عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - كفاح محمد الذهبي

صفحات: [1]
1
بداية غير موفقة لتجمع القوى المدنية العراقية

رغم القمع والإرهاب الذي تعرض له الشعب العراقي طيلة سنوات الحكم الديكتاتوري، ورغم التجهيل والتهميش إبان حكم المحتلين أو بعد هيمنة سلطات الإسلام السياسي الفاسدة على مقدرات العراق، فإن هناك من لازال يعتقد بأن للأفكار المدنية عمقاً في وجدان هذا الشعب.
ومن هنا جاء رهان الكثيرين على دور متميز للقوى المدنية في مواجهة قوى الإسلام السياسي، وسعيهم الى توحيد صفوفها وتعميق صلتها بجماهير الشعب، في ظل العديد من الصعوبات والتعقيدات المحلية والإقليمية والعالمية، لاسيما بعد ان وصلت جماهيرية الأحزاب الإسلامية الى الحضيض، وعزفت أغلبية الشعب العراقي عن الإشتراك في الانتخابات، في فضح صارخ لما منيت به أحزاب ونظام المحاصصة الطائفية الأثنية من فشل، وفي تصويت صريح ضدها.
ولهذا فقد إستبشر المطالبون بالتغيير والمنتظرون بفارغ الصبر بزوغ البديل المدني القادر على تغيير المعادلة السياسية، خيراً باللقاءات التي تمت بين بعض القوى المدنية، والتي أثمرت عن تشكيل تجمع القوى المدنية، والذي رغم صغر حجمه، يمكن أن يكون قاعدة إنطلاق لتوحيد الصفوف وخوض الإنتخابات القادمة والحصول على مواقع جديدة.
وبالإستناد الى تجربتها السابقة، وبالاستفادة من دروس التجارب الماضية،التي بينت بأن من أهم اسباب الفشل، مساعي الاقصاء والاستحواذ على مصدر القرار، تم التأكيد على حرص القوى المشاركة على وضع آليات تنظيمية للتجمع، وإعداد صيغ لترتيب الشؤون الداخلية للهيئة السياسية له، وأن تكون القيادة في التجمع دورية للفترة بين إجتماعين وارتباطا بمكان عقد الإجتماع. ((تكون إدارة اجتماعات الهيئة السياسية بالتناوب ، وبمسؤولية الكيان السياسي الذي يُعقد الاجتماع في مقره حتى الاجتماع القادم، ويتابع تنفيذ القرارات بالتشاور مع المنسق). د من المادة التاسعة من الاليات التنظيمية)
الاّ أن الغريب في الإمر هو أن إجتماع الهيئة السياسية في 31 تموز الماضي قد ضرب عرض الحائط بكل الأليات السابقة الذكر، والتي لم يجف حبرها بعد، واتخذ قرارت بإجراء إنتخابات داخلية، دون اللجوء الى التوافق والاتفاق العام الذي تشير اليه الآليات، مما يزرع بذور الشقاق والفشل المحتم. أنطلاقا من أهمية مأسسة العمل المدني أرى ان قرارت هذا الإجتماع (رغم حضور قادة بعض الاحزاب) غير شرعية لأنها لا تستند للآليات المتفق عليها مسبقا، واذا كانت هناك رغبة في تغيير الآليات فيمكن تغييرها أولا ومن ثم إتخاذ قرارات جديدة.
أن أهم اسباب فشل تجمعات القوى المدنية سابقا هي محاولات التهميش والاستيلاء على القرار انطلاقا من مصالح حزبية ضيقة اورغبات شخصية في الزعامة إضافة الى المبالغة في إمكانيات كل طرف من الأطراف المشاركة مما جعل التيار المدني منافسا ضعيفا امام قوى الاسلام السياسي.
وللمرة الثانية، وللأسف، يؤخذ الرفيق العزيز رائد فهمي ـ المعروف بدماثته وسمو أخلاقه ـ على حين غرة ويحرج أمام هذا الاجتماع، الذي عكست نتائجه ما دبرته تلك القوى بليل!
أن اهم أسس نجاح التجمع المدني هو الشفافية والإلتزام بالإتفاقات كي تتعزز الثقة بين الإطراف كافة وعندها تكون الزعامة أمرا ثانويا وليس كسبا شخصيا او حزبيا ضيقا. ومن هنا لابد من الغاء نتائج هذا الاجتماع والعودة للاتفاقيات والاليات الموضوعة سابقا والتي بُني عليها التجمع تجنبا لإنهياره.
إن ما يدعو للدهشة حقاً أن تقصي نتائج الإجتماع الحزب الشيوعي، رغم دورة الكبير في تأسيس هذا التجمع، وأن يقدم البعض من السياسيين مصالحهم المالية على مصلحة أحزابهم ومبادئهم ويسعون الى إستغلال أحزابهم للحصول على علاقات بأصحاب المليارات سواءكانوا مدنيين او إسلاميين.

مرفق نص بيان التجمع المدني
عقدت الهيئة السياسية لتجمع القوى المدنية اليوم الاربعاء ٣١ تموز اجتماع استثنائي في مقر حزب الأمة العراقية .واختيار رئيس للتجمع ونائب ورئيس هيئة سياسية ونائب رئيس الهيئة السياسية وناطق ورسمي للتجمع وقد حضر رؤوساء الاحزاب والحركات السياسية
١..حزب التجمع الجمهوري العراقي ممثل بالسيد حاتم حطاب الامين العام للحزب
٢..الحزب الشيوعي العراقي الاستاذ رائد فهمي سكرتير الحزب الشيوعي العراقي
٣...حزب الأمه العراقية الاستاذ محمود العكيلي نائب الامين العام للحزب
٤..الحركة المدنية الوطنية السيدة شروق العبايجي الامين العام للحركة
٥..تجمع وطن المدني العراقي الاستاذ عدلي محمد الامين العام لتجمع وطن
٦..الجبهة الفيلية الاستاذ ماهر رشيد الفيلي الامين العام للجبهة
٧..حزب الحرية والديمقراطية الازيدي ....الاستاذ ازاد ال كريت نائب الامين العام للحزب
٨..الحركة الديمقراطية الاشورية الاستاذ ثائر عوزان ممثل الحركة
٩..والسيدة المحامية فردوس عن المستقلين
وقد تم انتخاب الاستاذ سعد عاصم الجنابي رئيس لتجمع القوى المدنية الوطنية
وانتخاب الاستاذ محمود العكيلي نائب رئيس تجمع القوى المدنية الوطنية
وانتخاب الاستاذ ازاد ال كريت رئيس الهيئة السياسية لتجمع القوى المدنية الوطنية
وانتخاب الاستاذ عدلي محمد نائب رئيس الهيئة السياسية لتجمع القوى المدنية الوطنية والناطق الرسمي باسم التجمع
وهذه نقطة تحول في مسار تجمع القوى المدنية الوطنية من أجل توزيع المهام وانجاز العمل بروح الفريق الواحد المنسجم وقيام الدولة المدنية مسؤولية الجميع وبارك الحاضرون هذا الاختيار ووعد الجميع على المضي ببرنامج التجمع والتحرك على بعض الاحزاب والشخصيات المدنية في بغداد والمحافظات
كل التقدير للجهود القيمة التي تبذل في انجاح مشروعنا.


2
حكاية من بلاد الغرائب العجيبة

ما إن فاحت رائحة فضائحه وأزكمت أنوف العباد، وما إن انتشرت أخبار فساده في طوال وعرض البلاد، حتى شّمر عن ساعديه ليرد بقوة على الناس الغاضبين. فقرر في يوم بارد وممطر أن يذهب بنفسه إلى اللجنة المركزية لمكافحة الفساد، وأن يدخل بزهو وعزيمة بناية اللجنة، متبخترا كالطاووس وكأنه مالكها.
فتح باب الغرفة بثقة وقحة يحسد عليها، ووقف أمام اللجنة وقال بصوت عال:
-   مثل ما تشوفون أجيتكم اليوم بنفسي، بطرك البنطرون والقميص، اجيت أقدم كشف الذمة المالية حتى أرضي ضميري.
فوجئت اللجنة بحديثه، وهي التي لم تكن لتجرأ يوما على مطالبته بكشف ذمته المالية، رغم كل الروائح العطنة التي فاحت منه ومن تعاملاته منذ فترة طويلة.
مد يده في جيب سرواله الأيمن واخرج مسبحة، رفعها للأعلى وأردف:
-   هاي المسبحة جبتها وياي من حج ذيچ السنة.
مد يده في جيب سرواله الأيسر واخرج منه حزمة من النقود وقال:
-   هذا هو كل ما عندي، لا أول ولا آخر وكله من چدي وعرق جبيني. أما جيب القميص فهو مثل ماتشوفون فارغ، واذا تريدون شاهد على ذلك، هذا عمي مستعد يشهد.
لم يتمالك أعضاء اللجنة أنفسهم، فأعربوا عن فرحهم وإستبشارهم بهذا الفتح الكبير، وصاح كبيرهم:
-   عشت وليخسأ المدعّون.
وصاح ثان:
-   القافلة تسير ولا يهمها نباح الكلاب.
خرج صاحبنا من الغرفة جذلا. إرتدى سترته ومعطفه الثمين، حمل حقيبته وترك البناية خلفه، وسار ببطء، هازئأ باللجنة، ومترنحاً تحت ثقل ما حملت جيوبه وما أخفى عنهم.
أما العبد الفقير فيقف حائرا، ومردداً في دواخله كيف تحارب الفساد وأنت تضحك على ذقون العباد!

كفاح محمد الذهبي



3
هل فعلا رفض متظاهرو التحرير مشاركة الحزب الشيوعي؟

قبل الإجابة على هذا السؤال الغريب، الذي تم تداوله مؤخراً، لا بد من التأكيد على بديهية تشير الى إن الحزب الشيوعي العراقي، الذي قدم الاف الشهداء، طيلة عقود تسعة من تاريخ مشرف، وشارك في كل انتفاضات ومعارك الشعب العراقي، وقاد أغلبها، وترك بصماته على كل منحى من مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد، لا يمكن أبداً اختصاره بفرد واحد أو عدة أفراد، رفض البعض مشاركتهم بالمظاهرات، لإعتقادهم بإنهم ساهموا في شق وحدة متظاهري التحرير في المرحلة السابقة وبعثرة جهودهم، وفي شق وحدة القوى المدنية وعرقلة تعاونها من اجل انشاء قائمة مدنية موحدة، وأخيراً في تسخير المظاهرات من اجل مصالح فردية وحرفها عن هدفها. ومن هنا تبدو الإشارة الى أن المتظاهرين الذين انتفضوا بشكل عفوي، زاهدون بمشاركة الحزب الشيوعي العراقي كله في مظاهراتهم، اشارة غير دقيقة!
ولعل من أبرز الأدلة على ذلك، مشاركة الاف الشيوعيين في التظاهرات وفي مختلف المحافظات ومنها بغداد، وتعرض البعض منهم لإصابات وجروح ولأوامر الإعتقال التعسفية. فالشيوعيون العراقيون لا يساندون ولا يدعمون التظاهرات فحسب، بل ويشاركون فيها بكل قوة، إنهم في وسط الجمهور المنتفض داخل الوطن، فيما تساند منظمات الحزب في الخارج المتظاهرين وتساهم في ايصال صوتهم الى دول العالم والمنظمات الدولية. كما إن من الإجحاف تحميل لافتة صغيرة، حملها متظاهر واحد ضمن المئات، أكثر مما تحتمل، رغم إحترامي لأي رأي فردي ودفاعي عن حق صاحبه في عرضه، حاله حال كل المتظاهرين العفويين.

لقد بات معروفاً للجميع بأن الشيوعيين العراقيين لا ينكرون دور اي طرف او اي فرد في هذه التظاهرات ولا يستغنون عن دور اي طرف ولا يريدون الاستئثار بأي دور، بل هم ينشدون مشاركة كل القوى الرافضة للفساد والمحاصصة، وان يتم تعاون الجميع من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية، لاسيما والحاجة ماسة اليوم لدور جميع المخلصين النزيهين لرسم مسيرة جديدة للبلاد، مسيرة لن تنجح الا بصراع مرير مع المتنفذين الذين لا يتورعون عن استخدام اقسى وانذل الطرق في الصراع، والذين لن يتنازلوا دون أن يستنفذوا أخر إطلاقاتهم! ولهذا فكلما كبرت قائمة ضحايا الحرية والعيش الكريم ازداد شباب الانتقاضة عزما على اسقاط الفاسدين وتحقيق اهدافهم النبيلة.

سيبقى الشيوعيون مع كل القوى المخلصة في قلب نشاطات وتظاهرات أبناء الشعب من اجل العدالة الاجتماعية والتقدم والرقي ولن يترددوا في خوض النضال مهما كان صعبا لتحقيق بناء الدولة المدنية الديمقراطية ومهما كانت اساليب القمع والترهيب، وستبقى جماهير العراق السور المنيع لهذا الحزب المناضل.

النصر لإنتفاضة تموز والمجد لشهداء الشعب في تظاهراته والسلام لكل المتظاهرين والادانة الكاملة لكل اشكال العنف الذي تمارسه حكومة العبادي والميليشيات المنفلتة.
قضية شعبنا ستنتصر لا محالةوسيلقى الفاسدون والقتلة والجلادون جزائهم العادل عما اقترفت ايديهم.


4
انتصار آخر للفنان المناضل فيكتور جارا على جلاديه



أدانت محكمة في شيلي تسعة من العسكريين من أعوان نظام الجنرال بينوشيت الفاشي بجريمة قتل المناضل الشيوعي والفنان الشهير فيكتور جارا28) ايلول 1932- 16 أيلول 1973)، الذي قاوم الانقلابيين المدعومين من الولايات المتحدة الامريكية بأغانيه الثورية. فحكمت بالسجن مدة خمسة عشر عاما ويوما واحدا على ثمانية من المتهمين بينما حكمت على التاسع بمدة تزيد عن خمس سنوات. كما أدين المجرمون أيضا بقتل مدير أحد السجون ابان الانقلاب. معروف ان جريمة قتل الشهيد جارا الذي أصبح رمزا مهما لضحايا الانقلاب قد وقعت بعد تحقيق وتعذيب شديدين في السادس عشر من أيلول عام 1973 انتهى بإطلاق النار عليه بأكثر من أربعين اطلاقة.
جدير بالذكر ان ضابطا قد أدين في عام 2008 لاشتراكه في جريمة قتل جارا كما ادانت محكمة امريكية في عام 2016 الضابط الفاشي السابق بيدرو بارينتوس الهارب الى الولايات المتحدة، بجريمة قتل فنان الشعب الشيلي الخالد.
في هذه السنة يكون قد مرت على جريمة الانقلاب والقتل هذه حوالي خمسة واربعين عاما ومازال (جراح الضحايا فم) يصرخ لتحقيق العدالة وإنزال العقاب بالمجرمين فمثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم. فهذا هو مصير المجرمين الطغاة المحتوم وفيه عبرة لجلادي الانظمة الدكتاتورية وحروبها وجرائم الارهابيين والطائفيين وما ارتكبوه بحق شعبنا العراقي ولابد للقضاء العراقي من انصاف الضحايا وليضع حدا لكل من تسول له نفسه التعدي على كرامة المواطن العراقي والتجاوز على حقوقه. قد يطول الوقت لكن ذلك سيتحقق لا محالة بنشاط منظمات المجتمع المدني والاحزاب الوطنية الساعية الى بناء الدولة المدنية الديمقراطية.
من أغاني فكتور جارا:
مرة اخري يريدون صبغ بلدي
بدم الأنسان العامل
هؤلاء الذين يتشدقون بالحرية
كم ارتكبت اياديهم من الجرائم
يعزلون الصغار عن امهاتهم
ويصنعون صليبا لتحمله تشيلي على ظهرها
ان رياح الشعب تناديني وتصرخ في حنجرتي
فيسمع شعري
حتى مماتي
على طرق الشعب والى الأبد.
كفاح محمد الذهبي



5

وظائف عليا للفاسدين

(من يؤمن بأن المال يفعل كل شيء، سيفعل أي شيء من أجل المال)
بنجامين فرانكلين


انتهت الحملة الانتخابية في العراق، والتي استخدمت فيها القوى السياسية كل الوسائل الغير مشروعة للحصول على عدد اكبر من كراسي البرلمان، كالتأجيج الطائفي والعرقي والتهديد والترهيب، وكالتسقيط السياسي والأخلاقي وإستخدام المال السياسي لشراء الذمم وغير ذلك من الوسائل الهابطة واللاخلاقية، مما زاد من إحباط الناخبين من البرلمان القادم إذا ما قورن بسابقيه. فالبرلمان الحالي الذي لم يكن مثالا، إمتنع 72% من اعضائه البالغ عددهم 328عن كشف ذممهم المالية، مما يعطي دليلا على جدية الشكوك العميقة بعدم نزاهة هؤلاء وعلى المكاسب غير المشروعة والامتيازات الباذخة التي حصلوا عليها في وقت يبحث الكثير من العراقيين عن زاد يومهم وسط الازبال.!مؤكدين ما قاله افقر رئيس دولة في العالم خوسيه موخيكا (السلطة لا تغير الاشخاص، هي تكشفهم على حقيقتهم)!
وبعد الحرب الانتخابية وبأنتظار صدور النتائج تبدأ حرب أخرى حول الحقائب الوزارية والوظائف العليا، حرب تتكسر فيها النصال على النصال. فالذئاب كلها جائعة الان وتنتظر الانقضاض على فرائسها، مستخدمة كل الوسائل الغير مشروعة ايضا للحصول على أي قطعة من كعكة السلطة، وسيكون رؤساء الكتل سماسرة لتوزيع هذه القطع، ربما لمن يدفع اكثر او للاقارب والاصدقاء او للترضيات، في وقت ينتظر المواطن العراقي تغييرا شاملا ونقلة جديدة تخلصه من أزماته المتعددة؟. ورغم كثرة الحديث عن الكفاءات واختيار الشخص المناسب للمكان المناسب ، فإن التساؤل يبدو مشروعاً حول المدى الذي سيسمح فيه الجو النفعي السائد من تحقيق ذلك مشيراً الى أن الحال ربما سيتواصل على ما هو عليه!
يقال (طالب الولاية لا يولى)، فبدلا من أن يتم أختيار الوزراء الاكفاء وحسب الاختصاص، سيقوم البعض بتقديم طلباتهم وسيمارسون كل الوسائل للوصول الى اهدافهم، كما أن البعض الاخر قد حصل على وعود قبل الانتخابات من رؤساء الكتل وهؤلاء (وزراء بتاع كلو) يصلحون لكل الوزارات ويملكون كل الكفاءات ومتمكنون من كل الاختصاصات ولنا في باقرالزبيدي مثالا.
كثير من هؤلاء الساعين وراء السلطة حصلوا على أموالهم من خداع الاهل والاصدقاء أو من سرقة المال العام، فيما قام منهم من عجز على الحصول عن شهادة البكالوريا الى شرائها بالمال بل وواصل حتى بلغ درجة كتب فيها أمام إسمه حرف الدال الشهير من خلال المال او الموقع. البعض منهم ممن لا يعرف كان وأخواتها صار يدبج (مقالات مدفوعة الثمن) الى الصحف والمجلات. ومنهم من كان يركض خلف الكاميرات التلفزيونية لكي يظهر فيها ، صار اليوم كالقرد يحاول الظهور في كل سيرك تلفزيوني. هؤلاء أداواتهم الكذب والخديعة وخيانة الاقربين والتملق حتى التمكن وشراء الذمم وانعدام المبادئ. كل شيء لديهم مسموح ما دام يصب في المصلحة الخاصة وتكون المصلحة العامة لديهم كذبة لتمرير مصالحهم الانانية. هؤلاء يعتقدون بأنهم أذكياء والبقية اغبياء، هم شجعان والبقية جبناء لا يقدروا على التصدي لهم. هؤلاء فاسدون سياسيا وماليا واخلاقيا ولا يستحقون الا النبذ.
يقول جورج برنارد شو(السلطة لا تفسد الرجال، إنما الأغبياء، إن وضعوا في السلطة، فإنهم يفسدونها)، لذا فأن وصول مثل هؤلاء هو مفسدة وجريمة ستؤدي الى استمرار معاناة العراقيين لسنوات اخرى والسكوت مهما كانت مبرراته هو مشاركة في هذه المفسدة لأن ( الساكت عن الحق شيطان أخرس).
ويبقى التساؤل مشروعاً، كم من هؤلاء سيتصدى للوظائف العاليا خلال الاربعة سنوات القادمة؟ وهل تعرف شخصيا مرشحا بمثل هذه المواصفات يسعى او موعود بالحصول على وظيفة عليا؟
إذا أجبت بنعم، قل لي ماذا ستفعل، هل تسكت؟!!



6
المنبر الحر / الحوار بدل الجدال
« في: 11:25 25/02/2018  »
الحوار بدل الجدال

(حتى ان البعض أصبح يحتفظ برأيه لنفسه، خوفا من فقدان من يحبهم، بسبب عقليتهم المتحجرة المقصّية للاخر!)
ديستوفسكي
تعمل كل المؤسسات التربوية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الناجحة على تحفيز التفكير النقدي لدى أعضائها وتستنهض قدرتهم على التحديث والإبتكار، مستفيدة من كل الافكار والاراء المطروحة لتتقدم الى امام، لان الصراع هو أساس تجدد المعرفة، وهكذا عمل حزبنا الشيوعي.
فمن أجل تحقيق السياسات والمواقف الصحيحة، أخضع الحزب جميع الأراء لمختبر تحليلي، على أساس من اجتهاد الجميع. وبدل خلق اجواء من الجدل وتضارب الاجتهادات، عمد الى ادارة سليمة لها في صراع فكري داخلي،طالما حقق به وحدة الإرادة والعمل الحقيقية.
وقد جاء ذلك إدراكا منه على إن الحزب سيكون جثة هامدة ولا يعود حزبا ماركسيا بدون ذلك، فجوهر الماركسية، كما يعرف الجميع، هو جدلها المادي والتاريخي وهذا الجدل في جوهره لا يقوم على فكرة واحدة بل على وجود فكرتين او رأيين او اكثر لتتصارع حتى تتقدم الامور الى امام.، ولهذا تصورو معي حجم الخسارة ان صمتت الاكثرية وبقى صوت المتعصبين والثرثارين يملئ الساحة بصدى موجع.
لكن، وللاسف كلما تتعقد الاوضاع السياسية ويكون اختيار الموقف الصحيح صعبا، راح البعض يلجأ الى الجدال بدل الحوار. فهدف الجدال اظهار خطل الاخر فقط، بينما يقوم الحوار على اسس واهداف اخرى، لأنه يهدف الى التعرف على وجهات النظر الاخرى، وتقييم الادلة الواضحة، وتعديل وتقويم سوء الفهم والافكار المبنية على اسس غير سليمة، ومن ثم تقريب وجهات النظر والوصول الى افضل النتائج التي تشعر الجميع بتحقيق جزء مما يصبو اليه. ومن الهام بمكان ان يبقى الحوار مفتوحا ومبنيا على اساس الاحترام المتبادل والشفافية والمعلومة السريعة والصحيحة والرغبة الحقيقية وبعيدا عن التعصب.
واليوم، ونحن نخوض معركة فكرية وسياسية شرسة ومفتوحة، نبدو الأحوج لمساهمة الجميع، فقوتنا تكمن في وحدتنا ولكنها - اي الوحدة - بحاجة الى اعادة تعريف بتجنب فكرة "تطابق الجميع" وانما وحدة جدلية تتعامل مع الجميع كقامات متساوية وعقول قادرة على التفكير بغض النظر عن المستويات التنظيمية. الجميع (رفاق واصدقاء الحزب وجماهيره) حريصون،يجتهدون ويحاورون وهذا حقهم. اما الاختلاف في المقاربات فيجب بذل اقصى الجهود لتجنب تحوله الى خلاف، لان اسوء العقول من تحول الاختلاف الى خلاف وثمة وسائل وقواعد واليات (ان احسن تطبيقها) مثبتة في النظام الداخلي، فهو دستورنا الوحيد، الذي ينبغي ان نعود اليه لحل اختلافاتنا وتناقضات مواقفنا وهو دستور قابل للتطوير دائما.
ان الاختلاف وتنوع المقاربات امر طبيعي وضروري، ففي الاختلاف الحياة وفي الثبات الموت كما يقول الشهيد المفكر مهدي عامل. وفي السياسة تبقى التقديرات مفتوحة والثبات فيها نسبي، والحياة وحدها كفيلة بأظهار بأي درجة كان هذا الموقف موفقا ام خاطئا وان (رأي الاكثرية) لا يعني باي حال من الاحوال انه صحيح بشكل مطلق ولا رأي الاقلية خاطئ بشكل مطلق. الحياة والتطبيق ستقدم ادلتها ايضا وكما يقول انجلس (خلال مجرى التطور، يصبح ما كان حقيقيا من قبل غير حقيقي ، حين يفقد ضرورته وحقه في الوجود، تزول الحقيقة السائرة في طريق الفناء لتحل مكانها حقيقة قادرة على الحياة). ديناميكية الحياة هي الفائزة دوما.
من كل هذا اعتقد اننا بحاجة الى حوار حقيقي، حسن الادارة، مبني على اساس الاحترام وبعيدا عن الاقصاء، حوار بعيدا عن لغة التهديد والوعيد، بعيدأعن التشكيك بحزبية الاخرين وبعيدا عن خلط الاوراق والشخصنة واتهام الاخر بالجهل والتحامل، بعيدا عن التعصب الاعمى، فالحزب ليس ملك قيادته فقط وانما ملك كل اعضائه واصدقائه وجماهيره، ملك الشعب العراقي كله، وهو فضل شهدائنا علينا.
ويبقى الرأي خاص لكن اللياقة عامة.
كفاح محمد الذهبي

7
طريق الشعب كأداة للتنوير – ملاحظات
يعرف الكثيرون الترابط الجدلي بين الإرتقاء بوعي الجماهير وبين قدرتها على تحقيق أهدافها في تحسين أوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقد لعبت طريق الشعب الغراء ومازالت (رغم مشكلة انحسار القراءة في بلدنا) دورا هاما في هذا المجال عبر نشر العديد من المقالات والدراسات الغنية والمتنوعة وفي مجالات عديدة، والتعريف بالثقافة التقدمية والقيم الديمقراطية،، إسهاما منها في النضال المدني الديمقراطي وتعزيز مسيرة البلاد لبناء دولة المواطنة ومحاربة الفساد وفضح نظام المحاصصة الراعي له، رغم ما تواجهه من ظروف صعبة.
وأذ تعًرف الديمقراطية بأنها حكم الأكثرية، فان هذا التعريف يبقى غير مكتمل دون ضمان الحقوق الكاملة للأقلية، لأن سيادة حكم الأكثرية وضمان حقوق الأقلية وجهان لعملة واحدة، ليس لها قيمة بدونهما.
ولما كان تحليل الظروف السياسية الراهنة وتقييمها، وما ينبع عن هذا التحليل من استنتاجات سياسية يختلف من فرد لآخر، فإن غلق الأبواب أمام من يفكر بطريقة مختلفة، سيؤدي الى خسائر جسيمة، حيث سيكون صراع الأفكار، الرافعة الكبيرة للعمل الفكري والسياسي إذا ما أدير بطريقة صحيحة. 
إن خلو منابرنا الإعلامية من أمثلة واضحة على تنفيذ ما أكد عليه النظام الداخلي لحزبنا الشيوعي العراقي في الفقرة ج من المادة الأولى من ((حق الأقلية في مناقشة سياسة الحزب العامة، وسياسته التنظيمية، وفي إبداء الاعتراض عليها أمام الهيئات الحزبية المسؤولة بما فيها المؤتمر، والتعبير عن رأيها في منابر الحزب الإعلامية، على أن لا يعيق ذلك التزامها تنفيذ قرارات الهيئات القيادية)، أمر يثير الدهشة والحزن ويدعوها اليوم وبقوة، وفي المقدمة منها جريدتنا المركزية "طريق الشعب" الى نشر الآراء التي تختلف مع سياسة الحزب المقرة كي لا تحرم قراءها من متعة مقارنة وامتحان الأفكار والبحث عن مكامن قوة أو ضعف هذا الرأي أو ذاك خصوصا وأن مجالات النشر أصبحت غير محدودة بفعل توفر عشرات المواقع الجاهزة لاستلام أي مقال، إضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت أحيانا، وللأسف الشديد، قنوات أسرع وأوضح من بعض القنوات الحزبية. ويعد من الغريب علينا اليوم أن يصل الحال في مرات عديدة إلى الإساءة إلى آراء الأقلية ووصفها بمختلف النعوت من خلال عدم التمييز بين من هو حريص فعلا على الحزب ومن هو كاره له. للحزب أعداء كثيرون وإمكانيات كبيرة فماذا نتوقع منهم؟ هل نريدهم أن يكونوا موضوعيين ويمدحوا الحزب؟ بالطبع لا.
لا داعي للتذمر والجزع أيها الرفاق الأعزاء.. أنتم مدعوون لإجراء الحوار والرد بعلمية وموضوعية وبتعليل فكري يمكننا من التمييز بين الرأي البناء والرأي المعادي ويظهر الوجه الديمقراطي الحضاري لحزبنا وإعلامنا.
ومن جانب أخر، نحن بحاجة ماسة لرعاية الآراء الحريصة، وان كانت مخالفة تماما لسياسة الحزب، من خلال فتح نقاش شفاف، وتقديم المعلومات، والتحلي بصدر واسع ونفس طويل، لكي تصب كل الطاقات في رافد الحزب، لأنه من غير الممكن أن تكون آراء الأكثرية مطلقة الصواب ولا آراء الأقلية مطلقة الخطأ، ولهذا سيوصلنا الحوار الشفاف الهادئ لأفضل الحلول، والزمن وحده كفيل بإظهار من هو على خطأ ومن هو على حق فلا يوجد من يملك الحقيقة لوحده أو من هو فتاح فال المستقبل.
لقد نشرت طريق الشعب في العمود الأسبوعي (حكايات أبي زاهد) في الخامس من شباط مقالا للكاتب محمد علي محيي الدين تحت عنوان (سائرون يردون لو ما يردون) فهل هذا العنوان موفق في احترام الرأي الآخر؟ وأي رسالة يراد إيصالها لمن اختلف من الرفاق مع رأي قيادة الحزب؟ ورغم ما قاله الكاتب وهو على حق (فكلما أقدم الحزب الشيوعي العراقي على أمر، نرى من يقف إلى جانبه ومن يخالفه أو يعارضه أو يتحفظ عليه، وهذا أمر معقول. فمن المستحيل أن يكون الجميع على رأي واحد أو موقف واحد، وان الاختلاف دليل النماء والتطور وطريق يوصل إلى النهايات السعيدة.) ألا أن رسالته كانت غير موفقة.
ثم يأتي الكاتب محمد عبد الرحمن في عموده الأسبوعي/ إضاءة / ليكتب (لمصلحة من هذه الحملة الظالمة ضد الحزب الشيوعي ؟) ليخلط كل الآراء ويضع لها كل التهم دون تمييز حقيقي بين الغث والسمين ودون ردود حقيقية تقنع القارئ بل هي في مجملها جزع لا يطيق النقد.
المطلوب أن تُفتح منابر الحزب الإعلامية للآراء الحريصة، مع الالتزام بشروط النشر المسئولة، فهذا الانغلاق لن يخدم الحزب ولن يخدم المسيرة التنويرية لطريق الشعب خاصة عندما تكون الظروف صعبة والرؤى غير واضحة والنقص بالمعلومة سيد الموقف. أن النجاح في إدارة الصراع الفكري والسياسي كفيل بنقل إعلامنا إلى أمام.
كفاح محمد الذهبي

8
لن أمنح صوتي لمن لا يستحقه

العملية الانتخابية كممارسة ديمقراطية يمنح فيها الفرد صوته لمن يعبر عن مصالحه ويعتقد بأنه يمثله خير تمثيل، سواء كان ذلك حقيقة أو زيفا. والتصويت تعبير عن مستوى الوعي وانعكاس له في التطبيق، وهو ملك حصري للفرد يمارسه بإرادته الحرة ويتحمل مسؤولية نتائجه. وكثيرا ما تقع هذه الإرادة تحت تأثير الدعاية الانتخابية ووسائل الإقناع بما فيها الترهيب والترغيب ومختلف أنواع الضغوط.
صوتي هو عنواني، هو تأريخي وتعبير عن ذاتي، هو أداتي للتعبير عن أفكاري ونظرتي للمستقبل، هو مسؤوليتي أمام نفسي وأمام أهلي وأصدقائي وشعبي. أحرص عليه وأدافع عن استقلاليته وأمارسه عن قناعة تامة. لذا كان خياري بلا تردد قائمتي التي اعتز بها، قائمة التحالف المدني الديمقراطي، التي أدعو كل أهلي وأصدقائي وكل المتنورين للتصويت لها. وبالتأكيد سأمنح صوتي في بغداد لشيوعي مخلص من أصحاب ألأيادي البيضاء.

لن أمنح صوتي لمن لا يستحقه مهما علا مركزه الحزبي ومهما تقدم اسمه في قائمتي الجميلة 232 ومهما علا زعيق مناصريه.

لن أمنح صوتي لمن لا يستحقه، احتراما لتأريخ عريق ولتضحيات الشهداء التي ملئت ساحات العراق من قمم كردستان إلى الفاو، واحترما لمعاناة السجناء والمهجرين وعوائل الشهداء، التي امتدت لعقود.
لن أمنح صوتي لمن لا يستحقه، احتراما لحاضر يحفر فيه الشيوعيون وأصدقاؤهم في الصخر بأيديهم العارية، ويقدمون فيه مآثر في نكران الذات والعمل من اجل مصالح الشعب والوطن، وسط بحر تسيّدت فيه حيتان الطائفية التي نشرت فيه التخلف والجهل.
لن أمنح صوتي لمن لا يستحقه، لكي يتحقق حلمي في مستقبل مدني ديمقراطي ليس فيه مكان للطائفية والفساد والإثراء على حساب مصالح الفقراء، لكي يتحقق حلمي في وطن حر وشعب سعيد، من اجل مستقبل لي ثقة بأنه قادم لا محال.
سأمنح صوتي عن طيب خاطر لاسم من يضع المصلحة العامة قبل الخاصة، لمن أجندته هي الوطن وفقراءه. وقائمة الشيوعيين الرائعة في بغداد تحفل بهذه الأسماء. فالحزب الشيوعي العراقي بتاريخه المشرف وصفحات نضاله الثرية يستحق وحلفائه، احتلال موقع لائق وأساسي في البرلمان القادم لأنهم من قادة التغيير القادم.
إلى من تلوثت سمعته: أنك لا تستحق صوتي
إلى من يعمل لأجنداته الخاصة: أنك لا تستحق صوتي
إلى من يشتري الضمائر ويستغل حاجة الآخرين: أنك لا تستحق صوتي
إلى من يمارس الفساد وينشر الروح النفعية: أنك لا تستحق صوتي
إلى عبد المنصب والمال: بالتأكيد أنك لا تستحق صوتي

أقولها بوضوح، لن أمنحك صوتي لأنك لا تستحقه!

ولا أظن أن أحدا من أهلي أو معارفي سيمنحك صوته. أما رفاقي فلست أجرأ أو اخلص منهم ولا أكثر وعيا منهم وهم سيختارون عن قناعة ومسؤولية كبيرة.
لنصوت لقائمة التحالف المدني الديمقراطي ولمرشحي الحزب الشيوعي العراقي من أصحاب الأيادي النظيفة والتاريخ والحاضر المشرف.

كفاح محمد الذهبي


9
وجود الشيوعيين في البرلمان أكثر من ضروري

كفاح محمد الذهبي

العمل البرلماني عند الشيوعيين هو شكل من اشكال النضال السياسي يتكامل مع الاشكال الاخرى والتي يقع في مقدمتها العمل وسط الجمهور والاسهام في قيادة النضال لتحقيق المطالب العادلة  لشغيلة اليد والفكر وعموم الكادحين. وقد شهد الخصوم السياسيون قبل الأصدقاء على الدور الفاعل والمفيد الذي لعبه النائبان عن الحزب الشيوعي العراقي في الدورة السابقة لمجلس النواب، حميد مجيد موسى ومفيد الجزائري، حتى ان خالد العطية اقترح منح حميد مجيد موسى لقب أحسن برلماني بسبب نشاطه الدائب ولانتظام حضوره لجلسات البرلمان والمقترحات العملية التي يقدمها، والدور الذي يلعبه في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، ومحاولات دفع العملية السياسية الى الأمام. ولا يقل عنه في هذا المجال دور مفيد الجزائري رئيس لجنة الثقافة. هذا رغم كل محاولات التهميش والاقصاء التي مارسها رئيس المجلس آنذاك وكذلك الكتل السياسية المتنفذة بحق النائبين الشيوعيين. كما كان لوزير العلوم والتكنلوجيا رائد فهمي من خلال كفاءته السياسية والادارية ونزاهته، دور مرموق في مجلس الوزراء وفي قيادة وزارته. ولا ريب في ان الدور الذي يلعبه الشيوعيون اليوم وحلفاؤهم المدنيون في مجالس المحافظات، يحظى بالتقدير والاحترام من قبل جميع الكتل السياسية.

الدورة الحالية للبرلمان شهدت غياب النواب الشيوعيين كما شهدت الفشل الذريع لمجلس النواب وللحكومة على كل الأصعدة.
وإذ لم يرشح للدورة القادمة، لا حميد مجيد موسى ولا مفيد الجزائري تقع مهمات كبيرة على عاتق من سينتخب من الشيوعيين في الدورة القادمة. من يمثل الحزب الشيوعي في هذا البرلمان يفترض أن يتسم بالكفاءة السياسية والادارية والحنكة في خوض الصراع، كما يتسم بالنزاهة والعمل للصالح العام، ويمتلك الحصانة عن التلوث بمغريات مكانة النائب في المجتمع، وان يمتلك الشجاعة في الوقوف ضد الفساد وعدم التعايش معه، وهذا ديدن الشيوعيين أصلا.
فهناك مهام كثيرة تنظر الشيوعيين وحلفاءهم، فتفعيل دور مجلس النواب الرقابي والتشريعي يقع في المقام الأول حيث سيتم تشكيل الحكومة الجديدة والتي من الضروري أن تتم على أساس الكفاءة لكي تتمكن من إعادة الحياة الى الدورة الاقتصادية للبلد والبدء بتنويع مصادر الدخل وخلق أجواء صحية للاستثمار وتوفير فرص العمل لأبناء الشعب.....
كما ان هناك حزمة من القوانين التي تنتظر التشريع تبدأ بالتعديلات الدستورية وتقسيم السلطات وتستمر بقوانين كثيرة مثل النفط والغاز وقوانين تخص الأحزاب السياسية والانتخابات والدعاية الانتخابية وأخرى تخص الجانب الاجتماعي، لحماية الطبقات الكادحة والمرأة والطفل وتطوير النظام التعليمي وحماية الحقوق النقابية...الخ.
مما لا ريب فيه ان بناء النظام الديمقراطي لا يمكن أن يتم دون جعل مبدأ المواطنة حجر الأساس للنظام السياسي ودون احترام حقوق كل أبناء الشعب الاجتماعية والسياسية والفكرية والعقائدية، وسيكون للشيوعيين مع إخوانهم في قائمة التحالف المدني الديمقراطي دور حقيقي ملموس في بناء مثل هذا النظام على أنقاض نظام المحاصصة البغيض لذا فان وجودهم في البرلمان القادم والحكومة التي ستشكل على أثره، أكثر من ضروري.


10
المنبر الحر / نواب أم نوائب
« في: 20:44 14/03/2014  »
نواب أم نوائب

كفاح محمد الذهبي

الكثير من أعضاء مجلس النواب تصلح تسميتهم بالنوائب بدل النواب، وللأسف الكثير منهم أعيد ترشيحه كما إن كثيرا من أمثالهم رشحوا أنفسهم أيضا كمتنافسين جدد على الغنائم. هؤلاء همهم الأول ذواتهم، فهم شغوفون بالحصول على الجاه والمركز الاجتماعي، ويتطلعون إلى الحصول على منافع ومشاريع اقتصادية جديدة. بعضهم يقود منظمات مجتمع مدني يستخدمها في شراء الذمم، فراتب لهذا وقطعة ارض لذاك وسفرة لثالث ومركزا مرموقا لرابع، وكل شيء من اجل الأنا المتضخمة، المريضة بحب الظهور، والتي تتحرك بدافع الشعور بالنقص ومحاولات الكسب بأية وسيلة مهما كانت دنيئة.

مهمة النائب في كل الدول التي تحترم نفسها ليست وظيفة، بل تكليف شاق، لما تتطلبه من نشاط طيلة أيام الأسبوع ولساعات عمل يومية طويلة، يلتقي فيها بالجمهور، يزور مواقع العمل، يراقب ويتابع، يدرس المشاريع المرفوعة للمجلس ويقدم مشاريع باسمه .....الخ.
أما نوابنا فكل واحد منهم سوبرمان حقيقيي فهم (ممثلو الشعب العراقي)، يمثلون كتلهم، ولهم أدوار قيادية في أحزابهم، ويديرون مشاريع اقتصادية تدر الملايين، ويقودون منظمات عديدة ويديرون مكاتب إعلامية تظهرهم ككتاب حقيقيين، في حين إنهم لا يميزون بين المجرور والمنصوب، كل هذا يقومون به، إلا خدمة الشعب والإسهام في التخفيف عن أعبائه فهي ليست في قاموسهم.
حتى الجامعات العراقية لم تسلم من بعض هؤلاء الذي أستغل هبوط المستوى العلمي فيها، في ظل وزير يهتم بخيول اتحاد الفروسية اكثر من اهتمامه بالجامعات، فاستحصلوا على شهادات بأطاريح لم يكتبوا منها شيئاً. شهاداتهم كلها منحت بتقدير امتياز، ارتباطا بانتماء طائفي أو حسب الكتلة أو الحزب السياسي، دون مراعاة للشروط العلمية، التي حلت محلها المجاملات السمجة.

هذه الاستهانة الفجة بمصير ومقدرات الشعب لن تمر دون فضح، فأبناء العراق من رجال العلم والأدب والفن وكل الفئات الواعية، لن تقبل بالإذلال وستفتح كوة للضياء في هذه الظلمة. الشموع التي تبدد الظلمة قادمة، والتغيير قادم، فقد رفع برلمانيو المحاصصة آخر ورقة توت عن عوراتهم بتصويتهم على إمتيازات لا يستحقونها. سيرفع هؤلاء أيضا شعار التغيير لإخفاء بديل مزيف خلفه. لن يكون البديل نائبا مزيفا أو مدعيا، بل سنمنح أصواتنا للنائب الذي يضع مصلحة الشعب قبل مصلحته الذاتية، النائب الكفء والنزيه ذي السمعة الأخلاقية الطيبة والمالية النظيفة، ذي الحصانة ضد الفساد والمغريات، والذي يقدم نموذجا في الممارسة الديمقراطية والشفافية. بمثل هذا النائب يكون البرلمان بيت الشعب.


 

11

رواية عزيز نسين (زوبك) وانتخابات البرلمان العراقي (3)

بعد فترة قصيرة من كل انتخابات برلمانية، يخرج الكثير من الناخبين وهم يلوحون بأصابعهم التي تلونت مرة باللون الأزرق وهم يدعون بأنهم سيقطعون هذه الأصابع إن انتخبت مرة أخرى، ربما ندماً أو غضباً على انتخابهم ممن لا يستحقون تمثيل الشعب. وتأتي الانتخابات القادمة، مع كل الحشد الطائفي واستغلال المال العام وشراء الأصوات..... سيصوت الكثير من هؤلاء إلى نفس الكتل والأشخاص، رغم قسمهم بأغلظ الإيمان بأنهم لن يكرروا الخطأ السابق.
وهنا، ألا يحق لنا التساؤل عن السبب الكامن وراء هذه الازدواجية القاتلة، خاصة بعد إن كشف برلمانيو المحاصصة عن الوجه الكالح لطمعهم وخذلانهم للشعب بتشريعهم فقرات في قانون التقاعد تكرس امتيازات غير مشروعة لهم.

يبدو إن اعتراف معلم اللغة الألمانية الصريح والقاسي، في رواية عزيز نسين، حول ما نقوم به، ثم ندعي أمرا مخالفا، يدعو للتفكير العميق. فهو يقول:
((ألان أيقنت ان زوبك، ليس شخصا واحدا، ولكن نحن، جميعا، زوبكات! لو لم يكن في داخل كل منا زوبك، لو لم يكن كل واحد منا زوبك، لما كان ترعرع زوبك كهذا. تجتمع قطعة زوبكية، من كل واحد منا، فتشكل زوبكا كهذا فوقنا. ومع ان الزوبكية فينا، في دواخلنا، فأننا، عندما نرى زوبكياتنا متوحدة في شخص واحد، نغضب منه.
الزوبكات موجودة في كل مكان .. حيثما نذهب سنجد الزوبكيين أمامنا.
أنا لا اقول هذا لان ابراهيم زوبك احتال علي، وابتز مني نقوداً. أقوله حتى أستطيع التفكير على نحو سليم. كان يجب أن أخدع أنا الآخر. لم أخبر أحدا بأني خدعت. في الحقيقة أنا الذي اردت أن أخدع. الزوبكات تستفيد من احساسنا هذا، وتخدعنا. والأصح من هذا أننا، نحن، نخدع أنفسنا أولا، ومن ثم نرغمهم على خداعنا، إرغاماً. إننا نجمع كل الزوبكنات التي في دواخلنا، ونوحدها، ونصنع منها زوبكا في الحقيقة. نحن زوبك.. أنا، أنت.. وعندما يظهر أمامنا زوبك فأن في زوبكيته شيئاً منا.))
ربما يبدو للبعض إن رأي هذا المثقف قاس ومبالغ فيه. فهل يتحمل كل واحد منا ذنوب سياسيي بلدنا في فسادهم وطمعهم وفشلهم وكل خداعهم؟  فإذا لم يكن الأمر كذلك فكيف نفسر أن عددا غير قليل من أساتذة الجامعات ومربي الأجيال يبعث برسائل التهاني لأمثال إبراهيم زوبك عندما يرشحون أنفسهم للانتخابات ؟ كيف نفسر رسائل التهاني من صحفيين كبار، من رؤساء تحرير وكتاب الافتتاحيات؟ كيف نفسر موقف التأييد والدفاع الصادر عن مناضلين ذاقوا الأمرّين في حياتهم وضحوا بالغالي والنفيس لكي لا يرتهن مصير الناس بأيدي المحتالين، ثم تراهم يرتهنون الى زوبك؟ أما الشعراء فيقدمون تعهداتهم بكتابة أجمل القصائد التي تمجد هذا الزوبك أو ذاك. هؤلاء يتملقون للزوبكيين ويتمنون لهم كل التوفيق، فهم الأفضل والأكفأ بل والأجمل.
الأمر المحير، أنك حين تذكرهم بتأريخ إبراهيم زبك ، يقولون لك، هذا كان أيام زمان. فزوبك ألان ليس زوبك الأمس، فقد طرأ تطور غير مسبوق وهو الآن الأفضل والأحسن والأنجح وهو الذي سيقودنا إلى انتصارات لا نحلم بها. وزوبكنا جذل بهذه التهاني بل وينشر رسائل التأييد على أوسع نطاق لكي يقول للملأ، هؤلاء شركائي في كل ما سيصيبكم من محن وويلات في قوادم الأيام.
سادتي لا يمكن لزوبك ان ينجح دون إسنادكم ودعمكم فقد كان هذا خياركم فهنيئا لكم به.
((منذ أن عرف الكذب لم يحصل مثل هذا. يا هوه.. أن زوبك زاده هذا سيجعل قيمتنا، بين الناس، قرشين. فهل يجوز سحب مثل هذا الكذب؟))
ألا ترون ألآن إن من ينتخب زوبك المحتال والكذاب، ستكون قيمته بين الناس قرشين إن لم تكن أقل من ذلك؟.


 

12
رواية عزيز نسين (زوبك) وانتخابات البرلمان العراقي (2)

 
كفاح محمد الذهبي

يتفق اغلب الخبراء الاقتصاديين على إن طابع الاقتصاد العراقي ريعي مع تضائل دور القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية والخدمية، ومع ذلك تكمن الصعوبة في تحديد طبيعة هذا النظام. فالفوضى الاقتصادية هي السائدة ولا توجد استراتيجية محددة يسير حسبها الاقتصاد ولا خطط اقتصادية معلومة الأهداف.

كل السياسيين، وبالذات البرلمانيين العراقيين، يرددون بأن الاقتصاد العراقي يسير وفق مبدأ اقتصاد السوق الحر لكن أيا منهم لا يملك نظرة مستقبلية ولا تفكيرا إستراتيجيا يحدد معالم الطريق. كما أهملت ميزانيات الحكومة المتعاقبة، الصناعة والزراعة (باستثناء الصناعة الاستخراجية) ولم تخصص ما هو مطلوب للاستثمار. إن الحكومات المتعاقبة ولأهداف نفعية انتخابية ضخمت جهاز الدولة إلى أكثر من ضعفين خلال عقد واحد لتزيد البطالة المقنعة بدلا من خيار الاستثمار وتشجيع المستثمرين للقضاء على البطالة التي تخنق نسبة كبيرة من شباب العراق. فالتشغيل في قطاع الدولة يستخدم الآن لشراء الأصوات من خلال توظيف الأقارب وأصحاب الواسطات، خاصة وان الوزارات وباعتراف اغلب النواب صارت حصصا تابعة لحزب الوزير وكتلته. يضاف الى ذلك إن نسبة غير قليلة من ميزانية الدولة تذهب لجيوب الفاسدين، وبدلا من ان يلعب النائب في البرلمان العراقي دوره التشريعي في إصدار القوانين التي تدعم الاستثمار والمستثمرين، والرقابي في محاربة الفساد والفاسدين والدفاع عن المال العام ، نشأ تحالف غير مقدس بين بيروقراطيي الدولة وبعض نواب البرلمان، حيث تحول هذا البعض إلى دلالي مقاولات. فهم يتفقون مع هؤلاء الموظفين للحصول على مقاولات لأقاربهم وأعضاء في أحزابهم مقابل الحصول على عمولات دسمة. يقابل ذلك ان اغلب هؤلاء المقاولين، ممن ليس لهم علاقة بمادة المقاولة وهو بدوره يعطيها إلى مقاولين ثانويين. وفي النتيجة فالمنجز من هذه المشاريع يحمل أسوأ نوعية تخطر ببال احد، بل والكثير منها لا ينجز أبدا. يضاف إلى ذلك، والجميع يعرف، إن القيم المخصصة للأغلبية الساحقة من العقود هي أضعاف مضاعفة لقيمها الحقيقية، بل وأكثرها لا يطرح وفق الأصول القانونية. هذا من جهة ومن جهة أخرى، الويل والثبور للموظف الذي لا يستجيب لطلبات النواب،حينئذ تتعرض له مباشرة لجان النزاهة لتعلن فساده قبل بدأ التحقيق وترسل أوراقه إلى لجنة المسائلة والعدالة للاجتثاث حتى وان لم يكن في يوم ما منتميا لحزب سياسي.

للأسف، دخل ويدخل البرلمان طلابا نجباء لإبراهيم زوبك، رغم إن نشاطهم ومشاريعهم الاقتصادية التي سبقت دخولهم البرلمان كان معبرا حقيقيا عن جوهرهم.
ولنرى الآن كيف وصف لنا عزيز نسين، منذ أكثر من خمسين عاما، السلوك الاقتصادي لزوبك، الذي اقنع الحكومة ببناء أكبر جسر على وادي القامشلك، حيث وصف مياهه بالفياضة وحاجة المنطقة له ماسة لشدة أخطاره، في حين انه مجرى صغير جدا. وكالعادة لم تدقق الحكومة في الموضوع ووافقت على إنشاء الجسر الكبير.
ليكن!)، أعلن عن مناقصة لبناء جسر. ونحن نعرف البقية، لقد اشترك في المناقصة أكثر من أربعين متعهدا من أربعين مكانا من المحافظة. ومن متعهد إلى متعهد عمل إبراهيم بيك على كسر السعر، حتى توفر أموال كثيرة. أخذ المتعهدون ينزلون أسعارهم باله من هنا، باله من هناك، فلم يبق غير أن ينفذوا العمل مجانا، أو أن يدفعوا لنا فوقها. لم يقدر أحد من المتعهدين على مجاراة متعهدنا الشهير في تنزيل الأسعار، فذهب إليه زوبك وقال له (أخرج من هذا العمل، وأنا أعطيك نقودا دون مقابل)..لكن عقل المتعهد كان سقيما، فقال بحزم (مستحيل).. فقال إبراهيم بيك (ما دام الأمر كذلك فأنا سأتركها لترسو عليك فادفع لي أنت)...عقله جحش.. أيضا قال (مستحيل).. قال إبراهيم بك (تعال إذا نتعهده شركة، ثم نقتسم الأرباح).. كذلك قال مستحيل). في الحقيقة أراد إبراهيم بيك مشاركة المتعهد، لكونه لا يستطيع القيام به وحده، لان ذلك يتطلب القيام بعدة أعمال مسبقا. غضب زوبك زاده وقال (إنسانيتي تتوقف عند هذا الحد.. الباقي عليك).ورست مناقصة الجسر على المتعهد، فجاء بالشاحنات والآليات إلى طرف القامشلك، كما تعرفون، ونصب الخيام للعمال وصففت أكياس الاسمنت. وها قد مرت سنتان على ذلك، فلماذا لم يبن الجسر بعد؟ أحزروا

نظر بعضنا إلى الآخر، تساءلنا:

- حقا لماذا لم يبن بعد؟

فقال:

-  لم يبن، ولم يبن. إذا كان هذا الجسر سيبنى فلن يفعل ذلك احد غير إبراهيم بيك. ماذا فعل إبراهيم بك عندما كان المتعهد يجهز للعمل؟ اسـتأجر رمال وادي القامشلك من البلدية بتسعمائة ليرة في السنة، فلم تبق أمام المتعهد بالتالي أية رمال للصبات البيتونية. الرمال كلها لإبراهيم بيك. لا يستطيع المتعهد ان يأخذ من الوادي حبة رمل واحدة، ولا يوجد في المنطقة مقطع رمل واحد. لو أراد أن يدفع كل ما سيقبضه، لقاء صب الكونكريت، أجورا لنقل الرمل، فأنه لن يكفيه. الرجل جن. لقد دفع التأمينات سلفا، فما العمل؟

انبطح المتعهد على قدمي إبراهيم بيك قائلا (أنا كلبك، فاعف عني.. تعال نتشارك.. أنت لا تقم بأي جهد، فقط اترك لي الرمال.. خذ ثلاثة أرباع الربح دون أن تمد يدك.. أجرٍني الرمل الذي استأجرته بتسعمائة ليرة، بتسعين ألف ليرة في السنة). لكن عين إبراهيم بيك – والحمد لله- شبعانة من النقود، فراح يجيبه على كل عروضه بكلمة (هوء)، ثم لا يضيف شيئا، لكأن السكين لا تفتح فمه. عندها قال المتعهد الشهير (ولاه.. كل ما سمعته عن قلة شرفك صحيح. سأفرمك بأذن الله!).. وهرب.
عندما سمعت ما سمعت، طار عقلي من يافوخي. ماذا أقول؟ لقد اختلط علي اثر الذئب بأثر الكلب، ولم يعد معروفا البائع من الشاري. أنه رجل يحيي الموظف الميت، ويخصص له معاشا من الخزينة فماذا بقي.
-  لن أقول لكم شيئا أيها الأصدقاء. أنا منذ البداية، لم أكن أرى أليق من زوبك للنيابة،
لا أظن ان إنسانية الدلالين من نوابنا اكبر من إنسانية إبراهيم زوبك. ولكن، كم من هؤلاء سيدخل البرلمان القادم، رهن بجرأة من يقف بوجه الزوبكية ولا يتدجن معها.
 


13
رواية عزيز نسين (زوبك) وانتخابات البرلمان العراقي (1)

كفاح محمد الذهبي
صدرت الطبعة الأولى من رواية الكاتب التركي الساخر عزيز نسين في عام 1961 ولازالت تحتفظ بحيويتها، أذ تعبر، رغم مرور أكثر من نصف قرن على كتابتها، عن ما يحدث في مجتمعاتنا في أيامنا هذه. فزوبك هذا الإنسان المحتال، الماكر الدنيء، يستغل ضعف الناس وحاجتهم وخوفهم لكي يصل الى أهدافه التي لا حدود لها.
-  يصرخ بزوجته (يا حرمة..الست أقول لك منذ اسبوع ان الحكومة ستأتي؟ .. الحكومة ضيفة زوبك زاده .. ماذا نفعل الآن؟ أين الكباب .. أين الخروف المشوي؟
-  أمي، أمي .. أرأيت أنت الحكومة؟
-  ما رأيناها ..سنراها بمساعيك.
 - ما أنت وحدك..البلدة كلها لم تر الحكومة بعد. بمساعي ولدك سيرى هؤلاء المعدمون الحكومة.
طبطب زوبك على صدره، وصاح بصوت عال:
 - وعليكم السلااااا..م أيها الحاكم..
-  ما هذا؟ ليس ثمة احد أمامه، انه يسلم على الهواء. أنتم تعرفون بيت زوبك زاده، لا يوجد مقابله لا بيت ولا ميت. وفي الجهة الثانية من الطريق لا يوجد سوى السفح المؤدي الى الترعة ذات القصب.. على من يسلم إذن؟
-  وعليكم السلاااا..م أيها الرئيس.
سألنا أبن حمزة بيك:
-  ولمن هذا السلام؟
-  انه يسلم على رئيس البلدية. سلم على أبي. أما سمعتم؟ وأبي لم يغادر فراشه بعد. تحول زوبك الى ولي، وصار يرى ما تحت اللحاف الذي وراء الجدار..
استأنف زوبك زاده سلاماته:
 - مرحبا بالسيد رئيس الديوان.. مرحبا..أوه طيب طيب..اذا صار عندي وقت أزورك.. مع السلامة.
لم يبق احد في البلدة لم يسلم عليه زوبك زاده أو يرد سلامه..كل مسؤولي البلدة يمرون أمام بيته، كل صباح، كالرتل العسكري، يقدمون له السلاح ويحيونه. لماذا يسلم على الهواء؟ .. الله .. انها واضحة جدا... لكي يقال انه رجل معتبر. أنظر يا سيد، البلدة، آمرها ومأمورها، أشرافها ومزارعيها.. كلهم يعبرون أمام بيته في الصباح ويأخذونه بالاعتبار. يسلمون عليه. وهاهو مدير المستوصف يمر، مدير البريد، مدير...
 - يا سيدي، زوبكنا، هكذا زوبك.. لو انه ذهب الى انقره ونزل في فندق لا يعرفه احد فيه، لمط رأسه من النافذة في الصباح الباكر وصاح (وعليك السلام أيها السيد رئيس مجلس الأمة) حتى يجعل صاحب الفندق ومن فيه، يعتقدون انه صديق رئيس مجلس الأمة.
الحكومة كلها تأخذ المشورة من زوبك في حل أزماتها فتارة يتصل وزير المالية وتارة أخرى رئيس الوزراء ( يعني في كل هذه البلاد لم يبق عقل مفكر سوى زوبكنا؟)

هكذا يستمر ابراهيم زوبك في خداع الناس. يوزع وعوده السخية على الجميع شاريا هذا آخذا مبلغا من ذاك ومن الآخر خدمة ومن الرابع مكسبا بخداع مكشوف، فالناس تصدقه ولا تصدقه ولكن تنخدع فيه على أمل ان يكون كلامه في يوم ما صحيحا ليحسن أوضاعهم. ولا ينسى استخدام الوعيد أو التلويح به لمن يفكر بالوقوف في طريقه فهو لا يتورع عن استخدام أية وسيلة لتحقيق مآربه.
-  أشراف البلدة ومسؤولوها، جميعهم، يسلمون على أخي في الصباح، ويعتبرونه..، طبعا، سيصير نائبا. يمرون من أمام بيتنا في الصباح ويتوقفون، بينما أخي لا يعيرهم التفاتا.
عندما انفجر غضب ثلاثة من الذين نصب عليهم ابراهيم زوبك، فقرروا الانتقام منه، توجهوا الى بيته لتأديبه، خرج عليهم يطلب الهدوء لان رئيس الشرطة قد حل ضيفا عليه. أوهمهم مرة أخرى. فما كان من هؤلاء الثلاثة إلا ان وضعوا ذيولهم بين أرجلهم. ذعروا من رئيس الشرطة وبدلا من معاقبة زوبك قدموا له المزيد من العطايا والهبات وهم يعلمون بأنها لن تعود إليهم.
يستمر عزيز نسين على مدى أكثر من 300 صفحة من القطع الصغير في وصف شخصية زوبك وحيله وعذابات ضحاياه من عائلته وأعضاء حزبه وأبناء الناحية ومن العاملين فيها. النجاح كان حليف زوبك فصار رئيسا للبلدية ثم انتخب بعدها نائبا في البرلمان. أنتقل زوبك الى أنقرة وقطع صلته تماما بالناحية وأهلها وكان حين يحضرون الى انقره لطرح مشاكلهم يحتال عليهم من جديد.
في الانتخابات الأخيرة يقول عزيز نسين ان زوبك لم يفز فيها وفقد عضويته في مجلس الأمة فعاد الى الناحية وفي أول وصوله طرح على أهل الناحية مقترح تحويلها الى محافظة لان هذا هو الحل السحري لكل مشاكلهم وبدأت ألعابه من جديد.
يقول احد مثقفي الناحية الذي تركها هاربا:
-  زوبك زاده هو الظاهرة المخجلة في بلدنا.. لكن ما العمل.. أنه أمر واقع.. فأن تكشه غير ممكن... أن تبيعه غير ممكن.. سنتحمل؟ شئنا أم أبينا، لا خيار!
ونحن نتوجه الآن نحو الانتخابات البرلمانية القادمة فهل نقبل بهذا الخيار (خيار القبول بالمظاهر المخجلة أمثال زوبك) خاصة بعد أن فشل مجلس النواب الحالي في مهامه التشريعية والرقابية؟ لنستدرك ونسأل أنفسنا كم زوبكا لدينا في مجلس النواب الحالي؟ هل سنرضى أن يستمر أمثال إبراهيم زوبك باحتلال مواقع لهم في البرلمان العراقي والى متى؟، هؤلاء الذين يتاجرون بأحتياجات الناس وتطلعاتهم ومن ثم يتجاهلونها بعد أن قدموا مواعيد عرقوب الكثيرة.
ظاهرة زوبك تتفاقم لدينا بسبب عمق أزمة نظام المحاصصة الطائفية العرقية والتأجيج الطائفي الذي صاحب ويصاحب بعمق اكبر فترة الانتخابات القادمة ومحاولة الزوبكيين إضفاء الصبغة الدينية أو القومية أو الوطنية على نشاطهم والتلميع الذي سيقومون به لبضاعتهم الصدئة لتطلى بصبغة دينية أو قومية أو وطنية.
زوبك سيكون حاضرا في كل الكتل السياسية، فهل سيكون النجاح حليفه هذه المرة أيضا؟
*************
للاطلاع على الرواية كاملة الرجاء استخدام الصفحة أدناه:
 https://docs.google.com/file/d/0B5yN8ftbNwhPTkgyZmhkYk5jZ0k/edit?pli=1
 

صفحات: [1]