ماذا يعني .. تسمية كنيستنا ، بالآشورية ؟؟ القسم الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيماننا وكنيستنا ووحدتها .. هكذا أفهمها ...
" الى كل أبناء أمتنا الآشورية وأبناء كنيستنا المؤمنين بوحدتها "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تطرقنا في القسم الثاني الى هوية الكنائس وتسمياتها وقوميتها ، وكيف تأثرت تسمياتها وقوميتها بعوامل اللغة والثقافة والتراث والمنطقة الجغرافية والظروف التاريخية والسياسية وغيرها .. كذلك لا بد لنا من الاعتراف او الاستنتاج بأن هوية الكنيسة صفة تكتسبها بفضل العوامل اعلاه ، بغض النظر عن التسمية التي تحملها الكنيسة .
لكن بالنسبة لكنيستنا الآشورية .. فأنه يمكننا القول أن هويتها ولغتها وتراثها كانت آشورية ( سريانية / اسوريثا / سورايي ) حتى وأن لم نطلق عليها تسمية الآشورية .. بعبارة أخرى أن كل التسميات التي تسمت كنيستنا بها ، لم يغير من جوهر هويتها شيئا .
لكن لا بد لنا من أن نطرح هذا السؤال المهم .. ماذا يعني تسمية كنيستنا .. بالآشورية ؟؟
فمثلما ذكرنا في الموضوع السابق ، أن التسمية الآشورية ليست بغريبة أو بعيدة عن كنيستنا وأتباعها ، خصوصا ان الغالبية العظمى منهم من شعبنا وأمتنا الآشورية .. فأننا هنا نود التأكيد لكل أبناء كنيستنا وأمتنا الآشورية .. بأن تسمية كنيستنا بالآشورية لا يمكن بمقارنته بتاتاً بأطلاق التسمية الآشورية على الأحزاب والمؤسسات والجمعيات والنوادي والصالات والفرق الرياضية والفنية والمطاعم ووووو الخ .. ونكرر مرة أخرى ونقول أن ذلك لا يعني تحويل قوميتنا وامتنا الى طائفة دينية او انه يعني الحاق الامة بالكنيسة كما يتصور البعض ويروج لها .. وإنما يمكننا القول أن تسمية الكنيسة بالآشورية ، يحمل الكثير من المعاني والدلالات ووترتب عليه خطوات عملية لاحقة ..
فبدءاً نقول وكأول الأهداف .. ان التسمية الاشورية للكنيسة ، جاءت لضمان استمرارية الكنيسة والحفاظ عليها ، من خلال إلحاقها وربطها بأمتنا الآشورية ( وليس العكس ) ، خصوصا أننا نعيش في عصر الثقافات المختلفة الذي يتوجب علينا ان نكون على استعداد لحماية هويتنا واستمرارها في ظل هجرتنا وانتشارنا في معظم دول العالم ..
اما الهدف الثاني ، فأنه كان من أجل استعادة هوية كنيستنا ، وتنقيتها من كل التسميات الطارئة والدخيلة عليها ( كالفارسية ، والنسطورية ) ، وما ترتب عليها من اتهامات بالهرطقة او الكفر ..
وثالث الأهداف .. فأنه بعد استعادة الهوية الآشورية للكنيسة ، فأنه سيترتب الكثير من الجهد والمثابرة والعمل الدؤوب مستقبلا من أجل إدخال اصلاحات الى الكنيسة وتحديثها وبما يتناسب اصالة كنيستنا وعراقتها ورسوليتها وإرثها التاريخي المستمد من ارثنا الآشوري .. لأننا نعلم جيداً ، أن بعض العادات والمعتقدات والموروثات تم اكتسابها من الشعوب الغازية لأرضنا ومناطقنا كالعرب والاكراد والفرس والعثمانيين .
وكنيستنا الآشورية ، كغيرها من المؤسسات ، لا بد أن تكون قادرة على مواكبة التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي في العالم .. فقبل قرنين من الزمان ، ربما لم نكن نرى بين أتباع كنيستنا متعلمين او يحملون شهادات دراسية .. أما اليوم ، فهناك المهندسين والمعلمين والمحامين والاطباء وغيرهم .. لذلك يتوجب ان تكون الدرجات الكهنوتية ايضا من المتعلمين ومن اصحاب الشهادات المختصة في اللاهوت والفلسفة ، ليكون تفسير الانجيل والكرازة ذو معاني تربوية مرتبطة بقيم الحرية والمساواة والعدالة بالأضافة الى الأيمان وحتى فهمنا للصوم والصلاة يجب أن نفهمه بما يعزز ايماننا وترابطنا مع بعضنا على مستوى الاسرة والمجتمع ، بحيث لا نفهم الصوم على انه مجرد انقطاع عن اللحم .. أو أن الصلاة تكون بكثرة الترديد والاستغراق فيها .. ونعرف ان العديد من الاباء والقديسين الاوائل ، كانوا يقضون الكثير من ايام حياتهم في الانعزال والعيش بصورة منفردة في كهوف او صومعات من اجل التقرب الى الله والمسيح .. لكننا اليوم نفهم ايماننا المسيح والانجيل بشكل آخر ، أي اننا نحتاج الى اسقف ومطران وكاهن يتفاعل مع أبناء رعيته وكنيسته ، يعمل من أجل فتح المدارس ، ومراكز للمرضى ، ودور استراحة لكبار السن والمتقاعدين ..
ومن الأمور الأخرى التي يجب أن نسعى اليها ونحن نستعيد هوية كنيستنا الآشورية .. هو استعادة تاريخ قديسينا وآبائنا الأوائل وشهداء كنيستنا وكل موروثنا العريق .. فعلى سبيل المثال .. وكما يخبرنا التاريخ وكما ذكرنا في القسم السابق .. انه بفضل الملك الآشوري أبكر أوكاما ملك الرها دخلت المسيحية الى الرها قبل صعود المسيح ، ونزول الروح القدس على التلاميذ وقيامهم بالتبشير .. وللتذكير فأن الملك كتب او ارسل طالبا من المسيح زيارته ليشفيه من مرضة ، والمسيح ارسل احد الاثنين والسبعين ( مار أدى ) وارسل معه منديلا بعد مسح وجهه به ..
لكن وللاسف الشديد .. فأن كنيستنا لم تمنح الملك ابكر أوكاما رتبة قديس ، ولا تعمل له تذكارا .. بينما الكنيسة الأرمنية ، تعمل له تذكارا وتقدسه .. أليس حرياً بكنيستنا ان تقدس وتمجد ملكنا الاشوري هذا ..
كذلك نعرف أن القديس مار بهنام واخته القديسة سارا اللذان عاشا في القرن الرابع ، هما ابناء الملك الاشوري سنحاريب لإمارة كالح ، وقد آمنا بالمسيحية بواسطة القديس متي ، ورغم استشهادهما على يد والدهما الملك .. إلا أن الملك تمرض بسبب تأنيبه لضميره لقيامه بقتل ابنه وبنته .. وطلب من القديس متي ان يشفيه .. وفعلا شفي الملك من مرضه .. وبعدها تاب وآمن وبنى كنيسة / ديرا كبيرا للقديس متي ، وضع فيه جسدي ابنه بهنام وبنته سارة ، يزور الدير لحد الان الكثير من ابناء شعبنا من منطقة سهل نينوى .
ومن القديسين الآشوريين في القرن الرابع ايضا مار قرداغ حيث كان أميرا آشوريا الذي ينحدر من سلالة الملوك الاشوريين ، ابوه من سلالة نمرود وامه من سلالة سنحاريب .. وتذكر الروايات انه اصبح وزيرا في آثور ( إمارة ).. وقام بصد الفرس ومقاومتهم رغم كثرة عددهم .. وقد اعتنق المسيحية واستشهد في سبيلها .. وهناك العديد من الكنائس بأسم مار قرداغ ، وله تذكار سنوي في كنيستنا .
كما نذكر القديس مار شمعون برصباعي الذي استشهد في الاضطهاد الاربعيني في زمان الملك الساساني شابور الثاني ..
وهناك في فرنسا ، القديس مار يعقوب الآشوري من القرن الخامس ، وتوجد كنيسة فرنسية بأسمه في جنوب شرق فرنسا ..
وطبعا لا ننسى البطريرك مار بنيامين الشهيد ، والبطريرك الشهيد مار أيشاي شمعون ، وما قدماه لكنيستنا ولقضيتنا الآشورية .
وقصدنا من كل هذا .. ونحن نتحدث عن اصلاح وتحديث الكثير من طقوسنا .. أليس من الأفضل ان تتضمن القراءات في القداس ( قبل الانجيل ) سيرة وايمان هؤلاء الأشوريين الذي دكرنا قسما منهم اعلاه .. واننا متأكدون من تاريخنا الكنسي والآشوري زاخر بالكثير من قصص الشهداء الاشوريين الذين استشهدوا من اجل بقاء كنيستنا الى اليوم .. خصوصا أننا الى اليوم نقرأ ونذكر سيرة الكثير من القديسين والشهداء من خارج كنيستنا وامتنا .. طبعا لا توجد مشكلة فكلنا مسيحيون .. ولكن أليس حري بناء أن ندرس تاريخنا اولاً ونعلمه لأولادنا وبناتنا قبل أن ندرسهم تاريخ وحياة شخصيات من الامم والشعوب الأخرى ..
وحتى اذا انتقلنا الى الصلوات والطقوس المتعلقة بسر القربان المقدس و الاسرار الاخرى ومنح بركة الزواج .. فأننا لا نرى أثرا او ذكر لتاريخ كنيستنا وقديسي كنيستنا بقدر ذكر شخصيات وإحداث من شعوب اخرى .. وعلى سبيل المثال .. ذكر سارة وربقة ، واوراهام واسحاق واسرائيل وشليمون وداود وغيرهم .. في الوقت الذي نرى في تاريخ كنيستنا شخصيات وقديسين يخدم ويعزز ذكرهم ايماننا المسيحي ، ربما اكثر مما يعزز ايماننا ذكر لشخصية من اليهود ، او الفرس والخ .
لكننا نعتقد أن هذا الموضوع الذي نتحدث عنه ليس بهذه السهولة .. لماذا ؟؟
لأننا وكنيستنا منقسمة .. فأن أية اصلاحات أو تغيير وتحديث في الصلوات والطقوس وغيرها من الأمور المتعلقة بالكنيسة .. سوف يشكل عقبات أكبر عند محاولتنا للوحدة ولم شطري كنيستنا !!! فمثلاً رغم التوافق على التسمية الاشورية ، إلا أننا نعتقد انها أخذت وقتا بسبب الاختلاف في تسمية الكنيستين .. وكما تعرفون ، فأن الاختلافات مازالت بسيطة تتعلق بالتقويم والنقاط الاخرى التي علمنا بها مؤخرا .. والتي لم يتم التوافق عليها .. فما بالكم ، بأن يضاف الى نقاط الخلاف ، موضوع اختلاف في الصلوات والطقوس والامور الأخرى التي ذكرناها في حال قيام الكنيسة الآشورية بالاصلاح والتحديث والتغيير بما يعزز هويتنا وارثنا التاريخي العريق ( النقي ) .. باختصار .. فأن أي خطوة تقوم بها احدى الكنائس بأتجاه الاصلاح والتغير .. ستكون عقبة جديدة وربما معقدة وصعبة أمام أي توجهات وحدوية مستقبلا .. ليس مع الكنيسة القديمة فقط ، وانما مع بقية الكنائس كالكلدانية والسريانية التي نؤمن اننا شعب واحد ننتمي الى نفس الجغرافية ونملك نفس اللغة ونفس التاريخ ونفس التراث ..
من هذا المنطلق أيها الأخوة .. ترون أننا نسعى ونؤكد على ضرورة لم شمل كنيستنا اليوم وليس غدا .. لنكون قادرين على وضع كل امكانياتنا وجهودنا من اجل خلق كنيسة قادرة على المضي بالإصلاحات التي ذكرناها ، وقادرة على اشاء المدارس ، ومستشفيات ودور استراحة لكبار السن ، وكل ما يحتاجه الشباب والبنات من اجل تعزيز المقومات التربوية والايمانية لديهم ، ونفس الشئ بالنسبة للاطفال .. وبالتالي لكي تكون الكنيسة الموحدة قادرة على مواكبة عجلة التطور والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي نعيشه ..
ومن الضروري أن لا نخاف من تحديث واصلاح الكنيسة وتطويرها بحجة موروثنا وتاريخنا القديم ، او نعزف على وتر آبائنا وأجدادنا ، أو أن فلان قال كذا وعلان قال كذا .. لأنه يجب أن ندرك وكما ذكرنا ، ان كنيستنا تمتلك تاريخا وموروثا عريقا ، ولكن علينا ان نميز بين ما هو اصيل وبين ما هو مكتسب من موروثات بالية لا علاقة لها بالايمان ،
لأنه يجب أن نعترف أن الكنيسة مرت بفترات مظلمة افتقرت الى المدارس والتعليم ، وحتى الذين قاموا على تدبير شؤون الكنيسة في تلك الفترات ربما كانوا يفتقرون الى التعليم الوافي من اجل فهم واستيعاب الايمان كما ينبغي ، وكما ذكرنا في مواضيع سابقة ، اننا اليوم تمتلك مطارنة وأساقفة وحتى بطاركة ودرجات كهنوتية يمتلكون شهادات جامعية ودكتوراه في اللاهوت والفلسفة ، ومن هنا ، فانه يمكننا الاعتماد عليهم في قيادة الاصلاح والتحديث والتطوير الذي تحتاجه كنيستنا اليوم .
النقطة الأخيرة التي نود الوقوف عندها في هذا القسم الثالث ، انه رغم توافق شطري الكنيسة على التسمية الاشورية ، نرى أن العديد من الأخوة ما زالوا ( يقررون ) بأنه لا يجوز اطلاق التسمية الاشورية على الكنيسة .. واعتقد أننا أوفينا هذا الموضوع حقه من جميع الجوانب لمن يريد الاقتناع .. وهناك آخرين يرون أن تسمية الكنيسة يجب أن تكون التالية ( الكنيسة المقدسة الرسولية الجامعة / قاثوليقي ) .. ولهؤلاء جميعا نقول .. ان هذه التسمية جاءت في قانون الايمان الذي وضع في القرن الربع في مجمع نيقية ، رغم بعض الاختلافات بين الكنائس في بعض المفردات .. لكن تسمية الكنيسة كما وردت ، ليس تسمية بقدر كونها العقيدة والأيمان الذي يجب ان تقوم الكنيسة عليه .. فتلك الكنائس كلها مقدسة .. وكلها رسولية ، وكلها تؤمن بوحدة الكنيسة وجمعها ، كوصية المسيح ..
لكن كما شرحنا في الموضوع السابق ، ان هناك ظروف واحداث تاريخية خارجة عن ارادة البشر فرضت على البشرية التعددية اللغوية والثقافية والتراثية والقومية وبالتالي الانتظام في مناطق جغرافية وسياسية محددة .. نتجت عنها قوميات الكنائس ..
ولتسهيل ما نقصده .. فكل دول العالم الديمقراطية والمتحضرة تؤمن ( بالديمقراطية ، والحرية ، والمساواة ، وحقوق الانسان ، وحرية التعبير ، وعدم التميز العنصري .. والخ ) ، ولكن لا نجد أي دولة منها تحمل هذا الاسم ، لانه كما ذكرنا يمثل عقيدتها وأيمانها ، وانما نجد دول تسمى ، المانيا ، وفرنسا وهولندا والدنمارك والنرويج وسويسرا وبلجيكا والخ .
وختاما تجدون مرفقاً مع القسم الثالث هذا ، صلاة ( أبانا الذي في السماء / بابن دبشميا ) والصلاة التي يتم تلاوتها قبل قرارة الأنجيل ( اننا نؤمن / أيوخ مهومنه ) حيث وضعت بصيغة حديثة تلائم التحديث الذي تطرقنا اليه ، حيث جرى فيها ربط أيماننا المسيحي بهويتنا الاشورية هذا الارتباط الذي قلنا انه لا ينفصم ، من خلال ذكر فضل امارة أورهي / الرها في انتشار المسيحية في بلادنا ، وذكر امتنا الاشورية والخ ..
وبرأيي أنها افضل من بعض الصلواة السابقة التي كنا نسمعها ولا نعرف معناها ..
مرة اخرى نقول أن الأمل يتجدد دائما ، وثقتنا كبيرة ، بلم شطري كنيستنا الواحدة ..
والى اللقاء في القسم الرابع .. مع التقدير
https://www.youtube.com/watch?v=ThVFT0ReH3whttps://www.youtube.com/watch?v=G4KYRsOvhO8