عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - نبيل جميل

صفحات: [1]
1
حرب من نوع آخر على الوجود المسيحي


   لا يخفى على أحد أنّ حرباً من نوع آخر تشنّ على مسيحيي الشرق استكمالاً لسياسة التكفير والترهيب والتهجير، فما عجزت عنه حرب المدافع طيلة العقود المنصرمة، تحاول استكماله حرب من نوع آخر من خلال الهجوم المبرمج لشراء أراضي المسيحيين أو اغتصابها لصالح الطوائف الأخرى التي أستقوّت بحكمها للدولة من جهة، ومن جهة أخرى أستغلت حكم اللادولة وضعف القانون…! والهدف هو تجريد المسيحيين من مقوّم وجودهم الرئيسي: الأرض.
   وعليه لم يعد موضوع هجرة المسيحيين يحتاج إلى إثباتات وبراهين، ولم يعد مخفياً على أحد من تناقص أعدادهم إلى مستويات غير معهودة سابقاً. فهناك العديد من المقالات والتقارير والأبحاث التي حذّرت ودقّت ناقوس الخطر، بالأضافة لما رأته ودعت إليه جميع سينودسات كنائس الشرق الأوسط، وما ناشدته أصوات بعض السياسيين وممثلي الأحزاب…! ولكن هل أفاد ذلك بشئ…!؟ وهل وضعت استراتيجيات صريحة  وقدمت معالجات واقعية وحلول منهجية لكل ما أشارت إليه من خطب وبيانات وتصريحات للحدّ من كل التجاوزات وما طرأ من تغيير ديموغرافي خطير يهدّد الوجود والكيان…!؟
  كما يعلم الجميع بأن التعلق بالأرض الأم، هو عنصر أساسي من هويّة الأشخاص والشعوب. وأن الأرض هي مساحة الفكر والأبداع والإرادة الحرّة. فكان لابد من جميع المرجعيات المسؤولة أن لا تقف متفرجة، بل وعدم الإستسلام لمخططات المتربصين وخاصة ما يخص بيع الأراضي والأملاك العقارية. وعلى مساعدة المسيحيين في المحافظة على الأراضي أو استثمارها من خلال إقامة مشاريع صغيرة هنا وهناك ليتمكن أصحابها من البقاء بكرامة، وأيضاً السعي إلى إسترجاع المفقود منها والمطالبة بتأمينها وتأميمها.
   ومن باب التذكير ، لما درسناه في مادة الفيزياء، لقانون نيوتن الثالث الذي ينص بأن: "لكل فعل رد فعل مساوي له بالمقدار ومعاكس له في الأتجاه". وبعيداً عن النقد والإتهام.. أتوجه بسؤال، وأنا على يقين بأنه سوف لن يُسمع أو سيتغاضى عنه أغلب مسؤولي مرجعياتنا الدينية والسياسية والمدنية: أين هي "ردة فعلكم".. وأين أنتم من هذه المآساة ولهذا الواقع المؤلم.. ومن المستقبل المجهول للمسيحيين…!؟
   وبغض النظر عن عدم التجاوب لتساؤلاتنا هذه.. لابد من التنويه بأنها ليست لإدانة أحد وتبرئة حالنا، بل هي لأعلاء الصوت بقصد إيجاد الحلول للمشاكل الوجودية نحن كمسيحيين. وهذا ما سأحاول أن أعكسه (على سبيل المثال لا الحصر) على الكنيسة، خاصة بعد فشل السياسيين وممثلي أحزابنا..  لأن للكنيسة النصيب الأكبر في احتضان الشعب المسيحي وخدمتهم والسعي الدؤوب لمساعدتهم على التمسك بأرضهم والبقاء فيها. صحيح إن الكنيسة قامت ببعض الخدمات وتقوم بمشاريع خاصة وسريّة…! لكن النتيجة بشكل عام، تعكس الواقع الخجول لعطائها وجهودها أمام خطورة الوضع العام للمسيحيين. فما هي الفائدة المرجوة إن كان الفرد بلا عمل ومهدد ومريض وغير مستقر والكنيسة تستثمر أموالها وأوقافها من الأملاك والأراضي (والتي هي أصلاً من هبات المؤمنين في حياتهم أو بعدها) لبناء مستشفى أو كلية أو فندق بمردود مالي لقاء الخدمة…!؟.
   قد يلومني أو يعاتبني البعض لأنني قد تطرقت أو وجهت اللوم على "الكنيسة"..! فالكنيسة - وهذا ما أؤكده دائماً - ليست مسؤولين كنسيين فحسب، بل هي "جماعة المؤمنين" الذين يجتمعون معاً للصلاة والخدمة وحمل رسالة المسيح للعالم أجمع. ومن هنا تتضح الرؤية الشمولية في مسؤوليتنا جميعاً في تحقيق مصلحة وخير المسيحيين الصامدين في أرض الوطن وخارجه، من أجل بناء وتأسيس مستقبل ملؤه الإستقرار. وهذا لن يتحقق دون "توحيد" الكلمة والموقف والجهد كي تترجم على الأرض واقعاً فاعلاً، ملموساً ومؤثراً. لقد أهملنا العديد من الفرص إن كانت بقصد أو بغيره، وفاتنا الكثير.. وما يهمنا اليوم هو وضع الأمور في نصابها والتحرك العاجل لأحتواء كل إنكسارات وهفوات ماضينا، بعد أن تعالت أصوات الكثيرين بالأصلاح والمصالحة. فاليوم لم يعد مقبولاً ترك الأمور دون تخطيط ورؤية مستقبلية.. ودون ألتفاف جميع القوى الفاعلة في حركة نهضوية إصلاحية، فالمطلوب جواب سريع وتصرّف حكيم على قدر المسؤولية وحجم المشكلة.. وإلا فعلى "الأرض" السلام. 


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا         

           




2
هذا العراق خُلق ليُعشق لا ليُحرق


   في لقاؤنا القصير - الذي صار طويلاً في ذاكرتي - أرادت أن تشاكسني بسؤال: "أي رجل أنت .. أيها العراقي..!؟" .. "هل أنجب العراق من رحمه رجالاً مثلك…!؟".
   قلتُ لها: "هذا العراق يا عزيزتي هو العشق، وأنا عايشتُ طقوس عشقه المعتق بحبّات النخيل، والرافدين، وعيون بيخال وإينيشكي.. لا يرتوي ولا ينتهي فيه العطش للحب". "العراق هو عشق أصيل.. ودم يسيل. والعراقي مبتلى بهذا العشق الممزوج بالآهات".
   أتعرف يا صديقي، بأن لقاء الصدفة القصير معك ملأني بالغموض والفضول.. وأكثر ما أصابني هي الدهشة لوقع كلمتك التي ألقيتها قبل قليل في اليوم العالمي للاجئين بعد أن أخبرتَ الحضور بأنك لملمتَ حقائبك مُجبراً لتمضي إلى كندا.. ولكن شعرت بحزنك المفضوح، وتلمست خاطر قلبك المكسور على عراقك الحزين الذي كان حاضراً فيك يا سليل النخيل.. في صوتك المبحوح كموال عراقي.. في أحرف حنجرتك المتدلية على أسوار بابل.. بل في حقول سهل نينوى التي سرقت لونها الأخضر من عينيك. لا أعلم لِمَ هؤلاء الحكام المتسلطين وأساطيل الطغاة يتدخلون في شؤوننا ويغتالون أحلامنا. فما حدث للعراق وكأنه كان مُدبراً لسنوات طويلة ومؤامرة أكبر من كل التوقعات.
   نعم يا عزيزتي، وكأنما العراق قد لبس الحداد منذ أن قتل قابيل أخاه هابيل.. وكم من كربلاء قد وقعت.. وكم من أسراب هولاكو قد غزت.. وكم من طاغية ودكتاتور قد تسلّط. والوطن صار حلماً بتنا نعشق النوم لعلنا نراه في أحلامنا…! رغم كل هذا فأن العراق كل ما فيه له طعم العشق.. وعاشق الوطن يرى بلاده هي الأجمل. أنا أعشق العراق من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، وأحب كل ما فيه من تناقضات ومفارقات. العراق إمرأة لا تفقد الأمل وإن فقدت كل شئ.. العراق بسيط في معيشته وعاداته، وأصيل في كرمه.. العراق كل شئ فيه جميل إلا الخونة الذين جعلوه حزيناً.. العراق حتى في حزنه يغني، وموسيقاه لها مزاج خاص.. العراق كله دهشة، وعلى أرضه - أرض السواد - حدثت كل غرائب الدنيا.
   ومن بعد أن ألتقيت بك، وذاب قلبي في عشقك للعراق.. أصبحتُ أعشق العراق أكثر، وصار النخيل عندي هو سيد الشجر.
 
نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا   


3
هل أنت الآتي، أو ننتظر آخر؟
(لوقا 7: 19)


   قد يراود الكثير من المؤمنين اليوم، نفس هذا السؤال الذي سأله يوحنا المعمدان وهو في السجن عبر تلميذيه اللذان نقلاه إلى يسوع. يتساءلون وهم في أوقات الضعف ولحظات الحزن عندما تتوارى صورة إيمانهم، وتتحول الحقائق في أذهانهم إلى هلوسات بما يمرون به من ظروف صعبة وحياة قاتمة. فالسؤال هنا ليس سؤال يوحنا وإنما سؤال تلاميذه، عندما أحبطتهم الشكوك.. ليحثهم يوحنا بالالتحاق بيسوع بصورة مباشرة، ليسمعوا منه الجواب ويعرفوه عن قرب.
   واليوم لن أرتاب في حمّله أيضاً - عن لسان هؤلاء المؤمنين المستضعفين - وتوجيهه إلى كل من يمثّل المسيح في كهنوت خدمته على وجه الأرض…!
   فالرسالة وصلت إلى يسوع فوراَ، عندما كان يبشّر بالملكوت في المدن المجاورة لأورشليم. وللحال يكشف لنا عن الجواب: "فشفى يسوع في تلك الساعة كثيراً من المصابين بالأمراض والعاهات والذين فيهم أرواح شريرة، وأعاد البصر إلى كثيرين من العميان، ثم قال للرسولين: ارجعا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما" (لوقا 7: 18-23). هذا الارتباط المقترن: بين العمل والكلام.. بين عجائب يسوع وتبشيره.. تبشير يسوع يصدقه موقفه ومعاملته وأفعاله. ولكن هل وصلت رسالتنا إلى من يهمه الأمر…!؟ وهل تلقينا الجواب في أفعال لا أقوال، أم لا زلنا ننتظر آخر…!؟ فكل مؤمن يقرأ هذا النص، يشعر بأن مهمته الأولى كجماعة المسيح، عليه أن يواصل أعمال يسوع المقترن بكلامه. وعليه أن يكشف وجوده المسيحي وعمله الرسولي، أكثر من مجرد بناء ومؤسسة، أكثر من سلطة وعقيدة وطقس وزخرفة مذبح…! عليه الاقتداء بيسوع "الراعي الصالح" في بحثه عن اللاجئ، وزيارته للنازح، والاعتناء بالمريض، ومساعدة الفقير، وتفقد الأرملة، وإلتزام اليتيم.

   ليكن جوابكم يا رعاة، كجواب يسوع.. فاتحين قلوبكم بالحب الحقيقي واحتضان كل موجوع بـ "أعمال المشيح".
نعم يا يسوع أنت الآتي ننتظرك ونمجدك


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا


4
كل الشكر والتقدير للأستاذ عبد الأحد سليمان بولص لما أبديته من تفاصيل مهمة بصدد التعديلات الطقسية التي أجريت في عام 2006 و 2014

تقبل محبتي وأحترامي

5
تقديري وأحترامي للشماس الإنجيلي قيس سيبي لما أبديته من ملاحظات قيّمة

6
هنا أكبر مغارة ميلاد .. وهناك أكبر شجرة ميلاد


   بالرغم ما يميّز الشعب المسيحي بكونه شعب الرجاء والأمل وفرح الحياة، وخاصة في هذه الأيام المباركة ونحن في غمرة الاحتفالات بعيد ميلاد يسوع المسيح ورأس السنة الجديدة ٢٠٢٢، وما نشاهده من استعدادات منذ ما يقارب الشهر ولازالت لحد الآن في جميع أنحاء العالم.
ولكن ما يحزنني اليوم، وأنا أشاهد بعض الأخبار والصور والفيديوات التي وصلتني من وطن المعاناة (العراق) من تحضيرات مُبالغ فيها جداً لحد الإسراف
وأخص بالذكر ما يجري في كنائسنا تحديداً وعلى مرأى وتوجيه من رعاتها، عن بناء أكبر مغارة ميلاد..!!! وتحضير أكبر شجرة ميلاد..!!! وغيرها من الأمور الشكلية التي باتت تبعدنا عن الفرحة الحقيقية بميلاد الطفل يسوع في مذود..!!!
وُلِدَ لنا في مذود التواضع .. ونحن نولده في كبرياء الفخفخة
وُلِدَ لنا في مذود البساطة.. ونحن نولده في جشع الفخامة
وُلِدَ لنا في مذود الحب .. ونحن نولده في أنانية الحسد
وُلِدَ لنا في مذود الفقر .. ونحن نولده في غيرة التحدي
 
يا سادة
متى نتدارك تواضعنا…!؟ عندما ننحني للمحتاج
متى نسمو ببساطتنا…!؟ عندما نتلمس المريض
متى نرتقي بالحب…!؟ عندنا نعطي للأرملة
متى نعيش الفقر…!؟ عند حضرة الله
نعم هناك يولد الله
هناك في ذلك المذود يوجد الطفل
هل سأقوم حقاً وأذهب إلى مذود المنبوذين والمحبوسين والجياع والبردانين في هذا الميلاد كي أرى المخلص…!؟
هل حقاً أنا أؤمن إن في هذا المذود يوجد حضور الله…!؟
أحبائي هذه السلوكيات المكابرة هي عثرة، وهذه الشكليات المبهرجة هي مشككة لدرجة أن من يقوم بمثل هذه الأعمال لم يفهم أو لم يعرف بأن هذا الطفل المولود في مذود هو حضور الله .. فيقول النبي اشعياء ١ : ٣ "عَرَفَ الثور مالِكَه والحِمارُ مَعلَفَ صاحِبِه، لكِنَّ إِسْرائيلَ لم يَعرِفْ وشَعْبي لم يَفهَمْ"

الرعاة صدقوا والمجوس اقتنعوا، فرأوا وفرحوا
هذا ما أتمناه لي ولكم
عيد ميلاد مبارك

اخوكم / نبيل جميل سليمان


7
السيد غانم كني المحترم
تحية بالرب يسوع
لسنا هنا بصدد السرد عما تلقيناه من إيمان وتعليم روحي من خلال حضورنا للكنيسة طيلة رحلة العمر بقدر ما يهمنا اليوم لما آلت إليه الأمور وإلا لما كتبنا ولا حكينا..!!!
نحن اليوم نستعرض ملاحظات واقعية عما نعيشه من أجواء باتت خالية من الروحانية والقدسية، فنحن نعتز بإرث طقوسنا ونركز على أصالتها والمحافظة عليها بل وصيانتها لتكون خالية من كل الشوائب الدخيلة إليها من هنا وهناك، ومع هذا أود أن أتقدم بخالص شكري وعميق أمتناني لما تطرقت إليه بغيرة مسيحية .. والرب يبارك كل أيام حياتك ويحفظك

مودتي وأعتزازي
أخوكم / نبيل جميل سليمان

8
حضرة الأخ العزيز والشماس الإنجيلي قيس سيبي المحترم
تحية حب وتقدير
أود أن أشكرك على ملاحظاتك وكلامك الموزون والدقيق وأتفق معك بما ذهبت إليه من تشخيص وتوضيح
نتمنى من كل رعية أن تقف متأملة بعمق لما يدور في القداس من جميع الجوانب، ووضع ضوابط وتنظيم دقيق طول فترة حضور المؤمنين للقداس ليكون منهلاً روحياً يليق بالقربان المقدس (دم وجسد المسيح) الحاضر فينا وفي الكنيسة جمعاء.

تقبل محبتي وأحترامي

اخوكم / نبيل جميل سليمان 

9
الأخ العزيز والأستاذ الفاضل نيسان سمو الهوزي المحترم
أقف عاجزاً لما تفضلت به من طرح هذه النقطة المهمة والتي أضفت للموضوع المطروح تكاملاً لما نعانيه اليوم من حقيقة مؤلمة نعيشها ولكن دون أن نعيد النظر في مجمل ما يحدث اليوم في كنائسنا وتحديداً أثناء القداس الإلهي من أمور باتت دخيلة..!!! ولهذا مطلوب اليوم من الأكليروس في إعادة النظر والتوجيه لإزالة كل ماهو ليس ضمن الإطار الروحي والجو القدّسي ليكون منعشاً للإيمان ومجدداً لإصالة من أستلمناه من الكنيسة الأولى.

تقبل محبتي وأحترامي
أخوكم / نبيل جميل سليمان

10
أستاذنا الفاضل والأخ الحبيب صباح قيا المحترم
أتفق معك جملةً وتفصيلاً بما طرحته من إضافة بالغة الأهمية، وأضم صوتي بما طلبته من إنتباه من قبل الأكليروس بضرورة التوقف عند هذه النقطة والتوجيه بما يخدم الرعية.

تقبل عظيم محبتي وفائق أحترامي
أخوكم / نبيل جميل سليمان

11
شلامي وإيقاري رابي أوديشو يوخنا أزيزا
كل الحب والتقدير لرأيك السليم وملاحظتك السديدة

12
ملاحظات عن الأجواء السائدة اليوم في قداديسنا وطقوسنا المشرقية

إلى كل المهتمين في الشأن الكنسي
 
سأوجه ملاحظات قد يوافقني البعض أو قد أتلقى إعتراضاً قوياً عليها…!
كما نعلم بأن هناك إختلاف ما بين الطقس الشرقي عنه في الطقس الغربي، إن كان في إختيار وترتيب الصلوات أو في أداء المقامات اللحنية. وما أختبرته طيلة فترة تواجدي (7 سنوات) في كندا وخاصة أثناء تزامن حضوري لبعض المناسبات لقداديس في الكنيسة اللاتينية بأن هناك:
1- هدوء مطبق طيلة فترة القداس من قبل جميع الحضور
2- الصلاة التي يرفعها ويلقيها الكاهن تكون هادئة وتدخل القلب وتسكن الروح.
3- ترديد الجوقة المرافقة لصلوات الكاهن تمتاز أيضاً بهدوء وتصاحبها موسيقى خفيفة وبسيطة على آلة الگيتار والأكورديون.
وهنا تحس نفسك بأنك في أجواء ملائكية تنعش الروح وتغذي النفس.

والآن نأتي إلى أجواء الطقس الشرقي وما يصاحبه من ملاحظات:
1- للأسف الشديد لا تخلو أجواء القداس من الحركة، إن كانت هذه الحركة من الشعب المؤمن أو من الشمامسة أو من أعضاء الخدمة.
2- غالباً ما يمتاز الكاهن الشرقي بصوته الجهوري وميله إلى الصلاة بطبقة عالية، وبالتالي يجابهه الشماس بالجواب بطبقة أعلى من طبقة الكاهن ثم ليستلم الكاهن قراراً بطبقة أعلى وهكذا تستمر الأصوات في تصاعد متواتر وكأننا في مواجهة ومبارزة في عرض تنافسي ولسنا في أجواء قدسية وروحية.
3-    نأتي الآن إلى دور الجوقة في مشاركتها بالتراتيل أو في بعض الصلوات والتي لا تقل شأناً عما ذكرناه في الفقرة 2 من صوت الموسيقى (الأورك عادةً) العالي لتواجهه أصوات أعضاء الجوقة بطبقة أعلى لكي تستطيع أن تغطي صوت الموسيقى، وهنا أيضاً يحتدم الصراع فيما بينهما.
4- وهنا تراودني ملاحظة أخرى برزت مؤخراً، ألا وهي مصاحبة الموسيقى لصلوات الكاهن أو لصلوات الشمامسة مع إعلاء مكبرات الصوت مما يؤدي إلى خلق أجواء مزعجة وكأننا في قاعة احتفالات.

جميع الشعب المؤمن متعطش لحضور قداس يوم الأحد بشغف شديد ليتلقى كلمة الرب بهدوء وسكينة وراحة، ولا نحتاج لكل هذا الصخب..!!!

أتمنى من الجميع إبداء الرأي بالنقد والتحليل لأنني قد أكون خاطئاً بملاحظاتي هذه .. لذا أرجو المعذرة لصراحتي.

تقبلوا محبتي وأحترامي
 
اخوكم/ نبيل جميل سليمان

13
ترقية صديق.. وقصة الاستحقاق

   اليوم.. وفي مستهل تناولي لوجبة الغداء، رنّ هاتفي المحمول وإلا صديقي يكلمني بعد مكالمتي الأخيرة له منذ ما يقارب الشهر.. عندما تحدثنا مطولاً عن مشكلته مع الرئيس التنفيذي لشركته، الذي يود ترقيته لمنصب أعلى استحقاقاً لمثابرته وحرصه وأخلاصه وجهوده طيلة العشر سنوات من خدمته في تطوير الشركة التي تعد من الشركات الكبيرة ولها ثقلها الدولي لما تمتلكه من فروع عديدة في شتى بقاع العالم.
   وبعد السؤال عن الصحة والأحوال بادرته بالسؤال عن ترقيته هل استحقها أم لا…!؟
- فقال لي: للأسف لا
- فقلتُ له: لماذا…!؟
- قال لي: الترقية أصبحت مشروطة.. لأن المدير العام قرر ترقيتي، ولكن ليس في أمريكا وإنما خيّرني بالموافقة باختيار دولة من بين أربع دول في الشرق الأوسط (التعبانة) ومن بينها العراق…!!!
- قلت له: يا صديقي الغالي ألا يعلم رئيسك التنفيذي بأنك مقيم في أمريكا منذ عشرين سنة، وحاصل على جنسيتها..! واليوم يريدك أن تترك عائلتك وأقاربك ودراستك وخبرتك ومركزك في هذه الشركة (هو مدير شركة من إحدى عشر شركة فرعية في أمريكا)، أهذه ترقية أم عقوبة…!؟
وحينها فتح قلبه لي متنهداً بحسرات موجعة لتعبه واخلاصه.. وفي ختام حديثه قال لي:
   سأنتظر سنة أخرى، فإن كان لي نصيب بالترقية في هذه الشركة لأكون مديراً إقليمياً في عموم أمريكا فأنا لها، وإن لم يتم ترقيتي فهناك شركة كبيرة جداً تراسلني منذ سنتين، وبمنصب قدير، وبامتيازات عالية، ورفيعة. ولكن.. أنا أحب هذه الشركة وتعلقت بها لأنني أسست لبناتها الأولى ولطالما أدرت جميع الفروع عند غياب المدير الإقليمي بسبب مرضه لأكثر من سنة باقتدار عالي وبثناء الرئيس التنفيذي نفسه، وبناء على ذلك فاتحني بموضوع الترقية، وإلا أنا لم أفكر به إطلاقاً…!!!

سأترك لكم موضوع ترقية وقصة استحقاقه بين أيديكم وآرائكم

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

14
كل الحب والتقدير لمرورك الكريم يا اخي الحبيب حسام سامي المحترم

تقبل اعتزازي وامتناني
اخوكم / نبيل جميل سليمان

15
وليمة الأب .. والابنان الضالّان

   أعتدنا أن نقرأ مَثَل "الابن الضال" (لوقا 15: 11 - 32)، بالتركيز عند القسم الأول منه، أي ما يخصّ الابن الأصغر (في هروبه ورجوعه)، وأحياناً قد نتجاهل موقف الابن الأكبر (في غضبه وتكبره). وكلا "الموقفين" يفوّت المغزى الحقيقي لهذا المَثَل، لأن أمامنا أخوين كل منهما يمثل سبيلاً مختلفاً في الإبتعاد عن الله/الآب. بينما للنص، توجه آخر أعمق وأشمل، يريد منا التقرب بالكشف أكثر بكثير على وجه الآب. الآب المحب بلا حدود والغافر باستمرار، الآب الذي يفرح لفرح أبناءه ولا يسعى لإمتلاكهم وفرض إرادته وشروطه عليهم ولا بأي طريقة كانت.
   وأكثر ما يلفت الإنتباه في هذا النص - بدون شك - هو صمت الآب…! هذا الصمت الذي هو أفضل تعبير عن الحبّ واحترام حرية الآخر. عندما يذهب احترام الآب للابن إلى أقصى درجاته، حتى ليذهب إلى قبول ضياع الابن ووصوله إلى عتبة الموت. وهذا ما نتأمله في الصليب، حيث لم يتدخل الآب وترك شر الإنسان يقتل ابنه الوحيد، واثقاً بأنه سيقوم من الموت وينتصر عليه.
•   أمومة الله الآب  
   الأبوّة نعمة إلهية تجلّت في علاقة الله/الآب بالابن الأزلي قبل كل الدهور، والتي أصبحت الأنموذج الأقدس الذي تقتفيه كل أبوة على الأرض - روحية كانت أم جسدية - عندما يخبرنا الكتاب المقدس عن الأبوة الإلهية والبنوة البشرية، وما يتمخض عنهما من إحتدامات وهداية، أعظمها تلك التي تتكلل بـ "الرجوع" و "العناق" كما نراه في هذا النص، والذي بدوره ينعكس في علاقاتنا؛ الروحانية مع رعاتنا والجسدية مع والدينا. وما يهمني الإشارة إليه في هذا المقال، بأن الله/الآب حاضر في كل مكان، حنون وله أحشاء رحمة أم: "إن الله مثل الأم ترضع أطفالها بالحليب ثم تطعمهم الخبز" (مار أفرام السرياني - القرن الرابع)؛ "إنه أب، ولكنه أكثر من ذلك فإنه أم.. إنه لا يريد لنا أي سوء، بل يروم خيرنا جميعاً" (البابا يوحنا بولس الأول؛ خطاب 10-9-1978). حضور نتلمسه آنياً - في قمة حياتنا الروحية - أثناء مسيرتنا الإيمانية ومرافقتنا لأمومة الروح القدس التي تقودنا - في حضن الآب، في الأبدية - إلى إختبار "أمومة الله"، الينبوع السامي لكل أمومة، التي هي أسمى من الأمومة الإنسانية. أي أن "أمومة" الله آتية من عنده، التي تسهر بلا إنقطاع على إنسانيتنا المفقودة في الابنين الضالين (حب الذات والفخر الذاتي)، وتراقب كل حركة من حركات تقدمنا في الإهتداء، تماماً كما تفعل الأم. وأمام هذا الكشف لفيض الحب اللامتناهي - الذي لا يتغير - لا يمكننا إلا أن نكتشف ذواتنا الخاطئة، وهذا ما نسميه بـ "سر الإعتراف" أو "سر المصالحة".
•   وليمة الفرح
   وعبر هذه المصالحة التي يظهرها الأب - لأبنائه - وتحديداً لابنه الأصغر التائب، وكيفية إستقباله بكل هذا السخاء، وهو الذي كان يترقب عودته من بعيد: "فأشفق عليه وأسرع إليه يعانقه ويقبله" (الآية 20)، يدعونا إلى وليمة الفرح:
-   فرح حنان الأب بعودة الابن الأصغر إلى الحياة: "لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش، وكان ضالاً فوجد. فأخذوا يفرحون" (الآية 24).
-   فرح عناية الأب الساهر للابن الأكبر: "فخرج إليه أبوه يرجو منه أن يدخل" (الآية 28)
   إن النقطة الحاسمة هنا، تتجلى في موقف الأب الحنون وحسن تعامله مع أبنائه، والتي تعطي تعليماً بالغ الأهمية عندما قَبِلَ الابن الأصغر وأدخله إلى الفرح … وبالقدر ذاته فعل مع الابن الأكبر حينما صحح فكره وأدخله إلى الفرح … أي إن الأب يضطر إلى "الخروج" خارجاً ويدعو كليهما ليدخلا إلى وليمة محبته. لتلتئم آواصر العائلة من جديد إلى مائدة الفرح المسيحاني، من خلال "الاكتشاف الذاتي" للابن الأصغر الضال: "فرجع إلى نفسه" (الآية 17)، ومن ثم "الامتثال الخلقي" للابن الأكبر الضال: "وما عصيت لك أمراً" (الآية 29). وكل هذا يتأتى كتحصيل حاصل للمحبة الفيّاضة لـ "الراعي الصالح" التي ذهبت إلى أقصى حد للبحث عن الابنان الضّالّان وإرجاعهما إلى حظيرته المقدسة. وهذا ما يتطلب اليوم أن يتداركه رعاتنا الروحيين والجسديين، كي يخرجوا خارجاً، ليبحثوا عن كل "الخراف الضالّة" ويدخلونهم إلى فرح التهليل والإبتهاج وليس إلى تعاسة الإدانة والإحتجاج…!
•   الخاتمة .. ولكم البداية
   يروي الرب يسوع في الفصل 15 من إنجيل لوقا ثلاثة أمثال تدور حول مَن كان "ضالّاً" ثم "وُجِد": (الخروف الضائع، الدرهم المفقود، الابن الضال). ويبقى المَثَل الأخير هو الخيط الذي يجمع هذه الأمثال معاً. إن قَلبِي الأخوين كانا متماثلين، فكلاهما أغتاظا من سلطة أبيهما .. ألتمسا طرقاً للخروج من تحتها. كلاهما سعى لأن يحلّا  محل سلطة الأب في حياتيهما. كلاهما تمرّدا - إنسلخا عن قلب الأب - وكلاهما كانا "الابن الضال".
   إن هذا المَثَل الذي ضربه السيد المسيح ينشئ "شبه أزمة" لدى القارئ المتأمل، لاستعادة "الكرامة المفقودة" .. يريد بنا الإرتقاء إلى "لحظة تعليم" عميقة بواسطة يسوع، الذي أرسله الله للبحث عن البشرية المفقودة وإعادتها إلى كرامتها الأصلية في أحضان أبيه الرحيم.
 
ولكم البداية .. للإهتداء إلى الجواب…!

نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

16
فريق نالا يفوز ببطولة كنيسة مار ماري الأولى


   فاز فريق نالا ببطولة كنيسة مار ماري الأولى على فريق الرافدين بنتيجة هدفين مقابل هدف واحد، وذلك في المباراة النهائية التي أقيمت بين الفريقين في نادي المحبة في قرية هزارجوت في تمام الساعة السابعة من مساء يوم الأحد الموافق 26-9-2021. والتي حضرها السيد سيروان حنا هرمز ممثل سيادة المطران نجيب ميخائيل رئيس أساقفة أبرشية الموصل وعقرة للكلدان، وبحضور الخور أسقف فريد كوركيس كينا المحترم، والسيد يعقوب كوركيس وجمهور غفير من أبناء شعبنا، إضافة لما حظيت البطولة بمتابعة وتغطية مباشرة عبر صفحتها الخاصة في الفيسبوك والتي خصصت لهذه البطولة.
   وقبيل المباراة النهائية، جرت فعالية رياضية رائعة قدمتها مجموعة من زهور وصبايا قرية هزارجوت، أعقبتها كلمة سيادة المطران نجيب ميخائيل ألقاها نيابة عنه الخورأسقف فريد كينا المحترم. علماً بأن البطولة جرت منافساتها يوم 15-9-2021 وشارك فيها أثنا عشر فريقاً من المدن والقصبات المجاورة. وفي ختام البطولة جرت مراسيم توزيع هدايا وجوائز تقديرية للفريق المثالي، وأفضل لاعب، وهداف البطولة، وأحسن حارس مرمى، ثم كأس الفريق الحائز على المركز الثاني لفريق الرافدين، وأخيراً تم تتويج فريق نالا بكأس البطولة وسط أهازيج الفرح والسعادة التي سادت أجواء الملعب من قبل جمهور ومشجعي فريق نالا الذين حضروا وشاركوا في هذا التجمع الأخوي الذي يعبر عن المحبة الحقيقية بين أبناء شعبنا في هكذا نشاطات، والتي تعزز من تطوير المواهب الرياضية وتنوعها رغم الظروف الصعبة والإمكانيات البسيطة التي تحتاج إلى دعم وأسناد من قبل المؤسسات المعنيّة بالشباب والرياضة.

   مبروك لكل الفرق المشاركة في هذا المحفل الرياضي الرائع والمميز، الذي أستحق بجدارة كل التقدير والثناء لحسن التنظيم والحفاوة التي يتميز بها أهالي قرية هزارجوت في ضيافتها وأستقبالها وأحتضانها لكل الفرق المشاركة، متمنين لهذه البطولة المزيد من النجاح والموفقية.


تقرير / نبيل جميل سليمان

17
كل الشكر والتقدير لهذا المقال الموجز استاذ منصور سناطي المحترم، الذي يلقي الأضواء لما يحصل في كندا اليوم وخاصة من قبل حزب الأحرار بقيادة جستن ترودو الذي دمر كندا واقتصادها جراء قراراته التي اعتبرها "شاذة"..!!!
نتمنى أن يحكم البلاد حزب قادر على أنتشال ما آل إليه وضع كندا الحالي

تقبل محبتي وأحترامي

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

18
كل الحب والتقدير للأحبة السيد يوسف الباباري والسيد سام ديشو لمروركم الكريم وتوضيحكم الرائع

تقبلوا محبتي واحترامي
اخوكم / نبيل جميل سليمان

19
كل الشكر والتقدير والأحترام للدكتور سيمون شمعون والرب يباركك ويحفظك

20
محبتي وأحترامي رابي أوديشو يوخنا لمداخلتك القيّمة

تقبل شكري وأمتناني

أخوكم / نبيل جميل سليمان

21
أفتتاح بطولة كنيسة مار ماري الأولى

بأشراف سيادة المطران نجيب ميخائيل رئيس أساقفة أبرشية الموصل وعقرة للكلدان الجزيل الاحترام، وبرعاية الخور أسقف فريد كوركيس كينا المحترم، جرت مساء اليوم الأربعاء الموافق 15-9-2021 أفتتاح بطولة كنيسة مار ماري الأولى في نادي المحبة في قرية هزارجوت. ويشارك في البطولة أثنا عشر فريقاً حيث قسمت الفرق إلى ثلاث مجموعات وعلى النحو الآتي: 
المجموعة الأولى: هزارجوت – نالا – برور – رافدين
المجموعة الثانية: القوش – الشيخان – ملابروان – خويادا
المجموعة الثالثة: الرواد – شباب هزارجوت – باختمي – ازخ وهرماش
وقبيل المباراة الأفتتاحية، جرى أستعراض الفرق المشاركة، أعقبتها كلمة الخورأسقف فريد كينا المحترم، وكلمة السيد يوسف بنيامين مختار قرية هزارجوت المحترم. وبعدها جرت المباراة الأفتتاحية التي جمعت بين فريقي هزارجوت و ألقوش والتي أنتهت بفوز فريق هزارجوت بأربعة أهداف لهدفين. وأعقبتها المباراة الثانية بين فريق نالا وفريق الشيخان، وأنتهت المباراة بفوز فريق نالا بخمسة أهداف للاشئ.

نتمنى للبطولة كل التوفيق والنجاح .. والخير والتألق الدائم لكل الفرق المشاركة

تقرير / نبيل جميل سليمان
 

22
سؤال إلى كل المعنيين في الشأن الكنسي من أساقفتنا الأجلاء وكهنتنا الأفاضل وشمامستنا الأكارم وكل الكتّاب والمتخصصين في التاريخ الكنسي:
هل تسمية الجاثاليق 122 البطريرك مار آوا الثالث لكنيسة المشرق الآشورية هي الصحيحة أم أن "مار آبا الثالث" هو الأصح والأقرب تيّمناً بالجاثاليق 30 مار آبا الأول أو الكبير (من 540م إلى 552م) والجاثاليق 45 البطريرك مار آبا الثاني (من 741م إلى 751م)…!؟
صحيح أن كلمة "آوا" أو "آبا" تعني في اللغة الآرامية القديمة أو السريانية بـ "الأب" .. فبرأيي الشخصي كان من الأفضل أن تكون التسمية "مار آبا الثالث" ليتواصل مع التسميات التي سبقته.
بالرغم من معرفتي المتواضعة في اللغة الآرامية أو السريانية، أرجو أن لا يثير تساؤلي التحفظ والإمتعاض من قبل أساقفتنا الأجلاء في المجمع المقدس وبالأخص غبطة أبينا البطريرك مار آوا الثالث بما ذهبوا إليه من تسمية.

تقبلوا عظيم محبتي وفائق تقديري وأحترامي

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

23
كوخي .. أول كرسي لكنيسة المشرق


   لا ننسى: "أنّ جميع الأشياء تعمل لخير الذين يحبون الله" (رومة 8 : 28)، وما بدا لنا مؤسفاً في حقبة ما، قد يسهم في حقبة أخرى في إستنهاض الهمم وإذكاء المحبة والتعاون للخير والبناء. والحكيم منا هو من يحاول الإفادة من دروس الماضي - حتى من مآسيه - لبناء حاضره وإعداد مستقبله على صعيد الفرد والجماعة في مسيرة هذه الكنيسة العريقة. ومما لا شك فيه أن مسيرتها عبر القرون العديدة لم تكن سهلة، فقد أعتراها المزيد من النور والظلمة، والكثير من المد والجزر. ومع هذا كان تاريخها حافلاً بالنشاطات الرائعة على مختلف الأصعدة وبالبطولات في الأمانة للمبادئ والقيم السامية لآباء الكنيسة الأولون، والذود عنها بأقوالهم وكتاباتهم ومواقفهم الشجاعة التي غالباً ما أدت إلى الشهادة في سبيل إيمانهم. برغم ما صادفتها من أوهان وخلافات لبعض من مسؤوليها، مما زرع في طريقها الأشواك والعثرات مما أدى إلى فرط حبل الوحدة المسيحية…!

•   أول كرسي لكنيسة المشرق   
   ومع هذا لم يصيبها الأحباط، ولم تحد من حيوية رسالتها من أجل تحقيق الخلاص والوحدة. ومن هنا كانت تسمية "كنيسة المشرق" التي أطلقت على ذلك الشعب الذي تلقى الرسالة المسيحية، منذ نهاية القرن الأول الميلادي، في منطقة بين النهرين العليا، إنطلاقاً من الرها (أورفا الحالية في تركيا). وأنتشرت المسيحية من هناك شيئاً فشيئاً في ما بين النهرين الوسطى والسفلى. وأستطاع مؤسسها مار ماري أن يؤسس أول مركز مسيحي هام - بالقرب من العاصمة الفرثية (الأرشاقية) آنذاك - في منطقة قطيسفون (المدائن حالياً، على بعد 32 كيلومتر من جنوب بغداد)، والتي تتكون من أكواخ يسكنها خدام الملك ومزارعوه.
   في كوخي تأسس أول كرسي لكنيسة المشرق. ومن هناك شعّت المسيحية إلى مناطق أخرى من بين النهرين ووصلت إلى بلدان الخليج، وتوجهت شرقاً نحو بلاد الفرس حتى وصلت الهند والصين واليابان. وكان قد تم إكتشافها من قبل البعثة الأثرية الألمانية عام 1929، ما تزال آثار عملية تنقيباتهم ماثلة للعيان. ويقول المنقبون إن كوخي مكونة من كنيستين: السفلى كانت مشيدة باللبن، أما الكنيسة العليا فكانت مبنية باللبن المفخور. ثم أكتسبت "كنيسة كوخي" على مر الأيام أهمية كبيرة، فقد تحولت إلى مقر رئيس كنيسة المشرق الذي كان يحمل لقب "الجاثليق" قبل أن يصبح "البطريرك" في القرن الخامس، وعرفت حينها بأسم "كرسي كوخي". ومنذ تشييد الكنيسة شهدت عمليات ترميم وتوسيع حتى عام 341 م، وبعدها تعرضت إلى الدمار والهدم من قبل الأحتلال الفارسي. مما أضطر المؤمنون المسيحيون إقامة الصلوات في البيوت، ثم أعادوا بنائها بعد منتصف القرن الرابع، لتصبح مقراً للبطريركية حتى 779م عندما قرر البطريرك طيمثاوس الأول نقل مقر البطريركية من كوخي إلى بغداد، عاصمة الدولة العباسية في عهد الخليفة المهدي. لتهمل كوخي ويحل بها الدمار إلى أن بدأت عمليات التنقيب. وقدمت هذه الكنيسة الكثير من الشهداء، وعقدت فيها مجامع عديدة لكنيسة المشرق، ودفن فيها نحو 24 جاثليقاً.

•   أمنيات مؤجلة
في نهاية هذا المقال الموجز، تراودنا أمنيات مؤجلة. وكلنا رجاء أن يولي المسؤولون - الحكوميون والكنسيون - مزيداً من الأهتمام بهذه الأماكن المقدسة التي شهدت نشأة المسيحية في هذه البلاد، وأرتوت بدماء الشهداء، وكانت مركزاً للأشعاع الروحي والفكري. لأنها لاقت أهمالاً واضحاً من قبل الحكومات المتعاقبة، وعساهم أن يعملوا شيئاً في سبيل صيانتها وأستكشاف المزيد من الآثار التي تشير إلى قدم المسيحية في بلاد النهرين. وهنا لا بد من التأكيد على نقطتين أساسيتين لتحقيق هذه الأمنيات:
-   أولاً: يتوجب على الدولة إصدار تشريعات تحمي التنوع الديني وتكرسه في دستورها ومناهجها وخطاباتها، كي تسهم في نشر وعي وثقافة تقبّل الآخر ونبذ التعصب والكراهية. بالإضافة إلى دعم البحوث العلمية التي تعمل على توثيق هذا التراث والحفاظ عليه وحمايته لكونه يساهم في وحدة العراق وأبناءه. وخاصة بعد زيارة ورحلة الحج التي قام بها البابا فرنسيس إلى العراق (5 – 8 آذار 2021).
-   ثانياً: لِمَا لا نسعى بالمطالبة في جعل موضع كنيسة كوخي محجّة دينية ومزاراً مقدساً، يقصده الزوار من داخل البلاد وخارجها. بل والمسعى الأهم هو جعله نقطة ألتقاء وتلاقي لرئاسات "كنيسة المشرق" مجدداً في "كوخي"، إكراماً لشهدائها وقديسيها الأولون.   


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا       

24
تحياتي ومحبتي يا اخي الحبيب حسام سامي المحترم .. مع شكري لمرورك الكريم وتوضيحك المهم

اخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

25
بسيما رابا رابي اخيقر يوخنا ميوقرا

شلامي وإيقاري

26
يعقد السينودس المقدس لكنيسة المشرق الآشورية يوم غد الاحد ٥-٩-٢٠٢١ في مدينة عينكاوة بأربيل، حيث سيتنحى قداسة البطريرك مار كوركيس الثالث صليوا عن منصبه وسيتم انتخاب الجاثليق البطريرك ١٢٢ لكنيسة المشرق الآشورية
ومن المقرر ان يتم سيامة البطريرك الجديد في عيد الصليب المقدس، نصلي لأن يكون الروح القدس حاضراً بين ابائنا الأساقفة الاجلاء

27
المنبر الحر / إنزلوا عن الكراسي
« في: 01:30 05/09/2021  »
هل تعلم من هو الشخص الذي يجلس في آخر الصف ويسمع لكلام الشباب…!؟
هذا الرجل هو البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهي أكبر كنيسة مسيحية في الشرق الأوسط…!

إنزلوا عن الكراسي وأتركوها لمحبيها… وكُن تلميذاً للمسيح طول حياتك

نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

28
المنبر الحر / كنيستي بألف خير
« في: 03:33 25/08/2021  »
كنيستي بألف خير

    ربما الأحداث الأخيرة عقب إنتهاء أعمال السينودس الكلداني الأخير (من 9 لغاية 14 آب 2021) وما تلاها، ولّدت بعض ردود الأفعال، منها كان متوقعاً، وغيرها كان جديد، سواء مع أو ضد الكنيسة. وكنت طرفاً في بعضها، عندما أصديتُ من جانبي لبعض التسريبات، الموثقة لدي، فأختلطت الأوراق، وحُسب الأمر عليَّ إصطفافاً وتحوّلاً جديداً..! بينما كانت مناشدة شخصية بروحٍ متألمة وقلب كليم لما حصل من خروقات في السينودس. مما عُدّ تقلباً لمنهجي وإيماني بما كنتُ أؤمن وأكتب، بحيث وجدتُ سرباً من المتعاطفين، وأيضاً ممن أستغربوا من موقفي الأخير ضد موقع البطريركية الكلدانية. ومع الوقت توالت التعليقات، أمام صمتي الذي في النهاية أثار إستغرابهم، فوعدتهم بأن أجمع إجاباتي في هذا المقال. وفي هذه الغضون كان لسان حالي مع الذات ومع الآخر: إن الكنيسة كنيستي، وأنا أبنها، وتلقائية الحديث حتى الشطط غير المقصودة، لن تبعدني عن هذا الإنتماء مطلقاً.
   وأمام كل هذا، يحدوني - كما الكثيرين - الرجاء والأمل، بأن يلقى كلامنا آذاناً تسمعها وقلوباً تتلقاها وتفهمها وإرادات صالحة تسعى إلى تحقيق ما يمكن تحقيقه من خير أسمى. وما عليّ تأكيده هنا، بأنّي لستُ ممن - بين ليلة وضحاها - يعبر إلى الضفة الأخرى مهما كانت الظروف وتبلورت المستجدات. ولهذا فالرجاء كل الرجاء، ألّا يراد - من كلامي - ومن كلام ذوي الإرادة الصالحة، إنتقاداً هدّاماً تجاه الرؤساء أو من المرؤوسين. فجميعنا رعية الرب يسوع - راعينا الأول القدوس - والكل في هذه الرعية المقدسة - كنيسته - يسعى ما في وسعه أن يؤدي رسالته الراعوية والمسيحية، كلاً من موقعه - مسؤولاً أم شاهد إيمان - بأن الرب عند العواصف هو الذي يستنهض إيماننا ليسكن العاصفة.

•   الكنيسة بألف خير
   
  أجل ومهما كان من أمر، الكنيسة بألف خير، والرب وعد أن يكون معها مدى الأيام. فبالرغم من تراشق الأقوال والإنتقادات الموجهة هنا وهناك، إلا إنها لم يعد لها أي تأثير يذكر. لأننا مللنا من هذه الكتابات غير المجدية والفوضى الهدّامة. فقد كُتب الكثير في شأن الكنيسة، وأي مراجعة ذات - في ظروف هذه الأيام - تدعوني كما الجميع من مفكرينا الأفاضل - وهذا عهدنا بهم - بمبادرات فعّالة تسهم في مؤازرة الكنيسة، يقابلها يقظة وتواضع من رعاتنا الأجلاء بمد يد المحبة لهذه النخبة المختارة كي لا تفترسها الذئاب الخاطفة…! لذا بات لزاماً كي نسعى جميعاً في إعادة بناء الكنيسة وترميمها داخلياً وخارجياً، للنهوض من كبوتها، بل وحثّها بتجديد الروح وفتح نوافذ حوار الإصلاح، من خلال: نفض غبار العصيان والمعارضة لهذا الطرف ونزع تراب الولاء والطاعة للطرف الآخر. خاصة بعد أن ألتصقت بها "طفيليات" لوّثت دمها وشوهت بهاءها، لكي تظهر في حقيقتها الناصعة لتزهو من جديد على أسس الإيمان والرجاء والمحبة. متحلين بدعائم التواضع والخدمة والتجرد والتضحية، على مثال الكنيسة الأولى في عهد الرسل.


•   السينودس .. إنعطافة تنتظر إلتفافنا
   
   يُعقد في كنيسة المشرق، بنحو شبه سنوي، مجمع كنسي "سينودس"، يضم غبطة البطريرك والسادة الأساقفة الأجلاء. ولم يكن للأكليروس والعلمانيين من حق حضوره، إلا في السينودس الذي عقد للفترة من 3 إلى 9 آب من عام 2019، عندما طُلب أن تكون المشاركة لشخص واحد من كل أبرشية وبحسب إختيار المطران. ولكن هل كان هناك توجيه مسبق من قبل الأبرشية بهذا الإختيار، وهل كان منصفاً، بل هل أستلم السينودس من خلال مطران كل أبرشية مقترحات من قبل العلمانيين الذين لم يشاركوا في هذا السينودس وفي السينودسات اللاحقة..!؟
   وكما نعلم بأن هناك لجنة أسقفية تشرف على إعداد السينودس قبل إنعقاده بفترة ملائمة، كي تُعدّ ورقة العمل إعداداً وافياً وكافياً. والتساؤل الذي يذهلنا بل ويطرح نفسه هو: هل أُستشير آباؤنا الكهنة بنحو عام في كل الأبرشيات في سبيل التجاوب مع الأصداء والإحتياجات لدى مؤمنيهم بوضوح وشفافية، توزع على السادة المشاركين على شكل محاور دراسية قبيل إنعقاده بمدة كافية..!؟ وأملنا هو أن يصار إلى سياق بموجبه، يتدارس الأسقف مع أبرشيته ومؤمني أبرشيته، وبهذا ستكون هذه المقترحات والتوصيات منبثقة من داخل الكنيسة، بإلهامات الروح القدس الحال فيها، ولا تكون مفروضة من محور معيّن…! ومن هذا المنطلق، قصدتُ في تعليقي على مناشدة أتحاد الكتاب والأدباء الكلدان - ولعل التعبير قد خانني - بأن يتمخض عن هذا التدارس، ما يوضح المزيد من معالم الصورة عن هذه الأبرشية أو تلك، لإختيار أسقفها القادم، وبإلهام الروح عينه، وأفهم أن هذا هو توجه الكنيسة الكاثوليكية الجامعة، بلا إرتباط ملزم مما يسمى بمجلس الملة لدى الكنائس الأخرى. بعكس ما شهدناه طيلة العقود الماضية عندما يُفرض أساقفة لأبرشيات كبيرة غير جديرين برعاية مؤمنيها ولا تقيم وزناً لإحتياجاتهم، لقلة خبرتهم وضعف إدارتهم وحكمتهم..! بالإضافة إلى إن طريقة إنتخاب الكثيرين منهم فيها من المحسوبيات والمساومات والضغوطات، بل وما تشوبها من خروقات، وهذا ما لمسناه في السينودس الأخير..!

•   مقترحات عند قارعة الطريق

أولاً: يحلو ويطيب لي أن اسمي كنيستي بـ (كنيسة المشرق - الكلدانية) في وضعها الآني، ومستقبلاً سأكتفي بـ "كنيسة المشرق" فقط، إيماناً مني وأملاً في وحدة كنائسها الشقيقة (دون إنصهار أو ذوبان الواحدة في الأخرى).

ثانياً: إن قراءتي لما عاشته وتعيشه "الكنيسة" في هذه الأيام، تنصب في "فحص الضمير" في حُلوه وفي مُرّه، وفي "علامات الأزمنة" لواقع اليوم. فالله يخاطبنا عبر الأحداث، وينتظر من الجميع: (الكنيسة / شعب الله المؤمن)، "من كان له أذنان، فليسمع ما يقول الروح للكنيسة" (رؤيا 2 : 7).
ثالثاً: ومما تقدّم، نتطلع إلى يوم قريب عندما تكون الظروف مؤاتية، لكيما يعقد مؤتمر عام ثانٍ لكنيسة المشرق - "الكلدانية"، وبمشاركة علمانية واسعة، على غرار مؤتمرها الأول الذي عقد في منتصف التسعينيات، لتأوين المستجدات المتراكمة منذئذ وحتى الآن. بغية العمل سوية من أجل تطور كنيستنا ومجتمعنا وبالتالي وطننا الغالي. ومنه ما يتخذ من مقررات، على المستوى المدني والعلماني، برعاية الكنيسة ووفق مبادئها الرسولية.

رابعاً وأخيراً: هذه دعوة من القلب، نوجهها إلى الأخوة الذين تعاطفوا معي وغيرهم، للتروي والهدوء دون إنفعالات ومؤثرات "الريح الصفراء"، داعين وملتمسين سكنى وسكينة "الروح القدس" في قلوبنا وفكرنا وكلامنا بالسلوك والتصرفات، وتفعيلها بكل حكمة وفطنة. لذا فليحّل علينا "سلام المسيح" من جديد في كل تجديد "شكر" للرب يسوع من على مذبحه الطاهر. متحدين مع بعضنا البعض، حاملين مشاعل "الصليب" و "نوره العجيب" في معركتنا مع "الروح الشريرة" في عالمنا اليوم، وليس مع بعضنا البعض.


أخوكم / نبيل جميل سليمان
      فانكوفر - كندا

           
 


29
إلى الأخوة والأساتذة الأفاضل، كلاً من: مايكل سيبي، كوركيس أوراها منصور، حسام سامي، قشو ابراهيم نيروا، عبد الأحد سليمان بولص، نزار ملاخا … شكراً لمروركم الكريم وأود إعلامكم بأنه سيكون هناك رد لما ورد في تعليقاتكم على شكل مقالة جديدة: "كنيستي بألف خير..!" ستنشر قريباً جداً.

تقبلوا عظيم محبتي وفائق أحترامي
أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

30
بإعتباري عضواً في أتحاد الكُتاب والأُدباء الكلدان، أضم صوتي مع المناشدة المقدمة من رئاسة أتحاد الكُتاب والأُدباء الكلدان بما ورد فيها جملةً وتفصيلاً مع أخذ بنظر الإعتبار وأحقية الشعب المؤمن (العلمانيين) في المشاركة أو من خلال إستفتاء عام بأي قرار يتم تدارسه في أي سينودس، وأن لا يقتصر ذلك بما يتداوله السادة الأساقفة من قرارات وخاصة تعيين أو رسامة أساقفة وأي شأن آخر يهم "كنيسة المشرق" - الكلدانية برمتها إن كانت في الوطن أو في بلاد الإنتشار وإلا لما كانت هناك أبرشيات وأساقفة وكهنة وشعب مؤمن في جميع دول العالم إن لم يعترفوا بالنخب المميزة والمتميزة من الذين خدموا حياتهم كلها في هذه الكنيسة العريقة..!!!

الرب يبارك هذا المسعى الخيّر، لطالما لم يُسمع كلامنا عبر منافذ كان يجب أن تحترم فيها وجهات النظر لجميع أبناء شعبنا المؤمن لذا أرتأينا من الآن فصاعداً أن ننشر بما تحمله صدورنا من هواجس وكلام

تقبلوا فائق تقديرنا وأحترامنا

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا 

31
نعم أستاذ نزار الغالي، تم تغيير أسم "بطريركية بابل على الكلدان" ليصبح "البطريركية الكلدانية" بحسب البيان الختامي للسينودس الكلداني الأخير والمنعقد للفترة من 9 لغاية 14 آب 2021... ونحن لا زلنا تائهون في دوامة التكتلات والمساومات..!!!

تقبل محبتي وأحترامي

32
مَن يدير موقع البطريركية الكلدانية


أستغرب جداً من رد موقع البطريركية الكلدانية على عدم نشرها لمقالتي الجديدة: "أعطيني لأشرب" وهي عبارة عن محاولة لاهوتية تتناول الحوار الطويل الذي جرى بين الرب يسوع وبين المرأة السامرية في نص الإنجيلي يوحنا (الفصل الرابع)، وهذه المرة الخامسة التي ترفض فيها إدارة الموقع من نشر مقالاتي والتي تتبع المزاجية والنفسية لهذه الإدارة المتذبذبة في مواقفها والتي تتحكم فيها المحسوبية والفردانية الضيقة..!!!
وكان هذا الرد الذي تلقيته صباح اليوم من إدارة البطريركية الكلدانية:
الاخ نبيل مساء الخير
نعتذر عن نشر مقالك وذلك بسبب تذبذب كلامك ومواقفك مرة لصالح البطريركية ومرة اخرى لغير اشخاص.
مع التقدير
إدارة موقع البطريركية الكلدانية
بغداد العراق


لذا قررت أنه من الآن سيكون كل شئ واضحاً للعيان، وهذا هو ردي على الإيميل الذي تلقيته صباح اليوم مما يسمى بإدارة موقع البطريركية الكلدانية:
مساء النعمة الإلهية وبركة الروح القدس تكون معكم
تحية بالرب يسوع
يحق لي الرد عن أتهامكم الباطل لي: "بأنني متذبذب في كلامي ومواقفي مرة لصالح البطريركية ومرة أخرى لغير أشخاص"..!!! بل ويثير أستغرابي عندما أكون أنا في مواجهة كل الجيوش الإلكترونية والأقلام الصفراء التي تهاجم البطريركية بشخص بطريركها الكاردينال لويس ساكو ويقذفونني بشتى الإتهامات والمسبات بأنني أتلقى مبالغ من البطريركية ومن البطريرك لدفاعي المستميت عن كنيستي الكلدانية...!!! ولكن للأسف منكم ومن تذبذب مواقفكم أنتم التي تتبع المصالح الضيقة في التعامل مع مؤمنيكم ومع النخبة المثقفة والمخلصة منهم لتتهموننا كما يتهمنا الخارجين عن الكنيسة الكلدانية..!!! لا أعرف كيف تفهمون العدالة الإلهية وكيف يسري روح الحق فيكم وأنتم تنحازون لهذا وذاك في المكيال بمكيالين في سياستكم في هذا الموقع الموقر الذي للأسف الشديد فقد كل مصداقيته بعد فشلكم في إدارته التي تسيطر عليها الفردانية والمحسوبية والمزاجية أيضاً..!!!
أنا لستُ بحاجة لنشر مقالاتي في هذا الموقع الموقر الذي كنت أحترمه كل الأحترام والتقدير، فهناك المواقع الكثيرة التي تنشادني دائماً بتزويدهم بمقالاتي التي تعتبرونها غير لائقة بحسب مزاجيتكم ونفسيتكم المريضة أنتم وتذبذبها..!!!
أنا على علم لماذا لم تنشروا مقالي هذا وذلك بعد أن ناشدت عبر صفحتي في الفيسبوك وثم بعدها عندما نشرت مناشدتي ايضاً في موقع عينكاوة عن السينودس الكلداني والتسريبات وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها لما يوجد من خلل في هذا السينودس بعدم إلتزام الأساقفة ولو على أقل سرية وإئتمان على هذا السينودس المقدس في تسريب كل ما يدور فيه من مناقشات ومداولات، لكي أضع الأصبع على الجرح وأوضح ما يجري داخل أروقة السينودس وليكون علماً للبطريرك ودراية بما يجري ولكن للأسف لا تفهمون أبداً المغزى الحقيقي لكل ما ننشره والذي هو في الأخير يصب في مجرى خدمة كنيستنا الكلدانية لكي تتجاوز كل الأخطاء والهفوات التي لا زالت تنخر في جسدها بالرغم الظروف المأساوية التي تعيشها ليأتي النزف من داخل آباء السينودس ليكمل ما تعانيه كنيستنا من تدهور وفشل واضح للعيان للصغير والكبير..!!!
شكراً جزيلاً لتفهمكم وأدامكم الله في رعاية ما تبقى من مثقفي شعبنا المؤمن
ملاحظة: سأنشر ردكم هذا في كل المواقع ليفهم من لا يفهم ما هي السياسة الحاكمة المتغطرسة في موقع البطريركية الكلدانية...!!!!!!!
أبنكم / نبيل جميل سليمان
كندا - فانكوفر

33
المنبر الحر / أعطيني لأشرب
« في: 20:31 16/08/2021  »
أعطيني لأشرب
(محاولة لاهوتية)

"فجاءت إمرأة سامريّة تستقي من ماء البئر، فقال لها يسوع: "أعطيني لأشرب" (يوحنا 4 : 7).

   يعتبر الحوار في هذا النص (يوحنا 4 : 1 – 42)، من أطول الحوارات في إنجيل يوحنا وأكثرها تأملاً. ونلاحظ قابلية السامريّة في النقاش مع المسيح بكل جرأة، مع إن الرب يسوع هو من يبدأ الحديث معها، ليطلب منها أن يشرب ماءً: "أعطيني لأشرب"، وكأنه هو المحتاج إليها. وبطلبه هذا يتغلب يسوع على ما وُجِدَ من "حواجز" العداء بين اليهود والسامريين: "لأن اليهود لا يخالطون السامريين" (يوحنا 4 : 9)..!؟، بل والأهم من هذا أنه يكسر قالب "التحيّز" ضد المرأة والنظرة إلى تلك النفس الخاطئة .. وكأنه يشير في هذه الجملة: "أعطيني ما لديكِ، أفتحي قلبكِ وأعطيني ما أنتِ عليه". فنراه كمَن يشحذ (يتسوّل)...! وهو واهب الحياة، ليعطينا وليعطي لهذه المرأة "ماءً حيّاً". فهل يا ترى نعيش حقيقة رسالة المسيح المخلص، في عروسته الكنيسة...!؟ وهل كنيستنا اليوم تنحني بحب على حقيقة الإنسان، وما الذي تشحذه منه ومن نفسه المهلهلة...!؟

•   عطش يسوع .. عطش للحب
   عند موضع بئر يعقوب، هناك دهشة وتبادل أدوار: يسوع يطلب أن يشرب ولكنه هو الذي يعطينا لنشرب..! أتينا مع - السامريّة - لنشرب لنجد أن يسوع يتسوّل منّا..! أي أن هناك: (عطش إلهي لخلاصنا / عطش قلوبنا إلى الله). فبقدر ما كان عطشنا كبيراً، فإن عطش يسوع كان أكبر. نشعر بأن يسوع فَهِمَ عطشنا، ضعفنا، ظلامنا الأشد عمقاً، وأنه يتعطش للبحث عنّا والأتصال بمكنونات نفسنا. رغبته تشير إلى عطش آخر: "لو كنتِ تعرفين عطيّة الله، ومن هو الذي يقول لكِ أعطيني لأشرب، لطلبتِ أنتِ منه فأعطاكِ ماء الحياة" ( يوحنا 4 : 10). هنا ينطفئ عطش يسوع ليعلن عن "ذاته" بأنه هو نبع الماء الحي، وليفتح لنا باب عطيّة المحبة وهبة الروح القدس: "مَن كان عطشاناً فليأتِ، ومن شاء فليأخذ ماء الحياة مجاناً" (رؤيا يوحنا 22 : 17). أنه عطش تسليم الروح ونقله للآخرين، أي إننا مدعوين لدمج حياتنا بحياته. نخرج من ذواتنا، عزلتنا، تشتتنا، إنحرافاتنا، ونرتوي "في" المسيح "مع" عطشه على الصليب: "أنا عطشان" (يوحنا 19 : 28). عطشه هو عطش للحب .. حبه لنا وبكل ما فينا: ضعفنا وقلقنا، فقرنا وجراحنا، أقنعتنا وأساليبنا. وعطشنا هو الإيمان بيسوع، والشرب هو المجئ إلى يسوع. ولكن حالما نصرف النظر عن هذا العطش، ستبدأ رحلة الموت فينا .. فترانا نفقد اليوم جذورنا ومحبتنا وأصالتنا وإيماننا، بل للأسف فقدنا طعم الحياة. فبتنا تائهين في فراغ المتاهة، لنتبع وقعات خطانا الفردية، وبالتالي نصغي إلى صوت العالم وإستهلاكات سعادته الزائفة. وهذا ما يدّعيه البعض منا إلى إضفاء الطابع الطبي لرحلة الموت هذه، معتبرينه مرضاً يجب معالجته من الناحية النفسية..! بينما يدعونا الرب يسوع: "تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والرازحين تحت أثقالكم وأنا أريحكم" (متى 11 : 28)، ليحرر - من خلال عطشه - الطاقات الكامنة فينا لنعيش الحب ونصنع السلام.

•   سلطة المسيح هي تقدمة ذاته
   إن العقبة الكبيرة أمام حياة الله فينا هي القساوة والتصلب، التكبر والإنعزال، تبرير الذات وحب السلطة. فالكنيسة اليوم لا يجب أن تنعزل في برجها العاجيّ، بل أن تنحني أمام حقيقة الإنسان بكل حب وتواضع. أن تبادر بالإصغاء على خطى يسوع الذي علمنا أن نقدم العطش والصمت والتخلي كصلاة. من أجل اللقاء مع تلك الروح الجافة - المتمثلة بتلك المرأة وبإنساننا اليوم - ليفتح قلوبنا: "طلب شراباً .. ليضئ عطشنا". وهذا الطلب البسيط من يسوع / الكنيسة هو بداية حوار صريح للولوج إلى الحياة الداخلية لكل واحد منا. وعندها ستنبثق عدة أسئلة عميقة نحملها ولكن غالباً ما نتجاهلها أو نتخوف من طرحها. ولكن يسوع يبادر ويفعل ولا يخاف، يمضي قدماً لأنه يحب، يحبنا جميعاً دون تردد أو تحيّز. لا يحكم علينا ولكن يجعلنا نشعر بأننا نستحق التقدير والخلاص، وبالتالي يثير فينا الرغبة في تجاوز مكامن الظلام في نفوسنا وفي نمط سلوكنا اليومي. وهنا تتوضح وتستمد سلطة الكنيسة من سلطة المسيح لتقدمة ذاته / ذاتها، على صورته: "لأننا رعاة .. ولسنا أسياد".
  يسوع شديد الرحمة، لذلك لم يخاف من مخاطبة المرأة السامرية: الرحمة أعظم من التحيّز، وعلينا أن نتعلم هذا جيداً. فكانت نتيجة هذا اللقاء عند عتبة البئر، تحوّل الخطة: "وتركت المرأة جرتها ورجعت إلى المدينة" (الآية 28)، والتي جاءت بها لسحب الماء، فتعود لتخبر الناس عن تجربتها الغير عادية: "تعالوا أنظروا رجلاً ذكر لي كل ما عملت، فهل يكون هو المسيح!" (الآية 29). فها هو المسيح يسعى وراء هذه السامرية المهمشة ليحوّلها إلى كارزة. وهكذا يسعى الله وراء كل نفس خاطئة ليجددها. عندما نترك جرة الماء الخاصة بنا (رمزاً لكل شئ يبدو مهماً)، والتي تثقلنا وتبعدنا عن "محبة الله". وهكذا فإن كل لقاء مع يسوع - وعروسته - يكشف حقيقتنا ويغيّر حياتنا، عندما نسمع صوته وهو يقدم لنا نوعاً آخر من الماء، ماء الرحمة الحيّ الذي تنبع منه الحياة الأبدية. فالكنيسة مدعوة لإعادة أكتشاف أهمية حياتنا المسيحية من خلال فرح اللقاء مع يسوع. أنها خطوة إلى الأمام، خطوة أقرب إلى الله، عندما نخبر عن الأشياء الرائعة التي يفعلها الله في قلوبنا .. عندما نترك جرة الماء الخاصة بنا جانباً.

نبيل جميل سليمان
كندا - فانكوفر

34
تقديري وأحترامي للدكتور نزار ملاخا المحترم لمداخلتك مع الأستاذ حسام سامي فيما ذهب إليه من تحليلات

تقبل محبتي وأعتزازي

35
أعتز جداً بطروحاتك وتحليلاتك المتميزة أستاذ حسام سامي المحترم والتي تنصب في خدمة كنيستنا ومن خلالها جميع أبناء شعبنا المؤمن، متمنياً وراجياً أن تؤخذ بنظر الأعتبار من قبل جميع الأطراف لكي نقف جميعاً صفاً واحداً في مواجهة التحديات التي تعصف بنا من جميع الأتجاهات..!!!

تقبل عظيم محبتي وفائق أحترامي 

36
عظيم محبتي وفائق أحترامي للأستاذ أوديشو يوخنا لموقفك ولرأيك السديد بما طرحته في مداخلتك التي أعتبرها مشورة رائعة

تقبل شكري وأعتزازي

37
كل الشكر والتقدير للأستاذ عبد الأحد سليمان بولص لمداخلتك القيّمة، ونحن نتفق معك فيما ذهبت إليه من معلومات التي يعرفها الكثير منا .. ومع هذا فأنا أنطلق من مبدأ الحفاظ على السرية لضمان عدم التأثير على ما يتداوله الأساقفة والتي قد تؤثر حتماً على تغيير فيما ذهبوا إليه من قرار..!!!

تقبل محبتي وأحترامي

38
السينودس الكلداني والتسريبات


مَن يقوم بتسريب المعلومات لما يتداوله الأساقفة من قرارات وتوصيات في السينودس الكلداني المقام حالياً في بغداد…!؟
حتى قبل انعقاده تسربت الكثير من المعلومات وخاصة ما يتعلق بتعيين ورسامة الكهنة والأساقفة..!!!
أليس المفروض من المجتمعين أن يحافظوا ويؤتمنوا على الأسرار والقرارات والتوصيات لحين أنتهاء السينودس ليكون الشعب المؤمن على اطلاع كامل بكل القرارات دون التأثير عما يدور أثناء التداول والمناقشات…!؟
وأنا من الناس الذين تلقيت معلومات مسربة من داخل أروقة السينودس ونشرتها يوم أمس على صفحتي في الفيسبوك تحت عنوان: #مجرد_تساؤل بما يخص تعيين مطران لأبرشية مار أدي الكلدانية في عموم كندا..!!!
وقفة لابد منها، وإعادة النظر من جميع المشاركين في هذا السينودس
متمنين لكنيستنا الكلدانية أن يقودها الروح القدس لما فيه الخير الأسمى
أخوكم/ نبيل جميل سليمان

39
السلطة الكنسية وتصرفات بعض الكهنة وانتقادات المؤمنين

بقلم / البطريرك لويس روفائيل ساكو

الكنيسة مؤسسة مقدسة، لكنها تقوم على أشخاص متنوعين، وليسوا قديسين، لهم قوتُهم وضعفُهم، طبعهم وطموحاتهم…
أشكر الله ان غالبيّة كهنتِنا ممتازون، وملتزمون بثباتٍ في خدمتهم الكهنوتية. وأشكرهم على عطائهم السخي، وأشجعهم على الالتزام بدعوتهم بأمانة من خلال ترسيخ علاقة حميمية مع المسيح الذي دعاهم، ومع الكنيسة التي ارسلتهم، ومع الجماعة الموكَلَة اليهم، هم كهنة لخدمتهم. خدمة طوعيّة، بدون ضغط ولا اكراه!
أذكر بان أكثر المواقف المؤثرة في حياتي الكهنوتية كان ولا يزال هو فعل الإيمان، الذي تلوتُه أمام اُسقفي الذي رسمني بحضور الجماعة الكنسية. وان خِصلة الشعر التي قصَّها من رأسي إشارة الى تكريسي، الى إرتباطي الأبدي بالمسيح والكنيسة، التزم به كارتباط الزوجين (إخلاء الذات تعني لستُ بعدُ مُلكاً لنفسي). والركعات والقيام في بداية كل مزمور وترتيلة، تعبير عن التفرغ لخدمة الرب والكنيسة. وتتكلل الرتبة بوضع يد الاُسقف ودعوة الروح القدس ليبنيني كاهناً ويجعلني حاضراً دائماً أمامه. كل هذا الثراء الروحي أعود اليه باستمرار لأنه يُدفئني ويزيدني حماساً كلما شعرتُ بالتعب. هذا لا يعني اني ادَّعي الكمال، أبداً. فقد اعترفتُ بضعفي أكثر من مرة. في سينودس 2015 طلبتُ من الأساقفة ان يقيِّموا إدارتي، فكان ان أدلوا بملاحظاتهم الموجعة والمفرحة الواحد تِلوَ الآخر، وفي النهاية قال أحد الاساقفة اتمنى أن تكون لنا نفس جرأة سيدنا لويس لنمارس هذه المراجعة مع كهنتنا. طريق الكهنوت، طريق ضيِّق. والحياة تعلمنا الثبات في الشدائد، وأن نطلب باستمرار نور الله لنعمّق معرفتنا بالمسيح ونحبه بشغف ونتبعه بأمانة ونخدم الناس كما خدمهم.
اليوم تُمسح يديّ الكهنة الجدد بزيت الميرون ليكونوا ممسوحين كالمسيح، أي ان يجسِّدوا في حياتهم “قدر الإمكان” ما عاشه يسوع، بتوجههم كليّا اليه. انه مرساتهم في حياتهم.
بهذه الروحانيِّة يكون عملنا الراعوي مبدعاً ومثمراً، وتكون صلواتنا مؤثّرة، وليست مجرد كلمات وshow، مِمّا يساعدنا ان نرى الاشياءَ بعين مستنيرة، ونكتشف علامات حضور الله في محيطنا.
هناك كهنة قليلون، غير مستقرين، مجروحون يتحسرون بمرارة لأنهم لم يبلغوا ما يطمحون اليه. فقدوا محبة الرعية وبساطة التعامل الراعوي، بالرغم من انهم يعلنون انتماءهم للمسيح!. يتظلمون ويبحثون عن المال والمناصب، ويستغلون كهنوتهم لفعل ما يشاؤن، ويتعاملون بقسوة مع المؤمنين وينتقدون تعليم الكنيسة الرسمي والسلطة الكنسية لان ليست على هواهم! هكذا أشخاص عليهم اولاً ان يتصالحوا مع انفسهم!
ماذا تفعل الكنيسة امام هذه التجاوزات؟
التقيتُ شخصياً ببعض الكهنة وناقشتُ اسلوب تعاملهم الخشن (الرزالات) مع المؤمنين، بعضهم تغيّر وما زلتُ اتابعهم بمحبة وصبر وصلاة ليكونوا أفضل!
لكن كيف العمل مع كاهن كان راهباً بالأساس ونذر الفقر والطاعة والعفة، ركب رأسه وخلع كل القيم الاخلاقية والمسيحية والانسانية وراح يجندُّ بالمال شلة من خدّام الشيطان يروّجون الأكاذيب على البابا والبطريرك والكنيسة ويقوّلونهم ما لم يقولوه. فاتخذت الكنيسة بحقه عقوبة قانونية كما فعلت مع غيره من الذين خرجوا عن سياق الكنيسة. لأن الكنيسة لا تسكت امام نشر الشكوك، فطُرِد هذا (الاكس) كاهن والراهب من الكنيسة الكلدانية، بعد رفضه أكثر من فرصة للتوبة والاصلاح التي اعطيت له. انه يغش كهنوته والملتفين حوله. زملاؤه عادوا الى الخدمة وحسَّنوا وضعهم. الكنيسة بمشاعر الأمومة والأبوّة تترك باب التوبة والاصلاح مفتوحاً أمامهم.
هنا اُشير الى دور الاُسقف ودور المؤمنين. فالمسؤولية المباشِرة تقع على الاُسقف في ان يهتم بكهنته- معاونيه في هذه الظروف الصعبة، كأب وأخ وصديق. وان يساعدهم بوداعة ومحبة على التجديد الروحي والإنساني والثقافي والإجتماعي، من خلال اللقاء الدوري معهم، لحثّهم على القيام برسالتهم الراعوية على أحسن وجه.
أما المؤمنون فعليهم ان يميّزوا بين الكاهن الفاضل الأمين على تكريسه ورسالته والكاهن المنفلت الذي يزرع الشكوك ويطعن بالكنيسة. عليهم ان يحتضنوا الأول ويشجّعوه وان يقودوا الآخر الى طريق الصواب بكل محبة لا ان يشجعوه. هذه خطيئة مضاعفة.
 لا بأس ان تكون هناك معارضة إيجابية عندما تكون الإدارة متعثّرة والنهايات سائبة. ليس معيباً ان اعترف باني كنتُ مع سبعة أساقفة معارضين على الإدارة السابقة بسبب الفشل المتكرر في ادارة الكنيسة وانتخاب أشخاص غير جديرين. هذا الموقف اتخذناه محبة بالكنيسة وحرصاً عليها وليس لاسباب ذاتيّة.
في الختام اتمنى الا تُنشر انتقادات عن الكهنة على المواقع. فمن الأفضل ان توجَّه الرسائل الى المطران المسؤول أو الى البطريرك لتُعالج حالات شاذة (إن وجدت)، وسوف نعمل على الاصلاح وان لم ننجح سنطبق القوانين على من يُسيء الى كهنوته والكنيسة والمؤمنين. هنا، أود ان أشير ايضاً الى اننا انشانا محكمة بطريركية لمعالجة قضايا الاكليروس، وبامكان أي اُسقف أو كاهن اللجوء اليها حين يشعر انه مظلوم.

40
إلى حضرة الأخ زيد ميشو المحترم
تحية طيبة وبعد،

إطلعنا على مقالتكم الموسومة: "الأخوين باليوس، مدرسة في علم النفس الباليوسي"، ونود التعقيب بأختصار شديد لما ورد فيها من مكاشفة جريئة وطرح مباشر لما آلت إليه وضعية "بعض" من كهنتنا والتي أعتبرتها حيناً "عقبة" أمام طريق المؤمنين بقدر ما يجب أن تكون عتبة للشروع والإنطلاق في مسيرة الإيمان وما نمر به من ظروف عصيبة في هذا "الزمن الوبائي". وهذا ما أشرت إليه مسبقاً في مقالتي الموسومة: " هل الكاهن عقبة أم عتبة لكهنوتنا" والمنشورة في عدة مواقع ومن ضمنها موقعنا الموقر عينكاوة دوت كوم، كما هو مبين في الرابط أدناه:
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1015053.0.html
وكل هذا يأتي مما نسمعه بل وما نشاهده وأيضاً مما يصلنا من مصادر موثوقة من أمور يندى لها الجبين..!!! وبين الفينة والأخرى أنشر أيضاً في صفحتي الشخصية والعامة في الفيسبوك تنويهاً وبمنشور مقتضب لعله يضع النقاط على الحروف، ويؤتى بالفائدة لمن يمسهم الأمر لمن أوغلوا في مهاترات وهرطقات زمننا الراهن، أو لعلهم يتعضون، ولكن للأسف يتمادون أكثر فأكثر وكأن الأمر لا يعنيهم أو تأتي تبريراتهم أقبح من الذنب...!؟
وإليكم بعض مما نشرت في صفحتي في الفيسبوك:
ونحن في خضم ما يعانيه اليوم شعبنا المسيحي المؤمن من مخاوف الحياة وقلق في مسيرته الإيمانية والروحية، يعود بنا بعض الكهنة إلى زمن "الهرطقات" ليصبحوا "مهرطقين" وعثرة في الطريق .. محاولين التشويش بما يحلوا لهم من أمور دخيلة وأفكار مستحدثة بحسب تفسيراتهم السايكولوجية والخنفشارية والميتافيزيقية..!!!
#إلى_أين_نحن_ذاهبون

******************************
أصبحت كرازة "بعض" من كهنة اليوم توجيه النقد اللاذع والانتقاد السلبي لمؤمنيه والتشهير بهم من خلال "قصف صاروخي فاضح، حارق، خارق" بدلاً من أن يرشدهم بكلام إيجابي ويوعظهم بكلمة الله وخبرات الأنبياء وأمثال وحكم الكتاب المقدس..!!!
**************************************
ويگولون نبيل لا تحجي..!!!
كيف يمكن لشخصية مرموقة أن تدعي حصولها على شهادة الدكتوراه ويكون أسم الأطروحة هو نفسه لشخصية ثانية قد حصلت عليها في عام ٢٠١٩...!؟
ممكن تفسير لهذه الحالة...!؟

***************************************
إياكم والأنبياء الكذابين، يجيئونكم بثياب الحملان وهم في باطنهم ذئاب خاطفة
متى ٧ : ١٥
إحذروا منهم، وما اكثرهم في هذا الزمن..!!!

***************************************
يظهرون إلى الملأ كالملاك، ولكن شياطين الأرض تسكن بداخلهم..!!!
***************************************
ومن هنا لا يسعني إلا أن ننوه إلى مسألة في غاية الأهمية وهي، أنه لابد من السلطة الكنسية أن تضع حداً لمثل هذه المهاترات وهذا الخروج من العقيدة الإيمانية والتجاوز على القوانين الكنسية عند بعض الكهنة.

تقبلوا مروري مع فائق إحترامي

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

41
هل الكاهن عقبة أم عتبة لكهنوتنا…!؟
[/b]


   هناك سؤال طالما يراودني ويثير فيّ الكثير من الأسى والقلق: هل فقدَ  كهنوت  المسيح  قيمته لدى العديد من كهنة اليوم..!؟
   للأسف، نسمع بين الفينة والأخرى بأن كاهناً قد ترك خدمته الكهنوتية وتخلى عن رسالته الرائعة أو إنتمائه لكنيسته الأم، في حين أضحى عالمنا اليوم بأمس الحاجة إلى رعاة وكهنة يشعّون نور المسيح على العالم والعناية بشعب الله في مسيرته على هذه الأرض…! فهل كان أساس دعوتهم الكهنوتية للبعض واهياً، أو إن تأهيلهم الكنسي كان ناقصاً ولم يكن على مستوى التحيات المعاصرة..!؟ هل إنخدعوا في خياراتهم وأختياراتهم، أم أحبطت خبراتهم القصيرة والطويلة طموحاتهم وأهدافهم..!؟ أسئلة نطرحها على كاهن الأمس واليوم وعلى المؤسسة الكنسية.
   مهما يكم من أمر، فأن الواقع مؤلم جداً ويدعو إلى التفكير الجدي في شأن حياة الكنيسة ومستقبلها، وفي شأن الكهنوت ونقص الدعوات، وأيضاً في إستقطاب الشباب وأحتضانهم. إنني أتطرق إلى موضوع في غاية الأهمية والحساسية، ليس بدافع تدخل فضولي في شأن قد لا يعنيني لكوني "علماني / مؤمن"، كما إنه ليس لي أية صفة رسمية في هرم الكنيسة سوى كوني عضو في الجسد المسيح السري (كهنوت المسيح)، ضمن إطار الكهنوت العام، لكن مع خدمتي وخبرتي المتواضعة في الكنسية طيلة أربعة عقود، فقد تعلمت دروساً كثيرة ونفيسة بحكم أختباراتي وقربي مع العديد من المؤمنين والشمامسة والرهبان والراهبات والكهنة والأساقفة.
•   مَن أنتَ أيها الكاهن، وما المطلوب منك..!؟
   أنتَ إنسان مثل سائر البشر، لكن الرب يسوع دعاك وأختارك: "ما أخترتموني أنتم، بل أنا أخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتثمروا ويدوم ثمركم" (يوحنا 15 : 16). ولابد ذات يوم إنك سمعت نداء يدعوك إلى حياة جديدة .. حياة مليئة بالخير والمحبة، بالعطاء والتضحية، بالسخاء ونكران الذات، بالغفران والسلام والفرح، بالتفرغ التام لخدمة القطيع الذي يُسلم إليك لرعايته، أيّاً كان، وأينما كان. فالمحبة والخدمة الحقيقية لا تكون بالأقوال فقط، بل تتجسد في الأعمال والمواقف والمبادرات لجميع أبناء الرعية دون تمييز، مُكرساً حياتك كلها في خدمة الآخر مهما كان، الآخر الذي ينتظر منك أن تنقل إليه إنجيلاً حياً، وقلباً مليئاً بالفضيلة والطهارة والرحمة والحنان، لا أن تقابله باللامبالاة أو الإهمال أو التعنت، ولا أن تزعجه بكلمات نابية ومهينة، أو بتصرفات إستعلائية وتسلطية، ولا إلى توجيه إنتقادات لاذعة ومشينة، والتي لا تشمل المؤمنين فقط بل إخوتك الكهنة أو رؤسائك كما يحصل في هذه الفترة.
   كل ما سبق وأن ذكرته عبارة عن مجموعة حقائق معروفة للجميع حق المعرفة، لا أريد الإستزادة أو الإطالة فيها. ولكن ما يهمني هنا هو تسليط الضوء للتسيب الموجود وعدم الطاعة لبعض الكهنة، بعد أن خرجوا من "تجربة الإبليس" ضعيفي الإرادة ومهزوزي الدعوة، لينقادوا بعد "الأربعين يوماً" إلى طريقين آخرين…! ومن خلال خدمتي لطالما تكلمتُ بمحبة مع بعضهم لتشجيعهم على الأنتصار على تجربتين أساسيتين أمام الكاهن هما: المال و الجنس .. وسأضيف لهما هنا "تجربة ثالثة" ألا وهي "المجد الباطل":
1-   تجربة المال:
   حُسب المال في العهد القديم بركة عظيمة من الله، ويظل حسناً طالما يبقى عبداً مطيعاً في خدمة الإنسان للخير والإحسان. أما إذا أنقلب سيداً أو رباً، فإذ ذاك يصبح خطراً جداً: "لا يقدر أحد أن يخدم سيدين .. فأنتم لا تقدرون أن تخدموا الله والمال" (متى 6 : 24). وهذا ما لاحظته في عدد من الكهنة الساعين وراء المال سعياً مفرطاً، مستخدمين جميع الوسائل في سبيل جمع المزيد من المال، حتى أصبح جشعهم وتهافتهم على جمع المال مضرب الأمثال عند غالبية المؤمنين، بدلاً من أن يعطوا إنطباعاً صادقاً للمؤمنين بأنهم يعيشون روح التجرد والفقر الإنجيلي، وأن يجعلوا المال وسيلة للخير والمقاسمة، قبل أن يصبح دافعاً لإستغلال الناس كما حدث في السنين الأخيرة من موجات التهجير والهجرة وتنظيم الكفالات. وما آلت إليه من دعاوي ومحاكم بعد فضائح، غير آبهين بمقولة بولس الرسول لتلميذه طيموثاوس: "فحب المال أصل كل شر" (1 طيموثاوس 6 : 10).
2-   تجربة الجنس:
   غالبية من أستجاب لنداء الدعوة الكهنوتية وكرس حياته لخدمة مذبح الرب، هو مدعو أن يعيش العفة والعزوبية بملئ إرادته وحريته، دون إجبار أو إكراه. وقلتُ "غالبية" لأن هناك دعوة الكاهن المتزوج أيضاً في كنائسنا المشرقية التي تضيف وتغني. إن على الكاهن المتبتل أن لا يلتفت إلى الوراء، كما يحذرنا الرب يسوع: "ما من أحد يضع يده على المحراث ويلتفت إلى الوراء، يصلح لملكوت الله" (لوقا 9 : 62). الأمر الذي كنا نخشى عاقبته وما تمخض عن ذلك من حقائق مؤلمة..! أثارت فينا الإندهاش والتساؤل: بأن هناك أمراً لا نفهمه في عدد من كهنة اليوم..! بل لابد أن يكون ثمة خلل في القضية..! وكيف يتحمل هؤلاء الرجال "الإزدواجية" بعدما نذروا العفة وقلوبهم مفعمة بـ . . . !؟ ومع ذلك أقول، دون أن أبغي إستثارة أحد: بأنهم للأسف لم يعودوا يحتملون "المواجهة" لبتولية قانونية مفروضة..!؟ فهنا نسمع، تارة من يتخلى عن "عبء" عزوبيته، وطوراً من يتظاهر في صومعته بـ "عفة" وهمية..!؟ وهذا أحدهم يروي لي، مآساته وتناقضات عزوبية لا يفهم معناها ويتحملها على مضض ولا يعيشها كما ينبغي، مؤكداً: "إننا نعاني والظروف الراهنة من حصار جسدي"..! وآخر يعترف بعدم إرتياحه لهذه "الإشكالية"، مكتفياً بترديد المقولة الشهيرة لبولس الرسول: "فالزواج أفضل من التحرق بالشهوة"..! (1كورنتس 7 : 9 ). مع ذلك، ولكي لا أكون عمومياً فإن هناك كهنة رائعون يعيشون دعوتهم ورسالتهم ليكونوا علامات مضيئة وسط عالم اليوم المظلم.
3-   تجربة المجد الباطل:
   في هذا الوقت العصيب، تعتبر السوشل ميديا (مواقع التواصل الأجتماعي) العدو الألد لكَ ولرسالتكَ أيها الكاهن .. أتدري لماذا..!؟ لإنه كالفايروس أصابكَ (بعد جائحة كورونا) فتسرب إلى حياتك وبات محور تفكيرك وأهتمامك، باحثاً عن مجد باطل…!
   فكما نعلم بأن القوة التي تدير العالم اليوم هي "القوة الناعمة" أو "الحرب الناعمة" ويقصد بها "الإعلام" وما له دور فاعل ومؤثر في عالم السياسة والأقتصاد والقانون والإدارة، وغيرها. حاله حال العديد من العطايا والأختراعات المتوفرة أمام الإنسان فهي سلاح ذو حدين. فبالرغم من فائدة الإعلام في "كنيسة إفتراضية" في زمن الوباء، ألا إنه للأسف الشديد شلَّ عندك عمل المحبة، بل حددت فاعليتها وفعاليتها. ولهذا جعلتكَ "إلهاً" ليدور جميع الناس حولك .. حول مجدٍ أرضي: "فللأجسام السماوية بهاءٌ، وللأجسام الأرضية بهاءٌ آخر" (1 كورنتس 15 : 40).
   وكنتيجة للفراغ الموجود في بعض من الجوانب التعليمية من قبل الكنيسة، فقد مثلت هذه الأمور لبعض من كهنتنا - للأسف - يدخلون دائرة من الأضواء ويبدأون قليلاً قليلاً بكرازة أنفسهم بدل أن يكرزوا المسيح، وبشكل صار همهم الوحيد هو مجد العالم وكيف يظهرون أفضل من غيرهم..! إن هذه التجربة لقاسية الى درجة إستفاضة بعض الكهنة في مواضيع ليست دينية صرفة، أكثر من المواضيع الإيمانية وهم ليسوا أصحاب أختصاص، أو الإفراط في الظهور الإعلامي، مستغلين طيبة شعبنا وعطشه إلى التعليم، وأيضاً اقولها بكل إحترام، أنه بسبب بساطة البعض من الذين لا يستطيعون إدراك صحة ودقة تعليم معين من شخص ما، فإنهم سيصدقون كل ما يرونه ويسمعونه. وهنا أريد أن أضيف إن المشكلة  في ما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي هي ليست فقط مسألة حب الظهور والمجد الشخصي، لكنها أيضاً مرتبطة بالتجربة الأولى التي أشرتُ إليها وهي "حب المال" بشكل مباشر، لكون هذه التطبيقات تحمل أبعاداً ربحية وتدر على أصحابها إن عرفوا كيف يديرونها أموالاً ليست بالقليلة وهذا ما لايعرفة الكثير من البسطاء الذين بحسن نيّة يشتركون في قناة أو صفحة معتقدين أنهم يشجعون نشر كلمة الله.
   وهكذا أيها الكاهن سوف لا تتسنى لمحبة المسيح أن تملأ ذاتك لأنك ممتلئ من مجد ذاتك، الذي يقضي فيك على روح الإنفتاح والحوار والإصغاء إلى الآخرين وتفهم آرائهم والسعي في خلق أرضية للتعاون المثمر والبنّاء مع الخورنة، وإعطاء المجال للمبادرات الفردية - خاصة من الشبيبة - التي ترمي إلى تقدم وأزدهار وبنيان الرعية لا إلى بناء الحجر وزخرفة الهيكل..!
•   الرعية بحاجة إلى "الراعي الصالح / الطبيب الإلهي"
   إن الفصل العاشر من إنجيل البشير يوحنا، وخاصة التأمل بالآية التي تقول: "أنا الراعي الصالح، أعرف خرافي وخرافي تعرفني، مثلما يعرفني الآب وأعرف أنا الآب، وأضحي بحياتي في سبيل خرافي" (يوحنا 10 : 14 – 15)، يجعلنا جميعاً أمام حقيقة أنه مهما قامت المؤسسة الكنسية بإجراءات من حيث التنشئة في مراحلها الأولى أو المستدامة منها، فإنه يبقى ضمير الكاهن أو الأسقف هو الصوت الذي سيقوده. إننا نعلم بأن طريق الكهنوت هو وعر ومحفوف بالتضحيات، لذا يقتضي أن تكون حياة الكاهن موجهة توجيهاً صادقاً وسامياً نحو العلى، لأن الكاهن هو كاهن الكون كله، وهو يرفع الخليقة إلى الله، لأن رسالته لن تتوقف عند مؤمني خورنته فحسب، بل تشمل العالم كله بشكل ضمني.
   إن عالمنا اليوم "مريض" وهو بحاجة إلى الشفاء، بحاجة إلى مَن يحرك لنا ماء بركة "بيت حسدا / زاتا"، إلى من يسعى إلينا ويلتقينا ويمسّنا بالشفاء دون أن نطلب، ليقول لنا: "أتريد أن تُشفى" ( يوحنا 5 : 8 ). نعم أيها الكاهن / الطبيب، أطلب منك أنا المريض: "ما لي احدٌ، يا سيدي، ينزلني في البركة عندما يتحرك الماء. وكلما حاولت الوصول إليها سبقني غيري" (يوحنا 5 : 7). أنا ملقى عند البركة، معزول ومحروم عن لقاء أي قريب، وعن أي ذراع بشر، وها أنا أنتظرك لتقول لي: "قُم وأحمل فراشك وأمشِ" ( يوحنا 5 : 8 )، لسبب واحد أرجو أن تتذكره دائماً إنك مدعو أن تكون أنت حقيقة صوت ويد ورجل الكاهن الأعظم ربنا يسوع المسيح في عالم اليوم…!
         
نبيل جميل سليمان
كندا - فانكوفر     

42
المنبر الحر / الموت رفيق الحياة
« في: 23:41 19/11/2020  »
الموت رفيق الحياة


   يشكل مفهوم الموت عند الإنسان معضلة كبيرة تقلق فكره، وتهز مشاعره، وتثير مخاوفه. بل لا يزال هو مشكلة المشاكل التي تواجهه. ومن هنا دأب الإنسان الأول - بعد أن أصابه الموت - أن يتدبر هذا المفهوم، محاولاً الكشف عن بعض أسراره ويتعرف على غوامضه. ومنذ قديم الزمان نراه يبحث عن سرّه وكنهه عبر رحلته في العثور على الخلود الأبدي، وهذا الطموح لم يتوقف أبداً على مرّ العصور. وبعكس من هذا هناك من يتعامل سلبياً مع الموت، أو يتعامى ويغفل عنه، ولا يهمه أمره، بل يتهرب من ذكره. لأن هناك من يتمسك بـ "إدمانات" هذا العالم، في محاولة منه لتجاهل الحقيقة العظمى التي تفرض نفسها بأن الإنسان سوف يموت. ومهما كان الأمر، قد يكون موضوع "الموت" في وقتنا الراهن أكثر كثافة لما نشهده من تفشي آلة الدمار والإضطرابات والأوبئة.
   وفي وسط هذه الكثافة، نرى بإن التائق إلى الملكوت لا يفنى، أي إن المؤمن الحقيقي لا يخشى الموت، حيث "الموت آخر عدو يبيده الرب" كما يقول القديس بولس الرسول (1 كورنثوس 15 : 26). بمعنى إنه "أنت - في - المسيح" تدوسُهُ، مثلما داسَهُ المخلّص وفق إنشودة الفصح القائلة: "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت، ووهب الحياة للذين في القبور". إنّه غلبه، تخطّاهُ في الظفر. فطاقة القيامة هي فينا، والتي يُفعّلُها المخلّص بالروح القدس، ما دعا الرسول بولس أن يقول: “فأين نصرك يا موت ؟ وأين يا موت شوكتك ؟" (1 كورنثوس 15 : 55). وهذا يقودنا إلى القول بأن القيامة تنقلنا إلى المجد كي نعاين وجه الله، والذي يتحقق على "ملكوت المحبة" في كل لحظة نعيشها في الإيمان والرجاء، ومن خلال إرتباطنا الشخصي بالمسيح يسوع. وهنا نستذكر حواره مع مرتا أخت لعازر عندما قالت للمخلّص: "لو كنت هنا، يا سيد، ما مات أخي"، فقال لها يسوع: "سيقوم أخوك". فأجابت: "أعرف أنّه سيقوم في القيامة، في اليوم الآخر". فقال لها: "أنا هو القيامة والحياة" (يوحنا 11 : 21 – 25). فلو كان الربّ يسوع مكتفياً بحدث قيامة لعازر، لما أجاب بهذا الجواب. إنّما أطلق في حواره مع مرتا مفهوماً جديداً للقيامة وهو إنه اليوم هو باعث المؤمنين به إلى الحياة، وهو يريدهم أن يؤمنوا به، ويحيوا فيه، ويقيموا معه. أي إن يسوع ينقلنا من التفسير التقليدي لكلمة الـ "أنا" في كلامه: "أنا هو القيامة والحياة" إلى مفهوم روحاني عميق مكنون في ذواتنا، ليكون كل مؤمن هو الـ "أنا" كما هو "المسيح". أي أن أحيّا أنا القيامة والحياة "مع - في - بالمسيح" نحو الآخرين. وهذا يترجم إن كياني وكيان المسيح باتا كياناً واحداً حيّاً، ليكون فعلاً خلاصياً أعيشه - كل يوم - بالروح والقداسة. وبهذا يتحقق المسيح الكوني من خلال بصمة الروح القدس التي هي وجه الله وصورة المسيح فينا. تلك الروح التي لا تموت حيث تنطلق إلى اللامحدود بعد أن كانت أسيرة المحدود في الجسد.
   وفي هذا السياق، نكتشف بإن هناك دائرة مغلقة ما بين الولادة والموت في نظر الغير المؤمن، بينما المؤمن يستطيع الخروج من هذه الدائرة من خلال "القيامة". بما يكشفه نور المسيح في عتمة ظلام الموت بالرجوع إلى بيت الله الحقيقي: "في بيت أبي منازل كثيرة" (يوحنا 14 : 2). ومن هنا نستشف بإن الموت - في حقيقته - ليس ضداً للحياة، وإنما هو إمتداد لها. لتغدو به إنبثاقاً روحياً ولقاءاً جديداً، كنعمة من الله على ماهيّة الحياة وديمومتها. أي إن هناك إلادة "أبدية - أزلية - سرمدية" تتحقق في آن واحد. "فالحياة عندي هي المسيح، والموت ربح" (فيلبي 1 : 21)، إنه العبور أو الإنتقال يكون فيها الموت رفيق الحياة، بل هو الكائن المتآلف معها، والحياة بدورها متآلفة معه. وما أمجدها من حياة يحييها المؤمن مع المسيح في الله، في شهوة الموت وموت الإشتياق. يحمل مع المسيح صليبه في المحبة الحقة، وتعب الخدمة، وفرح العطاء، وقبول الإضطهاد، وإصطبار الظلم، وتحمل الأوجاع. وهنا لابد أن يقف المؤمن موقفاً منسجماً ومتوازناً بين هذا التضاد المتآلف - لأن الشئ لا يظهر قيمته إلا بالضد - من خلال الإستعداد لهذه المواجهة. فالذي يحب الحياة ويكره الموت والعكس صحيح أيضاً، تراه يعيش حياة غير مستقرة، وغير هادفة، وغير واعية. حياة عقيمة من كل إبداع، وبعيدة عن الأصل المعنوي والروحي في الوجود.
   وهنا قد نصل إلى قراءة جديدة لمفهوم الموت، بأنه ذلك الحاجز "شجرة معرفة الخير والشر" (تكوين 2 : 16 – 17)، الذي يكسر تسلطنا وكبريائنا وسيطرتنا كي لا نصير آلهة تدمر كل شئ. وهذا ما أراده الإنسان عندما كسر الوصية وتحوّل إلى آلة لتدمير نفسه وتنفيذ كل مخططات الشر في هذا العالم. وأحياناً قد يفهم هذا الحاجز بأنه خوف أو مخافة، لأن فيه النجاة من الموت. فالذي يعيش في مخافة الرب، يتّقيه ويتمتع برفقته كل الحياة، ليتمم خلاصه ويرث الحياة الأبدية. أما الذي يتجاسر ويتعالى ولا يبالي بخوف الله، فأنه يسير في ظلام الموت. والمخافة هنا فيها من التوقير والخشوع والتقديس والشكر، لأنها تعبير عن "محبة الله": "لا خوف في المحبة .. ولا يخاف من كان كاملاً في المحبة" (1 يوحنا 4 : 18). لأن هناك من يقول بإننا نستطيع أن نتغلب على الخوف من الموت بالإيمان بحياة ما بعد الموت.. أما المفكر الفرنسي إدغار موران، فيقول: "أنا لا أؤمن بذلك، لكنني أتغلب على خوفي بقوى الحياة الموجودة فيَّ، وقوى المشاركة، والحماس، والإندهاش، والصداقة، والحب. إنها تجعل كل المخاوف تتراجع".
   وأختتم كلامي بالقول: أنا لن أموت لأن الحياة لن تموت، والموت سيكون رفيقي وكإني أحيّا به للحياة الآتية. كما أراني في حالة إستيقاظ من حلم في هذه الحياة، هكذا سأرى نفسي أستيقظ من حلم آخر إسمه الموت لأرث الحياة. مستذكراً قول القديسة تريزا الأفيلية: "تذكر إن لديك روحاً واحدة، وموتاً واحداً، وحياة واحدة. عندما تدرك ذلك، ستعلم إنك أهملت الكثير من الأشياء في حياتك". فالموت هو درس يعلمنا كيف نتصالح مع الحياة لنكتشف معناها، لأن الكثير أضاع الحياة وهو يبحث عنها.

نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا   

43

حصول الطالبة أمل أدي بولص على شهادة الماجستير ببحثها الموسوم: "السمات اللغوية للمصطلح القانوني السرياني في مخطوطة الأحوال الشخصية لإيشوع برنون"

منحت جامعة بغداد - كلية اللغات - قسم اللغة السريانية، شهادة الماجستير للطالبة أمل أدي بولص عن بحثها الموسوم: "السمات اللغوية للمصطلح القانوني السرياني في مخطوطة الأحوال الشخصية لإيشوع برنون"، وهذه هي أول شهادة ماجستير تمنح لقسم اللغة السريانية في جامعة بغداد.
حيث جرت المناقشة العلنية لرسالة الماجستير وهي "دراسة لغوية سامية مقارنة" يوم الأربعاء الموافق 11 تشرين الثاني 2020 في جامعة بغداد بكلية اللغات على قاعة الشهيد الدكتور فؤاد البياتي والتي تقدمت بها طالبة الماجستير أمل أدي بولص.
وقد حضر المناقشة السيد عميد الكلية الأستاذ الدكتور موفق المصلح والسيد المعاون الاداري أ. م. د. رحيم الخزاعي والسيد المعاون العلمي أ. م. د. عمار عوده وعدد من أساتذة الكلية. كما حضر المناقشة النائب السيد يونادم كنا وعدد من الضيوف.
ويذكر إن هذه المناقشة هي الأولى في قسم اللغة السريانية - كلية اللغات التابعة لجامعة بغداد بعد أستحداث الدراسات العليا فيه لما تتمتع به هذه اللغة من مميزات بين قريناتها من اللغات السامية، حيث تخرج من القسم الذي تأسس سنة 2004 عدة دورات. علماً بأن اللغة السريانية لم تدرس كلغة مستقلة في كليات وجامعات العراق منذ تأسيسه ومنذ أيام مدرسة الرها (القرن الثاني الميلادي) والتي تخرج منها العديد من الملافنة وكتبوا أطروحاتهم، وتحولت بعد ذلك إلى مدرسة نصيبين في سنة 350 م. ولعلو شأنها أصبحت تلقب أول جامعة في التاريخ، لكن الأوضاع والمحن التي مر بها الكلدان السريان الاشوريين كان سبباً في تراجع السريانية من لغة مسيطرة على المشرق إلى لغة تستخدم في الكنائس، واليوم شع نورها من جديد في الوطن بأول شهادة ماجستير لتكون مصدراً لتطويرها في بلد الآباء والأجداد (بلاد ما بين النهرين) لتعود إلى مجدها بين أبناء شعبنا والشعوب الشقيقة .






44
لنمنح الحياة لقاءاً جديداً


   لا يختلف أثنان على أن الحكم المسبق على الآخرين دون معرفة (تجربة) شخصية أو دون التعامل المباشر معهم أو حتى دون معاشرتهم هو من أكثر الأمور ظلماً وأنتشاراً. فسلوكنا الإنساني قد يكون أحياناً فيه موضع من الشبهات وفيه من التعقيدات بحيث نقول قولاً قد نتفاجأ بأنه عكس ما توقعناه عند إدراكنا للحقيقة عن كثب بعد حين. فالدماغ البشري مجبول على إصدار الأحكام وتحديداً المسبقة منها، ومن النادر جداً أن نجد شخصاً يلتقي بآخر دون تقييم أو تفسير لتصرفاته، فتلك جبلة راسخة في الإنسان منذ خلقته. والحكم المسبق له إحتمالان، إما أن يكون:
-   حكماً إيجابياً .. لأن ما سنكتشفه لاحقاً يحمل مضموناً سلبياً لم يتوقعه حكمنا الإيجابي ليكون على هذا النحو، فنصاب بالإحباط، لأننا كنّا نتمنى أن تكون الحقيقة إيجابية مثل توقعنا.
-   حكماً سلبياً .. بحيث نكتشف العكس بعد أقترابنا من الحقيقة، وحينها نشعر بالندم لأننا قد ظلمنا إنساناً، وقلنا فيه عكس حقيقته الإيجابية.
   وشتان ما بين الإحباط والندم، لأن الإحباط هو نتيجة لـ "خيبة الظن" مع تمنيات أن يكون الواقع أفضل بكثير، أما الندم كتحصيل حاصل لـ "سوء الظن"، فهو أقسى وأصعب على الإنسان، لأنه قد يكتشف أو سيدرك لاحقاً بأنه ظَلَمَ واقعاً، سواء كان هذا الواقع إنساناً أو تصرفاً أو موقفاً. وغالباً ما تصاحب الحكم السلبي المسبق نوايا غير طيبة، عكس الحكم الإيجابي المسبق، الذي تصاحبه نوايا طيبة. وقد تكون التوقعات وفق معطيات آنية، أحداث مربكة، قراءات متسرعة، إنفعالات دفينة، أو كنتيجة لعدم فهم الكلام وترجمته بوضوح، أو لتأثير تدخلات أشخاص "الطرف الثالث"..!!! وهكذا تأتي النتيجة معاكسة تماماً. فالرب يسوع يرشدنا دوماً بوصيته العظمى بـ "المحبة": محبة الله أولاً والقريب ثانياً. وبالتالي يريدنا أن لا نعطي حكماً بإدانة القريب: "أحب قريبك مثلما تحب نفسك" (متى 22 : 38).
   فيا حبذا لو نتمسك ونتسم بالحكمة كي لا نحكم على الأمور الغير واضح نيتها، كما لا نحكم على الواضح منها أيضاً، وهذا ما يؤكده لنا الرب يسوع في تعليمه: "لا تدينوا لئلا تدانوا" (متى 7 : 2). فالمسيح قد حارب بشدة الإدانة والإهانة والنفاق والغيبة، حينما يحكم الإنسان على غيره قبل أن يحكم على نفسه. ينتقد غيره على أخطائه، بينما هو يرتكب ما هو أشد منها، ويحاول التظاهر بحياة مثالية أمام الناس. لذلك وضع السيد المسيح هذه القاعدة الذهبية: "فكما تدينون تدانون، وبما تكيلون يكال لكم" (متى 7 : 2).. فمن أراد أن يصلح من شأن غيره، عليه أن يصلح شأن نفسه أولاً. فلا ينبغي أن يحكم الإنسان على غيره في أمور هو نفسه يستوجب الحكم بسببها أو يفعل ما هو أفظع منها. وهذا ما يوضحه المسيح لنا: "أخرج الخشبة من عينك أولاً، حتى تبصر جيدًا فتخرج القشة من عين أخيك" (متى 7 : 5). وبهذا سمح الرب للإنسان أن يخرج القشة من عين أخيه بشرط ألاّ تكون هناك خشبة في عينه أكبر من القشة وتمنعه من الرؤية الصحيحة. لأن التسرع في الحكم على الآخرين والحديث عن خطاياهم والتشهير بسمعتهم وتشويهها هو نوع من الإدانة التي قد تكون ظالمة. فالله لا يريد موت الخاطئ مهما كان خطأه أو خطيئته، بل يريد أن تكون له فرصة جديدة لحياة مشرقة. فقد أراد معلموا الشريعة والفريسيون أن يطبقوا الشريعة التي تقضي برجم الزانية حتى الموت، أما يسوع فكان له رأي آخر لا يشبه إلا قلبه الحنون الذي يمنح للحياة لقاءاً جديداً: "من كان منكم بلا خطيئة، فليرمها بأول حجر" (يوحنا 8 : 7). تحنن عليها وإنتشلها من ظلمة البشر وقبورهم، وأسقط الحجارة من مفاهيم أفكارهم وعقولهم وقلوبهم وعيونهم قبل أياديهم: "لأن الدينونة لا ترحم من لا يرحم، فالرحمة تنتصر على الدينونة" (1 يعقوب : 13). أنه الحكم المسبق على الآخرين الذي يشعل الفتنة في الأذهان دون مبرر، أما يسوع فقد تخطى الأحكام المسبقة والإتهامات الجاهزة على الآخرين لأنه قلع الشر من جذوره. فلم تعد الزانية هي المرأة الوحيدة الخاطئة هنا بل الجمع كله. فتغيّر المشهد برمته - من الحكم بالموت إلى عرس خلاص - بكلمة واحدة من السيد المسيح: "إذهبي ولا تخطئي بعد الآن" (يوحنا 8 : 11).
   نعم .. لقد سمعت صوت العدالة، لنسمع نحن أيضاً صوت الرحمة. لنذهب ولا نخطأ بعد الآن، وخاصة في هذا الزمن الذي يشهد حالة سائدة فيه من التذبذب في الرأي والموقف. فكلنا ضعفاء ولكن علينا ألّا نيأس من ضعفنا، لأننا ننتمي إلى الكنيسة التي هي جماعة المؤمنين الخطأة المحتاجين بأستمرار إلى مغفرة الله. نحن مدعوين إلى القداسة، والقدوس هو الله وهو وحده يقدسنا، ويلتفت إلينا في وقت المحنة والأزمة وينهضنا من سقطتنا قائلاً لنا كما قال للمرأة الزانية.


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا


45
أنشطة روحية في مواجهة العزلة

(نبذة عن نشاطات أبرشية مار أدي الكلدانية في كندا)


   من أجل فهم أفضل لخدمة الأنشطة الكنسية من حيث أهميتها وأساليبها ومجالاتها، والتحديات التي أحاطت بها مؤخراً - في زمن الوباء - في عموم كنيسة المشرق الكلدانية، وأخص بالذكر كنائس أبرشية مار أدي الكلدانية في كندا، لكوني أحد أبناء رعيتها. وكيف تحدت الصعاب لتكون هذه الأنشطة بناءة ومثمرة ومتميزة، وما يلزمها من صلاة وإعداد وخبرات ونماذج وتقييم ومجهودات. فكانت لنا هذه الوقفة السريعة في مجمل حياة الكنيسة وخدماتها في هذه الرعية المباركة. لكون هذه الأنشطة المتجددة هي الوسط الحقيقي للخدمة الروحية والتربوية والتي تتقدم إلى الأمام لتلبية متطلبات الإيمان وديمومته. لأن غايتها هي خدمة الإنسان وكيانه، خدمة كلية شمولية متكاملة، بمعنى أنها تشمل "كل إنسان وكل الإنسان".
   ومن هنا كان لابد من إستثمار طاقات الإنسان إستثماراً من نوع آخر أعظم أهمية، ألا وهو إبراز قدراته الكامنة من أجل نموه وخلاصه لتحقيق القصد الإلهي منه. فمن ناحية، كان لتأثير زمن الوباء على الكنيسة في "مفارقة" التفاعل الجسدي مع الحدث الأفخارستي، حيث تم تعليقه لفترة غير محددة. وأضحى تأثيره الأكبر في غياب الأسرار المقدسة وحضور المؤمنين. أما من ناحية أخرى، فتأثيره بات واضحاً في "مقاربة" الحضور حول العشاء الأفخارستي. حيث لم تمنعنا المسافة من مشاركة أبناء الرعايا مع بعضهم البعض - في عصر الإنترنت - من خلال "كنيسة إفتراضية" عبر مشورة راعوية، صلاة مشتركة، ترنيمة، مدائح طقسية، محاضرات دينية وغيرها. وهنا أصبحنا أكثر حرصاً وقرباً من أي وقت مضى على المشاركة والتفاعل مع حياة الآخرين. وهذا ما حمله لنا راعي الأبرشية سيادة المطران مار باوي سورو وبالتعاون مع أخوته الآباء الكهنة من إيمان عميق ورجاء وطيد وشجاعة في إبتكار أساليب وطرق جديدة تجاه الأوضاع المستجدة ومتغيراتها. لإستنباط عمل كنسي مشترك إستجابة لمتطلبات الجماعة المؤمنة التي تتحد معاً وتتبادل طاقاتها ووسائلها. وأيضاً من خلال التعاون المنسق مع كوادر النخبة في المجلس الأبرشي ومجالس الخورنات عبر لجانها المتفرعة التي أضافت جهداً متميزاً وأداءاً فريداً في مواكبة الأحداث آنياً ومتابعة المناسبات عبر الإنترنت. وبالتالي أفرزت كل هذه الجهود إلى إستحداث مناهج جديدة وأنشطة عديدة، وهذه أهمها:
-   لقاء مباشر مع سيادة المطران مار باوي سورو للإجابة على أسئلة المؤمنين حول مواضيع مختلفة (الأبرشية، أزمة كورونا، المناسبات والمحاضرات الدينية، الشهر المريمي، مواضيع لاهوتية وعقائدية، مواضيع الكتاب المقدس، الحياة الأجتماعية.. )، حيث كانت للجنة الإعلام الأبرشي دورها المميز في التنسيق والتنظيم، عبر أشرافها على برنامجين:
1- برنامج "أسأل والراعي يجيب": أسئلة وأجوبة مع المؤمنين في بث مباشر، في الأربعاء الأول من كل شهر.
2- برنامج "تعلم مع الراعي": محاضرات دينية تبث مباشرة في الأربعاء الثالث من كل شهر.
-   اللجان المالية في الأبرشية وبقية اللجان العاملة في كنائس الرعية، كان لها دورها الفاعل في ترتيب وتخصيص السحب المصرفي المعتمد مسبقاً لتبرعات المؤمنين والدفعات الشهرية، وأيضاً الدفع عن طريق الصكوك الورقية.
-   القداديس الإلهية والصلوات الطقسية والتراتيل التي تنقل يومياً ومباشرة عبر صفحات مواقع التواصل الأجتماعي (الفيسبوك) الخاصة بكل كنيسة، وبثلاث لغات (الكلدانية، العربية، الإنكليزية).
-   محاضرات دينية وثقافية ولاهوتية وكتابية متنوعة، يقدمها عدد من الآباء الكهنة الأفاضل في مواعيد دورية وبحسب كل كنيسة.
-   صلاة الوردية المقدسة طيلة الشهر المريمي والتي تنقل مباشرة.
-   لقاء الأخوية لشباب المدارس الثانوية عبر تطبيق Zoom.
-   أمسية تراتيل لعدد من جوقات كنائس الأبرشية.
-   فقرة خاصة للأطفال باللغة الإنكليزية.
-   إستضافة عدد من كهنة الأبرشية في برنامج خاص لمركز التبشير الكاثوليكي الشرقي في لقاء مباشر.
   
وفي الختام.. لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لراعي أبرشيتنا مار باوي سورو الجزيل الأحترام ولجميع الكهنة الأفاضل: الآب مهند الطويل، الآب باسم شوني، الآب نياز توما، الآب ضياء شماس، الآب بطرس سولاقا، الآب سرمد باليوس، الآب صباح كمورا، الآب هاني جورو، الآب فوزي أبرو حنا، الآب رايموند موصللي. والآباء الكهنة المتقاعدين: الآب لويس الديراني، الآب داود بفرو، الآب سعيد بلو. لرسالتهم ودعوتهم التي أئتمنوا عليها في خدمة مذبح الرب ونشر كلمته والتي ألهمت فينا الروح في خدمة مسيرة هذه الكنيسة المباركة.
   نلهج بالدعاءِ الى الربِ يسوع لهُ المجد أن يضللكم برعايتهِ وإسنادِهِ كيما تقودوا رعيتهُ التي إئتمنكُم عليها الى برِ الأمان.


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

46
حضرة الأخ العزيز نيسان سمو الهوزي المحترم
كل الشكر والتقدير لهذه الرسالة التي ألهمت فيَّ الروح والفكر لأكتب من جديد...لإني كنتُ قد عقدتُ العزم بعدم التكلم عن كنيستي (الوطن، الأم، البيت، ...)، أو الرد على المقالات - التي تهتم بالشأن الكنسي - والتي تنشر في مختلف مواقع الإنترنت. لأن "الكنيسة" هي نحن جميعاً، هي "شعب الله" الذي شاء الله أن يعقد معه عهداً جديداً من خلال أبنه ‏يسوع المسيح. وهي وحدة متراصة بين المؤمنين تسودهم المساواة الأساسية في الخدمة والكرازة ‏بالإنجيل، طالما أنهم مشتركون في كهنوت المسيح وعليهم تقع مسؤولية البشارة والشهادة له.
أن أمر كنيستي، بات مكشوفاً للجميع. ونستطيع أن نقول بأنه "إنعكاس واضح" لوضع العراق عموماً الذي يعاني ‏من مرض الطائفية والأصطفافات في تكتلات..!!! فالكل يبكي على الطائفة والقومية ولا أحد يبكي على ‏المسيح والمسيحية، في هذه الكنيسة العريقة "كنيسة المشرق". ودعوة رسالتنا هو الخروج من هذه ‏التكتلات وتصفية الحسابات بالإهتداء إلى الروح القدس. فما يؤلمنا حقاً هو الشعور بأن كنيستنا غائبة ‏عن الروح. فالروح القدس هو الذي ينيرها ويقودها ويلهمها لكي تتخذ القرارات الضرورية للبقاء أمينة تجاه ‏رسالتها وتستمر في إعلان الحقيقة. فالكنيسة تعيش "الحقيقة" حتى لتمتلك الحقيقةُ "الكنيسة"...
الروح ‏يعمل دوماً في الكنيسة لبناء ملكوت الله، بل الكنيسة هي خادمة الملكوت على الأرض. وعندها ستأخذ ‏‏"كنيستي" أخيراً قرارها، ليكون "حدثاً" لا رجعة له. وهذا لا يعني أنه حدث سهل، أو لا غبار عليه، فإنما ‏من خلال هذه "الأزمة" يتاح "للحدث" أن يشق طريقه، خطوة خطوة، بفعل الأمانة للروح الخلاّق، ‏حيث الجديد وحده يستطيع أن يكون أميناً ووفياً لقديمه. ولأجل كنيستي، ومن أجل الذين أحبهم ‏وتجمعني معهم صلاة واحدة، وإيمان واحد، ورجاء واحد، ننتظر ربيعاُ زاهياً، خصباً، يحوّل الموت إلى ‏الحياة والصحراء القاحلة إلى واحة خضراء. فإلهنا إله المفاجئات اللامتوقعة.. ففي: "ظل جناحيه نحتمي ‏إلى أن تعبر العواصف" (مزمور57 : 2).‏
والمسيحي اليوم يبحث ويطلب الحقيقة وهو راغب أن يراها، ويراها وهو راغب أن يبحث ‏عنها أيضاً، وعليه :-‏
‏- نطالب بأن يؤخذ رأي العلمانيين المؤمنين وجوباً في إنتخاب أو تعيين أي بطريرك جديد، وفي ‏رسامة أي أسقف لأبرشية ما، وهذا حق وكل الحق.‏
‏- نطالب بالمقاربة والتوافق فيما بين أساقفة العراق جميعاً، من خلال عقد ‏سينودس تصالحي وإصلاحي يقوم بإصلاحات جوهرية وجذرية وحاسمة في الكنيسة.‏
‏- نطالب بعقد مؤتمر عام لكنيسة المشرق، من خلال الإنفتاح المسكوني على جميع الكنائس الشقيقة، وخلق بنية جديدة للحوار المسكوني وإمكانية التعاون الفاعل معها وفي جميع ال‏مجالات. وضرورة الإعتراف بأخطائنا وحل كل الإشكالات التي تقف حائلاً دون تحقيق ‏الوحدة المنشودة وإمكانية التوحيد. ‏ضرورة المشاركة العلمانية الواسعة، والعمل ‏سوية من أجل تطور كنيستنا ومجتمعنا وبالتالي وطننا الغالي. وأن يكون المؤتمر هو أعلى سلطة ‏كنسية وقرارته واجبة التنفيذ.‏
‏- نطالب بعقد سينودس أبرشي تعمق فيه كنائسنا هويتها الإيمانية والروحية وتحدد معالمها الدينية ‏والثقافية وتجدد ذاتها الراعوية والكنسية.‏
‏- نطالب بتشكيل مجلس أعلى للعلمانيين وإعطاءه صلاحيات واسعة ودائمة، ومنه تنبثق وتتشكل ‏مجالس في كل أبرشية وخورنة.‏
‏‏أن المسيحي المؤمن هو "شاهد" للمسيح، ينبغي أن يقف وقفة متأمل، ليفحص ضميره، ويشخص ‏وضعه بوضوح، ووضع كنيسته الخاصة والجامعة، ويكتشف ما يطلبه منه الروح القدس، ليكون حقاً نوراً ‏وملحاً وخميرة. وما يتطلبه منا هذا "الحدث" من تهيب وقدسية وصلاة وندامة وتوبة وحماس ورجاء.‏
‏   نصلي إلى الرب، كي يستجيب لصوتنا ويلمس قلوبنا ‏ويرسل روحه القدوس ليلد في كل واحد منا "الإنسان الجديد". ‏

أخوكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا

47
الكنيسة .. بعد زمن الوباء

   أغلقت الكنائس في جميع أنحاء العالم، ولم يتمكن ملايين المؤمنين من المشاركة الفعلية في القداديس الإلهية لأسابيع مضت، وقد لا يتمكنون من المشاركة فيها لأشهر قادمة. ومن منطلق ما يحمله المسيحي من إيمان عميق ورجاء وطيد، بالتأكيد سينحسر هذا الوباء عاجلاً أم آجلاً. ولكن ببساطة، قد يراوده تساؤلات عديدة: هل أن زمن الوباء (فايروس كورونا) قد يغيّر جذرياً علاقة المؤمن بالكنيسة..!؟ وماذا يمكن أن تعني هذه التغييرات على المدى الطويل..!؟ وكيف سيؤثر على قرارات السلطة الكنسية في السنوات القادمة، وخاصة فيما يتعلق بمسائل إدارة الكنيسة ورسالتها الأجتماعية..!؟
   يبدو للبعض بأن في رؤيتنا هذه، قد نستعجل الوحي الإلهي وما يبثقه فينا الروح القدس من تجدد دائم. ولكن ما أود قوله هو أننا ككنيسة قد إستيقظنا على حقيقة كوننا: "جسد واحد" (1 كورنثوس 12 : 12). كهيئة واحدة، لدينا مسؤولية مشتركة عن بعضنا البعض. ومن هنا قد نستنبط اليوم درساً من مقولة البابا فرنسيس: "إن الاقتصاد يجب أن يكون في خدمة الإنسان"، وليس العكس. فإذا تعلمنا هذا الدرس جيداً، فإن الإنجيل سيعيش في حياتنا بطرق جديدة. عندما يعيش كل مسيحي في قلب الكنيسة النابض بالحياة، ليعمل من أجل كرامة الإنسان التي هي المفتاح ليكون الجسد كاملاً. وحينها نعمل معاً من أجل العدالة والسلام والرحمة وأحترام الخليقة ورفاهية الجميع، دون أي إنقسامات عرقية أو فوارق أقتصادية.
   فمن ناحية، كان تأثير زمن الوباء على الكنيسة في "مفارقة" التفاعل الجسدي مع الحدث الأفخارستي. حيث تم تعليقه لفترة غير محددة. وأضحى تأثيره الأكبر في غياب الأسرار المقدسة وحضور المؤمنين. أما من ناحية أخرى، فتأثيره بات واضحاً في "مقاربة" الحضور حول العشاء الأفخارستي - نكسر الخبز معاً - إن كان بين أفراد الأسرة الواحدة، أو فيما بين الأقرباء والأصدقاء في جميع أنحاء العالم. حيث لم تمنعنا المسافة من مشاركة الآخرين - في عصر الإنترنت – من خلال "كنيسة إفتراضية" عبر صلاة مشتركة، ترنيمة، مدائح طقسية، مشورة راعوية وغيرها. وهنا أصبحنا أكثر حرصاً من أي وقت مضى على المشاركة والتفاعل مع حياة الآخرين، في عصر ينحرف فيه الكثيرين أو يبتعدون عن الكنيسة. وقد تكون تجربة الغياب هذه حافزاً للإستعداد والبحث من جديد لممارسة دعوتنا ورسالتنا، بل وأكثر حرية في المطالبة بالعدالة والرحمة في الكنيسة. لأننا في الزمن الصعب، الذي هو زمن الروح القدس الذي يوفر فرصة فريدة لتعزيز النمو الروحي والفكري والأخلاقي. زمن نختار فيه ما هو مهم وما يزول، ونفصل الضروري عن غير الضروري. حان الوقت لإعادة توجيه مسار حياتنا تجاه الله وتجاه الآخرين.
  يشبه مجتمع كنيستنا اليوم - بشكل لافت للنظر - مجتمع تلاميذ المسيح ما بعد القيامة في خوفهم وضعفهم وضياعهم. ففي لحظة غير متوقعة فوجئنا - نحن أيضاً - وأدركنا ضعفنا وإرتباكنا وقلقنا. فمن غير الممكن أن تبقى جماعة الكنيسة في سراديب الإنعزال و "الأبواب مغلقة" بالتحفظ لحماية ذاتها فحسب. بل أن تنطلق جماعة كنيسة متعافية - ما بعد الفايروس - بأبواب مفتوحة لعنصرة جديدة تزيل المسافات الأجتماعية والهياكل الهرمية والضمائر البيروقراطية. نحلم بكنيسة تتقبل أساليب جديدة في الممارسة والتضامن والرحمة دون تمييز يذكر. لذا فنحن مدعوون جميعاً لإكتشاف مساحات "غير تقليدية" للتواصل ونشر الرسالة، من خلال جعل إيماننا أعمق وأكثر وجودية. نبتكر فيه طرقاً بديلة وفعّالة بمحبة وفرح القيامة. فالرب يستحثنا في خضم آلام صليبنا، ويدعونا إلى إيقاظ إيماننا وتنشيط رجاؤنا.
   لا شك أن هذا الوباء سيكون له تأثير دائم على الكنيسة في منظورها البعيد. مما يجعلها أكثر وعياً وإدراكاً لأهمية توفير العناية الصحية للإنسان وسلامته وصون كرامته. لأنها أدركت اليوم بأنها قد تخلت أو أهملت في أحدى جوانب رسالتها الإنسانية عما يدعم ويقوّي حياة الإنسان وحصانته لمواجهة الشدائد والأمراض، توازياً مع دورها الخلاصي بما يغذّيه روحياً وإيمانياً. لذا من الممكن اليوم، أن تربط السلطة الكنسية مفهوم "الخلاص" بمفهوم الصحة والسلامة. فالخلاص ليس للبعض وإنما للجميع. ومن هنا يكشف لنا زمن المحنة والأزمات، بأهمية إعادة بناء أولويات وسلوكيات الكنيسة في تمويل ودعم بعض من مشاريع وأعمال مؤسساتها الخيرية والخدمية. وذلك من خلال إستحداث صيغ جديدة لكي تصبح الرسالة الإنسانية والرعاية الأجتماعية والأقتصادية للكنيسة أكثر فعالية وأكثر صدقاً وحيوية في سماع صرخة كل إنسان يعاني من ألم وفقر، وتكون مع اللاجئين والمشردين والأيتام والأرامل والعجزة.


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا   


48
المنبر الحر / تمَّ كلُّ شئ
« في: 18:53 10/04/2020  »
تمَّ كلُّ شئ


   إنها الصرخة السادسة من صرخاته السبعة الأخيرة التي أطلقها الرب يسوع على الصليب. صليب الحب الأزلي / الأبدي الذي قاده إلى الألم والموت. فما الذي أتمَّه المسيح..!؟ وهل كان موته هو الكلمة الأخيرة..!؟
   المسيح هنا أتمَّ حب الله للبشر، وأكمل تحقيق نبوءات العهد القديم، ورموزه، ومجئ الممسوح. كل ذلك حققه يسوع، وبه تمت المصالحة: "وهذا كله من الله الذي صالحنا بالمسيح .. صالح العالم مع نفسه في المسيح" (2كورنثوس 5 : 18 – 19). وردت هذه الكلمة "تمَّ كلُّ شئ" في إنجيل يوحنا فقط، بمعناها اليوناني "Tetelestai" والتي كانت تستخدم كتعبير أو كمصطلح محاسبي يعني "دُفع الثمن بالكامل". فعندما نطق يسوع بهذه الكلمة، إنما يعلن بأن الدَين المستحق لأبيه - دَين الخطيئة المستحق للبشرية - قد تمَّ محوه بالتمام والكمال وإلى الأبد. أي أن مهمة خلاص البشرية أنتهت أخيراً، أي تم تحقيق إرادة الله ليسوع في طاعته الكاملة للآب (يوحنا 5 : 30 ، 6 : 38). وإن ما يميّز التواتر الزمني لهذه الكلمة (اليونانية)، هي كونها متداخلة وفريدة حقاً، كصيرورة زمنية. أي إن فيها شيئاً يحدث في وقت معين ويستمر في المستقبل وله نتائج / تداعيات مستمرة. فعندما يقول يسوع: "تمَّ كلُّ شئ" إنما يقول بأنه "أنهى وسيستمر الإنتهاء": أنتهى في الماضي، لا يزال ينتهي في الحاضر، وسيبقى منتهياً في المستقبل. والأهم من ذلك، إن يسوع ينطق بها بقوة على الصليب لترن عبر التاريخ كعلامة على أن خطيئة الإنسان مهزومة إلى الأبد، وقوة الموت قد كسرت.
   فبعد أن رأى يسوع بأن كل شئ قد تمّ، قال: "أنا عطشان" .. وعندما تلقى الشراب، قال: "تمَّ كلُّ شئ" .. ثم أنحنى رأسه و "أسلم الروح" (يوحنا 19 : 28 – 30). هنا يعطينا يوحنا صدى أو محتوى "الصرخة القوية" عند متى و مرقس (متى 27 : 50) ، (مرقس 15 : 37). إذن، هي صرخة النصر الأخيرة للمخلص وإعلان طاعته لله الآب (فيلبي 2 : 6 – 11). فعندما مات، لم يترك أي عمل غير مكتمل. عندما قال، "أنتهى" و "تمّ"، كان يقول الحقيقة. بها أكمل يسوع عمل الفداء والخلاص، وبها أصبحنا "أحياء مع المسيح" (أفسس 2 : 1 ، 5)، وبها نكمل الطبيعة المستمرة لخلاصنا. من خلال ما تفتحه لنا من حقبة جديدة للتأمل في هذه الصرخة السادسة على الصليب، وما علينا أن نختبره في حياتنا:
1- الهدف ودعوتنا في الحياة: ما لم يكن للمسيح من هدف، فإن مهمة "الأكمال" لم يكن لها أي معنى، ولم يكن لكلمة "تمّ" أي وقع على الصليب. قد لا تكون حياتنا مدفوعة الثمن مثل حياة يسوع أو غير واضحة الأهداف، ولكن هناك علامات نضج في حياتنا من خلال تمييز مواهبنا وقدراتنا الروحية لتعظيم ما أعطاه الله لنا من نِعَم.
2- نعيش حياة التركيز: من أجل تحقيق الهدف، تتطلب حياتنا التركيز على أولوياتنا، دون تشتت أو تبعثر. أي أن نسير نحو الهدف بدقة وإنضباط، أي أن نقول لبعض الخيارات "لا" كي نتمكن من قول "نعم" لفرص أعظم وأفضل.
3- القدرة في الطاعة: لكي نكون قادرين على تفعيل قول المسيح "تمَّ كلَّ شئ"، يجب أن تتميز حياتنا بالطاعة: "تواضع، وأطاع حتى الموت، الموت على الصليب" (فيلبي 2 : 8 ). والطاعة هي عكس العمل الإنفرادي، أي الإستماع لما يقوله الله لنا والعيش في طاعته، وليس لأنفسنا.
4- الرغبة في عيش الألم لتحقيق قصد الله: وأخيراً، كي نقول "أنتهى"، يجب علينا أن نكون مستعدين لتحمل ما نواجهه من معاناة وألم لتحقيق قصد الله لحياتنا. وأيضاً لأستكمال خطته الخلاصية لكل واحد منا دون أي إستسلام مهما بلغت صعوباتها.
   لا شك، نحن نعيش في "زمن التأزم"-  كالذي نحن فيه الآن - الذي يجب أن يكون زمن تيّقظ وزمن تفاؤل. فبالرغم من أن الألم يُفهم في نظام وجودنا بأنه نقص في الكمال، أما في نظام الحب فهو بلوغ الكمال. بلوغ الفرح، فرح الله أبد الدهر، وفرح المسيحي في الرجاء. الرجاء في الدخول في الحب الذي هو الدخول في الفرح، ولكنه الدخول في الألم أيضاً: "وأرى أن آلامنا في هذه الدنيا لا توازي المجد الذي سيظهر فينا" (رومة 8 : 18).
             

نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا               

49
الإنسان .. وأختبار الإيمان
[/size]
 
   عبر الزمن أختبر الإنسان - بل ويختبر - علاقته مع الآخر متجسداً بمنظور إنساني (أفقي) وببعد إلهي (عامودي) في آن واحد. فإلى جانب ما نراه من قبح وألم ومعاناة وفساد وطمع ونفاق وكذب وخداع، ما زال هناك في المقابل جمال وحب ومروءة وشهامة ونبل وكرم وخدمة. وهذا بالضبط ما تفعله بنا الأقدار - إن صح التعبير - لتصفعنا أحياناً كي نعود إلى وعينا، لنرى الأمور على وجه مخالف. ومن هنا تراودنا عبارات وتساؤلات تشق طريقها إلى نفوسنا مندهشين لحظة وقِعِها ووقوعها: أمِنَ الضروري أن يصيبنا السوء لنقدر الخير..!؟ وأن نجوع كي نتذوق طعم الخبز..!؟ ونمرض لنرى نعمة الشفاء..!؟ فما هو المغزى من هذه الثنائيات، أو بالأحرى ما هو موقعنا الإيماني منها، بل وماذا يتعين علينا أن نستخرجه من أختبار "زمن الوباء" الذي حلّ علينا مؤخراً..!؟
   لسنا هنا في موقف لتقصي الأسباب الخفية أو العلنية لهذه الكارثة، بقدر ما يمكننا أن نقول - وبحذر شديد - بأن لولا "كورونا" لما أكتشفنا بعمق ماذا تعني الرحمة والمحبة، والعودة إلى ذواتنا، وماذا يتطلب التضامن الإنساني..! وماذا يلزم الأقتسام والمشاركة..! بل وما هو الإيمان الحقيقي وما منفعته إن لم يتجسد في اعمال..!؟ كما جاء في رسالة القديس يعقوب: "ماذا ينفع الإنسان، يا اخوتي، أن يدعي الإيمان من غير أعمال ؟ أيقدر هذا الإيمان أن يخلصه ؟" (يعقوب 2 : 14).
•   أي إيمان نريد..!؟
   لم يعد مهماً اليوم الإيمان بوجود الله، بل الإيمان بإله يتكلم ويوحي ذاته لنا - أي أن نكتشف حضوره فينا - في الأحداث، في الكنيسة، وما سيخبره لنا عن مشروع محبته وعن الخلاص الذي يجذبنا ويدعونا إليه. إن جوهر القضية التي نحن بصددها يكمن في هذا التساؤل: أي إيمان نريد أن "ننقل" أو بالأحرى أن "نشهد" له لدى الجيل الجديد من المسيحيين الذي سيتوقف عليهم مستقبل المسيحية في الوطن أو في بلاد الإنتشار..!؟ فإذا كان يحق لنا أن نصف إيمان الأجداد بالقوة والبساطة والصمود، فيجب أن يتصف إيماننا اليوم بالعمق الروحي والرؤية المستنيرة والألتزام الواعي والشهادة الحية. علماً بأن شهادة إيماننا اليوم لا تكفي أن تكون "نظرية" - ننقلها من فم إلى اذن - بل يجب أن تصبح أختباراً حياتياً، أختباراً وجودياً .. أختبار إيماني داخل الأحداث. إيمان نشعر به ونتلمسه في كل مفردة من مفردات حياتنا اليومية. إيمان حرّ لا تحده حدود ولا تقيده قيود، إيمان يعاش لا إيمان يقال. وهنا لا يمكننا أن نقف مشدوهين إزاء ما حدث ويحدث لنا، بل بات لزاماً على كل مؤمن حقيقي أن يزن موقعه وخبرته داخل هذا "الحدث" بمكيال: "الإيمان والرجاء والمحبة". وما يتخذه اليوم من معنى إيماني صادق وعميق، ورجاء يرفعنا إلى فوق، ومحبة تلهمنا الشجاعة والصمود. مع علمنا يقيناً بأن هذه الأزمة قد سببت لنا قلق من المصير، وسأم من الحياة، وهرب من الواقع..! ولكن بنفس الوقت حوّلتنا إلى "نهضة" .. إلى "خلاص" .. إلى "معجزة". بدأنا نكتشف فيها الآن "أصبع" الله و "علامة" حضوره، والذي يدعونا إلى اكتشاف ما تنطوي عليها من معانٍ وعبر، قد لا نفهمها جيداً إلا بعد إنقضاء الحدث. فالرؤية الإيمانية تتجلى في النتائج التي يخرج بها كل إنسان مؤمن من الأحداث التي عاشها ولا يزال يعيش تبعاتها في اختباره الإيماني، وفي دعوته ورسالته في بعث الرجاء وبدء حياة جديدة. فمن لا دعوة له لا كرامة له.
•   أي أختبار نريد..!؟
   إن الحياة الأبدية تبدأ على الأرض بالإيمان: "الحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته" (يوحنا 17 : 3). فهذه المعرفة الأختبارية الإيمانية لا يتوصل إليها الإنسان وحده من تلقاء نفسه، بل يكشفها له الله الآب، وأعلنها من خلال المسيح، ولا سيما الروح القدس الذي هو "باكورة" الحياة الأبدية و "عربون الميراث" (رومة 8 : 23) ، (أفسس 1 : 14). فالإيمان يجمع الله / الكنيسة / المؤمن، حيث إن الله يمنح من خلال الكنيسة، فيتقبلها الإنسان ليتجاوب معها ويصبح مؤمناً. والإنسان يؤمن بالله شخصياً / جماعياً في داخل الكنيسة. فالمؤمن مغمور في الله من خلال الكنيسة، فيختبر الله أختباراً شخصياً للغاية بقدر ما يختبره أختباراً جماعياً. فهل يا ترى أختبرنا الله في محنتنا هذه، وعايناه في شدتنا..!؟ ونحن نعلم مسبقاً بأن المحن والشدائد هي من نصيب المسيحي في هذه الحياة الدنيا. وهل عرف المؤمن الحقيقي كيف يضع ثقته المطلقة بالله..!؟ فالإيمان يحث المؤمن على أن يعمل في واقع مجتمعه - بخبرته الإيمانية – في خلق مجتمع أساسه المحبة والسلام والعدل والمساواة والتفاهم. فـ "الأختبار الإيماني" هو إلتزام في ديمومة عملية "الخلق" من أجل عالم أفضل، عالم جديد بدافع الحب الذي "سكبه الله في قلوب المؤمنين بالروح القدس الذي وهبه لنا" (رومة 5 : 5).
   ففي غمرة القلق والخوف تجاه ما نواجهه اليوم، وما نصبو إليه جميعاً من "مسيحية الرجاء"، الرجاء في الشوق إلى الله، والحركة نحوه. فإلى مثل هذه الرؤية يقودنا الإنجيل، وإلى مثل هذه الخبرة الإيمانية يريدنا أن نعيش لنصبح قادرين على (أن نرى لأننا نؤمن، لا أن نؤمن لأننا نرى). لأننا رأينا الرب وألتقينا به وتحدثنا إليه، وهو يحيا فينا. هكذا يتحول الإيمان المسيحي إلى رجاء، والأختبار الإيماني إلى أختبار رجائي. ولكن بالرغم من أختبارنا هذا، وما سيكشفه الزمن الآتي من مستقبل مشرق، يساورنا الشك بأننا لم ننجز المهمة المناطة بنا على أتم وجه .. بحكم تصرفاتنا وأنانيتنا وإنحسار محبتنا وضيق قلوبنا. بعد أن تناسينا بأن المحبة التي أوصانا بها المسيح هي دليلنا إليه: لأني جعت فما أطعمتموني، وعطشت فما سقيتموني، وكنت غريباً فما آويتموني، وعرياناً فما كسوتموني، ومريضاً وسجيناً فما زرتموني. حيث يشير الفقير والمريض والمظلوم والمنبوذ إلى شخص يسوع المسيح المتألم، فيصبحون "علامة" له. ألا تتطلب المحبة أن نكسر للجائع ونكسو العريان ونحطم كل نير..!؟ أليست الدينونة بالتالي تقوم على المحبة..!؟ وهكذا يتحول الإيمان والرجاء إلى محبة، والأختبار الإيماني والرجائي إلى أختبار للمحبة العاملة لأنها الوحيدة الباقية، بحسب قول مار بولس الرسول إن الإيمان سيزول مع الرجاء، لتظل المحبة وحدها (1 كورنتس 13 : 13).
نبيل جميل سليمان
فانكوفر – كندا               

50
ثورة المعمدان، ثورتنا: أعدّوا طريق الرب

   كان للأنبياء أصواتاً صارخة في برية العالم وما زالت كلماتهم تتردد صداها عبر الأجيال، لما يعانيه إنساننا اليوم من قساوة حياة وشظف عيش وظلم حكام فاسدين، لتصلنا كرسالة إلهية صافية هادئة صريحة وإن كانت صارمة مؤلمة مدفوعة الثمن أحياناً، ولكنها صحيحة نافعة غير متوقعة في كل الأحيان. فهم ينبئون وينذرون، يبشرون ويهددون، يعدّون ويتوعدون، يزعجون راحتنا ويقلقون ضميرنا ويشهدون للحق حتى لو اقتضى الأمر أن يصبحوا شهداء، فنقتدي بهم نحن أيضاً لندفع اليوم من الدماء ثمناً لها .!.
   فالنبي إشعيا يبشر بالفرح والتعزية والرجاء لشعب الله: "عزُّوا، عزُّوا، شعبي، يقولُ الربُّ إلهكم"، ولكي يحدث هذا كان لابد من "صوت صارخ في البرية: أعدّوا طريق الرب" (إشعيا 40 : 1-3). ويوحنا المعمدان هو صوتنا الصارخ وبطل الأنبياء وزعيم الشهداء، رغم أنه كان إنساناً بسيطاً يلبس وبر الإبل وعلى وسطه زنار من جلد ويأكل الجراد والعسل البري، ولكنه يعلن: "يجئ بعدي من هو أقوى مني، من لا أحسب نفسي أهلاً لأن أنحني وأحلّ رباط حذائه" (مرقس 1 : 7). ومع ذلك، وبالرغم من تواضعه فإن الجماهير الغفيرة كانت تخرج إليه من بلاد اليهودية كلها وجميع أهل أورشليم ليتعمدوا على يده في نهر الأردن. كما أن السيد المسيح أشاد بعظمته: "ما ظهر في الناس أعظم من يوحنا المعمدان" (متى 11 : 11).
   فرسالة هذا النبي هي التحضير لمجيء السيد المسيح طبقاً للنبؤة: "ها أنا أرسل رسولي قدامك ليهيئ طريقك" (مرقس 1 : 1-8)، وهو الذي لا يحابي الوجوه أو يخاف من الملوك والسلاطين والمسؤولين، لذلك قاوم السلطتين الدينية والمدنية: "يا أولاد الأفاعي، من علمكم أن تهربوا من الغضب الآتي؟ أثمروا ثمراً يبرهن على توبتكم .. ها هي الفأس على أصول الشجر، فكل شجرة لا تعطي ثمراً جيداً تقطع وترمى في النار" (لوقا 3 : 7-9). وهو الذي قال عن هيرودس ملك اليهود: "لا يحلُّ لك أن تأخذ إمرأة أخيك" (مرقس 6 : 18). لذلك صبت هيروديا جام غضبها عليه وطالبت بقطع رأسه، وهذا ما فعله هيرودس حين قطع رأس المعمدان وقدمه لها على طبق بعد أن قبض عليه وزجّه في السجن .. حقاً، كان ثائراً وشاهداً للحق وشهيداً للحقيقة. فـــ "ثورة المعمدان" كانت ثورة التوبة والتغيير لإعادة إصلاح مفاهيم الإيمان ومنظومة الحياة وأخلاقية الجمال والغنى. فالإيمان هو الحياة والعمل، والجمال هو وجه الله في وجه الإنسان، والغنى الحقيقيّ هو الفقر بالروح من أجل الله / الإنسان. فهيئة المعمدان المتواضع بفقره الخارجي تدل بعمق قضيته وإيمانه بها وإندفاعه المستميت بما يقوم به: والغنى الحقيقي هو في حمل كنـز كلمة الله الخلاصية والتبشير بها، وأن الجمال وفرح المحبة هي في لمس قلوب البشر العطشى للحرية والعدل والسلام. فهل يمكن للمترفّه الفاسد والأناني الخائن أن يكون عادلاً ونزيهاً ..!؟ وهل يمكن لرجل المصلحة والسلطة أن ينادي بالبذل والعطاء والخير العام ..!؟
   فكم كنّا بحاجة لهكذا بذرة نبوية في أيامنا هذه: لهذا الشعب الأصيل، لهذا البلد العريق "العراق" ..!؟ وكم كنّا بحاجة إلى التعزية بعد كل الألم والعذاب ..!؟ فأرض الحضارات، بعد أن أضحت أرض حزينة كئيبة وأهلها كالغنم بلا راعي صالح، تحتاج لمن يرعاها ويخدمها ويحمل عنها الضيم والحرمان. نحن بحاجة لثورة معمدانية جديدة مبشرة بالفرح والرجاء، بعد أن سقط البعض منا في بحر اليأس بل ولفّ قلوب الكثيرين وأغرقهم في ظلام الظلم، وبات كل شئ وعراً وملتوياً ومعوّجاً. فالثورة ليست إنفعالاً غريزياً، وإنما هي فعل أخلاقي واعٍ، يدرك فيه الإنسان كرامة ذاته، وقيمة إرادته وعظمة حريته. فالثورة على الظلم والإضطهاد والفساد، هي ثورة على الخوف والأنانية أيضاً، وإنعتاق من سلطة النعرات الطائفية والعشائرية. لذا تحاول السلطات الفاسدة الحاكمة التشكيك في أخلاقية الثورة على الظلم والفساد، بل وتعتبره شكل من أشكال الترويج للطغيان. ومن هذا المنطلق، تقتضي منا الأخلاق الإنسانية أن نساند المظلوم مهْما كان دينه أو عرقه أو إنتماءه، وأن نرفض تأييد الظالم أياً كانت هويته. كما نجده عند النبي إرميا الذي يقف مع المظلومين قائلاً: "هكذا قال الرب: "أحكموا بالعدل وأنقذوا المظلوم من يد الظالم، ولا تضطهدوا الغريب واليتيم والأرملة، ولا تجوروا عليهم" (سفر إرميا 22 : 3).
-   فالثورة قضية: قضية إنسان ثائر ضد الظلم والفقر والعوز، قضية كفاح من أجل لقمة العيش والكرامة ونيل حقوقه في وطن يضمن المساواة والعدل بين أبناء الشعب الواحد.
-   والقضية ثورة: ثورة إنسانية، لا دينية، لا سياسية، لا حزبية، لا طائفية، شبابية، سلمية، عراقية بإمتياز.
   حقاً وكأننا نعيش زمن المجئ الخلاصي، فهذه هي المرة الأولى ومنذ سنين طويلة نشهد تلاحماً وطنياً، وكأنها "معمودية" حلّت فيها الروح كالحمامة، جددت وجهنا وطهرت فينا وطنيتنا وإنسانيتنا وحبنا العميق لوطننا العراق في الداخل والخارج. شهدنا أصوات نبوية واضحة وصريحة، جريئة وقوية. جيل من الشباب لم يكن على بال أحد .. جيل نهض من صميم اليأس، أنه جيل الميلاد / جيل الخلاص، إستعداداً للعبور من زمن أزمة لزمن الخلاص. لأنه أختبار إيماني لخلاص النفوس وميلاد كلمة حق مفادها: كفى ظلماً ورياء، كفى حرباً ودماء، كفى قتلاً للأبرياء، كفى إستغلالاً للمساكين والضعفاء، كفى تسلطاً وتعسفاً على الفقراء. جيل يطالب حكامه الفاسدين بالتوبة والعودة عن طغيانه وظلمه والنظر إلى مصالح شعبه. جيل شبابي عفوي، صادق، واعي، مثقف، منصف، شجاع، جيل لا يبحث عن تفضيل نفسه بل يفضل كل ما هو إنساني في حب الوطن، أنه جيل الإنسان العراقي الجديد.

نبيل جميل سليمان
فانكوفر – كندا
30/11/2019

51
في الغربة: احتدام الخلاف والعنف الأسري والطلاق
   
   أضحت الخلافات الزوجية والعنف الأسري وحالات الإنفصال والطلاق اليوم واقعاً مؤلماً في داخل الوطن وخارجه وبلغت أرقاماً عالية تجاوزت الثلاثون في المائة في المجتمعات العربية المتواجدة في بلاد الإنتشار. وهذه النسبة مقلقة وتشير إلى تفكك أسري يذهب ضحيته الأطفال أولاً وأخيراً، بعد أن إزدادت في الآونة الأخيرة هجرة ملايين من العراقيين والسوريين وغيرهما، وإن تعددت أسباب إغترابهم. فالغربة تفرض حقيقتها عليهم وإنسحبت على حياتهم وإستقرارهم، وأحدثت فجوة كبيرة بين ما عاشوه في بلادهم وبين واقعهم الحالي.
   وهذه الهوّة بين الحياتين، وتغيير البيئة وضمور العلاقات والألفة الأجتماعية، ورجحان التعامل المادي على المشاعر، فضلاً عن متغيرات أخرى في غاية الأهمية تتعلق بالمرأة. خاصة مساندة القوانين لها ووجود منظمات تعنى بشؤون المرأة، وخروجها للعمل وإستقلالها الأقتصادي. وما تلعبه المدارس إن كانت للأبناء أو لذويهم من دور بارز في كشف العديد من مظاهر العنف الأسري. وسهولة تحقيق الرغبات ومغريات الحياة الكثيرة؛ وتقليد لبعض من سلوكيات ومواقف المجتمع الغربي ... هذه وغيرها الكثير من اللمحات المشجعة أدت وتؤدي إلى النفور العاطفي بين الزوجين. بل وما يزيد من تفاقمه هو عدم وجود من يسعى للخير كي يصلح بينهما من الأهل والأقرباء، أو هناك مَن يتدخل ليزيد الطين بَلّة ..! فتتصاعد وتيرة المشاكل لتصل إلى طريق مسدود يؤججها الواقع المعيشي المتواضع وحالة العوز الدائم لأن المغترب يعيش عيشة الكفاف في بلد الأغتراب.
   وبحسب علاقاتنا الكثيرة وإتصالاتنا المتعددة وما يصلنا من حالات، وأيضاً ما تؤكده تجارب جاليتنا العربية في عدد من بلدان الإغتراب بأن حالات الإنفصال أو الطلاق في أغلب الأحيان يكون الرجل السبب الأول فيها لتأثره المتسارع بالإنفتاح الحضاري والحرية والتمسك بسلبيات مجتمعه الجديد. لذا تراه يدمن على الملذات والعديد من السلوكيات السيئة وبعلاقات غير مشروعة على حساب أسرته، ومن ثم التخلي عن إلتزاماته الزوجية مما يؤدي إلى نفور الزوجة بمرور الوقت. فتستحيل الحياة بينهما وتضطر الزوجة اللجوء إلى القانون لحمايتها وحماية أطفالها من هكذا زوج غير ملتزم عائلياً ودينياً وبالنتيجة يكون الحل هو الطلاق. وبالمقابل لا نستثني المرأة من تجاوزاتها اللامسؤولة أيضاً وإنصياعها لمغريات ما يعرضه القانون الغربي من تضامن كامل وضمان كافة الحقوق لها. فتكفي مكالمة هاتفية لطلب المساعدة من الشرطة، بطرد الزوج من البيت خلال أقل من نصف ساعة ..!!! لذا ففي أحيان كثيرة يتم إستغلال القانون من قبل بعض الزوجات اللائي لم تعد تروق لهن سيطرة الزوج ونفوذه على حياتهن، سيما حريتها الشخصية والمادية. وما يجره المجتمع الغربي من تحرر على حساب مسؤولياتهن الزوجية، وشعورهن بالإستقلالية وعدم حاجتهن للزوج في حياتهن. مما يؤدي إلى نتائج كارثية نهايتها القتل لأزواج غاضبون من تصرفات وسوء معاملة زوجاتهن وطلبهن الطلاق بقوة القانون والإستحواذ على حضانة الأطفال.
   ومن خلال نظرتنا للأمور وما تعيشه غالبية العوائل العربية في الغربة، تبرز ثلاث أنماط أجتماعية فيها:

1-   يتمثل في السيطرة الأبوية التامة: وهذا ما نراه في محاولة الزوج لخلق مجتمع مشابه لمجتمع بلاده الأصلي والأستمرار بهذا النمط دون الإنتباه لطبيعة المجتمع الجديد والقوانين التي تعطي الجميع حق المشاركة في بناء العائلة، بالمقابل نرى إنحسار دور الزوجة والأبناء، بالرضوخ والقبول بكل سلبيات الزوج.
2-   أما النمط الثاني فيتمثل بصعوبة التأقلم والإندماج في المجتمع الغربي: وخاصة صعوبة إتقان اللغة وعدم توفر فرص العمل المناسبة، مما يبرز دور العامل الأقتصادي المهم والرئيسي في حصول الطلاق. وبالأخص الحالة النفسية المتأزمة للزوج نتيجة تواجده الدائم في المنزل بلا عمل ما يؤثر سلباً على وضعه النفسي وعلاقته بزوجته.
3-   اما النمط الثالث ففيه يتقبل الزوجين الوضع الجديد ويتكيفون معه بشكل إيجابي يضيف لخبرتهم وثقافتهم الجيد والنافع.
   
   وبما أن العادات والتقاليد في المجتمع الغربي تختلف عما في الوطن، لذا نرى بأن المرأة الشرقية الضعيفة تتقوى في ظل الدعم القانوني لها، وتصبح موضع قوة مع ضعف الرجل في التحكم فيها. الأمر الذي يدفع باللواتي كنَّ يعانين الظلم أو الإستبداد، إلى الخروج من لباس الخوف وطلب الإنفصال أو الطلاق. ربما قد تكون بعض حالات الطلاق إنسانية، أو كردّة فعل على تراكمات سابقة، أو صرخة في وجه تقاليد بالية كبّلت المرأة في المجتمع الشرقي عموماً، أو هي محاولة للتخلص من عنف وسيطرة الرجل عانتهما في مجتمعها الرافض لحرية المرأة، أو هناك حالات قد تتبع لمزاج الزوجين وأنانية وتعند أحدهما ... إلا أن المرأة في الوطن لا تجرؤ على القيام بمثل هذه الخطوات التي تؤثر في حياتها كاملة، لأنها قد تُحرم من أولادها، وتصبح عالة على أسرتها التي ربما لا تتمكن من حمل أعبائها. بالإضافة إلى تأثير السمعة، حيث إن أسم "مطلقة" غير محبب وصفة معيبة ..! وكل هذا يدلُّ على أن الطلاق ليس وليد اللحظة، بل هو تراكمات الماضي لعدم التوافق والتفاهم كنتاج لزواج تقليدي أو لسوء الأختيار. لذا تسعى المرأة لنيل حريتها، لما تحمله من عبء زواج ليست راضية عنه، بعدما تهيأت الظروف المساعدة للإنفصال، وخاصة إنها ستكون الحاضنة الأولى لأولادها.

   تقول الدراسات: "بأن الخلافات بين الأزواج مفيدة للصحة، والنقاش والجدال وحتى الشجار" .. وهذا يعني أن العلاقة بين الزوجين مازالت حيّة، ومازالت هناك رغبة في التعايش والأستمرار. فالشجار رغم بشاعته، يمكنه أن يحل المشاكل وينظف الأجواء العائلية، إذ فيه متنفساً للتوتر والضغوطات. ولكن عندما يتحول الشجار إلى خصام وتسود "لغة الصمت" بين الزوجين وتطول مدتها، ينتقل الحال من الغضب إلى الحزن ثم يتطور ليكشف كل من الزوجين عن مساوئ الآخر. فتتولد مشاعر سلبية بعيدة عن أصل المشكلة، وتتسع الفجوة بينهما، ويتحول الغضب إلى حقد، وينتهي بقطيعة تسد الأبواب. فالمعاملة الصامتة - أو القطيعة - هي أقسى أنواع الحالات التي تمر على الزوجين. فالشخص الذي يمتنع عن الكلام يكون غاضباً ومتكبراً، أما الشخص الذي يتلقى المعاملة الصامتة فهو "معاقب" من الطرف الأول، مما يشعره بالإحباط والذل. فالعديد من الأزواج لا يعرف الطرق المثلى للصلح والمسامحة، والبعض منهم يعرف ولكنه يكابر ويعاند. مما يدفع أحد الطرفين بالإعتقاد أن الآخر هو المخطئ، وأن عليه هو أن يقدم الأعتذار أولاً، وبالتالي يؤخر عملية الصلح، فتتضخم المشكلة ويطول الخصام وتستمر القطيعة. فأغلب المشاكل تبدأ بسيطة تافهة ثم - إن تركت - تتضخم لتسبب ألماً كبيراً. لهذا ننصح بأن لا تطول مدة الخصام، فكلما طالت صعب الصلح، ونعطي دائماً للحب فرصة، ونترك الباب موارباً للحوار والنقاش في جو يسوده التفاهم، بشرط أن لا يتجاوز باب منزل الزوجين، وكلامي هذا من واقع تجربة، فكل نقاش وحوار يخرج عن حدود منزل الزوجية لن يجد الحل أبداً، بل يزداد سوءاً وتعقيداً.
   وأخيراً لا ننسى بأن الخلافات الزوجية هي "ملح الحياة" .. حيث يقول عالم النفس السويسري "بول تورنيير": "أن لدى كل زوجين مشكلات وهذا شيء حسن، فالذين يبدون أنهم أكثر الناس نجاحاً في الزواج هم أولئك الذين تعاملوا مع مشكلاتهم سوياً وتخطوها". فبات من البديهي معالجة الخلافات الناشئة في الأسرة بشيء من الوعي والعقلانية والهدوء والإنصات إلى الآخر، وهذا ما يعرف بـ "التوافق مع الأزمة" .. فالعلاقة الزوجية الناجحة هي عندما يتغافى الزوجين عن الهفوات ويتجاوزا الألم بأعتذار، بأبتسامة، بلمسة حانية، بباقة ورد، بضمة قلب وقبلة في الجبين.
   

نبيل جميل سليمان
فانكوفر – كندا
24-5-2019
[/size]

52
هل أنتمي إلى حدث التجسّد ..!؟
( تأمل لاهوتي )
[/size]

   أستهلتُ موضوع تأمّلي بهذا التساؤل وسأنهيه بالمثل، خاصة ونحن على أعتاب التهيأ لأستقبال ميلاد المسيح له كل المجد. برغمِ ما يواجهنا من تناقضات واقع حياة فيه: الجميل والبشع، الرجاء والأحباط، الشك واليقين. وبما إننا نتأمل في أمور أحتفالية وتقليدية كثيرة متعلقة بالميلاد - وهذه كلها قد تكون مفيدة ونافعة - ولكن نخشى أن يفوتنا في ما هو أسمى وأعظم من كل ذلك .. أنه "التجسّد": الحدث الهام والموضوع الرئيسي للميلاد.
   فقدسية هذا الحدث وما تظهره لنا عظمة "المبادرة الإلهية"، بأن المولود هو "الله الذي ظهر في الجسد" ( 1 تيموثاوس 3 : 16 )؛ هو فعل حب لامتناهي من قبل الله لأجل خلاصنا. فالمستحيل أصبح ممكناً، وأظهر للبشر "إنسانية" الله، لأن الله : "ليس هو إلا محبة". فيسوع "الكلمة" المتجسّد، قد كشف لنا: "حنان الله مخلصنا ومحبته للبشر" ( تيطس 3 : 4 ). لأن الكلمة قد أتحد بيسوع منذ البداية، والكلمة تأنسنَ أي صار إنساناً، شاركنا: "في اللحم والدم" ( عبرانيين 2 : 14 ).
   تأنسنْ الكلمة هو "أخلى ذاته Kenosis" كما تحدث عنه نشيد فيلبي ( 2 : 7 )، والذي يكمن إذاً بذلك التجرد الإلهي في إن "الله / الأبن" أصبح إنساناً ليكشف "الله / الآب" للإنسان: "الأبن الوحيد الذي في حضن الآب هو الذي أخبر عنه" ( يوحنا 1 : 18 )، فيسوع قد أتى ليعلن للإنسان من هو الله في سر كينونته وحقيقة جوهره.
   فالفكرة الفلسفية الموضوعة عن الله هو أنه لا يتغيّر Immutable ولا يتأثّر Impassible. بينما النظرة المسيحية لله هي إن "الله / الكلمة" قد تغيّر وتأثّر من خلال "إنسانيته" بـ "إنسانيتنا": إذ أخذ جسداً بشرياً، تأثر بالفرح والألم وبالعلاقات البشرية .. مات وهو مانح الحياة. وهنا أصبح تاريخ يسوع تاريخ الله نفسه، وبذلك دخل تاريخ البشرية داخل الله. فأصبح الله اللامتغير "متغيراً" بموجب التجسّد واللامتأثر "متأثراً" بالأوضاع البشرية ولا سيما الألم والموت.
   وهنا قد يتساءل البعض: كيف يظل الله هو "نفسه"، وهو يأخذ جسداً أي "يتغير" ..!؟ إن السر المسيحي هو سر "الهوية Identity / الغيرية Otherness" معاً، بيد إن الله يصبح إنساناً ( الغيرية ) دون أن تتلاشى إنسانيته في ألوهيته ( الهوية ). بما معناه أن سر التجسّد يحافظ على كلتا "الألوهية والإنسانية" دون أي أمتصاص أو تلاشي أو ذوبان: أي أن الله يظل هو نفسه "هويته" عندما يأخذ جسداً عن طريق "الغيرية" أي بالتبادل مع الغير.
   فمع أهتمامنا اليوم بناسوت المسيح وتشديدنا على حياته الأرضية ( التجسّد )، نؤكد على "نتيجة" التجسّد أي على تقديس الإنسان وتأليهه. لذا فعلى المسيحي أن يتقبّل "المبادرة الألهية"، كما تقبّل الأبن "ذاته" من أبيه عندما أفرغ ( أخلى ) الآب "ذاته" لأبنه الوحيد بفعل "المحبة": التي هي هبة مطلقة وبذل كامل. فالآب يهب ذاته وكيانه ومحبته لأبنه. لذا فإن الآب هو "خروج من ذاته" و "إنفتاح على أبنه". ومن هنا أهمية هذا الإختبار المتجسّد في الذات، الذي يعلمنا أن الإنسان لا يبلغ نضجه وكمال صورته ألا بقدر ما "يخرج من ذاته" و "ينفتح على الآخر"؛ إلى هذا العالم الفسيح ويواجه الأشياء في حقيقتها، وهي في الأغلب حقيقة تعاكس رغباته الذاتية المباشرة. يحاول أن يجسّد الإيمان بالأعمال، بتحقيق "الإلادة الجديدة" وديمومتها، ليصبح كل إنسان أبناً حقيقياً لله بـ "التجسّد". فالخروج من الذات هو عدم التفكير الأناني في الذات وعدم الإنطواء على الذات وعدم الإنكماش على الذات، كما تجسد الله الكلمة. وبالتالي "يتأله الإنسان" كنتيجة للتجسّد، أي ينتقل إلى الحياة الإلهية، إلى حياة الله نفسها، إنطلاقاً من المزمور: "عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحيّ" ( مز 42: 2 ). وهنا تنبثق السعادة السماوية.
   وفي الختام، يضعنا حدث التجسّد أمام إمتحان لذاوتنا وعلامة لمحبة الله الحاضرة فينا ومقياس حقيقي لإنسانيتنا المدعوة إلى النضوج. فكلما زدنا نضجاً بإنسانيتنا، تركنا بصمات من المحبة والخدمة لا تمحى في تاريخ الأشخاص الذين نتفاعل معهم. فالإنتماء إلى "التجسّد"، هو المقياس الصحيح والنوعي، لمدى إلتزامنا الفاعل سواء في العائلة أو المجتمع أو الكنيسة، ومن ثم في البشرية جمعاء. بالرغم من المغريات الكثيرة والحاجات المتنوّعة والإهتمامات المتزاحمة في عالم اليوم الذي فقد حسّ التضامن والشركة والتعاون؛ بالإضافة إلى ما نواجهه من عنف الأيديولوجيات والضغط الإعلامي والسياسي الموجّه.
   الميلاد يدفعنا إذاً إلى معرفة حقيقة التجسّد وتفعيلها، ومن ثم العودة لأتخاذ قرار جدّي لخياراتنا إزاء الأزمات التي تمرّ بها إنسانيتنا. وهذا مما يحفزنا على الدوام ليطرح كل واحد منا تساؤل موضوع تأملنا: "هل أنتمي إلى حدث التجسّد" .. وعلى أي نوعية وجودة سيكون إنتمائي من وإلى إخوتي البشر ..!؟
نبيـــل جميـــل سليمـــان
   فانكفور - كندا

     

53
أقدر وأحترم رأي وطلب الأستاذ فارس ساكو والأستاذ سالم يوخنا المحترمين حول حذف المقال، أنا قد نوهت منذ البداية في ردي على كلاً من الأستاذ جوزيف والأستاذ سيزار المحترمين. وايضاً في ردي الثاني كما هو في المقتبس الآتي:
لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الحب والتقدير لكل الأخوة والأحبة الكرام لطرحكم وآرائكم وإن تميزت الواحدة عن الأخرى فهي بالتالي تنصب في خدمة الكلمة الحقّة التي يجب أن تعلى لمعرفة الحق وأين تكمّن الحقيقة ...
أحترم جداً وجهات نظركم ولكن مع هذا وجب علينا اليوم أن نقف معاً متكاتفين من أجل الوصول إلى "المقاربة" قدر الإمكان وهذا يتطلب في بعض الأحيان أن نتنازل عن بعض الأفكار المقيتة وننزعها عنا أو بالأحرى نسلخ جلدنا القديم لنتجدد مع الزمن ونواكب الحضارة، لذا بات علينا اليوم أن نبني لنا حضارة من قيم المحبة والتكاتف ونضع يدنا مع بعضنا البعض لننقذ سفيتنا من معاصي الدهر ...
حان الوقت كي نبتعد عن "المفارقة" التي عملت في السابق ولا زالت تعمل على تشتتنا وعدم تمكننا من اللحاق ببقية الشعوب من أجل إحقاق ما علينا من أحقية كشعب مشرقي أصيل الموغل في الحضارة، كي نرفع الضيم الذي يلاحقنا من كل جانب ...
شكري وأمتناني لكل الأخوة الأحباء:
عبد الأحد سليمان بولص - كوركيس أوراها منصور - فارس ساكو - سام ديشو - يوحنا بيداويد - سيزار ميخا هرمز - جوزيف

تقبلوا عظيم محبتي وجزيل أحترامي
أخوكم / نبيل جميل سليمان
أنتهى الأقتباس:
وهنا لا يسعني إلا أن أكرر مناشدتي لكل الأخوة الأعزاء وأخص بالذكر كلاً من الأخ سيزار ميخا هرمز والأخ يوحنا بيداويد والأخ كوركيس أوراها منصور المحترمين أن نلتزم ونتمسك بالحكمة والموضوعية في الطرح وأبداء الرأي وأحترامهما قدر الإمكان، دون اللجوء إلى محور التصفية أو التسقيط. لكي نعطي فرصة لنا أولاً لتذليل كل المعوقات والصعوبات التي تحول دون الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة إن كانت على الصعيد السياسي أو الكنسي لشعبنا المسيحي وما يرتبط بهما من تفرعات هنا وهناك.
شكري وأمتناني للأستاذ سيزار لتعديل منشوره ولحذفه الآخر، ويسعدني أن يبادر الأستاذ يوحنا والأستاذ كوركيس بالمثل وعندها نكون قد أوصلنا القارئ إلى ما يفيده ويفيدنا من خلال وضع أيدينا على الجرح الذي أصاب أمتنا وشعبنا، ونغدو مثالاً رائعاً يحتذى به أمام الجميع من أجل الجميع.
تقبلوا محبتي وأعتزازي ...
أخوكم / نبيل جميل سليمان   

54
لا يسعني إلا أن أتقدم بخالص الحب والتقدير لكل الأخوة والأحبة الكرام لطرحكم وآرائكم وإن تميزت الواحدة عن الأخرى فهي بالتالي تنصب في خدمة الكلمة الحقّة التي يجب أن تعلى لمعرفة الحق وأين تكمّن الحقيقة ...
أحترم جداً وجهات نظركم ولكن مع هذا وجب علينا اليوم أن نقف معاً متكاتفين من أجل الوصول إلى "المقاربة" قدر الإمكان وهذا يتطلب في بعض الأحيان أن نتنازل عن بعض الأفكار المقيتة وننزعها عنا أو بالأحرى نسلخ جلدنا القديم لنتجدد مع الزمن ونواكب الحضارة، لذا بات علينا اليوم أن نبني لنا حضارة من قيم المحبة والتكاتف ونضع يدنا مع بعضنا البعض لننقذ سفيتنا من معاصي الدهر ...
حان الوقت كي نبتعد عن "المفارقة" التي عملت في السابق ولا زالت تعمل على تشتتنا وعدم تمكننا من اللحاق ببقية الشعوب من أجل إحقاق ما علينا من أحقية كشعب مشرقي أصيل الموغل في الحضارة، كي نرفع الضيم الذي يلاحقنا من كل جانب ...
شكري وأمتناني لكل الأخوة الأحباء:
عبد الأحد سليمان بولص - كوركيس أوراها منصور - فارس ساكو - سام ديشو - يوحنا بيداويد - سيزار ميخا هرمز - جوزيف

تقبلوا عظيم محبتي وجزيل أحترامي
أخوكم / نبيل جميل سليمان

55
عظيم محبتي وفائق تقديري وأحترامي للأخ جوزيف وللأخ سيزار لمروركم الكريم وتعليقكم على الموضوع، ولكن عندي مداخلة متواضعة أود مشاركتها مع الأخ الحبيب سيزار بخصوص ما قلته بأن هناك من هم مصابين بعقدة ( تمجيد ربهم الأوحد_ ساكو ) ؟
بل العكس هناك من هم مصابين بـ #عقدة_ساكو كلما ورد أسمه في أي خبر لا يتوانون للحظة دون توجيه الطعن والتجريح، أكثر ممن "يمجدونه" -بحسب قولك- وهنا أعترض على هذه الكلمة لأن "التمجيد" هو لربنا يسوع المسيح له كل المجد ...!!!
تقبلوا مودتي وأعتزازي ..
أخوكم / نبيل جميل سليمان

56
مسيحييوا العراق و #عقدة_ساكو

نشرتُ خبراً مقتضباً في صفحتي الشخصية في الفيسبوك، مفاده: "ترشيح غبطة أبينا البطريرك الكاردينال لويس ساكو الكلي الطوبى لنيل جائزة نوبل للسلام ..
وسيتم الإعلان عن الفائزين هذا الأسبوع ...
حظاً سعيداً ومباركاً نتمناه لغبطته ..."
- أنتهى الخبر -
قد يلومني البعض، بل وهناك مَن يرد علناً لما أنشره من أخبار البطريركية الكلدانية وخاصة أخبار غبطة أبينا البطريرك الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو في صفحتي الشخصية بالفيسبوك بالنقد والطعن الجارح ..!!!
والذي أصبح في نظرهم #عقدة تلاحقهم وتؤرق مضاجعهم لذا أسميتها بـ #عقدة_ساكو ..!!!
عجبي من هؤلاء ... فكيف يفهمون ويؤمنون بـ "مسيحيتهم" بل وكيف يعيشون إيمانهم الروحي في "الكنيسة" التي هي نحن جميعاً "شعب الله" ...!
لذا نراهم:
يتهمون غبطته بأنه هو من جاء بعصابات "داعش" ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من هجّر المسيحيين قسراً من ديارهم ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من أذلهم وأهانهم عندما تركوا الوطن وأصبحوا في دول الجوار ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من وضع يده مع أيدي من قتل وهجّر وشرد المسيحيين ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من ناشد الأمم المتحدة والسفارات وجميع رؤوساء الدول الأوروبية والغربية بمنع تسفير وتهجير مسيحيي العراق ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من يصّر على بقاء المسيحيين وتمسكهم بأرضهم ودفعهم إلى دوامة العنف ومحرقة الموت ..!
يتهمون غبطته بأنه هو من يتدخل بالسياسة ويحث المسؤولين في كل ترحالاته الخارجية وأجتماعاته الداخلية لمصالحه الشخصية والحفاظ على الكرسي ..!
يتهمون غبطته بأن خطاباته هزيلة وأسلوبه ركيك في الرد على تطاولات الآخرين على ممتلكات المسيحيين وما يشهدونه من أعتداءات وقتل مبرمج للمسيحيين ..!
وتزداد قائمة الأتهام، بل ويراقبون كل حركة صغيرة كانت أم كبيرة لغبطته ليفسروها على مرامهم الخاص ويضعونها في قالب من الحقد والضغينة والأنتقام بدون أي سبب ...!!!
هل هذه هي مسيحيتنا !؟
هل هذه هي رسالتنا !؟
هل هذه هي كنيستنا !؟
مسيحيتنا هي الأقتداء بالرب يسوع الذي بدأت رسالته بإضطهاده وإضطهاد تلاميذه ورسله وإضطهاد عروسته "الكنيسة" .. ومع هذا لازالت شاهدة وشهيدة لطريق الخلاص الذي رسمه لنا الرب يسوع.
لا أريد الإطالة، ففي جعبتي الكثير والمثير مما أود أن أعبر عن مدى تأثري لمثل هذه التعليقات والردود التي تعبر عن رأي أصحابها لأننا نؤمن بحرية التعبير، ولكن لا أن نتجاوز بما ليس لنا الحق في الأتهام الباطل وأطلاق الكلام هباءاً لمجرد الإثارة لا أكثر ..
أن نتسم بالحكمة المقرونة بالمحبة،
أن نتصرف بالسلوك المقرون بالإيمان،
أن نخدم رسالتنا المقرونة بالرجاء ...
بماذا تريدون أن يكون رد أو خطاب البطريركية الكلدانية على من يقتل المسيحيين !؟
هل تناشد بحمل السلاح والتعامل بمبدأ "العين بالعين والسن بالسن والبادئ الأظلم" ..!؟
هل نسيتم بأن من أساء بالرسوم الكاريكاتورية للرسول محمد في الدنمارك، نحن من دفعنا الثمن بتفجير سبعة كنائس في يوم واحد ..!؟
كفانا هذا الأسلوب الرخيص في الإنتقاد السلبي دون أي مبرر يذكر ..!
تعالوا وضعوا أيديكم بأيدي بعضنا البعض لحمل الرسالة الملقاة على عاتقنا جميعاً ألا وهي إعلان "البشرى السارة" و "الفرح المسيحي" للعالم أجمع من خلال محبتنا وخدمتنا وسلامنا ...
لننبذ العنف والقتل والدمار لإنساننا اليوم، لندعوا جميعاً إلى بناء "حضارة الحياة" بدلاً من حضارة الموت" ...
وأخيراً،،، أستميحكم بالعذر الشديد لجرأتي في الكتابة إليكم، عسى أن يصل مغزى رسالتي للجميع بالود لما فيه الخير الأسمى للجميع ..
تقبلوا محبتي وأحترامي

أخوكم ومحبكم / نبيل جميل سليمان

57
عظيم محبتي وفائق تقديري لحضرة الدكتور صباح قيا المحترم لأختباراتك العملية والواقعية التي تفيد الجميع، للوقوف في نقاط تهمنا لمراجعة الكثير والمثير في عاداتنا وتقاليدنا ...

مودتي وأعتزازي وفائق أحترامي ...

58
إلى حضرة الأستاذ ناصر عجمايا المحترم
تحية طيبة
بصراحة شديدة لم يطرق ببالي أن أكتب هذه القصة الحقيقية، لولا ما تلقيت من مكالمة مجهولة من بنت عانت ما عانت من ألم وحيرة مما دفعها إلى الإنتحار ومن ثم الهروب من أهلها والآن هي خارج الوطن في أحدى دول الجوار، وهناك أيضاً تعاني المزيد من المرارة.
كل الشكر والتقدير لما أبديته من وصف الحالة التي يمر بها مجتمعنا الشرقي ومن واقع مرير ومؤلم ...
تقبل محبتي واحترامي ...

59
المنبر الحر / هناك فقدتُ عذريتي
« في: 12:05 04/09/2018  »
هناك فقدتُ عذريتي
[/size]

   لا زلتُ أذكر تلك الفتاة الجميلة رغم مرور ثلاث عقود على ذلك اليوم الذي رأيتها فيه. وكنتُ في ذلك اليوم أجلس في عيادة مختبر التحليلات المرضية في بغداد الجديدة، حين دخلت هذه الفتاة.
   شدّتني إلى عينيها نظرة غريبة مذعورة تبحث بلهفة في عيني عن النجدة، رغم مرور كل هذه السنين لا زالت هذه النظرة محفورة في ذهني وأصبحت جزءاً مني. لم تكن وحدها، كانت معها أختها حين طلبت مني وبصوت منفعل:
-   أرجو يا دكتور أن تعمل لنا هذا الفحص.
   أخذتُ ورقة الطبيبة من يدها، وقد كتبت Pregnancy Test أي فحص الحمل، ولكن فوجئت ولأول مرة تكتب الطبيبة (ف. ي.) باللون الأحمر (VIRGIN !!!) أي أنها عذراء ...!!!
لم يكن الأمر بهذه البساطة وأنا أواجه هذه الحالة للمرة الأولى .. لذا طلبتُ منها أن تملأ العبوة الخاصة للتحليل بالبول.  وحال إستلامي للعينة، قمتُ بإجراء الفحص وخلال دقيقتين ظهرت النتيجة وكانت (Positive موجبة) أي إنها "حامل" ...!
   قمتُ بطباعة النتيجة، وناديت الفتاة وجاءتني، ولم يكن وجهها هو وجه الفتاة التي رأيتها منذ لحظات وإنما وجه إمرأة عجوز شاخت قبل الآوان ورسم الحزن على وجهها تعبيراً غريباً أشبه بوجوه الموتى. أعطيتُ لها الظرف، وقالت لي بصوت مشروخ:
-   طمنّي دكتور ما هي النتيجة الله يخليك ..!؟
-   قلتُ لها: لا أستطيع أخبارك بالنتيجة فهذه مهمة طبيبتك وهي التي ستخبركِ.
   هزّت رأسها بخجل وكست عينيها الذابلتين سحابة أوحت بدموع سالت وجفت في ذات الوقت. سكتت دقيقة كيما تسترجع أنفاسها بعد غصّة، ثم غادرت العيادة بعد أن أعطتني أجرة التحليل، وأنا صامت حائر مفكّر مترقب، بل ومتأكد بأن هناك كلام سيبدأ لاحقاً. وبعد هنيهة عادت الفتاة مرة أخرى وبيدها ورقة جديدة من الطبيبة، ولما أستلمت الورقة أحسستُ بقطرات من الدموع السخينة قد تساقطت على يدي من أجفانها. وكأن أجفانها شفاه تجيبني بالدموع عن ونّة ألم. وهذه المرة طلبت الطبيبة إجراء فحص Vaginal Swab for Culture & Sensitivity Test أي مسحة مع زرع وفحص الحساسية، وطلبتُ من زميلة لي في المختبر بإجراء المسحة لها. وهذا التحليل يتطلب أنتظار لمدة ثلاثة أيام، لذا ناديت الفتاة وأخبرتها وأنا أكتب لها إيصالاً بإستلام النتيجة في اليوم الثالث. ونظرت الفتاة إليّ متنهدة وقد تهلل وجهها وترقرت الدموع في عينيها، وباحت أجفانها بسرائر نفسها ثم قالت بهدوء سحري:
-   إن نفسي حزينة ومتألمة، وقد وجدت الراحة بإنضمام روحي إلى روح أخرى تماثلها بالشعور وهذا ما وجدته فيك يا دكتور. هكذا هي حكايتي عندما تعرفت على طالب في المرحلة الرابعة في حفلة التعارف للطلبة الجدد في الكلية، عند بدء العام الدراسي وأنا طالبة في السنة الأولى من كلية الإدارة والأقتصاد في جامعة المستنصرية ببغداد. وبعدها أستدرجني وأغواني للخروج سوية - بعد أن كنتُ أحلمُ بتحقيق الطموح والوصول إلى ربيع الحريّة في الحياة الجامعية - إلى جزيرة بغداد السياحية، و"هناك فقدتُ عذريتي" في أحدى اللقاءات الساخنة.
وبعد تلك الحادثة ضاقت بي الدنيا التي غيّرت مجرى حياتي، أصبحتُ لا أطيق أحداً .. ولا أجدُ بنفسي الرغبة في أي شئ .. فقدتُ الإحساس بالأمان .. وكرهتُ التعامل مع من حولي .. بكيتُ كثيراً وكنتُ لا أنام .. كان التفكير يقتلني أينما كنت وأينما ذهبت !! كيف أتصرف وكيف أخرج من هذه المصيبة .. ماذا أخبر أهلي وماذا أقول لهم  ..
وزاد همّي مع الأيام حتى أصبح كابوساً ثقيلاً لا أستطيع البوح به لأحد .. وندمتُ على كل ما فعلت وكأن ما أصابني كان عقاباً لي على هذا التمادي في علاقة تعدت مراحل الإعجاب !!
بقيتُ أكثر من شهرين أحمل ألمي بقلبي وأدعوا الله أن يستر عليّ .. مما أستدعاني أن أطلب منه مراراً أن يتقدم لأهلي ليطلب يدي، وهنا كانت الصعقة عندما قال لي:
-   أمضيتُ سبعة سنوات في هذه الكلية وأنا ألعب لعبتي بإصطياد ما يحلو لي من طالبات السنة الأولى، فمن سلمت نفسها لا تصلح أن تكون لي زوجة .. هذه غلطتكِ وبرضاتكِ وأنا لم أجبركِ على شئ ...!
   بقيتُ أنا محدقاً إلى وجهها مصغياً لأنفاسها المتقطعة صامتاً متألماً معها ولها، ولم تكن في جعبتي من ألفاظ سوى هذه:
-   إن قلب المرأة ينازع طويلاً ولكنه لا يموت .. روحها ربيع الفصول .. وحبها نبع الحياة ...
   فحجبت وجهها بيديها، وألتفتت صامتة حائرة مودّعة لي، وكأني بها تقول: "لتكن مشيئتك يارب".
   أنها حكاية موجعة تتكرر للأسف في مجتمعنا العربي الذي لا زال له هذه النظرة السلبية للمرأة، وهي نظرة غير طبيعية نتجت عن ضغوط المجتمع الذكوري وكبته لنموها. الذي يشجع على أن تكون المرأة أداة جنس، ويعلّم لتكون جسداً فقط. ونجد أيضاً بأن المجتمع العربي يحدد صفات الأنوثة في المرأة لتكون في خدمة الرجل وإرضاؤه. أي أن تتميز الأنوثة في المرأة بصفات الخدم المطيعين المستسلمين الضعفاء، أما الرجولة فهي أن يتميز الرجل بصفات الأسياد من قوة إيجابية وحزم وعقل وحكمة. ومن هنا أستمد المجتمع مفهوم الشرف من هذه النظرة. شرف الفتاة هي مثل عود الكبريت يشعل لمرة واحدة وبعدها تنتهي وتلقى في المزبلة، أما شرف الرجل فيمكن أن يشعل عشرات بل مئات المرات ولا يستهلك أبداً. فمأساة هذه الفتاة وغيرها لم تتوقف عند هذه النظرة فحسب بل أن قوانين وشرائع هذا المجتمع لم ولن تنصفها. هي واحدة من ضحايا التناقض بين العادات والأعراف والقوانين والدين.
   ما أود قوله، بأن معظم الكتابات أو المعلومات التي تكتب عن المرأة هي بأقلام الرجال، وهذه كلها ليست تعبيراً دقيقاً عن "حقيقة" المرأة بقدر ما هي "وجهة نظر" الرجل في المرأة، وما أكبر الفارق بين الحقيقة وبين وجهة النظر. فمهما كنتُ ملماً وقريباً من هذه الحالة أو غيرها من الحالات التي تخص المرأة، سوف لن أنقل حقيقة مشاعر المرأة وما ينازع قلبها وما تحمله في أحشائها من ألم ومرارة وغصّة. لا شك أن هذه القصة الحقيقية تفرض علينا أن نكتب عنها لكوننا مسؤولون جميعاً عن هذا الظلم الذي يلحق بالمرأة اليوم كما هو بالأمس. فأنا رجل وجريمتنا لمن يدّعون الرجولة بأننا ندرك مدى تعاستنا وثقل آثامنا وذنوبنا تجاه من تعطينا الحياة وتكمّلنا بالمحبة. أما أنتِ أيتها المرأة، فأيقظي قلبكِ وأحكمي ضميركِ فالذئاب الخاطفة تعجّ في الحقول المترعة.     
 
نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا




60
كل الشكر والتقدير وفائق أحترامي لك يا أخي الحبيب متي أسو المحترم .. لكلامك الراقي ولإضافتك القيمة وتوضيحك الرائع ....

تقبل مني محبتي وأعتزازي

أخوكم / نبيل جميل سليمان

61
نناديك يا الله بأعلى صمتنا

مدة قراءة المقال: أربعة دقائق

   خلال مسيرته الحياتية، يتعرض الإنسان للكثير من الضغوطات والتعب، الضيقات والتجارب، صخب خارجي وقلق داخلي... فتتملكه مشاعر متناقضة من فرح وحزن، غضب وسلام، قبول ورفض... كما ويدخل في صراع مع نفسه أو مع الآخر، ويعيش الخطيئة والتذمر والإنحطاط في أحيان كثيرة. لذا كان عليه البحث عن "لحظة" صمت أو سكون في "مكان ما" ليستطيع الحصول أولاً على "صمت خارجي"، فتستطيع روحه آنذاك التوجّه نحو ذلك "الصمت الداخلي" أي نحو الله. فمن يبحث عن عيش لغة الله - التي تُرى بعين الإيمان ولا تسمع - يبحث عن تحقيق إرادة الله في حياته، هذه "الإرادة" التي هي دائماً الخير الأسمى والأعظم. وعند هذه اللحظة فقط يمكنه القيام بالتأمل الإلهي، من أجل تجديد القوة الروحيّة فيه.
   فمن خلال هذا (التأمل / الصمت) تجد روح الإنسان سلامها، تفهم دعوتها، تأخذ النعمة وتتجدد بها. تخلق تحوّل أساسي، ولادة جديدة بالروح القدس، يتحد الإيمان والحرية، ويدخل الإنسان بكليّته في أختبار عيش “الألوهية”. وهذا لا يعني الهروب من العالم، بل من خلال التأمل والصمت يترك الإنسان المجال “لكلمة الله” تتجسد في قلب حياته وعمله اليومي بل في كل حدث، فتحوله إلى “إيقونة” و "علامة" شاهدة لروعة وعظمة الله في مجمل حياته اليومية. فالتأمل هو حوار حب وصداقة، غالباً ما يكون على إنفراد مع مَن نعرف أنه يحبنا. فعند ذلك المستوى من الإرتقاء والسمو في العلاقة يصبح الحوار صامتاً إلى نوع من الإنتباه الودّي نحو الله. أما عند الذي لم يرتقي إلى هذا النوع من العلاقة نجده يتسائل مشككاً ومتذمراً: هل توجد علاقة واقعية بين الله والإنسان ؟... وإن وجدت فلماذا يبقى الله صامتاً ؟... ولماذا يسكت الله أمام كل هذا الشر والظلم والتجارب والحروب ؟... بل لماذا يختفي الله في أيام الضيق والشدّة ؟
   ففي خضم التكنولوجيا والمادة والشر الغالب والإرتباك.. ومع زمن أزداد فيه الضجيج من حولنا والذي فرض سيطرته علينا، هناك من يرى "صمت الله"... فلا يسمعه من كثرة "دكتاتورية الضجّة". بحيث أصبح البحث عن لحظات من الصمت أكثر ضرورة اليوم، إلى الإصغاء بعمق والإنصات بتأمل إلى قوة ذلك الصمت. ففي صمت الله تكمّن قمّة عمله، الذي لا غنى عنه لسماع نداء الله. فالمؤمن التقّي ذو القلب النقي يكفيه من الله التواصل بصلاة تنشأ "من الصمت" وتعود "إلى الصمت" بعمق أكبر. فمن لا يعرف ذلك السكون لن يصل إلى الحقيقة أو الجمال أو الحب، فكل ما هو عظيم وخلّاق يتكون من الصمت. الله صمت، وصمته حب، ومن فيض محبته يصمت.
   فالحقيقة الوحيدة في حياة الإنسان المسيحي هي تلك الصرخة: "لتكن مشيئتك" (صلاة الأبانا) التي هي بمثابة ثقة كل إنسان مؤمن إلى الله. وما أكثر صرخاتنا اليوم ومطالب إحتياجاتنا ونجدات إستغاثتنا نرفعها إلى الله بأصوات عالية. فالله يصمت في محبته كي يسمعنا، فما علينا إلا أن نتعلم الغور إلى الباطن، وبالتالي تتحول صلاتنا إلى صمت (يصمت الله ليعلمنا الصمت). على حد قول أحد الآباء القديسين (الشيخ الروحاني): "سَكّتْ لسانك ليتكلم قلبكْ، وسَكّتْ قلبكْ ليتكلم الله"، فالشركة والسلام مع الله يمكنهما الإستغناء عن كل الكلمات أو الأفكار: "لقد هَدَّأتُ وسكَّنتُ نفسي كالطفل الفطيم مع أمه" (مزمور 131). فإذاً من المنطقي الإعتقاد أن يتحول صمت الله إلى كلام مسموع. وأنّ كلامه لا يمكن الإصغاء إليه كما يجب، إن لم ندخل نحن أيضاً في صمته، وتعلمنا الإستماع إليه عبر صمته. فالصمت أكثر أهمية من أي عمل إنساني آخر، لأنه يعبّر عن الله. والتغيير الحقيقي يأتي من الصمت، وهو الذي يقودنا تجاه الله والآخرين لكي نضع أنفسنا بتواضع وسخاء في خدمتهم بملئ المحبة.   
   اليوم، وفي عالم ملئ بضجّة الحياة وصخبها المستمر، وإضطرابات فكر الإنسان وقلقه المتواصل ينفصل الإنسان عن نفسه وعن الله. فمع كل هذه الآلام الخارجية والتحديات التي يعيشها الإنسان، ما كان عليه أن يفقد الرجاء ليصل إلى حالة اليأس وعدم الصبر والإمتعاض والإعتراض على خالقه: "تعبتُ من صمتك يا الله"... فما عليه إلا أن يحدد نوع علاقته مع الله، وأن يحرر نفسه من قضبان هذه "السجون الحديثة" ليعود إلى الله، ليسمع صوته من جديد براحة داخلية وإنسجام هادئ مع: (صمت الطبيعة، الأحداث، الضمير، كلمة الله). فمن خلال هذه الرغبة الصامتة في الشركة، يسمع كلام الله في أعماقه حيث يسكن الأمل في هذا الحضور. فصوت الله لا يصمت، ويكفي أن يعود الإنسان إلى ذلك العمق الساكن في داخله لكي يسمع نداءه ويتعلّم كلامه. وعليه أن لا ينسى أبداً أن هذه الرغبة البسيطة في حضور الله هي بالفعل بداية الإيمان.

نبيــل جميــل سليمــان
فانكوفر - كندا





62
وهذا هو نص كلمة السيد سلوان جميل زيتو السناطي في الرابط التالي:

https://www.facebook.com/salwan.alsanaty/videos/10156352537488256/

63
المطران مار باوي سورو يترأس أحتفالية تكريس كنيسة القديس بولص الكلدانية في مدينة فانكوفر
(تقرير الزيارة الرعوية)

   ضمن زيارته الرعوية الأولى، قام سيادة المطران مار باوي سورو الجزيل الأحترام (راعي أبرشية مار أدي الكلدانية في عموم كندا)، بزيارة رعوية إلى خورنة كنيسة القديس بولص الكلدانية في مدينة فانكوفر للفترة من 20-4-2018 لغاية 23-4-2018. حيث وصل سيادته بعد ظهر يوم الجمعة الموافق 20-4-2018 إلى مطار فانكوفر، وكان في إستقباله حضرة الآب الفاضل صباح كمورا راعي خورنة كنيسة القديس بولص الكلدانية في فانكوفر، وعدد من أعضاء المجلس الخورني والمالي وأخوية قلب يسوع الأقدس.
   وبعدها توجه سيادته مباشرة إلى المطرانية اللاتينية الكاثوليكية حيث ألتقى مع سيادة المطران "جون مايكل ميللر"، وتم التباحث وتبادل الأفكار في كيفية التعاون المشترك من خلال تقديم بعض التسهيلات لأبناء كنيستنا الكلدانية في مدينة فانكوفر. ومن ثم زار المطران باوي ويرافقه الآب صباح أحدى المؤمنات في المستشفى بعد تعرضها لحادث سير خطير قبل يومين، وأكمل تفقده لعدد من المرضى والمعوقين في مدينة "ريجموند". وبعدها توجه إلى المركز الراعوي لتناول مأدبة غداء أُعدت على شرفه بمناسبة زيارته المباركة. وبعد إستراحة قصيرة، توجه سيادته إلى كنيسة القديس بولص الكلدانية ليجمعه لقاء موسع (في تمام الساعة السابعة والنصف مساءاً) مع أعضاء المجلس الخورني واللجنة المالية. حيث تم التباحث في مجمل الأمور والقضايا التي تهم الشأن الكنسي في الرعية، وكيفية تنظيم الهيكل الأداري والمالي وتبويبهما. وضرورة تجاوز كل المعوقات والمشاكل من خلال ما قدمه سيادته من إرشادات قيّمة وتوجيهات سديدة.
-          صباح اليوم الثاني (السبت الموافق 21-4-2018)، قام سيادة المطران مار باوي سورو وبمرافقة الآب صباح كمورا، بزيارة تفقدية لعدد من المرضى والمقعدين في مدينة "سري" ليشملهم ببركة الرب. وفي تمام الساعة الخامسة عصراً يرافقه كلاً من الآب صباح كمورا والشماس الإنجيلي المهندس عزيز رزوقي (القادم من أمريكا وهو رئيس شمامسة في أبرشية سان دييغو، ويتنقل بأنتظام إلى مدينة أغترابه الأولى كالكري الكندية حيث يتابع أعماله ويخدم أيضاً في خورنة كنيسة القديسة مريم الكلدانية)، حيث كان لسيادته لقاء مع طلبة وكادر التعليم المسيحي. وعبَّر سيادته عن مدى محبته وفرحه ببراءة تجاوب الأطفال مع ما أبداه سيادته من حوار مباشر معهم. ثم قدّم مجموعة من الطلبة ترنيمة باللغة الكلدانية عبّرت عن محبتهم وغبطتهم بهذا اللقاء المبارك. وأعقبها مباشرة أجتماع تحضيري وتشاوري مع شمامسة الكنيسة، لوضع اللمسات الأخيرة لأحتفالية تكريس الكنيسة، وما تداوله الحضور من توصيات وإرشادات متبادلة في مجمل الشأن الليتورجي.
 
-          صباح اليوم الثالث (الأحد الموافق 22-4-2018)، ترأس نيافة المطران مار باوي سورو ويشاركه الآب صباح كمورا القداس الأحتفالي لتكريس كنيسة القديس بولص الكلدانية في فانكوفر. بعد أن دخل موكب الشمامسة يتقدمهم الصليب المقدس والكتاب المقدس وكاهن الرعية ومطران الأبرشية في زياح مهيب ترافقهم تراتيل جوق الكنيسة، لتبدأ رتبة تكريس الزيت الذي به كُرس المذبح وجداره وأركان الكنيسة الأربعة. وقد أوضح سيادته لجمهور المؤمنين عن أهمية تقديس المذبح والكنيسة بالزيت المقدس والرموز المستوحاة من الكتاب المقدس، ثم تواصلت الأحتفالية بالقداس الإلهي. ثم ألقى سيادته موعظة هنأ فيها الجمع المؤمن لعطائهم السخي ودعمهم المستمر للكنيسة، وضرورة التلاحم والتي تتطلب وحدة الصف والكلمة المقرونة بالأفعال والمحبة المسيحية. وفي ختام القداس، وبعد تلاوة الصلاوات من قبل الآب الفاضل صباح كمورا والخاصة بتكريس أخوية أم الرحمة الإلهية، قام سيادته بتلبيس الوشاح الخاص لعضوات وأعضاء هذه الأخوية المباركة. وبعد إستراحة قليلة، أقام سيادته وبمشاركة الآب صباح قداساً إلهياً ثانياً في تمام الساعة الواحدة من بعد الظهر. وفي ختام القداس أفسح سيادته المجال أمام الحضور المؤمن لطرح الأسئلة والأستفسارات، حيث أجاب عليها بصدر رحب وبالصراحة التي أعتاد عليها. وفي تمام الساعة السابعة والنصف من مساء نفس اليوم، كان له لقاء صريح وفاعل مع شبيبة الكنيسة، وبحضور الآب صباح والشماس الإنجيلي عزيز رزوقي ونخبة طيبة من شبيبتنا المباركين.   
 
-     اليوم الرابع والأخير (الأثنين 23-4-2018)، قام سيادته بزيارة عدد من عوائل الرعية، متفقداً أحوالهم الأجتماعية وأوضاعهم المعيشية بروح من تواضع الخدمة والمحبة الحقّة من راعي لأبناء رعيته المباركين.   
   هذا وقد غادر سيادته مدينة فانكوفر عائداً إلى مقر إقامته في مدينة تورنتو صباح يوم الثلاثاء الموافق 24-4-2018.
   يتقدم كاهن الرعية الآب صباح كمورا وأعضاء المجلس الخورني واللجنة المالية وجميع اللجان والفعاليات العاملة في الخدمة، وأبناء الكنيسة الكلدانية في مدينة فانكوفر لسيادة المطران مار باوي سورو الجزيل الأحترام، بالشكر الجزيل لهذه الزيارة الرعوية المباركة لتفقده أبناء رعيته في مدينة فانكوفر، طالبين من الرب القدير أن يمنحه الصحة والموفقية لمواصلة المسيرة الإيمانية والروحية ليقود شعبنا المؤمن في أبرشيته لحمل الرسالة التبشيرية والإيمانية وألتزامهم كنسياً وروحياً وأجتماعياً وثقافياً بتعاليم الرب يسوع له المجد.
 
الأعلامي / نبيــل جميــل سليمــان
            فانكوفر - كندا

64
"التنافس" في الخدمة الكنسية
•   تمهيد:
وقع جدالٌ بين تلاميذ الرب يسوع: "في من هو الأعظم فيهم" (لوقا 9 : 46) ... وهذه الواقعة تنقلنا كي نطرح سؤالاً مهماً: "من هو الأعظم ؟" .. هذا التساؤل الذي شغل بال التلاميذ وبال الكثيرين عبر التاريخ ويشغلنا نحن أيضاً. فالرب يسوع علَّمَ تلاميذه ويعلمنا اليوم كيف يكون الواحد منا هو الأعظم والأكبر (لوقا 22 : 25 – 26)، وذلك عندما نبذل أنفسنا لأجل بعضنا البعض، ونكرم أحدنا الآخر، أي بمعنى أدق وأشمل أن نتمثل بالمسيح. يعلمنا كيف نكون عظماء بصغرنا وكبار في تواضعنا وخدمتنا، لا أن نتصارع على العظمة والسلطة لنكون الأوائل، متناسين إننا بتعظيم شأننا إنما ننخفض.

•   مفهوم التنافس:
إنّ التنافس من متطلبات الحياة وأحدى مقوّماتها ومفاعيلها، فهي صفة حيادية تُوظَّف في الخير كما في الشر. فالإبداعات وتطويرها لا تأتي من ضرورة الحاجة وحسب، بل من خلال التحفيز على المنافسة، وهنا نستطيع أن نسميها بـ "المنافسة الإيجابية" كأنّها قيمة في حدّ ذاتها سكنت في الإنسان لتقتل فيه اللامبالاة واليأس والروتين. فنحن اليوم في عصر يتنافس الكل مع الكل من أجل الكل، وعلى حساب الكل. بل وأكثر، من أجل المصلحة الشخصيّة و"مصلحتي فوق كل المصالح"، بذلك يتحول التنافس من إيجابي إلى سلبي فلا تعود قيمة الإنسان لما يهدف إليه من تقدّم، بل بما يحقق من مكتسبات على المستوى الشخصي فحسب، حتى وإن أستعمل طرق غير مشروعة وغير محقة. وإذا ما تنافسنا بالسّيئات عدنا بالإنسانيّة إلى الوراء، إلى التخلّف والإندثار والشقاء والكبرياء والحسد.

•   مَن هو الأعظم:
عندما نتأمل في النص جيداً، قد يتبادر إلى أذهاننا هذا التساؤل: متى بدأ التلاميذ يسألون هذا السؤال ..!؟ نلاحظ بأن التلاميذ بدأوا بالنقاش وهم بعيدون عن يسوع (أي دون الأعتماد على يسوع)، وعندما يكون يسوع بعيداً عن حواراتنا وعلاقاتنا سنحاول أن "نحتل" مكانه. نبحث عن مكانة مرموقة لأنفسنا دون أي أعتبار لمن هم حولنا، وهذا يؤدي بنا إلى الكبرياء والحسد وفقدان الحب. فعدم عيش المحبة الحقيقية كأساس لإنطلاقاتنا في الخدمة، تجعلنا نتعالى دون أن نبحث عما يجعلنا آخر الكل من أجل الكل. وعندما نبتعد عن الحب ونفقده في حياتنا، ستكون السلطة والمكانة والتفاخر على حساب الآخرين هي شغلنا الشاغل. لذا فمن يبحث عن السلطة والتسلط لا يعرف كيف يتواضع بالخدمة ويقتدي بالتضحية، لأن المحبة تبحث عن "صمت" التواضع والتضحية. وبأبتعادنا عن "نبع المحبة" -  الرب يسوع -  سيجعلنا نتبنى كل ما هو عكس ما ينادي به يسوع.

•   التنافس في الخدمة لعنة أم قيمة:
ما أحوجنا في عالم اليوم لإعادة سلّم القيّم، فنحن نعيش في زمن إنقلبت فيه الموازين، وأصبح إختلال القيّم والأخلاق سمة من سمات هذا الزمان. فهناك قيّم سقطت بفعل التحوّلات الأجتماعية والأقتصادية الجديدة، وقيم دخيلة أصابت قلوبنا ونفوسنا قبل أعيننا بغشاوة المادة القاتلة. فهناك لفيف من الكهنة من يشجع اليوم بل ويحث القائمين بالخدمة الكنسية بالتنافس فيما بينهم ..! فهل يحق فتح باب "المنافسة" في الخدمة الكنسية ..!؟ وهنا أود أن أوضح مفهوماً قد يبدو غامضاً عن البعض أو فيه شئ من الألتباس. كما نعلم بإن لكل مؤمن له "دعوة" حقيقية من الله، وهنا لابد لنا أن نميّز ما بين "الدعوة" و "قصد الدعوة" في الخدمة. فالكثير من الخدام يحققون "دعوة الله" لحياتهم، لكنهم في الطريق يفقدون "قصده" من وراء هذه الدعوة. وهؤلاء يصفهم الكتاب المقدس بأنهم لا يحبون الله. لأن الذين يحبون الله هم المدعوون بحسب قصده، أي أن هناك "ميزان" قصد الله يقيس حياتهم بأستمرار. وهذا الميزان هو أن نعكس صورة المسيح في الفكر، السلوك، الكلام، التصرف، تقسيم الوقت، الدور العائلي والسياسي والأجتماعي ... وهنا أناشد بعض من هؤلاء الكهنة أن لا يحوّلوا "التنافس" في الخدمة من قيمته الإنسانية إلى لعنة مزروعة في بعض العقول البشرية الذين يسيئون في فهم الدعوة عن قصدها ليتنافسوا في تحقيق الذات الشخصية على حساب الذات الشاملة. لذا فمن يريد أن يكون "الأعظم" و "الأكبر" و "الأفضل" في عيون الله، أن يمتلئ بالتنافس على مَنْ منا يُحب المسيح أكثر، وليكُنْ هذا المقياس الذي نوْزَن فيه حياتنا الروحية بأستمرار. ولتكن هذه هي رؤيتنا وشعارنا في كل شيء نعمله في خدمتنا للآخر ممن كان ومهما كان.

•   الخاتمة:
لقد تعلم الإنسان الكثير في حياته ويتعلم كل شئ ويعيشه، ولكن لم يصل لحد اليوم إلى أن يعيش مع الآخرين في تضحية حقيقية وخدمة مجانية ومحبة متواضعة ومساواة إنسانية ... فغالباً ما نسمع هذه العبارات: أنا الأول والباقي درجة ثانية، نحن الأصل وأنتم الفرع، نحن خير من أختاره الله وأنتم لا شئ، نحن الأغلبية وأنتم الأقلية ...!
فإذا كان الله يريد تعظيمنا، فهذا ليس لنفتخر ونتباهى، ولكن لنخدم، ويكون الفعل العظيم الذي يصنعه الله فينا، شهادة ليتمجد أسمه هو، كما يقول الإنجيلي يوحنا (3 : 30): "له هو أن يزيد ولي أنا أن أنقص". أي أن نكون صغاراً، أن نكون أطفالاً، وهذا ما يطلبه منا  يسوع: "كونوا كالأطفال"… فالأطفال يلعبون ويتشاجرون ويتصالحون، وكل هذه الأمور تحدث معهم بصفاء نيّة وليس عن حقد. أما نحن الكبار، أو الذين يحسبون أنفسهم "كباراً"، فالقطيعة هي أولى المبادئ التي نؤمن بها في تعاملنا مع الآخرين، خاصة وان أتت العلاقة ضدّ مصالحنا ..!
عالمنا اليوم بحاجة إلى أناس يؤمنون بالخدمة الحقيقية، أن تخدم يعني أن تسعى إلى رفاهية وسعادة الآخر، وتعمل من أجل مصلحته ونجاحه، بعكس الأنانية تماماً. فالعظيم هو من يخدم، وليس من يجلس على الكرسي.


نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا





65
غبطة البطريرك ساكو يزور فانكوفر ويبارك أول كنيسة كلدانية فيها

   ضمن جولته التاريخية إلى أبرشية مار أدي الكلدانية في عموم كندا، واصل غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكي الطوبى زيارته إلى مدينة فانكوفر. حيث وصل غبطته والوفد المرافق له إلى مطار فانكوفر في تمام الساعة السابعة والنصف من صباح يوم السبت الموافق 2-12-2017 يرافقه كلاً من السادة المطارنة الأجلاء، مار باسيليو يلدو المعاون البطريركي ومار باوي سورو راعي أبرشية مار أدي الكلدانية في كندا ومار عمانوئيل شليطا راعي أبرشية مار بطرس في سان دييكو والآب الفاضل نياز توما الوكيل العام لأبرشية مار أدي في كندا. وكان في مقدمة المستقبلين الآب الفاضل صباح كمورا راعي خورنة كنيسة القديس بولص الكلدانية في فانكوفر وجمع غفير من أبناء هذه الرعية المباركة الذين عبّروا عن فرحتهم ومحبتهم لهذه الزيارة الميمونة بالترانيم الطقسية والهلاهل العفوية.
   ثم توجه غبطته والوفد المرافق له إلى المركز الراعوي حيث تناولوا الفطور مع أعضاء المجلس الخورني واللجنة المالية وعدد من كوادر التعليم المسيحي والجوقة في جو مفعّم بالمحبة والفرح. وبعد أستراحة قصيرة توجه غبطته والوفد المرافق له في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف إلى الكنيسة الجديدة، التي تم شراؤها مؤخراً من عطايا شعبها المؤمن وبهمّة الآباء الغيارى الذين خدموا هذه الرعية المباركة. وحال دخوله إلى الكنيسة قص غبطته والسادة المطارنة شريط الأفتتاح إيذاناً بشراء أول كنيسة كلدانية في مدينة فانكوفر. وبعدها تجول غبطة البطريرك ساكو وضيوفنا الأكارم من المطارنة والآباء الكهنة في الكنيسة التي باركوها بالصلاة الربانية مع الحضور من الشمامسة والمجلس الخورني واللجنة المالية.
   وبحلول الساعة الواحدة ظهراً توجه غبطته مع الوفد المرافق له إلى قاعة المركز الثقافي الكلداني، حيث جمعه لقاء عام ومفتوح مع جميع كوادر الخدمة في كنيسة القديس بولص الكلدانية، حيث أقتسم معهم طعام المحبة. وبعدها فاجأنا سيادة المطران مار عمانوئيل شليطا، الذي كشف للحضور بما يمتاز به المعاون البطريركي مار باسيليو يلدو من روح الفكاهة والنكتة. طالباً منه أن يبهج حلاوة اللقاء بنكتة من نكاته، وفي الحقيقة لم يبخل علينا مار باسيليو في إضفاء جو من البهجة والسرور التي أرتسمت على محيا الجميع.
   وبعد أستراحة قصيرة، كان لنا موعد كبير مع القداس الإلهي الذي أقامه غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو وبمشاركة الأساقفة الأجلاء والآباء الكهنة، وذلك في تمام الساعة الثالثة والنصف من مساء نفس اليوم في كنيسة سانت أندرو كيم الكورية. وبعد أنتهاء القداس فسح غبطته المجال أمام الشعب المؤمن لطرح أي سؤال بدون تردد أو خوف وبكل حرية، حيث أجاب غبطته على جميع الأسئلة بروح من المحبة الأبوية وبكل وضوح وشفافية. شاكراً إياهم على محبتهم وغيرتهم على بيت الرب، وعطاؤهم السخي الذي أظهروه لدعم الكنيسة دائماً، مشجعاً اياهم على التمسك بالإيمان القويم وعلى أصالتهم وهويتهم وثقافتهم. وبعد ذلك أنتقل الحضور جميعاً إلى قاعة الكنيسة ليتباركوا بقدوم أبيهم البطريرك متبادلين وإياه كلمات المحبة والفرح بهذه المناسبة التاريخية السعيدة.
وفي الختام، لا يسعنا إلا أن نشكر غبطة أبينا البطريرك لشموله لنا بهذه الزيارة المباركة التي ألهمت في ذواتنا شعلة الإيمان المتجدد وأوقدت فينا نفحات من النور والنعم الإلهية.
دمتم يا بطريركنا الجليل نبراساً مضيئاً .. وصان الله عافيتكم ...
                                  وأبقاكم سنداً لكنيسته ... آميـــــن

نبيل جميل سليمان
كندا - فانكوفر

66
المنبر الحر / ثقافة أسمها "شكراً"
« في: 23:55 13/11/2017  »
ثقافة أسمها "شكراً"
طلب مني صديقي وأخي العزيز رمزي أن أتحدث في أحدى الكروبات الخاصة عن خبرتي الشخصية إن كانت في داخل الوطن أو خارجه، كي ننقل للآخرين تجاربنا في معترك الحياة ...
وللوقت تذكرت حادثة كانت منطلقاً في تغيير مجريات حياتي العملية في أحدى الشركات الكبرى في بغداد ...
القصة تبدأ بأن مدير الشركة طلب مني أن أبدأ بإدارة وأشراف مباشر لأحدى شركاته المتخصصة في مجال الأدوية وأجراء جرد عاجل وسريع لأن الأمور في الشركة كانت في تدهور ملحوظ ...
ولهذا أصدر أمراً إدارياً بتعييني "مشرفاً عاماً" مع صلاحيات واسعة لحين الأنتهاء من هذه المهمة ....
وعند مباشرتي لمهامي الجديدة، قمتُ بالخطوة الأولى لمعرفة ومسك رأسمال الشركة من خلال إجراء جرد عام وشامل لخمسة مخازن كبيرة تابعة لهذه الشركة.وبعدها أصدرتُ تعليماتي بتطبيق النظام وبضرورة الألتزام بتتبع آليات البيع والشراء من هذه الشركة إلى جميع وكلائها من المذاخر المهمة في مدينة بغداد وباقي المحافظات ...
وفي اليوم التالي من أصدار التعليمات وقبل وصولي إلى مقر الشركة، فوجئت بأن مديرة المبيعات (أم س...) أوعزت ومنذ الصباح الباكر بتجهيز سيارة "كيا 2 طن" بالأدوية وبدون أي فاتورة أو مستند تجهيز مخزني وأنما بطلب شفهي منها إلى السائق ...
وحال وصولي أبلغني أحد الموظفين بأن "أم س..." هي التي طلبت منا تجهيز السيارة بطلبية سريعة لأحدى المذاخر المهمة في بغداد "البتاوين" ... وللحال أوقفت التجهيز وطلبت منهم تفريغ حمولة السيارة وإعادة ما تم تحميله إلى المخزن ...
وهنا أنتبهت "أم ...." بأن السيارة لم يكتمل تحميلها، ولهذا أسرعتْ إلى المخزن لتقول إلى السائق: "لماذا لم يتم تحميل السيارة لحد الآن ..!؟" فأجابها السائق بأن الأستاذ نبيل طلب منا إفراغ الحمولة في الحال ... وهنا توجهت إليَّ مسرعة والغضب يسيطر عليها،
وقالت بصوت عالٍ وبعصبية حادة: "من قال لك بأن تفرغ الحمولة ..!؟"
فقلتُ لها وبكل برودة أعصاب: "النظام الجديد للشركة" ...
فردتْ عليّ وبكل عصبية: "كذا منك ومن نظامك ومن شركتك ومن مدير شركتك" وشتمتني بكل صلافة ووقاحة ....!!!
فما كان مني إلا أن أقول لها: "شكراً" ...
وحال سماعها مني هذه الكلمة، أمتلأت غيظاً وشتمتني مرة أخرى وبقوة ...
فقلتُ لها: "شكراً" ...
ولهول الوقعة، ما كان منها إلا أن صفعت باب المخزن بوجهي بقوة وغادرت إلى مكتبها ...
ولم تتجاوز العشر دقائق حتى أتصل بي مدير الشركة (د. ف) من لندن، قائلاً لي: ما الذي جرى بينك وبين "أم س..."
فأوجزتُ له ما جرى حرفياً ...
فقال لي: نبيل هل أنت متأكد من نفسك بأن ردّك عليها كان فقط كلمة "شكراً" أم كان هناك كلام آخر ..!؟
فقلت له نعم يا دكتور، فقط كلمة "شكراً" ...
ولم تتجاوز النصف ساعة حتى أتت "أم س..." لتعتذر وتطلب مني السماح لتجاوزها عليّ ولتصرفها الغير اللائق أمام أنظار جميع الموظفين ...
ولكن قالت لي: نبيل من علمك مفهوم هذه الثقافة الجديدة ...!؟
فقلتُ لها أي ثقافة تقصدين ...!؟
قالت لي: ثقافة أسمها "شكراً" .. التي دمرتني بل قتلتني بها مرتين عندما تلفظت بها بكل برودة أعصاب وبأبتسامة لا تخلو من سلام عميق في نفسك ....
قلتُ لها: علمني أياها "المعلم رابوني" ...
و "شكراً" لإستماعكم ...

أخوكم ومحبكم / نبيل جميل سليمان
فانكوفر - كندا


67
حضرة الأستاذ اوراها دنخا ساويش المحترم
تقبل عظيم محبتي وفائق أحترامي لرأيك ولردك الكريم، وأحب أن أنوه بأن يكون ردي للأستاذ جلال مرقس قد أوضح لك موقفي ورأيي بما تفضلتما به من رد على مضمون ما كتبته والتي أسميتها "مداخلة بسيطة" ....
تقبل مودتي وأعتزازي ...

68
أستاذنا الجليل جلال مرقس عبدوكا المحترم
أكنُّ لكَ كل الأحترام والعرفان لكلامك ولرأيك، ولكن أود أن أضيف كلمة قد تفهم (من قبل الغير) على أنها خارج نطاق ما نشرته أنا من "مداخلة بسيطة" أو خارج المضمون والسياق، وهو أن: "العنصرية" لا تزال تعكّر العلاقات بين الأفراد أو ما بين الجماعات البشرية في أي مجتمع أو قبيلة أو مؤسسة (كالكنيسة مثلاً) او حتى ما بين الدول ..
والرأي العام يتأثر بها كل يوم أكثر. والضمير الأدبي، من جهته، لا يمكن أن يرضى بها، ولا بوجه من الوجوه.
والكنيسة حسّاسة، بنوع خاص، لهذا الموقف التفريقي: فالبلاغ الذي أقتبسته من الوحي الكتابي يؤكّد بحزم كرامة كل إنسان مخلوق على صورة الله ومثاله، ووحدة الجنس البشري في تصميم الخالق وديناميّة المصالحة بالمسيح الفادي الذي هدم حاجز الكراهية والحقد ونبذ الآخر وإقصاؤه لكي يجدّد في ذاته كل الخلائق البشرية.
وللأسف أن نجد هذه الخوارق تطال المؤسسة الكنسية في الداخل، فكيف هي الحال خارجها ..!؟
فالكنيسة لطالما هي مرتبطة بالأفراد التي تشكل القاعدة ومن ثم من يمثل قمة هذه القاعدة، الواجب اقتدائها بالرب يسوع في شموليته واحتضانه للبشرية أجمع .. ولكن للاسف الشديد لم تتمثل به ولم تطبق كلامه وأمثاله على ارض الواقع ...!؟
تقبل محبتي وأحترامي ...

69
إقصاء الآخر ونبذ الغير .. إلى أين ...!؟
(مداخلة بسيطة)
الجميع على يقين بكل التراتب التاريخي لبلاد ما بين النهرين، ولكن للأسف الشديد وصل بِنَا الأمر الى حد طمس الحقيقة وبيان ما خفيَّ في باطن الامور ...!!!
وهذا ليس غريباً عن إنساننا المشرقي وما يعيشه من تناقض كبير في مكامن نفسيته المثيرة للقلق وحالة عدم الأستقرار، ليس اليوم فحسب وإنما منذ نشوء أول حضارة في تاريخ البشرية ونحن من حملنا أسمها (ما بين النهرين) .. ولكن بعد الإستمكان والأزدهار حاول كل واحد منا من إقصاء الآخر ونبذ الغير، بل الى طمسه وأبتلاعه وإنصهاره وذوبانه وهذا ما شهده تاريخنا من حروب (نفتخر بها اليوم !!!) على مر الزمن ... وهم بالأحرى كانوا اخوان من صلب واحد (كلدو و أشور) ...!
فبالرغم من الحروب المتواترة والمتواصلة فيما بينهما، وهذا لن يمنعهما من أن تكونا ملّة واحدة ومن أصل شعب واحد ولسان واحد بالأضافة إلى توحدهما في الديانة والعادات والشرائع والآداب والثقافة والتحضر، وهذا ما أطلق عليهما دون تمييز في التاريخ القديم ..
ومما يستحق الأستغراب والتأسف اليوم هو إننا لا زلنا نرى بني شعبنا المتجذر من ظهر ذاك الشعب الكلدوآشوري (الذي فاق العالم كله بعبقريته) خالٍ من "المحبة" للأسف الشديد ..!
لذا نراه يستمر في هذا الصراع المرير والتحدي المريض إلى يومنا هذا وكلاً بحسب موقعه ومسؤوليته فنرى جميع الأطراف ومن معهم في التعصب والتطرف يتخبطون ذات الشمال واليمين لتمزيقنا اكثراً فاكثر ....!!!
واللبيب تكفيه الإشارة ....!
تقبلوا محبتي وأحترامي ..

70
الكنيسة .. وطريقها إلى السياسة

  إن أخطر عدو يهدد كيان المسيحية بالإنحلال اليوم هو أهتمام "الكارزون" في الكنيسة بموضوع آخر غير "خطيئة الإنسان". فالرب يسوع جاء ليرفعها – وقد رفعها على "صليب الخلاص" فداءاً لنا - لأن في رفعها عودة إلى الله وعودة إلى سعادته الروحية الحقّة. من هذا يظهر بإن الإنسان إن لم يقّر بخطيئته لا ينال الخلاص، وعبثاً يحاول أن يتلاقى مع المسيح إلا من هذا الباب. وعبثاً يحاول "الكارزون" إن لم يشعروا في قلوبهم بأنهم "أول الخطأة". فالمسيح ليس ملكًا كسائر الملوك، بل هو ملك المحبة والتواضع والسلام والفداء. لذا أستبدل حصان الملوك بجحش، والسلطان بالخدمة، والهيمنة ببذل الذات حتى الموت على الصليب، فداءاً للجنس البشري الذي يشكّل مملكته الجديدة، المتمثّلة بـ "الكنيسة" التي هي بداية ملكوت المسيح على الأرض، وتكتمل في مجد السماء. فكنيستنا اليوم فقدت "المفتاح الكبير" الذي سلّمه الرب لها لتفتح به ملكوت السماوات للخطأة. ضاع المفتاح الكبير عندما إنشغلت الكنيسة بأموال الدنيا وأملاك العالم - لا يستطيع الإنسان أن يعبد ربَّين ولا أن يخدم سيدين - وتلاهت عن خلاص الخطأة. فالمسيحية موضوعها هو "الإنسان الخاطئ"، وهدفها هو "ملكوت الله"، ووسيلتها هي "المناداة بالتوبة".
•   يسوع ملك السلام وأخلاقية السلطة السياسية :
   ظهرت ملوكية يسوع على الأرض في تعليمه الذي شمل إعلان إنجيل "بشرى الخلاص"، ومصالحة الناس مع الله، والمبادئ الأخلاقية والسياسية السامية للعيش في مجتمع يسوده الحب والسلام. ونرى في تعليم يسوع "فلسفة سياسية" عملية تفيد المؤمنين في إدارة شؤونهم، وشؤون مجتمعهم الأرضي. فعندما قال له المجد: "أنا ما جئت لأبطل الشريعة وتعاليم الأنبياء، بل لأكملها" (متى 5: 17). وهنا يكون كل ما سبق وكُتب في أسفار العهد القديم هو من صلب فكر المسيح السياسي كما الروحي. فهو "المشترع ومعطي القوانين" الذي بشّر به الأنبياء. وهو واضع الشريعة الطبيعية الأخلاقية وقد طبعها في الطبيعة البشرية، وعليها تتأسس القوانين الوضعية اللاحقة. لقد زرعها في ضمير الناس وأعطاهم الشرائع الحسنة ليعيشوا بموجبها، كما تنبّأ به النبي آشعيا:"هوذا قد جعلته مشترعاً ورئيساً وموصياً للشعوب" (آشعيا 55: 4).
   فملوكية يسوع مبنية على الشريعة القديمة الأساسية التي لم تطبّق أبدًا، فأعاد إحياءها: وهي "محبة الله بكل القلب والنفس والفكر والقدرة، ومحبة القريب كمحبة الذات". "وما من وصية أعظم من هاتين الوصيتين" (مرقس 12: 29-31). وعلى أساسها أعطى "دستور" مملكته الجديدة المعروف بـ "إنجيل التطويبات" (متى 5: 1 - 12) وما تبعه من تعليم يفوق ويكمّل كل قديم، كما في الفصول 5 و 6 و 7 من إنجيل متى. ولكن مع كل ما فعله يسوع، كانت نظرة الشعب - بما فيهم تلاميذ المسيح - مختلفة. لأنهم كانوا ينتظرون منه أن يأتي بتعليم ونضال سياسي علني يقودهم إلى التحرر من نير الرومان وحكامهم. فالشعب كان يرجو مسيحاً يقود ثورة تحرير وطني، ليكون ملكاً، ومن ثم لتكون لهم "أدوار" في مملكته المنتظرة. لذا سرعان ما بدأت المؤامرة على قتله، بسبب خيبة أمل الشعب وإنتظاراته - كما هو حال شعبنا اليوم - والتي شرعت في يوم "أحد السعانين" تحديداً. أما هو (الرب يسوع) فقد "خذلهم" نوعاً ما، لأنه لم يأتِ كمحرّر وطني، ولا ليؤسس مملكة سياسية أرضية. بل جاء ليتمم مشروعاً خلاصياً يحتاج إليه جميع البشر. فقد "جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك" (لو 19: 10). وبذلك يعمل على تغيير العالم، إنما بطرق مختلفة عن تلك التي يعتمدها المناضلون السياسيون وأيديولوجياتهم السياسية المعاصرة والتي تعمل لتحقيق منافع ذاتية تخدم مصالح "الإستعمار الجديد" أولاً، ومن ثم تعمل على تغيير المجتمع وظروف الإنسان الحياتية والشخصية والفكرية بمقتضيات تلك المنافع والمصالح ثانياً. بعكس ما يعتمده المسيح والكنيسة من "خطة" تغيير الانسان "من الداخل" ليصير قادراً على إصلاح نفسه ومن ثم مجتمعه وجعل ظروفه أفضل وأكثر إنسانية. هذه هي فلسفة المسيح السياسية التي تعتمدها الكنيسة بكل نشاطاتها وفي جميع مؤسساتها.
•   نظرة المسيحي اليوم إلى سياسة الكنيسة :   
   قيل إن السياسة والدين لا يمتزجان، ولكن هل هذا صحيح ..!؟ هل يمكن أن تكون لنا نحن المسيحيين وجهات نظر سياسية خارج إعتبارات إيماننا المسيحي ..!؟
   هناك حقيقتان بشأن موقفنا كمسيحيين مؤمنين من السياسة:
1- الكنيسة ليست مؤسسة سياسية، ولن تكون أبداً. فهي لا تنتمي لحزب ولا لبرنامج سياسي، وهي ليست يمينية ولا يسارية .. لأنها ملكوت الله وبرّه وخلاصه في الشعوب.
2- الكنيسة تمثل إرادة الله، وإرادته التي تخترق وتسيطر على كل جوانب الحياة ومنها الشأن السياسي، ولها أولوية على كل شئ وعلى كل إنسان (متى 6 : 33). 
   فبالرغم من وجود "مفارقة" لكلتا الحقيقتين أعلاه، نجد في ذات الوقت "مقاربة" دون أمتزاج أو ذوبان أو أنصهار أحداهما في الأخرى. فمع كوننا "أبناء الله" مدعوين دعوة عليا لنعيش بحق وحقيقة لإنجيل المسيح؛ لأننا – شئنا أم أبينا - نشارك أهتمامات هذا العالم فيما يحقق سلامه وخيره وتقدُّمه؛ من دون إنكماش أو تقوقع مضاد، ما دُمنا نحيا هنا على هذه الأرض ونتعاطى مع أمور هذا الزمان؛ على أن لا يستعبدنا العالم أو يُلهينا عن رجاء خلاصنا المنتظر. لقد أوصى المسيح له المجد قائلاً : "أعطوا ما لقيصر لقيصر ؛ وما لله لله" (مر 12 : 17)؛ موضحاً حتمية الوفاء لمواطنتنا التي لا تتعارض مع تكميل خلاصنا؛ لأن كل ما نفعله إنما نفعله لمجد الله إلهنا. وننطلق بكل إيجابية من رحمته كي لا نفشل، وبطاعة نابعة من خضوعنا لمشيئته ووصيته؛ ومستمدة من رضاه. لذلك فأن مهمة الكنيسة كواقع وكحقيقة "تاريخية" و "آخروية"، تتركز في إعلان "الحقيقة". فالحقيقة ليست واقعاً متسامياً ومجرداً نصل إليه من خلال إنعزالنا عن العالم الأرضي، هي عكس ذلك تماماً: الحقيقة المسيحية هي مبدأ فاعل، يهدف إلى تغيير حياة المسيحيين في العالم وإلى تقديسها. لأن الرب يسوع أعلن الحقيقة التي "سمعها" من الآب (يوحنا 14 : 6)، ويطلب إلى الآب أن يقدس خاصته "بالحق، لأن كلامه حق" (يوحنا 17 : 17). فالحق الحقيقي وحده الذﻱ يجعل هدف إنخراط المسيحي في مجتمعه، في أن يكون نوراً وملحاً وسفيراً من دون إنعزال أو إنكماش. فالنظرة إلى يسوع – وإلى من يمثله على الأرض اليوم - هي عين تلك النظرة التي أستقبلت "أورشليم" بحشودها يسوع ملكاً فاتحاً، وهي تنادي "هوشعنا" أي "خلصنا"، كما هو حال "جموع شعبنا المسيحي" التي نادت وتنادي اليوم ..! ولكن بعد "ستة أيام" ستصلبه مرذولاً، وهم أنفسهم سيصرخون:"خذه، خذه، أصلبه" (يوحنا 19: 15). فمأساة أورشليم تتكرر كلّ يوم في كلّ أصقاع العالم. كل مدينة هي أورشليم، إذا أبت أن تعرف حقيقة وجوهر المسيح، وكيف تراه في كنيسته التي هي جسده السرّي، وفي وجه كل فقير ونازح ومتألم ومريض ومهجّر وجائع ومظلوم وسجين، وفي وجه كل محتاج مادياً أو روحياً، معنوياً أو ثقافياً.
•   الكنيسة وحرية المواطن المسيحي :   
   المواطن المسيحي مرتبط أو بالأحرى واقع تحت تأثير سلطتين: روحية مع الكنيسة، وزمنية مع الدولة. وينتج عن ذلك حتماً من جملة تصرفاته وقراراته فيما يختص بسلطة الدولة لا تقع تحت سلطة الكنيسة. وهذا يؤدي إلى أن حرية المواطن المسيحي مكفولة في التصرف وإبداء الرأي والأشتراك في كل ما يخص الدولة من أمور أقتصادية وأجتماعية وسياسية وأيضاً فيما يخص حريته الشخصية في البقاء في الوطن أو هجره، نتيجة الأزمات المتلاحقة والحروب المستمرة، دون الرجوع إلى الكنيسة ودون أن تكون الكنيسة مسؤولة عن كل تصرفاته. وبالمقابل للكنيسة حقها في حصانة مؤمنيها ودورها في الإرشاد والصلاة للجميع وخاصة لمن هم في أرض الوطن أولاً. بل ومساعدة - قدر الإمكان - في إيجاد فرص تسفيرهم لمن قرروا ترك الوطن إلى اللارجعة ثانياً. فالكنيسة واجب عليها أن تتفهم وضعهم وتهبهم حرية كاملة ... وفي المقابل على المواطنين المسيحيين أن لا يجرحوا ضميرهم المسيحي الذي يملّي عليهم مسؤولية "الشهادة" في الإيمان لتاريخ وتراث الآباء والقديسين.
   فالمسيحية وكنيستنا المشرقية تئن اليوم من عقدة الأضطهاد - ومن تبعاتها، ومنها محنة الهجرة - كما تئن الأم من أجل أبنائها. ولكن أن لا يتعارض ذلك مع إيماننا المسيحي ولا يؤثر على جهادنا الروحي وحياتنا الداخلية، فالرب يسوع أنذرنا بأن الباب إلى الحياة الأبدية ضيق غاية الضيق؛ وكثيرة هي الآيات التي يحدثنا بها الإنجيل في هذا الجانب. فالاضطهاد في المنهج المسيحي حقيقة ضرورية وهي في الواقع شبه حتمية ..! فمن الذي يستطيع أن يلوم الله ..!؟ ومن يستطيع أن يلوم الكنيسة ..!؟ وهل من حقنا أن نلوم الكنيسة وعلى القائمين عليها لما فرضه واقع التعصب الأليم والطائفية المقيتة في هذه المنطقة الساخنة من العالم وظروفها المآساوية ..!؟
   يؤسفنا حقاً أن نقرأ في الكثير من الشبكات الألكترونية ومختلف مواقع التواصل الأجتماعي والتي تقبع تحت مسميات ودلالات "مسيحية"، بل من أقلام مسيحية – مفتونون بالألاعيب والنجومية، ومختبئون وراء جدران التراشقات المزيفة والمبطنة - من تطاولات بذيئة وإشاعات مغرضة وأحكام مجحفة لرؤوسائنا الكنسيين دون أن يعرفوا حقيقة الأمور. فالإنسان السويّ المتسمك بإيمانه وعقيدته لا يستهتر بقيمه وأخلاقه ويفقد أحترامه بهذه السهولة. فكل من لبس عباءة غير عباءته، لابد وأن يجد ما لا يسرّه ...!
   أيها الرب يسوع، لقد جعلتنا شهوداً للمحبة وللحقيقة، وبناة عدالة وسلام. فتعليمك الروحي والسياسي موجّه إلى الإنسان في أي مجتمع كان، رافعًا مستوى الفكر الإنساني لقبول الآخر، وللمساواة بين الناس، بعيداً عن التعصب والتمييز العنصري أو الديني أو الإثني. فالكنيسة تصلي وتخدم وتنادﻱ لرفع المظالم والفوارق عن الخليقة كلها، مسامحة الأشرار والخونة والمجرمين والمتطاولين، والذين حرقوا كنائسها وسرقوا ممتلكاتها وذبحوا شعبها وهجّروا أبنائها، معلنة لهم غفران ومسامحة الله، مهتمة بخلاص الإنسان كل الإنسان من أجل حياة أفضل؛ ومن أجل عدم الفشل في غرس وتعليم الأخلاقيات الحسنة لأجل عيش مشترك.
نبيــل جميــل سليمــان
  فانكوفر - كندا


71
الإعلان عن شراء أول كنيسة كلدانية في مدينة فانكوفر في عيد أنتقال العذراء مريم

   أقام حضرة الآب الفاضل صباح كمورا راعي خورنة كنيسة القديس بولص الكلدانية في فانكوفر قداساً أحتفالياً بمناسبة عيد أنتقال العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء، وذلك في تمام الساعة الرابعة والنصف من يوم الأحد الموافق 13-8-2017 في كنيسة سانت أندرو كيم الكورية. ففي يوم الخامس عشر من شهر آب من كل عام تعيّد الكنيسة المقدّسة عيد أنتقال سيدتنا مريم العذراء بنفسها وجسدها إلى السماء كما حدّدها عقيدةً إيمانية البابا بيوس الثاني عشر في 1-11- 1950. وقد حضر القداس جمع غفير من أبناء شعبنا المؤمن، وتخلل القداس تراتيل دينية لجوقة المحبة.
   وبعد أنتهاء القداس الإلهي، وبنعمة من الرب يسوع المسيح له كل المجد، وبركات والدته العذراء مريم في عيد أنتقالها المجيد زفَّ لنا الآب الفاضل صباح كمورا لخبر سار عن شراء أول كنيسة كلدانية في مدينة فانكوفر، بمبلغ قدره (2,100,000 دولار كندي). حيث تزامن مع إعلان الخبر، عرض لداتا شوو عن صور وفيديو للكنيسة الجديدة. حيث تقع في منطقة "كلوفرديل" والتي تبعد عن مركز تواجد غالبية جاليتنا المسيحية في مدينة "سري" بـ 13 كم أي حوالي 16 دقيقة في السيارة. وهي مشيّدة على أرض مساحتها (8038 قدم مربع) أي مايعادل 747 متر مربع، وهي عبارة عن مبنى بطابقين وتسع لأكثر من 300 شخص. وهي جاهزة بكامل أثاثها ولوازمها وتحتوي على قاعة وغرفتين للإدارة مع أربعة صفوف للتعليم المسيحي وغرفتين للأطفال، وقوبل هذا الخبر المفرح بالتصفيق والهلاهل وبدموع الفرح.
   فبعد مضي أحد عشر عاماً من تواجد أبناء جاليتنا المسيحية في مدينة فانكوفر تم شراء هذه الكنيسة بعد تظافر جهود جميع الخيّرين من أبناء شعبنا المؤمن الذين تبرعوا على مدار الأعوام الماضية من خلال دعمهم المتواصل وسخاءهم المنقطع النظير وببركة الكهنة الذين خدموا هذه الرعية المباركة.
   ألف مبروك لكنيستنا الكلدانية ببيت الرب الجديد، شاكرين الرب على نعمه وبركاته وسائلين روحه القدوس ليرافقنا على الدوام فنكون كالنور والنار ناشرين حبه أينما تواجدنا وحضرنا بشفاعة القديس بولص.
   وبعدها توجه المؤمنون إلى قاعة الكنيسة لتناول غداء المحبة والفرح لهذه المناسبة المباركة في جو مفعم بالخير والسرور.
والرب يبارك الجميع ...
 
الإعلامي / نبيـــل جميـــل سليمـــان
               فانكوفر - كندا

72
بلبلة جديدة من أرض شنعار إلى سهل نينوى

-   تمهيد:   
   إلى أيام الطوفان: "كانت الأرض كلها لسانًا واحدًا ولغة واحدة" (تك 11 : 1). أما عند برج بابل فأن الله بدَّد البشرية وفرَّقها ليس لأنها أتحدت على فعل الخير، ولكن لأنها تكبرت وأرادت الأعتماد على ذاتها دون الله، عندما فقدت الثقة في الوعد الألهي بأنه لن يكون "طوفان" آخر بعد. فما حدث في بلبلة الألسن هو شفقة من الرب على الإنسان الذي ظنَّ أنَّ في كبريائه يمكنه أن يتحدى الله. وهذه "البلبلة" هي ليست سياسة "فرق تسد" بل سياسة "فرق تنقذ"، أعتمدها الرب في خطته من أجل خلاص الإنسان، فهو لم يفرق أناسًا متحابين يصنعون الخير بل يؤذون بعضهم البعض، وهو لم يفرق الألسن ليستفيد هو شيئًا، إنما فرق الألسن تأديبًا لهم، وأيضاً لئلا ينهار البناء عليهم فيقتلهم.
-   برج بابل وتشتت البشر:
   لقد كان هذا إعلانًا جماعيًا من الإنسان على رفض السير في الطريق مع الله (تَحَدَي القدرة الإلهية).. أي أنهم يجتمعون على إرادة واحدة لأنهم مجموعة واحدة (أي ارتباط الإنسان بالإنسان بمعزل عن الله). فلابد أن يفترقوا حتى لا يساق الباقون في إرادة الشر (دون معرفة وأختيار حقيقي). أما الرب فقد أبطل مشورتهم ليعلّمهم أنه ليس بمقدور أحد تَحَدَي القدرة الإلهية. ولأنه لا يريد أن يفنيهم حسب وعده ... لذلك فرقهم إلى شعوب ومجموعات وقبائل، حتى لا ينتشر الشر إلى العالم كله، وجعل لكل مجموعة لغة غير الأخرى، وهكذا صار "الإنسان" متفرقًا بفعل الشر الذي أختاره. فعندما بلبل الله ألسنة البشر كان ذلك حماية لهم من شر أنفسهم وسقوطهم في الكبرياء أو سقوط البرج عليهم. أرادوا أن يبنوا بابل أي "باب إيل - باب الله"، فصارت المدينة لا مدخلاً إلى الألوهة التي توحّد بين البشر بل بداية بلبلة شتّتت البشر في كل مكان. وكان في هذه البلبلة أيضًا خير للناس الذين أنتشروا في أرجاء الأرض، فأستغلوا خيرات الأرض عوضًا عن تكدسهم في مكان واحد، يتزاحمون فيه على موارد الحياة، مما يسبب خصام وشجار وقتال ودمار وهلاك. وظنوا أنهم قادرون على الخلاص بأنفسهم (الخلاص من تأديبات الله)، لا الخلاص من خطاياهم. فالله ليس بمنتقمٍ، ولن تؤذيه شرور البشر، حتى إن وجهت لمقاومة الإيمان به. إنه إله عادل، وفي عدله يفيض حبًا ولطفًا وحنانًا. تأديبات الله لشعب بابل في ذلك الحين كانت مملوءة بالمراحم الإلهية. لذا فأن هذا التوزيع الجديد لإقامة الشعوب كان لصالحهم، لأنهم تعدوا حدودهم وأمتلأوا طمعًا. فكما إن أجتماع الأبرار معًا يزيدهم صلاحًا، فإن أجتماع الأشرار معًا يزيدهم شرًا.
-   بالروح نطقوا بألسنة جديدة:   
   فتفريقهم كان لنفعهم، وتوزيع ألسنتهم كان موهبة من الله. فلو لم تُبلبل لغاتهم بالمراحم، لما تركوا الأرض التي أحبوها، ولم تنشأ القبائل والأمم والشعوب (فلكل واحدٍ معارفه وبلده عزيز عليه، وهناك كانوا يُخنقون بمحبة بابل). ولم تتشكل لكل شعبٍ ثقافته التي يعتز بها، لذا أصبح العالم غنيًا بالثقافات المتنوعة. بيد إن الله الآب وزع اللغات بين البشر، وهذه اللغات هي نفسها التي وهبها الروح القدس للرسل، تلاميذ الرب يسوع. فقبل صعود الرب يسوع وأثناء ارتفاعه جمعهم ونفخ فيهم ليقبلوا منه الروح. ألبسهم قوة الروح قبل أن يصعد، وبعد صعوده أرسل لهم كل السلاح، الذي به يجابهون العالم. فكما صليب الآلام بددهم قبل أيام، فها هو صعوده يجمعهم إلى العلية في أرض اليهودية. من هنا أعطى برهانًا بأنه يملك لكي يعطي، فأعطى عندما صعد، وعلّم بأن الآب متفق معه. فالتلاميذ أجتمعوا في "علية-الأبن" أو "بابل-الأبن" منتظرين تلك الموهبة كما كان قد وعد بإرسالها. فحَلّ الروح القدس عليهم في شكل ألسنة نارية، لا ليحترقوا بها، بل يستنيرون بلهيبها. وفي الحال شعروا أنهم أصبحوا أقوياء، أقوياء جسدًا وروحًا وحكمة. أستنارت عقولهم، ووضحت لهم حقائق الأمور. علموا أن الروح القدس حلّ فيهم، وأصبح لهم المعلم والمرشد. الضعفاء البسطاء، أصبحوا أقوياء وحكماء. الصيادون غدوا معلمين وعلماء. وبدأوا ينطقون بكل الألسنة. إنه لقول عجيب عندما كانت ألسنتهم تُوزع في "علية - بابل - الأبن" كما (وُزعت) في برج بابل، بل غلبت بابل. فهناك تبلبلت ألسنتهم بـ "القصاص"، أما فيكِ توزعت الألسنة بـ "المحبة".

-   سهل نينوى: بلبلة جديدة وأمتحان لإنسانيتنا ومحبتنا ..!   

   وهنا يتبادر إلى الأذهان، التساؤل الآتي: هل الله أم البشر أراد أن تكون اللغات واحدة !؟
سفر التكوين يتحدث عن تنوع الشعوب، مما يعني تعدد الألسن أي بلبلة الألسن. فكأني بالكاتب الملهم يتحسر لأن البشرية تتحدث عن لغة واحدة، وتعيش إيديولوجيا واحدة، حيث الفرد يذوب في الجماعة فيخسر شخصيته وغناه، حيث المجموعات الصغيرة تُسحق فتتكون هذه الإمبراطوريات الواسعة. هكذا تزول خاصيات كل شعب، فلا يبقى سوى لغة واحدة، سوى كلمة واحدة تفرض على الناس. وهذه الكلمة هي كلمة الأقوى، الذي يمسك السلطة بيده.
   وهذا ما حدث ويحدث اليوم في شرقنا العربي من أن الأقوياء يستعبدون الضعفاء والأغلبية تحكم الأقلية والمكونات الأصيلة. بل يطردوننا من بيوتنا وأرضنا. ولكن يد الله القديرة تدافع عن شعبه المؤمن، وتنجّيه من كل شر، وتخزي جميع أعدائه.
   أنه أمتحان لإنسانيتنا ومحبتنا .. هل نجحنا في الأمتحان، أم سننجح ..!؟
الأمتحان صعب، والأسئلة صعبة وقاسية، بل وتحتاج إلى أجوبة صحيحة. بل إلى تصحيح كل مسارات حياتنا، ولعل من أبرز هذه الأسئلة: ماذا نجني من هذه الكوارث كلها، ومن طبيعة الشرور التي زرعها ويزرعها الإنسان ..!؟
   مثل هذه التساؤلات تحتاج إلى وقفة تأمل حقيقية، ليعيد الرجاء إلى شعب أحسّ باليأس في أوقات صعبة، والأمل بأن تاريخ الخلاص لا تتوقّف مسيرتُه مهما قويت يد البشر. فما زالت بابل حاضرة في أيامنا، وأن الجواب على بابل هو "العنصرة". والعنصرة حاضرة في تاريخنا حينما يجتمع الناس من أجل مشروع المحبة في العالم، والتفاهم بين الشعوب والأفراد، فلا يكون عبد ولا حرّ .. بل يكون الجميع واحداً في يسوع المسيح.


نبيـــل جميـــل سليمـــان
كندا – فانكوفر
22-8-2016



73


حذاري من تقارير الأمم المتحدة، يا أبناء شعبنا المهجر قسراً في لبنان


  سُربَ إلى مسامعنا (ومن مصادر موثوقة ومطّلعة) يوم أمس الخميس الموافق 7-1-2016 (هنا في فانكوفر – كندا) تقرير سرّي صادر عن الأمم المتحدة يتحدث عن مجمل أحوال اللاجئين في لبنان عامة، والعراقيين خاصة. وعلى إثر ذلك تم الأتصال مع عدة نشطاء مدنيين في تركيا ولبنان والاردن. وأخص بالذكر السيد "باسم ايشوع القصاب" رئيس منظمة العطاء لمكافحة الفقر في العراق، الذي أبدى أمتعاضه وقلقه الشديد من هكذا تقرير مجحف بحق أناس مهجرين مظلومين. حيث قام بدوره بكتابة مقالة حول الموضوع وتم نشره على صفحة عطاء وفقراء. كما تم الأتصال بالسيدة "كاثرين موسى" مقدمة برنامج "عراق أونلاين" في قناة نور سات الفضائية (نور الشرق) في لبنان، بأعتبارها مقربة جداً من أحوال العراقيين ومشاكلهم وأوضاعهم، لما تقوم به من دور فاعل ومؤثر في مساعدة عوائل أبناء شعبنا المهجر قسراً في لبنان. وحين إبلاغي لها بما ورد في هذا التقرير من ضيم وحيف بل ظلم جديد يضاف إلى مظالم شعبنا، أجهشت بالبكاء ... وحينها قالت: "عن جّد أنا تعبت، لأنني لوحدي أتصارع".
   ما جاء في فحوى التقرير هو الآتي: "إن المسيحيين العراقيين المتواجدين في لبنان لا يعتبرون كلاجئين، لكونهم قد أندمجوا مع مسيحيي لبنان ولا توجد خطورة على حياتهم". وهنا التساؤل، على ماذا أستند هذا التقرير ..!؟ كما نعلم إن الأمم المتحدة مصدر غني للمعلومات والتعلم والأتصال لما تمتلكه للعديد من الوكالات والمكاتب وتوظف الآلاف من البشر ومن مناصري حقوق الإنسان والمدافعين عنها في جميع أنحاء العالم. كما تضم إدارات للأبحاث والإحصائيات تعمل على إعداد التقارير والأوراق والأرقام حول كل جانب من جوانب الحياة البشرية. ومن هنا جاء هذا التقرير الذي أستند على إستقاء المعلومات وأتصالات لموظفي البعثة الأممية لشؤون اللاجئين في بيروت مع أبناء شعبنا، مستفسرين عن أوضاعهم ومدى تأقلمهم مع الوضع الجديد، وهل هناك أية خطورة على حياتهم، وعن حريتهم في التعبير والرأي والتنقل وممارسة معتقاداتهم وطقوسهم وغيرها من الأمور ... وكانت النتيجة بالإيجاب !!! 
  كما كنا قد حذرنا جميع ابناء شعبنا المتواجدين في دول الجوار (تركيا – لبنان – الأردن) بعدم نشر صور أو مقاطع الفيديو لأحتفالاتهم أو سفراتهم أو حضورهم للمناسبات عبر صفحات التواصل الأجتماعي المختلفة، وكأنهم في سياحة وأستجمام وترفّه. فهذه المواقع الألكترونية كلها تحت المراقبة والمشاهدة وتؤخذ بنظر الأعتبار في تقاريرهم. هذا من جانب، أما من جانب آخر فأن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان تمنح للعراقيين وثيقة تؤكد بأن صاحبها مقبول كلاجئ، ولكن بما أن لبنان لم يوقع على أتفاقية جنيف 1951 الخاصة باللاجئين، فهو يعتبر نفسه غير ملزم بها. ولكنه في نفس الوقت لا يلغي شرعية الوثيقة بأعتبارها صادرة عن الأمم المتحدة. ومع تفاقم الأزمة السورية في المنطقة برمتها والعالم وما تلعبه الأيادي الخفية من هجرة مبرمجة ونزوح الآلاف من السوريين إلى أوروبا، وما بلغه من تصعيد وتضخيم أعلامي لا مثيل له. أزداد عدد اللاجئين السوريين في لبنان حيث وصل عددهم في آخر إحصائية نهاية العام المنصرم 2015 إلى (1,835,840)، مقابل (9,100) لاجئ عراقي في لبنان. وهذا مما أثّر سلباً على نسبة قبول العراقيين مقارنة مع أخوانهم السوريين.
   أن هذا التقرير وما خلص إليه يعد إجحافاً بحق شعبنا، ويكشف عن صفحة جديدة من صفحات التآمر على هذا المكوّن الأصيل بأخراجه من أرضه الأصلية وبمحاولة إدماجه في العيش على أرض يعتبرها بمثابة "المحطة" للعبور. علماً بأن شقيقتنا "لبنان" تعاني من أضطرابات سياسية وأختناقات أقتصادية وتأزم أمني كبير (مع عظيم أحترامنا وعميق شكرنا لهذا البلد المعطاء)، لا تجعل منه ملاذاً أمناً لشعب هرب من الظلم والأضطهاد.
   إننا نرفض هذا التقرير جملةً وتفصيلاً لانه يسلب إرادتنا ويستغلنا أستغلالاً بشعاً لمحنتنا وتلاعباً مهيناً بقدراتنا، سيما وإن القرار صادر من منظمة عالمية تعتبر أعلى منبر تنفيذي تشريعي عالمي. خاصة وان اللجوء يتحدد على أساس أختلاف الجنسية وليس بتشابه الدين ... كما ان الهجرة حق مكفول تقره لائحة حقوق الانسان الصادرة في العاشر من شهر كانون الاول عام 1948 حيث تقول المادة 13:
1-   لكل فرد حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة.
2-   يحق لكل فرد أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليه.
أما المادة 14:
1-   لكل فرد الحق في أن يلجأ إلى بلاد أخرى أو يحاول الالتجاء إليها هرباً من الاضطهاد.
   أما تعريف اللاجئ فهو كلّ إنسان ترك بلده الأمّ هارباً ، طالباً الحماية و العيش في بلدٍ آخر نتيجة معاناته من الاضطهاد، ورافضاً أن يبقى في حماية بلده .
   لذا أناشد جميع ابناء شعبنا المهجر قسراً أينما تواجدوا بأن يكونوا: "حذرين من تقارير الأمم المتحدة"، وحذرين من كل يريد السوء بمسيحيي الشرق الأوسط.

نبيـــل جميـــل سليمـــان
فانكوفر – كندا
8 / 1 / 2016

74
حفل عشاء خيري لجمع تبرعات ودعم شعبنا المهجر قسراً .. في مدينة فانكوفر الكندية

   في إطار الأهتمام بقضية شعبنا المهجر قسراً من مدن سهل نينوى، ولتدارك الوضع الإنساني المتأزم وما يمر به شعبنا المسيحي من محنة كارثية تحتاج لوقفة كل من له ضمير حيّ وذرة إنسانية. شهدت مدينة فانكوفر الكندية أمسية فريدة ورائعة، عندما لبت معظم الفعاليات والشخصيات لحضور الحفل الخيري الذي نظمته ودعت إليه مطرانية فانكوفر اللاتينية بالتعاون مع "منظمة التنمية والسلام الكاثوليكية الكندية"، وذلك في مساء يوم السبت الموافق 9-5-2015 في قاعة أبرشية جميع القديسين في فانكوفر. وحضر الأحتفال رئيس اساقفة فانكوفر سيادة المطران جون مايكل مللر وعدد كبير من الآباء الكهنة الأفاضل والشخصيات البارزة وعدد من المنظمات والهيئات العاملة في مجال العون الإنساني ومنظمات المجتمع المدني. وفي مستهل الحفل ألقى سيادة المطران مللر كلمة مؤثرة مؤكداً فيها بأن: "الغرض من هذا الحفل الخيري والدعوة له، هو للوقوف على حجم المأساة والكارثة الإنسانية للنازحين الذين إفترشوا الأرض وإلتحفوا السماء ومنهم من يسكنون في الخيم والكرفانات، وأن الهدف والغاية منه هو لجمع التبرعات لمواجهة هذا الوضع الإنساني المتردي".
   هذا وقد أحيا الحفل نخبة من أبناء جاليتنا المقيمين في مدينة فانكوفر، حيث أتحف الفنان المتألق ابراهيم حنا الحضور بعدد من أغاني الفولكلور العراقي القديم، وبمشاركة عدد من أعضاء جوقة المحبة لكنيسة الرسولين بطرس و بولص الكلدانية في مدينة فانكوفر.       
 
الأعلامي / نبيــل جميــل سليمــان
             فانكوفر - كندا

75
كل الشكر والتقدير للشماس صهيب السناطي لما تفضل به من مناشدة ملّحة وحقيقية موجهة إلى سيادة المطران "سعد سيروب" الجزيل الأحترام، بالعدول عن قراره المعلن عبر صفحته الخاصة في الفيس بوك، بطلبه إلى غبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو الكلي الطوبى بالموافقة على "سنة إختلاء للصلاة والتأمل" مع طلب أستقالة من كلية بابل للفلسفة واللاهوت في عينكاوة، (وليس بقبول الإستقالة "كمطرن" كما تفضلتم في طرحكم الموقر) ... ونحن بدورنا نضم صوتنا إلى صوت الحق الذي يجب أن يرفع بكل قوة وأصرار من قبل كل الأقلام الحرة الشريفة، وكل الأصوات يجب أن ترفع عالياً وأن  تسمع من قبل الجميع بالمناشدة الملحّة لسيادة المطران "سعد سيروب" بالعدول عن قراره هذا ... ونحن علم ودراية بما يمّر به سيادته من إحباط وألم , .... ولهذا كانت مني هذه الخاطرة المتواضعة:

هل أنسحب أم أستمر .. !؟
بعد مرور زمن .. وبكل هدوء أعلنتُ الأنسحاب ...
               بعد  .. عدم الشعور بالعدل ...
                      وعدم الاقتناع بالامل ...
ولهذا أعلنتُ الأنسحاب ...
قد يكون وقتٌ للراحةِ حتى أستطيع الأستمرار .. !!
لأني أنسان مثقل بالطموحات وملئ بالأحلام ...
ولكي أستطيع أن أستمر .. أحاول أن أقتل بعضها هنا وهناك ...
ولهذا أنسحبتُ، لأن النتيجة كانت: "أن أستمرار الأنسان هو مجهودٌ فردي لا يهتم به أحد ..
                                                    ولا قيمة له في واقع الكثيرين" ...
وهذا ما كان .. لأن الـ "أنا" هو أله هذا الزمان .. وهو الذي يتحكم بمصير الأنسان ...
والى كل من يهمه أمر هذا الآله، أقول: لا تقيُّدوا أفواهنا ..
                                      لا تبنوا الأسوار من حولنا ..
                                      لا تحطموا مستقبلنا ..
                                      لا تقتلوا غريزة الأستمرار التي مُنحت لنا ..
                                      لا تزرعوا الأستسلام لمن سيأتي من بعدنا ..
                                      لا تسجنوا من يحلم .. من يفكر .. من يحاول أن يرى ..
                                      لا تقتلعوا عيوننا ..
                                      لا تقطعوا أذاننا ..
                                      لا تقتلوا حلمنا ..
هذا حلمي ..
لا تقتلوه، يا عبدة وخدام هذا  الآله ...
         

نبيــل جميــل سليمــان
فانكوفر - كندا
 

76
في كنيستي معارضة أم عصيان .. !؟
-   تمهيد:   
   قد يتبادر إلى أذهان البعض - بما أتخذه من موقف يتسم بـ "المقاربة" - عبر ما أكتبه بين الفينة والأخرى، بأنني أًملّي برأيي على جهة معينة أو أقف منحازاً ومدافعاً لجهة أخرى. فإرادتنا الحرة وإيماننا الثابت هي التي تملّي علينا لنكتب بما يرشدنا الروح بالحق، ويعزينا بالحقيقة كي "نرمم الهوّة" و "نقارب" فيما بين الفرقاء من أجل إستعادة إمكانية الحوار الأخوي والحضاري. لذا كان واجباً أن يكون تدخلنا ملهماً ومفعماً بـ "نار" الروح القدس، لا تذمراً وعصياناً بـ "نار" الفتنة والتعصب.
-   في كنيستي معارضة:
   الشخص المعارض قد يكون منتمياً إلى تيار ما أو قد يكون مستقلاً، وأعتراضه هو شعور أو فلسفة عدم الإتفاق مع الآخر المختلف عنه في الرؤى والأسلوب والكلام والتصرفات، بل وحتى في أصغر التفاصيل وأكبرها. بيد أن أعتراضه قد يكون:
1-   سوداوياً: عند جدار "الشقاق"، فيملأ الدنيا ضجيجاً وتشهيراً وأحتجاجاً، فيفعل ذلك بأسم "الغيرة المقدسة" فيحسب نفسه بطلاً. غير مبالٍ بما ينتقده عن حقيقة الأمر، فهو لا يرى في طريق حياته ألا نقاطاً سوداء فقط. لكونه قد فقد البصر والبصيرة بسبب "العناد والكبرياء"؛ وهذه متى ما تآمر الأثنان على الإنسان فستغلق أمامه كل أبواب التوبة.
2-   مقبولاً: عند طاولة "الحوار" في مواجهة الأمور والأخطاء والأحداث بالإنفتاح الصريح وبعقلانية هادئة وبحكمة شجاعة، بما يخدم المسيرة الإصلاحية وينصب في إحداث التغيير للخير العام. ففي خضم خبرة حياتنا الكنسية كانت هناك حوارات بنّاءة ومناقشات هادئة وإن أتسمت بـ "المركزية" - هنا وهناك - على حساب "الديمقراطية" التي لطالما أفتقدناها. ولكن ما أن برز صيتها اليوم - أي الديمقراطية - بكثافة في غمرة الإنفتاح والتحولات المتسارعة، حتى تعالت أصوات البعض - وبأسم الدفاع عن "الديمقراطية" - ينادون بوجوب وجود "جبهة معارضة".
   فهل هذا يتفق مع روح الكنيسة ووحدتها .. !؟ وهنا نقف مندهشين إزاء ما يقوم به الشخص المعارض "مدافعاً" عن حق واضح - من وجهة نظره - بأسلوب غير لائق، فيه من الهجوم والتجريح والإهانة، وفيه من قسوة الألفاظ والمعاني والأستهزاء مما يثير سخط القارئ أو السامع. فعلى الرغم ما يمتاز به "المعارض" من موهبة فذة وبراعة قلم في النقد الهدّام، نراه ينتقد كثيراً ولا يفعل شيئاً إيجابياً. فالنقد سهل، إنما الصعوبة تكمن في البناء. ففي الآونة الأخيرة أشتدت حمى الصراع، بيد أن الكثير مما يحدث في شأن "كنيستي" قد تجاوز حدود اللياقة الروحية والكنسية. فالبعض يقومون بنشر أعتراضاتهم علانية في الأنترنت والصحافة بدافع الغيرة – كما يقولون – وفي هذا يصح قول القديس بولس الرسول: "أَشْهَدُ لَهُمْ أَنَّ لَهُمْ غَيْرَةً لِلَّهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ حَسَبَ الْمَعْرِفَةِ” (رومية 10 : 2)، و"عدم المعرفة" في هذا الصدد هو تجاهل الأصول الروحية والكنسية في التصرف لما تمر به الكنسية من وضع مقلق. فعلى سبيل المثال لا الحصر، صادفنا أشخاصاً لم يستطيعوا أن يتأقلموا ويبذلوا كل جهودهم مع وجهة الكنيسة في تغيير الجامد وإصلاح بعض المسارات فيها، فأرادوا أن تخضع الكنيسة لهم ..!! والعجيب أن تجد من يساعدهم في هذا المنحى ..!! وبنفس الوقت قد تجد أحدهم ينجح جداً إذا عَمِلَ وحده كفرد، بينما يفشل تماماً إذا عَمِلَ كعضو في مجموعة. إذ سرعان ما ينقسم عليهم أو يفقد القدرة على التعاون معهم، فيتمسك برأيه جداً وينتقد آراءهم أو يهاجمهما. محاولاً إظهار أخطاءهم، وبالمقابل يظهرون له أخطاؤه فلا يستطيع أن يستمر في العمل معهم، فتراه ينطبق عليه المثل: "خالف تعرف" أو "إذا لم يكن لك في الخير أسماً، فارفع لك في الشر علماً".
-   أم في كنيستي عصيان:
   وبفقدانهم هذه اللياقة الروحية والكنسية قد تصل بالأمور إلى عثرة التمرد. فالعصيان هو تمرد ورفض "المرؤوس" طاعة أوامر "الرئيس" الذي يحكم سلطة ما، من خلال مجموعة من السلوكيات والأساليب التي تهدف إلى تدمير هذه سلطة أو إحلال سلطة محلها. والتمرد هو حالة "نفسية" تدعو إلى الخروج عن المألوف لإثبات "ذاتية" الشخص المتمرد، بسبب عجزه عن الأخذ والعطاء مع من يتعامل معه في التسلسل الهرمي، وبالتالي عجزه عن التماشي والتكيف مع القيم والمعايير والقوانين السائدة. ولذلك نراه دائماً في حالة عدم الرضا والقناعة (الشعور بالنقص أو بالعظمة)، والتي تقوده إلى أحتقار الآخرين والأستهتار بهم؛ مدفوعاً بمصالحه الشخصية دون النظر إلى المصلحة العامة. وبالتالي يحدث شرخاً وإنقساماً في الجماعة يصعب إلتئامه. فالعصيان والتمرد هي صورة من صور الخطيئة والتي من أجلها يأتي غضب الله، كما نجد ذلك في مثالين في الكتاب المقدس:
1-   عندما كسر النبي يونان وصية الله ووقع في خطيئة العصيان التي تقابلها فضيلة الطاعة والخضوع والإستماع والتواضع.
2-   ويهوذا الذي أعطاه الرب يسوع لقب تلميذ وحُسِبَ مع الأثني عشر، لكن في نهاية حياته يتمرد ويعصي ويخرج خارج الدائرة تماماً.
   لا أعتقد أن الأمور بهذه الطريقة – الجارية الآن – يتفق مع روح المسيح. فهل نسينا أن كل أب من آباء الكنيسة له كرامته الخاصة عند الله والناس كرؤساء للشعب ..!؟ هل نسينا قول الكتاب المقدس: "رَئِيسُ شَعْبِكَ لاَ تَقُلْ فِيهِ سُوءاً" (اعمال 23 : 5)، وأيضاً: "أَمَّا الشُّيُوخُ الْمُدَبِّرُونَ حَسَناً فَلْيُحْسَبُوا أَهْلاً لِكَرَامَةٍ مُضَاعَفَةٍ، وَلاَ سِيَّمَا الَّذِينَ يَتْعَبُونَ فِي الْكَلِمَةِ وَالتَّعْلِيمِ" (1 تيموثاوس 5 : 17)؟  ولكن للأسف ما يحدث الآن هو أسوأ "رجساً" (لاويين 18 : 7)، لأن الأمور قد وصلت إلى حد "العثرة" للكثيرين (متى 7:18، لوقا 1:17، روميه 17:16).
-   الخلاصة:
   لنا في حياة الرب يسوع القدوة للخلاص من هذا "المأزق"، فقلبي مع كنيستي .. فمع أوجاعها الخارجية (في ظل ظروف شعبنا المهجر قسراً، وظروف الوطن السيئة)، تأتي الأوجاع من داخل الكنيسة أيضاً. فصارت المخاوف والخصومات من الخارج ومن الداخل، "فما عرفنا الراحة" (2 كورنثوس 7 : 5). وعلى مثال الرب يسوع المسيح، أثق بأن "روح المسيح يسكن" في آباء كنيستنا الأجلاء - جميع أساقفة السينهودس الكلداني - ولعلهم يشاركونني الشعور بخطورة الموقف. وحرصاً منا جميعاً على سلام الكنيسة ووحدتها، وتفادياً لعثرة الكثيرين، فليسمح لي غبطة أبينا البطريرك وأصحاب الأساقفة الأجلاء والأباء الأفاضل وجميع مؤمني كنيسة المشرق الكلدانية، بتقديم أقتراح قد يؤول إلى خير هذه الكنيسة العريقة وإلى الإسهام في نهضتها الروحية، والأقتراح هو: عقد مؤتمر عام يضم جميع الفئات المسؤولة في كنيسة المشرق الكلدانية. يسبقه تحرك سريع وفوري وبإيعاز من غبطة أبينا البطريرك بتشكيل وفود من أساقفتنا الأجلاء بزيارة تصالحية تعاضدية إلى جميع الأبرشيات الكلدانية في بلاد الأنتشار لتوحيد الصفوف ورأب الصدع. فنحن جميعنا أبناء هذه الكنيسة، ولسنا غرباء ولا دخلاء، بل أبناء بيت الله الذي يجب أن يبنى على عواتقنا، وأن يقوم كلٌّ منا بمسؤولياته في هذا البناء المقدس. لقد بحّت حناجرنا وكلّت أقلامنا، والجميع ينتظرون منكم "اليقظة" يا رعاتنا الأجلاء بتفعيل مقترحنا أعلاه والتحرك نحو إصلاح النفوس .. "فبالتواضع نتمم معنى مسيحيتنا".

نبيـــل جميـــل سليمـــان
فانكوفر - كندا
10-1-2015

77
الزواج والبتولية - حقيقة شاملة لهدف اسمى
بقلم / نبيل جميل سليمان
http://saint-adday.com/permalink/4856.html

78
"الطَّاعةُ خَيرٌ مِنَ الذَّبيحةِ" (1 صمو 15 : 22)
[/size]
نبيل جميل سليمان
[/b]
•   تمهيد:
   يدفعنا هذا العنوان إلى التساؤل عن مفهوم الطاعة عند الإنسان بصورة عامة وعند الكاهن بصورة خاصة. فإنساننا اليوم يميل إلى التذرع بالحرية لينبذ كل خضوع ويحتقر الطاعة الواجبة إن كانت: للأبوين أو للرؤوساء الدينيين والمدنيين أو للأكبر عمراً أو للأفضل خبرة في الحياة والعمل ... وهنا فالطاعة يجب أن تكون حاضرة كهِبة من الله وكخطوة حب لا تنقص من كرامة أي إنسان - أو أي "كاهن" - بل تقوده إلى النضج بإنماء حريته وتأدية رسالته، بل تترجم إلى دعوة للإصغاء والألتزام بعلاقة شخصية وصداقة مع الله. وخير مثال على هذه الطاعة موقف يسوع نفسه كإنسان، يقاسمنا مغامراتنا الإنسانية: “أخلَى ذاتَهُ .. تواضَعَ، أَطاعَ حَتَّى المَوت، المَوتِ على الصَّليب" (فل6: 2-8). وعلى ضوء ذلك فالطاعة هي تقبل حر وإيماني للمخطط الإلهي الذي وضعه الله في كل واحد منا، لكي يؤهلنا أن نجعل من حياتنا عطاء حب وخدمة فرح لله وللقريب. لذا كان على الإنسان أن يكون واعياً جداً ومؤمناً لمن يطيع حقاً. فالطاعة ليست أكراهاً أو شكلاً سلطوياً أو خضوعاً سلبياً "طاعة عمياء". بل هي أكثر من ذلك، لأنها مرتبطة بكيان الإنسان وشخصه وجماعته ورسالته وإيمانه. فمثلما يقدم الإنسان المؤمن جسده إلى الله عن طريق العفة والبتولية، وكل ما يملكه عن طريق الفقر والمجانية، فانه يقدم بملئ إيمانه وإرادته الحرة إلى الله (نظرة عمودية) وإلى الإنسان ولذاته أيضاً (نظرة أفقية) عن طريق "الطاعة".

•   الطاعة "دعوة ألتزام" في علاقة شخصية مع الله:
   الطاعة تتطلب إيماناً بكلمة الله، لما للإيمان من دور كبير في الطاعة. لأن كلمة الله تطلب من الإنسان بأن يقوم بأعمال لا يدركها ولا يفهم معناها، فتغدو الطاعة اختباراً له وامتحاناً من الله (تك 22 : 1). وإذا كان لله مخطط ٌ، فعلى كلّ واحدٍ منا أن يطيعه، أي مشاركته في هذا المخطط وقبول ذلك بإيمان، لأننا لا ندرك كل أبعاد هذا المخطط الإلهي. فالمطيع هو مؤمن قبل كل شيء. وتتفتح طاعته كاملة داخل الإيمان الذي يتطلب منه إصغاء وأستقبال وجواب. فالإيمان ليس الطاعة، بل هو سرها، والطاعة علامة الإيمان وثمرته. ولنا في إبراهيم أجلى مثال على ذلك. فحياة إبراهيم - كحياة كل إنسان مسيحي وخاصة الكاهن - تعتمد على كلمة الله: "إرحَل مِن أَرضِكَ وعَشيرَتكَ وبَيتِ أَبيكَ" (تك 12 : 1)، "أُسلُك أَمامي وكُنْ كامِلاً" (تك17 : 1). والإيمان بكلمة الله يضعنا أيضاً في موقف يسوع "الأبن" تجاه أبيه. فحياة المسيح "عند دخوله العالم" (عب 10: 5)، و"حتى موت الصليب" (فل2 /8)، كانت طاعةً أي قبول الله والاتحاد به "فما نَزَلتُ مِنَ السَّماء لِأَعمَلَ ما أُريده أنا، بل ما يريده الَّذي أَرسَلَني" (يو6 : 38). فأعطى المعنى الأسمى للطاعة وهي "ذبيحة"، إذ جعل موته ذبيحة طاعة. و"الطَّاعةُ خَيرٌ مِنَ الذَّبيحةِ" (1 صم 15: 22). ومن أطاع كلمة الله دخل في "عهد حب" معه، والعهد مرتبط بـ "الشريعة والقوانين" - التي هي خطوة حب وهبة الله للإنسان – المطبوعة في ضميره وطبيعته. وشريعتنا الجديدة هي "الروح القدس"، لأن الله: "سكب محبَّتَهُ في قُلوبِنا بِالرُّوحَ القُدُسِ الَّذي وُهِبَه لَنا" (روم 5 : 5). هذا الروح الذي يتعدى الناس والشرائع، لذا فلا هدف آخر للطاعة في حياتنا المسيحية سوى أن نربّي فينا "الإنقياد التام" إلى الروح القدس.

•   الطاعة "إرادة حرة" للسلطة والشركة:
   وهنا يدعونا الروح القدس لنقدم إرادتنا الحرة، لأن روح الله والحرية الإنسانية مترابطتان: "حَيثُ يَكونُ رُوحُ الرَّبّ، تَكونُ الحُرِّيَّة" (2 كور 3 : 17). فالحرية تريد أن تعلمنا ما تعلّمه الطاعة، فالطاعة تتطلب اشتراك إرادتين: "إرادة الرئيس" و "إرادة المرؤوس" في "إرادة الله". فليس المطيع سوى ذلك الإنسان القادر أن يقرر ما أُمر به، فانه بذلك يشترك في الإيمان والمحبة في تتميم إرادة الآب. إذ يكشف الآب عن إرادته للناس بواسطة أناس، فالكتاب المقدس يعلمنا بأن "السلطة" هي مشاركة لسلطة الله وخدمة في شعب الله. وهذه الحقيقة الأساسية  تتأكد خاصة في العلاقة الهيراركية (الرئاسة الهرمية)، وهذه تعني كما ورد في تعليم البابا بندكتس ترابطاً ثلاثياً: "الأول هو مع المسيح والدرجات التي أعطاها الرب لكنيسته؛ الثاني مع الرعاة الآخرين في شراكة الكنيسة الواحدة؛ وأخيراً الترابط مع المؤمنين الموكلين إلى الفرد، في ترتيب الكنيسة” (البابا بندكتوس 27 ايار 2010). لذا فالرؤساء زودوا بنعمة وسلطة القرار النهائي، وهم يؤدون خدمة، ويقودونها بأسم الرب. وبما أن خدمة السلطة هي طاعة، والطاعة هنا هي "شركة" و "مشاركة" لأنها ملتقى فعلين للشركة: "شركة المسؤول" و "شركة المؤمن" في إرادة الآب، فالقاسم المشترك بين الرؤساء والمرؤوسين هي الشركة في تتميم "إرادة الآب". فعلى الرؤساء أن يبذلوا الجهد لا لتطبيق قانون أو لفرض إرادتهم، بل لكي يميّزوا عمل الروح القدس في ومع ومن خلال إخوتهم؛ وعلى المرؤوسين ان يبذلوا الجهد، لا ليرضخوا لقانون أو لإرادة بشرية "فردانية"، بل لكي يميّزوا عمل الروح القدس في حياتهم الخاصة بهم من خلال الرؤساء الذين وشّحهم الرب بموهبة الخدمة. وفي هذه الشركة يتم الحوار بين الرؤساء والمرؤوسين، فتجعلهم يفضلون إرادة الآب على إرادتهم، وتوحّد الإنسان مع الله: "فما أَنا أَحْيا بَعدُ، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ" (غلا  2 : 20).

•   خلاصة القول:
   في الواقع إن "دعوة" الكاهن أو الراهب وطاعته ليست البحث عن إرادة الله فحسب، بل هي أيضاً تنازله عن حقه الطبيعي في أتخاذ القرارت الخاصة في الكنيسة، وقبوله الإصغاء والإنقياد بحسب تعليمات الرؤساء في إطار الحياة التي أختارها. وبهذا يموت عن نفسه – عن الأنا – ليعمل دوماً إرادة الله بحرية أكبر كما فعل الرب يسوع: "طَعامي أَن أَعمَلَ بِمَشيئَةِ الَّذي أَرسَلَني وأُتمِّمَ عَمَلهُ" (يو4 : 34 )، وكما طلب من أتباعه: "الَّذي يَخسَرُ حَياتَهُ في سبيلي يَجِدُها” (متى 16: 25). فالكاهن أوالراهب هو ذلك الذي أختار أن يطيع لا لمرة واحدة في يوم رسامته، بل طول حياته كلها. وكذلك الأسقف يعد في رسامته أن يسلك في الطاعة بأمانة للبابا خليفة القديس بطرس، حارس الطاعة للمسيح: و"ما من أحد يستطيع حقاً أن يرعى قطيع المسيح، إذا لم يعش طاعة عميقة وحقيقية للمسيح والكنيسة" (البابا بندكتوس 27-5-2010).
   صحيح إن الرؤساء زودوا بنعمة وسلطة القرار النهائي، وهم يؤدون خدمة القيادة بأسم الرب بـ "الطاعة"، وجب أن يدركوا بأن السلطة هي مهمة وألتزام يلقيه الرب على عاتقهم في الكنيسة، فهم مدعوين إلى خدمة النفوس المؤمنة لخيرها الأسمى. على أن تمارس هذه السلطة لا أنطلاقاً من "ذاتها"، بل بأسم يسوع المسيح الذي تلقى: "كُلَّ سُلطانٍ في السماءِ والأرضِ" (متى 28 : 18). وبنفس الوقت هم بحاجة إلى الحكمة والمركزية في الحكم والأختيار، لكن أن لا تتحول سلطتهم إلى "تسلط" فتذل "المرؤوسين" وتقمعهم. ولا إلى أستبداد بفرض الأوامر كيفما كانت، بل يجب أن تكون السلطة خدمة على مثال المسيح: "مَن أرادَ أن يكونَ عظيماً فيكم، فليكن لكم خادماً. وهكذا أبنُ الإنسان جاء لا ليخدِمَهُ الناسُ، بل ليخدِمَهُم ويفدي بحياتِهِ كثيراً منهم" (متى 20 : 26 - 28). لذا لا يجوز لمن يتقلد السلطة أن يعتبر نفسه صاحب حقوق وسلطات شخصية كي يطالب بالطاعة له، ولكن أن يحث المرؤوس – من خلال طاعته وخدمته – كي تتسنى لسلطة المسيح أن تظهر من خلاله، فهو "علامة" لهذه السلطة.     
   هذا من جانب، أما من جانب "المرؤوسين" .. فالطاعة للرؤساء هو تعبير عن الطاعة لله، والتي تعبّر عن الثقة البنوية بالله من خلال طاعتهم للرؤساء. ليس من منطلق الخضوع والخنوع أو من الخوف والعقاب، أو ألتماساً للإعجاب، بل من منطلق الضمير المسيحي والإيمان الحيّ بأن السلطة هي من الله: “فلا سُلْطَةَ إِلاَّ مِن عِندِ اللّه” (روم 13 : 1). وهي بدافع من الروح القدس يرى فيها – الطاعة – "علامة" الله، فطريق الطاعة في حركة تمضي من الله إلى الله.
   أنه لأمر مهم للغاية كي تنشأ علاقة تناغم وطيدة بين "الرؤساء والمرؤوسين"، يتحاشون فيها تطرّفين اثنين لا ثالث لهما:
-   نزعة التسلّط والتشدّد والتسيّب والتساهليّة من قبل "الرؤساء".
-   نزعة الأستقلالية والتحررية والتبعيّة والخضوعيّة من قبل "المرؤوسين".
   ولتوطيد آواصر هذه العلاقة بين الطرفين بنور الإنجيل وبروح الخدمة – خدمة الإنجيل والمؤمنين – ينبغي أن تتم بالحوار والوداعة والتواضع والثقة المتبادلة. فمن خلال هذه العلاقة المتفاعلة والشركة الكنسية  "بين الراعي والرعية"، ينكشف الصواب ويعلن الحق كي نختار إرادة الآب على إرادتنا، ويتوحد الإنسان مع الله. أنها العلاقة التي تعرف كيف تغفر عند الخطأ، تعرف كيف تتنازل عند الحاجة، تعرف كيف تحب في الوقت الذي يفقد الحب الحقيقي الباذل والمضحّي، تعرف كيف تفضل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. فغالباً ما يحدث سوء فهمٍ أو عدم تقبُّلٍ لقرار ما يقوم به الرّاعي، إلاّ أنّ علاجه هذا لا يتمّ عبر العصيان والتّشهير والتّذمُّر المستمرّ والانتقاد الهدّام، بل كما قال بولس الرّسول: "لتكن المحبّة غايتكم المنشودة" (1 كور 14 : 1). نعم بمحبّة، حتّى انتقادنا يجب أن يكون بمحبّةٍ بنّاءةٍ إحتضانيّة للآخر.      

  نبيــل جميــل سليمــان
    كندا - فانكوفر
  12-12-2014
 


79
يسوع هرب إلى مصر .. ونحن إلى أين سنهرب .. !؟
[/size]
   
هرب الرب يسوع إلى أرض مصر تحقيقاً للنبوات: "من مصر دعوت أبني" (هو11 : 1)، "ها هو الربُّ راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر، فترتجف أوثانها من وجهه" (أش19 : 1). نعم هرب يسوع، عندما ظهر ملاك الرب ليوسف في الحلم وقال له: "قم، خذ الطفل وأمه وأهرب إلى مصر وأقم فيها، حتى أقول لك متى تعود" (متى2 : 13).
•   هروب يسوع إلى مصر:
   أستوقفتني كلمة "الهروب" متأملاً ومتسائلاً: "لماذا الهروب من الشر" ..!؟ قد تكون فكرة "الهروب" هي فكرة تنطلق من مبدأ روحي، أراد من خلاله الرب يسوع أن يعلمنا بأنه: "ليس خوفاً ولا جُبناً ولا كي نبتعد عن المواجهة"، بل هو حكمة  وأنه "نصف المرجلة" أو على الأقل "نصف النصرة". الرب يسوع أراد أن يرينا كيف يكون الطريق إلى السلام: "مع مبغضي السلام كنت صاحب سلام" (مز120 : 6)، بمعنى أن الإنسان يُفضل السلام على الحرب التي هي بلا منفعة. وبما أن الرب يسوع قد جاء برسالة سلام ومصالحة بين الإنسان والله، وبين الإنسان مع أخيه الإنسان، بل بين الإنسان نفسه  (في داخله) ... لذا نهى كثيراً عن العنف وأمر بعدم أستخدامه كما جاء في عظته الشهيرة على الجبل: "لا تقاوموا من يسئ إليكم. من لطمك على خدك الأيمن، فحول له الآخر. ومن أراد أن يخاصمك ليأخذ ثوبك، فاترك له رداءك أيضاً. ومن سخرك أن تمشي ميلاً واحداً، فأمش معه ميلين. من طلب منك شيئاً فأعطه، ومن أراد أن يستعير منك شيئاً فلا ترده خائباً. أحبوا أعداءكم، وصلّوا لأجل الذين يضطهدونكم، فتكونوا ابناء أبيكم في السماوات. فهو يطلع شمسه على الأشرار والصالحين، ويمطر على الأبرار والظالمين. فأن كنتم تحبون الذين يحبونكم، فأي أجر لكم؟ أما يعمل جباة الضرائب هذا؟ وإن كنتم لا تسلمون ألا على إخوتكم، فماذا عملتم اكثر من غيركم؟ أما يعمل الوثنيون هذا؟ فكونوا أنتم كاملين، كما أن أباكم السماوي كامل" (متى: 39-48).
   بهذا المنهج قدم "الطفل يسوع" نفسه وسيلة إيضاح فهرب من أمام هيرودس مقدماً المثل والقدوّة للبعد عن الانتقام والعنف ومواجهه الشر بمثله والعداء بالعداء ... فحقق تلك المعادلة الصعبة التي صارت مبدأ لأولاد الله في العالم أن يغلبوا القوة بالضعف، والعنف باللطف، والسلب والسرقة بالعطاء ... هذه هي حقيقة الأمر، إن الطفل يسوع لم يهرب ضعفاً ولم يخاف من الموت .. إذ كيف وهو "الله" ليخاف إنساناً، وكيف وهو "الحياة" ليخاف الموت..!؟ إنما أراد أن يسلم كنيسته في عهد جديد؛ عهد المحبة الكاملة والسلام التام ورفض العداء والاعتداء ... هكذا يسلك أولاد الله بقوته وليس بقوتهم الضعيفة، وبحكمته وليس بحكمتهم. وهذا هو "سر" الحياة الجديدة،  حيث يبدو المؤمنين وكأنهم ضعفاء أمام قوة العالم. ولكن قوة الله مخافة فيهم لذلك ينتصرون وإن بدوا ضعفاء ويختبأون ليس عن ضعف ولكن بحكمة الرب ... لأن عمر الشر قصير ينتهي سريعاً كما مات هيرودس وانتهى شره ...
•   ونحن إلى أين سنهرب ..!؟
   الهروب يمثل حلقة من حلقات الألم التي يجتازها المؤمن الحقيقي بكل فرح، كما أجتازها القدّيس يوسف الذي شهد له الوحي بالبرّ. فإن حياة البرّ تمتزج بالألم دون أن يفقد المؤمن سلامه الداخلي. هذه هي صورة الحياة التقويّة الحقيقية، هي مزيج من الضيقات مع الأفراح، يسمح بها الرب لأجل تزكيتنا ومساندتنا روحياً. فبالضيق نتزكّى أمام الله، وبالفرح نمتلأ رجاءاً في رعاية الله وعنايته المستمرة.
   وها نحن اليوم نهرب من وجه الشرّ (كما هرب آباؤنا وأجدادنا)، الذي أرغمنا على ترك كل شئ خلفنا دون أن نلتفت إلى الوراء (مثل أمرأة لوط)، فالظلم والشرّ الواقع علينا لا يستحق إلا أعطاءه ظهرنا للأبد. فهروبنا يجب أن يحثنا لنشر رسالة جديدة يريدها ألله منا، في سماع صوته وفي أنتظار مواعيده والسير بإيمان في مشيئته. وهذا ما أختبره أبونا أبراهيم في رحلته، وما يجب علينا تعلمه. لذا فالهروب من الوطن – بمنظرونا الإيماني - هو بمثابة مسيرة حجّ، نهيم سعياً وبحثاً عن مخرج جديد لمغزى بل ومعنى حياتنا، ليعيدنا إلى "الجنّة" التي سبق وإن طُردنا منها بسبب قساوة قلب الإنسان وكبريائه وخطيئته وشرّه الطاغي. فكان وطننا هو مذود تجسدنا، وجبل جلجلتنا، ومائدة لعطاؤنا وشكرنا وبذل ذواتنا ... قدمنا – ولازلنا نقدم - فيه إيماننا الحق والفاعل بالرب يسوع في "كنيسته"، وما حملناه للآخر- عبر أجيال وأجيال - من أعمالنا ومشاريعنا وطموحاتنا وحياتنا "خبز قربان"، الذي جازانا ويجازينا بالشرّ والحقد والضغينة والطرد والقتل.
   لذا فأن "تجسّدنا" اليوم هو من يعطي قيمة للوجود في أي "مكان" وفي كل "زمان"، ولهذا فالمسيحي الفعّال لا يتمسك بـ "مساحة" أرض ولا بـ "فترة" زمن، بل هو في كليّته ميدان رسالة ومسرح للحب والعطاء. فالهروب يجعلنا نختبر ايضاً بأننا "نزلاء" في هذه الأرض، كما يقول الرسول بولس: "فما لنا هنا في الأرض مدينة باقية، ولكننا نسعى إلى مدينة المستقبل" (عبر13 : 14)، نسعى لعيش "الملكوت". ولهذا لا يجب أن يكون هروبنا يائساً، فهذه ليست علامة عافية لا في تجذرنا في وطننا، ولا في تجذرنا وتعميق أنتماؤنا إلى المسيح وكنيسته. فالواجب هو أن يتحوّل مكان وجودنا إلى لقاء متجدد مع الرب يسوع المسيح، وموضع "تجسّد" له. وأن نكون للمحيطين بنا أصحاب رسالة محبة وسلام وإيمان وأخلاق وقيم وأصالة. وأن نبقى محافظين على إرث وطننا الأم، وأن لا يصبح هذا الوطن أغنية أو فكرة "على البال"، بل "ينبوع" ماء حيّ ومحطة نعود إليها كما عادت "العائلة المقدسة" بهدوء وسلام إلى "الناصرة" حيث سكنوا ...

نبيل جميل سليمان
كندا – فانكوفر
29-11-2014       

80
عظيم محبتي وفائق تقدري للأخ العزيز "قشو ابراهيم نيورا" المحترم لكلامك الرائع والجميل متمنياً دوام الموفقية والنجاح

اخوك / نبيل جميل سليمان
كندا - فانكوفر

81
عظيم محبتي وفائق تقديري لكَ يا أخي الفاضل أخيقر يوخنا المحترم

جلّ أهتمامنا اليوم ينصب في إيجاد الحلول الناجعة لمآساة شعبنا المسيحي، ومن هذا المنطلق يجب علينا جميعاً تدارك الخطر المحدق بـ "مستقبل المسيحية" في هذه المنطقة العريقة (مهد الحضارات، بل ومهد المسيح) ... لذا كان لا بد لنا من التعاون المثمر والفعّال لتجاوز هذه المحّنة، لا أن نزمّر بأبواق الفرقة والتقسيم ومعارك القومية، من خلال التشبث بالقشور وتناسي المهم والأهم. فلنتعاضد ياأخوتي في الدين والأرض مع بعضنا البعض، كي يكون لدينا "رد فعل" لما يحاك لنا من "فعل" لتمزيقنا وتهجيرنا وأنهاء وجودنا ... والرب يبارك الجميع.

أخوكم / نبيل جميل سليمان 

82
 
كنيسة المشرق "الكلدانية" إلى أين اليوم .. !؟
[/b][/size]
 
   طيلة الفترة المنصرمة كنتُ متابعاً ومتفرجاً ليس ألا، لما آلت إليه الأحداث المؤلمة في جسم "الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية" كما سماها (وهي كذلك) غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو في رسالته الأخيرة: "ترتيب البيت الكلداني مسؤولية الجميع" والتي نشرت عبر موقع "البطريركية الكلدانية" ... لذا تراني ومن موقع هذه المسؤولية متكلماً ومتساءلاً وبأختصار شديد، عبر النقاط التالية:
-   أولاً: يحلو ويطيب لي أن اسمي كنيستي بـ (كنيسة المشرق "الكلدانية") في وضعها الآني، ومستقبلاً سأكتفي بـ "كنيسة المشرق" فقط، إيماناً مني وأملاً في وحدة كنائسها الشقيقة (دون أنصهار أو ذوبان الواحدة في الأخرى).
-   ثانياً: يروق لي أن أتساءل اليوم: هل عاشت كنيستي في العراق "بعد سقوط الموصل" هذا الحدث كما كان يجب عليها، أم تخاذلت في أدائها ودورها ..!؟ وما أقصده بـ "الكنيسة" هو الأكليروس بجميع درجاته، والشعب المسيحي المؤمن كُلٌه. فمن الخطأ بل وكل الخطأ أعتبار "الكنيسة" مكونة من السلطات الدينية فقط، بل يشمل جميع المسيحيين بلا استثناء، وجميع الطوائف والكنائس الشقيقة في العراق بلا تمييز.
-   ثالثاً: إن قراءتي لما عاشته وتعيشه "الكنيسة" في هذه الأيام، تنصب في "فحص الضمير" في حُلوه وفي مُرّه، وفي "علامات الأزمنة" لواقع اليوم. فالله يخاطبنا عبر الأحداث، وينتظر من الجميع "الكنيسة – شعب الله المؤمن" كيفية التفاعل معها. فماذا يريد الله أن يقوله لنا .. !؟ وكيف تجاوبنا وسنتجاوب مع صوت الله .. !؟ "من كان له أذنان ، فليسمع ما يقول الروح للكنيسة" (رؤ 2 : 7).
-   رابعاً: لذا كان لابد لنا من معالجة حقيقية وفهم موضوعي لهذه "الأحداث" المريرة والمتشابكة التي تمر بها "الكنيسة" عموماً و "الكنيسة الكلدانية" خصوصاً بالمقاربة Approche وليس بالمفارقة Paradoxe، مُحاولين بـ "الأتضاع" ومُطالبين بـ "الأصرار" وبهمّة الجميع من قمة الهرم إلى القاعدة، بالأتزان المنفتح والتمسك بالحقيقي ونبذ الباطل.
-   خامساً واخيراً: أطالبُ الجميع - بلا أستثناء – التروّي والهدوء دون أنفعالات ومؤثرات "الريح الصفراء"، داعين وملتمسين سكنى وسكينة "الروح القدس" في قلوبنا وفكرنا وكلامنا بالسلوك والتصرفات، وتفعيلها بكل حكمة وفطنة. لذا فليحّل علينا "سلام المسيح" من جديد في كل تجديدِ "شكرٍ" للرب يسوع من على مذبحه الطاهر. متحدين مع بعضنا البعض، حاملين مشاعل "الصليب" و "نوره العجيب" في معركتنا مع "الروح الشريرة" في عالمنا اليوم، وليس مع بعضنا البعض.

   ليبارككم الرب بما فيه الخير الأسمى للجميع .. آميــــــــــن

أخوكم / نبيل جميل سليمان
           كندا – فانكوفر
            30-10-2014

83
دور الإعلام في نشر الرسالة المسيحيّة

  خصّصت الكنيسة يوماً عالمياً للإعلام والذي يصادف في الأحد الذي يلي صعود الربّ يسوع إلى السماء وقبل حلول الروح القدس في يوم العنصرة، للدلالة أن “الكلمة” الذي صار بشراً وخاطب جميع الناس عن سرّ الله والإنسان والتاريخ، قد أستودع المؤمنين جميعاً عامة والإعلاميين والإعلاميات خاصة رسالة إعلان “الكلمة”: كلمة الحق والخير والمحبة والسلام.
   بيد أن الرسالة المسيحية هي رسالة تواصل بأمتياز، إذ أن الله الآب أتقنها من خلال تواصله مع البشر، إذ أرسل لهم أنبياء ومبشرين، وفي تمام الأزمنة تواصل معهم من خلال أبنه يسوع المسيح. فالرب يسوع كان أول أعلامي إذ أنه قد حدد رسالته الخلاصية (خلاص البشرية جمعاء)، والمرسل (أبنه يسوع في تمام الأزمنة)،  والوسيلة ( الوعظ والتعليم وشفاء المرضى ….. ). أما الفئة المستهدفة فهم ذوي الأرادة الصالحة الذين أختاروا النصيب الأفضل على مثال مريم وجلسوا عند أقدام الرب وسمعوا تعاليمه، فكانت النتيجة قيام الجماعة المسيحية الأولى، جماعة المؤمنين التي اصبحت فيما بعد الكنيسة.
      والكنيسة بدورها أكملت المسيرة مستعملةً كل وسائل الأعلام: من الشفهي المنقول، مروراً بالمخطوطات على أنواعها، وصولاً إلى أعظم ثورة في التاريخ: "ثورة غوتنبرغ" (القرن الخامس عشر- عصر الكتاب المطبوع). وأبحرت في عالم وسائل الأتصال الأجتماعي منذ نشأتها فكانت في بعض الأحيان تشجبها وفي أحيانٍ اخرى تشجعها؛ إلى أن جاء المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عقد بدعوة من رجل الله المُلهم، قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين "البابا القديس". فقد كان بمثابة مجمع لوسائل الأتصالات الأجتماعية بأمتياز، الذي دعا الكنيسة إلى الإبحار في عالم وسائل الأتصال الأجتماعي وإلى الأعتماد عليها في إيصال الكلمة إلى ذوي الإرادة الصالحة، كما دعا القيّمين على التنشئة الأكليريكية والرهبانية إلى أدخال مواد الأتصال الأجتماعي في صلب التنشئة الكهنوتية.
  من هذا المنطلق لابد لنا اليوم من البحث في كل الوسائل الممكنة، وبما وهبه الله لنا من خيرات ونعم ومن عقل إنساني مبدع وطموح. هذه النعم التي علينا أستخدامها بجدّية في نشر الرسالة المسيحية "البشرى السارة"، عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة وغيرها. لذا فكنيستنا مدعوة اليوم التي ضلت - بعيدة نوعاً ما - متفرجة وصامتة إزاء هذا العالم المتبحر "عالم الإعلام" كي تجعل منه خادماً أميناً للبشارة، مرسلاً يزف بشرى يسوع المسيح، وأداةَ تلاقي بين أبناء البشر من كل لون وطبقة وجنس، متخطيةً كل الحواجز والحدود، مردّدة مع رسول الامم:  "الويل لي إن لم ابشر". ولا شك ان المبشرين بالإنجيل لطالما وجدوا  وسائلهم الخاصة من أجل حمل رسالة الإيمان إلى الآخرين لقد كان يسوع متحدثاً معبراً، حاضراً، بليغاً، وفي رسالته كان إعلامياً بإمتياز، لم يكن يسوع يملك محطة أثيرية أو تلفازية أو أنترنت، لكنه كان “يبث” في أذهان سامعيه وناظريه، صوراً وأمثالاً ، دعانا المسيح لننادي به من على السطوح، واليوم السطوح باتت رقمية: شاشات تلفزيونية، وسينمائية، أثير الإذاعة، ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي المختلفة. وعلينا اليوم أن نكون حاضرين في شتى انواع وسائل  الإتصالات الإجتماعية، الكنسية منها والعلمانية لنطال أكبر عدد من الأشخاص. وكما نعلم فأن الإعلام يمكن ان يكون بنّاءاً أو هداماً، وعلى تطوّر تقنياته، لم يعد فقط لينقل الحدث، إنما أصبح هو صانع الحدث، أو الحدث بعينه. هو سلاح ذو حدّين الذي إن أسيء أستعماله كانت ضحاياه كثيرة.
   لذا بات لزاماً علينا اليوم أن نطالب  ونناشد الجميع إلى:
1-   ضرورة تنشئة أعلاميين من أكليركيي اليوم "كهنة الغد"، وأيضاً تدريب وتهيئة لفيف من كهنتنا الأفاضل والعناصر الكفوءة من العلمانيين على حسن استعمال كل وسائل الاتصال الاجتماعي وإلى الأبحار ومواكبة العالم بالتقنيات والأساليب والوسائل الإعلامية الحديثة، بل ترويضهم وجعلهم خداماً للبشارة.
2-   وضع خطة عمل راعوية تعليمية وتثقيفية وأعلامية موجهة تشمل كل العاملين في الأبرشيات والخورنات من مشرفي ومعلمي التعليم المسيحي وكوادر النخبة من المربّين من أجل أمتلاك ثقافة مسيحية رصينة فيها من النضوج الإنساني والصفاء الإنجيلي والعمق الروحي والغيرة الرسولية، للحفاظ على التواصل وحسن الأهتمام بالاشخاص الآخرين والتنبه لحاجاتهم الروحية،  وتنبيه الذين يبحرون في العالم الرقمي  الى حاجتهم الروحية وتزويدهم بها من اجل التعرف على الرب.
3-   أنشاء محطات للأذاعة والتلفزيون كواسطة أعلامية مهمة ومتميزة وكوسيلة لنشر وتعميق الوعي الثقافي والديني والفكري. وفي حال تعذر ذلك، التحرك السريع بأمكانية تخصيص فترة زمنية محددة ولو بمعدل ساعتين يومياً عبر المحطات العاملة كالأذاعات (مثلاً أشور أو صوت السلام ..) والقنوات الفضائية ( مثلاً عشتار أو سوريو ..) على أقل تقدير في الوقت الراهن. 
   وفي الختام، نؤكد مرة ثانية بضرورة أستغلال وأستخدام كلّ التقنيات الحديثة والوسائل التكنولوجيّة الجديدة واللغات المستحدثة من خلال الأنترنت وشبكات التواصل الأجتماعي والموبايل للإعلان عن بشارتنا بالمسيح، بشارة السلام والمحبة لعالمنا. مرددين كلمات القديس بولس: “لا تتَشَبّهوا بِما في هذِهِ الدّنيا، بل تَغَيّروا بِتَجديدِ عُقولِكُم لِتَعرِفوا مَشيئَةَ اللهِ: ما هوَ صالِـحٌ، وما هوَ مَرضِـيّ، وما هوَ كامِلٌ (رومة 12: 2).
           نبيل جميل سليمان – الشيخان
                6-6-2014

84
دور الإعلام في نشر الرسالة المسيحيّة
[/size]
 
خصّصت الكنيسة يوماً عالمياً للإعلام والذي يصادف في الأحد الذي يلي صعود الربّ يسوع إلى السماء وقبل حلول الروح القدس في يوم العنصرة، للدلالة أن “الكلمة” الذي صار بشراً وخاطب جميع الناس عن سرّ الله والإنسان والتاريخ، قد أستودع المؤمنين جميعاً عامة والإعلاميين والإعلاميات خاصة رسالة إعلان “الكلمة”: كلمة الحق والخير والمحبة والسلام.
   بيد أن الرسالة المسيحية هي رسالة تواصل بأمتياز، إذ أن الله الآب أتقنها من خلال تواصله مع البشر، إذ أرسل لهم أنبياء ومبشرين، وفي تمام الأزمنة تواصل معهم من خلال أبنه يسوع المسيح. فالرب يسوع كان أول أعلامي إذ أنه قد حدد رسالته الخلاصية (خلاص البشرية جمعاء)، والمرسل (أبنه يسوع في تمام الأزمنة)،  والوسيلة ( الوعظ والتعليم وشفاء المرضى ….. ). أما الفئة المستهدفة فهم ذوي الأرادة الصالحة الذين أختاروا النصيب الأفضل على مثال مريم وجلسوا عند أقدام الرب وسمعوا تعاليمه، فكانت النتيجة قيام الجماعة المسيحية الأولى، جماعة المؤمنين التي اصبحت فيما بعد الكنيسة.
      والكنيسة بدورها أكملت المسيرة مستعملةً كل وسائل الأعلام: من الشفهي المنقول، مروراً بالمخطوطات على أنواعها، وصولاً إلى أعظم ثورة في التاريخ: "ثورة غوتنبرغ" (القرن الخامس عشر- عصر الكتاب المطبوع). وأبحرت في عالم وسائل الأتصال الأجتماعي منذ نشأتها فكانت في بعض الأحيان تشجبها وفي أحيانٍ اخرى تشجعها؛ إلى أن جاء المجمع الفاتيكاني الثاني الذي عقد بدعوة من رجل الله المُلهم، قداسة البابا يوحنا الثالث والعشرين "البابا القديس". فقد كان بمثابة مجمع لوسائل الأتصالات الأجتماعية بأمتياز، الذي دعا الكنيسة إلى الإبحار في عالم وسائل الأتصال الأجتماعي وإلى الأعتماد عليها في إيصال الكلمة إلى ذوي الإرادة الصالحة، كما دعا القيّمين على التنشئة الأكليريكية والرهبانية إلى أدخال مواد الأتصال الأجتماعي في صلب التنشئة الكهنوتية.
  من هذا المنطلق لابد لنا اليوم من البحث في كل الوسائل الممكنة، وبما وهبه الله لنا من خيرات ونعم ومن عقل إنساني مبدع وطموح. هذه النعم التي علينا أستخدامها بجدّية في نشر الرسالة المسيحية "البشرى السارة"، عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة وغيرها. لذا فكنيستنا مدعوة اليوم التي ضلت - بعيدة نوعاً ما - متفرجة وصامتة إزاء هذا العالم المتبحر "عالم الإعلام" كي تجعل منه خادماً أميناً للبشارة، مرسلاً يزف بشرى يسوع المسيح، وأداةَ تلاقي بين أبناء البشر من كل لون وطبقة وجنس، متخطيةً كل الحواجز والحدود، مردّدة مع رسول الامم:  "الويل لي إن لم ابشر". ولا شك ان المبشرين بالإنجيل لطالما وجدوا  وسائلهم الخاصة من أجل حمل رسالة الإيمان إلى الآخرين لقد كان يسوع متحدثاً معبراً، حاضراً، بليغاً، وفي رسالته كان إعلامياً بإمتياز، لم يكن يسوع يملك محطة أثيرية أو تلفازية أو أنترنت، لكنه كان “يبث” في أذهان سامعيه وناظريه، صوراً وأمثالاً ، دعانا المسيح لننادي به من على السطوح، واليوم السطوح باتت رقمية: شاشات تلفزيونية، وسينمائية، أثير الإذاعة، ومواقع الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعي المختلفة. وعلينا اليوم أن نكون حاضرين في شتى انواع وسائل  الإتصالات الإجتماعية، الكنسية منها والعلمانية لنطال أكبر عدد من الأشخاص. وكما نعلم فأن الإعلام يمكن ان يكون بنّاءاً أو هداماً، وعلى تطوّر تقنياته، لم يعد فقط لينقل الحدث، إنما أصبح هو صانع الحدث، أو الحدث بعينه. هو سلاح ذو حدّين الذي إن أسيء أستعماله كانت ضحاياه كثيرة.
   لذا بات لزاماً علينا اليوم أن نطالب  ونناشد الجميع إلى:
1-   ضرورة تنشئة أعلاميين من أكليركيي اليوم "كهنة الغد"، وأيضاً تدريب وتهيئة لفيف من كهنتنا الأفاضل والعناصر الكفوءة من العلمانيين على حسن استعمال كل وسائل الاتصال الاجتماعي وإلى الأبحار ومواكبة العالم بالتقنيات والأساليب والوسائل الإعلامية الحديثة، بل ترويضهم وجعلهم خداماً للبشارة.
2-   وضع خطة عمل راعوية تعليمية وتثقيفية وأعلامية موجهة تشمل كل العاملين في الأبرشيات والخورنات من مشرفي ومعلمي التعليم المسيحي وكوادر النخبة من المربّين من أجل أمتلاك ثقافة مسيحية رصينة فيها من النضوج الإنساني والصفاء الإنجيلي والعمق الروحي والغيرة الرسولية، للحفاظ على التواصل وحسن الأهتمام بالاشخاص الآخرين والتنبه لحاجاتهم الروحية،  وتنبيه الذين يبحرون في العالم الرقمي  الى حاجتهم الروحية وتزويدهم بها من اجل التعرف على الرب.
3-   أنشاء محطات للأذاعة والتلفزيون كواسطة أعلامية مهمة ومتميزة وكوسيلة لنشر وتعميق الوعي الثقافي والديني والفكري. وفي حال تعذر ذلك، التحرك السريع بأمكانية تخصيص فترة زمنية محددة ولو بمعدل ساعتين يومياً عبر المحطات العاملة كالأذاعات (مثلاً أشور أو صوت السلام ..) والقنوات الفضائية ( مثلاً عشتار أو سوريو ..) على أقل تقدير في الوقت الراهن. 
   وفي الختام، نؤكد مرة ثانية بضرورة أستغلال وأستخدام كلّ التقنيات الحديثة والوسائل التكنولوجيّة الجديدة واللغات المستحدثة من خلال الأنترنت وشبكات التواصل الأجتماعي والموبايل للإعلان عن بشارتنا بالمسيح، بشارة السلام والمحبة لعالمنا. مرددين كلمات القديس بولس: “لا تتَشَبّهوا بِما في هذِهِ الدّنيا، بل تَغَيّروا بِتَجديدِ عُقولِكُم لِتَعرِفوا مَشيئَةَ اللهِ: ما هوَ صالِـحٌ، وما هوَ مَرضِـيّ، وما هوَ كامِلٌ (رومة 12: 2).
         
  نبيل جميل سليمان – الشيخان
                6-6-2014


85
الزيارة الراعوية لغبطة أبينا البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو إلى الشيخان

   ضمن جولته التفقدية وزيارته الراعوية لأبرشية ألقوش وتوابعها، قام غبطة البطريرك مار لويس روفائيل الأول ساكو بزيارة إلى كنيسة مار يوسف للكلدان في الشيخان – عين سفني، وذلك في تمام الساعة التاسعة من صباح يوم السبت الموافق 10-5-2014. وكان بمرافقته أصحاب النيافة: مار ميخائيل مقدسي و مار شليمون وردوني و مار يوسف توما و مار حبيب النوفلي، وبحضورعدد من الآباء الأجلاء والراهبات الدومنيكيات الفاضلات وعدد من مدراء ومسؤولي الدوائر الحكومية والمقرات الحزبية وأئمة الجوامع والشخصيات البارزة من وجهاء قضاء الشيخان. وعند وصول موكب غبطته عند مدخل الشارع المؤدي إلى الكنيسة، أستقبله أطفال التعليم المسيحي بالتراتيل حاملين أغصان الزيتون مع تهاليل وأهازيج الأهالي الملتفين على طول الطريق وهم ينثرون أوراق الورود. وتقدم الصليب المقدس موكب غبطته مع حاملي صورة شخصه الكريم والبيرما، مع دقات أجراس الكنيسة وأصداح ترتيلة "شباح المريا بقوذشي" لجوقة مار يوسف أستقبل في زياح مهيب. وحين دخول الموكب إلى داخل الكنيسة، أستقبله الجمع المؤمن بترتيلة "في أستقبالك". وبعدها ألقى السيد نبيل جميل سليمان كلمة ترحيبية بهذه الزيارة الميمونة، تلتها كلمة ترحيبية بالسورث للأخت يونية ايشو. ثم ألقى غبطة البطريرك كلمة شكر فيها كل من: "ساهم وشارك في هذا الأستقبال الرائع والتنظيم المبدع من أبناء كنيسة مار يوسف وجميع أهالي الشيخان بمختلف أطيافه وأديانه ومكوناته، حيث اشاد لما لهذا التناغم والعيش المشترك من قوة تعيننا في بناء الإنسان وبناء الوطن، وذلك لكوننا أبناء الله الواحد ويربطنا إيمان واحد". ثم ألقى الشماس يونان يوسف قصيدة شعرية بالسورث، وبعدها تم السلام على غبطته وتقبل التحيات من قبل الحضور الكريم، وبعدها أستكملت مراسيم أستقبال الضيوف في قاعة الكنيسة. ثم قام غبطته وبمرافقة الأساقفة الأجلاء بزيارة إلى الأمير تحسين بيك أمير الإيزيدية في العالم وسماحة بابا الشيخ الآب الروحي والمرجع الديني لعموم الإيزيدية في العالم. وتلتها زيارة قصيرة إلى بيت الراهبات الدومنيكيات (صوفيا و هناء). وعند الساعة الحادية عشر والنصف صباحاً أقام غبطته قداساً ألهياً، بحضور جمع غفير من المؤمنين. وبعدها أقيمت مأدبة غداء كبرى على شرف غبطته وضيوفه الأكارم، ثم قام غبطته بزيارة إلى كنيسة مار كوركيس للكنيسة الشرقية القديمة في الشيخان، حيث كان في أستقباله حضرة الأركذياقون كوركيس بنيامين راعي الخورنة وجمع غفير من المؤمنين الذين أحتشدوا عند أنتهاء مراسيم الزيارة في توديع غبطته والوفد المرافق له بالحفاوة والتكريم كما أستقبل.
 
نبيل جميل سليمان / الشيخان – عين سفني
 




























































86
جزيل شكري وعميق أمتناني للآب سرمد يوسف المحترم لكلامك الاكثر من رائع، وما يتطلبه هذا الحدث الجلل (ومن الجميع)، من تهيب وقدسية وصلاة وندامة وتوبة وحماس ورجاء. لأن المسيحي هو "شاهد للمسيح" : ينبغي أن يقف وقفة متأمل، ليفحص ضميره، ويشخص وضعه بوضوح، ووضع كنيسته الخاصة والجامعة، ويكتشف ما يطلبه منه الروح، ليكون حقاً نوراً وملحاً وخميرة.
   نصلي الى الرب، ونطلب شفاعة العذراء مريم، أم الكنيسة وأم الله، كي يلمس قلوبنا ويستجيب لصلواتنا ويرسل إلينا روحه القدوس ليلد في كل واحد منا "الأنسان الجديد" ... و "يونان شاب" جديد

"إرعَ خرافي .. إرعَ غنمي" (يوحنا 21 : 15)

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

87

      "شكراً" ... كلمة حق تقال لسيادة المطران لويس ساكو السامي الأحترام ... كلمة لا يمكن أن تأتي إلا ثمرة جهد وعطاء أنسان كرّس ويكرّس حياته بل يهبها في الخدمة والمحبة.
   مثال المسيح "الراعي الصالح": يسهر ويدافع، يرافق ويشهد، يصغي ويتفهم، يتحاور بصدق وحكمة، يتعاون مع الكل لأجل الكل، يتحلى بالوعي والأنفتاح، واضح البصيرة، عدواً للجمود، صديقاً للسلام، يغتني ويُغني.
   "شكراً" ... لأنه حاضر دائماً، أنه للجميع: للمؤمنين ولغير المؤمنين.
   أنه "الشاهد": الذي يراقب ويتحسس، يقفز فوق الحدود، بل يتجاوزها ليكشف لنا كل جديد (جديد الله في جديد الأنسان).
   أنه "الأنسان": الذي أعطى "هوية" لأنسان اليوم وما يعيشه من "أزمة هوية" بسبب المتغيرات الثقافية، والمستجدات التقنية، والأنشغالات المادية، و ...
   هكذا عرفناه "أباً" و "أخاً" بسيطاً ومتواضعاً، و"أنساناً" صادقاً ونزيهاً، و "صديقاً" وفياً ومخلصاً.
"شكراً" ... لعمله المثابر في إنفتاحه المسكوني على جميع الكنائس الشقيقة، وتعاونه في خلق شركة روحية وتنسيق راعوي وعملي مبني على أحترام هوية كل كنيسة وأستقلاليتها وحريتها.
   وتوانيه المتواصل في المحبة والإخاء بين جميع المؤمنين بالله، تجاوزاً لكل الحساسيات والأنقسامات التي يمر بها العالم ومنطقتنا وبلادنا في هذه الفترة العصيبة.
"شكراً" ... لأنه يتمتع برؤية واضحة وإنفتاح حر وإيمان متجذر لرسالة الكنيسة وحضور الروح القدس وعمله فيها.
     أنه يتعامل بروحية الفاتيكاني الثاني، كي تنتعش حياة الكنيسة بروح متجدد، ليساعدها على التحرر المستمر، بتبنّيه المبادرات الخلاقة والأفكار المبدعة من قبل أعضاء مجلس أبرشيته.
   ومن هنا ... أتبنى المبادرة لحرية "الحدث" ... حدث انتخاب بطريرك الكنيسة الكلدانية يوم 28-1-2013، ليكون هو على رأس "كنيسة المشرق" الكلدانية ...
"شكراً" ... لراعينا الجليل، داعين من الرب كي يستجيب لدعواتنا ولدعوة الروح القدس في انتخابه بطريركاً ... كي تتعمق فيه كنائسنا هويتها الإيمانية والروحية وشهادتها الأنجيلية، وتحدد معالمها الدينية والثقافية، وتجدد ذاتها الراعوية والكنسية، بل وحياتنا المسيحية. وليكن عام 2013 عام خير وبشرى لكل المؤمنين بميلاد هذا الحدث الجلل، وما يتطلبه من تهيب وقدسية وصلاة وندامة وتوبة وحماس ورجاء....

دمتم يا "راعينا الصالح" نبراساً مضيئاً .. وصان الله عافيتكم .. وأبقاكم سنداً لكنيسته ... آمين


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

88
جزيل شكري وعميق أمتناني للأخ الدكتور امير مالوكا لما تم طرحه من معالجة حقيقية لوضع الكنيسة الكلدانية، وخاصة بما ذهبت إليه إلى ضرورة مشاركة نخب الشعب (العلمانيين) في أنتخاب البطريرك الجديد ... وهذا ما طرحته انا ايضاً في مقالي المنشور في الرابط http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,631702.0.html لعل في الإعادة إفادة ... وأختصرها في نقطتين:
1-  نطلب بأن يؤخذ رأي العلمانيين المؤمنين وجوباً في أنتخاب أو تعيين البطريرك الجديد، وفي رسامة أي أسقف لأبرشية ما، وهذا حق وكل الحق.
 2- نطلب بتشكيل مجلس أعلى للعلمانيين وإعطاءه صلاحيات واسعة ودائمة، ومنه تنبثق وتتشكل مجالس في كل أبرشية وخورنة.

وتقبل مني كل التقدير والأحترام ...

أخوك / نبيل جميل سليمان
           الشيخان - بيبوزي

89
لعل في الإعادة إفادة
 في عيد الصليب من عام 2009 كتبت ونشرت مقالاً تحت عنوان: (نلتمس الكاردينال "دلي" بالتقاعد أو الأستقالة)، ولكن ألغي المقال وتم حذفه من بعض المواقع الألكترونية العاملة، ولا أعلم لما أتخذ هذا الأجراء اللاديموقراطي بحقي وبحق حرية التعبير وأحترام الرأي ... ومع هذا فقد نال المقال الأعجاب من لدن الكثير وتم نشره في مواقع ومجلات أخرى، في حين أتصل بي الكثير من داخل وخارج القطر لجرأة الطرح والمعالجة، وأود هنا ان أعيد نشره "لعل في الإعادة إفادة".

نلتمس الكاردينال "دلي" بالتقاعد  أو الأستقالة

الى من يهمه الأمر في كنيسة المشرق "الكلدانية" . . .
بطريركاً وأساقفة وكهنة ورهباناً وراهبات وكل العلمانيين والمؤمنين الغيورين . . .

تحية بالرب يسوع :
   يقولون أن : "الصمت أبلغ من الكلام" . . . لكننا اليوم بلغ بنا الموقف لم نعد نقوى على الصمت، فنرجو أن لا تأخذوا موقفنا هذا مأخذ التجاوز على رئاسة كنيستنا الحبيبة، لأن "الكنيسة" هي نحن جميعاً، هي "شعب الله" الذي شاء الله أن يعقد معه عهداً جديداً من خلال ابنه الحبيب يسوع المسيح . وهي وحدة متراصة بين المؤمنين جميعاً تسودهم المساواة الأساسية في الخدمة والكرازة بالأنجيل، طالما أنهم مشتركون في كهنوت المسيح وعليهم تقع مسؤولية البشارة والشهادة له : "اما أنتم فجيل مختار وكهنوت ملوكي وأمة مقدسة وشعب مقتنى لتخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة الى نوره العجيب" (1 بطرس 2 : 9 ) .
   وإزاء هذه المهمة والمسؤولية الموكلة إلينا والملقاة على عاتقنا جميعاً، دون تمييز يذكر لـ "الطبقية" أو "الهرمية" . أسوق، عبر رسالتي هذه، كلمة مؤلمة – لابد منها – لكنها واقعية وجريئة، قد تثير التحفظ بل أستياء أو أمتعاض بعض من رجالات الكنيسة. وأنا أعرف بأني أضع الأصبع على موضوع حساس – قد يقول البعض -  بأني لا حق ولا دخل لي فيه . . . والأنكى من هذا اني أتكلم من زاوية كوني علماني . . . !! فألتمس العذر لأني لن أسكت هذه المرة . . .  فقد ألتزمنا الصمت طيلة الفترة المنصرمة، وأُسكتت أصواتنا منذ المؤتمر العام للكنيسة الكلدانية الأول 1995، عندما تقدمنا بورقة عمل شاملة بروحية الفاتيكاني الثاني، أردنا بها "العبور" بالمقاربة بين الماضي/الحاضر، بين التقليد/الحداثة، بين القديم/الجديد. فهناك ما يدفعني للتجرأ بموضوعية، فلسنا ضد شخص معين أو لدينا ضغينة على أحد، فكل ما نريده وجلّ أهتمامنا هو أعادة الحياة الى كنيستنا وأيجاد معالجة جريئة وصريحة لنهجها الفارغ وضعفها وسوء إدارتها . . . أضافة الى عدم وجود الرجل المناسب في المكان المناسب ووجود الفئوية والمحسوبية والمنسوبية والعنصرية والسلطوية، لذا فعليه :-
1.   نلتمس من قداسة البابا بندكتوس السادس عشر بالتدخل لوضع حد للفوضى الغالبة في كنيسة المشرق "الكلدانية" وذلك بأحالة الكاردينال مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان على التقاعد أو بتقديم أستقالته. وتعيين لجنة لأدارة شؤون البطريركية (مؤلفة من ثلاثة رؤوساء أساقفة)، لحين أنتخاب خلفاً له.
2.   نطلب بأن يؤخذ رأي العلمانيين المؤمنين وجوباً في أنتخاب أو تعيين البطريرك الجديد، وفي رسامة أي أسقف لأبرشية ما، وهذا حق وكل الحق.
3.   نطلب بعقد مؤتمر عام ثانٍ لكنيسة المشرق "الكلدانية"، وبمشاركة علمانية واسعة، والعمل سوية من أجل تطور كنيستنا ومجتمعنا وبالتالي وطننا الغالي. وأن يكون المؤتمر هو أعلى سلطة كنسية وقرارته واجبة التنفيذ.
4.   نطلب بعقد سنهودس أبرشي تعمق فيه كنائسنا هويتها الإيمانية والروحية وتحدد معالمها الدينية والثقافية وتجدد ذاتها الراعوية والكنسية.
5.   نطلب بتشكيل مجلس أعلى للعلمانيين وإعطاءه صلاحيات واسعة ودائمة، ومنه تنبثق وتتشكل مجالس في كل أبرشية وخورنة.
6.   نطلب بالأنفتاح المسكوني على جميع الكنائس الشقيقة (خاصة الكنيسة الشرقية القديمة وكنيسة المشرق الأشورية)، وضرورة الأعتراف بأخطائنا وحل كل الأشكالات التي تقف حائلاً دون تحقيق الوحدة المنشودة وإمكانية التوحيد.
   أن المسيحي المؤمن هو "شاهد" للمسيح، ينبغي أن يقف وقفة متأمل، ليفحص ضميره، ويشخص وضعه بوضوح، ووضع كنيسته الخاصة والجامعة، ويكتشف ما يطلبه منه الروح القدس، ليكون حقاً نوراً وملحاً وخميرة. وما يتطلبه منا هذا الحدث من تهيب وقدسية وصلاة وندامة وتوبة وحماس ورجاء.
   نصلي الى الرب، ونطلب شفاعة مريم العذراء أم الكنيسة وأم الله، كي يستجيب لصوتنا ويلمس قلوبنا ويرسل روحه القدوس ليلد في كل واحد منا "الأنسان الجديد".


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي
عيد الصليب 14/9/2009



90
بأسم الآب والأبن والروح القدس الأله الواحد آمين

الى ذوي المرحـوم الاستاذ نوئيل قيا بلو وعائلته واولاده واخوانه واخواته جميعاً

                       بهذه المناسبة الاليمة نقدم لكم  تعازينا الحارة ونشارككم وكل محبيه الأحزان بهذا المصاب الأليم
 سائلين الباري عز وجل ان يتغمد الفقيد الغالي برحمته الواسعة…

   كما نطلب من الرب ان يمنحه الحياة الأبدية وان يسكنه فسيح جناته

           ويلهمكم جميعا الصبر والسلوان  وان تكون خــاتـمـة  لاحـزانــكـم

عائلة المرحوم / جميل سليمان يوحنا - قضاء الشيخان - قرية بيبوزي

كل من: نبيل، فارس، نجيب، بسام، عصام، نجلاء، سرجون
[/size]

91
أدب / رد: لحظة
« في: 21:02 03/12/2011  »
جزيل شكري وفائق تقديري للأخ العزيز والغالي بابا عابد المحترم

بكل فخر وأعتزاز أتقبل كلماتك الرقيقة ومرورك الكريم

أخوكم / نبيل جميل سليمان

92
الهويّة والغيريّة . . والخيار
[/size]

 في خضم التخبط والدوامة التي تعصف بشبابنا اليوم، وما يعيشه المحيط العربي المعاصر من صراعات عديدة ومتنوعة، على الساحة السياسية والاجتماعية، الدينية والطائفية، الثقافية والعلمية، . . . نراه لا يرضيه الماضي ولا يفرحه الحاضر ولا يشجعه المستقبل. فهل سيبقى في هذا الجو الخانق من القلق وعدم الأستقرار؟ أم يسكت تجاه ما يجري من حوله؟ أو يبقى متفرجاً وكأن الأمر لا يعنيه ولا يهمه؟ أظن هذا لن يكون موقفاً انجيلياً، بل العكس فالأمر يهمه ويهمنا كثيراً نحن المسيحيين، لأن المستقبل مبنيٌّ على الشباب. فما أحوجنا اليوم إلى شباب واعي وناضج وصاحب قرار يمتاز بالقيادة ويذّكر الناس بالمحبة والتعاون والصدق والبناء وزرع البذار الصالح. لذا سنحاول في مقالنا هذا، أن نسلط الضوء على بعض من حقائق واقعنا العربي، والذي يتمحور حول ثلاثة ابعاد (العقل، قبول الغيريّة، واحترام التاريخ). والتي نراها ملحّة في محيطنا العربي بعامة، والشرقي المسيحي بخاصة. وهي ابعاد انسانية ضرورية، لم نعتمد عليها، بل لم نولِها حقّها في نهجنا ومنهجيتنا.
1-   مأزق العقل العربي:
    مما لا شك فيه إننا أمام مأزق كبير، والمأزق إنما يكمن في "العقل" العربي وتأثيراته علينا. فالفكر العربي حذر تجاه العقل، بل ويخشاه. لما لقدرة العقل على الشك، وقوته الناقدة لكثير من القناعات المتوارثة على مر الاجيال. وأمام ذلك، هناك موقفان مضادان يعيشهما المحيط العربي:
   أ‌-   فهناك موقف عدم الأعتراف بهذا المأزق وبهذا النقص الفادح، وهذا يقودنا إلى التوهم بان مجتمعاتنا العربية أليفة العقل ورائدة الفلسفة والثقافة والعلوم . . . ولهؤلاء نقول: الأعتراف بالنقص فضيلة، بل وبداية الهداية والتقدم، واما الهروب من الواقع وبالاستمرار في الخطأ، فلا يجدي نفعاً في أي حال من الاحوال.
   ب‌-    وهناك موقف الخضوع السلبي للإيمان، حيث اللجوء الى الإيمان خوفاً من العقل واحتماءً منه، او كسلاً في عدم استخدامه. فلماذا الخوف من العقل، أو الحذر منه، أو رفضه؟ فكل الفلاسفة اللاهوتيين والقديسين الروحيين على مرور الزمن كانوا يستخدمون العقل ويسخرونه لخدمة الإيمان. أي من دون الوقوع والخضوع الأعمى للإيمان بدون اعمال العقل؟ أليس العقل قد خلقه الله، كما خلق الجسد والنفس والروح...؟
   وإزاء هذين المهربين من الحقيقة، ألا ينبغي لفكرنا العربي الشرقي المسيحي - على اختلاف توجهاته في العلوم الانسانية والفلسفية واللاهوتية - ان يتعظ بالغرب الذي استخدم العقل، في عدة مجالات، منها الفكر الفلسفي والعلوم الانسانية والتفسير الكتابي والخطاب اللاهوتي؟ أن نتوجه إلى الخارج ليتقوى الداخل، أن نستفيد من خبرات وابداعات وغنى الخارج، كي نبني النفوس ونطوّر المهارات ونحفز المواهب لمن هم في الداخل. فقد توصل الغرب بالفعل الى نوع من التناغم بين الايمان والعقل من خلال أجتيازه "أزمات". ولا خوف من الأزمات لأنها، بالرغم من خطورتها الحقيقية، فقد تفضي الى تطهير الإيمان من الشوائب غير الإيمانية العالقة بها. وما علينا اليوم سوى أستقراء ملامح المسيرة الغربية، لا لنقلدها، بل لنستلهمها، علّها تفيد منهجنا العربي بوجه عام والمسيحي الشرقي بوجه خاص. قناعة منا إن في كل خبرة انسانية أو فكر انساني بعداً انسانياً شاملاً. فقد نهض الغرب وأستيقظ من سبات القرون الوسطى في عصر النهضة الاوربية، عندما تحرر من ثوابته وقناعاته وقوالبه الراسخة وموروثاته الجامدة وتقاليده المتحجرة. إذ استعمل العقل واستخدم النقد وادخل مبدأ "الشك المنهجي" وتقدم في العلوم الانسانية الدقيقة والفلسفية والدينية والإيمانية والثقافية .... كل هذه المجالات خدمت فعلاً الغرب في ان جعلته يستعمل عقله، وحررته من تسلّط ما ليس بالعقل كالسلطات الدينية المتسلطة والمعتقدات الخرافية الموروثة، وفي نهاية المطاف طهرت إيمانه من كل ما يشوبه من شوائب التي ليست بالإيمان الخالص . . . .
   وهنا لا ندعي أطلاقاً، بأن فكرنا العربي المعاصر من المحتم عليه ان يمر بكل ما مر به الغرب. فمسيرة كل امة وكل شعب، وكل دين وكل طائفة، تختلف كل الاختلاف عن غيرها، فعليها ان تخوض مسارها الخاص. كما إننا لا ندعي أطلاقاً، بأن مسيرة الغرب مثال ينبغي ان يحتذى به، ففيها الصالح وفيها الطالح، وفيها ما يناسب الوضع العربي وفيها ما لا يناسبه. غير ان المسيرة الغربية هي بمثابة "نموذج" يمكننا الأستعانة بإيجابياته، كما انه وبذات الوقت يمكننا تحاشي اخطائه. فخلاصة القول ان فكرنا العربي الديني والطائفي، السياسي والاجتماعي، . . . في مسيس الحاجة الى "معلمي الشك" لا شك من اجل الشك، بل الشك المنهجي النقدي بفضل اعمال العقل، وتطهير الايمان، وبنيان عقلية متجددة، ونقد الذات، والتحرر من مختلف السلطات المهيمنة. . .
2-   الهويّة والغيريّة:
   ومن القضايا التي تتطلب دوراً نقدياً، بالأضافة إلى دور أو بعد العقل، نذكر قضيتين هامتين مكملتين له: الهويّة وقبول الغيريّة. فليس الهدف الحقيقي من هذا كلّه هو العقل، بل "الإنسان الكلّيّ" أو "كلّيّة الإنسان" أي كل مقومات وابعاد شخصيته الجسدية، والنفسية، والأجتماعية، والروحية، ... لأن الإنسان هو وحدة متلاحمة لاتقبل التجزئة.
   أن ما يميّز العقلية العربية هو تركيزها على "الهويّة"، فهي تنطلق من الهويّة وتنتهي بالهويّة. أي انها منغلقة على ذاتها، حيث لا مكانة للآخر المختلف عنها، فهي تمتصه بل وتلغيه. وينجم عن هذه العقلية جميع ألوان التعصّب الذي نشاهده في مجتمعاتنا العربية، ولا سيما على الساحة السياسية والأجتماعية، والدينية والطائفية، حيث أغلبية ساحقة وأقليات مبعثرة. وبالتالي تكفير "الحداثة" ورفض كل ما هو جديد ومتجدد، بيد ان الجديد أو المختلف، يحمل في طياته "غيريّة" يخشى أن تهدد الهويّة أو أقله تضعها موضع تساؤل. ولتجاوز ذلك تتحتم على العقلية العربية أن تأخذ بعين الأعتبار الغيريّة، لتخرج من مأزق الهويّة الأحادية القاتلة لكل فكر وكل تقدم. فالغيريّة هي "المختلف" الذي يقتحم الهويّة كي لا تنغلق على نفسها فتخشى الآخر وتهرب منه وتعتبره مهدداً وترفضه وتقاومه. إن قبول الآخر المختلف ضرورة حيويّة لتتوطد الهويّة وتنمو وتنفتح على الشمولية. وإن قبول التعددية، المترتب على قبول الآخر، هو غنى وثراء، وليس كما يعتبرها البعض بأنها عنصر تهديد للهويّة. والغيريّة تسمح بعلاقة وطيدة بين الأنا والآخر، بحيث يصبح الآخر جزءاً لا يتجزأ من الأنا، وتدمج "الهويّة – الغيريّة" من دون أن تتلاشى أو تنصهر الغيريّة في الهويّة، ومن دون أن تفقد الهويّة أصالتها. وهذه الهويّة، هي هويّة مجددة لأنها أغتنت بالآخر. وبما أن الآخر متعدد، فالهويّة تغتني بأستمرار وتكتسب عناصر متعددة. فالهويّة، في نهاية الأمر، ليست جامدة متحجرة، بل هي حيّة متجددة، حتى أمكننا أعتبار الهويّة "هويّات".
   وهنا تواجهنا تحديات ملحّة، لابد لنا من الأشارة لها:
   أ‌-   ضرورة الأعتراف بالآخر المختلف في مجتمعاتنا العربية، في المجال السياسي والأجتماعي، والديني والطائفي، ولا سيما اعتراف الأغلبية بالأقلية أو بالأقليات. فالأعتراف بالآخر المختلف، واحترام حقوقه، والمساواة في المعاملة، هي للأسف أمور غير بديهية في مجتمعاتنا العربية، والحق في الأختلاف أمر غير مألوف أيضاً، بل يكاد يكون غير مقبول، لأن الحق للقوي وللأغلبية السائدة الساحقة. ولذلك لا تمارس معظم مجتمعاتنا العربية الديمقراطية بل "الدم قراطية"، لأنها تخالف ما اعتادته من سيطرة القوي أو الأغلبية بإقصاء الآخر المختلف ولا سيما الأقليات. وعليه، فهذا البعد الناقص هو تحد بتمام معنى الكلمة في مجتمعاتنا العربية.
   ب‌-   والتحدي الثاني في مجتمعاتنا العربية، هو "الحوار" وهو بمثابة تحدٍّ حقيقي، لأنها لم تعتد الحوار، بل اعتادت في تاريخها الدفاع عن الذات، بينما الحوار يتطلب الخروج من الذات لمعرفة الآخر كما يعبر "الآخر" هو عن نفسه، لا كما أتصوره أنا. بيد أن الحوار يحتم قبول الآخر مختلفاً، وجديراً بالأحترام لكونه آخر مختلف. لذا فإن تحدي الحوار هو حقيقة بمثابة "ثورة" في النهج العربي.

3-   الحس التاريخي:
   في حقيقة الأمر، أن محيطنا العربي يؤله الماضي. وأشكاليتنا تكمن في انه نعود اليه لنثق بأنفسنا في حاضرنا ، حتى قيل – بروح من الفكاهة – إننا "نتقدم" ونحن ننظر الى "القديم"، ونخطو خطوات الى "الأمام" ونحن ننظر الى "الوراء". أو نتغنى بأمجاد ماضينا ومكتسبات حضارتنا، متهمين الغرب بسرقتها، بل ومعوّلين عليها تقدمه ورقي حضارته .....
   وبالمقابل، فإننا نولي التقليد ايضاً أهمية بالغة حتى التأليه، ذلك بأن لا الحاضر القاتم، ولا المستقبل المجهول بمقدورهما أن يمنحا ما يمنحه التقليد المؤله من أمان وضمان واستقرار، ومن عزة بالنفس وفخر بالذات امام حاضر يتسم بالهوان ومستقبل يفلت من قبضة اليد. ونحن هنا لسنا بصدد مقاومة التطرف في النظرة الى الماضي، ولا سيما الى التقليد، ولا يعني ذلك على الأطلاق أننا نقلل من قيمة الماضي أو التقليد. ولكننا نحاول أن نظهر للعديد من العرب الشرقيين الذين لا زالوا يعيشوا هذه حالة من التشنج والتأله للماضي على حساب الحاضر والمستقبل. لذا ندعو الى نظرة متناسقة للماضي والحاضر والمستقبل، بدون تفضيل أو مفاضلة الواحد على الآخر، بالرغم من صعوبة الأمر في تدارك ذلك. علماً بان التركيز على الماضي يؤدي الى ما تم توضيحه من مخاطر وعيوب، واما التشديد على الحاضر فيؤول الى الانغماس في واقع الحياة حتى الاستعباد لها، واما الألحاح في المستقبل، فيفضي الى الهروب من الواقع والتحليق في احلام وردية وروحانيات وهمية. لذا وجب علينا السير قدماً نحو التكامل المتناغم فيما بين المراحل التاريخية الثلاث.
4-   الكنائس الشرقية بين الأصالة والتجديد:
   أما ما يخص كنائسنا الشرقية التي لم تتعرف الى آخر مختلف، فظلت في نطاق هويّتها، بدون الأحتكاك بغيرها. وعندما دخلت في علاقة بآخر مختلف، تم ذلك في جو من الصراعات والأنشقاقات، لا في جو من الحوار البنّاء المثري. فتحجرت في ماضيها المجيد، في "عصرها الذهبي"، فأجترت الماضي بدون أبداع، وفضّلت الهويّة على الغيريّة. فثمة تحد حقيقي، ألا وهو أن تتحاور الكنائس الشرقية مع بعضها البعض ومع مختلف الكنائس، الأمر الذي لن يهدد هويّتها ولن يفقدها أصالتها، بل سيغنيها، لأن الآخر المختلف سوف يصبح جزءاً لا يتجزأ من هويّتها، كما انها ستغني الآخر بهويّتها الأصيلة العريقة.
   وهنا لابد لنا من الأشارة إلى تطبيق واستخدام منهج "الجدلية"، أي تبني واعتبار العنصر ونقيضه في آن واحد: (كما هو الحال في ناتج التفاعل الكيمياوي الحاصل ما بين عنصري الصوديوم والكلور لينشأ الملح)، فينشأ من تفاعلهما النقيضي ائتلاف هو بالفعل قطب ثالث ليس هو الأول ولا الثاني، بل عنصر جديد هو مزيج من الاثنين، وفي الوقت ذاته مختلف عنهما. ونلاحظ هنا بان الجدلية ليست منهجاً فقط، بل هي موقف حياتي ايضاً، بمعنى ان تفاعل عنصرين او شخصين او فئتين او طائفتين او مدرستين او حزبين . . . مختلفين يولد فيهما وضعاً جديداً، ويفضي بهما الى حقيقة جديدة، فلم يغدوا مثلما كانا في البداية، بل اصبح كل منهما مختلفا عما كان عليه.
   ختاماً، وبالرغم من التعددية ومظاهرها الأيجابية والسلبية التي يتسم بها الشرق العربي، حيث تتواجه باستمرار الهويّة والغيريّة. ولكن في هذه المواجهة هناك فرصة مزدوجة المعنى: فإما من أجل البنيان والنمو، وإما من أجل التنصل من المسؤولية والتلاشي. ومع هذا فكثيراً ما يتصوّر البعض من أن الهويّة ملازمة للماضي وللأصالة وللتقليد، وأما الغيريّة فهي عنصر دخيل يناهض الماضي والتقليد وينافي الأصالة. أن مثل هذه النظرة مخطئة ومتحجرة، لأن الهويّة حية ديناميّة تغتني من خلال الظروف الغيريّة. لاتنحصر إذاً الهويّة في الماضي والوراء، بل تتأقلم مع الحاضر، وتتطلع إلى الأمام والمستقبل. ولشبيبتنا أقول: "لكم الخيار في كل ما تختارونه".



نبيل جميل سليمان
الشيخان – بيبوزي


93
شكرا لكلماتك الرائعة
ولأحساسك الوطني المرهف
وإلى المزيد من التألق والأبداع

مع محبتي الخالصة

نبيل جميل سليمان

94
أدب / رد: أشورينا
« في: 21:35 20/04/2011  »
فائق تقديري وجزيل احترامي للأخت العزيزة والفاضلة انهاء سيفو المحترمة

لكلماتك الرائعة .. مشاعرك الرقيقة .. احساك المرهف

مع محبتي الخالصة

نبيل جميل سليمان

95
أدب / أشورينا
« في: 22:07 17/04/2011  »



أشورينا


نبيل جميل سليمان


لماذا ..؟
قبل أن تعرفي الحب
وضعتِ قلبكِ بقلعةٍ منيعة
حصينة
خطوط حمراء عديدة
لكن ..!
أتدرين يا أشورينا
نحن
لسنا في حربٍ لعينة
قلاع، وحصون، وأسلحة ثقيلة
كبرياء دفينة
خنادق عميقة
أسلاك شائكة
* * * * * *
الحب يا أشورينا
هذا إن عرفتِ الحب ..!!
فالحب هو ...
تواضع وإخلاء للذات
فداء وتضحية
خدمة مجانية
عطاء متجدد
صراحة
صدق
ثقة
* * * * * *
لكنكِ لم تعرفي الحب
ولا الحب سيطرق باب قلبكِ
المتعالي
المقلعن
المغلوق
والمرمي في صندوق
في قاع معتوق
      * * * * * *
أتعرفين الحب
لا كبرياء في الحب
لا قلاع ولا حصون
ولكن مع هذا أحببتكِ
ورسمتُ
من حدقات العيون
صورة
هي اجمل ما تكون
عن حب مميز
عمره آلاف السنون
حضارة اشور وسرجون
حب إنسان
عشق الارض بجنون
وسأرسم
من دمع العيون
تحفة
يمجدها التاريخ والبنون
أيقونة
ناطقة وشاهدة
لحب أزلي
 حب أشور لأشورينا


  

   الشيخان - بيبوزي




 

96
خلال زيارته لأبرشية عقرة، سعادة السفير البابوي :
 "كلفني البابا لأعطيكم الرجاء .. ولكن فوجئت بإن الرجاء هو فيكم وهذه نعمة أفتخر بها"
 
  واصل المونسينيور جورجيو لينغوا السفير البابوي لدى كلآً من جمهورية العراق والمملكة الأردنية الهاشمية، زيارته الحالية إلى العراق بتفقده أحوال الرعية في أبرشية عقرة عندما حلً ضيفاً عزيزاً في قلوب أبناء هذا الشعب المبارك. وذلك في تمام الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم الخميس الموافق 3/2/2011 برفقة حضرة الآب يوحنا عيسى المدبر البطريركي لأبرشية عقرة والآب دنخا عيسى الراهب. وكان بأستقبال سعادته في قرية باناصور سيادة المطران مار توما إرميا راعي أبرشية نينوى ودهوك للكنيسة الشرقية القديمة والشماس كوركيس شليمون نائب محافظ دهوك  وعدداً من المسؤولين الحزبيين والأداريين وممثلي المنظمات والوجهاء وجمهور غفير، توافدوا من قضاء عقرة والقرى المجاورة. ولدى وصول سعادته قدم له المستقبلون باقات من الورود بينما رتل جوق كنيسة مار يوسف في قرية باناصور والشمامسة التراتيل الدينية أحتفاءاً بمقدمه. وبعدها ألقى الآب يوحنا عيسى كلمة ترحيبية لما لهذه الزيارة من أهمية كبيرة في نفوس أبناء هذه الأبرشية العريقة. وبعدها ألقى الشماس كوركيس شليمون كلمة شكر وترحيب بمقدمه الكريم وأستعرض من خلالها الأنجازات الكبيرة التي تحققت للشعب المسيحي في أقليم كوردستان العراق. وتابع السيد جهور علي عزيز قائممقام قضاء عقرة بكلمة مؤثرة لما للمسيحيين من دور مهم ومتميز في ربوع شمالنا العزيز وما يوليه السيد الرئيس مسعود البارزاني من أهتمام كبير ورعاية كريمة لهذا المكون الأصيل. ثم نقل سيادة المونسينيور جورجيو لينغوا تحيات وبركات الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر الذي كلفه بهذه الزيارة الميمونة، وشكر كل الحضور لما لاقاه من ترحيب وحفاوة كبيرة وما شاهده من تلاحم ومشاركة جميع ابناء هذه العائلة الواحدة التي تقطن هذه المنطقة الجبلية الرائعة والتي تشبه منطقته "فوسانو" شمال غرب إيطاليا حيث ولد فيها. وبعدها أقام أهالي قرية باناصور الكرام، مأدبة غداء كبرى على شرف ضيفهم الجليل والحضور الأعزاء. ثم ألتقى سعادته بأبناء قرية باناصور في كنيسة مار يوسف وسط جوّ من الغبطة والفرح.
وأعقبت زيارته هذه، تفقده لباقي أبناء هذه الأبرشية في مجمع عقرة عندما زار سعادته كنيسة مار سركيس، وكان بأستقباله سيادة المطران مار توما إرميا راعي أبرشية نينوى ودهوك للكنيسة الشرقية القديمة وجمع غفير من المؤمنين. وبعدها غادر قضاء عقرة متوجهاً إلى قرية هزارجوت وألتقى بالشعب المبارك في كنيسة مار ماري الرسول، وودع بكل حفاوة وتكريم مثلما أستقبلوه بزوجين من الحمام الذي يرمز للسلام والمحبة. وأختتم زيارته التفقدية لأبناء أبرشية عقرة، عندما زار قرية ملابروان الذين أستقبلوه بأغصان الزيتون. وفي كنيسة مار ساوة أعطى بركته الرسولية إلى جميع أبناء هذه الرعية المباركة من أبرشية عقرة، مؤكداً بأن: "الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر قد حمّلني أن أعطيكم الرجاء ... ولكن فوجئت بأن الرجاء هو فيكم وهذه نعمة أفتخر بها".  

 
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي




97
تكريس مقبرة قرية هزارجوت

   برعايته السخية وألتفاتته الكريمة قام الشماس كوركيس شليمون نائب محافظ دهوك  بتكريس مقبرة للراقدين على رجاء القيامة في قرية هزارجوت وذلك في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الجمعة المصادف 21/1/2011. وبحضور كلاً من  سيادة المطران مار اسحق يوسف راعي ابرشية كنيسة المشرق في نوهدرا وروسيا وجورجيا وارمينيا، والآب يوحنا عيسى المدبر البطريركي لأبرشية عقرة. وبحضور رئيس وأعضاء اللجنة العليا لشؤون المسيحيين في دهوك ( السيد فرنسو مندو والشماس اسحق سولاقا والشماس كوركيس شمعون والشماس ابلحد منصور) وجمع من أهالي القرية.
   وفي مستهل المراسيم أستمع الحضور إلى ترتيلة من جوقة الملائكة التابعة لكنيسة مار ماري في قرية هزارجوت، وبعدها أستمرت المراسيم الطقسية الخاصة بالتكريس. وألقى حضرة الآب يوحنا عيسى كلمة شكر وتقدير لكل من ساهم في أنجاز هذا الجهد الكريم، وتلاه سيادة المطران مار اسحق يوسف بألقاء كلمة قيّمة ومؤثرة وبعدها أختتم الشماس كوركيس شليمون بكلمة أعتزاز ووفاء لكل أهالي هذه القرية العزيزة وإلى كل قرية مسيحية في أقليم كردستان بتقديم يد العون والمساندة لتلبية كل المتطلبات الخدمية التي تخدم الواقع العام. وبعدها أقام أهالي قرية هزارجوت الكرام مأدبة غداء كبرى على شرف المدعووين الأعزاء.  

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي



98
أدب / لحظة
« في: 22:46 27/11/2010  »



لحظة

نبيل جميل سليمان

لحظة ... تمنيتُ فيها نفسي
أن أكون معكِ
لوحدنا
في جزيرة خضراء
في واحة صحراء
لحظة ... طار فيَّ الشوق
بعيداً
فرحاً
ثملاً
من لوعة حبٍ
من نشوة ودٍ
لحظة ... توقف الزمن
وأنبهر الجفن
هامساً في سحر عيناك
سابحاً في بحر لقياك
لحظة ... كانت فاصلة
نائمة
حائمة
في فضاء أحلامي
في سكرات كأسي
لحظة ... دعيني أراكِ
دعيني ألمسكِ
ضميني
وأمتلكيني
لتلامس عيناكِ عينيَّ
ويداكِ الخفية شفتيَّ



الشيخان - بيبوزي

99
المنبر الحر / سمعت بكاءك يا الله
« في: 15:26 05/11/2010  »
سمعت بكاءك يا الله
[/size]

إلى الشهداء القديسين في كنيسة سيدة النجاة

ما الذي يحدث .. !؟
ولما كل هذا .. !؟
لقد تعبت .. بل تعبت كثيراً من الكلام ...
               والكلام بسيط لا يعني سوى قدر ضئيل مما أشعر به
لقد تعبت .. بل تعبت كثيراً من الكتابة ...
               فما أكتبه لا ينبع من داخلي ولا أفرح لكتابته لأنه ذاتي الثانية
لقد تعبت .. بل تعبت كثيراً من الأحلام ...
               لأنها الحقيقة الوحيدة في هذه الحياة وهي ما أعيش من أجله
ومع هذا لن أتنازل عن: الكلام .. والكتابة .. والأحلام ..
            لن أتنازل عما أريده حتى لو حققته وحدي
            لن أتنازل عن صوت أنسان بائس يتصاعد من جوانب هذه الظلمة
            لن أتنازل عن صرخة ألم لم يفهمها أو يعيرها أحدهم أنتباه
            لن أتنازل عن نواح المحزونين الذي لا يسمعه الجالسون على العروش
            لن أتنازل عن حياة أنسان أصبح أداةً للموت وخردةً للبيع
            لن أتنازل عنك يا الله: عن محبتك .. عن ألمك .. عن بكاءك ..
لأني بالأمس سمعت بكاءك على كل ما حدث ...
                                                            ويحدث لمشروع محبتك "الأنسان" ...
نعم سمعت بكاءك يا الله: على كل أنسان يموت
                                        على كل أنسان يفقد ذاته
                                        على كل أنسان يفقد عقله
                                        على كل أنسان يفقد الرجاء
                                        على عنف الأنسان والعطب الذي أصابه
لن أتنازل عن بكاءك يا الله ...
                                      لأني ما زلت أحلم بحياة لم أحصل عليها بعد ...



                                                                                                     نبيل جميل سليمان
                                                                                                   الشيخان - بيبوزي










    
    

100
شكراً للآب يوحنا عيسى
[/size]

•   "شكراً" ... كلمة حق تقال للآب يوحنا عيسى ( المدبر البطريركي لأبرشية عقرة والزيبار ). كلمة لا يمكن أن تأتي إلا ثمرة جهد وعطاء أنسان كرّس ويكرّس حياته بل يهبها في الخدمة والمحبة.
   مثال المسيح "الراعي الصالح": يسهر ويدافع، يرافق ويشهد، يصغي ويتفهم، يتحاور بصدق وحكمة، يتعاون مع الكل لأجل الكل، يتحلى بالوعي والأنفتاح، واضح البصيرة، عدواً للجمود، صديقاً للسلام، يغتني ويُغني، يتجاوز النظرة "الأكليروسانية" الفردية والفوقية.
•   "شكراً" ... لأنه حاضر دائماً، أنه للجميع: للمؤمنين ولغير المؤمنين.
   أنه الكاهن "الشاهد": الذي يراقب ويتحسس، يقفز فوق الحدود، بل يتجاوزها ليكشف لنا كل جديد (جديد الله في جديد الأنسان).
   أنه الأنسان "الكاهن": الذي أعطى "هوية" لكاهن اليوم وما يعيشه من "أزمة هوية" بسبب المتغيرات الثقافية، والمستجدات التقنية، والأنشغالات المادية، و ...
   هكذا عرفته أباً بسيطاً ومتواضعاً، وأنساناً صادقاً ونزيهاً، وصديقاً وفياً ومخلصاً.
•   "شكراً" ... لعمله المثابر في إنفتاحه المسكوني على جميع الكنائس الشقيقة، وتعاونه في خلق شركة روحية وتنسيق راعوي وعملي مبني على أحترام هوية كل كنيسة وأستقلاليتها وحريتها.
   وتوانيه المتواصل في المحبة والإخاء بين جميع المؤمنين بالله، تجاوزاً لكل الحساسيات والأنقسامات التي يمر بها العالم ومنطقتنا وبلادنا في هذه الفترة العصيبة.
•   "شكراً" ... لأنه يتمتع برؤية واضحة وإنفتاح حر وإيمان متجذر لرسالة الكنيسة وحضور الروح القدس وعمله فيها.
     أنه يتعامل بروحية الفاتيكاني الثاني، كي تنتعش حياة الكنيسة بروح متجدد، ليساعدها على التحرر المستمر، بتبنّيه المبادرات الخلاقة والأفكار المبدعة من قبل أعضاء مجلس أبرشيته.
   ومن هنا كانت المبادرة وحرية "الحدث" الذي تبنّاه المجلس الأبرشي بعقد ( سينودس أبرشي )، وهو الأول من نوعه في "كنيسة المشرق" الكلدانية بل في عموم كنائس العراق. كي تتعمق فيه كنائسنا هويتها الإيمانية والروحية وشهادتها الأنجيلية، وتحدد معالمها الدينية والثقافية، وتجدد ذاتها الراعوية والكنسية، بل وحياتنا المسيحية.
•   "شكراً" ... للآب يوحنا عيسى، لكل النشاطات القيّمة والفعاليات المتنوعة والنجاحات المبدعة (بصورة عامة). (وبصورة خاصة) ما سيتم في القريب العاجل، بأنجاز وأنجاح هذا الحدث الجليل. ليكون عام 2010 عام خير وبشرى لكل المؤمنين بميلاد هذا المشروع الكنسي المهم، وما يتطلبه من تهيب وقدسية وصلاة وندامة وتوبة وحماس ورجاء. كي يقف المسيحي المؤمن "شاهد المسيح" وقفة متأمل ليفحص ضميره ويشخص وضعه بوضوح، ووضع كنيسته الخاصة والجامعة، ويكتشف ما يطلبه منه الروح، ليكون حقاً نوراً وملحاً وخميرة.

دمتم يا خادم الرعية نبراساً مضيئاً .. وصان الله عافيتكم .. وأبقاكم سنداً لكنيسته ... آمين


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

101
"أنت ابني، وأنا اليوم ولدتك"
[/size]
•   تمهيد:
    (نود الأشارة بادئ ذي بدء إلى أن جميع التعابير البشرية تبقى عاجزة كل العجز وناقصة كل النقص في مقاربة "سر" الله، الأمر الذي ما لا ينتهي الأنسان من فهمه كلما تعمق فيه. فالله يتجاوزها كل التجاوز، وهي لا تستوعب سره العظيم، ولكن مع هذا لا بد منها للتعبير عن سره تعبيراً بشرياً).
   ومن هذا المنطلق، نحاول بالمقاربة إلقاء نظرة تأملية لهذه الآية التي تقودنا لتعليم الماضي ثم الحاضر وإلى المستقبل، بل تفتحنا للرجاء. حيث تشير أولاً إلى العهد القديم (مزمور2 : 7)، ومنها ننطلق الى العهد الجديد لكونها تشمل الأزمنة جميعها:
1.   الماضي (أعمال الرسل13 : 33): أرتبطت بالفكرة المبدئية، أي التجسد (إلادة الأبن بالروح في مريم العذراء).
2.   الحاضر (عبرانيين5 : 5): أرتبطت بالفكرة التالية، أي قيامة المسيح من الأموات (وهي إلادة أيضاً).
3.   المستقبل (عبرانيين1 : 5): أرتبطت بالفكرة النهائية، وهي مجئ المسيح ثانية للمُلك (بالإلادة).
   أنها آية عظيمة مرتبطة بهذه الأفكار المجيدة: التجسد، القيامة، المجئ الثاني. منها سنحاول أن نستقي فهم إلهامات ميلاد الطفل يسوع في البشرية والعالم، في إلادته فينا ... في كل واحد منا ... في الأنسان المؤمن الفعّال.
•   إلادة الآب لأبنه (الوحيد / الحبيب):
   إذ يستخدم الكتاب المقدس تعابير، مثل: "في البدء"، "البداية"، "قبل إنشاء العالم"، "قبل كل شئ"، إنما يقصد بها إلادة الآب لأبنه، إلادة غير زمنية: لأن الله خارج الزمن، بل هو خالق الزمن. أي إنها إلادة أزلية: لا بداية لها، ثم إن كانت أزلية، فهي بالتأكيد أبدية: لانهاية لها، لأن الله يتسامى على الزمان (على البداية والنهاية). أي إن الله "سرمدي": ما لا بداية ولا نهاية له، وبالتالي فإن إلادة الآب لأبنه هي إلادة سرمدية: (لا بداية ولا نهاية لها)، إلادة "مستديمة": (الآب يلد أبنه بدون أنقطاع)، أي إنها إلادة تستمر (فالآب يلد ولا يزال يلد أبنه من الأزل وللأبد). بيد إننا نفهم هنا على إن الإلادة الألهية هي على مثال الخلقة، خلق الله للعالم وللأنسان من حيث إنها تتصف بصفة "الديمومة". فالله يخلق في كل لحظة، ولولا خلقه الدائم لزال الكون كله، وفنيت الحياة. وإن كان الله يتسامى على الزمان، فأنه يتسامى على المكان أيضاً، أي إن إلادته لأبنه لا تخضع للمكان وبذلك فهي إلادة غير جسدية، بل هي إلادة روحية صرف. لأن الله روح لا جسد له: "الله روح" (يوحنا3 : 24).
•   أبوّة وأمومة الله:
   يا لها من محبة للبشر لا توصف يظهرها الله الآب في إلادته لأبنه، فالمولود منذ الأزل بلا أم  ها هو يولد ثانية بلا أب، أي انه أب وأم معاً يجمع في كيانه الأبوّة والأمومة. وهذا ما يوضحه لنا مجمع توليدو الحادي عشر عام 675م : "إن حضن الآب، أي جوهره يلد أو ينجب الأبن". بيد إن سرد الفعلين (يلد / ينجب) يظهر لنا الدور الأبوّي "يلد"، والأمومي "ينجب" لله الآب. فالآب يلد الأبن "في" الروح، وكأن الروح هو "الأحشاء" حيث تتم هذه الإلادة، هو العنصر الأنثوي والأمومي، فقد صوّره الكتاب المقدس: بالرحيم (المقتبسة من رحم الأم) كصفة للأمومة: بالأم التي لاتنسى "أبن" أحشائها.
   فإذ يلد الآب أبنه الوحيد في أحشائه الأبوية، أي في روحه القدوس: "في حضن الآب" (يوحنا1 : 18)، فإنما هذا "الحضن" هو الروح القدس. فقد تجسد الأبن في عالم البشر، في حضن الآب (أي الروح)، وفي داخل مريم العذراء. فالروح القدس هو الأحشاء السماوية، ومريم العذراء هي الأحشاء الأرضية. أي إننا أمام أبوّة / أمومة واحدة ذات قطبين: فالآب يجسد أبنه في كلا الحضنين: فالروح هو الحضن الأبوّي / الألهي، ومريم هي الحضن الأمومي / الأنساني.
•   إلادة الأبن فينا:
      المحبة هي دافع الآب لإلادة أبنه الوحيد، لأن: "الله محبة". لذا فأن هذه الإلادة هي "في" المحبة، وهي نابعة "من" المحبة و"بـ"المحبة. فالآب يحب أبنه الوحيد "أبن محبته" (كولسي1 : 13).
   ومحبة الله هذه (مجده وفرحه)، لا بد أن تتجلى في الأنسان المؤمن الفعّال، الأنسان الحي، الحاضر في العالم: فقط الذي يقتبل كلمة الله (أبن محبته). حيث إن الله يشرك الأنسان في إلادة أبنه: لأن الله كله إشراك ولا يحتفظ بشئ لذاته. أي أن أكون "أنا" الأنسان مجسداً لكلمته في أحشائي. بعد أن أقتبلتُ المسيح في قلبي، ليتجسد فيَّ، ينمو فيّ، ويكبر وسط الخطايا المتراكمة. وحينها سيولد المسيح من أحشائي ومن قلبي ومن عمق أعماقي، ليجد طريقاً من خلال هذه الخطايا ويخترقها، متسلقاً فوقها الواحدة تلو الأخرى. وهذه هي ولادته فيّ، وعندها تشرق رحمته وتنازله بل وقوته أيضاً، سيولد المسيح من مذود حقارتي أنا الأنسان. فالله أتى إلى عالمنا قبل ألفي عام ولا يزال مجيئه مستمراً في حياتنا كل يوم. ولد من مريم بالجسد واليوم يصّر على الإلادة فينا بالروح: في إيماننا وصلواتنا وعبادتنا واعمالنا بل في كل مفردة من مفردات حياتنا. فالأنسان والبشرية والعالم أجمع، مدعو اليوم ومن خلال الطفل يسوع إلى الولادة الجديدة وتصحيح العلاقة ومنهجها وإعادة النظر في كل معطياتنا البشرية والأنسانية والإيمانية والروحية والأخلاقية على أمل الإنسلاخ من الأنسان القديم والدخول "معه" و"في" إلادته بحياة الأنسان الجديد "أبن الله".





نبيل جميل سليمان

الشيخان - بيبوزي




102
صباح الخير يا عراق
يا شمس الأشواق
يا نور الأحداق
يا أمل الأعماق
يا ابو الخير يا عراق
يا إيهاب لا تهاب
بدمنا نروي التراب
سنابل وأزهار وأعناب
وبشمسك يا وطن تحلى الأطياب
من أرض الوطن أنادي كل الشباب
تعالوا نبني للوطن سور وباب
لا للغازي والمحتل والارهاب
انا عراقي للأبد ما أهاب
  لك مني كل الشكر يا أخي إيهاب
لكلماتك الرائعة وغيرتك الوطنية

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

103
أدب / رد: ** احبك **
« في: 09:27 05/11/2009  »
لستُ أدري كيف أعبر عن وطني وبيتي وأمي "العراق"
قلمي يعجز عن الكتابة
ولساني لا يعرف الرتابة
وحبي لوطني في قلبي علامة
انا في ارض وطني واشعر بالغرابة
فكيف حال اهلي وهم بلاد الغرابة

شكراً لكِ دوشا لكلماتك الرائعة وحسكِ الوطني وغيرتكِ الأشوتية

آسف لأني تأخرت بسبب مشاغلي الكثيرة ومسؤولياتي المتعددة

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

104
أدب / رد: ما مجبور
« في: 10:13 04/11/2009  »
الى راهب الحب ... حضرة الأخ العزيز وسام الخابوري المحترم
الى همسة حب ... المحترم

اتقدم بخالص شكري وفائق احترامي لمروركم الكريم وردودكم الرائعة

وتواجدكم الدائم ينوّر صفحتي مع حبي واخلاصي

نبيل جميل سليمان

105
انت مبدع يا عزيزنا الـ منير
وكلماتك ألهمت بنا الضمير
كبخور عاطر للعلي القدير
صوتك هو صوتنا الهدير
مع الحب وكل التقدير

نبيل جميل سليمان

106
أدب / رد: ما مجبور
« في: 08:55 03/11/2009  »
حضرة الأخ العزيز والغالي إيهاب توماس المحترم

اتقدم بخالص شكري وفائق احترامي لشخصك الكريم
مع حبي وتقديري لمرورك الكريم وردك الرائع

نبيل جميل سليمان

107
أدب / رد: ما مجبور
« في: 14:36 01/11/2009  »
الف شكر وتقدير للأخ العزيز والغالي منير قطا المحترم
وكل الحب والعرفان للأخ اصبحتو ذكرى للحب المحترم
وكل الود والاشواق للأخت العزيزة والغالية دوشا المحترمة

لكم مني خالص شكري وجزيل احترامي لمشاعركم الرقيقة وردودكم الرائعة
الله يديم طلتكم الحلوة

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

108
أدب / رد: عفوا 000000000!
« في: 16:48 29/10/2009  »
الى الأخ العزيز والغالي منير المحترم

تحية حب ووفاء وأحترام

الف شكر لأختيارك الرائع
وكل هذا من ذوقك الرائع
لأنك دايمأ انت الرائع


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

109
أدب / رد: نادم
« في: 15:40 29/10/2009  »
الى دوشا الأشوتية المحترمة

يا بنت ديرتي
اليكِ مني طيبتي
سلامي وأشتياقاتي
يا ملهمة أبداعاتي
لكِ دعواتي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

110
أدب / ما مجبور
« في: 09:49 29/10/2009  »
"ما مجبور"
كلمة
أستثقلتها
أستصعبتها جداً
هزتني
وصعقت كياني
أفزعتني
وأرهقت أحلامي
بل
أسكرتني
أيقظت ليلي
فلامسَ صباحي
"ما مجبور"
هذا ما قالته لي
في ليلة لم تُحسب من زمن حياتي
بل
في حياة سرقها مني الزمن للأبد الآتي
تصبرت
وطال أصطباري
لمزاجها البرتقالي
أنتظرت
أميالاً في صدري
حتى
شاخت الروح من سكراتي
تحملت
بشوق دفين
وناتها
كبرياؤها
غضبها
قلاعها وأسوارها
بل
لهيب حبها
ومع هذا تقولين لي
"ما مجبور"
بل
أنا مجبور
لأن حبكِ هو حقاً قدري
كأسي
برج عذابي
وحصن صبري
[/size]


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

111
أدب / رد: الدمعة الاخيـــــــرة
« في: 10:06 19/10/2009  »
دموعك في غربة البلاد
هي دموعي في ارض الأجداد
ودموع كل عراقي يطلب من رب العباد
بالصلاة والجد والجهاد
أن يمنحنا الصبر والأسناد
لنصل الى مبتغانا المراد
لينهض عراق الأمجاد

لك مني كل الحب يا اخي ايهاب
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

112
تأملات هوى .. وألهامات حب .. وكلام عشق
أنبثقت من الكيان .. وزرعت في الوجدان
لك مني كل الشكر والعرفان
يا مبدعنا الولهان
إيهاب

اخوك
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

113
أدب / رد: درب انعتاقي
« في: 08:58 14/10/2009  »
غبطة من العشق وشوقه
غبطة من الحب ولوعته
غمرني الندى ونسيمه
بلطف قلمكِ وعبقه
وعنانه

عاشت أناملكِ المبدعة يا غادة
مع شكري وتقديري
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

114
أدب / رد: يا غافلاً عني
« في: 08:57 13/10/2009  »
أملي في حياتي وحياتي في أحلامي
وأحلامي لن تنتهي لأن فيها حبي
وحبي شاملٌ لن ينتهي
حبُ أزلي وأبدي
حبٌ سرمدي
الله

والله ينوّر حياتك دائماً يا اخي منير
لأنك منير .. لك مني كل الشكر والتقدير

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي 

115
أدب / رد: ** قلب معذب **
« في: 09:35 12/10/2009  »
كلمات رائعة ومعبرة وحلوة بحلاوتكِ يا دوشا
شكراً لأناملكِ المبدعة ولأحساسكِ المرهف
والى المزيد ... مع شكري وتقديري

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

116
أدب / رد: يا غافلاً عني
« في: 09:31 12/10/2009  »
اكن لكِ كل الحب والاخلاص يا دوشا طورا ودشتا
 ولكِ كل الود والعرفان يا انهاء سيفو العزيزة

لمشاعركم الرقيقة واحساسكم المرهف ولكلماتكم المعبرة حقاً عن سابق معرفة
بما احسه واعبر عنه من خلال خواطري

وتقبلوا مني خالص شكري وفائق احترامي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

117
أدب / رد: ((تركني وحيدة))
« في: 09:21 10/10/2009  »
عاشت أناملكِ المبدعة وكلماتكِ الرقيقة ومشاعركِ النبيلة

مع حبي وتقديري
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

118
أدب / رد: ما أغربكِ يا أمرأة
« في: 09:17 10/10/2009  »
لكِ مني كل الحب والتقدير يا وردة الربيع
لمروركِ الكريم ووردكِ الرائع
مع جزيل شكري وفائق احترامي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

119
أدب / رد: (( عندما احببتك))
« في: 09:13 10/10/2009  »
عاشت أناملكِ الرقيقة والمبدعة يا دوشا طورا ودشتا

تقبلي فائق تقديري واحترامي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

120
أدب / يا غافلاً عني
« في: 09:07 10/10/2009  »
يا غافلاً عني ...
[/size]

عندما وصلتُ الى آخر الدرب ..
رأيتها هناك ..
كانت معه ..
وهو بجانبها، بل في ثنايا أوراقها ..
                  كان ملهماً، لأبحارها ..
                               لأشعارها ..
لكن، لم يمسك بيدها ..
       بل هجرها ..
أما هي .. فالحب لم يهجر دربها ..
             بل هو منبعها ..
قلتُ : يا ملهمتي ..
        ما الضير أن أعلن حبي ..
        وأرفع راية العشقِ ..
        أنا السر العظيم .. أنا الحب العظيم ..
قالت : يا غافلاً عني ..
         ألا تدري، كم مزّق الفراق قلبي .. !؟
         وأستوطن الجرح أرضي .. !؟
قلتُ : حبكِ .. دقَ بابي ..
                 وقلبي ذاق هواكِ ..
                 فأخضَّر شبابي ..
قالت : يا غافلاً عني ..
         ألا تدري، إن الحزن أشبعَ لوعتي ..
                     وأمسى اليأسُ زادي ..
قلتُ : ليتُكِ تدرينَ بما أعاني ..
         فما ذنبي .. !
         فسهم حبكِ قد غرز في صدري ..
         أتريدين قتلي .. !
          لماذا أنا دون غيري .. !
قالت : يا غافلاً عني ..
          ألا تدري، أن هواه قد هجر دربي ..
                      وبات الحنين رداء ليلي ..
قلتُ : يا ملهمتي ..
        ما الضير أن أعلن حبي ..
         فأنا لستُ بغافلٍ عما جرى ..
                            وما يجري ..


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي
        

121
أدب / رد: ما أغربكِ يا أمرأة
« في: 09:13 08/10/2009  »
لكِ مني كل الحب والوفاء لمشاعركِ النبيلة وردكِ الرائع ومروركِ الكريم ... يا AnGie

تقبلي فائق شكري وامتناني

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

122
أدب / رد: عندما أبحر 00000000000
« في: 09:47 06/10/2009  »
شكراً لكِ
لأنني بكِ .. ولأجلكِ .. ومن أجلكِ
كان وجودي
فأنت مرآةٌ لحياتي
تعكسين صورتي
لأنكِ مثالي
بل نصفي الثاني
لولاكِ
لم يكن لي وجود
فكنت أنا
وبوجودي
تكونين أنتِ
لأكون أنا
 
عاشت أناملك المبدعة والمنيرة .. يا منير
تقبل فائق شكري وتقديري
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

123
ملكتي الأحساس
وأسرتِ قلوب الناس
بكلمات كلها رقة وأحساس
لأنكِ دوماً مبدعة .. يا ملكة الأحساس

تقبلي مروري المتواضع وعاشت أناملكِ مع فائق التقدير
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

124
أدب / رد: برودة الحب ,,,
« في: 09:20 06/10/2009  »
شماستنا العزيزة هبة المحترمة
تحية حب ووفاء واحترام

شكراً لأبداعات أناملكِ الرقيقة وفكركِ النيّر وأحساسكِ المرهف

تقبلي مروري المتواضع مع تقديري واحترامي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

125
أدب / رد: (( ثمن الوفاء))
« في: 09:15 06/10/2009  »
كانت
ونة ألم
طواها الزمن
وجاء زمن
لاخوف منه ولا وجل
بل فرح وأمل
حبكِ
ملأ صداه الدهر
حبكِ
هبط بأيعاز من الله
لا بطلب بشر
حبكِ
قلب من لحم
وحبهَ
قلب من حجر
يا دوشا .. هذا هو القدر

شكراً لأناملكِ التي أبدعت وقلبكِ المرهف وأحساسكِ الرائع

اخوك
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

126
أدب / رد: أحببتك يا "حياة"
« في: 09:01 06/10/2009  »
الى حضرة الأخت العزيزة والغالية دوشا الأشوتية المحترمة

تحية حب ووفاء واحترام

اشكرك من ألعماق لمروركِ الكريم ومشاعركِ الرقيقة وردكِ الرائع وتقبلي فائق تقديري واحترامي

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

127
أدب / رد: أحببتك يا "حياة"
« في: 09:15 05/10/2009  »
من رحيق كلامك استلهم الشعر
ومن عبق محبتك احب الحياة
ولا زلت احب
ولك مني كل الحب
يا محب ... يا منير قطا


المخلص لك

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

128
أدب / رد: "سراب"
« في: 09:05 05/10/2009  »
الى كل من : dosha 1980  ....  greesh

لكم مني كل الحب والتقدير لمروركم الكريم وردودكم الرائعة والنبيلة ... الله لا يحرمنا منكم

وتقبلوا مني خالص شكري وفائق احترامي


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

129
أدب / رد: ما أغربكِ يا أمرأة
« في: 09:01 05/10/2009  »
كل الحب والوفاء لكم لأن بوجودكم ومروركم الكريم نورتونا
الى كل من :  منير قطا ... dosha 1980  ... greesh .... كاتي 1992

مع خالص حبي وفائق تقديري

المخلص لكم

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

130
أدب / رد: (( المغرور ))
« في: 10:17 03/10/2009  »
سأرسم
من دمع العيون
تحفة
يمجدها التاريخ والبنون
وسأرسم
من حدقات العيون
صورة
هي اجمل ما تكون
لعاشق مجنون

عاشت أناملك المبدعة والى المزيد
تقبلي مروري المتواضع مع شكري وأمتناني

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

131
أدب / رد: "سراب"
« في: 08:32 01/10/2009  »
مع كل نسمة صبحٍ معطرة بالورد والريحان ..
نشم رائحتك بأريج المحبة والهيام ..
ومن سهول ووديان الشيخان ..
لك مني الف تحية وسلام ..
وقلبنا بك سعيد وفرحان ..
فانت تستحق منا اشرف وسام ..
يا اخي منير اللي نوّرنا على الدوام ..
مع فائق التقدير والأحترام ..
اخوك / نبيل جميل سليمان

132
أدب / رد: "سراب"
« في: 16:56 29/09/2009  »
لك مني كل الحب والتقدير يا اخي العزيز اياد الديربوني
بمرورك الكريم تنورنا

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

133
أدب / رد: (( حبك مستحيل))
« في: 16:54 29/09/2009  »
عاشت أناملكِ الرقيقة التي أبدعت هذه الكلمات الرائعة

وتقبلي مني كل الحب والتقدير يا دوشا

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

134
أدب / رد: ما كانَ وما سيكون
« في: 16:51 29/09/2009  »
لكِ مني كل الشكر والاحترام لمشاعركِ النبيلة ومروركِ الكريم وردكِ الرائع ... يا أشوتية ويا دوشا

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

135
أدب / رد: غباء بلا حدود
« في: 08:50 29/09/2009  »
عاشت أناملك المبدعة التي أثلجت صدورنا ودبت في ثناياها حمية ونشوة وغيرة
ودمت مبدعاً والى المزيد من العطاء والأزدهار ولك مني الف شكر يا أخي إيهاب

اخوك
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

136
أدب / رد: ما كانَ وما سيكون
« في: 08:43 29/09/2009  »
حضرة الأخ العزيز إيهاب توماس المحترم
حضرة الأخ العزيز منير قطا المحترم


تحية حب ووفاء وأحترام

لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل شكري وفائق تقديري لمروركم الكريم وردكم الرائع ومشاعركم الرقيقة والتي أزدانت صفحتي رونقاً وبهاءاً بوجودكم

اخوكم
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

137
أدب / رد: "سراب"
« في: 14:24 28/09/2009  »
الى حضرة الاخت العزيزة انهاء سيفو المحترمة
الى حضرة الاخت الغالية نجلاء جميل المحترمة


شكرا لكلماتكم الرائعة ولمروركم الكريم ولردودكم التي ملئت خاطرتي رونقاً وبهاءاً واجمل

تقبلوا مني كل الحب والوفاء والتقدير


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

138
أدب / رد: أحببتك يا "حياة"
« في: 14:19 28/09/2009  »
حضرة الاخ العزيز الاشوتي المحترم
حضرة الاخ العزيز اياد الديربوني المحترم


الف شكر لمروركم الكريم ولردكم الرائع

وتقبلوا مني فائق تقديري وجزيل احترامي


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

139
أدب / رد: ما أغربكِ يا أمرأة
« في: 14:14 28/09/2009  »
الى الأخت العزيزة ملكة الأحساس المحترمة
والأخ العزيز اياد ياقو الديربوني المحترم

شكراً لكلماتكم الرائعة والتي بها أزدانت خاطرتي رونقاً وبهاءاً وبمروركم الكريم الذي نوّر الموقع

وتقبلوا فائق شكري وجزيل احترامي


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي 

140
أدب / رد: ما كانَ وما سيكون
« في: 14:10 28/09/2009  »
الى ملكة الأحساس واياد الديربوني وكاتي

اتقدم بخالص تحيات المحبة الصادقة وفائق الشكر والتقدير لمروركم الكريم الذي نوّر الصفحة


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

141
أدب / رد: مااصعب
« في: 10:14 15/09/2009  »
الى ملكة الاحساس المحترمة


شكراً لكِ وشكراً لتلك الكلمات الرائعة ولكن احب ان اضيف شيئاً : "بان الاحلام والطموحات والآمال هي كلها اهداف حياة وهي التي تشدنا اليها ونستمر من اجل تحقيقها و "ما أصعب" هي هذه الحلاوة التي نقطفها وراء صيرورتنا الى اهدافنا"


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

142
أدب / ما كانَ وما سيكون
« في: 09:42 06/09/2009  »
ما كانَ وما سيكون

هذا أنا
وهذه هي حقيقتي
فقد عرفتُ نفسي
بأنه ليس في الوجودِ
من يعرف كلمةً من لغة نفسي
لذا
خرجتُ وحيداً
وأصبحتُ غريباً
مع أحلامي
مع غربتي
مع سرابي
التي لا يؤمن بها أحد
ولكن لا زلتُ أؤمنُ بأني أحلم
أحلم بأني لستُ غريباً
وغريباً لحين ألقاكِ
ومع هذا لن يتغير شيئاً
لأجد حقيقة ما لا تكنّه أعماقي
حقيقة أختبئ منها
أقاومها .. أحاول قتلها
لكنها كالشمس وأعظم
كل مرة تحرقني عندما ألمسها
وتحتقرني كلما أقتربتُ منها
أتركوني الآن .. لبعض الوقت
أريدُ أن أجلس وحيداً
أبقى مجهولاً مستتراً
مكتنفاً بالضباب
محجوباً بالسكوت
أتأمل خيالات نفسي
أتأملكِ يا سراب
تسيرين أمامي
الى حيث لا أدري
فأنا أكتشف نفسي فيكِ
ورأيتُ ما لم يلمسه غيري
فسيري نحو ما سيكون
بتحسين ما كان
وليس بما كان
فما كانَ كان



نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

143
أدب / رد: الحب و الأمل
« في: 08:54 31/08/2009  »
أنتَ عظيم أيها الحب
ولا تصبحُ عظيماً ألا بعد فراق
أيها الحب ..
قد شئت ففتحت أعيننا ...
ومن عبادكِ جعلتنا ...
لأننا على دين الحب تحالفنا ...


عاشت أناملكِ الذهبية وكلماتكِ الرائعة لأنكِ حقاً ملكة الأحساس


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي





144
أدب / ما أغربكِ يا أمرأة
« في: 09:13 27/08/2009  »
ما أغربكِ يا أمرأة

بحرٌ
مدٌّ وجَزْرٌ
سكونٌ وأمواج
كتّمَتْ فيَّ الأحلام
وأنعقدَ اللسان
ونابَ أنينٌ عن الكلام
وعند الجَزْرِ
كتبتُ في الرملِ سطراً
أودعته كل حبي وكياني
وفي المّدِ
جئتُ أستجلي شطآنكِ
فلم أجد سوى ندى أشجاني
وبها حاولتُ
أن أبحرَ
أن أعومَ
أن أغوصَ
في عمق البحارِ
بحرُ هواكِ
مدُّهُ صمتي .. وجَزْرُهُ حبر قلمي
أبحثُ عن لؤلؤتي
المدفونة في لب الألبابِ
أعلمُ بأن رحلتي متعبةٌ
كرحلةِ سندبادِ
تتلاطمني أمواجه
يميناً ثم شمالاً
رغم هذا لا زلتُ أبحرُ
لأني أرى بريقاً أمامي
في بحرِ عينيكِ
وسوادهما غبطتي وعشقي
أغوصُ فيهما دون خوفٌ
ولا وجلٌ
نورٌ وسط السوادِ
لؤلؤتي
[/b]
[/size]

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

145
أدب / رد: ما أعظمك .. وما أصغرني
« في: 09:06 27/08/2009  »
الى كل من الأخت بلسومة لازر والأخت نجلاء جميل
والى كل من الأخ العزيز الآشوتي والأخ اياد ياقو الديربوني


تحية حب وأعتزاز وتقدير لمروركم الكريم ولمشاعركم الرقيقة ولردودكم الرائعة مع فائق تقديري واحترامي


اخوكم

نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي 

146
أدب / رد: من أكون
« في: 09:00 27/08/2009  »
الى حضرة الاخ العزيز الآشوتي المحترم

والى حضرة الاخ الغالي اياد ياقو الديربوني المحترم

تحية بالرب يسوع


اشكركم من اعماق قلبي لمروركم الكريم ولمشاعركم النبيلة مع تمنياتي لكم بالخير وبحياة هانئة وسعيدة


اخوكم
نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي

147
أدب / من أكون
« في: 08:48 05/08/2009  »
من أكون .. !؟

من أكون في نظركِ ..!!
أيتها الحكمةُ
من أكون .. !؟
وانتِ تحدقين بالعيون
وتنظرين في المكنون
بل في باطن البطون
ولكن مع هذا
من أكون .. !؟
غوصي فيًّ ..
أكتشفي فيًّ ..
من أكون .. !؟
في عمق أعماقي
في قدس أقداسي
هل عرفتِ الآن
من أكون .. !؟
أنا ذلك المجنون
ذو قلبٍ حنون
كالأم في حضنها رحمُ حبٍ شجون
حبٌ
أيمانٌ
صانّهُ الله فيِّ .. لأكون
وعسى كل انسانٍ أن .. يكون
محباً
مؤمناً
بالله الواحد الآحد القيوم
بالانبياء والرسل الأكرمون
لنقول معاً
لا أله إلا الله
أبراهيم خليل الله
وموسى كليم الله
وعيسى ابن مريم كلمة الله
ومحمد رسول الله
محبين
مؤمنين
بالله
وبمشروع محبته العظيم
"الأنسان"
صورة الله
مثال الله
هل عرفتِ الآن من أكون .. !؟
أيتها الحكمةُ
من أكون .. !؟
بل
أريدُ أن أكون ...
أخاً شاملاً
للبشرية
بمحبة شاملة
لبشرية شاملة
أخوّةً بشريّةً مُحبةً شاملةً
معاً
نريد ان نكون
[/color]


نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي



 


148
أدب / أحببتك يا "حياة"
« في: 08:38 15/07/2009  »
أحببتك يا "حياة" ...
لم أشأ تركها ..
لأني وعدتها ..
بل قطعتُ عهداً لها ...
فما بدأناه لم نكمله بعد .. ولن أستطيع دون سواها ...
من بعيد .. كانت، تلمحني بنظراتها ..
                      وتلوح لي بقلبها ..
و عندما وصلتُ .. أرتعشت شفتاها، لرقة كلماتها ونغمة صوتها ..
                           تنهدتْ : نبيل .. "قلبي يسلم عليك" ...
وعندها .. محتْ الخطوط الحمراء ...
             وغمر النور وجهها .. مكتشفاً، ما بداخلها ..
                                                 ما في قلبها ..
وأتشح الثوب الاحمر من جمال بهاءها ...
وحينها .. لا أعرف ما أعتراني ..
              هاجت نفسي .. وأضطرب كياني .. وأهتز شجني ...
              تارةً يبدو حنيناً .. وتارةً يغدو لهيباً ...
              صراع بين ظنوني وهواجسي ...
مرت الدقائق الأخيرة الخرساء ...
وكلانا صامت، حائر، مفكر .. يترقب الآخر ليبدأ الكلام ...
أليس الصمت أبلغ من الكلام ..
أليس هو شعاع نفس الى نفس .. وهمس قلب الى قلب ...
لقد أحببتك أيتها الحياة .. رغم أني ...
                                          ما زلت أحلم بحياة .. لم أحصل عليها بعد ...
فحياتي بلا أحلام .. فناء
وأحلامي بلا حياة .. فناء
لقد أحببتك أيتها الحياة .. وبدونك لفنيت كل الأحلام ..
أنتِ بصري وبصيرتي .. أنتِ عاقلتي، وخيالي، وأحلامي ...
أنتِ الجمال في عيني .. والشوق في قلبي .. والخلود في روحي ...
ومنكِ تعلمتُ .. أن يرى الأنسان بسمعه ويسمع بقلبه ...
أنتهتْ الكلمات .. وأنتهى الكلام ...
الى حين ...
لكن لم تنتهي الحياة ...
لأني أحببتك يا "حياة" ...




        نبيل جميل سليمان
         الشيخان - بيبوزي


                    
                                                      

149
أدب / ما أعظمك .. وما أصغرني
« في: 14:50 09/07/2009  »
ما أعظمك .. وما أصغرني ...

في الوقت الذي جعلت من سراب أحلامي "حقيقة" ...
وبينما كنت سائراً ...
هناك في الطريق .. كانت واقفة تنتظرني ...
                                                 ولم أعرف أنها هي ( . . . ) .. !؟
نادتني : أيها الغريب .. أتعطيني رشفة ماء لتمنحني الحياة .. !؟
قلت مستغرباً : من أنا لأعطيك الحياة .. !؟
قالت : ما سبيلي سوى سبيلك ...
         تعال، وأعطني من كلامك لتملأ وحدتي ...
                  أعطني من أفكارك لتجمل أحلامي ...
قلت : من قال لك .. أن كلامي قد يساعد أحد ... !!
                        وأن أفكاري تستحق كل هذا الجمال وخيالات الأحلام ... !!
         من أنت .. !؟      ومن تكونين .. !؟
ردت بصوتها الدافئ : أنا دمعة السماء .. وأبتسامة الحب .. وخمرة الحياة ...
                                والآن .. أنا أسيرة المال .. وقتيلة شرائع الأنسان ...
                                أتساعدني .. !!
                               أتساعد غريب وتائه مثلك .. !؟
                               ساعدني لأستنشق رحيق "الحرية" الذي لم أعرفه بعد .. !؟
أحقاً .. لم تعرفي طعم الحرية .. !؟
          الحياة بلا حرية كجسم بلا روح .. والحرية بلا فكر كروح ثكلى ...
          قلت لها هذا .. واكملت طريقي ...
                                 ولم أعرف أنها هي  ( الحرية ) ...
                                 فما أعظمك .. وما أصغرني ...
     




نبيل جميل سليمان

الشيخان - بيبوزي

150
أدب / "سراب"
« في: 17:34 29/06/2009  »
"سراب"
صدفة ألتقيتها، فقلت لها : من أنت .. !؟
قالت : أنا "سراب" .. !!
قلت : عفواً .. أنا تائه .. !!
فأنفجرت من الضحك وقالت : أيوجد تائه في الصحراء .. هذه خرافات .. !؟
قلت : نعم، أنا تائه .. لأني أبحث عن شئ لا أعرفه ...
                            أبحث عن شئ عظيم لا أجده ...
       فماذا أفعل .. لأصل الى ما أريد .. !؟
                        لأجد ما أبحث عنه .. !؟
       فهل من مساعدة يا "سراب" ... !!!
قالت : نعم .. ولكن هناك خطوطاً حمراء لا يمكنك تجاوزها .. !؟
قلت : لا يهم .. كل ما يهم أن لا أبقى هنا وحيداً .. تائهاً .. هائماً ...
                   لنعبر معاً الى اي مكان ...
        لا يهم .. لنذهب معاً الى الجهة الأخرى ...
                    لنشرق من الغرب ...
                    لنشرق بضوء لم يعرفوه من قبل ...           
                    لأنه هناك .. لن يرفض أحد ضوءنا ...
                                     لن يكبلنا أحد أو يمنعنا ...
       كل ما يهم أن لا نستمر هنا ...
قالت : كل هذا لأنك أيقنت أخيراً بأنني : "أنا اليقين الى الحقيقة" ... !؟
                                                     "وأنا ما يقتنع به أملاً .. لحياة أفضل وحب أسمى" ... !؟
قلت : نعم .. لنجتمع، فليكن لقاؤنا عند شروق القمر ...
                لننشد سوياً نشيد الحياة ...
              لنستمع الى ذواتنا وهي تضحك أو ترقص ...
                                              تبكي أو تحزن ...
             أي شئ .. المهم أن نقتل الوحدة ...
                           فهي الوحيدة التي قد تعصف بنا ...
              وعند غروب القمر .. سوف نرحل ...
                                                               على وعد بلقاء آخر عند شروق القمر ...
              لنكمل معاً غناء نشيد الحياة ...
قالت : لكن أين أنت .. فما زلت تائهاً ... !؟
         تبحث هنا وهناك .. لا خيار لك أما أن تعيش لي صديقاً ...
                                   أو تهيم على وجه الأرض بلا "سراب" ...
قلت : لا تتركيني .. فأنا لم أضرك أو أحاول أن اؤذيك ...
                          فنحن لا زلنا في أول الدرب ...
                          لم نكمل بعد ما بدأناه .. وأنا لا أستطيع أن أكمله وحدي ...
                                                         ولن أستطيع أن أكمله مع أي أحد سواك ...
       لأنك دائماً أنت هناك .. "سراب" ...
                                        أنتظرك واقفة في طريقي ...
                                                           طريق الحب والحياة ...




نبيل جميل سليمان
الشيخان - بيبوزي






                                 

151
استشهد الطفل توني ادور شاؤول بعد ان اختطف يوم الاحد الماضي الموافق 3/5/2009 وقد شوهدت جثته في منطقة قريبة من ناحية روفيا في قضاء عقرة .

وقد تم اختطافه من قبل جهات مجهولة الهوية والتي طالبت بفدية قدرها 50000 دولار .....

للمزيد عن الاختطاف
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,296886.0.html


صفحات: [1]