عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - سامي المالح

صفحات: [1]
1
الوطن في " تلافيف احلام الخريف" لسمير خوراني
سامي المالح

في سفرتي الأخيرة الى الوطن، قدم لي الصديق سمير خوراني ديوانه الاخير "تلافيف احلام الخريف" الصادر بطبعته الاولى عام 2022 مع اهداء مختصر جدا، أهداء أثار أعتزازي من جهة وعكس لي مدى التفهم الحاصل بيننا، الدكتور سمير وانا. فالصدق والحوار الجاد واحترام الاختلافات على مدى سنوات عديدة، أسست لصداقة متينة وتفاهم ايجابي وتفهم وتفاعل سهل ممتع ومفيد.

في طيات "تلافيف احلام الخريف" تركن 79 قصيدة: منها قصائد طويلة نسبيا، ومنها قصيرة لا تتعدى مقطعا شعريا، او كلمات محددة تكثف فكرة، لوحة، حزمة ضوء تنير بقعة، ظاهرة، تاريخا، حالة انسانية او موقفا.

أجمل قصائد الديوان، بالنسبة لي، قصيدتان: الاولى بعنوان "عراف أور خارج الملكوت"  قصيدة طويلة مهداة الى الشاعر الآشوري االعراقي العالمي الكبير الراحل سركون بولص - الى سركون بولص حاملا فانوسه الى القبر. هذه القصيدة، تعكس بوضوح قدرة الشاعر سمير خوراني على تتبع حياة و أبداع الانسان والشاعر الراحل سركون بولص. أبتداء من الارض التي أحتضنت جذور اجداده، مرورا بمحطات ترحاله وبناء تجربته وتفاعله وتطوره في بيئات محلية وعالمية مختلفة، وانتهاء بصياغة رسالته الادبية الانسانية الفريدة والمتميزة. يناشد الشاعر سمير خوراني سركون بولص ِشاعرا يحمل على كتفيه تاريخا عريقا يسير بشعره الذي هو جوهر حياته الى مدارات غير محددة بالمكان والزمان:

عبثا تعيد الكرة ..عبثا تحاول .. تحمل فانوسك في ليل الذئاب ..وتتأبط حلمك الشهي، ودهشتك البكر .. ورقيما طينيا اهداه لك آشور بانيبال .. حين زرته آخر مرة في عيد القيامة .. عد يا سليل الاباطرة .. سراب هو الوجود .. سراب هو الخلود.

في القصيدة أضواء مبهرة جذابة تنير لنا درب فتى مسكون بالحرية حالم ينطلق من حبانية ليعيش عشقه المصيري للشعر في كل المدن التي تحتضنه، و ليودعنا في النهاية شاعرا كبيرا ورمزا أدبيا عالميا. القصيدة محاولة لتجسيد صورة حقيقية لروح سركون بولص الهائمة الجامحة الحالمة، المحمولة على أجنحة فراشات ترحل من كركوك الى بيروت الى سان فرانسيسكو والى عواصم اوربا لتخلد في سماء الادب والابداع.
القصيدة الثانية الجميلة هي "صديقي الذي لم اراه" – الى سعدي يوسف في وداعه الأخير. فكما اعرف، كانت رسالة الدكتوراه للصديق سمير خوراني دراسة في شعر سعدي يوسف. يقينا ان هذه الرسالة كانت الجسر الاهم الذي ربط حياة الشاعرين رغم البعد وتقلبات الاوضاع والظروف التي مرت بالوطن، من البصرة وشقلاوا وعنكاوا و اروقة الجامعة في اربيل الى المنافي التي لم يستقر فيها سعدي يوسف.

قصيدة طويلة يحكي فيها سمير خوراني، بتوتر وحنين ولغة ادبية مباشرة، عن الصداقة التي ربطته بالشاعر البصري العراقي العالمي سعدي يوسف:

سعدي يوسف .. هو صديقي الذي لم اراه .. عشت معه سنين .. بنهاراتها ولياليها .. بحلوها وحنظلها .. راسلته .. راسلني .. غصت على عوالمه الدفينة .. خضت في بحاره الهائجة المائجة .. سافرت معه في ترحاله الازلي .. وتحولاته السندبادية .. وحللت حيث خل وثوى .. كان يطل علي حتى في احلامي .. حاملا معه طعم الطحالب والكواسج في ابي الخصيب .. محدثا عن نزواته وتمرده وتقلباته الشعرية .... ألخ.

في القصيدتين، يتعامل الشاعر سمير خوراني، اضافة الى الارث الثري والابداع الادبي المتميز للشاعرين سركون بولص وسعدي يوسف، يتعامل ايضا، كشاعر ومثقف وأكاديمي دارس للتاريخ وتطور الفكر والفلسفة، مع افكار ومواقف الشاعرين وفلسفتيهما وتناولهما لموضوعتين أساسيتين، الأنسان والوطن. فالوطن، العراق بالاعاصير التي أجتاحته، ان اردنا ان نقول الحقيقة دون رتوش، قد لفظ الشاعرين، قد طردهم، ليعيشا، رغم ذلك فيه ومعه، وهما في ترحال لم ينتهي الا بنهايتيهما في الغربة. تعامل صديقي الشاعر هو أكيد، تعامل واعي رصين وانتقادي، فهو كما كل الجديين في أعمالهم، ينطلق من خبرته وزوايا نظره وقناعاته وفلسفته وأيمانه وتقييمه الشخصي، الذي يجاهر به، غالبا، دون خوف او مواربة.

الوطن، يتكرر، بأشكال وصور وتعابير ومشاهدات وانفعالات ووجع وآهات وتشاؤم يصل، احيانا، حد اليأس، في معظم قصائد الديوان. فهو يحمل فانوسه في رابعة النهار بحثا عن وطن ابيض كما يقول في قصيدته "الهوس" :

سأحمل فانوسي في رابعة النهار .. لأبحث عن وطن ابيض او مهاد .. فأنا حفيد ذاك الذي رأي .. نجمة في أور فأقتفاها .. وخرج باحثا عن ارض الميعاد. لا ريب، فالشاعر من أصول تمتد جذورها عميقا في ارض بين النهرين، ولكن واقع شعبه المضطهد المعرض للقتل والاذلال والمجبرعلى الهروب و الهجرة من الوطن، لقرون طويلة، مرير حد الفزع. ففي قصيدة "الخيبة" يجسد الشاعر خيبة شعب أصيل بأكمله، شعب يضيق به الوطن، قرنا بعد آخر، سنة بعد اخرى ويوما بعد يوم.

"خيبة": هو السماء والارض ..هو الجبال والاودية والسهول .. هو الانهار والسواقي والتلال .. هو الينابيع والجداول .. هو الاشجار والبساتين والحقول .. هو البيت والذكريات والطفولة .. والصبا والشباب والكهولة .. هو الاشياء والصور .. هو التاريخ والاماكن والثغور .. هو من نعرفهم ونعشقهم ومن ثووا في القبور .. هو اجدادي وآبائي .. هو هويتي وانتمائي .. هو الولادة والحياة .. هو مافات وما آت ..... عجبا لوطن يتسع لكل هذا ويضيق بنا.

الوطن بالنسبة للشاعر ليس الارض والتاريخ فحسب، فهو في قصيدة الرغبة يعطي للوطن بعدا اضافيا، مفهوما انسانيا أعمق، مفهوما بتقديري، هو نتاج تطور المعارف والقيم والمفاهيم الانسانية، و غلبة رؤية الامور بمنظار تطور الانسانية، وما يبدعه الانسان لتغيير حياته والعالم ولرسم آفاق مستقبله.

"رغبة": الارض محض تراب ..والوطن بشر ..فمن لي بوطن .. أذا ما فسد البشر؟!

وفساد البشر، هذه الكارثة القاتلة التي تحل في ارضنا، في عراقنا الدامي، تتحول الى صور فاقعة في قصائد مقتضبة تتسع لوجع بقدر الدنيا وخيبة تمتد الى حيث لا ندري ..

"أستهانة": كل السراق في العتمة يسرقون .. الا سراقك يا وطني .. فهم بعد كل سرقة .. يعقدون مؤتمرا صحفيا!!

"السبب": لأن السياسة غدت محض ارتزاق ..بكى على نفسه العراق ..وثوى في الارض حزينا ..تاركا باب الحظيرة مواربا للسراق.

وفي امنية صغيرة يقترب الشاعر من الانسان في الوطن، يشاركه عذاباته وحرماناته التي تعكس الفوضى وسوء الادارة والفساد المستشري. فيكتب قصيدة تصلح شعارا جديرا لترفعه الناس، الفقراء،  يوميا في مواجهة اللاعدالة والأذلال.

"أمنية": في هذا الشتاء القارس والقاسي .. أحلم ان أكون برميل نفط ..تحتفل به المدافيء الفارغة لبيوت الفقراء .. كي يتدفأ بنارها الصغار .. بدلا أن يذهبوا الى ربهم في السماء.

في "تلافيف احلام الخريف" قصائد عن الحب وعن التاريخ والزمان والمكان والذكريات، قصائد جريئة تنتقد بوعي وأبداع أدبي محفز ومثير الكثير من الظواهر والمظالم والسياسات والمواقف.. وفيه صور أدبية جميلة تعكس العالم الداخلي للشاعر، احلامه، آلامه، هواجسه، خيباته، وتأملاته. وفيه ايضا، هنا وهناك،  تشبث بألامل والمستقبل. من اجمل تأملاته في قصيدته "تأملات":

-        ليس كافيا ان نحب .. فالحب لا يهزم الموت .. بلا .. أفتداء.
-        طوبى لي .. فانا محبول بوطن من سبعة الاف عام .. وما زلت انتظر.. الولادة.
-        لم اتعب من السفر .. فما زال في قلبي توق .. الى وطن أتوسده .. وأتوسله كي لا يلفظني.
-        هل في وسعك ان تكون متفائلا في واقع أسود؟!
-        ضيف زارنا .. قبل مئات السنين .. أكرمنا وفادته .. تأبط دارنا .. ظل هو وامسينا نحن ..بلا دار ..نبحث عن ملجأ او قرار.
-        حين لا تجد الفراشات زهورا تغازلنها ..تسافر بعيدا، وراء الحدود .. وتكتفي بالحنين .. للسماء الاولى.
-        تعالى نرحل الان .. تعال نرحل عن مدائننا الثكلى .. ونشتري لنا وطنا بلا احزان.

اود ان اختم قراءتي وانطباعاتي السريعة هذه بأبراز حقيقتين ماثلتين جليا في معظم قصائد الصديق الشاعر سمير خوراني. الأولى شجاعته في تشخيص الامور، حالات ومظاهر ووقائع وحقائق كما يراها، تسميتها وأتخاذ الموقف منها بأسلوب أدبي شيق وصور شعرية جذابة محفزة. والثانية هي قدرته على توظيف واع للمعارف الواسعة والتاريخ والمعطيات ومعايشاته اليومية مع الناس، في بناء قصائده وأغنائها بمحتوى جدير بالتأمل والتفكير، جدير كما أفعل انا، غالبا، بقراءة ممتعة نقدية.

فالشاعر الصديق يصل الى قمة الشجاعة في قصيدته "الكذبة":

فارس في سبيل الله .. هب كالريح على اعدائه .. ممتشقا سيفه المسلول ..قتل نفوسا .. قطع رؤوسا .. غزا.. سبا ..غنم ..نكح ..احرق .. اباد ..كتب المؤرخون في كتبهم ..وأنشد الشعراء في دواوينهم .. عن فتوحاته وبطولاته .. عن بأسه وغيرته ..ودفاعه عن الاله القدير .. وابتلينا نحن مكرهين .. بأن ندرس جرائمه الدموية .. على انها صلوات الهية!!

ولابد لي ان اقول للقاريء العزيز بأنني، لم اكتب هذا النص لأجامل صديقي الشاعر، لانني أعلم بأنه في غنى عن ذلك اولا، ولانه هو الآخر يعرفني بأنني أكره، مثله، المجاملة والنفاق. فنحن نختلف ونتفق، ولكننا أكتشفنا في رحاب صداقتنا، بأننا من عشاق الجمال والحرية، نختلف عن أولئك الذين على حد قوله: عجيب ممن يطالب بالحرية في بلاد الاخرين و يطمر رأ سه في التراب في بلده، ويقول، آمين.
وكما في اهدائه، أكتفى بكلمة واحدة، تكفي لي كتابا افتخر به، أكد لي صديقي الشاعر، مرة أخرى، ان المجاملة الزائدة تفسد الجمال وتتحول كما يقول: المجاملات الزائدة ليست سوى نوع من النفاق!
وها انا اختم تقييمي بأقتضاب شديد: ديوان جدير بالقراءة، يثري ويحفزعلى التأمل!

2
حول تصاعد الهجمة السلفية في إقليم كردستان العراق
سامي المالح
17/12/2022


في بيان أصدرته مجموعة كبيرة من الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين والناشطين المدنيين، بتاريخ 14/12/2022، نشرته العديد من الصحف والمواقع الألكترونية، حذروا الرأي العام في الإقليم من خطورة تصاعد هجمات القوى الإسلامية السلفية على كل ما هو مختلف و تنويري ومعرفي ونشاط مدني، وذلك بأساليب وطرق مختلفة، منها التكفير والاتهام بالعداء للدين الإسلامي وتحدي الشريعة وتقاليد المجتمع الإسلامي. البيان وهو ينبه ويحذر، يسهب في شرح خطورة هذه الهجمة على الأمن الاجتماعي والاستقرار والحريات والتقدم والبناء والتعايش السلمي في الإقليم بكل مكوناته الدينية والاثنية والفكرية والاجتماعية. ويؤكد في ذات الوقت أن التعددية والتعايش واستقلالية المراكز العلمية والثقافية والمعرفية التي تضمنها القوانين والدستور و تنالها هذه الهجمة الواسعة، إنما كانت من الأمور الإيجابية والرافعة لمكانة الإقليم والداعمة لإستقراره وآفاق تطوره.
يقينا ان صدور هذا البيان، يعكس الواقع الذي يمكن تحسسه وتلمسه في الأجواء العامة بالإقليم، سواء في الشارع او في الأسواق والمقاهي وتعامل الناس أو في المدارس والمعاهد والجامعات، ناهيك عن آلاف المنابر في الجوامع والفضائيات والمناسبات الدينية والاجتماعية التي تحيط بحياة الناس ليل نهار. فالتحدث بلغة العلم والمعرفة والدعوة إلى الحياة المدنية والمعاصرة والحداثة، باتت من الأمور التي تواجه غالبا، بالغضب والتشدد والتشهير والتكفير.
بالإضافة الى قلق بل وخوف النخب والأكاديميين والناشطين المدنيين واغلبية الشعب الكردي من التشدد وتصاعد الهجوم السلفي على كل ما هو مختلف، فإن القلق والخوف يتزايد ويشتد بين مكونات المجتمع الغير مسلمة ويعقد حياتها ويهدد أمنها ومستقبلها.
ففي مئات المناسبات ومختلف المحافل، عبّر الكثير من رجال الدين والنخب والناشطين من الأديان و الإثنيات المتعددة عن هذا القلق والخوف، مطالبين السلطات و رجال الدين والمؤسسات الإسلامية لوضع حد لهذا النشاط المخيف ولإيجاد الحلول الفعلية المؤثرة والملموسة، عبر القانون والتشريع وتنشيط الحوار والتربية والتعليم وتعزيز روح قبول الآخر والتعايش الاخوي وتوفير الحقوق والأمن والحريات المكفولة دستوريا، للجميع.
من الواضح أن الدول المحيطة بإقليم كردستان بأنظمتها الإسلامية، تدعم بكل الوسائل وتغذي وتشجع الأحزاب والقوى والمراكز والمنظمات الاجتماعية والسياسية والفكرية الإسلامية في الإقليم. وهي بذلك تبغي تحقيق العديد من الأهداف الآنية والاستراتيجية.
أن أحد أهم تلك الأهداف هو حصر أو خنق أي تطلع للتطور والارتقاء والاستقرار والتفرغ لبناء نظام  في الإقليم يكون نواة دولة مدنية ديمقراطية يضمن التعددية والمواطنة والحريات.

لا يمكن التجاهل، بأن ثمة توجهات إيجابية ومواقف ونشاطات من قبل السلطات في الإقليم تدعم التعايش المشترك وتدعو لاحترام التعددية وقبول الآخر. وهناك تأكيدات على مستويات عليا، في مناسبات مختلفة، بأن هذه التعددية هي مصدر قوة واستقرار ولابد من الحفاظ عليها. وهناك أيضا، ولو بشكل محدود، نشاطات معرفية وفكرية وإعلامية وفنية، تتجاوز التقوقع القومي والايديولوجي، تدعو للانفتاح والحداثة والمدنية والمساواة والتكافؤ والحريات الفردية.
غير أن القوى الإسلامية السياسية عموما ولا سيما المتشددة والسلفية، فضلا عن الدعم الخارجي الذي تتلقاه دون توقف، تستفاد بذكاء وبنفس طويل من الكثير من نقاط الضعف والخلل والتقصير والفوضى والصراعات التي تنهك المجتمع الكردستاني لثلاثة عقود.  واستشراء الفساد والصراعات على السلطة والنفوذ وضعف الخدمات وتحديد الحريات وضعف نشاط وتنظيم القوى المدنية و تعمق الفوارق الطبقية والاختلاف الفاحش بين حياة الطبقات الفقيرة وبين الأقلية التي تزداد ثراء، أضعفت مجتمعة ثقة الجماهير بالتغيير حد اليأس، وبالتالي جعلها لقمة سائغة للغيبيات ووعود القوى الإسلامية وانتظار الخلاص من السماء.
أن البيئة الاجتماعية السائدة في الإقليم، في الكثير من جوانبها، باتت بيئة مثالية لنمو الإسلام السياسي والتوجهات والنشاطات السلفية، بيئة تسهل لها أن تتغلغل في كل مفاصل المجتمع الرخوة والمؤسسات الضعيفة الخاضعة غالبا لإرادة الحزبين الحاكمين، والتخفي حتى بين قواعد والمفاصل القيادية لأغلب القوى والأحزاب الفاعلة في الإقليم.
في الحقيقة، أن تصعيد القوى السلفية وهجومها اليومي في السنوات الأخيرة، يرتبط الى حد كبير، بشعورها كونها قوية الى حد التمادي أكثر لبسط المزيد من السطوة والوصاية باسم الدين والله على مؤسسات المعرفة والتربية والعلم والإعلام ومراكز ومحافل النشاطات المدنية، والسعي لخنق كل الأصوات، على قلتها، التي تتحدى هيمنتها وتنشط من أجل المعرفة والتعددية والحريات وكرامة المرأة والتعايِش وفضح الغيبيات والنفاق والشعوذة والجهل.

ما السبيل لمواجهة تصعيد الهجوم السلفي؟
أولا – قبل كل شيء من المهم في سياق البحث ومناقشة الطرق والأساليب والنشاطات الضرورية لمواجهة التصعيد السلفي، أن تأخذ السلطات والمؤسسات في الإقليم إضافة للرأي العام الكردستاني تحذيرات النخب الاكاديمية والمثقفين والناشطين المدنيين محمل الجد، وأن تعترف بالواقع ورؤيته كما هو بعيدا عن الصراعات على السلطة والنفوذ والمصالح الحزبية والطائفية والعشائرية.
ثانيا – موديل حكم الإسلام السياسي وممارسات القوى السلفية التي نعيش نتائجها في الدول التي تحيط بالإقليم، لا يمكنها القبول بنجاح تجربة الإقليم وتطويرها وصولا لتحقيق حرية وأهداف وحقوق الشعوب والمكونات في الإقليم. فهذه القوى والأنظمة والحكومات لن تتردد في إجهاض هذه التجربة وفرض بديلها ما أن تكون موازين القوى لصالحها. هذا يعني أن مهمة التصدي لهذه المساعي هي مهمة وطنية للمجتمع بكامله وتعدده، سلطات وأحزاب قومية ويسارية والمجتمع المدني بكل تفاصيله.
ثالثا – الطريق الوحيد والصائب لإنجاح وتطوير تجربة الإقليم، يمر عبر إغناء التجربة بالقضاء على الفساد ونهب وإهدار المال العام وبناء المؤسسات الوطنية العابرة للحزبية التي تضع القانون فوق الجميع خدمة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم وكرامتهم في أولويتها. والتركيز على بناء الإنسان مع بناء المدارس المعاصرة وتطوير التعليم والمناهج والقيم الإنسانية العليا التي ترسخ التعايش والتضامن التكافؤ والمساواة وتمنح المواطنين دون أي تمييز الكفاءة والقدرة والوعي لتحمل المسؤولية والعمل والبناء. فثروات الإقليم، بوجود وتطوير كفاءات الإنسان وتعزيز ثقته بالمستقبل، تكفي لبناء الطرق والمواصلات الآمنة وتوفير الكهرباء وبناء نظام صحي معاصر وتوفير السكن والسقف المشرف لكل المهاجرين والمهجرين والفقراء، والاهتمام بمسؤولية عالية بمشاكل المياه والبيئة والزراعة والصناعة والسياحة. بهكذا سياسات يمكن القضاء على البطالة وتطوير الحياة ورفع مستواها وإنعاش الأمل لدى الناس وخاصة الأطفال والشباب صانعي المستقبل.
كل هذا سيؤدي، من دون أي شك، الى تجفيف المنابع الفكرية والاجتماعية والسياسية والنفسية التي تغذي مجرى التشدد والسلفية واي تطرف آخر يهدد أمن وسلامة ومستقبل إقليم كردستان.


3
حول تصاعد الهجمة السلفية في إقليم كردستان العراق
سامي المالح
16/12/2022


في بيان أصدرته مجموعة كبيرة من الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين والناشطين المدنيين، بتاريخ 14/12/2022، نشرته العديد من الصحف والمواقع الألكترونية، حذروا الرأي العام في الإقليم من خطورة تصاعد هجمات القوى الإسلامية السلفية على كل ما هو مختلف و تنويري ومعرفي ونشاط مدني، وذلك بأساليب وطرق مختلفة، منها التكفير والاتهام بالعداء للدين الإسلامي وتحدي الشريعة وتقاليد المجتمع الإسلامي.
البيان وهو ينبه ويحذر، يسهب في شرح خطورة هذه الهجمة على الأمن الاجتماعي والاستقرار والحريات والتقدم والبناء والتعايش السلمي في الإقليم بكل مكوناته الدينية والاثنية والفكرية والاجتماعية. ويؤكد في ذات الوقت أن التعددية والتعايش واستقلالية المراكز العلمية والثقافية والمعرفية التي تضمنها القوانين والدستور و تنالها هذه الهجمة الواسعة، إنما كانت من الأمور الإيجابية والرافعة لمكانة الإقليم والداعمة لإستقراره وآفاق تطوره.
يقينا ان صدور هذا البيان، يعكس الواقع الذي يمكن تحسسه وتلمسه في الأجواء العامة بالإقليم، سواء في الشارع او في الأسواق والمقاهي وتعامل الناس أو في المدارس والمعاهد والجامعات، ناهيك عن آلاف المنابر في الجوامع والفضائيات والمناسبات الدينية والاجتماعية التي تحيط بحياة الناس ليل نهار. فالتحدث بلغة العلم والمعرفة والدعوة إلى الحياة المدنية والمعاصرة والحداثة، باتت من الأمور التي تواجه غالبا، بالغضب والتشدد والتشهير والتكفير. بالإضافة الى قلق بل وخوف النخب والأكاديميين والناشطين المدنيين واغلبية الشعب الكردي من التشدد وتصاعد الهجوم السلفي على كل ما هو مختلف، فإن القلق والخوف يتزايد ويشتد بين مكونات المجتمع الغير مسلمة ويعقد حياتها ويهدد أمنها ومستقبلها.
ففي مئات المناسبات ومختلف المحافل، عبّر الكثير من رجال الدين والنخب والناشطين من الأديان و الإثنيات المتعددة عن هذا القلق والخوف، مطالبين السلطات و رجال الدين والمؤسسات الإسلامية لوضع حد لهذا النشاط المخيف ولإيجاد الحلول الفعلية المؤثرة والملموسة، عبر القانون والتشريع وتنشيط الحوار والتربية والتعليم وتعزيز روح قبول الآخر والتعايش الاخوي وتوفير الحقوق والأمن والحريات المكفولة دستوريا، للجميع.
من الواضح أن الدول المحيطة بإقليم كردستان بأنظمتها الإسلامية، تدعم بكل الوسائل وتغذي وتشجع الأحزاب والقوى والمراكز والمنظمات الاجتماعية والسياسية والفكرية الإسلامية في الإقليم. وهي بذلك تبغي تحقيق العديد من الأهداف الآنية والاستراتيجية.
أن أحد أهم تلك الأهداف هو حصر أو خنق أي تطلع للتطور والارتقاء والاستقرار والتفرغ لبناء نظام  في الإقليم يكون نواة دولة مدنية ديمقراطية يضمن التعددية والمواطنة والحريات.

لا يمكن التجاهل، بأن ثمة توجهات إيجابية ومواقف ونشاطات من قبل السلطات في الإقليم تدعم التعايش المشترك وتدعو لاحترام التعددية وقبول الآخر. وهناك تأكيدات على مستويات عليا، في مناسبات مختلفة، بأن هذه التعددية هي مصدر قوة واستقرار ولابد من الحفاظ عليها. وهناك أيضا، ولو بشكل محدود، نشاطات معرفية وفكرية وإعلامية وفنية، تتجاوز التقوقع القومي والايديولوجي، تدعو للانفتاح والحداثة والمدنية والمساواة والتكافؤ والحريات الفردية.

غير أن القوى الإسلامية السياسية عموما ولا سيما المتشددة والسلفية، فضلا عن الدعم الخارجي الذي تتلقاه دون توقف، تستفاد بذكاء وبنفس طويل من الكثير من نقاط الضعف والخلل والتقصير والفوضى والصراعات التي تنهك المجتمع الكردستاني لثلاثة عقود. واستشراء الفساد والصراعات على السلطة والنفوذ وضعف الخدمات وتحديد الحريات وضعف نشاط وتنظيم القوى المدنية و تعمق الفوارق الطبقية والاختلاف الفاحش بين حياة الطبقات الفقيرة وبين الاقلية التي تزداد ثراء، أضعفت مجتمعة ثقة الجماهير بالتغيير حد اليأس، وبالتالي جعلها لقمة سائغة للغيبيات ووعود القوى الإسلامية وانتظار الخلاص من السماء.
أن البيئة الاجتماعية السائدة في الإقليم، في الكثير من جوانبها، باتت بيئة مثالية لنمو الإسلام السياسي والتوجهات والنشاطات السلفية، بيئة تسهل لها أن تتغلغل في كل مفاصل المجتمع الرخوة والمؤسسات الضعيفة الخاضعة غالبا لإرادة الحزبين الحاكمين، والتخفي حتى بين قواعد والمفاصل القيادية لأغلب القوى والأحزاب الفاعلة في الإقليم.
في الحقيقة، أن تصعيد القوى السلفية وهجومها اليومي في السنوات الأخيرة، يرتبط الى حد كبير، بشعورها كونها قوية الى حد التمادي أكثر لبسط المزيد من السطوة والوصاية باسم الدين والله على مؤسسات المعرفة والتربية والعلم والإعلام ومراكز ومحافل النشاطات المدنية، والسعي لخنق كل الأصوات، على قلتها، التي تتحدى هيمنتها وتنشط من أجل المعرفة والتعددية والحريات وكرامة المرأة والتعايِش وفضح الغيبيات والنفاق والشعوذة والجهل.
ما السبيل لمواجهة تصعيد الهجوم السلفي؟
أولا – قبل كل شيء من المهم في سياق البحث ومناقشة الطرق والأساليب والنشاطات الضرورية لمواجهة التصعيد السلفي، أن تأخذ السلطات والمؤسسات في الإقليم إضافة للرأي العام الكردستاني تحذيرات النخب الاكاديمية والمثقفين والناشطين المدنيين محمل الجد، وأن تعترف بالواقع ورؤيته كما هو بعيدا عن الصراعات على السلطة والنفوذ والمصالح الحزبية والطائفية والعشائرية.
ثانيا – موديل حكم الإسلام السياسي وممارسات القوى السلفية التي نعيش نتائجها في الدول التي تحيط بالإقليم، لا يمكنها القبول بنجاح تجربة الإقليم وتطويرها وصولا لتحقيق حرية وأهداف وحقوق الشعوب والمكونات في الإقليم. فهذه القوى والأنظمة والحكومات لن تتردد في إجهاض هذه التجربة وفرض بديلها ما أن تكون موازين القوى لصالحها. هذا يعني أن مهمة التصدي لهذه المساعي هي مهمة وطنية للمجتمع بكامله وتعدده، سلطات وأحزاب قومية ويسارية والمجتمع المدني بكل تفاصيله.
ثالثا – الطريق الوحيد والصائب لإنجاح وتطوير تجربة الإقليم، يمر عبر إغناء التجربة بالقضاء على الفساد ونهب وإهدار المال العام وبناء المؤسسات الوطنية العابرة للحزبية التي تضع القانون فوق الجميع خدمة المواطنين وحرياتهم وحقوقهم وكرامتهم في أولويتها. والتركيز على بناء الإنسان مع بناء المدارس المعاصرة وتطوير التعليم والمناهج والقيم الإنسانية العليا التي ترسخ التعايش والتضامن التكافؤ والمساواة وتمنح المواطنين دون أي تمييز الكفاءة والقدرة والوعي لتحمل المسؤولية والعمل والبناء. فثروات الإقليم، بوجود وتطوير كفاءات الإنسان وتعزيز ثقته بالمستقبل، تكفي لبناء الطرق والمواصلات الآمنة وتوفير الكهرباء وبناء نظام صحي معاصر وتوفير السكن والسقف المشرف لكل المهاجرين والمهجرين والفقراء، والاهتمام بمسؤولية عالية بمشاكل المياه والبيئة والزراعة والصناعة والسياحة. بهكذا سياسات يمكن القضاء على البطالة وتطوير الحياة ورفع مستواها وإنعاش الأمل لدى الناس وخاصة الأطفال والشباب صانعي المستقبل.
كل هذا سيؤدي، من دون أي شك، الى تجفيف المنابع الفكرية والاجتماعية والسياسية والنفسية التي تغذي مجرى التشدد والسلفية واي تطرف آخر يهدد أمن وسلامة ومستقبل إقليم كردستان.



4
نحن والانتخابات السويدية
سامي المالح

أقصد بنحن، اللاجئين في مملكة السويد وكل السويديين من أصول اجنبية غير سويدية، حيث تبلغ نسبتهم لهذا العام 23% من خمسة ملايين يحق لهم التصويت في البلد. فنحن نشكل جزءا هاما من المجتمع السويدي، وسيكون لأختياراتنا، للمارستنا حقوقنا الديمقراطية تأثيرعلى السياسة وأتجاه التطورفي البلد. منذ عقود تعتبر نسبة المصوتين منا ادنى بكثير من نسبة المصوتين السويدين. في انتخابات 2018 صوت حوالي 50% منهم فقط مقارنة ب 87% نسبة المصوتين عموما.
القضية الرئيسية بالنسبة لنا هي المشاركة الواسعة في الانتخابات. وبالمناسبة، السلطات والمؤسسات المختلفة والاعلام بكل أشكاله والاحزاب والنقابات والجمعيات تعمل بأساليب وطرق كثيرة على تشجيع هذه المجموعة لممارسة حقوقها وتحمل مسؤولية المواطنة الايجابية، بغية رفع نسبة المصوتين.
في الحادي عشر من الشهر الحالي، تحدد الناس من خلال صناديق الاقتراع، من سيحكم البلد لاربعة أعوام قادمة. الصراع محتدم هذه الايام بين المعسكرين التقليديين في السويد، اليسار واليمين. أرقام الاستطلاعات التي تعلن بشكل يومي تقريبا، تظهر تقاربا وتوازنا كبيرا بين المعسكرين. غير ان ثمة مؤشرات تستحق الانتباه والتأمل، وهي بالتأكيد تؤثر على المزاج العام وتحريك نسبة عالية من المترددين وممن لم يحدد موقفه وأستقر رأيه  على من سينتخب.
من هذه المؤشرات ارتفاع رصيد ديمقراطيي السويد Sverige demokraterna  في المعسكر اليميني ومنافسته القوية مع حزب المحافظين الذي يقود اليمين منذ نهاية الثمانينات. ان هذا التقدم الذي يحققه ديمقراطيي السويد، بتقديري، يرتبط بالتشدد والمزيد من اليمينية التي يتبناها وينتهجها احزاب اليمين الاخرى وفي مقدمتها المحافظين، الامر الذي يغذي ويبرز توجهات وسياسات ومواقف والحلول الپوپولستیە لديمقراطيي السويد في القضايا الساخنة والتحديات التي يواجهها المجتمع السويدي، ومنها الموقف من الهجرة وااللجوء والاجانب والاندماج، وسياسات مواجهة موجة العنف وازدياد الجريمة، اضافة الى سياسات الحد من التضامن ومساعدات السويد الخارجية.
من المؤشرات الاخرى، أستقرار شعبية الاشتراكيين الديمقراطيين Socialdemokraterna وحزب اليسار Vänsterpartiet في المعسكر اليساري. الأشتراكيون الذين يحكمون منذ ثمان سنوات بالتعاون والتحالف مع حزب البيئة واليسار والوسط، وبأختلاف هامشي طفيف في نسبة المقاعد البرلمانية، يواجهون تحديات جدية، حيث عليهم تحمل مسؤولية الكثير من الاخطاء والنواقص والمشاكل وضعف المبادرة، كما يسجل لهم، في ذات الوقت، نجاحاتهم في سياساتهم الاقتصادية ومواجهة الاوضاع الاستثنائية لجائحة كرونا والدور النشط في سياسات الاتحاد الاوربي.
من المهم، للناخب من الخلفيات الاجنبية، ان يتابع برامج ونهج كل الاحزاب لدراستها ومقارنتها، ان يحصل على اكبر كمية ممكنة من المعلومات الموثوقة والاستماع الى الحوارات والنقاشات والآراء والتحاليل والتعليقات، قبل تحديد الموقف وأتخاذ القرار النهائي.
لا ابغي هنا ان اكون دعاية انتخابية لهذا الطرف او ذاك. ولكن يهمني، كمواطن سويدي، ان يتطور البلد من خلال ضمان الامن والاستقرار، من خلال سياسات اقتصادية تهدف لايجاد فرص العمل لكل من يستطيع العمل، والى المزيد من العدالة ورفع مستوى معيشة الشرائح ذات الدخل المحدود، المتقاعدين وعمال الخدمات وموظفي الصحة. يهمني ان اجد المزيد من الديمقراطية التي هي الضمان الاساسي لحل كل الاشكالات الاجتماعية والاحتقانات، الحد من الجريمة، وكبح جماح اليمين المتطرف ومعاداة الاجانب وحل أشكاليات الانعزال والتهميش والكراهية. المزيد من الاهتمام بالقيم الانسانية والاهتمام بالاطفال والمدرسة والشباب، وبالاخص في المناطق المنعزلة، لتحصينهم ضد التطرف والانعزالية والفكر الديني ومشاعر العداء للآخر وثقافة استغلال القانون وكرم الدولة والاعتماد على المساعدات، ولتوفير بيئة صحية للتفاعل والامل وبناء المستقبل كمواطنين سويدين متكافئين، لا تميزهم انتماءاتهم وهوياتهم التي من حقهم الاعتزاز بها.
بتقديري، ليس ثمة حزب واحد يستطيع مواجهة كل التحديات وحل كل الاشكالات، وهذا ما ينعكس على تشتت الاصوات وأستمرار هذا التوازن بين المعسكرين، الذي يؤدي بالنتجية الى عدم الاستقرار وضعف اداء الحكومة. ولذلك تكتسب التحالفات والنجاح في الحوارات والوصول الى اتفاقات وسياسات مشتركة، في كلا المعسكرين اهمية استثنائية.
من خلال تجربتي، ومتابعاتي المنهجية  المستمرة، أجد ان رئيسة وزراء السويد الحالية رئيسة الحزب الأشتراكي، ماكدلينا اندرسون Magdalena Andersson، والتي تقود معسكر اليسار، هي اكثر السياسيين مصداقية وكفاءة وقدرة وخبرة على التعاون وأيجاد القواسم المشتركة ووضع مصلحة البلد فوق الاعتبارات الاخرى. يقينا، ان مهمتها للحفاظ على انجازات الاشتراكيين التاريخية، ومواجهة اليمين المتصاعد ليس في السويد وحدها، بل وفي محيطها الاوربي القريب، لن تكون سهلة. فحتى لو بقي حزبها الاول والاكبر، فسيكون عليها ان تبذل جهودا أستثنائية لجمع حزب الوسط والبيئة واليسار لدعم ونجاح الحكومة التي ستتشكل، في حالة فوزهم.
ان ما تحتاجه السويد في هذه المرحلة، ومن اجل مستقبل افضل، بتقديري، هو دعم تحالف اليسار، وبقاء  ماكدلينا انرسون رئيسة الوزراء على رأس الحكومة المقبلة.



5

         
سامي المالح                                         

في المرحلة التي أجتذبت تظاهرات الشباب السلمية في بغداد ومحافظات الجنوب الاخرى المرأة وآلاف الطلاب من المدارس والجامعات بفعالية وبعد ان وحدت، الى حد كبير، مطالبها وصاغتها بوضوح، انتقلت الى تحرك جماهيري واسع بسمات ثورية. تحولت الى ثورة جماهيرية واسعة من أجل تغييرات حقيقية في النظام والعملية السياسية، من أجل أسترداد الوطن وثم تشكيل حكومة انتقالية، تنقل البلد من خلال تغييرات أساسية في الدستور والنظام الانتخابي والقوانين والمؤسسات الضامنة لانتخابات نزيهة ومحاصرة الفاسدين وتقديم المجرمين الى العدالة، الى مرحلة بناء دولة المواطنة والقانون وبناء البلد النازف المنهك المنهوب.
ثورة الشباب التي عبرت المائة يوم ولاتزال مستمرة ومتواصلة حققت الكثير من الانتصارات والاهداف. ولكنها في الحقيقة لاتزال بعيدة عن تحقيق الانتصار النهائي.
ثمة عوامل دافعة وظروف أيجابية تشجع على التفاؤل في مصير ومواصلة الثورة، أهمها:
-   بقاء الوضع في البلد على ماهو وعدم أستجابة السلطات لمطالب الجماهير.
-   أستفحال الازمات التي تعيشها الحكومة وقوى واحزاب العملية السياسية، وفشل كل جرائمها ومحاولاتها ومناوراتها المدعومة خارجيا.
-   توسع التذمر والاستياء الشعبي في كل البلد وفقدان الثقة كليا بالعملية السياسية وأمكانية قواها في وقف التدهور والانحطاط ومعالجة مشاكل البلد والمواطن.
-   الخبرة المتراكمة لدى الشباب والاستفادة من الاخطاء والتعلم المستمر، ناهيكم عن المعرفة الاكثر بأساليب ودنائة ومناورات ونفاق وأكاذيب القوى والاحزاب والشخصيات وحتى بعض المراجع.
فالشباب لم يتراجعوا ولم تنل منهم جرائم القتل والاغتيالات والخطف والترهيب والاعتداءات السافرة في مواقع التظاهرات، كما وانهم كسبوا الكثير من التعاطف وأثاروا الانتباه وباتوا جزءا هاما من الوضع العراقي بكل ملابساته وتناقضاته وتعقيداته. والاهم كان لصوتهم المدوي صدى عاليا مؤثرا جدا بين الجماهير في ايران، ايران التي تقف مراجعها وسلطاتها بكل امكاناتها مع القوى العراقية الموالية التي تسعى لأجهاض الثورة وأحتوائها او القضاء عليها كليا.

وبالمقابل، فان قوى العملية السياسية تعول على الوقت وتستمر في نهجها المدمر. فالاغتيالات والقتل وخطف الناشطين يتواصل يوميا و بأشكال وطرق وادوات وأيادي سرية ومدربة. وتستمر في مناوراتها الدنيئة ومحاولة خلط الاوراق وتحويل الانظار داخليا وخارجيا الى صراعات دولية واقليمية تشوش على صراع الجماهير الاساسي معها، صراع الجماهير المصيري ضد هذه القوى الفاسدة التي خطفت الوطن وسببت في اذلال سيادته وتدميره.
ولابد من الاشارة الى ان هذه القوى وامتداداتها الخارجية تملك الكثير من المال والخبرات والنفاق والمراجع والسلاح والميليشيات، وهي تتحرك بأستمرار وتبادر وتناور يوميا ودون كلل للحفاظ على سلطاتها الى الابد.
في هذا المنعطف، ومع تعقيدات وتداعيات المواجهة الامريكية الايرانية على ارض العراق، فان ثورة الشباب تواجه تحديات تاريخية ومصيرية.
فأما المراوحة حد الملل والتعب والبقاء في دائرة مغلقة خانقة ومن ثم النكوص والانكسار، او الانتصار وتحقيق كل الأهداف.
ان نجاح وانتصار الثورة لا يتحقق بالعواطف وتقديم التضحيات الغالية لوحدها. والثورة لن تكتمل وتصبح ثورة حقيقية مالم تتجاوز الرفض والمواجهة والخطابات والشعارات، ما لم تتحول الى برنامج للبديل العملي الواقعي الواضح لأنقاذ البلد وترسم طريق البناء والمستقبل وما لم تعمل على فرض التغييرات المدروسة والمطلوبة في الزمان والمكان المناسبين.
بتقديري ان الانتصار وتحقيق اهداف الثورة يتطلب قبل كل شيْ:
-  المزيد من التنظيم والتنسيق وتوحيد الصفوف والفعاليات والنشاطات والافكار والبرامج، وصولا الى رؤية موحدة واضحة وبرنامج موحد ناضج عملي يرسم الاهداف الاساسية التي تسترد الوطن وتنقذه وتضعه على طريق التعافي والبناء والازدهار.
-  المزيد من المبادرات العملية والوضوح وتبيان المواقف. المبادرات التي تحشد وتجذب المزيد من الجماهير. الوضوح في التعامل مع الاحداث اليومية التي يعيشها البلد والشعب وتحديد المواقف منها. الوضوح في تبيان وعكس خطاب وصوت الثورة الموحد والتعامل الواعي والمسؤول مع الاعلام والجماهير في الداخل والخارج.
-  التعاطي الشفاف والواعي مع كل الهواجس والافكار والطروحات. فالحوار والانفتاح والتعامل بأحترام مع كل الاراء البناءة والحريصة مفيد لا يمكن الاستغناء عنه وهام جدا. وهنا لابد من التنبيه الى أهمية تفهم خصوصية معاناة وهواجس وآمال الشعب الكوردي والمكونات الأخرى وتطلعاتها في وطن المعايشة والتكافؤ والخالي من كل أشكال التمييز والقمع والدكتاتورية والتعصب.

المجد والخلود لأبطال المواجهة الذي يقدمون ارواحهم من أجل أستعادة الوطن والحرية والكرامة.
الاندحار والموت لقوى الظلام والفساد والميليشيات القاتلة المجرمة.
الأنتصار للشباب بناة الاوطان ومستقبل الشعوب!


6
المكونات الصغيرة (الاقليات) وثورة الشباب

سامي المالح

كتبت وأعلنت جهارا، في أكثر من مناسبة ومن على منابر مختلفة، ومنذ بداية تشكل ملامح العملية السياسية في عراق ما بعد سقوط الصنم وصياغة دستور ضامن للمحاصصة والتوافق والطائفية والقومية على حساب الوطن والشعب، بأن المكونات الصغيرة الاثنية والدينية في العراق (الاقليات) ستكون الضحية الاولى والخاسر الاكبر.
ذلك لأن القوى والتحالفات التي تمثل المكونات الكبيرة قسمت "الكعكة" فيما بينها، وبأسم ديمقراطية هشة مزيفة كاركاتيرية، شكلت حكومات وبرلمانات ومجالس قضاء ونزاهة، لم ترتقي الى مستوى بناء دولة حقيقية، ولم تتحمل مسؤولية نهوض وطن نازف وخدمة شعب عانى ويلات الدكتاتورية الفاشية العنصرية وحروبها المجنونة وقمعها وارهابها وفسادها طوال اربعة عقود قاسية.
فالعملية السياسية الفاشلة باتت نكبة كبرى، وهي لم تتجاوز ان تكون اكبر من صراعات تافهة على نهب البلد وبناء الميليشيات والسلطات المتعددة، والتسابق في الارتباط بدول الجوار والولايات المتحدة الامريكية والاستقواء بها من أجل تثبيت تلك السلطات والمواقع والمزيد من اللصوصية والنهب والخراب.
لقد عاش البلد، منذ سقوط الصنم، الارهاب المنفلت والصراعات الطائفية والقومية الدموية، غاب فيه القانون، دمرت اركان الدولة وأقتصاد البلد والتعليم والصحة والصناعة والزراعة، دمرت القيم وتفشى الفساد بما فيه الفساد الاخلاقي المنظم من قبل الظلاميين، تبخرت الثروات، فنمت شرائح ثرية طفيلية فاسدة مجرمة على حساب الاكثرية الساحقة من ابناء الشعب، وزاد الفقر والحرمان وعدد الضحايا والمهجرين والماهجرين والنازحين في داخل البلد وخارجه.
لقد كانت حصة الاقليات من كل هذه الفواجع والمآسي كبيرة ومخيفة، وصلت الى حد تهديد وجودها ومستقبلها وهي الاصيلة بعمق جذورها وانتمائها في ارض وحضارة العراق.
من المؤسف جدا، ان بعض من النخب والقوى السياسية لهذه المكونات، أنخرطت في العملية السياسية منذ البداية، واصابها مع الوقت سرطان الفساد والتحالف مع قواه وممثليه من المكونات الكبيرة للحفاظ على مصالحها الانانية الحزبية والشخصية، دائرة ظهرها لجماهيرها وقواعدها ومبتعدة عن مصالح وحقوق ومعاناة واوجاع الشعب التي تدعي تمثيله. من المخيب والمعيب والعار، ان يتم تداول وابراز شخصيات مسيحية (آشورية كلدانية سريانية) او تركمانية او أيزيدية او من الشبك، في مناسبات عدة، علنا وبوثائق، في معرض الحديث عن الفساد والفاسدين والانتهازية والمرتبطين بالشيعة والسنة والاكراد.
غير ان المفرح والمثير للفخر هو ان اغلبية ابناء الاقليات، وبالعكس من تلك النخب والقوى السياسية، كانت تعبر عن مواقفها الرافضة لسياسات الحكومات المتعاقبة والاحزاب والقوى المرتبطة بها، ووقفت بكل ما تملكه من امكانات بوجه الارهاب والقتل والتهجير والتهميش والتمييز والعذاب الغير منقطع.
لقد قلب شباب العراق، في اكتوبر، كل الموازين رأسا على عقب. لقد خرجوا بصدور عارية في انتفاضة باسلة سلمية، سرعان ما تحولت بسماتها المتعددة، الى ثورة شعبية حقيقية. فهاهم الملايين منهم تتقدمهم المرأة الباسلة، في ساحات بغداد والناصرية والحلة وكربلاء والديوانية والنجف والسماوة والعمارة والبصرة وغيرها من المدن، يواجهون جرائم ورعونة وبطش ومناورات ونفاق قوى وسلطات الاسلام السياسي والقوى المرتبطة به. انه لفخر وأعتزاز ان نرى ساحات الثورة اليوم تتحول الى مسارح ومعارض وورشات عمل ومراكز صحية ومكتبات وفرق موسيقى وغناء وفرح وحب وأمل. انها ساحات تتفجر فيها طاقات الانسان الخلاقة، التي اراد لها الظلاميون وحكومات الفساد والقبح ان تموت الى الابد.
ومنذ البداية، كان شباب الاقليات جزءا من تلك الانتفاضة الباسلة، وشاهدنا مع الايام وقوف الاغلبية الساحقة من ابناء الاقليات في كل العراق مع الثورة، فباتوا اليوم جزءا فعالا منها. ان ذلك يعكس وعي هذه الشعوب بأهمية التغيير الجذري والتخلص من حكم المحاصصة والطائفية المقيتة والعملية السياسية الكارثية، ويجسد تطلعهم لبناء دولة مواطنة وقانون، متحررة من قيود الدين والشريعة، لا مكان فيها للتمييز والتهميش بأسم الدين والطائفة والقومية والجنس. أن أغلبية ابناء هذه المكونات، وعلى عكس بعض النخب والاحزاب السياسية الغارقة في الانتهازية والارتباطات النفعية المذلة، بما فيها في أقليم كوردستان، ترى في شعار الثورة ( نريد وطن) شعارا حقيقيا يعبر عن حاجتها وآمالها، لان مستقبل وجودها وتطورها وتحقيق حقوقها المشروعة أنما يرتبط بنجاح الثورة والتغيير الحقيقي وأستعادة وبناء وطن معافي آمن مستقل جامع، بناء دولة علمانية مزدهرة.
من المخجل والعار ان يكون ثمة وجوه وشخصيات واحزاب، تدعي تمثيل الاقليات، مصطفة وواقفة مع سلطات الفساد والقمع والقتل التي تلطخت اياديها بدماء المئات من الشباب المطالبين بحقوقهم المشروعة. من المخجل ان تبقى تبرر بغباء مواقفها المرفوضة، وتبقى عاجزة مكبلة بمصالحها التافهة لا ترتقي لاتخاذ مواقف وطنية مشرفة في رفض الفساد والدولة الفاشلة والحكومة العاجزة والعصابات التي تنهب البلد، ولتقف مع تطلعات شعوبها وآمالها ومع كل حراك من اجل التغيير وانقاذ البلد.
قد لا نحتاج في هذه المناسبة تسمية تلك الاحزاب والشخصيات والافراد، وهي مثار شجب وسخط ولوم وأنتقاد الاكثرية، ولكننا سنسميهم ونتحدث عنهم بوضوح في المستقبل، اذا ما تمادوا وأستمروا في الضحك على الذقون وتبرير المواقف والمزايدات السخيفة الباطلة.


7
المنبر الحر / آفاق ثورة الشباب
« في: 02:03 11/11/2019  »
آفاق ثورة الشباب
سامي المالح

تتواصل انتفاضة الشباب في بغداد والبصرة والناصرية والعمارة وبابل والسماوة وغيرها من المحافظات والبلدات الجنوبية لتتجذر مع الأيام وتأخذ طابع ثورة شعبية حقيقية.
المرأة التي أرادوها، بأسم شرائعهم ناقصة وعورة ومنعزلة لتلبي رغباتهم الذكورية المريضة فحسب، نزلت الى ساحات المواجهة بشجاعة مثيرة للفخر لتلعب دورا رياديا الى جانب الرجل.
التحرك والمواجهة والحضورالثوري السلمي للشباب يزداد اتساعا يجذب الاقليات والمكونات المتعددة للمجتمع العراقي ويزداد تنظيما متحديا جرائم السلطة وعصاباتها وميليشياتها المنفلتة. الشعارات والمطالب التي تطرح وتكاد تتحول الى برنامج عمل وخطة طريق تصبح أكثر وضوح وثبات ونضج.
طلاب الجامعات والمدارس والمعلمين والكثير من الاطباء والمهندسين والمحامين والموظفين والفنانين والكتاب والشعراء باتوا يرفدون الثورة بالقوة والدعم بمختلف الاساليب والاشكال.
العراقيون في الخارج يواصلون التظاهر وتنظيم الفعاليات وجمع المساعدات وفضح السلطات وتعرية جرائمهم امام الرأي العام العالمي. صدى الثورة والتضحيات الغالية الجسيمة التي يقدمها الشباب يتسع ويكسب المزيد من الاهتمام والعطف والمساندة.
 
لقد بات واضحا ان ثمة مهام ملحة وخطرة تنتظر شباب الثورة الشجعان، فمواجهة ارهاب وجرائم ورعونة ومراوغة ومناورات السلطات بصدور عارية وحده لن يحقق الاهداف النبيلة. ومن أهم هذه المهام:
-   المزيد من تنظيم الصفوف وصولا الى تشكيل قيادة مقدامة ثابتة مخلصة ونزيهة، قيادة من صلب الجماهير وتطلعات الشباب لا تساوم حتى النهاية.
-   صياغة برنامج، او خارطة طريق واضحة، تخرج البلد من مستنقع العملية السياسية الفاشلة والتوافق والمحاصصة والطائفية، وتضعه على طريق بناء دولة مدنية علمانية، دولة مواطنة وقانون. خارطة طريق تبدأ بأسقاط الحكومة ومحاسبة القتلة وقصاص الفاسدين وأسترداد ثروات العراق، وانتهاءا بإلغاء مفوضية الانتخابات الغير مستقلة وتغيير قانون الانتخابات والتهيئة لأنتخابات جديدة وبالتالي الى تغييرات أساسية في الدستور تحرر الدولة من الدين ومخالب رجال الدين.
-   قطع الطريق على كل المناورات والالتفاف والتسويف وعدم القبول بأنصاف حلول. فكل القوى المشاركة في العملية السياسية التي نهبت البلاد وأذلت العباد باتت مسؤولة عن سفك دماء المئات من الابرياء من الشباب وليس بإمكانها، مطلقا، ان تقدم على اي اصلاح وتغيير حقيقي، وانها لن تتخلى عن السلطة والنفوذ واللصوصية ولا تعير اية أهمية لمعاناة واوجاع ومشاكل الشعب والشباب.
-   الأنتباه الى محاولات الانتهازية وراكبي الموجة وبقايا البعث التي تحاول قطف ثمار تضحيات الشباب وتحقيق اهدافها الانانية الحزبية والطائفية على حساب اهداف الشعب وتطلعات الشباب.
لابد من التأكيد، ان السلطات المتداخلة والحكومة وقوى الاسلام السياسي والميليشيات والعصابات المسلحة المرتبطة بها، وايران التي تقف خلفها وتدعمها، رغم خوفها وهلعها ومناوراتها وخطاباتها ووعودها الرخيصة ونفاقها المكشوف، ستتوغل في الجريمة والقتل وسفك الدماء وارهاب الشباب والمزيد من الخطف والاعتقالات والتهديد. أنها معركة شعب مسالم نهض موحدا مطالبا بالحرية والكرامة وحياة انسانية لائقة مع قوى غارقة في الفساد والنفاق والكذب والجريمة مدججة بالسلاح.
من المؤسف ان دعم الشعب الكوردي، لحد كتابة هذه الاسطر، ليس بمستوى الحدث والمطلوب. فكان ثمة تحرك لطلاب جامعة السليمانية وكتابات وأحتجاجات وبيانات لبعض النخب والمثقفين، نأمل ان تتطور وتتحول هي الأخرى الى تحرك جماهيري كبير داعم للتغيير في العراق، وبالتالي داعم للتغير في الأقليم بما يحقق اهداف ومصالح الشعب الكوردي الآنية والأستراتيجية.
ولابد من التنبيه الى انه من المستحيل للشعب الكوردي ان يحقق طموحاته وأهدافه، كشعب قدم الكثير من التضحيات، في ظل دولة طائفية فاشلة ونظام أسلامي وتعصب وفساد ونهب الثروات. ان حرية الشعوب لا تتجزأ وان الديمقراطية هي وحدها تحقق السلام والامان والاستقرار والتضامن والمعايشة وحياة كريمة للجميع. 
النصر للشعب والشباب. المجد والخلود لضحايا ارهاب وجرائم السلطات الفاسدة. الشفاء العاجل للجرحى.
والموت للمجرمين القتلة وقوى الظلام المعادية للشعب.

8
سامي المالح

أنتفضت الملايين المسحوقة المحرومة المعذبة تتقدمها الشبيبة في بغداد والمدن الأخرى، خلال الأيام الماضية، مطالبة بشكل سلمي وبصدور عارية، بحقوقها المشروعة وبتغيير الاوضاع المذلة ورفض الدولة الفاشلة ونظام الفساد والطائفية والمحاصصة، الذي هو السبب في كل الخراب والدمار والتدهور والانحطاط الذي يعم البلد من شماله الى جنوبه.

أما السلطات المرعوبة، وقوى العملية السياسية والاسلام السياسي، التي حولت الدولة الى مقاطعات ومراكز نفوذ ونهب الثروات وحكم الميليشيات والعشائر، ردت على أنتفاضة الجماهير بالحديد والنار والقتل والتصفيات بالقناصات والأعتقالات ومنع التجوال وقطع الانترنت والكهرباء، مرتكبة جرائم تاريخية بشعة تبقى وصمة عار وذل في جبينها الى الأبد. فسقط المئات من الشباب واهبين ارواحهم من أجل لقمة العيش والكرامة وجرح الآلاف في بغداد والمحافظات المنتفضة الأخرى.

ومع كسر حاجز الخوف وزيادة زخم الانتفاضة وتوسع رقعتها وأستمرارها متحدية القتل والارهاب والعنف الاجرامي المنفلت، لجأت السلطات وعلى رأسها رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، الى مناورات خبيثة وخطابات وأجراءات تخديرية، وأطلاق وعود كاذبة لأجهاض الانتفاضة وكسر شوكتها وتفريغها من محتواهها، وبالتالي للقضاء عليها وثم الاجهاز على الشبيبة والنشطاء والقادة الميدانيين البارزين.

على شباب الانتفاضة عدم تصديق هذه النخب التي هي سبب المأساة والانحطاط وخراب البلد. كما وعليها عدم التعويل على المرجعيات والقوى الخارجية التي تجد مصالها في أستمرار التدهور والفوضى والدولة المهلهلة الفاشلة.

على الشباب والجماهير الشعبية الاعتماد أولا وأخيرا على وحدة قواها وصمودها وأصرارها ومواصلتها وتحديها لأرهاب وعنف السلطات والميليشيات.

من المؤكد ان تحقيق أهداف الأنتفاضة، ومنها تحقيق مطالب الجماهير المشروعة في حياة لائقة كريمة وتوفير الماء والكهرباء والسكن والصحة واالخدمات والامن والعمل والحريات الاساسية، وتغيير طابع العملية السياسية وأسقاط حكومة التوافقات والمحاصصة والطائفية وأجراء أنتخابات نزيهة، يتطلب :

أولأ – عدم الرضوخ للضغوطات والمناورات وعدم تصديق الاكاذيب والوعود الفارغة لأطراف العملية السياسية والقوى التي خربت البلد.
ثانيا – توحيد الجهود والصفوف والشعارات والاهداف.
ثالثا – تشكيل قيادة مقدامة مخلصة نزيهة غير انتهازية تتحمل المسؤولية وتقف في الصفوف الاولى حتى النهاية.
رابعا – صياغة برنامج يحدد الاهداف القريبة والبعيدة للانتفاضة، ولمستقبل الحكومة والبلد، والتهيئة لبناء الدولة المدنية، دولة المواطنة والقانون، دولة منفصلة عن الدين ومتحررة من مخالب رجال الدين.

في النهاية، على كل عراقي غيور مهتم بمستقبل البلد وبكرامة المواطن وحقوق الانسان، ان يقف مع الجماهير ويدعم ويساند بكل الطرق والوسائل والاساليب تحركها وانتفاضاتها الباسلة في كل مكان.

ولابد من أدانة السلطات وقيادات العملية السياسية الذين تمادوا في قتل مئات الابرياء، والمطالبة بتقديمهم الى العدالة على جرائمهم بحق الجماهير المسالمة الخارجة للمطالبة بحقوقها المشروعة ومن أجل كرامتها ومستقبلها.

9
واقع و مستقبل المكونات الصغيرة العراق
سامي المالح

العملية السياسية  في العراق، عملية المحاصصة والتوافقات والاتفاقات الطائفية والقومية، تدفع الدولة الفاشلة، عاما بعد آخر، الى المزيد من الأزمات والتعقيدات والصراعات ودوامات التدخلات الخارجية، وتعرض المواطن للمزيد من الأذلال والحرمان من ابسط مقومات الحياة الكريمة، وتحاصر حياته اليومية بالقلق والخوف والفساد والكذب و اليأس والنفاق الديني والمزايدات الطائفية والقومية.
من أكوام المآسي والاوجاع والكوارث التي عاشها الشعب العراقي، بعد سقوط الصنم، كانت حصة المكونات الصغيرة/ الأقليات الاثنية والدينية، هي حصة الأسد كما يقال. ذلك لأن العملية السياسية المشوهة التي انتجت دستورا مكبلا بالتمييز والشريعة والاستعلاء الديني والقومي والغزير بالتناقضات وعقد الصراع المستعصية، لم توفر الأمن والاستقرار في البلد، ولم تكن مشروعا لبناء دولة المواطنة والقانون والمؤسسات، ولم تفلح في حماية المكونات الصغيرة المسالمة، التي تفتقد مستلزمات  مواجهة الارهاب والدفاع عن النفس ومقاومة شهوات الفساد والتغيير الديمغرافي والنعرات العنصرية للقوى الطائفية والقومية المهيمنة بالمال الحرام المنهوب وبمسلحيها وميليشياتها وبتوظيفها المناطقية والعشائرية والمؤسسات والمراكز الدينية.
 من المعروف، وكما أثبتت تجارب الكثير من البلدان الديمقراطية المستقرة والمزدهرة، ان أقرار وممارسة حق المواطنة المتكافئة وضمان ممارسة الحقوق المشروعة للمكونات الصغيرة في البلدان والمجتمعات، مرهون بطبيعة النظام السياسي والاستقرار وأحترام القانون وحقوق الأنسان والحريات الأساسية وتطور العملية الديمقراطية و ترسيخ قيمها الأساسية (المواطنة المتكافئة، سيادة القانون ومساواة الكل في الحقوق والواجبات دون اي تمييز مهما كان، حرية الرأي والمعتقد والتعبير والتعايش والتضامن).
من أشد الكوارث والمصائب التي تعرض لها العراق كوطن والعراقيين من كل الانتماءات، وأشدها تأثيرا على المستقبل، وكنتيجة طبيعية لفكر وسياسات وفساد قوى الاسلام السياسي والقوى القومية ونظام المحاصصة والفساد، هي أضعاف روح المواطنة وأسس التعايش و التضامن والثقة بين المكونات العراقية من جهة وتغذية وتأجيج الروح الطائفية والتعصب المقيت وصراع الهويات من جهة اخرى.
أن ما تعرض له المسيحيون والايزيديون والتركمان والصابئة المندائيون والشبك والكاكائيون من الجرائم والاهوال، خلال الخمسة عشر عاما الماضية، نسف في الواقع، الى حد كبير ومخيف، قاعدة وأسس تواجدها التاريخي وتطلعها للعيش بأمان وسلام وكرامة وثقة بالمستقبل. ان النفاق والاكاذيب اليومية والتشدق بديمقراطية مزيفة لم تعد تنطلي على احد، فالاعمال والمواقف والسياسات على الارض في كل العراق، هي التي تتحكم بواقع هذه المكونات وتدفعها للنزوح المعذب والهجرة القاتلة، وتحطم ثقتها بالسلطات والمؤسسات الفاسدة والاحزاب والقوى السياسية المنشغلة بالصراعات الانانية الضيقة وبضمان حصصها من جسد وثروات البلد.
لقد وصلت صلافة القوى الاسلامية والقومية في البلد الى حد الاستحواذ المباشر على ارادة شعوب هذه المكونات، والى الاستيلاء بشتى الطرق على اصواتها في الانتخابات المشوهة من خلال القوانين والتشريعات الجائرة، ومن خلال صناعة مجموعة من الاحزاب والتشكيلات الكارتونية الكاريكاتيرية الفاسدة المنتفعة المرتبطة والموالية لها. ففي بغداد مثلا تفتقت مخيلة القوى والاحزاب الشيعية لتتمادى للمرة الاولى في التاريخ في تنصيب وتتويج شيوخ وقادة ميليشيات للمسيحيين. وفي كردستان، وكما يعرف الجميع، وتحدث عنه قادة من الحزبين الحاكمين في اكثر من مناسبة، وكما سمعته انا شخصيا منهم في أكثر من لقاء، هناك أشخاص وعوائل ودكاكين واحزاب معروفة  ومكشوفة جيدا صنعتها  احزاب السلطة وتغذيها منذ عقود من المال العام، وظيفتها الوحيدة لا تتعدى المزايدة قوميا على شعبها المغلوب على امره وتمزيق اوصاله دون خجل او حياء.
قد يبدو المرء متطرفا، حينما يؤكد، انه لمن السذاجة التعويل على قوى العملية السياسية ونتائج الانتخابات المشوهة و تشكيل الحكومة الجديدة، التعويل عليها للأرتقاء الى مستوى المسؤولية والبدأ بأصلاحات جذرية حقيقية، وتغيير جوهر وطبيعة العملية السياسية في البلد لتغدو عملية بناء واعمار وتربية وتعليم وصحة وخدمات وامن واستقرار وازدهار وتعايش و اصرار على وضع أسس صحيحة قوية صلبة لمستقبل واعد. في الواقع، ليس من الصعب على اي أنسان واعي مهتم ومتابع ادراك وفهم أستحالة حدوث هكذا أرتقاء وتغييرات وتطورات، لسبب واضح وحاسم هو  أن حصول ذلك سينهي دور هذه القوى والاحزاب وسيقضي عليها حتما، لأن وجودها وأستأثارها بالسلطات ونهب البلد مقترن بشكل عضوي بأفكارها وطبيعتها وبطائفيتها وقوميتها وتوافق مصالحها ونفاقها وفسادها المستشري، وبتواصل وأستمرار سعيها بكل الطرق والوسائل الى تجهيل الشعب وتعطيل العملية التربوية والتعليم والى القضاء على الحريات الأساسية والمعرفة والثقافة والفن والجمال والامل، و أصرارها على وأد وخنق كل تطلع الى النهوض والتحرك السلمي والمدني بغية التغيير والتطور في كل المجالات وعلى كل المستويات.
ليس خافيا على احد، أن احد اهم أسباب أستمرار العملية السياسية وتراكم الفشل والاوجاع، هو ان قوى المعارضة والمواجهة، القوى المدنية العاملة من أجل بناء دولة علمانية متحررة من أغلال الدين وقيود الشريعة ومخالب رجال الدين وحلفائهم من الفاسدين، دولة مواطنة وقانون، هي للاسف قوى ضعيفة ومتفككة. ولعله من الهام في هذا الصدد التأكيد بأن أحد مظاهر ضعف الحركة المدنية الديمقراطية والتحرك الجماهيري هو عدم الاهتمام الجدي بمشاكل المكونات الصغيرة والالتفات الى وتبني قضاياها والدفاع عن وجودها وحقوقها المشروعة. فرغم التحركات والمظاهرات والانتفاضات والتضحيات الغالية التي قدمها ويقدمها شباب اعزل في مختلف محافظات العراق، لاتزال الحركة الجماهيرية محدودة المدى والتأثير، ولقد اثبتت الايام والتجارب وآخرها في البصرة، بأنها لاتزال بأمس الحاجة الى:
تنظيم افضل وأكثر ديناميكية، تطوير الادوات والاساليب، برنامج واضح محرك جامع لكل الطاقات والقدرات، وأخيرا الى قيادة مخلصة شجاعة ثابتة متحررة من تأثيرات المرجعيات ونفوذ القوى المهيمنة، قيادة وفية حتى النهاية لتطلعات الملايين من المحرومين الفقراء من الاطفال والشباب والنساء المغيبين والمخدوعين وأبناء المكونات الصغيرة المنكوبة.
لا يمكن ان نخدع انفسنا، فليل العراق طويل، وان الاقليات ستعاني المزيد والمزيد. فعبثا تحاول احزاب هذه المكونات المشاركة في العملية السياسية والانتخابات وفي اعمال البرلمانات والحكومات المتعاقبة منذ عقد ونصف ان تخدع نفسها وتخدع شعوبها. فأغلب هذه الاحزاب التي أصيبت بنفس داء وامراض احزاب العملية السياسية المزمنة الخبيثة، والتي انتفعت واعتاشت على فتاة فساد القوى المهيمنة وحصلت على بعض الكراسي البرلمانية من كوتا مشوهة وبعض الحقائب الوزارية والوظائف الشكلية، لم ولن تفلح في ضمان الامان الحقيقي والتكافؤ والحقوق المشروعة لشعوبها ومعالجة المشاكل التاريخية المتراكمة وتحقيق انجاز مهم يذكر يوقف وينهي مأساتها. ليس هذا الاقرار الموجع من باب التشاؤم والدعوة للاستسلام. كلا، أنه أقرار بواقع مر وموجع، واقع تعيس تعيشه هذه المكونات يوميا، واقع من الهام جدا أقراره بموضوعية ومصداقية واستيعابه ومعرفة وتلمس مكامنه. ذلك للانطلاق منه كما هو، سعيا لأيجاد المخارج وتحديد المواقف الصائبة و لوضع الحلول والسياسات البديلة.
أن مصير المكونات الصغيرة ومستقبلها في العراق، الدولة الفاشلة، مرتبط بشكل وثيق بمدى نجاح كل الجهود الخيرة لتنظيم وتطوير حركة جماهيرية مدنية، حركة جامعة واسعة فعالة ومؤثرة ، حركة ترتقي لتصبح معارضة لجوهر وطبيعة العملية السياسية في البلد. فمستقبل مشرق لكل المكونات في العراق يكمن في بناء دولة معاصرة، دولة مواطنة وقانون، دولة علمانية مزدهرة لا مكان فيها للتمييز والغاء الآخر. تضحيات ونضال هذه المكونات من اجل الحقوق القومية والدينية والثقافية المشروعة كاملة، ومن اجل الحريات والمواطنة المتكافئة منذ اكثر من قرن، بعد تشكل الدولة العراقية، كان نضالا وطنيا و رافدا أساسيا ومهما من روافد نضال كل مكونات الشعب العراقي من اجل الاستقلال والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبناء دولة مدنية علمانية معاصرة مزدهرة.
وفي هذه المرحلة المصيرية، حيث تتعرض هذه المكونات الى تهديد لنسف وجودها وقلعها من جذورها واجبارها على الهروب والهجرة القاتلة، على ابناء هذه المكونات أن تسابق الزمن من اجل:
- توحيد صفوفها  وخطابها وجمع كل طاقاتها وامكاناتها، و صياغة أهدافها الواضحة بأستقلالية وارادة حرة. ورفض الوصاية وتأثير المجموعات والاحزاب المنتفعة والانتهازية التي أثبت تاريخها بأنها لا تفكر ولا تعمل الا لمصالحها الضيقة الانانية التافهة.
- الاستمرار في العمل على التعريف بأوضاعها، بخطاب وبصوت واحد مفهوم وموضوعي،  في كل المحافل الدولية والمناسبات، لكسب الرأي العام العالمي وتضامن الشعوب و المؤسسات والدول ذات النفوذ والتأثير.
- العمل الدؤوب على نبذ التعصب الديني والقومي والتقوقع واليأس، والدعوة المستمرة للحوار وتقوية أسس التعايش بين الشعوب الشقيقة وكل المكونات في المجتمع، التي في اغلبها كانت ولاتزال ضحية للدكتاتورية والنفاق الديني والاسلام السياسي والتعصب القومي والصراعات على النهب والنفوذ والسلطات الفاسدة.
- ان تقف بثبات في خندق القوى والحركات والفعاليات المدنية، التي لا بد لها ان تنمو وتكبر وتتجاوز ضعفها وتفككها، خندق كل الجماهير في كل مكان في رفضها ومقاومتها للفساد والمحاصصة والطائفية وكل أشكال التعصب والتمييز، خندق العمل بصبر واصرار للأرتقاء الى مستوى طرح برنامج واقعي بديل لبناء دولة مدنية معافية ناجحة في العراق، دولة قانون ومواطنة ودستور علماني يضمن حقوق وامن وكرامة الجميع دون أستثناء، الكل من كلا الجنسين، من كل المكونات، صغيرها وكبيرها، من كل الاديان والاثنيات والطوائف والمناطق.
 

10
الاخوين عبدالاحد قلو و لوسيان المحترمين ..
شكرا لمواصلة الردود وتحمل الاختلاف. رجائي ان تبتعدان، كما علينا نحن جميعا ان نبتعد، عن لغة غير مستحبة واسلوب غير مناسب في الحوار وطرح وجهات النظر. لابد انكما تتفقان معي ان ليس ثمة شخص في الكون يملك كل الحقيقة، وعليه فمن الجدير، بل من الحكمة والعقل ان نقبل الاختلافات ونحترم رأي الآخر مهما كان. ان نتهم هذا او ذاك امر سهل جدا، الاصعب هو امكانية اقناع الاخر والاعتماد على المعرفة والمعطيات الواقعية ونتائج البحوث في تبرير الطروحات والسياسات والمواقف. أملي انكما تنهون هذه المناقشة بقبول الرأي المقابل واحترام الآخر، لان هذا هو المعيار في الحرص على التوصل الى ما هو في خير شعبنا. تفبلا ثانية محبتي وتحياتي الاخوية!

11
عزيزي الصديق فرهاد عبدالاحد حكيم المحترم ..
شكرا جزيلا لردك الجميل والمعبر .. أكيد عزيزي انا وغيري ممن يعرفك لايشك ابدا في نواياك وحرصك وطروحاتك. انا شخصيا اعتز بكل من يعبر عن رأيه ووجهة نظره بشكل حضاري واسلوب سليم واحترام رأي الاخرين. نحن نعلم ان وضع وطننا بشكل عام وشعبنا بكل مسمياته يتحمل، بل يستحق الكثير من الحوارات والمناقشات والبحوث وثم الاتفاق على كيفية تجميع كل الجهود لخدمة اهدافه ومصالحه المشروعة. تقبل عزيزي شكري ثانية مع المحبة والتقدير!

12
الاخ هاني Hani Manuel المحترم
تقبل تحياتي .. شكرا على التعليق ..
عزيزي من المؤكد ان لكل واحد منا الحق في التعبير عن رأيه، كما ومن الهام لنا جميعا ان نتعلم احترام كل اللآراء مهما اختلفنا معها.طبعا الافضل ان نتناول الامور من زاويتنا وعدم الانطلاق من ما هو منطلق وزاوية الآخر. وأخيرا من الهام لنا ونحن نتناول اية قضية او موضوع يخص شعبنا والانسانية بجدية ان نبتعد ان استخدام الفاظ لا ضرورة لها.انا أؤكد للجميع، مهما كان رأيهم، وبأحترام، ان التمسك بكل ما يوحدنا نحن كشعب واحد هو ضرورة قصوى ومهمة نبيلة. تقبل عزيزي تحياتي وامنياتي! 

13
الاخ العزيز فرهاد حكيم المحترم
تحياتي الاخوية الحارة وشكرا لتعليقكم ..
الموضوع كما هو مطروح يتعلق بنهج وسياسة المنظمة الديمقراطية الاثورية، وهو لا يتعلق بالتسمية والتمثيل. هذه المنظمة تعمل منذ عقود بين ابناء شعبنا في سورية ولها جماهيرها وتنظيماتها وسياساتها التي كلفتها الكثير. الموضوع ليس لتقييم هذه السياسات او التسمية بل هو نقل وقائع لقاء وتأكيدات قادة المنظمة. تقديري الشخصي هو ان تسمية اي منظمة او حزب ليس هو الاهم والاكثر تأثير على واقع شعبنا ومستقبله، بل الأكثر اهمية والحاسم هو الفكر والنهج والسياسات والاستقلالية ومدى خدمة مصالح شعبنا فعليا. نحن في عنكاوا كوم على علم تام ونتفهم بعمق مدى تأثير أشكالية التسمية على ما عاشه وعاناه ويعانيه شعبنا، ويجدر التذكير بأننا كنا السباقين بفتح ابواب الحوار والمناقشات وتشجيع المبادرات والبحوث وتعضيد كل الجهود التي توحد جهود وطاقات شعبنا الواحد كما نؤمن بكل تسمياته. تقبل عزيزي ودي وتقديري.

الاخ العزيز المحترم عبدالاحد قلو
تحياتي الاخوية .. شكرا عزيزي على تعليقكم ..
أكيد ان ما ذكرته بخصوص المنظمة والتسمية في ردي للاخ فرهاد لا يحتاج الى الاعادة والتكرار. انا أحترم كل الآراء ولست بحاجة الى الدخول في مناقشات حول المنظمة الديمقراطية الاثورية او اي حزب ومنظمة اخرى، فالسياسات والافعال والنتائج هي التي تتحدث وتخضع للتقييم. وجهة نظرنا وقناعتنا في عنكاوا كوم هي اننا بكل تسمياتنا شعب واحد ولذلك سعينا ونسعى ان نبني على الكثير الكثير الذي يوحدنا ويرسخ وجودنا ويمدنا بالامل والقوة للدفاع عن حقوقنا المشروعة، كما اننا نساهم وندعم كل الجهود التي تبذل من اجل معالجة الاشكالات والتعقيدات المتراكمة تاريخيا بسبب الظروف القاسية التي عاشها شعبنا. عموما من الحكمة ان نتمسك بكل ما هو ايجابي وجيد في نهج او سياسة او فكر اي منظمة او حزب او جهة وان لانفرط بأي جهد من اي كان وتحت اي تسمية كانت لاننا في الواقع نعيش مرحلة مصيرية وقاسية. تحياتي ثانية مع الود.

14
المنظمة الديمقراطية الاثورية/ حوار عن الواقع والمستقبل

سامي المالح

تعودنا في اسرة عنكاوا كوم، ان نلتقي كلما اتيحت لنا فرصة مع الناشطين من السياسيين والكتاب والفنانين ومنظمات المجتمع المدني من ابناء شعبنا، بغية توطيد العلاقات والتعاون والحوار المباشر المفتوح حول اوضاع شعبنا ومستقبله في الوطن والمهجر في أطار التعقيدات والتطورات والتغييرات الدراماتيكية التي تجتاح المنطقة منذ عقود.

يوم الجمعة الثاني من نوفمبر الجاري، التقينا في ستوكهولم، بمسؤول المكتب السياسي للمنظمة الديمقراطية الاثورية (مطكستا) رابي كبرئيل موشي بمعية رابي سعيد يلدز مسؤول المنظمة في السويد، في جلسة حوار ودية مفتوحة، حدثنا فيها رابي كبرئيل عن واقع الاوضاع والظروف التي يعيشها شعبنا في سوريا اليوم، كما وسلط لنا الاضواء على سياسة ومواقف ورؤية المنظمة ونشاطاتها وعلاقاتها قوميا ووطنيا، وأجاب مشكورا على العديد من التساؤلات وأستمع بأهتمام وتفاعل مع الكثير من ملاحظاتنا وآرائنا.

زيارة رابي كبرئيل موشي للسويد كانت في اطار جولته في اوربا ولقاءاته مع ابناء شعبنا ومشاركته في نشاطات المعارضة السورية والندوات والحوارات التي يرعاها الاتحاد الاوربي وبعض المؤسسات الاوربية المهتمة بالسلام والحوار والديمقراطية.

فيما يلي مختصر للنقاط الاساسية التي تناولها وأكد عليها ضيوفنا من مطكستا:
اولا/ ان الاوضاع على الارض في سوريا معقدة للغاية، فالسلطة في دمشق وبالاعتماد على حلفائها – روسيا وايران - لاتزال تسعى الى السيطرة وتشديد قبضتها عسكريا وقمع المعارضة والقفز على كل التغييرات التي طرأت على الارض خلال السنوات القاسية الماضية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الضحايا وتشرد الملايين من ابناء البلد. المنظمة الديمقراطية الاثورية ومن منطلق مسؤولياتها و التزاماتها الوطنية والديمقراطية تنشط في اطار المعارضة السورية بأطرافها وقواها وتنوعها، وتساهم من خلال الحوار وبشكل سلمي رسم ملامح مستقبل سوريا كبلد ديمقراطي مدني يتسع للجميع ويضمن دستوريا التعايش وأقرار واحترام حقوق كل المكونات الاثنية والدينية دون تمييز.

ثانيا/ مطكستا حريصة، في الاوضاع المعقدة واجواء الحرب والعنف والشحن الطائفي والقومي ومن منطلق واقع شعبنا ومصالحه وضمان مستقبله في الوطن، على تطوير علاقاتها مع ممثلي كل القوى والاطراف السياسية، والسعي من خلال ذلك الى تطويرعلاقات شعبنا بكل المكونات الاثنية والدينية التي نعيش ونتفاعل معها في الوطن على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

ثالثا/ مطكستا تسعى بجدية، كما كانت دائما، على توحيد كل الجهود والطاقات التي يملكها شعبنا بكل تسمياته دفاعا عن وجوده ومصالحه ومستقبله. وفي هذه القضية الهامة والمصيرية نحاول بجدية وشعور عالي بالمسؤولية أن نتحاور باستمرار ونتعاون مع القوى السياسية الاخرى رغم الاختلافات في الرؤية والمواقف والسياسات، وكذا الحال مع مؤسسات شعبنا المختلفة والكنائس ورجال الدين. كل ذلك من أجل العمل كل حسب امكاناته وعلاقاته ومحيطه وتأثيره في طرح قضية شعبنا وتعزيز وجوده وضمان أمنه وسلامته ومستقبله في الوطن. فأدوارنا يجب ان تكمل بعضها في اطار القضية والاهداف الواحدة بعيدا عن الاقصاء والتعالي والتنافس السلبي. وأكد رابي كبرئيل في هذا الصدد على انهم في المنظمة يهتمون بمتابعة اوضاع شعبنا في العراق وكانوا بأستمرار دعما للجهود المبذولة من اجل توحيد الجهود والطاقات والامكانات، ويحاولون في ذات الوقت استيعاب التجارب والعبر من اجل تطوير سياساتهم وعملهم الوحدوي. فلمنظمتنا، مثلا، تفاهمات والعديد من البيانات المشتركة مع حزب الاتحاد السرياني حول عدم قبولنا بتهميش شعبنا الاشوري السرياني وطرح مطالباتنا الموحدة بألأعتراف الدستوري بوجود شعبنا وأقرار حقوقه المشروعة ضمن سورية موحدة مدنية ديمقراطية.

رابعا/ كان ثمة اتفاق بيننا في عنكاوا كوم ومطكستا حول أهمية تطوير أعلام شعبنا بمختلف المستويات وتطوير نشاطات مؤسساتنا الثقافية وحواراتنا والعمل المستمر بالتعريف بقضية شعبنا العادلة بمختلف اللغات للشعوب الشقيقة التي نعيش معها وتربطنا معهم علاقات تاريخية ومصالح مشتركة. وتم التأكيد على أهمية بناء علاقات متوازنة واحترام متبادل واستقلالية بعيدا عن الحساسيات والمزايدات والتعصب من جهة وعدم قبول الرضوخ والخضوع والاستيلاء على ارادة شعبنا بمختلف الطرق والاساليب واستخدام مجموعات وافراد طارئين انتهازيين من جهة ثانية.

المنظمة الديمقراطية الاثورية التي تأسست في 15 تموز عام 1957 تعتبر اقدم حزب آشوري/سرياني في سوريا، وهي الى يومنا هذا محضورة رسميا من قبل السلطات ،وتعرض قادتها وكوادرها ومنهم رابي كبرئيل موشي الى السجون والاعتقالات. انضمت المنظمة الى اعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي عام 2006. كما أن وكانت عضو مؤسس في المجلس الوطني السوري والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.



15
الانتخابات السويدية/ آراء وتأملات

تختلف أنتخابات هذا العام في السويد عن الانتخابات السابقة ( تابعت شخصيا الانتخابات منذ عام 1992) في أهميتها وطبيعتها ونتائجها المتوقعة وما قد يترتب عليها من واقع يتحكم في تشكيل الحكومة التي ستدير البلد لأربع سنوات مقبلة. كل الاستطلاعات وهي شبه يومية، تؤشر الى ان ثمة توازن بين كلا البلوكين، او التحالفين التقليديين، اليسار (حزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب البيئة وحزب اليسار) واليمين (حزب المحافظين، حزب الوسط، اللبراليون وحزب الديمقراطي المسيحي). توازن غير مريح، حيث لايمكن لاي من التحالفين ان يحصد الاغلبية النسبية، ذلك بسبب صعود وتقدم حزب ديموقراطيي السويد (سفاريا ديمكراتنا) اليميني ذات الجذور العنصرية في معظم الاستطلاعات المعتمدة.
ان الواقع الجديد، ان تطابقت نتائج الانتخابات مع الاستطلاعات، سيؤدي الى أزمة سياسية في سياق تشكيل الحكومة. وحسب كل المحللين ان تجاوز هذه الازمة، بألاصرار على أبقاء سفاريا ديمكراتنا خارج اللعبة وتحديد تأثيره في رسم السياسات في مختلف المجالات، سيكون امرا عسيرا من دون تفاهم وتعاون، وربما تحالف مؤقت فوق حدود البلوكين او التحالفين التقليديين.
حزب الاشتراكي الديمقراطي يتراجع بأنتظام منذ انتخابات عام 1992، فهو لم يعد حزبا كبيرا مؤثرا كما تعودت السويد منذ أكثر من قرن. حتى حزب المحافظين الذي برز حزبا قائدا لتحالف اليمين منذ ثلاثة او اربعة عقود خلت، لم يعد هو الاخر حزبا بذات الحجم والتأثير والجماهيرية. أن هذا التراجع للحزبين المذكورين، وعدم بروز او نمو حزب من الاحزاب الصغيرة الاخرى، مع نجاح وتقدم حزب سفاريا ديموكراتنا، قد يؤدي قريبا الى عدم استقرار سياسي والى أزمات ستطال الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلد.
من الواضح، ان صعود هذا الحزب اليميني المعادي للاجانب والهجرة وقبول اللاجئين، ليس حالة سويدية منعزلة. ان هذا الصعود هو في الحقيقة جزء من ظاهرة صعود اليمين المتطرف والتيارات العنصرية والقومية المتعصبة في عموم اوربا. بتقديري ان لهذا الصعود والتقدم وتأثيره المتسع بأضطراد على الجماهير أسباب عديدة. احد الاسباب هو أزمة تطوير الاشتراكية الديمقراطية وتراوح سياسات أغلب احزابها والتلكؤ في تجديد ادواتها واساليبها ومعالجاتها للمستجدات والتحديات التي تواجهها، لاسيما بعد أنهيار التجربة السوفيتية وموديل الدول الاشتراكية وتراجع اليسار عالميا. 
من الاسباب الاخرى هو الاوضاع المتردية والارهاصات والانهيارات والحروب وبروز دور وتأثير الاسلام السياسي المتشدد والحركات والمنظمات الارهابية التي اجتاحت منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا منذ ثمانينات القرن الماضي. أوربا التي تواصل الالتزام بقواعد العمل الدولي وقيم التضامن وحقوق الانسان من جهة، والتي يحتاج فيها الرأسمال والشركات من جهة اخرى الى كفاءات وقوى عاملة رخيصة نسبيا، فتحت ابوابها لموجات الهجرة واللجوء من دون خطط أستراتيجية موحدة وبرامج مدروسة ومحسوبة، كما أنها وبأعتراف الحكومات والمؤسسات المعنية لم تنجح في سياسة الاندماج وأستيعاب المهاجرين في العملية الديمقراطية وتعزيز قيمها وممارستها وضمان الاستقرار الاجتماعي.
في اوربا عموما وفي السويد بشكل خاص، ادى تقوية مواقع اليمين والقوى المعادية للاجانب الى فرض أجندة جديد في سياسة الهجرة والتعامل مع القادمين الجدد. وفي السويد بالذات برزت هذه القضية لتكون واحدة من اهم القضايا في انتخابات هذه السنة. وبالنتيجة بات واضحا ان ثمة اختلافات وتقاطعات بين احزاب كل بلوك حول هذه القضية في سياق أعادة تقييم وتطوير وتغيير سياساتها التقليدية، الامر الذي يقوي مواقع سفاريا ديمكراتنا كونه هو الحزب الوحيد الذي كان له نهج ومواقف وسياسة ثابتة وواضحة.
وفي هذا الصدد لابد من الاشارة الى ان الفشل في سياسة الاندماج وتقوقع وانعزال المهاجرين واللاجئين في مناطق محددة في المدن الكبيرة، خلق بيئة سلبية مشوهة وأدى الى ظهور ونمو مشاكل وتعقيدات غريبة على المجتمع، منها نمو البطالة والاعتماد على الاعالة الاجتماعية وأستغلال القوانين وعدم الاهتمام بتعلم اللغة والدراسة والالتزام بالقانون، اعمال شغب واعتداءات وتصفية حسابات بين مجموعات من مراهقين وشباب غير منظمة احيانا ومنظمة في أغلب الاحيان، نشاط متطرف للاسلاميين ومجموعات قومية وطائفية معادي للديمقراطية وقيم التعايش والتضامن. كل هذه المظاهر، كما أشرت، يبرر، بل يعزز جوانب من خطاب اليمين المعادي للهجرة، وفرض قضية الاستقرار وضبط الامن ومحاربة الجريمة كقضية أساسية في الانتخابات.
من القضايا الاساسية الاخرى في الانتخابات هي الأختلاف التقليدي لنهج وموقف البلوكين من رفع او خفض الضرائب. في هذه القضية يحاول اليمين ربط دعوته المتكررة لخفض الضرائب، وخاصة للميسورين وذات الدخول العالية نسبيا، بقضية النمو الاقتصادي ودعم الشركات وخلق فرص اضافية للعمل ومحاربة البطالة.
أما اليسار فيحرص دائما لأبقاء الضرائب كما هي او رفعها على ذات الدخول العالية وخفضها للاكثر حاجة للدعم، كما فعلوا في هذه الانتخابات لدعم المتقاعدين، كما أنهم يربطون رفع الضرائب في بعض القطاعات والخدمات بجدوى ذلك على سياسات المحافظة على البيئة وتطوير المدارس والتعليم ورفع مستوى وفعالية الخدمات الصحية.
من الامور الملفتة في الاستطلاعات الاخيرة هو زيادة حضوض حزب اليسار، وأرتفاع نسبة التصويت له الى أكثر من 10%. هذا الحزب هو الاكثر تشددا وثباتا في مواجهة اليمين وحزب سفاريا ديمكراتنا، وهو الملتزم تقليديا بالدعوة الى العدالة في توزيع الثروات وتحديد نسبة الارباح للشركات العاملة في قطاع التعليم والصحة والتي تحصل على رأسمالها من الدولة والضرائب التي يدفعها العاملين.
أما الاجانب كما يسمون انفسهم، اي المهاجرين واللاجئين الذين يشكلون نسبة لايستهان بها من عدد المصوتين في الانتخابات، بقيت مشكلة مشاركتهم الضعيفة والمحدودة كما هي(لا تتجاوز 35%) رغم الكثير من الجهود والبرامج والمشاريع التي تتبناها الدولة والمنظمات المدنية وحتى الاحزاب السياسية. هذه المشكلة تعكس بتقديري ضعف الثقة بالديمقراطية والشعور بالمسؤولية وتخلف الوعي الانتخابي والثقافة المتواضعة عند الافراد والمجموعات بأهمية ممارسة حقوقها في المشاركة والتأثير.
وتجدر الاشارة هنا الى ان ثمة منابر اسلامية نشطت وتنشط في الدعوة الى المقاطعة وعدم المشاركة في انتخابات هذه الدول الكافرة، على حد زعمهم السخيف. أمر آخر مثير حقا هو أن نسبة لابأس بها من رجال وشباب الاجانب، وفقا لبعض الاستطلاعات، تصوت لصالح سفاريا ديمكراتنا داعمة دعوته لوقف الهجرة واللجوء الى السويد.
في الحقيقة تعيش السويد في هذه الايام نشاط غير عادي على كل المستويات. الاحزاب جميعها تبذل أقصى جهودها لتوضيح برامجها وسياساتها لكسب ثقة الناخب. ويمكن للمواطن العادي المتابعة والتعرف على كل المواقف والاختلافات،  في الشوارع والساحات والقاعات التي تجري فيها الحوارات والمناظرات، وعن طريق البريد الشخصي ومن وسائل الاعلام الكثيرة والمتعددة التي تنقل المقابلات والمناظرات والتعليقات والتحليلات أضافة الى أستثمار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. 

16
قلق من انفلات الوضع وسقوط المزيد من الضحايا في اقليم كردستان
سامي المالح

من المؤسف جدا ان تسقط  ضحايا في شوارع السليمانية ورانيه وكفري وكوي وغيرها الكثير من المدن والبلدات التي شاهدت مظاهرات جماهيرية حاشدة.

اللجوء الى العنف ومواجهة المتظاهرين بالرصاص والهراوات والاعتقالات مجازفة غير مبررة ابدا ستعقد الوضع أكثر، في أجواء يتراكم فيها الغضب واليأس والحقد على كل ما له صلة بالسياسيين والاحزاب وجيش من الانتهازية والمستشارين والمداحين والكذابين المرتبطين بالسلطة التي اغرقت المجتمع في مستنقع الفساد والازمات المستفحلة من جهة، وأحتمال توسع الاحتجاجات في الايام القادمة من جهة اخرى، وأستمرار تباين اهدافها واتجاهاتها في غياب قيادة ميدانية موحدة حكيمة ذات رؤية وبرنامج وبديل واضح وجامع.

لا بد من الدعوة المتكررة والتشديد على أهمية سلمية ومدنية التظاهرات، ولا بد من نبذ كل أشكال العنف وعدم القبول بالعبث بممتلكات الدولة والمجتمع والناس وبالمؤسسات ومقرات الاحزاب.

على كل القوى السياسية والاجتماعية والناشطين التحرك بسرعة وبمسؤولية:
قوى السلطة، احزابها وأجهزتها ومؤسساتها، بأستجابتها لمطاليب الجماهير وطرح العلاجات الانية الملموسة المقبولة والمقنعة، مع التصميم على تحديد موعد للانتخابات القادمة وأتخاذ كل ما يجب لضمان نزاهتها.

والقوى الواقفة مع الجماهير والمعارضة للسلطة التي دعت جهارا الى التظاهر، بمبادرتها لتحمل المسؤولية ولقيادة المظاهرات بحكمة وأسلوب حضاري وسلمي، وتوحيد وتحديد اتجاهها وصياغة هدفها الرئيسي، تلافيا لأنفلات الامور وتجنبا لأستغلالها من قبل اطراف وجماعات وقوى متربصة تستفيد من الفوضى وارهاق الاقليم بالمزيد من الازمات والتعقيدات.

يعيش الاقليم هذه الايام وضعا صعبا ومقلقا للغاية. والاهم في كل التطورات المحتملة هو عدم أفساح المجال للتصعيد واللجوء الى العنف ومواجهة المتظاهرين بالسلاح والاهانات والاعتقالات، و توظيف كل الامكانات وعمل كل ما هو ممكن لمنع وقوع المزيد من الضحايا وسفك الدماء، والحرص كل الحرص، من كل الاطراف  وقوى المجتمع للحفاظ على كرامة الناس وممتلكاتهم وحقهم في التظاهر السلمي.
فلا السلطة تدوم لأحد الى الابد، ولا العدالة تتحقق بالفوضى والانفلات!

17
أستمرار الاحتجاجات ضد التعديلات الجائرة لقانون الاحوال الشخصية
         
سامي المالح
 فرقة طيور دجلة في فعالية احتجاج ورفض التعديلات المزمع فرضها على قانون الاحوال الشخصية 188 لعام 1959
في أطار أستمرار وتوسيع حملة مناهضة المساعي الجائرة  لاقرار تعديلات قانون الاحوال الشخصية على قانون 188 لعام 1959، في داخل العراق وخارجه، نظمت فرقة طيور دجلة في ستوكهولم، وبالتعاون مع مجموعة كبيرة من المنظمات والجمعيات والشخصيات والناشطين، يوم الاحد 26 نوفمبر 2017، فعالية أحتجاج ورفض أمرار وفرض هذه التعديلات الاجرامية.
لقد كانت الفعالية بتنوع فقراتها غنية المحتوى، قدمت فيها فرقة طيور دجلة أغاني للأنسانية وللمرأة  والطفولة وأغنية خاصة لستوكهولم ا مدينة السلام والديمقراطية لتي تحتضن كل هذه النشاطات والفعاليات.
 وتناولت الكلمات والمداخلات الاكاديمية والسياسية والفنية العديدة التي تخللت الفعالية التعديلات المزمع فرضها على قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لعام 1959، الذي كان وسيبقى احد المكاسب والانجازات التاريخية المهمة للمجتمع العراق، بالتحليل والنقد العلمي والمنهجي من زوايا وجوانب مختلفة، مسلطة الضوء بشكل خاص على نتائجها الكارثية على الطفولة وحقوق المرأة والعائلة ووحدة المجتمع العراقي.
في كلمتها  التي افتتحت بها الفعالية  أكدت رئيسة الهيئة الادارية لفرقة طيور دجلة الدكتورة ليلى نواره على ان هذه التعديلات هي بمثابة عنف يمارس لانتهاك حقوق المرأة والطفولة، وهي تعيد المجتمع بأسره الى عصور الظلام، وهي وموجهة بالاساس للشرائح الفقيرة المسحوقة في المجتمع التي ازدادت نسبتها بشكل مخيف بعد 2003 بغية أذلالها واستغلالها. ان هذه التعديلات هي في الواقع  لاعطاء شرعية وغطاء قانوني لانتهاك خصوصية المرأة ولاغتصاب الطفولة. واضافت الدكتورة ليلى باننا نجتمع هنا للوقوف ضد هذه التعديلات الهمجية الظلامية المنافية لكل القوانين والمعاهدات الدولية التي تنص على حماية حقوق المرأة والطفولة، التي كان العراق من اوائل الدول الموقعة عليها.
لقد جرى التأكيد في الفعالية على أهمية تحشيد الرأي العام في السويد، وعلى دعوة المنظمات المهتمة بحقوق المرأة والطفولة وحقوق الانسان  للتضامن والضغط على السلطات والبرلمان العراقي لرفض هذه التعديلات كليا.
في الفعالية عرض مجموعة من الفنانين التشكيليين والمصورين لوحات واعمال عكست واقع الطفولة والمرأة في العراق.
في ختام الفعالية تم قراءة :  "بيان حملة مناهضة التعديلات الجائرة لقانون الاحوال الشخصية المرقم 188 لعام 1959"
أكد البيان على ان هذه التعديلات الجائرة التي هي مخالفة لبنود الدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب العراقي بكل مكوناته وأنتماءاته، ستلحق اضرارا جسيمة بلحمة ومستقبل المجتمع العراقي. كما انها تعديلات مخالفة للمعاهدات والمواثيق الدولية التي اقرتها الامم المتحدة ووقع عليها العراق، منها اتفاقية حقوق الطفل وحقوق المرأة. وأكد البيان بان التعديلات ستسبب المزيد من الفرقة والانقسام والتشطي الطائفي.  وفي الختام جاء في البيان: اننا ندين بشدة هذه المحاولة ونعدها اعتداء صارخ وجريمة بحق شعبنا العراقي المتطلع الى الحرية والديمقراطية وبناء الدولة المدنية. لذا نوجه رسالتنا لجميع ابناء شعبنا العراقي العزيز للوقوف بوجه هذه الهجمة الهمجية البربرية.
تم توجيه البيان اضافة الى رئاسة الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء العراقي، الى البرلمان والحكومة السويدية ومنظمات حقوق الانسان في السويد.   
وقع البيان اضافة الى فرقة طيور دجلة وعدد كبير من الشخصيات والناشطين، جمعية المصورين العراقيين، جمعية الفنانين التشكيليين، منتدى الحوار الثقافي المدني، جمعية المرأة العراقية، جمعية المرأة المندائية، رابطة المرأة العراقية، جمعية الرافدين للتعليم، جمعية شبكة المرأة و مركز نساء تينستا وهيولستا.


للمزيد يمكن الاطلاع على الرابط
https://alkompis.se/%D9%81%D8%B1%D9%82%D8%A9-%D8%B7%D9%8A%D9%88%D8%B1-%D8%AF%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%85-%D9%81%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%AC-%D8%B6%D8%AF-%D9%85%D8%B4


18
الموصل - لعبة مصالح الاقوياء
سامي المالح

كانت الموصل، منذ قرون طويلة خلت، منطقة التقاء وتقاطع الثقافات والاديان والمصالح. ولقد بقيت هذه المنطقة الاستراتيجية الحساسة، بتاريخها الحضاري العريق وتنوع تكوينها الاثني والديني والثقافي وبموقعها الجغرافي، بقيت الى يومنا هذا ذات أهمية كبيرة وذات تأثير على مجريات الاحداث في المنطقة وكذلك عالميا.

ان ما حدث في المنطقة المحيطة بنينوى، خلال الحرب العالمية الاولى واثر هزيمة الدولة العثمانية وأعادة رسم الخارطة الجغرافية وفقا لمصالح المنتصرين، أثر فيما بعد على الكثير من المحطات التاريخية الحاسمة للدولة العراقية التي تشكلت تحت الانتداب البريطاني قبل حوالي مائة عام. فموصل بثقلها السكاني وامكاناتها الاقتصادية والثقافية وتغلغل رموزها وشخصياتها وابنائهم ذات الخلفيات العشائرية والطائفية في قيادة الجيش العراقي منذ تشكيله وكذلك في قيادة العديد من الاحزاب السياسية الفاعلة، كان لها دائما دورا خطيرا في مجرى تطور الاحداث في بغداد العاصمة. أما الدور الحاسم لموصل برز من خلال اسقاط الجمهورية الاولى والاطاحة بالزعيم عبدالكريم قاسم والاستيلاء على السلطة من خلال مجزرة دموية ارتكبها تحالف القوميين العرب والبعثيين بتنسيق مع المخابرات الاجنبية في الشباط الاسود عام 1963.

لقد حكم ضباط ومتنفذين من الموصل مع عشائرهم الموالية بشكل مطلق لحزب البعث وقيادته التكريتية العراق لنصف قرن بالحديد والنار. وقد ادت حروبهم الداخلية والخارجية وسياساتهم القومية الشوفينية ودكتاتوريتهم الدموية الى دمار البلد وتعرضه في النهاية الى الاحتلال في عام 2003. شكل سقوط الصنم وانهيار جيشه وحزبه واجهزته القمعية، فاصلة تاريخية حاسمة، بالنسبة لدور واهمية الموصل وامكاناتها وتأثيرها على مجريات الامور والتطورات اللاحقة في بغداد. وبذلك برزت بشكل جلي أشكالية خلق بديل لحزب البعث كمرجعية لسنة العراق بشكل عام ولعشائر المنطقة وبقايا النظام الساقط، التي حاولت في البداية التمرد والعصيان ونسف العملية السياسية المرسومة امريكيا، وعرقلة عجلة تطور الاحداث وخاصة زحف الشيعة لمسك مقاليد السلطة والاستئثار بالثروات في بغداد. ومن الواضح ان هذه الاشكالية، أشكالية مرجعية جامعة قوية بديلة للسنة، لا تزال قائمة، وهي بالتالي كانت ولاتزال أشكالية اضافت وتضيف  تعقيدات كثيرة الى تعقيدات الوضع العراقي والعملية السياسية العرجاء، عملية المحاصصة الطائفية والقومية والتوافق وتوزيع السلطات ونهب الثروات.

ان بروز دور الجماعات الاسلامية المتشددة والقاعدة وبعدها احتلال الدولة الاسلامية داعش للمنطقة، كان أحد أسبابه، من بين اسباب وعوامل كثيرة، ذلك الفراغ وغياب تلك القيادة أو المرجعية السنية الجامعة، أضافة الى تيقن أغلب القوى والفصائل السنية المهمشة من ان اعادة الزمن الى وراء بات مستحيلا بعد ان شدد التحالف الشيعي قبضته على السلطة في بغداد برعاية ومساندة مباشرة من أيران.

لقد عاشت هذه المنطقة لاكثر من سنتين تحت سياط وبطش داعش، هذه الخلافة التي لم تفلح بمشروعها المدمر واساليبها البربرية ان تكون مرجعا جامعا مقبولا لكل قوى و مكونات السنة بمصالحها وامتداداتها وتحالفاتها المختلفة. كما وان داعش فشلت في تلبية وضمان مصالح القوى الاقليمية السنية ومنها السعودية وتركيا الحالمة بأعادة سلطنتها وأمبراطوريتها. على العكس، وجود داعش خلق واقعا واصطفافا جديدا على الارض وخاصة في سوريا وعلى الحدود مع تركيا. فالاكراد ومن خلال المواجهة الشجاعة مع داعش والتضحيات باتوا قوة فعلية لايستهان بها، وأقرب مع الايام الى تحقيق الكثير من مصالحهم القومية. كما ان السلطات الشيعية في بغداد وبعد استيعاب المفاجأة المذلة وتصريف تلك الهزيمة الخيانة، بدأت بتحشيد وتنظيم الملايين من الفقراء باسم مصالح ومستقبل الطائفة بمباركة وفتاوي من المرجعيات واسناد ودعم ايراني معلن.

كل ذلك يجري في أطار الحرب على داعش وتحرير مناطق شاسعة تشكل الموصل قلبها. هذه الحرب التي ترعاها وتخطط لها وتنسق بين اطرافها الولايات المتحدة الامريكية وهي تقود تحالفا دوليا.

من الملفت ان كل الاطراف التي تتقاطع مصالحها في هذه المنطقة تسعى الى ان يكون لها دورا متميزا في هذه الحرب. وكل طرف من هذه الاطراف يعلن بوضوح ان الاوضاع بعد تحرير الموصل ستكون أعقد على الارض، وأن ثمة حاجة ملحة لاتفاقات سياسية مسبقة، أتفاقات لتحديد الادوار ولتقسيم الغنائم وتوزيع مناطق النفوذ وأعادة رسم الحدود.

تكمن مصلحة أمريكا وحلفائها الاوربيين، كما هو واضح لمن يفهم لعبة المصالح القذرة، في ادامة الحرب ووجود بؤر توتر وصولا الى اعادة ترتيب المنطقة بما يضمن مصالحها الاستراتيجية. أمريكا وحلفائها يجيدون طبعا أستثمار وتوظيف العقد التاريخية وواقع وفكر وعقلية وثقافة والتتناحرات المستعصية للمجموعات والقوى الاقليمية الدينية الطائفية والقومية في المنطقة. 

وأيران لن تتراجع عن تحقيق مشروعها وهي تملك اليوم ذراعها القوي في بغداد، وجيشا طائفيا جرارا من الفقراء والمحرومين، لتمتد من خلال بوابة الموصل غربا وصولا الى سواحل البحر.

تركيا بالمقابل تقود تحالفا سنيا يضم السعودية ومن ترعاه من التنظيمات والمجموعات المتطرفة وحتى فلول من داعش وغيرها للمواجهة، ولاعادة ما يعتبره سلطانها اردوغان جزءا من حقوقها المسلوبة في ولاية موصل وكركوك والدفاع عن مصالح التركمان في العراق.

ويحاول الاكراد، رغم تشتت قياداتهم واختلاف ارتباطاتهم وتأثيرات تركيا وايران المزمنة، التعويل على روح المقاومة والاستبسال في محاربة داعش، وعلى التحالف مع امريكا وغيرها من البلدان الاوربية، او حتى مع روسيا،  لتحقيق مصالحهم الاستراتيجية والتهيئة لاعلان دولتهم القومية.

روسيا هي الاخرى تريد على الاقل الاحتفاظ بمصالحها ومواقع النفوذ في سوريا، وصد محاولات تركيا التوسعية، وايجاد حلفاء جدد في المنطقة وتحقيق حضور لفرض نفسها في المعادلات والاتفاقات ومواجهة الهيمنة الامريكية المطلقة.

أما الشعوب والمكونات الصغيرة الاصيلة في المنطقة والتي كانت دائما الخاسر الاكبر والضحية لكل الصراعات والحروب بين الكبار، سيكون عليها ان تعمل وتتشبث بكل ما هو ممكن لكي تحافظ على وجودها اولا. وفي حالة عدم تكرارما جرى لها على ايدي داعش، فثمة أمكانات محدودة لتحقق بعض من مصالحها ان وحدت جهودها وصاغت قضيتها بشكل واضح وواقعي وأجادت لعبة التحالفات الصعبة.

حقا، ان الايام والاشهر القادمة حبلى بالمفاجئات. ويبدو ان الاتفاق وتوزيع المغانم والحصص لن تكون عملية سهلة. وفي كل الاحوال، فان المنطقة والتي باتت موصل قلبها النابض، مقبلة على تطورات وتغييرات عميقة واسعة لايمكن التكهن بها. وعلى الارجح ستشهد المزيد من الصراعات والحروب وعدم الاستقرار، والتي ستكون الجماهير الفقيرة والمغلوبة على أمرها وخاصة من المكونات الصغيرة، وقودا لها.



19
اولوف بالمه (Olof Palme) وآفاق الاشتراكية الديمقراطية


سامي المالح

في ليلة 28 شباط 1986 أغتيل رئيس وزراء السويد اولوف بالمه وهو خارج من دار سينما برفقة زوجته من دون حتى حارس شخصي في وسط العاصمة ستوكهولم . وبعد مرور ثلاثون عاما على تلك الجريمة التي هزت المملكة السويدية، لم يفلح البوليس السويدي، رغم عمل كبير واسع متواصل، في حل اللغز وكشف المجرم ومعرفة دوافع الجريمة والجهة التي تقف ورائها.
قاد اولوف بالمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي منذ عام 1969 ليصبح رئيس الوزراء وهو في الثانية والاربعين من عمره ولغاية عام 1976. وقبل ذلك بسنوات عديدة كان بالمه قد برز كسياسي متميز، وكشخصية متألقة وكاريزما جذبت واثارت الناس للسياسة والحوارات الساخنة، كما أثارت التوتر والحقد وردود افعال قوية عند المنافسين التقليديين من المحافظين وحلفائهم. لقد أسرته السياسة منذ صباه، ثم تطورت مداركه وخصاله القيادية في سنوات الشباب وهو يعمل بنشاط غير معهود في فريق الحكومة التي كان يقودها زعيم الحزب المخضرم Tage Erlander، حيث كان وزيرا للاتصالت وبعدها وزيرا للتعليم بعد انتخابه عضوا في البرلمان السويدي عام 1958.
وبعد سنوات قاد بالمه الحزب ليستعيد السلطة من اليمين في حملة انتخابات ساخنة بذل فيها جهودا أستثنائية، فأصبح رئيسا للوزراء للمرة الثانية عام 1982 ولحين اغتياله في تللك الليلة  الشباطية الشتائية المشؤومة عام 1986. في تلك الحملة كان بالمه ثابتا  مصرا بذكاء و حنكة على أعادة صياغة  وتجسيد مباديْ الاشتراكية الديمقراطية:
- العمل من أجل السلام في العالم والتضامن ومساعدة الدول الفقيرة وما اطلق عليه بدول العالم الثالث التي كانت تحاول انجاز استقلالها الاقتصادي وبناء مستقبلها.
- وقف تطوير ونشرالاسلحة النووية، وتحديد استخدام المفاعلات النووية كبديل للطاقة.
- تغييرات مستمرة في ميكانيزم سوق العمل، بما يحقق المزيد من مصالح الشغيلة والطبقات الوسطى  والمزيد من العدالة الاجتماعية، وتحديد ساعات يوم العمل ب 40 ساعة وتوفير الضمانات الاساسية وتنشيط دور النقابات والحركات الاجتماعية.
- تحديد سن التقاعد ب 65 سنة.

اولوف بالمه المنحدر من عائلة سويدية ميسورة، لم يتردد يوما في الانحياز والوقوف مع العمال والشغيلة والفقراء، ولم يتخلى يوما عن التهكم و الازدراء والتعبير عن كرهه لجشع الرأسمالية ونهب الشركات الكبيرة وتجار الحرب في السويد واوربا والعالم.
كان تميز بالمه الاكثر تأثيرا وتألقه كسياسي يكمن في قدراته الفائقة على صياغة أفكاره ومبادراته السياسية المتواصلة بحنكة وتماسك وبلغة سياسية حادة واضحة مباشرة. فلا يزال صدى مداخلاته وخطبه ومواجهاته في حملات الانتخابات حيا قويا عاليا في اروقة السياسة والدبلوماسية سواء في السويد او في المحافل الدولية.

ولا يزال العالم يتذكر كلماته القليلة التي صاغها في ليلة عيد الميلاد عام 1972، وهو يدين ويستنكر حرب الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام: ان طائرات B -52 الامريكية تزرع الموت في هانوي عاصمة فيتنام، وهويقارن تلك الحرب بحرب الفاشية الالمانية. وبالمه المؤمن بتللك المباديْ والواعي لنتائج سياساته، لم يأبه ابدا لموقف امريكا وتجميد علاقاتها لعامين كاملين مع السويد الى ما بعد وقف حرب فيتنام القذرة.

لقد كانت مواقف بالمه وكلماته تلك ملهمة لحركات جماهيرية مليونية في السويد واوربا والعالم من اجل السلام وضد الحروب. ففي السويد  التي كان عدد سكانها اقل من 8 ملايين نسمة وفي حملة وطنية واسعة جمعت في تللك الايام  قرابة ثلاثة ملايين توقيع ضد الحرب في فيتنام.

واليوم في اجواء احياء ذكرى تللك الخسارة الكبيرة، يؤكد قادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحاكم بالتحالف مع حزب البيئة ومساعدة حزب اليسار، على الفراغ الهائل الذي تركه بالمه في مسيرة تطور الاشتراكية الديمقراطية، ليس في السويد فحسب بل في كل العالم. فالعالم اليوم، رغم التغييرات الهائلة خلال الاعوام الثلاثين المنصرمة، يحتاج الى قادة مبادرين أذكياء واضحين ثابتين عالميين في قدرتهم على التحليل والاستنباط والاستنتاج من امثال اولوف بالمه. فالكل بات على يقين ان ثمة حاجة الى التجديد والتطوير والمبادرة لمواجهة التحديات الكبيرة المستجدة في العلاقات الدولية، وفي أستراتيجية تطوير الاتحاد الاوربي، ناهيك عن العقد والاشكالات والاصطفافات الجديدة في المجتمع السويدي الديناميكي. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي لم يعد ذلك الحزب الكبير الذي التفت حوله النقابات والحركات الاجتماعية وبات يفقد تدريجيا من جماهيريته. ولعل احد الاسباب يكمن في عدم توفر قيادة بحجم كاريزما وقدرات اولوف بالمه وفريق عمله. فالحزب يفتقد الى المبادرة وصياغة سياسة مستقبلية واضحة مثيرة وجذابة. فغالبا ما يجد الحزب نفسه في مواقع الدفاع وردود الفعل على مبادرات معارضة يمينية نشطة، وعلى نمو دور" سفاريا ديمكراتنا" الحزب ذات الاصول العنصرية الذي بات يلعب دورا ضاغطا في الشارع.

فالاشتراكيين الديمقراطيين السويديين الذين بنوا موديلا لنظام اجتماعي اقتصادي سياسي ناجح وفرالاستقراروالسلام والامن والحيادية والوئام للدولة والمجتمع، وساهموا ايضا في أيجاد الحلول للكثير من الصراعات السياسية والعرقية والمواجهات المسلحة بين الدول اضافة الى معالجة الكثير من التعقيدات والمشاكل المتعلقة بالبيئة والفقر والتعليم والصحة والتواصل عالميا، يعيشون اليوم، كما يقرأغلبهم، أزمة حقيقية.  أزمة لايمكن تجاوزها الا بأفكار وسياسات أكثر فعالة وعملية وجذابة تجسد المباديْ وثوابت الفكر الاشتراكي الديمقراطي وارث بالمه، والى حضور دائم ومبادرات مستمرة تتناسب والتحديات والاشكالات المستجدة، ولتحرك وتستنهض ملايين العمال والموظفين والطبقات الوسطى لتطوير موديل نظامهم وترسيخ منجزاته المتحققة عبر عقود طويلة على كل الاصعدة، ولمواجهة هجمات اليمين ومصالح الشركات الكبيرة التي تشابكت مصالحها بشكل ملفت ومكثف مع الرأسمال العالمي من جهة أخرى.

وحتى قادة اليمين والنخب الثقافية والمعلقين والباحثين، يؤكدون، وهم يستذكرون اولوف بالمه في هذه المرحلة التاريخية المعقدة والمكثفة بالاحداث والتطورات، بأن السويد والعالم فقد بأغتياله، شخصية متميزة ومفكر وسياسي محنك وطاقة خلاقة لا تعوض.

20
نعم للتظاهر والحراك الشعبي ... لا للتصادم والعنف!

سامي المالح

منذ عدة اسابيع تشهد ساحة التحرير في بغداد وساحات اخرى في اغلب مدن العراق حراكا شعبيا مدنيا سلميا.
ومن البداية حافظ المبادرون والمنظمون والمشاركون في هذه المظاهرات على طابعها المدني المتحضر، سادين بذلك الطريق على محاولات بعض القوى المزايدة التي هي جزء من الفشل والفساد، وغيرهم ممن له مصلحة في أجهاض نمو اي حراك شعبي منظم قوي مدني معاصر واضح المعالم والمطالب، لتحييد مسار المظاهرات ووتوريطها باللجوء للعنف والتصادم مع القوى الامنية.
لقد نجح هذا الحراك الشعبي المتنامي في كسر طوق الخوف ورفع معنويات الجماهير المعذبة لترفع اصواتها من جهة، ووضع من جهة أخرى حكومة العبادي امام امر واقع لتضطرها على اعلان حزمة من اصلاحات والتحرك باتجاه تنفيذ جزء من مطالب الناس ومعالجة الملفات والازمات المستفحلة.
بالتأكيد ان الحراك الشعبي والقوى والمنظمات والعناصر التي تلعب فيه دورا حيويا، يواجه اليوم بعد اسابيع متكررة، وبعد تردد وتلكؤ الحكومة،  مهمات جديدة على مستوى التنظيم وصياغة الاهداف والشعارات وأفشال محاولات التطويع والاحتواء والتسويف، وكل هذا في اطار أبقائه حراكا سلميا مدنيا بعيدا عن العنف والاصطدام مهما كانت المستجدات والظروف والمبررات.
للاسف، ان التحرك الجماهيري الذي تشهده مدن كردستان، اخذ في الايام الاخيرة طابعا مشوها، انجرفت فيه التظاهرات المشروعة المحددة المطالب والاهداف ، الى ممارسة اعمال عنف وتجاوزات على الممتلكات والمقار الحزبية غير مبررة.
الجماهير في كل العراق تعيش ظروف قاهرة من الاذلال والرعب والفقر والازمات المركبة. هذه الظروف المستمرة والمتراكمة مع أستمرار فشل القوى الاسلامية والطائفية والقومية الحاكمة في نهب البلد وفشل ادارته وتعميره وبنائه، هي التي جعلت الناس المعذبة لسنوات طويلة تدرك وتفهم بوضوح، انها لا تملك الآن غير سواعدها وارادتها وحناجرها لتعلن عن غضبها وتصرخ في الساحات والشوارع مطالبة بالتغيير والاصلاح وكنس الفاسدين والفاشلين في ادارة البلاد.
السلطات والفاسدين والقوى الدينية المتربصة والارهابيين وخلاياهم النائمة في كل مكان، مرعوبون من نهوض الجماهير وتراكم وعيها وتنظيم صفوفها وتمسكها بالتظاهر السلمي المدني. ولذلك نراها تتحرك بكل وسائلها وامكاناتها لمواجهة التحرك الشعبي وتشويه صورته واخراجه عن مسار المواجهة المدنية القانونية المشروعة، واجهاضه وتلطيخه بالعنف والشغب والتجاوزات والتصادم وسقوط ضحايا والدماء.
على كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني التي تقف في صف الجماهير وتريد خلاص البلد واخراجه من ازماته الخانقة ووضع العملية السياسية على سكة مدنية علمانية واعدة:
اولا -  ان تدعم بلا تردد نهوض الجماهير وتطوير حراكها تنظيميا وتوسيع رقعته وتحديد اوضح لبرنامجه واهدافه ليصبح  هو الاداة المحركة ودينامو التغيير الذي لابد منه.
ثانيا – ان تبذل اقصى الجهود لتحصين الجماهير ضد العنف والتمسك الدائم والثابت بالتظاهر السلمي وتنظيم مختلف اشكال الاحتجاج  بشكل هاديْ مدني متحضر بعيدا عن كل اشكال التصادم والعنف حتى  وان كان من اجل الدفاع عن النفس.

فالقوى الامنية والميليشيات و غيرها ممن بيدهم السلاح والسلطة سيلجئون للعنف وترعيب الناس وكسر شوكتها. وعندها يكون من الاهم الاهم  ان ترد الجماهر بالمزيد من التظاهر والاحتجاج والمطالبة بالحقوق والمواجهة اليومية وبالمزيد من السلام والامن والتماسك والتمسك بالمدنية والعلمانية.

21
مستقبل المكونات في أقليم كردستان العراق
 تحية لموقف الدكتورة منى ياقو

سامي المالح

من المعروف ان الصراعات السياسية بين احزاب السلطة، التي تحتدم تارة وتخمد على طاولة التوافق والمحاصصة تارة اخرى لاكثر من عقدين ، هي التي تقف وراء عدم وجود دستور دائم اقرته كل مكونات اقليم كردستان العراق.:

واليوم ثمة جهود تبذلها لجنة برلمانية كبيرة لاعادة صياغة مشروع دستور الاقليم. الدكتورة منى ياقو تمثل الكلدان الاشوريين السريان في هذه اللجنة.  الدكتورة منى كانت في اكثر من مناسبة قد اعلنت انها تلاقي صعوبات وعدم تفهم من زملائها في اللجنة لقضية شعبها وأهمية ضمان الدستور لكامل حقوق هذا الشعب الاصيل، ليس كأقلية تابعة، او مكون ثانوي لقلة عدده أو التعامل مع قضيته على وقع استمرار أظطهاده وتهجيره الدائم و آثار التمييز المجحف الديني والقومي الذي لم يتوقف يوما.

وأخيرا، وعندما تم صياغة الفقرات التي تخص حقوق المكونات بألاكثرية ، لم يبقى أمام الدكتورة  منى الا ان تعلن أنسحابها من اللجنة يوم 11 من آب  الجاري ( أنسحبت ممثلة التركمان ايضا) وتعلق عضويتها لحين الاستجابة وتفهم جوهر قضية شعبنا وطبيعة الحقوق التي يجب ان يضمنها الدستور،. كما عبرت هي شخصيا  عند أعلانها عن موقفها.

وهنا لابد لي ومعي شرائح واسعة واعية مثقفة مهتمة حريصة على بناء مستقبل واعد مستقر مزدهر لاقليم كردستان العراق، ان نعلن عن تضامننا الكامل مع موقف الدكتورة منى ياقو، جازمين بأنها في سعيها المستميت من اجل صياغة دستور بمعايير ومقاييس قانونية ودولية ووفقا للمواثيق المقرة في هيئة الامم المتحدة، دستور لجميع المكونات بعيدا عن الهيمنة والاستعلاء والتهميش وعقلية تحكم الاكثرية بمصير المكونات الاقل عددا، أنما تساهم بجدية وتسعى لتوفير مستلزمات اقليم مستقر ديمقراطي مزدهر يكون أنموذجا يحتذى به في المنطقة.

و نعتقد ايضا ان حاضر ومستقبل كل مكونات الاقليم أنما يتوقف على مدى تفهم واقرار الشعب الكردي لاسس التعايش المشترك والتعامل بديمقراطية غير مجزأة ومنقوصة مع كل المكونات، كونها شعوب شقيقة تتطلع للامان والحرية والتكافؤ والمساواة و التطور، حالها حال الشعب الكردي.

يقينا ان نجاح التجربة الديمقراطية في الاقليم وتطويرها وصولا لتحقيق كل أماني الشعب الكردستاني بكل اطيافه وتنوعه الديني والاثني، يتوقف على النجاح في تجاوز الاحتقانات السياسية وتغليب مصالح الشعب الاستراتيجية على المصالح الحزبية، وكذلك على نبذ كل أشكال التعصب والشوفينية والتعالي القومي.، والاصرار على أقرار دستور علماني حضاري معاصر.

ان ما يميز الدساتير المعاصرة التي أهلت الشعوب لبناء دولها المدنية المستقرة المزدهرة  هو:
اولا – فصل الدولة ودستورها الذي هو دليلها لبناء المستقبل من الدين. فالدولة هي مجموعة مؤسسات لادارة شؤون الشعب على الارض، ولايمكن ان يكون للدولة ومؤسساتها دين. والدستور هو مصدر التشريع والقوانين التي تنظم شؤون الناس وأداء مؤسسات الدولة. فالشعب هو مصدر السلطة والشرعية . وتجارب الشعوب تؤكد ان لا مناص من فصل الدين عن الدولة.

ثانيا – اي دستور علماني ينبغي ان يؤسس لدولة مواطنة متكافئة متجاوزا كل ما يميز بين البشر المواطنين ( جنس ودين وقومية وطبقة ولون البشرة وغيرها من الانتماءات الاخرى).  فالدستور الذي يفضل دينا او مجموعة اثنية او الاكثرية او الاقوى او الاغنى ...الخ لا يمكنه أن يؤسس لدولة المواطنة والقانون ولمجتمع مستقر توحده القيم الانسانية قابل للتطور بحرية وأمن وسلام.

نأمل من الشعب الكردي الشقيق  في أقليم كردستان ومن نخبه وقواه السياسية وبرلمانه وحكومته، تفهم قلق ومعارضة المكونات، وان يستجيب وهو يتطلع لنيل حريته وبناء دولته لمطالب غيره من الشعوب  الاصيلة المتعايشة منذ قرون في الاقليم لانها شاركته كل المحن ومواجهة كل الكوارث والتحديات والتضحيات، وتشاركه اليوم ذات الحلم والمصير وتتطلع الى الكفاح المشترك و المساهمة والعمل لتحقيق كل الاهداف والامال المشروعة. 

22
رسالة مفتوحة الى مؤتمر الرابطة الكلدانية

سامي المالح

في البداية أحييكم، الاخوات والاخوة المتوجهين الى المؤتمر التأسيسي للرابطة الكلدانية في عنكاوا السلام والمحبة، وأتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق في تأسيس رابطة كلدانية تساهم، في هذه المرحلة العصيبة من حياة وطننا وشعبنا، في لم شمل الكلدان وتجميع طاقاتاهم وتوحيد ارادتهم في مواجهة التحديات المصيرية الكبيرة.
الصديقات الاصدقاء الافاضل
لا يخفي عليكم ان عالمنا اليوم يشهد حراكا سريعا دراماتيكيا تتحكم به عولمة وتكثيف المصالح وتقاطع القيم. ان ما تشهده منطقتنا هو احدى تجليات هذا الحراك الجارف. فالمنطقة بأسرها مقبلة على تغييرات عميقة شاملة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا، هذه التغييرات التي بات العنف والحروب والارهاب من ادواتها الاساسية.
أذكرهذا على أمل أنكم المؤتمرين الافاضل جميعا، وأنتم تؤسسون لأنشاء رابطة عليها ان تكون رابطة جمع وتفعيل وعمل، أن تنظروا نحو الافاق، نحو ما ستفرزه هذه التغييرات وتأثيراتها علينا كشعب في اطار تأثيراتها الشاملة على الدول وشعوب المنطقة الاخرى بأسرها، وعدم التقوقع والانغلاق والتركيزعلى وقع احداث اليوم واوجاع المرحلة ورقعة علاقاتنا وتجاذباتنا الآنية فحسب.
بقدر ما يتعلق الامر بالكلدان كجزء لا يتجزأ من شعبنا  /الكلدان الاشوريين السريان، وبتأسيس الرابطة  أسمحوا لي أن اؤكد مايلي:
اولا:
للكلدان كل الامكانات والكفاءات التي تؤهلهم ان يكونوا قاطرة تدفع عملية توحيد كل طاقات شعبنا وتجميع قواه وتوحيد ارادته. ولكي تكون الرابطة الكلدانية في المقدمة ووقود اندفاع هذه القاطرة ورائدة في تفعيل كل قوى الكلدان بالاتجاه الصحيح، عليها ان تؤسس ل:
1.   الانفتاح ونبذ التعصب واعتماد الحوار لتعزيز وترسيخ المشتركات الكثيرة والغزيرة التي هي الغالبة والاساسية في ماضي وحاضر ومستقبل شعبا بكل كنائسه وتسمياته. والمبادرة في الوقت نفسه لايجاد الحلول العملية المنطقية المنسجمة مع التطلع للمستقبل، مهما كانت الاوضاع المحيطة بنا قاسية وسوداوية، لكل الاشكالات والعقد التاريخية التي تنخر بروح وجسد شعبنا، ومنها تعدد الكنائس وأشكالية التسمية.
2.   الاهتمام الجدي بالحفاظ على لغتنا السريانية (وفي المقدمة أستخدامها الحي في الطقوس الكنسية في كل مكان) وتطويرتدريسها للاجيال القادمة، وتطوير الثقافة القومية الانسانية المنفتحة على ثقافات الشعوب الشقيقة والمتفاعلة بحيوية مع المحيط والتغييرات العالمية.
ثانيا:
من المؤكد ان نجاح ولادة الرابطة الكلدانية بهذا النفس واضعة امامها هذه الاولويات، سيهيْ بيئة افضل واجواء اكثر ايجابية لعملية ضرورية ومصيرية وهي توحيد خطاب شعبنا/ الكلداني الاشوري السرياني. هذه العملية التي بذلت من اجلها جهود كثيرة ولا تزال، رغم الكثير من العوائق والمشاكل كان من ابرزها:
أ‌.   المصالح الضيقة واصابة مؤسساتنا المختلفة وقوى شعبنا السياسية والكثير من رموزها بامراض السياسة الخبيثة والفساد وتدهور القيم التي اجتاحت وطننا والمنطقة.
ب‌.   ارتفاع صوت التعصب والانغلاق واستهلاك الطاقات في الصراعات الثانوية ونزعة العودة الى الوراء والبقاء اسرى التاريخ والمحن وآثار التشتت.
ثالثا:
من الهام ان ندرك بعمق الترابط العضوي والمصيري بين بناء دولة المواطنة والقانون العلمانية المدنية وبين مستقبل وجودنا في الوطن او بلدان المنطقة الاخرى. أن ما يجري لنا ولاوطاننا علاقة وثيقة واضحة بخطرالتداخل الكارثي بين الدين والدولة.
ومن هذا المنطلق على الرابطة التي تسعى لترتيب البيت الكلداني وترسيخ اسس العيش المشترك والدفاع عن حقوق الكلدان ومستقبلهم، أن تؤشر في التعريف عنها نفسها ورسم هويتها وتحديد اهدافها بأنها رابطة:
 غير دينية. وأنها تدعو الى فصل الدين عن الدولة. وانها تدعم بناء دولة القانون والمواطنة المتكافئة وأحترام حقوق الانسان.
رابعا:
وأخيرا لابد لي ومن خلال دراسة الكثير من التجارب والمعايشات وتحليل النتائج التي حققتها الكثيرمن المنابر والمجالس والمؤسسات الاخرى، أن اؤكد لحضراتكم بأنه من الهام جدا الحفاظ على استقلالية الرابطة التام وعدم رهنها من خلال التمويل او اي علاقة وارتباط آخر لاية جهة او طرف في السلطة ومواقع القرار والنفوذ والصراعات الدينية والقومية والطائفية.
كما ينبغي تحديد شروط واضحة وثابتة تنطبق على من يرشح نفسه لقيادة الرابطة، والتي أفهم جيدا (بانها لن تكون حزبا سياسيا بالمفهوم الكلاسيكي وليست ايضا حكومة او دولة كلدانية). فالاستقامة والنقاء والثبات والصدق ومقاومة سطوة المال الحرام والسلطة والجاه مهما كانت، باتت اليوم، وكما يعرف الجميع، خصال نادرة يفتقدها للاسف معظم من يقود البلد ومؤسساته المختلفة على كل المستويات. فحري بنا نحن ان نبدأ من هنا وان نرتقي لنعطي للاخرين مثالا وان نصبح نبراسا لنكران الذات والنزاهة والاخلاص وخدمة شعبنا ووطننا وتقديم التضحيات.

في الختام تمنياتي القلبية لكم ثانية، بالنجاح في جمع الطاقات والكفاءات وتفعيلها من اجل تحقيق آمال كل المسيحيين و شعبنا في محنتهم التاريخية الكبيرة، والمساهمة بالتعاون مع كل قوى الخير والسلام في رسم خطوط مستقبل افضل لبلدنا النازف.

سامي بهنام المالح
27/6/2015



23
مائة عام على مذابح سيفو
تركيا لا تريد الخروج من كماشة التعصبين الديني والقومي
             
سامي المالح

مذابح سيفو والتي تعرف بمذابح آشوريين/سريان/كلدان هي المذابح التي أرتكبتها الدولة العثمانية في سلسلة من العمليات الحربية التي شنتها قواتها النظامية وبمساعدة مجموعات مسلحة شبه نظامية بعد الحرب العالمية الأولى. وكانت هذه الجرائم المروعة  حلقة من سلسلة المجازر التي أستهدفت المسيحيين الارمن واليونان البنطيين.

وفقا للدارسين تقدر أعداد ضحايا مجازر سيفو  بين   250000 – 000 500  من الاشوريين/السريان/الكلدان، كما يضاف إلى هذا العدد حوالي مليوني أرمني ويوناني بنطي قتلوا في مذابح مروعة مشابهة معروفة بمذابح الأرمن ومذابح اليونانيين البونتيك.

ولمناسبة مرور مائة عام على ارتكاب تلك المذابح وجرائم الابادة الجماعية، يزداد الضغط على تركيا اليوم، كي تعترف بأنها وريثة ذلك التاريخ الملطخ بالدماء، وكي تحاول الخروج الى آفاق تاريخ أنساني جديد يؤسس لمستقبل مبني على اسس التعايش وقبول الاخر والاقرار بوجود التنوع الاثني والديني وبحقوق كل المكونات في تركيا دستوريا.

فعدد الدول والحكومات والبرلمات والقوى السياسية والاجتماعية والدينية، التي تقر وتدين تلك المجازر والجرائم وتطالب تركيا بالاعتراف بها علنا والاعتذار عنها دون مواربة وخداع، في ازدياد. وباتت الحكومة التركية، والتي تجسد في حزب اردوغان وحلفائه زواج التعصبين الاسلامي والقومي التركي، عاجزة عن طي هذا الملف واجبارالشعوب على تجميد ذاكرتها والرضوخ للامرالواقع.

وفي الحقيقة ان مستقبل تركيا كدولة كبيرة وهامة بثقلها وموقعها في المنطقة والعالم الاسلامي، وكونها الجسرالاكبر الذي يربط الشرق باوربا، متوقف الى حد كبير على خياراتها وكيفية ادارة الملفات الساخنة المتعلقة بوجود وحقوق الاكراد والمسيحيين والاثنيات والديانات الاخرى.

يقينا ان الخيار الديمقراطي الحقيقي، المتمثل بالخروج من كماشة التعصب الديني والقومي وتطوير تركيا المدنية العلمانية على اسس المواطنة والقانون واقرار كامل الحقوق الدينية والقومية للجميع دستوريا، يتطلب الجرأة واعادة النظر في العلاقة مع ارث الدولة العثمانية الثقيل والملطخ بالدماء والبشاعات والفواجع. أن أقرار ما حصل للشعوب والاعتذار عن جرائم الابادة الجماعية هو المخرج المشرف الذي سيمنح تركيا امكانات بناء علاقات ثقة متينة بين شعوبها والشعوب الاخرى، وهو الذي يفتح لها الابواب لدخول الاتحاد الاوربي، وسيقويها بشكل ملفت لتلعب دورا هاما ومحوريا في معالجة الازمات الحادة التي تعصف بالمنطقة لما فيه صالح السلام والامن والتعايش وتطوير المنطقة أقتصاديا وسياسيا وأجتماعيا وثقافيا.

أما التعنت والمكابرة والغش والكذب على الشعوب لا يؤدي الا الى المزيد من الازمات والكوارث والفواجع للشعوب ولتركيا نفسها. ان التعويل على تأجيج المشاعر والكرامة والاستعلاء القوميين، او على قيادة حرب طائفية في منطقة ملتهبة تتقاطع فيها مصالح كل القوى العالمية المتنفذة، أنما هو رهان خاسر.
على تركيا ان تتعض من التاريخ وتتذكر مئات السنوات من حكم الدولة العثمانية وأستعبادها للشعوب. و أن تفهم ان الشعوب اليوم أكثر أصرارا على نيل الحرية ومقارعة الظلم وسياسات التعصب والتطرف والارهاب. وان المجتمع الدولي، رغم تقاطع المصالح والمساومات والتوافقات البراغماتية هنا او هناك، هو أكثر فعالية وتأثير غلى مجريات الاحداث ومساعدة نضال الشعوب لتحقيق أهدافها النبيلة.

وفي سبيل المثال، فأن عدد متزايد من الدول والبرلمانات و المؤسسات العالمية، وبعد مرور مائة عام،  تقف هذا العام لتساند المسيحيين الاشوريين/السريان/الكلدان في تعريف وابراز وتناول محنتهم في مذابح  وجرائم سيفو، وتطالب تركيا للاعتراف بها والاعتذار العلني الرسمي عنها، مباركة بذلك صمود هذا الشعب وكفاحه الطويل ضد القتل والابادة والتمييز. ومن المؤكد ان كل الشعوب التي تعيش الظلم والاستغلال واثار التعصب والتطرف والارهاب لن ترضخ ولن تفقد الامل، ستقاوم وستكافح الى ان تحقق الانتصار وتنال الحرية، وسيزداد ويكبر زخم المساندة ودعم المجتمع الدولي والرأي العام معها.

24
تضامنا مع الاحتجاج ضد خطاب التكفيروالتعصب

سامي المالح

وقع في أقليم كردستان العراق، 296 شخصية، وثيقة أحتجاج على التصعيد الملفت لموجة الخطاب التكفيري والتعصب الديني الذي يستهين بصمود وتضحيات البيشمه ركه والقيم الوطنية والقومية والتعايش الاخوي الايجابي بين كل مكونات المجتمع الكردستاني.
ولقد وجه المحتجون والقائمين على هذه الحملة، وثيقتهم الى رئاسة الاقليم والى رؤساء الحكومة والبرلمان والادعاء العام ووزراء الداخلية والبشمه ركه والتعليم العالي والاوقاف ورئيس جامعة السليمانية ورؤساء (نقيب) نقابة الاطباء والصحفيين والمحامين والحقوقيين.
ركزت وثيقة الاحتجاج على أن الاقليم في هذه الظروف العصيبة وهو يواجه حربا شاملة فرضها عدوا شرسا دمويا، يستخدم في جانب منها الدعاية والتأثير على المشاعر وأثارة النعرات والكراهية، يحتاج الى التماسك الاجتماعي وتوحيد الخطاب ورص الصفوف والى دعم بسالة وتضحيات البيشمه ركه وأهاليهم بكل الطرق والامكانات وهم يقفون بوجه العدو يدافعون عن أمن وأستقرار الأقليم.
في هذه الظروف الاستثنائية لفتت وثيقة الاحتجاج، منبهة ومحذرة، الى ظاهرة تنامي وتصعيد الخطاب الديني التكفيري في الاقليم والى أنتشار الخطب و أحاديث رجال الدين الاسلامي في المساجد ووسائل الاعلام والتي تستهين وتستخف بصمود وثبات و بتضحيات البيشمه ركه (لن يكونوا شهداء لانهم يقاتلون مسلمون) والانتماء القومي والروح الوطنية (الانتماء للأسلام هو الانتماء الوحيد الصحيح وتكفير كل الانتماءات الاخرى)، أضافة الى التكفير وزرع روح التفرقة والكراهية للمكونات الدينية الاخرى . ولقد ذكرت الوثيقة الداعية الاسلامي الدكتور عبدالواحد محمد صالح بالتحديد كنموذج لما تتضمنه هذه الخطب من فكر ودعوة وأدعاءات وتحريض، تهدد الامن القومي وتماسك وأستقرار المجتمع وتؤثر سلبا على روح الصمود والمقاومة والمعنويات، وتصب بالتالي في خدمة العدو وتحقيق أهدافه.
تطالب وثيقة الاحتجاج في الختام الجهات المسؤولة والتي وجهت لها الوثيقة، وخاصة الحكومة والمؤوسسات المعنية، بأتخاذ الاجراءات والتدابير العاجلة لوقف هذه الموجة والتصدي لهذا التهديد وتقديم كل المحرضين والمتطرفين الى القضاء ومحاسبتهم قانونيا من منطلق المصالح الوطنية العليا. و أضافة الى ذلك تقدمت الوثيقة بجملة من المطالبات المهمة الاخرى:
-   مسائلة ومحاسبة الداعية الدكتورعبدالواحد محمد صالح، الذي هو طبيب وجامعي وعضو نقابة الاطباء على خطاباته واعادة النظر في مؤهلاته ومكانته الاكاديمية.
-   وضع ضوابط وقوانين لخطب الجمعة والخطابات الدينية الاخرى في وسائل الاعلام لمنع التطرف وبما يخدم المصالح العليا.
-   عدم السماح لمن ليسوا مؤهلين وكفوئين ومرخصين من القاء الخطابات الدينية.
-   أعتبار كل الخطابات الدينية المتطرفة والمحرضة مصدرا لتهديد الامن القومي والمصالح الوطنية العليا، وعلى وزارة الاوقاف والمؤسسات المعنية مراقبة الخطابات وفق هذه الضوابط.
-   تنظيم دورات تربية وتأهيل وتثقيف بالمصالح الوطنية والاستقرار الاجتماعي.
من المعروف أن هذه الحملة من الاحتجاج، وهذه الوثيقة الواضحة بمضمونها واهدافها، ليست الاولى في أقليم كردستان العراق. فصوت العقل والتعايش والقيم الانسانية والتطوير المدني الديمقراطي للمجتمع كان عاليا طوال سنوات عديدة مضت، لاسيما في مواجهة موجات التطرف الديني والتعصب والكراهية وحالات ومظاهر التجاوز على الحريات وعلى وجود وخصوصية المكونات الدينية والقومية في الاقليم.
غير أن لهذه الحملة بالذات، وفي هذه الظروف الاستثنائية، حيث التطرف الديني و الطائفية والارهاب يهدد الدول والشعوب ويشعل الحرب ويوسعها في كل مكان، أهمية خاصة و أستثنائية. فأقليم كردستان المستقر والآمن رغم كل القصور والاشكالات والمظاهر التي أعاقت وتعيق التطور الديمقراطي، يواجه اليوم حربا حقيقية. ومن المهم جدا، وكما جاء في وثيقة الاحتجاج هذه، وعي وأقرار حقيقة قائمة وهي ان للعدو الذي فرض حربه ويريد أجتياح الاقليم والعراق والمنطقة ليرفع راية دولته الاسلامية، أمتداد في المجتمع الكردستاني. هذا الامتداد الذي يعبرعن نفسه بأشكال وأساليب عدة، ومنها على وجه الخصوص هذا الخطاب الديني المتطرف التحريضي الغير منقطع.
أن الخطورة في الاقليم تكمن في أن أعداء التعايش وقبول الاخر والاستقرار والتطور والديمقراطية يملكون أمكانات كبيرة ووسائل عديدة فعالة تتيح لهم التواصل اليومي مع الناس والجماهير والتأثير عليها وتهديد المصالح الوطنية ونسف لحمة المجتمع من جهة، ولتهيئة الاجواء والبيئة لتناسل أفكار وأفعال وتنظيمات تكفيرية ستكون جيشا احتياطيا لداعش وغيرها ممن لا يخفون تربصهم واستعدادهم للاجهاض على الاقليم واستعباد شعوبه.
ولذلك، ففي الوقت الذي نقف فيه متضامنين مع وقفة الاحتجاج ضد موجة تصعيد الخطاب الديني التكفيري والاستهانة بالوطنية وبسالة البيشمه ركه والمدافعين عن الارض والقيم والديمقراطية، نضم صوتنا الى المطالبين بوضع حد لكل نشاط فكري وأعلامي يحرض على التكفير و التطرف والتعصب والكراهية، ووننبه ونحذر الى عدم الاستخفاف والتقليل من خطورة هذا النشاط، تحت اي ضغط أة تبرير  كان، على مصير ومستقبل أقليم كردستان.
ومن الجديرهنا، التذكير والتأكيد، بأن السلاح الاقوى والاكثر فعالية بيد الحكومة والنخب و مؤسسات المجتمع المختلفة، لمواجة العدو الظلامي وامتداداته وبيئته، يكمن في المزيد من الحوار والديمقراطية والشفافية ورص الصفوف لخدمة المصالح اليومية الاساسية للجماهير الكادحة وضمان حقوق كل المكونات الدينية والقومية التي تقف دائما في الصفوف الاولى للتضحية والدفاع عن الوطن، وفي دعم نظام التربية والتعليم والاعلام الحر المسؤول وبناء الانسان المؤهل والمسلح بالمعرفة والقيم الانسانية والنزاهة والاخلاص والتعايش والتكافؤ. فأقليم كردستان يكون أقوى وأكثر حصانة ومتانة للانتصار في هذه الحرب بتعايش وتضامن وتماسك أبنائه من كل الاديان والقوميات والشرائح الاجتماعية، وبالتمسك بالخيار الديمقراطي المدني وتعزيز الحريات والقضاء على الفساد وهدر المال العام وبالمزيد من البناء وترسيخ أسس أقتصادية أجتماعية ثقافية لمستقبل واعد مزدهر.

http://awene.com/article/2015/03/28/39932

25
عنكاوا رئة المسيحيين، فيها تختبر النوايا والمباديْ
توطئة

لعنكاوا تاريخ عريق وجذور تضرب عميقا في الارض، فيها كان صمود السورايي وحفاظهم على خصوصيتهم ( لغتهم وتراثهم وتقاليدهم وقيمهم ودينهم) في مواجهة موجات بربرية عديدة عبر قرون طويلة. ومن المعروف تاريخيا، ان ذلك الصمود، كان سلميا مبنيا على التمسك بالحق والهوية والحكمة والسعي الدائم لتعزيز أواصر الاخوة والتعايش واحترام الاختلاف وخصوصيات الآخر.
طبعا، رغم بقاء عنكاوا حية مستقرة صامدة، تعرضت كما أبناء شعبنا في مناطقه التاريخية الاخرى، عبر التاريخ، الى الكثير من الويلات والمظالم والاعتداءات والتهديدات، ستبقى صفحات تاريخية قاتمة سوداء في سجل السلطات والمتنفذين وقطاع الطرق في المنطقة.
غير ان عنكاوا الصامدة برزت بلدة متميزة وأنموذجية في التاريخ المعاصر للعراق الحديث. تميزت بأراضيها الخصبة وأنتاجها الزراعي الوفير، وبتطلع أبنائها للتعلم والبحث عن المعرفة والتفوق في الدراسة، لتقدم في خدمة الوطن جيشا من المعلمين والموظفين والمهندسيين والاطباء والفنيين والمثقفين الذين ذاع صيتهم لأخلاصهم وتفانيهم ومهاراتهم وابداعاتهم. وتميزت عنكاوا فضلا عن كل ذلك بتعلق ابنائها بالوطن والعدالة الاجتماعية والتطور والتعايش الاخوي بين كل مكونات العراق، وانخراط الكثيرون منهم بالحركة السياسية الوطنية، مبكرا، لتقدم في خضم نضال الشعب العراقي والحركة الكردية ومن اجل الحرية والعدالة والديمقراطية  ارواح كوكبة باسلة خالدة من ابنائها. فعنكاوا كانت، والى اليوم، واحة للسلام والمحبة والانفتاح والتفاعل والانتاج الثقافي والمعرفي، وباتت بلدة معروفة ليس في المنطقة فحسب بل وعالميا.

آثار التغيير
وللأسف تميزت عنكاوا مرة أخرى، بعد سقوط النظام الدكتاتوري العنصري في بغداد عام 2003، حيث كانت حصتها، من آثار الاحتلال  وأنهيار وتفكك الدولة وسيادة الفوضى والارهاب والحرب الطائفية والفساد وأستهداف المسيحيين والاقليات الاخرى وحملات التغيير الديمغرافي، حصة كبيرة وثقيلة.
 لقد توسعت عنكاوا كثيرا وباتت مدينة كبيرة مزدحمة متخمة بالعمارات والفنادق والمحلات والصالونات والبارات ونوادي مفتوحة، الامر الذي يعتبره البعض منجزات تحققت للبلدة وأهلها المسالمين. الا ان ذلك حدث في الواقع وكما هو معروف، بتخبط وفوضى ومن دون تخطيط، ومن خلال تشويه معالم البلدة الهادئة المتجانسة، وجرى ذلك من خلال الاستيلاء بكل الطرق الشرعية والغير شرعية على افضل الاراضي الزراعية والتجاوز على حقوق أبنائها وتعريض تركيبتها الاجتماعية والثقافية والديموغرافية الى تشويه لم تشهده البلدة منذ قرون.
لقد فتحت عنكاوا، كما فعلت دائما، قلبها وأحضانها لأبناء شعبنا وغيره من الاشقاء من الاقليات الدينية والقومية ضحايا التعصب الديني والقومي والارهاب المنفلت، وباتت، بعد أجتياح داعش بسهولة ومن دون مقاومة الموصل وأطرافها ومناطق واسعة من العراق، بيتا جامعا لآلاف العوائل التي خسرت كل شيْ. فأصبحت عنكاوا اليوم أكبر بلدة مسيحية، ملاذا آمنا يعيش فيها ابناء الشعب الواحد من الكلدان الاشوريين السريان يجمعهم المصير الواحد، بأخوة  ومحبة مع الايزيديين والارمن والصابئة المندائيين والاكراد والعرب ومجموعات كبيرة من الاجانب من مختلف الجنسيات.

مطالبات ومناشدات
لقد طالب أهل عنكاوا السلطات في أقليم كردستان، منذ سنوات طويلة، وبوسائل متحضرة تعكس حرصهم ووعيهم ومسؤوليتهم تجاه مستقبلهم ومستقبل الأقليم  وعلى مباديء وأسس التعايش الاخوي، طالبوا بالالتفات الى مظالمهم والاستماع الى أرائهم وأحقاق حقوقهم التي هي جزء من حقوق كل السورايي. ولقد ناشدوا في مناسبات عدة المسؤولين على أعلى المستويات لوضع حد للفساد والمحسوبية والتجاوز على معالم وهوية وأمن وحرية الفرد والتقاليد والخصوصية. وكانت هذه المطالبات تتصاعد مع تصاعد الفوضى  والانفلات في الشوارع وتفشي الفساد الاداري والاستيلاء على المزيد من الاراضي وبناءالمزيد من البارات واجتياح البلدة بالسيارات القادمة من اربيل والمتسكعين المسلحين في اغلب الحالات. ولكن وللأسف لم تؤدي كل تلك المناشدات والمطالب الى نتائج تتناسب مع تطلع الناس في البلدة وحجم المسؤوليات التي تقع على عاتقهم وهم يستقبلون عشرات الالاف من العوائل النازحة والمنكوبة.
تنظم في عنكاوا اليوم حملة جماهيرية واسعة تأييدا للمطالب التي قدمت الى رئيس برلمان أقليم كردستان والتي هي الان على طاولة رئاسة الحكومة. ولقد توسعت هذه الحملة بتضامن وتأييد العديد من مؤسسات شعبنا في مقدمتها الكنيسة وابناء شعبنا في المهجر.

رئة المسيحيين ومختبر لأختبار الحكمة
ان التعامل مع عنكاوا ومطالب أهلها بحكمة وأنصاف ومسؤولية، في هذه المرحلة العصيبة والمعقدة التي تعيشها المنطقة عموما والأقليم بشكل خاصل، يشكل عامودا من أعمدة بناء مستقبل آمن ومستقر ومشرق للأقليم وتجربته الديمقراطية الرائدة. فعنكاوا هي اليوم رئة المسيحيين وهي بمثابة مختبر يمكن فيها أختبار النوايا والمواقف والسياسات والقيم والمباديْ، وكل ما يتعلق بوجود ومصير ومستقبل الكلدان الاشوريين السريان المسحيين وأشقائهم من الديانات والقوميات الأخرى.
فالشعب الكردي الذي كان ضحية للشوفينية والتعصب القومي والدكتاتورية و الذي يكافح من أجل الحرية والاستقلالية وبناء دولته القومية، مطالب ان يعزز اواصر التعايش المتكافيْ مع كل الاقليات الاثنية والدينية في الاقليم التي تضرب جذورها عميقا في الارض. فلا يمكن بناء السلام والامن ووطن مشترك ونظام ديمقراطي مستقر من دون ضمان كامل حقوق الجميع دستوريا.
أن أحترام خصوصية هذه الاقليات وضمان حقوقها وأستقلاليتها السياسية وتوفير البيئة الامنة الصحية لتطورها، هو قوة كبيرة هائلة يكتسبها الأقليم في مواجهة المخاطر الجدية لصعود التعصب القومي والديني والتطرف والارهاب والحروب. وللتاريخ شواهد وعبر تشهد على أخلاص هذه الاقليات ووفائها وتمسكها بالتعايش والبناء والمشاركة الشجاعة في النضال بكل أشكاله. وفي عنكاوا بالذات خير دليل على ما قدمه شعبنا الكلداني الاشوري السرياني من تضحيات ومساهمات في سوح مقارعة الدكتاتورية والكفاح المسلح ونشر الفكر الانساني والثقافة التقدمية وقيم السلام والمحبة والتسامح.

طريق الحرية والمستقبل
أن التحديات التي تواجه الشعب الكردي وحركته التحررية القومية وسلطات الاقليم كبيرة ومصيرية، وفي الواقع ان الخيارات ليست عديدة. فألشعوب التي تحلم بالحرية وتضحي من اجل الكرامة والانعتاق، تختار دائما طريق التاخي والتعايش واقرار حقوق الاخرين وتماسك الجبهة الداخلية والتعويل على النزاهة والصدق والمخلصيين المجربين والغير منغمسين في وحل الخيانة والفساد والتعصب والكراهية.
وفي الحقيقة، وكما يعرف أشقائنا الاكراد من تجاربهم  التاريخية الغزيرة مع شعبنا، فأنهم سيجدون في ابناء شعبنا، في حالة أحترام أرادتهم وخصوصياتهم وحقوقهم المشروعة التي تضمن لهم البقاء ونبذ الهروب والهجرة المقيتة، سيجدون فيهم الاستعداد الكامل للثبات والبناء معا، كما سيجدون فيهم ابناء واخوة شجعان في خندق الكفاح والصمود المشترك لمواجهة كل الاحتمالات والشر بكل اشكاله.
لقد أثبتت التجارب، للشعب الكردي كما لشعوبنا، أن التعويل على الدكاكين السياسية الصغيرة والموالين المداحين الانتهازيين ليمثلوا الشعوب، ومنها شعبنا المنكوب، وعلى تشتيت الصفوف من جهة، والنظر بالشك والريبة لمن ينتقد ويطالب بحقوقه ويناشد بأخلاص وجرأة من جهة أخرى، هو أمر بعيد عن الحكمة والمسؤولية، وأنما هو تعويل فاشل لن يثمر ولن يعطي الا الخيبات والمزيد من الاشكالات والتعقيدات التي تعيق أنجاح التجربة الديمقراطية والاستقرار وتحقيق الاهداف النبيلة.


 

26
المسيحيون في السويد
 لا تنخدعوا بالوعود الجوفاء
سامي المالح
 ستوكهولم 9 ىسبتمبر 2014


في 14 من سبتمبر/أيلول الجاري يحق لأكثر من سبعة ملايين من المواطنين في السويد الأقتراع وأنتخاب 349 عضوا للبرلمان، أضافة الى ممثليهم في مجالس المحافظات والمجالس البلدية.  والسويد خلال هذه الاسابيع تعيش كرنفالا حقيقيا، في الشوارع والميادين والقاعات، وفي وسائل الاعلام  ومواقع التواصل بكل أنواعها. الاحزاب مع مؤازريها، تعمل ليل نهار دون انقطاع لتوصيل برامجها وسياساتها ومواقفها ووعودها الانتخابية للمواطن، بمختلف الوسائل والطرق والأشكال المتاحة والتي تتوسع في كل دورة انتخابية جديدة. مؤسسات الأستطلاع المعتمدة تتابع بشكل يومي التغييرات التي تطرأ على الاصوات التي يحتمل لكل حزب ان يحصل عليها، مع الكثير من التفاصيل الجديرة بالمتابعة والدراسة.
الملفت، ومع أقتراب يوم الانتخابات، ان الفارق بين مجموع الاصوات المحتملة ان يحصدها تحاف اليمين الحاكم (المحافظين، حزب الشعب، المسيحي الديمقراطي وحزب الوسط) وبين أجمالي الاصوات المحتملة لاحزاب المعارضة اليسارية ( الاشتراكي الديمقراطي، حزب البيئة وحزب اليسار) لا يزال واضحا ، لصالح اليسار. ووفقا لكل الاستطلاعات، ان تحالف اليسار سيفوز، وسيتمكن مع هامش بسيط، تشكيل الحكومة التي ستدير أمور البلاد لاربع سنوات قادمة.
في أجواء أحتدام هذه المنافسات بين تحالف اليمين وتحالف اليسار والعمل المتعدد الجوانب لكسب الاصوات، يقف Sverige Demokraterna  حزب ديمقراطيي السويد ثابتا مشددا على أبراز ملفه الوحيد حول سياسة معاداة الاجانب و السعي لتغيير سياسة الهجرة السويدية والمطالبة الدائمة لغلق الابواب وحماية المجتمع السويدي. هذه السياسة التي وصفها رئيس وزراء السويد من حزب المحافظين فريدريك راينفيلد في مقابلة تلفزيونية، تنظم مع كل رؤساء الاحزاب، تابعها الملايين من السويديين، بأنها نتاج خلفية عنصرية وأفكار وقيم تميز بين الناس وفقا لأنتماءاتهم، وتعكس الخوف من التعدد الثقافي  والعجز عن رؤية وتلمس أيجابياته ومدى أثرائه للأقتصاد والثقافة وللمجتمع السويدي.
ورغم ان هذا الحزب معروف وواضح في مواقفه من الاجانب واللاجئين عموما، فأنه يسعى الى اللعب على ردود الافعال و أستغلال الظروف والأزمات التي تعيشها الشعوب، وخاصة منطقة الشرق الاوسط. ومع أستمرار الحرب والفوضى في سوريا، وبروز داعش واعلان خلافة الدولة الاسلامية واحتلالها لمدينة موصل ومدن وبلدات أخرى عراقية، وبعد الجرائم والكوارث اللاأنسانية التي تعرض لها المسيحيون والأيزيديون والتركمان والشبك، رفع رئيس حزب ديمقراطيي السويد صوته، ليكون من بين الاصوات الكثيرة التي ارتفعت في السويد دفاعا عن المسيحيين والايزيديين وغيرهم.
وكالعادة زايد هذا الحزب وتوجه للمسيحيين لكسب اصواتهم كما فعل في الانتخابات السابقة. وفي حقيقة الامر، ان ما طالب به هذا الحزب، ونشط من أجله دفاعا عن المسيحيين، لم يكن الا لتأجيج العواطف، ولم ينتج عمليا ما يستحق الذكر، مقارنة بمواقف ونشاطات وتضامن ومطالبات احزاب تحالف اليسار، وحتى احزاب تحاف اليمين الحاكم، وما قدمته الدولة السويدية من دعم سياسي ومساعدات وصلت معضمها للمحتاجين في مواقعهم في اربيل ودهوك وأطراف موصل. 
لقد أختبر المسيحيون في السويد هذا الحزب سابقا، ويتذكر معظمهم وعوده الكثيرة والغير واقعية قبل انتخابات 2010، ومحاولة كسب بعض الاشخاص ممن لم يفهموا في حينها جوهر سياسة ولم يدركوا حقيقة مواقف هذا الحزب. ولقد رأينا بعد الانتخابات بفترة قصيرة النتائج وعايشنا خيبة أمل المسيحين، بما فيهم أشخاص مثلو الحزب في مجالس البلديات. وحسنا فعلوا، أولئك الاخوة في ترك صفوف هذا الحزب مبكرا، ونقل نشاطهم، لتحقيق اهدافهم، الى مواقع احزاب أخرى أكثر مصداقية وجدية في دفاعها عن المسيحيين والاجانب بشكل عام.
وفي هذه الانتخابات، حيث يعيش المسحيون في الشرق الاوسط  ظروف عصيبة ماساوية، يقف المسيحيون الذين يحق لهم الانتخاب في السويد يوم 14 سيتمبرامام مسؤولية ومهمة جدية ومؤثرة. عليهم التمعن ودراسة سياسة الاحزاب في اليمين واليسار، وثم التركيز على السياسات وليس الوعود الجوفاء. عليهم أختيار الديمقراطية وقيمها العالية وتقوية القوى التي تريد تطويرها وترسيخها لصالح الجميع في المجتمع، وتجنب الوقوع في شباك الكراهية والتعصب وأثارة العواطف.
ومن الجدير بالتذكير، ان احزاب التحالف اليساري مجتمعة، تؤكد بأصرار بأنها لن تتعاون بأي شكل من الاشكال مع حزب ديمقراطيي السويد في تشكيل الحكومة او تمرير سياساتهم. وكذلك يفعل التحالف اليميني، على لسان راينفيلد، مؤكدا بأنهم لن يتعاونوا مع هذا الحزب لتشكيل حكومتهم في حال عدم حصولهم على الاغلبية النسبية، الأمر الذي يهمش دور وتأثير هذا الحزب في أقرار القوانين وتحديد السياسات العقدية. طبعا هذه المواقف لها دلالاتها العميقة، وهي تعكس خوف الاكثرية الساحقة في المجتمع السويدي، سياسيين ومواطنين، من صعود حزب ذات خلفيات عنصرية، لأنه سيهدد الاستقرار والتنوع والديمقراطية والسلم الاجتماعي. ولذلك تتوجه هذه الاحزاب مجتمعة، لفضح حقيقة سياسات هذا الحزب وتحذر المواطنين من الانجرار الى ديماغوجية تصعيد التخوف والقلق ونزعة معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الكراهية، وتحميل السويديين الاجانب كما يسمونهم بأستخفاف، كلهم، بما فيهم المسيحيين، مسؤوليتها.
من المفرح في السويد، أزدياد عدد السياسيين من الخلفيات الاجنبية، الناشطين في الاحزاب و المرشحين للبرلمان والمحافظات والبلديات. ومن ضمنهم عدد كبير من المسيحيين الناشطين الجديرين بالثقة. فمن الوعي و المسؤولية، وتضامنا مع المسيحيين في الشرق المنكوب التصويت لهم، حيث سيكون لهم ان يلعبوا دورا هاما مع احزابهم وفي البرلمان والحكومة لصالح المسيحيين ولصالح معالجة مشاكل الاجانب ومحاربة العنصرية والقضاء على أسبابها. و من الهام جدا وعدم أضاعة الفرصة والامكانية في تصديق مزايدات ووعود ديمقراطيي السويد الغير عملية و الغير منطقية، والتي جربناها وندمنا سابقا.


27

سامي المالح
almalehsami@gmail.com


تمر على ابناء شعبنا المنكوب في الموصل وسهل نينوى أيام كارثية بكل المقاييس. لقد تعرض المسيحيون (الكلدان السريان الاشوريون) مع أشقائهم من المكونات الاخرى (الأيزيديون والتركمان والشبك) الى أبشع حملة قتل وتهجير جماعي أضطرتهم الى ترك ارض أجدادهم وبيوتهم وكل ما يملكون ليهربوا الى المجهول. أنها حملة تطهير عرقي عنصرية بشعة، تنفذ والسلطات في العراق والأقليم تقف عاجزة، والرأي العام العالمي يخيب الظن ويتلكأ لا تحرك ضميره هذا الكم الهائل من الجرائم ضد حقوق الأنسان والأنسانية.

وفي هذه الايام العصيبة الكارثية يفترش عشرات، بل مئات الآلاف من الابرياء الأرض بدون أمل، عيونهم وقلوبهم النازفة المفجوعة تنتظر المنقذ، تنتظر المساعدة للأستمرار في الحياة وتجاوز المحنة، والبحث بعدها عن الكرامة والأستقرار.

وبقدر ما يتعلق ألأمر بالمسيحيين ثمة أولويات ملحة تنتظر كل القوى والمؤسسات والسلطات والمجتمع الدولي لا تقبل التأجيل يجب العمل بها لمواجهة هذه الكارثة الأنسانية:

اولا – تقديم كل أشكال المساعدات العاجلة للعوائل الهاربة المتشردة من المأوى والغذاء والعلاج وأستقرار مؤقت. ومن الهام جدا تنظيم جمع كل هذه المساعدات من كل المصادر وتقديمها للمحتاجين بأسرع وقت، وفق خطة طارئة مدروسة وبشكل شفاف ونزيه. ولابد من التشددعلى ضرورة التعاون والتنسيق بين كل الأطراف والجهات والمؤسسات وتشكيل فرق او لجان متطوعين في كل مكان من أجل أدارة هذا العمل الملح والمصيري.

ثانيا – مطالبة السلطات العراقية وسلطات أقليم كردستان والولايات المتحدة الأمريكية والأتحاد الاوربي وروسيا وغيرها من البلدان بأخراج قوات داعش من كل المناطق التي أحتلتها، ثم توفير الحماية الدولية المضمونة للمنطقة وخلق البيئة الأمينة التي تمهد لعودة الناس الى ديارها.

 ثالثا - لا بد من التأكيد على ان لتوحيد الخطاب، لكل القوى والاحزاب والكنائس والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والمستقليين الناشطين في كل مكان، أهمية قصوى ومصيرية. أن العالم لن يسمعنا ولن يقف معنا مالم نكن أرادة واحدة وصوت واحد، موحدين بآلام شعبنا وبرؤية واحدة لمواجهة الكارثة وبعث الأمل. لنصرخ معا بصوت واحد وبأمل واحد دون أنقطاع، لنهز الضمائر ونضعها على المحك دون توقف.

على الجميع، سياسيين وبرلمانيين ورجال دين وناشطين من المثقفين والفنانين المبادرة في تنظيم اللقاءات المشتركة والاتفاق بسرعة على الاولويات و تنظيم الصفوف بمحبة وأحترام وتفهم وتفاهم وتنازل لبعضنا البعض.

فالتاريخ لن يرحم من يدعي تمثيل الشعب ويقبض على حسابه آلاف الدولارات ويعيش في قصور فارهة ويتهرب اليوم من تحمل المسؤولية والتضحية براحته وامواله ووقته من أجل شعبه. لم يعد للكلام قيمة، الجميع مطالب بالعمل والتضحية وتقديم مساعدات فعلية. على كنائسنا ان تتوحد برسالة واحدة مشتركة توحد الاولويات والخطاب ومعاناة الرعية وتواجه الكارثة، وان تفتح قلبها للقوى والناشطين وتمد يدها و تعمل بأرادة واحدة بكل الطرق لتوحيد كل الجهود والصفوف.ثمة آلاف من الشباب من ابناء شعبنا في كل مكان، يريدون تحمل المسؤولية والعمل الجاد من أجل أهلهم، ينتظرون توحيد الخطاب ورسم خارطة طريق لمواجهة الكارثة. لنعمل جميعا في جمع كل الطاقات لتجاوز ألأحباط و اليأس ولنترتفع، في هذه الأيام العصيبة الى مستوى المسؤوليات. 

11/8/2014

28
لا لقانون الاحوال الشخصية الجعفري
سامي المالح
 رئيس الجمعية السويدية العراقية

أقر مجلس الوزراء العراقي في 25/2/ 2014 مشروع  قانون الاحوال الشخصية الجعفري، و ارسله للبرلمان المشلول والمنقسم على الطوائف والعشائر والاحزاب والمنافع الشخصية المقرفة، من اجل مناقشته واقراره.
عند مقارنة هذا القانون بقانون الاحوال الشخصية الصادر في عام 1959، وبقوانين الدول التي واكبت التطور الحضاري في العالم، وتقييمه بألاحتكام للوائح و الاتفاقات الدولية المقرة في الامم المتحدة لحقوق الانسان وحقوق الاطفال والمرأة، يتبين بوضوح مدى تخلف و لا عدالة و منطقية هذا القانون، وتبدوا جلية المآرب والاهداف التي يسعى اليها، في الوقت الذي تواجه فيه حكومة  وبرلمان العراق، منذ سنوات، ملفات مزمنة ومصيرية تتعلق بالامن والاستقرار وبناء الوطن النازف ومؤسسات الدولة  الفاشلة والغارقة في الفساد وتوفير الخدمات الاساسية لحياة كريمة للمواطن.

-   القانون الجعفري يشرع زواج الطفلة في سن التاسعة، وفي حالات اخرى اقل من هذا العمر، منتهكا بذلك بشكل فاضح وصريح حقوق الطفل، بالضد من أتفاقية حقوق الاطفال الدولية التي وافق عليها العراق عام 1994.
-   القانون يكرس التمييز المجحف وتبعية المرأة وحرمانها من حقوقها الانسانية، بالضد من اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، الاتفاقية التي صادق عليها العراق في عام 1986.
-   القانون طائفي بأمتياز ولا يأخذ بالاعتبار التنوع الديني والأثني في المجتمع العراقي. وبذلك يكون تشريعه وثم تطبيقه أثارة وتكريس للطائفية وحرمان المكونات العديدة من حقوقها، وينتج  بالضرورة المزيد من التانقضات والصراعات في المجتمع العراقي الذي يعاني اصلا من شروخ الطائفية وما افرزته من الالام والدماء والدمار والتخلف.
-   والقانون يؤدي الى حرمان الاطفال من الطفولة والتحكم بمصيرهم ومستقبلهم ليكونوا فريسة للتخلف والفقر والاكراه، مما يؤدي الى المزيد من الكوارث الاجتماعية والصراعات والعقد والعنف على مختلف المستويات مستقبلا.
-   القانون يؤدي الى المزيد من التخلف والجهل والحرمان، وينتج المزيد من التفكك والتشتت والامراض الاجتماعية والفساد وعوائل معرضة للفقر والبؤس.

الحكومة العراقية متمثلة بالوزراء الذين وافقوا على هذا المشروع ، والاحزاب والقوى والمصالح التي يمثلونها، أنما يسعون من خلال فرض هكذا قانون على المجتمع العراقي، وبآلية ديمقراطية التوافقات العرجاء المزيفة، الى ضمان البقاء بالسلطة والتحكم برقاب الوطن والشعب المغيب. فهم كما كل السلطات التي لا تهتم الا بالحكم المطلق والتحكم الى ما لا نهاية بثروات البلد ومصائر الناس، يسلكون طريق تجهيل الشعب وأشغاله بالصراعات الطائفية والاثنية وتضيق الحريات وشل قدرات المرأة وزرع القيم البالية المحبطة التي تحدد الافاق وتهدد المستقبل، وتنسف بذلك أمكانية بناء منظومة من القيم الانسانية التي هي أساس الانسجام والتعايش والوطنية الحقة واللحمة الاجتماعية.
من المعيب والمخيب ان الوزراء الاكراد والوزير المسيحي في الحكومة كانوا من الموافقين على هذا القانون أيضا. ورغم الاحتجاجات والمعارضة الشعبية الواسعة، وخاصة من النساء، لم تصدر من اي وزير توضيح او تصريح او موقف يعلن فيه معارضته لهذا القانون.
من المفهوم لدى الجماهير المسحوقة، ان ما يجري في اروقة مكاتب الحكومة القابعة في المنطقة المعزولة الخضراء، انما هو مواصلة لعبة المساومات والتوافقات القذرة في فترة التهيئة للانتخابات، هي لعبة ترتيب و أعادة ترتيب المصالح والتحالفات وتوزيع السلطة والنفوذ والثروات والنهب و الفساد وقمع الحريات،  و التوغل في تدمير ما تبقى من لحمة المجتمع العراقي وشل قدرة المواطن.
أن رفض هذا القانون ومنع تشريعه هي مهمة وطنية وديمقراطية. وهي مسؤولية كل الافراد والمؤسسات والقوى السياسية التي يهمها مصير وطننا ومستقبل شعبنا.
لا لقانون الاحوال الشخصية الجعفري الغير حضاري والغير منسجم مع روح العصر وتطلع الانسان العراقي.



29
في اليوم العالمي للطفل
رسائل اطفال للضمائر والنفوس

سامي المالح

"لقد كنا جميعا اطفالا في يوم ما. ونحن نتقاسم جميعا الرغبة في تحقيق رفاه اطفالنا، ذلك الرفاه الذي لم ينفك ابدا، وسيظل يشكل الطموح الذي تتعلق به البشرية قاطبة أكثر من اي طموح اخر"
هذا جاء في مقدمة التقرير الذي قدمه الامين العام للامم المتحدة للدورة الاستثنائية للجمعية العامة المعنية بالطفل في دورتها الثالثة، في حزيران/يونيه 2001.
في هذا اليوم، اليوم العالمي للطفل، احي كل اطفال العالم ويملأني الامل بان تتحقق طموحاتنا بان يعيش كل طفل منهم، في كل مكان، بغض النظر عن جنسه ولونه ودينه وقوميته وحالته الصحية والعقلية، حياة جديرة ومرفهة وبحرية وكرامة. 
وفي هذا اليوم، أفكر بشكل خاص باطفال  العراق، هذا البلد الذي ارهقته الحروب والصراعات والانقسامات القومية والطائفية، وأنهكه الفساد ولاأبالية القادة والمتمسكين بالسلطة والنفوذ وسرقة المال العام. اطفال العراق، المحرومون، بغالبيتهم الساحقة، من الطفولة والامان والاستقرار والرعاية الصحية والتعليم المناسب والتربية، التي يحتاجونها لمواجهة تحديات الحياة والمستقبل.
في هذا اليوم، وانا افكر بواقع الاطفال في العراق، ومن خلال متابعتي الجيدة لمشاريع وخطط السلطات والدولة المعطلة عمليا، وحجم التخصيصات المالية ووضع المدارس ونظام التربية والتعليم، لتغيير هذا الواقع المزري والمؤلم، أتحسس وأرى افاق تطور البلد ضبابيا، ان لم اقل أسودا. فالافاق والمستقبل يتعلقان بالاطفال، برعايتهم، بمنحهم المحبة والدفأ والقيم الانسانية والمعارف والعلوم، وبتهيئتهم لكي يرسمون الافاق المشرقة ويضمنون لانفسهم ولبلدهم المستقبل الزاهر.
وفي هذا اليوم، احي بتقدير، كل الاشخاص والمنظمات والمؤسسات، التي تعمل بمختلف الاساليب والاشكال، في ظروف صعبة ومعقدة، من اجل الطفولة وحقوق الاطفال. ويقينا، ان هذه الجهود والاعمال الجليلة، والتي قد لا يكون تأثيرها المباشر واضحا وملموسا، قياسا بكبر المعاناة وحجم الاشكالات والتقصير والتلكؤ المخجل للدولة، لن تذهب سدى، وهي تشكل براعم ستزهر غدا او بعده، لتملأ حياة اطفال العراق بالبهجة والحنان والمحبة والامان وغيرها من مستلزمات طفولة سعيدة ومرفهة. ومن المؤكد، اننا جميعا، المخلصين للطفولة، بأمكاننا عمل المزيد، والتقدم الى امام دون يأس او احباط، وخاصة في جهودنا للضغط على السلطات وتحويل الدفاع عن الاطفال الى جهد يومي، بغية تحشيد الملايين من الارامل والفقراء واليتامى واصحاب الضمائر الحية من كل شرائح المجتمع لتغدو تيارا جارفا من اجل التغيير وغد افضل لاطفالنا وبلدنا.
و في هذا اليوم اختار عدد من الصور، صور لاطفال  تتحدث بصوت عال. وهي رسالة الاطفال الابرياء في يومهم العالمي، للمعنيين، للمسؤلين عن البلد، عن حياة المواطنين وكرامتهم وامنهم ومستقبلهم. رسالة موجهة للضمائر والنفوس!

                         





                           
                       

 

                           


30
المرأة والمكونات الصغيرة (الاقليات) ضحايا الديمقراطية المشوهة
سامي المالح
في اطار نشاطاتها الدورية نظمت الجمعية السويدية العراقية، قبل فترة سيمنار حواري عن العراق (العراق الى أين؟)، شارك فيه السفير السويدي الاسبق في العراق و النائبة في البرلمان السويدي العراقية عبير السهلاني وصحفي سويدي مختص بشؤن الشرق الاوسط . الموضوعة الرئيسية في السيمنار تمثلت في تقييم الاوضاع في العراق، ومحاولة  للخروج بأستنتاج حول ما اذا كان في العراق عملية ديمقراطية بالمقاييس العلمية والمعاصرة، وان كانت للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية التي تدير البلد، ولسياساتها في بناء المؤسسات والبنى التحتية وتوفير حياة لائقة للمواطن وضمان الحريات الاساسية وأدارة الصراعات غيرها، شرعية ديمقراطية.
وبعد عرض موضوعي للاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والنفسية للعراق والمواطن العراقي، اتفق المتحاورون على استنتاج جامع مفاده: نعم ثمة عملية ديمقراطية ناشئة في العراق، من تجلياتها اجراء عدد من الانتخابات (مع الاشارة  بوضوح الى التجاوزات والنواقص والتزوير والخلل في القوانين)، والتوافق والتآلف ونوع من الحوار بين القوى السياسية (رغم استخدام العنف والارهاب والاسقاط والتخوين واستخدام مؤسسات الدولة والمال العام لحسم الصراعات). كما اتفق المتحاورون، ايضا، على ان العملية هذه تجري ببطئ شديد، وتتعثر في الكثير من جوانبها ، وان ثمة عوائق جدية ومخاطر حقيقية تحدق بنموها وتطويرها وترسيخها، وأن ثمة قوى متغلغلة في مؤسسات الدولة وقيادات القوى التي تقود البلد عن طريق الانتخابات، تتوفر لديها امكانات مالية واعلامية واجتماعية ودينية كبيرة من مصلحتها أجهاض هذه العملية الناشئة. وجرى الاتفاق في الوقت نفسه على ان القوى الديمقراطية الحقيقىة في المجتمع العراقي، والمتمثلة ببعض التيارات السياسية وشرائح المثقفين والمتعلمين وأبناء الطبقات الكادحة والوسطى، متشتتة وضعيفة. وفي معرض تقييم الافاق ومستقبل العملية الديمقراطية في العراق، عبروا عن قلقهم رغم ابداء تفاؤل حذر، مؤكدين ان البديل امام العراقيين، في حالة التراجع والفشل وتغليب الصراعات، هو بديل كارثي، لن يكون فيه، على المدى البعيد، من سيربح، ولن يفلح في النهاية، اي طرف او قوى في تحقق مصالحها القومية او الطائفية، وأن كانت تلك المصالح مشروعة.
خلال الاشهر المنصرمة التي تلت تنظيم تلك الفعالية والخروج بتلك الاستنتاجات، دخلت العملية السياسية في العراق، برمتها، في ازمة مستفحلة. الازمة التي تجسد، فيما تجسده، غياب مشروع وطني عقلاني جامع للقوى المهيمنة على العملية السياسية، والتي تتبجح، في كل مناسبة، بأن لها شرعيتها الديمقراطية. وتجسد الازمة ايضا، الفهم المشوه للديمقراطية التي يريدون من خلالها الاستئثار بالسلطة والثروات فحسب. ويبدو واضحا، لمن يراقب ويدرس البرامج والنهج والتحركات وتشكيل التحالفات واعادة تشكيلها وغيرها من المواقف السياسية، بأن هذه القوى عاجزة عن فهم العلاقة الجدلية  بين تحقيق مصالح من يمثلونها في المجتمع  وبين تحمل المسؤولية المشتركة والنجاح في بناء وطن عامر معافي للجميع. وطن المواطنة، وطن يزدهر بالمؤسسات الكفوءة وبالخيرات والخدمات للمواطن، وطن آمن يستقر ويتطور بتوفير الحريات وخلق بيئة للعمل والانتاج والتعلم والتربية الصحيحة والابداع والتعايش بتكافؤ ومساوات.
وفي مثل هذه الظروف القلقة والغير مستقرة من الطبيعي ان تكون المرأة والاطفال و المكونات الصغيرة (الاقليات)، صاحبة المصلحة الحقيقية في بناء البلد وترسيخ الديمقراطية، ان تكون الضحية الاولى، ضحية صراعات القوى المهيمنة:  صراعات لصناعة ديمقراطية مشوهة، يريدونها على مقاسات مصالحهم الضيقة والانانية، صراعات تغذي الارهاب الذي يحصد المزيد من الابرياء، وتغذي الفساد الذي بات اخطر من الارهاب نفسه، صراعات تنتج الاحقاد وتدمر القيم وتضعف الامل في قلوب الناس التي تعيش منذ عقود محرومة مظلومة مهانة ومستعبدة.
فالمرأة والاطفال والمسيحيين والتركمان والايزيديين والصابئة المندائيين وغيرهم من المجموعات الاثنية والدينية الصغيرة، يعيشون، اليوم، مآسي وتراجيديا تنتجها ديمقراطية القوى المهيمنة التي تتقاسم البرلمان والحكومة والثروات ومؤسسات الدولة. فالارهاب يطالهم يوميا، والقتل والتهجير وطردهم من ديارهم لم ينتهي، وبات الخوف والقلق زادهم اليومي، يهرب منهم الالاف بحثا عن الامان والكرامة المفقودين، تاركين ورائهم اعز ما لديهم. بالاضافة الى كل ذلك جرى ومنذ انطلاق العملية السياسية، منذ صراع الاقوياء على صياغة دستور التوافق الملغوم، والتحكم من خلال مؤسسات المحاصصة  بالانتخابات وباصدار القوانين وبنهب شرعي للمال العام، جرى تغييبهم وتهميشهم والتقليل من مكانتهم واعتبارهم، باشكال وطرق ملتوية مختلفة، ثانويين، مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة.
وما يؤلم اليوم، ان تصل الامور الى ان يجري، وتحت قبة البرلمان، وبأسم ديمقراطية مشوهة، زرع فتنة حقيقية، غير وطنية، بين الضحايا. فالاقوياء وبعد ان نالوا حصصهم، فرشوا حلبة الصراع، التي يجيدون بنائها وتجميلها، ليركلوا بشكل ديمقراطي زائف ومقزز، المرأة والتركمان والمسيحيين ليتصارعوا من اجل الفتاة، من اجل مقعد شكلي. وهذه طبعا ليست المرة الاولى ولن تكون الاخيرة. ففي الامس، افلحوا في التأثير على الوعي العام للاخوة التركمان، ونجحوا في استمالة قادتهم القوميين، لكي يوجهوا طاقاتهم من اجل اعتبارهم قومية ثالثة في الوطن. ولقد بلع الاخوة التركمان الطعم. فالدستور يعتبر العرب والاكراد من القوميات الرئيسية، وكل الاخريين هم من الثانويين. وبدلا من رفض هذا الواقع، والغاء هذا النص، والنضال ضد هذا التمييز والتعصب، وبدلا من العودة الى جوهر الديمقراطية والمواطنة، اصبح هم الضحايا ان يرفعوا من مكانتهم ليكونوا من الاساسيين. هذه مـأساة وطن حقيقية، ورائها علة تاريخية كبيرة تكمن في الفلسفة، في الفكر، في النهج المنافي لجوهر الديمقراطية ومفهوم المواطنة والتكافؤ والتعددية والمشاركة.
ان محنة الاخوة التركمان، والمسيحيين، ومئات الالاف من الارامل واليتامى، ومعهم طبعا الملايين من الفقراء والمحرومين والمهجرين، من الشيعة او السنة او الاكراد، تكمن في فشل النخب السياسية والقوى المتنفذة في صياغة مشروع  بناء دولة مؤسسات، دولة كرامة للمواطن، بغض النظر عن دينه او انتمائه القومي والطائفي وعن لونه وجنسه وانتمائه السياسي والفكري. ومن المؤكد ان عدم التوصل الى تبني هكذا مشروع، يعني استمرار المحن والمآسي واستفحال الصراعات والازمات. فالتركمان كشعب لن يغيروا من واقعهم في حصر همهم وعملهم لرفع مكانتهم لقومية ثالثة. هذا قد يفيد السياسيين للحصول عل بعض الحقائب والامتيازات، ولكنه لن يحل المشكلة الاساسية، مشكلة  ضمان الامن والاستقرار والمساواة والتكافؤ ومعالجة الملفات العالقة في كركوك وغيرها من المناطق الاخرى، مشكلة ترسيخ الثقة المتبادلة والتأسيس للسلام والمعايشة وبناء وطن جامع ومشترك للجميع دون تمييز.  
وكذا الحال بالنسبة للمسيحيين. مقعد في المفوضية الذي هو حق يجب العمل للحصول عليه، ليس لب المعضلة. هذا المقعد لن يغير واقع المسيحيين ولن يقلل من معاناتهم او يوقف الارهاب بحقهم، ولن يمنحهم الامان والضمان في حياة حرة متكافئة، او يوقف تراجيديا الهروب والهجرة. نعم قد تكون هذه نضالات يومية ومكاسب لها دلالاتها ومغزاها، وقد تؤثر على المزاج العام والوضع النفسي، غير ان المحنة، المشكلة، هي اكبر من ذلك بكثير. فالقوى السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري تهلهل وتشيد بالديمقراطية المشوهة عندما تحقق انجازا او مكسبا حزبيا. ولكنها سرعان ما تضطر للعودة للانتقاد والاحتجاج على التهميش والتمييز والاجحاف. غير انها للاسف، لا تتوقف بوضوح وبجرأة  لتمس جوهر المشكلة، ولا تهيئ شعبنا للعمل من اجل مواجهتها، معتقدة ان الانسجام والتأقلم وقبول الامر الواقع هو ما يحقق مصالحها وربما مصالح شعبنا.
ثمة خلل في الدستور، وثمة اجحاف مخل بحق المرأة والاقليات في صياغة القوانين، وثمة تمييز ممنهج ومنظم في بناء المؤسسات. على المرأة العراقية ومنظماتها المناضلة، على الشعب التركماني، وعلى الشعب الكلداني السرياني الاشوري المسيحي، على اليزيديين والمندائيين، ان ان لاينجروا الى هذه الفتنة. عليهم جميعا تعبئة كل قواهم ضد التمييز والتهميش وتشويه الديمقراطية. عليهم عدم الدخول في صراعات تسهل تحقق المصالح الطائفية والقومية والعنصرية للقوى التي تتقاسم كل شيْ في وطننا النازف. من حق هذه المكونات المطالبة باحترامها كمكونات متساوية ومتكافئة مع الاخرين، عليها رفض منطق الاساسي والثانوي، منطق الاكثرية والاقلية في تحقيق المواطنة في الوطن المشترك. على هذه الشعوب والشرائح الاجتماعية ان تتضامن وان تكون حذرة جدا من التصعيد والتشدد في دعوات بعض القادة والمزايدين القوميين من اي طرف كانوا. فلا مصلحة لهم البتة في الدخول في معارك وصراعات غبية، تضعفها وتجعلها رحمة لشهية الاقوياء، الذين وكما تثبت التطورات، لاتتجاوز مشاريعهم واحلامهم وممارسة مسؤولياتهم مصالحهم الحزبية والعشائرية الضيقة والانانية.
والسؤال هو: هل ستكون هذه المكونات الصغيرة على مستوى وعي خلفيات الفتنة التي يزرعها الاقوياء بطرق ديمقراطية مشوهة؟ هل ستكون بمستوى التحديات التي تواجهها؟ هل بأمكانها التضامن والتنسيق والضغط موحدين ضد التمييز والتهميش؟ هل سيكون صوت العقل والحكمة أعلى من صوت المزايدين والقوميين المتعصبين والمرتبطين غالبا بمشاريع ومصالح الاقوياء؟ هل تدرك القوى السياسية ونخب هذه الشعوب والشرائح ان لاخلاص، ولا امان، ولاحقوق دستورية مضمونة، ولا تقدم وازدهار، الا بالعمل والنضال الدؤوب من اجل المواطنة المتكافئة و بالعمل والاخلاص ونبذ الفساد وبالديمقراطية الحقيقية التي لا تميز بين الناس في الوطن الواحد؟



31
مسيحيو المشرق والربيع العربي

سامي المالح

بمبادرة من حزب القوات اللبنانية عقدت مساء يوم 28 ابريل 2012 في ستوكهولم  ندوة " مسيحيو المشرق والربيع العربي" . ادناه نص مداخلتي في الندوة:
الاخوات العزيزات ... الاخوة الاعزاء... مساء الخير
في البداية اود التعبير عن شكري وتقديري العميق لمبادرة الاخوة في حزب القوات اللبنانية لعقد هذه الندوة (مسيحيو المشرق والربيع العربي). فهذه التفاتة هامة وضرورية في هذه المرحلة الحبلى بالاحداث والمتغييرات والمفاجئات، في هذا المنعطف، حيث تشهد المنطقة ثورات شعبية ضد انظمة كانت منذ عقود طويلة اشبه بالمستنقعات الراكدة، ظاهرها الاستقرار، ولكنه استقرار يخفي في داخله العفن وازمات ومشكلات متراكمة بنيوية عميقة، منها القبلية والطائفية والعشائرية والفساد والقمع وتغييب الوعي والتخلف وخنق الحريات واذلال الانسان.
فالثورات في البلدان العربية هي حراك ملايين الناس المستاءة والتواقة للحرية والعيش بكرامة ضد انظمة فشلت في بناء دولة المواطنة الدستورية، دولة القانون والمؤسسات والتكافؤ. انه تيار الجماهير الشعبية الجارف لمستنقع الاستبداد والدكتاتورية. ان هذه الثورات هي بداية تحولات تاريخية عميقة وكبيرة ، بداية تحرك الى امام. ولابد من الوعي بأن المرحلة القادمة، مرحلة تأثير ونتائج هذه الثورات ، ستكون مرحلة تصارع القوى الاجتماعية والسياسية والدينية داخل كل مجتمع، وانه ستكون ثمة مخاطر عديدة وجدية.
ان  دعوة المسيحيين الى الامتناع عن تأييد الثورات في البلدان العربية وعدم الانخراط في حراكها، خوفا من جلبها لتيارات متشددة وسلفية وغير حداثية الى الحكم ليس‌ ‌أمرا حكيما، رغم مشروعية هذا الخوف. فجريمة الانظمة القمعية الدكتاتورية العربية الكبرى تكمن في انها حاربت الفكر التقدمي وخنقت الحريات وتطلع الناس الى المستقبل والتغيير، وبذلك خلقت البيئة والاجواء المثالية لنمو الفكر الظلامي والقدري والسلفي وللعنف وللتعصب والشوفينية والجهل والتخلف. هذا الخوف والتوجس المشروع، يجب ان لا يدفع المسيحيين الى الانكفاء اوالوقوف مع الانظمة الاستبدادية والبقاء في قلب المستنقع والعفونة. بل علينا نحن المسيحيين ان نكون مع الحراك، ان نوحد قوانا وارادتنا لنكون عنصرا فعالا من عناصر التغيير والتحولات التاريخية، والتي ستفرض، حتما، واقعا جديدا، ووعيا جديدا، وستفتح الافاق. ومن جانب اخر ستضع كل القوى الاجتماعية والسياسية وخاصة الاسلامية على المحك. محك استحقاقات بناء دولة المؤسسات والقانون، محك توفير الحريات، ومستلزمات حياة حرة كريمة للمواطن، مستلزمات الاستقرار والسلم الاجتماعي، مستلزمات التنمية وتطوير الاقتصاد وتطوير الديمقراطية، هذه الا ستحقاقات التي ضحى ويضحي من اجلها عشرات الالاف من الشباب في الساحات والشوارع في اطار الثورات الشعبية.
أعزائي الحضور
ثمة تقارب وصلة بين ما حدث في العراق في ربيع عام 2003 وبين ثورات ربيع البلدان العربية، طبعا مع الفارق. فسقوط الصنم في بغداد تم على ايدي الاحتلال الامريكي، وادت الحرب الى الفوضى والارهاب والصراع واستقطاب كل القوى والعناصرالاقليمية لتصفية حساباتها على ارض العراق.
ففي الوقت الذي فتح سقوط نظام البعث افاقا رحبة لمرحلة جديدة واعدة، ادت الصراعات القومية والطائفية والعشائرية، بتعصبها وميليشياتها المسلحة، الى اجهاض محاولات التأسيس لمشروع  التطور الوطني العقلاني،  وأدت الى تحييد مسيرة بناء البلد وتاسيس دولة الامن والاستقرار والمؤسسات والمواطنة والقانون، الى عملية توافق واتفاق على توزيع السلطات والنفوذ والثروات بين الاقوياء. 
ورغم التوافقات الهشة لتلك القوى المهيمنة ونجاحها في اقرار دستور للبلاد، ورغم تنظيم انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات، الا انها فشلت في توفير الامن والاستقرار وتوفير الخدمات الضرورية وبناء المؤسسات وتوفير اسس التعايش الاجتماعي السلمي لكل الاطياف والمكونات وحل الصراعات والازمات بالحوار، وفشلت في الاتفاق على مشروع وطني للبناء وتوفير الحريات وتطوير الديمقراطية، وفشلت في وضع مصلحة الوطن والمواطن فوق مصالحها القومية والطائفية.
وفي اجواء هذه السنوات العصيبة، منذ 2003، كانت حصة المسيحيين من الارهاب والقتل والتهجير القسري والتمييز والتهميش وغيرها من المظالم والاضطهادات كبيرة. فلقد وقع على المسيحيين ظلم مزدوج، مرة كونهم مواطنون حالهم حال المواطنين الضحايا من الاشقاء في الوطن، ومرة أخرى كونهم مسيحيون، كونهم، ومع غيرهم من ابناء الديانات الغير اسلامية، يجسدون التنوع والتعددية والتعايش المشترك، وكونهم ايضا حاملي ومجسدي قيم السلام والاخوة والمحبة والتسامح والحوار والصدق والمواطنة الحقة.
وكما هو معروف، فان الدستور العراقي الذي صاغه الاقوياء، تنكر في ديباجته لتاريخ ومظالم وتضحيات المسيحيين- الكلدان الاشوريين السريان، وكان فيه اجحاف واضح في عدم اقرار حقوقهم الدينية والقومية بشكل واضح وحاسم، وكذلك اجحف بحقهم في اعتبارهم، مع المكونات الاثنية الغير عربية وكردية، من المكونات الثانوية حينما يؤكد على ان الشعب العراقي يتكون من القوميتين الرئيسيتين العربية والكردية.
الاخوات والاخوة الاعزاء
دعوني ان اتناول وضعنا المسيحي من زاوية نظر اخرى، وان اعكس لكم تجربتنا المريرة وباختصار:
أننا كشعب مسيحي (كلدان اشوريين سريان) لم نكن بمستوى التطورات والاحداث، لم نفلح في جمع قوانا وطاقاتنا، ولم ترتقي حركتنا السياسية ومؤسساتنا الدينية وغيرها لمستوى التحديات. لقد جرى، للاسف، تغليب الاشكالات الثانوية على القضية الرئيسية، والتي تتجسد في الدفاع عن وجودنا والتشبث بارضنا ووطننا وبالمطالبة الجريئة والشجاعة بكامل حقوقنا القومية والدينية المشروعة كشعب حي. لقد جرى تجزأة قضيتنا، وتم اختزالها بتحقيق مصالح ومنافع آنية وحزبية او حقائب وزارية فارغة ومقاعد برلمانية شكلية.
نعم كان على شعبنا ان يتهيأ، كان على كل قواه ان تتحاور، ان تتعاون وصولا الى توحيد الخطاب والاتفاق على مشروع صياغة كامل حقوقنا المشروعة دون خوف او تردد. ويؤسفني اليوم، رغم تشكيل تجمع للكثير من تنظيمات شعبنا القومية في الفترة الاخيرة، أن اعيد القول، بان شعبنا وأغلب قواه السياسية ومؤسساته الدينية ونخبه، ليست واعية تماما للمخاطر التي تحيق بشعبنا، وانها لاتزال بعيدة عن ادراك وقراءة الواقع كما هو، وهي ليست على مستوى مسؤولية توحيد كل الطاقات والجهود ووضع مصلحة الشعب فوق كل المصالح الانانية الاخرى.
طبعا ان كل ذلك أدى ويؤدي الى نتائج خطرة وقاتلة، أضعفت و تضعف الامل والثقة بالمستقبل، وهي تخلق روح انهزامية و تشجع الهجرة وترك الارض والوطن، وأدت وتؤدي الى صعود الانتهازية والنفعية الانانية والى الفساد والمساومة على حساب قضيتنا الاساسية.
بتقديري، من الهام جدا ان  يتعلم مسيحيو المشرق العربي من درسنا العراقي، ان يستخلصوا العبر من تجربتنا، وخاصة ابنائ شعبنا في سوريا. فلديهم متسع من الوقت لمراجعة الذات، وهناك مجال واسع للحوار والتفاهم وتنسيق المواقف، رغم الاختلافات، وعليهم تجميع كل طاقاتهم والعمل جميعا في خنق واحد، خندق مواجهة التحديات والمخاطر والمفاجئات. علينا جميعا ان ندرك أن المسيحيين في المشرق مهددون في وجودهم، وان قضيتهم في هذه المرحلة العصيبة لاتنحصر ابدا في مصالح هذا الحزب او ذاك، هذه الكنيسة او تلك. اننا جميعا، اما ان نواجه مصيرنا بأمل وشجاعة وكرجل واحد، أو أننا جميعا نخسر المعركة، معركة الحرية والوطن والكرامة، معركة ضمان مستقبل لابنائنا واحفادنا. 
الشعوب تصنع مستقبلها بنفسها، والمستقبل بالنسبة لنا نحن مسيحيي المشرق هو الايمان والثقة بالنفس، هو الانخراط في الحراك ضد الدكتاتورية والاستبداد ومن اجل التغيير، هو الاستعداد للتعاون والعمل معا ولتقديم التضحيات. فهل نحن شعب جدير بالمستقبل؟ هذا هو السؤال الذي علينا الاجابة عليه!

32
كنت في قلب الانفال – صور محفورة في الذاكرة

في ربيع عام 1988، ربيع الأنفال الدامي، كنت عضوا في قيادة قاطع اربيل لقوى الانصار الشيوعيين، وكنت في الوقت نفسه آمر فوج( 31 اذار) الذي كان يتألف من اربع سرايا، سرية الشهيد بكر تلاني، سرية كۆي، سرية بتوين وسرية خۆشناوتي. سرية الشهيد بكر تلاني كانت سريتي الاولى، حيث منذ تأسيسها طلبني الشهيد بكر تلاني الذي اصبح امر السرية ويساعده الرفيق جوامير ان اكون معهم كمستشار سيساسي للسرية. كان ذلك في ربيع عام1981. وفي هذه السرية، التي كانت تغطي مناطق عمل واسعة بين قضاء دوكان وقضاء كويسنجق وقضاء جمجمال ومدينة كركوك، أكتسبت انا الكثير من الخبرة والتجربة وفنون حرب العصابات وتخطيط وتنفيذ العمليات، والاهم من كل ذلك واصلت عملي السياسي بين الناس، بين فلاحي القرى الكرماء، وفي تماس يومي مع الاحداث في محافظات كركوك واربيل والسليمانية. قبل ذلك، كنت قد عملت في مناطق مختلفة، وبمهمات عديدة.
فبعد ان نجحت في الانفلات من مخالب مخابرات البعث، وثم خروجي من اربيل الى منطقة سهل كويسنجق في نهاية شباط 1979 ، عملت لاكثر من شهر مع المفرزة الاولى في المنطقة بقيادة الشهيد مام كاويس، الكادر الفلاحي من قرية پيربازۆك في سهل كويسنجق، و كان الاكثرية في المفرزة غير مسلحين. وبعد ان كبرت المفرزة وزاد عددها عن 30 من البيشمركه، تحركت انا مع المجموعة الاولى التي انطلقت من سهل كوي الى منطقة ناوزه‌نك على الحدود الايرانية، حيث كانت اول قاعة للانصار الشيوعيين في طور التاسيس. وهناك في ناوزه‌نك ثم قرب قرية توژه‌له شكلنا ضمن التشكيلات الاولى فصيل المدفعية، وكنت انا المسؤول السياسي في الفصيل. وفي ناوزه‌نك عملت لفترة قصيرة ومؤقتة في اذاعة الاتحاد الوطني الكردستاني بتكليف من الحزب وكتعاون اعلامي بيننا وبينهم، وفي تلك الفترة جلست للمرة الاولى في لقاء حول تطوير ألاعلام مع سكرتير الاتحاد الوطني الكوردستاني رئيس جمهورية العراق جلال الطالباني. وبعد فترة قصيرة شاركت في اول مهمة قتالية مع مجموعة بقيادة القائد الانصاري البارز توما توماس والذي كان المسؤول العسكري للقاعدة الانصارية الاولى. وفي ربيع عام 1980 كنت المسؤول السياسي لمفرزة قتالية نزلت الى منطقة كۆي واربيل. وبعد ذلك كنت في قيادة مفرزة تحركت من منطقة ناوزه‌نك واخترقت الاراضي الايرانية ثم الدخول في الاراضي التركية سيرا لعشرة ايام للوصول الى اول قاعدة لنا في منطقة بهدينان القريبة من الحدود التركية السورية، مهمة المفرزة كانت نقل اول جهاز ا‌ذاعة، من قاعدة بهدينان الى منطقة ناوزه‌نك. وحينما طلبني الانصار والرفيق بكر تلاني لاكون المسؤول السياسي للسرية الجديدة والتي سميت انذاك بسرية (شوان)، كنت اعمل في الاذاعة والتي كانت تبث من منطقة قريبة من الحدود الايرانية في محافظة السليمانية.
كان ذلك في نيسان عام 1981 ، حيث نزلنا كسرية متكاملة الى منطقة سهلية نسبيا، منطقة محصورة بمدن واقضية ونواحي تابعة لمحافظات اربيل، كركوك والسليمانية. وفي تلك الفترة كانت القوات العسكرية للنظام المتجحفلة في اطراف المدن تمشط المنطقة باستمرار، وكانت تعتمد على شبكة من العملاء السريين والخلايا المرتبطة بالبعث والمخابرات، لمتابعة تحرك مفارز الانصار (في تلك الفترة كان هناك بالاضافة الى سريتنا في المنطقة وحدة من قوات البيشمه ركه من الاتحاد الوطني الكردستاني) ونصب الكمائن والاغارة المفاجئة على القرى، بالاضافة الى الحرب النفسية وبث الدعايات وتسريب الاخبار الكاذبة وترويع اهالي القرى المتعاونين مع الانصار. في هذه المنطقة، ومن خلال المواجهة اليومية، ومن خلال الاعتماد على خبرة ودراية الرفاق الجيدة بالمنطقة وخاصة الرفيق جوامير والرفيق بكر تلاني، طورنا اساليب عملنا الانصاري ونفذنا العديد من المهمات والعمليات العسكرية وكسبنا جماهير واسعة وكسرنا حاجز الخوف من العدو وطهرنا المنطقة من ركائز وعملاء البعث، فنمت السرية والتحق بها المزيد من الانصار الشباب من قرى المنطقة ومن مدينة كركوك. وخلال سنة واحدة اصبحت السرية جزءا من واقع المنطقة واصبحت معروفة جيدا وهدفا مهما للعدو. وبالنسبة لي كانت تلك السنة اختبارا حقيقيا، اكتسبت فيها تجربة وخبرة قيادية في تحمل المسؤولية والتخطيط للنشاطات والعمليات الانصارية، والاهم من ذلك كسبت ليس فقط ثقة الانصار في السرية بل وثقة الجماهير في المنطقة، واستطعنا بالتعاون مع الكادر الحزبي الشاب في المنطقة وبمساعدة جريئة من شباب القرى وعدد من المعلمين والمعلمات في مدارس بعض القرى، ان نمد نشاطنا وعلاقاتنا الى داخل المدن، والمساعدة في ايصال البريد وادبيات الحزب حتى الى بغداد وغيرها من المدن الجنوبية، واصبح لنا مصادر تمدنا بالاخبار والتقارير عن تحرك قوات العدو وتزودنا بالكتب والادوية وغيرها من المستلزمات الضرورية.
في الفترة بين ربيع عام 1981 وربيع 1988 شهدت الاوضاع في العراق ومسارات الحرب العراقية الايرانية تحولات وتغيرات دراماتيكية، كما شهدت الحركة الانصارية بشكل عام وانصار الحزب الشيوعي بشكل خاص تغييرات وتطورات كبيرة وواسعة جدا. انا واكبت كل تلك التطورات وبقيت طوال تلك السنوات في خطوط المواجهة مع العدو، وسط الجماهير. لقد توسعت تشكيلاتنا وشكلنا العديد من افواج وسرايا جديدة والتي توزعت في ثلاث قواطع – السليمانية، اربيل وقاطع بهدينان. ومع تشكيل فوج 31 اذار كنت انا في قيادته كمسؤول سياسي. وبعدها اصبحت انا امر للفوج وعضو في قيادة قاطع اربيل، وطوال تلك االسنوات بقيت متواجدا في العمق مع السرايا الاربعة في الفوج.
بدأت المرحلة الاولى للانفال مع انتهاء الحرب العراقية الايرانية وتفرغ فيالق الجيش العراقي وقوات الحرس الجمهوري وغيرها من التشكيلات العسكرية. في اواخر شباط 1988 بدأت عملية اجتياح وحرق وتدمير المئات من القرى في مناطق قرداغ وكرميان وليلان وقادركه‌رم وصولا الى طريق كركوك – قره‌هنجير- جمجمال – السليمانية، وبعد قتل الالاف من المواطنين الابرياء ونقل الالاف من الاطفال والنساء والشباب الى مصير مجهول، ارتفعت سحب الدخان مشبعة برائحة الموت ودماء الابرياء لتغطي سماء المنطقة، وبعد تنفيذ تلك الجرائم البشعة بدم بارد، وبمشاركة واسعة من فيالق وفرق عسكرية مدججة بالسلاح تساندها عشرات الالاف من قوات الجحوش المرتزقة من الاكراد الخونة للوطن والشعب، والذين يعيش اليوم عدد كبير منهم احرارا معززين مكرمين في اقليم كوردستان، ولبعض منهم مواقع في السلطة ينهبون من ثروات الشعب. بعد الانتهاء من تلك المرحلة تجحفلت كل تلك القوات على اطراف المنطقة الواسعة الممتدة من كركوك الى اربيل شمالا والى السليمانية شرقا. كما ان عشرات القطعات العسكرية تأهبت في اطراف كۆيسنجق واربيل ودوكان والموصل لتدشن مرحلة دمار وانفال جديدة. في تلك الايام كانت اغلب قوات الانصار التابعة للحزب الشيوعي والاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني قد عبرت من مناطق كرميان وقه‌ره‌داغ وهه‌ورامان الى مناطق اخرى، قسم كبير منها كانت قد توجهت الى المناطق الحدودية، وكانت ثمة مفارز صغيرة متفرقة لهذه القوى قد بقيت في المنطقة المأنفلة. قيادة قاطع السليمانية للحزب الشيوعي مع بعض تشكيلات القاطع وصلت الى منطقة شوان وقلاسێوكه وشرق وغرب كۆيسنجق واطراف اربيل. وكنت انا في تلك الفترة متواجدا في منطقة غرب كۆيسنجق والتقيت هناك برفاق من قيادة قاطع السليمانية، وكونت صورة اوضح عن حجم الدمار والمأساة وطبيعة الحملة الفاشية التي ينفذها النظام. وهناك قررت ان اكون مع الانصار والناس، فعبرت مع عدد من الانصار الى منطقة قه‌لاسێوكه‌ حيث كانت سرية الشهيد بكر تلاني. عندما وصلت الى السرية، كان الفلاحون وعوائلهم في قرى المنطقة يعيشون رعبا حقيقيا وانتظارا أثقل من الموت. ففي هذه المنطقة كان نظام البعث الفاشي قد جرب، قبل أسابيع، اسلحته الكيمياوية في قرية گۆپته‌په‌ ليخنق ويقتل من ابنائها المئات. كل شيْ كان يشير الى ان جحافل المجرمين قادمة، قادمة ليهتكوا الاعراض وليذلوا الناس وليقتلوا ويحرقوا ويدمروا كل شيْ له صلة بالحياة. كانت الاجواء في تلك الايام مشحونة بالالم واليأس والمرارات. القلة من الناس الذين كانوا قد نجوا من انفال المرحلة الاولى كانوا يتحدثون عن بربرية ووحشية قوات النظام وعن مآسي وويلات الناس العزل بشكل لايمكن وصفه. ولذلك كانوا يتوسلون ويدعون الناس الى الهروب والبحث عن الخلاص وانقاذ الاطفال والنساء. المئات من شباب المنطقة كانوا مجتمعين في القرى القريبة من انصارنا يتحدثون عن كيفية مواجهة هذه الحملة الرهيبة، مبدين استعدادهم للموت مع الانصار، رغم قناعة الجميع بعدم جدوى المواجهة والتصدي لمئات الالاف من القوات المنتشية بانتهاء حربها مع ايران وانتصارها على المواطنين العزل، والمعززة بالسلاح الكيمياوي والالاف من الطائرات والدبابات والمدرعات والمدفعية.
وكسباق مع الزمن، حاولنا اقناع الناس كسب الوقت، والتوجه بسرعة الى المناطق المحيطة بدوكان والعبور عبر منطقة خۆشناوه‌تي الى دۆلي باليسان وثم التوجه الى المناطق الحدودية. الناس اللذين كانوا على يقين بان الموت والدمار قادم لامحالة، كانوا مترددين ، كان عصيا عليهم ترك كل ما يجسد وجودهم ومستقبلهم ومعنى حياتهم والهروب الى مجهول. كانت الامهات متشبثات بالاطفال تجمدت في عيونهن دموع تحولت الى فزع. كل شيْ كان يبدو خاويا، ثقيلا، مظلما، يشبه مشهدا من مشاهد زحف الموت والظلام لخنق الحياة والامل. 
جمعنا قوات تشكيلات قاطع السليمانية التي كانت في المنطقة وكان علينا التهيئة للخطوة القادمة. وفي اليوم الذي تبينت بوادر البدأ بالمرحلة الجديدة للانفال، قررنا مع الرفيق جوامير امر سرية الشهيد بكر تلاني ومع الرفيقين على زنكنه امر فوج والشهيد البطل ابويسار امر سرية من قاطع السليمانية، التهيئة للمواجهة اذا ما تقدمت قوات العدو ووصلت الى اطراف قرية جه‌له‌مۆرد والمنطقة التي تمركزنا فيها. وقررنا ان نتحرك ليلا، في حالة عدم وقوع المواجهة، والتخطيط لاختراق كمائن وربايا وقوات العدو المنتشرة في كل مكان والعبورالى العمق، الى المنطقة التي كانت قد تحولت الى حرائق ورماد، منطقة كرميان التي كانت مأنفلة.
في النهار سارت الامور ببطأ، تصاعد الدخان من كل الجهات، وكان يمكن رصد تحرك جحافل العدو وهو يدمر كل شيْ، وفي السماء كنت تحلق العشرات من السمتيات بصواريخها المرعبة للناس الابرياء بعد معايشة اثار الاختناق والاحتراق بالغازات السامة.  وفي المساء ونحن نستعد للتحرك تجمع العشرات من الشباب من قرى المنطقة وقرروا ان ينضموا الينا وان يعبروا معنا، وبذلك تعقد علينا الامر واصبح اكثر صعوبة وخطورة، ناهيك عن حجم المسؤولية في الحفاظ على ارواح هؤلاء المواطنين في ظروف قاهرة. كما وتجمع معنا العشرات من انصار الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني المنقطعين عن تشكيلاتهم أوالمتواجدين في اجازة او في مهمات خاصة. وهكذا كان علينا في ذلك المساء ان نخطط لعبور مجموعة كبيرة بلغت الثلاثة مائة من الانصار والفلاحين من منطقة محاصرة تماما الى منطقة محروقة ومدمرة لا اثر فيها للحياة. ان ما لن انساه، ابدا، هو الحوار الذي دار بيني وبين الرفيق جوامير حول نسبة نجاحنا في العبور وتحمل مسؤولية سلامة الفلاحين، حيث قال جوامير: الامرلم يعد يتعلق بارواحنا واستعدادنا لمواجهة العدو، نحن امام مسؤولية كبيرة، وقد لايكفي للحفاظ على ارواح الناس ان نموت في المواجهة التي تعودنا عليها. ولكننا وفي اخر المطاف كنا متفقين بانه لم يكن لنا بديل ثاني. اما ان نعبر ونتحمل كل ما يمكن ان يحدث، او ان نبقى في المنطقة لنواجه كل هذه القوات في وضح النهار في معركة خاسرة معروفة النتائج. 
وضعنا خطة للعبور، اخترنا قوة اقتحام تقدمت المجموعة، وسارت المجموعة بانضباط عالي وبدراية جيدة بعد تحديد منفذ بين ربيتين على الطريق الرئيسي بين كركوك وجمجمال. ان ما لاحظناه، فيما بعد ونحن نتقدم للعبور، بأن الربايا والمعسكرات ونقاط تجمع القوات المنتشرة في المنطقة كانت في أسترخاء وراحة، وهي مطمئنة جدا من عدم بقاء مفارز انصار في المنطقة، ولذلك لم يكن لديها كمائن على الطريق وحتى الحراسات في الربايا لم تكن مشددة. وفي الوقت نفسه كانت افواج وسرايا الجحوش تعيش حالة نفسية معقدة، اذ ان الالاف من الجحوش، ابناء المدن والقرى والهاربين من العسكرية، كانوا قد اصيبوا بالهلع والصدمة من حجم الجرائم والدمار الذي عايشوه وشاهدوه واجبروا لكي يكونوا جزءا من اداة تنفيذه. ولذلك فان رباياهم، والتي ربما شاهدت قوتنا من بعيد، لم تحرك ساكن ولم تحاول اعتراضنا. وهكذا كان عبورنا ناجحا وبأمان ومن دون اي مواجهة او خسارة.
المشكلة الاكبر كانت في كيفية تنظيم تواجدنا في منطقة لاتزال تحترق، لاوجود فيها للحياة. بالكاد كان المرء يجد اثار بيوتات القرى التي كانت قد سويت مع الارض بالشفلات، وحتى عيون المياه كانت قد دمرت وفجرت. بعض الكلاب السائبة التي رأيناها تسير تائهة، كانت هي الاخرى مصابة بالهلع، كانت هزيلة ولاتقوى حتى على الركض او ابداء رد فعل على مرورنا وتواجدنا بقربها. شاهدنا على اطراف بقايا احدى القرى نعجة تائهة تركض من دون هدف وكانها اصيبت بالجنون خائفة حتى من ضلها. المنظر الاشد ألما وتعبيرا عن اثار تلك الجرائم البشعة كان في مشاهدة قطع ملونة لملابس الاطفال والنساء، او بقاياها، التي كانت تتطاير في فضاء من الصمت الثقيل كالرصاص، تتلاعب بها الرياح. بالنسبة لي كنت اشعر، وانا اشاهد ذلك المنظر البشع، بان الارواح البريئة للضحايا، من الاطفال والنساء والشيوخ، تطيرهي الاخرى محلقة في السماء، ترفض ان تكون بعيدة عن اجسادها وعن بيوتاتها وقراها.
في اليوم الاول من تواجدنا في المنطقة، قررنا الاستفادة من دراية انصارنا من المنطقة لتوزيع قواتنا لكي تنتشر وتناور وتختفي. وللحصول على الارزاق وما يمكن الاعتماد عليه لتوفير الحد الادنى من ما يمكن ان ينقذنا من الجوع، حاولنا البحث عن الاماكن والحفر التي كان اهالي المنطقة قد رتبها لخزن بعض الدقيق والدهن والملح والسكر والشاي، فالناس في القرى كانوا قد اتخذوا بعض الاحتياطات لمواجهة هجوم جحافل النظام، ولكنهم، الناس الابرياء لم يكن في خلدهم ان الهجوم سيكون على شكل انفال ليحرق الاخضر واليابس ويقضي على كل تجليات الحياة. كما وفي الايام الاولى حاول الكثيرون من اهالي المدن التوجه سرا الى المنطقة، لانقاذ المدنيين الذين كانوا معنا، ولمد يد العون للانصار، فمن خلالهم تمكنا الحصول على الاخبار والمعلومات والكثير من مستلزمات الحياة.
واحدة من مصادر القلق والخوف لقواتنا في تلك الايام كان انهيار بعض العناصر من البيشمه ركه، في صفوف قوتنا كان الامر محدودا جدا، ولقد تم ترتيب وضع عدد محدود من العناصر التي كان من الصعب ان تستمر معنا بما يضمن سلامتهم وسلامتنا ومن دون أن يقعوا في ايدي المخابرات. اما في صفوف قوات الاتحاد الوطني الكردستاني وقوات الحزب الديمقراطي الكردستاني، شكلت عملية تسليم العناصر نفسها للسلطة اشبه بالظاهرة، ترتب عليها خسائر فادحة، وخيانات، وضعف في المعنويات وتزعزع الثقة. وفي تلك الايام قررنا نحن ان نحاول الابتعاد قدر الامكان عن اي تماس مع اي مفرزة لاي قوة اخرى غير مفارزنا. ورغم الحذر الشديد، وقع رفيقنا الشهيد ابو يسار، ابن البصرة، والذي بقي قائدا انصاريا مقداما لعشر سنوات في كردستان، تعلم الكوردية وتأقلم مع اجواء وثقافة اهالي القرى، واكتسب الحب والتقدير والثقة، وقع هو ومجموعة من الانصار الابطال معه، ضحية خيانة مجموعة من پێشمه رگه الاتحاد الوطني الكوردستاني في المنطقة
انا مع سرية الشهيد بكر تلاني بقينا اسبوعين في المنطقة، وبعد ان علمنا ان جحافل النظام كانت قد انهت انفلة منطقة عمل السرية، وهي تستعد من اطراف المدن بدأ مرحلة انفال جديدة، قررنا العبور الى منطقة شوان وقه‌لاسێوكه. هذه المنطقة العامرة والمعروفة بخصب اراضيها ومزارع الفواكه المنتشرة فيها والحيوانات والمراعي والقرى الكبيرة، كانت قد تحولت الى خراب كامل، ورائحة احتراق ؛كل معالم الحياة كانت تخنق الانفاس.
عند عبورنا تخوم قرية جه‌له‌مۆرد، تذكرت الشاب اليافع، الوسيم، الحالم، الشجاع، غني. كنت قد التقيت غني في السنة الاولى من تواجدي في المنطقة وهو في الرابعة عشر من عمره، تعلق بي غني كصديق وكأخ وخاصة حينما اخبرته بانني كنت مدرسا قبل ان اكون پێشمه‌رگه‌، كان تواقا للمعرفة وكثير التساؤل، شجعته على مواصلة الدراسة، وفعلا ارسلته عائلته ليدرس في كركوك عند بعض الاقارب. اكمل غني دراسته المتوسطة وبدأ دراسته الثانوية ،وكان سعيدا ومتفائلا وقد اصبح شابا خفيف الظل ولطيف المعشر. كان غني معنا في اليوم الذي تركنا جه‌له‌مۆرد مع بدأ الانفال. كان قلقا على اهله، ولكنه استجاب الى ندائهم لكي يبقى معنا عسى ان يكون في امان. لقد بقي غني معنا لعدة ايام في منطقة گه‌رميان، ولكنه طلب مني بالحاح ان يذهب للبحث عن اهله، وكان قد اتفق مع صديق له للعبور الى منطقتهم. حذرته من العجلة والمجازفة. ولكنه لم يتحمل ولم يكن بامكانه ان ينتظر. لقد تركنا غني في مساء احد الايام مع صديقه. الصدمة بالنسبة لي كانت هائلة حينما علمت، بعد فترة، بان غني كان قد قتل بشكل فضيع من قبل اوباش النظام حيث اسروه حيا ثم رموه من علو شاهق من احدى السمتيات. كان غني قد حصل على بعض المعلومات عن اهله، وعلم بان الاكثرية ممنهم، وخاصة الاطفال والنساء، قد رحلوا الى الجنوب، وبعد ذلك كان قد قرر ان يبقى في محيط قريته في المنطقة مختفيا عن انظار قوات النظام المنتشرة في كل مكان. وفي احدى الايام كشف مكان اختفائهم وتم اسرهم وقتلهم جميعا.
فی غرب کۆیسنجق التقينا بسرايانا من الفوج الخامس في قاطع اربيل، وتم بعد التشاور، عبور كل قواتنا الى منطقة خۆشناوه‌تي حيث كان مقر قاطعنا في دۆلي باليسان.
في دولي باليسان، كنت انسق كعضو قاطع اربيل مع قيادة مه‌لبه‌ند اربيل للاتحاد الوطني الكوردستاني بقيادة كوسرت رسول ومع قوات فرع اربيل للحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة نادر هورامي. بقيت قواتنا متعاونة في المنطقة، وقررنا ان ننسحب بشكل منظم ومعا نحو الحدود الى منطقة بۆلي مع بدأ الهجوم الكبير في مرحلة الانفال الاخيرة على المنطقة. عند انسحابنا توضح بان جحافل النظام كانت قد احتلت معابر بۆلي، واصبح عبور قواتنا من القاطع وقوة الحزب الديمقراطي الكوردستاني من منطقة دۆله ‌ره‌ قه غير ممكنة. في دۆله ره‌قه اضطرينا الى ارسال مفرزة الى الداخل في ظروف قاسية وصعبة للغاية، وذلك للتقليل من ثقل وكثافة وجودنا محصورين في المنطقة، كما ان تنظيمات الداخل، وبمساعدة من مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني التي كانت متواجدة في الوادي، افلحوا بتنظيم دخول مجموعة من الكادر الى اربيل ونقلهم من هناك بامان الى الحدود. وبعد ثلاثة اسابيع من البقاء محصورين في الوادي، استطعنا بالاتفاق مع مجموعة من الجحوش مقابل مبالغ مالية مغرية، العبور من جبل كێوه ره ش الى سهل بشدر والى مجمع ژاراوا، هناك اختفينا نهارا كاملا في بيوت الجحوش، وسط قوات عسكرية كبيرة محيطة بالمجمع من كل الجهات. في الليل خرجنا لنعبر الى الحدود. حينما وصلنا الى احدى مقراتنا التي كان قد نظم من قبل قوات قاطع السليمانية المنسحبة قبلنا، علمنا بان عمليات الانفال طالت كل المناطق، وسمعنا اخبار الجرائم الكبيرة المرتكبة في منطقة بهدينان، كما علمنا بوصول مجموعة من انصارنا من قاطع اربيل الذين كانوا قد وقعوا ايضا بين قوات الانفال في المنطقة الى الحدود.
وفي الربيع من كل عام تجتاحني ذكريات من ايام الموت والدمار واعيش مع صورالجريمة البربرية وما سببته من موت ودمار وخراب وهلع وخوف. وستبقى صور تشبث الناس الابرياء الطيبين بارضها وبحياتها حية ومحفورة في الذاكرة.
ان اشد ما يؤلمني وانا استعيد ذكريات تلك الايام العصيبة هو معرفتي بان عدد كبير من القادة والمشتركين بوعي ونشاط في تنفيذ تلك الجرائم البشعة يعيشون مرفهين احرار في حماية سلطات العراق والاقليم، في الوقت الذي يعاني فيه اطفال الكثير من العوائل المؤنفلة من الفقر والتخلف والحرمان، وفي الوقت الذي يعيش الكثير من الانصار والپێشمه ركه الذين افنوا اجمل سنوات شبابهم في مواجهة النظام الفاشي واجهزته وجحوشه مدافعين عن شعبهم في اوضاع  معيشية ونفسية مزرية وهم يرون ان من كان بعثيا ومع النظام ومن خدم الفاشية مفضل عليهم، لابل ان لقسم منهم مواقع حساسة في السلطة يستمرون من خلالها اهانة الناس وخرق القانون واشاعة الفوضى وبعث الفساد وعرقلة تطوير البلد.

33
في السليمانية حملة تستحق الدعم والتقدير

سامي المالح

من المقرر ان يجري  اليوم الاربعاء 28 من اذار الجاري، في السليمانية، الاعلان في مؤتمر صحفي عن بدأ حملة وطنية ل " تحويل القراءة الى ثقافة ". المبادر لهذه الحملة هو المقهى الثقافي في السليمانية. وسيدير الحملة وفقا لما نشر في موقع آوينه الالكتروني في 26 اذار، المقهى الثقافي بالتعاون مع لجنة استشارية تتكون من شيرزاد حسن، بهار مونذر/ كوران بابا علي و هورمان وريا قانع. ومن المقرر ان تستمر الحملة التي سيشارك فيها المثقفين والفنانين والكتاب والادباء و الاعلاميين وناشطين لمدة مائة يوم تنظم وتنفذ خلالها فعاليات ونشاطات ثقافية وفنية متنوعة: مكتبة متجولة، سيمنارات، تعريف بالكتاب والادباء وعرض ومناقشة نتاجات وابداعات فنية وادبية جديدة.
تشكل القراءة جزءا هاما من ثقافة الشعوب المتحضرة يمارسها الملايين يوميا،  في المكتبات والمدارس والمعامل والساحات والمترو والباصات وفي الطائرات وعلى السواحل وفي كل مكان، وثقافة القراءة هي واحدة من بين ما يميز البلدان المتطورة والمستقرة والديمقراطية عن البلدان الفقيرة والمتخلفة والغير مستقرة والغير ديمقراطية. لقد بذلت الدول المتقدمة جهودا كبيرة للقضاء على الامية كليا، وتركز الانظمة التعليمية والتربوية بشكل خاص على تطوير قابليات الاطفال على القراءة وفهم النصوص ومناقشة انتقادية لمحتواها، وتعتبر الامكانية على القراءة والكتابة مفتاحا لتطور الفرد وأداته التي تؤهله لتعميق معارفه والحصول على التعليم اللازم وعلى المعلومات عن كل ما يدور حوله ويؤثر على حياته وحياة المجتمع الذي يعيش فيه، الامر الذي يعطيه امكانية للتفكيرالانتقادي ولاتخاذ المواقف والاختيار الحر والمستقل وتحمل المسؤولية والعمل والابداع. ففي السويد حيث عدد السكان يبلغ تسعة ملايين نسمة، بلغ عدد الكتب التي اشتراها الناس في عام 2010 اكثر من 18 مليون كتاب، هذا رغم توفر الكومبيوتر والانترنيت في كل بيت وكل اماكن العمل والتجمع  واللهو اضافة الى أنتشار استخدام الآي فون والآي باد وصدور المئات من الصحف والمجلات والدوريات والدراسات والبحوث العلمية.
ان واحدة من المشاكل البنيوية الاساسية في مجتمعاتنا، ومنها مجتمع كردستان، هو نسبة الامية المرتفعة ومايصاحبها من أمية معرفية. ومن المعروف ايضا ان نسبة عالية من الاطفال يتركون مقاعد الدراسة قبل انهاء المرحلة الابتدائية، وهؤلاء، يتحولون الى اشباه اميين، بعد ان تلتهم هموم وتعقيدات ومصاعب ومصائب الحياة طفولتهم البريئة واخلامهم ومستقبلهم. ولابد لنا ونحن نعيش اجواء تفشي الفساد وروح الاستهلاك والتبذير والحصول السريع على المال وتدهور القيم وعدم الاعتزاز بالعمل والانتاج والابداع ، ان نعي، ان قلة القراءة، وعدم الاهتمام بالكتاب و المطبوعات وبمصادر المعرفة والجمال والابداع الاخرى، انما يعكس مستوى تطور مجتمعنا، ومحدودية امكاناتنا على مواجهة تحديات العصر وحل مشاكل مجتمعاتنا والتخطيط الهادف الاستراتيجي ومواكبة التطورات السريعة في كل مجالات الحياة.
ان مبادرة المقهى الثقافي في السليمانية لتشجيع الناس على القراءة، والدعاية للكتاب وغيره من مصادر المتعة والمعرفة والمعلومة والابداعات الادبية، هي مبادرة تستحق كل الدعم والتقدير، وتستحق ان ينخرط في انجاحها كل مثقف ومتعلم وفنان واديب وكاتب واعلامي وسياسي وطلاب الجامعات، اضافة الى كل المؤسسات الثقافية والتربوية والاعلامية في كل كردستان. فهذه الحملة ستثير المواطن الفرد، والمجتمع، وتسلط الاضواء والاهتمام على ضرورة ممارسة عادة، ثقافة، متعة، ذات تأثير كبير على تشكل الشخصية وتوسيع افاق تطورها، وتساعدها التمسك بالقيم الانسانية العالية وبجمالية المحيط والبيئة وجدوى العمل اليومي ومواجهة الحياة بأمل وتفاؤل. 
وفي الحقيقة هناك العشرات من الفعاليات والنشاطات التي يمكن للكثيرون في المجتمع الكردستاني تنظيمها لانجاح هذه الحملة الوطنية. واليكم بعض المقترحات:
-   ليعلن اصحاب المكتبات حملة خصم في اسعار الكتب وخاصة كتب الاطفال، وخصم خاص بالشباب.
-   ليخصص كل قناة تلفزيون ساعة في الاسبوع خلال مدة الحملة لمناقشة اهمية القراءة وفائدة الكتاب ومناقشة سبل القضاء على الامية وتقدير المساهمين في الحملة وتقديم النتاجات والابداعات الجديدة.
-   ليبادر المترجمين الى ترجمة كتاب من لغة اجنبية الى الكردية او العربية او التركمانية او السريانية وهي اللغات المتداولة في تكوين كردستان.
-   لتبادر وزارة التربية وليتعاون معها مدراء المدارس في عموم كوردستان، لتوفير الكتب الادبية والعلمية وتنظيم مكتبة في كل مدرسة، ولتشجيع الطلاب على القراءة، بتخصيص نصف ساعة او ساعة للقراءة في الاسبوع للجميع في الصف بهدوء بما فيهم المعلمين.
-   لتساند وزارة الثقافة هذه الحملة وتوفر للمشرفين عليها مستلزمات الاستمرارية والنجاح.
-   ليجري تطوير وتوسيع المكتبات العامة في المدن والقصبات، ولتنظم المكتبات فعاليات تجذب المواطن وتثير فيه حب الاستطلاع والقراءة وتوسيع المعارف والمدارك.
نشد على يد المبادرين لهذه الحملة الوطنية، وهي حملة ذات اهمية كبيرة، ستساهم حتما في تحويل القراءة الى ظاهرة والى جزء من الثقافة، وهي بذلك تساهم في تطوير وعي الفرد وقيمه الجمالية ومعارفه وتؤدي بالنهاية الى تطوير المجتمع و والقيم الانسانية  والاستقرار.
ودعما لهذه الحملة سينشر موقعنا عنكاوا كوم المزيد من الكتب الكترونيا، وسينظم فعاليات اخرى تشجع الكتاب والادباء والفنانين، وسيفتح بابا للمناقشة والحوار حول اهمية القراءة وخطورة الامية وحرمان الاطفال من امكانات تطوير قابلياتهم على القراءة والكتابة، وسنتواصل مع المشرفين على الحملة في السليمانية لدعم جهودهم بما يتوفر للموقع من أمكانات.

 

34
السيد نيچرڤان برزاني وآفاق ‌‌أقليم كوردستان العراق
سامي المالح
رئيس الجمعية السويدية العراقية 
                                 
ما ان رشح الحزب الديمقراطي الكوردستاني نائب رئيس الحزب السيد نيچرڤان بارزاني لتشكيل حكومة الكابينة السابعة في الاقليم، وجه يوم الاثنين 23 كانون الثاني الماضي رسالة مكثفة الى جماهير الشعب والى كل القوى السياسية في الاقليم، حدد فيها جملة من القضايا الهامة والمفصلية كأولويات لمواجهة التحديات، كما أكد في مضمون الرسالة على أسس مهمة ترسم نهج عمل حكومته من اجل تطوير الاقليم وخدمة ابناء شعب كوردستان.
ان المبادرة في التوجه للشعب وللقوى السياسية، بما فيها قوى المعارضة، من البداية، انما يعبر عن الشعور العالي بالمسؤولية، وادراك لحجم الملفات الساخنة ولخطورة التحديات التي تواجه الاقليم، حكومة وشعبا. فالسيد نيچرڤان برزاني الذي ترأس حكومة الاقليم لمرتين سابقا، يدرك جيدا بأن الاوضاع المحيطة بالاقليم في هذه المرحلة تختلف كليا عما كانت عليه قبل اعوام، وان احداثا وتطورات دراماتيكية تجتاح المنطقة بأسرها، كل ذلك في ظل ازمة اقتصادية عالمية تترك اثارها على سياسات ومواقف وتحالفات الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوربي والصين وروسيا وغيرها من البلدان.
ومن خلال قراءة متأنية وعميقة لرسالة السيد نيچرڤان بارزاني، ومن ثم متابعة نشاطاته ولقاءاته مع القوى السياسية المختلفة، يبدو  جليا من انه يسعى لتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تعكس الواقع السياسي الجديد في الاقليم، لكي تكون على حد قوله، حكومة تلبي حاجات الشعب وتوفر له حياة افضل وتواصل تطوير الاقليم نحو المزيد من الاستقرار والديمقراطية. وفي مسعاه هذا يؤكد السيد نيچرڤان، قبل كل شيْ، على الحوار والاستماع الى الجميع، ليس من الحلفاء فحسب بل ومن المعارضة ايضا، والتي يصف وجودها وادائها، سواء شاركت في الحكومة او لم تفعل، بهام وضروري لنجاح عمل الحكومة وتطوير العملية الديمقراطية في الاقليم. أن السيد نيچرڤان بارزاني بمبادراته ومواقفه هذه، انما يضع جزء من مسؤولية تطويرالاقليم على عاتق المعارضة، حيث يمد لها الايدي لكي تكون شريكا ويدعوها ان تلعب دورها في مراقبة الحكومة وتقديم السياسات البديلة وعدم الاكتفاء بدور المعارض السلبي.
ان السيد نيچرڤان برزاني، في معرض تقييمه لمسيرة الاقليم منذ بداية التسعينات وما انجزته حكومته في الكابينة الخامسة وحكومة السيد برهم صالح في الكابينة السادسة على كل المستويات، لا يتردد في الاقرار بوجود نواقص واخطاء والتي لابد منها، الامر الذي يدل على الجدية والمصداقية في مواجهة الجماهير وعلى الاصرار في التهيئة للتصدي لتلك النواقص وتجاوز الاخطاء.
يشكل السيد نيچرڤان برزاني حكومته في اجواء تأزم الوضع العراقي، وتراوح العلاقات بين بغداد والاقليم بأنتظار حل العديد من الملفات الهامة والمؤثرة على الاستقرار والتنمية وتطوير العملية الديمقراطية في الاقليم، وفي مرحلة تهب فيها رياح تغييرات الربيع العربي وتقاطع مصالح الدول الاقليمية المحيطة. اضافة الى ذلك تنتظرالحكومة مهمات كبيرة ومتعددة وتحديات داخلية لايمكن الاستهانة بها، في مرحلة يشهد فيها الاقليم تغييرا مستمرا في البنية الاقتصادية والاجتماعية والفكرية تنعكس، حتما، على الوضع السياسي وعلى حجم ومواقع ومواقف القوى السياسية المختلفة. ادناه، بتقديري، هي ابرز المهمات التي ستواجهها الحكومة الجديدة:
- أعادة ترتيب البيت الكوردستاني على اسس اكثر متانة وتفاعل وثقة وشفافية.
-  تحريرعمل الحكومة ومؤسسات الدولة من دائرة العمل الحزبي الضيقة.
-  تعزيز وتطويرالديمقراطية بالمزيد من الوعي والشعور بالمسؤولية وضمان حقوق المواطنة و المزيد من حرية الرأي والتعبير والاستقلالية للقضاء وللبرلمان ليتحمل مسؤوليته التشريعية والرقابية.
-  الاستجابة لمطالب الجماهير الملحة بالمزيد من العدالة وتوفير العمل والخدمات ومحاربة آفة الفساد المالي والاداري المستشرية.
-  تطويرالتربية والتعليم لرفع المستوى المعرفي للمواطن وتهيئة الكفاءات والقوى العاملة والمنتجة ولنشر وترسيخ قيم التعايش والتضامن وقبول الاخر والسلم الاجتماعي.
- التأسيس لنظام الضمان الاجتماعي وحماية الفقراء والمعوقين والعاطلين عن العمل وتوفير السكن والضمان الصحي.
- ضمان كامل الحقوق القومية والدينية الدستورية لكل مكونات الشعب الكوردستاني دون تمييز او تهميش.
من الهام بمكان، عند تحديد هذه الملفات المهمة، التشديد على أهمية فهم و أستيعاب جدلية العلاقة بين التأخر والانتظار في معالجة كل هذه الملفات والتلكؤ في مواجهة هذه المهمات وبين تراكم الاستياء والتذمر والسلبية والتشائم وتدهور القيم وانتشار الافكار الغيبية السلفية ونزعات التعصب والحقد وعدم قبول الاخر، التي تشكل بيئة وارضية خصبة لتوسع قاعدة ونفوذ القوى الدينية والتيارات المتطرفة، وبالتالي تهديد كامل تجربة الاقليم والتقهقرالى الوراء. أن ضمان مستقبل افضل للاقليم ولشعبه يكمن اولا واخيرا في المزيد من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتعزيز ثقة الناس بالحكومة وبالعملية السياسية وتغذية الامل بالمستقبل وبجدوى تحمل المسؤولية.
ان خبرة السيد نيچرڤان برزاني وتجربته الغزيرة في قيادة الحكومة في مراحل معقدة، ولا سيما تصدي حكومته في الكابينة الخامسة لمهمة توحيد الادارتين في الاقليم، وديناميكيته والكاريزما وعلاقاته الايجابية الواسعة داخليا وخارجيا ونزعته الى التفاهم والحوار والاستماع الى رأي النخب والمثقفين والمعارضة، تشكل بمجملها مستلزمات العمل القيادي وأدوات النجاح في أدارة الاقليم، تؤهله بلا شك، مع فريق عمل من كفاءات واختصاصات وتكنوقراط مهنيين مخلصين مترفعين على مصالحهم الشخصية والحزبية، تؤهله لكي يلعب دورا تاريخيا متميزا ولكي يسجل نقلة نوعية في تطورالاقليم، ستؤثر بفعالية وايجابية على العملية السياسية في العراق كله.
كما ان نجاح السيد نيچرڤان برزاني يتوقف ايضا، على مدى تعاون الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحليفه الاستراتيجي الاتحاد الوطني الكوردستاني، ومدى تفهم القيادات والكوادرلمنهجيته وبرامجه واساليب عمله. فالحزب يمكنه ان يكون قوة كبيرة وفاعلة لتنفيذ برامج الاصلاح والتنمية ومحاربة المحسوبية والفساد وأعطاء المثل الاعلى لتعزيز قيم النزاهة والاخلاص والتضامن وتفهم حاجات الناس والتعبير عن معاناتها وتطلعاتها، وان يكون بمعنى اخر، قاطرة لتنفيذ برنامج الحكومة. وبعكسه وفي حالة عدم تفهم الكادر الحزبي وانطلاقه من مصالحه وامتيازاته وتقوقعه بعيدا عن الناس، قد يصبح عائقا او ثقلا على الحكومة، يشل ادائها أو يجلب لها مشاكل وتعقيدات لامبرر لها.
ان كل القوى الكوردستانية، السياسية والاجتماعية، الحريصة على تطور الديمقراطية الفتية في الاقليم، والتي يهمهما ان تقطع الطريق على مفاجئات صعود قوى متشددة وسلفية بآليات الديمقراطية التي ضحى من اجلها الالاف، مطالبة بمساندة ومؤازرة برامج الحكومة الجديدة في الاقليم، والاستجابة لدعواتها للتعاون والتضامن وتحمل المسؤوليات في الدفاع عن مصالح الناس الاكثرية. وعليها المساهمة بتقديم المعالجات والمشاريع الاصلاحية الملائمة، وعدم التردد بتقييم اداء الحكومة وبالانتقاد الايجابي البناء، ووضع المصالح العليا فوق المصالح الحزبية والعشائرية والشخصية.
ان تطور وتقدم اقليم كوردستان، ونجاح حكومة السيد نيچرڤان بارزاني في اعمالها للعامين القادمين، يشكل ‌أهم الضمانات لحلحلة الاوضاع في عموم العراق، ويعد قوة مؤثرة لدفع العملية السياسية الى امام والتمسك بالخيار الديمقراطي مثلما يشكل قوة اساسية مانعة وكابحة لصعود الدكتاتورية.



35
[size=10pt]اعزائي المتحاورين
شكرا جزيلا على مداخلاتكم وارائكم. وشكرا لجميع الاخوات والاخوة الذين تناولوا، في مقالاتهم وتحليلاتهم وتصريحاتهم، احداث بادينان وعبروا عن شجبهم وادانتهم للاعمال الارهابية ووقفوا متضامنين مع شعبنا واليزيديون الاشقاء.
كما يتابع الجميع، فان الاوضاع السياسية في العراق تشهد تأزما خانقا، وتتصاعد حدة الصراعات بين الاطراف والتحالفات، وتنذر الامور بتدهور   الاوضاع الامنية والمزيد من الفوضى، لتستمر محنة المواطن العراقي، وتشتد بشكل خاص محنة الاقليات التي تكون، عادة، الخاسر الاكبر في اجواء الانفلات الامني والفوضى والاحتقان الطائفي والقومي والحزبي.
املنا ان يلقى القبض على المجرمين في بادينان بعد ظهور نتائج عمل اللجنة التي شكلها رئيس الاقليم السيد مسعود البارزاني، وان يجري تقديمهم للعدالة. ويحدونا الامل ان تتدارك كل القوى السياسية والاجتماعية في الاقليم المخاطر التي تهدد الامن والاستقرار، وان يجري التصدي، بكل الاساليب والوسائل، لكل الافكار والقيم والنشاطات التي تعادي التعايش والتعددية القومية والدينية والشراكة في الاقليم، وان يجري، على كل المستويات، حكومة وشعبا، العمل استراتيجيا لنشر ثقافة التسامح وقبول الاخر وترسيخ قيم الاخوة والتضامن والصدق والنزاهة، هذه الافكار والقيم التي هي الضمان الاكيد لتطور الشعوب وبناء الاوطان وترسيخ الديمقراطية والامن والاستقرار.
وشعبنا وقوانا السياسية ومؤسساتنا المختلفة مطالبة بالمزيد من االتقارب والحوار والتكاتف والعمل الموحد لمواجهة التحديات والمخاطر الكبيرة المحدقة بوجودنا ومستقبلنا في وطننا العزيز. مع الود والتقدير للجميع

سامي المالح
[/color] [/b[/size]]

36
احداث بادينان – دلالات وتساؤلات

صعق المسيحيون والايزيديون في دهوك، يوم الجمعة 2/12، وهم يشاهدون المئات من الشباب المنفلت يلوحون بالعصي والهراوات، يهجمون على محلاتهم التجارية والفنادق والنوادي الثقافية ، في زاخو وسميل وشيوز، ليحرقوها في وضح النهار، بدم بارد، من دون اي واعز او حساب للنظام  والقانون.

ولقد صعق كل من شاهد الصور والافلام التي وثقت تلك الاعمال الفوضوية الاجرامية، والتي جائت مباغتة لكل التصورات والحسابات لواقع الوضع الامني وحالة التعايش والتعددية وتطورالديمقراطية في اقليم كردستان.
ان هذه الاعمال الارهابية المؤلمة التي طالت المسيحيين والايزيديين، تشكل سابقة تاريخية خطرة، وهي لاتهدد امن وحرية ووجود ومستقبل هذه المكونات فحسب، بل انها تهدد الامن والاستقرار في الافليم وتضع تجربته، في البناء وتطوير المؤسسات الديمقراطية وقيم التآخي والتعايش والحريات، برمتها، على المحك.

الملفت، والمثير للاسى والمزيد من الالم، ان هذه الاحداث التي استهدفت مكونات اصيلة لها تاريخها العريق وتمارس ثقافتها وخصوصياتها منذ عشرات القرون، تكاد تختزل الى صراع سياسي بين احزاب وقوى سياسية، على اثر حرق مقرات الاتحاد الاسلامي في سياق الانفلات والفوضى وعجز الاجهزة الامنية عن السيطرة على الوضع. فبالرغم من ان رئاسة وحكومة وبرلمان الاقليم في بياناتها وتصريحاتها واجراءاتها، اكدت على طبيعة وجوهر هذه الاعمال الارهابية التي استهدفت بالاساس المسيحيين والايزيديين اضافة الى حرق مقرات احزاب سياسية، وتوعدت باتحاذ كل الاجراءات لكشف المجرمين وتقديمهم للعدالة، وانها لن تسمح بتهديد واستهداف هذه المكونات في الاقليم تحت اية ذريعة كانت، فان ردود افعال المثقفين الاكراد واحزاب المعارضة كانت مخيبة ومخجلة، لانها لم تهتم للقضية الاساسية ولم تدين بوضوح واصرار الاعمال الاجرامية والارهاب وحرق ممتلكات المسيحيين والايزيدين، فركزت على حرق مقرات الاتحاد الاسلامي، لتعكس بهذه المواقف انانيتها ومحاولتها لتوظيف هذا الارهاب، وبهذه الطريقة الهمجية وبهذا الكم من الشباب المشارك فيه، في صراعها السياسي مع السلطة.

طبعا من الهام والمبدأي ادانة وشجب اي اعتداء على اي طرف او حزب سياسي. ولكن احداث بادينان، بطبيعتها ومظاهرها وحجمها وطريقة تنفيذها، التي استهدفت مقومات وجود مكونات اصيلة في المنطقة، هي اكبر بكثير من حرق مقر حزب سياسي. فكان حري بالمثقفين الاكراد وكل المدافعين عن الحرية والقيم الديمقراطية والاصلاح واستقرار وتطور الاقليم، ان يتحركوا ويتضامنوا مع هذه المكونات ويطالبوا السلطات بالقبض على المجرمين، وعليها ان تدرس بعمق وجدية مغزى ودلالات هذه الاحداث وما ستفرزه من نتائج على المجتمع الكردستاني.
السؤال الاهم هو: من هوالمسبب والمحرك الحقيقي لهذه الهجمات المنفلتة التي شارك فيها المئات من الشباب، وهل ستفلح سلطات الاقليم في القاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة والكشف عن خلفياتهم وامتداداتهم؟

وثمة اسئلة اخرى تطرح نقسها: ما الذي يجري في المجتمع الكردستاني حقا، وما الذي يحرك الشباب وما هي القيم التي تسود وتوجه نشاطهم وانفعالاتهم؟ ما علاقة هذه الاعمال الاجرامية بما يجري في المنطقة وهل حقا ثمة ايادي خارجية تستهدف الامن والاستقرار في الاقليم؟ هل ان هذه الاحداث هي حلقة جديدة قي مسلسل استهداف المسيحيين وافراغ الشرق منهم؟
كيف يمكن لشعبنا مواجهة هذه الاحداث؟ هل سترتقي قوى شعبنا ومؤسساته المختلفة للبحث عن حلول عملية لتوفير الحماية والامن لشعبنا الاعزل؟ واخيرا هل من نهاية لمحنة شعبنا؟



37
سيمنار حول التربية والتعليم في العراق
كيف يمكن ضمان مدرسة للجميع في بلد ترهقه الصراعات

بناء عراق جديد ديمقراطي آمن ومزدهر يتطلب نظام تربية وتعليم جديد مؤهل لانشاء وتربية اجيال  مؤمنة بالمستقيل والعلم والمعرفة والعمل والابداع. الامكانات متوفرة وكبيرة، فكيف يمكننا المساهمة في تطوير وتغيير نظام التربية والتعليم في العراق؟
المشاركون في السيمنار: سامي المالح – ماجستر علوم تربوية، نوال ابراهيم – تربوية وعضوة مجلس بلدية اوبلاندس برو، قاسم حسين – ماجستر علوم تربوية.
السيمنار تديره الجمعية السويدية العراقية وهو جزء من يوم حافل بالنشاطات والفعاليات وحوار حول التضامن والعدالة والتعليم والحركات الشعبية والتغييرات المناخية وغيرها من المواضيع الممتعة، تنظمه ((Inspiration Världen بمشاركة اكثر من 30 منظمة ومؤسسة و نشطاء من افريقيا واسيا وامريكا اللاتينية.
المكان : ABF – HUSET -    Sveavägen 41- Stockholm
الزمان : 15 اكتوبر 2011 الساعة 10.00

الدعوة عامة للجميع – اهلا ومرحبا بكم في يوم حافل بالنشاطات والحوار
للمزيد من المعلومات عن نشاطات يوم 15 اكتوبر زوروا موقع www. inspirationvarlden.org




38
جرائم التعصب والتطرف لن تهزم الديمقراطية في النروج

سامي المالح
رئيس الجمعية السويدية العراقية


صعق العالم اجمع واوربا بشكل خاص، يوم الجمعة 22تموز، بارتكاب اكبر مجزرة دموية في النروج بلد الامان والسلام والديمقراطية. فبعد تفجير هز وسط العاصمة اوسلوا فتح المجرم القاتل اندرسن برييفيك النار على المئات من الشباب في جزيرة اوتاي ليحصد بدم بارد ارواح 92 من الابرياء.
وتشير المعلومات وتقارير الشرطة النرويجية اضافة الى مئات الصفحات من كتابات المجرم اندرسن ذات 32 عاما، الى انه متعصب يميني ومتطرف خطط لتنفيذ مجزرته المروعة منذ عدة سنوات، هادفا بتنفيذ هكذا عمل وحشي  ان يكون "أكبر وحشي نازي منذ الحرب العالمية الثانية". وكما يبدو واضحا، فأن أفكاره وتعصبه اليميني المتطرف هي التي قادته الى اختيار العنف والارهاب للتعبير عن نفسه ومواجهة الاخر،  فهو يؤكد في كتاباته انه يختار  " استخدام الارهاب وسيلة لايقاظ الجماهير".
ولقد وقفت اوربا، حكومات ومؤسسات وشعوب، مع الشعب النرويجي وحكومته، وعبرت بمختلف الاشكال عن عميق حزنها، واعلنت ادانتها لتنفيذ هذه المجزرة البشعة ولكل الافكار والقيم التي تثير على كل اشكال التعصب والكراهية وتبرر استخدام العنف والارهاب لتحقيق اهدافها الاجرامية. كما وأكدت جماهير واسعة في الساحات والتجمعات، وقادة سياسيين ومثقفين ومفكرين في وسائل الاعلام المختلفة، تأييدها الكامل وتضامنها مع رئيس وزراء النروج ينس شتولينبرغ عندما تحث لشعبه قائلا: "لن يجعلنا احد نصمت من خلال تفجيرنا، ولن يجعلنا احد نصمت من خلال اطلاق النار"  واضاف ان الجواب على هذه الجريمة ومن يقف ورائها وكل الافكار العنصرية والتعصب الاعمى هو " المزيد من التمسك بقيمنا، المزيد من الانفتاح، المزيد من الديمقراطية والمزيد من الانسانية".
وحقا يقول شتولينبرغ، فان امام البشرية المزيد من العمل لمواجهة كل الافكار والايديولوجيات التي تفرق بين البشر وتدمر انسانيتهم، والتي تضع المجموعات بانتماءاتها المختلفة في مواجهة بعضها البعض. وحقا فان امام البشرية المزيد من العمل لنشر قيم التسامح والحوار والعيش المشترك واحترام حقوق الانسان والتضامن ونبذ العنف والارهاب. ففي بلد مثل النروج، حيث قطع شوطا كبيرا في بناء نظام ديمقراطي مستقر وترسيخ قيم انسانية عالية، ولعب دورا مشهودا رغم صغر حجمه في حل النزاعات الدولية وصيانة الامن والسلام ومساعدة الشعوب المدافعة عن حقوقها، تنشط اليوم مجموعات عنصرية متطرفة تقدم على ارتكاب مجازر فظيعة. ان لهذه الحقيقة طبعا دلالات كبيرة وهامة، وثمة مؤشرات ودلائل على توسع دائرة النشاطات العنصرية وتنوع المجموعات المتعصبة في اوربا. ومن متابعة تداعيات هذه المجزرة يستنتج المرء، ان النروج ودول الشمال معا واوربا باجمعها تضطر الى مراجعة وتقييم الكثير من السياسات والمسارات والقوانين، وتواجه مسؤولية البحث عن المنابع والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعنصرية والتطرف والعنف بغية وضع السياسات والحلول الصائبة لترسيخ القيم الديمقراطية والسلام الاجتماعي والاستقرار.
يقينا ان العنصرية البغيضة والتعصب والعنف والارهاب لا مستقبل لها، ولايمكنها مهما نفذت من حروب ومجازر ومهما كبرت التضحيات، ان تنتصر على ارادة الملايين التواقة الى السلم والامان والعيش بحرية وكرامة ومساواة. ومن الشرف ان يكون المرء مع كل الاحرار في العالم في تضامنهم ووقوفهم مع النروج اليوم، الذي هو وقوف بوجه الارهاب والعنصرية وكل اشكال التعصب والتطرف، وهو وقوف من اجل السير قدما الى المزيد من القيم الانسانية، والمزيد من الحوار والانفتاح وقبول الاخر، والمزيد من الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والمزيد من السلام والامن.



39
تضامنا مع المنظمة الاثورية الديمقراطية وشعب سوريا المنتفض

سامي المالح

يواصل الشعب السوري بكل اطيافه انتفاضته السلمية الشجاعة لانهاء الدكتاتورية والحكم الشمولي الموروث. ولقد قدم هذا الشعب، منذ خروج الجماهير للتظاهر سلميا في الشوارع مطالبة باصلاح نظام الحزب الواحد والفساد وقمع الحريات، تضحيات جمة في مواجهة قمع وعنف السلطة المرعوبة، حيث يقارب عدد الضحايا الساقطة في ساحات المواجهة  من الف قتيل، اضافة الى عشرات الالاف من الجرحى والموقوفين والمخطوفين.
ان مشاركة ابناء شعبنا في سوريا اشقائهم في الوطن في هذا الحراك الشعبي الواسع، انما يعبر عن شعورهم العالي بالمسؤولية الوطنية، وعن حرصهم بالمساهمة في اصلاح النظام السياسي في البلد وبناء دولة القانون والحريات والمواطنة والشراكة الحقيقة، ويعكس ايضا استعداد شعبنا والمسيحين جميعا لمواجهة تعسف وعنف السلطات و لتقديم التضحيات من اجل الحرية والديمقراطية، اسوة بباقي ابناء سوريا.
اما السلطة في سوريا، تواصل نهجها الدكتاتوري وتتمادى في عنفها وقمعها للمتظاهرين في المدن السورية غير آبهة بسقوط المئات من الضحايا الابرياء، الذين يمارسون حقا انسانيا برفضهم لواقع مزري وحياة من دون حرية وحقوق وأمكانية التعبير عن الرأي والنشر وحق التنظيم والعمل السياسي. ولاتزال تزج بأللآف في السجون والمعتقلات وتخطف اجهزتها القمعية المئات من النشطاء، ظنا منها بانها بنهجها ومحاولاتها اليائسة هذه ستفلح في كسر شوكة الملايين من المنتفضين بعدما كسروا هم بشجاعتهم حاجز الرعب والخوف. ويبدو ان سلطة البعث في سوريا لم تتعض من تجارب الشعوب ولم تستوعب الدرس ولاتريد ان ترى ماذا حل بغيرها من الدكتاتوريات والانظمة الشمولية.
تحية اكبار للمنظمة الاثورية الديمقراطية التي تقف بشجاعة في الصفوف الاولى، تساهم في الحراك الشعبي السلمي وفي رص الصفوف وتطوير التعاون والتضامن بين كل الاطياف في اطار الحرص على مصالح الوطن والشعب، وترفع صوتها لمناشدة السلطات بعقلانية ومنطق، الاستجابة لمطالب الشعب السوري، والكف عن استخدام العنف وقتل الابرياء وزج النشطاء في السجون والمعتقلات واحتلال مقرات الاحزاب والقوى السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.
تحية لكل القوى والاحزاب والمنظمات التي تتضامن مع الشعب السوري، وللقوى والاحزاب التي وقفت مع المنظمة الاثورية الديمقراطية وادانت وشجبت عملية احتلال مقراتها في القامشلي واعتقال عدد من قادتها وكوادرها.
ان شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وقواه السياسية في كل مكان تتضامن وتقف مع المنظمة الاثورية الديمقراطية، وتطالب بالحاح ومن دون تأخير، اطلاق سراح كل قادة وكوادر ونشطاء المنظمة وباقي المعتقلين في كل انحاء سوريا.
ولتتواصل المظاهرات السلمية وانتفاضة الشعب في سوريا من اجل انهاء الحكم الشمولي، ومن اجل بناء نظام سياسي ديمقراطي علماني معاصر، يضمن حقوق المواطنة والشراكة والتكافؤ والمساواة للجميع. نظام يساهم في صنع السلام والامن والاستقرار في المنطقة.




40
تجمع التنظيمات السياسية ومستقبل شعبنا

سامي المالح
يشكل تلاقي وتعاون وتشكيل تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري في هذه المرحلة العصيبة من حياة شعبنا، انعطافا ايجابيا، وارتقاءا سياسيا لمستوى التحديات التي تواجه وجود شعبنا ومستقبله، ويهيْ، الاطار وأحدى الأدوات الهامة لتجميع وتفعيل وتوجيه اغلب طاقات وامكانات شعبنا.
كان توحيد الخطاب القومي لشعبنا احد الاهداف الاساسية لانعقاد مؤتمر عنكاوا الاول في اذار 2007. الهدف الذي جرى تحديده بوعي لمواجهة الواقع المرير الذي ساد العلاقات والخلافات والصراعات بين قوى شعبنا السياسية ومؤسساته الاخرى لفترة طويلة، حيث ان التشتت والانشغال بالصراعات الجانبية، والركض وراء المصالح الحزبية والشخصية الضيقة، وسوء ادارة الاختلافات ومعالجة اشكالية التسمية والتعامل النفعي مع المشاريع والشعارات السياسية المختلفة، انهكت شعبنا واهدرت طاقاته، واثرت سلبا، على مكانته في المجتمع العراقي ومكانة قواه السياسية في العملية السياسية، وادت الى زعزعة الثقة بالحاضر وبالمستقبل، واضعفت ارادة شعبنا في مواجهة المحن والجرائم البشعة التي لا تزال ترتكب بحقه يوميا.
قد اتفق مع رأي البعض الذي يقول ان هذا التجمع والتعاون جاء متأخرا جدا وبعدما وصلت الجرائم التي ترتكب بحق شعبنا الى مستوى القتل الجماعي وما ترتب عليها من الهروب من الموت والهجرة الجماعية. ولكنني لا اتفق ابدا مع من يذهب الى وصف هذا التجمع بالعملية الغير مجدية والشكلية والتي لن تقدم او تأخر ولن تساهم في معالجة وضع شعبنا ودفع قضيته الى امام.
من المؤكد، ان شعبنا يعيش مرحلة عصيبة جدا، فأنه يكاد يفقد الامل، كليا، بمستقبله في وطنه، وتكاد قضيته تتحول الى قضية اقلية دينية، يستنجد العالم والسلطات في العراق، ويتوسل المجرمين المجهولين، محصورا بين الموت والتهجير، مضطرا الى التفكير بالبقاء على قيد الحياة والبحث عن الامان اينما كان. انها محنة تاريخية لامثيل لها، فشعبنا الذي تضرب جذوره عميقا في ارض بين النهرين، يكاد يتحول الى شعب مهاجر، شعب مشتت بلا وطن. صحيح ان كل ذلك هو بالاساس نتيجة للظروف والسياسات والحروب والتخلف التي مزقت وطننا وانهكته وأدمته وحولته الى بلد لاحياة فيه للضعفاء والمخلصين. غير ان جزء من المسؤولية تقع على عاتق شعبنا نفسه، وبشكل اساسي على قواه واحزابه السياسية ومؤسساته الدينية والاجتماعية والثقافية والكنسية. فشعبنا وللاسف لم يفلح  في جمع قواه، وبناء جبهته المتماسكة، للدفاع عن وجوده وحقوقه، والوقوف بثبات لمواجهة التحديات، والعمل كرجل واحد من اجل المستقبل.
الا انه ثمة جانب اخر في لوحة هذا الواقع المريرلابد من ابرازه، فرغم المحن والالام والموت والتهجير والهجرة والصراعات الغبية على التسمية وعلى الحصول على مقاعد وكراسي ووظائف ومصالح خاصة، استطاع شعبنا ان يعبر بشكل افضل عن وطنيته الحقة وعن اصالته وتشبثه بالارض. ونجح ايضا، وان بشكل نسبي، في ان يعبر عن ذاته وان يبرز قضيته القومية، ونجح في الاستفادة من الظروف المتاحة للاهتمام باللغة والتراث وتطوير الدراسة بلغة الام وتنشيط دور العديد من المؤسسات الثقافية والاعلامية، والاهم من كل ذلك، هو تطور الوعي لدى الاغلبية الساحقة، بأننا على اختلاف التسميات ووجود العديد من الاشكالات التاريخية وواقع التقسيم الكنسي، شعب واحد يواجه ذات المصير وله قضية واحدة. ويقينا، فأن تقارب قوى شعبنا وتشكيل تجمعها، جاء في هذا السياق، وهو استجابة لوعي وارادة الجماهير وللحاجة الملحة التي فرضتها الظروف القاهرة.
ان المهمات التاريخية الملقاة على عاتق تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا في هذه المرحلة كبيرة وشاقة. وان مسؤولية هذه التنظيمات في استنهاض كل قوى شعبنا وجمع كل طاقاته، في الوطن والخارج، هي مسؤولية تاريخية تتصدر الاولويات. ان التصدي للمهمات الكبيرة وتحمل المسؤولية، يتطلب العمل الشاق والواعي، ويتطلب التضحية ونكران الذات، والمرونة والحوار المستمر والتفاعل اليومي مع جماهير شعبنا، لمعايشة الامها ومعاناتها وامالها وتطلعاتها عن قرب وبصدق، ويتطلب ايضا الاستقلالية السياسية ووضع مصلحة شعبنا فوق كل المصالح والاعتبارات الاخرى. فان مهمات تنظيمات شعبنا، وهي تجتمع وتعلن عن برنامجها السياسي، لم تعد تنحصر في الزيارات وتبادل التهاني والاستعراضات الاعلامية والاجتماعات واصدار البلاغات واطلاق التصريحات هنا وهناك. فأنها، اي كل قوى شعبنا، تقف امام تحدي كبير، يتطلب منها العمل اليومي الجاد والملموس، لاستعادة ثقة شعبنا بها اولا، و بقضيته وبمستقبله ثانيا.
ومن منطلق الشعور بالمسؤولية، والحرص على ادامة واستمرار وانجاح تجمع تنظيمات شعبنا، وللمساهمة في تطوير التجمع وترسيخ روح التعاون والتحالف والعمل الجماعي المشترك، اضع امام التجمع الامور الهامة التالية:
اولا- ضرورة تعميق الحوار والنقاشات السياسية والفكرية للوصول الى صياغة واضحة ومتماسكة لطبيعة قضية شعبنا. فقضية شعبنا هي الجامع والموحد، وينبغي ان تكون هي الهدف الاسمى للجميع. وبالطبع ثمة تشوش وبلبلة في تعريف وتفسير وتحديد ملامح قضية شعبنا. فقضية شعبنا ليست قضية طرح مشروع سياسي لمرحلة تاريخية معينة كما يفهمها البعض، الحكم الذاتي او محافظة في سهل نينوى مثلا، وهي ليست اختلاف او اتفاق على تفسير مادة دستورية معينة. وقضية شعبنا ليست قضية مواجهة الارهاب والتهجير فحسب. كلا، فان قضية شعبنا هي قضية شعب يريد الحرية والحياة، شعب يرفض ان يكون دخيلا او طارءا في وطنه، شعب يريد ان يعيش بتكافؤ ومساواة تامة مع اشقائه في الوطن، يريد الحفاظ على تراثه وحضارته وتطويرها، شعب يرفض ان يعامل معاملة اقلية هامشية ويرفض التمييز والظلم والاضطهاد بكل اشكالها، و كما الشعب العربي والكوردي والتركماني يريد ان يكون حاضرا وشريكا وفاعلا في بناء الوطن وتطويره، يرفض ان تقلع جذوره وان يجري الاستحواذ على تاريخه، شعب صمد لقرون طويلة مقاوما تحطيم مقومات وجوده، ويتطلع اليوم ان يكون شعبا حيا يعيش بامان وكرامة ومستقبل مضمون دستوريا. وعليه فمن الهام جدا ان توحد كل قوى وجماهير شعبا فهمها لطبيعة قضية شعبنا وان تقف متماسكة موحدة لطرحا بذات النفس والملامح في كل مكان وزمان، بغض النظر عن المصالح والعلاقات والاجندات السياسية.
ثانيا-  من الواضح ان الدكتاتوريات والحروب والفوضى والعنف والارهاب و التخلف والتعصب والفساد بكل اشكاله، هي التي دمرت وأدمت وارهقت وطننا، وادت الى نتائج كارثية يعيشها كل العراقيين. الا ان المأساة والكارثة التي حلت بشعبنا كانت الاكبر، وذلك لاننا شعب مسالم اعزل من دون سند، ولاننا بقيمنا واخلاقنا ونزعاتنا السلمية لانتحمل هذه البيئة الخانقة. وعليه فمن المهم لشعبنا ان يسود السلم وان تتغلب لغة الحوار، وان يكون جزءا من القوى التي تنبذ التعصب وتقف ضد الفساد والطائفية، وان يساهم جديا في تطوير العملية السياسية والقيم الحضارية والديمقراطية في الوطن. من الهام ان نعي بأن المستقبل هو للديمقراطية مهما كانت العوائق والصعوبات، وعلينا ان لاندخر جهدا، كقوى سياسية، ومؤسسات ومنظمات واعلام وشخصيات، وكشعب، في نشر قيم التسامح والحوار والمحبة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والنزاهة والعمل المبدع. فهذه هي اسلحة المستقبل، وهي بالتأكيد اقوى واكثر فعالية من كل اسلحة العنف والتعصب وجمع المال الحرام والكذب والنفاق. من الهام جدا، ان لا يساوم قادة وكوادر احزابنا، مهما كانت مصالحهم المرحلية، قوى التعصب والتخلف والمعادية للديمقراطية والغارقة في الفساد، لانها بذلك انما تعمق مأساة شعبنا وتساهم في تغذية بيئة الموت والدمار.
ثالثا- ان ارتقاء تجمع تنظيمات شعبنا السياسية الى مستوى صياغة موحدة ومتماسكة وواضخة لقضية شعبنا، والى مستوى الوقوف في خندق تطوير القيم والديمقراطية ومحاربة الفساد والتعصب، يوفر لها ارضية صلبة لتطوير العمل المشترك ورسم السياسات الحكيمة ومعالجة الكثير من الاشكالات والعقد في حياة وواقع شعبنا. الا ان استمرار التجمع وتماسكه وتطوره ليكون تحالفا استراتيجيا لايخضع للمصالح الآنية ولايتأثر بضغوطات وأارادات خارجية، يتطلب من جميع قادة وكوادر تنظيماتنا السياسية ان تعتمد الشفافية، وان تتعامل بوضوح وصدق وأمانة مع بعضها، وان تبدي المرونة وتلتزم الحوار والتفاعل مع الرأي الاخر، وان تتخلى عن أنانيتها، التي ادت في الكثير من المنعطفات الى التشتت والاحباط والخسارة. ومع كل احترامي وتقديري للجميع، علي ان اؤكد بان العديد من ساسة شعبنا، يحتاجون الى تعلم فن السياسة، والتمييز بين الجلوس في المكاتب والمقرات والانتظار لانتهاز الفرص لتحقيق مصالح ضيقة وبين التصدي لمهمات نضالية شاقة والتضحية من اجل قضية الشعب وقيادة كفاحه من اجل الحرية والكرامة. ان وضع شعبنا لايتحمل المزيد من المساومات والركض وراء المنافع الحزبية والشخصية ونسخ اخلاقية ومواقف وسلوك ساسة أبتلى بهم العراق، وهو بامس الحاجة الى قيادة شجاعة ومضحية وحكيمة.
رابعا- من المعلوم ان الثقة بالسياسة والسياسيين والعمل الحزبي، في العراق عموما، قد تزعزعت ووصلت الى الحضيض. ان شعبنا ليس خارج هذه المعادلة، ان لم يكن الاكثر احباطا وتشائما. ان كل ذلك أدى ويؤدي الى انحسار دور الاحزاب الايجابي وتقلص قواعدها الجماهيرية. وفي حالة شعبنا ثمة عمل كبير وواسع تمارسه المنظمات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والاعلامية والشخصيات المستقلة لايقل اهمية عن نشاط احزابنا السياسية، ولا سيما في التعريف بقضية شعبنا وكسب الرأي العام والتضامن الدولي وتطوير الوعي القومي الوحدوي. ان هذا الواقع يضع على عاتق تجمع تنظيماتنا السياسية مهمة التفاعل الايجابي مع المؤسسات المختلفة ومع المستقلين والناشطين من ابناء شعبنا. عليها استشارتها، ومشاركتها في الحوارات ورسم السياسات واتخاذ القرارات الهامة. ومن الهام والمصيري ان تعمل كل قوى شعبنا لانجاح الجهود المبذولة في توحيد اتحادات ومنظمات ومؤسساتنا الثقافية والادبية والمهتمة باللغة والتراث والشباب والتربية والتعليم.
الخلاصة: ان شعبنا يعيش ظروف عصيبة ومصيرية، ولكنه رغم كل المحن والمآسي يمتلك الكثير من الامكانات والطاقات، وهو رغم التشاؤم السائد، يتطلع الى النهوض وتحقيق اماله وطموحاته في وطن الاباء والاجداد. ان مصير شعبنا وانتصاره في مواجهة التحديات مرهون الى حد كبير بترتيب وتنظيم بيته وجمع و تفعيل كل طاقاته وتوجيهها الوجهة الصحيحة. ان تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا لتطوير تعاونها وبناء الجبهة القومية المتماسكة يشكل خطوة هامة واساسية. املين ان يتماسك ويترسخ هذا التجمع وان يؤدي مهماته بنجاح خدمة لمصالح وحقوق شعبنا.

 

41
في ستوكهولم - حوار حول مستقبل العراق

سامي المالح
رئيس الجمعية السويدية العراقية
في 18 من نيسان الجاري تنظم الجمعية السويدية العراقية بالتعاون مع جمعية طلبة الدراسات الانسانية في جامعة ستوكهولم امسية خاصة بالحوار عن العراق ( مستقبل العراق – الى اين؟). المشاركين في هذا الحوار اربعة شخصيات ذات خلفيات مهنية وفكرية وسياسية مختلفة، يجمعها المتابعة والاهتمام بالشأن العراقي وان بأشكال متباينة. عبير السهلاني شابة عراقية سويدية عضوة في البرلمان السويدي من حزب الوسط، و بو هولدت بروفيسور من الكلية العسكرية في ستوكهولم ومحاور في شؤون الشرق الاوسط ومتابع للتطورات في العراق. و ماتس اينارسون عضو بلدية بوتشيركا التي فيها جالية عراقية كبيرة نسبيا من حزب اليسار السويدي وهو الاخر من الشخصيات المهتمة بالعراق وغيرها من بلدان المنطقة، اضافة الى هنريك امنيوس عضو الهيئة الادارية للجمعية السويدية العراقية السفير السويدي الاسبق في العراق والذي صدر له كتابا عن العراق في عام 2007 بعنوان (العراق طريق للخيار).
لقد جائت مبادرة تنظيم امسية الحوار هذه تلبية لحاجة ماسة في الاوساط المهتمة بالشأن العراقي في السويد، ولتناول ومناقشة التساؤلات الكثيرة التي تطرح في السويد، رسميا وشعبيا، حول حقيقة ما يجري في العراق، حول امكانات انهاء الارهاب والعنف و تطوير العملية السياسية سلميا والعوائق والصعوبات التي تواجه تطوير الديمقراطية، وحول الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين والحريات العامة والفردية، حول معرفة الاسباب الواقعية التي تقف سوء الخدمات والفشل في بناء البنى التحتية، واسباب هجرة الشباب والتحركات الجماهيرية وكيفية مواجهتها والتعامل معها من قبل السلطات، فضلا عن محاولة فهم مدى تأثير الحركات والثورات الجماهيرية في شمال افريقيا والشرق الاوسط على الاوضاع في العراق. ، سيتناول المحاورين هذه الموضوعات كل من زاوية نظره الخاصة، الامر الذي يعطي للامسية نكهة خاصة وللحاضرين صورة متعددة الالوان، وسيكون ثمة وقت لطرح الاسئلة على المحاورين ولاغناء الحوار.
ان السويد، حكومة وشعبا، مهتمة جديا بالعراق. فالجالية العراقية تعد الان ثاني اكبر جالية بعد الفلندية، اذ يبلغ تعداد العراقيين حسب المصادر الرسمية اكثر من 175 الف. وللسويد علاقات اقتصادية وتجارية قديمة مع العراق، وثمة تطلع لتطوير العلاقات التجارية مع العراق بسرعة، وللحكومة السويدية توجهات جدية للاستفادة من كفاءات الجالية العراقية وخبراتها وعلاقاتها بالوطن لتطوير العلاقات العامة وزيادة الصادرات وكذلك الاستثمار في القطاعات الاساسية كالطاقة والبيئة والاتصلات وتطوير المؤسسات الديمقراطية. وجدير بالذكر ان السويد تخصص 1% من ميزانيتها السنوية للمساعدات للبدان التي تحتاج الى المساعدات للتطور، والعراق هو احدى هذه الدول، حيث تدعم وتمول السويد مشاريع عديدة في العراق عن طريق مؤسسات المجتمع المدني او من خلال منظمات تابعة للامم المتحدة. فالجمعية السويدية العراقية مثلا كانت قد نفذت في عامي 2007 – 2008مشروعا في بغداد لتأهيل وتدريب اكثر من 1200 شابة وشاب من خلال برنامج خاص وبالتعاون مع منظمة من منظمات المجتمع المدني في بغداد وبتمويل من السويد.
فالسويد مهتمة بالعراق، ويهمها ان تستقر فيه الاوضاع، ان ينتهي الارهاب والعنف وتتطور العملية السياسية سلميا، ان يسود القانون وتحترم حقوق الانسان ويجري محاربة الفساد، و يهمها ان تتسارع وتيرة بناء مؤسسات الدولة وبناء البنى التحتية وتطوير التعليم. الحكومة السويدية والشركات والمؤسسات المهتمة بحقوق الانسان والديمقراطية، تبدي استعدادها، في مناسبات مختلفة، للتعاون مع العراق والمساهمة في عملية البناء. وتنشط اليوم السفارة السويدية في بغداد والقنصلية في اربيل ومعها مكاتب خاصة بتطوير التجارة والصادرات والاستثمار. ولذلك تتسم الحوارات الموضوعية عن واقع العراق وافاق تطوره اهمية خاصة للسويد وللعراق ايضا. ونأمل ان تكون هذه الامسية مساهمة في هذا السياق. 


42
Svensk – Irakiska Föreningen 
  الجمعية السويدية العراقية


نساند المظاهرات والاحتجاجات السلمية وندين القمع وارهاب الجماهير

تؤكد الجمعية السويدية العراقية وقوفها مع الجماهير الشعبية في العراق، وتساند مظاهراتها واحتجاجاتها السلمية من اجل الحرية والاصلاحات السياسية وتحسين اوضاعها المعيشية وضد الفساد المستشري على كل المستويات في كل مفاصل الحكومة والدولة. كما وتعلن الجمعية ادانتها لكل اشكال القمع وارهاب الجماهير المسالمة، وتشجب وتستنكر كل الاجراءات والاعمال الغير مشروعة التي تحد من حقها في التعبير عن رأيها وتنظيم المظاهرات والاحتجاجات للدفاع عن مصالحها والمساهمة في تطوير العملية السياسية والديمقراطية في البلد.
والجمعية تضع مسؤولية حماية كل المظاهرات والفعاليات الجماهيرية، في كل انحاء العراق، على عاتق الحكومة والدولة وتطالبها باحترام حقوق الانسان وتفهم معاناة وحرمان و‌آلام الناس والاستجابة لكل مطالبها المشروعة.

الجمعية السويدية العراقية
ستوكهولم 3 آذار 2011



43
في ذكرى أولوف بالمه
قادة يخلدهم التاريخ وقادة تتلقفهم مزبلته!

سامي المالح  
28 شباط 2011  

".. لايمكن سحق توق وتطلع الشعوب للحرية بالعنف، هذا التوق والتطلع سيعيش وسينتصر في النهاية"                      من كلمة القاها اولوف بالمه 21 اب 1968 في مدينة مالمو حول التدخل السوفيتي في جيكوسلوفاكيا.

اليوم 28 شباط، تمر الذكرى الخامسة وعشرون لاغتيال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ورئيس وزراء السويد أولوف بالمه (اغتيل في ليلة 28 شباط 1986). واليوم تتذكر السويد هذا الرجل بفخر واعتزاز، اذ يتوجه الالاف لوضع الورود على قبره، ويزور الالاف المكان الذي سقط فيه رئيس الوزراء في وسط العاصمة ستوكهولم وهو يخرج مع زوجته في اليل من دار سينما من دون حراسة. ومئات الالاف يزورون مواقع الكترونية ليشاهدوا ويقرأوا ويسمعوا خطابات واحاديث وذكريات ومواقف هذا السياسي المتوقد. والالاف من الصحفيين والكتاب والفنانين والمثقفين والسياسيين يناقشون ويحللون ويسلطون الاضواء على جوانب عديدة من حياة واعمال وافكار بالمه في العديد من الصحف والبرامج التلفزيونية والحلقات الدراسية والتجمعات العامة. كما وصدرت، بالمناسبة، كتب جديدة عن حياته وارثه ومعنى ومغزى افكاره لما يعانيه اليوم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ودوره في تطوير المجتمع السويدي.
ان أولوف بالمه الانسان، والمنحدر اصلا من اصول برجوازية، انحاز منذ البداية الى تحقيق مشروع العدالة الاجتماعية والدفاع عن حقوق العمال والطبقات الوسطى في المجتمع السويدي، فانخرط مبكرا في صفوف الحركة العمالية، وكافح دون كلل وبدون هوادة، في كل مراحل حياته السياسية، من اجل مواصلة بناء مجتمع اكثر عدالة، مجتمع يضمن للفرد الحرية وكل مستلزمات حياة كريمة وذات معنى ويوفر له كل شروط التطور المضطرد. وفي ريعان شبابه وهو يقود شباب الحزب الاشتراكي الديمقراطي يؤكد في كلمته امام مؤتمرهم في ابريل 1969: " ... نحن ماضون نحو المستقبل بالمعرفة والعلوم كأداة وبالقناعة كقوة دفع، والمهمة هذه لايمكن ان تكون هائلة، لان السياسةأ ايها الرفاق، هي ان تختار شيْ ما"
ولقد مارس بالمه السياسي والقائد ورجل الدولة السياسة كمسؤولية وشرف، فوهب قضيته جل طاقاته، مندفعا بجرأة وصدق، مؤمنا بكل كلمة لفظها من اجل اقناع الناس بجدوى العمل من اجل الحرية والديمقراطية ورقي الانسان وكرامته، مستعدا دائما، بالحوار وقوة الاقناع واحترام والاصغاء الجيد مواجهة المختلفين معه، ولاسيما في المنعطفات وحينما كان يتعلق الامر بحياة الناس والعدالة الاجتماعية وحرية الشعوب في اصقاع العالم المختلفة. وكما يؤكد المقربين منه وابناء جيله والمحللين، ان بالمه كان انسانا دافئا ومواطنا بسيطا يمارس حياته اليومية بين الناس بتفاؤل لاتفارقه الابتسامة، وانه تميز بقدرات هائلة على صياغة افكاره وخطاباته بلغة مكثفة وحادة وبسيطة في ان واحد. ولعل مقولة العالم الفيزياوي العبقري البرت اينشتاين انطبفت على بالمه حينما قال: "انك لاتستطيع شرح امر للناس ليفهموه ان لم تكن انت تدركه وتفهمه بعمق". فألوف بالمه كان يدرك بعمق ويفهم بوضوح ماهي قضية الانسان وماهي مسؤولية المواطن من اجل رفع شأنه كأنسان بغض النظر عن كل انتماءاته ومايحدد هويته، ولذلك توجه بالمه مباشرة الى الناس المواطنين وخاطبهم بضمير حي وبصدق واخلاص ليستنهض فيهم، بنجاح، الطاقات للعمل المبدع والخلاق والتعاون والتضامن وترسيخ القيم الانسانية و الرغبة في حياة اكثر عطاء وجمالية ورقة.
لقد برز أولوف بالمه كشخصية عالمية متميزة، والعالم سيتذكر بفخر مواقفه الشجاعة في عام 1972 حينما ادان بشدة ووقف مستنكرا حرب الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام. كما ستبقى مواقفه المشرفة ضد الفاشية في اسبانيا والتمييز العنصري في افريقا امثلة ساطعة من الجرأة والاقدام والثبات على المباديء. ولقد بقي طوال حياته، ثابتا، لايساوم ابدا، على حرية الشعوب والوقوف معها في نضالها من اجل الاستقلال والحرية. ولقد استطاع بسياساته المتوازنة والذكية ابقاء السويد دولة محايدة بين القطبين المتصارعين انذاك، مما اكسبها مكانة دولية متميزة ومؤثرة رغم صغر حجمها مقارنة بالدول الكبرى. فلقد كان رحيله المبكر خسارة كبيرة للسويد وللمجتمع الدولي والشعوب المناضلة.
وفي شباط هذا العام، والعالم يتذكر الوف بالمه ويخلده، شهدنا اعصار الجماهير الغاضبة تكنس دكتاتوريات وانظمة فاسدة متخلفة لتقذفها في مزبلة التاريخ. فالشعوب المحرومة من الحرية والمضطهدة لعقود طويلة تنهض لتواجه "زعماء" كرسوا حياتهم لقمع شعوبهم ونهبها واذلالها وحرمانها ومعاملتها كعبيد وقطعان من الاغنام. فالشعوب تواقة للحرية والحياة، تنير دربها ذات الافكار والقيم والاعمال التي كرس أولوف بالمه وملايين من امثاله في العالم حياتهم من اجلها، ولايمكن لها ان تركن للاستعباد الى ما لانهاية، وهي اليوم تواجه عزلاء، بحناجرها، وباحلام واندفاع وتضحيات شبابها، تواجه ماكنة العنف والقمع والبطش التي يديرها متسلطين مجردين من الانسانية يعبدون المال والسلطة.
فشتان بين قادة يخلدهم التاريخ - لانهم عملوا بشرف وصدق ونزاهة ومسؤولية، لخدمة بلدانهم وشعوبهم والانسانية، قادة لم تفسدهم الكراسي وامتيازات السلطة ولم يقتلوا ضمائرهم بالفساد وسرقة المال العام والتجاوز على القانون وكرامة المواطنين ولم تتلطخ اياديهم بدماء الابرياء. وبين قادة اختزلوا مهماتهم وقضيتهم ومسؤولياتهم وضميرهم وقيمهم ومبادئهم بضمان استمرار تسلطهم والحفاظ على عرشهم والتحكم بمصائر وثروات البلد والشعب، من خلال بناء الجيوش الموالية والمخابرات والاجهزة القمعية والاعلام المزيف والاكاذيب والنفاق وشراء الذمم وترويع الشعب واذلاله وحرمانه من مستلزمات التعلم والمعرفة والتطور.
لم يترك أولوف بالمه ثروات كبيرة وخيالية وقصور فارهة لابنائه واحفاده. كما سعى صدام حسين وبن علي والقذافي واخرون كثيرون يحكمون اليوم. لقد ترك بالمه ثروة هائلة ليس لشعبه فحسب بل وللانسانية جمعاء. ثروة من المناقب والخصال والافكار والقيم والمواقف الشجاعة المتميزة. ثروة من العمل الخلاق لن تنضب، سيغترف منها الناس والشعوب المتطلعة لغذ وعالم افضل، ثروة هي رأسمال للانسانية جمعاء وخاصة لشعوب منطقتنا، ومنها الشعب العراقي، التي تخوض اليوم معاركها من اجل الحرية والكرامة ومستلزمات حياة يومية بسيطة

44
انحني احتراما لشباب مصر وهم يصنعون التاريخ

سامي المالح
الشباب، احلام وأرادة وطاقات وجموح، ديناموالتغيير والتجدد والتطور، ادواة ومستلزمات الثورة – مواجهة رفض واقع مزري يستعبد فيه الشعب ويذل ويهان، والتصميم على قلبه وتغييره، وفرض واقع جديد، واقع يفتح الافاق للحلم، للحرية، للنهوض، للعمل والبناء، ولحياة نوعية لائقة ترفع ادمية الانسان وتمنحه الامل والجمال والكرامة.
انا، والملايين من امثالي، ممن لم يتوقفوا يوما عن الحلم بغد افضل للشعوب، ولم تثنيهم سنوات المواجهة والحرمان والتحديات والهزائم والانكسارات من مواصلة الايمان بقدرة الشعوب على صنع التاريخ، نحتفل منتشين بمشاعر انتصار ثورة الشباب في مصر، نحتفل وكأننا جزء من ذلك السيل الهادر من الناس، في ميدان التحرير، التي اصرت على تحقيق كامل اهدافها غير راضية بانصاف الحلول. نحتفل معهم وهم يستعيدون كرامتهم ويمرغون نظام فاسد دكتاتوري ورموزه في الوحل ويرمونهم في مزبلة التاريخ، نحتفل معهم وهم بحناجرهم وتماسكهم وتعاونهم واستعدادهم لتقديم التضحيات حققوا النصر على نظام مدجج بالسلاح يرتكز على مؤسسات قمعت وارهبت الشعب لعدة عقود. نحتفل معهم وهم يضعون الشرق الاوسط كله على اعتاب مرحلة تاريخية جديدة.
وانا اعلم، يقينا، ان ثمة ملايين اخرى، من الحكام والسلاطين والاجهزة القمعية والاعلام والابواق والمرتزقة والاتنتهازية المرتبطة بهم ومن لف لفهم، أصيبوا بصدمة قوية لن يصحوا منها قريبا. انهم مصابون اليوم بأرق تأكلهم الهواجس ويحسبون لوضعهم الف حساب. وأنهم صاغرون لايفقهون سر انتصار الجماهير العزلاء من الفقراء الغلابى والمحرومين والمقموعين والمهمشين على نظام اطبق السيطرة على حرية وحركة ونشاط وتفكير وحياة الناس اليومية في المجتمع بأسره.
ان هذه الثورة الشبابية البيضاء في مصر، البلد الذي يشكل مركز الثقل في العالم العربي، بل كل الشرق الاوسط، اضافت ذخرا انسانيا، ثوريا، الى ذخر نضال الشعوب من اجل الحرية والانعتاق. فهي:
-   انطلقت من قلوب وضمائر شباب شجعان لم يهابوا المواجهة مستعدين لدفع ثمن المطالبة بالحرية والتغيير.
-   اعتمدت التظاهر السلمي وبشكل حضاري اثار التقدير والاحترام وكسب تضامن الاحرار   والشرفاء وبالاخص ابناء الجيش المصري من جهة، وفوت على النظام واجهزته الفمعية الفرصة لاستخدام العنف المنفلت واغراق التظاهرة بالدماء.
-   استخدم الشباب بابداع كل وسائل التواصل والاتصال لتنظيم صفوفهم وايصال رسالتهم والتركيز على هدفهم المركزي والتمسك به، كما افلحوا بفضح تحركات وتكتيكات وجرائم السلطة التي زجت برجالها وبلطجيتها لتشويه الثورة وجر الشباب الى معركة خاسرة وبالتالي اجهاض ثورتهم.
-   ان مبادرات الشباب واصراهم وتصميمهم في تنظيم حياتهم القاسية لاكثر من اسبوعين في ميدان التحرير يثير الاعجاب والتقدير حقا، انهم اثبتوا مرة اخرى، ان الثورة هي فعل حر واستعداد لنكران الذات والتضامن والتماسك وتجاوز كل الاختلافات والفوارق والتوحد في هدف واحد جامع يجسد حرية الوطن وكرامة المواطن.
-   لقد فرض الشباب انفسهم، من خلال لجانهم وتنظيماتهم التي لم تكن حزبية كلاسيكية، على كل الحركة السياسية المصرية المعارضة للنظام، وبذلك كسبوا احترام كل القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والعلمية والناشطة في مؤسسات المجتمع المدني في الداخل والخارج، واصبحوا قاطرة سحبوا كل تلك القوة، التي تردد وشكك وكاد ان يتراجع قسم منها في منتصف الطريق، الى امام لتحقيق الهدف المنشود، فحسمت صرختهم، ارحل ..ارحل، المعركة بتحقيق النصر.
-   شكل تحرك ومؤازرة المصريين في خارج مصر، وخاصة الناشطين والمثقفين والاعلاميين، دورا هاما ومساعدا، يضاف الى ذلك التضامن الدولي الواسع ووقوف الاحرار في كل ارجاء العالم معهم. ان هذا يثبت ثانية ان الشعوب التي تتحرك وتناضل وتتحدى وتقدم التضحيات من اجل الانتصار تكسب التقدير والتضامن والمساندة في هذا العصر الذي بات المجتمع البشري فيه وكانه يعيش في قرية صغيرة واحدة.
-   واخيرا دشن هؤلاء الثوار، ببساطتهم وصدقهم واصراهم، وبانتصارهم، مرحلة جديدة في هذا الجزء من العالم، مرحلة الايمان بانتصار الشعوب على حكام تسلطوا لعقود على صدور شعوبهم، مرحلة تغيير انظمة دكتاتورية شمولية غارقة في الفساد والتخلف. مرحلة انطلقت شرارتها في تونس ولن ينتهي سعيرها في مصر، مرحلة ستكنس فيها الشعوب هذه الانظمة العائقة للتطور والتي اذلت شعوبها بما لم يعد يحتمل اكثر وترمي بها في المزبلة. انها مرحلة الثورات الشعبية التي تفتح الافاق نحو انظمة اكثر حضارية وعدالة وديمقراطية ولحياة افضل واكثر معنى وجدوى.
انحني اجلالا وتكريما واحتراما لشجاعة واصرار وتضحيات شباب ثورة مصر البيضاء، واملي ان  تصبح مصر الجديدة، قريبا، مصر احلام وتطلعات الشباب، ان تصبح نموذجا لبناء نظام ديمقراطي علماني يضع الانسان، المواطن المصري، من دون اي تمييز هدفا رئيسيا له. ان تصبح بلد الامكانات والعمل والتعليم والابداع والانتاج والضمان الصحي والاجتماعي، ان تصبح مصر نموذجا تقتدي به دول وشعوب بلدان المنطقة الاخرى.

45
هل من نهاية لمحنة المسيحيين في العراق؟

سامي المالح

الجزء الثاني
سلطنا الضوء في الجزء الاول على المحنة التاريخية للمسيحيين في العراق ، والتي هي مستمرة دون انقطاع، اشتدت وأخذت في الاونة الاخيرة، بعد سقوط الصنم في بغداد 2003، ابعادا خطرة تهدد وجود هذا الشعب - الكلدان السريان الاشوريين – في ارض الاباء والاجداد واجباره بالعنف الى الهجرة والتشرد. ولقد أكدنا ان القتلة الارهابيين الذين يستهدفون المسيحيين لاينحصرون في تنظيمات القاعدة ودولتهم الاسلامية فحسب، بل ان ثمة جماعات ومنظمات تنشط في اجواء الفوضى وغياب الامن والقانون وسيطرة للدولة ومؤسساتها، تغلغلت في الميليشيات ومن ثم في الجيش والشرطة والاجهزة الاخرى، شاركت هي الاخرى في القتل والتهجير والنهب واذلال المسيحيين. وأكدنا ايضا ان الخلفية الفكرية والمنطلق الايديولوجي او مبررات النفاق التي تقف وراء هذه الجرائم هو واحد، هو النظرة الى المسيحيين وغيرهم من غيرالمسلمين ككفرة واهل الذمة، وعدم القبول بهم وبما يمثلونه من تعدد ديني وثقافي واثني، والاخطرهو تدميرما يجسدونه من قيم التآخي والتسامح والمحبة والحوار والصدق والوطنية. ولقد اوضحنا ايضا بان محنة واضطهاد وارهاب المسيحيين في العراق كانت ولاتزال مزدوجة، بمعنى انهم كانوا مرة ضحية الارهاب وغياب الامن كمواطنين اسوة ببقية اشقائهم الضحايا الابرياء من العراقيين، ومرة اخرى ضحايا الارهاب والقتل والتهجير والتهميش والتمييز، لانهم مسيحيين وكفرة ومن اهل الذمة او لانهم ليسوا من الاكثرية والقوميتان الرئيسيتان، اولانهم يطالبون بحقوق المواطنة المتكافئة والحقوق القومية المشروعة ويتطلعون الى التطور في امان واستقرار.
وفي نهاية القسم الاول طرحنا التساؤلات التالية:   
هل من نهاية لهذه المحنة؟ وعلى من تقع مسؤولية وضع نهاية لها؟ ماهي مسؤولية المراجع الاسلامية والسلطات والقوى السياسية  وفي مقدمتها الاسلامية ومنظمات المجتمع المدني العراقية ؟ ما هي مسؤولية المجتمع الدولي والامم المتحدة؟ ماهي مسؤولية رؤساء الكنائس والقوى السياسية والمؤسسات الاخرى للشعب الكلداني الاشوري السرياني المسيحي؟ ما هي مسؤولية المسيحيين كشعب يرفض ان يتحول الى شعب مشرد بلا وطن؟

مسؤولية المراجع والسلطات (الدولة) والقوى السياسية الاسلامية
من البديهي، ان الدولة ومن خلال المؤسسات الامنية تتصدى لتوفير الامن والاستقرار في البلد، فهذه هي مهمتها الاولى والاساسية. فالفرد- المواطن في اي مجتمع يستمد امانه واطمأنانه في ممارسة حياة عادية من وجود مؤسسات دولة تعي وتدين وتلتزم بصدق واخلاص بتنفيذ مهمتها هذه.
مأساة العراق ان تشكيل السلطات التي توالت لادارة البلد، منذ مجلس الحكم، من خلال التقاسم والتوافق الطائفي والقومي، لم تؤدي لحد اليوم الى بناء دولة مؤسسات ذات هيبة ومصداقية. ففي العراق كان هناك سلطة مركبة، حتى بعد الانتخابات كعملية ديمقراطية، ذات اجزاء واطراف تتقاسم السلطة والنفوذ والتحكم بالثروات وتنفيذ الدستور والقانون على الارض، بوتائر واشكال وطرق واساليب مختلفة، تعكس سعيها لتحقيق مصالحها الخاصة الحزبية والطائفية والمناطقية والعشائرية، والتي وضعتها قبل المصلحة الوطنية. ان هذه النزعات والصراع على هذه المصالح، عطل عملية بناء دولة بالمعنى العصري، دولة سيادة القانون، ومؤسسات وطنية موحدة الاهداف والبناء واساليب العمل، ودولة دستور يعكس ويجسد المصلحة الوطنية العليا واطار تشريعي لسن قوانين لبناء دولة المواطنة والتكافؤ والتعددية والمساواة والعمل والانتاج والابداع، دولة مؤسسات تراقب وضع ثروات البلد المادية والبشرية في عملية البناء والتغيير والتطور وتوفير مستلزمات حياة حرة كريمة انسانية لكل العراقيين، ودولة مؤسسات تضع حدا للفساد المستشري والنهب والانحطاط والجريمة.
من الجدير بالاشارة والابراز، ان ثمة تداخل واضح لدور المراجع الدينية، الشيعية منها والسنية، والاحزاب الاسلامية، مع دور النخب التي ساهمت وبرزت وتصارعت وتنافست وتولت مقاليد الامور والسلطة في العراق. فهي، مجتمعة، تتحمل مسؤولية تاريخية لكل ما جرى ويجري في العراق.
فمن المهم، اولا، الاشادة والتقييم العالي لدور بعض المرجعيات ( وخاصة السيد علي السيستاني) في العمل على وقف التدهور وتحول الصراع الطائفي والارهاب المنفلت الى حرب اهلية. ولكن من المهم، ايضا، التأكيد على ان بعض المرجعيات والمؤسسات الدينية ورجال الدين البارزين يتحملون مسؤولية في تغذية الاحتقانات الطائفية، ودعم الميليشيات والاعمال المسلحة واستخدام العنف، والوقوف خلف بعض القوى والاحزاب، والانزلاق الى متاهات العملية السياسية والصراع على النفوذ والثروات والتحكم بحياة الناس وحرياتهم. وبذلك تسييس الدين، وادى كل ذلك فيما ادى الى صياغة دستور غير متفق عليه كليا، لايضمن كامل حقوق كل الاطياف العراقية ، ويقسم الشعوب العراقية اثنيا الى رئيسية وثانوية، والى انتماءات دينية اساسية واخرى وكأنها تابعة.
وبقدر ما يتعلق الامر بمسؤولية ما آل اليه وضع المسيحيين ( وغيرهم من المكونات الدينية الغير مسلمة) وما تعرضوا ويتعرضون اليه اليوم، فهي ايضا مسؤولية مشتركة. ففي غياب دولة ضامنة للامن والاستقرار، وفي ظل فوضى الصراعات الطائفية على السلطة والنفوذ، وفي ظل هذا التداخل البارز والواضح بين دورالمرجعيات والمؤسسات الدينية والاحزاب الحاكمة التابعة او القريبة منها، تستمر وتشتد محنة المسيحيين المسالمين والعزل. لقد هزت مجزرة كنيسة سيدة النجاة الضمائر والرأي العام الوطني والعالمي، وعكست حجم الماساة ومدى تقاعس الدولة وعجزها، ووضعت في الحقيقة كل القوى المشاركة في السلطة والمؤسسات الدينية والمراجع امام امرواقع جديد، ليس بالامكان تلافيه والتعامل معه، الا بتحمل المسؤولية وبشفافية وجرأة وصوت عال مسموع. وفعلا شاهدنا في هذه الفترة القصيرة كم كبير من التصريحات والمقترحات والتوجهات والفعاليات بمختلف المستويات، وطنيا وعالميا، تتناول محنة المسيحيين وتساهم في ايجاد الحلول لها.
ان حجم  محنة المسيحيين وعمقها وابعادها، تتطلب طرح وتحديد واتخاذ حزمة من الاجراءات الاساسية والمصيرية التي تحدد بوضوح مدى وطبيعة المسؤولية الاخلاقية والقانونية والوطنية، للمراجع والحكومة الجديدة والمؤسسات الاخرى، وعدم الاكتفاء بالتصريحات والادانات والتطمينات وتشكيل لجان غير منسجمة من دون صلاحيات وغيرها من الاجراءات الشكلية الاخرى.

مواقف واجراءات أساسية لوضع حد لمحنة المسيحيين:
اولا – موقف واضح صريح معلن بلغة بسيطة ومفهومة، يتجسد بفتوى مشتركة، تصدر من اكبر المراحع الاسلامية الشيعية والسنية، تحرم قتل المسيحيين، وغيرهم من ابناء الديانات الاخرى،  وتهجيرهم وتمييزهم وتهميشهم ونهب اموالهم واضظهادهم ، وتؤكد حرية الدين واحترامها شرعا وقانونا. وبعكس ذلك فان التصريحات والندوات والخطب والمؤتمرات والمواقف الشخصية، والتي هي موضع تقدير واحتروتشكل جهدا ايجابيا، لايمكنها ان ترتقي الى مستوى المسؤولية وما يتطلبه الواقع المر وحجم الجرائم الارهابية.
ثانيا – على السلطات، واجهزة الدولة المختلفة، ان تفتح ملفات القتل والتهجير وكل التجاوزات الاخرى على المسيحيين، في كل انحاء العراق، وان تعلن للشعب من هم المجرمين والقتلة ومن يقف ورائهم، وان تقدمهم للعدالة لينالوا جزائهم. وبعكس ذلك تبقى الملفات مهملة والمجرمون احرار، وربما قابعون في مكاتبهم ومقراتهم ويديرون مؤسسات خطرة ويخططون لجرائم جديدة. ويبقى المسيحيون ضحايا ويزداد شعورهم بالخذلان والتمييز والاهمال المتعمد. ان نداءات قادة البلاد التي تطلب من المسيحيين بالبقاء في البلد وعدم الهجرة والهروب من جحيم الارهاب، لن تعني الكثير اذا ما لم تفترن بالعمل وسيادة القانون والعدالة وهيبة ومصداقية الدولة.
ثالثا –  على الدولة العراقية والقوى السياسية المتحكمة بالسلطة ان تتجاوب لمطالب هذا الشعب، الدينية والقومية، والتعامل معه كشعب له خصوصياته وليس كطائفة هامشية، وهو شعب اصيل يعتز بانتمائه الوطني وبعراقيته وعراقته وبمساهماته في تطور حضارة وادي الرافدين وفي تطوير العراق المعاصر بعد استقلاله. وطبعا ان من مصلحة هذا الشعب ان يكون العراق معافي يسود فيه القانون ويكون مستقرا ومزدهرا وامنا لكي يضمن ممارسة حياته وخصوصياته في كل انحاء العراق دون اي تمييز. ولكن وللاسف فان واقع العراق اليوم ليس كذلك، ولذلك فمن حق هذا الشعب الطبيعي، ان يبحث عن حلول ومشاريع جذرية عملية قابلة للتطبيق، لمقاومة الموت والتهجير وكل اشكال الاضطهاد. فالمطالبة بالحكم الذاتي او بمحافظة خاصة مع غيره من اشقائه في منطقة امنة، هي مطالب شرعية وواقعية. فمن المستحيل التخيل ان يكون هناك امان لشعب في دولة تتنكرالاكثرية لحقوقه وتحرمه من حقوق المواطنة ومستلزمات الوجود والتطور. ولايمكن الوثوق بدولة تحرم جزءا من ابنائها من رسم مستقبلهم وضمان امنهم في اطار الشراكة والمساواة والتكافؤ والاحترام والتضامن.
رابعا - رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان والوزارات والمؤسسات الامنية المركزية والمحلية، مطالبة ان تضع كل وعودها وقراراتها موضع التنفيذ دون تاخير. فللدولة ثروات هائلة وقوة بشرية كبيرة، وعليها استخدامها بفعالية، وبتفاهم وتعاون وتنسيق مع مؤسسات وقوى الشعب الكلداني السرياني الاشوري المسيحي,، لوضع الخطط والاجراءات على الارض، وتطويرها باستمرار، وصولا الى خلق اجواء من الثقة والاطمأنان للضحية اولا، ولمواجهة يومية مع المجرمين الارهابيين وردعهم والقضاء عليهم مهما اختلفت اسمائهم وتنظيماتهم وانتماءاتهم.
خامسا –  تعويض المسيحيين وغيرهم من ضحايا الارهاب والتمييز الديني عن كل الخسائر، الارواح والاموال والمساكن والمحال التجارية والاعمال والاختطاف والنهب والتهجير والتشريد وغيرها من الاضرار. وذلك من خلال تخصيص ميزانية خاصة وتشكيل مؤسسة نزيهة من ابناء الضحايا واقرار الية عمل فعالة. فالمشردين والذين نجوا بارواحهم واليتامى والارامل والعاطلين عن العمل المتشبثين بالارض والوطن، يحتاجون الى المال، وهو حق لهم على الدولة والمجتمع، لكي يستطيعون مواصلة الحياة بكرامة  في المناطق الامنة في اقليم كوردستان وسهل نينوى. فالاكراميات والتبرعات والمساعدات الرئاسية ومن المؤسسات الخيرية هي مساعدات لها قيمتها المعنوية، ولكنها لن تحل المشكلة. فالدولة، ومن ميزانيتها، يجب توفير مستلزمات البقاء والحياة لهؤلاء الضحايا، كما لجميع الضحايا طبعا. ان المال الحرام الذي نهبه افراد وجماعات من ثروات العراق تكفي لبناء دول جديدة متقدمة ومزدهرة. فلماذا لايخصص جزء يسير من ثروات البلد للضحايا والابرياء.   
سادسا – لابد من الاقرار - ان التعصب الديني والقومي والطائفي وكل التوجهات والافكار والتنظيرات والنصوص، التي تقسم الناس وتميز بينهم ، تؤدي بالنتيجة الى اشاعة الكراهية والحقد والبغضاء والتفرقة والصراع وفي النهاية استخدام العنف لالغاء الاخر. وعليه فان على الدولة، المؤسسات الدينية، نظام التربية والتعليم، ورجال الدين والخطباء، الاعلام بكل اشكاله، وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الاخرى، المفكرين والكتاب والفنانين، التصدي للتعصب والتمييز وكل الافكار التي تبررها وتدعوا لها. وان تعمل ليل نهار لزرع بذور البديل: مستلزمات مجتمع امن مستقر، مستلزمات دولة مواطنة وقانون، مجموعة قيم توحد الناس في سعيهم من اجل مستقبل مشترك وحياة اكثر قيمة وجدارة. بديل يتمثل بقبول التعدد والاخر، الحوار، المساواة والتكافؤ، وضع الانسان وانسانيته فوق انتماءاته مهما كانت، حب واحترام العمل والانتاج والابداع، مراقبة السلطة ومحاربة الفساد واستغلال ونهب المال العام، نبذ العنف بكل اشكاله، المساواة بين الرجل والمرأة، التداول السلمي للسلطة والنظر الى السلطة والحكومة كألتزام ومسؤولية لبناء وطن وخدمة الشعب والمواطن. ان هذا العمل المسؤول والمتواصل هو وحده الضامن الاكبر لتوفير الامن والاستقرار والمستقبل، وهو وحده يوفر البيئة الصالحة والطبيعية للتعايش والاخوة والحياة الكريمة، ليس للمسيحيين وحدهم، بل لكل العراقيين. وبعكسه، فان المسيحيين لن يكونوا الضحية الاخيرة. اذ ان الشعوب والبلدان التي لاتضع اساسا صالحا قويا لمستقبلها لن تكون حرة، وستبقى غارقة في الفوضى والتخلف والفقر والجهل والحروب. فهل هذا ما نريده لوطننا وشعبنا؟
أن المسيحيين واعون جيدا ان نجاح الحكومة والمراجع ومؤسسات الدولة في خلق الامن والاستقرار، وبيئة للتعايش والاخوة والمساواة والعدالة والقضاء على الفساد والجريمة في كل العراق، انما يخدم مصالحهم ويضمن مستقبلهم. ولكن ومع استمرار محنتهم، وتلكؤ وعجز الدولة في حمايتهم وضمان حقوقهم، سيحاولون الدفاع عن نفسهم بكل الوسائل المشروعة المتاحة، وسيرفعون صوتهم عاليا طالبين العون والنجدة من الانسانية والمجتمع الدولي والامم المتحدة، التي بدورها تتحمل مسؤولية تجاه مصائر الشعوب. فالمسيحيين، الشعب الكلداني السرياني الاشوري، شعب حي، متشبث بوطنه، يتطلع كي يعيش حرا بكرامة ومساواة واخوة مع اشقائه في الوطن، وليساهم معهم من اجل حياة افضل. ولذلك فانه سيقاوم الموت واالتهجير والظلم والتمييز والتهميش.
في الجزء الثالث نتناول مسؤولية قوى واحزاب والشعب الكلدتني السرياني الاشوري المسيحي لوضع نهاية لمحنته وبناء مستقبله.


46
هل من نهاية لمحنة المسيحيين في العراق
                                           
سامي المالح
الجزء الاول
مقدمة
يتعرض المسيحيون - سكان بلاد النهرين الاصليين، منذ قرون طويلة خلت، الى القتل والابادة الجماعية المنظمة، والى التهجير القسري والطرد من ارض الاباء والاجداد، والى شتى اشكال التفرقة والتمييز المقيتة والتهميش والمعاملة الغيرانسانية وغيرها من اشكال الاظطهاد. وبأستثناء مراحل تاريخية محدودة شهدت هدوءا استطاع فيها المسيحييون العيش بامان نسبي، استمرت المحنة التي يتعرضون اليها من دون انقطاع لتؤدي الى نتائج تاريخية مروعة وكارثية. وللاسف فان هذه المحنة، ومسلسل تلك الجرائم القذرة لم تنتهي مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة  بهزيمة الاحتلال العثماني وانتصار الانكليز واحتلالهم للعراق في الحرب الكونية الاولى. لقد خفت حدة حملات القتل والتهجير في بعض الفترات في القرن الماضي نتيجة زيادة الوعي ومفاهيم التعايش المشترك وتطورالتعليم والحركة السياسية الاجتماعية الاقتصادية وخاصة في المدن الكبيرة والبلدات التي استقر فيها اكثرية المسيحيين من الكلدان الاشوريين السريان، ولكن مظاهر التمييز والتهميش والحرمان لم تنقطع يوما.
ومن المؤلم ان يسجل التاريخ دراما تراجيدية انسانية جديدة، في القرن الواحد والعشرين، في عراق يقال عنه ديمقراطي وجديد، يحكمه قادة واحزاب عارضت الدكتاتورية وتبنت برامج ثورية وتنتخب من قبل الشعب وصاغت للبلد دستوره الدائم، وفي عصر المعلوماتية وحقوق الانسان وتحرر الشعوب. نعم انه لامرمخجل ومثير للاشمأزاز والتقزز ان تستمر، لابل ان تشتد، محنة المسيحيين في العراق اليوم، والمراجع والاحزاب والقوى وقادة البلد يخطبون ويصرحون ويفلسفون المأساة، وهم يتفرجون فحسب،  منذ ان بدأت، قبل ستة سنوات ميلشيات احزابهم وحلفائهم وطائفتهم جرائمها في البصرة الوديعة، لتمتد وتتسع فيما بعد الى كل اطراف الوطن، من دون ان يفعلوا شيئا حقيقيا وملموسا.
الصراع والارهاب والفساد وبيئة خانقة
بعد احتلال العراق وسقوط الصنم في بغداد، اشتد صراع الميلشيات والقوى السياسية التي صعدت ابان الاحتلال وبقايا من قوى وعصابات النظام المقبور، على السلطة ونهب ثروات البلد. وفي غياب الشعوربالمسؤولية الوطنية وعدم الاتفاق على برنامج وطني لبناء عراق المواطنة والقانون والمؤسسات والتقدم والازدهار، جسد استخدام العنف والارهاب المنفلت لحسم الصراعات بين هذه القوى حقيقتها وطبيعتها، فهي منبثقة من رحم مجتمع عاش لقرون طويلة في ظلام الدكتاتوريات والتسلط والتعصب والحروب والقمع. واغلبها لايؤمن الا بالعنف للقضاء على الخصم، وهي مشبعة بقيم لاتمت للقيم الديمقراطية والحوار بصلة، وهي تنظروتفهم الاستيلاء على السلطة وحكم البلد كما فهمته الدكتاتوريات السابقة، فالسلطة عندهم لم تشكل يوما تحمل مسؤولية بناء وطن وادارة شؤون شعب لكي يكون حرا يتمتع بحياة كريمة لائقة، بل تمثلت بامتلاك مصائر الشعب والوطن والثروات المادية والبشرية، والتحكم المطلق بحريات وارادات الناس وفقا لمصالحها وبما يضمن لها السيطرة والبقاء على سدة الحكم الى الابد.
 وفي اجواء الاحتلال وانحلال الدولة ومؤسساتها، وفي اجواء التخلف والفقر وحاجة الناس الى لقمة العيش والامان والدفاع عن النفس، استقطب العراق كل قوى الارهاب والتخلف الاقليمية، وبات ساحة لتصفية الحسابات وتحقيق المصالح. فأنتعشت الميلشيات، التي استوعبت الفقراء والعاطلين عن العمل والاف ممن لم يجدوا الامان والضمان الا في انتمائهم الطائفي، وزاد نشاطها ونفوذها لتصبح دولة داخل دولة. كما استطاعت القاعدة ومرادفاتها من المنظمات والتشكيلات المنطقية وبقايا جيوش واجهزة صدام القمعية ان تنطم نفسها وترهب الشارع وتتحالف وتحارب لتثبت سلطتها وقبضتها بأسم المقاومة.
كل هذه الاجواء وهذه الاوضاع التي سادت لعدة سنوات شكلت بيئة خانقة وقاتلة للمسحيين ولغيرهم من الاقليات الدينية والاثنية. فهي بقيمها ونزعتها الانسانية لاتؤمن اساسا بالعنف، ولم يكن بامكانها تشكيل ميلشياتها الخاصة، ولم تملك قوة حقيقية لتدافع عن نفسها، وليس لها ارتباطات دولية وافليمية، وسرعان ما خابت امالها في التغيير وبناء دولة المواطنة العلمانية التي تضمن لها حقوقها بتكافؤ ومساواة مع غيرها من اشقائها في الوطن. وبات المسيحيون فجأة الحلقة الاضعف في مجتمع تمزقه الفوضى وتتحكم فيه عدة قوى طائفية واطرافها تتصارع وتتفاتل من اجل السلطة والثروة والنفوذ، لاتتورع ابدا عن القتل والنهب والسلب والاعتداء والحصول على المال الحرام بسرعة وباية طريقة كانت. ومن الطبيعي ان تنمو وتنشط، في مثل هذه البيئة، قوى ظلامية متطرفة، تسعى لفرض رؤيتها وثقافتها وقيمها على المجتمع باسره، بالعنف والارهاب، مستغلة مواقعها في الشارع المقهور والمغلوب على امره ومواقعها ونفوذها في السلطة ومؤسسات الدولة، لفرض ارادتها على الاخر (المسيجيين والصابئة والايزيديين)  ولاذلاله ونهبه وتصفيته و التخلص منه في حالة رفضه او التمسك بخصوصياته.
ظلم واظطهاد وارهاب مزدوج
صحيح جدا عندما يقال بان ما يتعرض له المسيحيون في العراق هو في اطار ما يتعرض له كل ابناء العراق، فالصراعات والارهاب وتصفية الحسابات حصدت مئات الالاف من الارواح البريئة من كل اطياف العراق. الا انه ليس بصحيح ابدا اخفاء ونكران حقيقة أن عذاب واظطهاد وارهاب المسيحيين كان مزدوجا. فهم نالوا اولا حصتهم من الحالة العامة التي تعرض لها كل الشعب العراقي المنكوب، غير انهم اضافة الى ذلك باتواهدفا للقتل والتهجير والخطف وفرضت عليهم الجزية والاسلمة وفجرت كنائسهم وبيوتهم وهمشوا وتعرضوا للتمييز المجحف، مرة اخرى، لأنهم مسيحيون ومسالمون، ولانهم يمثلون ويجسدون التنوع وقيم المحبة والحوار والتضامن والاستقامة والاخلاص والوطنية الحقة. فالمسيحيين لم يكونوا طرفا في اي صراع  ولم يهددوا جهة او طائفة او مجموعة ولم يتنافسوا على السلطة ونهب ثروات البلد باي شكل من الاشكال.
لقد حاول ويحاول البعض، بسذاجة او بتعمد، في منابر المجاملات السياسية وفي الاعلام وللاستهلاك ومداراة المصالح الانانية، الى اخفاء او نكران هذه الحقيقة المرة. ولقد تخيل عدد من قادة الشعب الكلداني الاشوري السرياني المسيحي، للاسف، ان ابراز هذه الحقيقة، والاجهار بها عاليا بوجه القتلة والمجرمين والارهابيين وكذلك بوجه السلطات التي تقع عليها مسؤولية توفير الامن وحماية المواطنين كاملة، انما يعقد الامور ويثير ويستفز الارهابيين والميلشيات والقتلة من جهة ويخلق مشاكل سياسية للاحزاب القومية، التي ركزت، للاسف، جل اهتمامها، على مصالحها الانانية والمشاركة بالسلطة من جهة اخرى.
المحنة مستمرة
لقد اثبتت الايام ان التطورات والتغييرات، من اقرار دستور للبلد والانتخابات وحكومات التوافق والتحسن في الوضع الامني بشكل عام وبدء انسحاب قوات الاحتلال، لم توفر الامان ولم تنهي محنة المسيحيين. كما ان مساعي الكنيسة وتأكيداتها اليومية على التعايش والاخوة والسلام والمحبة واطلاق نداءات الاستغاثة المتكررة، اضافة الى قبول الساسة بالكوتا المخجلة والمجحفة وصعود عدد من البرلمانيين المسيحيين والحصول على وزارة في حكومة التوافق والمحاصصة والاحتجاجات واالأدانات والاستنكارات ومطالبة السلطات بتحمل المسؤولية ، لم تجدي نفعا. اذ لم يعد من الممكن نكران واخفاء تلك الحقيقة الساطعة والمرة ولم يبقى مجالا للشك بان المسيحيين يقتلون على الهوية ولانهم مختلفين ومن اهل الذمة وكفار ومن انتماء قومي وثقافي اخر. اذ لم يتوقف، بل اشتد قتلهم وتهجيرهم وطردهم من منازلهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وتفجير كنائسهم.
من هم الفتلة والمجرمين؟
من المفروض ان المحاكم العراقية والمؤسسات الامنية والسلطات المحلية والمركزية في العراق تجيب على هذا السؤال. ولكن وللاسف ان هذه المؤسسات والسلطات لم تقدم الى اليوم وثائق رسمية صادرة عن محاكم اصولية وشرعية تشخص مجموعات معينة وتدينها قانونيا باثباتات وقرائن وتعلن للشعب الحكم العادل بحقها. نعم كان هناك تصريحات واعلانات اعلامية فحسب، وهناك تأكيدات مستمرة بان الارهابيين هم من القاعدة والمتطرفين الاسلاميين والقادمين في اغلب المرات من خارج الحدود. وفي بعض الحالات اتهمت بعض القوى والاطراف بعضها لبعض وخاصة في الموصل. كما بعض السياسيين المسيحيين يصرحون ويتهمون المتطرفين والقاعدة حينا و يحاولون تبسيط الامور احيانا فيتهمون اللصوص والعصابات وبعض جماعات خارجة عن القانون.
ان ايجاد حل لوقف نزيف القتل والتهجير وكل اشكال الظلم والاظطهاد والتمييز والتهميش، يتطلب قبل كل شيْ، جرأة ومصداقية في تشخيص القتلة ومن يقف ورائهم وتحديد الفكر والمبررات والمسوغات التي تدفعهم الى الايغال قي قتل واذلال المسيحيين او ابناء الاقليات الدينية والاثنية الاخرى.
القاعدة والمنظمات الاسلامية الارهابية المحلية المرتبطة والمتعاونة معها اعلنت جهارا حربها على الصليبيين الكفرة، فالامر واضح ومفهوم جدا. ولكن قتلة المسيحيين لا ينحصرون قطعا في تنظيمات القاعدة ومشابهاتها. اذ لابد من الاقرار ان بعض الميليشيات المرتبطة بقوى شاركت في العملية السياسية وكان لها حصة في سلطة المحاصصة والتوافق، والتي كان لها سطوتها على الشارع في العديد من المناطق، هي الاخرى تمادت واجرمت بحق المسيحيين والصابئة والايزيديين، ومن منطلقات التطرف الديني وبتأثير من ذات الفتاوي والتوجهات والتعصب والافكار التي تنهال منها القاعدة. كما كان للصراع على الارض والمناطق والنفوذ وللتعصب القومي وبقايا عصابات النظام الشوفيني البعثي السابق دور قذر واجرامي، فلقد تمادت في جرائمها واستهدفت المسيحيين لترهيبهم وتحجيمهم ومنعهم من التعبير عن الذات والمطالبة بالحرية والحقوق القومية المشروعة. هذا اضافة الى المجموعات الاجرامية التي نظمت نفسها وتسللت الى الميلشيات واجهزة الدولة او مارست نشاطات مافيوية استهدفت المسيحيين لانهم مكشوفون عزل وكفار ليس من يهتم بهم ويحميهم. ان ما عقد الامور وسهل عملية قتل المسيحيين وارهابهم دون توقف، هو تغلغل المغالين والمتطرفين والمتشددين والفاسدين والمجرمين العاديين في الميلشيات اولا، وبعد انحصار دورالميلشيات تغلغلت في الجيش والشرطة وغيرها من مؤسسات الدولة. كما ان بعض من هؤلاء استغلوا موضوعة مقاومة المحتل، وتبريرا لاجرامهم، اجتهدوا بنفاق لربط المسيحيين بالمحتل والغرب، متناسين ان المحتل والغرب لم يتحماوا مسؤولية حماية الشعب العراقي وامن المسيحيين، وهم لايهمهم غير مصالحهم التي توافقت وتشابكت مع مصالح القوى والاحزاب السياسية الكبيرة التي تحكم البلد.
والسؤال الملح اليوم هو: هل من نهاية لهذه المحنة؟
انه سؤال ملح بالنسبة لشعب تمتد جذوره عميقا في ارض تخضبت بدماءه يريدون قلعه منها ورميه في غياهب الغربة والتشرد. شعب تاريخه وحضارته وهويته هي العراق. شعب لم يبخل يوما في العمل والكفاح والبناء وتعزيز اواصر الاخوة والمحبة والتضامن ونشر ثقافة التسامح والحوار وقبول الاخر، شعب يتطلع الى المساهمة بامكاناته العلمية والمعرفية والاخلاقية في بناء عراق جديد، عراق المواطنة وسيادة القانون، عراق الامن والسلام والتآخي والمصير المشترك، وعراق يتسع للجميع بمساواة وتكافؤ من دون اية تمييزات مقيتة ومن دون قوميات اساسية وثانوية ومن دون اكثرية واقلية.
هل من نهاية لهذه المحنة؟ وعلى من تقع مسؤولية وضع نهاية لها؟ ماهي مسؤولية المراجع الاسلامية والسلطاتوالقوى السياسية  وفي مقدمتها الاسلامية ومنظمات المجتمع المدني العراقية ؟ ما هي مسؤولية المجتمع الدولي والامم المتحدة؟ ماهي مسؤولية رؤساء الكنائس والقوى السياسية والمؤسسات الاخرى للشعب الكلداني الاشوري السرياني المسيحي؟ ما هي مسؤولية المسيحيين كشعب يرفض ان يتحول الى شعب مشرد بلا وطن؟
في الجزء الثاني نناقش هذه التساؤلات.

47
خطوة على الطريق الصحيح من اجل الوطن والحرية

 
سامي المالح

واخيرا، ولمواجهة المحنة والمأساة والمعاناة التي يتعرض لها شعبنا المسيحي- الكلداني السرياني الاشوري منذ سنوات في الوطن، التأمت كل احزاب شعبنا في اجتماع عقد يوم الجمعة 26 نوفمبر في عنكاوا. ولقد صدرعن الاجتماع بلاغا هاما جسد اجماع الاحزاب والشخصيات المستقلة المساهمة فيه على امور مصيرية وهامة: ايجاد السبل الكفيلة لمواجهة الواقع والظروف العصيبة في هذه المرحلة، تقييم مواقف مجلس النواب ومطالبة الحكومة بتنفيذ التوصيات التي اقرت، تثمين المواقف الانسانية لرئيس اقليم كوردستان السيد مسعود البارزاني وبقية المسؤولين، رفض دعوات بعض الدول الاوربية الى نزوح جماعي واخيرا المطالبة  بأستحداث محافظة لشعبنا في سهل نينوى.
وبالرغم من ان هذا الاجتماع جاء متأخرا جدا، الا انه يشكل انعطافة جدية ويؤسس لمرحلة جديدة في علاقات احزاب وقوى شعبنا، وهو الخطوة الاولى الضرورية على طريق التعاون والتنسيق وتوحيد الجهود والامكانات وصولا الى توحيد الخطاب السياسي.
من المؤكد، ان ابناء شعبنا في الوطن وفي المهجر ستقف باعتزاز مع قوى شعبنا واحزابه، وستبارك اجتماعاتها، وستعول على التواصل والاستمرار والعمل المشترك وتجاوز كل الاختلافات، مهما كانت، وسيتغذى املها بالمستقبل وبتجاوز هذه المحن والجرائم والمعاناة، لتعيش بأمان وبحرية وكرامة في وطن الاباء والاجداد.
ان توحيد المواقف ووضع قضية شعبنا فوق المصالح الحزبية، يشكل قوة للجميع، ويعزز مكانة شعبنا وطنيا، ويكسب المزيد من التعاطف والاصدقاء دوليا. وبعكسه فان التشتت وتغليب الثانويات والاختلافات يضعف الجميع ويضعف شعبنا وقضيته ويعرض مستقبله للضياع والمجهول.
ما يثيرالاعتزاز هو مساهمة شخصيات مستقلة في اجتماع القوى والاحزاب في عنكاوا، فالمستقلين والشخصيات المهتمة وذات الخبرة والكفاءة ومكانة بين الجماهير تملك امكانات كبيرة، ولقد اثبتت بأنها تستطيع ان تلعب دورا جديا ومهما في تعبئة الجماهير وتقريب وجهات النظر وخلق اجواء ايجابية لعقد المزيد من الاجتماعات وايجاد صيغ ثابتة للتعاون والعمل المشترك.
من المهم جدا ان تتواصل هذه الاجتماعات، ومن المهم ايضا ان تخرج بتوصيات وقرارات توحد الارادة وكل الجهود والامكانات، لمواجه الارهاب والقتل والتهجير والتمييز والتهميش من جهة، وللمطالبة باستمرار وبصوت واحد بايجاد حل واقعي وفعال لقضية شعبنا من جهة اخرى. ولعل المطالبة بأستحداث محافظة لشعبنا في سهل نينوى هو حلا مناسبا وممكنا في هذه المرحلة.
طبعا ان الحوار الاخوي المسؤول والمستمر، وتعزيز الاحترام المتبادل والثقة، والالتزام بالتوصيات والقرارات، والتخلي عن الانانية والمصالح الضيقة هي الاسس الهامة التي يمكن البناء عليها لتطوير وتعزيز التعاون والعمل المشترك.
لقد تشبث شعبنا بارضه ووطنه منذ قرون، رغم القتل والتشريد وكل انواع الاضطهاد. واليوم لابد له ان ينتصر على الارهاب وقوى الظلام التي تريد النيل منه وطرده من وطنه. ان اداة الانتصار الوحيدة هي توحيد الجهود والتكاتف في خندق واحد وتوحيد الارادة والخطاب. وعلينا ان لاننسى بان لشعبنا اصدقاء كثيرون سواء من اشقائنا في الوطن او في ارجاء العالم. وهم يطالبوننا دائما بتوحيد الكلمة والخطاب لكي يتسنى لهم الوقوف معنا ودعم قضيتنا.
لتستمر اجتماعات قوى واحزاب شعبنا، ولتقف معها وتساندها كل مؤسسات ومنظمات شعبنا في الوطن وفي كل دول الشتات، وليقف شعبنا في كل مكان موحدا ضد الارهاب والقمع والتهجير والتهميش والتمييز، مطالبا بصوت عال بحقوقه المشروعة.

48
أطفال العراق -  هل من يتذكركم؟!


 
سامي المالح
ستوكهولم 15/10/2010

أكتب عن اطفال العراق وأنا اتابع حملة " اطفال العالم " التي تقودها هيئة الاذاعة والتلفزيون السويدية بالتعاون مع اثنى عشر منظمة ومؤسسة طوعية كبيرة ومعروفة. والحملة هذه قد تحولت ومنذ اطلاقها في عام 1997 الى حركة جماهيرية واسعة في كل السويد، تهدف بشكل اساسي لجمع الاف الملايين من الكرونات السويدية لمساعدة الاطفال في العالم. ففي هذا العام يشارك في هذه الحملة 45000 متطوعا، مواطنون عاديون، اطفال وكبار، نساء ورجال، وقادة وساسة معروفون وكتاب وفنانون ورياضيون ورجال دين وشركات واعلاميون. فينتشرالالاف من المتطوعين في الساحات والشوارع يحملون بيدهم صندوق لجمع ما يدفعه المواطنون مباشرة وعلى صدورهم شعار الحملة.  كما يجري دفع المساعدات من خلال البنوك وعبر مكالمات هاتفية وارسال مسج بالتلفون وشراء هدايا مخصصة للاطفال وشراء بطاقات الحفلات الخاصة او شراء كتب خاصة تصدر بهذه المناسبة. وتهتم كل الصحف والمجلات والاذاعات وقنوات التلفزيون ولمدة اسبوع بمتابعة الحملة، اهدافها ونتائجها وطريقة العمل وطريقة جمع الاموال وطريقة صرفها اضافة الى تسليط الضوء، بشتى الطرق على اوضاع الاطفال في مختلف مناطق العالم وعلى حاجاتهم ومعاناتهم واحلامهم. كما يجري تقديم برامج يومية خاصة في الاذاعة والتلفزيون، لنقل وقائع الحفلات الموسيقية الخاصة التي يشارك في تنظيمها كبار الفنانين السويديين والاجانب، وعرض المقابلات والحوارات وافلام وثائقية وحقائق وتجارب ومعايشات وبحوث ودراسات.
واليوم، وبالاموال التي يقدمها الشعب السويدي طواعية في هذه الحملات ( ما عدا 1ما يقارب 1% من ميزانية الدولة المخصصة لمساعدة الدول الفقيرة والنامية والتي هي من الضرائب التي يدفعها الشعب)، يجري تنفيذ العشرات من المشاريع الكبيرة في العديد من البلدان في مجال الصحة والتعليم ومساعدة الفتيات ضد التمييز وتهيئة الشباب للعمل وللحصول على حياة كريمة وغيرها، ففي جنوب السودان يجري بناء المدارس للاطفال ضحيا الازمات والحروب، وفي مصر ثمة مشروع لحماية البنات من الختان الاجباري، وفي زمبابوي مشروع لتأهيل اليافعين ومساعدتهم للحصول على عمل والقائمة تطول....
أما اطفال العراق، الذين يتذكرهم الملايين من السويديين، حالهم حال اطفال العالم هدف الحملة الجماهيرية الجارية هذه الايام، فقد نساهم الكبار في وطنهم، وخاصة قادة البلاد، لإنهم مشغولون ومنذ سبعة اشهر في الحوارات والمناقشات والمفاوضات والسفر الى دول الجوار وزيارة المراجع لتشكيل حكومتهم.
اطفال العراق، الملايين منهم أيتام لامعيل لهم، الملايين منهم محرومون من الطفولة يضطرون الى الاستجداء في الشوارع او العمل كالعبيد من الصباح حتى المساء. الملايين منهم لاامكانية لهم للالتحاق بالمدرسة محرومون من التعلم، الملايين منهم يتعرضون للاضطهاد والاستغلال والصدمات والقسوة والعنف والامراض النفسية والجسدية. ألالاف من الاطفال في العراق يتعرضون للاغتصاب والاستغلال الجنسي، وفي العراق هناك ظاهرة بيع الاطفال نتيجة للفقر الشديد والظروف المعاشية الصعبة. وتؤكد منظمة اليونسيف ان حياة ملايين الاطفال في العراق مازالت مهددة بسبب العنف وسوء التغذبة وقلة المياه الصالحة للشرب، كما ان منظمة الصحة العالمية تقدر عدد الاطفال المعوقين في العراق بحوالي 900 الف طفل.
اطفال العراق، ليس هناك من يهتم بهم ويقف الى جانبهم. و ليس ثمة وعي او تقدير لدى الدولة ومؤسساتها بان واقعهم المزري والمؤلم انما يشكل كارثة وطنية حقيقية يعرض مستقبل المجتمع والوطن الى مخاطر جمة. فبأستثناء عدد محدود جدا من منظمات المجتمع المدني التي تضم في صفوفها عدد محدود من الاعضاء العاملين كجنود مجهولين لتنفيذ عدد محدود جدا من المشاريع المتواضعة هنا وهناك، لم نلاحظ ان ثمة مشاريع وطنية كبيرة ومؤثرة، حكومية او اهلية، تنفذ من اجل الاطفال في العراق.
عدد منظمات المجتمع المدني في العراق في ازدياد، ومع كل التقدير والاعتزاز لعدد من هذه المنظمات، فان اغلبها للاسف هي واجهات ترتبط باجندة وعلاقات مع السلطة او القوى السياسية السائدة وذات النفوذ. عدد اصحاب الشركات التجارية يزداد بشكل غير طبيعي وكلهم يجنون وبسرعة ارباح جنونية بالتنسيق مع السلطة واجهزتها ومع مؤسساتها بطرق شرعية وغير شرعية. عدد الكوادر الحزبية ورجالات الاحزاب والعشائر الذين يملكون الملايين من دون تقديم اية خدمات او انتاج اي شيْ يخدم المجتمع والبلد يزداد في كل يوم. والصراع من اجل النفوذ والسلطة والاستحواذ على ثروات البلد ومقدرات الناس يستمر. وبذلك تستمرعملية تدهور القيم والاخلاق، ويضعف الشعور بالمسؤولية والتضامن وينعدم شعور الاعتزاز بالابداع والعمل والانتاج. وفي ظل كل هذه المظاهر تستمر مأساة ومعاناة الملايين من الاطفال في العراق.
فالاطفال هم الخاسرون في مجتمع لاتبالي فيه النخب ببناء الانسان، وبناء مؤسسات الدولة التي تخدم الانسان وترفع من شأنه وتضعه هدفا لها. فالاطفال هم الخاسرون في مجتمع لايبالي بحقوق الانسان الاساسية، في دولة لاتضع توفير مقعد في المدرسة لكل طفل على رأس اولوياتها، في دولة لاتوفر مسكنا لائقا ومستلزمات حياة انسانية كريمة لكل عائلة ولكل فرد، في دولة لاتوفر الماء النقي للشرب والكهرباء والخدمات الصحية الضرورية للمواطنين.
الاطفال هم المستقبل. فالبلد الذي يرعى ويهتم بتربية وتعليم الاطفال واعدادهم لتحمل المسؤوليات ومواجهة التحديات ومهمات البناء والتنمية والتطور، انما يضمن المستقبل ويرتفع الى مكانة مرموقة في المحتمع الدولي. وبعكسه فالبلدان التي لاتوفر لاطفالها مستلزمات الطفولة والتعليم والنمو الامن والطبيعي والصحي تبقى بلدان فقيرة ومتخلفة ومعرضة للازمات والصراعات والمواجهات والحروب.
أطفال العراق بحاجة ماسة الى حملة وطنية عراقية: لانقاذ طفولتهم، لحمايتهم التشرد والضياع واليأس ومن المظالم وكل انواع الاستغلال البشع، لتوفير لقمة العيش الكريمة، ولضمان حق كل طفل في الحصول على مقعد في مدرسة ملائمة توفر له امكانات التعلم والنمو والتطور بكرامة وحرية واستقلالية.
والسؤال هو من الذي يبادر ليخطط لمثل هكذا حملة؟ ومن الذي سيتعاون و سينخرط لتنفيذها؟ من سيتحرك ليكون له شرف انقاذ الطفولة في العراق والتأسيس لبناء جيل متعلم وصحي وصالح وكفوء وبالتالي لضمان بناء وطن امن مستقر مسالم مزدهر؟



49
الانتخابات في السويد – من يحدد اتجاهات تطور البلاد؟

سامي المالح

يوم الاحد 19 من سبتمبر الجاري يتوجه الملايين من السويديين الى صناديق الاقتراع، ليحددوا، في كرنفال ديمقراطي، اي من التحالفين – اليمين الحاكم ام اليسار المعارض، سيتولى ادارة شؤون البلاد للسنوات الاربع المقبلة.
ومنذ أشهر احتدمت الحملات الانتخابية، في كل مكان وعلى مختلف المستويات، في الساحات العامة والشوارع والمراكز التجارية ومواقع تجمع الناس وفي الصحف والجرائد والاذاعات وقنوات التلفزيون المختلفة، أشترك فيها عشرات الالاف من القادة والكوادر والاعضاء والمؤيدين من كل الاحزاب، لاقناع المواطن بجدوى السياسات والمشاريع والمواقف والشعارات، لكسب صوته، وبالتالي لضمان الاكثرية النيابية التي تؤهل لتشكيل الحكومة.

 قضايا انية ملحة وقليل من المواجهات الايديولوجيةن
                       

بالرغم من ان المنافسة الاساسية في هذه الانتخابات هي بين تحالف اليمين الذي حكم لاربع سنوات ماضية وبين تحالف اليسار الذي تشكل في السنة الاخيرة من حزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اليسار وحزب البيئة، الا ان ما يسود الحوارات والمناقشات والمناظرات والمواجهات المباشرة في وسائل الاعلام المختلفة هو، الى حد كبير، تركيزحول الاسئلة والمواقف والمشاكل الانية التي تمس حياة شرائح او قطاعات مختلفة من المجتمع السويدي. وبأستثناء بعض البرامج الاذاعية والتلفزيونية والمقالات في الصحف الكبيرة والمواجهة الحوارية الايديولوجية التلفزيونية الوحيدة بين رئيسة الحزب الاشتراكي مونا سالين ورئيس حزب المحافظين فريدريك راينفيلد، فان اغلب الحوارات والمناقشات والدعايات الانتخابية واللافتات والبوسترات والشعارات تتمحور حول: العمل، الضرائب، المدرسة، البيئة، النظام الصحي والموقف من الحرب في افغانستان. والمتابع لكل هذه الحوارات والمواجهات والانشطة الاخرى، يلاحظ ، ان الطرفين يحاولان تسويق حلول ملموسة انية واضحة، مع التلافي في الخوض في نقاشات ايديولوجية عميقة والحديث عن التوجهات الاستراتيجية ورسم صورة المستقبل البعيد.



الوسطية في خطاب اليمين

ولعل، تسويق اليمين بزعامة المحافظين، الذين يطلقون على نفسهم بالمحافظين الجدد، برنامجهم وحكومتهم كبرنامج العمل وحكومة توفير فرص العمل، متحركين نحو الوسط، ومقتربين في خطابهم الانتخابي من خطاب وتوجهات ومواقع التحالف اليساري المعارض، هو الذي يجعل امر رفع المناقشات الايديولوجية الى الواجهة امرا صعبا ومهمة ليست بعسيرة لتحالف اليسار. ان هذه السياسة وهذه الصياغة للخطاب الانتخابي اليميني، الذي لايعكس في الواقع السياسة الفعلية لليمين في الكثير من المجالات، تحقق لهم نتائج جيدة في تأثيرها على الناخب، ولاسيما الناخب الاقل اطلاعا على تفاصيل البرامج والاقل تفكيرا واهتماما بالنتائج المستقبلية التي تتحكم بتماسك وتطور النظام والمجتمع السويدي. وفي هذا السياق يمكن الاشارة ايضا الى ان تحالف اليسار، يفتقر، في هذا المنعطف، الى صياغة متماسكة لافكار وتوجهات عميقة جديدة وجذابة لتحديد اتجاهات تطور البلد، كما فعل الاشتراكيون الديمقراطيون، بناة النظام والموديل السويدي، في الكثير من المنعطفات في القرن الماضي. وللاسف فأن التحالف اليساري يفتقد أيضا الى قادة ذات كفاءة وشخصية جذابة وكارزمية لمواجهة شخصيات ذات حنكة وكارزمية في تحالف اليمين الحاكم.                            
مفاجئة الانتخابات – سفيريا ديموكراتنا

أن المفاجأة الكبرى في هذه الانتخابات هي الارقام المعلنة في الاستطلاعات المختلفة للكثير من المؤسسات ووسائل الاعلام، والتي تؤشر لزيادة عدد المصوتين لحزب "سفيريا ديموكراتنا" حزب السويديين الديمقراطيين ذات الاصول والميول العنصرية والذي يضم في صفوفه عدد كبير من معادي الاجانب ومن لهم افكار وعلاقات مع منظمات عنصرية. ولقد نشط هذا الحزب على خلفية المشاكل والتعقيدات والاخفاقات في سياسة الاحزاب والتحالفات الكبيرة في ما يخص سياسة اللجوء والتعامل مع اللاجئين. ان عدم تناول هذه المشاكل ووضعها من ضمن اولويات مواضيع الحوار والمناقشات بجرأة، وطرح حلول واضحة للتعامل مع تطلعات اللاجئين ومحاولة دمجهم وتوفير فرص الدراسة والعمل وانهاء حالة التقوقع والعزلة والشعور بالتفرقة، في اطار تعزيز الديمقراطية والمحافظة على قيمها وتقاليدها العريقة، خلق اجواء افضل لهذا الحزب للتحرك بين القطاعات القلقة والخائفة من تداعيات الواقع الجديد في البلد، والتي تنخدع بطريقة ربط مشاكل الاقتصاد السويدي بسياسة اللجوء ووجود الاجانب في البلد. والجدير بالذكر ان هذا الحزب يعمل باستمرار على تغذية الخوف وتسليط الضوء على مواقع التوتر في المجتمع ويحاول خداع قسم من الاجانب من خلال تسويق نفسه مدافعا عن المسحيين ضد الديانات الاخرى. وللاسف لقد انخدع عدد غير قليل من ابناء شعبنا المسيحي من العراق بخطاب هذا الحزب وربما يصوت عدد منهم له في هذه الانتخابات. ان هذا الحزب معروف في السويد كحزب عنصري معادي للاجانب كلهم بما فيهم المسيحيون، ولذلك لم يعطي الاعلام في السويد اية فرصة لظهور قادته وللدعاية لافكاره وبرنامجه، كما رفضت كل الاحزاب الاخرى في السويد مواجهتهم في مناظرات ومناقشات سياسية، مؤكدين في عشرات المناسبات، باجماع، بانه حزب غير جدي وغير مسؤول وينشط لزرع التفرقة والتوتر.
 والاهم من كل ذلك لقد اعلن تحالف اليسار وكذلك تحالف اليمين وان بنبرة اخف، انهما في حالة عدم الحصول على الاكثرية لتشكيل الحكومة، سوف يرفضان التعاون مع هذا الحزب وسوف لن يمنحا الفرصة له لكي يكون ممثلا في الحكومة، هذا، طبعا، اذا ما حصد هذا الحزب العدد الكافي من الاصوات يوم الاحد القادم ليكون ممثلا في البرلمان.

  أهمية اصوات الاجانب

تبرز في هذه الانتخابات، وبشكل اوضح من السابق، اهمية الاجانب في السويد. وسيكون لمجموع اصواتهم تاثير واضح في النتائج. المشكلة المزمنة هي النسبة الواطئة القليلة التي تمارس حقها الانتخابي. الملاحظ ان عدد الاجانب المرشحين في قوائم كل الاحزاب في السويد، سواء للبلديات او المحافظات او للبرلمان ازداد في هذه الانتخابات، وبشكل خاص في احزاب تحالف اليسار. ومن الجدير بالذكر ان ثمة عدد مثير للانتباه من العراقيين من مختلف انتماءاتهم العرقية والدينية ترشحت ضمن قوائم تحالف اليسار، من ضمنهم شخصيات ذات كفاءة وتاريخ سياسي مشهود، بالاضافة الى اخرين يبحثون عن فرص للشهرة والبروز او الوظيفة. وعليه فمن الهام جدا ان يتوجه الاجانب، ومنهم عشرات الالاف من العراقيين الى صناديق الاقتراع وممارسة هذا الحق الديمقراطي وتحمل المسؤولية في تحديد من سيرسم اتجاهات التطور في البلد للسنوات الاربع القادمة. ان لكل صوت قيمته المتساوية والحقيقية لانه يؤثر في نتائج الانتخابات وبالتالي في سياسة الحكومة المقبلة التي ستمس حياة المواطن ومستقبله.
                                    

انا اصوت للتحالف اليساري


وبالنسبة لي شخصيا، يسعدني ان استجيب لتساؤلات العشرات ممن اتصلوا بي مستفسرين عن ارائي وتحليلاتي وفهمي لبرامج وتوجهات الاحزاب والتحالفات، واقول بوضوح بانني وانطلاقا من حرصي ومسؤوليتي على مستقبل السويد وطني الثاني وانطلاقا من مصالح السورايي (الكلدان السريان الاشوريين) سأصوت لتحاف اليسار وللاسباب التالية:
سياستهم للحفاظ على الضمانات ومستلزمات العيش الكريم لكل فرد بغض النظر عن خلفيته والدعوة للتضامن والمساواة جدية وواقعية، وتنعكس جليا في الميزانية والخطة الاقتصادية المطروحة في برنامجهم الانتخابي. فهم وان ليسوا مع خفض الضرائب المجالات في بعض، كما يدعي اليمين، الا انهم يبغون توازنا عقلانيا في سياستهم الضريبية بما يضمن توفير الصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية للجميع وبما لايهدد التماسك الاجتماعي من خلال تقليص الفوارق - الطبقية وبين الجنسين ومع الاجانب. بالعكس من اليمين الذي يريد تخفيض الضرائب الذي قد يخدع ذوي الدخل المنخفض مرحليا، ولكن يؤدي بالنتيجة الى زيادة الفوارق الاجتماعية ويؤثر على طبيعة التعليم وتوفير الصحة والسكن والخدمات والضمانات الاجتماعية للعاطلين عن العمل والمرضى من جهة، ويخلق الاجواء والبيئة الملائمة لزيادة ارباح الشركات الكبيرة واعطاء المزيد من الثروات للاغنياء.
االامر الاخر هو الموقف من الاجانب ومعالجة مشاكلهم، فالتحالف اليساري اكثر وضوح ومصداقية وشفافية، وفي برنامجه مقترحات ملموسة للحد من التفرقة والعزلة والبطالة بين الاجانب وخاصة الشباب، مستفيدا من الثغرات والاخطاء سابقا. كما ان التحالف اليساري يقف بدون تردد موقفا ايجابيا من قضايا الشعوب والاقليات المضطهدة ويدافع عن حقوقها. السياسة الخارجية لليسار بشكلها العام اكثر عقلانية ومنحازة للشعوب وتقف ضد الحروب واستخدام العنف وتدعوا الى تنشيط دور الامم المتحدة في حل الازمات ومواجهة تحديات المستقبل.
واخيرا، ان حزب البيئة النشط والمتنامي في تحالف اليسار نجح في المساهمة الفعالة لصياغة برنامج عملي وواقعي للتعامل مع مشاكل البيئة وتحمل المسؤولية مستقبلا وطنيا في السويد او عالميا من اجل حياة ومناخ وحياة افضل في الكرة الارضية.
الاهم هو ان يمارس الفرد حقوقه بمنتهى الحرية. ان هذه الممارسة تطور الوعي وبالتالي تنمي الشعور بالمسؤولية. فهي تضع الفرد امام مسؤولية المتابعة والمراقبة وتقييم سياسة من انتخبهم لتحديد الموقف الصائب للمرة القادمة على اساس الوقائع والنتائج على الارض.

 


50
     
درس مانديلا البليغ يا قادة العراق
سامي المالح
 ستوكهولم samialmaleh@hotmail.com
قال بان كي مون الامين العام للامم المتحدة:
     "ان نلسون مانديلا شخصية عملاقة تجسد اسمى القيم الانسانية وقيم الامم المتحدة، ان انجازات نلسون مانديلا تحققت بثمن باهض دفعه هو ودفعته اسرته، واليوم في يوم مانديلا الدولي الاول، نوجه اليه الشكر لكل ما فعله من اجل الحرية والعدالة والديمقراطية."


أحتفل الملايين في جنوب افريقيا، في 18 من يوليو/ تموز الجاري، بعيد ميلاد الثاني والتسعين لنيلسون مانديلا الملقب شعبيا بـ(ماديبا) Madiba وتعني العظيم المبجل، حبا ووفاءا وأعتزازا وتقديرا، بعفوية وبساطة وتطلع وثقة بالمستقبل – المستقبل الذي كرس له مانديلا الانسان المناضل والقائد كل حياته .
فمنذ ان كان طالبا يافعا في المدرسة تعلم مانديلا مقارعة العنصرية ومواجهة الظلم والاضطهاد، ليستمر متحديا كل الصعاب والعوائق في دراسته الجامعية التي طورت قدراته الفكرية والسياسية واهلته ليساهم في النضال في صفوف المجلس القومي الافريقي، وليدافع عن الناس مهنيا كمحامي للفقراء والمهمشين والثوريين الذين كانوا يرفعون راية التحرر من التمييز العنصري في الشوارع ويكافحون من اجل حق المواطنة المتكافئة وبناء نظام ديمقراطي يضع جنوب افريقيا، وطنا وشعبا، على طريق الحياة الحرة والتطور والنمو والامن والسلام.
وفي خضم الصراعات المريرة ومواجهة السياسة الدموية لنظام الاقلية العنصري تطور مانديلا الى قائد شعبي لمقاومة المجلس القومي الافريقي و جموع الشعب الاعزل بأيمان وصدق وشجاعة بعيدا عن قيم الكراهية والانانية والانتقام والفوضى والعنف المنفلت.
اما سنوات طويلة من المواجهة والصمود والاصرار من خلف القضبان الحديدية (من عام 1962 الى 1991) التي صلبت عوده وصقلت مواهبه ورسخت أيمانه بالانتصار، أكسبته المرونة والحنكة والصبر والتأمل والفكرالاستراتيجي، ليخرج من السجن قائدا محنكا متواضعا، ولينهي مع رفاقه وفرقائه ومع الكادحين والمحرومين والمؤمنين بالحرية والعدالة والمساوات بين البشىر، والى الابد، التمييز العنصري المقيت وسيادة البيض ونظام التسلط والارهاب، وليدشن مرحلة تاريخية جديدة في حياة جنوب افريقا، وليصبح اول رئيسا اسودا منتخبا للبلاد، وبالتالي يكلل مسيرته بتعزيز التقاليد الديمقراطية من خلال وفائه وفلسفته التي تمتد جذورها الى اعجابه بحياة وقيم وتواضع "مهاتما غاندي" وفهمه الراقي لدوره ومكانته ومسؤوليته في قمة هرم السلطة ليغدو رمزا، ليس فقط لوطنه وشعبه فحسب بل وللعالم كله، رمزا للنضال والصمود والحرية ومواجهة  المصائب والصعاب بكرامة وكبرياء وانتصار الامل والسلام.
و مانديلا الذي حاز على جائزة نوبل للسلام 1993 مع دي كلارك الذي شاركه مشروع انهاء النظام العنصري، عينته الامم المتحدة سفيرا للنوايا الحسنة عام 2005، وكرمته ولا تزال مئات المؤسسات والحكومات والجامعات والشعوب. اذ بمبادرة من حكومة جنوب افريقيا سمت الامم المتحدة يوم الثامن عشر من يوليو/تموز " يوم نلسون مانديلا الدولي" ودعت للاحتفال بهذا الحدث . كما لقد بادرت مجموعة من الشخصيات العالمية وفي اطار العمل مع الامم المتحدة تنظيم مجموعة من الفعاليات والنشاطات المختلفة تكريما واحتفاءا بهذه المناسبة. وفي هذه المناسبة قال الرئيس الفلندي السابق مارتي أهتيزاري وهو احد المبادرين لتنظيم نشاطات يوم مانديلا الدولي:                                            " ان مانديلا وهب 67 عاما من حياته للنضال، وما يتعين علينا فعله اليوم هو تخصيص 67 دقيقة من حياتنا، والعمل على تغيير العالم نحو الاحسن".
ما احوجنا نحن في العراق الى دراسة وفهم درس مانديلا البليغ. ما احوج نخب العراق وقادة الاحزاب والقوى السياسية، التي تشلها الصراعات على المواقع والكراسي والمصالح الضيقة والانانية، ان تتعلم وان تستمد العبر والحكمة من حياة انسان عادي يمجده شعبه وتحتفي به الشعوب وتمنحه الحب  وتعتبره بطلا ورمزا تاريخيا. ما احوج العراق لرجال يقتدون بمناضل التزم، دائما، في كل الظروف والمراحل، قيم النضال والديمقراطية الحقيقية، برجل بقي وفيا لمبادئه لم يلطخ تاريخه بمجد السلطة الزائف وبالمال الكثيرالحرام وبالتشبث بمفاسد الكراسي العاجية، بأنسان كرس حياته من اجل العمل وزرع الامل والانتصار للسلام والمحبة والمساوات بين الناس والعدالة والتغيير نحو الاحسن.
ياقادة العراق، يا من تتطلعون لتولي المسؤوليات وادارة البلاد، يا من تتصارعون من اجل السلطة والنفوذ والمزيد من الصلاحيات والثروات، امنحوا لنفسكم ولوطنكم وشعبكم 67 دقيقة، كما يدعوا هارتيزاري، كاسرين قيود الانتماءات الصغيرة محطمين اغلال مصالح العشيرة والحزب والطائفة، لتنطلقوا نحو الانسان المواطن العراقي مهما كانت ديانته او قوميته او طائفته والوطن كله من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، ولتتأملوا وتخططوا بهدوء ومسؤولية وبضميرحي ولتتخذوا المواقف التاريخية الصائبة وصولا للعمل الجدي من اجل تغيير حياة شعبكم ووضع بلدكم نحو الاحسن.
ايها السادة، تأملوا وقارنوا! مانديلا يحتفي به العالم ويمجده ويكرمه الملايين في كل مكان وهو يحتفل بعيد ميلاده بتواضع مع اسرته، وصدام الذي تلقفته مزبلة التاريخ ولم تسعفه السلطة والثروات واجهزة القمع والمخابرات والاعلام المزيف والحزب القائد.                                                        ايها السادة، تأملوا وقارنوا، ثم لكم الخيار. حيث انكم جميعا امام خيار. الخيار بين العمل بجد واخلاص وصدق وامانة وكفاءة وعدل ومسؤولية بعيدا عن الفساد والعنف والكراهية والانتقام والتقوقع في القوالب العصبية والطائفية والحزبية، وبين التشبث بالكراسي واستغلال السلطة وتحقيق المكاسب الانانية والفساد وجمع الثروات والابتعاد عن امال الناس وبالتالي الاختناق والموت ولعنة الشعب والتاريخ.
 

51
سيمنار مشروع التجارة مع العراق في اسكلستونا/السويد




في اطار مشروع التجارة مع العراق نظمت جمعية اصحاب الشركات من الاجانب في السويد  IFS سيمنارا لاصحاب الشركات من العراقيين واخرون من ذوي الكفاءات المهتمين بتطوير التجارة مع العراق.
افتتح السيمنار مدير عام  مؤسسة IFS مارون عون مرحبا بالحضور ليتحدث بعد ذلك عن نشاطات وما قدمته من خدمات لتاسيس المئات من الشركات وتطوير اعماله وتشاطاتها في مختلف المجالات، كما وتحدث باسهاب عن اهمية مشروع التجارة مع العراق في تنشيط وتفعيل دور المئات من اصحاب الشركات وذوي الكفاءات والاختصاصات من العراقيين في السويد في زيادة التجارة بين السويد والعراق. وأكد مارون عون على الامكانات والفرص الكبيرة وعلى التوجه الجدي للحكومة الشركات السويدية لتطوير العلاقات مع العراق ولتفهمها لاهمية الاستفادة من للعراقيين السويديين وعلاقاتهم وخبراتهم.

وكان المتحدث الثاني في السيمنار نائب رئيس بلدية اسكلستونا جمي يانسون الذي عبر عن سروره لاستضافة بلديته لمثل هكذا سيمنار واصفا اياه بفعالية مهمة للبلدية وللالاف من العراقيين المقيمين فيها. ولقد أكد جمي على توجه السويد لتطوير التجارة مع العراق ودعمها لكل المشاريع والفعاليات التي تهدف الى تفعيل دور العراقيين السويديين وخاصة من اصحاب الكفاءات والشركات ليكونوا جسرا بين البلدين.

وبعد ذلك تحدث روبرت بيريلوند ممثل بنك  SEB عن استعداد البنك كما العديد من الشركات والبنوك الاخرى في السويد للتعاون ومنح القروض لتاسيس الشركات والاستثمار في العراق. ولقد اعطى الكثير من المعلومات والتوضيحات المفيدة عن كيفية الاستثمار والحصول على القروض. ولقد اجاب في نفس الوقت عن العديد من الاسئلة والاستفسارات المتعلقة بنشاطات البنك وكيفية الحصول على المزيد من المعلومات وتسهيل الاعمال الروتينية.
وبعد ذلك تم عرض فلم وثائقي عن نشاطات واعمال رجل الاعمال العراقي من كردستان السيد حازم كورده في السويد خلال سنوات تواجده في السويد. ويتحدث السيد كورده في الفلم عن نجاح مشاريعه الاستثمارية العديدة في كردستان في منطقة راوندوز معبرا عن اعتزازه في المساهمة في تطوير بلده مؤكدا ان بامكان الكثيرين من ذوي الخبرة والكفاءات والشركات  استغلال الاجواء الايجابية والامن والاستقرار والامكانات الكبيرة في كردستان العراق لتحقيق النجاح.
وبعد استراحة قصيرة تحدث ممثل شركة آلمي والمسؤول عن مساعدة وتقديم الدعم لاصحاب الشركات من الاجانب عبدالوهاب زورت عن استعداد شركة ألمي المانحة للقروض لتقديم كل الدعم والمساعدة لمن يريد تاسيس شركة او تطوير شركته وخاصة اذا كانت الوجهة التجارة او الاستثمار في العراق، مؤكدا ان لديهم خبرة كبيرة ولقد دعموا منذ سنوات عديدة مئات الشركات وساعوا في تطوير الافكار والمشاريع التجارية وساهموا في تحقيق الكثير من النجاحات. ولقد اجاب عن الكثير من الاسئلة.
واخيرا تحدث مدير مشروع التجارة عن العراق سامي المالح عن الاهداف الاساسية للمشروع وعن النشاطات والفعاليات العديدة التي يجري تنفيذها وعن التطور المستمر وخاصة في مجال التواصل مع اصحاب الشركات واصحاب الكفاءات والاقكار التجارية من العراقيين السويديين. ولثد اكد على اهمية تسجيل الشركات واصحاب الكفاءات في اطار المشروع لتنظيم قاعدة من المعلومات للاستفادة منها للتواصل والتعاون مع الشركات السويدية ومع الشركات والبنوك المانحة للقروض. ولقد اجاب سامي المالح عن كل الاسئلة المتعلقة بالنشاطات والسيمنارات واللقاءات التي ستنفذ في اطار المشروع بما فيها الاعداد لتنظيم لقائين كبيرين بين الشركات السويدية واصحاب الشركات من العراقيين وكذلك عن الاعداد لتنظيم زيارة عمل لممثلي الشركات واصحاب الكفاءات الى العراق واللقاء مع المؤسسات الشركات العراقية.
واختتم السيمنار وبمشاركة حوالي مائة من اصحاب الشركات والمهتمين ومن اصحاب الكفاءات المختلفة من الهراقيين والسويديين بتقديم بعض المأكولات العراقية.



 

 

52
الى المزيد من التحرك وتوحيد الصفوف للدفاع عن وجودنا ومستقبلنا
سامي المالح
شهدت الايام الاخيرة، على اثر تواصل مسلسل القتل والتهجير الاجرامي لابناء شعبنا المسالم في الموصل، تحركا رسميا وشعبيا لادانة الجرائم والمجرمين القتلة ومن يقف ورائهم من جهة، ولمطالبة المسؤولين عن السلطة والامن في الموصل وفي بغداد تحمل مسؤولياتهم الاخلاقية والدستورية لوضع حد لهذه الجرائم ولتوقير الامن والامان لابناء شعبنا المسيحي.
يقينا ان هذا التحرك، يثبت بان لدى شعبنا الاعزل والمسالم طاقات وامكانات كبيرة للدفاع عن نفسه وضمان مستقبله. كما أنه دليل قاطع على انه شعب حي ذات جذور تضرب عميقا في ارض العراق، وهو متشبث رغم كل المحن والاهوال وجرائم القتلة بالبقاء في الوطن والمساهمة مع كل اشقائه في بنائه وتطويره وازدهاره.
ولكي يحقق هذا التحرك، الرسمي والشعبي، اهدافه. ولكي يتواصل هذا التحرك ويرتقي الى مستوى مواجهة ما يتعرض له شعبنا منذ سنوات من القتل والتهجير والتهديد والتهميش والتمييز. ولكي يتوسع هذا التحرك ويتصاعد ليضع قضية شعبنا وامنه وحقوقه المشروعة ومستقبله في الواجهة ورفعها الى مستوى غيرها من القضايا الوطنية والديمقراطية الاخرى للعملية السياسية في العراق، أتقدم بالمقترحات التالية لكل مؤسسات وقوى شعبنا السياسية والاجتماعية والثقافية وللناشطين والمستقلين، في داخل الوطن وفي دول الشتات على امل مناقشتها والاخذ بها:
اولا- بقاء رؤساء كنائسنا جميعا في الموصل واطرافها في تماس مع رعيتهم. والسعي للتنسيق والتعاون ولتنظيم جهودهم بشكل افضل وتوزيع المهام بينهم جميعا ومحاولة الاتفاق على توحيد الكلمة والخطاب الموجه لابناء شعبنا المسيحي الواحد اولا ، وثانيا للرأي العام الوطني العراقي والرأي العام العالمي. ومن الهام بمكان ان يكون هذا الخطاب واضحا وصريحا وجريئا، يعكس محنة شعبنا الذي يتعرض الى ارهاب وظلم وأظطهاد مزدوج، الامر الذي بات يهدد، جديا، وجوده على ارض ابائه واجداده واجباره على الهروب والتشرد والغربة.
ثانيا- على الرغم من ان احزابنا والقوى السياسية والتحالفات مشغولة اليوم بالانتخابات وهي تتصارع وتعمل ما بوسعها من اجل كسب اصوات ابناء شعبنا لتمثيلها في البرلمان، فانها مطالبة ان تلتقي وتجتمع وتتحاور وبالتالي ان تتفق على خطوط عامة ومحددة لتنظيم العمل المشترك للدفاع عن شعبنا الواحد ولتحشيد كل الجهود والامكانات في خندق مواجهة القتل والتهجير والتهميش والتمييز. وهنا بودي ان أناشد كل قادة ومسؤولي قوانا واحزابنا ومجالسنا بلغة واضحة وبسيطة لاقول لهم:
أن المبادرة في مد الايدي بأخلاص وبصدق لتوحيد الصفوف والوقوف في خندق واحد، خندق وجود شعبنا وأمنه ومصالحه العليا، هي مسؤوليتكم الاساسية والاكثراهمية. عليكم جميعا تجاوز كل العقبات والمصالح الحزبية والشخصية، عليكم تجاوز اشكالات التسمية والاختلافات السياسية الطبيعية والارتباطات والاجندات الاخرى. عليكم ان تتفقوا وان توحدوا خطاب الدفاع عن وجود شعبكم، خطاب ادانة القتل والتهجير في الموصل وفي غيرها من المناطق، خطاب تجسيد امال شعبكم في العيش بامان وبحرية وبكرامة وبمواطنة كاملة غير منقوصة.
ثالثا- فوراعلان نتائج الانتخابات النيابية في السابع من اذار الجاري وتسمية الفائزين، على النواب تشكيل كتلة تتوحد في برنامج عمل لضمان مصالح شعبنا العليا والدفاع عن امنه وحقوقه المشروعة وتثبيتها في الدستور. وفي هذا الصدد لابد من التأكيد على اهمية الحوار المستمر وعدم الانغلاق والتشبث بالضوابط الحزبية الضيقة والانفتاح على مؤسسات شعبنا والاستفادة من ذوي الكفاءات والاختصاصات لتحديد واتخاذ المواقف الصائبة.
رابعا- ان تواصل كل مؤسسات شعبنا الاجتماعية والثقافية والاعلامية والناشطين والمستقلين بتنظيم المزيد من النشاطات والفعاليات، في كل مكان، وعلى مختلف المستويات، وصولا الى تنظيم حركة جماهيرية فعالة وهادفة ومتواصلة.
 من الواضح ان ثمة حاجة الى التنسيق والتعاون بين المستقلين ومؤسسات شعبنا المختلفة في الخارج للوقوف بقوة وبزخم اكبر مع شعبنا في الوطن ولتوصيل صوته لكل المحاقل الدولية ولكسب الدعم والتضامن لحمايته من القتل والتهجير والاضطهاد. ومن الهام ايضا ان تواصل مؤسسات شعبنا والمستقلين بالضغط على قوانا السياسية وعلى كنائسنا ومطالبتها بتوحيد الصفوف والجهود ووضع مصلحة شعبنا قبل كل الاعتبارات الاخرى.
الشعوب تصنع مستقبلها بيدها. والشعب الذي لا يوحد قضيته ولا يفلح في جمع وزج كل امكاناته وطاقاته في خدمتها لامستقبل له. وشعبنا – الكلداني الاشوري السرياني – المسيحي في العراق لاخيار امامه. التضامن والتكاتف وتوحيد الجهود من اجل الحياة والكرامة والمواطنة من الدرجة الاولى والوطن، او المزيد من القتل والتشريد والهجرة والاذلال والتهميش والتمييز.





53
اوقفوا قتل وتهجير المسيحيين في الموصل!
سامي المالح

يستمر مسلسل جرائم قتل المسيحيين في الموصل، في وضح النهار، امام انظار ومسامع السلطات المحلية والسلطة المركزية في بغداد، لتغدو هذه الجرائم النكراء حالة يومية وأمرا عاديا مسلطا على ابناء هذا الشعب المسالم والاعزل.
لماذا هذا القتل العشوائي وهذا التهجير المنظم والاضطهاد المزدوج المستمر؟ متى يتوقف هذا المسلسل الاجرامي المجنون؟ ومتى ستتحرك السلطات، المحلية والمركزية، لتتحمل مسؤولياتها الاخلاقية والدستورية؟
وماذا علينا ان نفعله، نحن ابناء الشعب المسيحي- الكلدان الاشوريين السريان -  بكل قوانا واحزابنا وكنائسنا ومؤسساتنا وناشطينا، في الوطن وفي خارجه، لايقاف هذا النزيف المروع ووضع حد لهذه المأساة الانسانية؟
يقال ان خير الكلام ما قل ودل. ان السلطات في بغداد والسلطة المحلية في الموصل تتحمل مسؤولية تاريخية عن اراقة دم كل مواطن مسيحي بريْ في الموصل، وهي مسؤولة ايضا عن كل الظلم والاضطهاد الذي يصيب ابناء هذا الشعب يوميا ودون توقف. ان هذه السلطات، كما هو واضح، لا تبالي ولاتحرك ساكن ولاتأخذ نتائج هذه الجرائم المروعة محمل الجد، وهي بذلك تتعامل مع ابناء هذا الشعب وكأنهم غرباء لاينتمون الى هذا الوطن، وكأنهم لايستحقون حقوق المواطنة كما الاخرين من القوميات الرئيسية او من تابعي دين الدولة الرسمي. ان هذه السلطات بفشلها في توفير الامن، شائت ام ابت، تتواطأ مع القتلة والمجرمين الذين ينفذون جرائمهم دون خوف وامام انظار رجال الشرطة وقوى الامن وقوات الجيش.
من المؤسف، ان احزابنا وقوانا ومجالسنا السياسية بالاضافة الى مؤسساتنا الكنسية والمدنية الاخرى، لاترتقي الى مستوى المسؤولية، وهي لاتعمل بما يكفي من اجل تحشيد كل قواها وتوحيد جهودها وبالتالي تحشيد جماهير شعبنا وتوحيد كل جهوده لمواجهة هذه المحنة التاريخية. وهي وكما نرى تتصارع وتتسابق وتفعل المستحيل لتحقيق مصالحها الحزبية، وتضع تحزبها وحصولها على المنافع والكراسي وجزء من ما أسموه بالكعكة فوق مصلحة شعبنا العليا، المصلحة التي تتجسد في هذه المرحلة بحمايته من القتل اليومي وانهاء مأساة التهجير والتمييز والتهميش.
أليس غريبا، بل ومعيبا ومخيبا، ان لاتجتمع كل قوى شعبنا على اصدار بيان موحد، كحد ادنى، يدين هذه الجرائم ويطالب السلطات بتحمل المسؤولية كاملة لتوفير الامن لابناء شعبنا في الموصل ولتقديم الجناة والمجرمين ومن يقف ورائهم، علنا، للعدالة.
أليس غريبا، بل معيبا ومخيبا، ان لا تعقد قيادة احزابنا و رموز وسياسيي شعبنا اجتماعا خاصا لمناقشة هذا الوضع المأساوي ورسم المعالجات وايجاد الحلول، ولتخرج موحدة الخطاب والصوت لمناشدة كل القوى العراقية والمحافل الدولية لتحمل مسؤولياتها.
أليس غريبا ومخيبا ان لايتحرك هذا الشعب للدفاع الحقيقي عن نفسه، عن وجوده، عن حقوقه المشروعة وفي مقدمتها الامان والحرية، وهو شعب حي يملك طاقات وامكانات كبيرة، وفي عصر حقوق الانسان والديمقراطية وانعتاق الشعوب.
لقد اطلقنا نحن من عنكاوا كوم، قبل فترة قصيرة، نداءا للتحرك وتنظيم التظاهرات والاعتصامات والفعاليات المناسبة الاخرى، ولعمل كل ما هو ممكن لوقف مسلسل القتل والتهجير في الموصل، ولرفع صوت شعبنا وايصال ندائه للمؤسسات والمنظمات الدولية المعنية لتحمل مسؤولياتها في توفير الامن وضمان السلامة وحقوق المواطنة الكاملة لابناء شعبنا في العراق.
لا يمكن الانتظار والتفرج على نزيف الدم واستمرار المعاناة. ان كل ابناء شعبنا، في كل مكان، مطالبون اليوم بالتحرك والعمل. علينا جميعا ان نرفض القتل والاضطهاد وان نقف موقفا موحدا، للدفاع، بكل الطرق والاساليب المتاحة، عن حريتنا، عن وجودنا، عن وطننا، عن كرامتنا، وعن مستقبل اجيالنا.
أنا اناشد المستقلين والناشطين الغيورين من ابناء شعبنا، في الوطن وبلدان الهجرة المختلفة، ليبادروا ويتحركوا وان يكونوا الدينامو لتنظيم الفعاليات والنشاطات المختلفة ولتنظيم تحرك جماهيري واسع عنوانه:  اوقفوا قتل وتهجير المسيحيين في الموصل!



54


الى/ كل التنظيمات والمؤسسات والجمعيات والنوادي العراقية في السويد
الى كل ابناء الجالية العراقية في السويد 
           

                     السبت 17/10/2009 الساعة 12.00 الى 15.00 في Sergelstorg
                  تجمع وتظاهرعراقي ضد الارهاب وتضامنا مع المكونات العراقية (الاقليات)


بمبادرة وتعاون اكثر من 30 منظمة ومؤسسة مجتمع مدني عراقية تمثل جميع اطياف الشعب العراقي يجري تنظيم تجمع وتظاهرعراقي وطني شامل ضد الارهاب وللتضامن مع المكونات العراقية التي تتعرض للقتل والتمييز والتهجير- المسيحيين(الكلدان السريان الاشوريين) والكرد الفيليين والتركمان والايزيديين والشبك والصابئة المندائيين.
كل القوى والمنظمات والاندية والمؤسسات المدنية وكل ابناء الجالية في كل انحاء السويد مدعوة للمشاركة والوقوف معا في يوم عراقي ضد الارهاب وللتعبيرعن الغضب لتدهورالوضع الامني واستهداف الابرياء، وللتضامن مع ابناء المكونات العراقية التي تتعرض باستمرار الى القتل والتهجيروالتمييزوالتهميش.
هدف التجمع والتظاهر في قلب العاصمة ستوكهولم هو لاثارة الرأي العام السويدي الشعبي والرسمي. وستقدم الدعوة الى الاعلام والاحزاب السياسية السويدية والبرلمانيين للوقوف مع العراق ولادانة الارهاب ولمطالبة السلطات والحكومة العراقية بتوفير الامن وتحمل المسؤوليات لتوفير حياة امنة لائقة مستقرة لكل ابناء الشعب العراقي دون تمييز.
نهيب بكل العراقيين في السويد من كل الاديان والقوميات والطوائف ان تقف صفا واحدا في هذه الفعالية الوطنية والديمقراطية ضد الارهاب ومن اجل الامن والسلام والمواطنة المتكافئة في عراقنا العزيز.

لجنة تنظيم الفعالية

ملاحظات/
1شعارات المظاهرة  تجسد الهدف من المظاهرة وتتحدد في ادانة الارهاب والعنف والتضامن مع المواطنين الابرياء وبشكل خاص التضامن مع المكونات العراقية التي تتعرض باستمرار للقتل والتهجير والتمييز والتهميش.
2- يرجى اشعارنا بمشاركتكم في الفعالية كمنظمة او مؤسسة او نادي او جمعية مع الشكر.

للاتصال:
سامي المالح – الجمعية السويدية العراقية 0735762775
حياة ججو - 0703303291
نبيل تومي-  0735253914
پولا عزيز - 0737003722


55
الشعوب الحية تصنع مستقبلها

سامي بهنام المالح
21 تموز 2009

samialmaleh@hotmail.com

مع كل التداعيات والاحباط  وهدر للجهد والوقت التي سببته مواقف التعصب وكتابات ودعوات ورسائل والتماسات اجزاء واطراف من ابناء شعبنا السورايي – الكلدان السريان الاشوريين بخصوص التسمية  منذ سنوات، و ما تم تثبيته في دستور اقليم كردستان مؤخرا، الا ان المحصلة والنتائج النهائية ، من منطلق الاقرارباننا جميعا، نشكل شعبا واحدا وليس ثلاث مجموعات قومية منفصلة، برزت جلية و واضحة لتعكس ارتقاء الوعي والشعور العالي بالمسؤولية لدى الاغلبية الساحقة.
نحن شعب واحد - هذه هي الحقيقة التي تشكل الاساس الصلب لبناء مستقبلنا الواحد بالجهود والارادة والسواعد الخيرة والمؤمنة بانتصار الخير والحق وقضايا الشعوب العادلة .
                                     
                                             قضيتنا واحدة ومصيرنا واحد
يقينا ان التأكيد وباصرار، من قبل كل القوى والمؤسسات المدنية والكنسية والنخب، بان قضيتنا واحدة وان مصيرنا واحد، مهما كانت الاختلافات ومهما تنوعت التسميات والانتماءات الكنسية ومهما كثرت الاحزاب وتباينت مصالح القوى السياسية ومهما بلغ الاختلاف في قراءة التاريخ والاستناد اليه، فأن هذا التأكيد هواحد اهم المستلزمات الاساسية بيد شعبنا، وهو العنصر الحاسم الذي سيساهم في رسم الافاق وملامح المستقبل.
فحتى المتعصبين لهذه التسمية اوتلك، والاخرين المصابين بدوغما رؤية الامور من منظارالماضي وبمرض التعصب القومي، وأولئك الخائفين من التهميش والالغاء والاقصاء والتمييز، كلهم يقرون اليوم وبعد تغليب صوت المنطق والعقل والحكمة، باننا جميعا شعب واحد، عانيننا معا لقرون قاسية خلت، ونعيش اليوم جميعا ذات الظروف العصيبة ونواجه ذات التحديات التاريخية المصيرية، وبالتالي فاننا محكومين جميعا بمصير واحد.
                     
                                        الحوار واحترام الاخر وتغليب المشترك
من الطبيعي، بل ومن الصحي ان يكون ثمة اختلافات وتباين في وجهات النظر والسياسات والمصالح، ومن الطبيعي ايضا ان يكون ثمة صراع غير تناحري فكري وسياسي بين مختلف قوى واقطاب وقادة ومؤسسات وحتى كنائس شعبنا. فنحن شعب حي كما كل الشعوب الاخرى، لسنا مجتمعا متجانسا ولنا انتماءات طبقية واجتماعية وفكرية وايديولوجية مختلفة، ونختلف في نظراتنا وتفسيراتنا للامور والظواهر والاحداث والتطورات.
الا ان ما ليس طبيعيا هو تقاطع ومعاداة البعض للبعض الاخر كالاعداء، واصرار البعض على امتلاك كل الحقيقة ورفض الجلوس معا والاستماع للاخر واحترام وجهة نظره. كما وانه ليس من الطبيعي ابدا اللجوء الى مس وحدة شعبنا والسعي الى تقسيمه الى ثلاث اجزاء او قوميات كمبرر ومنطلق للوصول الى اهداف سياسية او مصالح معينة حتى وان كانت مشروعة. وليس طبيعيا ابدا الخلط بين مواجهة التعصب المقيت وانتقاد سياسة طرف ما او اداء مؤسسة ما او المطالبة بحق جزئي مشروع وبين اللجوء الى السعي لتقسيمنا دستوريا، وبالتالي تقسيم وتقطيع قضية شعبنا الواحدة، الامر الذي يشكل خطأ ستراتيجيا وخطيرا على وجود ومستقبل شعبنا بأكمله.
ان الطريق الصائب والوحيد هوالحوار. هوالالتقاء في اطار المصلحة العليا والاستماع باحترام وتقدير لكل الاراء والافكار ومناقشتها بجدية ومسؤولية. فبالحوار الصادق والمنهجي والجدي، وكابناء شعب واحد، يستطيع شعبنا وتستطيع قواه السياسية وقادته من حل كل الاشكالات ومواجهة كل المعضلات، ومن ثم بناء التحالفات وتنظيم الصفوف وتوحيد الجهود وصولا الى توحيد الخطاب القومي.
فبالحوار والاحترام، ومن خلال مساهمات الجميع من دون اي استثناء، وبعيدا عن التعصب والتسلط والفرض والركض وراء المصالح الانية، يفلح شعبنا في الدفاع عن نفسه وضمان امنه وحل أشكالية التسمية وبناء المؤسسات على اسس ديمقراطية وبنزاهة وممارسة الحكم الذاتي ومحاربة آفة الفساد بكل اشكاله ومعالجة ملفات التهجير القسري والهجرة وغيرها من الملفات. 

                                 الوطن وحياة حرة وحقوق مشروعة مثبتة دستوريا
ان ضمان مستقبل مشرق لشعبنا يرتبط بقضيتين استراتيجيتين مترابطتين:
الاولى- البقاء في ارض الاباء والاجداد والتشبث بالوطن العزيز وعمل كل ما هو ممكن لكي لانتحول الى شعب مشرد ومنتشر في كل بلدان العالم من دون وطن. ان البقاء في الوطن وتعزيز وجودنا يتوقف في الظروف العراقية والاقليمية والدولية الراهنة على:
1-   مطالبة السلطات في بغداد وفي مناطق تواجد شعبنا في كل انحاء العراق، بكل الطرق والوسائل وباستمرار ومن دون انقطاع، بتحمل المسؤولية عن توفير الامن والسلامة لابناء شعبنا وللكنائس واماكن العمل. ويرتبط بذلك طبعا الاصرار على كشف المجرمين والقتلة الذين يقتلون ابناء شعبنا ويدمرون كنائسهم ويستولون على ممتلكاتهم ومساكنهم ويهجرونهم قسرا ويظطهدونهم ويفرضون عليهم الجزية او غيرها من الامور التي تمس معتقداتهم وتقاليدهم.

2-   في حال عجز السلطات عن توفير الامن وتحمل مسؤلياتها الاخلاقية والقانونية، على شعبنا اللجوء الى كل الحلول العملية المتاحة الاخرى و في مقدمتها مناشدة الرأي العام الدولي والامم المتحدة لمعالجة هذه القضية الانسانية المهمة.

3-   الاستمرار في بناء القرى وتعمير وتطوير المدن والقصبات الامنة وخاصة في اقليم كردستان، ومعالجة كل ملفات التجاوز على اراضي شعبنا اينما كانت وجعلها مناسبة للسكن والعمل والاستمرارية لممارسة حياة طبيعية ومكانا لائقا ومقبولا لأستقبال ابناء شعبنا الهاربين من الارهاب والقتل والاضطهاد. وفي هذا الصدد على كل الاطراف والجهات ان تتعاون وان تعتمد برامج واضحة مدروسة، وان تستثمر كل الموارد المالية المتاحة وهي موارد ضخمة وكبيرة بعقلانية وشفافية، مع التأكيد على وضع حد للنهب وللفساد وسرقة المال العام والاثراء على حساب قوت وكرامة الشعب من خلال المؤسسات والوظائف والانتماءات المختلفة. ان مستقبل شعبنا اثمن واغلى واهم من مصلحة هذا الحزب او تلك المؤسسة او اي جهة او طرف كان. ان هذا المستقبل يحتاج الى سواعد قوية وكفوءة ونظيفة ومخلصة وصادقة وشجاعة، وليس الاعتماد على من لايؤمن الا بمصالحه الخاصة الانانية ومن اعتاد التقلب والتلون وخدمة الاخرين والكذب والانتهازية.

اما القضية الثانية –  العمل لتثبيت كامل حقوق شعبنا في الدستورالعراقي بما فيها حقه المشروع في الحكم الذاتي، على غرارما تم تثبيته في دستوراقليم كردستان.
ان مصير شعبنا ومستقبله في العراق يرتبط عضويا بمدى التقدم في بناء العراق الجديد والتطور الديمقراطي للعملية السياسية. ولذلك فان قضية شعبنا هي جزء من القضية الوطنية والديمقراطية وبناء عراق المواطنة المتكافئة وعراق القانون والنظام. ان مطالبة شعبنا بحقوقه كاملة والنضال ضد التمييز والتهميش وكل اشكال الظلم والاضطهاد هو نضال وطني وذا محتوى ديمقراطي، وعليه فان مطالبات شعبنا بحقوقه هي مساهمة واعية وهادفة لبناء العراق الجديد وتطوير العملية السياسية والديمقراطية. ان هذه المطالب هي لضمان مصالح كل المكونات والتكافؤ بين جميع المواطنين ومساواتهم جميعا بغض النظر عن كل الانتماءات، القومية والدينية والطائفية والعشائرية وبغض النظر عن الجنس والاكثرية والاقلية، وهوايضا رفض للتمييز والاجحاف والتهميش وقبول المواطنة الناقصة.
ان تثبيت حق الحكم الذاتي لشعبنا والمكونات القومية الاخرى في اقليم كردستان هو انجاز ومكسب هام وتاريخي. من الهام لشعبنا وللاستفادة القصوى من هذا الانجاز،التهيئة الواعية والمبنية على اسس ديمقراطية وشفافة وبمشاركة كل ابناء شعبنا ومؤسساته وقواه دون تمييز او تهميش لمناقشة واصدرار وثم تنفيذ وتطبيق قانون خاص بالحكم الذاتي. ان بناء حكم ذاتي لشعب مضطهد منذ قرون، رغم كل التعقيدات والمصاعب والاشكالات المتعلقة بوضعه ومناطق تواجده وما يحيط به من صراعات على الارض والسلطة وغيرها، هو ممارسة وطنية وديمقراطية لايمكن لها ان تحقق نتائج ايجابية ملموسة وتحمل ثمارا طيبة ما لم تدار وتنفذ بارادة ومؤسسات وقيادات واعية ومؤمنة بالديمقراطية وبعيدا عن الانتهازية والفساد الاداري والمالي.
طبعا ان زج اوسع الجماهير من ابناء شعبنا في عملية المطالبة بالحقوق والجرأة في رفض القتل والذل والتمييز وقبول المواطنة الناقصة من الدرجة الثالثة، وزجها في نفس الوقت في العمل والانتاج والابداع، هو ما يقوي شكيمة شعبنا ويعزز احترامه ومكانته في الوطن، وهو ما يزرع الامل والايمان بحياة حرة كريمة وبالمستقبل.
                                       مسؤولية تاريخية مشتركة
على الجميع، كل قوى شعبنا، قادة واحزاب ومؤسسات وناشطين مستقلين، وكنائسنا كلها، الانتهاء من اهدار الطاقات في الصراع على التسمية، وذلك من خلال التركيز والاصرار على اننا شعب واحد ومن خلال قبول تسمية توافقية سياسية تجسد وحدة شعبنا في هذه المرحلة العصيبة، والعمل في ذات الوقت باخلاص وبشكل منهجي وعلمي للتوصل الى اعتماد تسمية واحدة مقبولة وعملية.

على الجميع، كل قوى شعبنا، قادة واحزاب ومؤسسات وناشطين مستقلين، وكنائسنا كلها، الارتقاء الى مستوى التجمع في خندق بناء مستقبل مشرف لشعبنا في الوطن. مهما كانت الاختلافات الفكرية والساسية ومهما تباينت المصالح. فعلى الجميع وضع المصلحة العليا، والمتمثلة في هذه المرحلة التاريخية المصيرية بحماية ابناء شعبنا من القتل والتهجيروتوفيرالامن لهم في كل العراق وتعزيز تواجدهم وتوفير الحياة اللائقة والكريمة وعمل كل ما هو ممكن لوقف نزيف الهجرة، فوق كل المصالح الاخرى.
على الجميع، مهما كان موقعه ومهما بلغت امكاناته ومهما كانت ارتباطاته، ان يبادر ويبدي الاستعداد وبتواضع واخلاص لمد الايدي والجلوس معا والالتقاء للحوار والتفاهم والتعاون. اذ لم يعد مقبولا ومنطقيا ان لاتكون ثمة لقاءات ومشاورات وحوار بين قادة ومؤسسات واحزاب وكنائس شعبنا في الوقت الذي تلتقي اغلبها مع القوى والاحزاب والمؤسسات الاخرى الكردستانية والعراقية  دون اي تردد او تحفض رغم اختلافاتها ومواقفها المتباينة.
وبودي ان اعلن بان ندائنا هذا للجميع هو نداء وصوت الاكثرية من المستقلين والمثقفين والديمقراطيين من ابناء شعبنا في الوطن وفي الخارج، الذين يسعون الى تعزيز دورهم والتصدي لمسؤولياتهم بعيدا عن الصراع على المصالح والمقاعد والكراسي والامتيازات والتملق والانتهازية.
وعلى الجميع ان يعلم، ان الشعوب الحية هي الشعوب التي تتشبث بالامل وتنظرالى امام وتعتمد الحوار والتفاهم والقيم الديمقراطية والعمل المشترك ورسم الاهداف الاستراتيجية الضامنة للتطور والتقدم.
فشعبنا السورايي – الكلداني السرياني الاشوري -  شعب حي، ذات تاريخ حافل، وحاضر ملفوف بالمخاطر والتحديات، ومستقبل ينتظرنا جميعا ويتقرر بوعينا وجهودنا واخلاصنا وصدقنا ومدى استعدادنا للتضحبة ولتحمل المسؤولية.



56
توحيد اتحادات الادباء والكتاب حجر زاوية لترسيخ وحدة شعبنا

سامي بهنام المالح
12 تموز 2009


بدعوة من المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية عقد في 10 تموز الجاري اجتماع لممثلي اتحاد الادباء والكتاب السريان، اتحاد الادباء والكتاب الكلدان السريان و رابطة الادباء والكتاب الاشوريين لدراسة ومناقشة توحيد هذه المؤسسات الثلاثة في مؤسسة واحدة تجمع كل ادباء وكتاب شعبنا الواحد السورايي – الكلداني السرياني الاشوري.
ان هذه المبادرة الواعية والمسؤولة، وفي هذه المرحلة الدقيقة من حياة شعبنا، تشكل استجابة عملية لحاجته الى تعزيز وترسيخ وحدته وتركيز الجهود والاهتمام على تطويراللغة والادب والثقافة والفنون، التي هي بمثابة الروح والهوية لاي شعب حي.
وفي هذا الصدد، ومن منطلق الحرص والمسؤولية، اود اثارة انتباه الاخوات والاخوة في هذه الاتحادات وكل ادباء وكتاب شعبنا الى ان عملية التوحيد هذه، هي كأي عملية اخرى، تحتاج الى  مواصلة الجهود بصبر واصرار واعتماد الحوار والمناقشات العلمية المنهجية وبنفس طويل، واعتماد الاساليب الحضارية والديمقراطية وبالابتعاد كليا عن المطبات السياسية وتأثيرات اجندة القوى والاحزاب ومصالحها الانية.
ان التصدي لهذه المهمة، وبمساعدة مؤسسة رسمية هامة – المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية -  هو موقف شجاع وجهد كبير بمعناه ومدلولاته، سيساهم، من دون شك، بشكل جدي واساسي في تطوير الوعي القومي وترسيخ وحدة شعبنا وسيرفع ايضا من مكانته ويعزز دوره الحضاري في الوطن والعالم.

يقينا ان هذا التوجه الصائب وهذه المبادرة الحكيمة ستنال رضى وتضامن ودعم كل الخيريين والحريصين على وحدة شعبنا ومستقبله، مثقفين ومؤسسات وقوى واحزاب وكنائس. ومن المتوقع ايضا ان تبدأ القوى والاطراف التي ليست مع وحدة شعبنا والتي تخاف على مواقعها ومصالحها بالتحرك لوضع العصي في طريق تقدم هذه العملية ونجاحها، وستبدأ بايجاد المبررات والعوائق وستبذل جهودها، بكل الطرق والاساليب، لاجهاض هذه الخطوة، او على الاقل التأثيرفي نتائجها.

ان توحيد مؤسساتنا الثقافية والادبية والعلمية يشكل في الواقع حجر الزاوية في ترسيخ وحدة شعبنا، وهو الاساس الصلب لمواجهة كل الاشكالات والامراض المزمنة الموروثة، ووسيلة فعالة لجمع كل الجهود والطاقات والامكانات للمضي قدما نحو المزيد من الانتاج الابداعي وتطوير القيم الانسانية والجمالية والمساهمة ذات القيمة والنوعية لبناء وطننا العراق.

وبودي ان اذكر الى ان احدى توصيات مؤتمرعنكاوا اذار 2007، الذي كان للادباء والكتاب والمثقفين دورا هاما فيه، كانت حول العمل لتوحيد مؤسسات شعبنا المختلفة وخاصة التي تهتم باللغة والادب والثقافة والفنون والشباب.

نشد على ايديكم اعزائنا في المديرية العامة للثقافة والفنون السريانية والادباء والكتاب من مؤسساتنا المختلفة، ونشيد عاليا بجهودكم لتوحيد هذه المؤسسات الهامة في مؤسسة واحدة، ونعبر لكم عن تقديرنا واعتزازنا واستعدادنا لدعمكم ومسانتدتكم. نتمنى لكم النجاح والموفقية في خدمة شعبنا الواحد مع الود الاخوي.



57
الكلدان قاطرة للوحدة والقوة ام أداة للانقسام والضعف

سامي بهنام المالح
2 تموز 2009


                                                            مدخل

ان تطورالوعي الوحدوي، واعتبار قضية الكلدان السريان الاشوريين قضية شعب واحد، والسعي الى توحيد الجهود وتوحيد الخطاب القومي وتثبيت كامل الحقوق القومية لهذا الشعب الواحد  بكل تسمياته التاريخية بما فيها حقه في نيل الحكم الذاتي في العراق الاتحادي الديمقراطي الجديد دستوريا، كان في الحقيقة ثمرة عمل وجهود ونشاط وفكرقوى ومؤسسات وشريحة واسعة من المثقفين والناشطين المستقلين من ابناء هذا الشعب في الوطن وفي المهجر. هذا العمل والجهد والنشاط الواعي المتعدد الجوانب، انصب وتركز قبل كل شيء على مواجهة التعصب والصراع الغبي على التسمية، هذا الصراع الذي كان دائما على حساب جوهر قضية شعبنا والتصدي لما يواجهه من تحديات خطرة ومصيرية تهدد بقائه ومواصلة حياته الطبيعية وضمان مستقبل واضح وامن لابنائه في الوطن.
من المهم جدا، ان نثير الانتباه هنا، الى ان هذا التطور في الوعي الوحدوي واغناء محتوى قضية شعبنا، وطرح المعالجات الانية التوافقية المبنية على احترام كل التسميات وربطها ببعضها تعبيرا عن وحدتها الجدلية، وتجنبا لتقسيم شعبنا الى ثلاث اجزاء او مكونات قومية منفصلة، ما كان له ان يتحقق لو لم يكن كل العمل والنشاط والفكرالبديل المطروح بعيدا عن التعصب والانعزالية والتقوقع ومجردا عن المصالح الضيقة والحزبية.
ولابد لنا ان نتذكر ايضا، ان الجزء الهام والفعال من العمل والنشاط الوحدوي، والدعوة المنهجية العلمية والواقعية لاعتبار الكلدان السريان الاشوريين شعب واحد، ومواجهة التعصب الاشوري بالحجة والحوار وبقراءة صائبة للواقع والتركيز على المستقبل والافاق، تحمله بالدرجة الاولى نخب مثقفة ومخلصة من الكلدان.
فالكلدان المخلصون الواعون لاهمية التركيزعلى عوامل وحدة شعبنا وعناصر ترسيخها وتعزيزها واهمية معالجة كل الاشكالات التاريخية الموروثة، كانوا واعين جيدا لمخاطر ونتائج التعصب بكل اشكاله، ولذلك تجنبوا الانزلاق الى خانة ردود الفعل ومواجهة التعصب بالتعصب، الامر الذي اعطاهم دورا فعالا ومؤثرا وجعلهم يسيرون في مقدمة المدافعين عن قضية شعبنا كله، بكل تسمياته، وتخليصها من كل الشوائب والاشكالات وتداعيات صراع القوى والاشخاص من اجل مصالحها ومنافعها الانانية الضيقة.

                            الكلدان قاطرة للوحدة وتحقيق اماني السورايي في الوطن

واحدة من المنطلقات والمبررات التي يرتكز عليها الكلدان، الوحدويون منهم ام المتعصبين الداعين لفصلهم عن اخوتهم السريان الاشوريين، هي انهم يشكلون الاكثرية. 
من المؤكد ان كون الكلدان اكثرية بين ابناء شعبنا الواحد يمنحهم دورا هاما ومصيريا. ولذلك فان لتحديد هذا الدور بما يخدم مصلحة شعبنا الواحد ويحقق امانيه ويضمن مستقبل اجياله اهمية قصوى في هذه المرحلة الحساسة والعصيبة.
من الواضح ان ثمة تباين واختلاف بين النخب والقوى والمؤسسات الكلدانية فيما بتعلق بفهم  وبتحديد هذا الدور التاريخي.
الاكثرية من المثقفين والناشطين والمستقلين ومن المؤسسات الاجتماغية والثقافية الكلدانية تؤمن بشكل مطلق باننا نحن السورايي - الكلدان السريان الاشوريين-  نشكل شعبا واحدا.
ولقد تعامل هؤلاء بوعي وبمسؤولية مع اشكالية التسمية وصراع الاحزاب والاقطاب والزعامات السياسية والكنسية. وروجوا دائما للوحدة والتضامن وتوحيد الجهود والخطاب القومي. ان هؤلاء يرون ان مصلحة الكلدان تكمن في وحدتهم مع ابناء شعبهم الواحد من السريان الاشوريين. كما انهم يدركون جيدا ان عزل الكلدان عن ابناء شعبهم وتقسيم الشعب الواحد الى ثلاث قوميات او شعوب انما يضعف الكلدان قبل غيرهم ويهمش قضيتهم ويفقدهم الزخم والارث الحضاري والثقافي والتاريخي لنضال وتضحيات شعبنا الجسيمة كله بكل مسمياته.
كما ان هؤلاء يعون ايضا بان ثمة نفس اشوري متعصب لايرى الواقع كما هو ويسعى الى فرض الحلول الجاهزة ويريد معالجة توحيد شعبنا باساليب قسرية وغير ديمقراطية ومن خلال مشاريع وسياسات غير موضوعية وغير واقعية.
ان هذه الاكثرية من الكلدان ترى ان دورالكلدان التاريخي ينبغي ان يكون دور القاطرة التي تحرك وتقود عملية ترسيخ وحدة هذا الشعب ودفع قضيته الواحدة الى امام بما يضمن له المستقبل في ارض الاباء والاجداد.
ان هؤلاء الكلدان يرون بوضوح ان الحصول على كامل الحقوق القومية بما فيها الحكم الذاتي لهذا الشعب انما يتوقف على تكاتفه وتعزيز وحدته وتوحيد قضيته وخطابه القومي. ان هؤلاء المؤمنين بهذه الوحدة يؤمنون ايضا بان اصرارهم وحرصهم وتشبثهم بالوحدة هو الطريق الاصلح والاسلوب الانجع لمواجهة التعصب ونزعة الاستأثار والتعالي والانكفاء في اغلال الماضي.
ان هؤلاء الكلدان البعيدين عن حسابات الربح والخسارة والصراع من اجل المقاعد والوظائف والتملق لهذا الطرف او ذاك، يفهمون جيدا، بان اغلب القوى والاحزاب والتحالفات انما هي اطراف في الصراع من اجل تقسيم الثروات والسلطة على حساب مصير شعبنا ومستقبله، وانها تغيرسياساتها ومواقفها وخطابها وتحالفاتها وفقا لمصالحها الانية، ولذلك فانها لم تصبح قوى جماهبرية ولم تفلح في استنهاض الناس ومعالجة الاشكالات ومواجهة المصاغب والدفاع الجدي عن شعبنا.
وفي الحقيقة، ان فكرة التسمية المركبة الثلاثية، كحل اني وتوافقي لاشكالية التسمية التي هددت وحدة شعبنا، كانت مبادرة كلدانية في الاصل. ولقد عمل المتعصبون وفي مقدمتهم المتعصبين الاشوريين بالضد من هذه المبادرة ووقفوا ضدها دون جدوى. اذ باتت هذه التسمية المركبة اليوم مقبولة مرحليا من لدن الاكثرية، حيث يرى الكل فيها نفسه في وحدة مبنية على احترام كل التسميات.
ان التمسك بالوحدة والوقوف بالضد من نزعة التقسيم والتشتت ينسجم كليا مع روح العصر وقيم التضامن والسلام والتنمية والعمل المشترك للبناء والتقدم والازدهار. والكلدان بتمسكهم بالوحدة يحققون انجازا تاريخيا مشرفا يؤسس لتمتين وتماسك وتقوية وتحشيد كل الطاقات والامكانات والارادة والجهود لبناء وضمان مستقبل حقيقي للكلدان السريان الاشوريين في اطار بناء العراق الجديد.
ان الدفاع الحقيقي الصادق المخلص عن الكلدان يكمن في الدفاع عن وحدة واعية مبنية على العوامل والعناصر الراسخة الجامعة لكل السورايي وعلى احترام ارادة وتسمية وحاجة الجميع بتكافؤ ومساواة.
والدفاع الحقيقي عن الكلدان يكمن في تطوير قضية شعبنا كله - الكلداني السرياني الاشوري – من خلال تجاوز اشكالية التسمية بحل توافقي سياسي مرحلي والانتهاء من هدرالوقت والطاقات والجهود، والتركيز بدلا من ذلك على تطوير اللغة والتراث والثقافة القومية واشباعها بالقيم الانسانية والديمقراطية وبناء المؤسسات الكفوءة ومحاربة الفساد المالي والاداري، والاهتمام الجدي بامن ابناء شعبنا في العراق وتوفير المعيشة الكريمة واسباب الاستقرار ومعالجة آفة الهجرة التي تهدد وجود شعبنا.



                                                التقسيم والتشتت لايخدم الكلدان

ثمة اطراف ومؤسسات كلدانية تسعى الى فصل الكلدان عن ابناء شعبهم من السريان الاشوريين. وهذه الاطراف اذ يسوقون المسوغات التاريخية لاعتبارالكلدان قومية مستقلة لا علاقة لها بالقومية الاشورية او بالسريان يطالبون بين فترة واخرى بتثبيت التسميات الثلاثة لشعبنا الواحد كثلاث قوميات.
ان المبررات التي يعتمدها بعض المنظرين من هذا الطرف اذا ما استثنينا الكنيسة الكلدانية، هي انه باعتماد التسمية المركبة انما يفقد الكلدان خصوصيتهم ويتعرضون الى اجحاف بل ويتم حذفهم تاريخيا كقومية مستقلة عريقة في العراق، وانهم يؤكدون دائما بان ثمة مؤامرة اشورية تستهدفهم ولاسيما ان مقدرات الجميع هي بين ايدي الحركات القومية الاشورية او زعماء لشعبنا هم اشوريين وان ادعوا بانهم مع الوحدة ويسعون لتثبيت التسمية الثلاثية المركبة.
ان دراسة تكوين وجماهيرية هذه الاطراف الكلدانية، ومتابعة مواقفها وبرامجها وتحالفاتها، توضح بجلاء عدم جدية وقناعة اغلب هذه الاطراف بما تطرحه من مبررات وحجج. اذ ان اغلب الاخوة والاخوات من الناشطين والمتحدثين باسم هذه الاطراف اكدوا مئات المرات وفي مناسبات مختلفة ان الكلدان السريان الاشوريين هم شعب واحد. وكلهم يدعون بانهم مع تثبيت كامل الحقوق القومية لهذا الشعب يما فيها الحكم الذاتي. كما ان اغلبهم انتمى الى وتحالف في اطارمؤسسات تعتمد التسمية الموحدة، وتدافعوا مرارا للحصول على حصتهم من النعم مقابل ذلك.
ان الحقيقة التي يتذكرها هؤلاء، ويجترونها ليل نهار، هي ان المتعصبين الاشوريين لايعترفون بوجود الكلدان ويعتبرونهم جزء من الشعب الاشوري. غير انهم وللاسف يستخدمون هذه الحقيقة لغاية لاتخدم الكلدان ابدا، وبالعكس فانهم يستخدمونها بما يعزز مواقغ التعصب الاشوري وتغذيته. فوجود الكلدان كجزء هام من سورايي العراق واقع موضوعي لايمكن الغائه. وان حضور الكلدان لايتجسد في مواجهة التعصب بالتعصب ابدا، بل بالمنطق والعقلانية وتقديم البديل وما يضمن المستقبل وينسجم مع التطورات والمستجدات والتغييرات الهائلة في تركيبة وجغرافية والحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية لابناء شعبنا من الكلدان السريان الاشوريين.
ان هؤلاء الاخوة لايريدون رؤية التغيير الايجابي في مواقف ووعي اغلب المؤسسات والجماهير الاشورية التي تعمل للوحدة وتوافق على احترام تسمية الكلدان واعتبارهم الجزء الاساسي والهام في وحدة السورايي. انهم لايذكرون تجاوب الكثيرمن النخب والزعامات الاشورية التي لاتقيل بالتقسيم والتشتت وتنبذ التعصب وتعتمد الحوار والتضامن والعمل المشترك.
ان اغلب هؤلاء ينطلقون للاسف من مواقع التحزب ومصالح انية سياسية، فهم يخلطون بين عملهم وصراعهم من اجل تحقيق المكاسب وكسب الشارع والفوز بالمقاعد البرلمانية والوظائف وحتى حصتهم، كما يلوحون بشكل مباشر او غير مباشر، من الثروات والسلطات المخصصة للكلدان السريان الاشوريين (المسيحيين) وبين وحدة قضية هذا الشعب وما يواجهه من تحديات واستحقاقات النضال الحقيقي لحمايته وتوفير الامن والاستقرار وتثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا في كل العراق. انهم يضحون بمعنى اخر بمصالح الكلدان الاستراتيجية، والتي هي نفس المصالح الاستراتيجية لابناء شعبهم السريان الاشوريين، من اجل مصالح انية وحزبية قد تكون مشروعة.
ان هؤلاء يريدون اقناع الدنيا بانهم هم وحدهم الكلدان الحقيقيين الخائفين على استقلالية القومية الكلدانية من هجوم الاشوريين. انهم بذلك يريدون تجاوز حقائق التاريخ وما عاناه الكلدان السريان الاشوريين جميعا وكابناء شعب واحد ومن دون تمييز على ايدي الشوفينيين والعنصريين الذين حكموا بلاد ما بين النهرين لقرون طويلة، وهم يتناسون ايضا ان دماء الكلدان السريان الاشوريين قد اختلطت في الوديان وقمم الجبال وازقة القرى وفي الكنائس وفي ساحات المدن على مر القرون ولاسيما في تاريخ العراق الحديث. ان هؤلاء الاخوة واغلبهم يدعي بالدراية والعلم في التاريخ لايريدون فهم منطق التاريخ ومتابعة ما آلت اليه امور الكلدان السريان الاشوريين نتيجة الانقسامات الكنسية والتشتت والتعصب والعشائرية وضعف الوعي القومي والركض وراء المصالح الانانية والتملق للسلطات وتنفيذ اجندة المتنفذين من الشوفينيين العرب او الاكراد اوغيرهم.
ان وقوف هذا الجزء من الكلدان، الذي لايمثل الكلدان جميعا كما يدعي، على الرغم من تشكيل الكيانات السياسية والجبهات والاتحادات وغيرها من التشكيلات التي لم تحقق جماهيرية ملحوظة، ضد الوحدة والحل التوافقي للتسمية لايخدم الكلدان ابدا. ان موقفهم هذا سيعقد قضيتهم ويسيء الى هيبتهم ودورهم ويفقدهم امكانية التمسك بزمام المبادرة وبالدورالقيادي لترسيخ الوحدة وبناء مؤسساتها، والتاسيس لبناء كياننا كشعب حي ينظرالى امام ويتطلع كي يتطور موحدا قويا يكسب الاحترام والثقة وليساهم بفعالية في بناء وازدهاروطنه.
                             
                            التمسك بمصلحة الشعب العليا هو انتصار للجمبع

ان مصلحة السورايي كشعب بكل تسمياته – الكلداني السرياني الاشوري – تكمن بصيانة وترسيخ وحدته وبتطوير قضيته كشعب اصيل في وطن ابائه واجداده، وبربط هذه القضية العادلة ببناء العراق الجديد الاتحادي العلماني الديمقراطي الذي يضمن ويؤمن الامن والسلامة لكل ابنائه ويقر دستوريا حقوق الجميع بتكافؤ ومساوات من دون اي تمييز او نقصان.
ان اقرار التسمية المركبة الموحدة وحق شعبنا بالحكم الذاتي في دستور اقليم كردستان يشكل انجازا قوميا سياسيا كبيرا، وهو في الحقيقة انتصار لكل ابناء شعبنا وفي مقدمتهم الكلدان.
ان الوقوف ضد اقرار هذه الصيغة، والمطالبة من خلال الرسائل بتغييرها، يشكل خطأ تاريخيا بحق الكلدان قبل غيرهم. حيث ان اعتماد هذه الصيغة تعطي الكلدان كجزء هام من هذا الشعب فرصة تاريخية للعمل والنشاط من اجل خدمة ابناء شعبنا جميعا، والنضال الصادق والنزيه من اجل استخدام الثروات والسلطة بشفافية ولصالح الشعب والجماهير ومن اجل حل مشاكل التهجيرالقسري والهجرة ومن اجل توفير العمل والسكن ومستلزمات الاستقراروالحياة الكريمة وتطوير قرانا وقصباتنا وبناء مؤسساتنا وتنفيذ المشاريع المختلفة لتطوير القاعدة المادية والاقتصادية لبناء كياننا وضمان مستقبل اجيالنا.
ان التسمية المركبة لاتمس باستقلالية الكلدان، وهي تربطهم وتحترم تسميتهم بابناء شعبهم السريان الاشوريين بنفس القدر وبنفس المستوى كما تربط الاشوريين وتسميتهم بابناء شعبهم الكلدان السريان، وكذا الحال بالنسبة لاحترام التسمية السريانية وربطها باحترام مع ابناء الشعب الكلدان الاشوريين.
ان هذه الصيغة والتمسك بالوحدة لاتحرم التقدميين والديمقراطيين والمستقليين من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري للعمل من اجل الدفاع عن القيم الديمقراطية وتعرية ومحاربة الانتهازية والتملق والفساد والاستحواذ على المال العام. بالعكس فان التمسك بالوحدة يقوي التيار الديمقراطي ويهيأ البيئة الافضل من اجل تعزيز مكانة شعبنا في العملية السياسية وتطوير الديمقراطية في العراق اجمع، والتي بدونها، بدون الديمقراطية والامن والازدهار لايمكن تخيل مستقبل مشرق لشعبنا في الوطن.


58
مكسب تاريخي لشعبنا علينا صيانته وتطويره

سامي بهنام المالح
26 حزيران 2009


اقر برلمان اقليم كردستان يوم الاربعاء 25 حزيران مسودة الدستوروقررعرضها للاستفتاء الشعبي يوم 25 من تموز المقبل، في نفس يوم انتخابات البرلمان ورئيس الاقليم. ولقد ثبت البرلمان، واستجابة لمطالبة الاكثرية الساحقة من ابناء شعبنا وقواه السياسية، التسمية المركبة المجسدة لوحدة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بالاضافة الى تثبيت حق شعبنا بالحكم الذاتي.
ان صيانة وحدة شعبنا بكل تسمياته التاريخية دستوريا في اقليم كردستان، بخلاف ما هو مفروض على شعبنا في دستورالعراق، يشكل انجازا تاريخيا كبيرا، ويعد انعطافة هامة في تطور قضية شعبنا، وبداية لمرحلة وضع المعالجات العقلانية والعملية لاشكالية التسمية ووضع الحدود لحالات التشرذم والتشتت والتعصب وهدرالطاقات في المعارك الثانوية والمفتعلة.
مما لاريب فيه، ان صيانة وحدة شعبنا بكل تسمياته وكنائسه وقواه السياسية ومؤسساته، يعني صيانة وتعزبزالامل في انتصارقضيته، كشعب حي يواجه تحديات خطيرة ومصيرية تهدد وجوده ومستقبله في وطنه ارض ابائه واجداده. ذلك ان السعي الى تقسيمه وتشتيت جهود ابنائه من خلال التعصب وزرع الكراهية ولتحقيق مصالح آنية انانية، يؤدي الى الضعف والتشرذم وفقدان الثقة والامل وتقسيم قضيته الموحدة الواحدة الى قضايا هامشية وصغيرة.
ان تجسيد وحدة شعبنا، في هذه المرحلة العصيبة في اطارتسمية توافقية، هو انتصار لكل ابنائه بكل مسمياتهم. هو انتصار للكلدان كما للسريان وكذلك للاشوريين، الذين هم ابناء شعب واحد. هذا الشعب الذي يحتاج الى المزيد من العمل والجهود والوعي لترسيخ وحدته وتطوير قضيته ومعالجة كل الاشكالات التاريخية المتراكمة في حياته نتيجة قرون من القتل والاضطهاد والظلم والتمييز والتهميش والتهجير والتشريد.
نعم ان تثبيت شعبنا بتسمياته الثلاثة كشعب واحد ليس انتصارا للوحدويين كما يقال فحسب، بل هو انتصار للجميع. فهو انتصار للاخوة الاعزاء من المتعصبين لهذه التسمية او تلك. هو انتصار لكل المخلصين بحق ممن يريدون خدمة شعبهم باية تسمية كانت. هو انتصار للكلدان الذين طالبوا بادراج الكلدان قومية لوحدهم لكي لاتهظم حقوقهم لان الصيغة المثبتة  تذكر الكلدان وفي ذات الوقت تربطهم بوحدة مصيرية كشعب واحد مع ابناء جلدتهم بتسميات اخرى. كما انه انتصار للاشوريين المتعصبين ايضا جاء اسمهم ومعهم ابناء شعبهم بمسميات عزيزة اخرى. وكذا الحال بالنسبة للسريان.
ان تعزيز وحدة شعبنا وترسيخها هي الضمانة الاساسية لممارسة شعبنا لحقه في الحكم الذاتي المثبت دستوريا. ولذلك فان ترسيخ وحدتنا تنتصب اليوم كواحدة من المهام الاساسية والمصيرية. وبتقديري ان التصدي لهذه المهمة، وبالتالي التهيئة لممارسة حقنا في الحكم الذاتي، يتطلب من كل ابناء شعبنا وقواه السياسية ومؤسساته المختلفة الامور الملحة التالية:
اولا – مواصلة الحواروالتفاهم بين كل الاطراف والجهات التي لها مبرراتها في عدم قبول التسمية المركبة المثبتة في دستور الاقليم والتي تتحفظ على الحكم الذاتي، بغية الوصول الى افضل الحلول والصيغ وتبني التسمية الاكثرمنطقية وعملية والتي يمكنها ان تجسد وحدة شعبنا وتدفع قضيته الواحدة الى امام.
ثانيا – العمل المثابر والجدي لتطوير الوعي الوحدوي ومواجهة التعصب بالمنطق والعقل، والتشيث بعناصر وعوامل الوحدة وتطويرها بما يتلائم مع روح العصروالانفتاح والتطلع الى المستقبل بعيدا عن
اغلال الماضي والاشكالات التاريخية والانقسامات الكنسية.
ثالثا – عدم التضحية بوحدة شعبنا والدفاع عن حقوقه الواحدة والمشتركة في سبيل تحقيق المصالح السياسية والحزبية. فالاختلافات السياسية والمنافسة وخوض الانتخابات في قوائم وبرامج مختلفة امر عادي ومشروع، على ان يبقى في اطار وحدة شعبنا والحفاظ على خطابه القومي الوحدوي ووضع مصلحته العليا فوق كل الاعتبارات الاخرى.
رابعا – ان الشعور بالتهميش واستحواذ جهة على مقدرات الجهات الاخرى والخلل في توزيع الثروات والسلطات وأساءة استخدامها، هي من الامور والقضايا التي تتعلق بالديمقراطية والشفافية والنزاهة والفساد، ولاعلاقة لها البتة بوحدة شعبنا. وبالعكس فان بترسيخ وحدة شعبنا والانتهاء من اهدارالوقت والجهود في معارك التسمية والتعصب، تتهيأ الاجواء الايجابية والارضية للاهتمام والتركيزعلى تطوير القيم الديمقراطية وتطويرادوات الرقابة والرأي العام ومحاربة الانتهازية والنفعية والفساد المالي والاداري المستشري، والتفرغ للبناء والتعمير وتطويرحياة المواطنين وتوفيرالحياة الكريمة وفرص العمل، وبذل كل الجهود لحماية ابناء شعبنا ومعالجة مشاكل التهجير القسري والتجاوزات بالاضافة الى مشكلة الهجرة التي تهدد وجودنا في الوطن.

ان الحصول على هذا المكسب التاريخي في اقليم كردستان الذي يعزز علاقات شعبنا التاريخية بالشعب الكردي الشقيق وباقي القوميات الاخرى في القليم، يشكل اليوم محطة متقدمة للانطلاق نحو العمل، بجهود مشتركة وخطاب قومي موحد وعلى اسس صائبة وديمقراطية، للحصول على كامل حقوق شعبنا دستوريا في العراق اجمع، بما فيها حقه في الحكم الذاتي.
ان حصول شعبنا الواحد على حقوقه دستوريا ومع المطالبة المشددة والدائمة لضمان الامن لابنائه في كل ربوع الوطن، انما يؤهل شعبنا، بما يملكه من طاقات وكفاءات علمية وثقافيية وحظارية وبما يحمله من قيم التسامح والمحبة والتضامن، ان يساهم بفعالية في بناء العراق الجديد، عراق موحد حر ديمقراطي مزدهر، عراق المواطنة والشراكة والتكافؤ والعمل والابداع.

59
المدرسة هي المؤسسة الاكثر اهمية لضمان مستقبل افضل لاطفال العراق

سامي بهنام المالح
رئيس الجمعية السويدية العراقية*                                  
                                                              مدخل

قد لا يحتاج المرء الى التنظير والاسترسال الاكاديمي وسوق الكثير من المبررات العلمية، لتأكيد اهمية المدرسة  وتوفيرفرص التعليم والتعلم في تطورالفرد والمجتمع. اذ بات من البديهي، علميا، اعتبار مستوى تطورعملية التربية والتعليم ومدى تطوروديناميكية نظام التربية والتعليم في تنشئة واعداد وتأهيل الفرد – المواطن في اي بلد مقياسا لمستوى ومدى تطور وتاهيل الفرد لمواجهة تحديات الحياة وتحمل المسؤولية واتخاذ القرار، كما هي مقياس لتطور المجتمع والبلد المعني من كل النواحي المعرفية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمكانة الدولية.
وعند الحديث عن ابرز ما يمز البلدان المتخلفة والنامية، في الدراسات المنهجية، يجري الاشارة، عادة، الى ان نظام التربية والتعليم فيها، في الاغلب، هو نظام غير فعال وغير كفوء، ولايرتقي الى مستوى مواكبة التطورات العلمية والمعرفية عالميا، وغير قادر على محو الامية وتوفيرمقعد دراسي وفرصة التعلم لكل الاطفال والتقيد بالزامية التعليم، وبالتالي لايستجيب لمتطلبات التنمية  وعملية اعداد وتاهيل اجيال تتحمل مسؤولية التغيير والبناء والابداع والتقدم.

                                               الاطفال والتربية والتعليم في العراق

من الصعب جدا تحديد مستوى اهلية وفعالية نظام التربية والتعليم في العراق. من المعروف ان هذا النظام كان قد تحول الى جزء من منظومة ادوات الحفاظ على سلطة دكتاتورية وجزء من جهاز الترويج المبتذل لفكر البعث الشوفيني الشمولي وترسيخ قيم وتقاليد منافية لحقوق الانسان والتعددية والديمقراطية.
اما المعطيات والاحصاءات المحدودة والغير دقيقة المتوفرة، الان وبعد سنوات على سقوط النظام، لاتعكس صورة حقيقة وموضوعية عن الواقع. الدراسات والمعطيات والتقاريرعن وضع الاطفال والنساء وعدد الاميين وعدد المدارس والابنية المدرسية الصالحة وعدد المعلمين ومستوى اعدادهم وتاهيلهم والاساتذة الجامعيين والمناهج وطرق التدريس وما يتوفر من وسائل الايضاح وامكانيات الحصول على المعلومات وطريقة الامتحانات وتحديد المستوى العلمي، وغيرها الكثيرمن الامور التي تدخل في اطار نظام التربية والتعليم في البلد، تتحدث بجلاء عن وضع مرتبك وعن خلل كبير واشكالات بنيوية ونواقص حادة ومستوى علمي يثيرالقلق.
ان ما هو جدير بالاهتمام، في كل هذه المعطيات والتقارير والمشاهدات اليومية، هو وضع مئات الالاف من الاطفال في العراق. فرغم ان عدد الاطفال المحرومين من مقعد في المدرسة غير معروف، ولكنه معروف ان مئات الالاف منهم ينتشرون في الشوارع بحثا عن المأوى ولقمة العيش وسعيا لبيع قوة عملهم بمبالغ بخسة ليساعدوا امهاتهم الثكالى واخوتهم اليتامى وعوائلهم الفقيرة في محنتهم.
من المعروف ان في العراق قانون بالزامية التعليم للمرحلة الابتدائية، ولكن ليس هناك، في عراق اليوم وفي ظل سلطة منتخبة ديمقراطيا واقراردستور دائم للبلد، من يهتم بهذا القانون ويتابع تنفيذه. كما ان ليس هناك اي التزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي تلزم بحماية الاطفال وتوفير اسباب الرعاية والتربية والتعليم المجاني وشروط العيش بأمان وكرامة بعيدا عن العنف والاستغلال.

                               لا مستقبل للطفولة من دون بيئة صالحة للنمو والتطور

في بلد مثل العراق، بما يتوفر لديه من الثروات المادية والبشرية، لايمكن الحديث عن الطفولة والمستقبل اذا لم تتحمل الدولة، والسلطة التي تقود الدولة، مسؤولية توفير مقعد دراسي، في مدرسة ذات بيئة صحية ونفسية واجتماعية، لكل طفل من اطفال العراق، في المدينة والريف.
فالمدرسة لاتشكل البيئة والمكان الملائم والطبيعي لتعلم القراءة والكتابة والحساب فحسب، بل هي البيئة التي توفر للطفل امكانية للتطور نفسيا واجتماعيا ومكانا يستطيع فيه، وبالاحتكاك والتفاعل اليومي مع زملائه واساتذته، التعبير عن ذاته وبناء علاقات انسانية ومعايشة واحترام الاخرين.
وفي العراق، وبعد عقود من الدكتاتورية والحروب والتخلف والعنف والارهاب، يمكن للمدرسة، دون غيرها من المؤسسات، ان تنقذ الاطفال اليتامى والمحرومين والفقراء من التشرد والتعرض للاستغلال البشع والامراض والتشوه والانحراف.
على السلطة في العراق، على الدولة، ان تكشف للشعب عن الميزانية المخصصة لوزارة التربية ولتطوير نظام التربية والتعليم، وعليها ان تخصص الميزانية الكافية لبناء ما يكفي من المدارس الملائمة والتي تتوفر فيها الشروط الصحية والتربوية. وعليها الالتزام بتوفير مقعد دراسي لكل طفل، وعليها الزام كل العوائل مهما كان وضعها بارسال ابنائها للمدرسة.
طبعا ان التزام السلطات بتحقيق هذا المطلب الواقعي، يعني ايضا التخطيط لاعداد العدد الكافي من المعلمين وعلى اسس صحيحة وتربوية معاصرة. وكذلك يعني التخطيط والسعي لمعالجة الوضع الاجتماعي للعوائل الفقيرة والمعدومة، والقضاء على البطالة وتوفيرالعمل لكل من يستطيع عليه، ويعني ايضا سن قوانين صارمة تمنع استغلال الاطفال ومنع تشغيلهم مهما كانت المبررات.

وبتقديري ان حملة الدفاع عن حقوق الاطفال والعمل من اجل مستقبل مضمون لهم وبالتالي مستقبل  مشرف للوطن، يجب ان تتمحور حول حملة وطنية واسعة بالمطالبة بتوفير مقعد دراسي لكل طفل من اطفال العراق.
وعليه، اقترح على كل المؤسسات التي تعمل من اجل الاطفال والمرأة، وعلى كل الناشطين والمهتمين والمدافعين عن حقوق الانسان والديمقراطية التعاون والتنسيق في ادارة حملة بعنوان:
                                                    (المدرسة للجميع)

وبالتأكيد سيكون للقيام بهذه الحملة الوطنية تأثيركبيروفعالية ويمكنها ان تحقق:
-   خلق رأي عام باهمية المدرسة والتعليم في حياة الفرد وفي ضمان مستقبله.
-   رفع الوعي لدى الناس وخاصة الاميين المحرومين من فرصة التعليم، كي تتعلم المطالبة بحقوق اطفالها وحقوقها من جهة، وكي ترسل ابنائها للمدارس رغم صعوبة وقساوة اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية. 
-   التقارب والتعاون وتنظيم نشاط المؤسسات المختلفة والقوى والناشطين في حملة مطلبية وطنية لتصبح رافدا هاما في تيار العمل المطلبي الديمقراطي وتمرينا لتنظيم المزيد من الحملات الاخرى لتحقيق مطالب ديمقراطية اخرى.
-   الزام السلطات ومؤسسات الدولة المسؤولة في تحمل مسؤولياتها في التخطيط والعمل من اجل تغيير وتطوير نظام التربية والتعليم لكي يستجيب لمتطلبات بناء الوطن وتوفيرالحياة الكريمة وشروط التطور للمواطن. وفي هذا الاطار سيكون لتوفير مقعد دراسي لكل طفل والقضاء على الامية اولوية.
-   مطالبة السلطات الكشف بشفافية عن ميزانية وزارة التربية، ومطالبة الوزارة بكشف خططها وانجازاتها واخفاقاتها في توفير فرص التعليم للاطفال وغيرها من جوانب التعليم والتربية الاخرى.
-   تبني مختلف القوى السياسية في البلد والتي تسعى لكسب اصوات الناخبين تغييرنظام التربية والتعليم، وتحفيزها على تبني الاهتمام بتوفير كل المستلزمات لحصول الاطفال جميعا على فرصة التعليم في برامجها وسياساتها. بمعنى اخر طرح حقوق الاطفال عامة وحقهم في التعليم ومقعد في مدرسة جيدة ومعاصرة الى قضية وطنية وانتخابية.

مستقبل العراق هو مستقبل اطفاله، ومستقبل الاطفال يرتبط بتوفير البيئة الامنة والصحية للتعلم وبناء الشخصية والتفكير الحرالانتقادي، والتسلح بالمعرفة والاستعداد لتحمل المسؤولية والعمل واحترام القانون والتنوع والاختلاف والتعاون والتضامن مع الاخرين.   
فلنتضامن ونجتمع في حملة وطنية عنوانها : المدرسة للجميع

*الجمعية السويدية العراقية جمعية مستقلة وغير مرتبطة سياسيا، تعمل من اجل تطوير العلاقات السويدية العراقية رسميا وشعبا، والمساهمة في تطوير المجتمع المدني في العراق والدفاع عن حقوق الاطفال والمرأة والقيم الديمقراطية، وفي تغيير وتطوير التربية والتعليم في العراق. الجمعية تخطط لعقد كونفرنس علمي مهني حول تغيير وتطوير نظام التربية والتعليم في العراق بالتعاون مع المعلميين والتربويين والاكاديميين المختصين والمؤسسات المعنية والمهتمة وبالاستفادة من المؤسسات والكفاءات السويدية.
للاتصال sif.2006@yahoo.se هاتف  0735762775

60
لن يكون العراق الجديد معافيا ما لم يضمن حقوق الجميع

سامي بهنام المالح
رئيس مؤتمر عنكاوا


واحدة من الموضوعات الاساسية التي تعامل معها مؤتمرعنكاوا، المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الاشوري المنعقد في اواسط اذار 2007، كانت موضوعة ربط قضية شعبنا الكلداني السرياني الاشوري والحصول على كامل حقوقه المشروعة، بما فيها حقه في الحكم الذاتي، بتطوير العملية السياسية والديمقراطية وبناء وازدهارالوطن المشترك مع جميع الاشقاء.
ولقد اكد البيان الختامي للمؤتمر على:
أن شعبنا جزء لايتجزأ من الشعب العراقي بمكوناته القومية والدينية، وهو شعب أصيل معروف بوطنيته وعراقته الضاربة في القدم. وشدد المؤتمرعلى أن نيل حقوقنا يصب في جدول العملية السياسية التي تسعى الى بناء عراق ديمقراطي اتحادي تعددي دستوري، يؤمن بسيادة القانون، تُراعى فيه حقوق الأنسان، والمواطنة العراقية الحقيقية، واضعا يده بيد أخوانه من العرب والكرد والتركمان والشبك والإيزيديين والصابئة المندائيين والأرمن، في سعيهم لبناء العراق الجديد، أعتمادا على مبدأ الحوار والتفاهم والتوافق والتعايش والشراكة في الوطن.
فشعبنا المتشبث بالوطن والحريص منذ قرون على العيش المشترك وتعزيزالاخوة مع كل الاشقاء، تطلع مع سقوط الدكتاتورية والنظام الشوفيني في بغداد الى نهاية للاضطهاد والتمييز والاقصاء والتهميش، والحصول عوضا عن ذلك على حق المشاركة والتكافؤ والمواطنة من الدرجة الاولى وحقوق واضحة ومشروعة مثبتة في الدستورالدائم للعراق الجديد.
ان الارهاب المسلط على شعبنا خلال السنوات الخمس الماضية، الذي ابتدأ من البصرة وامتد الى كل مناطق العراق الساخنة الاخرى والذي حصد المئات من الابرياء وفجرالكنائس والاديرة والمنازل واضطر الاف العوائل الى الهروب والهجرة، لم يثنيه ابدا من الوقوف مع قوى البناء والانخراط في العملية السياسية والمساهمة في توطيد السلام والديمقراطية والاخوة وقيم المحبة والتسامح.
ان مواصلة واصرار مطالبة شعبنا بحقوقه المشروعة هي ممارسة ديمقراطية، وهو تعبير واعي عن وطنيته الاصيلة وتوقه للحرية والتطوروالانعتاق. اذ لايمكن لشعبنا ان يعيش في وطن ويساهم في بنائه ويقدم من اجله الغالي والرخيص، ويقبل في الوقت ذاته بالتهمش والاقصاء وبتجريده من ابسط الحقوق السياسية والقومية. كما انه لايمكن لوطن ان يكون معافيا، امنا، مستقرا، ديمقراطيا ومزدهرا من دون ان يضمن كامل حقوق كل الاطياف والتنوعات من دون اي تمييز قومي او ديني او طائفي او بسبب الاكثرية والاقلية.

ان الغاء المادة 50 من قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي اقر في 24 من سبتمبر الجاري بعد مباحثات وتوافقات بين القوى الكبيرة والمهينة على القرار السياسي والسلطة في البلاد، جاء مخيبا لامال شعبنا، وكان سابقة لتطويع الديمقراطية من اجل مصالح الاقوياء فحسب، ومؤشرا خطيراعلى نهج الاقصاء والاهمال والتعامل الغير مسؤول مع قضية ومصير وحقوق شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الاقل عددا.
نحن نناشد كل القوى الخيرة والحريصة على بناء العراق الجديد، الامن، المستقر، المدني، الديمقراطي، الفدرالي والموحد ان تقف مع شعبنا وتساند نضاله العادل من اجل ضمان كامل حقوقه القومية وتثبيتها دستوريا بما فيها حقه في الحكم الذاتي، كشعب حي، كما الشعوب الشقيقة الاخرى في الوطن المشترك.
ويقينا فان شعبنا سيواصل كفاحه بروح وطنية عالية، وبروح التاخي والمحبة والتضامن مع كل ابناء العراق، من اجل بناء الوطن وتطوير الديمقراطية وتعديل الدستوربما يضمن حقوق الجميع المشروعة ويؤسس لدولة مدنية امنة ومستقرة وديمقراطية ومزدهرة.



61
رئيس جامعة بغداد يفرض ارتداء الحجاب على الطالبات !

كتابات - سعد صادق

 
أصدر رئيس جامعة بغداد قرارا عجيبا يذكرنا بعصور الحريم والظلام والتخلف ... قرار رئيس جامعة بغداد فرض على طالبات الجامعة ارتداء الحجاب ومعاقبة من لاتلتزم بقراره المتخلف هذا .
يذكر رئيس جامعة بغداد كان مقيم في ايران اذ انه ينحدر من اصول ايرانية وهو عضو في فيلق بدر ولايمتلك من المؤهلات العلمية والادارية ما يجعله جديرا بهذا المنصب ولكن غنائم المحاصصة بين الاحزاب مكنت جماعة فيلق بدر من الاستيلاء على جامعة بغداد وتنفيذ المخططات الايرانية في قطاع التعليم !
واليكم نص قرار رئيس جامعة بغداد :
 



62
في السويد فرصة لتوحيد رسالتنا دفاعا عن شعبنا

سامي بهنام المالح

تستضيف السويد، في التاسع والعشرين من ايار ماي المقبل، المؤتمر العالمي لدعم العراق  The International Compact With Iraq  الذي ينعقد باشراف الامم المتحدة.
من الملفت ان ثمة اهتمام متزايد من قبل السويد ودول الاتحاد الاوربي الاخرى بالعراق. هذا الاهتمام يتجلى في سعي هذه الدول لتطويرعلاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع الدولة العراقية من جانب، وبمتابعتها لمسارالعملية السياسية ومجمل الاوضاع الامنية وبناء مؤسسات الدولة و مراقبة معالجة ملفات حقوق الانسان والفساد الخدمات وحقوق مختلف القوميات والاديان والتعليم والصحة وغيرها من جانب اخر.
في 27 من نيسان ابريل نظم مركز اولوف بالمه العالمي لقاءا للحوار حول برامج السويد في العراق، شارك في اللقاء ممثلي SIDA وهي المؤسسة السويدية المسؤولة عن صرف المساعدات الخارجية وتمويل المشاريع والبرامج في العديد من الدول النامية، وكذلك ممثل وزارة الخارجية وممثلي دائرة الهجرة ، بالاضافة الى ممثلي بعض المنظمات السويدية و العراقية الاخرى ومنها الجمعبة السويدية العراقية واتحاد الجمعيات العراقية.

في هذا اللقاء الذي شاركت فيه انا كرئيس للجمعية السويدية العراقية، وضح ممثلي SIDA  بانهم بصدد تقييم نتائج  برامجهم في العراق للسنوات الثلاث الاخيرة، واعادة صياغة ستراتيجهم وتحديد الاولويات في عملهم المقبل لدعم العراق وتطوير الديمقراطية وبناء الدولة المدنية المعاصرة. وتحدث ممثل وزارة الخارجية السويدية عن اهتمام السويد، كدولة مضيفة، بانجاح المؤتمرالعالمي  The International Compact With Iraq  في 29 ايار، وتحشيد اكبر دعم دولي لدعم العراق في مسيرته من اجل الاستقراروتوفيرالامان ودعم مؤسسات المجتمع المدني، وبناء القاعدة المادية لتوفيرالخدمات الاساسية والحياة الكريمة للمواطنين وتطويرالعملية السياسية باتجاه بناء الدولة المعاصرة وتعزيزالديمقراطية.
ولقد استمع ممثلي المؤسسات السويدية باهتمام الى ملاحظات ومداخلات الحضورمن العراقيين، والتي دارت اغلبها حول اهمية وضع الحكومة العراقية امام مسؤولياتها في تطويرالعملية السياسية، ومعالجة الكثيرمن القضايا التي تتعلق بحياة المواطنين والفساد والشفافية واستخدام ثروات البلد الكبيرة بشكل عقلاني ومبرمج وعادل من اجل اعادة بناء البنى التحتية، والاهتمام بالاطفال والتعليم والمرأة وحقوق كل مكونات الطيف العراقي.
ومن الجدير بالذكران بان كي مون الامين العام للامم المتحدة سيحضر المؤتمر، كما سيحضره السيد نوري المالكي رئيس الوزراء شخصيا مع وفد عراقي كبير، وسيحضرالمؤتمر ايضا مندوبي عدد كبير من دول العالم.
مما لاشك فيه ان انعقاد هذا المؤتمرفي السويد سيحوله الى تظاهرة عالمية من اجل مستقبل العراق. وبالنسبة لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري وجميع المسيحيين وابناء القوميات والديانات جميعا، سيشكل المؤتمر فرصة نادرة لاثارة قضاياها العادلة ولربط مستقبلها بمستقبل العراق، وذلك من خلال التشديد على اهمية وضع ضمان امنها و تثبيت كامل حقوقها دستوريا على جدول العمل. فالمؤتمريهتم باعادة بناء العراق وسيهتم ايضا بملف حقوق الانسان وتطوير الحريات والديمقراطية. ومن هذا المنطلق سيكون من الطبيعي ان يتناول المؤتمروان يتعامل مع قضايا ضمان كامل الحقوق القومية والدينية لكل مكونات العراق، ورفض التمييز والتهميش واعتبار القوميات والطوائف الاكبر اساسية وغبرها ثانوية ، كقضايا هامة و من صلب الديمقراطية وبناء الدولة المدنية المعاصرة.

لقد وجهت انا، قيل فترة قصيرة، رسالة مفتوحة ومقتضبة الى ممثلي اغلب قوى ومؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في السويد، داعيا الى التحرك والعمل من اجل توحيد رسالتنا والسعي بعد ذلك لايصالها الى المؤتمرالعالمي، ومما جاء في رسالتي:
بتقديري ان هذا المؤتمر وهذا التجمع الدولي يشكل فرصة مناسبة لجاليتنا وفعالياتنا السياسية ان تتحرك وان تطرح مطالبتها بتوفير الحماية لابناء شعبنا في الوطن، وضمان تثبيت كامل حقوق شعبنا القومية المشروعة دستوريا.
أنا اقترح عقد اجتماع استثنائي لدراسة كيفية التحرك وذلك من اجل:
اولا- مناقشة وصياغة ما يجب طرحه والمطالبة به.
ثانيا- دراسة كيفية التحرك وكيفية توصيل رسائلنا وصوتنا للمؤتمر ولكل المحافل.
ثالثا- التهيئة لعقد اجتماع اوسع لكل مؤسسات وقوى وفعاليات شعبنا لتوحيد الكلمة والتوجه والتحرك الفعال كابناء شعب واحد.

ولحين كتابة هذه الاسطر استجاب العديد من المؤسسات والقوى، وفي النية عقد لقاء اولي قريبا، وسيكون علينا الاستمرار في بذل كل الجهود وتعزيز التعاون والتحاورالجدي والمسؤول بين الجميع دون استثناء، على امل الاستفادة من فرصة انعقاد هذا المؤتمر الدولي في السويد دفاعا عن وجود وامان وتطور شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وحصوله على كامل حقوقه الدستورية بما فيها حقه في الحكم الذاتي في اطاروطن امن ديمقراطي مزدهر.


63
                   
المطران الشهيد وراية التشبث بالوطن والمستقبل

سامي بهنام المالح

جسد الاستشهاد البطولي للمطران الجليل بولص فرج رحو، ملحمة حقيقية من ملاحم مواجهة الشروالموت والحقد والكراهية بالايمان الراسخ بالمحبة والاخوة والتسامح بين البشر.
ويقينا، فان هذا الاستشهاد المتميز سيلهم كل الخيرين، مسحيين وغيرهم من كل الديانات الاخرى، وسيمدهم بالعزيمة والزخم الانساني اللامحدود، في مواصلة العمل من اجل خيرالوطن وانتصارالقيم الانسانية الرفيعة ورفعة الانسان ولدحر قوى الظلام والتعصب والارهاب.

وان كان صوت المطران الجليل مسموعا، منذ سنوات طويلة، وهو يعلم ويدعو الى التشبث بالارض الطيبة وحب الاخرين والتضامن وتشابك كل الايدي في عملية بناء الوطن الجريح، فلقد تحول ذلك الصوت المخلص، بقتل جسده الضعيف، الى هديرمدوي ملاْ السماء، الى مزامير واناشيد وتراتيل تنساب الى اعماق النفوس لتمنحها الامل والارادة والايمان.

وبالنسبة للمسحيين ابناء العراق، الذين قدموا اغلى التضحيات، على مر العصور، من اجل الوطن والارض، ومن اجل الحرية وقيم المحبة والاخوة والتسامح، يشكل استشهاد المطران الجليل منعطفا حادا، وحدثا استثنائيا ومتميزا.
فالمطران الجليل الذي قدم نفسه قربانا، بشجاعة نادرة وايمان لم يتزعزع، بات رمزا خالدا للوفاء والتضحية ونكران الذات. وباستشهاده انما اكد رسالته البليغة في اننا لا نخاف ولن نرحل، واننا مستعدون لتقديم الثمن الباهض عن حب الوطن وخدمته والعيش بامان واخوة وسلام مع كل الاشقاء من كل الاديان والقوميات.

لقد وحد المطران الشهيد، بشجاعته في مواجهة القتلة، كل المسيحيين في محنتهم، كما كان يأمل ان يراهم في حياته، وحملهم المزيد من المسؤولية للسير في درب الحرية والعطاء والمواجهة حتى النهاية.
لقد كان المطران الجليل من المبادرين في تأسيس مجلس مطارنة الموصل، الذي وضع الحوار وتوحيد الصفوف وخدمة الوطن والمواطن في مقدمة اهدافه. كما انه كان مثالا وقدوة في المثابرة والعمل بشجاعة من اجل نبذ التفرقة والتعصب والانشغال بالامورالجانبية الثانوية والمصالح الانانية.
وبتضحيته اراد الشهيد الخالد ان يضع قضية المسيحيين في اطارها الصيحيح، في اطار مواجهة الارهاب والعنصرية والانتصارعلى الشروالجريمة والتخلف والتمييز المقيت، وان يرفعها الى مستوى القضايا الوطنية الهامة، مؤكدا ان المسيحيين هم من صلب هذا الوطن الجريح، وهم ما زالوا يسقون ارضه المباركة بدماء زكية وانهم جزء هام واساسي من قوى البناء والتطور والازدهار.
لانخاف ولن نرحل، هذا هو عنوان قضية المسيحيين في العراق الذي خطه الشهيد بدمه. هذا هو
الهدف الاسمى الذي على شعبنا وقيادته التمسك به وعمل كل ما هو ممكن من اجل تحقيقه: الشجاعة في مواجهة قوى الموت والارهاب والتخلف من جهة، وتوفير مستلزمات الحفاظ على الارض والعيش بامان وكرامة وتكافؤ وبحقوق دستورية من جهة اخرى.

ان شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي والاشقاء من الاقليات القومية والدينية الاخرى تقف اليوم في مفترق طرق. التوسل بالظلاميين ورفع الراية البيضاء والتخلي عن الوطن، او المقاومة بكل الاشكال والاساليب المتاحة والاستعداد لتقديم التضحيات والاقتداء بعبر استشهاد المطران الشجاع المقدام بولص فرج رحو.
في الواقع ان امكانات تطوير قضيتنا، التي منحها الشهيد زخما كبيرا، لايستهان بها. فعلى المستوى الدولي اصبحت قضيتنا معروفة ومثيرة للانتباه والاهتمام، وفي العراق باتت قضية حاضرة ومطروحة، على اعلى المستويات، للمناقشة والحل. وعلى المستوى الذاتي بات الاجماع والتضامن وتوحيد الكلمة والارادة من العناوين الرئيسية والهامة ومن المطالب الجماهيرية الملحة.
ان ما يتوفر لشعبنا اليوم من امكانات مادية ومواقع في الدولة ومؤسسات سياسية وأعلامية واجتماعية وثقافية، في الوطن وفي الخارج، كبيرة وجيدة. وهي تكفي، اذا ما احسن وضعها في خدمة قضية شعبنا ومصالحه الاساسية العليا، تكفي لايقاف التداعي والحد من نزيف الهجرة وتغذية الامل وتشديد العمل للحصول على حقوق شعبنا المشروعة.
ان ما يحتاجه شعبنا اليوم هو توحيد الصفوف وتوحيد الخطاب القومي، ومواصلة العمل من اجل بناء المؤسسة التي يمكنها ان توحد الارادة السياسية، وتقود نضال شعبنا باقدام وشجاعة وحنكة ونكران ذات. قيادة قريبة من نبض الناس ومن معاناتهم وامالهم، قيادة تجسد الوحدة قولا وفعلا، قيادة تكسب ثقة شعبنا وتمنحه العزيمة والامل بالانتصار.
من المؤكد ان ثمة اعمال كبيرة ومشاريع هامة انجزت، وثمة مشاريع جدية اخرى مطروحة، وثمة احزاب ناضلت وتناضل ومؤسسات عديدة تعمل، وثمة قيادات تلتقي معا وتسير حثيثا نحوالتنسيق والعمل المشترك. ان كل هذا يشكل رصيدا هاما وايجابيا وهو من مستلزمات التقدم للامام. غير ان مراجعة جدية انتقادية لما جرى وما يجري لشعبنا ولحركته السياسية، وتقييم المواقف والتجارب بشفافية، ووضع اليد على مواقع الضعف والخلل، انما هو حاجة ملحة وضرورية، في هذه المرحلة العصيبة، لايمكن الاستغناء عنها.
فمن الهام ان يستفيد شعبنا من كل دينار او دولار متوفرله اليوم، من المهم صرف كل الامكانات المادية بشكل مبرمج ومخطط ولصالح توفيرالامان والعمل والعيش الكريم لاكثرية ابناء شعبنا، ومن اجل اعطاء الامل وتوفير المستلزمات الضرورية للحد من الهجرة وترك الوطن. من الهام جدا ان يشعر ابناء شعبنا جميعا ان الاموال المتوفرة لدى قيادة شعبنا هي اموالهم وهي تصرف من اجل مستقبلهم، وانها لن تنزل في حسابات المسؤولين والمتطفلين والمتملقين والانتهازية، ولن تتحول الى عمارات عملاقة وسيارات فارهة في الوقت الذي تعاني فيه الاف العوائل من العوزو الحرمان من السكن الملائم والعمل المستمروظروف قاسية وخاصة الموجودين في سوريا والاردن.
كما انه من المهم لشعبنا ان يبني مؤسساته باسلوب حضاري وديمقراطي، وان يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وان تناط مسؤولية القيادة باناس تكن الجماهيرلهم ولتاريخهم وخبراتهم وكفاءاتهم وثباتهم وسلوكهم ونزاهتهم الاحترام والتقدير.
ان ما يواجهه شعبنا يتطلب الحكمة والشجاعة والتصميم ونكران الذات بكل ما في الكلمة من معنى. فمن الهام جدا عدم الخلط بين التجارة والبزنس والستحواذ على الثروات من خلال السياسة، وبين مسؤولية قيادة المسيرة والوقوف في الصفوف الامامية لنيل الحقوق المشروعة دستوريا والدفاع عن الوجود والحرية والكرامة والاستعداد الدائم للتضحية.
لشعبنا اعلام يتطورباستمرار، استطاع ان يقدم ما لايستهان به، ويعمل من اجل ايصال صوت شعبنا الى المحافل المختلفة. وفي هذا المجال ايضا لابد من وقفة جدية لتطويرالاعلام بكل اشكاله، وخاصة المحتوى والاداء، كي يساهم في رفع الوعي القومي الوحدوي وتطوير الثقافة الانسانية الديمقراطية وتنشيط الرقابة وبناء الرأي العام الشعبي وتنشيط الحواروالعمل الفكري

ومن الهام ايضا توحيد كل الامكانات المتاحة في الخارج، بعيدا عن الاستحواذ والتحزب الاعمى والمصالح التافهة، للتأثيرعلى الرأي العام الذي بدأ يتحرك ولتوفير اكبر تضامن دولي مع قضية شعبنا في الوطن.
ان مستقبل المسيحيون في العراق محفوف بالمخاطر، وان معركة الدفاع عن الوجود والعيش بكرامة وتكافؤ مع كل الاشقاء معركة قاسية، ولذلك فمن الهام تعبئة كل القوى والاستعداد للحوار والتواصل والتنسيق والتعاون بين الجميع بدون استثناء، دون ابطاء، لتنظيم الصفوف والمقاومة يكل اشكالها المتاحة ولاستنهاض الجماهيرالتي هزها استشهاد المطران المثلث الرحمة بولص فرج رحو. على قيادة شعبنا ان تتحرك وان تبني جبهة متماسكة صلبة موثوقة وشجاعة لتوحد مسيرة شعبنا رافعة راية المطران الشهيد: لانخاف ولن نرحل.

64
مدنيون
 
 لتتشابك الايدي من اجل بناء عراق مدني علماني ديمقراطي معاصر

سامي بهنام المالح

الخيارالوحيد والصائب لمواجهة الخطر
قوى المجتمع العراقي المدنية العلمانية، بكل تلاوينها وانتماءاتها وايديولجياتها، المنخرطة منها في العملية السياسية والتي هي خارجها، ، كل هذه القوى التي تسعى لبناء عراق جديد مدني علماني مستقرديمقراطي ومزدهر، تواجه معا خطرا حقيقيا و تحديا تاريخيا مشتركا. انه خطر تكبيل الدولة العراقية والمجتمع بالدين، خطر تحويل العراق الى امارة او جمهورية اسلامية، خطر نشوء دكتاتورية جديدة تتسلط من خلال ارهاب الناس وخداعها وافسادها، ومن خلال استغلال فقرها وحرمانها من التعلم والمعرفة واحترامها للرموزوالتزامها بالتقاليد والموروثات والقيم الدينية.
 
ان اغلب القوى السياسية المتمسكة بمصير البلد، اليوم، استثمرت "الديمقراطية" كآلية للوصول الى السلطة والاستيلاء على ثروات البلد. لقد تعاونت هذه القوى وتكيفت مع الاحتلال، وفي اجواء الفوضى والارهاب والعنف وغياب الدولة والمؤسسات والقانون، استفادت ايضا، بشكل ذكي وكبير، من ضعف وتشتت وصراعات القوى المدنية العلمانية الديمقراطية فيما بينها.

من الواضح ان تضاريس السنوات الخمسة الماضية، الملطخة، القاسية والمريرة، شكلت بيئة ملائمة للقوى الغيرديمقراطية والطائفية والشوفينية. فهي نظمت نفسها واستولت على ثروات هائلة وسيطرت على اجهزة الامن والمخابرات والجيش والاعلام، وابقت الجماهير محرومة من ابسط مقومات الحياة الكريمة، وحشرت قطاعات واسعة منها في مستنقع الصراعات الطائفية.
ان هذا كله يثقل اليوم كاهل المجتمع وقواه المدنية العلمانية الديمقراطية ويضعها امام مسؤوليات ومهمات تاريخية صعبة ومعقدة.

خيار القوى التي تسعى لعراق علماني ديمقراطي معاصرهو في لم الشمل والوقوف معا في خندق واحد، في خندق انقاذ البلد من الانزلاق الى الهاوية. خيار الانتصار في معركة اقناع الجماهير العريضة المعذبة بأهمية رفض تسلط القوى القومية الشوفينية والطائفية والظلامية الغير ديمقراطية، خيارالعمل معا، رغم التباين والاختلافات، لانقاذ الملايين من ابناء الشعب المسحوقة من براثن الكذب والخداع والقمع والفساد واستغلال المشاعر الدينية والقومية الصادقة.

الحقيقة المرة
ثمة حقيقة صارخة لابد من اقرارها: ان كل قوى اليسار، الشيوعية والماركسية والديمقراطية واللبرالية، وكل القوى العلمانية الاخرى القومية والتحررية والاسلامية ذات النزعة المدنية، ومعها العدد الكبير من المنظمات والمؤسسات المدنية ومئات الالاف من المستقلين والمتنورين،  كل هذه القوى، كل هؤلاء جميعا لايشكلون اليوم قوة حقيقية مؤثرة على الارض.
الاسباب طبعا عديدة. احد اهمها هوالتشتت والانشغال بالصراعات الثانوية وعدم تقييم وتقدير صائب لحجم الخطرالمحدق بالوطن والشعب.
من البديهي ان يكون لكل التنظيمات والاحزاب والمؤسسات منطلقاتها وتوجهاتها وسياساتها. ومن البديهي انها تختلف وتتقاطع وتتباين في اساليب عملها وتعاملها مع الاحداث والجماهير. من البديهي انها تركز بالدرجة الاساسية على تنفيذ برامجها وتقوية مواقعها بين الجماهير وفي العملية السياسية. هذا كله مفهوم ومقبول.
الا ان ما ليس مفهوما ومقبولا هو عدم ادراك هذه القوى لحجمها وامكاناتها ولدورها الواقعي في مجمل ما جرى ويجري من احداث وتغييرات في البلد وفي بنية المجتمع العراقي، وعجزها عن ايجاد القنوات والمنابرالملائمة للحوارالشامل والجاد والتعاون والتكاتف والتنسيق والتحالف والعمل المشترك. انه لامر مؤسف حقا، ان لاترتقي هذه القوى، رغم الخسائر والمرارات وتراكم التجارب، الى مستوى تنظيم صفوفها وتفعيل الحوارالجاد بينها حول رسم كل ملامح اللوحة العراقية المعقدة ولقراءة شاملة وصائبة للواقع، والتهيئة فيما بعد  لتحديد القواسم المشتركة والاتفاق على برنامج او مشروع وطني ديمقراطي، وتتويج كل ذلك بعقد تحالف سياسي متين يفرض نفسه كقوة فاعلة وكلاعب اساسي في الساحة ولمواجهة الخطرالاساسي القائم.

مؤشرات ايجابية وسعي لتوسيع التحرك
ثمة مؤشرات وبوادرايجابية، تنسيق وتعاون وتحالفات، تظهر بين فترة واخرى، سواء في الوطن او في الخارج. ورغم ان هذه المبادرات والمساعي تعكس الشعورالعالي بالمسؤولية، وتفهم افضل للواقع، ورغبة جدية لتجاوزواقع الخصومات والانقطاع والتشتت، الا انها لم ترتقي كي تتحول الى عملية دائمة،مستمرة، نامية وشاملة.
ان المبادرة الاخيرة – مدنيون – تاتي في هذا السياق. هذه المبادرة تأتي في ظروف افضل ومرحلة مؤاتية ومناسبة، وبتقديري ان ثمة ما يدعو الى التفاؤل بامكانية تطويرها واسنادها  كي يمكنها ان تستوعب تجارب المبادرات الاخرى وكي  تتفاعل و تتكامل معها بغية خلق تحرك واسع وبزخم جماهيري كبير، و بغية تحول المبادرة الى عملية  تاريخية اجتماعية ثقافية سياسية اشمل واعمق واكثر فعالية لتجميع وتوحيد جهود التيار المدني العلماني الديمقراطي في المجتمع العراقي.   

ومن اجل توسيع وتعميق التحرك ومواصلة الحوار المنهجي العلمي المفتوح والشفاف، ومن اجل ان تستوعب هذه العملية الاجتماعية الثقافية السياسية كل القوى والاحزاب والمؤسسات والافراد ينبغي التأكيد على ما يلي:
- ان لاتقف المبادرات والفعاليات والتجمعات المختلفة والهادفة لتقوية وتنظيم التيار المدني العلماني الديمقراطي الواحدة في مواجهة الاخرى، وان لاتضع هذه نفسها بديلا عن الاخريات.
المطلوب هو العمل الجاد للتلاقي والتواصل بين كل القوى والمؤسسات والافراد الناشطين، لتنشيط الحوارمن دون اية شروط مسبقة، وثم مواصلة الحواربمنهجية لرسم ما هو مشترك وما هو جامع.
- الارتقاء الى مستوى تجاوز وضع الخطوط الحمراء ومحاولة عدم الانغلاق او اتخاذ المواقف الايديولوجية والسياسية الجامدة والحادة. مثلا: تجاوزوضع موضوعة الاشتراك في العملية السياسية الجارية في البلد من عدمها كحاجز ومبررللتقاطع والتخاصم. وكذا الاختلاف في الموقف من الاحتلال وفي اساليب وطرق العمل من اجل خروج قواته ومن اجل استقلال البلد. 
فمن الهام ان يجري احترام المواقف الخاصة والسياسات المتباينة لكل الاطراف، مع التاكيد على ضرورة التشديد على الاهم والبحث عن تحديد المشترك والجامع والحاسم في رسم مستقبل بلدنا.

- اعطاء رقعة اوسع ودورفعال للمستقلين الغيرمرتبطين بالاحزاب والقوى السياسية المختلفة، ومنهم الاكاديميين والمثقفين والكتاب والاعلاميين والفنانين والناشطين في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها. لهؤلاء كما هو معروف مرونة اكبر وامكانت افضل للتلاقي و رؤية الامور من زوايا عدة غيرالتي تحدد امكانيات المنتمين للاحزاب والمنظمات السياسية.

- ايجاد افضل الصيغ والاليات لربط التحرك في الوطن مع التحرك في الخارج. فالامكانات المادية والبشرية، وتراكم الخبرة والمعرفة في مختلف المجالات، واهمها في مجال حقوق الانسان والتنظيم ومنطمات المجتمع المدني في الخارج، لها اهميتها الكبيرة في هذه العملية.
المطلوب ايجاد صيغ للعمل والتنظيم واليات للتحرك والتواصل جديدة وعصرية واكثرمرونة، ل
ربط كل نشاط الخارج بالداخل والتحرك كقوة موحدة واحدة باتجاه الوصول الى الهدف الواحد.

برنامج من اجل تحريك وانقاذ الشعب المغيب
من المعلوم ان تقدم وتطورعملية لم شمل القوى المدنية الديمقراطية يستوجب تحديد القضايا والمفاصل الاساسية والحاسمة والمصيرية اولا، وصياغتها كبرنامج او مشروع بشكل مكثف ومبسط  يستجيب لحاجة السواد الاعظم من ابناء العراق المعذبين والمحرومين من ابسط شروط الحياة العادية الامنة ثانيا.

ينبغي للقوى المدنية العلمانية الديمقراطية وهي ترسم برنامج العمل المشترك الجامع:

- ان تعي بان معركتها من اجل عراق مدني علماني ديمقراطي هي معركة شاقة وقاسية وطويلة الامد، ذلك لانها تواجه قوى كثيرة مختلفة مدججة بالسلاح وفي حوزتها امكانات مادية هائلة استولت عليها من ثروات البلد، وهي تجمعها مصلحة مشتركة في اعاقة بناء الدولة العلمانية، دولة القانون والمواطنة والمؤسسات، دولة غيرمكبلة بالدين والشريعة والطائفية، دولة فصل السلطات الثلاث، دولة اعادة البناء وتطويرالمجتمع والانسان الفرد. فمن الهام ادراك وتقدير صائب لامكانات هذه القوى ولمدى تاثيرها على الجماهير المسحوقة والمحرومة،

- تقديرصائب لدورالعامل الخارجي وحضورالولايات المتحدة وخططها ومصالحها الاستراتيجية في العراق وفي المنطقة، بالاضافة الى دورالدول الاقليمية والمحيطة ومصالحها وارتباطاتها.

- ان قوة التيار المدني العلماني الديمقراطي الحقيقية والاساسية تكمن في كسب ثقة الجماهير المسحوقة. ان كسب ثقة الناس في الاوضاع والظروف السائدة لايتم عبر البيانات والشعارات والبرامج والمشاريع لوحدها، ان كسب ثقة الناس يتطلب الحضور الفعلي بين الناس في كل المواقع، والى تفهم حاجاتها وحجم معاناتها والوقوف الثابت معها والعمل الميداني اليومي الدؤوب لتحريكها وتحريضها وقيادة نشاطاتها وتوجيهها من اجل المطالبة بكل الاشكال والاساليب المتاحة لتحسين شروط حياتها اليومية، وربط هذا النشاط المطلبي الواعي بتطوير العمل المهني النقابي وبناء المؤسسات المدنية للدفاع عن الحقوق الاساسية للمواطن.

- ان ميدان التلاقي وساحة التواصل والحواروالتنسيق والعمل المشترك بين كل القوى المدنية العلمانية الديمقراطية هي الشارع ومواقع العمل المختلفة والمدارس والمستشفيات والبيوتات الفقيرة والاسواق الغالية حيث تتواجد الناس وتجتمع لتوفير لقمة العيش ومواجهة المصائب والعذابات اليومية، في ظل فشل النخب السياسية وصراعاتهم على السلطة، وفي ظل تحول الفساد بكل انواعه الى مرض قاتل ينخر بجسد دولتنا التي لاتشبه اي دولة من دول العالم ويؤدي الى اختفاء ثروات هائلة وازدياد عدد الاثرياء المرتبطين باحزاب السلطة وميليشياتها.

- ايلاء قضية حقوق المرأة وضمان مساواتها مع الرجل، من خلال سن قوانين تقدمية معاصرة للاحوال المدنية وتوفير فرص العمل والتحررالاقتصادي والاجتماعي، اولوية واهتمام خاص.
وكذا بالنسبة الى ضمان كامل الحقوق القومية لكل القوميات دستوريا وعدم قبول التهميش والتمييزبكل اشكاله. فقضية المراة والقضية القومية هما محك بناء الدولة العلمانية الديمقراطية وتاسيس نظام اجتماعي اقتصادي سياسي مستقر وقابل للتطور.

نعم ان امكانية لم شمل قوى الديمقراطية يتوقف على مدى اقتراب هذه القوى من الجماهير، ويمر عبرالاستعداد لتحمل المسؤولية في قيادة نضالاتها ونشاطاتها اليومية لتحقيق المكاسب الملموسة وتنظيم الصفوف ورفع الوعي لمواجهة ديماغوجية القوى الطائفية والشوفينية والظلامية المتخلفة.
انها عملية تاريخية يمكن من خلالها تحويل حركة الجماهير المعذبة الى قوة حقيقية لبناء الوطن وضمان استقلاله وحمايته من التدخل الخارجي، ولتوفيرمستلزمات تطورالمجتمع والانسان المواطن وتوفيرالكرامة والامان ومستلزمات حياة لائقة ومعاصرة.

65
كيف نرد على قنابل الارهابيين !؟

سامي بهنام المالح

في اجواء التفاؤل بالانفراج والانحسار النسبي للارهاب المنفلت، وفي اجواء الاحتفالات باعياد الميلاد وراس السنة الميلادية، اقدم الارهابيون على ارتكاب سلسلة من جرائم جديدة استهدفت مجموعة من الكنائس ودور الايتام في بغداد والموصل وكركوك.
ان طبيعة وتوقيت هذه الجرائم البشعة، يدعوان الى اعتبارها رسالة جديدة من رسائل الترهيب والتهديد. وهي رسائل خطرة تستهدف اركاع شعبنا الكلداني السرياني الاشوري وكل المسيحيين في العراق، واجبارهم على الهروب و التخلي عن الوطن وعن المطالبة بالحقوق الدينية والقومية المشروعة.

ان شجب وادانة واستنكار هذا الارهاب الاجرامي، على اهميته الكبيرة، اضافة الى مواقف بعض القوى والقادة والمسؤولين التضامني، لم يعد يكفي، ولن يفي بالغرض في توفير الامن لوجود شعبنا في الوطن.
ويقينا، ان لغة السلام المباركة الانسانية، ورسالة المحبة والاخوة المفعمة بالروح الوطنية والحرص والتسامح، التي يوجهها شعبنا وقادته الكنسيين والعلمانيين، لن تجدي هي الاخرى نفعا، ولن تؤثر على عقلية وفكر المعتدين المتعصبين، ولن تغير من مواقفهم ونهجهم وخططهم الهادفة الى افراغ العراق من المسيحيين واخوتهم من ابناء الديانات الغير مسلمة والقوميات االتي تشكل الاقلية.
ان وجودنا وتطورنا وضمان امننا وحريتنا وكامل حقوقنا القومية، مرهون في الحقيقة بمدى استعدادنا، كشعب حي واصيل، للمقاومة والدفاع عن هذا الوجود وتعزيزه وترسيخه. انه مرهون بتوحيد كل قوانا وامكاناتنا وخطابنا للدفاع عن حريتنا ومستقبلنا في ارض ابائنا واجدادنا. وهو مرهون بالتحلي بالجرأة لمطالبة السلطات كي تتحمل مسؤولياتها في كشف الجهات والاطراف المسؤولة عن قتل وارهاب وتهديد وتهجير وفرض الجزية على ابناء شعبنا منذ عدة سنوات في اغلب مناطق العراق وتقديمهم للعدالة، وثم المطالبة بالحاح وبشكل يومي بتوفير الامن والامان وبكل الطرق والوسائل المتاحة و بتثبيت كامل حقوقنا القومية دستوريا.

على كل مؤسسات شعبنا وفي مقدمتها الاحزاب والمجالس واعضاء البرلمان والوزراء و الناشطين المستقلين، تكثيف كل الجهود، والسعي الجاد في هذه المرحلة الحساسة، للاجتماع حول مائدة مستديرة والاتفاق على مشروع عمل وطني قومي طارئ وعاجل، لمواجهة التحديات القائمة والمرتبطة بتعقيدات الوضع العراقي وتداخل ملفاته المتعددة الساخنة، وما يمكن ان يتبع جرائم تفجير كنائسنا الاخيرة وكل ما يترتب عليها من نتائج على كل المستويات.

ان مشروع العمل المشترك الملح، الذي يجب ان لايستثنى من المشاركة في صياغته وتنفيذه اي حزب او منظمة او طرف، يمكن ان يتمحورحول الامور والمهمات الرئيسية التالية:

أولا – مطالبة السلطة المركزية والسلطات المحلية، باستمرار ودون انقطاع، وبكل الطرق والاساليب المتاحة، بتأمين أمن وسلامة كنائس ومؤسسات واماكن تواجد شعبنا. وكذلك المطالبة بكشف الجهات والاطراف التي تقف وراء كل الجرائم التي تقترف بحق شعبنا منذ عدة اعوام وتقديمها للعدالة.

ثانيا – دراسة مدى امكانية شعبنا الذاتية في المساهمة ميدانيا والتعاون مع السلطات، بالطرق والاساليب الممكنة، لتأمين امنه وسلامته. وصياغة المقترحات العملية المناسبة والملموسة  بهذا الصدد لرفعها الى السلطات المركزية والمحلية والمطالبة بتبنيها.
ثالثا – القيام بحملات سياسية وثقافية جماهيرية لرفع المعنويات وتطوير الوعي وكسر حاجز الخوف لدى ابناء شعبنا في كل اماكن تواجدهم.

رابعا – توفير كل المستلزمات وتوظيف كل الامكانات المادية من اجل استيعاب كل العوائل النازحة في المناطق التاريخية الامنة، وتوفير حياة كريمة لها من اجل البقاء والاستمرار، وتقليل عدد المهاجرين الى خارج الوطن قدر الامكان. وهذا يعني ان من الهام تقليل وترشيد استخدام الثروات والامكانات المادية المتاحة لامور او قضايا التي قد تكون ثانوية وغير ذا اهمية في هذه المرحلة.

خامسا – التحرك بسرعة وبهمة لمتابعة اوضاع ابناء شعبنا المشردين في سوريا والاردن وغيرها من الدول، لتقديم الدعم لهم ولتشجيع من يريد العودة الى الوطن من خلال تقديم المساعدات اللازمة وتوفير مستلزمات حياة عادية وكريمة.

سادسا – تنظيم وتنسيق كل قوى شعبنا في الخارج وتوحيد رسالتها لكسب المزيد من الدعم الدولي لضمان وجود شعبنا وتطوره وتحقيق امانيه في الوطن.

سابعا – البدء بالحوار الهادف والموضوعي والجاد حول كل المشاريع الاستراتيجية المطروحة، وذلك من اجل الوصول الى ما يعزز امكانات تثبيت كامل حقوق شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيه حقه الشرعي بالحكم الذاتي.
 

طبعا، ثمة حاجة للمبادرة والشعور العالي بالمسؤولية ولتشخيص وتحديد افضل اللاليات التي يمكن من خلالها تقريب كل الاطراف من بعضها ومن ثم تنظيم لقاء المائدة المستديرة.
ولتسهيل المناقشة والحوار وابداء الاراء حول كل هذه الامور، يمكن طرح مجموعة من التساؤلات:

-   من هو المؤهل للقيام بالمبادرة والدعوة الى لقاءات اولية لتنقية الاجواء وتهيئة الارضية؟
-   ماهي الالية المناسبة والملائمة للدعوة وتنظيم اللقاءات في ظل ما هو موجود وما يجري على الارض؟
-   في اي جهة او طرف ترون المرونة والتفهم الكافيين، ما يؤهلها للمبادرة في مد الايدي والانفتاح والاستعداد للتعاون والعمل المشترك دون شروط مسبقة.
-   هل تعتقدون ان ثمة عراقيل ومبررات اساسية ومبدأية تحول دون امكان توحيد خطابنا القومي والتوصل الى مشروع عمل مشترك لمواجهة المهمات الانية المصيرية؟
-   هل تعتقدون ان ثمة اطراف او مجموعات او افراد تلعب ادوارا سلبية وتسعى الى تاجيج واستمرار القطيعة والخلافات بين قوى شعبنا ومؤسساته واقطابه وقادته؟
-   هل تعتقدون ان العامل الخارجي، التطورات الاقليمية وتعقيدات العملية السياسية في العراق بما فيها تعقيدات خارطة التحالفات السياسية وتشابك المصالح، تؤثر على توجهات ومواقف قوى شعبنا واستعدادها للتعاون والاتفاق على مشروع ستراتيجي وطني قومي مشترك؟ كيف، سلبا ام ايجابا؟
-   واخيرا الا تعتقدون ان مثل هكذا لقاء واجماع، بات ملحا وضروريا، للتهيئة والاستعداد لمواجهة عملية تعديل الدستور الجارية علنا او خلف الكواليس، وثم عملية الانتخابات القادمة، كي لانتأخر وكي لانخرج مهمشين مهزومين ثانية؟


من المؤكد، ان توحيد كلمة وقوى شعبنا الكلداني السرياني الاشوري، ستؤهله ان يساهم بجدية من اجل الوصول الى الهدف الاسمى، وهو بناء الوطن العزيز الامن وترسيخ نظام علماني ديمقراطي معاصر يضمن حقوق كافة ابناء العراق الكاملة، دون اي تهميش او تمييز بسبب الدين او القومية او الطائفة او الجنس او الاكثرية والاقلية.

66
                                   شبيبة شقلاوه، وحدة شعبنا والمستقبل
سامي بهنام المالح


قبل عام، وفي زيارتنا الاولى كوفد مؤتمرستوكهولم الى مدينة شقلاوه الجميلة، التقينا بنخبة واعية مرحة وحيوية من شابات وشباب المدينة. وبعد الترحيب الحار بنا وفي جو شبابي دافيء وبهيج، وجدنا انفسنا بعد برهة من وجودنا معهم في غرفة من غرف نادي شباب شقلاوه، منغمرين في حوارجدي وحماسي عن احوال واوضاع شعبنا الكلداني السرياني الاشوري عموما واحوال الشباب بشكل خاص.
لقد كان اللقاء استثنائيا ومتميزا، اذ مدنا بالكثير من الحماس والطاقة، واثارعندنا الكثيرمن  التساؤلات و الموضوعات الهامة التي لم تكن في مركز اهتماماتنا.
في ذلك اللقاء، الذي سيبقى طريا في ذاكرتي ما حييت، تدفقت الاراء والملاحظات والانتقادات والتساؤلات والافكاروالمقترحات الشبابية دون توقف. لقد عشنا ساعات قليلة ممتعة ومثيرة حقا، حفزتنا على التفكيربعمق، وعلى مواجهة نادرة لحماس وذكاء نخبة من الشبيبة الصادقة والحريصة.

في معرض مناقشاتنا لكيفية ووسائل تعزيزوحدة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري واقرار حقوقه القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي، تحدث شباب شقلاوه بمراره عن وضع شبيبة شعبنا وعن التشتت وضعف التواصل والتفاعل بينهم. ومن ضمن حديثهم في ذلك اللقاء:
نحن في شقلاوه مثلا لم نلتقي ابدا بشباب دهوك او شباب القوش او شباب بغديدا. لانعرف الكثير عن اوضاعهم و عن منظماتهم ونشاطاتهم في مختلف المجالات. نحن الشباب نصنع المستقبل كما هو معروف، فكيف يكون مستقبل وحدة شعبنا ونحن لا نرى بعضنا البعض، ولانتفاعل ولانعمل ولانمارس نشاطات مشتركة مع بعضنا كابناء شعب واحد.
ثم كرروا بمرارة وباسف بان لا احد يهتم بهذا الامر، وربما  لااحد يفهم اهميته!
وبعد مناقشة جدية لجوانب عديدة من هذا الموضوع الهام والحيوي، لم يكتفي هؤلاء الشباب بتسليط الضوء على الواقع وتشخيص الداء، كما هو الحال في اغلب اللقاءات والجلسات التقليدية، فبادر المتحمسين منهم في طرح الافكار والمقترحات المختلفة لمواجهة الواقع ووضع المعالجات. واخيرا، وفي جو جدي، برز شبه اجماع على مقترح عملي صاغه الشباب على شكل تساؤلات كما يلي:

لماذا لا يجري تنظيم كرنفال او مهرجان او مؤتمر لشبابنا الكلداني السرياني الاشوري ؟
لماذا لايجري التخطيط الى هكذا لقاء شبابي واسع وكبير يجمع شباب شعبنا، من كل مكان، كي يتعارفوا ويتحاوروا، وكي يمارسوا مختلف النشاطات الفنية والرياضية والثقافية معا؟

لقد كان حقا مقترحا عمليا وواقعيا. مقترحا ذا مغزى ودلالة ايدناه باعتزاز وتفهم، وراينا فيه نزعة ورغبة وحماسة شبابية، ودعوة لتوحيد طاقات الشبيبة الخلاقة ووضعها في خدمة ترسيخ وحدة شعبنا وانتصارقضيته وبناء مستقبله.


لقد تحدثنا نحن فيما بعد، وفي سياق عملنا لعقد مؤتمرعنكاوه، بفخر واعتزاز،عن مقترح شباب شقلاوه في الكثيرمن المحافل والاجتماعات الجماهيرية، ولقد نقلناه ايضا للعديد من نوادي ومؤسسات شبيبتنا في عنكاوه ودهوك وبغديدا وبرطله وغيرها من مناطق شعبنا. وقدمناه ايضا، مع مساندتنا، لمؤسسات شعبنا الثقافية والاجتماعية والسياسية المختلفة. وفي كل مكان كان هناك تقدير واسناد كبيرين للمقترح ولشبيبة شقلاوه.
كما اننا وكما كنا قد وعدنا شبيبتنا في شقلاوه وشبيبة شعبنا عموما، عملنا الى تحويل افكارهم و تطلعاتهم ومقترحاتهم، الى احدى التوصيات الهامة التي اقرها مؤتمرعنكاوه.
وكان بودنا ولا يزال ان نحول، ليس مقترح شبيبة شقلاوه فحسب، بل والاهتمام بالشبيبة، كشريحة حيوية ومادة المستقبل الاساسية، ومنحهم كل مستلزمات التطور والتقدم، وفسح المجال لهم كي يلعبوا دورهم الحيوي والهام في حياة شعبنا وخدمة قضيته، الى برنامج عمل ملموس متكامل. برنامج تجتمع كل القوى الخيرة والمؤمنة بمستقبل افضل لشعبنا الكاداني السرياني الاشوري في الوطن العزيز، على تنفيذه وتحقيقه.

واليوم وبعد مرورعام على ذلك اللقاء الحميم الدافيْ، أحي شبيبة شقلاوه بحرارة، واحي من خلالهم شبيبة شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الوطن، في المدن والبلدات والقرى، ولشبيبة شعبنا في دول الشتات، وبشكل خاص اولئك الهاربين من العنف والتهديد والمشردين في سوريا والاردن، واقدم لهم جميعا التهاني القلبية الحارة لمناسبة حلول اعياد الميلاد وراس السنة المجيدة متمنيا لوطننا وشعبنا كل الخير والامان والسلام والتقدم والازدهار.
وتمنياتي ان يحصل شبابنا في العام الجديد على المزيد من الاهتمام والرعاية، المزيد من الفرص للتواصل والحوار وتطوير الوعي القومي الوحدوي، وتحقيق كل الاماني ومنها امنية تنظيم مهرجان او كرنفال الفرح والعمل والابداع لشبيبة شعبنا في الوطن العزيز.






67
حرية الصحافة وامكانات بناء مجتمع معاصر

سامي بهنام المالح

اثار قانون الصحافة الذي وافق عليه برلمان اقليم كردستان في 11 من ديسمبر الجاري، موجة من القلق والتذمروالاحتجاجات في الوسط الثقافي والاعلامي العراقي والكردستاني. ولقد شاهدت كردستان، في اعقاب اقرار القانون، تحركا نشطا لمجموعات كبيرة من الصحفيين والمثقفين بهدف اقناع السلطات والبرلمان في الاقليم على سحب اقرار القانون المذكور ورفض العمل به. وفي لقاء بين ممثلي نقابة الصحفيين مع رئيس الاقليم السيد مسعود بارزاني طالب الصحفيين عدم التوقيع على القانون، كما طالبوا باعادة طرحه للمناقشة والدراسة من قبل الصحفيين ومنظماتهم المهنية بعيدا عن التسييس والتحزب وتدخل السلطات.

حسب العديد من رؤساء تحرير الصحف اليومية والاسبوعية والصحفيين المعروفين، تضمن القانون الذي اقره برلمان الاقليم على نصوص وفقرات، تحد كثيرا من حرية الصحافة وتقيد العمل الصحفي المستقل، وتعرض الصحفيين الى عقوبات غيرمألوفة واجراءات لاتنسجم مع دور ومكانة ومهام الاعلام والصحافة الحرة في المجتمعات المعاصرة والتي تدعي بالديمقراطية. 
من المعلوم ان الصحافة الحرة الغير حزبية والتي لاترتبط بالسلطة ومؤسساتها، قد شهدت حضورا فعالا وتطورا ملفتا في العراق عموما و في كردستان خصوصا. ولقد لعبت،في السنوات الاخيرة، دورا هاما وجديا، في نقل الخبر وعكس الواقع ومتابعة الاحداث، وساهمت في تطويرالقيم الحظارية والوعي السياسي، وفي اثارة الرأي العام وتسليط الضوء على حياة الناس وحاجاتها ومعاناتها، كما انها راقبت وانتقدت بشكل مهني اداء الحكومة والمؤسسات المختلفة الاخرى، فضلا عن المساهمة الجدية في تنشيط الحواروالثقافة والعمل الفكري.
من المؤكد ان ولادة الصحافة الحرة المستقلة عن السلطة والاحزاب الحاكمة، لم تكن عملية سهلة ويسيرة في بلد عاش ظلام الدكتاتورية وقمع الحريات لعقود من الزمن.
فكان من الطبيعي ان ترافق هذه الولادة، ومن ثم النمو والتطور والاستمرارية، بعض التجاوزات والاخطاء. فالحرمان والتوق الى حرية التعبير والمشاركة من جهة، ومحدودية التجربة والخبرة المهنية من جهة اخرى كانت وراء بعض التجاوزات وسوء استخدام الصحافة والاعلام الحر. غيرانه لابد من التأكيد، بان تلك التجاوزات لم تشكل ظاهرة، ولايمكن ان تقاس ابدا بالانجازات والمساهمات والخدمة الجليلة التي قدمتها الصحافة الحرة، وعليه لايمكن القبول ان تساق تبريرا للتشكيك بجدوى واهمية ودور الصحافة الحرة المسؤولة، اولسن قانون يحد من حريتها ويهدد وجودها وينسف امكانات ادائها لمهماتها الاساسية ويعيق نموها كي تصبح سلطة الشعب الرابعة.

في الواقع، ان الصحافة والاعلام الحربحاجة الى سن قانون تقدمي معاصر، قانون يحمي حريتها ويضمن لها العمل والتطور بمهنية واستقلالية كي ترتقي الى تحمل مسؤولياتها الكبيرة، ولاسيما في هذه المرحلة الخطرة والحساسة.
فالصحافة الحرة هي بمثابة عين الناس الساهرة، وهي منبرها ورئتها التي تتنفس من خلالها. وهي من اكثر وسائلها فعالية للتعبيرعن الرأي والموقف والمساهمة في مناقشة كل ما يدورحولها، ولتقديم الملاحظات والمقترحات والانتقادات البنائة بالاضافة الى تقييم اداء اجهزة الدولة ومؤسساتها المختلفة. وباختصار فالصحافة الحرة المسؤولة هي الوسيلة الاخطر والافعل لاستنهاض الجماهير وتعبئتها في عملية بناء المجتمع وازدهاره.
ومن جهة اخرى، يمكن للصحافة الحرة ان تشكل رقابة واعية ومسؤولة، ضرورية جدا لمتابعة وتقييم ممارسة السلطة ومدى الالتزام بالدستور وتطبيق القوانين والسياسات والبرامج المعلنة، وعكس كل ذلك، باستمراروبامانة للشعب.
ان هذه المهمة الاساسية هي في الواقع جهد ابداعي وطني، لايمكن للسلطة المنتخبة ديمقراطيا ولمؤسساتها ورجالها الاستغناء عنه أبدا. ان هذا الجهد الواعي الجريْ هو الذي يضعهم امام المسؤوليات، ويفرض عليهم العمل باخلاص ونزاهة وشفافية، ويساعدهم على فهم اهمية التفاعل مع الجماهيروتفهم حاجاتها ومعاناتها وامالها وطموحاتها. انه جهد هادف يساعدها ان تتخلص من نزعة الاستأثار وسوء استخدام السلطة، ويخلق لديها المناعة للوقوع في شراك الفساد والبيروقراطية والاستعلاء والانكفاء وتكريس قيم الدكتاتورية وخنق الحريات والديمقراطية.

لقد باتت الصحافة الحرة حقيقة قائمة، وضرورة تفرضها عملية تعزيز وصيانة وتطويرالديمقراطية في المجتمعات المعاصرة. فهي حقا سلطة رابعة تلعب دورها الفعال في ادارة وتوجيه المجتمع وديمومة الممارسة الديمقراطية على كل المستويات.
من المفرح ان رئيس اقليم كردستان السيد مسعود بارزاني قد وعد وفد الصحفيين الذي التقاه مؤخرا بانه لن يوقع على القانون المقر في البرلمان، حسب تصريحات رئيس نقابة الصحفيين في كردستان السيد زيرك كمال لجريدة (ئاوينه – المرآة) الصادرة في كردستان.
لقد اظهر الصحفيين والجمهرة الواسعة من المثقفين المتضامنين معهم في كردستان والعراق عموما، حرصا وشعورا عاليا بالمسؤولية يستحق التقدير. ونحن اذ نتضامن مع كل الخييرين للدفاع عن الكلمة الحرة وعن حرية التعبير والرأي كحقوق اساسية للمواطن، نتمنى ان تثمر جهودهم ونشاطاتهم الرافضة للقانون المذكور في الدعوة لسن قانون تقدمي عصري يضمن استقلالية وحرية الصحافة، ويصون  كرامة الصحفي وامنه خدمة لبناء مجتمع معاصر ديمقراطي مستقر ومزدهر.

68
  الحوار – من ادوات بناء الديمقراطية وصيانتها

سامي بهنام المالح

اغلب مجتمعاتنا الشرقية منكوبة بسيادة الفكرالشمولي، بكل تجلياته، الدينية والقومية والطائفية والايديولوجية والسياسية والثقافية. وهي تختنق، او تكاد، من الانغلاق على الذات، ومن تعطيل البحث على كل المستويات، وغياب الرغبة في تجاوزالواقع والنظرنحو الافاق، ومن شحة في حب الاستطلاع وتوسيع المدارك والمعارف، وادمان رهيب على اعتبارالماضي والمعتقدات الموروثة راسمال متميزومجموعة من الحقائق المطلقة.
على هذه الحقيقة المرة تترتب نتائج كارثية، امراض وعاهات خطرة، تجذرت مع الزمن كظواهرتشوه وتؤطرعملية التفكيرالمنطقي والعلمي السليم، واخرى تعرقل عملية تلمس وصياغة الحلول العملية والمعالجات لتحديات الحياة وادارة المجتمع ورقي الانسان الفرد، وظواهرتشل استثمار قدرات الناس ونتائج عملها وعطائها وابداعاتها الجماعية في خدمة توفيرالمستلزمات المادية والروحية لحياة مشتركة كريمة هادئة طبيعية امنة مستقرة دافئة وجميلة.
من المعلوم ان بعض هذه الظواهر، مع تاثيراتها التاريخية، قد باتت جزءا من بنيان وجود مجتمعاتنا. فهي، تطبع نمط تفكيراغلب الناس وتحدد افاقه ومداه، وهي جزء من نسيج الثقافة العامة ومن العادات والتقاليد والعلاقات الاجتماعية، كما انها تتحكم بسلوك الجماعات والافراد، وبعملية اختيارالاساليب والطرق لتحدبد العلاقات والتعبيرعن المصالح والتفاعل ومعالجة المشاكل والتعقيدات والتناقضات والصراعات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

التعصب، بكل اشكاله، هو نتاج الفكرالشمولي وثمرة الايمان المنغلق بالحقائق المطلقة. التعصب يؤدي، شئنا ام ابينا، الى وحدانية الرؤية، الى عدم قبول الاخر، الى استخدام كل الوسائلل للقضاء على الاخر. الى احتكار الحقيقة، وبالتالي الى التخشب والتقوقع والعدوانية والعنف والتسلط. وفي حالة التمسك بالسلطة وادواتها يؤدي الى الدكتاتورية والفاشية.

الحوارهو نقيض التعصب. اداة لكشف جوهره، ووسيلة لتحديد وانهاء تاثيراته. الحوار هو اسلوب للتفاعل الايجابي مع الاخر، محاولة مجدية للتقرب من الحقيقة، هو ممارسة وجهد لتوسيع الافاق وتغيير زوايا النظرللاشياء والظواهر. هو عملية جريئة تهدف الى الغوص في عمق القضايا ودراسة وتحليل الموضوعات وصولا الى اتحاذ الموقف الانتقادي وتحديد وتطويرالمفاهيم.
فالحواريعني الاقرار بالتعددية، والاستعداد للاصغاء وللمشاركة والعيش والتفاعل المشترك، وهو لذلك من اهم ادوات بناء الديمقراطية وصيانتها وتطويرها.

الحوار بالنسبة لمجتمعاتنا هو بمثابة الاوكسجين في غرفة العناية المركزة. فهي غارقة في التخلف والجهل والامية المستشرية والفقر والحرمان والقيم البالية، وهي تعاني من هجمة الفكرالشمولي الظلامي وتصاعد وتائراستخدام العنف لتحطيم العقل ومسخ الوعي، ولاجبار السواد الاعظم على قبول قيم بالية وحياة بائسة مظلمة غيرانسانية على الارض، بأنتظار نعم السماء.

ينبغي على كل قوى التغيير، التي تهدف الى انقاذ مجتمعاتنا ودفع عملية اعادة بنائها وتطويرها بالاتجاه الصحيح، ان تضع الحوار – الدعوة للممارسته و نشر ثقافته وتعلم فن ممارسته – على راس مهماتها وبرامج عملها.
فالدعوة الى الحوار، باستمرار، في كل المناسبات، في كل المحافل، على كل المستويات، في الاسرة، في المدرسة والجامعة، في المقاهي والمجالس والتجمعات والنوادي والملاعب، في المنظمات والمؤسسات ودوائرالدولة واجهزة السلطة المختلفة، تشكل في الواقع معركة سلمية حظارية ضد العنف، وهي دعوة لكسر حواجز الانغلاق والتقوقع ورفض الاخر.
ومع الدعوة الى الحوار، دون توقف، يجب نشر حقائق ومعطيات وتجارب واحصاءات وبحوث ودراسات عن جدوى الحوار، عن نتائجه، عن تاثيرات تلك النتائج في حياة الشعوب والافراد، عن قوة الحوار الخلاقة في عملية التطورالعلمي والمعرفي وتوسيع مدارك البشر. ينبغي، بمعنى اخر، جعل الحوار جزء من الثقافة الانسانية الاوسع والمتاحة لاوسع الجماهير.

الامرالاخرهو تراكم الخبرة وتعلم ممارسة الحوار. فالحوارالهادف في المجتمعات المعاصرة، فن ومنهج علمي يتعلمه ويتدرب عليه التلاميذ في المدارس، يدرس في المعاهد والجامعات. تنظم لتعلمه وتطويرادواته وتفعيل استخداماته السمينارات والدورات والمؤتمرات. فالحوارالهادف والفعال، هو ممارسة واعية ومنهجية لها مستلزماتها وشروطها كي تعيش وتتطور، وكي تحقق اهدافها.

69
عام على مؤتمر ستوكهولم – نتائج وعبر

سامي بهنام المالح

في الخامس من نوفمبر من العام الماضي انعقد في ستوكهولم عاصمة السويد مؤتمر(دعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي) وذلك بمبادرة نخبة من المثقفين والناشطين المستقلين من ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في السويد .

كان انعقاد مؤتمرستوكهولم مبادرة هامة وجدية لتنظيم وتفعيل طاقات ابناء شعبنا في المهجرو لتوظيفها في خدمة ودعم واسناد قضية شعبنا في الوطن. ولقد جاء تنظيم هذه الفعالية القومية في سياق الجهد المتواصل لجمهرة من الناشطين الحريصين على وحدة شعبنا القومية، وكنتيجة طبيعية جسدت تطورالوعي والايمان باهمية التواصل الايجابي بين ابناء شعبنا في الوطن وبين الجاليات الكبيرة المنتشرة في مختلف بقاع العالم التي تملك الكثيرمن الامكانات والطاقات وفي كل المجالات.
 فمن المعلوم ان اطلاق المطالبة بتثبيت الحكم الذاتي دستوريا كحق قومي من حقوق شعبنا من قبل الاستاذ سركيس اغا جان قبل انعقاد المؤتمر بفترة، شكل حافزا مهما لتنظيم هذه الفعالية القومية. اذ كان لابد من الوقوف مع هذه المطالبة السياسية القومية الجريئة، كما كان من الهام جدا العمل الجاد الى تحويلها الى مطالبة جماهيرية والسعي المتواصل من اجل تحقيقها وتحويلها الى مشروع واقعي قابل للحياة.
ومن اهم القضايا التي توقف عندها المؤتمرون في ما يخص موضوعة الحكم الذاتي،  تمثل بالتاكيد على اهمية ربط مطالبة شعبنا بحقوقه القومية المشروعة في اطارالعراق الديمقراطي الموحد بالعملية السياسية والتوجه الى بناء العراق الدستوري الجديد، وتمتين الوحدة الوطنية بين كل مكونات الطيف العراقي على اساس التكافؤ والمساواة والاحترام المتبادل ورفض كل اشكال التهميش والتمييز.
كما اكد المؤتمرعلى قضية غاية في الاهمية عندما صاغ في بيانه الختامي حق شعبنا الشعب الكلداني السرياني الاشوري، كشعب اصيل في العراق، في تثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا، عراقيا وفي اقليم كردستان، بما فيها حقه في الحكم الذاتي في اراضيه التاريخية.
لقد اثبتت الايام اهمية ومغزى هذه الصياغة سياسيا. اذ نرى اليوم، كما في الماضي المثقل بالاضطهاد والعذابات، فان محاولات اعتبارنا اقلية طارئة اوجالية هامشية اومجموعة بدون ارض، مستمرة دون انقطاع، جنبا الى جنب اجبارنا بكل الطرق والوسائل الاجرامية على الهرب والهجرة.
لقد حقق مؤتمر ستوكهولم نتائج تستحق الاعتزاز. فمن مؤتمر ستوكهولم انطلقت الدعوة الى تفعيل وتوحيد طاقات جالياتنا في بلدان المهجر. ومن المؤتمر انطلقت الدعوة الى زيارة الوطن ومعايشة الواقع عن قرب وتلمس وضع شعبنا في اطار ما يجري في الوطن. ومن مؤتمر ستوكهولم انطلقت فكرة التعاون مع مؤسسات شعبنا والمستقلين في الوطن لتنظيم فعالية اكبر تهدف الى توحيد ااصفوف والجهود والخطاب القومي وتشديد المطالبة بتثبيت كامل حقوق شعبنا القومية بما فيها الحكم الذاتي في مناطقنا التاريخية. ولقد بذل الاخوات والاخوة من مؤتمر ستوكهولم الكثيرمن اجل عقد المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الاشوري في عنكاوه في 12 – 13 من اذار الماضي. لقد فعل مؤتمر ستوكهولم الحوارالمسؤول والجدي حول مستقبل شعبنا في الوطن واثارقضايا سياسية وفكرية هامة وحفزالمثقفين والناشطين ومؤسسات شعبنا والقوى السياسية للمزيد من الاهتمام بها ومناقشتها معا.
واليوم وبعد مرور عام على مؤتمر ستوكهولم، ينبغي التحلي بالجرأة لممارسة النقد والنقد الذاتي، الذي هو الفعل الواعي والاداة المؤثرة في التطور. فمن الدروس التي علينا تعلمها هي اهمية تحفيزواشراك جميع ابناء شعبنا الحريصين والناشطين في مثل هذه الفعاليات القومية، ومحاولة اعطاء مساحة متساوية لكل الافكاروالطروحات المسؤولة. فالتهيئة الجيدة والحوار الهاديْ المستمر والنقاش الفكري الجدي تجنب فعالياتنا من الاخطاء وتمنحها قوة وتماسك. كما انه لابد من الاعتراف باهمية بذل المزيد من الجهود في تنظيم وتطوير صيغ العمل الجماعي. كما لقد اثبتت الايام على اهمية الحرص على عدم اعطاء الفرصة للعناصر التي تسعى الى تحقيق بعض مصالحها الانانية وتمسكها بمنطلقات فكرية حزبية ضيقة على حساب تعزيز المنطلقات والافكار والمشاريع الجامعة والوحدوية. لقد جرى مناقشة هذه الامور بصراحة وبرغبة صادقة للتعلم والتطور.
وبعد مرورعام على هذه الفعالية والتي كانت بداية ناجحة للم الشمل والعمل الجماعي، يسعى مندوبي مؤتمرستوكهولم الى مواصلة العمل الجماعي على ذات النهج. يسعون الى تطوير صيغ العمل وتوسيع المشاركة على اسس ديمقراطية صحيحة، والدعوة الى الحوارالجاد والتعاون مع كل مؤسسات وقوى شعبنا في السويد اولا وفي مختلف بلدان المهجر ايضا، من اجل تحقيق الاهداف التي رسمها مؤتمر ستوكهولم.
اذ لايزال شعبنا في الوطن العزيزيعاني ويقتل ويهدد، ولاتزال الاف العوائل تجبرعلى الهروب والعيش في ظروف لاانسانية وخاصة في سوريا والاردن. ولايزال التشتت والانقسام والصراع من اجل المصالح ينخر بجسد شعبنا ويهدد مستقبله. كما ولا تزال طاقات جالياتنا الكبيرة جدا غير موحدة وغير مفعلة وعاجزة عن ايصال قضية شعبنا في خطاب موحد الى الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي.
نعم ان ثمة اعمال جدية كبيرة قد انجزت، وثمة اعمال كبيرة اخرى قيد الانجاز برعاية الاستاذ سركيس اغا جان. ان هذه الاعمال التي تعزز تواجد شعبنا وتدعم ترسيخ وحدته القومية وتعطيه الامل بالمستقبل، ينبغي ان تتحول الى حركة جماهيرية واعية والى مشروع شعبي متكامل يستوعب كل قوى شعبنا لبناء المستقبل. مشروع يشعركل فرد من ابناء شعبنا، اينما كان، بانه مشروعه هو، يجد فيه مصلحته ويحقق من خلاله حريته ويصون كرامته، وان يفسح له المجال لتحمل المسؤولية من اجل تنفيذه. فمستقبل شعبنا مرهون بالدرجة الاولى ببقاء الشعب، وخاصة الشباب، في الوطن والتشبث بالارض. ولذلك فمن الهام جدا ان تستخدم كل الامكانات المتاحة من اجل هذا الهدف، مساعدة العوائل الهاربة و تشجيع العوائل المهاجرة للعودة والعيش بكرامة من خلال توفير مستلزمات العيش الكريم وتوفيرالامن والاستقرار وفي مناطقنا واراضينا التاريخية.
ان وضع شعبنا يختلف تماما عن وضع اشقائنا الاكراد والعرب، فالهجرة بالنسبة الينا هي نزيف قاتل ينبغي فعل كل ما هو ممكن ومتاح من اجل الحد منها وايقافها.
فشعبنا المعرض للتهديد والتهجير يجب ان يرى بصيص الامل ويتلمس الخلاص ويدرك اهمية الاعمال والمشاريع المنجزة والتي ستنجز. ان كل ذلك يتطلب جمع كل قوى شعبنا والحوار بشفافية ووضوح، والاتفاق على القواسم المشتركة وتوحيد الخطاب القومي، وبناء المؤسسات الكفوءة والمقدامة وموضع ثقة واحترام الجماهير، كي تعمل وتضحي، بدلا من ان تسمن وتغتني وتجمع الملايين، مؤسسات مؤهلة لقيادة كل ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في جبهة وخندق واحد من اجل تشديد المطالبة بتثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية.

70
   تركيا بين المراوحة وخيارالسير نحو الحداثة


سامي بهنام المالح

صعب على تركيا ان تهضم قرار لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الامريكي باعتبار احداث عام 1915 وما جرى للارمن ابادة جماعية منظمة. واذ ثارت صخبا ورفضا كما فعلت من قبل حيال قرار فرنسي مماثل، فهذا مؤشر على اصرار تركيا، بحكومتها الاسلامية المعتدلة وعساكرها المتشددين واحزابها العلمانية التركية القومية، ان تبقى اسيرة ازماتها التاريخية المزمنة، لاتجيد التقدم بجرأة نحو الديمقراطية الحقيقية والحداثة.

ان اصرار تركيا على معالجة ازماتها وحل مشاكل الاقليات، من خلال رفض الواقع القائم واعاقة تطوره، وعدم ابداء الرغبة والاستعداد في مراجعة الماضي والتقييم الموضوعي والجاد للتاريخ، وارهاق الدولة والمجتمع ببناء المزيد من الثكنات وتحريك الجنود واستعراض القوة، ما هو الا خيار تعميق واشتداد الازمات؛ المزمنة منها، والحديثة ايضا، كتلك المتعلقة برسم علاقة عقلانية بين متطلبات الديمقراطية وضمان حقوق الانسان الاساسية، وترسيخ تقاليد وثقافة تحاكي وتنسجم مع تقاليد وثقافة المحيط الاوربي العلماني المتمدن الذي تسعى الى ولوجه.
ان التقدم نحو الانتماء الى الاسرة الاوربية وبناء الدولة الحديثة وتعزيز الديمقراطية، التي لابد من التضحية بنقيضها المكبل ثمنا لقطف خيراتها، يتطلب الجراة والاقدام والارادة والانفتاح، ويستوجب البحث عن الحلول التي تعزز الوطنية التركية وتضمن الشراكة في بناء المستقبل، وتهييْ البيئة التي تضمن الاستقرارالسياسي والاجتماعي وتؤسس لنمو اقتصادي مضطرد، وتطوير علاقات اقليمية مستقرة وبناءة.

فأوروبا لاتخجل من ماضيها، وهي حاكمته بعلمية وبعقلية جديدة وعينها على المستقبل، وهي تتحرك اليوم الى امام نحو الوحدة والتكامل الاقتصادي والتضامن وضمان الاستقرار والسلام وتلافي تكرار الماسي والحروب. اوربا سائرة الى امام بخطى حثيثة بعد ان حددت جدول اولوياتها باحثة عن الحلول الناجعة لكل ما يعيق توفير الحرية والكرامة والحياة الرغيدة للانسان المواطن.

تركيا تقف اليوم امام خيار تاريخي. البقاء في دائرة التازم الداخلي وتغذية الوطنية التركية القومية، ورفض الاستجابة لمتطلبات واستحقاقات الحداثة، والتلكؤ في استثمار انجازات التعاون والحوار والاعتراف بحق الشعوب في تقرير مصيرها، والهروب من دفع فاتورة الانتماء الى الاتحاد الاوربي وبالتالي استفحال الازمات والتأخر عن ركب الحضارة والتطور، ام اللحاق باوربا وبهمة وجرأة واعتماد السلام والحوار لضمان حقوق جميع المواطنين وحل كل الازمات والاحتقانات الدينية والقومية والمؤسساتية، بحكمة، من دون اي حنين للماضي، وبالتخلص من مشاعر الاستعلاء القومي والغاء الاخراو السعي الى خنقه وسحقه تحت اقدام الجندرمة وعجلات الدبابات.

ثمة مؤشرات ومحاولات مشجعة شهدتها تركيا في السنوات الاخيرة، منها الاعتدال في حل اشكالية الدين بالدولة، ومحاولة انقاذ هيبة مؤسسات الدولة الديمقراطية من سطوة الجنرالات، وتاكيدات قادة حزب العدالة على التمسك بالشرعية والعلمانية وقواعد اللعبة الديمقراطية.
غير انه وللاسف ثمة تراوح ونزعة للتشبث بالتقاليد والتراث المثقل القديم ذات جذور عثمانية، مؤشرات محبطة، منها ما تجسد الاجماع التركي على خيار استخدام القوة والتهديد، والقفز على الواقع لمعالجة الملفات الساخنة التي تتعلق بحقوق القوميات والاديان، والاعتراف بجرائم الابادة الجماعية للارمن والمسيحيين من الكلدان الاشوريين السريان في عام 1915 ، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الجارة وحرية الرأي و التمييز وغيرها من الملفات.

خيار تركيا، سيؤثر حتما، تاثيرا كبيرا ومباشرا على مجرى الاحداث وتطور الاوضاع في العالم الاسلامي برمته، وبشكل خاص على مستقبل المنطقة.  فلنترقب!

71
    الحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري المهم والاهم
                                                                             

سامي بهنام المالح
6 ايلول 2007


* مقدمة
شهدت الحركة القومية لشعبنا منذ العقد الاخير للقرن الماضي، بشكل عام، تطورا نوعيا وشاملا. الوعي القومي الوحدوي يتطور باضطراد فيكاد اليوم يطغي على اصوات التعصب والتشبث بما يفرق ويشتت. مؤسساتنا الاجتماعية والثقافية والمهتمة باللغة والتراث تسجل حضورا وعطاءا مستمرا. احزابنا السياسية القومية، رغم عدم ارتقائها لمستوى بناء تحالف قومي منشود، اكتسبت خبرة جمة واغنت باستمرار برامجها القومية ذات التوجه الوطني وحققت منجزات لايستهان بها، وكان لها مساهماتها في العمل الوطني في المعارضة قبل سقوط نظام صدام البعثي الشمولي وفي العمل من اجل بناء العراق الجديد وتطويرالعملية السياسية بعد السقوط. جماهير شعبنا في الداخل والخارج تزداد التحاما واهتماما بالمستقبل، وهي اليوم رغم تدهورالظروف في الوطن وما لحق بابناء شعبنا في المناطق الساخنة اكثر تشبثا بالوطن واكثر اصرارا على المطالبة بالحقوق القومية المشروعة ورفض التهميش والتميز. الاعلام شهد قفزات نوعية وبات يلعب دورا هاما واساسيا في حياة شعبنا على كل المستويات وفي كل المجالات. يجري باستمرار بناء القرى المهجرة ويجري استيعاب ومساعدة الالاف من العوائل الهاربة من الارهاب وتزداد فرص الاستثمار وامكانات بناء مشاريع تخدم ترسيخ تواجد شعبنا في مناطقه التاريخية.
ان كل هذا التطوروالتغييرالايجابي في الوضع الذاتي، وبالارتباط  والتناغم مع التغييرات العميقة التي شهدها وطننا والاحتمالات المفتوحة لتطورالعملية السياسية وبناء النظام السياسي لعراق جديد مستقر وامن ومزدهر، بات في الحقيقة الخلفية لارتقاء مطالبة شعبنا اليوم بتثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا بما فيها حقه المشروع بالحكم الذاتي.

* الاخفاقات والاضطهاد المستمر، والمشروع المنعطف

ان ما ميزمرحلة ما بعد سقوط النظام في بغداد في نيسان 2003 ، تمثل في عدم قدرة الحركة السياسية القومية لشعبنا الى الارتقاء الى مستوى التحديات المصيرية، والفشل في تجاوزالصراعات الثانوية، والاصرارعلى اهدارالطاقات في المعارك الجانبية والغيراساسية، والفشل في النهاية في توحيد كل الجهود والاتفاق على القواسم المشتركة التي ترسم بوضوح ملامح قضية شعبنا وتحدد المطالب القومية المشروعة في برنامج ومشروع قومي موحد. وكنتيجة منطقية جائت الانتخابات مخيبة ومحبطة، وكان ما حصل عليه شعبنا في الدستورالعراقي وفي مسودة دستوراقليم كردستان دون الحد الادنى من حقوق شعب اصيل يتطلع الى الحياة بحرية ومساواة وشراكة حقيقية مع الاشقاء في الوطن الواحد.
لقد رافق هذه الاخفاقات تصعيد العنف والارهاب والاضطهاد بحق ابناء شعبنا، الامر الذي هدد وجوده واضطرالاف العوائل الى الهروب والهجرة والبحث عن الامان والاستقرار.
ان هذا الواقع المريرلم يؤدي كماهو معلوم الى الهزيمة والاستسلام. اذ ان عملا جديا كان يجري، في ذات الوقت، من اجل مواجهة  كل تلك التعقيدات والاخفاقات. حيث كان يجري استيعاب العوائل النازحة ومساعدة المحتاجين وبناء القرى والمؤسسات المختلفة في مناطق شعبنا التاريخية. وكان هناك عمل اعلامي جدي وحملات لتقييم الوضع والانتقاد البناء والدعوة الى تعزيزالوحدة وتوحيد الطاقات والكلمة والخطاب القومي. وكان هناك تحرك نشط لجالياتنا في الخارج لدعم وجود ومطالب شعبنا، وكان ايضا تقييم لاداء الاحزاب حيث ولدت تكتلات وتحالفات جديدة.
ولكن الاهم من كل ذلك كان طرح المشروع الذي شكل المنعطف الحاد والهام في حركة شعبنا القومية.
المطالبة بالحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري على اراضيه التاريخية. هذه المطالبة الجريئة والواضحة و التي اطلقها رابي سركيس اغا جان، وهو في موقع المسؤولية، وفي سياق انتقاده للدستورالعراقي ولمسودة دستورالاقليم لانهما لم يلبيا مطالب شعبنا و يثبتا حقوقه القومية المشروعة بما فيها الحكم الذاتي.

* مشروع مستقبل وليس اصلاحات ومطالب مرحلية

ان شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الذي عاش منذ قرون مضطهدا ومحروما من ابسط الحقوق، استبشرخيرا وتطلع الى حياة امنة وكريمة ومستقبل افضل في عراق جديد يضمن لكل القوميات والاديان والطوائف حقوقها المشروعة. غير ان تطورالاوضاع في العراق سارت، للاسف، باتجاه اخر تماما. حيث اصبح شعبنا محاصرا بظروف قاهرة، هددت وجوده ومستقبله في الوطن، ووضعته امام خيار تاريخي ومصيري.
ان هذا الواقع، هذه الظروف والتطورات في وطننا النازف هي التي فرضت الحاجة الى مشروع للمستقبل، مشروع سياسي قومي وواقعي يتجاوز المطالب المرحلية الجزئية والاصلاحات، مشروع يضمن لشعبنا الحرية والتكافؤ ومستلزمات الحياة الامنة الكريمة والتطوروالانعتاق على ارض ابائه واجداده.

ان تطورالحركة القومية لشعبنا والمطالبة بحقوقه وطرح مشروع الحكم الذاتي هوتحول نوعي وارتقاء بمستوى قضيته. وهوعمل ومشروع ذات طابع وطني ديمقراطي.. فبناء العراق الجديد يستوجب من الجميع المساهمة والعمل المشترك والتضامن والاقرار بخصوصية كل القوميات والاديان، صغيرها وكبيرها، وضمان حريتها وحقوقها المشروعة. العراق الجديد يجب ان يكون عراق الجميع وينبغي ان يضمن حقوق الجميع دون تميز.
ان عدم القبول بالتميز والتهميش ومقاومة الارهاب والاضطهاد، والمطالبة بالحقوق هو في الواقع مساهمة جدية وضرورية لتطوير العملية السياسية وبناء اسس النظام السياسي الاجتماعي الجديد.
ان مطالبة شعبنا بتثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي، في هذه المرحلة التي يشهد فيها الوطن مخاضا عسيرا، هي ممارسة ديمقراطية مشروعة وليست مطالبة عنصرية اوانعزالية كما يريد البعض وصفها وتشويهها.
ان مطالبة شعبنا المحروم والمضطهد، لحقوقه القومية المشروعة، لايتناقض قيد شعرة مع سعيه وعمله يدا بيد مع كل الوطنيين الخيرين من اجل وحدة الوطن ومن اجل استقراره وامنه وازدهاره.
وبالعكس تماما، فان القبول بالذل والمواطنة من الدرجة الثالثة والانهزام والهجرة، اوالبقاء في دائرة الخوف والرعب وقبول الفتاة ومنة الاخرين، وقبول معاملتنا كغرباء في وطننا الام ، انما هودعم ورضوخ للقوى العنصرية واضعاف للعملية السياسية والمشروع الوطني وتطويرالديمقراطية.
فمشروع الحكم الذاتي هو مشروع مستقبل، مشروع صيانة وحدة شعبنا وتطوير كيانه ومعافاة جسده، مشروع تحدي الظروف القاهرة والارهاب والاضطهاد التاريخي، مشروع التمسك بالارض والوطن العزيز، مشروع تنمية امكانات وقابليات شعبنا لوضعها في اخر المطاف في خدمة تعزيز الاخوة مع كل الاشقاء على اسس صحيحة، ومن اجل بناء الوطن الامن المتطورالمشترك.
نحن نعي جيدا، بان مستقبل شعبنا وحصوله على حقوقه المشروعة مرتبط بشكل جدلي بتطورالعملية السياسية في العراق. مرتبط بتطويرالعلمانية ودولة المؤسسات والقانون والمواطنة المتكافئة دون تهميش او تميز. ومن هذا المنظور، فان مواصلة عمل شعبنا من اجل حقوقه المشروعة وحقوق كل القوميات الاخرى، على اسس ديمقراطية ودستورية، هو جهد يصب في مجرى عمل قوى البناء الوطنية الديمقراطية. 
لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري تاريخ مشرف وحافل بالمساهمات في النضال الوطني والديمقراطي العراقي، وعليه فانه ليس من حق اي كان، اليوم وشعبنا يطرح مشروعه للمستقبل، التشكيك بوطنيته وتطلعه للعيش المشترك الاخوي بتكافؤ وبمواطنة متكاملة مع كل القوميات والاديان والطوائف في الوطن.

* الحكم الذاتي – المهم والاهم

من الواضح، ان الطريق بين طرح مشروع الحكم الذاتي والمطالبة به كحق مشروع وكابسط اشكال حق تقرير المصير، وبين الحصول عليه دستوريا وتطبيقه وممارسته وبناء مؤسساته، هو طريق طويل وشاق. فليس ثمة شعب حصل على هذا الحق من دون العمل والمثابرة والنشاط المتعدد الجوانب والتضحيات. 
لقد كانت المطالبة بالحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري، وثم التعامل مع هذا المطلب عمليا بتحويله الى مشروع سياسي قومي، كانت الخطوة المهمة الاولى التي شكلت حقا منعطفا وتحولا نوعيا في مسيرة شعبنا نحو المستقبل.

غير انه من الاهم ان يجري العمل المتواصل والثابت من اجل تحشيد كل طاقات شعبنا، في الوطن وفي الشتات، لتوظيفها كلها مجتمعة في خدمة تحقيق وانجاز هذا المشروع التاريخي. ان عملية تحشيد كل الطاقات والجهود وتنظيم حركة سياسية جماهيرية واعية جريئة ومؤمنة بالمستقبل يتطلب مايلي:

اولا- الحوارالمفتوح المستمر، ومناقشة ابعاد واهمية وواقعية وجوهرمشروع الحكم الذاتي بشكل علمي وشفاف، على محتلف المستويات وبمختلف الاساليب، وصولا الى خلق وعي وايمان جماهيري واسع وراسخ، اساسه الفكر والقناعة. فان الشعب المؤمن بقضيته، والواعي لحقوقه، والمتماسك والمتحد والمتفق على هدف محدد ستراتيجي يضمن له الحرية والكرامة، لابد له ان يتقدم وان يحقق كل امانيه.

ثانيا- مواجهة كل الانتقادات والماخذ والافكارالجدية باحترام وبشكل حضاري، ومناقشة المشاريع الاخرى والبديلة باهتمام، وذلك بغية تقريب وجهات النظر والتخلص من النواقص وتدقيق وتطويرالمشروع  وادوات تحقيقه مع تطور وتغيرالظروف والاوضاع المعقدة في الوطن والمنطقة.

ثالثا- اتباع الاساليب الصحيحة والديمقراطية، والشفافية في بناء المؤسسات والاجهزة التي تتعامل مع وجود وتطويرشعبنا، والتي تناط بها مسؤولية تهيئة مستلزمات بناء القاعدة المادية وتطويرالمستلزمات المادية والانسانية لتنفيذ مشروع الحكم الذاتي.
ان تحقيق الاهداف الاستراتيجية والهامة والمصيرية، وكما علمتنا الحياة وتجارب الشعوب الاخرى في العالم، تحتاج دائما الى قيادة وطلائع وكوادر مؤمنة بقضيتها، وشجاعة بمواجهة كل التحديات والمصاعب التي لابد منها، ومعروفة بنزاهتها ومواقفها، ومؤهلة وكفوءة وثابتة لاتضع مصالها فوق مصلحة الشعب مهما كلفها ذلك من تضحيات. فان مثل هكذا قيادة فقط، في ظل تعقيدات وضع وطننا الدامي، تكون جديرة فعلا بتحمل المسؤولية، ومؤهلة بلا شك كي تحرك الجماهير وتمنحها الثقة بالنفس والايمان بالانتصار.

 رابعا- مواصلة العمل في استيعاب اكبر عدد ممكن من العوائل الهاربة من الارهاب، والاهتمام بالالاف من عوائل شعبنا في سوريا والاردن، وعمل كل ما هو ممكن، واستثمار كل الامكانات المالية المتاحة، لتوفير مستلزمات عودة اكبر عدد منها ليعيش بكرامة وامان وامل في الوطن.

خامسا- العمل على توحيد جهود كل جالياتنا بهدف تكوين لوبي منظم قوي ومؤثر، للدفاع عن وجود شعبنا وضمان حقوقه الدستورية بما فيها الحكم الذاتي، ولتوفير اوسع تضامن ودعم واسناد عالميا. ان هذا يتطلب تحركا واعيا ونشطا، ونشاطا فكريا متواصلا، وتعاملا وتفاعلا مبنيا على الاحترام والحوار والثقة بين كل مؤسسات وفعاليات شعبنا في اوربا وامريكا واستراليا.

واخيرا، يجدر التأكيد ثانية على ان الطريق بين مطالبة الحقوق والحصول عليها طريق طويل وشاق. فالمطالبة بالحقوق هي بلاشك الخطوة المهمة الاولى في المسيرة، ويبقى الاهم هو الاصرار والمواصلة، والاستعداد لمواجهة كل التطورات وتقديم التضحيات وعدم الانحناء والتراجع في المنعطفات والسير قدما حتى التهاية.

72
اقليم كردستان ومستقبل المسيحيين في العراق

سامي بهنام المالح
ستوكهولم 9 ايار2007



في ظل الانفلات الامني والفوضى السائدة  وتصعيد الارهاب، يتعرض المسيحيون في العراق الى اضطهاد مزدوج. فهم ينالون حصتهم من القتل والخطف و التشريد حالهم حال المواطنين العراقين الابرياء، ولكنهم يتعرضون، في الوقت ذاته، الى ابشع حملة اضطهاد وقمع وقتل وتهجير وسلب الاموال والممتلكات والتهديد اليومي باعتناق الاسلام ودفع الجزية لكونهم مسيحين فقط.
ان ما جرى ويجري بحق المسيحيين، وامام مرأى ومسمع السلطات العراقية والقوى السياسية الاسلامية و المراجع و القوى العلمانية الاخرى، يعد جريمة بشعة ضد جزء اصيل من النسيج العراقي. وهي جريمة منظمة تستهدف قتل المسيحين واذلالهم وحرمانهم من حرياتهم وحقوقهم الدينية والقومية والاجتماعية و اجبارهم بالتالي الى ترك الوطن والهروب الى المجهول.
من الواضح، ان العقل الظلامي والاصوليين المتعصبين والقوميين المتطرفين، يرون في قيم التسامح و المحبة والحوار وحب الوطن واحترام الانسان والتعايش الاخوي التي يتشبع بها المسيحيون في العراق، عدوا يقف في طريقهم وقوة ضد ارهابهم وحقدهم ومشروعهم المريض المتخلف.
ان المسيحيين (الكلدان السريان الاشورين والارمن) و اخوتهم الصابئة المندائيين والايزيدين، هم جزء هام واصيل من الطيف العراقي، يدافعون عن الوطن و يتحملون المسؤولية لبنائه وازدهاره باخلاص، و من حقهم مطالبة الدولة ومؤسساتها الامنية بتحمل المسؤولية الكاملة عن حمايتهم، كما من حقهم المطالبة بكامل حقوقهم الدستورية وبما يضمن لهم حقوق المواطنة من الدرجة الاولى ورفض التهميش والتميز و الاذلال.
ان ما يميز اقليم كردستان، بخلاف الظروف السائدة في باقي اجزاء العراق، هو توفر الامان والاستقرار من جهة، والتعايش الاخوي بين المسلمين والمسيحيين والايزيديين والصابئة وبين مختلف القوميات من الاكراد والعرب والكلدان السريان الاشوريين والتركمان والارمن من جهة اخرى.
نعم ان الاستقرار والتعايش الاخوي هو ما يميز الاقليم و يجعله ملجأ امنا لكل الهاربين من جحيم الارهاب، رغم وجود بعض الحوادث المتفرقة هنا وهناك.
العلاقات التي تربط بين المسيحيين واشقائهم الاكراد هي علاقات عميقة وتاريخية. علاقات  نمت و تطورت من خلال مواجهة الاضطهاد و المصير المشترك، ولاسيما بعد تاسيس الدولة العراقية الحديثة و استيعاب دروس وعبركوارث وماسي الحرب الكونية الاولى ومغبة الوقوع في شباك خطط العدو المشترك. لقد نمت هذه العلاقات بنمو الوعي الوطني والتضامن والنضال المشترك من اجل الحرية و الحقوق القومية المشروعة وضد ظلم واضطهاد وحروب الانظمة الشوفينية المتعاقبة. واخيرا فان هذه العلاقات تترسخ بنمو الوعي الديمقراطي وثقافة قبول الاخر، واحترام الخصوصية الدينية و القومية للكلدان السريان الاشورين، وسعي النخب الكردية القومية على توفير المناخ الطبيعي والايجابي لبناء اقليم مشترك في اطار وطن مشترك يتمتع فيه الجميع بنفس الحقوق و الواجبات.
من الطبيعي ان يكون الاقليم ملجئا امنا للمسيحيين الهاربين من بغداد والبصرة والموصل وغيرها من المناطق الساخنة. فان اغلب ابناء هذا الشعب يعودون في الحقيقة الى مناطق سكناهم الاصلية والى قراهم و بلداتهم، ويتطلعون الى توفير مستلزمات الحياة والى العمل والانتاج والمساهمة بما يمتلكونه من العلوم والمعرفة والثقافة والخبرات والقيم في بناء الاقليم و تطوره.
ان ما يتيح هذه العودة ويجعلها طبيعية وايجابية هو موقف السلطات الكردية وتوفر الامن، بالاضافة الى الموقف المشرف للشعب الكردي وتضامنه وتفهمه وحرصه على تطوير العلاقات الاخوية المتكافئة و قبول الشراكة والعيش المشترك.
ان مستقبل المسيحيين في العراق مرتبط الى حد كبير بصيانة و تطوير الاوضاع و المناخ المتوفر في اقليم كردستان. حيث ان استمرار تدهور الاوضاع في اجزاء العراق الاخرى، و تمادي الارهابيين الظلاميين في اضطهاد المسيحيين، و استمرار عجز الدولة واجهزتها عن حمايتهم، سيضطر الالاف من العوائل المسيحية الى الهروب و اللجوء الى مناطقها التاريخية في الاقليم ومناطق سهل نينوى المتاخمة، والتي هي في الواقع في حماية قوات الاقليم من الناحية العملية.
فتبني سياسة ستراتيجية وتوجه واضح و معلن لدعم المسيحيين والتضامن معهم في محنتهم المؤلمة من قبل الحكومة و الاحزاب و القوى السياسية و في مقدمتها الحزب الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني، وضمان حقوقهم الدينية و القومية دستوريا  في كردستان، امر ضروري واساسي. انه امر هام جدا لخلق الثقة و تغذية الامل لدى شعبنا المسيحي، وهام جدا ايضا لتحديد الاليات واتحاذ الاجراءات اللازمة من قبل المؤسسات المختصة لا ستيعاب الاعداد المتزايدة من العوائل الهاربة الى المنطقة و توفير السكن و االعمل و مستلزمات الحياة العادية الاخرى.
من المعلوم، ان ثمة عمل كبير انجز و ثمة جزء اخر تحت الانجازيشرف عليه السيد سركيس اغا جان وزير مالية الاقليم  لمساعدة الالاف من العوائل المشردة وتوفير السكن لها، يستحق التقدير والتثمين.
غير ان هذا العمل القومي المهم، لوحده، لا يمكن ان يفي بالغرض ولا يغطي الحاجة المتزايدة. فأن حجم الماساة في ازدياد مضطرد، ولا بد من اتخاذ اجراءات كبيرة على مستوى الدولة والاقليم وحتى الاستعانة بالمعونات والمساعدات الدولية عند الحاجة.
العراق الجريح، وشعوبه المتاخية، بحاجة ماسة الى اقليم كردستان امن ومستقر. الى اقليم يكون نموذجا للمعايشة وقبول الاخر واحترام المواطنة بغض النظرعن كل الانتماءات، اقليم يقف مع محنة كل العراقيين و يساهم في معالجة الوضع الامني في كل الوطن، اقليم يعزز الاخوة بين كل الاديان والقوميات والطوائف، اقليم يحترم حقوق الانسان ويسعى لتطوير الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويضع الانسان وتطوره وحريته و كرامته قبل كل شيْ، اقليم يسود فيه القانون وتعلو سلطته على سلطة الاحزاب ومؤسسات الدولة المختلفة.

ان المسيحيين الكلدان السريان الاشوريين كانوا وسيبقون ابدا امكانات وطاقات وقوة، لا يمكن الاستغناء عنها، في خدمة بناء و تطوير الاقليم وعموم العراق، وسيبقون رغم كل ما يتعرضون اليه، نبراسا لنشر قيم الحب والحوار والتسامح والاخوة والامل، متشبثين بالوطن العزيز وبمستقبله المشرق.

73
                                           
صدقت ابونا الجليل بشار، العلة فينا نحن
سامي بهنام المالح


بداية احيي من القلب الاب الجليل الغيور بشار متي وردة واتفق معه في كل ما ذهب اليه في صيحته الاخيرة حول تهميش دورنا في تشكيل مفوضية الانتخابات، كما في نداءاته و صيحاته و تحذيراته و مقترحاته المتكررة التي قرأتها وسمعتها بأهتمام في مناسبات عدة.
نعم ايها الاب الغيور، المهتم بمسؤولية عالية بمصير شعبك المسيحي في و طنه الجريح، الوطن المبتلي بالتعضب والطائفية والحقد وثقافة الثأئر والعنف والارهاب وتحقيرالانسان الفرد، ان العلة فينا نحن.

فنحن جميعا، واقولها والالم يعصرني، نحن جميعا كشعب و كمؤسسات وكأحزاب وكنائس وقادة، لم نرتقي، لحد اليوم، الى مستوى مواجهة ما يحيط بنا وبقضيتنا ومصير ابنائنا ومستقبلنا من تعقيدات و مشاكل ومخاطر.
انها لمأساة يا أبتي ان لم نعي ونعترف بذلك.
انها لمأساة ان نبقى شعبا باسماء متعددة، وبمراجع متعددة تتصارع فيما بينها، وبكنائس وبمؤسسات و احزاب تقسم لغتنا الجميلة وتراثنا و تاريخنا وبلداتنا وقرانا، وتزرع التشتت والتخاصم وتغذي الاحباط والخيبة المريرة.

قد لا نختلف  في تحميل مسؤولية ما يتعرض له شعبنا لمئات السنوات من الاضطهاد والظلم والقتل والاعتداءات على الارض و العرض و الممتلكات، على الظالمين من المتعصبين القومين والمتطرفين الاصولين والشوفينين والمغرمين بالسلطة والتسلط الفردي الدكتاتوريي، والمرضى ممن لا يقبلون الاخر ولا يريدون الحياة والامان والحرية للمؤمنين بالانسان وقيم الحب و التسامح والحوار والتعايش الانسانية.
نعم قد لا نختلف على ان ما يصيب شعبنا المسيحي بشكل خاص وابناء الشعوب الشقيقة الاخرى الابرياء في و طننا الدامي، هي جرائم يرتكبها المجرمون الحاقدون والمتخلفون المتشبعون بالفكر الظلامي و المعادي للتطور والعلم و الثقافة والتقدم الانساني.
نعم ان ما اصاب شعبنا منذ مئات السنوات هي جبال من المظالم والتي تكاد اليوم، اذا ما استمرت لا سامح الله، واذا ما لم نتدارك الامر ونشحذ الهمم وننهض جميعا كرجل واحد مطالبين ضمان حريتنا وحقوقنا ومستقبلنا، تكاد  تقربنا من محنة ان نفقد الوطن. وطننا الغالي الذي بدونه سنبقى مشتتين في ارجاء المعمورة تائهين غرباء معذبين.

العلة فينا حقا يا أبتي ان لم توحدنا المظالم و العذابات. العلة فينا ان لم نستوعب الدروس والعبر. العلة فينا ان لم نجمع قوانا و نتكاتف ونملأ قلوبنا بالغيرة  والحب والامل في مواجهة ما يحيط بنا.
العلة فينا ان لم نثمن كل ما هو طيب و جيد و جاد، ولشعبنا منه الكثير الكثير، لنبني عليه و نتقوى به و نطوره معا. العلة فينا ان لم نستوعب حقيقة اننا جميعا بكل مسمياتنا و مؤسساتنا واحزابنا وكنائسنا و قادتنا وبلداتنا وقرانا نبحر في مركب واحد، في بحر متلاطم هائج، نواجه ذات المصير. نرسوا معا على شاطيْ الامان، او نغرق جميعا ، معا، لتأكلنا القروش والحيتان.
العلة فينا ان لم ندرك بان التشتت و التفرقة انما تضعفنا وتؤدي بنا الى الهلاك، وان تعاوننا و تماسكنا ووحدتنا انما تعطينا الامل والقوة وتمنحنا الهيبة والتقدير والاحترام في عيون الاصدقاء والاعداء.
العلة في قادتنا ان لم يدركوا بانهم ضعفاء كل بمفرده، واقوياء حينما يجتمعون و يتحاورون و يتعاونون و يختلفون ويتفقون في اطار قضية شعبهم ومصلحته العليا وضمان مستقبله في الوطن.
العلة فينا ان لم نوحد صوتنا وجهودنا في الشتات لندعم اهلنا، ولكي نوصل صوتهم للعالم و نطالب بحمايتهم و ضمان حقوقهم في الوطن العزيز.
العلة بالالاف من الميسورين ورجال الاعمال ان لم يلتفتوا لمعاناة اهلهم و لتعمير قراهم و بناء بلدااتهم و مساعدة المشردين والهاربين من جحيم الارهاب و لتوفير الحياة الكريمة لاطفالهم في الوطن قبل اضطرارهم لتركه و الهروب الى المجهول.

العلة في مؤسساتنا السياسية وقادة احزابنا وتنظيماتنا وتكتلاتنا، حينما تتقاطع وتفرض نفسها وتحتكر الحقيقة وحق تمثيل الشعب، وتتصارع من اجل الحصول على المقاعد والكراسي والثروات و النعم الزائلة الاخرى. العلة في غياب الجرأة لممارسة النقد الذاتي و التمادي والاصرار في خداع الشعب والتغاضي عن معايشة الواقع كما هو ورؤية الحقيقة المرة و ما الت اليه اوضاع شعبنا على الارض.
نعم ايها الاب الجليل بشار، العلة فينا كما تؤكد، فينا جميعا، وهذا اعتراف لا بد منه، وله اهميته، عسى ان يساعدنا في ان ننهض بصدق واخلاص لمداواة العلة ومعالجة الامراض و استئصال الاورام.
عسى ان يدفعنا الالم المشتد والمتزايد وتلمس الاخطار المحدقة في البحث عن كل ما يداوي و يعافي ويسعف ويقوي جسد وروح شعبنا المتعب والجريح والمهدد.
لكم ايها الاب الموقراحترامي و تقديري واعتزازي الكبير.
امنياتي لكم  ولكل الحريصين والمخلصين بالعمر المديد والموفقية.

74
                                           
صدقت ابونا الجليل بشار، العلة فينا نحن
سامي بهنام المالح


بداية احيي من القلب الاب الجليل الغيور بشار متي وردة واتفق معه في كل ما ذهب اليه في صيحته الاخيرة حول تهميش دورنا في تشكيل مفوضية الانتخابات، كما في نداءاته و صيحاته و تحذيراته و مقترحاته المتكررة التي قرأتها وسمعتها بأهتمام في مناسبات عدة.
نعم ايها الاب الغيور، المهتم بمسؤولية عالية بمصير شعبك المسيحي في و طنه الجريح، الوطن المبتلي بالتعضب والطائفية والحقد وثقافة الثأئر والعنف والارهاب وتحقيرالانسان الفرد، ان العلة فينا نحن.

فنحن جميعا، واقولها والالم يعصرني، نحن جميعا كشعب و كمؤسسات وكأحزاب وكنائس وقادة، لم نرتقي، لحد اليوم، الى مستوى مواجهة ما يحيط بنا وبقضيتنا ومصير ابنائنا ومستقبلنا من تعقيدات و مشاكل ومخاطر.
انها لمأساة يا أبتي ان لم نعي ونعترف بذلك.
انها لمأساة ان نبقى شعبا باسماء متعددة، وبمراجع متعددة تتصارع فيما بينها، وبكنائس وبمؤسسات و احزاب تقسم لغتنا الجميلة وتراثنا و تاريخنا وبلداتنا وقرانا، وتزرع التشتت والتخاصم وتغذي الاحباط والخيبة المريرة.

قد لا نختلف  في تحميل مسؤولية ما يتعرض له شعبنا لمئات السنوات من الاضطهاد والظلم والقتل والاعتداءات على الارض و العرض و الممتلكات، على الظالمين من المتعصبين القومين والمتطرفين الاصولين والشوفينين والمغرمين بالسلطة والتسلط الفردي الدكتاتوريي، والمرضى ممن لا يقبلون الاخر ولا يريدون الحياة والامان والحرية للمؤمنين بالانسان وقيم الحب و التسامح والحوار والتعايش الانسانية.
نعم قد لا نختلف على ان ما يصيب شعبنا المسيحي بشكل خاص وابناء الشعوب الشقيقة الاخرى الابرياء في و طننا الدامي، هي جرائم يرتكبها المجرمون الحاقدون والمتخلفون المتشبعون بالفكر الظلامي و المعادي للتطور والعلم و الثقافة والتقدم الانساني.
نعم ان ما اصاب شعبنا منذ مئات السنوات هي جبال من المظالم والتي تكاد اليوم، اذا ما استمرت لا سامح الله، واذا ما لم نتدارك الامر ونشحذ الهمم وننهض جميعا كرجل واحد مطالبين ضمان حريتنا وحقوقنا ومستقبلنا، تكاد  تقربنا من محنة ان نفقد الوطن. وطننا الغالي الذي بدونه سنبقى مشتتين في ارجاء المعمورة تائهين غرباء معذبين.

العلة فينا حقا يا أبتي ان لم توحدنا المظالم و العذابات. العلة فينا ان لم نستوعب الدروس والعبر. العلة فينا ان لم نجمع قوانا و نتكاتف ونملأ قلوبنا بالغيرة  والحب والامل في مواجهة ما يحيط بنا.
العلة فينا ان لم نثمن كل ما هو طيب و جيد و جاد، ولشعبنا منه الكثير الكثير، لنبني عليه و نتقوى به و نطوره معا. العلة فينا ان لم نستوعب حقيقة اننا جميعا بكل مسمياتنا و مؤسساتنا واحزابنا وكنائسنا و قادتنا وبلداتنا وقرانا نبحر في مركب واحد، في بحر متلاطم هائج، نواجه ذات المصير. نرسوا معا على شاطيْ الامان، او نغرق جميعا ، معا، لتأكلنا القروش والحيتان.
العلة فينا ان لم ندرك بان التشتت و التفرقة انما تضعفنا وتؤدي بنا الى الهلاك، وان تعاوننا و تماسكنا ووحدتنا انما تعطينا الامل والقوة وتمنحنا الهيبة والتقدير والاحترام في عيون الاصدقاء والاعداء.
العلة في قادتنا ان لم يدركوا بانهم ضعفاء كل بمفرده، واقوياء حينما يجتمعون و يتحاورون و يتعاونون و يختلفون ويتفقون في اطار قضية شعبهم ومصلحته العليا وضمان مستقبله في الوطن.
العلة فينا ان لم نوحد صوتنا وجهودنا في الشتات لندعم اهلنا، ولكي نوصل صوتهم للعالم و نطالب بحمايتهم و ضمان حقوقهم في الوطن العزيز.
العلة بالالاف من الميسورين ورجال الاعمال ان لم يلتفتوا لمعاناة اهلهم و لتعمير قراهم و بناء بلدااتهم و مساعدة المشردين والهاربين من جحيم الارهاب و لتوفير الحياة الكريمة لاطفالهم في الوطن قبل اضطرارهم لتركه و الهروب الى المجهول.

العلة في مؤسساتنا السياسية وقادة احزابنا وتنظيماتنا وتكتلاتنا، حينما تتقاطع وتفرض نفسها وتحتكر الحقيقة وحق تمثيل الشعب، وتتصارع من اجل الحصول على المقاعد والكراسي والثروات و النعم الزائلة الاخرى. العلة في غياب الجرأة لممارسة النقد الذاتي و التمادي والاصرار في خداع الشعب والتغاضي عن معايشة الواقع كما هو ورؤية الحقيقة المرة و ما الت اليه اوضاع شعبنا على الارض.
نعم ايها الاب الجليل بشار، العلة فينا كما تؤكد، فينا جميعا، وهذا اعتراف لا بد منه، وله اهميته، عسى ان يساعدنا في ان ننهض بصدق واخلاص لمداواة العلة ومعالجة الامراض و استئصال الاورام.
عسى ان يدفعنا الالم المشتد والمتزايد وتلمس الاخطار المحدقة في البحث عن كل ما يداوي و يعافي ويسعف ويقوي جسد وروح شعبنا المتعب والجريح والمهدد.
لكم ايها الاب الموقراحترامي و تقديري واعتزازي الكبير.
امنياتي لكم  ولكل الحريصين والمخلصين بالعمر المديد والموفقية.

75
                   
سامي بهنام المالح
                       
                       
مؤتمر عنكاوا و مصالح شعبنا العليا

جاء انعقاد المؤتمر الشعبي الكلداني السرياني الاشوري 12 و 13 اذار 2007 في عنكاوا،  ليواجه  في الاساس قضيتين محوربتين هامتين مصيريتين ومترابطتين، جرى اثارتهما و تسليط الضوء عليهما و ابرازهما و مناقشتهما بوضوح، جماهيريا، في العشرات من اللقاءات و الندوات و التجمعات و الاجتماعات في الطريق الى المؤتمر في مختلف مناطق تواجد شعبنا.
 القضيتان الهامتان كانتا:

اولا ـ  توحيد الجهود و الكلمة و الخطاب القومي لشعبنا
 ثانيا ـ تثبيت كامل حقوق شعبنا  القومية دستوريا، بما فيها حقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية


فبالاضافة الى تناول موضوعات اخرى، انية وملحة في حياة شعبنا، كقضية الهجرة و المهجرين و التهديد المسلط على ابناء شعبنا في المناطق الساخنة، و ضرورة تنظيم و تطويروتفعيل علاقات الخارج مع الوطن، نجح المؤتمر في التركيزعلى القضيتين المحوريتين، و نجح  في وضع العديد من المعالجات و الخروج بحلول و توصيات و نداءات و مذكرات و قرارات، جسدها بجلاء و بصيغ سياسية واضحة و  ناضجة  البيان الختامي الصادر عن المؤتمر.

ثمة وعي شعبي متنامي فيما يخص القضية الاولى. و ثمة اتفاق عام على ضرورة تجاوز حالة التخاصم و التشرذم و تعدد التمثيل ومراكز القرار و تقاطعها بغية  توحيد الخطاب القومي، تلمسناه في اللقاءات و الحوارات الجماهيرية الكثيرة، و كذلك في اللقاءات مع المؤسسات و مع الاحزاب و القوى السياسية المختلفة. الجميع يقر، ان غياب مؤسسة تشكل مظلة او مرجعية او تكون بمثابة برلمان لشعبنا، تستطيع توحيد الخطاب القومي الذي يجسد المصالح العليا، وتضع قضية الشعب فوق الاعتبارات الحزبية و الكنسية و المراكز الحكومية و غيرها من الاعتبارات و المصالح الضيقة و الانية الاخرى، هو عائق كبير في تطوبر عمل جماهير شعبنا و تطوير امكاناتها و وضعها كلها كقوة واحدة موحدة في خندق واحد من اجل ضمان مستقبل مشرق لاجيالنا القادمة.

لقد اولى المؤتمر هذه القضية حقها، و خرج بعد مناقشات مستفيضة، بتوصيات و نداءات لتوحيد وتطويرمؤسساتنا وخاصة المهتمة باللغة و الثقافة و الاهتمام بالفعاليات و النشاطلت الشبابية الواسعة، بالاضافة الى اقرارمشروع تأسيس مجلس شعبي وفق ضوابط و اسس و مباديْ واضحة لا لبس فيها ناقشها و اقرها المؤتمرفي صيغتها العامة (نرفق ادناه المباديْ و الاسس  التي ناقشها المؤتمر)، كي يولد هذا المجلس معافيا و بشكل طبيعي، و لكي ينمو فيما بعد قويا، متميزا، متماسكا، ملتصقا بمعاناة الشعب و تطلعاته، و لكي يصبح  مؤهلا و جديرا  بالتصدى لمهمات قومية  ستراتيجية،  و ليعمل بكل الطرق و الاساليب للم الشمل، و التعامل و التعاطي مع كل قوى شعبنا في الداخل و الخارج،  و اعتماد الحوار و المناقشة المسؤولة و احترام الاختلافات و ايجاد القواسم المشتركة، و صولا الى توحيد الخطاب القومي و تثبيت كامل حقوق شعبنا دستوريا.
لقد اكد المؤتمر، ان من الهام جدا، ان لا يولد هذا المجلس ليصبح مجرد رقما جديدا او اطارا شكليا،  يضاف الى عشرات اللجان و المجالس الموجودة و العاملة في الساحة. فشعبنا ينتظر العمل و التضحية و المواقف المبدأية، و يحتاج الى مجلس او مؤسسة جامعة تعطي و تقدم و تقف في الطليعة بشجاعة و جرأة، و ليس العكس. 
وعليه فمن الطبيعي، لا بل من الواجب على المؤتمر، ان يحرص على تقييم ولادة المجلس و على اداءه و اداء و مواقف اعضائه مستقبلا، ماخذين بالحسبان ان الاليات المتفق عليها في انتخاب الاعضاء لم تكن مثالية و لابد من تطويرها مستقبلا، كما و لايمكن تخيل اجراء الانتخابات في المحافظات في اجواء مثالية و ديمقراطية متكاملة، مع التنويه بان ثقافة السعي للحصول على المواقع و المقاعد لاتزال، و للاسف، ثقافة اقل ما يقال فيها بأنها جزء من الثقافة المتخلفة السائدة، و مرتبطة بمفهوم السلطة و الامتلاك و تحقيق المصالح الضيقة على حساب العمل و التضحية من اجل المصالح العامة.

اما القضية الهامة الثانية، قضية تشديد وتنظيم المطالبة الجماهيرية الواسعة بتثبيت كامل حقوق شعبنا القومية في الدستور بما فيها الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية، فهي مرتبطة جدليا بالقضية الاولى, فتنظيم الوضع الذاتي و توحيد الصفوف و تنظيم العلاقات بين كل القوى و توحيد الكلمة و الخطاب القومي، هو امر هام و جوهري لفرض مطالب شعبنا، و كذلك لكسب الاصدقاء و تعاطف و تضامن الاشقاء و القوى الاخرى المؤثرة اقليميا و عالميا.
ان ما ميز مؤتمر عنكاوا، تجسد في تحديد حقوقنا القومية، التأكيد بجرأة على حقنا في تاسيس مؤسساتنا القومية بحرية و استقلالية و حقنا في الحكم الذاتي ، و المطالبة بتثبيت هذه الحقوق المشروعة دستوريا. كل ذلك في اطارانتمائنا الوطني الاصيل والحرص على تعزيز علاقات الاخوة و المصير المشترك مع  كل الاشقاء في الوطن، و من دون الانجرار الى متاهات و مطبات لامصلحة لشعبنا فيها، و من دون تقليص او اختزال مطالبنا كمطالب انية و محصورة جغرافيا او ربطها بظروف انية سرعان ما تتغير.
فمؤتمر عنكاوا الشعبي شكل فعالية قومية شعبية واسعة و شاملة، اعطت زخما شعبيا كبيرا و شرعية شعبية كبيرة نسبيا، لكل المطالب و الدعوات و الطروحات الشجاعة و الجريئة التي طالبت بالحكم الذاتي لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري قبل انعقاد المؤتمر.
لقد عالج المؤتمر و من خلال النقاش و الحوار المسؤول، طرحين فكريين سياسيين متناقضين، برزا قبل و اثناء انعقاد المؤتمر، حول طبيعة مطالب شعبنا و تحديد سقفها و ربط ذلك بالصراعات و المشاكل و التعقيدات المحيطة بمناطق تواجد شعبنا. فالمؤتمر تجاوز عملية تمييع تحديد مطالبنا القومية و الاكتفاء بالصياغات العمومية و عدم ذكر و تحديد حقنا في الحكم الذاتي كحق شرعي و كشكل من اشكال حق تقرير المصير الذي هو حق كل الشعوب دون اي تميز. كما وافلح المؤتمر، من جهة ثانية،  في مواجهة المزايدات و الدعوات التي ارادت ربط سقف مطالبنا القومية بمطالب اخرى لاعلاقة لشعبنا بها في المرحلة الراهنة، و تجاوز بوضوح اشكالية الوقوع في فخ الصراعات القومية و الطائفية و الحزبية، مؤكدا على ان مطالبتنا بحقوقنا القومية هو نضال ديمقراطي، و مساهمة ايجابية و منظمة و فعالة في بناء العراق الجديد، و هو ايضا جهد مخلص وعمل واعي و جاد يصب في ترسيخ علاقات الاخوة و المصير المشترك مع الاشقاء في الوطن جميعا.
ان فهم و ادراك المغزى من انعقاد مؤتمر عنكاوا، و فهم الاهداف التي سعى و يسعى لتحقيقها من جهة، و تقدير ان النخبة التي بادرت و عملت و نظمت المؤتمر و باسناد و مساعدة و دعم كبير من شخصيات معروفة وفي مقدمتها رابي سركيس اغا جان و الجماهير الواسعة، لم تكن حزبا او مؤسسة او منظمة ذات امكانات و هياكل و تنظيمات و ايديولوجيا و سياسية حزبية محددة، من جهة اخرى، انما يهيْ الارضية و البيئة و الاجواء الايجابية للمزيد من الحوار و التفاهم و الالتقاء بين كل قوى و مؤسسات و جماهير شعبنا، و بالتالي الانطلاق معا للمزيد من العمل المشترك و التمسك بالاساسي و الجوهري في قضية شعبنا الواحد.
ان رص الصفوف و العمل بأخلاص و نكران ذات من اجل توحيد الخطاب القومي، و تشديد النضال و على كل المستويات لتثبيت كامل حقوق شعبنا القومية دستوريا في العراق و في اقليم كردستان بما فيها الحق في الحكم الذاتي، هو في الواقع جوهر القضية التي سيواصل مؤتمر عنكاوا التمسك بها.
 و من اجل هذه القضية نمد الايدي و نقدر كل الجهود و الامكانات و نحترم كل وجهات النظر و الاختلافات .
اننا في قيادة مؤتمر عنكاوا انما نعلن لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري في كل مكان، باننا لا نملك سوى اخلاصنا و جهودنا المتواضعة، و لسنا منافسين لاحد، لا على الكراسي و المواقع، ولا على الحصول على المكاسب و المنافع المادية، ولا لاكتساب الشرعية من دون استحقاق و دعم من ابناء شعبنا و على اسس حضارية و مبدأية و ديمقراطية.
نحن ننافس الاخرين في العمل و الاستعداد للتضحية و التمسك بالاستقلالية و الارادة الحرة، و وضع مصلحة شعبنا العليا و وحدة صفوفه فوق كل شيْ.
ومن هذا المنطلق و بهذه المعايير نعتز بكل من ينافسنا، و نفتخر باننا سنكون دعما و قوة ثابتة للسير معه الى امام من اجل تحقيق جميع اماني شعبنا.

لا يمكن الادعاء ابدا بان مؤتمر عنكاوا كان مثاليا، ومن الهام الوقوف عند النواقص والاخطاء بمسؤولية، ولذلك  لاينبغي التقليل من اهمية الانتقادادات و الملاحظات الجادة و البناءة التي  طرحت و سوف تطرح،
  ولا سيما حول الامور التي تعلقت بتنظيم المؤتمر و اختيار المندوبين و غيرها من الامور الفنية و التي لها علاقة بالاتصالات و التفاعل مع الشخصيات السياسية و الثقافية و كل ابناء شعبنا في الداخل و الخارج.

نحن نؤمن، بان وضع شعبنا الصعب جدا و مستقبله في اطار وضع وطننا المعقد و المتأزم، يدعونا جميعا الى مواصلة السير، و يفرض علينا ان نحترم الاختلافات و ان نستمع لبعضنا و نتحاور، و ان لا نضع مؤتمراتنا و مجالسنا واحزابنا و تكتلاتنا و مقاعدنا و مواقعنا في مواجهة بعضها البعض، و علينا جميعا الارتقاء الى مستوى المسؤولية، والاقرار بوعي، بان كل الفعاليات و النشاطات و الكيانات و الاحزاب و التكتلات و المواقع، ليست هي الهدف بذاتها و انماهي وسائل و ادوات، لا بد من استخدامها و زجها بمسؤولية من اجل تحقيق الهدف الاساسي و هو:
حياة حرة كريمة و مستقبل مشرف و حقوق دستورية و امان لشعبنا في وطنه و في كل مناطق تواجده التاريخية.

ادناه الاسس و المباديْ (حول تأسيس و طبيعة المجلس الشعبي) التي ناقشها المؤتمر و اقرها بصيغتها العمومية:

المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري (سورايا)

ـ المجلس مؤسسة مستقلة و حرة الارادة
- المجلس يعبر عن مصلحة شعبنا العليا و يضعها فوق اية مصالح اخرى
- المجلس يسعى لتوحيد الخطاب القومي الذي يجسد وحدة الارادة و الجهد لتحقيق امال شعبنا
- المجلس يسعى لتثبيت كامل حقوق شعبنا القومية اينما وجد دستوريا بما فيه حقه في الحكم الذاتي
- المجلس يرفض ان يتحول الى ساحة للصراعات الثانوية و الحزبية، و يعتمد الحوار و الاحترام المتبادل لتحقيق ما اقره المؤتمر.
- يستمد المجلس شرعيته و مصداقيته من الشعب، و عليه التفاعل مع ابناء شعبنا و تلمس همومهم و تحقيق تطلعاتهم و قيادة حركتهم الجماهيرية.

على اعضاء المجلس ان:                                                                                             
- يكونوا ذا تاريخ يثير على الاعتزاز و الثقة، و ان لايكونوا قد عملوا في الاجهزة القمعية و المؤسسات التي عادت الشعب و خدمت الدكتاتورية.
- يؤمنوا بوحدة شعبنا و يعملوا من اجل ترسيخها و رفض تقسيمنا دستوريا الى قوميتين او شعبين او ما شاكل تحت اية ذريعة او تبرير.
- يؤمنون بالحوار و احترام الرأي الاخر و اعتماد المباديْ الديمقراطية في عمل المجلس و اللجان المرتبطة به.
- لا يستخدمون عضويتهم في المجلس من اجل المكاسب الشخصية و المنافع الانية و الضيقة.
- يتحلوا بالشجاعة في اتخاذ المواقف و الثبات في الدفاع عن مصالح الشعب و تنفيذ مقررات المؤتمر و المجلس في كل الاحوال و الظروف.
- لا يكونوا موالين لجهة او طرف او مؤسسة تقف بالضد من وحدة شعبنا و حصوله على حقوقه القومية المشروعة كاملة.
- يعملون بمثابرة و بمسؤولية عالية من اجل انجاح اعمال المجلس و تطوره و تنفيذ مقرراته.

76
المجد و الخلود للشهيد ايشوع مجيد هدايا

شهدت الحركة السياسية الوطنية و القومية لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري تصاعدا و تطورا ملحوظا، و لا سيما في الفترة ما بعد سقوط الطاغية و بزوغ فجر الحرية، و توسع رقعة امل ابناء الشعب العراقي عموما في بناء الوطن المهدم و التاسيس لنظام علماني عصري ديمقراطي متطور.

ان تاسيس حركة تجمع السريان المستقل، بمبادرة و قيادة الشهيد ايشوع، اضاف رافدا قويا و اساسيا و جماهيريا الى مجرى نضال شعبنا النامي. لقد كانت تلك المبادرة الحكيمة و الجريئة، ضرورة و استجابة واعية،  لتطور الوعي القومي، و تطلع ابناء شعبنا في المنطقة الى الحرية و الحياة الكريمة. كما انها جائت لتاكيد استعداد ابناء شعبنا من السريان في بغديدا و سهل نينوى للمساهمة في العملية السياسية و النضال الوطني العراقي و العمل الديمقراطي، و رفض قبول الموقف السلبي و الوقوف في هامش الاحداث و التطورات.

لقد تميزت الحركة بقيادة الشهيد ببرنامجها الوطني، و بربط النضال القومي المشروع  لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري بالقضية الديمقراطية في العراق، و بجرأتها في بلورة مطالب شعبنا في المرحلة الراهنة و مطالبتها بالحكم الذاتي في مناطقنا التاريخية.
ان اصرار الشهيد ايشوع مجيد هدايا على ترسيخ وحدة شعبنا، و رفضه المطلق لتقسيمه الى قوميات، و عمله الدؤوب من اجل ايجاد الحلول المناسبة والعملية و القواسم المشتركة للمشاكل و التعقيدات الذاتية، منحه القوة و الصدق و الجماهيرية الواسعة و امكانات قيادة حركته الى امام.

ان الذي رأى الشهيد و استمع الى اراءه و تحليلاته، في المقابلة التي اجريت معه في قناة كوردستان تي في قبل اسبوعين من استشهاده، سيتذكره الى الابد، رجلا متواضعا واعيا حيويا مؤمنا بالمستقبل. لقد حلل الشهيد الاوضاع السائدة في الوطن و كذلك في اقليم كردستان، و شدد بمسؤولية و صدق على اهمية تعزيز العلاقات الكفاحية بين كل ابناء العراق من كل القوميات و الطوائف، و بين كل القوى الوطنية و الديمقراطية الخيرة لما فيه المصلحة المشتركة و بناء الوطن الواحد. كما و لقد شرح باسهاب و بشكل علمي،  مبررات مطالبة شعبنا يحقوقه القومية و على راسها الحكم الذاتي، واوضح بجلاء اهمية ذلك في تطوير العراق و الاقليم و بناء النظام الديمقراطي الحقيقي الذي لا بد ان يضمن حقوق الجميع بدون استثناء.

باستشهاد هذه الشخصية القيادية المخلصة، خسر شعبنا مناضلا حقيقيا كان بامس الحاجة اليه. الا ان المؤاساة تكمن في الذخر و الافكار و القيم و التقاليد و الحركة السريانية المستقلة التي تركها من بعده. ان ذكراه الطيبة ستكون ثروة و راسمال كبير لشعبنا و لمواصلة المسير و عدم التخاذل في الطريق الى تحقيق احلام و امال الشهيد.

نحن اذ نعزي عائلة الشهيد الخالد ايشوع مجيد هدايا، و حركة تجمع السريان المستقل و اهلنا جميعا في بغديدا و سهل نينوى، نؤكد لهم بان قلوبنا معهم، وان الالاف من اخوتهم في كل مكان، انما يعبرون عن غضبهم و ادانتهم و استنكارهم لهذه الجريمة الجبانة، و يعاهدونهم بالتضامن و الوقوف بصفهم و العمل من اجل تحقيق حقوق شعبنا، التي ناضل من اجلها شهيدنا الخالد و قافلة الشهداء الخالدين من قبله.

ان معاناة و نضال شعبنا الوطني و الديمقراطي و القومي العادل، سينجب لا محالة، مناضلين و قادة و رجال جدد، سيكون لهم الشرف في مواصلة المسير، و في ابقاء قضية شعبنا حية تكبر و تنمو. و سوف لن يبقى للقتلة الارهابين المجرمين الا الذل و العار و مزبلة التاريخ.

سامي بهنام المالح
رئيس لجنة متابعة مؤتمر ستوكهولم
(مؤتمر دعم مطالب شعبنا الدستورية بما فيها الحكم الذاتي)[/b][/size][/font]

77
رسالة
من مؤتمر دعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي
الى / قيادة  الاحزاب و مؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الثقافية و الاجتماعية

تحية طيبة

يشرفنا ان نعلمكم بان مؤتمرنا الذي انعقد في ستوكهولم في 5 نوفمبر 2006 تحت شعار ـ  ندعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي ـ توقف بشكل جدي عند دور  احزابنا السياسية و مؤسسات شعبنا الثقافية و الاجتماعية، و ناقش بشكل مستفيض مواقفها من بلورة حقوق و مطالب شعبنا القومية في هذه المرحلة المصيرية و مستوى العمل المشترك من اجل تثبيتها في الدستور.

 لقد قيم المؤتمر المواقف الايجابية لمعظم احزابنا و مؤسساتنا في تجاوزها لاشكالية التسمية، و اصرارها على صيانة وحدة شعبنا القومية، و الاتفاق على  ضرورة تثبيت وحدة شعبنا في الدسنور، و رفض تقسيمه الى قوميات و اجزاء متقطعة.

و لقد توصل المؤتمر الى ان شعبنا اذ يعيش ظروفا قاهرة تهدد وجوده و مستقبله في وطن الاباء و الاجداد، فان الجهود و المبادرات و المساعي المبذولة، من اجل التعاون و التنسيق و التوصل الى خطاب مشترك و بلورة مطالب واضحة، و في مقدمتها حق الحكم الذاتي، ليست بالمستوى المطلوب.

ان مؤتمرنا يناشد جميع احزاب و قوى شعبنا، و كل مؤسساته الثقافية و الاجتماعية، و كل الخيرين و الحريصين على مستقبله، للارتقاء الى مستوى التحديات الكبيرة، و الوقوف معا في خندق واحد،  و وضع مصلحة الشعب العليا فوق كل شيْ، و المطالبة بجرأة و بصوت عال و دون تردد، بكامل حقوقه القومية و بحقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية.

نحن شعب اصيل،  شعب يمتلك كل مقومات الحكم الذاتي، ولديه القدرات و كل المستلزمات الضرورية لادارة شؤون حكمه الذاتي بنفسه، وفقا للمعاهدات و الاتفاقات الدولية،  وبالاستفادة من تجارب الشعوب الشقيقة و المناضلة الاخرى.

ان مؤتمرنا يرفض ابدال مشروع الحكم الذاتي، كحق شرعي و ديمقراطي لشعبنا بانصاف الحلول، او الاكتفاء مثلا  بما يسمى بالادارة الذاتية، التي لا تعني في الواقع  شيئا، و لا تضمن له شروط التطور و ممارسة الديمقراطية و بناء مؤسساته القومية المختلفة، و في مقدمتها حقه في انتخاب مجلسه التشريعي، مرجعيته السياسية، بحرية من دون وصاية.

ان مؤتمرنا يناشد و يطالب احزابنا و مؤسساتنا التي عقدت و ستعقد المزيد من الاجتماعات، بتجاوز خلافاتها الثانوية،  و التحرك بسرعة لصياغة مطالب مشتركة،  يكون حق شعبنا في الحكم الذاتي جوهرها،  تقدم الى برلمان كردستان، و الى رئيس الاقليم ورئيس الحكومة في الاقليم، من اجل تثبيتها في الدستور.

 و يتوجه مؤتمرنا بالنداء الى الاحزاب التي لم تتخذ  بعد مواقف واضحة، او التي تدعوا لتقسيمنا الى قوميتين، و التي تسعى الى تحديد حقوق شعبنا و اختزالها الى مطالب لا تضمن مستقبلا واضحا لاجيالنا القادمة على ارض الوطن، بان تتحرك و تستجيب لنبض الشارع و لمطالب اغلبية ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري في الوطن و المهجر.

مع التقدير و الاعتزاز
مؤتمر دعم مطالب شعبنا القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية
السويد/ ستوكهولم في 5 نوفمبر 2006

نسخة الى :
               الحركة الديمقراطية الاشورية                     حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني 
               المنبر الديمقراكي الكلداني                         الحزب الوطني الاشوري
               تجمع السريان المستقل                             حزب بيث نهرين الديمقراطي
               اتحاد بيث نهرين الوطني                           منظمة كلدوآشور للحزب الشيوعي الكوردستاني
              جمعية الثقافة الكلدانية في عنكاوا             مجلس السريان في برطلة
              المجلس القومي الكلداني[/b][/size][/font]


78
بلاغ  صادر عن
مؤتمر دعم مطالب الشعب الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي
[/size]


عقد في ستوكهولم/ السويد في الخامس من نوفمبر الجاري، مؤتمر لدعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الأشوري في تثبيت كامل حقوقه القومية دستوريا، بما فيها حقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية شارك في أعماله خمسون شخصية أكاديمية وثقافية وإعلامية وفنانون وناشطون في المجال القومي والديمقراطي.

في البداية توقف المؤتمر عند الظروف العصيبة و القاهرة التي يعيشها شعبنا، و أعرب عن قلقه العميق لما يتعرض له من قتل و تهديد و التجاوز على الحرمات و المقدسات و تفجير الكنائس و إجبار ألاف العوائل على ترك منازلها و ممتلكاتها و الهروب إلى مصير مجهول. ولقد أكد المؤتمر على أهمية الاستنفار و بذل كل الجهود و تحمل المسؤوليات، و على كل المستويات و من قبل كل الجهات و الأطراف، لتوفير الأمان و مستلزمات الحياة الضرورية لآلاف العوائل النازحة إلى المناطق التاريخية الآمنة في سهل نينوى و في إقليم كردستان.

و ثمن المؤتمر مواقف معظم الأحزاب و القوى و المؤسسات الكلدانية السريانية الأشورية من قضية وحدة شعبنا، و تجاوزها لإشكالية التسمية، و إصرارها على صيانة وحدة شعبنا و رفض تقسيمه إلى قوميتين منفصلتين، و السعي الجاد لمعالجة هذه القضية في الدستور العراقي و دستور إقليم كردستان.

و ناقش المؤتمر بشكل جدي و مستفيض، موضوعة الحكم الذاتي، و دعم بقوة المطالب المطروحة على السلطات و البرلمان في إقليم كردستان و التي باتت اليوم مطالب جماهيرية.
و في هذا الصدد نوقشت أفكار و مداخلات كثيرة و جدية تبناها المؤتمر أكدت على:
ـ إن شعبنا يمتلك كل مقومات ممارسة الحكم الذاتي و لديه أيضا كل المستلزمات الضرورية لإدارته.
ـ إن نضال شعبنا من اجل كامل حقوقه التاريخية وفي مقدمتها الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية إنما هو نضال ديمقراطي عادل يعزز العلاقات الأخوية المتكافئة بين جميع القوميات في الوطن.
ـ إن الحكم الذاتي، كحق مشروع، هو الصيغة الأفضل و الأنسب و الضمانة الأساسية، التي يمكن أن تنقذ شعبنا من المظالم و التميز و التهميش، و توفر له شروط التطور، وتمنحه القدرة على تحمل المزيد من المسؤوليات الوطنية و العمل من اجل بناء نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع بلا استثناء.
ـ إن المطالبة بالدارة الذاتية و غيرها من الحلول الجزئية الأخرى، بدلا من الحكم الذاتي الحقيقي، هو تراجع عن ما يريده و يحتاجه شعبنا في المرحلة الراهنة و هذا ما رفضه المؤتمر بشدة.
ـ على جميع قوى و أحزاب و مؤسسات شعبنا، في الوطن و في المهجر، آن تتكاتف لتتجاوز كل الإشكالات و العوائق، و أن تقف كلها في خندق واحد وهو خندق تثبيت حق شعبنا الواحد بالحكم الذاتي دستوريا.

و لقد خرج المؤتمر بالقرارات و التوصيات الهامة التالية:
1ـ تقديم مذكرة من المؤتمر إلى/
ممثلية الأمم المتحدة في السويد
سفارات دول مجلس الأمن
البرلمان و الحكومة السويدية
ممثلية الاتحاد الأوربي
البرلمان و الحكومة و رئيس الجمهورية العراقية
البرلمان و الحكومة و رئيس إقليم كردستان

2 ـ توجيه رسالة إلى أحزاب و مؤسسات شعبنا الكلداني السرياني الأشوري
3 ـ التوجه إلى الرأي العام العراقي و مناشدة كل القوى الوطنية و الديمقراطية لمساندة و دعم مطالب شعبنا.
4 ـ إرسال وفد من المؤتمر إلى الوطن و لتوصيل المذكرة و الرسالة الصادرة عن المؤتمر للجهات المعنية.
5 ـ تطوير المؤتمر و تحويله إلى  فعالية  قومية و ديمقراطية مستمرة و توسيع نطاقه لتفعيل طاقات جاليتنا الكبيرة في خدمة قضية شعبنا في الوطن.
و في الختام تم انتخاب هيئة متابعة قرارات المؤتمر و التي خولت بتمثيله و قيادة نشاطاته إلى حين عقد المؤتمر الثاني.

ستوكهولم/ السويد

5 نوفمبر 2006

 [/b] [/font]

79
مؤتمر
 دعم مطالب شعبنا الكلداني السرياني الاشوري القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي

بمبادرة من نخبة من ابناء شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في السويد يعقد في ستوكهولم الأحد 5 نوفمبر2006 مؤتمر خاص لدعم مطالب شعبنا  بالوطن في تثبيت كامل حقوقه القومية في الدستور بما فيها حقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية.
 يشارك في المؤتمر عدد كبير من الاكاديمين و المثقفين و الاعلامين و الفنانين و الناشطين في مجال العمل الديمقراطي و في المؤسسات الاجتماعية و الثقافية و الدينية في عموم السويد.
هدف هذا المؤتمر و الذي يعقد تحت شعار: "دعم مطالب شعبنا القومية دستوريا بما فيها الحكم الذاتي" هو التضامن مع ابناء شعبنا في الظروف القاهرة السائدة حاليا في العراق، ودعم مطالب شعبنا و اسناد نضاله من اجل الامان و الحرية و نيل كامل حقوقه القومية دستوريا.
ومن المتوقع أن يوجه المؤتمر نداء الى الراي العام العالمي و السويدي بغية كسب المزيد من الدعم لقضية شعبنا، و كذلك سيتوجه بالنداء الى الراي العام العراقي بشكل عام و الكردي بشكل خاص و الى القوى الوطنية و الديمقراطية و المثقفين العرب و الكرد للوقوف الى جانب شعبنا و الدفاع عن حقوق جميع القوميات المتاخية في الوطن بلا استثناء.

يمكن للاخوات و الاخوة المدعوين للمشاركة في المؤتمر الاتصال بالأرقام التالية عند الحاجة او لاي استفسار:

0706256229       
0736933990[/b][/font][/size]

80

دستور الاقليم و قضايا شعبنا المصيرية
سامي بهنام المالح                                                   

مقدمة
[/color]
بات التكهن بما ستؤول اليه الامور في العراق امرا غاية في الصعوبة. فالاوضاع تتعقد من يوم لاخر، واصبحت الحياة اليومية العادية للمواطن مركب من الاشكالات و الحرمانات و فقدان الامن و الامل و الاستقرار. و لعل اخطر ما يحدث على الارض هو اجبار الالاف المؤلفة من العوائل على الهروب و الهجرة من مدنها و قراها و اللجوء الى مناطق اخرى او الى خارج الوطن، حيث الغربة و الاغتراب و العوز و الاذلال و التشرد و ... الخ.
لقد كانت حصة شعبنا في هذا المسلسل الاسود المرعب كبيرة اذا ما نظرنا الى الامر من زاوية نسبية. فمنذ حوادث جامعة البصرة و الاعتداء على الشباب و العوائل و الباعة و الكسبة، يتعرض ابناء شعبنا الى التهديدات المستمرة و القتل و تفجير الكنائس و مقرات الاحزاب و المؤسسات الاخرى و تجبر الاف العوائل الى النزوح و الهروب الى المجهول.

اما الاوضاع في اقليم كردستان فهي مختلفة تماما. و بقدر ما يتعلق الامر بشعبنا، تتوفر امكانات لابأس بها في مواصلة الحياة بامان و ممارسة جزء هام من الحقوق و الواجبات اسوة بمواطني الاقليم من الاشقاء الكورد و التركمان و العرب.
ان المناخات الايجابية في الاقليم وفرت امكانية تطوير الوعي القومي و تطوير  قصباتنا و قرانا و مؤسساتنا الاجتماعية و الثقافية و التعليمية و الاعلامية، و وفرت ايضا امكانية استيعاب عدد لا يستهان به من عوائل شعبنا النازحة من بغداد و غيرها من المدن المضطربة الاخرى، كل ذلك طبعا بوجود الاستعداد الذاتي و الارادة الطيبة  لنخبة من ابناء شعبنا و استعدادهم للخدمة و العمل المستمرين.
و اليوم و رغم تعقيد الاوضاع على مستوى العراق، يخطو الاقليم خطوات حثيثة لبناء المؤسسات الشرعية و لتطوير العملية السياسية و استكمال مستلزمات ممارسة الفدرالية. ان طرح مسودة دستور الاقليم للمناقشة و من ثم اقراره  هي خطوة هامة و اساسية في هذا السياق. ان كل ما يجري في الاقليم  يمس شعبنا الكلداني السرياني الاشوري و يضعه امام تحديات ومهام لا يمكن تأجيلها او التنصل عنها. ان مصير شعبنا و مستقبله في الوطن الام يرتبط اليوم كليا و بشكل حيوي بقدر استعداده و بمدى استجابته للتحديات و تصديه للمهمات التاريخية المستجدة. 

وحدة شعبنا ضمان لتوحيد طاقاتنا و قوانا
[/color]
ان القضية الاولى و الهامة و الملحة في هذه الظروف التاريخية هي قطع الطريق كليا على كل من يريد ان يفرقنا و يضعفنا و بالتالي اجهاض قضيتنا كشعب و افراغها من محتواها.
نعم لنا اشكالات و تعقيدات كثيرة و تقف على رأسها اشكالية التسمية. و لكن لا بد لنا ان نرتقي الى مستوى المسؤولية و الحكمة في وضع افضل الحلول لمعالجتها، و علينا جميعا عدم افساح المجال لاي كان ان يلعب على هذه الورقة و ان يحقق ماربه الخبيثة و مصالحه الانانية الانتهازية. علينا جميعا تعرية و فضح كل من يحاول زرع روح التعصب و التشدد و زرع الفتنة و اسباب التفرقة و التشرذم بين ابناء الشعب الواحد.
علينا ان نفتخر جميعا بكل مكونات شعبنا و ان نحترم التسميات و المشاعر و الارث التاريخي، و ان نعمل بكل الطرق ان نتوحد في الارادة و العمل و الموقف و بالتالي في تهيئة الاجواء لتقبل اي تسمية تعني اننا شعب واحد و رفض تقسيمنا الى شعبين او ثلاثة. الكلدان السريان الاشوريين ابناء شعب واحد تربطهم روابط مقدسة و لهم واقع و مستقبل و مصير مشترك.
علينا ان نرفض قطعا ادخال الواوات المفتعلة بيننا لتجزئنا و لتضمن بعض المقاعد و المصالح التافهة لهذا او ذاك.
قضية شعبنا تحتاج الى جهود الجميع و الى طاقات الكل و الى عمل الكلداني و السرياني و الاشوري كأبناء لام و اب واحد و كأعضاء في كيان واحد و من اجل الحياة و الامن و الاستقرار و مستقبل مضمون للاجيال القادمة على ارض الوطن.
لابد لنا ان نعتز و نفتخر و نشيد بكل من يعمل من اجل وحدة الصفوف و يطالب بتثبيت اسمنا كشعب واحد، و لابد ان نعري و نفضح من يحاول تفرقتنا و اضعاف جهودنا النضالية و خاصة في هذا المنعطف التاريخي.

تسمية حقوقنا بشكل واضح  و ملموس
[/color]
نحن شعب ككل الشعوب الاخرى، و من حقنا كما اشقائنا العرب و الاكراد و التركمان ان نحصل على كامل حقوقنا القومية و الدينية. ان نكون اقلية عددا لا يعني البتة بان لنا حقوق اقل من غيرنا، و علينا ان لا نقبل ان نكون مواطنين من الدرجة الثالثة. علينا ان نطالب، و كما بادر السيد سركيس اغا جان و نخب سياسية اخرى،  بشكل واضح و بملموسية،  بحقوقنا في ادارة شؤوننا السياسية و الادارية و على ارض اجدادنا.
لا يمكن الاستمرار في الكلام الفارغ عن الحقوق من دون شجاعة كافية في تسميتها و طرحها للبحث و المناقشة. فعلى احزابنا و كنائسنا و مؤسساتنا و مثقفينا التوحد في الدفاع عن حقنا في الحكم الذاتي في مناطقنا التاريخية. لان هذا المطلب، الذي يجب ان يتحول الى مطلب جماهيري، هو مطلب عادل و منسجم تماما مع تطور وضعنا الذاتي ووعينا القومي من جهة،  و تطور الظروف في المنطقة و في العراق و كذلك في اقليم كردستان من جهة اخرى.
ان قضية  تثبيت حقنا في ادارة شؤوننا كشعب و حقنا في  ممارسة الحكم الذاتي في سهل نينوى و مناطقنا التاريخية، هي حقا قضية مصيرية و اساسية. لان هذا الحق سيمنحنا فرصة التطور في كل المجالات كشعب حي زاخر بالكفاءات و الطاقات، و ان ذلك سينعكس ايجابا على تفعيل  دورنا في رفد تطور الاقليم و الوطن عموما بالعمل و الابداع،  و يؤهلنا لتحمل المزيد من المسؤولية في تعزيز العلاقات التاريخية الاخوية المتكافئة و نشر قيم المحبة و التسامح و الامل و المصير المشترك.

تثبيت وحدتنا و حقوقنا المشروعة في الدستور
[/color]
لا يمكن قبول تجزئتنا الى قوميتين و تجاهل تثبيت حقوقنا المشروعة في دستور يؤسس لنظام ديمقراطي و استقرار سياسي و اجتماعي. فعلى الدستور الذي هو دستور للاقليم و ليس للاكراد فحسب، ان يضمن لنا و للشعوب الشقيقة الاخرى كامل حقوقها، وعدم التعامل معها كأقليات بمعنى ان لها حقوق اقل. ان لشعبنا الكلداني السرياني الاشوري  تاريخ مشترك حافل بالنضال و التضحيات مع شقيقه الشعب الكوردي، و من حقه ان يتطلع الى مستقبل مشترك ايضا. مستقبل مضمون دستوريا ينعم فيه بالحرية و الامان و تتوفر فيه مستلزمات تطوره  كشعب من كل النواحي و كما الشعب الكوردي الشقيق.
على الحركة القومية الكوردية و على سلطات الاقليم و المجتمع الكوردي تفهم مطاليبنا و تقديرها ايجابا، لانها انما تعبر عن ارادة شعب متعطش للحرية، شعب يريد انهاء فصول الاضطهاد و العنصرية و التفرقة و النظرات الدونية و غيرها من الامراض الاخرى.
ان الحل الواقعي و العادل و الوحيد،  يكمن في الاستجابة لمطاليب شعبنا و تثبيت كونه شعب يريد ادارة شؤونه بنفسه و يريد حكما ذاتيا ضمن اطار الاقليم. ان هذه الاستجابة هي في الحقيقة ممارسة ديمقراطية، وهي شجاعة سياسية و خطوة تاريخية لبناء مستقبل مشترك مزدهر لشعبينا و لوطننا المشترك.[/b][/size][/font]

81

في الذكرى العاشرة لرحيله
توما توماس رمز كفاح و وحدة  شعبنا
[/color] 

اللقاءات الاولى و انطباعات المناضلين
[/color]

في خضم العمل الطلابي و من خلال قيادة اتحاد الطلبة العام و مع الدكتور الشهيد الخالد حبيب المالح بالذات، حيث كان طالبا في كلية الطب في جامعة الموصل،  كانت لقاءاتي الاولى في بداية السبعينات مع توما توماس،  القائد و الشخصية النضالية المتميزة.
كانت تلك اللقاءات سريعة و عابرة، ذلك لانني كنت ادرس في جامعة السليمانية  في حين كان ابو جوزيف يقود تنظيمات الموصل. غير ان زملاء من  جامعة الموصل و منهم قادة في اتحاد الطلبة كنت التقيهم في اطار العمل الطلابي  كانوا يتحدثون لي باستمرار و بفخر و اعتزاز عن ابا جوزيف.  لقد تركت تلك الاحاديث و الانطباعات الايجابية عن شخصية و نزاهة و شجاعة و تواضع توما توماس وقعها و تاثيرها،  لقد مدتني و انا في بداية المشوار بالمزيد من الثقة و الكثير من الحماس و الفخر.
في عام 1978 و في بداية حملة نظام البعث على تنظيمات الحزب الشيوعي،  اكد لي الدكتور الشهيد حبيب المالح  في لقاء منفرد و في معرض مناقشتنا لتداعيات الحملة و خطط الحزب لمواجهتها، أكد على ان توما توماس هو احد قادة الحزب المبادرين المعول عليهم لانقاذ الحزب و هو ايضا عسكري مجرب..

في نهاية شباط 1979 خرجت من اربيل مع اول مجموعة من الشباب لنلتحق بالمفرزة الاولى التي كان فلاحي منطقة دشت كوي ( شرق كويسنجق) قد نظمها. كان معي من بين المجموعة  رفاق من تنظيمات الموصل. و هناك و بمواجهة حياة و مهمات قاهرة و في وضع فكري و سياسي سلبي يثير على اليأس و الاحباط،  كان توما توماس حاضرا، اذ اكد هؤلاء الرفاق على انه يتهيأ و سيكون قريبا معنا و سيقود بجدارة الكفاح المسلح. هناك في ذلك الزمن الصعب و الظروف المعقدة كان توما توماس الغائب الحاضر بمثابة  القوة و المعنويات و القائد الذي كنا نحن الشباب المتحمس نحتاجه و ننتظر قدومه.

وجها لوجه مع توما توماس
[/color]

في اواسط اذار 1979  تحركنا من دشت كوي، في مفرزة تعدادها ثلاثون نصيرا اغلبهم من تنظيمات الموصل و غير مسلحين، متوجهين الى منطقة ناوزنك على الحدود الايرانية  حيث كان بعض الرفاق و القياديين من الاقليم قد بدؤا بتنظيم القاعدة الانصارية الاولى. و بعد مسيرة عشرة ايام مليئة  بالحوادث و المخاطر و المفاجات  وصلت المفرزة الى وادي ناوزنك. 
في ذلك النهار الربيعي الجميل و نحن نصعد في الوادي الضيق مرورا بالكثير من الغرف المنفردة  المبنية  من الحجر و المقرات التي كان البيشمركة واقفين على سطوحها ملوحين مرحبين ، وصلنا اخيرا  الى واحدة من تلك المقرات،  وهناك كان بانتظارنا مجموعة كبيرة من الرفاق يقف في  وسطهم توما توماس بوقفته المعبرة و هو يبتسم.
تقدم ابو جميل كما كان اسمه الحركي في تلك الايام نحونا ليعانقنا مرحبا. كانت المفاجأة كبيرة لنا جميعا. ولكنني انتبهت بشكل خاص  الى الفرح  و السعادة البادية على رفاقنا من تنظيمات الموصل بلقائهم  بالرجل الذي كانوا يثقون به صديقا و رفيقا و مقاتلا و قائدا.

في ناوزنك تشكل الفصيل الانصاري الاول باشراف ابو جميل الذي اصبح المسؤل العسكري الاول في القاعدة. و تحت اشرافه تطورت القاعدة  و تشكلت فصائل جديدة،  كان من ضمنها فصيل المدفعية الذي ضم مجموعوعة متحمسة  من الشباب و عدد منهم من ابناء شعبنا. كنت انا المستشار السياسي لفصيل المدفعية.

في ناوزنك و في خضم العمل و التماس اليومي  تعرفت عن قرب على توما توماس الانسان و السياسي و القائد العسكري. فبالاضافة الى العمل الحزبي و العسكري معا، ربطتني به علاقة حميمة و صداقة حقيقية رغم فارق العمر. كان شديد الحرص على تطورنا و تدريبنا و تأهيلنا لمواجهة متطلبات ارقى و اعقد اشكال النضال كما كان يؤكد، و  بوجه اعتى دكتاتورية. وكان في الوقت الذي يرفع من معنوياتنا و يعزز ثقتنا بانتصار قضية الشعب،  يعبر بأستمرار عن حرصه و خوفه علينا كوننا راسمال الحزب و قليلي الخبرة و متحمسين،  كان ينبهنا الى عدم الاستخفاف بالمخاطر و تعقيدات و حرمانات حياة الانصار.

اول عمل عسكري ـ شجاعة قائد
[/color]

كان العمل العسكري الاول لنا نحن مجموعة الشباب في ناوزنك الاشتراك في قوة بقيادة ابو جميل لمساعدة قوات البيشمركه في كوردستان ايران ضد حملة النظام لاحتلال المنطقة. في مساء احد الايام اختار ابو جميل مجموعة منا لنذهب الى منطقة بانه مع مجموعة من بيشمركه الحزب الاشتراكي الكردستاني  و بيشمركه الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني  لقصف معسكر كانت قوات النظام تنطلق منه لقصف القرى و ارهاب المواطنين. هناك شاهدت توما توماس قائدا يسير في المقدمة حاملا الكلاشينكوف طالبا منا نحن الهدوء و الحذر غير مباليا بعشرات القذلئف المنطلقة من المعسكر و الساقطة بالقرب من موقعنا. هناك في ذلك الموقع فهمت معنى الشجاعة  و تاكدت من ان توما توماس رجل شجاع.
و من الجدير بالتأكيد على ان شجاعة توما توماس كمقاتل كانت تقترن بشجاعة  في المواقف السياسية  و شجاعة فكرية ان صح التعبير، اذ كان هو  من القلائل في قيادة الحزب ممن اقروا بشجاعة بخطأ سياسة الحزب و ضعف مواقف قيادته، فعل ذلك ببساطة و تواضع و  من دون مزايدة على احد  او تنصل من المسؤولية.

صدق و تواضع و اخلاق رفيعة
[/color] 

لم يكن وضع قادة الحزب بعد الانكسار و الخسارة و البلبلة التي اصابت الحزب يحسد عليه. و لم يكن من اليسير على قيادي ان يكسب حب و احترام و ثقة الانصار،  و خاصة اؤلئك القادمين من المدن و التنظيمات الطلابية و الواعين لحجم الانتكاسة و جسامة المسؤولية التي لم تنهض بها قيادة الحزب لمواجهة الحملة و التهيئة للكفاح المسلح.
كان توما توماس  استثناءا فريدا بحق. فهو اولا لم يترك محلية الموصل ليختفي و ينقذ بنفسه كما فعل غيره، بل كان و بشهادة رفاق المحلية قد عمل كل ما كان ممكنا لانقاذ اكبر ما يمكن من التنظيمات،  و كان قد هيأ بهدوء للخطوة التالية حتى دون موافقة قيادة الحزب. وهو بالاضافة الى ذلك كان خلوقا متواضعا و دافئا في علاقاته مع الجميع. كان صادقا يجيد التعامل مع الفلاحين و المثقفين و الشياب و الشباب، باحترام جم و استعداد دائم للاستماع و المجاملة و المناقشة الجدية. كان رجلا حيويا  متفائلا و بشوشا و صاحب نكتة، رغم المسؤولية الكبيرة التي و قعت على عاتقه،  في غياب الاكثرية الساحقة من قيادة الحزب و تشتتها خارج الوطن وتخلفها في الاستجابة للتطورات و احتواء تداعيات الحملة و الانتكاسة و  رسم السياسة الجديدة. لقد اكسبه كل ذلك حب انصار الحزب و الانصار من القوى الاخرى في المنطقة،  و منحه  احترامهم و ثقتهم العالية.
كم من المرات كنا نحلق حوله نحن الشباب من عنكاوه و القوش و منكيش و شقلاوه و دهوك و عمادية و غيرها من مناطق تواجد شعبنا، و نشعر معه بأنتمائنا الواحد، نتكلم لغتنا الجميلة،  نتباهى بفخر بوجوده بيننا و بكونه قائدا جديرا بالاعتزاز،  و بكوننا جميعا جزءا من حلم العراق و قضية الطيبين و مقاتلين متطوعين في مقاومة الدكتاتورية و الارهاب.

بين الحرص و تفهم تطلعات و حماس الشباب
[/color]

كان توما توماس القائد العسكري الشجاع يحاول جاهدا التفاعل الايجابي معنا، و وضعنا في صورة الواقع كما هي، و  رفع  وعينا نحن  جيل الشباب المتحمس، الذي لم يكن يفهم معنى مواجهة الالة العسكرية للنظام الفاشي و اساليبه في تتبع مفارز الانصار و اخضاع الناس في القرى،  و لم يكن يعي صعوبة العمل و تعقيداته و خاصة في العمق في المناطق المحيطة باربيل و كويسنجق و شقلاوة و رانية  و كركوك و السليمانية غيرها من المدن.
ففي الوقت الذي كنا نحن نطالب بتشكيل المفارز و النزول الى العمق من دون تدارس الظروف و توفير المستلزمات الضرورية من سلاح و عتاد و اجهزة اتصال و ادوية و غيرها، كان هو يثير انتباهنا و يشرح لنا الامور و يضعنا امام المسؤوليات و المخاطر و اهمية الحفاظ على ارواح الانصار، و يؤكد على عدم التهور و الاستخفاف بالمهمات و التحديات، كل ذلك بعيدا عن التاثير على حماسنا و استعدادنا للعمل و الانطلاق، و كان بذلك يحاول جاهدا التوازن بين حرصه الشديد علينا كثروة للحركة و القضية من جهة،  و بين الاستجابة لمطالبنا و مسؤوليته  في  زجنا في العمل الحقيقي والوصول الى الجماهير و ضرب العدو من جهة ثانية.
 شكل توما توماس،  في مرحلة عصيبة من تاريخ الحزب الشيوعي العراقي،  و في عملية تأسيس حركة الانصار، و تطوير مجمل نضال المعارضة المسلحة في كوردستان، شكل بحق مدرسة حقيقية،  تعلم فيها جيل من المناضلين و تربى فيها على القيم و الخصال الفريدة،  و اكتسب الخبرة القيادية،  ليلعب فيما بعد  دوره في حياة الحركة طوال عشر سنوات مجيدة.

الانتقال الى بادينان
[/color]

من موقعه في ناوزنك كان توما توماس يخطط و بالتعاون مع قيادة الحزب الانتقال الى بادينان. وكما توضح لي في حينها كان القائد يعتمد على مجموعة من الكوادر و الانصار من محلية الموصل من ابناء منطقة بادينان. و كان معه في ناوزنك حينذاك مجموعة من الانصار و الكوادر اليزيدية و مجموعة اخرى من ابناء شعبنا من القوش و سهل موصل، اعتمد عليهم و هيأهم للحركة معه عبر ايران و الحدود التركية،  و لمسافات طويلة للوصول الى موقع القاعدة الاولى التي كان بعض الانصار و الكوادر القادمة من سوريا قد بدأ بالبحث عنها و انشائها.
و منذ وصوله الى بادينان، بذل توما توماس جهودا جبارة و دون انقطاع،  قائدا عسكريا مقداما،  ليحول القاعدة الانصارية الاولى الى قاطع واسع، و الى  منظمة مقاتلة كبيرة و ملتصقة بالناس،  حققت العشرات و المئات من الماثر و البطولات المشرفة.

لقاءات اخرى
[/color]

كان لقائي الاول مع ابا جوزيف، ما بعد مرحلة ناوزنك، في قاعدة في بادينان. كنت انا على رأس مفرزة خاصة قدمت من ناوزنك، مهمتها نقل السلاح و الاذاعة الاولى للحزب التي كانت قد وصلت الى بادينان، الى منطقة دولكان على الحدود الايرانية.
اللقاء الثاني كان في صيف عام 1984 حيث كنت المسؤول الحزبي عن قوة من قاطع اربيل توجهنا الى قاطع بادينان للتعاون و العمل المشترك. اللقاء الثالث كان اثناء انعقاد المؤتمر الرابع للحزب و اثناء انعقاد المجلس العسكري العام بعد المؤتمر.
اما لقائنا الاخير، كان بعد سنوات صاخبة و حافلة بالمتغيرات و التطورات، سواء في  العالم و المنطقة او في حياة الحزب و الوطن، و كذلك في حياتنا الشخصية. كان لقائنا الاخير في الغربة، في مدينة قامشلي السورية. كنت انا قد تركت العمل في الحزب الشيوعي  واجبرت على الاستقرار لاجئا سياسيا في السويد،  و كنت في طريقي الى الوطن عن طريق سوريا بعد حصولي على جواز السفر في صيف  1993. كان توما توماس في قامشلي يسكن مع اولاده في فترات وجوده في سوريا. وكان حينئذ قد فقد شريكة حياته ام جوزيف.
كان لقائنا دافئا و حافلا، ساده الاحترام و الود و الجدية. كان ابو جوزيف يعلم بمواقفي و بعلاقتي بالحزب و الحركة السياسية و باهتمامي بوضع شعبنا. اختلفت معه في قراءة و تحليل بعض الامور و المستجدات، و خاصة على المستوى العالمي و ما جرى في الاتحاد السوفيتي و غيره من بلدان اوربا الشرقية. في ذلك اللقاء كان وضع شعبنا الكلداني الاشوري السرياني و انتخابات الاقليم و الطروحات القومية في الاقليم الموضوع الساخن بيننا. تناقشنا طويلا،  و كعادته كان صادقا و بسيطا على الفهم و مستمعا جيدا يحترم الرأي الاخر.
في ذلك اللقاء تحدث توما توماس بأسهاب عن وضع شعبنا و عن رؤيته لمستقبل حركته القومية، و تحدث لي عن مساعيه الشخصية  لتطوير التنسيق و التعاون  مع قيادة الحركة الديمقراطية الاشورية،  لما فيه مصلحة شعبنا ولايجاد الحلول الصائبة  للاشكالات و التعقيدات الداخلية، تلك التي كان هو وبحكم التصاقه بالجماهير و عمله الطويل مع كل ابناء شعبنا و من تجاربه و فهمه للواقع،  يعيها و يعيشها و يتألم بسببها اكثر من غيره. تحدث عن لقاءاته الكثيرة مع قيادة زوعا، و عبر عن اسفه لتغليب الخلافات و المصالح الانية و عدم النظر بعيدا و التخطيط استراتيجيا. كان يشعر بالمسؤولية الكبيرة،  و يحاول اثارة اهتمامي للتركيز على فهم الواقع، و العمل للمستقبل والتشبث بوحدة الجهود و الاعمال و احترام الاختلافات و التعامل معها بمسؤولية و لمصلحة شعبنا العليا. 
نحن شعب واحد، كان يؤكد دائما و في كل المناسبات. لقد جسد توما توماس قناعته الراسخة هذه  بالاعمال و المواقف، و كم من مرة شاهدته يعتز بانتمائه لهذا الشعب الذي كان غالبا يسميه بالسورايي، مواجها انتقادات غير موضوعية من رفاق عرب او اكراد الغبية التي كانت تنعته بالمتعصب القومي. كان توما توماس  امميا صادقا،  يحب و يحترم  كل الشعوب، و يعمل من اجل انعتاق الانسان و تحرره و  تطوره،  و يكافح  من اجل رقي الوطن و ازدهاره،  من دون ان يكون كوسموبوليتيا، فلم يتنكر لقوميته او يخضع لرغبة و اهواء و نزعات القومية السائدة.
سألته مرة، و نحن نستعرض وضع شعبنا و تشتته،  ان كان اهل القوش قد حسموا مشكلة تسميتهم.  فاجابني بان القوش هي نموذج حي على حجم المشكلة و تعقيداتها، و هي تعكس مقدار الانقسام و التشتت في صفوف شعبنا. و طلب مني ان لا انشغل بهذه القضية العويصة  في الوقت الذي تنتظرنا كشعب واحد  مهمات اكثر اهمية و اكثر الحاحا. و كان يضيف، و في كل المناسبات،  ان علينا قبل كل شيْ ان نتوحد في العمل،  و في الصدق مع الجماهير و في بناء الثقة و الجسور و الحب و الاحترام.

كانت حياة توما توماس سفرا نضاليا مشهودا و رحلة طويلة من الامجاد و البطولات و التضحيات. 
سيبقى اسمه معلما تاريخيا  بارزا، و رمزا يجسد مشاركة شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في النضال الوطني و في المعارك الطبقية للكادحين و من اجل العدالة و الديمقراطية  و تحرير الشعوب وانعتاقها.
سيبقى اسم توما توماس رمزا لوحدة شعبنا الواحد، و ستخلد ذكراه شعلة وهاجة تنير درب المخلصين الصادقين الشجعان،  وتؤرق و تعري الانتهازيين و الانقساميين و اشباه القادة المنتفعين من الام و معاناة الجماهير. الجماهير التي احبت ابن القوش الخالد توما صادق توماس الى الابد.
  [/b] [/size] [/font]



82
الوطن بيني و بين صديقي التركماني


سامي بهنام المالح

من دواعي الفخر ان لي اصدقاء كثيرون. واصدقائي بانتماءاتهم المختلفة يعكسون تنوع العراق و غناه و طيفه الجميل. وهم جميعا، كل على طريقته و من موقعه يمدونني بالكثير مما افتقده من اريج الوطن و نسمات هوائه، و يقصرون مسافات الغربة اللعينة و يخففون من ثقل مراراتها، و يطفأون جزءا من نار الشوق الذي يكوي الروح.

في نهاية السبعينات من القرن الماضي، اضطريت وانا  في عز الشباب الى ترك الحياة العادية والى ترك عائلتي و تلامذتي و زملائي،  مختارا مقاومة البعث و نظامه و اجهزته القمعية و اساليبها الفاشية، رافضا التنازل و الخنوع و التكيف، متحملا بخيار واعي، كل ما ترتب على ذلك من تضحيات جسيمة و حرمانات و مواجهة الموت و المخاطر و المصاعب لاكثر من عشرة اعوام.
كان الانفصال والابتعاد عن الاصدقاء، والانقطاع عن الاجواء الشبابية الدافئة المفعمة بالحياة و الالفة و المودة و المزدانة بالتفاعل و الحماس و العمل و الامل و الاحلام الانسانية، كان ذلك من اصعب و اقسى ما عانيت منه و تحملته بصبر. ذلك بالرغم من ان سنوات العمل السري والكفاح المسلح،  منحتني هي الاخرى  فرصة المعايشة اليومية و اللقاء بالمئات من المناضلين والالاف من ابناء القرى و الارياف و المدن، و اكسبتني مجموعة جديدة من الاصدقاء. اصدقاء سيبقون  جزءا عزيزا  من سنوات عمري الباقية.

في كركوك، المدينة النائمة على الثروات و الممتدة على ارض الخصب و العطاء، و المهملة حد القرف و المتخمة للاسف بالفقر و التخلف و الهواجس و القلق. في كركوك حيث التعايش الاخوي بين القوميات والاديان الى جانب الشك و الاضطرابات و التوترات، في اجواء التعدد الثقافي، في السبعينات،  و في معمان حياة الشباب و رحلة البحث عن الجمال و المتعة، وعلى ايقاعات الاغاني الارمنية و الاشورية والتركمانية و الكوردية والعربية، و بالانهماك و المثابرة في فك رموز الحب و الجمال و القيم والانسانية الرافضة للحدود والمحدودات الدنيئة في قصائد لوركا و ايلوار و اراكون و نيرودا و ناظم حكمت وجان دمو و سركون بولص و سعدي يوسف و كوران و هيمن و غيرهم، و في ساعات التأمل النقي الجاد في لوحات و اعمال المعارض المحلية لرسامين و نحاتين شباب، وخلال المعايشات الممتعة الجماعية لدراما المسرحيات النادرة التي كانت تعرض في قاعات كركوك،  او تلك التي كنا نسافر لمشاهدتها في العاصمة، و في فضاءات الاحترام المتبادل في الجلسات الصاخبة و سهرات مناقشة الهموم و التطلعات و الواقع و المستقبل، في خضم كل ذلك،  ولدت علاقات حميمة بين مجموعة من الشباب من كل القوميات و الاديان و الطوائف، علاقات عميقة صادقة و جميلة، نمت و ترعرعت مع الايام لترتقي فيما بعد الى الصداقة.
صداقة و لدت متينة راسخة انسانية. صداقة صمدت حية و وارفة متحدية سنوات القحط والمعانات والبعد والانقطاع القسري و الهجرة و الغربة.

صديقي التركماني، ابن العائلة الكادحة الكبيرة من قلعة كركوك. الشاب الهاديْ و الغارق في الرومانسية و المغرم بالاشعار و الحكايات الشعبية، التشكيلي صاحب اللوحات التراثية المشبعة بخطوط و تقاطعات و الوان بيوتات و ازقة و اسواق قلعة كركوك. المثقف المنفتح على ثقافات الشعوب و المحب لاثراء تجربته الحياتية، صديقي التركماني هذا كان واحدا من الاصدقاء الذين اشتقت اليهم و افتقدتهم و شعرت بالحاجة الماسة اليهم في عشرات المواقف و الحالات الانسانية الغير عادية.

حاولت منذ البداية  متابعة اخبار صديقي التركماني، و خاصة في السنوات التي كنت اعمل فيها في المناطق المحيطة بكركوك،  في مناطق شوان و شيخ بزيني و جمجمال و حصار. كنت التقي بحكم مسؤولياتي بقادمين من تنظيمات المدن،  و من  مدينة كركوك بالذات. كان اغلب الاصدقاء يعانون من حرمان الحريات و دكتاتورية البعث و القمع الفكري المسلط على الشعب.
مع بداية الحرب العراقية الايرانية، علمت ان بعض من الاصدقاء سيق الى جبهات الحرب، و البعض الاخر بدأ يعيش مختفيا هاربا من جحيم الحرب الغبية. و علمت فيما بعد ان عدد منهم  قد غادر الوطن. 
في بداية الثمانينات انقطعت اخبار صديقي التركماني. و بعد محاولات كثيرة تيقنت بانه لم يعد  موجودا في كركوك. ولذلك عشت طوال تلك السنوات خائفا و قلقا على صديقي.  كنت افزع،  في بعض الاحيان، عندما كنت افكر مع نفسي بانني قد لا القاه ثانية.

في عام 1992 و انا في طريقي الى الغربة حصلت على اخبار سيئة جدا. علمت بان صديقي التركماني يعيش حياة قاهرة، لا مجال هنا لسرد تفاصيلها. غير انني و مع  ذلك فرحت. فرحت على كونه حيا يرزق في مكان ما على الارض.

 بعد سنوات من تواجدي في السويد علمت بان صديقي التركماني قد افلح في الوصول الى السويد. تلك كانت فرحة كبرى، اذ كنت قد استعدت صديقا عزيزا بات موعد اللقاء به قريبا.

في صيف عام 1998 كان صديقي التركماني في استقبالي في محطة القطارات المركزية في مدينة كوتنبورك في جنوب السويد.
لا جدوى من الكلام عن هكذا لقاءات، انها لحظات متوترة و متميزة،  وعميقة عمق النفس البشرية،  و هي لذلك عصية على الوصف.  انها حياتنا نحن العراقيين. قدرنا كما يبدو، نفترق و نلتقي، في الوطن و معه  و بسببه و بعيدا عنه، يجمعنا اينما حل بنا الدهر متجاوزين حدود انتماءاتنا لنتفاعل و نتعايش و نصون الاخوة و المحبة و الصداقة و الاحترام.  يجمعنا لنلتأم معه بحنان و لنغوص بعد ذلك في بحرهمومه الهائج.
انا و صديقي التركماني مرة اخرى رغم كل شيْ. خارج الوطن، في الغربة هذه المرة، و في  رحلة جديدة نحو الافاق، رحلة من الاحلام و التطلعات و الامال، رحلة بأتجاه الوطن نريدها ان تنتهي على ضفاف قلعة كركوك، بين الناس، كل الناس،  في امان و وئام وحرية و نظام و قانون و عمل و بناء و كرامة انسانية.

في شقة صديقي التركماني في مدينة كوتنبرك جنوب السويد، استمعنا معا الى القوريات و الاغاني التركمانية و الاذربيجانية التي كنت قد احببتها منذ الصغر، عندما كنا نستمع اليها مع المرحومة والدتي من اذاعة ايرفان. و عند صديقي استمعت الى اغاني اشورية لم اسمعها من قبل. و استمعنا ايضا الى الاغاني العربية و الكوردية و الى موسيقى من كل اصقاع العالم. تكلمنا عن الادب و الفن و السياسة. عن الاصدقاء و الصديقات و النساء. وعن كركوك و الذكريات. و تحدثنا عن حياتنا الجديدة في بلدنا الثاني، عن متعة الحرية و معنى الديمقراطية و الفضاءات الواسعة  التي تمنحنا الفرصة للتعلم و المعايشة و حرية التعبير عن المشاعر و الافكار و ما يدور في الاعماق، بصدق، دون رياء، دون خوف.
عند صديقي التركماني اكلنا اكلات عراقية، و شربنا كما كنا نفعل في كركوك ايام زمان، وخرجنا بعدها لنذوب بين البشر في شوارع المدينة و مقاهيها و مراقصها.

كان العراق، الوطن، ثالثنا انا و صديقي. و كان مستقبله هو شاغلنا و موضوعنا المشترك. وكان من الطبيعي ان تستمر مناقشاتنا و تحليلاتنا و استنتاجاتنا و حلولنا اياما و ليالي. كنا نلتقي و نتقاطع و نختلف في الكثير من الامور، و لكننا في النهاية كنا نتفق على الامر الاهم:
لا مستقبل للعراق في ظل سيادة التعصب القومي و الديني و الطائفي. المستقبل يرتبط بفعالية الجماهير و بنضال القوى التي تؤمن بان الوطن لنا جميعا كمواطنين، بغض النظر عن انتماءاتنا. لنا جميعا حقوق متساوية و علينا واجبات متساوية. المستقبل مرهون بالعمل المشترك لبناء الوطن المشترك و على اسس وطنية و ديمقراطية حقيقية غير مزيفة و مكيفة لتحقيق المصالح الضيقة و الوصول الى السلطة فحسب. غير ان السؤال الملح الذي كان يفرض نفسه علينا، انا و صديقي، كان عن سر ضعف دور و فعالية القوى الوطنية و عن مشروعها و امكاناتها في تحريك الجماهير.
لماذا هذا التراجع، و لماذا هذا التشتت، و الى متى يستمر هذا النزيف؟ أسئلة ثقيلة ومصيرية كنا نحاول الوصول الى الاجابة عنها.
المبهج و المثير للاعتزاز هو اننا، انا و صديقي التركماني، كنا واعين لدورنا و مسؤوليتنا الشخصية، فكلانا يعطي الكثير من الوقت و الجهد و يعمل في المؤسسات الثقافية و الاعلامية و الجماهيرية التي تدعم بناء العراق و العملية الديمقراطية و التطور.

  لم تقف القومية او الدين في طريقنا يوما. و على الرغم من ان صديقي يعمل من اجل قضية التركمان و ينشط قوميا، كما افعل انا لشعبي ايضا، فان اسس صدافتنا تترسخ، والوطن الذي يجمعنا يدفعنا لنسير الى امام، و الحلم الانساني السامي في المساوات و الحرية و التطور و الانعتاق يجعلنا نحلق معا عاليا في  السماء الواسعة و الممتدة الى مالا نهاية.
هل سنحقق يا ترى حلمنا المشترك؟! هل سنرى عراقنا معافيا امنا مزدهرا؟ هل سنعود يوما الى شوارع كركوك لنتكلم بلغاتنا المتعددة، و نغني اغانينا الفلكلورية الرائعة، و نمارس ثقافتنا و نعبر عن انفسنا بحرية، في مهرجان الاخوة و التعايش و السلام و الوئام؟![/b][/font][/size]

83
نعم للتظاهرات السلمية و لا للعنف  القمع !
سامي بهنام المالح
السويد/ ستوكهولم
13 اب 2006

تستمر تظاهرات الالاف من المواطنين في مدينة السليمانية و المدن الاخرى التابعة للمحافظة من اجل التعبير عن الاستياء من جهة و للمطالبة بتحسين الظروف المعاشية للمواطن و توفير الخدمات و محاسبة المسؤولين عن التقصير في تنفيذ واجباتهم و النهوض بمسؤولياتهم و محاربة ظاهرة الفساد الاداري من جهة اخرى.

ان لجوء الجماهير الشعبية  للتظاهر السلمي و الاعتصام و الاحتجتجات الجماعية، حق مشروع و ممارسة نضالية  انما تعبر عن الوعي و التطور في مستوى تفكير الناس و استعدادها للمبادرة و اصرارها على المشاركة في الاحداث و فرض ارادتها و مواجهة السلطة و احزابها و و ضعها مباشرة امام مسؤولياتها،  و هي في النهاية تصب في رفد و اغناء  حركة المجتمع و و الدفاع الايجابي الواعي عن ازدهار الوطن من خلال المطالبة  و الدعوة الفعالة الجماعية لتحسين حياة المواطن الفرد و تحسين اداء مؤسسات السلطة و اجهزتها و احزابها.

من الطبيعي، بل و من الواجب التضامن الحار مع الجماهير و مع  كل المناضلين الذين من خلال تظاهراتهم السلمية  يرفضون  الواقع  و  يسعون الى تغيره و الى تطوير الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و صيانة الحريات الديمقراطية المقرة دستوريا.
 
من المهم جدا و نحن نعبر عن دعمنا و تضامننا للمتظاهرين و لمطالبهم العادلة، ان نؤكد على اهمية  بذل كل الجهود للمحافظة على الطابع السلمي للمظاهرات و لغيرها من الفعاليات و النشاطات الجماهيرية الاخرى و العمل الجاد على قطع الطريق على الدخلاء و الذين يريدون تفريغ نضالات الجماهير من محتواها و توجيهها وجهة اخرى بالضد من مصلحة الوطن و المجتمع و الجماهير المسالمة.

كما و انه لا بد من ادانة الاساليب القمعية التي تمارسها اجهزة السلطة او افرادها بحق المتظاهرين و اعتقال الناشطين و منظمي و قادة الجماهير.
اطلقوا سراح المعتقلين!  و تعاملوا مع الجماهير بشفافية و احترام و استجيبوا لمطلبهم العادلة!.
حافظوا على الحريات المكتسبة بدماء الالاف من ابناء الشعب،  و عمقوا من خلال التفاعل مع الجماهير المتظاهرة مسيرة البناء و التقدم و و توفير حياة لائقة كريمة للجميع دون استثناء.[/b][/size][/font]



84
فرصة شعبنا التاريخية ـ  من اجل تثبيت حقوقه وفقا للدستور
سامي بهنام المالح

بعد مخاض عسير دام اربعة اشهر تم اخيرا تقاسم المناصب السيادية، و من المؤمل ان تتشكل قريبا حكومة الاربع سنوات برئاسة نوري المالكي. و بذلك يمكن للعملية السياسية في العراق ان تتحرك و ان تنتقل الى مرحلة جديدة.
المرحلة الجديدة، مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة، ستكون من دون شك حافلة بالقضايا الساخنة و الملتهبة. فملفات الامن و الخدمات و البطالة و الفساد الاداري تنتظر عملا هائلا و ارادة فولاذية و اقصى درجات التضحية و التضامن.

منطقيا، ان كل هذه المهمات الملحة و الاساسية ستدفع العملية السياسية الى امام و ستخلق اجواء ايجابية و ستحفز على المزيد من التفاعل والتوافق و التفاهم , و العمل المشترك، سواء بين القوى المشاركة في الحكومة، او بينها و بين القوى الاخرى في المجتمع و التي تعمل خارج اطار السلطة.

 في الواقع، و كأمتداد للصراع على تحديد ملامح العراق الجديد، و كأنعكاس لطبيعة الحكومة و طبيعة قواها و برامجها و مشاريعها و قاعدتها الطائفية و القومية، ستفرض نقاط الخلاف و التقاطعات المفصلية و التناقضات الحادة الكثيرة المؤجلة، ستفرض  نفسها على جدول عمل الحكومة و تحت قبة البرلمان.

من المؤكد ان واحدة من القضايا التي ستفرض نفسها في المرحلة الجديدة، هي قضية  تعديل الدستور او اجراء التغيرات على بعض نصوصه وفقراته و حتى مبادئه، و سيرافق ذلك طبعا عملية سن و اصدار العشرات من القوانين المتعلقة بتنظيم امور الدولة و مؤسساتها،  والتي تتعلق بامور المجتمع والعلاقات بين مختلف اطيافه، وفقا لفقرات و نصوص الدستور.
لقد نصت المادة (122) على مايلي:
اولا: لرئيس الجمهورية و مجلس الوزراء مجتمعين، او لخمس (1/5) اعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.
كما و نصت المادة (137) على:
1ـ يشكل مجلس النواب في بداية عمله لجنة من اعضائه تكون ممثلة للمكونات الرئسسية في المجتمع مهمتها تقديم تقرير الى مجلس التواب خلال مدة لا تتجاوز اربعة اشهر يتضمن توصية بالتعديلات الضرورية التي يمكن اجراءها على الدستور. و تحل اللجنة بعد البت في مقترحاتها.
2 ـ تعرض التعديلات المقترحة من قبل اللجنة دفعة واحدة على مجلس النواب للتصويت و تعد مقرة بموافقة الغالبية المطلقة لعدد اعضاء المجلس.

بالنسبة لوضع شعبنا، بالاسمين المثبتين في الدستور ـ الكلدان و الاشوريين، نصت المادة (121)  في الدستورالعراقي الدائم على:
يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية و السياسية و الثقافية و التعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان, و الكلدان و الاشوريين، و سائر المكونات الاخرى، و ينظم ذلك بقانون.


و بناء على ذلك، فامام شعبنا الكلداني الاشوري السرياني و قواه السياسية و مؤسساته الدينية و الثقافية و الاجتماعية، سواء في الوطن او المنتشرة في بلدان العالم الكثيرة، فرصة تاريخية اخرى هامة و مصيرية، قد تكون الفرصة الاخيرة، اذا ما علمنا ان الفترة المقبلة بكل ما تحمله من الصراعات و التناقضات و الامال، ستكون مرحلة هامة و حاسمة الى حد كبير في تحديد طبيعة النظام السياسي و مستقبل العراق و اتجاه تطوره.

في هذه الفرصة، و لمواجهة هذه  المرحلة الهامة الحساسة، لابد لشعبنا و كل قواه السباسية و الثقافية و الدينية و الاجتماعية ان تتهيأ و تستعد للعمل من اجل:

اولاـ سن قانون عادل و جيد و فقا للدستور يضمن حقوقنا الادارية و السياسية و الثقافية و التعليمية كشعب و ليس كأقلية دينية.
ثانياـ محاولة ايجاد حل منطقي لقضية التسمية ينسجم كحد ادنى مع الظروف السياسية و يستجيب للمخاطر الجدية المحدقة بحاضرنا و بمستقبلنا في و طننا العزيز، اسم يفتخر به الكلدان الاشورين السريان معا كشعب واحد.
ثالثاـ دعم كل المقترحات التي تتقدم بها الاطراف الاخرى و تطالب بتعديلات في الدستور تهدف الى ترسيخ حقوق الانسان و الحريات الدبمقراطية و الى بناء نظام سياسي علماني عصري. و رفض التعديلات التي تهدف الى خلاف ذلك.


وفي هذا الخضم، في سياق عملنا كشعب، من اجل حقوقنا المشروعة، و كفرصة اخيرة على المدى القريب على الاقل، ستبرز، لا محالة، اسئلة ملحة، وستنتصب عقد و اشكالات، تحتاج الى المناقشة و الحوار الجدي المسؤول و من اهمها:

1ـ  من في شعبنا ـ احزاب، مؤسسات، برلمانيين، مستقلين...الخ  سيحدد حدود حقوقنا و سيساهم في سن القانون المذكور.
2 ـ كيف نضمن اوسع مشاركة و اوسع مساهمة، و باية الية، من اجل الوصول، كشعب، الى تحديد الحقوق الملموسة الواقعية التي يجب ان يضمنها القانون المذكور.
3 ـ من الذي سيبادر في لم الشمل و يدعو الى توحيد الخطاب و الارادة ـ  سواء في مؤتمر عام، او في اجتماعات جماهيرية تعقد في قرانا و بلداتنا او في مراكز و مقار مؤسساتنا الثقافية. فمن المهم جدا ان يلتقي و يجتمع، الساسة و الناشطين و المثقفين و المهتمين و رجال الدين، من اجل الحوار و التفاهم و الاتفاق، و من اجل تحقيق ذات الهدف.
4 ـ هل هناك حقا من لا يرى مدى حاجة شعبنا الى مظلة، مؤسسة، مجلس عام، برلمان, او سموه ما شئتم، كما فعل غيرنا من اشقائنا في الوطن، لكي يكون هو المرجع، الذي بالاستناد الى ارادة الشعب و الجماهير، يوحد الخطاب و يجسد القواسم المشتركة و يتخذ التدابير و التوصيات و الاجراءات المناسبة. ولكن، كيف و متى و بأية الية و بأي اسلوب يمكن ان نشكل مثل هذه المظلة؟


 مع كل التقدير لاحزابنا بمختلف تسمياتها، و مع كل الاحترام لمؤسساتنا الدينية، يجب الاقرار بانها و لحد اليوم، رغم النضال و العمل و التضحيات التي لابد ان نشيد و ان نعتز بها، لم تفلح في حل العقد و المشاكل التي تنهك شعبنا الكلداني الاشوري السرياني و تضعف اماله.
لقد ان الاوان ان ننهض جميعا وان  نسرع في تجميع طاقاتنا و تجاوز ما يقسمنا و يضعفنا، و لقد ان الاوان كي يوضع كل من يصر على اضعاف و حدتنا النضالية على المحك.

نعم انها فرصتنا التاريخية، و علينا من خلال الحوار و التضامن و العمل المشترك، ان نثبت باننا شعب جدير بالحصول على كامل حقوقه، و اننا جزء اصيل من النسيج العراقي مؤهل كي يلعب دوره في بناء الوطن و رسم مستقبله المشرق.
فهل نحن فاعلون؟
[/b][/size] [/font]

85
ثلاث سنوات على سقوط الصنم
العراق الى اين؟
سامي المالح

لحظة سقوط الصنم، في بغداد، قبل ثلاث سنوات، اغرورقت عيون الملايين من ابناء العراق بالدموع و اختلطت فيهم المشاعر و الاحاسيس حالمين بنهاية حقيقية لسنوات العذاب و الالام  و الحرمان.
و في تلك اللحظات المتوترة،  في زخم و كثافة و سرعة تطور الاحداث، و رغم  ضبابية الموقف على الارض، جازف الملايين في شحذ مخيلتهم ليرسموا صورة العراق المتحرر الجديد. وطن للجميع، حر، امن، مزدهر و  خالي من القمع و العنف و الدكتاتورية و الاوباش وعصابات البعث و اجهزته القمعية الاجرامية.

لكن بغداد، العاصمة المنهكة و المهشمة لم تستعد انفاسها. اذ تشبعت سمائها، فضلا عن غيوم الدخان و رائحة البارود و الدم،  بالتردد و الشك و الريبة، و باستثناء حالات فريدة، عبر فيها بعض من ابنائها المخلصين عن فرحتهم المختلطة بكم هائل من العذاب و العويل و الصراخ الذي  سمعه العالم كله،  كحالة ابو تحسين الخالدة، اغتيلت فيها و في العراق المعذب كله  فرحة الناس، و حبست رغبتهم الجامحة و المكبوتة بالخروج الى الشارع  لتنظيم كرنفال السقوط و الاحتفال الشعبي بنهاية الطغيان، لتبقى و يا للاسف، حسرة ثقيلة و مريرة في القلوب و النفوس. حسرة ستدوم،  كما يبدو،  الى الابد.

وما ان اختفى المجرم الكبير و العصابة الجبانة التي كانت تحيط به، انهارت الدولة الشمولية البوليسية و الاجهزة و المؤسسات القمعية التي كانت تحميها. فبات العراق فجأة،  بكل مافيه من القوى و المتناقضات و الصراعات و المصالح و التوجهات و المشاريع المعدة مسبقا، اضافة الى واقع وجود قوات الاحتلال، بات البلد و كانه ذلك المرجل الذي كان يغلي بشدة، منذ زمن بعيد، و رفع عنه الغطاء فجأة.
 
و بسقوط الدولية الشمولية، بدأ الصراع بين قوى المجتمع العراقي و القوى الاقليمية و الدولية، من اجل تحديد مصير العراق. و طوال ثلاث سنوات يشاهد الشعب العراقي ويعيش تجليات و نتائج  استمرار هذا الصراع المرير.
 اين يقف العراق اليوم و ماهو شكل نظامه السياسي و ما هو مستقبله و ماذا جرى خلال هذه الاعوام المريرة؟

اليوم اذ يستقبل الشعب العراقي العام الرابع بعد السقوط، يتوغل العراق اكثر من اي وقت مضى، في دوامة الفوضى و الارهاب و القتل العشوائي و الدمار و الحياة المعطلة و انتشار الجريمة و الفساد و اغتيال المعرفة و العلم و العلماء و المتعلمين و استمرار الصراع الطائفي و القومي و السياسي.
و في ظل كل ذلك، و رغم تحذيرات و نداءات الاصدقاء و الاعداء من مغبة الحرب الاهلية، يستمر الصراع بين الكتل و الاحزاب السياسية و كأنها تتصارع  من اجل تقاسم الغنيمة في و ضع مثالي، وضع هاديْ و مستقر لديهم فيه كل الوقت للمناورة و لي الاذرع و الانتشاء في اجواء الاجتماعات و الولائم اليومية و الاستعراضات امام الكاميرات في المنطقة الخضراء و بقايا قصور الدكتاتورية.
ان ما يثير السخرية و يجسد المأساة  في الوضع العراقي، هوحديث النخب و القادة المنتخبون لتحمل المسؤوليات و قيادة البلد،  يوميا و دون انقطاع، الحديث عن الوطن و الشعب والقيم و الاسلام و الديمقراطية،  في الوقت الذي  يشاهدون فيه الوطن يأن و الناس يذبحون و يشاهدون برك الدماء في الشوارع و يشاهدون ان الحياة الانسانية الطبيعية في البلد معطلة بما في الكلمة من معنى.
نعم انها لمأساة حقيقية  ان لا يعي قادة البلد، بعد ثلاث سنوات قاسية،  قل مثيلها في التاريخ،  بان الوطن اليوم لم يعد بحاجة  الى الحديث و البلاغة و البيانات و الخطب لتبرير الصراعات و المواقف، و انما يحتاج الى العقل و الواقعية و الارادة الوطنية الصادقة الطيبة و التضحية و العمل. فالعراق يحتاج الى ايقاف النزيف و العناية المركزة و ضمان الاستقرار قبل فوات الاوان.

ان الدرس البليغ الذي لا يريد قادتنا تعلمه و الاستفادة منه، يكمن في انهم في الواقع  يقفون امام مسؤلية اخلاقية استثنائية، و انهم في مواجهة مهمة و طنية ضخمة و مصيرية، الا وهي اعادة تأسيس العراق كدولة عصرية على اسس و مباديْ جديدة و بأساليب حظارية. هذه المهمة التي هي في الواقع اكبر بكثير من مهمة الدفاع عن الطائفة او القومية او التكتل او الحزب او العشيرة فحسب.
ان ما جرى على الارض، و لا يزال، يثبت تماما ان قادة البلد يريدون تأسيس عراق جديد، ولكن، كل بشروطه و من منطلقاته الحزبية و انتماءاته الطائفية و القومية. انها الطريقة و الاسلوب الذي ادى و يؤدي الى المزيد من الاحتقان و التوتر و يهيْ الارضية اذا لم يتوقف للحرب الاهلية.
لا بد لقادة البلد ان يدركوا بان الطريق الى ضمان هذه المصالح الطائفية و القومية و الحزبية، والتي قد تكون مشروعة، هو التوافق في اطار مشروع وطني متكامل، يهدف الى بناء وطن حر امن مزدهر يتسع للجميع و يضمن الحقوق الاساسية للمواطن العراقي اينما كان و مهما كان انتمائه القومي و الديني و الطائفي و السياسي. هذا هو بالتأكيد الطريق الى اعادة بناء الوطن الواحد المشترك، وليس العكس.
فالانطلاق من مصالح الطائفة و من عدد الاصوات الطائفية، او الانطلاق من المصالح القومية و من عدد الاصوات القومية، و الدخول في مفاوضات هدفها ضمان هذه المصالح، من دون البحث عن ما هو اكبر و اهم و اشمل و جامع و ضامن للمعايشة الحرة الاخوية السلمية الدستورية بتكافؤ و مساواة، و من دون تحديد المصالح الوطنية المشتركة العليا واقرار الالية العملية الملائمة لمشاركة الجميع و تحمل المسؤوليات المشتركة لتحقيق المصالح المشتركة، لن يؤدي الا الى المزيد من التشتت و الانقسام و التخندق، والاهم من ذلك ان ذلك ادى و يؤدي، كما اثبتت الوقائع، الى خلق البيئة المناسبة لاستمرار العنف و الارهاب و الفساد و اليأس و التخلف.
للعراق ثروات هائلة، و للشعب طاقات كبيرة. لقد هدرت هذه الثروات و هذه الطاقات، و لا تزال، امام مرأى و مسمع المئات بل الالاف من القادة و المسؤلين، وهم يمارسون لعبتهم، التي يوصفوها بالعمية الديمقراطية.
ان مستقبل العراق، و مستقبل المشروع الوطني الديمقراطي الذي يمكن له ان يضمن مصالح الجميع، يتوقف اليوم بتقديري على مدى ارتقاء القادة و المسؤولين الى مسؤولية استثمار و استخدام ثروات الوطن و طاقات الشعب موحدة باتجاه واحد، في برنامج عمل للحكومة، من اجل بناء البيت الواحد و المستقبل المشترك، و من ثم لمواجهة اعداء الوطن و الشعب و هم كثيرون،  يقف في المقدمة منهم الارهاب المنفلت، و يليه افة و مرض الطائفية و التعصب الديني و القومي و الميلشيات التي تجسدها،  ويأتي بعد ذلك انتشار القيم المريضة المتمثلة في سرقة و نهب ثروات البلد و انتشار الفساد الاداري و الجريمة المنظمة.[/b][/size][/font]


86
المثقف الكوردي و اشكالية فهم قضية شعبنا
سامي بهنام المالح

في مقال بعنوان’ العاصمة عنكاوا.. وشجرة الحب الكوردي المسيحي الوارفة’ المنشور في عنكاوه كوم  يسعى الأستاذ محسن جوامير الرد على مقالات و كتابات لأشخاص ضاجعهم، على حد قوله، الهم و التبرم و كبر عليهم ما حققه شعب كردستان....
و يحاول الكاتب أن يفند، كما يؤكد، أولئك الذين يفتعلون الأكاذيب و الجعجعات و يسبكون القصص التافهات و يصورون المسيحيين الكوردستانين يعانون من عذابات الكرد و يئنون تحت وطأة الضربات الماحقات .... الخ. و في سياق مقالته يثير الكاتب موضوعات تاريخية، و يحاول معالجة العلاقة بين الكورد و الإسلام، ويبغي الوصول إلى استنتاج مفاده أن العلاقات بين الكورد قبل الإسلام و كذلك بعده مع الشعوب الأخرى و خاصة المسيحيين كانت علاقات جيدة.
و يستشهد الكاتب بمآثر و مساهمات المسيحيين و مواقفهم الإنسانية و الوطنية، و يعبر عن مشاعر الفخر و الاعتزاز بهم كمواطنين كوردستانيين، و يؤكد بأنهم يعيشون في أفضل الأحوال و لديهم حقوقهم و يتميز و ضعهم عن باقي المسيحيين في المنطقة.
و في ختام المقال يدعو الكاتب، كل من يريد شق صفوف الكردستانيين، و المواقع التي تنشر لهم، أن يزوروا كوردستان و يشهدوا الواقع و ما حصل عليه المسيحيين و تميز الصدق عن الكذب.

في الوقت الذي أثمن فيه عاليا حرص الأستاذ الكاتب على علاقات الشعبين، و اهتمامه بالرد على الذين يزرعون التفرقة، و إشادته بأبناء شعبنا و نضالهم و عملهم في العراق عموما و الإقليم بشكل خاص، بودي أن أثير انتباهه إلى انه في معالجته للموضوع الأساسي لمقاله يطرح مفاهيم و تصورات عديدة تتعلق بقضية شعبنا الكلداني الآشوري السرياني و بعلاقاته التاريخية مع شقيقه الشعب الكوردي، لا بد من التوقف عندها و مناقشتها بهدوء، لأنها في الحقيقة تعكس قصورا واضحا و التباسا فكريا ليس عند الاستاذ محسن جوامير وحده،  بل و عند الكثير من المثقفين الكورد. إنها في الحقيقة إشكالية يقع فيها اغلب المثقفين الكورد في فهمهم لطبيعة قضية شعبنا الكلداني الأشوري السرياني و لطبيعة نضاله و لحقوقه القومية المشروعة.

من المؤكد أن عملية ترسيخ و تطوير علاقة الشعب الكوردي بشعبنا الكلداني الأشوري السرياني على أساس التكافؤ و الاحترام المتبادل و الفهم المشترك تحتاج الى المزيد من الحوار الصريح و المناقشات الهادئة. ومن هذا المنطلق بالذات، اود طرح مجموعة من الأمور الاساسية و توضيح الكثير من الحقائق التاريخية و تسليط الضوء على واقع شعبنا و تطلعاته، على الاخ محسن جوامير و على غيره من المثقفين و الساسة الكورد، على أمل أنها تساهم في معالجة القصور و الالتباس و الخلل في فهم قضية شعبنا وان  تحفز على المزيد من الحوار و المواقف التضامنية الصائبة.

أولا ـ أن (الكلدان الاشورين السريان)، الذين يطلق عليهم الاستاذ محسن جوامير و غيره ب( المسيحيين)،  شعب عريق  يمتلك كل خصائص و مقومات الشعب، تماما كما الشعب الكوردي و العربي و الفارسي و التركي و غيرها من شعوب المعمورة. فالكلدان في عنكاوه و السريان في برطلة و الآشوري في اربيل مثلا ينتمون جميعا إلى الديانة المسيحية و لكنهم يشكلون من خلال العوامل و المقومات الاساسية القائمة( ارض  و تاريخ وتراث و لغة  و ثقافته و عادات و تقاليد) شعبا حيا. فهم ليسوا بمجرد "ديانه كان أو فه له أو كاوره كان  أو صليبين"  كما يتصور البعض جهلا.  كما و أنهم ليسوا عربا أو أكرادا أو أتراكا. انهم مسيحيون ديانة و لكنهم  شعب عريق في ارض بين النهرين، و أن كانت الأرض التي دشن فيها أجدادهم أولى الحضارات،  قد تحولت و تقاسمت إلى دول و ممالك للشعوب الشقيقة الجارة، كما هو واقع الحال اليوم.

ثانيا ـ ولان هذا الشعب يمتلك كل مقومات الحياة و التطور رغم كل الأهوال التي لحقت به، و لان الوعي القومي هو الأخر في تطور، فعليه لابد من استيعاب و اقرار حقيقة أن لهذا الشعب قضية،  و أن أبنائه سيناضلون من اجل حياة أفضل و من اجل كامل حقوقهم القومية، تماما كما باقي الشعوب الأخرى. صحيح أن المظالم و الاضطهاد الطويل و العذابات الرهيبة  قد تركت أثارا مدمرة على وحدة و تماسك و أمال هذا الشعب و حرمته من بناء مؤسساته القومية و السياسية و من تطوير لغته و ثقافته بحرية و بشكل طبيعي.  إلا أن التغيرات العميقة في الوضع العالمي و التطورات في المنطقة و في العراق في العقود الأخيرة،  وفرت له،  وان بشكل نسبي،  إمكانية تصعيد النضال و بناء الأحزاب السياسية و تطوير حركته القومية و إمكاناته الذاتية. الأمر الذي انعكس في مساهماته في النضال الوطني و وقوفه مع الشعب الكردي في نضاله ضد الدكتاتورية و كذلك عمله الدؤوب من اجل الديمقراطية و تطوير الوضع في الإقليم.

ثالثا ـ يسعى هذا الشعب و منذ قرون طويلة خلت الحفاظ على علاقات طيبة و أخوية مع الشعوب المحيطة به، و يأمل دائما بان تكون هذه العلاقات مبنية على الاحترام المتبادل و التكافؤ و الحقوق و الواجبات المتساوية. غير أن الواقع كان، و لا يزال إلى حد ما، مريرا. إذ تعرض هذا الشعب الامن الى مذابح و طرد من أراضيه و هجر أبنائه و اضطر الآلاف منهم إلى ترك الوطن و اللجوء إلى الغربة و عومل وكأنه غريب في وطنه. و أتمنى على المثقف العربي و التركي، ولكن بشكل خاص المثقف الكوردي، أن يلتفت إلى أهمية قراءة التاريخ بعيدا عن الوقوف بتحيز أو بانعزال في الزاوية القومية، و أن  يحاول تكوين صورة واقعية  للفواجع التي تعرض لها هذا الشعب المسالم ولاسيما في القرن الماضي.
 أن النظرة السلبية الدونية و التعصب الديني و القومي لدى قطاعات واسعة و لدى الأغوات و رؤساء عشائر و رجال الدين و سياسيين قومين من كل الشعوب الجارة المحيطة، تركت أثار عميقة في وعي و ضمير أجيال من أبناء هذا الشعب، الأمر الذي يغيب عن بال المثقف الكوردي و العربي و التركي. أن تقدير مشاعر أبناء هذا الشعب و فهم أسباب عدم الثقة و اليأس و ضعف الإيمان بالحصول على الحقوق القومية المشروعة في ظل سيادة الدكتاتورية و الدولة القومية و الطائفية، أمر هام و أساسي.
رابعا ـ نعم لقد تغيرت الأمور في إقليم كوردستان بعد ضمان الحماية الدولية و سحب سلطات نظام بغداد الفاشي في بداية تسعينات القرن الماضي. و لقد واكب الكلدان الاشورين السريان هذه التغيرات و ساهموا بهمة وبالقدر المتاح وبمقدار الحرية المتوفرة في العمل والنشاط وفي كل المجالات. ولقد حصلوا فعلا على بعض حقوقهم المشروعة كنتيجة طبيعية لنضالهم ومطالبتهم بها، الأمر الذي عزز كثيرا العلاقات الأخوية بين الشعبين.
 و هنا، لا بد للمثقف الكوردي، أن يعي و يقر بأن ما حصل عليه هذا الشعب ليس منة أو منحة أو فضل من احد. و الكورد في هذا الصدد، و من خلال تجاربهم الخاصة، هم أفضل من يستطيع  إدراك أن ليس هناك  شعب يستطيع الحصول على حقوقه من دون نضال و تضحيات يقدمها أبنائه. أن أبناء هذا الشعب هم مواطنون كما الأكراد و التركمان و العرب، و من حقهم المقدس أن يكونوا مواطنين من الدرجة الأولى، و ان تضمن كامل حقوقهم دستوريا،  دون أي تميز ديني أو قومي أو لأنهم اقل عددا.
غير انه وللأسف،  لم تكن فترة حرية الإقليم و سلطة الحزبين خالية من المشاكل و التعقيدات، إذ حصل خلال هذه السنوات في الإقليم أيضا،  تجاوزات ، هنا و هناك،  تركت أثارا غير جيدة على ثقة أبناء هذا الشعب بالوضع في الإقليم و بإمكانية العيش بأمان و سلام و في حماية القانون. و لقد كان للاقتتال الداخلي تأثيرا سلبيا، اذ  سبب الإحباط و اليأس مما أدى بالآلاف إلى ترك الوطن و الهجرة بحثا عن الأمان و الاستقرار. واذكر أيضا بعض حالات الاغتيال لقادة مناضلين معروفين من أبناء هذا الشعب لم يجري التحقيق فيها و لم يقدم أثرها أي متهم إلى المحاكمة. و كذلك ما حدث في شقلاوه  و عنكاوه في أواسط التسعينات. أو لنأخذ مثلا من مقالة الاستاذ محسن جوامير نفسه، عندما يصر كما الكثير من قادة الكورد على تغير اسم  مدينة اربيل العريقة و القديمة رسميا، و فرض تسمية هولير.

يقينا تتحمل مؤسسات شعبنا الكلداني الأشوري السرياني الثقافية و الاجتماعية و حركته السياسية القومية مسؤولية كبيرة في التعريف بطبيعة قضية شعبنا، و بالتواصل و الحوار المستمر مع أشقائنا الكورد و السعي من اجل بناء و مد المزيد من الجسور و بناء الثقة و التفاهم.
و لكن من الهام في الوقت ذاته أن نشير ، إلى أن الكورد، وهم الأكثرية ويمتلكون  كل السلطة السياسية و القرار في الإقليم،  يتحملون مسؤولية تاريخية كبيرة، لإيجاد البيئة المناسبة و الايجابية لتطوير علاقاتهم مع أبناء شعبنا الكلداني الأشوري السرياني، و ذلك من خلال:
ـ  عدم التدخل في شؤون شعبنا الداخلية و احترام استقلاليته وضمان تمثيله السياسي بعدد من المقاعد يتناسب مع ثقله الحضاري و إمكاناته العلمية و الثقافية في البرلمان  و ضمان انتخاب ممثليه بحرية.
ـ احترام محاولاته الذاتية في معالجة أموره الداخلية و خاصة إشكالية التسمية و غيرها من العقد و الإشكالات الموروثة و التي هي من نتائج الاضطهاد التاريخي الطويل،
ـ التعامل باحترام مع الحلول و الصيغ التي يقترحها و يتبناها للحصول على حقوقه القومية ـ الادارية و السياسية و الثقافية و الدينية المشروعة.
ـ  المحافظة على الطابع القومي لبلداته و قراه و توفير الأمن و الأمان لها و مساعدتها كي تستوعب كل أبناء هذا الشعب المعرضون للخطر و التهديد بالقتل  في مناطق متفرقة في العراق، و عدم السماح في قضم أراضيها و التجاوز على الأملاك مهما كانت المبررات.
أن تطور وضع  شعبنا الكلداني الأشوري السرياني و حصوله على حقوقه المشروعة، سيكون بلا شك،  فخرا و انتصارا للعراق و للإقليم و للعملية الديمقراطية برمتها، و سيتيح استثمار الطاقات العلمية و الثقافية الكبيرة التي يمتلكها هذا الشعب بشكل مبدع من اجل البناء و التقدم و الازدهار و الاستقرار، و سيساهم في  تمتين و ترسيخ علاقات الأخوة و المصير المشترك. [/b] [/size] [/font]

87
التنمية  و الامن و حقوق الانسان ـ
ملفات الوطن الدامي تنتظر تشكيل الحكومة
سامي بهنام المالح

ليس الارهاب المنفلت وحده، رغم وحشيته و اثاره المروعة، هو ما يجعل الوطن و حياة المواطن العراقي الى جهنم و فوضى و حرمان و معاناة لا نهاية لها.
كلا، فالمشهد العراقي اليومي  في الحقيقة  ليس ملطخا بالدم فحسب، بل وانه يتشكل كذلك من فقدان المستلزمات الاساسية الضرورية لممارسة حياة عادية انسانية بسيطة، كالماء و الكهرباء و المحروقات و الصحة و السكن و التعليم و العمل و اللقمة الكريمة.
و المشهد العراقي يتشكل من اليأس و فقدان الثقة بالمستقبل في ظل الفساد المستشري على كل المستويات، و في ظل الفوضى السياسية وغياب المشروع الوطني المسؤول واستمرار الصراع من اجل تقاسم المغانم و السيطرة على السلطة و على الشارع و من خلالها على ثروات البلد البشرية و المادية. والمشهد العراقي يتشكل ايضا من غياب القانون و التجاوز المشين على حرمة المؤسسات التربوية و التعليمية والخدمية الاخرى و على  استقلالية مؤسسات المجتمع المدني و على حقوق الناس و كرامتها و اجبارها بشتى الاساليب  على الانخراط في صفوف الميلشيات و التشكيلات الحزبية و المشاريع الطائفية.

فالعراق، و منذ سقوط الطاغية و انهيار نظامه العفن،  لم يتشكل كدولة مؤسساتية تستوعب و تنظم مصالح و تناقضات كل القوى السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية في المجتمع العراقي، و ان تتمسك بمهمات الدولة المركزية المعاصرة المتمثلة بعملية البناء و التنمية و خدمة المواطن و توفير الامن و الامان و العمل و وضع المواطن الفرد في مركز الاهنمام كغاية و كهدف لا يسمو عليه هدف اخر.

وعلى ما يبدو، فان تجارب ودروس و عبر الطريق الطويل الوعر، الذي بدأ بتشكيل مجلس الحكم و بعده الحكومة المؤقتة، و عملية  الانتخابات التشريعية و تشكيل الحكومة الانتقالية، و معركة اقرار الدستور الدائم و تسمية رئيس الوزراء المقبل للحكومة المنشودة التي ستحكم لاربعة اعوام قادمة، ليست بكافية للاطراف و التحالفات الرئيسية في الملعب السياسي العراقي، كي تتعلم و تفهم بعضها البعض، ولكي تعي تعقيدات تضاريس الواقع الجديد، و بالتالي كي تساعدها في تنظيم اللعبة السياسية و ادارتها بعقلانية و مواجهة المسؤولية التاريخية امام الوطن و المواطن.
يبدو، و من متابعة اداء و طروحات و مواقف اغلب الاطراف السياسية، و في مقدمتها الاحزاب الاسلامية، الشيعية منها  و السنية على حد سواء، انها تتصارع و تستثمر الانتخابات من اجل بناء الدولة المركزية الشمولية على شكل حكومة تضع نفسها فوق المؤسسات و السلطات التشريعية و القضائية، و يبغي كل طرف منها، من خلال الخطوط الحمراء بلون الدم العراقي المباح  التي يرسمها، الى الحصول على المفاصل الاساسية و الاجهزة الهامة التي يعتبرها، بحكم الثقافة الموروثة و الموقف الايديولوجي من الدولة و الحكم، هي القوة و السلطة الحقيقية في هذه الدولة.

يقينا، ان هذه القوى، لم تعي، لحد اليوم على اقل، حقيقة استحالة تحقيق ما تبتغيه في الاوضاع و الشروط و الوقائع القائمة على الارض.
فنظام صدام حسين الذي يقف اليوم في قفص الاتهام و يواجه العدالة و الذي سيطر على العراق الموحد المقموع المخنوق بالحديد و النار قد انهار و انتهى الى الابد، و انتهى بذلك واقع مرير و اختفت مقومات و مستلزمات و ضرورات قيام نظام بديل دكتاتوري مشابه له، مهما اختلفت التسميات و المبررات و التخريجات.
فالعراق الموحد المعافي و المزدهر لا يمكن بنائه الا بمشاركة الجميع و لا يمكن قطعا ان يصبح، مرة اخرى، اسيرا بيد دكتاتورية  قوة واحدة او طرف واحد فقط.
ان الدولة التي يمكن ان تقود و تبني عراقا موحدا انما عليها ان تكون دولة مؤسسات و دولة قانون و دولة قضاء. دولة تمارس فيها السلطات الثلاثة مسؤولياتها ومهماتها باستقلالية و شفافية بعيدا عن تدخل و ضغوط المليشيات و الارهاب الفكري.
دولة يعي كل من يحصل فيها على شرف تولي المهمات و المسؤوليات، بانه جزء من مشروع بناء الوطن و مؤسسات الدولة و توفير مستلزمات الحياة الكريمة للمواطن، الذي هو وحده هو مصدر السلطة.

 ان الخيارات التي امام ممثلي التحالفات الثلاث ـ التالف الشيعي و الكردستاني و التوافق السني ـ بالاضافة الى القائمة العراقية وهي تخوض معركة بناء الحكومة الجديدة، محدودة جدا.
فالخيار المشرف هو خيار الاسراع في الحوار الوطني الديمقراطي المسؤول، و اقرار و تطوير مصالح الجميع المثبتة في الدستور، مع الحفاظ على المصالح الوطنية و الديمقراطية الاساسية المشتركة، و ضمان  اشراك كل القوى و المكونات في صياغة و اقرار و تنفيذ  برنامج  حكومي شامل واقعي واضح و ملموس، برنامج يرسم للعمل على معالجة الملفات الثلاث ـ التنمية والامن وحقوق الانسان ـ  الساخنة و المرتبطة ببعضها عضويا.
برنامج لاربعة اعوام مصيرية يهدف الى التعايش و العمل المشترك من اجل اخراج البلد من المحنة، و يضع الحلول للازمات الاقتصادية و الاجتماعية الخانقة. برنامج يضع مصلحة المواطن العراقي  و حياته اليومية و حقوقه الاساسية و كرامته و امنه، بغض النظر عن انتماءاته كلها, في مقدمة الاولويات.

و اما الخيار الاخر، خيار البحث عن المصالح الطائفية و القومية و الحزبية و العشائرية و غيرها، و التشبث بها وحدها على حساب المساومة و التوافق و المرونة للوصول الى القواسم الوطنية المشتركة، سيكون، بلا ادنى شك، كارثيا على الجميع. لانه في الواقع هو خيار استمرار الارهاب الذي بات ذكيا جدا في اختراقاته للصراعات و التناقضات المستمرة، و انه خيار هدر ثروات الوطن و تدمير اقتصاده و اغراق المواطن في دوامة الحرمان و اليأس والالام و المرارات.
انه خيار استمرار المعارك الداخلية و تهيئة الارضية لبروز قوى دكتاتورية فاشية جديدة تحرق الاخضر و اليابس. انه خيار خسارة و انهزام المشروع الوطني و تفتيت العراق الموحد.

ان تولي المسؤوليات و استلام السلطة، و من خلال اصوات الناخبين هي قضية اخلاقية و مسؤولية تاريخية، تضع المسؤولين العراقين اليوم امام مهمات تاريخية ملحة و صعبة و معقدة. تضعهم بالحاح امام اللجوء الى الخيار الاول، خيار التعاون و التفاعل من اجل صياغة البرنامج الحكومي لانقاذ البلد و بنائه و تطويره.
تضعهم امام تعلم و ممارسة ثقافة و تقاليد جديدة، جوهرها، نبذ الدكتاتورية و التسلط واستغلال الموقع و الاستثراء على حساب الناس.

في عملية تشكيل الحكومة و صياغة برنامج حكومي شامل يستجيب لحاجة الوطن و المواطن، يجب بتقديري أخذ الاسس و الامور التالية بنظر الاعتبار:
اولا ـ توظيف الكفاءات العلمية و التكنوقراط المستقل المجرب و المخلص في ادارة اكبر عدد ممكن من الوزارات و في مقدمتها وزارات الداخلية و الدفاع و المالية و التخطيط.
ثانيا ـ الاعلان عن ميزانية الدولة للشعب، و تحديد الاوليات و الخطط و اوجه استثمار الثروات لتنفيذ المشاريع و تقديم الخدمات و بناء القاعدة المادية لاقتصاد وطني قابل للتطور.
ثالثا ـ تفعيل و تطوير اليات القضاء على الفساد الاداري، و تطوير المؤسسات المسؤولة عن هذا الملف الهام و ربطها بالقضاء و ضمان استقلاليتها.
رابعا ـ الغاء كافة مظاهر التسلح و نزع سلاح المليشيات جميعها دون استثناء.
خامسا ـ التوافق على الية عملية لتنظيم  التعاون و التنسيق و المشاركة بين رئاسة الجمهورية و رئاسة الوزراء و رئاسة مجلس النواب عند بلورة وصياغة و اتخاذ القرارات الهامة و المصيرية.

ان الارواح البريئة التي تزهق في كل يوم، وانين الناس جراء استمرار دوامة الالام و الحرمان و المعاناة، تناديكم يا قادة العراق و تدعوكم للعمل و تحمل المسؤولية و الاسراع في الوصول الى ما يمكن ان ينهي مأسات البلد و ان يفتح الابواب على الافاق الرحبة.[/b][/size][/font]

88
ماذا ينتظر الانسان العراقي من الحكومة المقبلة
سامي بهنام المالح

بعد ايام تعلن النتائج المصدقة للانتخابات لمجلس النواب و ستتوجه الانظار مباشرة  الى الصراع الدائر بين القوائم و القوى التي تسعى للمشاركة في تشكيل الحكومة التي ستقود العراق لاربع سنوات مقبلة.
ان الانسان العراقي، المواطن العادي، أذ  يرصد طبيعة هذا الصراع و ما يجسده من مشاريع و توجهات و برامج بل و منطلقات فكرية و ايديولوجية بأهتمام بالغ،  يتابع يوميا مجرياته و كل ما يقال و ما يصرح به القادة و المسؤولين.
ان الانسان العراقي المثقل بالمعاناة و الحرمان و غياب الامن،  و الذي اندفع بجرأة و شجاعة للادلاء بصوته و انجاح الانتخابات و تطوير العملية السياسية في البلد،  ينتظر بفارغ الصبر متحملا ظروفا قاسية تلف حياته اليومية،  ان تؤدي هذه  الصراعات الى ولادة حكومة مؤهلة متماسكة تتبنى برنامجا واضحا يهدف قبل كل شيْ الى خدمة الوطن و خدمة المواطن.

و هنا يبرز السؤال التالي: هل يمكن يا ترى  ان تولد مثل هكذا حكومة من هذا المخاض العسير و الصعب؟

للاجابة على هذا السؤال و التكهن بما ستؤل اليه المباحثات السياسية الودية  من جهة  و عرض العضلات و الاستقواء بشتى العوامل و القوى الممكنة في الداخل و في الخارج من جهة ثانية،  ينبغي التوقف عند الامور و الحقائق التالية:

ـ ان الصراع الاساسي  يدور حول من سيحصل على الوزارات السيادية، او بالاحرى انه قتال من اجل السيطرة على وزارتي الدفاع و الداخلية. من الواضح ان الاحزاب الدينية الشيعية لا تريد اعطاء الفرصة للسنة كي يستعيدوا الاستيلاء على مقدرات العراق ثانية من خلال الجيش و المخابرات و اجهزة وزارة الداخلية. السنة يعلمون ان الشيعة قد بدؤا بالاستيلاء الفعلي على هذه الاجهزة و يريدون استكماله، و لذلك يسعون بكل الطرق الى منعهم و ايقافهم، و يسعون كحد ادنى  المشاركة في السيطرة على جزء من هذه الاجهزة التي تشكل في الواقع  جوهر السلطة و ادواتها.  ان الصراع بهذا المعنى ليس على برنامج او مشروع محدد يقدمه هذا الطرف او ذاك.
 الصراع في حقيقة الامر لا يدور حول كيفية بناء جيش وطني مهني يستطيع الحفاظ على امن الوطن، او كيفية بناء جهاز امن يدين للوطن وحده و يضع امن المواطن و سلامته نصب عينيه.
التحالف الكردستاني قد لا يبدو طرفا متحمسا في هذا الصراع، منطلقا من ان الاقليم الفدرالي له جيشه و له شرطته و هو يحث الخطى الى توحيد الادارتين و تقوية المؤسسات الامنية الموحدة. الا ان للاكراد هواجسهم و تجاربهم المريرة و لعلها تدفعهم الى لعب دور ايجابي و توفيقي يأخذ المصالح الاستراتيجية للوطن بنظر الاعتبار، ومن مصلحتهم اخراج الجيش و الامن من معركة المحاصصة الطائفية و تحويل بنائهما الى عملية وطنية و ديمقراطية و الدعوة الى تسليم الوزارتين الى تكنوقراط او الى قوى حيادية مدنية تضمن استقلالية الجهازين الخطرين.
اما حضور التيار العلماني و ثقله، لا يشكل مع الاسف، قوة حسم في هذا الصراع الساخن. غير ان هذا التيار مطالب بلعب دوره  في حث الاطراف للتوافق و التحرك للبحث عن ما يطمئن كل الاطراف و الدعوة الى  وضع مصلحة الوطن و قضية الانسان العراقي كمصلحة جامعة و عليا.
ـ الصراع من اجل تغيرات في الدستور سيطغي ايضا في الكثير من المباحثات. انه صراع من اجل اهداف ستراتيجية و من اجل تحديد وجهة  البلد و نظام الحكم دستوريا في المستقبل.  في هذا الصراع  ثمة اتجاهات ثلاثة تتجاذب.
الاتلاف و قوى الاسلام الشيعية التي لا تحبذ اجراء اي تغيرات في هذه المرحلة  بانتظار الظروف الافضل من اجل تغيرات تسمح لها فيما بعد بناء الدولة الدينية. و الاتجاه الديني السني الذي يتحالف مع القومي العربي داخليا و اقليميا، وهذا  يريد عراقا اسلاميا عربيا موحدا بمركز قوي في بغداد و الغاء النظام الفدرالي. اما الاتجاه الثالث، و هو الاضعف و المغيب الى حد كبير، هو الاتجاه المدني العلماني الذي يعمل من اجل تعميق المفاهيم الديمقراطية و مفردات حقوق الانسان و احقاق حقوق كل مكونات الشعب العراقي.
ـ الصراع يجري ايضا من اجل الحصول على مرافق الدولة الحساسة  للتحكم بثروات البلد و استخدامها بالشكل الذي يخدم المصالح الفأوية و الطائفية و القومية. ان هذا الصراع يشتد و ياخذ اشكالا و تجليات متعددة، لا سيما ان القوى السياسية و بدون استثناء لا تعير اية اهمية لتحديد ثروات الوطن و تحديد ميزانية الدولة و وضع خطة علمية مهنية لتوزيع الثروات العقلاني و العادل و الى تبني برنامج متكامل للتنمية البشرية و الاقتصادية و اخراج البلد من الازمات الحادة الخانقة و انقاذ المواطن من المعاناة و الحرمان من ابسط مقومات الحياة البسيطة الكريمة.
ـ  الادارة الامريكية و بشخص سفيرها خليلزاد لها حضورها وتاثيرها في مجرى الصراعات. تصريحات بوش و زيارات نائبه و اعضاء من الكونكرس بالاضافة الى النشاط الملحوظ للسفير، تؤكد على ان للادارة بعض المخاوف و انها حريصة على ان لا تؤدي نتائج الانتخابات و ما سيترتب عليها من التطورات  الى الاخلال بالتوازن بين القوى و الطوائف و سيطرة احداها على كل مراكز القرار و ادوات السلطة الفعلية. و من الجدير بالملاحظة ان كل القوى المتصارعة تجهد لتوظيف الدور الامريكي في دعم مواقفها و الحصول على ماربها في الصراع الدائر.

ما هو اذا شكل الحكومة التي تنبثق كنتيجة لحسم الصراعات عل هذه القضايا؟ و ماذا سيكون برنامج هذه الحكومة؟ و كيف ستنجح يا ترى في تنفيذ برنامجها؟
هذه هي اسئلة مشروعة تفرض نفسها و تسبب القلق و التشاؤم عند المواطن العادي المسكين الذي يتوق الى ان يشاهد قادة بلاده يتصارعون و يختلفون و يتفقون من اجل تحسين شروط حياته التي لا تطاق و من اجل انهاء كابوس الارهاب الثقيل و من اجل حماية الوطن و استقلاله و تطوره و ازدهاره.
ففي اروقة السياسة و خاصة في المنطقة الخضراء يجري الحديث بصخب عن كل ما يعني التسلط و الامتلاك، عن تقاسم المكاسب و الحصول على المقاعد و الوظائف و التحكم بادوات السلطة و مؤسسات الدولة و غيرها من المغانم.
ولكن وللاسف لا يجري الحديث ابدا عن الناس و همومها و معاناتها، عن المواطن و عن العمل و الانتاج و الصحة و التعليم و الخدمات الاجتماعية و عن الاطفال اليتامى و الارامل و معوقي الحروب و الارهاب و عن الزراعة و الصناعة و النقل و المواصلات و غيرها و غيرها من الامور التي تشكل مهام الحكومة الاساسية.
لحد اليوم لم نرى اي من التكتلات و التحالفات الفائزة، و التي تنشغل و تتهيأ لتشكيل الحكومة،  تطرح برنامجا لعملها و لطريقة ادائها و ادارتها للدولة واساليب معالجة الملفات الهامة الساخنة، كي يصبح مادة للمناقشة و الاختلاف و التوافق.
وكان هذه القوى قد نسيت بانها انتخبت ديمقراطيا كي تعمل و تتحمل المسؤولية امام المواطن الناخب، و ليس فقط كي تستولي على السلطة و على مرافق الدولة، و كي تتصارع من اجل مصالحها الحزبية و الفئوية.
ان ما يجري في اروقة السياسة و طبيعة الصراعات الدائرة، ما هو في الحقيقة  الا دليل ساطع عل غياب المشروع الوطني الديمقراطي، وعلى ضعف الشعور بالمسؤولية امام الوطن و المواطن، وهو انعكاس لسيادة الفلسفة العقيمة التي تساوي بين الوصول الى السلطة عن طريق الانتخابات الديمقراطية و بين السعي الى التحكم بامور الدولة و امتلاك ثرواتها واستخدام مؤسساتها في التغلب على الخصم، كما في الدكتاتوريات.

ان هذا الواقع المؤلم يضع المواطن العراقي امام مسؤولية الدفاع عن مصالحه. امام تعلم فن مطالبة من انتخبهم بالالتزام و العمل على تنفيذ الوعود. امام تعلم فن تنظيم نفسه  في مؤسسات مستقلة مدنية غير حزبية، نقابات و جمعيات و منابر و تجمعات و نوادي و مراكز و غيرها من التنظيمات المناسبة و الملائمة، لتدافع عن مصالحه و تحقق له المكاسب الملموسة.

ان المواطن العراقي الذي شكل بصوته و اندفاعه في انجاح الانتخابات المادة الحية الاساسية في تطوير العملية السياسية و بناء الاساس للديمقراطية الناشئة، يريد حكومة له، تبني دولة مؤسسات عصرية من اجله، من اجل سلامته. يريد حكومة تعيد له قيمته و ادميته المستباحة منذ عقود و تضمن له حياة حرة كريمة و توفر له السكن و الماء و الكهرباء و الصحة و التعليم و غيرها من المستلزمات الاساسية. يريد حكومة منه، تستعين به و تعتمد على طاقاته و على تطوير قدراته لبناء الوطن. يريد حكومة تعامل الجميع على حد سواء دون تميز و تضمن الحقوق الاساسية لكل انسان، امراة و رجل، كي تضمن التضامن و الوحدة و التكافؤ لخير الجميع و لخير الوطن الواحد.[/b] [/size] [/font] 


89
هل يمكن لشعبنا ان يمد قضيته بنسغ الحياة !
سامي بهنام المالح
ستوكهولم 20/01/2006
samialmaleh@ankawa.com

ادناه مجموعة من الافكار و المنطلقات، و اثارة لقضايا حيوية و ملحة،  تهم حاضر شعبنا و مستقبله، اطرحها بهدف المناقشة و الحوار الهادف، داعيا المخلصين الى النظر بعيدا صوب الافاق الرحبة و السير الى امام و  تلمس الطريق نحو حياة افضل و مستقبل مشرق لاجيالنا القادمة.
                                               
وطنيون رغم الاهوال

رغم كل ما اصاب شعبنا الكلداني الاشوري السرياني طوال عقود و قرون قاسية، و رغم الاثار الكارثية التي تركتها سنوات الاضطهاد و القمع و التميز و الاضطرار الى الهروب و الهجرة و الاغتراب، و رغم ان الكثير من  ابناء شعبنا الذين تفرقهم التسمية و الانتماءات الكنسية و السياسية قد اصابهم الاحباط و اليأس الامر الذي ينعكس في السلبية و اللاابالية و في ضعف الايمان بمستقبل آمن افضل في ظل استمرار تدهور الاوضاع قي الوطن ، رغم كل ذلك نجد ان شرائح واسعة واعية من  ابناء شعبنا في كل مكان و خاصة في الوطن يتفاعلون اليوم  مع الاحداث و يواصلون العمل باخلاص و جدية و بكل ما يملكون من امكانات و طاقات في  تعزيز روح التسامح و السلام و من اجل الامن و الاستقرار و يساهمون في بناء الوطن و التأسيس لنظام ديمقراطي تعددي يضمن حقوق الجميع دون اي تميز .

ان انتماء شعبنا الاصيل للعراق و تعلقه بارض الوطن هو الذي يمده بالصبر و التحمل و المقاومة و المثابرة و مواجهة التحديات. ان هذا الانتماء و هذا الحب و هذا الحس الوطني انما هو النبع الذي لم و لن ينضب و هو الذي سقى و يسقي جذور شجرة و جودنا اليانعة منذ قرون طويلة خلت رغم كل الاهوال. ان هذا الحب الكبير للوطن هو الذي يجعل شعبنا و يحفزه  لكي يكون في مقدمة العراقين للعمل الجاد من اجل وقف النزيف و الفوضى و الارهاب و من اجل اعلاء شأن الوطن المشترك و الحفاظ على امنه و سيادته و استقراره و وضع مصالحه و مصلحة المواطن العراقي المقهور فوق المصالح الاخرى.

ان الوعي الوطني وقيم التسامح و السلام و المحبة الخلاقة التي تشكل ركنا ثابتا اساسيا من اركان وجودنا و ثقافتنا،  و الطاقات و القدرات و الخبرات العلمية، بالاضافة الى العلاقات الاخوية الصادقة التي تربطنا باخوتنا و اشقائنا من العرب و الكرد و التركمان و اليزيدين و الصابئة و الشبك،  تشكل مجتمعة رأسمالا كبيرا و مصدرا هائلا يؤهل شعبنا و مؤسساته السياسية و الثقافية و الدينية ان تلعب دورها في رسم صورة العراق الجديد من جهة و تشكل قوة لشعبنا كي  يرفض التهميش و لكي  يفرض نفسه كجزء من الوضع العام و ان يطرح قضيته كواحدة  من مجموع القضايا الوطنية و الديمقراطية.

الطريق صوب مستقبل افضل

ان ما لا يمكن الاختلاف عليه، عند تدارس و تحليل الوضع العراقي و تفاصيل الصراعات و التناقضات و التداعيات في كل مجالات الحياة و في كل مرافق الدولة و المجتمع، هو ان الطريق الى عراق  مستقر معافي عامر مزدهر والى بناء و استتباب نظام سياسي ديمقراطي يضمن حقوق الانسان العراقي الاساسية دون اي تميز و يضمن دستوريا الحقوق القومية الكاملة و الدينية لشعبنا،  هو طريق طويل و شاق و متعرج جدا.

غير ان هامش الحريات و تحرك العملية السياسية في ظل عدم امكان فرض سلطة مركزية قوية تفرض ارادة شريحة او مجموعة او توجه واحد اوحد، وفر و لا يزال يوفر فرصة تاريخية نادرة لشعبنا كما لجميع الشعوب العراقية و قواها الاجتماعية و السياسية كي تعبر عن ذاتها و تثير قضيتها و تدافع عن مصالها الانية و الاستراتيجية.

لقد عايشنا و لا نزال نشهد مسابقة اشقائنا الاكراد مع الزمن في استغلال هذه الفرصة التاريخية. و كذلك الحال مع القوى الاسلامية الشيعية و السنية و اخوتنا من التركمان، و ذلك  من خلال تجميع القوى و الاتفاق على خطاب موحد و استنفار كل الامكانات المتاحة و في مقدمتها الجماهير، التي شاهدنا اندفاعها للمشاركة في الانتخابات و التصويت لانتمائها و قضيتها الطائفية او القومية،  لتحقق انتصارات ستؤثر بشكل فعال على كل التطورات في الساحة السياسية و في رسم صورة العراق الجديد.
 اما نحن، شعبنا الكلداني الاشوري السرياني، بقيا نتراوح منشغلين بتعميق ازمتنا الداخلية،  و اصرينا بوعي و مع سبق الاصرار ان نشكل الاستثناء و الشذوذ.  فشعبنا و مع شديد الاسف  لم يفلح في بلورة مشروع موحد لتقديم قضيته القومية العادلة و للمطالبة بحقوقه الكاملة كشعب واحد اصيل متجذر في وطن يكاد ان يصبح غريبا و ضيفا على ارضه.
                                         
العوامل الذاتية هي الحاسمة!

ان اسباب هذا الاخفاق المرير كثيرة و متنوعة. منها ما هو موضوعي و مرتبط بالاضطهاد و الظلم و القهر التاريخي الذي لحق بشعبنا و الذي خلق الياس و السلبية و الاستسلام للقدرمن جهة،  و ادى من جهة ثانية الى التقوقع و التشرذم و الانغلاق على القرية او العشيرة او المنطقة او على  الكنيسة و الطائفة. ان اثار هذه الظروف القاهرة، التي تغيرت كثيرا، و هي في طريقها ان تتغير بوتائر اسرع، ان اثارها باقية للاسف و خاصة فعلها النفسي و الفكري و اضعاف روح الوحدة و الوعي القوميين.
الا ان الاسباب الذاتية، تلك التي تتعلق بوضعنا الداخلي و بدور مؤسساتنا الدينية و السياسية و الثقافية و الاجتماعية و بطريق فهمنا للواقع المحيط بنا و بتعاملنا مع التطورات و مواجهة التحديات و التعلم من الاخفاقات و استنفار جماهير شعبنا المنتشرة في ارجاء المعمورة، هي الاسباب و العوامل الحاسمة و الاكثر تاثير و فعالية في فشلنا و عدم نجاحنا في طرح قضية شعبنا كي تكون واحدة من القضايا المطروحة على بساط البحث في العملية السياسية الساخنة الجارية.

ان فشلنا في الحقيقة لا يتعلق و لا يتجسد في ما حصدناه من نتائج مخيبة في الانتخابات و في عدد المقاعد التي ستمثل شعبنا فحسب. ان فشلنا و اخفاقنا تجسد في تشريع تشرذمنا و تكريس انقسامنا عمليا امام الملأ،  و في تقسيم قضية شعبنا و تحييدها عن مسارها و في تفريغها من محتواها القومي و الانساني، و تحويلها الى مشكلة هامشية يعاني منها مسيحيون اقلية منقسمون على تسميات و كنائس لم و لن تتوحد.
 ان فشلنا و اخفاقنا الكبير يكمن في تعميق مشاعر الاحباط  و في اضغاف الامل، ان لم اقل قتله، عند جماهيرنا المسكينة و المغلوب على امرها. هذه الجماهير التي تحترق بين الشوق لارضها الحبيبة و الحسرة على بناء وطنها و قراها و قصباتها و التي تحلم بالامن و الامان و الكرامة و العيش بحرية و تطوير ثقافتها القومية الانسانية ،  و بين أستمرار استهلاك الطاقات  الغبي في القتال الداخلي و من اجل التسمية  او من اجل المقاعد و الوظائف و غيرها من التوافه و الصغائر.

من يتحمل المسؤولية؟

أن المسؤولية في اخفاقاتنا لمواجهة الظروف و التحديات الجديدة تقع بتقديري على:
اولا ـ كنائسنا و ابائنا الاجلاء الذين لا يريدون التخلي عن السلطة المركبة التاريخية التي منحتها لهم مواقعهم الدينية و رسالتهم الروحية. فهم  يريدون احتواء النشاط المدني و تأطير الحركة السياسية لشعبنا و قيادة الرعية بشكل مباشر احيانا و بشكل غير مباشر في الكثير من الاحيان.
لقد كانت الكنيسة المؤسسة الوحيدة لشعبنا و شكلت تاريخيا سلطة حقيقية روحية و مدنية. و تريد الكنيسة، و رغم التغيرات الهائلة التي وقعت و لاتزال تقع و بوتائر سريعة و عميقة في وضع شعبنا و وضع الوطن والمنطقة و العالم،  تريد ان تستمرفي الاحتفاض بسلطاتها  ولكن من دون ان تتحمل المسؤولية كاملة في قيادة و ضع شعبنا و الاستجابة لتطلعاته و وقف النزيف الذي اصاب جسده و خسارة مواقعه و ارضه التاريخية.
علينا ان نتجرأ على قول الحقيقة و ان كانت مرة. الحقيقة هي ان انقساماتنا الكنسية و الاصرار المميت على استمرارها و استمرار عدم وجود حد ادنى من التفاهم و التعاون و عدم المبادرة الى الدعوة الصادقة و الصريحة الى وحدة الرعية المنتمية الى كنائس عديدة و الانفتاح على بعضها و تكاتفها كشعب واحد، هو مرض مزمن قاتل ينخر بروحنا و جسدنا  و خطير جدا على وجودنا وعلى حاضرنا و على مستقبلنا.
قداسة البطاركة الاجلاء  يشاهدون جليا ما يجري على الارض و ما تؤول اليه امور رعيتهم كشعب و كخصوصية و كثقافة و كلغة و كأرض.
وهم يشاهدون يوميا استمرار الهجرة و اقتلاع المزيد من اهلنا من جذورهم في ارض العراق. وهم يشاهدون الشعوب و المجموعات الاخرى تتوحد وتتقوى و تندفع من اجل مصالحها. و مع كل هذا فهم لا يبادرون الى استخدام مكانتهم العظيمة عند رعيتهم المطيعة  من اجل تجاوز التشتت و الانقسام و التشرذم و التخندق الكنسي.
لقد لعب بعض الاباء من مختلف كنائسنا دورا سلبيا في تغذية الاشكالات و التناقضات و الاختلافات،  و ينشغل بعض اخر منهم في مهام و نشاطات لا علاقة لها بالجانب الروحي و بالايمان،  و تحول اخرون الى منظرين قومين ممتزجين بين الانتماء الكنسي و القومي لتعقيد الامور و بناء المزيد من الحواجز و العوائق في طريق لملمة الشمل و توحيد قضيتنا القومية و ترسيخ عوامل وحدة شعبنا.
طبعا كان هناك مجموعة اخرى من ابائنا الموقرين  و من مختلف كنائسنا،  كانت رائدة و مبادرة و فعالة في محاولاتها من اجل التأسيس لحوار و تفاهم و لخلق الارضية الطيبة لمعالجة اوضاعنا الداخلية. طوبى لهؤلاء و املنا ان يتزايد عددهم و ان تستمر جهودهم الخيرة و الطيبة.
ان مستقبل شعبنا يضع كنائسنا المتعددة و ابائنا الاجلاء أمام  الخيار الوحيد، وهو خيار التواصل و الحوار و التفاهم و الاتفاق على حد ادنى من المنطلقات و المهام المشتركة،  التي ستحفز و ستدفع الرعية و مؤسساتها المختلفة الى التماسك و الايمان بمستقبل واحد على ارض الوطن الام.
عليها ان تكون النموذج المبارك لزرع الامل و المحبة و ثقافة التعاون و التكاتف بيننا جميعا من كل كنائسنا الكلدانية الاشورية السريانية كأبناء شعب واحد. عليهم دعوة الساسة و المثقفين و الناشطين و كل المخلصين الى أعلاء شان الشعب و وضع المصالح العليا فوق غيرها من المصالح، و لكن دون ان تتدخل في شؤونها و من دون التحيز لهذا الطرف  او ذاك.

ثانيا ـ  احزابنا السياسية. الجماهيرية منها او التي لا تملك غير هيكلها العظمي.
 الحركة الديمقراطية الاشورية ـ زوعا ـ  تتحمل مسؤلية كبيرة لانها رائدة و جماهيرية و قوية، بمعنى انها تمتلك المستلزمات اللازمة لصياغة مشروع سياسي وطني قومي  بروح ديمقراطية، برنامج  يستجيب للواقع على الارض و يتفاعل مع اراء و وجهات نظر شرائح واسعة من الناشطين و المثقفين الذين يعملون من اجل وحدة شعبنا و تحقيق امانيه و تطوير قضيته العادلة.
الحركة الديمقراطية الاشورية لها رصيدها و لها تاريخها النضالي و حققت انجازات لا يستهان بها،  الامر الذي يجعلها امام مسؤليات اكبر في معالجة اشكالات شعبنا الذاتية و جذب كل المخلصين و التعاون مع الكل من خلال الاحترام المتبادل و الاستماع الى الراي الاخر و قبول الانتقادات البناءة والحوار الجاد و المسؤول و صولا الى تحديد القواسم المشتركة و انجاز البرنامج النضالي المشترك.
انتظر الكثير من الاخوة الحريصين على تطور زوعا و تطوير نضالها  ان تقدم قيادة زوعا المبادرات و التوجهات الاكثر جدية و الاكثر وضوح،  و تصور الكثيرون   ان هذه المبادرات  ربما تأتي و تصاغ في مؤتمر زوعا الذي كان له ان يعقد منذ فترة طويلة، اي قبل صياغة الدستور و قبل الانتخابات الاخيرة لاهمية ذلك و تجاوبا مع التطورات و التغيرات.
 ثمة ملاحظات و و جهات نظر و انتقادات هادفة و حريصة  تقدم  الى قيادة زوعا،  تتعلق في اغلبها بطريقة تعاملها مع الجماهير و الاطراف السياسية الاخرى و مع المؤسسات الثقافية و الاعلامية و بقضية تعميق الديمقراطية في العمل و محاولة الاستئثار بالقرار و بالمكاسب و المقاعد و الوظائف و غيرها من الامور الاخرى. غير ان هنالك شعور عبر عنه الكثير من الاخوة حتى في و سائل الاعلام وهو ان قيادة زوعا لا تريد التفاعل مع ما يطرح عليها و لا تلتفت الى الانتقادات الموجهة اليها،  و انها  ربما مصابة بالنرجسية و روح الاستعلاء حد الاستخفاف بكل ما يتعارض مع طروحاتها و مع ما تريده و  تقرره هذه القيادة.

كان تراجع قيادة المنبر الديمقراطي الكلداني عن نهجه الذي تبناه في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمره التأسيسي، و التراجع حتى من معظم المنطلقات التي تبناها المؤتمر فيما بعد،  و الانحسار في المشروع الانقسامي بحجة تقوية الكلدان، كان له تأثيره السلبي على مجريات الامور و على مواقف شرائح واسعة مخلصة و فعالة من الكلدان الذين عولوا على المنبر كي يكون طليعيا لتعبئة الكلدان كجزء من شعبنا الواحد مح اخوتهم الاشورين السريان.
لقد تحول المنبر، من تجمع كاد ان يصبح جماهيريا رائدا مناضلا من اجل تعزيز وحدة شعبنا  وقاطرة للمشروع الوحدوي،  تحول الى مجموعة منعزلة و الى جزء من مشروع الحزب الديمقراطي الكلداني الذي نادي و لا يزال،  بل و عمل من اجل تجزئتنا الى ثلاث قوميات.

يتحمل المتعصبون من الكلدان و من الاشورين الكثير من المسؤولية. فهم بقتالهم و تعصبهم الاعمى يلهون شعبنا بامور ثانوية و يحطمون اواصر الوحدة و عواملها التاريخية و يزرعون الضغينة و الحقد. ان هؤلاء،  و الكثير منهم لا يزال يعزف على و تره المعهود  دون ان يفهم ما يجري لنا جميعا في ان واحد و لا يفهم بان مصيرنا واحد، يواصلون الكتابة و الدعاية و التحريض الرخيص،  و يحاولون استغلال الكنيسة و مواقف ابائنا بل و توريطهم في ما هو بالضد من جوهررسالتهم الروحية.
من المؤسف ان عدد كبير من هؤلاء الاخوة المتعصبين ينضوون تحت خيمة هذا الحزب الكلداني او ذاك  الاشوري،  و يكرسون جل نشاطهم الذي هو محدود جدا، لمحاربة بعضهم البعض. ان نشاط هؤلاء الاخوة موجه في الحقيقة، علموا بذلك ام لم يعلموا، موجه بالضد من مصلحة شعبنا و قضيته العادلة،  و هم بالتالي يقعون عاجلا ام اجلا في مصيدة اعداء شعبنا،  و يتحولون الى اسماء و وجوه منتفعة مدعية و الى ورقة يمكن استخدامها بالضد حتى من احلامهم الصغيرة.

ثالثا ـ النخب المثقفة و الواعية المستقلة التي تعمل في او تقود مؤسساتنا الاعلامية و الثقافية و الاجتماعية. هؤلاء و انا واحد منهم لم يفعلوا كل ما بامكانهم. الكثير منهم لا يفهم اهمية هذه المؤسسات في تحشيد الجماهير و تطوير الوعي الوطني و القومي و العمل الابداعي. 
و اغلبها تتردد في اتخاذ المواقف و طرح الاراء و توجيه الانتقادات البناءة  و التهيئة للحوار الحر الهاديْ الموجه و النافع، و للاسف فان البعض من هؤلاء و قع في فخ الانتهازية و الانتفاع من هذه المؤسسات او من الاحزاب و الكتل المتنفذة.
لم نفلح في خلق حركة ثقافية واسعة  فعالة تغذي امال شعبنا و تعزز دوره كشعب واحد  معطاء منتج فكريا و ثقافيا و اعلاميا و كصاحب قضية ذات مميزات وخصائص اصيلة، رغم وجود و نشوء العديد من المراكز الثقافية و الاعلامية النشطة و الجدية  في الكثير من القرى و المدن او في دول الغربة.

أهمية ممارسة النقد الذاتي

ان ممارسة النقد الذاتي هي مهمة ملحة و نضالية على كل مؤسساتنا و احزابنا السياسية مواجهتها. فالهروب من تحمل المسؤولية و لوم الاخرين و اتهامهم و  التغني بالماثر و الانجازات لا يجدي نفعا. ان من يمارس النقد الذاتي انما يخطط و يهيْ للتطور و السير الى امام و ذلك من خلال تسليط الضوء على مواقع الضعف و الخلل و من خلال  استخلاص الدروس و العبر و التقيم الموضوعي للصواب و الخطأ. ان المؤسسة او الحزب او حتى الفرد الذي يمارس النقد الذاتي بشفافية و بجرأة سيكسب من دون شك احترام و تقدير و ثقة الجماهير و يثير اهتمامها و يساهم جديا في تطوير و عيها.
ان رفض التهميش و التشتت و الحرمان، وعدم الاستسلام و رفض اليأس و التطلع الى مستقبل افضل كمواطنين من الدرجة الاولى على ارض ابائنا و اجدادنا، يتطلب وضع النقاط على الحروف ومواجهة الواقع و  تقيم الامور و استخلاص الدروس بغية رسم الخطوات القادمة و بغية تجاوز الاخطاء و النواقص. ان هذه ليست دعوة لجلد الذات كما يحلو للبعض تسميتها. انها دعوة لمعرفة الذات و لتحديد مكامن القوة و الضعف و للتعلم من الحياة و تعقيداتها و مصاعبها. انها دعوة للتأمل الواعي و المسؤول و النظر بعيدا نحو الافاق الرحبة،  و هي دعوة لرفض الاستمرار في المهاترات و نهش الاخرين و البحث بدلا من ذلك عن كل ما يعيق تطورنا و تقدمنا و انعتاقنا.

قضايا توحدنا من اجل مستقبل افضل مشترك

ثمة قضايا هامة اساسية و حيوية في حياة شعبنا، قضايا تهم الجميع و تهم حاضرنا و مستقبلنا،  لا بد من تناولها و مناقشتها من قبل مؤسسات شعبنا و احزابنا و جماهيرنا، و لابد من الالتقاء و التحاور و التكاتف من اجل اتخاذ المواقف المشتركة ازائها.  و من هذه القضايا:
ـ تمتين علاقاتنا مع الشعوب الشقيقة و في مقدمتها الشعب الكردي،  و ذلك على اساس الاحترام المتبادل و عدم التدخل بشؤننا الداخلية،  و التعامل معنا كشعب اصيل تمتد جذوره عميقا في ارض الوطن و له خصوصياته و مقوماته القومية و ليس كاقلية مسيحية طارئة.
ـ  المطالبة الدائمة و الاصرار على اخذ اوضاع شعبنا بنظر الاعتبار عند اختيار ممثلين لنا الى مجلس النواب. فالنظام الانتخابي المعمول به يجحف بحق شعبنا المنتشر و المشرد في كل مكان. علينا المطالبة المستمرة بتخصيص كوتا اي عدد من المقاعد لنا ننتخب نحن بحرية ممثلينا لاشغالها كما كان معمولا به في الانتخابات الاولى التي جرت في اقليم كردستان.
علينا ان لا نيأس و ان لا نستسلم و ان نطالب بحقنا جميعا كشعب واحد، و ان نعي بأن طلبنا و نضالنا هذا انما هو عمل مشروع و ديمقراطي و يؤدي الى تعزيز الديمقراطية و ترسيخ علاقات متكافئة بين ابناء العراق كافة. طبعا من مصلحتنا تشجيع الاشقاء من التركمان و الصابئة و اليزيدين للعمل من اجل ذات الهدف.
ـ العمل الجاد للحفاظ على الطابع القومي و الديني لقرانا و مدننا الصغيرة و عدم القبول بالتجاوز على الاراضي و قضمها بحجة بناء المؤسسات و فتح الطرق و غيرها من المشاريع التي يجب ان تراعي و ضعنا و خصوصيتنا.
ـ المطالبة ببناء القرى المهدمة و اعادة القرى المهجرة و المسلوبة و توفير الامن و الامكانات المادية للعوائل التي تريد الرجوع اليها و السكن فيها.
ـ  توفير المستلزمات و السكن للعوائل التي تهرب من الارهاب في مناطق الجنوب و بغداد و المطالبة باسكانهم في مناطق قريبة من قرانا في سهل نينوى او في اربيل.
ـ  العمل على تبني مشاكل مئات بل الالاف من  العوائل الهاربة و الموجودة في الاردن و سوريا و محاولة اقناعها للرجوع الى الوطن من خلال توفير مستلزمات الحياة و الامان و في مناطق قريبة من تواجد شعبنا في سهل نينوى و اربيل.
ـ  تطوير لغتنا الجميلة و مؤسساتنا التعليمية و التربوية و محاولة تقريب اللهجات و المحافظة على التراث و تطويره.
ـ  التنسيق و التعاون الاعلامي و الثقافي من اجل التعريف بتاريخ شعبنا و ثقافته و الرد العلمي و المنهجي على محاولات مسخ قضيتنا و تاريخنا وانتمائنا لوطننا العزيز.
ـ  مطالبة الاثرياء و من لديهم الامكانات الاقتصادية في استثمار اموالهم في فتح المشاريع الصناعية الملائمة و تطوير الزراعة و الرعي في مناطق تواجد ابناء شعبنا.
ـ العمل على تشجيع الحوار و تنظيمه و التهيئة من خلاله لعقد اجتماعات و لقاءات موسعة و  مستمرة يشارك فيها كل مخلص يريد المساهمة و التعاون و تقديم و مناقشة الافكار و التوجهات التي تخدم قضية شعبنا و تخدم تطور و طننا العراق. كل ذلك و صولا الى تشكيل مظلتنا القومية الشرعية بأستقلالية و بشكل حضاري و ديمقراطي.
ـ التعاون و التنسيق مع القوى الديمقراطية و المؤمنة بحقوق الانسان و الساعية الى السلم و الاستقرار و التقدم في عموم البلاد.
ثمة بالتأكيد  قضايا و مفاصل اخرى عديدة و هامة تحتاج الى المناقشة و الدراسة. أن هذه القضايا مجتمعة تكفي لكي تثير اهتمام كل ابناء شعبنا و تستحق ان تكون الارضية المشتركة للعمل المشترك و الاطار الواسع للم و لجمع مؤسسات شعبنا الدينية و السياسية و الثقافية و الاجتماعية.
ان تناول هذه القضايا و محاولة معالجتها بشكل جماعي تشكل عملية حيوية يشارك فيها الجميع كل حسب امكاناته، و يمكن ان تؤدي الى رسم و  تبني برنامج عمل متكامل و جدي، يستوعب تنفيذه و العمل من اجل انجازه طاقات الجميع و تحرك الكل و في اتجاه واحد. [/b] [/size][/font]

90
مثلث  الاحتلال ـ  الارهاب ـ  الطائفية و مستقبل العراق
سامي بهنام المالح

كانت ابرز ملامح مرحلة ما بعد سقوط الصنم هو انطلاق الناس ـ الجماهير في كل مكان و في مختلف الاتجاهات،  للتعبير عن البهجة و الحرية و تراكم هاائل من الانفعالات و المشاعر و الاحاسيس المكبوتة، وذلك بطرق و اساليب و اشكال متنوعة  كثيرة، كانت في غالبيتها  فطرية و جائت  كحاجة انية في فضاء مكثف، ضبابي ، منفتح  على  افاق بدت رحبة و لكنها غير واضحة المعالم. انهزم السجان الجبان و تحرر الشعب و  تخلص الناس من عقدة الخوف و كابوس التسلط المرعب البغيض.

لقد سارت الامور بسرعة لم يتوقعها احد، وكان الانهيار شاملا و مفاجئا. و باستثناء كردستان، حيث سلطة الحزبين في اربيل و السليمانية و الاستعدادات الرسمية و الشعبية لمواجهة الاحداث و التطورات و بتنسيق كامل مع القوات الامريكية،
تحول العراق الى بلد من دون سلطة،  الى بلد لا تتحكم فيه القوانين و الانظمة،  الى وطن مفتوح الحدود.

قوات التحالف، تفاجئت بالانتصار السريع و السهل الذي حققته على نظام صدام حسين و الرعاع الذين ارتبطوا به، و سرعان ما وجدت نفسها في مواجهة ظروف جديدة كليا و مهمات معقدة كبيرة و مركبة لادارة شؤون دولة معطلة  لم تكن بالحسبان. الامر الذي عمق الارتباك و البلبلة و الفوضى التي عمت الشوارع و سادت في كل مكان.

المعارضة العراقية، تلك التي كانت متواجدة في الداخل  او التي جائت مع قوات التحالف، و التي كانت قد عقدت مؤتمرات كثيرة كان اخرها في العاصمة البريطانية، لم تكن موحدة و لم تكن متهيئة لتلعب دورها، سواء في تحشيد الناس و الجماهير الغفيرة المتحررة و توجيه طاقاتها باتجاه السيطرة على الامور و تنظيم الحياة اليومية و توفير الامن، او في الاعداد لتثبيت سلطة وطنية ببرنامج و مشروع وطني واضح لقيادة البلد.

كل ذلك خلق مناخا مثاليا لعصابات البعث الاجرامية و لعناصر الاجهزة القمعية البوليسية، التي كانت قد هربت و اختفت خوفا من غضب و قصاص الشعب. و كما تبين لاحقا ، فان اجهزة النظام و تنظيمات البعث المنتشرة في كل مكان كانت قد نظمت امورها و تهيأت لظروف ما بعد الانهيار، و كانت قد عقدت تحالفاتها مع العصابات الاصولية و جهزت المئات منها بكل مستلزمات الحرب الارهابية من الاسلحة و الاموال و الوثائق و البيوتات السرية و غيرها من الامدادات اللوجستية.
و في غضون اشهر تحول العراق،  المتحرر توا، الى ساحة حرب جديدة، حرب ذات طبيعة جديدة موجهة بالدرجة الاولى ضد الاستقرار و لتدمير امن الناس و ممتلكاتهم و مقدساتهم، و لاحباط جهودهم من اجل البناء و من اجل حياة حرة كريمة.

مما زاد الوضع العراقي تعقيدا، و جعل بدايات العملية السياسية، بدايات عرجاء تفتقد الى مقومات الاستقلالية و التطور، كان تسابق و سعي القوى و الاحزاب السياسية للحصول على اكبر قدر ممكن من السلطة  التابعة الخاضعة  لسلطة قوات التحالف، هذه القوات التي اصبحت بقرار من مجلس الامن قوات احتلال، بدلا من توحيد خطابها الوطني و جهودها لاخذ زمام المبادرة  و استرداد كل السلطة، و التعامل مع قوات التحالف في اطار مشروع وطني واضح و متكامل،  يغطي الفترة الانتقالية و صولا الى تهيئة الاجواء الايجابية و تطوير العملية السياسية و تطوير الوعي الوطني الديمقراطي و صيانة حقوق الانسان و امنه و من ثم  توفير مستلزمات  اجراء انتخابات حرة نزيهة و عملية  التحكم الى صناديق الاقتراع.

لقد شكل كل ذلك، مع واقع  ضعف التيار العلماني الوطني الديمقراطي و تشتته و عدم مواكبته للتطورات و التغيرات العميقة في المجتمع و الدولة، سواء في فترة الاعداد للحرب  او حتى  بعدما حسمت نتائجها و ما تمخض عنها على كل المستويات، شكل بيئة ايجابية و ارضية خصبة لنمو التيارات و القوى القومية و الطائفية و العشائرية التي كان اغلبها يتلقى الدعم و الاسناد من الدول و القوى الاقليمية و المحيطة بالعراق.
و لابد من الاشارة الى ان هذه القوى، و خاصة الطائفية منها، تعاملت مع الوضع بذكاء و بسرعة،  اذ استغلت فراغ السلطة، و وعي الناس و ايمانهم و انتمائهم المذهبي، والبطالة المستشرية و الوضع الاقتصادي الصعب، لتحشيدهم من اجل الحصول على مواقع النفوذ و الاستيلاء على السلطة المحلية في المدن اولا، و بالتالي تعزيز مواقعها في معادلة العملية السياسية.

و يجدر  التذكير، بأن الولايات المتحدة الامريكية و بريطانيا ـ  البلدان الذان ادارا العملية السياسية منذ البداية ، لا تتناقض مصالحها و أهداف مشروعها الستراتيجي في العراق و المنطقة، في الواقع،  مع نمو العلاقات و التيارات القومية و الطائفية و العشائرية في المجتمع، و لذلك فانها  في الحقيقة شجعت هذه القوى و غذت  تنافسها و انهماكها في صراعها مع بعضها البعض و تنافسها  للحصول على مكاسب انية ضيقة،  ذلك على حساب المشروع الوطني الديمقراطي، و لأعاقة  تبلور و نمو التيار العلماني  الوطني الديمقراطي الحقيقي  المستقل بسرعة ، و اعاقة بناء مؤسساات المجتمع المدني و مرافق الدولة المنهارة الاخرى.

لقد ولد مجلس الحكم المؤقت  كوحدة لمجموعة هذه التناقضات،  التي حاول حاكم العراق المطلق السيد بريمر تغذيتها و ادامتها و جعلها واقعا جديدا يعيشه الشعب العراقي. فالاحتلال اصبح شرعيا.  و تحول العراق الى محور يستقطب الارهاب الذي حصد ارواح عشرات الالاف من ابنائه  الابرياء، و الحركة السياسية التي استلمت مقاليد الامور،  و ان نسبيا بعد رحيل بريمر، باتت مجموعة من تحالفات طائفية  و قومية هدفها الاول التشبث بالسطة، كي تحكم و تتحكم و تستثري و تعزز مواقعها بعقلية لا تختلف من الناحية العملية و الممارسة عن عقلية الانظمة الشمولية التي تساوي بين امتلاك السلطة و امتلاك ثروات البلد و المادية و البشرية و الوقوف فوق القانون و التشريعات الاخرى ، مع استثناءات قليلة جدا.

من حسن حظ العراق، ان القوى القومية و الطائفية كانت في حالة توازن قوى. اذ صعب و لا يزال يصعب علي اية قوة منها ان تسيطر كليا و تقصي القوى الاخرى و تحرمها من حرية العمل و التأثير في مجريات الامور. ان هذا التوازن النسبي مع وجود قوات التحالف هو الذي ضمن نجاح الانتخابات التشريعية الاولى مع كل ما رافق العملية من تجاوز و خلل و تزوير.
ان هذا التوازن تمثل عمليا و يتمثل اليوم ايضا  في كل ما يجري في الساحة السياسية العراقية، و خاصة في عملية كتابة الدستور و اقراره. اذ جاء دستورا يعكس الاستحقاق السياسي لانتصار التكتلات الرئيسية في الانتخابات،  و احتوي كما هو معروف على التناقض الرئيسي بين التوجه الى بناء دولة علمانية ديمقراطية عصرية و بين التهيئة لبناء دولة اسلامية شمولية باسم الديمقراطية المكبلة بالشريعة الاسلامية.

ان الانتخابات القادمة،  في ظل الاحتلال الشرعي، و في اجواء العنف و الارهاب السائدة، و استنفار القوى الطائفية الشامل و بقيادة المرجعيات الدينية، ستكون هامة و مصيرية لمستقبل عراقنا النازف.
الملفت لكل من يهمه مستقبل العراق هو ان  الغائب الاساسي في هذه الانتخابات الديمقراطية، للاسف ، هو الديمقراطية نفسها.
فالديمقراطية ليست عملية انتخابات هلامية للوصول الى سدة الحكم فحسب. بل انها  تعني تعزيز مجموعة من القيم و المباديْ الانسانية و ضمان و صيانة كامل  حقوق الفرد دون اي تميز و توفير الامن و لقمة العيش و الكرامة، و الاهم  انها  تضع القوائم الانتخابية امام مهمات اخلاقية و سياسية و وطنية يأتي في مقدمتها ضرورة  الاعلان عن ميزانية البلد و المبالغ الطائلة التي ستكون تحت تصرف السلطة المنبثقة عن الانتخابات و طرح  البرامج الملموسة لتتحدث بالملموس عن اوجه صرف و استثمار هذه الثروات،  ليتسنى للمواطن المسكين اختيار البرنامج المناسب و الافضل و لكي يتحكم بصوته و يستخدم حقه لمصلحته و مصلحة الشعب و الوطن.

ان عراقنا الحبيب  منفتح على مختلف الاحتمالات، اذ ان ممارسة الانتخابات  في اطار مثلث الاحتلال و الارهاب و صعود الطائفية ، لا يعني قطعا ضمان تطور العملية السياسية باتجاه تعزيز الديمقراطة و ترسيخ تقاليدها و مضامينها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية. ان مستقبل وطننا مرهون بنتائج الانتخابات، و بالاصطفاف الجديد للقوى السياسية و  تحالفاتها ، و كذلك  بسياسة الولايات المتحدة الامريكية و كيفية  ادارتها لدفة الامور في العراق و مدى نجاحها في تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير.

في ظل هذا الواقع، يكون للعمل الجاد  لبناء تحالف قوي لكل القوى العلمانية الوطنية و الديمقراطية النزعة، و كذلك  تنشيط مؤسسات المجتمع المدني حول برنامج ليبرالي واضح شفاف ديمقراطي بجوهره، و الدفاع اليومي عن حقوق المرأة و حقوق الاقليات و مصالح الناس اليومية،  اهمية استثنائية. هذا هو طريق تغير المعادلة السياسية و ثم تغير التوازن لصالح الديمقراطية الحقيقية  و لصالح اوسع الجماهير الشعبية، و هذا هو السبيل  لتحجيم  النزعات الطائفية و تحديد تاثيرها و خطرها على مستقبل العراق الجديد.[/b][/size][/font]

91
محاكمة الدكتاتور قضية وطنية و ديمقراطية
سامي بهنام المالح
 
ان يظهر الدكتاتور الجرذ الجبان قزما في قفص الاتهام،  ليواجه العدالة التي حرم منها شعب بأكمله، في وطن حوله الى قفص كبير، هو حلم عزيز و امل كبير يتحقق للعراق و لابنائه من الشمال الى الجنوب.
ان محاكمة رأس نظام شمولي، اقترف ابشع الجرائم، و اشعل حروب دموية مدمرة، و مهد بحماقاته للاحتلال و انهيار الدولة و مؤسساتها،  و تسبب في تحطيم المعنويات و قتل الامل و خراب النفوس و القيم، هي مهمة وطنية و عملية ديمقراطية يحتاجها عراقنا الجريح، المثقل باللالام و المرارات و المعاناة،  و هو يخطو الى امام.

أن اشد ما يحتاجه العراق وهو يحاكم الدكتاتور، هو محاكمة منظومة من الافكار الانتقائية و التنظيرات و الايديولوجيات الغريبة البائسة،  التي ارتكز عليها البعث العراقي و قيادته لتبرير استيلائه على السلطة عن طريق حمامات الدم،  و لتنفيذ سياساته الشوفينية و ممارسة افعاله الفاشية، لتشديد قبضته و سحق المعارضة و تدمير مستلزمات التغير و الخلاص.
من الهام ان تتحول محاكمة الدكتاتور الى بانوراما لادانة الدكتاتورية و الشمولية، و لكل ما هيأ لبروزها و ثم ساهم في تقوية بأسها و ادامتها لتحكم بالحديد و النار لنصف قرن تقريبا.

ان هذه المحاكمة ضرورية جدا لقطع حبل التراجيديا الطويل في هذا الموقع و في هذه اللحظة التاريخية. و الانطلاق صوب الغد، نحو بناء وطن امن مستقر حر، وطن ينبذ ابنائه جميعا، بوعي و من خلال استيعاب الدروس و مغزى محاكمة الجلادين، كل النعرات و النزعات الدكتاتورية و عبادة الفرد و تمجيد القادة، و رفض كل ما يحقق رغباتهم في التشبث بالسلطة و استخدامها للتحكم بمصائر الوطن و الشعب.
ان العراق الجديد، و عملية بناء نظام ديمقراطي حقيقي، تستدعي محاكمة علنية شفافة و عادلة، كي تتحول مجرياتها الى مدرسة و منبر وطني، لاثارة المواطن و تحفيزه و رفع وعيه من خلال مشاهدة الوقائع و معايشة هذه الدراما التاريخية التي كان هو، المواطن العراقي، طرفا فيها.

ان الضمان الاكبر لقطع الطريق على ظهور دكتاتورية جديدة، و غرق البلاد ثانية في بركة جديدة من الدماء، تحت اية يافطة كانت، قومية او دينية او طائفية و غيرها، هو وعي الجماهير و خيارها.
 فالدكتاتورية أخضعت الجماهير ليس فقط عن طريق العنف و الارهاب، بل و عن طريق شراء الذمم و النفوس، و كذلك عن طريق الكذب و الديماغوغيا و الدعاية و الاعلام. لذلك من الهام جدا كشف و تعرية و محاكمة كل هذه الاساليب و الادوات القذرة، لخلق المناعة الشعبية و الحصانة و الموقف الواعي لدى الناس، ضد الارهاب بكل اشكاله، و لمواجهة كل الحالات الشاذة من الفساد الاداري و المزايدات الطائفية و التعصب القومي و التجاوز على القانون و اساءة استخدام السلطة.

لتكن محاكمة الدكتاتورية البائدة في العراق محاكمة لكل الانظمة الدكتاتورية في العالم و خاصة في المنطقة.
 لتكن المحاكمة درسا بليغا للعراقين جميعا و للقادة المتنافسين للوصول الى مقاعد السلطة و الحكم.
 الوطن و الشعب باقيان، و الويل لمن يسيْ اليهما و لمصالحهما العلياو ينصب نفسه سلطانا الى الابد.[/b][/size][/font]

92
كلكم تتحملون المسؤولية ايها السادة!
سامي بهنام المالح

كلكم ايها السادة، ايها القادة، مسؤولي احزابنا و تنظيماتنا السياسية ـ الكلدانية الاشورية السريانية ـ  كلكم دون استثناء، بهذا القدر او ذاك، تتحملون مسؤولية ما آلت اليه اوضاع شعبنا وقضيته العادلة في اطار العملية السياسية الجارية في العراق، وتتحملون مسؤولية الاحباط والسلبية التي اصابت جماهيرنا وهي تتابع وتراقب بمرارة،  سياساتكم ومواقفكم واعمالكم وتصريحاتكم وعلاقاتكم ببعضكم.
 كلكم، ومن منطلقات حزبية ضيقة، وللحصول على بعض الفتات، والمقاعد والوظائف السياسية ، في هذه المرحلة من تاريخ العراق المضطرب النازف، تتحملون مسؤولية سلسلة من الامور الهامة والمصيرية. أدناه اوجز اهم هذه الامور:

اولا ـ هدر الطاقات والامكانات الكبيرة في معارك جانبية خاسرة،  بدلا من جمعها وتطويرها وتوجيهها باتجاه واحد، لتعزيز الاواصر والعناصر الكثيرة الجامعة ولخدمة قضية شعبنا الواحدة. الانتخابات للجمعية الوطنية وما رافق العملية الانتخابية،  وطبيعة القوائم والتحالفات، ومن ثم النتائج المخيبة التي حصدها شعبنا، هي خير دليل على ما ارتكبته حركتنا السياسية من اخطاء جدية وتاريخية.

ثانيا ـ تحويل الصراعات الحزبية والسياسية التي من المفروض ان تكون طبيعية ومفيدة في اطار العمل من اجل اهداف شعبنا الواحدة، الى صراع اساسي داخلي عقيم ينخر بجسد شعبنا الواحد ويضعف آماله ويجهض قضيته.
 فأعلام معظم احزابنا، ونشاطاتها الجماهيرية وهي محدودة، وتنظيراتها ونتاجاتها الفكرية إن وجدت، يتركز على، ويدور حول، تفنيد وتكذيب وتشويه، بل وحتى معاداة بعضها البعض. انها لمأساة حقيقة ان لايعي ساستنا حجم المخاطر والتحديات التي تواجه شعبنا وحركته السياسية، وان لا يفهموا ويقدروا اهمية التكاتف والتعاون والتضامن والتوافق في حياة شعب، اقلية عددية، اعزل، محروم ومضطهد منذ دهور، وهو اليوم يشكل الحلقة الاضعف في وسط امواج عاتية، مهدد في مسخ تاريخه، واضعاف كيانه،  وتفتيت وحدته، وافراغ قضيته من محتواها. 

ثالثا ـ التدخل في شؤون مؤسسات المجتمع المدني الثقافية والاجتماعية والتربوية وغيرها، ومحاولة تسيس هذه المؤسسات وتحويلها الى حلبات للمصارعة الحزبية، او اقطاعية تابعة لهذا الحزب او ذاك وطبعا بمباركة هذه السلطة او الجهة المتنفذة او تلك.
وبهذا يتم شل عمل ونشاط هذه المؤسسات الجماهيرية الهامة في حياة شعبنا، لتطوير لغتنا السريانية الواحدة، وتطوير ثقافتنا القومية الواحدة  واشباعها بالروح الوطنية والانسانية، ونشر قيم التسامح والتحاور واحترام الاختلاف، وتطوير حياتنا الاجتماعية و ملء حياة شبابنا بالامل والتفاؤل والرياضة والفن والمعرفة.

رابعا ـ توريط ابائنا من مختلف الكنائس في مواقف لا تمت لرسالتهم الروحية بصلة. و ثم الاتكاء على مواقف الكنيسة وبعض من مسؤوليها لتبرير السياسات والمواقف المتباينة والمتناقضة مع وحدة شعبنا ومصالحه الاستراتيجية.
 ان استخدام الكنيسة او رموزها الموقرين، للحصول على مكاسب انية ومصالح ضيقة، او التشبث  في فرض واقع الانقسام الكنسي المؤلم والمحبط والغير منسجم مع رسالة سيدنا المسيح ومع مصالح شعبنا ومستقبله في المنطقة،  يعد بمثابة لعبة خطرة ومدمرة. لان الكنيسة كمؤسسة دينية، كانت هي المؤسسة الشمولية المتنفذة الوحيدة منذ تأسيسها في حياة شعبنا، الذي لم يكن له لا دولة و لا سلطة مدنية او مؤسسات تشريعية وقضائية منذ اكثر من الفي سنة.
الكنيسة هي المؤسسة التي كانت ولاتزال تلعب دورا اساسيا في تحديد جزء اساسي من هويتنا وخصوصيتنا، وتتحكم باشكال متعددة بجوانب من حياتنا غير الروحية.  فشعبنا يحترم الكنيسة، بل يقدس دورها. ولذلك من الخطر زجها كطرف في الصراعات الحزبية والسياسية.

فالحركة السياسية،  وفي ظل التغيرات الكبيرة وخاصة الحاصلة في العراق بعد سقوط الصنم اللعين، تواجه مهمات قومية كانت بعض منها تفرض على الكنيسة ورجالاتها الاجلاء في العهود الماضية. ان الدفاع عن مصالح شعبنا وحقوقه القومية السياسية والادارية والثقافية اليوم ، هي من صلب مهام الحركة السياسية، التي لا يمكنها ان تتصدى لها، ما لم تجتمع وتتضامن وتترفع على المصالح الانانية الضيقة، وما لم تتجاوز الانقسام الكنسي واشكالية التسمية وغيرها من العقد والامراض المزمنة.
وفي هذا الصدد بالذات يمكن لكنائسنا وابائنا الاجلاء ان يلعبوا دورهم الهام. اذ عليهم دعوة الرعية وقادتها الى التماسك والحوار والتضامن، عليهم النظر بعيدا وتشخيص ما هو جامع واستراتيجي وما يضمن لشعبنا مستقبل لائق وآمن ومزدهر. وعليهم تنبيه وتنوير ساستنا جميعا الى اهمية عدم استغلال الكنيسة، ورفض زجها في صراعات وامور سياسية وحزبية  ليست من اختصاصها.

من الجدير ايها السادة، ايها القادة، تذكيركم، بأن شرائح كبيرة من ابناء شعبنا وعدد يكبر من ابائنا الروحانين، وعشرات من المؤسسات والمئات من المثقفين، لا يعيرون لمعارككم الحزبية ادنى اهمية. وهي اصبحت تعي بان المبادرة والعمل المخلص من اجل لم الشمل والبحث الدؤوب عن كل ما هو مشترك،  والاهتمام بتطوير لغتنا الواحدة وثقافتنا القومية،  وتقديم شعبنا وقضيته، رغم تعدد تسمياته كشعب واحد وكقضية واحدة في المحافل وفي العلاقات مع الاشقاء العرب والاكراد والتركمان والصابئة واليزيدين، هي اهم واكثر قيمة من الانشغال بكم وبطروحاتكم وقتالكم من اجل مصالحكم الانانية.
لقد آن الاوان، ايها السادة، لكي تصغوا الى الاصوات المخلصة وتتجاوبوا للدعوات الصادقة، وان تتخلوا عن تخوين كل من يناقشكم وينتقد طروحاتكم وتناقضاتكم التي تحبط الجماهير وتزرع اليأس.
عليكم وعلى منظماتكم الكف عن مناشدة اشقائنا من الشعوب الاخرى في الوطن ومطالبتها بأقرار ما لا تراه منطقيا وموضوعيا، وهو تقسيمنا الى ثلاث قوميات بحجج واهية ومفتعلة.
ان شعبنا الكلداني السرياني الاشوري ـ سورايي ـ  في العراق، في وسط هذا الصراع الضاري من اجل المصالح وتقاسم السلطة، يحتاج الى شيئين مهمين ملحين حيويين، كي يستطيع ان يفرض قضيته كواحدة من القضايا الوطنية والديمقراطية ولكي يضمن حقوقه القومية المشروعة اسوة بكل أبناء العراق دون اي تميز:

أولا ـ تأسيس او انشاء مرجعية فعالة وشاملة، مؤهلة لوضع قضية شعبنا في اطارها الصحيح، وتعالج بحكمة ومسؤولية اشكالاتنا الداخلية، ولكي تصون استقلاليتنا السياسية، وتجنب شعبنا التبعية والقبول بالامر الواقع والاستجابة للضغوطات والاغراءات.
وهنا لا بد من الاشادة بجهود مجلس مطارنة نينوى/ الموصل المباركة ودعوتهم الجميع للتلاقي والحوار، وثم تهيئة الاجواء وايجاد الالية والوسائل لتشكيل مظلتنا القومية، ويجب الاشادة ايضا  بجهود كل الخيرين المخلصين الذين يبحثون عن كل ما يجمع ويقوي ويبعث الامل، وكل ما يقطع الطريق على المدعين والمتعصبين والمزايدين وزارعي الحقد وما يشتت ويفرق.

ثانيا ـ توجيه نضال كل قوى شعبنا وكل الجماهير الكلدانية السريانية الاشورية للمطالبة بتخصيص عدد من المقاعد في الجمعية الوطنية وبرلمان كردستان خاصة بشعبنا الواحد بكل تسمياته، بما يتناسب مع تاريخنا وثقلنا الحضاري وخصوصيتنا، وتوفير ظروف ومستلزمات انتخاب ممثلينا لهذه المقاعد بحرية تامة وديمقراطية، دون تدخل او وصاية من اي كان. والنضال والعمل دون كلل وبكل الاشكال المتاحة من اجل المحافظة على خصوصية قرانا وبلداتنا القومية والدينية،  وتطويرها لكي تصبح مراكز للعمل والنشاط والمساهمة في بناء الوطن، وقواعد لتعزيز العلاقات الاخوية المتكافئة والقائمة على الاحترام المتبادل مع كل الاشقاء من ابناء العراق.

نحن السورايي نواجه اليوم تحديا تاريخيا كبيرا. مصيرنا هو ذاته مهما كانت تسمياتنا وانتماءاتنا الكنسية. ان حقوقنا واحدة وعلينا البحث عنها والمطالبة بها من الاقوياء والمتحكمين بالسلطة. سبيلنا الاوحد الي حياة حرة كريمة مزدهرة كشعب عريق هو التضامن والتكاتف والوقوف في خندق واحد مهما كانت اشكالاتنا الداخلية. فأما ان نتطور ونحقق اهدافنا وننتصر معا، او اننا نخسر جميعا ونضع مصير اجيالنا القادمة على كف عفريت.[/b][/size][/font]

93
سامي بهنام المالح

نعم لوحدة الكلدان و لا لعزلهم عن اخوتهم



نعم ان  التنسيق و العمل المشترك و تشكيل الاتحادات و التجمعات  وصولا الى وحدة الكلدان عملية ضرورية و هامة. و لابد  لكل من يتطلع الى تعزيز و تطوير نضال شعبنا، مباركة كل الجهود الوحدوية الصادقة و تثمينها عاليا.
غير ان لاي وحدة او اتحاد اهداف اساسية، انية و استراتيجية، من حق الجميع مناقشتها و تقيمها. و على الاتحاد الذي يتأسس و يولد في ظروف تاريخية معينة، و يطمح لتمثيل ارادة الجماهير،  ان يحاور الجماهير و يستمع الى و جهات نظرها و ان يدرس ارائها و انتقاداتها  المخلصة بجدية و مسؤولية.
مما لاشك فيه  ان وحدة كل الكلدان، لا تتجسد، و لاتتمثل بتشكيل اتحاد بين عدد من الاحزاب و القوى السياسية الكلدانية، على اهمية تشكيل مثل هذا التالف او الجبهة السياسية.  ففي وضع شعبنا المعقد، و في ظل الواقع العراقي المتشابك و المعروف، تبقى قضية وحدة كل  الكلدان حول اهداف واضحة و واقعية،  و تجميع كل امكاناتهم و طاقاتهم  و تحويلها الى الفعل النضالي الموحد على الارض،  واحدة من القضايا النضالية الهامة و الاساسية.

فهناك المئات بل الالاف من الكلدان الاكاديمين و المثقفين و المهتمين بمصير شعبهم،  لهم مساهماتهم و عطاءاتهم و علاقاتهم الجماهيرية الواسعة، وهم مستقلون و ليسوا حتى مناصرين للاحزاب و التكتلات الحزبية. و هناك عدد كبير من الكلدان ممن يعملون في تنظيمات و احزاب اخرى،  لا يقلون عطاءا و اخلاصا من اعضاء احزاب الاتحاد الكلداني، و هم ايضا  يهمهم جدا ان تتوحد جهودهم،  و ان لا يغيبوا، و يتطلعون لكي يكون لهم حضورهم في تحديد مصير شعبهم.

لا خلاف ابدا على اهمية الاعتزاز بالانتماء و ابراز الهوية القومية، و خاصة ان جزءا لايستهان به من الكلدان وتحت تاثير الاحداث و الظروف القاهرة عبر التاريخ، لم يتسنى لهم الاهتمام بتطوير وضعهم القومي و تطوير الثقافة القومية واللغة، الامر الذي ادى بمجموعات منهم منتشرة في اكثر مدن العراق، الى التركيز اولا على التأقلم مع الواقع و المحيط ، و الاهتمام بالعلم و الثقافة العراقية  العامة، و بالوعي و النضال الوطني و الديمقراطي، وكذلك  السعي الى الحصول على الشهادات  العلمية و الوظائف الجيدة  لضمان حياة لائقة و كريمة. فضلا عن التمسك  الشديد  و التشبث بالكنيسة،  و بدورها كمؤسسة وحيدة قادرة على لم الشمل و المحافظة  الى حد كبيرعلى الهوية و الخصوصيات.

كما انه لا نختلف ابدا على التقيم الايجابي لتحرك كنيستنا الكلدانية و تقدير دعوتها للاهتمام بالجانب القومي و التحريض على النضال من اجل حقوقنا القومية و الدينية. ان هذا الموقف هو بمثابة انعطاف هام و اساسي، سيمد الرعية بالمسوغات الروحية و القوة،  للاهتمام بالجانب القومي وتطوير الوعي و الثقافة القومية الى جانب الاعتزاز بأيماننا و تقاليدنا و تراثنا الديني. و على حد تعبير الاب صبري مقدسي في لقائه مع اهله و رعيته في ستوكهولم،  ان المسيح الذي يدعونا الى المحبة و العمل الصالح و رفعة الانسان و التضامن، لم يقل لنا او لابناء الشعوب المسيحية الاخرى ان يتخلوا عن مشاعرهم القومية ، و لم يدعو ابدا الى التخلي عن الهوية و الخصوصية.
 نعم اننا نتفق تماما على ضرورة  تفعيل دور الكلدان و تنظيم صفوفهم و تطوير حركتهم القومية و السياسية، و العمل الجاد و الشجاع و المخلص من اجل الحصول على حقوقهم المشروعة الوطنية و القومية، و رفض التهميش و الاضطهاد و التعريب و التكريد، و محاربة الياس و اللاابالية و النزوع الى الهجرة و التغرب.

الخلاف في الحقيقة يبدأ عندما يجري التخطيط  لعزل الكلدان عن اخوتهم في الدين و الارض و التاريخ و اللغة و التراث و التقاليد، و غيرها الكثير من الاواصر و العلاقات،  التي هي اكثر بكثير من العناصر و العوامل التي توحد الشعوب الشقيقة الاخرى في العراق.
الخلاف يبدأ عندما توجه وحدة الكلدان وجهة غير عقلانية ، وعندما تستهلك طاقاتهم في صراعات جانبية محبطة.
الخلاف يبدأ عندما يتحول مشروع وحدة الكلدان الى مشروع انعزالي و محاولة لتكريس تشتت و انقسام شعبنا.
الخلاف يبدأ عندما يطرح مشروع الوحدة كمشروع متعصب  لمواجهة التعصب الاشوري ، وكرد فعل على اصرار جزء من الاخوة الاشورين على تنكرهم المدان لوجود الكلدان و مشاعرهم.
الخلاف يبدأ عندما يجري تصور الاشورين و كانهم اعداء، و اعتبارهم السبب في المظالم الواقعة على الكلدان والدعوة الى الحرب ضدهم و الانتصار عليهم. و عندما لا يجري التجاوب و بثقة مع الاكثرية الاشورية السريانية التي تنشد الوحدة وتحترم الكلدان و تريد معالجة اشكالية التسمية كأشكالية داخلية او ذاتية.
الخلاف يبدا عندما يجري رسم  حدود و تشيد عوازل و حواجز، باسم الوحدة،  في وجه كل من يجرؤ على طرح التساؤلات،  و التفكير بشكل مغاير،  و رؤية الامور من زوايا اخرى . و عندما يجري تخوين كل من يدعو الي الحوار و التلاقي و التوافق . و عندما يصر قادة الوحدة على حقهم المطلق في تمثيل الامة، و سحب الهوية الكلدانية عن كل من فكر يوما، او  يفكر اليوم  في التحالف او الوحدة مع الاشورين و السريان.

ان للكلدان و كما هو معلوم طاقات كبيرة، و لهم تجارب غزيرة في العمل و البناء و النضال الوطني و الديمقراطي، و كانوا دائما في علاقات تضامنية اخوية مع كل ابناء العراق كانت موضع تقدير و تقيم الاخرين ، و لقد و قف ابناء البلدات و القرى الكلدانية موقفا مشرفا من اخوتهم السوراي و تعاملوا معهم كابناء شعبهم و فتحوا لهم قلوبهم  و بيوتهم عند المحن.
اتذكر  جيدا و انا طفل في بداية دراستي الابتدائية كيف استقبل اهل عنكاوه بعض العوائل النازحة من القرى الجبلية البعيدة عندما تم حرقها من قبل النظام القومي البعثي المجرم في عام 1964 . حينها كنا نسال نحن الصغار عن الوافدين و عن سبب حزنهم و فقرهم. والدي ،  الذي كان رجلا صالحا و مهتما جدا بوضع شعبه، جاوب على سؤالي حين ذاك ، و فسر لي الامر بصدقه و ببساطة. قال : ان هؤلاء يا ابني هم منا ،  من اهلنا ، انهم سوراي من لحمنا و دمنا ، و علينا ان نتقاسم معهم الحال كاهل لنا ، و ليس كاغراب.

ان طاقات الكلدان و خبرتهم في العمل الوطني و الديمقراطي، و تطور وعيهم القومي اليوم،  تؤهلهم ليلعبوا دورهم التاريخي في التصدي للتعصب،  و تحمل مسؤولية تعزيز اواصر و حدتهم مع اهلهم من الاشورين و السريان.  تؤهلهم ان يتحولوا الى قاطرة للتضامن و الوحدة و ليس العكس. تؤهلهم لزرع المحبة و الالفة و الثقة و الامل، و النطر بعيدا نحو الافاق بشكل ستراتبجي،  بعيدا عن مصالح اليوم و الظروف الانية المتغيرة و المتحركة بسرعة.  تؤهلهم ان يسقوا و يرعوا و يحموا الشجرة الواحدة، كي تنمو و تكبر، يانعة باسقة خضراء، جميلة بجذعها الشامخ و بكل  فروعها و اغصانها.

 ان وضع العراق المعقد للغاية، و كل ما يحيط به،  و المخاطر الجدية المحدقة بقضيتنا و مصيرنا المشترك نحن الكلدان الاشورين السريان،  تدعونا جميعا و خاصة نحن الكلدان، الى  ان نقدم البديل الصائب و ان نبحث بصدق و اخلاص عن الحلول المناسبة،  لكل الاشكالات و العوائق التي تقف في طريق تضامننا و توحيد جهودنا و انضاج مشروعنا النضالي المشترك. فاننا ، و ان اختلفت تسمياتنا ، و ان كان بيننا من يتعصب و يتنكر للاخر، ومن يستأثر بالكراسي و المكاسب الحزبية،  و من يريد تقسيمنا و تشتيت حركتنا السياسية القومية و اجهاض قضيتنا.  فنحن رغم كل ذلك  نحتاج لبعضنا البعض. نحتاج ان نتحالف مع بعضنا بصدق و اخلاص.  نحتاج لبعضنا لنصبح صوتا واحدا، لعله يسمع، في هذا الضجيج و الصخب العراقي المخيف.  نحتاج لبعضنا كي نصبح اكثر هيبة، اكثر قوة،  و اكثر شرعية،  تاريخيا و جغرافيا و ثقافيا.

ان قضيتنا كلنا معا هي اكبر من ان تحصر باشكالية التسمية. هذه الاشكالية التي لا بد لنا ان نحلها ، بما يعزز قضيتنا و يوحدها ، و يرفعها كي تصبح قضية شعب اصيل و عريق و واحدة من القضايا المطروحة على جدول الاعمال في الوضع العراقي قبل فوات الاوان .
ليس من صالح الامة الاشورية ابدا ان تتشبث بالتسمية الواحدة، و ان  تضحي بطاقات الكلدان و السريان المختلفين معهم حول التسمية.
كما و ليس من صالح الكلدان الرد على التعصب بمثله، و طرح البديل الخطأ القاتل في تقسيم شعبنا الى ثلاث  قوميات منفصلة في الدستور. و ليس من صالح السريان تقليد المتعصبين و الوقوع في شراك العزلة.
المصلحة الحقيقية للجميع ( و اقصد مصلحة الشعب المسكين و ليس مصلحة القادة و من يمارس السياسية كمهنة و وظيفة) تكمن في الحوار المستمر و الاحترام المتبادل و لم الشمل و التضامن و الصدق و الثقة، و تكمن في  الاصرار بشرف على تبني برنامج نضالي موحد ، واضح و شجاع ، و باستقلالية تامة. برنامج موحد للدفاع عن الشعب الواحد و احقاق حقوقه الواحدة و تثبيتها في الدستور.

لا يمكن  لسياسي، اشوري او كلداني او سرياني ،  واعي و مخلص ، ان يقنعنا، بان السلطات العراقية و الحركة السياسية و الشعوب الشقيقة في العراق، ستقر و ستضمن حقوق قومية ، مختلفة  ، اشورية و اخرى كلدانية و اخرى سريانية ، تجاوبا مع اصرار قادتنا المتعصبين على تقسيمنا الى ثلاث كيانات، او قوميات او امم او شعوب عريقة كما يدعي الجميع.
و لا يمكن  لمخلص و جدي  ان يقنعنا، بان حقوق الاشورين تختلف عن حقوق الكلدان و تختلف عن حقوق السريان.
ففي واقع التداخل و التشابك و الاختلاط و االتصاهر، و اللغة الواحدة و الثقافة المشتركة و الجغرافيا و التاريخ واتراث و التقاليد و.....الخ  يكون من المستحيل تقسيم حقوق شعبنا الواحد، الدينية و الثقافية و الادارية،  و تجزئتها،  و ضمانها  دستوريا و قانونيا.
فتقسيم شعبنا و جعله ثلاث قوميات يعني تقسيم حقوقنا الغير مضمونة اصلا. لا بل يعني ذلك، من الناحية العملية و السياسية،  تفتيتها و التخلي عنها.

هل حقا لا يدرك ابائنا الروحانين و قادتنا  و ممثلينا في الجمعية الوطنية اهمية و حدتنا و تجميع قوانا، وفي هذه المرحلة الحساسة و المصيرية،  لكي تصبح جزءا هاما من مجموع القوى العلمانية و الديمقراطية العراقية  و من نضالها الصعب في سبيل عراق علماني ديمقراطي مزدهر.
هل حقا يعجزون عن التفكير المنطقي، و رؤية الواقع كما هو، و التعلم من تجارب الغير في عراق اليوم.



نعم ان وحدة الكلدان و نهضتهم القومية و اعتزازهم القومي،  امر هام و اساسي لتطوير نضال شعبنا الكلداني الاشوري السرياني. و لذلك عليهم تحمل المسؤلية  لايجاد السبل و الطرق الكفيلة بتعزيز اواصرالوحدة و تجميع الطاقات و توجيهها في خدمة اهداف شعبنا كله، في خدمة الكلدان و اخوتهم و ابناء شعبهم الواحد.

 لتكن وحدة الكلدان، قوة جذب، و محور تجميع، و اداة لمواجهة التعصب و التشتت. لتكن وحدة حكيمة و صادقة و خاضعة لمصلحة شعبنا العليا.  لتكن وحدة مستقلة سياسيا و جماهيرية من اجل حقوقنا كشعب، و ليس للقتال من اجل التسمية و حسب. 




94
الاخ العزيز ماهر يعقوب
تقبل تحياتي و ودي الاخوي
الشهيد بالنسبة لي هو كل من يضحي بحياته من اجل المباديْ و القيم الانسانية و الحقوق العادلة و المشروعة لكل الشعوب. الشهيد هو من يعطي حياته وهو يرفض الذل و الاضطهاد و الظلم و الحرب و كل ما يحط من قيمة الانسان و العلاقات الانسانية. من الطبيعي ان يفتخر كل شعب بشهدائه. و لكون الشهادة او التضحية من اعلى درجات الاخلاص و السمو فيحاول كل حزب و كل جماعة ان يبرزو شهداءهم. و ككل القضايا والاختلافات و التباينات بين الملل و الشعوب و الثقافات و الانتماءات العرقية و الدينية و الايديولوجية، تختلف ايضا النظرة الى قضية الشهادة و تقيم من هو الشهيد.
بالنسبة لشعبنا الكلداني الاشوري السرياني اعتبر انا كل من قدم نفسه دفاعا عن القم و الاخلاق و الدفاع عن الارض و الشرف و الكرامة و العدالة الاجتماعية و الخصوصية الدينية و القومية شهداء و افتخر بهم جميعا و هم ثروتنا و تراثنا و اعتزازنا. فانا لا اعتبر شهداء شعبنا شهداء لحزب واحد او منظمة واحدة او طائفة واحدة. فمن شهدائنا اللالاف من الابرياء الذين تشبثوا بدينهم و قوميتهم وكانوا من الكلدانالاشورين السريان. و من شهداء شعبنا من دافع عن القيم الوطنية و المباديْ الديمقراطية و القيم الانسانية و العدالة و تحرير الانسان و النضال الطبقي و القومي.
انها دماء غزيرة اختلطت لنير دربنا كشعب نتطلع كي نعيش بكرامة و بحقوق و كمواطنين متكافئين على ارض ابائنا و اجدادنا.
لك ثانية ودي و تقديري.
سامي المالح

95
مجدا شهداء شعبنا
[/b]

سامي بهنام المالح

من حق شعبنا الكلداني الاشوري السرياني،   ان يفتخر بالتضحيات الجسيمة التي قدمها من اجل ،  بقائه واصراره على التعايش الاخوي مع الشعوب الشقيقة ، ومن اجل حرية الوطن وتطوره وازدهاره.  ومن حقه، بل ومن واجبه ايضا،  ان يمجد المواقف البطولية لخيرة بناته وابنائه ،  الذين و هبوا حياتهم رخيصة من اجل الانسان وقضاياه العادلة. فهؤلاء، الشهداء ، بتلاوينهم ، وانتماءاتهم ، وتسمياتهم ، يشكلون بارواحهم الطاهرة ، وببسالتهم وشجاعتهم  ، وبايمانهم الراسخ وحبهم الكبير للتغير والتطلع للافضل ، وبارادتهم الصلبة لمواجهة الواقع المزري ورفضه ، وباستعدادهم للتضحية باغلى ما يملكه الانسان ، هؤلاء جميعا يشكلون هالة المجد ، ونبراسا ، وسراجا ، ووساما ، لشعبهم الكلداني الاشوري السرياني ، ولكل ابناء العراق ، وللوطن ومستقبله.

ان السابع من اب ، الذي اقر في البداية كيوم للشهيد الاشوري ، هو بحق ذكرى اسمى بكثير من ان تسيس ،  او تشوه في اطار الصراعات الغبية ،  من اجل الكراسي والمناصب والمصالح ، او القتال من اجل هذه التسمية او تلك واستخدام ذلك كمبرر مرفوض ومفضوح ، لقتل الامل واغتيال الحلم المقدس الذي و هب شهدائنا الابرار ارواحهم من اجله.

ان السابع من اب ، يوم لتخليد كل شهداء شعبنا الواحد ـ الكلداني الاشوري السياني . هذا الشعب الذي اختلطت دماء ابنائه في ساحات المواجهة والمقاومة والنضال. الدماء الزكية التي اصبحت شاهدا ساطعا لتاريخنا المشترك، المعاناة والمظالم والمرارات. الدماء التي اصبحت عنوانا لمصيرنا المشترك ،  واصبحت الدرب المعبد المنير الواحد لمسيرة حياة اجيالنا القادمة.

التاريخ المعاصر لعراقنا الجريح ،  يشهد ،  باننا وكشعب مسالم ومثابر على العمل والبناء ، كنا في مقدمة ابناء العراق في تقديم التضحيات من اجل استقلال البلد وتحرره ، وكنا سباقين في تنظيم وتقوية الحركة الوطنية العراقية وتقديم القرابين من اجلها ، وكنا من رواد العمل الديمقراطي والثقافي والفني ، وكنا أيضا عاملا هاما وفعالا في تعزيز اواصر الاخوة والمحبة والتضامن والنضال المشترك.

واليوم ،  وكما في الامس ،  يقف شعبنا ، وبكل ما يملك من طاقات وكفاءات ، في الصفوف الاولى ، ليساهم في بناء العراق المثخن والنازف ، وليقدم التضحيات من اجل غد مشرق لكل عراقي مهما كانت انتماءاته ، لكل انسان في هذا الوطن المشترك . ان شعبنا يعمل بكل اخلاص ،  وبالهمة المعروف بها ، من اجل السلام والامن والاستقرار، ويتطلع في الوقت ذاته وبشوق ، الى اقرار دستور ديمقراطي عصري ، يضمن حقوقه الوطنية والقومية والدينية ، كما حقوق كل القوميات والطوائف والاطياف العراقية ، كي يتسنى للجميع ومن خلال المشاركة و التكافؤ  والاحترام المتبادل ،  وبغض النظر عن الاقلية والاكثرية ، المساهمة الفعالة والايجابية لبناء نظام ديمقراطي حقيقي،  يقطع الطريق على بروز دكتاتورية جديدة ،  او تأسيس نظام شمولي جديد بإسم الإسلام او العروبة او غيرها.

لتكن ذكرى تمجيد شهداء شعبنا الخالدون ، حافزا للعمل المخلص والجاد ، من اجل تجميع كل الطاقات والقدرات ، ولتوجيهها في خدمة تقديم قضية شعبنا الواحد كقضية و احدة ـ شعب يريد الحرية والكرامة والامان والتكافؤ والمواطنة الكاملة والغير منقوصة .
 ليقف قادتنا من كل الاحزاب،  وابائنا من كل الكنائس،  متأملين قداسة التضحيات التي جسدتها شهادة الالاف عبر التاريخ المشترك ، وليمدوا ايديهم الى بعضهم لتتكاتف في المحبة والعمل والارادة في هذا الزمن القاسي والمعقد. هذا الزمن الذي يحتاج فيه ، كل واحد منا ،  الى حب ودفأ وعقل وعمل اخيه ، كي نعيش بكرامة ، ولكي نضمن المستقبل لاولادنا واحفادنا. ولكي نكون اوفياء لحلم الشهداء ،  ولكي ترتاح ارواحهم الطاهرة وتبارك جهودنا. [/size]

96
الاخوة الاعزاء المشاركين في الاجتماع الموسع في بغداد
لكم جميعا كل الحب و التقدير و انتم تجتمعون و تجلسون معا،  ابناء شعب واحد باسماء و تلاوين عزيزة تستحق جميعها الفخر و الاعتزاز ،و تناقشون قضية هامة و مصيرية ، و في هذا الوضع المعقد و الصعب مؤمنين بضرورة الوصول الى الحل الانسب لاشكالية التسمية و التي يجب ان تكون موحدة واحدة لجميعنا كشعب اصيل على ارض العراق العزيزة ، لكي نزداد بها ، مهما كانت و وفق قناعة الاكثرية ، وحدة و قوة و هيبة من اجل احقاق حقوقنا الواحدة و ضمانها في الدسور غير منقسمة و غير ناقصة. اننا هنا في السويد و باسم الالاف من ابناء جاليتنا الداعين  الى و حدة الجهود و الارادة و الذين يعبرون يوميا في الندوات الجماهيرية و النشاطات الثقافية و الاجتماعية و اللقاءات السياسية عن املهم و قناعاتهم بضرورة التحاور و التفاهم و الاتفاق و ضرورة حل اشكالات نضال شعبنا في الوطن باسم هؤلاء جميعا ندعم جهودكم المخلصة و نطب منكم بالحاح توسيع لقاءاتكم و الاتصال بالجميع و لم الشمل دون شروط او انحياز و العمل باصرار بضم ممثلينا في لجنة صياغة الدستور و ممثلي كنائسنا و اخرون كثيرون من المستقلين بغية تحويل هذا اللقاء المبارك الى لقاء للعمل و الامل و التاسيس لحالة ايجابية و تضامن عام شامل و و ضع قضييتنا الواحدة كشعب فوق اي اعتبار اخر.
و بودنا ان نعلمكم باننا في السويد قد شكلنا لجنة واسعة من الاكاديمين و الناشطين من المستقلين هدفها الاساسي هو دعم جهود الوحدة و صيانة حقوقنا الواحدة  و بتسمية موحدة يتفق عليها و ستعمل من اجل خلق حركة جماهيرية واسعة تدعم الجهود المخلصة لتعزيز نضال شعبنا و تقف ضد كل المشاريع التقسيمية و ضد التعصب و الهيمنة و الفرض وغيرها من الامور التي تضعف شعبنا و تهدد وحدته.
نحاول جاهدين الاتصال بكم و بالاخوة نوري بطرس عطو و يونادم كنا و اخرون لكي نعبر عن دعمنا لكل هذه الجهود و لنوجه لكم ندائنا بضرورة العمل الجاد و الانفتاح و ضرورة التوافق و التضحية بالصغائر و الثانويات من اجل مستقبل ابنائنا.
لكم ثانية كل الود و التقدير و الاعتزاز و التمنيات بالنجاح و الخروج بنتائج طيبة

سامي بهنام المالح
السويد ـ ستوكهولم

97
سامي بهنام المالح

شعبنا و قضايا الدستور الساخنة

صرح اكثر من عضو من اعضاء لجنة صياغة الدستور،  بان اللجان الفرعية اكملت لحد الان الجزء الاكبر من عملها، و يقال  ان ما يقارب من الثمانين بالمائة من الدستور قد تمت صياغته دون اختلافات و تعقيدات كبيرة. الا انه يتم التأكيد في الوقت ذاته، على ان ما تبقي من الامور هي  الامور العقدية و القضايا  التي هي موضع خلاف و التي تحتاج الى المزيد من المشاورات و المناورات و المساومات و العودة الى المراجع السياسية و الدينية. ما هي هذه العقد و ما علاقتها بحقوق شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في العراق؟ ان العقد الجوهرية الساخنة هي :
ـ  مصادر الدستور و التشريع
ـ  علاقة الدين بالدولة
ـ  طبيعة النظام الفدرالي الموحد
ـ  حقوق المرأة
ـ  مكونات الشعب العراقي واسس تسميتها

من المعلوم ان اغلب القوى السياسية العراقية تطالب بدستوري علماني عصري ديمقراطي، وانها تعمل للوصول الى هذا الهدف من خلال تنويع مصادر الدستور وعدم الاقتصار على الاسلام كمصدر وحيد او الاساسي. احد المقترحات العملية والمنطقية هو اعتماد لائحة مبادأ حقوق الانسان والمواثيق الدولية التي تعتمدها الامم المتحدة، لضمان حقوق الانسان العراقي الاساسية والتأسيس للمواطنة المتكافئة، بغض النظر عن الانتماءات الدينية والقومية والطائفية والاكثرية والاقلية.
ان هذا المقترح، او بالاحرى هذه الوجهة، هي الوجهة التي يتبناها تيار العلمانية واغلب التكتلات السياسية وهي في الحقيقة تنسجم جدا مع طبيعة شعبنا الكلداني الاشوري السرياني وانتمائه الديني. فمن المفروض ان تكون كل الاديان مصادر للتشريع ولصياغة الدستور. ويجب احترام جميع الاديان، ويجب ضمان حرية ممارسة الطقوس والتقاليد الدينية للجميع ، بغض النظر عن الاكثرية والاقلية.

الامر االمهم الاخر الذي يجري التاكيد عليه هو فصل الدين عن الدولة. ان هذا الفصل ضروري جدا لمنع بروز وقيام دولة دينية موجهة يستولي فيها رجال الدين على كل السلطة، او تأسيس نظام حكم اسلامي كما في ايران او كما كان في افغانستان. فالديمقراطية التي يتطلع اليها الاغلبية الساحقة من ابناء العراق هي الديمقراطية العلمانية ، التي تتاسس من خلال انتخاب السلطة التشريعية و التنفيذية، والفصل الكامل بين السلطات الثلاث  والاحترام المطلق للقضاء المدني، و ضمان التداول السلمي للسلطة، و ضمان الشراكة التامة لكل مكونات الوطن والحقوق الاساسية للمواطن: حق العبادة وحق التعبير عن الرأي والنشر و التنظيم الحزبي والمهني وحق التجمع والتظاهر والاضراب.

ومن القضايا الساخنة الاخرى والتي لها علاقة بوضع شعبنا وحقوقه السياسية والادارية هي قضية الفدرالية. طبعا ان من مصلحة شعبنا ان يكون وطننا موحدا وقويا و متطورا، وان الفدرالية التي هي اتحاد اختياري وشراكة على اساس التكافؤ وتقليص المركزية، هي الحل الانسب لحالة مجتمع متعدد القوميات عانى كثيرا من شوفينية القومية السائدة والسلطة الدكتاتورية، على ان تضمن الفدرالية الحقوق القومية الكاملة لابناء الشعوب التي هي اقل عددا والتي تعيش متوزعة في اكثر من منطقة جغرافية كما هو حال شعبنا.
ولذلك فمن حق شعبنا ان يثير الاهتمام بوضعه في فدرالية اقليم كردستان او اي فدرالية اخرى، وان يطالب بتثبيت الصيغ القانونية للحصول على حقوقه السياسية والادارية وانعاش وتطوير مناطق سكناه التاريخية والمحافظة على طابعها القومي واسترجاع كل القرى والاراضي، وتوفير الظروف القانونية والامنية والاقتصادية لعودة الالاف من المهجرين قسرا والالاف من المهاجرين بحثا عن الامان والحياة الكريمة.

قضية المرأة وحصولها على حقوقها كاملة كانسانة متكافئة ومتساوية للرجل هي قضية ديمقراطية واساسية في بناء نظام علماني معاصر وديمقراطي. فبناء البلد يحتاج الى طاقات نصف المجتمع المتمثل بالمرأة، والمرأة تحتاج الى العمل والمشاركة في العملية الانتاجية والخلق والابداع،  لكي تتطور ولكي تتحرر اقتصاديا ولكي تتحمل مسؤولية قرارها وخيارها في الحياة،  بعيدا عن تسلط الرجل وهيمنة سلطته ومصالحه. فالنضال من اجل حقوق المرأة هو نضال حقيقي من اجل العدالة الاجتماعية ومن اجل الديمقراطية. لقد لعبت المرأة المسيحية في العراق دورا رياديا ومشرفا في الكثير من المجالات، و حققت مع اخواتها الكثير من الحقوق الاساسية المشرعة في قانون الاحوال المدنية. ان هذه الحقوق مهددة اليوم وعلى كل القوى الانتباه والتهيؤ للدفاع عنها وتطويرها. ان الديمقراطية التي لا تقر الحقوق الكاملة للمرأة ليست بديمقراطية، و ان المجتمع الذي لا يضمن حرية المرأة المتساوية مع حرية الرجل ليس بمجتمعا حرا.

كما وان اعتبار الشعب العراقي يتكون من قوميتين رئيسيتين، وثم تعداد القوميات الاخرى كاقليات وكانها ثانوية، ليس امرا عصريا وديمقراطيا. ان هكذا صياغة تتناقض مع مفهوم المواطنة المتكافئة، وتؤسس لتميز مبني على اساس الاكثرية والاقلية. ان الحل الامثل والمعاصر هو عدم ذكر القوميات في الدستور، والاكتفاء بالاشارة الى ان العراق هو بلد متعدد القوميات والاديان والطوائف. اما اذا ما ذكر اسم قوميتين فيجب التخلص من اعتبارها اساسية،  ويجب في الوقت ذاته ذكر القوميات الاخرى باسمائها دون اي اشارة الى انها اقلية او ما شابه.

وهنا تبرز مشكلة التسمية بالنسبة لشعبنا الكلداني الاشوري السرياني، الذي بمجموعه وكونه شعب واحد لم يحصل لحد الان على موقعه الطبيعي. اذ هناك اصرار على انه ياتي في الخانة الرابعة بعد الاخوة التركمان.  هذا هو الواقع  في حال وحدتنا واتفاقنا على تسمية واحدة ،فكيف يكون الحال اذا ما استجابت لجنة صياغة الدستور الى نداءات بعض الاحزاب والكتل السياسية والاباء من رجال كنائسنا،  الداعية الى تثبيت اسمائنا منفصلة والتي ستؤدي بالنتيجة الى تقسيمنا وثم تقسيم قضيتنا وثم تقسيم حقوقنا. ومن هنا، على كل الاطراف وكل الاحزاب وكل الكنائس، ان تدرك خطورة الاستمرار على حالة التشتت والانقسام،  وعدم التوافق وعدم الوصول الى حلول تضمن لنا وحدتنا النضالية كشعب واحد، لكي نزداد هيبة واحتراما، ولكي نوحد قضيتنا ونوحد مطاليبنا، وثم نوحد حقوقنا الدينية والقومية ـ السياسية والادارية والثقافية.

ان مستقبل شعبنا الكلداني الاشوري السرياني في العراق مرتبط عضويا بمستقبل العملية السياسية ومدى النجاح في العمل من اجل عراق علماني ديمقراطي فدرالي موحد ومزدهر. وعليه فان نضال شعبنا هو جزء هام واساسي من نضال القوى العلمانية الديمقراطية، وان تعزيز الوحدة النضالية لشعبنا وحصوله على حقوقه المشروعة هو تعزيز للديمقراطية وازدهار العراق.

98
سامي بهنام المالح

تحالف القوى العلمانية و الديمقراطية و اليسارية حاجة ملحة


ان ابرز الملامح التي يمكن رصدها عند تحليل لوحة الوضع العراقي، و التي تضع كل قوى المجتمع المدني و الاحزاب و التكتلات العلمانية الديمقراطية و اليسارية امام مسؤوليات و مهام مشتركة هي:

اولا ـ  تداعيات الاوضاع  في المجتمع و الدولة العراقية نتيجة الحرب و انهيار السلطة الدكتاتورية الدموية و الاحتلال الذي نجم عنها، و الذي اصبح شرعيا بقرارات من مجلس الامن الدولي.

ثانيا ـ تدهور الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و تفشي البطالة و الفقر من جهة و توسع ظاهرة الفساد الاداري و نهب ثروات البلد من جهة اخرى.

ثالثا ـ  استمرار النشاط الارهابي المنظم و الواسع و تدهورالاوضاع الامنية في البلد.

رابعا ـ نتائج انتخابات كانون الثاني 2004 و الواقع السياسي العراقي الجديد
الذي كرسته على الارض.

خامسا ـ مواجهة استحقاقات عملية كتابة الدستور و التهيئة للانتخابات المقبلة.

ان بناء تحالف واسع لكل القوى التي تناضل من اجل تطوير العملية السياسية و مواجهة الارهاب المنفلت يمر عبر الاستعداد للقيام بالاعمال و النشاطات و الفعاليات الجماهيرية المشتركة. فعلى هذه القوى ان تنحاز الى الجماهير
المسحوقة و المحرومة و الطبقات الوسطى و ذات الدخل المحدود، كي تستنهضها من خلال الدفاع الملموس عن مصالحها، و قيادة تحركها من اجل مطالب ملموسة حيوية يومية و تدريبها على الاستفادة من حرية الراي و التعبير و التظاهر و الاضراب و حرية التنظيم دفاعا عن مصالحها، ولانقاذها من شرك التعصب القومي و الطائفية و العشائرية و المناطقية و كل ما يضعف الانتماء الوطني و الوعي الديمقراطي.

القوى الديمقراطية و اليسارية مطالبة بتبني برنامج نضالي واضح و متميز و مفهوم لاوسع القطاعات و الشرائح. برنامج يستوعب هموم الناس و حاجاتها الملحة و كل ما يجذبها للعمل و يثيرها على الحركة لتحقيق ما هو ملموس في تحسين
ظروفها و حياتها اليومية و يؤمن لها الاستقرار و يمنحها الامل بمستقبل افضل.
 ان الوصول لصياغة هكذا برنامج يتطلب الحوار و التفاهم و الشفافية و الاستعداد التام لتجاوز الاختلافات الايديولوجية و الفكرية، و الاتفاق حول القواسم المشتركة، و الوقوف معا كقوة فعلية موحدة للتأثير على الاحداث و الضغط على القوى المهيمنة و التي تتقاسم السلطة و النفوذ. ان صياغة هكذا برنامج يتطلب ايضا ايجاد الاليات و الوسائل الفعالة للوصول الى اوسع الجماهير لضمان تحسس نبضها و الوقوف على معاناتها واحترام ارائها و مواقفها و تقيمها للامور.

النوايا الحسنة و اصدار البيانات و النداءات و التقارير لم تعد تكفي. فالقوى القومية و الاسلامية و الطائفية التي رتبت امورها و شكلت تحالفاتها و حققت الانتصارات، ماضية في تعزيز مواقعها و التاثير على تطور الاوضاع و فرض رؤيتها
بغية رسم ملامح عراق المستقبل المنسجم مع مصالها الاستراتيجية.  فمن الاهم المبادرة للجلوس على طاولة الحوار و التفاهم و التوافق لايجاد القواسم المشتركة و التخطيط للاعمال المشتركة و بناء الثقة و العلاقات التضامنية.
انها معركة واحدة و مصيرية، على كل من يريد عراقا ديمقراطيا متحررا و مزدهرا بكل ابنائه دون اي تميز، ان يخوضها معا.
ثمة عشرات من التشكيلات و المنظمات و الجمعيات و المجالس و الهيئات و اللجان التي تعلن عن برامجها من اجل دستور علماني ديمقراطي و من اجل عراق ديمقراطي فدرالي موحد. و عند تحليل و دراسة كل هذه البرامج و الاهداف المعلنة، و خاصةالموقف من قضايا الدين و الدولة، وقضية الفدرالية و قضية المرأة و اسس المواطنة المتكافئة دون اي تميز عرقي او ديني اوطائفي .. الخ ،  يصعب ايجاد اختلافات جدية و مبدأية تفرقها. ومن هنا تبرز شرعية التساؤل:

ما الذي يمنع كل هذه المنظمات و اللجان و التشكيلات ان تقترب من بعضها و ان تعمل معا و ان تهيْ الاجواء لقيام جبهة عريضة ذات برنامج موحد لمواجهة الاهداف المشتركة؟
ان نتائج التشتت و عدم الوضوح و التلكؤ في تجميع القوى و الاتفاق على القواسم المشتركة، واضحة و جلية. ان لاستمرار
في هذا التلكؤ و التاخر في المبادرة لتجاوز كل ما يعيق العمل المشترك و تجميع القوى سيؤدي الى انحسار الوعي الوطني الديمقراطي، و الى ترك الجماهير المسحوقة فريسة للقوى القومية المتطرفة و الطائفية و السلفية و لتاثيراتها
الفكرية.

لعله من المفيد التذكير، بان واحدة من المشاكل و العقد التي تعيق عملية تجميع القوى العلمانية الديمقراطية و اليسارية هي مشكلة تحديد من هي و تعريف ماهية هذه القوى. الكل ينطلق من كونه هو الديمقراطي و ان برنامجه اكثر ديمقراطية من غيره من البرامج و انه هو الجدير بقيادة و تمثيل هذا التيار. و كذا الحال بالنسبة لليسار و القوى و التجمعات و الاحزاب التي تدعي بانها تمثل اليسار. ان احد الحلول لهذه الاشكالية بتقديري هو جمع و تنظيم طاقات كل القوى الغير حزبية ، التي لا تنتمي الى التنظيمات الحزبية، بشكل مستقل بعيدا عن المصالح الحزبية، اشخاص و هيئات و لجان و مجالس و الناشطين في المؤسسات الثقافية و الاجتماعية و الرياضية، في داخل العراق و خارجه، و التي تريد العمل من اجل اهداف مشتركة انية و استراتيجية. اما الاحزاب و المنظمات الديمقراطية و اليسارية، فبامكانها، بل و المطلوب منها بالحاح، ان تتجاوز صراعاتها و اختلافاتها الفكرية و الايديولوجية و ان تبدأ بالتشاور و العمل للاتفاق على الاهداف الانية و الاستراتيجية المشتركة.
انه تحدي كبير تفرضه الظروف و الوقائع على الارض، و لا سيما، ان كل هذه القوى و الاحزاب التي تتناقض فكريا و تتهم بعضها باليمين و التطرف و..الخ ، تقر و تعلن مرارا بانها لا تقوي و لاتستطيع مواجهة التحديات و المهام الجسيمة
بمفردها.

و من الطبيعي ان تتضامن و تتفاعل القوى العلمانية الديمقراطية الغير حزبية و المتحررة من القيود الايديولوجية مع تجمع او جبهة الاحزاب و القوى الديمقراطية و اليسارية و ان تدعم نشاطاتها السياسية و ان تراقب ادائها في ان
واحد.

ان واحدة من اهم المهمات التي تواجهها قوى المجتمع المدني و القوى المؤمنة بالقيم الديمقراطية هي بناء و تشكيل الرأى العام. فمن الهام جدا اثارة الامور الهامة و العقدية لمناقشتها و نشرالمعلومات و توفير الاحصاءات و الوثائق و
تحليلها و مناقشتها علنا و بشفافية، و بروح علمية معاصرة، بغية وضعها في متناول المواطن و تكوين رأى عام واسع جماهيري ضاغط و فعال.
فالجماهير و الشعب الواعي، و المتطلع على الوقائع و الحقائق، هو وحده الذي يبني الوطن و يختار ممثليه بوعي و يحدد مستقبله السياسي

99
الاخت العزيزة كاترين
لك كل التقدير و الاحترام لاثارتك قضية هامة و مصيرية من قضايا تطور المجتمع ، و قضية هامة و معقدة من القضايا الساخنة على جدول العمل في لجنة صياغة الدستور. قضية المرأة هي واحدة من القضايا الديمقراطية، فلا يمكن لمجتمع او شعب من بناء نظامه الديقراطي ما لم يحقق للمرأة كل ما يجعلها حرة و  متكافئة مع الرجل في الحقوق و الواجبات. و من المعروف فان حق العمل و التحرر الاقتصادي هو الشرط و الضرورة الهامة التي يسمح للمرأة من ممارسة دورها في المجتمع و يعطي لها الامكانية في التطور و تقرير مصيرها باستقلالية و وعي.
 ان المرأة العراقية ناضلت و حققت الكثير من الحقوق التي باتت اليوم موضع نقاش و مهددة بالتقلص ، و لذلك على كل القوى الديمقراطية و اليسارية و العلمانية تبني قضية المرأة من جهة ، و العمل الجاد من جهة اخرى على مساعدة المرأة نفسها و منظماتها المختلفة على تعزيز نضالها  و توحيد جهودها، لمواجهة المشاريع و التوجهات التي تريد تهميش المرأة و تحويلها الى تابع و حصر دورها بالتواجد في المطبخ و في خدمة الرجل و بشروط و تشريعات القرون الوسطى المرفوضة.
 و هنا بودي ان اوكد بان قضية المرأة و حقوقها و تحررها هي من القضايا الاساسية التي تمس وضع شعبنا الكلداني الاشوري السرياني و حصوله على حقوقه المشروعة. فكلاهما من المواضيع الساخنة و الموقف منهما هو المحك و المقياس في العمل و الممارسة الديمقراطية.
فلا عراق ديمقراطي دون  ضمان حقوق المرأة و دون  ضمان كامل الحقوق القومية و الدينية لشعبنا.
لك كل الود و التقدير مع الاماني القلبية
سامي بهنام المالح/ ستوكهولم

100
الاخوة الاعزاء جمال مرقس و سعيد من الموصل
كم تحياتي الحارة و تقديري لرأيكم و اسمحوا لي هنا ان اوضح لكم ما يلي:
انني في مواقفي و توجهاتي الهادفة الى تجميع كل قوى شعبنا و توجيهها باتجاه مواجهة الظروف العصيبة التي تواجهنا لا اجامل اي طرف على حساب الطرف الاخر. وانني لا انطلق ابدا من مواقف شخصية و يهمني جدا ان اعزز علاقاتي الاخوية بالجميع و في نفس الوقت لي كلمل الحق في توضيح الحقائق و الانتقاد و مناقشة المواقف المختلفة و بشكل حضاري و اخلاقي و علمي. وبودي ان اذكركما بانني كنت و لا ازال ابدأ مواقفي من انتقاد التعصب الاشوري الذي اعنتها جهارا منذ عشرات السنوات بانه لايخدم الاهداف الاستراتيجية لشعبنا المغلوب على امره. ان الكثير من التعنت و التعصب الكلداني هو رد فعل على التعصب الاشوري. ان الاهم الاهم بالنسبة لي هو اننا الكلدان نستطيع بوحدتنا و طاقاتنا و اصرارتا على ان نكون اقوياء جامعين ان نتحول الى الدينامو و الماكنة التي تؤسس لترسيخ العناصر التي تضمن وحدتنا النضالية و اننا مؤهلين اذا ما تخلينا عن تعصبنا و الاصرار على تقسيم شعبنا الى ثلاث قوميات مستقلة ان نجم الاخوة الاشورين و السريان الذين يريدون الوحدة وهم كثيرون جدا جدا.
فالشعب ليس التنظيمات السياسية المتطرفة و التي لاتقر بوجود الكلدان او السريان و يريدون فرض التسمية الواحدة. انني اوكد بانكم تستطيعون ان تدرجوا الكلدان كقومية مستقلة و هذا ما يريده العرب و الاكراد و التركمان لانهم يفهمون افضل منا معنى و مغزى ذلك ستراتيجيا. و لكنني اعلم جيدا بان هذا ليس بالحل الافضل و الانسب و اننا جميعا الكلدان الاشورين السريان نحتاج الى حب و قوة وتضامن بعضنا و الى تطوير لغتنا المشتركة و تاريخنا و تراثنا و ايماننا المسيحي الواحد و حياتنا الاجتماعية التي و بحكم تطور الحياة و العلم و الواقع الاقتصادي و الجغرافي تصبح حياة مشتركة تتجسد في التداخل و الزيجات و المعايشة اليومية و على مقاعد تعلم اللغة و غيرها. و الشيْ الاخير الذي يجب ان تعلموه هو انني او غيري ممن له اراء و توجهات اخرى ليس اقل كلدانية منكم و ليس اقل اخلاصا منكم . فخدمة الشعب ليست فقط بالانتماء الى حزب او ترديد شعارات او مزايدات قومية. و انكم تعلمون جيدا ان لكل واحد منا تاريخه و مواقفه التي تتكلم عن اخلاصه و نزاهته. لكم الود و التوفيق
سامي المالح

101
سامي بهنام المالح
22ـ06ـ2005

ليس من الحكمة اختزال قضية شعبنا و حقوقه بأشكالية التسمية


المتتبع للاوضاع في العراق يرصد بجلاء نجاح و تقدم القوميات و الطوائف و المجموعات الدينية  المختلفة،  بأستثنائنا نحن، في تنظيم امورها و رص صفوفها  لمواجهة استحقاقات المرحلة و عملية كتابة الدستور الدائم. فالكل بأستثناء  شعبنا الكلداني الاشوري السرياني منهمك في التهيئة للمشاركة في عملية كتابة الدستور و تحقيق اكبر ما يمكن من المصالح و الاهداف. الشيعة رغم الخلافات الكبيرة بين احزابهم و مراجعهم متفقون و لهم تحالفهم العريض الذي حقق الانتصار لهم جميعا، و السنة يتسابقون مع الزمن و يريدون تعويض ما فاتهم من عدم مشاركتهم في الانتخابات و شكلوا تحالفهم الضاغط لفرض مشاركتهم الواسعة و الفعالة في العملية السياسية. و لا حاجة للحديث عن الاكراد وانتصاراتهم و عن تصميمهم لوضع مصالحهم القومية العليا فوق خلافات القطبين المعروفة. و الاخوة التركمان يعملون بوتائر قياسية لتجاوز لخلافات و يبنون جبهتهم القومية، و كذلك الامر بالنسبة للاخوة الصابئة و الايزيدين والاكراد الفيلين. و قوى المجتمع المدني العلمانية و الديمقراطية و اليسارية تحث الخطى هي الاخرى لتجاوز تشتتها و خلافاتها الايديولوجية  و العمل معا في تحالف واسع من اجل دستور علماني ديمقراطي. الكل في حركة و نشاط لجمع الطاقات و رص الصفوف، ما عدانا نحن.

 اما نحن، فالكثير من احزابنا و تكتلاتنا القومية الاشورية و الكلدانية، تستمر في تصعيد الخلافات و تتبارى في اصدار البيانات و ارسال الرسائل والبرقيات لرئاسة الجمهورية و المجلس الوطني و رئاسة الوزراء و لحكومةالاقليم مطالبة اثبات التسمية الاشورية الخالدة او تثبيت اسم الامةالكلدانية. ان هذه الاحزاب و التجمعات و التكتلات و التي تذيل في بعضالاحيان رسائلها بتواقيع لاحزاب و منظمات و مؤسسات دون علمها او مناقشتها اوموافقتها تدعي انها تمثل الشعب الاشوري كله او انها تمثل الشعب او القوميةاو الامة الكلدانية كلها، و هم يعلمون جيدا ان ادعائهم هذا باطل و كاذب. انهذه الاحزاب التي تناشد الاشقاء العرب و الاكراد الذين يتقاسمون السلطة،تثبيت هويتهم القومية و يستنجدون بهم للانتصار على الطرف الاخر، انما يخسرونهيبتهم و يكشفون عن ضعفهم و يكرسون تشتت شعبهم و انقسامه و يقدمون نفسهمفرسانا لمواصلة المعركة مع ابناء قومهم،  و هم في الواقع، شاءوا ام ابوا،بوعي او بغير وعي،  يدعون اشقائنا من العرب و الكرد للتدخل في شؤونهم  ولتقديم الدعم لهم لتأجيج معركتهم و الانتصار لهم على اخوتهم.

التعصب الاشوري/

ان التجمع الوطني الاشوري الذي لا يريد فهم الواقع و لا يريد التحاور والتفاهم و تهيئة الاجواء لجمع الطاقات و رص الصفوف يستطيع طبعا المطالبةبتثبيت التسمية الاشورية و يستطيع ايضا ان يترك الاخرين ان يختاروا ما يشاؤامن اسماء. ولكنه في هذه الحالة لا يستطيع ان يتهرب من المسؤولية التاريخية فياصراره على تكريس تقسيمنا و شرعنته دستوريا. انه بذلك يعمل ضد قناعته وايمانه باننا جميعا شعب واحد. ان التجمع الوطني الاشوري و غيره من المتعصبينلتسمية واحدة ( ألاشورية) يقاتلون من اجل التسمية فحسب، ناسين او متناسينالقضية الاساسية و الاهم، وهي صياغة و تحديد حقوقنا القومية و الدينية والنضال بجبهة عريضة قوية متماسكة جماهيرية من اجل صياغة دستور علمانيديمقراطي يؤسس لرفع شعبنا، وبالتسمية التوافقية الجامعة التي يجب ان نتوصلاليها لتجسد وحدتنا، الى خانة التكافؤ و المواطنة العراقية من الدرجة الاولىاذا صح التعبير اسوة بباقي اطياف العراق، من اجل دستور يقطع الطريق على ظهورو بروز دكتاتورية جديدة و يضمن الشراكة لجميع العراقين دون اي تميز او اعتبارو خاصة  اعتبارات الاكثرية و الاقلية و الانتماء الديني. انهم ببساطة لايعونبان حقوق الامة الاشورية كما يريدون تسمية الجميع بها مع كل الاعتزاز والتقدير سوف لن تحقق شيئا ما لم تكن امة موحدة و قادرة على مواكبة التطورات والتغيرات الهائلة التي احاطت و لا تزال بها، و ما لم يضعوا مصير شعبنا ومصالحه العليا، بكل مسمياته و كنائسه و احزابه و اختلافاته، فوق التسمية. ولقد ان الاوان لهم ليدركوا بان حقوقنا التاريخية القومية و الدينية ليستمرهونة فقط بهذه التسمية على اهميتها و دلالاتها ورغم تسمية قضية شعبنا بهافي فترات تاريخية مختلفة. ان الواقع اليوم يفرض الخروج من هذا التقوقع و نبذهذا التعصب للتسمية و الاصرار بدلا من ذلك على طرح قضيتنا الواحدة كقضية لناجميعا بمختلف اسمائنا و انتماءاتنا الكنسية و مشاعرنا و وكمحصلة لمساهمةوتضحيات ابائنا و اجدادنا في النضال الوطني و القومي و الديمقراطي و الكفاحمن اجل البقاء و الاستمرار و المحافظة على ارضنا و تراثنا و لغتنا و مقوماتناكشعب حي.

التعصب الكلداني المضاد/

و كذا الحال بالنسبة لتجمع القوى الكلدانية، فهو يؤكد في كل مناسبة على انناشعب واحد، ولكنه في الواقع يستمر في تشييد الجدار االذي يفصله عن الاخرين، ويطالب بتثبيت اسمائنا الثلاثة كثلاث و حدات لها خصوصياتها و كياناتهاالمستقلة، لكي لا يقولها بصراحة و دون مواربة باننا ثلاث قوميات، وهو يؤكدباننا نحن الكلدان نهتم بتثبيت اسمنا الكلداني في الدستور و ليعمل الاخرون مايشاؤا، و هي بالطبع دعوة و تحريض  لتثبيت تسمياتهم الاخرى، لنصل بذلك كما هوواضح الى النتيجة النهائية و هي تقسيمنا دستوريا الى ثلاث قوميات او طوائف.فالتجمع لم يهتم بصياغة البرنامج البديل، و لا يريد التعامل مع قضية شعبناكقضية واحدة، و تسعى قيادته من اجل اثارة التعصب القومي و التلاعب بمشاعرالجماهير لمواجهة التعصب الاشوري و الاتكاء عليه كمبرر لتحقيق اهداف مرحليةانية سياسية قصيرة النظر و بعيدة عن الاهداف الاستراتيجية لشعبنا و مستقبله.ان بدعة بناء بيتنا الكلداني،  في هذه المرحلة المصيرية و بهذا الشكل والاسلوب الذي و للاسف نجح وقتيا  في جربعض من الكلدان الذين كانوا من الداعينالى جمع قوة الكلدان لكي تصبح الدينامو و المقطورة التي تحرك وحدتنا جميعا وتعزز نضال شعبنا الواحد بدلا من انكفائها و انعزالها، انما هي دعوة واضحة ومخططة لقطع الكلدان عن اخوتهم السريان و الاشورين، و بالتالي قطع و تجزئةقضيتنا الواحدة و تجزئة حقوقنا الواحدة و تجزئة عناصر و حدتنا كشعب حي ذاتتاريخ و ارض و تراث و ايمان و  لغة واحدة .

نعم ان كلا الطرفين يخططان و يعملان من اجل تكريس تقسيمنا و يسعيان من اجلتثبيت هذا الانقسام شرعيا في دستور العراق. ولذلك علينا نحن الذين نعي كارثيةالنتائج التي ستترتب على نجاح هذا المسعى، ان نرفع صوتنا و نحذر و ان نطالبهمبالتحلي بالحكمة و  وضع مصلحة شعبنا الواحد و مستقبله فوق كل شيْ.

الجميع يعلم ، بان الحوار و التفاهم و المحبة و الصدق و الشفافية، والاهمالاستقلالية في اتخاذ المواقف و القرارات، هو الطريق الصائب و الوحيد لمعالجةخلافاتنا و ايجاد الحل التوافقي الانسب لقضية التسمية و لتحديد مطالبنا وحقوقنا لتثبيتها في دستور البلد.

اين تكمن العلة/

العلة اليوم تكمن في ان هذه الاطراف التي تعمل على التشبث بمواقفها و الاصرارعلى انها تملك الحقيقة كلها، ترفض القيام بمبادرة صادقة حقيقية للتلاقي والتحاور و التفاهم وتجاوز المصالح الانانية و وضع الشروط ، قبل ان تتبارى وترسل رسائلها و برقياتها للمسؤولين و السلطات العراقية، لتختزل قضيتنا وحقوقنا بالتسمية. العلة تكمن في ان ليس لشعبنا اليوم مرجعية محايدة مقبولة تنال ثقة الاكثريةو تهيْ لجمع الشمل و رص الصفوف و تفعيل الطاقات و الامكانات بغية و ضعالحلول الملائمة و الصائبة لاشكالاتنا و تعقيدات وضعنا، الامر الذي يسمحللمتعصبين وقادة بعض الاحزاب، التي لا يتعدى عدد منتسبيها و جماهيرها عدداعضاء احد انديتنا في ستوكهولم في سبيل المثال الذين يطالبون بالوحدة ويرفضون التعصب و التشتت، بطرح نفسها ممثلة للشعب معتبرة  نفسها مرجعيته الشرعية.


تساؤلات/

هل يمكن لشعبنا ان يبني جبهته المناضلة وان ينظم مرجعيته التي يمكن ان تستنهضكل جماهيرنا وتوجهها نحو هدف واحد؟ هل من مبرر لمثل هكذا جبهة واسعة مناضلة ومرجعية تتحمل المسؤولية التاريخية؟من الذي سيبادر و سيعمل من اجل هذا الهدف؟من الذي او اي من الاطراف و الاحزاب و اي من المؤسسات الثقافية و الدينية والاجتماعية يمكنها ان تساهم في هذه العملية و تعمل لتحقيق هذه الحاجة الملحة؟

اجوبة و مقترحات/

نعم يمكن لشعبنا ان يعي المخاطر المحدقة بمصيره، و ان يؤسس من خلال جمع و لمكل طاقاته و امكاناته الهائلة لمستقبل افضل. اذ لنا كل الحق بان نعيشكمواطنين من الدرجة الاولى وان تثبت حقوقنا السياسية و الادارية و الثقافيةدستوريا وان نساهم في بناء و طننا و تطوير العملية السياسية و تعزيز التطوراتالديمقراطية. فثمة اصوات و ثمة تجمعات و منظمات وثمة شخصيات دينية و اعلامية و اكاديميةمرموقة و ذات تاريخ نضالي مشهود ضد الدكتاتورية و من اجل الديمقراطية، تجمعاليوم على اهمية القيام بخطوات عملية لجمع الشمل و تشكيل جبهة واسعة تجسدوحدة شعبنا و تعمل من اجل توحيد نضاله لتحقيق اهدافه و طموحاته المشروعة. و يجدر الاشادة هنا بدعوة المطران الجليل لويس ساكو ونداءات الابالموقرادريس حنا و الاب الموقر قاشا يوخنا  و كذلك بموقف منظمة كلدواشورللحزب الشيوعي العراقي و دعوتها لتنظيم مؤتمر قومي شامل لحل اشكالية التسميةو تطوير نضال شعبنا الواحد، و مواقف التجمع السرياني المستقل و رئيسهالاستاذ ايشوع هدايت  و كذلك بمواقف قادة المنبر الديمقراطي الكلداني و فيمقدمتهم الاستاذ سعيد شامايا الوحدوية الصادقة، ومواقف الحزب الوطني الاشوريو دعواته لفهم الواقع و التحاور و التعاون، و نداء الاستاذ نوري بطرس عضوالجمعية الوطنية و عضو لجنة صياغة الدستور و تأكيداته على اهمية توحيدالمواقف والحرص على تثبيت حقوق شعبنا الواحد في الدستور،  بالاضافة الى عملو نشاط الكثير من المجالس و الهيئات و لجان التنسيق و العمل المشترك فياوربا و امريكا و في داخل الوطن العزيز. واخرون كثيرون يصعب ذكرهم جميعا معالاعتذار

. نعم ان عدد الذين يطالبون بوحدة الصف و الارادة يفوق كثيرا على عدد اعضاء ومؤازري المتعصبين الاشورين و الكلدان مجتمعين، و ان طاقات الوحدوينوانفتاحهم و استعدادهم للحوار و تجردهم من المصالح الحزبية و الشخصية هياكبر بكثير من طاقات المتعصبين وانغلاقهم و حصر اهتمامهم بمصالحهم الحزبيةالانية الضيقة و اثارة اشكالية التسمية.

ان ما هو واضح الان بان هذه المنظمات و المجالس و اللجان و الشخصيات الوحدوية مطالبة بالتحرك و عدم الانتظار و التعويل على المزايدين و المشغولينبحساباتهم و ضمان مصالحهم. لقد ان الاوان للتحرك و الاعداد لمؤتمر عام شاملواسع. ولتبدأ المبادرة من عقد هكذا مؤتمرات مصغرة في جميع مناطق تواجد ابناءشعبنا للحوار و التفاهم و التوافق و تهيئة افضل المقترحات لنقلها باسم جماهيرشعبنا في كل مكان الى المؤتمر الواسع، الذي لا بد من عقده، لتنبثق منهالمرجعية المخلصة المجردة من المصالح و التسابق الى الحصول على المكاسبالحزبية، و المرجعية التي ستهتم قبل كل شيْ بمعالجة و ضع شعبنا الداخلي وايجاد الحلول المناسبة للاشكاليات التي تشله و تجعله ضعيفا و اقل هيبة فيالساحة العراقية.
ان الكل يتحمل المسؤولية و لا يمكنه الانتظار و ترك المزايدين و الانتهازين والثرثارين، ليتوجهوا الى الجهات المسؤولة للقتال حول التسمية دون اي التفاتةالي جوهر القضية و دوناي فهم لمنطق الامور و حاجات التطور و حركية الواقع،عالميا و اقليميا و عراقيا.و لا بد هنا من الاشارة و بمنتهى الصراحة الى ان كنائسنا و ابائنا و فيمقدمتهم غبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي ووغبطة البطريرك مر دنحا الرابع يتحملان مسؤولية تاريخية في الدعوة الى الوحدة و المساهمة في تنقية الاجواء ونشر المحبة بين ابناء الشعب الواحد، و الدعوة الجريئة و الصريحة و الواضحةالى نبذ استخدام اشكالية التسمية و التعدد الكنسي لتقسيم و تشتيت شعبنادستوريا.
فاهلنا و جماهيرنا تحتاج اليهم و الى مواقفهم و تواجدهم قريبين من الحدث والاوضاع و الظروف الطارئة و خاصة في هذه الفترة، فترة كتابة الدستور. لننتصر لحقوق شعبنا و لنعمل جميعا من اجل مستقبل لائق لاجيالنا القادمة، ولنعالج مشاكلنا الداخلية بالمحبة و نكران الذات و الاخلاص و لننبذ كل منيزرع الفرقة و ينمي الكراهية و يريد اختزال قضية شعب باشكالية التسمية اوالاختلافات السياسية و المنافع الاخرى.

102
الاخوة في اتحاد القوى الكلدانية
تحية و بعد
اذا كان لكم الحق ان ترسلوا برقياتكم و رسائلكم الى اية جهة كانت و حول اي امر او موضوع كان، فهذا لا يعطيكم الحق ابدا ان تنصبوا انفسكم ممثلين عن الجالية الكلدانية في السويد و عن المئات من اعضاء النوادي و الجمعيات التي تدعون تمثيلها لان بعض منكم قد و صل الى الهيئة الادارية لاتحاد الاندية الكلدانية دون ان تنتخبه و تخوله الناس بالشكل الاصولي و الديمقراطي المعروف. و من الامانة و الصدق مع الجماهير و مع الجهات التي تبعثون لها برسائلكم ان نذكر مثلا و ليس في سبيل الحصر ان السيد رئيس تجمعكم الذي يمثل حزبه قد فصل من عضوية احد النوادي لانه لم يدفع اشتراكاته الشهرية لفترة طويلة ولم يهتم بنجاح و تطوير نادي كلداني صغير يجمع اهله و اصدقاءه و ذهب بعدها الى نادي اخر ليصل من خلاله و دون اي تفويض من هيئته العامة الى مؤتمر اتحاد الاندية الكلدانية مع عدد اخر من من يريدهم معه.
في زمن الديمقراطية ليس من الحكمة ان تنصبون نفسكم ممثلين عن الجالية الكلدانية او الشعب الكلداني لانكم من احزاب كلدانية  و الاجدر هو ان تتكلمون باسم منظماتكم الحزبية و حبذا ان توضحون للناس حجم تنظيماتكم و فعالياتكم من اجل الدفاع عن مصالح الكلدان الحقيقة و عدم الاكتفاء باثارة اشكالية التسمية و مناشدة السلطات لتحلها لكم دون الرجوع الى جماهير شعبنا و بالحوار و التضامن و التفاهم في بيتنا و في داخل صفوف شعبنا الذي تدعي قيادة كل احزابكم بانه شعب واحد.
و لا يفوتني هنا ان اذكركم بان الناطق باسم تجمعكم في السويد و الذي انتخبتموه كناطق باسمكم كونه يمثل اتحاد الاندية الكلدانية هو امر يفتقد الى المصداقية اذ ان هذا الاخ مع كل الاحترام و التقدير لشخصه لم يكن منتخبا من النادي الذي كان ينتمي اليه و لم ينتخب بعدها عضوا في الهيئة الادارية الجديدة.
ان شعبنا الكلداني ينتظر العمل الملموس و البحث عن السبل و الطرق الافضل للتضامن و التعامل و رص الصفوف و التركيز في هذه المرحلة المصيرية على حقوقنا و قضيتنا كشعب و ليس الاقتصار على التسمية و كان هموم شعبنا و الاضطهاد الذي عاشه لقرون هو بسبب التسمية. اننا مطالبين بايجاد اوسع تحالف و جمع كل الطاقات و الوقوف كشعب مع كل القوى المدنية الديمقراطية في العراق من اجل دستور معاصر علماني ديمقراطي يضمن لنا حقوقنا القومية السياسية و الدينية و يضمن لنا المواطنة المتكافئة و المتساوية مع كل ابناء العراق الاخرين دون اي تميز.
مع الشكر

103
الاخوة الاعزاء
سنكون ممتنين لكم اذا ما تفضلتم باعطائنا بعض المعلومات و التفاصيل عن حركة معا المشكلة حديثا مع التقدير الاخوي.

104
نيافة المطران الموقر لويس ساكوالمحترم

أحي من الاعماق صوتكم المبارك، الصوت الصادق المعبر عن الحرص الابوي و الشعور العميق بحاجة شعبنا الماسة لرص الصفوف و التكاتف و العمل المشترك في هذه المرحلة الحساسة و المصيرية في تاريخ وطننا الحبيب.
و بودي ان أوكد لسيادتكم بان السامعين كثيرون و ان هناك المئات، بل الالاف من ابناء شعبنا في الوطن و في المنافي و المهاجر ممن يعملون من اجل و حدة الصف و يطالبون بالحكمة و الارادة الصادقة في ايجاد الحل الانسب لاشكالية التسمية، و يرفضون استخدامها كمبرر للتجزئة و التشتت و لتحقيق المصالح الانانية و الحزبية و السياسية الانية.
ان صوتكم و دعوتكم الابوية المباركة هذه جائت في الوقت المناسب، و انها ستشكل دعما و قوة لكل المخلصين الغيورين على حياة شعبنا و مستقبله و يعملون بنكران ذات من اجل تعزيز اواصر المحبة المشتركة و حصر و تقليص الفواصل و كل ما يفرق، و ايجاد الحلول للعلل و المشاكل و تعقيدات الحياة.
سيدنا المطران الموقر
ان ما يجدر اثارته في وضع شعبنا المسيحي الواحد (كلدان/اشورين/سريان) هو انه يفتقد الى المرجعية المقبولة و المدعومة من اكثرية ابناء شعبنا. ان الشعوب و الاطراف الشقيقة الاخرى قطعت اشواطا في تنظيم صفوفها و تنظيم مرجعياتها و ان كان لمواجهة استحقاقات المرحلة و عملية كتابة الدستور الدائم للبلد. ان شعبنا بحاجة ماسة الى لقاء واسع للمحبة و التفاهم و التشاور. و من هنا كانت الدعوة منذ فترة الى تنظيم او عقد مؤتمر شامل واسع للاحزاب و المؤسسات الدينية و الثقافية و الاجتماعية و النخب المثقفة و الاكاديمية بغية معالجة الامور الملحة و منها التسمية، و تشكيل مجلس او برلمان مصغر او لنقل مرجعية منتخبة لفترة محددة تكون غير موالية او خاضعة لطرف او جهة معينة، و ان تضع مصلحة شعبنا العليا فوق كل شيْ اخر. أتمنى ان تكون سيادتكم دعما لمثل هكذا فكرة و هكذا مشروع و سيقف معكم الكثيرون لما فيه خير شعبنا و خير كل العراق و مستقبله.
نرحب بشخصكم الموقر في عنكاوه كوم و تقبل في الختام تحياتي و ودي و اعتزازي الكبير مع التقدير.
سامي بهنام المالح
ستوكهولم/ السويد


صفحات: [1]