات مجلس النواب لما بعد عشرة ايام.
ممثلو الصدر يؤكدون بأن سبب اعتكافه هو اصرار شركاءه السياسيين على المحاصصة... وهل يظن يا ترى انهم سيأبهون لذلك؟ فأن ذلك لايشكل دافعاً لهم للاستجابة لزعله. فمصالحهم الفئوية الطائفية والعرقية اكبر من حرقة قلب ام شهيد او مرارة دمعة طفل يتيم.
 كما انهم لا يقيمون وزناً لصلواته فهم ماضون فيما هم عازمون ولا تمنعهم صلاة او دعاء او توسل لرب الانام. وهذا نشهده من خلال التصريحات المتواصلة ضد الاقتحام وضرورة معاقبة التيار لابل طالب البعض بوقف مقتدى ذاته عند حده, ثم انتشار مجاميع مسلحة في مفارق مناطق بغداد المتعددة , مستخدمين نفس حجتة في انهاء الاعتصام والتي هي تأمين حماية لزوار الامام الكاظم, مع ان كل مواطن يعرف مراميها الحقيقية.
لقد اوقع مقتدى الصدر, بأعتكافه المفاجيء, اتباعه المتوفزين نحو تغيير واقعهم وواقع العراقيين المزري في حيرة من امرهم, فلا هم معتصمون ولا هم متظاهرون وستثبط هممهم وربما سينفرط بعدها جمعهم تدريجياً. ومشاعر الاحباط هذه انسحبت على قطاع واسع من المواطنين, وجعل عملية الاصلاح تراوح مكانها ان لم تتراجع.
ممارسة السياسة تتطلب فصل السياسي عن الديني في نشاط الاشخاص المتنفذين في الاحزاب والتيارات المتصدية للشأن العام,  ثم الخروج من شرنقة القائد الاوحد, والاعتصام بالموقف الجمعي التشاوري الديمقراطي لأنه الاكثر حكمة.
المسؤولية التاريخية تجاه مصير شعب, حمل ثقيل, من لايتحمله عليه الانزواء والانسحاب ويجنب ابناء شعبه مآسي قرارات غير محسوبة النتائج.



193
هتاف " ايران برة برة..." بين غضب البدريين وخجل الصدريين
احسان جواد كاظم
اول من رفع هتاف " ايران برة برة, بغداد تبقى حرة " هم المتظاهرون في ساحات الاحتجاج الشعبي  (حسب متابعاتي, في مناطق الفرات الاوسط والجنوب) بسبب دعم الدولة الاسلامية الايرانية لأحزاب الفساد الشيعية على كل المستويات والتي سامت المواطنين العذاب, وكافأت بدورها ايران برهن اقتصاد العراق ومصالح شعبه لها.
هذا الهتاف ردده مقتحمو المنطقة الخضراء في بغداد, وهم بالاغلب صدريون, يوم 30 نيسان الماضي ولكن بشكل مبتور بعدم ترديد لازمته اللاحقة وهي " بغداد تبقى حرة " كما ظهر على مقاطع الفيديو التي بثت من موقع الاعتصام المجهض في ساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء.
شعار " ايران برة برة... بغداد تبقى حرة "  ككل متكامل يعبر عن رؤية مترابطة بين وقف التدخلات الاقليمية في شؤون البلاد وما سينجم عن لجم هذه التدخلات, من حرية اتخاذ القرارات الوطنية واستقلالية الموقف. وهذا يشمل بالتالي كل التدخلات الاقليمية والدولية في الواقع العراقي ولايستثني التدخلات السعودية والتركية والامريكية وغيرها, رغم تأكيده على ايران لما قدمه اتباعها المهيمنين من سوء مثل في الحكم.
وبأقتطاع الصدريون للهتاف أودوا بتوازنه. وهذا مرتبط برؤية القائمين على التيار الصدري لمفهوم الحرية وتخوفهم من تفسيراته المعاصرة.
ترديد هذا الشعار رغم تقطيعه أوغر صدور بعض مسؤولي منظمة بدر التي تأسست في ايران ايام الحرب العراقية الايرانية, حد تصريح احدهم بأنه كان بدفع من بعثيين مندسين في التيار الصدري ويبغون استعادة ملكهم البائد في العراق, رغم يقيننا بان البعثيين بريئين من اي شعار وطني حقيقي. فتاريخ البعث زاخر بالمواقف الاجرامية المعادية لكل ماهو وطني وانساني حق, ونتيجة تجربته الدامية في العراق اسطع دليل على ذلك. وما من عراقي عاقل يتمنى عودة ايامه السوداء, رغم ما شهده من اهوال من وارثيه المتحاصصين, لكن عمى هؤلاء  بولاء بعضهم  المطلق لأيران يجعلهم يرون كل الدنيا بلون البعث القاتم.
اذا ما كان هناك من خط احمر فهو حرية العراقيين واستقلال ووحدة بلادهم, وغير ذلك هباء.


 

194
القتال في طوزخرماتو - فرملة لعملية التغيير!
احسان جواد كاظم
اسفر المتحاصصون مرة اخرى عن وجوههم البشعة من خلال الاقتتال الدائر على اساس قومي استحواذي بغيض في مدينة طوزخرماتو/ كركوك.
فالطرفان المتقاتلان البيشمركة الكردية والحشد التركماني يطمحان الى بسط النفوذ على هذه المنطقة. الاكراد يعتبرونها جزءاً من اقليم كردستان فيما يرفض تركمان المنطقة الهيمنة الكردية ويعتبرونها منطقة تركمانية تاريخياً ويرفضون تكريدها.
المشكلة ليست وليدة اليوم, فالنزاعات حولها مستمرة منذ فترة ليست بالقصيرة وخصوصاً بعد انكفاء السيطرة الحكومية عام 2014 عن اراض واسعة في البلاد وسيطرة ارهابيي داعش عليها, ثم التمدد الكردي في كركوك, ومحاولات فرض واقع جديد على سكانها من التركمان والعرب. ولكن جرى تأجيل الصراع حولها بسبب تهديدات داعش الجدية لمصائر الجميع.
غذى اوار الصراع بروز الحشد التركماني كقوة مسلحة ثانية في المنطقة, اثناء عملية تحريرالمدينة من برائن عصابات داعش في تشرين اول/2014, مما اقلق القيادات الكردية وعزز مخاوفها من احتمالات انفلات خيوط السيطرة من بين اصابعها.
مما يجدر ذكره ان الطرفين حليفان في نظام المحاصصة السائد, وهما يتمتعان بكل امتيازات التقاسم الفئوي للمغانم.
ورغم الخسائر البشرية التي تعرض لها السكان المدنيين في المنطقة نتيجة القتال على مراكز النفوذ, ورغم ما يشكله الاقتتال من تعقيد للاوضاع ومن تشتيت للجهود في مواجهة ارهاب الدولة الاسلامية داعش, لاسيما وان  مجاميعها متجحفلة على مرمى حجر من منطقة القتال, فأنه لم توجه لطرفي القتال اية ادانة على فعلهما المشين هذا, بينما دأب حلفائهما من احزاب السلطة على كيل الاتهامات للمتظاهرين السلميين الداعين للتغيير ومعاقبة الفاسدين, بأشغال القوات الامنية عن قتال داعش بسبب تظاهراتهم المشروعة.
ان افتعال الصراعات والازمات التي درج عليها المتحاصصون تلازم دائماً مع تصاعد الأحتجاجات الشعبية ضدهم. وخصوصاً عندما بدأ الحراك الشعبي يمتد من الشارع الى مؤسسات الدولة وحتى الى مؤسسة البرلمان التي تشهد حراكاً واعداَ.
 والقتال الدائر في طوزخرماتو, مثال لأحدى صراعاتهم التي تدفع بأتجاه حرف الانظار عن المخاض الجاري للخروج من نفق المحاصصة والفساد المظلم, وفرملة عملية التغيير.
وبينما اشار بعض المحللين الى وجود اصابع خارجية خفية تحرك صنائعها المحلية  لسد الطريق امام استقرار البلاد, فأننا نتسائل, ما لهذا التدخل الخارجي ينجح في اشعال اقتتالهم بينما يفشل من ان يوحدهم باتجاه قتال داعش في اطار التحالف الدولي ضدها ؟ أليست هي مفارقة ينبغي ايجاد التفسيرات المناسبة لها ؟
لقد اظهرت الجهات المتقاتلة من خلال ممارساتها على الارض, بالعزل العنصري للأحياء والقصف العشوائي لمساكن المواطنين واختطاف بعضهم الاخر, بأنها مجرد ميليشيات منفلتة, همها الاول بسط نفوذها ولا تهمها معاناة السكان المحليين واستقرار وضعهم الامني.
ان ذلك يستدعي تدخل الجيش كقوة دستورية ضامنة للسلام الاهلي واعادة الاستقرار للمنطقة وعدم الاكتفاء بمبادرات المصالحة وتبويس اللحى, فهي لم تكن يوماً ضماناً ثابتاً لأستتاب القانون.
تؤكد الاحداث الجارية في البلاد ضرورة الغاء نهج المحاصصة وسياسة تقسيم الكعكة, لتتجه البلاد نحو بناء دولة مواطنة ومؤسسات مستقرة موحدة, ويقطع دابر التدخلات الاجنبية في الواقع العراقي وقدرتها على تحريك اتباعها الداخليين من المتحاصصين طائفيا وعرقياً.

 

195
وثيقة الشرف, التزام في استمرار العار
احسان جواد كاظم
ما تسمى بوثيقة الشرف التي وقع عليها ممثلو الرئاسات الثلاث, رئاسة الوزراء, رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب مع ممثلين لأحزاب السلطة المتحاصصة الفاسدة, يوم الاثنين الماضي, جاءت لتوصيل رسالة نهائية لقوى التغيير من متظاهرين سلميين وقوى المجتمع العراقي الحية وجميع ابناء شعبنا, بأن طريق التغيير والاصلاح مسدود وما من أمل لديكم, وان الوضع المزري السائد سوف يستمر ما دام يخدم مصالحهم واهدافهم.. وانهم سيدافعون عن ما جنوه من اموال وامتيازات بأسنانهم ومخالبهم.
ولاشك ان عدم الاستجابة للمطالب الشعبية بنبذ نهج المحاصصة الطائفية - العرقية والاصرار على تضمين وثيقة شرفهم على بنود تكرس توزيع المناصب والمغانم حسب التوليفة القديمة , جاءت  لحماية  رموز وقادة احزابهم من المسائلة الشعبية و القانونية, وخشية مما قد يتلو ذلك من تتابع سقوط احجار الدومينو المتتالية بما يؤدي الى الاطاحة بعروشهم التي بنوها بالسحت الحرام وقهر الفقراء.
وكان قد سبق توقيعهم على هذه الوثيقة, تصريحات لأغلبهم بدعم الاصلاح ووجوب مكافحة الفساد ثم تشكيل لجان اختيارمستقلة لمرشحين تكنوقراط  ينهضون بالبلاد من كبوتها, وتمثيل وجود خلافات مستحكمة فيما بينهم. لكنهم بين ليلة وضحاها بدلوا مواقفهم المعلنة لصالح المبيتة, وانهم مثل السمن على العسل ووقعوا وثيقة العار, وتبين ان كل ما صرحوا به كان لاستغفال الرأي العام ومجرد تهريج اعلامي وضيع.
ان اقران وثيقتهم بتعبير الشرف, لما تحمله هذه الكلمة من قيمة عالية يحترمها مجتمعنا, رغم ما حفل بها مضمونها من ترتيبات تبعث على الشعور بالعار من قبيل تكريس الفساد وسرقة المال العام الذي دأب عليه الموقعون, يعبر عن صلف مستمكن  متوطن في سلوكهم السياسي في ازدراء لآلام الشعب واحتقار لأرادته في تجاوز مآسي الفترة الماضية.
و" عندما يصبح الظلم قانوناً, تصبح المقاومة واجباً ". كما قال توماس جيفرسون.


196
سندروم الشيخ جلال الدين الصغير... مالكياً
احسان جواد كاظم
المتلازمة عينها, اصيب بها قادة احزاب الاسلام السياسي في العراق. ابرز اعراضها واوضح علاماتها حالة انفصام تامة عن الواقع الصعب الذي يعيشه الوطن والمواطن العراقي, وعدم فهمهم لمعاناته او بالاحرى انهم غير معنيين به أصلاً.
سندروم الشيخ جلال الدين الصغير كان جهله المطبق بظروف معيشة المواطن وبالقيمة الحقيقية للمئة الف دينار عراقي ( وهو مبلغ قليل لتعتاش عليه عائلة عراقية ), حد نصحه العائلة العراقية بصرف ثلاثين الفاً منها, وتوفير السبعين الفاً الباقية دفعاً للاسراف ولمساعدة الحكومة العراقية في تخطي ازمتها الاقتصادية الخانقة بسبب انخفاض اسعار النفط.
وآخر تجليات هذا السندروم ظهرت اعراضه واضحة على رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. فأمام جمع من الحاضرين في حفل تأبين الشهيد محمد باقر الصدر مؤسس حزب الدعوة الاسلامية في العراق, تحدث المالكي بأعتباره رئيساً للحزب, مشيراً الى المطالبة الشعبية بالتخلي عن نهج المحاصصة والاتيان بحكومة تكنوقراط مستقلين بنهج مدني ديمقراطي, بأنها مؤامرة تستهدف التجربة الاسلامية في العراق.
من الواضح بأن اخبار فشل مشروع الاسلام السياسي لم تصله بعد . فلا يحتاج المرأ كثير جهد لأكتشاف ذلك, يكفيه المرور في شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى ليشهد حالة البؤس والفقر المزري الذي تعيشه في بلد يطوف على بحيرة نفط ويرويه نهرين عظيمين وشعب حي. ويمكنه سؤال اي شخص مستطرق في اي مكان من العراق عن واقعه ومن سرق احلامه ؟
فلا أمان ولا عدل ولا خدمات ولا آفاق واعدة.
قد يكون المالكي محقاً في قوله بأن الصراع يدور بين المشروع الاسلامي بما يمثله من اداة لفئة متنفذة من حيتان الفساد تستأثر بثروات البلاد, وتُخضع مواطنيه لأرادات متفردة بالسلطة وبين المشروع المدني الديمقراطي الذي يمثل هدف اغلب العراقيين الساعين للعدالة والديمقراطية.
فأن مظاهر ثرائهم وبذخهم جاءت من مصادرتهم المال العام ومقدرات الوطن واعتبارها ملكاً صرفاً لهم ولمن يتحاصص معهم. وهي لم تخضع حتى لأبسط  شروط الاستغلال الاقتصادي المعروفة بين المستغِل والمستغَل او للعلاقة بين ساعات العمل والأجر وفائض القيمة الذي يجنيه المستغِل, التي كان المحتفى بذكرى استشهاده يحاول مناقشتها.
فهم أساساً لم يكونوا اصحاب مشروع نهضوي للبلاد وبناء دولة بل جاؤا بمشروع نهب لاغير, يعتمد التزوير والتلفيق والتدليس والغش والدجل للوصول الى مآربهم الفئوية الانانية ومصادرة حقوق المواطنين.
ولم تكن من حاجة لأي جهة لتتآمر لأفشال المشروع الاسلامي, فقد فعل ذلك الاسلاميون ذاتهم واجادوا. وقد كشفوا عن سجايا الأسلامي ( الأسلامي لاتعني المسلم لمن لايعرف القصد بل السياسي منهم, المستقتل على ملذات الحياة الدنيا من سعي للثراء الفاحش والامتلاك ) امام الشعب الذي يمقتهم ويمقت مواعظهم عن التقوى والثواب والعقاب وهو يراهم يمارسون كل شائنة.
اضفى زعيم حزب الدعوة الاسلامية نوري المالكي في خطابه, طابعاً مقدساً على مشروعه الاسلامي بأعلانه مُؤيداً من المرجعية الدينية العليا والامام علي وابنه الحسين, مؤلباً الحاضرين ضد مشروع الاصلاح الذي يقترحه زميله الحزبي رئيس الوزراء حيدر العبادي بتكليف وزراء تكنوقراط مستقلين لأدارة شؤون البلاد... ولو كانت له اية صفة دينية, لكان حديثه, بنبرته المحرضة, بمثابة فتوى اعلان جهاد على كل من يدعو للاصلاح.
سندروم الانفصام عن الواقع, يظهر جلياً عندما يصل في خطابه, متسائلاً: أليس لنا نحن الاسلاميين, تكنوقراط ؟ لسنا معنيين بالأجابة عن هذا السؤال. ولكن المنطق يستدعي سؤالهم: من منعكم من استغلال امكانيات تكنوقراطكم خلال فترة حكمكم الطويلة في بناء الدولة ؟ ام كان تكنوقراطكم مشغولاً في جني الغنائم وشراء الاعوان.
فليقل لنا المالكي وحزبه والمحتفلون معهم بذكرى استشهاد المفكر الاسلامي محمد باقر الصدر ومؤسس حزبهم, هل ان نتائج السنوات العجاف من حكمهم كانت ثمرة الاسترشاد بكتابي الشهيد الموسومين " فلسفتنا" و" اقتصادنا " ؟
اذا كان جوابهم نعم, فتلك مصيبة !
واذا كان جوابهم لا, فالمصيبة اعظم ! 
 


197
 
قوى متنفذة ضد التغيير... شعب كامل معه !
احسان جواد كاظم
اصبح لزاماً, في هذه اللحظة التاريخية التي يشهدها وطننا, القيام بأستقراء جديد لخارطة توزيع القوى السياسية وتحديد الاصطفاف الحاصل على المسرح السياسي العراقي, على قاعدة الارادة الشعبية بالتغيير والقوى والجهات السياسية التي تقف حجر عثرة امام تنفيذه, وكشفها بدون مواربة.
وعلى اساس المعادلة البسيطة التالية : من يتمسك بنهج المحاصصة الطائفية - العرقية فهو بالضرورة ضد التغييرنحو دولة مدنية ديمقراطية.
لانحتاج للتأكيد بأن دولة داعش الارهابية وايتام البعث البائد سيكونون اكثر المتضررين من التغيير نحو الدولة المدنية الديمقراطية. فحكومات المحاصصة الطائفية - العرقية الفاسدة وفرت لهم بيئة وحاضنة مثالية للنمو ولتنفيذ مخططاتهم الاجرامية.
لقد ادخلت مطالب المتظاهرين المدنيين والمعتصمين واصرارهم على تنفيذها, قوى الفساد في مأزق لم تره في اكثر كوابيسها رعباً.
لذا فهي تحاول التملص من استحقاقات التغيير والمماطلة في تمريرها, بحديثها عن تأييدها للتغيير لكن بالاحتكام الى الدستور, وكأن نهج المحاصصة التي تتمسك به, لم يكن تجاوزاً على الدستور وانتهاكاً للشرعية. اضافة الى تمسك المتحاصصين بما يسمى  بالشرعية المكتسبة من الانتخابات, التي تحفل بالشكوك بسبب ظروف اجرائها في غياب تعداد سكاني وهيئة انتخابات مستقلة وفي ظل قانون انتخابي متحيز للكتل الكبيرة وعدم وجود قانون احزاب, هذا غير حالات التزوير وشراء الذمم واستخدام المال العام ومقدرات الدولة لصالحها, وارهاب الميليشيات وفتاوى مشايخ دين.
ويضاف الى كل المؤآخذات الواردة, حقيقة فشل وزرائها وعلى كل المستويات ومن كل الاطراف من تحقيق نجاحات ملموسة تذكر, في كل دوراتها منذ اسقاط نظام الدكتاتورية البائد الى اليوم.
احزاب التحالف الكردستاني مثال صارخ للقوى الرافضة صراحة لتغيير نهج المحاصصة ولأختيار وزراء تكنوقراط كرد مستقلين لايخضعون لارادة قادة احزابها, ثم حديثها عن الغبن المكوناتي الذي ينتج عن ذلك. وهذا الموقف يخفي, في حقيقة الامر, خشيتها من تقوض تسلطها الحزبي وما يؤدي ذلك من فقدانها للنفوذ السياسي ولأمتيازات كبيرة وتراجع بالتالي لدورها السياسي. ولا يرى المرأ من سبب لمعاملتها معاملة خاصة دون غيرها, خصوصاً وانها ضالعة بالفساد كما اخواتها الاخريات.
اما تيار المواطن التابع لعمار الحكيم فهو ايضاً يناهض التغيير الوزاري بالتحجج بعدم التشاور معه وتفرد حيدرالعبادي في اختيار الوزراء مرة ومرة اخرى ان اللجنة التي شكلها  ليس له ممثلون فيها. ثم مبادرته التي لاتخرج من طوق المحاصصة.
التحالف الوطني الذي يعيش تمزقاً بين اطرافه الاخرى بعد تجميد التيار الصدري عضويته فيه وبوادر انشقاقات تعصف بمكونه الاكبر حزب الدعوة الاسلامية وهامشية احزابه الاخرى التي خبرها المواطن العراقي كأحزاب نهب. وهو اكثر كتل السلطة المتنفذة شعوراً باخطار التغيير على هيمنته ونفوذه ومقدراته.
وبحكم وقوف ممثله على قمة السلطة بشخص رئيس الوزراء حيدر العبادي, لايريد فقدان المركز الاول فيها, لذا فهو يقدم قدماً مع التغيير وقدماً ضده, وهو ما يعني بالحساب الشعبي, ضد.
ثم الفاسدون في التيار الصدري ممن تضرهم عملية التغيير, بفقدان مراكزهم وامتيازاتهم, اضافة الى صقور التيار الذين لايروق لهم الخطاب المدني السلمي, في الآونة الاخيرة, لقائد التيار مقتدى الصدر, واعتماده لوسائل لاعنفية في التظاهر والاعتصام.
ورغم العلاقة الابوية السائدة في التيار بين القائد واتباعه, فأن ذلك لايمنع من بروز مجموعة ترفض هذا الخطاب العقلاني وسبق وان خرجت مجموعة عن طوعه وانسلخت لتشكل عصائب اهل الحق.
ثم تكتلات الوطنية ومتحدون وتحالف القوى التي تعيش تخبطاً سياسياً واضحاً في مواقفها والتي ليس من مصلحتها بالتأكيد مغادرة نهج المحاصصة لأسباب فئوية وطائفية.
وهناك ايضاً الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة التي تتمنى استمرار حالة الفوضى في البلاد, والتي تتضرر من قيام دولة دستورية قوية وفقدانها للغطاء الشرعي التي تضفيه على ممارساتها, المحاصصة.
ومقابل جبروت كل قوى الفساد المعادية للتغيير تقف صامدة رافعة التغيير من القوى المدنية الديمقراطية بما تمثله من تنسيقيات المتظاهرين المدنيين ومنظمات المجتمع المدني وما يدخل في اطارها من احزاب وطنية ونقابات ومنظمات مهنية طلابية ومعلمين ومحامين وفنانين وموظفين..وشرائح شعبية واسعة وحتى منتسبين من احزاب السلطة. وهم يعبرون بحق عن ضمير الشعب.
وفي ظل هذه الظروف المعقدة لايمكن استبعاد لجوء قوى الفساد المناهضة للتغيير لأكثر الوسائل دناءة لمنعه, فلم تكن قضية الوطن وسلامة شعبه تحوز على اهتمامها يوماً. 
لذا يبقى التمسك بالنهج السلمي في استلال الحقوق وتنفيذ المطالب الشعبية يشكل اهمية عظمى وسلاحاً ماضياً بيدها, لان الانجرار الى اية مواجهات عنفية, يريدها تحالف الفاسدين, سيكون الكادحون والفقراء من ابناء شعبنا المتضررين الاكثر منها, بينما ان هدف قوى التغيير الصميمي هو تأمين حقوقهم بحياة حرة كريمة. 

198
اغتيال " عذراء سنجار " على بوابات اربيل !
احسان جواد كاظم
لقد اثار حرق بعض الذين " يتحسسون مسدساتهم عندما يسمعون بكلمة ثقافة " من منتسبي احدى السيطرات على مشارف اربيل, رواية الكاتب العراقي وارد بدر السالم, استياءاً كبيراً في اوساط المثقفين. فالكاتب الروائي المعروف وارد بدر سالم قد عبر فيها عن حالة انسانية لأحدى ضحايا ارهابيي داعش في سنجار, وهو ما يثاب عليه لتناوله مأساة حاقت بعراقيين اصلاء.
 ويبدو ان ما اثار حفيضة حارقو الرواية هو كونها مكتوبة باللغة العربية, على حد قول ناقلي الخبر. وبذلك فأن الفاعلين يلتقون مع غوبلز وزير الدعاية النازي بوشيجة اخرى غير كره الثقافة المذكورة اعلاه, هي التعصب القومي.
الامر الغريب ان هذه الحادثة تتزامن مع افتتاح معرض الكتاب الذي تقيمه مؤسسة المدى كل عام في اربيل والذي يضم عناوين كتب ومؤلفات باللغة العربية. ويحضى بترحيب حكومي وشعبي كردي. فقد حضر رئيس الاقليم مسعود البارازاني افتتاح هذه الدورة الجديدة من المعرض. وهذا شي ما يشبه شي, كما يقال. لهذا فأن ما حدث يرتب على حكومة الاقليم اجراء رد فعل مناسب بحق مرتكبي الحرق والاعتذار من مؤلف الرواية المتضرر من هذه العملية الشنيعة وجموع المثقفين.
لقد ضمن الحاقدين على الثقافة, للرواية انتشاراً واسعاً من حيث لايريدون, اضافة الى مقت القراء لهم ولافعالهم. فلم تؤت محاولات قمع الفكر والثقافة اُكلها يوماً لصالح المستبدين ومحاصري الثقافة. فقد سبق وان افتى الخميني بقتل كاتب " الآيات الشيطانية " سلمان رشدي البريطاني من اصل هندي, فعمت شهرته الارجاء وعمل منه روائياً عالمياً. تُرجمت روايته على أثر الفتوى الى الكثير من لغات العالم واعيدت طباعتها لعدة مرات. وكذلك كان فعل الازهر في مصر قبل اعوام, بمنع تداول رواية " وليمة لأعشاب البحر " للروائي السوري حيدر حيدر بعد عشر سنوات من تأليفها ودخولها مصر, ليزيد المنع الطلب على اقتنائها في الاسواق العربية وخصوصاً مصر.
وكل العراقيين يعرفون سعة طبع وتداول الكتب الممنوعة بصورة سرية ايام النظام البائد, رغم العقوبات الصارمة التي يمكن ان يتعرض لها مقتنيها.
واصبح معروفاً, بأن ليس للفكر الحر من حدود وان حرية الفكر ركن اساسي من اركان اي نظام يدعي الديمقراطية, وان معاداة الثقافة والمثقفين تجارة بائرة لاتحمل لمتعاطيها غير الذل والخسران.
ان حارقي رواية "عذراء سنجار" ضحايا لسياسات واعلام " اعلاء الجدران" بين العرب والكرد العراقيين السائدة في الاقليم, بتغذية واثارة النعرات القومية, وهو لن يكون الطريق الصحيح المفضي للاستقلال بل الى المزيد من الخسارات... خسارات الفقراء.


199
هانوفر تزهو بحلة العيد
في احتفال بهيج التأم شمل الشيوعيون العراقيون واصدقائهم في مدينة هانوفر الالمانية احتفاءاً بالذكرى 82 المجيدة  لتأسيس حزبنا.
ابتدأ الحفل بدقيقة صمت حداداً على شهداء حزبنا والحركة الوطنية وضحايا الارهاب, تبعها انشاد النشيد الوطني العراقي.
ثم قام الرفيق ابو داليا عادل الشطري بقراءة كلمة الحزب بالمناسبة ثم تبعتها كلمة رفاقنا في الحزب الشيوعي الكردستاني - العراق, قرأها الرفيق كاكا علي. وعلى هامش الجانب الخطابي, وصلتنا برقيات تهنئة من الاحزاب الكردستانية في المدينة ومن زميلات رابطة المرأة العراقية في المانيا ومن الاخوة في الديوان الثقافي العراقي في مدينة اولدنبورغ وبرقية من تنسيقية التيار المدني الديمقراطي في النجف .
ازدان الحفل بباقة من شابات وشباب العراق الذين اشعلوا ارض القاعة برقصاتهم ودبكاتهم واغانيهم الفولكلورية الجميلة. حازالحفل على اعجاب الحاضرين وامتد لساعات طويلة, تخلله اقتطاع كيكة الميلاد من قبل الرفيقة ام رعد... ام لعدة رفاق من انصار حزبنا الابطال.
بعث الحضور بتهانيهم بهذه المناسبة السعيدة للرفيقين عبد العزيز وطبان " ابي ذكرى "  عضو مرشح سابق للجنة المركزية لحزبنا والرفيق كاروان كريم احمد لدوره وعائلته في الحركة الوطنية العراقية والكردستانية, بسبب تعذر حضورهما لأحتفالنا لأسباب صحية.
كما اعرب المحتفلون عن اعتزازهم بالانتصارات الرائعة التي تحرزها قواتنا المسلحة المشتركة على عصابات داعش الاجرامية. واعربوا ايضاً عن اعجابهم بالاصرار الرائع للناشطين المدنيين في ساحة التحرير وساحات المدن الاخرى في البلاد لالغاء نظام المحاصصة ومحاسبة الفاسدين.


200
بين المستيقظين والنائمين عوالم
احسان جواد كاظم
" الناس المستيقظون ليس لهم الا عالم واحد. اما النائمون, فلكل واحد عالمه " حكمة اطلقها هيراقليطس قبل قرون سحيقة.
  ما يعتمل في جوف مجتمعنا من ارهاصات لتغيرات قادمة, باتت ملحة وحان أوان تجسيدها وبدأت تعطي بعض اُكلها لكنها لاتمثل بعد ما نأمله, ولايمكن اعتبارها بأي حال من الاحوال اختراقاً مأمولاً, خصوصاً مع توفر امكانية التراجع عنها في اية لحظة. لذا فأن من المبكر الأنبهار من خطوة رئيس الوزراء حيدرالعبادي بتقديم مرشحيه لوزارة التكنوقراط, واعتبارها انجازاً بينما لم يجر اقرارها بعد.
ولا يمكن لعاقل ان يصدق ان مجرد مظروف مغلق افلح في  فض اعتصام ألفي بهذه البساطة, بلا ضمانات وبمجرد وعد شرف من كتل واحزاب متهمة شعبياً بخيانة الامانة, بالتفضل بالنظر بأمر اصلاح ما بأنفسها ! رغم حجم الريبة من هذه الاحزاب.
من كان يتصور ان المعتصمين  نصبوا خيامهم لمجرد اختبار شجاعة العبادي وليس ما تثمر عنه هذه الشجاعة, من شروع فعلي في مكافحة الفساد بمحاسبة الفاسدين؟ فربما سوف تعود حليمة الى عادتها القديمة بالتصويت مع الاصلاح ثم التصويت على نقضه بعد حين.
وهل من يدلني عن مغزى تقديم رئيس الوزراء حيدر العبادي مظروفاً مغلقاً متعلقاً بوزراء كابينة التكنوقراط المقترحة لرئاسة مجلس النواب امام اعضاءه, وتأكيده على انه مغلقاً ؟ ولماذا آثر رئيس الوزراء عدم فتحه امام نواب البرلمان حالاً, وهم بالاساس المعنيون بقبول مرشحيه او رفضهم ؟ وكأنه يُبطن لغزاً. ثم زاد لغز العبادي تحت قبة البرلمان, لغزاً بسكوت النواب وعدم مطالبته بعرض اسماء وزراء كابينته.
 ثم ما الجديد في اعترافه للنواب, وبتجرد, بحقهم في رفض او تعديل او تغيير بعض وزراءه المقترحين او قبول آخرين, أليست هذه هي الآلية المعمول بها في كل برلمانات العالم؟
اعلام الحكومة يتحدث عن حلحلة الازمة بعد الحلحلة المجانية لخيام المعتصمين, لكن ازمة من ؟  فالازمة العامة لازالت تعصف بالمواطن العراقي وهي باقية وتتوسع.
 ثم يتحدث عن تشكيل الوزراة الجديدة وكأن الامر اصبح انجازاً مفروغاً منه ! رغم ان العصافير العشر لا زالت على الشجرة وما من عصفور باليد بعد.
المنومون, من فرح بهذه الخطوة التي لازالت في عوالم الخيال. اليقظون يتابعون ما ستأتي به نتائجها العملية على ارض الواقع.
 

201
سر,ْ فلا كَبا بكَ الفرسُ !
احسان جواد كاظم

احتار اعداء الحزب الشيوعي العراقي فيه, يثخنوه بالجراح, ينهض شامخاً. يدبرون له المكائد في ليل, يفشلها حب الناس واحتضانهم له ويرفدوه بخيرة ابنائهم. رموه بكل وساخاتهم, لكن ظهر الحق و زهق باطلهم بشهادة البسطاء وصحوة بعض من شاركوا في تعذيب رفاقه وقتلهم. ولا زال المجد محدقاً بأعلامه المنيفة.

وما من سلاح الا واستعملته قوى الرجعية والدكتاتورية في حربها ضد الشيوعية بما فيها الدين لأدامة تسلطها الطبقي واستبدادها السياسي.
 
فقد تساقطت اتهامات المرّجفين للشيوعيين بجرائم السحل في الموصل وكركوك بشهادة الباحث المستقل حنا بطاطو واثباتاته التي سطرها في كتابه الموسوم " العراق " وتهافتت محاولات القوى الرجعية الدنيئة, بأستغلال مشاعر بسطاء الناس الدينية, برمي كل شيوعي بالألحاد, او اتهامهم بتمزيق القرآن. وقد فضح حسن العلوي ( كبعثي سابق ) في لقاء تليفزيوني تدبير البعثيين لهذا العمل المشين, في بداية ستينيات القرن الماضي, والصاقه بالشيوعيين.

 وكان احد الاصدقاء قد ذكر حادثة حقيقية, لاتخلو من طرافة, تتعلق بنفس هذه التهمة كان مكانها مدينة الشطرة في جنوب العراق, في نفس الفترة بعد ثورة تموز 1958 عندما قُدم احد الشيوعيين للمحاكمة بتهمة تمزيق القرآن وقد شهد ضده شخصان مدفوعان من البعثيين, مُقسمين على القرآن امام القاضي برؤيتهم المتهم وهو يقوم بفعلته الشنيعة هذه. وقبل ان ينطق القاضي بالحكم, طلب المتهم الفطن من المحكمة, تحليف الشاهدين المزعومين ب " فوّادة " وهي امرأة صالحة لها مرقداً, يعرفها ابناء المنطقة. تدور حول كراماتها الاساطير وقدرتها على التشوير بالكاذب. امتنع الشاهدان امتناعاً قطعياً عن الشهادة بها لخوفهما من ان تصيبهما بشارتها, اكثر من خوفهما من عقاب الخالق الذي اقسموا على قرآنه كذباً. فأصدر القاضي حكمه ببراءة الشيوعي من تهمة تمزيق القرآن, واحتجازهما بسبب الشهادة الزور.
وهل من قوم كالشيوعيين من يحترم عقائد ومُثل وطموحات الشعوب, الانسانية ؟

ونحن على اعتاب مرور 82 ربيعاً على تأسيس الحزب الشيوعي العراقي, فأن كل منصف يعترف بما اتسم به نضال الشيوعيين, الحافل بالأمجاد, من مبدأية وشعور عالٍ بالمسؤولية اتجاه الوطن والشعب, وقوافل شهدائهم شاهد على ذلك, وأظهر معدنهم الاصيل وانتمائهم الصميمي لهذه الارض وولائهم اللامتناهي لشعبهم ووقوفهم الدائم الى جانب الكادحين وفي مقدمة المدافعين عن حقوقهم وعن كل ما هو مشرق في حاضرنا, مستشرفين الأمل الاشتراكي النيّر.
 ونشهد اليوم مواقفهم المسؤولة من عملية التغيير التي صدحت بها حناجر المتظاهرين في ساحة التحرير وساحات الوطن الاخرى.
 وفي الوقت الذي تُوصم به قوى الاسلام السياسي بالفساد ونهب المال العام, يُشار للشيوعيين بنظافة ذات اليد والنزاهة والوطنية الخالصة.

ورغم المزاج العام الذي يطبعه الطابع الديني والمجافي لليسار, الا ان الحزب الشيوعي ينهض من كبوته بأناة. فقد اصبحت قوى اسلامية تتبنى بعض شعاراته واهدافه, بغض النظر عن نواياها, بسبب صواب افكاره ورؤاه. وتشرك قياداته, مرغمة, بالمداولات عن سبل الخروج من الازمة التي اوقعوا البلاد بها, وللتودد الى المتظاهرين السلميين, الذين ينخرط معهم نشطاء شيوعيون للمطالبة بالتغيير المفضي الى دولة مدنية ديمقراطية بعدالة اجتماعية.

تحيا بكم كل ارض تنزلون بها.... كأنكم في بقاع الأرض امطار*


* للشاعر الاندلسي ابن خفاجة













202
انتعاش الحراك الشعبي المدني... احتضار المحاصصة !
احسان جواد كاظم
 بأنطلاق التظاهرات الشعبية في شباط 2011 المطالبة بالحريات والخدمات ومكافحة الفساد, وبالتحرر من طوق المحاصصة الطائفية - العرقية, تم كسر حاجز الخوف الى غير رجعة, وهو الانجاز الاكبر الذي يغبط عليه متظاهرو ساحة التحرير وساحات التظاهر الاخرى في البلاد, والتي أرست وسائل الكفاح السلمي لانتزاع الحقوق.
وقد وقفوا لوحدهم, صامدين, امام حملة تشويه ظالمة من قبل احزاب الفساد, وتربص سلطوي بغيض لهم والتأليب عليهم بطرق متعددة والتخرص عليهم بتنفيذ اجندات خارجية مرة , ومرة بأحتمال اختراق مظاهراتهم من قبل الارهابيين والبعثيين الى ان سلم المتخرصون ثلث البلاد الى ارهابيي داعش ورهنوا اجزاءه الاخرى عند الفُساد والمفسدين ووضعوا مصير البلاد على كف عفريت.
لقد اثبتت الحياة صحة الاستنتاج الشعبي, بأن خشيتهم الحقيقية كانت على مصالحهم وامتيازاتهم وليس على خير البلاد ومواطنيها.
ومنذ عودة التظاهرات, قبل ثمانية اشهر, دأب الناشطون المدنيون على تأكيد طبيعة تظاهراتهم السلمية وابتداع وسائل عمل جديدة بعد تقويم لتجربتهم السابقة والالتزام بما تمليه عليهم وطنيتهم والاهداف التي خرجوا من اجل تحقيقها بعد تمادي احزاب المحاصصة الحاكمة في سرقة المال العام والانحدار بالبلاد الى مخاطر التقسيم.
 ورغم الاستعداء السلطوي لهم بالادعاء ان تظاهراتهم السلمية ضد الفساد التحاصصي  الذي ينخر بالجبهة الداخلية,  تشغل القوى الامنية  عن محاربة الارهاب, ومواصلة عزف اسطوانتهم المشروخة السابقة عن امكانية استغلال الارهابيين لتظاهراتهم, فقد ذهبت كل هذه التخرصات ادراج الرياح, بعد ان اثبتوا قدرتهم على صيانة تحركهم الشعبي المنحاز للمظلومين من ابناء شعبنا ضد ظالميهم من كل نوع, بما فيهم مناهضيهم من احزاب السلطة بوطنية الشعارات والاهداف ووضوحها.
 وابدوا استعداداً مسؤولاً للقاء اية جهة تريد سماع وجهة نظرهم والتفاعل معها وهكذا كانت اللقاءات بمرجعية السيد السيستاني في النجف ولبّوا دعوات رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية, وعرضوا عليها مطالبهم ورؤيتهم للحل المنشود, اضافة الى اللقاءات المستمرة بمنظمات المجتمع المدني ونشاطاتهم الاعلامية على اكثر من صعيد في وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. وكانت اللقاءات الاخيرة  بالتيار الصدري وقائده مقتدى الصدر, شاهد على تفاعلهم المسؤول مع اية جهة تدعم مطاليبهم التي هي مطاليب شعبنا وهي مطاليب قابلة للتنفيذ في اطار الدستور والقانون.
لقد جهد المتظاهرون الى توفير كل وسائل النجاح لتحركهم من اجل تحقيق مطالب ابناء شعبنا.
لذا فأن الحراك الاجتماعي الذي فعلتّه شعاراتهم ونشاطاتهم, بدأ يعطي ثماره, فقد دخل مرحلة جديدة بعد ان وصلت تأثيراتها الى شرائح واسعة من ابناء شعبنا, كانت تقف مترقبة, من طلاب وعمال وموظفين... وتوسعت الحركة المطالبة بالتغيير, مما دفعت الاحزاب الحاكمة للبحث عن وسائل للتحايل على هذه المطالب بعد ان كانت تتجاهلها كلياً وتعتبرها مؤامرة ضدها.
 وبفضل الحراك الشعبي المتصاعد, دبت الخلافات بين اطراف كياناتهم, لكن هذه المرة ليس فقط بسبب نسبة المغانم الموزعة من المال العام لكل طرف منها, بل بألقاء كل طرف اللوم على الطرف الآخر لما آلت امور البلاد, وبات يهدد وحدتها.
لكن تبقى وحدة الهدف لديهم, في ادامة سرقة قوت المواطن والتحكم بمصائر البلاد, اقدس مقدساتهم.
لقد كان دخول التيار الصدري بكل ثقله الشعبي على خط التظاهر, وبطابع مدني يبتعد الى حد مشهود عن الانتماء الفئوي والحزبي, قد عزز الحراك المدني. ثم ما تبعه من قرار قيادة التيار بالتوجه نحو الاعتصام امام بوابات الخضراء برايات عراقية والتزام صارم بالضوابط المدنية التي دعاهم اليها قائد التيار مقتدى الصدر, يشكل انتصاراً, على الاقل في هذه المرحلة, للنهج المدني اللاعنفي الذي كافح الناشطون المدنيون, طوال سنين عديدة, من اجل اشاعته في الحياة السياسية العراقية, خاصة من تيار كان يعرف عنه نزوعه الى العنف وفرض اراداته بأدواته المسلحة.
ولابد من ذكر الاختراق الكبير الآخر الذي حققه الحراك الشعبي بمجموعه المتمثل بالتفاعل الأيجابي للجيش والقوات الامنية المرابطة على  حواجز المنطقة الخضراء هذه المرة, خلافاً لمرات سابقة تعاملوا فيها بقسوة مع متظاهرين مدنيين سلميين, اقتربوا من مشارفها, والذي لابد وقد قض مضاجع الفاسدين.
 وسواء كان هذا نتاج موقف وطني لافراد القوة الحامية او خشية من ردود فعل جماهير التيار الصدري العنفية المحتملة, فانه شكل خطوة متقدمة للحراك الشعبي بالتحول من التظاهر كشكل نضالي الى شكل آخر اكثر تقدماً هو الاعتصام امام, كما عبر بعض المعتصمين المدنيين, مغارة الحرامية.
نجاح عملية التغيير يرتبط بالموقف الصائب لقواها من المحاصصة الطائفية - العرقية المقيتة, بأستئصال شأفتها وتبني مبدأ المواطنة ودولة القانون والحريات. وان اية محاولة للدوران حول هذه العلة دون معالجتها جذرياً, ستنتج المزيد من المعاناة والآلام لشعبنا وتهدد وحدة البلاد ومنعتها.
لامجال لأعادة تدوير نفاياتها - قرار شعبي باتْ لا رجعة عنه.


203
ايزيديات لم يمر بهن عيد المرأة العالمي
احسان جواد كاظم
وحيدة تبقى, بلا ورود,  وبلا اغاني... انيسها الحزن. اسيرة ذكرياتها البهيجة بقدر كونها اسيرة اوباش تقيأتهم احشاء الجحيم القطرانية. أقصى امانيها وقمة فرحها, نيل ابسط ما يتوق له انسان... الحرية من ربقة عبوديتهم.
  هل يمكننا الحديث عن عيد وهي ترزح في ذلة الأسر, وأسر الأذلال ؟
رغم كل شيء, فأن عيد المرأة العالمي ليس كمثل اي عيد آخر. فلم يتعلق عيد بالحقوق كما عيد المرأة بالسعي لأنتزاعها.
فالمرأة في كل بقاع العالم تتعرض لاضطهاد مركب, اضطهاد طبقي واضطهاد اجتماعي بنفس الوقت, فما بالك لو كانت المرأة في مجتمعاتنا التي يعيث فيها مشايخ الظلال خراباً, تعتقد بدين آخر غير الاسلام , لابل ابعد من ذلك... من دين ليس سماوياً ( حسب التصنيف المشيخي للأديان ). انه بلاشك اضطهاد مركب مضاعف, مثنى وثلاث ورباع.
سياسيونا الذين لم يكونوا يوماً معنيين قلبياً,  بمصير بناتنا واخواتنا العراقيات... الأيزيديات, المسيحيات والشبكيات المختطفات لدى  ارهابيي داعش ولا غيرهن, يزعقون امام كاميرات الفضائيات, بنسبة ضوضاء تكسر حاجز الصوت ب 100 ديسيبل في احاديثهم بما يجب عمله وبما سيكون, لكنها كانت مجرد ثرثرة على الهواء.
فهم لم يتعاملوا جدياً مع مأساة مواطناتنا المختطفات, وبالاخص الايزيديات منهن لكثرة عديدهن لدى داعش, فكل نجاحات تحرير بعضهن كان بمبادرات فردية, واحياناً بشروط الارهابيين اي بأستنقاذهن... بشرائهن منهم كسبايا.
العجز الحكومي, عند حكومتي المركز والاقليم, اصبح عقماً. فهما لايمتلكان الارادة ولا الآلية لتحريرهن, لاسباب ذاتية , لأنشغال مسؤوليهما بحياكة المكائد وجني المغانم اولاً ثم لعدم بنائهما كسلطة, لأجهزة فاعلة يمكن ان تجمع معلومات عن المختطفات اوتصل اليهن. واسباب موضوعية صعبة, لايمكن انكارها, مثل توزيع الارهابيين اماكن تواجدهن الجغرافي.
 وقد انسحب العجز على منظمات ومؤسسات دولية معنية بحقوق المرأة والطفولة والانسان عموماً, في تحديد اماكن تواجدهن وتعقب مسار توزيعهن, ناهيك عن تعطل امكانيات جيوش جرارة قادرة على احتلال دول واسقاط حكومات أمم في عمل ذلك بكل جبروتها المخابراتي وتطور وسائل تصنتها الالكتروني.
وازاء هذه المعضلة... العجز, يجب استنباط اي طريقة واستنفاذ كل امكانية لأستلال ولو واحدة منهن من براثن القتلة , كأن يكون اضافة اتهامات بالأختطاف والأغتصاب والاتجار بالبشر الى الاتهامات الاساسية لكل داعشي يؤسر من قبل القوات التي تقاتل داعش في العراق وسوريا, كأجراء عقابي رادع اضافي لغيره من الارهابيين, قد يدفع البعض منهم التعاون في هذا الشأن.
وبنفس الوقت, توصيل رسالة لكل داعشي, بكل وسيلة متاحة, عن امكانية التخفيف من الاحكام القضائية عن اي منهم, يقوم بأطلاق سراح اية مختطفة او المساعدة في تحرير احداهن او بتقديم معلومات حقيقية عن اماكن تواجدهن, مستغلين حالة الانكسار التي تعيشها الدولة الاسلامية وتدني معنويات ارهابييها, قد تؤتي ببعض الاُكل.
وقد تلازم العجز الحكومي في تحريرهن مع بؤس اجراءات احتضان بعض المحررات منهن من عبودية داعش. فما عدا الاعانات المالية الهزيلة, لا يلمس المرأ اهتماماً حكومياً حقيقياً بمآسيهن اثناء الاسر وحالات الكآبة والانهيار العصبي التي يعانين منها, وانعكاس ذلك على عوائلهن. فالعناية الصحية والنفسية لأعادة تأهيلهن ودمجهن مجدداً في المجتمع تبدو شبه معدومة.
 ولذلك ربما كانت دعوة النائبة الايزيدية في مجلس النواب العراقي فيان دخيل, دول العالم لاستقبال النساء والفتيات الايزيديات عندها, نابعة من قناعة بأن بنات جلدتها لايتمتعن بالاهتمام الكافي في بلادهن.
ولابد في هذا المقام من الثناء على اي جهد يبذل لأجل تحرير المختطفات او عرض قضيتهن وحشد الرأي العام العالمي ضد شريعة داعش ومثيلاتها من الحركات الظلامية, وبالاخص على الدور التي تقوم به ناديا مراد على مستوى العالم.
وبكل ما يحمل عيد المرأة العالمي في 8 آذار من مغزى تضامني في نيل الحقوق لنساء كل الأمم, فأنه يوحد الكثير من البشر في النضال من اجل انهاء محنتهن ورجوعهن سالمات وكذلك الاطفال المختطفين الى اهاليهم وبلداتهم ووأد اي مساعي لتكرار هذه الفضائع مجدداً.
في عيدها المؤجل فسحة من ذكرى جميلة وأمل بلقاء :
يا نسمتي الحلوة, اعتدنا الجلوس تحت الصفصافة
عند الجرف
حيث يأتي طائر الحور القطني الصغير ويغرد
اذكر هذا ولهذا ابكي.
اعتدنا ان نسير في مرج الزهور القرمزية
يا نسمتي الرقيقة, وحدي اروح الى هناك
يلفني الحزن. *

* نواح الحبيبة / من اشعار الهنود الحمر في امريكا الشمالية

204
هي القشة ذاتها, قشة الغريق والتي  تقصم ظهر البعير !
احسان جواد كاظم

التكنوقراط, المفردة الاكثر تداولاً في تصريحات سياسيينا وفي وسائل الاعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي, ويتداولها المواطن العادي ايضاً في احاديثه في البيت والشارع ويرفعها شعارات في مظاهراته.
ان الطريق المسدود الذي وصل له نهج المحاصصة وسياسات اطرافها والرفض الشعبي للاستمرار فيه, اوجد حاجة ملحة لأجراء تغيير. وقد ادركت قوى الفساد ضرورة ذلك واهمية القيام به.
 فعلى ضوء الاصرار البطولي, طوال سبعة اشهر, للمتظاهرين المدنيين في ساحات البلاد, على مطالب التغيير. وتعزز زخم مظاهراتهم بالتحاق مؤيدي التيار الصدري بهم اخيراً, واندلاع الانتفاضة الطلابية العارمة في جامعات البلاد ضد الفساد المستشري في وزارة التعليم العالي وعمادات الجامعات, اضافة الى تصاعد الاضرابات والتظاهرات المطلبية لعمال وموظفي فروع متعددة من الاقتصاد الوطني, فأن ادرنالين فزعهم العالي من الآتي من الايام, جعلهم يتسابقون على طرح اوراق اصلاح. كثرتها مثل قلتها, لخواء فقراتها من جوهر المطلب الشعبي : قبر المحاصصة الطائفية - العرقية الى غير رجعة.
فلم تعد تخدع مواطنينا التسميات الرنانة لحكوماتهم المتعاقبة, التي لم تنجز شيئاً, من قبيل "حكومة المظلومية ", " التوافق اوالشراكة الوطنية " , " حكومة المقبولية " مروراً ب " حكومة الفريق القوي المنسجم " التي خرجت كلها من عباءة المحاصصة المقيتة التي جلبت الويلات للبلاد.
ان التهرب من استحقاقات التغيير بعدم محاربة الفساد جدياً اومعالجة الازمة الاقتصادية الخانقة باجراءات تعوزها المهنية, مثل قرارات دمج وزارات شكلية او تدوير مراكز ادارية او بالاستدانة من البنوك العالمية ورهن مستقبل البلاد لكارتيلات نفطية, ثم تحميل المواطن تبعات الازمة الاقتصادية بتخفيض الرواتب وفرض الضرائب والرسوم على الخدمات الاساسية كما في وزارتي الصحة والتربية وغيرها من المعالجات الترقيعية, لن يمر.
 فالمجتمع العراقي الرازح بأكمله تحت ضغط ارهاب مركب, ارهاب داعش وارهاب الفاسدين وتهديدات التقسيم والشرذمة اضافة الى التدخل الاجنبي, واخيراً وليس آخراً اخطار انهيار سد الموصل وعواقبه الكارثية المحتملة, لن يرض بذلك. وهذا ما يستوجب موقف جدي حقيقي, للحل.
واذا كانت حكومة التكنوقراط مخرجاً محتملاً من الازمة العامة التي تجتاح البلاد بأعتبارها قشة النجاة للغريق المتمثل بشعبنا, فأن فبركتها بما لايتناسب مع الارادة الشعبية يمكن ان تتحول الى القشة التي تقصم ظهر البعيرالمتمثل باحزاب الفساد الحاكمة, بثورة شعبية عارمة تطيح بهم وتجعلهم شذر مذر !
ولا يظنن ان مجرد الحديث عن حكومة التكنوقراط كفيل بأمتصاص الغضب الشعبي. فالوعي الشعبي بدأ ينادي بحكومة تكنوقراط, بكفاءات حقيقية, ذوي ولاء وطني صادق وبايادي نظيفة تحظى بأحترام شعبي... ببرنامج عملي يحقق تغييراً حقيقياً بضرب الفاسدين والقضاء على فسادهم. وليس مجرد دمية  تحركها ايادي حيتان الفساد من وراء الستار.
أن تشكيل جبهة شعبية فاعلة ضد الفساد والفاسدين تكون ظهيراً لحكومة التغيير  تعد ضرورة موضوعية لضمان نجاح مشروع التغيير, وهو امر يقع على عاتق قوى التغيير ممن لم تتلوث بأدران الفساد ولم تمتليء جيوبها باموال الفقراء والمحرومين وممن لم يصادروا الحريات.
قشة المعاناة الشعبية ليست مثلها أيّة قشة, فهي لابد وان تقصم ظهر بعير فسادهم... انه " بعير من ورق "!
ولكل محاولات  الالتفاف على المطالب الشعبية, تعلو اصواتنا مع صوت الشاعر علي الشيباني :
أصيحن لا...
ترسونة حزن ودموع... كتبونة على هدوم النثاية ذنوب
جم دوب الصبر, جم دوب.

205
   
احتجاج برلماني ليوم... حزن شعبي للدوم !
احسان جواد كاظم
رفع مجلس النواب العراقي جلسته ليوم الثلاثاء الاول من آذار الجاري, بعد اقل من نصف ساعة على عقدها !!! احتجاجاً على تردي الوضع الامني وبعد مطالبته بمحاسبة المسؤولين الامنيين وتضامناً مع ضحايا العمليات الارهابية التي حدثت في بغداد - مدينة الثورة / الصدر ومدينة الشعلة وابي غريب وفي ديالى/ المقدادية.
 كل هذا يبدو جميلاً جداً ويعبر عن سلوك جنتلماني عالي الاحترام من نواب الشعب لارواح الشهداء وفي مواساة ذويهم, لو اقتصر الامر على الاحتجاج فقط.
 لكن رفع جلسة المجلس لم يكن له مبرر, حتى لو كان التأجيل ليوم واحد, لأنه يعبر عن تهرب في اداء الواجبات الدستورية ازاء المواطن, الذي يتوقع منهم تشريع القوانين التي تنظم امور البلاد وتهم شؤونه, اسرع ما يمكن. وكان الاحرى بهم ان ينغمروا في انجاز مسؤولياتهم لا التكاسل منها.
المفارقة الكبرى انهم كانوا على شفا التصويت على مدونة تتعلق بالسلوك البرلماني بخصوص ما يصدر من سلوكيات او تصرفات او مسائل تتعلق بالعرف البرلماني وقضايا الحضور والغياب, لكن الطبع في السلوك البرلماني التقليدي غلب التطبع عند برلمانينا. فأستبقوا التصويت بعطلة قبل الدخول في كنف الالتزام المزعج بالمدونة بعد الاقرار.
ربما كان توقيت رفع الجلسة قد تزامن مع آذان الظهر وقيلولته او بسبب الحالة النفسية التي يعانون منها بسبب اعداد الضحايا الأبرياء او ربما حالة الكآبة التي اورثتها لهم تظاهرات بعض المزعجين من المطالبين بالتغيير في ساحات البلاد العامة وجامعاتها, لكن كل هذه الاسباب لاتبرر التبطل.
ولا اظن دافعهم للتأجيل كان القيام بواجب العزاء لذوي الشهداء, فشبح الهجوم الارهابي على سرادق عزاء المقدادية, لازال يراودهم. ولاسيما بعد ان حمّل ذوو الضحايا الجوقة الحاكمة كلها مسؤولية استشهاد ابنائهم وعبروا عن رفضهم لأستقبال اي موظف حكومي او نائب برلماني في مراسيم عزائهم.
سؤال بريء : ألا يعتبر ما حدث فساد برلماني ؟
 " استمتع بيومك ! Caros Diem  مؤقتاً, لمن يشمله الأمر, مثل روماني : "


206
جوهر المسألة في حديث " النستلة " !
احسان جواد كاظم
العثرة التي اوقع الشيخ جلال الدين الصغير نفسه بها لم تكن الاولى ولكنها تميزت عن سابقاتها السياسية والطائفية, بأنها كشفت جانباً ضبابياً من زاوية نظر مشايخ الاسلام السياسي لحياة المؤمنين من اتباعهم اولاً وعموم المواطنين ثانياً.
فالامر لاينتهي بموعظته الهزلية حول الامتناع عن شراء النستلة " الشيكولاتة " فقط, وتأثيرها في تدبير امور منزل المواطن العراقي المسحوق المفتقر للحقوق والخدمات والذي يعاني من البطالة في بلد غني كالعراق وانما ايضاً نصيحته بترشيد نفقاته, بأيراد مثله الغريب عن ال 100 الف دينار الذي يعبر عن جهل فظيع بقيمة العملة العراقية, فهو مبلغ بسيط لأعاشة عائلة, ودعوته بالاكتفاء بصرف 30 الف دينار منها  وتوفير السبعين الباقية, لما ما تترتب على عائلة المواطن من مسؤولية تضامنية في تحمل اعباء الضائقة المالية التي تعيشها الدولة ومؤسساتها, والتي لم يذكر اسبابها والذي يكتوي المواطن بنارها لوحده.
انهم ببساطة لايعرفون حجم المصيبة !
فقد كشفت خطبته بجلاء فاضح, الانفصام التام بين الطبقة السياسية الحاكمة وابناء الشعب, وجهلهم المطبق بحاجات المواطن العراقي وهمومه والهوة السحيقة في العلاقة بين حيتان الفساد المتنفذة من ذوي المليارات وبين المواطن العادي الذي يكدح لتأمين قوته وقوت عياله. فهم يعيشون اجواء جنة الله على الارض من ثراء وبذخ وتخمة بينما يطالبون الناس التخلي عن مغريات الدنيا الفانية ومنها النستلة وتقبل ظروف الحياة بأجواء عقاب القبر مع الاستغفار من الرب الرحيم ليل نهار.
جوهر المسألة اظهر انهم يعيشون في ابراجهم العاجية... عالمهم الخاص المغلق الذي له حدوده المقدسة المسلحة والتي يحضر تجاوزها. هم لهم عالمهم المتميز وترفهم الاسطوري ودائرتهم المغلقة بينما على المواطن تنفيذ وصاياهم عن القناعة التي لاتفنى بضنك العيش والمرض وعدم الامان. انهم يعبرون عن ازدراء وضيع لأناسهم من التابعين بأعتبارهم كائنات لم تخلق الا لخدمتهم والتمسح بأعتابهم وتلقط فتات موائدهم وتقبيل اياديهم, شاكرين, على هذا الاذلال الكريم.
من هنا بلغ مهرجان التهكم الشعبي من خطبته على مواقع التواصل الاجتماعي اوجه. بتدبيج القصائد والمقالات و الفوتو شوب والتعليقات الهزلية التي تثأر من استهتار الاسلام السياسي الحاكم بهذا الاسلوب الاجرامي الفج, والنفور الارستقراطي من العامة الذي جاءت به خطبته. فمثل الشيخ الصغير لايحس بالازمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد, والذي هو احد اسبابها, ولا يعرف الرسم البياني المتصاعد لمآسينا.
وفي الوقت الذي يطالب به المواطن بالتقتير على اطفاله بنستلة فأنه ليس مستعداً للتخلي عن سيارة من سياراته المصفحة او تخفيض اعداد حماياته, رغم كونه ليس موظفاً حكومياً, ناهيك عن التصدق بجزء من ملايينه الوفيرة لأطفال الفقراء المنتشرين على تقاطعات الطرق.
لقد هشم التهكم الشعبي مرآة نرجسيته وقدسية عمامته وتعاليه, بعد ان تراجع دور الكلوروفورم التخديري لخطاباته, لذلك انتفض بليغ ابو كلل المتحدث الرسمي باسم المجلس الاسلامي الاعلى لنجده شيخه ورد الاعتبار له, فزاد الطين بلة, بتهجمه البذيء بعد ان  شهد الناس افواجاً, تضحك ملأ اشداقها من هذيانات شيخه.
ربما تكون فضيلة الشيخ الوحيدة هو تبديده سأم واكتئاب مواطنيه في هذه الاجواء المشحونة التي يعيشونها, مع ايقاظ عنادهم ومعارضتهم لمواعظه والاصرار على التهام النستلة التي تبعث بسبب مكوناتها الطبيعية مشاعر الفرح والحبور لديهم.
وقد صح قول الشاعر :
ورثوها من لها لاينتمون...... وأحالوها لريح صفصفا
لرماد وهشيم وهباء...... لا شريف بينهم قد أنصفا

207
شر البلية ما يضحك حد الانكفاء على الظهر !
احسان جواد كاظم
بعد ان أكل الغضب من قلوب بعض عناصر حزب الدعوة الاسلامية الحاكم, قطعة,  بسبب التظاهرات الداعية للتغيير وضد الفساد وفرسانه. قام ملثمو الحزب في مدينة الناصرية الجنوبية, بالهجوم على المتظاهرين السلميين ضد الفساد وفقدان الخدمات, بالهراوات والآلات الحادة لتفريقهم.
وعلى الرغم من شر بليتهم هذه بالهجوم المسلح, فأن ما يضحك هو مسارعتهم, بكل صفاقة, الى تسجيل دعوة ضد المعتدى عليهم من المتظاهرين السلميين العزل لدى الشرطة المحلية التي سجلت مجد استخذائها امام الملثمين الدعوجيين , بحروف من ذهب, وامام عدسات الكاميرات.
معولون ايضاً على انحيازمراتب الشرطة مرة اخرى امام القضاء بشهادة زور الى جانب زبانيتهم, رغم ما جرى من خرق لحق التظاهر وحرية الرأي الدستوريين, وعدم قيام الشرطة المحلية بمسؤولياتها بحماية المظاهرة المرخصة.
ولم يكذب قائد شرطة المحافظة اللواء حسن الزيدي خبراً, فسارع, لتبرير تخاذل شرطته عن حماية المتظاهرين ولحماية المعتدين, برمي بطيخته في سلة المتظاهرين, بالتحذير من مهاجمة مقرات الاحزاب. مستقرءاً المكنون من نوايا المتظاهرين بحنكة جيمس بوندية !!! بعد ان صادرت شرطته مكبرات الصوت الخاصة بهم بأعتبارها وسائل مخلة بالأمن العام بينما سمحت لملثمين مسلحين, بالتسرب من بين ايديهم وامام انظار عيونهم الساهرة لضرب المتظاهرين ضد الفساد والفاسدين.
لم يزعج نفسه طبعاً بالتساؤل حتى عن تبعية هؤلاء المعتدين ولا سبب تلثمهم, ولماذا يحبون الفساد والفاسدين حد مهاجمة كارهيهما بالاسلحة. مما يؤكد معرفة شرطته بهم عز المعرفة, وبالهجوم المبيت ايضاً.
  ولقد كان لكوميدية تفضيل اعضاء مجلس المحافظة مناقشة فقرة تتعلق بكرة الطائرة على قضية الاعتداء المسلح على مواطني المحافظة المتظاهرين, بالغ الاثر في محق حق المواطنين واظهار باطل الفاسدين وزبانية الحزب الملثمين المخزي.
احد كوادر حزب الدعوة, الذي لايعادل خبثه الا غباءه, راد يكحلها عماها, بأدعاءه بأن الملثمين الخارجين من مقر حزبه, جندهم بعض المتظاهرين الحاسدين لنصاعة بياض سمعة حزبه في نهب المال العام, التي يعرفها القاصي والداني, لتمريغهها بالوحل.
 وليس من بد, تبعاً لهذه التخريجة الألمعية الفكرية من تسجيل ادعاءه في قائمة اغبى نكتة في سجل التاريخ المحاصصي. ويعطى تسمية ابله البلدة كوسام.
لابد وان الكثير من مواطني مدينة الناصرية الكرام والعراق كله, لم يعرفوا اذا ما كان ينبغي عليهم الضحك من الهستيريا الدعووية او البكاء غيظاً من افعالهم التي تذكر بأمجاد البعث البائد في معاداة الجماهير. 
وبعد تقديم المتظاهرين المعتدى عليهم لشكاويهم للقضاء للبت بشأنها والقصاص من المجرمين, فأننا نربأ بقضاتنا الافاضل ان يكونوا في جوقة المهرجين للفساد والفاسدين وملثميهم.


208
في يوم الشهيد الشيوعي 14 شباط - اختي التي في المقابر الجماعية
احسان جواد كاظم
سميرة اسمها, رقيقة كنسمة صباح عراقي معطرة بزهر القداح, بأبتسامتها وطيبتها كانت تأسر قلوب كل من عرفها. في البيت كانت هي العون الاكبر للوالدة التي كانت تكدح كأي ام عراقية لتلبية مطاليبنا ورعاية شؤون البيت وشؤننا جميعاً.
عندما دخلت  كلية الادارة والاقتصاد - بغداد كانت عضوة فاعلة في اتحاد الطلبة العام السري. فما كان لشخص بمثل سجاياها الا ان تختار الانتماء الى هذه المنظمة المجاهدة التي انتمينا لها بدفع منها, ووضعتنا على درب الحقيقة النيرة, سكة الانحياز للفقراء والانسان.
كان لها حلم اجمل من جنح فراشة,شعب سعيد منعم ووطن حر جميل. 
 اول راتب لها من عملها في المؤسسة العامة للسياحة بعد التخرج, كان لنا منه نصيب. وزعته بيننا بعد ان قدمت الجزء الاكبر منه للوالد وهدية للوالدة. هبتها لنا وان كانت متواضعة فأنها كانت تشكل لنا شيئاً مؤثراً, فلم تكن الامكانات الاقتصادية للعائلة تمكننا من الحصول على اكثرمنها.
اختطفت في حزيران 1980 من قبل امن نظام صدام الفاشي من الشارع في حي المنصور ببغداد وكانت في مهمة حزبية. يبدو ان هناك من انهار امام تعذيبهم ودلهم على مصدر العطر. كان وقع الخبرعلى امي مؤلماً, بكتها ليل نهار. لقد كانت حمامتها... عزوتها... سندها.
كنت حين اختطافها جندياً اقضي الخدمة الالزامية. عندما رجعت في اجازتي الشهرية , صُعقت بالخبر. نصحونا المعارف بعدم المجازفة ,في ظل الحملة الفاشية المستعرة ضد الشيوعيين, من مراجعة دوائر امن النظام للسؤال عن معتقل شيوعي لديهم, لان مصيرالسائل سيكون الاعتقال مباشرة والتعذيب الوحشي اسوة بمن يسأل عنه.
بعد شهر من اعتقالها... انهيت خدمتي العسكرية. تقرر تأمين سفري الى الخارج تجنباً لمصيبة اخرى, مع امل شفيف يعمّر القلب بعودة سريعة الى ارض الوطن وحضن الاهل والاحبة ورؤيتها محررة, ولكن كان ان اندلعت الحرب مع ايران وتزاحمت المآسي على العراقيين وشبابهم بأستدعائهم الى ساحات الموت لتنفيذ رغبات دكتاتور ارعن. ماتت امي حزناً وكمداً, تبعها الوالد وتفرقنا.
تتابعت السنين حتى اسقاط النظام عام 2003 وتحرر الشعب من خوفه ليقوم بأقتحام قلاع اجهزة النظام القمعية ونشر وثائق اجرامهم بحق ملايين العراقيين ومنهم اختي الشهيدة سميرة التي اعدمت عام 1983 ولم يجر اعلامنا ولم يدون امام اسمها عنواناً, كما مقابل اسماء الشهداء الآخرين. ولا نعرف لحد هذا اليوم مكان تغييبها بعد ان زرع نظام البعث البائد مقابره الجماعية في كل انحاء العراق.
ان عدم تسجيلهم لمكان اقامتها جعلنا نتوقع عدم اعترافها بشيء, لحمايتنا نحن اخوتها واخواتها وانا بالخصوص لكوني كنت جندياً ولا حتى على رفاقها ممن عملت معهم في التنظيم, وهذا ما أكده بعض ممن تعرفنا اليهم لاحقاً, لعدم اعتقال احداً من مجموعتهم بعد اعتقالها.
ربما استشهدت تحت التعذيب الوحشي لنعومتها ورقتها دون ان تنبس ببنت شفة, وهزأت بجلادها الذي طالبها بالمساومة والخيانة .
تتسلل الى اسماعنا من حيث لا ندري صدى اغنية قديمة ارتبط ذكراها بها :
سمرة وسيعة عين... عيني سمر
حلوة وجمالج زين... عيني سمر
في يوم بعيد, كنت اقص على ابني الصغير الذي اسميته  على أسمها, قصة استشهادها كما اراها, ونحن نتطلع الى صورتها التي تعمّر صدر مكتبتنا, فاجأني بقوله : " يعني ماتت لنحيا, لأنها لو كانت قد تكلمت لكانوا قد موتوك مثلها وما كنا لنأتي الى الحياة ".
- نعم يا حبيبي, كلنا مدينون لها بحياتنا.

209
المنبر الحر / أكلوني البراغيث !
« في: 23:35 14/02/2016  »
أكلوني البراغيث !
احسان جواد كاظم

للبراغيث مفاعيلها المؤلمة, الموّرمة, الماصّة للدماء والنافثة للجراثيم. واذا كان لهذه الحشرات وجراثيمها من وسائل وطرق لمكافحتها وتفادي أذاها, فأن اضرار البعض من البشر الذي يشابهها فعلاً وسلوكاً, ممن ابتليت بهم شعوبنا, أمر بالغ الفداحة.
واذا كانت هذه الحشرات تسعى في امتصاصها لدم ضحاياها لتواصل دورة حياتها القصيرة, فأن امثالها من الحكام لايكتفون بذلك بل انهم يمعنون في اذلال الانسان واخضاعه.
وبقدر ما تحتوي استغاثة المواطن : " أكلوني البراغيث ! " من صدق في التوجع, فأنها تبعث على الأسى بعدما تبرغث عليه طفيليون, يصعب وصفهم بالبشر. لن يكونوا يوماً جزءاً من العلاج, والاستغاثة بهم ذنب.
 الوجع المضاعف الذي تضمنته الحكمة الشعبية في هذه الجملة.. الأستغاثة, يكمن في احتوائها على فاعلين (الواو العائدة للبراغيث والبراغيث ذاتها ) والمفعول به واحد, الانسان. خصوصاً وان الفعل ( أكل ) بدلالته الدراماتيكية, سيء للغاية, فهو بالغ الوحشية فيما لو تحول الى فعل بشري.
هذا ليس درساً في الأعراب النحوي ولا بحثاً في تاريخ لغة طي, كما يقال, او لهجات قبائل اخرى ولا حتى في المعاني... أنه اكثر من ذلك. انه سبر سريع لمدلولات حدثين تاريخيين في حياة العراقيين وبلادهم, كان لهما أثرهما السلبي المدمر على منحى تطورهم وسموهم.
حدثان اجهضا آمال الملايين من العراقيين في حياة سعيدة مستقرة مرفهة, رغم ما يفصل بينهما من اربعين عاماً. هما انقلاب 8 شباط / 1963 البعثي الفاشي, واعتماد نهج المحاصصة الطائفية - العرقية بعد اسقاط نظام صدام حسين الدكتاتوري عام 2003.
ورغم ما يبدو من اختلاف في الشكل والوسائل الا انهما  خلصا الى نفس النتيجة الكارثية الا وهي فقدان آفاق تقدم ديمقراطي حر للعراق وشعبه. وربما كان الأمر اكثر  فظاعة. فبينما كان انقلاب البعث قد ولغ في دماء الآلاف من الشيوعيين والديمقراطيين من ابناء شعبنا وحاملي لواء رفعته, فأن الطائفيين والمتحاصصين معهم قد أوغلوا في دماء كل العراقيين ويحاولون اطفاء كل بصيص امل لديهم والغائهم كشعب.
الأول اوقف سير الأنجازات التي بدأتها ثورة 14 تموز/ 1958 المجيدة والثاني اوقف ما يمكن ان يكون بديلاً مشرقاً لأيام دكتاتورية صدام البغيضة.
كلاهما جلبا الخراب والدمار والمآسي ودفعا نحو التشرذم والأنقسام الوطني وتخلف البلاد وانسداد الآفاق امام طموحات التطور الديمقراطي الحر.
واذا كان الحدث الأول, الانقلاب البعثي قد جاء بقطار امريكي فان الحدث الثاني الأسلامي - القومي التقسيمي جاء على دبابة امريكية, ولم يكن بحسبانهما, بالتأكيد, ان يأتيا على صهوة الأمل العراقي.
فاعلان مذموان متشابهان بأفعالهما وقيمهما الأقصائية, والمفعول به شعبنا المصطبر التائق الى التحرر والمستقبل المشرق السعيد لأجياله القادمة.
برغوثنا البشري, قومياً فاشياً كان ام اسلامياً ظلامياً, لم يأت لنا بالبر ولا بالغوث يوماً لذا حق عليه الذم والدعس.

210
محاربة السعودية لداعش في سوريا... نكتة !
احسان جواد كاظم
لا اتذكر قائل هذه الجملة ولكن مسعى آل سعود هذا يكشف بالتأكيد عن روح الدعابة البالغة لديهم, والتي لا تعرف عنهم. فأصبحوا كمن يمشي على ارض الجزيرة العربية مرحاً, حد الأنتشاء بأنشاء المنظمات الارهابية على اساس مبادئهم الفكرية الوهابية ودعمها بالمال والسلاح والرجال والتحالفات السياسية وتجييش الجيوش, ثم تطوعهم لانهائها.
 لكن ما يحزن في سعيهم الطريف, انه جاء متأخراً وبعد ان انتفت الحاجة اليه, بعد ان تكفل بذلك الطيران الروسي مشكوراً, وانقذهم من الوقوع في نفس خندق نظام بشار, من حيث لايعلمون. مع استمرار تمسكهم العذري بشبيهات داعش من منظمات الارهاب التي تحارب النظام.
ان التخبط السياسي الذي تعيشه الدولة السعودية ناتج عن فشلها العسكري في مناطق تدخلها غير المباشر من خلال ادواتها في العراق وسوريا, وفي تدخلها المباشر في اليمن. وبما جلبه عدم تحقق مشاريع تقسيم دول المنطقة من نحس سياسي واحباط ملازم له.
 وبعد سنوات من التفرج على محنة السوريين, بدأ نحيب جوقة الحرب على مصيرالمدنيين السوريين الآن, المحرومين من ديمقراطية آل سعود, والمبتلين بقنابل الروس وبشار. على اعتبار أن داعش والاخرين كانوا يقصفونهم, طول هذه السنين, بالمن والسلوى المعطرة بالياسمين الدمشقي.
كما ان رقة قلوبهم ازاء هؤلاء المدنيين التي تعدت باب توما الشامي, لم تصل حدود بوابات صنعاء وغيرها من مدن وقرى اليمن السعيد بسكانه سوى بعاصفة الحزم. مع عدم ترك منفذ لمدنييه للهرب من قنابل قاصفات خادم الحرمين المباركة... لا بتولية وجوههم صوب البيت الحرام والاحتماء بأستاره ولا باللجوء الى اخوتهم في الدين والعروبة وجيرانهم من اعضاء دول مجلس التعاون الخليجي, رغم ما يكابدونه من حرب وقصف وفقر.
لقد كان الاعلامي المعروف عبد الباري عطوان محقاً في تصريحه على احدى الفضائيات, بأنه لو قدر للقوات السعودية دخول الاراضي السورية, " لأنضم اغلب افرادها الى داعش بسبب جذورهم الفكرية المشتركة ".
... وبذلك يتحول نظام آل سعود من سيد مُستخدِم لداعش ايام مجدها الى خُويدم مُستخدَم لدى دُعيدش بعد انحسارها.

211
زوبعة مشعان في فنجان البرلمان
احسان جواد كاظم

الزوبعة التي اطلقها عضو مجلس النواب العراقي مشعان الجبوري بتصريحاته عن حجم الفساد المستشري في اجهزة الدولة والمدى الواسع لتورط احزاب الفساد الحاكمة, لن يقدر لها ان تتطور الى تسونامي سياسي, رغم اثارتها لمشاعر الاستهجان والاستنكار ضده من داخل البرلمان وخارجه. وبينما يعرف شعبنا حجم فضائحهم وجرائمهم التي يعيشها ويعايشها في حياته اليومية, لكن لأول مرة يعترف فيها سياسي عراقي بقبوله الرشوة وقطعه بأرتشاء مسؤولين في الدولة بكل مؤسساتها.
 وتأكيده ان محاسبة هؤلاء نسج خيال, لأن كتلهم بكل جبروتها المالي والميليشياوي, ودعوات الملالي تقف وراءهم بقوة. وجزمه بأن حتى كبار القضاة, ان لم يكونوا فاسدين فهم يخافون التصفية في يوم اصدارهم لحكم ادانة لفاسد من الكبار.
لابد من الاعتراف بجرأة طرح النائب الجبوري مع ان مثلي لايؤيد مثله بأي حال من الاحوال. لكن رد الفعل المتهستر من بعض نواب الكتل الكبيرة في مجلس النواب, يؤكد وجود خشية جدية لديهم من انكشافها وسعيهم لتشكيل لجنة نيابية خاصة, كما قيل, لمحاسبته على تصريحاته ( اللامسؤولة ) بينما يفقه كل عراقي بأنها, حقيقةً, للملمة الفضيحة قبل ان تنفلت اعصابه في لحظة طيش وتصبح بجلاجل فيما لو وضع ما بحوزته من وثائق في ايادٍ نزيهة, يؤكد بأنها, هذه الوثائق, كفيلة بأدانة كبار المسؤولين في الدولة والحكم.
ان النائب مشعان الجبوري هو جزء من دائرة الفساد ونظامها التحاصصي, كما اعترف بنفسه, لهذا اعتقد بأن لديه الاستعداد لأبتلاع كل تصريحاته بين لحظة واخرى بدون حتى شربة ماء وعلى الريق, لما يعرف عنه من بهلوانيات انتهازية, يشهد بذلك عليه تاريخه السياسي, وبالخصوص مع توفر استعداد مقابل لدى زملائه من احزاب الفساد مصاصي دماء العراقيين, الى تقديم جرعة من هذه الدماء لاسترضاءه. ويصبح الوطن العراقي بالنسبة لهم " ابويتنا وننهب بيه شلها غرض بينا الناس". ( مع الاعتذار لمبدعي الاغنية الاصلية ومتذوقيها) 


212
ملصقات تحريم مغفلة التوقيع !
احسان جواد كاظم
ملصقات التحريم والمنع التي شوهت حيطان بعض مناطق بغداد بما تحملها من قيم متخلفة, لايصعب على اي عراقي من تشخيص مصدرها, مع انها بقيت مغفلة التوقيع. ولولا وجود اسم الامام الصادق على احداها لكان من الممكن لداعش وحتى بوكو حرام ان تضعا عليها توقيعهما بكل اريحية. فهي تشبه الى حد كبير النواهي التي تطبقها الدولة الاسلامية داعش على مواطنينا في المدن المغتصبة... وكأن ذات الشيطان قد عمّر قلوبهم, يا سبحان الله !
الملصقات بمضمونها البهيمي الماضوي... بثنائيتها الأزلية التي تجمع الشهوانية بالعنف, تتمحور حول منع الغناء ومصافحة المرأة والتبرج على حد تعبيرهم او عن حكم التي ملأت عينها من غير زوجها كما جاء في احدها وغيرها من النواهي الغريبة عن الطبيعة البشرية, والمتناقضة مع حياتنا المعاصرة, في مصادرة وقحة لدور رب العالمين في محاسبة المذنب. ويستعجلون أنفاذ اوامرهم ونواهيهم على البشر, بدون تفويض الهي, رغم انف الارادة الالهية التي تمهل ولا تهمل.
ولزيادة جرعة الاقناع الورع في هذه الملصقات ارتأى ناشروها ان تتضمن عبارات خارجة عن اللياقات الاجتماعية والاخلاق العامة بالاشارة الى " الديوث " وانشغالاتهم بشأنه.
 ومادام الحديث عن الدياثة حاضراً, فأن ملصقاتهم لم تشر بكلمة عن ممارسة قادتهم لها, بشكل جماعي, لمصلحة دول الاقليم ضد بلدهم الام, ولا لحرمة سرقة المال العام وفقر العباد ولا عن احكام تقبل الرشوة و الكومشنات او جرائم الاعتداء على اعراض وكرامات الناس, او تذهيب قبب الموتى والعراقيون بلا ماء ولا كهرباء وبدون رواتب او حصة تموينية. فهذه كلها عمت ابصارهم وبصائرهم عنها.
واذا كانت دولة داعش الاسلامية, بكل عتهها, لا تخجل من مهر تحريماتها ببصمتها الكريهة المعروفة فأن من يقف وراء ملصقات بغداد, بكل صلفهم, يشعرون بالعار من التعريف بأنفسهم وتركوها منكرة.
 وبينما تنكفأ دولة داعش, التعبير المادي عن افكار التكفير والتحريم على الارض في العراق وسوريا, فأنهم يتمنون وراثة انجازاتها والأبقاء على قيمها السقيمة, لكن بعد تغليفها بورق سلوفان شرعي براق.
وما من انسان موضوعي يعترف  بالمخاض الصعب لعملية تطورالقيم الانسانية خلال قرون طويلة الا أن يعتبر, محاولة استدعاء قيم الماضي المتخلف وتطبيقها على عالمنا المعاصر المتمدن, يخالف منطق العقل والاشياء. وان كل من يسعى لذلك من هؤلاء لابد وانه يعاني من حالة " استفعس نفساوي" ميئوس منها, كما شخصها الفنان القدير عادل امام في احد افلامه لحالات مشابهة قريبة.
ان زعيق البعض عن الاسلاموفوبيا التي تنتاب الغرب بأعتبارها ظاهرة مصطنعة ليس لها مبرر ولا وجود, فلير هؤلاء, الاسلاموفوبيا التي تعصف بالمسلمين ذاتهم والتي تدفعهم الى الهروب, حتى على قوارب منفوخة, من نعيم بلدان الشريعة وحكم اهل التقوى, والنفور افواجاً افواجا الى جهنم بلدان الغرب (الكافرة) لكن المتسامحة والتي تحترم انسانيتهم وحقوقهم.
لم يعوا هؤلاء بعد بأن كل مفروض مرفوض , وما من عراقي غيورعلى وطنه يقبل بأيرنة العراق او سعدنته و لا حتى قطرنته, سوى شلة الفسّاد والحرامية المتحاصصة على نهب ثروات البلاد والمنتفعين من دهمائهم, فهؤلاء غاسلين ايدينا منهم, ويومهم قريب لا محالة.

ملاحظة : للتوضيح دفعاً للألتباس, أيرنة - ( مشتق من اسم ايران)
 سعدنة - ( مشتق من اسم السعودية)
قطرنة - ( مشتق من اسم قطر)
على وزن البلقنة والفتنمة واللبننة.
http://www.iraqpressagency.com/?p=182112&lang=ar 
 

213
الحمد لله على نعمة الألحاد
احسان جواد كاظم

في يوتيوب تابعته على الانترنيت لرجل دين متنفذ, شق اشداقه ونفخ أوداجه, وتطاير من فمه رذاذ لعابه, حذر فيه مجموعة من مريديه المعممين, وهم فاغرون افواههم, من انتشار الالحاد بين الشباب العراقي. و دعاهم الى محاربة هذه الظاهرة الجهنمية بحزم الا انه, كالعادة, لم يجهد نفسه  في البحث عن اسباب انتشار هذه الظاهرة وكيفية معالجتها. ولم يطرح على نفسه, لماذا يهرب الشباب الى هذا الخيار بعد 1400 سنة من الدعوة الاسلامية ؟ ألا يؤشر ذلك الى وجود خلل ما يتجنب رجال الدين من الاعتراف به ويفضلون حله بأسهل الطرق واسرعها, العنف وخنق الحريات ؟ فتبديد القناعات المطلقة هو اكثر ما يهز رجال الدين حتى جذور طبائعهم البدائية.
واذا كان هناك من يدفع هؤلاء الشباب لولوج هذا الطريق, فهم تجار الدين انفسهم بسبب سيل الفتاوي والنواهي وثقل الطقوس التي تحد من حرياتهم وتقمع تطلعاتهم وتكبلهم بحبال الماضي.
 فهم يعتبرون اي محاولة للأنعتاق من ربقة سماحته ورفض وساطته بين الفرد وربه اوالاحتكام الى التفكير الحر المستقل, خروجاً على الملّة وكفراً دونه خرط القتاد. لهذا يسعون الى ادامة جهل العامة بين مفهوم الدين كعبادات, بأداء الفروض والتي تخص الفرد وعلاقته بربه, وبين الدين كمعاملة يعكس حقيقة ايمانهم من خلال سلوكهم الحسن مع الآخرين وبينهم وبين بعضهم البعض... بالتعامل بأحترام وتقبل الاختلاف وتعدد الافكار في عالم متنوع متغير.
احد المتخرجين الشباب من الجامعة التكنولوجية في بغداد, لم يجد تعييناً كمهندس في دوائر الدولة او الشركات الخاصة, لكنه حصل على فرصة عمل مع زميل متخرج سابق, عنده محل تأسيسات كهربائية. اختطفتهم, ايام الاقتتال الطائفي البغيضة, مجموعة مسلحة بيافطة مقدسة, وجرى اخضاعهم لجولات تعذيب وحشي لاتقل حفاوة عن أفانين جلاوزة المحروق بقبره, للأعتراف بأنتمائهم الطائفي. ولأن زميله كان من الطائفة الاخرى جرت تصفيته. اما هو فقد نجا بمعجزة بعد اقتناعهم بمنحدره الطائفي المتوافق مع مذهبهم.
 وبعدما اشبعوه تعذيباً بما لذ وطاب لهم من وسائل, قاموا برميه في منطقة كانت تصنف بأنها منطقة نفوذ لمسلحي الطائفة الاخرى, ولكن الله لطف! وسيّر له سائق تاكسي شهم ( تبين لاحقاً انه غير ملتزم دينياً) ليحمله ويوصله لأهله, فنجا من قتل محتّم.
 وبعد ان كان هذا الشخص صائماً مصلياً كمؤمن فطري بدون عقد طائفية, عاش تناقضاً بين ما كان يعتقده عن السماحة وما عاشه من ايام رهيبة بين مخالب القتلة. وفي لحظة صفاء, قرّ قراره ان يتحول ملحداً... واعلن ذلك لأصدقاءه المقربين.
 بعد فترة, سألوه : ها شلونك ويه الالحاد ؟
 قال بحسن طوية معبراً عن الحاده الفطري الخالص: ألف الحمد لله على نعمة الالحاد.
لايمكن لأي مواطن عراقي او في عموم منطقة الشرق الاوسط والدول الاسلامية لم يكن قد شهد اشكالاً متعددة من الأضطهاد الديني او الطائفي تصل في احيان كثيرة الى القتل بأشكال سادية مروعة, تشمل مجموعات سكانية بأكملها على ايدي متدينين متعصبين.
بمثل هؤلاء صح قول القائل:
وخلق اذا ما تأملتهم.................جحدت بهم حكمة الخالق


214
هموم عراقية... تساؤلات مشروعة !
احسان جواد كاظم
اصبح امراً مألوفاً في عراق اليوم... كلما تحرز قواتنا المسلحة الباسلة نصراً على داعش وتستعيد مدناً واراض الى حضن الوطن, تتحرك قوى التقسيم والتمزيق لوأد ارادة الوحدة لأبقاء الدولة  ضعيفة واهنة بدون هيبة.
فقد كان لمحافظة البصرة الحصة الاكبر من عمليات الاغتيال والاختطاف والابتزاز السياسي. فهي تحضى بأهتمام خاص من لدن قوى الفساد المتنافسة وأجنحتها المسلحة, لكونها مصدراً مضموناً لجني الثروات بالطرق الشرعية وغير الشرعية... بأعتبارها منفذاً رئيسياً لكل واردات البلاد وصادراتها, بموانئها ومطاراتها وحدودها المشتركة مع دول متعددة اضافة الى ثرواتها النفطية والزراعية الزاخرة, ويجري تداول اموالا طائلة فيها, ولذلك فهي مصدر سريع للثراء من خلال الرشوات والخاوات وتهريب السلع والنفط والمخدرات.
وبعد ان اصبحت تجاوزات المجموعات المسلحة التابعة للأحزاب السياسية المتنفذة تثير غضب الكثير من المواطنين, وبدأت تحرج معتمديها في السلطات المركزية والمحلية. ولأنها اخذت تتمادي في تحديها للقانون وسلطة الدولة في هذه الظروف الدقيقة والحرجة من تاريخ البلاد, اضطر محافظ البصرة ماجد النصراوي, رغم تبعيته للتحالف الحاكم, الى الأشارة بصراحة الى هوية  المخلّين بأمن المحافظة بأنهم عناصر فصائل تنتمي الى الحشد الشعبي, وطلب ارسال قوة خاصة من بغداد للتعامل معهم والحد من نفوذهم. وهو ما أثار استياءاً من لدن تحالف مناطقي من هذه القوى, أطلقت على نفسها تسمية " مجلس فصائل المقاومة الاسلامية " في البصرة, واعتبرت وجود هذه القوة استفزازاً حكومياً مرفوضاً وطالبت وزارة الداخلية بالاعتذار العلني عن مداهمة هذه القوة لمقرات بعض الفصائل المسلحة ومصادرة اسلحة ثقيلة تختزنها.
تساؤلات الكثير من المواطنين الذين عانوا من التجاوزات تتمحور حول:
- ما الغرض من وجود مسلحي ما تسمى  فصائل المقاومة في البصرة التي تبعد عن جبهات القتال مع داعش مئات الكيلومترات ولا تتواجد فيها قوات اجنبية ؟
- لماذا الاعتراض على تواجد قوات الجيش الوطنية التي لها شرعيتها الدستورية الكاملة في المدينة, بينما الجهات المعترضة, قوات متطوعة لوجه الله لمقاتلة داعش, تنتهي مهامها بزوال خطر ارهاب داعش, حسب فتوى المرجعية, خصوصاً وان بعضها غير مسجلة أصلاً  لدى وزارة الداخلية كمتطوعين ؟
- لماذا يجب ان يكون انتشارها في المدن حراً وهي التي لم تكن سبباً لأستتاب الامن والاطمئنان بل العكس, أشاعت الجريمة والخوف ؟
- وعلى افتراض ان افرادها يتمتعون بأجازاتهم الدورية, لماذا يحملون اسلحتهم القتالية الى مدنهم ويستغلون سيارات الحشد في تنقلاتهم وهي كلها ذمة من الدولة, ينتهي مفعول ترخيص حملها واستعمالها مع مغادرتهم خط الجبهة, والتي يجب ايداعها في مخازنها على الجبهات الخلفية, حسب العرف العسكري, ان لم تكن لها حاجة في القتال؟ مع اننا طالما سمعنا شكاوى قيادات الحشد الشعبي بقلة المعدات العسكرية وشح الاسلحة والذخيرة.
- ما تفسير التناقض بين موقف قيادة الحشد الشعبي في تأييد اجراءات القائد العام للقوات المسلحة و رئيس الوزراء حيدر العبادي بأرسال قوات عسكرية من بغداد للسيطرة على الوضع المنفلت في البصرة وبين رفض " فصائل المقاومة الاسلامية " وهي جزء من الحشد لتواجد هذه القوات ؟
- رغم التوجيه الايجابي لهيئة الحشد الشعبي في بابل, بعد حصول تجاوزات فيها, بأغلاق مقرات اي فصيل يدّعي انتماءه للحشد الشعبي وهو غير مسجل رسمياً في الهيئة, وعدم السماح لأي عجلة غير معرّفة او غير مسجلة, بالتجوال بالمحافظة, فأن  التعليمات القاضية باعتقال اي شخص من عناصر الحشد يرتدي الزي العسكري خارج مناطق المعارك, يبقى ناقصاً. أليس من الأولى اعتقال كل شخص يحمل السلاح في المدن البعيدة عن مناطق القتال والآمنة والتي تخضع لحماية قوات الشرطة المحلية ؟
  - أما بشأن لجنة الامن والدفاع النيابية في مجلس النواب  المتكونة من ثمانية عشر برلمانياً, والذين ينتمون الى احزاب المحاصصة الطائفية - العرقية بالتحديد, والتي حمّلت الحكومة مسؤولية الانفلات الامني بمجموعه, ودعتها " لمنع انتشار المسلحين في المدن وفرض " عقوبات رادعة " لاسيما ان تجاوزاتهم فاقت الحدود ". أليس هؤلاء المسلحين ينتمون الى ذات احزابكم ويشكلون اذرعتها العسكرية ؟
- ألا يفترض بكم ان تبادروا الى لجم مسلحيكم ولو بقرارات حزبية داخلية, وتشريعكم كبرلمانيين للقوانين التي تمنع حمل السلاح في المدن بدون اذن رسمي, قبل ان تطالبوا الحكومة بردعهم ؟
- أليست الحكومة متشكلة طبق الاصل لصيغة تشكيل لجنتكم تحاصصياً وبأعضاء ينتمون لنفس احزابكم وتحالفاتكم ؟
- ألا يسيء مرتكبو التجاوزات الاجرامية لسمعة المتطوعين في الحشد الشعبي المقاتلين الشجعان على جبهات الحرب مع داعش, الى جانب ابناء القوات المسلحة ؟
ان احزاب متلازمة المحاصصة ستبقى تعاني من قصورها الوطني وستبقى تنتج الفساد وتخّرج الفاسدين ولن تتخلص من جيناتها الطائفية - العرقية, ولا ينبغي التوقع منها وضع لبنة صحيحة صحية لدولة مدنية. ففاقد الشيء لايعطيه.

215
ناديا مراد - البراءة المجروحة
احسان جواد كاظم
الحزن الشفيف يطوف على عيون الصبية الايزدية العراقية ناديا مراد, التي اختطفت وبنات جلدتها من احضان اهاليهن ليشهدن كوابيس ليل بهيم, بعد ان سرق وحوش جاؤا من غياهب التاريخ المظلم احلامهن الملونة, والكثير منهن, صبايا بعمر الورد, كن على موعد قريب مع فرح ومستقبل واعد.
بلكنتها الموصلية المحببة وانتقالها المرتبك بين العامية والفصحى اوصلت وجعها الى الكثير من الناس في العالم, أفضل من الكثير من سياسيينا المتفاصحين الخائبين.
ففي لحظة كثيفة الالم, استباح جرذان الظلام مدينة سنجار, وكان الحقد أفعى تتلوى في قلوبهم, وساقوا آلاف الرجال الى مسالخ الموت والصبايا والنساء والاطفال الى سوق النخاسة.
 وبينما كان العالم مبهوتاً لهول الكارثة, كان بارونات الطوائف وقجقجية النفط يتسابقون على نهب ما يمكن نهبه.
بأسم مملكة القتل والرعب المطاطية الحدود داعش, وبفكرها الاكسباير وبفرمانات همايونية مضمخة بالدم, ارتكبت الجريمة. وعلى أيادي قادتها, الذي يخشى الشيطان ذاته ان يتراءى لهم في الاحلام, انتهكت الاعراض والشرائع والقيم.
لم يعلمهم دينهم بأنه " لايوجد في العالم ما هو اسمى من دفع الآلام " (1)  فتمادوا في التنكيل بالبشر.
من المؤكد انها, ناديا مراد والكثير من الصبايا والنساء المختطفات قد أطلقن زفير الهمّ : يا الهي, ان هذا أطول ألم !
ففي لقاء مع اعلاميين قالت ناديا مراد :" انا لست شجاعة وانما قوية... وهذه القوة استمدها من وجعي..". لاتعلم انها بشجاعة الف رجل من بائعي الموصل للدواعش ومتكتكي مأساة سنجار الجريحة. وانها لم تغلب على امرها. فهي بشجاعتها وانتفاضتها فضت زيف اكثر التابوات الاجتماعية تخلفاً بتصريحها بالانتهاك الذي حصل عليها والنساء الأخريات واشارت بسبابتها الى عين المغتصب الوقحة بجرأة وطالبت العالم بالقصاص العادل منه. ثم هشمت صورة المرأة المنتهكة المغلوبة على امرها, وفتحت افقاً جديداً لنساء طالما كن ضحايا اغتصاب وهدر كرامة ولكنهن فضلن الاستكانة والسكوت على الظلم خوفاً من ثوابت مجتمعية بتحميل الضحية, المرأة المغتصبة, الفضيحة والعار... وكل عواقب الجريمة التي ارتكبت بحقها...فزعزعت عقداً وعقائد اجتماعية ظالمة.
بشجاعتها وضعت وجع آلاف النساء الأيزيديات المختطفات لدى داعش وعوائلهن  على مائدة الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان في الوقت الذي تهرّب فيه اساطين السياسة والدبلوماسية, بعربهم وكردهم, عن فعل ذلك وكأن الامر لايعنيهم.
 هؤلاء الساسة تزعجهم حتى الرغبات الشعبية الصادقة بترشيح هذه الصبية الوادعة التي لا تفقه بحيل النصابين شيئاً, لجائزة نوبل, فلسان حالهم يقول : " من تكون هذه المفعوصة لتفوز بهذه الجائزة " ؟!
هذه, البنت الطيبة ككل بناتنا, عرّت, من حيث لا تدري, مواقع الدونية في نظرة المجتمع المشوهة للمرأة وانعكاسها في القوانين العراقية وضرورة اعادة مراجعتها وجعلها اكثر عدلاً وانسانية, مثل الظروف الاجتماعية والنفسية التي تكابدها المغتصبة, أية مغتصبة, وما يتصل بها. و كالعقوبة الجزائية المخففة لمرتكبي جرائم القتل بدعوى " غسل العار", وحمايتها قانونياً. وعلى غياب المعالجات القانونية لمظاهر الاستعباد الجنسي للمرأة والطفل. وكذلك الامر بالنسبة لضرورة تشديد العقوبات القانونية لمرتكبي جرائم الاختطاف وبالخصوص للمرأة والطفل, والعنف ضدها, وكل هذه الانتهاكات والاعتداءات مجموعة, تعرضت لها ناديا والنساء الاخريات والاطفال المختطفين عند داعش.
ولابد اخيراً من تضمين سجلات اتهام كل معتقل من ارهابيي داعش يؤسر, تهم الاختطاف والاغتصاب والتجارة بالبشر, اضافة الى التهم الاعتيادية الاخرى ومحاكمتهم عليها.
واذا شكل اختطاف ناديا والاخريات مأساة لأهلهن ولملتهن ولكل العراقيين, فأن تحررها ونشاطها كان كارثة وقعت على رؤوس المتخاذلين من السياسيين والعسكر, فالرأي العام الشعبي يجمع على ان من فقد الشرف حقيقة, هو كل من اوصل الامور الى هذه الحدود التي مكنت ارهابيي داعش من تطبيق شرائعهم الدنيئة بحق ابناء شعبنا ووطننا, ولن يمر ذلك دون حساب.
رسالة التحدي الى الدولة الاسلامية داعش :- " المهود لازالت تهتز والأغاني لازالت تُغنى ". (2)

(1) - عن رواية " عزازيل " ليوسف زيدان.
(2) - عن كتاب " داغستان بلدي " لرسول حمزاتوف.



216
تبديد حلم الاستقلال الكردستاني... كردياً
احسان جواد كاظم
من لايتمنى تحقيق حلمه الجميل, فما بالك لو كان الحلم شعبياً شاملاً بقيام دولة مستقلة, لكن يبدو ان قادة الاكراد اول من خذلوا جماهيرهم بأنتهاج سياسات عدمية انانية, تخلق للأقليم العراقيل والعداوات وتجرده من عناصر قوته ومنعته.
فلقد كانت الصراعات الداخلية التي اشعلها استئثارالسيد رئيس الاقليم مسعود البارازاني المنتهية ولايته برئاسة الاقليم واصراره على البقاء وتعطيل المؤسسات الديمقراطية كالبرلمان عن العمل بعد طرد رئيسه نتيجة خلافات سياسية ثم الشلل الذي يعتري دوائر الاقليم الحكومية نتيجة اقالة وزراء حركة التغيير, أدخل الأقليم في دوامة المشاحنات السياسية وأضرّ كثيراً بالتجربة الكردية الغير مكتملة اصلاً.
 كما ان الكثير من الانتقادات الشعبية تثار حول الطبيعة العشائرية في توزيع المناصب العليا وتركيزها بيد عائلة البارازاني, وهي بالتأكيد مشكلة بنيوية تتعارض مع المبدأ الديمقراطي الصحيح.
ووجه الأنكفاء السياسي الاكبر كان القرار الغير حكيم بأستبعاد حركة التغيير كوران عن مواقع القرار وهي التي تميزت عن الاحزاب الكردستانية الاخرى, كونها حازت على اصوات الجماهير ببرنامجها البديل وفرضت نفسها ديمقراطياً وبجدارة, رغم حداثة تكوينها, ولم تكن جزءاً من الصفقات المسبقة التي عقدتها الاحزاب الكردستانية المعروفة قبل الانتخابات.
لقد اظهرت الازمة الاقتصادية بسبب تراجع اسعار النفط  التي تعصف بالأقليم حقيقة ما سمي ب " المعجزة الاقتصادية في كردستان العراق " والتي تبين انها مجرد وهم يتعكز على مظاهر اعمار لاتستند على اساس اقتصادي وقاعدة تحتية, بل اعتمدت على تصدير براميل نفطية وبعض الاستثمارات الخارجية التي انسحبت بمجرد ظهور بوادر العجز الاقتصادي, اضافة الى الأعتماد الاكبر على حصة الأقليم من الخزينة المركزية البالغة  17% لتمشية اموره. لقد شرب القادة الاكراد في اربيل من نفس الكأس الذي شرب منه حلفاؤهم في المحاصصة في بغداد, بعدم توجههم لايجاد مصادر دخل بديلة.
 كما تُثار الكثير من الشكوك حول احتكار اشخاص مقربين من الرئيس البارازاني للمعلومات الخاصة بتصدير النفط ومصير ايراداته التي تحول الى حساب خاص, وعدم معرفة ابناء الشعب بوجوه صرفه.
ولابد من الاشارة هنا انه حتى مظاهر الاعمار في الأقليم هذه, التي هي مصدر فخر لنا, والتي يجري الحديث عن عائدية بعضها الى افراد متنفذين في الحكومة, ما كانت لتنجز لولا ارادة مقاتلي البيشمركة المفعمين بالوطنية والنقاء الذين قاتلوا نظام صدام الدكتاتوري وفرضهم انجازها, قبل ان يجري استبعاد غير المريحين منهم وتحييد بعضهم وتدجين البعض الآخر بالامتيازات والوظائف.                                 
كما ان السياسة الخارجية لحكومة الاقليم بأنتهاج سياسة المحاورمع السعودية وتركيا وقطر, وعموم المواقف السياسية الاخيرة المتناغمة مع سياسات هذه الدول قد ولدت لها عداوات اقليمية هي في غنى عنها. فقد تكون هذه التحالفات مفيدة على المستوى القريب ولكنها لن تكون في صالح الدولة المنتظرة, التي سوف تكون دولة غير قابلة للحياة بسبب تدخلات الدول. فاذا كانت تركيا والسعودية تلتقي مع رئاسة الاقليم في تقسيم العراق الى دويلات فانها سوف لن تقبل بدولة كردية فاعلة بل بتابع ذليل ينفذ سياساتها, خصوصا ً وانها ستكون محكومة بالتبعية الاقتصادية. فالسعودية حتى لو دعمت الدولة الكردية بعد تقسيم العراق, فانها لاشك ستحاول توريطها في مغامرات ضد الدويلات المحاددة لها, ثم الضغط على الدولة الفتية للتخلي عن مظاهر العلمانية, والتي ينظر العراقيون لها بعيون الامل, والتي ستتميز بها كردستان عن الدويلات الطائفية الناشئة.
اما الدولة التركية فليس من ضرورة لتبيان حقيقة مواقفها من القضية الكردية وعدم الثقة الشعبية برئيسها اردوغان, الذي قد تغريه الفوائد الاقتصادية المكتسبة من الاقليم المستقل كمصدر للنفط وسوق تصريف لمنتجاته, لكنه يريدها دولة خاضعة لارادته وبأستقلال شكلي, يمكن استغلالها كشرطي منطقة وحائط صد للاكراد الآخرين وخاصة البه كه كه.
 كما لايمكن ان ننسى بأن سياسات تصديرحكومة الأقليم للنفط العراقي بشكل غير شرعي أضرت بصورة الاقليم الدولية, تجارياً ودبلوماسياً بسلوك حكومته طرقاً لا قانونية في التعامل التجاري. كما ان ما يتداول عن تعامل نفطي حكومي كردي مع داعش, أضر بنظرة اوربا ودول الغرب للاقليم ومصداقيته في محاربة الارهاب.
 ورغم التودد الكردي للامريكان والاستعداد لتقديم كل ما عنده للحصول على الدعم السياسي والدبلوماسي والعسكري الامريكي لكسب موقفاً مؤيداً للاستقلال فان المصالح الامريكية مع العرب والعراقيين تبقى اهم لديها منها مع الاكراد.
ان مجموع السياسات والمواقف التي اتخذها قادة الاقليم هي التي ستؤدي الى تبديد حلم الاستقلال قبل اية مؤامرة تُحاك هنا او هناك.
كما ان تكرار تصريحات القادة الاكراد عن فشل الدولة العراقية, اصبحت مجّة. فهم في حقيقة الأمر جزء من هذا الفشل, لابل هم وانجازاتهم رضعوا من درّه المرّ. وهم مدينون لهذا الفشل ببعض النجاحات التي حققوها, وكان بعضهم عناويناً لهذا الفشل أسوة بمحاصصيهم من احزاب الاسلام السياسي.
وان كنا نتمنى لكردستان الاستقلال الناجز, فأننا لانتمناه بهؤلاء القادة بالتأكيد.


217
يالولع الأسلاميين بالمنع والتحريم !
احسان جواد كاظم
لم نشهد طوال كل الفترة التي تبعت ما يسمى بالصحوة الاسلامية, قيام اي فصيل اسلامي مهما كان توصيفه شيعياً, سنياً او سلفياً, عند سيطرته على مساحة من الارض ان اطلق الحريات ورفع الاغلال عن رقاب الناس, وهو الاجراء المفترض للبديل الحقيقي لأنظمة الاستبداد. لكنهم قاموا على عكس ذلك تماماً. فقد قاموا بتشديدها واستعباد الناس بعد ان ولدتهم امهاتهم احراراً. فأولى اجراءاتهم كانت هي فرض الحجاب وفصل الجنسين في الجامعات والمدارس والاسواق وتحريم الموسيقى... هاكم مجاهدو افغانستان وشباب المجاهدين الصوماليين واحزاب الاسلام السياسي في العراق قاطبة, داعش وملحقاتها, اخوان مصر  ومجاهدو سوريا وبوكو حرام نيجيريا مع حركة انصار الدين في مالي  وحكومة الانقاذ الاسلامية في السودان, والجماعة الليبية المقاتلة وجماعة ابو سياف في الفلبين الخ.
في العراق حيث الفشل المدوي لمشروع الاسلام السياسي, عدا وضعهم البلاد على سكة التقسيم وافراغ خزينة الدولة من اموال العراقيين وملأ جيوبهم وحساباتهم منها وتعميق ازمات المجتمع العراقي الاقتصادية والاجتماعية بأستدعاء تشريعات وطقوس ماضي سحيق لا تتلائم مع روح العصر, في تناغم ملفت للنظر بين احكام دولة داعش الاسلامية في الموصل وغيرها من مناطق العراق المغتصبة و لاءات حازم الاعرجي مثلاً وفتاوى مشايخ الفضائيات مع اضفاء القدسية على كل ما تقع عليه ايديهم من اماكن ومؤسسات واشخاص... لمآرب خاصة.
آخر ما جادت به قريحتهم, كان تكليف الشيخ همام حمودي النائب الاول لرئيس مجلس النواب العراقي لجنة الحشد الشعبي النيابية بصياغة مشروع لقانون يعاقب كل من يسيء للقوات المسلحة والحشد الشعبي قبل تبديد الظنون التي تحوم حول طبيعة تشكيلها وادوارها, ورغم عدم وجود مبررات تتطلب تشريع هكذا قانون, في غمرة حماس عام لأنتصارات قواتنا الباسلة على دولة داعش الاسلامية في الرمادي, متسابقاً مع الاخرين في التعبيرعن شدّة حبه وغيرته عليها, قانونياً, مع ابقاء تعريف أصطلاح " الاساءة" غامضاً  ليسهل استغلال القانون في الابتزاز السياسي كما هو معمول بالقوانين المطاطة العديدة التي جرى تشريعها. فتجربتنا العملية مع القوى المتنفذة تجعلنا نشكك مقدماً بمراميها في تشريع هذا القانون والذي يبدو بظاهره لصيانة هذه المؤسسة وتنزيهها, رغم انها كمؤسسة لها ما لها وعليها ما عليها, يقودها أناس لهم نمط تفكيرهم المعين, واعتور تشكيلها وخصوصاً بعد التغيير عام 2003 الكثير من الاخطاء, والتي تعرضت لانكسارات عسكرية لازالت التحقيقات بشأنها ونتائجها موضع تساؤل, اضافة الى صفقات السلاح المشبوهة والمنتسبين الفضائيين ( الوهميين ) وغيرها...
 وفي ظل غياب الشفافية الحكومية وتناقض تقييمات الاحزاب ومراكز القوى المتحاصصة  المتنفذة ذاتها للأحداث وادوار قيادات هذه المؤسسات. كل ذلك يجعل احتمالية وقوع الصحفي او المواطن المحلل في سوء تقدير لعملها وارداً. ثم ان الفساد الذي نشر اطنابه في دوائر الدولة ومنها المؤسسة العسكرية يضعها شأنها شأن مؤسسات الدولة المدنية الاخرى موضع متابعة وتقييم متواصلين, ولتصبح مادة للنقد الصحفي والشعبي بعيداً عما يتعلق برسالتها كمؤسسات لصيانة الوطن والمحافظة على كيانه او التضحيات الزكية التي يقدمها ابناؤها في الحرب الوطنية ضد داعش, وهو ما تحاول الجهات الساعية لتشريع القانون الخلط بين النقد للفساد فيها وبين تقدير رسالتها السامية, لغرض التجريم والكسب السياسي.
 كما ان من يغار على القوات المسلحة عليه قبل كل شيء ان يسعى الى اصلاح المؤسسات العسكرية والامنية لحساسيتها واهميتها وتشكيلها على اساس مهني وبأعتماد التجنيد الاجباري, وترقية مراتبها على اساس الحرفية والاستحقاق لا على اساس الانتماء الحزبي او الطائفي, قبل المطالبة بتجريم من ينتقدها لهذا السبب او ذاك.
ان شغف الاسلاميين بالمنع والتحريم وحجب الحريات والتدخل بكل شاردة وواردة من حياة الناس وشؤونهم الخاصة وتنصيب انفسهم حكماً بين الناس وخالقهم بدون وجه حق, ومحاولة تأطير المجتمع على قياسهم وتسخير امور الدولة لمصالحهم الخاصة, قاد بلدان المنطقة الى الدمار والحروب التي تعمها, لكن ارادة الشعوب وقواها الحية لن تكسر !

218
طلب الحقوق... تناسى الواجبات
احسان جواد كاظم
لايمكن رمي السيد محافظ كركوك نجم الدين كريم بالجهل في قضية الحقوق والواجبات, وهو الذي كان له باع طويل في فضح نظام الدكتاتورية البائد ومظالمه ضد شعبنا الكردي وحملات الابادة التي  نفذها ضده, لكن ما يبعث على التساؤل هو سبب مطالبته الاخيرة للحكومة الاتحادية بتخصيص حصة البترو دولار للمحافظات المنتجة للنفط مع انه يعرف ان حقول نفط كركوك سيطرت عليها حكومة اقليم كردستان وهي تقوم بتصدير نفطها بعد ربط انابيب حقول كركوك بانبوب التصدير الكردي ليجري تهريبه ( على حد تعبير السيد آشتي هورامي وزير ثروات الاقليم ) من ميناء جيهان التركي بالاتفاق مع شركات مجهولة الهوية. فقد كان من واجبه كمحافظ, تبعاً لذلك, ان يطلب حقوق المحافظة من البترو دولار من الجهة التي تستولي على النفط وهي حكومة اقليم كردستان وليس من الحكومة الاتحادية التي لم تستفد من عائدات برميل واحد من نفط كركوك بعد تنصل حكومة الاقليم عن التزاماتها واتفاقياتها ازاء الحكومة الاتحادية.
للسيد المحافظ سجل حافل بعدم الامتثال للقانون الاتحادي الذي نظم العلاقة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية , خصوصا بعد سيطرة البيشمركة على المحافظة بعد التمدد الغادر لعصابات داعش في الموصل ومحافظات اخرى في حزيران/ 2014  وانتهاز رئيس الاقليم مسعود البارازاني الفرصة لأعلان انتهاء مفعول المادة 140 الدستورية الخاصة بتنظيم شؤون كركوك والمناطق المتنازع عليها, فبالاضافة الى عدم اعتراضه على الاجراء غير الدستوري لرئيس الاقليم في تغيير الوضع القانوني لمحافظته كركوك, وهو الذي يفترض تمثيله لاهالي كركوك بكل انتماءاتهم القومية والدينية, فأنه كموظف حكومي اختار ان يكون مرؤوساً للجهة الخاطئة.
 وكان قد صرح في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس مجلس المحافظة ريبوار طالباني نشرته " القدس العربي " بتاريخ 23/اكتوبر/2015 :" ان الحكومة الاتحادية ليس لها سلطة القرار على مؤسسات كركوك" مضيفاً " انه يبلغ وزراء الحكومة ان المحافظة لن تنفذ اوامرهم من الآن فصاعداً ". الا ان الجهات المتنفذة في المحافظة اضطرت الى تنفيذ الامر الاداري الصادر عن وزارة الداخلية الاتحادية بأقالة قائد شرطة كركوك واستبداله بآخر عينته الوزارة على مضض. كما كان في وقت سابق قد اعلن تغيير اسم شركة نفط الشمال ( وهو الاسم المسجل تجارياً ) المتداول منذ فترات طويلة الى شركة نفط كركوك دون الرجوع الى اصحاب الشأن في وزارة النفط الاتحادية, ولاسباب تفتقر للموضوعية خاضعة للمزاج السياسي.
ان إنفاذ العدل لايستقيم بأخضاع حقوق المواطنين المشروعة للمساومات ولتمرير اجندات فئوية ذات مرامي انانية... وهذا الدرس لم يتعلمه الدكتور محافظ كركوك السيد نجم الدين كريم رغم حياته الحافلة بالنشاط لأحقاق حقوق المظلومين.

219
رغم كل شيء... عيد ميلاد مجيد لأهلنا المسيحيين

احسان جواد كاظم
كلما يتزامن عيد من اعياد المسيحيين في بلادنا مع مناسبة دينية اسلامية حزينة يتنازل المسيحيون, عن طيب خاطر, عن الاحتفال العلني بأعيادهم احتراما لمشاعر جموع المسلمين وحزنهم, لكن لم يحدث ابداً ان تنازل المسلمون عن الاحتفال بعيد او ذكرى ولادة احد رموزهم, واحترموا مشاعر مواطنيهم وابناء جلدتهم المسيحيين حتى لو كانوا يتعرضون للابادة والاختطاف والتهجير وتهديم كنائسهم والاستيلاء على دورهم. فتصفية وجود مسيحيي العراق من سريان وكلدان وآشوريين سكان البلاد الاصليين ومعهم الارمن, لم يعد حكراً على ارهابيي دولة داعش الاسلامية بل تعداه الى جهات دينية واحزاب شيعية متنفذة تمارس سلوكيات لاتبتعد كثيراً عن جرائم داعش. ولم تنفع محاولات قادة المسيحيين السياسيين والدينيين, بتقديم عرابين ( جمع عربون ) حسن النية في الأستعداد الدائم للتعاون الخيّر مع جميع الاطراف, والتضامن الوطني الصميمي مع ضحايا تفجيرات الارهابيين, الى مشاركة مواطنين منهم في مواكب عزاء ذكرى استشهاد الامام الحسين والتطوع في الفصائل المقاتلة لداعش, وتأكيدهم الثابت على وحدة التراب العراقي. لم يشفع لهم كل ذلك, فقد أصر ممثلو احزاب الاسلام السياسي الشيعي وبعض مراجعهم الدينية على تضمين قانون البطاقة الوطنية المادة 26 السيئة الصيت التي تفرض على غير البالغ من المسيحيين الاسلام لمجرد تحول احد والديه لاي سبب كان للاسلام ومحاولات فرض نمط حياة متخلف عليهم بفرض الحجاب على نسائهم, اضافة الى عمليات الاستيلاء على دورهم ومحالهم في بغداد والمدن العراقية الاخرى من قبل شخصيات تابعة لاحزاب اسلامية متنفذة مدعومة بميليشيات مسلحة. ثم تمسك الاسلام السياسي, بفرعيه, المستميت بعروة المحاصصة الطائفية - العرقية الوثقى التي تستبعد المسيحيين وغيرهم من ابناء الاديان والاثنيات غير الاسلامية الاخرى من التعيين وتسنم المناصب على اساسها, مهما كان مستوى تعليمهم وتجربتهم وكفائتهم, ورغم وطنيتهم المشهود لها في سوح النضال وعلى مذبح حرية الوطن. لكن من اين لاحزاب الاسلام السياسي المتمترسة بطائفيتها لتعترف لهم بذلك وهي السادرة في في غلّوها واستعلائها البغيضين. فما ممن مؤشرحتى يجعلنا نصدق يوماً انها لاتود فرض الجزية عليهم واستباحة اموالهم واعراضهم, فهي لم تتخل عن احكام عصور الظلام.

واليوم حيث يصادف ذكرى ولادتين عزيزتين على قلوب الكثير من المؤمنين, ولادة النبي محمد والمخلص يسوع المسيح, يمر المسيحيون العراقيون بأحلك فترة في تاريخهم بمحاولات داعش لأرتكاب جريمة الغاء الوجود المسيحي في العراق, وهم مضطرون بسبب مأساوية ذلك الى تعليق احتفالاتهم, فهل من يشعر بأوجاعهم وآلامهم؟
نذكّر من تنفعه الذكرى بمقولة السيد المسيح البليغة والعميقة:" كن طيباً كالخبز !".


220
إرتهان اقليم كردستان لأرادة أردوغان !
احسان جواد كاظم
تناقضت تصريحات مختلف الاوساط في اقليم كردستان العراق الادارية منها والعسكرية من اجتياح قوات تركية للاراضي العراقية وتمركزها حول مدينة بعشيقة التي تسيطر عليها البيشمركة وتخضع رسمياً وادارياً لسلطة الحكومة الاتحادية,  بين من يقول بأنها دخلت بأذن من الحكومة الاتحادية العراقية وبين من ينفي معرفته بدخولها كلياً كما اعلنت قيادات من البيشمركة, وآخرون يدّعون بأنها قوات تدريب موجودة من سنين وبعلم الحكومة الاتحادية مع ان طبيعة القوة وحجمها ومستوى تسليحها, لايمكن اعتباره لأغراض تدريبية. وفي نفس الوقت الذي اعلنت وزارة الدفاع التركية بأن هذه القوات هي لتقديم التدريب والمشورة للبيشمركة, جاء تصرح وزير الدفاع التركي مخالفاً لما اعلنته وزارته بقوله: " ان هذه القوات هي لتأمين سلامة المدربين الاتراك في كردستان ضد داعش ". وبالتوازي مع هذه التصريحات المتناقضة للطرفين التركي والكردي اعلنت الرئاسات الاتحادية الثلاث رفضها للتواجد التركي وعدم شرعيته كونه جاء بدون الاتفاق والتنسيق مع الحكومة الاتحادية صاحبة الشأن ويجب على هذه القوات الانسحاب فوراً من الاراضي العراقية. جهات اعلامية تركية اكدت بأن دخول القوات التركية الى الاراضي العراقية كان بموافقة من رئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني.
,مما هو معلوم وفي غمرة مشاريع قيادات الاقليم للاستقلال عن العراق, رفضوا ان تطأ اقدام جنود الجيش الاتحادي العراقي اية اراض يسيطرون عليها وهددوا بقطع يد كل من يتطاول على مناطقهم ( تصريحات المدير العام لوزارة البيشمركة جبار ياور ), والمقصود هنا بالتحديد قوات الحكومة الاتحادية الذين هم جزء منها في حين لم تلحظ عيونهم توغل الجندرمة التركية الغير شرعي الى مناطق خاضعة لهم ومن منفذ ابراهيم الخليل الحدودي بدون ادنى احتجاج.
ان دأب قيادة الاقليم على خلق الازمات والتجاوز على صلاحيات الحكومة الاتحادية حد قيامها بتهريب النفط العراقي, كما اشار الى ذلك وزير ثروات الاقليم آشتي هورامي, يجعلها تتناغم مع مطامع اردوغان التوسعية, وارجحية اتفاقهما على تأزيم الوضع الداخلي العراقي وفي المنطقة وليس قتال داعش, خصوصاً بعد الاطاحة بالحلم التوسعي التركي في سوريا وتدمير مصدر تجارة تركيا النفطية مع داعش بفعل الضربات الروسية القاتلة, في الوقت الذي يشهدون فيه تنامي قوة القوات المسلحة العراقية والتقدم الذي تحرزه على حساب دواعش الدولة الاسلامية على كل الجبهات وتحريرها لمناطق شاسعة من براثنهم, وهو الامر الذي يزعجهما كليهما, القيادات الكردية التي تتمنى بقاء الجيش الاتحادي ضعيفاً واهناً وتركيا اردوغان التي لاتود خسارة حلفائها الدواعش للحرب.
من المؤكد ان ارتهان سياسات قيادة الاقليم في اربيل لمطامع اردوغان, وقبولها بتواجد قواته على الاراضي العراقية يكمن في كون الحدود التركية هي المنفذ الوحيد لتهريب النفط العراقي وجني الاموال في ظل ازمة مالية خانقة يعيشها الاقليم, ثم لخلط الاوراق لتأجيل الاستحقاقات الدستورية في الاقليم المتعلقة برئاسة السيد مسعود البارازاني المنتهية ولايته . وكذلك لتطمين مخاوفها, من جهة اخرى, من تنامي شعبية البه كه كه في اوساط الاكراد العراقيين, مستغلة حاجة اردوغان الى حماية طرق مرور شاحنات النفط العراقي الذي تسرقه داعش من آبار النفط العراقية بعد ان فقد مصادره في سوريا كما اسلفنا, لتضرب عدة عصافير بحجر واحد.
ان مساهمة قيادة الاقليم في توتير الاوضاع في هذه الاوقات العصيبة لن تكون في صالح شعوب المنطقة ومنها شعبنا الكردي لان اي تطورات دراماتيكية سوف لن توفر اراضي الاقليم من التأثر بنتائجها السلبية كما اراضي المنطقة كافة.
فما يتحقق بالسلام طويلاً, يتبدد بالحرب بلحظة.

221
الطبخ على نار سبايكر جديدة !
احسان جواد كاظم
حيتان احزاب الفساد يعدّون على نار هادئة مذبحة سبايكر جديدة, لكنها ليست بسذاجة الاولى بتسليم مفضوح لشباب بألق الفجر لأوغاد داعش بدون ان يرف لهم جفن.
 ولان جريمة سبايكر 2014 مرت برداً وسلاماً على مرتكبيها الاساسيين من ضباط  المحاصصة ومسؤولين حكوميين, شرعوا بالاعداد للجديدة مع تحسبات واحتياطات, مموّهة جيداً. فقد كشف السيد وزير الداخلية محمد الغبان في مؤتمر صحفي بُث على المكتب الاعلامي لوزارة الداخلية عن صفقة مع وزارة الصناعة من دروع الحماية الفردية لمراتب الشرطة والجيش بأسعار باهظة وبمواصفات رديئة لاتحميهم من رصاص الاعداء, تحت غطاء دعم الانتاج الوطني.
انظروا الى هذا العهرالقاتل, توزيع دروع لاتحمي لابسيها من القتل تحت يافطة وطنية " دعم الانتاج الوطني" لتمتلأ جيوبهم بالغنائم المغمسة بدماء ابنائنا الذين ستحصدهم بنادق الارهابيين. انها المتاجرة القذرة بقيم الوطن وحياة الانسان, وبعد ان اصبح الاستهتار بحياة المواطنين هي السياسة العليا لقوى الفساد المتنفذة.
لم تكن جريمتهم ناتجة عن سوء تقدير او قلة خبرة بل عن علم ودراية, فلابد وان كل سلعة تنتج في اي معمل حتى لو كان بسيطاً تخضع للفحص ولا تمرر الا بعد حصولها على مستوى جودة معين فما بالك بمنتج يتعلق بأرواح مقاتلين, حربهم ضد الارهاب اخذت سمة الوطنية المقدسة؟
لابد وان هذا الدرع قد خضع لفحص قبل توريده لوزارة الداخلية, ولانه فاشل حاول حيتان الفساد وازلامهم في وزارة الداخلية اخفائه عن اعين الوزير ونجحوا بذلك لولا فضح ضابط غيور لجريمتهم والتبليغ عن مكان تخزينه.
السيد الوزير الغبان اعرب عن استغرابه من الاتصالات والضغوطات التي تعرض لها من جهات متنفذة عليا في السلطة, وهي بالتأكيد لا يمكن وسمها بالشريفة, لأطلاق سراح المتورطين في عقد الصفقة وصنعها بهذه المواصفات وتوريدها للاستعمال.
كمواطنين, نحذر السيد الوزير من الأنصياع لهذه الضغوط لأطلاق سراح هؤلاء المجرمين, فأن ذلك يجعله شريكاً للفاسدين في التآمر على حياة ابناءنا في القوات المسلحة وكل المقاتلين على جبهات المواجهة لداعش الارهابي.
هل سيجري تسويف القضية بتشكيل لجنة شبيهة بلجنة سبايكر ولجان صفقات الاسلحة والكاشف عن المتفجرات وغيرها من لجان لم تتوصل لأدانة الفاسدين ام سيتعامل السيد وزير الداخلية محمد الغبان بجدية ومسؤولية, خصوصاً وان المتورطين بالصفقة الجريمة مرتبطون بأقرب المقربين له من المسؤولين, كما قال, والضحايا المحتملين هم ابناؤنا... ابناء الفقراء ؟

222
اسقاط الطائرة الحربية الروسية - جرّ العالم المتحضر لحرب ينتفع بها الارهابيون
احسان جواد كاظم

لم يكن مبرراُ أبداً القرار التركي الخطير بأسقاط الطائرة الحربية الروسية في الاراضي السورية لمجرد تجاوزها الحدود التركية لثوان معدودات ( حسب الرواية الامريكية لو صحت) وهي في مهمة ضد الارهاب. ولايمكن اعتباراسقاط الطائرة محاولة جس نبض بل هي لعب أخرق بالنار, لما يمكن ان يكون لهذه الخطوة الرعناء من تداعيات على السلم العالمي, خصوصاً مع وجود قطعات دولية متجحفلة في المنطقة, وفي ظل تضارب المصالح السائد.
لقد كان انخراط روسيا القوي في الحرب ضد الارهاب في سوريا والنتائج المؤثرة لهذه الحرب على وضع الارهاب وانعكاساته الايجابية على موازين القوى في سوريا والعراق على حساب داعش, قد أثار ضغينة حكام تركيا بوضع خططهم ومطامعهم التوسعية في خبر كان واسقط رهانهم على لعب دور اساسي في رسم خارطة المنطقة ابتداءاً من منطقة النفوذ ( الآمنة ) في شمال سوريا وانتهاءاً بتبديد الحلم التركي في استعادة امجاد السلطنة العثمانية. كما لم يكن قطع نهر النفط الرخيص المتدفق من آبار سوريا والعراق اقل ايلاماً مما سبقه, وايقاف الغطرسة التركية والخليجية ازاء سوريا بالخصوص. في الوقت الذي تشرع ادواتها من الارهابيين للهروب من نفس منافذ دخولهم... حدودها بأعتبارها مخرجهم الآمن.
من مجمل مواقف وسياسات اردوغان بخلفيته الاسلامية الاخوانية, يمكن التوقع بأنه يود جرّ العالم المتحضر المتمثل بروسيا ودول الغرب الى حرب بالنيابة مستغلاً عضوية بلاده في حلف الناتو, لصالح الارهاب ومنظماته بما يمثله فكرهم من تخلف وظلامية, معتقداً بقدرته على  ترويضها لاحقاً لخدمة مطامحه بدولة خلافة على النمط العثماني, بعد ان تكون الدول المتقدمة قد اُنهكت وتدمرت اقتصادياتها.
لابد ان روسيا ودول الغرب اكثر تعقلاً من الانجرار الى اتون حرب, حتى ولو كانت محدودة, تضع مصير دولها المتحضرة الغنية رهن مطامع مريضة لحكام تركيا الاخوانيين لاسيما وان دول حلف الناتو بدأت تجني ثمرات سياساتها في دعم المنظمات الارهابية لتمزيق دول المنطقة, عندما بدأت هذه المنظمات بعضّ أيادي اسيادها التي دعموها سياسياً وعسكرياً طوال سنين في العراق وسوريا, ثم اصبحت بعملياتها الارهابية تدق ابواب اوربا وتهدد امريكا.
ونبقى على موعد مع الترجمة الروسية للعواقب الوخيمة لهذا الفعل الخطير.


223
مباديء التسامح كسلعة للاستهلاك !
احسان جواد كاظم
ما ان اختتمت احتفالية الامم المتحدة بمناسبة اليوم العالمي للتسامح يوم الاثنين الماضي 16/11 بحضور جمع واسع من السياسيين العراقيين المنغمسين بنهج التنافر الطائفي والقومي, وبخطاب رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري حتى شهدنا في اليوم التالي له خرق فاضح لكل ما جاء بخطابه ولهذه المباديء السامية, ولحرية الرأي والتعبيرالمقرة دستورياً امام مداخل المنطقة الخضراء ومقابل بوابات مجلس النواب العراقي, حيث تعرض المتظاهرين المدنيين السلميين ضد الفساد والفاسدين الى الضرب والسب المقذع ثم الاعتقال والتعذيب ومحاولات انتزاع تعهدات منهم بعدم التظاهر والتنازل عن حقوقهم الدستورية المكفولة لكل مواطن عراقي.
ورغم عدم تعويلنا على هذه الاحتفاليات البروتوكولية الشكلية ذات الصبغة الاعلامية ومعرفتنا بطبيعتها الاستعراضية, فانها كمبادرة دولية ينبغي ان تلزم المشاركين بها  على الاقل بما صرحوا به من آراء اذا لم تستطع الزامهم بمبادئها الانسانية, لاسيما وان اغلب الوجوه العراقية المشاركة تمثل قوى المحاصصة الطائفية - العرقية الحاكمة التي تتناقض مبادئها وتوجهاتها السياسية مع مباديء التسامح.  فهي ذاتها التي صوتت على المادة 26 السيئة الصيت من قانون البطاقة الوطنية التي تسلب حق تمسك المواطن العراقي الغير المسلم بدينه. وهي ذات القوى التي تقاتلت في مدينة طوزخرماتو لفرض امر واقع عليها رغم طبيعة المدينة الدينية والاثنية التعددية. وهي ذات القوى التي تحاول فرض صبغة فئوية على مدينة سنجار المحررة من ربقة داعش الارهابي ومصادرة دور القوى الاخرى المشاركة في عملية تحريرها وانتماءها العراقي. وهذا غيض من فيض.
واذا كانت مباديء التسامح تعني الاعتراف بالآخر المختلف في العرق واللون والجنس والاعتقاد... والتركيز على المشتركات الانسانية بين البشر ثم التعايش والسماح بتلاقح القيم, فأنها تشترط القبول بالتعددية واحترام الاختلاف والمساواة في الحقوق والواجبات في اطار نظام ديمقراطي بعدالة اجتماعية يضمن تكافؤ الفرص لجميع افراده بدون تمييز.
ولكي تنتفي ان تكون هذه المباديء مجرد سلعة للاستهلاك, ينبغي تجسيدها عملياً بالقيام: بمراجعة عامة للأسس العامة التي قام عليها نظام الدولة والتخلي عن نهج المحاصصة واعتماد نظام تربوي تعليمي انساني ديمقراطي يشمل كل المستويات الدراسية. اطلاق حرية منظمات المجتمع المدني والمؤسسات والفعاليات الثقافية والرياضية... تبني سياسة اعلامية متنورة اساسها حرية الفكر وحق التعبير.اعتماد الاسس والآليات والطرق الحديثة في النظام الاداري لمؤسسات الدولة وتطبيق قانون مجلس الخدمة العامة الذي يضمن تكافؤ الفرص بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية التحاصصية  ثم سن حزمة من القوانين التي تكرس الوحدة الوطنية مثل قوانين العفو والمصالحة الوطنية وتطبيق الخدمة الالزامية في القوات المسلحة والغاء التشكيلات المسلحة خارج اطارها مع ايلاء الاهتمام الخاص باصدار القوانين التي تجرم العنف الفردي والجماعي لاي سبب كان.
- " ارفعوا سيوفكم عن رقابنا
.... واتركوا لنا فرصة بناء وطن تنام الشمس آمنة في نخيله/ للشاعر موفق محمد
 


224
دعونا نستمتع بحياتنا الفاشلة !
احسان جواد كاظم
استغربت لأنطباعات صديقي الاجنبي, عن موهبتنا الابداعية كعراقيين على تحويل المأساة الى مناسبة للفرح حد استمتاعنا بها. واستشهد بما شاهده من فيديوهات على الانترنيت و احتفائنا المرح بالامطار الغزيرة التي هطلت على البلاد, رغم ما شكلته من كوارث. فقد اشار بأننا كنا نبدو فرحين بها, حتى اطفال المدارس الذين كانوا يخوضون بالمياه لم يظهر عليهم التأفف الكبير. هل نحن نفرح بمصائبنا حقاً؟
 اعدت مشاهدة الفيديوهات التي وصلتني على الفيس بووك, وهي كانت فعلاً تحمل شيئاً من جذل عراقي مكتوم ضمني بها... من اين جاءنا هذا العناد الفكه المشاكس لنوائب الزمان والمناخ ؟!
 أليس هذا التفاؤل نابع من عطشنا المزمن للماء في ظل قيضنا الطويل وانقطاع الماء عن صنابير بيوتنا او هو ذلك التأثير السايكولوجي السحري الباعث للهدوء الذي يضفيه الماء على النفس البشرية, او ربما هي الوفرة العارمة مقابل الجدب المطبق في مجالات حياتنا الضيقة ومظاهرها الجنائزية اليومية, من حياة اجتماعية مغلقة وضنك فكري وحصار قيمي ظلامي. ام هي سيولة المياه السلسة التي تناقض تصلب المتحجر من منظومتنا الفكرية التاريخانية...او هو ربما ما وفرته العاصفة المطرية  من مبرر جديد لانتقاد اجهزة الدولة الفاشلة والتعريض بالشخصيات الحاكمة التي سامتنا العذاب, بكل ما يمنحه الافضاء عن مكنونات لواعجنا ومواجعنا من تفريغ شحناتنا السلبية و من راحة نفسية وسكينة داخلية. او هو ما تبعثه روح التضامن الجماعي ازاء الكارثة, من ثقة مريحة بالذات.
هل هذا ليس واقعاً, ألسنا نحن من نبتهج بمناسباتنا المأتمية حد التقديس؟ أليس الشجن والتوجع الغنائي اكثر ما يطربنا؟
لكن لاتجزعوا, هناك ما يضيف الى فرحنا افراحاً مقرونة بطـگ اصبعتين ورقص الچـوبي, هي البشرى الجديدة التي وصلتني تواً " تازة". اسارع الى مشاركة اهلي العراقيين اياها: " ان الاغتسال بالمطر شفاء من السحر والمس والعين".
العود, ان شاء الله, في عين كل حسود لليالي أفراحنا الكئيبة !

225
هل ستدخل تمارا الجلبي السياسة العراقية من باب محاربة الفساد ؟
احسان جواد كاظم
لقد كان اصطحاب كريمة الراحل احمد الجلبي السيدة تمارا لطبيبين معها من لندن الى بغداد, للكشف على جثة والدها, واخذهم لعينة من دمه للفحص المختبري في لندن, موقفاً ينطلق من ريبتها من احتمال تعرضه لعملية اغتيال عن طريق دس السم له. ولابد لهذه الشكوك من اساس. فربما كان الفقيد قد افضى لافراد عائلته بمخاوفه من احتمال تعرضه لعملية غدر, بسبب شروعه بالكشف عن ملفات فساد مهمة ومن موقعه كرئيس للجنة المالية في مجلس النواب العراقي ومقرب من مراكز القرار. وكان قد اعلن بنفسه عنها من خلال لقاءات تليفزيونية, تتعلق بسرقات كبيرة لثروات العراق من خلال بنوك وشركات صيرفة وتجارة مشبوهة تخضع لحماية شخصيات واحزاب متنفذة في السلطة, تُوجه لها اصابع الاتهام في الفساد السياسي والاقتصادي المستشري في مؤسسات الدولة العراقية. ومما يعزز قوة هذا الاحتمال هو تصريح صديقه السيد عزت الشابندر في لقاء له على احدى الفضائيات كان تحت عنوان" العشاء الاخير", حيث كانوا سوية الليلة السابقة ليوم وفاته المفاجئة بالسكتة القلبية, كما اشيع, واشار فيه بأن السيد الجلبي كان ممتعظاً من مواقف حلفاءه في المجلس الاعلى والتيار الصدري واحزاب الاسلام السياسي الاخرى في تجاهله وتهميشه وعدم اعطاءه الموقع الذي كان ينشده والذي يتناسب مع ادواره السياسية السابقة, ومن بينها قيامه بأدوار توحيدية لفض خلافاتها وجمعها تحت سقف ما كان يسمى ب " البيت الشيعي".
تمارا الجلبي صرحت بحيازتها لملفات الفساد التي كانت تحت يد والدها وهي عازمة على كشفها. ولابد لهذا التصريح لو صح  ان يسبب وجع راس فظيع لسراق المال العام. فهي ليست في مدى سلطاتهم, لأنها لم تكن يوماً, طرفاً في صفقاتهم  السياسية.... فلا يعرف عنها القيام بنشاطات سياسية داخل الوطن, كما انها غير ملزمة بالاتفاقات او التحالفات التي كان يخضع لها والدها, وتبعاً لذلك فهي ليست معنية بلعبة التوازنات الجارية على الساحة العراقية. اضافة الى عدم اشغالها لاي موقع وظيفي في الدولة العراقية يفرض عليها الاذعان لضغوط رؤسائها, ولا يمكن تناسي حقيقة حملها للجنسية البريطانية التي تحميها من المساءلة. كل ذلك يجعل يدها طليقة في تنفيذ مساعيها لو صدقت النية والتسبب في تغيير نوعي ايجابي في العراق. فهل هي فعلاً على قدر المسؤولية التي اخذتها على عاتقها ام كله كلام, كالريح في شبك؟


226
لن تجعلوهم هنودنا الحمر  !
احسان جواد كاظم
كما فعل الاوربيون عند استعمارهم للامريكيتين في ابادة اهل البلاد الاصليين من الهنود الحمر بناة حضارات الانكا والاستيك والمايا العريقة من منطلقات دينية واخرى عرقية عنصرية من الجنس الابيض وبكل الوسائل البربرية المعروفة, كذلك يسعى اسلاميونا مع تعاطف مغلف من القوميين من منطلق( دين الحق) او ( لا يقبل غير الاسلام دينا ) بمحاولة انهاء وجود ابناء بلاد الرافدين الاصليين, ( المسيحيين) سريان كلدان آشوريين والصابئة المندائيين والايزيديين بناة حضارات سومر وبابل وآشور, بدوافع دينية ومصلحية صرفة. رغم استمرار عطاء وتضحيات مواطنونا هؤلاء وقيامهم بأدوار مؤثرة في كل حقب التاريخ اللاحقة التي مرت بها البلاد ومنها فترة بناء الدولة العراقية المعاصرة, ولا يذكر لهم ولاءات لغير وطنهم الام. كما تشهد على ذلك قوافل شهدائهم من اجل الوطن, والطيف الواسع من ابنائهم من مبدعي العراق في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية... وقد عانوا كما عانى جميع العراقيين من بطش حكومات الاستبداد البائدة, وتعرضت حقوقهم للهضم وتميزهم الثقافي للانتقاص.
اما بعد هيمنة الاسلاميين للسلطة عام 2003, فقد تعرض وجودهم التاريخي للتهديد, ويحاولون ان يجعلوا من مواطنينا هنود حمر القرن الواحد والعشرين. فقد كانت بداية ذلك بالتضييق على الوجود المسيحي والمندائي في مناطق الوسط والجنوب بأرتكاب ميليشيات طائفية لعمليات تهجير لعوائلهم واغتيال للشخصيات العامة واختطاف افرادها والتضييق على كنائس المسيحيين ومنادي الصابئة المندائيين لدفعهم للهجرة وترك مناطق تواجدهم التاريخية, وصار اعلام الاحزاب الاسلامية يصفهم مرة بالاقليات ومرة اخرى بالجاليات, وكأنهم سكان طارئين على الوطن العراقي وليس سكانه الاصليين او التقليل من شأن دياناتهم وعمق وجودها التاريخي بوصفهم بالطوائف, كالطائفة المسيحية او المندائية او الايزيدية. ثم جاءت دولة داعش البربرية لترتكب الفضائع بحق المسيحيين والايزيديين في الموصل وسهل نينوى في اكبر عملية تطهير عرقي بشعة  شهدها القرن الواحد والعشرين بعمليات اعدام همجية واختطاف الالاف المؤلفة من النساء والاطفال تحت عناوين السبي والعبودية ثم الاستيلاء على ممتلكاتهم وتهديم شواهدهم التاريخية والدينية.
 في ظل هذه الظروف المأساوية التي عاشوها جميع العراقيين وخصوصاً ابناء الديانات والاثنيات غير المسلمة, يشرع اسلاميو السلطة من الشيعة والسنة الى تكملة ما بدأه الدواعش في الموصل وسهل نينوى بالمضي في تصفية وجود اية ديانة غير الاسلام في العراق, ابتداءاً باقصائهم من الوظائف العامة تبعاً لنهج المحاصصة الطائفية المقيت واسئثارهم بها, ومرة وليس انتهاءاً بسعيهم لتمرير قانون البطاقة الوطنية واصرارهم تضمينه الفقرة (26) المجحفة بحق معتنقي الديانات الاخرى من غير المسلمين والتي تقول:" يتبع الاولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الاسلامي من الابوين" لتحويل ديانة الطفل القاصر بشكل اوتوماتيكي الى الاسلام بمجرد اعتناق احد والديه الاسلام, والتي تتعارض مع فقرات عديدة في الدستور العراقي تتعلق بحرية الاعتقاد والمساواة في الحقوق والواجبات بين كل العراقيين. ورغم تقديم النواب المسيحيون في مجلس النواب لمقترح واقعي يتلائم مع بنود الدستور واللوائح الاممية الخاصة بحقوق الانسان والطفل والعقل السليم كالآتي:" ان يبقى الاولاد القاصرون على دينهم ولحين اكمالهم الثامنة عشر من العمر, عندها لهم الحق الاختيار في الدين وخلال سنة من تاريخ اكماله الثامنة عشر" الا ان المقترح رفض من قبل 137 نائباً من نواب الكتل الاسلامية (شيعة وسنة) الذين يشكلون الاكثرية في المجلس بينما حاز على موافقة 51 نائباً فقط.
للسيد رئيس الجمهورية فؤاد معصوم حق عدم تمريرالقانون لعدم دستوريته فهل تتغلب لديه لغة العقل على لغة المصالح ؟
 اما نحن كمواطنين عاديين, فاذا كان الوازع الانساني والاحساس بالعدل والانحياز للمظلوم  لايدفعنا للوقوف معهم ضد محاولات الغائهم الاجرامية, فليكن تضامننا معهم ينطلق من حاجتنا الماسة لهم, بما يمثلوه من مظهر مشرق للتعددية الئقافية واثراء الهوية العراقية, فهم يشكلون اسطع مظاهرها, وان استمرار وجودهم المكاني والمعنوي ضمانة لحرية الرأي والمعتقد والاختيار الحر للعراقيين, وبالخصوص للمسلمين منهم.
لا نكتمل الا بهم والعراق بعدم وجودهم ليس عراقاً !!!

 

227
جوزيف صليوا - شنو هالأحراج !
احسان جواد كاظم
لابد وان الصورة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي لنائب مجلس النواب العراقي عن قائمة الوركاء الديمقراطية السيد جوزيف صليوا وهو يبعد مياه الامطارالمتسربة الى بيته, قد احرجت الكثير من  زملاءه النواب بما تحمل من صدق وبساطة. فالسيد النائب (ومعه ربما نواب يعدّون على اصابع اليد ), وعلى نقيض ممثلي  الشعب الآخرين في مجلس النواب, لايسكن في المنطقة الخضراء المرفهة المحصنة المعزولة عن سكان بغداد. كما لايبدو انه قد استولى على احدى فلل اعوان النظام السابق, فالبيت الذي ينتصب وراءه يشابه بيوت الكثير من العراقيين, الذي تعرض بدوره اسوة ببيوت العراقيين للغرق بعد العاصفة المطرية الاخيرة التي اكدت ما بات معروفاً لدى الكثير من ابناء شعبنا, حجم الاستهتار المطبق لسراق المال العام من احزاب المحاصصة بمشاعر وحيوات العراقيين.
لايمكن بأي حال من الاحوال اعتبار هذه الصورة جزء من حملات " صورني وچـني ما ادري" الاعلامية الكاذبة المتداولة لمسؤولين تحاصصيين, من قبيل ضربه الارض بمسحاة وهو بكامل اناقته او توزيع بعضهم الآخرالقيمة ( أكلة عراقية ) على زوارالامام الحسين بكامل عدة شغله من جبة وعمامة ومحابس. فالسيد صليوا لا يتصنع الحالة, فملابسه بيتية, ونظرته اليفة مباشرة لشخص ما, يتبادل معه الحديث بمنتهى البساطة, اضافة الى أنه ليس محاطاً بمتملقين, ينتظرون اشارة منه لأكماال المهمة عنه.
يستحق السيد جوزيف صليوا لقب ممثل الشعب الحقيقي, فقد أهان تعالي المسؤولين واحتقارهم لمنتخبيهم...فهو يسكن بين مواطنيه ويعاني نسبياً (بحكم خصوصية مركزه ) كمعاناتهم .
 فهنيئاً للعراقيين به,ممن انتخبوه وممن لم ينتخبوه.
ملاحظة اخيرة للنائب جوزيف صليوا: هذه ليست بصمة تأييد مطلقة, فهي تبقى محكومة بصدق افعالكم !
 


228
على طاري," بلغ السيل الزُبى " وغرق بغداد
احسان جواد كاظم
مع بداية كل شتوية ومع اول مطرة, يعاني مواطنونا من غرق شوارع المدن, وتسلل مياه الامطار الى بيوتهم وغمرها لممتلكاتهم مع حالات غرق بعضهم او تعرض بعضهم الآخر الى صعقات كهربائية, وكل ذلك مرتبط برباط مقدس بالفساد وثمرته سوء الخدمات المزمن.
واذا كان للسيد نعيم عبعوب امين عاصمة بغداد السابق صخرته التي تحجج بها لأنسداد مجاري بغداد في الشتاء الماضي, بسبب مؤامرة دنيئة ضده. فأنه ليس لمسؤولي امانة العاصمة الحاليين وفي مقدمتهم السيدة ذكرى علوش امينة العاصمة الجديدة من حجة اكثر وجاهةً من حجة سلفها...خصوصاً بعد ان اكدت بأن الامانة واجهزتها متهيأة للامر. ولكن خيبة الأمل كانت كبيرة بسبب المفاجأة المناخية التي جاءت بعكس تأكيدات مسؤولي الأمانة وما تأمل المواطن, وكشفت استمرار دوامة  الأختناقات الجدية .
لا يكمن الحل في تحميل فرد معين بشخصه وان كان امين العاصمة سوء الحال بكامله. فأصابع الاتهام يجب ان تتوجه الى المحاصصة, الام الحانية على الفساد والفاسدين, والتي تجعل من اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب متعذراً. فلو كان الاختيار الوظيفي يجري على اساس الكفاءة والنزاهة والوطنية لجرى حل المشكلة, من زمان, ببناء شبكة مجاري ذات مواصفات تصميمة عالمية تستوعب حتى الغير متوقع من السيول ومكائن سحب بقدرات عالية ومحطات معاملة المياه الثقيلة, بمقاولات لشركات عالمية رصينة, ولتسنى لنا تجاوز هذه الازمات المتتالية وتلافي سقوط الضحايا نتيجة هذه العواصف والسيول وطفح المجاري.
ومادامت المشكلة باقية على حالها دون حل, وتشمل كل محافظات البلاد بسبب الفساد , فأن ذلك سيؤدي بالضرورة الى بلوغ السيل الزُبى لدى المواطن ضد الفاسدين, ووصول الامور الى ما لايُحمد عقباها.
واذا كان لمثل" بلغ السيل الزُبى" معناه المجازي فأن لتجسده الحرفي  الحقيقي كان له ترجمة مأساوية في مناطق عديدة غمرت فيها الامطار خيم ومراكز تجمعات المهجرين الهاربين من بطش ارهابيي داعش, وجرف السيول لطفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات اضافة الى تهدم بيوت على رؤوس ساكنيها واحتمال جرف السيول لألغام من مخلفات الحرب العراقية الايرانية وتهديدها لحياة مواطنين في اطراف اخرى من العراق.
لذا فأن العجز المتأصل لاتتحمله التقلبات المناخية المفاجئة التي تناكف مسؤولي الامانة وتتآمر على النخبة الحاكمة, التي تراقب غرق بغداد والمدن الاخرى عن كثب من وراء نوافذ فيللها, وانما فساد هذه النخبة المستكلبة على جني الغنائم, الذي  أدى الى هذا الوضع المزري من هزال الخدمات, حتى اصبح المواطن العراقي يتجنب ترديد رائعة الكبير السياب" انشودة المطر" تحت الانهمار المتواصل للمطر الذي يغرق مسكنه... الذي يؤدي الى ان " تستفيق ملء روحه رعشة البكاء ".
ذهبت تلك الايام الذي كان هطول الامطارفيها يعتبر بشرى خير, بينما اصبحت بسبب سياسات الفاسدين والفاشلين نقمة, لايتمناها المشرد والفقير وعمال الأمانة.


229
عملية الحويجة - رابح واحد... خاسرون كثر !
احسان جواد كاظم
عملية الانزال الجريئة لقوات نخبة امريكية وكردية على سجن يخضع لسيطرة الدولة الاسلامية داعش وتحرير رهائن فيه, كانت ناجحة بكل المعايير العسكرية, كما جرى تقييمها, لكنها أثارت العديد من ردود الفعل السياسية المتناقضة.
ورغم تعابير الرضى التي كالتها الجهة الامريكية والكردية للعملية,  فأنها جاءت لتخفي فشل نسبي تعرضت له العملية, بتحريرها لعسكريين ومواطنين عرب اسرى لدى داعش اضافة الى عدد من قيادات داعش الذين تمردوا على اوامر خليفتهم, بدلاً من افراد البيشمركة الاسرى, كما كان يتوقع.
 يمكن ان نتكهن, تبعاً لذلك, بأن الرابح الوحيد من هذه العملية هم هؤلاء المحررين الذين كانوا على موعد قريب مع تنفيذ عملية اعدام جماعي لهم.
احد ابرز الخاسرين من هذه العملية هو رئيس اقليم كردستان السيد مسعود البارازاني. ففي خضم بحثه عن مخرج لمعضلة رفض الاحزاب الكردية تمديد فترة رئاسته للاقليم, سعى لتحقيق اي انجاز سياسي او عسكري, يعزز موقفه امام هذه الاحزاب وتكريس شخصه كقائد قومي تاريخي للكرد واب رؤوم لهم, بتحرير افراد البيشمركة الاسرى المهددين بالاعدام لدى داعش.
  لكن, ما كل مايتمناه المرء يدركه...... تجري الرياح بما لاتشتهي السفن.
مع اسفنا الشديد لبقاء مصير مواطنينا البيشمركة مجهولاً بين ايدي هؤلاء القتلة وتضامننا الصميمي مع اهاليهم.
اما الخاسر الآخر فهو الجانب الامريكي. فأضافة الى مقتل احد جنودهم في العملية فان الخسارة الاكبر هي وضعه الجناح المقرب له في السلطة في وضع حرج, بتجاهله وعدم تشاوره مع الجهات الرسمية الاتحادية بشان العملية, مما ادى الى اضعاف موقف حلفائه امام منافسيهم  من القوى المطالبة باستبدال الشريك الامريكي المتهاون في محاربة الارهاب بتحالف عسكري مع روسيا الاتحادية التي اثبتت ضرباتها الجوية ضد مواقع وقوات داعش نجاعتها واظهرت جدية في محاربتها للدولة الاسلامية في سوريا.
وهذا بمعنى آخر خسارة للحكومة العراقية التي جرى تهميشها بالتجاوز على السيادة الوطنية العراقية وخرق الحليف الامريكي, بصلفه التاريخي المعروف, للاتفاقيات المعقودة بين البلدين, فقد ابدت وزارة الدفاع عن امتعاضها من الموقف الامريكي لعدم ابلاغها بالعملية.
 ان السياسة الامريكية تحقق خسارات مركبة بسبب سياساتها المتخبطة في المنطقة, التي تضع مواقفها في موضع المقارنة مع التعامل الروسي الرصين باحترام القوانين الدولية والاتفاقيات المشتركة والجدية في محاربة الارهاب, وعدم الاستهانة بموقف حلفائها, والابتعاد عن فرض نفسها كطرف في الصراعات السياسية الداخلية, كما فعلت الولايات المتحدة اخيراً, والتي طرحت نفسها كطرف منحاز لصالح الرئيس البارازاني على حساب الاحزاب الكردستانية الاخرى.
الدولة الاسلامية باقية في مستنقعها الظلامي, الذي ستجففه نيران ابناء النور. خساراتها وانكساراتها يحتمها منطق التاريخ.


230
ضياع 76 مدرعة - لغز لا يلتبسه الغموض
احسان جواد كاظم
يذكرني لغز ضياع و مآل 76 مدرعة حاملة للجنود مرسلة من دولة خليجية بعد وصولها الى مطار بغداد, كما صرح بذلك نائب رئيس الجمهورية المُقال اياد علاوي, بحزورة متداولة في العراق, مضمونها:  شيْ اخضر مدّور, داخله احمر  وبيه حب ركي, ما هو؟
ومما يجلي غموض الأمر كله, تأكيد وزير الدفاع بمعرفة الاستخبارات بوصولها ولكن ليس لديهم علم اين مآلها !!! خصوصاً وان هذا التأكيد جاء مترافقاً مع تصريحات لمسؤولين حكوميين آخرين بعدم صلاحية هذه المدرعات للاستعمال!!!
قد نتقبل فرضية وجود من له هواية جمع السكراب في هذه البلاد العجيبة, وبالخصوص المدرع منه. لكن ما يحيرنا اكثرهو لماذا بهذه الطريقة المريبة ؟ ثم من هي هذه الدولة الخليجية التي تريد ارسال 500 مدرعة سكراب ( كمساهمة في مكافحة الارهاب) ثم تغامر بسمعتها بالاستفسار عن مصيرها ؟ في الوقت الذي امتنع السيد علاوي فيه عن الكشف عن اسمها.
و لأن بعض الجهات تعول على النسيان الشعبي, فأن شيْ من المشاغبة لأنعاش الذاكرة الشعبية لن يكون مضراً ابداً , ان لم يكن مفيداً تماماً. فقد سبق وان وصلت/ تشرين الثاني العام الماضي, شحنة اسلحة على طائرة روسية مؤجرة لجهة غير معلومة ومرسلة الى جهة ليست معلومة ايضاً الى مطار بغداد, جرى مصادرتها, كما قيل في حينها. ثم وعد حيدر العبادي بأجراء تحقيق رسمي لمتابعة الامر ومعرفة الجهة المرسلة لها الشحنة, لكن بعد ذلك ماتت القضية ولم نسمع عن نتائج تحقيقات اللجنة.
تخمين المواطن العراقي يشير الى ميليشيا او ميليشيات متعددة متنفذة تتخوف الاطراف الحكومية عن ذكر اسمها و تتستر عليها بسبب ارتباطاتها بجهات اقليمية لها سطوة. بينما يشير المواطن بثقة الى ايران كدولة راعية لهذه الميليشيات.
واذا كان مبرر التغاضي عن كشف الحقيقة هو اشتراك هذه الميليشيات حالياً في مقاتلة داعش, فأن الدولة كانت, بالنهاية ستوزع هذه المدرعات عليها بدون الحاجة لهذا الاسلوب الملتوي, لاسيما وان الاحزاب المهيمنة على السلطة, بمعظمها, لها نفس الهوى الطائفي السياسي.
 لكن التنافس المتنامي بين اطرافها, وسعي كل طرف الى الأستقواء على الطرف الآخر, هو مايبرر سلوكها الاستحواذي هذا. فما من ميليشيا لا تتطلع الى قطف ثمار اشتراكها في قتال داعش, بدور مؤثر في ادارة الدولة مثل تسلم رئاسة الحكومة.
ان المسألة لا تتوقف عند اختفاء 76 مدرعة في بلد مضطرب, بهذه البساطة فحسب. بل الأهم من ذلك حل اشكالية تآكل هيبة الدولة وغياب السيطرة الفعلية لها على المنافذ الحدودية وفي مقدمتها المطارات. كما لابد للسلطات الرسمية من وضع حد لمشكلة فوضى السلاح ومظاهر العسكرة والانشطة الميليشياوية, واحتكار الدولة للسلاح بكل انواعه مع سن القوانين الرادعة لكل مظاهر العنف الجماعي والفردي.
غير ذلك سنكون عرضة لصراع خراتيت دموي قادم يجعل ايامنا اكثر قتامة.

231
هيْ يا أنتم, ألا تخافون " يوماً عبوساً قمطريرا " (1) ؟!!
توليفات احسان جواد كاظم

الحاكمون, المختومة جباههم بختم التقوى, من ابناء الماضي واصحاب العنعنة, الممتشقون حسام اجدادهم, سرقوا  احلامنا واموالنا, دونما خوف من آيات الله البينات. مسوخ ظهرت من قلب الفوضى. احزابهم... احزاب الكوليرا التي تأسست وكأنها خطأ من أخطاء الرب, كان الهيام بالطائفية شغفاً, سياستها اليومية. راحت تؤجج سعير احقادها وتقتات على حبنا للوطن, منشدة: مباركة هي المحاصصة.
حكومتهم التقية, العنينة الانجازات والولاّدة للمشاكل, فشلت فشلاً دموياً في رفع المظلومية عن العباد واطراف البلاد.
برلماني وقائد مأتمي, كال لنا الوعود, قبل تبرلمنه ولكنه ابتلع وعوده عندما استقرت مؤخرته على كرسي البرلمان, أصبح كل همه إلحاق الحاضر بالماضي.
- محا الله اسمه من جميع الحوافظ. انت الماضي الذي لانريده !
كل المُمسكين بمهاميز السلطة بأظافرهم وانيابهم, متصاممون عن تظلمات العباد. يرون ان واجبهم الشرعي هي تخويف الفقراء من مراجل الجحيم. فلطالما قرأوا علينا آية العذاب... يعتقدون جازمين بأن دخلاً بلغ عدة ملايين من الدنانير شهرياً هو تفسير شرعي لتعاليم الدين.  بينما رائحة فضائحهم " تجيب الضبع من سفر يوم " (2) .
احدهم,  " لو ذكر اسمه على ال ..... ماء ما ساغ شربه" (3) , كان عندما يعظ الناس تراه كأنه " يريد يعلًم اليتيم البـچـي" (4) . عندما سُؤل: من اين لك هذا ؟ اجاب وكان جوابه اقرب الى نكتة في مجلس عزاء, " هذا من فضل ربي" (5).
عراقي يتّشكى من واقع حاله:
 " لا كهربا, لا ماي, بالسطح نايم
إخلصنا من صدام طحنا بعمايم" (6)
شاعر إخذيذ يهتف بين الجموع ناصحاً:
 "يا عراقي, يابو گـلب الفطير..... لا تظل قشمر لكل دوني وحقير" (7).
احدهم يائساً قال:
" أميٌّ هذا الوطن
لايقرأ ألم الفقراء ولا يكتب اسمائهم
أصمّ لايسمع أنينهم
أعمى لا يرى جراحهم
أبكم لايهديْ خواطرهم
 مشلول لايزور قبورهم" (8)
ثم اردف: " عساها حبلانة بجحش" (9)
 شباب يحبهم الكافر... شباب تهمهم العاصفة في قلوبهم, اجتمعوا يوماً للنظر بما آل اليه سوء الحال.
شاب  يعرف سُراقه, قال: " يابلاداً بين نهرين
... بين سيفين, بلاداً مرّة, تافهة الحكام " (10)
شاب آخر, نزق بلغ تذمره حد السخط, أنشد حانقاً :
" لعنتم جميعاً من وجوهٍ لبلدةٍ..... تكنّفهم جهلٌ ولؤم فأفرطا
وان زماناً أنتمُ رؤساؤهُ..... لأهل لأن يُخرى عليه ويُضرطا " (11)
شابة جميلة قادرة على حبس أنفاس تنين قالت برقة :" لا أفق لحمامة بيكاسو في سماواتهم " (12).
 شاعر رومانسى, كان قد إرتكن جانباً, اعلن:" الجمال سينقذ العالم" (13).
أضاف آخر " ولا تركنوا الى الذين ظلموا" (14), ارملة وام شهيد, ممن يعرفون درب الجلجلة: " لا تمكث طويلاً بصحبة من لا قلب له" (15).
أحدهم مزيتّة بدلته قال بحزم: " أكره الضحايا الذين يحترمون جلاديهم" (16)
أيده زميله: " أعتقد انه قد آن الأوان لأن نجعل من الاضطراب شيئاً منظماً" (17).
علا النقاش, وبدأت الفكرة تتبع الفكرة والحجة تلاطم الحجة حتى قرّ القرار: الانتفاضة.
-" ليس هناك جيش اقوى من فكرة حان أوانها "! (18)
وجوه الرخم, صُعقت بالجموع الهادرة المنادية بحقوقها, الرافضة لعهدهم العامر بالفضائح والسرقات, مرعوبين, ناظرين الى الشعب الثائر من مستوى عيني كلب.
مسممين بالغيظ, تداولوا الامر, الحيرة قاتلتهم, ماذا نحن عاملون؟ " أصبحوا كحمار بين كومتي شعير" (19), لكنهم تذكروا انهم خير من يتقن تعقيد الامور," فالنهر العكر مكسب لهم " (20) : " لاشيْ غير المراوغة والمزاوغة, هما الحل, حتى نعبر بحر المحنة ".
- طبعاً ف" إبليس ما يخرّب عشه" (21).
بدأوا ترصّد الثائرين, علْ هفوة حماس, تنجي ذواتهم وتحفظ اموالهم. أشلوا كلابهم علينا في شوارع المدن, واحدهم مندوب متجول للرعب, يغتال هذا ويختطف ذاك ويعتدي على اولئك. في الوقت الذي كان الرعب يطرق ابواب بيوتنا, متلمظاً بشهوة الدم, برايته السوداء, يبشرنا: " جئناكم بالذبح" !
كانوا وحوشاً, كأن الجحيم قد تقيأهم للتو, ليعاقبنا على خطيئة برج بابل وابتداع القيثارة السومرية. أنهم أقسى من خرّج الجحيم... يفجروننا ببشاشة كهنوتية.
-" كون الله يخلق نار بس لليفجرون
مثل التشب بگـلوب أهل اليموتون" (22)
في مؤتمر صحفي, لطبيب مستوزر بمرتبة شيف مطبخ دبلوماسي قدم تشخيصاً شاعرياً للحالة " اصطخاب مستأصل في الدم العراقي". كان يتلعثم بقصص غير مفهومة... كان وجوده اشبه بخطأ بروتوكولي.
 بعد ان نفذ صبر احد الصحفيين من الاطالة قال: فدوة أروحلك! اوصلنا الى المأساة !
بينما اللاحسون قصاع الظلمة, يفحّون بألمعية في فضائياتهم, بلسان الثعابين:  حكامنا من أهل الله وتقاة دينه, متوضأة اياديهم, ممهورة جباههم من اثر السجود! كانوا يكرروها كآية محفوظة, داعين الناس الى محاباة المحنة وفرسانها.
-" من لايعرف الخير من الشر, الحقوه بالبهائم". هكذا ببساطة, قالها حكيم الاغريق سقراط.
نحن المشبعين بالفاجعة, نعلم أنهم أكذب البريّة, وان حياد الحملان لايلزم الذئاب.
بعضنا عوّل على رئيس وزارات توزيع المغانم, بأعتباره حائط مبكى, تعلقوا بأذيال كعبته, توقعوا منه ان يتصرف بتسامح مسيحي.
- لكن هل تستطيعون إيقاظ شخص يتظاهر بالنوم ؟
... يالأهنتم بحياتكم الباذخة الفقراء ! ألا تخافون" يوماً عبوساً قمطريرا" ؟

(1),(5),(14)- آيات قرآنية
(2),(4),(9),(19),(20),(21)- امثال عربية وعراقية
(3)- البهاء زهير/ شاعر من العصر الايوبي
(6)- اهزوجة لمتظاهرين في مدينة السماوة
(7)- ملا عبود الكرخي
(8)- محمود درويش
(10)- سعدي يوسف
(11)- ابو الحسن بن لنك
(16)- جان بول سارتر
(17)- سلفادور دالي
(18)- فيكتور هيجو
(22)- ذو الفقار من الفيس بووك

232
مرحى للهبّة الشعبية ضد الفساد في كردستان العراق !
احسان جواد كاظم

يقال بأن الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد عدوى تنتشر من اقصى الجنوب الى اقصى الشمال, لكنها عدوى حميدة كما هي عدوى الضحك, فهي في النهاية وسيلة للمطالبة بالحقوق ومحاسبة الفاسدين وتحقيق الذات للثأر من الظالمين بشكل سلمي, وهي بحق مهرجانات فرح حقيقية. كما انها اداة للتغيير لا يستهان بها. فهي علاج ناجع ضد عدوى الفساد الخبيث الذي ادت الى تفشيه التوافقات التحاصصية.
لقد كشفت نتائج الاجراءات الاستعراضية التي اتخذتها حكومة الاقليم بتصدير النفط من حقول كركوك وحقول كردستان بشكل انفرادي, خطل تحججات حكومة الاقليم عن سبب الازمة المستفحلة فيه بالحصار المالي للحكومة الاتحادية لها وتحميلها المسؤولية كاملة. فقرار التصدير المستقل لم يأت  بحل للازمة الاقتصادية المستفحلة في الاقليم لان اكثر اموال النفط المصدر, تدخل في جيوب مافيا الاحزاب الحاكمة كما يطلق عليهم مواطنونا في الاقليم, اسوة بدفوعات وزارة المالية الاتحادية, ولا يصل للمواطنين شيئاً من خيراتها.
لقد توصلت الحركة الشعبية الى الاستنتاج الصائب بأن قوى الفساد المعششة في جهاز الاقليم الاداري تستنفذ اموال الاقليم لتأمين حاجاتها واستمرار استئثارها بالسلطة, وهي ليست معنية حقاً بتأمين الاحتياجات الاساسية لابناء الشعب.
ان توسع حملة الاحتجاجات ضد الفساد والفاسدين لتشمل اقليم كردستان اكدت وحدة الهدف والمصير بين كل ابناء شعبنا في انحاء الوطن العراقي, فالخصم واحد موحد ومتفق على نهب ثروات البلاد... هم سراق المال العام من الجانبين, رغم ما يطفو على السطح من خلافات تتعلق بصلاحيات هذا الطرف او ذاك, واستغلالها سياسياً على حساب المواطنين ونزوع القيادات الكردية الى دغدغة المشاعر القومية بين الفينة والاخرى وتصوير الامر وكأنه خلاف عرقي لتسويق نفسها كقوة استقلالية.
تعزيز النعرة القومية وزرع الانعزالية عن باقي ابناء الشعب العراقي التي تعمل على تكريسها قوى الفساد في الاقليم, هدفها حرمان الحركة الديمقراطية فيه من تضامن ودعم الحركة الديمقراطية في اطراف العراق الاخرى, والتي تعاني بدورها من محاصرة قوى الاسلام السياسي لتطلعاتها الديمقراطية المدنية. لذا فأن قضيتهما واحدة, تستوجب تعزيز العلاقة والتفاعل بين قوى التغيير لمكافحة الفساد والفاسدين بشكل فاعل.
 ويصبح حتى حق تقرير المصير بعيداً عن هيمنة قوى الفساد على مراكز القرار, مصدر قوة للشعب الكردي وموضع ترحيب من اطراف الحركة الديمقراطية العراقية الاخرى والاقليمية والعالمية.
لايمكن ان يغيب عن البال بأن المعضلة التي ستواجه الناشطين الكردستانيين , اسوة بما يواجهها الناشطون المدنيون في اطراف العراق الاخرى هي افراز بديل ديمقراطي نزيه قادر على ادارة دفة الحكم لصالح فقراء شعبنا.
ليس لدينا ادنى شك في قدرة شعبنا الكردي, الذي صمد امام جرائم التطهير العرقي الفاشية لنظام صدام الشوفيني واجترح البطولات من اجل حريته, من تحقيق مطامحه في نظام ديمقراطي عادل حقاً... نشد على اياديكم.

233
سُبة " القائد الضرورة" الموجعة
احسان جواد كاظم
اكثر ما اغضب نواب ائتلاف دولة القانون في مجلس النواب العراقي من خطاب السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي, توصيفه لنوري المالكي سلفه في رئاسة الوزارة ب " القائد الضرورة" وهي " ماركة مسجلة " للدكتاتور السابق صدام حسين, مع انها لا تنطبق فقط على السيد نوري المالكي, في العهد الجديد, بل تشمل قادة سياسيين آخرين في الساحة السياسية العراقية. فهم لم يستوعبوا حتى دروس التاريخ القريبة, فتشبثوا ويتشبثون بكراسي السلطة الوثيرة, من نفس منطلق القائد الضرورة الأبدي والغير قابل للاستبدال, فكانوا صناعاً اساسيين للمآسي الحالية التي تعاني منها البلاد.
 فهم لم يتخلصوا من ظاهرة " القائد الضرورة " السيئة الصيت. بل ان عمليتنا السياسية العليلة فرّخت " قواد ضرورة " متعددين من قادة ميليشيات ورجال دين, انتقاد سياساتهم خط احمر لايمكن تجاوزه بسبب التقديس تارة وبسبب السطوة المسلحة تارة اخرى.
ان التهديدات بتقديم كل من يتعرض لشخص قائد ائتلاف دولة القانون الى القضاء, رغم ما شهده عهده من انكسارات عسكرية ومآسي اجتماعية واقتصادية وسياسية وأثنية وديموغرافية واخلاقية..... تعبر عن عقدة تضخم الذات لدى هؤلاء القادة والتابعين.
ان اكثر ما أوجع نواب دولة القانون هو وصف نوري المالكي ب" القائد الضرورة", ولم يوجعهم, حال الدولة المالي المريع الذي خلفه قائدهم نوري المالكي والذي اشار اليه رئيس الوزراء حيدر العبادي, باستلامه لخزينة خاوية لاتحوي سوى 3 مليارات دولارمع ديون لشركات نفطية تبلغ 15 مليار دولار, وحديثه عن تبديد الثروات واضاعة ميزانية الدولة العراقية على الهبات والرشوات الانتخابية. وهذه هي السُبة الاكبر التي كان ينبغي ان تُثير نواب الائتلاف في مجلس النواب, لما لها من تأثير على سمعة الائتلاف وحزب الدعوة الاسلامية, وتعلقها بالمصلحة العامة للشعب العراقي.
ان تقديمهم السمعة الفردية لشخص في حزبهم وتكتلهم على المصلحة العامة المتعلقة بحقوق ابناء الشعب وتبديد ثروات البلاد, يؤشر الى سلم اولوياتهم السياسية الذي تتربع على رأسه مصالح القيادات الحزبية ثم تتبعها المفردات الاخرى ومصالح ابناء الشعب تأتي في ادنى درجاته وهذا بحد ذاته سُبة لنزاهتهم الفردية والجماعية كمجموعة حاكمة.  مع قناعتنا التامة بأن سياسات اهدار اموال الدولة وسرقة المال العام ممارسة توافقية دأبت عليها كل احزاب المحاصصة الطائفية- العرقية المهيمنة على السلطة في البلاد.
ستثبت الايام, هل ان ما جاء في حديث العبادي سقطة انفعالية ام تشخيص حقيقي لقوى الفساد؟ 

234
  إشادة بالتظاهرات... إختطاف للمتظاهرين
احسان جواد كاظم
لم يبق من ممثلي أحزاب السلطة من لم يشدْ بالتظاهرات واهدافها الاصلاحية ومشروعيتها, حتى بعضهم ممن انتقد التظاهرات او ممن رمى المتظاهرين باتهامات مجانية بالارتباط بسفارات او خدمة اجندات علمانية ضد انجازات الاسلاميين, خفف من حدّة انتقاده ونبرة خطابه.
 وبينما نحن نترقب على احر من الجمر تنفيذ  حُزم الاصلاحات التي اعلنها رئيس الوزراء وصدور اوامر القبض على الفاسدين وتقديمهم للعدالة, نشهد بأم العين محاولات التراجع عنها اوالالتفاف عليها اوالافلات منها بحجج مختلفة منها تناقضها مع الدستور او تقاطعها مع الاستحقاقات الانتخابية والحقوق الشرعية التحاصصية.
كما يبدوالتناقض فاضحاً بين اقرارهم الكاذب للحق الدستوري بالتظاهر وحق التعبير عن الرأي للافراد والجماعات وبين ردود افعالهم الهستيرية عند نقل هذه الحقوق من مجرد سطور على الورق الى افعال ملموسة, بترجمتها على ارض الواقع بتظاهرات او اعتصامات, بمقال صحفي او بيت شعر او حتى هتاف.
فتأييدهم المزعوم, من جانب, لحق المواطن بالتظاهر والتعبير عن رأيه, وكلاهما من الحقوق الدستورية بل من واجبات المواطن الدستورية ايضاً  لتقويم اعوجاج الحكام, يترافق مع شنهم, من جانب آخر, حملات اعتقال للناشطين المدنيين واخضاعهم للتعذيب ليتبرؤا من نصرة شعبهم. هذا غير تعرض ناشطين آخرين لعمليات اغتيال غادرة من قبل ميليشيات ارهابية تابعة لرؤوس الفساد من مافيا الدولة التي تضررت من بعض الاجراءات الاصلاحية الهامشية التي تحققت بفعل الضغط الشعبي.
اصابع الاتهام في اختطاف الناشطين تشير الى جهات امنية استخباراتية بعينها. فولاءات هذه الاجهزة القائمة على اساس المحاصصة الطائفية- العرقية يجعلها تمارس هذه السلوكيات اللاشرعية الموروثة من خزين الاجهزة القمعية لنظام البعث البائد, بأعتبارها جزء من عقيدة الفكر الواحد والقائد الأوحد. وذات الأتهام موصول الى ميليشيات تابعة لاحزاب متنفذة ضالعة بالفساد, تمالأها اجهزة الدولة الامنية او تخشاها. في الوقت التي تقف به هذه الجهات عاجزة عن صد اختراقات امنية مريعة لارهابيي الدولة الاسلامية داعش, يدفع فواتيرها المواطنون من دمائهم في الاسواق والمدارس.
اما وان اختطاف المتظاهرين اصبح تقليداً بوليسياً شائعاً لدى هذه القوى فأن الأصرار الشعبي على انتزاع حقوق ابناء شعبنا, اصبح يغيظ رؤوس الفساد, وقد تجعلها تفقد اعصابها وترتكب حماقة على مستوى عالي. وقد بدأ صبرها ينفذ... فالاخبار المتواترة على وسائل الاعلام, تشير الى تعرض رئيس الوزراء حيدر العبادي لمحاولتي اغتيال, اضافة الى شكواه العلنية من تآمر اشخاص من الدائرة المحيطة به للتخلص منه, بعدما حاز على قبول شعبي واسع ودعم كبير من المرجعية الدينية العليا في النجف لضرب الفساد. وأن امكانية ذهابهم الى حد الشروع بعمل غبي, بقمع الحركة الشعبية وارداً وينبغي اخذه على محمل الجد في التعامل مع تعقيدات الوضع السياسي العام ومعطياته الآنية.
ان صراع الارادات الدائرة بين الارادة الشعبية التواقة للتغيير والحياة الكريمة وبين ارادة احزاب الفساد المتنفذة بتأبيد نهبها الاجرامي لثروات البلاد ومقدرات شعبها يبدو محتدماً. ورغم مايظهر عليه ميزان عناصر القوة من ميل الى قوى الفساد لحيازتها الثروة والميليشيات والنفوذ السياسي في اجهزة الدولة الا ان عناصر القوة لدى القوى الشعبية, ليست هينة وتتنامى بسرعة, لاسيما بعد تجريدها للطغمة الحاكمة من عنصر قدسيتها الدينية وتخلي المرجعية عن دعمها. ولا شك ان الاجماع الوطني على ادانة سنوات حكم احزاب الفساد المتحاصصة ونبذ تقسيماتها الطائفية, احدى اهم عناصر قوة القوى الشعبية, اضافة الى تجذّر النزوع الشعبي نحو الأصلاح الحقيقي والاصرارعلى تحقيق مطالبها بعد كسر حاجز الخوف الذي كرسته اعوام الأقتتال الطائفي المقيتة. ان وجود هامش قانوني فرضته ترتيبات تشكيل الدولة بعد 2003 , بأيجاد ضوابط مصطنعة للعلاقة بين مكونات المحاصصة, يستوجب علينا استلال جانبها الايجابي المتعلق بالاعتراف بالتعددية مثلاً لصالح الدفع بعملية التغيير. فأزمة النظام منه وبه, وينبغي على القوى الشعبية استثمارنقاط ضعفه لأنجاح مشروعها النهضوي بشكل امثل رغم ما تكتنف حقولها من الغام.
أن اغتيال او اختطاف الناشطين المدنيين من اجل التغيير, سيلهب الحماس اكثر وسيصلب العناد الشعبي لنيل الحقوق وليس احباطه, لاسيما بعد ان تحول شهداء الانتفاضة المغدورين وأولهم هادي المهدي والمختطفين من سجناء الرأي كجلال الشحماني الى رموز شعبية في بلد يدّعي قادته تطبيق الديمقراطية.
احدهم توهم احتضار الانتفاضة الشعبية.
 - " كيف لبركان استيقظ ان يبتلع حممه ؟!!*

*  احلام مستغانمي/ الأسود يليق بك
 


235
قرار حجب المواقع الاباحية- هروب من ارض الواقع الى الفضاء الافتراضي
احسان جواد كاظم
 اثار تصويت مجلس النواب العراقي على قرار حجب المواقع الاباحية على الانترنيت ردود فعل متباينة. فقد وجده البعض في غير وقته, وعدّه البعض هوساً غير مبرراً بمسألة ثانوية, بينما تواجه البلاد تحديات مصيرية وضرورات حياتية مهمة كان ينبغي  على مجلس النواب وضعها في اولويات نشاطه البرلماني, لا الانشغال بمسائل هامشية, كهذا القرار.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه النائب عن التحالف الوطني الحاكم والمبادر لعرض القرار على المجلس عبد الهادي الحكيم :" ان حجب المواقع الاباحية يعد جزء من حركة الاصلاحات التي تبناها مجلس النواب لصلاح المجتمع". اعتبره الكثير من المواطنين قراراً غيرذي معنى, وان تمريره جاء للتهرب من استحقاقات فرضتها انتفاضة ابناء شعبنا ضد الفساد والتي عجز المتحاصصون في السلطة وائتلاف السيد النائب بالخصوص, الذي يعتبر اكبر كتلة برلمانية في مجلس النواب من تحقيقها. وانها عملية ابتزاز وارهاب للبعض, اما انك مع حجب هذه المواقع او تكون ضد القيم والاخلاق الحميدة.
ولانعتقد بأن النائب الحكيم متيقين من ان قرار حجب المواقع الاباحية سيقوم بما لم تستطع الدعوة الاسلامية خلال 14 قرناً من تقويمه في سلوك المسلمين.
وقد ارجع السيد النائب اصدار القرار الى ارتفاع نسب الطلاق والاحجام عن الزواج عند الشباب العراقي وارتفاع معدلات الأغتصاب والتحرش الجنسي,  للتأثير السلبي لهذه المواقع, مع ان الجميع يعلم بأن اسباب هذه المشاكل الاجتماعية والاخلاقية اكبر من مجرد متابعة مواقع اباحية على الانترنيت, فالفقر والجهل والبطالة والعنف ضد المرأة واباحة نكاح القاصرات, وقوانين الاحوال الشخصية الجائرة, هي ما أدت الى هذه المشاكل. كما ان ما يفند الادعاءات المساقة اعلاه, ان نسبة متابعة العراقيين لهذه المواقع من حيث الوقت, حسب دراسة لموقع اباحي عالمي يرتاده نحو تسعة ملايين شخص يومياً من مختلف انحاء العالم, هي الاقصر وتبلغ 5.30 دقيقة, مقارنة مع اوقات زيارة مواطنين من دول عربية واقليمية اخرى. فهي تبلغ من السعودية 8.23 ومن ايران 8.28 وهما طرفا الصراع الطائفي الديني الاكثر تزمتاً في المنطقة واللتان تطرحان نظاميهما بأنهما الاكثر تمسكاً بعرى الدين. وهذا ما يعني بأن مقترحي القرار يحاولون فرض قناعاتهم الفكرية والايديولوجية على المواطنين, ويسعون من خلال تصويتهم على القرارالى تسويق ذواتهم بأعتبارهم محامين اشداء عن الاخلاق وقيم الدين.
ومما ورد من الأسباب الموجبة لهذا الحجب هو" نشر هذه المواقع للرذيلة بين طوائف المجتمع العراقي بالصوت والصورة" مع ان هذه المواقع ليست موجهة الى جهة محددة دون اخرى وهي لاتفرض على احد ارتيادها ومشاهدة افلامها الفاضحة بل هو اختيار شخصي بحت.
وكان حقوقيون قد اشاروا الى أن ما صوت عليه مجلس النواب في جلسته 22  هو مجرد قرار وليس قانوناً لذا فهو لن يكون ملزم التنفيذ, وهو امر لايمكن ان يكون قد غاب عن بال اصحاب مقترح القرار والمصوتون عليه, وهذا ما يعزز الشكوك من وجود دوافع اخرى ليس منها الفضيلة وحماية الشباب العراقي من الانحراف, وانما اسباباً سياسية خفية.
ويبدو ان مقترحي القرار لم يحسبوا جيداً التكاليف العالية والتي تقدر بملايين الدنانير لتنفيذ عملية الحجب في ظل خواء خزينة الدولة بسبب الازمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد, اضافة الى عدم توفر الامكانيات التقنية المناسبة لحجب هذه المواقع وانتشار برامج فتح الشيفرات المعطلة لهذا الحجب.
لقد استعاض ممثلو الشعب في مجلس نوابنا عن عقد جلسات خاصة, على ارض الواقع, لمناقشة سبل تخليص بنات العراق المستباحات لدى ارهابيي دولة داعش الاسلامية بالهروب الى الفضاء الافتراضي لمحاربة الاباحية.
انهم يحاولون اقناعنا, من خلال اصدار هذا القرار الغيرذي شأن بأنهم حماة العفة والشرف والاخلاق بعد ان سقطت سمعتهم الى الحضيض بسبب سرقتهم للمال العام ومصادرتهم لحقوق وحريات ابناء الشعب والاستهانة بمطالب التغيير الديمقراطية.


236
" الفضائية العراقية"... تقليد بائس لل " الجزيرة القطرية"
احسان جواد كاظم
" الفضائية العراقية" الرسمية وقناة " آفاق الفضائية" التابعة لحزب الدعوة الاسلامية اعلنتا يوم الجمعة الماضية 9/11 خبراً عاجلاً, عارٍ عن الصحة,  بتعليق التظاهرات الشعبية في بغداد, قبل ساعات من انطلاقها.
لقد مارستا تضليلاً اعلامياً مفضوحاً, بأجتزاء الحقيقة لخداع المواطنين وتثبيط عزائمهم وايهامهم بعقم نضالهم ضد الفساد والفاسدين وأفشال تظاهراتهم المنادية بالاصلاح,  بينما قرار تعليق المشاركة في التظاهرات جاء من متظاهرين اسلاميين فقط, والفرق بيّن طبعاً بين الحقيقة والوهم.
واذا كان كذب " فضائية آفاق" مفهوماً لما يتعرض له حزبها ورئيسه من ادانة من الجماهير الشعبية في ساحات التظاهر, فأن اطلاق الفضائية الرسمية لتلك الكذبة غير مبرر بل ومدان, فهي قناة ممولة من خزينة الدولة العراقية ومن اموال مواطنيها ولا ينبغي تجييرها لمصلحة فئة معينة دون اخرى, وتجنب الانحياز المكشوف, على الاقل, الى مناهضي الانتفاضة الشعبية من الفاسدين, لكنها لاتستطيع ان تخرج من جلدها, فهي وليدة المحاصصة التي يقوم عليها بناء الدولة.
حاول القائمون على " الفضائية العراقية" تقليد ما تقوم به فضائيات عربية مغرضة, مثل" الجزيرة القطرية" من تضليل اعلامي, بفبركة اخبار واحداث كاذبة لخدمة مشاريع اسيادها التخريبية في المنطقة, ولكن جاء تقليدها فجاً, ليس فيه من الحرفية الاعلامية شيئاً... فكل مشاهد نبيه, شهد سذاجة ما بثته في تقرير لمراسلها من ساحة التحرير في بغداد, وقبل موعد انطلاق المظاهرة, اكد فيه خلو الساحة من المتظاهرين, ثم تصويره (متظاهرين) يعدّون بأصابع اليد وهم يحاولون تخريب السياج الامني واضرام النار في اسلاكه المعدنية !!! واجراءه لقاءات ببعض هؤلاء يرددون ما يهتف به المتظاهرون عادة في كل ساحات التحرير في العراق.
ان التمثيلية الهزلية التي عرضتها القناة, فضحت المستوى المتدني للقائمين عليها وحقيقة نواياهم المعادية لمطامح شعبنا الثائر, فلطالما حاول القائمون على القناة تجاهل المظاهرات الشعبية, فما الذي أثارحماسهم لبث خبر تعليقها بهذه السرعة هذه المرة ؟!!
لقد تهافتت أكاذيب الفاسدين, سريعاً, بعد وصول اولى طلائع المتظاهرين الى ساحة التحرير واسقط في ايديهم, حيث لم تجد اكاذيبهم آذاناً صاغية من قبل ابناء شعبنا, فكانت تظاهرة شعبية حاشدة.
ان احزاب المحاصصة التي تعيش مأزق مفاسدها وجرائمها بحق ابناء شعبنا, لجأت الى الكذب والتدليس على المنتفضين السلميين, لعلها تجد مخرجاً, يحفظ لها بعض امتيازاتها بعد ان بددت الانتفاضة الشعبية هالة قدسيتها المزعومة, وستجلسها عاجلاً او آجلاً على كرسي الاتهام في محكمة الشعب العادلة.



237
عصي الفُسّاد في عجلة التغييرالديمقراطي
احسان جواد كاظم
تجهد احزاب الفساد ومافيا الجريمة المنظمة ودولة داعش الاسلامية ودول اقليمية ودولية الى ابقاء الدولة العراقية عليلة منهكة, مواطنيها مُقسمون مُهمشون يائسون, ولذلك فهي تسعى بكل السبل الى وضع العصي في عجلة التغييرالديمقراطي الذي يناضل من اجله ابناء شعبنا من خلال تظاهراتهم واعتصاماتهم في انحاء العراق كافة.
وتمثلت عصي التعطيل بعدة افعال وتصريحات مستغلة تردد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي ونفوذ الفاسدين وتغلغلهم بكل مفاصل الدولة والمجتمع على شكل موظفين متحاصصين او احزاب مهيمنة او ميليشيات منفلتة ومزوري شهادات وغيرها من الاشكال.
وبعد ان كانت هذه القوى متخوفة من المظاهرات الشعبية والشعارات الجريئة التي رفعت فيها, واصرار المتظاهرين السلميين على تحقيق مطاليبهم الشرعية بانضباط ووعي عاليين وعدم تقديمهم المبررات  لقوى الامن وميليشيات الاحزاب لقمع انتفاضتهم, فأنها ترى نفسها اليوم اكثر تحرراً من التزامات الدستور و القوانين الدولية بعد ان استعادت ثقتها بنفسها بسبب التردد في المضي في الاصلاحات وشروعها بتعطيل ما اعلن عنها برفض تنفيذها.
وكانت قوى الفساد الحاكمة قد تلقفت, بفرح غامر, اخبار عقد مؤتمر الدوحة للقوى المعارضة للعملية السياسية الجارية والذي حضرته مجموعة من المطلوبين للقضاء العراقي بتهمة الارهاب, بأعتباره هبة من السماء لانقاذها من ورطة انتفاضة شعبنا, واختلقت ازمة سياسية لألهاء الرأي العام العراقي وحرف نظره عن انتفاضته واهدافها التي تمس اسس نظام المحاصصة الفاسد. ورغم فشل هذا المؤتمر بسبب خلافات المشاركين به والممثلين لمصالح دول اقليمية متعددة حد التقاذف بالاحذية والسباب, لكن النخبة السياسية الحاكمة لازالت تلوك الحدث في اعلامها وتعظم من شأنه, وتشن هجوماً كاسحاً على رئيس مجلس النواب الجبوري, حليفهم بالتحاصص, لتزامن زيارته بدعوة رسمية من دولة قطر مع  عقد هذا المؤتمر والذي يضم رفاقاً سابقين له اتهموا بدعم الارهاب في فترات سابقة .
وبغض النظر عن احتمال لقاء رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ببعض المشاركين بالمؤتمر من عدمه, وبغض النظر عما يمكن ان يكون لدولة قطر من يد في ترتيب الامور ليكون عقد المؤتمر متوافقاً مع زيارة رئيس مجلس النواب, وهو ما يمكن ان يكون مدبرأ عن قصد لشق الصفوف, وهي المعروفة بدعمها للارهاب في المنطقة, فان هذه القوى داخل السلطة ومعارضيها والدول الداعمة لهم, مجتمعة ومفردة لها مصلحة حقيقية اصيلة في عدم سير العراق في طريق التغيير الديمقراطي الذي ينشده مواطنوه.
ولم تقتصر عملية وضع العصي والعراقيل والمطبات امام عجلة الاصلاح الجارية على مهل, على ذلك فقط,  بل جرى استخدام كوابح متعددة لها. فقد تصاعد في الايام الاخيرة نشاط ميليشيات اجرامية لاغتيال ناشطين مدنيين او تهديد آخرين منهم بالقتل واختطاف البعض الاخر او الهجوم على خيام الاعتصام وتدميرها وضرب المعتصمين السلميين فيها او التصريح العلني ببسط حمايتها على رموز فساد قضائية معروفة يطالب المتظاهرون في كل مدن العراق  باقالتها وتقديمها للقضاء .
عدا كل ذلك, وجهت قوى الفساد اذرعها المسلحة  لانهاء آخر اشكال النشاط الاقتصادي في الدولة بأستهداف عمال ما تبقى من شركات استثمارية, واختطافهم, وشنها حملة اعلامية شعواء على القوة الأمنية الشرعية التي ارادت تحريرهم, بعد ان قتلت وجرحت عدداً منهم, وذلك لأشاعة اجواء عدم الثقة بالحكومة وقدرتها على ضبط الامن و تحذير حيدر العبادي من مغبة انحيازه الواضح للانتفاضة الشعبية.
لن تكتف قوى الفساد المعادية للتغيير بذلك بل انها ستسعى لاستغلال كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لأنهاء الانتفاضة السلمية, ومنها بضربها من الداخل وشق صفوفها, وهذا ما يستوجب من ابناء شعبنا شحذ الحيطة والحذر لعدم جرهم الى نزاعات فئوية فردية تنسف كل آمال شعبنا العراقي المعقودة عليهم.
لكن رد ابناء شعبنا جاء سريعاً, على هذه الانتهاكات والتجاوزات والاخطار, بتشكيل قيادات ميدانية للتظاهرات في مدن وقرى العراق لتوحيد اهدافها وخطابها, و لتصبح قادرة على التفاوض مع الجهات الرسمية واعداد برامج الاصلاح التي يسعى اليها المواطن وتنظم عملية الاسناد لجهود الاصلاح الحكومية وتوجيهها الى ما هو افضل لصالح المواطنين.
اصبحت ساحات التحرير ملاذاً للمظلومين ومحاكم شعبية للظالمين.
لذا " ترى كل مظلومٍ الينا فرارهُ...... ويهربُ منّا جهدهُ كل ظالمُ "


238
استقلالية القضاء وقاضي القضاة... وهم !
احسان جواد كاظم
تصريح السيد رئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود, بعدم وجود سبب قانوني لأقالته او استقالته, أثار استغراباً واسعاً في الاوساط الشعبية وخصوصاً في الاوساط القضائية.
وقد فند قانونيون معروفون بنزاهتهم, بأن مجرد جمعه لرئاسات عدة هيئات قضائية, يُفترض ان تكون مستقلة عن بعضها البعض, كرئاسة مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الأتحادية العليا والحاق هيئة الادعاء العام الى ادارته, غير دستوري ويُعد مبرراً كافياً لأقالته. ثم قبل هذا وذاك موافقته بتسييس القضاء وسلبه لأستقلاله بتحصيص الهيئات القضائية واخضاعها لمشيئة الاحزاب المتنفذة. ولعل الاتهام الاوسع انتشاراً والذي يتفق عليه جموع المتظاهرين مع آراء جهات قانونية وقضائية, بأن السيد مدحت المحمود كان يُداهن سلطة قيادة الاحزاب الدينية ويجد التخريجات القانونية لمصلحتها وبالخصوص حزب الدعوة والائتلاف الوطني العراقي برئاسة  نوري المالكي. ولوكان كل ذلك يحدث بسبب قلة الخبرة والكفاءة فتلك مصيبة اما انه صاحب خبرة يُعتد بها, وقد فعلها مع سبق الأصرار والترصد( حسب التعبير القانوني), فالمصيبة اعظم.
كما لم تبد عنه أيّة غيرة على دستورية المؤسسة القضائية, عندما اتخذت قوى المحاصصة الحاكمة العُرف العشائري بديلاً عن قانون الدولة الرسمي واعتبار حكمه حكماً باتاً نافذاً في حل الخلافات والمنازعات الرسمية والعامة. ولم يُظهر ايّة ردة فعل من سريان تنفيذ مشاريع قوانين لم يقرها ممثلو الشعب في مجلس النواب, مثل قانون " نكاح القاصرات" الذي قدمه وزير العدل السابق حسن الشمري من حزب الفضيلة الاسلامي, رغم ما يسببه من اهانة للطفولة وسلب اجرامي لحقوقها وتخريب مريع للواقع الاجتماعي.
والمثل يقول:" الساكت عن الحق شيطان اخرس" فما بالك لو كان الساكت عن الحق قاضياً بل قاضي القضاة ؟
ان الهدف المعروف من وجود رجال قضاء وهيئات قضائية في ايّة دولة هو أحقاق الحق ونصرة المظلوم على الظالم, وتنظيم العلاقة بين الحقوق والواجبات ومنع التجاوز عليهما, وهو ما لم يتلمسه المواطن خلال فترة تبوء السيد مدحت المحمود لكرسي القضاء قبل سقوط الدكتاتور وبعد ذلك. ومن هنا تكتسب المطالبات الشعبية بأقالته مسوغاتها الأخلاقية والاجتماعية الشرعية.
واذا كان هناك هامش بسيط لأستقلالية القضاء, فأن زيارة هادي العامري وابو مهدي المهندس لمجلس القضاء الاعلى واستقبال السيد مدحت المحمود لهما, وعدم استقباله لممثلي المتظاهرين المدعومة مطاليبهم من المرجعية الدينية, قد طوحت بما تبقى من هذه الاستقلالية المزعومة وجاءت دليلاً قاطعاً على اتهامات ابناء شعبنا له, بخضوعه لمشيئة فئات حزبية معينة على حساب مصالح عموم شعبنا.
ولا يخفى على احد اجماع كل ابناء شعبنا والكثير من منتسبي الاحزاب الحاكمة بأن احد الاسباب الاساسية لأنتشار الفساد في مؤسسات الدولة والمجتمع ولسقوط ثلث الاراضي العراقية تحت سيطرة ارهابيي داعش كان بسبب المحاصصة وسلب الهيئات  التي تُدعى بالمستقلة, استقلاليتها وتعطيل دورها وخصوصاً السلطة القضائية.
ونُذّكراعداء الفجر الجديد من مُسوفي الاصلاحات المتمسكين بالمحاصصة المقيتة والباسطين حمايتهم على الفاسدين وسراق اموال الشعب بنبوءة الجواهري الكبير التي تحققت مرة ولابد انها ستبقى تتحقق, متى ما كان هناك استخفاف واستهانة بقدرات الشعوب على التغيير:
سينهضُ من صميم اليأس جيلٌ..... مريدُ البأس جبارٌ عنيدُ
يقايضُ ما يكون لما يُرجّى    ..... ويعطفُ ما يُراد لما يريدُ



239
" هلموا الى متاع الظلمة"
احسان جواد كاظم
هي ليست دعوة لتدمير ممتلكات الظلمة من قيادات واتباع احزاب المحاصصة ولا هي دعوة الى نهبها, فهذا " المتاع" من اموال  وبنايات وسيارات مصفحة وممتلكات هي ملك لشعبنا العراقي يجب ان ترجع اليه وتستخدم لرفاهه. كانت هذه الدعوة قد أطلقها قبل قرون غيلان الدمشقي الذي كان يبيع اموال وممتلكات بني امية المصادرة, عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.
رئيس وزراءنا الذي يطالبه المنتفضون في كل ساحات التحرير في العراق بالضرب بيد من حديد للفاسدين, والذي يطالب بدوره شعبنا العراقي بالتفويض, نرا ه يحاول التخفيف عن زملاءه الفاسدين في الحكم, حيث قال في آخر  لقاء له مع اعلاميين بأن "الفساد أغلبه هدر اموال وليس سرقة للمال العام " !!!
نسأله اذاً من اين لسياسيي المحاصصة الفاسدين هذا الثراء الاسطوري والبذخ الاجرامي والعقارات والشركات المنتشرة في العراق وكل بلدان العالم  وكيف اغتصبوا اراض ومؤسسات حكومية واملاك خاصة لمواطنين بالتزوير والتحايل على القانون وحولوها الى مقرات حزبية و ميليشياوية و جوامع او قنوات فضائية تبث سموم الطائفية والتجهيل؟
هل يستطيع السيد حيدر لعبادي الاشارة,بشجاعة, لمن ارتكب هذا الاهدار المروع للاموال العامة ؟ أليست هي نفسها احزاب الفساد المختطفة للسلطة وقياداتها وجلاوزتها؟  بتحاصص المناصب وكأنها غنائم وبتخصيص هذه الرواتب والامتيازات الخيالية وفرض الكوميشنات على الشركات الاستثمارية وتوزيع المقاولات فيما بينها, اضافة الى القرارات والاجراءات الغبية الصادرة عن اناس غير كفوئين. هل يسمى هذا فساد ام شيْ آخر؟
نقول للمتظاهرالشجاع في ساحات التغييرالذي سمى الفاسد بإسمه, بلسان البهاء زهير:
لعنَ الله من ذكرتَ..... وحاشاكَ تذّكُرُهُ
إن من فاه بإسمهِ ..... دجلةً لا تطهرُّهُ
وارى ألفَ رُكعةٍ ..... بَعده لا تكفرُّهُ


240
انتفاضتنا الشعبية... فرصتنا التاريخية للتغيير
احسان جواد كاظم

بأنتشار التظاهرات الشعبية المطالبة بمكافحة الفساد والفاسدين في كل انحاء العراق, تتشكل بوادر فرصة تاريخية للتغيير نابعة من آلالام ومعاناة العراقيين طوال سنوات طويلة من الظلم والحرمان وسلب الحريات والحقوق.
ان ابرز البوادر الايجابية  التي اظهرتها هذه التظاهرات كان التحول الجديد في الفكر العراقي بتنامي ثورة الوعي الديمقراطي والنضال المدني السلمي, التي جاءت رداً مدوياً  على سياسات  النهب المنظم للاموال العامة والاستهتار الاجرامي بحياة وكرامة وحقوق العراقيين بأتخاذ نهج المحاصصة الطائفية - العرقية في الحكم من قبل احزاب السلطة المهيمنة واستشراء الفساد في كل اجهزة الدولة واستئثار شرذمة فاسدة بخيرات الوطن وحقوق ابناءه.
البادرة الثانية هي تصدع التحالفات المتحاصصة, وهي فرصة لابد من استثمارها لصالح التغيير المنشود :  فالتحالف الوطني العراقي الذي يدعى بالشيعي تطوح به الخلافات والازمات بعد تعذر اتفاق اطرافه على اختيار رئيس جديد للتحالف ثم اقالة قائده نوري المالكي من نيابة رئيس الجمهورية, اضافة الى صدور تقرير الموصل واتهامه بالتقصير والتهاون في هذا الملف, والذي تسبب في سقوط ثلث الاراضي العراقية تحت براثن ارهابيي الدولة الاسلامية داعش. وظهور صوت شعبي عال رافض لرموز هذا التحالف.
كما يشهد التحالف الكردستاني تصدعاً خطيراً بسبب مشكلة رئاسة الاقليم, بأصرار طرف منه على الأستئثار بالسلطة ومطالب شعبية مشروعة بالتغيير ودمقرطة الحياة السياسية في الاقليم بالتحول من النظام الرئاسي " حكم الفرد" الذي اثبت فشله,الى النظام البرلماني الذي يضمن مشاركة شعبية اوسع في مراقبة الاداء واتخاذ القرارات. لاسيما وان اجهزة الاقليم الادارية تشهد ظواهر فساد كبيرة اسوة بما يحدث في اطراف العراق الاخرى, وصراعات قيادة الاقليم غير المبررة في اكثر الاحيان مع الحكومة الاتحادية. وقد اوقعوا شعبنا الكردي في حيرة بين خلافاتهم السياسية ومظاهر الفساد وبين دغدغتهم للمشاعرالقومية بأعلان الاستقلال.
ما يسمى بالتحالف السني وضعه ليس افضل من سابقيه فهو يشهد خلافات محتدمة بين اطرافه وصراع على قيادته, فالاتهامات المتبادلة بين اسامة النجيفي النائب السابق لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري مكشوفة للعيان, كما ان حرب الكراسي التي شهدناها في اجتماع سياسي عشائري احد تجليات هذه الخلافات, والتي تضفي شكوكاً كثيرة حول جدية تمثيلهم لهذه الشريحة الاصيلة في المجتمع العراقي..
و تبدو الظروف مؤاتية للتغيير اكثر من اي وقت آخر, بأنحياز المرجعية الدينية العليا للسيد علي السيستاني الى الحركة الشعبية ضد الفساد والفاسدين , وهم في الاغلب ممثلي احزاب الاسلام السياسي, هي احدى هذه البوادر الجديدة المؤثرة, ثم دعوته للسيد رئيس الوزراء بالضرب بيد من حديد للفساد وممثليه وتعبير السيد العبادي عن استعداده بالقيام بعملية التغيير بأعتباره قائد دفة الدولة من خلال موقعه التنفيذي الأول.
ان وقوف ابناءنا في القوات المسلحة وقوات المتطوعين, بشكل بطولي امام المشروع الظلامي للدولة الاسلامية داعش, احدى البوادر المهمة التي تعطي دفعة كبيرة لعملية التغيير وللتشابه التوأمي بين بربرية داعش الارهابي التي يواجهونها وتغول احزاب الفساد التي تواجهها التظاهرات الشعبية. ان وحدة الهدف هي ما تجمع بين المقاتلين على الجبهات ضد داعش والمكافحين للفساد والفاسدين في ساحات مدننا وقصباته.
لابد من التأكيد ايضاً, بأن التظاهرات الشعبية المطالبة بالتغيير تستمد شرعيتها من الدستور وتتوائم مع بنده ان " الشعب مصدر السلطات",  بعد ان كفت الأجهزة القضائية عن ان تكون ضامنة للتطبيق القويم للقانون بعد شمولها بالتحاصص.
كما ان الازمة الاقتصادية الحادة التي تعصف بالبلاد بسبب سرقة الخزينة العامة وثروات العراقيين من قبل احزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية الكردية المتحاصصة معها وانخفاض اسعار النفط, قلصت الى حد كبير من امكانية رشوة بعض الشرائح الاجتماعية, والدفع من جيوبهم المنتفخة من اموالنا المسروقة, امرغير وارد.
وتبدو اجهزة اعلام قوى المحاصصة في مأزق حقيقي بعد ان فضحتها الانتفاضة الشعبية بأعتبارها احدى ادوات ادامة الفساد وتجهيل المواطن والكذب عليه ثم ابتزازه فكرياً.
المرتعدون من هبتنا الشعبية العارمة يتهمون المتظاهرين بأنهم مدفوعين من سفارات اجنبية, في حين ان الوعي الشعبي المنبثق من المعاناة والآلام كان هو الداينمو المحرك لهذه التظاهرات خصوصاً وان دول المنطقة المحيطة بالعراق هي اما ديمقراطيات هزيلة مريضة او معادية لها, تتوافق اهدافها مع اهداف احزاب الفساد المناهضة للمتظاهرين المدنيين الداعين للديمقراطية الحقة . ولا يمكن لهذه الدول ان تكون داعمة لدعاة التغيير بل هي بالاحرى تود استمرار حكم احزاب الفساد والمحاصصة لأبقاء العراق مريضاً, مقسماً وشعبه فقيراً مغلوباً على امره, غير قادر على استعادة دوره التاريخي كمصدر اشعاع فكري وثقافي في المنطقة.
ان محاولات الاعتداء المتكررعلى المتظاهرين من قبل قوى الفساد المتمثلة بأحزاب المحاصصة وعصابات المافيا المتحالفة معها والدول الاقليمية التي لاترغب بوجود عراق ديمقراطي حقيقي, تدفع الى الاصرار على المطالب الشعبية لا الى التراجع عنها بل ان اخماد هذه الهبة سوف لن يؤدي الى نهاية الوعي وانما الى ترسخه وتجذره, فقد انطلقت ثورة الفكر الرافضة للتخلف والساعية للتغيير الديمقراطي ولا رجعة عنها, ولا يمكن لأية قوة  من ايقاف هذه العاصفة.
ان توفر الظروف الموضوعية التي اسلفناها ينبغي ان يوازيها توفر ظروف ذاتية لقوى الانتفاضة, مثل انبثاق قيادة شعبية موحدة للمتظاهرين مسلحة بوحدة الارادة., قادرة على ادارة الانتفاضة الشعبية نحو هدفها المنشود بالتغيير السلمي الديمقراطي و ما نشهده من مساعي للتنسيق بين الناشطين في كل ساحات التغييرلتوحيد المطالب الشعبية, بادرة خير, ومقدمة لنشوء قيادة ميدانية شابة تسير بالمشوار حتى نهايته السعيدة لشعبنا.
لنقتنص فرصتنا التاريخية في هذه اللحظات الدقيقة من اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية الضامنة للعدالة الاجتماعية لكل العراقيين.



241
احزاب الفساد - تملق المرجعية الدينية... التشكيك بالمظاهرات الشعبية
احسان جواد كاظم

الشرارة التي قدحها شباب شباط/ 2011 في ساحة التحرير اصبحت شعلة تنير مسارب الظلام وتلاحق الفاسدين والارهابيين الذين ساموا شعبنا مر العذاب.
وكانت قوى الاسلام السياسي الفاسدة قد حاربت المظاهرات الشعبية السابقة الداعية للاصلاح  وقمعتها بقوة لانها كانت من تدبير العلمانيين والشيوعيين, وانها مخترقة من قوى معادية للعملية السياسية, تستهدف قلب النظام كما ادعوا, لكن الاحتجاجات الشعبية الحالية اوسع من ان تلبسها رداءاً محدداً, فقد عم الاستياء الشعبي اوساطاً واسعة كانت الى وقت قريب تحسب بأنها من رصيد احزاب السلطة وبالخصوص احزاب الاسلام السياسي الفاسد.
ان الرعب الذي انتاب هذه القوى من الهبة الشعبية العارمة الجديدة في اغلب مدن وقصبات الوطن, جعلها تنقلب رأساً على عقب واصبحت بين ليلة وضحاها , من متجاهلة لآلام ابناء شعبنا وسارقة لأمواله طوال اثنا عشر عاماً من حكمها الى متحمسة للاصلاح ومحاربة للفساد... "صحوة بعد كفخة".
 وبعد ان كانت هذه القوى متجاهلة لدعوات المرجع الديني علي السيستاني التي تدعي انتماءها له, لاصلاح الوضع مثل الغاء المناصب غير الدستورية والحد من اثراء المسؤولين او عدم رفع اعلام حزبية في جبهات القتال مع دولة داعش الاسلامية سوى علم العراق وغيرها من توجيهات المرجعية, نراها اليوم تتسابق على تقديم آيات الطاعة والولاء له, بعد تأييده لمطالب المتظاهرين بالتغيير ودعوته لرئيس الوزراء حيدر العبادي للمضي قدماً بضرب الفساد بيد من حديد. وهذا ليس متأتياً من  اقتناع حقيقي برأي المرجعية وانما تملقاً لها واحتماءاً بها من غضب شعبي قادم ان لم تنفذ مطالبها.
  كما انها اضطرت الى الدخول على خط تأييد المظاهرات الشعبية المطالبة بأنهاء فسادها واستعدادها لتقديم اكباش فداء, تفادياً لتجذر المطالب الشعبية, خصوصاً بعد ان شهدت انخراط الكثير من جماهيرها في هذه المظاهرات...وتهاوي دعاوى قدسيتها حد هتاف الجماهير" باسم الدين باكونة الحرامية", ومطالبة هذه الجماهير بأقالة ممثليها الفاسدين في السلطة المركزية والمحلية وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل على سرقة قوت الملايين, واسترجاع ما سرقوه, وهذا ما يجعلها تتأنى وتنتظر حتى تحين الفرصة السانحة للانقضاض على الحركة الشعبية واغراقها بالدم, بما تملكه من ميليشيات واموال وسلطة.
وهي تنهج اليوم نهجاً مرائياً, بتصريحها بحق التظاهر السلمي للمواطنين الذي كفله الدستور لكن هذه الجملة تأتي دائماً مشفوعة ب "لكن"  تشكيكاً بالمتظاهرين المدنيين. وهي لا تنفك عن تقدبم النصائح لجموع المتظاهرين المدنيين من امكانية اختراق مجاميعهم من قوى الارهاب او ايتام البعث البائد وحرف مسار التظاهرات, رغم ان الكل يعلم انها آخر من يحق لها تقديم مثل هذه النصائح, ففاقد الشيْ لا يعطيه, فقوى الاسلام السياسي هي اكثر الجهات اختراقاً, بشكل ارادي او لا ارادي, من مخابرات اجنبية او من البعثيين والدواعش .
في الوقت الذي تواصل محاولاتها بزج طابورها الخامس من بعض مرتزقتها لأختراق صفوف المنتفضين في ساحة التحرير والاعتداء على متظاهرات ومتظاهرين سلميين يدعون للدولة المدنية الديمقراطية او محاولات اغتيال لبعض الناشطين المدنيين في مدن عراقية اخرى, الا تعرية سافرة لحقيقة ادعاءاتها الكاذبة بدعم مطالب الشعب العراقي ولأجراءات حيدر العبادي الاصلاحية. ويمكن اعتبار هذه الاعتداءات بداية لجهود مافيا الفساد في وضع العصي في عجلة الاصلاح المأمول وللثأر من الحركة الشعبية الداعية للتغيير.
كما بدا واضحاً مدى تجاهل القناة الرسمية العراقية للتظاهرات الشعبية  واستضافتها, في الكثير من الاحيان, لمحللين مقربين من احزاب المحاصصة الفاسدة وتشكيكهم بنوايا ابناء الشعب او جعل الاصلاحات صدى  لدعوة المرجعية فقط دون الاصوات الشعبية المدنية في ازدراء متعمد للوعي الشعبي النابع من معاناة وآلام شعبنا , ثم رضوخها لاحقاً للضغط الشعبي, بعرض مباشر للمظاهرات كل جمعة من ساحات التظاهر لكن بالتركيز على جانب معين من التظاهرات دون اخرى, اضافة الى فرض احتكارها للبث المباشر, واستبعاد قنوات فضائية اخرى من قبل جهات رسمية. كل ذلك يشكل انتهاكاً لحق المواطن بالمعلومة المحايدة المتكاملة من قناته الرسمية ووسائل الاعلام الاخرى.
يعتبر الفاسدون ان الدعوة لاسقاط نهج المحاصصة الطائفية- العرقية, أُس الفساد, بأنها اسقاط لنظام الدولة واشاعة للفوضى وكأن الاستقرار لايقوم ولا يستقيم الا بوجودهم وتمتعهم بالثروة والسلطة والجاه على حساب المواطنين, رغم ان الوقائع والشواهد أثبتت عكس ذلك, فأن تغول الارهاب كان بسبب استفادته القصوى من فسادهم وتهرأ منظومة حكمهم نتيجة انتشار ظواهر فساد متعددة ومنها ظاهرة شراء الذمم التي طالت حتى قيادات متنفذة في المؤسسة العسكرية مرتبطة بأحزابهم, اضافة الى استقتالهم  على حجب حقوق الناس ونهب اموال الشعب مما سهل على ارهابيي داعش اغتصاب ثلث العراق, برمشة عين. وهنا تتداعي كل حججهم البائسة بأن الوقت غير مناسب لأصلاح العملية السياسية ومحاسبة رموز الفساد لوجود تهديد خارجي متمثل بدولة داعش الاسلامية بينما تؤكد الوقائع بأن حالة الالتحام الشعبي ووحدة الموقف في ساحات التظاهر وتهاوي مشاريع التقسيم الطائفي والعرقي من خلال الانتفاضة الشعبية هو افضل رد على الارهاب والارهابيين  ومن ممرري مؤامراتهم ضد وحدة شعب وتراب العراق وهي اللحظة التاريخية المناسبة حقاً لتدعيم وحدة البلاد وتلاحم ابناءها.
نقول لرئيس الوزراء حيدر العبادي: " ارفع لواء الحق يأتيك رجاله" !


242
مرور عام على ما حدث وصار بالموصل وسنجار

احسان جواد كاظم

بين مراوغة امريكا وتحالفها المعادي للارهاب وعدم جدية السلطات الاتحادية وسلطات اقليم كردستان في قتال داعش, لم يتغير الوضع في مناطق الموصل وسهل نينوى عنه قبل عام, عندما اجتاحها مجرمو الدولة الاسلامية وما ارتكبوه من فضائع مروعة خلفت جرحاً عميقاً في الذاكرة العراقية.
لم يكن أمر سيطرة ارهابيو داعش على ثلث الأراضي العراقية شبيهاً بنفاذ وقود سيارة متدرج, بل كان أشبه بسقوط مفاجيء في هاوية, بينما بقيت مسؤولية عما حدث مغفلة عن عمد.
 وجاءت الدولة الاسلامية بكل عتهها وعقدها لتقوم بحفلة زار كاليغولية مترعة بالدماء, فارضة أفكارها المريضة بقوة اللعنات الألهية والرصاص. والنواطير النشامى أطلقوا سيقانهم للريح, تاركين الملايين من البشر تحت من لارحمة له.
هام الناس على وجوههم في البراري والوهاد وافترشوا الارصفة وتظللوا بالجسور, لا يلوون على شيْ سوى عاقبة السلامة لعيالهم بعدما تركوا المال والحلال وذكريات اصبح حتى مرّها حلو.
 وبعدما فقدوا من كان يجلب لهم الى البيت بما تغلي به القدور واصبح اليوم مقتولاً او مفقوداً, ولم يبق لهم ما يتبلغون به درءاً للجوع سوى حشائش البر, واصبحت فلذات القلب من صبايا كالورد يُسبيّن ويُبعّن ويُشتّريّن من قبل اوغاد قذرين.  عندها تلبست المأساة ثوب الواقع الرث.
المؤلفة جيوبهم, لم تُسمع لهم قعقعة لُجُم ولاحمحمة خيل, كما كانوا  ايام الأنتخابات, يرهبون بها, بل اصبحوا يتملصون مثل ابي العرس, بتبريرات واهية لم تنطل على احد, حتى انهم اعتصموا بحبل المحاصصة في سلب دنانير الاعانات الشحيحة للهاربين من بربرية داعش دون وازع من ضمير.
كان حامي الحمى, الهارب من بين ايدي الدواعش دون قتال, ناجياً بنفسه, يصرح متبجحاً بمعارفه العسكرية, بحجة استراتيجية بشكل هزلي, يلقيها بنفس الأستيقاظ الثقيل : انسحاب تكتيكي !!!
 لك ومئات الآلاف المؤلفة التي كنت تدعي تمثيلها وحمايتها, لم تركتها لقمة سائغة للوحش ؟!! أليسوا هم اهلك وشرفك وتاج رأسك؟

وبعد كل ما جرى وكان, والدماء التي اهرقت والملايين التي شردت والاموال التي اهدرت والاسلحة والذخيرة التي سرقت, تشكلت حكومة المقبولية الجديدة بنفس ثوب المحاصصة المهلهل القديم, الملطخ بدماء الضحايا وعار الفاسدين...ولم يكن يراد منا  سوى الأنحناء من جديد اجلالاً لشيخ يقدس يعفور الحمار لمحتده الوراثي وتقديم آيات الولاء لسياسي نرجسي بمطامع تفتيت فئوية, يتوجب علينا ان نحبه في كل تجسداته القرقوزية والقرقوشية.
حراس الأمس يترددون عن تحرير نينوى المسلوبة بسبب تنازعهم على; لمن ستؤول عائديتها اللاحقة, للاقليم ام للمركز واضعين مصير الملايين كله في رسم المساومة, بينما لايزال الأرهابي يترصدنا مثل غراب وهو يرسم ابتسامة غلْ بأنياب ذئب...
 
وبعد ان ناءت على الناس المصائب بكلكلها, تنادى شباب المأساة من ابناء سنجاروالشيخان وبحزاني.. لقتال الغازي البربري بما تيسر لهم من صور المقاومة, رغم محاولات تضييق هذا وتدخلات احتواء ذاك.

- لمن نولي بوجهنا يا مولانا ؟ هل من أمل ؟
- منوووو اتكول ؟... لا مستحيل ! " هاي هم يقبلها عقلنا, اتصير امريكا أملنا "* !!!
...عيون الامل ستبقى ابداً مشدودة بأتجاه ابناءنا من القوات المسلحة ومتطوعي ابناء الفقراء من شعبنا لسحق دولة داعش الهمجية .


* عنوان مقال في صحيفة المجرشة الساخرة التي كانت تصدر في لندن.



243
نكذب ويكيليكس ام نصدق سياسيينا ؟
احسان جواد كاظم
اوقعت الوثائق المسربة من الخارجية السعودية التي نشرتها ويكيليكس الكثير من الاحزاب والتيارات السياسية المتنفذة, من اسلامية وقومية كردية, في حرج كبير. واظهرت بجلاء حقيقة احاديثهم الفارغة عن الولاء للوطن ورفعة مواطنيه. وقد كانت الفضيحة الاكبر هو ما كشفته هذه الوثائق عن تهافت مهين لهؤلاء السياسيين لخدمة آل سعود والتذلل اليهم للحصول على فتات دعم يستقوون به على حلفائهم في التحاصص الطائفي- العرقي.
طبعاً لم يغب عن بال هؤلاء السياسيين حقيقة الدور السعودي في دعم الارهاب في العراق وخططه التي ليس من بينها انهاض العراق من كبوته, لكن آلوا على انفسهم استجداء هبات  والحصول ما قسم لهم اسوة بأرهابيي القاعدة والبعث سابقاً وداعش حالياً... وما في حدا أحسن من حدا.
ان مساعيهم هذه تحتم تقديمهم الى المحاكمة امام القضاء العراقي بتهمة الخيانة الوطنية, لأن طلب مساعدة من اية جهة خارجية هي حق حصري للجهات الرسمية التابعة للدولة العراقية او على الاقل من خلالها وبعلمها وليس من حق اية جهة حزبية او ادارية طلب ذلك حسب هواها, لما قد تترتب عليها من شروط والتزامات سياسية تضر بالسيادة الوطنية وتقوض من سلطة الدولة وتنتهك دستورها.
ان صمت بعض هذه القوى عن تورط قادتها البارزين في هذه الفضائح ودعوة اخرى المواطن لعدم تصديق ما نشر وتبرير اخرى لها, لم تستطع التهوين من هذا العمل المشين والتقليل من خطورة ما نشر من وثائق تدينهم. رغم ان هذه الوثائق لم تكشف سرأ خطيراً لايعرفه العراقيون, فقد خبر المواطن العراقي هذه القيادات وسياساتها العقيمة والمدمرة للمجتمع والوطن العراقي منذ التغييرعام2003   ولحد الآن, لكن كونها موثقة من جهة رسمية خارجية, تجعل منها قرائن ملموسة يمكن استخدامها لأدانتهم قضائياً.
لقد دأبت مجموعة ويكيليكس على نشر وثائق تكشف سياسات ومواقف دول وشخصيات ومؤسسات مختلفة ومتعددة, ويبدو ان ذلك لايخضع لأنتقائية محددة, وما تثيره من ردود فعل حادة من تلك الجهات, يؤكد صحة واصولية هذه الوثائق.
ولكونها تحضى بمصداقية عالية لم تستطع ادارات متنفذة  في العالم نفيها بل هي تطارد احد مؤسسي مجموعة ويكيليكس, جوليان أسانج, لنشره وثائق سرية تضر بمصالحها القومية وعلاقاتها الدولية.
كما ان المملكة العربية السعودية لم تنف هذه التسريبات, لا بل ان توّعدها لمن سرّب مراسلات سفرائها في عواصم العالم, بالعقاب دليل آخر على صحتها ... اضافة الى الاعتراف الرسمي من خلال دبلوماسي سعودي في 22 آيار الماضي بتعرض وزارته لهجوم الكتروني. وتحذير مسؤول حكومي سعودي للشباب السعودي من مغبة " الدخول الى مواقع الانترنيت بفرض الحصول على وثائق تضر بالوطن", ادلة اخرى على صحة هذه الوثائق ومرجعيتها.
ولابد من ان نستشف صحة هذه الوثائق من خلال ردود فعل وسائل اعلام وجهات رسمية ايرانية وتعاملها الجدي مع هذه التسريبات, بحكم ما تمتلكه ايران من اجهزة رصينة ومستقرة, وذلك ما يجعلنا نصدق ردود فعلها ونكذب تكذيبات سياسيينا وبعض المحسوبين عليها.
ان اطرف ما جاء من ردود فعل على نشر ويكيليكس لهذه الوثائق, هو حصول جوليان أسانج لرشى لغرض استهدافهم... فمن هي الجهة الاقدر على تقديم الرشى اكثر من دولة آل سعود؟ ومن غيرهم الاكثر ترحيباً لأية رشى تأتي من اي كان؟ !! نورونا أثابكم الله في هذا الشهر الفضيل.

244
دولة في مهب ريح الميليشيات !
 
احسان جواد كاظم
لم يخطر على بال احد ان يكون التعامل الحكومي مع اعتداءات عصابات ميليشياوية على مقر اتحاد الكتاب والادباء العراقيين في بغداد غير ما كان عليه, واقتصاره على صدور تصريحات التنديد والادانة لهذه الممارسات الارهابية دون الكشف عن عائدية هذه الميليشيا ومتابعتها قانونياً, بينما جرى في نفس الوقت ارسال قوة خاصة من بغداد لاعتقال عصابة ميليشياوية سيطرت على ملعب رياضي في مدينة البصرة.
ان التعامل الانتقائي في الحالتين يشير الى مدى الضعف الذي باتت عليه الدولة العراقية, فمن موقف متراخي في الحالة الاولى الى موقف حازم في الحالة الثانية.
رد الفعل الحكومي المختلف في الحالتين, كان غير مبرراً, فقد شكلتا تهديداً مباشراً لهيبة الدولة وامن المواطن وخرقاً فظاً للقوانين العراقية.
والانكى من ذلك, هو فيما لو صحت الاخبار الصحفية التي اشارت بأن القوة التي اعتقلت مجموعة ملعب البصرة كانت قوة منتخبة من منظمة بدر قادمة من بغداد وليس قوة رسمية تابعة للجهاز الامني او العسكري العراقي, فحركة قوات مسلحة لابد ان تكون ضمن  ضوابط رسمية محددة, وعكس ذلك, سيصنف قطعاً كخرق للمنظومة الامنية الوطنية التي ينبغي ان تكون خاضعة  الى سلطة الدولة.
كما لايخلو من معنى قيام سرايا السلام التابعة للسيد مقتدى الصدر باعتقال مجموعة من جيش المهدي المنحل, تقوم بتوزيع عشوائي لاقانوني لأراضي الدولة على مواطنين, خارج اطر الدولة الرسمية ثم العفو عنهم ببساطة ( ربما بأطعام عشرة مساكين مادام اعتاق رقبة اصبح في  رسم اللا ممكن).
 ورغم مايبدو من نية طيبة فانها تخفي عدم اعتراف فاضح لوجود الدولة وعدم احترام لاجهزتها الرسمية ولقوانينها. فالاعتقال لم يكن بعلم الجهات المسؤولة عن تطبيق القانون و لا من قبل جهة رسمية وبدون امر قضائي, كما ان البت بمصير هؤلاء المتجاوزين على الحق العام ليس من اختصاص سرايا السلام  بل كان ينبغي تسليمهم للجهات القضائية المعنية لتقوم بأجراءاتها القانونية بحقهم .
ينبغي التمييز بين الدور المشرف الذي تقوم به قوى المتطوعين في الحشد الشعبي الساندة لقواتنا المسلحة البطلة في مواجهتها لتنظيم الدولة الاسلامية داعش وبين التجاوزات الارهابية التي تحاول تكريسها بعض القوى الظلامية التي لاترى في وجود دولة مدنية ديمقراطية  بيئة مناسبة لفرض تسلطها وقيمها الرجعية المتخلفة.
ازاء هذه التجاوزات لهيبة الدولة والتي تعتدي على الحريات العامة والخاصة للمواطنين التي عهدناها من ايام المقبور والتي تحاول قوى الرجعية والتخلف استعادتها وتطبيقها في حياتنا الراهنة يردد العراقي المهضومة حقوقه:
" وين تروح يا ظالم, من كل هذي المظالم ؟ "*

* قصيدة حسينية تتعرض لجرائم المقبور بحق العراقيين.   


245
دفاعاً عن الشيوعيين العراقيين... انصافاً لهم

احسان جواد كاظم

تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقالات و آراءاً تتساءل عن اسباب عدم تشكيل الحزب الشيوعي العراقي قوة مسلحة للانضمام الى الحشد الشعبي في قتال داعش. وتحمل الكثير من هذه الآراء الكثير من التجني والاتهامات الظالمة بعدم الجدية في محاربة الارهاب. وهذا اكثر اتهام يثير الضحك قبل السخرية. فالشيوعيون هم اول من دعوا الى نبذ سياسة المحاصصة الطائفية -العرقية, والمحاربة الجدية للفساد السياسي والمالي لاحزاب السلطة التي قادت البلاد الى هذا المأزق ومهدت الطريق امام تنامي الحركات الارهابية ابتداءاً بالقاعدة واخواتها وحتى داعش. والمتحاصصون من اسلاميين وقوميين هم من انهزموا امام داعش وسلموا الملايين من سكان العراق لقمة سائغة للأرهابيين اضافة الى الكثير من الشهداء واكثر من ثلث مساحة البلاد, ثم خسارة معدات واجهزة ومنشآت واسلحة وذخائر كلفت مليارات الدولارات من اموال العراقيين, بدون مبرر, وتركوا التراث الحضاري العراقي والانساني للعصابات الارهابية لتعبث به وتدمره وتستثمره في تمويل حروبها الهمجية ضد البشرية.
ان من قدم هذه الهدية على طبق من ذهب لداعش لايحق له ان ينتقص من وطنية حزب عريق كالحزب الشيوعي العراقي ويشكك في عداءه المطلق للفكر الظلامي الذي تمثله داعش ومن لف لفها من تنظيمات ظلامية مشابهة.
لقد كان الشيوعيون اول من امتثل للدستور العراقي بمنع انشاء تشكيلات مسلحة موازية للقوات المسلحة التابعة للدولة, وبادروا الى حل تشكيلات الانصار ودمج بعضهم في القوات النظامية وتقاعد البعض الآخر وهي التي قارعت نظام الدكتاتورية البائد حتى قبل ان تؤسس الاحزاب الاسلامية تشكيلاتها المسلحة في ايران ايام الحرب العراقية الايرانية, بينما اصرت هذه الاحزاب على استعراض عضلاتها على المواطنين في مشاهد ترهيب مسلحة ومصادرة حرياتهم وانتهاك حرماتهم في ظل تراجع دور الدولة وبروز النزعات الطائفية والعنصرية والعشائرية المقيتة.
لابد من الذكر بأن تراجع المد اليساري في العراق والمنطقة لاسباب ذاتية وموضوعية, لامجال لذكرها الآن لعدم الاطالة, وتمسك الشيوعيون بمبدأ انشاء دولة مدنية ديمقراطية, لاتسودها المظاهر المسلحة وفقر ذات اليد لعدم اشتراكهم في عمليات نهب المال العام ومحاصرة المواطن في رزقه وامنه, وعدم رهنهم لأرادتهم لدول اجنبية لتدعمهم بالسلاح والمال والتدريب فاصبحوا غير مهتمين بأنشاء ميليشيا خاصة بهم.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل حقاً تسمح هذه التشكيلات الاسلامية المسلحة وجود قوات انصار شيوعية مسلحة الى جانبها حتى ولو كانت لهدف سامي وهو محاربة الارهاب؟ فلازالت هذه الاحزاب لا تستطيع رؤية مسرح او سينما او نوادي اجتماعية في مناطق نفوذها فكيف بها تقبل بوجود تشكيل شيوعي مدجج بالسلاح !  فحتى قوات البيشمركة الكردية لاتتحمل وجود اي فصيل مسلح غير خاضع لأرادتها الى جانبها .
وكانت بعض الميليشيات قد استغلت دعوة مرجعية السيد علي السيستاني للعراقيين بالتوجه الى جبهات القتال لمواجهة طغيان داعش وتمدده  لفرض اراداتها واجنداتها, مما حدا بالمرجع الاعلي ولعدة مرات بالتوجيه بعدم رفع راية احزاب او ميليشيات عدا العلم العراقي, واحتضان المواطنين المحررين من ربقة داعش ومعاملتهم بالحسنى... ووجوب قبول كل العراقيين الراغبين في قتال داعش في تشكيلات الحشد الشعبي وعدم اقتصارها على لون او فئة محددة.
لقد دأب ممثل المرجع الديني الاعلى في كربلاء الشيخ مهدي الكربلائي في خطبه يوم الجمعة على تجنب عبارة الحشد الشعبي وكان يؤكد على تعبير المتطوعين لما تشكله من معنى شامل وتفترض ان يحصل التطوع على شكل فردي الى فصائل هيئة الحشد الشعبي, كما فعل الشيوعيون المنضوون تحت راية هذا الحشد الذي يقاتل داعش, لا كما فعل الآخرون, بانخراطهم بكل تشكيلاتهم وميليشياتهم واسلحتهم دفعة واحدة.
وقد كان للسياسة العقلانية لرئيس الوزراء حيدر العبادي في استيعاب فصائل الحشد الشعبي في هيئة رسمية تابعة لقيادة القوات المسلحة محاولة للجم جموح واندفاع هذه الفصائل ووضعها في اطار رسمي شرعي, حد من اللغط والمخاوف التي دارت حول صبغتها ودورها.
ان اثارة البعض لهذه النعرات التقسيمية في هذه الاوقات الدقيقة والتعرض بالسوء لأيقونة وطنية شامخة كالحزب الشيوعي العراقي, يدخل في اطار تشكيك المواطن العراقي بمثله الوطنية العليا واستمرار الحجر على نشاط القوى الوطنية والديمقراطية الحقة التي لو اطلقت لجرى خنق فكر داعش الايديولوجي, في الوقت الذي يجري فيه ابطال الحشد الشعبي من ابناء شعبنا سحق مجرمي داعش تحت بساطيلهم.

246
أمل التغيير بين رحى المحاصصة وسندان الرياء السياسي
احسان جواد كاظم
اشاعت انتصارات عملية " لبيك يا رسول الله" للقضاء على الدولة الاسلامية بارقة أمل لدى مواطنينا بأنقشاع غمة داعش الظلامية عن سماء وطننا, والقيام بمراجعة شاملة لأسباب هذا الاختراق الذي وضع الوطن العراقي على شفا الانهياروالتمزق.
 وقد كان الانجاز الاكبر الذي احرزته العملية هو وحدة الصف والتلاحم الشعبي المنقطع النظير في رفض شرعة داعش وهمجيتها والوقوف وراء قواتنا المسلحة وقوات المتطوعين والبيشمركه في سحقها لمجرمي الدولة المارقة, والذي ابعد مشاريع التفتيت الطائفي للمجتمع العراقي. اضافة الى دعوات مرجعية السيد السيستاني, بالخصوص, للجميع بنبذ الفرقة والتوجه لحماية الوطن من دنس داعش ثم التآلف السياسي بين قوى المحاصصة المستقتلة على جني المنافع والامتيازات, الذي افرزه اختيار الدكتور حيدر العبادي بشخصيته الهادئة واجراءاته العملية في اضفاء شيء من الثقة بين فرقاء العملية السياسية, جعل امكانية الانتصار على داعش ممكنة. لكن القوى المهيمنة على السلطة تأبى على نفسها, حتى في هذه الظروف, الخروج من مستنقع المحاصصة الآسن رغم ادعاءاتها الكاذبة بالتراجع عن نهجها, وبعد كل ما جلبه هذا النهج من مصائب ومحن على البلاد ومواطنيها خلال اثنتي عشر سنة عجاف ابتداءاً من تفتيت بنية المجتمع العراقي مرورا بالازمة الاقتصادية والفساد الاداري والسياسي والمالي وسياسة نهب المال العام واهدار مقدرات البلاد, ثم الانهزام المريع امام عصابة الدولة الاسلامية وخسارة ثلث اراضي البلاد لصالحها, وتبعات ذلك الكارثية. فهذه القوى تصر على اتباع نهج المحاصصة الطائفية- العرقية البغيض, بسعيها لتوزيع مقاعد الهيئات المستقلة التي تعد ب 31 هيئة (منها المحكمة العليا, البنك المركزي, هيئة النزاهة, المفوضية العليا للانتخابات, هيئة البث والارسال....) فيما بينها تحاصصياً.
وبعد التجربة المريرة التي عشناها مع المحاصصة الطائفية- العرقية, لا يغيب عن بال احد اهمية استقلالية هذه الهيئات, لبناء دولة ديمقراطية حديثة, تضمن حقوق مواطنيها وحرياتهم ويصبح تكافؤ الفرص بينهم نهجاً خالصاً, لضمان العدالة الاجتماعية ولتلغي كل الامتيازات غير المشروعة لفئات دون غيرها.
لقد عبرت ردود الفعل العصابية التي صدرت عن هذه الجهات بسبب قرار رئيس الوزراء العبادي بتعيين امين عاصمة جديد لايخضع لمقاييسها الفئوية التقسيمية,  بأستبدال امين العاصمة المحاصصي الفاشل نعيم عبعوب بالسيدة ذكرى علوش, المستقلة سياسياً, والتي تتمتع بكفاءة مهنية عالية ونزاهة, عن حقيقة رفضهم المرآئي للمحاصصة. مما ادى الى تعيينها بالوكالة ثم مماطلة تلك الجهات في تسليم الدائرة لأمين العاصمة الجديد الا بعد صدور قرار حكومي قاطع برفع يد الأمين السابق للعاصمة عنها.
ولم يقف حد ريائهم السياسي عند حدود شتم المحاصصة ثم التمسك بنهجها الفاسد بل انهم يحاولون ركوب الموجة من خلال طرح انفسهم كرعاة رؤومين لمصالح الوطن من خلال زيارات رموزهم الاستعراضية لجبهات القتال ومهاجمة كل نقد بناء يهدف الى تحجيم كل اجراء انفعالي غير مبرر قد تقوم به القوى المقاتلة لداعش, واتهامهم المنتقدين بالخيانة والمطالبة بتجريمهم رغم ان سياساتهم الخائبة هي التي كانت السبب في وصول الامور الى ما وصلت اليه اليوم, واجبرت جموع شبابنا الى امتشاق السلاح لمحاربة طغيان داعش. وقد حدثت بعض التجاوزات التي انبرت المرجعية الشيعية العليا الممثلة بمرجعية السيد السيستاني للجمها.
ان غيرتهم المصطنعة على المتطوعين في الحشد الشعبي, لاتعبر عن غيرة حقيقية على التضحيات التي يقدمونها في ساحة الحرب مع داعش بل تخفي وراءها نيّة قمع كل تفكير لايتناسب مع اطماعهم في الاستئثار بكل شيْ. فلم نشهد غيرتهم على تحسين الظروف المعيشة وصيانة كرامة هؤلاء وغيرهم من العراقيين خلال كل فترة تحكمهم بالسلطة, رغم تصديعهم لرؤوسنا بأنهم يحكمون على اساس مظلومية هؤلاء.
لم يتعلم اساطين المحاصصة شيئاً من دروس الاحداث الجسيمة التي لحقت بالوطن العراقي والمصائب التي طالت شعبه, ولن يتعلموا قطعاً من الحرب الوطنية التي يخوضها شعبنا ضد داعش وقيمها. انهم عاصون على التعلم !


247
آلا الطالباني-  القفز على القانون المدني والسقوط في جب العرف العشائري

احسان جواد كاظم
لجأ الكثير من ممثلي احزاب السلطة المتنفذين وخاصة من الاحزاب الأسلامية الى العرف العشائري في حل الاشكالات فيما بينهم وبينهم وبين الاخرين, في تجاهل تام للقانون المدني النافذ والذي يفترض خضوع جميع المواطنين لبنوده. وهم بذلك عبروا عن استهانتهم بكيان الدولة العراقية وعدم اعترافهم بشرعية قوانينها رغم انهم جزء من جهازها الاداري لا بل دفعوا المواطنين الى سلوك هذا الدرب وتراجعت هيبة القانون لصالح جلسات الصلح العشائرية واحكام دفع الديّة والفصل العشائري وما شاكل من اعراف عشائرية بالية تنتمي الى ايام التسلط الاقطاعي وغياب الدولة الحديثة.
 واذا كانت الوشائج التاريخية التي تربط احزاب الاسلام السياسي بالقيم الاقطاعية والعشائرية معروفة,  فان لجوء النائبة عن التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي آلا الطالباني الى هذا المنحى من خلال تقديم فصل عشائري (400 مليون دينار عراقي) لعشيرة الاعلامي المغدورمحمد بديوي الذي اعدم بدم بارد على يد احد حمايات رئيس الجمهورية السابق لدفعها الى التنازل عن القضية وتخفيض فترة حكم المدان وربما تخليصه فيما بعد, كان مفاجأة غريبة.  فهي تنتمي الى حزب قومي ليبرالي عضو في الاممية الثانية هو الاتحاد الوطني الكردستاني وتمثل توجهاً مدنياً في مجلس النواب العراقي , لطالما عولنا على دوره للجم اندفاع التيار الأسلامي المتزمت نحو اسلمة المجتمع وفرض قيمه البالية, لنجدها تلهث وراء الشرعة العشائرية لتخليص الجاني.
قد يكون تبنيها لقضية القاتل والتزامها بمتابعة شؤونه وتعرضها للضغط نتيجة ذلك, فرض عليها اللجوء الى كل الوسائل المتاحة في عراق اليوم لتبرأته ومنها العرف العشائري. وقد يكون تمثيلها لنظام حكم العائلة السياسية السائد في الاقليم قد برر لها سلوك هذا السبيل, ولكن الأكيد, ومن خلال حديثها الى الفضائية السومرية (28/2/2015), انها تعرضت للغش من قبل شيوخ عشائريين وعدم تسلم زوجة المغدور الشهيد محمد بديوي للديّة وعدم تنازلها بالتالي عن القضية.
انها سقطت في جب العرف العشائري بمحض ارادتها, فخسرت مرتين, ثمن الديّة, ومصداقيتها كمدافعة امينة عن الحقوق المدنية للمواطنين.

ملاحظة أخيرة : مبلغ ال 400 مليون دينار عراقي الذي دفع كديّة لأهل المغدور خرج من سكرتارية رئيس الجمهورية السابق جلال الطالباني حسب تصريحها, وهذا يعني انها من اموال المواطنين العراقيين, تبدد لتخليص قاتل مدان.

248
بيان رئاسة اقليم كردستان حول تشكيل الادارة الذاتية لسكان سنجار- بين تناقض المواقف وميكافيلية الوسائل 

احسان جواد كاظم
بغضب بالغ ردت رئاسة اقليم كردستان على عزم مواطني مدينة سنجار من الكرد الايزيديين تكوين ادارة ذاتية لتسيير امورمدينتهم التي تعرضت لابشع جريمة همجية على ايادي مجرمي الدولة الاسلامية داعش. وهذا الموقف الرافض لتشكيل سكان سنجار لادارتهم الذاتية يتقاطع مع مجمل مواقف قيادة الاقليم المتعلقة باللامركزية الادارية ويذكرنا بدعواتهم المستمرة  لتشكيل فيدراليات على اساس مكوناتي على مستوى العراق وخاصة فيدرالية سنية واعتبارها حقا طبيعيا لهذه المكونات ( يرجى التنبه ان الحديث دائما عن حقوق مكونات وليس عن حقوق مواطنين).
ومما هو معروف ان هروب ادارات الاقليم واجهزتها الامنية والعسكرية والحزبية من سنجار شكل فراغا امنيا وسياسيا سهل سيطرة عصابات داعش الدموية على المدينة, دون قتال, وارتكابها لفضائع يندى لها جبين الانسانسة. وكان لابد بعد تحريرالمدينة من اعادة تشكيل ادارتها المدنية بعد ان شكل شباب الايزيديين تشكيلاتهم العسكرية الخاصة قبل ذلك في مواجهة داعش دفاعا عن اهلهم واراضيهم. وهذا بالضبط ما فعله مقاتلو حزب لعمال الكردستاني التركي, الذين ابلوا بلاءا حسنا في الدفاع عن اهالي المدينة الذين التجاوا الى جبل سنجار وتسريبهم من ثم الى مناطق اكثر امانا, بعيدة عن مخالب الدولة الاسلامية, والذين حازوا على التقدير والترحيب الشعبي الواسع من لدن مواطنينا الايزيديين, فقد استثمروا الفراغ الامني والسياسي وتنامي التاييد الشعبي لهم لتثبيت اقدامهم. وهذا الاجراء الميكافيلي, عندما تكون الغاية تبرر الوسيلة, قد مارسته القيادة الكردية بالامس في كركوك واعلان وفاة المادة 140 من الدستور بعد اكتساح ارهابيو داعش لمدن ومناطق عراقية مختلفة مستغلين ضعف الحكومة الاتحادية, يجري تطبيقه عليهم اليوم في سنجار. ليبدو التناقض جليا لمن له نظر, فبينما تعتبر قيادة الاقليم هذا الاجراء مضرا هنا وغير شرعي و مناقض للدستور والقانون فانها وجدته حقا مشروعا ودستوريا هناك .
ان حجة الاقليم بعدم شرعية تشكيل الادارة الذاتية لانها جاءت بدفع من حزب العمال الكردستاني التركي وتدخلا في الشان العراقي والكردستاني العراقي باعتبارها جهة خارجية, عليها الاهتمام بشأنها التركي الخاص. وهي حجة تتناقض ايضا مع الفكر القومي الذي تؤمن به الاحزاب القومية الكردية ذاتها والذي يسمح, كما يفترض, بعمل الحزب القومي في كل بقعة من كردستان المجزاة من منطلق التضامن القومي وهذا ما فعلته ايضا قيادة الاقليم, بارسال قوات البيشمركه بالاتفاق مع تركيا الى عين العرب كوباني والتي هي منطقة نفوذ لحزب العمال الكردستاني في سوريا.
ان الصراع على مناطق النفوذ والاستحواذ على القرار السياسي هو جوهر ما يجري بين المتصارعين, وعلى مواطنينا الايزيديين التنبه الى ذلك وأخذ الامور بايديهم وبناء ادارتهم الذاتية بجهودهم الخاصة وباتباع الطرق والوسائل الدستورية والقانونية التي تضمن حقوقهم .

249
طواطم الناس ومعضلة شبح كانترفيلد

احسان جواد كاظم

مخاوف الناس تنتج طواطمها وآلهتها, ولازالت تفعل ذلك منذ ايام العجز البشري الاولى عن تفسير الظواهر الطبيعية وطارئات الزمن للافراد والمجموعات البشرية, الا انها اتخذت اليوم شكلاً آخر, اكثر فضاضة, فأضافة الى تكريس مصادر الخوف النمطية السابقة فانها تقوم باستنباط اخرى اكثر تخلفاً, لاتفسر ما يحدث ( لانها اصبحت افقرقيمياً من ان تفعل ذلك) لكنها تختلق مخاوفاً اخرى تحيل حلها الى قيم بائدة غير نافعة.
مع بزوغ عصر النور بأكتشاف الطاقة الكهربائية واختراع مصباح النور تراجعت الى حد كبيرالحكايات الخرافية عن الطواطم والجن والشياطين والطناطل والسعالى وغيرها من منتجات عصر الظلام والعتم والعجز عن تعليل وتفسير الظواهرالطبيعية واخرى المتعلقة بتداخل الضوء مع العتمة . وتداعت مع عصر التنوير الكثير من يقينيات الفكر الكهنوتي حيث تستند العقائد والأديان على منظومة واسعة من الحكايات والمعجزات الميتافيزيقية لتكريس سلطة القائمين عليها, وعلى المستعدين الى تصديقها, وسعي كهنتها لتكبيلهم فكرياً بالنذيروالوعيد من عقاب صارم قادم, ليكونوا اتباعاً طائعين خانعين.
هاجس الخوف من المجهول يتحول مع مرور الوقت معتقداً يصعب اقناع الناس بأنعدام وجوده الواقعي, بسبب ما للخوف من سلطة في النفوس وعليها. وبعد ان اصبحت هواجس الخوف من عقاب صارم آت لا محالة رغم عدم ارتكاب ذنب, مترسخة في قاع ادمغتهم وجزء من تركيبتهم السايكولوجية, متلبسة كيانهم. ويغدو واحدهم كالمصاب بلوثة دينوية ميؤوس منها, تتراجع لديه ملكة التفكيرالمستقل والابداع.

فقد ارتعب الدواعش من قتلهم على ايدي النساء, كما حصل في عين العرب كوباني السورية وبعض مناطق العراق لاعتقادهم بأن ذلك يمنعهم من ولوج باب الجنة, لكونهن ناقصات عقل ودين ويبطلن صلاة المصلي, اسوة بالكلب الأسود, اذا مررن امامه. واللواتي لاتعادل شهادة مائة امرأة مسلمة ورعة منهن شهادة رجل مسلم متهتك واحد. وانهن لسن سوى متاع لهم في الدنيا والآخرة, فكيف لو قتلوا على ايديهن.
 ورعبهم هذا لا يشابه البتة, لتناقض القيم والاهداف, الرعب الذي انتاب المنتفضون الصينيون ضد التدخل الاجنبي عام 1898, المعروفون بالملاكمين او كما اطلقوا على انفسهم " قبضات من أجل العدالة والسلام" الذين لم يكونوا يخافون من شيء اكثر من خشيتهم من قطع الرؤوس, فقد كانوا يفضلون الموت بالرصاص عن قطع رؤوسهم, لأنهم كانوا يخشون من التيه في الجحيم متأبطين رؤوسهم.
وكذلك هو الرعب الفطري الذي يستولي على الهندي الأحمر فيما لو ترك وحيداً ليلاً في غابة, من الأشباح والأطياف - ايمانه الخرافي بالاشباح يجعله يراها تنهض وتنبثق من كل انحاء الظلام, ورعبه هذا اكبر, بالتأكيد, من رعب رجل ابيض يجد نفسه ليلاً وحيداً في مقبرة مقفرة.

عائلة هيرام بي أوتس القادمة من امريكا للسكن في ضاحية كانترفيلد اللندنية في رواية أوسكار وايلد " شبح كانترفيلد" كانت متحررة من هواجس الخوف. ولم يجد تحذيرهم من وجود شبح لقتيل في مكان اقامتهم الجديد, ارعب لثلاثة قرون كل من حاول اتخاذ القصر سكناً آمناً له.

المفارقة التي ابرزها اوسكار وايلد هو التناقض بين ما يتلبس الأنسان العادي من هواجس الخوف المسبق ( النمطية) المرتبطة بوجود شبح وتحرر عائلة هيرام بي أوتس من هذه الهواجس. المفارقة والتناقض الآخر بين هواجس الخوف الأنسي ( الطبيعية) ومعضلة شبح كانترفيلد الذي فقد قدرته ( الطبيعية ايضاً) في اخافة البشر.  التناقض بين طريقتي تفكير مختلفتين, احدهما قائمة على الواقع والاخرى على الوهم. فالأمر كله يقوم على البيئة الحاضنة لطريقة التفكير المعنية وكذلك مدى ترسخ الوهم في العقل الجمعي و هيمنة اسلوب التلقي والتلقين في التربية وثبات اليقين على اسلوب البحث والتمحيص والشك العلمي.
 تقبل الكثير من الناس لما هو غير معقول من احداث ومواقف مرتبط  بيقينيات ومسلمات  سايكولوجية وعقائدية مسبقة يختلف كلياً عن تعامل عائلة هيرام بي أوتس الأمريكي المتجرد من الهواجس والقادمة من بيئة لاتعبأ بالخزعبلات والخرافات و الأنتصار عليها بأيصال الشبح المقيم في بيتهم الى الجزع بتجاهله او بمناقشته اوبمجموعة من مقالب اولاد السيد هيرام المضحكة بحقه وغير المكترثة بحيله الشبحية لاخافتهم ثم اقناعه اخيرا  بمغادرة قصرهم بعد فشله التام في ارعابهم بطرق مختلفة نجح فيها مع آخرين خلال عمره المديد في القصروبعد حل لغزه.
 في وقتنا الحالي, اصبحت الحضوة لديوك الشعوذة التي تبيض لنا يوماً بعد يوم المزيد من الخرافات والطقوس الغريبة وتكليلها بهالة قدسية لتكبيل البسطاء واستعبادهم .

ان منظومة القيم السائدة هي التي تتحكم في صياغة وعي الفرد بغض النظر عن تحصيله العلمي وثقافته, ويصبح فك أسره منها مهمة شاقة مع غياب البرامج العلمية المناسبة ووجود الأرادة الفردية المستقلة للتحرر منها.

250
كوميديا شحنة الاسلحة... مسرحية لن تضحك احداً !
احسان جواد كاظم

التصريحات الصادرة عن عضو لجنة الامن والدفاع النيابية ماجد الغراوي للسومرية نيوز (20 كانون اول الجاري) بشأن شحنة الاسلحة المجهولة في الطائرة التي هبطت في مطار بغداد, جاءت مخيبة للأمال. فقد كشف ان " ضابطاً في وزارة الدفاع بيّن وخلال تحقيقات اللجنة, انها شحنة تابعة لوزارة الدفاع... لكنها أتت في وقت متأخر جداً ". واضاف الغراوي " ان الوزارة ابرمت عقداً مع احد التجار لتزويدها بالاسلحة ".
  لم استطع ان ابتلع هذه التصريحات ناهيك عن تمثلها. فهي اشبه بمسرحية كوميدية تفتقد لأي عنصر فكاهي. فقد كنت قد نشرت الشهر الماضي مقالاً يتعلق بهذا الشأن "لغز شحنة السلاح... هل سيحله حيدر العبادي حقاً ؟ " ووصفت الامر بأنه اول امتحان صعب يواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي وطالبته بالتعامل بجدية في حل لغز شحنة السلاح . وابديت توقعاتي بأنها لابد ان تكون مرسلة الى ميليشيا متنفذة.
تشير التصريحات اعلاه بان لتوقعاتي " بعائدية هذه الشحنة الى ميليشيا متنفذة " نصيب كبير من الصحة, حيث تجري عملية خلط مضحك للأوراق لاتنطلي على نباهة المواطن العراقي ولا تتناسب مع جدية الامر وخطورته, للتمويه على الجهات الحقيقية التي تقف وراء شراء هذه الشحنة, انطلاقاً من تساؤلاتي التالية لأعضاء لجنة الامن والدفاع النيابية والضابط المعني ولرئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بشخص العبادي :
- لماذا صرح طاقم الطائرة حينها بانها تحمل شحنة سكائر وليس شحنة سلاح اذا كانت موردة الى جهة رسمية ؟
- لماذا طلبت الطائرة النزول في مطار السليمانية ولم تطلب الهبوط في مطار بغداد مباشرة ؟
- لماذا تتعاقد وزارة الدفاع في جمهورية العراق مع تاجر سلاح (وسيط) ولا تتعاقد مع مؤسسات حكومية في الدول الموردة للسلاح مباشرة؟
- لماذا قام رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بأصدار امر حجز الطائرة ومصادرة حمولتها وهي مرسلة الى وزارته ؟ واذا لم يكن يعلم بذلك حينها, لماذا لم يعلن عائديتها الى وزارة الدفاع لحد الآن وبعد مرور كل هذه المدة على مصادرة الشحنة؟
- هل هناك حاجة ملحة للآسلحة الخفيفة والمتوسطة لدى قواتنا المسلحة ام ان كل الشكوى التي نسمعها هي عن عدم توفر الاسلحة الثقيلة والطيران؟
- لماذا يعلن النائب ماجد الغراوي نتائج اولية للجنته البرلمانية ولم ينتظر نتيجة التحقيقات القضائية الحاسمة؟
اراد البعض تلبيس الشحنة لعصابات داعش وتصوير مصادرتها بأنها انتصار بطولي لحملة محاربة الارهاب ولصالح الحكومة الجديدة ولكن يبدو ان هذه النكتة لم تضحك احداً ايضا لأنه لم يستمر تداولها اعلامياً ولأنها لو صحت لكانت اساءت للحكومة واحزاب المحاصصة المتنفذة اكثر مما نفعتها, فهي اولاً كانت لتؤكد وهم "الامكانيات الخارقة" التي تمتلكها هذه العصابة وثانياً مدى الفساد المستشري في اجهزة دولتهم, بحيث تستطيع عصابة اجرامية تذبح ابناء الشعب العراقي وتقاتل قوات جيشه, استيراد اسلحتها عن طريق الموانيء الجوية التي تديرها الحكومة.
تصريحات النائب ماجد الغراوي, تجعل امتحان رئيس الوزراء حيدر العبادي اكثر صعوبة وتلقي على كاهله مسؤولية جديدة تتعلق بمصداقيته وائتلافه الذي رشحه رئيساً للوزراء لحل لغز شحنة السلاح, لأن النائب المذكور عن التيار الصدري الذي هو بدوره احد اعضاء الائتلاف الوطني العراقي الذي ينتمي له العبادي.
ان مساعي التغيير والقضاء على الارهاب والفساد وبناء وطن زاهر تستوجب الاعتصام بالارادة الوطنية والاتكال على العزم الشعبي والاستناد الى قوى التغييرالحقيقية.

للاطلاع :http://www.m3arej.com/article/political-articles/25128-2014-11-15-19-19-55.html


251
لغز شحنة السلاح... هل سيحله حيدر العبادي حقاً ؟
احسان جواد كاظم

يواجه رئيس الوزراء حيدر العبادي امتحانا صعباًً في التعامل مع ملف الطائرة الروسية التي صرح طاقمها بنقل شحنة سكائر وتبين لاحقاً بأنها شحنة اسلحة . وقد رفض مطار السليمانية طلباً من طاقمها للهبوط فيه فهبطت في مطار بغداد. فالأمر اخطر من مجرد شحنة سلاح مجهولة لا يُعرف مصدرها ولمن مرسلة.
 وكان يفترض مرور هذا الامر مرور الكرام كما جرت عليها العادة, لولا مطالبة بعض نواب مجلس النواب بمتابعة امرها وايعاز رئيس الوزراء, اثر ذلك, للجهات المختصة بحجزالطائرة ومصادرة الشحنة وتشكيل لجنة تقصي لكشف لغزها والجهات التي تقف وراءها.
والامتحان الصعب الذي عنيته هو جدية تعامل رئيس الوزراء مع هذا الأمر حتى الوصول الى فصل الختام والذي لايكمن فقط بحل لغز شحنة السلاح بل ايضاً بالكشف عن المسؤولين عنها وتقديمهم للعدالة.
 فالشحنة لابد وان تكون مستوردة لصالح ميليشيا فاعلة مقربة من احد احزاب السلطة المتنفذة, وجدت في حالة الارباك السائدة بعد سيطرة عصابات داعش الارهابية على مناطق واسعة من الاراضي العراقية والانكسار العسكري والمعنوي للجيش ثم الفساد الضارب اطنابه في مؤسسات الدولة بسبب المحاصصة الطائفية - العرقية, اضافة الى الشرعنة الآنية لعمل الميليشيات تحت غطاء قوات الحشد الشعبي المساندة للقوات المسلحة في قتال عصابات الدولة الاسلامية, فرصتها السانحة لتضرب ضربتها.
ان حل لغز شحنة السلاح هو حلقة من سلسلة طويلة من الحلقات المترابطة بعضها ببعض, يجب التعامل معها بجدية, من مكافحة الفساد واعادة بناء مؤسسات الدولة على اساس مهني وصيانة الحقوق والحريات العامة والخاصة للمواطنين وتفعيل القوانين الرادعة لكل من يحاول التعدي على هذه الحقوق والحريات واعادة الدورة الاقتصادية وصولاً الى الغاء التشكيلات المسلحة خارج اطار المؤسسة العسكرية الرسمية . ولقد شرع السيد العبادي, حسب ماورد في الأخبار, بألغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة السابق بجيشه العرمرم  والذي اثبت فشله خلال الفترة الماضية وأجراء تغييرات في القيادات العسكرية والشُرطية بأقالة عدد من الضباط واحالة آخرين على التقاعد وتعيين بدلاء جدد عنهم. وهي اجراءات تدعو الى التفاؤل لكنها ليست كافية للحكم على جدية رئيس الوزراء بعد. فقد سبق وان لدُغنا من جحر مرة على عهد سلفه نوري المالكي بعد صولة الفرسان في البصرة ضد الميليشيات الطائفية التي عاثت فساداً فيها, واستبشرنا خيراً لنجد انفسنا مجدداً, على حد تعبيره المفضل, في المربع الاول.
ان العوائق المائلة امام رئيس الوزراء حيدر العبادي, تبدو كبيرة وغير قابلة للقفز عليها في ظل التوازنات الحالية ونهج المحاصصة السائد والتشابك في المصالح بين اطراف الفساد النافذة, الا بالأتكال على الدعم الشعبي والقوى الساعية للتغيير.   

252
آلا الطالباني... سقطت من عيني !!!
احسان جواد كاظم

قد لا تأبه النائبة آلا الطالباني عن التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي لكلماتي المسطرة وقد لا تقرأها اساساً. ولكني وجدت حاجة للتعبير عن خيبة أملي وأمل الكثير من العراقيين, بمثقفيهم وبسطائهم من غير الكرد بها, عندما تصورناها يوماً بأنها احدى رموز التسامح والأعتدال الكردي. وانها معقد الأمل ومربط الرجاء للكثيرين ممن يعانون من تغول احزاب الأسلام السياسي, رغم انطلاقنا من منطلق( بالنسبة لي خصوصاً كمواطن عادي) بأن كل متحاصص هو فاسد بالضرورة, لكننا كنا نجد الأعذار لها ولبعض النواب والسياسيين المنضوين داخل أطر قوى المحاصصة الفاشلة, من قبيل تعقد الوضع وصراع الأرادات و ضغط الظروف, التزاماً منا بمبدأ النسبية وخطأ التعميم والأطلاق في تقييم مواقفهم ونشاطاتهم. فلو خُليت قُلبت. لكننا تفاجأنا بزيارتها لقاتل الأعلامي الشهيد محمد بديوي وتصريحاتها الأستفزازية التي تتناقض مع ما رسمناه لها من صورة مشرقة.
ابتداءاً... هل كانت النائبة آلا الطالباني بحاجة لهذه الزيارة ؟ ربما.
 لكن هل كانت النائبة آلا بحاجة الى الأثارة الأعلامية من خلال نشر صورها مع الضابط قاتل الأعلامي الشهيد محمد بديوي على مواقع التواصل الأجتماعي ثم تصريحاتها المنفعلة على منتقديها وتأكيدها لبراءته رغم بت المحكمة بأدانته وتجريمه ووجود الكثير من شهود العيان الذين شهدوا الحادثة بأم أعينهم ثم ترديدها لكلمات القاتل بأنه غير نادم على ارتكابه للجريمة بدم بارد؟
وهل عَدم الكرد ابطالاً قوميين في يومنا هذا لتنصب النائبة آلا قاتل صلف بطلاً ومدافعاً عن الكرامة القومية ؟ وهناك ابطال حقيقيين كأسود جبل سنجار, كفاح كنجي ورهطه الابطال الذين يجترحون المآثر كل يوم بمواجهة اجرام داعش رغم شح السلاح وغيرهم من الأبطال الكردستانيين في سهل نينوى والبيشمركه في مناطق التماس مع عصابات الدولة الأسلامية؟
وهل كان العراقيون بعربهم وكردهم بحاجة لأثارة هذه الزوبعة من نعرات التعصب القومي التقسيمية في مثل هذا الوضع الدقيق الذي نعيشه والذي يتطلب تجميع القوى في مواجهة تعصب داعش ومشروعها الأقصائي الذي لا يوفر أحداً؟ بالتأكيد ستكون الأجابة كلا. 
ان الأستهانة بدماء الضعفاء اللا حول لهم ولا قوة هو اكبر جريمة يرتكبها المسؤول السياسي وهو تعبير عن موت الضمير والمشاعر الأنسانية لديه, وهي ذات الخطوة التي تقود نحوالسقوط في هاوية التعصب القومي والشوفينية, التي خطاها نظام الفاشية البائد, بالأستهانة بدماء مئات الآلاف من العراقيين الأبرياء بما فيهم ابناء شعبنا الكردي والتي خلدته في مزبلة التاريخ.
لقد جمعت هذه الهوجة الغبراء حمقى الجانبين, كما أخوات سياميات, في موكب عواء قومي مقرف.

آلا الطالباني لساء ما كافأتِ.
 

253
قرصة برد... طعنة فساد
احسان جواد كاظم

مع تزايد اعداد مواطنينا النازحين والمهجرين والهاربين من مناطق القتال وسيطرة عصابات داعش, والتى تعدت المليون حسب التقارير الرسمية, برزت مشكلة احتضان هؤلاء المواطنين وتوفير ابسط المستلزمات الحياتية من سكن مناسب ودعم لتسيير شؤونهم الآنية وغيرها من امور مهمة اخرى. لذا شكلت الحكومة لجنة متخصصة سميت باللجنة العليا لأغاثة اللاجئين يرأسها نائب رئيس الوزراء صالح المطلك, ثم تبعها مجلس النواب بتشكيل لجنة متابعة احوال اللاجئين. وجرى القيام ببعض الخطوات الأيجابية بأيجاد اماكن ايواء مؤقتة لأحتضانهم وتخصيص هبة المليون دينار. لكن ما قُدم, كما في اي شأن آخر في دولة المحاصصة, كان مجالاً للفساد وساهم في مفاقمة معاناة هؤلاء المواطنين وزيادة غربتهم مع امتلاء جيوب طفيليين يتصدرون واجهة الحكم.

وكأن هؤلاء اللآجئين كانوا ناقصين همّ. فأولى رشقات المطر, مع قدوم فصل الشتاء البارد, أغرقت خيام بعضهم وكشفت عن فضيحة فساد في التصرف بالاموال التي خصصتها الدولة لمساعدتهم, والتي قيل بأنها بلغت مليار دولار اي بما يعادل تريليون و 200 مليون دينار عراقي,ابطالها موظفون حكوميون. وهذا المبلغ كفيل بأنشاء مدن كاملة بمرافقها لأسكانهم لو كان في ايادي أمينة. ثم تبين بأن 30% من هذه العوائل المنكوبة لم تستلم هبة المليون دينارالتي خصصت لها .
وبدلاً من الألتفات الى الحاجات الآنية الملحة لهؤلاء المواطنين والبعد الأنساني في معاناتهم وفقدهم لكل ما يملكون وبعضهم فقد أعزاء لهم, انغمس بعض السياسيين في صراع يبدو في شكله من اجل كشف الفساد بينما هو في الجوهر صراع على المواقع. فقد اتهم النائب في مجلس النواب العراقي وعضو هيئة النزاهة فيه مشعان الجبوري اللجنة الحكومية لأغاثة اللاجئين ورئيسها صالح المطلك بأختلاس اموال المهجرين والهاربين من بطش داعش وطالب رئاسة مجلس النواب بأستجوابه وتعهد بالأستقالة عن عضويته النيابية فيما لو لم ينجح في اثبات فساد نائب رئيس الوزراء المطلك, لحيازته على أدلة دامغة تدينه.
وكان مجلس النواب قد صوّت يوم 1تشرين الثاني الجاري على حل لجنة المطلك وأحال ملفها الى لجنة النزاهة للتحقيق. ومن غير المعلوم بعد,هل أوجد المجلس آلية بديلة للجنة المطلك تقوم بأغاثة اللاجئين ام ان الأمر بقي معلقاً الى ان يأذن الله .

يحرز مشعان الجبوري الشخصية المثيرة للجدل, نجاحات واضحة في تأهيل نفسه سياسياً, بعد ان كان مناهضاً للعملية السياسية ومطارداً بتهمة دعم الأرهاب من خلال قناته الفضائية. لكنه ظهر فجأة مع سياسيين متنفذين في حزب الدعوة, ساعدوه في اسقاط التهم الموجهة له قضائياً بأرادة سامية عليا وزجه في مجلس النواب بمقعد تعويضي عن محافظة صلاح الدين, ربما مقابل تكفيره عن مواقفه السابقة بتقديم معلومات استخباراتية مهمة جعلتهم يتغاضون عن كل نشاطاته المعادية السابقة.
 وقد قام اخيراً بتقديم قائمة بأسماء بعض مجرمي داعش ممن ارتكبوا مجزرة سبايكر المروعة, واعقبها بكشف ملف فساد لجنة المطلك, في مسعى منه لكسب الرضى الشعبي بعد ان كسب الرضى الرسمي.
وبذلك ومن خلال ما تقدم يبرز النائب مشعان الجبوري كبديل مناسب عن زميله في القائمة العربية صالح المطلك في اشغال اي مركز في الدولة لما قدمه من خدمات ملموسة مقارنة بنائب رئيس الوزراء صالح المطلك الذي لم يقدم شيئاً يذكر سوى الأنخراط المبكر في عملية التحاصص وقد استنفذ الغرض من وجوده.
ان اختلاس اموال المنكوبين كما الصراع على الكراسي في هذه الظروف الصعبة للبلاد وللمواطنين عموماً وللمهجرين والهاربين خصوصاً والذين ينتظرون حلولاً ناجعة وسريعة لمعاناتهم, هو طعنة فساد غادرة.

وكما قال المثل الشعبي العراقي: " فرهود يا مال المگرود " .

254
تحديات التقسيم... ضمانات الوحدة
احسان جواد كاظم

على ضوء تمددها الجغرافي في العراق وسوريا, تقوم داعش بين فترة واخرى بنشر خرائط لحدود دولتها المزعومة .وهي سبق واعلنت عدم اعترافها بحدود سايكس بيكو, باعتبارها حدود رسمها الكفرة لتقسيم المسلمين, والمسلمون ليسوا معنيين بها, ثم ألغت اسم العراق و سوريا في وثائقها الرسمية ومن المناهج الدراسية.  وكان نائب الرئيس الأمريكي بايدن قد سبقها بمقترحات لتقسيم العراق على اساس مكوناتي بغيض, شيعي, سني, كردي, وبوجود قوى اقليمية تدفع بأتجاه التفتيت, بشتى الوسائل وتلازم هذه الأجراءات والتصريحات مع المساعي التركية التوسعية لأيجاد مناطق نفوذ لها في العراق وسوريا بعد موافقة برلمانهم على تدخل الجيش في البلدين المستقلين ومحاولة ايجاد منطقة آمنة تخضع لسيطرتها على الحدود مع سوريا بحجة حماية اللآجئين السوريين.
 وفي ظل هذا التهديد الجدي لوحدة الاراضي العراقية, تبرز اهمية بذل جهد دبلوماسي لعقد مؤتمر دولي, يؤكد وحدة الأراضي العراقية حسب الخرائط والوثائق المقدمة, في حينها, لعصبة الأمم بعد قيام الدولة العراقية والمودعة لاحقاً لدى الأمم المتحدة منذ تأسيسها عام 1945 لحدود البلاد الحالية, ويثبت الوحدة الترابية للعراق على اساسها. وهذا أفضل ما يمكن التمسك به في الوقت الحاضر, ويطوي صفحة هذا الملف, رغم اجحاف التقسيمات التي اقرتها معاهدة سايكس بيكو واتفاقية سان ريمو حول توزيع تركة الدولة العثمانية البائدة, ودوافعها الامبريالية وما اقتطعته من اراض لصالح تركيا, وما تمخض عنهما بالخصوص من حرمان الشعب الكردي من تأسيس دولته الخاصة. والذي تكرس خلال هذه السنين الطويلة كواقع جيوسياسي, منذ مابعد الحرب العالمية الأولى ولحد الآن,,واصبح التحلل منه أمراً بالغ الصعوبة يتطلب تغيير كامل الخريطة الجيوسياسية لدول المنطقة وهو ماترفضه القوى الأقليمية والدولية. وتعطى الأولوية في المؤتمر لتثبيت الحدود الحالية كحدود غير قابلة للتلاعب بها والتأكيد على الابقاء على وحدة بلادنا الترابية اسوة بما حدث بعد تحقيق الوحدة الالمانية عام 1990 بأبرام معاهدة الاثنين والاربعة ( بين ممثلي الالمانيتين اضافة الى ممثلي قوات التحالف المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وهي الاتحاد السوفيتي, الولايات المتحدة الأمريكية, المملكة المتحدة والجمهورية الفرنسية ) بالأعتراف بحدود الأمر الواقع التي أفضى اليها استسلام المانيا النازية للحلفاء عام 1945 منهية بذلك مسألة الحدود بين المانيا وبولندا وجيكوسلوفاكيا وجاعلة خط أودر- نيس هي الحدود الدائمة بينهما.
ان الظروف الحالية ملائمة لعقد هكذا مؤتمر لأجهاض دعوات تقسيم العراق الأقليمية والدولية ووأد المطامع التركية في مهدها.

 لن يكون الركون الى هذا الهدف, المؤتمر الدولي, كافياً لسحب البساط من تحت دعاة التقسيم, بل ينبغي ان يتواصل مع تعزيز الروح الوطنية العراقية الجامعة وضمانات قيام حكم فيدرالي على اساس اداري مدني وليس مكوناتي, عادل يضمن حقوق جميع العراقيين بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والثقافية, ويرسخ الوحدة الترابية للوطن العراقي.

255
زرعوا الأحقاد والإحن ... حصدنا الكوارث والمحن
احسان جواد كاظم


كل الحق كان للتوصيفات والتعليقات والآراء الغاضبة التي ابداها الكثير من مواطنينا الأيزيديين والمسيحيين, والتي بلغت بعضها اتهامات صريحة للعرب والكرد بخيانتهم وتقديمهم لقمة سائغة لكلاب داعش الارهابية, وتنكرهم لحقوق الجيرة التاريخية والعيش المشترك وخيانتهم لوشائج المحبة التي كانت تربطهم, حد تصريح الكثير من المواطنين برغبتهم بمغادرة هذه البلاد التي لم تحمهم و لم تصن كرامتهم. وقد حفلت مواقع التواصل الأجتماعي بأتهامات مباشرة وآراء صريحة من مواطنين أيزيديين لقوات البيشمركه الكردية في سنجار بخيانتهم واتهموا القيادة الكردية بمقايضة وجودهم كأثنية متميزة مقابل سلاح يضمن انفصال كردستان عن العراق.
 وكان مراسل قناة الميادين قد سأل مسيحي مهجرمن الموصل :" هل لكم رغبة بالعودة الى دياركم؟ أجاب بمرارة: نعم, بشرط ان لايكون جيراني عُربي" في اشارة منه الى عمليات الغدر التي قاموا بها جيران الأمس بحقهم, واشتغالهم كأدلاء لمجرمي داعش عليهم ونهب بيوتهم وممتلكاتهم قبل ان تضع دولة داعش أيديها الآثمة عليها.

لم تجهد الدولة الاسلامية داعش كثيرا في تخريب بنية المجتمع العراقي. فقد جاءت لتجد الارض ممهدة لها و ثمرة سنوات الأستبداد والشوفينية البائدة المرّة قد أنضجها نهج المحاصصة الطائفية - العرقية وباتت يانعة, فقطفتها .

فلم تألو احزاب المحاصصة الطائفية - العرقية, خلال كل فترة تسلطها على الحكم في الدولة, جهداً في تغذية النزعات البدائية واثارة الأحقاد وزرع الضغائن بين ابناء الوطن الواحد, بأعلان ما يفرق وحجب ما يوحد من خلال تضخيم الهويات الفرعية على حساب الأنتماء الوطني وانتشارمظاهر التشيع والتسنن والعروبة والكردايتي والعشائرية والمناطقية, بحجة التهميش اوالمظلومية او الشوفينية القومية, لكي  تتسابق لجنى أقصى المكاسب الفئوية في صراع محموم فيما بينها أضرّ بالعملية السياسية عموماً وبمصالح الشعب.
 آثر مواطنونا ممن يسمون بالأقليات القومية والدينية, بحكم تجربتهم التأريخية, النأي عن صراعات الكباروعدم الأنحياز لأي طرف من القوى المتصارعة, لصيانة خصوصيتهم الثقافية, لكنهم لم يسلموا. فقد حاولت هذه الأطراف فرض وصايتها عليهم لدواعي قومية او جغرافية او طائفية, ولأستخدامهم كورقة ضغط ضد غريمها السياسي الآخر, وتوريطهم في لعبة مطامعهم الدنيئة.

 وبعدما كانت سياسة التعريب الشوفينية التي مارسها نظام الدكتاتورية البائد نهجاً مرفوضاً ادانه الكثير من اساطين السياسة اليوم, فأن ممارسات تكريد مناطق او تشييع قصبات, جرت على قدم وساق, لابل اصبحت احدى معالم العهد الجديد حتى جاءت داعش لتلغي الجميع, بجرّة خنجر, وتضع مصيرهم في حكم المجهول بدعشنة كل مجال من مجالات الحياة العامة.
 ويحفل الواقع المناطقي بممارسات تغيير الطابع الديموغرافي في هذه المنطقة الحساسة من العراق والتي تضم اجناس وأثنيات واديان وطوائف متعددة, كقضاء عينكاوة على سبيل المثال, الذي كان منذ قرون كلدانياً مسيحياً بشكل كامل لتتغير تركيبته السكانية اليوم لتصبح كردية بالأغلب. ثم مدينة الموصل والغاء الوجود الأيزيدي فيها بعمليات القتل المنظم لهم على يد تنظيم القاعدة الأرهابي, ثم افراغها أخيراً من مسيحييها, وتهديم كنائسهم فيها على أيدي عصابات داعش وجعلها مدينة مقفلة للسنة, لابل يقوم ارهابيو داعش بتصفية كل سني لا يخضع لأهوائهم المريضة. ولتتواصل جرائم داعش بحق الأثنيات الاخرى بعد تمددها في سهل نينوى وقيامها بتخريب مزارات الكاكائيين في المنطقة وتقتيل الشبك الشيعة وتهجير المسيحيين من الكلدان والسريان والآثوريين والأرمن وصولاً لكارثة سنجارالمروعة بحق مئات الالاف من الأيزيديين.
 وكانت احزاب شيعية متنفذة في السلطة قبل ذلك قد دفعت بأتجاه تغيير الواقع الديموغرافي في سهل نينوى بدفع الشبك الشيعة لشراء دور ومحلات المسيحيين بأسعار خيالية, بأموال وصلتهم من هذه الأحزاب المتنفذة التي اغتنت بين ليلة وضحاها, للتوسع في بناء الجوامع والحسينيات في مناطق المسيحيين, مما كانت له تداعيات سلبية بسبب تداخل المناسبات والطقوس والشعائر الحزينة للشبك الشيعة مع احتفالات المسيحيين بأعيادهم, ومحاولة جيران الأمس المتآلفين من الشبك فرض واقع جديد على جيرانهم من ابناء المنطقة الأصليين, مما ولد نزاعاً في عام 2009  أدى الى حرق كنيسة وقتل وجرح العديد من المسيحيين في برطلة.
 ( انظر رسالة الكاتب كاظم حبيب المفتوحة للسيد عمار الحكيم حول التغيير السكاني في سهل نينوى).
  http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=389340

ان سياسة زرع الضغائن بين اقوام واثنيات المنطقة التي مارسها الكبارمن العرب والكرد, أدت الى شيوع مشاعرعدم الثقة لدى هذه الاقليات بهم وبوعدوهم التي نكثوا بها, مما دعاها الى مطالبة المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية لها والمناداة كذلك بأنشاء تشكيلاتها المسلحة الخاصة لحماية مناطقها. وهو ما أودى بمشاريع الكبار لأحتوائها وضمها تحت اجنحتهم وأوهت بمطامع التوسع الجغرافي ومناطق النفوذ ومشاريع الانفصال.

أغدقوا علينا بالمصائب واغتالوا تآخينا. وقفوهم انهم مسؤولون !                       
 

256
بعد الحصحصة أتت الخصخصة
احسان جواد كاظم

صوّت مجلس النواب العراقي لصالح البرنامج الوزاري الذي طرحه رئيس الوزراء حيدر العبادي واصبح ساري المفعول, وقد تضمن نقاطاً سبق ان طرحها اسلافه من رؤساء الوزراء وخصوصاً المنحدرين من حزبه, حزب الدعوة, مثل ابراهيم الجعفري ونوري المالكي المتعلقة بالخدمات والاقتصاد وبناء مؤسسات الدولةً وخاصة الجيش وحصر السلاح بيد الدولة, وفشلا كلاهما بسبب اساس المحاصصة الطائفية - العرقية الخاطيء التي بنيت عليه العملية السياسية منذ البداية وسياساتهما الفاشلة. و يبدو ان رئيس الوزراء العبادي مندفعاً بنفس الطريق او حتى اكثراندفاعاً وجذرية من سابقيه, بأعتماده حلول الخصخصة, وهي جوهر برنامجه الأقتصادي متضافرة مع المحاصصة السياسية (لمعافاة) الاقتصاد العراقي والمجالات الأخرى.

والخصخصة كحل هو تهرب من الدولة من تحمل مسؤولياتها الدستورية في بلد مدمربالكامل مثل العراق, يحتاج اكثر من اي وقت مضى لأنغمار مؤسساته الرسمية في وضع الأسس الصحيحة للبناء والشروع بتهيئة البنى التحتية اللازمة لتطوره لا تسليم كل هذه الأمور الحيوية للقطاع الخاص المحلي او الأجنبي الباحث عن الربح. مع اهمية خضوع المفاصل الاستراتيجية الاقتصادية الرئيسية للبلاد لأدارة مركزية, وهذا هو المعمول به في اكثر الدول الرأسمالية عراقة. ولدينا تجربة مرّة ومشوهة مع الخصخصة من خلال اعطاء دور مهم واساسي لشركات اجنبية من دول الجوارلتوريد الوقود لمراكز توليد الطاقة العراقية اوايكال مهمة انتاج الكهرباء وتجهيزها لأصحاب المولدات الأهلية .

كما يجرى الان تعميم روح الخصخصة على مجالات آخرى, ليصبح كل شيء عندنا بالمفرّق. ففي القطاع العسكري, امر السيد رئيس الوزراء العبادي بحل القيادة العامة للقوات المسلحة, الجهاز التنسيقي بين صنوفها ووحداتها, على خلفية الأتهامات بالأستغلال الغير الشرعي للقائد العام السابق نوري المالكي لها, ارضاءاً لبعض الجهات التي ترى في وحدة العمل العسكري تهديداً لمطامحها في الهيمنة والتقسيم. مع ان اول ما قامت به الولايات المتحدة والدول المتحالفة عند شروعها في مقاتلة داعش في العراق, هو انشاء قيادة عمليات موحدة مع القوات المسلحة العراقية. وهذا ما يؤكد أهمية وجود هكذا جهاز لايخلو منه اي بلد من بلدان العالم. وانما ينبغي تشكيل هذه القيادة على اسس وضوابط  مهنية تجعل استغلالها سياسياً لاغراض فئوية صعباً.
 
وكذلك كان قرار تشكيل قوات للحرس الوطني لكل منطقة بمنطقتها, بدلاً من اعادة تشكيل القوات المسلحة على اساس وطني مهني, وهو قرار منافٍ للدستور الذي اكد على وجود قوات مسلحة عراقية موحدة وعدم شرعية وجود اية قوة عسكرية خارجها او مرادفة لها. ان القرار يكرس المحاصصة من خلال الخصخصة وبالعكس. وهي خطوة جديدة يغامر بها اصحاب السلطة بتمزيق وحدة البلاد. فأن انشاء قوة رديفة للقوات المسلحة الشرعية وخصخصة هذه القوات, قوات للحرس الوطني تأتمر بأوامر قادة مناطقيين. وبسبب الأوضاع المعقدة التي كرسها نهج المحاصصة, ستكون هذه القوات متشكلة بالضرورة على اساس طائفي او عرقي بعينه, كما ان رواتب منتسبيها ستدفع بواسطة المحافظة المعنية وستكون ولاءاتها, بالتالي, مناطقية طائفية - عرقية وستصبح بذلك بيئة خصبة للأرتزاق والفساد. كما ستلغى كلياً ما تسمى بالعقيدة العسكرية الموحدة وستكون لدينا عقائد عسكرية متعددة, وستطالب الأدارات المحلية بحصتها من التسليح والتدريب, وسترفض تنفيذ الأوامر العسكرية التي يصدرها المركز, كما هو حاصل بالنسبة للبيشمركه الآن. ان ذلك  سيكون مقدمة خطرة لمشروع التقسيم  المرفوض.
ان سياسة الخصخصة العشوائية التي يقترحها رئيس الوزراء حيدر العبادي معززة بالعدد الهائل من منتسبي البطالة المقنعة في دوائر الدولة الذين ورثهم عن زملائه المتحاصصين والتي كان هدف تعيينهم ضمان المصوتين لهم في اي انتخابات وليس الحاجة الفعلية لتمشية امور الدولة والمواطنين, ستنعكس وبالاً على الأقتصاد الوطني واي مشروع بناء قادم. فستقفز الموازنة التشغيلية الخاصة برواتب الموظفين والمستخدمين وقوات الجيش والشرطة الى نسب خيالية, تستنزف ثروات العراق, و سيجبر العراق الغني على الأستجداء من البنك الدولي والدول الأخرى للأيفاء بأستحقاقات الخصخصة, ثم التوسل بصندوق النقد الدولي لأعادة جدولة دينونه التي لاتنتهي.
 
لابد للأندفاع في مشروع الخصخصة غير المنضبطة وغير العقلانية ان يؤدي الى استمرارالكوارث الأقتصادية والأجتماعية الراهنة ويؤبد هيمنة قيادات احزاب المحاصصة الحالية, بأعتبارهم اصحاب الاموال الاكثر قدرة وتأثيراً.

ربما يعتري حيدر العبادي وهم جميل, بأستعداد زملاؤه في المحاصصة  لمساعدته, بأستثمار ملايينهم في البلاد التي اغتنوا منها, وهو ما لم يحصل لحد الآن ولن يحصل ابداً بعد ان جرى تهريبها الى الخارج, وقُرأت عليها الفاتحة الف مرة.     

257
الأسلمة بالأكراه والتكفير وجهان لعملة واحدة
احسان جواد كاظم

عندما خيّرت دولة الخلافة الداعشية مسيحيي الموصل وايزيديي سهل نينوى بين الأسلام او القتل, انما كانت تفرض ارادتها الوحيدة عليهم والتي لاتقبل الرفض. ان يكونوا مسلمين وهم صاغرون. وبما ان كل ما قام على باطل فهو باطل, فأن افعال ارهابيو داعش كلها باطل. نستند هنا الى فتاوى وتصريحات وخطب رجال دين مسلمين من مختلف الدول الأسلامية ببطلان دولة الخليفة ابي بكر البغدادي, وتصريحات بعضهم بأنها دولة مارقة, لكنهم لم يفتوا طبعاً ببطلان فرض هذا اللون الظلامي من الأسلام على ابناء المنطقة بمن فيهم المسلمين الآخرين . فتوصيفها هذا لم ينطلق من الفضائع التي ارتكبتها الدولة الأسلامية ضد ابناء المنطقة وبالخصوص ابناء الديانات الأخرى, اهل البلاد الأصليين, ومنها اجبار الناس على تغيير عقائدهم, والا لكانوا قد احتجوا على جرائم منظمة القاعدة الأرهابية والتي لاتقل فضاعة عن جرائم داعش والذي كان البغدادي تلميذاً نجيباً في صفوفها وترعرع في احضانها. ولا لأن امير المؤمنين ينفذ أجندات خارجية مشبوهة مثلاً. ولا لأنه يزعزع الوحدة الأسلامية او على الأقل وحدة أهل السنة والجماعة, بل ان كل اعتراضهم على ابي بكر البغدادي, كانت بسبب اعلانه لدولة الخلافة الأسلامية دون الرجوع اليهم, ثم طلبه البيعة لنفسه كأمير للمؤمنين والغاؤه لسلطاتهم الدينية والدنيوية واحتكاره التحكم برقاب ومصائر الناس, مسلمين وغير مسلمين, بأيديه وحده لا شريك له.
ورغم انحدار فكر داعش الظلامي من الفكر الوهابي السعودي وتطبيقها المبدع لهذا الفكر التكفيري على ارض الواقع, فأن ذلك لم يجنبها الأدانة, بل اعتبر خليفتها ابي بكر البغدادي بين ليلة وضحاها كما الناقة الجرباء, منبوذ, مرفوض. الى حد تأليب امريكا والغرب على دولته والدخول في تحالف عسكري دولي للقضاء عليها, دولة طالما حلموا بقيامها وتوسعها ولكنهم لن يرتضوا لها ان تقوم على ايادي غيرهم فهذا هو الأمر المحال. حتى لو كان خليفتها البغدادي يوماً منهم وبيهم.

ان تمسك رجال الدين المسلمين بمبدأ التكفيرفي عصر حرية الأعتقاد جعلهم يقبلون الأسلمة بالأكراه لنشر الدين وزيادة اعداد مريديه, بأي شكل جاء يجيء. فنحن لم نسمع حتى احتجاجاً او تنديداً, لا من علماء السنة ولا من علماء الشيعة على أسلمة المسيحيين ولا الأيزيديين بحد السيف الذي فرضته داعش.
 أن أسلمة الآخر او تكفير المختلف وتنفيذ حد الردة عليه هواسهل الطرق لتثبيت سطوتهم على جموع البسطاء واستمرارها.

ليس صحيحاً بأن هناك من يتربص بالأسلام سوءاً... لأن اكثر من أساء الى الأسلام هم المسلمون ذاتهم, لاسيما بعد كل هذه الفضائع والجرائم التي ارتكبت وترتكب في كل اصقاع المعمورة, مشارقها ومغاربها, تحت راية لا اله الا الله وبصيحة الله اكبر.

لابد من ابراء ذمة ابناء الأديان الأخرى ممن اجبروا على اعتناق الأسلام تحت طائلة الموت من ترديدهم للشهادة, واعتباراجراء داعش هذا لاغياً ولا قيمة له وادانة كل من يجبر الآخرين على دخول الأسلام او اي دين آخراو اعتناق اي عقيدة بالقوة او بالأغراء المادي او العيني قانونياً. ان ذلك يقع على كاهل رجال الدين المتعقلين اولاً. كما ينبغي على منظمات حقوق الأنسان ومراكز الفكر وكل منظمات المجتمع المدني ان تكافح لأضافة فقرة تحرم التكفير لتعميق القوانين الدولية التي تنادي بحرية الأعتقاد والرأي. ان الانتصار على داعش لايمكن ان يتم بالقوة العسكرية فقط بل بمحاربة ايديولوجيا التكفير لها ولأخواتها, فكرياً ومحاصرتها قانونياً وقطع النسغ الأقتصادي الذي يغذيها.


 

258
السبايا الأيزيديات والمسيحيات والشبكيات عند داعش... من لهن ؟

احسان جواد كاظم

تترى على العراقيين المصائب من كل حدب وصوب. لانتعرض لصدمة  الا لننساها في اليوم التالي, لهول ما يتبعها والعجز عن تفسيرها وتبيّن اسبابها وكيفية معالجتها, فمن سقوط الموصل الغرائبي بيد عصابات داعش وقيامها بألغاء الوجود السكاني التاريخي لسكان البلاد الاصليين من السريان والكلدان والآشوريين المسيحيين, الى هروب قوات البيشمركه في سنجار امام نفس العصابات التي احتلت الموصل وفي تقليد متقن لأخوتهم الأعداء من العسكرالأتحادي في الموصل, ثم مذبحة  قاعدة سبايكرالمروعة  بحق 1700 شاب أعزل  ...

لكن رغم ما يحدث فانه لايجدر بنا ان ننسى ما تعرضن له نساء عراقيات, مسيحيات وشبك وعدة مئات من الأيزيديات من سبي ارهابيي داعش لهن ثم عرضهن في سوق الرقيق لبيعهن في استرجاع اجرامي لممارسة دينية لا أخلاقية تمثل عصر همجي بائد, لفظها تطورالمجتمع الأنساني وترفضها أخلاق عصرالحرية والمساواة.
 لايجدر بنا ان ننسى... ان لم يكن من منطلق صيانة الكرامة البشرية واحترام كيانها الانساني المستقل, فعلى الأقل من منطلق عشائري تقليدي تفرضه تقاليدنا الاجتماعية التي جعلت من جنس المرأة هي عنوان شرف الرجل وناموس المجتمع وجعلتها كما عود الثقاب اذا احترق.

ان تناسي مأساة هؤلاء النسوة المسبيات ومعاناة اسرهن وبني جلدتهن والتهاون عن استرجاعهن, هي جريمة توازي جريمة اختطافهن وبيعهن في اسواق النخاسة, كما ان الأكتفاء بأدانة الجريمة والمجرمين بأصدار البيانات اوالتظاهر اوعقد الندوات, او اعادة أدراج مؤسسات دولية استعباد النساء لأغراض جنسية في قائمة الجرائم من جديد, هوتقليل من حجم الجريمة وتساهل خطرمع مرتكبيها , يشجع جهات دينية اخرى, يغمرها الفرح بصمت من أفعال داعش, وترى في سبي النساء عمداً من أعمدة الشريعة يجب تفعيلها, ولهذا السبب كان رد فعلها باهتاً خجولاً.
ولابد هنا من التذكير بأنه لم يمض الكثير من الوقت على محاولات اقرار قانون نكاح القاصرات وتمريره في مجلس الوزراء العراقي قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة ليجري عرضه على مجلس النواب الجديد ليقره, هذا غيرجهاد النكاح او تفخيذ الرضيعة او رضاع الكبير وغيرها من شرائع مهينة لكرامة المرأة وتزدريها, يتمنون جعلها في رسم الخدمة مجدداً.

وانطلاقاً من يقين بأن الدولة الأسلامية لابد زائلة, ينبغي ان تشرع منظمات المجتمع المدني منذ الآن وبالخصوص منظمات الدفاع عن حقوق المرأة وحقوق الأنسان اضافة الى المؤسسات الاجتماعية الحكومية, بحصر العدد الفعلي للنساء المسبيات وتدوين اسمائهن ومحاولة تتبع توزيعهن وجمع المعلومات عن اماكن تواجدهن بكل الوسائل المتاحة, ودراسة امكانية انقاذهن بأي طريقة كانت. ثم البدء بوضع البرامج الأجتماعية لـتأهيلهن بعد استعادتهن, صحياً ونفسياً واعادة زجهن في الحياة الاجتماعية مجدداً, مع تهيئة برامج توعية  لذواتهن الذين قد يشعرون بالعار لما حدث, لتقبله ,بأعتبارهن ضحايا جريمة لم يكن لهّن حول ولا قوة فيها, او تهيئة مأوى آمن يؤمن مواصلة حياتهن الطبيعية.
وبالتوازي مع ذلك يجب الضغط من اجل ضمان حقوق هؤلاء النسوة قانونياً وتعويضهن مادياً ومعنوياً عما تعرضن له من اهانة لكرامتهن الأنسانية وفترة احتجاز ومنع الأساءة لهن بأي شكل من الأشكال.
 وبما أنهن ينمن على القهر ويصحون على العذاب, يجب اطلاق رسائل تطمين لهن في وسائل ألأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية, لعلها تصلهن, لأعلامهن بأنهن لسن بمنسيات وبأننا نسعى لتخليصهن, لتطويق مشاعر اليأس والقنوط لديهن وزرع بذور الأمل في نفوسهن بالعودة الى الأحباب.


259
قرارمجلس الأمن 1270 حول الأرهاب - تلكؤ دولي... خيار وطني
احسان جواد كاظم

أصدر مجلس الامن قراره 1270 تحت الفصل السابع حول محاربة ارهاب " الدولة الأسلامية" وجبهة النصرة السورية والمنظمات المتفرعة عنهما يوم 16 آب الجاري, بعدما تيقن العالم من حقيقة تنظيم داعش بأعتباره كيان ارهابي دولي يهدد دول العالم المتحضر قاطبة, غير ان تباطؤ المجتمع الدولي  في وضع القرار  حيز التنفيذ الفوري الى يومنا هذا برغم مرور اكثر من عشرة ايام على اعتماده , يكلف الكثير من الدماء والمعاناة لضحايا الأرهاب.

وكانت الولايات المتحدة قد قامت منفردة, قبل اصدار القرار, بعمليات قصف جوي لبعض مواقع وقوات داعش قرب اربيل انقاذاً لها من السقوط بأيدي الأرهابيين الذين وصلوا على بعد عشرات الكيلومترات من عاصمة اقليم كردستان بعد تقهقر قوات البيشمركه أمامهم, ثم واصلت عمليات القصف التي اقتصرت على ما حول سد الموصل لتأمينه, بينما لم تحرك ساكناً عندما ارتكبت عصابات داعش الاجرامية كارثة تهجير مسيحيي العراق من مناطقهم التاريخية ونهب ممتلكاتهم  وتبعتها مأساة مواطنينا الايزيدين في سنجار ومجاميع أثنية مختلفة من العراقيين في سهل الموصل ومحاصرتهم لآمرلي في كركوك. لقد كان انقاذ عاصمة اقليم كردستان, قد أوقف, بلا شك, التدهورالعام للأمن الوطني العراقي, لكنه لم يكن بمعزل عن حسابات مصلحية ذاتية للولايات المتحدة, فقد كان الرئيس الأمريكي اوباما واضحاً في تصريحه بأن الضربات العسكرية لداعش حول اربيل هي للدفاع عن مواطنين أمريكيين ! ومن الجدير بالذكر ان التعامل الأنتقائي خارج اطار اتفاقية التعاون الاستراتيجي بين الحكومة العراقية وحكومة الولايات المتحدة الامريكية, والتهرب من تطبيق بنود هذه الاتفاقية, بما فيها تسليح القوات المسلحة العراقية, تشير الى تقصيرحكومة الولايات المتحدة في تحمل مسؤولياتها  السياسية كضامن لأمن العراق ووحدته.

سياسة عدم الأكتراث بما يحدث في الأراضي العراقية التي اتبعتها الولايات المتحدة, بحجة عدم الرضا عن سياسات  رئيس الوزراء نوري المالكي, لم يكن موقفاً مبرراً بأي حال من الأحوال, فأتفاقية التعاون الأستراتيجي عقدت بين الدولة العراقية ودولة الولايات المتحدة وليس بين رئيس الوزراء نوري المالكي واي مسؤول أمريكي بشخصه.

كما ان المحيط الأقليمي لايبدو جدياً في الشروع بتطبيق القرار. فأجتماع جدة الخماسي بين السعودية وقطر ومصر والأردن والأمارات حول الأرهاب في سوريا والذي عقد بعد صدور قرار مجلس الأمن في 23 آب الجاري, كان شكلياً, فهو لم يخرج حتى ببيان حول نتائج اللقاء يوضح خطط هذه الدول في مواجهة الأرهاب , خصوصاً وان السعودية وقطر ضالعتان في دعم ارهاب داعش وقبلها القاعدة وتمويلهما, اضافة الى ان انعقاد اللقاء كان بغياب الدولة المعنية بالأمر وهي سوريا. كما ان اللقاء لم يتطرق الى استفحال ارهاب داعش في العراق حتى بعد مضي اكثر من شهرين من سيطرة داعش على مدينة الموصل ومدن عراقية اخرى في10 حزيران الماضي.
ان وجود حاجة سورية للتنسيق واستعداد روسي للمساعدة في محاربة الأرهاب, يوفر لنا خياراً واقعياً وبديلاً عملياً لحماية ابناء شعبنا وصيانة وحدة بلادنا من ارهاب داعش, بعد التلكؤ الأمريكي,  وفي اطار الشرعة الدولية وتطبيقاً للقرارالأممي1270. فيمكن الاتفاق مع السوريين على تنسيق العمليات العسكرية بين البلدين, بقيام الطيران الحربي, على سبيل المثال, لأحد البلدين قصف عصابات داعش داخل حدود البلد الآخر, ثم دعوة روسيا الفيدرالية لتقديم الدعم الفني والعسكري لضرب الارهابيين ومواقعهم.

لم يعد الأنتظار مجدياً, ويجب أخذ الأمور بأيدينا, فالقضية قضيتنا وابناء شعبنا هم من يدفعون ضريبة التلكؤ والأنتظار معاً.


 

260
هل يُصلح العبادي ما أفسده المالكي ؟!!
احسان جواد كاظم

انهالت برقيات التهاني والتأييد على رئيس الوزراء العراقي المكلف الدكتور حيدر العبادي, كالمطر, من رؤساء وملوك دول ومؤسسات عالمية وأقليمية ومن شخصيات داخلية وخارجية, في تعبير غير متوقع عن مستوى الرفض لرئيس الوزراء المالكي وسياسساته. وبرغم حالة التفاؤل العامة بما سيجلبه التغيير بسبب هذا التكليف, فأن الامر يبقى موضع تساؤل مشروع عن حقيقة وطبيعة ومدى التغيير الذي يمكن ان يدخله رئيس الوزراء الجديد على مسار العملية السياسية المتأزمة, فما عدا ان تكليفه بدلاً عن المالكي قد عطل امكانية تثبيت تقليد جديد في السياسة العراقية يتمثل بأعادة تنصيب رئيس وزراء لدورات متعددة ويحبط امكانية نشوء وضع دكتاتوري يمكن ان يستغله اي مهووس بالسلطة للأنفراد بها وفرض نفسه وممارساته, وهو شيْ جدير بالأشادة, فأن كون الدكتور حيدرالعبادى ينتمي الى التكنوقراط بمعارفه وشهاداته العلمية, وانحداره من عائلة بغدادية وعمله لسنوات عديدة في مؤسسات بريطانية,  يعطيه افضلية على سابقه نوري المالكي. لكن ما لاينبغي ان يغيب عن البال ان رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي , ينتمي الى حزب الدعوة كحزب اسلامي شيعي طائفي مثله كمثل سابقه وترقى في صفوفه. ولم نسمع عنه يوماً, اعتراضاً على نهج الحكومة السابقة الفاشل ولم نلحظ تأثيراً له على سياساتها بأتجاه تقويمها, رغم خبراته المهنية والعملية واطلاعه على اساليب الادارة الحديثة. كما انه قد تحصّل على موقعه الجديد هذا بنفس آليات المحاصصة المقيته. والتي كان بالتأكيد احد مهندسيها ومدافع امين عن نهجها.
ان كل ما حصل من ازمة حكم وما تزامن معها من ازمات اقتصادية واجتماعية وسيطرة عصابات داعش الارهابية على ثلث مساحة العراق وتهجير آلالاف العوائل من سكان العراق الأصليين بعد ارتكابها لفضائع رهيبة بحقهم, وقفت حكومتي المركزواقليم كردستان عاجزتين عن منعها, وتصاعد دعوات انفصالية من حلفاء التحاصص, هو نتاج نهج المحاصصة الطائفية - العرقية الفاشل وثمرة مؤامرات اطرافها ضد بعضها البعض وعلى جموع ابناء شعبنا.
لم تأت المطالبة الأمريكية لرئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة شاملة بجديد, خصوصاً وانها ستقوم على نفس الأساس السابق الذي سنه الامريكان ذاتهم ايام تشكيل مجلس الحكم السابق بعد احتلال العراق سنة 2003.
 ومع ذلك, لانود استباق الأحداث ونجزم بفشل حكومة الدكتور العبادي, فلعل الرجل بحكم خبرته العملية والسياسية سيجد منفذاً , غاب عن بالنا, يخلصه من أسار قيود المحاصصة وينقل العراق الى حقبة جديدة يرفل شعبه فيها بالأمان والتقدم في ظل نظام مدني ديمقراطي حقاً.


 

261
عن ما يسمى بالجبهة الداخلية
احسان جواد كاظم

قد يكون الحديث عن الجبهة الداخلية ومتانة الجبهة الداخلية, في هذه الايام العصيبة, مثل اطلاق نكتة لا تضحك احداً, بعدما وصلت الامور فيها الى ما نكابده من فوضى التغييرات الديموغرافية ( السكانية ) والجغرافية المفاجئة في خارطة الوطن العراقي, بسبب تكالب قوى الظلام والتخلف والتقسيم على شعبنا ووطننا. واذا كان تعبير الجبهة الداخلية يعني من بين ما يعنيه, وجود حد أدنى من الثقة  بين القوة المدنية الشعبية والحكام لحفظ كيان الدولة واستمرارها في اداء مسؤولياتها الدستورية ازاء المجتمع, وادارته بشكل عادل, فدولتنا التي تعاني من تفكك مؤسساتي اصبحت عاجزة عن اداء ابسط مبررات وجودها الا وهوالحفاظ على الأمان والسلم الأهلي, وباتت غير قادرة على وضع القوانين والآليات المناسبة لبناء انسجام مجتمعي ناهيك عن توفيرها متطلبات ديمومة هذا الانسجام, وخضوع الجميع من ثمة, بغض النظر عن انتماءهم الاثني او الطائفي او انحدارهم الطبقي, لسلطة القانون مع التزام جماعي بالمسؤولية الوطنية ازاء وحدة الوطن .
 ولكن ما موجود هو عكس ما هو مطلوب تماماً, فلا يخفى على احد مدى هشاشة الجبهة الداخلية واوصالها المهلهلة, التي هي تركة فاسدة مما خلفته سياسات النظام الدكتاتورية البائد الرعناء, بتفكيك البنية الاجتماعية والتي جرى مفاقمتها بتبني نهج المحاصصة المكوناتية, الطائفي- العرقي وتصارع اطرافها على جني اكثر ما يمكن من مكاسب وامتيازات على حساب المواطن.
وقد كان ابلغ تعبير عن هشاشة الدولة العراقية المستندة على نهج الدكتاتورية قبل 9 نيسان 2003 هواسقاط المحتل الامريكي للسلطة المتبجحة  والسيطرة على العاصمة بغداد بدبابتين والهروب الدراماتيكي لتشكيلات النظام الضاربة وتلاشي كامل قوته القمعية بين ليلة وضحاها . كما ان هشاشة الدولة العراقية القائمة على نهج المحاصصة الطائفية- العرقية بعد 9 نيسان 2003, بدا جلياً فاضحاً يوم 10حزيران 2014 يوم انهارت مؤسسات الدولة في عدة محافظات في غضون ساعات وبشكل يثير الدهشة والريبة معاً , بمجرد اشاعة وبدون مواجهة عسكرية, واضمحلال قوة فرق عسكرية بعديدها الهائل واسلحتها المختلفة امام شرذمة ضالة من زعران الفاشية الاسلامية, وكذلك انتهاز حليف محاصصي في السلطة فرصة هذا الأنكسار للسيطرة على اراضٍ واسعة بشكل غادر بكل ما تحمله تلك اللحظة التاريخية العصيبة من مأساوية.

لقد جاءت دعوة المرجع الديني السيد على السيستاني كل عراقي قادر على حمل السلاح بالتطوع لمواجهة الهجمة البربرية محاولة لأنقاذ ما يمكن انقاذه من كيان الدولة وهيبة مؤسساتها وللروح المعنوية لافراد قواتها المسلحة ولما تبقى من بصيص أمل لدى الكثير من ابناء شعبنا الذين اعادوا انتخاب الفاشلين والفاسدين وسراق المال العام في الانتخابات الاخيرة بالضد من مصالحهم, ولكنها لن تشكل بديلاً عن الحاجة الملحة بترصين الجبهة الداخلية ومعافاتها, وهذا لايمكن تحقيقه الا بنبذ نهج المحاصصة المقيت وانتهاج سياسة وطنية جامعة.
 فعلى الرغم من صدق الدعوة الموجهة من قبل مرجعية السيستاني لكل العراقيين للوقوف امام الهجمة الأرهابية فان التحشيد العام اتخذ في اغلب الاوقات منحىً طائفياً وقد استغلته ميليشيات وقوى ظلامية شيعية, طالما ارتكبت ابشع الجرائم ضد الشيعة قبل غيرهم, للأعلان عن وجودها الفعلي المسلح على الارض و بأسلحة ومعدات وتجهيزات يصعب اخفاءها في سرداب او مخزن معزول بعيداً عن انظار اجهزة السلطة الاستخباراتية, والذي لم ينطل يوماً على العراقيين إدعاء قادتها بتحولها الى منظمات سياسية او حل اذرعها المسلحة. ومن اولى مؤشرات استعادة نشاطاتها المشبوهة جنباً الى جنب مع ارهاب القاعدة هو عودة ظاهرة الاغتيال بكاتم الصوت والاختطاف على الهوية و محاولات مصادرة حرية الرأي بمداهمة الصحف ومصادرة الحريات العامة بفرض قوانينها الايديولوجية الظلامية على جموع العراقيين, بتطبيق نمط حياة وتفكير واحد أوحد, وتنصيب ذواتهم , أسوة بمجرمي داعش, قضاةً على سلوكيات البشر, وسلب الخالق حقه الالهي الحصري في محاسبة المذنب.

وكان من أوجه استفحال ظاهرة استغلال دعوة المرجعية من قبل الاحزاب الاسلامية أعلان قادتها صراحة وبمبادرات حزبية منفصلة وبدون تنسيق مع الدولة, أرسال متطوعين تحت يافطاتها الحزبية وليس على أساس التطوع الفردي, كما يفترض, لمقاتلة ارهابيي داعش, وبدعوى الامتثال لفتوى المرجعية, لاسيما وان ما يهمها هو الدفاع عن الأماكن المقدسة وليس انقاذ أبناء جلدتهم من بطش أوباش الدولة الأسلامية. على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي بوجود لجان تحشيد ( تطوع ) تابعة للدولة لتنظيم العملية وتأكيدات المرجع الديني السيد علي السيستاني للسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون: " بأن مقاتلة الأرهاب تكون عن طريق القوات الأمنية حصرا ً ", الا ان قادة هذه الميليشيات اخذوا يتباهون علناً بتدخلهم في مسار العمليات العسكرية, وتقديمهم توجيهات لضباط بمراتب عليا في غرف العمليات العسكرية .
وسعياً منهم لأشاعة أجواء الحرب وعسكرة المجتمع , نشهد تقليدهم المسلك البعثي ايام الحرب مع ايران في ارتداء قادة احزاب اسلامية او مسؤولين حكوميين او نواب برلمانيين, البدلة الخاكية او المرقطة, لابل تعدى ذلك الى تقليد رجال دين عراقيين لأقرانهم من الأيرانيين بأرتدائهم البدلة العسكرية مع اعتمارهم للعمامة, سوداء كانت او بيضاء ومشاركتهم في استعراضات عسكرية, ملوحين بالكلاشينكوف في استحضار لتقليد ايراني مستمد من ايام الحرب العراقية- الأيرانية .

ان نجاح قطعان داعش في السيطرة على عدة محافظات عراقية بسرعة قياسية وفرض شريعتها الهمجية على العراقيين واكتساح قوات البيشمركة الكردية لمساحات واسعة, لاتزال الجهود الدستورية تبذل لحل الاشكالات المتعلقة بشأنها وبما يضمن حقوق الجميع ثم استفحال دورالميليشيات الشيعية في الحياة العامة في مناطق الوسط والجنوب, كلها تشير الى هشاشة بناء الدولة ووهن الجبهة الداخلية والعجزالحكومي عن معالجتها, وهذه مجموعةً, نتاج نهج المحاصصة التقسيمي لكيان الوطن والتفريطي بحقوق مواطنيه.

 ان اصرار القوى المتنفذة على اجترار نهج المحاصصة, الذي أثبتت الوقائع اجراميته, اشتراك رسمي في المؤامرة التي يجري طبخها لتقسيم البلاد واشعال نيران الحرب الأهلية التي لاتبقي ولا تذر والتي سوف لن توفر احداً , ولا يمكن الخروج من هذا المأزق ودحر الأرهاب وبناء الجبهة الداخلية الا من خلال انتهاج سياسة وطنية عابرة للطوائف والعرقيات اساسها سيادة القانون وهدفها عدالة اجتماعية ناجزة, وكل هذه المباديْ لاتدخل ضمن اهتمامات  القوى المتنفذة التي تجر البلاد والعباد الى مصيرمجهول. 


262
ماذا وراء الأكمة... وتساؤلات مابعد الأنتخابات !!!
احسان جواد كاظم

اظهرت التسريبات من قاعات الفرز والعد الانتخابية عن فوز مؤثر لقوائم الكتل المهيمنة التابعة لذات الجهات الفاسدة الفاشلة والتي عانى العراقي من تنفذها على الحكم وإلقامها إياه المآسي, ثم شروعها بالتفاوض على الحصص لتشكيل الحكومة الجديدة رغم احتمالات تغير حجومها والذي سينعكس على شكل التحالف القادم. ورغم عدم نهائية النتائج الا ان الاختيار الشعبي وقع, كما يبدو, ولا مفر من الاعتراف به, مادمنا قد قبلنا بشروط الديمقراطية, بأيجابياتها وسلبياتها. ولكن رغم ذلك يصعب على المرء هضم هذا الامر. فهل يعقل ان يكون مجرد الحديث عن تغيير لايعرف كنهه اوممارسة تكتيكات مواربة بخوض الانتخابات بتسميات مختلفة وبقوائم متعددة اوتنفيذ حملات اعلامية صاخبة او توزيع بعض المنافع لعدد محدود من المواطنين, كانت كافية لأستغفال المواطن العراقي وتغييب وعيه, وجعله ينسى واقعه المزري من غياب للامن والكهرباء والخدمات وانتشار البطالة وتفشي الفساد الاداري والمالي وشلل اجهزة الدولة وفساد الطبقة السياسية الحاكمة وتكالبها على الامتيازات والمناصب ؟!!

ولم تعد التعليلات المطروحة عن أسباب هذه الظاهرة الغريبة, ظاهرة كره الذات, باللهاث وراء من لا نعني له شيئا ً: بغياب الوعي لدى المواطن وايعازها الى انتشار الجهل وطغيان سلطة رجال الدين والاستغلال النفعي لجراحات الحسين ولمعاناة مواطني مناطق معينة من التجاوزات الحكومية او اجرام الارهابيين وبروز العشائرية ثم تراجع القيم الاجتماعية النبيلة, اضافة للأسباب الاقتصادية, من بطالة وفقر, تقنع أحداً. خصوصاً وقد عبر الكثير من المواطنين وفي مناسبات عديدة, في اماكن ومجالات مختلفة, عن نفاذ صبرهم ورفضهم  لأحزاب السلطة وصراعاتها ونهجها التحاصصي, كما امتنعت المرجعية الدينية عن استقبال اساطين الفساد من متنفذي احزاب السلطة ثم قامت بالدعوة لأنتخاب النزيه والكفوء, وأعلنت عدم وقوفها وراء أية قائمة متنافسة , اضافة الى وجود بديل جديد واضح لنهج الفاسدين, ببرنامج عملي طموح هو التحالف المدني الديمقراطي.
لكن يبدو ان هناك شيئاً غريباً يجري وراء الأكمة, شيء يدبر بليل من وراء ظهر ابناء شعبنا خلافاً لأرادتهم,  بأتفاق قوى المحاصصة مجتمعة, فالهدوء السياسي ما بعد الاقتراع يدعو للريبة.

 وعلى ضوء نتائج الانتخابات الاولية المسربة, نطرح التساؤلات التالية :ـ

ـ أليس من الغرابة ان لاتحتدم حرب الاتهامات بالتزوير فيما بينها, كما هو ديدنها في كل انتخابات سابقة والاقتصار على بعض الأشارات هنا وهناك الى حصول تجاوز ؟
ـ هل بلغت قوى المحاصصة المتصارعة على الحكم حالة النضج السياسي المرتقبة والثقة التامة, جعلها تسلم بكون المفوضية العليا للانتخابات مستقلة حقاً ؟
ـ هل تقوم المفوضية العليا للأنتخابات بحساب الأصوات ببرود الحسابات الخوارزمية ؟
ـ هل انطلت الأساليب الأنتخابية الملتوية التي لجأت اليها هذه القوى على العراقيين الى هذا الحد ؟
ـ هل هناك رضى شعبي عام من الأداء الحكومي في محاربة الارهاب والفساد ومستوى الخدمات ومن الأداء البرلماني في تشريع القوانين والرقابة على الأداء الحكومي ؟
ـ هل أفل نجم المرجعية الدينية وخصوصاً الشيعية بعد ان جرى تجاهل شعبي تام لدعواتها بالتغيير واختيارالنزيه الذي يهمه أمر منتخبيه؟

أخيرا اود ان اشيركم الى رأي اثار لدي استغراباً عن طريقة التفكيرالمتعصبة البائسة, ففي نقاش محتدم مع احدهم حول طائفية الاحزاب الدينية, أشرت الى انها لم تخدم حتى ابناء طائفتها في مناطقها التي تدعي تمثيلها, فكان جوابه, الذي يدعو الى الرثاء حقاً, ان عدم تقديمها للخدمات لأبناء طائفتها هو دليل قاطع على عدم طائفيتها وعدلها في التعامل مع الطوائف كافة بالتساوي. وعندما ذكرته بمظاهر الفساد وحياة البذخ التي ترفل بها قيادات احزاب الاسلام السياسي على حساب كل العراقيين وهو منهم, مع  تمترسهم في المنطقة الخضراء المحمية بشدة وترك المواطنين من كل الطوائف والقوميات, فريسة سهلة لعصابات الارهاب والجريمة المنظمة التي تفتك بهم كل يوم, انتابه صمت القبور, فتركته يستمتع بالكآبة.
والغد لناظره قريب.



263
السعرالحقيقي لصوتك الانتخابي !
احسان جواد كاظم

يقوم  الباحثون عن الثراء السريع من مرشحي الانتخابات البرلمانية القادمة بمحاولة ارشاء المواطن البسيط بتوزيع بطانيات او مدافيْ  او حجاب او دجاجة مجمدة في استهانة وقحة بكرامة المواطن وتقدير وضيع لصوته. وكانت استماتة البعض منهم من اجل الفوز, قد دفعهم الى شراء بطاقة المواطن الانتخابية الالكترونية لأستخدامها لأغراضهم الأنانية, وقيل بأن ثمنها بلغ المليونين دينار عراقي ( ما يقارب 2000 دولار امريكي ) . ورغم  مايبدو من سعر مغري,  فانه يبقي ثمناً بخساً للصوت الانتخابي للمواطن , مقارنة بما يمكن ان يجنيه هؤلاء المرشحين لاحقاً بعد الجلوس على مقاعدهم النيابية من اموال وامتيازات.
وبين رخص تسعيرة الصوت الانتخابي وتكلفة الاختيار السيْ الباهضة لشخص المرشح لأشغال مقعد نيابي, تكمن المشكلة, وما تستند عليه من ضعف وعي المواطن وجشع مستغليه.

اود ان اشير الى اني لا أعني هنا بحساب تكلفة الصوت الانتخابي , ( تكاليف التهيئة  للأنتخابات من متطلبات لوجستية لنجاح العملية, ولا اعني الاموال التي يصرفها المرشح او كتلته الانتخابية لجذب المصوتين , وهي كلها غامضة ولايعرف المواطن مقدارها ولا مصادرها, ولا اعني أيضاً الامتيازات التي يحوزها البرلماني من مكافآت ورواتب تقاعدية وجواز دبلوماسي وحمايات وسيارات مصفحة وفلل والعلاج المكلف في الخارج على حساب المواطن الفقير بينما يدعوه الى التداوي ببصقة السيد او بول البعير... وغيرها  مما نعرفه من امتيازات اعضاء المجلس المنتهية فترته, رغم ان ذلك جزء من التكلفة ), وانما اعني بالتحديد, التكلفة المالية الباهضة للأداء السيْ  لممثلنا  غير الكفوء وغير المؤتمن في البرلمان, وتهربه من اقرار القوانين المهمة التي تتصل بقوت المواطن وسيادة البلاد. وما يترتب على هذا الاختيار السيْ من تعيين وزراء غير مهنيين, يثقلون كاهل الدولة بتبعات قرارات خاطئة, تكلف الدولة اموالا طائلة هي من ثروات مواطنيها. وكنا قد تابعنا في الدورات البرلمانية السابقة الدور الهزيل, والمبدد للثروات الذي لعبه مجلس النواب في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد, ومستوى الاهدار الكارثي للاموال والجهود والوقت الذي مارسه وزراء حكومة التحاصص.
 
لا تعرف الخسائر الحقيقية التي تعرض لها الاقتصاد الوطني خلال فترة السنوات العشرة الماضية, ولم يجري حساب للخسائر المادية والمعنوية الناجمة عن الأداء الضعيف لمجلس النواب المنتهية ولايته وفشل حكومته, وما يمكن استخلاصه تبعاً لذلك من حجم الخسارة الفعلية ( والمادية خصوصاً ) التي تعرض لها المواطن, وهذا ليس شيئاً مستغرباً في عراق اليوم الذي تعمه الفوضى ويتحكم بمصيره الفاشلون. فليس هناك حسابات رسمية شفافة حتى للميزانية العامة للدولة ولسنين عديدة سابقة, ولايعرف مقدار الاموال الداخلة الى الميزانية ولا الخارجة منها بشكل دقيق. و يبدو أن ابقاء هذا الأمر عائماً بهذا الشكل يرجع الى اتفاق سري جماعي بين أطراف التحاصص الطائفي - العرقي عابر للخلافات فيما بينها. وان ما يدفعنا الى هذا الاعتقاد , هو عدم وجود اية اشارة الى توجه جدي من أي طرف من أطرافه الى وضع الأمور في نصابها الطبيعي كأي دولة معاصرة. فالاهدار والتبذير وغموض أوجه الأنفاق وسرقة المال العام هي العلامة الفارقة في النشاط الحكومي وعموم اجهزة الحكم, والتي كان اكثر تجلياتها سطوعاً اقرارهم لقانون التقاعد بأمتيازات خيالية لشخوصهم.

ان على المواطن الناخب وبحكم تجربته المريرة السابقة مع قوى التحاصص ان يكون اكثر وعياً  في اختيار من يمثله ويعرف بمن يضع ثقته, ويفترض تمتعه بحصانة كافية من الدعوات المرآئية بالتغيير لذات القوى التي امتهنته وسرقته. فلصوته الانتخابي قيمة مادية يمكنها ان تفقره و تغنيهم او تغنيه وتفقرهم, ويمكن لموقفه الصائب ان يوقف سلسلة الخسارات المادية والمعنوية التي استنزفته. ولا يحتاج المرء اية حجة عن تأثير عدم اقرار قوانين أساسية كقانون النفط والغاز او اقرار الميزانية العامة على ارباك الوضع الاقتصادي العام في البلاد وارتفاع نسب البطالة وانتشار الفقر بين اوساط واسعة من المواطنين .
 ان اختيارنا لممثلينا في مجلس النواب القادم يجب ان يخضع الى تمحيص دقيق, يأخذ بنظر الاعتبار وطنيتهم وكفاءتهم وعفتّهم واستعدادهم الدائب لخدمة مصالح ابناء شعبنا ويعرّف الفاسدين بالسعر الحقيقي للصوت الانتخابي الواعي.
سيكون تكرار اختيار الفاشلين, استمرار لسياسة المتحاصصين في خلق الازمات ونهب المال العام. أنا سأنتخب بديلهم, التحالف المدني الديمقراطي من أجل العراق والعراقيين.

264
صورة الديمقراطية كما رسمتها أيادي المتحاصصين !
احسان جواد كاظم

كانت الديمقراطية هي الامل الذي انتظره العراقيون كبديل لنظام الدكتاتورية البائد, للشروع بأعادة البناء وانتشال المواطن العراقي من معاناة سنين طويلة من القمع والحروب والعوز, لكن السياسيين الذين استحوذوا على السلطة خذلوهم بترسيمها بما يلائم اطماعهم الفئوية على شكل كعكة يتحاصصون عليها, وجعلوا من البلاد كانتونات طائفية وعرقية متنافسة, تحركها نزعات بدائية متخلفة , وبسبب غياب تقاليد ديمقراطية راسخة في الممارسة السياسية العراقية وتغييب وعي المواطن خلال اكثر من ثلاثين عاماً من حكم حزب البعث الاستبدادي, ارادوا اقناع المواطن العراقي بوصفتهم المشوهة للديمقراطية, وحديثهم الممجوج عن خصوصية الديمقراطية العراقية, ديمقراطية المشاركة " المحاصصة " بسبب وجود مكونات طائفية وقومية متعددة في البلاد, وكأن العراق هو البلد الوحيد من بلدان المعمورة الذي يحتوي على تنوع قومي وديني وثقافي. وسميت الممارسات الكيفية في التحكم بالمال العام و حجب الحريات حسب رغبات ونوازع هذا المسؤول او ذاك الفئوية, " بالديمقراطية "  ثم جرى اعتبار تعيين المزورين وغير الاكفاء من اعوانهم, على اساس المحسوبية والمنسوبية في الوظائف العامة  " استحقاقاتها الحصرية ", فأنتشر الفساد وسرقة المال العام وذابت المليارات في جيوب المتنفذين من خلال مشاريع وصفقات ليس لها وجود او في احسن الاحوال بمواصفات فنية متدنية. واصبح مفهوم الديمقراطية يعني لمنتهزي الفرص وسيلة للأئراء السريع والاستهتار بمصائر البشر, وللمواطن البسيط غير الواعي شكل جديد لهضم حقوقه ومصادرة حرياته.

ان نظرة سريعة للشرائح المتقدمة للترشح في الانتخابات البرلمانية القريبة القادمة, تؤكد النظرة التي حاول المتنفذون تكريسها عن الديمقراطية. فمن بين طالبي الترشيح كان هناك قوادون ومغتصبو نساء وارهابيون ومرتكبو جرائم قتل واصحاب سوابق عاديين وبعثيون من ايتام النظام البائد متسترين بمسوح دينية اضافة الى اعادة ترشيح 300 عضواً في مجلس النواب الحالي الفاشل من اصل 320, بعضهم صدرت بحقهم اوامر قبض  لأتهامهم بالارهاب والتزوير والفساد, ويأملون في حال فوزهم استمرار الحصانة البرلمانية والتملص من ايدي العدالة.

 وبعد احدى عشرة سنة خلت,  وعلى الرغم من كل ما يقال, فان الوعي الشعبي يتنامى بعد ما رأى من فشل الحكومة التحاصصية في المجال الامني والخدمات وصيانة الحريات وكذلك هزال الأداء التشريعي والرقابي لمجلس النواب وتورط اطراف متنفذة في التشكيلة الحكومية وفي المنظومة البرلمانية في عمليات ارهاب وفساد مالي وتزوير, فقد أجبر هذا الوعي الأحزاب الاسلامية الطائفية في الانتخابات البرلمانية ثم المحلية الماضية الى اتخاذ عناوين لاتشير الى اسلاميتها, وهي تلجأ في هذه الانتخابات الى رفع شعارات تدعو للتغيير رغم انه لم يكن هناك ما يمنعها من التغيير اثناء الدورات البرلمانية السابقة, آملة في خداع الوعي الشعبي مرة اخرى وانامة شكوك المواطن وتعطيل ملكة التمييز بين الصالح والطالح وتخدير احساسه بالغبن.
ان حديث بعضهم عن التخلي عن دميتهم المفضلة المحاصصة الطائفية - العرقية واعلانهم فشل نهجها ودعوتهم الى اعتماد الاغلبية في تشكيل الحكومة, هي محاولة جديدة للضحك على ذقون الساذجين, فهم في حقيقة الامر لا يرغبون بتغيير فعلي بل مجرد اللعب على المصطلحات لضمان بقائهم على رأس السلطة لأربع سنوات قادمة. فحقيقة ما يدعون اليه هو أغلبية طائفية وليس اغلبية سياسية, فأحزاب الاسلام السياسي هي بالضرورة طائفية فكراً وتنظيماً  لهذا يحاولون" الخلط بين الاغلبية كمفهوم أثني او ديني والأغلبية كمفهوم سياسي. الأول حقيقة سكانية احصائية ثابتة, والثاني حقيقة انتخابية متغيرة "*. وهم بذلك يواصلون سياسة الغش والخداع اتجاه المواطن, ومن ثمة أعادة انتاج المصيبة.
ان بقاء المؤلفة قلوبهم على سرقة المال العام, استمرار لشقائنا, لذا فلابد من التغيير الحقيقي. ديمقراطية بديمقراطيين متصلة بعدالة اجتماعية.


* الباحث العراقي فالح عبد الجبار في كتابه الموسوم  " العنف الأصولي في العراق".





265
بمناسبة العيد الثمانين للحزب الشيوعي العراقي
عيد فرح يرهم على گلوب الفقراء

احسان جواد كاظم

تختزن الذاكرة كلمات اغاني الحب التي صدح بها فتيات وفتيان عراقيون, للوطن والناس والذين تتلمذوا وتعلموا على قيمها في مدرسة الحزب وعلى ترانيمها من تراثنا الشعبي الثر. ففي فترة الانفتاح السياسي النسبي في منتصف سبعينيات القرن الماضي, دأبت الشبيبة العراقية ومحبي حزب الشيوعيين على تنظيم السفرات والحفلات والتجمعات في البيوت والبساتين محتفين بالمناسبات الوطنية التي يحفل بها تاريخنا الوطني والتغني بنضال ابناء شعبنا من شيوعيين وديمقراطيين وتضحياتهم البطولية في سوح النضال ضد العدو الطبقي والاستعمار واعوانه من الحكام, وقد انبرت ثلة رائعة من المبدعين العراقيين شعراء ملحنين موسيقيين ومغنين في تقديم اروع ما قدمته الثقافة العراقية في تاريخها الطويل من فن رفيع في مجال الاغنية السياسية. وفي هذه المناسبة العزيزة على قلب كل عراقي وطني, الذكرى الثمانين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي, حزب الفداء والحرية والتقدم الاجتماعي اتذكر تلك الايام الحافلة ولا تغيب عن بالي كذلك ذكرى رفاق ورفيقات واصدقاء, شاركونا فرحتنا تلك, واستشهدوا, وهم يواجهون اعتى نظام فاشي عرفه التاريخ,  اما في غياهب الامن العامة الرهيبة تحت التعذيب او على اعواد مشانق النظام البائد او على ربى جبال كردستان في حركة الانصار او خلال ايام النضال السري ثم اثناء انتفاضة آذار المجيدة عام 1991 ولا يزال مصيربعضهم مجهولاً تضمهم المقابر الجماعية .

لعيد الميلاد كانت هذه الترنيمة الجميلة :

يا عيد ميلاد الحزب بهجة وتهاني
اسمك متوج تضحية, حب وتفاني
آذار رافع رايتك, ايد الكوادح حيّـتك
يا ساير بهمة وعزم لأجل الشغيلة
يا حزب... لأجل الشغيلة
***
صوت الشيوعية دوى رمز التحرر
للعامل للفلاح ضوا والهم تنّور
بأسم العدالة والسلام
يا حزبي ساير للأمام
يا ساير بهمّة وعزم لأجل الشغيلة يا حزب
لأجل الشغيلة
***
يا حزب وبدرب النضال تمضي بارادة
للحياة الحرة ورفاه شعبي وسعادة
وبضوة افكارك نهتدي, بدم الضحايا نقتدي
يا ساير بهمة وعزم, لأجل الشغيلة
يا حزب لأجل الشغيلة

لايمكن للمرء ان ينسى هذه الاغنية الرائعة المفعمة بحب الحزب والتي ترنمت بها الزميلة والصديقة كاتيا الخميسي, والتي انقطعت الصلة بها منذ  1978:

هله وميّة هله ياريحة الهيل
هلابك يا كحل.. يا غفوة الليل
هلابك طگـ حنيني, وفاض الك سيل
هلابك يا نخيلة و ورگ شمام, شمام, شمام
***
نطرناك ونشدنا الرازقي أعليك
وصّينا الهوى, بلچـن يمر بيك
نتمايل غوة من تمر طواريك
 وانخضّر ورد جوري عله الايام, الايام, الايام
***
شمرامك يا كحل وبخور وشطيب ؟
حبسناك بجفنا, انخاف لتغيب
يا فارس ومنك دنيتي اتهيب
 يا ميّة العروس وطوگـ حچام, حچام, حچام                                   

يهلل الرفاق بحزبهم المقدام بقلوب يملؤها الفخر:

هله بيك هله يا حزب المرجلة
اگـلوبنا وياك وبفكرك ياهلة
هله بيك هله يا حزب المرجلة هله
***
حزبنا يا حزب, يا بو افكار الذهب
صوتك عله الجبل وانطى الشمس لهب
هله بيك هله يا حزب المرجلة
***
ولا تنسى حازم يوم اللي وگـف
صامد وللموت وبحزبه هتف
هله بيك هله يا حزب المرجلة هله
***
حزبنا يا حزب, يا بو افكار الذهب
انمسيك بالبصرة, وانصبحك بعدن
هله بيك هله يا حزب المرجلة

كانت مآسي شعبهم وفكرهم النيّر قد فتح لهم طريق الانتماء للشعب:

يا هلابك... يا هلابك
مرة شفتك مزهرية, كسّروها, نبع بيها الكسر جوري وجلنّار
مرة شفتك بندقية, كسّروها, نبع بيها الكسر ثوار... ثوار احرار
يا عظيم ياخبز ياعيد يا ثوب اليتيم
***
يالملايين المعاقل هدمتها من عذابك
يالملايين المشانق گـطعتها على ارگـابك
يا عظيم ياخبز يا عيد يا ثوب اليتيم
***
تدري المن تفگـ بابك
وتدري المن تسد بابك
يغلط احساب الغشيم وانته ما يغلط احسابك
يا عظيم ياخبز يا عيد يا ثوب اليتيم

اغنية اخرى لعيد الميلاد المجيد تغنت بها باقة يانعة من اجمل شباب وشابات العراق من طلبة المدارس الثانوية والكليات :

يا حزب الاحرار يا صوت الاجيال
عيدك للوطن, افراح وآمال
عيدك للشعب افراح و آمال
***
 راية حزبنا حمرة وتلالي
تنشر ضواها بعز الليالي
فهد اللي اعلن للشعب وحدة العمال
عيدك للوطن افراح و آمال
عيدك للشعب افراح و آمال
****
يا حي حزبنا اتحدى المشانق
بقوة شعبنا بالنصر واثق
اقوى من الموت الحزب
فهد بشرف گـال
عيدك للوطن افراح و آمال
عيدك للشعب افراح و آمال

متزنرين بوصايا الرفيق فهد, صدحوا وعلى الحان الهيوة البصراوية :

نعلـگـ عمرنا اشموع وانضوي الدرب
هيچـي... علمنا الحزب
وانطگـ غصن رمان بالماي العذب
هيچـي... علمنا الحزب
صرنا فرحة عرس ياعيني
صرنا فرحة عرس بشفاف الشعب
****
الحزب علمنا على الحب والسلام
والوطن نخلة وعليها احنا حمام
انطير والفرحة سمانا... سمانا وبربيع الحب غنانا
صرنا فرحة عرس يا عيني
صرنا فرحة عرس بشفاف الشعب
***
بكل مدينة احنا گـمر, گـمر, گـمر والله گـمر
بكل حديقة احنا نهر, آه والله نهر
صرنا فرحة عرس يا عيني
صرنا فرحة عرس بشفاف الشعب

ولابد ان يكون صوت الطبقة العاملة داوياً وهي تصنع الحياة الجديدة, وتقدم الخبز والطمأنينة للطفولة وهي تواجه بفكرها النير اشباح الظلام:

عمال ما تحلا الحياة بغيرنا
هيّ الله هيّ
نتعب ونشگـى حتى نسعد غيرنا
هيّ الله هيّ
وانصير للاطفال خبزة وعافية
ونشتغل بگلوب بيضة وصافية
***
ما طول كل احنا سوة وعدنا فكر
ما تمنع الظلمة ابد جيّة الفجر
عمااال... عمااال
هيّ الله هيّ, هيّ الله

التغني بحب الشعب ومستقبله المشرق :

شعبنا يا شعبنا يا فرحة
طول العمر بمحبتك نصحى
كلما يمر آذارك انگول
گـرب الفراشة للورد صبحه

 بيت الحزب الصغير الذي يسع وطن وشعب وطفولة سعيدة  :

بيت الحزب بساتين
وجه الحزب نياشين
بيــه شمس, بيــه گمر
بيــه نهـــر, بيــه عـــرس , بيه مدرسة وفلاحين
بيت الحزب, بيت الحزب, بيت الحزب بساتين
بيت الحزم آمال
بوجه الحزب آلآلام
بيه اطفال, بيه عمال, بيه شباب
بيه نكدح ونناضل
بيت الحزب هلاهل

ومن على البعد تلهج قلوبنا بالشوق بشفاه الرائع مظفر النواب للبلاد التي نعشقها :

أرجى گـربچ بالتهجي, وروحي تبّاعة ذهب


266
المنبر الحر / تأبط شراً... فقتل !
« في: 20:56 05/04/2014  »
تأبط شراً... فقتل !
احسان جواد كاظم

لم يتأبط قاتل الأعلامي الشهيد محمد بديوي شراً فقط على شكل سلاح, ولكن بما هو اكثر مضاءاً وأشد فتكا ً,انه الحقد الاعمى, كما غيره من قتلة ايامنا الحالكة هذه, الذين تغذوا من مستنقعات التكفير والتعصب القومي والطائفية السياسية الآسنة. سيف الشاعر تأبط شراً ( ثابت بن جابر الفهمي / توفي نحو 350 م ) لم يكن اكثر غدراً من غدرهم, والذي امتشقه كان متمرداً والفخار لديه لم يكن تبجحاً فارغاً بل كان جزءاً اصيلاً في تكوين شخصيته, رغم نعته بالصعلكة, اما قتلة هذه الايام, فتركبهم عقدة النقص التي تنتج نقيضها من غرور ونزوع نحو التسلط والعتوّ وتمكن زهو المنصب والرتبة منهم, لذا تراهم يمارسون القتل بمجانية الريح.
امام هول الجريمة وعظم المصاب, تصبح هوية القاتل وكذلك المقتول غير ذات اهمية, فلطالما تبادل الغادر والمغدور بأنتماءاتهما المختلفة, المواقع. انما المهم هو معرفة الاسباب والدوافع التي تجعله يقتل انساناً ببرودة دم دون ان تهتز له قصبة, ثم إبطالها. 
وبمقدار ما كان اضفاء طابع سياسي على عملية القتل بسبب كردية القاتل, فعلاً مرفوضاً, فأن تنادي مئات المحامين الاكراد للدفاع عن القاتل بسبب مكان ارتكاب الجريمة وافتراض عربية القاضي الذي سيبت بالحكم, ايضاً مدعاة للرفض, لأنها تقود الى نفس المستنقع الآسن الذي ولغ به الآخرون.

الهوجة الغبراء التي افتعلت حول المجرم قاتل الدكتور بديوي وانتماؤه القومي, ما كان ليكون لها مكان لو لم يكن هناك شحناً قوميا متبادلاً على قاعدة خلافات المتنفذين على توزيع مصادر النفوذ, السلطة والثروة, وتفسيركل طرف منهم  بنود الدستور حسب أهوائه وأطماعه, ومحاولته فرض هذا التفسير على الآخرين. فليس خافياً مقدار حاجتهم لهذا النفوذ ولهذه المليارات في تدعيم مراكزهم وتأبيد تحكمّهم  برقاب الناس, ولو كانت هناك دولة مؤسسات وقانون حقاً, لما تجرأ المتنفذون على تجاوز صلاحياتهم والا تعرضوا للمسائلة امام القضاء أولاً ثم امام الرأي العام الشعبي.
 ما من مذنب غيرهم  في ايصال الاوضاع الى هذا المستوى من التوتر, فهم من أوقعوا الدولة في درك المحاصصة السفلي, وهم من أوغروا صدور السذج والاتباع ضد بعضهم البعض وزرعوا  الفتنة, بأتباع سياسات الغاء او اخضاع الآخر تارة وتغذية مشاعرالتعصب والأستعلاء القومي البليدة تارة اخرى. وفي هذا الاطار التمزيقي والباعث على الكراهية جاءت مطالبة النائبة البرلمانية حنان الفتلاوي عن دولة القانون بمحاصصة القتل وجعل القتل على الهوية قانوناً سارياً, فرأس شيعي مقابله رأس سني, وبذلك ينتصر العدل ويعم الأمان ويبنى للأنصاف داراً وتنتفي الحاجة لدواعش القاعدة و لميليشيات التعصب وايتام الدكتاتور.
ان استسهال قتل انسان بهذه البساطة سواء على يد الضابط او على طريقة السيدة النائب هو اصطفاف قيمّي وجهوي الى جانب قوى الارهاب التكفيرية بأختلاف مسمياتها وانتماءاتها الطائفية, وتبرير دنيْ لجرائمها الهمجية والتي دفع ثمنها المواطن العادي.
 الاكثر اجراماً هو جعل اهدار الدم العراقي, مناسبة للمساومة السياسية والكسب الانتخابي.

 ولا يظنن احدهم, بأن التهرب من استحقاقات تسنم الحكم ومسؤولياته من تأمين الأمن والأمان والحياة الحرة الكريمة لمواطني الدولة, سيضمن لهم البقاء على سنامه. كما لا تضمنه ثقافة الاستهانة بالأنسان كقيمة وككيان واسترخاص سفك دمه وهدر قيم واخلاق ومثل سامية, ثقافة تنتمي الى مخلفات عصور الهمجية البدائية والفكر الظلامي واستبداد الدكتاتورية, والتي جهدت البشرية عبر تاريخها الطويل الى مكافحتها, وانما تبني و سنّ بديل قيمّي راقي, يعتبر الانسان اثمن رأسمال, بقوانين ملزمة وتكريسه كسلوك حضاري.

" العصبية, ان يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين "               الأمام جعفر الصادق
 


267
الافتخار بما يدعو للعار
احسان جواد كاظم

في لقاء للسيد علي الموسوي المستشار الأعلامي لرئيس مجلس الوزراء مع " الغارديان " البريطانية, أجاب, رداً على سؤال حول نكاح القاصرات في قانون وزير العدل حسن الشمري المتعلق بالأحوال الشخصية الجعفري, قائلاًً: " لا نعتبر ان القانون مظهر من مظاهر التخلف, فغالباً ما يقدم العراق من قبل بعض وسائل الاعلام بأعتباره بلداً متخلفاً بسبب ذلك, فأنتم في الغرب تناقشون مسألة زواج المثليين, ولم ننعتنكم نحن بالتخلف" وكذلك كانت طريقة تفكير آية الله اليعقوبي عندما تهجم على العراقيات الرافضات لمسودة القانون ووصفهن بالمثليات. وهذه الاستراتيجية في المحاججة, اضافة الى غياب الحجة فيها فانها تنم عن بؤس في التفكير وتدعو الى الرثاء, فبؤسها ينبع من منطلق - ما دمتم تشجعون الشذوذ عندكم فان لنا شذوذنا الخاص الذي هو جزء من عقيدتنا ولاينبغي ان ترفضوه والذي سندافع عنه بالغالي والنفيس. لكن عيونهم تعشى عن رؤية فرق جوهري بين شذوذ الغرب وشذوذ مقترحي القانون, فزواج المثليين يعقد بين شخصين بالغين وبأختيارهما وامام محكمة يعترف بها جميع مواطني البلد المعني وليس لفسخهما العقد بينهما عواقباً اجتماعية مدمرة على المجتمع كما لو طلقت فتاة قاصرة بعد التمتع بعسيلتها اي اغتصابها, والأنكى من ذلك لو قادها حظها العاثر لتحمل و تلد مولوداً, على الاقل, لوجود نظام رعاية اجتماعية رصين عندهم وغياب هذا النظام لدينا. ولايمكن طبعاً اعتبار الصدقات التي تقدمها الجوامع او الحوزات او بعض المحسنين, الخاضعة لرغبات هذه الجهات وامكانياتها, حلاً لمشاكل فتاة قاصرة, في بلد يبلغ عدد الارامل والمطلقات والعوانس ملايين عديدة, كلهن يحتجن للدعم المادي والمعنوي.
 وبعدما جرى تعطيل ايجابيات قانون 188 للأحوال الشخصية لسنة 1959 لحمايتهن, لم ينصفهن القانون الجعفري المقترح بل كرس حالة الخضوع والتبعية المطلقة للزوج, وهذا ما عقبت عليه صحيفة " كازيتا فيبورجا " البولندية , على ضوء ما جاء في صلب القانون بالحق المطلق للزوج بالتمتع بزوجته في اي وقت يشاء ولا تملك ان ترفض له طلباً حتى لو كانت مريضة اواذا لم تكن لها الرغبة بذلك في تلك اللحظة, وصنفته على انه عملية اغتصاب للزوجة تحت لواء القانون والاغتصاب جريمة تعاقب عليها الشرائع الدولية التي وقع عليها العراق والمتعلقة بحقوق الانسان والمرأة والطفل.
اعتبر السيد علي الموسوي المستشار الاعلامي لرئاسة الوزراء مجرد تصويت البرلمانيين على الشذوذ بالاكثرية هو تطبيق للديمقراطية, وهو ما يعكس هزالاً شديداً في فهم الكثير للديمقراطية, فهو لايدري بأن آلية التصويت هي جزء من الديمقراطية وليس الديمقراطية كلها, وان تبني النظام الديمقراطي عن انظمة الحكم المتعددة الاخرى في عالمنا المعاصر, كان لأرساء اسس اكثرعدلاً للحياة الاجتماعية  لجميع افراد المجتمع وتضييق الهوة بين الغني والفقير وردع القوي وانصاف الضعيف, قانونياً... مادياً ومعنوياً . أنسنة الحياة الاجتماعية بكلمة اخرى وليس لفرض ارادة اكثرية . فأهمية الديمقراطية تكمن في جوهرها الأنساني وهو هدفها اما آلياتها ومنها التصويت فهو الوسيلة للوصول الى هذا الهدف السامي, بوجود من يسعى  اليه حقاً, وتجريدها من جوهرها يجعلها مجرد لعبة كراسي غير ذي فائدة لجموع الشعب, كما هو حاصل على الساحة السياسية في بلادنا المكتوية بنيران التحاصص الطائفي - العرقي المقيت.
ان انتهاك الطفولة كما اغتصاب حقوق الام التي نحتفل بعيدها السنوي هذه الايام, جريمة, لايمكن تبريرها بأية قدسية زائفة.

268
تقنين البيدوفيليا عراقياً !!!
احسان جواد كاظم

افضع ما يمكن ان يقوم به انسان هو جعل سلوك لا انساني بحجة تطمين رغبة الاكثرية وتبعاً لعادات لاتنتمى لعصرنا, قانوناً, وهذا الامر ينطبق كلياً على قانون الاحوال الشخصية الجعفري الذي اقترحه السيد وزير العدل حسن الشمري عن حزب الفضيلة الاسلامي والذي لاقى رفضاً واسعاً لعدم ارتقاءه الى مستوى الوعي الأجتماعي والحضاري لشعبنا لابل ووجه بالتجاهل العلني من قبل المرجعية الشيعية العليا واحزاب اسلامية اخرى, اضافة الى تقاطعه مع الشرائع الانسانية الدولية وقوانين المجتمع الدولي التي وقع عليها العراق وتناقضه مع بنود اساسية في الدستور العراقي المتعلقة بحقوق الانسان والمرأة والطفولة. لذا  فان اقرار قانون نكاح القاصرات يدرج ضمن جريمة البيدوفيليا التي تجرّمها القوانين الدولية والتي تعتبرها انحرافاً جنسياً واستهانة بحياة وكرامة الاطفال والفتيات منهم بشكل خاص.
ان استدعاء عادات اجتماعية وتقاليد تعود في جذورها الى ما قبل ظهور الاسلام  في الجزيرة العربية أملتها ظروف حياتية واجتماعية خاصة بتلك العصور الغابرة  ثم اعتبارها قانوناً أساسياً من صلب الدين, لاتستقيم بدونه الشريعة وقيم الآسلام وطقس عبادي لايمكن الاستغناء عنه, لتطبيقه على ظروف القرن الواحد والعشرين, لهو أفتئات على الدين الاسلامي ونبيه. ولا يمكن اعتبار الاصرار على انفاذ تشريع قانون نكاح القاصرات الا استعادة لعادة  وأد البنات التي كانت سائدة لدى قبائل العرب, الذي حرمه الاسلام ليطبق الان , لكن بعد بلوغها حدود التاسعة من العمر.
 ومن الامثلة المجحفة التي تضمنها هذا القانون المقترح, أشار العديد من المحللين المختصين, الى ان الاساس الذي اشترطه القانون لمسؤولية الزوج فى النفقة على زوجته هو امكانية تمتعه الجنسي بها وهو مالا يشمل الزوجة الناشزة والكبيرة عمراً والطفلة التي لم تصل عمر التمتع بها, وهو بذلك يربط مصير الزوجة برغبات الزوج الجنسية واخضاعها لمزاجيته بشكل مطلق ولا يعير بالاً لظروفها وحاجاتها ومشاعرها كأنسانة ولا يقدم لها اي بدائل تحفظ بها كرامتها وحقوقها . ولابد من الاشارة الى ان الكثير من النساء البالغات عاجزات عن مواجهة عنت الزوج والحيف الاجتماعي ونيل حقوقهن فكيف بالطفلة البريئة مواجهة زوجها مغتصبها في ظل تخلي والديها والمجتمع عن حمايتها من شروره.
وكانت احدى النسوة المؤيدات لتشريع هذا القانون قد أشارت الى ان " القانون اعطاها الحق ان تكون بالغة في التسع بدل 18 سنة "  للزواج. لايمكن لأي قانون ان يعطي الحق او يحجبه في مسألة بلوغ كائن ما, فالمسألة لاتتعلق بالحقوق والواجبات وانما هي عملية بيولوجية مركبة تختلف من شخص لآخر, اضافة الى وجود شروط للبلوغ لا تقتصر على شكل جسد الفتاة والاستحاضة فقط, كما يظن المؤيدون لقانون الوزير الشمري, بل ان النضوج البيولوجي والذهني والموافقة الواعية ثم الاستعداد النفسي لتحمل مسؤولية اسرة كلها عوامل مهمة لضمان نجاح الزواج.
 كما ان الموافقة على تمرير هذا القانون يسلب الفتيات القاصرات حقاً اساسياً أقره الدستور لكل مواطن عراقي, هو حق التعليم والذي هو من متطلبات عصر النور والتكنولوجيا الذي نعيشه, والذي لايمكن بدونه  تأسيس لبنة عائلة مستقرة قادرة على تربية جيل سوي, وهو الامر الذي اهمله مدونو هذا القانون كلياً, لكونهم مجترّين أصلاء لطريقة التفكيرالتي سادت القرن الهجري الاول.

المتمسكون باقرار قانون نكاح القاصرات, والذي يعدّونه عمداً من اعمدة الدين والمذهب ودونه الموت الزؤام ورفضه كفر وألحاد, يتغافلون عن ان آيات قرآنية جرى نسخها اما بارادة الهية او ارادة خليفة او حاكم  وجرى تعطيل احكام فقهية برغبات هذا الفقيه او ذاك, كما جرى بسبب تجريم قانون أممي   لنظام الرق والمتاجرة بالبشر الى غلق باب واسع في الفقه الاسلامي هو باب أحكام العبيد والأماء والذي خضعت له الدول الاسلامية صاغرة . فلماذا كل هذه الضجة اذن ضد مطالبات الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة لدى العراق نيكولاي ملادينوف ومنظمات انسانية وحقوقية عالمية رصينة في سحب القانون ؟
اذا كان حزب  السيد وزير العدل حسن الشمري يرى في اقرار هذا القانون حقاً للطائفة ( اذا كان يمكن تسمية نكاح القاصرات حقاً (
فأن هذا الحق اصبح في عصرنا الحالي جريمة, تسمى البيدوفيليا الاستغلال الجنسي للاطفال, ويفرض ميثاق الامم المتحدة التزام دولها الأعضاء بقوانينها التي صادقت عليها دول العالم وشعوبها والا تعرض خارقيها لعقوبات موجعة .
" العدل اساس الملك " كما قيل ولابد لكل انسان سوي ان يناضل من اجل احقاق قيم العدالة لاسيما المسؤول المكلف, مبتداءاً من اصغر أفراد المجتمع واضعفهم واكثرهم حاجة قبل ان يبحث عن انصاف  كتل ومجموعات اجتماعية, وهو ما لم يسعى اليه حكامنا الحاليون, كما انه لابد ان يكون محورعمل مؤسسات الدولة ودائرة وزير العدل بالذات هواقتراح و سن القوانين التي تكفل المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وخضوع جميع المواطنين لقانون عادل موحد والسعي بأستمرار الى تدقيق القوانين وتنقيحها لما يوسع دائرة الحقوق والحريات لهم وخلق اكثر الظروف الانسانية ملائمة لعملهم وابداعهم ورفاههم .
ان ضمان حق الأطفال بالتمتع بطفولة آمنة مترعة بالفرح هي اساس ومعيار عدالة كل عقيدة ودين ونظام, وخلاف ذلك يجب ان يوصم صاحبها  بالاجرام ويقدم لينال جزاءه في العداء لأجمل البشر وانقاهم.

وصن ضحكة الطفل انها........ اذا غردت في موحش البر أعشبا !             

269
 
مرض" اضطراب ما بعد الصدمة " النفسي, معضلة اجتماعية

احسان جواد كاظم

"شعرت بنشوة عندما أطلقت النار عليه, وهذا ما لايمكنني تحمله" هذا ماقاله المحارب البولندي السابق" ميخاو" الذي شارك في مهمات قتالية في افغانستان والعراق, معبراً عن مشاعره المتناقضة.
گـراژينا ياگيلسكا زوجة مراسل حربي وكاتبة, كانت ضحية لحالة العصاب التي تصيب المقاتلين في مناطق الصراع التي تدعى " الاجهاد القتالي ". دفعت ضريبة الغياب المستمر لزوجها  في أصقاع العالم المضطربة, مترقبة مع كل رنّة تليفون, ابلاغها بخبر مصرعه, وخضعت للعلاج النفسي مع مجموعة من المحاربين العائدين من افعانستان والعراق, وتجاوزت الازمة. وخلال فترة تواجدها في " عيادة الطب النفسي ومكافحة الاجهاد القتالي ", كانت هي الوحيدة التي قررت سبر اغوار عوالم ضحايا الحرب هؤلاء, والذين يحاولون مقاومة شيطان الحرب في دواخلهم, من خلال لقاءآتها بهم والكتابة عنهم, وقد أثمر جهدها بتأليف كتاب " الملائكة تأكل ثلاث وجبات يومياً, 147 يوماً في مستشفى الأمراض النفسية ". تقول ان الحديث معهم كان شاقاً, وكل محاولات استدراجهم في الحديث واستنطاقهم ودفعهم للاسترسال في سرد ذكرياتهم ومشاعرهم من قبل المعالجين النفسيين غالباً ما تقابل جداراً صلداً, فهم لايودون تذكر ما حدث, تقول :" لا اتذكر اي محادثة من هذه المحادثات وصلت الى نهايتها ".
" قال أحدهم : بعد ثلاث سنوات من العلاج لم يتحسن وضعي النفسي. لحد الآن لم اقل ما حدث على ارض  المعركة".
 يعود هؤلاء الجنود الى البلاد بالنياشين والاوسمة مكللين بأكاليل المجد عن بطولاتهم وانتصاراتهم  على العدو, وتسعد عوائلهم لعودتهم سالمين, ويحتفي المجتمع بهم كأبطال أبلوا بلاءاً حسناً ضد الاعداء, اما هم فعلى الاغلب صامتون, لايفصحون عما شاهدوه في الحرب من اهوال, فهم في حقيقة الامر معوّقون نفسياً, يخفون مشاعرهم المحطمة عميقاً.
"العودة الى الوطن والأهل هي الأصعب, جنود يرجعون الى زوجاتهم واطفالهم ووالديهم ولكن يتبين انهم لا يستطيعون التصرف كما كانوا يتصرفون سابقاً. غالباً ما يكون الجسر بين عالم الحرب والحياة المدنية غير ممكن  عبوره". قلق , توتر, اكتئاب, نزوع الى الأنعزال ثم ميل نحو العنف, اضافة الى الادمان على الكحول او المخدرات, هي ابرز علامات الوضع الجديد.
فعوارض الاجهاد القتالي لا تسفر عن نفسها مرة واحدة, فقد تبقى كامنة  داخل المحارب لسنين لتظهر مؤشرات  وجودها وتمكنّها, بدون ان يعرفوا ما يحدث معهم. ميخاو من بين القلائل الذين كسروا  حاجز الصمت ورجع الى ذكرياته, واصبح علاجه ممكناً, لكن جنوداً آخرين آثروا الصمت. لم ينبسوا ببنت شفة... صمتوا حتى النهاية. لم يسمحوا لأي أحد كان من دخول عالمهم, عالم الحرب. ماريك مات قبل فترة قصيرة كمداً.

"العبوة التي كانت معدة لناقلتنا انفجرت في مجموعة من النساء والاطفال, كانوا سائرين على جانب الطريق. لم يبق منهم سوى اشلاء متناثرة, ايدي, ارجل , احشاء... فكرت حينها, انهم يمكن ان يكونوا أطفالي انا . صدر لنا الامر بالعودة الى المعسكر. لم يكن من طريق سوى المرور على أشلاء الضحايا ". يتذكر ميخاو.
" احد عناصر الأنقاذ الطبي خلال تذكره لما شاهده, ظن نفسه لازال في افغانستان, تصور بأن عليه ان يسرع في جمع أشلاء رفاقه وسحب القتلى, والانتهاء من ذلك, خلافه ستأتي القطط لتأكل الاحشاء".
" تحدث أحدهم قائلاً: بأنه قتل, في لحظة غضب, قطيع غنم لراعي أفغاني, كانت هي كل ثروته, لكنه شعر بالندم على فعلته, لكن العواطف والمعاناة تأتي لاحقاً, لأن لامكان في الحرب للعواطف. انما المهم ان المهمة انجزت بنجاح ".
" مهندسو المتفجرات, حتى حين يكونون في اجازة يبحثون عن المتفجرات التي يمكن ان تكون مخبأة في مكان ما, في القمامة... تحت سيارة... في المجاري..".
" احدى العاملات في المجال الطبي, كانت مقتنعة بأنها ملاك غير مرئي".
تحدث المحاربون ذوي التجربة عن مشاعر متناقضة تمزقهم بين اهمية اتخاذ الأجراء المناسب في اللحظة المناسبة, اوالتأني للتأكد, فالشخص القادم من الاتجاه المعاكس يمكن ان يكون انتحارياً او ان السيارة المركونة على حافة الطريق قد تكون  مفخخة.
" فقط في الافلام يجري رمي العدو كما لو تصطاد البط ثم تربت على كتف رفيقك استحساناً بدون مشاعر نحو الضحايا ".

أهمية مُؤلف الكاتبة گـراژينا ياگـيلسكا " الملائكة تأكل ثلاث وجبات يومياً, 147 يوماً في مستشفى الامراض النفسية " تأتي من كونه دراسة استطلاعية وانطباعات ومشاهدات يومية لمجموعة من المحاربين القدماء وبعض افراد عوائلهم الذين ابتلوا بهذا المرض, وكشفت معاناتهم الى الرأي العام وهي التي طالما تبقى حبيسة جدران مستشفيات العلاج النفسي وأدراج الاطباء.

يميل بعض الباحثين نحو استخدام مصطلح " أضطراب ما بعد الصدمة " كتعبير شامل لمرض "الأجهاد القتالي " للمحاربين القدماء الناجم عن الضغط العصبي في ارض المعركة وللأضطراب النفسي الذي يتعرض له أهاليهم او المدنيين العاديين الآخرين ضحايا الاختطاف او الأرهاب, الاغتصاب والعنف الجنسي, او الكوارث الطبيعية كالفيضان اوالزلازل اوالاعاصير او حتى مَن تعرضوا لحادث سير او تحطم طائرة...

كم منّا نحن العراقيين, مَن لم يكن مطارداً من زبانية النظام البائد او مرّ على جبهات الحرب ووقف وراء سواترها خلال الثلاثين سنة الماضية وكم منّا, وقف في جبهتين متقابلتين في حروب التمزيق الطائفي والتعصب القومي؟ مَن من العراقيين لم يرَ جثث المغدورين بلا رؤوس او تفاجأ بقصف عشوائي او فقد احد أحباءه في انفجار سيارة مفخخة او كان هو او احد معارفه ضحية او شاهد عملية اختطاف او محاولة اغتيال بالكاتم ؟ ان أبسط ما يمكن ان يكابده احدنا, هو وقوعه نهباً لقلق يأكله بسبب تأخر فرد من أفراد العائلة عن العودة من العمل في ظروف التدهور الأمني الصعبة .

لنعلنها صراحة: كلنا مرضى " اضطراب ما بعد الصدمة " النفسي, بشكل او بآخر وبمستويات مختلفة, فأن انتشار ثقافة العنف وعسكرة المجتمع والاحتماء بالطائفة او العشيرة وشيوع تعاطي المخدرات ونسب الطلاق العالية في مجتمعنا وعدم المبالاة والانكفاء على الذات وفتور الشعور الوطني, كلها وغيرها من المؤشرات دلائل تشيرالى ذلك.
ان اشاعة السلم الأهلي هو العلاج الأهم والأعم, لهذا المرض المستعصي, وهو ما لاتستطيع ان تنجزه قوى التمزيق الطائفي او التعصب القومي والشوفيني الحاكمة بل قوى التغيير المدني الديمقراطي التي تؤسس دولة المواطنة التي يخضع فيها الجميع للقانون بدون تمييز وتضمن حقوقاً متكافئة للمواطنين. ويقع عليها مسؤولية تفصيل برامجها المستقبلية في المجال الصحي بأضافة فقرات تولي اهتماماً خاصاً لهذا المرض المعضلة, بتشكيل مؤسسات بحثية متخصصة بكفاءات مجربة, تقوم بدراسات ميدانية معمقة للامتداد الافقي والطولي للمرض في المجتمع العراقي في اوساط المدنيين والاطفال منهم بشكل خاص كما الذين تحت السلاح, وتضع الحلول الناجعة للحد من تفاقمه مع انشاء المؤسسات ومستشفيات العلاج النفسي وبيوت نقاهة عصرية لاستقبال المرضى.
ان معافاة مواطنينا من آفات وتبعات مآسي الحروب السابقة والاحداث الحالية المؤلمة هو الطريق الأمثل للانطلاق بعملية البناء والتطور. وهي لعمري مهمة صعبة !

* الاسم الأصلي باللغة البولندية : "Anioły jedzą trzy razy dziennie. 147 dni w psychiatryku " -غير مترجم للغة العربية.

* كتابها الآخر ذات العلاقة بالموضوع اعلاه : "Miłość z kamienia" ( حب من صخر ) - غير مترجم للغة العربية



270
خطوة السيد مقتدى الصدر الناقصة
احسان جواد كاظم

غبط الكثير من المواطنين السيد مقتدى الصدر على خطوته بالأنسحاب من العمل السياسي والتفرغ للشؤون الدينية والتي جاءت احتجاجاً على مظاهر الفساد التي مارسها ممثليه في الحكومة والبرلمان والحكومات المحلية والمحسوبين عليه على الارض بفرض سطوتهم الدينية والفكرية على شرائح مجتمعنا المتنوعة.
ان الذي دعى مقتدى للأنتفاض  كان اولاً الذود عن سمعة  عائلة آل الصدر, كما جاء في خطابه, التي لطختها الممارسات المشينة للمحسوبين عليهم في التيار او الاحزاب الاخرى التي تتلفع بعبائتهم, ثم تأتي لاحقاً, خيانة المحسوبين عليهم لمبادئهم في نصرة المستضعفين وتهافتهم على تحاصص الغنائم. وقد اشار في خطابه الى ان " العراق يحكمه ذئاب متعطشة للدماء او نفوس تلهث خلف المال تاركة شعبها في ( بحبوحة ) العذاب والخوف..." ومنهم اتباعه, لكن خطوته بقيت ناقصة لأنه لم يشفعها بفضح هؤلاء الفاسدين والمتسلطين على حقوق العراقيين وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم  وتبرأة ذمة آل الصدر من جرائمهم ومفاسدهم, فهو بقراره المبتور هذا ترك لهم ما سرقوه من اموال الشعب ليتمتعوا بها بغير وجه حق وغض النظرعما للعراقيين من حقوق في رقابهم, ولم ينتصر لهم. وكان من الافضل لسمعة آل الصدر وللتيار بأجمعه  مسآئلة هؤلاء الذين تحولوا بين ليلة وضحاها الى مليونيرية او حتى مليارديرية : من اين لك هذا ؟ وكان بذلك قد ثأر لآل الصدر قبل غيرهم من مرتكبي الجرائم بأسمهم وحاز على اعجاب وتأييد شعبي عارم بهذا العمل.
 وما كان انسحاب ممثلي التيار من الوزارات ومجلس النواب والمجالس المحلية بدعوى الولاء للسيد القائد وامتثالاً لأمره, الا مسرحية مكشوفة, فمجلس النواب يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أسابيع, غير مأسوف عليه, كما ان دور ممثليه في الحكومة غير ذي شأن,  تبعاً لما جاء في خطاب السيد مقتدى, الثاني عن تسلط شخص واحد على الحكومة واتخاذ القرارات , فوجدوها بذلك فرصتهم السانحة للتهرب من المسؤولية والاحتفاظ بالمكاسب.

السيد مقتدى الصدر الذي انطلق من سمعة عائلته آل الصدر في موقفه الحاسم, كما انسحاب الصدريين من مراكزهم الرسمية  بدعوى الولاء لشخص السيد القائد وطاعته, يعبر عن القصور في الفكر السياسي للتيار وطغيان دور ومكانة الفرد فيه. فالعراق يغص بالشهداء والمضحين, وليس في الشهادة من اجل الوطن درجات او افضلية, لذا فالمنطلق يجب ان يكون خدمة ابناء الشعب اولاً, والولاء ينبغي ان يكون للوطن وبالآلتزام ببرنامج لتحقيق ماتصبو اليه جماهير الشعب.

 لا شك بأن السيد مقتدى قد تميّزعن قيادات احزاب الاسلام السياسي الأخرى, بأعترافه الشجاع بفساد قيادات تياره وقرر معاقبتهم بينما تركب احزاب الاسلام السياسي الاخرى, شيعية وسنية, رأسها, ولا تعترف بفشل خياراتها الطائفية وفساد قياداتها. رغم ما اكدته الحقائق على الارض والذي كانت تردده اوساطاً واسعة من مثقفينا وابناء شعبنا, بأن لا احزاب الاسلام السياسي الشيعية تمثل مصالح شيعة العراق ولا احزاب الاسلام السياسي السنية تمثل مصالح سنة العراق, بل مثلت مصالح ومطامح قياداتها الدينية والسياسية فحسب, وجرّت العراقيين الى نزاعات طائفية تقسيمية ومزالق خطرة بالاضافة الى تجويعهم وسلب حرياتهم وحقوقهم.

يرى البعض في لقاء السيد مقتدى الصدر بالسيد جعفر الصدر, غير المعمم, نجل الشهيد محمد باقر الصدر, مبادرة لتسليم امور التيار بيد من لم تتلوث ايديه بالمال الحرام. فما يعرف عن السيد جعفر انه استقال من عضوية مجلس النواب الحالي في اول ايامه بعدما شهد عدم جديّة ممثلي الشعب في خدمته, لكن ايضاً من منطلق شخصي هو عدم تلويث سمعة وتاريخ آل الصدر, والشروع ببناء حزب من رحم التيار وبجماهيره يوالي آل الصدر, وبذلك فان التغيير المتوقع لن يكون نوعياً, فالساحة السياسية تنغل بالاحزاب التي ترفع راية الانتماء لآل الصدر,  كحزب الدعوة الاسلامية, حزب رئيس الوزراء نوري المالكي او تيار الاصلاح الوطني التابع لأبراهيم الجعفري او حزب الدعوة - العراق, حزب نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي او حزب الفضيلة وغيرها وهي كلها جزء أصيل من الفساد المستشري وأثبتت عجزها عن تقديم اي انجاز يذكر لأبناء شعبنا عدا المآسي والخيبات, لذا فان الحزب الجديد فيما لوأسس ينبغي ان يكون مختلفاً عن هذه الاحزاب وان يكون بفكر سياسي لا طائفي, منفتح على الانتماءات الاجتماعية المتنوعة, والا سيكون رقماً اضافياً في جدول ضرب ابناء شعبنا ومصالحهم.

" مَن يَذل يُذل ولو بعد حين "                حكمة



271
رتق الفتق مهمة شاقة !

احسان جواد كاظم

على ضوء ما تكشف من حقائق بعد التصويت على قانون التقاعد الموحد وفقرتيه الجائرتين 37 و 38 بالتحديد وردود الفعل الشعبية الغاضبة واستجابة المرجعية لهذه الردود, جاءت تباعاً مواقف وقرارات قيادات الاحزاب المتنفذة والكتل التابعة لها بالادانة والتنديد بتصويت ممثيلها البرلمانيين بنعم على القانون بما يحمله من افخاخ, لأنقاذ ما يمكن انقاذه. وبعد ما اثاره رئيس كتلة الاحرارالبرلمانية التابعة للتيار الصدري بهاء الاعرجي من لغط من نشر اسماء  الموافقين, كذّبها البعض مدعياً عدم حضورهم للجلسة أصلاً لتمتعهم بأجازات او نفي البعض الآخر التصويت بنعم.
 وكانت النائبة عالية نصيف التي اعتذرت الى الشعب العراقي بسبب تصويتها بنعم على القانون قد اشارت الى قيام البعض منهم الاعتصام في كافتريا البرلمان منتظرين بلهفة نتائج تنفيذ الآخرين العمل الوسخ نيابة عنهم والتنصل عن مسؤولية التصويت ورميه على كاهل الآخرين, فيما لو طرأ طارئْ وهو ما حصل. كما انه ليس من المستبعد, قيام بعض الحاضرين بالتصويت بدلاً من زملاؤهم الغير متواجدين, بضغط الزر لتمرير القانون, وخلط الاوراق بنفس الوقت. وليكون الكل في الهوا سوا, وهذه عملية تزوير يعاقب عليها القانون وعمل غير اخلاقي بحق ابناء شعبنا.
ومع كل ذلك, يريدون ان يقنعوننا ان لبُسة ما قد أضلتهم, وجعلتهم يصوتون بغير ما يرغبون, مع انهم يلعبون هذه اللعبة للمرة الألف, فالأمر أوضح من ان يُستراب به.

 ثم توالت المواقف على مستوى عرّابي الكتل البرلمانية, بقلب السيد مقتدى الصدر ظهر المجن على اعضاء تياره كما على حلفاءه من الاحزاب الدينية والسياسية الاخرى, بأنسحابه من العمل السياسي وحل تياره وسحب ممثليه من الوزارة ومجلس النواب, في خطوة دراماتيكية حيرّت الكثير من المراقبين . ثم تهديد السيد عمار الحكيم رئيس كتلة المواطن البرلمانية التابعة للمجلس الاعلى بطرد كل من يثبت تصويته بنعم على القانون, بينما رفض ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي دولة القانون, على لسان قياديه وليد الحلي اتخاذ اية اجراءات عقابية ضد نوابهم المصوتين بنعم بدعوى ان ذلك " مخالفة ومصادرة صريحة لحقوق النواب "( يقصد الديمقراطية - من عندنا ) ( أوان/ 17 شباط/ 2014 ).
 أما التحالف الكردستاني والنواب الاكراد الآخرين الذين لم ينبسوا ببنت شفة, ولم يحاولوا التنصل من تصويت ممثليهم على القانون بأي شكل من الاشكال, فدخول دينار واحد من الخزينة المركزية في جيوبهم هو كسب, محكومين بلوث تعصب قومي اورثهمياه المقبور صدام بشوفينيته البغيضة. لابل عدّ عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان في تصريح له ل" شفق نيوز" / 15 شباط الجاري : " ما يجري حالياً مبالغة وضجة مفتعلة و تعتيماً على الفساد الحكومي الاداري والمالي والتدخل المستمر من قبل دول الجوار في الشأن العراقي قبيل الانتخابات النيابية من أجل التسقيط السياسي بين المرشحين للانتخابات ".
ألم يكن حشر فقرتي المنافع الاسطورية لأثرياء المنطقة الخضراء بهذه الصورة المريبة في ثنايا قانون تنتظره شريحة واسعة من العراقيين الفقراء لأنصافها بعد عنت والتصويت عليه, فساداً لايضاهيه فساد وقلة أخلاق ؟
ولم يجانب عضو التحالف الوطني جمعة العطواني الحقيقة عندما زعم : " ان تسقيط المؤسسة البرلمانية لايصب في مصلحة أحد من الاحزاب السياسية او حتى الحكومة لأنه يمثل نتاج للحراك السياسي والمجتمعي لتلك الاحزاب" ( كنوز ميديا/15 شباط الجاري ).
الا ان من يحاول تسقيط المؤسسة البرلمانية وكل مظاهر الحياة الديمقراطية هي ذاتها احزاب السلطة المتقاتلة على نهب المال العام ومصادرة حقوق المواطن وسوء الاداء واختلاق الأزمات والتهرب من المسؤولية الوطنية.
ليس منهم من هو طاهر الذيل, رهف الشعور, يتحسس بآلام شعبه.

ان توجيه السهام  نحو البرلمانيين المصوتين بنعم على هذا القانون هو ابتسار للأزمة المستفحلة والتي لحقت جميع مفاصل النظام السياسي والمجتمعي, فما هم الا ترس صغير في ماكنة الفساد التي تنخر المجتمع. واذا كان من بد لمحاربتها فالأولى التوجه الى الغاء نهج المحاصصة الطائفي- العرقي النهبوي بأعتباره الحاضنة الخصبة لكل مظاهر التخلف والجريمة والأستبداد.
وتبدو الفرصة مؤاتية اكثر من اي وقت مضى لأجراء التغييرالديمقراطي المنشود  بشكل حضاري سلمي, فالانتخابات على الابواب, وسمعة احزاب الفساد والجريمة في أسفل سافلين, وبتظافر جهود كل القوى الحية التواقة الى البناء والتطور لأخذ زمام المبادرة, ففتقهم اكبر من ان يرتقوه حتى بحبل جنفاص.
 


272
إتباعكم هذه المسالك توردكم المهالك !

احسان جواد كاظم

في غمرة التحشيد والتجييش الحكومي للحرب ضد الارهاب والدعوات الجياشة للوقوف صفاً واحداً وراء القوات الامنية والجيش في حربهما المفتوحة ضد الارهاب, قام المتحاصصون من نواب برلمانيين و موظفين مسلكيين واداريين مرتشين بغرز مدية الغدر في ظهر المواطن الصابر الذي تحدى  الارهاب وتحت وابل قصفه غامر بحياته ليصوت ويأتي بهم الى مجلس النواب والسلطة, حتى اصبحت مواقفهم تؤهلهم ليوسموا بوسم الطابور الخامس, فأفعالهم تطابقت مع دوره في الحروب الماضية, رغم وجودهم في السلطة. فتخريب الجبهة الداخلية من خلال تمزيق النسيج الوطني واشاعة الفرقة وروح الشك بين ابناء المجتمع الواحد ثم سرقة ثرواته ومصادرة حقوقه وحرياته واشاعة روح الاحباط والسلبية لديه, كان محور نشاطهم.  لقد كان دور هؤلاء النواب اكثر خطراً من الدور الاجرامي لداعش الارهابية وايتام البعث الساقط والميليشيات الطائفية الاجرامية اضافة الى عصابات الجريمة المنظمة, التي تقوم بأرهابها المكشوف ضد حيوات العراقيين وآمالهم ومستقبل ابنائهم, بينما تسلموا هم توكيلاً من الشعب العراقي لأدارة البلاد وانصاف العباد.

الاستهتار بآلام المواطنين ومعاناتهم ومحاولة استغبائهم, لم يكن له حدود خلال الدورات البرلمانية السابقة, وفي مناسبات عديدة, ليس آخرها هذه المرة, بالتأجيل المتكرر لموعد التصويت على قانون التقاعد ( الموحد ),  وبالاستكلاب على جني الغنائم, والاصرارعلى عدم تمريره الا بعد تضمينه فقرة الامتيازات التقاعدية الكبيرة للنواب وذوي الدرجات الخاصة , الذي نقضته المحكمة الاتحادية العليا, ولم يكتفوا بذلك بل عززوا هذه الامتيازات باضافة فقرة " الخدمة الجهادية ", وهذا يعبر عن حقيقة معدن هؤلاء  الوضيعة, ووقعوا بغبائهم في الحفرة التي حفروها لأبناء شعبنا.  لقد ايقظوا الدب من سباته, واشعلوا الغضب الشعبي ضدهم, لاسيما وان الانتخابات البرلمانية على الابواب في نيسان القادم. لهذا تراهم يتسابقون, بالتباكي وادعاء الطهرانية, امام شاشات الفضائيات للتنصل من تهمة التصويت, وكأنهم لم يناقشوا القانون قبل التصويت عليه او ان من ضغط على أزرار التصويت كان شيطانا رجيماً.ً

 ان مجمل سلوكهم الشائن يجعلنا متيقنين بأن تأجيلهم التصويت على هذا القانون, حتى قبل انتهاء العمر الفعلي لمجلس النواب الحالي ب 33 يوماً فقط, كان مقصوداً ومدروساً. فالفترة قصيرة لنقض القانون مرة اخرى واعادته للمجلس, وبذلك بات التصويت مجدداً على الغاء المادتين, مستحيلاً !  لاسيما وان قانون الموازنة العامة الذي يحضى بأهمية استثنائية, ينتظرحسم التصويت عليه خلال هذه الفترة المتبقية. (اقرأ تصريح الخبير القانوني طارق حرب لوكالة المدينة نيوز/ 11 شباط 2014 ). 
 
ان رص الجبهة الداخلية لمواجهة الارهاب يتأتى من خلال تطمين المطالب الشعبية واطلاق الحريات العامة واحقاق الحقوق وليس بالتضييق على حرية الرأي ومنع التظاهر السلمي ومضايقة وسائل الاعلام وكم افواه الصحفيين وتسيير تظاهرات العواينية المشبوهة واطلاق الاتهامات الكاذبة ضد المطالبين بحقوقهم وحرياتهم.

وكانت المرجعية الدينية قد توصلت الى خطأ مواقفها السابقة ورفعت يدها عن دعم الاحزاب الاسلامية, بعد ان تضررت سمعتها من جراء سياسات وسلوك وفساد هذه الاحزاب الطائفية, لذا فان استنهاض الهمم وتحشيد الطاقات لأجهاض اعادة انتخاب طغمة المحاصصة الطائفية - والعرقية وأجراء التغيير المنشود بدولة مدنية ديمقراطية ينعم بها المواطن بالأمان والحريات والعدالة الاجتماعية, مهمة جميع العراقيين.



273
برنارد شو والتحالف الوطني العراقي

احسان جواد كاظم

أراد احد الكتاب ان يسيْ الى الكاتب الساخر جورج برنارد شو امام جمع من الناس قائلاً له : " انا افضل منك, لأني عندما اكتب اسعى الى الشرف اما انت فانك تسعى خلف المال" أجابه برنارد شو, بسرعة بديهيته المعروفة : " عندك حق, فكل  يبحث عما ينقصه " .
تبين بأن التحالف الوطني العراقي الحاكم يبحث أيضا عما ينقصه وافتقده طول هذا الوقت منذ التغيير عام 2003, فقد اكتشف أخيراً, ان اعضاء تحالفه من شخصيات وكيانات سياسية اسلامية لم تكن طول هذا الوقت تتعامل فيما بينها على اساس الاخلاق الاسلامية, مع ان هذا الاكتشاف اللوذعي كان لشعبنا العراقي شرف كشفه منذ الايام الاولى لوضع نهج توزيع الحصص على اساس طائفي وعرقي ... ولطالما لفت انتباههم لذلك , لذا ارتأى هذا التحالف التوقيع بين اطرافه المؤتلفة الحالية على" ميثاق التعاهد والألتزام بالأخلاقية الأسلامية في التنافس الأنتخابي ".
 شيْ جيد ان يكتشفوا, ولو متأخرين, بأنهم كأحزاب وتيارات اسلامية لم يتعاملوا فيما بينهم بما تمليه عليهم القيم والأخلاق الاسلامية التي يعظون بها الناس في كل خطاب في تجمع او محفل رسمي او غير رسمي, فخطاباتهم السياسية متخمة بآيات قرآنية واحاديث نبوية ومآثر الأئمة, ناهيك عن عدم تعاملهم مع المواطن العراقي عموماً في اطار هذه الاخلاق وحتى مع من يدعون تمثيلهم طائفياً.
 الشيْ غير الجيد هو اقتصارصلاحية الميثاق على فترة التنافس الأنتخابي.
لا ندري اصلاً لم جرى نشر هذه الوثيقة التي تُذيلها تواقيع اسماء معروفة في الائتلاف الحاكم, على الملأ, فهي تبدو كوثيقة تتعلق بشأن داخلي او خطة عمل مستقبلية, للملمة وضعهم الداخلي, متعلقة بالانتخابات ولكن ليست برنامجاً انتخابياً ( فهم سيدخلون الانتخابات البرلمانية نيسان/ 2014 بقوائم منفصلة) وليست موجهة للرأي العام, ماعدا تزويقها بالحديث النبوي : " سيد الأعمال انصاف الناس من نفسك " ومقولات اخرى للامام علي (http://www.al-jaffaary.net/index.php?aa=news&id22=436) .
والوفاء كان أهم قيمة انسانية وأخلاقية افتقدتها الممارسة السياسية لأحزاب الاسلام السياسي, الشيعية منها والسنية وكذلك الاحزاب المتحاصصة معها على اساس عرقي وعشائري... وبسبب غياب هذه القيمة جرى هدر الكثير من دماء العباد وتضييع اموال وفرص بناء وتطوير البلاد. فقد جرى التنصل عن كل الوعود والعهود التي اغدقوها على الناخب خلال الانتخابات السابقة حال تسنمهم للسلطة. ربما كان عدم اعترافهم بها كقيمة اخلاقية أساسية سامية  لكي لايُحشروا ظلماً مع السموأل وتتلوث أعطافهم بمأثرته التي تعتبراحد ابرزالتجليات التاريخية لقيم الوفاء والأخلاص والمحافظة على العهد والذي كان فوق كل ذلك يهودياً والعياذ بالله !!!. 
ورغم الأنتقادات المرآئية لقيادات قوى المحاصصة لنهجها الكارثي في العلن, الا اننا نراهم على ارض الواقع, الاكثر حرصاً على استمرارها وديمومة نهجها الضار ولا يصوغون سياساتهم الا وفقها, وفي اطار عقلية " المكون الأجتماعي الأكبر" والأصغر. والميثاق اعلاه تعبير جلي لها. فقد كان توزيع مراكز الحكم الاستراتيجية, رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس النواب, فيما بينهم على اساس طائفي وعرقي. خرقاً سافراً لمبدأ أصيل في كل دستور ديمقراطي, " مبدأ التداول السلمي للسلطة ". والتنادي في الميثاق أعلاه, لعدم خسارة المكاسب وبالاخص الموقع التنفيذي الاول ( رئاسة مجلس الوزراء) وكأنه ملك طابو, هو في افضل الحالات, تعطيل غير دستوري وغير قانوني للمسار الديمقراطي.

يكاد المرء يجزم بأن مصير " ميثاق التعاهد والألتزام بالأخلاقية الأسلامية في التنافس الأنتخابي " المحدود التمثيل طائفياً, لن يكون أفضل من مصير شقيقته الأكبر" وثيقة الشرف " الشاملة التمثيل تحاصصياً, التي أطلقها خضير الخزاعي, التي لم تعمر الا اياماً يتيمة لتنظم شهادة وفاتها, فحجم المصالح والغنائم اكبر من ان تكبحها شوية أخلاق اسلامية, توفرها من نقصها, لاتغير لديهم شيئاً. قال اسلامية قال !


 

274
قيم داعشية... افعال دواعش

احسان جواد كاظم

الفلوجة :- ضاق امراء داعش ذرعاً بطلبات شيوخ عشائر ومشايخ دين الفلوجة, الذي قيل بأنهم ينتمون الى الحزب الاسلامي, فرع الاخوان المسلمين في العراق, ودعواتهم لمقاتليهم بمغادرة المدينة, فقاموا باختطاف ثلاثة من مفاوضي الادارة المحلية, جديدة التعيين وفجروا بيت مدير شرطة المدينة الموالي لهذه الادارة. ثم انتشر مقاتلو داعش في مراكز المدينة الاستراتيجية واحتلوا سطوح المباني ومنارات الجوامع واعلنوا منها قيام امارتهم وفرض شريعتهم على سكان الفلوجة, بمنع الاختلاط في الاسواق, وخروج النساء بدون محرم ومنع ارتداء البنطلون في الامارة مع وجوب اطلاق اللحى, كما دعوا شباب المدينة للانخراط في صفوفهم للدفاع عن الدولة الاسلامية ضد التهديدات الحكومية. وأنهوا بذلك وجود ادارة الشيوخ والمشايخ الادارية.  شيوخ عشائر المدينة ومشايخها ركبوا متن عمياء وخبطوا خبط عشواء, " ما رضوا بجزة صارت جزة وخروف ". ماقبلوا ب "ميليشيات المالكي" جاءهم " مجاهدو داعش" وباءت كل محاولات استرضاء القاعدة هباء وهل يمكن استرضاء تمساح ؟!! ولم يبق امامهم الا مخرجين, اما مبايعة امير داعش والقتال والموت بين يديه او الأستنجاد ب" ميليشيات المالكي " التي تطرق ابواب المدينة لتخليصهم من شريعة داعش المتوحشة, التي تهددهم بحشرهم مع المرتدين وتطبيق الحد عليهم. والآن هم بين خيارين احلاهما مرّ.
انهم لم يفقهوا بان الوطن مسؤولية..." مش دقن ولحية وشوية مكفراتية".
تذكرني ورطتهم هذه بالورطة التي اوقع الدكتاتور المقبور صدام نفسه ورفاقه في البعث فيها, عندما كانوا في قفص المحكمة, فأثناء احدى تهريجاته الاعلامية, شكى لقاضي المحكمة من تعذيب واهانات وتجاوزات سجانيهم الامريكان على حقوق الانسان, وعلى غيرما توقع, قام القاضي بالأستجابة لشكواه و وعده بأن المحكمة ستسعى لأستبدال السجانين الامريكان بآخرين من العراقيين, فما كان منه الا ان اخذته الغصة, وبلع ازلامه في القيادة ريقهم ولسان حالهم يقول: " هذا الاثول, إجة يكحلها عماها  ".

النجف :- سبّب رفع اصحاب مجمع ماكس مول التجاري الذي افتتح حديثاً في المدينة صورتين لعارضتي ازياء ترّوجان لملابس, على واجهتيه, هزة غيرة وحميّة قوية, لدى رجال دين و(مثقفبن) وموظفين محليين ليس لها مثيل, ولو قيست بمقياس ريختر للهزات الارضية لعادلت 9 درجات بالتمام والكمال, واعتبروا " الصورتين فاضحتين " مع انهما لم تعرضا اجزاء من جسديهما وليس هناك ما يمكن اعتباره سبباً لأثارة الغرائز. وبينما كنا نقول بيننا وبين أنفسنا :" بس لا يتعلگ بالعترة ", دعا احد اعضاء المجلس المحلي لقضاء النجف  الى الخروج في تظاهرة لأزالة الصورتين من واجهتي المركز التجاري ورفع دعوى ضد المستثمر التركي, لتجاوزه على خصوصية المدينة ومقام الامام , رغم ان المول التجاري خارج حدود المدينة القديمة حيث مرقد الامام علي بن ابي طالب. في النهاية تراجع المستثمر ورفع اعلانه التجاري.
عزا البعض ما يجري من صراع الى التنافس بين الموردين الايرانيين والاتراك على اكتساح الاسواق العراقية الواعدة.
لابد ان ما يشاهده هؤلاء وجميع المواطنين, كل يوم, من على شاشات الفضائيات وعلى صفحات الانترنيت يتجاوز آلاف المرات ما تعرضه عارضتي الازياء, لكنه الرياء والازدواجية وخواء الفكر وهشاشة الأيمان والتدين الفارغ والتشدد غير المبرر, فلم يتحرك مقياس غيرتهم وحميتهم شعرة واحدة عندما فضحت هيئة النزاهة, اكبرعملية تزويرفي تاريخ العراق, ضالع فيها المئات من المقربين من آيات وقيادات احزاب اسلامية متنفذة في المحافظة, بينهم نائب برلماني واعضاء في الادارة المحلية وعاملين في التسجيل العقاري والبلدية وقضاة ومحامين ومدراء عامين وضباط داخلية, في تزوير سندات الملكية لعقارات واراضي في محافظة النجف تعود اغلبها للدولة وبعضها لمواطنين. وصدرت بحقهم اوامر قبض.
كما ان نفس هؤلاء لم تثر غيرتهم ولم تهتزلهم شوارب ولا لحى, على سمعة المدينة المقدسة وابناءها, عندما أعلن مسؤول طبي في العام الماضي من ان نسبة المصابين بمرض الايدز في محافظة النجف هي الاعلى من بين محافظات البلاد الاخرى.
"انهم اكثر كذباً من مسيلمة".
  


275
العودة المرفوضة لشعار " كل شيْ من أجل المعركة "

احسان جواد كاظم

في الوقت التي تخوض قواتنا المسلحة قتالاً شرساً ضد شراذم الارهاب في الأنبار والفلوجة ومناطق اخرى, يعمد البعض من المحسوبين على جهات حكومية الى تبني شعارالدكتاتوريات العسكرية القديم, الذي جلب المصائب للشعوب العربية, ألا وهو شعار " كل شيْ من أجل المعركة " الذي استغلته حكومات الأستبداد لضرب طموحات شعوبنا العربية وقواها الوطنية بالحرية والديمقراطية والبناء, بحجة حماية الجبهة الداخلية والأستعداد لحرب تحرير فلسطين من برائن المحتل الاسرائيلي الغاصب, لكنها بدلاً من تحرير فلسطين, سلمت مصائر بلدانها بيد منظمات ظلامية متخلفة, كما ضيعت فلسطين وحقوق شعبها وكرست بسياساتها العدمية التفوق الاسرائيلي في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك العسكرية.
ويلاحظ المرء سعى البعض من المقربين من السلطات الحاكمة  ومن خلال وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة وفي اللقاءات الاجتماعية, الى قمع الاصوات المنتقدة للفساد المستشري في اجهزة الدولة ومفاصل المجتمع والمتعرضة لموظفين حكوميين من منتسبي احزابها, ممن جعلوا من دوائرهم الرسمية اقطاعيات يغتنون منها او انتقاد سياسات او اجراءات حكومية غير قانونية, بدعوى ان الوقت ليس مناسباً لهذا الانتقاد, فالحكومة تقاتل الأرهاب دفاعاً عنا, مستغلين التأييد الشعبي لعملية مكافحة الأرهاب الجارية, مستدعين ذات الشعار القديم مضموناً دون الأفصاح عنه علناً.
فلا ينبغي التذمر من التفجيرات الارهابية بالسيارات المفخخة والاغتيالات بالكاتم ولا الاحتجاج على فضيحة البسكويت المنتهي الصلاحية المستورد لتسميم اطفالنا في المدارس ولا ادانة مجرميها وينبغي السكوت على الاعتداء الغاشم على الشاعرعبد الزهرة زكي, وعدم التساؤل عن الجهات التي تواطأت في عملية هروب المجرمين من سجن الطوبجي وقبل هذا وذاك التغاضي عن غياب الخدمات ونقص الكهرباء وقتل الابرياء في المحلات والنوادي الاجتماعية والبارات والاسواق... فالوضع لايسمح ولا ينبغي ازعاج الحكومة بتوافه الامور, فهي  في حالة حرب !!!
لطالما طالب ابناء شعبنا, الجهات الحكومية بتحمل مسؤولياتها الدستورية ووضع حد لجرائم الارهاب التي تطال ابناءهم في الاسواق والمدارس والجامعات والمقاهي وكل الأمكنة التي تصلها أذرعهم, والتي أدت الى توقف الحياة الطبيعية للمجتمع العراقي, وهي تتلكأ في اتخاذ اجراء حازم حتى تجاوزت نسبة الشهداء من المدنيين والعسكريين في عام 2013 نسبتها في الاعوام السابقة ولم تحرك ساكناً حتى حدوث جريمة الغدر بالقائد محمد الكروي واقتراب موعد الانتخابات البرلمانية.
 لابد من التأكيد بأن مكافحة الارهاب تحتاج الى رزمة من الاجراءات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاعلامية وعدم الاقتصار على الاجراءات العسكرية, كأطلاق عجلة العمل والبناء لامتصاص البطالة المتفشية في المجتمع ونبذ نهج المحاصصة الطائفية - العرقية البغيض, أس الفساد, واعتماد سياسة تقريب وجهات النظر وتطمين مخاوف الاطراف السياسية والاجتماعية والأستجابة الى مطاليبها المشروعة, ثم اطلاق الحريات العامة والتوزيع العادل للثروات بما يقلص الهوة بين الفقراء والاغنياء وكذلك تبني سياسة ثقافية واعلامية تبدأ من اطفال المدارس لتنمية مشاعرالأنتماء الوطني لدى المواطنين ومن ثمة عزل الارهابيين وانهاء الارهاب فكراً ووجودا.ً
 هذه هي الوصفة الوحيدة لتحصين اي مجتمع من الارهاب وليس الاقتصار على القوة المسلحة, مهما كان حجمها ومهما بلغ تطور الاسلحة المستخدمة.
ان من يحاول قمع حرية الرأي والنقد, يكون يقدم خدمة كبيرة للأرهاب وقوى الظلام, بالأبقاء على مصادر قوتها وهو الفساد والتزوير والنزعة التسلطية ويصبح بالتالي, ومن حيث لايدري, حليفاً لها واقعاً رغم عداءه لها .
اما تأجيل المطالبة بالحقوق وتجميد الحريات والتهليل للحاكم الفاشل فهي الطريق المؤكد للهزيمة امام الأرهاب, كما علمتنا التجربة التأريخية.


276
الحرب على الأرهاب: خذلان الوزير ونصرة المعارضة

احسان جواد كاظم

شتان بين موقف مواطنينا في المنطقة الغربية خصوصاً, والتلاحم الشعبي والسياسي الوطني عموماً, مع قواتنا المسلحة ودعم السعي الحكومي لمكافحة الارهاب, وبين المواقف المشينة المتشككة لبعض شخصيات السلطة واطرافها من المتنعمين بخيرات المحاصصة, بولاءات قيادات عسكرية وشُرطية تخوض قتالاً ضارياً ضد منظمة القاعدة الارهابي ووليدها المسخ داعش, وفي هذا الوضع الدقيق والصعب من تاريخ العراق.
 فلم يكن انخراط مواطنينا وعشائرهم في الانبار الى جانب القوات المسلحة في قتالها ضد الارهاب, تنازلاً عن مطالبهم المشروعة بالغاء التمييز الطائفي واعتماد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات لكل المواطنين. كما لم يكن التأييد الشعبي العام والقوى المدنية الديمقراطية للعملية العسكرية تناسياً لسياسات المتحاصصين الفاشلة وغفرانا ًلتجاوزاتهم على الحقوق العامة والحريات المدنية او ولهاً بالحاكم, بل هي تنطلق من شعور عالٍ بالمسؤولية اتجاه الوطن ووعي متقدم لتعقيدات الوضع السياسي وترتيب متعقل لسلم الأولويات , تكون مكافحة الارهاب وجلب الأمان أولوية ملحة.

لكن تأكيدات السيد وزير العدل حسن الشمري حول تورط مسؤولين كبار في المؤسسة العسكرية والشرطية وسياسيين متنفذين في تهريب مايقارب الف ارهابي من القاعدة في تموز الماضي من سجن ابو غريب , اعطت المواطن انطباعاً بحيازة السيد الوزير لقائمة بأسماء هؤلاء الخونة يود تقديمها للقضاء لاسيما وان قواتنا المسلحة تخوض معركة حياة او موت مع الارهابيين, وخطورة ما يشكله وجود هؤلاء الخونة بين صفوفها, لكن تراجعه المرتبك وانكاره معرفة حقائق حول الحادثة, إدعاها, وانها كانت مجرد استنتاجات شخصية, كشفت غياب المصداقية لدى اعضاء التشكيلة الحكومية, وطبيعة العلاقات في التحالف الحاكم, عندما يعمد احد اقطابه, وببساطة لامتناهية, الى اتهام اطراف اخرى فيه بأفضع الاتهامات التي يستحق مرتكبيها الأعدام بتهمة الخيانة العظمى.

 لقد تبين بأن  وزير العدل, بتراجعه عن تصريحاته, كان يلقي الكلام على عواهنه بدون اثباتات او قرائن وهو ذو الخلفية القانونية وأحد اقطاب تحالف يدعى بدولة القانون, وقد كان الخليق به ان يكون احرص من غيره في توزيع الاتهامات على الآخرين, لأنه يفترض بوزير العدل الكفوء ان يكون خير من يعرف بحدود القانون وطبيعة الخروقات القانونية وشخوصها, سواءاً في المؤسسة العسكرية او مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية...الاخرى, ومن واجبه الوظيفي والاخلاقي والقانوني وحتى الشرعي الذي يحب التغني به كثيراً, فضح المتجاوزين على أمن المواطن وسلامته.
أساساً, لا يعرف حقاً, سبب اختيار السيد الوزير توقيت اطلاق تصريحاته وتوقعاته المثيرة بمسألة بعد وقوعها بأشهر عديدة في هذه الفترة العصيبة بالذات.
 ان التصريحات غير المسؤولة  لوزير أساسي في الحكومة, المضرة بتوجهات حكومته, لايمكن ان تقارن او تتساوى مع تصريحات المماحكة السياسية لشخصيات سياسية ضمن المجموعة الحاكمة, كعلاوي والمطلك ومقتدى الصدر.. ليسوا ضمن التشكيلة الحكومية. لقد فشل السيد الوزير حسن الشمري في التوفيق بين مسؤوليته التضامنية مع الموقف الحكومي بأعتباره جزءاً منها وبين الاعلان عن اجتهاده الشخصي من جانب آخر. وهو ما لم يكلف حلفاءه الحكوميين أنفسهم التعامل مع هذه التصريحات رغم خطورتها.
وكان الاستهجان والاعتراض على هذه التصريحات, قد صدر من مؤسسات اعلامية ومثقفين وكتاب , أغلبهم محسوبون على المعارضة وطالبوه بتقديم ما يعرفه, لما ما يشكله استمرار وجود هذه العناصر الخائنة بين صفوف المقاتلين من خطر على حياتهم وعلى نجاح عملية مكافحة الارهابيين ككل,

  لقد جاءت تصريحاته في وقت احوج مايكون اليه العراقيون للتوحد في مواجهة وباء القاعدة ومكافحة هذا الطاعون الذي لا يبقي ولا يذر, لذا كان الاستهجان الشعبي لتصريحاته واسعاً, خصوصاً وانه كان قد اطلق قبل اشهر مشروعي قانونين طائفيين مثيرين للجدل. وكما اعتبر البعض مبادرته السابقة بكونها دعاية انتخابية قبل وقتها فان تصريحاته الأخيرة ايضاً جرى ادراجها ضمن هذا التوجه, لكنه أساء اختيار موضوع الدعاية وتوقيتها.

لابد من التأكيد بأن محاولة اي سياسي مهما علا شأنه استغلال دماء ابناء القوات المسلحة وتضحياتهم في مقارعة الارهاب وآلام مواطنينا بسبب القتال الدائرلأغراض انتخابية فئوية, قمين بالأدانة والاستنكاروالنبذ.








277
هل التجاهل من علامات الرضا ؟
احسان جواد كاظم

ينزع البعض الى تفسير الامور بما يحلو لهم وبما يتوافق مع اهوائهم وهذا ما فعله السيد وزير العدل حسن الشمري عند تقديمه مشروع قانوني الاحوال الشخصية والقضاء الجعفريين للتصويت في جلسة مجلس الوزراء يوم 3/12/2013. معتبراً تجاهل أعلى مرجع ديني شيعي السيد علي السيستاني لمناشداته ومطالباته وتوسلاته لأبداء الرأي في مشروعي قانونيه المقترحين, سكوتأ, والسكوت من علامات الرضا. وكان المتحدث الرسمي لوزارة العدل حيدر السعدي قد صرح ممتعضاً : " ان وزير العدل أرسل المشروعين لسماحته ( يعني السيد السيستاني ) منذ سنة تقريباً لأخذ المشورة والملاحظات ولم يتم الرد. وطلب الوزير لقاء سماحته, ولم يحدد موعد.. وتم الاتصال بجميع المقربين من السيد ولم يرد شيْ "(عين العراق نيوز بتاريخ 5/112/2013 ). من جهتنا, لايمكننا ان نسمي ذلك الا تجاهلاً , فالسيد السيستاني بمكانته المعنوية كأكبر مجتهد شيعي لايمكن ان يوافق على هذين القانونين في الظروف المعقدة والمشحونة بالعنف الطائفي في العراق وهو الذي كانت له مواقف مشهودة في كبح جماح جهات طائفية للآنتقام من السنة بجريرة جرائم تنظيم القاعدة الارهابي, وما يعنيه ذلك فيما لو حدث من حرب أهلية مدمرة تحرق الاخضر واليابس.
 وكان السيد الوزير الشمري قد التقى بجمع من الصف الثاني من علماء الدين الشيعة ونال تشجيعهم. فقد  اشارت النائبة سوزان السعد عن كتلة حزب الفضيلة الاسلامي النيابية الى: " ان كبار المرجعيات الدينية والشخصيات العلمائية تؤيد مشروعية قانوني القضاء الشرعي الجعفري والاحوال الشخصية الجعفرية ". ( جريدة الناصرية الالكترونية بتاريخ 8/12/2013 ) في محاولة منها للتقليل من شأن تجاهل المرجع الأعلى للشيعة في العالم علي السيستاني لمخططات الوزير, لابل انها عدّت التصويت على تأجيل( وليس رفض) مشروعي القانونين في مجلس الوزراء " انقلاباً على الديمقراطية " !!!

ان الأصرار على تشريع هذين القانونين  وبالخصوص كبديل لقانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959  الذي أنصف المرأة والذي يناسب أتباع ابناء كل الأديان والطوائف والقوميات في العراق, تفكيك للحمة المجتمع العراقي وتفريط بوحدة البلاد. وكما يقوم تكفيريو القاعدة بأختطاف جموع السنة ووضعهم في جيوبهم, فأنهم يحاولون اختطاف جموع الشيعة ووضعهم في كيسهم.

وكان المرجع الديني السيد حسين اسماعيل الصدر قد قال رداً على سؤال احد اتباعه بشأن طرح مشروعي القانونين من قبل الاحزاب للتصويت عليه : " الأيمان والتدين والألتزام بالشريعة أمر شخصي لايصح للدولة المحاولة لإرغام المواطنين عليه... الأفضل ان تكتفي الدولة بتشريع قوانين مدنية عامة متوافقة مع الأتفاقيات الدولية ولا تخالف الشريعة الأسلامية في نفس الوقت, وتدع المسائل الشرعية لأهلها..." ( المدى برس 30/10/2013 )

ان اقامة نظام مدني ديمقراطي يضمن المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات لكل المواطنين والمكفولي الكرامة بالعدالة الاجتماعية هو البديل الأفضل لكل مشاريع التجزأة والتفتيت الطائفي والعرقي التي يطمح البعض الى إبتلاء العراقيين بها.

278
من بنات أفكار بنات آوى
احسان جواد كاظم

كانت المحاصصة السياسية اولى ألمع حيّل بنات آوى من الاحزاب والقوى السياسية المتسلطة على الحكم التي اخترعتها بدعوى تمثيل المكونات برعاية العراب الامريكي بول بريمر. وقد جرى الحديث عنها وعليها مطولاً, ولازال المواطن العراقي يعاني من نتائجها الكارثية بينما تتنعم شلّة المنتفعين من نعمها. كما انها لازالت تخترع الوسائل لتأبيد بقائها في سدة الحكم مرة بطريقة توزيع الاصوات الزائدة الجائرة في القانون الانتخابي السابق  او استخدام اساليب الترهيب والترغيب مرة اخرى وتوظيف المال العام واجهزة الدولة العسكرية والمدنية واجهزتها الاعلامية وابنيتها وسياراتها وكذلك الجوامع والحسينيات ونفوذ مرجعيات دينية وتسلط ميليشيات اجرامية وتأثيرقيم عشائرية وطائفية عفا عليها الزمن, ثم سلوك طريق التأزيم السياسي الى حافة الهاوية في علاقاتها السياسية وادامة حالة القلق وعدم الاستقرار لدى المواطن الذي يتطلع الى حياة آمنة مستقرة. لكن كل ذلك لم ينفع !  فالاحتجاجات والغضب الشعبيين في تصاعد بعد ان كُشف الاحتيال والروّغان مع الزوّغان بنقض الوعود ونكث العهود.

وكما قال الشاعر فلاح هاشم :" ابن آوى, له في كل الفصول... لعبة ",  فآخر ما جادت به العقلية المراوغة لبنات آوى وهن على شفا حفرة الانتخابات البرلمانية بعد استجماع كل ملكات المُكر السياسي لديها ومستشاريها للالتفاف على الوعي الشعبي المتنامي وسحب البساط من تحت اقدام القوى المطالبة  بالتغيير, كان توزيع الادوار بين مكونات وشخصيات كتلها وائتلافاتها السياسية للترشح بقوائم منفصلة, مظهرة رياءاً ظاهراً, بأدعائها الخلافات واختلافات الرؤى سبباً لذلك, بينما الغرض الحقيقي هو اضاعة دم العراقيين وتوزيع ثرواتهم بين قبائلهم السياسية مع التقليل من شأن السرقات المليارية للمال العام وتتفيه حجم الجرائم التي أرتكبت وتُرتكب كل يوم بحق العراقيين بشكل مباشر او غير مباشر, وجعل حصص كل حزب او تكتل او شخص منها, كل على حدة, من هذه الجرائم والسرقات ضئيلاً, ليصبح حسابه تبعاً لذلك يسيراً يمكن تمريره على الوعي الشعبي والتنصل منه اسهل.

ان قيادات احزاب الفساد لن تألُ جهداً من المحاولة بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة للوصول الى هدفها الأسمى, السلطة والمال, واستعدادها لعمل أي شيْ  يضمن فوزها في الانتخابات القادمة بعد ان فشلت الشعارات الاسلامية من اقناع المواطنين بنزاهتها, منها ان تلجأ الى حيلة التخلي عن يافطاتها الاسلامية السابقة وأطلاق تسميات مدنية وديمقراطية على قوائمها الانتخابية مع الاحتفاظ بجوهرها الطائفي لأيقاع المواطن في حيرة من أمره, وحتى دفعه الى حدود اليأس ليتخذ قراره السلبي بعدم المشاركة بالاقتراع العام لتأتي النتيجة لصالحها.

ورغم تنوع اشكال الدعاية الانتخابية, فأن افضلها وأسهل الطرق لضمان الحصول على مقعد تحت قبة البرلمان في أجواء الاستقطاب الطائفي المصطنعة الحالية, هو ما تفتق عنه عقل وزير العدل حسن الشمري عن حزب الفضيلة الاسلامي الشريك في ائتلاف دولة القانون بمداعبة الغرائز الطائفية, بأستباقه جميع مشايعيه من احزاب الطوائف باعداده المبكر لهذه الضربة, بتقديم مشروع قانوني الاحوال الشخصية والقضاء الجعفريين. لقد حاول الوزيرالشمري وحزبه تمرير مشروعه من خلال مجلس الوزراء , لكن دهاءه للاسئثار بالمجد الطائفي لوحده, قد خانه, فؤجل الاقرار الى ما بعد الانتخابات القادمة.
 
وكانت بنات آوى من قوى التحاصص قد آثرت خرق الدستور على الاعلان عن حالة الرئيس جلال الطالباني الصحية, ودفعاً للتعقيدات من تبعات الاعلان عن وضعه وتأثير ذلك على طبختها التحاصصية الماسخة, فالدستور قد حدد امكانية غياب الرئيس عن دائرته بثلاثين يوماً وبعدها يجب انتخاب بديلاً عنه على ان يقوم نائبه بمهامه خلال هذه الثلاثين  يوماً. وكما هو معروف فان فترة غياب الرئيس طالت حتى بلغت عاماً كاملاً وهم صمٌ بُكمُ, دافعهم الاول طبعاً, حب البقاء والاستمرار على  قمة السلطة, ثم الامساك بمركز اضافي من مراكز القرار في الدولة بايديهم. لقد فضلوا التضليل بشأنه على قول الحقيقة عنه.

ان ادعاءات من قبيل الالتزام بالدستورالذي يخرقوه متى يشاؤون لصالحهم, اوالحفاظ على العملية السياسية التي لايمكن ان يقودها غيرهم, لها دائماً حسب رأيهم معنى واحداً وحيداً وهو بقاءهم المؤبد على قمة السلطة, وغير ذلك خرق للدستور واستهداف معادي للعملية السياسية, حتى لو كان غريمهم الشعب كله.

انهم يراوغون ويخاتلون ويمارسون كل فنون الخداع والتضليل ثم يدعون التقوى والورع والتباكي على الصالح العام...وكان محقاً أمير الشعراء احمد شوقي عندما قال: "... مخطيْ من ظن يوماً ان للثعلب دينا ".


279
تذاكي الحكام... إستغباء للمحكومين
احسان جواد كاظم

بدا خطاب رئيس الوزراء نوري المالكي في الجزء الاول من لقاءه على قناة سكاي نيوز عربية يوم 18 تشرين الثاني الجاري مرتبكاً اكثر من اي وقت مضى... فقد ظهر وكأنه يقول ما لايعلم, عندما تحدث عن اهم انجازات حكومته, فأكد على حل مشكلة الكهرباء وتوفيرها 24 ساعة ثم تطور العلاقات الخارجية مع دول العالم ماعدا مع المملكة العربية السعودية ثم حديثه عن القضاء على الارهاب.
 وفي نقاش متأنٍ لما جاء على ذكره من إنجازات فأننا سنكتشف بأنها لاتستند الى اساس مكين من الصحة وماهي الا إنجازات هشة, ان لم تكن من الأماني.

 لابد من الاعتراف أولاً, بأن توفير الكهرباء يعتبر إنجازاً مهماً, لم نكن نتوقعه من الحكومة لما شاب مسألة تحقيقه من مماطلة وتسويف لآماد طويلة وفضائح فساد ابطالها افراد من التحالف المتحاصص في الحكومة ونفاذهم من المسائلة القضائية بتوصيات حزبية, ولهذا فقد بقي هذا الانجاز موضع شك. ورغم التحسن المحسوس في توفيرها, فأننا نرى بأنه لا الحكومة متأكدة من تمام إنجازها ولا المواطن مصدق بأستمرارية هذه الخدمة الاساسية ... فلا زالت المولدات الكهربائية الخاصة منتشرة في ناصية كل شارع في مدن وبلدات العراق. ولو كانت الحكومة واثقة من إنجازها لأمرت بأزالتها لما تشكله من عبْ مالي على المواطن وعلى الطبيعة بتلويثها للجو بدخانها الاسود وضجيجها وتلوّث الارض بزيوتها هذا غير الاهدار المروع للمياه الصالحة للشرب, وكذلك الاهدار في الوقود المقدم من الدولة مجاناً لتشغيلها.
 ولايزال اصحاب المولدات يلاحقون المواطن لجباية ثمن اشتراكه الشهري بدون تقديمهم للامبيرات المعلومة. والمواطن الذي عانى من زيف الوعود الحكومية وخذلانها المتواصل له, يرى نفسه مضطراً للدفع تجنباً لحرمانه من هذه الخدمة في اية لحظة.
 ثم ان هذا الانجاز الذي سارعت الحكومة الى تسجيله في قائمتها, هو من اولى مسؤوليات أية حكومة تحترم نفسها وشعبها. والذي لاينبغي نسيانه, الكلفة الباهضة  لهذا الانجاز, المنتزعة من قوت العراقيين وثرواتهم, فقد كان يمكن لهذه المليارات ان تغيرمن وجه البلاد حضارياً وتبني اقتصاداً متطوراً يكون مثالاً يحتذى بين دول العالم.
 كما يجب الاشارة الى ان اكثر وقود مولدات الكهرباء الحكومية ان لم يكن كله, مستورداً من ايران وهذا يعني من بين مايعني بأنه اضافة الى تكاليف شراءه العالية فأن العراقيين وحكومتهم وإنجازها, مرهونون بأرادة جهات اجنبية.

اما في مجال العلاقات الخارجية فقد وقع السيد رئيس الوزراء في تناقض سياسي كبيرمن خلال تصريحه : "ان العراق يرفض ان تتعامل معه اي دولة على أساس مكوناته وان عليها التعامل معه كدولة ".  فمن المعروف بأن اساس النظام السياسي الحالي قائم على محاصصة المكونات, ويتعاملون بموجبها, وهو وحلفاءه يرفضون اية محاولة لأصلاح النظام السياسي وجعله قائماً على اساس المواطنة والديمقراطية والمساواة في الحقوق لكل المواطنين بكل انتماءاتهم الأثنية والأجتماعية والثقافية , ورغم فشل نهج المحاصصة المكوناتي, الذي اثبت عدم عدالته وبأنه امتيازاً لفئة معينة من المنتفعين, وان رموزه لايمثلون بالضرورة مكوناتهم المنحدرين منها.
والسياسة الخارجية , كما هو معروف, هي انعكاس للسياسة الداخلية, لذا فقد كان الأولى به تغيير التعامل السياسي الداخلي لكي يطالب الآخرين بنهج سياسته والتعامل مع العراق كدولة.

وكان أكثر ما يدعو للأستغراب في اللقاء قوله : "هزمنا القاعدة ! " وهي أمنية  لطالما داعبت خيال العراقيين, الذين يدفعون كل يوم ضريبة العجز الحكومي في السيطرة على الانفلات الامني, دماً غالياً, ولم يجنوا من التصريحات الحكومية بوضع خطط جديدة لمكافحة الارهاب وتغيير القيادات العسكرية سوى المزيد من عمليات الاغتيال الميليشياوي بالكاتم وقتل الأبرياء ببهيم مفخخ.

ان طائفيي السلطة ينتظرون بفارغ الصبرمن طائفيي المعارضة وجناحها الأكثر فاشية ارهابيي منظمة القاعدة ان ينفروا لنجدتهم وان يردوا لهم جميلهم, بأعطائهم مبرر وجودهم, وذلك بأرتكاب مجزرة طائفية جديدة بحق الابرياء المنكوبين من سياساتهم... من نقص الخدمات ومصادرة الحريات وفقدان الحقوق, ليستعيدوا بفضلها معنى وجودهم ومكانتهم واستمرارتسلطهم .

 

280
المطر سلاح ذو حدين: يوم علينا وأيام لهم
احسان جواد كاظم

أذكت الأمطار الاخيرة التي هطلت على بغداد وباقي المدن العراقية روح الغضب الشعبي ضد صلف الحكام الذين أداروا ظهورهم للمطالب الشعبية بالحرية والخدمات , وتمادوا في اتباع سياسة تبديد المال العام بالطالع والنازل, بعد ان كشفت الامطار, مرة اخرى, زيف وعودهم التي قطعوها للمواطنين في انجاز مشاريع استراتيجية للبنى التحتية, تحل مشكلة المياه الثقيلة. فقد اغرقت مياه الامطار الشوارع والحارات والبيوت وطفحت المجاري.
وبعد ان كشف المطرعورتهم, جاءت تصريحاتهم واجراءاتهم بعدها لتظهرهم عراة بالتمام امام المواطن وتفضح حقيقة ادعاءاتهم بالسعي لخيره. ففي معرض تبريرهم لفشلهم المروع حملّوا السماء ذنباً, تلافيه يدخل في صلب مسؤولياتهم, فقد صرح نعيم عبعوب وكيل امين العاصمة للشؤون البلدية  :" بأنهم لم يكونوا يتوقعون ابداً هذه الكمية الهائلة من الامطار" مع ان من مسؤوليتهم توقع الأسوأ والتحسب له. لكن رئيسه رياض العضاض رئيس مجلس محافظة بغداد, كان اكثر هزلاً وهزالاً وهو يتعجب من غضب المواطنين لابل يهزأ من معاناتهم بقوله :" ان المطر مفيد جداً لبغداد, وقد غسل لنا هذا المطر شوارع بغداد, وقضى على الامراض المسرطنة للانسان وغسل الاشجار والمباني.." ومع اننا نتفق معه في فوائد المطر, ولكن نباهته لم تسعفه  ليستنتج بأن ماغسله المطر لم تصّرفه مجاريه بل اغرق شوارع العاصمة وزاد الطين بلّة, بكل ما للكلمة من معنى. كما طفت الازبال التي لم تجمعها سيارات بلديته وطفحت مياه المجاري التي لم ينجزها مقاوليه او انجزت باسوأ المواصفات الفنية وتسربت المياه الثقيلة الى دور المواطنين واسقطت بعضها على رؤوس اصحابها من الفقراء, ثم تركهم بعد ذلك وهم فيما هم فيه من كرب.

لكن بطل التهرب من المسؤولية وتجنب النقد, كان مكتب رئيس الوزراء الذي سارع بأعطاء اليوم التالي عطلة رسمية, متوسلاً بالمطر ليتوقف وبمياه الامطار ان تنحسر. ثم اللجوء الى اجراء ترقيعي لمداراة الفشل, بأرسال سيارات حوضية لسحب مياه الامطار من الشوارع, بعدما اسقط اصحاب الشأن بأنفسهم التبريرالسابق الذي طالما كانوا يعتصمون به, في مثل هذه الحالة, وهوعدم توفرالطاقة الكهربائية الكافية لتشغيل توربينات سحب المياه الثقيلة.

لقد جرى تبديد الاموال العامة مرتين, مرة على مشاريع بلدية فاشلة لاتعتمد المواصفات الهندسية والصحية العالمية, واعتماد وسائل مكلفة, كشفط المياه بالسيارات الحوضية, وعدم الاخذ بنظر الاعتبار احتمالات الحالات الطارئة رغم صرفهم المليارات من الدولارات على هذه المشاريع. وتبديدهم الاموال مرة اخرى على دفع  اجور ورواتب عمل لآلاف العمال والموظفين في مرافق الدولة ليوم عطلة, وهو ما يحمّل كاهل الدولة عبأً اضافياً جديداً.
 لاسيما وان قرار اعطاء يوم عطلة واحد رغم ان المدارس والجامعات واحياء كاملة لازالت غارقة بمياه الامطار, يخفى وراءه غرضاً سياسياً, الا وهو امتصاص الغضب الشعبي, ويأتي استباقاً لأندلاع مظاهرات احتجاج واسعة ضد المجموعة المتحاصصة الفاسدة ومسؤوليتها عن تكرار مآسيهم.

وكان للتمادي في تعطيل الاعمال وحالات منع التجول, مهما كانت اسبابها ومبرراتها من طبيعية,او سياسية,او مذهبية, تأثيراً سلبياً على كامل النشاط الاقتصادي وتخسرالبلاد جرائها موارداً ضخمة, كما انها تحرم شرائح عريضة من المواطنين الاكثر فقرا من تأمين قوتهم اليومي .
ان سياسة تبديد الاموال العامة بحجج مختلفة والتخصيصات ( الاستثنائية ), بحجة تغطية الاضرارالعامة او تعويض المواطنين, غالبا ما تخفي في طياتها مشاريع فساد, يجري من خلالها تسريب ملايين الدولارات تحت الطاولة لتمويل احزاب وشخصيات الفساد المتسلطة على الحكم. 
 
لقد أفلح الفُساد المتحاصصون من أهل السلطة في ترسيخ قناعة راسخة في عقولنا انهم لايعدمون الوسائل لسرقة المواطن والاثراء على حساب آلامه ومآسيه, فهم لا يرعون إلاً ولا ذمة.               



281
انعدام الجاذبية القانونية - انعدام الوزن المواطني

احسان جواد كاظم

بين حالتي الجاذبية الارضية وانعدام الوزن في الطبيعة علاقة فيزياوية متبادلة لها قوانينها وشروطها بينما لاتحكم العلاقة بين المؤسسات القضائية العراقية من محكمة اتحادية او وزارة عدل او مجلس النواب كسلطة تشريعية وبالخصوص اللجنة القانونية فيه, شروط وضوابط وتقاليد عمل شرعية بالتمام... وبين كل هذه والمواطن تعلو, يوما بعد يوم, جدران عدم الثقة .
ويتجلى انعدام الجاذبية القانونية التي تعيشها المحكمة الاتحادية بالغموض الذي اعترى قرارها حول الغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء مجلس النواب والحديث عن عدم الزاميته, وما يجري تداوله في الأخبارمن مصادر متعددة وتصريحات لمسؤولين تتعلق بطبيعة تشكيلها والجهات التي تختار قضاتها ومدى استقلاليتها من تبعيتها عن السلطة التنفيذية...لينعكس ذلك على حالة المواطن العراقي ويصبح انعدام الوزن هو سيد الموقف في تقييمه لها ومصدر استغرابه لمواقفها, فهو يشهد تبدد آماله بأن يرى تردي أداء محاكم الدولة وبالخصوص المحكمة الاتحادية, حد محاباة الاطراف السياسية المتنفذة وهي تستحوذ على ثروات البلاد والمال العام بدون حق وبشكل( قانوني ), وهو الذي كان يعتبرها ملاذه الأخير والحارس الأمين على حقوقه وحرياته  على اساس الشروط المعاصرة التي تعيشها المجتمعات المتحضرة والتي تعتمد معاييراً انسانية تكرس رفعة الانسان... وهذا ايضا ما افتقده المواطن في نهج  وزارة العدل الذراع التنفيذي للنظام القضائي العراقي ومشروع قانونيّ وزيرها حسن الشمري " قانون الاحوال الشخصية الجعفرية وقانون القضاء الشرعي الجعفري " اللذان يفرضان شرعة قديمة بصيغة قانونية معاصرة رغم تناقض ما يمثله هذان التشريعان من علاقات اجتماعية واقتصادية سادت في حقبة تاريخية مضت وبين ظروف الحياة في القرن الواحد والعشرين ومتطلباتها والتي تجاوزتها الحياة وبالتحديد ما يخص حقوق المرأة والطفل ولاسيما ان تلك الشرعة لم تعط  وقتها حلولاً ناجعة للمشاكل الاجتماعية  فكيف بها تعالج المشاكل الاجتماعية المعقدة للمجتمعات المعاصرة ؟! وفي الوقت الذي تتحمل به المرأة أعباءاً ومسؤوليات توازي ما يتحمله الرجل ان لم تكن اكبر.

لقد أسفروزيرالعدل حسن الشمري عن عدم عدله بكونه وزيراً لفئة معينة من العراقيين وليس وزيرا ً لهم كلهم وبذلك فأنه فقد مبرر وشرعية اشغاله لحقيبته الوزارية وتمثيله للعراقيين في الحكومة الاتحادية.

ان اصرار الجهات الدينية التي تقف وراء اعادة احياء هذا التشريع على فرض منظومة قيم وفهم ايديولوجي, سادت ثم بارت, خدمة لمصالحها الطائفية وفي هذه الظروف العصيبة التي تمر بها البلاد, لايفسر الآ سعيها الى بناء عراق الكانتونات والغيتوات المتحاربة الى حين اعلان وفاة العراق التعددي الموحد.
 
انهم قدموا هدية ثمينة وقيّمة على طبق من ذهب لمنظمة القاعدة الارهابية وكل التنظيمات التكفيرية الاخرى, ليطلقوا للأحقاد أعنتّها, وللأيغال اكثر في دماء العراقيين ومن نفس المنطلقات الاصولية المتخلفة.

ولم تقتصر حالة انعدام الجاذبية القانونية على المحكمة الاتحادية ووزارة العدل فقط بل تعدتها لتصل الى قبّة مجلس النواب, بسرقة جهود ونضال الكثير من النشطاء والمواطنين ومنظمات المجتمع المدني لصالح بعض كتله, عندما سارع النائب بهاء الأعرجي الى الأعلان عن قرار المحكمة الاتحادية بالغاء الرواتب التقاعدية بأعتباره مكسباً انتزعه التيار الصدري دون غيره من القوى واهداه للمرجعية الدينية وليس للشعب العراقي, وهو ما أضفى على اعلانه الاستعراضي مغزىً سياسيا وطائفياًً يحاول ان يستثمره في الانتخابات البرلمانية المقبلة مع ان الواضح للعيان وما يعرفه القاصي والداني ان الحملة الشعبية لألغاء الرواتب التقاعدية للنواب أطلقتها منظمات المجتمع المدني من خلال مسيرات جماهيرية وندوات عامة وبوسترات ونقاشات على المحطات الفضائية وعلى صفحات الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي على الانترنيت ثم رفع نقابة المحامين الدعوى المرقمة 79 لسنة 2013 الى المحكمة الاتحادية قبل رفع كتلة الاحرار البرلمانية / التيار الصدري لدعوى مشابهة للمحكمة. لابل تبين من تصريحات لبرلمانيين أكدت ان الدعوى كانت مرفوعة من قبل اللجنة القانونية التابعة لمجلس النواب والتي يرأسها النائب بهاء الاعرجي وليست عن كتلة الاحرار التابعة للتيار الصدري والفرق في هذه الحالة كبير, فاللجنة البرلمانية غير كتلة الاحرار لأنها تضم ممثلين عن كتل برلمانية متعددة.
اضافة الى ادعاء جهات متنفذة اخرى غارقة في عسل الامتيازات والرواتب الخيالية, برفعها الدعوى ضد نفسها, لأنقاذها من رغد العيش التي كانت تحياه ! كل ذلك لأستغباء المواطنين البسطاء مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ليعيدوا تنصيبهم على رقابهم.

لا وقت لحالة انعدام الوزن المواطني ان تستمر, " انت على الارض, لايوجد علاج لذلك" كما قال صموئيل بيكيت. فالى الكفاح لانتزاع الحقوق وادانة الفاسدين ولفظهم من واقعنا الى غير رجعة !



282
نفرة الحكام الى صعيد العم سام

احسان جواد كاظم

يستعد رئيس الوزراء نوري المالكي لزيارة الولايات المتحدة بدعوة رسمية. وتبين لاحقاً بان الدعوة قد ارسلت ايضا الى الاطراف السياسية المتحالفة المتخاصمة معه, رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني واياد علاوي رئيس اكبر كتلة برلمانية معارضة. ورغم تأكيد مسؤولون اميركيون بأن الدعوات جاءت في اطار الاتفاقية الاستراتيجية بين البلدين ولتبادل وجهات النظر وتنسيق السياسات ولكن حقيقة الامر تبدو أشبه باستدعاء امريكي لحلفائهم بعد ان بدأت الامور تخرج عن سيطرة الولايات المتحدة في المنطقة... وليس الامر كما يظن البعض بانها محاولة من الادارة الاميريكية لجرّ آذان أصحاب الشأن في العراق على فشلهم الشامل الكامل في تقديم الخدمات وجلب الأمان للمواطنين العراقيين, فليس ما يشغل بال راسمي السياسة الامريكية حال هؤلاء المواطنين ولا حتى لجم قوى المحاصصة عن حملة النهب المنظمة لثروات الشعب لصالحها بل ان ما يشغلهم هو تضخم دور منظمة القاعدة الارهابية ومسخها المشوه" داعش " في البلاد وما يتصل بذلك من تنسيق مع أذرعها المقاتلة في سوريا, ثم اكتشافها لمواقع الخطأ في سياستها في تسليح المقاتلين ضد النظام السوري بدون تعيين وحصول جبهة النصرة وغيرها من المنظمات الارهابية العاملة في سوريا على حصة الأسد من مساعداتها العسكرية واللوجستية , لاسيما بعد ان استفحل امرها وغيرها من فروع القاعدة  في الداخل السوري ونجاحها في الاستيلاء على مناطق واسعة كانت حتى الامس القريب خاضعة لسيطرة الجيش الحر المدعوم من امريكا والغرب وتركيا مع مشايخ الخليج. وتبعا لذلك, يظهر ان للادارة الامريكية أولويات مستجدة تبني على اساسها سياساتها الجديدة اتجاه سوريا والمنطقة عموما, أولها كان القبول باقتراح روسيا بنزع سلاح سوريا الكيمياوي وتهدئة الامور بالتراجع عن الضربة العسكرية وسحب بوارجها الحربية من قبالة السواحل السورية ثم استعدادها لعقد مؤتمر جنيف2 الخاص بسوريا وحث المعارضة السورية في الخارج على المشاركة فيه ثم التوجه نحو تهدئة الاوضاع مع ايران وضغطها على حلفائها في السعودية وقطر لوقف دعمهما للقاعدة والجيش الحر .
ولاتخفى  انعكاسات التغير في  مواقف الولايات المتحدة على تركيا مثلا وتراجع اجراءاتها التصعيدية ضد سوريا وفتحها لحدودها مع سوريا لتسرب الارهابيين وتمرير شحنات الاسلحة والذخائر اليهم بعد تهديد" داعش " لها بالقيام بضربات تأديبية داخل تركيا, وليس بدون مغزى عقد الجيش الحر اتفاقاً مع الجيش النظامي السوري لوقف القتال فيما بينهما للتفرغ لقتال " داعش " التي تهاجم مناطقه وتغتال قياداته وتصفي عناصره.

وفي عودة  الى شأننا الداخلي فان الولايات المتحدة قد تضغط لفرض الوئام بين اطراف السلطة المتحاصصة المتنازعة على الغنائم والامتيازات لتأمين ظروف مواجهة مناسبة مع الارهابيين, بأتجاه تواجد امريكي في البلاد, خصوصا بعد العجز الحكومي في مكافحة الهجمات الارهابية وتمكن القاعدة من القيام بعمليات  اجرامية نوعية كان ابرزها تهريب مئات الارهابيين من اكثرسجون السلطة مناعة اضافة الى تصاعد النعرات الطائفية ومحاولات فرض قوانين تدمر النسيج الاجتماعي العراقي.

ويلعب رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي دور العراب لتهدئة الاوضاع في المنطقة من خلال زيارته لأيران وزياراته المرتقبة لتركيا  والسعودية والاردن لعقد اتفاقات اقليمية -  اقليمية واقليمية - امريكية لتنسيق المواقف اضافة الى زيارته الموعودة الى الولايات المتحدة .

لايخامرنا أدنى شك بان امريكا كدولة عظمى تسعى لتامين مصالحها اولاً, وما التصريحات الاعلامية عن نشر الديمقراطية في العالم  الا هراءاً... فتجربة الفوضى الخلاقة التي طبّقتها في افغانستان والعراق لم تخلف سوى الفوضى والمعاناة لشعبيهما وما من اثر لأي شيْ خلاق فيها, وهي لايمكن ان تحضى بأي مصداقية من لدننا... والكل يعرف طريقة تعاملها حتى مع صنائعها, ككارلوس الفلبين وشاه ايران واسامة بن لادن وصدام حسين وغيرهم في امريكا اللاتينية وحلفاءها الاوفياء الذي كان آخرهم حسني مبارك. كما لازالت تتفاعل فضيحة تجسس دائرة الامن القومي الامريكية على 37 مسؤولا في العالم ضمنهم حلفاءها في حلف الناتو والتي طالت شخصيات نافذة في العالم مثل كانسلير المانيا أنجيلا ميركل.

وبعيدا عن نظرية المؤامرة, فان دعوة الادارة الامريكية لشخصيات مؤثرة في الواقع السياسي العراقي مرة واحدة وبشكل جماعي كرئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب اسامة النجيفي ورئيس اقليم كردستان العراق مسعود البارازاني وكذلك رئيس اكبر كتلة برلمانية معارضة حكومية اياد علاوي وبغياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني وفي هذه الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتردية في البلاد وفي ظل غياب اي مظهر من مظاهر دولة المؤسسات التي تستطيع ادارة ذاتها وكذلك التغييب القسري لأي دور لمنظمات المجتمع المدني, مسالة خطيرة ! ينبغي على القوى السياسية التحسب لها... والتي يمكن ان تشكل وصفة لأنقلاب عسكري.. لايعرف لونه الا قادم الايام.

283
عرض/ جواكان مورييتا بين بابلو نيرودا وايزابيل الليندي

احسان جواد كاظم

" كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة..."* ولد ت مسرحية نيرودا " تألق جواكان مورييتا ومصرعه " ورواية ايزابيل الليندي " صورة عتيقة ". ليس من علاقة مباشرة بينهما سوى ابداع كاتبيّها وانتماؤهما الى جنسية  بطلنا مورييتا. وفي الوقت الذي كان محور المسرحية يدور حول  تحولات شخصية مورييتا ومصيره فان ذكره جاء عرضا في متن رواية الليندي لتزامن  وقائعها مع  ما حدث له.
اهتمامنا يتركز على تأكيد حقيقة  وجود مورييتا وانه لم يكن بطلا اسطوريا من صنع الخيال وبالخصوص لقارئنا العربي.
تطرح ملحمة الشاعر الشيلي بابلو نيرودا في مسرحيته, عملية التحول التي خضعت اليها شخصية مواطنه المسالم, من مهاجر باحث عن الثراء عندما اجتاحت حمى الذهب اطراف الامريكيتين , كما غيره من بسطاء هذه البلدان الفقيرة بحثا عن مستقبل افضل في سفوح سييرا نيفادا في كاليفورنيا ومن ثمة تحوله الى رجل عصابة ايجابي وبطل شعبي مدافع عن ابناء جلدته ويثأر لهم ضد عصابات " الكاغول "* المدعومة من ملاك مناجم الذهب واصحاب البنوك,  وانخراط مكسيكيون وهنود حمر من سكان البلاد الاصليين من المضطهدين عرقيا الى حركته التي أرّقت سلطات اليانكي.
يصف بابلو مواطنه مورييتا بالشهم والوفي وصاحب النخوة, وكما وصفه على لسان احد شخصيات المسرحية : " مستقيم كما سارية علم ". لقد نهض البطل التشيلي مورييتا للدفاع عن الضعفاء وللانتقام بعدما قتلت حبيبته و زوجته تيريزا غيلة " تلك التي كانت له شجيرة ورد ونجمة " في هجوم من عصابات الكاغول البيض الذين يرفضون وجود اللاتينوس والنكروز والهنود الحمر في ( بلادهم ).

كما جاء ذكر مورييتا بشكل مختلف في رواية الكاتبة التشيلية الرائعة ايزابيل الليندي * " صورة عتيقة "* تعبر عن وجهة نظر سلطات راس المال التي صنفته كقاطع طريق وعرضت رأس  " خواكين موريتا  " (كما ورد اسمه في الرواية- تلفط ال- J - جيّ الانكليزية خاءأ بالأسبانية ) في اناء زجاجي تسلية للامريكيين وعبرة للاتينيين بعد ان ظفرت به " الكلاب السلوقية " في كمين لها وهو يضع وردة على ضريح حبيبته تيريزا.
"وقفت ( الزا- احدى شخصيات رواية الليندي  والتي كانت تظن به حبيبها القديم من بلادها البعيدة ) قبالة الاناء الزجاجي, حيث كان رأس المجرم المزعوم, ونظرت اليه دون تأثر, كما لو انها تنظر الى رأس كرنب في قدر حساء, الى ان تيقنت تماما من انه ليس الرجل الذي بحثت عنه طوال سنوات. "
سرق محبو مورييتا في النهاية رأسه المقطوع والمعروض للفرجة ليدفنوه في قبر حبيبته تيريزا.

كم من بطل في تاريخنا جرى التنكر لبطولته او تشويه مآثره ؟

 كتب نيرودا على لسان بطله  :

... لعل حياتي مثل كل حياة عابرة
قد اختلطت بحلم.
سفاكو الدماء قتلوا أوهامي
وبمثابة ميراث أخلف لكم جراحي



* من قصيدة للشاعرالكبير محمود درويش
* مسرحية بابلو نيرودا " تألق جواكان مورييتا ومصرعه " ترجمها محمد عيتاني
* رواية ايزابيل الليندي " صورة عتيقة " ترجمها صالح علماني
*لأيزابيل الليندي قرابة بالرئيس التشيلي سلفادور الليندي المقتول بانقلاب عسكري دبرته المخابرات المركزية الامريكية عام 1973, حيث ان ابوها هو ابن عم الرئيس الليندي
*الكاغول - جمعية سرية ارهابية قديمة على غرار( الكوكلس كلان ) العنصرية ويعتمرون قلنسوة بقناع. والكاغولة هي جبة بدون كميّن.

284
الطَلَق بميليشيا جديدة !!!

   احسان جواد كاظم

هل نحن موعودون بولادة مسخ جديد يضاف الى قائمة المسوخ التي تسفك الدم العراقي كل يوم ؟ ان ما دعانا لطرح هذا السؤال دعوة القيادي في المجلس الاسلامي الأعلى الشيخ جلال الدين الصغير الى تشكيل لجاناً شعبية لحماية المناطق الداخلية. وهذه الدعوة اعتراف رسمي بفشل ائتلافه الحاكم والاجهزة الامنية والجيش التي يهيمن عليهما والتي وصل تعدادهما اكثر من مليون منتسب والمشكّلة على اساس طائفي تحاصصي من السيطرة على الوضع الأمني في البلاد, الذي تعبث به عصابات القاعدة كما تشاء, اضافة الى شيوع عمليات الاغتيال والتهجير الطائفي الواسع النطاق التي تشهدها مناطق متعددة في البلاد ويشمل مواطنين من طوائف وقوميات مختلفة ابتداءاً من البصرة والناصرية حتى بغداد وديالى والموصل.
وبدلاً من ان يسعى عضو الائتلاف الحاكم الى اسناد القوات الأمنية والجيش ودعم وحدة الجهد الحكومي في مقارعة الخارجين على القانون والتمسك ببنود الدستور الذي منع تشكيل الميليشيات, يدعو الى تشكيل اخرى تعقد الوضع وتؤزمه.

 وفي الوقت الذي يزدحم فيه المشهد العراقي بميليشيات وتنظيمات اسلامية مسلحة من الطائفتين على شاكلة تنظيم القاعدة الارهابي والطريقة النقشبندية وجيش المهدي وجيش المجاهدين وعصائب اهل الحق ومنظمة بدروايتام البعث وجيش المختار وانصار السنة ثم مجالس الأسناد المدعومة من حزب رئيس الوزراء وحمايات المسؤولين وجيوش بعض المرجعيات الدينية وعصابات الجريمة المنظمة وغيرها يراد ان يضاف اليها ميليشيات مناطقية ( ميني ميليشيا ), اشبه ما تكون بسلطة شقاوات الحارات لمنع الاختراقات الامنية, والتي ستشكل عبئاًْ جديدا على الدولة من خلال تجهيزها وتسليحها واماكن تجميعها وتحديد صلاحياتها  ورواتب منتسبيها... ومما يشكله ذلك فيما بعد من نشوء علاقات نفعية مصلحية متبادلة فيما بين افرادها واطرافها, وخلافات على مناطق النفوذ مع الميليشيات الأم المتواجدة أصلاً والتي  ليست مستعدة, بالتأكيد, للتنازل عن مكاسبها على الارض والتي هي ثمرة جهود بُذلت ودماء أُريقت, وهذا ما قد تترتب عليه صراعات تتسبب في مآسٍ جديدة للمواطنين فيما لو التجأت الى السلاح في حلها, وحتى امكانية حل هكذا ميليشيات كما اكدت التجربة سيؤدي الى تحولها الى عصابات جريمة منظمة, لاسيما وان اُطرها وتشكيلاتها الخاصة متوفرة.

ان تشكيل ميليشيا جديدة او استدعاء ميليشيا قديمة لمسك الملف الامني, كما دعا زميل الشيخ الصغير في الحزب, المجلس الاسلامي الاعلى السيد صدر الدين القبنجي خطيب جمعة النجف الذي اقترح تسليم الملف الأمني لمنظمة بدر بعد فضيحة تهريب منظمة القاعدة الارهابية للمئات من ذباحيها من سجن ابي غريب اكثر معتقلات العراق حراسة, رغم وجود جيش يتبع للدولة, يُعد  خرقاً فضاً لبنود الدستور وإمعان إجرامي في تشظية المجتمع العراقي وتقسيم البلاد على اساس طائفي بغيض.

 ومن خلال معرفتنا لدوافع الشيخ الصغير المعروف بخطاباته ذات المسحة الطائفية, لاسيما عندما كان عضواً في مجلس النواب وكخطيب جمعة في جامع براثا وسعيه الدائم الى فرض هيمنة اصولية طائفية شيعية على المجتمع, فأننا نشكك بنواياه الحقيقية من وراء هذا الأقتراح , فهو يحاول فرض مقابل شيعي للصحوات المنتشرة في مناطق متعددة في البلاد, رغم وجود ظروف موضوعية  فرضت تشكيل هذه الصحوات والتي أبلت بلاءاً حسناً في قتالها لعصابات القاعدة, كما اننا لم نسمع يوما بفرض هذه الصحوات لاجنداتها الخاصة في مناطقها من قبيل تشكيل محاكم شرعية خاصة بها خارج اطار الدولة وهو ما قامت وتقوم به الميليشيات الشيعية التي طرحت نفسها في باديْ الأمر, كحامي لجموع الشيعة من بطش عصابات التكفيريين لكنها شرعت مباشرة بفرض قيمها الأيديولوجية المتخلفة واجنداتها القمعية الخاصة على المواطنين في المناطق التي تقع تحت سيطرتها  وشكلت محاكمها الشرعية الخاصة  وفرضت الأتاوات على اصحاب المصالح والسكان بدعوى الحماية إسوة بما يقوم به ارهابيو الدولة الاسلامية في الموصل وغيرها من البلدات و منعت تطوير المناطق التي تسيطر عليها مالم تحصل على حصة معلومة من المقاولات والاستثمارات واصبحت جزءاً فاعلاً من دائرة الفساد والارهاب التي تثقل على كاهل المواطن البسيط وترهبه.
ان التمسك بالحلول الامنية لمشكلة الارهاب وعسكرة المجتمع دون الأخذ بالاعتبار الحلول الموازية الاخرى كمكافحة البطالة وتحريك الدورة الاقتصادية في البلاد وإحقاق الحقوق وضمان الحريات العامة وإتاحة فرص متساوية لكل المواطنين على حد سواء في إبداء الرأي وتقرير ما يروه مناسباً لهم بحرية وبدون إكراه وبما يتناسب مع القانون والدستور سيبقي البلاد في دوامة العنف ويديم معاناة المواطنين ولن يحقق مطامحهم في الأستمرارفي الحكم.

لم يستطع الشيخ جلال الدين الصغير ان يكون إلا إيّاه, وما دعوته إلا نفثة من نفثات جهنم, خصوصاً بوجود الشباب من انصار المركيز دي ساد الواقفون على أهبة الأستعداد لأرتكاب مجزرة.


285

سنفرة المحاصصة وسوف التسويف
احسان جواد كاظم

هل يمكن ان تنفع السنفرة بأخشن كاغد سُمبادة مع وجه المحاصصة الطائفية - العرقية - العشائرية,  الذي حفره مرض الجُدري والذي تنتشر عليه آثار حبة بغداد ( الليشمانيا ), اضافة الى بثور وشآم متوزعة, لا على التعيين, على كامل خارطته. هذا غير النمش والثآليل التي تملأ محياها الغير مضيْ, كما لا يمكن بحال نسيان الزبيبة التي تطمغ غرتها ؟  بينما ليس من أمل ان تصلحه أكثر عمليات التجميل براعة.
وهو السعي المستحيل لرئيس الوزراء نوري المالكي لتجميل هذا الوجه القميْ وتلميعه من خلال خطابه الاسبوعي, كتقليد جديد يهدف الى تسويق حكومته ولأمتصاص الغضب الشعبي .ْ
ليس بذي نفع نسخ التقليد الأمريكي بالخطاب الأسبوعي للرئيس, فالبون بينهما واسع. الحكومة العراقية تتعاطى سياسة رد الفعل الأرتجالي, حكومة فقيرة بالانجازات وبريئة من كل ابداع, اضافة الى ان سياسة خلق الأزمات وانعدام الثقة فيما بين الأطراف السياسية المتنفذة وفيما بينها مجموعة وابناء شعبنا من جهة اخرى, تفرغ الغرض من الخطاب الأسبوعي في توضيح المواقف الحكومية في الشؤون السياسية ,في ظل الغياب المطبق للمصداقية.
وهو ما شاهدناه فعلا في الاسبوع الماضي, فلم يكن في جعبة رئيس الوزراء من جديد... وعود مكرورة, تبتدأ كما هو مألوف بسوف نقوم... وسنشرع ب... ويعكف مجلس الوزراء على...ويتجه مجلس الوزراء نحو... وهكذا, وهي كلها للتسويف كما عهدناها وعهدناهم, خطط مؤجلة عمرها عشر سنوات لم ترَ النور بعد.
كلام متفخم منتفخ, يتجاهل آلام المواطنين التي طال كظمها. في الوقت الذي يأبى ان يمس حرزه التحاصصي حتى لو دفع الغالي والنفيس لأجله, رغم كل القرائن والدلائل الساطعة والأستدلالات الواضحة ونتائجها المستخرجة التي تثبت مسؤولية نهج التحاصص اللصوصي عن أزمة الحكم والدولة, والذي قاد البلاد الى منزلق خطير... منهج التحاصص ليس غيره, هو الحاضنة البنيوية للأرهاب المستفحل في البلاد بكل انواعه, الأرهاب الطائفي والأرهاب الفكري الأجتماعي بفرض قيم بائرة بائدة, والارهاب الأقتصادي بأشاعة الرشوة وتعيين الأعوان والتسامح مع المزورين وعقد الصفقات الوهمية وتحاصص المقاولات وفرض الأتاوات على الشركات الأستثمارية والأفراد...

وبينما استرسل في كلامه مُطنباً مُفيظاً, كأن حلاً سحرياً جديداً قد ومض في ذهنه على حين غرة, فأنه لم يفلح في التسلل الى وعي المواطن وزرع أوهامه. بالرغم من الحملات الدعائية عن زيادة رواتب الموظفين الصغار وتوزيع الأراضي السكنية على الفقراء وتنازل نواب البرلمان الجماعي عن رواتبهم التقاعدية العالية, فأن واقع الحال يشير الى عكس ذلك, فالأذلال اليومي للمواطن وازدراءه في دوائر الدولة وعند نقاط التفتيش وبملاحقات مجاميع فرض الشريعة لتجريده من حقوقه الشخصية الدستورية بأدوات ودعم حكومي ثم تركه وحيداً لتفتك به عصابات الأرهاب.

لايمكن ان تكونوا مَعقد رجاءنا... أنتم بالأحرى كوابيسنا التي تجسدت في الكم الهائل من اخفاقاتكم وفشلكم الذريع... أوفياء المحاصصة وفاء سبعمائة كلب.


 

286
من بعيد كوميديا... من قريب تراجيديا
احسان جواد كاظم

أشبه بفلم هندي أصبح الوضع في بلادنا. فرغم مأساوية مايحدث فان هناك بعض الملامح التي تبعث على الضحك... الضحك المرّ, في حالتنا, بسبب لامعقوليته, ولا يمكن للمرأ إلا ان يقف مذهولاً امام هول الجرائم وساديتها وعدد ضحاياها ومصير عوائلهم وهم أيضاً من ضحاياها والانفلات الامني التام, وسهولة التهريب المتكرر للقتلة من ذباحي القاعدة ومجرمي الميليشيات من اكثر السجون تحصيناً وفي وضع حرج كوضع بلادنا حالياً, ثم عجزالاجهزة الامنية المطبق عن منعها او مواجهتها ناهيك عن توقع أوان حدوثها وكذلك الشلل الذي ينتاب أجهزة الدولة ومؤسساتها ومجمل الوضع العام في البلاد جراء ذلك.
 لقد كان اقتحام مجرمو القاعدة وحلفائهم في السلطة وخارجها لسجن ابي غريب والسهولة البالغة في اجتياز جدرانه, الذي أمنّها المقبور صدام وحصنّها المحتل الامريكي والواقف على حمايتها المتحاصص الفاسد, في عملية مُحكمة حد الألم, أشبه بفلم إثارة سينمائي بارع الأخراج, لحفنة من شذاذ الآفاق  تغلب بسهولة جيشاً مدرباً مدججاً بالسلاح, كما طقة إصبعتين, بينما كان للمسؤولين على حماية السجن ومن عينّهم في مواقعهم دوراً كوميدياً يبعث على البكاء.
ومما زاد من الموقف كوميدية ان كل التحضيرات اللوجستية للعملية الارهابية وتجميع حشود الانتحاريين والمقاتلين ونصب المفخخات, بضمنها تأمين عملية تنقلات للمراتب العاملين في السجن من غير المرغوب فيهم من قبل تنظيم القاعدة ( كما نشر في الاخبار ), وانسحاب الباعة القريبين من السجن قبل ايام من العملية, لم تجذب إنتباه الجهات المختصة, إضافة الى ماقيل من إطلاق تحذيرات خطيّة وتليفونية من اجهزة استخبارية ومدنية بوجود خطط مؤكدة لمهاجمة سجني ابي غريب والتاجي لم تجعلها تتخذ الاجراءات الاحترازية المفترض القيام بها عند ورود هكذا معلومات. فلم تكن كل هذه الوقائع والتحذيرات لتفيق الاجهزة المختصة من نومها العميق.
واكثر ما يحز في القلب, ان الجهات المعنية لم تلاحظ حتى وسائل النقل التي لابد وان أعدتها منظمة القاعدة الارهابية لنقل حتى ربع الاعداد المهربّة وتسريبها الى أماكن آمنة, ليطلقوا لاحقاً لأحقادهم أعنّتها.
وكان الأكثر هزلية تصريح خطيب جمعة النجف صدر الدين القبنجي, عندما اقترح على الدولة حلاً تراجيدياً بتسليم الملف الأمني لمنظمة بدر بأعتبارها الأكفأ بعدما فشلت القوات الأمنية مع الجيش في مسكه, لكي نصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار, فكلنا نعرف ان التحاصص الطائفي والعرقي في القوات المسلحة لم يشفع لها ولم يحد من الارهاب فكيف بجيش طائفي له تاريخ مثير للشكوك ؟ فالسيد القبنجي لم يقتنع بعد ولن يقتنع ابداً, بأن الأقصاء الطائفي هو الحاضنة الاساسية للارهاب وتوسعه, وان الحل ببناء قوات مسلحة بولاء وأنتماء وطنيين فحسب.
وكذلك الأقتراح بأرسال قوات البيشمركة الى بغداد والمناطق الأخرى لفرض الأمن, يحمل في طياته ملمحاً فكهاً, بعيداً عن المنطق رغم ظاهره الأيجابي, فكيف لقوات ترفض من يوم تأسيسها الخضوع الى مؤسسة الدولة الاتحادية والمشبعة بالولاءالفئوي, القومي منه والحزبي من حمل هكذا مسؤولية عامة, لاسيما في ظروف عدم الثقة بين اطراف الحكم, وبما معروف عنها وعن قياداتها بإنتهاز الفرص لفرض الحقائق على الارض وقضم المناطق وإثارة النعرات؟

لقد كانت عملية تهريب قتلة القاعدة من السجون جرح للكرامة الوطنية العراقية وليس فقط تهديداً أمنياً مقبلاً فقط, كما انها شكلت  ثلماً لشرف القوات المسلحة من جيش وشرطة وجهات استخبارية ووصمة عار في جبين المجموعة الحاكمة.
فقد بينت هذه الحادئة, وكذلك استمرار التفجيرات والاغتيالات والاعتداءات على حقوق المواطنين مدى هشاشة البناء السياسي العام للدولة العراقية مابعد 2003 ومستوى الفساد الذي ينخر أساساته القائمة على التحاصص بين قوى لاتعدو "الوطنية" ان تكون شعاراً تلوكه افواهها على المنابر ليس إلا, وإيغالها في الاعتياش على آلام العراقيين ومآسيهم .وهذا ما أظهره رد فعلها الكوميدي على المطالبة الشعبية بألغاء رواتب وامتيازات وتقاعد البرلمانيين وذوي الدرجات الخاصة. فقد اكتشف النواب البرلمانيون وسياسيو السلطة فجأة بان تقاعدهم عالٍ بشكلٍ غير معقول, فانبروا وبشكل استعراضي بعد التدافع بالأرداف والأنكاب امام شاشات الفضائيات للتنازل الجماعي عنه, متوهمون بان ذلك يبرأهم من الأثم, وكأنهم لم يشرعنوا هذه السرقة ويقننونها ولم يتنعموا بها بعد, بينما فقراء شعبنا ينتظرون تسلم حصة العدس التموينية لشهر رمضان من العام الفائت .

لم ينطل موقفهم هذا على احد وانما اعتبره أبناء شعبنا محاولة لأمتصاص الغضب الشعبي ضد الانفلات الأمني السافر وسرقة المال العام بما فيها الرواتب الخيالية وكذلك الفشل الفاضح في الخدمات وليس لموقفهم ذاك أيّة صلة مع صحوة ضمير, فقد كشف البعض, حقيقة ان التنازل المعلن ليس له قيمة لعدم وجود قانون يسمح لهم بالغاء الغنائم. يا سلام سلّم , رتبوها على أربع وعشرين حباية !

الأكثر تصلباً منهم, يرفض فكرة إلغاء الرواتب التقاعدية ويؤكد ضرورة استمرار منافعه من حمايات وسيارات مصفحة وسكن حكومي محروس مدفوع الثمن الى أجلٍ غير مسمى, بحجة الاستهداف الارهابي له ولعائلته, رغم ان من أهم واجباته كانت كممثل للشعب تحت قبة البرلمان او في التشكيلة الحكومية, إيجاد الحلول لمسببات الارهاب ومكافحتها بقوة, وهو ما لم يفعله ولا توجد مؤشرات جديّة على اهتمامهم بذلك, بل بالعكس, أشار الكثير منهم في مناسبات عديدة الى تشجيع بعضهم للعمليات الارهابية والتصفيات الطائفية, ليكون التدهور الأمني والاستقطاب الطائفي سبباً لأستمرار تمتعهم بالامتيازات.

ومن الجدير بالذكر ان عمل البرلماني في كل بلدان العالم, عمل تطوعي لخدمة ابناء شعبه, يُعطى مكافأة شهرية رمزية مناسبة للقيام بمهامه وادارة شؤون مكاتبه التي تتابع مشاكل المواطنين المحلية في مناطق البلاد الأخرى, حيث تخضع للرقابة الأدارية الرسمية ورقابة منظمات المجتمع المدني ثم رقابة السلطة الرابعة, الصحافة ثم يرجع بعد انتهاء تمثيله البرلماني الى عمله الأصلي وليس كما هو معمول عندنا, عندما يجعل المسؤول هدفه من تسنم المركز البرلماني او الحكومي, فرصة ذهبية للأرتزاق والأثراء السريع ومن جهة كتلته مناسبة لمكافأته على ولاءه لقيادتها.

ان النخبة السياسية الحاكمة منقطعة روحياً وجسدياً تماماً عن واقع المجتمع, فهي تعيش لحظاتها الباذخة الآمنة بينما الشعب يتلظى بنار الحاجة وغياب الخدمات ويتشظى بشظايا التفجيرات الأرهابية ويُترك لتسلط ميليشيات التخلف والفاشية. انها بتعميمها تراجيديا الآلام تصنع مستقبلها التراجيدي القادم.



287
المنبر الحر / ولد للضرب
« في: 22:15 02/08/2013  »
ولد للضرب
                                                                                                                      احسان جواد كاظم

درج ملوك اوربا وأباطرتها سابقاً على استخدام أحد اولاد الفقراء العاملين لديهم, مرافقاً للأميرالصغير لملاعبته وتنفيذ نزواته ثم تلقي الضرب المبرح بدله عندما يفعل سموه ما يستدعي ذلك العقاب.
الكثير من أحوال رئيس الوزراء نوري المالكي تبدو مشابهة لحالة هذا الولد المسكين " دوشگ البسط "... فهو يتلقى اللعن والسب وتُكال له الاتهامات اكثر مما يتلقاها وليد أباطرة المحاصصة المدلل والفاسد والمشوه, حكومة المحاصصة الفاشلة, فنقص الكهرباء سببه المالكي, استشراء الفساد يقف وراءه المالكي من دونهم وغياب الخدمات والتعدي على الحريات يتحملها المالكي.

يُلام ويُقرّع ويُؤنّب ثم يُوبخ, في كل خطوة تخطوها حكومته. وكم من مرة عاقبوه بسحب وزرائهم ونوابهم وعرقلوا تمرير قوانينا اقترحها او احتجوا على قرارات ومواقف كانوا حتى الأمس قد دعموها... انهم معه شركاء !
لكن اللعبة أعجبته رغم كل شيْ. فهو يحضى بامتيازات واعتبارات المركز المميّز والتواجد الدائم في دائرة الVIP, s  من تجار دين وشيوخ عشائر وقادة ميليشيات وتجار سلاح بصفقات مشبوهة وموظفين كبار من صيادي الكوميشنس Commissions المرموقين ثم جنرالات بولاءات متعددة, يضاف الى ذلك سلطة أمر ونهي نافذة لايمكن لأحد نكرانها, يقف وراءها اكثر من مليون جندي وشرطي.

السايكولوجية المأزومة  لولد الضرب المنتفخ زهواً كاذباً, وسلوكه ظاهران في تعامله, فهو يتحمل اهانات اباطرته بينما يثور نزقاً عند سماعه انتقادات أترابه, والأنكى من ذلك انه اصبح لايعبأ بآرائهم ولايكترث لمعاناتهم, حتى ازجاء نصح صادق له لايتقبله, مكابرةً وتعالياً. وكذلك  المساعي لأستنقاذه من شهوة السلطة العابرة وتخليصه من عقوبات سادته يلاقيها بالنفور والمزيد من الانغماس فيها.   لذا فان الجماهير كفت عن ان تستغفر له وتستعفي عنه وهي تراه متواطأً مع معذبيه ومعذبيهم... ان سلوكه ليس اكثر من حزمة غرور جريح موجهة للجهة التي لا تستحقها.
يستاهل وحيل بيه !

لايتشابه العقابان ولا يلتقيان, عقاب الجماهير عن حقوق مشروعة تهاون فيها او أهدرها باعتباره المسؤول الأول عن اداء وزراءه واخفاقاتهم وعقاب اولئك الاباطرة الباحثين عن المزيد من الامتيازات والغنائم ثم مطالبته بالخضوع الخانع لأراداتهم.

لقد فقدوا شرعيتهم, شرعية اشغالهم لمناصبهم وتمثيلهم للعراقيين ;
- فقدوا شرعية الصندوق الانتخابي, يوم لم ينفذوا وعودهم لمنتخبيهم وحنثهم بالعهود اتجاههم.
- فقدوا شرعيتهم يوم قنّنوا وشرّعنوا سرقة المال العام تحت مسمى رواتب وتقاعد ومنافع اجتماعية, سواء كانوا برلمانيين او موظفين حكوميين, بينما العراقي يبحث عن عمل يوفر له حياةً لائقةً كريمة.
- فقدوا شرعيتهم يوم فشلوا في جلب الأمان للمواطن وتركهم منظمة القاعدة الارهابية تفتك بالعراقيين والميليشيات الطائفية تعتدي على المواطنين في اماكن سكناهم وعملهم, بينما هم يتفرجون مختبئين وراء اسوار المنطقة الخضراء وبحماية فيالق مدججة بالسلاح.
- فقدوا شرعيتهم يوم أسسوا جيشاً وشرطة على اساس طائفي او قومي او عشائري, عاجز عن الدفاع عن الوطن وحماية الامن الداخلي للبلاد.
- فقدوا شرعيتهم يوم أصروا على نهج المحاصصة الطائفي- العرقي- العشائري, النهبوي, رغم كل المآسي التي جلبها للمواطن العراقي ورغم استفحال ازمة الحكم بسببه.
- فقدوا شرعيتهم يوم لم يوفروا عملاً ولم يقدموا خدماتً ولم يوفروا كهرباءً..... بعد مرور عشر سنوات من سنين حكمهم العجاف.
- فقدوا شرعيتهم يوم تركوا زمام الامور لرجال دين متخلفين ليقرروا ما هو خير للبلاد وللعباد.
- فقدوا شرعيتهم يوم اسسوا دولة هشة ينخرها فسادهم. بحدود مستباحة لكلاب القاعدة ومهربي السلاح والنفط والآثار من اعوان احزاب السلطة وجواسيس دول الجوارولكل من هب ودب.
- فقدوا شرعيتهم يوم فكروا بتفتيت العراق على اساس طائفي او عرقي.

وليُشمل جميع المتحاصصين بالقصاص العادل على ما فعلوه بالعراق وشعبه خلال العشر سنوات المهدورة. ينبغي ان تستند المسآئلة لهم, ليس فقط على قدر المسؤولية السياسية على ما آلت اليه الاوضاع بل ايضا على قدر نسبة التحاصص الفئوي المستحصلة وحجم الامتيازات المكتسبة على اساسها ودور كل منهم على حدة وجماعياً, كقيادات لمكونات متحاصصة في تعميق معاناة العراقيين.

كلمة أخيرة انصافا للمالكي, " بوسعي ان اشهد لك بأن في وسع الأنسان ان يتنفس بحضورك " *


* ديستويفسكي

288
شيعة عمر على سُنّة علي
احسان جواد كاظم
آل شباب مصر على أنفسهم الا ان يستعيدوا ثورة يناير من براثن الأخوان المسلمين في وثبة جبارة يوم 30 يونيو/ حزيران الماضي, شاركت فيها كل طبقات وشرائح وتنوعات الشعب المصري.
 وكانت سنة من حكم الأخوان, حافلة بالأزمات والأخفاقات ومحاولات أخونة الدولة وفرض قيم بائرة جامدة على المجتمع المصري المتعدد المبدع, كفيلة بتحشيد اوساط واسعة من المصريين ضدهم, بما فيهم الكثير ممن صدّق وعودهم وشعاراتهم وانتخبهم وشريحة اخرى آثرت حينها عدم المشاركة بالانتخابات السابقة, فسهل فوزهم.
ورغم حمى الأسلمة التي انتابت الأخوان والصخب الديني من على منابر الجوامع وفتاوى مشايخ الفضائيات, الا ان ذلك لم يحلْ دون انفضاض الكثير من المؤمنين من حول حكم المرشد, رغم توسل مشايخهم للأرث التاريخي لوّعاظ السلاطين بحرمة الخروج على الحاكم المسلم حتى لو كان ظالما, لاسيما وان أغلبية المصريين ينتمون الى المذهب الشافعي , الذي هو واحد من اربعة مذاهب سنيّة تعتقد بهذا التفسير.
 كل هذه الدعوات ومحاولات التكفير لم تجد لها آذاناً صاغية لدى عموم المصريين, فقد كان توق المصريين, المطحونين بالأزمة الأقتصادية التي زادها الاخوان بلّة وتفاقم البطالة والفقر, نحو مستقبل افضل, أكبر من ان تخمده دعوات التدجين. كما ان تنامي وعي عام لمصالحهم, جعلهم لايلتفتون الى فتاوى وعاظ السلاطين والتي كان آخرها فتوى القرضاوي بعدم شرعية إسقاط محمد, في توريّة فاشلة للربط بين محمد النبي وبين محمد الرئيس مرسي, ولكن الحيلة لم تنطلِ على الكثير من بسطاء المؤمنين, لهذا كانت المشاركة المليونية في التظاهرات التاريخية  التي عمّت ميادين مدن وقرى مصر من أقصاها الى اقصاها ترفض حكم المرشد.

الآية عندنا في العراق أضحت معكوسة... فالأغلبية الشيعية التي تستند الى تاريخ مشرف من المعارضة السلمية والمسلحة للحكام الظلمة على مر العصور والمستمدة من مباديْ رفض الأستبداد والانحياز الى المظلوم التي سنّها الأمام علي بن أبي طالب, والتي لم تتبن يوما مبدأ الخضوع المطلق للحاكم الظالم, جرى تدجينها, فقد أصبح القائمون على شؤونها من وعاظ السلاطين, بعمائم سود وبيض يدعون جماهير المؤمنين والمقلدين لآياتهم الى السكوت على تجاوزات الحكام الاستبدادية والقبول بنهج تحاصص فئوي لايخدم عموم الفقراء بمن فيهم فقراء الملّة والصفح عن الفاسدين وفي بعض الأحيان عن القتلة والمجرمين والصبر على عبث الميليشيات وانتهاكهم لحرمات الناس والتدخل في شؤونهم, ثم تحمّل الفقر والبطالة وغياب الخدمات وتقبل قيم بائدة, لئلا يأتي حاكم من الطائفة الأخرى, حتى لو كان عادلا, بديلا عن صنيعتهم الطائفي الفاشل.

وفي الوقت الذي توصل فيه سُنّة مصر الى سُنّة علي, امام المظلومين, بحرمة السكوت على الظلم والظلمة ولو كانوا مسلمين, فأن شيعة العراق لم يتبينوا بعد فراسة الفاروق عمر الذي ميز بين الحق والباطل.

" كل شجرةٍ تُعرف بثمرتها ".         لوقا الرسول

289
وثيقة شرفهم الذي يُراق على جوانبه الدم العراقي
احسان جواد كاظم

الذي يقرأ وثيقة الشرف ذات البنود الثمانية التي طرحها نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي على أطراف السلطة المتحاصصة, لايرى فيها شيئاً جديداً ومتميزاً, فهي لاتخرج عن مضمون اتفاقياتهم الثنائية والجماعية السابقة التي جرى نقضها, فهي عبارة عن مباديْ عامة وبديهيات في العمل السياسي الأعتيادي. فالحديث عن الشراكة والتعايش السلمي وتمتين أواصر الوحدة الوطنية وتجريم الأنشطة الأرهابية, هي كلها مباديْ سمعناها منهم قبلا, لكن ممارساتهم السياسية أفرغتها من مضامينها الحقيقية  واعطتها دلالات ومعانٍ جوفاء. وكل اتفاقياتهم السابقة كانت موائيق شرف بدون تسمية, جرى خرقها او تجميدها حسبما تستدعي مصالح القوة الراجحة في ميزان القوى السياسي, وقد مارسه جميعهم بدون استثناء, ولهذا فان الحديث عن التزام شرفي يبدو أشبه بنكتة سمجة.

مبادرة السيد الخزاعي فوقية, معنونة الى القوى المتنفذة في السلطة فقط وليس لشعبنا مصلحة  مباشرة فيها. فهم يصوغون اتفاقاتهم في قاعات مغلقة, بما يتفق مع اهوائهم وأجنداتهم وما على شعبنا إلا ان يبقى مترقبا, متوسلا ما تجود به قرائحهم من حلول تحدد مصيره ومستقبله.
والمبادرة أساساً تدور في نفس حلقة المحاصصة الطائفية - العرقية, المفرغة, ولا تخرج عن إطار إعادة ترتيب أمور تحاصصهم ليس إلا. وذلك  ما صرّح به صاحب المبادرة بأنه " يسعى لتحقيق شراكة دائمة  تعمّر طويلا "!!! ( يبدو تعبيره متناقضا بين دوام الشراكة وأبديتها وبين أمله في صمودها لتعمر طويلاً ). كما ان صيانة" النسيج الأجتماعي"  بنفس أدوات المحاصصة التقسيمية والتجزيئية التي شرذمت هذا النسيج وخربته, بما جلبته من موت ودمار وبوار لكل مناحي الحياة الأجتماعية العراقية, يبدو أمراً محالا.ً
ثم ان صاحب المبادرة وهو يتحدث عن التعايش السلمي بين القوى المتصارعة, يتلمس أسباب تناحرها, إلا انه يتجنب المساس بقدسية امتيازاتها, ولذلك يمكن الحكم على المبادرة بأنها مناورة جديدة لكسب المزيد من الوقت لأدامة سلطانهم وإيهام المواطن بقدرتهم على إنجاب نجاح من رحم الفشل... وانه لعمري لوليد مسخ مشوه.

ربما الفقرة الوحيدة في المقترح التي يمكن ان تلاقي ترحيباً من لدن ابناء شعبنا هو اتفاقهم والتزامهم ب" اعتماد مبدأ الحوار سبيلا وحيدا لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية في البلد" بعدما إعتادوا التحاور بالمفخخات والأنتحاريين والتطهير الطائفي والعرقي... والتي دفع شعبنا ضريبتها دماءاً وضحايا وأيتام وأرامل.

سؤال على الهامش, هل يحتاج الأيديهم متوظئة الى وثيقة شرف ؟!!!

افرحوا وهلّلوا ايها العراقيون, عيديتنا وثيقة شرفهم !

290
شويّة من جمهورية إيبوط*... شويّة من دولة الزعبطيطو*
احسان جواد كاظم

تركيبة نظامنا السياسي ملتبسة, تبدو كخلطة غير متجانسة لنظم سياسية مختلفة, لايربط بينها رابط. ديمقراطية بملامح دكتاتورية, تستند الى دستور ملفق مهلهل ومحاصصة تنسج العلاقة الواهية بين اطراف القوى الحاكمة, المتطاحنة. وبسبب إنحداراتها ومرجعياتها ثم تطلعاتها, التقسيمية اللاوطنية, أصبح غير ذي مغزى وجود حدود سياسية لدولتنا ولا لكيانها الأداري .
لدولتنا سمات جمهورية إيبوط بدكتاتورها الأوحد " الديجم " الذي يمسك الأمور بقبضة حديدية, هذا غير حريته المطلقة في انتهاك حقوق شعبها. وبنفس الوقت, لها سمات من دولة الزعبطيطو, بفوضى النقاش البيزنطي والخوض في عباب قضايا ثانوية, اضافة الى حمى الرغبات المتقدة بتأجيل كل شيْ الى إشعار آخر, كما هو دأب حكومتنا ومجلس نوابنا, سوى ما يخص امتيازات القائمين على الأمر.

واذا كان انتهاك  الحقوق وتقويض الحريات العامة والاستهانة بحياة المواطن وكرامته والأستئثار بالسلطة والثروات لصالح حفنة من متنفذي النظام واعوانهم, هي من سمات ومظاهر النظم الدكتاتورية, وهي كلها حاضرة عندنا, فأن لدكتاتوريتنا بعض صفات من الديمقراطية, ففيها ينتفي ما تستوجبه الدكتاتورية من مركزية مطلقة في توزيع إرهاب الدولة لصالح تعددية أذرع عسكرية وأدوات حزبية ميليشياوية  مقربة من مراكز القوى المهيمنة في السلطة, تنفذ  المآرب الدكتاتورية بتعددية ديمقراطية, لأطفاء كل جذوة احتجاج شعبي.
هذا الوضع جعل من الجيش والشرطة وعموم الأجهزة الأمنية " خرّاعة خضرة ", تتفرج على إنفلات أمني بهيئة من أصابه البله. فقوى الأرهاب والجريمة تصول وتجول على راحتها, وتفجر أينما تريد وكيفما تريد ومتى تريد, والأجهزة الأمنية مكتفية عن مكافحة الأرهاب بعدّ ضحاياه.
ولم نعدْ نصدق المهرجانات الاعلامية عن اعتقال قادة وامراء  منظمة القاعدة, التي ربما لم يبق من قادتها سوى وزير الثروة السمكية في دولة العراق الأسلامية, ليقوم بعمليات الذبح الجماعي للعراقيين.
وكم من مرة, اعترف مسؤول حكومي على أعلى المستويات ومسؤولين أمنيين من أرفع الرتب بقيام قوى سياسية نافذة في الحكم بدعم الأرهاب وكذلك  التصريحات العلنية لقادة ميليشيات بوجود تنسيق عملياتي مع أطراف في السلطة وتبادل وتقاسم أدوار.

كما ان التأرجح بين ماهو معلن وبين ماهو مضمر في سياسات اطراف السلطة المتحكمة, كلما يستدعي الأمر ذلك, بشأن الألتزام بالشرائع الدولية, هي احدى مظاهر فرادتها المرآئية, ففي الوقت التي تدعي التزامها بما فرضه تطور المجتمعات والقوانين الدولية التي أوجبت التمسك بالشروط الدولية لحقوق الأنسان, فهي تسعى لكسر طوق هذه الشروط بدعوى خصوصية مجتمعاتنا وهويتها الأسلامية, والآلتفاف على ما جاءت به هذه الشرائع,  بتشريعات تخدم أهدافها الفئوية المتخلفة  .. ففي رحم ديمقراطيتنا تنمو أجنّة دكتاتورية ثيوقراطية.
واذا كان لديمقراطية مصر " اخوان " واحدة, فأن لديمقراطيتنا " اخوانيّن " ومتعصب قومي.

ان الفاشلين والفاسدين ليسوا الا سِقطا, لم يكن لهم من أُلهية الا زيادة معاناة ابناء شعبنا وتنكيدهم, ولكن يوم شعبنا آتٍ, عندها سيكون يومهم عبوساً
 قمطريرا.


* جمهورية إيبوط ودولة الزعبطيطو, كيانات افتراضية.
جمهورية إيبوط - قصة للكاتب المصري المبدع مجيد طوبيا تصف دكتاتورا ونظامه القمعي , جمهورية إيبوط عكس للقب الكاتب طوبيا واسم دكتاتورها  الديجم عكس لأسم الكاتب مجيد.
دولة الزعبطيطو- قصة قصيرة للكاتب الجزائري المبدع الطاهر وطار وهي تصف اختلافات مواطني هذه الدولة " الزعابطيط " على الوان علم لها. ودولة الزعبطيطو ماهي الا منطقة يكثر فيها نبات الزعبطيطو!!! التي تحبذه جرذان الخلد. كما فسرها الكاتب.



291
ملياراتهم وشسع نعل علي

احسان جواد كاظم

نقلت الأخبار, خبرطرد قائد التيار الصدري مقتدى الصدر احد المشايخ المقربين له بسبب اختلاسه ثلاثة مليارات دينار من المال العام, وعدم امتثال هذا الشيخ  لطلب قائده بأعادتها وفضّل الاحتفاظ بها والتخلي عن علاقته بتيار الصدر وربما عن عمامته ومركزه الروحي اللذان سهّلا له الاستحواذ على اموال الفقراء, والتمتع بما جنى بعيداً.

وكان قائد التيار الصدري قد أنذر, قبل فترة, النائب الأول لرئيس مجلس النواب قصي السهيل عن التيار, وأمهله ثلاثة ايام للكشف عن ملفات فساد موضوعة بين يديه أو الأستقالة, وقد اختار الأستقالة مبرراً ذلك بأسباب شخصية. ولم تنفع مناشدات  وتدخلات سياسيين وبرلمانيين له من تغيير موقفه , والعدول عن ألأستقالة. حقيقة لا نعرف سبب اصرارهم على ثنيه عن الاستقالة, فاننا كمواطنين عاديين لم نلحظ له دورا برلمانيا متميزا في برلمان بريْ من الأنجازات, ولا نجد لمساعيهم معه من سبب, سوى طبعا, ما تفرضه استحقاقات المحاصصة والتضامن بين أطرافها وابقاء المخفي عن عموم الناس مستورا.
لكن تعنت السيد النائب ألانه إيعاز آية الله السيد كاظم الحائري المقيم في ايران, والذي يقلده, له بالتراجع عن استقالته, ففعل.

تساؤلنا هو: ماذا عن سبب الاستقالة الذي مازال قائماً, وهو كشف ملفات فساد تتعلق بمسؤولين متنفذين واحزاب سلطة ؟ وما موقف آية الله الحائري من عدم تحويل هذه الملفات الى القضاء؟ وهل فتوى بعض آيات الله, بجواز سرقة المال العام شرط التخميس ( دفع الخُمس ) وارداً في هذا المقام والمقال ؟
ربما أذعن مقتدى الصدر لقرار مرجعه الأعلى الذي يقلده, لكن من لحقوق العباد, وهل ستكون رغبات آية الله الحائري أوجب شرعاً من استعادة حقوق المواطنين المغتصبة, والكثير منهم شيعة وليس فقط ؟!
لابد من الثناء على مبادرة السيد مقتدى الصدر في تنظيف تياره من الفاسدين. لكن فعله هذا, يبقى قاصراً وفردياً ولا يستند على سند قانوني بل يرتكز على وجاهته الاجتماعية وموقعه الديني, يمكن ان يُرفض, وهو ما حصل فعلا من الشيخ أولاً ثم من نائب مجلس النواب ثانياً, وليس من تبعات جدية من الرفض.

وفي عالمنا المعاصر, لا يمكن لأي فرد مهما علا شأنه من ان يكون بديلا عن الدولة وان يلعب دورها في متابعة المذنب وتقديمه للقضاء العادل ومعاقبته على جريمته, لكن غياب هذا الدور وضعف مؤسساتها وتردد القضاء عن القيام بمهامه لأعتبارات سياسية او فئوية وحتى خشية تعرض اعضاء هيئاته القضائية للاغتيال, يفتح المجال للمبادرات الفردية او اللجوء الى القانون العشائري او محاولات البعض لأخذ زمام الامور بأيديهم ومعاقبة من يظنونه مذنبا.
لقد أصبح تأجيل البت في ملفات الفساد اوالتحفظ على أدلة وقرائن تدين مسؤولين متنفذين في جرائم ارهابية ضد المواطنين الى ان يحين وقت استثمارها سياسيا سُنّة يتبعها القائمون على ادارة شؤون البلاد والعباد.

تشير أخبار السير والتواريخ الى رواية عن الأمام علي بن ابي طالب وابن عمه عبد الله بن عباس, عندما استغرب بن عباس من ان يصلح خليفة المسلمين نعله بنفسه, بعد ان انحل شسعه, ولا يعطيها لأحد ليصلحها, فقال له الأمام :" يا بن عباس, أترى الى هذا النعل ؟ انه أعظم من إمرتكم هذه, إلا ان أقيم حقا أو أدفع باطلاً".
من المؤكد ان المغزى من قول الأمام لايروق للكثيرمن المتصدين الى (خدمتنا ) من مسؤولي أحزاب وموظفين حكوميين وقادة ميليشيات.

لم يكن عبد الرحمن بن ملجم متوحدا في قتله علياً, بل وبعض خاصته والمحسوبين عليه كانوا شركاءاً اصليين في الجريمة, وهكذا هو العراق أعداءه منّه وبيه.


292
الفئران المذعورة من ثورة مصر المنصورة

احسان جواد كاظم

ترتعد أوصال الأخوان المسلمين في مصر والعالم ومن على شاكلتهم من احزاب الاسلام السياسي من هبّة المارد المصري. ومرة أخرى يبهر الشعب المصري العظيم, محبيه ومبغضيه بثورته السلمية العارمة والتي أجبرت الجميع على اعادة حساباتهم. 17 مليون مصري في ميادين مصر وساحاتها في اكبر تجمع بشري في التاريخ, يهتفون ضد حكم المرشد ويطالبون بدولة  مدنية ديمقراطية . المدعون من اعوان الأخوان يشيرون الى اعداد مريديهم الكبيرة في ميدان رابعة العدوية, لكن شتان بين هذا وذاك, فالملايين المنادية برحيل رئيس الأخوان محمد مرسي من منصبه الرئاسي, خرجوا محتجين  بشكل عفوي وبمليْ ارادتها دون قسر, وهم يمثلون شرائح فكرية متعددة من يسار ويمين , مسلمين ومسيحين , من انحدارات طبقية مختلفة من فقراء مدن مصر واريافها واغنياءها وحتى ممن انتخبوا الرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية الماضية, بينما قام الأخوان بأستدعاء جمهورهم من كل محافظات مصر وبذل الكثير من الأموال لدعم تجمعهم في القاهرة وبعد تنادي الاسلاميين بأخوانهم وسلفييهم وجماعات التكفير لنجدة حكم المرشد.

وعلى عكس الطبيعة السلمية لتظاهرة  القوى المدنية, يتوعد مؤازرو محمد مرسي معارضيه بالويل والثبور ويجري تكفيرهم, مع رفع أعلام القاعدة على رؤوسهم , وفي هذه الأثناء ألقت الشرطة المصرية القبض على مسلحين حاولوا التسلل بين متظاهري ميدان التحرير, وكان قد انفجرت عبوة ناسفة بين متظاهري المعارضة في بور سعيد, وغيرها من الممارسات العنفية. لكن محاولات الأخوان جرّ البلاد الى حمام دم لايبدو قابلا للتنفيذ, فضخامة أعداد متظاهري المعارضة يعطيهم مناعة ذاتية من الأنجرار الى العنف وشعور كافٍ بالأمان والثقة بالذات, كما ان تجربة اسقاطهم حكم حسني مبارك قبل عامين سلميا, لاتجعلهم ميالين الى استعمال العنف. بينما يعاني الأسلاميون من قلق سقوط تجربتهم بعدما فقدوا سمعتهم وبسبب ايديولوجية رفض الآخر التي يعتنقونها. وما زاد من جزع الأسلاميين هو بيان القوات المسلحة الحازم بأنها لن تسمح بحرب أهلية أبداً.

لقد أشار بعض المتظاهرين في ميدان التحرير الى ان الفضل في خروج هذه الملايين ضد حكم الأخوان هم الأخوان المسلمين أنفسهم والرئيس مرسي بالذات, بسبب فشله في اصلاح الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة لعموم المصريين بل انه فاقمها بسياساته المتهورة والمتناقضة وخلقه المستمر للازمات, تارة مع السلطة القضائية واخرى مع قيادة الجيش واستبعاده القوى الوطنية والديمقراطية من المشاركة السياسية وأستئثار الأسلاميين والأخوان بالخصوص بالسلطة وفي اشغال المراكز الحكومية, مما اثار غضب اعدادا غفيرة من المصريين, حتى من بين منتخبيه. كما  كشف الأخوان المسلمون عن حقدهم السافر على الثقافة والمثقفين والفنانين بالتكفير والتعهير, ولم تسلم من ظلاميتهم حتى آثار مصر الفرعونية, والتي هي مصدر عيش مئات الآلاف من المصريين.

لقد حطم شعب مصر الصورة النمطية التي صاغها سيْ الذكر عمرو بن العاص  والي مصرالغابر, مرتين على الأقل في لحظتنا التاريخية هذه, عندما قال عن أهل مصر:" قوم تفرقهم العصا وتجمعهم المزامير " وقلب الطاولة على محاولات أسلمة الدولة وفرض اللون الواحد على المجتمع المصري المتعدد, لاسيما وان مصر كانت من أولى دول المنطقة التي ولجت طريق الدولة المدنية , ولم تفلح محاولات الحكومات المتعاقبة على حكمها من اخضاع القضاء المصري الذي يمتلك تقاليد استقلالية راسخة, لرغباتها, كما لديها مؤسسات ثقافية واعلامية عريقة  وحركة ثقافية تنويرية رفدت كل المجالات الثقافية والفنية والعلمية في البلدان العربية بأنجازات ثرّة.

الرئيس محمد مرسي أعلن في خطابه في اليوم السابق للتظاهرة الشعبية التي دعت اليها المعارضة المدنية, بأنه " لن يتهاون مع أي انحراف عن النهج الدستوري "و وهو يعني بذلك الدستور الذي سطروه حسب أوامر المرشد والذي فُصّل على مقاس الأخوان المسلمين في مصر وسلفييها... وكما هو شأن الأسلاميون في كل مكان ومنهم أحزاب الأسلام السياسي في العراق, فانهم يتعكزون على الصندوق الأنتخابي كتعبير وحيد عن الديمقراطية دونما الألتفات الى وجوب توفر تكافؤ الفرص لكل الأطراف المتنافسة قبل الأقتراع وبعد فوز الفائزين, في العمل السياسي الحر والمشاركة في رسم سياسة الدولة.
ومنذ اليوم الأول (30 حزيران ) للاعتصامات المليونية في محافظات مصر المنادية باسقاط حكم المرشد, بدأت تتهاوى أركان حكم الأخوان,  والتي افتتحها هروب مسؤولين رسميين من أبواب خلفية خوفا من انتقام الحشود الغاضبة, بعدها كانت الأنسحابات المتتالية من المراكز الرسمية كما حدث لمحافظ أسيوط الأخواني تبعتها استقالات وزراء ومستشارين تضامنا مع شعبهم .
 
وفي تجربة نوعية جديدة ابدعتها جماهير الثورة السلمية, قامت القوى الشعبية بعزل محافظي القليوبية وطنطا الأخوانييّن وشكلوا مجلسا مدنيا من بينهم لأدارة شؤون محافظتيهما.

ان انسداد الأفق السياسي يفرض على الرئيس محمد مرسي اتخاذ القرار العقلاني الوحيد, المتمثل بالخضوع الى الأرادة الشعبية والتنحي عن رئاسة الدولة وأجراء انتخابات رئاسية مبكرة, خصوصا  بعد ان أمهلت القوات المسلحة القوى السياسية 48 ساعة لتلبية المطالب الشعبية, ولابد من الأشارة هنا بأن المهلة المعطاة تبدو موجهة الى الأخوان المسلمين دون غيرهم لأنهم الجهة الوحيدة القادرة على الأستجابة لمطالب  ملايين الشعب المصري.

هبّة الشعب المصري لأسترداد ثورته من سارقيها تقض مضاجع الكثير من حكومات الأسلام السياسي المستبدة, ولامناص من انتشار اشعاعات الثورة المدنية السلمية المصرية, آجلا أم عاجلا, على أرجاء شرقنا الغارق في حلكة ظلام حكومات تيارات الأسلام السياسي العاجزة عن مجاراة روح العصر... رياح التغيير آتية حتما.

293
أُلعُبان سياسي... چُقلبان قانوني !

احسان جواد كاظم

كم سياسي من سياسيي سلطة مابعد  التخلص من الدكتاتورية تنطبق عليه صفة الأُلعبان وعلى مواقفه السياسية المتقلبة فعل الچُقلبان؟
زئبقية مواقفهم ومحاولتهم الجمع القسري بين المتناقضين; التصلب الديني والبراغماتية السياسية جعلتهم يضيعون المشيتين...فمشوا مشيّة العرنجلي. فلا هم التزموا الضوابط الدينية ولا سلاسة التعامل السياسي القويم ودبلوماسيته, وهذا ما أثار اشمئزازا عاما من شخوصهم ورفضا لأفعالهم, لكنهم نجحوا في تقديم صورة غير حقيقية عن جوهر السياسة ومفهومها كفكر وممارسة, باعتبارها فناً وعلماً... فن الممكن وعلما ً في تنظيم المجتمع وإدارته لاتستغني عنه المجتمعات المتحضرة, بتكريس الصورة الكاذبة لها بانها مكراً وخداعاً ولعباً على الحبال ليس إلا.

وليس أكثر تجسيداً لريائهم السياسي وفهمهم الفاسد لجوهر السياسة من موقفهم المعلن من المحاصصة الطائفية - العرقية, فهم يلعنونها ليلاً ونهاراً ويحملّوها كل الأوزار كأنها شيطانهم الرجيم بينما يتشبثون بها كأنها مخلصهم الأوحد... منغمسون في نعمائها كأنها جنتهم الموعودة.

لازالت طرية في اذهان الكثير منا تصريحات قيادات ائتلاف دولة القانون اثناء احتدام الأزمة السياسية بين اقطاب السلطة الحاكمة, وتهديدهم  لغرمائهم السياسيين بأعتماد نظام الأغلبية السياسية كبديل لنهج المحاصصة النهبوي الذي أفقر أبناء شعبنا وأغنى الفاسدين المتسيدين على مقدراته ومصائره, بغرض إبتزازهم.
لكن الچُقلبان السياسي في المواقف لم يتأخر كثيرا, وبالخصوص بعد ان جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات بما لايُرضي قيادات ائتلاف دولة القانون الذي تراجع عدد مقاعده في مجالس محافظات عديدة وخسارته لمناصب مهمة في محافظتي بغداد العاصمة والبصرة أغنى المدن العراقية, فكانت  التصريحات الأنفعالية لمسؤولي الائتلاف بعدم عدالة نظام سانت ليغو الأنتخابي وتحميله سبب خسارتهم وليس العقاب الشعبي, لفشلهم في إدارة الدولة وتوفير أبسط مستلزمات الحياة الكريمة من أمان وعمل وخدمات, وأبدوا سعيهم للرجوع الى القانون الأنتخابي السابق الذي نقضته المحكمة العليا لعدم قانونيته وتعارضه مع بنود الدستور, نظام القائمة المغلقة الذي يسمح بسرقة أصوات الناخبين لصالح قوائم أخرى, يرفضونها, ويصادر حق الأقليات والأحزاب الصغيرة في التواجد تحت قبة البرلمان.

ان التناقض يبدو جلياً بين الدعوة الى تبني نظام الأغلبية السياسية الذي يعني التحرر من  النزعة التقسيمية  للمجتمع العراقي, وكونه توجهاً صائباً لأشراك أوسع الفعاليات الشعبية في رسم سياسة الدولة العامة وعدم إقتصارها على ثلة من متنفذي الطوائف والقوميات والعشائر من ذوي المطامع الشخصية, وبين الدعوة الى الرجوع الى قانون إنتخابات نخبوي جائر, أسقطته المحكمة العليا.

لايخفى على أحد ان رسم السياسات في عراق اليوم لايخضع لمنهج مؤسساتي استراتيجي وانما تفرضها الأنفعالات العاطفية الطارئة.

كما لايمكن توصيف المساعي للنكوص عن مظاهر الديمقراطية الحالية لأسباب فئوية أنانية سوى انها إنزلاق متدرج نحو دكتاتورية مقيتة, لاسيما وانها تأتي متوازية مع نزعات  متواترة لعسكرة الدولة والمجتمع وجنوح أطراف الأزمة نحو حل خلافاتها السياسية عنفيا وعلى حساب المواطن.

ان تعزيز التوجه الديمقراطي يستوجب; توسيع المشاركة الشعبية في رسم سياسة الدولة وتوجهات البلاد المستقبلية, ومن بين ما يتطلبه ذلك, تطوير القانون الأنتخابي, لذا فأن إجراء الأنتخابات البرلمانية والمجالس المحلية وفق نظام القائمة المفتوحة والأقتراع السري وإعتبار العراق دائرة إنتخابية واحدة سبيلا قويما لتعميق التوجه الديمقراطي.

- "الديمقراطية ليست حكم الأغلبية لكن حماية الأقلية".      ألبير كامو


294
المنبر الحر / چـلـچ تايه* !
« في: 17:58 30/05/2013  »

  چـلـچ تايه* !

احسان جواد كاظم

اصبح العراق كما چـلـچ تايه تتقاذفه الأنواء وتلطمه أمواه بحر هائج وماسكو مجذافه قراصنة يتثائبون, واصبح من العبث انتظار خطوات ما من أطراف المحاصصة الطائفية- العرقية بأتجاه ايجاد حل لأزمة الحكم, لابل تولدت قناعة تامة لدى الكثير من ابناء شعبنا بأنهم سبب انحدار الوضع الأمني بشكل مفزع في بلادنا وكل ما يحدث من فضائع فيها. فقد تصاعدت الهجمات الأجرامية لمنظمة القاعدة في اماكن التجمع العامة للمواطنين وعادت الأغتيالات بالكاتم كما نصبت ميليشيات القتل على الهوية نقاطها التفتيشية في شوارع المدن ... كل ذلك يحدث في ظل عجز حكومي وشلل برلماني تام, مقترنا بصراع حاد بين اطراف الحكم المهيمنة لخطف المزيد من الغنائم.

ان الخروج من هذا المأزق لايمكن ان تجلبه الدعوات بعقد مؤتمر وطني عام يجمع القوى المتصارعة, فقد اصبحت ضربا من ضروب الهزل ومحاولات الضحك على ذقن المواطن وتخديره . فكل الدعوات المطروحة مثل دعوة عمار الحكيم الاخيرة لعقد مؤتمر توافق لقوى السلطة المتحاصصة وقبلها اتفاقية أربيل, التي يدعو البعض للعودة اليها باعتبارها العصا السحرية لحل كل الخلافات بضربة واحدة, وحتى مطالب قيادات المعتصمين في محافظات الأنبار وصلاح الدين... لاتعدو كونها دعوات لأعادة توزيع الحصص ليس الا ولن تخرج بحلول ناجعة لأزمة الحكم العامة بمكافحة نهج المحاصصة, أس البلاء.

كما ان استنهاض الجماهير لايمكن ان يأتى به عقد مؤتمر عام حتى لو كان لقوى ديمقراطية واحزاب وطنية ومنظمات مجتمع مدني من خارج دائرة الحكم المتحاصصة دورا فيه, لأن القوى المهيمنة غير جادة في ايجاد مخرج, بل هي ليست معنية بذلك من الأساس. فبالرغم من صراعاتها المحتدمة والتي يدفع المواطن فاتورتها دماءا, فهي لا زالت تنعم بأمتيازات التحاصص,. وان كان لبعض اطرافها شعورا بهضم ( حقوقها ) فان خسائرها طفيفة مقابل ما ستفقده فيما لو  تبنت حلا عادلا بعيدا عن المحاصصة, ينصف ابناء شعبنا ويحافظ على ثرواته.

تصاعد التذمر الشعبي من الشحن والأستهداف الطائفيين أوجد امكانية فعلية لتشكيل رأي عام معادٍ للطائفية, ينبغي على القوى الحية, استثماره لبناء حركة جماهيرية فاعلة ضد الطائفية والطائفيين. فقد شهدت الساحة السياسية العراقية تعالي الاصوات الشعبية ضد نهج الطائفية وتتشكل عفويا مجموعات جماهيرية تنحدر من شرائح اجتماعية متعددة ومشارب متنوعة تنادي باسقاطه, وترى في الطائفية عدوها الاكبر الذي يهدد لحمة مجتمعنا ووحدة بلادنا, فقد قام بعض الناشطين بالتظاهر ضد الطائفية  ونادى البعض الآخر بالتبرؤ من الطائفتين المتصارعتين, هذا غير النشاط المتنامي على مواقع التواصل الأجتماعي في انشاء مواقع تكافح الفكر الطائفي وتثير نقاشا مثمرا حول المآسي الذي جلبها التقسيم الطائفي والعرقي والمناطقي لمجتمعنا وكذلك شروع بعض الناشطين بكتابة عبارة" كافي طائفية... نريد نعيش" على الأوراق النقدية المتداولة يوميا, للتأثير بأكبر عدد من المواطنين وايصال الفكرة لهم, ويقع بالضرورة, على عاتق القوى المدنية والديمقراطية, والتي قد تكون جزءا عاملا فيه, مهمة تبني هذا التوجه الشعبي ودعم فعالياته بقوة, وتحريره من الموسمية والعفوية وتسديد خطاه نحو الهدف المنشود بأرساء دولة مدنية ديمقراطية.
ولابد من اقتران العمل الجماهيري كآلية تغيير بآلية سياسية قانونية لتعديل القوانين السارية لصالح مشروع التغيير, مثل تطوير بنود قانون الانتخابات البرلمانية وجعل البلاد دائرة انتخابية واحدة, الذي يعزز هدف الخروج من أسار التقسيم الطائفي العرقي, ويدفع احزاب المحاصصة الأسلامية والقومية الكردية والعربية الى تشكيل قوائم وطنية تغطي مناطق البلاد كافة, عابرة للطوائف والقوميات مع ضمان تمثيل شعبي اكثر عدلا للمواطنين باختلاف انتماءاتهم في البرلمان واجهزة الدولة.
وبالتوازي مع ذلك ينبغي الضغط على القوى المتنفذة لسن قانون ديمقراطي للأحزاب يمنع تأسيسها على اساس طائفي او عرقي او مناطقي, مع اجراء تعداد سكاني عام وتعديل قانون المفوضية العليا للانتخابات وغيرها من مستلزمات بناء دولة مدنية ديمقراطية.

يشكل التفاعل المتبادل بين هاتين الآليتين طريقا شرعيا للوصول الى الهدف المنشود.

ان الطيف الواسع من المنخرطين في هذه النشاطات الرافضة للطائفية كنمط حياة, المتكون من مواطنين فقدوا فلذات اكبادهم في تصفيات طائفية لاناقة لهم فيها ولا جمل او متضررين من تحكم الميليشيات الدينية في ارزاقهم وحرياتهم, سيكونون اضافة فعالة للعمل السياسي لابد من تشجيعهم لخوضه.

* عنوان من قصيدة للشاعر عريان السيد خلف.
چـلـچ- كلك وهو واسطة نقل نهري بدائية.


295
اقطاعية السيد العميد وسراكيله !
احسان جواد كاظم

لم يكن اعتصام طلبة كلية الهندسة في البصرة ومطالبتهم باقالة عميدها الدكتور نبيل عبد الرزاق جاسم ( حزب الدعوة ) ابن لحظته أو حدث طاريْ مفتعل ولم يكن منع حفل تخرج طلبة الصفوف المنتهية الا أحد اسبابه وبعدما بلغ السيل الزبى. فقد تعامل عميد الكلية منذ الوهلة الاولى لتعيينه وكأنها اقطاعيته الخاصة وطلبتها أقنانه, يفعل بهم ما يشاء. فقد ألغى يوم التعارف للطلبة الجدد وهو تقليد تمارسه كل جامعات العالم, والذي لايقتصر على التعارف بين الطلبة وانما  ايضا التعرف على أقسام الجامعة ومرافقها وورشها ومختبراتها...كما ألغى السفرات العلمية المشتركة ومنع فعالياتهم الثقافية, ثم أغلق نادي الكلية الذي يشكل واحة استراحة للطلبة بعد ساعات المحاضرات المضنية, منعا للاختلاط بين الطالبات والطلبة, وعندما التجأ الطلاب الى حديقة الكلية واحتموا بظلال اشجارها من حرّ الشمس, أمر بقطعها طلبا للفضيلة وحفاظا على العادات والتقاليد ومنعا لما قد يحدث بينهم تحت أفنانها, لابل جرى, حسب تأكيد بعض الطلبة, تزفيت المقاعد في مفازات الحديقة.
ولم يكتف بتقويض التقاليد الجامعية العريقة والتضييق على الحريات الشخصية للطلبة, بل شجع, بعد اعتصامهم,على اعتماد ممارسات مخابراتية مشينة لاتتناسب مع صفته كمربي ومركزه كعميد للكلية باستخدام المخبر السري وكتّاب التقارير في جمع المعلومات عن واقع الاعتصام وشخوصه الفاعلة اضافة الى نصب كاميرات لتصويرهم للاقتصاص منهم لاحقا.
 وبعد منعه لوسائل الأعلام من تغطية الأعتصام الطلابي السلمي, استدعى قوات مكافحة الشغب الى الحرم الجامعي لأرهاب المعتصمين.
وشكّل تهديد احد معاوني العميد للطالبات بتسليم صورلهن وهن جالسات مع زملائهن في الجامعة لعشائرهن, لأبتزازهن ومنعهن من المشاركة في الاعتصام, كشفا لحقيقة قيم الفضيلة التي يتخلق بها الظلاميون المتسلطون على المؤسسات التعليمية في العراق واستعدادهم لاستخدام اكثر اساليب الضغط دناءة لفرض قيمهم وافكارهم البالية.

ان استمرار العميد المذكور في مركزه سيؤثر سلبيا على مجرى العملية التعليمية ومستوى الطلبة العلمي ومستقبلهم الدراسي. نائب رئيس لجنة التربية والتعليم في الحكومة المحلية الذي أتى لسماع مطالب الطلبة المشروعة, وحل عقبة العميد, أغلق الباب في وجوههم وابلغهم باستحالة اقالته, ثم صرح بأن وراء ما يحدث جهة واغراض سياسية, لم يفصح عنهما, رغم تأكيد الطلبة على طابع تحركهم العفوي ردا على اجراءات العميد التعسفية ضدهم والتي كان آخرها تعطيل الدوام بشكل مفاجيْ لمدة يومين بحجة عقد الجامعة لمؤتمرها العلمي السنوي سعيا منه لأضعاف زخم الأعتصام الطلابي وانهاءه.
مما يجدر ذكره بأن عميد الكلية كان قد قام باستبدال تدريسيين واداريين بآخرين من حزبه, وهذا طبعا فعل يخدم أغراضا سياسية بحتة, فضلا عن فرضه لنمط تفكيره الايديولوجي المنغلق على الشباب المتفتح .

ان تكرار التجاوزات على حقوق الطلبة والتضييق على حرياتهم في اكثر من جامعة ومؤسسة علمية وحتى على الحريات الشخصية لموظفين اداريين تابعين للوزارة, يؤشرالى نهج منظم تتبعه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة بشخص وزيرها للالتفاف على الدستور وبنوده وخصوصا المتعلقة بالحريات وتكافؤ الفرض ومحاولة فرض تقاليد متخلفة في الحياة التعليمية والجامعية منها بالخصوص.

تتمثل محاولات احزاب الاسلام السياسي في اخضاع المؤسسات العلمية لنهجها السلفي , بالانتهاك المتتابع لأستقلالية الجامعات والمعاهد وبقية المؤسسات العلمية وأسلمتها  بشكل فض مستدعين تجربة التبعيث السيئة الصيت التي مارسها النظام البائد, ثم سلب حق الطلبة في العمل المهني الديمقراطي في المدارس والجامعات ومنع نشاطهم المطلبي ومصادرة حقوقهم المهنية والشخصية.
لقد كان تصميم ممثلي طلبة كلية الهندسة على مطلبهم بأقالة عميد كليتهم في لقاء جمعهم بمحافظ البصرة ومحاولات تسويف الامر من خلال وعده لهم بحل الاشكالات, مدعاة للاعجاب, فقد جاء ردهم حاسما: حل الاشكالات تكون مع العميد الجديد ( نقطة راس السطر).

سركال-  هو احد اعوان الاقطاعي ومنفذ اوامره.                           

296
ارتكابات الزمن المرّ
احسان جواد كاظم

بعد كل ماعملناه... اعطونا "تفاحة سدوم"(1) واكتفوا يا عيني بأخذ " الجمل بما حمل"(2). تركونا في "قصر كافكا"(3) تائهين... حائرين كأننا سجناء  لوحات سلفادور دالي السريالية . عندما سألنا ممثلنا في البرلمان: "ماذا فعل سعادتكم للأربعين حرامي؟" قال: "أمطرتهم بالسباب وراحوا بالابل". بامتعاض تمتمنا:" ألم تر كيف فعلت كهرمانة باصحاب القوارير؟ .
يحكمون بالكبت والمحاصرة كما الوارثيه, الذي أعلن الجهاد على تتر العصر من بالوعة دار, وعندما عُلق على حبال جرائمه, هتف مصفقوه:" مات بابا... عاشت الحرية"(4).

حكايتنا عن بؤس الحال, وعمن كانوا " في طمطام الغفلة سابحون" (5) وانتخبوهم. كم نصحهم العقلاء:" لاتطعْ كل منّاع للخير معتدٍ أثيم, عتلٍ بعد ذلك زنيم"(6), كما لم ينفع معهم التذكير" من تبسم في وجه ظالم أو أخذ من عطائه, كتب في جملة أعوان الظلمّة"(7) ولكنهم كانوا" كالأنعام بل هم أظلّ"(8).
مشايخهم ظللوهم... رتلّوا عليهم آياتٍ ألقاها عليهم شيطانهم" أفرأيتم (التحالف والائتلاف) والثالثة الاخرى تلك الغرانيق العُلى وان شفاعتهن لتُرجى"(9)......" ورطونا بطائفية وانتخبنا الخدجيّة"  .
بعدما احتل " ديكة القن" مقاعدهم البرلمانية في " بيت المجانين " اصبح واحدهم" مضيع بابوج حلكه" كبراً, لم يكن ليتنازل ويكلف نفسه بجرد حساب لناخبيه, همسوا بأذنه: ألم تقل" هاؤم اقرأوا كتابيه,.. اني ملاقٍ حسابيه" ؟(10). لكن بعديش؟! بعد ان " وقع الفاس بالراس"؟
هاهم متمددون على أرائك النعيم, بعدما التهموا " مادرج وطار وسبح بالبحار من أطايب الطعام"(11) تمتموا وسيماء الرضا بادية على محيّاهم :" ياللروعة ! فعلا " الوطن هو أجمل الابتكارات"(12) .
ما كان لأحدٍ ليتجرأ على ايقاظ خدرهم, " فكل يحمل قارورته ويهددنا بأطلاق جني تعصبه بوجوهنا"(13)... زعق أحدهم عندما تداعت الى سمعه نأمة :" ابتعدوا عني ايها البقر! الحياة قصيرة!"(14).
ولما ضج الناس من سوء الحال وصدحت حناجرهم بالاحتجاج, سيّر" في ليلة من ليالي قلقه"(15) على شباب ساحة التحرير محسوبيه ممن " رفعهم الى أعلى الرتب بالأشارة اليهم باصبعه حسب نزوات إلهامه"(16). دقوّا على صدورهم :" نم هانئاً (يا جنرال), سوف ننتهي منهم عندما يكونون قد انتهوا".(17).
عذبّوا شاباً " كان يوزع كلامه على الناس كأنه خبز"(18) وزميلته التي تنهدت مرة قائلة : ""الليلة الماضية شممت رائحة الورد .
- لاتهتمي بذلك. مثل هذه الأشياء تحدث دائما للفقراء من أمثالنا"(19).
وعندما تصاعدت الأنتقادات لسوء الأجراءات وكذب الأتهامات و" تخلق الضحية بأخلاق الجلاد" المقبور, أحد وعاظ الحاكم " راد يكحلها عماها ", مصرحاً كما لو لعقه " ضفدع قابيل"(20) مبررا افعال سيده, انها جاءت " ليس حبا بمعاوية ولكن كرهاً لأبي تراب"(21).
                  " أجاع الله من أشبعتموه.................... وأشبع من بجوركم أُجيعا"(22)

ايام الفتنة الطائفية 2005 " اختلط حابلهم بنابلهم" وكانت " العكارب تنكط ابكل درب سمهه...وعدنة محسود التلسعة... فرد لسعة"(23) وكانت "الناس التنضح سكر...تتجرع كاس الحنظل"(24), ضحايا " وجوه تسبّح وقلوب تذبح"(25)... همنا على وجوهنا" نركب ثبج البحر, ونعتسف مغارات القفر"(26).
بالكاد توصلنا الى " شيخهم الذي علمهم السحر" مدججاً بحرسه نشكوه سوء الحال. طالبنا بثمن الحماية من الارهاب قائلا وقد جمع الأمرين" تيّه الملوك وأفعال المماليكِ"(27) : " امش(وا) في ظل ناقتي... حسبك(م) بها شرفا"(28). اكتفينا بترديد: " مولانا إنعال عليك... إن عال علينا"(29), فهمها قدر سمك دماغه. قفلنا راجعين والغضب يغلي في عروقنا, نادمين " ندامة الكُسعي"(30) فكانت شكوانا كما " شكوى الجريح الى الغربان والرخَم"(31).

اما حكومتنا العلية, فهي كما عهدناها " مثل ذيل الركة ( السلحفاة), لاتهش ولا تنش", " إيش ما تمسك إتطيغ بغكتو" كما يقول المصلاوي.(32). أحد مسؤوليها الذين " حملته امه كرهاً ووضعته كرهاً"(33) بعدما سمع ظُلامتنا بتوقنا للامان وتحسين الحال, كان " نفسو يتكعبل بالسجادة "(34) . " ختم الاله على لسان عذافِر...... ختما فليس على الكلام بقادر "(35). على مضض وعدنا خيرا وقال " أنطيكم كلام مردانة "(36).
 " حسقلها حسقيل"(37) لننتظر ونرى. أحد مرافقيه أسرنّا, بأن عدم اعطاءه التزاما كان بسبب تأخر إيميل " امرأة الفودو " التي تقرأ طالعه بالضغط على خصيتي تيس.
لم تمض ايام قليلة حتى فجر الارهاب حقده الاسود بالأبرياء, " وعاد ذئبٌ يترصدني وفوق نيوبه...... دم اخواني واقاربي وصحابي "(38).
أترانا إمتطينا صهوة الوهم؟, " للعكرب إتعنيت بيدي إلزمتها...حيل وبعد وياي, هاي الردتها"(39). هؤلاء ناس يفزعها غياب الحزن, أما حزننا, " حزنه نجمة سيّارة..... تهلهل حين ظالم ينهدم داره"(40), فنحن نمشي في ظل محبة الوطن المهدم, المنهك, الذي تختنق حواريه بالاوساخ ومحافظ مدينتنا يعقد الصفقات.
" كلشي نلكي بالزبالة
... ما لكينا جروح ذيب... نلكه بس جرح الغزالة"(41)
خطب الشيخ من على منبره, كأن " السموات مطويات بيمينه"(42), كما " كطوز مكعمز على الروشن يسبس هلبة ويشبح لوطه"(43). سلّمنا الى مالك ( خازن جهنم) وحجب عنّا رضوان ( حاجب الجنة), لكن هيهات " كلما حاولوا... سرقة الشمس مني, يفاجئهم ظلي"(44).
إربأ بنفسك يا شيخ, " توق ما تعيب!"(45). " تكول أصلي... تكول أصوم...تكول ما بطّل قيامي
بس سؤال... بس سؤالي
ليش تزعل من يسبّون الحرامي؟"(46)
ان هؤلاء ضلّوا وأضلّوا, واحدهم اذا سال ألحف واذا سُئل سوّف... يسألنا الدعم والاسناد بينما الوهن اخذ منا مأخذا, فقهناك وعرفناك! . " ما أنت نوح فتنجيني سفينته... ولا المسيح أنا أمشي على الماءِ"(47)
يترصدون بنا الغوائل, وليس منهم من يرفع " مصباح آبيل"(48) " لا بصرة لكم"... عساكم في " جحينوم"(49).

1 تفاحة طعمها مرّ.
2 مثل عربي.
3 قصر كافكا معروف بمتاهاته.
4,12,14,15,16,17,19, خريف البطريرك, مائة عام من العزلة, اجمل رجل غريق في العالم/ غابريل غارسيا ماركيز
5,8,10,33,42 آيات قرأنية
6 قرّة العين
7 سفيان الثوري
9 تشير كتب التاريخ اليها بالاية الشيطانية المحذوفة من القرآن:( أفرأيتم اللات والعزى والثالثة الأخرى, الغرانيق العلى...)
11 كتاب الف ليلة وليلة
13 كتاب وهم الأله/ دوكنز
18 الأغواء الأخير للمسيح/ كازانتزاكي
20 لعقة ضفدع قابيل تسبب الهلوسة
21قول ( ابو تراب هو علي بن ابي طالب)
22 الكميت الأسدي
23 الشاعر كاظم اسماعيل الكاطع
24 اغنية سودانية/ محمد وردي
25,26 يليق بك الأسود/ أحلام مستغانمي
27 جمعت أمرين ضاع الحزم بينهما.... تيّه الملوك وافعال المماليك/ علي بن الجهم
28 شعر غير منسوب
29 تورية كلامية
30 مثل عربي قديم والكسعي هو محارب بن قيس, ندم على كسره لقوسه ظنا منه بعدم صلاحيته للصيد, فضرب بندمه مثلا.
31 ابو الطيب المتنبي
32 ايش ما تمسك" اتطيّر بركتو"
34 باللهجة المصرية
35 شاعر من المازنيين
36 بالفارسية تعني كلام رجال
37 مثل عراقي
38 الشاعر محمد مهدي الجواهري
39 دارمي عراقي
40 الشاعر مظفر النواب
41 الشاعر سعد محسن الحسن
43 تعني: قط يجلس القرفصاء على الشباك, يدخن كثيرا وينظر للاسفل.
44 الشاعرة سميرة عزام
45 قول لعلي ابن ابي طالب
46 الشاعر عماد المطاريح
47 ابو رشيق القيرواني
48 مصباح راهب لسالك السبيل
49 كلمة عبرانية تعني وادي جينوم وهو وادٍ حول القدس يدعى اليوم بوادي الربابي/ جواد علي الطاهر, المفصل في تاريخ العرب قبل الأسلام.

          

297
احتضار المحاصصة, بارقة أمل !

احسان جواد كاظم
 
تتمنع أطراف المحاصصة الطائفية - العرقية عن الاعتراف بتهشم اسس تحالفهم النهبوي المرفوض شعبيا بين سندان مطامعهم الفئوية ومطرقة عدم الثقة فيما بينهم... فقد تم نقض لعقود وقعوها وعهود قطعوها لبعضهم البعض خارج اطار الدستور, واصبحت تعلو ولا يعلى عليها, وكان آخرها اتفاقية أربيل التي افرحت قيادات التحالف الكردستاني الحالمة باحلام اليقظة كما أفرحت قيادات الاسلام السياسي الشيعي بتسلمها سدة الحكم بعد تهميش القائمة العراقية التي مثلت حسب تقسيمهم الطائفي, السنة ثم الالتفاف على وعود رئاستها لمجلس السياسات الاستراتيجية الذي تجاوزه الزمن.
وكنا قد شهدنا صراعاتهم السياسية اللامبدئية لسنين طويلة وتفرق جمعهم التحاصصي حدّ الدعوة لاسقاط النظام من طرف او التهديد بالانفصال من طرف آخر, والتي سبقتها لعبة الانسحابات من الوزارة والعودة اليها او تجميد المشاركة في اجتماعاتها, ثم امتداد ذلك الى البرلمان ليشهد انسحاب نواب العصب المتخاصمة بالتناوب من جلسات مجلس النواب لتعطيل التصويت على هذا القانون او ذاك غير ملتفتين الى اهمية اقرارها باعتبارها تمس مستقبل البلاد ومواطنيها, كقانون اقرار الميزانية العامة . او سعيا منهم لفرض واقع سياسي آخر يتناسب مع رغباتهم ويلغي اتفاقاتهم التحاصصية, كاقرار قانون تحديد الرئاسات الذي كان نوري المالكي مستهدفا به وكذلك قانون المحكمة العليا, مما أطاح بأساس تنظيميي بالغ الاهمية قامت عليه المحاصصة, الا وهو الاتفاق المصلحي المسبق بين اطرافها على اي قانون قبل اخضاعه للتصويت في مجلس النواب, وهذا ما كان ينتظره المالكي ومجموعته لاستثماره لمصلحتهم, بتجميع قوة تصويت كافية لتمرير واقرار الميزانية العامة بدون الحاجة الى سماع اشتراطات التحالف الكردستاني وفقدانه صفة " بيضة القبان " في لعبة التوازنات السياسية ومعها ورقة ضغط رابحة.

ولابد ان يلاحظ المرأ ميّل ميزان القوى السياسي لصالح الاسلام السياسي الشيعي , لكن ضآلة الانجازات وضعف الأداء وكاهله المثقل بالفضائح السياسية والاقتصادية مضافا اليها عدم تجانس ائتلافه الحاكم المتمثل بالمواقف الانفرادية لتيار مقتدى الصدر والتزام المجلس الاسلامي الاعلى سياسة الترقب الحذر, ثم الحراك الجماهيري في مدن الانبار وصلاح الدين واطراف العراق الاخرى , كلها تتعارض مع اعتباره "الائتلاف المنتصر", رغم توفره كمجموعة وكل طرف على حدة, على امكانيات مادية هائلة وقوة عسكرية ( رسمية وميليشياوية ), اضافة الى دعم معنوي كبير من مرجعيات دينية, أخمد كثيرا من السخط الشعبي لدى بسطاء الشيعة ضد القيادات الفاشلة وحيّد أوساطا واسعة اخرى في المجتمع.

اما تصنيفهم الطائفي الآخر, السني, فهو يعاني من وهن بالغ بسبب تشرذم القائمة العراقية والاستهداف الطائفي المقيت بجريرة جرائم تنظيم القاعدة الهمجية, الذي لم يأت بما تشتهي سفن الطائفيين الشيعة, بأفرازه شريحة متطرفة من رجال دين وشيوخ عشائر, استغلت معاناة بسطاء السنة بسبب الاقصاء والعسف للصعود على اكتافهم والدعوة الى الغاء الدستور ورفض العملية السياسية. لكن لايمكن اعتبار الامور محسومة لهذه الشريحة, فلازالت القوى المدنية الحية تكافح من اجل استثمار المكاسب المنتزعة من الحكومة وتعزيزها لأرساء اصول تعامل ديمقراطية بين الحاكم والمحكوم.

لاندعي ان مجرد مغادرة نهج المحاصصة وتبني النهج البرلماني الاصح حتى تسير الامور بأنسيابية وستحقق أمانينا الوردية دفعة واحدة... فالقوى السياسية الطائفية والعرقية سيكون جزء منها في الحكم والجزء الآخر في المعارضة وسوف لن تتجرد من سلوكها السياسي بالنزوع نحو الهيمنة والاستحواذ, ولهذا يصبح ضروريا العمل بدأب لأصدار قانون ديمقراطي للاحزاب, يمنع تشكيل احزاب على أساس ديني او عرقي محض اضافة الى توفير الشروط المناسبة لأجراء انتخابات ديمقراطية والتوجه نحو ارساء نظام ديمقراطي تعددي تداولي عادل.

لقد أظهرت تجربة السنوات العشر, ان خطر المحاصصة الاكبر ليس بنهجها المصلحي واستئثار عصبة متحكمة من احزاب الاسلام السياسي -العرقي بثروات البلاد على حساب مواطنيها فقط, بل تخريبها للنسيج الاجتماعي العراقي مع سبق الاصرار والترصد ودفعها وحدة البلاد وشعبها الى هاوية التشظي, لذا وجب مكافحتها بكل عزم وقوة.


298
ما لجرح اذا أرضاكم ألم
(عن الافتراءات على زيارة وفد منظمات المجتمع المدني لمتظاهري الانبار)      
                       
احسان جواد كاظم
 
أثارت زيارة وفد منظمات المجتمع المدني لمتظاهري الانبار حنق المحسوبين على السلطة من الكتاب. حيث جرى التشكيك بدوافعها وخلط الاوراق بما يتعلق بمواقف ممثليها, رغم الخطاب الواضح والشفاف من على منصة التظاهر  الذي اكد على حق التظاهر السلمي  والتضامن مع حقوق المعتقلين الأبرياء والمحتجزين بدون مبرر والمطالبة بتنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة بدون تسويف ورفض دعوات اسقاط العملية السياسية والغاء الدستور.
وقد كيلت الاتهامات للوفد رغم علنية الزيارة وتوجهها المباشر بآرائها الى المتظاهرين اصحاب الشأن الاصليين, في حين لم ينبسوا ببنت شفة بلقاءات ممثلي السلطة او قوى سياسية اخرى,  ذهبت الى الانبار لتجتمع ببعض ممثلي المتظاهرين في قاعات مغلقة, ظهر لاحقا عدم اعتراف المتظاهرين بهم كمتحدثين باسمهم. وقد جاءت هذه الاتهامات  والانتقادات في الوقت الذي اعترفت الحكومة بجور اجراءاتها وتراجعها عنها, بسبب ضغط المتظاهرين, باطلاقها سراح الآلآف من المعتقلين وايقاف عمل المخبر السري.
 
لابد ان ما أثار حفيظة هؤلاء, هو سعي القوى المدنية والديمقراطية الجريْ في ايصال صوتها الوطني المتميز عن اصوات الطائفيين التجزيئي النشاز, ودعم واسناد الاطراف المدنية والديمقراطية في المحافظات التي اندلعت فيها المظاهرات امام تغول دور رجال الدين المتطرفين واعداء العملية السياسية.
لقد أحرجت الزيارة حقا القوى المتحاصصة في السلطة التي أوصلت العملية السياسية بسياستها الأستحواذية الطائفية من جهة والأقصائية من جهة اخرى الى هذا المنعطف الخطير, بتغذية الخطاب الطائفي لدى الجانب المقابل والتمهيد من ثمة الارض الصالحة لرجوع عصابات القاعدة وصعود نجم البعث الساقط, لأنها ( الزيارة ) طرحت النهج المدني الديمقراطي بديلا عن نهج المحاصصة الطائفية- العرقية الذي أسس لعملية سياسية عليلة أساسها خلق الازمات ونظام هش تتحكم به رغبات الحاكم وتتلاعب به رياح المتحاصصين من طائفيين وقوميين متعصبين ومجموعات عشائرية وفئوية ( التصويت على الموازنة العامة للبلاد مثالا ). فقد أثبتت سنوات حكمهم ان ديمقراطية المحاصصة التي تبنوها, لم تكن من الشعب واليه ولا حتى من أجله بل كانت بردا وسلاما على المؤلفة جيوبهم من تجار السياسة والدين.
 
تبقى المهمة الاساسية لكل حكومة, بعد تأمين حياة كريمة لمواطنيها, اطفاء الحرائق السياسية لا اشعالها واستباق الازمات بحل اسباب نشوءها لا اثارتها وحلحلة الاحتقانات الاجتماعية لا اذكائها, لهذا فان تصوير التراجع الحكومي باطلاق سراح  آلاف المعتقلين ظلما بأنه انجازا لها ومكرمة منها لأهالي المعتقلين هو بالتاكيد اصرار على استمرار الظلم.
 
ان استجداء بعض الكتاب رضا الحكام بالأساءة والتجريح للقوى المدنية والديمقراطية والانتقاص من مواقفها الوطنية الداعمة لحقوق ابناء شعبنا هو لعمري أدنى مستويات الصغار, ولأن الحديث الى الاسياد افضل من الحديث الى الاتباع فنقول مع المتنبي : ان كان سركم ما قال حاسدنا......................... فما لجرح اذا أرضاكم ألم                                                                                                                        
 


299
عندما قتل الحرس القومي عفلقا شر قتلة !

احسان جواد كاظم
 
الذكرى الخمسون لأنقلاب 8 شباط الفاشي واختطاف البعثيون للسلطة عام 1963 مناسبة لأستعادة ذكريات تلك الفترة الأليمة على قلوب العراقيين. لقد كان الحقد الاسود  يغلي في قلوب قطعان الحرس القومي ضد كل هو وطني وديمقراطي في الجمهورية الفتية. ولا زالت عالقة في ذاكرتي ( رغم صغر سني حينها –5 سنوات ) احداثا, عايشت بعضها وبعضها الآخر نقل لي من أصدقاء عايشوا تلك الحقبة السوداء من حكم البعث وتاريخ العراق.
لقد انتقم البعثيون أشد انتقام من شعبنا الذي ابغضه ورفضه, لحظة امساكهم بالسلطة, وقد تمثل انتقامهم بحمامات دم شملت مدن وقرى وقصبات العراق كلها.
لابد من ان أبدأ سرد ذكرياتي من فترة ما قبل الانقلاب التي اتسمت بصراع سياسي محتدم بين القوى الديمقراطية المدافعة عن الجمهورية الفتية وبين قوى الردة من اقطاع ورجال دين رجعيين وقوميين مهووسين اضافة الى اعضاء حلف السنتو وبالأخص بريطانيا وامريكا.
 
الحادثة التالية ذكرها لي صديق كان شاهد عيان لها, وكانت بعد محاولة البعثيين الفاشلة لأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم وتصاعد الغضب الشعبي ضدهم, قال: كان احدهم ماشيا في شارع الكفاح وسط بغداد, عندما تفاجأ بهجوم مباغت من لص ليخطف ساعته من معصمه... سرعة بديهيته جعلته يصرخ: اكمشوه عفلقي ! فتراكض الناس على السارق وحاصروه, فوقف النشّال مصعوقا, رافعا يديه, وماسكا الساعة المسروقة في يده وهو يتوسل الجمهور :" والله مو عفلقي... دخيلكم, آني نشّال".
لقد كانت سمعة عفالقة البعث في الحضيض حتى نشّال وضيع لايقبل بوضعه في خانتهم.
 
الحادثة الثانية عايشتها بنفسي. بسبب تفاقم الاوضاع في بغداد في أوج انفلات عقال اجرام قطعان الحرس القومي فيها, قرر والدي نقلنا الى بيت جدي في النجف . لا أدري , ربما كانت حكومة الانقلاب قد فرضت منع التجول في المدينة بسبب المقاومة الشعبية البطولية للانقلابيين, يومها لم يذهب احدا من الكبار الى اعمالهم, لكن تبقى لحارات النجف ودوالينها( أزقتها) عوالمها الخاصة, المنعزلة والتي تختلف عما يحدث في مركز المدينة وشوارعها العامة. كنت مع ابن الجيران مهدي نلعب في الدولان عندما تفاجأنا بشلة من الحرس القومي بنظراتهم الحاقدة وشواربهم الكثة وهم يحملون رشاشاتهم في مستوى الخصر( عرفت لاحقا بانها رشاشات بور سعيد المصرية ), صرخوا علينا فتجمدنا رعبا! وامرونا بأرشادهم الى دارنا. بيت صديقي مهدي كان هو الأقرب, فدخلوه ونحن ورائهم لنرى ما يحدث. كانت لديهم قائمة باسماء شيوعيين لألقاء القبض عليهم, وبعدما فتشوا الدار ولم يجدوا شيئا سوى صور لأخت مهدي المرحومة مائدة قيمر الكعبي مع صديقاتها النجفيات, وبدأوا يحققون معها عن أسمائهن, حتى وقعت بين ايديهم صورة اختي الكبرى رضية الناشطة في رابطة المرأة العراقية, وانا واقف اشاهد ما يدور... سألوها: أليست هذه رضية الموسوي؟ قالت: لا, انها رضية, ثم ذكرت اسما آخر... وقفت متسمرا وغمرتني الدهشة ولم أنبس بحرف.
عندما خرجوا, طرت راكضا الى بيت جدي لأقص عليهم ما حدث.
 
من ظواهر تلك الفترة التي اثرت فيّ كثيرا وبقيت محفورة في ذاكرتي, هي مشاعر حب واحترام الناس البسطاء للشيوعيين. فمما هو معروف ودارج, قيام الناس والنساء خاصة في  ليلة القدر في رمضان ( صادف حدوث الانقلاب البعثي في 14 رمضان حسب التاريخ الهجري) ب ( قرايات ) لقراءة القرآن والأدعية, وكان بيت جدي مركزا لتجمع نساء الطرف وكانت جدتي مواظبة على  عملها سنويا. كان يسمح لنا , نحن الاولاد بالحضور في هذه القرايات لصغر سننا. في تلك الاوقات العصيبة كن النسوة يفضفضن عما في قلوبهن من مكنونات ويتناقلن اخبار واسماء بنات وابناء النجف من الشيوعيين والديمقراطيين الذين اعتقلوا او الذين اعدموا على ايدي الانقلابيين, واتذكر لحد اليوم حديثهن عن احدى فضائع العفالقة الفاشست الجبانة بصب الاسمنت على احد الشيوعيين وهو حي, كما يتحدثن باعجاب عن بطولات سطرها ابناء المدينة في مقاومة الانقلابيين.
كانت قلوبهن مع الشيوعيين, يشيدن بأخلاقهم وصدقهم ودفاعهم عن المظلومين... اتذكر جيدا كيف كان نشيج بعضهن الحار يتصاعد عندما يصل الدعاء الى: اللهم ارجع كل غريب الى وطنه.
اللهم فك قيد كل اسير.
بعدها يتحول الدعاء لنصرة الشيوعيين على اعدائهم والدعاء على البعثيين بالموت وسكنى جهنم آبدين, متجاهلات فتاوى مرجعية النجف الدينية: الشيوعية كفر والحاد!
 
مما يندرج في خانة المضحك المبكي,قصة عفلق,وهو ما نقله لي ابن مدينة الديوانية صديقي العزيز الشهيد عادل تركي, الذي استشهد في غياهب الأمن العامة بعد اعتقاله عام 1979, قال: كان أهالي الديوانية قد اطلقوا اسم عفلق على احد كلاب حيّهم السائبة وكان مسعورا... يطارده الصغاربالحجارة وينهره الكبار عند اول نباح له وكان كأي كلب سائب مقيما في مزبلة الحي. تعود هذا الكلب المسكين على اسمه الجديد واخذ يستجيب لنداءات البعض لأعطائه كسرة خبز يابس او عظام هازا ذيله طربا, واصبح القائد المؤسس ميشيل عفلق موضع تندر واحتقار متجسدا في جسد الكلب عفلق.
حتى بعدما استتب الامر للبعثيين في المدينة, بقي الناس في الديوانية ينادونه بهذا الاسم الذي عرفه, بحكم العادة تارة او العناد تارة اخرى, رغم صنوف العذاب التي مارسوها ضد المواطنين لثنيهم عن مناداة الكلب بأسم قائدهم, حتى صدر الامر بقتل عفلق رميا بالرصاص, فكانت مفارز الحرس القومي تجوب المزابل بحثا عنه حتى ظفروا به وقتلوه شر قتلة.


300
عاشت تمبكتو حرة أبيّة
   
                                                                     
احسان جواد كاظم
 
أصبح الهروب الى الامام هو الممارسة السياسية الاكثر قربا الى قلوب سياسيينا, لاسيما بعد انغلاق آفاق المحاصصة ومحاولة كل جهة التنصل منها لفظيا وتحميل تبعات فشل نهجها الاطراف الاخرى, باطلاق الشعارات والتصريحات الرنانة او البعيدة عن الواقعية والتي يبغون من خلالها اثبات وجودهم على الساحة الاعلامية واقناع البسطاء من الناس بصدقيتهم.
فكم سمعنا دعوات لألغاء الدستور او اقالة رئيس الوزراء نوري المالكي والابقاء على وزارته واخيرا الغاء قوانين اجتثاث البعث و4 ارهاب واطلاق سراح كل السجناء!!! والتي لازالت الحاجة لهذه القوانين قائمة, بسبب تنامي النشاط الارهابي في البلاد وتعرض المواطنين لعمليات التفجير الارهابية والاغتيال , لكن ما أثار اهتمامي هو دعوة قيادة التيار الصدري لمريديه الى الاعداد لتظاهرة في آذار القادم, دعتها بيوم المظلوم, لدعم اهالي مدينة كويتا الباكستانية, الذين يتعرضون للهجمات الارهابية الهمجية. ورغم نبل الهدف الا ان الأولى بالتيار والذي يطرح نفسه بانه تيار المستضعفين ان يلتفت الى مواطنيه الذين يتعرضون لذات العمليات الاجرامية, يضاف اليها ارهاب الفساد ونقص الخدمات والفقر المدقع في بلد ثري, خصوصا وان للتيار وزراء في الحكومة وثلاثون نائبا في مجلس النواب لم يرى المواطن خيرهم بعد , شأنهم شأن الآخرين الذي ينتقدهم التيار بما فيهم حلفائه.
متأثرا بدعوة التيار الصدري آنفة الذكر ولأن " حلاة البيع جملة " ومن منطلق " حشر مع التيار عيد" اطلقت شعاري بتحرير تمبكتو من ربقة المجاهدين الارهابيين  واجلاء قوات التحرير الفرنسية الغازية عنها.
والله يشهد اني لا انطلق من دوافع طائفية مقيتة... فانا اصلا لا اعرف مذهب اهالي تمبكتو و لا يهمني بأي دين يدينون


301
الفضيحة الاخلاقية للمحاصصة
       

                                                       
احسان جواد كاظم
 
فضيحة بجلاجل, أماطت عنها اللثام, الاستجابة الحكومية السريعة لمطالب متظاهري الانبار وصلاح الدين والمدن الاخرى لتدارك ما قد يأتي به المجهول. فقد كشف عن وجود معتقلين ابرياء او ممن لم تثبت ادانتهم, وبشكل غير قانوني في معتقلات الحكومة, حيث شكل اطلاق سراحهم اعترافا رسميا بارتكاب جريمة سلب حريات المواطنين بدون حق وبدون ذنب ارتكبوه سوى انتماؤهم لطائفة دون اخرى.
انها فضيحة اخلاقية, احرجت احزاب الاسلام السياسي الشيعية الحاكمة واظهرت الطريقة الطائفية المتخلفة التي تجري فيها ادارة البلاد واسلوب التعامل  اللاانساني مع كرامة الانسان والاستهزاء بمصائر عائلته في خرق فض لبنود الدستور وللقوانين والاعراف الدولية الخاصة بحقوق الانسان التي وقعت عليها الحكومة العراقية.
 
وهذه المصيبة تهون فيما لو كان اطلاق سراح هؤلاء المعتقلين كان لأحقاق الحق, وليس اجراءا تكتيكيا مؤقتا لدرأ الاسوأ ,    يمكن للحكومة التراجع عنه كلما تستدعي الحاجة لذلك, فتكون المصيبة اكبر!                                                     
ومن جانب آخر فان اطلاق السراح المتعجل لارهابيين ثبت عليهم الحكم  يجرمه قانون 4 ارهاب ويكون تطبيق هذا القانون واجبا على الاطراف الحكومية التي امرت  بذلك لانها تكون مشاركة في جرمه لتسهيلها اموره.
 
مما يثير الاستغراب تصريح احد المقربين من المالكي بانهم لم يكونوا يعرفون بوجود هذا العدد من المعتقلين القابعين في سجون الحكومة بدون محاكمات . السؤال اذن من اصدر اوامر القاء القبض من القضاة على هؤلاء المعتقلين؟
ان هذا التصريح يعطي مصداقية للتأويلات المتداولة بوجود ايادي خفية توجه السياسة العامة للدولة وبخضوع الاطراف الحكومية لأملاءات اجنبية وبالخصوص من ايران.                                                                                                 
ان عدد المعتقلين الكبير المطلق سراحهم يشير الى وجود سياسة رسمية  في استهداف المواطنين على اساس طائفي وليس كما يحلو للبعض اعتبارها مجرد خروقات فردية معزولة, لذا فلابد ان لايمرهذا الخرق لحقوق المواطن العراقي بدون عقاب وبدون تدعيم القوانين التي تضمن عدم المساس بكرامته وحرياته.
ومع تتابع الفضائح السياسية لقوى السلطة يصبح اعادة النظر بالمحاصصة كنهج, ضروريا لابل محاسبة مشرعيها على الانتهاكات التي جرت تحت يافطتها والاهدار الكارثي للثروة الوطنية بسببها والوقت الضائع من مستقبل الانسان العراقي وبلاده جرائها.
وارتباطا بما يجري من تصاعد التفجيرات الارهابية واغتيال الشخصيات العامة وتوعد المجرم عزت الدوري للعراقيين بالويل والثبور فان مطالب الغاء قانونيي اجتثاث البعث و 4 ارهاب أمست غير واقعية بل ينبغي بالاحرى تشديدهما على قتلة شعبنا مع سد الثغرات التي تتسرب منها الرغبات الشريرة التي تتعرض لحريات المواطنين وامنهم الاهلي.
 
الفرصة سانحة لكل ذوي النيات الطيبة من المواطنين العاديين والمناضلين الديمقراطيين وممثلي منظمات المجتمع المدني للاصرار على صياغات جديدة للقوانين المتعلقة بالحقوق العامة والشخصية واعادة النظر بنهج المحاصصة الطائفي- العرقي البغيض ولجم القوى التي تود العودة بنا الى عهود الاستبداد والتحريم وخنق الحريات.
 
يا للمصائب كيف تعقب بعضها........................... ان راح شرير أتى اشرار 

302
اكثر ما يجيده الاسلاميون ! 
                                                                   
احسان جواد كاظم
 
اثارة النعرات, تفتييت المجتمعات وتقسيم الدول, وفي هذا المجال لايبزهم به احدا. هذا ليس تجنيا... استعرضوا البلدان التي حكموها ويحكمها اسلاميون, من ايران مرورا بافغانستان والسودان وصولا الى العراق, حتى بلدان الخليج الغنية, فلولا النفط لكانت حالتها اشبه بالصومال.
العامل المشترك بين هذه البلدان وسبب تخلفها هو برنامج حكامها السلفي الذي يستحضر الماضي بكل قيمه وامراضه ليطبقها قسرا على عالمنا المعاصر.
وفي العراق حيث استطاع التجييش الطائفي تحييد التذمر الشعبي ضد الفساد والفاسدين بعد غرق العاصمة بغداد والمدن العراقية الاخرى بعد ساعات فقط من هطول الامطار و تمكن من حرف الحراك الاجتماعي عن وجهته, حيث كان يمكن ان يكون هذا التذمر منطلقا لنشاط جماهيري يطيح بنهج المحاصصة الطائفية- العرقية, اساس كل مفسدة, وارساء نظام ديمقراطي حقيقي.
لقد باتت دعوة الاحتجاج التهكمية للمواطن العراقي وهو يتوسط مياه الامطار: "ما أوصيكم... عود  هم رجعو انتخبوهم "
 

 
قابلة للتحقق, باعادة انتخاب الفاشلين والفاسدين من احزاب السلطة وبقاء الوضع على ما هو عليه او أسوأ بصعود نماذج اكثر تعصبا وطائفية.
ان الاستقطاب الطائفي الذي حصل بعد تظاهرات الانبار وصلاح الدين وغيرها من مدن البلاد بسبب رفع شعارات طائفية ومطالب عالية السقف مع رفع اعلام النظام البائد اثارت قلق الكثير من العراقيين من ضحايا جرائمه وذويهم وطغت على المطالب الشرعية للكثير من المواطنين بالغاء التمييز الطائفي واطلاق سراح المعتقلين الابرياء ووقف التعذيب في السجون اضافة الى وقف الاعتقال العشوائي.
وقد تلقف معسكر الحكومة الطائفي هدية شيوخ الطائفية في المظاهرات بترحاب, ليخسر اصحاب الحقوق, ولتستثمره الاطراف الحكومية في تدعيم موقفها بدلا من التعامل بحكمة وعدالة بتلبية مطالب المتظاهرين المشروعة وعزل المتصيدين بالماء العكر من بعثيين وارهابيين ووصوليين, لابل تمادوا في موقفهم بتسيير مظاهرات موالية لشخص رئيس الوزراء نوري المالكي, عكست تخبطها وطبيعتها الاستعدائية., ونضحت منها شعارات طائفية اقصائية, فنعتت المالكي بانه" مختار العصر" والذي يحمل مغزى طائفيا مقيتا اضافة الى شعارات الاستعداد للانقضاض على اعداءه... كما اكد الكثير من العراقيين بان تظاهرات الموالاة اعادت التراث البعثي في تنظيم التظاهرات بزج الموظفين وطلاب المدارس  القسري فيها. كما كان التيار الصدري وهو احد شركاء المالكي في الحكم قد وصف هذه التظاهرات بالمدفوعة الثمن.
 
وماعدا شكوى متظاهرو الانبار والمحافظات الاخرى بالاقصاء والتطبيق الانتقائي لقانوني اجتثاث البعث و 4 ارهاب, باستثناء البعثيين الشيعة والتماهل في اعتقال ارهابيين منهم, فان المنصف المتنقل في شوارع العاصمة بغداد مثلا وهي مدينة لايمكن تصنيفها طائفيا, يرى بوضوح مظاهر فرض التشيع بارزة فيها... فعلى ناصية كل شارع معلقة صور لآيات الله والائمة وسياسيين شيعة معممين  واقوالهم وشعارات واعلام وحتى اسماء بعض الشوارع اتخذت اسماء  رموزهم الدينية لابل ان الدوائر الرسمية اعطيت صبغة شيعية بحتة, خصوصا في المناسبات الدينية, وما اكثرها !, اضافة الى تكريس كل امكانيات الدولة واموال المجتمع لدعم طقوس خاصة بالشيعة دون غيرهم.
ان شوارع المدن والدوائر الرسمية والدولة عموما هي ملك جميع  المواطنين.
 
 ان استنكار النائبة حنان الفتلاوي في لقاء تليفزيوني لدعوات التقليل من الغلواء بقولها: " تستكثرون علينا قولة ياحسين" مرفوض, لأن لااحد يمنعها من ذلك ولكن في مكانه المناسب وبدون فرض احتفالي لطقوسها على من لايريد ذلك بدعوى حق الاكثرية ولا باستغلال اموال مجموع العراقيين لصالح فئة منهم.
 
لقد أساء تصدر الاسلاميين لتظاهرات الانبار وصلاح الدين والمدن العراقية الاخرى الى انجاز ابناء هذه المحافظات في قصم ظهر منظمة القاعدة الارهابية في العراق, هذا الانجاز الرائع الذي لم يستطع لا الجيش الامريكي ولا العراقي ولا الميليشيات الشيعية احرازه, فقد كان انتصارا للخيار المدني ولكل العراقيين, والان يحاول الطائفيون تفريغه من مضمونه.
 
ولكن تبقى فسحة من أمل, فمقابل الزعيق الطائفي لتظاهرات هؤلاء وأولئك تعالت اصوات متظاهري مدينة الديوانية المطالبة بوأد الطائفية وتقوية اللحمة الوطنية بشعاراتهم :
 
يبقى شعبنا واحد......................... على عناد كل حاقد
 
هذا الوطن يبقى أبي ....................... ما يخضع لكل طائفي
 
شرق وغرب كلنه اخوان...........................................تجمعنا كلمة انسان
 
هذا بلدنا وهذا شعبنا........................................................... من هالفاسد ناخذ حقنه
 
 
 


303
دولة القانون... العشائري  !   
                                                         
احسان جواد كاظم
 
استفحال العشائرية وفرض قيمها البالية على المجتمع العراقي بديلا عن قانون الدولة الرسمي حدث بعد تراجع مؤسسات الدولة عن مسؤولياتها ازاء المواطن وفقدانه الثقته بهذه المؤسسات.
وفي ايام الكوارث والخيبات وعندما يتعرض كيان الدولة للخطر وتتهدد هيبتها وتضعف قوتها يتراجع الالتزام بقوانينها لتظهر مكانها قوانين وشرائع وارادات فرعية تقسيمية لتفرض نفسها. وقد شهدنا هذه الحالة عدة مرات في تاريخنا المعاصر, فمنذ نزول قوات الاحتلال البريطاني عام 1916 في البصرة وتوالي انكسارات الجيش العثماني التجأت  السلطنة الى العشائر لنجدتها... وحتى بعد استتاب الامور للمحتل البريطاني فان ادارة المندوب السامي شرعت قانون العشائر وجرى اثره توزيع اخصب الاراضي الزراعية على شيوخ العشائر لتنشأ طبقة اقطاع موالية لها و للحد من تمردها. واستمر العمل بهذا القانون ساريا طوال فترة الحكم الملكي حتى الغته حكومة ثورة 14 تموز/ 1958 واخضعت جميع العراقيين لقانون الدولة الموحد ثم شرعت قانون الاصلاح الزراعي الذي وجه ضربة قاصمة للاساس المادي للعشائرية وللاساس الطبقي الذي قام عليه النظام الملكي, الاقطاع, وعلى المتعاونين مع دولة الاحتلال.
 
ثم كان الانبعاث الجديد للعشائرية بعد اختطاف البعثيين للسلطة مرة اخرى عام 1968 وتقريب ابناء العمومة لاشغال المفاصل المهمة في الدولة لضمان الطاعة والولاء لهم ومستفيدين من تجربة شباط الاسود 1963.
 
وكان لفرض الحصار الدولي على العراق بعد فشل مغامرة النظام في احتلال الكويت ثم اندلاع انتفاضة آذار الشعبية عام 1991 ضده, جعلت النظام يعيد تقييم اوضاعه ويرتب اوراقه على ضوء فقدانه القدرة على السيطرة الفعلية على مناطق البلاد بسبب تنامي الرفض الشعبي له, والذي دفعه ذلك الى بعث العشائرية مجددا وبحدة وتلفيق شيوخ عشائريين موالين له سموا ب( شيوخ التسعينات ) في مناطق الوسط والجنوب وكردستان, يتمتعون بامتيازات وسلطات واسعة واغدق عليهم بمكرماته في المناسبات.
وقد اجبرت ظروف العوز وارهاب النظام وانتشار عصابات الجريمة المنظمة من عناصر النظام او من خارجه قد اجبرت المواطن على البحث عن ملجأ يجنبه طوارق الزمان فكانت العشيرة هي الملجأ.
 
بعد سقوط النظام عام 2003 وجدت القوى وخصوصا الاسلامية التي استلمت السلطة, الطريق ممهدا امامها بوجود شيوخ التسعينات, ومستفيدة من تجربة النظام السابق في اساليب جذبهم الى جانبها, هي التي كانت بأمس الحاجة الى ظهير يسندها, فكانوا ضالتها, لاسيما وان المنظومة القيمية البطرياركية التي تجمع بين العشائرية وافكار الاسلام السياسي متوافقة مصلحيا تماما. وقد اثبتت الاعوام الماضية  الفائدة العضوية لتحكم العامل العشائري في حياة المواطنين التي جنتها الاحزاب الدينية بالخصوص لصالح استمرار هيمنتها على المجتمع والدولة , بالرغم من تراجع الظروف والمبررات التي استوجبت  اعطاء دور مؤثر للعشائر حينها في الدولة الديمقراطية الجديدة, والمتمثلة بعجز الاجهزة الامنية لوحدها عن مواجهة ارهاب القاعدة والميليشيات الطائفية الاخرى, وللسيطرة على الوضع الامني. فقد بلغ عديد قوات الجيش والشرطة اليوم ما يقارب المليون والنصف وقد تنامت قدراتها القتالية والتسليحية كثيرا.
ولأن النظام الحالي ليس مماثلا للنظام السابق من حيث نهجه الدكتاتوري فهو يتضمن مظاهر ديمقراطية لاتنكر رغم تشويهها وهي وجود مشاركة اوسع على اساس المحاصصة الطائفية العرقية, التي ضمنت مشاركة  ( رؤساء طوائف وقوميات ) ومن بينهم شيوخ عشائر و دين في نهب موارد البلاد وليس كما كان يحدث سابقا عندما كانت كلها تذهب الى جيب الدكتاتور الفرد, لذا فقد انتفت الحاجة الى وجود دور مستقل لشيوخ العشائر.
 
كما ان استمرار التمسك بالعشائر كأدوات وبالعشائرية كقيم ينبع من حاجة القوى المتسلطة على الحكم في استخدامها في صراعاتها السياسية. وقد شهدنا استجلاب السلطة لبعض اعوانها من شيوخ العشائر لقمع متظاهري ساحة التحرير المسالمين باستعمال الآلات الجارحة والهراوات  .
وتابعنا ايضا جلسات صلح عشائري بين مسؤولين حكوميين استعاضوا بها عن اللجوء الى  المحاكم الرسمية, كما بين المفتش العام لوزارة الصحة ووزير سابق لنفس الوزارة, تبادلوا الاتهامات بالفساد واستغلال السلطة.
 
وكم من مرة جرى اطلاق سراح قتلة شعبنا من السجون ارضاءا لشيوخ عشائر, لتذهب دماء ضحاياهم الابرياء هدرا وفداءا لرغبات ومصالح اهل السلطة.
 
الزائر للعراق يسمع عجائب وغرائب عن شيوع ظاهرة" العطوات " وتحولها الى تجارة ابتزاز, ويؤكد البعض وجود ( خبراء تفاوض عشائري )  يمكن استئجارهم, لهم مقاهيهم الخاصة لاستقبال من ليس لهم ولي ولا نصير بعد ان تخلت الدولة عن مسؤولياتها القانونية لصالح تجار العطوة العشائرية.
 
ومن الامثلة التي يجعل المرء يضحك بمرارة:
صدم احدهم بسيارته الصالون سيارة دفع رباعي, ورغم تهشم مقدمة سيارته وعدم تأثر السيارة الاخرى بسبب ارتفاعها, رأى من اللياقة الاعتذار لركابها عن الحادث لكن لسوء حظه تبين ان احد ركابها شيخ عشائري وقد رد على اعتذاره :" عمي كلشي يروحلك فدوة ويهون... بس آنه اعكالي وكع !". واسقط في يد المسكين وكانت الطامة الكبرى التي هجمت بيته بسبب التعويضات الباهظة لسقوط عقال الشيخ.
 
والحكاية الثانية تشبه الخيال: عمل احدهم حديقة بيته مخزنا لبضاعة ما, والذي اصبح مع الوقت مرتعا وملجأ للجرذان... ورغم شكاوى الجيران المتعددة له الا انه لم يحفل بهم, مما اضطر احد جيرانه وضع السم لها, ثم اخبره بموت احد جرذانه, ليتفاجأ هذا الجار بعد ايام بأناس من عشيرة الجار يطالبونه بميتهم ( الجرذ ) وفرضوا العطوة اي وجوب عقد جلسة عشائرية لفض النزاع وديا والا... كلفته تعويضات ميتهم ملايين عديدة من الدنانير.
 
اكتفي بهذين المثالين ولكني انوه الى ان مراجع الدوائر الرسمية يلاحظ انتشار ظاهرة ظريفة جديدة فيها تتعلق بالتعامل الوظيفي بين الموظفين حيث استبدل التعامل الرسمي المتعارف عليه بطريقة التعامل المستخدمة في اسواقنا الشعبية. فلم تعد المناداة بين الموظفين بالاستاذ والست وانما اصبحت بعمي ابو فلان وخالة ام علاّن!!!
 
اثبتت تجارب الامم انه لايمكن بناء دولة المؤسسات التي يتمتع بها المواطن بالمساواة امام القانون باعتماد قانون عشائري تجزيئي متخلف وانما بتأكيد هيبة القانون وتعزيز قوة الاجهزة المنفذة له وتنمية الثقة الشعبية بهذه الاجهزة وبنفاذ القانون.
 
 
 
 
 
 
 

304
جيشنا – مشكلة مأسسة... تعدد ولاءات !!!  

احسان جواد كاظم
 
لايمكن للمرء ان يلوم طرفا سياسيا دون غيره من الاطراف القابضة على السلطة في ادخال البلاد والعباد في دوامة صراعاتهم على الغنائم رغم تحاصصهم.
لا يمر يوم الا ويولموننا وليمة دسمة من الازمات التي تنسحب تداعياتها على امن البلاد وسلامة المواطن ... فهم زرعوا بذرتها وقطفوا ثمارها المرّة ومن ثمة جرّعوا العراقيين الأمريّن.
نقول قطفوا ثمارها المرّة لأن حدة صراعاتهم السياسية وتهافتهم على جني الغنائم باتت تهدد توافقاتهم بالانفراط .
 
احدث الازمات فيما بينهم اثارها توقيع الحكومة الاتحادية عقودا تسليحية مع روسيا والتشيك, خصوصا حرب التصريحات بين ائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي, دولة القانون ورئاسة اقليم كردستان التي اعربت عن مخاوفها من عقد صفقات التسليح مسترجعة ذكرى الحروب الهمجية لحكومات بغداد المتعاقبة ضد الشعب الكردي بينما اعتبر الجانب الحكومي الاتحادي الاعتراض على تطوير قدرات وحداتها المسلحة غير مبررا, لاسيما بوجود تمثيل عال للاكراد في قيادات هذه القوات واستخباراتها حسب توافقات واتفاقات سابقة, اضافة الى اشتراك ممثليهم في الوفد الحكومي الذي صادق على عقود التسليح, لكنه عاد و أكد وجود رغبة دفينة وراء هذا الاعتراض لابقاء القوات المسلحة ضعيفة.
 
لقد تضافرت العقلية النفعية التي ترسم سياسات قوى المحاصصة بالسعي الامريكي في أبقاء المؤسسة العسكرية العراقية هشة, فكان الخروج من القالب الحديدى للجيش العقائدي بالخضوع لنوازع القائد الاوحد والولاء الاعمى له الى السقوط في فضفاضية الجيش التحاصصي بتعدد قادته وولاءاته.
لذا فقد استمرأ المتحكمون الجدد بالسلطة بعد سقوط الدكتاتورية وحل المؤسسة العسكرية السابقة, عملية تجميع عشوائي لأفراد الجيش والاجهزة الامنية على اساس تحاصصي يتناغم مع اهوائهم واغراضهم بعيدا عن بنائها على اساس مؤسساتي رصين خاضع للدستور ويراعي الحاجات الفعلية للبلاد على ضوء الحقائق الداخلية والتغيرات الاقليمية والدولية الراهنة.
فكان تعيين المحاسيب برتب عالية ودمج منتسبي ميليشيات طائفية وقبول افراد عشائريين بضمانات شيوخهم بغرض كسب العشائر وتطعيمه بافراد من مكونات اجتماعية اخرى رفعا للعتب مع تسلل ارهابيي القاعدة وايتام البعث الى صفوفه اضافة الى استقدام ضباط سابقين من الجيش المنحل في اطار المصالحة. هذا ما يتعلق بالتشكيلات العسكرية الاتحادية.
 
في حين جرى تحويل التشكيل الميليشياوي في الاقليم ( البيشمركه ) الى حرس للاقليم واحتفظ بتكوينه العقائدي وتبعيته الحزبية ثم استقلاليته التامة عن المنظومة العسكرية الاتحادية. فلا تستطيع وزارتي الدفاع والداخلية الاتحاديتين والتي يشارك في تكويناتها عسكريين اكراد من تحريك فصيل للبيشمركة من مكانه كما لاتستطيع القيادات العسكرية الاتحادية ارسال قواتها الى اية نقطة في الاقليم وهذا على ما اعتقد سبب عدم ادراج ميزانية البيشمركة في مفردات ميزانية البلاد الاتحادية وعدم اعتراف رئيس الوزراء بها كجزء من منظومة وزارة الدفاع.
 
ان مخاوف الكرد  مبررة كما هي مطالب الحكومة الاتحادية بوحدة القيادة والقرار في جهاز اساسي حساس في دولة موحدة, لكن تمسك هذه الاطراف بتوزيع الكراسي طائفيا وقوميا غذى هذه المخاوف والشكوك بينهم بدل الغائها. لقد اثبت نهجهم الذي فبركوه عدم ديمقراطيته, لأن الديمقراطية الحقة نقيض للاستبداد والهيمنة الفئوية وكل مظاهر الشوفينية والتعصب القومي.
 
لقد جلبت سياساتهم الفاشلة الوبال على الشعب والوطن وهم سادرون في غيهم بين مخاتل وموارب.
 
 


305
المسالة اكبر من بذرقة حجيج ! 
                                                             
احسان جواد كاظم
انقضت ازمة الحجاج الاتراك على خير باعطائهم تأشيرات سفر عراقية وغادروا اراضي البلاد, ووضحت الامور وتبين انها لم تكن بذرقة حجيج كما كان يحصل قديما عندما تدخل قبائل البدو في صراع دام على حق كل منها في حماية طرق قوافل الحجاج الذاهبة الى مكة طمعا بما تدره من اموال, سواءا بابتزاز الحجاج انفسهم او باستحصال اموال من بيت المال في عاصمة الخلافة. فالامر يتعلق عندنا بالخلاف على الصلاحيات والحقوق بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان.
واول بوادر تعقد المشكلة, حد تشكلها في ازمة سياسة وصلاحيات بين الجانبين كان بعد زيارة وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو الى كركوك بدون علم او تنسيق مسبق مع وزارة الخارجية وتصاعد النقاشات عن الجهة التي اعطته تأشيرة السفر, ان كان قد حصل عليها فعلا. فكما هو معمول به في كل دول العالم, فان لوزارة الخارجية حصرا  صلاحية اعطاء تأشيرة او حجبها عن اي شخص اجنبي.
كما ان الخلافات طالت مسألة المنافذ الحدودية وتبعيتها ومن يديرها واين تذهب عوائد الضريبة الكمركية التي ينبغي ان تحول الى الخزينة المركزية. فكل يوم تعبر الحدود العراقية آلاف الشاحنات المحملة بالبضائع وهذا يعني مئات الملايين من الدولارات سنويا ان لم يكن اكثر, حيث تصادر حكومة الاقليم هذه العوائد كما هو حاصل حاليا بدون وجه حق, رغم ان العدد الاكبر من الشاحنات تفرغ حمولاتها في العمق العراقي.
لقد كان لتغير موازين القوى بين احزاب المحاصصة الطائفية- العرقية القابضة على السلطة, واستتاب الامور نسبيا لرئيس الوزراء نوري المالكي  محفزا له للشروع بقصقصة جناح سلطات الاقليم واستعادة صلاحيات وحقوق تخص الحكومة الاتحادية , كانت  سلطات الاقليم قد استغلت ضعف قبضة الحكومة المركزية وانشغال اطرافها في الصراع الطائفي  وضعف اجهزتها الامنية واستفحال الارهاب وانتشار الفساد بين اركانها للتمدد الى مساحات اوسع من الصلاحيات وبسط النفوذ من خلال قضم الاراضي وضمها تحت جناحها مستفيدة من اجواء الاستقرار السياسي والاقتصادي النسبي في الاقليم  وتجميعها الدائب لمقومات دولة .
ويبدو تصريح البعض عن ابلاغ الادارة الامريكية حكومة الاقليم عدم دعمها لقيام دولة كردية  امرا ليس ذي تأثير حاسم امام ارادة شعب في الاستقلال,  وخصوصا وان قيادة الاقليم قد هيئت اسباب النجاح لهكذا خطوة فهي تعمل على الدخول الى الدولة الكردية من بوابة شركات النفط المتعددة الجنسية ( شركة شيفرون الامريكية وشركة اكسون موبيل كورب الاميريكية وشركة توتال الفرنسية ) التي تتمتع بجبروت مالي و نفوذ سياسي وتأثير بالغ على مصادر صنع القرار في العالم, من خلال توقيعها على عقود مشاركة سخية معها لاستغلال  الحقول النفطية في كردستان ولآماد طويلة.
ان تصاعد حرب التصريحات بين اطراف المحاصصة واتهامات بعضها البعض بالفساد والاستيلاء على الاموال العامة حد تهديدها بكشف المستور امام الشعب ثم نكوصها عن هذه التهديدات, دفعت المواطن ليفكر مليا في طبيعة الصفقات والمساومات فيما بينها ومدى قانونيتها والاجحاف الذي تسببت به لحقوقه .وتوصله الى الدواعي التي تجبر اكثر القوى تضررا من استقواء واستحواذ القوى الاقوى على الغنائم على التزام الصمت وعدم فضح ماتعرفه من تجاوزات الكبار على حقوق الوطن والمواطن, فهي رغم تضررها فانها تبقى مستفيدة من نعم المحاصصة الجلى, ان لم يكن ما يمنعها تورطها مع الآخرين في فضائع.
ان ما يهم مواطننا العراقي ليس فقط استرجاع موارد المنافذ الحدودية الى الخزينة المركزية وغيرها من موارد بلادنا الغنية في اية بقعة جغرافية منها بل كيفية استغلال هذه الثروات لفائدته ورفاهه ومنع سيطرة قلة مهيمنة على مقدراته.

306
الوضع السامي للنائب البرلماني 


احسان جواد كاظم

يصعب تصديق فحوى تصريح رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي عن وجود نقاش داخل البرلمان حول فصل النائب الكثير التغيب عن جلسات مجلس النواب, بسبب تصدع الثقة بين المواطن والكتل والتيارات السياسية المتنفذة بعد تنصلها عن وعودها التي أغدقتها عليه اثناء الحملة الانتخابية.
فقد حمل تصريحه الذي اوردته وكالة نون الخبرية يوم 9 تشرين الثاني 2012 في مضمونه عبارات تدعو للشك. حيث جاء فيه:" ان نقاشا دائرا داخل مجلس النواب يقضي بفصل النائب الذي يتغيب عن جلسات البرلمان بشكل مستمر موضحا ان ما بين 60-70 نائب يتغيب في كل جلسة للبرلمان". واضاف:" ان اغلب المتغيبين لديهم اعمال اخرى والتزامات تخص كتلهم السياسية".

اساسا, ليس من السهل تمرير هكذا قرار بأي حال من الاحوال, حتى لو صدقت النوايا, لأنه يصطدم بحقيقة وجود رؤوساء كتل برلمانية دائمي الغياب ومثل هؤلاء لايمكن فصلهم والا نكون قد دخلنا دوامة ازمة سياسية جديدة.
وكما يؤكد السيد النجيفي في تصريحه على فصل النائب المتغيب ( بشكل مستمر), القوسين من عندي, من حضور الجلسات, فهذا يعتبر حقيقة حبل نجاة لكل نائب من الفصل, فقد يكون عدد مرات غياب نائب ما كثيرة ومتكررة لكن حضوره بين الفينة والاخرى كفيل بالغاء شرط الاستمرارية في تنفيذ القرار ويضمن بقاءه في المنصب. هذا اولا, ثم انه قدم مخرجا آمنا آخر وهو وجود اعمال والتزامات اخرى للمتغيبين تخص كتلهم, وهذا لايمكن درجه في خانة الغياب فمن المفترض ابلاغ النائب الجهة المختصة في المجلس بارتباطه بالتزامات سياسية اخرى وعدم استطاعته حضور جلسة معينة مع ان هذا الامر لا يستقيم مع اولوية قسم النائب البرلماني " بخدمة الشعب ".

وكما يبدو  فان قطع مبلغ نصف مليون دينار من راتب كل نائب لايحضر جلسة برلمانية واحدة, والذي اقره المجلس سابقا ولا ندري هل فعّل حقا ام لا, لم يكن رادعا كافيا للحد من ظاهرة الغياب , لأن حجم امتيازات النائب البرلماني تتعدى لمرات عديدة قيمة النصف مليون دينار التافهة. وهذا سبب عدم اكثراثهم ( بالعقوبة ), خصوصا اذا كان للنائب مصالح ومشاريع وشركات اضافة الى مردودات نيابته للشعب.

ولا يتضمن موقع مجلس النواب العراقي معلومات  وافية عن عدد الغائبين من اعضاء ال 14 كتلة نيابية, كما يفتقد حقل حضور الاعضاء الخاص بال 26 لجنة نيابية التابعة للمجلس لأية معطيات. ويمكن ايضا تسجيل النواب حضورهم ثم التسرب الى مكاتبهم في بناية البرلمان او التجمع في الكافتيريا  وهو ما اشتكت منه رئاسة المجلس على رؤوس الاشهاد ونقلته وسائل الاعلام.
ان قرار فصل النائب المتغيب لايشكل سببا مؤرقا للكتل البرلمانية, لأنها تستطيع اللجوء الى نفس الآلية المعتمدة في تعويض المقعد البرلماني الشاغر للنائب المستوزر بحقيبة وزارية لمن يليه في التسلسل في  قائمة كتلته الانتخابية. اي يمكن لهذه الكتل تصعيد احد مرشحيها للانتخابات من غير الفائزين وشغل مكان زميله المفصول من المجلس بسبب الغياب, حتى لو كان حاصلا على صوت زوجته الانتخابي وحدها.

لقد اصبح واضحا ان نظام التعويض عن النائب المستوزر او المفصول وحتى الميت وكذلك عدم وجود نظام انضباط وغيابات لأعضاء مجلس النواب اضافة الى قانون الانتخابات الجائر والذي اكدت المحكمة العليا عدم قانونيته تشكل كلها اساس نظامنا البرلماني المشوه والذي يجهد المتحاصصون على ابقاءه ابدا. ان العمل الدؤوب على تغيير هذا القانون المجحف  مهمة آنية تتطلب تضافر جهود كل من تعز عليه قضية حرية الانسان وكرامته ورفاهه.

"فيما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية"                             سورة المائدة/ الآية 13
                                                                                                   
موقع مجلس النواب العراقي
http://www.parliament.iq/index.php?newlang=arabic


307
المنبر الحر / شعواط فسادهم
« في: 19:25 14/10/2012  »
شعواط فسادهم
   
                                                                 
احسان جواد كاظم
 
تلتهم نيران الحرائق بين فترة واخرى اطنانا من الملفات والاضابير والمستندات والوثائق,  اضافة الى بضائع ومنتجات متنوعة في اجهزة دوائر الدولة المختلفة ومخازنها.
المواطن العراقي البسيط يدرك بأن تكرار هذه الحرائق, بذات الطريقة واستهدافها لأماكن حفظ الوثائق الرسمية بالتحديد واصرار الجهات الرسمية على عدم توفير شروط سلامة مناسبة لحفظ هذه الوثائق رغم تكررها لايمكن ان يكون وراءها التماس الكهربائي, المتهم الاول الذي يحلو للمسؤولين تحميله المسؤولية, بل ان وراءها ايدي خفية من مافيا الفساد المتعرشة في اجهزة الدولة لمحو آثار تزويرها للوثائق وادلة ادانتها وسرقتها للمال العام.
وآخر الحرائق كانت  الاسبوع الماضي في وزارة النفط والتي شاركت 52 فرقة اطفاء وانقاذ ومعالجة في اخماده ولازالت التحقيقات مستمرة لمعرفة اسباب الحريق وطبيعة الاضرار الناجمة عنه.
ويكاد المرء يجزم بنتيجة التحقيقات منذ هذه اللحظة...تماس كهربائي  !
 
وكانت حرائق ( التماس الكهربائي ) قد طالت عدد كبير من دوائر الدولة ومؤسساتها كوزارة المالية وبنك الرافدين ودائرة العقود في وزارة النفط ومخازن وسايلوات ومكاتب وزارة التجارة ومذاخر ادوية ومخازن اجهزة ومعدات طبية لوزارة الصحة, كما أتت الحرائق على ملفات ادانة لمجرمين في وزارة الداخلية وسندات ملكية عقارية في الدوائر العقارية ومستندات استيراد وتصدير وتقييس نوعية في كمارك البصرة والنجف وغيرها.
ويظهر جليا بان التماس الكهربائي يرتبط برباط لاينفصم مع مافيا الفساد والذي يتصاعد اوار نيرانه حالما تسرب معلومة لهم عن زيارة محتملة لأجهزة الرقابة الحكومية والبرلمانية لمؤسساتهم ليشرعوا في عمل الواجب والمتهم جاهز: ( التماس الكهربائي ) والذي يعجز اكثر قضاة المحاكم حزما عن ادانته وتذهب بذلك اموال المواطنين هباءا منثورا في جيوب الحرامية.
أصابع الاتهام تشير غالبا الى المجموعة السياسية المتنفذة في السلطة وطريقة تحاصصها على المناصب وتوزيع المراكز الادارية حد اصغر موظف في مؤسسات الدولة. لذلك فهم لايتحملون اية مسائلة تطالهم. ولطالما تعرض منتسبي اجهزة الرقابة الحكومية والبرلمانية للقتل او التهديد به لأخضاعهم لمشيئتهم الدنيئة, وهذا بالطبع ينعكس على طبيعة عمل هذه الاجهزة وجدواه المتمثلة بكشف الفساد وتقديم الفاسدين الى العدالة واسترداد الاموال المنهوبة الى خزينة الدولة, لهذا لم تستطع هذه الاجهزة  كشف ملفات فساد ذي شأن.
 
الرأي العام العراقي ينظر بتشاؤم الى جدية خطوات الجهات الرسمية في مكافحة الفساد, فقد تابع باهتمام مهرجانات الاستجواب في مجلس النواب لبعض المسؤولين الحكوميين والذي ينخر الفساد دوائرهم والذي لم يسفر عن شيْ باتجاه تقويم أداء هذه الدوائر لخدمة المواطن وحفظ حقوقه.
 
شعواط حرائقهم يزكم الانوف ولابد من ان يأتي اليوم الذي يقدم  فيه الفاسدين الى القضاء لنيل جزائهم العادل فالمواطنون يعرفون, كما قال الشاعر الشهيد رحيم المالكي : " منهو الباكنة...
 ومنهو اليوميلة "


308
صنوان مهدا لعملية الهروب الكبرى

احسان جواد كاظم
 
استبق الفاسدون اقرار السياسيين لقانون العفو عن السجناء وهرّبوا 120 سجينا بينهم 74 محكوما بالاعدام من ذباحين وقتلة من سجن تكريت. في الوقت الذي لم يعد تهريب اعتى المجرمين من ارهابيي القاعدة والميليشيات الطائفية " عادة غريبة " بل اكثر من طبيعية. فقد حدث ذلك في سجن الموصل وسجن القصور الرئاسية في البصرة وسجن المطار ومراكز توقيف الناصرية والسماوة ومدن عراقية اخرى, ورغم تشكيل لجان تحقيقية متعددة بهذا الشأن الا ان نتائجها لم تر النور ابدا, كما اصبحت تصريحات المسؤولين الامنيين عن السيطرة على الوضع الامني اشبه بنكتة سمجة لاتضحك احدا.
 
ولا يخجل سياسيونا من الاعتراف بقيادتهم لأجهزة شرطة واستخبارات وقوات عسكرية مخترقة, تعبث بها ارادات الارهابيين والبعثيين ومافيا الطوائف, بتسريب خططها الامنية ومساعيها للقبض على عتاة المجرمين.
كما ان ادعاءاتهم بالشروع بتنظيف هذه الاجهزة من العناصر السيئة والطارئة  كانت للاستهلاك الاعلامي ليس الا, فلم يشهد المواطن تغييرا في عملها او سلوكها اتجاهه .
 
وبالاضافة لما اشار اليه الكثير من الكتاب بصواب, الى الفساد المستشري في اجهزة الجيش والشرطة كسبب مباشر لتهريب قتلة من السجون ارتكبوا مجازر مروعة بحق العراقيين, يستحق كل منهم حكم الاعدام مئة مرة, والتي استنزفت عملية اعتقالهم جهودا مضنية واموالا كبيرة,  فاني ارى بان المحاصصة الطائفية- العرقية كانت صنوا اصيلا للفساد, فقد كان الفساد ضاربا اطنابه في اساس نظام الدكتاتورية البائد, لكن لم  يكن بالامكان افلات اي سجين من تحت قبضته, كما هو حاصل الآن.
فالمحاصصة الطائفية- العرقية  كانت اساسا لأعادة بناء الجيش والشرطة بعد التغيير عام 2003 بتعيين ودمج ارهابيين ومنتسبي ميليشيات ومقربين واعطائهم رتب عسكرية, ثم تسليمهم مفاصل مهمة من المفاصل المتعلقة بأمن المواطن وحياته في مفارقة غريبة لايمكن لعاقل استيعابها.
وعلى نفس الشاكلة, لا يستبعد خضوع عمليات تهريب القتلة من السجون الى ضوابط تحاصصية متبادلة.
 
ولا غرابة ان نسمع بان مجموعة ارهابية مرتبطة بجهة سياسية متنفذة قامت باعتقال او تصفية شخص ما, بملابس واسلحة وسيارات تابعة للدولة او ضبط مسدسات كاتمة للصوت لدى ضباط في وزارة الداخلية وهو سلاح غير شرعي لايمكن لمنتسبي اية اجهزة امنية حكومية حمله, لأنها ببساطة اسلحة تستخدم للقتل غيلة وهو ما يتعارض مع طبيعة العمل الشرطوي المقيد بالقوانين والخاضع للانظمة التي توجب السهر على أمن وسلامة وممتلكات المواطن لا تهديده.
 
لذا فان الفساد والمحاصصة الطائفية- العرقية هما صنوان متلازمان في كل ما يحدث في بلادنا من مصائب, المحاصصة كنهج والفساد كميكانيكية لتطبيقها.
 
ان الخروج بالقوات المسلحة من اسار المحاصصة , باعتبارها مؤسسة وطنية لاحزبية يكون باعادة العمل بالخدمة الالزامية والاختيار الموضوعي لمرشحي الكليات العسكرية و المتعاقدين لسنوات محددة( التطوع) وصنوف اختصاصية, وحسب ما هو معمول به في بلدان العالم.
 
اما بالنسبة الى المرتشين من مهربي السجناء ومن يقف من وراءهم من السياسيين (اشار النائب عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي الى ان: "دولة القانون ستعرض الوثائق التي تثبت تورط السياسيين بعملية التهريب" ) فينبغي سن قوانين رادعة تحملهم المسؤولية عن كل عملية اجرامية يرتكبها الهارب باعتباره مشارك وليس متعاون على ارتكابها اضافة طبعا الى تبعات عدم ادائه لواجبه الرسمي اثناء هروب المجرمين وعندما تثبت التحقيقات تعاونه او تماهله في منعها.
 
اثبتت المحاصصة مرة اخرى بانها ليست فقط ضد حرية المواطنين وحقوقهم بل انها تهديد حقيقي لحياتهم ومستقبل اطفالهم.
 
" أعجل الاشياء عقوبة البغي" .   حديث نبوي
 


309
حل الازمة السياسية بين عصا جلال الطالباني وطيبة احمد طيب اردوغان

احسان جواد كاظم
   
شكّل غياب رئيس الجمهورية جلال الطالباني في رحلته العلاجية مسوغا لسياسيينا لتأجيل جميع الخطط السياسية للخروج من المأزق الذي دخلته العملية السياسية في بلادنا. فلم يتقدموا قيد انملة من التهيئة لما يسمى اللقاء الوطني ولا ناقشوا ورقة الاصلاح التي جرى التطبيل لها طويلا, فالتسويف والتأجيل شرعتهم وانتظروا عودة الرئيس .
بداية ومنعا للالتباس فاشارتي الى عصاه في العنوان اعلاه لاتعني والعياذ بالله امكانية سوقه لهم سوقا للجلوس معا لايجاد الحلول لمشاكل الناس اليومية بل الى ظن بعضهم بتمتعه بتأثير خاص وقدرة على جمع المتزاحمين بالمناكب على جني المغانم بتلويحة عصا مع انه ليس بموسى ولا لعصاه سحرا, لابل انه بحكم تجربته السياسية الطويلة وعلاقته التاريخية بهم,ويأسه منهم, ردهم قائلا:" لاوصفة عندي لحل الازمة في البلاد".

اما ما يتعلق بدعوة رئيس الوزراء التركي احمد طيب اردوغان لأحدى عشر شخصية سياسية عراقية من متصدري الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد, ضمنها الرئاسات الثلاث ورئاسة الاقليم اضافة الى اياد علاوي ومقتدى الصدر وعمار الحكيم وغيرهم, كما جاء بالاخبار, للمشاركة في الاحتفال الرسمي بذكرى تأسيس حزبه حزب العدالة والتنمية, فان وراءها على مايبدو محاولة ابوية تركية حانية لجمع شمل الكتل والقوى المتصارعة ومساعدتها على التوصل الى حل.

مبادرة اردوغان الطيبة هذه عزاها البعض الى حاجته الى انجاز على مستوى اقليمي بعد فشله في تحقيق نتائج مشجعة في الملف السوري بينما عزاها البعض الآخر الى براغماتيته المعهودة التي يتحلى بها في تعامله السياسي اليومي. فرغم التوتر البادي في العلاقات السياسية بين البلدين اثر تصريحات ومواقف تركية بعضها يتعلق بنائب رئيس الجمهورية العراقي الهارب لديهم والمحكوم بالاعدام غيابيا بتهمة الارهاب, آثر اردوغان تخطي هذه العقبات وتلافي ما ستفسر عنه تهديدات صريحة اطلقها وزير التجارة العراقي خير الله بابكر ب:" قطع التعاملات التجارية مع تركيا اذا استمرت في منع العراق من الحصول على حصته المائية كاملة من نهري دجلة والفرات". واصلاح ما يمكن اصلاحه.

اضافة الى انها مناسبة ملائمة لجمعهم بنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي لايزال يتمتع براتب وامتيازات نائب رئيس جمهورية ( حسبما صرح احد نواب المجلس) رغم ادانته قضائيا وبالتالي فانه لايزال يشغل هذا المنصب رسميا تبعا لاتفاقات المحاصصة السارية.

ربما كان رئيس الوزراء نوري المالكي باعتذاره عن قبول الدعوة متنبها لما تخبأه الطيبة الاردوغانية ومفاجأة رؤية نفسه وجها لوجه مع نائب الرئيس المدان وتحت سقف واحد وما يشكل ذلك له من احراج سياسي في الشارع العراقي, مع العلم بان ما من احد من المدعوين العراقيين يرفض صراحة اللقاء بالهاشمي عدا المالكي , وهم على كل حال مدعوون الى تركيا بصفاتهم الحزبية كرؤساء لأحزاب وتحالفات وتيارات وليس بصفاتهم الرسمية, لمن يشغل وظيفة رسمية في الدولة, وبذلك لايخضع وجودهم لشروط التعامل الدبلوماسي المعمول بها دوليا.

المصالحة, ان كانت بعصا طالبانية او طيبة اردوغانية لن يكون همها صالح وخدمة المواطنين بل تثبيت مواقعهم وزيادة امتيازاتهم, ورغم ما يبدو من تنافرهم فهم يغلون في قدر واحد" المحاصصة الطائفية العرقية".


310
عن شرعية تشبثهم بالسلطة ومشروعية سياساتهم
   
                                             
احسان جواد كاظم
 
تتكشف كل يوم حقائق جديدة متعلقة بمديات التزوير الواسعة التي رافقت الانتخابات البرلمانية الاخيرة والتي جاءت بالتركيبة النيابية والوزارية الحالية. فهي تضفي المزيد من عدم شرعية احتلالهم للمقاعد النيابية والحقائب الوزارية بل لمجموع الجهاز الاداري في الدولة القائم على نهج التحاصص البغيض.
 
ولقد تساقطت دعاوى, انتخاب الناس لهم, والتي طالما شهروها بوجه كل من ينتقد سياساتهم الخرقاء, كما اوراق الخريف.
فما عدا اعتماد القوائم المتنفذة الممارسات اللاشرعية واللااخلاقية في الصراع الانتخابي باستخدام الاكراه واستغلال المال
العام والوسائط والمقار الحكومية ومنابر الجوامع مع فتاوى مرجعيات دينية والتكفير والتخوين واحتكار وسائل الاعلام التابعة للدولة من فضائيات وصحافة لدعاياتهم الانتخابية ومجانا, فانهم كذلك فصلوا قانونا انتخابيا جائرا  على مقاسهم يسطو على اصوات ناخبي القوائم الاخرى ويحولها لحسابهم وهو ما انتج برلمانا كسيحا لايتعدى عدد نوابه المنتخبين فعليا من قبل الناخبين ال 30 نائبا فقط, اما بقية ال 325 منهم فقد جلسوا على مقاعدهم النيابية بفضل الاصوات المسروقة من القوائم الاخرى او من فضلات عدد اصوات زملائهم الفائزين الفائضة .
ولا يخفى على احد بان هذا العامل, قانون الانتخابات الجائر كان له دورا رئيسيا في فوزهم الانتخابي المزعوم.
 
وقد قدمت منظمات المجتمع المدني حينها اعتراضا لدى المحكمة العليا على طريقة احتساب الاصوات المعتمدة في القانون واقرت المحكمة عدم شرعية القانون وتعارضه مع الدستور لكنها قامت رغم ذلك بالتصديق على نتائج الانتخابات, في سابقة خطيرة لم يشهدها القضاء العراقي في تاريخه.
كما ان كشف احد موظفي المفوضية العليا للانتخابات عن حصول تزوير واسع قامت به القائمة العراقية, قائمة اياد علاوي, ثم اتفاق رئاسة المفوضية وممثلي الامم المتحدة المشرفين على الانتخابات وقائمة الائتلاف الوطني قائمة رئيس الوزراء نوري المالكي وسلطات الاحتلال الامريكي على حل المشكلة بتعويض قائمة رئيس الوزراء باضافة نفس عدد الاصوات المزورة الى اصوات قائمته الفعلية, اوضح مدى التآمر الجماعي على ارادة الناخب العراقي والذي افقد العملية الانتخابية شرعيتها القانونية.
وحتى الشرعية الدينية التي طالما ترنموا بها وتعكزوا عليها, سحبتها عنهم بعض المرجعيات الشيعية التي تحترم نفسها.
 
كما لايستبعد الكثير من المتابعين للشأن العراقي والعارفين بما يدور في الكواليس , قيام هذه الكتل والتيارات باوسع عملية تخريب للنفوس في اكبر عملية شراء ذمم. فقد صرح وزير التجارة: " باكتشاف مليوني بطاقة تموينية مزورة" زورت قبل الانتخابات مباشرة يتوقع استعمال قسم كبير منها في رشوة ناخبين لصالحهم.
ولابد ان يكون التنصل عن الوعود الانتخابية وهزال المنتج البرلماني والفشل الحكومي في تقديم الحلول لمشاكل المواطنين المستفحلة, كلها مجموعة وكل لوحدها, مبررا كافيا لسحب الشرعية المجتمعية عنهم.
 
لكنهم مستمرون على سياسة خلق الازمات والتهرب من الاستحقاقات وتعقيد الاوضاع وترك الحبل على الغارب للارهاب والفساد مع محاصرة كل مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية المطمئنة بالهجوم على الحريات وتقويضها في توافق تام مع اكثر الجهات السلفية رجعية وتخلفا.
 
لقد كانت اول آياتهم" المحاصصة" كفرا. ووجودهم غير الشرعي في مسؤولياتهم الحالية ومايفعلونه يمكن اعتبارها انقلابا سافرا بكل معنى الكلمة على الديمقراطية نهجا وفلسفة وادوات.
 
لقد بقي المواطن العراقي في عهدهم كما في عهد وارثيه المقبور بين حافرها ونعلها!



311
حجب الحريات وسفور ايديولوجيا الاقصاء

                                             
احسان جواد كاظم
 
كما دلق حبر اسود على ورق نشّاف ابيض, يواصلون قضم مساحات جديدة لمد سلطانهم وتكريس نمط حياة واحد اوحد لاينتمي لروح العصر, بفرض الحجاب وكأنه ركن من اركان الاسلام لايستقيم بنيانه الا به... بتكفين النساء بالسواد وهن احياء.
فالقرارات الاخيرة المتعلقة بمنع غير المحجبات من دخول مدينة الكاظمية لاتستند الى اساس دستوري او قانوني قط بل هي تتناقض معهما.
فالمادة 10 من الدستور العراقي تنص على " ان العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية, وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها, وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها".
 اي ان قدسية هذه الاماكن محددة داخل اسوارها,  لكنهم " يبغونها عوجا"* فقد ارتأت الحكومة المحلية لمحافظة بغداد شمول المناطق المحيطة لهذه الاماكن بالقدسية, وعلى هواها.
 وكان رئيس لجنة الاوقاف النيابية علي العلاق قد صرح ل" شفق نيوز ": "ان الحكومة المحلية لمحافظة بغداد اتخذت قرارا طبقا للصلاحيات المعطاة لها بمنع دخول السافرات الى المنطقة المحيطة بالامام  موسى الكاظم, كون مدينة الكاظمية مدينة مقدسة".
ولا نعرف هل حماسة السيد النائب في البرلمان العراقي لفرض الحجاب ام جهله بالمضمون الحقيقي لبنود الدستور جعلته يوسع مجال القدسية ولم يكتفي بالمناطق المحيطة ويصرح: " ان الدستور العراقي في المادة 10 والمادة 43 اعتبر ان المدن المقدسة ( لاحظوا المدن المقدسة اكرر المدن المقدسة وليس العتبات المقدسة والمقامات الدينية كما جاء في الصيغة الاصلية للدستور ) هي كيانات مقدسة دينية تحترم وتراعى وعلى الدولة ان تراعي حرمتها".
وتناغم مع هذا الطرح أمر احد الضباط الكبار, الذي لابد وان يكون ممن يصلون وراء من غلب , والذي ازعجه رؤية سيدة سافرة تتبضع في اسواق الكاظمية, بمنع السافرات من دخول المدينة عموما لنفس السبب... قدسيتها.
 
ولاندري لماذا استند السيد عضو مجلس النواب الى المادة 43 من الدستور التي تنص على :" أولا :اتباع كل دين او مذهب احرار في أ- ممارسة الشعائر الدينية , بما فيها الشعائر الحسينية.
ب – ادارة الاوقاف وشؤونها ومؤسساتها الدينية, وينظم ذلك بقانون.
ثانيا : تكفل الدولة حرية العبادة وحماية اماكنها,
فالسفور ليس ضد حرية العبادة وممارسة الشعائر ولا يشكلن السافرات خطرا على العتبات الدينية والذي يستدعي تدخل الدولة لحمايتها منهن.
والقدسية التي يسعون لفرضها على مدن معينة, بكل ماتحويه هذه المدن من تناقضات ,هي ضرب من ضروب التأسيس لوثنية جديدة. وقد ثلمتها ممارسات رجال دين قبل غيرهم, فقد تداولت مواقع الانترنيت مشاهد تعذيب رجال أمن عراقيين لشابة, احدى  ضحايا رجل دين, محجبة  من اخمص  قدميها الى قمة رأسها, قتلته بعد ان تنكر لوعوده لها بالزواج وبعد ان نال من عفتها ثم رماها لمصير مجهول. ( انظروا مقالنا" من هي الضحية... ضاعت علينا القضية !).
 
ان استثارتهم بمجرد وجود امرأة سافرة او حتى شاب ببنطال قصير تعني بالتأكيد ان تدينهم وورعهم زائف وما هو الا مظهر مرآئي غرضه التغرير بالبسطاء من المواطنين بينما هم حقيقة يتفجرون شبقا مرضيا .
 
لقد كان لفوضى الصلاحيات والمسؤوليات في ظل غياب القانون وهشاشة البناء المؤسساتي للدولة دوره في جعل كل من هب ودب ادعاء حيازته على السلطات وجلد المواطن بقرارات قرقوشية استبدادية... فقرارات الحكومة المحلية, اية حكومة محلية لاترقى الى مستوى قانون لاسيما اذا تعلق بالحريات العامة والشخصية وليس بتنظيم الحياة الادارية في المحافظة وتقديم الخدمات . والدستور وبنوده اهم واعلى من اي قرار او قانون, هذا طبعا في الدول الديمقراطية والتي يفترض ان العراق احدها.
وفي الوقت الذي يجري رفع لافتات ,لايعرف من وراءها, في مدخل مدينة الكاظمية وقرب السيطرات الحكومية ترحب بالقرار الحكومي القاضي بمنع غير المحجبات من دخول المدينة, تقوم جهات حكومية بمنع رفع لافتات تدين تجاهل القوى المتنفذة في السلطة لقرار المحكمة العليا ببطلان قانون الانتخابات الجائر الذي سطى على اصوات الناخبين وحولها لصالح قوى المحاصصة الفاسدة.
وقد اصبح واضحا  ان اثارة هذه الدعوات بين وقت وآخر ما هو الا للفلت الانظار عن فشل حكومة المحاصصة في تطمين ابسط الحاجات المعيشية للمواطنين وهي اضافة جديدة الى سجل حافل من ممارسات واجراءات الحد من الحريات والتدخل في الشؤون الشخصية والتي كفلها الدستور.
 
وقد قالها الامام الصادق بحقهم:" لاتغتروا بصلاتهم وصيامهم, بل اختبروهم بصدق الحديث واداء الامانة".
اختبرناهم وحصلوا على أعلى درجات الفشل... صفر.
 
* آية قرآنية


312
عضني من علباتي... عضيته من اذانه !

احسان جواد كاظم
 
كأننا نشهد لعبة مملة في حلبة مصارعة بين رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني وبعدما اصبحت شخصنة الصراع بينهما واقعا. فكل منهما يسعى لتسجيل نقطة لصالحه على حساب الآخر واللجوء الى مختلف المسكات القانونية وغير القانونية وهما يتصوران خطأ بان الحكم ( في حالتنا هذه ابناء شعبنا ) غافل عن تحايلهما.
فبعد ان بدأ نوري المالكي مغادرة شروط التحاصص السابقة مع البارازاني وبقية الفرقاء السياسيين, والتي مهدت لتسنمه لرئاسة الوزراء وتوجهه لفرض شروط جديدة لها حتى تعقدت الامور وتصاعدت حرب التصريحات النارية بينهما.
وقد بدا البارازاني متعثرا في خطواته وردود فعله المنفعلة   والتي غالبا ما تكون لغير صالحه. فمنذ عقد المالكي لأجتماع مجلس الوزراء في كركوك, وهو اجراء طبيعي ولا يتقاطع مع القانون او الدستور وحاز على اثره على تأييد فعاليات كركوك الشعبية من العرب والتركمان وغيرها, حتى بدأ البارازاني يتحين الفرص لرد الصاع صاعين, فكانت دعوته لوزير خارجية تركيا احمد اوغلو لزيارة اربيل بدون علم وزارة الخارجية, كما اعلن, ثم تجول الضيف في مدينة كركوك, حيث عدّ ذلك تجاوزا لحدود صلاحياته كرئيس للاقليم. وهي استهانة بالغة بهيبة الحكومة الاتحادية التي يشترك بها بوزراء, ومحاولة لتوسيع شقة الخلافات بين بغداد وانقرة... لكن رغم كل ذلك فقد جاءت زيارة اوغلو لكركوك على غير ما تشتهي سفن البارازاني. فقد صرح اوغلو بانه يدعم"بقاء كركوك رمزا للتعايش بين مكونات العراق" وهو تأكيد على الموقف الرسمي التركي الرافض لدمجها بأقليم كردستان وهوما يطالب به الاكراد.
 
كما ان منع وحدات الجيش الاتحادي من التمركز على الحدود مع سوريا على هامش الاحداث فيها وتزامنها مع تدريب قوات البيشمركه التابعة له لأكراد سوريين وارسالهم اليها, خلقت مشكلة مركبة جديدة. فمن جانب صادر البارازاني حقا ليس له, فمهمة حماية الحدود هي من مهام الجيش الاتحادي اضافة الى ان تدخل الاقليم في شؤون بلد آخر يتناقض مع موقف الدولة الرسمي المحايد, يعتبر خرقا دستوريا آخر سيوظفه المالكي بالتأكيد لصالحه.
 
لم تستطع المحاصصة , كما كان متوقعا, من تجنيبهما الوقوع في المشاكل ناهيك عن حلها لاسيما وانهما يبتعدان عن انتهاج الاسلوب الحضاري لحل الاشكالات بين مؤسسات واطراف اية دولة باللجوء الى المحكمة الاتحادية لتفض الاشتباك. فكلاهما لايحترمها ولايحترم  قراراتها. المالكي بتدخله في قراراتها ونقضه لبعضها ( فضيحة وزير التجارة السابق فلاح السوداني مثالا ). والبارازاني الذي عبر عن عدم ثقته بالقضاء العراقي اثناء استضافته للمتهم بالارهاب طارق الهاشمي, رغم ان القضاء كما كل ( الهيئات المستقلة ) قد خضعت لتحاصصهما.
 وبالتوازي مع كل ما مر من عدم احترام الدستور والقانون, اعرب البارازاني عن استعداده للمثول امام مجلس النواب وغمره بسيل من المديح مع انه اتعس من برلمانات العهد الملكي في ادائه وانجازاته واخلاق اغلبية نوابه. فقد تمرد قبل ايام بصلافة بالغة على الدستور وقرار المحكمة الاتحادية الذي جرّم مصادرة اصوات الاطراف الخاسرة وتحويلها لصالح الكتل السياسية الكبيرة في قانون الانتخابات الحالي الجائر, حيث صوّت نواب الكتل المتنفذة لصالح الابقاء على هذا البند غير القانوني فيه.
 
يمكن للمالكي ان يرقص فرحا لتشبيه احدهم له بالزعيم عبد الكريم قاسم الذي انصف الفقراء بقانون الاصلاح الزراعي وتصنيع البلاد وبناء المساكن الشعبية للفقراء ( مدينة الثورة ) وغيرها من انجازات الثورة مقابل عجزه عن حل مشكلة الكهرباء الذي يتباهى امامه مسعود البارازاني بتوفرها في مدن الاقليم.
 
كما يحق للبارازاني سعيه ليصبح بطلا قوميا وايجاد مكان له على سلم المجد الى جانب قاضي محمد رئيس جمهورية مهاباد الكردية لكن لايحق له وضع مصير البلاد في مهب الريح بتجزأة حقوق المواطنين وتدريب ميليشيات اجنبية وخرق الدستور خدمة لهذه المطامع الشخصية.
 
قد يختلف المالكي مع البارازاني حد تهديدهما باللجوء الى القوة والتضحية بأفراد من مأموريهم الا انهما متفقان تماما بشأن اعادة تشكيل مفوضية الانتخابات تحاصصيا وتحدي قرار المحكمة الاتحادية والدستور حول قانون الانتخابات الجائر ورفضهما تشريع قانون ديمقراطي للاحزاب.
 
كلآهما يفتقدان للمصداقية, لذا ينبغي على كل ذوي النوايا الطيبة في بلادنا على العمل على منع ربط مصير البلاد بمصيرهما وبنزعاتهما الشخصية الانانية.
 
*علباتي – تعني قفا اي مؤخرة الرقبة


313
مبادرات نوعية ... تردد مجتمعي

احسان جواد كاظم
 
لا ابغي وصف حالة منعزلة بل عرض فعل خلاق مصدره حركة تمور في رحم مجتمعنا الذي يبدو ساكنا ومحكوما بثقافة اللامبالاة  ( آنة شعلية ! ) وثقافة الاتكال والتبرير ( ميخلوه – المسؤول – يشتغل ).
وفي الوقت الذي يزدحم فيه سياسيون ورجال دين وميليشيات مافيوية مقدسة على غنائم السلطة دون تطمين شؤون المواطن, ينبري مواطنون عاديون تعتمر قلوبهم بحب الوطن وتعتصرها ما آل اليه مصير مواطنيهم من عوز وفقر وتخلف, على اخذ زمام المبادرة بعد تنصل المسؤولين الحكوميين عن مهامهم, وعمل ما باستطاعتهم في خدمة المواطن...فكانت  مبادراتهم الخلاقة التي قد تعطي املا لمن تسلل الى لاوعيه  وهم ان عراقنا قد انتهى وسوف لاتقوم له قائمة بعد ان استفردت به عصبة من العرجاء والجرباء والمتردية من سياسييه.
فمنذ سقوط نظام الدكتاتورية البائد عام 2003 دأب الدكتور مزاحم مال الله بتجرد ونكران ذات على تقديم المساعدة لأبناء شعبنا من خلال " العيادة الشيوعية " مع ثلة طيبة من مساعديه, وهو لم ينتظر الفقراء ليأتوه بل ذهب اليهم... الى احيائهم البائسة متحديا الظروف الامنية الصعبة والذبح الطائفي, ليقدم لهم المشورة والعلاج حسب الامكانيات المتوفرة.
ريادة الدكتور مال الله في رفض الواقع المر واصراره على تقديم كل ما يستطيع من جهد ومعرفة وتحديه صروف الموت المتربصة, دفعه اليها سمو اخلاقه ومبادئه  وانحيازه لفقراء شعبه.
لابد من اعتبار هذا الانسان الشجاع والحساس بطلا وطنيا, لتحليه باعلى درجات الانسانية والمسؤولية , و يستحق ان يشرف بارفع وسام وطني.
الومضة المشرقة الاخرى , اطلقتها في سماء بلادنا الحالكة نخبة من الشباب العراقي باسم " انا اقرأ... انا عراقي " يوم 8/9/2012 تزامنا مع اليوم العالمي للقراءة بعد تراجع الاهتمام العام بالكتاب والثقافة في بلادنا التي كانت رائدة في مجال انتاج مختلف اشكال الثقافة واستهلاكها.
المبادرة الثالثة التي تدعو للاعتزاز حقا هي تنادي مواطنين لانتشال عاصمتنا الحبيبة بغداد من واقعها المأساوي الحالي بعد تصنيفها كأسوأ ثالث مدينة في العالم بعد مدينتي بانغوي ( جمهورية افريقيا الوسطى ) ونجامينا (عاصمة تشاد ), اسموا مبادرتهم  "معا لنخسر السباق " لمنع انحدارها وحصولها على الكأس الذهبي كأسوأ مدينة في العالم .
 
مع ان اختلاف مبادرة الدكتور مال الله عن الاخريين من حيث الجوهر باعتبارها اجرائية تستهدف تقديم العلاج للمواطن وهما توعويتان فان العامل المشترك بين كل هذه المبادرات هي اهدافها النبيلة المتمثلة بخدمة المواطن ورفعته وتأمين افضل الظروف المعيشية له وهي تتوجه لكل العراقيين بدون تمييز. وبينما تشمل خدمات الدكتور مال الله الجليلة رقعة جغرافية محددة ببغداد وضواحيها بسبب محدودية الامكانيات, فان  المبادرتين الاخريين تسعى للتبشير باهدافهما على نطاق اوسع من خلال التوعية بنشرالبوسترات والمنشورات وعن طريق الفيس بووك وتحشيد القوى  ليأخذ المواطن اموره بيديه وكذلك لتشكيل قوة ضغط على  الاجهزة المختصة.
تقابل هذه المبادرات بتجاهل تام لها, فهي لم تحظ بدعم من لدن الاجهزة الحكومية وحتى من فعاليات شعبية... فلا زال الدكتور مال الله يجاهد لوحده ولم يظهر له نظير في محافظات البلاد الاخرى رغم حاجة الفقراء الماسة للخدمة الطبية. كما ان وزارة الثقافة ليست معنية بمبادرة " انا عراقي... انا أقرأ " وكذلك الوزارات والدوائر الرسمية ذات الاختصاص بمبادرة " معا لنخسر السباق ".
ورغم ما تبدو عليه جهود الدكتور مال الله كدعاية سياسية الا ان قيمتها الانسانية تطغي على اية قيمة اخرى. وبينما تظهر المبادرتين الاخريين بمظهر لاسياسي الا ان محاربة الجهل واشاعة الثقافة وتطمين الحاجات الاساسية للمواطن بحياة كريمة هو فعل سياسي بأمتياز.
ان تكريس هذه الجهود الخيرة ودعمها وتبلورها في مبادرات شعبية واسعة يستدعي انخراط كل ذوي النيات الطيبة وكل من يعز عليه امر رفعة الوطن ونهضة المواطن في هذه النشاطات.


314
تصريحات المالكي - نفخ في بالون ام انعطافة سياسية ؟

احسان جواد كاظم

 
التصريحات الايجابية لرئيس الوزراء نوري المالكي عن تحالف عابر للطوائف والتخلي عن نهج المحاصصة الطائفية – العرقية واعتماد مبدأ دولة المواطنة يمكن ان تكون اساسا جيدا لأجراءات عملية في هذا الاتجاه , يؤشر ذلك الى حصول تطور في التفكير السياسي للنخبة الحاكمة واستيعاب افضل لطبيعة المجتمع العراقي القائم على التنوع الاثني والتعددية الفكرية, فيما لو صحت هذه التوجهات ولم تكن مجرد نفخ في بالون اعلامي لتحسين الصورة الذاتية او ابتزاز الغرماء السياسيين, بعد ان اثبت الواقع عقم نهج المحاصصة والحاجة الملحة للتغيير.
وبغض النظر عن فحوى لقاء رئيس الوزراء بقيادة الحزب الشيوعي, سواءا كانت القيام بالوساطة بينه كرئيس للحكومة الاتحادية وبين رئيس اقليم كردستان او لمعرفة آراء وحلول الشيوعيين لتجاوز الازمة السياسية التي تعصف بالبلاد فان ذلك قد يكون تكفيرا عن مواقفه السابقة اتجاه الحزب بسبب مشاركة اعضاءه ومؤيديه جماهير شعبنا في الاحتجاجات المطلبية الشعبية التي عمت مدن وقصبات العراق, وشروع صائب في تنفيذ مضمون تصريحاته الاخيرة, كما اتصور, فقد كان الشيوعيون منذ البداية ضد نهج المحاصصة ومع دولة المواطنة الديمقراطية واول من اقترح عقد مؤتمر وطني عام  للخروج من عنق الزجاجة التي اوقعنا فيها المهيمنون على السلطة.
 
لايعرف بعد فيما لو كانت السياسة الجديدة المعلنة التي يود المالكي سلوكها تستند الى اساس فكري وقاعدة سياسية في حزبه حزب الدعوة وهل يمتلك الادوات اللازمة في تنفيذها؟ فالاحزاب الاسلامية  احزاب مغلقة, قراراتها ليست معلنة وهي لازالت اسيرة افكارها واساليبها البطرياركية القديمة, اما الشفافية فهي مبدأ لاتعرفه ولا تستسيغه... وليس خافيا هيمنة الكثير من الشخصيات المتزمتة في الحزب والائتلاف الوطني على مفاصل الحزب والدولة , الرافضة لكل مظهر مدني وديمقراطي وتدعو الى فرض نمط اسلامي متخلف على الحياة الاجتماعية والسياسية العراقية.
لذا لايمكن استبعاد فكرة: ان اللقاء بالشيوعيين هو مجرد مناورة سياسية لتحييد الشيوعيين ومنع انخراطهم في اية احتجاجات شعبية تبدو على الافق بسبب ازمة الكهرباءالمستعصية في هذا القيض القاتل.
وقد كنا قد دعونا رئيس الوزراء  في مقالات سابقة الى الخروج من قمقم المحاصصة الطائفية – العرقية المظلم الى رحابة النهج الوطني المشرق, فهو قد يكون افضل السيئين من متحاصصي السلطة.
ولم يكن وضع احدهم نوري المالكي وعبد الكريم قاسم في كفة واحدة  موفقا, فقد تلتقي بعض مكونات شخصيته وسايكولوجيته بالزعيم لكن مايميز الزعيم عنه الانجازات والطموحات وسعة الافق. ولا تنفع حسن النية ولا وهم استطاعة من يمسك بحبل السلطة لوحده من اجراء تغيير نوعي في السياسة العراقية, مهما كانت درجة صدقيته, لصالح ابناء شعبنا دون اشراكهم ومنظماتهم واحزابهم الوطنية في العملية وعدم حصرها في اطارها الفوقي لان ذلك سيجعلها فريسة سهلة لاعداء التقدم, حيث يتواجد هؤلاء في حزب رئيس الوزراء وائتلافه وفي الكتل والتحالفات المتحاصصة والذين لايريدون فقد امتيازاتهم وكراسيهم .
فلم يكن المتحاصصون كما ذئب يعقوب بريئا من دمه بل كانوا كما اخوته, فقد رموا مصالح شعبنا في بئر محاصصتهم الغميق.
كما ان تعبير " تحالف عابر للطوائف " الذي يجري تداوله في خطابات السياسيين ووسائل الاعلام, غامض وغير سليم كليا, لأن استبدال تحاصص بتحاصص آخر وبأي ثوب جاء حتى لو كان علمانيا فان جوهره سيكون نهبويا , لايصب في صالح ابناء شعبنا.
ان فك القيود عن منظمات المجتمع المدني واطلاق نشاطها الحر المثمر واشباعها بدورها التنويري وتمكينها من الوصول الى وسائل الاعلام لتثقيف المواطن بحقوقه وواجباته وتوضيح ايجابيات دولة المواطنة  ثم دعم اجهزة الدولة بكفاءات مهنية نزيهة واقتراح القوانين المناسبة لتكريس النهج الوطني الجديد هو ما يضمن نجاح جهود التغيير.
 

315
السقوط عن صهوة اللسان

احسان جواد كاظم

قالوها في الامثال: لسانك حصانك... والسقوط عن صهوته باطلاق الكلام على عواهنه تترتب عليه تبعات خطيرة فيما لو كان الساقط مسؤولا سياسيا.
فسقطاتهم الكلامية ليست مجرد زلة لسان يمكن تمريرها, خصوصا في بلد كالعراق حيث الظروف المعقدة على كل المستويات. فهي تؤدي الى اختلال امني ومعاناة اجتماعية واستمرار حالة ركود الاقتصاد وقلة الخدمات واستفحال التطرف واستقواء العصابات الارهابية... والذي يدفع فاتورة تصريحاتهم غير المتعقلة هو المواطن البسيط من امنه واستقراره.
ان الضغط النفسي والتشنجات العصبية للمتنفذين بسبب قلقهم من فقدان امتيازاتهم  واحتدام صراعاتهم لجني المزيد من الغنائم ومضاعفة ما بحوزتهم   ثم ضغط الاحتجاج الشعبي بسبب تخلف الخدمات والبطالة وتقييد الحريات, تفعل فعلها, ويسقطهم حدة المزاج في لجة الخطأ ويتبنون خطابا متشنجا للرد على منافسيهم يجافي المنطق والاقناع بالحجج.
 وقد اوقعهم عدم الالتزام باصول النقاش والمحاججة بمآزق مع الآخرين من خصوم سياسيين ورأي عام , بما يتضمنه من مواطنين ومثقفين وصحافة ومنظمات مجتمع مدني واحيانا مع القضاء. وغالبا ماتعبر فلتات اللسان هذه عن دواخل هذا السياسي وامانيه المكبوتة وخططه المستقبلية  المتعارضة مع الصالح العام والدستور وحقوق الافراد وحتى الاعراف.
 وقد كان اكثر التصريحات المفتقدة للذكاء, ما نشرته وسائل الاعلام عن النائب في مجلس النواب عباس البياتي عن عزم ائتلافه الائتلاف الوطني على استنساخ رئيس الوزراء نوري المالكي جينيا والتي اساءت للمالكي واحرجته قبل ان تحرج قائلها الذي اصبح موضع تندر. لقد عبر السيد النائب عن رغبة دفينة بفرض نوري المالكي وابقاءه على  دست الحكم رغم ان الدستور العراقي يقر بالتدول السلمي للسلطة.

ولم يكن نوري المالكي ذاته بمنأى عن فلتة لسان يناقض فيها نفس البند الدستوري المتعلق بالتداول السلمي للسلطة بتصريحه امام جمع من مؤيديه: " هو يكدر واحد ياخذها ( يعني السلطة ) حتى ننطيها بعد ؟ ".

وعلى الضد من ذلك صادر مقتدى الصدر حق مواطن عراقي اسمه نوري المالكي, بسبب الاختلاف السياسي, في تبوء مركز رئيس حكومة بتصريحه: " ان سحب الثقة عن المالكي مشروع الهي". وهذا ايضا تجاوز على الدستور الذي يقر بتكافؤ الفرص لكل المواطنين. ثم باتباعه بتصريح آخر: " بان سحب الثقة عن المالكي كالوضوء السابق للصلاة ". واعطى بذلك مغزى دينيا لعملية اسقاط المالكي ولصراعهم السياسي الدنيوي واغلق الابواب امامه. ان هذا يتناقض مع ما بدأ يطرحه الصدر اخيرا من اهداف لبناء عراق يضم الجميع ويضمن حقوق كل العراقيين كأي نظام مدني يتنجس السيد من تسميته بأسمه صراحة.

ومن ينسى التحدي الذي قذف به رئيس اقليم كردستان مسعود البارازاني بوجه متظاهري ساحة آزادي الكرد في مدينة السليمانية, والذي كان فلتة من فلتات لسانه, والتي اعتقد انه والمحيطين به تمنوا ان لايكون قد وقع بها, باختبار قدرتهم على جمع خمسين الف توقيع يدعوه للتنحي عن رئاسة الاقليم ولكن شباب الاقليم لم يكذبوا خبرا وفعلوها, وجمعوا اضعاف  العدد المطلوب من التواقيع .

ومن السقطات الكلامية الشبيهة بالانتحار السياسي كان اعتراف اياد علاوي رئيس القائمة العراقية بعظمة لسانه في لقاء صحفي بعلاقته مع اجهزة مخابرات لدول اجنبية متعددة.

لم تكن لهفواتهم وسقطاتهم الكلامية اية قيمة ولم تكن لتثير الانتباه كثيرا لولا انها تتسبب في فقدان الكثير من ابناء شعبنا لحيواتهم وامنهم وحرياتهم نتيجة صراعاتهم العبثية.

وهذا مجرد غيض من فيض.


316
صحوة نيابية ام هرج اعلامي ؟

احسان جواد كاظم

لم يجانب النائب المستقل في الائتلاف الوطني جواد البزوني الصواب عندما صرح بان : " جميع الكتل السياسية متورطة بعمليات فساد ". ورغم ان هذا الاستنتاج قد استغرق وقتا طويلا ليتوصل اليه احد من آل البرلمان, والتي هي معلومة يعرفها المواطن العراقي العادي منذ ايام التحاصص الطائفي- العرقي الاولى, الا ان الجديد فيها هو عدم استثناء السيد النائب لكتلته البرلمانية والسياسية عنها. فكما هو معتاد, يجري عادة كيل الاتهامات لاعضاء الائتلافات والكتل السياسية الاخرى بالفساد والارهاب... ونسبة الأمانة والغيرة على مصلحة الوطن والمواطن لكتلته.

هل هذه ارهاصات لصحوة اخلاقية حقيقية في اوساط برلمانيينا؟

كنا قد استبشرنا خيرا عندما لمسنا اولى مظاهر الصحوة النيابية, عندما انسحب النائب عن الائتلاف الوطني جعفر الصدر من عضوية مجلس النواب ولكن تبين لاحقا انها جاءت احتجاجا على استئثار اشخاص محددين في اتخاذ القرارات. وخاب ظننا به لان خطوته كانت ناقصة ومن منطلق ذاتي.
وكذلك يمكن وضع الانسحابات والانشقاقات التي جرت في القائمة العراقية والتيار الصدري وغيرها.

المظهر الآخر للصحوة, والذي يمكن اعتباره تطورا نوعيا, هو تصريحات ومواقف النائب المستقل الشيخ صباح الساعدي والتي اتسمت بالجرأة والصراحة في انتقاد وفضح مواقف السلطات التنفيذية وسكوتها وتغطيتها على الخروقات القانونية ومظاهر الفساد المستشرية في اجهزة الدولة وبالخصوص المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي, وهو بلاشك محمود على ذلك, لكنه لم يتعرض جديا الى فساد المشاركين الآخرين في عملية المحاصصة السياسية.
ورغم ان اتهام النائب البزوني جميع الكتل السياسية بما فيها كتلته, لاسيما وانه ينتسب الى القائمة الاكبر في مجلس النواب " الائتلاف الوطني العراقي " , الا ان ذلك بقي في حدود الاعلان اللفظي ولم يلحقه باجراء عملي, كأن يرفع ملفات فساد متعلقة ببرلمانيين او موظفين حكوميين سواءا من ائتلافه او من الكتل الاخرى الى القضاء.

آفة الفساد عنصر ملازم لنهج المحاصصة منذ اليوم الاول لاعتماده, رغم ما طرح من تبريرات وتعليلات لذلك, تحت حجة ضرورة الاتفاق بين القوى السياسية لتسيير امور فترة انتقالية محددة لعظم التركة السابقة ولوجود تكالب اقليمي ودولي على العراق يدعم الارهاب وايتام نظام الدكتاتورية البائد, لكن القوي المهيمنة استطعمت اطايب هذه الفترة الانتقالية وتبين لها ان المحاصصة دجاجة تبيض ذهبا فاصرت على المضي في هذا النهج رغم فشله في تطمين ابسط مطاليب المواطن العراقي في الامان والخدمات والعيش الكريم. لابل ان صراعاتهم فاقمت الامور وولدت مشاكل جديدة حد تحول الامور الى ازمة نظام وحكومة خانقة اصبحت حجر عثرة امام اي تطور.

وكما اشرنا فان نهج المحاصصة يحمل في رحمه جرثومة الفساد, فهو يخرق بلا مواربة البند الدستوري: " ان المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات". اضافة الى تجاهله لبند آخر: " ان الدستور يضمن فرص متساوية لكل المواطنين ". وكان استناد المحاصصة الطائفية - العرقية على ما يدعى بالمكونات, التي لاتمثلها بالضرورة الاحزاب والكتل والتحالفات التي تدعي ذلك, اكثر مظاهر الفساد فضائحية. على حساب مبدأ المواطنة الذي تنتهجه الدول الديمقراطية والذي تقوم على اساسه دساتيرها,
وبذلك فقد صادر اباطرة المحاصصة حقوق المواطن لتطمين اطماعهم وتجاوزا على حرياته.

ومما عقد الوضع العام في البلاد هو اصرار القوى المهيمنة على تفصيل قانون انتخابات على مقاسها يؤبد بقائهم في السلطة بالضد مع ما ثبته الدستور في بنوده وهذا ما دعا المحكمة العليا الحكم بعدم مشروعية اقرارهم لهذا القانون وبطلانه وبذلك عدم مشروعية وجودهم على راس السلطة... وتشبثهم بالسلطة بالطبع فساد قاد الى سلسلة من اشكال الفساد في مجالات الحياة الاخرى وهو ما ترتب عليه تشكيل حكومة ال42 وزيرا, والتي كان الاصرار على استمرارها هو اكثر مظاهر الفساد وقاحة.
قد لايكون لبعض نواب مجلس النواب دورا شخصيا في الفساد المستفحل الا ان صمته عن ممارسات كتلته, يضعه في موقع المسائلة القانونية يوما ما, على الاقل بسبب حنثه بالقسم الذي اداه وخيانته للامانة التي اودعوه اياها منتخبوه بان يدافع عن مصالحهم. حينها يصبح " حشر مع الفاسدين عار ".
لذا يمكن ادراج تصريحات النائب البزوني في خانة التعميم لارضاء الذات وكتعبير عن رفع العتب لانها تخلو من الجدية.

صحوة نيابية تحت يافطة المحاصصة وفي اطار قوانينها هي مجرد هرج اعلامي وذر رماد في عيون المواطنين.
لن يعبر علينا الامر !


317
تغيير الحال... عجن رمال ؟!!!
احسان جواد كاظم
لاتعدو المساعي الحثيثة لحلفاء رئيس الوزراء نوري المالكي لسحب الثقة عنه ان تكون زوبعة في فنجان. فهي لن تفض الى ما يريده الساعون اليها.
ونحن نستطيع ان نرى المالكي يقف هازئا من شركائه لتداعي مساعيهم لاسقاطه. فقد تعثرت محاولاتهم بداية  في جمع العدد الكافي من تواقيع النواب للتصويت في البرلمان على حجب الثقة عنه, ثم جزع بعضهم الذي قاده الى تزوير تواقيع زملائهم, اضافة الى تردد رئيس الجمهورية جلال الطالباني في اتخاذ اية خطوة قاطعة في هذا الاتجاه. وكل ذلك اقترن بتلويح رئيس الوزراء المالكي وائتلافه بربط خطط حجب الثقة عن رئاسة الوزارة بالرئاستين الأخريين ( رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب )  التي اتفقوا عليها سابقا كباقة واحدة... من منطلق " عليّ وعلى اعدائي " .
وكان لابد للضغوط الاقليمية والدولية ان تعطي اكلها في لجم الداعين لسحب الثقة لما لها من تأثير فعلي على الاطراف المتنفذة المشاركة في الحكم, كما ان الانسحابات والانشقاقات التي طالت تشكيلاتهم قد رجحت فرص استمرار المالكي في التربع على هرم السلطة.
ورغم ان هدف اسقاط نوري المالكي قد وّحدهم فان برامجهم وطموحاتهم السياسية  وشيوع عدم الثقة بين اطرافهم اكبر ما يفرقهم, وتصبح حتى عملية اختيار مرشح بديل لرئاسة الوزارة, فيما لو اتت نتائج التصويت لصالحهم, وتقسيم تركته امرا عسيرا ومدخلا جديدا لصراع محموم فيما بينهم على السلطة والمال له اول وليس له آخر, لن يكون الخاسر الاكبر منه لا المالكي ولا ائتلافه بل ابناء شعبنا وبلادنا. وهذا يعني بالضرورة استمراره على راس حكومة تسيير اعمال دفعا للفراغ السياسي الذي يمكن ان يحصل حتى الانتخابات البرلمانية القادمة.
ان شخصنة الصراع بالمالكي وعدم طرحهم لمشروع سياسي نهضوي بديل عن نهج المحاصصة يسد الطريق امام اي اصطفاف سياسي الى جانبهم من اية قوة وطنية او ديمقراطية .
كما ان افتراض البعض شروع رئيس الوزراء نوري المالكي بارساء اسس دولة قانون رصينة من خلال محاصرة التجاوزات غير الدستورية والقانونية في الحياة العامة التي يقوم بها المتحاصصون من شركائه, لايستند على اساس صحيح, لان ذلك يتطلب اول مايتطلب التخلي عن فلسفة دولة المحاصصة بين المكونات الطائفية والاثنية ( دولة اللاعدل ), العزيزة عليه, لصالح دولة المواطنة والحريات والحقوق.
ان انغمار نوري المالكي في النشاط السياسي العلني على ارض الوطن بعد 2003 وممارسته العمل في موقع دولتي سامي كرئيس لوزراء جمهورية العراق واكتسابه المزيد من التجارب والكفاءات, يفترض ان تكون قد انضجته كقائد سياسي وقادته الى الاستنتاج البديهي بان ثوبه الطائفي الضيق العتيق والمهلل لم يعد ملائما وعليه استبداله بآخر اكثر ملائمة ورحابة واحدث, ثوب الانتماء الوطني ليستمر في اداء واجباته بشكل افضل .
ولكن, هل استوعب المالكي الوضع حقا؟ هل يستطيع القفز على انتماءه الحزبي الطائفي والانقلاب على دولة المحاصصة الطائفية العرقية الحالية؟ هذه الاسئلة هي ماينبغي عليه وحده الاجابة عليها والا فان اسقاطه اليوم او بعد حين لن يكون موضع اسف لدى ابناء شعبنا الذين عانوا من نهج الطائفية النهبوي المتخلف.
انتماء المالكي السياسي الطائفي, الاقصائي في جوهره يجعله متوجسا خائفا من حركة التغيير الشعبية المنادية بالحريات والحقوق واحترام كرامة الانسان, مع انها هي فقط الحليف الامين لكل سائر على طريق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.




318
بٌحت أصواتهم... وهو في آذانه وقر

احسان جواد كاظم

تتساقط الاتفاقيات والمبادرات السياسية على عتبة مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي من شركائه في الحكم بعد اتهامهم له بالتفرد في الحكم والجنوح نحو الدكتاتورية بعد امساكه بمراكز ومصادر القوة في الدولة العراقية.
اتفاقية اربيل التي جاءت بنوري المالكي رئيسا للوزراء وعدم الالتزام بتنفيذ بنودها كانت سببا لتقاذف اطرافها التهم بتعطيلها واتهامه خصوصا بتجاهل استحقاقاتها, ثم تجاهله الكلي للنقاط التسع التي خرج بها اجتماع اربيل الخماسي ( اتفاقية اربيل 2 ) وكأنه ليس هو المعني بمطالبها. وكذلك مبادرة رئيس الجمهورية جلال الطالباني لحل الازمة السياسية والتي تزامنت مع عزم مقتدى الصدر اطلاق مبادرة جديدة ( لتحقيق المشروع الوطني ) تنتظر وضع لمساته الاخيرة عليها و التي ربما كانت اساسا لاجتماع لاحق لخماسي اربيل اضافة الى احمد الجلبي في النجف والذي لم يسفر عن شيْ سوى مهلة اخرى للمالكي, تضاربت الانباء عن امدها, لتنفيذ مطالب المجتمعين او سحبهم الثقة عنه.
رحب ائتلاف رئيس الوزراء المالكي بمبادرة رئيس الجمهورية الطالباني, التي طغت عليها مبادرة مقتدى الصدر , نكاية بمقتدى ومبادرته واللمسات.

سياسة اعطاء المهل وتمديدها تدلل على عجز هذه القوى عن عمل شيْ ذي شأن في مواجهة المالكي الذي يدرك المأزق الذي وقع به غرمائه من الكتل والشخصيات المتحاصصة. وهو ماض في تنفيذ مايدور في رأسه من خطط بعيدا عن شركاء الامس.
وعلى هذا الاساس كانت زيارته الى مدينة كركوك وعقده لاجتماع مجلس الوزراء فيها, حيث حقق اختراقا سياسيا بينّا لصالحه واثارت حفيظة اوساط كردية عديدة واوقعتهم ردة فعل قيادة التحالف الكردستاني غير المبررة, بسحب وزرائها من الاجتماع , بنفس الخطأ الذي وقعت به قائمة علاوي قبل اشهر بسحب وزرائها من مجلس الوزراء ونوابها من مجلس النواب ثم عودتهم نادمين.
اختراقه السياسي تمثل بكسره الطابو الكردي على المدينة واكتسب نتيجة ذلك دعما متزايدا من القوى والفعاليات العربية والتركمانية فيها, التي ضاقت ذرعا بممارسات وسياسات اجهزة الاقليم فيها.
ارسلت الزيارة لهم رسالة واضحة مفادها بان الحكومة المركزية ( الاتحادية ) لها الحق وقادرة على الاجتماع في اي مكان تريد في البلاد. وقد لحق الترحيب بالزيارة نواب وشخصيات من قائمة علاوي التي تشهد تصدعا يصب بالضرورة لصالحه.

لا المالكي ولا ائتلافه الحاكم يقيم كثير وزن لتهديدات سحب الثقة عنه واستبداله بآخر, لانهم كما يبدو مطمئنون من عدم امكانية معارضيه جمع العدد الكافي من الاصوات في مجلس النواب للاطاحة به بسبب شيوع عدم الثقة بين اطرافهم, اضافة الى وحدة المصير والمآل التي تربط الرئاسات الثلاث ( رئاسة الجمهورية, رئاسة مجلس الوزراء, رئاسة مجلس النواب ) والتي جاءت بها المحاصصة في سلة واحدة.
كما ان تعويل قائمة علاوي والتحالف الكردستاني على مقتدى الصدر وتياره لأحداث شرخ في الائتلاف الوطني يقلب الطاولة على المالكي يبدو سيناريوها ضعيفا استنادا الى تجارب سابقة بعدم ثبات مواقفه.

وكان المتحدث الرسمي عن التحالف الكردستاني فرهاد الاتروشي قد اشتكى على الفضائية الحكومية ( العراقية ) من اللهجة الاستعلائية لممثلي الائتلاف الوطني ودعوتهم لكل معترض على سياسات المالكي الفردية للذهاب الى البرلمان لحل اشكالاته.
قوى المحاصصة لازالت اسيرة الاتفاقيات الحزبية التحاصصية وترى فيها الاولوية على الاستحقاقات الدستورية والبرلمانية...المالكي ذاته تعامل بهذه العقلية لحين حصول التحول في موازين القوى لصالحه.
ولا نذيع سرا... فان كل اتفاقيات المحاصصة جرت وتجري من وراء ظهر ابناء شعبنا وبالضد من مصالحهم... والمتحاصصون رغم اختلافهم, الا انهم يذهبون مذهبا واحدا هو استبعاد المواطن والتعامل معه كتابع, يتلقى املاءاتهم دون اعمال للفكر او اخضاع لمصلحته.
نوري المالكي في لقاء معه على الفضائية العراقية تحدث عن" تعطيلهم ( شركائه ) لأي محاولة منه للبناء وتقديم الخدمات "لهذا كانت اجراءاته ضدهم لكن اجراءاته طالت جموع المواطنين الذين بحت اصواتهم في مطالبته وشركائه باطلاق الحريات واحقاق الحقوق لكن في آذانهم وقر.


319
قضيتهم المركزية... المحاصصة !!!

احسان جواد كاظم

انفض الاجتماع الخماسي للقوى السياسية الذي عقد في اربيل  قبل ايام دون ان يسفر عن نتائج ملموسة. وقد كان اهم ما كان مطروحا على بساط البحث اتفاقية اربيل التي شكلت على اثرها حكومة نوري المالكي  والتي وقعها اياد علاوي ومسعود البارازاني ونوري المالكي دون غيرهم من قيادات سياسية.
دار حول الاتفاقية لغط كبير بسبب عدم الاعلان عن بنودها للرأي العام  مما دعا القوى السياسية غير المشاركة  في الاتفاق وجموع المواطنين الى النظر بعين الريبة لما يمكن ان تحويه من بنود تتعارض مع مصالحها وتكرس نهج المحاصصة الطائفية العرقية الذي اثبت فشله.
صرح رئيس كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي فؤاد معصوم لوكالة " الفرات نيوز " عن انه سيتم نشر الاتفاقية وانه لاتوجد فيها اية بنود سرية.

ان عدم اعلان بنود الاتفاقية كل هذه المدة الطويلة وتصريحات العديد من اعضاء مجلس النواب والسياسيين بمن فيهم الذين يصرحون اليوم بان الاتفاقية هي مفتاح لحل المشاكل, بعدم معرفتهم ببنودها وعدم اطلاعهم عليها وان معرفة مضمونها مقتصر على رؤساء الكتل الذين وقعوها, يؤكد وجود شيْ ما لايريدون لأحد غيرهم معرفته, وليس هناك مايدعونا لتصديق من اغتصب حقوقنا وعطّل مصالحنا ويتّم اطفالنا بعدم وجود بنود سرية للاتفاقية.

المطلع على وثيقة البنود التسعة " اتفاقية اربيل " والتي تم نشرها اخيرا على مواقع اعلامية متعددة يلاحظ بانها تحفل بتعابير ومفردات تؤكد تمسك هذه القوى بالمحاصصة التي يلعنوها اعلاميا ويمارسوها سياسيا, من قبيل : " امتيازات " الاعضاء واستبدالهم, مشاركة الكتل الفائزة ( حصريا) في اللجان..., " توزيع " الرئاسات والنواب وفق الاستحقاق الانتخابي والتوازن الدستوري ( يخفي وراءه نيّة محاصصة الغنائم ), وضع آلية " متفق عليها " لاستدعاء واستجواب المسؤولين ( يعني حسب متطلبات مصالحهم وليس لمتطلبات المصلحة العامة), " التوازن او " اعادة التوازن " في مؤسسات الدولة او " التعيينات " فيها ( لايدور الكلام هنا طبعا عن وضع الانسان المناسب في المكان المناسب)," اعتماد مبدأالكفاءة والمهنية" ( شيْ جميل ! ) وتحقيق " التوازن الدستوري " ( سقطة تحاصصية اخرى ).
ان آلية المحاصصة والتي يحاولون تزيينها بتعابير براقة مثل: التوازن الدستوري والمشاركة... لم تعد تنطلي على احد, لا بل انها تجعل الجوانب الايجابية في الاتفاقية غير قابلة للتطبيق او بأحسن الاحوال معطلة... مكبلة بمطالب هذه الجهة او تلك.

المثير للاستغراب حقا هو عدم ورود اية اشارة في وثيقة البنود التسعة ( اتفاقية اربيل المزعومة ) الى مجلس الدراسات الاستراتيجية التي دارت عليه الدوائر وانسحبت بسببه القائمة العراقية من مجلس النواب و من مجلس الوزراء وتعطلت شؤون البلاد والعباد بسببه, مما يؤكد بان اتفاقية اربيل اما ناقصة او تحوي بنودا سرية.

ربما نتفاجأ بعد حين بان وثيقة البنود التسعة التي نشرتها وكالة " فرات نيوز " وجهات اعلامية اخرى ليست وحيدة وانما هناك نسخ اخرى مختلفة, وربما نتفاجأ اكثر بوجود ترجمة لها باللغة الكردية لاتتطابق مع نسختها العربية وبذلك سنبقى ندور في نفس الدوامة.

تصريح النائب عن ائتلاف المالكي " دولة القانون " الشيخ حسين الاسدي ردا على الداعين لاعتماد اتفاقية اربيل لحل المشاكل بانه :" لايوجد شيْ اسمه اتفاقية اربيل او محاصصة لأن الدستور هو الوثيقة الاسمى وان اي اتفاق لاينسجم مع الدستور او يتعارض معه لاقيمة له ". تصريحه هذا كان ليثلج صدورنا ويجعلنا نطمئن على وجهة العملية السياسية  لو ان تحالفه الوطني لم يعتمد المحاصصة كنهج منذ البداية ولو ان رئيس تحالفه , رئيس الوزراء لم يوقع اتفاقية اربيل اصلا ولو انهم  عملوا فعلا على اساس الدستور لاغير.

ان روح التحدي في تصريح نائب دولة القانون تنطلق من عناصر القوة التي يمسك بخيوطها نوري المالكي داخليا والدعم الاقليمي, الايراني  بالتحديد والذي جعل مقتدى الصدر يغير لهجته اتجاه المالكي فجأة بعد زيارة الاخير الى طهران وفرملة اندفاعه لاستبدال المالكي بآخر من تياره. والدعم الدولي, الامريكي تحديدا الذي ادى الى تراجع مسعود البارازاني عن تهديداته بعد زيارته الاخيرة الى واشنطن.

نحن امام معضلة حقيقية... فخماسي اربيل (اياد علاوي, مسعود البارازاني, مقتدى الصدر, اسامة النجيفي, جلال الطالباني ) دعوا المالكي الى الرجوع عن غيه والاحتكام الى الآلية الديمقراطية والتي يعنون بها بلاشك, المحاصصة التي لم يعد المالكي بحاجة اليها الا بمقدار استفادته منها اعلاميا بالحديث عن المشاركة الوطنية واستغلال وجود ممثليهم في الوزارة واجهزة الدولة للوي اذرعتهم, وليس بسبب تجاوزه لمبدأ المحاصصة المقيت, فالاحزاب الاسلامية هي طائفية بالضرورة ولا يمكن ان تنسلخ عن جلدها. فلم يعد رئيس الوزراء القوي يتحمل وجود من يشاركه الكعكة خصوصا بعدما وصموه بالدكتاتورية واثخنوا له الكلام تارة بتهديده باعلان استقلال الاقليم  وتارة اخرى بتنحيته عن كرسي رئاسة الوزارة.
لم تستطع القوى المتنفذة ان تنقذ حكومتها المترهلة من المحاصصة, فهي كانت ورمها الخبيث بدلا من دوائها ولم تنفع معها معجزات اربابها بما يملكون من امجاد قومية وقدسية وراثية وخلفيات جهادية.
                                                                                                                           : لم يبق  سوى عتاب العشاق للبلاد التي يعشقون
   http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=tm-MouW2vg0#!



320
عرض/ ملحمة الأسطى حراجي الگط القادم من جبلاية الفار‏
   
احسان جواد كاظم

الملحمة التي سطرتها عبقرية شاعر العامية المصري عبد الرحمن الابنودي في ستينيات القرن الماضي والتي لازالت تحتف براهنيتها, تأخذ المرء الى مفازات وآفاق من المعرفة والثراء الفكري والمعبرة بصدق عن الوجدان الشعبي لكل الغلابة مصريين وغير مصريين في عالمنا.
خلود الملحمة الشعرية للابنودي والمعنونة " جوابات حراجي الگط العامل في السد العالي الى زوجته فاطمة احمد عبد الغفار في جبلاية الفار". يكمن بما تتضمنه من عمق انساني وقيم رائعة تمجد العمل. مشبعة بحكمة الغلابة وبآمالهم البسيطة الصعبة المنال... الحميمية البالغة والمشاعر النقية.

الرسائل المتبادلة بين حراجي الگط وزوجته فاطمة ( فاطنة ), ديالوج ومونولوج متناغم بينهما وداخلهما... مناجاة عشاق رقيقة مفعمة بالشوق العارم... ترجمة بليغة لحكمة البسطاء وغفلتهم بنفس الوقت.
تتحدث الملحمة في عشرة اجزاء يو تيوب ( هي في الحقيقة قصيدة ) عن حراجي الگط, الفلاح الاجير ( نفر ) لدى اصحاب المزارع الذي وجد طريقة ليصبح عاملا في السد العالي والتحولات التي طرأت على شخصيته وتفكيره وتنامي وعيه وتحرره من قوقعة البيئة الريفية والسذاجة القروية ليعبر نحو بحر المعرفة الواسع من خلال مشاركته الآلاف المؤلفة من عمال السد المنحدرين من اقوام  وملل ونحل مصر وغيطانها وفيافيها ومدنها والى جانبهم خواجات الروس. وبخضوعه لنظام وشروط عمل وضوابط تنظيم لم يكن يعهدها في عمله السابق كنفر زراعي, اضافة الى تعامله مع ادوات انتاج جديدة لم يألفها او يستعملها قبلا, كالمثقب الكهربائي والديناميت ( الديلاميت كما يلفظها ) والرافعة العملاقة القادرة على رفع قطار, حتى تحوله الى سائق بلدوزر ( بندوزر ).

وكان لابد من وجود عامل بشري يفتح له طاقة المعرفة ويضعه على سكة الحياة الجديدة كانه المهندس الشاب طلعت و" احاديثه المسحورة " التي شكلت وعي حراجي. قال لحراجي مرة :" سيبك من البدلة, انا ابوي زيك صاحب فاس ومن تحت عرگ رجليه تعلمت".

اشتكى حراجي لزوجته وحدته في الغربة:" عارفة يا مرتي, الراجل في الغربة يشبه ايه ؟ عود درة وحداني في غيط كمّون".
فاطمة بدورها وقد تمكنت منها نيران الشوق دعته للعودة الى عائلته لانه في اسوان كما" سجرة حنّة گليّلة (ضعيفة ) بتطوحها الخماسين على جبل النوبة ".

كان لتفتح عيون حراجي على قضايا وامور عالمه الواسع الجديد أئرا على تطور وعي زوجته التي قررت, بسبب طول غيابه, زرع قطعة ارضهم المتروكة ودخولها معترك الحياة من اوسع ابوابها بزراعة الارض وتسويق محاصيلها.

" الشوفان بلوة " فقد جعله ذلك اعادة تقييم حياته الماضية وشخوص قريته حد التعبير عن مقته لكل من " يفتلون ليالينا الحٌلك " وبالخصوص مقته لشخصية الحاج حسين العكرش وجيه القرية المتكرش, الذي يحترمه القرويون, والذي باعه وآخرين الى متعهدي انفار آخرين للعمل في السد لقاء ثمن على كل رأس.
ليس الغنى الفكري والقيمي فقط هو مايثير الاعجاب في ملحمة الابنودي الشعرية هذه بل طريقته التلقائية الرائعة في الالقاء, بخلجات وآهات ونبرات متصاعدة ومنحدرة مجسدا بابداع مكنونات شخوص قصيدته بلهجة اهل قنا في صعيد مصر ومفرداتها الرشيقة العذبة التي تأسر السامع.

لا اعرف مدى حضور لعبة القط والفار في القصيدة بما يعبران عنه من صراع غريزي باختياره لاسم بطلها حراجي الگط واسم قريته جبلاية الفار, واترك ذلك لتقدير السامع فربما اراد الابنودي الاشارة الى جدلية الصراع.

 اعترتني مشاعر متناقضة عند سماع جوابات حراجي وفاطنة... لحظات جذل واخرى ملؤها الشجن حد ملامسة الدمع طرف العين... هذا غير مشاعر الاحباط وحتى الحنق من قراره الاناني القاسي بعدم العودة الى عائلته, عزيزة وعيد وفاطنة والى قريته جبلاية الفار... فقد أسره السد العالي تماما !!!


http://www.youtube.com/watch?v=RBzkJi8WmBA&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=jQR7oVGZNPY&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=hsrb_E5ElgA&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=GITKF5-V-GY&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=Cg58n3EYy-w&feature=relmfu
http://www.youtube.com/watch?v=vocBGYldJAk&feature=relmfu
http://www.youtube.com/watch?v=e56cNJgLruI&feature=relmf
http://www.youtube.com/watch?v=A9aT-ZVRBR0&feature=relmfu
http://www.youtube.com/watch?v=7SNiJtY3z3U&feature=relmfu
http://www.youtube.com/watch?v=VBT2JyvAcxQ&feature=relmfu


321
شعرة معاوية... سذاجة الاستخدام

احسان جواد كاظم


من وحي المحاصصة وشريعتها كان حرص رئيس الوزراء نوري المالكي على ابقاء شعرة معاوية مع غرمائه السياسيين وليس كما ارادها الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان مع قوم زمانه.
ولاشك ان تهشم بنية نهج المحاصصة الذي نشهده, كان متوقعا, فعلّة هذا النهج منه وبه لاعتماده اساس المكونات الواهي لا اساس المواطنة الرصين. فليس هناك ممن نصّب نفسه ممثلا لكل مكونه, يمثل هؤلاء المواطنين حقا. ومن هنا كان فشلهم في الوصول الى عتبة المواطن وتدبير شؤونه وانغمروا في التسابق على جني الغنائم على حسابه.
لا ندري هل شعرة معاوية التي ابقاها نوري المالكي مع طارق الهاشمي كانت نتيجة تحوّط ام تقصير معتاد ؟  استغلها الهاشمي, على كل حال, لصالحه احسن استغلال. فقد كان تماهل السلطة التنفيذية في تقديم طلب تجريد نائب رئيس الجمهورية المتهم بدعم الارهاب من مسؤولياته ومهامه الى السلطة التشريعية بعد ان قالت السلطة القضائية كلمتها باصدار امر القاء قبض بحقه تمهيدا لتقديمه للمحاكمة, احد الاخطاء القاتلة في الاداء الحكومي لابل ان الحكومة لم تكلف نفسها عناء ايقاف العمل بجواز سفره الدبلوماسي الذي يسهل هروبه او سفره الى الخارج, وهي من ابسط الاجراءات التي يفترض عملها ازاء كل متهم بجرم معين يتطلب تقديمه للعدالة.
 واذا كان لألتزام سلطة اقليم كردستان ورئيسها مسعود البارازاني باحتضان الهاشمي ظالما كان او مظلوما, والذي كان موجها ضد رئيس الوزراء نوري المالكي ضمن عملية الصراع الدائرة بينهما , فان جولات الهاشمي في دول الخليج, والتي شرع بها لكسر طوق عزلته الداخلية والتواصل مع حلفاءه الاقليميين قد قوضت من هيبة الحكومة الاتحادية في بغداد, خصوصا وان هذه القوى الاقليمية المتربصة بالعراق وتجربته الجديدة المتعثرة والتي فرشت للهاشمي البساط الاحمر تستند في استضافتها له الى حجة كونه لايزال مسؤولا يشغل منصبا رفيعا في الدولة العراقية ويتمتع باعتراف اطراف عديدة في السلطة ذاتها. وربما انها توازي في فعلها هذا مع استقبال الحكومة العراقية للرئيس السوداني عمر البشير في القمة العربية الاخيرة والمطلوب دوليا بسبب ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
تساؤل يفرض نفسه : كيف يمكن لطائرة قطرية استباحة الاجواء العراقية والهبوط ثم الاقلاع من احد المطارات العراقية دون علم وموافقة ادارة الطيران المدني مع عدم وجود اتفاقيات مشتركة بين البلدين تنظم ذلك؟
من هو المتواطيْ هل هي ادارة الطيران المدني ام سلطات مطار اربيل؟ ام وراء الاكمة ما وراءها, لايحق للمواطن العادي دس انفه فيها ؟!!!
هذا الاختراق القطري يشير الى ضعف سيطرة الجهات الحكومية المختصة على الاجواء العراقية وعدم اهليتها في صيانة السيادة الوطنية.
ان وضع شخص في غير مكانه ظلم, فما اكثر المظالم في بلادنا التي لايريد سياسيوها خلع ثوبا سربلته اياهم المحاصصة رغم فشلها وفشلهم.
لذا فان محاولات التشبث بالمحاصصة والاكتفاء  بتشذيب نهجها بطرد الارهابيين ومحاصرة الميليشيات والفاسدين لن تاتي اكلها لأنه ستفرخ آخرين جدد.

ولا عملية التفرد بالسلطة بدعوى حاكم عادل مستبد ستنفع, فالزمان ليس الزمان وستفضي الى مآسي جديدة, يجب على القوى الحية في المجتمع العراقي تجنيب شعبنا فضائعها باعتماد نهج الديمقراطية الحقيقي ببناء دولة مواطنة مدنية حديثة.




322
شباب الإيمو الى بلاد الاسكيمو !!!

احسان جواد كاظم

ذنب شباب الإيمو هو محاولتهم إضفاء لمسة جديدة على اللون الاسود السائد في بلادنا وتطعيمه باكسسوارات وتسريحات فنتازية واستبدال الزي التقليدي بآخر اكثر تعبيرا عن ضيق النفس والضنك والكآبة.

والكآبة حالة عامة اسبابها متعددة ليست مقتصرة على مقلدي الإيمو ولا هي قيمة مستوردة غريبة طارئة بل هي حالة متوطنة كرستها حروب الدكتاتورية وقمعها ومصائب ورثتها من المتحاصصين. لابل ان المشتغلين بالشأن الديني من مرجعيات ومشايخ واحزاب اسلامية وميليشيات هم الصناع الحقيقيون لحالة الكآبة وثقافتها التي تلف البلاد حاليا. المرجعيات والمشايخ من خلال فتاوي التحريم والتكفير ومحاصرة كل منتج حضاري جديد. والاحزاب الدينية وميليشياتها بالاجراءات التنفيذية في خنق الحريات ومطاردة ذوي المواهب والاذواق التي لاتتلائم مع ايديولوجياتهم.

فالاسلاميون ومرجعياتهم يعتبرون انفسهم محور الكون والمعيار الاحرى بالاتباع والذي يجب ان تخضع له كل شؤون الكون والمجتمع. ولأنهم عاجزون عن فرض نظرتهم هذه على العالم المتطور واخضاعه لنزواتهم وافكارهم فهم يحاولون فرضها على مواطني بلدانهم. الذين هم بحكم المختطف المصادر الحرية والمكبوت المشاعر. بدعوى قيم الدين واحكام الشريعة.

لم يتعد خطاب مراجع دينية وقادة احزاب اسلامية بخصوص شباب الإيمو الدعوة الى نصح هؤلاء الخاطئين ووعظهم وارجاعهم الى جادة الصواب... ادان بعضها بأستحياء عمليات القتل البشعة ولم يذكروا مرتكبي هذه الجرائم في بياناتهم ماعدا مرجعية السيد علي السستاني التي كانت واضحة في موقفها واكدت بان قتلة هؤلاء الشباب. ارهابيون ويجب على اجهزة الدولة التعامل معهم على هذا الاساس.

المطالبون بوعظ الشباب وتقويمهم. نسوا بان من يحتاج فعلا للعلاج النفسي والتأهيل المجتمعي هم اولا منتسبي الميليشيات الاسلامية الذين يمارسون القتل والتمثيل بقتلاهم وكأنهم يكرعون قدح ماء بعد ابتلاع كبسولة هلوسة. بدون ضمير يؤنبهم. وهذا حقا هو المرض المزمن والعوق النفسي المستمكن.
وهذا يؤشر بوضوح الى فشل الوعظ الديني في تقويم العباد والا لأثرت جهود الوعظ عبر 14 قرنا على هؤلاء ومن على شاكلتهم في جعلهم اسوياء. يحترمون الانسان كقيمة عليا.
فلا الوعظ الديني ولا النصح العشائري يمكن ان يكونا بديلا ناجعا عن معالجة الاسباب الحقيقية لظهور الظواهر الغير مرغوب فيها كالتطرف والعنف... وهو بمحاربة الفقر والجهل والاستبداد وتوفير الظروف الملائمة لتطور المجتمع. وهي الاستحقاقات التي يستنجسها الاسلاميون. والعلة تكمن في تفكيرهم المتيقن بان ما ذهب هو الافضل والنموذج الذي يجب ان يحتذى بينما العالم المتمدن يسعى حثيثا نحو المستقبل الآتي بالجديد والاجدى.

لقد انتفضوا لمكافحة مظهر احتجاجي واحد هو ظاهرة الإيمو بين الشباب بينما لم تهتز لهم شعرة لمظاهر احتجاجية مأساوية. كبيع ام لبناتها لعجزها عن اعالتهم وبيع شاب لأعضائه الداخلية ليقيت عائلته او تخلي مواطن عن جنسيته العراقية مقابل حياة كريمة في اي مكان على وجه الارض... الى جانب الظواهر الاجتماعية المعروفة. كمليونية الارامل واليتامى والمطلقات والاطفال المشردين...

لقد كان اعلان الشرطة المجتمعية التابعة لوزارة الداخلية شن حملة تصفية شباب الإيمو. اعطى اشارة البدء لميليشات اجرامية بأرتكاب عمليات قتل همجي لشباب ابرياء بتهشيم رؤوسهم بالبلوكة الكونكريتية.
وفي ظل النفي الرسمي لحصول عمليات قتل. توزع قوائم المرشحين للقتل في احياء بغداد والمحافظات العراقية وتخط تهديدات القتل على جدران المدارس لكل من تسول له نفسه تقليد الموضة.
ان بقاء اسماء وانتماءات هؤلاء القتلة التقاة مجهولا. تشير الى علاقتها بجهات متنفذة مقربة من الاحزاب الحاكمة.

ربما تمنت الحكومة ومن يقف ورائها الخلاص من ورطة اثارة مشكلة شباب الإيمو التي ارادوها لجذب انتباه المواطنين بعيدا عن العجز الحكومي في تقديم الخدمات فانقلب الامر ليصبح مشكلة جديدة تضاف الى سجلها الحافل بالاخفاقات والاعتداء على الحريات والحقوق.

انها " كمائن الماضي الجديد " كما قال طيب الذكر محمود درويش.




323
تغدى بهم قبل ان يتعشوا به !!!

احسان جواد كاظم

هذا هو المختصر المفيد من كل مايحدث من صراعات على السلطة بين الاحزاب والكتل الحاكمة وبالتخصيص بين رئيس الوزراء نوري المالكي وحلفاءه الاعداء اياد علاوي, طارق الهاشمي وشخصيات وقيادات سياسية اخرى اختلفت على حصصها في كعكعة السلطة وثروات البلاد.
لسنا معنيين بصراعاتهم, الا بمقدار تأثيرها الكارثي على حياة العراقيين ووحدة وسلامة البلاد ودفعا لغرائزهم في الاستحواذ والانتقام.

يبدو المالكي في اللحظة الراهنة كأقوى شخصية سياسية, فهو يمسك بقواعد اللعبة, كما يمسك بمصادر قوة, يقوم بتوظيفها بمهارة لصالحه... هو الذي يقبض على زمام وزارات الدفاع والداخلية والمالية... باحكام ويستند الى تحالف سياسي " التحالف الوطني " الذي يبدو اكثر تماسكا من غيره من التحالفات السياسية والتي ظهرت هشاشتها الى العلن من خلال الانسحابات المتواترة من صفوفها. فتفتت هذه القوى السياسية يخدم بالضرورة المالكي وخططه في اضعاف غرمائه السياسيين واللعب بالملعب لوحده.
ومن اكثر الكتل السياسية التي تعاني من التشرذم هي القائمة العراقية بقيادة اياد علاوي والاحزاب المنضوية تحت لوائها كالتوافق الوطني -الاخوان المسلمون -, التي شهدت انسحابات وانشقاقات واسعة لقيادات عليا وميدانية في مختلف محافظات البلاد بسبب اختلاف الرؤى والاهداف بين قياداتها واعضائها واطرافها المكونة... وقد بدأ تراجع دور القائمة وقائدها, بعد فشلها في المحافظة على الفوز الانتخابي وتشكيل الحكومة باعتبارها القائمة الفائزة الاكبر ثم بعدم تشكيل مجلس الدراسات الاستراتيجية الذي كان تعويضا لها عن الوزارة المفقودة, اضافة الى انحدار بعض قياداتها الى مستنقع الطائفية النتن.
وقد جاءت قضية نائب رئيس الجمهورية واحد قياداتها طارق الهاشمي واتهامه بالارهاب وهروبه الى اقليم كردستان لتطيح بسمعة القائمة, بغض النظر عن صحة الاتهامات من خطأها, ووضعهم في وضع صعب.تبع ذلك سلسلة من القرارات والاجراءات الانانية وغير الصائبة والمستعجلة, بسحب وزراءها من الحكومة ونوابها من مجلس النواب لوقف العملية السياسية, المشلولة اصلا بفعل المحاصصة وحلولها العقيمة. حيث استغل المالكي ذلك افضل استغلال بمنع وزراءئها من دخول وزاراتهم والامر بعدم امتثال المرؤوسين لهؤلاء الوزراء الا من دخل منهم بيت طاعة المالكي الدافيْ!!!
جعل هذا الوضع الصعب قيادات القائمة البحث مجبرين عن حليف يواسيهم في محنتهم وليستظلون بظله والذي وجدوه في التحالف الكردستاني الذي يعاني بنفسه من سياسات المالكي المحجمة لطموحات قياداتهم.
فالتحالف الكردستاني الذي كان قد استغل شبق احزاب الاسلام السياسي الشيعي, بالخصوص, للسلطة بعد اسقاط نظام الدكتاتورية البائد عام 2003 للحصول على اقليم فيدرالي بمواصفات وصلاحيات دولة, نال ما لم يكن ليحلم به اي من قادتهم يوما.
وقد كانت الاجراءات الادارية لقيادة الاقليم ازاء المواطنين القادمين من مناطق العراق الاخرى الى كردستان والمضايقات التي يتعرضون لها قد اوصلت رسالة سلبية للمواطن الذي كان يربو الى الاقليم كواحة آمنة من جحيم القاعدة والميليشيات وفرض الاسلمة الرجعية على المجتمع في الوسط والجنوب.
هذا غير المشاحنات مع الحكومة الاتحادية حول عقود النفط مع الشركات الاجنبية واقرار ميزانية البلاد العامة وتهريب النفط وعوائد المنافذ الحدودية وغيرها.

وكان دخول الحزبين الحاكمين في الاقليم على خط قضية طارق الهاشمي, وظهورهم كطرف فيها ثم التصريحات المشككة بالقضاء العراقي ورفضهم تسليمه بحجة الضيافة, اوقعهم في ورطة حقيقة , جعلهم يظهرون وكأنهم في مواجهة مع حكومة المركز, مما مهد للمالكي ومساعديه الطريق لتلقف هذه ( الهدية ) بكل سرور لتناقضها مع احكام الدستور والقانون للاستفادة منها في ابتزازهم لاحقا باعتبارهم خارجين على الدستور وعن القانون.

ومما زاد الطين بلة, كان التصريح غير الموفق لرئيس الاقليم مسعود البارازاني, برفضه المشاركة في المؤتمر الوطني فيما لو عقد في بغداد. فقد اعفى هذا التصريح المتشنج نوري المالكي وحزبه من رفض المشاركة في هذا المؤتمر الغير مرغوب به من قبلهم, لما يمتلكونه من عناصر قوة كم اسلفنا . والذي اوقعتهم المطالبة في عقده في احراج بيّن فيما لو نوقشت فيه قضايا جدية تخص الاولويات الاساسية لابناء شعبنا, خصوصا فيما لو شاركت به منظمات المجتمع المدني والاحزاب الوطنية المطالبة بحقوق المواطن وحرياته.
هذا غير وجع الرأس قيادة الاقليم ومعاناتها من المطالب الشعبية, بالضرب على يد الفاسدين من اعوان السلطة واحزابها والقضاء على البطالة...

وكما اشرنا مقدما, فانه رغم مايبدو عليه التحالف المؤيد للمالكي, التحالف الوطني, من تماسك, الا ان ذلك لايعدو ان يكون الا مظهرا مزوقا لواقع مر, بسبب صراع المصالح وتنازع الارادات بين اطرافه. فطابعه الطائفي لن ينقذه من التفتت عاجلا ام آجلا.

فبينما يحاول المجلس الاسلامي الاعلى بقيادة عمار الحكيم لملمة اطرافه بعد الفشل الانتخابي في الانتخابات الماضية, تتواتر الانباء عن خلافات
داخلية حادة بين اطرافه قد تؤدي الى خروج فيلق بدر من بين اعطافه.

التيار الصدري بقيادة مقتدى الصدر فقد الكثير من مصداقيته امام مريديه, بسبب تنصل قياداته عن وعودها بعد " استفتاء الخدمات " المشهور واعطاء حكومة المالكي ( الذين هم جزءا منها ) مهلة ستة اشهر للشروع بالاصلاح او اتخاذ اجراءات جدية لفرض التغيير.

عموما يبدو التيار الصدري تائها, حائرا من امره, لايعرف ماذا يريد حقا, لذا تقوم قياداته بين الفينة والاخرى باطلاق مبادرات سياسية هي بالاحرى اعلامية اكثر منها واقعية, لاثبات الوجود ليس الا, من قبيل اسناد انتفاضة البحرين او التوسط للمصالحة بين الحكم والمعارضة في سوريا او اسداء النصائح لتركيا. وهي مهام اكبر من التيار وامكانياته. ثم كان " ميثاق الشرف بين القوى السياسية " الذي كان اشبه بمزحة سياسية, فهو لم يأت بجديد, فما اكثر الاتفاقات والاتفاقيات الجماعية والثنائية التي لم تلتزم بها قوى المحاصصة, هاكم اتفاقات المحاصصة الطائفية العرقية واتفاقات اربيل بين اطراف السلطة... أينها من التطبيق ؟!!!
وكان اكثر ما اخرج التيار الصدري عن طوره, السماح لما يسمى بعصائب الحق بالعمل السياسي بعد اخفاءها للسلاح وظهورها للعلن, بقبول من المالكي, كمنافس مزعج للتيار في مرجعيته ومكانته. فنحن نشهد حرب خطابات وبيانات نارية فيما بينهما قد تؤدي الى ما لايحمد عقباه. والله المنجي !!!
ان اجواء التنافر والتصارع السياسي لن تكون باي حال من الاحوال في صالح نوري المالكي والمقربين اليه. فالوئام السياسي والامان الاجتماعي هما فقط الكفيلان بتحقيق المطامح بما فيها ارضاء المطامح الشخصية للافراد.
وفي الوقت الذي تطلق فيه الدعوات لعقد مؤتمر وطني هو في حقيقته مؤتمر مصالحة بين اطراف السلطة المتصارعة على امتيازاتها فان على القوى الخيرة في منظمات المجتمع المدني والاحزاب الوطنية والشخصيات الديمقراطية ومنتسبي احزاب السلطة ممن يهمهم امر الوطن والمواطن, عقد مؤتمر وطني حقيقي بديل يأخذ على عاتقه مهمة وضع الحلول الناجعة لمشاكل الوطن والمواطن وتكوين رأي عام شعبي لأخراج البلاد من دوامة المحاصصة وازماتها.



324
المنبر الحر / زهدهم وبذخنا !!!
« في: 22:47 03/01/2012  »
زهدهم وبذخنا !!!
احسان جواد كاظم
معدودون الذين سمعوا بخوسيه موخيكا Jose Mujica رئيس الاورغواي الزاهد الذي تسنم رئاسة الجمهورية منذ سنتين كأول رئيس يساري لها عن تحالف يسار الوسط بعد ان رزحت البلاد 150 عاما تحت حكم العسكر اليميني والذي سقط عام 2005.
وكان موخيكا قد قضى 13 عاما في سجون الدكتاتورية العسكرية, في سجن انفرادي وتعرض اثناءها للتعذيب باعتباره قائدا انصاريا واحد مؤسسي حركة التوباماروس Tupamaros, حركة التحرير المسلحة التي كافحت الدكتاتورية المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية.
الحياة المتقشفة التي اختارها, زادت من شعبيته وجعلت فقراء الاورغواي يسمونه Pepe تحببا. فقد تخلى عن السكن في القصر الرئاسي وسكن ببيته الخاص . ويستعمل سيارة فولكس فاغن قديمة يقدر ثمنها حاليا 200 دولارا.

لانريد لرئيس جمهوريتنا جلال الطالباني ان يعاني حياة التقشف هذه, فالعراق على كل حال بلد غني ولايمكن مقارنته بالاورغواي الفقيرة التي كل ماتصدره " على حد قول احد الظرفاء " الموز والببغاوات, بل كنا نتأمل ان يتحلى بشيْ بسيط من روح المبادرة والغيرة التي يتحلى بهما رئيس الاورغواي في تقديم العون للفقراء من ابناء شعبه.

فقد بادر الرئيس خوسيه موخيكا الى التنازل عن مخصصاته السنوية والتي بلغت 5و2 مليون بيزوس اي مايعادل 125 الف دولارا لصالح بناء مساكن شعبية للمواطنين الاشد فقرا في مختلف مدن البلاد وبمساهمة رجال اعمال ايضا ب200 الف دولار, حسبما جاء في المجلة الشهرية بوليتيكاس Politicas. هذا المشروع يأتي كمحاولة من الدولة لمكافحة ظاهرة التشرد, وهي تجربة مأخوذة جزئيا من النموذج البرازيلي في حل مشكلة التشرد والفقر من جهة واعطاء افقر السكان فرصة الحصول على عمل لتحسين حياتهم المعيشية من جانب آخر.

لم يغب عن ذاكرتنا اعلان مكتب رئيس الجمهورية عن وقف الاعانات والمساعدات التي كانت تقدم لبعض المواطنين لاسباب محددة, مباشرة بعد تصويت مجلس النواب على تخفيض مخصصات الرئاسة المليونية. لكن رغم ذلك تضمنت موازنة عام 2011 فقرة " تخصيصات الرئاسات الثلاث".

وقد اشار استاذنا الموقر موسى فرج في دراسة له نشرت على مواقع الكترونية: " ان تخصيصات الرئاسات الثلاث في موازنة 2011 تفوق مجموع تخصيصات قطاع الصناعة + قطاع الزراعة + قطاع الاتصالات + قطاع البيئة + قطاع العلوم + ... للسنوات 2006 - 2011 " .

ثم كانت فضيحة تكاليف سفرة رئيس الجمهورية الى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للامم المتحدة والتي بلغت مليوني دولار اميركي لتهز سمعة رئاسة الجمهورية. ورغم توضيحات مكتب الرئيس عن اوجه الصرف من تكاليف الطائرة الخاصة والسكن والهدايا والهبات لمسؤولين وهيئات يلتقيها اثناء زيارته, فانها عبرت عن استهانة بالغة بآلام العراقيين ومعاناتهم من شحة الخدمات والبطالة وقصر ذات اليد في الوقت الذي يهدر الحكام اموالهم بدون وجع قلب.

والانكى من كل ذلك كان تبريرهم, ان المليوني دولار كانتا مجرد سلفة !!! سلفة وتخصيصات الرئاسات تبتلع نسب عالية من الموازنة ؟!!! ثم هل جرى ياترى, اعادة هذه السلفة الى خزينة الدولة ام سجلت كأموال على ذمة مجهول؟

ما علينا كمواطنين الا التصديق بكلمة شرف يقولها متحاصص.

والترديد خانعين : الله غالب !!!



325
مآل المحاصصة وخيارات المالكي

احسان جواد كاظم
انفتق ثوب المحاصصة الطائفية العرقية الرث بعد عرض وسائل الاعلام لأعترافات افراد حماية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بقيامهم بعمليات ارهابية ضد المواطنين العراقيين بتوجيه منه, وبغض النظر عن صحة هذه الاتهامات من عدمها فانه فرّ هاربا الى اقليم كردستان بعد اصدار أمر قضائي بالقاء القبض عليه.
وفي اليوم التالي لذلك كنا على موعد مع تفجيرات ارهابية بسيارات مفخخة راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى... اياد علاوي رئيس القائمة العراقية في البرلمان العراقي صنفها قائلا: " التفجيرات الاخيرة هي تصفية خصومات ". وهذا يشير بلا مواربة الى الطبيعة الاجرامية لنوازع سياسيي المحاصصة الذين يستمرأون اراقة دماء الابرياء لايصال رسالة لمنافسيهم  ويمارسون الارهاب كأداة ضغط على غرمائهم السياسيين.
المتهم بريْ حتى تثبت ادانته... هذا المبدأ القضائي القويم يريد البعض ادامته فيما يتعلق بطارق الهاشمي بعدم تقديمه للمحاكمة وابقاءه حرا يصول ويجول في انحاء اقليم كردستان بعد ان اعتبر رئيس الجمهورية جلال الطالباني ورئيس الاقليم مسعود البارازاني, الهاشمي ضيفا عليهما, رغم كونهما مسؤولان مهمان في الدولة العراقية ورغم وجود امر قضائي بالقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة. انهما بذلك يخرقان الدستور  الذي ساوى بين المواطنين العراقيين   باستخدام الانتقائية في تنفيذ القوانين عليهم... وهما بذلك يعملان بوحي من مصالحهما التحاصصية ليس الا.
ليس في موقفهما هذا من غرابة, فالمحاصصة الطائفية العرقية بقدر ما تمثله من نهج خاسر كبّد شعبنا العراقي الكثير من الخسائر واهدر الكثير من الدماء وبدد الكثير من الجهود واضاع الكثير من الوقت فانها المكسب الاكبر لقيادات الحزبين الكرديين الحاكمين وهما ليسا على استعداد الى التخلي عنها.
كما ان حديث المالكي والمقربين منه عن التجائهم الى حق الكتلة البرلمانية الاكبر في تشكيل الحكومة والخروج من طوق المحاصصة, ان صدقوا في توجههم هذا , سيشكل خسارة فادحة للقيادات الكردية, لأنه سيظهر الحجم السياسي الحقيقي لهذه القيادات ويلغي حجمها المتضخم والذي نشهده اليوم على المسرح السياسي العراقي نتيجة المحاصصة.
ان احتضانهم للهاشمي ظالما كان او مظلوما جعلهما طرفا في النزاع, وفي مواجهة مع كتلة المالكي, وهم والمالكي وشعبنا في غنى عن ذلك, ثم تشكيكهما بالقضاء العراقي ودعمهما لنقل محاكمة الهاشمي الى كردستان لم يكن موفقا وكأن القضاء الكردستاني, افضل حالا واكثر استقلالية من قضاء المركز... ان هذا التشكيك بنزاهة القضاء العراقي يدينهما اشد الادانة لأنهما جزء اصيل من جهاز الدولة ولم يفعلا شيئا من خلال مسؤوليتهما ودورهما ومكانتهما فيه ومن خلال ممثليهم في مجلس النواب والوزارات في اصلاح هذا الخلل الشائن ومشاركتهما الآخرين في استمرار ظلم المواطنين.
وقد كان اياد علاوي  رئيس القائمة العراقية التي ينتمي اليها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك المقال بسبب عدم الكفاءة كما اعلن, وضع امام كتلة المالكي" الائتلاف الوطني العراقي" ثلاث خيارات لاغير, اولها: الالتزام بالمشاركة السياسية ( المحاصصة ) او استبداله بآخر من الكتلة ( المعني هنا هو ابراهيم الجعفري والعياذ بالله) او اجراء انتخابات برلمانية مبكرة. واحلى هذه الخيارات بالنسبة للمالكي مر, لاسيما بعد ان امسك بمفاصل السلطة.
تؤكد كل الوقائع بان مآل المحاصصة الى زوال بسبب عقمها عن اعطاء حلول للمشاكل القائمة اضافة الى انها اصبحت عائقا امام اي تطور في العملية السياسية.
ان اعتماد نظام الاغلبية العددية السياسية في البرلمان, الذي يهدد به المالكي غرمائه السياسيين, والذي طالبه باعتماده منذ شهور متظاهرو ساحة التحرير ونعتهم بسببه بابشع النعوت, يمكن ان يؤسس الى قيام كتل برلمانية واحزاب وطنية فوق طائفية وعابرة للقوميات ببرامج تضمن حقوق المواطن وتحل مشاكله ,’ وارساء حياة سياسية قوامها قوى الحكم والمعارضة يتنافسان لخدمة المواطن لا استخدامه.
ان عدم وجود ارادة سياسية للحل سيقود البلاد الى فوضى عارمة  لانريدها لشعبنا كما ان الفوضى الخلاقة التي قد يسعى اليها كما يدعى الاطفائي الامريكي لحل اشكالات القوى المتصارعة على السلطة حد استنفاذها لقواها, لاتدخل ضمن اهتمام كل من تعز عليه قضية شعبه, فسلامة ابناء شعبنا ومستقبلهم لهما الاولوية المطلقة.



326
بؤس المهزلة ومآسيها !!!
احسان جواد كاظم

افضل ما خرج به علينا سياسييونا في الاسبوع الماضي في مسلسل تصارعهم الديكي على السلطة وامتيازاتها كان تنافسهم على نيل شرف استهداف السيارة المفخخة والتي انفجرت قرب مجلس النواب في المنطقة الخضراء لأحدهم. فكل منهم يريد وصلا بليلى. وجعلونا نفكر من منهم يستحقها حقا ومن منهم الاولى بجائزة الشهادة, المالكي او النجيفي. فقد اصبح كلاهما منظما للعملية الارهابية وهدفا لها, وذلك استنادا الى الاتهامات المتبادلة بمحاولة الاغتيال التي كيلت والتي نقلتها وسائل الاعلام.
القناة الحكومية " الفضائية العراقية " عرضت فلما يؤكد بان الارهابي وسيارته المفخخة لم يكونا يستهدفان رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي . فيما اوردت المصادر التابعة للنجيفي, بمعرفة الجميع عدم نيّة رئيس الوزراء نوري المالكي زيارة مجلس النواب لا في هذا اليوم تحديدا ولا في المدة القريبة وانما بعد عودته من زيارته الجارية للولايات المتحدة الامريكية.
لم يفكروا قط, بمغزى تفجير ارهابي في عقر دارهم المحصنة والمحروسة بجيوش من الحمايات. ولم يخطر على بالهم طبعا, مصائر الناس الذين انتخبوهم و المفتقدين للحماية, وهم يتعرضون يوميا لأخطار العديد من مثيلات هذا التفجير والعبوات الناسفة واللاصقة وكاتمات الصوت وما تتبعها من مآسي جمة, واصبح كل زعيقهم الاعلامي عن استتاب الوضع الامني وتنامي قدرات القوات الامنية في ضبط الشارع وتراجع نشاط الجماعات الارهابية من قاعدة وميليشيات وبعث وعصابات الجريمة المنظمة , بما يحدث داخل المنطقة الخضراء وخارجها هباءا منثورا.
انهم منهمكون في صنع امجادهم الشخصية وبطولاتهم الموهومة وتكديس الثروات ليس الا, على حساب وعي المواطن وثرواته.
وكما جرت العادة, فانهم بعد ان اشعلوا فتيل الازمة والهبوا أوارها عادوا ليصمتوا صمت القبور, بعد ان شكلوا لجنة تحقيق مهمتها, كما كل لجنة شكلت سابقا, تمييع القضية وطمطمة الامور, رغم عظم اتهامات احدهما للآخر بتنظيم عملية اغتيال.
طبعا سيعزون كل هذه الاتهامات والجدالات الى انها ممارسة ديمقراطية, لكنهم يتناسون من جانب آخر حق المواطن في معرفة حقيقة مايحدث ومن هو الضامن لأمنه وحامي مصالحه بعدما وصلت ( ممارستهم الديمقراطية ) حد تنظيم الاغتيالات. فما على المواطن سوى ان يطأطأ راسه ويكتفي بما يقال له على عواهنه ويتفبل بؤس محاصصتهم التي تعلو ولا يعلى سواها.

http://www.youtube.com/watch?NR=1&v=6fxVIRFawLM




327
من هي الضحية؟ ضاعت علينا القضية

احسان جواد كاظم

أشكل الامر علينا في تحديد الضحية في عملية قتل جنائية حدثت في احدى المدن العراقية, متهمة فيها شابة, بعد مشاهدتنا لها على اليو تيوب وهي تتعرض للاستجواب والتعذيب على ايدي رجال امن عراقيين في احدى المراكز الامنية. عملية القتل هذه لها خصوصية مميزة, فالمقتول سيد ( رجل الدين ).

قتلها اجتماعيا قبل ان تقتله جنائيا, غشها وقطف ثمار انوثتها ثم تركها لتلاقي مصيرها وحيدة في مجتمع قاسٍ لايرحم احدا, فما بالك لو كانت امرأة خاطئة, لاسيما وان المقتول سيد بكل ماتحمله هذه الصفة من مدلول اجتماعي وقداسة دينية.
انها مذنبة... ذنبها الرئيسي ليس قتلها لهذا السيد, رغم بشاعة فعلها, فقد قتلته غسلا للعار, لكن ذنبها الاكبر هو سذاجتها المفرطة, وثقتها المطلقة بقدرتها على الظفر بحياة آمنة تحت ظلال هذا السيد.
يشكل الفيديو نموذجا جيدا لتحليل طبيعة التفكير المجتمعي السائدة, وربما تختصر جملة قالها احد معذبيها: " ولج تعرفين شنو سيد ؟!!!".
نمط التفكير المتخلف هذا والذي هو مزيج غير متجانس من قيم عشائرية بالية وعقيدة دينية متخلفة, تنظر للمرأة كوعاء تفريغ يستخدمه الرجل كلما شاء ليس الا, فهي ليست لديها مشاعر ورغبات واماني, رغم انهم يحملوها كل موبقاتهم وشرور هذا العالم...فالسيد عبّر عن شطارته وفحولته وحسب, وهو على كل حال , يحق له مالا يحق لغيره من الرجال.
نمط التفكير هذا الذي ينزه رجل الدين مهما تجاوز من حدود شرعية يرغم الآخرين على الالتزام بها, ومن اعراف اجتماعية وقوانين, لهو الاحرى بالادانة والمحاربة,  فرجل الدين مهما علا شأنه يبقى مواطنا كما غيره من المواطنين الآخرين , عليه ما عليهم من واجبات وله مالهم من حقوق والا نكون قد رجعنا الى ايام الدكتاتورية السوداء بأستئثار البعض بامتيازات تضعهم فوق القانون وخارج اطار اية مسائلة.
 قد يبدو هذا الرأي مثاليا في مجتمعاتنا , حيث طغيان المد الديني, لكن لو كنا نبغي بناء مجتمع قائم على العدل والحقوق والديمقراطية فانه ينبغي اخضاع هؤلاء لقيم العدالة والمساواة التي تنادي بها البشرية.
وكان للتكاثر الاميبي للسادة خصوصا ورجال الدين عموما بعد التغيير عام 2003 قد اوجد الحاجة للاكثار من الجوامع والحسينيات... فكانت فرصتهم الذهبية قد سنحت ايام جحيم الحرب الطائفية, فأصبح كل حزب ديني او مرجعية تتسابق للاستيلاء على اكبر عدد من املاك المواطنين الهاربين او المهجرين من مناطق سكناهم ليجعلوها مقارا لنشاطاتهم وميليشياتهم ليسوموا الناس العذاب ويساوموهم  في حقوقهم وحرماتهم.
 ومن المعروف  ان رجال الدين هم الشريحة الأوفر حظا في مجتمعنا اليوم التي تتمتع بثمار التغيير: جاه اجتماعي, سلطة دينية ودنيوية, ثراء مادي ثم حريات مطلقة, تبتديْ من الحرية السياسية ولاتنتهي بالحرية الجنسية. تتملقهم سلطات الدولة كما المواطن المسحوق الباحث عن موقع قدم في هذا العالم المتلاطم الامواج والحافل بالمفاجآت غير المحسوبة. وكذلك كانت هذه الشابة التي بالغت في ارضاء السيد متأملة  توفيره لها ولعائلتها بعد الزواج حياة افضل اكثر استقرارا ولكنه كان غادرا.
نلحظ تشابها بين عهد الدكتاتورية السابق والعهد الجديد من حيث ان سطوة الدكتاتور وحاشيته اخلت مكانها لصالح سطوة رجال الدين, وكلاهما نهل وينهل من خوف المواطن ومحاباة القضاء وممالأة رجالات المجتمع وتغاضيهم عن تجاوزاتهم.
طالب بعض الكتاب بمحاسبة ضباط الامن الذين عذبوها وشجعوها على الانتحار باعطاءها مسدسا, لكن الاهم من ذلك كما  اعتقد, هو ضمان محاكمة عادلة لها, لكي لا تصبح ضحية مرة اخرى وتركها فريسة بين نياب ضباع لاتهمهم مأساتها التي اولمها  اياها هذا السيد. وهذه بلاشك مهمة الهيئات القضائية المستقلة ومنظمات حقوق الانسان والمرأة ومنظمات المجتمع المدني عموما, بمتابعة سير الاجراءات القضائية وسلامتها  وعدم تدخل الجهات الدينية والسياسية واحقاق الحق.
هل من معين لهذه الشابة المغدورة ؟!!!


328
نحن... مساجين لوحات سلفادور دالي


احسان جواد كاظم

متناقضات حياتنا اليومية في العراق تتجاوز في غرابتها لوحات دالي السريالية بعناصرها ومفرداتها المتعددة غير المترابطة والمتناقضة والتي تدخلك محاولة تفسيرها في متاهات فكرية تخرج على اية منطقية او منهجية معروفة... ولاشك ان عجائبية وضعنا تكمن في غرائبية سياسيينا. فبعد ان تخلصنا من وجوه عابسة بافواه معوجة افقدتنا القدرة على النوم... اصبحنا نرى اليوم وجوها تعلوها ابتسامات صفر مرائية لم نرها حتى في الكوابيس.

تبهرنا عبقرية التنويع في مكونات لوحات سلفادور دالي الفنية رغم سرياليتها, بقدر ما يصدمنا فقدان سياسيونا الموهبة في ترتيب مفردات الصورة
 العامة وفوضوية اجراءاتهم في وطن ثري بما يخزن تحت ارضه من كنوز وبمن يمشي على ارضه من علماء وفنانين وشعراء وكادحين من مبدعي اللحظة العادية والانجاز الخالد.

لقد كان اقامة المحتل الامريكي دولة هشة بهذا الشكل على انقاض نظام دكتاتوري دموي, دولة غير قادرة, موحدة كانت او مجزأة  حتى على حماية مصالحه في المنطقة لأول مرة في تاريخ الاحتلالات, والذي كان احد تجليات وضعنا العراقي غرابة, ثم تركه فريسه سهلة لميليشيات الاحزاب الدينية والقومية لتعيث فسادا  في كل مرافق الحياة المختلفة, وتقتيلا وتهميشا للمواطن, حيث قامت وتقوم بأكبر عملية سرقة في التاريخ لثروات شعب مغلوب على امره كشعبنا العراقي. فبعد سيطرتها على مقدرات البلاد وموانئها ونقاطها الحدودية, شرعت بتهريب علني واسع, وتحت سمع وبصر العالم وبدون حياء, للنفط ولما تبقى من مصانع بعد تفكيكها الى دول الجوار لصالح احزابها وقياداتها ومرجعياتها ولتمويل عملياتها الجهادية ضد المواطنين. لابل وصلت حدود صلفها حد تسليب ناقلات وزارة التجارة التي تحمل مفردات البطاقة التموينية المخصصة لذوي الدخل المحدود ثم طرحها في الاسواق لبيعها باسعار باهضة رغم دمغة " مخصصة للبطاقة التموينية" مترافقة بعمى مطبق لأجهزة الرقابة الحكومية.

والحاقا لما لهذه الميليشيات من دور نافذ وانحسار ظاهر للجهاز الامني الحكومي في السنوات الفائتة, فرضت منظمة القاعدة الارهابية والميليشيات الشيعية وعصابات الجريمة المسلحة والشركات الامنية الاجنبية وحمايات المسؤولين سيطرتها الامنية في مناطق وخرقتها في مناطق اخرى حسبما تتطلبه حاجات صراع المصالح بين متحاصصي السلطة.

ومن المفارقات التي نشهدها اليوم رغم تنامي قدرات الاجهزة الامنية والجيش وتطور اداءها, حضور قادة عسكريين استعراضات شبه عسكرية لميليشيات, يمنع الدستور تشكيلها ,سامت المواطنين عذابا, في تملق وضيع لقادة هذه الميليشيات المنغمسين في تحاصص الغنائم, على حساب المواطن البسيط.
ومن رئيس جمهورية يرفض توقيع احكاما قضائية بحق مؤنفلي شعبه بالسلاح الكيمياوي ومفجري الاسواق الشعبية ومدارس الاطفال ومرتكبي الترويع الطائفي وجزاري الذبح على الهوية لأنه يحترم حقوق الانسان !!!

المتحاصصون... بوهيميون حتى في نزعاتهم الايمانية, فرغم تمسكهم بالعروة الوثقى فان ارفع وسام للكذب تتزين به صدورهم... فالتنصل عن وعودهم والتصاعد المخيف للاختلاسات وهروب مرتكبيها من اعوانهم وشيوع الفساد المالي والاداري بين كبار موظفي الدولة التابعين لاحزابهم وتهريبهم الى الخارج وسعيهم المشين للعفو عن مزوري الوثائق الرسمية المتعينين من قبلهم على مبدأ المحسوبية والمنسوبية ومعايير الانتماء الحزبي البعثية السابقة, والذين استلموا رواتبا  لايستحقونها هي من حقوق اليتامى والارامل والفقراء, كل ذلك هو من مفارقات وضعنا المبهم الذي نحياه.

ومواطننا الذي يشهد فشل المستأثرين بالسلطة المروع والازمة السياسية المتصاعدة وصراعهم المستميت على الامتيازات والتسلط, لاسيما معاركهم الكلامية التي تصل حد التهديد بكشف المستور من سرقات  وممارسات غرمائهم السياسيين, بقيت حسرة في قلبه, من عدم تنفيذ هؤلاء لتهديداتهم, .واصبح واثقا من اشتراكهم جميعا في صنع معاناته وآلامه

وفي ظل ما يحدث من عجز المحاصصة كنظام حكم وانسداد الآفاق امامها لابل تحولها الى عقبة كأداء امام اي تقدم في العملية السياسية, تصر القوى المتسلطة المتصارعة على التمسك بنهجها وتقود البلاد الى منعطفات خطرة  قد تجعل مصير الوطن على كف عفريت. وتصم اذانها عن الدعوات لأجراء مؤتمر وطني عام لأعادة النظر بنهج المحاصصة ودراسة بدائلها وسبل الخروج من الازمة.

انا شخصيا ارى , ان حصر الحوار في اطار القوى المتحاصصة سوف لن يفض الى نتيجة, كما ان هذه القوى لن ترضى بمشاركة قوى من خارج اطرها لما يشكله ذلك من فضح لاتفاقاتها المشبوهة في سرقة المواطن العراقي وهضم حقوقه وخدمة مصالحها الفئوية الضيقة, لذا فان اسقاط نهج المحاصصة البغيض سيصنعه ربيع عراقي قادم لامحالة وسيحطم قضبانها الصدأة.

رسم سلفادور دالي لوحاته بالوان زاهية , بينما هم يرسمون صورة قاتمة لعراق النور.
  لاريب بان اللوحة الاحلى سيرسمها شعبنا قريبا.




329
الشيوعيون العراقيون - لاعيب فيهم غير ان ...

احسان جواد كاظم

لم يبق من احزاب المعارضة العراقية لنظام الدكتاتورية البائد والفاعلة على الساحة العراقية والتي لم تتلوث بأدران المحاصصة الطائفية - العرقية او بالحروب الطائفية البغيضة والصراعات الفئوية المقيتة سوى الحزب الشيوعي العراقي.
فهو الذي يمكن ان تعقد عليه الآمال في تغيير ديمقراطي حقيقي تكون فية الأولوية للمواطن ومصالحه... لكن دائما ما تتعالى اصوات البعض المنادية بتغيير اسم الحزب مع اقتراب انعقاد كل مؤتمر وطني له واتخاذ اسم جديد بدعوى التحديث والتوائم مع متطلبات الوضع ولتدني الوعي السياسي العام والتشظيات الطائفية والقومية وكذلك لما تثيره كلمة " شيوعي " من حساسية لدى البعض والتي سببتها تضافر حملات جهات دينية ظلامية مع حملات نظام الفاشية البعثي في تشويه فكر الحزب وكفاحه الوطني وتغييبه عن ساحة العمل السياسي لسنوات عديدة.
ان المتابع لبرامج الحزب وبياناته وصحافته ومجمل نشاطه يلحظ تركيزها على تطوير المجتمع وتهتم برفعة المواطن ماديا ومعنويا. وهّمْ الحزب الاساسي هو مكافحة الفقر والظلم والتخلف والجهل مهما كان مصدرها. اما قضايا الايمان من عدمه فهي امور شخصية يقررها المرأ نفسه وليس لأحد اي كان, حق التدخل في شؤونه الخاصة .
فتوسل رضى جهات بوجهات نظر اكل عليها الدهر وشرب وبعقيدة سلفية تقبع ملفعة في غياهب التاريخ لن تنفع شيئا وهو بلاشك الوهم بعينه. فالتجديد في الحزب الشيوعي لايعني شيئا لدى هذا البعض الذي يرفض أصلا التجديد في المجتمع.
واذا كان هناك مواطنين لم يستطع برنامج الحزب ولا نزاهة الشيوعيين ونكران ذواتهم وتاريخهم المشرق عن اقناعهم بقيمه... واذا لم تستطع كل جرائم الاسلام السياسي و حلفاءه ونهبهم الوقح لقوت الفقراء وعموم ابناء شعبنا, واصرارهم على ابقاءهم يعانون في حمأة العوز والتخلف , عن اقناعهم بزيف مباديْ هؤلاء , فلابد للشيوعيين ان يكونوا في غنى عنهم.
ان الراكضين وراء سراب ارضاء هذا البعض يستبدلون العمل الجماهيري الدؤوب بين ابناء الشعب وتبني قضاياهم والدفاع عن مصالحهم, بتغيير اسم الحزب, العصا السحرية ( كما يعتقدون ) والتي سترفع من تأثيره السياسي وتزيد من عضويته. لااعرف كيف سيتلافون القطع مع كل تاريخ الحزب ونهجه وفكره... فليس من العملي مثلا اعتماد فقرة في نظامه الداخلي بان الحزب بتسميته الجديدة هو امتداد للحزب الشيوعي العراقي المتأسس عام 1934, وكأننا لم نفعل شيئا, لان ذلك سوف لايجنبه تكفير اعداء الشيوعية له ولا يثبت هويته.
واسوق هنا التجربة البولونية التي عايشتها عن قرب منذ اوائل الثمانينات. فلم يشفع للشيوعيين في حزب العمال البولوني الموحد, الحزب الحاكم حينها, تسليم السلطة سلميا لمنظمة التضامن, ثم تحويل الحزب من حزب شيوعي الى حزب اشتراكي ديمقراطي وتبنيهم لنهج السوق الحر في الاقتصاد وادخالهم بولونيا لحلف النيتو بعد فوزهم في الانتخابات ديمقراطيا, لم يشفع لهم كل ذلك من وصمهم بالشيوعية يوما من قبل احزاب اليمين البولوني والاكليروس الكنسي... لابل ان الاعلام الغربي بقي مصرا عند الاشارة الى الرئيس البولوني الاسبق الكسندر كفاشنيفسكي, والذي كان من اقرب حلفاء بوش وبلير, الى التذكير باصوله الشيوعية.
لقد كان تغيير تسميات احزاب السلطة في الدول الاشتراكية السابقة فرضته ضرورات فعلية, فقد كانت تثقل كاهل احزاب السلطة فيها تبعات جرائم العهد الستاليني وسياسات البيروقراطية الحزبية وتهميش الرأي الآخر.
ومن جانب آخر , يجب ان لاتغيب عن بال احد, مماطلة وتسويف جهات حكومية في حكومة المركز وفي حكومة اقليم كردستان في تنفيذ القوانين الخاصة بحقوق الشهداء الشيوعيين الذين قضوا تحت التعذيب في زنازين الدكتاتورية وفي المقابر الجماعية او اثناء حملات الاغتيال الارهابية والميليشياوية بعد 2003, وحقوق الانصار الشيوعيين في كردستان الذين قاتلوا الدكتاتورية مع تشكيلات البيشمركة الاخرى وتعرضوا لحملاتها البربرية وانفالاتها الاجرامية. فكيف سيكون تعاملهم لاحقا فيما لو تغير اسم الحزب مع حقوق شهداءه وانصاره ياترى؟

ان حرصنا على ابقاء الاسم الحالي " الحزب الشيوعي العراقي " ينبع من مظاهر الاحترام والتبجيل التي يحضى بها الحزب وسياسته الحالية على الصعيد الشعبي رغم عدم ترجمة ذلك لحد الان في نجاح انتخابي, اضافة الى الاسباب الكثيرة المعروفة التي حالت دون هذا النجاح " فطريق الحق قليل سالكوه ", كما ان ليس هناك ما يشين هذه التسمية... لذا ترانا نردد مع الشاعر القديم في قومه ونحن في شيوعيينا:

لاعيب فيهم غير ان سيوفهم.......... بهن كلوم من قراع الكتائب



330
اي منظرو المحاصصة... انظروا سحنكم في مراياها !
احسان جواد كاظم

لابد وانهم لو حدقوا في مرايا المحاصصة الباهتة سوف لن يروا ما يسرّ الناظر... فقبحهم من قبحها وفشلها المدوي, انعكاس حاد عن تخريجاتهم النظرية البائسة لصالحها.
كم كان بودنا ان نرى انجازا ما يمكن ان نعزوه الى نهج المحاصصة الطائفية- العرقية الفاشل, في مجال التجربة السياسية او في مجال الامن والخدمات او اي شيْ آخر, بينما نشهد العكس. فان اكبر مظاهر فشل نهج المحاصصة فجاجة والذي يحلو لبعض منظريها تسميته ب" المشاركة الوطنية ": هو الاستبعاد المتعمد لدور المواطن وتجاهل ارادته في التغيير والاقتصار على احزابها وكتلها حيث تسود علاقات الشك والريبة فيما بين اطرافها واحتدام صراعاتها المخجلة لخطف المزيد من الامتيازات على حساب المواطن البسيط وقوته ومستقبله.
فبعد تنصل هذه القوى عن وعودها الانتخابية للمواطنين, فانها لم تستطع استكمال التشكيلة الحكومية لحد هذا اليوم رغم مرور اكثر من سنة ونصف على الانتخابات البرلمانية ثم ابتلاع رئيس الوزراء نوري المالكي لوعود المئة يوم بتحسين الاداء الحكومي, واستمرار الترهل الحكومي النهبوي... وهم في ذلك يعولون على ضعف الذاكرة الشعبية لاستدامة تشبثهم بالحكم, وفي اختلاقهم المتكرر للازمات السياسية والامنية واشغاله بضعف الخدمات والبطالة وعدم توفير الكهرباء...

وبعد كل ذلك يريد منظرو المحاصصة اقناعنا بانها الصراط المستقيم الوحيد الذي علينا سلوكه ويعصمنا عن الزلل.
انهم يضعوننا امام خيارين لاثالث لهما: اما هم واولياء نعمتهم او البعث الساقط وكأن شعبنا لم يتعلم شيئا خلال هذه السنوات منذ سقوط النظام البائد وليس له منظمات مجتمع مدني واحزاب سياسية وصحافة او لم تصدر قوانين مقيدة لعودته... وان كانت عودة البعث لازالت ممكنة فان احزاب المحاصصة هي اول من تتحمل مسؤولية عودته غير الميمونة. ثم لماذا يعود البعث وهناك امكانية تحول قوى متحاصصة عديدة الى بعث جديد لو سنحت لها الفرصة, فبوادر ذلك متوفرة في واقعنا السياسي وليس آخرها قمع متظاهري ساحة التحرير في بغداد ومدن العراق السلميين المطالبين بالحقوق والديمقراطية واغتيال الصحفيين المعارضين, كما حدث للصحفي والمسرحي الشهيد هادي المهدي او محاولات اسكات الاصوات التي تفضح الفساد بمقاضاتهم قانونيا بدون مسوغ قانوني كما حدث للنائب البرلماني المستقل صباح الساعدي. لكن طموحات البعض المريضة باحياء نهج البعث لابد وان تصطدم بالمزاج الشعبي الرافض للاستبداد تحت اية يافطة جاء, لاسيما وان شعوب منطقتنا اطاحت ببعض نظم الاستبداد بثورات شعبية ونظم اخرى تنتظر مصيرها المحتوم .
ان المحاصصة هي رديفة الفساد. فرغم ما توفر للمتحاصصين من امكانيات مالية هائلة ومالديهم من كوادر متوظئة ايديها ومتزيببة( ذوو زبيبة ) ومتعيققة ( يحملون محابس العقيق ) وتنطع البعض الآخر بالحديث عن الكردايتي والعروبة الا ان الفساد والرشوة يضربان اطنابهما في اجهزة ودوائر واحزاب السلطة.

ان ماقاله ارنست همنغواي ينطبق بحق على المصفقين لنهج المحاصصة ويعبر بصدق عن خوائهم الفكري: " العربات الفارغة تعمل ضجيجا اعلى ".




331
بؤرة جيفارا الثورية بنكهة عراقية !

احسان جواد كاظم

لا اعرف هل إطلع شباب 25 شباط/ ساحة التحرير على طروحات القائد الثوري ارنستو تشي جيفارا حول البؤرة الثورية, والتي حاول تطبيقها في ظروف امريكا اللاتينية ام لا, لكن من المؤكد ان إصرارهم على حمل هموم الشعب والمضي في سعيهم نحو احقاق حقوقه المهضومة, بنكران ذات, يحمل, كما ارى, الكثير من ملامح التجربة الجيفارية, بفعل المضايقات الامنية والحملات الاعلامية الرسمية ومحاولات عزلهم المستميتة عن عموم ابناء شعبنا.

شبابنا المتظاهرون في ساحة التحرير وميادين العراق كافة المنحدرين من طبقات وشرائح مجتمعنا المختلفة والذين يمثلون مشارب فكرية واجتماعية متعددة, عانوا من سياسات نظام الدكتاتورية البائد القمعية والذين استمرت معاناتهم من سياسات نظام المحاصصة الطائفي العرقي المتمثلة في سرقة المال العام وحماية الفاسدين وفرض القيود على الحريات الشخصية والعامة, انطلقوا بعزم لأنهاء الاقصاء القسري للشباب العراقي عن مجالات العمل والفعل المبدع ولضمان تمتع شعبنا بثرواته.

لقد اضفى شبابنا على الطروحات الجيفارية حول البؤرة الثورة, قيمة جديدة, حيث استبدلوا العنف الثوري بالنضال السلمي الجماهيري مستلهمين بابداع متغيرات العصر وظروف العراق الفعلية في تحقيق مطامحهم الشرعية.
سمتهم البارزة هي, عراقية الطرح رغم ضغوط الفكر التجزيئي السائد للهوية العراقية وتعبيراته العملية من احزاب وتيارات وأطر ادارية, استغلت وتستغل نفوذها الحكومي وبدعم من بعض المرجعيات الدينية والتدخلات الاقليمية لتكريس حالة التمزق الطائفي والقومي والعشائري والفئوي والمناطقي. لذا فانهم, بما يحملون من روح العصر المتطلعة الى آفاق ارحب, قد عبروا بصدق عن جوهر علاقات التضامن والتلاحم الاجتماعي التاريخية بين ابناء شعبنا.

هذا وقد كان تمسكهم الثابت بانتماءهم الوطني وتبنيهم بصدق معاناة ومظالم شعبهم قد حصنهم من الخضوع لضغوط واملاءات وتأثيرات دول اقليمية لاتهمها, لا من قريب ولا من بعيد, مصالح شعبنا الوطنية, ولم يثنهم ذلك وكل الاجراءات القمعية ( اعتقال قادة المتظاهرين والاعتداء عليهم من قبل الاجهزة الامنية وشقاوات احزاب السلطة...) عن المضيّ في التظاهر لتحقيق ما يصبون اليه من رفعة للوطن وكرامة للمواطن.

ان دعوة هذه المجموعة من الشباب والمتظاهرين الى التخلي عن نهج المحاصصة التدميري الذي انتج لنا الاحتقان الطائفي والعرقي والازمة السياسية الفئوية الحادة والفشل الحكومي في تقديم ابسط متطلبات الحياة الكريمة للمواطن والهدر الهائل لثروات شعبنا والانفلات الامني والفساد الاداري والمالي والسياسي واستباحة دول الجوار لمياهنا واجواءنا واراضينا والاستخذاء امامها, مكتسبة للشرعية التامة والتي لابد وان تستقطب المزيد من ابناء شعبنا للانخراط في عملية المطالبة بالتغيير, وهذا بالضبط ما يقض مضاجع المتحاصصين.
وعلى الرغم من انطلاق تهديدات اسقاط رئيس الوزراء نوري المالكي عن سدة الحكم من اقرب حلفاءه في ائتلافه ومن المتحاصصين الآخرين الا انه غالبا ما توجه سهام الغضب الحكومي نحو شباب ومتظاهري ساحة التحرير السلميين والذين ليس لهم مصالح شخصية بل مطالب شعبية عامة , تهرب من استحقاقاتها وتنصل عن اغلبها هو وحزبه.

لابد لكل من يحمل الهم العراقي والمتطلع الى وطنه وشعبه ان يردد مع مطربنا المبدع قحطان العطار: عبرت الضيم بشراعك... انا المتعني لجروفك
تهت والروج دولبني... تعبت واتنخى بجفوفك
شتظن يبخل عليّ جفك... ولا سبّاحة بجروفك
http://www.youtube.com/watch?v=00RyMqRucac&feature=related



332
تخمة الصوم في رمضان/ الأجر على قدر المشقة

احسان جواد كاظم

ليس من ارض كأرض العراق. يمكن كسب الأجر فيها. هذا ليس تحيزا, وليس لانها ارضا مقدسة مبذورة بأجداث المظلومين والثائرين او اي شيْ من هذا القبيل وانما لأن مشاقها كبيرة لاتنتهي, والأجر, كما هو معلوم على قدر المشقة. فرغم ما يزخر به العراق من ثروات معدنية كثيرة وما يمتلك من اموال طائلة لكن شعبه يعيش شظف العيش والخدمات المقدمة له شحيحة, ان لم تكن معدومة. والكهرباء مثالها الاول والتي يرنو اليها الصائم لتسهل عليه مشاق الصيام في ايام هذا الشهر القائظ لتبريد اجواءه وترطيب اعطافه. لكن آلت الحكومة على نفسها تعويضه عنها بتضخيم اجوره بزيادة مشاقه وحرماناته, بحجب الكهرباء وبشحة مياه الاسالة وبعدم توفير مفردات الحصة التموينية لفقراء الصائمين.
واستحقت بذلك الحكومة ومن وراءها من احزاب ومرجعيات وبرلمانيين الأجر الاكبر, لتوفيرها افضل الظروف لتعميم وتضخيم مشاق الصائم.

وضمن نفس المبدأ, يدخل المتلاعبون بالاسعار من التجار الجشعين في تحالف صميمي مع الحكومة, لزيادة مصاعب الصائم وغير الصائم برفع اسعار المواد الغذائية التي يقبل عليها المواطن في هذا الشهر, والتعجيل في ارساله الى جنة الخلد رغم انفه على شرط امتلاء جيوبهم وخزائنهم وجيوب المرتشين من موظفي الحكومة الفاسدين باموال المحتاجين الى رحمة في شهر الرحمة كما يفترض.

ومع ان الشائع بان الاسلام دين يسر لا عسر, لكننا نرى خطباء المنابر وائمة الوعظ التلفزيوني قد انضموا الى جهود الحكومة العاجزة وجشع التجار في زيادة معاناة المواطن, بمواعظ مستهلكة من قدر ماكرروها, لم يلتزم بها مطلقوها يوما, تحذر المؤمن من عذاب جهنم فيما لو قطع صيامه في هذه الظروف البالغة الصعوبة, مع انه كان في استطاعتهم ايجاد تخريجة مناسبة تراعي ظروف الصائم. فقد تأجلت فريضة الصوم اكثر من عشر سنوات منذ بدء الدعوة المحمدية ( حسب الشيخ النووي ) مراعاة لظروف المؤمنين وملاحقة قريش لهم. في الوقت الذي يدأب هؤلاء الوعاظ على تصوير فضاعة عذاب جهنم , وكأنهم ولدوا فيها, هم الذين يتمتعون بقيلولة لذيذة على ارائك من حرير تحت الايركندشن الذي لاتشمله انقطاعات التيار الكهربائي الوطني هذ غير موائد الافطار المجانية العامرة التي تنتظره.

كما تنغل الفضائيات ببرامج مواعظ ائمة الولائم وبرامج طبخ اكلات رمضان لتشجيع المواطن على التهام اكبر مايمكن من اطايب الطعام ليعوض جوع النهار الفائت ويسند قلبه لتحمل جوع نهار قادم, غير آبهين بمضار التخمة ونتائجها العكسية على الصائم , فمشاقها واجورها سترافقه , على كل حال , طول سنوات حياته, رغم ان " خير الطعام الثريد".
ان مشقة تخمة الصوم لاتعطي اجرا, كما يتوقع الصائم, بل هي ذنب, تدخل تحت بند ايذاء الذات, والتي يحاسب عليها الخالق مرتكبها.

تركز الجهد الحكومي في تهيئة الظروف المناسبة للصيام على اصدار قرارات غلق المطاعم ومنع الافطار العلني دون غيرها من المتطلبات كما ذكرنا. وهذه القرارات هي مجرد اجراءات طقوسية تستهدف ارضاء رجال الدين وليس حماية الصائم.
فالصائم الذي تضعف ارادته وينهار ويقطع صيامه لمجرد رؤيته لشخص يشرب ماءا في هذا الصيف الحارق لهو مؤمن هش الايمان والتزامه باداء هذه الفريضة يخضع للمظاهر الاجتماعية المحيطة وليس من نية صافية للصوم.
وتبقى الاعمال بالنيات وليس بمظاهرها كما هو شائع في مجتمعاتنا المرائية.


333
درجة العراقيين المتمتعة بعطلة السنتگريت الخمسين
احسان جواد كاظم

     
لن يتمتع كل العراقيين بالعطلة الطارئة التي فرضها ارتفاع درجات الحرارة الى مافوق الخمسين التي اعلنتها حكومتهم الرحيمة التي يتقطع قلبها لما يعانيه المواطن من الحر لاسيما بعد اقترانه بقدوم شهر الصوم شهر رمضان.

المشمولون والمستفيدون من هذه المكرمة لايشكلون نسبة مهمة من سكان العراق وهم موظفي الدوائر الحكومية ومنتسبي بعض المرافق الحكومية الاخرى في ظل شلل مؤسسات القطاع العام بسبب عدم تأهيل اغلبها لحد الآن واستمرار بطالة عشرات الآلاف من موظفيها وعمالها. اضافة الى عدم استفادة شريحة واسعة ومهمة من الموظفين الحكوميين من تعطيل الدوام الرسمي, وهم المعلمين والتدريسيين اضافة الى تلاميذهم وطلابهم في المراحل الدراسية المختلفة وطلبة الجامعات الذين يتمتعون اصلا بالعطلة المدرسية الصيفية, يضاف لهم ايضا منتسبي القوات المسلحة والعاملين في القطاع الصحي الذين لايمكنهم التعطيل هكذا ببساطة.
وربما يفضل الكثير من الموظفين الدوام في دوائر مكيفة عن التمتع بعطلة والجلوس في البيت في انتظار رحمة الكهرباء المتعززة.

ولافرق طبعا لدى عمال المساطر واصحاب البسطات والكسبة واصحاب المحلات التجارية الخاصة الذين يكدحون ليل نهار لتأمين لقمة عيش لعوائلهم, اعطاء عطلة بسبب الحر من عدمه. فسواء كانوا في العمل او في البيت فان معاناتهم من لظى حر آب اللهاب هي ذاتها بسبب فقدان الكهرباء والتي اصبحت حلم كل عراقي. ثم انهم غير معنيين اصلا بالمبادرة الحكومية اياها.

ان ذوي القلوب المتقرنة, مواطني الدرجة الاولى, من قادة سياسيين ومسؤولين اداريين ومراجع دينية والمقربين منهم, ممن يتمتعون بمزايا الخط الكهربائي الخاص, وبعد ان جعلوا 18 مليار دولار المخصصة لتأمين الكهرباء للمواطنين هباءا منثورا او بالاحرى وجدت طريقها الى جيوبهم وحساباتهم الخاصة, هم المستفيدين الاساسيين من عطلة الحر هذه... اعني من بقي منهم وعددهم بالطبع بسيط, داخل الوطن ولم يهرب مع عائلته من حر القيظ الى منتجعات سويسرا او على سواحل الريفييرا الفرنسية... او في مصايف تبريز.

ان عطلة الحر محاولة حكومية لامتصاص النقمة الشعبية من العجز الحكومي في توفير الكهرباء ولشراء سكوت المواطن, لكنهم رشوا المرتشي الذي يتمتع بمزايا وامتيازات تحالفاتهم الطائفية والعرقية فحسب, اما المواطن العراقي العادي المحروم من ابسط متطلبات الحياة الكريمة المعاصرة, الكهرباء, فحسابهم معه قريب وعسير لامحالة.



334
الله يجازي النسوان... *

احسان جواد كاظم
 
انهن يردن قلب الدنيا عاليها سافلها اكثر مما هي مقلوبة. فلم تنفع معهن سنين البر والاحسان. يبددن قرون الدعة والسكون ليغادرن خدور العفة وجدران الحرملك المحروسة بسيوف الحمية والنخوة والغيرة الرجولية.

السعوديات حركن راكدا بمطالبتهن الجلوس خلف مقود سيارة في البلد الوحيد في العالم الذي يحرم قيادة المرأة للسيارة بدعاوى واهية نابعة من الوسواس الجنسي الذي يؤرق رجال الدين والمستند الى التفسير الجنسي الشبقي للتعاليم الدينية المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية. دعاوى فارغة تتلبس تارة لبوس الخشية عليها من ذئاب بشرية , يقومون الليل ويصومون النهار,, تتربص بها على ناصية كل شارع ومنعا للرذيلة في بلد الفضيلة الاول, وكأن سيرها على الاقدام يجنبها المعاكسة والتحرش. وتارة اخرى الخشية من الازدحامات المرورية.

ولايمكن درج مطلبها هذا تحت عنوان الترف بل هو حاجة فعلية في بلاد شاسعة, تفتقر للمواصلات العامة منعا للاختلاط وتعدد المتطلبات العائلية التي يقع اغلبها على عاتق المرأة في مجتمع ذكوري قبلي اسلامي متخلف كما السعودية.

ورغم التهويش الاعلامي من شيوخ المسلمين ورعاعهم ضد هذا الحق في عصر الاتصالات والمواصلات الفائقة السرعة فان الذكاء الشعبي يبتدع وسائله الخاصة لتفادي الاصطدام المباشر بقوى التعسف المتسلطة في بلد مثل المملكة العربية السعودية. فكانت النظرة الدونية نحو المرأة باعتبارها كائن ضعيف والتي يلهج بها المجتمع السعودي والاسلامي بالعموم اضافة الى الرادع الاجتماعي - العيب - الذي يجعل الاجهزة الامنية تتردد في معاقبة المرأة الضعيفة بشكل عنيف في شأن كهذا, هو المدخل الذي استثمرته المرأة السعودية بذكاء لجعله سلاحها الماضي لأنتزاع حق قيادتها للسيارة. فكان استغلالها لهذه النظرة الاجتماعية السلبية في مجتمعها وتحويلها لتكون لها سندا في تحقيق مطمح ايجابي احد نجاحاتها المشهودة. اضافة طبعا الى انه لايوجد بند قانوني يمنع المرأة من سياقة السيارة.
ثم كان حسن ادارة القائمات على حملة حق المرأة السعودية في قيادة السيارة بدعوتهن للسعوديات بسياقة السيارة بشكل متفرق, منفرد وفي موعد موحد في كل مناطق السعودية لتلافي احتمال استغلال قوى التعصب لقانون منع التجمع المقيد للحريات الساري في المملكة كمبرر جرمي سياسي لأعتقالهن فيما لو انطلقن جماعيا من موقع واحد.

ان مطالبة المرأة السعودية بهذا الحق الذي قد يبدو شيئا تافها مقارنة بما تطالب به النساء في العالم وخاصة في البلاد الاسلامية من حق المشاركة في اتخاذ القرار في شؤون الحياة العامة والخاصة, يأتي من اهميته كمقدمة لكسر قيد طالما كبّل رجال الدين والقبيلة به المرأة السعودية, الا وهو " ولي الأمر " الذي لاتستطيع المرأة التحرك خطوة دون اشارته وموافقته. ولهذا تثير هذه الفكرة جدلا فقهيا تقليديا وقانونيا حديثا واسعا في السعودية.

وكان شباب سعوديين رافضين للفكرة قد اطلقوا حملة معادية على الانترنيت لمن تسول لها نفسها سياقة السيارة تحت عنوان " العقال ينتظركم " . بينما ذهب بعض السعوديين حد الدعوة الى التحري عن مذهب من يؤيد سياقة المرأة السعودية للسيارة واعتبروا ذلك مؤامرة مذهبية.

النساء السعوديات رائدات التغيير القادم في السعودية. وليس في ذلك غرابة ... فذلك ديدن المرأة منذ ايام تفاحة المعرفة الاولى.



الله يجازي النسوان بألف خير رغم مسحة التشفي التي نشعرها باتجاههن : http://www.youtube.com/watch?v=IWPCv7T46eg&feature=related



* العنوان مأخوذ من اغنية للمنولوجست العراقي طيب الذكر عزيز علي




335
إعجاز المحاصصة : آلية تصلح للترشيق والترهيل معا !!!

احسان جواد كاظم
 
يصعب على المرأ تصديق نيّة قوى المحاصصة الطائفية - القومية بترشيق وزرارات حكومتهم المترهلة, لاسيما بعد فشلهم في استكمال تشكيلها رغم مرور اكثر من سنة من عمرها.
فبدعة الترشيق الوزاري هي اقصى ماتفتق عنه الذكاء المحاصصي بعد فترة المئة يوم الموعودة للخروج من الأزمة الخانقة التي يعاني منها العباد وكذلك البلاد وللتمويه على فشلهم السياسي. وكأن المتحاصصون قد وضعوا أخيراً اصبعهم على جرح العراق النازف. ثم اضافوا نيّة الترشيق مباشرة الى قائمة انجازات الحكومة دون انتظار نتائجها !!!

وقد نافح سياسيون منغمسون في لعبة المحاصصة لأقناعنا بضرورة الترشيق وفؤائده المالية ودوافعه الاخلاقية وما سيجلبه لنا من تحسن في الأداء الحكومي والأداري وكأننا كنا يوما مباركين لتفصيل الوزارات على مقاساتهم وبالعدد الذي يريدون.
لكنهم سرعان ما بدأوا بالتسويف, بالحديث عن مرحلية الترشيق واعتراضات الفرقاء وآلية التوافق المحاصصي الأسلم للترشيق. وكما المناقشات البيزنطية التي عهدناها عند تشكيل الحكومة التي لم تفضْ الى نتيجة مرضية لأحد, فلابد اننا سنكون على موعد مع مناقشات ترشيق متخذة ذات المسار العقيم الذي شهدناه.
لذا فان الوضع المأساوي مرشح له بطول العمر حتى مجيْ الأجل الدستوري للحكومة الحالية.

وتظهر باستمرار تساؤلات مشروعة بشأن الترشيق الوزاري :

- هل حقا ستقود آلية المحاصصة في الترشيق الى نهاية ؟

- هل الترشيق المقترح بدمج عدة وزارات في وزارة واحدة حل ناجع ؟ ماذا عن البطالة المقنعة لجيش الموظفين في هذه الوزارات, والذي لم يساهم في تجاوز مشكلة التأخر في انجاز معاملات المواطنين واكتظاظ الدوائر بالمراجعين ؟ أم ان الترشيق سيكون عموديا وأفقيا ؟

- هل سيأتي الترشيق بذوي الكفاءات والخبرة أم سيبقى الأنتماء المحاصصي هو المعيار الفاصل ؟

ومن المعتقد ان تكتنف الآلية المعتمدة في الترشيق الوزاري, بأستقالة الوزراء طوعياً أو إقالة من يتمنّع منهم, بتقديم رئيس الوزراء طلبا الى مجلس النواب لسحب الثقة عنه, الكثير من الاعتراضات والأزمات... فكما علمتنا الوقائع, لايمكننا الأعتماد على الغيرة الوطنية لكتل وشخصيات متحاصصة همها الاول ابتلاع مايمكن ابتلاعه من غنائم, من منطلق لا تؤخر عمل اليوم الى غد, خصوصا وان بعض الكتل متورطة بقضية بيع حقائب وزارية مقابل المال. فهي ستجد نفسها امام اشكالية معقدة؛ اما اتمام الصفقة, بأسناد وزارة مرشقة للمشتري إياه أو تعرضها لفضيحة اعلامية. لا اعتقد ان يستنجس احد المستفيدين من فقع فقاعتها الاعلامية في حالة عدم استعادة امواله المستثمرة بالتمام والكمال.
ان الأصرار على نهج المحاصصة التي اصبحت سٌبّة اخلاقية لمنتهجيها, سوف لن يأت بحلول لمشاكل البلاد المستعصية, لكن استمرارهم في الحكم مرتبط عضويا بهذا النهج. أما الخيار الديمقراطي فهو بالتأكيد لايروق لهم وهو خارج اهتماماتهم.

ان الشروع في الترشيق الوزاري هو احد علائم إحتضار المحاصصة الطائفية - القومية المقيتة, لذا فانهم سوف لن يفعلوها.




336
الأمانة الصحفية في الذمة الحزبية

احسان جواد كاظم
 
اسوة بكتاب المقالات, ابعث مقالاتي المتواضعة الى مختلف المواقع الالكترونية والصحف. بعض هذه المواقع تنشرها بدون تحفظ, بعضها ينشر منها ما يتلائم مع خطه السياسي فقط, ومواقع اخرى لا تنشر اي منها البتة لأسبابها الخاصة التي لا اعرفها. وهذا كله مفهوم. فمن الطبيعي ان لا يتلائم مضمون مقال كاتب ما او اسلوبه مع افكار او اذواق او اجندات الآخرين.

ولابد لصحفي مبتديْ مثلي ان يشعر بالغبطة عندما تقوم مواقع الكترونية وصحف من خارج قائمة العناوين التي يراسلها بنشر نتاجاته. لكني تفاجأت, وانا اتصفح الانترنيت بنشر صحيفة "البينة" التي تصدرها حركة حزب الله/ العراق مقالي المعنون: "الأغتيال لغرض الأقناع... كاتم الصوت - الحجة"
 http://www.al-bayyna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=42458
كما نشر موقع "العراقية" التابع لحركة الوفاق الوطني/ اياد علاوي مقالي المعنون : "أصبحت حكومتنا بفشل... وأمست بفشلين"
http://www.aliraqiah.com/ArticleShow.aspx?ID=2007
لأول وهلة, فكرت بضرورة اعادة رسم الخارطة السياسية العراقية في ذهني على ضوء التغيير النوعي في موقف الحزبين وانتقالهما الى مواقع اكثر تقدما, بنشرهما مقالات تنتقد توجهاتهما الفكرية والسياسية. ولكن فرحة مادامت ! فعند الاسترسال في قراءة مقالي في " البينة " لاحظت حذف عبارة " واعوان جيش المهدي... " من فقرة المقال التي تحدثت عن القوى التي عملت نهارا مع العملية السياسية وينقلبون عليها ليلا. وفقرة اخرى في ذيل المقال متعلقة بأهازيج مظاهرة ساحة التحرير.

أرى ان اسقاط هذا الجزء , بدون وجه حق, جعل مقالي منحازا الى جهة طائفية ضد اخرى, أربأ بنفسي عن اتخاذ هكذا موقف يتناقض مع قناعاتي الخاصة برفض الطائفية السياسية شكلا ومضمونا.

اما موقع " العراقية " فقد اقتطع فقرة كاملة, اشارت الى موقف شباب 25 شباط في بيانهم : " ووضعوا النقاط على الحروف برفضهم وعود الدعم التي منّ بها عليهم اياد علاوي في خطابه المنفعل. وقد اشاروا, بان لا نواب كتلته العراقية في مجلس النواب ولا وزراءه في الحكومة قد ادخلوا في حساباتهم مطالب المتظاهرين المشروعة طيلة الفترة منذ 25 شباط الماضي ".
اضافة الى استبدال كلمة " متحاصصي السلطة " ب " متصلطي السلطة " ( الخطأ الأملائي من عندهم ).
لا أرى ضرورة هنا للتعليق , فهدف الحذف ظاهر من عنوانه كما يقال.

ان التلاعب في مضمون مقال ما لا يعبر , على اقل تقدير , الا عن عدم الأمانة في نقل فكرة الكاتب ومحاولة اخضاعها لأهوائهم الفئوية.

تراني لذلك مضطرا الى اللجوء الى الاستنجاء السياسي مما لحقني من أدران بسبب التلاعب بمقاليّ. فلا انا من مروجي الطائفية و لا من متعاطي المحاصصة والله شاهد... اللهم سترك !

وصلتا مقاليّ الاصليين للمقارنة :

http://al-nnas.com/ARTICLE/IJKadem/5val12.htm
 
http://al-nnas.com/ARTICLE/IJKadem/16val01.htm 

337
المنبر الحر / المالكي ومماليكه
« في: 18:27 30/05/2011  »
المالكي ومماليكه

احسان جواد كاظم

" لايسرون الناظريهم "*... انهم شرطة نوري المالكي التي تذكرنا ممارساتها بأجهزة أمن نظام مستبد هوى وقضى. فهم يخرقون بنود الدستور خاصة المتعلقة منها بحرية الرأي والتظاهر ومنع الاعتقال الكيفي بدون اذن قضائي, كما يشربون قدح ماء.
فقد كان اختطاف اربعة شباب من منظمي تظاهرات ساحة التحرير السلمية في بغداد ومن بين المتظاهرين, بسيارة اسعاف واخذهم الى جهة مجهولة. وآخرون من العاملين في منظمات المجتمع المدني المنسقين لتظاهرات الجمعة, مثال صارخ على العودة الى اساليب الدكتاتورية البائدة.

لقد اصبح شباب ساحة التحرير الاربعة وزملاؤهم من أوائل سجناء الرأي في عهد ما بعد المقبور صدام وهي تسجل على المالكي وحزبه وحكومته. فالشباب المعتقلون لم يحملوا سلاحا ضد الدولة ولم يطلقوا شعارا طائفيا ولم يدعوا الى التمييز القومي بين المواطنين كما يفعل آخرون من اساطين المحاصصة وانما نادوا بمطلب شعبي: اصلاح النظام سلميا. ولهذا فان رئيس الوزراء نوري المالكي يتحمل شخصيا مسؤولية الحفاظ على سلامتهم ومنع امتهان كرامتهم باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية والدفاع والامن الوطني وكالة.

ان اسبابا معلنة واخرى خفية تقف وراء حملة الاعتقالات هذه. فلم يعد نفاذ صبر رئيس الوزراء من اصرار هؤلاء الشباب على التظاهر سببا كافيا لأختطافهم بهذه الطريقة الفجة, والتي جلبت له المزيد من اوجاع الرأس بتنادي منظمات مجتمع مدني وبرلمانيين ومواطنين للتضامن مع المعتقلين والمطالبة بأطلاق سراحهم والالتزام بالدستور والشرعية. وانما قد تكون احدى الاسباب لهذا الاجراء اللاقانوني, ضغط استحقاقات فرصة المئة يوم لتقييم اداء وزاراته والتذمر الشعبي من عدم وجود اية بشائر للتحسن الموعود ويضاف الى ذلك الفشل الامني واستمرار الاغتيالات بكواتم الصوت والمفخخات اللاصقة.. والتي كان آخرها اغتيال علي اللامي رئيس هيئة المساءلة والعدالة ثم الصفعة التي كيلت لسلطة الدولة باستعراض جيش المهدي لكراديسه بموافقة حكومة فاقدة الهيبة.

اما الاسباب الخفية, اضافة الى الخوف من توسع التظاهرات بشكل غير محمود بسبب الفشل الحكومي, فان محاولة اجهزة امنية تابعة للمالكي تحميل منظمي المظاهرات السلمية مسؤولية اندساس مشبوهين فيها يبقى ممكنا؛ فقد عرضت القناة الحكومية " الفضائية العراقية " قبل ايام اعترافات لأحد سفاحي القاعدة المتخفي وراء شخصية ناشط في منظمة حقوق انسان, كما عرضت له صورا وهو يصلي في ساحة التحرير مع مجموعة من رجال الدين الشيعة. وقد دأب مقدم البرنامج على التأكيد على تواجده في ساحة التحرير في احدى الجمع لأعطاء مصداقية لأتهامات رئيس الوزراء الباطلة قبل 25 شباط " جمعة الغضب " للمتظاهرين بالبعثية والارهابية رغم شعاراتهم الوطنية الصادقة وهتافهم الشهير " لا ارهاب ولا بعثية, احنا مطلبنا الحرية".

ان امكانية اندساس افراد من القاعدة او الميليشيات او البعث او مخابرات السفارات الاجنبية اضافة الى عسس المالكي واردة... فالتظاهرة مفتوحة ومعلن عنها مسبقا ولا تفرض على المشاركين فيها توقيع حضور او انصراف... فحتى المنطقة الخضراء التي تتحصن داخلها اخطر اجهزة الدولة واهم شخصياتها مخترقة من قبل هذه القوى المعادية رغم اطواق الحماية ونقاط التفتيش والباجات والكلاب البوليسية وشركات الحماية الخاصة وحمايات المسؤولين واجهزة السلطة الامنية المتعددة, حدثت فيها جرائم قتل وتفجير.

ان تلفيق اتهامات او فبركة احداث ضد متظاهرين مسالمين لأيجاد ذريعة لأعتقالهم سوف لن تخدم اصحابها, فاوان الحساب قد حان والسجل مثقل والشعب الجائع غاضب.
وعندها ستصرخ الجموع بصوت واحد : كش مالكي... ماااات ( سياسيا ).!



* آية قرأنية


338
ربّوا لحاياكم... تبويس جاكم !!!

                                                                                                      احسان جواد كاظم
 
   تنغل الساحة السياسية العراقية بمبادرات مصالحة مختلفة. بعضها بين قوى من داخل السلطة, متخاصمة على حصص ومطامع. ومصالحات اخرى مع قوى مسلحة تعادي العملية السياسية الجارية في العراق وتطمع بدورها, بجزء من الكعكة, بعد انسداد آفاق الجهاد.

الشلل الذي طال مرافق الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذي تعاني منه البلاد, ليست الشغل الشاغل للقوى السياسية المتربعة على السلطة . فهي منشغلة بما هو اهم, من وجهة نظرها : بتأمين المكاسب التي حققتها بفضل المحاصصة الفئوية, اضافة الى مايمكن ان تحمله عملية الابتزاز المتبادلة فيما بينها من غنائم.
وابرز هذه الصراعات هي بين القائمة العراقية بقيادة اياد علاوي والائتلاف الوطني بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي, حيث تجري جهود المصالحة بينهما تحت خيمة عراب اتفاق اربيل - الذي حجبت الكثير من بنوده عن الرأي العام, على حد تصريحات سياسيين - مسعود البرزاني.
ملامح هذه الخلافات وآفاق حلها, ربما تكون معروفة للمواطن الى حد ما , بعد ان تناولتها وسائل الاعلام .

اما توجه المصالحة الذي يديره وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي, فهو يتوجه نحو مجموعات مسلحة مختلفة الحجم والدور والتبعية. بعضها مجهول الاسم. كما تحيط هذا التوجه الكثير من الشكوك والتساؤلات. فلطالما نعتت هذه القوى العملية السياسية ( الديمقراطية ) بانها رجس من عمل الشيطان والمشاركين فيها عملاءا.
فمع اقتراب استحقاق الانسحاب الامريكي من العراق في نهاية العام الجاري, تلهث القوى السياسية الحاكمة وراء نجاح المصالحة مع هذه القوى, لتقديمه للشعب العراقي على اعتباره انجاز سياسي تاريخي لها بعد ان فشلت في تقديم أبسط متطلبات الحياة الكريمة للمواطن الصابر.

كما يراد لسلسلة المصالحات التي يرتب لها تحت ضغط الوقت وتهدئتها للاوضاع الامنية في حالة نجاحها ان تكون تعويضا عن دور الجيش الامريكي في حفظ الامن في الوقت الذي لازال فيه الموقف من الانسحاب الامريكي يغلفه الكثير من الضبابية, حيث يعوزه التقييم الموضوعي للقدرات العسكرية العراقية وظروف عملها وتسليحها , كما يفتقد الى التقدير الحقيقي لحجم التهديدات السياسية والامنية وحتى العسكرية التي يمكن ان يواجهها العراق من جيرانه بعد الانسحاب.

ان الآلية التي اقترحها مقتدى الصدر على المنشقين عنه من عصائب الحق " بالتوبة والعودة الى مركزية مكتب الشهيد الصدر " آلية ليس معنيا بها شعبنا العراقي الذي قتل ابناءه على ايديهم وكذلك الامر يشمل فصائل المسلحين الاخرى. فتبويس اللحى والعفو عما سلف ليست الطريقة المثلى في احقاق الحقوق ولا في تحييد القوى المناهضة للوضع الجديد بعد 2003. لأن ذلك يعني من ضمن مايعني مكافأتهم, بشمولهم بنظام المحاصصة الجاري العمل به ومايتبعه من ضرورة ايجاد مراكز ومواقع سياسية ووظيفية لأستيعابهم في اجهزة الدولة... لنصحو يوما على وزارة عراقية بخمسين وزيرا او اكثر.
وليصبح اختلاق معارضة للنظام تجارة رابحة. فما على مجموعة من المجرمين الا القيام بسلسلة عمليات قتل وتفجير واصدار بيانات جهادية نارية, ليجري توسلهم للشروع في مفاوضات مصالحة واسترضاءهم بمراكز وامتيازات في السلطة.
كما لايغيبن عن بال احد بان ما يدور من اتصالات ومحادثات مع هذه القوى التي تتبع اجندات خارجية, هي كذلك محاولة لكسب رضا داعميهم من دول اقليمية.

ان الآلية المناسبة, ان كان لابد من ادماج مجاميع عصائب الحق او هيئة حارث الضاري او البعثيين في العملية السياسية, هي قبولهم على اساس فردي وممن لم تتلطخ اياديهم بدماء العراقيين !!! وعدم اسقاط حق اي مواطن في مقاضاتهم قانونيا.

لقد ادان رئيس الجمهورية جلال الطالباني الاعمال الارهابية التي حدثت اخيرا وخصوصا في كركوك مصرحا : "ان هذه الاعمال تهدف الى منع اتمام التفاهمات والتسويات التي تعمل القوى الوطنية على اختلاف انتماءاتها لكي يستتب الهدوء والاستقرار ". ونحن نتفق كليا مع ادانته لهذه الجرائم بحق شعبنا , لكن تصريحه يتقاطع مع تصريحات لسياسيين تدّعي بان احزاب السلطة ذاتها تمارس العنف والارهاب لاثبات وجودها عند استعصاء توافقاتها عن التحقق ولفرض رايها... وبذلك خٌلط الحابل بالنابل.

ان اصلاح كامل النهج السياسي العراقي اصبح ضرورة ملحة, بالخروج من مستنقع المحاصصة الذي اوقعتنا فيه قوى الطائفية والتعصب القومي ولابد لقوى التغيير الخيرة من كلمتها الحسم.




339
ألا يامن عضضتم النواجذ... ماذا فاعلون بعدئذ ؟!!

هلا نغادر الندم الى دائرة الفعل المفعم بالامل؟ انتخبناهم وسبرناهم وعرفنا طينتهم… دعونا ان لانلدغ من جحر مرتين.

خنقوا فرحنا… حطموا آمالنا… قمعوا حرياتنا… استرخصوا دماءنا… تمادوا في سرقتنا… استغبوا طيبتنا…هونوا من تضحياتنا… سفهوا احلامنا… اغتنوا من فقرنا… اكثروا من ايتامنا واراملنا… اكلوا حقوق شهداءنا… قدموا جلادينا… ابعدوا مبدعينا… فرطوا بعلمائنا… تاجروا بمشاعرنا… اورثونا السقم والهم… اطفالنا بلا مدارس… صبايانا بلا مباهج… شبابنا محاصر… الحب ممنوع… البكاء مطلوب… اشجارنا يابسة… فراتنا مالح… شوراعنا غبراء.

لم يترك المتحاصصون شاردة ولا واردة من شؤون الحياة الا جيّروها لصالحهم… اصبح الدين مطيتهم والفقراء وقودهم. حكومتم ملفقة… اجهزتهم مخترقة… حكمهم بالاستخارة.
خلافاتهم وتنابزهم حالة صحيحة… هي نشر لثيابهم الوسخة على حبال الفضيحة. ان اختلفوا على سريقة استجاروا بعشائرهم… بتبويس اللحى حلولهم. كأنهم لم يكونوا يوما موظفين, ولخدمة المواطنين معينين… وكأن الحق العام استحقاقهم الشخصي المكين. محاكمنا, احكامها مؤجلة وحقوق المواطن, ها ها ضحك ومهزلة.

أصبح مصير حكومتنا المتورمة محسوما ورئيسها مذموما. متحاصصيه انقضوا عليها ودمامل حكومته فقعوها… رائحتها تزكم الانوف وفضائحها الوف… من سرقة الاموال العمومية والمشاريع والصفقات الوهمية الى استيراد الاغذية السميّة…تعطيل القوانين والعفو عن المزورين والارهابيين… التصالح مع الملثمين والبعثيين والسكوت على تجاوزات السعوديين والايرانيين ثم التهاون مع تهريب القتلة والارهابيين وتقريب الجهلاء والفاسدين. لجانهم التحقيقية لم تنصف مظلوما… لم تدنْ مختلسا او مأجورا.

أيمان نوابنا برب الخلق لايعتد بها… فكلهم يتعفف من المحاصصة لكنهم بشهوة جامحة يقترفونها. في خرق الدستور ماضون… وبالتصويت على المرشح الثالث لرئيس الجمهورية ملا خضير النحرير راضون. برفع الايدي نصبّوه وجهاز التصويت الالكتروني عطلوه…و بعد فوزه تبرؤه.
انهم كذابون !
بوجوهكم زعقت ام عراقية موجوعه : الله سوّد وجه صدام وانتم بيّضتوه !

اسقطوا المالكي بجشعهم قبل ان يسقطه الشعب بآلامه… بدائل شعبنا له كثر وهو بخياراته حر.

ماذا انتم ياترى فاعلون؟ ابعقدة القطيع تستعصمون ام بالحرية الحمراء تسترشدون؟
المحاصصة البلاء… لابد لها من فناء, فهلمّوا لها فكلنا سواء.



احسان جواد كاظم


340
اذا دخل الاسلاميون انتفاضة أفسدوها...

                                                                                                              احسان جواد كاظم
هذا ماحدث عندنا في العراق عام 1991 في انتفاضة آذار الشعبية ضد نظام الدكتاتورية والهزائم والتفريط. عندما دخل الاسلاميون على الخط رافعين صور الخميني وشعارات دولة وليّ الفقيه ورموا بمطالب شعبنا بالحرية والسلام وراء ظهورهم, فاعطوا بفعلتهم تلك المبرر لنظام الفاشية البعثي لأغراق الانتفاضة بالدم وارتكاب مجازر وحشية يشيب لها الرضيع زرعت ارض العراق بالمقابر الجماعية تحت سمع وبصر القوات الامريكية والدولية التي احتلت العراق وفي ظل صمت مطبق, خشية من مصيبة اخرى في المنطقة هم في غنى عنها مشابهة لأيران.

اليوم نشهد الامر ذاته يتكرر, حيث يندفع الاسلاميون لركوب موجة الثورات الشعبية الواعدة في المنطقة ومحاولة اختطافها من بين ايدي صانعيها الحقيقيين لتفريغها من محتواها التقدمي ثم تجييرها لتنفيذ اجنداتهم الرجعية والقفز على المطالب الشعبية الداعية الى بناء دولة مدنية حديثة تضمن الحريات ويتساوى في ظلها الجميع بالحقوق والواجبات وفرض رؤيتهم المتخلفة بتأسيس دولة استبدادية فاشية بلبوس اسلامية تطبق الشريعة وتفرض الجزية على المسيحيين والعودة بنا القهقرى بتطبيق قيم بالية لاتتناسب مع عصر العلم والتكنولوجيا وحقوق الانسان.

تمثلت بدايتهم باطلاق سيل من الفتاوى التي تكيل بمكيالين, تحّرم الثورة ضد نظام هنا وتباركها هناك لأسباب طائفية وخدمة لأهداف اطرافها للهيمنة على دول وشعوب المنطقة... وكلنا يعرف بان بدائل الاسلاميين ليست افضل مما جاءت به دكتاتوريات العوائل, ان لم تكن اسوأ.

فقد تابعنا باستنكار نداءات يوسف القرضاوي المسمومة ثم وقاحته في ميدان التحرير في القاهرة. فبعد ان سمح له شباب ثورة 25 يناير بالقاء خطبة, عملا بحرية الرأي, منع أزلامه وائل غنيم احد قادة شباب الثورة من اعتلاء المنصة لالقاء كلمة, عملا منهم بمبدأ قمع الرأي الآخر الذي يجيده الاسلاميون. وتتواصل اليوم مساعي السلفيين في مصر لأشعال نار فتنة طائفية ضد اقباط مصر بقتلهم وحرق كنائسهم ودعوات تهجيرهم الوقحة وهم اهل مصر الاصليين.
وكذا الامر يحصل في تونس... لايخفي الاسلاميون سعيهم الى الوثوب الى السلطة والغاء مكتسبات اجتماعية وحريات عامة انتزعت بنضال جماهيري طويل, خصوصا المتعلقة بحقوق المرأة وقانون الاحوال الشخصية التقدمي.
كما يتقاسم الاسلاميون مع نظام الاستبداد الخليفي في البحرين مسؤولية اجهاض انتفاضة شعبها المطالبة بالاصلاح والملكية الدستورية والمساواة, بتقديمهم المبرر لسلطات النظام لقمعها. فقد ابتدأ نحر الانتفاضة بتسلل رجال الدين الى دوّار اللؤلؤة في المنامة, تبعه تصريحات لممثلي جهات ايرانية وعراقية, اقل مايمكن ان توصف بانها غبية, استثمرها النظام برمي المنتفضين بدائه, داء الطائفية والادعاء بوجود تدخل خارجي شيعي سوغ له استدعاء القوات السعودية والخليجية مدعمة بفتاوى وهابية ظلامية لخنق صوت الانتفاضة.

لقد اثبتت التجربة العراقية بعد سقوط نظام صدام عام 2003, ان مشروع تشظية المجتمع الى طوائف وعصبيات لم تحل مشاكل هذه المجتمعات المستعصية بل فاقمتها, كما انها لم تخدم مصالح الاغلبية المسلوبة الحقوق... فالمظلومون بقوا مظلومين رغم تسنم – الله يچرم – قادتهم الطائفيين السلطة الذين تسلقوا على اكتافهم بدعوى المظلومية ثم تنكروا لهم ونكثوا بوعودهم. واصبح الحديث عن ريادة مايسمى بالتجربة الديمقراطية العراقية مجرد وهم, بعد تبني نظام المحاصصة الطائفي – العرقي المافيوي, وثلمتها سلسلة الممارسات التعسفية التي طالت الحريات العامة والخاصة للمواطن العراقي. والفشل المطبق في تأمين متطلبات الحياة الاساسية واصبح الشلل سمتها البارزة.
ان الاجراءات الثورية الجادة في مصر بتقديم رموز نظام مبارك واعوانه من المجرمين وسراق المال العام والفاسدين الى المحاكم والقرارات الحازمة ضد الفتنة الطائفية والمساواة في الحقوق بين المواطنين المصريين بغض النظر عن ديانتهم تؤهل التجربة المصرية لتبوء موقع الريادة.

يعاند الاسلاميون بمختلف مللهم ونحلهم في الخروج من شرنقة سلفيتهم الطائفية البائرة لذا فانهم كلما دخلوا انتفاضة افسدوها وجعلوا اسمى اهدافها هباءا.

341
غزوة مانهاتن... غزوة أبوت آباد والبقية تأتي   
 
 
احسان جواد كاظم
                         
انفقعت مرارة غلمان وإماء بن لادن بقتله... واعادت وكالة المخابرات المركزية اعتبارها بعد سنين من الاحباط بسبب فشلها في كشف الهجوم الارهابي على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك في 11 سبتمبر 2001, باقتصاصها من صنيعتها اسامة بن لادن الذي خرج عن طوعها. وهذه لم تكن المرة الاولى التي تنهي فيه الادارة الامريكية دور او حياة عملائها. فالقائمة طويلة... فكذلك فعلت مع دكتاتور بنما مانويل اورتيغا ومع دكتاتورنا البائد صدام حسين. فالولايات المتحدة الامريكية وحدها من لها الحق في التخلي عن صنائعها عندما تنفذ صلاحياتهم وتبور تجارتهم كما مع ماركوس الفيليبين وشاه ايران محمد رضا بهلوي......

ان ما امتازت به هذه العملية هو استخدام طائرات هليكوبتر شبح لايمكن رصدها بالرادارات, كما جاء في الاخبار, مكتومة الصوت لم يشاهد شبيه لها من قبل. اقتحمت عقر دار دولة نووية واستلت بن لادن مقتولا مع كنز معلوماتي كبير.
كما اشّرت هذه العملية الى الانفراد الامريكي التام في التحضير لها, من جمع المعلومات ووضع الخطط واتخاذ القرارات وحتى التنفيذ. واكدت التفوق التكنولوجي العسكري الامريكي.
عمليتان تفصل بينهما عشر سنوات, كانتا مثالا صارخا للغطرسة, الاولى ولّدت سخطا عالميا, شعبي ورسمي, ضدها لأستهدافها اهدافا مدنية, تبعتها حربين مدمرتين في افغانستان والعراق وضحايا لاتحصى في كل بقاع الارض. والثانية, رغم غطرستها الا انها اشاعت الغبطة في قلوب اهالي ضحايا القاعدة في العالم بقتلها احد اعتى مجرمي العصر اسامة بن لادن.

ان ما اوقع بن لادن بين براثن الامريكان ليس فقط التكنولوجيا المتفوقة والامكانيات الاستخباراتية العالية والتدريب الدؤوب لجنودهم, بل ربما كان العامل الحاسم في الايقاع به هو ماتعاني منه منظمة القاعدة من مرض مزمن يتمثل بتقطع اوصالها والرفض الشعبي لجرائمها الوحشية بحق المدنيين والمكافحة الدولية لنشاطاتها وتعقب نشطائها ثم الصراعات المحتدمة بين قياداتها وكذلك افكارها وقيمها المدانة حتى في العالم الاسلامي.

ربما لن يكون قتل بن لادن هو الجزء الاكثر اهمية في العملية الامريكية في باكستان, كما كان معتقدا, فقد تسفر دراسة الوثائق المهمة التي جمعتها القوة المهاجمة من مقر اقامته, وكما عبروا عنه : بانه كنز استخباراتي, عن مفاجآت كبيرة تجعل الامريكان يفكرون باعادة النظر في تحالفاتهم, وقد تطيح برؤوس ملوك وامراء ورؤساء دول وكارتيلات وشركات وسماسرة مال وسلاح وتجار مخدرات ورقيق ابيض وارهابيين, وخاصة في منطقتنا التي كانت الحاضنة لظهور فكر القاعدة المعادي للانسانية. وهذا حقيقة هو مصدر غبطتنا الصادقة.

توّعد منظمة القاعدة بعقاب للامريكان لم يكن جديدا. فهي من يومها الاول تهدد البشرية بالويل والثبور وعواقب الامور فمثلهم " كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ". (الاعراف – قرآن )



342
لغة التهديد... ثقافة البلطجة السياسية

احسان جواد كاظم     
 
تزخر وسائل اعلامنا بمفردات مثل هدّد, حذّر, توّعد حتى اصبحت لازمة لاتفارق نشرات الاخبار او مقالات الكتاب, وهي تعكس حدّة الصراع الدائر بين رموز السلطة واحزابها المتنفذة, للاستئثار بها ونهب المال العام... فالمآزق التي دخلتها العملية السياسية في بلادنا بسبب سياسات وممارسات احزابهم المتحاصصة, ادت الى ارتفاع درجات باروميتر توترهم السياسي و دفعتهم الى تقاذف الاتهامات والتهديدات مع تجاهل تام للمطالب الشعبية المشروعة بالتغيير.

فهذا خضير الخزاعي وزير التربية السابق والقيادي في حزب الدعوة- تنظيم العراق يحذر التحالف الوطني ( الذي هو جزء منه ) بتدميره وتفجير الوضع السياسي في البلاد في حالة عدم المصادقة على ترشيحه لمنصب نائب رئيس الجمهورية. وكأن هذا المنصب حقه الألهي !

وذلك وزير المالية المهندس رافع العيساوي يهدد النائبة البرلمانية عالية نصيّف عضو لجنة النزاهة في مجلس النواب بسبب مطالبتها باستجواب مدير عقارات الدولة التابع لوزارة المالية لأتهامه بقضايا فساد. وكأن ذلك ليس من واجبها كبرلمانية !

وذاك المرجع الديني محمد علي العلواني الجرجاني هدّد - على لسان المتحدث باسمه وائق البطاط في حديث للسومرية - النائب حيدر الملا " الذي تجرأ على الامام الخميني وتشبيهه بصدام ". حيث اعتبرت المرجعية النائب الملا عدوا. " وان المرجع الجرجاني سيدعو المقاومة الشيعية العراقية باتخاذ اجراء ضده في حالة عدم الاستجابة لطلب المرجعية تنحيته من منصبه كمتحدث باسم القائمة العراقية ".

ان هذا نزر يسير مما يدور من سجالات سياسية. نبرة التهديد العالية فيها تقود, على الارجح, الى امكانية مواجهة كاتم صوت لمرة واحدة واخيرة لأحد الطرفين, لاسيما وان كاتم الصوت او العبوة اللاصقة هما الموضة السائدة هذه الايام لتمهيد الطريق امام تنفيذ الاجندات الخاصة والشخصية للمتنفذين . فهم يتعاملون مع اي نقد او ابداء رأي مختلف في امر ما, باعتبارها اساءة تستهدفهم شخصيا ومحاولة لتجريدهم من سلطات ومنافع هي حق محض لهم.

سيكولوجيا, يعتبر الرد الانفعالي الحاد على فعل ما, سمة للذهنية المتخلفة التي لاتعرف المنهجية في تفكيرها والتي لاتعتمد تحليل الامور واقعيا ووضعها في ميزان العقل لمعرفة اهميتها وترتيب اسبقياتها, اي ان عدم وجود تقييم عقلاني موضوعي للامور يؤدي ذلك الى رد انفعالي شديد غير مبرر, اشد واقوى من الفعل الذي سببه.

هكذا هي صورة تعامل سياسيونا فيما بينهم وكلهم اصحاب سلطة وجاه وحمايات وعلاقات , فماذا يمكن ان يكون حال المواطن البسيط الذي يفتقد كل ما يملكون؟

انهم " جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم " سورة النمل

343
مقالب الفٌسّاد في إبكاء العباد

                                                                                                          احسان جواد كاظم
 
لايعدم الفاسدون في حكومتنا ودوائرها روح الدعابة السوداء التي تتفق مع الارهابيين في عهد غير مكتوب على ايقاع اكبر الخسائر بالعراقيين وإيلامهم اقصى مايمكن, وجعلهم مرضى عقل وجسم.

فقد كان ارهابيو القاعدة والميليشيات الطائفية ينصبون تكيات اللهو ايام الاقتتال الطائفي باختطاف احد المواطنين المستطرقين والبدأ باستجوابه للاعتراف بأنتماءه الطائفي. وبعد تعذيبه الوحشي واضطراره لتغيير انتماءه الطائفي, حسب هواهم, للتخلص من آلام التعذيب, يجدون ان اطلاق سراحه اصبح بدون معنى لما آل اليه حاله, فيوعزون لجلاديهم : ان خلّصوه " خطية " واحسبوه شهيداً.

مافيا الفساد عندنا تفعل الشيْ ذاته ولكن بشكل آخر... فهي متميزة حتى في وقاحتها, فسرقاتها وتزويراتها واضحة وضوح الشمس, لاتحتاج لفرق رقابية او بحث جنائية لكشفها ولا يهمها اصلا دفع التهمة عن اعضاءها. فابطالها فرسان المحاصصة المتسلطون من وزراء وبرلمانيين وقادة احزاب تحميهم حصانة شراكة النهب.

ومن مقالب الفاسدين البالغة الغرابة التي ظننا , عند سماعنا بها لأول وهلة, اننا ضحايا برنامج " الكاميرا الخفية " لا عمليات سلب حقيقية, استيرادهم لعب اطفال او مايشابهها بدلا من معدات واجهزة ضرورية تحتاجها عملية البناء, والتي تجعل المرء يقع في نوبة قهقهة هستيرية حد الانكفاء على قفاه غضبا وكمدا على ما وصل اليه الوضع من تحكم هذه المافيات التي عاثت بالبلاد فسادا بصلافتها في سرقة اموال العراقيين والاستهتار بحياواتهم. فمن بيع اراضي الدولة لمتنفذين حزبيين في السلطة بسعر التراب, في حين يعيش المواطن في صرائف وبيوت التنك والعشوائيات ثم اغداق الهبات والامتيازات على انفسهم في سباق مع الزمن للاثراء السريع الى الصفقات المليونية للشاي والرز والطحين والحليب الفاسد لتسميم المواطنين.

لقد ادى تكرار فضائح استيراد لعب اطفال بدل اجهزة ومعدات ضرورية ان نتصور ان وزراء وخبراء حكومتنا تركبهم عقدة حرمان طفولي. فقد تبين ان جهاز كشف المتفجرات ADE 651الذي اشترته وزارة الداخلية, لاهو بجهاز ولاهم يحزنون. فهذه ( اللعبة ) لاتعمل باي مصدر للطاقة مثل البطارية او شاحنة كهربائية حسب ماجاء في توصيف الشركة البريطانية المنتجة لميّزات الجهاز ( المعلومات مستقاة من مقال للمهندس عباس الخزعلي على موقع المنتدى العراقي الالكتروني ) كما انه لايحتوي على اية الكترونيات او دوائر كهربائية او محرك بل هو عبارة عن عتلتين مركبتين بطريقة تمكنها من الدوران ذاتيا مع كل حركة ميكانيكية. وبالتالي فان الجهاز لايحتاج حتى لزر تشغيل.
ورغم ان الشركة المنتجة تدعي بان الجهاز يعمل بالموجات الكهرومغناطيسية لكشف المتفجرات لكن الجهاز يشير الى اي سيارة تحمل عطورا... وكما هو معلوم فان الرائحة هي عبارة عن انبعاث كيمياوي وليس كهرومغناطيسي.

المحاكم البريطانية لم تعتبر الجريمة , جريمة غش وانما جريمة شروع بالقتل, لأنها اعطت شعورا زائفا بالأمن. فهي بيعت لتكشف اسلحة القتل ولكنها غشت.
التحقيقات عندنا حول صفقة جهاز كشف المتفجرات والتي بلغت اربعة وخمسون مليون دينار, طالت مسؤولين في وزارة التجارة ومحافظة بغداد اضافة الى الوزارتين المعنيتين اساسا بالامر, وزارتي الداخلية والدفاع. ولحد الآن ما من خبر. فقد ضاعت حقوقنا " بين القبائل " .
ان جريمة هؤلاء لاتكمن فقط في اهدار المال العام بل ايضا في مسؤوليتهم عن كم الجرائم التي ارتكبت بحق مواطنينا بسبب استيراد ( لعبة الاطفال ) بدل جهاز كشف متفجرات يمنع سقوط ضحايا.

واما فضيحة الفساد الاخرى والتي تؤكد شغف مسؤولي الحكومة بلعب الاطفال هو استيراد وزارة الكهرباء رافعات شوكية متخصصة من شركة ATSC البريطانية, فاستلمت شحنة من لعب الاطفال على شكل رافعات شوكية بقيمة اربعة ملايين ونصف دولار. وزير الكهرباء السابق كريم وحيد اوقف الشحنة بعد كشف محتواها لكن ضغوط من جهات عليا دفعته لتمريرها.

تقع على الجهات القضائية مسؤولية استدعاء الوزير السابق واجباره على الافصاح عن الجهات التي كانت وراء تمريره لهذه السرقة لمقاضاتها او تحميله تبعات الجريمة. كما ان على المرجعيات الدينية الكف عن حماية الفاسدين واحزابهم.
ان الفساد المستشري في اجهزة الدولة ومفاصلها والذي تقوده مافيا الاحزاب الحاكمة هي الوليد المسخ لنظام المحاصصة الطائفية - القومية, والذي لايمكن الحد منه ثم خنقه مالم يجري التخلي عن نظام النهب والاجرام هذا , والذي بان فشله منذ لحظة اعلانه وبعدما قاد البلاد الى الهاوية ثم انصاف ابناء شعبنا بمعاقبة المجرمين الذين سرقوا واهدروا ثرواته.

فقد اصبحت بلادنا بوجودهم, كما غنى طيب الذكر الشيخ امام : غابة كلابها ديابة, نازلين بالناس هممم ...



344
حكومة تبحث عن هيبة !!!

احسان جواد كاظم
 
لم يستوعب حكامنا بعد مغزى مايحدث من ثورات وانتفاضات مطالبة بالحريات والحقوق فيما حولنا من دول عربية واقليمية. فهم لازالوا يتعاملون بعقلية حقبة ماقبل شرارة محمد البوعزيزي مع شعبنا.
فمحاولة قيادة عمليات بغداد منع تظاهرات شباب ساحة التحرير وعزلهم في ملاعب كرة القدم بعيدا عن أعين ابناء شعبنا قد باءت بالفشل امام عزم الشبيبة التظاهر تحت نصب الحرية وفي ساحة التحرير.
وقد ساق اللواء قاسم عطا المتحدث الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد جملة من الاسباب الواهية لهذا المنع... حجج من قبيل شكوى اصحاب المحلات والباعة المتجولون من اغلاق محلاتهم ايام الجمع واعاقة السير وكأن من يفرض منع التجول ومن يقطع الشوارع بالكتل الكونكريتية, شباب ساحة التحرير... او ان شرطة نوري المالكي وهمراته تأتمر بأمرهم. هم المحاطون بالاسلاك الشائكة في مساحة محدودة والمحاصرون بافراد الشرطة.
الحقيقة, ان الخوف قد دب في قلوبهم من مطالب المتظاهرين رغم تقدير حامي حمى بغداد قاسم عطا عددهم بين 250-300 مقموع لاغير.

وعلى طريقة رئيس وزراء مصر المقال احمد شفيق الاستعلائية في تعامله مع شباب 25 يناير في ميدان التحرير بالقاهرة واستعداده لتوزيع البونبون ( حامض حلو ) عليهم... رأى رئيس وزراء العراق نوري المالكي عزل شباب انتفاضة ساحة التحرير في ملعب كرة قدم ليتقافزوا (يكمزون ) وليزعقوا ( يهوسون ) على كيفهم. فقد اعطاهم رئيس وزراء حكومتهم , حقهم الديمقراطي الذي كفله الدستور لهم بحق التظاهر والتعبير الحر عن آراءهم... وهذا حقيقة يكشف مستوى فهم قوى المحاصصة البائس لمعنى الديمقراطية ونهجها.
والالطف من كل ذلك, كان ادعاء السيد اللواء قاسم عطا بان اخلاء ساحة التحرير من المتظاهرين جاء نزولا عند شكاوى اصحاب المحلات والتي اصبحت مطلبا جماهيريا.
كان بالأحرى على السيد اللواء الاجتهاد في تحقيق الامن وجلب الامان للمواطنين والذي هو المطلب الجماهيري الاكثر الحاحا والذي يطالبه به المواطنون ومن بينهم اصحاب المحلات والباعة المتجولين والعمل بجد لتطويق الخروقات الارهابية التي عادت لتصبح ظاهرة في بغداد وليس الانشغال بمصادرة حقوق المواطنين الدستورية.
ان هيبة حكومة المالكي ( على مايبدو ) حدها يبدأ وينتهي في ساحة التحرير بفرضها على شباب مسالمين, لم يخرقوا القانون مع ان غيرهم يلوح علنا ومن على منابر المساجد وفي الفضائيات باستعداده لأعادة تفعيل ميليشياه المسلحة ولم ينبس المالكي ببنت شفة.
لابل بلغت الاستهانة بالحكومة حد تهديد بعض مزوري الشهادات, باللجوء الى المسلحين المعادين للدولة والنظام بسبب تسريحهم من وظائفهم بعد كشف تزويرهم ولم يحرك المالكي ساكنا.

ان الحكومات تستمد هيبتها واحترامها من سهر اجهزتها على تمتع المواطنين الكامل لحقوقهم وتطبيق القانون, لا من تقويضها ومصادرتها لحرياتهم واستغلال سلطاتها ضدهم.

لابد من الاشارة هنا ان هيبة اي حكومة لاتتعلق بشخص رئيسها فقط بل ايضا من شرعيتها واقتناع المواطن بها. اما حكومتنا, فكلنا نعرف ظروف انتخابها والاساس التحاصصي لتكوينها و عدد وزراءها الخيالي وفشلها في اداء مهامها بسبب هذا الترهل. فالمرتشي والمزور الصغير لايمكن ان يخشى مسؤولا فاسدا, فما بالك اذا كان الفاسدين معتلين اعلى درجات سلم السلطة من برلمانيين ووزراء مع وكلائهم او مدراء عامين وملفات فسادهم مكومة ورائحتها تزكم الانوف وما من حسيب ولا رقيب يوقفهم.

وقيل : اذا خان الامير وكاتباه ..... وداهن قاض في القضاء

فويل ثم ويل لقاضي الارض .... من قاضي السماء


345
قنابل طائفية موقوتة !!!

رجعنا الى مربع المالكي الاول لكن ليس بسبب متظاهري ساحة التحرير المطالبين بالحريات ومحاربة الفساد والحصة التموينية كما كان يحذر وانما بسبب حلفاءه في الائتلاف الوطني العراقي وحكومة المحاصصة الطائفية - العرقية. فقد اعلن قائد التيار الصدري مقتدى الصدر امكانية اعادة نشاط جيش المهدي في حال عدم انسحاب القوات الامريكية في موعدها نهاية العام الجاري. وكان حازم الاعرجي احد قادة التيار قد صرح: " نقول للبيت الاسود ( الابيض ) باننا جميعا قنابل موقوتة والأزرار بيد السيد القائد مقتدى الصدر ". ( تقرير رويترز 9/4 نشره الموقع الالكتروني " صوت العراق " ) ثم انتظمت الطوابير للتطوع في جيش السيد.
ان هذا يشير الى ان جيش المهدي, ميليشيا مقتدى الصدر, قادم سواء انسحب الجيش الامريكي ام لا .
طبعا لايقتصر وجود القنابل الموقوتة على الصدريين بل لدى ارهابيي القاعدة والبعث الساقط وبدر وجيش المالكي الخاص وحمايات المسؤولين الكبار والصحوات والعشائر والبيشمركة قنابلهم الموقوتة في المخابيء وهي جاهزة للاستعمال.

الكذب والرياء هما سمتان متلازمتان للاسلام السياسي. فكل تصريحات اطرافها الشيعية والسنية عن خضوع الجميع للقانون وحل الميليشيات ودمجها في مؤسسات الدولة, كانت لمجرد ذر الرماد في العيون. فاعلان الصدريون يؤكد سلامة البنى التحتية لجيش المهدي وهذا الامر ينسحب على ميليشيات احزاب المحاصصة الاخرى والتي يتربص بعضها للبعض الآخر سواءا كان الآخر من طائفتها او من الطائفة الأخرى وكلهم ضد العراقيين وآمالهم.
ان التهديد باعادة احياء جيش المهدي يبعث رسالة تحذير لكل العراقيين الذين عانوا من تسلط العصابات الطائفية على رقابهم وعودة حالة التمترس الطائفي والمناطقي والفئوي البغيضة اضافة الى ماقد يسببه ذلك من تأخير في جلاء القوات الامريكية عن الاراضي العراقية ويوفر لها المبرر والغطاء للتمديد والبقاء لفترة اطول. ان الولايات المتحدة الامريكية التي قدمت مايقارب 4 آلاف من جنودها ضحايا في العراق ومايقارب التريليون دولار من ميزانيتها لايمكن ان تخرج وتترك العراق في مهب ريح الميليشيات وايران.
ومن المؤكد سيكون الخاسر الاول من اعادة الحياة للميليشيات ومن بقاء قوات الاحتلال هو شعبنا العراقي الذي يأمل بدء حياة آمنة بدون ضغوط واملاءات او قنابل موقوتة وابناء قتلى.

المراقب لما يحدث على الارض وعلى ضوء فشل حكومة المحاصصة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولاسيما في انهاء ظاهرة الميليشيات ( فهي بالنهاية ميليشيات احزابها وتابعة لقادتها ) وتراجع شعبية رئيس الوزراء نوري المالكي التي اكتسبها عندما تصدى للميليشيات وعصابات الجريمة والتي بدأ يفقدها الآن بسبب حمايته للفاسدين وتجاهله المطالب الشعبية بالحريات الديمقراطية وتنكره لوعوده بالتخفيف عن كاهل العراقيين وانقلاب حلفاءه عليه, يرجح تسرب خيط الحكومة من بين اصابع نوري المالكي مالم يستعجل القيام بباقة من الاجراءات الحازمة ضد الفاسدين بتقديمهم للعدالة والشروع الجدي في تنفيذ المطالب الشعبية الاخرى ثم طرح مشاريع قوانين تشكيل الاحزاب والانتخابات البرلمانية والبلدية العادلة للنقاش العام, ثم تحويلها لمجلس النواب لأقرارها لكسر قيد المحاصصة الطائفية - العرقية وتهيئة الظروف الصحية المناسبة للاتيان ببرلمان جديد اعتيادي, بدون اعوان مزورين وكذلك بحكومة وطنية كفوءة رشيقة تحضى بالدعم الشعبي.

كما يرى المصفقون لنوري المالكي بأنه رغم انتقادنا اللاذع لأداءه ونزقه إلا اننا لازلنا نرى فيه ( لزمة ) لكي يقوم بتغيير لصالح العراقي المتعوب وان لم يفعل فان العراق مقبل على ايام سوداء لاتختلف عن ايام النافق صدام حسين. حينها سيتحمل المالكي ومن صفق له مسؤولية هذه الردة.

وشعبنا العراقي يمهل ولايهمل... راجع تاريخه يرفدك باليقين !
 
 
احسان جواد كاظم

346
الاغتيال لغرض الاقناع... كاتم الصوت - الحجة

كلما يعلن خبر عن القاء القبض على ارهابيين او العثور على كدس عتاد, تحرير رهينة او ابطال عبوة ناسفة في طريق عام تملأنا الغبطة ونفكر مع انفسنا : بعد شوية للسعد ! وينتهي كابوس الارهاب والقتل المجاني لمواطنينا في مدن وقرى العراق وسينعم اطفالنا اخيرا بالأمان. لكننا نتفاجأ بتصاعد موجات الاغتيال بكاتم الصوت مجددا بعد ان خمدت. فتتسرب الخشية مرة اخرى الى طمأنينة قلوبنا.
لطالما سمعنا بان الاغتيالات تتصاعد عندما تفشل القوى السياسية الحاكمة , المتصارعة فيما بينها, في التوصل الى اتفاق في امر ما... وان مدبريها هم انفسهم ,لاثبات الوجود وارباك الوضع. فالاغتيالات غدت استمرارا لنقاشاتهم لكن بكاتم الصوت, يدفع فاتورتها المواطن العراقي من دمائه وامانه. لكني لم اكن اصدق ذلك, باعتباره مبالغة من بعض معارضيهم الغير موضوعيين. فلايمكن ان يصل الاستهتار بحياة المواطن لمجرد الحصول على مكسب سياسي. فالاختلاف مهما عظم يمكن ان يحل بعد حين , والنقاش الدؤوب والزمن كفيلان بحلحلة العقد ولكني لم اكن على حق.
فقد صرح رئيس اللجنة الامنية في محافظة بغداد عبد الكريم الذرب لوكالة كردستان للانباء( آكانيوز) :" ان سلسلة الاغتيالات التي شهدتها بغداد مؤخرا باسلحة كاتمة للصوت, نفذت بواسطة اشخاص يحملون باجات خاصة (بعضها مزورة) لحمل السلاح" . وان " معظمهم ( المنفذين) ينتمون الى الاجهزة الامنية ..."
هذا اضافة الى ما افاد به مصدر امني في محافظة الانبار للسومرية نيوز 2/4 :" بان قوة امنية خاصة تابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة اقتادت اربعة اشخاص قاموا باعدام خمسة عناصر من الشرطة في منطقة الرطبة في الانبار الى جهة مجهولة. فيما لفت الى ان القوة طالبت المحققين بعدم الافصاح عن نتائج التحقيق مع المعتقلين خاصة بعدما اعترفوا بانهم يتبعون " جهة سياسية " معينة.
ظننا اننا تجاوزنا حقبة سيئي الذكر حارث الضاري وعبد الناصر الجنابي وعدنان الدليمي واعوان جيش المهدي ... الذين كانوا نهارا مع العملية السياسية وينقلبون عليها ليلا, لكن ظنوننا لم تكن في مكانها.
وقد سمعنا وشاهدنا مرارا من على شاشات التلفزة تهديدات برلمانيين بعضهم للبعض بكشف ملفات تتعلق بصلاتهم بالارهاب او بعمليات تزوير او رشوة, وسرعان مايهدأون , حتى اصبح ذلك نهجا متبعا في اداء سياسيونا . ان على الاجهزة القضائية اخضاع اصحاب هذه التهديدات للاستجواب تحت طائلة العقوبة الرادعة لفضح مستورهم ولكشف الجرائم التي ترتكب بحق المواطن.
ان كل مايحدث من اغتيالات وممالأة سياسية بين المتسلطين وسرقة المال العام واهداره هو نتاج طبيعي لنهج المحاصصة السياسية والذي اخضعت له ايضا الاجهزة الامنية ووحدات الجيش واصبحت القوى المتحاصصة تتمادى في استغلال مراكز نفوذها فيها لتنفيذ مآربها التي تتناقض مع المهام الدستورية للقوات المسلحة. حيث تستخدمها اما كورقة ضغط ضد منافسيها السياسيين او لاقصاء غير المرغوب فيهم منها.
ان اعادة الاعتبار للمؤسسة العسكرية يتاتى من استقلاليتها ولاحزبيتها والالتزام بما حدده الدستور لها من مهام كالدفاع عن حدود الوطن و حماية مصالح شعبه. وبتنظيف صفوفها من الصداميين والارهابيين ومنتسبي الميليشيات الطائفية واعتماد معايير واسس قبول مهنية كما هو معمول به في جيوش الدول الديمقراطية. واخضاع قياداته الى امتحانات كفاءة تصدق الرتب العسكرية على ضوء نتائجها.

محاصصة... محاصصة ودم الشعب ما ارخصة !!! ( من اهازيج مظاهرة ساحة التحرير 4/ آذار في بغداد )


احسان جواد كاظم


347
ضربني بوشو ( بوجهه ) على ايدي !

هذا ماتدعيه شرطة نوري المالكي وما ردده في لقاء مع رولا الأيوبي مراسلة البي بي سي في بغداد والذي بدا فيه قلقا كأنه امام امتحان صعب.
فقد كانت تساؤلاتها حول استعمال العنف المفرط ضد متظاهري شباب شباط المسالمين قد استفزته ايما استفزاز ! ورغم ادعائه بان حكومته لم تخش المظاهرات الشعبية الا انه عاد واعترف بمتابعته للموقف يوم 25 شباط ( جمعة الغضب ) من غرفة العمليات وكأنه في حالة حرب.
اشار ايضا الى قيام متظاهرين في بعض المناطق بضرب الشرطة التي دافعت عن نفسها وسقط نتيجة ذلك العديد من القتلى العزل.
يذكرني ماقاله المالكي بمسرحية الفنان عادل امام " شاهد ماشافش حاجة " عندما لطم بطل المسرحية شرطي السلطة على وجهه واشتكى للضابط " ضربني بوشو على ايدي ". طبعا في حالتنا جرى الامر معكوسا... فالشرطة باسلحتها المختلفة اعتدت ثم اشتكت من المتظاهرين العزل.
ان حكومة نوري المالكي لاتخشى تظاهرات جمع الانتفاضة الشعبية فقط بل انها مرتعبة منها. لأن هذه التظاهرات تختلف عما الفته من تظاهرات متحاصصيها, والتي لا تخضع لشروط الموافقة الثقيلة وللتضييق والاسلاك الشائكة, كما تظاهرة ساحة التحرير في بغداد والميادين العراقية الاخرى. حيث لاتحدد لها طرق سيرها واماكن تجمعها ووقت انفضاضها والتي تحضى بتغطية اعلامية حكومية ضافية. فشعاراتها الفضفاضة واهدافها التي غالبا ما تكون لتحقيق مكاسب فئوية, يمكن لرئيس الوزراء التعامل معها في كواليس الحكم بالتكرم على منظميها ببعض العطايا ليبتلعوا مطالبهم. بينما يتصف تعامله مع المعارضة الشعبية المتمثلة بمتظاهري انتفاضة الاصلاح ومطالبها وشعاراتها الواقعية الملموسة بالجفاء بسبب هواجسه المسبقة ازاء كل معارضة حقيقية لحكومة المحاصصة الفاشلة. فاجراءات التضييق على المتظاهرين اشاعت حالة من الارتياب لديهم منه وعمّقه قراره الاخير باصدار مذكرات اعتقال بحق ( شباب شباط ) كما جاء في بيان لهم. مع ان مطاليبهم تتحدد بالاصلاح وليس اسقاط النظام ثم شروعه باحتضان قوى مسلحة, لاتعرف عناوينها, كانت حتى الامس تعادي العملية السياسية وتعمل على اسقاط النظام والتي تلطخت اياديها بدماء العراقيين. فاي منطق هذا يسوق حكومة المالكي لقبول ذلك؟
هذا غير اصراره على فرض وصايته الفئوية على وسائل الاعلام التابعة للدولة واستمرار التعتيم الاعلامي على تظاهرات شعبنا المطلبية المشروعة ومطاردته للاعلاميين.
لانستغرب رفض المالكي وقوى الاسلام السياسي عامة لمطالب اطلاق الحريات المدنية, لان ذلك, كما يعتقدون , تهديد حقيقي لبديهية احقيتهم المطلقة في الوصاية على رقاب الناس.
فتحقيق مطالب اطلاق الحريات الديمقراطية العامة والخاصة هو كسر لتابعية التفكير الجماهيري وانتظار مايقرره القائد المفدى ويحرر هذه الجماهير من ربقة الفقيه ويقودهم الى آفاق التفكير الحر الرحبة وحرية اتخاذ القرار الشخصي المستند على قناعات الفرد المستقلة.
ان الاداء الخطابي المنمق لرئيس الوزراء وسخاءه في اطلاق الوعود لم تعد تقنع حلفاءه في حكومة المحاصصة المترهلة, فما بالك بالمواطن العراقي المحروم الذي سئم خطاباتهم والذي يصر على رؤية انجازات حقيقية على الارض.

ان ملاحطات قوى التيار الديمقراطي على ورقة الاصلاح الحكومية يمكن ان تكون اساسا صالحا للتغيير المنشود, على ان تسند مهمة تنفيذها لأناس يتصفون بالنزاهة ونظافة ذات اليد والا فلنقرأ على الاصلاح السلام.

" اياك والاستئثار بما الناس فيه اسوة ..." (من وصايا امير الفقراء علي بن ابي طالب الى واليه مالك الأشتر)


احسان جواد كاظم



348
اين اخذتم بنت بنغازي ايمان العبيدي ؟

ايمان العبيدي ابنة بنغازي الحرة اطلقت انتفاضتها الخاصة بوجه نظام القذافي بصرخة مرّة واتهمت كتائبه باغتصابها. حصل ذلك امام عيون الصحفيين الاجانب وامام عدسات كاميراتهم التي سجلت كل ماحدث واطلع العالم على ممارسات ازلام القذافي.
لقد فضحت هذه السيدة نظام العقيد وازلامه مرتين, الاولى عندما اعلنت بشجاعة لامتناهية تعرضها للاغتصاب, رغم عواقب ذلك في تحميل المغتصبة في مجتمعاتنا المتخلفة للمسؤولية. والثانية عندما اختطفوها من بين ايدي منقذيها الاجانب وبتوثيق كامل لجريمة اعتقالها بالصوت والصورة. فكان جودها بالنفس اسمى غاية الجود. وضاهت في فعلها هذا تصدي المنتفضين لجيش القذافي.
احد اعوان العقيد اتهمها بالجنون... رماها بداء قائده منسلا. مس جنونها ربما يكمن في اختيارها لمكان وزمان انتفاضتها العاقلة, في فندق من فنادق طرابلس يقطنه صحفيون اجانب. وفي زمان حرب تضييق الخناق على نظام الدكتاتور.
ممارسات الحكام الدكتاتوريون تتشابه الى حد يثير الدهشة, فما نشهده اليوم في ليبيا والبحرين والسعودية واليمن وسوريا... تذكرنا بجرائم قديس القذافي ومثاله الاعلى صدام حسين. المقبور بالنسبة لنا نحن الشعب العراقي.
ان نجدة الاضعف هو اسمى مايمكن ان يقدمه الانسان السوي. لذا فان على كل انسان رافض للظلم ومنظمات حقوق الانسان والدفاع عن حقوق المرأة وكل منظمات المجتمع المدني التضامن مع ايمان العبيدي والضغط على نظام القذافي للكشف عن مصيرها واطلاق سراحها والكف عن اعتبار جرائم الاغتصاب التي يرتكبها جنوده كشكل من اشكال الانتقام الاخلاقي والسياسي من مناوئيه في مجتمع يعطي هذه الامور وزنا خاصا.

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2011/03/110326_libya_woman_rape.shtml

نقول للقذافي: ضاقت عليك الارض بما رحبت لما فعلته بالابرياء. فاين المفر ياعميد حكامنا ؟
احسان جواد كاظم

349
عطالة برلمانية... تعددت الاسباب والخاسر واحد

 
اختلف برلمانيونا في اسباب عطالتهم البرلمانية العشرية كلٌ تبعا لأنتماءه الطائفي والقومي, هذا رغم اتفاقهم على التمتع بها بالاجماع. انه تطبيقهم المبدع للديمقراطية.
بعضهم تحدث عن رفع جلسات مجلس النواب للتضامن مع شعب البحرين لما يتعرض له من قمع سافر على يد حكامه وقوات الغزو السعودية. وكأنهم " هيجيبوا الديب من ديلو ".
النواب الاكراد اشاروا الى حقهم في التعطل بسبب عيد النوروز القومي للاحتفال به, مع ان العيد يستغرق عادة يوم واحد وليس عشرة ايام.
النائب المستقل الشيخ صباح الساعدي اعطى سببا يبدو معقولا للوهلة الاولى ولكنه لايمكن ان يمر علينا. فقد صرح لصحيفة الحياة بأن : " تعليق البرلمان جلساته لعشرة ايام لمتابعة مطالب المتظاهرين في المحافظات اذ طلب من النواب السفر الى محافظاتهم " .
ان مطالب المواطنين بادية للعيان كما في رابعة النهار. فقط لو تفضل سياداتهم باطلالة قصيرة خلال شبابيك سياراتهم لمعرفة مطاليب ناخبيهم التي تصرخ بها شوارع وارصفة العراق ووجوه مواطنيه. لكن شوقهم لرؤية الوالدة كان اغلب.
ولمجرد تذكير السيد النائب الشيخ الساعدي, ألم يرسل المجلس نوابه بعد جمعة الغضب 25 شباط الى محافظاتهم لمعرفة مطاليب المتظاهرين, والذي كان على اثرها الجلسة البرلمانية وبحضور رئيس الوزراء نوري المالكي والتي وصفتها النائبة مها الدوري بالشكلية وانها جاءت مخيبة للآمال؟ فما عساهم ان يجمعوا من مطالب في هذه العشرة ايام؟
لقد كان على نواب الشعب بالاحرى ادانة الأجراءات الحكومية التعسفية, التي حرمتهم فرصة الاستئناس بمطالب وشكاوي المتظاهرين, حيث فرضت السلطات تعتيما اعلاميا على نقل التظاهرات المباشر, سبقته حملة افتراءات ظالمة على اعلى المستويات وبمساهمة الاعلام الحكومي, اضافة الى مصادرة الكاميرات الشخصية للمواطنين والاعتقالات الكيفية والتعذيب الذي طال صحفيين ايضا. لكن رغم حملة تكميم الافواه, لاكت وسائل اعلامية متعددة مطالبهم.
عموما, لو ان نوابنا سعوا حقا الى تحقيق حتى جزء من برامجهم ووعودهم الانتخابية التي اوجعوا رؤوسنا بتكرارها لعم الفرح والسرور بيت كل عراقي. ولكنهم لايفعلون.

ان اعلان مواطن عراقي من مدينة الحلة, خريج كلية الطب البيطري, عن رغبته في بيع احدى كليتيه مقابل التعين في وزارة الزراعة بسبب مايعانيه وعائلته من ضنك العيش, يؤشر الى عظم الجريمة التي يرتكبها نظام المحاصصة ـ العرقية , ممثلة بمجلس النواب العاطل ووزارة نوري المالكي الفاشلة, بحق شعبنا الصابر.

اننا نطالب باجراء تحقيق رسمي يبين اماكن تواجد اعضاء مجلس النواب خلال هذه العشرة ايام, اذا كانوا حقا مكلفين بمهمة كما يدعي الشيخ الساعدي, ونشره على الملأ. ان ذلك كفيل بفرز الكاذب منهم عن الصادق... لأننا لم نعد نثق بأناس يبحثون عن اية فرصة للتهرب من تحمل مسؤولياتهم في هذه الاوقات الصعبة التي يعيشها ابناء شعبنا.

نقولها بوجوهكم : شوفتكم حزن وفراگكم عيد .
 
احسان جواد كاظم

350

اجراء ( تضامني ) مفاجيْ يدعو للريبة !

ببراءة تامة أتساءل : لماذا يحتاج برلمانيونا عشرة ايام عطلة للتضامن مع شعب البحرين؟ لماذا تترك السلطة التنفيذية بدون رقابة السلطة التشريعية كل هذه المدة, وهي التي تعرضت لأنتقادات برلمانيين الاسبوع الماضي بسبب قمعها المفرط للتظاهرات السلمية للعراقيين؟ خصوصا وان استحقاقات مطلبية ملحة تنتظر تطمينها لا تأجيلها .
هل سيسيرون تظاهرات التضامن مع شعب البحرين يوميا؟ ام تراهم سيشكلون سلسلة بشرية تواجه قوات درع الجزيرة التي تحاصر سكان منطقة سترة البحرينية الآمنين؟

لم تقنعني صراحة توقعات بعض الكتاب, بان وراء العطلة التضامنية اسباب طائفية . فحتى لو كان ذلك صحيحا, فلماذا تستمر عشرة ايام؟ عموما لنرى عاشوراءهم التضامني. لكني ارى ان مايجري هو تضامنهم مع انفسهم من اجل البحرين.
ان التهرب من مسؤولياتهم البرلمانية في هذه الاوقات الحرجة لايمكن تبريره باي حال من الاحوال.
لقد الغى برلمانيونا جلستهم الرابعة والاربعين فجأة وبدون اعتراض على مايبدو من ال 225 نائبا حاضرا... وتأجل جدول الجلسة الحافل حتى يوم 27/ 3 الجاري والذي تضمن :-
- القراءة الاولى لمقترح هيئة النزاهة.
- القراءة الاولى لمشروع قانون البنى التحتية والقطاعات الخدمية.
- القراءة الاولى لمقترح الغاء قرار مجلس قيادة الثورة ( 349 لسنة 1991 ).
- القراءة الاولى لمقترح الغاء قرار مجلس قيادة الثورة ( 100 لسنة 1995 ).
واقتصرت جلسة اليوم على التصويت على اعتبار جريمة حلبجة ابادة جماعية.

لآاعتقد بنظرية المؤامرة, لكن تجربة السبع اشهر من جلسة مجلس النواب المفتوحة براتب ومخصصات كاملة, بدون شغل, تدعونا للشك في جدية الجهات المتحاصصة في الحكومة والبرلمان, وتجعلني ادعي بان العطلة البرلمانية غير المبررة, وراءها ماوراءها.
حيث ربما يعد شيْ ما في الظلام, بغياب الشهود, خصوصا واننا سنشهد يوم الغد " جمعة المعتقلين " تحت نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد.
ادعوا شعبنا الى الحذر... والمنتفضين خصوصا. فما يجري غريب. ولكي لاتتكرر حادثة المنامة وتصبح ساحة التحرير اشبه بدوار اللؤلؤة البحريني.
فالتعامل السلطوي في الجمع السابقة ضد المتظاهرين المسالمين يؤهلها لتقليد تجربة مليك البحرين.

ان افضل طريقة للتضامن مع شعب البحرين الصامد وشعوب المنطقة الثائرة كان الانغمار في خدمة شعبنا العراقي وتحقيق امانيه في الامان والديمقراطية الحقة.
 
احسان جواد كاظم




351
مصير الجامعة العربية بين سابقة ليبيا والمأزق البحريني

 
تعودنا على القول بان وجود جامعة الدول العربية كعدمها. فهي لم تقدم يوما, طول عمرها المديد منذ اربعينيات القرن الماضي, حلا ناجعا لمشكلة عانى منها شعب من شعوبنا المتمددة من الخليج الى المحيط. وربما كانت قراراتها المتعلقة بالصراع العربي ـ الاسرائيلي غير الفاعلة سببا لاشاعة مشاعر المرارة الممضة من دورها ومصدرا للتندر الشعبي منها.
وقد كان قرار دول الجامعة الفريد, قبل ايام , بمطالبة مجلس الامن الدولي بفرض الحظر الجوي على نظام العقيد القذافي الدموي لحماية شعب ليبيا الثائر, سابقة تأريخية. فقد كان المألوف في سياساتها تمحورها حول انظمة دولها الاعضاء وحمايتها.
وفي الوقت الذي رفعت به الدعوة لحماية شعب ليبيا من بطش العقيد اسهم الجامعة فان سكوتها عن الغزو السعودي ـ الخليجي للبحرين وقمع انتفاضة شعبها السلمية سيقصم ظهرها... ولن تقوم لها قائمة, ان لم يكن تعاملها مع الغزو حازما.
لقد كان اتفاق دول الجامعة على طلب فرض الحظر الجوي على نظام القذافي بسبب قمعه السافر لشعبه, قد فتح عليها, من حيث لاتدري, ابوابا لايمكن ايصادها. لأن استعمالها المفرط للقوة ضد متظاهري بلدانها السلمية, لاسيما وقد بدأت طلائع الانتفاضة تدق ابواب مضطهدي الشعوب, ستضع حكامها تحت طائلة تطبيق طلبها ضد جرائم القذافي, عليها. فالوقت قد تغير. فلم تعد انظمة الاستبداد قادرة على اخفاء جرائمها بحق شعوبها بسهولة, كما كان يحدث سابقا. ولايمكن لدول التأثير الدولية التعكز على مصالحها فحسب للتغاضي عن انتهاكات حلفاءها وعدم ادانة تجاوزاتهم على حقوق الانسان.
ان الثورة المعلوماتية الهائلة جعلت حجب جريمة او فضيحة ما امرا عسيرا. ولاحتى الدول المتقدمة تكنولوجيا في منأى عن تاثيراتها ولنا في تسريبات ويكي ليكس شاهدا.

طبعا لايوجد اي مبرر موضوعي لدول الجامعة العربية للتعامل بانتقائية, وتجاهل الغزو السعودي ـ الخليجي للبحرين لقمع تظاهرات سلمية تطالب بالاصلاحات, بدون سبب سوى خوف مليكها من التغيير, في الوقت الذي دعمت موقف انتفاضة الشعب الليبي التي استدرجت من قبل نظام القذافي للعسكرة. لقد عودتنا الجامعة العربية على عدم تدخلها عندما يجري قمع شعب دولة من اعضاءها( كما جرى في العراق) بدعوى عدم التدخل في الشؤون الداخلية, فما بالها تقول ياترى في غزو خارجي لصالح سلطة جائرة ضد مواطنيها المسالمين المطالبين بالعدالة, كما يحدث في البحرين الآن ؟
ان تفتت جامعة الدول العربية يفقد انظمة هذه الدول غطاءها السياسي الذي يبرر لها تجاوزاتها بحق مواطنيها.
لم تعد تداعيات انتفاضات شعوب المنطقة, مقتصرة على الاطاحة بعروش الطغاة فقط, بل انها قد تطيح بمؤسسات اعطتهم الشرعية, كجامعة الدول العربية.

الغزو السعودي ـ الخليجي الغاشم للبحرين مصيره الهزيمة , بعزيمة شعب وشبيبة البحرين الظافرة


احسان جواد كاظم



352
امرأة... ليس ككل نساء ورجال التيار الصدري


احسان جواد كاظم
 
     
لطالما أثارت مواقف النائبة البرلمانية مها الدوري نقاشا حولها, سلبا او ايجابا. فربما لازال البعض يتذكر دعوتها للبرلمانيين قبل سنوات :" اعطونا عگلكم واخذوا عبينا ". وكذلك زيارتها غير المتوقعة للمنتفضين يوم جمعة الغضب في ساحة التحرير ببغداد, رغم امتناع التيار الصدري الذي تنتمي اليه عن المشاركة فيها ومحاولته تمييع المطالب الشعبية باقتراح استبيان يقتصر على الخدمات البلدية دون مطالب اطلاق الحريات وتأجيل الاحتجاجات لما بعد ستة اشهر قادمة.
بيّّضت النائبة الدوري وجه التيار الصدري بهذه الزيارة ثم بتصريحها المفحم لأهل السلطة :" اني لم أر تظاهرة بعثية ولكني رايت قمعا بعثيا للمتظاهرين", احرجت به الحليف السياسي للتيار رئيس الوزراء المالكي الذي اساء للمتظاهرين باتهامهم بالبعثية وثأرت لهم.
وأتبعت ذلك بطلبها لنوري المالكي بالاعتذار للعراقيين عن هذه الشتيمة الشنيعة, مؤكدة بان في صفوف اجهزته الامنية من تشملهم اجراءات المساءلة والعدالة. الأولى به متابعتهم. ثم انتقادها الشديد لجلسة مجلس النواب الخاصة بمناقشة قمع التظاهرات السلمية التي اجتاحت مدن العراق ونعتتها بالشكلية وانها جاءت مخيبة للآمال.
وعلى ضوء متابعاتي الشخصية للمواقف المعلنة للسيدة مها الدوري, اعتقد بان مواقفها السياسية تشهد نضوجا سياسيا مقارنة بمواقفها في الدورة البرلمانية السابقة, وتكتسب سمات واقعية تتقاطع مع الشعارات والمواقف التقليدية الشعبوية لقيادة التيار الصدري.
لقد برزت السيدة الدوري كصوت نسوي اعلامي متميز, عن التيار وفيه. اضافة الى ظهورها كقائدة ميدانية فاعلة.
وربما كان تنامي دورها السياسي في التيار, الذي نغبطها عليه, تأتى من حصولها على اعلى الاصوات بين المرشحات في الانتخابات البرلمانية الاخيرة, وكذلك لما كان لحصادها من الاصوات من دور في انقاذ نوابا صدريين من عدم الحصول على كرسي تحت قبة البرلمان (حسب نظام الاصوات التعويضية الجائر).. انه لعمري لفضل كبير منها عليهم.

لااعرف رأي سيدة التيار الصدري الحديدية بمبدأ "قوامة الرجال" او بالحديث النبوي المنسوب: ( مافلح قوم تقودهم امرأة ), لكني اعلم بان مامن امرأة تود ان تحشر بين سكان جهنم كما في حديث آخر منسوب للنبي بان ( أغلب سكان جهنم من النساء ).. ومن هنا سعيها لكسب ثوابها من القبول الشعبي وهو بالتاكيد افضل ثواب.
كل الامل ان تكون مواقفها الاجتماعية المتعلقة بحقوق المرأة قد شهدت تطورا اسوة بمواقفها السياسية... فلازالت قضايا تعدد الزوجات وحق طلب الطلاق وحضانة الطفل وشهادة المرأة المنقوصة وحقها في ارث كامل ثم فرض الحجاب عليها... وغيرها تنتظر رفع كاهلها عن المرأة العراقية لتنطلق في عملية البناء اسوة بالرجل.
من المؤكد, ان النائبة عن التيار الصدري في مجلس النواب العراقي مها الدوري لن تعتمر العقال ولن تتخلى عن عباءتها, لكن يمكنها دفع التيار الصدري الى آفاق اوسع.
ان اللمسة الأنثوية للسيدة مها الدوري على سياسة التيار الصدري تشذيب لمواقف النزق الرجولي فيه.



353
يعجبني الحزب الشيوعي... والعياذ بالله !

أعجبني الحزب الشيوعي العراقي يوم لم يرضخ قادته لضغوط حكومية بعدم دعم التظاهرات الشعبية المطالبة بالحريات الديمقراطية ومحاربة الفساد وتقديم الخدمات.
وبعد ثمان سنوات من التغيير وظهور الحزب للعمل العلني , كتنظيم وصحافة ومقرات, تابعنا باهتمام المواقف الوطنية للحزب من القضايا المطروحة ودوره النشيط في العملية السياسية والتي خضعت احيانا لتقلبات الاجواء السياسية واستفحال الميليشيات.
وكان لطغيان المد الاسلامي في منطقتنا والسقوط المدوي لتجارب الاسلام السياسي وفشله في تقديم بديل ايجابي لما طرح سابقا من تجارب لاديمقراطية في دول المنطقة, اثره في زيادة هذا الاعجاب.
لقد كان التطور العلمي والتكنولوجي غير المسبوق وانعكاساته الفكرية قد افرز قوى اقتصادية واجتماعية وسياسية جديدة طامحة للتغيير. واصبح تبادل القيم والتجارب مشاعا وكاسحا , لابل سمة للعصر, وليس هناك من راد لها. وبدأت افكار الماضي المظلم الكئيب تخلي مكانها لأفكار المستقبل المشرق السعيد.
ان صعود الحركة الشبابية الخلاقة في بلداننا ماهو الا تجسيد لأرادة التغيير المنسجمة مع مسار التاريخ, و التي وجدت ارضية صالحة في مجتمعاتنا, حيث الحرمان المادي والمعنوي المتضافر مع استبداد سلطوي. ثم بوجود حركة تنويرية فاعلة. ان الحركة الشبابية في منطقتنا هي بشير خير وانعتاق لكنس قوى التخلف والتسلط والفساد.
وتتميز تجربة حركة الانتفاضة الشعبية العراقية, عن غيرها بوجود مظاهر ديمقراطية ودور متنامي لقوى المجتمع المدني وكذلك وجود تيارات سياسية مهمشة لها وزنها المجتمعي. مع وجود اوجه شبه من اخواتها في البلدان الاخرى بمنطلقاتها واهدافها وطبيعة القوى التي تواجهها, حكومات فاسدة, عبثية متخلفة, مع نباهة شعبية عالية.
لقد كان انحياز الحزب الشيوعي العراقي واحزاب وشخصيات ديمقراطية اخرى الى جانب حركة الشباب المطلبية المشروعة وتأييدها, قد عززت الثقة بأهمية دور ووجود الاحزاب واعادت الاعتبار لأهمية العمل الحزبي الذي شوهته ممارسات احزاب سلطة المحاصصة الفئوية.
كما تشهد مواقف الحزب تطورا ملموسا, معززة بالصراحة المتناهية والشفافية في الاشارة الى اخطاء العملية السياسية والتجاوزات المرافقة لها وعدم التهيب من اعلان موقف الحزب الحقيقي عنها للجماهير ودعوته لها للعمل على التغيير.
فقد كانت تصريحات قادة الحزب في مؤتمرهم الصحفي ـ المتعلق بغلق مقر اللجنة المركزية للحزب ومكاتب صحيفة " طريق الشعب " اول صحيفة سياسية معارضة توزع في بغداد يوم سقوط تمثال الدكتاتور ـ تنم عن حرص وطني عال ووضوح في الموقف السياسي من التجربة الديمقراطية ودعم كامل للمطالب الشعبية.

ليعذرني الشعب العراقي عن الأستعاذة, فهي من باب التندر على مروجي الحاد الشيوعيين, فالحزب الشيوعي العراقي بالخصوص لم يستحق الأستعاذة منه يوما... بل الأستعاذة بالله تجب من أبالسة احزاب الاسلام السياسي واحزاب المحاصصة, الذين استحلوا قوت عباده الفقراء واستمرأوا نهب ثروات شعبنا وتشغيلها لصالح تأبيد التحاصص الطائفي ـ العرقي المشؤوم .
احسان جواد كاظم


354
بعد ان شتم المالكي العراقيين... يعتذر للبعثيين   
 
اعتذاره للبعثيين جاء عمليا وليس لفظيا, بأغلاق مقرات الشيوعيين العراقيين والانتقام منهم, مرة على تجرأهم على رفع السلاح بوجه نظام الفاشست البائد واخرى, على تجرأهم على المطالبة بمحاسبة الفاسدين وسراق قوت الفقراء ومصادري حرياتهم, ودعوتهم الى اعتماد الديمقراطية الحقة.
فقد ارسل برقيته العاجلة لأعوانه: " اتمام المهمة/ أمر قاطع سلطة عليا/ طاعة وتنفيذ/ التوقيع أنا, وألح أنا شخصيا". *
فنفذوا فرمانه!
لقد اثبت نوري المالكي وسياساته القاصرة بأن 7 آذار/2010 يوم الانتخابات البرلمانية كان فعلا اكبر تواريخ خيبتنا سطوعا.
انه كان طول الوقت, يسوق الكلام كوما بقرش, عندما تحدث عن حق المواطن وحرية التنظيم والرأي, لكن الكرسي اصبح ربه المعبود , فابتلع ما ردده.
ان اصوات متظاهري ساحة التحرير وميادين العراق الاخرى, المطالبة بالخبز والديمقراطية تؤرقه لابل تقض مضاجعه ومضاجع من يحميهم... لذا فعل فعلته هذه في ليلة من ليالي قلقه التي ستطول.
يجب ان لايدعي نوري المالكي تطبيق القانون بفعلته هذه, هو الذي تجاوز على الحق الدستوري الحر بالتظاهر, اضافة الى ان تطبيقه الانتقائي والنزوي للقانون, هو استغلال غير شرعي للسلطة وخرق فاضح للقانون ذاته.
انه بخنقه للحريات وسلبه للحقوق وصممه عن سماع آهات المحرومين, كمن قفز من المقلاة الى النار.


*عن خريف البطريرك لغابرييل غارسيا ماركيز
 
 
 
احسان جواد كاظم


355
لاتنادوا بأسقاط الفاسدين... البعث يتربص !

هذه الدعوة هي فحوى ما اطلقه مسؤولون حكوميون وردده بعدهم بعض الكتاب ايضا, لثني المواطنين عن التظاهر للمطالبة بمكافحة الفساد وتحسين الخدمات وتأمين الحصة التموينية ثم اصلاح النظام برمته لصالح ابناء الشعب.
لقد اثبت المشاركون في تظاهرة يوم 4 آذار, كما في الجمعة التي سبقتها, مسؤولية وانضباطا عاليين والتزام رائع بشعارات الانتفاضة واهدافها, رغم الموانع الجمة التي وضعتها السلطة لمصادرة حقهم الدستوري بالتظاهر. . فقد شاهدنا الانتشار الواسع للقوات الامنية وهمرات المالكي على كامل مساحة بغداد الكبرى, معززة بالحواجز الكونكريتية ونقاط التفتيش ومنع التجول ومضايقة المواطنين والاعتداء على الصحفيين, لابل محاصرة المتظاهرين في ساحة التحرير بالاسلاك الشائكة كأنهم في مركز اعتقال ( لحمايتهم ).. حتى انه في حالة حدوث عمل ارهابي, لاسمح الله, فان امكانية الهروب متعذرة .
ان حدوث استثناءات في اي تظاهرة جماهيرية واردا... فقد سبق وان حصلت تجاوزات امنية مؤسفة في تظاهرات لاحزاب اسلامية مشاركة بالسلطة, ولم يتحدث احدا عن اختراقها من البعثيين مع ان نسبة البعثيين الملتحين فيها عاليا. كما انها لم تتعرض لحملة اعلامية جائرة كما تعرضت لها انتفاضة 25 شباط السلمية.
البعض لايريد ان يقرأ شعارات المنتفضين او هتافاتهم الرافضة للبعثيين : ( لاقاعدة ولابعثية.. بدمانة نشري الحرية ), وهم لايودون بالتأكيد العودة بالوطن, كما يقول اعداء الانتفاضة, الى المربع الاول, الذي نحن لازلنا على احد سيقانه بفضل سياسات المحاصصة المقيتة, المسؤول عنها الفاسدون.
ان من يطالب باجتثاث الفاسدين ومحاكمتم واهانتهم, لايمكن ان يرضى برجوع جلادي وقتلة الامس البائد.
المتظاهرون هم ضحايا النظام الساقط والمخدوعون بوعود احزاب المحاصصة الطائفية ـ العرقية, المهمشون الصابرون والظامئون لحياة حرة كريمة.. سرق الفاسدون احلامهم البسيطة ومعها مفردات الحصة التموينية البائسة.

اني اسأل كل منصف , والمرجعيات الدينية الحقة ومنها مرجعية السيد علي السستاني التي نحترمها : لماذا يختلف تمن ( رز ) الحصة التموينية بنوعيته السيئة عن التمن الذي تطبخه المواكب الحسينية في شهر محرم, ذي النوعية الممتازة؟ بالله عليكم... بأمير الفقراء علي بن ابي طالب, اجيبوني ؟ !
لماذا لايستطيع وزير تجارة المالكي استيراد تمن جيد النوعية ليطعم به الناس ؟
ان من يقدم التسهيلات والمبررات لمجرمي البعث والقاعدة هم المتحاصصون, سراق اموال الفقراء وليس المطالبين بحقوقهم وكرامتهم... فارعووا... وكفى افتراءا !

اعتبر احد منتقدي الكتاب المؤيدين لأنتفاضة الشباب, استعارتهم الرمزية لتسمية شهر " فبراير " من ثورتي تونس ومصر, دليل تقليد اعمى لهم بالتسمية ورمى الشباب ايضا التقليد بالانتفاض, وكأن ليس هناك اساس حقيقي موضوعي لأندلاع الانتفاضة ولتذمر ابناء شعبنا... فالاحتجاجات ليست ابنة اليوم ياهذا .
كلنا نعرف حجم التركة التي اورثها لنا نظام البعث الفاشي. وقد توقع المواطن من الحكام الحاليين بعد انتخابهم العمل الجدي للتخفيف عن كاهله , مشاكل العوز والتخلف لكنه شهد بدل ذلك صراعهم على الكراسي وتكالبهم على جني المنافع والامتيازات ثم التجاوز على الحريات العامة والخاصة ونهبهم الاجرامي للمال العام مع تجاهل فظ لمعاناته , وحيث لم يبق في القوس منزع والصبر متسع ,قرر الانتفاض السلمي.
الهدف الاساسي للانتفاضة الشعبية هو اصلاح النظام ونبذ المحاصصة الطائفية ـ العرقية. وهذا لايعني استهداف تيار ما بذاته, لكن من يتصدى لمسؤولية الحكم عليه توقع النقد والرفض والثورة ضده لو اساء ولو كان حزبا اسلاميا. فاسلاميته لا تعفيه عن المحاسبة. فموظفي الدولة مهما علا شأنهم هم خدمة الشعب وليس اسياده. الشعب فوق الجميع.

من هتافات الليبيين: الدنيا تمشي لقدام... الكرسي مادام لصدام.
احسان جواد كاظم


356
أفول نجم المالكي ونهاية حقبته

ليس من اهداف المعارضة الشعبية العامة المتمثلة بانتفاضة 25 شباط لحكومة المحاصصة, اسقاط النظام. ولم ترفع بعد شعار اسقاط حكومة نوري المالكي ( هذا سيحدده, كما اعتقد, سلوكه من تظاهرة يوم غد الجمعة 4 آذار ), لكن ضغط انتفاضة الغضب و انجازاتها الاولية, التي اطاحت ببعض رؤوس الفساد في المحافظات, جعل شركاء المحاصصة المتحالفين مع رئيس الوزراء نوري المالكي يبحثون عن مصالحهم بعيدا عنه. حيث تطفو على السطح يوما بعد يوم اشارات واضحة عن تفتت داخلي في بنية تحالفهم وظهور اصطفافات جديدة داخل قوى الحكم. فطبيعة حكومة المحاصصة الهشة وصراع الارادات داخلها ثم مقدار الغنائم الكبير تدفع لذلك سريعا. حيث يتناسب نهم الفاسدين طرديا مع حجم هذه الغنائم.
فكما نلاحظ, يتعرض المالكي لحرب شعواء من قبل حلفاءه في الائتلاف الوطني العراقي.. وقد بدأ كل منهم يغني على ليلاه, بعد ظهور بوادر افول نجم المالكي. وابرز هذه المواقف كان, تحول التيار الصدري عن اسناده الى معارضته وتوجيه انتقادات لاذعة لأداءه, ثم تقرب التيار من غريمه الآخر اياد علاوي لتشكيل جبهة معادية له, للاطاحة به. وهذا يجري ايضا مع شروع حلفاءه الآخرين في تمييز انفسهم عنه ونبذه, في تسابق مصلحي محموم منهم جميعا مع منتفضي 25 شباط لرسم ملامح الوضع الجديد لما بعد حقبة المالكي.
ان جماهير شعبنا لاتجد في هذه القوى بديلا مقبولا للمالكي في الحكم... فهي مشاركة فعلية في ثمان سنوات فشل وفي تحاصص 42 وزارة عاطلة عن العمل, والتي كان ترهلها قد شل تقدمها خطوة واحدة باتجاه تحقيق اصلاحات تطمن الحاجات الملحة لأبناء شعبنا الصابر.
فالشخصيتان البديلتان للمالكي التي يمكن ان تقترحها هذه القوى قد استهلكتا صلاحيتهما. فأياد علاوي اللاهث وراء منصب وجاهي يرضي غروره, لفظته الجماهير لما وجدت فيه من نزوع ذاتي سقيم. اما ابراهيم الجعفري فهو يمثل البديل الأسوأ, الذي لايحضى على ابسط تأييد شعبي, لما ارتبطت فترة تسنمه لرئاسة الوزارة قبل سنوات في وعي المواطن بالمجازر الطائفية البشعة والفشل الامني الفاضح والغياب التام للخدمات.
ان محاولتهم ايجاد توليفة جديدة من التحالفات السياسية مع الابقاء على الجوهر التحاصصي للحكم, للقفز على اهداف انتفاضة الشباب السامية, لن تنطل على جماهير الانتفاضة الساعية قدما نحو تغيير ديمقراطي حقيقي. وسيكون الفشل التام مصير هذه المحاولة.
ان قطع الطريق على المتصيدين بالماء العكر, يلقي على عاتق شبيبة الانتفاضة مهمة ايجاد شخصية ديمقراطية قادرة على تحمل مسؤولية قيادة حكومة انتقالية, تحضى باحترام شعبي, كالاستاذ ضياء الشكرجي مثلا, ليقدم وحكومته مشاريع قوانين تأسيس الاحزاب والأنتخابات البرلمانية والمحلية الجديدة, لمجلس النواب, للتهيئة لأنتخابات حرة وديمقراطية حقا, تضمن تمثيلا نيابيا حقيقيا, بعيدا عن داء المحاصصة الطائفية ـ العرقية المقيت.

وان الصبح لناظره قريب.

احسان جواد كاظم


357
المواقف من انتفاضة 25 فبراير وتهاوي احجار الدومينو

فتحت باب التغيير العراقية ومامن شيْ ولا من احد قادر على اغلاقها. فتحت بعزم شبيبتنا وبمفتاح انتفاضتهم... انتفاضة الغضب العراقي التي تفجرت ضد من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين وضد من سرقوا قوتهم واحلامهم. اننا على طريق الحرية والديمقراطية التي لا مرد لها.
كلنا تابع تداعيات قمع التظاهرات السلمية في ساحة التحرير ببغداد وانقلاب السحر على الساحر.
فقد نال المنتفضون اعجاب وتضامن المزيد من المواطنين واستقطبوا شرائحا اجتماعية جديدة, مع تنامى ملحوظ للتفاؤل الشعبي بحصول تغيير حقيقي, لذا فان من المتوقع ان تشهد( جمعة الكرامة) 4 آذار تغيرا حاسما على صعيد المشاركة الشعبية لصالح الانتفاضة .

تباينت مواقف القوى السياسية داخل الحكم وخارجه من الانتفاضة وينبغي على عموم شعبنا تذكرها دائما :
فقد كان موقف الفاسدين والمستفيدين من محاصصة الغنائم, معاديا للانتفاضة وهذا طبيعي ومفهوم من قوى معادية لمصالح شعبنا.. هؤلاء يجب اسقاطهم.

وهناك من عاداها متأثرا بفرية المالكي ( بكونها مخترقة من قوى معادية) ورغم انكشاف الكذبة, اخذتهم عزة النفس عن الاعتراف بالخطأ. هؤلاء مهمشون وهمشوا انفسهم. فهم مكابرون لايمكن التعويل عليهم.

ثم هناك من ساندوا موقف حليفهم المالكي ثم تنصلوا عنه, عندما اصبح الهزل جدا. كمقتدى الصدر وتياره, ومحاولتهم ركوب الموجة باقتراح استفتاء الخدمات المضحك للهروب الى الامام. هؤلاء كذابون فاجتنبوهم.

ويوجد من صدق الافتراءات على الانتفاضة ثم اكتشف الخدعة وصحح خطأه, فكانت له فضيلة الاعتراف بالخطأ. وعادوا عن معاداتها الى مساندتها. وهم جمع من منتخبي احزاب المحاصصة التي أثرت قياداتها وافتقروا. هؤلاء حقانيون فاحتضنوهم..

ثم شباب الانتفاضة والداعمون لهم والمؤمنون بأهدافها, هم ضمير شعبنا. هؤلاء هم امل التغيير وبناته الحقيقيون فسيروا وراءهم.

كانت انتفاضة شعبنا الوليدة قد قطفت رؤوسا لبعض الفاسدين, كانت قد اينعت, بدون اراقة دماءهم. وانتزعت تنازلات. لكن انجازاتها تميزت عن نظيراتها من انتفاضات شعوب المنطقة في تونس ومصر ثم اليمن وايران وحتى البحرين وعمان... حيث أن تهاوي احجار الدومينو المتوالي ـ داخليا ـ طال عندنا رموز اقطاعيات احزاب المحاصصة الدنيا لتتسلق بزخم عال, اعلى سلم المحاصصة الوظيفي الدولتي للاطاحة باساطينها, بينما بدأ في البلدان الاخرى بتهاوي قممها ومسؤوليها الكبار لتنحدر نحو الادنى من مسؤولي انظمة الاستبداد .
ان ذلك مرتبط بلاشك, باختلاف التكوين البنيوي للسلطات الحاكمة وطبيعة نظمها... فالعراق يتميز عن غيره من البلدان التي انتفضت شعوبها, بوجود عملية سياسية بمظاهر ديمقراطية, تستوجب تجذيرها وتحويلها الى ديمقراطية حقيقية لاديمقراطية محاصصة فئوية فاسدة.

ومن غريب ماطالب به بعض ممثلي السلطة في العراق المنتفضين , عدم تسييس المطالب الشعبية الداعية لتوفير الخدمات واطلاق الحريات.
لكن ببساطة شديدة وبدون فذلكات فكرية او تفلسف:
أليس اطلاق الحريات, سيؤدي بالضرورة الى المزيد من المشاركة الشعبية في الشأن السياسي ؟
أليس مطلب اقالة عضو مجلس بلدي, جاءت به محاصصاتكم الحزبية, فعل سياسي ؟
ثم أليس التظاهر ضد شيْ ما, هو بحد ذاته فعل سياسي ؟

نصيحة لحكامنا : لاتكونوا كمن ظل متمسكا بغيّه فضل... اعتبروا !
 
احسان جواد كاظم

358
هل يعتذر المالكي لشعبنا عن كذبته الصلعاء ؟

انطلت كذبة رئيس الوزراء نوري المالكي, بكون انتفاضة 25 فبراير مشبوهة تقف وراءها شراذم البعث وعصابات القاعدة, على المرجعية الدينية وشيوخ عشائر وبعض العراقيين, لصالح بقاء المفسدين ومافيا المحاصصة.
وكانت جماهير شعبنا المنتفضة قد وجهت لناهبي ثرواتها وحاجبي حقوقها ولايتام البعث والقاعدة صفعة مدوية باسلوبها الحضاري السلمي وشعاراتها الوطنية المسؤولة.
لقد اقترنت كذبة المالكي في خطابه المشين, قبل يوم من انطلاق التظاهرة, بسلسلة من الاجراءات التعسفية. ابتداءا من الاعتقالات الكيفية لنشطاء وصحفيين ومواطنين عاديين والضرب المبرح لبعضهم, مرورا بغلق طرق بغداد واطرافها لمنع المتظاهرين من المشاركة في التظاهرة ثم فرض التعتيم الاعلامي, بمنع القنوات الفضائية من النقل الحي لأحداث الانتفاضة وتوظيف برامج القناة الرسمية, الفضائية العراقية, ووسائل اعلام اخرى كليا لخدمة اغراضه.
وقد كان تجاهل وسائل الاعلام الرسمية الكلي للانتفاضة والمطالب الشعبية وبالا على اعلاميي السلطة وعكس بؤس الاداء الاعلامي الفئوي للفضائية العراقية وعزلتها عن متابعيها من المواطنين العراقيين وتنازلها الطوعي عن مسؤولياتها المهنية لصالح قنوات فضائية خاصة مشكوك في تغطيتها المحايدة لاوضاع العراق.
ورغم التجاوزات الحكومية على حقوق المواطن اثناء التظاهرة, الا ان وزير حقوق الانسان الجديد في حكومة المالكي اثناء مقابلته المقتضبة على الفضائية الحكومية, لم يذكر هذه التجاوزات واكتفى بامتداح الطريقة الحضارية الغالبة للمتظاهرين مع استثناءات بسيطة. واضافة الى ما اشرنا اليه واشار له غيرنا من خروقات حكومية لحقوق الانسان وترهيبه , فان قيام طائرة مروحية بالطيران على مستوى منخفض على رؤوس المتظاهرين في ساحة التحرير ببغداد, مثيرة زوبعة ترابية لترويعهم واهانتهم مرة واحدة, في استعادة كريهة لممارسات البعث الاجرامية, اعطت نتائجا معكوسة لما تمناه القائد العام للقوات المسلحة العراقية من خلال شحن مشاعر الرفض والغضب لاستهتار السلطات.
وكان لتلويح بعض المتظاهرين بمكانس يدوية بوجه السلطة, معناه الرمزي البليغ, باصرارهم على كنس الفاسدين ومعهم الاتربة التي خلفها فسادهم , حتى عجزوا عن تخليص شوارع البلاد منها.
ان على رئيس الوزراء نوري المالكي الاعتذار لشعبنا على اتهاماته وبهتانه او الاستقالة, ثم الشروع بنقاش وطني عام للخروج من نفق المحاصصة المظلم والاتيان بنظام ديمقراطي حقيقي.
كما ان لابد لشباب الانتفاضة من مراجعة متأنية لحصيلة يوم الانتفاضة الاول من انجازات واخفاقات وخسائر لتصحيح المواقف التي تحتاج للتصحيح وتجذير المطالب ورفع الشعارات المناسبة التي تتلائم مع المستجدات , انحيازا لشعبنا الصامد.
أتى امر الشعب فلا تستعجلوه !


احسان جواد كاظم






359
ما المغزى من تثبيطهم للعزائم ؟

انبرت جهات حكومية ودينية وحزبية عراقية في تثبيط عزم الجماهير عن المشاركة في تظاهرة يوم 25 فبراير المطالبة بالحريات والخدمات المفقودة.
مثبطو العزائم وضعونا امام خيارين, اما عودة البعث او بقاء الفاشلين ولكن لشعبنا خياره الأفضل : لا فاشية البعث ولا جشع المتحاصصين, انما دولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وقد اختلفت دوافع هذه الدعوات, الظاهرة منها والباطنة , فبعض القوى  بدأت تتحسس قرب خسارتها لكراسيها وامتيازاتها وهيبتها, و بعضها القليل , تتخوف من استغلال قوى مشبوهة لتنفيذ اجندات ضارة بمظاهر ديمقراطية تحققت بعد سقوط صدام عام 2003. فكل المبررات المطروحة تتعلق بمعلومات باحتمال اختراق عصابات القاعدة والبعث البائد للتظاهرة وسرقتها ثم توجيهها لاغراضها.
ان التهويل المبالغ فيه لأمكانيات ايتام صدام وحارث الضاري هي السمة الظاهرة لدعوات عدم المشاركة في التظاهرة. وهذا يتناقض مع التصريحات الاعلامية الرسمية الرنانة بتحقيق انتصارات مؤثرة ضد الارهاب, كما يضفي ظلالا من الشك على حقيقة هذه الانجازات.
فعدم الثقة بصدق تحذيرات الجهات الحكومية ومرجعيات دينية ينبع من سكوتها المطبق طوال ثمان سنوات على الفساد وتسيّد المفسدين والاشتراك في التجاوز على حريات المواطنين وحقوقهم.
وقد كان من الاحرى, بذوي النوايا الطيبة حقا من مسؤولي السلطة ورجال الدين واحزابهم دفع التابعين لهم ومريديهم ومؤيديهم الى المشاركة الفعالة وبكثافة في التظاهرة لا مقاطعتها, لسد الطريق على اعداء الوطن والشعب.
خصوصا وانهم كانوا قبل اسابيع يتباهون بجبروتهم الجماهيري القاصم, مشيرين بفخر الى الزيارات المليونية اثناء شهر محرم واربعينية استشهاد الامام الحسين بن علي ونجاح خططهم الامنية في حمايتها, فلماذا لايستطيعون زج جزءا من هؤلاء لمواجهة شراذم متفرقة متعادية من البعثيين والارهابيين الذين يمقتهم شعبنا , ماداموا يعترفون بنقص الخدمات ووجود الفساد ؟
انهم يعرفون بان زوار الحسين الذين نهلوا من نبع الشهادة البطولي لمقارعة الظلم والظالمين, هم ذاتهم ومعهم كل ابناء شعبنا, هم اصحاب الانتفاضة ومحركها وموضوعها. ويعرف شعبنا جيدا هاضمي حقوقه وسارقي قوته وسبب حرماناته.
ان رفع المنتفضين شعار الديمقراطية والحرية, هي دعوة صريحة لمحاربة الاقصاء والتهميش والدكتاتورية والتجهيل ايا كان مصدرها, وهدفها اسقاط المصّرين على العمل بقوانين البعث البائد البالية والمتبنين لجوهر افكار القاعدة الظلامية.

نشد على ايادي ابناء شعبنا في المضي في انتفاضتهم المجيدة !
 
 
احسان جواد كاظم


360
فشل جديد في قائمتهم الحافلة... فشل اجتثاث البعث 
                                 
 
عبر احد الاصدقاء القادمين توا من بغداد عن وصفه للاداء الحكومي قائلا: ان الواقع اثبت بان الاحزاب الاسلامية لاتستطيع ادارة بانزين خانة.

وهذا مايؤكده خشيتهم البالغة من عودة البعث البائد للحكم مرة اخرى, بعد ثمان سنوات من حكمهم واجتثاثه. وهم بذلك يضيفون, وباعترافهم على رؤوس الاشهاد, فشلا جديدا الى قائمتهم الطويلة.
فهم يشنون حملة شعواء ضد المظاهرة المزمع انطلاقها في بغداد يوم 25 فبراير القادم ضد الفساد وسرقة المال العام والفشل الحكومي ومن اجل تعزيز الحريات, بعد ان هالهم مستوى الاستعداد الشعبي الواسع للمشاركة فيها.

وبعد ان تظاهرت الحكومة واحزابها بالالتزام بحقوق المواطن التي ضمنها الدستور, حق التظاهر, اطلقت مجموعة من القرارات التي تضيق عليه. ثم تبعوها بسلسلة من التنازلات, من قبيل, التخفيض النسبي لرواتب المسؤولين الخيالية ووعدهم بالقيام بمشاريع عمرانية وخدمية.

لكن نواياهم الحقيقية من هذا الحق سرعان ماظهرت جلية قبل يومين من انطلاق المظاهرة, بأتهامهم لمنظميها بالبعثية وان غرضها اعادة البلاد الى ايام حكم صدام السوداء, لمنعها او ربما لضربها.
وقد استندوا في ذلك على بيانات لشراذم بعثية منقسمة, على الانترنيت, او على بيانات مضحكة فبركوها على عجل, لما تتضمنه من اهداف مستحيلة, تستوجب العودة بالتاريخ الى عشر سنوات ماضية, مع شرط قيام صدام النافق حيا من قبره.

ان اعطاءهم فاشيي البعث شرف تنظيم مظاهرة تنادي بحقوق المواطن ورفاهه, لهو وصمة عار في جبينهم. ويؤكد عنادهم في الاستمرار على نهج سرقة المواطن واهانة كرامته وممارسة ذات السياسة المناهضة للحريات, مع استهانة بالغة بوعي المواطن وتنكر واضح لمعاناته وهضم جائر لجهود شبابية مثابرة.

ان دعوة البعض لأجراء استفتاء شعبي حول الخدمات وانتظار ستة اشهر قادمة للتظاهر مستغربة جدا. فهي ببساطة التفاف غير موفق على المطالب الشعبية التي لاتحتمل التأجيل بعد ثمان سنوات انتظار بلا جدوى. فالتظاهرات المطلبية التي تعم مدن وقرى العراق, هي ابلغ واسرع رد على الاستفتاء االمقترح. كما ان المطالب الشعبية لم تقتصر على تبليط شارع او فتح مجاري بل هناك حزمة مطالب اخرى تتعلق بتقييد الحريات العامة والخاصة ومحاربة الفساد والمفسدين وغيرها كثير.

امام تغير الموقف الحكومي من المظاهرة, ينبغي على منظميها التأكيد على سلميتها ورفع الشعارات الاساسية التي تهم المواطن وكذلك الحذر من محاولات اختراقها, بتشكيل لجانا شبابية لتفتيش المشاركين فيها وقطع الطريق على من يحاول الأساءة الى اهدافها السامية من بعثيين وطائفيين وتحاصصيين.
احسان جواد كاظم



361
مجازر معمر القذافي وجامعة الدول المستبدة

لطالما أحرج معتوه ليبيا معمر القذافي الحكام العرب داخل قاعات جامعة الدول العربية وخارجها. واصبحوا معه موضع تندر شعوبنا, لكنه الآن وضعهم في حالة مزرية في هذه الفترة العصيبة التي تشهدها عروشهم , بأرتكابه مجازر همجية ضد انتفاضة الشعب الليبي الباسلة ضده, احرجهم بحجمها.
فالدعوة لعقد قمة طارئة لدول الجامعة العربية, تأتي في وقت يتحسس كل حاكم منهم رقبته. وهم في غنى عن اتخاذ اي موقف الآن. ثم ماعساهم قوله واي حلول سيجدون لمشاكل ليبيا, هم الغارقون بمشاكلهم الخاصة؟
فالوقت ليس نهاية الثمانينات او بداية التسعينات من القرن الماضي, عندما جلسوا متفرجين, غير مبالين بمجازر صدام حسين ضد شعبنا العراقي, في حلبجة وبعد اندلاع انتفاضة آذار 1991 الشعبية ثم جرائم ابادة شعب كردستان العراق بالاسلحة الكيمياوية. فانتفاضات الشعوب اليوم تطرق ابواب غرف نومهم, وتطيح بهم الواحد بعد الآخر.
ويقولون كما يردد العراقيون بمثل هذه الحالات : عساها ابختك ياعمرو موسى على هالورطة !
حتى ان عميدهم معمر القذافي لم يترك لهم مخرجا بحربه الشعواء ضد ثوار ليبيا الاحرار. فلا مكب الدكتاتوريات, المملكة العربية السعودية قادرة على استقباله و لا اي دولة اخرى في العالم. حتى الرئيس الفنزويلي شافيز لايمكنه المغامرة باحتضان جلاد مجنون كهذا ستطالب به محاكم ليبية ودولية.
حكام منطقتنا كما القذافي, ينهلون من تجربة صدام حسين الفاشية في قمع شعوبهم , في استخدام العنف المفرط والاسلحة الفتاكة في قتل المتظاهرين العزل كما حدث في تونس ومصر والبحرين واليمن وايران وكردستان العراق او زج بلطجية السلطة من مجرمي سجونهم اضافة الى كلابهم كما شاهدنا في مصر واليمن والبحرين وايران او استقدام مرتزقة اجانب كما يفعل القذافي في ليبيا الآن اسوة باستقبال صدام لقوافل المجاهدين العرب والمسلمين التي استباحت دماء العراقيين. وكذلك بتسيير مسيرات هزلية مؤيدة لعبقرية القائد الفذ الحائز على كره المسبحين بحمده, كما حدث في تونس ومصر واليمن والبحرين وايران وليبيا الآن.
ان اكثر من يكرهوه حكام الاستبداد في منطقتنا هوالشهيد الطيب محمد البوعزيزي الذي قدح نار جهنم عليهم ونام مستريحا.
" ومامنكم الا واردها".
ليرتفع اسم الشهيد بوعزيزي في سماوات مدننا وقرانا عاليا !

احسان جواد كاظم



362
ديمقراطية على مقاس احزاب المحاصصة

للانصاف نقول بان تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي للصحفيين يوم امس والتي عرج فيها على احداث مدينة الكوت الأليمة والتي استشهد فيها ثلاثة شبان طالبوا بالخبز والعمل برصاص حماية محافظ واسط الهارب لطيف حمد الطرفة, تضمنت نقاطا ايجابية, بتأكيده على حق التظاهر السلمي ومنع استعمال القوى الامنية للرصاص الحي في مواجهة مواطنين متظاهرين.
لكن مالم نستطع فهمه هو اشارته الى جهات خاسرة في الانتخابات الاخيرة هي وراء كل هذه التظاهرات العارمة التي غطت كامل الخريطة الجغرافية للعراق من اقصى شماله الى اقصى جنوبه. وهم طبعا غير شراذم البعثيين او حثالات القاعدة او ايتام حارث الضاري. فهؤلاء رفضوا العملية السياسية كليا. وهم على كل حال منبوذون من قبل ابناء شعبنا.

أكون ممتنا للمالكي ولكل شخص يمكنه ان يدلني على قوة سياسية عاملة على المسرح السياسي العراقي قادرة على تسيير هذه الحشود. ناهيك عن جهة خاسرة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة.

ثم ألسنا نسمع بذلك اعترافا ضمنيا من لدن المالكي بعدم نزاهة هذه الانتخابات؟ فهل يعقل استبعاد قوة سياسية جبارة كهذه عن الانتخابات مع بقاءها نزيهة وديمقراطية؟

أرى ان الخاسر الأساسي من الانتخابات البرلمانية الاخيرة هو الشعب العراقي الذي لم يجن ثمرة تضحيته الشجاعة, بتحديه لتهديدات الأرهابيين والبعثيين وتدخلات دول الجوار لمنعه من الانتخاب. فقد جازاه (ممثلوه) في مجلس النواب بثمانية اشهر من البطالة البرلمانية مع جريان الراتب الخيالي ثم مايقارب عشرة اشهر من غياب حكومي فاعل, حكومة ارادها لحل مشاكل البلاد المستعصية لكنه رأى كيف أثرى سياسيو الاحزاب الحاكمة ثراءا فاحشا وهو يئن تحت وطأة الفقر ونقص الخدمات... فطفح الكيل.

ان شعبا يعيش هذه الظروف كشعبنا لايحتاج لقوى داخلية او خارجية لتثويره ضد حكومته. فالقوى السياسية المتنفذة بممارساتها قد فعلت, بتهالكها على الكراسي وسعيها المستميت لجني الامتيازات لأعوانها وتصدر المفسدين فيها للواجهة السياسية وتماديهم في سرقة المال العام مع الغياب التام للخدمات والقضم الممنهج للحريات وبفرض قيم عافها الزمان والذوق.

رئيس الوزراء نوري المالكي طالب الشعب بالصبر سنة اخرى لحل مشكلة الكهرباء وخدمات اخرى, لكنه لم يستطع الوقوع على أس البلاء بعد تجربة مايقارب التسع سنوات. ان أس البلاء هو المحاصصة الطائفية ـ العرقية, المبرر الحقيقي لسياسة الفساد والنهب العلني لثروات شعبنا لصالح حفنة من عديمي الضمير والمجرمين.

ان نظام المحاصصة السياسية ليس نظاما ديمقراطيا. بل انه نظام سلطة احزاب طائفية وقومية بينما الديمقراطية هي سلطة الشعب.

نظام المحاصصة الطائفية ـ العرقية باطل ولذا يجب اسقاطه.

ان المظاهرات السلمية التي يلتهب بها العراق, تدعو اعضاء مجلس النواب الحالي الى سن قانون للاحزاب ثم قانون انتخابي جديد منصف والدعوة لأجراء انتخابات برلمانية جديدة لأختيار ديمقراطي حقيقي لممثلي الشعب.

تنسم شعبنا رياح الحرية ومجرى الأحداث يحث الخطى نحوها.

الأنعتاق آت لامحالة... فهل من منازل ؟ !
 
 
احسان جواد كاظم
 



363
شبح الديمقراطية يحوم في سماء اوطاننا

تحتفل مصر ونحن معها بانتصارها على الدكتاتور, وتنتشر نار ثورتها في هشيمنا. قوة المثال الذي اجترحته تمتد الى شرقنا المطمئن الى اوهامه والخانع لبطش حكامه, لتوقظ السادر في نومه وتنبه الساهي.
مصير زين العابدين بن على وحسني مبارك وقع وقع الصاعقة على رؤوس طواويسنا الحاكمة, جعلهم يتسابقون لأستجداء مذل لعطف مقموعيهم لتفادي احتمال ثورة, لعله يوفرهم ويطول اجلهم. فمنهم من رفع احكام الطواريْ كما في الجزائر ومنهم من تخلى عن ترشحه لرئاسة اخرى ولتوريث ابنه كما الرئيس اليمني. في البحرين صرف مليكها الف دينار بحريني لكل عائلة دفعا للشر, لكن ملك الاردن كان اشطر, غير وزارته وبقى.
اما في العراق, حيث عقم العملية السياسية, التي يسميه الحكام ثباتا , وانسداد الآفاق امامها, بعد 10 اشهر من غياب حكومة عاملة, اوقع البلاد في حضن الشلل التام. فالدورة الاقتصادية متوقفة . البطالة منتشرة مع استشراء فاضح للفساد الاداري والمالي في اجهزة الحكم واحزابه المتحاصصة. كل هذا يترافق مع تجاهل متعمد لمطالب الجماهير واستهانة وقحة بكرامتها.
لذا فان عيوننا ترنو نحو شبابنا الواعي لتلقف مشعل ثورتي تونس ومصر لأعلانها صرخة مدوية من اجل مباديْ العدل والديمقراطية الحقيقيتين, والتي نتوق لهما بعد ثمان سنوات من سقوط الدكتاتورية, ولم نتذوق شهدهما بعد.
لقد تنادت الشبيبة العراقية ليوم غضب عراقي يوم 25/ شباط في ساحة التحرير وسط بغداد في تظاهرة سلمية لوقف المهزلة السياسية الجارية والمطالبة بالحاجات الاساسية, ببسط الامن وتحقيق الأمان وحل الميليشيات والقضاء على الارهاب بما فيه الثقافي والفكري ثم توفير الخدمات البلدية والكهرباء وتحسين البطاقة التموينية وضمان الحريات الشخصية وحقوق المرأة ومحاربة الفساد والمفسدين.
ان تداعيات ثورتي تونس ومصر ماثلة امام انظار سياسيينا. فقد ارعبت فرسان المحاصصة السياسية والمالية ودفعتهم للقيام ببعض التدابير والاجراءات لأستباق نتائج اي انتفاضة شعبية ولتشويه اهدافها والتحذير من عواقبها, لوضع العصي في دواليبها.
فقد تحولوا بين ليلة وضحاها برامكة عصر تقنية النانو الثورية وغزو المجرات, بتبشيرنا بمكرمة حكومية من رئيسها نوري المالكي وتوزيع ثلاث حصص تموينية للعوائل الفقيرة وحصتين للعوائل المريّشة. ثم تكرم علينا نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني باعفاء شريحة ذوي الدخل المحدود من تسعيرة الكهرباء الجديدة( 4 ساعات يوميا في العاصمة بغداد).
كيف ياترى سينفذون مكرمتهم بدون احصاء سكاني؟ فهم لايعرفون عدد مواطنيهم الفقراء , ام ان المستفيد منها سيكون لأعوانهم وللقادرين على الارشاء وحرمان المستحقين لها.
انها فتات بهيئة مكاسب اقتصادية لجوعى شعبنا, هذا لو حصلوا عليها فعلا, موازية للمليارات المحوسمة من قبل احزاب نظام المحسوبية والمنسوبية الطائفي- العرقي واعضاءها.

ثم امتشقوا سكينا اعمى لآفشال دعوة شبابنا للتظاهر, بالتحذير من الفوضى التي قد تسببها مظاهرة شعبية تطالب بالحقوق, على غرار ماحدث في مصر بعد اطلاق امن حسني مبارك المركزي( استلهاما لتجربة صدام الاجرامية قبل سقوط تمثاله) للمجرمين من السجون ولاستباحة البيوت والحرمات والتي وأدها شباب مصر في مهدها بتشكيل اللجان الشعبية لحماية ممتلكات المواطن والوطن.

وهذه تخرصات مردودة على اصحابها. فما حدث حينها في العراق, لم يكن نتيجة مظاهرة بقيم ومباديْ سامية تنادي بالحرية والخبز بل بسبب انهيار نظام فاشي رأسه رعديد تخلى عنه جيشه وحراسة ليقبع وحيدا في بالوعته وتركوا الشعب ليلاقي مصيره .
ان من حوسم في العراق قبل وبعد سقوط النظام عام 2003, افرز شريحة سياسية تحوسم اموال شعبنا بغطاء انتخابي زائف.

وكان احد اساطين الطائفية قد زعم بان النشاطات المطلبية تستهدف استقرار مناطق بعينها, هي محافظات الوسط والجنوب وتدفع به قوى لتسييس هذه المطالب وهو زعم باطل. فمعاناة العراقيين واحدة. انتم صانعوها, كما ان المطالبة بالخدمات يرفعها الشيعي كما السني او غيرهم. ثم ان من جعل الارضية مناسبة لظهور النزعات الطائفية والفئوية هو سياساتكم الاستحواذية وتهميش الآخرين وان من شجع ايتام البعث على رفع رؤوسهم, فشلكم الذريع في تقديم بديل افضل من حكمه البائد.
ان شعبنا على قناعة تامة بان حزب البعث الساقط لايمكن ان يقدم افضل ماقدمه طيلة فترة تسلطه من حروب داخلية وخارجية ومقابر جماعية وارهاب فاشي.

ذهب حسني مبارك غير مأسوف عليه, منتعلا خفي مريض لاامل في شفاءه.
اللي بعدو !
احسان جواد كاظم


364
مصر أم العجايب حتجيبلو سكتة

ربما تكون السكتة القلبية هي مسك الختام والمخرج الوحيد لما يسمى بالخلع المشرف لحسني مبارك من رئاسة الجمهورية, امام اصرار ( التابت ابن الملزأ ) على التمسك بسلطاته والتحكم بمفاصل السلطة من خلال لقاءاته المتكررة بوزراء ومسؤولين آخرين في تجاهل وتحدي فض لدعوات المصريين له بالتنحي.
وكان شباب 25 يناير قد افشلوا جهود النظام مرة اخرى للالتفاف على الانتفاضة بعقده جولات تفاوض مع احزاب وجهات سياسية ليست مفوضة من قبل المنتفضين في التحدث باسمهم. ثم جاء الرد الشعبي سريعا بانضمام جماهير كبيرة اليوم 8/2 الى ابناءهم المنتفضين في ميدان التحرير منادين برحيل الدكتاتور, واصاب ذلك النظام بالصدمة واوجعه.
وتبتدع شبيبة مصر وسائلا جديدة لتحدي النظام ولتعزيز صمودها ولديمومة اعتصامها في معركة كسر العظم مع نظام لازال يمسك باوراق عديدة في اللعبة السياسية, مع ميلان واضح لموازين القوى لصالح شباب الانتفاضة, حيث بدأوا يجنون ثمار انتفاضتهم واصبحوا يملون مطالبهم على النظام كاطلاق سراح المختطفين من رفاقهم واعلانه عن عدم ملاحقة المنتفضين وغيرها مع اذعان ذليل من قبله.
وهذا يجري مع انفراط عقد المظاهرات المؤيدة لحسني مبارك وانفضاض واسع عنه بعد ان تسرب اليأس الى صفوفهم بجدوى الدفاع عن رئيس ميت سريريا.
ومع تآكل شرعية النظام وتعاظم مأزقه البنيوي, تتعزز شرعية الانتفاضة وتتدعم بانخراط شرائح اجتماعية جديدة , كانت مترددة, في صفوف الانتفاضة مثل اساتذة الجامعات ورجال قانون وبعض شيوخ الازهر... ويتصاعد بذلك زخم الانتفاضة امام خبو عزم السلطة, مما شجع المعتصمين الى تسييرمظاهرة حتى مقر البرلمان ووزارة الداخلية ومجلس الوزراء ثم عودتها للالتحام بالجسم الاصلي في ميدان التحرير وبذلك تدخل الانتفاضة مرحلة جديدة من عنفوانها.
ساعة الحقيقة قد ازفت, فمن ذا الذي يريد ان يطفيْ قناديلنا ؟
 
احسان جواد كاظم



365
حدوتة مصرية يسطرها شباب المحروسة

صمود شباب انتفاضة الغضب المصرية امام بلطجية النظام واصرارهم على مطالبهم المشروعة ثم وعيهم العالي, أودى بمناورات نظام حسني مبارك ومحاولاته الخائبة في سحب البساط من تحت المنتفضين وامتصاص زخم الانتفاضة وافراغها من محتواها.
و قد اجزل النظام بوعوده بالتغيير وتقديمه لتنازلات غير قابلة للتنفيذ, ليخدعهم ومن ثمة ارسالهم الى بيوتهم, كما طالبت اطراف السلطة, خاليي الوفاض الا من الخيبة.
ان الاداء الرائع لشباب الانتفاضة حتى الآن في ادارة الصراع جعل النظام يتخبط في مواقفه السياسية , باحثا باستماتة عن قشة للتعلق بها. فكان الحديث بداية عن الخشية من سقوط مصر في حمأة فوضى لاتحمد عقباها, عاصمها عن هذه الفوضى حسني مبارك, ليستمر في الحكم وكأنه سيبقى لمصر ابد الدهر. هو الذي لم يكفه 30 عاما من حكمه ليثبت اسس الامن والامان لشعب مصر.
ولطالما كال النظام الاتهامات الباطلة لشباب الانتفاضة وادعاءه بوجود جهات مشبوهة تسيّرهم, يعني الاخوان المسلمين, الممنوعون عن العمل السياسي الشرعي منذ الخمسينيات, فما بدا مما عدا حتى تندلق اطراف النظام مرة واحدة على الاخوان وتوسلهم التفاوض؟
هل هم حقا القشة المنقذة التي سيتشبث بها النظام الغارق في لج الانتفاضة المتلاطم؟
فقد دعى نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان مرشد الاخوان للتفاوض ثم كرر الدعوة وزير الدفاع محمد طنطاوي عند زيارته للشباب المعتصمين في ميدان التحرير (لماذا اختار دعوتهم للتفاوض ياترى من ميدان التحرير ؟!!).
وقد تلقف الاخوان المسلمون مغازلة النظام لهم بسرعة وبادروا لتمييز انفسهم عن المنتفضين وشقوا وحدة صف المتظاهرين في الاسكندرية للقفز على الانتفاضة وسرقتها, بتسيير مظاهرة موازية لمظاهرة شباب الانتفاضة ثم اندماجهم بها لاحقا ورفعهم لشعاراتهم الخاصة.
ان نظام حسني مبارك يعول على حالة الانهاك التي قد تصيب شباب الانتفاضة وتسرب مشاعر الملل بين ابناء الشعب ثم تشرذم قواها, للاجهاز عليها.
ان ذلك يستدعي من الشباب التنبه والشروع بالبناء على ماتحقق من مكاسب سياسية واعلامية وتطوير فعلهم الثوري بالبدء بتسيير جزء من المعتصمين للتظاهر السلمي
امام مؤسسات النظام ثم رجوعها الى ميدان التحرير او تنظيم اعتصامات من خارج جسم المعتصمين في الميدان ثم الانضمام اليهم ( للمطالبة مثلا باطلاق سراح رفاقهم المختطفين لدى اجهزة الامن او وقف استهداف وسائل الاعلام...) وارغام النظام على التعجيل بالانتقال السلمي للسلطة.

لاتدعوا هذه الشرارة تخبو, بل يجب اذكائها وجعلها تضيْ وتبعث الدفْ, فنحن في انتظار الشعلة بشوق.
 
احسان جواد كاظم




366
حسني مبارك: اجعلوهم يحبونني !

أطلق حسني مبارك كلابه في شوارع مصر لتنهش شباب الانتفاضة امام انظار وذهول العالم مما شاهده من هول جرائم ازلام النظام وهمجيتهم البالغة في الاعتداء على متظاهري ميدان التحرير المسالمين بالرصاص الحي وقنابل المولوتوف وغيرها من الاسلحة التي ادت الى سقوط قتلى وجرحى بينهم.
وفي الوقت الذي كان بلطجية النظام يهاجمون المعتصمين في ميدان التحرير كان رئيس الوزراء احمد شفيق, في مؤتمر صحفي له اليوم, يعبر عن عدم معرفته وجهازه الامني بما جرى قبل ليلة. واستغرب وجود جمال وخيول لدى المهاجمين, وكأنهم هربوها في جيوبهم, رغم ان صحف النظام كانت قد نشرت صورا لها بين المؤيدين لمبارك قبل توجهها للهجوم على شباب الانتفاضة.
وفي استهبال بالغ تساءل: هل كانوا منظمين ومن نظمهم ؟ لا يعرف. فقد نامت مخابراته عما حدث في ميدان التحرير ولكنها كانت يقظة في القبض على مهندس اسرائيلي في مدينة السويس. كانت قد تلقفت الخبر مصادر النظام للاشارة الى وجود مؤامرة تستهدفه.
وفي محاولة لامتصاص غضب الشارع, اعتذر احمد شفيق لشباب الانتفاضة عن هجمات البلطجية وتوعد بمحاسبتهم ومحاسبة من كان وراءهم( كيف وهو الذي لم يرهم ولم يعرف من هم؟). كما وجه اللوم للمنتفضين على دعوتهم لرحيل مبارك فورا من منطلق ابوي اخلاقي.
ينبغي قراءة تصريحات رئيس الوزراء ثم تقديم كبش فداء, بالتضحية باحمد عز امين تنظيم الحزب السابق وحبيب العادلي وزير الداخلية المقال باحالتهم الى الاستجواب القانوني, بانها مجرد ذر للرماد في العيون, وانها استمرار لمحاولات النظام شق صفوف المنتفضين وبث الفرقة بينهم, كما جرى بعد تعهدات مبارك بعدم الترشح لفترة رئاسية اخرى واستدراج بعض احزاب المعارضة للتفاوض معه, لكنه بدد فرصة ادامة الانشقاق بين الاحزاب السياسية بالاستعجال واطلاق قطعان بلطجيته على ميدان التحرير ثم تراجع احزاب الوفد والناصري والتجمع عن التفاوض بعدها.
تخبط النظام اصبح باديا في تناقض مواقف اطرافه. فمن جانب اعتذر رئيس الوزراء احمد شفيق لضحايا هجمات بلطجية النظام في ميدان التحرير, ثم نرى نائب الرئيس عمر سليمان يحملهم مسؤولية هذه الهجمات عليهم بالادعاء باندساس مشبوهين فيما بينهم !!
وكان احد اعلاميي النظام في لقاء معه على احدى الفضائيات, قد ساوى بين هجمات بلطجية النظام المسلحة على المنتفضين ودفاع الضحية شباب الانتفاضة عن انفسهم, قائلا بانه : صراع بين بلطجية وبلطجية. ولم يكلف نفسه السؤال عمن ذهب لمن ومن بدأ ترهيب المسالمين؟

ان نظام حسني مبارك يبيت لحدث جلل غدا في ميدان التحرير ضد المتظاهرين, يجب التحسب منه. وذلك يتجلى بعمليات التجييش ضد المنتفضين ومطاردة وسائل الاعلام وصحفيي الفضائيات الاجنبية والتعدي عليهم.
ولابد ان ينقلب السحر على الساحر.
احسان جواد كاظم


367
مصر المحروسة تتعافى... نظام الدكتاتور يتهاوى

يحتدم الصراع على اشده بين شباب وشعب مصر الثائر ونظام الاستبداد الذي سامه العذاب. فقد تابع العالم باعجاب اصرار المصريين على انتزاع مطالبهم بالخبز والديمقراطية والكرامة.
لقد افرغت سلطات النظام كل مافي جعبتها من وسائل واساليب دنيئة واجرامية لعزل المنتفضين عن باقي طبقات وشرائح الشعب المصري. فقد قام النظام بمنع التجول اولا ثم بحجب تومين الطحين للمخابز العامة لتجويع ابناء الشعب, ثم توالت وسائل الضغط بمنع خدمات وسائل الاتصال وعدم دفع رواتب العاملين واختلاق ازمة وقود مع قطع الطرق والمواصلات.
وبالتوازي مع ذلك, فقد اطلقت سلطات النظام ايادي عصابات الاجرام والبلطجة لترويع المصريين بعد ان سحبت قوى الامن الداخلي من ساحات وشوارع مصر, عقابا لشعب مصر على تأييده لمطالب التغيير واسقاط حسني مبارك. لكن شباب مصر الواعي فوت الفرصة عليه. فقد تنادى الشباب للدفاع عن حرمات اهاليهم, بتشكيل لجانا شعبية في حواري وشوارع مصر, ونالوا تضامنا وترحيبا شعبيا على وقفتهم المجيدة, واعادوا السهم الى نحر النظام, خاصة وبعد ان كشف تآمر جهاز الامن بتدبير عمليات حرق ممتلكات الشعب العامة والخاصة.
وفي محاولة لنزع فتيل الانتفاضة حاول رأس النظام حسني مبارك ايهام الثائرين بوجود تغيير في سياسته, باقالة حكومته وتحميلها استهتار النظام بقوت وكرامة المصريين طيلة عقود طويلة من حكمه لكنه فشل. ثم لعب النظام لعبته الخبيثة لبث روح الفرقة والانقسام بين المنتفضين المعتصمين في ميدان التحرير في القاهرة وفي مدن مصر الاخرى باعلانه, عدم اعتزامه الترشيح لفترة اخرى, هو ابن 82 عاما وبعد 30 عاما من حكمه , باجراء ترقيعات شكلية في دسنوره ووفقه, لاتؤمن انتقال سلس وسلمي للسلطة ولاتكفل ولادة نظام ديمقراطي. ولابد من الاعتراف بانه حقق نجاحا بتحييده لبعض المواطنين, استثمرها بتصعيد جديد للتوتر, بتسيير مظاهرات مؤيدة له تحمل العصي والسكاكين , تركب الخيول والجمال وتهاجم جموع المنتفضين العزل, المطالبين بتغيير النظام وكسر الانتفاضة وتفريق الثائرين.
ان جريمة خطيرة يرتكبها النظام بحق الشعب المصري, يجب وقفها ومحاكمة مرتكبيها. ان تشبث حسني مبارك بالسلطة واستعمال العنف ضد المسالمين , يدفع الامور نحو منعطفات خطيرة و يشير الى عزمه الى اهدار المزيد من دماء شباب مصر .

آن الاوان للجيش المصري للتدخل لحماية المنتفضين العزل وعدم السماح لازلام مبارك باغراق الانتفاضة بالدماء.
كما ان على دول العالم عدم الاكتفاء بنصح النظام بعدم التعدي على الحريات العامة وعدم استخدام الوسائل العنفية ضد حركة لاعنفية, بل عليها ان تجبر النظام على الامتثال لمطالب التغيير جديا.
قلوبنا مع شباب وشعب مصر البطل ضد نظام البلطجة المنظمة المتهاوي.

تبقى النقلة الاخيرة لمصر المحروسة, كششششش ملك... مات.
 
احسان جواد كاظم

368
المنبر الحر / نحن وزلزال مصر
« في: 02:33 30/01/2011  »
نحن وزلزال مصر

بات اولو امرنا من الشام لبغدان ومن نجد الى يمن الى مصرا فتطوان لياليهم السابقة مرعوبين مما يحدث من تجرأ شعبي كاسح لعسف السلطات في مصر.
فالسمة المشتركة لوضع دول المنطقة, هي الاحتقان السياسي والاجتماعي والاقتصادي وفشل الحكومات في تنفيذ برامجها, التي لم تواكب التطور المتسارع في العالم. ولم تستطع محاولات القسطرة السياسية هنا وهناك ان تفضي الى حل لمشاكل مجتمعاتنا المزمنة.
وكان ذلك بالضبط سبب اندلاع ثورة الياسمين التونسية والتي كان لشذاها تأثيره السحري على فقراء الناس وانعاش مطامح ضحايا الاستبداد بالتغيير, و التي الهمت شباب مصر على الثورة.
ولم تنطل على الجماهير الغاضبة, التي سكن بطونها الجوع, كذب الحكام ولم تجد محاولات التزلف الفارغة للمنتفضين, باطلاق الوعود كما حاول زين العابدين بن علي وفشل ثم حسني مبارك الذي فرض منع التجول في المدن المصرية ولم تذعن له الجماهير. فقد كسرالمصريون كما التونسيون قبلهم حاجز الخوف الى غير رجعة.
ورغم تعيين عمر سليمان رئيس المخابرات نائبا لرئيس الجمهورية واحمد شفيق رئيسا للوزراء, العسكريين المقبولين شعبيا كما يقال, فان المطالب الشعبية ذهبت حد دعوة الرئيس نفسه بالتنحي.
ولاادري.. هل سيصر حسني مبارك على التمسك برئاسة الجمهورية بعد ان مرغت الجماهير الثائرة هيبته بالتراب ام لا ؟!!
في عراقنا الصابر. حيث العجز الحكومي وشلل دوائر الدولة وطغيان الارهاب واستفراد رجال الدين بالمواطن ومحاصرته ثم ارتفاع لهجة اللغو البيزنطي بين سياسيينا وتنامي مشاعر اليأس لدى شبابنا, يجعل احتمالات اندلاع انتفاضة واردا.
وكان بعض الكتاب قد حثوا في مقالاتهم شبابنا على السير على خطى المنتفضين في تونس ومصر والاستفادة من تجربتهم في استخدام الانترنيت والفيسبوك في التحشيد والتنظيم والتحضير للانتفاضة القادمة. لكني ارى ان البؤس النوعي لهذه الخدمات وتكاليفها العالية في العراق, يجعل امكانية الاستفادة منها غير ذي شأن ثم اين هي الكهرباء ؟!!
ان املنا الوحيد بشبابنا القادر على ابداع اسلوبه الخاص لأيقاف عملية سرقة ماتبقى من مظاهر الديمقراطية لعراق مابعد التغيير.

على ضوء تسارع الاحداث في مصر: هل تجري معاقبة المصريين على انتفاضتهم, باطلاق ايادي المجرمين والبلطجية في القتل والنهب والاعتداء على الاعراض بدعوى ممثلي الشرطة بان : المتظاهرين مش عاوزينا ؟!!
احسان جواد كاظم

369
أي مثقفين؟ زعق من اعلى سديم ركامه

 
خاب سعي قندهاريو بغداد باقتحامهم بناية اتحاد الادباء والكتاب مرة اخرى واصبحوا هزأة بين الناس. ظنوا بانهم سيضربون ضربتهم القاضية للمثقف العراقي الذي يكرهونه كراهة تحريم وغلق اتحاده نهائيا وسلب العراقي حائطه الاخير الذي يحمي ظهره ومركزه التنويري الكاشف لظلامية عقولهم
والفاضح لسرقاتهم ومؤامراتهم المدبرة في الظلام.

المايتسمى, المتربع على ركام بغداد " بعد ان دخل الخلاء, واتقن فعل الاستنجاء, دلف الى ميضة الوضوء, واسبغ الوضوء على المكاره التي ببدنه, ومشط لحيته... وارتدى البنطال... وامسك بعود المسواك واستاك, وتعطر بزجاجة المسك الذي يعطر به الحانوتية الاموات, ودخل بعد ذلك في صلاة طويلة في محراب المسجد ليسبغ من افعال الايمان مايطهر قلبه ويصفي ضميره"* . رمى السلام على ملكيه المتعربشين على كتفيه ثم أومأ لميليشياه وعبيده ان نفذوا !
جاؤا, عبثوا, فتشوا, خابوا فانسحبوا منكسرين منخذلين الى ربهم وولي نعمتهم.
في هذا الوقت الاغبر, بدأت تطل علينا الميليشيات الاسلامية القديمة بثوب جديد هو طبعا لم يغير من جوهرها شيئا. فقد كانت تتبع احزابا اما الان فانها تخضع لأهواء بعض موظفي هذه الاحزاب الحاكمة, الاكثر رجعية. في محاولة فاشلة لاستغفال المواطن والتلبس بلبوس تطبيق القانون... قانونها هي, بعد ان اخضعت مؤسسات الدولة لمطامعها ومصالحها الخاصة.
يتشدق قندهاريونا في كل نقاش بان الانتخابات قد افرزتهم وان الجماهير قد اختارتهم, هم المستهزؤن بكل مفردات الديمقراطية الاخرى. يتشدقون بما لم تأت به ايديهم بل بماجاد عليهم به الآخرون:
أولهم صدام حسين خلال فترة التعمية والتجهيل بحملته الايمانية التي استفادوا منها اية استفادة. ثم تكرم المحتل الامريكي عليهم باخضاع العملية السياسية للمحاصصة الطائفية والعرقية.
اما ماجاء به عرق جبينهم ـ لو كان لازال لديهم جبين يعرق ـ وفازوا بفضله بالغنيمة, هو استغلال سطوة الميليشيات وارهابها ونجاحهم في سن قانون الانتخابات المنافي لبنود الدستور الذي كتبوه بايديهم ولمصلحتهم, بما يتعلق باحتساب الاصوات التعويضية لصالح الكتل الاكبر...
ولو اختارهم شعبنا حقا, مبهورا ببرامجهم ونزاهتهم ونورانية طلعاتهم فلم اذا كانت كل حملات التكفير والتهجير والتزوير وشراء الذمم واستغلال المال العام واستعطاء الاموال من اعداء العراق والعراقيين؟
لقد استهان هؤلاء ببيان رئيس الجمهورية جلال الطالباني حول احترام الحريات العامة وحقوق المواطن الشخصية, وداهموا مقر اتحاد الادباء والكتاب بعد بيانه مرة ثانية. هل لنا ان نتوقع ردا جادا من قبل رئيس الجمهورية يثبت كونه رئيسا لكل العراقيين ياترى ؟
لقد جاء البيان متأخرا وباهتا ضعيفا سوغ لهم اهماله وتجاهله وهذا مايستدعي تكثيف قوى الخير والديمقراطية لجهودها من اجل ايجاد آلية مناسبة لمواجهة قوى التخلف والدكتاتورية.
ان قوى الاسلام السياسي التي فشلت في تقديم ابسط الخدمات للمواطن ورفع مستواه المعيشي وجلب الامان له, اصبحت نفسها عبئا ثقيلا على كاهله ومصدر خوفه على حياته ومستقبل اطفاله والقارض لحرياته.
لهؤلاء الظلاميين نردد مع الجواهري الخالد:
سينهض من صميم اليأس جيل..... مريد البأس جبار عنيد
يقايض ما يكون لما يرّجى......... ويعطف مايراد لما يريد



*عن استاذنا الكاتب والمحامي المصري محمود الزهيري



احسان جواد كاظم



370
المنبر الحر / اكسرن مساويكهم !
« في: 14:22 16/01/2011  »
اكسرن مساويكهم !

جميل ان تتداعى نسوة مسلمات لمناهضة العنف ضد المرأة مع ان بعض الاسلاميات منهن , لهن رأي آخر.
من الطبيعي ان معاناة المرأة اي امرأة من العنف الجسدي والجنسي والنفسي, يجعلها تبحث عن خلاص من هذه الظاهرة الاجتماعية المرتبطة بالعادات والتقاليد العشائرية المتخلفة والتي وجدت تبريرها الشرعي الديني في مجتمع ابوي ذكوري وسندها في قوانين رجعية بالية.
ولابد ان آية 33 من سورة النساء " ... واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن..." وضعت على كاهل مفسريها مسؤولية عظيمة لايجاد مخرج لتفسير كلمة" اضربوهن" والبحث عن دلالتها في متون معاجم اللغة العربية. فهذه العبارة تفند كل مايقال عن تكريم الاسلام للمرأة التي هي اولا أم الجميع قبل ان تكون حبيبة وزوجة, بنت, او اخت للرجل.
فمن التفسيرات التي يتبناها رجال الدين لكلمة " اضربوهن" : لاتعني البتة الضرب المبرح بل ان ماينبغي ان يضربن به, مسواك اسنان الرجل, ليس الا ولايتعدى غير ذلك... ياللرقة والروعة !!! ولا اعتقد بان هناك من استعمل المسواك لمعاقبة زوجته, ثم انهم لايعيرون انتباها للاهانة المعنوية لهذا الفعل وتاثيراته النفسية عليها, والذي لابد وان يقترن بعنف كلامي جارح.
هل ياترى يتقبل احد رجال ديننا الافاضل ان ترميه احداهن بمسواكها؟ أم ان حمايته المدججة بالسلاح, التي تصون قدسيته الدنيوية والسماوية من اي اهانة, ستتدخل لتأديب هذه الفاسقة.

كما ان احد المخارج التي يقترحها المشايخ هو ان "اضربوهن" تعني الحزم ولاشيْ غير الحزم وذلك بقناعة ثابتة بان الخطّاءات هن النساء, والدليل ان اكثر سكان جهنم هو منهن كما هو معلوم من احاديث ائمة الشريعة الخالدين.
اما الدلالة التي اختارتها على ما اتذكر فاطمة المرنيسي في احدى كتبها ان " اضربوهن" ينبغي تفسيرها بانه ضرب المثل لها .
لكني انا العبد الفقير اصر بغباء ان " اضربوهن" تعني ببساطة ضربهن باليد سطار على اقل تقدير او بما يتوفر تحت اليد من اشياء.
ان قيام اسلاميات باختراع يوم اسلامي ؟؟؟!! لمناهضة العنف ضد المرأة المصادف ليوم الأول من صفر في التقويم الهجري. تاريخ سبي نساء وآل البيت النبوي بعد واقعة الطف الأليمة واستشهاد الامام الحسين, تقسيمية وغير مفهومة.
ان المرأة العراقية التي ناضلت وعانت وصمدت تحتاج للتوحد والتضامن والتكاتف, بدون تسميات فرعية تشتت مساعيها من اجل مستقبل افضل لها ولعائلتها وللمجتمع بأكمله.
وقد سعدنا جدا بنشاطات المنظمات النسوية العراقية وبرلمانيات والتي اتسمت بالجدية في سعيهن لأحقاق حقوقهن وتحجيم التهميش. لكن فرحتنا لم تتم. ففي الوقت الذي دعت فيه برلمانيات وناشطات عراقيات رئيسي الجمهورية ومجلس النواب الى العمل على منح المرأة مناصبا وزارية في الحكومة الجديدة, اشارت نائبة مجلس النواب عن المجلس الاسلامي أم وهب (أمل عطية عبد الرحيم) والنائبة عن عن ائتلاف دولة القانون أم رضاب (ايمان حميد) على موقع سومريون نت : بان نسبة 25% للنساء هو تمثيل تشريعي وليس تنفيذي. اي بمعنى آخر لايعني توزيرهن وخاصة مع عدم توفر كفاءات نسائية.
انا لااريد التجني على هاتين السيدتين ولكني ارى بانه حتى التشريع يتطلب كفاءة متميزة وليس فقط رفع الايادي "موافج" .
ان شعور البسيطات من النساء بدونيتهن شرعن ضربهن ( بالمسواك ) , ولكن ماذا نقول لبرلمانيات يقرن بدونيتهن؟
ان ماينتظر المرأة وحقوقها ووحدة قرارها مطبات كثيرة , ينبغي الانتباه اليها ولن يكون آخرها تقديم مجموعة من رجال الدين في البصرة بتوصيات حول قانون الاحوال الشخصية الى رئيس مجلس النواب , لانعتقد بانه سيكون لصالح المرأة باي حال كما عودونا.
فتداركي الخطر الذي من شره ....... سيكون مقتبل البلاد مهددا
كما قال محمد صالح بحر العلوم.
 
احسان جواد كاظم



371
توطيد الدين على حساب مأساة المسيحيين

ليس لدي اي اعتراض على الدين كعبادة فهذا شأن شخصي وهو ليس من هواياتي بأي حال من الاحوال ولا يدخل في مجال اهتماماتي الا بمقدار سعي البعض لتدجيله واستخدامه لتنفيذ مآرب انانية ومصالح دنيوية. عندها فقط يصبح مكافحتها فرض واجب بالحجة والقانون.

فقد علمتنا تجربتنا وتجربة شعوب اخرى بان التعلق بأذيال الدين لايعني أبدا التمسك بقيم الفضيلة والاخلاق.فتدين البعض لم يمنعهم عبر التاريخ من قتل العباد وتخريب البلاد وسرقة لقمة الفقراء وهذا لعمري اكبر ذنبا من الفسوق والفجور وشرب الخمور التي يحاولون ايهامنا بانهم جاؤا للنهي عنها .

يحاول الطقوسيون عندنا تمرير مواقفهم المرآئية بالتضامن مع المسيحيين, والتي جاءت انصياعا لمشاعر التضامن المخلصة لبسطاء المؤمنين الفطريين مع ابناء جلدتهم المسيحيين الذين اكتووا بنيران التمييز الديني تارة والقومي تارة اخرى ويكافحون الآن من اجل الصمود امام رياح طاعون العصرالاسود, التطرف الاسلامي.
وكنت قد تابعت قبل ايام برنامج " بالعراقي " على قناة الحرة الفضائية يوم 30/12/2010 الذي يقدمه الاستاذ عماد جاسم, حيث استضاف فيه اثنين من القسسة والسيد اسامة الموسوي واحد الاعلاميين. وكان موضوع البرنامج التعايش بين الاديان بعد جريمة القاعدة في كنيسة سيدة النجاة وتداعياتها. وقد تسائل السيد في مورد حديثه عن تقريب وجهات النظر :هل كانت مريم العذراء سافرة؟ وهل كان المسيح يشرب الخمر؟ وكأن جواب النفي, الذي يوافق معتقداته, الذي قد يحصل عليه سيكون اساسا كافيا للتقارب بين الديانتين.
ان هذا الفهم الخاطيْ لمفهوم التقارب بين الاديان يستبطن موقفا استعلائيا بغيضا. بينما اشار احد القسسة الى اهمية التركيز على القواسم المشتركة في تعاليمهما وبما يخدم البشر.
كان الاحرى بالسيد اسامة الموسوي, وحسب منطقه هو, تعطيل او نسخ آية من آيات سورة الحمد: "... غير المغضوب عليهم ولا الضالين". والمعني بهم اهل الكتاب من يهود ونصارى اخذ عنهم القرآن مبادئه, حتى يكون التقارب بين الاديان على اساس مكين.

ورغم نبل التضامن الذي ابداه بسطاء الشيعة مع اهالي شهداء كنيسة سيدة النجاة ونصبهم لموكب عزاء حسيني امام الكنيسة, الا ان تصريح احد مسؤولي هذا الموكب على الملأ ونقلته الفضائيات, قد اساء الى صدق نوايا هؤلاء البسطاء. فقد اكد عزمهم على تكرار نصب الموكب كل عام امام الكنيسة, بدون سبب مفهوم, ترك في انفسنا ريبة بنواياهم لفرض امر واقع جديد على الارض, بينما كان الأولى بهم لتبرير حسن نيتهم ازاء اهالي الضحايا, وعدهم بنصب شجرة عيد الميلاد في العام القادم امام جامع براثا مثلا.

ان الاصرار على حماية الوجود المسيحي في العراق لاينطلق من ود مرآئي يسطر في مقالات او يقال في لقاءات تلفزيزنية. ولاينبع فقط من حقهم الطبيعي والشرعي في العيش في بلاد كانوا هم اول بناتها. ولايستند فقط على مباديْ العدالة, بل اصبح استمرار وجودهم ضمانة حقيقية لحقوق باقي مكونات شعبنا العراقي بما فيهم المسلمين واداة للجم التطرف, وتكريس للطبيعة المدنية لمجتمعنا ودفعة كبيرة للتوجه الديمقراطي. وهم مصدر غنى ثر لهويتنا الوطنية التعددية.
تيقنوا اخوتنا في الوطن, لسنا مستعدين للتنازل عنكم. وسندافع عن حقوقكم التي هي حقوقنا, ابدا.
 
احسان جواد كاظم



372
غضب آلا الطالباني النبيل !

عنفت نائبة مجلس النواب العراقي آلا الطالباني بشجاعة قادة الكتل البرلمانية على انقلابهم على الدستور العراقي وحقوق المرأة العراقية, لاسيما حقها في اشغال المناصب العليا في الدولة اسوة بالرجل.
فقد رمت الحجة في وجوههم الدّهشة, المتجاهلة لبنود الدستور 14و16و20 التي تنص على ان المرأة العراقية مواطن كامل الحقوق ذي دور اساسي في بناء العراق الجديد.
ثم توالت المواقف النسائية الحازمة بتنازل احدى المستوزرات عن اشغال احدى وزارات الدولة تضامنا مع بنات جنسها. كما افحمت النائبة صفية السهيل في تصريح لها رئيس الوزراء نوري المالكي بتعذره عن عدم تقديم رؤوساء الكتل نساءا لشغل الوزارات وتساءلت عن سبب عدم تقديم تحالفه لنساء للاستيزار ! وكذلك انتقاد ميسون الدملوجي الجريْ لكتلتها البرلمانية لعدم الاهتمام بهذا الامر رغم تميزها الليبرالي عن الاحزاب الاسلامية, التقليدية في نظرتها نحو المرأة.
وكنا قد تابعنا نشاط نائبات فاعلات في مجلس النواب وشكاويهن المتواصلة بعدم تمثيلهن في لجان محادثات تشكيل الحكومة بين الكتل ومناشداتهن المتكررة بالالتفات الى ذلك وترشيح نساء لشغل حقائب وزارية, خصوصا مع توفر قيادات نسائية ذوات خبرة, اثبتن جدارتهن في ادارة وزارات بكفاءة مشهودة كما في وزارات البيئة والاسكان وحقوق الانسان في الوزارة السابقة واخريات خارج الحكومة والبرلمان لهن باع طويل في العمل السياسي والمهني والعملي ينتظرن الفرصة لخدمة الوطن.
لكن الاصرار على تجاهل المرأة ومطالبها ودورها كان باديا للعيان من اول وهلة. فقد جرى تجاهل دعوة البرلمانيات باسناد منصبي نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء لنساء رغم جمعهن ل 106 توقيعا من نواب المجلس انفسهم. كما نشطت اطراف الحركة النسوية العراقية خارج البرلمان في المطالبة بحقوقهن واشراك فعلي للمرأة في اتخاذ القرار وضمها للتشكيلة الوزارية الجديدة وذلك بالقيام بالتظاهرات والندوات وجمع التواقيع وباسناد من القوى الديمقراطية ولكن كل هذه الجهود ذهبت ادراج الرياح.
فقد تجاهلت القوى السياسية المتنفذة قضايا تمثيل المرأة والاقليات السياسية والاثنية مع سبق الاصرار والترصد في غمرة تنازعها في خطف الغنائم.
ان سحبا قاتمة تغطي اجواءنا السياسية. فالتراجع عن حقوق المرأة وتمثيلها قد سبقه الهجوم الظلامي على المثقفين والفنانين ومؤسساتهم والمحاولات المستمرة لتأطير المؤسسات التعليمية بقيود التخلف المقيتة ثم سرقة فرح الطفولة العراقية وكذلك تجاهل تمثيل الاكراد الفيلية والصابئة المندائيين ومحدودية تمثيل الكلدان في مؤسسات الدولة ثم معاقبة كتلة التغيير الكردية لتجرأها على رغبات حزبي السلطة الكردستانية والخروج من ربقتها.
اتمنى ان يكون حدسي خاطئا, بعدم اسناد رئيس الوزراء نوري المالكي احدى الوزارات السيادية الباقية ( الدفاع, الداخلية, الأمن الوطني ) للمرأة. فالاكتفاء باسناد احدى وزارات الدولة للنساء لايعدو ان يكون اكثر من تزويق مشوه لوجه وزارته. لااتوقع ان يقنع بها نصف المجتمع. فحذاري !!!
 
احسان جواد كاظم

373
وزراء كثر ؟! فداء لهم كل الميزانية

فقدت احزاب المحاصصة السياسية رشدها تماما... فهي لاترى امامها سوى تقسيم مراكز النفوذ وتوزيع الكراسي , وترى سياسيوها يتدافعون بالمناكب لأختطاف اكثر ما يمكن من الكعكة, متناسين كليا حاجات شعبنا ومتجاهلين سنين معاناته المريرة ثم ابتلعوا كل وعودهم الانتخابية حتى قبل تسنمهم المواقع الجديدة. ولاندعي بهتانا, فان الصراعات السياسية بين احزاب المحاصصة التي استغرقت وقتا طويلا حتى تكليف نوري المالكي بتشكيل الحكومة والتي جاوزت 8 اشهر ثم سعيهم الحثيث للدخول في موسوعة جينيس للارقام القياسية للمرة الثانية في عدد وزراء الحكومة لدولة صغيرة كالعراق والذي يقارب عدد وزارات حكومة الصين الشعبية ذات المليار والنصف نسمة, لاتفرح احدا.
يتحجج البعض, ان لاحدود لعدد الوزارات في الدستور! لكن ألا يعني ذلك التمادي لهذا الحد في ارضاء بعضهم البعض على الضد من مصالح شعبنا الا الصفاقة والدناءة بذاتها؟
فهل يحتاج العراقيون حقا لهذا العدد من الوزارات لتسيير امورهم؟ ولماذا يجب على المواطن البسيط تحمل تكاليف توافق احزابهم على حساب احلامه وامانيه ومستقبل اطفاله, بعد ان تحمل عواقب خلافاتهم.
حلمنا بنظام يقوم بتوزيع عادل لثروات البلاد على ابناء الشعب عقب نظام الاستئثار الدكتاتوري البائد لكننا صدمنا بمستويات سرقة الاموال العامة العالية والاهدار الاجرامي لموارد البلاد من قبل ورثته.
يذكر ان الميزانية المفترضة للعام القادم معدة على اساس المعطيات القديمة بما يتعلق بعدد الوزارات وعدم وجود كيانات الترضية ( المجلس الوطني للسياسات الستراتيجية ) الغير متوقعة حينها وهذا يعني قطع اضافي من ال 20% المخصصة للاعمار (80% نفقات تشغيلية رواتب موظفي الدولة..) وبالتالي سيرتفع العجز المالي في ميزانية الدولة. يتوقعون طبعا ان اموال النفط مقابل الغذاء التي اطلقت بعد خروج العراق من البند السابع ستحل كل مشاكلهم.
ولايخفى على احد تعويلهم ايضا على الاستثمارات الاجنبية التي ستردم الهوة التي حفروها, ولم يخطر على بالهم بان المستثمر الاجنبي يستقريْ الواقع السياسي للبلد الذي سيضخ امواله فيه, وان مجرد تشكيل الحكومة ليس كافيا لتطمين هواجسه ازاء عدم الاستقرار السياسي , رغم التحسن المشهود للوضع الامني, لأن طريقة تشكيل الحكومة على اساس توزيع المنافع على فرقائها يشي بعدم الجدية في ادعاءات مكافحة الفساد الاداري والمالي المتفشي في دوائر الدولة والمتورطة به احزاب السلطة ذاتها.
كما ان وجود عدد كبير من الوزراء سيعرقل اتخاذ القرارات بسلاسة ضمن الآلية المعمول بها في مجلس الوزراء اي بالتصويت, والذي سيخضع حتما لأمزجة هؤلاء الوزراء ومصالحهم وسيقف رئيس مجلس الوزراء بذلك عاجزا امام نزوات وزراءه.
ان تكاليف هذه الحكومة ستكون باهضة جدا مع غياب احتمالات جدية لنجاحها في اداء مهامها. لذا ينبغي العمل على ايجاد حلول اخرى بدل خوض تجربة فاشلة واهدار الوقت والجهد والمال, وذلك بدعوة رئيس الجمهورية لحل مجلس النواب والدعوة لأنتخابات جديدة. لكنني استبعد حدوث ذلك لأن رئيس الجمهورية وتحالفه هو احد الاطراف المستفيدة من تقسيم الكعكة. كما ان حصول صحوة وطنية لدى نواب المحاصصة امر مستبعد كليا, لذا فان الحل الواقعي على مايبدو, قيام منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع من تعز عليه قضية الوطن والمواطن من برلمانيي مجلس النواب من الوطنيين بتكوين جبهة رأي عام ضاغط لتحديد عدد الوزارت بما يتناسب وعدد سكان العراق لامقابل عدد نواب كل كتلة في المجلس كما هو معمول به حاليا وتبني نظام حق الاكثرية البرلمانية في تشكيل الحكومة واقتناع الاحزاب الاخرى بالقيام بدور المعارضة البرلمانية المقوم لعمل الحكومة رقابيا وتشريعيا.
ونقول لهم اخيرا : اذا خان الأمير وكاتباه ... وداهن قاض في القضاء
                     فويل ثم ويل ... لقاضي الأرض من قاضي السماء
 
احسان جواد كاظم

374
التحريم, الأبن الشرعي للأيمان الهش


السذج فقط يصدقون الأدعاء بأن تظاهرات واعتصامات المثقفين العراقيين كانت بسبب منع بيع الخمور في نادي اتحاد الكتاب والادباء الاجتماعي. فقد سبق ذلك مجموعة من الاجراءات الظلامية التي قامت بها جهات تابعة للدولة بدفع من الاحزاب الاسلامية المتنفذة. فقد فرض فصل الجنسين في المدارس والكليات وجرى مطاردة الطلبة الجامعيين بسبب العلاقات الزمالية وفرض الحجاب على بنات المدارس الابتدائية ثم محاصرة النقابات ومنظمات المجتمع المدني وخنق الحياة الثقافية والاجتماعية ومنع الفعاليات الموسيقية والغنائية والاعراس واغلاق السينمات ومنها اخيرا غلق محلات بيع المشروبات والنوادي الليلية بحجج واهية.
ان القشة التي قصمت ظهر البعير كان الهجوم البوليسي على مقر اتحاد الكتاب والأدباء العراقيين وهوصرح ثقافي بارز ورمز وطني يجب احترامه.
اراني مندفعا في مجاراة مجلس محافظة بغداد في تحديده للمشكلة في اطار الخمر والنوادي الليلية فقط ومناقشته حججه.
فقد ساق رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي سبب ملتبس لغلق محلات بيع المشروبات الكحولية والنوادي الليلية - عدم تجديدها لموافقات العمل الخاصة بهذه المحال. وان بدا ذلك صحيحا فانه لايستدعي القيام بحملة بوليسية لغلقها بيوم وبضربة واحدة. فهذا الفعل يبين بان العملية كانت مبيتة لغرض في نفس (كامل الزيدي ورهطه ) فارادوا استغلال عدم التجديد لغلق هذه المحلات التي يعتاش عليها آلاف المواطنين بضربة حاسمة وبلبوس اخلاقية.
أشار احد اصحاب هذه المحلات من الاخوة ابناء الاديان الاخرى, وكما جاء على احدى المواقع الالكترونية العراقية, الى وجود موظف مسؤول عن التجديدات في المؤسسة العامة للسياحة يرفض التوقيع على طلباتهم لأنه يستحرم ذلك مما جعلهم يواصلون عملهم على الأجازة التي بحوزتهم.
كان الأحرى بهذا الموظف التقي ان يذهب ليقدم مواهبه الايمانية في مكانها المناسب في اقرب تكية وما اكثر التكايا في بغداد او الانتقال الى وظيفة اخرى لاتخدش ايمانه. فشغله لهذه الوظيفة تتطلب منه, شرعيا على الاقل, تحليل لقمته بالعمل.
ان ضمان تطبيق القانون بشكل سلس يحتاج الى تعيين موظف من ابناء الاديان الاخرى في المؤسسة, يقع علي عاتقه التوقيع على الطلبات الجديدة وتجديد القديمة وفق القانون وبدون التجاوز على حقوق احد. لكن منطق محاصصة الوظائف هي العائق وهي الأمضى من الصالح العام.
ثم ان غلق هذا العدد الهائل من محلات بيع المشروبات (400) حسب تصريح النائب البرلماني يونادم كنا, يشير الى مدى الطلب الواسع على هذه الخدمة في بغداد وحدها. وهذا يتطلب بالتاكيد تنظيمها بقانون الضوابط اللازمة وعدم اخضاعه للرغبات الشخصية لأي كان.
كما ان من الاسباب الأخلاقية لصولة رئيس مجلس محافظة بغداد هو تباري الراقصات في الشوارع في حواري العاصمة. وهذا شيْ لايمكن تصديقه بأي حال من الأحوال في ظل انتشار التنظيمات الاسلامية في كل مكان مما يجعل اصحاب هذه النوادي والراقصات ايضا يفكرون الف مرة قبل الاقدام على هكذا عمل اعلاني, لأن ذلك يعرضهم بلاشك للقتل, الا اللهم اذا كانت ميليشيا ما تحميهم.
لابد هنا من الذكر اني شاهدت قبل ايام على الايميل فيديو يظهر احدى الغانيات ترقص امام الكاميرا وامام احد البيوت في منطقة نائية قاحلة فارغة في عز الظهر ولم يكن في الشارع الا شخص واحد جاء ماشيا من بعيد ولم يظهر عليه الفضول لما يحدث, ثم مرت سيارة دفع رباعي بيضاء بدون اكتراث بما يجري. خاصة وان الغانية كانت بضة الجسد رائعة الجمال, ما جعلني استغرب عدم وجود رد فعل من هؤلاء المواطنين, واتحدى اتقى التقاة ان لايسرق ولو نظرة لهذا الجسد الرشيق والجمال الأخاذ فكيف بالعراقي البسيط المحروم من ابسط المباهج. مما اثار ذلك شكوكي بكون الفيديو مفبركا. وعلى ما اعتقد فان هذا الفيديو كان هو الاساس الذي استند عليه رئيس مجلس المحافظة على الاغلب بالقيام بحملته الايمانية لا شكاوي اهالي بغداد.
ولو ان مثيري زوبعة الخمور أدوا واجبهم الوظيفي كما الغانية رقصتها, لكان المواطن العراقي يرفل بعيشة رغيدة.
ان هشاشة ايمان هؤلاء هو مايدفعهم الى تحريم هذا الشيْ ومنع ذاك الفعل.
ان رؤية قنينة بيرة في محل للمشروبات او بار لايمكن ان يكون مدعاة لشربها, كما ان رؤية شيخ ملتحي لاتجعل المرء يصلي وراءه بدون استعداد ذاتي لذلك.

اولئك الجهال أرادوا الخلاص من موروث القهر بالقهر, ومن ميراث الاضطهاد بالاضطهاد فكان المواطن العراقي ضحية كل افعالهم تلك.



احسان جواد كاظم


375
كامل الزيدي يغوص في رمال سلطته المتحركة

فشل الاسلاميون بامتياز في وضع حجر اساس لبناء ماليزيا ثانية في العراق خلال اعوام حكمهم العجاف منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003, لكنهم يسيرون حثيثا نحو بناء نظام أسوأ حتى من نظام دولة ولاية الفقيه في ايران, الذي يمقته المواطن العراقي. فالاجراءات التي تفرضها القوى الاسلامية المتسلطة من خنق للحريات العامة والتضييق على النقابات ومنظمات المجتمع المدني ومحاصرة الابداع الفني والأدبي ومصادرة مساحات فرح المواطن العراقي , تدخل في صلب نهجها التدميري لأمانيه في حياة سعيدة آمنة.
وكان الهجوم على الحريات العامة قد استفحل مع قدوم شهر محرم, وهو توقيت ليس عفويا بل مبيتا منذ العام الماضي على حد اعتراف السيد كامل الزيدي رئيس مجلس محافظة بغداد.
ان هذا التوقيت لم يكن بمعزل عن التهديدات التي أطلقها السيد كامل الزيدي للمشاركين بالتظاهرات والاعتصامات السلمية لأتحاد الكتاب والادباء وكذلك مؤسسة المدى, باستعداده لتجييش ابناء عشائر ( للتظاهر ) مقابلهم.
تهديد رئيس مجلس محافظة بغداد وجهات دينية اخرى اقل مايمكن ان يقال عنها انها سامت العراقيين مر العذاب بعد سقوط الدكتاتورية في مدن الوسط والجنوب, يجب أخذه على محمل الجد لخطورته البالغة على مجمل العملية الديمقراطية الوليدة في العراق. لأن قيام ادباء العراق ومثقفوه واكاديميوه وهم صفوة شعبنا مدفوعين بشعورهم بالمسؤولية ازاء شعبنا بالتظاهر انتصارا للديمقراطية ليس كما استقدام كامل الزيدي لأبناء عشائر في شهر محرم للتظاهر. فهذه الحشود المشحونة طائفيا التي لاتعرف ماهيتها و مستوى ثقافتها وتوجهاتها, والغير منضبطة سيؤدي الى اطلاق مارد متخلف يمكن ان يذهب الى مديات يتجاوز بها حزب السيد كامل الزيدي ولا يستطيع حينها اي من الكاملين ان كان زيديا او مالكيا من كبح جماحها بل انها ستطيح بهما معا, لاسيما وان ايتام البعث وحثالات القاعدة ودول الجوار الاقليمي متربصة بالعراق وبالعملية الديمقراطية. فيمكن لهذه الحشود ان تغير ولاءاتها بين لحظة واخرى, مما سيؤدي الى حدوث مجازر شبيهة بمجازر فاشيي البعث ان لم تكن اكثر هولا.
ان على مجلس النواب ورئاستي الحكومة والجمهورية صيانة الدستور وايقاف الاجراءات التعسفية لبعض ممثلي السلطات المحلية في بغداد والمحافظات وكبح جماحها في الاعتداء على حريات المواطنين والتدخل في شؤونهم ولجم تهويشات رئيس مجلس محافظة بغداد والآخرين ضد مثقفي العراق لما تشكله من خطورة على ضمير الشعب وأمن البلاد.
ان امام ابناء جيشنا الباسل وشرطتنا الوطنية مهمة التصدي بحزم لكل من تسول له نفسه الاعتداء على حيوات العراقيين وحرياتهم وامنهم.
لاتشعلوا النار المستجنة في الرماد لانكم ايضا ستكونون حطبها.



احسان جواد كاظم


376
حيّرونا هالمسيحيين !

لهم طعم برحيّة عراقية... يسكنهم حنو نخلتنا الظليلة.
فهل من سبب اوجه من هذا ليكون أهلنا المسيحيين هدفا لقوى الارهاب ؟
لقد جاءوا بسحنهم الكريهة المشربة بسموم عقارب الصحراء الصفراء لينثروا علينا حنظلهم واغتالوا الوداعة.
شيوخ الغائط, بأنفاسهم التي تفسد الهواء وشريعتهم التي تلعن الحياة, رأوا ان يصقلوا سكاكين التعصب ويجردوها بوجوه آمنة مطمئنة تتضرع بخشوع من اجل السلام. أفتوا بذبح الابرياء ليس في كنيسة سيدة النجاة فحسب بل في كل مدن وقصبات العراق. فمبدأ القاعدة وكل المتنطعين بدينهم : كن قذرا طول الوقت !
حيّرونا هالمسيحيين مرتين... مرة عندما لفوا جثامين شهدائهم بعلم الله اكبر وكان القتلة قد جندلوهم وهم يزعقون بالتكبير قبل ساعات... فما اسمحهم !
الثانية كانت عندما تمسكوا بأرضهم واكدوا الولاء لوطنهم رغم التكفير والتقتيل والتهجير ومحاربتهم في ارزاقهم. ورغم صغر عديدهم الا انهم بقوا الاعرق تاريخا والاكثر عطاءا والاعظم تسامحا. فكانوا اكبر من كل كبير.
لقد وأدوا الفتنة في مهدها واسقط في يد القتلة. فأنتصرنا بكم عليهم.
أراد الارهابيون تحرير امرأتين قبطيتين أسلمتا كما ادعوا فقتلوا العشرات من الابرياء. فما أوضعها من حجة ! وغاب عن بالهم بان هاتين السيدتين حتى لو اسلمتا حقا فانهما لن تكونا على ملة القاعدة وسيفتي مفتيها باقامة الحد عليهما, قتلا, عاجلا ام آجلا.فبئس الشرع شرعكم !
يحاول الظلاميون والارهابيون اطفاء بهجة قوس القزح العراقي ونشر سواد فكرهم الظلامي, لكن منطق الحياة, التعدد الجميل, يأبى النكوص.
لنسلم مفاتيح العراق لأخيارهم وننام مليْ الجفون.
احسان جواد كاظم

377
متاهة سيركنا السياسي !

عندنا حلبة سيرك, لا مسرح سياسي. فقفزات بهلوانيو الاحزاب السياسية المتنفذة تجري على قدم وساق وغالبا ما تقترن بسقوط مؤلم او بحركة مبهمة تدعو الى الريبة. فبعد وضع الخطوط الحمراء على قائمة علاوي باعتبارها بعثية مرة وسنية مرة اخرى, اصبحت بين ليلة وضحاها للبعض حليف حميم لايمكن الاستغناء عنه في تشكيل الحكومة القادمة ورموا خلف ظهورهم مثالب القائمة العراقية خدمة طبعا ( للصالح العام).
وعلاوي بدوره تخلى - كما ورد في الاخبار - عن مطالبته برئاسة الوزارة حسب الاستحقاق الانتخابي لصالح مرشح المجلس الاسلامي الاعلى عادل عبد المهدي ودخول المجلس الاسلامي والفضيلة في تحالف معه في مواجهة للمالكي وقائمته. الغريب هو اصرار المجلس وحزب الفضيلة غير المفهوم على اقناعنا بان تحالفهم مع علاوي لايعني فك تحالفهم مع المالكي. طبعا هذا اللغز لايحله الا الراسخون في العلم.
كل هذه المساومات والصفقات تعقد نكاية بالمالكي الذي يبدو انه ماض في تشكيل الحكومة بدون ان يبالي بمناورات حلفاء الامس.
المواطن العراقي الذي صنع ملهاته بنفسه, يغني بلوعة مع سعدي الحلي: "ضاع عمري طير بضبابه " .


تعزية القاتل بأستشهاد ابيه !!!

تجمعت خيوط عدة احداث في عقدة واحدة. زيارة نوري المالكي لأيران ولقاءه بمقتدى الصدر وذكرى اغتيال السيد محمد محمد صادق الصدر وولديه ايام النظام البائد واخيرا الأيميل الذي وصلني يحمل رسالة مفترضة من عائلة الشهيد عبد المجيد الخوئي موجهة الى رئيس الوزراء نوري المالكي مما اشيع عن استعداده لألغاء أمر ألقاء القبض الصادر من المحاكم العراقية بحق مقتدى الصدر, المتهم مع اعوانه بقتل ولدهم مع سبق الاصرار والترصد في الحضرة العلوية في النجف بعد يوم من سقوط النظام البائد, كمكافئة له على تصويت التيار الصدري لصالحه كمرشح لرئاسة الوزراء عن الائتلاف الوطني وما يعنيه ذلك من تراجع عن نهج دولة القانون والعدالة والتعدي على حقوق العراقيين ومن ثمة تلويث سمعة المالكي السياسية.
هل يجرؤ المالكي ياترى على الغاء امر محكمة مستقلة بحق متهم ؟


يجوز لهم مالايجوز لغيرهم !

يتعرض رئيس الوزراء نوري المنتهية ولايته نوري المالكي الى سيل من الانتقادات اللاذعة على زياراته المتتابعة لدول الجوار الاقليمي من مناوئيه في الكتل السياسية, وهي التي سعت قبله لكسب ود هذه الدول بزيارات مشابهة.
وينكر البعض على رئيس الوزراء عقده لأتفاقيات وتوقيعه على عقود لاعتبارها غير شرعية لانه رئيس وزراء حكومة تصريف اعمال ليس لديها تفويض دستوري بذلك. لا اعرف هل عقد المالكي اية اتفاقية مع اي بلد زاره ام لا؟ فذلك على كل حال يمكن نقضه في اقرب جلسة من جلسات مجلس النواب يتكرموا علينا بعقدها.
اما توقيعه على عقود تجارية اقتصادية او غيرها فهو يدخل في صميم مهامه كموظف حكومي يشغل مؤقتا موقع رئيس الوزراء الى يوم نفاذ عقد عمله.
لكن يبقى يجول في ذهننا سؤال: من ابقى المالكي على رأس الحكومة كل هذا الوقت؟ ألستم انتم من فعل ذلك؟ ألستم انتم من عطلوا عمل البرلمان ليومنا هذا, وهو كان الكفيل باطاحة المالكي ديمقراطيا ؟ !!!
ولكنكم اشعلتم نار العناد .



احسان جواد كاظم



378
ولادة حركة... تعسر حكومة


احسان جواد كاظم
ihsan.kadhim@yahoo.de
تعويم العملية الديمقراطية والتسويف في استحقاقاتها هو ما يمارسه سياسيو الكتل الفائزة في الانتخابات الاخيرة والتي اجريت قبل سبعة اشهر. فهم ليسوا في عجلة من امرهم في شأن تشكيل الحكومة, في ظرف اصبحت تداعيات الفراغ السياسي لاتطاق... الخطط الاقتصادية والاجتماعية مؤجلة والتدخلات الخارجية على اشدها, فمهمة توزيع الكراسي والامتيازات هي الاهم وهي لم تحسم بعد.
ان سهولة حصول الكثير من نواب المجلس المنتخب على مقاعدهم بالاصوات التعويضية المسروقة من اصوات ناخبين لم يصوتوا لهم, جعلهم يتجاهلون المطالب الشعبية الداعية الى الاسراع في عقد جلسة مجلس النواب والتصدي لمسؤولياتهم الدستورية, فهم على كل حال متمتعين بامتيازاتهم البرلمانية ويستلمون( مستحقاتهم) الشهرية بدون وجع راس.
وكذلك الامر بالنسبة للوزراء وكبار موظفي الدولة وكل اعوان الاحزاب المهيمنة في حكومة تسيير الاعمال. فقد راق لهم الوضع وهم ليسوا بمحضر مغادرة مواقعهم وامتيازاتهم.
اما مايتعلق بالتحالف الكردستاني فانه على اقل من مهله. فحكومة الاقليم تقوم باعمالها على اكمل وجه وعامل الوقت بشأن تشكيل الحكومة المركزية لايشكل لدى التحالف اية اهمية, فهم يراقبون التجاذبات السياسية بين الكتل السياسية الاخرى ومتهيئون في اي لحظة لجني اكبر المكاسب من خلال رفع سقف مطالبهم المتصاعد يوميا.
ان خرق الدستور والحنث بالقسم الدستوري في استعداد النائب لخدمة الشعب والحفاظ على مصالح الوطن يسيْ الى مصداقية الكتل السياسية الفائزة, خاصة الاسلامية منها التي اخلت بواجبها الشرعي الديني الذي زمّرت له قبل الانتخابات وتنكروا جميعا لوعودهم الانتخابية.
ولكن ازاء تجاهل الكتل الفائزة وامهاتها من قوى طائفية وعرقية للمطالب الشعبية بالاسراع في تشكيل الحكومة وحل مشاكلها وايقاف تكالبها على الامتيازات الفئوية الانانية, تنشأ حركة شعبية احتجاجية متصاعدة تتسم بوعي وطني ديمقراطي, تسعى الى صيانة مظاهر العملية الديمقراطية الناشئة وتدعم مشروع الدولة المدنية من خلال تظاهرات واعتصامات سلمية تتوالى في مدن العراق وهي تجتذب يوما بعد يوم قوى شعبية جديدة كسرت قيد ولاءاتها السابقة بعد ان سئمت سياسات قادتها المرائية وبدأت تنخرط في العمل الديمقراطي من اجل خير كل العراقيين.
ان اشتراك شرائح جديدة من ابناء شعبنا في هذه التظاهرات والاعتصامات السلمية يؤسس لظهور قوة ضغط واعدة, تضع في اولويات مهامها تكريس المظاهر الديمقراطية في الحياة السياسية العراقية والوقوف ضد اصرار القوى المهيمنة الطائفية والعرقية, المعادي للديمقراطية, في التسويف في بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية.
وتظهر منظمات المجتمع المدني من خلال نشاطها, كمعارض ايجابي مؤثر لأي حكومة تشكلها القوى المتنفذة لاحقا ولاسيما وان هذه القوى ترفض ان تكون في المعارضة بسبب مغريات السلطة. فهي تعمل على تأسيس حكومة مشاركة تحاصصية.
قد لاتكون تظاهرات واعتصامات منظمات المجتمع المدني ذات تاثير جدي الان ولكن استقطابها لقوى جديدة سيؤسس لحركة شعبية ديمقراطية وتساهم على اقل تقدير في تشكيل وعي ديمقراطي لدى اعداد غفيرة من العراقيين.
ولابد اخيرا من الاشادة بجهود قناة الفيحاء الفضائية ومنتسبيها وتغطيتهم المتجردة لنشاطات منظمات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية عموما وبمجمل مواقفها الوطنية.
يتساءل المواطن العراقي البسيط من الذين أثروا بعد فقر واتخموا بعد مسغبة: أوفيتم بوعد؟ أثبتم على عهد؟
ف " كل انسان ألزمناه طائره في عنقه " . سورة الاسراء


احسان جواد كاظم

379
في انتظار بيضة الديك !!!

نفذ صبر المواطن العراقي الذي يعاني من البطالة ونقص الخدمات وانتظار مجيْ الكهرباء, وهو يترقب تشكيل حكومته الجديدة, حتى امسى تشكيلها املا اخضرا. فجماهير شعبنا تطلعت بتفاؤل الى مساعي القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية الاخيرة الى تشكيل الحكومة لحل مشاكله لكن هذه القوى ليست على عجلة من امرها.
وفي بلاد كالعراق حيث تركة الدكتاتورية البائدة ثقيلة وعمليات نهب المال العام والخاص الذي مارسته الاحزاب الاسلامية والقومية والعشائرية الواسعة وحيث غياب القانون ونهج المحاصصة سيْ الذكر,فان عدم وجود حكومة فاعلة يعني ببساطة شلل تام لمرافق ومؤسسات الدولة وتأجيل مفتوح في تنفيذ المشاريع وفقدان كامل للخدمات, لأن قوى المحاصصة الطائفية والعرقية والعشائرية تنتظر ماستسفر عنه المساومات السياسية بين اطرافها ومن ستؤول هذه الوزارة او تلك لكي يجري بعدها تعيين الاعوان وبدأ العمل في هذه الدوائر والمؤسسات. فما يحكم ويحرك هذه القوى ليس الواجب الوطني والمسؤولية اتجاه المواطن بل مصالحها الأنانية الفردية والفئوية.
ورغم المقترحات الكثيرة المطروحة لسبل الخروج من عنق الزجاجة والشروع بتشكيل الحكومة الا انها تبقى عقيمة امام معضلة غياب التفسير الدستوري والقانوني الواضح المتعلق بمن له حق تشكيلها. في الوقت الذي جاء فيه قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية النص القانوني بمنح المقاعد الشاغرة للقوائم الفائزة في انتخابات مجلس النواب, ليضفي المزيد من عدم شرعية جلوس الكثير من النواب على مقاعد مجلس النواب, هذا ليضاف الى عمليات التزوير المنظمة وشراء الذمم واستغلال المال العام لأغراض حزبية خاصة والذي مارسته هذه القوى على نطاق واسع.
ان التحركات الشعبية المطلبية الاخيرة في مدن العراق تستند الى معاناة حقيقية مريرة. وقداشارت بوعي الى مضطهديها بالاسم وبوضوح بالغ اوقعت الائتلافات الطائفية والعرقية والعشائرية الحاكمة في مأزق , جعلها تبحث عن كبش فداء لعل ذلك سيسكت المواطن المكتوي بحر الصيف. ثم اتهمت المتظاهرين بتهم جائرة بانجرارها وراء قوى معادية, سواء من بين القوى المتنفذة المتصارعة - التي هي ايضا مشارك فعلي في معاناة الجماهير - او الى ايتام البعث البائد وهو براء من تبني اي مطلب شعبي بل ان تاريخه المخزي مغرق بدماء المطالبين بحقوقهم الشرعية.
ان قمع التظاهرات السلمية ورميها بالرصاص الحي بسبب تجرأ بعض المتظاهرين الى رمي زجاج مكاتب مسؤولي محافظة البصرة بالحجارة لأدخال بعض من لهيب حر البصرة الى مكاتبهم المكيفة, ماهو الا عودة الى نهج البعث الفاشي في معاداة ابناء الشعب .
ولو افترضنا جدلا بان احد ديكتنا سيبيض بيضته وتميل كفة القبان فان تلك البيضة ستكون لامحالة بيضة فاسدة ستلوث الجو السياسي برائحتها الكريهة, لأن ما بني على باطل فهو باطل.
انهم عار السماء وفضيحة الوطن !
وطوبى لذلك الشعب النائم ويده على قلبه!

احسان جواد كاظم


380
أزمة المحاصصة... محاصصة الأزمة

 
أتتابعون مايقال عن تشكيل حكومتنا الموقرة القادمة ؟
أتسمعون كيف ترن محاولات تشكيلها, كما لو كانت جلجل شاة تائهة في الظلام ؟
لقد اكتوى الجميع بلظى المحاصصة الطائفية والعرقية والعشائرية التي حصدت وتحصد كل يوم المزيد من القتلى والجرحى وتستمر معاناة ابناء شعبنا من البطالة والفقر وغياب الخدمات الاساسية وهذا غير فقدان الامن والاطمئنان. ان كل ذلك تتحمله الائتلافات الفائزة الكبرى التي حكمت البلاد ونهج المحاصصة الذي تبنته. واصبح لصراع الديكة حيزا كبيرا في الممارسة السياسية لهذه القوى. فالتصريحات النارية لطرف منها يؤجج تصريحات مضادة ولاتستطيع كل التطمينات عن قرب اللقاء التاريخي بين هذه الشخصية وتلك من اجتراح المعجزة... معجزة تشكيل حكومتنا القادمة.
وفي ظل محاصصة الأزمة التي نشهدها بين هذه الاطراف المتصارعة وتصاعدها حد تجاوزها الأطار الداخلي لتاخذ منحى خارجيا واقليميا بالتحديد, حيث تهافتت هذه الائتلافات والطائفية منها خصوصا على دول الجوار الاقليمي ودعوتها الصريحة لها بالتدخل في شؤون بلادنا الداخلية وهي التي لم تتوقف يوما عن التدخل بدعمها المكشوف والمخفي لقوى الارهاب بكافة انتماءاتها الطائفية والعرقية للعبث بأمن وسلامة وطننا وشعبنا ولبث الفرقة بين العراقيين وابقاء وطننا متخلفا, ممزقا, حائرا , يرزح تحت ربقة الرجعية الدينية والعنصرية وتهديدات عودة فاشية البعث المقيتة.
ان مفتعلي الأزمات من الائتلافات الفائزة ومن يدعمها من الخارج لاتستطيع ان ترى عملية ديمقراطية سليمة تتحقق في العراق.
ولقد تذمر سياسيو ائتلافي دولة القانون والوطني من وصف البعض لائتلافهم بأنه طائفي, مع ان تركيبته وممارساته السياسية تشيران الى ذلك. ولو لم يكن الامر كذلك فلم لم يأتلفوا قبل الانتخابات البرلمانية وائتلفوا بعد فوزهم فيها؟ هل هو توزيع ادوار ام صراع مصالح؟ على كل حال انهم مافعلوا ذلك الا ليوهموا المواطن البسيط بتغير نهجهم الطائفي المرفوض الى نهج وطني مطلوب من خلال الشعارات الانتخابية الآنية فقط .
وفي ظل أزمة الحكم والفراغ السياسي يجد البعض الحل في تشكيل مايسمى بحكومة مشاركة وطنية, وهي التي لاتختلف في جوهرها عن حكومة المحاصصة السابقة, بدعوى عدم اقصاء اية قوة سياسية. يتناسون سنهم لقانون الانتخابي اقصائي جائر بحق الأختيار الحر للمواطن من جهة وبحق قوى سياسية فاعلة من جهة اخرى. فالاستعصاء في تشكيل الحكومة ماهو الا بعض افرازات هذا القانون المبهم البنود وحمّال الاوجه والذي جعل كل طرف يفصّل مواده على مقاسه.
ان متحاصصي الأزمة من ائتلافات وقوى متنفذة جعلوا المواطن العراقي يتحمل تكاليف الحصة الأدسم من الأزمة, المتمثلة بتأجيل تشريع واجراء وتنفيذ الكثير من القوانين والاجراءات والمشاريع الى اجل غير مسمى.
ولكن هل حكم على شعبنا ياترى, ان يتنفس ذلك الهواء الذي يخنقه؟!!
احسان جواد كاظم
 


381
نتائج الانتخابات البرلمانية... قصر ذاكرة ام اسباب اخرى ؟

من مفارقات الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العراق, انها جاءت محبطة للجميع, وبالاخص للائتلافات الفائزة الكبرى, التي اعترضت على نتائجها وطالبت المفوضية العليا للانتخابات باعادة فرز وعدّ الاصوات ( وهو مطلب مشروع على شرط ان يشمل فرز وعدّ الاصوات لكل القوى والاحزاب التي شاركت بالانتخابات ولا تقتصر على البعض منها). ثم كالت الاتهامات للمفوضية بالتحيز.
هل هو تحيز من المفوضية ام تلاعب الكتل السياسية المتنفذة او ربما ترتيبات قوى خارجية لرسم الخارطة السياسية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية, كان السبب في التشكيك بنزاهة الانتخابات؟
قد تكون نتائج الانتخابات هي حصيلة كل هذه العوامل سوية. ولكن ذلك لاينفي المسوؤلية عن المواطن العراقي ذاته الذي اعطى صوته لكثير من السياسيين ممن كان يتذمر من سياساتهم وسلوكهم.
ان من المؤكد ان ذلك ليس بسبب من قصر ذاكرة المواطن العراقي كما يدعي البعض وانما من عدم استكمال تشكل وعيه السياسي لأختيار افضل من يمثله. فقد كان اختياره مثلا لعلاوي بديلا عن الاحزاب الطائفية والعرقية التي فرضت عليه القيود واقامت الحدود كعقاب لها ورد فعل ازاء فشلها في الحكم وليس نتيجة قناعة ببرنامج ائتلاف علاوي, كما اعتقد.
ان المسوؤلية الاكبر يتحملها ممثلو الاحزاب المتنفذة في مجلس النواب ,بعدم تشريعهم مثلا لقانون الاحزاب الذي كان سيهيأ ارضية جيدة لأجراء انتخابات اكثر نزاهة او تشريعهم لقوانين غير عادلة تخدم مصالحهم الفئوية كقانون الانتخابات المجحف الذي شرع لسرقة اصوات ناخبي القوى والاحزاب السياسية الاصغر وتجييرها لصالح مرشحيهم في اصرار وقح لألغاء الآخر وتفويز اعوانهم.
ولم ينته سطو الكتل الكبرى عند حدود اغتصاب حقوق منتخبي القوى والاحزاب الاصغر, بل انها استمرأت القيام بعملية غش علني لمنتخبيها ذاتهم. فائتلافاتهم التي تكونت من لملوم قوى, لايعلم الا الله كيف يمكنها ان تتوافق وتتحالف, الا اللهم على اساس حب الكرسي الانتخابي, ستتشرذم الى تكتلات وافراد بعد ان يجد الجدّ وتبدا عملية توزيع الغنائم من كراسي ومواقع ومسؤوليات. فكل منهم سيسعى الى تنفيذ اهدافه ومطامحه ومطامعه ويصبح برنامج ائتلافهم الذي اتفقوا عليه والذي من المفترض ان يكون ناخبيهم قد اختاروهم على اساسه, في خبر كان.
ان سعي بعض النخب السياسية من الكتل المتنفذة الى ايجاد قالب جديد للفكر السياسي العراقي وتأطيره بديمقراطية الحزبين او الثلاث احزاب سوف لن يمر, بسبب ان هذا المشروع السياسي يتغافل عن طبيعة تنوع الفكر السياسي العراقي ونزوعه المستمر نحو التجديد وحتى الجموح في بعض الاحيان, لذا فان فرض تقسيمات وأطر ومنظومات فكرية جاهزة معدة مسبقا ستكون اصغر من مقاساته اللامتناهية.
ان بلورة وغربلة التوجهات الفكرية والسياسية تخضع لعامل الوقت ووعي المواطن وينبغي لها ان تحصل في اجواء مفعمة بالحرية التامة والنقاش المثمر والفرص المتساوية ومن خلال التطور الطبيعي لمساراتها واتجاهاتها, وهذ ماينبغي السعي لتكريسه في الممارسة السياسية العراقية.
عقد الآمال على مجلس نواب متشرذم مسألة ليست واقعية ولكن المواطن العراقي اختار ولابد من احترام اختياره وكأن لسان حاله يقول : انتخبناكم لنبلوكم أيكم احسن عملا.


احسان جواد كاظم

382
السير وراء الشيوعيين أصوب, لكن (طعام) احزاب المحاصصة أدسم !

مع اشتعال أوار الحملات الانتخابية لمجلس النواب القادم آذار/ 2010 وغرق شوارع مدن العراق وقصباته بشعارات وصور ووعود لمرشحين من مختلف الاجناس والالوان, تزداد حيرة المواطن في اختيار ممثله المفضل, خصوصا وهو يرى صور ممثلي احزاب المحاصصة الطائفية والعرقية, الذين حكموا وعاثوا فيها ولازال دمارهم في ذمارنا باديا, تتصدر واجهات المباني والساحات العامة.
ولازالت ممارسات البعض منهم ماقبل الانتخابية هي ذاتها الممارسات السابقة من شراء للذمم بتوزيع الاموال والبطانيات والمدافيْ... او استزلام الاعوان لفرض مالم يستطيعوا من تحقيقه بالرشوة وذلك في امتهان فض لكرامة المواطن واحتقار واضح لوعيه.
الأنكى من ذلك اعتبار البعض ان هذه الممارسات المشينة تدخل في باب الشطارة والفهلوة في كسب الأصوات, وعدم ممارستها من قبل الشيوعيين ثيمة متأتية من عدم فهمهم لطبيعة عراقيي اليوم.ولكن من لايعرف, بان شيمة الشيوعيين العراقيين الصدق والنزاهة وهذه الممارسات منافية لأخلاقهم. فهم لم يلجأوا لها طيلة تاريخهم المديد. فحتى في اعوام المد الديمقراطي بعد ثورة تموز/1958 لم يحاولوا ضمّ الناس الى صفوفهم بنثر الوعود المجانية بتعيين هذا وتنصيب ذاك. فقد كان ابناء شعبنا ياتون اليهم افواجا افواجا بكامل وعيهم وحريتهم, لأنهم وجدوا لدى الشيوعيين الوطنية الحقة من اجل وطن حر وشعب سعيد , وانهم لن يسمحوا لأية فئة الاستحواذ على الامتيازات على حساب الآخرين وقناعتهم بانحياز الشيوعيين للاضعف من مواطنيهم وهم اغلبية ابناء شعبنا.
وبعد سبع سنوات مهدورة من عمليات بناء وطننا سياسيا واقتصاديا, كلفتنا الكثير من الضحايا, ترى الاحزاب الحاكمة اليوم تعود لتتبنى مفردات من البرنامج الوطني الديمقراطي الذي طرحه الحزب الشيوعي العراقي, عشية سقوط النظام البائد, على ابناء شعبنا واحزاب المعارضة حينها. بعد فشل نهج المحاصصة الطائفية والعرقية الذي اعتمدته بعد تسنمها للسلطة لأسباب فئوية ضيقة.

ان البرنامج الانتخابي الشامل الذي طرحته قائمة اتحاد الشعب وتركيبة مرشحيها المتنوعة التي تمثل ابناء شعبنا بكل شرائحه وطبقاته الاجتماعية تعكس حقيقة التوجهات الوطنية للشيوعيين وجميع اليساريين والديمقراطيين في عراق ديمقراطي فيدرالي موحد.
اختيارك الحر لأفضل من يمثلك حق شخصي. وقد قيل : كل امريْ يصنع قدره بنفسه.
احسان جواد كاظم

383
لأنقاذ من كانت زيارة جلال الطالباني السرية لطهران ؟

أوردت قناة العربية نبأ قيام الرئيس العراقي جلال الطالباني بزيارة سرية لطهران, للتوسط لدى السلطات الايرانية لتخفيف احكام الاعدام على المعارضين الاكراد الايرانيين.ولحد الآن لم يصدر رد فعل عن رئاسة الجمهورية يؤكد او ينفي نبأ الزيارة.
لااعتراض على محاولة انقاذ حياة اي انسان من بين مخالب الجلادين في اي مكان , لكن ألا تعتبر الزيارة استغلال غير شرعي من قبل الطالباني لمنصبه كرئيس لجمهورية العراق في تحقيق هدف لايدخل ضمن مهام رئاسة الجمهورية؟
فلا يغيب عن بال احد, امكانية مطالبة ايران بمقابل سياسي ازاء استجابتها لطلب الرئيس العراقي, يمس مصلحة وسيادة الوطن العراقي كماهو ديدن الحكومة الايرانية في ابتزاز حلفاءها قبل اعداءها.فلو كان مسعود البرزاني هو من تدخل باعتباره رئيس اقليم كردستان العراق لكان الامر مبررا , لكن يبدو ان مسعى الطالباني يندرج تحت عنوان تعزيز اسهم اتحاده الوطني الكردستاني الانتخابية بعد ان تراجعت لصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسه مسعود البرزاني الذي دأب منذ فترة على اطلاق التصريحات النارية التي تدغدغ المشاعر القومية للمواطن الكردي البسيط.
ان توقيت الزيارة لم يكن موفقا. فالزيارة تأتي في ظل احتدام الصراع السياسي على هامش الانتخابات البرلمانية القادمة, ولو صح النبأ فسيلهب الساحة السياسية اكثر لما شكلته هذه الزيارة من تجاوز على القانون.
اخيرا سؤال عرضي نطرحه على السيد الرئيس الطالباني: لماذا سرية الزيارة مادام المسعى انساني ياترى ؟

احسان جواد كاظم

384
هل يعود ائتلاف المالكي لبيت الطاعة الشيعي ؟

لم تفض توسلات الائتلاف الوطني العراقي الذي يقوده عمليا عمار الحكيم بائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء نوري المالكي للاندماج بائتلاف موحد يجمعهما لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة الى نتيجة, بسبب تمنع ائتلاف دولة القانون. فقد كان تصريح المالكي" بلا اندماج بين التكتلين" قاطعا, لكن الضغوط الداخلية والخارجية والايرانية بالتحديد تتواصل لأحياء الائتلاف الشيعي السابق.
وتسوق القوى الضاغطة على المالكي حجة خطر عودة حزب البعث للسلطة الذي تدعم دول عربية بقاياه المتحالفة مع منظمة القاعدة الارهابية لأرباك الوضع الجديد في العراق.وقد جاء تصريح النائب صالح المطلك:" بان هناك آلالاف من البعثيين سيصوتون لائتلافه مع اياد علاوي, ليؤكد هذه المخاوف.
ويتفق الكثير من المهتمين بالشأن السياسي في العراق بان امكانية عودة حزب البعث للسلطة اصبحت في خبر كان, بعد ان خبر ابناء شعبنا نهجه الاستبدادي وعانوا من جرائمه الفاشية على مدى فترة حكمه البغيضة. وبعد ان اصبحت مستجدات الحياة السياسية والاجتماعية الجديدة حقيقة واقعة ونشأت على اساسها علاقات ومصالح تجاوزت في تشابكاتها ومدياتها حقبة البعث المظلمة. كما ان وجود قانون المساءلة والعدالة وريث قانون اجتثاث البعث يضمن نسبيا الحد من تاثيرهم . وكان القانون قد وضع على الرف لحين تفجيرات منطقة الصالحية في بغداد, التي اوغرت صدور العراقيين مجددا ضد البعث واساليبه الارهابية , واستوجبت اعادة تفعيل القانون لتلافي اية مفاجآت اجرامية وتخريبية جديدة, دائما كان حزب البعث اهلا لها.
ولايخفى على احد بان آلاف البعثيين, المجرمين منهم وممن اجبروا على الانخراط في صفوفه لاسباب حياتية, وجدوا في الانتماء للاحزاب الاسلامية والقومية ملاذا آمنا في عملية تبادل مصلحي, يضمن للبعثيين السابقين الحماية من المساءلة الشعبية من جهة وكقوة تصويتية لتلك الاحزاب وخبرات عملية في ادارة الدولة وتثبيت اقدامها في اجهزتها, اضافة الى الاستفادة من خدمات مجرمي البعث في تنفيذ المهمات القذرة ضد منافسيها السياسيين من جهة اخرى.
ان الدعوات لأندماج الائتلافين مزق قناع الوطنية الذي حاولا اضفاءه ,خصوصا بالنسبة للائتلاف الوطني العراقي صاحب الدعوة, ورغم الترقيعات التي اجروها على عضوية ائتلافيهما.
ان الاستجابة لدمج الائتلافين تعني ببساطة انتحار سياسي للمالكي ونهاية لطروحاته عن الوطنية ودولة القانون وتبديد كامل لكل جهوده للنأي بنفسه عن التلوث بسخام الطائفية المقيتة.
وفي حالة قبول المالكي للاندماج وهو احتمال ضعيف فان ذلك سيؤدي بالاحرى الى انفراط عقد الائتلاف الوطني بسبب الشروط غير القابلة للتلبية التي يفرضها التيار الصدري, احد اهم تكتلين اضافة الى المجلس الاسلامي الاعلى في الائتلاف,والمتضمنة اطلاق سراح معتقلي التيار من مقاتلي جيش المهدي المنحل للموافقة على انضمام ائتلاف دولة القانون وهو مالايستطيع المالكي فعله.
وعلى كل حال فان الايام تخبيْ اقدارها.
احسان جواد كاظم


385
صدام حسين يقهقه في قبره شماتة بالعراقيين !

الاستئثار بالسلطة واستخدام الاساليب الاستبدادية في المحافظة عليها في قبضته, هي التي اودت بالمقبور صدام حسين الى مزبلة التاريخ. وقانون الانتخابات البرلمانية الذي اقره مجلس النواب اخيرا ماهو الا محاولة لأستئثار احزاب المحاصصة الطائفية والعرقية بالسلطة على حساب حقوق ابناء شعبنا , الذين عانوا من جرائم هذه الاحزاب وسرقاتها وفشلها في تقديم ابسط الخدمات .
ان احزاب المحاصصة فصلت قانون الانتخابات البرلمانية والمحلية على مقاسها من خلال سرقة اصوات الناخبين( المادة الثالثة) بسرقة المقاعد الشاغرة من القوائم الحاصلة على اعلى الاصوات المتبقية وتحويلها لصالح القوى الفائزة. ومن خلال تحديد عدد المقاعد التعويضية الخاصة بالاقليات والمهجرين وعراقيي الخارج(المادة الاولى). وهي تحاول تأبيد بقاءها في السلطة , وهذا خروج فاضح على مبدأ المساواة في الحقوق الذي اقره الدستور وسلب واضح لحق المواطن الحر في انتخاب من يمثله في البرلمان واجهاض كامل لمبدأ التداول الديمقراطي السلمي للسلطة.
ان مؤسسات الدول الديمقراطية تسعى دائما الى استقطاب اكبر عدد من مواطنيها للمشاركة في العملية الديمقراطية ودفعهم لأختيار من يعتقدون بانه الافضل لخدمتهم, لابل انهم يشركون الاجانب المقيمين ايضا في الانتخابات المحلية لعدم اشعارهم بالتهميش وتعليمهم اساليب العمل الديمقراطي, بينما تقوم احزاب المحاصصة الطائفية والعرقية في بلادنا باستبعاد اكبر مايمكن من مواطنيها من الاشتراك في العملية الديمقراطية.
ويبدو ظاهرا نزوع السلطة السياسية في العراق الجديد نحو الاستبداد. فاستئثار الاحزاب المتسلطة بالحكم والهجوم المنظم على حرية الصحافة والتضييق على عمل النقابات ومنظمات المجتمع المدني, ابرز مظاهر هذا النزوع نحو النظام الاستبدادي.
ولابد هنا من القول بانه ليس من المنطق التعويل على رئيس الجمهورية جلال الطالباني ونوابه في نقض قانون الانتخابات المجحف, لأنهم ابناء المحاصصة الطائفية والعرقية ويخضعون لما تمليه عليهم احزابهم وكتلهم.لذا فانه ينبغي على القوى الديمقراطية والمهمشة اللجوء فورا الى المحكمة الدستورية العليا والمحاكم الدولية ان تطلب الامر وكذلك قيامها بالتوازي مع ذلك بحملات توعية جماهيرية لقطع الطريق على محاولات التراجع عن نهج الديمقراطية الصحيح.
انهم يستخلصون من الحرية قيودا.
 
احسان جواد كاظم



386
ائتلافات اللملوم والقبض على خناق العراقي المظلوم

بدأ السباق المحموم للفوز بصوت المواطن العراقي المحروم بتشكيل ائتلافات لاتعرف را سها من ساسها وكلها تلهج وتسبح بمبدأ الوطنية وتراها منفرطة كمسبحة الشيخ بعد الانتخابات فهدفها كرسي البرلمان لاخدمة الانسان, فهي ائتلافات هشة, مجرد سؤال واحد وحيد يمكنه ان يفركشها عن آخرها وعذرا لهذا السؤال. السؤال هو: من هو أولى بالخلافة عمر ام علي؟
ورغم عجز مجلس نوابنا الموقر عن ممارسة مهامه الدستورية بسبب المحاصصة الطائفية والعرقية لكن فهلوة نواب المحاصصة لايمكن ان ينكرها اي منصف. فقد حولوا فشلهم في خدمة ناخبيهم الى نجاح شخصي وحزبي من خلال الشروع المبكر بتسويق انفسهم والترويج لكتلهم واحزابهم قبل بلوغ الموعد الرسمي لبدأ الدعاية الانتخابية... فحرب التصريحات والاتهامات المتبادلة والتي تحاول ان تحمّل مسؤولية فشل مجلس المحاصصة وحكومته على الطرف الآخر والتركيز في صراعهم على قضايا سياسية بحتة كقضية كركوك واداروا ظهورهم لمسالة تأمين الحاجات المعيشية اليومية للمواطن العراقي.
فلا مجلس وحكومة المركز حققا شيئا من مطالب ابناء شعبنا في الأمان وتوفير الماء والكهرباء والرعاية الصحية ولا مجلس وحكومة اقليم كردستان فعلا ذلك, بل اصبح محور نشاطهم فرض النفوذ والاستحواذ على مرافق الدولة وتوسيع الصلاحيات لضمان ديمومة سيل الموارد لتنفيذ مآربهم. فحل مشكلة كركوك لصالح طرف معين من الاطراف المتنازعة سوف لن يحل مشكلة البطالة المتفشية بين مواطني كركوك ولا ازمة الكهرباء ولا ... فقد اثبتت احزاب المحاصصة الطائفية والعرقية فشلها بامتياز في ادارة المناطق التي تحت يدها حاليا.
ومن مظاهر الشروع غير الشرعي بالحملة الانتخابية قبل يومها المحدد, قيام الاحزاب والتيارات الدينية كالتيار الصدري والمجلس الاسلامي الاعلى بانتخابات لمرشحيها المفترضين الى الانتخابات البرلمانية القادمة وهو اجراء اقل مايقال عنه انه ضحك على الذقون. فالبرنامج الانتخابي, ان وجد, لهؤلاء المرشحين قد يتغير بين لحظة واخرى لأن كتلهم واحزابهم لم تكن قد انتهت بعد من التفاوض مع قوى سياسية اخرى لعقد ائتلافات, والتي لابد وان تسفر عن اتفاق برنامجي آخر, يختلف عما طرحه المرشح المفترض. ثم ان الاحزاب الدينية بطبيعتها احزاب ليست ديمقراطية , لأن للسيد القائد الكلمة الفصل في تعيين وتنحية هذا المرشح او ذاك من حزبه او كتلته.
كما ان اجرائهم لهذه الانتخابات المزعومة, كدعاية انتخابية مبكرة, وباشراك على مايدعون من يود الترشيح والانتخاب يجري في ظل انفضاض شعبي عام عنهم بسبب جرائمهم بحق المواطنين وفضائحهم وفشلهم السياسي في خدمة المواطن, ولبث روح اليأس لدى المواطن واعطاءه الانطباع بان الأفق مسدود امامه بكل الاحوال لأنهم عائدون لامحالة للسلطة رغم انفه. وهذا بالضبط ماكان يفعله البعث البائد.
ومن المعروف ان الاحزاب الدينية والعرقية وممثليها في مجلس النواب كانوا المعرقل الاساسي لأقرار قانون الاحزاب السياسية والذي كان لابد وان يتضمن وجود برنامج وطني لاطائفي ولا عرقي وانتخابات حزبية داخلية ديمقراطية ثم الافصاح عن مصادر تمويل النشاطات الحزبية وعدم الارتباط بجهات اجنبية. وهذه الشروط لاتتطابق مع اسس قيام هذه الاحزاب والكتل.
انهم يتوهمون في المواطن عدم الفطنة بعد ان تركوا العراق خرابا بلقعا, لكن المكر السيء لايحيق الا بأهله.
 
احسان جواد كاظم


387
بس لايتعذر( المالكي ) : موش آنه !


كان رئيس الوزراء نوري المالكي موفقا في اختيار اللحظة المناسبة لدعوته بالتخلي عما يسمى بالديمقراطية التوافقية وتبني الديمقراطية التي تفرزها صناديق الاقتراع, لاسيما بعد الفشل الذريع الذي شهدتها تطبيقات سياسة التوافق بين التشكيلات الطائفية والقومية والتي دفع فاتورتها الثقيلة المواطن العراقي دما وثروة ووقت ضائع. وهو الذي شاهد بأم عينه استقتالها لجني المنافع والامتيازات واستغلالها البشع لسلطاتها المادية والمعنوية لتكريس هيمنتها ولفرض رؤاها وحيدة الجانب على جميع افراد المجتمع العراقي وزيف ادعاءاتها بالتزام الديمقراطية كحل لمشاكل وطننا وشعبنا.
لقد كانت هناك حاجة لأعتماد سياسة التوافق بين القوى السياسية, للبدء بترتيب العملية السياسية بعد اسقاط النظام السابق, فرضتها ظروف الانهيار الكلي لأجهزة ومؤسسات الدولة وحدوث فراغ سياسي واداري كامل وكذلك دفعا لعدم الثقة بين الكتل ذات التوجه الطائفي والقومي والتي كانت تتربص بعضها بالبعض الآخر. لكن بعد استقرار الوضع الامني في اغلب مناطق العراق وتنامي دور اجهزة الدولة وسيطرتها وتراجع قوى الارهاب والميليشيات, انتفت الحاجة الى اعتماد هذه السياسة واصبح الاستمرار على نهجها مضرا.
وفي الوقت الذي رحبت به الاوساط الشعبية بتوجهات المالكي الوطنية, رفضتها الكتل والاحزاب الطائفية (خطبة صدر الدين القبنجي) والقومية ( تصريحات جلال الطالباني), التي ترى بانها وحدها تملك حق امتياز تمثيل المجموعات السكانية من طوائف شعبنا الدينية وقومياته. ولايحق لأية قوى سياسية اخرى غير طائفية او قومية متعصبة بتمثيلها. فتشبث الاحزاب الطائفية والقومية المتسلطة بالديمقراطية التوافقية تعتبر مسألة حياة او موت بالنسبة لها.
فهي تخشى تبعثر قواها وفقدانها لأمتيازاتها وسلطاتها وحتى بانتهاءها تنظيميا. فهي تدرك ان اعتماد مبدأ المواطنة وتبلور قوى سياسية ذات توجهات وطنية لاتخضع لأجندتها السياسية يسحب من تحتها البساط ويصيبها في مقتل.فالشيخ جلال الدين الصغير كان صادقا في وصف الوطنية من منطقه الطائفي بانها:" تشتيت الاصوات باسم الوطنية".
وقد تمثل رفضهم لدعوة المالكي المدعومة شعبيا,بأثارة الهواجس الطائفية والقومية القديمة من جديد بعد ان تجاوزها المواطن العراقي الى حد بعيد من خلال وسائل اعلامهم ومن منابر الجوامع والحسينيات. فقد لجأوا الى التذكير بسنوات التهميش والتمييز والقمع التي مارسها النظام البائد ضد ابناء شعبنا وتشبيههم لها بمبدأ المواطنه الذي يسعى المالكي لاعتماده كبديل للمحاصصة القائمة ,ليستمر تسلطهم. الا ان المواطن العراقي يعي ان وجود هذه التكوينات السياسية كالائتلاف الشيعي والتحالف الكردستاني والتوافق السني هي بحد ذاتها سبب اساسي في اثارة النزعات الطائفية البغيضة والتعصب القومي المقيت.
يدأب الاسلاميون على الشكوى من الفشل في تقديم الخدمات وتوفير العمل للمواطن وكأن من يتصدى لهذه المهمات اشباحا وليسوا اعضاء احزابهم الطائفية الغير كفوئين الذي عششوا في اجهزة الدولة اثر المحاصصة بين احزابهم ثم شكلوا عصابات نهب علني وقح للاموال العامة.
ولطالما احتج برلمانيو الائتلاف الاسلامي الموحد على طلبات استجواب وزراء في مجلس النواب بدعوى انها تستهدف وزراءهم بالذات رغم ان كل متابع يعرف بان للائتلاف اكبر عدد من الوزراء في الحكومة وغالبا مايشغلون وزارات مهمة ينخرها الفساد المالي والاداري. وهي كاحزاب اسلامية ترى بان الله اكرم الوزارة بوزراءها,ولم تكلف نفسها محاسبة المقصر وتقديم السارق منهم الى القضاء مما اضطر الاخرون عمله عنهم. وهذا طبعا ينبغي ان يكون نهجا ثابتا لكل القوى السياسية التي لديها وزراء في الحكومة او نوابا في مجلس النواب لا المماطلة في استجوابهم ورفض رفع الحصانة البرلمانية عن سراق وقتلة.
كلنا يعلم حجم الضغوطات التي يتعرض لها رئيس الوزراء المالكي من حلفاءه الطامعين واعداءه المارقين لدفعه الى التراجع عما اعلنه من توجه وطني.
لكنا نذّكره بان حكم شعبنا على جلاديه وكذابيه كان قاسيا لكنه خلد ابناءه البررة. فكن منهم!

احسان جواد كاظم

388
شوك القنافذ لايضر ببرثن الأسد


تصريحات محمود المشهداني رئيس مجلس النواب المطرود الساذجة لصحيفة الشرق الاوسط ومساواته الاجرامية بين فاشيي البعث ومناضلي الحزب الشيوعي العراقي وزجه كذلك لأسم الحزب مع المافيات الطائفية التي خسرت انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة, أثارت احتجاجات واسعة بين اوساط شعبنا.
فقد كان الأحرى به, ان كان يتمتع ببعض من بعد نظر, ان يساوي بين حزب البعث والاحزاب الطائفية المتسلطة وخاصة الجهات التي يمثلها بفكرها المتخلف وممارساتها الاجرامية. لكن العمى السياسي غيب عنه أوجه الشبه بين الجرائم التي ارتكبها نظام البعث الفاشي من حروب داخلية وخارجية وتهجير وقمع واعدامات ومقابر جماعية وبين جرائم التصفيات الطائفية التي ارتكبها مجرمو القاعدة والميليشيات ومافيات النهب المسلحة التابعة للاحزاب الاسلامية والمراكز التجهيلية التي تدعمها.
وقد اشار الكثير من الكتاب بصواب الى جهل المشهداني بالتاريخ العراقي وخاصة بعد ثورة 14 تموز 1958 الوطنية والتي لم يحكم الشيوعيين اثناءها لابل لم تكن لهم صحيفة علنية الا لفترة محدودة, رغم الشعبية العارمة التي كانوا يتمتعون بها بين اوساط شعبنا والتي لم يستغلوها لتنفيذ مآرب حزبية ضيقة وانما دعموا النهج الوطني لحكومة الثورة. وقد فند مؤرخون افذاذ وكتاب كثر خطل ادعاءات ارتكاب الشيوعيين لجرائم. وحتى لو كانت هذه الادعاءات صحيحة فهي لاتشكل قطرة في محيط جرائم الاحزاب القومية والدينية بحق شعبنا وبحق الشيوعيين بالتحديد. فقد كان انتقام تحالف القوى الرجعية ( من اقطاع ومنهم اغوات وباكوات ورجال دين وفاشست قوميين) واسيادهم الاجانب من الشيوعيين ومنذ انقلاب شباط الفاشي 1963 تجاوز كل حدود, جراء دعمهم قوانين الاصلاح الزراعي والاحوال الشخصية وقانون رقم 80 الخاص بالنفط...
ان فراسة المواطن العراقي اسقطت من يد المشهداني ورقة العداء للشيوعية الصفراء من اول وهلة. فهو يفقه المشهداني وخلفيته ويعرف اخلاقياته ومن يمثل من ايتام البعث وحثالات القاعدة من قتلة ابناء شعبنا. ويشهد للشيوعيين بالنزاهة والوطنية الحقة.
جهل المشهداني اوقعه في مطب آخر, باقحامه الشيوعيين ضمن المجموعة التي فشلت في انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة. فالمواطن العراقي لم ينتخب الشيوعيين ,بسبب سياسات التغييب والاعدامات والتشويه التي مارسها النظام البائد لعقود طويلة وكرستها الاحزاب الطائفية التي ورثته, وهذا لايشابه رفض المواطن اعطاء صوته للاحزاب الاسلامية التي قتلت احباءه وسرقت امواله ونهبت ثرواته.
فعدم انتخاب الشيوعيين لمجالس المحافظات ليس كما خسارة الاسلاميين لها, وسيعود للمواطن العراقي رشده عاجلا ام آجلا, فالانتخابات الاخيرة شكلت صفعة مؤلمة للطائفيين والسراق.
ان تطاول الاقزام من قتلة ونهابي شعبنا على هامات ضخام سطرت انصع صفحات تاريخنا الوطني الحديث لابد ان يواجه بحزم.
احسان جواد كاظم

389
تسعيرة جديدة لرؤيا الشيخ القديمة

هل وصلتكم يوما رسالة على بريدكم الالكتروني عن شيخ نائم, ورأى فيما يرى النائم رؤيا من اضغاث احلامه عن قرب قيام الساعة؟ وقد هب الشيخ مشكورا لتحذيرنا مما ينتظرنا من عذاب اليم.
مرسل الايميل يتحدث عن شيخ احمد ما ,كان نائما في المسجد النبوي في المدينة المنورة, فجاءه النبي محمد في منامه وكلفه بنقل هذه الرسالة المستعجلة الى عباد الله , في عصرنا هذا الذي " يتشبه الرجال به بالنساء ( ربما يعني حلق اللحى) ونساء يتشبهن بالرجال ( ربما يعني لبسهن الجينز اللعين... وما احلاهن به!)" , مع ان ابرز اسباب قيام الساعة كان يجب ان يكون انتشار فتاوى القتل والتجهيل التي يبثها مشايخ الشريعة كل يوم والتي تفقس عن منظمات ارهاب. وهذه هي حقيقة اكثر مظاهر عصرنا بشاعة.
لاندري لماذا خص النبي هذا الشيخ المجهول بهذه الزيارة فكونه شيخا وصلى ركعتين قبل غفوته لاتجعل له حضوة وافضلية ما لدى النبي, والمصلون كثر.لكن هذا ما كان متوفرا على مايبدو تحت اليد حينها.
ان هذه الرسالة هي ذاتها التي كنا نستلمها مكتوبة باليد وبخط رديْ واصبحت تاتينا الان الكترونيا بحلّة جديدة لكن مضمونها القديم بقي على حاله. تحذرنا من قرب قيام الساعة وتطالبنا بالتمسح بأذيال رجال الدين. وهي تلغي الكثير مما قيل وكتب عن اشارات قيام الساعة التي اعلنت من على منابر الجوامع او في طيات كتب غليظة, والتي تتعدى في اهميتها التشبه بالجنس الآخر. فقد تجاهلت الاعور الدجال وانفلاق القمر والرايات السود وظهور المهدي المخلّص بجرة قلم او بغفلة من شيخ واهن لازال الوسن يداعب اجفانه.
ان هذه الرسائل تحاول ابقاء هاجس الخوف في بواطن نفس المواطن البسيط يقظا وتذكره بالعذاب الذي ينتظره, مع انه على الاغلب الضحية وليس الجاني. تحاكي المؤمن البسيط الذي لم يستطع الخلاص من براثن القيود والممنوعات والتحريمات التي نشأ منذ نعومة اظفاره عليها, داخل العائلة والمجتمع والتي لازالت تتعزز بسيل هائل من فتاوى التحريم وقائمة ممنوعات جديدة مرفقة بالعقوبات الخاصة بها.
ولاينسى معدو الرسالة استغلال قصر ذات اليد لدى اغلب المؤمنين لأغرائهم بنشر هذه الرسالة مقابل مردود مادي محدد هذه المرة وليس معنويا فقط كما كان سابقا. فمن ينشرها " فأن الله يزيل عنه الهم والغم ويوسع عليه رزقه ويحل مشاكله ويرزقه خلال 40 يوما تقريبا " ويتابع " وعلمت بان احدهم قام بنشرها بثلاثين ورقة رزقه الله 25 الف من المال " يابخته !!!
لكن شيخنا الجليل ادامه الله لم يبلغنا 25 الف ماذا ؟ بأية عملة -على الاقل على سبيل التشجيع - هل 25 الف بعملات الكفار من دولار واويرو واسترليني ام بعملات بلاد الاسلام من درهم ودينار؟ المصيبة لو كانت بالجنيه السوداني او بالريال اليمني.
ويتبين لنا بان نشر هذه الرسالة( الوصية كما يسميها ) تعوضنا عن صلاة وصيام سنين طويلة, بما تجلبه من منافع مادية ومعنوية لحياتنا بايام قليلة. وهي فرصة سانحة لتاركي الصلاة للنجاة من عذاب الآخرة بارسالها باسرع وقت.
اما عدم نشررسالته المعطرة بنفحات النور فستعقبها نتائج وخيمة " اخبرت ان شخصا كذب الوصية ففقد ولده في نفس اليوم..وهذه معلومة لاشك فيها " لكن لاتجزع عزيزي القاريْ فلديك مهلة مريحة تتدارك بها غفلتك " عليك ان ترسل هذه الوصية بعد 96 ساعة من قراءتك لها " وهي فرصتك الاخيرة في النجاة وقد اعذر من انذر !
الغريب في مضمون هذا الايميل الوصية ان رزقك سيتوسع ( عالبطيْ ) خلال 40 يوما تقريبا اذا ارسلتها. اما العقاب فسيأتي مثل القضا المستعجل في نفس اليوم ويفجعك بمن تحب.
ترى ماالحكمة من ذلك واين مكمن العدل فيه؟ لااعلم.
لكني اعلم بان تجارب البلدان تؤكد: عندما يكون الترهيب هو السبيل للايمان فبئس الدين هذا.
احسان جواد كاظم

390
المنبر الحر / فرمان همايوني !
« في: 00:57 02/04/2009  »
فرمان همايوني !

" أنا عميد الحكام العرب وملك ملوك افريقيا وامام المسلمين" هذا ماقرره العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح الليبية في اجتماعات الجامعة العربية الاخيرة التي عقدت في قطر. بهت الملوك والرؤساء العرب كأن الطيور وقفت على رؤوسهم في مبايعة صامتة لامفر منها له.
ان البحث عن امجاد زائفة وتسطيرها والتباهي بها, اصبح جزءا من المنظومة الفكرية العربية والاسلامية السائدة وتشكل جانبا من السايكولوجية المأزومة لهذه المجتمعات والتي تترجم بوضوح احد اسباب ازمة هذا الفكر وتخلفه.
فاننا نرى لهاث دول خليجية غنية نحو امتلاك وبناء الاحدث والاعلى والاغلى والاكثر بذخا... بدون التمعن بمدى فائدة هذه الانجازات لشعوبهم. وهي باعتبارها انجازات عمرانية وتجديدية على مستوى المكان وربما الفكر واستغلال للثروات لتنمية بلدانها, تبقى افضل من هدر حكام بلدان اخرى كليبيا لثرواتها في مشاريع خاسرة او في خلق صنائع لعقيدها هنا وهناك وجمع صفات وعناوين جديدة له او لجماهيريته لاتغني من جوع. جماهيريته التي هي على كل حال عظمى واشتراكية وديمقراطية في شدّة واحدة مع ان نظام حكمه لايمت بصلة لهذه التسميات لامن قريب ولا من بعيد, اللهم الا مساحة ليبيا الكبيرة والتي لايمكن تسجيلها على قائمة انجازات العقيد.
الحكام العرب يستحقون ( يستاهلون ) هكذا عميد لهم. فهو أهل لها خاصة بعد تيتمهم على يد الشعب العراقي بعد اعدام صدام واصبحوا بدون والي. كما ان أمة شهيدها صدام ومجاهدها بن لادن وآخر امجادها صنعه حذاء لهي اولى بتسلط هكذا مجانين على رقابها.
اما المواطن البسيط, المحاصر بمشاكل الحياة اليومية, والذي يكدح ليل نهار لتأمين قوت اطفاله والمنشغل عن متابعة اجتماعات المصالحة العربية, فقد توفرت له فرصة فريدة للترويح عن نفسه, فقد قهقه عاليا لتصريحات القذافي الكوميدية, التي ربما كانت الشيْ الوحيد المفيد الذي خرجت به اجتماعات الجامعة العربية في قطر وجعلت المواطن العربي يتشفى بحكامه الذين ساموه العذاب, وهويرى سلطان زمانه القذافي يكيل لهم الاهانات ثم يصفقون له.
احسان جواد كاظم
 
 

391
نعرفهم كم يعرف الزمان مصائبه
يصعب على الضحية نسيان معاناتها ومصائبها وهي ترى جلاديها الذين اذاقوها مرّ العذاب وهم يسرحون ويمرحون, لذا فان الحديث عن التسامح والمصالحة يصبح هذرا فارغا اذا لم يجر الاعتراف بظلامتها وارجاع حقوقها المهدورة. فكيف والضحية شعب كامل؟
البعث كحزب اجتث ذاته يوم ارتكب أول جرائمه منذ بداية ستينيات القرن الماضي ضد شعبنا وانكشفت ايديولوجيته الفاشية, وهو لايحتاج لمن يجتثه.حتى جيشه العقائدي واجهزته القمعية الاكثر ولاءا وتنظيما واجراما انفضت عنه بمجرد شعورها بقرب اجله. فالعبيد لايدافعون عن اسيادهم.
شراذم البعث اصبحت شذر مذر. فمنها من سلمت قيادها لأسياد جدد بلحى شعثاء من مجرمي القاعدة ومنهم من هرب بجلده من غضب الشعب والبعض الآخر شكل احزابا بقناع يخفي بشاعة جلاد الامس, ثم الكثير من اعضاء البعث وجدت ملاذها في الانتماء الى الاحزاب الدينية والاحتماء بسطوتها مقابل خبراتهم, الارهابية منها ايضا. ثم هناك غالبية من الذين تحرروا من ربقة الحزب الذين اضطروا للانتساب اليه للحصول على فرصة عمل او دراسة او دفعا للشرور...
لابد هنا وان يجري التعامل مع هذه الشرائح قانونيا كل حسب مسؤوليته ودوره. لكننا نتساءل أينكم من حقوق الضحايا؟
دستورنا العتيد خطى الخطوة الاولى باتجاه ارجاع حقوق شعبنا الذي اهدرها النظام البائد بتثبيته في بابه الاول- المادة السابعة - البند الاول أولا مايلي:-" يحظر اي كيان او نهج يتبنى العنصرية اوالارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يمجد او يبرر له, وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه ....". لكن خطوته جاءت تعرج. فعبارة " وينظم ذلك بقانون: الذي ذيل به البند الدستوري - انتجت "قانون اجتثاث البعث" ثم شذب لاحقا ليصبح " قانون المساءلة والعدالة " , الذي لم يشمل طبعا التوابين الجدد الذين انتموا الى الاحزاب المتنفذة والدينية منها خصوصا - والذي لم ينصف الضحايا وذويهم , ولم ينصفهم صدور قوانين تخص حقوق الشهداء, ضحايا النظام السابق والسجناء السياسيين فغالبا مايجري التسويف في تنفيذ هذه القوانين مرة بدعوى عدم توفر الاموال اللازمة لدى الدولة ومرة اخرى بتدخل اعوان النظام البائد,المعينين في دوائر الدولة ضمن حصة الاحزاب المتنفذة, لتعطيل تطبيق القانون بخلق عراقيل اجرائية كبيرة امام ذوي الضحايا.وذلك يجري في الوقت الذي تستمر فيه اعادة البعثيين الى وظائفهم, من تلطخت اياديهم بدماء العراقيين ومن لم تتلطخ.
ان التوازن المفقود لازال سيد الموقف لصالح البعثيين.
لقد اشار بعض الكتاب بصواب الى امكانية تسرب حزب البعث الفاشي الى العمل الشرعي مستغلا النص الدستوري الذي يتحدث عن "حرية تشكيل الاحزاب " في ظل غياب قانون واضح للاحزاب يحكم انظمتها الداخلية وافكارها وايديولوجياتها ومواردها المالية والذي على اساسه يمكن تسجيلها رسميا وحصولها على حق العمل الحزبي الشرعي وبما لايتعارض مع مباديْ الدستور الرافضة للعنصرية والطائفية.
ان عدم تشريع قانون ديمقراطي للاحزاب لحد الان تتحمله الاحزاب القومية والدينية في البرلمان لان ايديولوجياتها تنحو نحو العنصرية والطائفية وهي طبعا لاتتحمس لسن قانون يقيدها ان لم يؤدي الى حلها.
عمرو موسى في زيارته لبغداد قبل ايام اشار بارتياح الى "ان هناك تحولا عراقيا في الموقف من الحزب وابتعادا عن الدعوة لأجتثاثه".
نحن ندعو حكومتنا المنتخبة ان تتصالح مع ذوي الشهداء والضحايا الذين انتخبوها اولا, ثم لتتصالح مع من رفضها... لاحقا.
احسان جواد كاظم
 
 

392
عمر حسن البشير يعاقب الغرب بتجويع السودانيين !!!

هذا منطق الدكتاتوريات الحاكمة. الهروب الى امام. فقد طرد الرئيس السوداني عمر حسن
البشير وكالات الاغاثة الدولية التي قدمت خدماتها الانسانية لأبناء السودان بعد استدعائه للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابه جرائم ضد الانسانية. وبذلك كان " بواحدة صار باثنين " واعطى بذلك مبررا جديدا للدول الاخرى للتدخل في شؤون السودان.
وكانت حكومة البشير التي عجزت عن القيام بمسؤولياتها ازاء شعبها, قد طردت وكالات الاغاثة لأنها حسب زعمها قدمت معلومات وتقاريرا غير صحيحة عن اوضاع سودانيي دارفور, الذي وصل عدد قتلاهم 300 الف انسان غير الهاربين من بطش عصابات الجنجويد المدعومة من الحكومة. فهذا العدد التافه من الضحايا كما يرى اعوان النظام لايستحق استدعاء المحكمة الدولية لرئيس الجمهورية للمثول امامها. ان الخاسر الوحيد من هذه الاحداث هو الشعب السوداني. لكن منظمات اقليمية ودولية كالجامعة العربية والاتحاد الافريقي لم تتناد لنصرة شعب السودان بل لنصرة جلادهم, تدفعها تركيبة اعضاءها من دول, اغلبية رؤساءها وملوكها مرشحون محتملون لأتهامات ارتكابهم جرائم ضد الانسانية.كما تداعت دول مثل روسيا والصين وايران للدفاع عن البشير لأسباب سياسية تتعلق بصراع المصالح مع الدول الاخرى.
ونحن كعراقيين خبرنا هذه الممارسات الشائنة لدكتاتور السودان. فقد كان رأس النظام البائد يمنع الدواء عن اطفال العراق ثم يتاجر بدمائهم اعلاميا بتسيير مسيرات جنائزية جماعية لمعاقبة الغرب على حصاره ولأستجداء مواقف جهات انسانية وسياسية معادية للغرب واحتفاله لاحقا بالنصر.
وكان طيب الذكر هادي العلوي في دراسته لسايكولوجية الطغاة قد شبّه سلوكهم بسلوك القراصنة في مقال له: " حيث اندفاعهم المغامر في القتال وخوض المعامع الخطرة بسرعة وطيش, ثم افراطهم في اللهو بين معركة واخرى". وهذا مافعله البشير بطرد وكالات الاغاثة وتهديده بطرد المزيد منهم وحتى طرد موظفي الامم المتحدة ودبلوماسيين ثم تبعها بزيارة مدينة الفاشر في دارفور محتفلا بملابس مزركشة.
لابد لنا من تهنئة شعب السودان على استدعاء الدكتاتور عمر حسن البشير امام المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم ضد شعبه فقد يتفادون اتون حرب مدمرة للقضاء عليه كما حصل في العراق. فعندما كان نظام صدام البائد يقمع شعبنا, دعت قوى وطنية عراقية الى الاستعاضة عن العقوبات الاقتصادية التي فرضت على شعبنا منذ عام 1990 بعقوبات سياسية ودبلوماسية ضد رموز النظام ثم طالبت بتقديم هؤلاء الى محكمة دولية لارتكابهم جرائم ابادة جماعية منظمة ولتجنيب شعبنا معاناة حرب جديدة لكن الارادة السياسية لدول العالم والولايات المتحدة الامريكية خصوصا لم تدعم هذا المطلب فكانت الحرب المدمرة.
قد يتراءى للرئيس السوداني ظل صدام متمايلا على حبل المشنقة ويؤرقه هذا المصير لكننا نبشر البشير بأن اقصى عقوبة في اوربا هو السجن المؤبد. فليسلم نفسه.
احسان جواد كاظم

393
حقوق عراقية برسم الاغتصاب

لست مسكونا بهاجس نظرية المؤامرة ولكن الخفايا لابد من كشفها خصوصا وانها تتعلق بقوت ابناء شعبنا.فالامريكان لم ينتظروا رأينا بشن الحرب لكنهم انقذونا من دكتاتور دموي في خضم سعيهم لتأمين مصالحهم. لكن مساعيهم لجني مكاسب حربهم اخذت مديات مرفوضة, اصبحت تهدد أمن شعبنا الغذائي الى اقصى الحدود. فقد اورد موقع المعهد البيئي الالماني (Umweltinstitut ) في تقرير له عن محاولات امريكية محمومة للحصول على تنازل من مسؤولين عراقيين عن امتياز(Patent ) يخص الحبوب المنتجة في العراق لصالحهم.
لقد حبت الطبيعة بلادنا أرضا خصبة ومناخا مناسبا لأنتاج نوعية حبوب صنفت جودتها عالميا بالعالية.وهذا لم يكن بمعزل عن الجهد المضني للفلاح العراقي منذ فجر التاريخ في رفع انتاجية ونوعية محاصيله.
ان الصفات النوعية المميزة للحبوب المنتجة في العراق تعطيه الحق في تسجيله كامتياز(Patent) لدى الوكالات الدولية المختصة, تحصر به حق انتاج وبيع هذه الحبوب وحق اجراء الاختبارات العلمية عليها لتحسين نوعيتها وحق اعطاء تراخيص(Licenses) انتاج للجهات الاخرى. ان التنازل عن هذا الامتياز لأي جهة كانت ولأي سبب كان ستترتب عليه عواقبا وخيمة على اقتصادنا وامننا الغذائي وخاصة في المستقبل, فهو سيحد من امكانية العراقيين في زراعة هذه الحبوب الا بالحصول على ترخيص انتاج من الجهة صاحبة الامتياز وسيضطر الفلاح العراقي الى دفع رسوما الى هذه الجهة لكي يزرع الحبوب المنتجة اصلا في العراق والتي قد تكون محسنة جينيا لاحقا, وبذلك سيتحكم الامريكان بالسوق الزراعي العراقي والعالمي وهذا يعني ارتهان قوت اجيالنا القادمة لمصالح ونزعات سماسرة سوق الغذاء الاجنبية والخضوع لتسعيرتهم وربما سنضطر بعدها الى طلب المساعدات الغذائية من الولايات المتحدة الامريكية, الجهة الاكثر تحكما بسوق الغذاء العالمي.
وقد اشار موقع المعهد الالماني في تقريره ان الحكومة الامريكية شرعت فعلا وبالتعاون مع جامعة A&M في تكساس باجراء بحوث تطبيقية حول الحبوب المنتجة في العراق وامكانية زراعة حبوب محسنة جينيا في العراق. وقد اكد ذلك نشر الجامعة المذكورة على موقعها الالكتروني تقريرا عن هذا المشروع.
امننا الغذائي الآن في العراق منتهك. فالقطاع الزراعي منهار والحدود مفتوحة على مصراعيها امام منتجات ومحاصيل الدول الاخرى والضرائب الكمركية غائبة. لكن ذلك قابل للتصحيح باجراءات حكومية عاجلة. علما ان هذا الوضع لايشكل سببا للتنازل عن حقوقنا وتعريض امننا الغذائي الى خطر التبعية الى الابد.
ان على الحكومة العراقية والجهات الزراعية المختصة والجمعيات الفلاحية التنبه الى محاولات سلب حقوقنا الشرعية من قبل الامريكان. وعلى الجهات الرسمية تقديم الدعم للفلاح العراقي وتهيئة الظروف المناسبة لمعاودة القطاع الزراعي نشاطه بشكل فعال والشروع بفرض القيود على استيراد المنتجات الاجنبية غير الضرورية التي تدخل العراق, حماية للمنتج العراقي ,كذلك الاتفاق مع الشركات الزراعية لاجراء تجاربها المختبرية والتطبيقية على منتجاتنا الزراعية في مختبرات داخل الوطن وبمشاركة كوادر عراقية.
للاطلاع : www.umweltinstetute.org - Patentierung


احسان جواد كاظم


394
ملحمة الفداء الحسيني بين انسانية القيم ولا انسانية الشعائر

هذا التناقض بين قيم الفداء وطريقة فهم البعض لها وتجسيدها العدمي ليس وحيدا بل ان من الممكن ايجاد الكثير من المتناقضات. ورغم ان قصة استشهاد الحسين المأساوية(المقتل) تردد وصية الحسين لأخته عقيلة البيت الهاشمي زينب ان :" لاتلطمي عليّ خدا ولا تشقي عليّ جيبا" لكنهم في غمرة النواح لم يسمعوا هذه الوصية او تجاهلوها عن عمد.
المشكلة ليست في ممارسة هذه الشعائر من عدمها او تقبل هذه الوصية ام لا... المشكلة تكمن في مسألة اخرى. فهذه الشعائر تكرست لتصبح ركنا اساسيا يقوم عليه الوعي الطائفي وتدور حول هذه الشعائر حياة الطائفة , بما يضمن تحكم بعض رجال الدين برقاب بسطاء المؤمنين. لهذا السبب كان رد فعل بعض القوى الدينية حادا على الدعوات بأنسنة شعائر محرم.
لقد ولى عهد منع الناس من ممارسة شعائرهم واصبح لزاما على الجميع الاحتكام الى آليات جديدة, قانونية, تضمن حقوق الفرد وبنفس الوقت تضمن عدم التجاوزعلى حقوق المواطنين الآخرين وعلى الحق العام من اية جهة كانت. لذا ينبغي تبني بعض الاجراءات الضرورية لتنظيم ممارسة الشعائر ومحاصرة الممارسات اللاانسانية فيها كالتطبير( شج الرأس بالسيف) وجلد الذات بالسلاسل(ضرب الزنجيل) واللطم المبرح على الصدر والرأس لدى الشيعة وكذلك ضرب الأسياخ ( الدرباشة) التي تمارسها بعض تكايا الطرق الصوفية السنية.
ان الاجراءات المقترحة التالية تبقى تحتاج الى اغناء وتقويم المثقفين واصحاب الاختصاص من القانونيين:
1) انشاء وزارة للشؤون الدينية يخضع لها الوقف الشيعي والسني وغيرهما, تكون مهمتها رعاية شؤون الاديان والطوائف وتهيئة مستلزمات المناسبات الدينية والحج...الخ
2) تحديد عدد المواكب في كل منطقة وتسجيلها لدى وزارة الشؤون الدينية.
3) وضع الآليات المناسبة لتحديد مداخيل هذه المواكب ومصادر تمويلها ووضع سقف معين لصرفياتها ومايزيد من اموال تستعمله الوزارة في صيانة وتطوير مراقد الائمة والجوامع والبنى التحتية في المدن المعنية.
4) مهمة الدولة توفير الظروف المناسبة لأداء الشعائر بأمان وحرية.
5) يتحمل الزائر او المواكب تكاليف النقل والسكن والمعيشة اثناء فترة المناسبة الدينية.
6) منع تشكيل المواكب في دوائر ومؤسسات الدولة ومنع استغلال موارد الدولة لأداء الشعائر الدينية.
7) مكافحة التسيب الاداري والتسرب من الدوام اثناء المناسبات الدينية في دوائر الدولة ومؤسساتها, بتفعيل قانون العمل وحقوق العاملين واتخاذ الاجراءات الوظيفية القانونية بحق المتغيبين عن العمل بدعوى ممارسة شعائره الدينية. ويمكن اعطاء العاملين الحق بيوم اجازة اضافي الى الاجازة السنوية الاعتيادية يختار الشخص موعده بنفسه.
8) الزام المواكب بعلاج ضاربي السيوف( المطبرين) وضاربي السلاسل( الزناجيل) على حسابها الخاص( خارج السقف المالي للموكب المشار اليه سابقا) لأن حق المواطن في العلاج المجاني الذي يضمنه الدستور للمواطن لايشمل من يتعمد ايذاء نفسه, وملاحقة متعهدي مواكب التطبير قضائيا في حالة تعرض هؤلاء للموت او الاعاقة.
9) تشذيب مضامين القرايات والرّدات الحسينية مما يعلق بها من مبالغات واحداث مفبركة احتراما لعقل ووعي المتلقي وبما يحفظ للامام الحسين وآل بيته هيبتهم, مع تربية جيل جديد من القراء الحسينيين قادرين على ابراز عبر الفداء الحسيني لاعلى البكائيات.
10) القيام بحملات توعية فكرية وصحية في وسائل الاعلام والمؤسسات الاخرى عن اخطار التطبير والضرب بالسلاسل والدرباشة مع استحصال فتاوى صريحة من رجال الدين ضد هذه الممارسات.
ان دروس وعبر الاستشهاد البطولي للحسين بن علي ورهطه الميامين على ارض كربلاء اصبحت نبراسا مضيئا في دروب المكافحين ضد الظلم والاستبداد وليس منها بالتأكيد اشاعة النواح وزرع القنوط.
فأسمعوا وعوا !



احسان جواد كاظم

395
رماه (( بداءه ) منسلا

المتتبع للتعليقات والاخبار الصحفية التي نشرتها مواقع الانترنيت العربية حول رمية منتظر الزيدي , لاريب انه سيتوصل الى استنتاج بأن داء هؤلاء هو الحقد الاسود . فهم مذلون مهانون. فقد كتب احدهم بأنه لم يفرح منذ 9-4-2003 الا الآن.
لاادري ماالوازع الذي دفع بهذا الصحفي الى عملته هذه, قد يكون مشروعا, لكني اجزم بأن كرامة هؤلاء كانت معلقة بقيطان قندرته. فعائشة القذافي منحته وسام الشجاعة على دفاعه عن حقوق الانسان بقندرة غير مسددة جيدا.
والنائب المستقل مصطفى بكري صرح :بأن هذا العمل "أهم من ضرب امريكا بالنووي" وسط تصفيق وتهليل نواب الشعب في البرلمان المصري.
ومحامون يتسابقون على الدفاع عن منتظر الزيدي للارتزاق ماديا واعلاميا.
وسعودي دفعته نزعة الامتلاك لدفع مبلغ كبير مقابل قندرة عراقي كان يرسل له قبل ايام الانتحاريين لقتله.
كما طالب احدهم بوضع قندرة منتظر في متحف " لأنها أعز مايملك العرب الآن" ونضيف من عندياتنا ".... من سلاح". لقد استبدلوا صواريخ صدام بقندرة منتظر بهذه البساطة.
بربكم وشياطينكم... أليست هذه امة مأزومة حد الاهتراء ؟!!!
امة عربية واسلامية... تفرح بسراب (النصر) ولاتسعى اليه, منطقها " أوسعتهم بالشتم وراحوا بالابل".
لكن تماشيا مع منطقهم, فان هذا العمل الجبار اثبت تفوق الديمقراطية في ابتكار وسائل جديدة لتحقيق الانتصار بعيدا عن قتل الابرياء بمفخخات البعثيين وسكاكين المجاهدين. فالاحرى بهم تعميم هذه الممارسة النضالية على بلدانهم واستعمالها مع رؤساءهم وملوكهم مع الاخذ بنظر الاعتبار خصوصيتهم الوطنية في تنفيذ ذلك كأن يقوم المصري باستعمال الشبشب واليمني بحذاءه اليمني المعروف والسوري واللبناني بالقبقاب والايراني بالمداس والكردي بالكيوة... وهلم جرا.
لابد وان جورج بوش قد شعر بالامتعاض من رميه بالحذاء لكنه بادر مباشرة بالقول ان ذلك يحصل في الدول الديمقراطية.وما كان ليجرأ اي محتفي بهذا الفعل الشنيع بتكراره مع بوش لو كان بمعية المقبور صدام والا لكان طره اربع وصل على حد تعبيره الفاشي.
اما نعته بالكلب فذلك يدخل في اطار اختلاف المنظومة القيمية للمجتمعات فالفرد العربي والمسلم يراها شتيمة مهينة بينما ينظر اليها الآخرون من جانب مختلف. اتذكر عندما اقتنى احد اصدقائي الاجانب كلبا صغيرا وحار في تسميته فسألني: ماكنت لأسميه لو كان كلبي؟ فأجبت بدون تفكير: صدام او ابو مصعب.
وقف مصدوما: ماذا ؟ لكنك تكرههم فكيف تساويهم بهذا الكلب البريْ ؟
منتظر الزيدي له الأجر على فعلته هذه لأنه فتح آفاقا جديدة امام البعض للآعتياش عليها, فهذه ثقافتهم. كما انه لابد للقضاء العراقي من ان يقول قولته بهذا الصدد. لكن المهم, ان على هؤلاء ان يجعلوا من منتظر مقتداهم.


احسان جواد كاظم


396
اطفاء ديون وتعويضات على ذمة دكتاتور نافق

 
الديون والتعويضات قيود لاتبغي دول الجوار, عربية واسلامية نزعها عنا وكأن قيود التاريخ والجغرافيا والدين التي تربطنا بهم كانت قليلة.
لاترضى جمهورية ايران الاسلامية ولايرضى برلمانيو الكويت الاسلاميون ولا تقاة السعودية يرضون بالتنازل عن الديون السابقة والتعويضات التي فرضت على نظام المقبور صدام بعد غزوه للكويت كأحد المعوقات التي تمنعه من اعادة بناء قوته العسكرية وشن حرب اخرى. فالتعويضات التي شرعت بعد حرب الخليج الثانية مرتبطة بوجود النظام السابق وبحروبه وعقوبة له, وباسقاطه فقد انتفى مبرر استمرار فرض هذه التعويضات - العقوبة.
ويعرف القاصي والداني بان هذه العقوبات لم تؤثر على سطوة النظام بل اضرت بالشعب العراقي ومستقبله بدليل ان هذه الدول لم تطالب بديونها وبالتعويضات بهذا الاصرار حينها لأنها كانت تحسب للنظام السابق حسابه حتى آخر يوم من وجوده.
ان اطفاء الديون السابقة والتنازل عن التعويضات الجائرة سيفتح آفاقا جديدة امام بناء العراق وامام استقرار المنطقة وتطورها.
وكان التوقيع على اتفاقية الانسحاب بين العراق والولايات المتحدة الامريكية قد جعل ايران تلجأ الى هذه الورقة للضغط السياسي والاقتصادي على النظام الجديد في العراق, خاصة وانها تفاجأت بمصادقة الاسلاميين المحسوبين عليها, على الاتفاقية تحت تأثير الضغط الشعبي الرافض لممارسات جمهورية ايران الاسلامية في دعم الارهاب.
ان بدء الدكتاتور صدام حسين الحرب عام 1980 ضد ايران والذي وثقته الامم المتحدة لايعفي الخميني من مسؤولية استمرارها منذ عام 1982 والذي وثقته الامم المتحدة ايضا بعد ابداء الدكتاتور استعداده لأيقاف الحرب, بغض النظر عن دافعه لأتخاذ هذا القرار هل هو بسبب هزيمة عسكرية او اي سبب آخر.
فبقدر ماجلب اشعال الحرب من مآسي رهيبة للشعب الايراني فان استمرار الحرب جلب كوارثا على الشعب العراقي. فقد قتل وعوق واسر وشرد الملايين من مواطني البلدين ودمرت مدنهما واقتصادهما وسلبت اماني شعبيهما بالامان بسبب هذه السياسات الحمقاء.
لقد قدم كل من هب ودب - من اشخاص وشركات ودول - مطالبه بالتعويض عن خسائره نتيجة غزو الكويت في ظل ظروف رفض دولي للنظام وسلوكه الهمجي وتداعيات الهزيمة المنكرة التي عاشها النظام ثم تساهل لجان الامم المتحدة في قبول هذه الطلبات - مشروعة كانت او باطلة - والتي تجاوزت قيمها الفعلية في احيان كثيرة.
ومن طريف ماقرأته حينها في الصحافة -لااعرف مدى صحتها - طلب الحكومة السورية تعويضات عن تلوث بيئي في سوريا, مع ان ساحة الحرب بعيدة عن حدودها وبالرغم من عدم استعمال النظام لأسلحته الكيمياوية والجرثومية والتي طبل لها من باب الاقتدار القومي.
وان كان القصد اليورانيوم المنضب, فليس علينا كعراقيين تعويض احد عليه لأننا ببساطة ضحاياه الاوائل ومن احق الناس بالمطالبة بالتعويض.
لكننا من جانب آخر كنا مجبرين على دفع تعويضات لبنات هوى اسرائيليات افزعهن سقوط احد صواريخ بطل التحرير القومي قرب موقع عملهن وطالبن ببدل بطالة وعلاج نفسي. وربما كان طلبهن هذا بالتعويض اكثر شرعية من تعويضات تسلمها عرب ومسلمين هربوا من الكويت محملين بغنائم الوحدة الفورية.
لقد عبر شعبنا العراقي ومنذ اليوم الاول لسقوط النظام عن توقه للسلم ومقته للحروب وعن رغبته في ارساء علاقات تعاون مشترك مع شعوب العالم وشعوب دول الجوار بالخصوص وثبت ذلك في دستور البلاد الجديد.
ان عدم امتثال اسلاميونا لأملاءات ايران وفتاوى آياتها بعدم المصادقة على الاتفاقية مع امريكا يجعلنا نطالبهم باكمال احسانهم ورفض مطالبها بالتعويضات وحسبها ما استلمته من النظام البائد على شكل طائرات عسكرية ومدنية.
والى الله المشتكى من هكذا جيران.
 
 
 
احسان جواد كاظم

397
الأبتزاز السياسي على هامش الأتفاقي الآيلة للتصديق

أفكار. حجج. رؤى. شكوك. أماني. خيبات . هذا ماحفلت به النقاشات بين القوى السياسية العراقية مع دخول اتفاقية انسحاب القوات الامريكية من العراق مرحلة التصديق عليها في مجلس النواب. ولم يقتصر تقاذف الحجج مع او ضد توقيعها على القوى السياسية الممثلة في البرلمان بل تعداه الى طيف واسع من العراقيين مع تدخل وقح لقوى اقليمية بشأنها.
وتوزعت الهواجس على جوانب متعددة من الاتفاقية وجرى التعبير عنها باشكال مختلفة. فهناك من حلّل بنودها وناقشها بشكل موضوعي منطلقا من المصالح الوطنية للشعب العراقي والبعض الآخر حاول فرض رأيه بتعطيل مناقشتها لرفضه لها جملة وتفصيلا. كما فعل نواب التيار الصدري في مجلس النواب في مصادرة سافرة لآراء ومواقف نواب الكتل الاخرى.
الموقفان اعلاه مثّلا تعبيرا صريحا وواضحا من الاتفاقية مع اختلاف النوايا والتوجهات, لكن النقاشات افرزت اضافة لهما موقفا آخر ومظهرا مدانا, غريبا عن الممارسة السياسية القويمة. فقد ظهرت جهات تمارس ابتزازا سياسيا رخيصا لنيل مكاسب سياسية او مادية غير مشروعة او بهدف الضغط على رئاسة الحكومة. وهذا يؤشر الى خلل في ترتيب هذه الجهات للاولويات في مناهجها.
ان هذا الموقف الانتهازي هو ماينبغي ادانته لكي لايتكرس كممارسة سياسية طبيعية لأنه يتناقض مع مبادىْ العمل السياسي الحقيقي. فهذه القوى تنكرت لكل الهواجس والمخاوف الشعبية ازاء الاتفاقية وما سيلي توقيعها من التزامات والتي ادعت تبنيها ثم رمتها خلف ظهرها من اجل مقابل معين.
ان الفرق بين الابتزاز السياسي لجني امتيازات فئوية محددة وبين المساومة السياسية المشروعة لفرض مطالب شعبية عامة واضح ومعروف.
ان اغلب عمليات الابتزاز السياسي كانت موجهة لرئاسة الوزراء ممثلة بشخص نوري المالكي. فجبهة التوافق طالبت الحكومة على لسان عدنان الدليمي اطلاق سراح جميع المعتقلين( بتهمة الارهاب) بدون قيد او شرط لتصادق على الاتفاقية.
اما التحالف الكردستاني الذي اعلن تأييده لعقد الاتفاقية حتى قبل طرحها للنقاش فانه هدد باتخاذ اجراءات ضد نوري المالكي لمطالبته بأعادة النظر دستوريا بامتيازات الاقاليم والمحافظات على حساب حقوق الحكومة الاتحادية ولتشكيله مجالس الاسناد العشائرية التي ستقلص من مناطق نفوذهم. وهذا ماجعل التحالف يطالب باضافة فقرة جديدة الى الاتفاقية تضمن استمرار وجود الاقليم.
وتكاد اطراف في الائتلاف العراقي المتحالفة مع المالكي ان تتخذ نفس الموقف الكردستاني منه بسبب قراره بتشكيل مجالس الاسناد والتي باتت تهدد مناطق نفوذها ايضا.
وكان موقع عراق الغد على الانترنيت قد اشار الى ان الحزب الاسلامي العراقي( الاخوان المسلمون) يحاول ابتزاز الجانب الامريكي," بالمطالبة بدفع 500 مليون دولار الى مكتب رئيس الحزب طارق الهاشمي حصرا ووقف المداهمات لمكاتب الحزب ثم التوقف عن الاتصال باية جهة( سنية) الا من خلاله باعتباره الجهة الوحيدة التي تمثل السنة في العراق سياسيا واجتماعيا". مقابل البصم على الاتفاقية.
وقد اكد الشيخ خير الله البصري النائب عن كتلة اياد علاوي في البرلمان, في تصريح له للفضائيات مااورده عراق الغد : بان بعض الكتل تطالب الامريكان بتعويض مالي مقابل التصويت لصالح الاتفاقية.
ولابد من التذكير بالابتزاز الامريكي لمجموع الشعب العراقي بالتهديد الصادر عن مسؤلين امريكان بانسحاب فوري للقوات يترك دفة الوضع في العراق على الغارب في حالة عدم التوقيع على الاتفاقية في تخلي واضح عن مسؤولية الولايات المتحدة الامريكية القانونية كدولة محتلة للعراق.
قد يكون نوري المالكي استعجل في اجراء ما كتشكيل مجالس الاسناد في بعض المناطق او مناداته بشيْ ما كاعادة النظر بالدستور وعدم اختياره الظرف المناسب في تنفيذ برامجه هو ما اثارعليه هذه الاحتجاجات والمطالبات لاسيما وان حكومته لازالت تحبو وضعيفة, مكبلة بقيود المحاصصة رغم النجاحات الامنية التي تحسب لها والتأييدالشعبي كانعكاس لذلك. ان نفاذ صبر المالكي وضيق الوقت الذي يحكم استحقاق تمديد وجود القوات الاجنبية او عقد الاتفاقية مع الولايات المتحدة, دفع قوى الابتزاز المطالبة بمستحقاتها مقدما او بالتقسيط او لما بعد التوقيع على شكل صفقات سياسية ستعيق تنفيذ الحكومة لمشاريعها السياسية والاجتماعية.
وبذلك فان ابناء شعبنا سيكونون على موعد مع فرملة جديدة لآمالهم ومطامحهم في مستقبل افضل.
 
احسان جواد كاظم


398
" تعرفونهم من ثمارهم "
... مطلوب أوباما عراقي

 
خيّب الرئيس جلال الطالباني آمالنا بعدم نقضه الفقرة 50 من قانون انتخاب مجالس المحافظات الخاصة بالأقليات القومية والدينية العراقية والذي اقره مجلس النواب بعد تعديل جائر فيه, حجّم مقاعد ممثلي الأقليات في تهميش مشين لهذه المكونات في مجتمعنا.
وكان يمكنهم حفظ ماء وجوههم بتبني الحل المنصف الذي اقترحه النائب الشيوعي حميد مجيد موسى بأضافة مقاعد الاقليات الى عدد المقاعد الاصلية لمجالس المحافظات وبذلك تضمن حقوق ابناء شعبنا من الاقليات ولا تتهدد حصة الآخرين فيها. لكن الناس معادن ومعدنهم كان اغلب.
ان مواقف احزاب الحكومة من الأقليات القومية والدينية ليست جديدة. فقد شهدنا في الماضي القريب التناقض الصارخ في سلوك الاسلامية والكردية بتجنيس اجانب خدمة لأهداف حزبية انتخابية ضيقة ومصلحية أنانية في الوقت الذي لايزال ابناء شعبنا من الاكراد الفيليين يعانون من عدم الاعتراف بحقوقهم وهم جزء اصيل من شعبنا العراقي. ثم تلاحقت دائرة العنف من قتل وتهجير طالت مواطنينا من الصابئة المندائيين والمسيحيين في وسط وجنوب البلاد حتى تواصلت حتى مدينة الموصل بعمليات قتل وتهجير جماعي للمسيحيين والأيزيديين.
لقد تطبع ضحايا النظام البائد للأسف الشديد بطبائع الجلاد في تعاملهم مع ابناء جلدتهم.
وفي الوقت الذي حلّت الديمقراطية الامريكية عقدتها... عقدة العرق واللون بانتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة الامريكية, فان عقدة احزابنا الاسلامية والقومية عصيّة على الحل. والعلة تكمن في ايديولوجيتها المنغلقة القاصرة والتي لاترى ابعد مما بين قدميها.
حلم مارتن لوثر كنك المستحيل اصبح ممكنا وتحقق في الانتخابات الرئاسية الامريكية الاخيرة بفعل المثابرة والعمل المضني للقوى المعادية للتمييز والعنصرية.
ولنا ايضا حلم اخضر بأوباما عراقي من ابناء الاقليات ليكون حاكما للعراق. فهل سيصبح حلمنا واقعا في يوم من الايام؟ فلو كتب لهذا الحلم ان يتحقق لأحدث انقلابا جذريا في قيم بلادنا والمنطقة . وميزة أوباما العراقي, تحدره من اقليات قومية ودينية مسالمة ومتسامحة لم يعرف تاريخها المديد ممارستها للعنف ضد أحد رغم تعرضها وعلى مر العصور الى مذابح مروعة لأسباب دينية او قومية.
ان مكاسب وجود هكذا حاكم للعراق كثيرة :
اولا: كسر عقدنا القومية والدينية المتعالية المترسبة في دواخلنا في عملية شفاء ذاتي.
ثانيا: تطمين موطنينا من الأقليات وتأكيد كونهم شركاء اصليين في الوطن.
ثالثا: المكسب المعنوي على المستوى العالمي بان يصبح العراق منارة التسامح القومي والديني في منطقة تعج بالتعصب والحروب وما سيجلبه ذلك من تنامي علاقات التعاون والتضامن مع شعوب العالم وبما يخدم عملية الاسراع في بناء الوطن ورخاء شعبه .
وللمتخوفين من ظهور نزعات غير محسوبة لدى حاكمنا هذا , فان آليات الديمقراطية وماتمتلكه القوميات الكبرى من اكثرية عددية كفيلة بلجمه او اقالته ان تطلب الامر.
أليس هذا حلم اخضر حقا؟


* قول ليسوع المسيح


احسان جواد كاظم

399
ابراهيم الجعفري تحت عباءة مقتدى الصدر , ياامام كجايي ؟!!

لاادري كيف فعلها السيد مقتدى الصدر واستطاع ضمّ الجعفري تحت عباءته, هل هو ضغط الحاجة ام شيْ آخر. لكنه فعلها. ويبدو ان هذا اللقاء بادرة تحالف سياسي جديد قديم يطفو على السطح. بطلاه ابراهيم الجعفري رئيس وزراء سابق ورئيس حزب جديد - حزب الاصلاح الوطني - ومقتدى الصدر رجل دين ورجل ميليشيا سابق.التقيا في فترة ماضية وفشلا بسبب الرفض الشعبي لبرنامجهما الطائفي. لكن هذا التحالف الجديد المفترض بين نجمين آفلين في سماء السياسة العراقية يستدعي التوقف عنده بسبب مكان لقاءهما وهو ايران وتوقيته.
 بداية لابد للمتمعن من ملاحظة الاختلافات البيّنة في شخصيتيهما والتي قد تلقي بظلالها على مستقبل التحالف. فالجعفري متعلم ومقتدى فقير العلام. الاول متثاقف و الثاني متفقيقه. الجعفري افندي بربطة عنق والصدر معمم مجبب. الجعفري ذو تجربة سياسية ينحدر من حزب كافح النظام البائد -حزب الدعوة -. مقتدى وتياره ظهرا بعد سقوط النظام. ثم السمة البارزة المتناقضة في شخصيتيهما هو : الاول متحسب الثاني نزق.
من البديهي ان وجود عامل مشترك بين طرفي اي اتفاق هو العامل الاساس فيه. وما يشتركان به هو حبهما البالغ للسلطة, فمقتدى يستمد جلّ سلطته من عمامته السوداء ولكنه لايكتفي. اما الجعفري فان مايدفعه للسلطة هو تذوقه لحلاوتها عند تسنمه رئاسة الوزارة ومايغريه بها الاضواء الباهرة ووجوده في مركز الاهتمام العام.
توثقت العلاقة بينهما عندما كان الجعفري رئيسا للوزراء وسمح لميليشيات جيش المهدي بالنفاذ الى اجهزة الجيش والشرطة وممارسة تصفيات طائفية وسياسية تحت غطاء الدولة وبسلاح حكومي بدلا من السعي لأنهاء الميليشيات وقصم ظهر عصابات القاعدة.
تجدد التقارب بينهما حدث في ايران الاسلامية بأعلانهما كل على حدة رفضه عقد الاتفاقية مع الولايات المتحدة الامريكية وغزل الجعفري المكشوف لمقتدى بأشارته الى المسيرة المليونية المعادية للاحتلال في بغداد والتي شارك بها بضعة آلاف متظاهر حشدهم التيار من مختلف انحاء العراق.
التيار الصدري له موقف مسبق رافض للاحتلال. اما الجعفري الذي تعامل مع الامريكان كرئيس للوزارة ويعرف خبايا الدولة العراقية بحق فان تصريحه كان - على الارجح - محابيا لمضيفيه الايرانيين اكثر مما هو تعبير حقيقي عن رؤيته.
ان مسعى ايران لترتيب هذه اللقاءات وايجاد تناغم بينهما جاء لتمسك بيدها ورقة جديدة يمكن ان تلعبها في اللحظة المناسبة - ان اضطرت - وخاصة ونحن على اعتاب انتخابات مجالس المحافظات المهمة والتي ستجري في ظل تغير المزاج الشعبي ازاء الاحزاب الدينية.
ان ورقة ايران الجديدة هو بديل سياسي غير مشارك في الحكومة قد يستطيع جذب الاهتمام الشعبي من جانب ومن جانب آخر سيشكل ورقة ضغط على حلفاءها في الحكومة, بامكانية استبدالهم اذا ما أرادوا اللعب بأذيالهم باتخاذ مواقف مستقلة عن ارادتها.
لكل منهما اسبابه في عقد التحالف, فمقتدى يحتاج لخبرة الجعفري لأعادة ترتيب بيته بينما الجعفري يحتاج لجماهيرية التيار الصدري في بناء حركته الجديدة.
اما ايران فتريدهما معا - كما اسلفنا - لتنفيذ مآربها.
" اجتمع المنحوسان مع خايب الرجا "
 
* ياامام كجايي - بالفارسي وتعني يا امام أينك؟ وهي دعوة للامام المهدي المنتظر للظهور.
 
احسان جواد كاظم


400
نار امريكا ولا جنة ايران


نار امريكا ولا جنة ايران قالها بدون مواربة, صديقي في بغداد والذي عجزت عن ثنيه سابقا عن انتخاب قائمة الائتلاف الاسلامي في الانتخابات البرلمانية الاخيرة. نبرة حديثه كانت تنم عن غضب عارم من فشل سياسات هذه الاحزاب والامتعاض من مواقفها المتناقضة وخاصة من الاتفاقية مع الولايات المتحدة الامريكية. فهي تتصرف وكأنها لم تكن طرفا اصيلا في المفاوضات من خلال ممثليها في الوفد المفاوض والذي شكل على اساس المحاصصة. وكأن ممثلوهم لم يطلعوهم على ما يدور خلف الكواليس. وكأن قادتهم لم يلتقوا يوما بمسؤولين امريكيين وبمستويات مختلفة, عسكريين ومدنيين.
ان خلاصة الاتفاقية المطروحة هي ما استطاع المفاوض العراقي استحصاله من المفاوض الامريكي ضمن الشروط والظروف التي وضعوه بها مرؤوسيه. ولطالما طالبت القوى الوطنية بأعتماد الشفافية في تشكيلة الوفد وأجندته وعدم ارسال مفاوض عراقي غير مسلح بسند واجماع سياسي وشعبي ليستفرد به مفاوض اميريكي متمرس , يجمع في يديه مصادر قوة كثيرة. لكن الاحزاب الحاكمة تمادت في غيها وفرضت ماارادته ثم تفاجأت بما جاد به مفاوضيهم عليهم من حصيلة وانجاز. فارتفعت عقيرتهم بالتباكي على السيادة المنتهكة وكأن هذا شيئا جديدا على العراق وتناسوا بان سيادة العراق سلبت يوم احتل صدام الكويت وهي حاليا كذلك وليس فقط بوجود قوات الاحتلال الامريكي بل ان هناك قوى اجنبية اخرى تتواجد بشكل مخابراتي او بوجود فعلي على الارض كجيش القدس الايراني والميليشيات الاسلامية الشيعية والسنية التابعة له والتي عاثت بأرض العراق خرابا وقتلت شعبه بدون ذنب. فما الضير فيما لو بقيت السيادة مثلومة لثلاث سنوات اخرى مقابل استقرار النظام الجديد؟ ام هي المخططات الخارجية التي تدفعهم الى اتخاذ هكذا مواقف؟
لست بأمريكي الهوى ولاارى ان توقع الاتفاقية مع الولايات المتحدة بدون تمحيص ودراسة معمقة لبنودها ومايقف وراءها من تبعات وقراءة مابين السطور...فليس هناك حسن نيّة في هذه الامور.
ان الولايات المتحدة تجني الآن ثمار مازرعته امس بيديها. فلم يحدث في تاريخ العالم ان قامت دولة محتلة بتسليم السلطة لأعدائها -كما حدث في العراق - ولاتسلمها لحلفاءها. فهذه الحالة اصبحت سابقة في السياسة الدولية. فمن المعروف ان الولايات المتحدة قامت بدعم اليمين السياسي في دول اوربا وفي ايطاليا وفرنسا خصوصا منعا لتسلم الشيوعيين في البلدين للسلطة وهم الذين قاتلوا النازيين ببطولة نادرة.
كان تسليم الولايات المتحدة السلطة للاحزاب الدينية احد اخطاءها الكثيرة في العراق ثم جاءت اجراءات بريمر العشوائية لتزيد الطين بلة وتعقد الامور اكثر وتتأخر عملية بناء الوطن وانهاء معاناة مواطنيه.
ان اي اتفاقية لاتضمن حقوق شعبنا بالامن والتقدم سيكون مصيرها الفشل.
احسان جواد كاظم

401
لاتنسوا أهلنا المسيحيين !


غطى شبح الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة على كل مايحدث في بلادنا. فقد تحول اهتمام القوى السياسية داخل الحكومة وخارجها والامريكان ودول الجوار ووسائل الاعلام عما يحدث في مدينة الموصل من عملية تهجير جماعي وتطهير عرقي وديني, لذا فاني احذر من محاولة وضع القضية على الرف وهو مايعني تحقيق مآرب مجرمي التهجير وهدر حقوق مواطنينا. لأنه يعطي الفرصة للمجرمين لترتيب امورهم ومحو آثار جريمتهم, لاسيما وان أجهزة حكومتنا الرشيدة - المخترقة من كل من هب ودب, من حثالات القاعدة والبعث الساقط وعملاء ايران وميليشياتها - عوّدتنا على تقييد جرائم كثيرة ضد مجهول. فاذا تسنى لصدام تبرير جريمة حلبجة, مرة بحجة العصاة الاكراد ومرة اخرى بحجة العدو الفارسي امام دول العالم فان ذلك يدعونا للحذر وعدم السماح لمجرمي تهجير المسيحيين الخلاص من يد العدالة.
لا اود التهوين من شأن المناقشات التي تدور حول الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة على مستقبل بلادنا ولكن مهما كان ثقل اغلالها الا انها لاتوازي ثقل هدر حقوق مواطنينا المسيحيين والاقليات الاخرى وكل مواطنينا... فهم تاريخ العراق وحاضره ومستقبله. هم ملح وطننا وسكره, ترى آثارهم و شواهدهم أنى اتجهت في بلادنا من مشاحيف اهوارنا الى زقورة اور مرورا ببوابة عشتار وأسد بابل ومسلة حمورابي حتى أربائيلو ونينوى والحضر وآشور كلها. انهم في صميم العراق البلد والناس وما من فكاك.
ان عدم اعلان الاجهزة الرسمية عن الجهة التي ارتكبت جريمة تهجير المسيحيين من الموصل - ربما لأسباب سياسية - يجعل اقتراح النائب يونادم كنا بجلب لجنة تقصي حقائق دولية محايدة , واردا بل ضروريا ويجنب الحكومة حرج كشف الحقيقة.
نحن على شفا حفرة من نار التزمت الديني الاسلامي والتعصب القومي وسنسقط فيها ان لم نحافظ على ألوان قوس القزح العراقي الزاهية.
ان المحافظة على التنوع الأثني والديني والفكري العراقي ترقى الى مستوى مستقبل الوجود الوطني للعراق الموحد.فأنتبهوا وتحسبوا !!!


احسان جواد كاظم


402
المنبر الحر / احزاب سيئة السمعة
« في: 23:10 17/09/2008  »
احزاب سيئة السمعة

بيديها وبمحض ارادتها مرغت احزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية سمعتها بالتراب. وجعلت المواطن البسيط الذي توقع منها ان تنقذه من ازماته وتهون عليه مصائبه , يمقتها .لابل انها زادت معاناته وعقدت حياته . فمن يستطيع في يومنا هذا ان ينفي فشل التحالف الاسلامي _ القومي الكردي في ادارة الدولة العراقية؟
فخلال خمس سنوات منذ سقوط نظام الدكتاتور العروبي البائد, لم يأتوا لنا بالبديل الديمقراطي الموعود. ولا غرابة في ذلك فحياتها الحزبية الداخلية لاتعرف التقاليد الديمقراطية , ولطالما اعتمدت نهج توريث القيادة للابناء اوالاخوة او بتعيين الاعوان.وكانت سمعتها قد ساءت اكثربعد ان اثقل كاهل اغلبها بجرائم قتل وفساد مالي واداري وسرقة للاموال العامة بشكل لم يشهد له العراق مثيلا في حجمه وصلافته.
فلا الشيعة البسطاء استفادوا من سيطرة المجلس الاسلامي الاعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري على مقاليد السلطة ولا المواطن الكردي قد تمتع بحياة مستقرة ومرفهة في ظل سلطة الحزبين الكرديين الحاكمين في الاقليم. لذا فان مشاعر مريرة تنتاب المواطن العراقي من هذه الاحزاب وبدأت تنفضّ عنها.
ولو شاء المرء تصفح مواقع الاحزاب الاسلامية لأكتشف عدم وجود برامج اقتصادية لديها وان وجدت فانها تبدأها بأحسن الاحوال ب " الملك لله " كما في برنامج حزب الدعوة الاسلامية الاقتصادي. فهي احزاب تأسست لأرضاء ربها وليس لرفع المعاناة عن المواطنين. فمن غير المعقول ان تتخلى عن استمرار وجود " السائل والمحروم وابن السبيل... " في مجتمعنا لأنها مفردات قرآنية مقدسة,و محرم الغاء هذه الظواهر منه ولذلك فان نهجها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي منسجم مع مبادئها.بينما تجهد المجتمعات التي يهمها امر مواطنيها في دول العالم المتحضر لأيجاد الحلول لمشاكل فقراءها وتؤمن لهم حقوقهم الطبيعية بدون منّة او حسنة, خاصة وان هذه المجتمعات تخلو من هذه التوصيفات فيها.
ثم اننا لاندري الى م يدعو حزب الدعوة الاسلامية واهل العراق اغلبهم مسلمون. ولم يجري تجنيد مبلغي ومبلغات المجلس الاسلامي الاعلى ولماذا تعقد حلقات الحزب الاسلامي الايمانية ولماذا يجري تحويل جيش المهدي جيش للتثقيف الاسلامي؟!! أليس وراء ذلك دعوات طائفية تقسيمية؟
اما الاحزاب القومية الكردية فهي منشغلة في تأجيج العواطف القومية وقضم الاراضي ورفع سقف مطالب مشروعة الى حدود غير معقولة , لتغطي على فشلها في تأمين ابسط الحاجات اليومية لمواطنيها مقابل مظاهر غنى فاحش للقيادات الحزبية. لذا فان من الطبيعي ان ترمى مظاهرة مطلبية سلمية بالرصاص ومن الطبيعي ايضا توقيع عقود المشاركة المجحفة مع شركات نفطية في تفريط فاضح بحقوق الشعب الكردي خصوصا والشعب العراقي عموما.
ورب سائل عن النجاحات الامنية ضد عصابات القاعدة والميليشيات الاجرامية يقول: ألا يمكن تسجيلها لصالح التحالف الحاكم؟
فلايخفى على احد ان ميليشيات التحالف الحكومي كانت طرفا في تأزيم الوضع السياسي والامني.اما النجاحات الامنية فيمكن تسجيلها لصالح المبادرات والسياسات اللاطائفية لرئيس الوزراء نوري المالكي وصموده امام ضغوط حلفاءه.
ان فشل التحالف الاسلامي _ القومي الكردي يكمن في تبنيه المحاصصة السياسية كأساس للحكم وقفزهم على حقوق المواطنين ومصالحهم, فمبدأ المحاصصة السياسية بحد ذاته سبب مباشر لانتشار الفساد بكل اشكاله لانه قائم على اساس تقسيم الحصص والغنائم,والتكالب على استحصال اكثر مايمكن من المكاسب على حساب الشريك الآخر كلما تحين فرصة يجعل افق هذا التحالف مسدودا. وصراع المصالح الفئوية الضيقة ستقود لامحالة الى انفراطه عاجلا ام آجلا. وهذا ماتؤكده التراشقات الاعلامية بين اطراف التحالف الحاكم وتهديدات التحالف الكردستاني بفركشة التحالف السياسي مع الائتلاف الاسلامي وعقد تحالفات اخرى بديلة.
من السذاجة بمكان الاعتقاد بأن الانتخابات القادمة ستأتي بتغيير حاسم , لان احزاب الاسلام السياسي والاحزاب القومية الكردية تقبض على اجهزة السلطة والاقتصاد والاعلام بقوة وستوظف هذه الافضلية في اية انتخابات قادمة وتستثمرها لصالحها بكل السبل المشروعة وغير المشروعة. اضافة الى ان البديل الديمقراطي الوطني لم يتبلور بعد في حركة شعبية مؤثرة. لكن تهشيم قبضة هذه الاحزاب على المصادر الحياتية للمواطنين سيحققه المواطن الحر الواعي لحقوقه والذي جسدته امرأة بصرية حذرت من اتخاذ رموز الاحزاب والكتل الاسلامية السيئة السمعة لتسميات وطنية وديمقراطية لخداع الجماهير, لتعود مرة اخرى وتواصل مصادرة حقوق المواطنين ونهب ثرواتهم مجددا.
فالمجد لك يا كاملة العقل !
احسان جواد كاظم

403
انيميا الثقافة ! انيميا الوعي !

" العرب لايقرأون وان قرءوا لايفهمون وان فهموا لايفعلون " ينسب هذا القول الى الصهيوني موشي دايان مفجر حرب حزيران 1967. وبغض النظر عن صحته ودواعي قوله, هل هو نتيجة حقد عنصري ضد العرب او قراءة موضوعية معمقة لواقع الحياة العربية , فانه اصاب الهدف. لان كل الاستفتاءات المتعلقة باهتمامات المواطن العربي الثقافية وقراءاته تؤكد بأنه لايقرأ كمعدل الا صفحات من كتاب, سنويا وهذا ينطبق ايضا على المسلمين في بلدان العالم الاخرى لتنمية معارفهم .
العلّة تكمن بالفكر الغيبي الديني الذي اصبح جزءا من التركيبة الفكرية والسايكولوجية للفرد المسلم خصوصا. فمناهج تقديم هذا الفكر لم تتجدد. فهي لاتعتمد التدوين والتراكم والبحث بل استمرت لعصور على منهج النقل الشفاهي والحفظ ثم انتظار تلقين رجل الدين والترديد وراءه بدون تمعن او تفكير او مناقشة لما يقول. وفي ظل التطامن مع هذا الوضع فضل الكثير نعمة عدم التفكير على لعنة التفكير, تحت وطأة الارهاب الفكري المستشري. فهذا الوضع في النهاية مبعث للراحة والامان لكنه اقصر الطرق الى البلادة.
ان طغيان الفكر الغيبي وتراجع الفكر العلمي في بلداننا يعني من ضمن مايعني انتصار الايمان بالمسلمات الغيبية على حساب نهج نهج البحث العلمي, نهج الشك الفكري والتساؤل والبحث الدائم عن اجابات. انتصار شلل العقل على حيويته. واصبح تحفيز العقل البشري لايجاد حلول دنيوية لمشاكل دنيوية من الكبائر التي يقف لها رجال الدين بالمرصاد. لهذا اصبحنا متلقين لامبدعين للافكار وللانجازات التي تقدمها شعوب اتخذت العلم منهجا وخدمة الانسان هدفا. ومع ان حلول المشاكل ليست حلولنا والانجازات ليست انجازاتنا ولكننا لازلنا سادرين في شعور مرضي متعالي ازاء الآخرين والتجني عليهم بشتى التهم والنعوت ابسطها الكفر والكفار.
ان ذلك متصل بتوقف التطور الفكري الديني الاسلامي بعد ظهور مذاهب ائمة السنة الاربعة والشيعة والمتصوفة.... الذي كان ظهورها تعبيرا عن حاجة لاعطاء الاجوبة المناسبة على تساؤلات عصرهم من خلال اعادة تفسير القرآن كل بما يتناسب مع انتماءه الاجتماعي وتكوينه الثقافي لأغناء الفكر الديني وتطويره. الا ان تعطيل عملية التطور جاء بسبب اضفاء القداسة عليهم وعلى آرائهم.
وكان القرآن قد تحدث على لسان النبي محمد : " ما انا الا بشر مثلكم ". الا ان استلاب العقل الذي كرسه وعاظ السلاطين وصل حد تقديس كل من اعتمر عمامة وأطلق لحية. وهذا جزء من افرازات التربية البيتية التقليدية ومناهج التدريس التلقينية التي تشربناها منذ الطفولة.
ورغم تطور مناهج البحث وتوفر المصادر وانتشار المكتبات الدينية وتكاثر اعداد خريجي الجامعات الاسلامية الذين يبزون في معارفهم ائمة الطوائف الا انه ليس هناك من يتجرأ ان يطرح نفسه وتفسيراته الجديدة على تفسيراتهم القديمة التي لاتناسب عصرنا.
يقوم المثقفون بدور فاعل في تقديم الحقائق واعادة كتابة التاريخ بشكل موضوعي لاطائفي. لكن انشغالهم هذا بحد ذاته بقضايا الماضي واحداثه , وليس بحل مشاكل الحاضر وابداع الجديد, ظاهرة سلبية فرضتها اجواء طغيان الفكر الغيبي.
وكان الامام علي بن ابي طالب قد دعا الى تجديد المناهج بما يتناسب مع زمانها: " لاتربوا ابناءكم على عادات زمانكم لأنهم جاءوا لزمان غير زمانكم ".
لكن فقهاء زماننا هذا ركبوا رؤوسهم ولايروق لهم هذا الكلام. فالفقيه كما يراه المفكر ابن خلدون بطبيعته " متبع لامبتدع ".
وكفى الله الفقهاء شر الاجتهاد.

احسان جواد كاظم


404
العراق جمهورية موز ! - :I had a dream

 
 
كله بسبب المعاهدة العراقية - الامريكية المرتقبة واللغط الدائر حولها. كان كابوسا بحق , نقاش محتدم والمفاوضون من كلا الجانبين يناورون ويناظرون لتثبيت بنودا تضمن مصالحهم والعراق كان غائبا والمحاصصة والمخاصصة مع امريكا الحاضر الاول. ثم تمخضت النقاشات عن اتفاق : العراق جمهورية موز برئيس معمم !!! فصحوت فزعا. جمهورية موز, اليد الطولى فيها لليانكيس الامريكان وليس لأهلها. ومعمم يطبق قوانين اكل عليها الزمان وشرب. ما ابشع ذلك !!!
الكثير منا منّى النفس بمعاهدة مثيلة لما كانت مع اليابان والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. والأكثر تفاؤلا... ذهبت به احلامه الوردية بعيدا. بان نصبح الولاية ال 54 في الاتحاد المكون للولايات المتحدة. ولاية ماوراء البحار. لكن نذكرهم قد نكون بورتوريكو بعيدة فحسب.
مظاهر القلق هذه سببها مفاوضاتهم السرية على معاهدة لانعرف بنودها عدا التسريبات هنا وهناك والتي لاتكّون صورة متكاملة للمعاهدة. حتى اننا لانعرف من يفاوض عنا ومن اين اخذ حق التفاوض وماهي امكانياته. لانعرف عن انتماءه , هل ينتمي للعراق قلبا وقالبا ام قالبا فقط ؟
موقف الجهات الرسمية العراقية غير واضح لعدم اعتماد مبدأ الشفافية الذي نسمع عنه في الخطابات الرسمية. فلا شيْ يعرف عم يتفاوضون بالضبط وماهي نقاط الاتفاق والاختلاف. هل هم يتحدثون عن قواعد عسكرية دائمة او عن استثمارات دائمة؟
لذا فلسنا بصدد مناقشة بنود معاهدة , لأنه لاتوجد هكذا بنود اصلا على بساط البحث العام . وليس هناك شيئا معلنا كما ذكرنا. وهذا تتحمله جهة القرار في حكومتي البلدين. وماعلينا ازاء ذلك الا التنبوء والتأويل والتحليل لتنبيه المواطن بمخاطر معاهدة تبرم بأسمه ومن وراء ظهره.
ان اسبابا داخلية وخارجية تلزمنا بعقد هذه الاتفاقية مع الولايات المتحدة , اولها الصراعات الداخلية ونزعات هيمنة دكتاتورية لدى بعض القوى في ظل هشاشة دور الدولة وضعفها ثم تهديدات دول الجوار لوحدة الوطن وخاصة ايران بدعمها السافر للارهاب وتدخلها بكل شاردة وواردة من شؤون العراق. وعليه فان اول اهداف المعاهدة يجب ان تتضمن بناء اجهزة الدولة بأسرع وقت لتؤدي دورها المعهود, ثم تسليح وتدريب القوات المسلحة العراقية لتصبح مستعدة لمواجهة تمرد داخلي او عدوان خارجي.
اما بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية فان التعامل مع الوضع في العراق امسى مسألة داخلية امريكية تهم الادارة الامريكية كما تهم المواطن الامريكي العادي والمصالح الامريكية طبعا, لهذا نرى تردد صداها في تصريحات ومناظرات مرشحي الرئاسة الامريكية. فالموقف من الوضع في العراق هو احد اسس انتخاب الرئيس المقبل وهنا تكمن اهمية عقد الاتفاقية لهم.
لقد رفضت قوى سياسية عراقية المعاهدة او بعض بنودها وهذا يفترض معرفتهم بمضمونها. فلم لا يعلنوه؟ هل ان مسألة بهذا المستوى من الاهمية يمكن اخفاءه والى متى ؟
ان صدورنا يملؤها الشك من تصريحات ممثلي القوى السياسية المهيمنة ضد الاتفاقية, فالستار المفروض على شخوص المفاوضين من الجانب العراقي وهم على الاغلب من هذه القوى, يشي بكذبها , وتجعل الكوابيس رفيقة غفواتنا القلقة, فالمحاصصة اصبحت قدرنا المحتوم الذي لافكاك منه.
ان على الجهات الرسمية ان تفهم , ان المفاوض العراقي ينبغي عليه الذهاب للمفاوضات وهو مسلح بتأييد شعبي وبدعم سياسي ليكون موقفه قويا.
كما ان تمسك المفاوض العراقي بالمصالح الوطنية العليا, منعة الوطن وسيادته مع ضمان حريات المواطن الديمقراطية هي مايعصمه من ممالأة الولايات المتحدة او ايران.
فاقصى مايتمناه الانسان العراقي, ابرام حلف بناء وسلام لا حلف حرب ودمار ومع اي كان.
 
احسان جواد كاظم

405
ثروة ناضبة لحياة نابضة

النفط هذه الثروة التي اصبحت الشريان الحيوي لاستمرار تطور حياتنا المعاصرة ويستحيل الاستغناء عنه,بعد ان دخل ومشتقاته في تصنيع حاجات وضروريات متنوعة ولم يعد مجرد وقود لأضاءة سراج او تشغيل ماكنة. والتوسع في استعماله وبأسراف انتج ظواهرا كارثية على صحة الانسان واجبره على البحث عن وسائل جديدة لترشيد استعماله او استبداله بشكل لايؤدي الى تعويق التطور الاقتصادي.
والنفط كمادة استراتيجية, استخدمه المتنافسون كسلاح سياسي, وادى الى حروب وصراعات. وقد ذاق العراقيون المرّ من هذه الثروة التي تطفو بلادهم على بحيرة منها.ولابد ان الكثير منا يتذكر شعار النفط من اجل المعركة, فلم نجن ثمار هذه الثروة ولا انتصرنا في معارك الزعيق القومي.
وهو سلاح ذو حدين. فلنبدأ تعلم استثماره ايجابيا في تطوير ظروف حياة شعبنا وبناء وطننا, ولهذا الغرض طرحت برامج وعقدت حلقات نقاش بعد تغيير عام2003 حول انجع السبل لتوظيف مردوداته الهائلة في المجال الصحيح وتبني سياسة اجتماعية عادلة لتعويض مواطنينا سنوات الحرمان. لكن كل تلك البرامج ذهبت اوراقها ادراج الرياح والنقاشات كانت عقيمة لان مايتحكم بوضع هذه البرامج والنقاشات اولوية خدمة المصالح الفئوية للقوى السياسية المهيمنة وليس مبدأ البحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية لأفراد المجتمع. وكان ابشع تطبيقات ذلك ماشهدناه من احتلال الميليشيات الاسلامية لموانيْ تصدير النفط ثم تهريبه للخارج لحسابها. كذلك كانت عقود المشاركة المجحفة التي وقعتها حكومة اقليم كردستان مع شركات اجنبية, في محاولة من هذه القوى لجني اكبر واسرع الارباح على حساب مصالح المواطنين العراقيين في اقذر عملية نهب علني صلف, رغم اقرارهم لدستور ينص في احد بنوده ان ثروة النفط ملك لكل الشعب العراقي.
وبقيت الوعود بتأمين احتياجات المواطنين اليومية والمستقبلية بتنمية انفجارية مجرد وعود وردية.
وللايفاء بهذه الوعود ليس كافيا وجود رغبة فقط بل يجب اقرار سلسلة من المعالجات والمشاريع التي تستند على اسس واقعية وبنظرة استراتيجية واضحة للمستقبل لأنجاز الاهداف المنشودة. وتحتاج ايضا وقبل كل شيء قرار سياسي جريء. احسب ان رئيس الوزراء نوري المالكي قد اتخذه, والذي يتضمن الشروع الجدي بعملية البناء , لكن المعوقات لازالت كبيرة. فهو لازال يتعرض الى ضغوط هائلة من حلفاءه السياسيين للابقاء على امتيازاتهم ثم لازال الفساد الاداري والمالي متفشيان في اجهزة الدولة ببعد مافيوي.
ان اول ماينبغي ان تؤدي اليه حزمة القرارات والمعالجات الحكومية المفترضة, تفعيل الدورة الاقتصادية وتحريك السوق وانبعاث المنافسة الانتاجية بين المساهمين في العملية الاقتصادية لتكون بدايتها امتصاص البطالة وهدفها تحسين الظروف المعيشية للعراقيين.
لكن اضافة الى ما اشرنا اليه, فان هناك عوائق اخرى تفرمل عجلة العمل الا وهي القوانين الموروثة عن النظام السابق والقوانين المتسرعة لسلطة بريمر المقيدة للنشاط الاقتصادي والانتاج الوطني او حتى عدم وجود قوانين في حالات اخرى. ثم يضاف الى ذلك تدني مستويات التجديد الاداري والمؤسساتي وضعف آليات الموائمة بين العلم وحاجات العمل لاسيما وان التخصيصات المالية لأغراض البحث العلمي والتطوير, شحيحة ان لم تكن مفقودة. كما لاينبغي ان نغفل مشكلة مستجدة تهدد الشروع في عملية البناء وهي هجرة العقول والخبرات بسبب عدم توفر الاستقرار الامني والسياسي او ضعف الرواتب.
لقد اقترح البعض حلا لمشاكل المواطن والمجتمع بتوزيع عوائد النفط على المواطنين في حصص معلومة. لكن هذا الحل سيكون وبالا على المواطن البسيط الذي قد يفرح لاول وهلة الا ان تطبيق المقترح سيؤدي الى التضخم المالي وزيادة سريعة للاسعار -بطبع كميات هائلة من النقود الورقية بدون غطاء - والتي ستقع بثقلها على كاهل هذا المواطن وستتسرب هذه الاموال من جيبه.
ان اهداف شعبوية تقف وراء هذا المقترح لكسب تأييد المواطن البسيط المحروم والحصول على صوته الأنتخابي ومن ثمة مكاسب ذاتية لمطلقي هذه المقترح.
ان البديل المناسب هو في استثمار هذه الاموال في تقديم وتطوير الخدمات باسرع مايمكن وفي تنمية امكانيات المواطن بالدراسة والتدريب. اي ان المواطن سيستلم حصته من النفط على شكل خدمات وضمان اجتماعي وسكن مناسب له ولعائلته, لايمكنه تبذيرها بين يوم وليلة.
ولابد ان لاتحدد اجهزة التخطيط اهتمامها فقط بدور المؤسسات والمصالح الاقتصادية بل ايلاء اهتماما خاصا للاقتصاد البيتي وطاقاته, كرفع القدرة الشرائية للعائلة وقدرتها على الاستهلاك والادخار وكذلك الاستثمار. اي باختصار تحسين نوعية حياة المواطن وهذا يعتبر بحق معيارا اساسيا للتطور الاقتصادي في اي مجتمع. ولايمكن لامكانيات عوائلنا ان تتعافى دون ايجاد فرص عمل للعاطلين مقابل اجر مجزي مع الحد من ارتفاع الاسعار والتضخم حتى لايبقى المواطن العراقي يعاني كما تقول الاغنية السودانية : الناس التنضح سكر... تتجرع كاس الحنظل


احسان جواد كاظم



406
المنبر الحر / عطن طبخة محروقة !!!
« في: 00:05 20/05/2008  »
عطن طبخة محروقة !!!

 
حسنا فعل الاستاذ مفيد الجزائري عضو مجلس النواب العراقي عن الحزب الشيوعي بقبوله رفع الحصانة البرلمانية عنه واستعداده للمثول امام المحاكم المختصة, بعد ان نشرت وسائل اعلام اسماء نواب برلمانيين مطلوب رفع الحصانة عنهم بطلب من لجنة النزاهة.
وقد سارع الاستاذ الجزائري الى وضع النقاط على الحروف واوضح بان طلب رفع الحصانة عنه ليس لتهمة مباشرة با لعوته كشاهد ( وللمرة الثانية ) في قضية مالية تخص وزارة الثقافة التي كان على راسها عام 2003 . وقد بيّن ملابسات القضية والتي لم تتوصل هيئة التحقيق التي كان قد مثل امامها كشاهد الى ادلة تثبت صحة الشبهات ضد بعض موظفي وزارته التي افرج عنهم لاحقا وعادوا الى ممارسة اعمالهم في دوائرهم.
ان خلط الاوراق وحرق الاخضر واليابس, محاولة بائسة للاساءة للشيوعيين العراقيين, لما يتسمون به من نزاهة وبياض ذات اليد والتي يشهد بها لهم القاصي والداني في بلادنا. هم ليسوا ملائكة. فالحزب الشيوعي كحركة اجتماعية عراقية فيها مافي مجتمعنا من مثالب, لكن نهج الشيوعيين الوطني الصادق وتجردهم في خدمة الوطن حد الطهرانية لدى الكثير منهم تجعل التصديق بوهم عدم نزاهتهم غير واردا.
ان وضع الجميع في سلة واحدة غير مقبول. فمن يهرب النفط ويدمر منشأت الدولة ويرفع السلاح في وجهها وقبل كل ذلك يقتل الابرياء من ابناء شعبنا, من المرفوض جمعه مع من يجهد من اجل رفعة الوطن وكرامة شعبه والاستاذ الجزائري احدهم. كما ان دعوته الكتل السياسية الى عدم التدخل لمنع رفع الحصانة عن نوابها ليمثلوا امام الهيئات التحقيقية, تحدي آخر يضاف الى موافقته الشخصية على رفع الحصانة واستعداده للمثول امام اية هيئة تحقيق. فهل من يجاريه فيها ؟
ان افلاس البعض دفعهم الى اللجوء الى هذه الاساليب الملتوية مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات في اكتوبر القادم علهم يرفعون اسهمهم الانتخابية بعد ان انتشر نتن فضائح فسادهم وجرائمهم امام المواطن العراقي. فماذا يعني سحب طلبات رفع الحصانة البرلمانية _ التي علاها الغبار _ من أدراج هيئة رئاسة مجلس النواب في هذا الوقت بالذات. وفي قضية جرى حسمها قبل سنين؟
يذكرني مايحدث في بلادنا بما شهدته في احدى الانتخابات البولونية السابقة, عندما أثارت وسائل الاعلام اليمينية زوبعة اعلامية بعد احتجاز ابن رئيس الوزراء اليساري ليشك ميلر, لساعات في مطار وارشو بعد عودته من الخارج حيث يدرس, لتفتيش حقائبه في اجراء مبيت تواطأ فيه ضباط شرطة وصحفيين متعاونين مع احزاب اليمين للتأثير على مجرى الانتخابات. لكنهم لم يعثروا في حقيبته على مايمكن الاستفادة منه في حملتهم ضد اليسار. ففشلوا وفاز اليساربالانتخابات.
ان التعامل بمثل هذه الطرق غير القانونية والوسائل الاستفزازية مع الخصوم السياسيين تؤدي بلاشك الى عدم الاستقرار السياسي وفقدان الثقة بالقوى التي تمارسها اولا.
تذكروا دائما بأن السحر قد ينقلب على الساحر .
 
 
احسان جواد كاظم
________________________________________

407
ويحك يا مالكي !
ويلك يا ائتلاف !
تبا لك ايتها الميليشيات !


ابرم الائتلاف العراقي الموحد والتيار الصدري يوم الاثنين الفائت اتفاقا بين الطرفين لانهاء التوتر الامني في مدينة الثورة - الصدر مع ان كل ظننا (ان بعض الظن اثم) ان التوتر هو بين الدولة واجهزتها الامنية وميليشيا جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر, وليس للائتلاف العراقي دورا في هذا التوتر ناهيك عن كونه طرفا لكي يعقد اتفاقا مع طرف آخر والا كانت الاتهامات التي ساقها التيار لفيلق بدر بتصفية عناصره صحيحة.
ان تبني الحكومة الاتفاق, ثلم الثقة التي بدأت جماهير شعبنا توليها رئيس الوزراء نوري المالكي واجراءاته, بعد كسر شوكة ميليشيات الارهاب في البصرة , لان الاتفاق لم يتضمن حل جيش المهدي وتسليم سلاحه حسب الشروط الاربعة التي اعلنها رئيس الوزراء اثناء معارك البصرة والتي نالت تأييدا شعبيا واسعا. فالاتفاق يدعو الى انهاء المظاهر المسلحة فحسب وهي عودة صريحة لأتفاقيات تبويس اللحى التي مارستها الحكومة مع التيار الصدري والتي لم تجد نفعا لمرات عديدة. وهذه المرة ايضا يعمد قادة التيار الى ممارسة سياسة القط والفأر بعد الخسائر المادية والمعنوية التي تكبدها في البصرة ومناطق العراق الاخرى وتراجع هيبته وانكسار شوكته ووضعه في حجمه الطبيعي. فالموافقة على غلق محاكم التفتيش الدينية الغير قانونية التي انشأها مقتدى هي جزء من ذلك الانكسار.
ان تعبير انهاء المظاهر المسلحة, يعني ببساطة سحبها من الشوارع واخفاءها في مخابئها الى حين, لكي لاتقع عليها عيون المواطنين لكنهم يعلمون بوجودها وانها يمكن ان تستعمل ضدهم عندما تحين الفرصة لذلك اي اننا ازاء عملية ارهاب مستتر ومؤجل. وبهذا ستحافظ هذه العصابات على تسلطها وتجبرها على الابرياء من مواطنينا. وما موافقة الائتلاف على هذه البند الا محاولة منه لايقاف الكرة المتدحرجة التي ستصل الى مخابيْ اسلحته التي لم يسلمها للحكومة بعد.
اضافة الى ذلك فان الاتفاق قد يحسب انجازا لصالح الائتلاف, لاسيما واننا على اعتاب الانتخابات البلدية في اكتوبر القادم مع احتفاظ اشياع الصدر ببعض من ماء الوجه بعدم تجريدهم من اسلحتهم.
يكاد يكون مصير الاتفاق ظاهرا للعيان. فالوشائع والوشائج بين الاحزاب الدينية لايمكن ان تستمر لأن هذه الاحزاب قد اثبتت اكثر من مرة انها لاتستطيع ان تسمو الى مستوى اللحظة التاريخية للمساهمة في بناء الوطن, فهي تبحث اساسا عن مصالحها ومنافعها الفئوية على حساب مصلحة الوطن وابناءه.
ان على رئيس الوزراء نوري المالكي ان يتعلق بأستار الدعم الشعبي والاستجابة لمزاجه والتي اكدت الاحداث في الرمادي اولا ثم في البصرة لاحقا ما لها من تأثير في حسم الامور نحو فرض النظام وطرد العصابات الارهابية.
وبحكم موقعه الدستوري يتوجب عليه العمل على تحريرهم من اختطاف الميليشيات والمجرمين لهم ولمدنهم وتخليصهم من سطوة الأوباش الدموية. وبذلك فقط يمكن للحكومة ان تركن الى مساعدة مؤثرة وفعلية من المواطنين المتحررين من ربقة الخوف في مقارعة الارهاب.
لقد اثبتت الاحداث في غزة ولبنان ان سلاح الميليشيات الدينية ليس سلاح مقاومة بل سلاح غدر وتسلط لذا يجب تجريدها منه لخلاص عباد الله من جورها.
" ورب قاريْ للقرآن يلعنه القرآن " .


احسان جواد كاظم

408
هل من وشيعة بين الشيعة ؟

قد يكون طرح هذا السؤال مبررا لمن يشاهد ويسمع مايجري في العراق ومديات الصراع بين القوى السياسية الشيعية والذي دخل حد التصفيات الجسدية بعضها البعض بعد مرحلة تبادل الاتهامات.
طبعا الوشائج والوشائع بين ابناء شعبنا عامة تشهد ترميما متواصلا بعد ماشابها من تهشم بسبب العمليات الاجرامية لعصابات القاعدة وحلفاءها المحليين وانجرار ميليشيات شيعية وراءها في عقاب متبادل لمواطنين ابرياء, هم ليسوا طرفا في نزاعهما الطائفي المقيت لابل يرفضوه. فالعلة اذا تكمن في الاسلام السياسي وصراعاته.
وكان السيد احمد الجلبي قد اعلن مقترحا قبل سنوات عما يسمى بالبيت الشيعي لجمع هذه القوى خصوصا بعد ظهور حاجة للتمترس بعد تفجير ضريح الامامين العسكريين في سامراء. لكن تجسيد هذا المقترح لم يتعد سلسلة من اللقاءات المتفرقة هنا وهناك لتشكيل تحالف او تجمع للاحزاب السياسية الشيعية غير ان الصراعات والنزاعات على مصالح فئوية للحصول على اكبر حصة من الكعكة, اجهضت المقترح واصبح الحديث عما يسمى " مصالح الطائفة " في مهب الريح. حيث كان من المفترض ان يكون هذا البيت اطارا سياسيا لهذه المصالح.

"مصالح الطائفة " اية طائفة, هو مصطلح مبهم, هلامي لايمكن سبره. هل مصالح الطائفة هي مصالح رجال الدين او عليّة القوم فيها ؟ ام من ؟
فالشيعة كغيرهم, يتوزعون على انتماءات طبقية وفكرية ولديهم تطلعات واذواق مختلفة. فبينهم الغني والفقير وبينهم الرجعي والتقدمي وبينهم المجرم والضحية... وكان للتاريخ القريب ترجمته الموثقة لهذا التنوع السافر في تكوين الطائفة وتناقض المصالح فيها. فقد كان لانحياز سيد محسن الحكيم الى جانب الاقطاع في تناغم مصالح واضح ضد قانون الاصلاح الزراعي الذي سنته ثورة تموز 1958 ابلغ مثال, رغم ان القانون جاء انتصارا لمصالح فقراء الفلاحين والذي يشكل الشيعة جزءا واسعا منهم. لذا فان الحديث عن مصالح متجانسة لأفراد الطائفة هو ضرب من الخيال.
اما في وقتنا الراهن فقد توزعت القوى الدينية على احزاب وتيارات متعددة وهذا بحد ذاته تعبير عن اختلاف المصالح. فالتيار الصدري يمكن اعتباره ممثلا لطيف شعبي واسع من المهمشين الفقراء الذين عانوا من اضطهاد النظام البائد ولم يجنوا شيئا من ثمار التغيير الذي حصل بعد سقوط الدكتاتورية. وهو ما استطاع قادة التيار استثماره لمصلحتهم وبشكل فج وحولوا الضحايا من مريدي التيار واعضاءه الى جناة او وقود لنزواتهم. في حين ان اغلب الثمار جنتها الاحزاب الدينية الاخرى كالمجلس الاعلى والدعوة اللذين يعتبران حزبا النخبة الدينية. قياداتهما كانتا تنعمان بطيب العيش في ايران واوربا.
ان المرجعية الدينية الشيعية التي تطرح نفسها كأب راع لمجموع العراقيين وليس فقط لشيعته, عليها ان تنأى بنفسها عن التورط في دعم هذا الحزب السياسي او ذاك ولجم محاولات الاحزاب السياسية تجيير مواقف وشخوص ورموز المرجعية لصالحها في صراعها السياسي مع القوى الاخرى.
كما تظهر حاجة فعلية للاستعجال في سن قانون للاحزاب, لايسمح بتشكيل احزاب على اساس طائفي ولتنظيم العمل الحزبي. نصيحة لله نسديها للاحزاب الدينية بالتفكر "فلو دامت لغيرك ماوصلت اليك" .


احسان جواد كاظم

409
تاجر السلاح ... غير طائفي !!!


كشفت مداهمات القوى الامنية العراقية لاوكار الميليشيات الاجرامية عن مخازن لأسلحة مختلفة منها اسلحة ايرانية حديثة الصنع ومعلومات عن مهربيها. ان كل المسؤولية يتحملها رجل الدين , تاجر السلاح, الذي جعل الدين مطيّة لنيل أطماعه الخاصة مستغلا مركزه الاجتماعي للتغرير بالبسطاء من الناس عن نعيم الجنة وحور العين والولدان المخلدين الذي ينتظرهم وهو المتيقن بأن جنته الحقيقية هي على الارض, فأفعاله تناقض مواعظه للآخرين, حيث يكثر الحديث عن استقتال رجال دين وقوى سياسية دينية على حيازة أراضي وأملاك وثروات بمختلف الطرق الغير شرعية, ولم يكرموا او يشاركوا الراكضين ورائهم بفتات مايكنزون وان ترحموا عليهم بشيْ فلكي يكونوا تابعين خانعين... وقود لنزوات وحروب يفلسفونها بنصرة الدين والحفاظ على بيضة الاسلام... فيصبح هؤلاء البسطاء مجرد ضحايا لتطمين أطماع تجار سلاح -ايرانيين وعراقيين -شياه للذبح... فهم يولدون اولا واخيرا لأجل التضحية.
وأصبح معروفا بأن دعم تاجر السلاح الايراني لم يقتصر على تسليح جهة طائفية مقربة منه دون اخرى بل تثبت الوقائع شمولها جهات تعتبر معادية له طائفيا وفكريا كتنظيم القاعدة الارهابي في العراق الذي يكفر الشيعة الذين يطرح النظام الايراني نفسه كمدافع عنهم. لكن ما الذي لايمكن عمله لأجل عيون المصالح الانانية العليا لدولة ايران الاسلامية؟ فكل شيْ لأجلها يهون.
ان الاجراءات الامنية التي شرعت بها حكومة نوري المالكي في البصرة ومدن اخرى واخيرا في بغداد, كانت ضربة قوية لتجار السلاح الايرانيين والعراقيين وهي لم تشمل فقط القوى هدف العملية العسكرية كجيش المهدي وغيره من الميليشيات الاجرامية بل انها لابد وان تلحق بأذيال تجار سلاح الاحزاب الدينية المتنفذة الاخرى المتحالفة مع ايران والتي وان ايدت خطوات رئيس الوزراء المالكي على مضض الا انها بدأت تتحسس اماكن مقاتلها. فالكرم الايراني له حدود وشروط وبدون استمرار التموين من مال وسلاح يصبح وضعها محرجا خصوصا مع فقدان مصادر مهمة كانت تدر عليها أموالا طائلة مثل الموانيْ والتهريب والاتاوات التي فرضتها على المواطن وتصاعد الرفض الشعبي لتدخلاتها الفضّة في خصوصياته ورفعها السلاح بوجه جميع العراقيين بغض النظر عن أديانهم او طوائفهم بأسم الدين.لكن لازالت ورقة الاحزاب الدينية المتمثلة بالمرجعية الدينية في النجف ماضية ولها وزنها ولابد وان هذه الاحزاب ستلعبها في حينها, لكن هل لازالت المرجعية راغبة في اسناد قوى الاسلام السياسي الفاسدة الاستبدادية المتخلفة والى متى ؟
الجواب على هذا السؤال سيظهر هل اننا سائرون بأتجاه بناء المواطن السوي والوطن المعافى ام تغليب المصالح الفئوية للاحزاب الدينية الطائفية.
وكما قال الكاتب الكبير نجيب محفوظ : خيبة أملنا تعني ان أملنا لم يكن في محله.
 
احسان جواد كاظم

410
المنبر الحر / أبقارنا المقدسة !!!
« في: 20:27 23/04/2008  »
أبقارنا المقدسة !!!

لسنا هندوسا ولكن لنا أبقارنا المقدسة التي تصول وتجول وتتدخل في الشاردة والواردة من امورالبشر . وهي ليست كما أخواتها الهنديات الساهية اللاهية.فأبقارنا تجترّ باستمرارماضيا استحلت مذاقه المرّ وعلى اساسه, ترسم خطواتنا على مزاجها وتثيبنا وتعاقبنا حسب قوانينها ثم تقرر مصائرنا. المصيبة انها لاتدّر, لاشهدا ولا لبنا ولا اي شيْ آخر رغم ابتلاعها لثرواتنا. صخلة غاندي اكثر منها فائدة ووفاءا.
منتهزي فرص, امتطوا اللحظة التاريخية ليقفزوا الى دست السلطة السياسية والاجتماعية. اعتمروا عمائما واطلقوا لحى وانتكبوا سلاحا ثم اختلقوا لهم قدسية وراثية او حزبية دينية واخرى متمسحة بعباءة عالم دين, فظهر منهم امام جامع بصفة مفخخ سيارات او روزخون برتبة جنرال.
جيّروا السياسة للدين والدين للسياسة. الميكافيلية تتبرأ من ممارساتهم. فمن ذا الذي يجرأ على انتقاد هذه الابقار المقدسة؟
ان احداث البصرة الاخيرة وقرار الحكومة الجريْ بانهاء العصابات المسلحة وايقاف سرقتها لموارد البلاد وخرق عباءة القدسية الدينية الزائفة التي تبرقعت بها الاحزاب الدينية المتسلطة, حضت بترحيب وطني عام ويتشكل رأي عام شعبي مقتنع بان دور هذه الاحزاب يعرقل عملية التطور المنشودة في كل مجالات الحياة.
تحدث احد الاصدقاء بعد زيارة أهله في الوطن بانه في احدى المؤسسات الرسمية ارادوا ان يطلوا احد الاجهزة لصيانتها لكنهم واجهوا مشكلة كبيرة, فقد كانت صورة احد رجال الدين المتنفذين وقائد ميليشيا ملصقة عليها وليس هناك من يتجرأ على رفعها. لا المدير ولا المهندس ناهيك عن العامل خوفا من التبعات الوخيمة لذلك. فالحياة أثمن من صورة تافهة لملتحي.
وكم من مرة شاهدنا على شاشات الفضائيات معمما يفتتح مشروعا بلديا او يستقبل وفدا من الاطباء البيطريين لحل مشاكل لايفقه منها شيئا ورغم انه لايشغل وظيفة حكومية وليس نائبا برلمانيا, ولا اعتقد ان هناك من كلفه بذلك بالنيابة. ان عملية تلميع الذات التي يمارسها هؤلاء تذكرنا بمسرحيات رأس النظام البائد وتسويق نفسه بأعتباره عبقري زمانه والقائد الضرورة.
ان الهدف من عمليات البصرة كان تجريد الميليشيات الخارجة على القانون من سلاحها... لكننا نتساءل: ماذا عن سلاح الميليشيات غير الخارجة على القانون حاليا؟ وكان التيار الصدري قد اتهم الحكومة بالتغاضي عن ميليشيات بدر وحزب الدعوة وكذلك قوات البيشمركة... ففيلق بدر قد تحول الى منظمة بدر الا اننا لم نسمع بتسليم سلاحه الى الحكومة ونفس الشيْ بالنسبة للميليشيات الاخرى غير الخارجة على القانون حاليا, ام انها ابقارا مقدسة لايمكن المساس بها.
ان عدم الوضوح جعل " البقر تشّابه علينا".

احسان جواد كاظم

411
التكأكأ على كل ذي جنّة


هذا هو مايحدث في بلادنا.حيث تتجمع اعداد غفيرة من الشباب العراقي الباحث عن عمل امام ابواب مشايخ ورجال دين - هم اولاد شرعيون للفترة المظلمة التي شهدناها منذ مايقارب الثلاثين عاما - للانتظام في ميليشياتهم.
فقد عاد العراق القهقرى في مستواه الفكري والسياسي الى ماقبل الدولة الحديثة حيث تنتشر الخرافات والخزعبلات الدينية التي يروج لها روزخونية مهمتهم الاساسية استبكاء البسطاء بأساطير ماأنزل الله بها من سلطان. وفي ظل ثقافة تمجيد العنف والحملات الايمانية الموروثة من النظام البائد والتي تجسدت بعمليات القتل المنظم الذي تمارسه عصابات القاعدة والميليشيات, تتنامى ظاهرة الاتجار بالمقدسات.
فبين حين وآخر يظهر ذو جنّة ويعلن مهديته بين ظهرانينا مستمدا قدسيته من دولارات مخابرات اجنبية ليدفعها لمريديه لأستجداء هذه القدسية المزيفة لنفسه.
يعلل البعض اسباب الظهور المفاجيْ للحركات المهدوية المتنوعة الى سنوات الكبت الطائفي الذي مارسته الدكتاتورية المقبورة اضافة الى محاولة القوى الدينية استغلال فرص الصعود الاجتماعي بأي شكل من الأشكال مرة بلبس جبّة رجل الدين واخرى بتنكب سلاح الجهاد او كلاهما, غير ان لذلك اسبابا اخرى تضاف الى تلك كانسداد الافق امام الشبيبة وفقدان الامل في مستقبل زاهر.
وقد كانت النشاطات المريبة لهذه الحركات تجري تحت سمع وبصر الاحزاب الدينية المتنفذة لابل ان هذه النشاطات تلاقي ترحيبا مبطنا من لدن هذه الاحزاب. ففرض الحجاب ومنع الاختلاط ومحاصرة مظاهر التمدن وتكريس التخلف هي جزء اساسي من ايديولوجيتها ,ناهيك عن سكوتها المطبق عن الاغتيالات التي طالت مثقفين ونساء... فهذه الحركات قدمت خدمة مجانية لتلك الاحزاب بتنفيذها للاعمال القذرة عنها بدون ان تتحمل هي وزرها. ولكن كان لابد وان تصل النار الى اذيالها بعد ان تضخمت ادوار هذه الحركات بفعل الدعم المخابراتي لدول الجوار واغماض العين عن جرائمها, وأخذت تزاحمها على التحكم برقاب الناس فرمتها بالمروق. وكان المدعو ابو سجاد احد القادة العسكريين لمجموعة احمد اليماني في لقاء معه على الفضائية العراقية اعلن انه اثناء زيارته لايران التقى احد اعضاء مجموعة  اليماني وسلّمه مبلغا كبيرا من المال لتحسين اوضاعه المعيشية وخيّره بين ان ينشط بالبصرة او ايران لصالحهم. ولابد لكل ذي فطنة ان يشم من ذلك دورا للسافاك الاسلامي في دعم هذه النشاطات المشبوهة والتي نشهد اليوم تجلياتها في مدينة البصرة.
ان تجميد عمليات جيش المهدي ربما كان محاولة لتمييزه عن الحركات المهدوية كجماعة جند السماء التابعة للكرعاوي او لمجموعة احمد اليماني. لكن يبقى وجود هذا الجيش غير شرعيا لتعارضه مع بنود الدستور التي تنص على ان لاجيش الا جيش الدولة والذي صوّت عليه الصدريون انفسهم. والكل يشهد لما لتجميد جيش المهدي والضربات الموجعة التي اكيلت لعصابات القاعدة من أثر ايجابي على استتاب الامن الذي لاقى ترحيبا شعبيا كبيرا.
ان نشاط التنظيمات الظلامية في العراق الذي يزخر بمظاهر التنوع الثقافي, الديني والمذهبي والاثني والاجتماعي هي وصفة جاهزة لخرابه لاسيما وانهم جميعا آلوا على انفسهم ألا يقرأوا علينا الا آية العذاب.
وما عليك عزيزي المواطن الا ان تصرخ في وجوههم : افرنقعوا عني!

احسان جواد كاظم

412
نوابنا ... نوائبنا تمشي على الارض

 

نواب المحاصصة الطائفية والقومية اعني. فكل يوم نسمع مايكدر صفو راحة بالنا ويعطل عمل البرلمان, نحن الذين ننتظر منه النهوض بواقع مواطننا العراقي ويخفف عن كاهله معاناة سنين - يوم نواب يتغيبون عن جلساته وآخرون يحضرون لكنهم غير موجودين. كتل تنسحب لاسباب واهية ثم ترجع. نائب يعتدي على زميله من قائمة اخرى. ونائب يقود عصابة قتل وتهجير طائفي وآخر يدافع عن جيش عقائدي يقاتل جيش الدولة من تحت قبة البرلمان. وازاء كل هذا, ليس هناك من حسيب او رقيب, فترتيبات المحاصصة وتوزيع الغنائم تستدعي تغاضي طرف عن ممارسات الطرف الآخر والا... والعياذ بالله مما سيتبع هذه ال " الا". حتى انهم لايعطون بالا لتذمر المواطن, فموعد الانتخابات القادمة لازال بعيدا ولازال هناك مجالا لغرف المزيد من اموال الشعب وتعمير الجيوب.
عطلهم تنتهي لتبدأ اجازاتهم المرضية خارج الوطن ثم يعقبه عيد لايرى هلاله الا بعيون طائفية فيمتد الى ماشاؤا وليس الى ماقدر الله ... وما ان يجلسوا حتى يحصل الخلاف على برنامج الجلسة واولوياته. فرئيس المجلس المشهداني يؤجل على مزاجه مشاريع قوانين يراها الآخرون ملحّة , لترفع الجلسة قبل ان تبدأ لأداء صلاة الظهر ثم الغداء وقيلولة ضرورية لاستعادة النشاط , لينتهي يوم آخر وجلسة أخرى من جلسات مجلسنا الموقر. ومواطننا ينتظر الفرج. وكذلك مشاريع القوانين التي تخص حياة المواطنين اليومية والمستقبلية يمكنها ايضا ان تنتظر الاقرار ... فهي على كل حال ستحسم خلف الكواليس في مساومات واتفاقيات توزيع الغنائم وحسب توازنات القوى وماافرزته على الارض. حتى نواب الشعب الحقيقيين الساعين الى تجاوز المحنة والنهوض بواقع الحال, كبلّوا بفعل مناورات ومشاحنات وهيمنة نواب المحاصصة. والخاسر الوحيد في كل هذا المواطن البسيط ... عموم الشعب ثم الوطن الذي مزقوه على مقاساتهم الطائفية والعنصرية المقيتة.
وآخر نائبة بلّونا بها كان حجهم الجماعي الى مكة في هذه الظروف العصيبة التي نعيشها, طمعا في الامتيازات التي يحصل عليها النائب الحاج, والبلاش ماينحاش, ناهيك عن امتيازات مابعد الحج المعنوية وبرستيج الحجي.و لكن "ياما ضيّع الحجاج في دروب مكة". اما نحن فسيكون لدينا برلمان حجاج لكن بدون مصداقية. فتذكر اخي المواطن يوم الحساب لهؤلاء اعني يوم الانتخابات القادمة اما يوم الحساب الآخروي فيتكفل به رب العالمين ليأخذ منهم حقوقننا. واعيادكم كلها سعيدة.

احسان جواد كاظم

413
خبأ هوية جدتك الشخصية !!!

دعوة يتداولها الشباب البولوني على سبيل المزاح لمنع جداتهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية - المزمع اجراؤها يوم الاحد القادم 19-تشرين اول الجاري - والتصويت لصالح اليمين المرتبط بالكنيسة, حيث يتأثرن بدعوات القسسة في اختيار نوابا يخدمون مصالح الكنيسة الكاثوليكية بعد قداس الاحد. ولايخفى الدور المؤثر الذي لعبته الكنيسة البولونية في منعطفات تاريخية عديدة ليس آخرها تغيير النظام الاشتراكي في بولونيا بعد تربع البابا يان بافل الثاني على العرش البابوي في الفاتيكان ودعمه الكبير لمنظمة التضامن منذ تأسيسها عام 1980 والتي كان يقودها ليخ فاونسا في صراعها مع الحكومة الاشتراكية ثم حصول التحول الى الراسمالية عام 1989 بتسليم الشيوعيين السلطة سلميا لمنظمة التضامن بعد انتخابات عامة.
اما الآن وبعد تصاعد دور الكنيسة في الحياة السياسية والاجتماعية وتوسع املاكها ومؤسساتها ومواردها وتأسيس وسائل اعلام مؤثرة خاصة بها كراديو ماريا وقناة ترفام التلفزيونية اصبحت اكثر فعالية و تديرهذين المؤسستين شخصية مثيرة للنقاش هي الاب ريدزيك ذو التوجه الديني القومي المتزمت. وقد قدّر البعض عدد مستمعي راديو ماريّا بثلاثة ملايين , اغلبهم من كبار السن ومن النساء خاصة. من هنا جاءت دعوة الشباب لمنع تحقق رغبات ريدزك.
كما يحظى الاخوين التوأمين, رئيس الجمهورية ليخ كاجينسكي ورئيس الوزراء ياروسلاف كاجينسكي بعطف الاب ريدزك وراديو ماريّا وعموم الجهاز الكنسي الكاثوليكي في بولونيا.
وكانت الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة قد ادت الى تنامي البطالة وتدني المستوى المعاشي لعموم الشعب البولوني والتي قادت الى اندلاع اضرابات متتالية لشرائح مختلفة ,كان ابرزها اضرابات العاملين بالمجال الصحي والانهيار التام لنظام الرعاية الصحية في البلاد.
كما ان السياسة الخارجية للاخوين تنطلق من العقد التاريخية المتراكمة متضافرة مع الايديولوجية الدينية. فقد طالبت الحكومة البولونية من برلمان الاتحاد الاوربي اضافة فقرة تتعلق بالتراث المسيحي لاوربا في دستور الاتحاد الاوربي وهو مالاقى رفضا واسعا من لدن اغلب دول الاتحاد ثم سياسة اثارة الدب الروسي التي تمارسها حكومة الاخوين والتي تجسدت بمظاهر متعددة, مثل اسناد الثورة البرتقالية في اوكرانيا نكاية بروسيا ثم احتضان ناشطين شيشان معادين لروسيا على اراضيها, ثم القضية الاهم, رفض مد انبوب الغاز من روسيا الى دول اوربا الغربية مرورا ببولونيا, مما حدا بروسيا ودول الاتحاد الاوربي بمده في اعماق مياه بحر البلطيق وهو ماادى الى امتعاض سياسي لدى دول الجوار واحتجاج داخلي بسبب فقدان موارد طائلة من اموال الترانزيت. هذا ماعدا مااضافته خطط نصب الولايات المتحدة نظومة الدفاع الصاروخي في بولونيا من توتر مع روسيا.
وقد علل بعض المحللين السياسيين دعوة الرئيس كاجينسكي الى انتخابات برلمانية مبكرة بوجود ازمة سياسية واقتصادية تشهدها البلاد تستدعي حلها وهو مالايود الاعتراف به الرئيس. وكانت مناظرات تلفزيونية بين الرئيس الحالي والرئيس السابق كفاشنيفسكي ممثلا عن تحالف اليسار والديمقراطيون( يسار الوسط) ودونالد توسك رئيس المنبر المدني الليبرالي النزعة كل على حدة, قد بينت حدّة الخلافات بين السياسيين البولون. فقد شن حزب الاخوين ( القانون والعدالة) حملة عدائية ضد اكبر حزبين منافسين له وهما (حزب المنبر المدني) و(تحالف اليسار والديمقراطيون) اللذان من المتوقع ان يعقدا تحالفا بعد الانتخابات لضمان الأغلبية في البرلمان.
وفي استفتاء قامت به مؤسسة PBS لصالح صحيفة Gazeta wyborcza الصحيفة الانتخابية و مجلة Polityka السياسة, الواسعتين الانتشار ليوم
15-16 /تشرين الاول الجاري قد اظهر النتائج التالية: المنبر المدني (حزب ليبرالي) ؛ 39% Platforma Obywatelska :,القانون والعدالة (الحزب اليميني الحاكم) PiS :34% ,اليسار والديمقراطيون(تحالف يسار الوسط) LiD :15% ثم الحزب الشعبي البولوني(حزب الفلاحين)PSL :7% واحزاب اخرى لم تعبر حاجز ال5% لدخول البرلمان.
اضافة الى الدعوات الطريفة لتخبأة هويات الجدات الشخصية , هناك دعوات تقول: تترفع عن المشاركة بالانتخابات؟ انتخب بالكفوف البيضاء ذي الاستعمال الواحد في تعبير واضح عن رفض فوز اليمين في هذه الانتخابات واحتجاج مبطن على اليسار الذي يعتبره البعض الاختيار السيْ ولكنه الاهون . وهو محاكاة لما حصل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية- الدورة الثانية عام 2002 والتي كانت بين ليبين اليميني المتطرف وشيراك الجمهوري. وقد قام الفرنسيون بالتصويت لصالح شيراك بالكفوف المطاطية ذي الاستعمال الواحد وفاز ب 82% حينها لتلافي صعود من هو اسوأ منه ليبين الى سدة الحكم.
ومن الشعارات الاخرى المتداولة ايضا: لاتشارك بالانتخابات...لاتنتقد الفائز
عدم المشاركة بالانتخابات ايضا انتخاب
مما يظهر انه ليس هناك دعوات للعزوف عن الانتخابات او مقاطعتها وانما هناك رفض عام لأملاءات الكنيسة وهو مايؤشر الى وجود وعي شعبي بضرورة الانتخاب الحر. والصراع بكل الاحوال مستمر.

 

 

                                                        احسان جواد كاظم

 

414
استغربنا اطلاق الشيخ حارث الضاري على قناة الجزيرة الفضائية دعوة تندرج بلاشك في خانة الكوميديا السوداء,رغم علمنا بان الشيخ ليس شقندحيا ولايمتلك روح الدعابة وهو مااكده توصيف احدهم له بانه : سن ماضحك بالعيد.ونفى ان يكون سبب غياب الابتسامة عن محيا الشيخ وجود الاحتلال الاجنبي للبلاد او تعرض ابناء شعبه للابادة بل عزا تجهمه هذاالى سقوط النظام البائد وكذلك من منطلق" ولاتمش في الارض مرحا".هذا عن الشيخ اما عن نكتته غير البريئة ودعوته الى التفاهم والتصالح مع تنظيم القاعدة في العراق, فهم كما ذكر اولا واخيرا عراقيون من لحمنا ودمنا والاجانب فيهم قلائل لذا فان المطلوب جرّ آذانهم لبعض الاخطاء التي قاموا بها وادانتها هيئة علماءه ثم حرّم سماحته قتالهم لان ذلك يقدم خدمة مجانية للمحتل الامريكي.
ورغم ان مبدا تهدأة الاوضاع والشروع بالمصالحة والمصارحة مبدأ سامي ومنطلق لبدأ اعمار وطننا وتعويض شعبنا مافاته من تقدم وتطور ونمو الا ان دعوة الشيخ حارث الضاري لايمكن هضمها, لانها لاتأتي ضمن مساعي تجنيب العراقيين المزيد من المآسي بل هي محاولة لانقاذ مايمكن انقاذه من بقايا امارة طالبان الاسلامية في العراق ونجدة شراذمها بعد رفض ابناء شعبنا لافكارها ومناهجها الشاذة وانتفاضهم ضدها في مناطق تواجدها. هذه اولا.
اما ثانيا فان هذه النكتة السمجة ليست موجهة الى شعبنا العراقي بل الى حلفاء القاعدة السابقين من العصابات الاسلامية والتي اعتقد بانها سوف لن تضحك لها.فالدعوة النكتة جاءت متأخرة ومتأخرة جدا لأغلب هذه القوى ان لم تكن لجميعها, لأن القاعدة تجاوزت كل الحدود ولم توفر احدا وانها استهدفت كل من يعترض على هيمنتها وتسلطها. فبعد ان ولغت في دماء العراقيين حد الترقوة وخاضت بها فهي ترتكب ذات الجرائم بحق حلفاء الامس من العصابات الاسلامية.فقد أشار بيان لاحدى هذه العصابات ان مجاهدي القاعدة اغتالوا بعض قادتها ثم قاموا بنبش قبورهم وذبحهم ذبح الشاة وتبعه قتل زوجاتهم واطفالهم.
وأخيرا لابد من الاعتراف بان كل جرائم المحتل الامريكي لاتوازي في ساديتها وجنونها جرائم مجاهدي الاسلام بحق شعبنا.فالمحتل منقشع لامحالة وهولم يجبرنا على اتخاذ افكارا او سلوكا لانقبلها او الباسنا لبوسا غير لبوسنا وان اراد ذلك فبالاقناع لابحد السيف كما يفعل المجاهدون بمختلف تلاوينهم, والذين تدخلوا في كل صغيرة وكبيرة من خصوصياتنا.
ان معاناتنا لعظيمة وآلامنا لموجعة, فما احوجنا لمن يظهر ضواحكنا لكن نكتة الشيخ جاءت بايخة بأمتياز.
لكني" سأضحك ضحكتي المرّة" كما قال غوغول.

احسان جواد كاظم

415
الايزيديون ...هؤلاء الودعاء !
لم يكن مستغربا من الارهابين ارتكاب هذه المجزرة الرهيبة واستهدافهم لاناس امنين من مواطنينا الايزيديين هذه المرة ... فهذا هو ديدنهم ودينهم , فقد غطوا كل ارض العراق وحواريه بعمليات قتل همجي. وهذا بالضيط جوهر فكرهم الظلامي التدميري وهم صادقون مع انفسهم فيما يفعلون. فالاناء  ينضح بما فيه, وقد نضحوا حقدا اسفلتيا حارقا على كل ماله صلة بالانسان و الانسانية.

ويبدو ان الارهابيين اخذوا ينهجون تكتيكا جديدا بفعل طردهم من حواضر المدن لينوجهوا نحو مناطق نائية من قرى وقصبات هي عبارة عن بيوت واكواخ هشة, ضعيفة الحماية, وخارجة عن اهتمامات السلطات المتعاقبة, تعاني الاهمال والفقر,لذا فان حصيلة تفجيراتهم ستكون اعظم تدميرا واكثر ايلاما, هذا اضافة الى منطلقهم التكفيرى ضد الايزيديين.

الديانة الايزيدية ديانة غير تبشيرية. اى انها لاتسعى الى جذب وحيازة منتسبي الديانات الاخرى اليها. فهي متصالحة مع الاخرين ومنقبلة لما يعتقدون, هذا ما لاينطبق على منتسبي الديانات التبشيرية التي تستخدم مخنلف الوسائل السلمية والعنفية - والتاريخ شاهد على ذلك- لزيادة اعداد المؤمنين بها, فيحدث الاعتداءعلى حريات وحياة الاخرين. كما ان مايميز هذه الديانة عن الديانات الاخرى هو كثرة اعيادها, ومن المعروف ان الفرح كحالة نفسية تنمي الجوانب الايجابية في السلوك البشرى.

اول لقاء لي بايزيدي كان اثناء ادائي الخدمة العسكرية الالزامية قي مسنشفى راوندوز العسكرى عام 1979 عندما قام النظام السايق- وفي سعي منه لضبط المجتمع وفرض سطونه على ابعد زوايا الوطن- الى سوق المتخلفين عن الخدمة العسكرية, فجاءتنا اعدادا ممن تعدوا حتى سن الاحنياط من قرى وقصبات بعيدة لا تجد اسماءها على ادق الخرائط العراقية واكثرها تفصيلا. وكان بينهم ايزدين مراد. انسان بسيط, هادىْ الطبع , يفعل مايؤمر به,فالعسكرية اوامر.ولكنه كان يتعرض للاساءة بدون سبب الا لكونه ايزيديا , من اناس لايفقهون شيئا من امور دينهم , وكان ذلك يؤلمني, انا الذي ربتني عائلتي على احترام الاخر لآنه انسان اولا وليس لآنه يحمل صفة ما . وقد ترسخت هذه المعاني بعد الانخراط في دائرة الوعي الملتزم والتاثير الالهامي لوصايا الرفيق فهد - احنرم معتقدات ابناء شعبك.... كن في مقدمة المدافعين عن الفقراء والمظلومين..... فكنت اتضامن معه برد المتعرضين له بالاساءة او لوم بعضم الاخر , قتوطدت بيننا علاقة ثقة واصبحنا نتحدث عن امورنا اليومية في الجيش والحياة العامة, فتعرفت عليه اكثر. فلاح امي, طموحاته بسيطة , سريرته نقية , لديه بستان صغيرة يرعاها مع اخوته وابيه في احدى قرى سنجار. يتحدث بلغة عربية ركيكة ولطالما اعتذر لي عن ذلك , فاعنذرت له عن جهلي باللغة الكردية . عند انهاءه الخدمة العسكرية ودعني ودعاني لزيارته في قريته التي نسيت اسمها حيث اشجار الخوخ والعرموط. ايزدين مراد هذا الايزيدي الوديع , كلمة طيبة واحدة كانت كافية ليمنحك الثقة والحب والصداقة فقلبه لا يعرف الحقد. بعدها التقيت بالكثير من الايزيديين وقرات عن معتقداتهم وتضحياتهم  البطولية في مقارعة الاستبداد والظلم.

ولكن لقاء ثاني بايزيدي اخر عززت اعجابي بسجايا هذا الجزء الاصيل من شعبنا العراقي. فقد حضرت تدوة للباحث الدكتور خليل الجندي قي المانيا مع صديق لي وكنت وصديقي فقط ممن لايفهمون اللغة الكردية من بين الحضور, قانتبه لوجودنا واقترح القاء المحاضرة باللغة العربية احتراما لحضورنا وكان ذلك وسط همهمات البعض. هذا الموقف بيّّن لي مدى التسامح الذي يمتلكه هذا الانسان الرائع بعلمه واخلاقه - في وقت اصبح التعصب القومي ظاهرة - وجديته في التعريف بمعتقدات ابناء جلدته ودحض الافتراءات ضدهم. ثم التقيته صدفة مرة اخرى في قطار لنتحدث عن امور وطننا وشعبنا , فكشف لي عن تواضع جم وطيبة لامتناهية.

هذان الايزديان بما يمثلانه من سجايا وقيم يعبران عن امتلاء روحي يفتقده الارهابيون بخواءهم الروحي , ولهذا استهدفوا اهليهم الآمنين في سنجار.

مأساة الايزيديين هذه اثارت ردود فعل متباينة , الصادقة والمرائية والمصلحية. فقد عبر الكثير من مواطينا ومثقفينا عن غضبهم لهذه المجزرة الرهيبة وطالبوا بكشف ملابسات حدوثها والمتهاونين والمسؤلين عنها ثم حمايتهم واعادة بناء قراهم وتعويضهم. البعض الاخر عبروا عن ألمهم فحسب وكفى الله المؤمنين.والقوميون الاكراد وجدوها فرصة سانحة لقضم اراض جديدة لضمها لاقطاعيتهم.

الدستور العراقي يضمن المساواة التامة لكل العراقيين لكن بثور المحاصصة الطائفية والقومية قسمت العراقيين الى مواطنين من درجات مختلفة ولاحل الا بفصل الدين عن الدولة واعتماد القانون في احقاق الحقوق.



احسان جواد كاظم

416
استبشر الصينيون والشعوب التي تنتمي الى عائلتهم الثقافية بعام الخنزير في التقويم الصيني,الذي ابتدأ هذا العام منذ منتصف شباط الماضي. ومما هو معلوم فان شخص من كل ثلاثة في العالم هو صيني او من الشعوب المنتمية الى العائلة الثقافية الصينية. وفي الميثولوجيا الصينية, فان الخنزير يعتبر من اكثر ابراج الحظ مرحا ويرمز الى التوافق وتلافي المشاكل - ونحن نفتقد للاول ولدينا الكثير من الثاني -  لأن من سمات الخنزير انه داجن, لايعرف المكائد بل هو مغفل وحميم في تعامله مع البشر ويجلب معه الرفاه المادي كما يرون. اما سلبيته فتكمن في عدم احترامه لخصوصيات الآخرين وملكيتهم. لهذا يؤمن الآسيويون بان عام الخنزير هو وقت مناسب لعقد الصفقات التجارية واستهلاك ما تراكم من مصادر الرفاه.

ولايعتبر الخنزير رمزا معيبا لدى اجداد شعب الكيتان - هي مجموعة أثنية غير صينية تقطن وسط منشوريا - وفي ميثولوجيتها يعتبر رأس الخنزير رمزا للحكمة والرفاه.

اما بالنسبة لشعوبنا التي تنتمي الى ثقافة شريعة موسى التحريمية والتي تنظر للخنزير نظرة دونية وتحرم أكله لأسباب هي بالاساس اقتصادية وليست دينية او صحية كما يدعون - فقد كان قوم موسى رعاة غنم يسعون لاستمرار اعمالهم وتجارتهم, فجاء تحريم أكله , هو الحيوان البري المتوافر والسريع التكاثر والذي يمكن ان يكون مصدر غذائي رخيص, واستهلاكه سيؤدي الى كساد تجارتهم - وبسبب ذلك فاننا نرفضه ونرفض عامه, مع حاجتنا الماسة للتوافق في منطقتنا التي تنغل بالمشاكل. وان سماته السلبية بعدم احترام خصوصيات الآخرين والتعدي على ممتلكاتهم سمة استمكنت من البعض في بلداننا ولم تستمكن من البعض الآخر, سمته الايجابية, عدم معرفته بالمكائد. فكانت لدينا محاولة انقلاب عسكري اتهم بها أياد علاوي, أثارت حنق المالكي والقائدين الكرديين البرزاني والطالباني. وجرى التهديد بفضح الدول التي تقف وراءها. ثم جاء انقلاب المشهداني رئيس مجلس النواب على مجلسه بعد حادثة اعتداء افراد حمايته على نائب برلماني ورفضه الاستقالة رغم مطالبة اغلبية النواب بعزله, بعده كان انقلاب جبهة التوافق وتراجعها عن تعهداتها بأستبدال المشهداني بآخر يقبله النواب... فخلقت ازمة سياسية وادخلت مجلس النواب في متاهات خلافية تاخذه بعيدا عن مهامه ومسؤولياته التي ينتظرها المواطن العراقي من نوابه الذين انتخبهم تحت وابل القصف..

ثم تكلل كل ذلك بانقلاب ممثلي التيار الصدري في مجلس النواب, بانسحابهم منه يشكل غير مبرر, في احتجاج لايعرف ضد من ؟ هل هو ضد البرلمان ام ضد الحكومة ؟ بعد تفجير منارتي الامامين العسكريين في سامراء واشتراطهم بناء الحضرة العسكرية وكل الجوامع السنية والشيعية التي دمرت في العراق ( من دمرها ياترى ؟ 1 ) وكأنه لم يبق للمواطن العراقي من هموم سوى ايجاد محراب للصلاة بعد ان وفر له نواب التيار الصدري وحكومتهم الرشيدة اسباب الحياة الرغيدة. ثم كان انقلاب البرزاني بتصريحه عن استحالة اعادة النظر بالمادة 140 الخاصة بكركوك رغم ان الدستور ذاته ومواد كثيرة فيه مطروحة للنقاش لتبديلها وحسب نص دستوري منه وبيه.

ان محاولات تعطيل العملية السياسية التي تقوم بها جهات معادية لها مثل عصابات القاعدة وايتام النظام البائد وعصابات الجريمة امر مفهوم واسبابها معروفة, لكن محاولات جهات من داخل العملية السياسية تعطيلها, لايمكن تفسيرها الا انها الثمرة المرة للمحاصصة الطائفية والقومية التي يجبر ابناء شعبنا على قضمها وتجرعها.

وتوجد الكثير من الاعتراضات على اداء مجلس النواب الضعيف بسبب اقراره لقوانين مجحفة ضد حقوق المرأة وقوانين الخصخصة والاستثمار الاجنبي وتهرب قوى فيه من اقرار قانون الاحزاب السياسية وقانون مجالس المحافظات... الا انه يبقى اطارا لحل الاشكالات ووضع الحلول بعيدا عن لغة العنف.

ورغم حديثنا عن الانقلابات التي نرفضها لوجود آليات تداول سلمي وديمقراطي للسلطة, فان امكانية نجاحها في ظروف العراق الحالية صعبة. فليس هناك قوة قادرة على القيام بذلك فقواتنا المسلحة غير متجانسة وتتنازعها تدخلات مختلفة تحكمها توازنات معينة, الاخلال بها يعني اندلاع حرب اهلية ليس فيها منتصر, كما ان الوجود الامريكي كقوة ضاربة عاتية لاتسمح بذلك ومصالح الولايات المتحدة لاتسمح لقواتها بالمغامرة في اسناد طرف ضد آخر, رغم امكانية توفر رغبة لدى بعض الساسة الامريكان في تغيير حكومة المالكي.

اما وان شوارعنا وبرلماننا وتلفزيوناتنا تمتليء بالعلماء من معتمري العمائم فاننا احوج مانكون ان ناخذ العلم من الصين, لا التعلق بوهم قدرة عام الخنزير ان يجد لنا حلولا جاهزة سريعة ... رغم ان الاستغراق بوهم لذيذ, راحة للبال.

 

 

احسان جواد كاظم

 

417
المنبر الحر / كن طيبا كالخبز !
« في: 11:28 07/06/2007  »
كن طيبا كالخبز !


أدهشتني هذه الجملة عندما قرأتها اول مرة, ببساطتها وعمقها. هي جملة أمر بصيغة رجاء. توجت هذه النصيحة مدخل كنيسة خشبية صغيرة تتكيْ على صخرة مطلة على فم وادي سحيق, يمر جنبها غدير ماء رقراق في احدى مفازات جبال تاترا على الجانب البولوني.

هذه الجملة الساحرة , كما أراها, قالها المسيح, وهي تجمع في طياتها تمجيد للعمل والأنسان,من اول حرث الارض, لزرع البذرة واحتضانها ثم حصدها وطحنها, لتخمر وتعجن وبعدها تشوى فتصبح خبزا يمنح الأنسان الشبع والعافية.

اما طيبته فلا تقتصر على طعمه... فمن يتمثل كل هذا الجهد لابد وان يشعر بالأمتنان والعرفان لمن أعده, فيكتسب بأمتنانه الطيبة بسلوكه. وربما لذلك كانت جدتي تأمرنا بتقبيل كسرة الخبز ووضعها على جبيننا في تعبير فطري عن التقدير, هو في ظاهره ديني ولكنه في جوهره انساني. فالأنسان بذاته من عجينة هذه الأرض.

من لايتوق الى طعم الخبز؟ ومن يستطيع الاستغناء عنه؟ لا الغني ولا الفقير, لا الصالح ولا الطالح. حتى ماري انطوانيت امبراطورة فرنسا عرفته رغم اقتراحها على رعاياها الثائرين بسبب الجوع, الكاتوو ان لم يتوفر لديهم الخبز الحاف.

من الطبيعي ان يرفض الأرهابي التكفيري نصيحة المسيح هذه, فليس للأنسان قيمة لديه فما بالك بالطيبة؟ ! ! ففتوى امام مأبون يمكن ان تنهي حياة طفل رضيع او أب يسعى او يحرق انجيلا ويهدم مندى ويهدد بعشيقة.

أراد الارهابي جلب يبابه لخصوبة أرض السواد وتمنى ان " لايجتمع فيها دينان" لكنه فشل, فالديانات المندائية والأيزيدية والمسيحية اعرق من الاسلام في استيطان أرض الرافدين, التي تشربتها. والعراق بدون تنوع قومياته واديانه ومذاهبه ومشاربه ونحله وثقافاته, ليس عراقا. لذا فأن قتل القسسة وتهجير المسيحيين والمندائيين واغتيال الأيزيديين وتهجير طوائف المسلمين, ماهي الا جرائم تدخل ضمن عقم الفكر الظلامي لقوى الاسلام السياسي المتزمت التي يسعى الى اغراق العراق بأنهار الدم.

يحار المرء في توصيف هؤلاء القتلة... بأية خانة يضعهم؟ كلاب... خنازير؟ فهذان الحيوانان لهما فوائدهما للبشر وطبائعهما اكرم من طبائعهم... فحتى وحوش الغاب لاتقتل الا دفاعا عن نفسها او بسبب جوعها, وهؤلاء يقتلون لمجرد القتل. سيكون تجنيا على الصخر لو شبهتهم به لأن : أفضل من أفضلهم صخرة........ لاتظلم الناس ولا تكذب

لابل حتى الحجر الأصم له فوائد جمة  وهم مضرون. فقد جاء في آية كريمة " وان من الحجر ماتتفجر منه الأنهر" .


المندى - معبد المندائيين

بعشيقة - قصبة حيث معابد الأيزيديين

 
 

احسان جواد كاظم

418
اسماء المحافظات... والشهيد فارس الأعسم

 احسان جواد كاظم

منذ اليوم الاول لسقوط نظام الدكتاتورية في بغداد, شرعت القوى الدينية باطلاق تسمياتها الخاصة على الشوارع والساحات والمستشفيات...حتى وصل حد تغيير اسماء مدن مليونية بما يحلو لهم بدون الالتفات الى الرمزية التاريخية لهذه التسميات وموقعها العاطفي لدى ملايين العراقيين, في تقليد ساذج لرأس النظام البائد الذي اطلق اسمه على مستشفيات ومدن واحياء وجوامع... فمدينة الثورة اصبحت مدينة صدام وظهرت صدامية الكرخ وصدامية العامرية وجامع صدام الكبير ومستشفى صدام المركزي... حتى حلبجة اسماها صدامية حلبجة ليكون تدنيسها تاما, وكأنه لم يكفها قتل سكانها الابرياء بسلاحه الكيمياوي.

والآن تجري مناقشات في بعض مجالس المحافظات لأعادة النظر في تسمياتها وبموافقة من مجلس الوزراء بحجة ان النظام السابق هو من اطلق هذه التسميات, بدون النظر الى تطابق هذه التسميات مع تاريخية المكان, الذي اكدته كتابات واخبار الاولين والآخرين. وان من اقترح هذه التسميات كبابل وذي قار وميسان وواسط ودهوك... هم اساتذة وعلماء ومثقفين وليس عفلق او صدام او ناظم كزار.

ان حكومة المالكي لم تحل القضايا المهمة ولكنها تفتح كل يوم ابوابا جديدة عليها , تثير عواصف جدل ومشاكل هي في غنى عنها. فالسماح لمجالس المحافظات تغيير اسماء محافظاتها, لابد وان يكون قد تم بضغط سياسي من قبل قوى التسلط التي تستعجل الحصول على امتيازات, مادية ومعنوية, جديدة لأحزابها الطائفية على حساب عموم المواطنين وتؤدي الى تراجع الثقة بحكومته. فلا يمكن ان تخضع تغيير تسميات المحافظات والمدن والشوارع لرغبات فردية لجهات مسيطرة على مجلس هذه المحافظة او تلك, بل يجب ان يسن قانون ينظم ذلك, فهي مسألة تخص كل العراقيين. فليس من المعقول تغيير اسم محافظة ما كلما تغير الفائزين في الانتخابات البلدية فيها.

وقد شهدنا قتال ميليشيات شيعية في مدينة الشعلة في بغداد بسبب اختلافهم على تسمية احدى مستشفياتها او فرض ارهابيي القاعدة تسميات كريهة على مدن عراقية مثل قندهار ويثرب. ان غياب القانون وضعف السلطة هو مايشجع هذه القوى على تحدي ارادة العراقيين.

ان مهام بلديات المدن لاينحصر في شق الطرق ورصفها وتشجيرها وتوصيل خدمات الماء والكهرباء بل عليها تخطيطها وتسمية شوارعها فقط وتثبيت لوحات الدلالة لأسماء المدن والشوارع والساحات على الطرق الداخلية والخارجية لتسهيل تنقل المواطنين. وان تهيئة هذه اللوحات وتحديد اماكن وضعها ودفع تكاليفها العالية مهمة مؤسسات الدولة وليست اية جهة اخرى. وقد لايفقه البعض من الداعين لتغيير التسميات, التكاليف الاخرى الغير ظاهرة التي تدفعها اجهزة ودوائر الدولة واصحاب المصالح الخاصة...فان عليها تغيير عناوينها على اعلاناتها وعلى اوراقها الرسمية واختامها... الخ.

ولحسن الحظ ربما , ان النظام البائد منع طبع خرائط للمدن العراقية باعتبارها سر من اسرار الدولة وليس كما هو معمول به في العالم المتحضر, والأ لكنا امام معضلة جديدة ؛ اي تسمية نختار لهذا الشارع وتلك الساحة, وهل ينبغي علينا حلها ايضا محاصصة ؟

اتذكر في سبعينيات القرن الماضي, كان صديقي فارس الأعسم ياتي من بغداد الجديدة حيث يسكن لزيارة عمه وجارنا, استاذنا الكبير عبد المنعم الأعسم في مدينة الحرية. وكنا نتحدث عن الاوضاع السياسية وكان كلانا عضوين عاملين في اتحاد الطلبة العام السري. فسرد علي حادثة طريفة له مع اعضاء اتحاد حزب السلطة, اضحكني بها , فقد استدعوه للاستجواب في غرفة الاتحاد الوطني في ثانويته لمعرفة سبب رفضه المستمر للانتماء لأتحادهم. وبعد نقاش طويل سأله احدهم : ماهي برأيك اهم انجازات البعث ؟ وكان يتوقع ان يجيبه, قانون النفط او الحكم الذاتي لكردستان , لكنه اجابه : بان اهم انجازات البعث هي تغيير اسم الألوية الى محافظات, في تهكم واضح منهم.

بعد سقوط النظام , سمعت بان فارس الأعسم كان من انشط وأكفأ مهندسي امانة العاصمة. فقد كان في سباق مع الزمن لبناء بغداده الحبيبة. لكن يد الغدر لم تمهله. فقد كانت لأحلامه بالمرصاد فسقط شهيدا.

- انما يملك التراب شهيده. ( الزبيري).

صفحات: [1]