عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - عبد الخالق الفلاح

صفحات: [1] 2
1
ثقافة الدول . وثقافة الشعوب
من أهم الطرق لإيجاد العلاج  عبر وسائل صحيحة عند الإصابة بعلّة من العلل، ومن أفضل الطرق هو نحدّد مصدر هذه العلّة ومكانتها. ولعلّ من البديهي أن نعترف أن عالمنا اليوم يعاني أزمة حادة في ثقافته وخاصة الأمة الاسلامية التي تنتمي لها الامة العربية، تسبّبت في تعطيل نهضتها، وفقدان مناعتها وتعرّضها الدائم لتيارات داخلية وخارجية، حوّلتها إلى بؤرة صالحة لكل أوبئة النكوص والتخلّف. حيث لم تتهيّأ لها أسوار إرادية حامية وراعية لمنجزاتها، أي لم تستكمل تكوين البنية الأساسية لترفع عليها بناءها النهضوي الصحيح.
إن الصدمات المتلاحقة التي تعرّض لها عالمنا منذ الغزوات الاستعمارية، وما أعقبها من نكبات وهزائم وثورات مجهضة وحروب أهلية ضروس، لم تفلح في إطلاق أبسط شرارات الانبعاث لتوليد واقع متغيّر، ولم تتمكن من إحداث الهزّة المطلوبة في حدودها الدنيا لإنتاج نهوض طبيعي، إنما قادت إلى أزمة زلزال كارثي وليس إلى انتكاسة مرحلية، كما يحلو لبعض المنظّرين القوميين تجميله.
إن  الشعوب التي تغيب عنها أبواب الوعي تغيب عنها الحياة والصحة، ومن هنا أصبحت الشعوب عارية من أي سقف يحميها ويوفّر لها سبل التنمية والتقدّم وكان  انهيار العواصم الثقافية عبر مرحلتين وسميت السقوط الأول والسقوط الثاني، في العوامل التي أدت إلى السقوط الأول لم تكن قوية كما أنها لم تكن مدعومة خارجيا بينما السقوط الثاني كان قويا تحت قيادة عسكرية وانخراط السياسيين القدامى بالدعم المالي والسياسي خارجي. وهذا يوضح طبيعة السقوط وقوته ويسهل رصد النتائج وتحليل الظاهرة.
أن البذور الأولى الفتيّة لليقضة التي نشطتت في بداية القرن الماضي  سرعان ما بدأت تتساقط براعمها تباعًا، ولم تتبلورأيًّا من مسمياتها لتشكّل تيارًا ثقافيًا نورانيًا بنيويًا يشعّ على زوايا المجتمع وطبقاته جميعها، لأن هذه المبادرات بقيت في حيّز تنظيري ضيّق، دون أن تنعكس داخل كينونة المجتمع والإنسان وظلت متلبسة لأنها لم تأتي عن وعي وبقي في إطار نهوض النائم، أو نهوض المذهول المستيقظ هلعًا على وقع الصدمات، وبقي تحت تأثير هول الرعب المغيِّب للوعي، ولم يُحدث يقظة وصحوة حقيقيتين، يمكنهما أن تكملا مراحل النهوض الواعي المؤسّس للتغيير ولعبت السلطات دورا مهما وكبيرة في انهيار الثقافة في الكثير من البلدان، بسبب كون ان السلطة اقرب إلى ان تكون تجسيداً عملياً لرؤية مصلحية محدّدة، تسعى إلى تثبيت الواقع واعادة انتاجه وتسييد مشروعيتها فيه، بالممارسة الجزئية والآنية. وكانت ولاتزال لكل سلطة ثقافتها المعبرة عن رؤيتها ومصالحها تسهم في إعادة إنتاجها وتصديرها وفق مفاهيمها ومقايسها، "يكرس الطاغية والنظام من حوله جهدهم لإقناع الناس بأن ما يمارسونه هو استبداد ضروري للمجتمع من أجل الاستقرار. البلد يتعرّض للكثير من المؤامرات الخارجية التي تُخترع بالمئات وتُستعرض أخبارها الكاذبة، ما ظهر منها وما سوف يظهر، من أجل خلق حالة من البارانويا والهستيريا لدى الناس. يعلّق الدستور. تُفرض أحكام عرفية. ربما تستمر الحالة عشرات السنين." عن طريق اجهزتها الايديولوجية على حد التعبير المشهور للفيلسوف الفرنسي ألتوسير. وفي هذا الصدد يعتقد العالم ان لكل ثقافة سلطتها وفاعليتها
،لكون ان الحاكم لا يثق بشعبه. هو يعرف أن الكذب متبادل. هو يكذب لأنه يضمر غير ما يعلن. والشعب يكذب لأنه يظهر غير ما يضمر. القمع يجبر الناس على التخلي عن الأخلاق، وإغلاق الضمير، وفرملة العقل. ينتهي المجتمع الى الإغلاق. يغلق نفسه، يدور حول ذاته، تتعطّل آليات المشاركة، فتحدث الكثير من التشنجات بين النظام وزبائنه وبين المجتمع. فتموت فكرة الدولة، وتنهار بوصلتها وتسميتها.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

2
أمريكا وقبح التصريحات الكاذبة
==================
التصريحات الامريكية القبيحة لوزير خارجيتها بلينكن من ان  واشنطن تسعى للسلام في الشرق الاوسط.وافعال  أداء الإدارات الأمريكية المتعاقبة تثبت أنه لا توجد دولة في العالم تنافس أمريكا في تهديدها للسلام الدولي.إن التزامها وحلفاءها بحقوق الإنسان لا يتعدى كونه أسطوريا كاذبا. فهذه الحقوق تتحدد على أساس الإسهامات في حفظ الانظمة العميلة.
لبعض الحكومات العربية حقوق في نظر الإدارة الأمريكية التي تقدم لبعضهم نوعا من الحماية الأدبية، لأن هذه الحكومات ببساطة تسيطر على الشعوب، وتخنقها، وتضمن في الآن ذاته تدفق الثروة إلى الدول الغربية والتي ترتبط مصالحها. هذه مقولة السلام التي تدعي بها ينطبق عليها المثل ' إذا كنت لا تستحي فقل ما تشتهي'.ولعل القصة التي أوردها تشومسكي في كتابه » قراصنة وأباطرة « من أن قرصانا وقع في أسر الإسكندر الكبير الذي سأله كيف تجرؤ على إزعاج البحر؟ كيف تجرؤ على إزعاج العالم بأسره؟ فأجاب القرصان: لأنني أفعل ذلك بسفينة صغيرة فأدعى لصا، وأنت الذي يفعل ذلك بأسطول ضخم فتدعى امبراطوراً. هذه هي قصة أمريكا والعالم، وليس أمريكا والعراق فقط ان كون امريكا تدعو للسلام فهي حقيقة غير منطقة ولا تتناسب مع كل الجرائم والأفعال التي تقوم بها وليس لها دلالات وتتحايل الفرصة للتحرك بسرعة من اجل اعادة هيبتها البولونية التي تنفجر في اي لحظة لتغدر بالعملاء العاملين معها وتريد فرض دورها العسكري والسياسي في المنطقة بعد الفضيحة الكبيرة التي وقعت فيها عندما تخلت بكل سرعة اثر الهزائم التي منيت بها في أفغانستان وما تعانيه من ذهاب ماء وجهها في العراق وسورية هي وذيولها، ابتداء من إرسال سفن حربية وحاملات طائرات إلى البحر الأبيض المتوسط وتواصل دعمها لإسرائيل، وصولا إلى الضربات الجوية العديدة على  اليمن، وعلى قواعد خصومها في العراق، وفشل إنشاء تحالف دولي لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.وباتت المنطقة تعيش حالة من القلق نتيجة التصعيد الحاصل على وقع العدوان الإسرائيلي في غزة، حتى إن البعض بات يرى أن احتمالية اندلاع حرب عالمية "ثالثة بات وشيكا،" وأن شرارة هذه الحرب قد تنطلق من التوتر الحاصل في الشرق الأوسط. فقد تصاعدت حدة التوترات نتيجة الموقف الأمريكي الداعم للكيان الصهيوني، في ما يمارسه من إبادة جماعية في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تعرض الوجود الأمريكي في المنطقة إلى مختلف الهجمات من فصائل قريبة من المقاومة، وكانت إدارة بايدن تتعاطى مع التهديدات والضربات بحذر وتدعي بأنها قادرة على احتواء الأزمة، فكان الأمر يسير وفق سياق أشبه بقواعد اشتباك غير معلنة، ضربة هنا يتم الرد عليها هناك، أو سكوت الطرفين على ضربات غير موجعة يتم استيعابها دون اي رد فعل سوى التهديد.وقد صرح الرئيس الأمريكي جو بايدن، " إن الضربات سوف تستهدف  مواقع في سوريا والعراق، تأتي للردًا على استهداف جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية في الأردن".
لاشك ان توقف فصائل الحشد الشعبي عن شن ضربات على الوجود الأمريكي لحين انكشاف الوضع وتقليل التوتر الحاصل. لم تمر وحدث ما كان متوقعا فقد شنت القوات الأمريكية ضربتها على مراكز للحشد الشعبي في العراق تقريبا في كل يوم ما أدى إلى استشهاد عدد من قادة الحشد الشعبي وكانت اخرها الليلة الماضية في استهداف مجموعة من المجاهدين في منطقة المشتل يتقدمهم مقتل القيادي أبو باقر الساعدي،ان هذه الجريمة تعبر عن اصرار اميركا وحلفاءها على العمل بمنطق القتل والوحشية وسفك دماء ابنائنا وعدم الاعتراف باسلوب الحوار والتفاهم، وهو دليل واضح على ان وجود القوات الاجنبية في العراق هو اساس الجريمة والعنف واثارة الفتن، ما يدل ان امريكا ليست لها عهود ابداَ " كما ان هذه الاعتداء غير المبرر هو تقويض وتنصل عن كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة ونحمل الولايات المتحدة وقوات التحالف نتائج وتداعيات هذا العدوان على أمن واستقرار العراق بشكل خاص والمنطقة بشكل عام و تعد هذه الهجمات الأمريكية بين الحين والآخر على القوات العراقية الرسمية على أراضيها انتهاكًا واضحًا للاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، وبالتالي انتهاكًا للسيادة العراقية ، إن "استمرار الاعتداءات الأمريكية على الأرواح العراقية، وانتهاك سيادة بلدنا، هو دليل على الاستهانة والاستهتار الأمريكي بالعراق حكومةً وشعبًا، ومن الواضح أنها ليست في وارد التوقف عن هذه الاستهانة والاستهتار، بل هي مستمرة في اعتداءاتها، رغم الخطوات الإيجابية التي قامت بها الحكومة العراقية الموقّرة، والتزام التهدئة من قبل فصائل المقاومة الشريفة".
ويحذرالمسؤولون العراقيون من أي عملية عسكرية دون علم الحكومة العراقية وفق الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين. وفي أعقاب الاعتداء الصارخ، دعت العديد من الأحزاب العراقية إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية لأن الولايات المتحدة انتهكتها بالفعل. وكانت بغداد قد حذرت مرارًا وتكرارًا من مثل هذه الممارسات التي تعد اعتداءات صارخة على حرية واستقلال الوطن،ان مثل هذه الأعمال تتطلب من كافة السلطات والقوى الوطنية والشعبية الى التمسك بموقف وطني موحد تجاه هذه الجرائم التي تستهين بسيادة العراق وكرامته وتستهدف قيادات امنية رسمية مدافعة عن القيم والمبادئ.
عبد الخالق الفلاح  باحث واعلامي
 
 

3

السياسة في العراق ودور التخادم
تكونت الحكومات العراقية المتتالية بعد سقوط النظام السابق بوسـط مشكلات بنيوية أساسية ، وفــي وسط بيئــة داخلية وخارجية مضطربــة، أهمها الاعتماد على المحاصصة في تولية الإدارات وتوزيع مناصبها، التــي نخرت هيــكل النظــام ومبانيــه وتفاعلاتــه، مـن خـلال اقتسـام السـلطة وفـق أسس طائفية-عرقيـة، تفاهـم بيـن النخـب الحاكمة يلزمهم باحتكار السـلطة، ممـا جعـل النظـام يخضع إلـى الوجـوه نفسـها، ليكـون ً نظـام بعيد عن الديمقراطية التي يتشدق بها النخب في خطاباتهم، وعدم وجـود الاسـس الديمقراطيـة التــي يرتكز عليها كما رافــق ذلــك علاقة اعتماد متبــادل، ضمـن معادلــة فساد' دخلت مفردة “المافيا” في قاموس بعض القيادات السياسية الحاكمة، خاصة من يعتقدون أنهم في حالة تنافس وصراع من أجل السلطة داخل المكوّن الطائفي ذاته'  'و فاقوا أقرانهم في كل مكان وزمان، إذ أنهم اليوم يتصدرون المشاهد كافة أهمها المشهد السياسي فيظهرون بصورة “المقاومين للاحتلال الأميركي” و”المحاربين للإرهاب” ويتولون أرفع المناصب الحكومية'- ودور التخــادم القائــم علــى أسـاس المحسـوبية، والخضـوع والتبعيـة بيـن الرعـاة والعمـاء مقابـل الفوائـد التي سيحصلون عليها، لتشيد المناصرين لهرمية النفوذ السياسي والمالـي، والمقايضة خدمــة مصالــح أصحاب النفوذ والســلطة، وتسخير مـوارد الدولـة للخدمـات الشـخصية والحزبيـة، ويتيـح لهــا تعبئــة أنصارهــا للتصــدي ألي خطــر قــد يهــدد مكانتهــا، وليعرقــل ذلــك مؤسســات الدولــة مــن أداء مهامهــا بمهنيــة وحياديــة، وســيطرة انعــدام التماثــل والتكافــؤ. لـم ينعكـس ذلـك، علـى السـلطة التنفيذيـة فحسـب، بـل تلـك المحاصصة-العملائية انعكسـت علـى أداء السـلطة التشـريعية، لتقـود إلـى عـدم إدراك البرلمانييـن للفصـل بيـن السـلطات وتدخلهم فـي عمل السـلطة التنفيذية، مما ولـد عمليـة ضغـط قصوى ضمـن مفهـوم المحاصصة علـى السـلطة التنفيذيـة بمـا يحقـق المصالـح الحزبيـة أو الفئويـة، وهـذا أفقـد البرلمـان قدرتـه علـى ممارسـة دوره الرقابــي الســليم علــى أداء الحكومــة العراقيــة، لتداخــل المصالــح الشــخصية بيــن الســلطتين، لاســيما علــى صعيــد المحاسبة والمســاءلة التــي خضعــت للتفاهمـات بيـن القـوى السياسـية أو التقاطـع السياسـي المحـض علـى حسـاب المصلحـة العامـة على الاغلب العام  ، ومـا قضايـا سـحب الثقـة مـن بعـض الـوزراء الى مشــهد مــن مشــاهد تقاطــع المصالـح بيــن الكتــل، والتي فقدت مزاياها في حكومة السوداني 1 كذلكـ قـاد ذلـك إلى أكثـر منهـم مصلحـة عليـا وطنيـة. سـن البرلمـان قوانيـن تتعارض أو الاتتفـق وتنسـجم مـع الدسـتور العراقـي، مثـل قانـون الموازنـة، وحصـة كردسـتان فيـه، وتحكمهـا فـي الـواردات النفطيـة علـى حســاب الحكومــة الاتحاديــة بــأن يذهـب 250 ألف برميـل كقيمـة فـي حيـن الدسـتور ينـص علـى توزيـع الـواردات في النصوص السابقة للميزانية العام للبلاد،عكس ما هو في الدستور بـان النفـط والغـاز ملـك لكل العراقيين.
عاشت السياسة الخارجية العراقية قبل عام 2003 بواقع أكثر تعقيداً وتأزماً فمنذ الحرب العراقية- الإيرانية في عام 1980 والعراق على حافة التدويل في مجمل شؤونه إلى أن جاءت الضربة القاصمة بعد احتلال الكويت ، إذ كان القرار السياسي الخارجي يخضع كلياً لرؤية الحاكم الفرد رئيس الجمهورية، والأداء الدبلوماسي العراقي لم يكن يرتكز على خطط وصياغات استراتيجية للأهداف والوسائل، كما لم تحسب القدرات الحقيقية للعراق في صراعه مع القوى الإقليمية والدولية مما جعل حروب العراق تمثل انتكاسة للسياسة الخارجية العراقية.
وما تلى ذلك بعد عام 2003 فان السياسـة العراقيــة عمومـاً ومـن ثــم السياســة الخارجيــة عانـت ومــاتزال مـن الكثيـر مـن القيــود فـي الوقـت الــراهن داخليـاً وخارجيـاً، وفـي الوقـت نفسـه أمامهـا الكثيـر مـن الفـرص أن هـي اسـتغلت الامكانيـات المتاحــة لعمل دبلوماسي فاعل، بعيداً عن شعارات التوازن في سياسة العراق الخارجية والابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية، التي باتت شعارات مستهلَكة تكررها جميع الحكومات في برنامجها الوزاري وفي خطابها السياسي الخارجي و التي نعرف لحدّ الآن، إلى أين تتجه بوصلتها...رغم كل تلك اللقاءات والزيارات والقمم المتبادلة ، التي كانت عناوينها الشراكة والتعاون وصور لاجتماعات وتوقيع اتفاقيات، لكننا لحدّ الآن لم نقطف ثمارها. ولعلّ السؤال هنا هو هل ستبقى تلك المؤتمرات واللقاءات الدبلوماسية مجرد دعاية لِلحكومات العراقية المتعاقبة التي تعدها إنجازاً لها في السياسة الخارجية؟ اوعلى الأقل يجد جوازَ سفره مقبولاً ومرحباً به في الدول التي تتفاخر الحكومات العراقية بنجاح زياراتها لها ، و يبقى المواطن العراقي ينتظر ويترقّب عسى ولعلّ أن يقطف ثمار تلك الاتفاقات في تحسين واقعها الخدمي والاقتصادي، 
عبد الخالق الفلاح   - باحث واعلامي
 

4
منطقة الشرق الأوسط وحسابات الإصلاح
تعيش العديد من دول ومجتمعات الشرق الاوسط في حال وظروف عامة يرثي لها، جعلتها متخمة بالأزمات القابل للاشتعال كل منها في أي لحظة، وما يجمع هذه الأزمات، وخصوصًا في الرقعة الممتدة بين شرق المتوسط والخليج وتكاد تكون هي الأسوأ من بين كل دول ومجتمعات العالم ،ولانها لسوء حظها أصبحت المستهدفة بالعنف والتطرف والارهاب اكثر من غيرها ولعلها تنفرد بأهميّة قصوى في حسابات الدول الكـبرى، لما لها مـن أهميّة استراتيجيّة في المشهد السياسي الإقليمي، لما تتمتّع به من غِـنى في مواردها و التنافس على موارد الطاقة هي الاهم وإحدى الغايات الرئيسة للدول الكبرى التي تسعى إلى تأكيد نفوذها والسيطرة عليها  لتأمين احتياجاتها من النفط الخام والغاز، في ظل تسارع وتيرة الإنتاج وفي ظل اضطرابات مالية تصيب الاقتصاد العالمي باهتزازات متتالية بين حين واخر، في السباق على حجز مواقع متقدمة في السوق الدولية ، وتشابكت العديد من الأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية فيها لتضع شرط تقبل قيادتها السياسية في مهب الريح إذا لم تعد الى رشدها وتلقي بها داخل علامة استفهام كبرى إذا استمرت على هذه الوتيرة ، خاصة بوجود ازمة مختلفة والمجموعات الارهابية مثل " القاعدة والدولة الإسلامية أو داعش"،وغيرها التي تتبنّى أجندات عابرة للحدود تنبذ فكرة الدولة والحدود القائمة عليها بالكامل ،من القواعد الشريرة وتواجد القوى الغربية في المنطقة تحت ذريعة القضاء على مصادرها وتسعى هذه الدول الداعمة إلى استغلال  هذه المجموعات المسلحة  لغرض تقوية وضعها و تعزيز مصالحها، وايقاف مسارها كي لا تلجئ إلى هذه الدول بعد ان توسعت في الوقت السابق ولم تبقى منها الا فلول هنا وهناك في الوقت الحالي بعد أن تشرذمت  قواها و التي هي كانت قد أعد لها لكي تكون الشماعة التي تتعكز عليها في تواجدها في المنطقة ، في حين تفرعت الخطوط الرئيسية للمشاكل لترتبط بتحركات هذه المجموعات الارهابية  وتؤكد تحريكها للأحداث الدائرة هنا تارة وهناك تارة أخرى تشير الى تورط العديد من الدول في المنطقة ورجال السياسية في هذه الأحداث لتحقيق أهداف سياسية في مقدمتها فرض حالة عدم الاستقرار وتغيير مسارات الأعمال السياسية نحو هذه الجهات النافذ لدى تلك القوى الدخيلة في المنطقة.
لا بدّ من إرساء مناخٍ من الحرّية والعدالة في دول الشرق الأوسط وتغيير السياسات الخاطئة التي تهمش ارادة الشعوب وطوي صحيفة الدكتاتوريات . فحماية الامتيازات، وممارسات الفساد، والاحتكارات، وكذلك الخوف من التغيير، يجب أن تُستبدَل كلها بالإدماج والتنافس العادل، ما من شأنه أن يُطلق العنان للإبداع والمجهود الفرديَّين. يمكن الشروع في عملية تدريجية من أجل التقدّم، خصوصًا أن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية قد تؤدّي إلى تحسين الثقة بالمؤسسات وبالمستقبل، وتاريخيًا، كان السبب الأساسي خلف ضعف الأداء الاقتصادي في دول منطقة الشرق الأوسط هو انعدام الشجاعة السياسية لدى القادة على الرغم من أن الحاجة إلى التحلّي بالشجاعة لتحقيق التغيير لا زالة ضرورية، ولا شكّ من أن الإصلاحات السياسية قيّمة في حدّ ذاتها، ولم يعد ممكنًا تجنّبها كي تؤدّي دورا أكبر في هذا الصدد. فثمة اصطفافٌ نادر لعناصر قد تكون مؤاتية للتغيير، وتتمثّل في عدم جاذبية الخيارات البديلة عن الإصلاح، وتحسّن آفاق الاستفادة من الإصلاح، والضغوط

5
الدولة المدنية في العراق..كيف تكون
=====================
الدولة الوطنية في العراق،اذا ما اريد لها ان تكون مستقرة وموحدة ذات مؤسسات قوية تقوم على تحقيق العدالة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين وتحمي الوطن واستقلاله وتنشد السلام ، تعتمد على التعاون المتكافئ مع الدول الاقليمية والعالم والقوى السياسيّة في الداخل ،عليها ان تضع برنامجا ينال ثقة الحراك الشعبيّ ويؤطِّر أهدافه بالعمل لا بالشعارات ويطرح سبيلا عمليّا لتحقيق الطموحات المنشودة، ولكن بالتوازى مع صون الدولة والمجتمع وقوتهما ومع وعى الترابط الوثيق بين ما هو داخليّ وخارجيّ، كى لا تسقط عبر انهيار الدولة فى الانشغال في الحروب الداخلية  أو بالوكالة وفى الاحتلالات الأجنبيّة. إنّ جوهر الصراع دوما وأبدا ذو طبيعة سياسيّة ويبقى رهانه حول الدولة كمؤسّسة بعيدة عن السياسة.
الدولة المدنية تتيح الفرصة للمواطنين من أجل التعبير عن مخاوف ابناء الشعب حيال القضايا التي تؤثر في حياتهم اليومية  ∙و تتيح الفرصة للمسؤولين ان يكون قريباً من المجتمع كي يعرف الحقائق من خلال إشراك المواطنين في ايجاد الحلول الملائمة لتلك القضايا يدا بيد؛ وحتى لا تتسم بالعنف من الناحية السياسية، فهي تمارس العطف والمحبة بدرجة اكبر ضد القوة في كبح حريتهم ،'ان الدولة الوطنية الحديثة لا تتحقق بمجرد اكتمال مدوَّنتها الدستورية، حتى وإن حازت تلك المدوّنة كشرطٍ أساس على موافقة الشعب أو أغلبية الشعب فحسب، وإنما تتحقق بحركية وآلية عمل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني التي تعطي لهذه المدوّنة روحاً ومعنى، وتجعلها قابلة للتطوير والتحديث مع كل مكتسب تحقِّقه هذه الحركية في مجال منظومة حقوق الإنسان او في اي مادة منه حسب تطور الزمن حتى لا يكون جامدا وتخلق وسعة في بناء الثقة بين المؤسسات والجماهي'.
لبناء العلاقة والتودد مع حفظ المطالب وهناك خطوات مهمة يجب العمل عليها هي، الأولى بناء الثقة بين النخب السياسية والعاملين في الحقل السياسي والأحزاب والقيادات السياسية لان الثقة بينهم تبنى بمرحلتين : الأولى بين النخب السياسية والعاملين في الحقل السياسي والأحزاب والقيادات السياسية، والجانب الآخر على مستوى المواطنين،  الحوار يدور بين النخب وممثلي التيارات السياسية والمثقفين والباحثين والقادة، وبناء الثقة لا يأتي بالكلام والوعظ والإرشاد، وإنما بالإجراءات وتمثل ذلك في عدم الإقصاء.
أما الثاني :بناء الثقة على المستوى الجماهيري والشعبي، والأحزاب والقوى السياسية والمنظمات لعقد اجتماعات جماهيرية وشعبية لمناقشة القضايا بكل صفاء كل فيما يخصه، وإرسال وجهة نظره مكتوبة وتشرف عليها هيئة قيادية محايدة ومقبولة مشكلة لتقريب وجهات النظر وأن يكون الهدف من الحوار هو تحريك حالة الحوار الجامدة في المجتمع، وأن يشعر المواطنون بحقهم المشروع في التعبير عن رأيهم الذي يحميه القانون وتحميه الدولة التي من واجبها أن تستفيد من كل الآراء سواء فيما يتعلق بتشريعات أو اقتراحات أو سياسات جديدة إذا ما كانت تستعد للعمل بمنظور البناء الجدي.
وإذا كانت الدول قد نجحت نسبياً في رسم الخطوة الأولى في بناء الدولة الوطنية الحديثة، وتحقيق المشاركة السياسية الديمقراطية، وصياغة دساتير متقدِّم بمشاركة التيارات والاحزاب المتواجد بفعل الخصوصيات لها بالتمثيل النسبي و في استقلال المؤسسات التابعة لها وخاصة المؤسسة العسكرية، للحاجة المهمة لسلطة الامن  ومن ثم ،توفُّر أرضية لعمل منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المدنية من اتحادات ونقابات ومنظَّمات    خارج هيمنة السلطة المطلقة وتحويلها الى مشرفة من اجل دعمها والتي قد تكون قد  اصطدمت بواقعٍ معاندٍ للتغيير بفعل ثقل إرث الاستبداد الطويل، وضمور الثقافة السياسية الديمقراطية في مجتمعات مهشّمة ومهمّشة، ومتعددة الطوائف والمذاهب والإثنيات من جهة، وهيمنة السلطة المستبِدَّة، وتغوّل أجهزتها الأمنية على كافّة مؤسسات الدولة والمجتمع وثرواتها، وخاصة المؤسسة العسكرية من جهة ثانية، وساحة سياسية فارغة إلا من أحزاب السلط وتنظيمات وحركات هامشية معينة و استثمرتها هذه الانظمة في مواجهة جميع القوى السياسية الوطنية و دون الاعتراف الرسمي بها أو بشرعيتها السياسية من جهة ثالثة، وبالعامل الخارجي الإقليمي والدولي المتوجّس من التغيّر وسرعة امتداده في الدولة للخوف من خروجه عن السيطرة بغضّ النظر عن مدى قبوله أو رفضه من قبل الاطراف كمؤسسات او قواعد شعبية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

6
الربط السككي .. بين الرفض والقبول
يثير مشروع الربط السككي بين إيران والعراق وسوريا والذي وضع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني منذ اسابيع، الحجر الأساس له اهتمام الصين قبل اي دولة اخرى والتي يحاول البعض تضعيف قدرة هذا الخط في دعم الاقتصاد العراق وصفحة جديدة للتعاون بين دول المنطقة والعالم و يمكن عبرهذا الخط نقل البضائع من والى الصين ومن ثم إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأبيض المتوسط بسرعة وربطه بمبادرة 'الحزام والطريق'، إذ يصل المشروع السككي بين خطوط مدينة الشلامجة الإيرانية في محافظة خوزستان وخطوط السكك الحديدية العراقية في مدينة البصرة،ويمر عبر مدن عراقية عديدة تساعد على إيجاد فرص  عمل للأيدي العاملة  وينتهي عند ميناء اللاذقية في سوريا و إيران تحملت مسؤولية عن بناء جسر بطول 900 متر (953 2 قدمًا) فوق الممر المائي الذي يفصلها مع العراق لتسهيل مهمة انتقال المسافرين بين البلدين، والمعروف باسم ' نهر أروند' في إيران وشط العرب في العراق. وقامت إيران بالفعل بتوسيع شبكة السكك الحديدية الخاصة بها إلى الحدود وجادة في بناء الجسر فوق الممر المائي الذي تعهدت بناءه. أما بالنسبة للعراق فإن استكمال هذا الخط والذي يربط بين البصرة و شلامجة هو جزء من خططه الخاصة لمواصلة تطوير خطوط السكك الحديدية و السعى لإنشاء خط سكة حديد بطول 1,200كيلومتر (745 ميلًا) و بكلفة 17 مليار دولار وهو موازٍ يربط بين ميناء الفاو الجنوبي في محافظة البصرة بتركيا، والذي من المقرر أن يكتمل بحلول عام 2025  ولكن لا يزال بنائه  ضبابي ليس سهل المنال في ظل الظروف الحالية التي جعلت من ان الحكومة تهتم بالأمور الداخلية مثل الخدمات واعادة البنية التحتية التي أهملت في السنوات الماضية بسبب الفساد ، والجوانب و القضايا التقنية، و قد يكون للطرق البديلة الأسبقية. وفي ظل هذه الخلفية، قد تمر سنوات قبل أن يتمكن المسافرون من عبور الممر المائي الذي يقسم إيران والعراق بالسكك الحديدية ، فبالإضافة إلى ارتباط هذا الخط بمواقع مهمة أخرى في البلاد مثل  العتبات المقدسة في بغداد وكربلاء والنجف وسامراء ومن محافظات اخرى، يمكن أن يصبح  هذا الخط جزءًا من شبكة دولية أوسع ويمكن أن يساعد هذا في زيادة عدد السياح بما في ذلك زائرو الأماكن الدينية ما سيستقطب عددًا أكبر من الزائرين ويدر أموالًا أكثر على البلاد، فمن المتوقع أن يتم بناء خط سكة حديد يغطي مسافة 32 كيلومترا (20 ميلًا) من البصرة حتى الحدود وكذلك من خلال المشروع   تطوير الطرق الدولية مع إيران، أفغانستان وباكستان وتركمانستان وطرق أخرى قد تصل إلى ميناء اللاذقية على ساحل البحر المتوسط في سوريا. وتعد السكك الحديدية مركزية لممر ناقل دولي بين الشمال والجنوب، وهو مشروع طموح يسعى لربط الهند بآسيا الوسطى وروسيا عبر إيران ، و يحمل ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الكثير من الوعود لطهران التي تضاعف اهتمامها به في ظل العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
والغاية من المشروع هو الممرين البحري والبري لطريق الحرير البحري يمتد من شمال الصين إلى أوروبا وأفريقيا عبر البحر الأحمر، والطريق الآخر يمتد من الصين إلى موانئ إيران الجنوبية التي تتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم، ومنها تشحن البضائع، أما الطريق البري فيمتد من جنوب الصين إلى كازاخستان ثم آسيا الوسطى ثم غرب إيران، ومن غرب إيران تتفرع ثلاثة طرق أحدها يذهب إلى إسطنبول ثم إلى أوروبا والآخر إلى أذربيجان. أما الطريق الثالث الذي يهم العراق، وهو الذي يربط إيران مع العراق وسوريا، هو الطريق الوحيد الذي يربط بطريق الحرير، أو من خلال ميناء الفاو الكبير”.
وخلال شهر نيسان/أبريل الماضي، زار وزير الطرق والبناء الإيراني مهرداد بذرباش دمشق  لهذا السبب من اجل التنسيق للبدء العمل بالمشروع، وربما تريد الصين المضي قدماً بهذا المشروع اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد إطلاق مشروع الممر الاقتصادي الهندي الأوروبي عبر الشرق الأوسط خلال قمة مجموعة العشرين التي عقدت مؤخراً، والغرض من الممر هو منافسة مشروع 'الحزام والطريق'، وفي إطار آخر، من المحتمل أن تكون الصين راغبة في المجازفة والعودة إلى الاستثمار في قطاع النفط في سوريا واستكشاف آبار جديدة. وللشركات الصينية  العائدة لها  حقول نفط في شمال شرقي سوريا الذي يتمتع بالحكم الذاتي ، وأجرت عام 2016 مفاوضات مع الإدارة الذاتية الكردية حول مستقبل حقولها، لكن المفاوضات لم تفضِ إلى نتيجة ، وربما تعيد الصين اليوم التفاوض مع الإدارة الذاتية لشمال سوريا وشرقها من الضروريات للاستمرار في عملها، ولكن نجاح المفاوضات أو فشلها يتوقف على مدى التدخل الخارجي بالذات واشنطن والتقائهم مع  مسؤولين في الإدارة الذاتية "و المسمات من قبلها" في شرق وشمال سورية والضغوطات على الحكومة العراقية من اجل اضعافها ،، ولكن رغم كل ما ذكر من أجل تنفيذ هذا المشروع المهم فإن الإرادة السياسية لقادة الدول ووجود جو خالٍ من التوتر بينهم أمر ضروري أكثر من أجل إكمال هذا المشروع والمشاريع المستقبلية التي تأتي الازدهار للمنطقة
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

7
التحركات الامريكية بين الفشل والمقاومة
يمكن القول من موقع مراقب إن شيئاً جديداً يتطور على طول الحدود العراقية - السورية مع ازدياد التحركات العسكرية الأميركية والتعديلات والنشاط المستمر  لهذه القوات منذ 15 من تموز/ يوليو الماضي في غرب العراق وشرق سوريا، و شملت إحياء تشكيلات عسكرية مسلحة جنوب شرق سوريا لإنشاء حزام عشائري عربي على طول الحدود العراقية السورية، إلى جانب تسريبات إعلامية لتدريبات تجريها القوات الأمريكية لفصائل سورية معارضة في ريف إدلب. بخاصة مع انطلاق عمليات تموقع جديدة تتمدد بين الحدود التركية والحدود الأردنية، يمكن أن يكون له تأثير كبير على ميزان القوى في الشرق الأوسط، ولا سيما في منطقة "الهلال الخصيب" من إيران إلى العراق فسوريا ولبنان إلى الأردن والأراضي الفلسطينية ، للعلم ان القوات الامريكية  تبدو غير كافية لشن عملية واسعة، حتى وإن استعانت بالمعارضة في إدلب إلى جانب العشائر العربية وقوات قسد، إذ لا يتعدى تعداد القوات الأمريكية 1500 جندي
ولكن تظهر فوراً إرادة مشتركة للمحور الجديد"  المقاومة" هي الاقوى بعد فتح طريق استراتيجي بين طهران ودمشق، وعملياً بين "الجمهورية الإسلامية" والبحر المتوسط، وكان واضحاً أن الهدف في دفع واشنطن لصدام حسين إلى شنّ حملة ميدانية على الأراضي الإيرانية للإطباق على قواته  وهذا ما تحقق ولكن انقلب السحر على الساحر ،و أن نتيجة الحرب العراقية - الإيرانية لم تأتِ لمصلحة العراق بل كانت كفتها الاقوى لصالح إيران، واستمر نظام صدام في غبائه ، ولم تمرّ سنتان إلا وتمّ استدراج القيادة البعثية العراقية إلى اجتياح الكويت، واستدراج المجرم صدام  حسين لابتلاع "المحافظة الـ 19" ومحاولة ضمها، وكان الاعتقاد السائد أن التحالف الدولي سيسقط النظام في بغداد عام 1991، فتدخل قوات الحشد الشعبي في المعركة ، وتفتح الجسر إلى سوريا، إلا أن نهاية حرب الخليج الثانية بقيادة جورج بوش الأول لم تحسم لمصلحة إيران على رغم أنها أنهت التفوق العسكري للعراق، فسقطت المحاولة الثانية لإقامة الجسر لاقامة قاعدة للوقوف بوجه امريكا في المنطقة ، أما المحاولة الثالثة ونجحت عند أقناع المعارضة العراقية في المنفى، والتحركات الايرانية لدفع امريكا باسقاط النظام البعثي بقيادة بوش الابن وفعلا سقط النظام ، باجتياح العراق "للرد على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) كما كانت تدعي واشنطن ". فعادت المعارضة العراقية من المنفى إلى بغداد وبدأت في استلام مقاليد الحكم ، فبدأ الجسر الإيراني إلى سوريا يتحقق تدريجاً، وبات حقيقياً مع انسحاب إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما من العراق نهائياً في أواخر 2011 ضمن الاتفاق الاستراتيجي ، فباتت القوافل والأسلحة ا تتنقل  الى بيروت الجنوبية على الطريق السريع، وباتت المنطقة "أرض للمقاومة " من حدود أفغانستان إلى شرق المتوسط.
تقوية " ارض المقاومة" وتوسيعها دفعت الولايات المتحدة الأمريكية الى التفكير في  سبيل في ايجاد البديل لاضعاف توسع المقاومة ما دفعتها من أجل ايجاد البديل ولم تكن إلا ان تكون  "الخلافة الداعشية" في بلاد النهرين وبادية الشام، واستمرت حملة "داعش" بقيادة واشنطن حوالى خمس سنوات استمر خلالها إغلاق الجسر أمام المحور الإيراني، حتى تم تدمير الخلافة عسكرياً بشكل كامل مع إخراج "الدواعش" من الموصل والرقة ومن المثلث السني في العراق وبادية الشام في سوريا، ومع سقوط "داعش" تراكضت كل القوى التي قاتلتها لتسيطر على مخلفاتها على الأرض، فسيطرت طبيعياً القوات الأميركية والحلفاء على أكبر المساحات استراتيجياً ولكن بشراكة مع القوى كافة العميلة لها دون الحشد الشعبي  والجيش السوري، وسيطرت قوات الكوردية على الجزء الشمالي للحدود المشتركة من ناحية العراق، كما سيطر الجيش العراقي و"الحشد الشعبي" على الأراضي العراقية التي انسحب منها "داعش" جنوب كردستان العراق حتى الحدود مع الأردن، وتقدمت "قوات سوريا الديمقراطية" على طول الحدود المشتركة جنوباً حتى نقطة البوكمال، أما في الجنوب فتموقعت القوات الأميركية وحلفاؤها انطلاقاً من قاعدة "التنف" وصولاً إلى الحدود الأردنية. ولكن تبقى الرغبة الأمريكية في ردع تركيا عن شرق الفرات والحد من اندفاعها للتفاهم مع النظام السوري وروسيا ضد قوات قسد (قوات سوريا الديموقراطية) لا يمكن إغفالها أو فصلها عن الوساطات والجهود الروسية والتحركات الإقليمية لإحداث تقارب بين النظام السوري وأنقرة والعواصم العربية، ما جعل من النشاط العسكري الأمريكي عملية معقدة، تحوي قدرا كبيرا من الاستعراض وقدرا قليلا من العمليات الفعلية على الأرض والتركيز على حماية آبار النفط التي تستغل خيراتها لصالحا، في محاولة للتعامل مع هذه الخارطة المعقدة التي تكاد تخنق النفوذ الأمريكي، وتطيح به في العراق وسوريا والإقليم وايضا التردد في العملية ضد قوات الحشد الشعبي .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

8
الانسانية والشعور بالسعادة
يبحث الإنسان منذ القدم عن السعادة وهو مطلب إنسانيّ وضرورة روحيّة،ينتظرها الكبير والصغير، المسلم والكافر، ابوابها كثيرة ولكن أحيانا يقف البشر عند الباب المغلق ولا ينتبهون الى الأبواب الأخرى المفتوحة رغم ان أبواب السعادة عديدة ولا تحصى. ومسالك الحياة تتجدد. ولا يختلف اثنان على ضرورة وجوده السعادة و عن ألوان المتع المادية فيها ، وصنوف الشهوات الحسية فما وجدوها وحدها تحقق السعادة أبدًا او مع كل جديد. ويتحرّى طُرقها وكيفيّة تحقيقها،.. لعل في اعطاء البنون حلم جميل وشهوة محببة إلى النفس ، لذا نرى جميع الناس يسعون إليها، وتتعلق قلوبهم بها، ويظهر ذلك جليًّا في من حرم من هذه النعمة، وعقم عن الإنجاب، فإنه يدفع أغلى الأثمان و الآلاف المؤلفة  من الاموال باحث عن تحقيق هذا الهدف، من أجل الحصول على المولود ، حتى أن الأنبياء الذين اختبرهم الله بعدم الإنجاب، رفعوا أيديهم بالدعاء لله رب العالمين ، قال الله تعالى:﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰرَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ﴾ الكهف 80 ،
 في علم النفس تعرف السعادة ' هو الشعور بالغبطة والرضا في الحياة، و الشعور بالمشاعر الممتعة والامتنان والعرفان بالجميل والرضا والعواطف التي يتم إنتاجها بشكل متكرر ' . عن الامام علي عليه السلام يقول عن السعادة لها سبعة ابواب : 1- لا تكره أحد مهما أخطا في حقك. 2- لا تقلق مهما بلغت الهموم. 3- عش في بساطة مهما علا شأنك. 4- توقع خيرا مهما بلغ البلاء. 5- أعط كثيرا ولو حرمت. 6-ابتسم، ولو القلب يقطر دما، 7- لا تقطع الدعاء لأخيك المسلم بظهر الغيب؟ ويبذُل الانسان ساعياً من اجل ذلك كلّ ما في وسعه اذا كان مخلصاً لتحقيق هذه الامنية ،بكلّ ما لديه من عقلٍ وفكرٍ ومادّة لإيجادها، لكنّها تَبقى سرّاً لم يدرك ماهيّتها إلّا القليل؛ فهي شُعورٌ داخليّ يَشعرُ به الإنسان ليمنحه راحة النفس، والضمير،وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب.
تكمُنُ مشكلة الإنسانُ الأساسيّة مع السعادة التي يُعانيها منذ الأزل بكونه لا يعلمُ أدوات تحقيقها، فيُحاول أن يُجرّب الماديات والأمور الملموسة ليَصل للسعادة فتجده لا يصل اليها في كثير من الأحيان .
لقد عرفُ أرسطوالسّعادة بأنها (اللذة، -أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باللذة-واللذة بدورها يتمّ تفسيرها باعتبارها غياباً واعياً للألم والإزعاج)، والله المتعالي يجمع السياق القرآني في أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان، والتي يعتقد أنها سر سعادة الإنسان في هذه الحياة الدنيا ؛لأنها خلاصة الرغائب الأرضية، يقول النبي صلى الله عليه واله وسلم – أنّ الإنسان السعيد الذي بعد عن الفتن ووفّق للزوم بيته، وكرّر الجملة ثلاثًا للمبالغة والتأكيد، ويمكن أن يكون التكرار باعتبار أوّل الفتن وآخرها، ومن ابتلي وامتحن بالفتن فصبر على ظلم الناس له، وتحمّل أذاهم ولم يدفع عن نفسه ولم يحاربهم، فهو السعيد الذي حاز السعادة الحقة.
قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا  وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ )ال عمران 14 وتعرف السعادة على أنها هي الشعور بالاستمتاع العميق بلذات الحياة والرضا عن التصالح مع الذات وراحة الضمير الناتجة من حسن السلوك الظاهر والباطن الذي  ينبع من استقراره ،نظراً لوجود أسباب وعوامل تقف وراء شعوره بذلك الإحساس،  وذلك من منطلق أنّ السعادة تنتقل بالعدوى حسب علم النفس، وإن وجود الشخص في محيط مستقرنفسيّاً يساعده على الاستقرار ويزيد من راحته النفسية، ويجعل انفعالاته منطقية ومناسبة للمواقف والظروف التي يمرّ فيها، فقد قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)،وقال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا).
السعادة الحقيقية للإنسان هي التسامح مع الاخرين، والدليل قول الحكيم الهندي  أوشو 'أن السعادة الحقيقية هي تلك التي يعيشها ويستمتع بها الأطفال الصغار قبل أن تتلوث عقولهم بأفكار الكبار'.
من عوامل السعادة ينبع عن استقرار داخلي وخارجي لدى الشخص السعيد، نظراً لوجود أسباب وعوامل تقف وراء شعوره بذلك الإحساس، ،قال تعالى ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّامَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾20 الحديد .
السعادة لها ابواب، ، ولذلك عليك العمل لكي تكون سعيدا لأن أبواب السعادة شتى، ومنافذ الحظ لا تحصى، ومسالك الحياة تتجدد مع الدقائق، كن سعيدا دوما ومستبشر على كل حال ولكن رغم ذلك فالسعادة بيد الله ، فهو جلّ وعلا ميسر الأمور وشارح الصدور والمعين والهادي والموفق ، بيده ـ جلّ وعلا ـ كلّ الأمور يعطي  ويمنع ، ويخفض ويرفع ، ويعزّويذلّ ، ويقبض ويبسط ، ويهدي ويضل ويغني ويفقر، ويضحك ويبكي سبحانه و تعالى
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي
 
 
 
 
 
 
 
 

9
القيم الأخلاقية والإنسانية ونشر المحبة
القيم هي تلك التي تتعلق بسلوك الفرد، وكيفية تصرفه وسلوكه مع الآخرين، والقيم الانسانية تلك التي تتعلق بالإنسان بصفته كائنًا حيًا، وتتضمن الكرامة والحرية والمساواة والتعاون والاحترام والتسامح والتضامن وغيرها. وتهدف القيم الإنسانية إلى تحسين جودة الحياة الإنسانية وضمان حقوق الإنسان الأساسية ، والتي تشترك الإنسانية جمعاء فيها لخدمة بعضهم البعض أياً كان عِرقُه أو دينه، وتَعُدها من الثوابت التي لا تتغير بتغير الزمان وتعني الفضائل الاخلاقية و الدينية والاجتماعية والعائلية  والمهنية التي يتميز بها الإنسان التي تقوم عليها حياة المجتمع الإنسانيّ وعبارة عن أهداف الإنسان المطلوبة التي تكون فعّالة من خلال مواقفه، ومُرتبة حسب أهميتها له، وتوجّه الإنسان نحو اختياراته ، وتُقيّم سلوكه ، وتتعدد مبادئها التي لا تغير القيم كمبدأ اخلاقي،والوفاء بالعهد وجبر الخواطر واحترام الصغير والعطف والعدل والمساواة واحترام الصغير للكبير واحترام المرأة والعلم والقراءة والمعرفة وإعانة المريض وتقديم النصح والإرشاد والتوجيه لمن يحتاج ذلك ومساعدة الضعيف وإكرام الضيف والحديث بصوت منخفض وإماطة الأذى عن الطريق وغض البصر عن المحرمات  وفي الامكان  من ان مفهومها وممارستها قد يتغيران من عصر إلى عصر ما بين العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة. ولهذه القيم أثر عظيم على الأفراد فهي تدعو لنشر المحبة والود بين أبناء المجتمع الواحد، وتحض على نبذ الشر  والحقد والظلم والكراهية.
وتبرز العلاقة بين الإنسان  والقيم  في کون الإنسان کائناً أخلاقياً،  والقيم في الوقت عينه مکون إنساني يؤثر کل منهما على الآخر و يؤثران بشکل مباشر في واقع الحياة الإنسانية والحضارية سلباً وإيجاباً. البشرية عبر تاريخها الطويل اكتسبت قيَمًا إنسانيَّةً عليا، ولم تبلغ تلك القيم كمالها إلا حينما اتصلت بخالقها عن طريق الرسالات السماوية التي تنادي بكل صراحةٍ وبكل يقين وجزمٍ بكل ما يقرب بني البشر بعضهم من بعض، ويعين على تجسير الهوة بينهم، ويندب إلى كل ما يعدُّ قيمًا مشتركة بينهم بغضِّ النظر عن دياناتهم وأعراقهم وألوانهم وأوطانهم يقول سبحانه وتعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ (لعصر: 1 – 3)
ولكن حينما تسود أهواء البشر، تُخلِد الإنسانية إلى الأرض، فتضِل وتنحَط قِيَمُها، والإنسان خاسرها الاول لان القيم الإنسانية والحضارية هي نتيجة تفاعل متبادل بين مکوناتها:  الإنسان والقيم والحضارة وهي معايير ومحکات تضبط سلوك الإنسان وفعله الحضاري. وإن المبادئ الحقيقية  قد ضمن کافة المنظومة القيمية اللازمة لحفظ کرامة وصيانة حقوق الإنسان، وأبرزها: کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية:الحرية ،التسامح، ،السلام المساواة،  العدل،  التشاور، العلم،  العمل، کنماذج لکافة القيم الإنسانية والحضارية ولا شك فيه فأن  القيم الإنسانية تشكل أكبر حافزٍ، وأعظم داعيةٍ إلى التعايش السلمي، والاحترام المتبادل بين مختلف الفئات البشرية، وقبول الآخر، وإلى التقدم والازدهار. فما أجدر أن تتكاتف المجتمعات الدولية كلها على التزامها، والتقيد بها، وممارستها في واقع الحياة، حتى تأخذ بحجز البشرية كلها من حفرة الشر، وحضيض الفوضى والاضطراب الذي يسود العالمَ كله اليوم بصورة لم يسبق لها مثيل الى حضن الخير والسعادة.
 ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم...  ﴿وَلَقَدۡ ‌كَرَّمۡنَا ‌بَنِيٓ ‌ءَادَمَ وَحَمَلۡنَٰهُمۡ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَفَضَّلۡنَٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِيرٖ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِيلٗا﴾ [الإسراء:70]. وهذا التكريم يعم البشر كلهم: المؤمن منهم والكافر، والمشرك، و المطيع والعاصي على حد سواء، فهم متساوون في هذه الكرامة الإنسانية بغضِّ النظر عن أجناسهم و ألوانهم وأعراقهم وأديانهم وثقافاتهم.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

10

الفيليون ..والرؤية المستقبلية
الثقافة والحضارة هي نتيجة تدافع وتسير في الأرض منذ الحضارات الأولى، بعد ان حاول الإنسان كشف محاكاة ما ييسر حياته، ويفضي إليها بعد يسر، فكشف ما ستر عورته، وطوره إلى ما يزيده جمالا في اللباس والتمدن مرتبطة ببعضها عضويا وتتضمن مجموعة متكاملة تتكون من اللغة  التي ترتبط بالهوية الإنسانية، ولا تهذب الثقافة بعيدا عن الحضارة.والثقافات تتعدد وتدافع وتهذب، ولا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن الحضارة.والذي لا يمكن إنكاره إن هناك علاقة وطيدة بين الثقافة واللغة، فلا ثقافة بلا لغة، ولا لغة بلا ثقافة ثم الدين والمعتقدات والقيم والأخلاق والفن والأدب والرياضة وغير ذلك مما يتعلمه الإنسان من مجتمعه ومحيطه  من المكملات.
 الكورد الفيليين حالهم كحال كل المكونات بمختلف قومياتهم وطوائفهم وأديانهم، فهم موزعون على جهات وقوى وأحزاب مختلفة وليس لهم موقف سياسي معين  يجمعهم  فمنهم الاسلاميون والقوميون واليساريون..الخ، موزعون على أحزاب مختلفة وبالعشرات، وهذه من الأمور الطبيعية  ولا يختلفون عن غيرهم ،ولكن من البديهات أن يحافظوا على تراثهم ولغتهم وثقافتهم حتى لا تضيع هويتهم الاصيلة،
ان تطوير ثقافة الكورد الفيليين ولهجتهم المستقلة في ظروف تتسم بالتعقيد والتخندق والأنانية الفئوية وانعدام الثقة والتوازن الاجتماعي لا تتعارض مع انتمائهم القومي، والتي مع الاسف من القلة التي يستفاد منه ابنائهم  بسبب التأثيرات السياسية و لا تجد احدا منهم يتكلم بلغته  الأصلية الا ما ندر في المناطق التي يتكاثرون ويتجمعون فيها أو في القرى النائية ، ولهم تراثا موحدا له خصوصيته،.. وباستطاعة العراقيين أن يميّزوا جملة من التقاليد والخصال التي يعيش عليها هذا المكون المسالم الذي يقف العمل في مقدمة قيمه اضافة الى المصداقية في التعامل اليومي ، ، ثم النظام والدقة.. وقبل هذا وذاك الإبداع من جانب والإخلاص سواء للوطن أو لروح الجماعة من جانب اخر.. فضلا عن التحمّل والصبر.
لقد سعى النظام البعثي طمس هويتهم من خلال ' تصفية الفيليين في أوسع عمليات تهجير قذرة شملت نصف مليون مواطن منهم في العام 1980 وكبسها في شاحنات مكشوفة تقودهم مجموعة من الاوباش والساقطين اخلاقياً  لكي يُسمعوهم أرذل الكلمات  والتعابير الخالية من الأخلاق والانطلاق بهم نحو الحدود مع إيران لإلقائهم وسط حقول الألغام.
لاشك فيه ان الدافع المذهبي أحد الأسباب الكامنة وراء حملة التهجير والظلم الذي لحق الفيليين تاريخياً في العراق و لأسباب ودوافع سياسية بسبب معارضتهم للنظام السابق وانتشار الفكر اليساري وسط أبنائهم، وانتماء الكثير منهم للحركات الكوردستانية وثوراتها أو تعاطفهم معها على الأقل ، كما أنَّ أوساط رجال الأعمال والتجار الفيليين كانت احد مصادر التمويل المالي لتلك الحركات لهذه الحركات النضالية ... اثر هذه الجريمة البشعة ' اي التسفير' تم احتجاز الشباب من أبناء المهجرين في السجون الرهيبة في عمق الصحراء' سجن نقرة السلمان ' في بادية السماوة والذين طالتهم يد الغدر وتمت تصفيتهم جسدياً بعد قضائهم سنين طويلة في ذلك السجن الرهيب والسجون الاخرى للنظام. فيما تم مصادرة كل أموال وممتلكات وعقارات اهاليهم ومصادرة المستمسكات الرسمية التي تثبت عراقيته' المرقنة حتى هذا اليوم في دوائر الجنسية '   ولم يسمح لهم بأخذ أكثر من الملابس التي يرتدونها ، أما من تبقى منهم فقد جرى ترحيلهم البعض منهم من مدنهم عبر التهجير القسري إلى وسط وجنوب العراق وإلى مدن الرمادي والسماوة والكوت والحلة وتخفى البعض منهم بألقاب وعناوين من أجل الابتعاد عن أعين السلطة ، فيما محقت أسماء مدنهم وقراهم وقصباتها وتم ترقين أسماؤهم من سجلات النفوس لعام 1957'
ان اللغة الفيلية هي العمود الفقري للثقافة و العامل المتين لحفظ الهوية الاصيلة للتفاعل والتأقلم مع المجتمع ولهم انسجام واضح المعالم في المجتمع العراقي ومن اهم الامور التي تساهم مساهمة اساسية وفعالة في تطوير ثقافة ابنائهم بشكل خاص والثقافة العراقية بشكل عام الذي هم جزء مهم منه هو المحافظة على لغتهم الأم التي تضاف بشكل جلي لتوطيد أو صورهم مع الآخرين ، والتنوع الثقافي في العراق نعمة يجب أن تحظى باهتمام جميع القوميات من أجل خلق مناخ صحي يتنفس فيه الجميع انسام الحرية الخلاقة، فلا تقدم ولا ازدهار دون شعار الحرية الذي يغمر شعوب العراق وأطيافه جميعا.
في واقع الحال تواجه اللهجة الكوردية الفيلية في العراق مخاطر حقيقية قد تؤدي الى انقراضها إذا لم يتم الاهتمام بها ، والسعي الى تنشيط آدابها ومساعدة الكورد الفيليين على التكلم بها، خاصة اولئك الذين تعرضوا للتهجير والترحيل القسري من مناطقهم صغارا، حيث عاشوا في بيئة مغايرة لبيئتهم الكوردية وصاروا بمواجهة جديدة على مختلف المستويات، مما أدى الى تركهم التكلم بلهجتهم بحكم سياسة الأمر الواقع، فاللغة السائدة الرسمية هي العربية فضلا عن كونها لغة التخاطب الوحيدة في الشارع والمحلات والدوائر والمؤسسات الحكومية وسط العراق وجنوبه، وهي من العوامل التي تضعف الحس القومي، لذا نرى ضرورة الاهتمام باللهجة الكوردية الفيلية ودعم سبل انتشارها ما بين صفوف الكورد الفيليين وانشاء محطات اعلامية مسموعة ومقروءة ومرئية من أجل تنشيط آدابها واعادة الذاكرة الشعبية الى مجراها الطبيعي، ومساعدة الجيل الذي حرم من لغته وثقافتها التي حاول النظام البعثي طمس هويتهم الاصيلة  في اسقاط الجنسية عنهم جراء دورهم الوطني وتهجير المئات من العوائل من النساء  والأطفال والشيوخ ورميهم على قارعة الحدود، وتلك وصمة عار في التاريخ المعاصر للبلاد في زمن حزب البعث وتحتاج اعتذارا تاريخيا ومواصلة حقوقية واعتبارية كيترسخ اللحمة الوطنية ، لازال الكورد الفيليون هم علامات مضيئة في ركب الحضارة الإنسانية، وشموع تنير دياجير الجهل أينما حلّوا وارتحلوا.

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي فيلي
 

11
دور الإعلام  في التسخين والتصعيد
يتزايد الحديث في العقود الأخيرة عن دور الإعلام في بناء السلام وتكريس قيم الحوار والتعايش السلمي، وتوظيف الإعلام في الحروب يتمثل في جزء منه في (الدعاية) التي تستطيع أن تحشد الرأي العام حول قضية بعينها من خلال المبالغة والتضليل والكذب في أسلوب عرض القضية وذلك لكسب التأييد والدعم، ومن يقدم الصورة السلبية للعدو يؤكد ذلك بعرض كل ما يبرز الصورة الإيجابية لنفسه من خلال محاولة حشد التأييد وتغذية الاعتقاد بأن ما ينوي عمله هو في فائدة كل البشر ومصلحتهم. والحال أن التاريخ الحديث يضع الإعلام في قفص الاتهام على خلفية مفعول التأجيج والتحريض الذي اضطلع به فاعلون في هذا القطاع الحيوي إبان العديد من النزاعات المسلحة. لقد كان الخبر المضلل والتحريض الخطابي دائما وقودا لحروب دامية، خصوصا في حقبة ما بعد الحرب الباردة.  كما أن توظيف الإعلام في ترويج الأجندات السياسية لهذه القوة أو تلك أمرا غير جديد، فإن الحروب الكثيرة التي اشتعلت في التاريخ الحديث على الأقل  دفعت بالفاعل الإعلامي إلى لعب أدوار بالغة الفظاعة في كثير من الاحيان، وعملت على  زرع الرعب والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الآخر من منطلقات مختلفة لهذا نشاهد اليوم أن الهدف الحقيقي من وراء التسخين والتصعيد في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا في الإعلام على أشده وسط مناخ دولي مضطرب واجواء دولية مخيفة ومشحونة عن آخرها بكل عوامل التازم والتوتر والخطر  وتحسب ان الاجواء عاصفة وتنذر بكارثة كبيرة وشيكة قد تتجاوز حدود اوكرانيا الي ما هو أبعد منها بكثير وخاصة عندما تشاهد الرئيس الكوري الشمالي كيم جووهو يزور معامل انتاج الاسلحة ليحثهم في زيادة الإنتاج ومضاعفة الجهود ، تراها اجواء لا ينقصها سوى صب المزيد من الزيت علي النار ، بقدر ما تفرض على كافة الاطراف  ، توخي أقصى درجات الحذر و التعقل وضبط النفس... والأخبار التي تنشر في وسائل الإعلام أكثرها تثير الشعور بالخوف والقلق ، منها ان الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ اون اصدر اوامره الى قياداته العسكرية للبدء فورا في انتاج المزيد من الاسلحة دون اشارة الى نوعياتها حتي نعرف طبيعة استخداماتها ، مع التوسع في تقديم خدمات التدريب للقوات المقاتلة  استعدادا لخوض حرب محتملة  ، دون توضيح أي حرب تلك التي ستخوضها بيونج يانج ، وهل ستكون حربا ضد امريكا ام ضد حلفائها الآسيويين الكبار في كوريا الجنوبية وتايوان واليابان ؟  وهل ستخوضها وحدها أم بالتحالف مع روسيا والصين كشريكين محتملين في هذه الحرب  ؟ وهل هذا هو التوقيت الصحيح لتفجير حرب جديدة في آسيا ، لتصبح روسيا متورطة في حربين خطيرتين إحداهما في أوروبا والأخرى في آسيا في نفس الوقت  ؟  أم أن الهدف الحقيقي هو التحرش والتهويش وارباك خطط أمريكا وحلفائها في الناتو لتخفيف ضغطهم على روسيا في أوكرانيا وهو احتمال وارد بعد زيارة وزير الدفاع الروسي شويجو إلى بيونج يانج منذ ايام علي راس وفد عسكري كبير  ؟  وبمعنى آخر ، لماذا تؤشر هذه الإيماءات الكورية الشمالية الاخيرة في تكرارها وإبرازها لتلفت الانظار اليها ولتترك لنا استنتاج مغزاها   ؟
ان أمريكا تقوم حاليا بتدريب قوات حلف الناتو على توجيه ضربة نووية لروسيا بمساعدة دول اخرى غير نووية لم تفصح عن طبيعتها ولم تحددها وهل هي دول اوروبية وآسيوية ؟ ، وكذلك دون توضيح السبب الذي يدعو أمريكا إلى تدريب قوات تابعة للناتو على استخدام الاسلحة النووية ضد روسيا بالذات اذا كان بامكان القوات الامريكية نفسها ان تقوم بهذه المهمة دون اضاعة الوقت في عملية تدريبية بالغة الخطورة والحساسية والتعقيد بلا مبرر يدعوها لذلك  ؟  وهل يعقل اصلا ان تكون هناك خطط امريكية كهذه التي يتحدث عنها الإعلام الروسي لتفجير حرب نووية ضد روسيا دون أن تخشى أمريكا وحلفائها في الناتو. ردا روسيا استباقيا عليها إحباطها وإجهاضها ؟  والا تملك مثل هذا السيناريو من سيناريوهات الحرب النووية ؟ و هل من الحكمة ان ينقل مثل هذا الأمر الخطير مجرد خبر علي شاشات الفضائيات وبهذه الدرجة من البساطة ، ام انه كان يتطلب التعامل معه في سرية تامة بعيدا عن الاعلام  ليصبح داخل دوائر اتخاذ القرار العليا في الكرملين وحدها أيا ما كانت طبيعة رد روسيا عليه ؟  كل هذه التساؤلات تجعلنا نميل إلى استبعاد هذا الخبر من اساسه،  مجرد تكتيك روسي في حرب الدعايات الدائرة بين الطرفين....
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

12
" لكل غادر لواء يوم القيامة "*
لقد فوجئنا عن طريق المصادر ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر يؤلم الانسان هي عندما تصل الخيانة الى داخل مجلس الوزراء وقيام وزير بتسريب مناقشات المجلس الى جهة اجنبية والتعاون مع جهة خارجية  " الكويت " وتسريب معلومات عن طريق هاتفه تمس حدود الوطن ومواطنيه، مباشرة الى تلك الجهة في بادرة خطيرة تنم عن انعدام الوازع الديني وانتفاء الحس الأمني، وتنصلهم من الولاء لهذا الوطن العظيم وقادته الأوفياء وهم عبدة المال والسكوت المطبق دون اتخاذ اي اجراء بحق هذا الوزير من الاعلى  وهي من الخيانات العظمة ،ولاشك أن السكوت عن هذه الجريمة هي من الخيانات التي لا رفق فيها اذا كانت هنا ذرة من الوطنية ورئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني يجب أن يكون شجعاً كما عودناه ويكشف عن المسرب بكل اباء دون محدودية كي لا تطبق بحقه مقولة  الشاعر الكبيرايليا ابو ماضي" سكت خوفا وقلت الصفح من خلقي ...ونمت جبناً وقلت الحلم من شيمي"لا يصدق أن إنساناً شريفاً نشأ فى أحضان الوطن وتربى على أرضه وكبر فى خيره ان يخون الوطن في تطوع بإعطاء معلومات هامة وسرية لعدوه يدمر بها وطنه، وهي من  أعظم وأكبر مما تحتمله أي نفس فكل فعل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن فإننا لا نستطيع ابدا ان نجد لها مبرر اى كان السبب .
ان المعيار الذي يعتمد لتحديد مدى انتماء المواطن إلى وطنه هو شعورهُ بقيمته في هذا الوطن، وضمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية التي تحددها القيم والطموحات التي يتبناها هذا الفرد ويحترمها، وليست قيم الوطنية المنزلة من عليّي البيروقراطية، تعد الخيانة خلقاً ذميماً شرعاً وعقلاً وعادةً ونظاماً، ويكفي في التنفير عنها أنها من الأعمال التي نص القرآن الكريم على أن الله لا يحب فاعليها، قال الله تعالى: (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) 8 الانفال
 ان العلاقات الممكنة بين معنى الوطن وبين القيم التي يتبناها الانسان  من أجل فهم أعمق لتلك الإشكالية، وكذلك مدى تأثير تلك القيم على المواطنين وانتمائهم إلى وطن أو حتى تصوراتهم عنه، حيث تتبدل الصور من صور ذات معنى في الذاكرة إلى مجرد ذاكرة وصفيه تتذكر الأماكن التي عاش أو يعيش فيها الإنسان، مع عدم الشعور بأي روابط نحوها. وبذلك ترتفع الأزمة لتدخل في مستويات إدراك المواطن الفرد لمحيطه وليس فقط في القدرة على العيش فيه.
الخيانة الوطنية من تلبَّس بها برهن على أن همته يمكن أن تلين أمام الاختبارات ، يقبح بالمرء أن يخون وطنه، ويطعنه في ظهره مطلقاً، لكن يزداد ذلك القبح إذا حصل ممن كان سابقاً يدعو إلى غير ذلك، ويواجه الخائنين ، وتتضمن محذوراتٍ متنوعةً، منها ما يتعلق بقبح الخيانة في نفسها، ومنها أن الخيانة الوطنية نكثٌ للبيعة، ونقضٌ للعهد، وحِنثٌ من الأيمان التي يقسم بها المسؤول أمام ولي الأمر فكيف به وهو وزير ، ونقض البيعة من أشنع الأوزار بعد الشرك بالله؛ لما فيه من مخالفة لأوامر الله تعالى وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولما ينطوي عليه من المفاسد العامة؛ ولأنه يفضي إلى جر الأضرار الفادحة،
·      حديث نبوي شريف
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

13
الجندر خطر يهدد مجتمعاتنا
تسعى المنظمات الدولية الغربية بالخصوص في حملة قوية منذ القرن الماضي و بدأب لفرض رؤيتها المتعلق بالمصطلح الحندر وهي واحدة من أدوات تلك العولمة التي تريد للشعوب في الشرق والغرب الابتعاد عن القيم الإنسانية والدينية، ومن تلك المصطلحات التي تمثل خطورة على بنية المجتمعات من خلال الفعل الاجتماعي والثقافي هو (الجندر، أو الجندرة)، والحق أن حرب المصطلحات ليست مجرد ( اختلاف لفظي)، بل هو اختلاف في المدلول والدلالات، واختلاف في البنية المعرفية، والبنية الاجتماعية، بل والبنية الدينية والعقدية..
-ويعرف كذلك بانه "شعور الإنسان بنفسِه كذَكَر أو أنثى ولكن التعرّف على الهوية الجندرية هو عمليةٌ متتابعةٌ وليس حدثًا واحدًا مميزًا، والاختلاف عن المعايير الاجتماعية التقليدية يمكن أن يسبب الضرر للطفل وعائلته، وعلى ذلك يجب أن نتذكّر أنّ الصبغيات التي نحملها تحدد جنسنا البيولوجيّ؛ لكنها ليست العوامل الوحيدة في تحديد الهوية الجندرية و هناك حالاتٌ لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافُق بين الصِّفات العضوية وهُويته الجندرية، و الهُوية الجندرية ليستْ ثابتة بالولادة؛ بل تؤثِّر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهُوية الجندرية، وتتغيَّر وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية، كلما نما الطفل  والذي" يترتب عليه إشعال العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان ومتنافران كما جاء في أوراق المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن 21 المنعقد في صنعاء وتم تنشيطه بين أوساط المؤسسات النسوية العراقية خصوصاً والاسلامية عموماً في نشرة هذا المفهوم البعيد كل البعد عنه وهي ضربة موجعة  للأمومة التي تنشغل الحيز الاكبر عند الجندريين . في الحقيقة أن مفهوم الجندر جاءت للتسوق للمجتمعات البشرية من نوع جديد، يغير المفاهيم والمصطلحات على مستوى الأسرة والمجتمع، فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة ، وتغير الثابت والمستقر عند الشعوب منذ بدء الخليقة إلى يومنا هذا، و ليس – كما يدعى في الظاهر- مساواة بين الرجل والمرأة، بل هي نخر في جذع شجرة ” البنية الاجتماعية”، لتأتي لنا بمجتمع بشري جديد، وتولد أنماطا جديدة للأسرة، أوصلتها بعض الدراسات التي تنتمي إلى ” الجندرية” إلى اثني عشر نوعا من الأسرة، بما في ذلك ” أسر الشذوذ الجنسي”، يعني أسرة رجالية (بين رجل ورجل)، وأسرة نسائية ( بين امرأة وامرأة).
لقد انتشر هذا المفهوم في العراق وبدأ يتداول والدعوات اليه  في السنوات القريبة نتيجة الاهتزاز المجتمعي وعدم الاستقرار الذي اصاب العراق اثر عاصفة هوجاء قادمة من قلب اوروبا بعد أن تحولت مجتمعاتهم  الى مجتمعات فارغة من الاصول وانتشرة فيها المثلية والتحول الجنسي وبدعم من البعض من الحكومات الغربية  والتي يعود سببها الى الحرية الجنسية التي انتشرت في أكثر دول أوروبا ولدى مراجعة الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي يوم السبت العاشر من يونيو/ 2023 حزيران الجاري كاملة اتضح أنه تحدث عن اتخاذ إجراءات جديدة 
لحماية حقوق وسلامة مجتمع المثليين وسط موجة ما أسماه بـ"الهجمات والتشريعات المرعبة " حتى ان بريطانيا مثلاً سنت قانون يمنع تسمية الطفل بالذكر او الانثى حتى يبلع الطفل الثامنة عشرة من عمرة ويحد هو نوع الجنس الذي يختاره  والتي ستفضي حتماً الى نهاية الحضارة الغربية إن ظلت على هذا المسار حتى النهاية.عن طريق أكثر المنظمات المدنية المدعومة من جهات خارجية رغم أن مجتمعاتنا تحمل أنساق اجتماعية وثقافية وحضارية مختلفة عمّا هي عليه في البيئة الحاضنة للمصطلح و المتبنية لرؤاه، واستشراء المفهوم في نسيج هذا المجتمع  وداخل المنظمات النسوية وغيرها دون وعي تحدث كارثة وتفسخ الذي لم يتم التصدي لها ، و تم الدعوة  لها عن طريق منظمات نسوية بعد فترة الستينيات القرن الماضي كما تشير المعلومات باعتبار أن المرأة تملك جسدها، هذه الدعوة الخطرة تقضي للإباحية الجنسية و التي خلفت ظاهرة أمهات غير متزوجات وأغلبهن في أعمار المراهقة، ومنها أيضًا التبرج الشديد والتعري.. ويمثل التقرير الذي أعدتْه لجنة المرأة التابعة للأمم المتحدة؛ 2004م، :اعترافٌ رسميُّ بالشذوذ وحماية حقوق الشواذ، والسعي لقَبولهم مِن   قِبل المجتمع، وعَدِّ ذلك تعبيرًا عن المشاعر، ودعمًا لتعليم الممارسة الجنسيَّة بمختلف أشكالها الطبيعيَّة والشاذَّة"
ويشكل هذا المفهوم او المصلح تهديدًا حقيقيًّا لنسيج المجتمعي الذي يعتمد الأسرة بشكلها الأوحد ووظائف أفرادها الفطرية نواةً متماسكة حاملة له مما ينذر إلى جانب مخاطر تفكيك الأسرة التي تعدّ من آخر الحصون التي يتفاخر بها المسلمون على الغربيّين بإحداث هوَّةٍ خطيرةٍ بين الجنسين لتقوم العلاقات بينهما على التناقض والتّصادم بدلًا من التّكامل من خلال فهم كلّ جنسٍ خصائصه وقدراته ومهامه.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

14
النظام العالمي والتغييرات القطبية
منذ نهاية الثمانينيات بدأ موضوع العولمة يرسم طريقه في اتجاه الإيديولوجية الليبرالية الجديدة، وأصبحت هذه الظاهرة تعني هيمنة على السوق وإلغاء الحدود بالنسبة للسلع والرساميل، وإخضاع السياسة للاقتصاد، وقد كان من نتائجها إضعاف الشعوب والدول إلى درجة يصعب معها تحديد الإطار الخاص بكل مجتمع سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، ناهيك عن احتكار الأقطاب الثلاث المتحكمة في الاقتصاد العالمي ل 86% من المعاملات المالية داخل البورصات، وظهور صراعات ثقافية نتيجة محاولة الغرب تعميم نموذجه الثقافي.
اثبتت الكثير من الوقائع ان الصراعات والنزاعات والأزمات والحروب والقتل والدمار تكون الولايات المتحدة يد فيها حتي تستمر على عرش القمة وعرش الأحادية القطبية ليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وان يعيش العالم في سلام يعني خسارة كبيرة لواشنطن وتفرح عندما يحدث هنا ازمات وهناك قتل وهنا دمار وهناك تشريد كل هذا يعطي لها الحياة واستكمال المسيرة واستكمال هيمنتها ..ولكن سبق للمفكر اليساري الامريكي  نعوم تشومسكي  كان قد 'ألمح مِـراراً إلى أن النظام العالمي الجديد سينمو على ضِـفاف المحيط الهادي ويقذف بأوروبا، التي قادت الحضارة الغربية على مدى القرون الخمسة الماضية، إلى أعماق المحيط الأطلسي'
وبالفعل ان سرعة النظام الدولي تغير كثيراً وظهرت بعض الدول تحمل حلم تعدد الأقطاب مما افشلت حلم من كان يفكر ان يكون القوة التي لا تجابه وفعلا ظهرت دول للمواجهة تلك الأفكار على المستوى العالمي وأبرز هؤلاء الدول روسيا والصين هذين الدولتين يمتلكون من الأدوات السياسية والإقتصادية والفكرية والبنية التحتية ما يؤهلهم إلي وصول الحلم وتحقيقه.رغم ان هناك من الدول الأوروبية لا تسيغ استحداث قوى اخرى فلهذا اشعلت الحرب الاوكرانية- الروسية تدعم أوكرانيا بكل ما اتت لها من قوة في قتالها بالمال والسلاح.
في الماضي القوة كانت متمثلة في العدد والعتاد والسلاح والأدوات العسكرية الحديثة والمتطورة ولكن الآن الوضع تغير رأساً على عقب تحولت من قوة عسكرية إلي قوة تكنولوجية واقتصادية ومن يمتلك هذين القوتين ومعاهم القوة العسكرية يذهب إلي مكان بعيد في تعدد الأقطاب وليس الأحادية القطبية التي خططت لها أمريكا في القرن الماضي ونفذتها بنجاح ولكن بدأت تتراجع عن ذي قبل..
الاختلافات بين النظام العالمي الجديد والقديم تبرز في ثلاث نقاط كما تم حصرها من قبل المختصين وهي :
1-الاختلاف الأول، أن أطراف المثلث الجديد أكثر سُـيولة وأقلّ جموداً من المثلث القديم ، فأي عمل يقوم به طرف من أطراف المثلث لن يثير بالضرورة ردّ فعل معارض من الطّـرفين الآخرين، كما أنه لا يوجد تحالف إستراتيجي بين طرفين ضدّ الطرف الثالث ، وعلى عكس المثلث القديم، الذي لم يكن فيه للصِّين والولايات المتحدة اتصالات مع المجتمع السوفييتي السابق، بينما المثلث الجديد تفاعلى إلى حدِّ بعيد مع الاتصال فيما بين المثلث.والولايات المتحدة تبذل جهود مضنية للتحرك في التقرب الى الصين وتبعث باطراف مختلفة رسمية وغير رسمية للجلوس معها واخر هؤلاء وصول وزير الخارجية الأميركية الأسبق هنري كيسنجر،مهندس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين،إلى العاصمة الصينية بكين، في زيارة غير معلنة في الايام القليلة الماضية، حيث أجرى محادثات رفيعة المستوى مع عدد من المسؤولين.وله دوراً رئيسياً في تطبيع العلاقات بين البلدين في سبعينيات القرن الماضي، حين كان مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية للرئيس الأميركي آنذاك ريتشارد نيكسون، وهو شخص مرحب به في الصين في أي وقت، باعتباره صديقاً قديماً للشعب الصيني
2-الاختلاف الثاني، أن هَـمّ الأمن القومي المثلث الجديد لا يُـهيمن على هذا المثلث، كما كان الأمر إبّـان الحرب الباردة. وبرغم أنه (الهم) يلعب دوراً مُـهمّـاً في العلاقات الصينية - الأمريكية، خاصة في إطار تايوان، إلا أن روابط واشنطن وبكين عميقة بشكل استثنائي وتعمل على مُـستويات عدّة تتضمّـن علاقات مهمّـة بين المجتمعين. والأمن القومي، ليس البتّـة سِـمة من سِـمات العلاقات الأوروبية - الصينية التي تستنِـد إلى التجارة والتفاعل الثقافي المتزايد.
3-الاختلاف الثالث، يكمُـن في التباينات المهمّـة بين الأطراف الثلاث. الولايات المتحدة وأوروبا بالتأكيد، خلافاتهما حول العراق، وسلسلة الاتفاقات الدولية ودور الأمم المتحدة في العالم، وحظر الأسلحة على الصين، وأوروبا والصين، تتنازعان حول التجارة وحقوق الإنسان وانتشار الأسلحة وحرية المجتمع المدني، وكل هذه العوامل تُـسفر عن سيولة وتحوّلات عميقة في تركيبة المثلث الجديد، حيث تتقاطع المصالح مرّة وتتباين مرة أخرى.
وثبت لكثير من المختصين في العالم من ان الصين ليس مجرد دولة انما عقل إنتاج فكر تصنيع زراعة مليار ونصف المليار من البشر يعملون ليل نهار لنهضة الصين وبالفعل الان الصين قوة اقتصادية لا يستهان بها ليس يوجد قارة او بلد في العالم الا اذا يوجد استثمارات صينية بمليارات الدولارات..
اما روسيا الاتحادية وحكاية بوتين وقصته وإصراره وعزيمته وإرادته على الصمود والوقوف أمام 169 دولة منفردا لوحده في ميدان المعركة في اوكرانيا ، ارهق الغرب و حير امريكا واصبح شوكة قوية في عنق بريطانيا وتريد التخلص منها بأي شكل من الأشكال دول تضررت ودول انتفعت من الحرب الروسية الأوكرانية..
وهناك العشرات من البلدان في نمو مستمر في ظل تشكيل التكتلات الجديدة مثل بريكس وشنغهاي وتكتلات اخرى توحي الى اننا امام تحولات جديدة،هذه التطوّرات أدّت بالتدريج إلى تبلوُر إجماع أو على الأقل شِـبه إجماع، بأن رحلة القطبية الأحادية في العالم انتهت.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

15
القوانين والدستور والقيادات الدينية
إن الأديان السماوية  في العراق  متعددة والله يخلق المعجزات والعبر والمواعظ لعل الإنسان يستطيع أن يفرق بين الأصح له والذي يجب أن يتبعه في حياته ويمكن العودة الى المعتقدات والممارسات الدينية التي كانت، الأكاديون الساميون الشرقيون والاشوريون  والبابليون  ومن ثم آمن بها المهاجرون الاراميون " في هذه الارض الطاهرة الذين كانوا يعيشون في بلاد ما بين النهرين (منطقة تشمل  العراق الحديث وجنوب شرق  تركيا بها  السومريون  وشمال شرق سوريا ( وهي الحضارات التي كانت تحكم المنطقة لمدة 4200 سنة، منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين وحتى القرن العاشر تقريباً بعد الميلاد في آشور. . الإيمان بأكثر من آلهة كانت الديانة الوحيدة في بلاد ما بين النهرين القديمة طوال آلاف السنين قبل الدخول في فترة من التراجع التدريجي والتي بدأت بين القرن الأول والثالث بعد الميلاد. حدث هذا التراجع بسبب الانفتاح على الديانة المسيحة الشرقية  الأصلية المميزة (السريانية المسيحية مثل : 
 الكنيسة الاشورية الشرقية والكنيسة السريالية ، وكذلك المانوية  والغنوصية واستمرت حوالي ثلاثة إلى أربعة قرون، حتى اندثرت أغلب التقاليد الدينية الأصلية للمنطقة مع بقاء آخر الآثار الموجودة بين بعض المجتمعات الاشورية النائية حتى القرن العاشر بعد الميلاد.في هذه المقدمة لقد وددت ان انقل جزء يسيرمن تاريخ الديانات التي مرة في العراق حتى جاء الاسلام ليتعايشو معاً ولم تكن في العراق قيادات يتم تعينها من قبل الحكومات بل وفق شروط وعلمية يتم الاتفاق عليهم من قبل قيادات وقواعد هذه الأديان وكان العيش رغم كل الاختلافات مشترك وأظهرت دراسات التعداد السكاني في العراق عام 1977 وهو يعتبر آخر تعداد سكاني أجري في العراق أن المسلمين في العراق يمثلون 97% من السكان، ويتكون السنة من اربعة مذاهب رئيسية هي الحنفي والشافعي والحنبلي والمالكي اضافة المذهب الشيعي الاثني عشري  الذي يمثل الاغلبية 60% من مسلمي العراق. وأما توزيع الأديان الأخرى فقد كان كما يلي: المسيحيون 2.14%، والصابئة كانوا عام 1977 حوالي 16 ألف نسمة، وكان اليهود حوالي 400 نسمة ومن هنا يثبت بأن عدد المسلمين هم الاكثرية وكانت قيادات هذه الديانات منصبة من الاديان نفسها ولا علاقة للاخرين بتلك المهام والدستور يقول . "نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته واختياره الاتحاد بنفسه، وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علمِ وحضارةِ الانسانِ هذا الدستور الدائم/ إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً " نحنُ ابناء وادي الرافدين موطن الرسل والأنبياء ومثوى الائمة الأطهار ومهد الحضارة وصناع الكتابة ورواد الزراعة ووضاع الترقيم. على أرضنا سنَّ أولُ قانونٍ وضعه الانسان، وفي وطننا خُطَّ أعرقُ عهد عادل لسياسة الأوطان، وفوقَ ترابنا صلى الصحابةُ والأولياء، ونظَّرَ الفلاسفةُ والعلماء، وأبدعَ الأدباء والشعراء"الدستور العراقي لعام 2005 الديباجة.
ان سحب المرسوم الجمهوري الذي صدر برقم (147) لسنة 2013 دون سند دستوري نصه الدستورأو قانوني،بشأن تعيين الكردنال لويس ساكو هو اجراء صحيح  ليس من شأنه المساس بالوضع الديني أو القانوني للكاردينال لويس ساكو كما جاء في بيان رئاسة الجمهورية ، كونه معيناً من قبل الكرسي البابوي بطريركاً للكنيسة الكلدانية في العراق والعالم، بل جاء لتصحيح وضع دستوري عمل به خطأً وليقطع دابر الخلاف الموجود داخل المكون الكلداني نفسه ،الدستور العراقي لا توجد فيه مادة تنص على اصدار مثل هذا القرار و لا يعطي الرئاسة ولا يجبر رئيس الجمهورية باصدار مراسيم جمهورية بتعيين رؤساء للديانات والاختيار هو من شأن من يعتقد بتلك الاديان والمذاهب و ينهي مطالبة رؤساء كنائس وطوائف أخرى بإصدار مراسيم جمهورية مماثلة غير منصوصة عليه في الدستور ، ان الاعتقاد السائد اليوم لدى كل عراقي هو ان يعيش بهدوء وطمئنينة والتوجه الى البناء والاعمار ومساعدة الحكومة التي تسعى الى اصلاح ما خرب خلال الاربعين سنة الماضية ومن دمار  والشعب ما عاد يتحمل التفرقة والتشتت بعدوان اثارة مثل هذه الدعوات والمطالب ليست في صالح المجتمع العراقي الذي يأن من الجراح والام والمطلوب من مثل هذه القيادات الى الوقوف مع الشارع في اصلح الاخطاء بدل اثارة مواضيع غير موجبة ومثيرة المرسوم الجمهوري لا يقلل من شأن الكردنال ساكو او ينقص منه شيئ ومن الضروري له الابتعاد عن الصراعات السياسية والدعوة الى وحدة المجتمع الديني والقومي كما نص في الدستور العراقي"كتفاً بكتف، لنصنع عراقنا الجديد، عراق المستقبل، من دون نعرة طائفية، ولا نزعة عنصرية ولا عقدة مناطقية ولاتمييز، ولا إقصاء ،لم يثننا التكفيرُ والارهابُ من أن نمضي قُدماً لبناء دولة القانون، ولم توقفنا الطائفية والعنصرية من ان نسير معاً لتعزيز الوحدة الوطنية، وانتهاج سُبُلِ التداول السلمي للسلطة "و بدل ان يريد كل طرف تقوية نفسه على حساب الآخر، ويحاول إضعاف الطرف الآخر، معتقداً أنّ إضعاف الآخر، قوة لها
 عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامياء والتزم بتطبيق التشري

16
أسباب خفية وراء حرق القرآن
ان العمليات الاستفزازية المثيرة لمشاعر المسلمين في البعض من دول الغرب ضد القرآن الكريم هو بسبب الحضور السياسي لليمين المتطرف  في أوروبا المتزايدً، مستخدمًا خطابًا شعبويًا ضد الاخرين، خصوصًا من الناحية الايديولوجية والذي يشبه إلى حد ما خطاب اليسار في السبعينيات حين كان  يحاول التيار اليميني إلا ديني في اجتذاب قواعده الشعبية وكان على ما يبدو ناقم على السياسات المتبعة في بلدانها واخذ تتحرك تلك المجموعات بورقة جديدة عبثية في الوقت الحالي وهو حرق القران الكريم والذي يقول سبحانه وتعالى(( إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ )) اية 9 الحجر، ان صح التعبير عليه لا سيما في ظل التردي الاقتصادي الحالي ، الذي أقمته تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والمتوقع أن تكون لها تأثيرات سياسية عميقة داخل القارة الأوروبية.وتؤدي الى انهيار المنظومة الاوروبية بشكل كامل ولو الى حين والاستفزازات الحالية في السويد لتثير مشاعر المسلمين والكثير من الغير مسلمين المنصفين وقبلها في فرنسا ودول اخرى هي بعيدة جداً عن الحرية والسلام والانسانية بين طبقات المجتمعات مهما حملت من أفكار ومذاهب وأديان. ان 'الاختلاف بين الخلائق سنة كونية جعلها الله سبحانه في الأنفس وفي الآفاق،على شرط عدم التطرف والاساءة للاخرين من تلك وغيرها من الديانات  كما أن تعدد الأديان السماوية لله تعالى فيها حكم بالغة منها ما علمناه، ومنها ما بقي في علم الله تعالى وحده، ذلك أن جميع الشرائع السماوية الكبرى الثلاثة (الإسلام واليهودية والنصرانية) ـ ونقصد بها الشرائع غير المحرفة من اليهودية والنصرانية ـ قائمة على وحدانية الله تعالى وخدمة الإنسان الذي خلقه وكرّمه وأنزل عليه أوامره ونواهيه كي يكون عنصرا بناءا في الحياة، وأوضح ذلك في آيات القرآن الكريم وسوره عبر منهج كلي محقق لمصالح الناس، ويقوم بالعمل على ضبط وتنظيم حياتهم جملة وتفصيلا؛ ومع تتابع الزمن وبعد الناس عن الدين، فقد اختلفت العقائد اختلاف تضاد وتصادم لا اختلاف تنوع وتكامل، وبسبب هذا الاختلاف، كان لابد من تنظيم العلاقة بين أتباع الدين الخاتم الذى أراد الله له أن يكون هو الظاهر والصالح لكل زمان ومكان'
  لا يمكن القول بأنّ اذية مشاعر الآخرين ومهاجمة معتقداتهم وايمانهم هو امر مشروع، بل المقرور عن خطورة أساليب إثارة الكراهية، واستفزاز المشاعر الدينية، التي تؤجج مشاعر العداء والانقسام في المجتمعات وتسيء لقيم الحرية ومعانيها الإنسانية، لا تخدم سوى أجندات التطرُّف والإرهاب بل ستعيش المجموعة في اي دولة وخاصة السويد في  اوضاع قلقة وسوف تقضي اياماً عديدة من عدم الاستقرار  والخوف وتزلزل الامن وتوقع ردّة فعل المنظّمات والمجموعات المتطرّفة التي اخذت دفعة معنوية كبيرة جراء هذا العمل اللامسؤول، في حين تكثر التساؤلات عمّا اذا كان هناك من اجندة خفيّة لدى العديد من الدول في العالم لابقاء المتطرفين المسلمين على قيد الحياة، ومنع القضاء عليهم ومدّهم بالروح المعنوية والمادّية اللازمة لخدمة اهداف معينة... بين حرية التعبير والكراهية والتطرف حدود لا يجب تجاوزها، التعايش الديني هو عيش الأشخاص ذوي الديانات المختلفة مع بعضهم البعض دون خلافات أو نزاعات، وذلك من خلال نشر ثقافة المعاملة الحسنة والمعروف والقيم الأخرى التي تساهم في مصالح جميع الأطراف في أمور الحياة والمواطنة المشتركة، وتشمل مظاهر هذا النوع من التعايش ما يلي: الاعتراف بوجود الدين الآخر واحترام شعائره
وما حصل في  من حرق نسخة من القرآن إمام مسجد، انما يأتي في سياق تجاوز الحدود، فلا حرية التعبير تجيز ذلك ولا الانفتاح على الآخر يسمح بزرع الكراهية في نفوس العديد من الناس بشكل مجاني ومن دون اي مبرر. الشخص العراقي المسؤول عن هذا العمل في السويد، هو سلوان موميكا،لتبرير مواقفه السابق  ومن الواضح ان هناك اسباب خفيّة لديه للقيام بهذا العمل، خصوصاً وانه شدد على انه 'ليس ضدّ المسلمين بل ضد معتقداتهم وافكارهم'، وهو عذر اقبح من ذنب، لا سيّما وانه يعلم جيداً مدى ارتباط المسلمين بالقرآن الكريم على مدى العصور و  لم يقع فيه تغيير ولم يلحقه تحريف ولا تزوير ولو في لفظ من ألفاظه بل وفي حرف من الحروف كما حدث للكتب الاخرى من الديانات ، ولم تنطل عليه الحيل مهما أتقن حبكها وأحكم نسجها ولو على أيد الذين استطاعوا أن ينالوا من غيره من الكتب السماوية الاخرى وفي ضمنها التوراة والإنجيل الذي أصبحا محرفين يتنافيان كلية وأجزاء مع رسالتي موسى وعيسى ابن مريم ومن جاء قبلهم وبعدهم من الانبياء والمرسلين عليهم وعلى رسولنا الكريم التحية والسلام لأن الاسلام وحدة متكاملة وحلقات متماسكة منذ خلق الله الكون وبعث إليه آدم الى يومنا هذا، رغم مرور أكثر من  أربعة عشر قرنا على انبثاق نور الوحي الإلهي وبداية نزول القرآن الكريم لأنه كلام رب العالمين لربط الصلة بين الناس وربهم على أسس من الإيمان الصادق والحب المتبادل والإخلاص العميق.((  ذَرۡهُمۡ يَأۡكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ وَيُلۡهِهِمُ ٱلۡأَمَلُۖ فَسَوۡفَ يَعۡلَمُونَ)) اية 3  الحجر
عبد الخالق الفلاح – باحث اعلامي

17
ثورة تموز " لم تكن تابعة لأحد"
في صبيحة 14 تموز 1958 تفجّر البركان العراقي وانطلق  بكل ابنائه من كل المكونات في ذلك اليوم ،ليؤيد تلك الثورة الوطنية والشعبية حيث شارك بتفجيرها الضباط الأحرار بالتنسيق مع  الجبهة الاتحاد الوطني التي ضمت ممثلين من «الحزب الشيوعي»، و«الحزب الوطني الديمقراطي»، و«حزب الاستقلال»، و«حزب البعث العربي الاشتراكي»، وعدداً من المستقلين الديمقراطيين. (تشكّلت لجنتها الوطنية العليا من: جمال الحيدري عن الحزب الشيوعي، محمد حديد عن الحزب الوطني الديمقراطي، صديق شنشل عن حزب الاستقلال، فؤاد الركابي عن حزب البعث)، كما وقّع الحزب الشيوعي اتفاقاً ثنائياً مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني» ـــــ العراق، تضمّن إلى جانب الأسس العامة لميثاق الجبهة، الاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي، ومن ضمنها الحكم الذاتي لكردستان العراق" ،  حيث شارك الضباط الأحرار بتفجيرها بالتنسيق مع جبهة الاتحاد الوطني "ونالت التأييد الكامل من الشعب العراقي والشعب العربي وجميع شعوب العالم الحرة.واقسم المشاركون فيه وهذا ما كان قد ذكر في البيان الأول للثورة، البيان رقم واحد الصادر من القائد العام للقوات المسلحة الوطنية ومنه:
"لقد أقسمنا أن نبذل دماءنا بكل عزيز علينا في سبيلكم، فكونوا على ثقة واطمئنان بأننا سنواصل العمل من أجلكم وان الحكم يجب أن يعهد إلى حكومة تنبثق من الشعب وتعمل بوحي منه وهذا لا يتم إلا بتأليف جمهورية شعبية تتمسك بالوحدة العراقية الكاملة وترتبط برباط الأخوة مع الدول العربية والإسلامية وتعمل بمبادئ الأمم المتحدة وتلتزم بالعهود والمواثيق وفق مصلحة الوطن بقرارات مؤتمر باندونغ. وعليه فإن الحكومة الوطنية تسمى منذ الآن (الجمهورية العراقية). وتلبية لرغبة الشعب فقد عهدنا رئاستها بصورة وقتية إلى مجلس سيادة يتمتع بسلطة رئيس الجمهورية ريثما يتم استفتاء الشعب لانتخاب الرئيس. فالله نسأل أن يوفقنا في أعمالنا لخدمة وطننا العزيز إنه سميع مجيب"
فتحية لذلك الجيش البطل وللشعب العراقي في عيد الثورة بذكراها الخامسة والستين، والتي تشكل درسا وطنيا لكل عراقي مقبل اليوم على الثورة ضد المحتلين وعملائهم لترفرف راية التحرير خفاقة في سماء العراق. و التي غيرت وجه العراق وقدمت العديد من المنجزات للشعب العراقي رغم عمرها القصير ، في حين لم يقدم الحكم الملكي قبلها خلال فترة حكمه البالغة نحو أربعين عاما ما قدمته، ان الحديث عن هذه الثورة، دون الحديث عن مبررات تفجيرها، يفسح المجال أمام أعدائها، على اختلاف اتجاهاتهم، للانتقاص منها والتشكيك بمشروعيتها في أي وقت. فالبعض وصف الثورة بأنها مجرد انقلاب دبرته الدوائر الاستخباراتية البريطانية. او ان معظم قيادتها من الضباط، الذين درسوا في المعاهد العسكرية البريطانية، او خريجي كلياتها العسكرية ارتبطت بهذه الدوائر، او في أحسن الأحوال، وصفوا قادتها مغامرين  و متهورين. في حين وصفها اخرون، بأنها أسست لمرحلة لاحقة من انقلابات وحروب، جعلت العراقيين يحنون الى النظام الملكي. ومن المؤسف انتقال هذه العدوى الى بعض المثقفين والسياسيين، لكن بلغة منمقة وملتوية، بصرف النظر عن حسن نواياهم.،بلاشك ان كل الحكومات التي تعاقبت منذ 2003 وحتى اليوم خلال عشرون عاما ما قدمته ثورة 14 تموز خلال أربع سنوات ونصف أدق شهادة بهذا الخصوص جاءت من المستشرق الفرنسي المعاصر البروفيسور مكسيم رودنسون الذي قال: بأن “ثورة 14 تموز العراقية هي الثورة الوحيدة في العالم العربي”. وكانت انقلاباً عسكرياً في لحظة وقوعها، ولكن حولتها الجماهير في لحظات إلى ثورة جماهيرية التحمت فيها الجماهير بالقوات العسكرية المسلحة، الأداة المنفذة للعملية،
ان ما حدث انما هي ثورة مجيدة اذا ما اعتمدنا على نقطتين أساسيتين. الأول موقف الجماهير الشعبية منها هل كانت الجماهير ضد الحدث أو معه، متفرجة أو مؤيدة لها، فقد كان موقف الجماهير موقفاً مشرفاً ما أن سمعوا من على الراديو البيان الأول 'للثورة' حتى ونزلت الجماهير من أقصى العراق إلى أقصاه في الشوارع والساحات وكانت الجماهير في حالة جنون وغليان تطالب بالثأر من رجال الحكومة . مئات الألاف من المواطنين الذين انطلقوا من مناطق بغداد المختلفة يهزجون بهتافات الثورة وهم في اندفاعة لم نشاهدها في مختلف الانتفاضات التي سبقتها. كانوا يتراكضون نحو الشوارع بهتفات مختلفة  تكبر باسم الثورة وبأسماء زعمائها. الثانية هي في حين عم الحزن والهلع في معسكر الدول الاستعمارية. حيث أصدرت الولايات المتحدة الاميركية اوامرها في اليوم التالي، أي يوم 15 تموز، بأنزال قوات الأسطول السادس المتواجد في البحر المتوسط في لبنان، للتأهب للدخول إلى بغداد واعادة النظام الملكي، وبصرف النظر عن وجهة نظر المعجبين به ومحبيه فان التحليل المنصف والمحايد يشير ان الثورة كانت عاملاً ايجابياً في حياة العراق السياسية وأن صناع الحركة ومن اسهم فيها كان لهم الفضل بجني ثمارها وهي الانجازات المميزة لتلبية طموحات الشعب والتي قدمتها في سنواتها  التي لم تتجاوز الاربعة والنصف..لقد أدت روح التنافس بين القادة إلى الافتراق 'تحالفت عدد من القوى السياسية والعسكرية من أعضاء تنظيم الضباط الوطنيين لحركة يوليو / تموز 1958 التيارات المختلفة لحزب البعث وبعض التنظيمات والشخصيات القومية والمستقلة , مع بعض الشخصيات العسكرية من الأعضاء السابقين لتنظيم الضباط الوطنيين لحركة 14 يوليو / تموز 1958 والذين أعادوا تفعيل التنظيم مجددا وقيادات عسكرية اخرى من المعارضين لسياسة عبد الكريم قاسم الذي قال في خطابه وكان لها اثرها السلبي في النفوس وهو في مستهل تبوئه منصب رئاسة الوزراء ولم تكن هناك أي مشكلات سياسية بين بغداد والقاهرة , عندما قال 'لن اكون تابعا لأحد' ,والتحول من مرحلة النضال المشترك إلى مرحلة الخصام والتآمر لإسقاط هذه الثورة ، في 8 شباط 1963 ، و لتنتقل بعد ذلك من مرحلة العفوية الثورية إلى مرحلة التخبط الحزبي والسياسي الذي ساد الموقف بعد ذلك بسبب عدم الانسجام وزيادة الطموحات
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

18
طريق التنمية.. الابعاد والاهداف
تعقد الحكومة العراقية الآمال على مشروع "طريق التنمية و  يعد مشروعاً استراتيجياً مهماً للمنطقة، ويحمل 7 إيجابيات اقتصادية و تجارية وعمرانية ويدفع لولادة مدن جديدة عبر ممرات ستمر من خلال 9 محافظات، وبالتالي فإنه يمثل إعادة إحياء طريق الحرير القديم لإحداث نقلة نوعية وتطور استراتيجي في مستقبلها، ويجعل بغداد محطة رئيسة وهمزة وصل للتجارة العالمية التي تربط بين الشرق الأوسط وأوروبا، إلّا أن المشروع يواجه تجاذبات ومواقف جدلية بين القوى السياسية.
لاشك في أن هناك من هذا الطريق فوائد ستعود على العراق، الذي سيحصل على عوائد "الترانزيت" وعوائد تصدير بعض السلع المحلية التي يعتزم العراق تنشيطها و أهمية دولية كبيرة للطريق وتلقي بلاده طلبات من دول في آسيا وأوروبا وإفريقيا للمشاركة في مشروع الذي سيربط جنوب العراق بالجانب الأوروبي عبر تركيا؛ من حيث تقليل تكلفة نقل البضائع بين أوروبا وآسيا وصولا إلى الهند والصين والتي تعول على هذا المشروع في زيادة صادراتها إلى أوروبا عبر الموانئ في العراق وتركيا، كما تعول عليه تركيا أيضا التي تريد أن تزيد من ميزانها التجاري مع العراق".
طريق التنمية أو القناة الجافة وهو مشروع عراقي لربط سككي وشهد العراق مؤتمرا ناقشة ضم السكة الحديد الخاصة بمشروع العراق، مع سكك الحديد الخليجية، وهو ما يربط بين الخليج وتركيا، و"سيساهم في تنشيط التجارة من موانئ عُمان وصولا إلى أوروبا" وبشكل عام، سيلعب المشروع دورا محوريا في تنشيط الحركة التجارية، وزيادة العلاقات بين أوروبا والشرق، إلى جانب تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة؛ في ظل احتياج الطرق الجديدة إلى التأمين وكذلك طريق بري بين تركيا وأوروبا شمالاً والخليج العربي جنوباً، لنقل البضائع بين الخليج وأوروبا، سيصب هذا المشروع الضخم كذلك في مصلحة قطاع المياه في العراق، حيث يتضمن خطة لتحلية مياه البحر، في الوقت الذي يشهد فيه العراق أزمة شملت مياه الشرب. وكان وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني قد صرح بأن مخزون المياه في البلاد انخفض العام الماضي إلى النصف مقارنة بعام 2021. و أن المشروع سيخدم المنطقة اقتصادياً وسينقل البضائع من أوروبا إلى الخليج وبالعكس عبر العراق، وكلفته تصل الى 17 مليار دولار وسيُنجز بمدة قياسية، ابتداءً من سنة 2024 حتى سنة 2028. أن هذا المشروع يعد إحياء لمشروع "البصرة-برلين" الذي كان قد اتفق عليه الإمبراطور الألماني فيلهلم الثاني والسلطان العثماني عبد الحميد الثاني قبل أكثر من قرن من الزمان، بهدف ربط الشرق الأوسط بالقارة الأوروبية.ويبلغ المشروع طوله   1200 كيلومتر، والذي يمتد من الحدود مع تركيا في الشمال إلى الخليج في الجنوب، سيكون حجر الزاوية لاقتصاد مستدام لا يعتمد على النفط، ويساهم في التكامل الإقليمي.
والمشروع يبدأ من ساحل الخليج  حيث ميناء الفاو الكبير العراقي في جنوب العراق إلى منفذ فيشخابورالعراقي في شمال العراق المتاخم للحدود التركية، طول السكة 1175 كيلومتراً، وطول الطريق البري بين الفاو ومنفذ فيشخابور 1190 كيلومتراً، ولكل من سكة الحديد والطريق البري مسار، فلا يلتقيان إلا في شمال محافظة كربلاء فيستمر سيرهما متقاربين حتى منفذ فيشخابور، و إن هذا الطريق الستراتيجي "سينقل البضائع بمختلف أنواعها من أوروبا إلى تركيا عبر العراق وإلى الخليج، وتمر السلع والموارد الخليجية من الخليج عبر العراق، ثم تركيا وأوروبا"، والطريق لا تريد له الحكومة أن يصبح ترانزيت، بل ترغب بأن يتحول هذا الخط البري والسكك الحديدية إلى طريق وشريان حيوي للاقتصاد، وهناك مخططات مدن صناعية ومدن إسكان تحاط بالطريق، وسيشهد عبور آلاف الشاحنات المقبلة من 25 دولة.
وعلى الرغم من ترحيب دول الجوار العراقي بالمشروع، إلّا أن مراقبين يرون أن قد تكون هناك تحفظات من البعض منهم  ربما تثير بشأن "طريق التنمية" الذي قد يحرر العراق من التبعية  الاقتصادية ...
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

19
القيادة والتحولات الحديثة
لاشك نحن الآن نعيش في عصر العولمة والسرعة التكنولوجية، كل شيء حولنا أسرع ينتقل من أقصى الأرض لأقصاها الآخر في وقت زمني قصير، فنجد أنفسنا أمام مستجدات وتطورات كثيرة تحتاج منا دراسات وفحص وتمعن كثير، حتى نستطيع أن نصل إلى درجة الفهم المطلوبة لأي مستجد في الحياة قبل الخوض في تفاصيله.
ان موضع القيادة اصبحت من الامور المهمة في القرنين الاخيرين العشرين الماضي وواحد وعشرين الحالي لكون المجتمعات الإنسانيّة اليوم أصبحت أكثر تنظيما من ذي قبل تطوراً وثقافة ، وتتجلّى هذه الأهمّية في مجالات متعدّدة، القيادة ضروريّة في كافّة مجالات الحياة المختلفة، وكلّما ازداد عدد النّاس ألحّت الضّرورة على وجود قائد قادر على تولّي أمور هؤلاء النّاس بأعدادها الكبيرة في هذه الحالة، و الأمر ليس سهلاً، ويحتاج إلى مواصفاتٍ عالية ومتميّزة لا تتوافر عند النّاس كلّهم؛ كالقدرة على التّفكير العقلاني وطرح أفكار نيّرة ومبدعة خدمة للصّالح العام، بالإضافة إلى القدرة على إيجاد الحلول الإبداعيّة لكافّة المشاكل التي قد تعترض طريقه، عدا عن الأمانة، والصّدق، والإخلاص في العمل و  ليس بالضّرورة أن تكون القيادات جيّدا ما دام النّاس مستعدّون في تبعيتها كيفما كان هذا الهدف وقد يتّبع النّاس خوفا أو رهبا أو حمقا أو استخفافا بالعقول. ليس كلّ القادة جيّدين لكنّهم الظروف خلقت منهم قادة ويمكن اعطاء امثلة تالية كنماذج ،
1- القيادة الدّيموقراطيّة: تتميّز بالمشاركة والثّقة المتبادلة وكلّ فرد فيها يشعر بالمسؤوليّة في جوّ من الاحترام المتبادل.
، 2- القيادة الدّيكتاتوريّة: تتميّز بالاستبداد والتّسلّطيّة وتحديد النّشاطات والقرارات من طرف واحد وإعطاء الأوامر وغياب الثّقة بين القائد وأعضاء الجماعة.
3-القيادة الفوضويّة: تتميّز بالحرّية المطلقة، إذ يكون القائد فيها محايدا ولا يتدخّل الاّ نادرا وهي أقلّ من الدّيموقراطيّة وأحسن من الدّيكتاتوريّة.
ان أهمية وجود القادة المؤثرين في كل مكان، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص من البديهات و إن القيادة والطموح مهمان للغاية من أجل رسم رؤية مقنعة للآخرين. يوفر للذين لديهم الدافع والعاطفة والكاريزما والطاقة المغناطيسية التوجيه والوضوح لأتباعهم ، والذي يعمل كوقود  للتحفيز ، بغض النظر عن الانتماء الحزبي أو اختلاف الرأي السياسي، لتحقيق أكبر فائدة لعامة السكان. وهو الذي يكون قادرا على مقاومة الإغراءات المختلفة في الساحة السياسية؛ ذو شخصية قوية وكاريزما وضمير حي؛ مستعد للاستماع إلى احتياجات عامة الناس وتمثيلهم بأمانة؛ وتكون لديه الشجاعة ليقول ما يجب أن يقال بدلاً من مجرد إخبار عامة الناس بما يريدون سماعه. والقائد الجيد يكون مستعدا لاتخاذ قرارات صعبة من أجل الصالح العام  و قادر على تحمّل المسؤولية عن أخطائهم التابعين ، والاعتراف اخفاقاتهم السياسية والاعتراف بمساهمته الخاصة في حدوث الأزمة. والمساءلة أمر حاسم للقيادة السياسية الفعالة، لأنه من دون ذلك، لن يكون هناك أي احترام من الأتباع. إن القائد السياسي الجيد هو الشخص الذي يكون صادقًا مسؤولا عن أفعاله وقراراته وهو على استعداد للاعتراف عندما يرتكب خطأ. والقائد الجيد يركز جهده ووقته على خدمة الناس بدلاً من قضاء كل الوقت في انتقاد الآخرين.
  و العمل الناجح والمثمر ، في الكثير من الأوقات يلزمها أن تكون القيادة جريئة وشجاعة قادرة على مواجهة التحديات، حيث يبين لنا التجربة أن أولئك الذين يمتلكون الشجاعة للتقدم إلى الأمام والمخاطرة، ويتبنون سياسة التغيير خلال فترات الركود، سيكونون الفائزين من حركة تعافي في جميع الاحوال، متى ما أظهر شجاعته كقائد في مواقف مثل التحدث وهناك صفات يجب على القائد الجيد أن يتحلى بها و أفضل القادة هم الذين يعرفون كيف يصلون الى افراد المجتمع وهو الامر الاهم ولعل أول هذه الصفات هو التواضع وكيفية التأقلم و يتعين عليه الاهتمام ببناء العلاقات مع مجموعة العمل الذين معه؛ في الجوهر الأساسي للنجاح هو بناء علاقات مع كل الموجودين في العمل وعدم استغلالهم بل تقديرهم وتشجيعهم طوال الوقت. أما الصفة الثانية تتمثل في طريقة التفكير؛ حيث يتعيّن على القائد الجيد تبني شعار "كيف أقوم بعمل الشيء وليس هل أقوم بعمل الشيء"، وأنّه لا بد من الإيمان الداخلي بأنّ القائد دائما يجد حلولا لأي مشكلة ودائما ما يجد طرقا وبدائل للوصول إلى الهدف المطلوب ، والصفة الثالثة هي التزامه الجيّد بتدريب من حوله، وان يحافظ على الوقت والطاقة والمجهود أن يعمل على تدريب الآخرين،لان المنصب والمسؤولية دون تدريب وممارسة لا يمكن من أن تخلق العاملين الجيدين و على كل فرد أن يحدد عدة نقاط لكي يستطيع أن يطور من نفسه: لكي يعرف ماذا يريد أن يحقق، والثانية ما هي الوسيلة المناسبة التي على المرء استخدامها كي يصل إلى هدفه وغايته.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

20
قوات فاغنر ومستقبل المخاطر
الأكاذيب والمتناقضات التي تم بموجبها تمرير مسلسل فاغنر لا يمكن تصديقها لأن روسيا يقودها رجل قوي وهو الرئيس فلاديمير بوتين، ولديها أقوى جيوش العالم وبالتالي فإن من الصعب انقلاب شركة عسكرية خاصة عليها،  وإطلاق قائده ايفجيني بريغوجين سلسلة التهديدات حتى بالوصول إلى موسكو، و أعلان السيطرة على مقر القيادة في روستوف ومراكز عسكرية في مدن أخرى.
 أن فكرة الانقلاب داخل روسيا ليس سهلاً ومن الصعب تحقيقه في هذه الظروف ، خاصة أن بوتين رجل قوي، ولديه نموذج معقد يجعل من فكرة الانقلاب عليه فكرة غير واقعية ولا يمكن عبوره  دون أن يقضي عليهم و لم يكن من الواضح ما هي الموارد التي يمكن لبريغوجين الاستفادة منها فيتمرده وتقول الانباء انه' عثرت الشرطة التي فتشت مكتب هذه القوات في سانت بطرسبرغ  وسيطرت على 4 مليارات روبل (48 مليون دولار) في شاحنات خارج المبنى، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الروسية التي أكدها رئيس شركة فاغنر' إن الأموال كانت مخصصة لدفع رواتب عائلات جنوده 'ولا تزال هناك تكهنات بشأن وجود صفقة رسمية يراد منها تصفية العناصر التي لايراد منها البقاء في القوات المسلحة الروسية او يشك في امر ولائها للقيادة الروسية و لم يكن اخراجهم و التحقيق معهم من الصعب بالطرق التقليدية ،خاصة بعد أن أعلن الكرملين مغادرة قائد المجموعة إلى بيلاروس، ووقف الدعوى الجنائية المرفوعة ضده في موسكو، وعدم ملاحقة عناصر المجموعة الذين شاركوا في التمرد المسلح ويعتقد البعض بانها كانت  لحظة عصيبة في تاريخ روسيا وكادت ان تنجح في دخول موسكو لوجود دعم لهذا التمرد من أفراد في جهاز الأمن الروسي و لكن وساطة من رئيس بيلاروسيا دفعته ليأمر قواته بالتراجع وعدم اقتحام موسكو والحقيقة انها كانت فبركة معدة و ادوار ممثليها باتت واضحة وموزعة و لن تطوي على احد والتي خان التوفيق اصحاب هذا السيناريو عند كتابته و دارت احداثه بين روسيا وبيلاروسيا التي تتحمل مسؤولية احتضانها واوكرانيا  ، وما تزال الروايات عنه تتوالي بعد ان اصاب الخرس التام قائد هذا التنظيم الارهابي المسلح ' قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين' و الذي ارادوا له ان يختبئ فيه مؤقتا وحتي اشعار آخر  ، وعما سوف يكون عليه دوره الجديد في لعبة اعادة توزيع الادوار بين روسيا وحليفتها المقربة بيلاروسيا ورئيسها كلاشينكو .
 أصبحنا نسمع الشئ ونقيضه في نفس الوقت مع تصريحات متضاربة من قبل أعلى دوائر اتخاذ القرار في موسكو ومينسك.. وهو ما دفع بولندا وغيرها من دول الجوار إلى التعبير عن مخاوفها وقلقها مما يجري على حدودها مع بيلاروسيا والذي يمكن ان يكون لقائد مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية المسلحة بخططه الجديدة دور مهم فيه... ومثل هذه المخاوف الامنية لا بد وان تكون لها أسبابها ودواعيها وشواهدها ، ولا يمكن ان تأتي من توهم او فراغ... الإخراج المتخبط لمسرحية قوات فاغنر و تمردها المسلح والسؤال الذي اخذ يتداول بين الناس هو ما الزوم لكل هذا الذي خمد وانتهي بنفس السرعة التي حدث بها دون أن يحقق شيئا من أهدافه التي بدأ بها الإعلان عن نفسه وفاجأ به العالم لفرط جرأته , شدة تهوره و ظهر به وكأنه فوق الدولة وقواتها المسلحة وأنه هو من يعرف مصلحة الشعب الروسي أكثر منهم ؟ ولماذا لم يتفقوا على رواية واحدة في موسكو ومينسك لخرجون بها على العالم أكثر حبكة ومنطقية واكثر مصداقية وقبولا دوليا عاما لها من هذا الذي جرى وما يزال يجري واصبح مدعاة للسخرية َوالتندر ، أو للدهشة والاستغراب في احسن الاحوال  لان التساؤل المثار في كل مكان في العالم هو  :  أين الحقيقة في كل ما يتحدثون عنه ويطلبون من تصديقه ومجاراتهم فيه؟ والذي لا غبار عليه هو اننا امام احد اخطر التنظيمات الارهابية المسلحة في العالم والمدعومة سرا وعلنا بقوة الدولة الكبرى التي أخذت بالحديث عن المخاطر القادمة لهذه القوة والتي تنتمي اليها وهي روسيا ، ولهذه الجماعة المسلحة التي تحمل اسم فاغنر للتمويه وصرف الأنظار عن الهدف الحقيقي من وجودها ،لها انشطة سرية كثيرة بعيدة عن الأضواء في العديد من المناطق والقارات ، وهي اشبه بجبل الجليد العائم يخفي من المعالم ما هو أكبر بكثير مما يظهره، ولهذا كان كل هذا الارتباك والتخبط في مرحلة تغيير القيادات وإعادة توزيع الأدوار ، وتغيير الخطط والوسائل والاستراتيجيات ومراكزالنشاط...شغلوا العالم وما يزالوا بما لم يكن يستحق ان يشغلوه به.. أما عن الهدف من اخراج  ما جري بهذا الشكل الغريب وغيرالمفهوم، فيظل سره عندهم وحدهم، فهم من خططوا ونفذوا وهم من اداروا المشهد بطريقتهم الملتوية منذ بدايته وحتى الآن.
.عبد الخالق الفلاح
 
 

21
روسيا " بوتين" وتجربة  " فاغنر"
شكلت عملية التمرد التي قامت بها مجموعة “فاغنر” الروسية منعطفًا كاد ان يكون الأصعب في مشهد الحرب الروسية الأوكرانية في منتصف عامها الثاني؛ فبينما تواجه روسيا تحدي شن أوكرانيا لعملية الهجوم المضاد، وواجهة تمردًا مسلحًا من مجموعة “فاغنر” على الجبهة الداخلية الروسية. وفي هذا السياق، واتجهت الأنظار نحو كيفية تعامل القيادة الروسية مع التمرد، والطريقة التي سيتم احتواؤه بها، لاسيما وأن محاولات التفاوض لإنهاء التمرد بشكل سلمي يبدو أنها باءت بالفشل، وبالتالي لجأت موسكو إلى إصدار قرارات  لاستخدام القوة ضد التمرد.
وهو تمرد سيفرض على موسكو  حسابات وتحركات دقيقة للتعامل مع قائمة طويلة من التحديات، منها ما يتعلق بكيفية المواجهة في داخل أراضيها، والكلفة التي تتعلق بتقليل الخسائر على المدنيين والبنية التحتية، والمدى الزمني المطلوب للحسم؛ فكلما طال أمد المعركة ستكون هناك فرصة لتمدد نطاق المعركة وتغذية القوى الخارجية لها بوصفها فرصة لإضعاف روسيا في الجبهة الأوكرانية، إضافة إلى تحدي استدارة “فاغنر” لقتال القوات الروسية في الجبهة الأوكرانية من الخطوط الخلفية، فضلًا عن توظيف خصوم موسكو لهذه التطورات. وعلى مجموعة من الملاحظات في إطار تقدير هذا الموقف،على كل حال يمكن القول أن تمرد “فاغنر” تمثل مغامرة غير محسوبة من جانب قائد المجموعة يجفيني بروجوجين، الذي خسر الرهان بعد أن انحياز الرئيس فلاديمير بوتين له في معركته ضد قيادة الجيش في البداية ؛ فقد حسم “بوتين” الموقف على نحو ما كان متصورًا بالانتصار للدولة والجيش ضد عصيان “فاجنر” ووصم العملية الإجرامية ضد الدولة وجيشها ودستورها وشعبها، والتأكيد على التعامل الحاسم معها لإنهاء هذا التمرد بوصفه طعنة من الظهر.
وتكاتف مؤسسات الدولة مع هذا التوجه، حيث تمت عملية مداهمة مقر “فاغنر” في سان بطرسبرج، ونُشرت قوات مكافحة الإرهاب في العاصمة، وأصدر مجلس الدوما الروسي بيانًا يدين الموقف ويشدد على التعامل الحاسم معه، فيما بدأ الجيش التحرك لإحباط العملية عبر تقويض دوائر الحركة في دائرة التمرد حول “روستوف”.إلا أن القرار الذي اتخذه بخروجِ بريغوجين قائد" فاغنر" من روستوف ادى الى اصدار الكرملين بيان لم يتمَ فيه اتخاذُ قرار بحقه والمقاتلين معه و في منع التعقيب بحقهم ومن أنّ روسيا وافقتْ على خروجِ بريغوجين إلى بيلاروسيا بعدَ جهودِ وساطةِ الرئيسِ البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لإنهاءِ التمرد. بدورِها، قالتْ بيلاروسيا إنّ بريغوجين وافقَ على مقترحِ الرئيس لوكاشينكو بشأنِ تهدئةِ الوضع ووقفِ تقدّمِ قواتِه نحوَ موسكو بعدَ أنْ منحَ الرئيسُ الروسي فلاديمير بوتين ضماناتٍ أمنية لمقاتلي فاغنر. وفي وقتٍ سابق، قالَ بريغوجين إنّه قرَّرَ إعادةَ مقاتليهِ إلى قواعدِهم حقناً للدماء ووقفَ تقدُّمَهُ نحوَ العاصمةِ الروسية موسكو بعدَ أنْ أصبحتْ قواتُه على بُعْدِ مئتي كيلومتر... ولكن كل التوقعات تشير بأن نهاية بريغوجين سوف تكون قريبة كما كان مصير المعارضين السابقين حيث لن يقف بوتين كما عرف عنه مكتوف الايدي تجاه معارضية ولن يمر التمرد بشكل سهل دون حسابات اخرى يخطط لها
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

22
الكتابة وتقييم الأفكار
يقال عندما يمسك بالقلم جاهل يطبل للمسؤول فقط ، وبالبندقية مجرم لا هم له إلا الدم والقتل، وبالسلطة خائن ليكون اداة طوعية لها لان السلطة قائمة على الطبقية وعلى الرقابة بواسطة أجهزة البوليس والأمن المختلفة فيتحول الوطن إلى غابةٍ لا تصلحُ لحياةِ البشر، أن الكتابة هي رؤية لما يمكن فعله أو قوله في مقاربة أي مسألة، من دونها يبقى الفكر أبكم و ارقى انواع التعبير تصنع من الإنسان ان يكون دقيقاً وليس المطلوب نقل الوقائع كما يفهمها غيرنا ويحبونها أو نقدم آراء فردية ومقاربات شخصية مغايرة . والكتابة ليس فعل تحرري فقط و انما تجسيد لوجودنا المتعالي او سقوط في شراك غريزة القطعان ولغة الغوغاء التي نلاحظها في هذه الأيام عبر وسائل الإعلام ، ولا يجب ان نكتب ليقرأ لنا الآخرون في صمت وابتسامة ورضى، انما علينا  ان نكتب آراء ونعرض افكار جديدة توسع من عقول المتلقين ، و أن نكتب ما يعني اننا نفكر في حاضرنا ومستقبلنا بصدق و ترسم خارطة جديدة مختلفة وتقيم أشكالا مغايرة للطبيعة ومواقع تمركز متعددة للوجود الإنساني. و يجب أن نزيح من اذهاننا ردود افعال سلبية التي قد يحدثها ما سنقوله، وتسعى لتحقيق أكبر قدر من الصدق فيما نقول في الكتابة التي توارثناها عبر أجيال متلاحقة، والكتابة هي الأداة التي تساعدنا على أن نسجل كافة اللغات التي أنتجتها الحضارات البشرية المتنوعة والكتابة تساعدنا على الاحتفاظ بالهوية عبر الأزمنة المتعاقبة و الطريقة المثالية للتعبير عن المشاعر الدفينة الكامنة داخل روح الإنسان، لذلك وصفت بأنها أفضل الوسائل التي تقرب الأشخاص ووجهات نظرهم، لما لها من مفعول السحر على النفس البشرية، حيث تمتلك قدرة هائلة على التغلغل إلى أعماق روح الإنسان. كما أنها تحفظ للأجيال القادمة التراث الحضاري الخاص بعالمنا الحالي.، كما تأتي الكتابة في مقدمة الأدوات التي تساعد الإنسان على التعبير عما بداخله من مشاعر سواء سلبية أو إيجابية.
و الكثير من الأشخاص يعتقدون أن الكتابة تلزمها فقط قراءة في مجال معين، أو قراءة في نوع معين، اما الحقيقة هي أن الكتابة تحتاج إلى الثقافة العامة و كل هذه القراءات تجعل العقل أكثر تفتحًا وأكثر قدرةً على كتابة نصٍّ والقلم عماد القوة والمشورة تجعل منه مستعداً ويتكامل عقله بالقراءة والبحث ويعتبر من أعلى مستويات القراءة و نضجها بل هو هرم التأمل والتفكير ومنتهاهما،حامل الثقافة هو الإنسان،وحامل الحضارة هو المجتمع،ومعنى الثقافة القوة الذاتية التي تكتسب بالتنشئة،أما الحضارة فهي قوة على الطبيعة عن طريق العلم،فالعلم والتكنولوجيا كلها تنتمي إلى الحضارة ، وسائل الثقافة هي الفكر واللغة والكتابة ، وكل من الثقافة والحضارة ينتمي أحدهما إلى الآخر كما ينتمي عالم السماء إلى هذا العالم الدنيوي،أحدهما ((دراما)) والآخر ((طوبيا)). الحضارة تعلم،أما الثقافة تنور وتحتاج الأولى إلى تعلم،أما الثانية فتحتاج إلى تأمل  وعندما يكتب الكاتب نصًّا يُفضَّل أن يكتبه من أجل نفسه اولا ومن  ثم، من أجل الناس، و لا ينبغي إهمال القارئ عند الكتابة، وأحيانًا يكون وضع القارئ كأولويةٍ عند الكتابة من مصلحة النصِّ وبعدها مصلحة الكاتب، حتى و أن اختلفت وجهات النظر تمامًا، بين القارئ والكاتب .
عبد الخالق الفلاح  - باحث واعلامي

23
السودان ..بين السلطة والانسانية
الأوضاع الإنسانية في السودان متردية ومزرية إلى أبعد حد كما هي في الكثير من البلدان التي ابتليت بحكام عسكر، لا هم لهم سوى السلطة، وشبح الموت يحلق فوق الرؤوس ليلا ونهارا ليقتل الناس بدم بارد وبلا ذنب ، وقوافل الاغاثة الإنسانية الدولية لا تجد ممرات آمنة تتحرك فيها وليتلف بسببها كل ما تحمله من مواد اغاثة عاجلة للمتضررين بشدة من هذه الاوضاع الحياتية الصعبة ، والاجواء السياسية مشبعة بروح العداء الشديد إلى حد القطيعة التامة بين الفرقاء المتصارعين علي السلطة مما يجعل الأفق السياسي مسدودا أمام كافة الحلول والتسويات المطروحة عليهم وليرجع الموقف في كل مرة بأطرافه الى المربع الاول من جديد ، والدولة السودانية مشلولة ومتوقفة عن القيام بدورها في خدمة شعبها وهو يمر باسوأ ازمة في تاريخه ، واقتصاد السودان يكاد يكون مدمرا بفعل فراغ السلطة وغياب اجهزة اتخاذ القرار ومع تسيب الأمن وتفشي الفوضى وتوقف الأعمال وتعطل دورة الحياة ، والوسطاء الدوليين على وشك ان يرفعوا ايديهم عن السودان ويتركوا الموقف برمته لأصحابه حتى وان غرقوا مع بعضهم في حرب أهلية تلتهمهم جميعا ، لأكثر من شهر ونصف الآن وأزمات الحكم في السودان تسوء وتتعقد وتنذر بالمزيد من العواقب والتداعيات المدمرة ولا احد من كل هؤلاء المسئولين الكبار يحاول ان يستوعب الخطر او ان يتعلم الدرس... وسوف يتضاعف تيار النزوح والهروب الجماعي ليتجاوز مئات الآلاف إلى الملايين.. و تزداد مشكلات دول الجوار سوءا وتفاقما وقد تضطر إلى إغلاق حدودها لوقف نزيف الهجرة القادمة إليها... فما الذي كان يدعو إلى هذا كله ؟ واين كانت عقولهم وضمائرهم ؟ ولحساب من حدث للسودان كل ما حدث ؟
عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي

24
الطائرات المسيّرة..وبوتين والحرب
ان الهجوم على الكرملين بالطائرات المسيرة يعني ان الحرب تزداد شعلتها ولم يكن الغاية هو قتل الرئيس الروسي بوتين بقدر ما يكون ضربة معنوية كي تؤثر على مسار الحرب الأوكرانية الروسية و قد يكون جزء من هجوم الربيع المضاد وقبل احتفال روسيا بعيد النصر على النازية ولا شك أن الرد سوف يكون قويا من قبل روسيا  لمقرات حكومية داخل أوكرانيا ولن يكون الرئيس الأوكراني وحكومته في مأمن وطبعاَ غالباَ ما سوف تكون للحلفاء دور من الممكن في العملية  قد يكون من الداخل الروسي من قبل عملاء دول المتحالفة مع أوكرانيا وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وسوف تكون الحرب أكثر صرامة وضراوة مما كانت عليه وسوف يكون عنيفاَ وضربات تقسم ظهر اوكرانيا ولعلها سوف تحسم الحرب ، وحلفاء أوكرانيا يريدن بهذه المحاولات الفاشلة والبسيطة تخويف بوتين وترهيبه للرجوع والانسحاب  كما تعتقد ولاشك ان الاماكن الحساسة لن تكون بعيدة عن انظار القيادة الروسية لتضرب بالكامل وبدون تردد وتكون الخسائر كبيرة بلا شك ويحدث نقلة نوعية هائلة  في تطوير مجريتها ويفضي الى تطورات في نتائج وتداعيات أمنية واستراتيجية دولية على المديات المختلفة البعيدة والقريبة المدى وتحدث دماراً واسعاً للبنية التحتية لأوكرانيا ..... ان محاولة قصف مقر بوتين تضع جميع مقرات زيلنسكي وداعميه في خطر الهجوم المرتقب التي تعد له اوكرانيا والذي يراهن عليه حلف الناتو والولايات المتحدة الامريكية سيكون بمثابة الضربة الموجعة النهائية والحاسمة في سعي أوكرانيا استرجاع أراضيها التي ضاعت منها في المراحل الماضية ولعلها تظن ان  هذه الضربة سوف يحسن موقفها في حالة التفاوض حول التسوية السياسية الشاملة كما ان الغرب لن يقبل بخسارة اوكرانيا في هذه الحرب مهما كان حجم التكاليف او الخسائر المدفوعة فيها ، لان هزيمة اوكرانيا سوف يكون هزيمة للناتو وضياع لكل ما تعتقد له ويراهن عليه الحلف. أما بالنسبة لروسيا فأن هذه المعركة لن تقل أهمية عما تمثله بالنسبة لأوكرانيا .ان العمليات العسكرية الروسية واجهت مجموعة من الاخطاءمن البعض من القيادات وبمرو الوقت تم اعادة النظر في تلك الاستراتيجياتوترتيب الاوراق وبدأت تنفيذ تكتيكات وخطط حكيمة تضرب اهم المواقع والمدن لشل خركة الجيش الاوكراني وفعلا حصلت البعض من النجاحات ورغم ذلك ان هناك البعض من النقاط هناك حاجة للتفات اليها وخاصة بالمساعدات الكبيرة التي تعد بالمليارات من الدولارات من الاسلحة المتطورة والحديثة بمشاركة بريطانيا والمانيا مما سببت اعادة البعض من الاراضي الاوكرانية ،ومن هنا لابد ايضاً الاشارة الى الثبات الروسي وارسال رسائل مباشرة بقوتها التي لا يستهان بها وصمودها ،واستفادة من ان تكون قوة اكبر مما كانت علية في العالم اليوم وزاد تقاربها مع الصين والهند وإيران والبرازيل وجنوب افريقيا وتضعضع الدولار والتحول نحو الاستفادة المتبادلة من العملات الاخرى للدول فيما بين، ولاك ان الغرب هو الخاسر الاول نتجية بيع الولايات المتحدة الامريكية العاز والنفط بخمسة اضعاف اقيامها ليؤدي الى التضخم والركود وغلاء الاسعار في كل المواد الاساسية والغذائية وزيادة نسبة البطالة مما فاقم الاحتجاجات والتظاهرات في كل ارجاء اوروبابعد افول الرفاهية في دولها والدخول في انفاق الظلام، كما ادى الى التقارب الروسي الخليجيورفض دولها حل ازمة الغاز والطاقة في اوروبا وزيادة العلاقة بين روسيا ومنظمة اوبك وتخفيض نسب بيع البرميل من النفط ليرتفع به اسعارها مما اغضب تلك الدول و المطالبة بعدم الانصاع للهيمنة الامريكية اولها فرنسا وعلى لسان رئيسها ماكرون . ولا ننكر دور الصين لتغيير النظام العالمي ، ولا ننكر ابداً اتفاقاتها مع دول الخليج مثل السعودية والامارات وتغير استراتيجياتها الاقتصادية وحتى السياسية  نحو بكين و كذلك دول اخرى في منطقة الشرق الأوسط بمليارات الدولارات ومن مصلحتها استقرار المنطقة والتحلي بالهدوء لهذا هي تسعى من اجل ان يكون لها دور لحل المشاكل بين بلدان المنطقة ولعل التقارب الايراني السعودي نموذج من المساعي الحقيقية في دورها .وسوف نسمع ظهور عملات جديدة يتم التعامل معها تنافس الدولار ولعل اليوان الصيني مرشحاً قويا في المنافسة استناداً لحجم الإنتاج الصيني ونصيبها المتزايد من التجارة العالمية واكبر دولة مصدرة مستثمرة ومن الدول التي حطت جناح تجارتها في كل مكان في العالم.
عبد الخالق الفلاح -كاتب واعلامي
 

25
السودان والحل الصعب
المعارك بالأسلحة الثقيلة تتواصل في السودان في مناطق عديدة، فيما يتدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقار لقوات الدعم السريع، وينتشر مقاتلون باللباس العسكري مدجّجون بالأسلحة في شوارع العاصمة التي تملأها أيضا الآليات العسكرية ،في وقت يصعب فيه تشخيص الوضع على الأرض. وهكذا يجري تدمير السودان وهدر دماء مواطنيه في ظل المعارك المشتعلة بين أصحاب المصالح الشخصية في الجانبين، ويتجه السودان بسرعة نحو الدولة الفاشلة "الصوملة"، في ظل مخاوف أن تغذيها جهات دولية بما يطيل أمد الحرب، بينما تشح الأغذية، وتنقطع مياه الشرب والكهرباء والإنترنت، ليصبح من ينجو من القتال ضحية كارثة إنسانية
وهكذا عندما تفقد الوطنية مفهومها ويغلب صراع فقدان الضمير في أي بلد يحرق الأخضر واليابس وعندما تطغى المصالح الشخصية في الحكومات على حماية مؤسسات البلد يكون سلاح الدم هو الحاكم ونحن في العراق عشنا مثل هذه المرحلة ولازلنا نتذوق مرارتها وما يجري اليوم من تدمير للسودان وهدر دماء مواطنيه في ظل المعارك المشتعلة بين أصحاب المصالح الشخصية في الجانبين، ويتجه السودان بسرعة نحو الدولة الفاشلة المتهاوية في ظل مخاوف أن تغذيها جهات دولية بما يطيل أمد الحرب، و تشح الأغذية، وتنقطع مياه الشرب والكهرباء والإنترنت، ليصبح من ينجو من القتال ضحية كارثة إنسانية، والحل عبر حوار أمراء الحرب لن تجدي نفعا، ولن تجد دعوات الحوار أي صدى من أصحاب المصالح، وفي حالة إنتصار أي منهما لن تتوقف المأساة، فلو إنتصرت قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي ستواصل وحدات من الجيش القتال، لرفضها تولي حميدتي، وفي الة إنتصار الجيش لن يستطيع بسط سيطرته على الأطراف وكثير من المناطق، ولا حل إلا بحراك شعبي يدعو للسلام والحكم الوطني الديمقراطي، ويطالب بتنحية كل من أشعلوا الحرب، وامتداداتها المدنية، وكل من يتلقون التمويل سواء من دول الخليج أو أوروبا، ورغم صعوبة هذا الطرح فإنه الطريق الصعب هو الحل الوحيد لخروج السودان من محنته القاسية.
عبد الخالق الفلاح  - باحث واعلامي

26

روسيا وفنلندا والخطر الواقع
ان المتابع للأوضاع بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيجد ان الاخطار اخذت منعطفات سريعة نحو تحديات يصعب المرور بها مر الكرام وعندما يوجه سيرجي لافروف تحذيرا بقوله أن روسيا قد تتعامل مع الاتحاد الأوروبي بقسوة إذا لزم الأمر، فإنه يعيد قراءة حقيقة من حقائق التاريخ على مسامع العالم ،وبعد ان اعتبرت رسمياً فنلندا العضو الحادي والثلاثين في حلف الناتو  ، اكبر واقوي واقدم تحالف عسكري دولي في التاريخ ، سوف يلقي انضمامها إلى الناتو بأعباء دفاعية ثقيلة ومكلفة على روسيا نظرا لطول الحدود المشتركة بينهما ، وذلك من اعادة نشر اسلحة وقوات وتعديل خطط واستراتيجيات دفاعية أصبحت تقتضيها هذه المتغيرات مع انضمام فنلندا للناتو سوف يتزايد الاحتمال بأن  ينصب الحلف بعض قواعد أسلحته النووية داخل الأراضي الفنلندية بالقرب من الحدود الروسية  لتعزيز قدراته علي الهجوم والردع وبصورة لم يسبق لها مثيل بعد ان تخلت فنلندا عن حيادها وأصبحت حلقة مهمة من حلقات استراتيجية الناتو الدفاعية في أوروبا   ، وكان ما تخوفت منه روسيا في أوكرانيا وذهبت الى الحرب عليها بسببه ، وكان ما يزال مجرد احتمال لا أكثر  ، أصبح واقعا مؤكدا في فنلندا ، بدرجة أشد تهديدا لامنها القومي من أوكرانيا.. ولان ما فعلته في اوكرانيا لن تستطيع ان تفعله في فنلندا بعد انضمامها للناتو  لمخاطره وتبعاته الانتحارية الهائلة  ، وقريبا سوف تلحق بها السويد لتكتمل حلقات الحصار الغربي المضروب حولها وتصبح حينئذ في موقف امني واستراتيجي اسوأ بكثير مما كانت فيه قبل حربها في أوكرانيا...وهو ما لم تحسب حسابا له لتوقعها أن حربها في اوكرانيا سوف تكون حربا خاطفة لن تطول ولن يكلفها الكثير ، وأنها قادرة بإمكانياتها العسكرية المتفوقة على حسمها لصالحها ولتضع الناتو والجميع بعدها امام الامر الواقع الجديد كما سبق لها وان فعلت في شبه جزيرة القرم التي انتزعتها من أوكرانيا عنوة بعملية عسكرية خاطفة.. لكن كل هذه التوقعات المبدئية التي بنت عليها تقديراتها وقراراتها ، خابت تماما ولا يتغير سيناريو الحرب الاوكرانية برمته في اتجاه آخر،  أما بماذا خرجت روسيا من حربها في اَوكرانيا التي كلفتها كل هذه الاعباء الرهيبة َ ،  وزادت من همومها الامنية بدرجة لم تتوقعها في بداية هذه الحرب والا لما بادرت اليها من الاساس  ، فهذا هو السؤال الذي يجب ان تطرحه القيادة الروسية على نفسها لتعرف السبب في كل ما جرى وانتهى بها الي ما هي فيه الآن من تورط في حرب استنزاف طويلة ودامية لم تعد تعرف مخرجا لها منها ، بعد ان اصبحت تقف في مواجهة اكبر قوة عسكرية ضاربة في العالم ،  القوة التي تحاصرها وتضغط عليها من كل اتجاه. وتضعها بين المطرقة والسندان.. كما ان عليها ان تسأل نفسها ما إذا كانت دائرة الخيارات التي يمكنها أن تتصرف بها للخروج من مأزقها قد ضاقت امامها الي الحد الذي أصبحت معه اما ان تتوقف وتسلم بعدم قدرتها على الاستمرار  وتخسر  ؟  او ان تستمر وتواصل حربها في اوكرانيا وتخسر اكثر ؟ وهل ستقبل بالنتيجة في الحالتين ؟  أم أن الحرب النووية هي الطريق الوحيد المفتوح أمامها للرد بها على ما تواجهه من أخطار وتحديات ؟  وهل يساوي هذا كله هدفها الذي خططت له من دخولها في هذه الحرب  ؟
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي
 

27

الاتفاقية الأمنية سلاح المصالح المشتركة
أن لكل دولة مجموعة من الأهداف التي تسعى من خلالها لتحقيق مصالحها وطموحاتها ، وهذه الأهداف تتفاوت أهميتها وفقاً إدراك صانع القرار السياسي ومدى تأثر كل حدث أو متغر سواء كان إقليمي أم دولي على تحقيق تلك الاهداف، فإن مدركات مصالحها ونفوذها الإقليمي يصبح دافعاً لتحقيق مشروعها الداخلي والإقليمي التي تترجم إلى أعلى المستويات والأهداف التي سعت الى  تحقيقها وتؤثر بالتالي على علاقاتها الدولية وسياساتها الخارجية. من الضروري تعاون دول الطوق والجوار العراقي وفي مقدمتها الجمهورية الاسلامية الايرانية من أجل القيام بمسؤولياتها بدعم عمليات حفظ وحدة اقتصاد العراق واستخدام موارده وتماسك مجتمعه من أجل أن يكون العراق قوية وحفظ كيانه وتوازناتها في المنطقة، من أجل الاستفادة من مكاسب النمو الاقتصادي الاقليمي للمنطقة والتي لهم دور كبير في حفظ أمنه وحماية مكتسباته تعاونهما معاً.
العراق وإيران هما بلدان متجاوران ولهم حدود مشتركة بطول يقارب 1400 كيلومتر ومن هنا لقد فرض الواقع الجغرافي للعراق وإيران كونهما دولتان متجاورتان ، والتداخل السكاني القومي والمذهبي أولاً ، ومن ثم ظروف الأوضاع الدولية ثانياً على كلا البلدين و مجمل سكانهما مسلمين،على ضرورة التفاهم  وهذه الحقيقة التي تؤطر معيارية العلاقة بين البلدين الثقافية والاجتماعية والتاريخية والدينية ولها وزنها وحساباتها  في  منظور صانع القرار السياسيين في كل بلد على حدى ،ولاشك ان  الوعي والحنكة والدراية الموجودة لدى  القيادتين الايرانية والعراقية،ادت الى  تفويت الفرصة على من يريد الاساءة الى العلاقة بين طهران وبغداد في التوقيع على الاتفاقية الامنية ،و التي سوف تساهم في تحقيق الاستقرار للمنطقة واعتماد مبدأ التوازن في العلاقات مع دول الجوار واقامة أفضل العلاقات على أساس حفظ مصالح العراق أولاً،اذ تربط العراق علاقات تاريخيَّة مع دول الجوار ولكن يبقى أساس التعامل في العلاقة القائمة معها مبنيًا على احترام السيادة وعدم التدخل في الشُؤُون الداخليَّة واستقلاليَّة القرار العراقيّ . إن الصعوبات الحالية التي يواجهها العراق لا تعني عدم قدرته في الوقت الحالي والمستقبل  للعمل على تجاوز  الصعوبات والقيام بدور اقليمي فاعل يحافظ على السلام والامن ، إذ من المعروف عليه في علم السياسة أنه علم يتسع لكل الاحتمالات ويأخذ بالحسبان الجوانب المختلفة للخلافات، فليس من المستبعد أن يقوم العراق بدور اقليمي فاعل  كما هو عليه الان يؤهله على الدخول في لعبة التوازنات الاقليمية التي تنتهي أو تحسم نتائجها بشكل كامل لمصلحة اطرافها كما كانت المساعي في تقريب وجهات النظر في الاتفاق السعودي الايراني الاخير لعودة العلاقات بينهما بجولاته الخمسة التي جرت في العاصمة بغداد وانتهاء الأمر الى عودة المياه الى مجاريها. ان العراق تربطه علاقات مشتركة مع دول الجوار و أساس التعامل في العلاقة القائمة معهم مبني على احترام السيادة وعدم التدخل في الشُؤُون الداخليَّة لاي بلد ودعم أسس التنمية الشاملة للعلاقات في الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية أكثر من قبل وينمي ايضا العلاقة التاريخية والاخوية الوثيقة التي تربط شعوبها،  من خلال التوقيع على الاتفاقية الامنية المشتركة سيكون لها الاثر الحاسم في تقليل ومواجهة التحديات الأمنية غير المرغوب فيها بينهما،، التي ستعزز المسؤولية والالتزام المتبادل، لحماية أمن الحدود المشتركة، وصولا الى إنهاء الوجود غير الشرعي للعناصر المسلحة التي تريد زعزعت الامن والترابط  الذي التاريخي والاجتماعي والثقافي بين البلدين و التابعة الاستخبارات الامريكية والموساد الصهيوني في الحدود الشمال الشرقي للعراق والشمالية الغربي من إيران والتي كانت في الفترة الماضية منطقة عمليات للمجموعات المسلحة المعادية لإيران وتوقيع الاتفاقات الامنية توثق العلاقة بين البلدين هو هدف يصب في مصلحة العلاقات بينهما، والعراق لايزال يحتفظ بالمأهلات التي  المهمة والضروية  ، و التحول مرة اخرى الى دولة قوية تنافس وتحد من قدرات و نفوذه  من تسول له نفسه الاساءة اليه وتحقيق اهدافها بكل قوة في الاقليم  والتي تمكنه و تؤهله من ان يصبح احدى القوى الفاعلة في الاقليم وعنصراً اساسياً في تقرير التوازنات الاقليمية للمنطقة،ويرفض بشكل قاطع على أن تكون أرضه مسرحا لتواجد الجماعات المسلحة، أو أن تكون منطلقاً لاستهداف بلدان الجوار،والتي تضر بالمصالح المشتركة وتضرب العلاقة التاريخية المتجذرة بينهم . أو أيّ مساس بالسيادة العراقية ، وفعلاً الحكومة العراقية اتخذت مجموعة من الإجراءات لحماية الحدود العراقية الإيرانية بزيادة القوات الموجود بالمشاركة والتعاون مع قوات البيشمركة تحت قيادة عسكرية موحدة وهناك تفاهمات من أجل عدم السماح للمجموعات المسلحة التي تريد أن تعبر الحدود إلى الجانب الآخر لا بل تمنع تواجدها في المنطقة وابعادها عن الحدود المشتركة للبلدين
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

28

الشرق الاوسط والتطلعات الجديدة: ج 2
الربيع العربي والفوضى التركية
فوضى ما سمي بالربيع العربي، جعل أحلام السيطرة والهيمنة على الدول العربية متاحاً لكل طامع، مهما كان ناقصاً وقد خاضت الكثير من الدول تجربتها القاسية التي انهكت القوى في منطقة الشرق الاوسط وضعفت دول كانت لها قدرة المناورة في سياساتها وكانت انقرة هي اللاعب الاصلي ومثلت الولايات المتحدة الأمريكية محور مصالحها السياسة، كما كانت لغرور العضوية في حلف الناتو أساس المصالح التركية العسكرية والإستراتيجية الأثر في استقطاب قوى الإرهاب من كل صوب، تدربهم وتسلحهم، ومن ثم ترسلهم عبر حدودها للعبث في رقعة العالم العربي والآن تحاول الخلاص منهم بعد ان اصبحوا عبئاً ثقيلاً عليها و تمكن العراق وسورية وبعض الدول الاخرى الحد منهم  والتضيق عليهم ويكلف انقرة كثيراً من المال .
لقد كشفت التحولات الأخيرة على الصعيدين الإقليمي أو العالمي عن تغير كبيرة في رؤية المجتمع الدولي للتعاطي مع الواقع  المأساوي الذي حل بسوريا وتركيا بعد الزلزال الأخير الذي ضرب البلدين المتجاورين بعد صراع مقيت خسر الجميع فيه ودون وجود رابح بينهما بسبب التدخلات الاجنبية  ،والمؤشرات تؤكد الانفتاح على التعامل مع دمشق والحكومة السورية والرئيس بشار الأسد،، وخاصة من قبل الدول العربية والزيارة التي قام بها بعض رؤساء البرلمانات العربية لسورية تؤيد هذه الرؤية ، وتعطي أريحية أكبر في التحرك الدبلوماسي للرئيس السوري على المستوى الخارجي. وإن الشروط التي وضعها الرئيس بشار الأسد لعقد قمة مع الرئيس التركي رجب أردوغان عدا عن تعبيرها عن سيادية عالية . وهي ضربة معلم تكسبه مزيداً من المكانة والاحترام لدى شعبه وفي الخارج ، وضعت الشروط السورية السهلة والمحرجة قيداً على أي تطبيع سعودي ومصري مع تركيا وزيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لمصر مؤشر جديد على عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد عشر سنوات من التوتر والقطيعة بين القاهرة وأنقرة لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة رغم تعرض الرهان التركي على تنظيم الإخوان لضربة إجهاضية و اعتبرتها أوساط تركية عديدة نهاية لمشروع تمكين جماعات الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وهو المشروع الذي دعمته الدولة التركية من منطلقات جيوسياسية وأيديولوجية واقتصادية مختلفة ، ولهذا لم يكن مستغربًا أن تتموضع تركيا في ذلك التوقيت ولوقت قريب في موقع حاولت فيه بشكل مستمر استهداف الدولة المصرية في مرحلة ما بعد حكم جماعة الإخوان، سواء عبر استضافة أعضاء الجماعة الفارين إليها، أو توفير منصات اعلامية وصحفية لهذه الجماعة وربما كانت تأثيرات هذه التدخلات التركية أكثر وضوحًا في سوريا وليبيا .
لقد كانت ولازالت  الأطماع التركية ممثلة بالرئيس أردوغان، عبر حزبه العدالة والحرية، الذي تمكن من قلب الديموقراطية في تركيا، لتصبح دولة إخوانية بامتياز، وبادر بافتعال الانقلاب المزعوم، ليتمكن من تصفية مناوئيه في الداخل التركي، وجرهم دون محاكمة للمعتقلات، أو الإقامة الجبرية، كما تخلص من الكثير من الفاعلين في المشهدين السياسي والإعلامي، من يرفضون الخلافة المزعومة، بينما سمح للإخوان المسلمين بالهيمنة وقيادة الرأي عبر قنوات إعلامهم، واستقطاب قوى الإرهاب من كل صوب، تدربهم وتسلحهم، ومن ثم ترسلهم عبر حدوده للعبث في رقعة الشرق الأوسط والعالم العربي ، وان رهان أنقرة المستمر حاليًا على حكومة عبد الحميد الدبيبة -منتهية الولاية- وكذلك توقيعها عدة اتفاقيات مثيرة للجدل معها في شهر أكتوبر الماضي، بما في ذلك اتفاقية للتنقيب عن الطاقة، وكذلك اتفاقيتين للتعاون العسكري والأمني تؤكد تلك الاطماع؛ وكذلك  في سورية لازالت تركيا وحلفاؤها تسيطرحاليًا على ما يناهز 16 ألف كيلو متر مربع في النطاق الشمالي والشمالي الشرقي السوري، تنقسم بين ثلاث مناطق أساسية، منها منطقتان تتصلان جغرافيًا ببعضهما البعض في الجانب الغربي من الحدود المشتركة، وتضمان مناطق تتبع إداريًا محافظتي إدلب وحلب، في حين توجد المنطقة الثالثة في قطاع منفصل في القسم الأوسط من الحدود المشتركة، وتضم مناطق تتبع إداريًا لمحافظتي الرقة والحسكة. تضم المناطق الثلاث مدنًا مهمة في الشمال السوري، مثل مدن: الباب، ورأس العين، وتل أبيض، وعفرين، واعزاز. على الرغم من العنوان العريض الذي وضعته أنقرة لهذه العمليات العسكرية المتتالية “مكافحة الإرهاب وإبعاد أنشطة حزب العمال الكردستاني عن الأراضي التركية”، إلا أن النتائج التي ترتبت على هذه العمليات الاعتدائية و الاحتلالية كانت ذات تأثير مباشر على وحدة الأراضي السورية وسيادتها، سواء عبر انتشار عشرات النقاط العسكرية التركية في كافة أنحاء هذا النطاق السالف ذكره،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

29
الشرق الاوسط والتطلعات الجديدة
ان دول منطقة الشرق الأوسط أجمع تواجه مصيرا مشتركا وتنتمي الى اسرة عظيمة واحدة  وموطن بعض أقدم الحضارات الإنسانية وعانت من الظلم التاريخي والتدخل الخارجي والصراعات العرقية والدينية والإقليمية التي لا تنتهي على مدار القرن الماضي رغم انهم سادة مستقبل المنطقة ومصيرها وربان سفينتها، ويجب أن تكون شؤون أمنها في أيدي دولها ؛ لذلك ان  اعادة العلاقات بين بعض دول المنطقة من جديد وخاصة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة السعودية والتحرك الجدي لها والانفتاح نحو دول الخليج الفارسي في اعادة علاقاتها مع دولها في إطار سياسة حسن الجوار وتحريك المياه المتجمدة بين سورية وتركيا وتحريك الصين نحو حل المشاكل والخلافات بين أطراف هذه الدول ، مثل هذه اللحظات التاريخية في المنطقة ،  تمثل مرحلة جديدة، من خلال النظر إلى الفرص الواعدة التي تفتح الآفاق التي تسهم فيها، سواء من خلال مجالات الشراكة والبنية التحتية وتعزيز السياسة الدبلوماسية الوطنية للدول ما يؤدي إلى تحقيق التقدم والإنجازات و ستؤدي إلى إعادة بناء شرق أوسط جديد يتعزز فيه الأمن والسلام ويتعايش شعوبه من أجل التنمية وستشعر مجتمعاته بالطمأنينة، بعد أن يتبدل الظلام الى نور وتتحول العداوة إلى أخوة و تتحرر فيها الأجيال القادمة من قيود وكراهية المراحل الماضية بما فيها من محطات سيئة في التاريخ الإنساني.
لقد كانت الخلافات وانعدام الثقة بين دول منطقة عقبة أساسية أمام مسار تحقيق التنمية الاقتصادية داخل المنطقة؛ الأمر الذي يخدم مصالح الأعداء القادمين من خارج المنطق،  والعقبات التي تخلقها تلك الجهات طمعاً في أن تبقى متوترة  وضعيفة لكي يسهل العمل على حماية مصالحها وكانت تحتاج الى تغليب لغة الحوار وتحسين النوايا والتعايش فيما بينها والتعامل وتوسيع التعاون السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي و صد التدخلات الاجنبية غير البناءة والوقوف بوجهها لتؤدي الى تسريع وتائر النهوض بحجم التعاون الجماعي أكثر فأكثر وحتما يؤدي الى تعزيز الأمن والاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة ليتسنى لها حل الخلافات في إطار عمل جماعي متجهة نحو بناء منطقة قوية ومزدهرة.
لا ينبغي أن يجعل من الماضي عقبة في طريق السلام، والاستفادة من تجارب الأمم الإيجابية لمجتمعات تقدمت وسبقت غيرها عندما قررت التحرر من صراعات الماضي وأغلالا الثقيلة، وطمحت في غد أفضل بالحوار والتسامح وقبول الآخر. ومن الطبيعي أن دروس التاريخ علمت البشرية أن الصراعات والحروب لا تصنع مستقبلاً ولا تضمن رفاهاً، وأن مستقبل الشعوب يكمن في التمسك بالسلام والتعايش، والبحث عن نقاط الالتقاء لا البحث عن مبررات التباعد. ويكون السلام هو ركن أصيل في نهج دولها وجوهر فلسفتهم السياسية، يتناغم مع رؤاها الواقعية وتتم ترجمتها كل يوم في خطط ومبادرات وعلاقات واسعة لكل شعوب الأرض من مختلف الأعراق والأديان، ومد يد السلام فيما بين ونشر الاعتدال والوسطية، ومد يد التعاون والشراكة والحوار الإيجابي من أجل غد أفضل لشعوبها وجيرانها وكل مكونات إقليمها. ولاشك  أن السلام ليس مجرد شعار، بل سلوك وممارسة ونهج يتحقق على أرض الواقع ، برؤى التي لا تحيد عن المبادئ الراسخة للتعايش الإنساني والتسامح واحتواء الصراعات وإحلال السلام وصون الحقوق، بخطوات عملية يسجلها التاريخ لبلدانها عبر جهود الحقيقية لحل النزاعات وتقديم المساعدات في زمن الأزمات لكل من يحتاجها في شتى بقاع الأرض.
من الممكن صناعة التعايش في مواجهة النزاعات، عند العمل على مواجهة التهديدات المشتركة وتوحيد القوى والجهود نحو حل القضايا الراهنة في المنطقة والعمل على تجاوز التحديات والمصاعب التي تعرقل مسارات الانماء، عبر التعاون بين الدول والتحول إلى نوع جديد من الفكر الذي يستند على توحيد الرؤى لإنجاز الأهداف المشتركة ، والعمل للسلام يمثل تأكيداً على وجود الفرصة لدى كافة الشعوب بإمكانية التعايش كجيران وأصدقاء، وأنهم لديهم القدرة للتحول من العداء إلى التعاون للتعامل مع التحديات المشتركة، وهذه لا تتحقق الى بالزيارات المتبادلة بين الشعوب التي تتيح وتعمل على القضاء بين الخلافات، فالسلام يتحقق عندما يشعر البشر جميعاً بقدرتهم على التوحد لحل المشكلات، وعند اقترابهم ومعرفتهم من بعضهم البعض. على ان تكون معاهدات السلام، فرص لبناء المزيد من العلاقات الدولية التي تعمل على تغليب عوامل التعاون والتشارك لمواجهة الصراعات، والعمل على البناء المشترك، لأن الخبرات المتراكمة وتبادلها، تعد الطريق الأمثل نحو تحقيق السلام وإنجاز الرخاء والرفاهية للشعوب.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

30
الفقر والعدالة الدولية
إن الفقر ولد مع الحياة ومع الفقير و' العسر يشين الاخلاق ويوحش الرفاق ' والكثير من أبناء الفقر أغنياء اليوم ويشكل  الفقر عقدة صلبة صعبة التخلص منها عند الكثير وقد ذكرها سبحانه وتعالى في العديد من الايات القرانية الكريم ، العديد من سكان الأرض إن لم نقل معظمه يعيش حالة الفقر ونبينا الكريم (ص)كان يحزن ويتغير وجهه عندما يرى أناس ذو فاقة ومحتاجين،وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا أهدي إليه طعام لا يأكله حتى ينادي على فقراء المسلمين ليأكلوا معه وهم ( أهل الصفة ) ، وقد يكون على مسافة ليست ببعيدة عنا هناك من لا يجد أبسط مقومات الحياة من الفقراء في فصل الشتاء الذين يسكنون منازل مُتهالكة، يُصارعون أمعائهم الخاوية بأجسادٍ أنهكها البرد، برودة قارسة تتسلل من كُل مكان إلى داخل المنزل. الفرق بين الفقراء والمساكين ،  وليس الفقر اختياراًلوجود فقراء وإنما نصيب محدود وقدر وتسرع وجنون وتبذير والكثير أوصل العديد إلى الفقر الذي لا يفضل أحد أن يعيشه ولو بعض ساعات فما باله أن يزاوله ويكون معه بكل مراحل حياته وتفاصيلها بوفاء الوفي وإخلاص الوفي الذي لا يتركه مهما كان ومهما تغير الحال،والفقر بقي العائق الكبير الذي يواجهه كل فقير وهو ذلك العجز الذي يقفل جميع الأبواب إلا أن أبواب الله مفتوحة وفي خدمة عبده دوماً بلا انقطاع فالجأ إلى الله وكن واثق بأن بابه لن يغلق في وجهك فأنت العبد المؤمن الصالح الواثق المؤمن بالله وبقدرة الله “الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ”. ) سورة البقرة، آية: 268(، أن الفقر ظاهرة إجتماعية تؤدي إلى تبعات اجتماعية وإقتصادية مخرّبة ولا تخلو الدول منها في جميع عصورها والبشر يعاني منها دائماً. ظاهرة الفقر مختلفة بواعثها بالنسبة إلى البيئات المختلفة فلذلك للفقر معان نسبيّة بمختلف الظروف ، يتشابه معنى الفقراء والمساكين بشكل عامّ، لكن ميّز علماء اللغة بينهما، فقال ابن السِّكِّيت: الفقير هو الذي له بُلغةٌ من العَيش أما المسكين فليس له شيء، وقال ابن الأعرابيّ: الفقير الذي لا شيء له والمسكين مثله، وقال الأصمعي: المسكين أفضل حالًا من الفقير، وقال يونس: الفقير أحسنُ حالًا من المسكين وللامساواة الفاقعة ليست قدراً بل خياراً سياسياً كما يعتقد البعض وللحقيقة فأن لو تكفل الغني بأخيه الفقر لتحولت الدنيا من حولنا وتوقفت الحروب واختفى الجوع والحزن الذي يقطع القلوب وعم الخير والسلام الأرض واحتمى الصغير بحضن الكبير.وسبحانه وتعالى ذكر في القران الكريم  البقرة الاية : (271)  ﴿إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ولواجهنا ما عجز الكبار والعظماء على مواجهته وحله، ولكان الشر انسحب بكل هدوء ونزلت الجنة إلى الأرض لتعيش معنا وشعارنا الحب والعمل لوجه الله وفقط الغني يتكفل ومن واجبه أن يتكفل بالفقير الذي قد يكون أخوه ابنه أبوه أحداً من أقاربه وجاره
والفقر جذر لكل المشاكل الإجتماعية وهو اكثر من مجرد الافتقار إلى الدخل أو الموارد أو ضمان مصدر رزق مستدام، حيث إن مظاهره تشمل الجوع وسوء التغذية وانحسار إمكانية الحصول على التعليم والخدمات الأساسية، إضافة الى التمييز الاجتماعي والاستبعاد من المجتمع وانعدام فرص المشاركة في اتخاذ القرارات. معظم البلدان النامية، على الرغم من إحراز تقدم كبير في السنوات الأخيرة في مجال الحد من الفقر، معدلات الفقر لا تزال مرتفعة وبالنسبة لعدد كبير من البلدان الفقر يعتبر من أهم المشاكل الأساسية للدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، من بين 48 دولة التي تعتبر من الدول الأقل نمو هناك 21 دولة عضو في منظمة التعاون الإسلامي. وبالإضافة إلى ذلك، إن ربع سكان الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي يعيشون بدخل تحت حد 1.90 دولار أمريكي يوميا
فيي الواقع، لم تعد شريحة الـ50% الأفقر تحصل سوى على 12 سنتاً من كل دولار من الدخل، فيما يحصل الـ1% الأغنى على 27 سنتاً، أي ضعفي حصّة نصف السكان. وتشير المنظمات الدولية إلى أن مليارديرات اليوم يمتلكون ثروات أكبر بكثير ممّا امتلكه نظراؤهم يوماً، فهي ارتفعت من نحو 5 آلاف مليار إلى 9 آلاف مليار بين عامي 2008 و2018، ولكن من دون أن يؤدّي ذلك إلى زيادة معدّلات الضريبة المفروضة على هذه الثروات. فمن كلّ دولار يُجبى من الضرائب، هناك 4 سنتات فقط يتمّ تكوينها من الضرائب على الثروة، في مقابل 39 سنتاً من ضرائب الاستهلاك. نتيجة لذلك، باتت الثروة أكثر تركّزاً، ففي عام 2018 استحوذ 26 شخصاً على ثروات توازي ما يملكه نصف سكّان الأرض، بعد أن كان عددهم يقارب الـ43 شخصاً في 2017 أي قبل سنة واحدة فقط.
الفقر ظاهرة معقدة و حقيقة راسخة ومنتشرة ، وهناك قرابة نصف سكان العالم كما  ذكرنا يعيشون على أقل من دولارين في اليوم. آما أن هناك أكثر من مليار شخص يكابدون العيش بأقل من دولار واحد في اليوم. بل إن هناك تحديا أقوى يكمن فيما يمكن أن تكشف عنه القياسات الإحصائية ومنها أن الفقر يولد شعورا متناميا بقلة الحيلة والمهانة، وعدم القدرة على التفكير أو التخطيط أو الجنوح بالخيال إلى ما يتجاوز واقع الكفاح اليومي لمجرد البقاء ، لكن بلا أي دعم أو إمكانات للصعود على سلَّم الفرص. ولنا أن نتصور إلى أين يمكن أن تقودهم مجهوداتهم إذا كان هذا السلم في مكانه الصحيح. وتكمن مسؤوليتنا المشتركة في المساعدة على اي نتيجه تنقذهم  منها.
التغلب على الفقر يتطلب رؤية بشأن الإمكانات التي تنطوي عليها زيادة التعاون الدولي من أجل تحقيق أهداف مشتركة. والهدف المتمثل في تحقيق العمل اللائق هو إحدى الأماني الأساسية لكل الأفراد والأسر والمجتمعات والأمم على اختلاف تاريخها وثقافاتها. وهو قضية تجمع الشعوب وتوحد صفوفها في مسعى تعاوني. وهو فضلا عن ذلك حلم يمكن أن يتحول إلى حقيقة من خلال التقدم خطوة بخطوة على طريق بناء الثقة والإيمان بقدرتنا على تشكيل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتمكين الناس من تحقيق الاستفادة الكاملة من قدراتهم. وهو مسعى يقوم على فهم جديد للأمن البشري والحاجة إلى عقد اجتماعي لتحقيق هذا الأمن ودعمه ، التغلب على الفقر يتطلب رؤية بشأن الإمكانات التي تنطوي عليها زيادة التعاون الدولي من أجل تحقيق أهداف مشتركة. والهدف المتمثل في تحقيق العمل اللائق هو إحدى الأماني الأساسية لكل الأفراد والأسر والمجتمعات والأمم على اختلاف تاريخها وثقافاتها. وهو قضية تجمع الشعوب وتوحد صفوفها في مسعى تعاونية لإنقاذ المجتمعات التي تشكوا من الفقر ، هو فضلا عن ذلك حلم يمكن أن يتحول إلى حقيقة من خلال التقدم خطوة بخطوة على طريق بناء الثقة والإيمان بقدرتنا على تشكيل النظم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتمكين الناس من تحقيق الاستفادة الكاملة من قدراتهم. وهو مسعى يقوم على فهم جديد للأمن البشري والحاجة إلى عقد اجتماعي لتحقيق هذا الأمن ودعمه.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

31
فلسطين والكيان الصهيوني والرد الإيجابي للمقاومة
============================
لا يمكن لأحد ان يتصور بأن زيارة وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن إلى المنطقة هذه الأيام دون ان يتأبط شراً كما هو المعهود للمسؤولين الامريكان دائماً في مثل هذه الاوقات والتي تواجه بالرفض من قبل كل القوى السياسية والشعبية في المنطقة وخاصة توسع الدعم الايراني بكل اشكاله الثابت للقضية الفلسطينية  مرارًا وفي المحافل الدولية والإقليمية والوقوف بوجه إسرائيل بوصفها كيانًا غاصبًا هو سياسة ثابتة لا تتأثر بأية اعتبارات سياسة ، كما أن الدعم المالي والعسكري لفلسطين وفصائلها المقاومة هو ثابت من ثوابت السياسة للجمهورية الاسلامية الايرانية ،و التعاطي مع القضية الفلسطينية إلى مقولتين أساسيتين: واحدة تنادي بضرورة تقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي لمن يمثل مشروع المقاومة المؤمن بالبندقية والكفاح المسلح كطريق لتحرير الأرض الفلسطينية ، أما الثانية فتقوم على رفض التعامل مع أصحاب مشروع التسوية والتطبيع والمفاوضات مع إسرائيل.وخاصة العربية منها .
زيارة بلينكن بمفهومها الحقيقي هي ليست إلا محاولة لتهدئة الاوضاع الساخنة التي تشهدها المناطق الفلسطينية المحتلة كرد فعل للتصعيد الإسرائيلي الأخير والموجة غير المسبوقة من ممارسات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية والقدس الشريف ومخيم جنين في الأيام الأخيرة ترافقت مع استشهاد أكثر من 31 فلسطينيا، ومن المؤسف استشهد أكثر من 230 فلسطينيا على يد المجرمين المحتلين للقدس خلال العام الماضي  والسكوت المطبق للدول المنادية بحقوق الإنسان والرد الإيجابي للمقاومة عليها و لا يمكن أن لا يكون هناك هدف استراتيجي كبير لحضور ثلاثة من كبار اركان الادارة الامريكية تباعا كما تدل المعطيات بعد زيارة وزير الخارجية الامريكي الى اسرائيل خلال بضعة أيام في سابقة خطيرة ويلتحق به مستشار الامن القومي الامريكي جاك سوليفان، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية َوليام بيرنيز ، و يؤشر ذلك التتابع اللافت للانتباه ان هناك سيناريو امريكي - صهيوني مشترك ، وهذه الزيارة كانت مقررة حتى من قبل ان يتطور الموقف بين الفلسطينيين والصهاينة ويصل الى هذا المستوى من التوتر والعنف..
كما ان هذه الاوضاع لم تفاجئ الادارة الامريكية او تثير قلقها مع حكومة نتنياهو العنصرية المتطرفة و تقوم كل مكونات حكومته منذ تشكيلها من وزراء وأعضاء كنيست، بتقديم توصيات يومية تتضمن اقتراحات التشديد بضرب الفلسطينيين، حيث وصلت العقوبات إلى حد غريب، انعكس في نشر ضباط المخابرات الإسرائيلية على مواقع التواصل الاجتماعي تهديداً بالقتل لكل من يظهر مظاهر الفرح بالعمليات المقاومة ، فهذا التطرف في القمع وفي استخدام الاسرائيليين للقوة المفرطة هو الامر المتوقع وليس العكس ، وحل الدولتين بعد مرور اكثر من 30 عاماً على القرار في الجزائر، بالإعلان عن خيار الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على خط الرابع من حزيران 1967، وعودة اللاجئين، ومؤتمر مدريد ووارشو على أول اعتماد دولي لمصطلح دولتين لشعبين وبعد ان فقد مقومات تحققه على الأرض الجاري نهبها أمام أبصار رعاة هذا الحل، وأنه خسر قوة انطلاقه، ومسوغات التعلق بحباله الواهية، وموجبات التداول به بنمطية فكرية، وهو في واقع الأمر حل أخلى مكانه في مدار لا يقبل الفراغ، ليفتح من تلقاء نفسه باباً لحلول كفاحية إبداعية بديلة كالذي شاهدناها في الايام الماضية لموجهة الكيان الغاصب ،فلقد فقد هذا المشروع الذي لم ير النور بتاتاً قوة اندفاعه الأولى وذوى تدريجياً، بعد أن ظل لفترة طويلة يزرع الأمل بحل عادل وسلام شامل في المنقطة، ويلهم القادة والدبلوماسيين والمفكرين والصحافيين، ويستقطب الاهتمام به كفكرة تستبطن حلاً يمكن إنضاجه بالقليل من الخلاف حول شيطان التفاصيل الصغيرة وتحول ادارة الرئيس بايدن ايضاً كما كان غيره من الرؤساء الامريكيين السابقين الي مجرد شعار سياسي فارغ بلا محتوي حقيقي يمكن التعويل عليه كحل لهذا النزاع وهي وسيلة اتهدئة الامور عندما ترتفع وتيرة الاشتباكات على ارض فلسطين وشعبه ، الذي يرى بأم عينه عمليات تهويد وتغيير معالم القدس التاريخية والثقافية والدينية، إضافة إلى مشاريع الاستيطان اليهودي الجارية على قدم وساق، جنباً إلى جنب مع خطة إسرائيلية معتمدة منذ أمد طويل لتهميش القوى الفلسطينية، ومن ثم تقويضها تدريجياً، دون أن يلقى ذلك كله أي ردود أفعال جادة، الأمر الذي أوصل كثير من الأوساط السياسية والثقافية الفلسطينية إلى قناعة مبكرة مفادها أن إسرائيل قد شرعت فعلاً في قتل مشروع حل الدولتين، وأنها قد نفضت يديها المدججتين بالقوة من كل تعهد شكلي سابق، بقبول مثل هذا الحل الذي ظل مجرد حبر على ورق.
و لا يبدو ان حل الدولتين متاحا في المستقبل المنظور  ، بل دخل مرحلة التجميد ، ولان فرص تنفيذه تبدو معدومة تماما في هذه الاجواء العدائية المستحكمة بين الطرفين ومع. حكومة نتنياهو التي ترفض هذا الحل شكلا وموضوعا...
ان حال الكيان الصهيوني هذه الايام هو التخبط في الوحل بعد ان غيرت المقاومة أسلوب التصدي لهم و يوجب السعي بكل جدية إلى تعزيز مقومات الصمود الذاتي في كل المجالات، وأن تولي عناية فائقة بمسألة تثبيت وجود الإنسان الفلسطيني على أرضه بكل الأشكال الممكنة، وفوق ذلك كله أن تجري تقويماً عميقاً وشاملاً لسائر محطات المرحلة الطويلة التي مرت في تاريخهم
والولايات المتحدة الأمريكية التي وقعت في محنة وغيبوبة وأوقعت العديد من الدول الاوروبية معها في فخ الحرب الاوكرانية الروسية وتعيش في رعب وخوفاً من أن تتفاقم الأوضاع وتخرج الاوضاع من يد الحكومة الصهيونية ومعهم عدد غير قليلٍ من القتلة المجرمين، الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية في الداخل الفلسطيني وخارجه ويتآمرون ويغدرون، ولا يقيمون وزناً للعدل ولا قدراً للحق، ولا يحترمون المواثيق الدولية ولا يبالون بالرأي العام ولا يهمهم مزاج الشعوب، بل لا تعنيهم حياة البشر ولا مستقبل الإنسان، فتراهم يقلبون الحق باطلاً والباطل حقاً خدمةً لمصالحهم، وتوظيفاً لمنافعهم، ويستخدمون المفردات التي تحلو لهم وتخدمهم، ويطلقون الأوصاف التي تعجبهم وتنفعهم، ويحرمون ضحاياهم المظلومين من حقوقهم المشروعة، ويعيبون عليهم مقاومته والتصدي لسياساتهم، ويمنعونهم من الشكوى والتذمر، أو الاعتراض ورفع الصوت.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

32
الإعلام ودوره في إحلال السلام
=================
ان علاقة وسائل الإعلام بحل الصراعات وبناء السلام المجتمعي هي احدى الموضوعات المهمة التي تربط بین مجال العلاقات الدولية والدراسات الاعلامیة، وفي النضال ضد الحرب العدوانية والعنصرية والفصل العنصري والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان، التي تعود ببعض أسبابها إلي التحيز والجهل، تسهم عن طريق نشر المعلومات عن مطامح جميع الشعوب وتطلعاتها وثقافاتها ومتطلباتها و في إزالة الجهل وعدم فهم الشعوب لبعضها البعض وتسهم بدورها الأساسي في تربية الشباب بروح السلام والعدالة والحرية والاحترام المتبادل والتفاهم، بغية تعزيز الحقوق  والمساواة في الحقوق بين جميع البشر وجميع الأمم وتعزز التقدم الاقتصادي والاجتماعي. ولها أيضا دور هام تؤديه في التعريف بوجهات نظر الجيل الناهض وتطلعاته.
 دخل مفهوم " السلام والإعلام "مدخلا جديدا للإعلاميين ومكنهم من البحث في الأسباب البنائیة والثقافية للصراع ومدى تأثيره علی حیاة المواطنین و تقدیم المضمون الذی یعکس القواسم المشترکة بين کافة أطراف الصراع وطرح مقترحات ومبادرات لتخفيف حدة هذا الصراع في المجتمعات التي تعاني منه.
لا شك فيه ان انتشار ثقافة بناء السلام يخلق بيئة ملائمة للإبداع الثقافي والفكري، ويحد من الخطابات التي تنمي الكراهية ويساعد على عدم نشوب النزاعات، أو إمكانية حلها بالطرق السلمية، مثلما يسهم في إحداث التغيير بنحو يعزز قناعة الإنسان بأن السلام هو ،نقطة الانطلاق نحو الرفاهية والسعادة وممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام، المعترف بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية و هو عامل جوهري في دعم السلام والتفاهم الدولي.
دور الإعلام بكل انواعه يعيد بناء المجتمعات في نشر ثقافة بناء السلام بعد الحروب في زيادة الاهتمام بالبرامج السياسية والثقافية المتعلقة بثقافة بناء السلام، واستحداث وحدات متخصصة فيها لإعداد مؤتمرات وبرامج  ذات الصلة، وتضمين مبادئ وأفكار بناء السلام في المقررات التربوية والتدريسية لنشر هذه الثقافة بين الاجيال القادمة وجعلها مجتمعية ومتاحة للجميع والعالم يشهد أحداثا في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية كافة.
 يتسم العالم بالتأرجح بين السلم والحرب في الكثير من الحلات، ولا شك أن فكرة نشر ثقافة بناء السلام في المجتمعات التي عانت طويلاً من الحروب والأزمات والنزاعات و اجه مصاعب جمة، وإن نشر تلك الأفكار يحتاج إلى وقت وجهد إستثنائيين من خلال قنوات مختلفة مهامها في أن يكون لها دور في بناء السلام ونشر ثقافته في مناطق النزاع كافة، كي يتحقق الأمن والإستقرار، فضلا عن أنها قد تكون عاملاً مهما في تصعيد النزاع أو تخفيفه، وتوجيه الأوضاع العامة سلباً أو إيجاباً، لذلك تستدعي الحاجة إلى دراسة هذه الوسائل الاعلامية من منظور علمي وتشخيص جوانبها السلبية والايجابية ، في ضرورة تقويم عملها ، والتعمق بالدور الذي يجب أن تلعبه في بناء السلام .
من الواضح على خلفية تبادل الآراء والمعلومات وتدفق الأفكار وتنوع الثقافات، التي لا تتوفر في حالة الحروب والنزاعات،يصبح  من الضروري التفكير  في كيفية جعل السلام واقعاً ملموساً، وعدم الفصل بين بناء السلام وثقافة السلام، لأن بناء السلام ليس بغاية نهائية، بل الغاية هنا هي ترسيخ ثقافته للحد من عدم نشوب الحروب مجددا، أو يجعل من حلها بالطرق السلمية أكثر إمكانا دون اللجوء الى العنف، لكي تسهم في إحداث التغيير من الجذور لكي يوصل الفرد والمجتمع معا إلى حالة يتم فيها التعبير عما هو موجود في المكنونات الداخلية بعيدا عن اللجوء إلى استخدام العنف.
 إن من أهم الأشياء التي تخدم هذه الثقافة ، قناعة الإنسان بأن السلام هو نقطة الانطلاق نحو الرفاهية والسعادة، وبناءً على ذلك فإن لثقافة بناء السلام قواعد كثيرة ومتعددة، إلا أنها تفرض وجود وسائل وأطر تخدم قناعة الفرد وترسخ في أعماقه مبادئ السلام عبر الطرح الإعلامي الهادف والمتوازن، فثقافة السلام لا بد أن يوازيها رفع الجهل ومحاربة الأمية والابتعاد عن مبدأ إلغاء الآخر.
من الطبيعي أن تجد كل فئات المجتمع مساحة تعبير عن همومها في مثل هذه الوسائل، وكلما وجد المواطن مساحة تعبير ملائمة عن همومه في الإعلام المتنوع ، كلما كان ذلك مؤشرا علي أن هذه المؤسسة الإعلامية ذات طبيعة ديناميكية تفاعلية مع المواطن.
وعلى العكس هناك إعلام يلعب دوراً ضد ثقافة المواطنة، سواء بتجاهل هموم مواطنين في المجتمع، أم بتفضيل التعبير طبقيا أم سياسيا أم ثقافيا أم دينياً، عن هموم مجموعات معينة من المواطنين دون غيرهم ، وقد يصل الأمر إلى أبعد من ذلك، حين يوظف الإعلام ذاته، كأداة صراع سياسيا أو ثقافيا أو اقتصاديا أو دينيا، من خلال تحريك مجموعات من المواطنين علي بعضهم البعض، أو نشر ثقافة البغضاء في المجتمع، أو تصوير قطاعات من البشر بصورة سلبية مما يدفع  المواطنين إلى التعامل معهم بتعالِ غير مبرر.
 تتبنى بناء السلام في القنوات الفضائيات عبر الأداء الطبيعي في القنوات المرئية ، تشمل الموضوعية والتوازنات والحيادية والدقة في تطبيق المعايير الاخلاقية البعيد عن السيطرة المباشرة للحكومات، كلما كان إسهامها في تعزيز بناء السلام اوسع واكبر، إذا لم تكن مخطئة في طريقة الأداء و الغرض.
عندما تدخل القنوات الاعلامية ضمن البرامج المتعلقة بالنزاعات ، فإن بإمكانها أن تسهم في بناء السلام، على شرط أن تكون قد اكتسبت مسبقاً سمعة جيدة وحازت على ثقة الجمهور ولا ينظر إليها كأداة للدعاية، ولها دور بناء  لا يُستهان به في تغذية أو دعم أو ظهور العنف والإرهاب والتطرف، فبعض وسائل الإعلام تتبنى منهج التطرف، وعدم احترام العقول والشعائر الدينية والاخلاقية، أو تسعى إلى زرع الفتن وإثارتها من خلال بعض البرامج أو الافكار والتهويل والتضخيم ،ولعل  من أبرز الاستنتاجات التي تم التوصل اليها هي الاهتمام  من قبل البعض من الفضائيات بالبرامج السياسية العامة، والموضوعات ذات الصلة ببناء السلام واتجاهاته بخاصة وهي مع الاسف قليلة ، وقد أكدت عليه نتائج التحليلات المضمونة ويعود ذلك الاهتمام حسب المعطيات العامة إلى الوضع السياسي الجديد الذي شهده العالم عامة ورافق ذلك من العملية السياسية بمعطيات ذات طبيعة أمنية واقتصادية.
ان التركيز الكبير عبر البرامج السياسية في القنوات الفضائية  بالقضايا ذات الصلة بالسلم المجتمعي وبناء الثقة بين مكونات الشعب العراقي أمر مهم في هذا الوقت ، وهو يجب ان يحتل المرتبة الأولى ضمن سلم الاهتمام والأولويات في هذه البرامج  فضلاً عن التركيز الكبير على قضايا ومفاهيم حقوق الإنسان في العراق والعالم بوصفها قضايا باتت تشكل أسس ومبادئ في العملية السياسية العراقية، وهو ما تجسد إلى حدود بعيدة عبر البرامج السياسية والثقافية .
ان التركيز عبر مضامين البرامج السياسية في وسائل الإعلام على الاتجاهات المختلفة مثل إرساء الأمن عبر محاربة الإرهاب والتطرف وسيادة القانون والمساواة تقود إلى البناء السليم للمجتمعات وحل النزاعات سلميا، وهو ما ينسجم مع التجاذبات السياسية التي يشهدها العالم والمنطقة الإقليمية في المجالات والقضايا ذات الصلة.
لعل الاهتمام بدور المراة في تحقيق السلام في المجتمع، هو ما يجب تجسد عبر البرامج السياسية التي تعرضها القنوات الاعلامية لتدخل في سياق النظرة الايجابية للنظام السياسي الجديد في العالم للمكانة المتميزة للمراة في المجتمع والدور السياسي الذي تلعبه،، وتشخيص مواقع الضعف والقوة لتقويم العمل وتفعيل الأداء.
نجد اليوم هناك صراعاً دولياً في عصر العولمة، وعصر القفزات الإعلامية الهائلة، مما يجعل الإعلام الدولي خاضعاً لسيطرة الأقوى و الأكفأ والأقدر مالياً وخبرة. مما يستوجب إعادة النظر في هيمنة أمريكا وبعض الدول على الإعلام الدولي وليس من الغريب في هيمنة الدول الغربية على محتوى الرسائل الاعلامية و التي تملك زمام أدوات الهيمنة الثقافية من وكالات أنباء ومراكز انتاج برامج تلفزيونية وأفلام سينمائية وأخبار صحافية عالمية ، وبالتالي إنّ الكثير من الرسائل الإعلامية التي تنقلها الدول المسيطرة على الإعلام إلى الدول النامية فيها من المحتوى ما يضر بقيم وثقافة الشعوب النامية، والمسمى بالغزو الثقافي سببه الخلل الحاصل في الإطار القانوني الدولي المتصل بالاعلام حيث أنّ التشريعات الدولية السائدة وتطبيقاتها تعطي النصيب الأكبر لعدد من الدول الراسمالية على حساب أغلبية دول العالم والتي تساهم دائماً في خلخلت السلام ومن هنا فلابدّ من تصحيح مسارات ضرورية في التشريعات الدولية التي تساهم في تهيئة الظروف عبر النشاطات المشتركة للمنظمات المتخصصة لتكفل تداول المعلومات تداولا حرا ونشرها علي نطاق أوسع وبصورة أكثر توازنا، وتهيئة الظروف التي تكفل حماية العاملين وغيرهم من المساهمين في الإعلام أثناء تأدية مهامهم. ولعل ان منظمة اليونسكو مؤهلة تماما لتقديم إسهام ثمين في هذا الميدان.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

33


مجلس نواب عراقي ام ورقة يانصيب..(2 )
تجاوز رئيس المجلس الصلاحيات
يتعرض النظام البرلماني في العراق لانتقادات شديدة على أكثر من مستوى وفي أكثر من مناسبة ولأكثر من سبب، ومن أهم عيوب  هذا البرلمان هي آلية اتخاذ القرار إزاء الملفات والقوانين المهمة التي تعاني من وجود أزمة ثقة بين الكتل البرلمانية الممثلة في البرلمان العراقي، والتي تخضع لحالة من الصراعات الحزبية داخل مجلس النواب والتي تعصف بمنصب رئيس المجلس بسبب الاختلافات التي تم اثارتها من قبل كتلته( السيادة) والانشقاقات داخلها ومحاولة فرض الارادات لقيادات الكتلة على الاعضاء،وخروج الرئيس عن النظام الداخلي في الصلاحيات بطرد الاعضاء دون الرجوع الى المجلس والتصريحات الخطيرة لرئيس مجلس النواب في الاردن حول الانبوب النفطي الذي يربط البصرة جنوب العراق بالعقبة جنوب الاردن  ووقع البلدان بشكل مبدئي في 9 أبريل/نيسان 2013، كفكرة تطرح للمناقشة و لدراسة مد هذا ألانبوب لنقل النفط العراقي الخام إلى مرافئ التصدير في ميناء العقبة، بكلفة إجمالية للمشروع قدرت في ذلك الوقت بـ 18 مليار دولار والذي هو لازال تحت الدراسة ولم يتخذ اي قرار بتنفيذه من عدمه، ولزم الصمت  في الحديث عن ميناء الفاو الكبيرالاستراتيجي الذي سوف يدر على العراق اضعاف ما يعطي ميناء العقبة من اموال لو انجز ويفتح ابواب افاق اقتصادية للاجيال القادمة  وموارد مالية كبيرة ولا يكلف حتى نصف ما قدر لانبوب العقبة اذا ما عرض للاستثمار ونقطة تحول لدور العراق الاقتصادي في المنطقة ، لكن الواضح أن الكثير من خبراء القانون والنظام السياسية العراقيين يعتقدون أن هذا المجلس عجز عن حل مشكلات العراق الداخلية ودار ظهره عنها، ومحاربة الفساد والضعف السياسي، وتشتت قوة السلطة وغياب المسؤولية، ناهيك عن اعتقاد الكثير من الأوساط أنه لا يتلائم مع طبيعة الوضع الاجتماعي السياسي العراقي الذي يتطلب مجلساً قوياً فاعلاً قادراً على اتخاذ قرارات تتناسب مع خطورة التحديات وصعوبتها، والمخاطر والتهديدات، الذي يتجسد بالنظام البرلمان الذي لم يتميز به طيلة الحكم في الدولة العراقية قبل عام 2003،ويعاب اكثر على النظام الحالي الذي اطلق عليه 'بالديمقرطي' و هذا الرأي هو للكثير من المحللين ورجال الدولة الوطنيين الغير عاملين والعاملين في مفاصلها الإدارية وقطاعات شعبية واسعة ان عمل المجلس لا يتناسب مع ضرورات المرحلة.
تختلف مسؤولية اعضاء المجلس و رئيسه مع غيرها من المسؤوليات المقررة مثل الوزراء اومع رئيس الحكومة والسلطة القضائية ، و السلطة التشریعیة ھو الافضل استخداما للتسمية كون ھذه السلطة تعد من السلطات المھمة داخل الدولة وھي مؤسسة دستوریة لھا اختصاصاتھا المحددة في تشريع القوانين وتجنب التدخل في شؤون السلطة إلا كمراقب في حالة الضرورة، وعضو البرلمان لا یعد موظفا عاما، وانما یعد شخصا ً مكلف بخدمة عامة، وھذا الشخص یتمتع بحقوق وامتیازات، وایضا یترتب علیه واجبات مقرر في النظام الداخلي للمجلس، وفي اطار ذلك یمكن أن یخل العضو بالتزاماته وصلاحیاته فیتعرض لعقوبات من داخل المجلس، ویمكن ایضا ان نسمي ھذه العقوبات بالتأدیبیة كون الغایة منھا تأدیب العضو من أجل حمله على اداء واجباته بأمانة ویعد تشریع القوانین من ابرز واھم ھذه الاختصاصات لذلك فلا ضیر من تسمیتھا بالسلطة التشریعیة، وھذا ما ھو معمول به والبرلمان كمؤسسة دستوریة تضطلع بمھمة اساسیة ھي سن القوانین المنظمة للمجتمع داخل الدولة ويقر او يرفض الاتفاقات الدولية لاي سبب يراه ولا يتدخلل في تنفيذه انما يتابع ،ومراقبة تطبيق تلك القرارات والقوانين وتتكون ھذه المؤسسة من مجموع من الاشخاص المسمین بالبرلمانین او اعضاء البرلمان المصوت عليهم بأسلوب الانتخاب في اختیارھم، ویعد ھذا الاسلوب ھو الغالب والاكثر وتعبیرا عن اردة الشعب بأعتبار أن اعضاء البرلمان یمارسون السلطة نیابة عن الشعب وكما وان هناك اختلاف في الية اختیارھم من دولة الى اخرى، بعض الدول تأخذ باسلوب التعیین والوراثة في اختیار ھؤلاء الاعضاء، وأخرى تأخذ والقاعدة العامة ھو عدم مسؤولیة العضو عما یصدر عنه في التقيم من افعال بأعتبار أنه یتمتع بحصانة برلمانیة منظمة وفق القانون تحول دون مسائلته على ان لا يمس فيه حقوق الوطن او الاساءته للمواطن. وصلاحيات رئيس المجلس لا تقر إلا بموجب نصوص صريحة تدرج في الدستور و واجب على عضو البرلمان اذا ما أنتھك العضو الدستور سواء من خلال ارتكابه جريمة ماسة بأمن الدولة الداخلي او الخارجي، او حالة الحنث عن الیمین الدستوریة، فإنه يسأل وفق القوانين المعنية او النظام الداخلي او القانون ويحدد مع الاختصاصات الممنوحة وعلى رئيس المجلس ان يتقيد بتلك القواعد وعدم الاخلال بها أو تجاوزها لضمان عدم الإساءة للسلطة وضمان عدم التدخل في الصلاحيات الغير الممنوحة له  للمحافظة على هيبته ومن الأفضل أن يلتزم بالمسؤوليات تلك وعدم خلق مشاكل تثير السلطات الاخرى.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

34
مجلس نواب ام ورقة يانصيب
مر على انتخاب مجلس النواب العراقي أكثر من  عام و فضّلوا مصالحهم الشخصية وأدواتهم الذاتية على مصالح شعبهم ووطنهم وأن تجربة العضوية في المجلس بالتأكيد كانت لهم مجرد ورقة يانصيب ليس أكثر، وسرعان ما التحق اعضائه في العطلة الفصلية 'أثر الجهد الجهيد من  السفرات الغير مبررة ' لابل مرّ عليهم وقت من الزمن كان مجلسهم في ميّتة سريريًا، وينتظر من يرفع عنه جهاز التنفس الاصطناعي الذي قد يطيل من ديمومته وإذا أفاق فهو في حالة  من اللامبالاة بالمهام التي يجب العمل عليه وخرج علينا في الأمس بجملة من القرارات تودداً بالشارع العراقي المظلوم التي كانت الحكومة قد طرحتها للرأي العام وعرضها في مزاد علني من قبل الأعضاء وترك الاعضاء موضوع الدولار وقيمة الدينار العراقي المتهاوي دون أن يضع في أولى اهتماماته موضوع تغيير سعر صرف الدولار وتأثيره على الشارع العراقي رغم أن متغيراته أثرت بنحو كبير على المواطن مع غلاء واضح في الأسواق  والوضع العام دون إيجاد سبيل من اجل تثبيته وكذلك تعديل رواتب المتقاعدين واصحاب العقود والتعينات ومحاولة خلط الأوراق بين السالب والموجب في موضوع النازحين والصحوات وغيرها من المطالب و.. الخ من الامور التي ادرجتها الدولة في مواد الموازنة لعام 2023 والتي تعمل عليه لإنجازها وتقديمها للمجلس للبث فيها وهي من واجباتها  للتبعات المالية و من صلب عملها  بدل اتخاذ الإجراءات اللازمة في سبيل إعداد القوانين التي وضعت على رفوف المجلس وهي من صلب عمله ولا يهتم الأعضاء بالمسؤولية التي أدوا القسم في سبيل العمل عليه ولعل الكثير من القوانين المهمة التي تهم المواطن  قد اصبحت طعمة للتراب  بسبب المناكفات ودون وجود الفاعلية المطلوبة للبت في تلك القوانين وهكذا هي الأمور في العراق اليوم  و عندما تتشابك الإرادات وتتصارع المحاور وتتداخل المفاهيم، لا بد أن تنتج هذه المُرّكبات والعناصر المختلفة خلطة عجيبة وغريبة ليس لها لون ولا طعم ولا رائحة، فكيف إذا كان هذا النتاج المبهم هو واقع حال السياسة في العراق، فكيف سيكون غير التشتت والفوضى وعدم وجود هوية وطنية توصل الشخصية السياسية العراقية إلى فئة رجل دولة، حتمًا ستنتج هذه الجدلية , ستفضي هذه المخرجات إلى نتائج كارثية، تجعل من ساحة السياسة العراقية مسرحًا للصراعات والنزاعات والاختلافات التي قد تُطيح بالدولة والوطنية وتوصلها إلى حضيض الهاوية كما نشاهده في واقع الحال دون وجود افق يحمل خيط امل.
من المعلوم ان التشريع يمثل الثلاث مراحل مجتمعة و المعروف أن الاقتراح هو أول الأعمال التشريعية  قبل التصويت عليه من قبل الحكومة اوعدد من النواب  ولا يكون لمشروع القانون أي وجود قانوني دون الموافقة عليه، بعد أن الاقتراح ويصبح مطروحا امام مجلس النواب ويجب على هذا الاخير ان يفحصه عبر لجانه ليقره كما هو أو يعدِّله أو يرفضه ويرى بعض الخبراء أن خير القوانين هي تلك التي تقترحها الحكومة وذلك لأن لديها من الوسائل الفنية والقدرات ما يمكنها من القيام بهذه الوظيفة افضل من النواب.ولكن الملاحظ ان مجلس النواب العراقي يغطي على فشلة في التسابق مع الحكومة في صياغت القرارات التي تتطرحها الحكومة الجديدة منذ تشكيلها وتنتظر اكمال الموازنة السنوية لتكون جزء من المصروفات التي سوف تنص عليها الموازنة لعام 2023 و العيب انه لم يتم تشكيل اللجان لتقسيم العمل فيما بينها حسب التخصص لحد الان و، الذي هو من واجبات المجلس  بتكوين اللجان التي تكلف وحسب اختصاصها في دراسة ما يعرض عليها من مواد وقرارات و تقص الحقائق في اي موضوع يتعارض مع المصلحة العامة ، أو فحص نشاط إحدى الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة أو وحدات القطاع العام أو المختلط أو المجالس المحلية' ويحق لاعضاء اللجنه المكلفة بالتحقيق الحق في جمع اية بيانات أو معلومات وسماع شهادة من ترى ضرورة سماع أقواله ، ويتوجب على كل الجهات التنفيذية والخاصة أن تعمل على مساعدة اللجنة للقيام بأعمالها ويتم ذلك بوضع كل ما تملكه من مستندات أو بيانات تحت تصرفها وتقوم اللجنة في نهاية مهمتها بتقديم تقرير عن العمل الذي قامت به وعلى ضوء التقرير يمارس المجلس اختصاصاته عن طريق التوجيه والمسائلة والإستجواب ،والتي تتمتع بأهمية كبيرة في المجلس ، وهذه الأهمية تنبع من تركيزها على مجالات عملها والقيام بالدراسة الفاحصة والدقيقة لما يدخل في نطاق عملها من موضوعات ، كما أن الحرية التي أعطيت لكل عضو في الانضمام إلى اللجنة أو اللجان التي يستطيع الإسهام في مجال نشاطها جعلت عمل هذه اللجان متسماً بأكبر قدر من المرونة والحيوية .. ونجد عند تقييم العمل النيابي فإن أحد المعايير الهامة يكون بتتبع نشاط اللجان الموجودة .. وذلك لان المناقشة المتخصصة والمتعمقة يكون مكانها اللجـان داخل المجلـس مع أصحاب الكفاءات والتجربة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

35

وسائل الإعلام ..سرعة التجديد والمخاطر
وسائل الإعلام غدت وسيلة هامة وشديدة التأثير في صياغة وبلورة الرأي العام وفقا لنظريات سياسية وثقافية محددة ومن أهم العناصر في المجتمع الإنساني وهي موجودة منذ أزمنة بعيدة ولكن بطرق وأشكال متباينة، وفي غمار ما نمر به من أحداث واضطرابات وموجات من التأثيرات في وقتنا الحالي أدرك كثير من الناس الفارق الكبير بين كيفية ادارة هذه الوسيلة قديماً وحديثاً ، ولعل هذا هو الدافع وراء طرح موضوع يعبر عن وسائل الإعلام الحديثة والقديمة بالعناصر و تعتبر هذه الوسيلة بالفعل اهميتها كبيرة في المجتمعات وذلك لانها تعمل على نقل الصورة عن الكثير من الأمور في المجتمع ان كان المجتمع المحلي والدولي وتعمل ايضا على تنوير الرأي العام بخصوص العديد من القضايا الهامة وهناك انواع كثيرة للاعلام مثل الاعلام المسموع والاعلام المرئي والإعلام الالكتروني والاعلام المقروء والإعلام الجديد يتسم بالسرعة في التغيير والتجديد، ولا يقف على أسلوب وحيد، كما أنّ الإعلام التقليدي أصبح اليوم أقل شعبية وأقل احترافية.
ان وظيفة الإعلام هي رفع الوعي والإدراك وتغيير السلوك ، وأصبح دوره كعملية اتصال يتكون من ستة عناصر لأي خطاب وهي: المرسل الذي ينشئ، والرسالة التي هي مضمون الاتصال "النص"، والمتلقي وهو هدف الرسالة "الجمهور"، والرمز وهو الطريقة التي يتم بها إعداد الرسالة، إلى جانب أداة الاتصال، وهي الوسيلة المستخدمة، ويرتبط ذلك بالسياق العام، وهو ما يساعد في فهم الرسالة على نحو أفضل من جانب المجتمع،
بلا شك أن وسائل الاعلام لها من الفاعلية الحاسمة في توفير المعلومة في الوقت الحالي والتي تصنع القناعات عند الجماهير سيما لها الدور بالدور الأهم في صياغة الصورة وتعديلها بما يخدم وجهة النظر التي تسعى لنشرها، كما أن لها أيضا دورا أساسيا في بلورة السياسات وصياغة القرار السياسي، عبر الأخبار والمعلومات التي يروجها الإعلام في هذا الحدث أو ذاك خاصة في ظل التحولات والتطورات التكنولوجية المتطورة في الاتصالات حيث الأقمار الصناعية واستخداماتها الايجابية  وكذلك السلبية التي تقوم على خلق تشوهات وإفراز إشكالات خطيرة تؤثر في وعي الجماهير ومواقفها السياسية من الأحداث. حينما تندلع الازمات غالبا في مناطق الهشاشة والبؤس تنهار المؤسسات في تعبئة الوسائل الإعلامية لمتابعة الأحداث تلك تحت مسميات مختلفة او مظلة حزبية أو من زاوية نظر طائفية،    أو تنفيذا لأجندة دوائر اقتصادية أو سياسية أو أيدولوجية و تتحول المنطقة المنفجرة إلى وجهة جاذبة لكبريات وسائل الإعلام المتصيدة التي تحوّل الحدث المحلي إلى شأن اكبر مهما كانت مساحة الحدث، والتي تثير تغطيتها انتقادات من نوع آخر أو آليات دعائية لفرقاء النزاع، تغذي الانقسام والكراهية. في المقابل، كشفت دراسات عديدة عن الطابع التبسيطي للتغطيات الدولية للأزمات التي عرفتها مناطق في إفريقيا وآسيا ووسط وشرق أوروبا. تغطيات تغذي المخيال الغربي البعيد عن حقائق النزاع، وتقدم وجبات دموية جاهزة لصناعة الإثارة، وتنزع إلى تقديم النزاعات الأهلية في صيغة صدام مسدود الآفاق. هذا دون إغفال الارتباطات التي تسم علاقة الإعلام الدولي بالقوى الدولية التي ينتمي إليها، في نقطة هي الأكثر خطورة للتأثير على المعنويات، يتم الحفر عميقًا في أساليب أكثر تأثيرًا لتبني سلوك معيّن، وهي تقنيات تذهب أبعد من إطلاق المعلومات الكاذبة واستخدامها في سياقات مضللة، حيث ينتهي دور الإعلام بمعناه الاصطلاحي كناقل للخبر أو ناقل للواقع كما هو، إلى إعلام يتم تأطيره وتوضع له أجندات ويمارس فيه التعتيم والتضليل أو الإغراق على مبدأ غوبلز أي التكرار والكذب حتى يصدق الناس وقد برز دور التضليل من خلال التحليل كأداة أساسية في الاستراتيجيات الإقناعية، وأصبح عدد المحللين حول العالم أكبر من عدد المراسلين، بل أصبح ثمة حاجة إلى أن يصبح المراسلون محللين بدورهم لتكتمل وجهة النظر المطلوبة وليس الصورة. ومن خلال التحليلات تنطلق الرسائل الموجهة على المدى الطويل " سوأً كانت منصات مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة والقنوات التلفزيونية الاخرى" .
 ان اي نهج اعلامي يتسم بالخلل والتشويه والتحريض بشكل عام على المناطق التي تواجه مشكلات خاصة يتطلب من كل مواطن حريص و واع مدرك لابعاد هذه الحرب الإعلامية  ان يوعي حقيقة أهدافها والقيام بتعرية هذا الإعلام الحاقد وكشف نواياها المعادية ، لقد تطور الإعلام في فكر التنظيمات المتطرفة، وذلك تبعا للتغير الحاصل في التطبيقات التكنولوجية، والتي أثرت دون شك في نمو واتساع تأثير ظاهرة التطرف والتشدد والإرهاب ولعل أهمها فرصة الالتحام بشكل مباشر مع الجمهور المستهدف من الشباب، وتعزيز فرص التجنيد والتعبئة والتأثير فيهم ومن خلالهم، وتوفير منصة إعلامية غير مسبوقة ورخيصة التكلفة، وإمكانية قبول مساهمات من أعضاء عابرين للحدود،الذي يتطلب من الجميع إدراك حقيقة هذا الإعلام والتوقف عندما ينشر ويبث من إشاعات والتحريض للنيل من كان من كان أو ذاك ونخص بالذكر هذه الأيام الشعوب المتمسكة بالثوابت الوطنية والقومية والمدافعة عن قضاياها، مثلما يتطلب من الجميع تمحيص الأخبار والتصدي للتزوير وفضح ابعاده وعدم السقوط في خديعة هذا الإعلام الضال والمضلل، و وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض لكونها لديها القدرة على جعل المذنبين أبرياء وجعل الأبرياء مذنبين، وهذه هي السلطة؛ لأنّها تتحكم في عقول الجماهير.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

36
نظرية الأمن .. والمنظومة الوطنية
تُعَدّ المعضلة الأمنية أحد الظواهر السياسية التي تخضع لقانون التغير والتفاعل المتبادل مع غيرها من الظواهر وكلمة الأمن لها معاني عديدة في اللغة وجميعها تتفق على أن الأمن هو تحقيق الطمأنينة والسكينة والاستقرار لكل من الفرد والمجتمع عامة ، يعني عدم الخوف من أي تهديد للفرد داخل مجتمعه والدول إذا لم توفر الأمن الداخلي والخارجي  لاي دولة فأنها لن تتقدم ولن تنهض و لا تتطور وسيكون الخوف هو أحد سمات مواطنه ، وبالنسبة للمعنى الاصطلاحي لكلمة الأمن فهو مجموعة من الإجراءات الأمنية التي يتم إتباعها لحماية الدولة بجميع أجهزتها مع تأمين المنشآت والمصالح الخاصة بها والعمل على حماية مواطنيها سواء كان ذلك داخل الدولة أو خارجها.
الحياة قد تطورت من حولنا و تم استحداث أسماء كثيرة للأمن ومنها الأمن الدولي والأمن الفكري والأمن القومي والأمن المائي و الأمن الإقليمي وغير ذلك من مسميات بكثرة الدراسات التي عالجت الظاهرة، لا يزال مفهوم الأمن يثير اهتمام الباحثين في المسائل الأمنية، ولا يزال الخلاف مستمرًّا بشأن المرجعية ووحدة التحليل التي تنطلق منها المقاربات الأمنية، على الرغم من الإجماع حول أهمية وضرورة الاهتمام بالمسألة الأمنية .
أن أهمية دراسات الأمن تكمُن في قدرتها على تحديد عناصر الضعف الإستراتيجي ، من أجل العمل على تخطيها عبر اتخاذ إجراءات وقائية تضمن ألّا يكون ذلك مصدرًا لإشكاليات داخلية أو خارجية وقد تكون مُدمِّرة و للأمن الوطني مفهومان، أحدهما ضيق، يقتصر على حماية التراب الوطني، وكيان الدولة، ومواردها من الأخطار الخارجية، والثاني أوسع، يمتَدّ من الجبهة الداخلية، وحماية هوية المجتمع وقِيَمه، ويؤمّن المواطن ضد الخوف والفاقة، ويضمن له حدًّا أدنى من الرفاهية والمشاركة السياسية
رغم إن تأثير وسائل الإعلام على الأمن وإن اختلفت وسائله التقليدية؛ إلا ان تأثيره على الجمهور كبير وبلا شك فقد احدثت ظهور وسائل الإعلام الجديدة تحوًلا نوعي ادا الى تحديات وتهديدات على الأمن وفي المجتمع، حيث خلق عدى الاختراق الإعلامي، والغزو الثقافي، الحرب النفسية، والدعاية المضللة، ولعل أهم مهددات الأمن الناتجة عن تأثير الشائعات تتمثل في مجالات عدة من أهمها نشر ثقافات مختلفة، مثل ثقافة العنف والإرهاب، وروج لثقافات جديدة مثل ثقافة إسقاط الأنظمة، وثقافة خلق الفوضى، وثقافة خلق الفتنة الطائفية وتأجيجها، وذلك من خلال مداخل متباينة لتدمير النظام القيمي وتهديد السلم الاجتماعي، والعمل على هدم الروح المعنوية من خلال نشر مشاعر الإحباط، فضًلا عن خلق حالة التشكيك في مؤسسات الدولة ورموزها.
لم يقتصر مفهوم الأمن على الإجراءات التي تتخذها الدولة فحسب؛ بل شمل وامتد لمعاٍن جديدة، مثلما يعرف بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والغذائي؛ فالأمن في مفهومه الواسع لا يمكن أن ينحصر في مجرد التحرر من التهديد العسكري الخارجي، كما يمكن تحديد مفهومه بسلامة الوطن وأراضيه وسيادته، وإنما امتد إلى آفاق تشمل معاني الاستقرار السياسي والنفسي للمجتمع؛ حيث إن الأمن يرتبط بعلاقة ديناميكية جدلية بين الاستقرار الداخلي والعدو الخارجي، ولا يمكن الفصل بين الأمنين الداخلي والخارجي.
تختلف نظريات الأمن حول كيفية تحقيق أمن الدولة، بين: الأمن من خلال الصراع، والأمن من خلال التعاون الدولي ، وتنطلق النظرية الأولى من مفهوم القوة وضرورة العمل على ازدياد قوة الدولة باستمرار، وأن مصالح الدول من خلال حماية الأمن القومي تكون من خلال القوة والصراع وغاياتها المختلفة فيما بينها، أما النظريات الثانية فلا ترى حتمية تناقض الأهداف بين الدول المختلفة، وتنبه إلى الآثار المترتبة على الاستمرار في عملية تراكم القوة وما قد ينشب من حروب وصراعات بسببها، وأنه يمكن تصور تحقيق الأمن من خلال التعاون الدولي، وهذا هو الأساس النظري لمفاهيم الأمن الجماعي وضبط السلاح أو الحد من التسلح .
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

37

العلاقات السياسية  و المنظومة الدولية
إن عالمنا يمر بتغييرات سريعة تقربه أكثر وأكثر نحو ما أطلق عليه بعض ب'القرية العالمية' نتيجة التغير الحاصل في تقدم الاتصالات وسرع التواصل حيث لا تحتاج الا للضغط على زر بسيط ثم ترى ان المعلومة قد وصلت الى المقصد في رمشة عين او ثواني معدودة ، لقد كانت المجتمعات البشرية قديمًا قائمة على الانتقال والترحال في شكل قبائل وجماعات؛ وكانت البشرية  تبحث بشكل دائم عن أماكن توفر الماء والطعام؛ لذا فلم تكن هناك بالنسبة لهم أراضٍ محددة أو ثابتة للاستقرارعليها والعيش فيها كما نشاهده اليوم، ولم تكن تلك العلاقات يوماً مستقرة، ففي أوقات كثيرة كانت تتسم بالسلم، وأوقات أخرى تشهد ظروفاً غير مستقرة وحروباً وثّقتها أحداث التاريخ حتى يومنا المعاصر وقد بدأت الحضارات القديمة لدى المصريين والإغريق في تشكيل ما أصبح يعرف الآن بالدولة؛ حيث أصبح هناك حكام يقومون بفرض القوانين وتعيين الموظفين لتطبيقها، بالإضافة إلى تكوين الجيوش لتتمكن من التصدي إلى أي عدوان.،
لقد عاشت الحضارات والشعوب أغلب حقب التاريخ في معزل عن بعضها البعض في حين قد صارت الآن تتعامل وجهًا لوجه على أساس متطلبات اليوم. ولكن للأسف، فإن التقدم الاجتماعي ونمو الحكمة والفهم لم يكونوا على قدم وساق مع  هذا التطورات ولذلك نشاهد ان العلاقات العالمية ليست مكانًا سعيدًا يتمتع بالسلام ، و المنظومة الدولية هي عبارة عن مجموعة من الوحدات السياسية المستقلة حيث يجب ان تتفاعل هذه الوحدات فيما بينها بانتظام و من أجل أن تكون هناك منظومة دولية سليمة لابد من وجود مجموعة من الوحدات المستقلة تعمل جميعها وفق مبدأ الاعتماد المتبادل فيما بينها.
لقد حان الوقت الان لهذه المنظومة الدولية ان تتشاور فيما بينهم والتفكير في المستقبل لان الوعي والادراك اصبح اكثر نضجا في عالمنا اليوماً وضرورة التخلي عن التسيد و الحروب والازمات بالحوار، وتبنى  العلاقات الدبلوماسية بين الدول ضمن إجراءات وقواعد محددة يلتزم بها الاطراف حيث يستمر العمل على بناء علاقات متينة متبادلة وتطوير المصالح المشتركة على الاصعدة المختلفة الاقتصادية والسياسية والإيديولوجية والقانونية والدبلوماسية ما بين تلك الدول أو منظمات الدول ومابين الطبقات الأساسية والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحركات الشعبية التي تؤثر بوجودها على الساحة الدولية ، وتختلف العلاقات الدولية عن مفهوم السياسة الخارجية التي تمثلها القرارات التي تتخذ لتحقيق الأهداف الدولية الخارجية.
 تقوم العلاقات الدولية على نوعين من أنواع السلوك، أحدهما الأفعال التي تتخذها الدول، مثل قيام إحدى الدول بغزو عسكري، أو اتخاذ قرار بمقاطعة اقتصادية تجاه إحدى البلدان، أو تحالف بين مجموعة من الدول. أما النوع الثاني من أنواع السلوك في العلاقات الدولية، فهو ردود الأفعال بين الدول على قضايا ومواقف معينة.
تتمتع الدبلوماسية بامتيازات حصانة دولية تمنع اي طرف التجاوز على أفراد الجانب الآخر لحماية الأشخاص العاملين  وضرورة البحث عن استخدام الإمكانيات المتاحة في تطوير العلاقات بينهم ، وواجب هذه الدول الامتناع في علاقاتها عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي نحو آخر يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة ، ويشكل مثل هذا التهديد باستعمال القوة أو هذا الاستعمال لها انتهاكاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، وتترتب عليه مسؤولية دولية.
تحاول "الدول الكبرى والعظمى" كما تسمى اتباع سياسات عديدة مثل سياسة فرق تسد في سياسة شد الأطراف وسياسة الإدارة بالأزمات؛ بهدف منع قيام وحدة بين تلك الدول والعمل على وجود توتر دائم في علاقاتها ببعضها البعض، وذلك بالرغم مما لديها من عوامل ومقومات مشترکة للاتفاق والوحدة. کما تهدف القوى العظمى والإقليمية إلى بقاء تلك الدول في حالة من الضعف، واستمرار حاجة تلك الدول سواء العربية أو الأفريقية إلى تلك القوى العظمى والإقليمية. السياسة لا تقف عند الشعوب وحقوقها كما أنها لا تقف عند المبادئ والقيم، إنما هي مصالح متبادلة بين الأطراف الحاكمة تتغير وفقًا لتغير الظروف، وهنا يبدو أن دول الشرق الأوسط تتجه نحو تصفير المشاكل  فيما بينها دائما ولكن الشيطنة الاستكبارية تقف حائلة بين ذلك في ظل توالي الأزمات العالمية الكبيرة وتغير الظروف والأحوال، لكن لا يعلم ما إذا كانت هذه المصالحات السياسية كفيلة بأن تهدئ المنطقة المشتعلة منذ زمن بعيد.
الصراع السیاسی قد يتخذ صورة صراع عنیف، ويقصد به الحرب أو الصراع المسلح الذی تلجأ فیه  الدول إلى العنف والقتال دفاعا عن مصالحها الحیویة، وقد أخذ صورة صراع غیر عنیف، وهذا یشمل کافة أشکال الصراع الأخرى بخلاف الحرب، بوسائل التنافس السلمی کالدیبلوماسیة بصورها المختلفة، وإجراءات القسر الدولیة الأخرى باستثناء الاستخدام الفعلي للعنف أو القوة المسلحة.
يضطلع بناء السلام بدور مهم في تعزيز الإستقرار الإجتماعي. فيعي العامِلون في المجال الإنساني التوترات التي قد تنشأ بين الدول والمجتمعات  والتركيز على مقاربات بناء السلام التي تساعد البرامج التنموية والإنسانية على ضمان إسهامها في التماسك الاجتماعي بدلاً من مفاقمة النزاع عن غير المقصودة منها.
أما الحوارات الوطنية تستلزم بحكم التعريف، نقاشات واختلافات وطروحات متقاطعة وأفكاراً متنوعة وربما متناقضة. كما أن الانفراج السياسي يعني بالضرورة طرح قضايا سياسية ومشاغل عامة واستيعاب لكل الآراء والاتجاهات. ومن منظور عملي محض، لا يمكن القيام بأي انفتاح من دون مشاركة وتمثيل لكل القوى والتيارات، من دون استثناء. وبالفعل على الشمول المطلق بنص مكتوب يدعو بذاته إلى التفكير مليّاً وضرورة التأكد من صديقته. فما أسهل تطويع الشمول وتطبيق 'عدم الاستثناء' بانتقائية، استناداً إلى نصوص كثيرة حاكمة تُجرّم التعامل مع هذا الطرف أو ذاك الشخص، لأسباب قانونية ودواعٍ 'وطنية' أيضاً.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

38
العلاقات العراقية - الكويتية وازالة التراكمات
=========================
الأزمات الخليجية ما تزال تحمل بين طياتها الكثير، تارة يحتدم الخلاف، وأخرى يقترب فيها التصالح، حتى لو كان رياضيا ، ورغم ان انفراجة داخل صناع القرار الخليجي، يأتي في ظل تخوفات عربية من توترات إقليمية قد تطيح بغالبية مناطق الشرق الأوسط، لا سيما بعد الأحداث المستمرة التي شهدتها المنطقة من تهديدات والتي قد تتجاهلها هذه الدول،والعلاقات العراقية -الكويتية جزء مهم منها ويبقى مستقبلها  في حالة من التعقيد  و متأثرة بتراكمات المرحلة السابقة في ظل وجود واستمرار القضایا العالقة بینهم وملتبسة على صعید العلاقات الإقلیمیة في منطقة الشرق الأوسط، و مرهون بطبيعة التعامل مع التطورات الحاصلة على الصعيد المحلي والإقليمي بعد ان أصبح لها جذورها التاریخیة و یدخل في دوامة الصراع المقيت الفاقد للهدف، ومدى ارتباط هذه التطورات بالقضايا الخلافية العالقة بین البلدين والتي لا يمكن الحديث عنها إلا من خلال تناول احتمالات حل هذه القضایا والوسائل الممكن اتباعها لتهميش هذه القضایا في بناء العلاقات المستقبلية بين البلدین، وخصوصاً في ظل تأثير تواجد الولايات المتحدة الامريكية العسكرية والسياسية في العراق التي ترغب في تقیید قدرات العراق الصاعدة لحین تأمین مصالحها الاستراتیجیة سواء من حیث الوجود المباشر أو من حیث الاستثمارات والذي فرض واقعاً مستهتراًعلى الساحة العراقیة وله بالطبع امتدادات فیما یتعلق بعلاقات العراق الإقلیمیة والدولیة.
لقد واجهت هذه العلاقات توتراً ملحوظاً منذ عقود طويلة وتحدیداً منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وما فيه من سنوات بتأثيرات خارجية مثل بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية، و شهدت اموراً أكثر تعقیداً من أي خلافات بین دول متجاورة أخرى نتيجة عوامل داخلية وخارجية معقدة جداً.
اشتدت التوترات بعد قيام النظام الجمهوري في العراق عام 1958 وزوال النظام الملكي الهاشمي في العراق، وظهر ذلك جلیاً من خلال دعوة الرئیس العراقي الوطني الراحل عبد الكريم قاسم عام 1961 لضم دولة الكویت التي تدعي ' كونها لم تكن جزء من الدولة العثمانية' وحاول غزوها واحتلالها إلا أن التدخل البريطاني وجهود جامعة الدول العربية آنذاك حال دون تحقيق ذلك ، إلا أن المطالبة العراقیة بدولة الكویت ظلت تمثل هاجساً للأنظمة السیاسیة العراقیة المتعاقبة وصولاً إلى تقديم الدعم الكامل لنظام المجرم صدام حسین في الحرب العراقية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية  والذي قام باحتلال دولة الكويت عام 1990 متحدیاً العالم كله، واشعل مرحلة جدیدة ومعقدة جداً من الخلافات الكویتیة العراقیة بعـد انتهـاء الحـرب العراقیـة الإیرانیـة فـي 8/8/1988 وبدأت بوادر أزمة ترسـم الحـدود المتكررة بيـن البلـــدین تتصـــاعد لنظرة الكويت التوسعية . وكـــان خـــروج العـــراق مــن الحــرب محمـــلاً بـــدون باهظـــة ومشكلات اقتصادية واجتماعیة، سبباً لتزايد حدة الأزمة بين العراق ودولة الكویت، وبدأ العراق یطالب دولة الكويـت بـ دفع مساعدات اقتصادية له وتأجير بعض الجزر الكویتیة كمنفذ تجاري ومائي علـى العـالم، إلا أن دولـة الكويت رفضت بشدة المطالب العراقیة.
وما زاد التوتر تصعيداً هو احتلال العراق للكويت في عام 1991 بأوامر من رئيس النظام البعثي، والخلافات  بين البلدين حول مجموعة كبيرة من القضایا التي أضافت تعقیداً جدیداً للقضايا الخلافية السابقة، فبعد أن كان العراق یتهم دولة الكویت باستغلال انشغاله بالحرب على إیران لسرقة نفطه ومحاولة التلاعب بالحدود بين البلدین، ظهرت مشاكل أخرى بین البلدين وأمها إشكاليات ترسيم الحدود و الحقول النفطية المشتركة. وكذلك التعويضات المالية العراقية لدولة الكويت عن الاحتلال، إضافة للمشكلة القدیمة المتمثلة بالدیون الكویتیة للعراق إبان الحرب مع إیران وأخیرا الأسرى والمفقودين نتيجة للاحتلال العراقي.
لقد تراكمت هذه القضايا الخلافية دون أية محاولة لإيجاد حل لها حتى قیام الولایات المتحدة الأمریكیة باحتلال العراق عام 2003. وهنا استغلت الكويت ضعف السلطة الحاكمة في استغلال العلاقة مع الولايات المتحدة وقربها منها  لاطلاق مشروع مبارك الكبير والمثير للجدل على جزيرة بوبيان ، ويقول الخبراء ان هذا الميناء سوف يؤدي الى حدوث تداعيات كبيرة سلبية خطيرة على الموانئ العراقية ويمثل الميناء موقعاً جغرافياً حيوياً في شمال الخليج بالقرب من السواحل العراقية عند مصب شط العرب وعلى زاوية الحدود العراقية – الكويتية المتزايدة الاهمية لوقوعها على قناة مرور ناقلات النفط التجارية الى الموانئ العراقية ومحاولات ايقاف العمل بمشروع ميناء الفاو الكبير بمغريات تقدم للمشاركين في عملية مناقشة الموضوع وكذلك لترسيم الحدود لفرض الكثير من إرادتها ورفضها النظام الجديد وفي الحصول على مكاسب وشراء ذمم البعض من المسؤولين المبعوثين لمناقشة المشاكل العالقة واسكاتهم بتبريرات واهية والتماطل في إيجاد الحلول ،
وجاءت قمة التأزم بالعلاقات الكویتیة مع العراق الجدید عام 2011 مع إعلان دولة الكویت نيتها بناء هذا الميناء الذي رأت فیه العراق اعتداء ً كویتیاً على الممرات البحرية المؤدية للموانئ العراقية (مع العلم ان السواحل الكويتية تبلغ 500 كم في حين ان السواحل العراقية لاتزيد عن 50 كم) وطلبت العراق رسمیاً وقف العمل بهذا الميناء والذي راي العراق إغلاقــاً لأي فرصــة الوجــود منفــذ بحــري عراقــي علــى الخلــیج مستقبلاً وهو الأمر الذي ثارت حوله إشكاليات عديدة وصلت إلى حد إطلاق تهديدات عراقیـة لدولـة الكویت، كما أخذت مجموعة من النواب العراقيين وبعض المسؤولين العراقیین على عاتقهم شن الحـرب الدبلوماسـیة والإعلامیـة فـي محاولـة لتعطیـل المشـروع ،إلا أن الكویت أعلنت استمرارها بالبناء باعتبار المیناء يقام على أراضي الكویتیة ولا يسمح للعراق بالتدخل في السیادة الكویتیة على أراضيها.
ولابد الكویت والتي تتميز ازماتها  بالركود بتوافر البیئة الإقلیمیة الدافعة بهذا الاتجاه أولا والعامل النفسي وتأثیره في منظومة صنع الفعل الاستراتیجي من قبل الكویت باتجاه العراق، ان إدراك حقیقة خطورة هذا العمل  والحفاظ على الجوار الجغرافي والروابط التاریخیة والحضاریة والعلاقات العشائریة والقبلیة والأواصر الاجتماعیة من الزواج والمصاهرة والنسب والقرابة منذ عقود طویلة عبر التاریخ لا یمكن لهما بأي حال من الأحوال سواء جاءت هذه الحكومة أو تلك، أن یبقیا البلدین على طول المدى في حالة تجاذب سیاسي وتنافس اقتصادي وتوتر حدودي وخلاف مالي، وعليها ان تدرك التطورات الخطیرة المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والوطن العربي مع هبوب ریاح والعواصف الخارجية والتي قد تصل لها  وقد تحمل في طیاته مفاجآت لا تستثنى أحدا من الأنظمة السیاسیة القائمة في المنطقة،ويجب التحرك بأتجاه بشكل مطرد نحو المزید من الترابط والتعاون على كافة الصعد السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة و إن الأمن الخلیجي یرتكز على مجموعة من التحدیات منها تحدي استقرار العراق وانعكاسه على فاعلیة الأداء في العلاقات الكویتیة العراقیة ، وهناك فرصة للدولتین بأن یتخلصا من الإرث التاریخي الذي لوث علاقتهما وینظرا إلى المستقبل بنظرة تفاؤل وخصوصاً أن المنطقة العربیة تعیش حالة مخاض ولعل تجربة العراق الدیمقراطیة تتحول إلى مثال یفرض نفسه ومن هنا أن هنالك ضرورة لاستقراء واقع العلاقات مع العراقیة خلال المرحلة الحالیة من قبل الكويت ودراستها بواقعية تحافظ على مصالح البلدين الشقيقين.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

39
لا تضيع الوقت إنما احرص عليه
أن الحرص على الوقت والاستفادة منه واستغلال لحظاته وثوانيه فضلًا عن ساعاته وأيامه من علامات التيقظ، وأسباب النجاح والفلاح و أن كل يوم يعيشه في هذه الحياة غنيمة يجب أن يظفر بها وأن يحسن التعامل معها، وينبغي العناية بالزمن وملئه بالعمل حتى لا يوجد فراغ ، فالفراغ داعٍ إلى الفساد ، والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلت بالمعصية  وإن وضوح الهدف ، ومعرفة أهمية الوقت ، سبب لاستغلاله ، فعليك بترتيب وقتك وتنظيمه واستغلاله بأن تجعل لك جدولاً يومياً وأسبوعياً وخلال الإجازات لكي تستغل وقتك على الوجه المطلوب و الزمان هو ما  نقيسه ونحسبه ونستعمله في حياتنا من الزمن، ويشمل ذلك الوقت والمدة وغير ذلك، مثل قولنا سيأتي زمان يحدث فيه كذا وكذا، يعني الزمان هو ما نحدده ونستعمله، بينما الزمن ما نستشعره  في كل لحظة بوعينا دون تحديده واستعماله ، المهم أن تحدد أهدافك و تسخِّر لها جميع قدراتك و الأهم أن تحدد إطارًا زمنيًا لهدفك فذلك يشعرك بضرورة الالتزام به و إنجازه و أهمية ذلك الوقت وأنك لو أخبرت شخصًا لا ينظِّم وقته عن ضرورة علمٍ معينٍ أو خطوةٍ معينةٍ يتوجب عليه القيام بها لأجاب بأنَّه لا يوجد وقتٌ كافٍ ذلك لأنَّ عقله اعتاد إهدار الساعات و الأيام بين ألعابٍ فارغةٍ و تُرَّهاتٍ و مواقع التواصل الاجتماعيَّة بمتابعة أمورٍ تافهةٍ و مشتتاتٍ لا تعد و لا تحصى.
الزمن هو نعمة مثل نعمة المكان. هو رأس المال الحقيقي الذي يملكه كل أنسانٍ على وجه الأرض و أيُّ نجاحٍ يسجل كَبُر ذاك النجاح أم صَغُر فهو يعود لاستغلال الوقت استغلالًا جيدًا فمن خلاله يكون قادرًا على تحقيق تجارةٍ عظيمةٍ إمَّا علمٌ معيَّنٌ أو خبرةٌ معينةٌ و القائمة تطول كلٌ حسب هدفه.• الليل لمن أراد أن يقوم ويتوب إلى الله. • عمر الإنسان فيه مرحلة الضعف والصبا ثم مرحلة القوة والنشاط ثم مرحلة الكهولة والضعف والشيبة ثم يصل إلى الموت، وهذه المراحل فيها عبرة وتذكي وهو سلسلة متصلة تفتقر إلى الأبعاد المكانية ويعني تقدم الأحداث بشكلٍ مستمر، وإلى ما لانهاية، بدءً من الماضي مروراً بالحاضر ووصولا إلى المستقبل، ربما يكون الوصول إلى تعريف معين للزمن، هو من أعصى التعريفات، حيث أن الزمن غالبا ما يتم الشعور به، أو يتم تخمينه، و له أهمية فلسفية، ومكون من نظام القياس المستخدم لتسلسل الأحداث، لمقارنة فترات الأحداث والفواصل بينهما، ولتحديد حركات الأشياء، و كان  موضوعًا رئيسيًا للدين والفلسفة والعلوم، لكن تحديده بطريقة غير مثيرة للجدل، ينطبق على جميع مجالات الدراسة ظل بعيدًا عن أعظم العلماء، الزَّمَنُ والزَّمانُ اسمٌ لقليل الوقت وكَثيره، وفي مُعجَم المُحكم: الزَّمَنُ والزَّمانُ العَصْرُ والجمع أَزْمُن وأَزْمان وأَزْمِنة. والزَّمانُ زمانُ الرُّطَب والفاكهة وزمانُ الحرّ والبرد، أي الزمان فصل أو فصلان أو فصول من السنة، ويكون الزمانُ شهرين إلى ستة أَشهر. أمّأ الدَّهْرُ فلا ينقطع ؛ قال أَبو منصور الثعالبي: الدَّهْرُ عند العرب يقع على وقت الزمان من الأزْمنة وعلى مُدَّة الدنيا كلها ، قال: وسمعت غير واحد من العرب يقول: أَقمنا بموضع كذا وعلى ماء كذا دهراً وإن هذا البلد لا يحملنا دهراً طويلاً، والزمان يقع على الفَصْل من فصول السنة وعلى مُدّة ولاية الرجل وما أشبهه. والساعةُ جزءٌ من الزّمان كقولكَ: قعدتُ عندَك ساعةً، إِنما تُريد جزءاً من الزمن وإِن لم يكن ساعةً حقيقةً.
وإذا قيل: إن بين الزَّمَن والزّمان فرقاً فلا يُتصوّر ذلك إلاّ إذا عَددْنا الزّمانَ ما يُقابلُ المَكانَ ، أما في المَعْنى فلم يَردْ في حدود علمي فرقٌ يُميَّزُ به بينَهُما،اما عند البعض الاخر فالقول في ان  الزمن والزمان هناك فرق في معنا كل واحد منهم عن الاخر،و في النهاية إن كنت حديث العهد في تنظيم وقتك بشكلٍ جديّ فلا تمل إن أخفقت في البدايات فالأمر حقيقةً يحتاج إلى تضحيةٍ و مكابدةٍ،و مع الإصرار و المحاولة ستصل إلى مبتغاك بإذن الله و لك في قصص صحابة رسول الله والائمة الاطهار و الصالحين منهلُ تنهل منه القوة الكافية و الدافعة للاستمرار.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

40
المنبر الحر / دعاء وهمسة شوق
« في: 11:27 29/12/2022  »
دعاء وهمسة شوق
عام آخر سيرحل ، في كل صباح ، نهمس في اذان بعضنا البعض مع الصباح بمعنى ،الليل أطول شيء حين نفقده والليل أقصر شيء حين نلقاه، .ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى ،إننا ننسى بلا بكاء ما رحل عنا شيئا فشيئا،من جديد زقزقة العصافير تغرد لنا بأجمل الأناشيد، لتيقظنا لنرى العالم المضئ،ولا يمكننا الاستمتاع في الصباح لأي موسيقى تطريبية من غير القهوة و نقدم عبارات عن الصباح والحب كم أن المصباح يضيء لنا الدنيا، بعد ليل طويل من الظلام صباح أمل وشروق ندى. يحمل الينا الحب والطاقة.. نتحدث معا عن طموحاتنا .. قد تكون همسة حب .. همسة عتاب.. همسة شوق .. همسة ندم على خطأ عملناه ، لتصافح اقلامنا البهية مبدعنا الرائع ،عين على جدارية التسامح والعفة والنقاء نكتب من النثر قد يكون دعاء .. رجاء .. ألم .. أم قد يكون شعر .. حكمة – نصيحة .. توجيه -قد تكون- وردة عشق .. بيضاء - إبتسامة صادقة ،لحظة تأمل توقفنا في هذا الفاصل الحاسم من لحظات الزمن الذي يمضي من حياتنا مسرعا بإحداثه ويومياته و ساعاته ولحظاته بخيرها وشرها دروس وعبر.. نطوي صفحات ما مضى .. لنبدأ بعمر جديد، نستقبل يوم ونودع عام اخر.. بداية ونهاية.. شروق وغروب .. خريف و ربيع .. شتاء وصيف … لا سبيل إلى السعادة في الحياة إلا إذا عاش الإنسان فيها حرّاً طليقاً من قيود الشهوات وأسر الغرائز والهوى ، يوم فما بين أمواتٍ يرحمهم الله ودَّعناهم بالأسى، وقتلى وشهداء شيَّعناهم بالحسرة ، داهمتنا نكباتٌ وابتلاءاتٌ قابلنها بالحوقلة والإحتساب، وردود افعال ، التي تخفف من وطأتها ، لمرضاة ربِّنا ، و قدَّمنا ما بوسعنا ، وشكونا أمرنا صادقين إلى مولانا وخالقنا .نودع عام اخر،وقد شهدنا أيام في ظل التوتر والأوضاع الصعبة التي تشهدها الحلبة السياسية المحلية والعالمية التي تمر بأزمات وتحديات عديدة وعسى أن يبزغ فجر جديد يبشر بغد ملؤه الأمل والاستقرار وتحقيق العدالة. مع كل هذا، دعونا نتطلع الى اليوم الجديد بشيء من الأمل. دعونا نأمل ان هذه اليوم يوم للتطورات الايجابية تتعزز في غدنا القادم ، وسوف يكون له مردوده وتأثير تطوره الايجابي على جميع الصعد . في كلّ يوم نستقبل يوماً جديداً بفرحةٍ وسعادة ننتظره بفارغ الصبر لكي نتوكل على الله الواحد الاحد ، نحدد فيه أوقاتنا ونستثمر حياتنا فيما ينفعنا ، ونودّع يوم مضى على أمل أن يكون القادم أفضل ، يفيض فيه الخير، وتتحقّق فيه كلّ الأمنيات ،الوقت لم يمضي مازال قائماً.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

41
"قمة بغداد للتعاون والشراكة"بنتائجه لا خطاباته
من المعلوم أن المؤتمرات والقمم اليوم لا تغدو كونها اجتماعات الهروب من الداخل الي الخارج ليس إلا للمسؤولين دون نتائج تذكر وخطابات لا تخلوا من المجاملات واللقاءات الثنائية البعيدة عن الأهداف المدعوة إليها.
ان النصر الذي حقق العراق يعتبر تاريخيً على مجموعات داعش الارهابية بعد ان قدم تضحيات كبيرة دماء طاهرة ويستحق هذا البلد كل تقدير ليس في سبيله لوحدة بل حمى المنطقة بالكامل من شر هذه الفئة الضالة المجرمة التي دعمت من قبل بعض الحكومات العربية الشوفينية رغم خطورة هذه المجموعة على الإنسانية قاطبة ، وشكل هذا الانتصارطعنة كبيرة في خاصرة التطرف والإرهاب بكل أشكاله ويتطلب جهود لاستمرار العمل في البناء واعادة ما خربه في المناطق المنكوبة منها.
 لم يشهد بلدنا هدوءا أمنيا أو سياسيا طيلة 19عاماً الماضية بسبب التهديدات التي فرضت عليه من الخارج خوفاً من ديمقراطيته رغم مرضه وعدم ثباته ، مع تصاعد مطرد وحاد في الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية جراء تفشي الفساد المالي والإداري والسياسي في البلاد، فالتحركات الشعبية المطالبة بتصحيح الأوضاع والتخلي عن النظام السياسي الذي أثبت فشله وأدخل البلاد في دوامة من عدم الاستقرار، أي نظام المحاصصة الطائفية، والتحركات الشعبية لم تنزل إلى الشوارع في الفترة الماضية، ليس لأن الأوضاع جيدة بالنسبة إلى العراقيين بل انعدم قدرت النظام بعد عام 2003 اثر سقوط نظام البعث من تقديم ما يستحقه الشعب العراقي الصابر رغم كل الامكانيات المتوفرة من خيرات وطاقات مختلفة ومتنوعة ودرت بالمليارات من الدولارات على الميزانيات السنوية دون اي اثر على الوضع العام  وشهد تحديات عديدة، تتمثل بإشكالية الشرعية السياسية، التي هددت وما تزال تهدد توازن واستقرار النظام، وغياب الهوية للمشروع الوطني الذي يؤطر السلوك السياسي لجميع القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية سواء على مستوى علاقات مؤسسات النظام السياسي، أو في علاقة المؤسسات بمنظمات المجتمع المدني، وفي مستقبل جمهورية العراق، لضمان قدرة من الاستمرارية والتوازن لدولة المؤسسات في مواجهة تحديات وتداعيات الاحتلال والتفكك وعلى ضمان العدالة في توزيع الثروة والموارد، وفشله في ضمان حقوق الإنسان والديمقراطية، وعجزه عن تحقيق التداول السلمي للسلطة، واعتماده على أيديولوجية إقصائية تمثلت في هيمنة الأحزاب المختلفة على السلطات الثلاثة، مما عمّق الأزمات بين ثقافة الأحزاب الثيوقراطية والأحزاب المدنية لبناء دولة المؤسسات والدستور، وعكس خللاً بنيوياً خطيراً، أسّس للفوضى السياسية، وعسكرة المجتمع، واستمرار ظاهرة الحروب والعنف. إنّ تطوّر الأحداث واستمرار الأزمة السياسية في العراق،
ودفعت الاحزاب السياسية العراقية المشاركة في الحكومة بمسألة تسييس مؤسسات الدولة الرسمية لتشمل النظام الاداري للدولة، قبل أن يخدمون فيها مصالح الاحزب بل كان عليهم خدمة مصالح ّ الدولة أو الشعب العراقي بعامة تثير قضية أخلاقية و تمرّ تناقضات حادة، بين نموذج الدولة الديمقراطية الدستورية  إنتاج النموذج الثيوقراطي الشمولي.
إن ما سببه الإرهاب للعراق يجب ان تكون من مخرجات ( قمة بغداد للتعاون والشراكة) والمضي في التعاون مع العراق دعماً لأمنه واستقراره وسيادته ومسيرته الديمقراطية وعمليته الدستورية ليكون قوياً وجهوده لتكريس الحوار سبيلاً لحل الخلافات الإقليمية، إن مسار الأحداث من حولنا تخبرنا بدوس تاريخية جديد، بالتوتر والاشتباك في منطقة لا نفترض عليه العزلة،كما يتصور البعض بل سيصل تأثيرها الواسع إلى كل المعمورة، والعراق ليس بمقدوره التراجع عن دوره الحضاري بالبقاء خارج المعادلة غير قادر على الانخراط في التحولات المتسارعة، فيجب ان تكون مثل هذه القمة  محطة عالمية لصياغة المصالح والحلول والفرص ، ودعمهم للعراق في جهوده لترسيخ دولة الدستور والقانون وتعزيز الحوكمة وعدم السماح باستخدام أراضيه لانطلاق أي تهديد لدول الجوار...والذي ينأى العراق العراق بنفسه عن سياسات المحاور، ودعوات التصعيد وبناء المؤسسات القادرة على مواصلة التقدم وإعادة الإعمار  والإسهام في تحقيق التكامل الاقتصادي والتنمية، وبناء الجسور مع دول الجوار التي قدمت وتقدم الدعم المستمر له وتقف الى جانبه وكذلك الأسواق العالمية بما ينعكس إيجاباً على المنطقة برمتها. وحماية مقدراته وتلبية طموحات شعبه ، في انجاح مشاريع التعاون الإقليمي التي يتطلبان علاقات إقليمية بنّاءة قائمة على مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام القانون الدولي واعتماد الحوار سبيلاً لحل الخلافات، وعلى التعاون في تكريس الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وتحقيق الرخاء، لان الاستقرار الأمني ضرورة لتحريك عملية الإنتاج وجذب المزيد من الاستثمارات وإقامة المشاريع القادرة على المساهمة والمساعدة على حل أزمة البطالة المستفحلة في هذا البلد فإن الاستقرار السياسي من خلال نظام يضع المواطنة أساسا لبرنامج عمله، وليس الانتماءات الضيقة، لا يقل أهمية عن الاستقرار الأمني، وما لم ينجح العراق في ذلك فإن الاضطرابات والاحتجاجات لن تنتهي، فالمواطن يهمه الاستفادة من خيرات وطنه والانتفاع منها معيشيا واجتماعيا، ان الأحلام تتعثر ثم تعود لتولد في اللحظات الكبرى للشعوب، ويمكنها حين يتوفر الإلهام الكافي فتوقظ عناصر الخير في الأفراد والجماعات. ومسار الإصلاح الوطني أمامه واحدة في تلك اللحظات
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

42
نحن بحاجة الى السلام
هكذا انتهت مباريات كرة القدم لكأس العالم في مونديال قطر2022 ولم تطفئ شدة النيران المتبادلة في الكثير من الدول التي تحتاج لايقاف الحروب واسكات افواه المدافع وازيز الطائرات، نحن باجة الى السلام بعد أن اختلطت الأوراق، وصارت الأفكار مثل جمرات موزعة في كل البقاع، الجميع لديهم اهتمام بالسلام، سواء كانوا يعيشون في الشرق، في الغرب، اوالشمال، او في الجنوب ألاغنياء أم الفقراء. الجميع بحاجة لأن يكونوا مهتمين بالسلام بصدق. جميعنا بشر؛ لذا لدينا جميعًا نفس الاهتمامات بشكل عام: أن نكون سعداء، أن يكون لدينا حياة سعيدة. جميعنا يستحق تلك الحياة السعيدة، وهذا هو المستوى الذي نتحدث من خلاله، لذلك أصبح من الضروري أن تنهض العقول النيرة، لتقف حداً وسداً، يمنع تفشي من أسوأ الظواهر التاريخية التي مرت على البشر. ليس بالسلاح وحده يمكن إطفاء الحريق العالمي، ولكن هناك الوسيلة الأنجع، وهي وسيلة الفكر، فالإرهاب فكرة ضالة، تاهت في غياهب العقل المأزوم بالجهل، ولذلك لابد من مصل حضاري يقوي المناعة، ويكافح هذا الورم الخطير، لابد من نشوء الأفكار التي يتطلع بها الجميع، وليس حصراً على جهة من دون غيرها، السلام الخالص لا بد وأن ينشأ من السلام الداخلي.  كلما كان هناك نزاع ما، و يجب أن نبحث عن حل سلمي؛ وذلك يعني أن يكون الحل عن طريق الحوار ، فالسلام يتعلق بدرجة كبيرة بالدفء القلبي واحترام حياة الآخرين ومقاومة التسبب في الأذى للآخرين، وأن يكون لدينا الموقف الداخلي بأن حياة الآخرين مقدسة مثل حياتنا بالضبط.
السلام بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي وسبل تعزيزه عالمياً، والتصدي للتطرف الفكري وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها بين أهل الأديان والعقائد المتعددة ، تقوم على احترام الاختلاف،لأن الحرية حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية، قد خلق الله البشر عليها، وجعلها أصلا ثابتا تتفرع عنه حقوق حرية الاعتقاد، وحرية الاختلاف، وتجريم إكراه الناس على دين بعينه أو ثقافة محددة، أو فرض أسلوب حضاري لا يقبله الآخر،أن العدل القائم على الرحمة هو السبيل الواجب اتباعه للوصول إلى حياة كريمة تجمع البشرية، يحق لكل إنسان أن يحيا في كنفها، الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والبيئية التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.أن الحوار بين االبشر يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقيم ، حماية دور العبادة، من معابد وكنائس ومساجد، واجب تكفله كل الأديان والقيم الإنسانية والمواثيق والأعراف الدولية، وكل محاولة للتعرض لدور العبادة، واستهدافها بالاعتداء أو التفجير أو التهديم، هي خروج صريح عن تعاليم الأديان، وانتهاك واضح للقوانين الدولي ، محاربة الإرهاب البغيض الذي يهدد أمن الناس، سواء في الشرق أو الغرب، وفي الشمال والجنوب، ويلاحقهم بالفزع والرعب وترقب الأسوأ، ليس نتاجا للدين - حتى وإن رفع الإرهابيون لافتاته ولبسوا شاراته - بل هو نتيجة لتراكمات الفهوم الخاطئة لنصوص الأديان وسياسات الجوع والفقر والظلم والبطش والتعالي ،أن مفهوم المواطنة يقوم على المساواة في الواجبات والحقوق ،لاشك ان تفعيل المنظمات الدولية والمحلية على فكرة أن التعاون أساسي لمواجهة التحديات ولإحلال السلام الدائم من الامور المهمة، والتي تساعد على حشد جميع الجهات الفاعلة في مجال الحوكمة العالمية وممثلين عن المنظمات الدولية والسلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات والمنشآت ووسائط الإعلام والنقابات العمالية والمجموعات الدينية، ومجموعة من المواطنين وإتاحة التفاعل في ما بينهم تحت سقف واحد كلّ سنة، على هذا الأساس إن أمكننا مساعدة الآخرين علينا القيام بذلك فعليًا لاننا نحن كبشر دائما ما يكون لدينا اختلاف في وجهات النظر في طريقة تفاعلنا مع الآخرين، وجميعنا لدينا نفس الحق في السعادة وعلينا أن نأخذ الجميع على محمل الجد للسلام اذا كان في مقدورنا ذلك بتفاعلنا مع هذا المفهوم.

43
التنمية المستدامة ..الحداثة .. و المستقبل
تمثل التنمية المستدامة، فرصة لنوعيّة النمو الاقتصادي وكيفيّة توزيع منافعه على طبقات المجتمع كافة وهي خطوة لمستقبل اوسع وسليم ، وليس مجرّد عمليّة توسع اقتصادي و لا تمنع من ازدياد الفوارق بين مداخيل الأفراد والجماعات وهي عنصر أساسي للاستقرار والتطور الإنساني والاجتماعي وهي التنمية التي تستجيب لحاجيات الحاضر دون أن تُعرِّض للخطر قدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها ،لقد ظهر مصطلح "التنمية المستدامة" لأول مرة في منشور أصدره الاتحاد الدولي من أجل حماية البيئة سنة 1980، لكن تداوله على نطاق واسع لم يحصل إلا بعد أن أُعِيد استخدامه في تقرير "مستقبلنا المشترك" المعروف باسم "تقرير برونتلاند"، والذي صدر 1987 عن اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، تحت إشراف رئيسة وزراء النرويج آنذاك غرو هارلم برونتلاند، و تهدف إلى تسريع التعلم المشترك، والمساعدة في التغلب على الفصل بين العمل الفني والسياسة، وذلك من خلال تطوير المفاهيم المتكاملة للتحديات الإقتصادية، والإجتماعية، والبيئية المتداخلة والمرتبطة ببعضها البعض التي تواجه العالم ،وهي عملية تطور شامل أو جزئي مستمر وتتخذ أشكالاً مختلفة تهدف إلى الرقي بالوضع الإنساني إلى الرفاه والاستقرار والتطور بما يتوافق مع احتياجاته وإمكانياته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية، وتعتبر وسيلة الإنسان وغايته و تسام  في رفع مستوى الدخل الفردي للأفراد وزيادة الدخل المجتمعي ككل وإعادة توزيع هذا الدخل على أفراد المجتمع بشكل عادل وبصورة تؤدي إلى التقليل من الفوارق، أي أن التنمية لا تكتفي بتحقيق النمو فقط بل تسعى إلى إعادة توزيع عائدات هذا النمو بشكل عادل بين أفراد المجتمع بهدف تحقيق العدالة والسلم الاجتماعيين.
ان التنمية المستدامة أخذت تفرض نفسها كمفهوم عملي لحل مشاكل متعدّدة تتحدّى البشرية ، و تسمح بتقييم المخاطر ونشر الوعي وتوجيه العمل السياسي على المستويات المحلّية والإقليميّة والدولية، و إلى الترابط القوي بين الأمن الإنساني والتنمية، ومن أجل جعل الحاق بالتنمية البشرية حقيقة واقعة لكل البشر بصورة مستدامة آنيًا ومستقبليًايحتاج الى  اعتماد مؤشرات تنموية، يأخذ في طياته حقوق الإنسان الاجتماعية والصحيّة والبيئيّة إضافةً إلى البعد الاقتصادي. وذلك من خلال القضاء على الفقر و تعزيز الديمقراطيّة و مكافحة المجاعات والأزمات والصراعات.
أن جميع شعوب العالم بحاجة إلى العمل والغذاء والتعليم والطاقة والرعاية الصحية والماء. وعند العناية بهذه الاحتياجات، على المجتمع العالمي أن يكفل أيضاً احترام النسيج الثري الذي يمثله التنوع الثقافي والاجتماعي، واحترام حقوق العمال، وتمكين جميع أعضاء المجتمع من أداء دورهم في تقرير مستقبلهم بعد توفير مستلزمات إمكان تطبيق استراتيجية للتنمية المستدامة و ملاحظة متطلبات التنمية للجوانب الثلاثة "الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".
ويمكن الاعتماد على الشروط التالية للوصول الى الأهداف المرادة القضاء على الفقر ، القضاء التام على الجوع ، الصحة الجيدة والرفاهية التامة ، تطبيق التعليم الجيد  المحافظة على التوازن بين الجنسين ، توفير المياه النظيفة والتشديد على النظافة الصحية ،العمل على توفير الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة.
وختاما نقول ان التنمية المستدامة  تقدم حلول أكثر شمولية سواء في ضمان توفير وسائل نقل آمنة وإنشاء بنية تحتية مرنة وقادرة على الصمود أمام الآثار المناخية والتكيف معها، أو تحسين أنظمة الرعاية الصحية في المناطق المتأثرة بأوضاع الهشاشة والصراع والعنف. ومن خلال العمل في مختلف المناطق والقطاعات، نساعد البلدان على التوصل إلى حلول مستدامة وتحدياتها الإنمائية في عالم يزداد تعقيداً وترابطاً.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

44
العمل الجماهيري التطوعي.. مفتاح رفع الجمود

انّ الواقع العراقي مشحون بكلِّ أشكال الضغط النفسي والاقتصادي والاجتماعي و من المهم العمل على مواجهته وتعزيز الثقة ، من خلال زرع روح التعاون والانفتاح، في إطار العمل الجماعي والتطوعي الشعبي والجماهيري وتؤسِّس لنزع القلق والتوتّر من كلّ الأجواء المشحونة التي تتسبّب المشاكل الكثيرو يعني تقديم المساعدة والعون والجهد من أجل العمل على تحقيق الخير في المجتمع عموماً ولأفراده خصوصاً وتساعد على  تضيق مساحات الفوضى والتشتّت، ويصبح الأمل بالتقدّم والعمران أكثر جدوى وواقعية، في زمن نفتقد إلى روح الجماعة والتعاون في سبيل الصالح العام ،واطلق عليه مسمى عمل تطوعي لان الانسان يقوم به طواعية دون اجبار من الاخرين على فعله، فهو ارادة داخلية،  وغلبة لسلطة الخير على جانب الشر، ودليل على ازدهار المجتمع وسبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم ' فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًافَهُوَ خَيْرٌ لّهُ ' 184 سورة البقرة .
ان رحلة التغير تبدأ بفرد، والمشاركة في العمل التطوعي لو كان في ابسط اشكاله ربما يكون سبباً في الهام اقرب الاشخاص مثل العائلة والأصدقاء لبدأ رحلتهم التطوعية الخاصة بهم وبنفس الشكل يمكن ان يكونوا سبباً في الهام من يعرفون وبدأ رحلة تطوعية لغيرهم وهكذا الى ان يتم نقل فكرة التطوع من فرد إلى آخر لتصبح ثقافة مجتمع وجيل كامل.
تكون مقدماتها التخطيط لبرنامج عمل للمشاركة الجماهيرية للمساهمة في  الاعمال الخدمية الشعبية في المناطق المحتلفة وتنفيذ مشاريع للتنمية الاجتماعية الجماهيرية لمجموعات مختلفة من المناطق الشعبية التي اهملت من قبل الحكومات السابقة و تحتاج الى جهود وتوعية من اجل تنمية هذا المشروع المهم في العراق في الوقت الحالي، لخلق مجتمع متكاتف، متكامل، متماسك القيم والمعايير المجتمعية الصحيحة، ضمن أُطر وطرق عديده من خلال رصد الاحتياجات ورفع  الصعوبات والمشاكل المختلفة والعمل على تطوير المشاريع التي تجيب على  هذه الاحتياجات وتعزيز ودعم القيادات الاجتماعية المحلية و إشراك السكان وجمهور الهدف بتخطيط وتنفيذ المشاريع المختلفة و المبادرة لإقامة خدمات ومشاريع جديده وتطوير وتعزيز التعاون مع الاطر المؤسساتية  والاقسام المختلفة لإقامة فعاليات ثقافيه جماهيرية واجتماعيه لحث المشاركة وبذل  تجنيد الموارد من المؤسسات الحكومية الخدمية عاصة والجمعيات والافراد لدعم مثل هذه الممارسات و أن يتم عمل اعلانات عن حملات تطوعية بمختلف الوسائل الاعلامية المختلفة، أيًا كانت مرئية أو مكتوبة أو مسموعة، على ان يتم عمل ذلك باستمرار و يتم عرض انجازات أي حملة تطوعية حدثت من قبل على الآخرين و ترويجها بالشكل الذي يدفع شباب المجتمع القوي والمبدع على الالتحاق بالحملات التطوعية للقيام بعمل اعمال تطوعية مختلفةونشريتم الثقافة التطوعية بين الافراد من خلال الحديث عنه بالجامعات وبالمدارس و عمل جولات تثقيفية حول تقديم الخدمات المختلفة للمجتمع باستخدام انشطة العمل التطوعي وعلى المسؤول للحملات القيام بابتكار الاساليب الجديدة للأعمال التطوعية وبذل الجهود على تشجيع الفرد المتطوع وحثه على استمرار عطائه وتطوعه في اختيار هدايا تشويقية لو كانت جزيلة، و بتوفير موارد دعم المجتمع الضرورية لتحقيق أفضل نتائج ممكنة، و التحديد للمجالات التي يمكن عمل تطوع فيها لتحديد أنسب الوسائل التي ستتعامل معها ،و يتم تحديد أهداف العمل التطوعي، مع ابتكار خطة جيدة للوصول إلى هذه الاهداف، مع ضرورة تحديد الخطط البديلة ليتم استخدامها في حالة الفشل للخطة الاصلية و توفير فرص متكافئة بين افراد العمل التطوعي و يتم تخطيط وتنظيم وتوجيه الاعمال التطوعية حتى تُؤدى على أكمل وجه والاستمرارلدعم تواصل افراد العمل التطوعي بشكل فعال.
لاشك من أن خير الناس أنفعهم للناس.. و العمل التطوعي له قيمة سامية وظاهرة اجتماعية تجسد السلوك الحضاري للمجتمعات، وممارسة إنسانية يدل على درجة رقي المجتمع ، ووعيه الثقافي والاجتماعي .. و يمثل العمل التطوعي الذي سميى بهذه لأن الفرد يقوم بالعمل طواعية دون أن يُجبره أحد على ذلك لفعله، فيتم عمله على أكمل وجه بإرادته الداخلية، وفيه يغلب خير الفرد على شره، وزيادة الاعمال التطوعية يدل على أن المجتمع مزدهر بشدة، لأن الزيادة في ايجابيات المجتمع وبناءه بالمجتمع يساعد على تقويته وتطوره. وبطبيعة الحال فالإنسان لا يكن بمقدوره أن يعيش وحيدًا دون المجتمع، ودائمًا ما يرغب في أن يشمله جماعة او مجتمع، ويريد أن يعيش مع مجموعة افراد سواء بمنزله أو بمكان الدراسة التي تشغله، أو بمحل العمل الذي يرتاده. لأن من أهم السمات التي تُميز طبيعة الإنسان هي خصائصه الاجتماعية، والفطرة البسيطة هي التي تدعو الفرد لتقديم الخيرات وتجنب الشرور بالشكل النهائي والمستمر.
وفي مثل هذه الممارسة أسمي درجات التضحية في سبيل المصلحة العامة ، باعتباره أحد أنماط السلوك الإنساني الذي يعكس شخصية الفرد ومدى ثقافته وظروف تنشئته البيئية ودرجة انتمائه وتوافقه مع المجتمع الذي يعايشه بعاداته وتقاليده ونظمه المختلفة، كما يعد العمل الجماعي الخدمي سلوكاً تربوياً ينشأ عليه الفرد ويؤثر فيه مدى ما اكتسبه من علم وخبرات تُوظف في عديد من الأنشطة والمجالات تبعاً لميول الفرد وظروف البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها. وكثير من الدراسات تشير إلى وجود علاقة ارتباطية بين التطوع في البيئة الاجتماعية وتحقيق الحاجات الأساسية ، فكلما كانت الحاجة الأساسية متوفرة ساعد ذلك على تنمية دواعي التطوع رغبة في خروج الإنسان من ذاته إلى مساعدة الآخرين.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

45
الحكومة الجديدة والتخطيط الاستراتيجي
قد تكون هناك عوامل ودلالات تجعلنا ان نستبشرخيراً بالسلطة العراقية القادمة بقيادة محمد شياع السوداني التي تحتاج الى تحولات استراتيجية رئيسية تتسم باتخاذ القرارات على المدى القصير والكثير من المساومات والمقايضات مع تخطيط استراتيجي القريب والبعيد، في العملية السياسية العراقية، والتي على الرغم من أنها لم تسفر بعد عن تغييرات جوهرية في عملية تشكيل الحكومة الحالية بسبب قصر الفترة وتحتاج الى وقت لازم للعمل ومن الطبيعي عندما تصل مجموعة سياسية الى السلطة دون وجود استراتيجية التخطيط الاستراتيجي "الذي يُعد عاملا مهما في صياغة وتصميم سياسة أية دولة، وذلك لان التخطيط الاستراتيجي يشكّل مرتكزا تستند إليه آليات ووسائل إدارة الدولة في الجوانب كافة سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية أو الإدارية، وبالتالي فأن النجاح الواضع لهذه الأسس في إدارة شؤون دولة يتوقف على درجة إتقانها للاستراتيجية التي تضعها وتكريس جهودها وإمكانياتها لتنفيذ بنودها". وأن لا تحتكر هذه المجموعة كل شيئ فيه لصالحها  بالقوة وتعمل على ابقائها محتكرة في يدها فتصير سلطة عنف واستبداد مطلق وتتحول إلى أداة نفي للاخرين اولاً ،وثانياً لماهية الدولة والقانون، واحتكار الحق والقوة والعنف والتسلطية المطلقة، و تتحول سياسة التسلط لديها إلى ذهنية منتهكة للقيم، بخطابات تبرر ممارساتها التسلطية. ولا يفرق العديد من الناس  بين الدولة و السلطة، و هذا الإبهام مرده ممارسة الدولة للسلطة" وهناك فرق شاسع بين المفهومين  الدولة والسلطة ويجب التمييز بينهما،  الدولة لها اركان ثابتة دائمة اما السلطة فهي زائلة ومتحركة. وقد تتوالى وتتعاقب .اما الدولة تقوم على ثوابت ثلاثة: الارض والشعب و قانون أساسي ينظم السلوكيات والعلاقات ، بينما تكون السلطة الادارة القانونية للدولة .أي أن السلطة ما هي إلا آلة تسير أمور الدولة بموجب القوانين والشرائع التي تسن من قبل المجلس التشريعي او ما يسمى البرلمان وقد تختلف المسميات من دولة الى اخرى. لذلك يبدو من الضروري أن نميز بين السلطة و الدولة التي هي شكل من أشكال التنظيم السياسي الذي تمارسه المؤسسات. في حين أن السلطة تتجاوز حقل الدولة و تمتد إلى مختلف مجالات الوجود الإنساني، فنحن نتحدث مثلا عن سلطة شخص وآخر لا يتشابهون في العمل... و هذا يعني أن الدولة لا تجسّد كل أنواع السلطة في المجتمع، لذلك يرى بعض العلماء أن السلطة باعتبارها ممارسة، لا يمكن أن تتحدد انطلاقا من تحليل أجهزة الدولة،  السلطة مبثوثة في كل مكان و لا تتحدد إلا باعتبارها موضوع صراع : صراع من أجل السلطة، وتسميتها عند البعض بالمنافسة من أجل السلطة، و صراع من اجل الاستحواذ على السلطة، ويمكن تسميتها صراع ارتهان السلطة. ومثل هذه الأجواء يمكن للسلطة ان تنهار بلحظة صراعية، تؤدي الى تفتت هذه الدولة ذاتها،هنالك من يغالي بهذا المفهوم، حيث يرى انه حتى لو انهارت الدولة لا تنهار سلطتها بقدر تعالى هذه السلطة، بقدر ارتهان الحركية المجتمعية، بما فيها من صراعات سلمية او حتى عنفية ، و فيها من مصالح متضاربة، وطبقات ومراكز قوى. بمستوى سياسي، تتكامل معه احيانا للهيمنة والسيطرة ، وليس لحركة شعوب تلك السلطة أي دور في هذا التأسيس ، بل عبارة عن علاقة العائلات المسيطرة مع البعض مباشر دون وسيط ، دون ارضية تاريخية ما وهي فقط بصدد إثبات ان هذه السلطات "الحزبية والقومية والطائفية و الفردية والعائلية، في الممالك هي صاحبة الحق المطلق كما هو في العراق اليوم حيث الاحزاب الكبيرة مسيطرة تماما على المشهد السياسي فلهذا لا تفكر اليوم إلأ بالسلطة " رجل السلطة لا يعرف ولا يستطيع قول الحقيقة كما هي، في رهان على استغباء والاستخفاف بعقول الناس. ولذلك ينساق في تواصله مع الجمهور على نمط من "خطاب لا معنى فيه" وخطاب ملتوي "، الذي لا يُقدم ولا يؤخر في إيصال ما يريد قوله، بل ويعطي صورة عكسية أو صورة تشكك بما يقول" وكيفية تقسيم المسؤوليات والمناصب كما نلاحظه بعد الانتخابات الاخيرة حيث تتحرك الكتل والائتلافات  في الوقت الحالي للركض وراء كسب المناصب قبل التفكير في اعداد سياسية مستقبلية لادارة الدولة والتي لم نلاحظها خلال السنوات الماضية ، بعد أن اشتراها البعض من دم العراقيين بالفساد والسرقات واستغلال المناصب لصالح مجموعاتهم ويصبح مباح بيدهم كيف ما يشاؤون ، وكل السلطات محصورة في مكان واحد. ولا صلاحية للسلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية فيما يتعلق بالقضايا الكبرى والهامة إلا بالتوافق فقط وتوزيع المغانم والأرباح بينهم وهو نظام يسري على كل مستويات الإدارة والحكم وكل قطاعات الإنتاج الحكومي. بالإضافة إلى كل ما له علاقة بالإعماروالتعويضات والمشاريع الخدماتية ، و لذا يصبح الحديث عن فصل السلطات في هذه الحالة لا معنى له،لا شك في أن هناك فرقاً ما بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة. إلا ان هذا الفرق لا يعني أن العلاقة القائمة بين الطرفين تملك مناعة خاصة ضد الازدواجية. السلطة السياسية التي تقود الدولة في فترة زمنية محددة في كثير من الانظمة او في فترة زمنية غير محددة وخاصة في الانظمة التي تعتمد على المحاصصة ، بإمكانها أن تستبيح مؤسسات الدولة كلما ارتفع منسوب الفساد في تلك الدولة. والضرر الأكبر يقع على عاتق المواطن والدولة تصبح هشة وفاشلة ومباحة بما يشمل المؤسسات العامة ومسؤول تطبيق القانون وتأمين احتياجات المواطنين بمعزل عن اتجاهات السلطة السياسية الحاكمة. هذه العلاقة تتحول الى علاقة صراعية عدائية بين السلطة والجماهير ، فالمواطن الذي يرى الدولة مستباحة من قبل الطبقة السياسية ـ التي تتفنن في ابتكار أساليب النهب الشرعي وغير الشرعي، يشعر بالظلم واللاعدالة والكراهية تجاه دولته. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد ،السلطة التي تتخلى عن واجباتها الأساسية تجاه مواطنيها تطالبهم بأن يفعلوا ما لاتفعله هي تجاههم حتما سوف تكون نهايتها مؤلمة، وعندما يحدث خلل ما في العلاقة بين الطرفين تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى سلطة الدولة باعتبارها انها وُجدت من اجل القيام بوظائفها المحددة لها في القانون والدستور ولكن لم تستجيب لأصواتهم في تحقيق أمانيهم ولو بالحد الادنى.
 عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

46
حكومة السوداني والعبء الكبير
ان المسؤوليات الكبيرة التي في رقبة الحكومة العراقية الجديدة صعبة وتحتاج الى عمل متواصل لفك عقدها المتراكمة وهي تواجه موجة عارمة من مطالب المواطن لرفع معاناته ومن قبل الاعلام المؤيد والمعارض ولا يمكن ان تحل بين ليلة وضحاها ولست هنا من باب الدفاع عن هذه الحكومة وهي لازالت غضة الاطراف ولا يمكن الحكم عليها بسهولة ، لقد نخر الفساد نسبة كبيرة من مفاصل الدولة والعراق يعيش على وقع ضجة ما عُرف باسم: “سرقة القرن”، الخاصة باختفاء مليارين ونصف المليار دولار من خزائن “وزارة المالية”،ومافية سراق النفط في البصرة وفتحت الحكومة تحقيقات عاجلة في تلك القضايا واعتقال البعض من الأفراد المشاركين والمتهمين فيها،  وتحولت إلى ظاهرة عامة يحتاج إلى الكثير من الجهد لوقفها والشك الكبير في الأوساط المختصة بإمكانيات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مواجهة الفساد رغم  أن ورقة المنهاج الوزاري التي اتفقت عليها الكتل السياسية نصت على تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال ثلاثة أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام و هي من أبرز التحديات التي يواجهها في العمل على تهيئة الأجواء المناسبة ، خصوصاً وقد وضع مدة زمنية لهذه الخطوة ، وهذه القضية تحتاج إلى جهد لإجراء انتخابات نزيهة بعيدة عن المال السياسي ،وكذلك تعهدات بشأن محاربة الفساد وتشكيل الحكومة قوية.
الفساد في العراق له وجوه عديدة ومواجهته في وقت قياسي قريب يتطلب إرادة وطنية مشتركة وجهود حاسمة وخاصة وأن بعض أوجه ذلك تتعلق بمصالح قوى متنفذة وذات قدرات كبيرة على مستويات المال والسلاح والتأثير في القرار السياسي ومشاريع  تدار من قبل ذات القوى السياسية في قضايا كبيرة من المشاريع العملاقة وفي مقدمتها ميناء الفاو الاستراتيجي الكبير والمنافذ الحدودية وتهريب النفط وهو من الصعب مواجهته في ظل المعطيات الحالية وهذه القوى متغلغلة في مفاصل الدولة الاخرى ومحاربتها يحتاج الى وقت طويل وعزم شديد ولكن ليس فيه من المحال اذا تم الاستفادة من القدرات المخلصة و تعد سياسة مكافحة الفساد هي ان تكون من الاولوية لبناء الدولة العراقية التي تقوم اليوم على سياسة حكومية متجددة و مرتكزات ومبادئ  ترسم خرائط المستقبل بمسارات واضحة المعالم ولاسيما النهوض بالتنمية الاقتصادية الاجتماعية وهي تغادر أشرس قيودها التي ظلت تمثلها  معادلات الفساد ومتغيراته وثوابته الموروثة من عقود طويلة مضت ويمكـن القـول ان تحليـل ظاهرة الفـساد الاداري والمـالي فـي العـراق مـن الـصعوبة بمكـان مـن دون ربطهـا بتـاريخ الظاهرة فـي ظـل اوضـاع أنظمـة الحكـم المتعاقبـة علـى الدولـة، وكان العامل المهم في انتشاره هي الحروب العبثية المتعاقبة والصراعات والحصار و غياب المحاسبة والشفافية: و  حيثما تغيب الشفافية والمحاسبة يحل الفساد والعكس صحيح. لذلك فأن غياب المحاسبة والشفافية هو احد الاسباب الرئيسية لظهور وادامة الفساد في العراق. ان مثل هذا الإقرار قد ورد في تقرير المفتش العام الأمريكي والذي يفسر به الفساد الذي ظهر في سلوك المسؤولين  وكذلك والحروب والصراعات التي نشأت في المجتمع نتيجة سياسات النظام السابق الهمجية ، سواء السياسية منها أو الاجتماعية حيث تركت آثارها في تفشي وانتشار الفساد في المجتمع وما تبعها من حصار شامل أفقرت الناس والعوز الذي أصابهم والتراجع الاقتصادي في التسعينات وخاصة بعد حرب الكويت حيث وصل الى مراتب متأخرة و اضطر بعضهم الى  ان يبيع ما يملك من وسائل خاصة، فيما أضطر العديد من المستويات المختلفة من المجتمع الى عمل دكات وفرش البسطيات في الشوارع. وشمل حتى اساتذة الجامعة  والمسؤولين الحكوميين من اجل توفير العيش ، الفساد فـي العـراق لـيس وليــد لحظــة انیــة، بــل كان موجوداً بنسبة محددة فــي البیئــة المجتمعیــة منــذ تــشكیل الدولــة العراقیــة  ولكن اشتدت الظاهرة مع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003  ولاحظت مظاهر الفساد الإداري والمالي وعلى نطاق واسع حيث بدءاً نشاهد ونلمس ونسمع بالعديد من مظاهر التصرف الكيفي في الموارد المالية والاختلاسات الأمر الذي دفع الكونغرس الأمريكي لتأسيس دائرة المفتش العام الامريكي في السلطة المذكورة وذلك في شباط من عام 2004،،واضـحت ظاهرة الفساد الاداري والمالي بـصورة خاصـة ظاهرة ذات انتشار واسـع بجذور ً عميقة تأخذ أبعادا واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يصعب التمييز بینهـا، وتختلف درجـة شـمولیتها فــضلا عــن من یمتلــك موضــوع مكافحــة الفــساد، علــى امتداد حيــاة الشعب من أهميــة متقدمــة. فطرائــق المعالجـة متعــددة، والغایــات التــي تــدفع الیــه، ً خــصوصا حــین تمــر بفتــرات انتقالیــة فــي حیاتهــا، وحـــین تكـــون عنــد مفتـــرق طـــرق بــین مـــرحلتین. ومـــا یؤیــد مـــن أهميـــة التصدي للفـــساد المـــالي والاداري، ارتباطه بحياة الشعب الیومیة ومستقبل أجيالها ، السؤال المراود للجميع هل سوف تعبر الحكومة هذه المرحلة بسهولة..؟
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

47
الطفل والأسرة والحياة
من الطبيعي ان تتعرض الأم والعائلة بعد الولادة للمسة فرح كبيرة  عندما تستقبل طفلاً جديدًا ولكن في الوقت نفسه، يجب الحذر من ألا تؤثر هذه المشاعر الصعبة سلبًا على الطفل في بعض الأحيان وقد تصاب الأم بالإحباط لوجود علائم بدنية او صحية ، من المهم أن تُزرع الثقة بالنفس عنده منذ بداية تربيته و منحه بعض السلطة والحرية في الاختيار في أموره الخاصة دون محاولة إجباره على أي خيار، ليقلل من عصيانه وغضبه، و يمكن استشارته بالطعام الذي يودّ تناوله، أو سؤاله عن القصة التي يفضّل سماعها قبل النوم وما إلى ذلك من الأمور البسيطة التي تمنحه فرصة لاتخاذ القرار و يختلف الأطفال في شخصياتهم وأطباعهم، ولكل طفل أسلوبه الخاص في التعبير عن أمرٍ ما، أو في ردود أفعاله على تصرفٍ ما، لذا يتوجب على الأهل منح الطفل الاهتمام الكافي للتعرّف على شخصية طفلهم والتعامل معه بالطريقة التي تتناسب مع طبعه.
تتطلّب التربية السليمة والصحيحة للطفل  مجهوداً كبيراً من الأهل، فيمكن لاي تصرفٍ خاطئ منهم ولو كان بسيطاً أن يوثر على نفسية الطفل، ومن الممكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة قد تتفاقم وتصاحبه مدى الحياة ويمكن لأي معاملة قاسية أن تسبب ضررًا جسديًّا ونفسيًا خطيراً له ولاشك أن اللحظات الأولى لولادة الطفل مهمة و لها تأثير هائل على مستقبله و نماء دماغه، وصحته، وسعادته، وقدرته على التعلم في المدرسة، وعلى رفاهه و بوسع دماغ الطفل أن يشكل أكثر من مليون رابطة عصبية جديدة في كل ثانية – وهو معدّل لن يتكرر أبداً لاحقاً في الحياة ولهذا فإن الغذاء والتحفيز والرعاية الصحيحة – أو طعام ولعب وحب – هي مسائل أساسية لنماء دماغ الطفل في الأيام الألف الأولى من الحياة،لا بد أن يعتمد الأطفال على البالغين للحصول على الرعاية والإرشاد اللذين يحتاجونهما لينموا حتى يصبحوا مستقلين. وفي الوضع المثالي، تقدم أسرة الطفل هذا الدعم، ولكن عندما يكون مقدمو الرعاية الأساسيون غير قادرين على تلبية احتياجات الطفل، يتوقف الأمر على الدولة كجهة مكلفة بالمسؤولية لأن تجد بديلاً يتماشى مع المصلحة الفضلى للطفل.
هناك ثمة تأثيرات قوية على الأطفال من جراء التحول في هيكل الأسرة، والعولمة، وتغير المناخ، وانتشار التقنيات الرقمية، والهجرة الجماعية، والتحولات في أنماط العمل، وتقلص شبكة الرفاه الاجتماعي في العديد من البلدان. ومن الممكن أن يكون تأثير هذه التغييرات مدمراً بصفة خاصة في أوضاع النزاعات المسلحة وغيرها من أوضاع الطوارئ.
اليونيسف لها الدور المرتكز المهم والأساسي في العالم تساعد في تعزيز القوانين والسياسات وتحسين الفهم بشأن الاتفاقية في جميع مستويات المجتمع، وفي إمكانها الوصول إلى أماكن لا يسع للمنظمات الأخرى الوصول إليها، وبالتالي فإنها تتمتع بموقع فريد لتحقيق فرق في حياة الأطفال. تسترشد باتفاقية حقوق الطفل وتسعى إلى ترسيخ حقوقه باعتبارها مبادئ أخلاقية دائمة ومعايير دولية للسلوك إزاء الأطفال والمصداقية الدولية التي اكتسبتها، والدعم التقني والمالي الكبير إلى تقدمه الدول والمجتمع المدني لها، يضعها في موقع متميز للدفع بحقوق الأطفال من خلال عملها على تعزيز عمليات رصد تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل و في تقديم  التوعية بشأن أهمية النماء الصحي التكويني والدماغي  في السنوات المبكرة من الحياة، وزيادة الاستثمار  والحكومات لها الدور المباشر في تقديم العون للعائلة بالإرشاد وزيادة الاستثمار في قطاع الأعمال في البرامج والسياسات والخدمات المعنية بالنماء في مرحلة الطفولة المبكرة، ودعم الوالدين ومقدمي الرعاية يمنحوا أطفالهم أفضل بداية في الحياة و إلى الاستثمار في السياسات المراعية للأسرة كي يحصل الوالدون ومقدمي الرعاية على الوقت والدعم الذي يحتاجونه كي يُنشئوا أطفالاً سعداء وأصحاء، حتى على مقدار المال الذي سيكسبه بعد بلوغه هذه المرحلة التكوينية من الحياة ،لان من المعلوم ان المرض والإصابة والاستشفاء أمور مرهقة للأطفال والعائلات على حد سواء و معالجة الجوانب الجسمانية للحالة الطبية ليست سوى نصف المعركة - نحن بحاجة أيضاً إلى دعم الاحتياجات التنموية والعاطفية والنفسية والاجتماعية للمرضى. تركز إدارة قسم خدمات حياة الطفل على تحقيق المنفعة للأطفال والعائلات أثناء خضوعهم للرعاية الطبية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي.
 

48
المنبر الحر / رياح العمر
« في: 19:48 10/11/2022  »
رياح العمر
ربما لم نختر نحن محطتنا الأولى .,ولا نعلم متى نصل الى آخرها.. ولم نحدد نحن موعد انطلاق قطار حياتنا. ونحن في غفلة، تمر السنون تلو السنين مثل طيف أحلام دون أن نشعر بذلك، ومراحل العمر أشبه ما تكون بالمحطات التي ننتقل بها من محطة إلى محطة حتى يصل بنا المطاف إلى أن يقف بنا القطار عند محطتنا الأخيرة. يلهث الناس، يتدافعون كما هي سُنّة الحياة، ويتحولّ التدافع الطبيعي إلى شرور لدى الكثيرين، ويتحكمّ الحسد في نفوس البعض، أو الحقد أو الغضب أو الشهوات أو الغرائزية المنفلتة، وقد يتحوّل التدافع لدى بعض القوى الكبرى وغيرها إلى شرور وحروب وقتل ودماء، و«الغاية تبررّ الوسيلة»! لضمان السيطرة أو الهيمنة، فيسهم الإنسان في قتل الإنسان بوحشية لا مثيل لها، حتى تحوّل العالم إلى عالم تحكمه الأنانية واللا أخلاقية والوحشية، فضاعت أعمار الملايين من البشر ضحية لقسوة وبطش بشر آخرين! ولا أحد يتوقف لحظة ليسأل: لماذا يحدث كل هذا ومن يُحدثه يعلم أنه زائل.
و يقول الشاعر:
بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
عريت من الشباب وكنت غضا
كما يعرى من الورق القضيب
فيا ليت الشباب يعود يوما
لأخبره بما فعل المشيب
لكن يمكننا ان اردنا أن نقود نحن القطار..وان نوجهه الى محطاتنا ..والى مستقبلنا..فلتكن حياتنا رحلة تمضي بنا من محطة الى محطة اخرى في طريق تحقيق أحلامنا..العمر يمضي مثل قطار لا يعرف التوقف ، يمر على محطات الحياة واحدة بعد الأخرى ، قد نود احيانا لو يعود بنا القطار الى محطة ما ... لكن قطارالحياة لا يعرف العودة ايضاً ، فهو يواصل رحلته الدائمة من محطة البداية..الى محطات المستقبل بكل ما تحمله من مفاجآت البعض منا يجلس في مقعده في القطار بصمت يتأمل الحياة من النافذة ...والبعض يحاول أن يتفاعل مع الحياة ... وأن يجعل لرحلته هدفا وغاية ...البعض ينتظر بشوق المحطة القادمة والبعض يحاول بجهد ان يوقف القطار ترى ... كم من الناس يعرفون إلى اين يسير قطار حياتهم؟..وكم منا على الاقل يعرف محطته القادمة ؟..أغلبنا للأسف ولد في القطار ... ولا يعرف إلى أين يمضي.. يحاول  البعض جاهدا دفع السيئة بالحسنة، ويتمنى لو طال به العمر ليكثر من عمل الخير، وهو يعلم تمام العلم أن الجنة محفوفة بالمكاره، وأن أعمالنا في الخير لو بلغت عنان السماء لن نذوق طعم الجنة بها، رغم ذلك فنحن نقول ان رحمة الله وسعت كل شيء. (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً (8 آل عمران)
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

49
الوطنية وحماية الوطن
يثار بين حين وآخر في الاوساط الشعبية العراقية قضية اعادة الخدمة الالزامية في الجيش العراقي ،وطبعاً يمزج التجنيد الإلزامي، مقروناً بالسياسات الخارجية ذات الدوافع العسكرية، بين التعبئة الوطنية وبثّ القوة في الخارج و يَظهرهذا بوضوح في الإعداد الجماعي للجيوش ولدعم السياسات المتعلقة بالشؤون الوطنية وغياب التجنيد الالزامي في العراق قطعا يمزق البلاد ويهز دوره ومكانة واهمية ويجعله عرضة للمخاطر مهما كانت  ويبررالتجنيد الإلزامي  في صنع الشباب الرجال للمستقبل ويقضي على التميع كما انه يساعد على التقليل من التدهور في المعايير الصحية للشباب بسبب ضعف لياقتهم البدنية وأنماط الحياة المستقرة ، فقد زادت معدلات السمنة بشكل حاد بينهم، وارتفعت بشكل كبير تكاليف علاج الأمراض ذات الصلة، مثل مرض السكري،بشكل كبير.ولكن مع الاسف يصطدم القانون بالمعارضة من العديد السياسيين لاسباب قد تكون شخصية وتهم افراد عوائلهم او عبئ الخدمة سيقع على عاتق الفقير فقط او من خوفهم بأن تعود الامور الى عسكرة الشعب كما كانت في العهود الماضية اوالتعلل بالميزانيات المالية والفساد  لتأسيس معسكرالتدريب في حين ان وزارة الدفاع العراقية عندها من المستلزمات والأراضي الذي يمكنها في تشكيلها والتأسيس لها في وقت قياسي و تستطيع استيعاب الاعداد الكبيرة لهم،متناسين ان اقوى جيوش العالم تعتمد على هذه الخدمة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا والجمهورية الإسلامية الايرانية ودول خليجية ( قطر والامارات والكويت ) ان الجيش مؤسسة لبناء الوطن والمشاركة في التنمية الشاملة للبلاد و ان 2.151 من المجتمع العراقي سوف ينخرط ضمن صفوف الجيش العراقي ويعطي معنى للوطنية في قلوب الأفراد فيه ويوحد المجتمع ولايفرق بعكس الاعتقاد السائد لدى البعض بأن الجيش العراقي يمثل جهة معينة دون اخرى والمعسكرات تخلق قاعدة شبابية عمرية مدربة جيدا ومعبأة بثقافة حب الوطن والدفاع عنه، ،و بيئة اجتماعياً تجمع ابناء البلد الواحد وتوحدهم من خلال جعلهم يعيشون حالة  في تنشط نزعت التعاون الوطنية فعندما تجد الجنود يخدمون قضية واحدة تتلاشى الانتمائات الاخرى لان كلمة الوطن تنطبع في أذهان الشباب وبشكل اكبرمن الاعتبارات الاخرى، وتوجيه الشباب في المؤسسة العسكرية تعد الركيزة الاساسية الثانية بعد المؤسسة التربوية للتعليم والتوجيه بل وتعد المرحلة المكملة لذلك في إبعادهم عن الانحرافات و ان اكثرالفئات العمرية عرضة للتطرف ومسح الادمغة ،هي فئة الشباب فبدلا من ان يكون الشباب لقمة سائغة بيد تجار الحروب والمتطرفين الارهابيين يكونون تحت امرة الجيش وتحت قوانينه ولفترة تبعدهم وتحميهم من المتطرفين ،يكون الجيش المؤسسة العسكرية الوحيدة والقوية المسيطرة على زمام الأمن بدلا من المسميات الامنية الاخرى..ان مسيرة الوطن يتنامى مع مسيرة جيشه ويتزامن الاثنان في التاريخ يومًا بعد يوم،فيكاد لا يذكر الأوّل من دون أن يذكر الثّاني ، والجيش ينظر إلى بلاده، بطولها وعرضها، على أنّها بيته وقريته، فيزداد حرصه عليها، ويزداد تعلّقه بها، واستعداده لخدمتها والتضحية في سبيلها. قد تتعدّد الأسباب الكامنة وراء هذا الشّعور: فمن قائلٍ إنّ الانتقالات والتشكيلات الدورية التي تخضع لهاالوحدات والأفراد، إنّما ترسّخ انتماؤه لهذه البلاد، ومن قائلٍ آخر إنّ العقيدة الوطنية التي ينشأ عليها الجندي، لا بدّ أن ينقلها لاحقًا إلى رفاق السلاح الذين يلونه في الخدمة، كما إلى إخوته من مدنيين بسبب الصلة الدائمة ما بين العسكري والمدني، الشريكين في الدفاع عن الوطن من ناحية،  وفي أعماره ورفع رايته الحضارية من ناحية أخرى.
كثيرا ما نجد العسكريين أكثر ثقافة وعلما من المثقفين والمدنيين بما يمس الوطن بصورة مباشرة،وفعلاً في العراق برز الكثير من العقول التي كتبت كتابات في مجالات مختلفة  السياسي والتاريخي والعسكري وأبدعوا في مضمارها  فلا تقتصر دروسهم في الكليات العسكرية والحربية مثلاً على الأمور العسكرية، بل تتعداها إلى تاريخ وطنهم واقتصادياته وتراثه، الوطنية لا تعني الأرض فقط، بل تشمل التاريخ والتراث وكل ما يتصل بحياة الشعب، ومعظم القادة العسكريين في دولنا درسوا وعملوا في الخارج؛ فمنهم من قضى سنوات في كليات الحروب المختلفة الشرقية والغربية ، أو كانوا ملاحق عسكريين في دول عربية أو أجنبية، فيعطيهم ذلك نظرة شمولية لمشكلات العالم والعلاقات الدولية وآخر مستجدات العلوم والتكنولوجيا. وقوات الجيش يدركون وهم من مكونات من شتى الطوائف والقوميات، تجاوزالروح الطائفية والتمسك بوحدة الشعب والوطن وحرية العقيدة.
عبدالخالق الفلاح - باحث واعلامي

50
المنبر الحر / بسم الوطن....نداء
« في: 19:34 26/10/2022  »
بسم الوطن....نداء
يشهد العراق هذه الايام تحركات متواصلة من اجل تشكيل حكومة قوية قادرة على العمل كما تفضل وصرح به في بيانه الأول رئيس الوزراء المكلف محمد شياع السوداني ونحن نزيد القول بأن الولاء والإخلاص" هي من أسمى معاني الوطنية له  حيث أن الولاء والإخلاص في ما تقدمه من عمل يكسبه القبول وذلك مبدأ ديني وواجب إسلامي يجب على كل فرد أن ينتهجه وأن يستشعر ما قدم حاملًا لواء الولاء والإخلاص للقيادة والوطن وأن يكون عاملًا نشطًا يخدم دينه ووطنه وأفراد مجتمعه. وان يترك على جبين وطنه أثرًا إيجابيًا ملموسًا يشعر به المجتمع والأفراد، ويدع أعماله تتحدث عنه لا اسمه فهي من يطبع اسمه وينقش حروفه على مدى التاريخ فالأعمال شواهد؛ وما ان يذكر بالخير والدعاء وإما أن تنسى وإما أن يدعى له فيختار لنفسه ما يستحقه ويستحق الوطن والاجيال القادمة ،أن يحب وطنه الذي لم يكن بخيلا عليه یوماٌ وقد أعطاه أكثر مما ينتظره حتى وصوله إلى منصبه ورتب عالية، يعني الرغبة في رؤيته أفضل مما هو عليه، ومساءلة النفس عن التواطؤ في السماح بجعله أسوأ، لأن من الأهمية بمكان أن تكون صورة الوطن المثالية عندما يمنح الحب، الطعام، المأوى، الصحة، السلام، الازدهار، على قدم المساواة للجميع  ،وتذكروا يوماً تقفون فيه أمام الله عز وجل، حينها يلعنون كل درهم حرام جمعته أيديكم، وبعتم وطنكم لأجله.
وطننا الغالي لا يستحق الخيانة ايها المسؤول الذي يهمش المخلصين، والمبدعين من أبناء الوطن كي لا ينافسه أحد على كرسيه، ومصالحه، والذي جمع ثروته الحرام من فساده في وظيفته، الفساد الذي يستنزف ثرواتها، ويؤخر تطورها، بلدك لا تستحق الخيانة أيها المسؤول الذي يحابي أقرباءه، وأصدقاءه على حساب مصلحة البلد، فيمنح المسؤوليات، والمناصب لمن لا يستحقها، ولا يستطيع القيام بها.. و لا يستحق الإهمال يا من يتغاضى عن الفساد، والسرقات حتى لا يعكر صفو حياته.
للوطن مكانة خاصة عند كل فرد؛ إذ ينتمي كل فرد في المجتمع لوطنه الذي نشأ فيه بطريقة إيجابية، فلكل فرد حق في وطنه وواجبات مبنية على علاقة متينة قائمة على العقيدة والمبادئ والقيم التي تحكم جميع القوانين، ويدخل تحت الواجبات المستحقة على الفرد للمجتمع والوطن التحلي بالأخلاق والقيم السامية مثل الصدق، والأمانة، والصبر، والإخلاص، والعدل، والبعد عن الغش والخداع والظلم والكذب والخيانة، ومن أهم عناصر تحقيق حب الوطن الانتماء كأن يدافع الفرد عن وطنه ويعتز ويفتخر به وهي من أهم دعائم الوطن.
ان  عمق العلاقات يجب ان تكون في عنوان واحد وهو الوطن أولا.. فلا مساومة على الولاء له ونحن اليوم يحدونا أمر واحد في أن يكون تكامل دور کل مواطن في خدمة الوطن، فهما اليوم مرأته في تحمل المسؤولية وإنجاز أي تطوير ولا يخفى على أحد فإن مسؤولية العمل وثماره باتت واضحة المعالم وملموسة في كل القطاعات ، واليكن العقل مفتوحا أمام الغير حتى يكتشف كل منا الآخر وانه قريب منه محبة وألفة وبضمير صادق حبا للوطن ، يدفعنا إلى ذلك بصدق التعبير وألا تخالجنا مشاعر أخرى.
 عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

51
الحكومة القادمة التحديات والنجاحات
ان  العمل على تشكيل الحكومة الجديدة بصورة سريعة خطوة مهمة في طريق إخراج العراق من المأزق الذي يعيشه ومهمة تشكيلها في بلد متعدد الطوائف والعرقيات وتقوم فيه الحياة السياسية على مفاوضات لا تنتهي بين القوى المهيمنة على المشهد، مثل العراق، تبدو صعبةً، وإشراك مكونات الشعب الرئيسية كافة في الحكم، مع ضمان حقوق باقي مكونات الشعب العراقي والقومية والإثنية، وتسجيل رقم قياسي جديد في تأخير تشكيل الحكومة هذا العام بعد 10 أشهر من موعد الانتهاء من الانتخابات ، حيث شهد عام 2010 الفترة الأطول لتشكيل الحكومة، ففي 7 آذار من ذلك العام جرت انتخابات البرلمان العراقي، وتشكلت الحكومة في 25 تشرين الثاني 2010، حيث كلف جلال طالباني الرئيس العراقي الأسبق نوري المالكي بتشكيل الحكومة، واستغرق التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة بعد الانتخابات 7 أشهر و18 يوماً.و يعتمد نجاح الحكومة  على مدى إمكانية تطبيق البرنامج الحكومي المعلن ومدى كفاءة الوزراء المكلفين في معالجة الأزمة السياسية والأمنية واستخراج النفط والغاز في الإقليم من خلال اتباع الآليات الدستورية وتنظيم كل ما يتعلق بهذه الثروة من خلال تشريع القانون النفط والغاز وقانون توزيع الموارد المالية ، و التحديات الاخرى التي تواجه السلطة تنذر باستمرار الأزمات الداخلية والأمنية في البلاد اذا استمرت بالنهج القديم بالعمل، أي أن الأمر أصبح لا يقتصر على تغيير وجود الوزراء والرؤساء، وإنما يكمن في تغيير أسلوب الإدارة، وهو ما يتطلب عمل جاد لبحث مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية، وتوحيد الجهود من أجل خدمة أبناء الشعب والتنسيق بين السلطات التشريعية والتنفيذية من أجل تمرير القوانين العالقة التي ترمي إلى تحسين الوضع الاقتصادي، وعدم ارتباط العراق بأي تكتلات سياسية إقليمية كانت أو دولية، وذلك من خلال إعلاء القوى السياسية العراقية لمصلحة دولتهم على أي حسابات أخرى.
ان المطالبة إلى الإسراع في تشكيل الحكومة بما يلبي حاجة المواطنين في كل بقاع الوطن وأراضيه أمر مهم جداً في هذه المرحلة الحساسة وان نجاح الحكومة العراقية القادمة والتي يتوجب تقديمها في مدة زمنية  30 يوماً من تاريخ تكليفه، ما يعني أنّ تاريخ عقد جلسة التصويت على حكومة العراق الجديدة داخل البرلمان ومنحها الثقة ستكون بعد ان يتقدم محمد شياع السوداني المكلف  للمطالبة من مجلس النواب عقد جلسة للتصويت عليها والذي اعلن "انه مستعد للتعاون مع الجميع من قوى سياسية ومكونات اجتماعية من أجل نجاح الحكومة، و أنه لن يسمح بـ.الإقصاءِ والتهميشِ في سياسته، فالخلافاتُ صدّعتْ مؤسساتِ الدولةِ وضيعتْ كثيراً من الفرصِ على العراقيين في التنميةِ والبناءِ والإعمار" وان الاوان لاسترداد هيبة الدولة "، في ظل الوضع السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد، وجملة من الملفات الشائكة التي تواجهها الحكومة القادمة، ما بين سياسية واقتصادية وأمنية وغيرها،ضافة إلى ملفات الفساد والإصلاح والعلاقات الإقليمية مما سيجعل مهمة السوداني ليست بالسهلة بل شاقة ومحفوفة بالمخاطريجب ان تبنى على  اتخاذ القرارات المناسبة على المدى القصير والبعيد والابتعاد عن  المساومات والمقايضات التي لا تتناسب مع  المرحلة دون تخطيط مسبق وخاصة عند تقسيم  الوزارات الحكومية والتي لها من الاهمية القصوى في اختيار المتخصصين منهم والتي تتسم بالكفاءة والمقدرة  وتتمتع بإمكانية لإحداث المزيد من التغييرات الجوهرية في المستقبل. لأن المرحلة لا تتحمل أقل من ذلك ، للتحولات الاستراتيجية آثار طويلة المدى لتشكل تغييرًا هيكليًا جوهريًا في طبيعة العملية السياسية ولا شك فأن سياسات الحكومة يجب أن تبنى في الكشف عن الحجم الإنجاز اليومي والشهري لكل وزارة ومدى تقديمها من انجاز  وقدراتها في وضع  نهج يختلف في جوهره عن عمليات ادارة الوزارة  التي سبقتها و المرجح أن يسفر عن التغييرات الضرورية للوصول إلى سياسات صحيحة . وتعد من العلامات البارزة في التحول  لمستقبل واعد.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

52

العراق...هل يستطيع السوداني تحقيق تعهداته؟
تنتظر الجماهير العراقية تشكيل  الحكومة المقبلة براسة السيد محمد شياع السوداني الذي  تعهد بتقديم تشكيلة حكومية قوية وقادرة على بناء البلد وهو في  مهمة صعبة و تعهده للعراقيين أن يكون عند حسن ظنهم بتقديم التشكيلة الوزارية القادرة على تحمل المسؤولية بأقرب وقت، وخدمة المواطنين وحفظ الأمن والاستقرار وبناء علاقات دولية متوازنة ليست بالصعبة لو اريد لها و ترتبط بظاهرة الاستقرار السياسي بالابتعاد عن  العنف السياسي و  عندها يحظى النظام السياسي ومؤسساته بالرضا والقبول المجتمعي وإحساسهم بأن النظام يستجيب لمتطلباتهم واحتياجاتهم المشروعة ويحقق الاستقرار ، فهذا يعني غياب العنف ويسود الامان و العراق بحاجة للدولة العصرية المؤهلة دون غيرها لضبط حدود الحريات والحقوق وتوازن المصالح في مناخ يتسم بالأمن الجماعي والاستقرار السياسي. وليس بجديد القول أن حياتنا لا تستقيم بدون الأمن والتنمية ولا تحسن أحوالنا بدون الاستقرار الذي هو نتاج عمل دؤوب في المحافظة على الأمن والتنمية والاستقرار ، يعني توفير شروط إنسانية الإنسان العراقي كما يعني بالنسبة للدولة توفير شروط استمرار ونجاح الدولة العصرية ، وقد تميزت الدول الراسخة في التصنيع والتقدم والتمدن العريق بنعمة الاستقرار السياسي التي يفتقر إليها العراق ويكون انطباعاً غير متوازن لدى الاخرين.   
 لقد تأزمت الخلافات أكثر منذ يوليو 2022 مع نزول أطراف الخلاف الأبرز إلى الشارع واعتصامهم وسط بغداد ، ليبلغ أوجه لاحقا مع بدء المطالبة بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق " الإصلاحات "في ظل رفض  الخصوم هذا التوجه، وإصرارهم على تشكيل حكومة بمرشحهم وانتخاب رئيس قبل أي انتخابات جديدة و كان العراق على مفترق طرق واقلها تذهب به الى الهاوية .
 بعد مرور زهاء عقدين من الزمن على احتلال عام 2003 ،مازال البلد ً في واقع الهشاشة، ويواجه حالة متزايدة من انعدام الاستقرار السياسي، والاضطرابات الاجتماعية العالقة المتصاعدة، وفجوات متزايدة العمق مابين الدولة والمواطن. وفي خضم عدد من الأزمات والحاجات الضرورية للمواطن ، يضاف اليها تراكم تأثيرات السياسات الاقتصادية الضعيفة، وغياب الاصلاحات، والعجز عن معالجة الفساد، بعد عام 2020  في ظل أسوأ أداء للنمو في الناتج المحلي  الإجمالي السنوي منذ سقوط نظام صدام حسين وفقدان الاستقرار، وعدم توفر فرص العمل، والفساد، وضعف تقديم الخدمات من بين المخاطر التي تعيق النمو الطويل الأمد في البلد، مع هشاشة المشهد السياسي وانعكاسه على أداء المؤسسات الرسمية ،تزداد خطورة التذمر الشعبي وفقدان الشعور بالأمن الضروري لحركة المواطنين وأداء الأعمال. واصلاح الفجوات الكبيرة في الاقتصاد التي تعتبر المشكلة الرئيسية  بين السلطة والشعب و هو أخطر الملفات التي ستواجه الحكومة الجديدة والعراق يشهد زيادات سكانية كبيرة، لا تتناسب مع حجم الموارد، لاسيما مع اتساع رقعة شريحة الشباب بين شرائح السكان ، ويقترب تعداد السكان من ٤٠ مليون نسمة بمعدل زيادة مليون نسمة سنويا، مما يعني أن احتياجات الدولة لبناء المدارس والمستشفيات وإيجاد فرص العمل للشباب تتزايد كل عام في الوقت الذي لم يتم فيه تخصيص أي موارد تذكر في الموازنات الاتحادية لمواكبة هذا الانفجار السكاني،و مازال يعتمد النموذج الأسوء في استخدام النفط كمورد للدخل الوطني على عكس معظم الدول النفطية المتقدمة. فالعراق يستخرج النفط ويبيعه في الأسواق العالمية ويصرف الإيرادات على النفقات التشغيلية، وغالبا ما يتأثر الدخل المتحقق بهبوط وارتفاع أسعار النفط، برغم إنها في الغالب تتجه نحو الهبوط جراء توجه دول العالم المتقدمة والمستهلكة للنفط الى الطاقة المتجددة. وطريقة التعاطي مع هذا الملف الى تحديد قدرة الحكومة على اقناع الشارع بسهولة ،
يجب ان تكون اختيار الحكومة الأهداف القابلة للتحقيق اولاً والتي تتوافق مع أولويات المواطنين والممكنة لتحقيق من قبل الحكومة في خلال فترة زمنية  مقبولة وهو أمرًا أساسيًا لاستعادة الثقة المفقودة.،ان مسؤولية رئيس الحكومة  العراقية والحكومة الجديدة الاساسية هي استرداد هيبة الدولة وتعتمد على الإمكانات والقدرات الفعلية الكامنة في الاقتصاد والمجتمع وتفيد من العلاقات الاقتصادية والدولية إلى أقصى حد ممكن وفرض احترام القانون، وإيقاف نزيف التدهور والانفلات وبأن تعمل على تنفيذ  تعهدها بشكل جاد لخلق بيئة آمنة للشركات الاستثمارية والعمل الدبلوماسي الذي يحقق الاستقلال الكامل وتقوية العلاقات مع المحيط المجاور و مع الدول الشقيقة والصديقة وان  يكون العراق نقطة التقاء لهم، ولاشك فأن المدخل لتحقيق استقرار العراق يكمن في تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية عن طريق عملية متعددة الأطراف وشفافية،إن دولة الاستقرار السياسي في العراق يمكن تحديدها بدولة الأمن الوطني أي... الدولة التي يتحقق فيها حالة غياب المخاطر عن حياة المجتمع وكيان الدولة واستمرار التنمية والاستقرار في سياق الشرعية ، فهل يستطيع السوداني تحقيق ذلك؟
عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

53
الشباب عنفوان الحياة وسمات النهوض
واحدٌ من الاتجاهات الرئيسية التي شقت طريقها في غالبية البلدان والمجتمعات هو العمل مع الشباب لأنهم عنفوان الحياة وهم القادرون على تغيير كفة الموازين و لهم دور عظيم وأساسي في النهوض بأي مجتمع أو دولة ولا يقتصر ذلك الدور على مجال معين بل يتشعب في جميع مجالات الحياة سواء الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية أو الاقتصادية وغيرها ومشاركتهم في الخطط التعليمية  عند وضع المناهج الدراسية والتعليمية بالطرق الحديثة التي تتماشى مع متطلبات العصر وما يحدث بالعالم من تطورات، حيث ان الشباب لهم أهمية كبيرة وهذه الفترة يبدأ فيها الإنسان باكتساب شخصيته المتفردة بناء على كل ما قد اكتسبه من مهارات وامكانيات وأفكار وعلاقات اجتماعية وسمات تساهم بشكل كبير في تشكيل شكل مستقبلهم وحياتهم ، الشباب يمثلون  قوة هائلة تستطيع من خلالها المجتمعات أن تحارب تفشي الفساد بها، لانهم العدد الأكبر والقوة البدنية والعقلية والفكرية الأهم التي إذا تم إعدادها بشكل سليم تستطيع محاربة كل أشكال الفساد والنهوض بالمجتمع إلى صورة أكثر رقيًا وثقافة ، فأعظم ثروات الشعوب في طاقات أبنائها، وسيرة المجتمعات العظيمة تتلخص في حياة عظمائها، وبمراجعة سريعة لعظماء وقادة الشعوب والأوطان نكتشف أنهم كانوا شبابا.. ويمكن الاعتماد على الطرق التالية التي يمكن من خلاله جذب الشباب ليكونوا فاعلين في المجتمع:-
 الاهتمام بالكوادر والمتفوقون في مجالات التعليم والعمل المختلفة ومنهم المساعدات والمنح الثقافية والعلمية وتقديم المساعدات المعنوية والمادية لإقام المشروعات الشبابية الجيدة،  وتكريم جهودهم بصورة لائقة مما يشجعهم على تقديم ما هو أفضل وأكثر تطورًا و توفير روح من التفاهم والترابط بين الحكومات المختلفة وشعبها وبشكل خاص الشباب حتى لا تتوفر فرصة العابثين باستغلال الشباب في الإيقاع بمجتمعاتهم واستغلالهم ضدها ، اعطائهم الوقت بإيضاح أفكارهم واقتراحاتهم والاستماع لها بجدية ومرونة،عدم إهمال تلك ألافكار والمشروعات الشبابية والعمل على تنفيذها على أرض الواقع بعد دراستها بشكل جدي و إقامة المؤتمرات والاجتماعات لاستقبال أفكار الشباب ومشروعاتهم المقترحة للتنفيذ ومناقشتها معهم لبيان السلبيات والايجابيات التي تحتوي أفكارهم بتطبيق الديمقراطية وإيجاد المناخ المناسب للعمل والتفكير وإقامة المشروعات، العمل المشترك والمتصل بين كافة المؤسسات لتحقيق أفضل نتائج في كافة مجالات المجتمع ،، تشجيع المبادرات والمقترحات التي يقوم الشباب بتقديمها بهدف التطوير والتنمية المجتمعية ،
 إذًا الشباب هم عماد أي بناء ارتفع وعلا شأنه ، فلو صلُح حال الشباب ضمنا تجدد الحركة في الحياة، أما إذا غُيّب الشباب في غياهب الشبهات والشهوات والتفاهات فقل على الدنيا السلامة، والمقصود بالشباب هم النساء والرجال على حدٍّ سواء، فالمرأة هي الجسر القادر على احتمال ضغوطات الحياة المختلفة ومن ثم إيصال الجميع إلى بر الأمان، و لانهم الأكثر طموحاً في المجتمع، لعملية التغيير والتقدم لديهم غاية ولا تقف عند حدود معينة  وتطوعهم في ميدان الحياة المختلفة  يُسهم كثيرًا في بناء المستقبل المشرق الذي يرغب به أرباب المجتمع ورؤوسه، وهذا كله يصب في خدمة الوطن، ولا يجب أن يُغفل كذلك دورهم ا التطوعي في نشر الثقافة والتعليم وتبادل الأفكار الخلاقة وصنع المشاريع الصغيرة ومحاولة تضافر الجهود بين بعضها للوصول إلى عمل لائق بديع، وإن كان ذلك كله يصب في مصلحة العامة، لكن لا يُمكن التغافل أبدًا عن أنَّ ذلك من شأنه أن يرفع سوية الفرد ويصقل مهاراته الشخصية ويعلمه الاعتماد على ذاته وخلق جوّ من التعاون والإحساس بالمسؤولية الكبيرة تجاه الوطن بأكمله وتجاه المجتمع وتجاه الفرد.
ان اية مجموعات سياسية و المنظمات المهنية أو أية مجموعة تسعى للتغيير السياسي أو الاجتماعي يجب أن تضع في سلم أولوياتها استقطاب تلك الطاقات الشبابية الواعدة  وهم قوة اجتماعية هامة بصفتهم قطاعاً اجتماعياً رئيسياً في المجتمع، وكسب هذا القطاع من قبل صانعي القرار والسياسيين يعني كسب معركة التغيير، وهنالك الكثير من الأمثلة الدالة على هذه المعادلة، وتوظيف هذه الطاقات باتجاه أهدافها المحدد ، وخلق الطاقات والعمل معهم  على أساس تخصصات وحسب رغبتهم ، في إكتسابها المهارات، والخبرات العلمية والعملية، و من خلاله يتم  صقل مواهبهم الشخصية وتأهيلها التأهيل المطلوب لضمان اعدادهم بشكل سليم مع واخبار عن عن المستجدات، وخلق قادة لبناء المستقبل  في مختلف الميادين المجتمعية، بعد ان وضعت امامها  هوة واسعة كانت ولا زالت قائمة بينهم في البلدان المتقدمة و في البلدان الفقيرة والنامي.
وتقف العوامل الاقتصادية في مقدمة الأسباب التي تعيقها وغياب البرامج و الخطط الكافية للتأهيل والتنشئة والتربية ، إضافة إلى أسباب داخلية تتعلق بالموروث العقائدي والاجتماعي وطبيعة القيم والعادات والتقاليد، وتركيبة المجتمع والعائلة ومستوى الانفتاح الاجتماعي، وطبيعة النظم السياسية القائمة، حيث تظافرت كل تلك العوامل تحد من دور الشباب في البلدان الفقيرة وتفاقم الأزمات المستشرية في أوساط الشباب: كالبطالة، وسوء العناية الصحية، وتدني المستوى المعيشي، ونقص المؤسسات الراعية، ومراكز الترويح والترفيه. وهذا لا يعني البتة أن الشباب في الدول المتقدمة والغنية لا يعانون من مشاكل وأزمات مثلما يعانيه الشباب في الدول الفقيرة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

54
السياسة ودور المثقف في إدارة الدولة
تختلف تعريفات السياسية من مدرسة الى مدرسة اخرى و ليس هناك من إجماع حول التعريف لهذا المفهوم بسبب المواقف  النظري أو الفكري التي تنطلق منه تلك التعريفات وفق اطار المدرسة الغربية و العربية ، السِّيَاسَةُ ـ بالكسر ـ مصدر سَاسَ الأمر سِيَاسَةً ،ومع الأسف فأن اليوم نشاهد ان الدول العربية والإسلامية تستنبط وتقتبس مفاهيمها  السياسية من الغرب  بدل ان تتحقق من تماشيها مغ قيمها و واقعها الاجتماعي وشخصيتها وطرق حياتها وسلوكها ولا تنهل من اصولها، والتي تختزل السياسة في ثقافتها باختصارها بعبارة "فن الممكن "و يتم التعامل معها باعتبارها وسيلة لتبرير المواقف، أكثر من كونها مفهوما للإدارة والحكم. لذلك بدلا من أن تكون السياسة فن تدبير البلاد وإدارة شؤون العباد، تحولت إلى فن تبرير الاستيلاء على السلطة، وممارستها القمعية، وتحالفات تشكيل الحكومات، والأخطر تبرير الولاءات الاخرى وشرعنتها ، ويختصر فهمها من قبل الزعماء والسياسيين وحتى من بعض النخب الثقافية بأنها يمكن أن تبرر النفاق والتقلبات السياسية والازدواجية بالمواقف وهنا تتحول السياسة من تدبير شؤون المواطنين إلى تبرير الخداع والفساد والفشل بشعارات قومية ودينية وأيديولوجية مختلفة، وتلك هي باختصار مأساتنا مع نخب سياسية وباتت وظيفتهم ،مع العلم ان النبي صلى الله عليه واله  وسلم كان يستعمل السياسة الحكيمة الراشدة في حكمه ، وفي تدبير شؤون الدولة ؛ لأنه نزل بشريعة تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها وتقلل من المفاسد وفقا لأهمية السياسة في حياة المجتمع ، من هنا فأن النخبة الثقافية والوطنية الحقيقية عليها الواجب الأمثل كي تحرس  أمن الوطن، وصاحبة العمل المنضبط، والرؤية المشرقة للمستقبل، والوعى الكامل بالسياق والمنجزات والعثرات، مع القدرة الكاملة على القفز فوق كل المشاكل والتحديات. واحسب أن ثمة مفتاحاً لكل هذه الصفات الوطنية؛ يرتكز على تفضيل المصلحة العامة وتبنى القيم العمومية، والعمل من أجل المجموع، وزحزحة المصالح الفردية الضيقة إلى الخلف قليلاً في سلم الأولويات
لقد برز علم حديث عرف بعلم السياسة  والذي يهتم بدراسة النظريات السياسية، وظروف الدول والحكومات، والمسلكيات التي تعتمد عليها وقد خصصت اسس تنظيمية للدراسة في الجامعات المختلفة في العالم السياسية ، وتعد السياسات التعليمية ذات أهمية كبيرة بالنسبة لجميع الدول، حيث تحظى باهتمام كبير من قبل قيادات الدول ومجتمعاتها، وبالتالي فقد حرصت الدول المتقدمة والعديد من الدول النامية مؤخرا على مراجعة سياستها وأنظمتها التعليمية مراجعة متكاملة لكي تتمكن من إدراك مواطن القصور فيها والعمل على تطويرها ، ونال باهتمام كبير لدى علماء التربية وعلماء السياسة على السواء، حيث إن السياسة التعليمية ترتبط بشكل مباشر بالكيان الوطني وتطلعات المجتمع وأهدافه وغاياته الكبرى، كما أن السياسة التعليمي في أي نظام تعليمي تعتبر مؤشر واضح عن هوية هذا الوطن واهتماماته، والتعليم السياسي هو التفكير المنظم الذي يوجه الأنشطة والمشاريع في الميدان التعليمي والتربوي، والتي يرى القائمون على صناعة السياسة التعليمية أنها كفيلة بتحقيق الآمال والطموحات التي يتطلع المجتمع والأفراد إلى تحقيقها في ظل الظروف والإمكانيات المتاحة.
ويمكن اختصار تعريف علم السياسة على أنّه العلم الذي يدرس السلطة، أو علم دراسة الدولة، او على أنّه العلم الذي يدرس الظواهر والسلوك السياسيّة الإنسانيّة، إضافة للهياكل السياسيّة لكلّ دولة، بالاستناد إلى طرقٍ موضوعيّة وعلميّة ومنهجيّة منظمة وعملية صنع قرارات ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيدولوجيات معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

55

الوطنية وبديهية الهوية وتطلعات الجماهير
إن حالة الإنقسام الذي يمر به العراق بين كتله السياسية لا تعدو كونها حالة موجودة لدى القادة دون تمييز ولا علاقة للمواطن العادي فيها رغم انه هو صاحب الامر، بسبب تعثر التوافق السياسي داخل كتل واحزاب العملية بشكل ملحوظ مما ينعكس سلبياً على ادارة الدولة داخلياً ، لدواعي مُختلفة منها الصراع حول السلطة والنفوذ، ودوافع أخرى لا ترمي إلى خلق توازن واسعة انما فرض توازنات مُحددة، ولكن الحقائق تظل حقائق ولا يستطيع أحد الهروب منها أو إظهارها بغير طبيعتها وأخرى مُرتبطة بالوضع الأمنى والسياسي المرتبك و فى النهاية تظل السلوكيات والممارسات الخاطئة التي وقعت من كافة الأطراف دون إستثناء هو العامل الأهم والسبب الرئيسي في عدم الثبات وتزايد الفوضى ، فلا يوجد من هو بعيد عن المشاركة بالأخطاء التي اوصلت البلد الى حافة الهاوية   و  لا يوجد أي تغيير جوهري في سلوك المشاركين في السلطة يدلل على الرغبة في الاستفادة  من الخبرة من التجارب واصلاح الاعوجاج وتجاوز المحنة التي يعاني منها أبناء الشعب رغم ردود الأفعال المعبرة عنها بالكتابة والتظاهرات ووسائل التواصل الإجتماعي ، وما يرتب على الاكثرية التي ما زالت لديها عقلية السلطة لا عقلية الدولة من أن تفعل شيئاً قبل فوات الأوان ،والإنسان غالباً ما تقوده دوافعه المُختلفة وإرتباطها بالمصالح لارتكاب الأخطاء .
من البديهات في ان الهوية الوطنية تُعبرعن الهوية الجمعية المتكونة في المجتمع ، والانطباع المتولد لدى أفراده عن أنفسهم وثقافتهم التي هي طابع الاغلبية فيهم ، وتضفي الشرعية عبر الوضع الاجتماعي والتآلف المشترك، وتسعى إلى تحقيق التماسك المجتمعي والوحدة السياسية وهي تتخطى الولاءات الاخرى التي نشاهدها في العملية السياسية العراقية والتي أربكت الوضع وتحول الى هش ومائل للانهيار.
 تعزيز الهوية الوطنية بلا شك هي من أولويات العمل الوطني؛ كإستراتيجية ثابتة لا تحتمل التغيير ولا التأجيل، باعتبارها أم القضايا ، وعلى اساسياتها ينمو المجتمع، ويكبر، ويتطور، وعبرها تتعزز علاقات أبناء البلد الشركاء في الأرض والمصير الواحد، الذين تجمعهم روابط كثيرة، وتربطهم آمال مشتركة يحلمون بها ؛ ويسعون إلى تحقيقها، باذلين كل الجهود المطلوبة لإنجاح هذا التوجه، الذي لا مكان لقبول بديل عنه، مهما تجملت البدائل، وزاد بريقها ولمعانها، تعتمد على عدة مقوّمات أهمها التراث، والتاريخ، والثقافة، واللغة، والتجارب، وهموم الشعب وطموحاته، وهناك مستوى عاماً من التهديد، تواجهه الهوية، في العالم كله وهو العولمة من نواحي الثقافة التي يتمّ مشاهدتها في الكتب والإعلام . والجانب الثاني من التهديد الذي تواجهه الهوية في تغيير الواقع والتي تحطيم الارتباط بالأرض ،والعبرة فى الطُرق المثلى للتقويم والإصلاح لتحقيق التماسك المجتمعى وبناء ضمير مشترك غير مُقسَّم بالاعتماد على المواجهة والاصلاح ، فطريق ما يُسمى بالحوار بشروطه المتكاملة هو الطريق الصحيح للمضي نحو الامام والارتباط بالهوية الوطنية التي تعني الانتظام العام في المجتمع على ان تكون نابعة من رحم الجماهير التي تسعى لنيل حقوقها المشروعة، من حرية ومساواة وعدالة ورخاء، ، ومن صميم فطرة الانسان، و تكون مصاديق العملية في أي حراك او نشاط ثقافي داخل المجتمع، ليحقق  نجاحه من خلال تفاعله مع الجماهير، لانه منهم واليهم ، اذا ما كانت الفكرة اساساً نابعة من رحم هذه الجماهير، وتحمل همومه وتطلعاته، وتستفاد من تجارب اخرى ماضية، وعدم واقتصاره على فئة معينة، وانقطاعه عن الجماهير وتصاغ الهوية الوطنية وفق مبدأ اخلاقي ضمن نسيج مجتمعي متماسك او الوعي الذي يجب أن يربى عليه الاولاد في حب الوطن والاخلاص له والتضحية في سبيله  وبالقيم والمبادئ التي يجب ان يؤمن بها كل فرد ويسعى الى تحقيقها ،ويحمل مبادئ سياسية واضحة اساسية يعتنقها ويستخلصها من حاجة الناس ومعاناتهم ،ويردد تلك المبادئ لتدور على ألسنة الكتل والاحزاب السياسية والافراد والشخصيات الواعية ، ويناقشونها ويتحدثون بها في كل مناسبة متاحة للتعبير عن افكارهم وارائهم  ، و تكن هذه المبادئ مستندة  على فلسفة سياسية أو افكار تسوعب بل تجسدها في واقع وتطلعات الجماهير لتحقيقها.
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي
 

56
أسباب العنف وربطه بالدين خطاءاً
===================
لماذا تطغى ظاهرة "العنيف" في مجتمعنا مع الاسف اليوم والتي يقول عنها السياسييون وبعض مثقفينا إنها صور في ظل العنف الديني " بهتانناً وفي الحقيقة انما يرتبط العنف لغةً بالشدّة والقساوة، فالرجل العانف من أخذ غيره بشدّة، والعنيف صفة مشبهة تدلّ على تواصل عنف العانف وتحوّله إلى سلوك اجتماعي مبرّرومشروع و كلّ فعل يخالف طبيعة الشيء ويكون مفروضًا عليه، من خارج فهو بمعنى فعل عنيف ،ويتناقض العنف مع الحلم والسماحة والمعروف والرفق، وهناك مصطلحات قرآنية في خلفياتها، ممّا يعني مبدئيًّا أنّ العنف يتناقض مع روح الوحي الذي دعا في أكثر من موضع إلى الرفق والعفوه بكلّ أصنافه، والصفح الجميل والجنوح إلى السلم والسلام  وهناك آيات تدعو إلى احترام عقائد الآخرين حتى ولو كانت فاسدة وغير صحيحة، وهذا إنما يدل على حرص الإسلام على السماحة واللاعنف في سلوك المسلمين حتى مقابل أصحاب العقائد الضالة التي لا قداسة لها في نظر الإسلام .من ضروب اللاّعنف أو مصداق من مصاديقه البارزة في القراَن الكريم.قالتعالى: ((وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوْا الْفَضْلَبَيْنَكُمْ)) البقرة 237وقال سبحانه: ((إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوء فَإِنَّاللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) النساء 149.وقال عز وجل: ((وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُلَكُمْ) النور  22 ويرتبط  مفهوم دلالات العنف بمطلب العدالة باعتبارها مفهومًا تأسيسيًّا في الثقافة عموماً والاسلام خصوصاً، فالعنف الجائر لا يستجيب إلى مقوّمات العدل ومقاصده كما أقرّتها التقليد الإسلاميّة ذاتها، فليس من العدل أن نكره النّاس على فكر أو معتقد، وليس من العدل أن نجبر الناس على تغيير تقاليدهم ومعتقداتهم.لا بدّأن نقف عند خلفيات الفكر الذي يتبنى العنف ويحرّض عليه ويجعله وجهًا من وجوه العدالة والمشروعية، تكمن في وعي أهمية مقاصد الدين وارتباطها بالمصالح المرسلة،فالعدالة ليست سوى تحقيق المصالح ودفع المفاسد والحفاظ على حرمة النفس والمال والعرض فالعدل من منظور مقاصدي يعني معاملة النّاس بحسب أفعالهم لا حسب خلفياتهم وانتماءاتهم، يمكن حصر حالات العنف اساساً الى مايلي:العنف الجسدي والكلامي الذي يعتبر اي سلوك بالقوة يتم القيام به ضد الابناء او البنات من خلال الكلام الجارح او المس البدني والصحي وهو اخطر أنواع العنف لأنه من الممكن أن يؤدي إلى فقدان حياة الإنسان بصورة فورية، ولذلك فإنه يستدعي العلاج السريع ، اوالعنف النفسي الاسري الذي يشمل كافة مظاھر الانتھاكات الأخلاقية، التي يرتكبھا أحدأعضاء الأسرة ضد الآخرين من الأسرة، و التي يتعرض صاحبھا لجزاءات سلبية ذات طابع رسمي، وتتراوح ھذه الانتھاكات الأخلاقية من التسلط والإھمال و الذي يتسبب بالمس العاطفي والنفسي بأحد أبناء وبنات العائلة، دون اتصال مباشر مع جسده، الشعوربتقدير الذات من خلال توجيه القوة والسيطرة بمختلف الأشكال و عنف يصعب تشخيصه ،لذلك خطير جدا، نظراً لأن نتائجه قد تكون مدمّرة ،او اقتصادياً في محاولة جعل أي فرد من أفراد العائلة متعلقاً بمن يمسّ به من حيث قدرته المادية والاقتصادية على العيش، لأنه يمنع  إمكانية الاستقلال ويمنح السيطرة المطلقة لمن يقوم بالمس، او الاهمال في عدم توفير الاحتياجات الأساسية لأحد أفراد العائلة وخاصة الاولاد، من خلال المنع أو العمل غير الصحيح،والتي تسبب معاناة غير ضرورية ذات إسقاطات وتأثيرات جسدية، نفسية، اقتصادية واجتماعية.اذاً ان كل شيء يمارس بالعنف و العنف لا علاقة له بالدين فقط انما يعود الى الفقرالثقافي والاقتصادي ونمو التسلق السياسي،عنف في الخطاب الماجن ، عنف في السياسة والمجتمع والمدرسة ، والشارع والاسرة ، وحين يكون الفرد محاصراً بهذا الشكل فاعلم أن العنف لا علاقة له بالايمان الديني ابداً، ويُعرَّف العنف عموماً بحسب علم الاجتماع على أنَّه "سلوك لا عقلاني يعود أصله إلى مركب من الميول والمصالح المتخاصمة، التي تُسبب إلى حد ما انحلال المجموعة نفسها، وأنَّه في كثير من الحالات سلوك قمعيومتلازم مع عملية اختلال النظام، وكلما غابت الثقافة الحرة حاملة القيم الإنسانية الكبرى من خلال المسرح والأدب والموسيقى والفن التشكيلي، سقط المجتمع ضحية ويحاصرالمجتمع والفرد بثنائية بعدة عن القيم، المقدس والمدنس وعظم العنف.،ويزداد ضراوتهكلما كثر الدجل وارتفع صوت البهتان عالياً في السياسة  والثقافة والأخلاق،وفي كل هذه الحالات كان وقود هذا العنف إما التطرف القومي أو العنصرية أو بلباس الدين، فجميع الحروب التي قامت وجميع الصراعات القائمة الآن سببها هذا الثالوث .
يستقي العنف منذ أقدم العصور مشروعيته الوجودية المرضية من فكرة التفوق القومي أو العنصري أو تحت غطاء الدين الذي يستغله السلاطين والحكام، ومن هذا الوهم الثلاثي يتولد الاستعمار بكل أشكاله السياسية والاقتصادية ويتولد الاستغلال البشري والجسدي ضد كل أفراد المجتمع ، هذا ينتمي إلى قومية أخرىأو ديني يتستر بغطاء الإيمان بمختلف الوانه واشكاله وهو بعيد كل البعد عنه ، وينتج عن حالة الخوف رد فعل عنيف مقابله، فتغيب الحجة في اقناع السياسي الاخر، ويخشى رجال السلطة على سلطتهم ولا يسمع أحداً منهم كلام العقل والمنطق في الحوار. وينتج جراء ذلك خطاب عنيف في لغته، وهو ما يعيشه مجتمعنا السياسي الحالي دون سماع أصوات الفقراء والمعوزين و نياح الثكالى ولا يسمعون حكمة القول.
عبدالخالق الفلاح - باحث واعلامي

57
العراق.. حُلْكَةُ المواسم السياسية فيه
في الواقع الراهن تلعب عدة اسباب  لتشكل التخبط و الجهل السياسي في بلورة سياسة الظلم والاضطهاد وتشدد فيه حلكة المواسم السياسية الذي له الدور الكبير في انضاج فكرة العداء بين السياسيين وهي المناصب والفساد المستشري ، وتبقى الأزمة السياسية العراقية في تراوح في مكانها منذ 20 عامًا مما يجعل من الدولة  في دوامة الفشل والعجز الذي لا يسده شيء بسبب عجز النظام السياسي العراقي من إيجاد الحلول المناسبة والمعقولة في مواجهة المشاكل والهفوات التي أوقعت نفسها وشعبها بها  وتتهم جميع الطبقة السياسية بالفشل باختلاف الانتماء والتوجهات لان الجميع كانوا متواطئين ومقصرين ومشاركين في الادارة وتقسيم الفواجع والاوجاع على ابناء الشعب، والتي كان من المفروض في اول  خطواتها  إعادة صياغة وكتابة الدستور الذي جاء به مجموعة من السياسيين الغير متخصصين وفي عجالة والتي لا يتناسب مع القيم المجتمعية العراقية و كتب من غير إرادة ومشاركة شعبية حقيقية كبيرة، وأعطى الامتيازات للسياسيين قبل رسم سياسة لادارة الدولة  وهذا مغاير ومعاكس تمامًا لما تتطلبه التجارب الديمقراطية والوطنية في العالم، ويحتاج  إلى مشاركة النخب الفاعلة في مجال القوانين الدستورية العامة لكتابته وصياغته من جديد، ويتم التصويت عليه عبر استفتاء شعبي من جميع العراقيين  بعد مناقشته، ولعل ايجاد شرط  تقليل نسبة مشاركة الاحزاب حسب التحقيق القضائي والامني في نسبة المنظمين اليها، إذ شارك  حوالي 300 كياناً سياسياً في الانتخابات البرلمانية السابقة ولكن معظم تلك الكيانات كانت ليست لها قواعد شعبية حقيقية وتحالفت مع كيانات أخرى لتتنافس كقائمة انتخابية واحدة، ولاسيما تلك التي تتشارك في البرنامج المعينة نفسه. وعلى الرغم من التصديق على قانون الأحزاب السياسية، فقد اعترفت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات  بما يقارب 230 كياناً سياسيا مسجلة منهم للتنافس  في الدورة الانتخابية لعام 2018 وسرعان ما انتهت الى الاضمحلال وعدم الوجود ؛ لذا يتطلب وضع شروط أكثر صرامة لتسجيل الأحزاب وتقليل نسبتها من خلال زيادة رسوم التسجيل، وكذلك من خلال التركيز على جانب الطلب، أي: الحد من عدد المرشحين المتنافسين في كل دائرة انتخابية، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال حصر عدد المرشحين لكل قائمة انتخابية بعدد المقاعد المتاحة في كل دائرة انتخابية، وتوسيع نطاق الانتشار الجغرافي للأحزاب، وحذف اشتراط عضوية تمثل التنوع الإثني والطائفي في العراق .
 أصبح من الواضح جدًا أن الحياة السياسية والاجتماعية في العراق تزداد سوءًا، مع تراكم الكم الهائل من التصدعات والمشاكل والمطبات السياسية دون حلول، وهو الأمر الذي يقابله موجات من السخط والغضب الجماعي من الجماهير المطالبة بإصلاح النظام السياسي، حتى انعدمت ثقة الناس في المشاركة في الانتخابات يوماً بعد يوم حيث بلعت نسبة المشاركة فيها 20% من مجموع الذين يحق لهم المشاركة قانوناً.
ولم يبقَ سياسي عراقي مسك بزمام الأمور في بغداد الا ومارس دور رجل السلطة والذي سبب استنزاف الامكانيات التي اتيحت والميزانيات الضخمة التي تبخرت دون تقديم اي خدمة للمواطن الذي هو المتضرر الاول في كل هذه الامور و دون ان تشهد اي  محافظة من محافظات العراق تغييرا ملحوظا على مستوى الخدمات والأجواء العامة في مدنها ، وتقف محافظة البصرة من الخير و التي تمثل ينبوعاً للكرم والعطاء في العراق في الوقت في مقدمة المدن التي تعاني من قلة الخدمات وسوء المعيشة وشحة المياه رغم كونها المصب للنهرين العظيمين ( دجلة والفرات ) ويلتقيان على ارضها وتعيش على بحيرة من النفط وقريبة من مياه الخليج وهكذا بالنسبة لبقية المحافظات الاخرى ، اذا ابعدنا "اقليم كوردستان من هذه المعادلة " وما رافق ذلك من حرب طائفية اشتركت في إيقاد نيرانها بعض الدول الحاقد على تاريخ وحضارة العراق و لانتزاع مناطق كي تكون ثغرات نفوذ لها داخلياً  بناءً على اعتبارات طائفية او قومية والتي كانت ما مرسومة لها ضمن خارطة الشرق الاوسط الجديد ( القليم الكوردي والاقليم السني والاقليم الشيعي ) و ترسخت و أفرزت إفرازاتها على العراق بسبب تكوين الحكومات المتعاقبة في بغداد بعد أحداث عام 2003 م ، مما اوجد البعض من اشباه السياسيين المتشبعين بتأجيج  الصراعات الطائفية وإظهار الاختلافات الديموغرافية بشكل أكبر لإحداث فجوات مذهبية وتمييز مناطقي جيو- ديموغرافي سياسي مذهبي متصادم مع الواقع المجتمعي الرافض لمثل هذه الصفات النكرة والغاية في  الفائدة من ذلك الصراع ، تشكيل حكومات ضعيفة لجني الفوائد المالية من السلطة والحصول على المكاسب الاقتصادية و لهم الدور الكبير في بلورة فكرة المحافظة على المناصب في السلطة قبل ترميم الدولة .
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

58
الكرامة الانسانية والشعور بالمساواة
ان الاباحة التي يمارسها السياسيون في العراقي اليوم بحق الشعب العراقي في الاستهانة بكرامته تثير الغضب والاشمئزاز بحق هذه الشلة التي عبثت وبعواطف وامال الجماهير الناقمة عليهم والتي تتحمل بكل صبر واباء هذه المحنة ولكن لا يمكن الاستمرار في قبولها وتحملها ولعل غد لنظاره لقريب ، تشير المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء".ووضع الكرامة في بداية المادة  الاولى لها لان كرامة الإنسانية، تعني أن نعامل الإنسان على أنه غاية بنفسه، وليس وسيلة أو أداة،  فالإنسان ليس شيئًا، ولا يقارن بشيء.
من هنا وجب التمييز بين مفهوم الإنسان وبين مفهوم الشيء ، والكرامة الإنسانية هي مبدأ ثابت، لا ينقص ولا يجوز التنازل عنه تحت أي ظرف من الظروف وهي بعبارة اوضح تعني عن قيمة داخلية، تجعل الإنسان يشعر بالمساواة مع الآخرين في المجمع وتناقض الكرامة الانسانية أشياء أخرى، مثل: التعذيب والشتم والمعاملة المهينة و يعامل الإنسان على أنه غاية بنفسه، وليس وسيلة أو أداة. فالإنسان ليس شيئاً، ولا يقارن بشيء؛ ومن هنا وجب التمييز بين مفهوم الشخص وبين مفهوم الشيء. والكرامة الإنسانية هي مبدأ ثابت، لا ينقص ولا يصحّ التنازل عنه، ولو بالرضا. وهو أحد المبادئ العالميّة المتعارف عليها، بين الأمم والشعوب، فنُصّ عليه في القوانين واللوائح، وورد ذكره في الوثائق العالمية حول الأخلاقيات الحيوية، مثل وثيقة اليونسكو، وغيرها؛    وأمرت به الأديان والشرائع. شملت الكرامة الإنسانية الإسلامية جميع البشر وليس فئة المؤمنين فقط، كما جاء في قوله تعالى: (ولقد كرَّمنا بني آدم)[الإسراء:70] والآية تشير إلى تكريم بني آدم وليس فئة خاصّة من البشر، والمفهوم الإسلاميّ للكرامة يؤكد أنّ الإنسان خلق مكرماً منذ الجبلة الأولى ولا يجوز لأحد أن يسلبه هذه الكرامة بغض النظر عن سلطته وقوته في المجتمع. ومنظومة الحقوق في الحقيقة هي أساس التموقع في العالم اليوم، أي أن الاندماج الناجح لأي دولة في العالم اليوم يُقاس وفق احترامها لحقوق الإنسان وحفظ كرامته ، وكلما كان واقع الحقوق والكرامة متدنية  أو تشهد مشاكل، فإن ذلك يوصد أبواب العالم والدول ، بمعنى آخر فإن الواقع الإيجابي لحقوق وكرامة الإنسان هما جوازا سفر اليوم نحو الحصول على الدعم والمناصرة متعددة الرساميل من العالم ، وتدور الفكرة  للكرامة الإنسانيّة حول قيمة الإنسان كإنسان يعيش على الارض﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ [هود: 61]،و انّ الغوص في معناه الدقيق، يثير الكثير من الجدل بين الآراء المتعارضة. حيث يستخدم مبدأ احترام كرامة الإنسان كمبرّر أخلاقي للكثير من الأحكام. فبعض البلدان التي تشرّع اللجوء إلى إنهاء الحياة أو الانتحار بمساعدة الطبيب الذي يسمى بقاتل الرحمة " وهذه الصفة ليست عمومية انما نقول للبعض منهم لان البعض الآخر يصل الى درجة ملائكة  الرحمة"، تستند في ذلك إلى وجوب احترام رغبة المريض وعدم التأثير في استقلاليّة قراراته؛ غير أنّ هذا ليس صحيحاً مطلقاً، لأنّها تحمل في طيّاتها انتقاصاً من كرامة الضعفاء والمرضى والعجزة، الذين اُستغلّ ضعفهم، وأمكن ممارسة الضغوط عليهم، بشكل غير مباشر من المجتمع والمحيطين حولهم، فلجؤوا إلى اتخاذ قرارات لم يكونوا ليختاروا لو أنهم كانوا بكامل قوّتهم، وعنفوان شبابهم. ومثال آخر على التناقض المثير للجدل في فكرة الكرامة، هو أنّ احترام كرامة الإنسان يستلزم مداواة المريض، والبحث عن جميع أنواع العلاجات التي توصل لشفائه؛ ولكن حينما يأتي العلاج الممكن الوحيد عبر إجراء استنساخ لخلايا جنينيّة مثلاً، فيحدث صراع بين فكرتين، تقول إحداها: بوجوب استخدام العلاج مهما كان مصدره، مادام يحمل في ثناياه الدواء و الشفاء، فيما تقول ثانيتهما: إنّ إنتاج خلايا إنسانيّة في شكلها الجنينيّ، ومن ثمّ تدميرها ببساطة بعد الانتهاء منها، هو إهانة لمصدر هذه الخلايا، الذي هو الإنسان ذاته، وبالتالي هو إهانة لكرامة الإنسان ويقول الكتاب الكريم ﴿ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ ﴾ [التغابن: 3]، وتكريمٌ لِدَوره في إعمار الأرض: ﴿ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ﴾ هود: 61 ، ان تعزيز مبدأ احترام كرامة الإنسان ليس سهلا وليس متاحا في كل زمان أو مكان، وثمة عقبات وتحديات تحول دون تعميم هذا المبدأ النبيل، لكن واجبنا كبشر يرتب علينا التزاماً أخلاقياً باحترامه وصونه باعتباره محورا رئيسيا في جميع الديانات السماوية و إن ذلك يدعو المجتمع الإنساني كله شعوبا وحكومات وأفرادا إلى التكاتف والتعاون لاحترام حقوق الإنسان وصون كرامته، ومعالجة كل الأوضاع التي تسبب الصراع وعدم الاستقرار والتطرف والعنف في أي مكان من هذا العالم.
عبد الخالق الفلاح ، باحث و اعلامي
 
 

59
شماتة المرتزقة وشيطنة الاعلام الحاقد
بشهيةٍ لا مثيل لها  طبلت بعض وسائل الإعلام الشارع بالأنباء الملفقة والمثيرة للتفرقة وظهرت على شبكاتها مجموعة من الناقمين على العراق واهلة من قبل البعض من الاعلاميين الذين صبوا الزيت على النار(حاشا ان اتهم الشرفاء منهم) من  شذاذ الافاق وبائعي الهوى وتلقيهم مبالغ مالية لتنفيذ مخططات لزعزعة الأمن والاستقرار وإثارة الفتنة واراقة الدماء الشريفة، قال الفيلسوف أرثر شوبنهاور ذات مرة(1): "أن تشعر بالغيرة، فذلك طبيعي، لكن حينما تشمت، فذلك شيطاني". وهذا ما كان لهم وسوف لان يتركهم الشعب من دون حساب وهم يبلون بطولاتهم اللئيمة والمثيرة للشارع على حساب ابناء العراق النجباء، لا يضاهيها سوى الغضب ورثاء على هؤلاء الذين تشمتو بما جرى من واقعٍ مؤلم خلال الأيام الماضية وهناك ثلاثة مكونات أساسية للشماتة (المتجردين من إقامة الأخلاق والعدل، وفي حالات التنافس، والعدوان ضد آخرين ) لكنها جميعا تدور حول مركز واحد، وهو تجريد الآخرين من بشريتهم،، قد لا يعجب إنسان ما بعد اختلافه مع إنسان فكرياً، لكن هذا لا يمنحك الحق بأن تتحول لمُتصيّد ابتلاءاته. وفي مرحلة ما رُبما تُنتزع الانسانية ويتم التعامل مع الاخرين  وفق اطر الحيونة مع الاسف ، وليست هناك مشكلة في قتلهم  او سلب ما عندهم  أو اعتقالهم لمجرد أن يختلف معهم في الآراء السياسية، في تلك الحالة تنترك أعظم منجزات البشر ،
إن ابتُلي الإنسان بهذا المرض، فمن اللؤم أن يتحوَّل  الى شامت، وأن يهمز ويلمز بأن هذا من عذابات الله له معاذ الله، لان الحياة قصيرة جداً ليس فيها متسع  ولا تستحق أن يحيى الانسان لئيماً حقيراً  مأجوراً، فيمارس الحقارة تجاه كل من لا طريق له عليه ؛ فقط لارضاءً النفس المريضة ، على هؤلاء التوقف عن تقديم الإغواءات بالموت ، وأن يتوقف عن تحقير الحياة وتسفيه الاخرين لمجدها، وأن يعمل الانسان ليكون وجيهاً في الدنيا والآخرة، وأن يعود إلى منطق الحق القراني الذي يحترم الدنيا والاخرة "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة" وأن يعمل وفق إطار الهدف .
لقد تلقف الكثيرون الأنباء الواردة من الداخل العراقي ومن احداث بشعة ومروعة في آنٍ واحد وطابت لها التباكي من اجل اراقة الدماء الشريفة مقابل دراهم معدودة لا قيمة لها سوى الذل والعار لهؤلاء الابواق وهم يبوقون لحرب داخلية في مرحلة الاعتصامات لابناء التيار الصدري و التي كان قد مر عليها قرابة الشهر من الخوف والرعب من انفلات في قتال بين الاخوة ، لذا لست أعلم يقيناً هل تسرب أم سُرِبَ في لعبةٍ من تصفية الحسابات التي تبدو دائرةً اليوم في ضوء فورة التسريبات العديدة لأسبابٍ بديهيةٍ مرسومة ( وانا لا ازكي احد في الدفاع عنه  ولكن يجب ان يكون القانون هو الحاكم ) وتدار من قبل مخابرات دولية حاقد على العراق وارضه و اتختار الزمان والمكان في النبشها و التي قد كانت يسمح ان تكون فاجعة حمانا الله منها ويكتبها التاريخ بصفحات سوداء إلا بعد أن يُقضى الأمر ويُبلغ الغرض، لكن كانت اشُبه بسحابة مرت بسلام ،بعد ان عادة العقول الى وجدها  ولكن السؤال لماذا يطبل البعض لخلق الفتنة بين الشعب العراقي وتكن جزء من الصراعات الداخلية الخطيرة التي تحرق اليابس والاخضر ولا مناص منها إلأ الدم والخراب والتي كانت لها عوامل كثيرة  ورائها منها آنية أو تاريخية ساعد الدخول الأجنبي الحديث على عزف وترها وعمل على تضخيمها خدمة لمصالحه. وقد يكون المشكل الطائفي والديني أحد أهم العوامل التي ساهمت في تأجيج الصراعات في هذا البلد بسبب غفلة البعض واستمرارها وخصوصاً مع وجود قوى خارجية تزيد من تفعيله، أن الالتزام الوطني هو سلسلة من القيم والأخلاقيات التي تنعكس إيجابياً في حياة الملتزم، ولكن لا بد من الاعتراف أيضاً أن هذا الالتزام حين يقوده التطرف فإنه يتحول إلى صدام مع الحياة وتحقير للحضارة وريبة بالإنسان، وسيغدو من الممكن أن يدفع الناقم على الحياة إلى ازدراء الحضارة الإنسانية ومن ثم إلى العمل العنيف.
وقد تكون هناك صراعات عنيفة بين عدة جماعات داخل الدولة بعد ان يُحدث بينهم نزاعات وصراعات متعددة وأعمال عديدة من الشغب، فيجعل من عوامل الخير أمر مهم في كشف مثل هؤلاء الأفراد و الحرب الأهلية تشمل العديد من الصراعات المتنوعة التي يتّبعها الخارجين على الدولة، لعل من أهم أسباب الخلافات حتى بين الأطياف السياسية هو التداخل العرقي والديني والطائفي في بعض الأحيان مع وجود امتدادات لهذه الكتل السكانية وقد صنع مزيجاً مميزاً قابلاً للانفجار خصوصاً إذا أضفنا إليه مشكلة الحدود وعدم استقرارها، مما أثر في حياة السكان وأدخلهم في دوامة مستمرة من الحروب والصراعات المباشرة أو غير المباشرة..فلا غرابة أن تحل اللعنة على من ينبش وعي الناس ويدعوهم إلى اليقظة والحذر مما يجري و الله لا يلعن أصحاب العقول النيرة الذين يحرصون على مصالح الناس ويحاربون الاستبداد والاستعباد والظلم، لكن اللعنة تأتي من قبل الذين لا يعرفون الله ولا يتقونه.
علينا ان نتخذ من النبي الاكرم (ص) لانه رمز العدالة والامانة والاخلاق والعناية الالهية التي تنقذ الإنسان من الجهالة والضلالة وحامل رسالة السلام والمحبة والاخوة، و وجود ذكره زاخر بالرحمة والبركة لكل البشرية وتلاقي المسلمين بكل مذاهبهم وقومياتهم وأعراقهم.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

60
الاستبداد والطغيان
=============
في حياة كل شخص مواقف رأى فيها ظلماً واقعاً على أحدهم، سواء كان ظلماً كبيراً أو صغيراً، وكم يكون التحدث مخيفاً في موقفٍ كهذا وقد ينجم عنه عواقب سيئة، ولكنه يعلم أيضاً أنّ السكوت مخيف أكثر و لذلك تحتاج إلى إضاءة وتهوية وتطهير سوسيولوجي، وإلى إزالة الأعشاب الضارة والفاسدة من الحقل السياسي، من تربة هذه الثقافة وزرع بذور العقلانية والإنسانية واشرعة السلام والإبداع المعقمة و تحتاج إلى تخصيب الصالح ،لأنّ العواقب التي تنجم عنه تمتدّ من الشخص نفسه إلى غيره، إذ إنّ السكوت يجعل من الظلم فعلاً ممتدّاً لا يتوقف، لذا يجب كسر هذه السلسلة، وإيقاف هذه العجلة التي تتدحرج دون توقّف ويعتبر أمر لا محال  منهماً اذا توقفت جهود المكافحة . لقد تعددت وتنوعت اشكال الكتابات حول موضوع الاستبداد والطغيان ومخاطر صعود قيادات جاهلة  تتمرد على المؤسسات الديمقراطية والديمقراطية التمثيلية، ودائما ما ينظر إليهم بعين الكراهية والخوف لانهم يحاولون الوصول الى السلطة  بشكل غير محدود وبكل الوسائل  ليصبحوا عوامل مباشرو للفساد والافساد ، الطاغية الذي يعرف ب" فاعل من الفعل (أطغى) وهو الذي يحمل غيره على الطغيان، فيجعله يتجاوز الحدَّ: نقول فلان أطغاه السلطان أو المال أو الجاه أو أصحاب السوء، وهذا المعنى ورد في قوله -تعالى-: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ)،(٧سورة ق) والمستبد الذي يعني" مَنْ يَتَعَصَّبُ ويَتَصَلَّبُ لِرَأْيِهِ وَلاَ يَقْبَلُ سَمَاعَ آرَاءِ الآخَرِينَ،او العَنِيدُ "وهما لا يعنيان نفس الشيء انما حكم أو نظام يستقل بالسلطة فيه فرد أو مجموعة من الأفراد لا يخضعون لقانون أو قاعدة ودون النظر إلى رأس المحكومين.
لو بحثنا في كتب التاريخ لوجدنا ان هناك عشرات الانظمة الغربية التي  حكمت و كانت مستبدة وطاغية واتصفت بكونها عدوانية وعلى سبيل المثال هناك هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا وهناك ستالين في الاتحاد السوفياتي سابقا وهناك تشاوشيسكو في رومانيا ولا ننسى ماو تسي تونغ في الصين وايضا غيرهم الكثير وهؤلاء مارسو ابشع انواع القمع والتنكيل والقتل والتضييق على الحريات وحكموا بلادهم بالنار والحديد ولا ننسى البعض من الانظمة الاسلامية والعربي التي استبدت حتى النخاع خلال فترات حكمهم المستبد لم يفعلوا الا شيء واحد وهو السرقة والعمالة للغرب ولنا في بن علي ومبارك ومجنون ليبيا خير مثال حيث انا لارقام التي تم الكشف عنها تبين لنا انهم وخلال فترات حكمهم لم يتبرعوا إلا في سرقة الشعب وقتله بنفس الوقت , ونظام صدام حسين كانت يد يسرق الشعب ويد يقتل كل شريف يحاول ان يثور ويفضح هذا النظام .
يمكن للحاكم المستبد أن يكون خيراً إذا كان منذورا مخولا وحكم لمصلحة الرعايا عكس الطاغية الذي لا يمكن أن يقدم خيرًا بسبب أنانيته وارتهان رغباته  ولاشك ان مثل هؤلاء يحاولون في احيان كثيرة تقدم  خطابا عاطفيا قد  يجد صدى لدى البعض من  الجماهير البسيطة الساخطة على النخب السياسية .
من المفهوم ان بين الحاكم العادل والحاكم الطاغية فوارق لا تقبل الشك ابداً، وهذا المؤشّرات أو المعاير تتمثّل بدرجة انتهاك حقوق الأمة، الفرد والمجتمع، ولنا قادة على مر التاريخ قدموا نماذج من الوفاء والاخلاص والصدق يمكن التمثل بهم " فالإمام علي بن ابيطالب عليه السلام، هو القائد الذي رعى حقوق الجميع من دون استثناء، أو تفريق أوتفضيل بين شخص وآخر، والجميع في ظل حكومته كانوا سواسية، وفق مبادئ العدل والرأفة والمساواة، حيث يتكرّر منهج التحرّر، فنجد في حكم الإمام عليه السلام، النموذج الأمثل للحاكم الذي يرعى شعبه، ويساعدهم على معرفة حقوقهم والعمل بحرياتهم، بعيداًعن القسر والظلم والإجبار، تحت ضغط المصالح السلطوية.
تقع في الكثير من الأحوال اللوم على المؤسسات والهياكل الديمقراطية على أنها غير القادرة على تلبية تطلعات الشعوب في الحوكمة والعدالة في واقع عولمة ليبرالية متوحشة تعمّق من التفاوت الاجتماعي وسوء الحوكمة ورداءة الخدمات وتقليص الدور الاجتماعي للدولة… وتعتبر قليلة التحاليل التي تحدثت عن ديكتاتورية «الشعب» ، هذه الحشود التي تعتبر حطب وقود الحكم الفردي والمحرّك الرئيسي لنزواته السلطوية، اولئك الذين ، مهما كان عددهم، يعتبرون انفسهم «صوت الشعب وضميره الحي» ويتداولون خطب التخوين والتحقير والتهديد لكل معارضيهم ،هؤلاء هم من يفتح باب الديكتاتورية على مصراعيه، وباسم الشعب .
من أكبر البلايا التي ابتليت به الشعوب والأمم تسلط الحكام الطغات؛ حيث يغدو الحاكم وكأنه من غير جنس الرعية، ويزداد الأمر سوءا حين يعطي الحاكم نفسه بعض خصائص قد تصل الى الربوبية  ومن هنا قد يتمنّى بعض الناس العودة إلى الماضي،ونقصد به ماضي الاستبداد السياسي، وهذا في الحقيقة خطأ جسيم، لأن الطغيان مرض عقيم وخطير، لا يبقى في حدود السياسة، ولا تنحصر أضراره في الميدان السياسي، إنما تتعدّى ذلك إلى مجمل ميادين الحياة ومجالاتها، حيث ينعكس الاستبداد السياسي على الحريّات والإعلام والثقافة والاقتصاد والتعليم وسواه، فتغدو حياة الشعب كلها في قبضة الحاكم وتحت رحمة قراراته التي غالباً ما تكون جائرة متسرّعة ، ويقول عبدالرحمن الكواكبي " من يسأل عن سرّ ابتلاء الله الناس بداء الاستبداد فيقول:"إن الله عادل مطلق لا يظلم أحدا، فلا يولى المستبد إلا على المستبدين. ولونظر السائل نظرة الحكيم المدقق لوجد كل فرد من أسراء الاستبداد مستبدا في نفسه، لوقدر لجعل زوجته وعائلته وعشيرته وقومه والبشر كلهم، حتى وربه الذي خلقه تابعين لرأيه وأمره"  ومن طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد فهو إذا أمر أو نهى، وإذا حاكم أو عاقب، وإذا نفذ أو خطط، فلا يريد أن يكون أحد معقبا لحكمه، ولا مخالفا لرأيه، ولا رادا لأمره. والحق كما يقول محمدالغزالي: "إن التجمعات البشرية السوية فيها رجال كثيرون يوصفون بأنهم قمم،أما البيئات المنكوبة بالاستبداد فدجاج كثير وديك واحد؛ إن ساغ هذا التعبير"(في الفساد السياسي يقول الكواكبي  كذلك" إن محاولة إلصاق الاستبداد الحاصل في بعض فترات التاريخ الإسلامي بتعاليم الشرع هي محض افتراء وتشويه لتعاليم الإسلام الحنيف، ذلك أن الاستبداد -كما قال الغزالي- "ليس مرده إلى أن الإسلام تنقصه عناصر معينة، فأصيب معتنقيه بضعف في كيانهم كما يصاب المحرومون من بعض الأطعمة بلين في عظامهم أو فقر في دمائهم. كلا، ففي تعاليم الإسلام وفاء بحاجات الأمة كلها وضمان مطمئن لما تشتهي وفوق ما تشتهي من حريات وحقوق، إنما بطشت مخالب الاستبداد ببلادنا وصبغت وجوهنا بالسواد، لأن الإسلام خولف عن تعمد وإصرار… وقامت في بلاد الإسلام حكام تسري في دمائهم جراثيم الإلحاد والفسوق والمنكرات فخرجوا سافرين عن أخلاقه وحدوده" (الإسلام والاستبداد السياسي)"، ص 34. هناك تجارب حدثت في العالم تعتبر منيرة رغم انها  كانت سلطات مستبدة ولكن قدمت النماذج الجديدة للاستبداد المطلق المستنير من التغييرات السياسية في المناطق التي تم الحكم فيها جيدًا. تضمنت بعض الإصلاحات  التي تغييرات أدت إلى إلغاء الحصانات الضريبية الأرستقراطية ، وتنظيم قوانين الأراضي ، وإقرار التسامح الديني ، ورعاية بعض المؤسسات والأنشطة الثقافية وبالتالي الاستقرار النسبي في بلادهم ولكن رغم ذلك لم تصل الى الطموح .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

61
المفهوم السياسي والدلالة العلمية
======================
يرتبطُ عمل السياسي بما عنده من فكر عن السياسة والتي تعني ويمكن تعريفها "بأنها الإجراءات والطرق التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات من أجل المجموعات والمجتمعات البشرية، وكلمة (سياسة) كغيرها من الكلمات ذات الدلالة العلمية والفنية المستعملة عند العلماء والكتاب والمفكرين وغيرهم، فهي تحمل معنيين " لغويا ً" من ساس يسوس بمعنى قاد رأس، والسياسة لغويا الترويض والتدريب على وضع معين، والتربية والتوجيه، صدر الأمر والعناية والرعاية، والإشراف على شيء، والاهتمام به والقيام عليه". العراق أصبح ليس بعيداً عن وصفه بساحة صراعات دولية وإقليمية لدى الجميع و هشاشة المشهد السياسي وإنعكاسه على أداء المؤسسات الأمنية الرسمية لتزداد خطورة التذمر الشعبي وفقدان الشعور بالأمن الضروري وميدان تنافس على المصالح بين القوى المؤثرة في الدولة بسبب جهل السياسيين وفقرهم العلمي او لا اقل الناقص عندهم مما زاد من الممارسات المخطوءة او الغير المدروسة و الخلافات والازمات والتوترات بين اطراف العملية السياسية ، العراق اليوم يحتاج الى الخطاب العقلاني الذي يدعو للحفاظ على الدولة وتدعيم مؤسساتها الدستورية وعبور الطائفية، وإرساء المصالحة والوئام المجتمعي، والتذكير بمجد العراق وبعض ما تحقق من نجاحات، ويقوم هذا الخطاب على دقة اختيار المفردات والتوازن بين المذاهب ومغازلة النخب وتعظيم دور القوات المسلحة الرسمية، مع تعزيز ثقة العراقيين بأنفسهم من خلال استذكار بعض الصور المشرقة للماضي.
وهذا البلد برغم إمكاناته وموارده الكبيرة التي لم تستفاد منها يعاني الأمرين من سوء الحالة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ووصلت الأوضاع فيه إلى موضع لا يحسد عليه على جميع الاصعدة و لا شك فيه ان مراعاة التوازن الاقليمي والدولي واتخاذ الموقف الحيادي من الصراعات والابتعاد عن الاحلاف الغير مجدية، يجب أن تمثل أحد أهم أركان السياسية الخارجية للدولة في جميع المرحلة ، ومن المهم جداً ان لا تسلك العلاقات الخارجية اتجاه واحد، دون مراعاة الاتجاهات الاخرى ومصالحها ودورها المؤثر في اي مكان في العالم  وان تؤسس لعلاقات متوازنة دولية تبقيهم على مسافة واحدة من جميع دول المنطقة، وبخاصة تلك التي يمكنها أن تؤدي دوراً إيجابياً في المسارات المستقبلية ، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، بحكم الوزن الإقليمي والدولي والإمكانات المتاحة فيه.
 يعتبر علم السياسية كأحد الحلول البديلة لتقوية مؤسسات الدولة اذا ما كانت قد نضجت عند السياسيين العراقيين العملية السياسية والذين يفتقرون إلى ابسط مفاهيمه  ، والاعتماد على أساليب وأنماط متطورة مختلفة تساهم في بناء اي مجتمع قائم على السلوك الحضاري، وتكوين نخبة سياسية علمية مثقفة لا تكتفي فقط الأطر المفاهيمية والنظرية فقط، بل تشارك في الحياة السياسية من خلال انخراطها في مجمل المؤسسات، سواء الرسمية أو غير الرسمية؛ مما يستدعى الاهتمام البالغ بهذا  العلم، وفتح المجال أمام الباحثين والمتخصصين في صياغة خطط وبرامج تقدر على مواكبة الظواهر والحد منها.
 الغرض من دراسة السياسة هو تعميق المعرفة والفهم لواحدة من أكثر المجالات تأثيراً على الناس والمجتمعات والشركات اليوم، وهي الحكومة التي تنتج من سياسات معيّنة في العالم، ثم بدرجة موازية لفهم التوجهات المستقبليّة للحكومات حول العالم. هذا العلم يضيف قيمة لجميع المواطنين، كما أنه ضروري في العديد من الوظائف اليوم، ويحتاج رجال الأعمال التنفيذيين إلى بعض الفهم للمسار المحتمل للسياسة من أجل اتخاذ قرارات استثمارية حكيمة . تأتي أهمية السياسة من كونها المؤثر بحياة الدول منذ نشأتها , و الإنسان منذ ولادته و حتى وفاته . فكل ما يتعلق بحياة الإنسان يسيس أو تشرف عليه السلطة السياسية . حتى غدت هذه الأخيرة  تتدخل بجميع مفاصل الحياة البعيدة كل البعد عن السياسة و معتركاتها .
ويرتقي هذا العمل أو ينخفضُ بحسب رقي فكره الذي آمن به ويدفعه للنهوض بما يجب عمله في الاصلاح وصوابه ، أو ينخفض سلوكه بحسب انحطاط في الحياة والفكر فيما يجب عمله لأن الفكرَ هو الذي يوجدُ المفاهيمَ لديه، ويكيِّفُ سلوكَهُ في الحياة تجاه الأشياء بحسبه، فسلوكُه تجاه شيء فكَّرَ فيه وتكوَّنت مفاهيمه لديه  و تجاه شيء يبغضه وعنده مفاهيم الحب او البغض ، في سلوكه تجاه شيء يرتبط بعمله بمفاهيمه عن الأشياء والحياة، وما عنده من فكر عنه ويرتبط به حتمياً.
والسياسي عندما يقال له سياسي يجب عليه ان  يُحسِنُ الفكرة بالعلم فيما يجب للسياسة بالإعداد الموثوقة به والاستعدادِ المؤمن بما يجب للسير في مسالك الحياة؛ بالفكرة المستنيرة الصحيحة الصالحة للعقيدة الصحيحة و للمنهج والنظام المتكامل، وعليه أنْ يستحضرَ المفاهيم بذكاء متوقِّدٍ، ويستلهمَ الفكرة الجادة والخبرة؛ ليُعبِّرَ في سلوكه عن إرادة قيادة فكرية صالحة العقيدة والمعالجات الصحيحة المنهج في تنظيم حياة الناس من أمتهِ و في علاقاتهم الداخلية برعاية الدولة، لإقامة السلطة العادلة ، وترتيب نظام الامة  في علاقاتهم الخارجية للدولة والعالم بما يرعى مصالح وطنه بين البلدان على أحسن وجهٍ.
السياسة فن يجب ان يمارسه السياسيون، بطريقة علمية، و الأصل فى السياسة هو ممارستها علمياً، في السياسي يأتى أولا ثم يأتي بعد ذلك دارسو السياسة وعلماؤها، ويرتكز دارس السياسة وعينيه على ممارسي السياسة فى الحكومة والبرلمان والانتخابات والمحليات والأحزاب والنقابات يلاحظهم بدقة، ويرصد ما يقولون ومتى يقولونه و يحاول فهم دوافعهم ومبررات قراراتهم. يبحث فى تصرفاتهم عن الأشياء التى تتكرر، فيحولها إلى استنتاجات وقوانين عامة تشرح وتفسر السلوك السياسي فى مجتمعه والمجتمعات الأخرى. وبعكس ذلك تنمو المشاعر السلبية تجاه السياسيين، الذين يراهم الناس بشكل متزايد فاسدين، زائدين على الحاجة، أنانيين، يسعون لمصالحهم الخاصة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

62

الملف النووي في الامتار الاخيرة للانفراج
دخل ملف إحياء الاتفاق النووي بين إيران ودول 1+5 مرحلة متقدمة وحاسمة وتنتظر الانفراج ما يعني نجاحاً كبيراً  يضاف لجهودها الدبلوماسي، بعد أن قدمت طهران ردها على المقترح الأوروبي الأخير بهذا الشأن ويبدو انه مرضي لجميع الاطراف دون المساس بجوهر مطالبها وتنتظر الاجابة وسيق لايران ان طالبت في المحادثات حول إحياء الاتفاق النووي بغلق التحقيقات في أنشطة مواقعها النووية من قبل وكالة الطاقة الذري، وتصر إيران على إغلاق التحقيقات الخاصة بشأن العثور على آثار يورانيوم مخصب في مواقع سرية يقال انها لم تعلن عن وجودها في المفاوضات التي سبقت الاتفاق النووي لعام 2015 لان "الاتفاق النووي قد نزع عن برنامجها النووي أي جانب عسكري محتمل و بشأن هذه النقطة فإن حلها سيكون في التفاوض المباشر بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران بحسب ما تمخضت عنه من نتائج في مفاوضات فيينا، ويبدو أنها كانت إحدى العقبات الرئيسة أمام إحياء الاتفاق المتعلقة بتحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن تلك الاثار و "يبدو أنه تمت تسويتها".
وكان أمير حسين عبد اللهيان وزير الخارجية الايراني قد أكد على  إن واشنطن وافقت شفهيا على مطلبين من مطالب بلاده خلال مفاوضات فيينا، معتبرا أنه يجب تحويل الموافقة الشفهية إلى نص رسمي واضح وملزم و وفي تصريح آخر قال ان  "الأيام المقبلة مهمة في حال تمت الموافقة على مقترحاتنا، نحن مستعدون للإنجاز، وإعلان الاتفاق خلال اجتماع لوزراء الخارجية " واعتبر عبد اللهيان أن الطرف الآخر يتحدث عن خطة بديلة في حال فشل الاتفاق، وأن بلاده لديها خطة بديلة أيضا، مشددا على ضرورة توفر آلية واضحة للتحقق من رفع العقوبات في أي اتفاق يتم التوصل إليه. وقال المفاوض الروسي في المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف "آمل أن يكون رد فعل واشنطن إيجابياً. وإذا حدث ذلك، فمن المرجح أن نعقد اجتماعاً وزارياً للجنة المشتركة لخطة العمل الشاملة المشتركة في الأسابيع القادمة. وفي الواقع، نحن قريبون جداً من المرحلة النهائية" وأفاد ناطق باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الذي نسّق المحادثات الرامية لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق، بأنه تم تلقي الرد الإيراني على مقترحه الخاص بإحياء الاتفاق النووي، واصفاً الرد، بأنه "بنّاء ".وحالياً تعكف واشنطن وبروكسل على دراسة الرد الإيراني بهدف إحياء الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 بين طهران و6 قوى دولية كبرى، والذي أتاح رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً منه خلال عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجياً عن البعض من التزاماتها في هذه المرحلة والاتفاق المعروض حاليا يختلف عن ذلك الذي شهدته إيران قبل 7 أو 8 أشهرو حرصت في المفاوضات هذه المرة على ألا تكون هناك ثغرات يستغلها الجانب الأميركي لمصلحته، وأن يُطبّق الاتفاق المحتمل تطبيقا كاملا وأبدت إيران، وفق متابعين، مرونة أكثر في موقفها وفي شروطها ولكن لا على حساب المبادئ ، وما كانت تصر في إزالة الحرس الثوري الإيراني من لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية والتي سوف تبحث بعد الاتفاق وعلى الولايات المتحدة التزامات وتقديم ضمانات في التنفيذ وبعدم نقض الاتفاق ثانية، مع التمسك بأولوية رفع العقوبات الأمريكية والأممية على ايران ومن الأمور الأساسية الأخرى في الرد الإيراني على المقترح الأوروبي، التأكيد بأن الشركات الغربية التي تستثمر في إيران ستتم حمايتها إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق مرة أخرى، كما فعلت في عهد ترامب والذكاء الايران المفرط في استغلال هذه الظروف الحالية التي تمر بالعالم فاق التصور، يتضمن  الاتفاق الجديد دفع واشنطن غرامة مالية إذا انسحبت مجددا من الاتفاق النووي بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب منه عام 2018.
وسيشهد، بعد توقيع الاتفاق، رفع العقوبات عن 17 بنكا و150 مؤسسة اقتصادية، على أن تشرع إيران منذ اليوم الأول لتنفيذ بشكل تدريجي عن خطواتها النووية، بخاصة فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم.
و تنتظر الرد الأميركي على نص الاتفاق والمخاوف الإيرانية، متوقعا ألا يستغرق ذلك وقتا طويلا و بضرورة التوصل لاتفاق جيد وقوي يحفظ مصالحها الوطنية ولا يتجاوز خطوطها الحمراء، ومنها رفع العقوبات الأميركية، وبلا شك فأن بنود المقترح الأوروبي تلبي الحد الأدنى من الطموحات الإيرانية وربما تتجاوز هذا الحد في بعض النقاط، و أن مرونة أميركية في موضوع الضمانات التي تطالب بها طهران سيكون لها أثر كبير باتجاه التوصل إلى اتفاق وأعرب مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف عن أمله أن يتم الاتفاق على إحياء الاتفاق النووي وكشف مسؤول امريكي بأن الاتفاق بات وشيكاً وبات اقرب، و تحاول الولايات المتحدة التقدم ما أمكن في مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا لتخفيف الأعباء عن مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن المنشغلين بملفات أكثر أهمية، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا والتوترات بين الصين وتايوان وقضايا أخرى.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

63
العراق وتصاعد الفتن
تشتد الفتن على العراقيين يوما بعد يوم وخاصة عندما تقع الامور بيد الجهلة و وصلوا إلى ذروة العناد واللجاجة حتى لو حلقت في أجواء السماء" فنحن لا نؤمن لك إلاّ بأن تأتينا بكتاب من الله:"المائدة 84 "وَلَنْ نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُه)93 المائدة).ولا يكون للعقل والمنطق حيز من المكان ومن المعروف حينما تحتدم الصراعات في بلد ما وتشتد النزاعات بين ابناء البلد الواحد، فان الحاجة تكون ماسة جدا للعقلاء والحكماء وأصحاب الرأي والبصيرة من مختلف الاطراف المتنازعة، لكي يطفئوا النيران، ويشيعوا ثقافة الحوار، ويقول سبحانه وتعالى في القران الكريم..(وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً)" 25 الحج" ليتجنبوا شعوبهم الحروب الاهلية والنزاعات الداخلية التي يقتل فيها الاخ اخاه، والصديق صديقه، والجار جاره ابعدنا الله منها.
العراق العزيز تحت خمسة عقود من الزمن صار منتجعاً للفتن والمآسي من خلال الحكومات الفاسدة والظالمة التي تناوبت عليه وتزداد يوما بعد يوم، و اصبح بلدا منتج للمصائب لسكانه وازداد بعد عقدين من عمره حيث دنسته الاقدام القذرة الاجنبية الغربية والتنابز والمزايدات والصراعات بين التكتلات والاحزاب المشاركة في العملية السياسيةً، والغموض الذي لا يزال يكتنف عملية تشكيل الحكومة لادارة البلد الموجع بالنكسات والمعاناة، بل أصبح مصدرللخوف والقلق ، و نصيب واسع من الفتن و التدهورات على ساحاته وأرض وطنه ، والانفلات الأمني ، وانفلات اقتصادي واجتماعي وأمور أخرى كثيرة تتصاعد حدتها يوما بعد يوم مع الاسف، و يكون العراق اليوم بحدوده الجغرافية السياسية منها والدينية والعقائدية مولداً للتدهور الأمني والانفلات الغير مسبوق في كل جوانبه.
ويلعب الاعلام المؤدلج والاجير دوراً سلبياً في الكثير من الجوانب ليزيد النار حطباً ومن المعروف ان  الاعلام هوسلاح ذو حدين يمكنه بناء المجتمع أو هدمه من خلال المضمون الذي يقدمه ،و للاعلام دورًا كبيرًا في وضع آلية لتوعية المجتمع والطلبة والشباب بخطورة مواقع التواصل الاجتماعي المسيئة وتخرب عقول الاجيال  ، وخطورة نشر فيديوهات العنف والقتل كونها تؤثر في المجتمع، من خلال إقامة الندوات بالمدارس والجامعات، و أن الصحف يجب ان تتناول الحوادث بشكل مهني كبير ولا تسرع إلى نشر الفيديوهات عبر مواقعها الإلكترونية و  ما تقدمه بعض شاشات التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي اليوم من إثارة للفتن بين الناس يهدفون للوقيعة بينهم ، بل بين أبناء الوطن الواحد من خلال ما نلاحظه من سخرية وسب وقذف علانية على بعض هذه الوسائل أو على بعض المواقع الإخبارية التي سهّلت على القراء التعليق على أخبارها من خلال مجموعة من الوجوه المطبلة والتي تبيع ما تحمل من سلوكيات بثمن بخس في سبيل نشرة سمومهم في المجتمع تحت القاب وعناوين ما انزل الله بها من سلطان ، لا بل التشابك في الكلمات حتى السب والقذف والمساس بالاعراض لان البعض استغل عدم وجود رقابة دقيقة يكون فحمل معول الهدم، لأنه في هذه الحالة يخلط بين الجانب الإعلامي التثقيفي الذي ظهر من أجله وبيان أهداف أخرى ويسعى لتحقيقها بطريقة مسخة.
إن أخطر ما يواجه به  الشعب اليوم، هو الغزو الوافد إلينا عن طريق القنوات التلفزيونية الفضائية الرخيصة، لزرع الفتنة التي لم يبق بيت من بيوت العراقيين إلا دخلته، وتقتحم بيوتهم وغرفهم في خلوتهم، الاف من الفضائيات و تلعب دورا خطيرا في قلب مفاهيم الشباب واهتماماتهم، وتفتح أبوابها وأسواقها وتسخر أدواتها وإمكانياتها للفكر الانحلالي الغربي السيئ منها، من خلال الثغرات التي يتسلل منها الغزو الفكري إلي الشباب.
المشاهد لشبكات التلفزة والقنوات الفضائية  ويطالع ما تكتب في البعض من الصحف والمجلات التي تدار الكترونياً هذه الايام صارت بسبب كثرتها يرقق بعضها بعضا وحين لم يحصلوا على مبتغاهم، يبدؤن بالتهجم وشتم وتسقيط وتسفيه الآخرين ولعل في هذا مصداقا لقول النبي صلى الله عليه واله وسلم: إن هذه الأمة جُعل عافيتها في أولها ، وسيصيب أخرها بلاء وأمور تنكرونها ، وتجيء الفتن يرقق بعضها بعضا، يحملون نتنهم وسمومها ، ويبثون كفرهم و إلحادهم و مجونه ، وينشرون رذائلهم وحقارتهم وفجورهم في قول زور بدل الحقيقة ، بل إنها بمثابة شرك الكيد وحبائل الصيد تقتنص القلوب الضعيفة وتصطاد النفوس الغافلة ، فتفسد عقائدها ، وتحريف أخلاقها وتوقعها في الافتتان ، ولا أشد من الفتنة التي تغزو الناس في عقر دورهم ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

64
المنبر الحر / الوطن والوصولية
« في: 13:07 13/08/2022  »
الوطن والوصولية
============
لاشك ان حبّ الوطن لا ينبع من مبدأ الواجب فقط بل للثبات على المبدأ، والاستقامة على القيم، ورسوخ العقيدة، ودوام النهج السديد ،والوطن هو المكان الذي ترتاح به القلوب وتشعر بالأمان، المكان الذي يشعرنا بالثقة بالنفس، وهو المكان الذي نخلع به قناع الخوف ونرتدي قناع الشجاعة للدفاع عنه مهما تطلب الأمر، و المكان الذي نستطيع التعبير عن آرائنا بحرية دون الشعور بالتردد أو الخوف اذا فهم معانيه وعمق تاريخه.
الوطن  متأصلٌ في أعماق كل شخص، بشعور فطري وعليه أن يُحبه ويدافع عنه في كل وقت، وعليه أن يرخص نفسه وروحه ودمه وماله لأجل وطنه، وأن يُسهم في رفعته وتطوره ليكون دوماً في الطليعة، والأهم أن يدافع عنه ضدّأي اختراق لمبادئه فحبّ الوطن ليس شيئاً خاصاً بأحدٍ دون آخر، بل إنه للجميع، للكبار والصغار والنساء والرجال، وكل شخصٍ فيه ينبغي أن يدافع عنه بطريقته. لا يشك احد منا من أننا في زمن يطغى على العراق الكثيرة من التقلبات والتغييرات، في العديد من النواحي والمجالات، فعقديًا اضطرب بل ضعف جانب الولاء والبراء فيه ،وأخلاقيًا انعدمت العديد من القيم، وسلوكيًا تقهقرت الكثير من المبادئ، وثقافيًا تبدلت واضطربت نسبة كبيرة من المفاهيم، حتى تكرست حالة أصبحت سمة ظاهرة في العديد من كيانات المجتمع، تفاقمت ونمت يومًا بعد يوم حالة من الوصولية: وانتشرت بشكل غير مألوف  في الوقت الحالي وعدم الاعتراف بصاحب الفضل عليه في البذل والعطاء، لأسباب فئوية،
وقول الشاعر معن بن أوس يهجو ابن اخته:
فياعجباً لمن ربيت طفلاً ***    ألقمه بأطراف البنان
أعلمه الرماية كل يوم *** فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني
لأن إظهار الحقائق يتقاطع مع الوصول لأغراضه وأهدافه ضيقة،.وهي من أخطر وأفتك الأمراض التي سادت المجتمع والوصولي هو " من يسعى لتحقيق أهدافه وغاياته ومصالحه، بأية صورة ووسيلة مشروعة أم لا، ويستثمر علاقته بالآخرين ونفوذه حتى لو كانت على حساب مبادئه، وعمقه المجتمعي وحتى لو تعارض مع ثوابته وسلوكه، وبيئته المتعاطفة" والتي أخذت العديد من الصور والأشكال و الوصوليون  يهابون من يتفوق عليهم ويخشونه ويحسبون له الحسابات، مع تربصهم به ومحاولة تشويه سمعته وتدميره، بكل الطرق والوسائل لتكون هذه الظاهرة الخطيرة والتي انتشرت في الاوساط السياسية العراقية خاصة اذا بقيت  كالنار التي تأكل الهشيم والتي من شأنها تدميرالدول والمجتمع والشعب، وهي في الحقيقة بمعناها ومظاهرها وأشكالها و لا بد من التنويه والتنبيه لحقيقة هامة جدًا، هي التحلي بالحصانة والوقاية وهما صمامان أمان لنا من الوقاية من هذه الآفة الفتاكة والتي تبيد مفاهيم المواطنة الحقيقية ، ومثل هذه الشخصية مستعدة للتخلي عن القيم والمبادئ، والتقولب بقوالب والوان جديدة حتى لو تنافت مع مفاهيمه، والتأطير بإطار جديد، وبالتالي يتيح لنفسه استخدام أساليب النفاق والتملق والتزلف، لصاحب القرار والمعني بذاك الشأن وكسب وده، والإطراء والمبالغة بالمدح بما لا يستحق، وانتقاص الآخرين وخصوماتهم وبغضهم، والتحريض ضدهم والاستعلاءعليهم، وقد قال عليه  واله الصلاة والسلام :«الكبر بطر الحق وغمط الناس» (صحيح مسلم)، "وبطر الحق دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا" (شرح النووي عن مسلم) .
تعد المواصلة على الثبات في  حفظ المبادئ الاخلاقية للفرد والمجتمع في هذه المرحلة مهمة جداً لا بل في جميع المراحل في حياة الفرد والمجتمع و من أعظم هذه الاولويات و التي تحافظ على التكامل الاجتماعي ، والتي تساعد على حفظ كرامة وحرية الإنسان ، ونشر الاستقرار والأمان ، و السعادة في مختلف المجالات ، لذلك ينبغي التمسك بالقيم والمبادئ والثبات عليها ، ومحاولة العمل بها دائما لتحقيق مساعي وتطلعات الوطن والمواطن ، فالثبات على الموقف يؤدي لتحقيق الأهداف ، ويمجّد القرآن الكريم الثابتين على مبادئهم الرفيعة، المستمسكين بقيم الإيمان ومثله العليا: ﴿إن الذين قالوا: ربنا اللّه، ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن أوليائكم في الحياة الدنيا والآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلاً من غفور رحيم﴾ (فصلت:30-31) ،وبالتالي لو تنتشر الأخلاق وتسود القيم المجتمع ، فهي مصدر الإشعاع والتوجيه في الأمة، ومظهر رقيها أو تخلفها، وكلما سمت مبادئ الامة، ونظمها الاصلاح الحقيقي المبدئي، كان ذلك برهاناً على تحضّرها وازدهارها.
عبد الخالق الفلاح  باحث وإعلامي

65
سكرات موت العملية السياسية
يشهد العراق أزمات سياسية باطراد ما يعطي انطباعاً بأن العملية السياسية تعيش لحظات موتها  حيث انقطع التواصل بين مكوناته السياسية وفقدان البوصلة وسكرات الموت يقرع ابوابه، بعد ان كان  ومازال نموذجاً حقيقياً للعيش المشترك بين اطيافه ، والتسامح، والتعدديّة هي السمة التي تغلب على مجتمعه، حيث تشارك العراقيون معاً باطيافه المختلفة منذ الازل في أن يبنوا مع بعضهم البعض هذا الوطن، وأن يمدوا فيه جسور التآخي الإنساني، والتعاون، وفاضت خيراته على كل المحتاجين، فصار بذلك رقماً صعباً للعطاء والوفاء لارضهم ، يعتبر اللعب بعواطفهم من الأمور التي لا تبقى بدون رد قاسي   والعبث بمستقبله من أشد الأمور خطورة وكارثية. وقد أسهم هذا التسامح في إشراق نور العلم، حتى صار مصدراً للعلماء والمفكرين، والمجتهدين ، في كل زمان ومكان، والذي يحتل موقعاً مركزياً في قلب التطورات الإقليمية و من الصعوبة جداً في الوقت الحالي الحديث عن أجواء إيجابية والانفراج فيه  مع الاسف بسبب المشاكل المتداخلة منذ أعوام طوال و من الصعوبة خلق مناخ آمن ومستقر فيه على المدى القريب. ان البنية الفكرية والنفسية للانسان العراقي  بحاجة إلى تفكيك العناصر المؤسِسة للاطاحة به وتحليلها.. وفك  انعكاساتها على الدولة العراقية لأنها تؤثر بشكل مدمر على تربية وتنشئة الأجيال القادمة وتدفعهم نحو الانحراف الفكري والعقائدي يدل ان تجعلهم يحملون صفات التنوير والشجاعة والروح الوطنية ويتمتعون بقدر من الثقافة العامة و مؤهل أن يكون رجل دولة حقيقي، ليصلح قيادة العـراق بمستوى أفضل بكثير من السياسيين الحاليين ،بدل ان تجعله يعيش في بيئة تتغلغل فيها الافكار الشاذة والتي دخلت في المجتمع منذ زمن بعيد بغطاء مسلفن لتسخير اوصاله ونهب ثرواته؟!
وتغلب العراق على هذه المشاكل ليس ممكناً في ظل الظروف الحالية و الغموض هو سيد الموقف في ظل عدم الوصول الى حلول رغم كل  الوساطات ومقترحات التسوية من ناحية، وحالة الاحتقان المتزايدة في مواقف الأطراف المختلفة ، الذين باتوا على قناعة بأن «الفرصة أضحت مواتية لكسر العظم» في ظل الاختلال الشديد في توازن القوى بين التيار الصدري، وبين قوى الإطار التنسيقي الذي تتفاقم المنافسات بينها من جانب والخلاف السني  -السني الكوردي –الكوردي من جانب آخر . ويستطيع الإرهاب أن يعيد نشاطه كما نشاهده ويجعل من أن تكون أرضا خصبة ترعرعه من خلال  الحوادث والاعتداءات الاخيرة وبدعم من القوات الاجنبية والامريكية بشكل خاصة ويظهر ذلك في إبعاد القوات المسلحة من الوصول الى وادي حوران الاستراتيجي الذي يبلغ طوله نحو 350 كم، ولهُ التواءات كثيرة، يبدأ من الحدود العراقية السعودية جنوب مجنا وشمال عرعر، وينتهي بنهر الفرات قرب حديثة، ويمتاز بطبيعة جغرافية وعرة جداً، كان الأكثر خطورة في المعركة مع “داعش”، فهو هو أحد أكبر الأودية في العراق، أرضه وعرة وواسعة إلى درجة إذا سار رتل عسكري كبير فيه سيختفي، حيث يحتوي على صحراء واسعة وتلال وكهوف ووديان وجروف مختلفة الارتفاعات.والذي يضم الالاف من المجاميع الارهابية وتقدر أعدادهم ب( 10) الاف من الدواعش ووفرة امريكا لهم مستلزمات الحياة مثل المستشفى و اماكن للسكن في أعداد من القرى تظم كل قرية قرابة 300 عائلة وتظهر بين حين وآخر ويسعى للعودة نحو الملاذات الآمنة، منها طبيعة التضاريس في العراق ووجود مناطق صحراوية ووديان عديدة في مناطق وسط وغرب البلاد، ناهيك عن مناطق لا وجود للقوات العراقية فيها، خاصة الجبلية الوعرة والأودية المنتشرة والمساحات الشاسعة غير المأهولة بالسكان ويعتدي على القوات المسلحة والامنية والحشد الشعبي والقرى و ينتقم من الفلاحين بحرق محاصيلهم الزراعية في موسم الحصاد  وضعف الحكومة المركزية وسهولة الوصول إلى السلاح ويظهر في أي محيط تتوافر لديه فيه القدرة على الوصول إلى الجغرافيا الملائمة، وللحصول على المورد البشري مما يثير القلق إلى حد بعيد ليس بالنسبة للعراق فحسب، بل للمنطقة بأسرها في الوقت ذاته ، إضافة إلى الظروف الصعبة التي تمر بالبلد. أن العملية السياسية التي فرضها الاحتلال الأمريكي على بغداد عقب غزو العراق واحتلاله عام 2003 كانت «عملية مصنعة» خصيصاً من أجل «تأمين احتواء العراق»، أي من أجل تأمين منع نهوضه مرة أخرى. فهذه العملية استهدفت للحيلولة دون عودة العراق الى مكانته و استلهام مشروع وطني يوحد العراقيين على قاعدة المواطنة المتساوية، باعتبار أن ظهور مثل هذا المشروع يعني إطلاق فرص انعتاق العراق من قيوده التي فرضت عليه، وكبلت أطرافه، وفرضت عليه الانكفاء الذاتي وانكسار الإرادة، وإعلاء شأن «الهوية الطائفية» على حساب «الوطنية العراقية الجامعة». فقد فرضت هذه العملية من خلال الدستور العراقي الذي جرى تصنيعه أمريكياً خصيصاً لتلك الأغراض، قاعدة «المحاصصة السياسية» بين من أسمتهم «مكونات العراق»، أي القوى والكتل العراقية والطائفية المكونة للعراق، وقسمت الوطن العراقي إلى شيعة وسنة وكرد، وعملت على اجتثاث كل جذور المشروع الوطني العراقي وهذا يعني ان الازمات سوف تبقى متأصلة. و تجسدت نتائج تلك الظواهر على المستوى الاجتماعي في التركيب الديموغرافي للسكان بين المدينة والريف بصورة هجرات وبطالة وفقر وتشوهات ، وتدهور نوعية الحياة. و اتساع دائرة العنف على مدى عقود الظاهرة الأكثر تدميراً للبيئة العراقية الطبيعية والاجتماعية ، وانعكست جميع تلك المظاهر في تراجع مؤشرات التنمية المستدامة، التي غدت في العراق تمثل أدنى المستويات. واستخلص أن حماية البيئة تستدعي خياراً استراتيجياً يعتمد التنمية المستدامة، في ظروف تتسم بالسلام والتوافق الاجتماعي.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

66
تجارب الصبر..والسياسة المتهالكة
عندما يتحلى الانسان بالصبريعني قدرته على قبول أو تحمل التأخير أو المشقة والمعاناة من دون أن يتملكه الشعور بالغضب أو الاستياء هذا الذي نعرف عنه والذي تعلمناه في حياتنا، ان حكم إختلاف البشربتجاربهم ومحنهم في الحياة، يتحدد مفهومهم لكلمة الصبر،والتأمل بالحكمة " الصبر مفتاح الفرج  "نجد أن الصبر يعتبر مدرسة، فهو يقوينا ويجعلنا نجدد من أنفسنا، ونظرتنا للكون ولأنفسنا؛ بل الإيمان يقوى بالشدائد والصبر؛ وبالصبر نرتقي الى الدرجات الإيمانية العالية،ونحقق مطالبنا الدنيوية والأخروية ، وتقول الايات القرأنية الكريمة..."إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (سورة يوسف 90) فعندما نلمح مثلا شخص عاش تجربة مريرة كلها صبر ومشقة وتحمل شدة الحياة، نجد أنه فعلا حز شيء في قلبه تجاه مفهوم الصبر و التجارب المؤلمة التي لم يستطع أن يتخطاها جعلته يتخد موقفا دفاعيا إن لم نقل موقفا هجوميا، فهذا شيء طبيعي في النفس البشرية، نخاف مما آذينا فيه من قبل ونتمنى أن لا تكرر تجربتنا المؤلمة ، وكما يقول المثل الكويتي "من عضه الداب لا يأمن الحبل".
ان المفهوم الرافض للصبر، وللصبر حدود ” كلها، أعطت صبغة خوف وترقب من أي تجربة مؤلمة ،وهذا الخوف هو ما يزعزع إيماننا بأنفسنا ويؤثر على صبرنا وثباتنا عند المحن ، في كثيرة من الأحيان تعمق الضغوطات النفسية، ككلام الناس الاذغ كالسم، في  الألم والمعاناة، ليزيد الحياة المادية والجسدية معاناة نفسية وآلام صعبة. في أحيان يمكن تخطي وتنظيف الجروح النفسية القديمة إذا عرفت مصدرها من قلبك وعملت على ذلك، بحبك للمسامحة من جرحك..مما يعطيك من قوة  ودفعة من الطاقة تعينك على الصبر،لذلك يجب المحاولة  دائما للتخفيف من حمل الضغوط النفسية عبر الإسترخاء وتصالح مع ذات والصفح عن من أساء إليك لذلك تقول الاية الكريمة . مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ اللَّهِ بَاقٍ ۗ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” سورة النحل 96.
ولا يعتقد من ان هناك انسان  تكون حياته اليومية خالية من الانزعاج و الغضب ، .لذ الصبر جميل على ما ناب من حدث حتى يأتيك الروح والفرج القريب والاستياء جميل عندما يتحلى الصابر بمثل هذه الصفة الجميلة : ويقول الشاعر: اما في رسول الله يوسف اسوة .. لمثلك محبوس على الظلم والإفك.
من المعلوم أن اي قراءة طبيعة الأزمات  الناجمة عن تطورات وأحداث عديدة ومتلاحقة، تساعد كثيراً في الوصول الى الاهداف وفك العقد، وفقاً للقواعد الحاكمة للصراع والذي نشاهده اليوم في العراق من اسباب قد  تؤدي الى حدوث فوضى وكوارث الشاملة لعدم التريث في ايجاد الحلول للمشاكل و إيجاد تفسير مقنع لها وهي في الحقيقة سياسة متهالكة وجدت ان الكثير منها يعود الى  عدم انتهاج سبيل الحكمة من قبل الاطراف السياسية المتشابكة او الاطراف المتنازعة ، والمتمثلة بسياسة  الصبر الاستراتيجي في استيعاب الازمات المحتدمة او المفتوحة بينها ، فهذا المفهوم ليس بالجديد عن الواقع السياسي الحالي المكتظ بأسباب التوتر التي تصل بعضها الى درجة تكاد تستحيل فيها الى قنابل موقوتة او الغام مؤجلة ، فالصبر الاستراتيجي  بات حقيقة لا مناص عنها، تتبدل المصالح والسياسات والامزجة والمناخات وتستحيل تلك العداوات والمنازعات ( القنابل الموقوتة) الى صداقات  او توافقات وحينئذ  تنتبه الاطراف التي كانت متنازعة او متصارعة الى حجم الخراب الذي تركوه في بلدهم اذا لم يتداركوا أخطاءهم و خطيئاتهم حيال شعبهم والانسانية عموما وقد يرجعون الى صوابهم ويدركون انهم لو تمسكوا بسياسة الصبر الاستراتيجي لما وصلت الامور الى هذا الخراب والى هذا الكم الهائل من التوحش ولكن بعد فوات الاوان.
والمعتقد الشائع هو أن سبب نفاذ الحلول هو حدوث أمر خارجي في البيئة المحيطة به كما يعتقد الكثير من ابناء البلد وهذا جانب لا يمكن ان يكون صحيحاً في العديد من الاحوال والاوقات وأن الوضع الحالي يحتاج الى من يمتلك روح وطنيّة حقيقيّة من المجتمع وتتمثل فيه  الشجاعة في دعوته إلى إبقاء العراق خارج كلّ المحاور الإقليمية وإصراره على ذلك لأن العامل الخارجي لا يدخل في حالة قوة الارادة في المجتمع في رفضه  ، ولكن السبب الحقيقي يرتبط بما يدور في الأذهان تجاه أي ظروف يمر في ذهن السياسيين، لذلك يتعين الانتباه عند انتهاء صبرهم الداخلي كرد على عدم الحصول على ما يراد على الفور. ويمكن تحديد بعض مسببات نهاية الصبر والتي يمكن أن تشمل: الانتظار لمدة طويلة، وفي  صعوبة تحديد المشاكل الانية، انتظار الطويل في الاضطرار إلى الاستماع إلى اشخاص الذين يستغرقون وقتاً طويلاً لشرح شيء في مدّعياتهم التي يوردونها على المنابر الإعلامية و الحزبية و السياسية المحاصصية ولا يفعلونها هم اساساً وتفتقد تلك المقولات للحكمة والموعظة الحسنة.
لاشك أن السماح للنفس أن تشعر بفقدان الشيء هي خطوة رئيسية نحو قبول وجود هذه الصفة ما يتعين أن يكون الإنسان على دراية بما يشعر به من عدم القدرة في ذهنه أو جسده العثور عليه ، ويحاول البحث عنه بعقلية هادئ و جسم مرتاح  يتعين عليه أن يدرك أن شعوره بعدم الرضا في موقف معين يحفز نحو محاولة تغيير الطريقة التي يتعامل بها مع صفات التأخير أو المشقة أو الإزعاج ،ويجب الانتباه الى ان قد تكون توقعات الشخص غير واقعية عندما يتعلق الأمر بإتقان أمور جديدة، بمهارة لحل المشاكل،  حيث يعتقد الشخص أنه يتعين عليه أن يكون قادرا على إتقان تلك الأمور بسرعة، بغض النظر عن مدى صعوبة أو غرابة تلك الحلول إليه .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

67
الحوارات الوطنية ..الاهداف والمخرجات
جميع القوى السياسية مسؤولة للعمل من اجل منع ذهاب الأمور الى المجهول وقبل حرق الأخضر و اليابس باشاعة أجواء الفتنة و التناحر فيما بين ، وكلهم قادرون على تجاوزها بالعقل والحكمة والنية الصالحة لخدمة المجتمع الذي ذاق الامرين من الظلم والشعور بالخذلان في ظل الأجواء المشحونة والمتشنجة و التهويل والتخويف والرعب والتهديد ، تقع على الجميع مسؤولية كبيرة في النظر الى مصلحة بلدهم وسيادته واستقراره و بضرورة النجاح في بناء منظومة تضم أوسع طيف وطني، يؤمن بالسيادة وبالتنوع السياسي والسعي نحو ارادة قوية عادلة،، والدعوات الى الحوارات الوطنية من اجل حل الازمات التي لها اهمية تنعكس على المجتمع باسره، وكسر الجمود في لازمات التي يمكن ان يعالجها الحوار الوطني متنوعة وتشمل "ايقاف تعطل المؤسسات الدولة والحراك السياسي من اجل رفع الجمود السياسي "وهي  الطرق التي تُساعد في تبادل الآراء والأفكار في العديد من القضايا الوطنيّة المختلفة  اذا ما شعر بها المتفقون بانها تخدم الوطن والمواطن وما بين فئات وأحزاب وطنيّة، و بمجموعة من الرؤيات المُستقلة التي تُساعد في بناء القناعات الخاصة والتقييم المُتواصل للقضايا الوطنيّة من أجل الوصول إلى الحلّ الدقيق لها الخروج بالقرارات الوطنيّة الصائبة، وتهدف هذه إلى تطور المُجتمع وازدهاره بشكل عام ،والاخذ بعين الاعتبار تنفيذ مطالب الشعب مع التفكير بالاعتبارات الفنية والادارية والسلطة السياسية ، والحوار الوطني يعتبر عملية سياسية لها ملكية وطنية تستهدف توافق الاراء بين الجهات الوطنية صاحبة المصلحة في اوقات الازمات السياسية، ولها  ميزة لا يمكن تجاهله وهي  انها اكثر حرية في الوصول للافكار واعداد الارضية المناسبة للتغيير وانتاج الخيارات المناسبة ويختلف عن التفاوض وعن الوساطة في المفهوم، حيث يعتبر التفاوض عملية تتشارك فيها الدولة مع الجهات الفاعلة الاخرى في تبادل المقترحات من اجل الوصول لاتفاق حول مسأئل لها اهمية في المجتمع او من اجل حل نزاعات المتشابكة ،و تأتي  في أهميّتها في تعزيز التفاهم ونشر المحبّة وقيادة المُجتمع إلى التعبير عن أفكارهم ضمن البيئة الآمنة والحوار الفعال،والحوارات محكوم اليوم بضرورة النجاح في لم الشمل اولاً من أجل التوصل إلى خريطة طريق لتحقيق الاستقرار السياسي والتجارب السابقة للحوارات الوطنية أو السياسية لم تأتي اكلها وفشلت و هذه الإخفاقات كانت سبب  عدم جدية أطراف الحوار في تنفيذ بنود الاتفاقات  في الإجراءات التي نتجت عن مخرجات الحوارات التي تعني تقديم أفكار جديدة والاستماع بجدية إلى الطرف الآخر والاستعداد لتقديم التنازلات ووضع المصلحة الوطنية فوق الأجندات الخاصة الضيقة والأنانية، ويجب ان تكون للحوارات اهداف محددة ، مثل ترتيبات امنية، تعديلات دستورية ، عمليات واهداف تغيير واسعة النطاق، مثل وضع عقد اجتماعي جديد، التصدي للاضطرابات السياسية الكبرى، وفتح ابواب الديمقراطية امام الجهات الفاعلة، ردم الفجوة بين المواطنين وبين النخبة الحاكمة، ،تعزيز الجانب التشاركي الشعبي مع الحكومة والتنمية، ستخدم اداة لادارة عمليات التغيير المعقدة في المجتمعات وتبني سياسات التحديث،تتضمن نطاق واسع من القضايا الاخرى ، يجب ان يكون سيد الموقف الثقة المتبادلة لايجاد مخرج لما وصلت اليه العملية السياسية من انسداد سياسي والتفكير بالحلول الممكنة لتجنيب البلاد والعباد اي مخاطر محتملة ، فالعراق امانة في اعناق الجميع و دعوة الأطراف السياسية العراقية من مختلف الأطياف إلى الالتزام بضبط النفس والابتعاد عن العنف وحل خلافاتهم السياسية من خلال عملية سلمية وفقاً للدستور
والحوار الوطني يعتبر عملية سياسية لها ملكية وطنية تستهدف توافق الاراء بين الجهات الوطنية صاحبة المصلحة في اوقات الازمات السياسية، ولها  ميزة لا يمكن تجاهله وهي  انها اكثر حرية في الوصول للأفكار واعداد الارضية المناسبة للتغيير وانتاج الخيارات المناسبة ويختلف عن التفاوض وعن الوساطة في المفهوم، حيث يعتبر التفاوض عملية تشترك فيها الدولة مع الجهات الفاعلة الاخرى في تبادل المقترحات من اجل الوصول لاتفاق حول مسألة لها اهمية في المجتمع او من اجل حل نزاع ما.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

68
تعمّيق الجُرح.. أقلية حاكمة وأكثرية محكومة،
الصراعات تعمّق الجُرح مرشحة لتصبح أكثر حدة  لا سامح الله وتجربة نيابية فاشلة في العراق " أقلية حاكمة وأكثرية محكومة "و المطروح هل تستطيع السلطة القائمة أن تقنع جميع الأطراف من عدم الانزلاق نحو الصراع وهي بالضعف الذي لا يختلف اثنان في الإشارة إليه، خاصة أن معظم أجهزة الدولة، الأمنية يصعب الحفاظ على حياديتها ولا يمكن ان يكون لها الدور الحاسم في التصدي للصراعات إن اندلعت وهي ليست لصالح شعبه، و ليست تنافساً لتقديم الأفضل بقدر ما هي من أجل بقاء بعض القيادات في الساحة السياسية للتمتع بالمزيد من الامتيازات التي أدمنت الحصول عليها من جهة، وضمان الحماية من المساءلات القضائية حول الكثير جداً من القضايا على مختلف الصعد، إذا صعدت جهات أخرى إلى مواقع صناعة القرارات من جهة أخرى .
لم يؤدّ أيّ حراك فيه إلى تحقيق التنميّة الاقتصادية والازدهار، كما يطالب بهما عامة المواطنيين منذ زمن طويل وتحقيق العدالة وإعمار المدن المسحوقة والمهملة في كل انحاء البلاد، وإحياء الهوية الوطنية بديلا عن "المكوّنات العراقية"، ومعالجة الخلل الاقتصادي المتفاقم والارتفاع المتسارع للبطالة واستئصال الفساد  والمواطن هو اليوم في أمس الحاجة إلى دفع أجندة الإصلاح والتغيير إلى الأمام، على أن يشارك فيه كل العراقيين من دون خوف او تمييز والابتعاد عن التزام الصمت هذه اذا كانت هناك وطنية صادقة .
لقد كان  لاستحواذ طبقة سياسية معينة على السلطة وانشغالهم بهوس السلطة والنفوذ والقوة والمناصب، والتي تتوارث الحكم وفي أجواء لم تعد طبيعية فكانت كارثة لانها لا تريد أيّ فكاك منها ولم تنجز أيّ بناء حقيقي للبلاد، غير الفواجع والمعاناة، بالرغم من  تنفق مليارات الدولارات وصرفت من دون رقابة ، على شبكات المحسوبية لمجاميع من الفاسدين، مع قطاع عام غير منتج، ومشاريع عامة يخطّط لها على الورق، ولكنها لا تنفّذ وتسرق ميزانياتها بسبب الفساد. وقد ربط العراقيون الفساد بعميق الجذور وإخفاقات حكوماتهم بنظام المحاصصة، وهو ترتيب تقاسم السلطة  على اساس العرق والطائفة، لتبقى الكراهية  والصراعات المرتبطة بالموقف السلبى إزاء الآخر كامنة تحت السطح، وقابلة للظهور في أي وقت، والتي هي  حالة من عدم الارتياح أو الضغط النفسي الذي ينتج بسبب التعارض أو عدم التوافق بين رغبتين أو حاجتين أو أكثر من رغبات الفرد أو حاجاته، وتعدّ الصراعات من الظواهر التي انتشرت عبر التاريخ بين بني البشر، والصراع ليس وليد اللحظة وإنما دائماً ما كان هناك صراعاً على الزعامة أو الدين أو المال وغالبًا ما يؤدي الصراع الوجودي الذي لم يتم حله إلى النوع التالي من الصراع - المحتوى والشكل ، أو الصراع الموضعي لعدم وجود دلائل واضحة عليها، ان ما يحدث اليوم في العراق هو صراع وجودي شخصي وهذا النوع من الصراع يصعب حل تناقضه لانه كل واحد منهم  يعاني من صراع نفسي داخلي كمشكلة خطيرة تتعلق بالمحتوى النفسي ، الأمر الذي يتطلب حلًا مبكرًا وكل ما مر عليه زمن يصعب حله بسهولة . ويمكن لهذا النوع من المواجهة تسريع عملية الانتقام  في نفس الوقت ، مما يجبر الفرد على تعبئة  كل إمكاناته الخاصة ، وإلحاق الضرر بالآخر ، وإبطاء عملية معرفة الذات ودفع تأكيد الذات إلى طريق مسدود و ينشأ الصراع الشخصي في الظروف التي تتعارض فيها المصالح والميول والاحتياجات ذات الأهمية المتساوية والعكس في الاتجاه بعضها مع البعض الآخر.لقد كانت الحلول التوافقية  أثر في ظل ظروف غير طبيعي تحت سطوة الوجود الاجنبي الى الابقاء على حالة عدم التوازن وفى ظل اختلال فادح في موازين القوى بين الاطياف، وارتباطه بالتالي في أوساط القطاع الأوسع من العراقيين بما يرونه ظلمًا لحق بهم ولهذا كان واضحًا منذ اللحظة الأولى أن النموذج التوافقى يواجه صعوبات كبيرة ويجب اعادة النظر فيها واعادة صياغة الدستور وفق ما ينطبق مع المفاهيم الاجتماعية الحديثة التي تتناسب مع الظروف الحالية والتي ما يؤسف عنه هو عدم الاهتمام بهذا الجانب
ومن الطبيعى أن يثير هذا السؤال خلافًا لأنه يرتبط بالخلفية السياسية والإيديولوجية، وأن يُختلف بالتالى على جوابه. ويوجد اتجاهان أساسيان في هذا المجال يُركَّز أحدهما على عوامل داخلية جوهرية إلى جانب مؤثرات خارجية ثانوية، أو يُنكر هذه المؤثرات بشكل كامل. أما الاتجاه الثانى فيذهب إلى أن المؤثرات الخارجية هى المُحرَّك الرئيسي أو الوحيد لهذا النوع من الصراعات الداخلية عن طريق استغلال الانقسام المرتبط بأزمة التعددية . المواقف المعبرة عن قوة العوامل الداخلية في حول فشل عملية بناء الدولة الوطنية، واحتكار فئات اجتماعية معينة السلطة السياسية على نحو أدى إلى اغترابها أو غُربتها عن المجتمع، واتجاه النُخب المعبرة عن جماعات ثقافية مُهمشة أو تشعر بالتهميش إلى تكثيف التوظيف السياسي في هذه الجماعات، خاصةً حين يُحال بينها وبين الحضور في مجال عام مفتوح، فيكون الاتجاه إلى تعبئة جماعة ثقافية أو أخرى بمثابة رد على الاحتكار السياسى و ان الصراع على السلطة لابد من ان يتوقف فالجماهير قد تتخلص نهائيا من قيود القهر السياسي وضغط الحاجات المادية  للتحرك تحت مظلة الاطار السياسي  السلمي والعلمي لقوة التغيير .
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 
 

69

القادم بعد انتخاب رئيس الوزراء العراقي
تحديات كثيرة تنتظر رئيس الوزراء اذا ما انتخب من قبل رئيس الجمهورية المختلف عليه من قبل الاحزاب الكوردية ومن المرجح ان تزداد اعداد التحديات في اجواء التشرذم الشاملة في البلاد في ظل  الانقسامات السياسية التي تشل النظام وانتهاكا واضحا وغير مسبوق لبنود الدستور الذي نص بعدم  إمكان النواب سوى شهر واحد لانتخاب رئيس الجمهورية وهو الذي سيكلف بعد 15 يوما شخصية لقيادة الحكومة..
ظاهرة عدم منهجية السلطة والسياسة تجعل من ان تسمح للكثير من الظواهر السلبية التي أخذت بالتوسع بالاستحواذ على جزء عظيم من عقول الناس البسطاء ،لان غياب سلطة الأحزاب السياسية الوطنية الحقيقية والمجتمع المدنى و القادة الحقيقيين الذين هم الكنوز والموارد الاستراتيجي للأمم والذين لا يقدرون بثمن و هم أصحاب الفعل والمبادرة والريادة في كل عمل تنموي و نهضوي ، وليس هنا من معنى في إعطاء ادارة الدولة للجهلة ومن تلطخت ايديهم  بدماء العراقيين بالاستحواذ على  أرضيات الجماهيرية البسيطة لان الجهل عدو خطير يفتك بالمجتمع ويهدد سلامه وأمنه ويجعله في مؤخرة الدول.
 من غير الواضح كيف سيتم الخروج من الأزمة الحالية ( اختيار الشخصية القادرة لحمل المسؤولية " التي يعيشها العراق اوالمأزق الذي عشعش على صدور ابنائه منذ التغيير وعدم وجود بوادر للحل من قبل من هم يقودون العملية السياسية بكل أشكالها  ومسمياتها والخلافات بين الشعب والسلطة تتوسع يوماً بعد يوم ولا تتمحور فقط للمطالبة بإصلاح حال الدولة، إنما في انعدام الثقة في القيادات السابقة والحالية و الفواعل السياسية متناقضة ومتباينة في الرؤى تجاه مفهوم بناء الدولة، وما تم وضعه من إطار دستوره " الذي هو ايضاً اشتمل على عدد كبير من العثرات والهنات فضلا عن قابلية نصوصه للتأويل المفرط، وبالتالي جرت العادة أن من يملك القوة في لحظة التأويل، هو القادر على فرض تأويله على الجميع بغض النظر عن مدى صحته.
المحلل المتابع  الواقعي لمختلف القوى السياسية العاملة في الساحة السياسية العراقية،بكل المسميات ،سيلاحظ حالة من التخبط والتيه السياسي ينتاب هذه القوى، تيه مرجعه بوصول خياراتها المعلنة لطريق مسدود سواء كان خيار التفاوض  والتسوية السلمية لدى هؤلاء ومن شايعهم لفقدان الرؤى والتخطيط الفكري الممنهج في قيادة البلد ،تيه يغذيه تيه مواز له لعدم القدرة لمنع الآخرين من الوصاية والتأثير في القرار السياسي والبلد يعاني استقطابات حادة وصراعات حزبية " خالية من الأيديولوجيات  "وانتشرت عوامل الفساد وتسلطت على الرقاب وخلقت انقسامات اجتماعية تشتد خطورتها يوما بعد آخر ، والبلاد تعيش أسوأ مقاضاتها منذ 10 شهور و ما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة طيلة عقدين من الزمن بلغت من الانحدار والعنف والقتل والجدل وقلة الحيلة تترسخ في يوميات العراقيين بلا أفق للحل ولا عقلانية وفقدان التفكير بالمصير المرتبك الذي يعيشه البلد والقلق الذي يوسوس في نفوس ابنائه.
الخلافات والمحاور ليست بعيدة عن مأزق الحالة الداخلية التي لا تختلف مع ما كان علية قبل التغيير من حيث صعوبة العيش  ولكن بشكل أكثر مأساوية وإحباط لأن مرحلة ما بعد 2003 كان نتيجة صدمة هزيمة الديمقراطية الحقيقية التي  أضاعت البوصلة وقبل أن يصل  الشعب العراقي الى خياراته وممكناته، التيه الحالي هو أكثر خطورة لأنه يأتي بعد تجارب سياسية مريرة توزعت على مجمل الأيديولوجيات:الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية التي خاضت التجربة وهي تتخبط في فشلها .
 الواقع أنَّه لا توجد علاقات للقوة أو ممارسة للسلطة دون مقومات حقيقيّة وفعّالة لهذه القوّة أو هذه السلطة؛ لأنَّ المقومات  والجماهير تشكل تلك النقاط التي تُمارَسُ علاقات القوة عندها بالضبط ولذلك تتسم نقاط الصراع والتفاوت والنفي بين السلطة والجماهير وتصبح عريضة جداً ومنتشرة ، كونها لم تكن موزونة  فتثير نقاط الصراع والتفاوت والنفي ، الأمر الذى لا بدّ لنا من تحديد أولى لمسألتين بغاية الأهميّة لموضوعنا وهما: تحديد الشروط الابتدائيّة المُعيقة لسير العجلة ، وتحديد طبيعة نظام الحكم في العراق و المساعِدة في رؤية وخلق تفاعل سياسي وبعكسه سوف يكشف لنا أن المواطنين يفقدون الرغبة في المشاركة فى عملية سياسية هشة ومفقودة القوام ، فى إطار القانون والدستور، ولا يجدون القنوات الرسمية التى تعبر عن اهتمامات الناس ومشاكلهم في الوقت الحالي، وان فرص ظهور جماعات وتنظيمات وكيانات متطرفة وشخصيات عشوائية و معدة من معامل أجهزة المخابرات الأجنبية، أمر وارد إلى حد كبير، بل والأخطر هو زيادة إمكانية توجيه الجماهير العادية لمسارات غير مأمونة العواقب، ما لم تستقر العملية السياسية  وإحترام حقوق الإنسان ومبادىء الحرية والديمقراطية ، وسعي الشركاء السياسيين إلى الإنسجام والتفاعل لتحقيق الإستقرار في العملية السياسية والعمل من اجل النهوض بالمسؤولية وبالتالي تحقيق الأمن والسيادة في عموم البلاد و يتفاعل المنضمون فيها تفاعلاً حقيقياً وفق الأطر الدستورية فلن تتحقق السيادة ولا الأمن ولا الإعمار ولا التعليم المتطور ولا الإستثمار الأمثل للثروات ،في ظل عجز الأطراف السياسية عن إيجاد خارطة طريق للتفاهم فإن العراق معرَّض لتجدد الفوضى وستبدأ السلطة فيه في التحلل والتشرذم  والانهيار الكامل والثمن الاقتصادي اذا لم تكن الاولويات لها، ويبقى الصراع بين السياسيين معركة من أجل البقاء في نظرهم وهم يعتقدون أن بإمكانهم بحث الثمن فيما بعد وأن المواطن هو الذي يدفع الثمن. وقد علق العلامة ابن خلدون على ذلك وعَنْون في مقدمته الشهيرة بأن الظلم مؤذن بخراب العمران. وقال: "ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب كما هو المشهور، بل الظلم أعم من ذلك، والمانعون لحقوق الناس ظلمة، وغُصاب الأملاك على العموم ظلمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران"، و إذا ما أستمر تصارع الطبقة السياسية فيما بينها الذين وضعوا مصالحهم الشخصية والفئوية فوق مصالح شعبهم وبلادهم. والقضية ليست وليدة سنوات اليوم بل عملية ممتدة لسنوات طويلة، فإن ذلك يحرم المواطنين من فرص النجاة والخروج من دوامة الانهيار في جميع مفاصل الدولة، مع ان موت السياسة، ليس مسؤولية الشعب البعيد عنها بل هى حالة عامة يعيشها الساسة منذ سنوات طويلة، وهي ميتة عمليا لدى المواطنين لتجاهل حقوقهم وآرائهم وعدم تسليط الضّوء عليهم وعلى احتياجاتهم، وذلك يفقدهم حماسهم واندفاعهم بقبول من سوف يكون رئيساً للسلطة  ،
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

70
الاعتداءات المتكررة... والأطماع التركية
من المفروض ان تكون الحكومة العراقية اكثر جدية وادراك في اتخاذ الخطوات الملزمة وبالوقوف مع الارادة الشعبية  التي خرجت في تظاهرات  تطالب بانهاء الاعتداءات التركية المستمرة ومستنكرة مثل هذه الاعمال المخلة بالعلاقات بين البلدين و التي نصت عليها المواثيق الدولية وحقوق الانسان وتجاوز البيانات الى اعمال واقعية مؤثرة وهي ليست وليدة اليوم  اثر القصف العدواني سافر وانتهاك للسيادة الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى وتعرض لها  منتجعاً سياحياً في إقليم كردستان بشمال العراق، يوم الأربعاء المصادف   22يوليو 2022  و أودى بحياة 9 مدنيين وفق ما اعلنت عنه السلطات المحلية، بينهم أطفال ونساء، والحكومة التركية تعلن في بيان لها وتؤكد فيه أن تركيا مستمرة في محاربة "التنظيمات الإرهابية"" التي تتهم بغداد بالتسامح مع وجود حزب العمال الكردستاني و الذي أدرجته تركيا ودول أخرى على قائمة المنظمات الإرهابية منذ عقود، والتي تستغل الجبال الشمالية في العراق نقطة انطلاق لعملياته في إطار التمرد المستمر منذ عقود ضد الدولة التركية وجيشها" تقول وزارة الخارجية التركية في بيان لها  انها  "حزينة" لضحايا الهجوم، وإنها "تولى أقصى درجات الحذر لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين أو إلحاق أضرار بالمواقع التاريخية أو الثقافية" وهي "مستعدة لاتخاذ أي خطوات ضرورية لكشف الحقيقة وراء الهجوم" ولكن على ما يبدو ان لن توقف مثل هذه الاعمال والغرض من التوغل التركي المستمر والتواجد العسكري في الاراضي العراقية منذ سنوات والتحول الى الاعتداءات المباشرة على محافظة نينوى، وأطراف محافظات أربيل ودهوك والسليمانية، هو ابعد من ان تكون بسبب تواجد حزب العمال الكردستاني ليتخذه ذريعه بل هنالك اطماع تركية كبيرة وكثيرة باتجاه الاراضي العراقية وخاصة الموصل وكركوك التي تعتبرها اجزاء من الدول العثمانية التي انقرضت في اوائل القرن الماضي   ، من المؤسف ان مجلس النواب العراقي غائب  عن وعي الوطن والمواطن بسبب الانشغال في الخلافات السياسية والاطماع السيادية بالمناصب ومن المهم في هذه المرحلة الخطيرة ان يكون في جلسة  طارئة مفتوحة ودائمة بشأن  هذه الاعتداءات الغاشمة والتي تستهدف السيادة الوطنية وقرى العشائر ومقرات القوات المسلحة  من الحشد والدفاع والداخلية، والمؤسسات الصحية ،والمناطق السياحية والمنازل . ولكن لماذا تظهر الحكومة العراقية بمظهر الضعف والعجز أمام هذه الممارسات الفجة والمخالفة لكل القوانين الدولية التي تمنع التجاوز على البلدان وتحمي استقلالها و ميثاق الأمم المتحدة, الفصل السابع:لمادة 43
يتعهد جميع أعضاء "الأمم المتحدة" في سبيل المساهمة في حفظ السلم والأمن الدولي"، أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن بناء على طلبه وطبقاً لاتفاق أو اتفاقات خاصة ما يلزم من القوات المسلحة والمساعدات والتسهيلات الضرورية لحفظ السلم والأمن الدولي ومن ذلك حق المرور. وتعد ملزمة من الناحية القانونية للدول التي تصادق عليها  وتشدد لانماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام. وتلتزم بان تقدم الى هيئة الامم المتحدة تقارير دورية عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لتطبيق تلك الاتفاقية ، ويمكن للحكومة العراقية ان تستخدم الكثير من الأدوات التي  تستخدمها كأوراق للضغط على الجانب التركي من اجل الحد من هذه الاعتداءات المتكررة اهمها في ظل تحشيد سياسي واسع للتصعيد الشعبي والحكومي،غلق الحدود فوراً وإيقاف عمل الشركات التركية وواحدة من هذه الأدوات والتي تحتاج الى جدية في تنفيذها من الحكومة العراقية هي الورقة الاقتصادية الكبيرة و يمتلك العراق  تبادلا تجاريا كبيرا جدا وقد تكون تركيا الدولة الاولى في التبادل التجاري مع العراق والذي يصل إلى اكثر من  16 مليار دولار وهي الورقة المهمة لان الاقتصاد التركي يمر بازمة حادة وقيمة العملة التركية هي في انحدار يكاد يكون يومي في هذه الظروف ، والتقدم بشكوى لمجلس الامن الدولي والتقليل من الامدادات النفطية باتجاه منفذ جيهان  في البداية وإذا استمرت في غيها تقوم بقطع هذه الكمية. ويمكن للحكومة ان تستدعي السفير التركي وتقديم مذكرة شديد اللهجة او التقليل من مستوى الدبلوماسي ، واذا لم تنفع تقوم بطرده من الاراضي العراقية ، ان حب الوطن، والدفاع عنه في السراء والضراء، واجب على القيادة  مناصرة قضاياه في الداخل والخارج، يجب أن تكون جميعها همّ كل انسان  وصوته، وقلمه وضميره، وأن يبقى الوطن بعد الدين في أول أولوياته «فلا حياد مع الوطن»، وهو يواجه الاعتداء و تكالب الأعداء في حملات إعلامية وسياسية غير مسبوقة ومن حاول أن يلتزم جانب الحياد مع الوطن يعني انهم الى جانب رماح الغدر والخيانة كما شاهدناها لدى البعض من السياسيين " ضعيفي الأنفس "خلال السنوات التي تلت عام 2003 مع الاسف،
عبد الخالق الفلاح
 
 
 

71
التحالفات وترسيخ بؤرة التوترات
لقد احدثت  الحرب الروسية-الأوكرانية تغيرات في المعادلات الدولية، وبالتالي منطقة الشرق الأوسط كانت الجزء المهم منها وظلت على حالها وتبقى هذه المنطقة البؤرة الأكثر توتراً كما كانت في العقود الماضية في الكرة الأرضية  بسبب الموقع الجغرافي والخزين الكبير لكل انواع الطاقة وخصوبة ارضها ، اذا لم تعيد الحكومات والشعوب فيها لاعادة النظر بالواقع المأساوي الحالي لتصحيح الاخطاء الذي تعيشه ولما حدث و يحدث على ارضها وجوارها من رسم مخططات جهنمية من قبل الامبريالية العالمية واقزام الدول العميلة فتحتل وتدمر وتهجر وتسرق خيراتها وتت
غيرأنظمة حكم وتزال رؤوس أنظمة وتستغل ثروات المنطقة اذا لم تعمل وفق مصالحها  ، وتبقي السيطرة على قراراتها السياسية ، وقد شكَّل غزو العراق في العام 2003 ذروة الهيمنة والغطرسة الأميركية في العالم،ومساعدت المجموعات الارهابية في سورية  حيث كانت  ولازالت تأمل أن تتمكَّن من وراء تلك الخطوات ليس فقط من إعادة تشكيل العراق وسورية فحسب والاستمرار في ابقاء الصراع في اليمن ، بل إعادة تشكيل الشرق الأوسط بأكمله وشهدت حروباً ونزاعاتٍ خطيرة لم تكن بعيدة عنها وشملتها في تلك المخططات السوداء وتجري عليها هذه الايام تحركات قد تجعلها بؤرة للصراع مشتعلة إلى أجل غير مسمى؟ ولا شك من ان التفكير بالتغيير سبق ذلك، وبدأ مع تسلُّم "بايدن" السلطة خلفًا للرئيس السابق دونالد ترامب قبل عامين، ولكن الحرب سرّعت نتائجه واستدعت من أمريكا الإصغاء أكثر إليه ولهذا اخذث تطرح فكرة التحالف والاسواق التجارية المشتركة ليشمل دولاً منها .. ظنّتها عابرةً وساذَجةً ويمكن المرور بها،
لا شك من ان مسـألة الدخـول فـي التحالفـات ومراجعـة القائـم منهـا للتحقـق مـن أثـره أصبحـت جـزء ًّا مهمـا ٌّ مـن عمـل أي كيان او تجمع دولي وغير دولي، ولا يمكـن أن ننكر أنـه أمـر شـاق ويسـتلزم الكثيـر من الجهـد مــن قبــل الساعين الى انبثاق هذا الجهد يضــاف إلــى المهــام التــي يقومون بهــا والمنفعة المتبادلة التي تنتج عن ذلك التحالف الذي يساعد على البناء دون  الهروب من التحديد المكتوب للأهداف والخطوط العامة لآلية العمل.
إن عمليــة بنــاء التحالفــات علــى مســتوياتها المختلفــة ســواء محليــة أو علــى المســتوى القومــي أو مــا أبعــد مــن ذلــك و علــى المســتوى الاقليمــي أو العالمــي هــي عمليــة شـديدة التعقيـد والحساسـية، فقـد تتأثـر بمـا داخلـها فـي سـلوك وتصرفـات طرف من طرف آخر فـي داخل ذات التحالـف، معايير الأهـداف التي قـام عليهـا التحالـف و قـد تكـون هنـاك خلافات ونقاشـات مستمرة  تنبثق حـول الطـرق الملائمة ً لتحقيق قيـام ذلك لتحالـف بمـا قـد يقتضـي نوعـا مـن التنـازلات مـن الاطـراف المختلفـة، مـع وجوب طـرح تسـاؤل دائـم، إلـى أي مـدى يمكـن للمنظمين إليها التعايـش معاً والصمود أمام الأهداف.
لقد أتيحت لأجيالنا الماضية والراهنة أن تشهد مرة بعد أخرى تصدعات شديدة وانهيارات متتابعة في التحالفات العربية، سواء في ذلك التجارب الوحدوية (المتحمسة أو الاضطرارية) والمجالس الإقليمية والتحالفات السياسية أو العسكرية،مثل العلاقات بين النظامين المصري (الناصري) والسوري (البعثي)وفشلت الوحدة بعد ان لم يرغب العراق بالمشاركة فيها بعد الانقلاب الاسود في 8شباط 1953وحدوث تغيرات في النظام السوري الحاكم في ذلك الوقت وكانت تحالف الوحدة العربية في ستينيات القرن الماضي او التحالف الهاشمي او حلف بغداد( باكستان وايران وتركيا والعراق) في خمسينيات القرن الماضي ، اوفي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حبث تم توقيع اتفاقات "إبراهام" للتطبيع بين إسرائيل من جهة والإمارات والبحرين والمغرب والسودان ومع هذه التحركات للقادة نرى أن التعاون بين تركيا والخليج حل محل التنافس والتوتر الذي ساد بينهما منذ عام 2018، ولذلك  من المتوقع أن يتم تطبيع وتعزيز العلاقات متعددة الأبعاد بين الأطراف بسرعة من ،جهة أخرى كانت التوقعت ان يكون تقارب بين أنقرة وتل أبيب أولى الديناميات التي يمكن أن تؤثر تأثيراً مباشراً على النظام الإقليمي الجديد الذي قد يظهر للسطح قبيل زيارة ارئيس "  بايد" و تمت دعوة العراق ومصر والأردن إلى قمة مجلس التعاون الخليجي بحضوره في الرياض، وقد أثارت النقاشات وتساؤلات الشكوك حول امكانية إذا كان هناك نظاما إقليميا جديدا يتم تأسيسه في الشرق الأوسط بدعم وتخطيط من الولايات المتحدة.
أن الحرب الأوكرانية الروسية بلاشك من ابرزالعوامل المباشرة التي دفعت واستدعت زيارة "بايدن" إلى التحرك و زيارة المنطقة.. سواء تداعياتها المباشرة أو غير المباشرة وبعد ان صنّفت العالم منذ أشهر بين مؤيد ومعارض، فمَن وقف في صف الغرب نال الرضا،ورفض مَن اختار الحياد يعني عادى وجهة النظر الأمريكية-الأوروبية ، وتريد من هذه الدول عدم الوقوف بشكل محايد في هذه الحرب وتطلب من جميع  الدول القريبة من سياساتها إرسال المال والسلاح إلى كييف، أو على الأقل تبني العقوبات الغربية على روسيا، او يتوقع أن يجد في المنطقة تفاهماتٍ عدة تساعد في الحد من قدرة الروس على التأثير في أسواق الطاقة المشكلة الكبيرة التي اضحت تعاني منها الدول الغربية وزيادة اسعارها بشكل جنوني مما اخذ يؤثر على كل الاقتصاديات لهذه الدول ، أو مد يد العون بمشاريع استثمارية كبرى تدر المال الخزانة الامريكية والدول الغربية .ان ازدواجية التعامل السياسي وفرض التحويع هو جزء من ادارة السوء والعمل خارج اطار الشرغية الدولية والعقوبات الاحادية السريالية على الكثير من البلدان دون سبب حيوي اسقطت هبيتها تشعر او لا تشعر، هذه التصرفات جعلت من الكثير من دول منطقة الشرق الاوسط والعالم ان تعود  ولو قليلا الى ذاتها و احست من ان الحروب أثخنت جسد المنطقة العربية بالجراح ولا يمكن الاعتماد على واشنطن نتجة موقفها من الحرب في اوكرانيا حليفتها ،وباءت بالفشل كل المحاولات لاحتواء الجمهورية الإسلامية و اتّسعت رقعة قوة إيران السياسية في الشرق الأوسط  والعالم على الرغم من مجموعة كبيرة من  العقوبات عليها طيلة اربعة عقود وهي تتقدم في كل المجالات بالاعتماد على عقولها الخيرة دون الحاجة الى مد يد العون من الاخرين و هي تقدّم مثالًا يُحتذى به في مقاومة الظلم بكل كبرياء وصمود وتحدي الصعاب وجميع النزاعات مستمرة بسبب المماطلة الأمريكية في حسم المواقف وفي الهيمنة على قراراتها وعدم ربط الأقوال بالأفعال، لإخماد نيران التناحر في العديد من دولها ولا يزال الشرق الأوسط يعيش انهيارات وفشلًا وراء فشل ، بسبب مساهمة واشنطن في الحروب الطاحنة في اليمن وليبيا وسوريا وفلسطين في تقديم الدعم للكيان الصهيوني ومناطق اخرى من العالم ،وازدواجية التعامل السياسي وفرض التجويع وهو جزء من الافتراق الفكري والاخلاقي في ادارة السوء والعمل خارج اطار الشرعية الدولية والعقوبات السريالية بحق الكثير من البلدان دون وجه اخلاقي ومنطقي ، وقد أثبتت ما ذكره الرئيس فلاديمير بوتين في بيانه بالوقائع في مؤتمر سان بطرسبرج عدم نجاعة سلاح العقوبات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية في مواجهة روسيا في حل أزمة أوكرانيا، واضافة بالقول إن توقعات الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأمريكا لم تكن دقيقة إزاء هذه العقوبات، حتى إنها حملت آثارًا سلبية نشهدها اليوم على الدول التي أقرّتها وتبنّتها على السواء.
عبد الخالق الفلاح - باحث وإعلامي

72
سقوط جونسون بعد الفشل المخزي
الخبر الذي سر الكثيرين هو استقالة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أثر الفشل المخزي الذي انتابه  خلال السنوات التي جثم في مكتب الرئاسة البريطانية ، ويعاني جونسون بالأساس تداعيات فضيحة الحفلات التي أقيمت في مقر الحكومة خلال مرحلة الإغلاق التام إبان جائحة  الكورونا وفرضت غرامة مالية عليه وعلى وزير ماليته ريشي سوناك لانتهاكهما تدابير الإغلاق التي كانت مفروضة لاحتواء تفشي كوفيد-19 في إطار فضيحة "بارتيغيت"،  وقد توقعت صحيفة "الغارديان" أن سيناريو تيريزا ماي في عام 2018 سيكون هو الأرجح. وقد أفلت جونسون قبل أسابيع من تصويت على سحب الثقة الذي قرره نواب حزبه المحافظ ووصفت صحيفة "ديلي تلغراف"ما حصل قبل الاستقالة الاخيرة  بأنه "تمرد" في الحكومة أدى في غضون يومين إلى استقالة عشرات الوزراء والمستشارين، بينما كانت موجة الاستقالات قد بدأت عندما أعلن وزيرا الصحة والمال ساجد جاويد وريشي سوناك من دون إنذار مسبق، استقالتهما من الحكومة يليهما أعضاء آخرون في الحكومة أقل رتبة ، وقد استغل جونسون مكتبة بمكافئة اصدقائه وعقد الصفقات من المتبوعين في وقت أن الجوع يطارد الشعب البريطاني والعالم حتى في البلدان الأكثر ثراءً  حيث ان الأزمة الحالية أدت الى ارتفاع  تكلفة المعيشة بارتفاعاً غير مسبوق وجعلت من العوائل أن تعاني من الجوع وخاصة العوائل التي تعاني من انخفاض الدخل وجونسن يتهم بالنرجسية والانغماس في الذات والكذب للانتهازية المتأصلة فيه وعدم الاهتمام بالتفاصيل بالاضافة الى الشهية المفرطة لارضاء الذات المستمر والتملق من الجمهور،كذلك هناك  قضايا أخرى ذات طابع جنسي في البرلمان. فقد أوقف نائب مدعوم من جونسون يشتبه في أنه ارتكب عملية اغتصاب وأفرج عنه بكفالة منتصف يونيو، واستقال آخر في أبريل لأنه شاهد فيلما إباحيا في البرلمان على هاتفه النقال وحكم على نائب سابق في مايو بالسجن 18 شهرا بعد إدانته بتهمة الاعتداء جنسيا على مراهق في الخامسة عشرة واضاع فرصة غير عادية ، اوجدها لنفسه لتشكيل قوة سياسية لو استغلها بشكل صحيح لعلها كانت ستحدث جيلا جديدا وخضع للامر الواقع بعد انهيار سمعته في منصبة وتخلي الكثيرين من الوزراء والمسؤولين عنه وكذلك حزب المحافظين الذي احتضانه قبل ثلاث سنوات لتخليص نفسه من السلوك السياسي المتزلزل الذي لم يتوقعه الحزب لرئاسة وزرا، وبوريس جونسون الذي لم يتضمن اي ملاحظة ندم على سلوكه في خطابه الأخير اثناء الاستقالة من الحزب ولن يغادر رئاسة الحزب إلا بعد تعيين زعيم  جديد للحزب ولكن هناك ضغوط قوية من كبار حزب المحافظين للتنحي فوراً من الزعامة قبل الانتخابات لرئاسة الحزب ويدرس الخلفاء المحتملين عروض لقيادة الحزب يتعين أن يرشح اثنان من أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين أي شخص يتقدم للمنصب، وقد يكون عدد المتقدمين كبيرا و يجري النواب المحافظون بعد ذلك عدة جولات تصويت لخفض عدد المرشحين. وفي كل مرة يُطلب منهم التصويت بشكل سري لصالح مرشحهم المفضل، ويتم استبعاد من يحصل على أقل الأصوات و تتكرر هذه العملية إلى أن يصل عدد المتنافسين إلى اثنين. وكان التصويت في السابق يجري في أيام الثلاثاء والخميس ، لكن السعي لإجراء انتخابات دون مباركة الحكومة أو غالبية نواب حزب المحافظين سيكون أمرًا غير معتاد من الناحية الدستوري، وسيُقاوم بشدة. بموجب اتفاقية دستورية تُعرف باسم مبدأ Lascelles، بالإضافة أنه يمكن للملكة رفض طلب إجراء انتخابات لأسباب تشمل ما إذا كان البرلمان لا يزال يعتبر "قابلًا للحياة"، أو إذا كانت الانتخابات يمكن أن تضر بالاقتصاد، أو إذا كان هناك رئيس وزراء بديل موثوق به و من المقرر أن يبدأ البرلمان العطلة الصيفية التي تستمر ستة أسابيع في 21 يوليو/ تموز، لذا قد يتعين تسريع العملية ، وقد خرج جونسون الحليف القوي لأوكرانيا  وزعيمها الحالي زيلينسكي الذي ابلغ عن حزنه والذي شكر على موقفه الحازم بدعم بلاده   حيث فقد صديقاً حقيقياً لاوكرانيا في حربه مع روسيا  والتغيرات الاخيرة في بريطانية اصابة اوكرانيا بحالة من الصدمة و قال الرئيس الأمريكي جو بايدن بعد استقالة جونسون ، إنه  سيواصل التنسيق مع بريطانيا لدعم الشعب الأوكراني ومحاسبة روسيا ، وردود الافعال الروسية مهمة في هذه المرحلة  والتصريحات التي خرجت من المسئولين الروس، معظمها تصريحات حذرة لا تنم عن أي (شماتة) حتى الان ، كما كان متوقعا ، على الرغم من ان معظم الروس يرون في استقالة بوريس جونسون هي بمثابة كسر احدى ( العكازات ) التي يتكأ عليها الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي ، وبداية مرحلة جديدة في النزاع مع الغر.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

73
المنظومة الغربية وبوادر الانهيار
تشهد المنظومة الغربية الرأسمالية خلال السنوات الاخيرة انهيارات متتالية وبعد ان نتج عنها انظمة احتكارات أقليات قومية لمراكز تلك الانظمة، و همّـهم في أن "يديروا معاً" ولفائدتهم، العالم بأسره،وهي تدخل اليوم في مرحلة التلاشي، ، ولعل اولها الازمة الاقتصادية الحالية الشديدة التي هي أساس و تتولّد منه، بنهاية المطاف، باقي الأزمات الاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية وغيرها ويمكن ان نشاهد تهاوي العديد من النظم العسكرية ايضاً فى أوروبا الغربية وأمريكا اللاتينية وآسيا، لقد كان النظام الدولى قبل نهاية الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩ــ١٩٤٥) يتسم بهيمنة المكون العسكرى/ الأمني/ المخابراتى على عملية صنع قرارات السياسة الخارجية والدفاعية وسياسات الأمن القومى، فضلا عن السياسات الداخلية فى عدد كبير من دول العالم، سواء تلك التى قامت بالاستعمار، أو تلك التى وقعت ضحية له، تلك التى يمكن وصفها ــ وفقا لظروف العصر وقتها ــ بالدول الديموقراطية، أو تلك التى كان يمكن وصفها بالدول الشمولية أو السلطوية، تلك الفقيرة أو الغنية، النظم السياسية لدول الشمال أو النظم السياسية لدول الجنوب، الشرق أو الغرب ، ودخلت معها النظم الغربية و تعززت بعضها على طريقة «الحلقة المفرغة» مسببةً «أزمة حضارية شاملة» نشهد تجلياتها العديدة من الدول اليوم ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: أزمة الطاقة وإخفاقات مكافحة وباء الكورونا بما فيها مؤخراً نقص فعالية اللقاحات الغربية بعد انتشار وبائها في العامين الماضيين والذي كان أكثر من غيرها  فضاحة والتي كشفت البعد الاخلاقي عند الطبقات الحاكمة في استغلالها واحتكارها لهذه اللقاحات حتى فيما بين دولها لا بل سرقتها ، وان لنقص السلع الغذائية تأثير دائم على تفكير الكثير من هذه المنظومات بعد مرحلة نهاية الحرب الروسية - الاوكرانية والتي كانت من نتائج اقتراب الناتو من الحدود الروسية ،هذه التطوّرات أدّت بالتدريج إلى تبلوُر إجماع أو على الأقل شِـبه إجماع، بأن رحلة القطبية الأحادية وصلت إلى خواتيمها، لكن ما لم يحُـز على إجماع، هو شكل النظام العالمي البديل الذي سيحُـل مكان القُـطبية الأحادية. لان الانشغال الان و لا يزال الخوف من فقدان الضروريات الأساسية مثل الطاقة ( النفط والغاز) اللذان يشكلان العبئ الواسع والتي يمكن التلاعب بها بسهولة ، وكذلك الحوادث المجتمعية مثل تزايد الانتحار والجريمة بالاسلحة لدرجة إغلاق المدارس والمعاهد والجامعات بالنسبة للناشئة كما نشاهدها بين الحين والآخر في الولايات المتحدة الامريكية،  وفشل السيطرة على  تجارب الاسلحة المتنوعة .
كما تعتمد هذه الدول على مجموعة مهولة من المؤسسات التي تعمل على إنشاء مدى هائل من القواعد والمعايير والاجراءات الغير سليمة ، تتراوح تلك المؤسسات الرسمية للغاية  والتي تسيطر على المنظمات الدولية بشكل مباشر وغير مباشر مثل الأمم  المتحدة ومنظمة التجارة العالمية والتي تتخذ قرارات رسمية وتتخذ سجلات رسمية لعملها، إلى جانب المنظمات غير الرسمية بدرجة كبيرة ،مثل مجموعة العشرين، أو مجموعات ،مثل مجموعة دول الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا.
من المعلوم ان هناك ثمة اختلاف مهم بين منظور النظام الدولي الليبرالي في فترة ما بعد الحرب ً كما نعرفه ومنظور أي نوع من الأنظمة على الإطلاق. والتي تعتبر من أشكال العلاقات المنظمة بين الدول و سوف تعتمد على شكل ما "النظام" بالتأكيد على تمييز النظام الدولي خلال العقود القادمة، بيد أنه قد يأخذ شكًل ً مختلفا عن نظام اليوم والى خلق مجموعات جديدة . على سبيل المثال، قامت بعض الدول مثل روسيا والصين بتحدي عناصر نظام الحالي ونجحت في التقريب من الدول التي احست بعد الحرب الروسية – الاوكرانية هشاشة التحالفات الغربية ومن ان مكانة الدول الغربية لا يمكن الاعتماد عليها لخرقها القيم الانسانية  وليست إلأ بلونات خالية من مثل(( دعم حقوق الانسان والديمقراطية و معايير السيادة وسلامة جغرافية البلدان)) وأن هناك حاجة الى التغيير الجذري لوقف المزيد من التدهور في الاقتصاد والروح المعنوية العامة، لكن رؤيته لكيفية تحقيق ذلك لربما تفتقر إلى الوضوح عندهم.  عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

74
المخدرات والمخاوف من الانتشار الأوسع
اتساع رقعة تعاطي المخدرات والتي تطلق على كل مادة طبيعية أو مصنعة تؤثر على جسم الانسان فتغير تصرفاته وبعض وظائفه والتي ينتج عن ادمان استعمالها نتائج خطيرة على الفرد عدى تأثيرها السلبي على البيئة والمجتمع والتي انتشرت بين الشبان من كلا الجنسين في العراق في السنوات الاخيرة بصورة واسعة ،هذا ما تظهره يومياً الانباء المتداولة عن طريق القوات الامنية والوقائع اثبتت ان هذه القوات رغم ما تبذله من جهود انها غير قادرة على معالجة هذه المشكلة المتنامية في البلاد بسبب الفساد وضعف النظام الأمني في تطبيق القانون ولكون محاولات الحد من تهريب المخدرات وتوزيعها كانت محدودة في أحسن الأحوال سابقاً ما يخلق المخاوف والقلق وقد تخطت ظاهرة تجارتها من كونها مجرد تجارة بحتة يمارسها تجارها ، إلى أنشطة مرتبطة ببعض الجماعات المسلحة والقوى السياسية والقبلية المؤثرة التي تجنى مكاسب طائلة من هذه التجارة وتستغلها للحفاظ على نفوذها وسلطتها وتظهر التقارير الأمنية العراقية التي تتحدث عن استمرار عمليات تهريب المخدرات عبر دول الجوار إلى مختلف مدن وسط وجنوب وشمال وغرب العراق، ولا توجد أرقام دقيقة لنسب الإدمان والتعاطي في العراق إلا ان 90 بالمئة من الذين تم القبض عليهم بسبب تعاطي المخدرات في نفس الوقت تقريبًا كانوا عاطلين عن العمل لعدم توفير مجالات لعملهم ، لكنها لا تقل عن 10 في المائة بين متعاطٍ أو مدمن على أنواع مختلفة من المخدرات مثل الآرتين والكوكايين والحشيش والهيروين وغيرها و تختلف أشكال تناولها تبعاً لانواعا فمنها ما يكون شراباً مثل الكحول ومنها ما يؤخذ على شكل أقراص كنوع من أنواع المسكنات مثل الترامادول إلى جانب أنواع أخرى غير المسكنات والتي تتمثل في المنشطات والمهلوسات ومنها ما يتم تناوله عن طريق الاستنشاق مثل مادة الهيروين ومنها ما يتم تعاطيه من خلال الحقن الوريدي .
لقد  انتشرت ظاهرة المخدرات في العراق وانعكست على المجتمع بشكل عام وادت الى ارتكاب جرائم الاغتصاب حتى وصلت بين أفراد العائلية في بعض الحالات، وزاد الخطف، والسرقة، والقتل والسطو المسلح بين الشباب بشكل لافت ،ومن أخطر أنواع هذه المخدرات هو مخدر الكريستال المنشط بعد أن دفع معدل البطالة المرتفع، وخاصة بين الشباب و العديد من العراقيين مع الاسف بدء في استخدام "الكريستال ميث"، والذي وصفه مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأنه "العقار الرئيسي المثير للقلق". والكرستال تم تصنيعه لأول مرة في ألمانيا قبل الحرب العالمية الأولى، ثم طوره اليابانيون واستخدموه خلال الحرب العالمية الثانية لإبقاء الجنود في حالة يقظة لساعات طويلة، ويؤدي الإدمان عليه إلى تدمير جهاز المناعة، وقد يؤدي إلى الوفاة بسبب فشل القلب أو الفشل الكلوي أو الهبوط الحاد في الوزن. ونظرا لان مشكلة تعاطى المخدرات والاتجار فيها تعتبر مشكلة جديدة إلى حد كبير في العراق، أدى ذلك الى عرقلة الجهود الحكومية المبذولة وترك المجتمعات العراقية غير مهيأة للتعامل مع هذا التهديد الجديد الذي وصل إلى حدود قياسية فيما يتعلق بنسب التعاطي بين الشباب وانتشار ظاهرة تجارتها.
بدوره، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أهم وكالة عالمية معنية بالمخدرات، دق ناقوس الخطر بكشفه عن أن حوالي 275 مليون شخص تعاطوا المخدرات في جميع أنحاء العالم في العام الماضي، في حين عانى أكثر من 36 مليون شخص من اضطرابات تعاطي المخدرات،وقد أعربت هيئة مستقلة تابعة للأمم المتحدة، هي الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، عن قلقها من أن العراق، مع استمرار الظروف الاقتصادية السيئة وغياب سيادة القانون في البلاد وأن قانون العقوبات العراقي رغم معالجته ظاهرة تعاطي أو الاتجار بالمخدرات العادية، فإنه لم يعالج ما استحدث من أمور مثل ظاهرة المخدرات الرقمية، مطالبا بتعديل القانون ليتماشى مع الأخطار المستحدثة في المجتمع. و يستغل المجرمون نقاط الضعف هذه للوصول إلى أسواق مربحة في دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها. وبسبب حالة ما بعد الصراع، أصبح بلد عبور للمخدرات القادمة من أفغانستان.
أن مكافحة هذه الظواهر تتطلب عملية مكافحة المخدرات الفعالة  ،تتضافر فيها جهود جميع مؤسسات الدولة الصحية والتعليمية والقانونيةً لتطبيق الأطر التي تهدف للتعامل مع المشكلة. ومن ثم، يجب أن تتبنى المؤسسات الحكومية استراتيجية شاملة تساهم في مشاركة أصحاب المصلحة والجهات الرئيسية الفاعلة لمعالجة هذه القضية. وعلى الإعلام العراقي  تقع المسؤولية الاساسية في الاهتمام بمعالجة الظاهرة ورفع الوعي العام لتكوين رأي عام لتشخيص أسباب الظاهرة والعمل على مواجهتها إعلاميا.
ظاهرة المخدرات رغم تغولها وانتشارها حالياً بين الشباب هي حالة دخيلة على المجتمع العراقي، بعد تم القضاء عليها في اواخر ستينات القرن الماضي ولكن الظاهرة نشطت من جديد بسبب الانفلات الأمني وتراجع دور مكافحتها بسبب ضعف الخطط العلمية ، فضلا عن أن فوضى الحدود المفتوحة وضعف الرقابة الامنية هي من ساعدت على اتساع هذه الظاهرة بين الشباب من جديد، لا سيما بعد تغيير النظام في العراق سنة 2003.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

75
غاب جسده وبقى شعره يصدح
غاب عن الساحة الشعرية الشاعر الكبير مطفر النواب بعد ان عانا من الغربة والسفر ، منتقلاً برحمة من الله الى مثواه الاخير وقد تميّز شعره الوطني بالجرأة والعنفوان الشعري، وناضل بقلمه وفكره ومشاعره سراً وعلناً وهذا ما أكسبه مصداقية وانتشارا بين الناس ودخل قلوبهم وعقولهم، انشدوا له  ليكون رائدا في الشعر الوطني. ، صعد أعلى منابر الشعر طولا وعرضا و اتسمت شاعريته بعذوبة اللفظ والعاطفة الجياشة، وأبرزها السياسية التي وقفت الى جانب الشعب في مقارعة الاستعمار والاضطهاد والاقطاع  والتاريخية التي نقلت صورة الاضطهاد الذي كان يعيشه المواطن الفلاح في ارضه والعامل الكادح ، فقد عاش ثائرا مناضلاً مخلصاً متميزا ضد الدكتاتورية والاستبداد، نعم هكذا صدح صوت الوطن بكلماته واشعاره  وقصائده رفدت المشهد الشعري العراقي بنتاج زاخر تميزت بصوره الفريدة والعذوبية عكست أصالة المواطن العراقي وواقعه البيئي والاجتماعي ،الذي عرف بمواقفه الثابتة وإلتزامه تجاه القضايا الوطنية ، وكان مدافعاً عن الحريّة بإعتبارها القيمة العليا في الحياة، وفي العطاء الشعري قامة غمرت بعطائها الطويل على مدار عقود حمل البندقية والقلم على طريق الحرية والاستقلال و كان رحيله خسارةً لرافد لا ينضب ارتوى منه مشهد الشعر العربي والعراقي بغزير نتاجه الجمالي والفكري وترك سيرة مضيئة دائما فى مسيرة النضال ، غادرنا وهو يكتب الشعر حتى أنفاسه الأخيرة، ولم يؤخره التقاعس يومًا من أجل الوطن، استل سيف الحق مشهراً على الدوام في وجه الظلم والجهل والتخلف والفساد، و واجه ألانظمة التي امتهنت كرامة الإنسان، ودافع عن القيم السامية التي تكفل للشعوب كرامتها الوطنية  وحريتها واسنقلالها السياسي. الشاعر الكبير مظفر النواب (رحمه الله) أثار بقصائده الوطنية والثورية والوجدانية البديعة مجالي الفصيح والشعبي احاسيس الشعب وخفف عنه  المه ومعاناته .
 
خسارة كبرى بموته ليس لعالم الشعر والأدب العربي فقد كان أحد رموزها البارزة، بشعره  حلق في سماء العالمية، بل كان واحداً من الذين زكوا حياتهم في  المساهمة بأمواج المعارضة الشريفة أياً كان الثمن. ورهن فكره للريف  والمدينة ووعيه من أجل مستقبل أفضل وحياة حرة للأجيال ، وارتشفنا من انتاجه الكثير من الشعر والأدب والفكر ، و ساهم في بناء الذاكرة الجماعية الوطنية للشعب العراقي بشكل خاص في مجموعته الشعرية " لريل وحمد "والاف من القصائد وللإنسانية بشكل عام" ومن أهم قصائده قصيدة القدس عروس عروبتنا وقصيدة مع الخمر والحزن في قلبي.، لحظة في حمام المرأة – أيام الحب – الرحيل. مارينا كن حمد – مسرحية مسرحية – عروس السفن. يوميات عروس الانتفاضة – خليته وما أهمها الا انه حب. موت العصافير – في رثاء ناجي العلي ،قل إنه السلاح، أنت – المبارز أمام الباب الثاني، وكان المثال للمثقف العضوي الذي يحمل قضايا وهموم شعبه وينخرط في ميادين النضال ولم يكتفي بالكتابة عنه بل حمل سلاحه، كان أصيلًا معطاءً ومُحبًا وطنيًا لم يقهره السفر ولم يعرف التعب ولا الكلل. تاركا وراءه إرثا زاخرا في الشعر والنثر ،تفنن في كسب الجماهير بحبه لهم... كسب الحياة بصوته وبسيطه الشعري... رافضاً المناصب وكفرا بالظلم تنهد بالقصيدة بقطراته خطواتها وتينع في سماء الأمسيات وفي ليل المدن الكئيبة ليكون نبراس يهتدي به الحيارى في عنف العتمة، في ركن النضال وعلى الرصيف في قلب المظاهرات الصاخبة ، غاب جسده وبقى شعره يصدح في قلوب الناس... ليحمله التاريخ بين صفحاته خالداً...
عبد الخالق الفلاح

76
الانسداد السياسي وتضوع المواطن
ضياع فرصة ببناء دولة كان هو الثابت الوحيد في سلوك السياسيين في العراق منذ سقوط نظام البعث في عام 2003 ذلك النظام الدكتاتوري الاستبدادي،
ولا تملك إلا أن تتقاسم الكعكة  بوصف كل منها ممثلًا عن مكون من مكونات المجتمع، ومطالبًا بحقوق وظلامات تاريخية. ونتيجة لهذه الشحنة السياسية، تحولت هذه الهويات إلى ما يشبه الأيديولوجيات الفاشية والعملية السياسية تمر بتجاذبات  وانتكاسات مرتكزة على هاوية الصراعات والمناكفات والمزايدات بعد مضي سبعة أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية "المبكرة"، ومنها الانسداد السياسي" الحالي ""ويعد  سوى واحدة من علامات المحنة المستمرة التي فشلت ثلاثة محاولات مفبركة من قبل التيارات الحاكمة ليأكلوا الوقت في صحون العراقيين دون العمل على  إخراج المواطن المتضوع  منها والمتغيرات كثيرة وضغوط الداخل والخارج تربك المشهد السياسي وتجعله في مهب الريح.. والكتل السياسية كلٌ يرسم لنفسه خارطة طريق كما يرى هو،حتى بات من العسير جداً فك رموزها وما زالت الكتل تشعر على أنها هي صاحبة الشأن وليس للشعب اي سلطة عليها  ما يوحي إلا أن العملية سوف لن تمر بحالة من الاستقرار لفقدانها البوصلة.
و لم يكسب المواطنون الحرية التي كانوا يطالبون بها  ولا ديمقراطية بمفهوم الديمقراطية  الحقيقية والاستقرار الامني اللازم ، بل تمزقوا الى شيعا وطوائف، لا إلى جمع المكونات ، وتحولت  الأوضاع الى فصول من المحن التي  لا تنتهي، ودولة كسيحة مقعدة بل و متخلفة مدمرة وينتشر فيها الجهل والعنصرية والطائفية والعنصرية والعرقية والمناطقية  وإلى اوهام  وذكريات والثراء والمنعة والقوة للفساد والسرقات وتشريع قانون الأمن الغذائي  وسمي القانون ب(الطوارئ) كي لا يخضع لضوابط قانون الموازنة الصارمة وأصول الصرف والتدقيق،فيتم العبث بكل ثروات البلد ولتعزيز النفوذ السياسي ليكون بديلا عن الموازنة العامة للدولة، ومن دون بصيص أمل قريب في استعادة الوطن زهوته .
 المشكلة الرئيسة هي التفكير المزدوج بين " المشارك في السلطة والحديث بعقلية المعارضة" وتبتعد عن فكرة ادارة الدولة وتتمسك بالسلطة مما تجعل ضمان وصول إلى حكومة قادرة بمعنى الكلمة الى سلطة للبناء وتكون موضعا لتأييد ، تملك أمرها وقرارها مفقودة.
 ان الكف عن الوعود التي تطلق في الهواء، ولا تجد طريقا للوفاء والتنفيذ، فما من فرصة لتوفير وظائف لجحافل العاطلين، ولا لتحسين خدمات المياه والكهرباء المنهارة تماما، ولا لجلب إحساس الطمأنينة للعراقيين ولاشك في افتقاد العراقيين لمعان أولية أكثر بساطة، ولم يعد للمواطنيين من وطن يجمعهم، ولا دولة يستظلون بحمايتها، بل تحول الوطن إلى أشلاء مبعثرة، وتحولت الدولة إلى رسم على الورق، وتتغير أسماء حكوماته وأحزابه، ولكن من دون ضمان وصول إلى حكومة قادرة بمعنى الكلمة، تملك أمرها وقرارها، وتكون موضعا لتأييد أو لمعارضة، أو لنعت الديكتاتورية و الديمقراطية، ان بناء الوطن يبدأ بتحديد المشكلات وحلها، وعدم السعي لتشتيتها، ثمّ بتلبية احتياجات الناس، وتنظيم مرحلة البناء ضمن برنامج وطنيّ شامل تشارك فيه كلّ القوى النقيّة؛ بعيداً عن سُرّاق الحياة والوطن. وساعتها يمكن القول إنّنا وضعنا القطار على المسار الصحيح، لنصل في نهاية المطاف لتحقيق الدولة العادلة والحياة الكريمة للمواطنين،
عبد الخالق الفلاح – باحث وإعلامي

77
قلوب لا تخفق للوطن
تطول المناظرات هذه الايام والوقت يمضي هدراً ولا يبدو واضحاً إن كانت المفاوضات تأتي أكلها ولا يمكن توقع الانفراجات في مسار التفاوض أو حتى التفاهم الذي يدور بين الكتل السياسية وقلوب لا تخفق للوطن، مع غياب الأمل تحاك الدسائس والمؤامرات تزداد ضراوة في تباعـد وتناحر القوم مما عقد المشهد السياسي إذ تمسك كل من المتحالفين بحقه في تشكيــل الحكومــة فهناك كتلة  فائزة  وأخـرى جمعت عدداً أكثر من خلال تحالفها مع بعض الكتل السياسية الاخـرى،يتبارز السياسيين بالطوائف وتظهر العجائب، و يتقاذفون التهم العجيبة وجعلوا من الوطن محطة سفر والمراتب التي نعيش فيها الى حقائب والبيوت ثروات،وهناك من يمدح واخر من يهجي اخر ،مقابل مبالغ يتفق عليها على صوت الباطل تقرع الطبول وخفق صوت الحق وظهرت على السطح وجوه مريبة واختفت وجوه اخرى ويشعر بموت الأمل ويزداد غربة العقل والعاقل وضاعت ملامح الوجوه النيرة ويسود الهرج والمرج يوماً بعد يوم.
لا شك من ان استمرار ظاهرة غياب السلطة والسياسة تجعل من ان تسمح للكثير من الظواهر السلبية بالاستحواذ على جزء عظيم من اهتمامات الناس ،لان غياب الأحزاب السياسية الوطنية الحقيقية والمجتمع المدنى، ليس له معنى إلا إعطاء هدايا مجانية للمتطرفين والإرهابيين والجهلة بالاستحواذ على  أرضيات جماهيرية بسيطة الفكر وبريئة المقومات لا يستحقونها بالمرة لان الجهل عدو خطير يفتك بالمجتمع ويهدد سلامه وأمنه ويجعله في مؤخرة الدول.
 الواقع أنَّه لا توجد علاقات للقوة أو ممارسة للسلطة دون مقومات حقيقيّة وفعّالة لهذه القوّة أو هذه السلطة؛ لأنَّ المقومات  والجماهير تشكل تلك النقاط التي تُمارَسُ علاقات القوة عندها بالضبط ولذلك تتسم نقاط الصراع والتفاوت والنفي بين السلطة والجماهير وتصبح عريضة جداً ومنتشرة ، كونها لم تكن موزونة  لتثير نقاط الصراع والتفاوت والنفي ، الأمر الذى لا بدّ لنا من تحديد أوليّ لمسألتين بغاية الأهميّة لموضوعنا وهما: تحديد الشروط الابتدائيّة المُعيقة أو المساعِدة في رؤية وخلق تفاعل سياسي، وتحديد طبيعة نظام الحكم في العراق وبعكسه سوف يكشف لنا أن المواطنين يفقدون الرغبة في المشاركة فى عملية سياسية هشة ومفقودة القوام ، فى إطار القانون والدستور، ولا يجدون القنوات الرسمية التى تعبر عن اهتمامات الناس ومشاكلهم في الوقت الحالي، وان فرص ظهور جماعات وتنظيمات وكيانات متطرفة وشخصيات عشوائية و معدة من معامل أجهزة المخابرات الأجنبية، أمر وارد إلى حد كبير، بل والأخطر هو زيادة إمكانية توجيه الجماهير العادية لمسارات غير مأمونة العواقب، ما لم تستقر العملية السياسية  وإحترام حقوق الإنسان ومبادىء الحرية والديمقراطية ، وسعي الشركاء السياسيين إلى الإنسجام والتفاعل لتحقيق الإستقرار في العملية السياسية والعمل من اجل النهوض بالمسؤولية وبالتالي تحقيق الأمن والسيادة في عموم البلاد و يتفاعل المنضمون فيها تفاعلاً حقيقياً وفق الأطر الدستورية فلن تتحقق السيادة ولا الأمن ولا الإعمار ولا التعليم المتطور ولا الإستثمار الأمثل للثروات ،في ظل عجز الأطراف السياسية عن إيجاد خارطة طريق للتفاهم فإن العراق معرَّض لتجدد الفوضى وستبدأ السلطة فيه في التحلل والتشرذم  والانهيار الكامل والثمن الاقتصادي اذا لم تكن الاولويات لها، ويبقى الصراع بين السياسيين معركة من أجل البقاء في نظرهم وهم يعتقدون أن بإمكانهم بحث الثمن فيما بعد وأن المواطن هو الذي يدفع الثمن. وقد علق العلامة ابن خلدون على ذلك وعَنْون في مقدمته الشهيرة بأن الظلم مؤذن بخراب العمران. وقال: "ولا تحسبن الظلم إنما هو أخذ المال أو الملك من يد مالكه من غير عوض ولا سبب كما هو المشهور، بل الظلم أعم من ذلك، والمانعون لحقوق الناس ظلمة، وغُصاب الأملاك على العموم ظلمة، ووبال ذلك كله عائد على الدولة بخراب العمران"، و إذا ما أستمر تصارع الطبقة السياسية فيما بينها الذين وضعوا مصالحهم الشخصية والفئوية فوق مصالح شعبهم وبلادهم. والقضية ليست وليدة سنوات اليوم بل عملية ممتدة لسنوات طويلة، فإن ذلك يحرم المواطنين من فرص النجاة والخروج من دوامة الانهيار في جميع مفاصل الدولة، مع ان موت السياسة، ليس مسؤولية الشعب البعيد عنها بل هى حالة عامة يعيشها الساسة منذ سنوات طويلة، وهي ميتة عمليا لدى المواطنين لتجاهل حقوقهم وآرائهم وعدم تسليط الضّوء عليهم وعلى احتياجاتهم، وذلك يفقدهم حماسهم واندفاعهم للمشاركة بالإضافة إلى افتقادهم لوجود الحاضنة الموثوقة ، رغم وجود السلطة الشكلي والدليل على عمق الأزمة التي نحن فيها ، وقد تصل الى نقطة لا يمكننا بعدها الرجوع منها،. إلا نذير شؤم وعلامة سوء. وكلما أغفل هؤلاء القادة أسباب الوهن وبالغوا في تغييب صوت الشعب ،فإن الظلم يهدم الملك و أن العدل أساس الملك، فهل يسمع رجال السلطة في العراق صوت أصحاب الوطن، فهل يقرأون التاريخ إذ فيه العبر، أو يسقطهم ظلمهم وترفهم.
عبد الخالق الفلاح
 
 

78
نزيف الدم وجرح الوطن
مازالت قلوبنا تنزف ومع كل نقطة دمع تسقط في وطني  .بكل ما فى عيوننا من الدموع وما في قلوبنا من الأسى ، ينزف ويئن وتتكالب عليه المؤامرات من الداخل والخارج ليمزق نسيجه وكل ذلك نتيجة اختلاف وتفرق القيادات السياسية المتسارعة للسلطة وصراعاتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان، في كل بقعة من بقاعه جَرْح يَنبِضُ بهِ ألمٌ، و جرحٌ لا يتوقف نزيفه ولا يسكن ألمه، هناك من يزداد استبشاراً باستياء أوضاع الوطن واحتقانه ومرضه، يجرّونه إلى الهاوية ويسلبونه أمنه وأمانه ليصبح فريسة سهلة لمن هُم مُتعطّشين للاستيلاء عليه و على ثرواته.. متلبسين بـ أقنعة على وجوهم لتخفي أطماعهم ورائها والمتستّرة خلف أثواب الوطنية و هم بلا وطنيّة.
عندما نقول إن الوطن ينزف لا نقصد ولا نعني إخافة المواطن المغلوب على أمره والذي أصبح خائفاً من المصير الذي ينتظره ، بل إننا نقول ذلك بهدف لفت الانتباه لما وصل إليه حال البلاد من تدهور في كل نواحي الحياة والذي يزداد يوماً بعد يوم منذ جاءت الحكومات المتعاقبة تحت راية الديمقراطية وعملت منذ بداية أمرها على نهب خزينة ، استنزفوا وأغرقوا جشعًا و طمعًا، يدّعون الإصلاح وهُم من أنبتوا سموم الفساد في أرض لم يتوقّف عن العطاء، وطن احتواهم وإشباع حاجاتهم واحتضنهم بقوة حتى يستشعروا معهُ بالأمان، لكنهم مكروا وأنكروا وجحدوا بعدما انتزعوا من صدورهم الوفاء واقتلعوا من قلوبهم الولاء، الحالة الأمنية وتدهورها شاهدة على أن الوطن ينزف الى جانب توقف التنمية وعجز غالبية الناس عن شراء قوتهم الضروري والأساسي.. هذا الى جانب الأوضاع التعليمية المتدهورة والصحية المنعدمة.
هل نسكت و نرى وطني ينزف دما، لا طالما آمنا بأن الكلام  لا يعبر عن من عاش الوجع وليس مثل الذي سمعه أن الجرح كبير وأن الخيبة تدمي الفؤاد وتتركه جريح ينزفُ ما فيه،
 وها هو ظلام بعده ظلام يغطي سمائه .. فالدموع حجبت النور ولا أمل في الإستنارة في القريب  .. يعج بالألم، يساورالجميع الشك حيال ما يجري وتبادلهم اهات هذا الوطن، و يبرع في قتل الأمل والحب داخلهم، فارغة إلا من الهزائم، جدران فارغة تردد صدى الخيبات التي تلفها من كل صوب، نحو الصورة البائسة للوطن، صورة الموت السحيق الذي يتربص بهم، قتلا أو غرقا ، ويترك جراحا عميقة  ورائه لا يندمل. تحركات لأجل لا شيء في وطن غير الذي يتنفس فيه رائحة الموت. فكرة الابتعاد عنه تتربص بكل من عليه ، نريد وطن تتحقق فيه الامنيات، وطن فيه كلمة هدفها البناء، وطنٌ يرفعُ شأنه بالعلم والحرية والحب بين جميع الأوطان، الهدف منه أن يعيش الوطن لا أن يصبح ركام ويصبح ابنائه تحت الأنقاض، هل الحرية مكلفةٌ هكذا أم أن الخيانة باتت ماء من يسمون أنفسهم أصحاب الحكمة والقرار؟...فمتى ينصف ابنائه وتُصان لهم كرامتهم ويستشعرون الأمان بأرض وطنهم.
كل ما يحدث إنما هو نتيجة الطمع وروح الابتزاز والابتعاد عن  المحبة والتسامح واستبدال ثقافة المحبة بثقافة الأحقاد والكراهية، متجاهلين أن الأوطان لاتبنى بالأحقاد والكراهية والفرقة والاختلاف والحروب ،تحت مسميات حزبية وسياسية ومناطقية ومذهبية وطائفية تجاهل الجميع وطنهم وانشغلوا بما يغرس الأحقاد والكراهية في قلوبهم وانقسامهم "حزبياً ومناطقياً ومذهبياً "، القلوب قست عند البعض وغلبت لغة العنف والتهديد والتسقيط على  لغة الحب والحوار ، نزغ بينهم الشيطان "
وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ ۚ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (الأعراف 200)  فأنساهم قيمة الوطن الذي تحول إلى جحيم بسبب افعالهم.

79
العراق ...التيه السياسي والمنعطف الخطير
لاتهمنا التصريحات المتوالية ولا تغرينا الشعارات الكبيرة حول الإصلاحات وانتصارات رفع المعنويات و تشجيعها وتوظفها فضائيات التهريج السياسي التي اصبحت أكثر بؤسا مما كانت عليه في السابق وأن الحديث عن إصلاح المسيرة السياسية المسدودة الافق و المتعثرة أصلا في ظل المعطيات الحالية هي من حسابات الدفع باتجاه تضيع الوقت رغم أن الجماهير الشعبية تشتاق لاستراتيجية وطنية تجسد القواسم المشتركة التي يتم على أساسها إصلاح النظام السياسي بمختلف تكويناته.
ان المدقق و المتابع والمراقب لمختلف القوى السياسية العاملة في الساحة السياسية العراقية،دون  الحاجة الى مسميات،سيلاحظ حالة من التخبط والتيه السياسي ينتاب هذه القوى،تيه مرجعه بوصول خياراتها المعلنة لطريق مسدود سواء كان خيار التفاوض  والتسوية السلمية لدى هؤلاء ومن شايعهم  ،تيه يغذيه  تيه مواز له والى عدم القدرة لمنع الآخرين من الوصاية والتأثير في القرار السياسي والبلد يعاني استقطابات حادة وصراعات حزبية " سياسية "استشرت وانقسامات اجتماعية تشدت خطورتها يوما بعد آخر ، والبلاد تعيش أسوأ مقاضاتها منذ أشهر عدة و ما تعنيه من احتكار مقيت للسلطة طيلة عقدين من الزمن بلغت ،والعنف والقتل والجدل وقلة الحيلة تترسخ في يوميات العراقيين بلا أفق للحل ولا عقلانية وتفكير هادئ بالمصير المرتبك الذي يعيشه البلد والقلق الذي يوسوس لجماهيره.
الخلافات والمحاور ليست بعيدة عن مأزق الحالة الداخلية،هذا التيه السياسي الذي يذكرنا بتيه لما بعد عام 1991 في زمن البعث المجرم ، ولكن بشكل أكثر مأساوية وإحباط حيث تيه مرحلة ما بعد 2003 كان نتيجة صدمة هزيمة الديمقراطية الحقيقية التي  أضاعت البوصلة وقبل أن يختبر الشعب العراقي خياراته وممكناته، التيه الحالي هو أكثر خطورة لأنه يأتي بعد تجارب سياسية مريرة توزعت على مجمل الأيديولوجيات:الوطنية والقومية واليسارية والإسلامية التي خاضت التجربة وهي تعتاش على فشلها .
التيه السياسي الراهن الذي يعاني منه النظام السياسي العراقي لم تنضج احزابه وقواه السياسية في ادارة حوار معمق لبناء وبلورة هوية الدولة  وتحديد مواصفاتها وخصوصياتها ومشتركاتها من القريب والبعيد وهو ليس خللا ظرفيا وعابرا، بل خلل بنيوي قبل أن يكون وظيفيا،سواء تعلق الأمر بكل حزب وحركة على حدة أو من خلال ما تم تسميته بالمشروع الوطني القائل والفاعل لتشكيل الدولة العراقية المستقلة والمنقوصة الارادة فعلاً والتي تهيم على وجهها منذ 19 عام ولم تستقر أوضاعها في ظل حكومات تحاول بين فترة وأخرى وضع الامور في زوايا مظلمة لحشر شعبنا فيها من باب تضييع الوقت ولكي ينشغل المسؤولون المتناوبون على ادارة الحكومات والسلطة لصالح منافعهم، هذا لايعني بالمجمل ان الغالبية سيئة بل فيها عناصر تملك النوايا والحس السياسي ولديها الرغبة الجدية في الاصلاح السياسي وليسوا من أصحاب الأجندات الخاصة وتحرص على بلوغه ونقدر الحركات المخلصة ولكن  تقيدها قوة السلطويين ،"القوى السياسية الممسكة بزمامها والمتطاحنة على بناء عيانها الفارغ على إنقاض شعب تحول غالبيته إلى سجين بكل ما تحمل  الكلمة من معنى ،وهي لم ولن تريد ان تعترف ولو لمرة واحدة أنها تعيش عصر وزمن “التيه” وليس بمقدورها تحقيق هدف واحد مما طرحته عبر خطابتها المتكررة ومناهجها المتأرجح ورؤيتها الضيقة ولم تدرك بعد أن العراق على مشارف “الانهيار” ويمر بمنعطف تاريخي خطير ، وكل منهم يلهث وراء المكاسب ، تناحرات، سياسية متلونة، ومساعٍ منحرفة، وصراع على النفوذ والاستقواء، دون مراعاة مصالح الشعب والوطن الذي  يكون في مأمن ما لم تبن دولته  بهوية جامعة ،  يعتز بها كل عراقي ويدافع عنها ، متناسين حب الخير والوحدة والألفة والتصالح والتسامح وكل القيم والمعاني المتعالية لخدمة شعبهم .
عبد الخالق الفلاح

80
العراق والانسداد السياسي في أخطر مراحله
من اخطر المراحل السياسة التي تمر بالعراق الحالي ،والتوترات السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في تشرين الأول/أكتوبر عام 2021 وعمقها المواجهة الأخيرة لتشكيل أغلبية برلمانية والتي تجعل من الامور بالذهاب الى ظلام يخيم على البلاد، ان استمرار الانسداد السياسي وما جرت من محاولات الثلاث الفاشلة لانتخاب رئيس الجمهورية  وفشل التحالف الثلاثي في الوصول الى العدد المطلوب داخل البرلمان لاختيار الرئيس وتحويل الأمر الى الإطار التنسيقي بالمهمة أعطت ملامح العملية السياسية في العراق وخيبت الامال الكبيرة لكل المكونات العراقية، وعدم فتح أي كوة امل لمعالجتها، والتدهور المريع في الوضع المعيشي للناس. الانسداد هو بقاء وجوه السلطة كما هي في العيش وسط الامتيازات والتخصيصات والحمايات وحتى الامال تبقى ضعيفاً بحل البرلمان واعادة الانتخابات وأبرزت لامبالاة كل القوى السياسية فيها والمشتركة في البرلمان العراقي اتجاه إرادة الشعب العراقي؛ وان حركة الأسواق وعدم وجود موازنة سنوية لادارة البلد ومعالجة الأزمات الطارئة وزيادة نسبة البطالة كلها أمور مؤجلة إلى حين ولادة الحكومة الجديدة رغم انها ليست بجديدة واخفقت كل الحكومات السابقة معالجتها بجد ، وهي، بهذه السلوكيات غير المسؤولة، و خرق دستوري واضح، لا يظن أحدٌ من العراقيين ولادتها، بل يمزج مراقبون بين ما يمكن أن يفرزه الحراك داخل قبة البرلمان من اختيار الرئاستين المقبلتين: الجمهورية والوزراء، ودخول العراق في دوّامة الفوضى الغير محمودة العواقب.
 ليس للطبقة السياسية العراقية على شىء من الوضوح فى أفكارها وبرامجها في الوقت الحالي تتيح القدرة على العمل والتأثير وتحمل مسؤولية التحول إلى مجتمع طبيعي امن وسالم  حر وإنفاذ القيم الدستورية.. وهذه حقيقة أخرى تنذر بتقويض أية تطلعات لتثبيت الدولة وتأكيد طبيعتها الحديثة ، والذي ينذر بمخاطر لا يمكن تجنبها ،ونحن في حرب ضارية مع الإرهاب لا تصلحه الوسائل الأمنية وحدها، والكلام العام عن أننا صامدون فى مواجهته وقادرون على دحره فى النهاية صحيح فى مجمله لكنه يفتقد إلى أية تفسير مقنع لأسباب ارتفاع وتيرة عملياته فى العديد من المناطق والداخل معا إلا ان يكون الخلافات السياسية الحالية وانفلات عمل الدولة رغم كل الدماء والتضحيات التى بذلت في مواجهته ، وأزمات تطرق الأبواب بقسو و لا محال سوف  يؤدي الى انزلاق البلد في اتون متاهات خطيرة، ولاشك من ان اخفاق القوى السياسية و فشلها في بناء دولة قوية عادلة تخدم المواطن وتحارب الفساد وتنعش الاقتصاد يعود الى عدم الادراك بالمسؤولية ولا تقنع أحدا أن هناك دولة تثق فى نفسها وفى شعبها ، بسبب المخططات للاعداء التي يراد منها الايقاع بين اطراف العملية السياسية التي هي من الضعف بسبب تمسكها بالسلطة لا في بناء الدولة و القوى الخارجية  تحاول اثارة الازمات بين الشركاء السياسيين لاشغالهم بالصراعات ، وهذا الذي يراد له من الانسداد السياسي و هناك من يريد أن ينشغل العراقيون بصراعات داخلية تستنزف قوتهم وتضعف كيانهم و ان تأخير التوافق على تشكيل الحكومة بعد مضي مايقرب النصف عام منذ اجراء الانتخابات ستكون له تداعيات خطيرة على كافة القوى السياسية دون استثناء  ، ولا شك بأن عموم ابناء الشعب هم الاكثر تضرراً من هذا الانسداد السياسي .
عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

81
اهمية العلاقات الدولية وتأثيرها
دراسة أهمية العلاقات الدولية والانعطافات التاريخية في الروابط بين الأمم ، أصبح من أهم فروع العلوم السياسية اليوم في المعاهد والجامعات للدراسات العلاقات الدولية وهي من التخصصات التي لا يمكن الاستغناء عنها و من خلالها يمكن دراسة وتحليل الظواهر السياسية بكل أبعادها النظرية والواقعية و بيان القدرة على التأثير في سلوك الآخرين للحصول على النتائج التي يتطلبها العامل السياسي و تعد أساسا محوريا لمعرفة مدى إمكانيات الدول وقدراتها على أن تكون مؤثرة في السياسة الدولية.
العلاقات الدولية قديمة قدم الإنسانية وبعضها يقع على مستوى ما بين الدول ، فهى علاقات سياسية بحكم طبيعة أطرافها بينما يقع البعض الآخر منها على مستوى العلاقات الخاصة؛ أى لا تظهر فيها الدول كطرف مباشر وذلك إلى جانب فلا يصح تجاهله من إمتداد لآثار كثير من وقائع الحياة الوطنية و التأثير فيها والدافع الواحد هو تبادل المصالح و يمكن العودة الى نماذج من الكشوف الأثرية التي توضح أنه نشأت علاقات دولية بين بلاد ما بين النهرين منذ نحو 3000 سنة ق. م ، كذلك هنا رأي آخر يقول ان  نشأتها منذ نشوء الجماعات البشرية و في عهد الفراعنة، كانت مصر الفرعونية ذات علاقات بالدول المجاورة، كما اتبعت سياسة خارجية قائمة على مبدأ توازن القوى. واستطاعت أن تبرم معاهدة مع الحبشيين التي تضمنت مبدأ السلام الدائم ومبدأ التحالف الدفاعي بين الدولتين ضد أي عدوان خارجي.ثم قامت القبائل وتطورت وعرفت الحرب والسلم والتجارة، ومن هنا يمكن القول بان تاريخ العلاقات السياسية الدولية تاريخ قديم منذ وجود الإنسان و اختلف علماء الإسلام في تفسير العلاقات بين المسلمين وغيرهم من الشعوب التي لم تعتنق الإسلام ، فمنهم من قال إن العلاقات بين الأمة الإسلامية وغيرها من غير الإسلامية لاتقوم إلا على أساس الحرب والقتال،
 انواع العلاقات الدولية تشمل على العديد منها والتي يمكن الاشارة اليها: العلاقات التي تسمل 1- المسلحة 2- العلاقات السياسية 3-العلاقات الاجتماعية 4- العلاقات الاجتماعية 5- العلاقات الثقافية 6-العلاقات الإعلامية 7- العلاقات الانسانية 8- العلاقات في مجال العمل .
مفهوم العلاقات الدولية لا يشمل العلاقات بين الدول فقط، بل يشمل أيضًا العلاقات القائمة بين الدول والمنظمات من غير الدول؛ مثل الكنائس والمساجد ومنظمات الإغاثة الإنسانية والشركات ، والعلاقات القائمة بين الدول والمنظمات الحكومية الدولية؛ كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وتبرز الحاجة الملحة إلى وجود حنكة سياسية دولية خلاقة ومبتكرة، وإلى دبلوماسية أكثر فعالية لإدارة النزاعات. وهو شرط مسبق مهمٌّ، ، لتحقيق دبلوماسية أكثر فعالية لإدارة الأزمات وإنهاء النزاعات.
ويلاحظ ان العلاقات تعتمد على المصالح سواء الفردية القومية أو فوق قومية و كل فاعل دولي يسعى لتأسيس مصلحته بالاعتماد على عدة عوامل ذاتية موضوعية تتوزع إلى عوامل تقليدية وحديثة استنادا للمعيار التاريخي لتطورها و تؤثر في مكانة و مدى نفوذ الفواعل ،
أن تطور العلاقات الدولية فى كل فترة زمنية يؤثر تأثيراً كبيراً على فهم وتحليل هذه العلاقات ، لذلك كان من المتصور أن كل منظور جديد للعلاقات الدولية يبرز كرد فعل للانتقادات التى توجه للمنظور الذي ساد من قبله فى فترة سابقة ، وفي ظل أوضاع دولية مختلفة تطورت على نحو أبرز هذه الإنتقادات أو التساؤلات حول مدى إطلاقه ، ومدى استمرار صلاحيته لوصف وتفسير الأوضاع الدولية المتطورة.
تعتمد العلاقات على قوة وأهمية الدبلوماسية في تطور العلاقات الدولية كبيرة منها وصغيرة حيث أنها الرابط الرئيسي بين الدول في الوقت الحالي وبعضها البعض، وهي الوسيلة الأولى للتواصل بين الدول وبعضها البعض ومتابعة مدى إحكام الاتفاقيات وتنفيذها، كما أنها تدعم بشكل كامل التبادل في الثقافات والتبادل السياسي والتجاري بين و يتعلق بالدبلوماسية وقوتها ودورها الفاعل.
العلاقات هي التفاعلات التي تتم بين البلدان. وتعمل معا لتحقيق أهداف أي نشاط أو أنشطة تنطوي على جوانب إقليمية ودولية ، حيث يمكن أن تقوم الحكومة على المستويين المركزي والإقليمي، وقد تكون هذه العلاقات ثنائية او علاقات متعددة الأطراف للتعاون أو الاتفاقات التي تم التوافق عليها من قبل البلدان تلك . بالإضافة إلى كونها ثنائية والبلدان تحتاج الى خلق  علاقات جيدة مع دول أخرى في العالم لتحقيق الأهداف الوطنية. وقد تكون تفاعلات ذات نمطين النمط الأول هو نمط تعاوني والنمط الثاني هو نمط صراعي إلا أن النمط الصراعي هو النمط الذي يغلب على التفاعلات الدولية برغم محاولة الدول إخفاء أو التنكر لتلك الحقيقة ، بل أننا يمكننا القول أن النمط التعاوني الذي قد تبدو فيه بعض الدول هو نمط موجه لخدمة صراع أو نمط صراعي آخر قد تديره الدولة أو تلك الدول مع دولة أو مجموعة دول أخرى ،
عبد الخالق الفلاح

82
التخبطات الامريكية تزيد في كشف عورتها
تنعكس التخبطات و الإخفاقات السياسية والعسكرية الخارجية الامريكية اليوم على الوضع الداخلي الذي يسوده الفوضى، وأمست الطبقة السياسية معزولة عن محيطها، أكثر من أي وقت مضى وهناك جملة من الأسئلة المحرجة حول حروبهم وغزواتهم وانسحاباتها، وتخبطاتها في القضايا الدولية، والعقوبات التي تفرضها على الدول الأخرى هو الدليل الذي يقطع الشك من انها فشلت واصبحت مجرد اوهام وأثبت قادة اكثر الدول " أفغانستان وفنزويلا وكوريا الشمالية وإيران وسوريا "أنّهم، وبالرغم من العقوبات الأمريكية القاسية، لن تجبرهم الصعوبات الاقتصادية الحالية أو المحتملة على قبول الإنذارات التي تهدد سلطاتهم وحكوماتهم"وهذه العقوبات الامريكية جعلتها شبه عاجزة عن إيقاف التحركات الروسية الجديدة وخاصة في اوكرانية "التي كانت تصر بشكل علني ومتواصل على حق كييف في الانضمام إلى حلف الناتو" بالاعتماد المتزايد على القوة العسكرية في السياسة الخارجية حتى ان هذه الالية اتضحت انها كاذبة وغير مجدية في عالم اليوم ، والفشل في حالة عدم وضع أسس عادلة ومستقرة لنظام واضح محكوم برؤية يقبل بها العالم، و لم تمنع الأزمة الإنسانية الناجمة عن القيود المالية على افغانستان من تنفيذ سياسات حكومة طالبات رغم  ضعفها المفرط بما في ذلك تلك التي تنتهك الشروط الغربية الرئيسية لتخفيف العقوبات. وقد أوضح الكاتب والصحفي ويل سميث،"ان العقوبات  الامريكية "بشروط غامضة أو متزايدة باستمرار مع تجنب المشاركة الدبلوماسية، غالباً ما تعتبرها الدول المستهدفة تهديداً لمصالحها الأساسية أو وجودها و تفسر فشل سياسة العقوبات فغالباً ما تعتقد الحكومات الخاضعة للعقوبات أنّه لا يوجد أي احتمال لإلغاء العقوبات على الإطلاق، ما يلغي أي حافز لدى هذه الحكومات لتقديم التنازلات الرئيسية التي تطالب بها الولايات المتحدة".
لقد كانت تلك الشراذم التي تعلقت بجلباب الولايات المتحدة الامريكية تعتقد ان واشنطن هي نجادة الخلاص أثناء المحن والمدافعة الحقيقية عن سلطاتهم ،  لانها تمتلك من المقومات العسكرية والجغرافية ما يؤهلها لأن تكون قوة مؤثرة في الكثير من المناطق، ومما يعزز ذلك لإمتلاكها القـدرات  العسكرية والمعزز بالقدرة النووية فسقطت في الدفاع عن الحكومة السابقة لأفغانستان واليوم أوكرانيا وتغلت عن شخوص تلك الحكومات بكل سهولة وخرجت مطأطأة الرأس.وتركت معدات بمليارات الدولارات خلفها .
اليوم تتعرض سياسة الولايات المتحدة في جميع مناطق العالم للفشل و إن منطقة  الشرق الأوسط والعالم مقبل على تغيرات كبرى وإذا نظر السياسي الواعي  بمنظار الحكمة والذكاء سوف يعرف كيف تدار الصراعات  والاتجاهات في استثمار قوى صراع القوى الدولية "العظمى والكبرى" المنحسرة على مناطق النفوذ، بما يحفظ مصالح دولتها وشعبها مستقبلاً ، وعلى ما يبدو ان مثل دول الخليج الفارسي من خلال تحركاتها الاخيرة، فقدت ثقتها بالحليف الامريكي، فهي تتوجس من السياسة الامريكية لجهة التنصل عن التعهد والالتزام، بما تعد وتتعهد به الولايات المتحدة.وغيرت موازين بوصلتها نحو الشرق " روسيا والصين والتقرب الى الجمهورية الاسلامية الايرانية " وهذا الإخفاق في الخطط الأمريكية سبق ولاية ترامب بسنوات ايضاً "الذي لم يستطع فرملة الغول الأمريكي الذي خرج عن السيطرة، بسبب هيمنة الدولة العميقة ومؤسسات الإعلام والفنون والشركات الكبرى على القرار الأمريكي، لقد أخفق ترمب نتيجة طريقته في معالجة الأمر، لكنه لم يخطئ في المبدأ، وكان يتمتع بدعم هائل من الشعب المحافظ الذي أقلقه انحراف بلاده نحو قيم هدامة لا تمت للقيم العائلية والإنسانية بصلة من أجل إرضاء حفنة من الشواذ، ورغم كونهم  أقلية إلا أنهم لازالوا متنفذون وقادرون على الضغط عبر الإعلام " والتي كشفت واتضحت معايير السياسة الامريكية ، لكنه أصبح حادا وواضحا جدا في الإدارة الحالية لبايدن، وألحق ضررا بليغا في السياسة الأمريكية وسمعتها الدولية. وانعكس هذا التراجع على علاقة الولايات الأمريكية مع حلفائها التقليديين، سلبيا.  الاتحاد الأوروبي، وفي الفترة الأخيرة، تذبذبت علاقته مع الولايات المتحدة. لقد فشلت الولايات المتحدة الأمريكية في كسب المعركة عبر التضليل الإعلامي الذي مارسته طوال الفترة الماضية فيما يخصّ ادّعائها الحصول على معلومات استخبارية حول أوكرانيا وجعلت واشنطن في وضع لا تحسد عليه، حيث أصبحت محط سخرية العديد من المراقبين لهذا الأداء، وتأكد حجم هذا التضليل بعد أن قامت موسكو بالسيطرة على مدن  كبيرة  آخرها منطقة ماريوبول الجنوبيَة  وهي من المدن المهمة و إنّ القواتِ الأوكرانية فَقدتْ في المدينة الساحلية المحاصرة أكثرَ من أربعةِ آلافِ عنصر وقواعد عسكرية  مؤثرة ومصنعاً لتجميعِ الدبابات قربَ العاصمة كييف
عبد الخالق الفلاح
 

83
فشل السياسة تنتج الحروب والفوضى
حين تفشل السياسة، تكون الحروب هي البديل، والمفارقة أن الحروب تعود إلى حضن السياسة كي تجد نهاية للحرب أو مخرجاً تتميز بشكل عام بالعنف والتطرف و الفوضى الاجتماعية ومحاولة إلحاق الدمار الاقتصادي بين الأطراف المتنازعة، منها.،والحرب:" هو نزاع مسلح تبادلي بين دولتين أو أكثر من الكيانات غير المنسجمة، حيث الهدف منها هو إعادة تنظيم الجغرافية السياسية للحصول على نتائج مرجوة ومصممة بشكل ذاتي ، باستخدام العنف المسلح المنظم بٌين الجماعات االانسانٌية، و تعرف بأنها الوسٌلة الاكثر قسرا لتحقٌيق أهدافها"، • وٌعرفها العالم الالماني كالوزفٌتز بإنها: الاستمرار بالسٌياسة ولكن بوسائل أخرى، ولم تعد اثارها محدودة النطاق، اواستثنا ء في الاهداف وليس كل استخدام محدود للقوة ٌيعتبر حرب والحرب بالمعنى المادي قديمة التاريخ، وباتت  لا تميز بين حرب واخر و بٌين هدف دون أخر، بل أصبح الشعوب كلها أهدافا فًي الحروب، وأصبح نطاقها أوسع بكثٌير، وباتت الدول تجند كافة امكانٌاتها المادٌة والتكنولوجٌية الحدٌيثة، وأصبحت هجمات الحرب إخضاع نفسي للمقابل، واضعافه قبل المواجهة المسلحة، أسباب الحروب الاساسية يمكن من ان نجمعها في مايلي: البشر عنيفين و عدوانيين بشكل طبيعي، مما يجعل حدوث الحرب أمراً لا مفر منه ، النزاعات على الموارد غالباً تؤدي إلى الحرب، بعض الأنظمة تكون أكثر ميلاً لشن الحروب وتكون عدوانية،والقليل من الدول تتدخل في بعض الأحيان من أجل تحقيق السلام وترسل قوات عسكرية إلى دولة أخرى لتكون كـقوات حفظ للسلام ،بعض المعتقدات السياسية اسست على هذا الاساس وتفضل و تؤيد الحرب أكثر،ولا شك بعد انتهاء الحروب يظهر دور القادة من سياسيين وعسكريين في إشعال الحروب والتحريض عليها نظراٍ لما يتحقق لهم في أجواء الحرب من تمجيد وتقدير من قبل شعوبهم فضلاٍ عن غض النظر عن تجاوزاتهم وسلبياتهم كما أنها (الحرب) تمنح الفرصة للمجرمين لممارسة نشاطهم. ولكن الخطير في الأمر أن المغلوب في السياسة والحرب يصير مولعاً بتقليد الغالب، وسر ذلك أن المغلوب يفقد ثقته بنفسه، ويحيل هزيمته إلى ضعفه في معتقده وسلوكه، فيبدأ بجلد ذاته، ثم يتخلى عن هويتها، وينتحل هوية الغالب، ويصير مقلداً له، حتى يذوب في كيانه..مظاهر جميع الحروب وآثارها تكاد تكون متطابقة في كل مكان وذلك لأن الحرب تولد (ثقافة خاصة) منها المظاهر والآثار غير الأخلاقية التي تواكب اندلاع الحروب وتعقبها منها عمليات (التهجير) بما يترتب عليها من مآسُ وجرائم ونشوب طبقة من المجرمين الذين يستغلون ظروف الحرب ليقوموا بعمليات سلب ونهب وتهريب مخدرات وتسهيل دعارة وغيرها من الأنشطة التي تدمر أخلاقيات الشعوب مما يؤدي إلى حالة من (الانهيار الروحي) كما أن الجنود الذين يقتلون الأبرياء في الحروب يدفعون ثمناٍ عاطفياٍ ونفسياٍ كبيراٍ بعد انتهاء الحرب وعودتهم إلى المجتمع المدني تهيمن بها على كل الثقافات وتؤثر بها على السلوك البشري الذي يصل إلى مستوى الحضيض بين طرفي الحرب اللذين تجرعا (مخدر الحرب) فتصبح على درجة واحدة من الهمجية والوحشية والعدوانية،تتدهورالاوضاع في اتجاهات أكثر حدة وسرعة، و تتجاوز سمة عدم الاستقرار إلى مستوى من التفكك الذي قد يصل إلى فوضى حقيقية، وأول ملامح التهديدات فوق التقليدية تبدو في حقيقة وجود وقت متصدع بشدة وتحت التشكيل. وتحمل الأحداث شهادة واقعية على حجم التصدعات وقوتها التي تحفر عميقا في الجغرافيا السياسية وتشكيلاتها الاجتماعية والثقافية، وفي وسط التصدع توجد بقايا نظام ضعيف ومترهل قابل للقسمة والتقاسم بين كل الفرقاء.
عبد الخالق الفلاح

84
الاستقرار السياسي والاجتماعي
لا تناقض جوهري بين ضرورات ومتطلبات الاستقرار السياسي "هو قدرة حكومة الشعب على المشاركة أو الوصول أو التنافس على السلطة من خلال العمليات السياسية غير العنيفة والتمتع بالمنافع والخدمات المفيدة للدولة. ويستند ذلك إلى شروط ضرورية لتحقيق أولها: توفير الخدمات الأساسية"لا ان يتحول الى  العنف ، ولجوء القوى والجماعات السياسية إلى طرق غير قانونية في حل الصراعات، أيضاً عدم قدرة المؤسسات في النظام السياسي، القبول بالمطالب المعروضة إليه والقادمة من البيئة السياسية الداخلية والخارجية".
والاجتماعي" وهو نوع من التساند بين مجموعة ظواهر اجتماعية مترابطة. مثل هذا التساند قد يكون ظاهراً أو كامناً، وقد يكون دينامياً (متجدداً) أو استاتيكياً (ثابتاً). وهذا المصطلح حظى بالاهتمام في التحليل الاجتماعي بعد ان اهتمت النظرية الوظيفية بتحقيق الاستقرار والتوازن داخل المجتمع" و حيث أن طريق الاستقرار الحقيقي لا يمر إلا عبر بوابة ممارسة الحرية ونيل الحقوق والمكاسب المدنية. وأن أي محاولة لفك الارتباط بين الاستقرار والأمن وحرية حقوق الإنسان،بلاشك سيفضي إلى المزيد من تدهور الأوضاع وانهدام أسباب الاستقرار الحقيقية، الاستقرار السياسي لا يمكن أن يتحقق على الصعيد الواقعي بعيدا عن انسجام الخيارات السياسية والثقافية بين السلطة والمجتمع.. والدول التي تعيش حالة حقيقية من الوئام والانسجام على صعيد الرؤية والخيارات بين السلطة والمجتمع، هي الدول المستقرة والقادرة على مواجهة كل التحديات والمخاطر. أن لاستقرار من الضروريات المهمة في حل القضايا المجتمعية الهامة، لما لها من تأثير على تطوير اي نظام سياسي عصري يتسق مع الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع، ويشكل ً لعملية التعبئة الاجتماعية، من خلال بناء المؤسسات السياسية التي تتكامل مع ً مناسبا أساسا ً، وتمثل الغالبية العظمى من مجموع المواطنين في المجتمع وتعكس مصالحهم الوظيفية ، وفي خلق المناخ الملائم مشاركتهم الايجابية الفاعلة في الحياة السياسية، لترسيخ حقائق وإمكانات التكامل الاجتماعي والسياسي، واتاحة الفرصة لتوفير مناخات سياسية مواتية لتحقيق الاستقرار داخل المجتمع. لا يختلــف مفهــوم الاســتقرار السياســي عــن غيــره مــن مفــاهيم علــم الاســتقرار السياســي اصــطلاحا ً، حيـث يتنـاول عـدد مـن البـاحثين تحليـل السياسـة، مـن حيـث طـرق دراسته وتناقضها وتعددها أحيانـا مفهـوم الاستقرار السياسـي مـن خـلال الربط بينـه وبـين المجـال البحثي المـراد التعـرف علـى الظاهرة في إطاره. فعلى سبيل المثـال عنـد دراسـة مفهـوم الاسـتقرار السياسـي مـن منظـور اقتصـادي، ينصـب الحديث فـي بعـض الظـواهر المجتمعيـة كالصـراع الطبقـي ومسـتويات الفقر والبطالة وتوزيع الثروة وتوفير فرص مستويات الرفاه الاجتماعي للأفراد.ويرى ابن خلدون أن عدم الاستقرار السياسي هو نتيجة لعدم التجانس الثقافي في الأوطان التي تكثر فيها القبائل والعصبيات، فهي لا تتمتع بالاستقرار السياسي نتيجة الاختلاف في الآراء وهناك من يرى بأن هذا الرأي لا يكون صائبا حيث استطاعت بعض المجتمعات أن تحقق الاستقرار السياسي على الرغم من وجود تلك الاختلافات في الجنس والعرق والأعراف والأديان. ويرى (جونسون و ستيفنسون) حالة عدم الاستقرار السياسي بأنها (حالة تصيب النظام بانهيار الإطار المؤسسي وحلول العنف مكان الخضوع للسلطة بهدف تغيير أشخاص أو سياسيات أو الوصول إلى السلطة من خلال أعمال تتخطى الطرق الشرعية للتغيير السياسي، وهناك من له وجهة نظر اخرى في عدم الاستقرار السياسي بأنه استخدام العنف لأغراض سياسية ولجوء القوى والجماعات السياسية إلى أساليب غير دستورية في حل الصراعات، وعدم قدرة المؤسسات في النظام السياسي الاستجابة للمطالب المقدمة أليه والنابعة من البيئة السياسية الداخلية والخارجية.
قد يعتقد البعض ان المجتمعات المتقدمة تزداد فيها حالة الاستقرار وتنخفض فيها حالات الفوضى والإحباط النفسي، لأنها تجاوزت عوامل التخلف في جميع المجالات، سياسية واقتصادية، واجتماعية، وفكرية، وثقافية، والدول المتخلفة هي التي لازالت تعاني من تلك العوامل مجتمعةً هذا الكلام غير صحيح والمشاكل اليوم اخذت مأخذ في اكثر المجتمعات وتنوعت و قد تكون هناك عوامل لها الدور الرئيسي في حالة عدم الاستقرار ، لهذا نرى حالات الانتحار مشابهة للدول التي هي أقل تقدماً حتى من ناحية المعيشة والطبقاتية هي نفسها، و أن مفهوم النسبية في تعريف عدم الاستقرار السياسي يأتي من اختلاف حدة الحالات من مجتمع إلى أخر، وبنسبة تأثير العوامل المختلفة سواء كانت عوامل مصدرها المجتمع الداخلي أو عوامل خارجية، وهنا قد تثار قضية جدلية حول التخلف وعدم الاستقرار السياسي، وقد يكون الاستقرار النسبي وغياب حالة الصراع نتيجة القسر والارغام والقبضة الحديدية التي تفرضها الأنظمة و تتعامل بها مع شعوبها ويمكنها من التنمر ، وما أن تسقط حتى تظهر جميع التناقضات والعوامل في عدم الاستقرار السياسي والتي كانت مغلق عليها نتيجة الخوف والقمع، وليس ان يكون النظام استطاع ترويضها عن طريق التدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة على الرضا والقبول من المجتمع.
عبد الخالق الفلاح
 

85

الثقافة الانسانية دون التجاذب والاهواء المركبة
الثقافة هي سلوك اجتماعي و معيار موجود في المجتمعات البشرية ،هي مجموعة العادات و التقاليد والقيم للمجتمع، مثل اي مجموعة إثنية أو أمة و هي مجموعة المعرفة المكتسبة بمرور الوقت ، وبهذا المعنى، فإن التعددية الثقافية تقدر التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة التي تسكن نفس المساحات والسطوح و تعدّ الثقافة مفهومًا
  مركزيًا ، تشمل نطاق الظواهر التي تنتقل من خلال التعليم الاجتماعي في المجتمعات البشرية ، بعض جوانب السلوك الإنساني، والممارسات الاجتماعية مثل الثقافة، والأشكال التعبيرية مثل الفن و اذا اضفنا لها الانسانية سوف تعني الانتقال من الخاص إلى العام، ومن الحيز الصغير إلى الأوسع مدى، ومن الانتماء الجزئي (المؤطر بثقافة محددة) إلى الانتماء الكلي - أي الانتماء للإنسان ذاته.هي إذاً ثقافة خلاقة، تنسجم مع الروح ومكنونها الأكثر عمقاً وعظمة وهي ثقافة نحو الأعلى، في مقابل ثقافة الأنا المتجهة نحو الأسفل، نحو التراب، بما يجسده من تساقط وهبوط  ،وتنعكس الثقافة الانسانية خصائصها العظيم على ثقافتنا ثباتاً في أصلها بحيث لا تتجاذبها الآراء البشرية ولا الأهواء النفسية، وانسجاماً مع العقل البشري، فلا تتناقض مع مسلماته وان محاربة البشرية وتربيتها وتدريبها على السيطرة وحل المشاكل التي يمر بها أغلب البشر سواء كانت اجتماعية وثقافية ودينية يؤدي إلى تكوين ثقافة التسامح بين البشر، والتسامح هو نبذ الكراهية والحقد الذي يسيطر على الإنسان وكبح عقلية الانتقام ورد الفعل السريع لديه والثقافة الانسانية تبقى أصولها ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأعراف الاجتماعية،كما يشير اليها القراَن الكريم {كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء} (إبراهيم : 24)، كما تنعكس إيجابياً على وحدة الشعوب خاصة الاسلامية منها اذا عملت به ، مصداقا لقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء : 92).  الثقافة الإنسانية فطرة ومن شوهها هي تصرفات الإنسان وطمعه وجشعه وانقياده وراء محرمات ومحظورات عديدة في سبيل الوصول الى مبتغاه، لا علاقة التمدن والحضارة في تحجيم التعامل بانسانية بين الناس، بل ان بعض الناس استخدموا العلم والحضارة وتم تسخيرها للوصول الى مآرب دنيئة، لذا، الإنسانية مرتبطة بطبيعة الاشخاص، وخلقهم وطريقة تفكيرهم ، ومن المعلوم أن الثقافة الشعبية على الخصوص، موفورة العناصر، توجِدها حاجة الإنسان المادية، بعد التفكير في إيجادها ذهنياً على شكل صورة تتحوّل إلى وجود مادي بالفعل الانساني، ولتلبّي حاجات مادية، وحاجات لا مادية أيضاً. بوجود أدوات الحراثة نشأت عن التفكير في كيفية استنبات النباتات. والرقص الإيقاعي انوجَد لاستجلاب رضى الآلهة وكفّ أذاها. والحاجة إلى المتعة والانشراح أوجدت الآلة الموسيقية.. وهكذا. ما يعني، أن من الصعوبة الفصل بين ما هو مادي وما هو لا مادي في الثقافة الشعبية. وهي لصيقة المجتمع الإنساني في أي مكان من العالم، وفي أي زمان. ذلك أن الانسان منذ وجوده وهو يعمل على استمرار حياته في محيط لا مكان فيه إلا لمن يستطيع العيش بالاستمرار على قيد الحياة، إن كان في تحصيل وسائل معيشته، أو في حماية نفسه من أذى الحيوان و غوائل الطبيعة. ومن المهم القول إن أي فعل يقوم به الإنسان في هذه المجالات ناشئ عن عقل يعقل وعن تلمّس حواسٍ في عالم لا يزال فيه كل شيء طبيعياً دون تدخل ودون عناية. وعليه، إنّ كل فعل يتأتى عن نشاط الانسان ليبقى على قيد الحياة هو فعل ثقافي؛ فعل مبتكر أوجده الإنسان في لحظة الحاجة إليه، ليومّن بواسطته معيشته ومن ثم، على مر الزمن، ارتقائه في الحياة.
عبد الخالق الفلاح

86
الازمة الحالية وغياب افق الحل
من غير الواضح كيف سيتم الخروج من الأزمة الحالية اوالمأزق التي جنحت على صدور العراقيين وعدم وجود بوادر للحل من قبل من هم يقود العملية السياسية بكل أشكالها والخلافات بين الشعب والسلطة لا تتمحور فقط للمطالبة بإصلاح حال الدولة، إنما في انعدام الثقة في القيادات السابقة والحالية و الفواعل السياسية متناقضة ومتباينة  في الرؤى تجاه بناء الدولة، وما تم وضعه من إطار دستوريه " الذي هو ايضاً اشتمل على عدد كبير من المغالطات والهنات فضلا عن قابلية نصوصه للتأويل المفرط، وبالتالي جرت العادة أن من يملك القوة في لحظة التأويل، هو القادر على فرض تأويله على الجميع بغض النظر عن مدى صحة ذلك التأويل. ولم يكن في مواضع عدة متسقا مع أبسط قواعد الفقه الدستوري" لبناء الدولة العراقية و لم يسهم في حل المعضلة، بل زاد في تعقيد ما موجود، كونه أوجد معضلات أخرى متعلقة بعضها بعدم بيان معالم الهوية العراقية وطبيعة النظام السياسي ومن الممكن إن تكررت نفس الوجوه مستقبلاً في ادارة الدولة و عدم اليقين بشأن ما تؤول إليه الأحداث الحالية والمستقبلية و يعاني العراق من أزمة في النظام السياسي تحول دون استقراره وتعريف مصالحه والقيام بوظائفه كنظام سياسي، فمن الأساسيات المفترضة للنظم السياسية بعامة، وجوب امتلاكها لأدوات تضمن لها التكيف مع المواقف الطارئة، وتمكنها من إيجاد الحلول الناجعة لمواجهة تلك المواقف، وتمنح الأنظمة القدرة على الإستمرار، ومنع أي تداعيات من إرباك النظام و فواعله الرئيسيين.
في ضوء المخرجات والاستنتاجات الحالية ستبقى التحديات ألاساسية قائمةً على الأرجح لفترة من الزمن في غياب الإرادة السياسية لمعالجتها ومبادرة حوار وطني فعال لدرء الاخطار الغير متوقعة ، رغم أنه يبدو من الممارسات الراهنة أنه ما لم يحدث تغيير ملموس في سلوك جميع الأطراف  وتساهم في تحسين حياة الأفراد بشكل ملموس وتقديم التنازلات لصالح ابناء الشعب او حينما يقدّم سياسيوه تنازلاتٍ استثنائيةً عما يعتقدونه حقوقا لهم، مقدِمينَ مصالحَ البلد على مصالحهم، لكن مثل هذا الاستعداد للتنازل والاعتراف بالفشل غائب حاليا وغير منظور في حساباتهم، أما بسبب عدم إدراكِهم المخاطرَ المحدقةَ بالبلد، وهذا محتمل او لان معظمهم  يفتقر إلى الكفائة السياسية والخبرة الإدارية، فمن المؤكد أن الأمور ستنتهي على نحو سيء، والرهانات على الاستعصاء أعلى من أي وقت مضى بالنسبة لجميع الأطراف ،  دون التوصل إلى اتفاق حول القواعد الدستورية والقانونية للعملية السياسية، أن المساومات السياسية التي أعقبت التغيير في 2003 لم تُفضي إلى توزيعٍ عادل ومتفق عليه للسلطة، والأرض والموارد في أحيان كثيرة  تكشف الأرقام عن اضواء يساعد على رؤية حقيقة ما تعرض له هذا البلد من هدر لموارده المالية خلال السنوات المنصرمة حيث تفجرت ينابيع نفطه لتتحول إلى موارد مالية متراكمة في خزائنه الداخلية والخارجية التي تبخرت بسرعات جنونية، واختفت في ثنايا الفساد المالي، والإداري، والمشاريع الوهمية، والصراع المحموم لنيل أقصى ما يمكن من غنائم ذلك المال الذي أصبح سائبًا، فكان سببًا هذا لتعلم ضعفاء النفوس كيفية سرقته، وبطرق مذهلة، التي اصبحت في مهب الريح  فإنها لم تنجح في معالجة الاوضاع المتردية ولا يمكن لها الاصلاح في القادم و إلى جانب تشكيل حكومة فعالة وقوية بهدف تحقيق العلاقة الاستراتيجية طويلة الأمد " والحفاظ على الهوية والشرعية والتأثير والمشاركة والاندماج والتوزع داخل العراق" .
ولا تكاد المكونات السياسية العراق المختلفة تتجاوز أزمة أو تتوصل إلى تسوية بصدد استحقاقات تتفق عليها ، حتى تتعثر مجدداً وتمضي بالبلد خطوات حثيثة على طريق الفراغ الدستوري وتعطيل المؤسسات والغرق أكثر فأكثر في وضعية الازمات، والفشل على مستوى تفعيل المؤسسات الدستورية وقيامها على تشكيل حكومة بما يوكل إليها من مهام .
  لا شك أن ديمومة أزمات العراق نتاج طبيعي لهيمنة روح التربص، وتراكمات نتيجة تدوير الأزمات دون حلها، فمع كل حادث تزداد الجراح عمقاً بحيث تم استنهاض كل الأزمات الداخلية من أجل تعزيز حالة التمزق مجتمعياً، وتصاعد المخططات الرامية لإذكاء روح التناحر والتباغض في غياب رؤية واضحة في كيفية بناء حياة سياسية عراقية وخطوات جادة نحو توحيد الأهداف والتأسيس لرؤية مشتركة، حيث يلاحظ تقصير من قبل الجميع في بناء جبهة اجتماعية رصينة، وهو ما ساهم في تزايد التدخلات التي وجدت الساحة فارغة وسهلة لتقوية شوكتها والممارسات الخاطئة السياسية الغير الطبيعية أثرت على نحو كبير في الاخراج النهائي للدستور من الساحة وعدم ديمومته و تعزيزه وترسيخه.
عبد الخالق الفلاح

87
أخطاء تدل على الفشل
=============
ان القرارات المتسرعة التي اتخذت في الاونة الاخيرة من قبل رئاسة الجمهورية في إلغاء حكم القضاء في إطلاق سراح الجاني والغائه أثر الضغط الشعبي  ومجلس النواب العراقي  في قرار اعادة الترشيح لرئاسة الجمهورية" الملغاة" من قبل المحكمة الاتحادية لمخالفته الدستور،  ما يؤكد على وجود صفقات بعيدة عن مواصفات القيادة اولاً و فشلها في الاداء لغياب الكثير من مواصفات الحوكمة فيهم ثانياً ، و  لانغالي كثيراً إذا قلنا أن العملية السياسية في العراق تأثرت كثيراً بغياب و فراغ الأدمغة السياسية الوطنية منها ، عن طريق تهميش النشطاء الحقيقيين من السياسيين والعلماء في المجالات المختلفة  الذين كان لوجودهم في العملية السياسية وأخذ دورهم الرائد في المكان المناسب لتنسيق العمل السياسي الذي يعتمد على الحنكة وقدرة الأشخاص القادرون على الإمساك بدفة الحكم وعندما تتحدث عن شخصية سياسية او اقتصادية او اجتماعية وتصفه بـ الداهية فاننا نقصد انه يتمتع بدرجة عالية من الذكاء وبعد النظر وغير قابل للاستدراك و يستطيع بذكائه تجاوز الأزمات . 
يجب أن يتمتع السياسي  باعلى مواصفات الدهاء والحلم والحنكة والمداراة وان يبقى هناك قنوات اتصال وتواصل مع كافة أطياف المجتمع صغيراً وكبيراً فقيراًوغنياً حتى يكون هناك الوئام والانسجام والقرار المشترك وتحقيق الأمن والامانوالاستقرار، قادة وحكام الدول ؛ هم الأشخاص الذين يمتلكون الحذاقة في تسيير أمورالبلاد و المناورة مع أخصامهم ، و القدرة على ضم العديد من هؤلاء إلى جانبهم .العقل  السياسي يطلق على  الدماغ السليم الذي يعرف كيف يخطط ، و يتعامل ، و يناور، و يهدم ، وكيف يبني  لتوفير الكثير من الدماء والتضحيات التي قدمت وتقدم يومياً بسبب فشل  "السياسيين " من اعطائهم الدور المناسب لقيادة البلد وخلاصه من التشرذم والانهيار.
السياسة تعبر لغةً بأنها عبارة عن معالجة الأمور، وهي مأخوذة من الفعل ساسَ ويسوس، وهي على مصدر فعالة، أما اصطلاحاً فتعرف بأنها رعاية كافة شؤون الدولة الداخلية، وكافة شؤونها الخارجية، وتعرف أيضاً بأنها سياسة تقوم على توزيع النفوذ والقوة ضمن حدود مجتمع ما و  تأتي أهمية السياسة من كونها المؤثر بحياة الدول منذ نشأتها , و الإنسان منذ ولادته و حتى وفاته ، فكل ما يتعلق بحياة الإنسان يسيس أو تشرف عليه السلطة السياسية . حتى غدت هذه الأخيرة  تتدخل بجميع مفاصل الحياة البعيدة كل البعد عن السياسة و معتركاته ،  أصبح كل شيء مسيس .و كل شيء تشرف عليه السلطة السياسية . حتى أصبحت القرارات العسكرية لا تتخذ من قبل القيادة العسكرية إنما تتخذ من قبل سلطة سياسية .  "السياسة “ هي الترجمة العربية لكلمة Politics،المشتقة من الكلمة اليونانية الأصل Polisومعناها دولة المدينة، ولأن المدن اليونانية القديمة كانت وحدات سياسية قائمة بذاتها أو دول، فقد ارتبطت الكلمة من البداية ارتباطاً وثيقاً بالدولة، وأصبحت السياسة من المنظور الأكاديمي، هي علم الدولة أو العلم الذي يعتني بكيفية إدارة شؤون الدولة أن الصورة الأكثر شيوعاً في أذهان الناس هي أن السياسة أقرب ما تكون إلى الفن منها إلى العلم، ولهذا فإن الصورة الأكثر انطباعاً في أذهان الكثيرين هي أن السياسة هيعالم مليء بالغموض والأسرار، وربما بالإثارة أيضاً. كما يرتبط العمل السياسي غالباً بمظاهر وألوان من النشاط تثير القلق عادةً، أن عملية صنع القرارات الملزمة لكل أفراد المجتمع، تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط، وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيدولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي، والسياسي هو الشخص الذي يشارك في التأثير على الجمهور من خلال التأثير على صنع القرار السياسي أو الشخص الذي يؤثر على الطريقة التي تحكم المجتمع من خلال فهم السلطة السياسية وديناميات   الجماعة. وصف أرسطو السياسة بأنها مقال عن دولة أو حكام. بعد ذلك بكثير ، اقترح الميكافيلي الإيطالي تعريفًا لعلم جديد. دعا سياساتها. هذا هو فن إدارة مجتمع معين، توحده منطقة مشتركة ، وقواعد وتقاليد ، أي كيان دولة. في أوقات مختلفة ، حاول جوهر السياسة إدراك وتعريف العقول العظيمة. لذلك ، جادل بسمارك غيابيًا مع أرسطو.وأكد كممارس أنه في السياسة يوجد فن أكثر من العلم. الإبداع ، على الأرجح ، هو حقا جزء لا يتجزأ منه. تتشابك مفاهيم السياسة والقوة ارتباطًا وثيقًا.
 توظف كلمة “سياسة” للدلالة على الأنشطة التي تتطلب من القائمين عليها قدراً كبيراً من الحكمة والكياسة وحسن التصرف، وفي أحيان أخرى توّظف على العكس، للدلالة على الأنشطة التي تتطلب من القائمين عليها صفات ومهارات خاصة ليست إيجابية أو ذاتطبيعة أخلاقية دائماً أو بالضرورة. فصورة السياسي لدى البعض منا أنه الشخص الذي يمتلك قدرات خاصة تمكنه من ممارسة الخداع والمراوغة والغموض أو حتى الابتزاز،وأحيانا أخرى تكون هذه الصورة أقل سلبية، ويصبح الدبلوماسي هو الشخص الذي يتصف بالمرونة والقدرة على توظيف واستخدام كل الموارد والوسائل والأدوات المتاحة للوصول إلى أهداف أو غايات محددة، بصرف النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية هذه الأهداف والغايات، ولذلك تبدو مدركات الجمهور عن “السياسة” وما تولّده من صور ذهنية تتعلق بالعاملين بها مختلطة ومتباينة
عبد الخالق الفلاح

88
خيانة الدستور وحكم الجماهير
الانتخابات الاخيرة على علاتها والتي شاركت فيها النسبة المتدنية من ابناء الشعب العراقي واوصلت الكتل السياسية الى البرلمان  وهذه الجماهير هي كانت" تعتقد" و تنتظر من هؤلاء السياسيين  تشكيل حكومة بأسرع وقت ضمن المدد المقرر في الدستوروالتأكيد على أهمية أن يحترم ممثلو الشعب المدد الدستورية لانتخاب الرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، ورئاسة البرلمان) ولكن تسابقوا على حنث القسم " بعد ان ذهب كل واحد منهم  بكل زهو وإيمان لكي يؤدي القَسَم ، وتومض عنده في تلك اللحظات اشراقات العبارات التي يتضمنها القسم بالله والشرف والمعتقد بخدمة الناس والحفاظ على مصالح الوطن وحماية المال العام وكل ما يحمله القسم ( والقسم أمام الله شيء عظيم ) وهو يضع يده على القرآن الكريم وهي لحظات تقشعر لها الأبدان لو كانوا يعلمون"، وعدم تطبيق الدستور بصورة سليمة تعني مفهوم الخيانة بالنسبة لاعضاء مجلس النواب الذي لازال في بداية مشواره اذا سكت اعضائه في عدم الاعتراض والوقوف بوجه مثل هذه المخالفات المبكرة ، وهو "خيانة الأمانة والعهد والوعد" ولنعيد الاشياء إلى أصلها، و أمانة الحفاظ على مواد الدستورر أمانة مهمة في حماية حدود الوطن وليس الاستيلاء عليه، ولننظر إلى من خان الدستور أولا، ومن فصله على مقاساته، وإلى من خان أمانة أموال الناس وحولها إلى ملك شخصي، والاستبداد حينما يسخر من الوطن فيفرط في أرضه، ويسخر من المؤسسات فيقدمها كمؤسسات ميتة وينقض أصل وظائفها وأدوارها، ومن هنا تؤكد على خيانة النظام للوطن أرضا وعرضا، و أن الأمر تعد مؤشرا مهما على ضرورة استنهاض همم عموم الناس لمواجهة جريمة الخيانة الواضحة والفاضحة، عندما يزول الضباب وتنكشف الحقيقية  في ان حقوق وواجبات وقوانين وحياة مكتملة العناصر يفترض أن تدور كلها في محور الإنسان وخدمته، فلا وطن من دون حقوق للإنسان، بالمعنى المجرد، فما بالك إذا كان بالمعنى المادي الوجودي، ووجود الإنسان العراقي في "وطنه" ويبدو المشهد أكثر وضوحا بعدها من أجل استكمال الاستحقاقات المرتبطة بذلك وقادرة على تلبية مطالبه واحتياجاته بدءا بالخدمات والأمن والاستثمار وإصلاح منظومة الحكم والتوجه إلى بناء علاقات متوازنة مع الجميع في الداخل والخارج ، وهنا نستذكروصية لامير المؤمنين الامام علي«ع» بقوله «رحم الله امرئ أحيا حقّاً، وأمات باطلاً، ودحض الجور، وأقام العدل».،فتلك فضائل تتلخص في العدالة الحقيقية ايا كان مصدرها ومع العدل المجرد أيا كان المستفيد أو المتضرر منه، تختلف العوارض التي تظهر على شكل انقسام داخلي والتخلي عن معالجة شؤون المعذبين والمحرومين برفض تطبيق القوانين، وهناك من يأخذ بالوطن والمواطن إلى الهاوية. وتجعل الهوة تتسع بين الناس المثقلين بهمومهم المعيشية وطرق معالجة السياسيين الانسداد الحاصل في العملية السياسية و لمواجهة مشكلاتهم مما ينذر بمزيد من الكوارث الإجتماعية، دون ان يتحمل مسؤولياتها والمبادرة الى صياغة برامج انقاذ تخرج الوطن والمواطن من نفق الأزمة الراهنة .ان العلة لم تكن يوما في النصوص الدستورية ، ويجب التحذير من مغبة أي تلاعب في اسس الكيان ، بل يتحتّم التشبّث بالمواد المذكورة فيه على اساس تطبيق الدستور والحفاظ على الميثاق الوطني، لان العراق اليوم في حالة من الخلل التأسيسي بسبب عدم التزام موجبات الوحدة الوطنية التي هي ضمان البقاء للجميع، لذلك يجب أولاً إعادة الاعتبار الى حكم الدستور انطلاقاً من مواده، إن الإعداد للتغيير القادم لا بد أن يستند إلى ساقين؛ وعي شعبي آني وممتد، ونخبة شبابية جديدة تُمكن من صدارة مشهد التغيير وقادرة على أن تشكل قاطرة للعمل الثوري، على أن يكون ذلك مشفوعاً وطنياً وأصحاب المصلحة فيها باستراتيجية خطاب يستنفر طاقة الجماهير ويصنع الأمل، ويستشرف المستقبل. راسخ، مستمرة، من أجل أن تعيد وجه الوطن والمواطن والمواطنة ،فهل يمكن أن يتحرك شعب العراق بكل تياراته وانتماءاته دفاعاً عن سيادته وعلى جريمة  خيانة الدستور وهذا الهوان ومسار سياسيوه بالأرض والعرض كولاة ومماليك، واستباحوا النفس التي لها حرمتها، وصار ت هذه العملية السياسية  علامة على الفشل تارة في سياساته وعلى الخيانة للوطن تارة أخرى في تفريطه، وعلى فاشية سادت أرجاء الوطن ولم يعد أمام أي مواطن كريم في هذا الوطن إلا أن يطالب تلك المنظومة بالرحيل ويسهم في ازالتها.
عبد الخالق الفلاح
 

89
التهديد والوعيد من عوامل الانهيار
ان القادة الذين فرضت الظروف المضطربة ليكونوا على رأس السلطة  في العراق إذا ما ارادوا  ان  يضعون خطط وقيم لحكم بلدهم فيجب ان يؤدّون دوراً محوري في تدعيم أسس السلام اولاً ومن ثم التنمية بدل تزايد مظاهر التهديد لبعضهم البعض ما يؤدي الى الظلم وإشعال فتيل الصراعات و انهيار النظام السياسي سوف يعزى الى عامل واحد هو الطبقة السياسية التي تولت زمام الأمور منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم . سمعنا من القبل كثيراً عن  حكومة التوافق وحكومة التكنوقراط وحكومة الشراكة ولم نرى الا حكومات المحاصصة ولم يرتقي بناة الدولة الى فهم دراسة المشاكل  وتذويب العقبات بل اخذتهم الامنيات بعيداً لاستبدال المكاتب والاشخاص او الاحزاب والحركات كل يوم برداء دون معرفة الداء وابراز الدواء ، ولاشك من ان الساحة سياسياً مبنية على أساس المحاصصة " كمادة مسجلة" في ظل ضياع الحكمة وصراع المصالح وشراء الولاءات، سيما أن التباين بينها كبيراً جداً في تقسيم المناصب ولا توجد مشتركات فكرية مفهومة حقيقية بينهم ، ولا يتعدّى ما يمكن وجوده حتى بين أعضاء المجموعة الواحدة سوى الطموح في الحصول على المناصب ، والحوارات اظهرت هشاشة التحالفات السياسية والحوارات عقيمة في الاهداف ، والتي سوف لا تحسم بإعلان الكتلة النيابية الأكثر عدداً في البرلمان و كل حزب وتنظيم سياسي يتحالف مع الاخر بما تقتضيه مصلحة الحزب وليس الوطن و تنتهي من دون أن تترك أثراً في الموضوع الذي دعت اليه وعملت من أجله ورفعت شعاره وهو التحالف ، كأنها خطّت سطراً في رمال تمحوها المياه و بأموال يجنونها ويتقاسمونها متناسين محنة شعبهم و يعيشون أفضل حياة وأحسن حال في ظل تجاوز الدستور والقوانين النظام السياسي الحالي نفسه، باحزابه ومؤسساته وحكوماته المتعاقبة التي جسدت الفشل و لا يعد ممكنا بعد التخلي عن  هذا النظام برجاله ونسائه واحزابه ومؤسساته كل شعارته ان يكون جزءً من الاصلاح غير حقيقية ، و تخلو من مقومات التخلي عن السياق الحالي في ادارة الدولة خوفاً على مصالحهم ومكاسبهم ومغانمها ، بالتالي ليس سهلا فرض نظام انتخابي وحزبي قائم على دعامتي الاغلبية والمعارضة السياسية والحاجة ملحة الى اعادة تأهيل المنظومه الحكوميه بشكل جذري والدستور بشكل خاص، وهذا يحتاج الى اراده سياسيه حقيقه وهي فعلا غير متوفرة من اجل تلبية رغبات الجماهير، لذا فإنّ الفساد باق في السلطة والحكومة و لاستغلال المناصب في تحقيق مكسب شخصيّ وإساءة استعمال الموارد المالية للدولة  والأموال العامّة، وعرضها  على الاختلاس و الفساد ، والغشّ والارتشاء بحجّة الخدمة العامّة. وفضلاً عن تقويض التنمية الاقتصاديّة لعدم وجود رقابة سليمة ، وبهذه الصورة فإن الفساد لاشك فيه يقوّض أيضًا الحكم اين كان نوعه وخاصة في  الهيئات التشريعيّة مما يقلّص المسائلة والتمثيل في عمليّة صنع السياسات؛ والفساد في اي قوة يقضي على سيادة القانون؛ والفساد في الإدارات العامّة يؤدّي لتأمين غير عادل للخدمات. الحكومة اذا ما كانت واعية تتعامل على كيفية مواجهة تهديدات الداخليــة اولاً لحماية  الامــن والاستقرار و ضمــان حمايــة حقــوق الاساسيـة لجميــع الأفـراد واحترامها وتعزيزها ، والتعامل ذلــك مــع المخاوف المتعلقة بالأمن القومي و المجتمـع؟ و الدور الأساسي يقع على كاهل أعضاء مجلس النواب لانهم مهما كانت الطريقة التي وصلوا بها لهذا المكان وابتعاد كل من لديه صوت حر في المشاركة في انتخابهم وكنا نراهن على الجيل الجديد بأنه سيكون عبارة عن طبقة جديدة من الخدم الواقعين  ليعيش أبناء الشعب سعداء بأموال هذا الشعب مما جعل اليوم نفس هذه الشبيبة تخرج وتريد سحق كل من استخف بالوطن والشعب وضد من نصب نفسه لخلق النزعات النفسية والعدائية للشعب وللوطن.ان هذه الطبقة عليهم  مسؤولية كبيرة و دورهم لخق و إنشـاء مجتمـع قائـم علـى سيادة قانـون قوي لا خلق الفتن وزعزعة الأمن والتهديد بفرض الإرادات بالقوة ، و يمكـن للداعين لسيادة القانون حشد الدعـم لافكارهـم مـن أجـل المحافظة على رعاية القانون؟ والوقوف أمام التأثيرات التي تعيق توتر العلاقات السياسـية و الاقتصاديـة والاجتماعيـة و علـى سـيادة القانـون والعمل على كيفية إدارة النهج التـي يمكـن اتباعه ليؤثـر على سيادة القانون القوي وعلـى ديناميكيات السـلطة داخـل المجتمعـات،بشكل منتظم لتحمّل المسؤولين المنتخبين مسؤوليّاتهم حيال الشعب وفق العقاب والحساب في حال الخطاء،العراقيون يتطلعون الى حكومة منبثقة وفق الأطر السليمة و كفاءات وعقول مخلصة ومتخصصة لا شخوص مهرجة ، وبعيدة عن المزايدات السياسية والحزبية وخادمة بمفهوم الخدمة لا الشعارات  لجميع أطياف الشعب دون استثناء و بحكمة و بمعايير الإخلاص والتفاني وليست على اساس الدين والمذهب والقومية والكتلة والمنطقة لتكون في مستوى المسؤولية الوطنية .
عبد الخالق الفلاح

90
ايران تجربة للصبر و الصمود
إيران الثورة وقلعة الصمود واصبحت  جزء لا يتجزأ من المشروع الإسلامي الحقيقي الذي انبثق من جديد منذ 42 عاماً ويشق الطريق بنور مصباح الهداية للجميع كعقيدة انسانية مبدئية وكل من يرى غير ذلك فليعد النظر في هويته الدينية والوطنية . وحينما نتحدث عن المشروع الإسلامي الممهد للانعتاق والخروج من بوتقة الضغوط التي تمارس على الأقطار المتواطئة والتي وقعت تحت مظلة مؤامرة الاعداء ، علينا أولا  أن ندعو الى الحد من تغلغل المشاريع الخارجية والرضوخ للصهيونية العالمية أو على الأقل أن تفرض عليها المعاملة الندية في إطار المصالح المتبادلة لا الارتباط العضوي ، ولا سبيل لنا  كبشر ومسلمين إلأ الارتباط بالله الواحد القهار ،فلا ديمقراطية ولا حرية للشعوب وهي تعيش تحت مظلة كفيل غير الله وارادة الشعوب في إطارها الجمعي تكفي للنهوض من المستنقعات الوسخة .لكن الآن ومع كامل الأسف مازال الغرب ومنظماته المتجبرة متحكمين في كل مفاصل الحياة في الأوطان العربية تساند الحكومات من اجل خنق حريات الشعوب وجعلها ميتة  . وزرع الفتن والأحقاد التي تجعلهم في غياب الوعي والخروج من الدين أو في حالة اجتماعية متنكرة للاخوة والوقوع تحت طائلة الطائفية المقيتة .المشروع الإسلامي لا يرتكز على المصالح السياسية بل هو منهج حياة يحترم إنسانية الشعوب ويكون بمثابة الناطق الرسمي والفاعل الأساسي في كل حركات وسكنات المجتمع البشري فيما يرضي الخالق الوسطية لا افراط فيها ولا تفريط واحترام لا يضاهى لخصوصية الفرد الاجتماعية والعقائدية تحت شعار لا تَظلمون ولا تُظلمون . اما عندما تقع الشعوب تحت  يد قيادات خاضعة لما تملى عليها من الدول المستكبرة  وتحركها شياطينهم وذيولهم ويخافون على عروشهم الخاوية العنكبوتية  لتحكم وتتأمر على أبناء جلدتهم  فلا سبيل للانعتاق قبل سقوط هذه العروش. وقد يؤول هذا إلى ضعف إيمان الشعوب خطاءاً أو خوف غير مبرر من بطش فرعون مخلوق وإنكار لحساب خالق ،إن "السيف هو الحكم فلكم أن تتذمروا أو تنتفضوا كما يحلو لكم" ولكن اياكم وغضب انساكم عندما ينهض من كبوته .والغريب في الأمر هو ان  الحكام لا ترى لصولة الشعوب عندما تثور من اهمية حتى يصل النار ليحرق عروشهم والشعوب القيمية  تثور من أجل كرامتها وشرفها قبل الخبز .
 
تجارب الحياة وسجلات التاريخ علمتنا أن هؤلاء الحكام لا يؤتمن جانبهم وليسوا موضع ثقة لأن علاقاتهم تُبنى وتحكمها مصالح مادية فقط ، متى ما وجدوا البديل  او اقترب منهم  الخطوب قايضوا كل شيئ بأقل شيئ .. إثارة الاهتمام مجدّدًا بالسياسات الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة والطابع المتغيّر لمصالحها، وفق تصوراتها  ، على نحوٍ أسرع وأكثر دراماتيكية لإظهار انفتاح جديد على طهران، فضلًا عن الأدوات المختلفة التي يجري من خلالها توخّي القوة عمليًا، وحلت الدبلوماسية محلّ عِقْدٍ من نهج المواجهة التي اتّبعتها أبوظبي  في السنوات السابقة ، وأن" تتحرك السعودية" ايضا سباقة و التي بدأت في طرح مبادرات دبلوماسية هامة تجاه إيران منذ اكثر من سنتين، وإن كانت متواضعة بالإضافة للدبلوماسية الهامة والتي أدركت  منذ سنوات أنها عالقة في مستنقع في اليمن. في صراعها الدائر شمال البلاد، و تراجعت بشكل مطرد قواتها العسكرية تحت تأثير الضربات القوية للجيش اليمنية والقوات الشعبية  التابع لحكومة صنعاء و التي اجبرت على إجراء مباحثات بهدوء وراء الكواليس مع طهران في بغداد ،املاً في أن تؤدي الى تخفيف التوترات معها لقيامها بتسهيل إنهاء هذه الحرب العبثية  في اليمن، أو على الأقل، ألا تفسد مساعي إنهائها  كما تدور في مخيلتها وتعتقد     و هي أكبر من الإمارات التي أخذت تتلقى الضربات الموجعة بالطائرات المسيرة واقل بكثير عداة وعدداً عن الرياض ،
 من الصعب على المتابع اعتبار هذا الانفتاح مفاجأةً أو تراجعًا مفاجئًا. فهناك الكثير من العوامل التي جعلت الرياض تعيد حساباتها فيما يتعلق بالحوار لان ايران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي عرفت وتعرف طريق النجاة من شباك الاغوال المتكبرة  ومن يعتقد من هؤلاء المظلل بهم أن ايران الاسلامية لا تملك مقومات الدولة القوية فقط اثبتت الوقائع التاريخية عكس ذلك.
 ان صمود الشعب الايراني  أمام محاولات  ابتزازات الغرب المتصهين منذ اكثر من اربعون عاماً وعدم تنازلها عن مواقفها قيد انملة آخرها في فيينا والتي ارضخت واشنطن والدول الغربية في الكثير من المواقف عند حدها وهي أحد أهم العوامل التي حولتها إلى قبلة تشدّ إليها رحال من كانوا بالأمس القريب يطعنون فيها صباحا ومساءً ، وينعتها أعلامهم بأقذع انواع السب والشتم !!. وللحقيقة ان ما يشهد الشرق الأوسط من نشاط ملحوظ و تحرك دبلوماسي ومبادرات القوة الناعمة، كفيلة في انهاء التوترات و إعادة التعايش السلمي ولكن يجب الحيطة من المحاولات التي  يريد من خلالها اللاعبون الإقليميون تأمين مصالحهم بعيدًا عن ساحة المعركة ، والتي تسعى البعض من الدول إلى تعزيز ما حققته من مكاسب، وإعادة النظر في علاقاتها الخارجية وتنقيحها من الأخطاء وهو السبيل الأسلم لحياة أفضل للجميع.
عبد الخالق الفلاح

91
صراع المواقع وغفلة بناء الدولة     
                                     
الحقيقة أن ما شهدناه على مدى السنوات التاسعة عشرة الماضية في العراق  من إصرار على بقاءه كدولة ضعيفة برمتها " لا ان تكون بمؤسسة إدارية سياسية كبيرة ذات صبغة مدنية؛ وليست سلطة ذات طابع عسكري يديرها رجال المؤسسة العسكرية الكبار كما هو الحال في العديد من بلدان العالم، والمواجهة بين شخوص العملية السياسية في العراق يعتبرتناقضًا مستعصيًا ، ناجم عن عدم توافق آراء هؤلاء الناس ، وتباعد مصالحهم ، وتباين الأهداف والاحتياجات و يعتبر هذا النوع الموصوف من المواجهة هو الأكثر شيوعاً. يتجلى في ظروف مختلفة بشكل مختلف. لذلك ، يمكن إثارة المواجهة الشخصية من خلال الصراع على الموارد، مما تجعل  هذه المرحلة هي الحلقة الأضعف في سلسلة شكل الدولة  ومحطات بنائها الحديث يعتمد على كيان واسع الطيف يتركب من مجموعة من الأجهزة الإدارية أو الوزارات تعمل وتنشط لممارسة جملة من الوظائف ذات الطابع المدني أو السياسي أو المختلط ، يتولى تنظيم تشريعاتها السلطة التشريعية وتعمل السلطة التنفيذية على تفعيلها بموجب اللوائح القانونية بينما تحمي السلطة القضائية تطبيقاتها وتحافظ عليها من العبث والاعتداء من قبل الجهلة والعابثين مما يتطلب وضوحا وجلاء كبير الاستحقاقات هذه المرحلة والتي يؤكدها علم تخطيط وبناء القيم والهوية، بحتمية إنجاز مشروع لبناء الهوية الوطنية الواحدة والجامعة لكافة مكونات المجتمع كأساس وخطوة أولى في بناء الدولة الحديثة" وأن هذا البلد يتعرض إلى عملية مخاض كبرى والعديد من التحديات الجسام التي تعترض طريقه بشكل طبيعي وتلقائي بحكم طبيعة المخاض والتحول الذي أراد له الغير لتفكيك وحدته المجتمعية ، يأتي في مقدمتها تحدي التفكك العرقي والمذهبي والذي يفكك ويقسم الدولة إلى طوائف دينية وسياسية تجعل من المجتمع مجموعة من الجزر المنعزلة متعددة البواصل الثقافية والدينية والاجتماعية والسياسية والتي تتقاطع في أهدافها وتطلعاتها وطموحاتها السياسية.
الدولة المدنية الصالحة هي تلك التي تنحصر مهامها في إتاحة امكانية الحصول على الحقوق والحريات العامة والخاصة لجميع المواطنين مقابل إنجاز وظائفهم المكلفين بها اتجاه بعضهم البعض واتجاه نظام الدولة العام بدل استقواء القوى السياسية بقوة خارجية كانت لها اليد السلبية خلال هذه السنوات ولها باع طويل في المساهمة في هدم الصالح واثارة النعرات الطائفية  بكل قوة ودعم المجموعات الإرهابية في السيطرة على مساحات واسعة من أرضه لاشغاله عن البناء لتجعله خاضعاً لسياسات تلك الدول ، و ان يعيش  بسلسلة من التوترات والحروب الأهلية  التي يفجرها تنافس مقيت على تقاسم النفوذ بين قواه السياسية في الوقت الحالي،وتغذيها مصالح القوى الإقليمية والدولية، ما جعل التاريخ نفسه موضع نزاع ومستقبل الوطن رهناً بتوازنات خارجية بالدرجة الأولى.
ليس غريباً في تمتين العلاقات  بين الدول، خاصة في المناطق التي تشكو من عدم الاستقرار، كالشرق الأوسط، ومع دولة كالعراق، لم تكن تتروي حكوماتها طويلاً قبل اعتماد سياسات متشنجة، والدخول في صراعات السياسيات المنفلتة والغير مستقرة في جميع الجوانب، مما يجعل الدول المجاورة على  التفكير في أمنها القومي، الذي ترى أبعاده في ضعف العراق وإبقائه مشغولاً بجراحاته الذي سوف يؤثر على الأوضاع الداخلية لها ويبقى حدودها غير آمن. ان التوجهات المتعلقة بالسلطة والمال والسلاح يمكن تحقيقها بجهد معين، لكن ليس بالجهد نفسه يمكن الحفاظ عليها كإنجاز ضيق أو كمحصول لا بد أن ينتهي يوماً ما أو أن تتقاطع المصالح حولها فتقع الخلافات لتبدأ الصراعات بشتى أنواعها من دون أن تستبعد أسوأ ما فيها وهو شكل المواجهات العنيفة، ولا يظن أحد أن هناك خط رجعة عن هذه الخلافات بخاصة إذا انتقلت إلى صراعات، وهي الآن كذلك، لكن القصد أن هناك خشية جدية من أنها تتطور نحو حرق اليابس والأخضر فتنعكس على أمن العراق وشعبه واستقراره  ومفهوم الدولة الحديثة ويعني أن السلطة مصدرها المجتمع، الأمر الذي يعني أنه من حق الأمة أو الشعب أن يتخذ التدابير الأكثر ضمانة بهذه الحالة في تحقيق مصالحه وحمايتها، وتجفيف منابع الاستبداد وتفكيكه، وتقليم أظافر السلطات حتى يأمن تغولها.. مظاهر ضعف الدولة، ما يلهب حالة الصراع وربما يصل به إلى الاقتتال الداخلي وأن هذه الصراعات الداخلية لها كلفة واقعية وكبيرة على واقع التنمية بشكل خاص والذي يبدأ ناعما وينتهي صلبا ليدمر مقدرات المجتمع فتضيع فرصة ولادة وبناء الدولة الجديدة الحديثة و يتجلى في تفشي الفساد في أوصالها على نطاق واسع، وتفكك نخبها السياسية، وتوظيف آليات غريبة لتحقيق المنافع، والتخلي في أحيان كثيرة عن الدستور، والرجوع إلى التوافقات بين زعماء الكتل السياسية، بديلاً عن الالتزام به. أما على المستوى التنفيذي، في تقييد أيدي رئيسها بسبب قوة بعض النخب خارجها، لا يقتصر على التدخل في صناعة القرارات، بل يتجاوز ذلك إلى إضعاف قدرات الدولة وأجهزتها الأمنية،
عبد الخالق الفلاح
 

92
الهوية الوطنية ومكملاتها الإنسانية
معرفة أنواع الهويات والفهم الواعي لها وإنسانية الإنسان  التي لا تتحقق إلا في بيئة إنسانية حقيقية وهي من المفاهيم المهمة التي يجب ان يسعى لها الإنسان الواعي لادراكها، ومثل هذه البيئة لا تكون إلا عندما تكون منظمة بشكل اجتماعي متكامل ، فتكون بذلك مجتمعاً ودولة ووطن وتعكس الهوية الوطنية روح الانتماء لدى أبناء الوطن الواحد وهي التي عليها يرتفع شأن الأمة وتزدهر، ومن دون الهوية الوطنية تفقد الأمة معنى استقرارها، ما لم يمتلك جميع أبناء الوطن الواحد الحقوق نفسها، وهذه الحقوق ما هي إلا تجسيد لمعاني الهوية الوطنية، وهي ما قد تميز المواطن عن غيره من الأفراد، ومن هذه الحقوق حق التعليم وحق العلاج، وحق التعبير عن الرأي بحرية، وحق ملكية الأراضي والممتلكات، وحق العمل، وحق البناء، وحق العيش بعزة وكرامة على أرض المواطن.الهوية هي أحد أشكال القومية الوطنية التي يختار الفرد طواعية أن يعيشها.، وهي لا تنفصل عن مصلحة الإنسان الإنسانية وهويته الإنسانية التي اضحت اليوم ضرورة حياتية، هناك من يعرف الهوية و يُطلق العنان لنفسه ولعقله، وهناك من يلجأ إلى دين من الأديان كي يحقق له التوازن النفسي، وهناك من يُغلّب جانب العلم للوصول إلى إجابات عن هذه الأسئلة، وهكذا لكل إنسان طريقته في البحث عن إجابات لأسئلة تُشكّل هويته، وبقدر حصول الإنسان على إجابات مُقنعة وكافية يكون استقرار هويته، وبقدر بعده عن الإجابة المريحة والمنطقية تحدث له حالة من التشتت، التي تُسبب له الاضطرابات النفسية وتُوصله إلى ما يُعرف بأزمة الهوية
و قد يكون السبيل الواضح للتفاعل الاجتماعي السليم والتعايش السلمي وأيضاً للإصلاح الإنساني ولاشك أن الهوية " اسم نسبة إلى هو، ومن معانيها في اللغة العربية البئر بعيدة القُعر، وهوية الإنسان هي حقيقته وأوصافه التي تميّزه عن غيره من الأفراد" وتعد من بين أهم الأعمدة الاجتماعية التي يتميز بها الإنسان على مر التاريخ، وحينما نتحدث عن مصطلح الهوية نعطي الانطباع منذ الوهلة الأولى، أو يتبادر إلى ذهن الجميع أننا بصدد معالجة ظاهرة اجتماعية قد ترتبط بأشكال التمييز بين عرق شمالي أو جنوبي أو من ناحية أخرى تقاطب مصطلحي البيض والسود. بحكم الحركات الاجتماعية والثقافية وما تفرزه خنادق الصراع الطبقي التي تحرم وتحلل بين هوية وأخرى، وتطالب بتأصيل هوية معينة، أو إسقاط غيرها من جانب آخر، والهوية اليوم اصبحت من القضايا الاساسية في تكوين وحياة الإنسان، ويمكننا القول أن جُلَّ نشاط الإنسان يدور بين الهوية والمصلحة، وهما فعلياً لا ينفصلان، فالمصلحة عملياً ترتبط بضرورات الإنسان ككائن حيّ، لكن وفق شرطه الإنساني، والهوية هي الصورة التي يتخذها الإنسان ببعده الإنساني وصفته الإنسانية، اللذين يميزانه عن كل الكائنات الأخرى. ان الهوية الوطنية العليا مقترنة بشكل مباشر بهوية الإنسان العليا كإنسان في المقام الأول ولكن من دون الأخلاق يحدث هبوط بليغ، حيث تنعدم قيم كثيرة، لن تجد الرحمة، ولا التسامح، وأيضاً ستبحث كثيراً عن الدفء في قلوب خالية من أعظم القيم. نحن بحاجة إلى أن نعمل دوماً، لنكون على مستوى عظيم من القيم الأخلاقية التي نريدها موجودة ، والتي قد تكون مرتفعة ت عند البعض، وتكون عالية، وقد تكون منخفضة  لدى آخرين أو متواضعة. هناك بعض العناصر والمقومات الأساسية التي نستطيع من خلالها تحديد الهوية الوطنية، هذه المقومات هي ما تميز  الفرد عن غيره من دولة لأخرى، فكل دولة تمتلك هوية و مقومات خاصة بها مثل اللغة او اللغات المشتركة وهي العامل الأساسي لتكوين أي أمة، و وسيلة التواصل المشتركة بين أبناء الوطن الواحد و الثقافة الإجتماعية المشتركة من خلالها يستطيع الفرد إظهار عواطفه لمن حوله، واللغة تنمي عند الأفراد شعور مشترك بالوحدة الوطنية فيما بينهم، و تعبر عن وجود انتماء واحد لأمة واحد يجمعهم وكذلك تاريخ مشترك فيما بين اطيافه ومكوناته ، وتعتز كل أمة بماضيها، فالأمة لا  يتم توحيدها إلا من خلال تاريخها، فالتاريخ هو الذي يأخذ بيد الدولة نحو مستقبلها.
العلاقة بين الفرد والدولة في الدولة الوطنية الحديثة تقوم بصفة فردية خالصة، وعلى أساس الهوية الإنسانية ومبدأ المواطنة، الدولة تتعامل مع الفرد المنتمي إليها كإنسان وكمواطن، وإنسانية الفرد هي الأساس المطلق الذي يحدد موقف الدولة منه، وطريقة تعاملها معه والحقوق التي يجب أن تضمنها له، وكل ما يرتبط بهذا البعد الإنساني الجوهري للفرد وينبثق عنه، هو أمر غير مشروط قطعا ولا محدود أو محدد بالدولة التي ينتمي إليها هذا الفرد، ولا يحق قطعا للدولة تحديد حقوق فردها الإنسانية. وفي ما يلي هذا المقام يمكن للهويات والصفات الأدنى درجة أو الثانوية أن تتواجد أو ألا تتواجد، ويمكنها أن تتموضع وفقا لأهميتها بالنسبة لصاحبها بشرط ألا يكون بينها وبين هويته الإنسانية والوطنية أي تناقض، وهي تأخذ معنى وبعدا شخصيين محضين، ولا علاقة لهما ببنية الدولة، ولا بالعلاقة بين الدولة والفرد، إلا على مستوى واجب ضمان الدولة للفرد حقه الفردي بالحفاظ على هذه الهويات والصفات، وما يترتب عليها من مفاعيل سلمية وغير متعارضة مع مصلحة المجتمع والدولة والفرد نفسه، وليس بصفتها الخاصة كهويات أو كصفات خاصة ولكن بصفتها حقوق إنسانية محضة.
 عبد الخالق الفلاح

93
الاستقرار في العراق والجدل السياسي
لاشك أن الاستقرار السياسي هو العمود الفقري لبناء الإدارة الوطنية القادرة على بناء الدولة من خلال تماسك الجبهة الوطنية ونجاح التخطيط الإستراتيجي الشامل، فمعظم المخططات الإستراتيجية التي قدر لها النجاح لم تكن لتنجح لولا وجود إستراتيجيات سياسية تضبط الأداء والإيقاع السياسي وتحمي الدولة من خطر التدخل الأجنبي في السيادة الوطنية.
إن الوضع المعقد الذي يسود المنطقة والتجاذبات الإقليمية والدولية تجعل من العراق حالياً يعيش في مهب غير مستقر سياسياً ولعل القادم أعظم ، مما يدفعنا للحديث عن  الحكومة القادمة بعد الانتخابات و التي سوف تتقاذفها التدخلات الخارجية والإرادات الداخلية المفروضة بسياسة الأمر الواقع وقوة السلاح التي تفرضه جهات سيطرت على الملف الأمني والسياسي والاقتصادي ما يؤدي إلى فقدان الدولة لقرارها السيادي بسبب الأخطاء والتراكمات والسياسات الطائفية التي انتهجتها الحكومات السابقة و حولت البلد إلى فوضى عارمة تترتب عليها عدم الاستقرار بجميع المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية مع غياب فعلي لمبدأ الفصل بين السلطات وتفشي الفساد المالي والإداري وتسييس القضاء وفشل في توفير الخدمات وكثرة البطالة وتفشي ظاهرة انتشار السلاح خارج إطار الدولة والجهل والمرض والأمية وإشكالات كبيرة مع اقليم كوردستان العراق والدخول ضمن صراع المحاور في المنطقة وطموح سياسي لبناء دولة موازية لمؤسسات الدولة .
أصبح الاستقرار من الضروريات المهمة في حل القضايا المجتمعية الهامة، لما لها من تأثير على تطوير اي نظام سياسي عصري يتسق مع الواقع الاجتماعي والثقافي للمجتمع، ويشكل ً لعملية التعبئة الاجتماعية، من خلال بناء المؤسسات السياسية التي تتكامل مع ً مناسبا أساسا ً، وتمثل الغالبية العظمى من مجموع المواطنين في المجتمع وتعكس مصالحهم الوظيفية ، وفي خلق المناخ الملائم مشاركتهم الايجابية الفاعلة في الحياة السياسية، لترسيخ حقائق وإمكانات التكامل الاجتماعي والسياسي، واتاحة الفرصة لتوفير مناخات سياسية مواتية لتحقيق الاستقرار داخل المجتمع. لا يختلــف مفهــوم الاســتقرار السياســي عــن غيــره مــن مفــاهيم علــم الاســتقرار السياســي اصــطلاحا ً، حيـث يتنـاول عـدد مـن البـاحثين تحليـل السياسـة، مـن حيـث طـرق دراسته وتناقضها وتعددها أحيانـا مفهـوم الاستقرار السياسـي مـن خـلال الـ ربط بينـه وبـين المجـال البحثي المـراد التعـرف علـى الظاهرة في إطاره. فعلى سبيل المثـال عنـد دراسـة مفهـوم الاسـتقرار السياسـي مـن منظـور اقتصـادي، ينصـب الحديث فـي بعـض الظـواهر المجتمعيـة كالصـراع الطبقـي ومسـتويات الفقر والبطالة وتوزيع الثروة وتوفير فرص مستويات الرفاه الاجتماعي للأفراد.ويرى ابن خلدون أن عدم الاستقرار السياسي هو نتيجة لعدم التجانس الثقافي في الأوطان التي تكثر فيها القبائل والعصبيات، فهي لا تتمتع بالاستقرار السياسي نتيجة الاختلاف في الآراء وهناك من يرى بأن هذا الرأي لا يكون صائبا حيث استطاعت بعض المجتمعات أن تحقق الاستقرار السياسي على الرغم من وجود تلك الاختلافات في الجنس والعرق والأعراف والأديان. ويرى  (جونسون و ستيفنسون) حالة عدم الاستقرار السياسي بأنها (حالة تصيب النظام بانهيار الإطار المؤسسي وحلول العنف مكان الخضوع للسلطة بهدف تغيير أشخاص أو سياسيات أو الوصول إلى السلطة من خلال أعمال تتخطى الطرق الشرعية للتغيير السياسي، وهناك من له وجهة نظر اخرى في عدم الاستقرار السياسي بأنه استخدام العنف لأغراض سياسية ولجوء القوى والجماعات السياسية إلى أساليب غير دستورية في حل الصراعات، وعدم قدرة المؤسسات في النظام السياسي الاستجابة للمطالب المقدمة أليه والنابعة من البيئة السياسية الداخلية والخارجية.
ان المجتمعات المتقدمة تنخفض فيها حالة عدم الاستقرار، لأنها تتجاوزت عوامل التخلف في جميع المجالات، سياسية واقتصادية، واجتماعية، وفكرية، وثقافية، والدول المتخلفة هي التي لازالت تعاني من تلك العوامل مجتمعة، و قد يكون هناك عوامل لها الدور الرئيسي في حالة عدم الاستقرار، و أن مفهوم النسبية في تعريف عدم الاستقرار السياسي يأتي من اختلاف حدة الحالة من مجتمع إلى أخر، وبنسبة تأثير العوامل المختلفة سواء كانت عوامل مصدرها المجتمع الداخلي أو عوامل الخارجية، وهنا قد تثار قضية جدلية حول التخلف وعدم الاستقرار السياسي، وقد يكون الاستقرار النسبي وغياب حالة الصراع نتيجة القسر والارغام والقبضة الحديدية التي تفرضها الأنظمة و تتعامل بها مع شعوبها ويمكن ، وما أن تسقط حتى تظهر جميع التناقضات والعوامل في عدم الاستقرار السياسي والتي كانت تسود نتيجة الخوف والقمع، وليس ان يكون النظام استطاع ترويضها عن طريق التدابير السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة على الرضا والقبول من المجتمع.
 عبد الخالق الفلاح

94

العراق والقيادة الوطنية الغائبة
منذ عام 2003 وهوعام سقوط صنم العراق وتغيير النظام الى نظام برلماني تقوده الاحزاب لم نرى سوى الشحن والاقتتال والصراعات التي لم تدر نفعاً بل اخرت البلد الى الاسوء، لا بد لنا من الاعتراف بان العراق لايحتاج الى رئاسات ونواب لا يفقهون عملهم ، انماعقول مدبرة وبان المسافة بينه وبين الأهداف التي كانت تنصب اعين شعبه اليهم قد أصبحت بعيدة جدا وتزداد كل يوم بعداً ، فقد مر العراقيون في موجة كبيرة من الاحداث والتحولات والنزاعات الانقسامية داخل العملية السياسية والمجتمع لم تنته وبقت مستمرة بسبب غياب القيادة الحقيقية وانعدام الوحدة المجتمعية الحقيقية وانعدام الاستقرار، خصوصا الاقتصادي المهزوزة ، في البلاد، لقد كانت للمشاحنات والخلافات التي افتعلت من قبل بعض السياسيين التاثير السلبي في حياتهم ، وساعدهم باندلاعها الكثير من الجهلة، والمتطرفين، والمتصيدين للسلطة، الذين يريدون الخراب للعراق و زال الشعب يائن تحت وطئتها ولكن سيظل متسامحا ومحبا للآخر، سواء مع اخوته بالوطن، اومع جيرانه من الدول الاخرى ، و لكل شعب كبوة، المهم ان ينهض منها بقوة ،واثبتوا انهم من افضل واكرم الشعوب أخلاقيا، لانهم وببساطة استطاعوا تخطي الحرب الطائفية بثقة، وعظمة، برغم ان الكثيرين راهنوا على انها ستمتد لسنوات طوال و يبدو ان القهر والظلم الذي مر بهم، صقل صبرهم اكثر، وصقل قوتهم أيضا ضد كل من يريد اضعافها. أولويات العراق تتمثل بتحقيق منجزات في مجال الأمن والنهوض والإصلاح الاقتصادي والخدمات والبناء والاعمار وتوفير فرص العمل . بعد غيابها  وتعثرها بسبب الفساد،رغم انهم كانت لهم أحلامهم وتصوراتهم أوسع عن المستقبل الذي يتمنون أن تصير إليه البلاد. ويتابعون و يلاحظون التقدم والازدهار والتحولات التي تحدث في العالم وفي البلدان المحيطة بهم، ولازالت هذه الاحلام بمستقبل بلادهم عريضة ، وكل خطوة تسير فيها الاوضاع بهذا الاتجاه تدفعهم الى مزيد من الترقب والأمل بتحول هذه الصور التي سكنت خيالاتهم طويلا الى واقع حي وملموس . ظلوا يعيشون تدهورا مستمرا في أوضاعهم ، حتى كبرت الحسرة في نفوسهم ، وهم يتخيلون ما يمكن أن تكون قد صارت اليه البلاد وهذا المستقبل بصوته التصارعية الحالية لا يمكن ان تثبت لانها تنمو من صلب المشاكل اليومية والمعيشية ،والاجتماعية والنفسية التي يعيشها الناس، والتي طالما تأملوا فترة هدوء قصيرة معها تتيح لهم شيئا من سرور الحياة وبهجتها بالوصول الى تفاهمات بين القوى السياسية  لتشكيل حكومات قوية قادرة على تحقيق طموحات الشعب العراقي وتوفير متطلبات العيش الكريم للمواطن فى كافة مناطق العراق والابتعاد عن الصخب والفوضى والهيجان السلبي المدمر لكل شيئ ، وتكون لهم دولة لها ركائز النهضة وليست دولة شعارات ومزايدات، بل مجتمع يحضى بالاستقرار والازدهار المتزايد. أن الساحة السياسية في العراق تشهد حراكًا واسعًا بين القوى الفائزة لتشكيل الكتلة الأكبر تمهيدًا لتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة ولكن ماهي قيادتها ، اولا يجب أن يكون مستعدا ابتداء للتخلي عن عقليته الحاكمة الآمرة لمصلحة عقلية حاكمة محاورة لان للقائد السياسي ونمط قيادته  تأثير فعال في حياة الشعوب والأمم ، فهو الذي يضع الرؤية المستقبلية لشعبه ، ويحدد حجم القدرات المتاحة والآليات العملية لتنفيذها ، والوسائل المناسبة لتجاوز التحديات التي تعترضها ، ويتولى اتخاذ القرارات الصحيحة لنجاحها ، وهذا النمط من القيادة هو ما يصطلح على تسميته في السياسة بالقيادة الإستراتيجية ، التي تتميز عن قيادة المسؤولين والمدراء التنفيذيين في المؤسسات الحكومية ، ثانيا انهاء السجالات السياسية وإبعاد الحكومة عن المناكفات السياسية وتغليب المصلحة العامة ،ثالثاً الأخذ بعين الإعتبار الظروف الخاصة للعراق وعلاقته بدول الجوار والاقليم . ان التجربة السياسية العراقية قد فشلت تماما امام الجماهير بعد السنوات 19 الماضية التي لم تجلب إلا الويلات والمعاناة والفقر والتشتت الاجتماعية لفقدانها الى  القيادة القادرة بتحمل المسؤولية نتيجة المناكفات التي أخلت بالعطاء وتحقيق الإصلاح في البلد ووصل الشعب الى مرحلة اليأس والتذمر ، ولم تنجح في محاربة الفساد المالي والإداري المستشري في البلد، وتعاملت مع العراقيين باستخفاف وسخرية عندما طالبتهم باحترام القانون ، والالتزام والانضباط الإداري ، واحترام المال العام ، والنزاهة.. في الوقت الذي لم تعاقب مجرما حقيقيا من سراق الشعب الكبار، لارتباطهم بالصف الأول للنخبة الحاكمة. وان معالجة العوز ليس بالأمر السهل ، لكنه أيضا ليس بالأمر المستحيل ، فمن لا يعرف كيف يكون قائدا سياسيا استراتيجيا بطبعه ، عليه أن يكون كذلك من خلال استعانته بشبكة خبراء استراتيجيين ناجحين، “أن يحمل العقل والمنطق السليم ، الهادف لبناء دولة متكاملة الأسس النظرية والعملية. القائد الاستراتيجي حددته الأدبيات السياسية المعاصرة بصفة الذكاء والفطنة – سعة الأفق والقدرة على التفكير – البلاغة وحسن التعبير – الخطابة والقدرة على جذب انتباه المستمعين – الثقافة والمعرفة وحسنالإعداد – يعتمد على توزيع السلطة والمسؤولية على جميع أعضاء الحكومة مع إيجاد الدافع إلى التعاون في العمل عن طريق زيادة إشباع رغبات وحاجات الأفراد النفسية وفي ضوء هذه القيم الاجتماعية يكون سلوك المسؤول ،القدرة على المناورة والخروج من الاحراجات والمآزق – القدرة الابتكارية للأفكار والحلول – الثقة بالنفس والميل للتسامح – القدرة على اختيار أفضل البدائل التي تحقق أعظم المكاسب وأقل الخسائر –القدرة على اتخاذ القرار في التوقيت المناسب – القدرة على الحسم – القدرة على الإقناع لاسيما في القضايا الخلافية – القدرة على تحمل المسؤولية – القدرة على تكوين فرق العمل – القدرة على إدارة فرق العمل – القدرة على اختيار المعاونين المقتدرين – القدرة على تطويع قدراته الذاتية مع خصائص ومقتضيات المواقف التي تواجه الجماعة أو المجتمع – الإيمان بأن القيادة تعني الثقة والإقناع والحوار ،وليس القهر والمناورة والخداع ،و خلق الترابط بين القرارات والوسائل والسياسات وبين قيـــم المجتمــــع الذي يتحــرك القائـــد فيه” كل هذه الصفات مطلوبة ومهمة ومن المؤكد ان المجتمع لا يريد تحسين نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فقط ، بل في جميع المجالات ليعيش بالامن والامان والحياة الكريمة المستقرة.
عبد الخالق الفلاح     

95

الحوارات والنضج الفكري
الحوارات السياسية بين ألاطراف السياسية المختلفة الهدف منها تقريب وجهات النظر من خلال احتكاكها السلمي المنطقي وبيان مواقف كل طرف وخصوصياته ، والحوار هو عبـارة عـن مطلـب إنسـاني وأسـلوب حضـاري يصـل الانسـان مـن خلاله إلـى النضـج الفكـري، وقبــول التنــوع الثقافــي الــذي يــؤدي إلــى الابتعــاد عــن الجمــود، وفتــح قنــوات التواصــل مــع المجموعات او المجتمعات الاخــرى. الحـوار مـن أهـم أدبيـات التواصل الفكـري والثقافـي والاجتماعـي والاقتصـادي التي تتطلبهـا الحياة فـي المجتمعات المعاصرة، لمـا لـه مـن أثـر فـي تنميـة قـدرة الافـراد علـى التفكـر المشـرك والتحليـل ً والاستدلالي، بغيـة إنهـاء فروقاتهم مـع الاخريـن بـروح التسـامح والصفـاء بعيدا عـن العنـف والاقصاء.
الحـوار هـو سـمة مـن سـمات المجتمعـات المتحررة، والاداة الفعالـة الـي تسـاعدهم علـى حـل المشكلات الصعبـة، وتعزيـز التماسـك الاجتماعـي.
 الحوار السياسي يمثل إحدى أهم علامات الديمقراطية، وغالباً ما تكون الحوارات التي لا تؤدّي إلى نتيجة هي أن بعض أطرافها تحاول إقناع ذاتها بصواب موقفها، الهدف من  الحوار هو المساعدة على وضع أسس حلّ مشكلة ما بشكل مشترك، وهذا يعني الاتفاق؛ ما يعني وضع خطوات عمل مشتركة، وشيء طبيعي أنه ليس كل فردٍ قادرا على الحوار بأسلوب حضاري و في السياسة العصرية لا يوجد أي موقف نهائي للمشاركين في العملية السياسية، ويتم طرح وجهة النظر من جديد وبأسلوب جديد؛ لأنه ما كان بالأمس صحيحاً قد لا يكون اليوم كذلك، ودور الشخص وشخصيته وأسلوب طرحه تحدد مدى الثقة التي يخلقها في نفوس الآخرين، ويبقى العنصر الأساسي في الحوار هو الصراحة والصدق في التعامل السياسي، وإلى أي مدى يتم تقديم تنازلات من أجل الوطن.
الحوارات التي تشهدها الساحة السياسية العراقية اليوم  لم تنشأ بسبب الاختلاف وانما بسبب العجز عن الاتفاق على هدف مشترك يجمع مكونته؛ فالحوار لا يدعو صاحب الرأي الى ترك موقفه السياسي، وإنما لاكتشاف المساحة المشتركة مع الأطراف الأخرى والانطلاق منها في النظر الى الأمور وتحليلها، والحوار بين الأطراف السياسية يفتح افاق التعاون، ومواجهة التحديات، ويدفع الى التخلي عن الخيارات العنيفة التي تمارس النبذ والإقصاء. الذي لـم يكـن التعصـب يومـا ً هدفـا ً خادمـا للانسـانية وتطـور المجتمعـات، بـل علـى العكـس فـإن متطلبـات العـزة وثــورة الاتصالات والمعلومــات تجعــل مــن التســامح والتعايــش والاتصــال والحــوار المفتــوح ضرورات لا بــد منهـا لتحقيـق مصالـح المجتمعـات جميعهـا.
 وممـا لا شـك فيـه أن الحـوار هـو البديـل المناسـب عن العنف الطاغي بشكل لا يخدم البشرية اليوم او في المستقبل  و هو أحـد أهـم السـبل الـي تعمـل علـى تقليـص ً مســاحة العنــف الذي يمثــل ثقافــة ذات ميــول متشــددة،  وهـو نـوع مـن أسـاليب الحيـاة ومناهجهـا، فمن هنا فالثقافـة والافـكار يمكـن بمجموعهـا أن تمثـل عاملاً مســاعدا، إمــا لنشــر ثقافــة الحــوار أو لنشــر ثقافــة العنــف، وهــذا دليــل قاطــع علــى تأثــر التربية السيئة فــي هــذا المجـال، لذلـك يمكـن أن تسـهم التربية بأعتمـاد العنـف كمنهـج فـي إدارة الحيـاة الفرديـة والمجتمعيـة، يمكـن أن يكـون الامـر عكـس ذلـك عندمـا يتـم اعتمـاد الحـوار السليم والمنهجي والحوار السياسي يساهم في تبديد حالة الجمود التي تعانيها القوى المتحاورة، كما يفتح افاق الحل والمعالجة لحالات ضيق الأفق في مجالات مختلفة، وتحجيم هواجس بعض مع البعض الاخر، ومحاصرة موروثات الماضي، وخلق عوامل الثقة المتبادلة على قاعدة احترام الرأي الآخر.
و الحوار يجب ان يكون ضد كل اشكال الحوار التي تبرر الظلم، وبنظرة فاحصة الى المشهد السياسي العام، نجد ضرورة لتطوير منظومة سياسية فكرية منسجمة، تواكب متطلبات اللحظة التاريخية التي نعيشها، وبدون هذه المنظومة سنبقى نعيش الفوضى السياسية والفكرية، واللهث وراء شعارات وعناوين لا تزيد المحاورين  إلا ابتعادا عن الاهداف المرجوة.
عبد الخالق الفلاح

96
الإدراك والفهم واليقظة سلاح المسؤولية
من المحال أن يتحقق الأمن السياسي في الدولة الوطنية ، والذي يعد احد اهم امتدادات الأمن الوطني بشقيه الخارجي والداخلي ، اذا افتقد الأفراد في المجتمع لما يطلق عليه باليقظة السياسية ، والتي هي امتداد للوعي السياسي الكلي ، وهذا الأخير هو شرط نفسي للإدراك والفهم المتعمق وتحقيق اليقظة السياسية لما يمر به الفرد من متغيرات ، والمجتمع من متحولات ، سواء كانت تلك المتغيرات ذات بعد داخلي أو عابرة للحدود الوطنية ، والذي يعد العلامة الفارقة بين الانسان في نقطة عدم وعيه و يقظته التي تعني التحرزعما ينبغي و كمال التنبة و الاسْتِعْدادُ للقادم ، وكُلَّما قَوِي الايمان وتمَكَّنَ نورُه مِن القَلْب يزداد حَالةُ اليقظة ، واسْتَنارَ القلبُ برؤية الطَرِيقِ السوي،العراق بلد الحضارات والتاريخ والثقافة الى جانب العديد من البلدان القوية حضارياً يعيش اليوم ازمة كبيرة و لقد امتلأت البلاد بالمبادئ الباطلة والمنحرفة عقلياً وتنسيبها للدين ، أو المنحرفة سياسياً وتنسيبها للديمقراطية والانسانية والمبادئ الخلاقة او الاصلاحات ظلماً ولم يجني الشعب إلأ الضيم والمعاناة والخراب ، كما نشاهده كلما اقتربنا من الانتخابات وما ان تنتهي حتى تسوء الاوضاع عن ما كانت عليه من فوضى وانتكاسات اخلاقية في الممارسات والاعتداء الفج من البعض على البعض الاخر على الهواء، والتضيق على الاراء بالتهديد والوعيد والارعاب ، وبالهمز واللمز ، بدل ان يكون مؤشرات على النضج السياسي والشعور بالمسؤولية في الحد الادنا لدى المتحاورين ومن هنا لذا يوما بعد يوم تنكشف الاوراق الباطلة ويفقد المواطن الثقة بالعملية السياسية و بما يراد بالوطن من قبل الكتل التي تسيطر على الساحة السياسية ، دون وجود اي حلول للمعضلات والمشاكل ، السياسية والحقوقية والأمنية والاقتصادية في منهاج عملهم ، ومنظور العلاقة بين مكونات المجتمع المتقابلة ، الموالية والمعارضة السياسية والحقوقية في الجانب الآخر، وباقي المواطنين من الصامتين ، ولاشك ان الحوار الوطني الصادق من قوى الخيرالمصدومة والمجبرة على الصمت في الوقت الحالي خوفاً من ان تكون ضحية بيد الفوضويين والعابثين والتي تحتاج الى الارضية السليمة بمساحات الامان والنقاء و ان الحاجة اليوم ماسة اكثر من اي وقت مضى للعمل بعزم جاد في مسارالاصلاحات بيد المصلحين الحقيقيين لا العابثين والمتطفلين والمصابين بالتحجر الفكري. فن السيادة السياسية  فن فكري يحتاج إلى معرفة وحكمة وتجربة ومرونة، في كيف يأخذ؟ وكيف يعطي؟ وكيف يدير؟ وكيف يتغافل؟ ومن يصادق؟ومن يتارك؟ إلى غيرها، وأكثر الاشخاص الحالين في مكب الفشل ومظاهر الحوكمة  ومغرياتها فقط دون ثقافة سياسية حتى أولوياتها و بعيدون عن هذا الفن لتحمل المسؤولية، منقادون من قبل طبقة معينة إلى حيث مصالحهم ، ولذا تراهم محكومين بافكار غير مناسبة مع مجتمعهم، دون توفير المساحة اللازمة للحرية والمؤسسات والأنظمة وأن توفر لنفسها هذا الفن عملياً ، حتى تتأهل لقيادة الحياة والتقدم بالأمة إلى الأمام .
القوى السياسية الحقيقية عليها مسؤولية في أن تستهوي الناس أدبياً ومادياً، و يقول الكاتب والمؤرخ الراحل محمد حسنين هيكل: «إن تاريخ كل أمة خط متصل، قد يصعد الخطأ و يهبط، و قد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع ،وهكذا نرى مستقبل بلادنا  وذلك يتوقف على عدة عوامل، التي من جملتها النظام، والجماهيرية،والنتائج الحسنة، والدعاية الصادقة، وقضاء الحاجات، والمبادرة، والشجاعة، واستباق الزمن، والتجدد ، ومواكبة الحضارة ، وغيرها ، فالناس إذا رأوا نظاماً دقيقاً ، والتفاف الناس حول شيء أو اشخاص لديهم الحس الوطني وايمانهم بحق المواطنة التي تحتاج الى تجربة ، وإن نتائج هؤلاء أو المؤسسة اذا كانت ناجحة و رفيعة، ولها مبادرات ، وغيرذلك ، التفوا حولهم ، وبقدر التفاف الناس يتمكن الإنسان أن يخدم بلده.
القيادات السياسية عليها أن  تفهم  عالم السياسة ، بمختلف الجوانب، ، واحتمالات المستقبل القريب والبعيد، والمعاكسات والمعالجات،والحلول، والمتناقضات التي بين الكتل والفئات ، إلى غير ذلك من الممارسات السياسية، فإن لم يكن ذلك تكون أقوى الأحزاب والكتل معرضة للسقوط والاضمحلال ، فكيف بمثل بلادنا التي تأخرت إلى الذيل في هذا القرن و إني أرى وجوب تفهم جميع أفراد المجتمع السياسة بقدر ما يتناسب، مع مفهوم اوليات السياسة وارتباطه بكل شؤون الإنسان، وعدم تفهمها على اعتبارات عابرة انما حياتية في ظل  الجهل الفاضح و تأخر أفراد المجتمع  في مختلف ميادين الحياة.
عبد الخالق الفلاح

97
الوطنية والإصلاح والهوية
يمكن النظر إلى الوطنية باعتبارها خليطاً من التعلق العاطفي بالبلد ورموزها التعريفية وقيمها التأسيسية التي تعرف بالمبادئ الأولى، ويمكن تمييز التعليق الأمة وقيمها التأسيسية و مؤسساتها وقرارتها السياسية وفي كل بلدٍ يسعى الى الديمقراطية والحرية، تُوَفِّرُ الوطنية شعورًا والولاء والتفاني وتُقدّم للمواطنين غرضًا حياتيًا يرتكز عليه النظام،النهوض بالمواطنة التي تنطوي على مجموعة محددة وواضحة المعالم من الحقوق الفردية  والقانونية، واجبات و حقوق سياسية، وحقوق اقتصادية اجتماعية. من شأن ذلك تعزيز مشاعر الولاء، وترسيخ تمييز حاسم بين أولئك المشمولين "المواطنين" و"الاجانب "
إنَّ ضعف الهوية الوطنية لصالح هيمنة انتماءات ضيّقة يعنى ضعفا فى البناء الفكري والسياسى. ويعنى ان المواطن يشعر بان الوطن ليس لكلِّ ابنائه وأنه ساحة صراع على مغانم فيه، لذلك يأخذ الانتماء إلى طائفة أو مذهب أو قبيلة بُعدا أكثر حصانة وقوة من الانتماء الوطنى الواحد، كما يصبح الانتماء الفئوى مركبة سياسية يتمّ استخدامها للحفاظ على مكاسب سياسية أو شخصية.
كذلك فإنّ ضعف الهوية الوطنية قد يكون هو المدخل للاحتلال أحيانا، حيث تتحوّل أولوية الانتماءات الضيّقة إلى حجج بيد ضعيفي الارادة الوطنية تقتضي منهم  التعامل مع أى جهة خارجية من أجل مواجهة الانتماءات الأخرى فى الوطن الواحد!.
إنّ ضعف الهوية الوطنية المشتركة هو تعبير أيضا عن فهم خاطئ للانتماءات الأخرى. بالاعتقاد بمذاهب دينية مختلفة، أو الاعتزاز بأصول إثنية أو قبلية، هو ظاهرة طبيعية وصحّية فى مجتمعات تقوم على التعدّدية. لكن تحوّل هذا الاختلاف إلى خلاف سياسى عنفى وصراعات دموية يعنى تناقضا مع الحكمة فى الاختلاف والتعدّد، فيكون المعيار هو محاسبة الآخرين على ما وُلدوا به وعليه، وليس على أعمالهم وأفكارهم. من هنا يمكن النظر إلى الوطنية باعتبارها خليطاً من التعلق العاطفي بالبلد ورموزها التعريفية وقيمها التأسيسية التي تعرف بالمبادئ الأولى، ويمكن تمييز التعلق بالأمة وقيمها التأسيسية و مؤسساتها وقرارتها السياسية وفي كل بلدٍ يسعى الى الديمقراطية والحرية، تُوَفِّرُ الوطنية شعورًا والولاء والتفاني وتُقدّم للمواطنين غرضًا حياتيًا يرتكز عليه النظام .
يمثل التعدد الثقافي ظاهرة اجتماعية وتاريخية ّ قل ما يخلو منها مجتمع. وإذا ما أحسن استعمالها تحولت شخصيته وتطورت باستمرار دائم نحو إغناء وإفادة المجتمع وإعطائه حضارة متألقة وشعاعا ّوضاءا في ظل التنوع والتعدد والعيش المشترك. والثقافة عموما هي سجل مفتوح باستمرار يصاحب مسيرة المجتمع و يحفظ هذا التعدد والتنوع ويقوي مسيرة تطور المجتمع وسيرورته و يدافع عن الثقافة الوطنية من منطلق الاعتراف بالتفاعل الذي خضعت له عبر التاريخ، وبما أحدثه ذلك التفاعل من تأثير عليها وتوسيع لكل مكوناتها. إن الثقافة متعددة الاطراف تشكل نقطة ارتكازها على المعتقد واللغة والتاريخ، وتضطلع الدوائر المحيطة باستيعاب الجديد، ليصبح جزءا متجددا منها، فتصير الأصالة قوة خلاقة ومحفزة، وطاقة متجددة دائمة لتنمية الهوية الوطنية في إطار سيرورة متحركة، فتتشكل الشخصية الوطنية بمقوماتها الجغرافية والدينية واللغوية.
من الامور البديهية لا تطوير للحياة السياسية دون وجود أحزاب وطنية حقيقية ذوات برامج خدمة المواطن وحماية الأرض واستقلال الوطن بكامل حدوده، والأحزاب لطالما تعرضت لتهميش من قبل البعض والتعرض لها من قبل البعض الآخر، دون ان تضع  الأمور في نصابها والاعلان عن تحولات سياسية حزبية من أجل العمل الإصلاحي وبنائي ،الذي بوضوح على العزم للاصلاح حقيقي، ولا تستطيع اي قوة شديدة عكسي ايقافه اذا عزمت تلك الأحزاب التحرك بروح حب الأرض الذي تعيش عليه للعمل متوحدي الارادة ..
ربما تستطيع بعض القوى عرقلة جهود الآخرين  من خلال اثارة هويات فرعية حينا واستحضار أخطار غير واقعية، ولكن تلك القوى عليها الاستمرار في الانتقال من مرحلة الفردية والجهوية الى مرحلة الحزبية وبناء هيكلية تنظيماتها بالطرق القانونية، وتكافؤ الفرص، والمساواة والمواطنة،حفظ سيادة القانون ورفض الجهوية والعشائرية والإقليمية والعنصرية بكل اشكالها وتلوينها وتحت اي شعار،ويمكن بأي شكل من التحول الإصلاحي ، بناء استراتيجيات قوية بالعمل الجماعي وبمشاركة كل العقول والاعمار والثقافات وبطبيعة الحال لن يعجب البعض ولذلك لا عجب ان نراهم يبحثون عن كل وسيلة ممكنة لعرقلة توجه نحو الاصلاح، المشكلة في عدم الإصلاح ليست فى طبيعة الأحزاب ذاتها فهناك من الساسة  أصلحوا ونقوا احزابهم من التفسيرات الخاطئة وقدموا تفاسير معاصرة نهضت ببلادهم، وهناك أيضا اخرين رفضوا أى إصلاح لأنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان، السؤال إذن: من ــ وما ــ الفاعل فى الإصلاح؟ هنا علينا أن نعود إلى التاريخ الإنسانى على الأرض وحتى يومنا هذا، لقد خلق الله الإنسان ووهبه عقل وإرادة، العقل لكي يفكر به والإرادة لكى يحقق ما فكر فيه، وفى البداية كان الإنسان عاريا ضعيفا لا يملك من أمره شيئا أمام الحيوانات المفترسة والطبيعة الغاضبة بالزلازل والأعاصير والفيضانات، إلا أن هذا الإنسان بدأ فى استخدام عقله فاستطاع أن ينتصر على كل المعوقات والفقاعات التي حاولت دون ذلك في نفث سمومها في كل الاتجاهات مستحضرين حينا هويات فرعية، وحينا ادعاء حرص غير حقيقي على الهوية الوطنية، وغيرها من عناوين يختبئون خلفها للهجوم على اي تطور اصلاحي حقيقي، وكأنهم وحدهم يملكون حمية الدفاع عن الهوية الوطنية، والآخرون مشكوك في ولائهم وانتمائهم ، الوطنية مفهومٌ أخلاقيٌ وأحد أوجه الإيثار لدفعها المواطنين إلى التضحية براحتهم، وربما بحياتهم من أجل بلادهم.
عبد الخالق الفلاح
 

98
السلطة والدولة بين مفهومين
ثقافة عامة
عندما تصل مجموعة سياسية الى السلطة دون وجود استراتيجية التخطيط الاستراتيجي "الذي يُعد عاملا مهما في صياغة وتصميم سياسة أية دولة، وذلك لان التخطيط الاستراتيجي يشكّل مرتكزا تستند إليه آليات ووسائل إدارة الدولة في الجوانب كافة سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية أو الإدارية، وبالتالي فأن النجاح الواضع لهذه الأسس في إدارة شؤون دولة يتوقف على درجة إتقانها للاستراتيجية التي تضعها وتكريس جهودها وإمكانياتها لتنفيذ بنودها". وأن لا تحتكر هذه المجموعة كل شيئ فيه لصالحها  بالقوة وتعمل على ابقائها محتكرة في يدها فتصير سلطة عنف واستبداد مطلق وتتحول إلى أداة نفي للاخرين اولاً ،وثانياً لماهية الدولة والقانون، واحتكار الحق والقوة والعنف والتسلطية المطلقة، و تتحول سياسة التسلط لديها إلى ذهنية منتهكة للقيم، بخطابات تبرر ممارساتها التسلطية. ولا يفرق العديد من الناس  بين الدولة و السلطة، و هذا الإبهام مرده ممارسة الدولة للسلطة" وهناك فرق شاسع بين المفهومين  الدولة والسلطة ويجب التمييز بينهما،  الدولة لها اركان ثابتة دائمة اما السلطة فهي زائلة ومتحركة. وقد تتوالى وتتعاقب .اما الدولة تقوم على ثوابت ثلاثة: الارض والشعب و قانون أساسي ينظم السلوكيات والعلاقات ، بينما تكون السلطة الادارة القانونية للدولة .أي أن السلطة ما هي إلا آلة تسير أمور الدولة بموجب القوانين والشرائع التي تسن من قبل المجلس التشريعي او ما يسمى البرلمان وقد تختلف المسميات من دولة الى اخرى. لذلك يبدو من الضروري أن نميز بين السلطة و الدولة التي هي شكل من أشكال التنظيم السياسي الذي تمارسه المؤسسات. في حين أن السلطة تتجاوز حقل الدولة و تمتد إلى مختلف مجالات الوجود الإنساني، فنحن نتحدث مثلا عن سلطة شخص وآخر لا يتشابهون في العمل... و هذا يعني أن الدولة لا تجسّد كل أنواع السلطة في المجتمع، لذلك يرى بعض العلماء أن السلطة باعتبارها ممارسة، لا يمكن أن تتحدد انطلاقا من تحليل أجهزة الدولة،  السلطة مبثوثة في كل مكان و لا تتحدد إلا باعتبارها موضوع صراع : صراع من أجل السلطة، وتسميتها عند البعض بالمنافسة من أجل السلطة، و صراع من اجل الاستحواذ على السلطة، ويمكن تسميتها صراع ارتهان السلطة. ومثل هذه الأجواء يمكن للسلطة ان تنهار بلحظة صراعية، تؤدي الى تفتت هذه الدولة ذاتها،هنالك من يغالي بهذا المفهوم، حيث يرى انه حتى لو انهارت الدولة لا تنهار سلطتها بقدر تعالى هذه السلطة، بقدر ارتهان الحركية المجتمعية، بما فيها من صراعات سلمية او حتى عنفية. و فيها من مصالح متضاربة، وطبقات ومراكز قوى. وهيئة مجتمع مدني محكومة بمستوى سياسي، تتكامل معه احيانا للهيمنة والسيطرة ، وليس لحركة شعوب تلك السلطة أي دور في هذا التأسيس. بل عبارة عن علاقة العائلات المسيطرة مع البعض مباشر دون وسيط. دون ارضية تاريخية ما وهي فقط بصدد إثبات ان هذه السلطات ،الحزبية والقومية والطائفية و الفردية والعائلية في الممالك والامارات هي صاحبة الحق المطلق كما هو في العراق اليوم حيث الاحزاب الكبيرة مسيطرة تماما على المشهد السياسي فلهذا لا تفكر اليوم إلأ بالسلطة " رجل السلطة لا يعرف ولا يستطيع قول الحقيقة كما هي، في رهان على استغباء والاستخفاف بعقول الناس. ولذلك ينساق في تواصله مع الجمهور على نمط من “خطاب لا معنى فيه” وخطاب ملتوي ومخفل”، الذي لا يُقدم ولا يؤخر في إيصال ما يريد قوله، بل ويعطي صورة عكسية أو صورة تشكك بما يقول" وكيفية تقسيم المسؤوليات والمناصب كما نلاحظه بعد الانتخابات الاخيرة حيث تتحرك الكتل والائتلافات  في الوقت الحالي للركض وراء كسب المناصب قبل التفكير في اعداد سياسية مستقبلية لادارة الدولة والتي لم نلاحظها خلال السنوات الماضية ، بعد أن اشتراها البعض من دم العراقيين بالفساد والسرقات واستغلال المناصب لصالح مجموعاتهم ويصبح مباح بيدهم كيف ما يشاؤون ، وكل السلطات محصورة في مكان واحد. ولا صلاحية للسلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية فيما يتعلق بالقضايا الكبرى والهامة إلا بالتوافق فقط وتوزيع المغانم والأرباح بينهم وهو نظام يسري على كل مستويات الإدارة والحكم وكل قطاعات الإنتاج الحكومي. بالإضافة إلى كل ما له علاقة بالإعماروالتعويضات والمشاريع الخدماتية ، و لذا يصبح الحديث عن فصل السلطات في هذه الحالة لا معنى له،لا شك في أن هناك فرقاً ما بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة. إلا ان هذا الفرق لا يعني أن العلاقة القائمة بين الطرفين تملك مناعة خاصة ضد الازدواجية. السلطة السياسية التي تقود الدولة في فترة زمنية محددة في كثير من الانظمة او في فترة زمنية غير محددة وخاصة في الانظمة التي تعتمد على المحاصصة ، بإمكانها أن تستبيح مؤسسات الدولة كلما ارتفع منسوب الفساد في تلك الدولة. والضرر الأكبر يقع على عاتق المواطن والدولة تصبح هشة وفاشلة ومباحة بما يشمل المؤسسات العامة ومسؤول تطبيق القانون وتأمين احتياجات المواطنين بمعزل عن اتجاهات السلطة السياسية الحاكمة. هذه العلاقة تتحول الى علاقة صراعية عدائية بين السلطة والجماهير ، فالمواطن الذي يرى الدولة مستباحة من قبل الطبقة السياسية ـ التي تتفنن في ابتكار أساليب النهب الشرعي وغير الشرعي، يشعر بالظلم واللاعدالة والكراهية تجاه دولته. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد ،السلطة التي تتخلى عن واجباتها الأساسية تجاه مواطنيها تطالبهم بأن يفعلوا ما لاتفعله هي تجاههم حتما سوف تكون نهايتها مؤلمة، وعندما يحدث خلل ما في العلاقة بين الطرفين تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى سلطة الدولة باعتبارها انها وُجدت من اجل القيام بوظائفها المحددة لها في القانون والدستور ولكن لم تستجيب لأصواتهم في تحقيق أمانيهم ولو بالحد الادنى.
عبد الخالق الفلاح

99
الطائفية العلمانية و التأسيس الاستهلاكي
إن غياب التأسيس الفكري والأخلاقي للحداثة وتقليصها إلى مكتسب تواصلي وفق التكنولوجية الحديثة المحضة والحديث عن العلمانية المزيفة في الوقت الحالي، قد تم أفراغها من قيمها الإنسانية، وحولتها إلى قشرة تستر ركامات البالية والهزيلة والتقيد  بالتقاليد الماضية وأنماط الحياة الاستهلاكية ، لذا يأتي التشويش إزاء الكثير من المسائل والمقولات، كالمجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان وغيرها، التي لا تنفصل بالتأكيد عن قضية الحداثة ذاتها رغم كونها هي خلقت مع الانسان ودافعت عنها الرسالات السماوية ، والنخب تتبنى هذه المقولات الحديثة، لكن بمعانٍ ومدلولات تقليدية مسلفنة نمطية، ولم تقترب بعد من هضمها واستيعابها وتمثل هذه المقولات بمضمونها المنسلخ دون أن تصل إلى نتيجة منطقية.
 من هنا يمكن القول إن هذه النخب، في الأساس والعمق، ترفض الحداثة ومبادئها وأفكارها وقيمها، وتهرب منها باتجاه مزاوجة التقنيات أو المفاهيم أو الأهداف الحديثة مع الموروث الثقافي التقليدي في مركب مستهلك واحد عاجز عن السير خطوة واحدة إلى الأمام، “مطابقة التعبير للمعبر عنه في زمن التعبير، أما أصحاب المناهج التقليدية القديمة، فعلى الرغم من حملات أصحابها البليغة على الاستعمار الفكري والغزو الثقافي، ودعوتهم المستمرة إلى الأصالة، ولكن كانوا يصلون في المآل إلى التصالح مع الغرب الإمبريالي .
العلمانية من جانب المجتمع الشعبي فلديه حساسيّةً خاصّةً تجاه مفرداتها وموضوعها و يعود ذلك إلى ارتباط هذه الكلمة بسياسات النظم الاستبدادية التي حاولت تقديمَ نفسها على أنها انظمة علمانيّ، وهو في الحقيقة أبعدُ ما يكون عن العلمانيّة لأنه يعود إلى ارتباط المفردة، مثلما عمل عليها البعض من الساسة و إيصالها وربطها بمعاداة الى للدين سلبياً، وهذا الفهم لا علاقة له بالفهم الفلسفيّ والفكريّ للعلمانيّة الصحيح والذي هو في حالة من الغياب في الوقت الحالي، وبتجسيداتها السياسيّة  والتي سميت بـ “العلمانيّة الطائفيّة”، وهي توصيفٌ لتفكير سطحي ومختزل لدى قطاعٍ من المنافقين والفضوليين على السياسة الذين يتستّرون بقشرة علمانيّة شكليّة ولا تتجسَّد في بيئتهم الحريّة واحترام حقوق الإنسان،  وقبول الآخر والقبولُ بوجوده وبحريّته وهما أساس كلّ رؤية علمانيّة حقيقيّة، وبالتالي ليس ما يحدِّد علمانيّةَ فردٍ أو طرفٍ ما هو الفكر الذي يحمله أو الأيديولوجيّة التي يتبنّاها أو الدين الذي يعتنقه أو الطائفة التي ينتمي إليها؛ وإنما هو ذلك الإيمان الراسخ بحريّة الآخر المختلف.ومن الأخطاء الشائعة لديهم هو “فصل الدين عن الدولة،” ثم تُختزل بعدها إلى موقف ضدّ حجاب المرأة ومع حريّة الابتذال العقلي والفكري، وإلى التخوّف على فقدان هذه الأنغام التي يتيحها نظامُ الحكم المستبد. وهذا الفهم الخاطئ والسطحيّ يتكشّف في المآل الأخير عن قاعٍ طائفيّ لدى هذه الشخوص المدّعية بهذه السياسة، وعن موقف متعالٍ ومتعجرفٍ إزاء الآخر المختلف معه.
المواطنة منظومة حقوق مدنية وسياسية وحريات شخصية وعامة وواجبات مدنية والتزامات قانونية متساوية، ومشاركة في حياة الدولة ومؤسساتها ويعني إعادة كل ما هو مجيد في الحضارة الإنسانية الحالية إلى أصول  متنوعة يعني الإقرار بوجود تناسل وتلاقح بين الثقافات الحية ، ويعني ضمناً أن الثقافة الإنسانية الحالية أساس لإعادة بناء الثقافات الخاصة. والقول بنسبيتها أو قابليتها للتفكيك والتجزئة، بما ينتهي إلى الأخذ ببعض هذه الحقوق، وإنكار وحجب بعضها الآخر.
ولذا تعني المواطنة العضوية الكاملة في الدولة السياسية، أي في الدولة الوطنية أو القومية، ولا فرق. إذ تصير المواطنة هي العلاقة الأساسية التي تربط بين جميع مواطني الدولة المعنية، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والمذهبية والإثنية والطبقية وما إليها. ومن هنا تأتي أهمية مبدأ “حياد الدولة الإيجابي” إزاء جميع الأديان والمذاهب والأيديولوجيات والعقائد السياسية، وإزاء الانتماءات العرقية.
لا يمكن الحديث عن المواطنة إلا بالانطلاق من قاعدة إنسانية واعتماد معايير الأصالة في التعامل بها، لأن الإنسانية هي أساس الوطنية ورافعتها. فلا يمكن أن يعترف أحدنا بتساوي المواطنين في الحقوق والواجبات إذا لم يعترف أولاً بتساويهم في الكرامة الإنسانية.لكون الإنسانية والمواطنة صفتان لا تقبلان التفاوت والتفاضل؛ فليس من فرد هو أكثر أو أقل إنسانية من الآخر اذا كان يحمل صفاتها السليمة، وليس من عضو في دولة معينة هو مواطن أكثر أو أقل من الآخر إذا حمل هوية ذلك البلد بحكم القانون.
عبد الخالق الفلاح - باحث وإعلامي

100
الارادة السياسية مقياسها العمل
الفرق بين إرادة الشعب الهادفة لدفع عمليات التغيير نحو الأمام وإرادة القيادة السياسية المدعومة بالنخب المتمايزة لا يمكن تحديده ولا تتكامل دون الاخر ،لان الثقافة الشعبية والحس الشعبي الدافع لأسس التغيير الإيجابي وتمثل الأرضية التي ترتكز عليها أعمدة التغيير الناجحة ،بل يمكن التعرف على نقاط التلاقي والتكامل بينها .. لا تُقاس الدول بقوتها وضعفها بمجرد عملية حسابية او ما تملكه من موارد اقتصادية نقدية أو طبيعية أو صناعية، ولا بما تملكه من أسلحة ومعدات فقط، لأن كل ذلك لا يقدم إلا مقدار القوة الكامنة أو المتاحة أو الممكنة، ولكن القوة الحقيقية هي عملية حسابية أخرى تتم من خلاله ضرب كل اعوجاج مما سبق في الإرادة السياسية لصانع القرار.
ان الكثير من القادة السياسيين اليوم يفتقرون للحافز لمتابعة أو ملاحقة الوعود التي يقطعوها وكانوا يعتقدون انهم لا يخسرون أي شيء إذا لم يفعلوا ذلك” العراق الذي يعاني من ازمة إرادة سياسية، وما الفساد وتردي الخدمات والتدخلات الخارجية وبيروقراطية أداء مؤسسات الدولة ، هو الا انعكاس لعدم وجود تلك “ الإرادة الموجبة السياسية التي تتدارك ما يمكن تداركه اليوم الى إرادة سياسية حقيقية يُغلب فيها العام على الخاص من قبل القوى السياسية لإنقاذ الوضع في لحظاته الحرجة مثلما حدثت في السنوات الماضية فيه وكانت عواقبها نتائج الانتخابات الاخيرة حيث ابتعدت الجماهير عن القيادات التي كانت تقود البلد و هذا هو السبب الذي يجعلنا بحاجة لأنظمة  تعيش من اجل الجماهير في الدفاع عن حقوقها قبل الدفاع عن المكاسب الشخصية والحزبية تستدعيهم للمحاسبة ونحتاج لناخبين يكونون على دراية بالوعود التي قطعت لهم وكيف يتم الوفاء بها وكيف تعكس أصواتهم المؤيدة والمعارضة شعورهم في حال تم الوفاء بها بصورة صحيحة من عدمه.
الأهم التغيير والإصلاح السياسي المبرمج  ، و بإصلاح التشريعات الاساسية و القيام فوراً بترتيب متطلباته على أجندة الدولة طبقاً لأهميتها وأولوياتها، تستطيع أن يطمئن الشارع بها وأن تبدأ بخطوات لاحقة على نحو سليم وفي مقدمتها كتابة الدستور وفق مقايس دولية  ، إذا ما تم تعديل تلك التشريعات فسوف يأخذ التغيير طريقه نحو الإصلاح بصورة تلقائية، ولن تكون سوى مسألة وقت لتصبح الديمقراطية حقيقة قائمة يستشعر و ينعم بها الجميع .
الارادة السياسية هي العنصر الأهم في تأسيس الفعل السياسي بعيدا عن الانفعال السياسي وتكمن فيها امكانية عناصر النجاح الاستراتيجي وليس بالضرورة التكتيكي، واهمية الارادة انها تكون مشتقة من عناصرها الأيديولوجية التي تحكم المسيرة السياسية للقوى السياسية والفاعلة في الحركة السياسية، وهنا الحركة السياسية تشكل المجال القابل للتموج والتدفق في الفعل السياسي والقوى الغير القادرة على ادامة هذا الزخم من الفعل السياسي فإنها تخسر البقاء.
لا تبتعد الإرادة السياسية عن المعنى الذي يحمله مفهوم الإرادة، إذ تنصرف الإرادة السياسية إلى الأفعال أو بشكل أدق إلى الفعل السياسي الواعي والحر، والذي لا تتدخل فيه إرادات خارجية إملاء أو إكراها أو إغراء، اللهم إلا أن تكون الإرادة السياسية انعكاسا لما أطلق عليه روسو الإرادة العامة، فهي –أي الإرادة السياسية- في هذه الحالة، تتمتع بالشرعية والمشروعية، ناهيك عن تمتعها بالصلابة، بمعنى آخر فإن الإرادة السياسية لنظام ما تكتسب روحها وواقعيتها وطاقتها عندما ترتكز للإرادة العامة، التي تفهم وفق روسو، بأنها الإرادة الثابتة لجميع أفراد المجتمع، والمستمدة من تاريخه وحاضره وتطلعاته، هي إرادة المجتمع التمتع بحريته. لا تبتعد على ضوء تأطير القواعد للإرادة السياسية في خلاصات التاريخ والهوية والثقافة واشتراطها في النجاح السياسي الاستراتيجي في المستقبل والتكتيكي في الحاضر وجهوزية التفسير بها في العلوم السياسية ومن ثم امكانية التحليل السياسي من خلالها فإنها تكتسب مشروعية الاصطلاح وشرعية المفهوم، ونخيلها بذلك الى مصادر التحليل السياسي بأهمية فائقة في رصد عوامل التخلف في أطروحات القوى السياسية الداخلية والتراجع عن القدرة في البناء الوطني لديها نتيجة افتقادها للإرادة السياسية وعجزها المطلق في الحاضر عن صياغة وبناء هذه الإرادة التي تفرض المصلحة الوطنية فرضا – واجبا قائما في بنائها كإرادة فعل سياسي يوظف باتجاه مصالح البلد العليا.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

101
التسرب التعليمي الأسباب والعلاجات
من الظواهر المؤلمة والتي تحز بالنفس ظاهرة التسرب من المدارس وهي حالة فتّاكة والتي تمتدّ بذيولها لخلق زعزعة في التوازن المجتمعي على الصعيدين التربوي والاجتماعي والموجودة في جميع البلدان وهدر تربوي هائل وضياع لثروات المجتمعات المادية والمعنوية ، ولم يكن العراق بعيداً عن هذه الظاهرة وأصبحت حقيقة صارخة، وليست بحاجة إلى بحث دقيق ،وفشل وزارة التربية في ادارة امورها بالشكل السالم في ظل النقص الهائل في بلد غني من المدارس بنسبة تفوق 40% وقلة خبرة الكوادر التعليمية وتسرب التخصيصات الى جيوب المافيات والاوضاع السياسية التي عصفت بالبلاد منذ عام 1990والحصار الاقتصادي ثم مجريات الأحداث السياسية من توترات وأزمات وعدم استقرار الدول وغياب الكفاءات والخبرات ومن ثم الحرب ضد العصابات الاجرامية التي احتلت اجزاء من الوطن والفساد والسرقات التي حلت بعد سقوط النظام السابق واصبحت مشكلة اجتماعية والحكومة بتخبطها وفشلها وغياب استراتيجيات برنامجية حقيقية، تُعرّض الحكومة طبقة اجتماعية عريضة، وعائلات بأكملها مع جيل كامل إلى خطر الإقصاء والأمية والاضطرابات النفسية، والسقوط في مستنقعات البؤس والعوز والتجهيل.
، فالأشخاص الذين لم يتموا الحد الأدنى من مراحل التعليم الذي تحدده الدولة هم في المستقبل لن يصبح لديهم المعرفة اللازمة لدخول سوق العمل بنجاح. وبهذه الطريقة ، لن يتمكنوا من إيجاد سوى وظائف غير رسمية أو محفوفة بالمخاطر ، مع عدم وجود إمكانية للتقدم. يمكن القول أن هؤلاء الأفراد في وضع غير جيد مقارنة بمن أكملوا دراساتهم. ولا يمكن أن يخلو بلد مع الأسف من هذا الواقع التربوي او الظاهرة التي تمس مستقبل البلاد ويختلفُ تعريف ظاهرةِ التسرّب المدرسي من بلدٍ لآخر تبعاً لقوانينه؛ فالبعض يربطها بالمرحلة الابتدائية بينما البعض الآخر يربطها بالمرحلة المتوسطة، وهناك من يربطها بالمرحلة الثانوية،، و تتفاوت درجات حدتها وتفاقمها من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة دراسية إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى. كما أنه من المستحيل لأي نظام تربوي أن يتخلص نهائياً منها مهما كانت فعاليته أو تطوره. والمتعمق في هذه الظاهرة في الواقع التربوي ، يلاحظ أنها منتشرة في كافة المراحل التعليمية وبصورة متفاوتة، وفي كافة المدارس بغض النظر عن نوعها الحكومية او اهلية وفي كافة المؤسسات التعليمية وبين كافة أوساط الطلبة من ذكور وإناث وبين أوساط كافة الطبقات الاجتماعية والاقتصادية.
والتسرب هو إهدار تربوي هائل وتأثيره سلبياً على جميع نواحي المجتمع وبنائه، فهو يزيد من حجم الأمية والبطالة وتضعف البنية الاقتصادية والإنتاجية للمجتمع والفرد، يتفاوت حجم التسرب في المدارس من سنة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى، لكن الاتجاه لهذه الظاهرة في تزايد في العراق.
أن ظاهرة التسرب من النظام التعليمي لها أسباب متعددة ومتشعّبة تختلط فيها الأسباب التربوية مع الأسرية مع الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.. وغيرها. ظاهرة التسرب هي نتاج لمجموعة من العوامل والأسباب تتفاعل وتتراكم مع بعضها تصاعديا لتدفع الطالب وبقبول من أسرته إما برضاها أو كأمر واقع إلى خروج الطالب من النظام التعليمي قبل الانتهاء من المرحلة التعليمية التي ابتدأ فيها. تتفاوت حدة أسباب التسرب من حيث درجة تأثيرها على الطالب المتسرب، منها ما تكون أسباباً رئيسة لها تأثير قوي ومباشر وتلعب دوراً حاسماً في عملية التسرب ، وبعضها الآخر يكون تأثيرها ثانوياً،.
وتعود أسباب التسرب للطالب و للأسرة و للمدرسة ، البيئة المدرسية الغير جيدة حيث أن بيئة التعلم لها دور كبير في إقلاع المتعلم عن المدرسة وعدم رغبته في تحصيل العلم كما أن المشاكل النفسية التي يعاني منها المتعلم كالقلق النفسي أو الخوف والتوتر النفسي فتسبب له مرض وهو عامل كبير في انتشار تلك الظاهرة. الخلافات الأسرية والعائلية فالمنزل هو المدرسة الأولى التي ينشأ فيها الفرد والتي تمثل الجزء الأول في بناء شخصية الفرد سواء بالسلب أو بالإيجاب وكثرة المشاكل تؤثر على حاجة الطالب إلى التعليم وزيادة معدلات التسرب الدراسي. البحث عن الرفاهية بكافة أشكالها خارج بيئة التعلم. قلة الدافع الداخلي للتعلم فهناك الكثير من الطلاب لا يمتلكون دوافع داخلية تجاة التعليم و يحتاج إلى دعم نفسي وأسري كبير من أجل التغلب على تلك المشكلة قبل الإنعزال عن الجو الدراسي والهروب من المدرسة التي تمثل الأسرة الثانية للطالب فهي الصحبة الطيبة أو السيئة وبها تنشأ شخصية المتعلم من خلال تفاعلاته مع البيئة والمواقف المختلفة،ولا يوجد فصل بينها وتتفاوت قوتها وفقاً للتأثير السلبي الذي تلعبه في حياة الطالب التربوية. وتضاف كذلك امور اخرى من أهمها، الظواهر 1-الرسوم الدراسية الباهظة 2-تدني التحصيل الدراسي 3- الاتجاه نحو العمل 4-عدم كفاية اللوازم المدرسية .ومن جملة العلاجات التي تساعد في التقليل منها  ،يمكن علاج هذه الظاهرة من خلال وضع خطط مناسبة و استراتيجيات وحلول لكل أسباب ظهور تلك المشكلة من الأساس
وتهيئة الظروف الإجتماعية والنفسية لدى الفرد من خلال الأسرة ومشاركة المتعلمين فيها بشكل ي يزيد من روح المنافسة والتعاون ويقلل من المشاكل النفسية وقلة الثقة في النفس وذلك بالتغلب على جميع المشاكل والخلافات التي تؤثر عليه بشكل سلبي كما يأتي دور المدرسة في حل مثل هذه الظواهر باستخدام استراتيجيات تدريسية أكثر فاعلية تقلل من الجمود في المحتوى أو الملل الناشئ عن التعلم بطريقته التقليدية لذا يجب  أن تتظافر الجهود وتتكامل في ما بينها من أجل الحدّ من انتشار هذه  لمعضلة في مجتمعنا، بدءًا من دور الدولة  الوزارات المعنية مروراً بمخططات البرامج المتكاملة والدورات التدريبية وبرامج مراكز التعلم المجتمعية والمراسيم التشريعية والتنفيذية وقوانين التربية ومخططات البرامج المتكاملة وصولاً إلى البيئة المحيطة وتشجيع المتعلمين وتقديم الحافز النفسي والمادي لهم مقابل تعلمهم الإدارة الجيدة ، لها دور كبير في حل مشكلة التسرب الدراسي فهي الأساس في ضبط الصف ووضع المعايير الجيدة من أجل الحصول على تعلم أكثر كفاءة في الأنشطة التعليمية
عبد الخالق الفلاح

102
البروفيسور كامل حسن البصير اقحوانة البلاغة
لقد كان للكورد الفيليين اثر في الثقافة العراقية المعاصرة وخاصة في جانبها الادبي و هناك اساتذة كان لهم الدور المسبق في سبر غور اللغة العربية سواء في جوانب الأدب والبلاغة او النقد وتقديم خدم اللغة العربية ايما خدمة ومن هؤلاء الاستاذ البروفسور كامل حسن البصير وكان من عائلة بسيطة ويقول في مقتطفات من "مذكرات طالب من كردستان الذي طبع في عام 1961" أن الحياة في نظرنا نحن البسطاء ، تعني أمورا أربعة :-الليل ،النهار، الشبع والتوالد . وهذه الأمور بعمقها ضحالتها تحدد الأطار الفكري لكل واحد منها . فأن نشر الليل حباله السوداء كان علينا أن نتقوقع في بيوتنا ملتمسين الراحة. وأن صرخ النهار في آذاننا وثبنا كالعفاريت نكدح هنا وهناك لننتزع لقمة الخبز تلبية لبطوننا التي يحرقها الشوق الى الشبع.وآباؤنا وأمهاتنا يتخذون ذلك الليل وهذا النهار وبينهما الشبع أثافي يتوالدون في نطاقه ، وينتجون مولوداً يزيد عددهم فرداً.أنها أموراً أربعه هذه الحياة في نظرنا نحن البسطاء ، رسخت في أذهاننا سنة لا يغيرها تطور ولا يعوق سيرها حدث .ومن هنا فأية صورة أسجلها عن نفسي مذكرات إنما هي صورة عن حياة غيري من امثالي أيضا مع فارق بسيط :هو أنتي تمكنت أن أحس بهذه الحياة وإدراك ألامها نظراًلظروف أحاطت بي."وهو الذي أشرف على عقد  أول مؤتمر تأسيسي لاتحاد معلمي كردستان - العراق و عقد ه في بيته بتأريخ ١٩٦٢-٥-١٥ في ثاني أيام عيد الفطر في مدينة السليمانية وقد أختير في الوقت نفسه كأول مؤسس لهذه النقابة . وكانت من قرارت هذا المؤتمر إصدار مجلة (ئامانج) واستمر بالعمل رئيسا لهذه النقابة حتى تم ألقاء القبض عليه وأودع في السجن في ٨- شباط- ١٩٦٢ بسبب نشاطاته السياسية وبذلك حل الاستاذ المرحوم الشهيد (أنور دارتاش) محله حتى يوم استشهاده وبعدها حل محله الأستاذ ( محمد باقي سعيد) الى تأريخ خروج الدكتور البصير من السجن .وعين رئيسا لقسم اللغة الكردية وعميدا لكلية الاداب –جامعة السليمانية سنة 1973 التي تولى رئاستها بعد تأسيسها من قبل الاستاذ الكبير الدكتور محمد محمد صالح ثم لم يمكث حيث نقل بناء على رغبته سنة 1980 الى قسم اللغة العربية بكلية الآداب –جامعة المستنصرية وأشرف على المئات من الدراسات والأطروحات خلال وجوده في هذه الجامعة .ومن اهم المواضيع التي تطرق إليها وتناولها في كتبه و مؤلفاته،
1-((المجازات القرانية ومناهج بحثها دراسة بلاغية نقدية ))
2- (القراَن الكريم ومنهج البحث في التراث العربي )
3-( القراَن الكريم ونظرية الأدب بين الاغريق والعرب )
حيث يقول في احدى كتبه :نحن نرى أن لغة القرآن الكريم في موضوع الجريمة والعقاب تؤهل هذا الكتاب العزيز وأحاديث الرسول الكريم الصحيحة القائمة بين يديه مصدرين لشريعة الله تعالى تمتاز بدقة فائقة فيما وضعت من قواعد محكمة الصنع قامت عليها نظرية العقوبة في الفقه الإسلامي .
كما رأينا في ضوء هذه اللغه : أن الحقيقتين اللتين في البحث عنها والوصول اليهما ينبغي أن تنقشع عنهما ظلال الشك القاتمة ، وينتهي الباحثون المثبتون عن التمارى فيهما ، فأذا أولاهما تقرر : أن سلامة مسألة درء الحدود بالشبهات مبدأ فقهيا لا تستند كل الاستناد الى ظاهر منطق لغة القرآن الكريم في موضوع الجريمة والعقاب .
وثانيهما: تنص على أنه ليس فيما تعلم من لغة القرآن الكريم أي مبدأ التوسل بالشبهة في إسقاط الحدود التى سنها الله تعالى في محكم كتابه عقوبة المجرمين من عباده والله أعلم وهو نعم المولى ونعم الوكيل .
ولهم نهجه التحليلي الموازن في تتبع جذور دعوة الالتزام في شعرنا المعاصر بين آراء أفلاطون ومقاييس قرأنيه وما يتصل بهذه المقاييس من ثقافتنا النقديه وما يرتبط بتلك الأراء من المدارس النقدية الاورپيه - إلى ست نتائج رئيسه :-
أولاها: أن اراء افلاطون في تقويم الشعر وتحديد منزلة الشعراء قد جارت على دعوة الالتزام في الشعر وحولتها الى إدانة أخلاقية لهذا الفن الرفيع ، كما صاغتها حلقة ضيقة من التعاليم الدينية والخواطر الفلسفة المثالية : تضيف من استيعاب حركة الشعر الدينامية وهي تتصدى للقضايا الاجتماعية والفكرية والسياسية التي يلتزم تجاهلها الشاعر في كل زمان ومكان .
وثانيهما : أن القرآن الكريم قد أرسى مقاييس اتسمت لدعوة الالتزام في الشعر فتناولته فكرة يؤمن بها الشعراء الملتزمون ، و رسختها نهجا في العمل يسلكه الشعراء العاملون ، وبسطها مصادر ينتهل منها الشعراء المبدعون وأرخ لها مجدا ينتمي إليه الشعراء المظلومون المنتصرون وسنتها ثوابا وعقابا يكافأ بها الشعراء إن خيرا فخير وإن شرا فشر .
وثالثها : أن المدارس النقدية الأورپيه لم تكن بدعوة الالتزام في الشعر عناية ملموسه ، وأن تبشير بعضها بالواقعية يستوي خطوه تقليديه الاعتبار أفلاطون الشعر محاكاة للطبيعة.
ورابعها: أن المقاييس القرآنية في الدعوة الى الشعر الملتزم لم يتهيأ لها النقاد الذين يفصلونها تراثا تليدا وينظرونها تنظيرا معاصرا ، مما خلق فراغا في نقدنا الأدبي ملأه معظم نقادنا بالاقتباس من النقد الأورپي المعاصر بلا تثبت وبلا تدقيق فلم تثمر الدعوة الى الألتزام في شعرنا على أيديهم ثمرتها المرجوة .
وخامسها : أننا لا نرى من الأصالة أن نقتفي مدارس نقدية أورپيه في اصطلاحات وأحكامها واتجاهاتها ، لأن هذه المدارس تصدر عن ظروف اجتماعيه سياسيه وفكريه هي غير ظروفنا ، وتنهل من مناهل ثقافية هي غير مناهلنا الثقافيه وتعالج ألوانا من الأدب هي غير ألواننا الأدبيه .
وسادسها: أن الدعوة الى الالتزام في شعرنا المعاصر ينبغي أن تبدأ من المقاييس القرآنية تاريخا وتطورا في ميدان النقد الأدبي اصطلاحات وأساسا مضمونه وشكله متحدة :
فترى الشاعر الملتزم هو الشاعر المؤمن بما يلتزم به وهو العامل في سبيل ما يلتزم به فعلا وهو المنتمي الى تراث أمته لغة وذوقا متجددا وهو الخائض تجربة خاصة بما يلتزم تجاهه .
وتتجنب المصطلحات الأورپيه المترجمة معتمدة في هذا الميدان اصطلاح المدرسة الثورية في الشعر بدلا عن المدرسة الواقعية ، لأن الثورية اصطلاح يستلهم مفاهيم عديدة من مقاييس القرآن الكريم ويجمع الشعراء الملتزمين بمواصفات هذه المقاييس فنانيين ينتجون الشعر الذي يخلق حياة جديدة في ضوء المبادئ التي تلائم طبيعة مجتمعهم وأهدافه.
وتستقبل الشعر الملتزم وحده ملتحمه في مضمونه وشكله بدءا بالتجربه العاطفية الصادقه التي تدفع الشاعر نحو الالتزام بأفكار معينة والتعبير عن هذه الأفكار بخيال فني له لغته القومية السليمة ، وانتهاء بالبناء الشكلي الذي يقوم على هذا المضمون ويحتويه كائنا حيا.
 عبد الخالق ياره الفلاح - كاتب واعلامي
 

103
أوقفوا المذابح قبل الذهاب للفواتح
ماذا بعد قراءة الفاتحة والبقية في حياتكم أيها السادة.. من خلال متابعة الاخبار حول الحادثة المفجعة في قرية الرشاد لم نرى احد حمل المسؤولية لرئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي كما كنا نشاهدها في الحكومات السابقة وارسال الوفود لا تداوي هذا النزيف المدوي ولا تقلل من اثر الفاجعة الأموال لأن الارواح لا تعوض بالمال ايها السادة  هل موت العراقيين اصبح بالمحاصصة ايضاً . ان الشعور بالمسؤولية ووضع الحلول لعدم تكرار مثل هذه الحوادث وفي مناطق معينة هي التي تسكن الالام والاوجاع وماذا بعد ان تم ارسال " وفداً أمنياً مشتركاً زار مكان الجريمة في المقدادية وعقد اجتماعاً مع الأجهزة الأمنية لوضع خطط أمنية محكمة وتعزيز الانتشار للقطعات الامنية وسد الثغرات وقدم التعازي لعوائل الضحايا" ومع الأسف مع تفجر كل أزمة امنية في العراق ترانا نقف أمام مجموعة من الاجتماعات الامنية لقيادات عسكرية والوفود ومن تصريحات مكرر لمسؤولين في تهدئة الخواطر المجروحة وزيارات تقديم العزاء و في تغريدة على حسابه نقل عن رئيس مجلس الوزراء موقع "تويتر" على المجزرة الداعشية بالقول: "جرّب الإرهابيون فعلنا. نفي بما أقسمنا. سنطاردهم أينما فرّوا، داخل العراق وخارجه؛ وجريمة المقدادية بحق شعبنا لن تمر من دون قصاص... واللهم فاشهد." ،في حين لم نلمس  نتائج واقعية ام قصاص من المجرمين إلأ بعدد الاصابع الواحدة بقرارات من  قبل رئيس الجمهورية ونسمع عن عشرات الالاف من المجرمين وعتاة المجرمين في عيش رغد واصبح سجن الحوت والسجون الاخرى للمجرمين كما يصفها العراقيون بالفنادق ، فهل فكرتم بخطة عمل كي لا تتكرر مثل هذه المذابح بحق اهلنا واحبتنا من اي جنس او دين ومذهب كانوا. اثر هجوم لعصابات داعش على قرية الرشاد في منطقة المقدادية بمحافظة ديالى (65 كيلومتراً شرق بغداد) تسبب في مقتل وجرح عشرات المدنيين من عشيرة «بنو تميم) ما سبب هلعاً للأهالي وهبّوا إلى مكان الحادث وقالت مصادر امنية لوسائل إعلام محلية إن مقاتلين من «داعش» خطفوا في وقت سابق 3 مدنيين من منطقة الرشاد وطالبوا بفدية لإطلاق سراحهم وحددوا مكان تسلّم الفدية وإطلاق المخطوفين على أطراف القرية وبعد ذهاب العوائل لاستلام الضحايا وقعوا في كمين لهم حيث سقطوا في كمين النيران الكثيفة لعناصر التنظيم التي يستغل التنظيم التجاذبات التي تشهدها البلاد، إثر الانتخابات البرلمانية و يحاول عبر رفع وتيرة هجماته الإرهابية، الثأر من تتالي الضربات الموجعة للتنظيم في العراق خاصة، ولا سيما بعد سقوط أشخاص مهمين من قيادتهم  في قبضة القوات الامنية العراقية، إثر عملية استخباراتية نوعية نفذت خارج البلاد وانتهت بإلقاء القبض عليهم، .
ان الهجوم على قرية الرشاد والذي  خلّف أكثر من 40 ضحية بينها 13 قتيل و27جريح،و متى تنتهي الاتهامات والهروب من المسؤولية وفي خلط الاوراق ان الجريمة البشعة في المقدادية يندى لها الجبين ايها السادة والقاتل معروفة ومشخص فلماذا التهرب من المسؤولية ،المخيسة بؤرة التوتر المستمر وهي بؤرة التوتر الساخنة لبقايا داعش وبعلم الجهات الامنية العاملة في والتي وقفت عاجزةً حينًا ومتواطئةً أحيانًا المنطقة والتي غالباً ما يكون عملها تقليدياً وقاصراً على جمع المعلومات الاستخبارية اللازمة عن المسلحين الذين يأتون من مناطق قريبة، مثل جبال مكحول وحمرين، فضلاً عن هذا المثلث الساخن الممتد من جنوب الحويجة (كركوك) إلى مناطق الثرثار (صلاح الدين، ليعملوا آلتهم التدميرية على أرض هذه القرية  وأهلها وزرعها وضرعها، والتي راح ضحيتها اعداد جديدة تضاف الى الضحايا المئات من ابناء شعبنا من القتلى والجرحى و تؤكد  حقائق  خطيرة من ان خلايا داعش الارهابي لاتزال تنشط في هذا الشريط الزراعي المهم وهناك من يمولها ويوفر لها الملاذات والدعم وحتى التسليح وهذا امر بالغ الخطورة خاصة وان المخيسة تشكل موقع ستراتيجي في اكبر حوض زراعي في ديالى ،و ضرورة اعادة النظر العاجل بخطط مسك المخيسة وبساتينها من خلال اعطاء المهمة لقوات الجيش بدل الشرطة والبدء في شق طرق في وسط البساتين ووصولا الى ضفاف نهر ديالى لانها تشكل الملاذ الاكبر لخلايا داعش الإرهابي ولا تبدو القوات الامنية  مهتمة كثيراً بتطوير عملها الأمني ووجودها المؤقت في هذه المناطق هو يعني المزيد العلل و تضاريسها معروفة بالنسبة للقوات الأمنية ولم تكن في حيطة من الامر لان قرى نهر الإمام شمال شرقي بعقوبة بمحافظة ديالى شهدت في الساعات قبلهاة نزوحاً جماعياً للأهالي باتجاه البساتين والمناطق القريبة عقب هجوم «داعش» بعد تقارير عن عمليات انتقامية يقوم بها ذوو قتلى داعش في عمليات سابقة . و مشكلة الأهال ايضاً  في هذه المناطق وفي سواها من المناطق التي تنشط فيها مثل هذه الجماعات أن أبناء المناطق أحياناً يتصرفون بنوع من الازدواجية؛ حيث يكتمون المعلومات عن المسلحين بسبب وجود ارتباطات عشائرية مثلاً، وأحياناً يكتمون المعلومات عن القوات الأمنية ويمررونها للمسلحين خوفاً أو تردداً او  خشية او تعاطفاً معهم
عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي
 

104
المثقف والمفكر بين الوعي والأداء
المثقف الهاوي يتميز بالمحدودية تجعله ينحصر في نطاق الهواية في الكثير من الأوقات  ؛ عكس المثقف المحترف الذي يجعل من ثقافته وسيلة لكسب عيشـه، من هنا نجد أغلب هؤلاء ينتمون لأيديولوجيات و أجنـدات سياسية معينة يملكون الامكانية التامة في توجيه الرأي العام وفق مايريدون من أهداف ونوايا، وحصره بفكرة محدودة، وهناك المثقف العضوي الذي يساهم في تطوير وعي الناس والمثقف التقليدي لا يمتلك خطابا يلامس حياة الناس وقضاياهم ومشاكلهم في حالات كثيرة ولا يستطيع ايصال المفهوم بشكل جيد وسلس، حتى ولو كان موسوعيا إلا النخب القليلة، بينما المثقف العضوي، ينطلق من فكر ووعي الناس، وبحسب المفكر  الأيطالي غرامشي : كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني ، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين ، وهي وظيفة لا يمتلكها الا اصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس .. ومن هنا يستخلص الفارق بين المثقف التقليدي والمثقف العضوي .. الأول يعيش في برجه العاجي ويعتقد انه اعلى من كل الناس ، في حين أن الثاني يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين، هذا ما يؤكد ان لدينا فائض من المثقفين ، وقلة نادرة من المفكرين الرساليين العضويين و يفضي الكسل العقلي والارتهان لذهنية النوم والجمود إلى المزيد من العمى. ويعد فقدان البصيرة الروحية والفكرية والقدرة على التأمل الفلسفي مشكلة حقيقية، خاصة حين يتسرب لوعي المثقف الذي يجب أن يكون عنوانا على التنوير والانحياز لقيم العقل بلا مواربة، أو خذلان للمعنى الحقيقي للثقافة بوصفها سعيا إلى عالم أفضل بالخير، ، اما السياسي المثقف هو الذي ينظر إلى الواقع ويتعامل معه كما هو عليه بغض النظر عن الأيديولوجية التي يعتقد بشعاراتها الطنانة؛ أما السياسي المتعلم فهو الذي ينظر إلى الواقع كما يجب أن يكون عليه في إطار الأيديولوجية التي يتغنى بشعاراتها الرنانة .
ان المفكر الاجتماعي علي شريعتي يرى "بان المثقف هو من يمتلك الوعي السياسي والمقصود هنا بالسياسي ليس الاعلامي بل الافلاطوني اي الشعور بمصير الفرد والمجتمع وما يدور من أحداث لها تأثير كبير في نفس اللحظة على الفرد والمجتمع اذن من هنا نستطيع ان نقول ان المثقف تقع عليه مسؤولية كبيرة وهي مسؤولية إلهية قرانية شرعية اخلاقية ومن المؤسف جدا ان نطلق كلمة مثقف على إنسان نال الشهادة الدراسية ولكن لم يكن عنده الإحساس والشعور الكبيرين بمصير الفرد والمجتمع و من المؤسف جدا ان نطلق كلمة عالم او بروفسور او طبيب او مهندس او استاذ على انسان فاقد للشعور والإحساس بمصير الامة وهذا هو المثقف نعم انه نال الشهادة الدراسية ولكن لأجل مصالح دنيوية نفعية ضيقة ويقسم الشهيد محمد باقر الصدر( رض) المجتمع  الى ثلاث فئات تنعق وراء كل ناعق ومن هذه الفئات هم هؤلاء الشرذمة الذي نالوا الشهادة الدراسية لاجل مصالحهم الدنيوية والتسلط على رقاب الناس وهؤلاء من الهمج الرعاع اذن يجب ان لا نخدع بالمظاهر على نعطي انسان شان لايستحقه ".
المفكر في الخلاصة هو الذي يتحفظ على كل الحقائق التي يتلقاها في حياته ويشكك بكل منها لا بل قد يتعوذ بالله من شر الحقيقة، أما المفكر المتعلم فهو الذي يتعصب إلى الحقيقة التي ينتمي إليها ويشكر الله على أنه أنعم عليه وحده دون بقية البشر بالحقيقة، ويناضل في سبيلها بكل ما تيسر لديه من حلاوة اللسان ودلاقة البيان،
اما المثقف بشكل عام فهو صاحب الثقافة المقروءة أو المكتسبة، بينما المفكر هو صاحب الثقافة التأملية. والمثقف، أي صاحب الثقافة المقروءة هو من يحمل خزينا معرفيا في ميدان أو أكثر من ميدان معرفي. ومن هذا الباب فقد أقام مقاربة نقدية على أساس الفصل بين المفكر والمثقف وعلى اساس الربط بين المثقف والعالم من جهة اخرى مرتكزا على خلفية نسقية تتصل بالتحليل الاجتماعي ويعتبر المكر خلاف المثقف لانهم ليسوا جماعة متميز ذات قاعدة اجتماعية و ليس لديهم القدرة على مواجهة الناس و لكن المثقف في الانطباع العام هو أقرب للمفكر من العالم، ويعتبر البعض الآخر ان المفكر هو موسوعة متنقلة يعالج كل القضايا المتاحة أمامه عكس العالم الذي يعتبر انسان متخصص في مجال معين تفوق فيه وصل لدرجة العولمة وهو يهتم في نظر حرب بتفكيك العوائق الذاتية للفكر، كما تتمثل في عادات الذهن، وقوالب الفهم، وأنظمة المعرفة، وآليات الخطاب، على نحو يتيح للمفكر أن يبتكر ويجدد سواء في حقول التفكير وأصعدة الفهم، أو في شكل التفكير ونمط التعاطي مع المفاهيم، فهو في النهاية صانع أفكار، أو مبتكر مفاهيم، أو خالق بيئات مفهومية..
ان الثقافة والفكر عند البعض هي أنها ما بقي من العلم ،بمعنى أخر فهي تلك الترسبات التي ترسخ في ذهن الإنسان والتي مردها إلى المطالعة بالدرجة الأولى أو المساجلات العلمية وهلم جرا، على عكس المفكر الذي يكون على وعي بما يفكر وبما يصنع فهو مثقف ولا بد، فهو في درجة أعلى ،لأنه يعمل بفكره وعقله في الربط بين الظواهر، ويستنبط ما شاء الله له من الفيوضات العلمية والأقوال والحكم،مشروعية المثقف تتحدد في أن ينطق بالحقيقة ويدافع عن الحقوق والمصالح والحريات، أما مشروعية المفكر فهي تتحدد في القيام بنقد المثقف، خاصة بعد أن فقد هذا الأخير أسلحته، وأصبح يشكل وجهاً من وجوه المشكلة، ومظهراً من مظاهر الأزمة في حياة المجتمع، ويسوقني القول أن مفكر اليوم هو حكيم الأمس، لأن بينهما من الشبه ما لا ينكره عاقل، فكلاهما يغرف من عصارة تجارب قد صهرت فكريهما لينتجا بذلك الوعي العميق والفهم الدقيق ما تلقفه العامة بعد ذلك فيصير من الحكم السائرة والأقوال المعتمدة في الحياة الإنسانية. وفي الآخر أن: المشكلة التي تكتنف تتجلى أكثر في الشبهة التي يعاينها البعض حيث يرى أن كل متعلم مثقف ، والحقيقة تعرض علينا أن الغالبية العظمى من المتعلمين غير مثقفين ولا نعني هنا الثقافة التخصصية بل العامة في تجل من تجلياتها والوعي الثقافي من منطلق حضاري يتسم بالخصوصية على المستوى الثاني ، بالتالي لا نستطيع أن نفترض أن كل متعلم مثقف ولا حتى أن نقول أن كل أديب مثقف ، الثقافة هي مشهد من التماهي الداخلي مع الخارجي في إطار من المواصفات التي تنطلق من مفهوم الهوية  بعيدا عن الشوفينية مع مراعاة تفاصيل الخصوصية أولا وآخرا.
 أن التعاون بين وسائل الإعلام ومراكز البحوث هو شيء ضروري لبيان ماهيت المصطلحات والمفاهيم التي تحدثنا عنها في هذا المقال ، لكنه ينبغي تحديد آلية وكيفية تحقيق هذا التعاون؛ والنقطة الثانية هي أن وسائل الإعلام تعتبر قنوات وسيطة بين مراكز البحوث التي هي بطبيعتها نخبوية وبين الجمهور، حيث تعمل على تبسيط ما تنتجه مراكز البحوث من دراسات وأبحاث ونشره للجمهور
عبد الخالق الفلاح
 

105
طهران - رياض والخطوات الايجابية
ان قبول المملكة العربية السعودية بالوساطة العراقية كان امراً مهم و عبرت من خلاله  عن استعدادها لخوض حوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية للمساهمة في خفض حدة التوتر بينهما و بالمنطقة، بعد سنوات طويلة من الخلافات  والصراعات التي تعود جذوره إلى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي بعد انطلاق فجرالثورة الكبيرة الايرانية الشعبية وقيادتها الحكيمة التي غيرت مسار التاريخ السياسي في المنطقة والعالم ، و نتج عنها زوال نظام من اعتى الانظمة العميلة في المنطقة و هو نظام الشاه محمد رضا بهلوي، وقد اظهرت المؤشرات في الاشهر الماضية حول إمكانية قيام علاقات طبيعية بين الطرفين وحل الخلافات الثنائية و بلاشك انها بدفع التحول الطارئ في سياسة ادارة بايدن الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط في تقليل تواجدها العسكري، وخاصة السعودية التي ضعفت نتجية ابتعاد قوة كانت تعتمد عليها و إلى إعادة النظر في مواقفها على مستوى سياستها الخارجية، إذ أصبح تركيز الإدارة الأمريكية الجديدة بعيدًا عنها ، ولم يعد من أولوياتها بشكل أساسي العلاقات مع الرياض انما ثانوية اجبر قيادتها للجلوس مع الجانب الايراني الذي كان دائما من المرحبين والساعين الى مثل هذه العلاقات بين دول المنطقة وتعمل لتوطيدها ، و لأول مرة منذ 5 سنوات بعد قطع العلاقات لمحاولة اذابة الجليد بينهما يجتمع المسؤولين وفي عدة لقاءات وبمستويات ادنى مختلفة لمناقشة النقاط الخلافية  في العلاقة  و شهدت العلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة نوعًا من الانفراج، مع تبادل الرسائل الإيجابية بين المسؤولين واصبح الطريق اسهل و كل طرف على قناعة تامة أن فرص التعاون أفضل بكثير وأقل تكلفة من استمرار الصراع، ولن يستطيع أي طرف حسم الصراع بشكل كامل لصالحه،، وهو ما قد يؤشر إلى بدء مرحلة جديدة  وقد صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال حوار تليفزيوني، أن "إيران دولة جارة"، وأنه لا يريد أن يكون وضع إيران" صعب "، على العكس يتمنى أن تكون إيران مزدهرة وتنمو، و"يكون لدينا مصالح فيها ولديهم مصالح في السعودية،لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار،" ان هذا التطور يشير إلى اهتمام البلدين ببدء حقبة جديدة من التفاعل والتعاون ، والجمهورية الاسلامية الايرانية وعلى لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية سعيد خطيب زادة في السياق ذاته صرح ، ان إيران ترحب بتغيير السعودية لنبرتها من خلال الآراء البناءة والنهج المبني على الحوار، يمكن لإيران والسعودية كدولتين مهمتين في المنطقة والعالم الإسلامي، الدخول في فصل جديد من التفاعل والتعاون لتحقيق السلام والاستقرار والتنمية الإقليمية وتجاوز الخلافات وهي لصالح المنطقة اساساً والعالم الاسلامي لمكانت البلدين الدينية عند المسلمين ان هذا التطور في العلاقات بينهما ، يأتي في سياق أوسع من المتغيرات التي بدأت تطراء على  المنطقة من تغيرات سريعة وعلى السياسة السعودية منذ انتهاء رئاسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مطلع العام وتقدمت بخطوات تجاه المصالحة مع دولة قطر بعد قطيعة سنوات، والانفتاح أكثر على التعاون مع روسيا والصين، في ظل تحسن واضح في العلاقات مع أنقرة، وموقف أقل تشددا مع سورية،و إقامة علاقات تعاون مع العراق، بالإضافة إلى فتح قنوات التواصل والحوار مع الجمهورية الاسلامية وتقليل الحملات الإعلامية المتبادلة، وتخفيض مستوى العنف مرحليا، واحتمالات ايجاد تفاهمات متبادلة مع ايران  في الملف اليمني، والسعودي في الملف السوري،وكان لمجيء إدارة جديدة براسة بايدن التي وجهت انتقادات عدة للمملكة  في ملفات مختلفة واهمها حقوق الإنسان ولعل قضية جمال الخاشقجي في مقدمتها وحريات الراي والحرب الشرسة على اليمن التي اجبرت اليمنيين على  تنفيذ  هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ ضد منشآت نفطية لشركة آرامكو السعودية وإلحاق ضرر بالغ بها، أدى إلى خفض صادرات السعودية النفطية للنصف تؤكد التطور الحاصل في دفاع اليمنيين عن بلدهم كلما مر الزمن ويعني ان ذلك ليس من مصلحة الرياض والانتهاء منها للتفرغ لمشاريع تنموية تكفل الانتقال من الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على الإيرادات النفطية، إلى اقتصاد متنوع ينسجم مع رؤية 2030، ،وما يتعلق بتخفيض مستوى التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الامريكية وبعض بلدان العالم الغربي التي تمثلت في إلغاء بعض صفقات التسليح وسحب منظومات الدفاع الجوي الأمريكية وغير ذلك وتقليل الحملات الإعلامية المتبادلة، وتخفيض مستوى العنف مرحليا، واحتمالات ايجاد تفاهمات متبادلة مع ايران  في الملف اليمني، والسعودي في الملف السوري، مع العلم أن إيران ليس لديها ما يدفعها لتقديم اي تنازلات و نجحت في سياستها وطهران تدفع حالياً في الاتجاه للتمكن من عودة الولايات المتحدة الامريكية دون شروط للتفاق النووي و إحيائه ورفع العقوبات الصارمة التي فرضتها عليها إدارة المهبول ترمب السابقة وتسببت في عزلها عن النظام المالي العالمي. وبالتالي فإن إعادة إحياء الاتفاق تعتبر من أولويات الإدارة الايرانية الجديدة من دون ضغوطات او المس بمصالحها للتمكن من انعاش الاقتصاد الإيراني الذي يمر بمرحلة  جديدة ولكن ليست بالشدة التي تتصورها واشنطن او الاعلام الغربي وخاصة بعد التقارب الذي بدء يحصل  في المنطقة وانضمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية رسمياً لمنظمة شنغهاي للتعاون في 10 سبتمبر 2021 في اجتماع القمة الحادية والعشرين للمنظمة الذي عقد في العاصمة الطاجيكية دوشنبه على اعتبارها دولة كاملة العضوية والتي سوف تساهم لا محال في تقليل  الحظر عليها ومن ثم زواله و يعزز علاقات ايران الاقتصادية مع ثلاثة مليارات انسان في دول المنظمة ، الأمر الذي سيساهم في توسيع وحل المشاكل الاقتصادية للبلاد .
عبد الخالق الفلاح

106
الانتخابات العراقية بين التشكيك واليأس
لقد اجريت الانتخابات العراقية الاخيرة بنسبة مقاطعة قياسية وسط معاناتهم من تبعات الفساد المزمن وانتشار الفقر رغم الثروة النفطية وانتشار السلاح و بتشكيك ولا مبالاة بها كمنقذ و التي جرت وفق قانون انتخابي جديد وكانت نسبة الإقبال المتدنية تعود أساسا إلى حالة "اليأس" من التغيير عبر المشاركة في الانتخابات لدى قطاع واسع من ابناء الشعب رغم الدعوات من المسؤولين من المواطنين إلى الخروج والمشاركة في الاستحقاق الانتخابي من أجل المساهمة في الاصلاح والتغيير، وانتخاب من يرونه مناسباً لمصلحة البلاد ، وسط أجواء يشوبها الكثير من التشكيك والاحباط الممتزج بقدر قليل من التفاؤل والحماس والاندفاع والتي صاحبتها اجراءات أمنية مشددة فرضتها قوات الامن شملت إغلاق المطارات والمنافذ الحدودية ومنع الانتقال بين المحافظات، ونشر قوات خاصة في العاصمة والمحافظات لتوفير أجواء آمنة للناخبين وعدم وجود حضر للاتنقال داخل المدن،عن العزوف الكبير للناخبين بالمشاركة في التصويت والتي اجريت في 10 من تشرين الاول من خلال الاعداد المشاركة والتي لاتزيد عن 40% من نسبة الذين يحق لهم المشاركة والمقدرة باكثر من 24  مليون حسب الاحصاءات الرسمية  يحق لهم التصويت، وساهم ما يقارب من 9 ملايين او اكثر منهم بأصواتهم في أكثر من 55 ألف محطة انتخابية موزعة على 8273 مركزاً انتخابيا لاختيار 329 نائبا لمجلس النواب الجديد من بين أكثر من 3200 مرشح في الانتخابات يمثلون 83 دائرة انتخابية موزعة على أساس جغرافي في عموم محافظات العراق وفق التمثيل السكاني وكانت المفوضية قد قررت إلغاء تصويت المواطنين المقيمين في الخارج
ان اكثر الشعب العراقي قد اصابه الاحباط  من العملية السياسية " إلأ من رحمة الله " وبلاشك  أن حماسة وآمال القوى التي قادت الاحتجاجات التشرينية ايضاً تراجعت كثيرًا في إمكانية إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع رغم حصولها على عدد من المقاعد النيابية ، ووصل الأمر بأطراف رئيسية فيها إلى مقاطعة الاستحقاق الانتخابي من حيث الترشح والتصويت، وحافظت الأحزاب التقليدية على وجودها في المشهد السياسي على الرغم من تفاوت حصولها على مقاعد أقل من الدورات الانتخابية السابقة للبعض منهم وخسارتها الأكثرية في مجلس النواب للبعض الآخر و لكن بقيت هي القوى التي ستكون في ادارة مجلس النواب  وتمت الدعوة لهذه الانتخابات  و التي كانت من المقررة ان تكون في عام 2022، والمطالبة تحققت تحت ضغط الحركة الاحتجاجية التشرينية التي تحولت إلى احتجاجات متصاعدة اجتاحت بغداد ومحافظات عديدة خريف 2019 و كان البعض لا يرى ولا يتوقع شيئا جديدا من انتخابات تشرين 2021، و البعض الآخر يعتقد أن الصورة ستتغير لكن ليس جذريا. ولعل النتائج والمعطيات الاولية للانتخابات، التي من المفترض ان تظهر بعد اربع وعشرين ساعة من اغلاق صناديق الاقتراع، كما اكدت المفوضية وكانت  فعلاً ، يمكن أن تؤشر الى بعض من معالم وملامح المشهد السياسي المقبل، وطبيعة الاستحقاقات التي ستفرض نفسها على الشركاء والفرقاء وكان الهدف من إجرائها مبكراً امتصاص غضب الشارع واحتواء النقمة ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي. ان المشكلة الاساسية هي في عدم تمييز العملية السياسية  بخصائص تتوفر في الديمقراطيات المعروفة الاخرى ، لان اكثر الاحزاب والكتل تشارك بالحكومة، وهي في الوقت نفسه تلعب دور المعارضة للحكومة في عملية خادعة لجماهيرها، فضلاً عن أن البرلمان العراقي له خاصية قد لاتتوفر  في البرلمانات الاخرى و هو أقرب للحكومة منه إلى الشعب وتبنى قراراته على التوافق بين المشاركين في البرلمان ، وتختفي أو تضمحل الخصائص الأخرى للديمقراطية المتعارف عليها في البلدان الممارسة ،مثل الاستقلالية في الخطاب وحرية الرأي وحتى ان المفوضية العليا للانتخابات يتم تنصيبها من قبل القوة القضائية التي تطرح الأسماء وتطلب من البرلمان الموافقة عليها  .
ان  الانتخابات  لن تزيد الكثير في المصداقية ولن تضيف شيئ  للمنظومة السياسية العراقية الحالية رغم وجود ايادي خيرة مثل "قوى المقاومة والحشد الشعبي "الذين حيكت ضدهم مؤامرة خبيثة والتي لن تكون جبهتهم سهلة من اجل ان تقع بين المطرقة والسندان وخاصة اذا ما وقعت بيد فئة جاهلة معروفة قد تجر البلاد الى الحرب الاهلي لا سامح الله، ولن تبدّل كثيرا في الواقع السياسي البائس، والتي تستعمل طبقات بسيطة غير منتظمة للاطاحة بالآخرين وعلى الرغم من ذلك فالسؤال المهم هوهل يمكن أن تحقق نتائج هذه الانتخابات التغيير المأمول..؟ وبالتحديد فرض خريطة سياسية جديدة للعراق و تضع نهاية لاحتكار القوى التي فشلت في ادارة السلطة من جديد وبنفس سياقات الفشل السابقة
عبد الخالق الفلاح

107
تبادل الثقة ...تعني انتصار القيم والمبادئ
كثيراً ما تكون مشكلات الثقة هي العقبة الأولى أمام التواصل والحميمية وبناء العلاقات الوطيدة بالآخرين ومن اهم الأولويات لنظام الحكم ان  يلبي احتياجات المواطنين و دمج مشاركة المواطنين في عملية وضع السياسات، يقول الكاتب النيوزيلندي بيتر تي مكينتير "«لا تأتي الثقة بالنفس من خلال كونك دوماً على حق، بل من خلال كونك غير خائف من أن تكون على خطأ" وعندما تواجه مشكلات الثقة في علاقة ما لا يمكنك الشعور بالحرية والأمان من المقابل يدعوك للحيطة ،ويعني أنك قد تعرضت للأذى فيجب الحذر، لان الجهاز النفسي الدفاعي يمنعك من الثقة في الآخرين، على اعتبار أن الحذر سيحميك من التعرض للخيانة أو الإذلال أو الاستغلال أو التلاعب. ان بين أزمة الثقة وتعزيزها هناك مساحة فاعلة للحوار، بالحساسية المفرطة لهذه المفردة "الثقة" كيف بها اذا كانت تصاعدية وإذا انفجرت لا يمكن حصرها بسهولة، في صفاتها وبائية ومعدية ومزمنة في الأغلب، وهي كارثة أخطارها محيقة بأي مجتمع أو مؤسسة أو بيت، فهي تسد أفق المستقبل وتشوه الحقائق وتبدل المسارات وتقزم الأهداف وتشتت الجهود وتضعف القوة بأي مستوى تصيبه وهي التي تستدعي النظر في شأنها، لأهميتها الموضوعية في أي علاقة قائمة بين طرفين، فالمكسب والخسارة في مختلف هذه العلاقات القائمة بين مختلف الأفراد والمؤسسات، تعلي من نتائج مكاسبها الثقة، وتضاعف من خسارتها الثقة، وبالتالي فمتى تعززت هذه الـ "ثقة" بين أي طرفين كتب لمشاريعهم المشتركة النجاح، والتقدم، وتحقيق الطموحات والآمال، وأهم ما في هذه العلاقات كلها، هي تلك الثقة القائمة بين الشعوب وحكوماتها، وتأتي هذه الأهمية في هذا الموضع بالذات لأنها متعلقة بمشاريع مهمة، ومصيرية، في حياة كل فرد يستوطن محددا جغرافيا ما، وهو الوطن وتبادل الثقة ...تعني انتصار القيم والمبادئ،
المواطن العراقي اليوم يواجه غياب الثقة في المنظومة الحاكمة ،وعدم الكفاءة عندما لم تقدم الحكومات المتعاقبة خدمات تلبي احتياجات المواطنين اولاً . ولم تُبنى الثقة في القيم عندما تُظهر عدم النزاهة والانفتاح ولم تمارس السلطة مسؤولياتها من أجل المصلحة العامة ثانياً، هناك أزمة ثقة بين المواطنين من جانب، وكافة المؤسسات المدنية التنفيذية والتشريعية ، وغيرها من المؤسسات من جهة أخرى ، وخلال السنوات 18 الماضية شهدت تراجعاً كبيراً في الثقة و تلعب الأحداث الجسيمة والمحورية كالكوارث والأزمات دورا محوريا في تعزيز الثقة أوزعزعتها وكل أزمة، في الوطن، تضرب بطريقتها وبقوة في صميم الإرادة الوطنية، وتنمو وتورق وتؤرق وتقلق وتبتز وتهدد الجميع بخبث وتعمل على تآكل الثقة وتدمير النسيج الاجتماعي والسياسي، وتفقد المواطنين إيمانهم بوجودهم الفعال وترمي بالجميع، دون استثناء، في عمق الأسى، وتفقد هم مكانتهم  وتوجهاتهم، وتفقدهم أيضاً ثقتهم بالحكومات وصانعي القرار وبالجموع، وتتعاظم أزمة الثقة حتى تطل من كل واجهة معلنة الغياب على جميع الأصعدة، ومشعلة نيران شك عميق بالهدف والحياة وكيف تكون ازمة الثقة بسيطة ويمكن عبورها اذا كان أكبرها في الحكومة والسلطة التشريعية والقضائية ، وحتى في الهيئات والمؤسسات المفروض أن تمثل المواطنين كالأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ،استعادة الثقة بين المواطنين والحكومة ليست ضرورية فقط انما مهمة ، بعد تجربة شاقة نتيجة لتراكم السايسات والاجراءات التي أدت الى تراجعها عبر فترة طويلة من الاخطاء و حتمية لتمكين الثانية من تنفيذ برامجها وتتطلب الارادة وخططها المختلفة ، تعتمد سياسات مبدئية  تشمل تعزيز قدرة الحكومة وأجهزتها المختلفة على الاستجابة لحاجات الناس وتجويد تقديم الخدمات للمواطنين بأفضل السبل ، ولكافة الفئات الاجتماعية والمناطق الجغرافية وخاصة الفئات أو المناطق التي تأثرت سلباً أكثر من غيرها في الفترة الزمنية الماضية نتيجة للسياسات التي لم تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار.
الثقة هي أحد المفاهيم المهمة في ظل ما تشهده الدولة من أزمات واتساع فجوة الثقة السياسية بينها وبين المواطنين، فضلاً عن إتساع دوائر عدم الثقة بين أفراد المجتمع وتعزيزها تفرزها مجموعة من السلوكيات، والممارسات المتبادلة بين مختلف الأطراف، ولا تحتمل أية مساومات من شأنها أن تناقض ما في كل هذه الممارسات والسلوكيات، وبالتالي فأي إخلال في هذا التعاقد بين مختلف الأطراف، من شأنه أن يحدث ثلمة في منظومة النظام وبالتالي يؤدي بلا أدنى شك، إلى زعزعة هذه الثقة، وبالتالي من يمنح الثقة هو من ينتصر إلى المبادئ والقيم، وليس غيره
عبد الخالق الفلاح

108

المواطن ...اللحظات الاخيرة وساعات الحسم تقترب
لعل المرحلة السابقة شكلت وعياً عالياً عند المواطن جعلته أن يعرف كيف يختار من هم الأجدر لقيادة البلد للمشاركة الواسعة  في الانتخابات وهي اللحظة الاخيرة لساعات الحسم ولنا ثقة بالمواطن بعد الآن ، لربما يكون سبب في تغير خارطة  مسار العملية السياسية العرجاء ومنسوب الانهيار بلغ ذروته و، انهيار واضح في الاقتصاد والخدمات والبنية التحتية، واختطاف ملامح الهوية العراقية، ومن ثم وجبت العودة للمسار الصحيح، الذي يصعد بالعراق وشعبه. والتي نائمل تصحيحها وتعد إحدى الوسائل الديمقراطية التي تعبر عن إرادة الشعب، وهي أحد أبرز مطالب الاحتجاجات الشعبية الرافضة لأداء النظام السياسي، والداعية إلى الحد من انتشار الفساد والمحسوبية، ومعالجة فقدان الخدمات الأساسية الضرورية، والكفّ عن سياسة الخضوع والإذعان لإملاءات الدول الإقليمية العميلة، التي أضحت تتدخل في الشؤون الاقتصادية والسياسية والأمنية في العراق، فضلاً عن تفشي البطالة وتردِّي الواقع المعيشي، وتراجع دخل المواطن البسيط، وارتفاع الأسعار بشكل كبير؛ نتيجة للسياسات المالية الخاطئة التي اتبعتها الحكومة مؤخراً في رفع قيمة الدولاروالتي اثقلت كاهل المواطن . رغم ان الكتل والأحزاب السياسية التقليدية تهيمن على المشهد السياسي التنفيذي والتشريعي النيابي منذ انتخابات عام 2006 حتى الآن، وفقاً لقواعد المحاصصة الحزبية، والتوافق فيما بينها على توزيع المناصب العليا حسب المحاصصة الحزبية، بغض النظر عن الأداء الانتخابي والفوز أو الخسارة، تحت شعار حكومة توافقية، ولم نجد حتى يومنا هذا معارضة سياسية حقيقية ، وتعمل هذه الأحزاب معاً تحت مبدأ التخادم وتبادل المصالح.
اما الان فأن الفرصة بيد المواطن من اجل تغيير وقع العملية السياسية ،المهم  ضمان المشاركة الشعبيّة الواسعة في تلك الانتخابات لممارسة حقهم الوطني والدستوري في تشكيل وبناء الدولة العراقية الحديثة القائمة على أساس ديمقراطي، وهناك  تحديات كذلك في  كيفية تأمين البيئة الانتخابية، وضمان عدم التلاعب بالأصوات، ومنع تزوير النتائج، فضلاً عن العامل الأساسي وهو عزوف الناخب عن التصويت في ظل العوامل التي تم ذكرها، مضافاً إليها التحديات التي تواجه الحكومة في ضبط العملية الانتخابية، وتهيئة الأرضية المناسبة. ،وتوعية المواطن العراقي من الأمور المهمة  إذ لا يمكن تصور أي تغيير في سلوك المواطن دون ان يسبقه تأثير معرفي وموقف ينتج عنه تغير في السلوك، في المشاركة السياسية للأفراد في البيئة المحيطة بهم، وتفاعلهم مع قضاياها هو السبيل الأفضل للوصول الى الاهداف المرجوة،لذا الدفع في المشاركة بفعالية في الانتخابات وهي الطريق الوحيد لتحقيق هذا الهدف وفي ضخ دماء جديدة في العملية السياسية ليكون العراق أكثر تفاؤلاً وثقة بقدرتهم على التغيير، وهذا ما تظهره بعض المؤشرات التي تبين وجود اهتمام أوسع بالسياسة اليومية لدى الشريحة المختلفة خاصة الشبيبة .و باعتبارها بمثابة تعبير حقيقي عن ارادة شعبية معلنة التمسك بالديمقراطية وتعزيزها لبناء نظام ديمقراطي قادر على مواجهة التحديات، كما تكشف عن عزيمة شعبية واعية على انجاح الانتخابات التي تمثل فرصة ممتازة للتغيير السياسي، لذا يجب الذهاب نحو صناديق الاقتراع وانتخاب الطرق الكفيلة للمشاركة الواسعة باعتبارها الضمان الحقيقي لحماية الديمقراطية السياسية في العراق وتفرز توازن القوى في البرلمان العراقي لصالحه لإصدار قرارات جديدة تعيد النظر في مسارها وتحقيق ارادة المواطن ولعل هذه الفرصة سانحة للتغير الجزئي وتأتي في مرحلة حساسة جداً بالنسبة لمستقبل العراق وضرورة تهيئة الأرضيّة اللازمة لهذه الانتخابات المصيرية وبيان أهميتها للمواطن العراقي ودوره  الكبير في إيجاد التغيير السياسي في البلد.
الانتخابات تعد إحدى الوسائل الديمقراطية التي تعبر عن إرادة الشعب، وهي أحد أبرز مطالب الاحتجاجات الشعبية الرافضة لأداء النظام السياسي، والداعية إلى الحد من انتشار الفساد والمحسوبية، ومعالجة فقدان الخدمات الأساسية الضرورية، والكفّ عن سياسة الخضوع والإذعان لإملاءات الدول الإقليمية وميليشياتها المسلحة، التي أضحت تتدخل في الشؤون الاقتصادية والسياسية والأمنية في العراق، فضلاً عن تفشي البطالة وتردِّي الواقع المعيشي، وتراجع دخل المواطن البسيط، وارتفاع الأسعار بشكل كبير؛ نتيجة للسياسات المالية الخاطئة التي اتبعتها الحكومة مؤخراً والتي اثقلت كاهل المواطن .ان المشاركة الحقيقية في الانتخابات واختيار الانسب  تعني عملية بناء الدولة، مؤسساتٍ وأفراداً ومجتمعاً إذا ما تجرَّد المرشحون وترفَّعوا عن حالة تحقيق المكاسب الشخصية والعائلية، والمحسوبية.وعكس ذلك يكونواعبثا يضيف على البلاد والمواطن ألوانا من الإبتلاء والتراجع فليس من فائز في هذه الحالة سوى الذي نهبَ الملايين من الدولارات ويبقي الخراب كما هو و يظهور حالات الفشل والإنفلات واللامسؤولية كواقع تعيشه المؤسسات والوطن مثقلاً بالديون ويصبح لقمةً سائغةً لمن هبَّ ودَب
عبد الخالق الفلاح
 
 

109
الانتخابات العراقية بين القبول والرفض
عند متابعة الاستعدادات للانتخابات والشعارات نفسها تعود من جديد إلى الساحة بمناسبة كل دورة انتخابية و ما يجري على خريطة السياسة لأكثر من دافع وأهمها معرفة الحقائق والاستدلالات ومن الواضح اليوم، هو أن المواطنين العراقية لا ينتظرون من الانتخابات أملا في التغيير وتبديل واقعهم نحو الأفضل والأحسن وخاصة فئات الشباب والمثقفين في مقدمة الرافضين للعبة الديمقراطية الحالية المريضة بالعزوف عن التصويت بسبب عدم تغيير الوجوه الحاكمة والتي اوصلت البلد الى هذا المستوى من التدني وطبعاً هذه النظرية تكاد تكون غير صحيح في مقاطعة مثل هذه التجربة بل يجب النزول الى الساحة من اجل اختيار الافضل والاصلاح، و ما يستجيب لانتظاراتهم في مجالات الصحة والتعليم والعمل وفي تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون تحقيقها. وذلك بسبب تعمق فعل فقدان ثقتهم على مدار السنوات 18 الماضية خلت في المؤسسات الانتخابية ،وهي لا تخلق معها نغماً مروضاً للمشاهد والمتابع والناخب وهو يعزف عن المشاركة بالانتخابات لعدم ثقته بالعملية السياسية التي يسيطر عليها الإعلام التقليدي المسير من قبل الأحزاب النافذة، بحسبه ، ان بعض من التصرفات تشدني إليها بسبب إدارتها بين أطراف متعددة غايتها ادخال الناس في حلبة صماء للمصارعة الكبيرة التي  قد يصل غبارها إلى كل البيوت ، تتضارب مصالح المشاركين فيها وتتناقض أهدافهم أحياناً، مع فوارق في طبيعة القوى السياسية التي تحكم بلدانا وقدرات كل كتل مجموعات وأحزاب في الإنجاز من خلال اللقاءات التي تجريها في شبكات الفضائيات في ظل غياب المعايير الحزبية لدى الأحزاب السياسية التي تشكلت في البلاد نتيجة قلة الوعي السياسي لديهم. و التحديات الأمنية، إذ لا يزال البلد يخوض معركة مع المجموعات الارهابية  . هناك عامل واحد يجمعهم ويبدو الجميع وكأنهم فريق واحد متناغم متناسق في لعبة اسمها السياسة في جين هناك أمور كثيرة تشغل الناس على امتداد العراق الذي نعيش فيه، يتخاصم الكبار والصغار حول ما تلده مسيرة الحياة لأن القانون الجديد شتت جمهور الزعامات السياسية التقليدية، وبالتالي بدأت هذه الزعامات بمحاولة إيجاد تخادم انتخابي لأجل السيطرة على الشارع في الدوائر الانتخابية في مختلف المناطق والمدن ، لكن إدارة الأزمات تكدس الأسئلة أمام هؤلاء الخصوم في العلن لكن اصدقاء في الخفاء، نظام التعددية الحزبية فكرة واردة لا يختلف فيها اثنان في البلاد، لكن التساؤل الذي يظل يراود الكثيرين هو هل حانت لحظة تجسيد تلك الفكرة أم أنها تجربة سياسية لم يحن أوانها بعد في بلدنا وقد فشل فشلا ذريعاً  في الواقع لعدم وجود أحزاب سياسية واقعية .المواطن الذي يعيش تحت طائلة  السؤال  المثير والمطروح هو حول ألاسباب التي لا تدفعه بالمشاركة في الانتخابات و عزوفه عنها واعطاء رأيه في اختيار من يمثله، أو إبداء موقفه من تعديل دستوري الذي ظل معلقاً و يهم المستقبل السياسي له ولبلده.
أن المشاركة في الانتخابات  تظهر حاجة البلاد الماسة إلى تجاوز الأحزاب السياسية للمحاصصة اولاً التي همشت اكثر شرائح المجتمع والعمل وفق ادارة البلاد على اساس الاكثرية النيابية مهما كانت تلك الاكثرية ثانياً، وتمهد الطريق لمرحلة أخرى قد تكون ذات تأثير بالغ في العملية السياسية الذي قد يحول دون المساس بمصالح  الشعب الاساسية اذا سمح لها بالنجاح ، وتبادر معظم القوى السياسية إلى العمل من اجل  سياسة الاستعداد لخوض الانتخابات المقبلة وقبول نتائجها برحابة صدر ، بالرغم من ضعف تأثيرها في العملية السياسية في الوقت الحالي . لكنه تشتد على أن عملية انتقال البلاد إلى نظام التعددية الحزبية تحتاج إلى توافق بين القوى السياسية وقبول نتائج المبارزة بشرف، غير أن المشكلة ان الأطراف المعنية لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق شامل حول آلية تطبيق نظام قانون الأحزاب في الانتخابات الحالية.
عبد الخالق الفلاح

110
الثقافة والتراث جوهرى الأمم
       
  الثقافة تعني اليـوم اجتمـاع السـمات الروحية ً والفكرية والاجتماعية والعاطفية بعينها وتشمل الفنون والآداب وطرائق نظـم الحيـاة، كمـا تشمل الحقـوق الأساسي للقيم والتقاليد والمعتقدات وقد التزمت اليونسكو بهذا المضمون وهـذا التعريـف في وثائقها وإعلاناتها واتفاقياتها كافة،ومن هنا كان يجـب تعزيز الـدور المركـزي للثقافـة ًإذا أردنـا أن نجعـل عراقنا الـذي يتسـم بفقدان ميزانه الثقافي مكانا أفضل ينعم بالسلام، لان الثقافـة هـي "مجموعـة السـمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية المميـزة في المجتمـع أو لأي مجموعـة اجتماعية، وتشمل ، بالإضافة إلـى الفـن والادب ،اضافة هويات النـاس و تحـدد تراثهم. فلا إنسـانية، ولا عقلانية "للعيـش معـا ّ مـن دون ثقافـة إلأ بوجودها ، وُنظرة إلـى الثقافة كواجهة والتزام أخلاقي في بناء المجتمع.
ان أسـاليب الحيـاة وطرائق ً ومنظومات القيم والتقاليد والمعتقـدات هي َ علـى نحـو متزايـد عنصر أساس في الاستدامة ، والثقافة لها الدور الرئيسي  في صيغـة العديـد مـن أهـدافها التنموية. علاوة علـى ذلـك، و إمكانـات الثقافـة لتحقيـق تنميـة اجتماعيـة واقتصاديـة شـاملة مـن أجـل التناغـم بالعيش الكريم والسلام والامـن، إن ّ الهوية شـعور بالانتماء إلى مجموعة بشـري ّمعينة وهناك مشتركات  فيمـا بينهـا وميزات مشـتركة مـن أهمهـا اللغة والارض التي ينتمى اليها  والتاريـخ والحضـارة والتعبيـرات الثقافيةّ المتميزة نفسـها بهـا تعـرف تلـك المجموعـة البشـري للاخرين ، ان بلاشك التراث ضروري للحفاظ على وجود تنوع ثقافي ليصد محاولات تمييع هوية الشعوب وتنوع ثقافتها،وهو مهم لأنه يعزز الحوار بين الثقافات، كما أن التراث مليء بالمعرفة والمهارات التي تناقلتها الأجيال منذ القدم، ويعزّز التراث الوحدة والمواطنة وروح المشاركة لوجود قواسم مشتركة بين أبناء الشعب الواحد، وهو أيضًا يعزّز من التكامل بين مختلف الشعوب.،كما ان الحفاظ على التراث (و الذي يعني كل ما وصلت إليه أمة أو شعب حيث أن التراث يرتبط بتاريخ هذا الشعب أو الأمة منذ نشأتها إلى عصرنا الحالي و يعتمد على ما ورثه الأبناء من أجدادهم القدامى من عقائد وعادات وشكل الملابس بل أفكارهم وأدواتهم وفنونهم وادأبهم وعلمائهم وقيمهم ومفاهيم وحكم وأمثال وأعياد تخصهم وكيفية الاحتفال بها وشكل وطقوس الاحتفال بل أيضاً حكايتهم المأثورة وطريقتهم فيتقديم الفنون مثل الموسيقى والرقص والغناء و ألعابهم وشكل وتصميم مدنهم وقراهم من تصميم وأبعاد والكثير من رويتهم لوطنهم وأمتهم وأيضاً أحكامهم وأشكال العلاقات الإنسانية والاجتماعية ومفهومها وطريقتهم في التعبير عن الفرح أو الحزن وطرق تزينهم وأيضاً صيانة لغتهم) وتفسيره في إطار علمي ومنطقي يمكن أن يأخذ دورًا بارزًا في التطور الاجتماعي للدول وبناء المجتمعات، كما لاحظ البنك الدولي في مجال عمله في التنمية أن جميع المحاولات الإنمائية تُبنى على أبعاد ثقافية واجتماعية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، ورغم أن الموروثات أصيلة وثابته، إلّا أن التغيير إلى رؤية أكثر شمولية للبقايا المادية للماضي سيتحقق لينتج عن ذلك ثقافة قوية وغنية مُستمدّة من ثوابت الماضي وفكر الحاضر. ان التحديات التي تواجهها الدول النامية ومنها العراق الحبيب في السنوات العشرين الاخيرة من القرن الماضي وبدايات القرن الحالي  من حروب عرقية  و مذهبي أهلية وجرائم ظلامية ونشـوء وانتشـارلحـركات تكفيرية تكشـف لنـا عـن أزمـة هويـة ذات أسـاس ومضامين مختلفة اهمها التهديد الثقافي والفقر والشعور بالعجز والانسلاخ والانسحاق بإشعال الحروب والعنف والانتقام الذي نراه يتحقق اليوم ولذا فالجهل الثقافي هو سيف مسلط على رقاب شعوبها مما يسبب خطراً اصبح يتخوف منه العالم أجمع ورسمت بداية القرن الحالي تحولات أفسحت المجال للقوى الكبرى للسيطرة على مقدراتها مما تعاظم معها الأهمية الثقافة كي لا تتحول الى عنف واضطراب خطيرين وتبنت القوى الدخيلة الحروب الداخلية وتألفت المجموعات الإرهاب داخلياً حتى في البلد الواحد . أن الإنسان  القويم شديد التمسك بتراثه وبمعرفته والاندماج فيه و يكون من الصعب اجتذابه إلى ثقافات رديئة وسيئة أو دخيلة أو الثقافات الرديئة أما الإنسان غير الملم بثقافته وتراثه فمن السهل اجتذابه والإيقاع به في تلك الثقافات الرديئة الغريبة مما يسهل فيما بعد القضاء على هويته الحضارية والتراثية وبعده عن ثقافته الأص
عبد الخالق الفلاح

111
البرلمان العراقي وفقدان بوصلة الانتماء الوطني
عقم عطاء مجلس النواب العراقي الحالي والتي تقتضي الانشغال بالقضايا الرئيسية للأمة وبذل الجهد للدفاع عنها في كافة المحافل الوطنية والدولية، وهو ما لا يتم إلا بالحضور في أشغال البرلمان وتحمل المسؤولية في التعبير عن انشغالات الشعب والانحياز لمصالحه وعلى مدى الدورات الانتخابية السابقة :أولها 2005 في أول انتخابات تشريعية عقب الاحتلال الأميركي للعراق انبثق عنها برلمان برئاسة محمود المشهداني الذي استقال ليخلفه إياد السامرائي. وفي عام 2010، ترأس أسامة النجيفي البرلمان الثاني الذي كان الأكثر جدلاً بسبب الخلافات العميقة بين النجيفي ورئيس الوزراء في حينها نوري المالكي، أما البرلمان الثالث فتشكل في 2014 برئاسة سليم الجبوري، والحالي واصبح محمد الحلبوسي رئيساً للبرلمان العراقي الرابع في 2018 و التي تنتهي  دورته ويحل نفسه قبل الانتخابات ولم يأت بجديد وسط انتقادات أغلب الأطراف السياسية لأداء دوره التشريعي والرقابي والذي كان ضعيف فيما يتعلق بإصدار القوانين بالمقارنة مع الدورة السابقة وأن هذه المؤسسة التشريعية المهمة الميزة الوحيدة فيه قد تكررت الوجوه القديمة المرشحة اليه وسجل عجزاً واضحاً عن حل قضايا مهمة متعلقة بالتشريع والمراقبة، ورحّل الكثير من القوانين الخلافية التي فشل في تمريرها، كسابقاته الى الدورة المقبلة بسبب الخلافات السياسية والصراعات وكان عمله  ناقص المهنية في الاداء واختفى خلف السفرات المكوكية التي لا جدواً منها غير البذخ وتعجيز الميزانية في مهم غير ذي جدوا والتي اصبحت تلك الزيارات وسيلة انتخابي في الاونة الاخيرة ،قبل ان تكون تقتضي مساهمة البرلمان في تفعيل دور المؤسسة البرلمانية التي هو عضو فيها وفي تنشيط النقاش السياسي بدائرته كما في عموم الوطن عبر المشاركة في الندوات الفكرية والبرامج التلفزية والإذاعية والكتابة الصحفية والمؤتمرات الدولية ذات النتج الوطني  وغير ذلك من مختلف من المناسبات التي تكرس في الواقع المسؤولية السياسية للنائب وتجعل منه عضوا فاعلا في المشهد الحزبي والسياسي المحلي والوطني.
ولاشك ان الاداء  الكارثي للأحزاب  السلطة التقليدية والكتل  في إدارة الدولة والمشاركة في البرلمان ، والتي اعترفت  هي  بفشلها والتي لم تأتي بشيء للمواطن المكبوت، سيجعل من الصعوبة عليها إقناع الشارع المحلي بإعادة انتخاب مرشحيها، ولذلك ستلجأ الكثير من هذه الأحزاب، ، إلى ذات الأساليب القديمة من محاولات تزوير ورشاوى انتخابية ووعود مُبالغ بها يستحيل تنفيذها، فضلاً عن أساليب جديدة من خلال التخفي وراء واجهات إصلاحية لا تريد القيام بها اصلاً لأنها ليست من مصلحتها القيام بها، ولم يخطوا البرلمان أي خطوة الى تلافي الأخطاء التي ارتكبتها البرلمانات السابق وتصحيح مساره وبسبب الكثير من المتغيرات الكبيرة و التي لم يختبر البرلمان بها في الواقع، من الواضح أن الأحزاب التقليدية اليوم تشعر بفقدانها الاطمئنان القديم وتزعزعُ الثقة احتفاظه بالسلطة ومضمونه فاقد اوتوماتيكياً عكس ما كان في السابق ، لأنه هناك إمعان منهم نهجهم وصراعاتهم على المواقع السلطوية ومنافعها المادية. وابقاء قضية الوطن في حسابات مؤجلة  ولم نرى ضوءا في نهاية النفق يكشف عن تغيير حقيقي فيه اذا لم يكن اكثر انزوءاً وانطواءاً وكان بعيداً عن ارادة الشعب وآماله وفشلاً في تحقيق المشاريع التي يتم من خلالها معالجة المشاكل التي اصبحت معلقة من دورة الى دورة اخرى ، كي يتم اثارت الكثير من الجدل بشأن نزاهة الانتخابات القادمة في بلد يعاني من "فساد مستشرٍ على نطاق واسع"، وفق تقارير دولية والصورة الكالحة التي ظهر بها المجلس خلال السنتين الحاليتين تعكس مدى عدم المسؤولية التي تميزت بها اكثر اعضائه ولا تزيد عدد جلساته لمناقشة القوانين" المهمة " والمصيرية والتي لم تأتي بنتيجة عن عدد أصابع اليد الواحدة واخيراً صوت خلال جلسته على حل نفسه في تاريخ 7 / 10 / 2021، على أن تجرى الانتخابات في موعدها 10 / 10/ 2021 وفق نص المادة المادة 64 من الدستور العراقي على أنه "لمجلس النواب القدرة على حل نفسه بناءً على طلب من ثلث أعضائه، أو من رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية. وبعد حل البرلمان يقوم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى انتخابات عامة في البلاد خلال مدة أقصاها 60 يوما تمهيدا لإجراء انتخابات مبكرة بعدها بثلاثة أيام. وتعد الحكومة بعد هذه التاريخ في الحال مستقيلة، وتقوم فقط بممارسة تصريف الأعمال. في الحقيقة  إن التجربة الديمقراطية في العراق  اضحت مشلولة بحاجة إلى اعادة النظر في ادائها وانتكاستها والعمل على خلق مؤسسات مدنية يتم تأسيسها من جديد وفق الأطر السليمة على ان تتولى رصد أداء المؤسسة التشريعية وتوثيق هذا الأداء توثيقا محايداً يمكن أن يتخذه المراقبون للشأن العراقي مرجعية يستندون إليها ولبنة اساسية لمشاريع القوانين وقراءتها  و بناء قاعدة بيانات تشمل المعلومات والإحصاءات التي تتعلق بالعمل النيابي العراقي تكون بمتناول يد المختصين والباحثين والإعلاميين، يتم من خلاله رسم خارطة طريق لتجنب الكوارث التي تحيق بالبلاد. و تتجلى مستويات مناسيب الجرعة الوطنية لدى كل كتلة سياسية،و تظهر مدى حرصها على المصالح الوطنية العامة للشعب العراقي قبل المصالح الذاتية، مذهبية كانت أم عرقية.
 عبد الخالق الفلاح
 

112
الاسقاط والتسقيط في السياسة العراقية
الإسقاط والتسقيط في السياسة يحدث للأشخاص الذين يعانون فكرة متسلطة للكيد بالمقابل بالشكل الذي يريده وتعريته، ولا يرون أي مشهد في الواقع معزولاً عن آمالهم وأمنياتهم وهو مرتبطة بالتسويق للزعامات السياسية او الدينية ورجال القبائل والتجار والناشطين المدنيين وتتسع الفجوة بين المتنافسين يوما بعد آخر وتزداد حدة الخلافات والأحقاد ويتحول المتنافسون الى محاربين أشداء هدفهم القضاء على الخصوم والتنكيل بهم وسحقهم وعدم السماح لهم بإلتقاط الأنفاس لكي لا يعودوا قادرين على التأثير في المجتمع ويكسبوا المزيد من المناصرين وفي عالمنا اليوم يمكن رصد هذا الإسقاط من خلال الإعلام مع العلم ان بعض الكتل السياسية المدعومة من أحزاب حاكمة في البلاد تسعى منذ أشهر إلى شراء الصفحات المليونية أو مساحات إعلانية فيها، مقابل مبالغ ليست قليلة وتكشف الفجوة التي تعيشها هذه الأحزاب بينها وبين العراقيين الذين باتوا لا يطالعون البرامج الانتخابية والسياسية للأحزاب، ولديهم انعدام ثقة بالكتل السياسية، ما يدفع هذه الكتل للوصول إلى الناس من خلال طرق أبواب التطبيقات الإلكترونية عسى أن تؤدي إلى إحداث نوع التأثير الذي ترغب به.
الإسقاط هي حيلة لا شعورية تتلخص في أن يَنسب الإنسان عيوبه ونقائصه ، ورغباته المستكرهة ، ومخاوفه المكبوتة التي لا يعترف بها ، إلى غيره من الناس ، أو الأشياء ، أو الأقدار ، أو سوء الطالع... وذلك تنزيهاً لنفسه ، وتخففاً مما يشعر به من القلق أو الخجل أو النقص أو الذنب ويلجأ إليها الشخص كوسيلة للدفاع عن نفسه ضد مشاعر غير سارة في داخله ، مثل الشعور بالذنب أو الشعور بالنقص ، فيعمد على غير وعي منه إلى أن ينسب للآخرين أفكاراً ومشاعر وأفعالاً حيالة ، ثم يقوم من خلالها تبرير نفسه أمام ناظريه،وقد اضاف علم النفس السياسي الكثير إلى أدبيات السياسة الكلاسيكية، سواء ما يتعلق بالحروب النفسية أو الإسقاط وإنكار الواقع لها وما  أسهل التلاعب بالألفاظ وتطويعها للأحكام المسبقة باسم التحليل السياسى. وهو ظلم للغة وظلم للواقع السياسي فى آن واحد، ان المقصود به المثيرات النفسية التي تثير الرغبة في قرارة القائم بالإسقاط ، وتدفعه لممارسة هذا السلوك تجاه هدفٍ معينٍ ، وهذه المثيرات يجب أن تكون ـ في نظر القائم بالإسقاط ـ أموراً لا يحبها ، ولا يحب أن تكون فيه على الرغم من علمه بوجودها فيه و تتأتّى جاذبيّة الإسقاطات أكثر من كونها لعبة فنية وأدبية، في أنها تثير لدى المرء ضرورة اقتفاء لأحلامه، وعدم التخلي عنها تحت أي ضغط، والتصدّي لجميع محاولات تدجين وإسكاته ليمارس دورا آليا يوكل إليه، في الوقت الذي يكون العالم أمامه منفتحا على مصراعيه، والحرية تناديه كي يسعى إليها،
الملاحظ اليوم هي بروز هذه الظاهرة عند الطبقة السياسية العراقية ومع الاسف مع التنافس بين الأحزاب على تحقيق أكبر قدر من المكسب السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة ، تتواصل حملات التسقيط الانتخابية على مواقع التواصل الاجتماعي و انها لاتتعامل بالمعايير المطلوبة فيما بينها سواء اعلاميا او اخلاقيا او واقعيا بل تلجا في اغلب الامر الى عمليات مبتذلة هدفها التسقيط و يأخذ مديات واسعة، لكن اللافت إن الناس صارت تفهم اللعبة وهي على علم كامل بتلك السخرية العالية فلم تعد تبالي بشيء لأن الرد سيكون جاهزا من الضحية المفترض و  المستهدفة،والربح على حساب كل طبقات المجتمع ومجتمع كالمجتمع العراقي والظروف الصعبة التي يمر بها وهو ارض خصبة لكل الفوضى وتبعاتها وبالاخص بالجانب السياسي والتسقيد يؤدي إلى دخول المجتمع بمكوناته وطوائفه وانتماءاته في دوامة خلافات وتناقضات وأفعال وردود أفعال وهذا ما يحدث في مجتمعنا العراق وخاصة في فترات ذروة الاستحقاقات الانتخابية، وهذا ما يتخوف المراقبون اليوم والمتابعون منه، الشارع العراقي في هذه الأيام يعيش بداية رواج وصيرورة ظاهرة التسقيط السياسي ذات النوايا والأبعاد الانتخابية السيئة ،ونحن نرقب ونشاهد ان اغلب الكتل والاحزاب السياسية المنضوية في العملية السياسية هي مطلية بلون من الالوان اما ديني صرف واما علماني مدني وهذان اللونان يوفران جانب ادبي واخلاقي محترم لدى من يعمل لديهما ولكن مانراه عكس ماهو مرغوب به حتى وصل الامر الى ان الغطاء الديني سمح للبعض من السياسيين الى فقدان عقيدتهم بتصرفات بائسة وطائشة وغير اخلاقية وبدؤو يبيعون اخراتهم بمجرد عرض المغريات المختلفة ، المالية او الجنسية او ماشابه من امور رخيصة فتراهم يندفعون ويتزاحمون للسبق بنيل احدى هذه المغانم التافهة.
عبد الخالق الفلاح
 
 

113
مؤتمر " السلام والاسترداد" العار
اجتمعت مجموعات مشبوة في الاونة الاخيرة او من عناصر منبوذة مدفوعة من بعض السياسيين لعقد مؤتمرات مؤيدة للطبيع من الكيان الصهيوني في اقليم كوردستان "دون علم الجهات الرسمية وموافقة ومشاركة حكومة الإقليم، وهو لا يعبّر بأي شكل من الأشكال عن موقف حكومة إقليم كوردستان"كما ادعت وزارة داخلية حكومة الاقليم  لمد جسور التعاون مع الكيان بدعم من دول عميلة في المنطقة ،و"الحكومة العراقية اعربت عن رفضها هذه الاجتماعات وهي ترفع شعار التطبيع مع الكيان الصهيوني وحضرتها شخصيات عشائرية مقيمة بإقليم كردستان ووصفتها بغير القانونية" ان هذه الدعوات تريد انخراط المجتمع العراقي مع هذه الاصوات النكرة ،وهناك من يتجاوز كل الحدود ويصل إلى ذروة الفجور في التعاون مع المغتصبين وخيانة قضايا العرب والمسلمين، مع التآمر العلني على تصفية القضية الفلسطينية، ومحاولة توطين قواعد عسكرية ومخابراتية للصهاينة في مناطق أخرى في الوطن،"،" هذا المؤتمرحضرت شخصيات من المشاركين في الحكومة العراقية وهناك تسريبات من انه مدعوم من محمد الحلبوسي من خلال زياراته المكوكية الاخيرة الى الاردن ومصر والامارات المتحدة لهذا الغرض الشنيع والبعض الاخر جاءوا من الانبار ومن بغداد وهؤلاء لايصعب عليهم دخول الإقليم ان كان من داخل او خارج العراق، والتواجد الاسرائيلي في العراق وفي بغداد على شكل شركات ومنظمات مدنية هو تواجد موجود حتى في البعض من مناطق الجنوب  وقد آثار هذا الموضوع الفريق الركن محمد الشهواني مدير المخابرات السابق في حينه  قبل إقالته من رئاسة المخابرات العراقية"
ان ابناء العراق لهم مواقف ثابتة وقاتلوا الى جانب الشعب الفلسطيني  منذ وعد بلفور وحرب 1948 وقدموا الآلاف من شبابهم كشهداء لهذه القضية في المعارك التي تلت في أعوام 1967 و1973 وشاركوا المنظمات الفلسطينية في جميع أنشطتها ويرفضون اقامة الكيان الصهيوني وكانوا على الدوام يقفون الى جانب هذه القضية ونضال شعبه العادل ضد الاحتلال الصهيوني. لقد كانت الأنظمة الحاكمة ولازالت توظف المشاعر الشعبية الصادقة لنيل التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية وفي أحيان كثيرة لتبرير ديكتاتوريته وتوريث الحكم، واستمرار سياساتهم الفاشلة في قضايا التنمية والحريات العامة والحقوق المدنية،وكم من الانقلابات والصراعات الداخلية، أو حتى النزاعات بين الأقطار العربية، كانت تحمل شعار الدفاع عن القضية المركزية للأمة. كان النظام الرسمي في كل الدول العربية يستخدم القضية الفلسطينية لتسويق نفسه بين الجماهير المتعاطفة مع فلسطين. رغم ان الشعور الشعبي في العداء إزاء الاحتلال كان صادقا ونزيها، ويخلو من الكذب و المماحكة.
ثمة من كان يُطبّع مع الصهاينة بطرق سرية ولا يجاهر بفاحشة التطبيع لانه يعرف هو في خندق العار ، او على الأقل يحافظ على الوعي الجمعي بتجريم التطبيع.. وهناك من يطبع لخوفه على كرسي الحكم لأنه يعرف أن شرعية بقائه لا تعتمد على شرعية شعبية ديمقراطية حقيقية، ولكنها تعتمد على الدعم الأمريكي لوجوده في السلطة، ولا اعتقد ثمة حاجة لمن يطبع تحت ضغوط الفقر والحاجة المادية نتيجة استحكام التبعية الاقتصادية والسياسية في بنية النظام السياسي لكي يتعامل مع التطبيع كمن يأكل لحم الخنزير ويخجل من التبرير العلني للتطبيع.ان كلمة التطبيع فقد شرعت مع اتفاقيات -كامب ديفيد-المشؤومة. التي وقعت في 17 أيلول/سبتمبر عام 1978 حيث وردت عبارة علاقات عادية أو طبيعية، والمقصود إنهاء حال المقاطعة، التي انتهت بقرار رسمي في شباط عام 1980.
وهكذا حل مفهوم مقاومة التطبيع في اكثر البلدان العربية والاسلامية محلها  بدل مفهوم المقاطعة ، لأن المقاطعة فقدت الأساس القانوني الذي كانت تستند إليه، وبالتالي باتت مقاومة التطبيع محصورة في التحرك الشعبي في مواجهة حركة التطبيع الرسمي الذي فرضته معاهدات الحكام التي تتالت، والتي لم تكن إلا خيطاً في نسيج متكامل يهدف إلى إخضاع المنطقة كلياً واستثمارها سياسياً واقتصادياً….اما الان فهناك من باع نفسه ليعقد مؤتمراً تحت اسم "السلام والاسترداد "اي اعادة حقوق الصهاينة مقابل السلام  و انتزعت الغيرة من البعض من الاشخاص وتجردوا من الحمية العربية والاسلامية وسقطت الاقنعة عن وجوههم. في تأييد التطبيع الذي يريده الكيان الصهيوني من خلاله أن يقوم على بناء علاقات سياسية واقتصادية وثقافية وعلمية واستخباراتية، والتطبيع هو تسليم للكيان الصهيوني بحقه في الأرض العربية بفلسطين، وبحقه في بناء المستوطنات وحقه في تهجير الفلسطينيين وحقه في تدمير القرى والمدن العربية، وهكذا يكون التطبيع هو الاستسلام والرضا بأبشع مراتب المذلة والهوان والتنازل عن الكرامة وعن الحقوق، والتطبيع في هذه الحالة يصل إلى الخيانة العظمى.
عبد الخالق الفلاح
 
 

114
القيادة الصالحة لتحقيق الأهداف
لا يمكن للبشرية إلأ أن تسير وفق منظومة متكاملة تقود الافراد لغايات وأهداف سامية تحفظ كياناتها وترعى مصالحهم وتحقيق اهدافهم وتحفظ ترابطهم، بعيدا عن الفوضى و الأهواء الفردية والمصالح الشخصية ، إلأ بوجود قيادة متكاملة حتى إذا كانت نسبية لعملية الهام الأفراد ليقدموا أفضل ما لديهم لتحقيق النتائج المرجوة  وتتعلق بتوجيه الأفراد للتحرك بشكلهم السليم، للحصول على التزامهم، وتحفيزهم لتحقيق أهدافهم. ، والحاجة جاءت لعملية القيادة لتحقيق التطلعات ولمنع الظلم والفوضى دون ضياع الحقوق وبناء المجتمعات للعيش بسلام وامان ، وكل هذا يتحقق إذا حمل القائد الصفات الضرورية والعقل المستنير والتفكير الواعي دون تزمت وانغلاق، بحيث يقوده تفكره اتخاذ القرارات الصائبة  ، وأن يكون الاتزان  والوسيطة معين له لقيادة المجتمع على اختلاف مكوناته وأطيافه واختلاف ديانته ومذهبه و فئاته وتنوع ثقافاتهم .
ان التمتع بالذكاء والمهارة اللازمة من الصفات الاولى القائد و القيادة تحتاج الى أنماط مختلفة ومهارات تقنية وفكرية فذة ليكون الإنسان قائداً ويحمل من الصفات والملاكات والمؤهلات القريبة إلى الفن من العلم الذي قد يكون العتبة للدخول الى المسؤولية لكنه شرط غير كافي.
 تحتاج الدول لوجود قيادات حقيقية في أقسامها المختلفة، ليس دورهم تنفيذ التعليمات فقط ، بل اتخاذ المبادرات والنهوض بالمسؤوليات لضمان سرعة الاستجابة ومواكبة التطورات المستمرة وصلاحيات التحرك السريع لمواجهة الحوادث الطارئة.. لان الركود والجمود من الأمور التي تهدد أي دولة في عالم دائم التغير والتطور، القائد يحتاج صلاحيات تمكنه من اتخاذ قرارات، كي لا يكون مجرد موظف يقوم بعمل روتيني متكرر كما ان  إتاحة المجال للقيادات الجديدة للعمل يتيح لهم التعلم من التجربة في معايشة تفاصيل العمل وحدوث المشاكل والإحباطات غير المتوقعة والتعامل مع الناس صعبي المراس، كلها أمور تكسب الشخص خبرات نفسية وإدارية متنوعة، كي تنمي المهارات القيادية اجعل القادة يحتكون بالواقع العملي ليتعلموا من التعثر والصدمات ويشتد عودهم.
والقائد الفذ إذا كان يتميز بتفكر سليم، وعقل مدبر، ويتسم بالتخطيط والإبداع يحفز من تعلم المهارات الاخرى بكافة الطرق مثل: إنشاء  الدورات التعليمية، والبحث العلمي من خلال الكتب بطرقها المختلفة الورقية والالكترونية والتي دخلت كل مجالات الحياة وهو من يصنع القيادات بما يساعد على نموهم و مواهبهم وتدريبهم بمساحات واقعية أكبر، يتفاعل مع كل الطبقات ويصبح واحد منهم، قريب منهم، يحاورهم، ويناقشهم، ويختار أفضل الحلول ويدعم أفكارهم ، ويشجع على الإبداع والابتكار  وقبول مناقشتها معهم وتنفيذ الجيدة منها ،مما يكون حافزاً قوياً لتقدم العمل وبناء روح الانتماء لديهم.
اما اذا افتقد إلى الرؤية المستقبلية، ولم يدرك أنه يحتاج إلى جيل من الأتباع القادرين ليحلوا محله عندما يغادر المنصب وأنهم بحاجة إلى التأهيل والتدريب على القيادة حتى يمكن الاعتماد عليها مستقبلا فيكون الفشل حليفه في مدة القيادة وكذلك بعده لانه لم يخلق طاقة جديدة فيها من الكفاءة والمقدرة.
أن القادة الحقيقيين  هم الكنوز والموارد الاستراتيجي للأمم والذين لا يقدرون بثمن. هم أصحاب الفعل والمبادرة والريادة في كل عمل تنموي و نهضوي ، وإدراكاً لهذه الحقيقة اهتم العلماء والفلاسفة منذ القدم بدراسة الظاهرة القيادية واجتهدوا لتفسيرها وحلحلة عناصرها ومكوناتها للوصول الى طريق يمكن من خلاله صناعة المزيد من القيادات،
إن صناعة القادة ليست بالعملية السهلة، خاصة اذا تكلمنا على مستوى أمة من الأمم فهي وظيفة تتشارك فيها الأسر والمؤسسات التعليمية وأساتذة الجامعات والتربويين والمشايخ وطلبة العلم، أو بمعنى آخر إن عملية صناعة القادة إذا أردنا أن تكون على مستوى أمة؛ فينبغي أن يصنع المناخ الملائم لذلك، وبالجملة فلا صلاح للبشر إلا بوجود القيادة السليمة لتحقيق الأهداف.
عبد الخالق الفلاح

115
انتخابات تشرين وارث الماضي
مسيرة الدوله العراقية كانت واضحة منذ بواكير عهدها وقد توالى على إدارتها رجال حكم دخلوا التاريخ بصور ناصحة وبيضاء شفافة منهم من حفروا أسمائهم في ذاكرة الوطن فأصبحت الأجيال تذكرهم وتؤمن بهم دون أن تراهم وذلك لكل ما قدموه من أعمال وإنجازات تزين عظيم أفعالهم وانجازاتهم المذهلة.لقد كانوا رجال الوطن بحق فقد تصدوا لكل المؤامرات والظروف الصعبه فمنهم سياسيون وعسكريون واقتصاديون ورغم شح الموارد والإمكانيات المادية قبل الانفتاح على النفط إلا أنهم حافظوا عليها بعقولهم النيرة وأسسوا بها دولة على قاعدة صلبة أساسها طيب العمل وصدق الانتماء وقد جاءت أجيال اخرى من بعدهم ساروا على نهجهم فتركوا إرثا وبنوا مسيرة.
مسيرة الخير تلك كان عليها ان تستمر والتي أساسها هؤلاء الرجال كان لا بد لها من أن تبقى على ذلك الخير لكن مع التطور الظروف وتغيير العقول  والانفتاح تغيرت السلوكيات العامة وكثرت الأعمال وتشابكت المصالح وأصبحنا نعاني من سلوكيات جديدة طارئة على مجتمعنا لم نكن تعرف من قبل مع للأسف.لا اود الحديث عن فترة حكم حزب البعث بكل اخطائه وجرائمه ونكاله فهي معروفة ولا زالت على اللسان وذاكرتها ترسم صور من الدم شملت كل الأطياف والمكونات التي تمثل الشعب العراقي.
ان سبب الانهيار الحاصل في البلاد اليوم  يعود وبلاشك إلى فشل النخبة السياسية الحاكمة لكونها ليست رجال دولة بمفهومه الصحيح والتي تواجه إشكالية في شرعيتها السياسية لأنها خالفت كل الأسس والقواعد ويتوهم الكثيرمن السياسيين في العراق كونهم هم يحكمون البلاد ويتفاخرون بانجازات وهمية لا وجود لها حتى وان وجدت فهي إنجازات منقوصة وغير مهم رغم كون البلد لا يزال في صدارة قائمة الدول الفاشلة أو الهشّة ، فعند التدقيق في مؤشرات هذا الوصف نجدها تدور حول محور يتركز في عجز الدولة عن القيام بوظائفها الرئيسية أهمها غياب الإنجاز بكل مفاصل الدولة الخدمية والانسانية والسياسية والاجتماعية  ، سواء أكانوا يعلمون أو لا يعلمون، في وصفهم الواقع السياسي الذي نعيشه بـ"الدولة".
لذلك فهم عندما يلوحون بخطر الانزلاق نحو الهاوية بفقدان الدولة، لا يجدون لذلك التهديد صدى لدى المواطن العراقي، لأنه متيقن تماما بأنه يعيش في ظل "اللادولة"، ومن ثم لا يمكن التهديد بالأسوأ من هذا الواقع. ، حتى بعد إقرار الدستور العراقي في عام 2005. وقد استمرت هذه الإشكالات في إعادة إنتاج نفسها عبر ممارسات مختلفة عبر ما يمكن تسميته سياسة "تدوير الأزمات وبسبب الانقسام السياسي والطائفي ونظام المحاصصة لم يتمكن من معالجة العديد من المشاكل الاجتماعية الخطيرة كونه تهدد مستقبل البلاد وكتب عليه توالد الأزمات لأن الحلول لهذه الأزمات تأتي لتخلق أزمة جديدة بدلا من حل الأزمة الأولى ليستمر العراق في دوامة الأزمات، ،مما سببت غياب هوية المشروع الوطني الذي يؤطر السلوك السياسي لجميع القوى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، سواء على مستوى العلاقة البينية لمؤسسات النظام السياسي، أو على مستوى علاقة هذا النظام بالمجتمع، لضمان قدر من الاستمرارية والتوازن في مواجهة تحديات التفكك وإعادة التشكيل وتداعياتها. مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في العاشر من تشرين الأول القادم ، يشهد العراق العديد من التطورات التي تُلقي بظلالها على الوضع السياسي، وإمكانية إجراء الانتخابات وفرص ضمان نزاهتها، فضلاً عن نتائجها ومخرجاتها المحتملة. وأبرز تلك التطورات هي تصاعد أزمة الخدمات المهمة في ظل تحركات القوى السياسية الرئيسة وعدم وجود  الاستعدادات اللازمة وغياب الوضوح بشأن نتائجها المحتملة، خصوصاً مع اعتماد نظام انتخابي جديد لم تَعتد عليه. كذلك، فإن صعوبة إفراز توافقات جديدة في ظل التشرذم السياسي الحالي الذي شجع بعضها على التفكير بإمكانية التأجيل إلى حين توافر ظروف أفضل، لكن ذلك لم ولن يحدث ما لم يأت بطلب من الحكومة أو مفوضية الانتخابات، نظراً إلى أنه ليس بين القوى الأساسية لتحمل مسؤولية التأجيل. وهناك قوى  ترفض هذه علناً وتغلق الباب امام الحديث حول هذا الموضوع ، كما الاستعدادات قطعت أشواطاً متقدماً في التحضير لهذه الانتخابات التي قد تفرز تحولاً نسبياً في الخريطة السياسية، ولكن إنْ كانت النسبة متدنية أو متوسطة، فإنه في الأغلب ستتم إعادة انتاج الخريطة الحالية مع تغييرات نسبية في الأوزان، ودون أن تجد الأزمة السياسية-الاجتماعية مخارجَ جذرية لمعالجة مشاكله ،
عبد الخالق الفلاح
 

116
الانتخابات القادمة والتجارب السابقة
انا من الذين يُشكلون على العملية السياسية العراقية ضمن الملايين من المراقبين لاسباب متعددة منها ،بسبب التعامل مع الواقع السياسي مباشرة، و وصلت هذه العملية إلى مرحلة الشلل السياسي ولانها غير قادرة على امتصاص الغضب الشعبي وإعادة الهدوء للشارع و النقمة على السلطتين التشريعية والتنفيذية من محنة الانتخابات الماضية  وكذلك القضائية التي عليها الكثير من الإشكاليات والاتهامات التي تحتاج  الى عمل مقنع ومنتج في محاربة الفساد والرشوة المستشري في المؤسسات الرسمية والغير رسمية تلك آفتنا ان لم نكن ندري، وان كنا ندري ونسكت فتلك آفةٌ اخرى. الفساد عندنا مرتبط بالنوع أكثر من الكم، ومعالجته نوعية أكثر مما هي كمية وترابطها بعدد الملفات التي تراكمت عليها الاتربة.
المعالجات تبدأ بإعادة انتاج النوع الانساني والمدخلات لها، والضمانة اللازمة للتصديق بالنتائج  واعلن الاشمئزاز منها  في المستوى الذي وصلت إليه العملية برمتها  لانها خالية من البعد الاستراتيجي والايديولوجيا والنضوج الفكري. كل الاحزاب السياسية في مختلف أنحاء العالم،تتحول أكثر فأكثر، نحو نماذج أكثر تشاركية لصياغة السياسات الفاعلة لبناء بلدانهم، وهي تتحول الى نماذج تؤثّر في عامة الناس، من مسؤولي الاحزاب وأعضائها ومناصريها بل حتى المجموعات الخارجية، تشمل هذه السياسات مجموعة متنوعة من الأطر الوطنية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية إلى التعليم والرعاية الصحية، ومن البنى التحتية والمواصلات إلى رعاية الاطفال والامومة، ومن تطوير القطاعات المختلفة إلى القيم الجوهرية والتي تحافظ على المعتقدات ،
 في غياب اسس الدولة العراقية الحالية  واقع مضطرب لايفهم معناه ، دولة المواطنة التي ينادي بها الكثير من السياسيين في العراق دون فهم  ويدخلون في صراعات شكلية لا اساس لها بين الحكم والموالاة ولا الاول له وجود ولا الثاني فكلهم في الهوى سوى يعزفون على ربابة واحد وبالتالي ينشغلون عن دورهم الوطني الهام والفاعل في ظل غياب الارادة للبناء والابداع وتحل محلها المزايدات والمظاهر ولا تأسيس منسق مبرمج للحياة ، وهذا ما نشاهده في العراق.
الانتخابات العراقية لا بد أن تؤسس وفق شروط ومعايير محددة، وإلا ستكون ممارسة شكليّة ولا تحقق الأهداف المرجوّة منها ،فقد حسمت المدة التي تفصلنا عنها وظاهراً وصلت الى خط سيره النهائي والمقرر في العاشر من شهر تشرين الاول القادم ايام معدودة، كما تم اكمال كافة المتطلبات والشروط لإكمال هذا المهمة ، ولو نظرنا الى العملية السابقة عام 2018 والتي تعرضت لانتقادات واتهامات بارتكاب مخالفات، لكن لم يكشف عن دقة هذه الاتهامات أو حجم تأثيرها على النتائج، كما أن عمليات التصويت جرت دون وقوع حوادث أمنية أو هجمات يشنها ضد المرشحين والناخبين على حد سواء. لكن الظاهرة الأخطر والتي يمكن أن يكون لها أثر كبير على سائر الأحداث اللاحقة، هي الدعوات المبكرة والمتكررة لإلغاء الانتخابات حتى قبل إعلان النتائج فهل ستعود السيناريوهات السابقة للتكرار.
 فهم هذا الموضوع بشكل ناضج وبدراسة عميقة محايدة يرسم طريق للنجاح والتفاعل الايجابي والمجتمع المستقر ليس بالغش وسلب الحقوق او بالقوة والخوف وانما بالرضا والعدل وتكامله يعني انصاف الادمية وهذا بالنضج وتوازن الشخصية بالخبرة، لا ينبغي أن يكلفها فوق طاقتها وهي من مواقف الرجال، ولا نتخذ إجراءات فوق المعطيات، وانما كل شيء ينضج بالخبرة ثم يقوم بالفعل المناسب والملائم والمتاح وهذا هو رشاد دولة المواطنة وتعني إحترام التداول السلمي للسلطة ونتائج صناديق الاقتراع وعدم اللجوء للاتهامات الباطلة للتشويش على الحكم او تجييش الشارع وفرض سياسة الأمر الواقع حرصا وحفاظا على جوهر الدولة، والحيلولة دون تمدد منهج اللادولة وبالتالي الفوضى وعدم الاستقرار وكسر جرة الوطن بنحو مرعب ومخيف وتطبيق القانون وإحترام الدستور وعدم القفز عليه ومحاربة الفساد والتفرد في الراي، ونبذ كل المظاهر الخاطئة والسلبية، الى جانب تعزيز الرقابة والمساءلة للجهات المسؤولة دون إستثناء، ووضع الخطط المنهجية القصيرة والمتوسطة والطويلة، لخلق شروط التنمية المستدامة في الشروط الطبيعية للحكم الرشيد.
عبد الخالق الفلاح

117
هناك ظاهرة انتشرت بشكل غير خلقي من أشخاص  يعتمدون على الآخرين في التسلق على أكتافهم واستغلال إنجازاتهم واتعابهم في خدمة المجتمع للوصول إلى الهدف الخاص بهم بغيراستحقاقهم ، ضاربين بعرض الحائط كل معاني القيم النبيلة والمبادئ التي نشأ عليها الإنسان  وتعلمها من الدين في حفظ الكرامة الانسانية للوصول للقيادة الرشيدة،ولعل هذه الفئة من المتسلقين يعتقدون أن ما يفعلونه هو الصواب وأن الصعود على ظهورالآخرين هو أسرع وسيلة لبلوغ القمة وأكثرها راحة.. لكنهم يغفلون أن هذا الإنجاز وإن كان في ظاهره جميلاً ورائعاً، إلا أنه في واقعة لئم ونكران لايحسدون عليه .
من الواضح أن  العديد من الذي تسلقوا مناصب كبيرة مهمة وحساسة في السلطة اليوم في العراق يمتلكون القدرة  الفائقة على التشكُّل والتَّلوُّن في تغيير جلودهم حسب الظروف والأحوال، وكل غايتهم الوصول إلى القمة ولو على حساب شقاء ومعاناة الآخرين وامتصاص دمائهم وأكل لحمهم وترك عظامهم ، والصعود على أكتافهم كما نشاهدهم اليوم على شبكات القنوات الفضائية في مدح من لايستحق كلمة ثناء واحدة من مطرودون الامس، وعابدي المناصب والاستعراض والشخصنة ، يعبدون البهرجة والمديح ،وهم متقلبون الآراء ، لا يهمهم أي شيء ، يحددون الهدف مسبقاً ، ويسعون لما ليس لهم، وبغض النظر عن الطرق التي توصلهم، وإن لم تتفق مع المنطق والواقع السليم، والسلوكيات التي ترفضها الفطرة والأخلاق المجتمعية السليمة ،ويحاولون الوصول إليه بكل ما أوتي من قوة ،وبأي طريقة.
لايجيدون  العيش وتحقيق النجاح في أصعدة حياتهم ومهامهم بالاعتماد على عقولهم إلا متسلقين على أكتاف الآخرين و في كثيراً من المهام والأحداث يحصدون ما يزرعه غيرهم بعرقه وتعبه ، يجنون ثمار ما تعب فيه غيرهم وبذلوا في سبيله الجهد والتضحية في أرواحهم ودمائهم ويسرقون انتصارات ونجاحات من قدمها ويحاولون تهميش أولئك الابطال الذي زهدوا بكل شيئ في سبيل وطنهم ، لا يستطيعون أن يشقون  طريقهم إلى عنان السماء إلا باعتماد على غيرهم ، ولا يعيشون على الأرض إلأ إذا وجدوا من   يصعدون عليه  ،وهم أناس محترفون يظهرون في اماكن النجاح، وأوقات الانتصار يخطفون الأضواء من أصحاب الجهد الحقيقيين، الغريب أنهم لا يخجلون من أنفسهم، ولا يشعرون مطلقاً بأي إحساس بالذنب!!ويوحُون دائما لرؤسائهم أو لأربابهم الذين يعملون معهم أنهم الأفضل والأجدر، ولا يدَّخرون جهدا ولا وسعا لإظهار أنفسهم بأنهم الأكثر كفاية والأجدر بالثقة، وهم يكذبون وينافقون يراوغون ودائما ما يخدعُون الطيبين أصحاب النوايا الحسنة، ويستخدمونها اي مطية للوصول إلى هدفهم وتحقيق مصالحهم، وكثيرا ما يستخدمون غيرهم أداة في أيديهم للطعن في خصومهم، وأداةً طيِّعَةً تصنع لهم المجد الزائف! كانوا يحلمون بأن يكون من أبسط موظفي الدولة وتسلّقوا على دماء الشُهداء فلا رجاء منهم بعد ان خانوا الامانة، هؤلاء يجيدون الأكل على كل الموائد، ويتظاهرون بالصدق والطيبة والتفاني والإخلاص، ويدَّعون الفضيلة ويزعمون أنهم من أهل الفضل والتقوى والصلاح، ويدَّعُون أنهم يقدِّمون المصلحة العامة على مصالحهم الشخصية، ويتظاهرون بما ليس فيهم، ويقولون ما لايفعلون، ويعظِّمون أعمالهم  وإنجازاتِهم ولو كانت قليلة وغير مهمة، ويفتخرون كثيرا ببراعتهم، ويمدحون أنفسهم وينسبون لها كل الفضل، ويمجِّدون بأعمال لم يؤدوها ولم يقوموا بها، أو ربما شاركوا فيها بما لا يُذكر من الجهد !فهم مجرد لعبة أتت للتآكل مما تبقى من فُتات ِ الفساد، الذين يتاجرون بأرواح الأبرياء لا أمل فيهم؛ فمن يبيع ويتاجر بالموت ،لا يقدم لك سوى سِلعتهِ «النفاق » والإرجاف والهبوط، والإنكسار والخوف. أكتاف ،حقاً هذا الوطن عظيم ولكن البعض من سياسية تدحرجوا،من مناهجهم، وتاريخهم وقيمهم ..لينطلقوا إلى هاوية كنوز المال الحرام، لينزف الوطن من صراعتهم  الجهوية والطائفية العبثية ، و فتن وأزمات ،صعدوا على اكتاف ابناء عشائرهم و مناطقهم و محافظاتهم بالكذب والدجل ولم يقدموا لهم سوى الوجع والألم والمعاناة وحماية السراق والفاسدين وتصرفوا بخيراتها من الأموال في ملئ جيوبهم من السحت الحرام ، ولكن" النعش خفيفاً عندما يكون على اكتاف الاخرين*كما يقول المثل الروسي ،ولا اريد ان اعمم هذا المصطلح الوصفي  لأنه ليس بظاهرة عامة، بل هي فئة قليلة ضالة من المتعطشين بالصعود على أكتاف أصحاب الهمم للوصول إلى أهداف وهمية مستغلين هذه المرحلة التي يعيشها الشعب من فوضى الانتكاسات التي جنتها ايدي هؤلاء العبثيين ويحتاج الى ارادة أصحاب الهمم والاهتمام الكبير من ابناء الوطن للوصول الى المجد  .
 عبد الخالق الفلاح
* صعود السلم الوظيفي او صعود إجتماعي او الحزبي على حساب أقرانه من أفراد المجتمع 
 
 

118
الاهمية المثلى للمشاركة في الانتخابات
المشاركة فى الانتخابات وإبداء الرأى فى الاستفتاءات، حق وواجب على كل مواطن اذا اراد الاصلاح بحسب ما نص الدستور والقانون، ولا يوجب التخلف في اداء هذا الواجب حتى في حالة وقرة القلب والعقل على أنه لا جدوى من العملية الانتخابية من الأساس، وأنه ليس طرفا أصيلا فى اختيار أعضاء الحكومة المراد تشكيلها، أو لعدم قناعته بالاصلاحات التي ترددها قيادات تلك المنظومة أو مخادعة المرشحين بالدعوة لها ،الانتخابات هي من أبرز سمات التداول السلمي للسلطة وحق طبيعي للمشاركة فيها ،كما وإنها تعد ركيزة هذا التداول والتي بواسطتها تنتقل السلطة او الحكم من شخص او حزب الى اخر وبحسب نوعية النظام بطبيعة الحال.
 إجراء الانتخابات بصورة شفافة مسألة حيوية ونقطة تحول بالنسبة إلى مستقبل العراق اذا جاز التعبير  على كل الصعد، على رغم من وجود تباين حقيقي بين الكتل والاحزاب ومواقف بين السياسيين حول موعد إجراء الانتخابات في موعدها حسب مصالح تلك المنظومات ،لا حاجة أبناء الشعب  ويعتبر زيادة الوعي العام بالعملية الانتخابية عاملا اساسياً في زيادة نسبة المشاركة في الحياة السياسية بشكل عام والعمليات الانتخابية بشكل خاص، ومن هذه الحقيقة  على الإدارات الانتخابية الالتزام بنهج التوعية والتثقيف بالعملية الانتخابية، بهدف زيادة وعي المواطنين بأهمية المشاركة السياسية، وأهمية المشاركة المثلى في العملية الانتخابية؛ من خلال ممارسة الحقوق المدنية والسياسية بفاعلية ؛ بما يشمل مختلف شرائح المجتمع كالشباب و المرأة.
وظيفة الانتخابات تكمن أساسا في تمكين الشعب من اختيار ممثليه بحرية تامة وستشهد الاسابيع القليلة القادمة وقوف العراقيين على أبواب الانتخابات النيابية الجديدة ، رغم ان عدد من القوائم والمرشحين بدأوا حملة للانتخابات البرلمانية  بشكل سلبي يدل على قلة الوعي لا بل الجهل  المطلق والاستخفاف بالقيم الانتخابية وارثنا الاجتماعي  وعدد مضاعف من الكاميرات حتى يعيدوا اللعبة ذاتها التي يجيدونها كل أربع سنوات والاستهتارالكاوبوي بعيداً عن الاخلاق الديني والقومي والمذهبي، وفات عليهم من أن الجماهير أصبحت أكثر وعيًا وإدراكًا، وخصوصًا أولئك الذين نالوا المعاناة والفقر من جراء المناكفات والتناحر على المصالح وغياب خطط العمل لبناء مشروع العراق القادم .
 المواطنون اكتشفوا مدى حاجتهم لنظام سياسي يمتلك شرعية السلطة من مصدرها الصحيح وهو الشعب الذي سوف لن يصدق وعود الساسة الكاذبة خلال حملاتهم الانتخابية التي لا يبغون من ورائها سوى المزيد من المكاسب السياسية والحفاظ على مناصبهم ولا يمكن التعامل مع الوجوه التقليدية التي أثبتت فشلها خلال المرحلة الماضية، ويقف في الجانب الاخربينهم بعض السياسيين والإعلاميين، وأولياء نعمتهم الذين يدعون زيفاً حرصهم على الاصلاح والديمقراطية، يطالبون الشعب بعدم المشاركة فيها وهناك من القوى التي تحرك المجتمع سياسيا، وتدفعه باتجاه انتخاب الوجوه القديمة  والكتل التي لم يجني منهم العراق وابنائه سوى التخلف والرجوع الى الخلف بدون أن تعي السبب الحقيقي لفعلته، ولكن مهما بلغت حجم الحملات فان الارادة اصبحت كبيرة عند المواطن وعرف المستور ، بعد أن ذاق الأمرّين على يد الأنظمة الدكتاتورية السابقة وحتى بعد سقوط النظام البعثي حيث لا أحد يمكنه نكران الاستياء الكبير الذي يسود الشارع العراقي من السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة بعد العام 2003، واخفاقها في توفير المشاريع الخدمية وتفشّي ظاهرة الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة مقابل ضعف كبير في مجال محاربته أو الحد منه . وما تلى ذلك من فساد استشرى في مؤسساته وفشل السياسيين في بلورة فعل سياسي موّحد يبني الدولة العراقية المتطورة والمستقرة، و ان يحرصوا على ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال توافر المقومات المؤدية إلى هذه المخرجات الديمقراطية الحامية لحقوق الفرد في مجال الحريات والعيش الحر الكريم ، الحملات الانتخابية يجب ان تقترن بحملات إعلامية عن هذا الحدث المهم في المسيرة السياسية للعراق بصورة سليمة ودقيقة بأقلام شريفة وتعكس المفاهيم الواقعية للناخب ومع العلم ان الماكينة الإعلامية المُشتراة قادرة على أداء الدور السلبي بصورة عالية، بالأخص إذا كان الهدف الربح المالي، فبعض الإعلاميين مدفوعين بأوامر من المؤسسات التي ينتمون لها .ولكن بالعكس من ذلك هناك إعلامي وطني حريص على نظافة الانتخابات ونقل الصور الحقيقية ودحر الكذب وكشف المسيئين وهذا واجب لايعلوه واجب في هذه المرحلة المهمة ويقوم بتسليط الضوء على المرشحين بمساحة واحدة. لقد
اصبح ثقيف الناخب ودعمه بالفكر الذي يساعده على الفرز بين الصالح والطالح والشعب العراقي يمتلك من الوعي والثقافة ما يمكنه من الفرز بينهم في انتخاب الاصلح و مراقبة الطارئين على مهنة الاعلام الشريفة وفق معايير دقيقة وعدم السماح لهم بتلويث هذه المهنة .يُضاف إلى ذلك حملات الكتل والأحزاب المشاركة، والشخصيات التي تنوي الدخول في هذا المحفل الانتخابي، لكل حزب هدف يسير على هدْيهِ، ولكل كتلة مآرب تقسم على المادي وسواه، الإعلام الوطني الحقيقي بأشكاله وأنواعه هو الذي يقدّم الصلحاء إلى الشعب وجمهور الناخبين و ما هو إلا أداة الذي يوصل الناخب بالمنتخَب ، والفكر والبرنامج والمشروع الأفضل وهو الذي يرتقي بالمرشَّح إلى مقعده في مجلس النواب، هذا إذا افترضنا انتفاء حالات التزوير والترويج غير المشروع للمرشَّحين.وللعلم فان الانتخابات هي الالية التي يتمكن من خلالها الشعب في اختيار الاشخاص الذين يراهم مناسبين لإدارة السلطة.والأمر ينطبق على مختلف الانظمة السياسية لا سيما الديمقراطية منها باعتبار ان الانظمة الدكتاتورية ايضاً تلجأ للانتخابات في كثير من الأحيان لكنها تهدف لإضفاء نوع من الشرعية العلنية سواء كانت امام الجماهير او حتى على مستوى الاعتراف الدولي عبر استخدامها بطرق عدة لتزوير الانتخابات أو ترهيب أو الكذب والفبركة على الضعفاء وإجباره على اختيار حزب او شخص معين او تقديم الرئيس باعتباره مرشحاً وحيداً للبلاد واعطائه زخما لا يستحقة لا هو والكتلة او الحزب الذي يتراسه، اما في الانظمة الديمقراطية فالأمر أكثر وضوحاً عبر اتاحة كامل الحرية للشعب في التصويت واختيار من يمثله. وخلق حالة التجديد في الرؤى السياسية والبرامج والقيادات، وإبداء الحرص الكبير على إنجاح هذه الفرصة، من خلال معرفة ماهية الأخطاء الكبيرة للطبقة السياسية ومعالجتها، وعدم السماح بتكرار الأخطاء تحت أي مبرر كان، والشروع الفوري بتصحيح البرامج السياسية، وإطلاق حملات لزيادة وعي المواطن في الحرص على انتخاب الأصلح للعمل الوطني والسعي التام على تغليب الهدف والمكسب العام على الخاص والجمعي على الفردي.
عبد الخالق الفلاح – باحث وإعلامي
 

119
الشرعية الحقيقية والوعود الكاذبة
لا شرعيةَ لأيِّ عملية سياسية أو نظام سياسي حقيقي إلأ بأن يكون للشعب الارادة والشرعيةُ، شرعيةُ الشعب، والديمقراطيةُ هي وسيلةٌ لتنفيذِ ارادته في تحقيق تلك الحكومة او النظام الصالح الرشيد الذي عليه ان يعمل على تحقيق متطلباته في وطن عزيز وسعيد وكريم، وضرورة دعم الجهود الرامية للاصلاح الحقيقي في تلك الحكومة واصلاح السياسات التي ترتكز على تطوير مؤسسات وطنية فعالة، وتشجيع القدرات الوطنية  و دعم  منظمات المجتمع  المدني لتزويد الشعب العراقي بأدوات تعزيز الطلب على المسائلة والشفافيه والمطالبة بالاصلاح المؤسسي ، وتعزيز الاداء  باجراء تعديل  جوهري لاصلاح هيكلية الدولة لتحسين وتفعيل آليات العمل بما يشمل تحقيق قفزة نوعية في الاداء بالخدمات، تتبعَها خطواتٌ جادةٌ وليستْ شعاراتٍ ووعوداً وتمنيات لشعبُ يطالبُ بالعدالةِ الاجتماعيةِ والحياة الحرة الكريمة والحريةِ والامنِ وفرصِ العملِ والخدماتِ الاساسية، وهذه ليستْ مطالبَ مستحيلةً، بل هي في صُلْبِ مسؤوليةِ أيّةِ دولةٍ تمثّلُ شعبَها وتدافعُ عنه ،فهم امنه ووسيلة  في أيِ اصلاحٍ حقيقيٍ وصولاً الى عراقٍ مزدهرٍ قوي ضامنٍ لأمنه واستقرارِه ينعمُ فيهِ ابنائه بحياةٍ حرة عزيزة، ولا شرعيةَ لأيِّ عمليةٍ سياسيةٍ أو نظامٍ سياسيٍ لا يعملُ على تحقيقِ مطالب ابنائه وبما يسمحُ بأقصى درجاتِ الشفافيةِ والنزاهة في العمليةِ الانتخابية القادمة في اختيار الاصلح وهو حقٌ مكفولٌ دستورياً وديمقراطياً والشعب يستحقُّ هذا الحقَّ ومن الحيفِ حرمانُه من ممارسةِ حقه، من قبل  المتربصينَ والمتحجرين ، وعبر وسائلِ الاعلام من ترهيبٍ غيرُ مقبولٍ لا دستوراً ولا قانوناً وهو يمثلُّ ضربةً في الصميم لقيمِ العراقِ الدستورية. ان ما يمر به العراق ليس بحاجة للحوار بين الكتل السياسية الحالية كما يحاول البعض من السياسيين الحديث عنها والتي تسيطر على زمام الأمور وتتحكم به ، أن ما يعانيه هو بسبب التناحر بين هذه الكتل السياسية التي اعتادت عليه وتعودت الجماهير على استمرار هذه الخلافات التي لم يجدي الشعب منها شيئ غير الخسران  وتتصاعد حدتها هذه الأيام مسرحيات هزيلة من أجل الحصول على المكاسب والوصول الى تقسيم المناصب بطريقة المحاصصة التي كبدت البلاد خسائر مادية وروحية جسام.
و يجبُ ضبطُ النفسِ والمحافظة على كرامة الانسان العراقي ووحدة ابنائه  ومنعُ تكرار هذه الممارسات التي لا تعطي ثمارها في هذه الجو المتشابك والكئيب  و في الظهور عبر تلك الوسائل حفظ لشأن الأشخاص وعدم هدر كرامتهم وحفظُ مساحة الحرية الفردية والجماعية بينَ ابناءِ الوطنِ وطرد اعداء الاصلاح والتغيير وهم أعداءُ الشعب، ويجبُ أن الوقوف صفاً واحداً  لمنعِهم من تحقيقِ مآربِهم الشخصية الوصولية والتسلق الى المسؤولية وواجبُ الإعلام المسؤول عدم إفساح المجال  للغوغائيين في الظهور في تلك الوسائل صيانة  الكرامة الانسانية من العبثيين والمهرجين والابتعادُ عن التأجيج، لتوفير أرضيةَ البدءِ بالإصلاحِ الحقيقي بعد اختيار عناصره ، ولن يكونَ بالإمكانِ تطبيقُ هذه المفرداتِ إلا برقابةٍ شعبيةٍ حقيقية، وحريةٍ وشفافيةٍ في تداولِ المعلوماتِ وضمانِ حريةِ الإعلام لحفظ تطلعات الوطن وتحترم إرادة الشعب  لأنه  هو صاحب القرار في اختيار من يأتمنه على إدارةِ شؤونِه وأمورِه في وضع استراتيجيات لتصعيد  النمو الاقتصادي في تقوية القطاع الخاص لأنه امر حيوي لمواجهة البطالة والفقر وعدم الاستقرار فى العراق. واصلاح المؤسسات العراقية الاساسية وممارساتها وبناء قدرات المؤسسات العراقية لضمان النمو الطويل الأجل وتحسين المؤسسات العامة لجميع العراقيين. ان في هذه الاستراتيجية زيادة فرص الوصول الى الخدمات العامة وتحسين القدرات الزراعية ، والخصخصة وتنمية الأعمال. و برامج ستعزز قدرة العراقيين على الوصول للخدمات بيسر مما يضمن الوصول الى فرص النمو الواقعي . والممارسات الحديثة في الزراعة والاقتصاد . ومن اجل تشجيع الاستثمار والاستثمار تقوم على وضع اطار تشجيعه عن طريق خلق الأفكار الجديدة وتقنيات طرق لادارة أعمالهم وتقليل البيروقراطية في المراجعات ، مما يساعد على إرساء أسس قوية لاقتصاد البلد
عبد الخالق الفلاح
 

120
العراق ..بين النمو السياسي والتحجر الفكري
اليقظة تعني التحرزعما ينبغي و كمال التنبة و الاسْتِعْدادُ للقادم ، وكُلَّما قَوِي الايمان وتمَكَّنَ نورُه مِن القَلْب يزداد حَالةُ اليقظة ، واسْتَنارَ القلبُ برؤية الطَرِيقِ السوي،العراق بلد الحضارات والتاريخ والثقافة الى جانب العديد من البلدان القوية حضارياً يعيش اليوم ازمة كبيرة و لقد امتلأت البلاد بالمبادئ الباطلة والمنحرفة عقلياً وتنسيبها للدين، أو المنحرفة سياسياً وتنسيبها للديمقراطية والانسانية والمبادئ الخلاقة او الاصلاحات ظلماً ولمتجني الشعوب إلأ الضيم والمعاناة والخراب ، كما نشاهده في العراق كلما اقتربنا من الانتخابات تسوء الاوضاع عن ما كانت عليه من فوضى وانتكاسات اخلاقية في الممارسات والاعتداء الفجمن البعض على البعض الاخر على الهواء، والتضيق على الاراء بالتهديد والوعيد والارعاب،وبالهمز واللمز والسباب ،بدل ان يكون مؤشر على ذروة النضج السياسي والشعور بالمسؤولية لدى هؤلاء ومن هنا لذا يوما بعد يوم تنكشف الاوراق الباطلة ويفقد المواطن الثقة،بما يصنع بالوطن من قبل حكام العراق الحالين، دون ايجاد اي حلول للمعضلات والمشاكل،السياسية والحقوقية والأمنية والاقتصادية، ومنظور العلاقة بين مكونات المجتمع المتقابلة،الموالية والمعارضة السياسية والحقوقية في الجانب الآخر، وباقي المواطنين من الصامتين،ولاشك ان الحوار الوطني الصادق من قوى الخيرالمصدومة والمجبرة على الصمت في الوقت الحالي خوفاً من ان تكون ضحية بيد الفوضويين والعابثين تحتاج الى الارضية السليمة بمساحات الامان والنقاء و ان الحاجة اليوم ماسة اكثر من اي وقت مضى للعمل بعزم جاد في مسارالاصلاحات بيد المصلحين الحقيقيين لا العابثين والمتطفلين والمصابين بالتحجر الفكري.
فن السيادة السياسية  فن خاص يحتاج إلى معرفة وحكمة وتجربة ومرونة، في كيف يأخذ؟ وكيف يعطي؟ وكيف يدير؟ وكيف يتغافل؟ ومن يصادق؟ومنيتارك؟ إلى غيرها، وأكثر الشعوب اليوم بعيدون عن هذا الفن،ومنقادون من قبل حكامهم إلى حيث مصالحهم ، ولذا تراهم محكومين بافكار غير مناسبة مع مجتمعاتهم، دون توفير المساحة اللازمة للحرية والمؤسسات والأنظمة وأن توفر لأنفسها هذا الفن عملياً،حتى تتأهل لقيادة الحياة والتقدم بالامة إلى الامام.والقوى السياسية الحقيقية عليها مسؤولية في أن تستهوي الناس أدبياً ومادياً، و يقول الكاتب والمؤرخ الراحل محمد حسنين هيكل: «إن تاريخ كل أمة خط متصل، قد يصعد الخطأ و يهبط، و قد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع ،وهكذا نرى مستقبل بلادنا  وذلك يتوقف على عدة عوامل، التي من جملتها النظام، والجماهيرية،والنتائج الحسنة، والدعاية الصادقة، وقضاء الحاجات، والمبادرة، والشجاعة، واستباق الزمن،والتجدد، ومواكبة الحضارة، وغيرها، فالناس إذا رأوا نظاماً دقيقاً، والتفاف الناس حول شيء أو اشخاص لديهم الحس الوطني وايمانهم بحق المواطنة تحتاج الى تجربة ، وإن نتائج هؤلاء أو المؤسسة اذا كانت ناجحة و رفيعة، ولها مبادرات، وغيرذلك، التفوا حولهم، وبقدر التفاف الناس يتمكن الإنسان أن يخدم بلده.القيادات السياسية عليها أن  تفهم  عالم السياسة ، والتيارات الجارية من مختلفا لجوانب، والتيارات التي تأخذ في النمو أو في الذبول، واحتمالات المستقبل القريب والبعيد، والمعاكسات والمعالجات،والحلول، والمتناقضات التي بين الكتل والفئات،إلى غير ذلك من الممارسات السياسية، فإن لم يكن ذلك تكون أقوى الحكومات معرضة للسقوط والاضمحلال، فكيف بمثل البلاد الإسلامية التي تأخرت إلى الذيل في هذاالقرن و إني أرى وجوب تفهم جميع أفراد المجتمع السياسة بقدر ما يتناسب، مع مفهوم اوليات السياسة وارتباطه بكل شؤون الإنسان، وعدم تفهمها بالإضافة إلى الجهل الفاضح، يسبب تأخير أفراد المجتمع  في مختلف ميادين الحياة...
عبد الخالق الفلاح

121
الانتخابات..الشفافية والمشروعية
إحدى الإشكاليّات الكبرى فى التحوّلات الكثيرة عند دول العالم النامي إلأ القلة القليلة منها من أنّ الطروحات السياسيّة لم تحمل سوى شعارات الإطاحة بالأنظمة عن طريق الانقلابات ، دون الإجابة بشكل شفاف وحقيقي على السؤال حول ما يجب إقامته من «نظام» ضمن مشروعٍ واقعيّ يتمّ التفاوض عليه مع جميع فئات المجتمع ومع مؤسسات الدولة .
 لقد جرى إبراز شعار الديموقراطيّة عبر الانتخابات كى يأتى حكم «الأغلبيّة»، دون بذل جهدٍ كبير لتوضيح ما يُمكن أن يعنيه هذا ، ولم يأتِ فشل التغيير فقط من لجوء السلطة الحاكمة إلى العنف للحفاظ على ذاتها، بل أيضا وخاصّة من أنّ كثيرا من حاملى التغيير لم يتمكّنوا من الحصول على ثقة فئات كبيرة من ذلك المجتمع لإحداث التغيير المنشودة.
تعتبر الانتخابات شفّافة عندما يخضع كل إجراء من إجراءاتها للتدقيق، ويتحقّق أصحاب الشأن بكل استقلالية مما إذا كانت العملية الانتخابية جرت بنزاهة ودقّة. يرتبط مبدأ الشفافية بالحقّ الأساسي لكل فرد بطلب وتلقّي ونقل المعلومات التي تشكّل عناصر حرية التعبير، وكذلك بحقّه بالمشاركة في الحكم وإدارة الشؤون العامة،ومن الضروري أن توضع عملية صنع القرارات موضع تدقيق، على أن يحظى المواطنون بفرصة كافية لإبداء ملاحظاتهم وآرائهم حولها. ومن الضروري أيضاً أن توضع المعلومات المتعلقة بكل مراحل الدورة الانتخابية في متناول المواطنين، بمن فيهم الناخبون والمرشحون. فضلاً عن ذلك، يجب الاستعانة بمراقبين معتمدين، محايدين كانوا أم حزبيين، لمواكبة العملية الانتخابية بجميع مراحلها، وأن يُسمَح لهم بالتعليق علناً على مجرياتها، من دون الخضوع لأي قيود غير مقبولة. عندما يحظى المواطنون بفرص متكافئة وعادلة لخوض المعركة الانتخابية بهدف الفوز بمناصب في الحكم. فالمنافسة السياسية هي ركن أساسي في الانتخابات التي تعكس حقاً إرادة الشعب، عدا عن أنّ مبدأ التنافسية يحيط بكل جوانب الانتخابات على امتداد الدورة الانتخابية. لا بدّ من أن يسمح الإطار القانوني للمواطنين بالتجمّع وتسجيل الأحزاب السياسية لتمثيل مصالحهم، وتوفير إمكانية الترشّح للأحزاب و/أو المرشحين، وتمكين الأحزاب والمرشحين من تنظيم الحملات الانتخابية، وفي المقابل الناخبين من الإدلاء بأصواتهم من دون التعرّض لأي ضغوط غير مشروعة، أو لأعمال الترهيب والعنف.
الأنظمة الانتخابية تتضمن مجموعة من القواعد التي تحكم جميع أوجه عملية التصويت: موعد الانتخابات، من يحق له التصويت، من يحق له الترشح، كيفية تمييز بطاقات الاقتراع والإدلاء بها، كيفية عد بطاقات الاقتراع، محددات إنفاق الحملات، وباقي العوامل التي قد تؤثر على النتيجة. أنظمة الانتخابات السياسية يتم تحديدها في الدساتير وقوانين الانتخابات، ويتم تنفيذها عادة من قبل لجان انتخابية وقد يتم استخدام أكثر من نوع واحد للمناصب المختلفة.
ويعتبر التصويت في العالم الحر وسيلة هامة وأساسية يمكن للأفراد من خلالها التأثير على القرارات الحكومية. والتصويت هو قيام الفرد باختيار أحد المرشحين لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تتولى إعداد القوانين أو في بعض مناصب اتخاذ القرارات. تم الإقرار بالحق في التصويت كأحد الحقوق الأساسية إلا أنه لم يتم بعد احترام إعماله فيما يخص الملايين من الأفراد في مناطق العالم المختلفة. إذ تحرم العديد من المجموعات من التمتع بهذا الحق كغير المواطنين وصغار السن وبعض الأقليات ومقترفي بعض الجرائم والأفراد المشردين والجماعات المشردة داخليا فضلا عن أفراد وجماعات أخرى من أولئك المحرومين من التمتع بالحق في التصويت لأسباب مختلفة بما في ذلك الفقر والأمية والاضطهاد والخوف وعدم سلامة إجراءات العملية الانتخابية. الضمانات الواردة في المادة 25 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ذات أهمية بالغة فيما يخص الضمانات المتعلقة بالحق في التصويت وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وهي أيضا ذات صلة وثيقة بعدد من المواد الأخرى وعلى نحو خاص ما ورد في المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (انظر أدناه). وبخلاف ذلك فقد أقر العهد أيضا ضمانات تخص الحق في حرية التعبير (المادة 19)، والحق في التجمع السلمي (المادة 21)، وحرية تكوين الجمعيات (المادة 22) والحق في عدم التعرض للتمييز (المادة 26).
  يطلق على دراسة طرق الانتخاب المعرَّفة اسم نظرية الخيار الاجتماعي أو نظرية الاقتراع، وقد تُطبَّق هذه الدراسة في مجالات العلوم السياسية والاقتصاد أو الرياضيات وتحديداً في مجالات نظرية الألعاب و‌نظرية تصميم الآليات. تم وضع براهين مثل نظرية الاستحالة توضح في حال توفر ثلاث بدائل أو أكثر لدى الناخبين فإنه من غير الممكن تصميم تصويت تراتبي يعكس التفضيلات الشخصية على شكل تفضيل عام للمجتمع بشكل يتناسب مع التمثيل النسبي و‌التصويت التعددي، التداول على السلطة عبر الانتخابات يعنى بالدرجة الأولى تفاوضا مع قوى المجتمع ومع مؤسّسات الدولة وحتّى مع السلطة الحاكمة أو جزءٍ منها حول مشروعٍ يجد فيه الجميع مكانّهم و يمنحون ثقتهم لتحقيقه. والتداول السلميّ على السلطة، عبر سبيلٍ غير الانتخابات، هو التفاوضٌ حول المشروع مع ذات القوى والمؤسّسات.
اما دولياً فيحق لكل دولة من ان  تقديم طلبات المساعدة في إجراء أي انتخابات من قبل رئيس الحكومة أو وزير الشؤون الخارجية في الدولة العضو في الأمم المتحدة. في بعض الظروف، ويمكن أيضًا اعتبار الطلبات المقدمة من كيانات أخرى مثل الوزارة المشاركة في تخطيط وتنفيذ الانتخابات أو اللجنة الانتخابية مقبولة ولا يمكن قبول طلبات المساعدة الانتخابية المقدمة من المجموعات داخل السلطة التشريعية، من الأحزاب السياسية، المجتمع المدني أو الكيانات الأخرى.
عبد الخالق الفلاح

122

السياسيون العراقيون وصوت العقل
السياسيون في العراق مع الاسف كلٌ يقرأ الأزمة بعيداً عن المنطق والعقل وضمير المسؤولية ووفق ما يشاء دون النظر الى حقيقة الامور بواقعية ومن هنا غلبت عليهم التشرذم والانقسام على حساب الشعب والامة وفي ضوء رؤيتهم الخاصة لانهم لا يقرأُون التَّاريخ خلال المعطيات الصحيحة والسليمة وإِذا قرأُوه إِستثنى كلُّ واحد منهم  نَفْسهُ من دروسهِ وعِبَره ،دون فهم من ان  السياسي الناجح هو الذي يبلور كل طاقاته وعطائه من أجل شعبه والذي يحافظ على هوية بلده ويتعامل مع المشكلات بروح المسؤولية الوطنية بنظرة ثاقبة ونبذ الخصومة والاستفزاز والتحلي بالتسامح والمرونة وترسيخ الحوار البناء وأن يوحد الخطاب والرؤية لتجاوز الخلافات وتعزيز الثقة المتبادلة ، عكس ما نراه من تسقيط وتهميش واستقصاء للآخرين كلما اقتربنا من موعد الانتخابات المزمعة في 10/10/2021 ، وعدم خلق أجواء مناسبة لان الوضع السيئ الذي وصل اليه البلد وعدم توفير بيئة آمنة لإجراء الانتخابات المبكرة والتهديدات الاقصائية ، كلها عوامل تؤكد أنّ لا تغيير واضح سيحصل ستبقى الامور على شاكلتها وفي توفير أجواء مواتية لأجراء انتخابات حرة نزيهة و تفضحه الوقائع اليومية المأساوية ومعاناة الملايين المريرة .
من الضرورة  العمل على حماية المستقبل رغم الهوامش والعلل بسبب قصر النظر و المصالح الفردية والحزبيَّة والعشائرية والمناطقية ،في ظلِّ كلِّ هذه الأَزمات والمخاطر والتحدِّيات العظيمة التي يمرُّ بها الوطن الذي يحتاج الى قيادة تسجل لهم التاريخ و لبلدهم صفحة مشرقة و هو اول من صنع الحرية والاستقلال في المنطقة ، في اتخاذ خطوات فعالة للتعامل مع التغييرات بشكل دائم وتحديد الأولويات المجتمعية من دون غلو وكشف التحديات  وتصميم الاستراتيجيات المناسبة للنجاح و تجنب الفشل في خلق الحلول المناسبة لأي مشكلة في التنفيذ إذا ما كان هدفها البناء وكشف عناصر نوعية ذات خبرات تراكمية عميقة وذوات كسب سياسي قوي ومهني وذوي اختصاص بالمجالات و لا يمكن أن تكون إلا بالوسائل الصحيحة وتديرها مجموعات صالحة بعيدة عن المصالح الضيقة والفوقية والمتعالية واحتضان الكفاءات الكفيلة بتأمين الاجماع وتكون الاعتراض حول خطوات التغيير اولاً باول، وتحيطها بحزام الأمان من أي اختراق المتصيدين في الماء العكر وبدعم خارجي ، وإلا كانت العمليات فاشل ، ولا تتجاوز التصريحات والصخب الإعلامي المستهجن نحتاج الى  خطوات حثيثة قابلة للتطبيق باتجاه ترسيخ التطبيع بين أبناء المجتمع بكل مكوناته ضد ثقافة كراهية الآخر ونبذ التطرف  والتي لم تنشا من فراغ بل كانت نتاجاً الافكار المتطرفة  التي دفعت وتدفع لترسيخ الكراهية والتي تعمل نفس الوجوه القديمة عليها  . المطلوب من السياسيين العراقيين بكافة انتماءاتهم الى تفضيل المصلحة العراقية العامة على المصلحة الحزبية أو الشخصية الضيقة واللجوء الى الدفع باتجاه توحيد الكلمة ولم الشمل للخروج من عنق الزجاجة . وايقاف التصعيد والتشنج والخطاب الاعلامي المشحون بالضد والعداء والممارسات المستهجنة للجهلة باسم الدين  والجلوس على طاولة الحوار سياسيين لخدمة المجتمع وإيجاد معالجات صحيحة المشاكل والمعاناة والضيم والظلم الذي مس أفراده وتذويبها من خلال العودة الى الدستور ورفض أي أسلوب للتفرد والتهميش،  عندما يبتعد أصحاب القرار من هؤلاء عن المجاملة والتغطية عن الفاسدين والفاشلين المطالبة بتطبيق القانون تطبيقاً سليماًوفق ما له وما عليه نستطيع حينها أن نستبشر بخير ولكن بعد 18 عام من المعاناة و النكبات فلم يتعظوا من الانكسارات التي اوصلت البلد الى عمق وادي التهلكة وانهيار كل مفاصل الدولة  . ولم يعملوا شيئ للوفاء  للدماء التي سالت والذين سقوا الأرض بدمائهم الزكية وعوائلهم الكريمة التي أنجبت أروع الأبطال الذين يحملون الغيرة بقدر عال ولجميع المقاتلين الشرفاء بمختلف صنوفهم وفصائلهم ورتبهم ولهم حق في رقبة كل  متصدي لخدمة العراق ولا يوجد أثمن من ما يقدم من الدم و ليس من المعقول أن يبقى البلد بين صراعات سياسية ومشاكل تنموية وتأخر عمليات الإصلاح وبقاء التهديدات الأمنية . لا يمكن للحكومة والسياسة العقلانية أن تتحقق دون دولة العقد الاجتماعي و العقد الوطني المعبرين عن كل المجتمع بعيداً عن أية سياسة عبثية إقصائية فاسدة . العراق بلد يمتلك كل مقومات النهوض ليصبح في قمة المهام ويمتلك الكفاءات والكوادر والخيرات من نفط ومياه والموقع الجغرافي المهم ، لكن يعيش في حالة من الفقر بسبب فقدان المشتركات  وخروج الطاقات العلمية الى خارجه لتغليب الاقوى سياسياً بنكساراته وهفواته وزلاته وليس الاجدر والاقدر والاكفءعلمياً .
عبد الخالق الفلاح
 

123
مؤتمر "التعاون والشراكة" ماله وما عليه
لا ننكر ان المؤتمرات أفضل طريقة تجد فيها من يشترك  معك في الفكر والقضية، وقد تجد من لديه حل لمشكلات تواجه المجتمع، وهناك دراسات تقول بأن أكثر الحلول تنبثق عبر التفاعل المباشر أثناء المؤتمرات واللقاءات ليس فقط من خلال الأوراق التي تقدم ، و من لقاءات غير مخطط لها، في المحادثات الجانبية والنقاشات على هامش تلك المؤتمرات واللقاءات.
المؤتمر هوحدث يتم تنظيمه من قبل جهة تهدف إلى جمع أعداد من الشخصيات في مكان محدد ووقت محدد من أجل مناقشة بعض الأمور المتعلقة بموضوع يهم جميع المشاركين الذين تتم دعوتهم إلى ذلك الحدث، وغالبًا ما تتَّخِذُ المؤتمرات صفة الرَّسمية ويتمخَّضُ عنها العديد من القرارات تجاه موضوعات النقاش التي تطرح فيها ، ويدخل في تعريف المؤتمر في استمرار الجلسات الحوارية بين الاشخاص المدعوين إلى المؤتمر لمدة يوم واحد او اكثر وفق جدول أعمال مدروس ومُخطط له مسبقًا من قبل الهيئة أو الأفراد القائمين على تنظيمه.
في العراق هذه الأيام يدور الحديث في كل الفعاليات السياسية والاعلامية  والمؤسسات المعنية عن اهمية  قمة " الحوار والشراكة" الذي يحاول جمع الأطراف الدولية " حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اللاعب الوحيد غير الإقليمي للمشارك فيه " والاقليمية " الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني،" ومسؤولين بمسميات ودرجات اخرى على طاولة مستديرة واحدة، تتبنى مناقشة معظم الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك لهذه البلدان، وما سينتج عنها من قرارات و عن اهميـة نتائج ومخرجات "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة " ورسالة تعافي ودوره في  تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة و التي  كانت الأنظار تتجه صوب عاصمة الحضارة بغداد وسط آراء متباينة حول مخرجاتها، رغم مشاركة دول فاعلة ومؤثرة في توجيه بوصلة الأحداث والصراعات والخلافات التي تعاني منها المنطقة و إلى أهمية عقد هذا المؤتمر للتعاون والشراكة لتعزيز الدور العراقي، وبناء شراكات اقتصادية مع دول المنطقة، وتحويل فضاء الصراعات والتوترات الموجودة في المنطقة إلى حالة الحوار، وبيان ان  سياسة العراق الخارجية مبنية على التوازن في علاقاته مع محيطه الخارجي، وتحويل العراق إلى مركز للتواصل والتفاعل الإيجابي وفي وقت يعاني فيه العراق تحولات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي. قمة بغداد الدولية واجهت الكثير من التحديات أهمها رفض حضور كل من ممثلي المملكة العربية السعودية وإيران إلى العراق للقاء وجهاً لوجه وبصورة علنية في حين سبق لهما أن التقيا قبل أشهر عدة في العراق وبصورة سرية للتباحث بعدد من الملفات التي يمكن أن تحسم بينهما و في حضور السعودية وإيران معاً وجمعهم على طاولة واحدة في هذه القمة، لكان قد شكل حدثاً بحدّ ذاته وكذلك حضور السيد بشار الاسد الرئيس السوري،وتجاوزات  تركيا، التي تنفذ عمليات متكررة شمال البلاد، التي تودي أحياناً بحياة مدنيين على الأراضي العراقية وهو ملف حساس آخر في دخول حدود البلاد لملاحقة المعارضة الكوردية.
المؤتمر الذي تم عقده  بمشاركة دولية وإقليمية وسعى العراق من خلاله استعادة دوره الإقليمي والاضطلاع بدور الوسيط بالشرق الأوسط من خلال تلك الفعالية التي تهدف انزع فتيل و الأزمات في المنطقة  ورغم ان المؤتمر كانت اجندته غير واضحة وحامت بشأنه تسريبات إعلامية كبير من الموضوعات الخلافية والشائكة والتي لا تكفي عدّة قمم ومؤتمرات لحلّها من قبيل تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران والحرب الدائرة في اليمن ووضع لبنان وأزمة المياه على مستوى المنطقة ومثل هكذا مؤتمرات تكون نسبة النجاح فيها نسبية ، ولكن في ظل الظروف الحالية التي يعيشها العراق تعد ذات أهمية كبيرة  ، فد تساعد على استقرار البلد على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية بشرطها وشروطها وهناك ملفات داخلية وخارجية  ذات تماس دولي واقليمي مباشر تحتاج الى استراتيجية متوازنة مع جميع الاطراف بما يضمن حل الخلافات ويقضي الجوار  الى توقيـع مايسمى بـ " اعلان بغداد للتعاون والشراكة " ضمن اطار بروتوكولي دولي ستكون جميع الأطراف الاقليمية معنية بها ،على ان يجسد الجانب العراقي في هذا المؤتمر سيادته الكاملة على أرضه والطلب من اجل التجاوزات الحدودية لدول الجوار وفي تحركاته السياسية بدعوة سوريا ما دامت القمة لدول جوار العراق وسوريا هي الدولة الثانية الأوسع حدوداً مع العراق بعد إيران ولان أمن واستقرار سوريا جزء من الأمن الوطني في العراق و هو الدولة العربية الوحيدة التي أعلنت بشكل واضح تأييده لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وتشترك معه في ملفات داخلية مهمة تتعلق بالتعاون من اجل ايجاد الحلول اللازمة لتسويتها ،وكذلك  الامن ومكافحة الارهاب والفساد،، والخدمات والاعمار والمياه، ومثل هذا الحدث  يجب ان يكون حدث مهم ليس للعراق فحسب وإنما للمنطقة بأكملها ويشترك فيه على اعلى المستويات  و يجب ان يكون  فرصة لبغداد في ضرورة إقامة أفضل العلاقات مع محيطه ومع دول العالم نحو خلق تكامل اقتصادي واجتماعي بين شعوب المنطقة ،و تكاتف الجميع من أجل مواجهة التحديات التي تعصف بهم.
عبد الخالق الفلاح

124
العراقيون يتطلعون لدولة خادمة لهم
يناضل العراق فـي الوقـت الراهـن مـن أجـل التصـدي بجد الإثـارت التطرف والعنف الطائفي والعرقي بـل ولابعاد البلد عن الحـرب الأهليـة ابعدنا الله عنها والتي هي ديدن البعض من السياسيين المتاجرين بالعملية السياسية ، وقـد تكـون الجهـود التـي تبذلها الحكومة لإنهاء العنـف قائمـة علـى رد الفعـل لدرجـة كبيـرة وتتسم  بقصـر النظـر والتركيز الشـديد علـى الامن بل فـي كثيـر مـن الاحيـان تتسـم هـذه الجهـود ذاتها ،العنـف عكس ما تعمل عليه الكثير من الدول وهو خيار العمل الاستخباري . والتي تبـدو الجهـود بأنهـا غير مكتملة وفيها الكثير من الثغرات التي تحتاج للترميم وسدها وكشف المتعاونين مع هذه المجموعات ، كما ظهرت في منطقة الطارمية وكشف الارهاب انيابه فيها ،بـل إنهـا تسـهم فـي دوامـة مـن الفوضى اذا استغلت من قبل بعض الجهات السياسية ونحن نقترب من موعد الانتخابات .
ان القادة بما يتصوّرون من رؤى وما يضعون من خطط وقيم لحكم بلد معيّن، إنّما يجب ان  يؤدّون دوراً محوري في تدعيم أسس السلام والتنمية بدل تزايد مظاهر الظلم وإشعال فتيل الصراعات. إنّ الفساد في الحكومة هو لاستغلال المناصب في تحقيق مكسب شخصيّ وإساءة استعمال المقتنيات والأموال العامّة، ويشتمل على الاختلاس، والغشّ والارتشاء بحجّة الخدمة العامّة. وفضلاً عن تقويض التنمية الاقتصاديّة لعدم وجود رقابة سليمة ،  الفساد لاشك فيه يقوّض أيضًا الحكم اين كان نوعه والفساد في الانتخابات وفي الهيئات التشريعيّة يقلّص المسائلة والتمثيل في عمليّة صنع السياسات؛ والفساد في القضاء يقضي على سيادة القانون؛ والفساد في الإدارات العامّة يؤدّي لتأمين غير عادل للخدمات. الحكومة اذا ما كانت واعية تتعامل على كيفية  مواجهة تهديدات الداخليــة أو الخارجيــة للامــن والاستقرار و ضمــان حمايــة حقــوق الاساسيـة لجميــع الأفـراد واحترامها وتعزيزها ، والتعامل ذلــك مــع المخاوف المتعلقة بالأمن القومي و المجتمـع؟ و الدور الأساسي يقع على كاهل ابنائها ليؤدي عموم الشـعب دورهم لخق و إنشـاء مجتمـع قائـم علـى سـيادة قانـون قوي ، و يمكـن للداعين لسيادة القانون حشد الدعـم لافكارهـم مـن أجـل التغييـر؟ والوقوف أمام التأثيرات التي تعيق العلاقات السياسـية و الاقتصاديـة والاجتماعيـة و علـى سـيادة القانـون أهميـة هـذا الأمـر والعمل على كيفية إدارة النهج التـي يمكـن اتباعها تؤثـر على سيادة القانون القوي وعلـى ديناميكيات السـلطة داخـل المجتمعـات؟
والتعامل مـع مقاومـة المبـادرات التـي تعـزز سـيادة قانـون قوي؟ إن حكومة الكاظمي منذ البداية كانت  تعد حكومة انتقالية وليست دائمية، فإن المأمول منها هو الإعداد لإقامة إنتخابات مبكرة والسعي بشكل جدي لإبعاد العراق عن الصراعات في المنطقة عبر العمل على إحداث التوازن المطلوب وصياغة سياسة خارجية جديدة تضع مصلحة العراق اولا، فضلا عن مسألة أساسية تتعلق بحصر السلاح بالدولة فقط بعيدا عن تحكم الافراد والجماعات المسلحة وذلك عبر إجراءات وصفها الكاظمي في أول حديث موجه للشعب الحاسمة. خلال المدة المقررة دستوريا للبدء بإصلاح الاوضاع في البلد. الانتخابات بلاشك هي خطوة إجرائيّة يختار بموجبها مواطني البلد ممثّليهم وقادتهم ويولونهم السلطة، ويجب أن تجرى الانتخابات وفق المعايير الدولية وبشكل منتظم لتحمّل المسؤولين المنتخبين مسؤوليّاتهم حيال الشعب وفق العقاب والحساب في حال الخطاء،العراقيون يتطلعون الى حكومة منبثقة وفق الأطر السليمة و كفاءات وعقول مخلصة ومتخصصة، وبعيدة عن المزايدات السياسية والحزبية خادمة لجميع أطياف الشعب دون استثناء يتم اختيارها بحكمة و بمعايير الإخلاص والتفاني  وليست على اساس الدين والمذهب والقومية والكتلة والمنطقة لتكون في مستوى المسؤولية الوطنية .
عبد الخالق الفلاح
 

125
طالبان تفصح عن مستقبل سياستها
ان المشكلة فيما يؤسس لها وصول طالبان لحكم أفغانستان الذي يمثل تراث بلاد الافغان الذي لم تزعزعه موجات التحديث الغربي ،بشقيها الليبرالي والماركسي، والمشهد الإنسانى الصعب والقاس على النفس فيه، أن ترى الناس يفرّون بحياتهم، تاركين بيوتهم وكل ما يملكون خوفا من سلطة تحكمهم، لدرجة أنهم يطلبون الحياة تعلقا ولو بالموت، هذا ما شاهدناه قبل أيام عندما خرج الأفغان يطاردون الطائرات الحربية الأمريكية ويتعلقون فى أجنحتها وعجلاتها، طلبا فى الغوث والهروب إلى مكان آخر بعيدا عن جحيم طالبان التى عادت للحكم بعد 20 عاما فى ظل تهاوى سريع للسلطة الأفغانية وهروب رئيسها ودهشة العالم لما حدث  ووصول الحركة حاليا وانتعاش حركات العودة الى نموذج الخلافة وولادة جيل من المتطرفين  المستعدين لمحاربة العالم المعاصر ونظامه الدولي ودخولها كابول والسيطرة على حكم البلاد دون أن تكرر نفس الأخطاء التي ارتكبتها في السابق عندما استولت لأول مرة على حكم أفغانستان عام 1996 لعلها امور صعبة التصديق و امريكا عند دخولها لافغانستان كانت تدعي لبسط الامن فيها ، ومحاربة الإرهاب، ومكافحة أي بوادر لنشوء مثل هكذا حواضن مستقبلا، إلا أنها لم تقض عليها بشكل كامل لا بل ترك الامور بيدها في السيطرة على زمام الامور وبكل بساطة، على الرغم من القواعد العسكرية الضخمة التي أنشأتها أمريكا في المنطقة والتي اثبتت انها تعمل  وفق نظرية الفوضى الخلاقة التي تتدخل بموجبها في شؤون الأمم وتترك الأمم مهيأة للقتال الداخلي فمتى يفهم زعماء الذلة في العالم ومتى تعي الشعوب هذا الدور القذر للويلايات المتحدة ، ومتى يفهم السياسيون انها لا تعرف الصديق الحقيقي انما مصالحها فوق الجميع امريكا نضع  مصالحها فوق كل اعتبار. وبالتالي فإن قيمة أكبر عميل من عملائها لا يساوي عنده قيمة بعوضة. وحين تحكم تلك المصالح، فإنها ترمي بعملائها، جميعا، كبارا وصغارا، رجالا ونساءً، في سلال المهملات، بأسرع من المتوقع..!. هذا الاستعراض السريع لأبرز الأحداث التي عاشتها افغانستان هو من أجل أن نعيد للأذهان أن ما يجري اليوم في أفغانستان ما هو إلا تكملة لسيناريو، تم إعداده بشكل مسبق، ولا مجال للصدفة فيه، لأن انسحاب القوات الأمريكية بهذه الطريقة، وسيطرة «طالبان» على شوارع أفغانستان، وخروج الجماعات المتطرفة، للسيطرة مرة أخرى على دولة بمؤسساتها بشكل كامل، ومشاهد الآلاف الناس وهي تسارع بالفرار من مطار كابول، هي رسالة واضحة وصريحة لشعوب المنطقة أن انسحاب أحد أطراف المعادلة سيكون على حساب التوازن، ولن يكون هناك استقرار.
 بعد فشل الإدارة الأمريكية في تمكين المجموعات الارهابية مثل داعش الارهابي  وقبلها القاعدة في السيطرة وحكم العراق ، وتنظيم النصرة الارهابي ومتفرعاتها في حكم سوريا ، امريكا الان فكرت في خلق  البدائل الاخرى واستطاعت من ان تنجح في تمكين حركة طالبان لاعتبارات كثيرة ومنها تغيير الخطط الاستراتيجية لمواجهة الصين وروسيا وجمهورية ايران الاسلامية وستعيد تموضعها قرب أفغانستان بحجة مراقبة ومحاربة المنظمات الارهابية لكنها وفي الواقع ستعقد اتفاقية مع طالبان مستقبلا وسوف ينجم عنها زيادة تأثير الإرهاب على الممر الجنوبي والأوسط لطريق الحرير الحديدي الممتد من الصين لأوروبا، يعنى أيضا سعيا أمريكيا إلى خلق منطقة فوضى على قريبة من روسيا والصين و لقد بدأت بالفعل عملية الاصطفاف الدولى والإقليمى داخل أفغانستان ، بالتنسيق والتعاون مع باكستان، لفتح قنوات اتصال وبناء توافقات مع طالبان، فى مواجهة إعلان أمريكا عن استمرار الدعم للحكومة الأفغانية أولها في تواجد أعداد كبيرة من الجيش الأمريكي ( خمسة آلاف جندي)، هذا التفكر والتخطيط الأمريكي وهذا الدعم لن يكون كافيا بالتأكيد لتحقيق الاهداف المرسومة وتعزز حكم طالبان، لكنه قد يكون أيضا شرطا لاستمرار مرحلة طويلة مطلوبة -أمريكيا- من الحرب الأهلية وعدم الاستقرار فى أفغانستان ،.  في ظل منطقة مازالت ملتهبة ومستهدفة في نفس الوقت من خلال الحروب ودعم التنظيمات الارهابية والتدخل في شؤونها وتهديدها ومحاولة جرها الى الحروب لاضعافها ومحاولة جعلها تحت وصاية وحماية الدول الطامحة التي تحاول ان تضع يدها في كل مكان.  فضلا عن أن التدريبات العسكرية التي بدأتها روسيا مع الصين من الآن لمواجهة خطر إرهاب طالبان على حدود جمهوريات وسط آسيا وفرضت  نظرية الحسابات العسكرية رغم الأعباء الجديدة على ميزانيات الدفاع في روسيا وفي تلك الدول ولكن للضرورة احكام.
 طالبان في افغانستان يعني هي تجسيد للفكر المتشدد والسلوك العنيف وقراءة شبكة علاقات مؤسسي الحركة وخريطة انتماءاتهم الجغرافية وجذور نشأتهم الفكرية ويكتشف المتفهم بسهولة أننا أمام النسخة الأكثر بداوة في صفوف الجماعات المتشددة، وهذه النسخة وإن كانت بحكم التكوين لا تسعى لحكم العالم تحت راية الخلافة كما يزعم أمراء التنظيمات الإرهابية الأخرى كداعش والقاعدة إلا أنها تمثل لهؤلاء ظهيرا وسندا ميدانيا سيفتح حدود أفغانستان أمام لاعبي مجموعات الإرهاب الدولي، لتعيد تشكيل  ذاكرة سياسية متخمة بالصراعات والعداوات ينبغي الحذر وغير مستبعد أن يبدأ قادة الإرهاب في العالم في التواصل مع قادة الحركة فور استتباب الأمور في أفغانستان للتنسيق معهم  وإرسال عناصرهم إلى كابل للتعاون مع حركة طالبان.
عبد الخالق الفلاح – باحث وإعلامي

126
سياسة الافغنة تدخل حيز التنفيذ
من خلال التصريحات التي سمعناها و شاهدناها عبر وسائل الاعلام من المسؤولين الافغان الجدد وحديث الاغلبية والاقلية في مسار حكمها و بعد ان باتت أفغانستان في قبضة طالبان ،و أنّ ما حصل فشل للمجتمع الدولي الذي لم يفهم أن الأمور لا تُحلّ في ليلة وضحاها، فكانت الكارثة التي اعادة طالبان للسيطرة على كابول لتختتم فيها حكومة هشة ضعيفة غير متوازنة كانت تسيطرة على زمام الأمور دون ركيزة أساسية للنظام الحقيقي وهروب مسؤولها الأول غني اشرف دون مواجهة وترك البلاد في مهب الريح، فيما احتشد آلاف الأشخاص يائسين في مطار كابول لمحاولة الهرب وسط حالة من الفوضى العارمة والخوف المرعب ، وتفاقم الوضع في المطار الذي اجتاحت حشود مدرجاته إلى حد تعليق كل الرحلات المدنية والعسكرية و عبرت الطائرات الحدود بشكل غير قانوني إلى أوزبكستان، يمكن ان نستنبط ان سياسة طالبان سوف لن تختلف عن السابق الا ان عامل الوقت هو الذي يدعوهم للتريث حتى تثبيت امارتهم في تطبيق مفاهيمهم.ويسود شعور قوي بالانتماء الطائفي في المقاطعات الأفغانية الأربع والثلاثين، ويحرص كل من الهزارة و البشتون والطاجيك والأوزبك للتعبير عن ذلك و،يرغب بعض الأفغان في إظهار انتماءاتهم العرقية على بطاقة الهوية: طاجيك، هزارة، بشتون.. فضلا أو في مكان “الجنسية” الأفغانية،وهذا المطلب لن يؤدي في نظرالمحللين سوى إلى تعزيز الانقسامات و يصبح الانتماء إلى الطائفة أساس النزاعات المستقبلية ، ولاشك في ان تربط النخب السياسية الجديدة مصالحها الشخصية بالمطالب الخاصة بعرقها، بدل أن يحيط الساسة أنفسهم بوجوه سياسية مؤثرة تسمح بكسب أكثر الأصوات الممكنة من هذه المجموعة العرقية  مما تؤدي الى انعدام الامن المستمر و ينتج عنه غياب التماسك الوطني، وإني على قناعة من ان الحرب العرقية -التي كانت تثير مخاوف شديدة- سوف تكون حادثة  بين لحظة وأخرى. ان الطبيعة المتوارثة هي جزء من تركيبة اجتماعية من المستحيل تغييرها أو التأثير عليها بروتوش من نوايا الإصلاح المجتمعي. النوايا الطيبة تظل مشاعر وجدانية، لا تستطيع تغيير الواقع، ولهذا يستمر الساسة البارعون في تأدية أدوارهم برغم كل الظروف المحيطة بهم، فلا يمكن أن يتوقف عن أداء العروض لطالما حصلوا على الأموال وتصفيق الجماهير المتأثرة بالقيم القبلية والمناطقية. القلق من بسط طالبان سيطرتها على البلاد و أن تغرق مجدداً في حرب أهلية طاحنة طويلة الأمد تشارك فيها مختلف القبائل، وبذلك تخسر أفغانستان كل ما تحقق من تطورات إصلاحية معقولة على صعيد الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والمجتمع المدني، وحقوق المرأة والتعليم. وهناك سوف تكون الطامة الكبرى ، إذ ستعود أفغانستان إلى عصور الجاهلية في ظل حكم متزمت لا يؤمن بالحريات ولا بالديمقراطية ولا بالانتخابات، ويقيد المرأة، ولا يعترف بحقوقها الإنسانية، ولديها دستورها الجاهز الذي يقوم على الشريعة وفق مفاهيم الالتزام والانغلاق.
كما هو المتوقع ايضاً ان افغانستان ستصبح نقطة جذب للإرهابيين، أي “الأفغنة”، ، ناهيكم عن الأخبار المتداولة عن دخول كثيرين منهم بالآلاف عبر الحدود التركية، بعد ان يواصل الجيش السوري من كل الجبهات لفتح كنس الدواعش واقتلاعهم،  وسط كل هذا، سادة المشهد الغربي ، و القابضين على دفة القيادة، وعصب هذه التحركات ونقطة ارتكازها ويمسكون بتلابيب الملف المسرحي ، ويفرضون إيقاعها على اللاعبين.
 عبد الخالق الفلاح

127
العراق والمنطقة والتجربة الافغانية
بقلم: عبد الخالق الفلاح
تحمل المؤشرات والدلالات الى مرحلة تؤسس لعهد جديد مضطرب في المنطقة من ترتيبات اقليمية ، ونرى محاولات ذات مخاضات مزمنة غير مكتملة لتشكيل تحالفات اقليمية جديدة بامتدادات باكستانية وافغانية بعد تمكين واشنطن لحركة طالبان في السيطرة على الجغرافيا الافغانية وحدودها مع دول الجوار لضرب عدة دول بحجارة واحدة عبر دول آسيا الوسطى وسوف تحتضن طالبان، القاعدة وداعش وتؤسس حركات ومجموعات اخرى، ولهذا أبقت الولايات المتحدة الامريكية العديد من قواتها في كابول( 2500+ 500) لحماية الامريكان فيها كما تبرر اينما وضعت البسطال الامريكي تجد الدمار والفوضى  وسوف تعزز هذه القوات وتكون قيادتها للجنرال رشيد دوستم ومحمد انور لإعادة انتاجها، كما اعادة بريطانية انتشار قواتها هناك ..لبناء طوق صلب حول المنطقة لتحقيق توازنات بمفهومها الشامل وستبدأ بتحيد افغانستان لصالحها، وتواجد القاعدة فيها سوف يدفع الى تواجد قوات امريكية وبريطانية بحجة محاربتها ونشر قواتها في شبه القارة الهندية بل سعيدان خلق القاعدة أو اي مسميات أخرى لتعمل كبوق عسكري لهما ويدعمان حكومة كابول ليذبح الأفغان بعضهم بعضا لأطول فترة زمنية ممكنة وهدفهم ايران التي أضحت دولة حقيقية عقلانية ذات مجال حيوي مهم والتي لابد من التعايش معها كقوة ضمن العودة الى الاتفاق النووي والتي لابد من بعد ان وضعت بيضها خارج السلة الامريكية من الن تعزز مكانتها الدولية وسوف تنجح بلاشك في سياساتها المقتدرة ولا تجامل احد وهي اجمل لغة الرياضيات السياسية  في كواليسها ومعطياتها تتساوق مع المنطق.ان استخدام واشنطن لخطر الملف النووي الإيراني كفزاعة سابقاً والتي اتاحت بموجبها الفرصة لنشر قدراتها العسكرية في المنطقة وآخرها أفغانستان من خلال الدعم وفتح خطوط استخباراتية لتطويع تيارات مغلفة بالدين في القريب العاجل في ساحتها وهويتها ليست ببعيدة. ومن هنا بلاشك لا علاقة بين الأزمات التي يعاني منها كلا البلدين العراقي والافغاني، فلا حدود مشتركة بينهما، والفوارق الجغرافية والجيوسياسية والتركيبة الطائفية بينهما كبيرة، رغم ذلك لا يسع المراقب إلا أن يجد العديد من العناصر المشتركة بين البلدين الاخرى والتشابه الاول هو في ترك واشنطن البلد للفوضى،ولا يمكن تبرئته مما يجري في أفغانستان وما جرى فيها من أحداث ستنعكس بالتأكيد على الوضع الأمني والعسكري في العراق وسوريا وايران لا بل المنطقة بالكامل وهذا مما يزيد من أهمية تعزيز القوى الشعبية وتوطيد المحبة والابتعاد عن المهاترات السياسية التي أخذت تبرز في الساحة العراقية خلال هذه الايام والحذر،،،الحذر لتكون التجربة التالية تطبق في العراق  رغم ،ان العراق بلد كبير شاسع ويختلف في الثقافة والامكانيات ولكن الاطماع تدور في خلجات واشنطن من اجل ابقاء العملية السياسة الهشة تراوح في مكانها حتى تتصيد الوقت المناسب في إضعاف البلد وتكون الكفة للذيولها والمتربصين معها، وهو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، بمتوسط إنتاج نحو 4 ملايين برميل يومياً، ويعتمد على إيرادات النفط لتمويل ما يصل إلى 95 بالمئة من نفقات الدولة في حين ان افغانستان تفتقر الى موارد الطاقة ولكن يتشاركون في الأزمات و المعاناة منها و الانفلات الأمني. فنشهد ارتكاب جرائم قتل واغتيال ومواجهات  بين مجموعات مختلفة متصارعة في العملية السياسية .
لقد عاش العـراق عقـود مـن المآسـي والفوضـى، َّ وهــو مــن بيــن أكثــر دول المنطقــة  التــي يعانــي مــن التدخـلات الامريكية فــي َّ شـؤونه ، كمـا تسـتخدم أرض العـراق الواســعة فــي صراعــات النفــوذ السياســي والاقتصـادي والأيديولوجي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، بسـبب موقعها ً الجيوسياسي وكذلك هــو أيضــا مقصــد التنظيمــات ّ الايدويلوجيــة المســلحة علــى اختلاف أنواعها ومصادرها ومصارعها وأهدافهــا، فمنذ عقــود مريــرة، ً جسـد العـراق ظل ينـزف، لأسباب مختلفة في ظل النظام السابق و باســم التحرير والتغيير والديمقراطية ينحر اليوم في كل لحظة ، وفي كل الأحوال ليس هناك خاسر ســوى المواطــن العراقــي َّ الــذي يتطلــع إلــى وطــن آمن ومستقر ومستقل وكذلك الشعب الأفغاني الفقير في كل شيئ، ويبدو ان الولايات المتحدة أنفقت نحو تريليون دولار على مدار عشرين عاماً للسيطرة على أفغانستان ويبدو أنها قررت أن تصبح هذه النفقات مشكلة دول المنطقة، بل تفاوضت مع الحركة و وقعّت مها اتفاق سلام في الدوحة في 2020/2/21. بموجب هذا الاتفاق: وجوب انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في بداية شهر آيار من عام 2021، وبعد اعلن الرئيس الامريكي جو بايدن في 14 أبريل/ نيسان 2021 انسحاب قوات بلاده وقوات حلف الناتو من أفغانستان وبدأت صفحة جديدة في تاريخ البلاد الفوضوي والسؤال هل صحيح ان الولايات المتحدة  لم يدرك صانعو القرار العسكري فيها أن طالبان يمكن أن يكون لديها القوة الكافية للإطاحة بالحكومة الوطنية في أفغانستان خلال هذه المدة القصيرة؟ وهناك المئات من التوجهات التي خططت لها الولايات المتحدة في موضوع طالبان في الاساس ، وأن الأحداث  المتسارعة التي تشهدها أفغانستان في الايان الاخيرة و التي أعقبت تصريح القيادة الامريكية في الانسحاب كانت أشبه بكابوس بالنسبة للمجتمع الدولي وأصبحت حركة طالبان تسيطر على الحدود مع إيران وباكستان وطاجيكستان، بعد أن كانت مسيطرة على المناطق البعيدة عن المدن الرئيسية في بداية العام الجاري ، ويبدو ان التفكير الامريكي كان منذ البداية هي افغنة العراق ولكن فشلت تلك المساعي على الرغم من وجود الخلافات المذهبية والسياسية التي لعبت عليها بين الاطراف السياسية الحاكمة ، بما في ذلك ذات الطابع المذهبي الذي ركزت عليه ، وحقيقة، أن ابناء العراق أنفسهم ليس لديهم ثقة  الآن في مستقبل تحت حراب القوات الامريكية وهم حذرون منها، وفي وجود اي خارجية ولا يمكن أن يفقد توحد الشعب بأكمله تحت ظل الحراب الخارجي وهم يسعون إلى عدم تفاقم الخلافات فيما بينهم و التي نشأت بعد دخول هذه القوات إلى البلاد و دولة أفغانستان  هي واحدة من أقل الدول من حيث مستويات المعيشة،وهذه التجربة ( ما حدث في افغانستان ) يجب ان يتعلم منها كل انسان شريف  و العراق لا يزال يملك احتياطيات نفطية غنية معززة بالارادة الشعبية للحفاظ على بلدهم من اي طارئ ودخيل، وأن الشعب الأمريكي يعتقد بأنه لم يحصل على قدر كاف من التفسير لطبيعة المهمة التي تحاول القوات الأمريكية تحقيقها في العراق، ولا يوجد امل على ما الذي يشكّـل عنصر النجاح في تحقيق تلك المهمة، وإن المحافظين الجدد استندوا في تأييدهم لغزو العراق على نظرتهم لمكانة أمريكا في عالم اليوم،التي  ترتكز على انفرادها بزعامة العالم وقوتها العسكرية، ولكن الخسائر والأخطاء التي اقترنت بالتوجه العسكري إلى الحرب الاستباقية، أجبرت الإدارة الأمريكية على التراجع التكتيكي و يتساءل الأمريكيون، هل أسفرت الحرب عن توفير قدر أكبر من الأمان للأمريكيين، وهل تساوي الأرباح اذا وجدت كل تلك الخسائر المادية والبشرية؟ ولماذا وقعت الإدارة الأمريكية في تلك السلسلة الطويلة من الأخطاء ، رغم كل ذلك هذا لا يعني انها سوف تتخلى بسهولة عن العراق. ومن الضرورة وجود القوات المسلّحة العراقية والقوات الأمنية والحشد الشعبي القوي والمتماسك والايام حبلى بلياليها
 
 

128
أفغانستان والفوضى القادمة
ان مايجري الان من احداث متسارعة في أفغانستان  يجرنا الحديث إلى ان نتذكر دائماً من خطورت المجموعات الارهابية بجميع مسمياتها  وصنيعتها وكيف انسحبت الولايات المتحدة الامريكية دون شروط مسبقة وسلمت افغانستان الجريح بطبق من ذهب لصنيعتها طالبان وها هي كابل العاصمة مهدّدة بالسقوط بين لحظة ولحظة كما يرى ذلك كافة المراقبين والخبراء العسكريين واحتمالية انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية ، إنّ ما يجري في أفغانستان من أحداث ستنعكس بالتأكيد على الوضع الأمني والعسكري في المنطقة ويحول البلد إلى ملجأ لكل المجموعات الارهابية و"الجهادية" في العالم للحد من قدرات التعاون للدولة المتنامية في المنطقة ( روسيا والصين وإيران ) وتبقى طالبان محورياً في تحديد مسار الأحداث في المنطقة و وضع خطط بديلة لمواجهة كل الاحتمالات.
ومن ناحية أخرى لتأمين قواعد قريبة من أفغانستان لضمان سير العمليات المستقبلية من خلال الاتفاق مع دول جوار أفغانستان في آسيا الوسطى لإنشاء قواعد تنطلق منها مهمات عسكرية واستخباراتية مستقبلاً لدعم السياسة الأمريكية و لمساندة طالبان كابول ولو التزمت أمريكا بجد بالحفاظ على وجود قليل من القوات لحماية الحكومة الحالية وبقاء اطول في البلاد، ودعم القوات الأمريكية للقوات العسكرية في البلد ومساعدة مالية طويلة الأمد، لكانت قد زادت من معنويات الحكومة والقوات الأفغانية، ولعطل ذلك خطط طالبان ولكن قال " الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الوقت قد حان لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة" في تاريخها " ولتكون طالبان تهديداً رئيسياً لدول الجوار الأفغاني"وتشهد أفغانستان نشاطا متزايدة عسكرياً لطالبان في الوقت الحالي؛ أسفر عن سيطرتها على عدد كبير من المحافظات والمدن والقرى والأحياء،هذا الانسحاب في الحقيقة اعطى الضوء الاخضر لتحرك طالبان نحو النصر الذي انتظرته طويلا وهي تقوم الآن بالسيطرة على مناطق جديدة. ومستمرة في التحكم على الكثير من الولايات  والقصبات الأفغانية ،
 ومن الملاحظ هو ان في كثير من الأحيان ، ينضم الشباب إلى الجماعات العنيفة لأسباب شخصية واجتماعية، ويتبنّون هذا الفكر لكونه المنظومة الفكرية للجماعات التي يريدون الانتماء إليها تتناسب مع عقولهم و لها سمات تتطابق مع رغباتهم ، وتظهر المعلومات التي اشارت انه هم أكثر قابلية للانضمام إلى هذه الجماعات من غيرهم و من الاسباب التي ادت الى انحراف الشباب هو ايضاً ان الكثير من الدول لم تستطيع ان تعطي معنى صحيح للإرهاب وتفهيم مجتمعاتهم بخطورته ، مما كان الانتماء إلى هذه الجماعة المتطرفة عند كثير من الأعضاء الجدد أكثر أهمية من الفكر نفسه، سواء كان دينيا أو سياسيا أو غير ذلك و كثيرا ما يجر الحديث عن الإرهاب إلى الفهم الخاطئ لنصوص الدين، باعتباره سببا للتطرف والإرهاب، وهذه قاعدة غير صحيحة لان الكثير من المجموعات التي تشكلت في دول العالم لم تكن دينية ، فمشكلة الإرهابي المتطرف، أنه خضع لتفسيرات خاطئة للنصوص التي تتحدث عن الجهاد وإنكار المنكر، وأحكام التكفير والحدود، ونحو ذلك، من دون أن يرجع إلى الثقات من أهل العلم قديما وحديثا، غير أنه ليس السبب الأوحد لوجود الإرهاب، فمن أبرز أسبابه التي يحجم البعض عن الخوض فيها العنف السياسي والقمع والتنكيل، الذي تمارسه الأنظمة المستبدة تجاه المجتمع، فمن ثم تصنع الإرهاب.لقد اختلفت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول الطريقة الصحيحة لفهم وتعريف الارهاب، وبالتالي، حول أي من الجهات والمجموعات حول العالم تستحق أو لا تستحق تسمية "الإرهابيين" وأن تدان على هذا النحو من قِبَل المجتمع الدولي و  أن معظم التنظيمات المتطرفة والتكفيرية هى بالأساس صناعة غربية، وتخرج على وجه التحديد من رحم المخابرات الأمريكية والبريطانية،ومعلومات استودن التي كشفت تؤكد" تعاون أجهزة استخبارات ثلاث دول هى الولايات المتحدة، بريطانيا، وإسرائيل لإيجاد تنظيم إرهابي قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم فى مكان واحد فى عملية يرمز لها بـ عش الدبابير، وهى خطة بريطانية قديمة تقضى بإنشاء تنظيم دينى شعاراته إسلامية يتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة التي ترفض أى فكر آخر أو منافس له. والتاريخ المعاصر والحديث يكشف لنا الكثير فى هذا السياق ولماذا لم ترتكب هذه المجموعات عملا إرهابيا واحدا ضد أهداف إسرائيلية أو أمريكية، كما كانت تسميه الإرهاب دائما، مليئة بالتناقضات والتهافتات. ولا يزال غير مقبول اليوم كما كان في ثمانينيات والتسعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا  و يتم استخدامه مرارا وتكرارا لتجريد "الآخر" من إنسانيته وشرعيته بينما يُضفي الشرعية على استخدامها للعنف ضده كما هو في سورية واليمن وفي افغانستان والعراق،ويحتاج الى المزيد من التحقيق النقدي حول بناء مفهوم "الإرهاب" والذي يمكن ان يؤدي في أن يستفيد بشكل كبير من تطوير إطار نظري ومنهجي من شأنه توثيق وتحليل تاريخ الطروحات والتفسيرات المتعددة حول "الإرهاب" وفيما يتعلق بالسياقات المختلفة -أكانت هذه آمنة أو تخاصمية، أو عامة أو سرية، أو سياسية أو إعلامية- التي أُنتجت فيها هذه التعريفات،وتختلف الأسس الأخلاقية التي يتخذها أعضاء المنظمات "المتطرفة اليمينية أو الدينية أو العرقية القومية ذات النزعات الانفصالية" لتبرير عملياتهم الإرهابية من تنظيم إلى آخر،وهذه الجماعات الارهابية تبدو لنا جميعًا وبلاشك بانها وحشية و متخلفة أخلاقيًّا، وأن عناصرها ترتكب أعمال عنف شنيعة وعشوائية، من خلال الممارسات التي تقوم بها في الكثير من بلدان الشرق الاوسط وفق مبررات تتفق مع قناعاتها.لاشك فيه ان الأنظمة  كانت السبب الاول في صنع الإرهاب عندما أغرقت الناس في الفقر والفاقة، ومارست أبشع صور الظلم الاجتماعي عليهم، فوجد الشباب أنفسهم أمام آفاق مسدودة، وأحلام موؤدة، فأضحوْا عرضة لاجتذاب الفكر الضال، الذي يهيئ لهم ميدانا يفرغون فيه سخطهم وغضبهم على الأنظمة، التي أفقدتهم معيشتهم وسلبت أرزاقهم وحاربتهم في أقواتهم. هذه الأنظمة القمعية وأهل التطرف والغلو وجهان لعملة الإرهاب، كلاهما يمثله، وكلاهما يمارس العنف السياسي الذي يتفق مع مصطلح الإرهاب من وجود عدة، سواء كان من الأفراد والجماعات تجاه الدولة، أو كان من الدولة تجاه الأفراد والجماعات، فعمليات الاغتيال التي تمارسها الجماعات المتشددة إرهاب، والتصفية الجسدية والاعتقال الذي تمارسه الدولة ضد الأفراد والجماعات إرهاب كذلك. من أبشع صور الإرهاب التي تمارسه الحكومات القمعية ويفتح الباب أمام صناعة الإرهاب.
عبدالخالق الفلاح

129
الاستقلالية في المفهوم
بقلم: رخشان جبار حسين الفيلي
الإستقلالية هي مهارة حيوية، وغالباً ما يتمتع بها الأشخاص الذين يمتلكون قدراً كبيراً من المعرفة والخبرة، ويحاولون السيطرة على حياتهم دون الحاجة لمساعدة الآخرين. ويسعون لتحقيق أهدافهم وفق قواعد عقلانية ذكية تنم عن خلفياتهم الثقافية وحرياتهم الشخصية و الاستقلالية شأنها شأن كافة المفاهيم الإنسانيّة التي تحتاج إلى تغذية وتنمية وتطوير لتحقيقها، وتتطلّب أنّ تُبنى على أساس سليم منذ الصغر، علماً أنّ هناك فروقات شاسعة في تطبيق الاستقلالية بين المجتمعات المتقدمة التي تحترم الحرية الشخصية وتمنح الشخص مساحةً كافيةً من الحرية للعيش، والمجتمعات المتخلّفة والنامية التي تنبذ هذه الأفكار الحضارية، في الوقت الذي ترتبط فيه الاستقلالية بصورة مباشرة بالديموقراطية، بينما ترتبط مفاهيم الدكتاتورية والتسلط في غياب الاستقلالية والحريات.وتعني أن " يجب أن يكون العمل ‏مستقلاً في الأهداف السياسية و بدون الاستقلالية والاستقلال الذاتي التي يمنح، سيكون الانسان معرض للخطر لا سامح الله ويؤدي به الى الانحراف عن مساره في الالتزام بالمبادئ الإنسانية الثلاثة الأخرى ألا وهي الإنسانية والنزاهة والحيادية ، والشخصية الاستقلالية  قد تنشأ منذ الطفولة في عمر المبكر وتبدأ تتكون ملامح هذه الشخصية في مرحلة المراهقة وللأهل دور أساسي في التأثير على شخصية طفلهم ليس فقط لناحية نموّه الفيزيولوجي، بل لأنّها تؤسّس لتكوين شخصيته. فهذه المرحلة تتّسِم بالتبَعية للوالدين حتى عمر الخامسة أو السادسة، حين تبدأ الشخصية بالتكوّن حتى مرحلة المراهقة. ترسو في المراهقة قواعد الشخصية المستقلّة بمساعدة الأهل الذين يجب أن يشجّعوا أولادَهم على الاستقلال عنهم. ولكنّ بعض الأشخاص لا يصِلون إلى تكوين الشخصية المستقلّة وفي ان تخلق منه شخصية منفتحة وتتسم بعدم بناء القيود و الحواجز مع الآخرين و التعامل معهم بالتساوي ، و مُحبة للذات وتتعامل مع نفسها بصورة طيبة  ، وتتميز الشخصية الاستقلالية أيضاً  بأنها  تحب أن تعتمد على نفسها ويُمكنها مساعدة الآخرين دون تردد. الاستقلالية لا تعني أن يقوم الشخص بكل شيئ بنفسه، بل يتحقق مفهوم الاستقلالية بقدرة الفرد على تحديد قدراته الشخصيّة وإنجازها، وتوزيعه للمهام الأخرى على الأشخاص المعنيين.
 الاستقلالية الفكرية هي التفكير بلا حدود وبلا مخاوف، هي إطلاق العنان للابداع والافكار الخلّاقة، وتتعلق بمدى قمع المواهب والافكار الشخصية  وإعطاء الحدود للعقل بأن ينتج أفكارًا بلا قيود، كما أنها عكس العبودية الفكرية التي تعني تحجيم العقل ووضعه بحكم التربية والعادات في صندوق مغلق يساهم في الحد من التطور وإنتاج ما هو جديد، فقد يصل بالإنسان لمرحلة التقليد والتبعية و يخاف من طرح أفكار جديدة خارج هذا المفهوم ويصبح غير قادر على صياغة أفكار بنفسه ولا يقييم ما يدور حوله من وقائع، ويتبع ما هو سائد من غير تفكير ويتعايش فقط مع ما هو تقليدي ويستنكر كل ما هو مختلف ، بدل ان يكون الشخص المستقلّ استباقياً، ويصنع قوائم المهام المترتبة عليه وعلى زملائه، وأن يتعلّم مهارات جديدة تُمكّنه من تطوير قدراته والاعتماد على نفسه والإحساس بالاستقلالية التي تعني كذاك هي مهارة حيوية تعني قدرة الفرد على حكم نفسه، وغالباً ما يتمتع بها الأشخاص الذين يمتلكون قدراً كبيراً من المعرفة والخبرة، ويحاولون دائماً السيطرة على حياتهم دون الحاجة لمساعدة الآخرين، كما أنّهم يسعون لتحقيق أهدافهم والوصول إلى طموحاتهم وفعل ما يُريدون وِفق قواعد عقلانية ذكية تنم عن خلفياتهم الثقافية وحرياتهم الشخصية، والاستقلالية أيضاً تقود الفرد لإيجاد حلول استراتيجية ومنطقيّة للمشاكل المختلفة، بالإضافة لتحقيقه نجاحات مهنية عالية، فالشخص المستقل يمتاز بالكفاءة والعزيمة و الاستقلالية الأخلاقية هي قدرة الإنسان على تقدير جوانب شخصية أخلاقية لنفسه  ويعتبر الاستقلال الذاتي الأخلاقي نتاجًا للتنمية البشرية والشخصية ، ويمنح الناس القدرة على اتخاذ القرار بما يتفق مع قيمهم الأخلاقية وتصورهم النقدي للعالم ، مثل ، التمييز بين الصواب وما هو الخطأ ، أو ما هو مجرد ما هو غير عادل. يعتبر الناس قادرين على الحكم على طريقة التمثيل أو الواقع دون مراعاة العوامل الخارجية التي قد تؤثر على هذا التقييم. ومع ذلك ، على المستوى الحقيقي ، يتأثر الاستقلالية الأخلاقية للناس بشدة بالبيئة الاجتماعية ،ان من أهم العناصر التي ترغب المجتمعات في الحفاظ عليها في الحقيقة الاستقلالية وهو عدم وجود تبعيات ملموسة ترتب بشكل صريح عن المبدأ نفسه و من منظورها الأوسع، و يُفهم على أنه يقف في وجه ويقاوم أي محاولة للتدخل في شؤونه سواء كانت سياسية، أو أيديولوجية، أو اقتصادية، ولها القدرة على تغيير مسار عملهم الذي يُراعي المتطلبات الإنسانية، وعدم التحيز، والحيادية و تُعتبر الاستقلاليّة من الصّفات والمقوّمات والركائز الرئيسيّة التي تقف وراء تحقيق الكرامة الإنسانية، وهي عكس التبعية من حيث المفهوم والجوهر، وتتعدّد أشكالها ما بين الاستقلاليّة المالية والشخصية والفكرية، وكذلك الاستقلالية في العيش والتعبير عن النفس والرأي والدين والتعلّم والزواج واختيار الشريك والأصدقاء والمهنة وغيرها

130
العراق....وترك الحبل على الغارب*
لا نُبالغ إن قُلنا أنَّ من أهم اسباب الانتكاسات الوطنية في العراق تمثلت في تقصير مجلس النواب الأمانة التي كلف بها و بإقصاء مبدأ المواطنة التي هي كأساس قيمي وقانوني ناظم وضابط للمجتمع والدولة في حاكميته  سيادة القانون وسيادة المؤسَّسات الدستورية،و حوكمة الدولة قائمة على أساس المواطن، بحيث يكون المواطن محور أداء الدولة، وأن يكون رضاه عن أداء الدولة معياراً نجاحها وفشلها والدولة الناجحة والصالحة هي دولة القانون الضامنة للعدالة والمساواة والتكافؤ بين كافة رعاياها على أساس مبدأالمواطنة دونما أدنى تمييز، وهي دولة المؤسسات الشرعية المتجذّرة المنضبطة دستوريًا والراعية للكل الوطن.عضو البرلمان شخص يتمتع بحصانة برلمانية موضوعية وإجرائية منظمة وفق الدستور والقوانين الأخرى تحول دون مسائلته عما يصدر عنه من أقوال وأفعال ، ولكن ھذه الحصانة ليست مطلقة، بل محددة وفق ضوابط .ينظمھا القانون ويترتب عليھا مسؤولية العضو وفق القانون ولا شك ان غياب مجلس النواب العراقي في أداء عمله  في الظروف الحالية ودون مبرر يجب ان يحاسب عليها المقصر وخاصة رئيس المجلس الذي سيب الأمور وترك الحبل على الغارب، وهو يتنقل بين دولة واخرى بعيداً عن مسؤوليته الذي كان يجب ان يلتزم بها ونقض الحلف والقسم الذي أداه في بداية عمله  وبالطبع الفشل الإداري سواء في إدارة الدولة كأ وحدة سياسية أو المجتمع كوحدة إنسانية كارثة تعني في حالة هروب من المسؤولية ولأغراض شخصية وانتخابية لا غير وتؤدي لانهدام والتفسخ في إدارة الدولة. من هنا لا يقتصر الفشل في إدارة الدولة والمجتمع لعامل الإستبداد وحسب بل يمتد ليشمل عوامل التخلف في المنظومة القيمية التي استمدتها الدولة في تبرير وجودها وبقائها. ونعتقدأنَّ من أهم المقومات التي تؤدي الى نجاح التجربة الجديدة للعراق استنادها إلى مبدأ المواطنة في أصل وجوب الدولة وأساس إلزاميتها، وتوافرها على منظومة إدارية متقنة وواضحة ومنضبطة تحكم كافة أوجه الحياة سواء في خطوطها الثابتة كأ مباديء وقيم عامة أو في خطوطها المتحركة للقوانين وتشريعات متحوّلة ومعرفة المسؤولية والمهام والعمل بروح المواطنة لبنائها والتي تعبر عن قدرة الدولة ، من خلال سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية ، لقيادة المجتمع بنجاح وتطوّر في إطار سيادة القانون، ويختزن مفهوم الإدارة الكفاءة الحكومية في جوانب التقنين والتطبيق المنظومات القيمية والإقتصادية والسياسية للمجتمع،المسؤولية لغة تعني التزام الشخص بما يصدر عنه من قول، أو فعل أمّا اصطلاحاً فتُعرّف بأنّها قدرة الشخص على تحمّل نتائج أفعاله التي يقوم بها باختياره، مع علمه المسبق بنتائجها، كما أنّها شعور أخلاقي يجعل الإنسان يتحمّل نتائج أفعاله، سواء كانت أفعالاً جيّدة، أم أفعالاً سيّئة ، ،كما قُسّمت المسؤولية إلى أنواع، وهي المسؤولية القانونية ومن الطبيعي عندما يتقاعس المسؤول عن مهامه بانتهاكات بحكم مكانته، على مرؤوسيه عزله او معاقبته،ويجب التحرك الإيجابي للعمل على منع انتهاكات القانون على يد ذلك المسؤول،.ويتحمل المسؤولية القانونية، أساسا، بسبب الاهمال أو الاغفال ، والأخلاقية والتي هي نتاج الضمير الإنساني الذي يكون فيه الفرد مسؤولاً أمام الله وأمام ذاته، فلا يشترط به الأضرار بالغير، مع  ذلك لا يمكن الإفلات من العقاب عند مخالفة القواعد الأخلاقية، والتي تبقى  لحكم القانون طالما تتعلق بالفرد وحده، فهوالخصم والحكم في آن واحد، فالكذب العادي تستنكره الأخلاق، و يعاقب عليه القانون الإدلاء ببيانات كاذبة أمام السلطات العامة  كذلك لانه يسبب ضرراً للغير. والمسؤولية الاجتماعية التي تعني ترسيخ هذا المفهوم لدى أفراد المجتمع. و هي نظرية أخلاقية ، بأن أي كيان، سواء كان منظمة أو فرداً، يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل، وتعد المسؤولية الأدبية أعم من المسؤولية القانونية وأوسع نطاقاً منها؛ وذلك لأنه لا يشترط فيها الإضرار بالغير. وبالمقابل فإن المسؤولية القانونية لا تقوم إلا إذا كان هناك ضرر لحق بالغير الذي يمكن أن يكون فرداً بذاته أو المجتمع بأكمله. والمسؤولية هو المفهوم الذي يحفظ لكل منا حقوقه وواجباته، وهوأيضاً أهم المفاهيم التي يجب أن ننشئ عليها الاجيال، والتي ستحمل مسؤولية تأسيس المفاهيم لحضارات قادمة ،و المسؤولية الصادقة تحمي المجتمع من تأثيرات مظاهر الضعف التي قد يتعرض لها المجتمع أو أفراده، لتداركها، وعلاجها قبل تأثيرها على سعي المجتمع نحو التقدم. . يُمكننا ان نتخيل صورة مجتمع بلا مسؤولية لندرك قيمة تحمل المسؤولية في بناء مجتمع قوي، وسليم، ومنتج. وإذا تنصل المسؤول عن تحمل المسؤولية في المجتمع عم الخراب والدمار في كل مفاصل الدولة كما يشاهد الان في العراق و لانه يسبب ضرراً كلياً ويسبب  الفساد، والفوضى، و لايجر البلاد الى  الأمن والسلام.
عبد الخالق الفلاح
* الغارب.. هو ما ارتفع من ظهر الجمل مع جزء من عنقه
عبد الخالق الفلاح

131
العراق..ادارة النظام و المستقبل المبهم
تبذل الجهود من اجل اجراء الانتخابات في العراق والاطراف السياسية تسعى من اجل اظهار قوتها و بعيداً عن كل المناكفات والصراعات ، هناك سؤال يراود الأفكار في هل من فكرة بصيغة الحكم القادم في تنشئته ومساره وهل هو نفس المسار الابلج والاهوج الذي اوصل البلد الى حافة الانهيار اما ،كل يغني على ليلاه فقط في ايصال من يريد ايصاله الى مجلس النواب ( ليعمل يصيغة ..موافق..او مخالف حسب ارادة رئيس الكتلة بعيداً عن المعاناة التي يعيشها الشعب ) هذا الجهاز المهم الذي يمارس سلطة الدولة نيابة عن أبناء الشعب ليزرع بذرة الآمال و ليحصد الجيل القادم خيره ، ومن ثم فإن المجلس له مكانة هامة في الحياة الاجتماعية وهو أعلى جهاز للسلطة ، و هذه المكانة يقرها الدستور والقانون و يمارس فيه أبناء الشعب سلطة الدولة من خلال الأعضاء على مختلف المستويات، ، وأعطاه الدستور والقانون مسؤوليات هامة، باعتباره جهاز مهم وحساس ، مثل الأجهزة الإدارية والقضائية ، يقوم بالكثير من الأعمال الدائمة و يتحمل ويقرر الشؤون العامة للدولة ، ينتخب ويعين أو يعزل أعضاء أجهزة الحكومة أو المسؤولين على نفس المستوى، يراقب أو يضمن تنفيذ الدستور والقانون، و يعكس إرادة الشعب ديمقراطيا، ويكون مسؤولاً أمام الشعب، و خاضعاً لرقابته ، ويعكس المجلس آراء جماهير الشعب بنشاط، ويتبلور حركة جماهير ليمثل إرادة ومصالح الشعب الحقيقية .هذا ما يجب ان يكون عليه لنبتعد عن المستقبل المبهم  وهو ما عرف بشكل مختصر عن عمل مجلس النواب.
النظام العراقي برلماني تم التوافق عليه في الدستور العراقي وبالاساس هو نظام حكومي  ينقسم فيه الحكم بين هيئتين احدهما  الحكومة أو مجلس  الوزراء و ثانيهما البرلمان الذي يتم انتخاب أعضاءه من قبل الشعب مباشرة ومنه تنبثق الحكومة، ويحق للمجلس  الاستجواب ومحاسبة الوزراء (الحكومة) أو أحد أعضائها على تصرّف معيّن وهو يتضمن إتهاما أو نقدا للسلطة التنفيذية، ويشارك في النقاش أعضاء البرلمان ويمكن أن ينتهي بسحب الثقة ، كما يجوز للحكومة حل البرلمان، فهو إذاً نظام يعتمد التعاون والتوازن بين السلطات، وعلى مسؤولية الحكومة أمام البرلمان.، والوزارة هي تتشكل من رئيس مجلس الوزراء الذي يعيّن من بين الأغلبية في البرلمان ويقوم بإختيار أعضاء حكومته وتمارس الحكومة مهام السلطة التنفيذية في النظام البرلماني وهي صاحبة السلطة الفعلية ولذا فإنها تتحمل المسؤولية أمام البرلمان سواء كانت مسؤولية فردية أم نظامية وتتخذ القرارات في مجلس الوزراء بأغلبية الأصوات .
 ومن هنا يعتبر العديد من السياسيين والباحثين أن شكل الحكومة التوافقية هو في صالح النظام السياسي المحاصصي التوافقي الحالي ، و هذه الديمقراطية التوافقية هي المسؤولة عن الفشل الكامل للديمقراطية في العراق، وتركت أثراً سلبياً على النظام البرلماني العراقي في جميع المستويات ، فقد أعطت الفرصة لجميع الكتل البرلمانية للحصول على حصص في الحكومة مع احتفاظها بمقعد معارض، وهذا إنعكس سلباً على دور رئيس الوزراء في إدارته لحكومته، وقد أمكن تشخيص هذه الحالة بشكل واضح من خلال عجز رئيس الوزراء عن محاسبة وزرائه او استبدالهم، إذ غالباً ما يهرع الوزير لاحضان كتلته السياسية وحزبه السياسي، واللذان لا يتورع عن الدفاع عن وزيرهم الفاشل وتبرير أخطائه وأفعاله أثناء وجوده في المكتب، بالتالي لا يملك رئيس الوزراء العراقي أي نوع من السيطرة على الوزراء. ولا يتمكن من التوصية باستبعاد أي وزير يثبت أنه مقصر، او ثبت عليه فساد في إدارة وزارته لأن ذلك سيشكل تهديدًا لتوافق الآراء داخل مجلس النواب وقد يدفع بقية الكتل السياسية الى الاتجاه نحو التهديد بسحب الثقة عن رئيس الوزراء للدفاع عن وزرائها ومنع رئيس الوزراء من تقديم أي توصية لرفض أي وزير. التجربة العراقية اي تجربة النظام البرلماني لم تقوم على ارتكازات نظام اقتصادي معين  فهو  لا اشتراكي ولا هو رأسمالي بالإضافة إلى أن العلاقة بين السلطات الثلاث عمودية وليست أفقية  كما يقتضي مبدأ الفصل بين السلطات وهكذا ادى وجود النظام البرلماني في العراق مع عدم وجود الى أية خدمات مطلوبة  وضياع رؤوس الاموال و إلى انحراف هذا النظام البرلماني عن ما يجب أن يكون فكانت هذه النتائج التي نراها اليوم من معاناة وحرمان وفقدان ابسط وسائل الرفاه المجتمعي. لقد عانى العراق من انفراد شخص رئيس الدولة بممارسة السلطة وهذا النظام لا يمكن الأخذ به في ظل وجود فئات مختلفة للشعب كما أنه لا يمكن اللجوء نظام حكومة الجمعية لأنه يتطلب وعي سياسي عال للشعب وهذا الأمر غير متوفر لدى الشعب العراقي فهو غير مهيأ لذلك النوع من الحكم عليه في النظام البرلماني هو الأفضل و المصالح الوطنية هي الأساس ولكل مواطن رأي ومشروع فكري نريد الحياة والحياة الدستورية والنظام البرلماني واحترام حقوق الأقلية واحترام مبدأ حسن الجوار في الحرية والديمقراطية تحترم حقوق الإنسان عن طريق النظام البرلماني الحقيقي  ستشارك كل فئات الشعب والتعددية  التي تضمن مشاركة الجميع ويسود رأي الأغلبية مع احترام رأي الأقلية لذا فالنظام البرلماني هو الذي نفضله ونرى الأخذ .
لذا يجب تبني هذا النظام سياسي ، الذي يؤدي الى وصول رئيس دولة قوي وقادر على اتخاذ القرارات في مقابل ضمانات دستورية وشعبية، تعمل على منع الانحراف بالسلطة نحو الديكتاتورية، والتطبيق ذلك هناك جملة من المعالجات التي يتوجب الاخذ بها، منها المعالجات الدستورية المتمثلة بتعديل الدستور ويكون اقرب الى تبني دستور جديد ذلك لان العمل  يستلزم العديد من المقومات التي تتضمن منح رئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة في مختلف المجالات بقوانين ضامنة لعدم الخروج منه و ان محاولة إصلاح النظام البرلماني ممكنة الحصول في حال تم العدول عن النظام الانتخابي الحالي،  بالتوعية المجتمعية فإن افتراض تحقق التوعية السياسية للتحول السياسي والدستوري نحو النظام الافضل، في مداولات البرلمان، والاجتماعات الحزبية وغيرها، لايغني عن ضرورة تحقق التوعية المجتمعية لجميع شرائح وأطياف الشعب العراقي، قبل الشروع بأي خطوة نحو التحول. وتبني نظام انتخابي قادر على خلق اغلبية سياسية، الأغلبية السياسية هي الطريق نحو تشكيل حكومة قوية ومتجانسة قادرة على العمل وإيجاد الحلول لكل ما يعانيه البلد من محن وازمات متنوعة، غير ان هذا الأمر لا يبدو بذات السهولة التي يطرح فيها، فالساحة العراقية سياسياً واجتماعياً المبنية على أساس المحاصصة المقيتة ، تخلو من مقومات التخلي عن السياق الحالي في ادارة الدولة خوفاً على مصالحهم ومكاسبهم ومغانمها ، بالتالي ليس سهلا فرض نظام انتخابي وحزبي قائم على دعامتي الاغلبية والمعارضة السياسية. فلابد من وجود بيئة ديمقراطية في الواقع والتطبيق في الدولة ، حيث يكون هناك نظام مؤسسات دستورية ويكون الدستور هو المرجع في كل شيء وهو مصدر السلطات، وتأييدنا لهذا النظام مرده أسباب عديدة لعل أهمها سرعة تنفيذ القرارات ودقتها بعيدا عن المبارزات الكلامية أو الحزبية التي تدور في البرلمان في الوقت الحالي.
عبد الخالق الفلاح
 

132
الانسحابات محاولات استعطافية
ونحن نقترب من الفترة المحددة للانتخابات النيابية والتي من المقرر إجراء في العاشرمن شهر تشرين الأول المقبل، بحسب ما صوت مجلس النواب العراقي، على تحديد موعدها في جلسة عقدت يوم 19 كانون الثاني 2021، وسط تعهدات حكومية بإجراء انتخابات نزيهة بعيداً عن سطوة السلاح، وهو إستحقاق دستوري فلا بد من ملاحظة الهفوات اﻷخلاقية التي يجب يتم تلافيها ليس بالقانون وحده بل بالممارسات التي تتوائم مع قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا، واحترام المبادئ الديمقراطية الأساسية الحقيقية من خلال حرية ممارسة الحقوق الديمقراطية دون ترويع، في الحق بالترشح و التصويت وسريته وشفافية تمويل الحملات الانتخابية واستقلالية وحياد المفوضية المكلفة بادارة الانتخابات في تحديد أطر  العملية الانتخابية بشكل دقيق يؤدي إلى خروج الانتخابات بصورة جيدة تنعكس على الحالة الديمقراطية  و  أن انسحاب بعض القوى السياسية من السباق الانتخابى في هذا الوقت أمر غير طبيعي، وموقف غير مشروع، لكونه ليس فيه صيغة قانونية .ولابد أن يعلم المواطن من أن المشاركة في الانتخابات أمر مهم يجب إدراكه لأنه الذي سيزيد من زيادة القاسم الانتخابي الذي يجب توفره لفوز المرشح المناسب  وهذا بالتأكيد سيزيد من صعوبة فوز العناصر السيئة و وصولها لموقع المسؤولية .. والمشاركة تعني وجوب اختيار الأصلح كما هو معروف فإن أي صوت هو من سيحدد شكل المستقبل .اننا امام انتخابات مصيرية تهم مستقبل البلاد والأجيال القادمة وليست مسرحية يلعب أدوارها البعض من المتشدقين وتجار السياسة الحاملين لحقائب السفر بين البلدان، وأن فكرة المنافسة الأخلاقية تستدعي تطبيق القيم ، فلا نطعن فى أحد ولا نجرح أحداً.. وإنما الاهتمام بالقواعد الأخلاقية للمنافسة الشريفة ﻷن اﻹنتخابات ببساطة ستمر لكن العلاقات اﻹنسانية ستبقى و أخلاقيات اﻹنتخابات أهم من اﻹنتخابات نفسها ﻷن العلاقات اﻹجتماعية واﻹنسانية بين الناس باقية واﻹنتخابات تنتهي وفق مدتها، والمطلوب التنزه عن الصغائر والرذائل واﻹساءات والتحلي بروح اﻷخلاق ، للوصول الى الهدف الاسمى في خلق مستقبل زاهر دون منغصات وبناء أسس الدولة الكريمة .ان التسجيل في القوائم الإنتخابية يعني الالتزام المطلق بالأخلاق وأي إنسحاب دون مبررات في الإعلام فقط دون تقديم لوائح مشروعة بالانسحاب بعد ان اعلنت مفوضية الانتخابات القوائم تعني الخيانة بكل أبعادها ومرفوضة قانوناً وليست إلأ لعبة غير موفقة يراد بها استعطاف الجماهير التي فقدت الثقة بهم وكسب ودهم ؛ فالوفاء دين في أعناق السياسيين وتطبيقه صيانة كرامة الشرفاء من أبناء الوطن، والمطلوب التعامل مع المواطن بصراحة دون لف ودوران والمحافظة على  مشاعرهم، والتركيز على العوامل اﻹيجابية التي تدفع للمشاركة في التصويت لا السلبية لغيرة أو المكر أو التصيد بالماء العكر، ولاينبغي أن ننسى أن الخلق والعادات والتقاليد في العراق تختلف عن ماهو موجود في الكثير من الدول .. والمنافسة  يجب ان تكون حرة شريفة، والتفتيش عن من يريد أن يخدم وطنه.. والأهم من ذلك أن يقدم نموذجاً أخلاقياً للانتخابات البرلمانية ،وأن يكون الانتقاد فى حدود السياسات وممارساتها كما ان القوى السياسية التي تشكك في إمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقرر هي دوافع سياسية لا أكثر  وانسحبت من المشاركة في الانتخابات لان هذه القوى (من الكتل المقاطعة: كتلة المنبر الوطني التي يقودها رئيس الوزراء العراقي الأسبق إيادعلاوي، وكتلة التيار الصدري (سائرون) التي يتزعمها مقتدى الصدر، والحزب الشيوعي العراقي، وكتلة الحوار الوطني التي يتزعمها صالح المطلك نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق.) أكثرها فقدت الساحة التي كانت تعتمد عليها سوى" الكتلة الصدرية " والحال كما أن هناك قوى أخرى لا تريد إجراء الانتخابات في الموعد المحدد لاهتزاز القاعدة الشعبية المتعلقة بها وحظوظها انتهى في الشارع العراقي والتي ترتكز عليها فتدفع باتجاه تأجيل الانتخابات وطفت على السطح  في الماضي مطالب معلنة لقوى وكيانات سياسية تدفع باتجاه تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة تحت دوافع وأسباب خفية وأخرى ظاهرة بينها تراجع شعبيتها اوتدعي تفشي السلاح المنفلت و هناك تهويل وتضخيم لما يحدث أو ان هذه الانتخابات لا يمكن أن تأتي بمعادلة سياسية جديدة من شأنها وضع الحلول والمعالجات للأزمات التي تعيشها البلاد وملاحقة ناشطي الحركات الاحتجاجية والى غيرها من الدعوات وجميعها تصورات ومخاوف مفتعلة ولان تحقيق الامن واعادة هيبة الدولة تحتاج الى حكومة قوية يجب الاسراع في اجراء الانتخابات من اجل انبثاقها من خلال مجلس النواب اما المطالبة بالتأجيل والانسحاب يراد منها خلط الاوراق وبقاء هذه القوى على رأس الحكم ، وحديث عن عدم قدرة الحكومة على إجراء انتخابات نزيهة هذه طبعاً مسوغات واهية لان الانتخابات السابقة جرت في اوقات اكثر خطورة من الناحية الامنية ، مع تصاعد العنف واستمرار انفلات السلاح، وتسعى لأن تكسب وقتاً إضافياً لتكون مستعدة لها
عبد الخالق الفلاح
 

133
الاختلافات السياسية وحكايات الكوابح
قبل الاطاحة بالنظام البعثي في 2003 كان لدى العراقيين آمال واحلام كبيرة في إحداث تغيير جوهري في حياتهم بعد ثلاثة عقود ونصف من الاستبداد. لكن في السنوات التي تلت ذلك التاريخ واستلام المسميات من الأحزاب الحالية زمام الحكم والقيادة ، لم يتحقق أي شيئ من هذه التوقعات،و تفاقم فشل الحكم هذا بسبب الافتقار إلى المؤسسات الفعالة و النزيهة التي لم تعترف بعضها حتى بشرعية النظام الجديد ، بنيت معظم مؤسسات الدولة العراقية بالأصل لخدمة نظام مختلف كليًا عن النظام الدستوري الفيدرالي الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه بعد استفتاء عام 2005, وظلت بيروقراطية مليئة بالمسؤولين الموالين للنظام السابق تقود مؤسسات الدولة . الأزمة في النظام السياسي الحالي تحول دون استقراره وتعريف مصالحه والقيام بوظائفه كنظام سياسي فعال يخدم مصالح الشعب ، فمن الأساسيات المفترضة للنظم السياسية العامه، وجوب امتلاكه لأدوات تضمن له التكيف مع المواقف الطارئة، وتمكنها من إيجاد الحلول الناجعة لمواجهة تلك المواقف، وتمنح النظام القدرة على الإستمرار، ومنع أي تداعيات من إرباك النظام وفاعليه الرئيسيين. ومن بديهيات النظم أن الأعراف السياسية والدساتير والقوانين النافذة والهياكل المؤسساتية والسلطات هي الكوابح الرئيسية لمنع تصدع النظام. من المؤسف ظهر استبداد الأحزاب بشكل مطلق كواحد من أخطر أنواع الاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تاريخ العراق المعاصر. هكذا تجاهل النظام السياسي مفهوم حيادية المؤسسات في الأنظمة الديمقراطية، حيث تكون الدولة محايدة بين جميع الطبقات، والأديان، والمذاهب، والأعراق، والقوميات، والثقافات، والعشائر، وعدم التدخل في شؤون الأحزاب السياسية، وضمان العدالة في المشاركة وفي الحق باختيار الاتجاهات السياسية والفكرية ضمن دولة مدنية ديمقراطية.
لقد اعتادت الكتل السياسية على تشكيل حكومات توافقية من تحالفات مختلفة ومتقاطعة في كثير من الأحيان تتجنب هذه الحكومات الائتلافية الصراعات الصفرية التي من شأنها أن تعرض بقاءها السياسي للخطر إذا كانت ستعارض إرادة الكتل السياسية الكبيرة من خلال تنفيذ أي إصلاحات جذرية حقيقية قد تضر بمصالحها. لذلك ، ركزت معظم هذه الإدارات ، على قرارات صياغة قرارات لا تؤثر على المصالح الأساسية للكتل السياسية الرئيسية - وبالتالي فإن أي إصلاحات تم اتباعها كانت بعيدة كل البعد عن كونها جوهرية وأساسية. أن اي نجاح الإصلاح الأساسي يعتمد على وجود حكومة فعالة ومتماسكة تدعمها كتلة برلمانية كبيرة وموحدة وهي ليست بتلك السهوة تحقيقها على المستوى القريب و تحتاج قرارات الإصلاح الصعبة أيضًا إلى دعم شعبي من الجمهور الذي يفهم ما هو على المحك.
ان استمرار حالة الانقسام السياسي بين الكيانات والاحزاب والتي تأخذ بالاشتداد  يوما بعد يوم في ظل التقرب من الانتخابات التي من المزمع ان تكون في الشهر العاشر من هذه السنة والاختلافات العنيفة التي أخذت تظهر للعلن بين حتى الطيف الواحد "خلافا محمد الحلبوسي وخميس الخنجر" لو صحت واحدة من اعنف الاختلافات الهابطة بين اخواننا السنة وكذلك الاطياف الاخرى الشيعي- الشيعي الكوردي- الكوردي والمسيحي -المسيحي التي لا تقل عنه في الضراوة  يدفع إلى تزايد الدور الخارجي والصراع بين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في المشهد العراقي حول دعم الكتل الحليفة لها، وهو ما يغذي حالة الاستقطاب الداخلي بين الكتل والتحالفات السياسية ويؤدي إلى تعقيد الأزمة وانسداد حلولها وتصاعد الأمور في العراق، خاصة مع تزايد أعمال العنف و إشاعة الفوضى التي قد يستغلها تنظيم «داعش» الإرهابي في ممارسة أنشطته واستعادة نفوذه مرة أخرى و لا تُخفي حقيقة كونه يضرب الاستقرار ومفهوم الدولة ويُرهب المواطنين باختلاف مقاماتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم.
لاشك في الامكان بزوغ فجر الاصلاح وأهم خطوة في هذا الطريق؛ نبذ الظلم من الحاكم والمحكوم في وقت واحد و يعطى كل ذي حقٍ حقه، فانه يمثل استحقاق ثقافي ومعرفي في الوسط الاجتماعي، يتحول فيما بعد الى أرضية صالحة تضمن نسب معينة من العدل في الحكم ، يفرّج الهموم ويفكّ عقد الأزمات والبشارة قائمة بإمكانية تطبيق هذه القيمة السامية في الحكم، كما يمكن إيجاد المصاديق العملية للعدالة على صعيد المجتمع بتوفر القدرات الاستيعابية لتطبيق هذه القيمة في مختلف أشكال التعامل بين الأفراد والجماعات، وفي نفس الوقت تضييق مساحات الظلم ومكافحة الفيروسات المسببة لنشوء ومحاربة انتشار هذا المرض الاجتماعي والسياسي فيما بعد..
عبد الخالق الفلاح

134
الأزمات والجراحات والتساؤلات
الى متى الأزمات والجراحات في منطقة الشرق الأوسط التي تتميز بالخيرات في أكثر بلدانها وأصبحت مركز لجذب القدرات العالمية والاقليمية تبقى مستعرة ، فهل ذلك لما تتمتع بالموارد والطاقات والثروات الاقتصادية ، لذلك هذه الكنوز هي من تخلق حالة من عدم الاستقرار والبؤر للأزمات واتباع سياسة فرق تسد وشد الاطراف والعمل على زرع الفتن  والخلافات مع بعضها البعض ومنع محاولة التقارب للوحدة بين اطرافها. مما اوجدت نقطة عمياء في تحليل بعض أهم التطورات الحالية في الشرق الأوسط، واضافة بعداً يتعلق بتهديد للديمقراطية الغربية والنظام الدولي الليبرالي اذا بقيت هذه الخيرات تدار بيد ابنائها حسب ما تبث من سموم في أوساط مجتمعاتهم  لأنهم  اي الغالبية الغربيين تنظر خطأً إلى المنطقة بمنظور الإسلام فقط والخوف من توسعه ويدفعون بتحريك إستراتيجيات مضللة في مجالات حساسة مثل مكافحة التطرف أو تعزيز الحريات واستقلالية البلدان وحماية الديمقراطيات .
 والازمة "هي حالة من الحالات التي تخص التوتر، وهي من المفاهيم التي انتشرت في المجتمع المعاصر بشكل واسع، فأصبحت تمس كل جوانب الحياة، وذلك ابتداءً من الأزمات التي قد تواجه الفرد إلى الأزمات التي تمر بها المؤسسات والحكومة وأيضا الأزمات الدولية، ومصطلح الأزمة أصبح من المصطلحات التي تتداول وتنتشر على جميع الأصعدة وفي المستويات الاجتماعية المختلفة" وعادة عندما تكون هناك محاولات شاملة وفوضوية لدرجة يصعب استيعابها بكليتها ويحاول الناس جاهدين فهم ما يحصل معها ، يولد لدى المواطنين الشعور بعدم الأمان والكثير من القلق المصحوب بالتساؤلات، ويمكن أن يتحول إلى الشعور باليأس والفزع والغضب والإحباط ، وفي كثير من الأحيان يلجأ المواطنون إلى القادة السياسيين للإرشاد في هذه الأوقات والاستجابة لحل هذه الازمة او تلك او ما يمكن باستخدام التوصيات ووضع الخطط الأساسية التي يجب أعطاؤها في الاستجابة للأزمة ويعطي هذا التواصل الشعور المطمئنة للمواطن وتشكيل فرق عمل لدراسة تأثير الأزمة على الفئات المستهدفة المختلفة، مع التركيز على الفئات الضعيفة للعون مثل النساء والأشخاص ذوي الإعاقة والأقليات العرقية والدينية ومجموعات السكان وخاصة الشباب  ، لانه غالبًا ما يتفاقم وضع هذه الجماعات خلال الأزمات، حيث تزيد عدم المساواة اثنائها ، وهذا يزيد من احتمالية وضع هذه المجموعات في خطر التأثر سلبًا خلال أوقاتها.
 هنــاك العديــد مــن الأزمــات التــي تواجــه المجتمعات إمــا بــصفة دوريــة أو بــصفة عشوائية وبالنظر إلــى هــذه الأزمات نجد إنها قد تسببت خـسائر وأضـرار كثيـرة للفـرد والمجتمـع سـواء مـن الناحيـة الاجتماعيـة أو الـسياسية أو الاقتصادية والإداريـة. ولا يخفـي علـى أحـد أن تعـرض المجتمـع للأزمـات يهـدد بـصورة عـشوائية ومـستمرة فـي نفـس الوقـت التنميـة سـواء فـي جانبهـا المـادي أو البشري حيـث تسبب الأزمـات بمختلف أنواعهـا خسائر فـي المنـشآت والمرافـق العامـة والممتلكات والثـروات البـشرية والطبيعيـة وتقلـل كـل هـذه الخـسائر فـي فـرص التقدم في مسار التنمية حيث تؤثر بـصورة مباشـرة أو غيـر مباشـرة علـى الثـروة البـشرية للمجتمـع ومـا تمثلـه مـن ركيـزة (أساسية من ركائز الحركة التنموية و إضافة إلى مراحلها المتعددة ذات المستويات المختلفة من الالم التي تنتج في تأثيرات متباينة في المنطقة  وإدارتها مما يستوجب إجراءات متنوعة لمواجهتها ولا يخفى علينا سير الأحداث بخاصة السياسية منها وبكل أنواعها من دور في تاريخ الشعوب والمجتمعات سواء على صعيد الهدم أو البناء، وقراءة متأنية لدور الأزمات بشكل عام يفضي بنا إلى تلمس خيط يقودنا إلى حقيقة مفادها ان المجتمعات التي اعتمد الهرم القيادي فيها على أشخاص قوية وكفاءة في التعامل مع الأزمات كانت أصلب عودا وأكثر على المطاوعة والاستمرار من قريناتها اذا انتهجت أسلوبا مغايرا تمثل بالتصدي المرتجل والتعامل بطرق غير مدروسة سلفا مع بؤر
الصراع والتوتر فيؤدي بالتالي إلى ضعفها وتفككها، ان القيادات الواعية والتي جابهت تحديات ومؤامرات كادت تعصف بها لا يجوز لها أن تسمح للشعوبيات والمغامرات الاستعراضية أن تدخلها في الفوضى ولا يجب ان تكون واقعة تحت ضغط الأزمات أو المشكلات و أن تخلق القائد الذي يجيد زرع الثّقة بالنَّفْس وأن يمتلك السّلام الدّاخليّ، وأن يُدعِّم معرفته وقُدراته وأن يُطوِّر من نفسه وأن يكتسب ويتعلّم مهارات ودروس جديدة، يكون من شأنها أن تزيده قُدرته على التّعامُل مع الأزمات والظّروف الطّارئة عندما تتعلق بأخطر قرارات الحياة ، ولكن العبرة في ان تضع الحلول السليمة لتجاوز تلك الأزمات  والابتعاد عن الانزلاقات المستغربة  أو تلك التي تتّخذه كردّ فعل انفعالي غير مدروس لموقف طارئ أو لأزمة ألمّت بفئة معينة ، والأزمات ظاهرة ترافق سائر الأمم والشعوب في جميع مراحل النشوء والارتقاء والانحدار، إن الذين يحاولون مجاراة الأوضاع الصعبة والحياة الرديئة التي يعيشونها لتسيير عجلة الحياة يكونون ضحايا لتلك العجلة الغاشمة التي لا ترى سواهم في طريقها فتدهسهم بلا قيمة لهم ولا ثمن، ولا صوت يُسمع إذ إن الأصوات العالية تُبتر، والغلبة في يد من يقرِّر، فلا أحد يستطيع التأفف، وإلا أصبح هو الضحية القادمة، إن لم يكن هو كذلك في طبيعة الحال! وجراح الأزمات لا تندمل ولا تطيب، في الأزمة تلو الأزمة، لا فواصل لمحاولة النسيان، ولا فرصة ليطيب جرحاً كان بالأمس، لأن اليوم جرحٌ جديد! وأنه يرى ويعلم، أن هناك جراحات اخرى.
ان الكثيرون منّ الناس عندما يهدأون وعندما يزول توتُّر الصّدمة النّاتجة عن مُواجهة الأزمة ، فإنّهم يستغربون من حماقة فعل قد ارتكبوه أو كادوا أن يعملوه ، والكثير من الأزمات كان يُمكن ألاّ تتصاعد وتتضخّم لو كان الفرد قد تروّى ولو للحظات قليلة في اتخاذ قرارغير سليم، أو لو كان قد انتظر حتّى يهدأ انفعاله وتخمد ثورته وتوتُّره النّاتج عن الأزمة، فيكون بمقدوره وقتها أن يُقيّم الموقف بنظرة نافذة وبحكمة ورؤيّة مدركة اكثر، ومن ثمّ يتّخذ القرار الصّحيح حياله و موقفا رافضاً وناقداً لأي إجراء  غير منتج و مدروس و دون أن يحاكم منطقياً واخلاقياً فالرفض العدمي مطلق لأنه وحده يمتلك الحقيقة وليس مطلوب منه تقديم حلول،
عبد الخالق الفلاح

135
الانتماء والولاء..وتنقية الخطابات
ظاهرة ضَعف الانتماء والولاء لدى الأجيال الحالية والتي اخذت بالانتشار ، بلاشك على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية بمكان، وذلك لمالهذه الظاهرة السلبية من آثار مباشرة على الوحدة الوطنية والمنظومة الاجتماعيةوالأمن القومي ،وليت في الامكان اخراج أصحاب النغم النشاز في الدعوات للمذهب والقومية والعشيرة والمنطقة دون الولاء للوطن وطردهم من الساحة السياسية و تنقية الخطابات التي تعف الآذان عن سماعها من هرطقة تنطوي على كراهية عميق الانتماءوالذي هو يعني " الانتساب " ويعد من المفاهيم الحديثة في هذا العصر ويتزايد من شعور المواطن بالأمان الاقتصادي والسياسي في وطنه، وهذا الشعور يؤدي بهإلى زيادة الإنتاج لمحاولة الارتفاع بمستواه الاقتصادي؛ مما يشعره بالانتماء أكثرإلى هذا الوطن، أما إذا ضعف الانتماء، فهذا بلا شك كارثة ؛ فإنه يولد الفتور والسلبية واللامبالاة، وعدم تحمُّل المسؤولية، فعندما يَضعُف الانتماء الوطني يتحول المواطن إلى فريسة سهلة لكل أنواع التعصب البعيدة عن الشأن العام ومصالح الوطن وارضه.  وحب الوطن بالغة العذوب ولكن لا يجب ان يكون من منطلق إحساسي بالشفقة والتي تغلب على النسبة العظمى من الجيل الحالي للشباب بل على اساس القيم والمبادئ التي تربط الانسان بارضه وترابه و الحاجة الى من يقوم بتوجيهم باستمرار إلى أهمية دور الوطن في حياته وقد بيّن الله تعالى في مواضع كثيرة من كتابه الكريم من أن من تمام النعمة هو إقامة وطن للإنسان يتخذه مأوى وسكنًا له ويعيش فيه سالمًا آمنًا،وقال سبحانه وتعالى: {"((اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) غافر: 64] ولهم دورهم التفاعلي وقناعاتهم الوجدانية في السعي لتقوية بنائه ؛ وتقوية وتدعيم جذور الانتماء للوطن بداخلهم و عبرها، أن الانتماء أقوى ارتباطاً بالأرض والوطن والهوية، و الانتماء راسخ في جذورالجغرافيا والتاريخ والبيئة، والضارب في ألاعماق يعنى الولاء الحقيقي للوطن، وبشكل لايتزحزح أمام عاديات الزمن ورغم ان من الثابت أن المرء لا يستطيع أن يشبع حاجته للانتماء إلا من خلال جماعة يعتنق معاييرهم ومبادئهم، وقيمهم الثابتة والعميقة بعد دراسة متفيضة ، لان الوطنية قيمة راسخة في نفس كل إنسان نشأ في بيئة نقية طاهرة يترجمها من خلال مجموعة من السلوكيات المنضبطة مع مصلحة وطنه التي لا يعلوا عليها أية مصلحة أوولاء أو محبة لا لمنهج ولا لحزب ولا لفكر مستورد ولا لعشيرة أو أقارب فهي بذلكتحتاج إلى تضحيات جسام    وعليه ان يختار جماعة تستطيع أن تشبعحاجاته الأساسية وتحميه ويستمد قوته منهم لتحقق ذاته وتقدره. فكلما ارتفعت مؤشرات الانتماء، كان أفراد المجتمع أكثر تماسكاً وقدرة على مواجهة التحديات، والتزاماً بالقوانين والقواعد السلوكية، واحترام العادات والتقاليد، والفخر رموزهم الوطنية الحقيقيين والذين يعتزون بوطنهم لأنه الخيمة الكبيرة التي تظلل الشعب وتحضنهم وتحميهم من كلّ شيء، والوطن هو بمثابة أم حنون تحمي أبناءها من كلّ شيء، لهذا لابد أن يشعر الإنسان بالانتماء إلى وطنه بشكلٍ فطري، وأن يشعر بحبه الكبير يسري فيعروقه، فالانتماء للوطن يأتي من حقه على أبنائه في أن يصونها من كل الشرور، وكلما هبطت مؤشرات الانتماء ارتفعت معدلات التمرّد والعنف ومخالفة القوانين، والتستر على الخائنين، والفاسدين، والتعاون مع اعدائه ضدّ مصلحة الوطن.رغم ان حب الوطن واجباًعلى كل فرد تجاه وطنه، فهذا الواجب ينبغي أن يدفع إلى أن يعزز حالة الانتماء وأن تتكاتف وتتعاون الجهود وتتآلف لبناء وطن بالوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات.إن الضعف في الانتماء الذي يكتسب بحكم الولادة والمنشأ في نفس المكان ، لذلك فه وصفة غير قابلة للتجزئة والتشرذم. والانتماء في اللغة يتضمن معنى الانتساب للأرض والدفاع عنها، ويشير في المصطلح غالباً إلى تلك الرابطة الوثيقة بهوية الوطن بغض النظر عن الأيديولوجيا المتغيرة وتوجهاتها الفئوية الضيقة، و انعدام الانتماء مرض خطير فتاك يهدد المجتمع والوطن و علاجه الوحيد بالرجوع إلى المبادئ والمكونات والمخزون الثقافي والاجتماعي الذي يستمد من الآباء والأجداد مع ارتباطهم الروحي والنفسي بوطنهم الذي عاشوا وماتوا فيه ودفنوا تحت ترابه.
عبد الخالق الفلاح
 

136
استراتيجية بناء الدولة التكاملية
استراتيجية بناء الدولة لا بد ان تبدأ على أكثر من مسار في وقت واحد، أولها هو بناء الإنسان وهي من الضروريات والمستلزمات المهمة وعلى المسار السياسي لا بد من إحداث اصلاح حقيقي وجذري ذات التوجهات الديمقراطية والتي تؤمن بالدولة و أن تصل الى المجالس النيابية  كي تساهم مستقبلا في عملية صناعة القرار الوطني ،وقبل كل شيئ يجب ان نعلم بأن بناء الدولة تبدأ من بناء الامة وهم الركيزة  الذين يبادرون بتطوير المجتمع الوطني بواسطة برامج حقيقية  وتبدأ  بإنشاء هويتها وهي ضرورية للأمة، إذ تعتبر أساس وجود الدولة ومحركها ورمزها، فهي بمثابة الانتماء القومي للدولة، التي تتجاوز الولاءات الفرعية، لتكون الدولة الهوية القومية لكل أفرادها، وتشير الهوية بشكل دقيق إلى مفهوم المواطنة في المجتمع، وأن غياب هوية الدولة، يعني بروز الهويات أو الولاءات الفرعية (الطائفة، العرق، القومية، الدين، اللغة، القبيلة والعشيرة). وأن ضعف الدولة في الحفاظ على هويتها، سيزيد من حالة التقلبات السياسية وعدم الاستقرار، كما ان الحفاظ على هوية الدولة، يقترن بعملية بناء الأمة، وهي عملية دعم التكامل القومي/الوطني بأنشاء مؤسسات قومية/وطنية مشتركة ورموز للوحدة،و  إشكالية بناء الدولة لدى العديد من الدول الضعيفة تكمن في ضعف الحكم والإدارة والتنظيم وقصور المؤسسات على مستوى الأمة الدولة و بناء الدولة بحاجة إلى بناء المجتمع أولاً، ورأب التصَّدع الحاصل بين السلطة والمجتمع من خلال التنمية البشرية والسياسية الصحيحة وتقوية المؤسسات القائمة وبناء مؤسسات جديدة فاعلة وقادرة على البقاء والاكتفاء الذاتي، فقوة الدولة تكمن في قوة قدراتها المؤسساتية والإدارية على تصميم السياسات وسن الأنظمة والقوانين ووضعها موضع التنفيذ؛ لأن قوة الدولة تقاس بمدى كفاءة وفعالية وقدرة مؤسسات الدولة على أداء وظائفها والأهداف المختلفة التي تضطلع بها.
وتكون الشــرعية الدســتورية، وسيادة القانــون، أســاس نظــام الحكــم فــي الدولــة ، ولا يجــوز تغييــر النظــام بــأي وسيـلة أخــرى مخالفة أحكام الدستور كما يشاهد الآن في العراق حيث يعتمد على المحاصصة ، و تلتزم الدولــة بضمــان نفــاذ ســيادة القانــون علــى الجميــع بــدون إستثناء . وهيكلتها تؤسس بالاعتماد على توحيدها  الشعب  لان في ظل التشتت السياسي وحالة اللاانتماء الموجودة لدى النخبة قبل العامة من الناس تعرقل أي إصلاح استراتيجي تهدف بناء الدولة، وحتى إذا ما بدأت تحتاج لعقود من العمل الدواب بغية بقاء استقرارها السياسي ليحافظ على بقائه  على المدى الطويل. وفقًا لهاريس ميلوناس، فإن «شرعية» السلطة في الدول الوطنية المعاصرة متصلة بحكم شعبي لدى الأغلبية و يُعد بناء الأمة الى تبنى الأغلبيات خلالها.ومن باب التجربة لو أخذنا النظرية التي تقول هو ما هو سر نجاح الدول المتقدمة، وكيف وصلت هذه الدول إلى مرحلة متقدمة جداً من الازدهار والنمو في شتى المجالات والمناحي الحياتية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والثقافية وغيرها وكيف استطاعت هذه الدول المتقدمة أن تسير بكافة هذه المجالات والنواحي بخطى ثابتة وواحدة بحيث لا نجد هناك جانبا متقدما ومتطورا وآخر متأخرا ومتخلفا وإنما نجد أن كافة هذه الجوانب والمناحي جميعها متقدمة ومتطورة في آن واحد وهناك تساؤلات كثيرة قد تطرح من مجتمعات دول متخلفة أو من مجتمعات دول توقفت فيها عملية التقدم والتطور عند حد معين وهم يتساءلون عن علة ذلك ولماذا دولهم متخلفة ، والجواب: هو ان الدولة تكون بعد بناء الإنسان بناءً صحيحاً أسسه قوية يصلح لخلق قاعدة الدولة وقيادتها وبدون هذا البناء لن نجد دولة قوية ولن نجد مجتمعا راقيا وهذا هو الربط الجدلي بين الإنسان والدولة. فيكون إذن لدينا القاعدة الأولى في بناء الدولة القوية وهو بناء الإنسان أولاً وقبل كل شيء ووفق مفهوم استراتيجي لكي يستطيع هذا الإنسان من مسايرة الحياة الحديثة ويواجه التحديات، وعلى أسس علمية وأول لبنة لهذا البناء هو وضع خطة استراتيجية للتعليم وهذه الخطة يجب أن تتضمن الأسس القوية لنقل التعليم والعلوم إلى النشء لبناء مجتمع متعلم متقدم ليكون القاعدة القوية للدولة وعنوان تقدمها وتطورها على شرط أن تكون الخطة والمسيرة التعليمية شاملة كل مناحي الحياة وكل ما له علاقة بالدولة والمجتمع على المستويين الداخلي والخارجي. وهذا يجعل أبناء الدولة أقوياء متسلحين بالعلم والمعرفة وهم يقودون مفاصل الدولة في مختلف المناحي الحياتية.
واخيراً وليس اخراً إن عملية بناء الدولة كما أشار إليه "أندريس بريسون” عالميا تبنى على ثلاث أسس رئيسية وهي العامل الأمني، والسياسي والاقتصادي وإن بناء الدول بالأساس تشير إلى بناء السلام في المجتمعات التي تعاني من نزاعات إثنية أو دينية، وعلى أساس ذلك لا يمكن أن تتحقق بناء الدولة من غير الاستقرار الأمني، وذلك لكون الاستقرار الأمني العنصر الذي على أساسه تتحقق الأسس الأخرى، كعنصر الاستقرار السياسي وتفعيل المشاركة السياسية، وبعد ما يستتب الاستقرار الأمني والسياسي تفتح المجال أمام التنمية الاقتصادية والرفاهية على مستوى الفرد والمجتمع العراق  في حالة صراع واضح بين قوى تعيش على الفوضى والانفلات، وأخرى ترغب في بناء دولة حقيقة ، هذا الصراع لا يمكن ان ينتهي بالأمنيات الطيبة والنوايا الحسنة، ولذلك لا بد من دراسة جذور هذا الصراع وفهم أبعاده وآثاره جيدا في سبيل الوصول الى حلول حقيقية، وهي بالتأكيد حلول لها ثمن مرتفع ولكنه أيضا ثمن ضروري،
عبد الخالق الفلاح

137
التفرد بالقرار ..خنجر في خاصرة اخواننا السنة
يحمل الشارع السني السياسيين مسؤولية ضعف تمثيلهم وعدم إيجاد حلول ناجعة لقضاياهم المهمة والتخلي عنهم في أوقات الشدة، بسبب تفرق هؤلاء الساسة وانشغالهم ومحاولات التفرد بالقرار والمكاسب المادية والسياسية، فضلا عمّا مورس ضد رموزهم الشريفة من سياسات إقصائية ، أدّت إلى صعود قيادات ناشئة لم تلق التفافا جماهيريا كما في السابق، ولاسيما بعد ضرب النسيج المجتمعي في محافظاتهم بسبب ما تعرضت له مع سيطرة المجموعات الإرهابية وهذا المكون الشريف  كان ضحية انقساماتها المتعددة، ويفتقدون لموقف موحد في القضايا التي تهم مصالح مكوّنهم على المستوى الفدرالي بسبب أطماع بعض القادة في نيل المآرب الفردية والعشائرية وحصاد المناصب ، وهذا أثّر كثيرا على قضاياهم . تتطلب المرحلة الحالية والقادمة اولاً اعطاء المساحة الازمة لقيادات جديدة بعد ان فقدت الثقة بالقيادات الحالية الاخرى وبتشكيل جبهة انتخابية جديدة في الوقت الحالي غرضها إحقاق الحق في القرار السياسيوالمشاركة لمواجهة  التحديات التي تواجه البلد، وما تتطلبه من جهد دؤوب لتفكيك المشاكل والأزمات للوصول إلى حلول من شأنها أن تنسجم مع إرادة العراقيين وتمنحهم الأمل والثقة بالمستقبل، وتؤكد وحدة البلد وتعاضد أبنائه، وأمام حقيقة الأزمات، وغياب الحلول أو افتقادها، فلابد من  من حركة سياسية موحدة نشطة تراعي وضع الملايين الذين عانوا من الأزمات والضغط باتجاه إعادة إعمار المحافظات التي وقعت في قبضة المجموعات الارهابية  سابقا وتوحيد العمل فيما بينهم  بمشاربهم كافة و بالدخول  بتحالف بمجلس قيادي له تنظيمه السياسي وخطابه الواضح، وهذا ممكن عندما تتوافق تلك القيادات برؤية موحدة تمكّن هذا المكون  من اعطاء الثقة بهم ومساندتهم انتخابياً وسياسياً تحت اي مسماً أكثر تنظيماً ولديهم ضابط إيقاع وطني لا طائفي ، ليستطيع منافسة التيارات الأخرى وتشكل قاعدة جديدة جماهيرية ديموقراطية، والتنافس في المشاركة السياسية وهولاشك فيه حق لهم لا يمكن نكرانه ، وصولاً إلى تداول السلطة بعيداً عن من سبب لهم الويلات والنكبات  وصراع الزعامات السابق من امثال مشعان الجبوري واحمد عبد الله الجبوري وصالح المطلك ومحمد الحلبوسي  وعدنان الدليمي ومحمد الدايني ورافع العيساوي وجمال الكربولي وظافر العاني وخميس الخنجر وعمر الكربولي وأثيل النجيفي وغيرهم ، وقد أثّر بلاشك سلبا على الأداء السياسي السني وعلى رأي الجمهور، مما دفع الكثيرين إلى العزوف عن المشاركة في الانتخابات وبتوازنات إقليمية ترتبط بوجود هذه القيادات وأصبحوا لعنة متلازمة مع وجودهم في النظام السياسي ولم يحصدوا سوى البلاء والشرمنهم، وهذا ما عزّز من نقدهم والغضب على النظام السياسي الحاكم في مراحل عديدة بسببهم  وبوعي جماهيري كامل بالمأسي التي حلت بهم من جراء القرصنة على حقوقهم كما هو معهود منهم وعلى( اخواننا من جماهيرالسنة) العمل من اجل طرد من يريد ان يركب موجة الانتخابات القادمة من جديد على حساب هذه الطائفة الكريمة ، إضافة إلى الازمات الإقليمية التي تريد بعض دول الجوارالعراقي خلقها في المستقبل بينهم ومن رش سمومهم بين اوساطهم بمغريات مادية وشراء الذمم  .إن الظروف التاريخية التي عاشها هذا الطيف الكريم في مرحلة ما بعد 2003، جعلته يتماشى مع قيادات مرحلية  دون رغبته حسب ظروف الزمان والمكان، وعلى هذا الأساس شهدت الخريطة السنية قيادات عديدة فشلت فشلاً ذريعاً في تمثلهم وتسلطت على خيراتهم ، ولم تتمكن في أن تنتج وجوه سياسية حريصة على مصالحهم و  تستطيع من خلالهم انتشال المجتمع من جراحاته المعقدة ، والعمل على مواجهة التحديات الداخلية المتمثلة في الدخول للوقوف بوجه الاحتلال  الأميركي، و التخلي عن الدخول في صدام مع طيف واسع من الشارع العراقي المتعاطف والمتأثر معهم. لذلك التغاضي عن  الوجود الأجنبي وقبوله بين اضلعهاعملية خاطئة بشكل عام وتعتبر خيانة تاريخية وخطأ استراتيجي قاتل يكرر مأساة العراق . كما ان الوجود الاجنبي بشكل غير قانوني على الأراضي العراقية ، يشكل انتهاكا صارخا لسيادتها واستقلالها. وهذا الأمر يعطي الكثير من الأطراف للعب دور على ساحتها من خلال أجندات خاصة لكل طرف من الأطراف ويعطي اعداء العراق الفرصة بأن يعتقدوا بإمكانية الانتقام لهزائمهم ويعرقل الاستقرار الداخلي ويكونوا الداعمين للفوضى في المحافظات الغربية ، صلاح الدين و الانبار و تمتد الى نينوى وكركوك وديالى ، التي لها أهميتها الجغرافية والسياسية الواضحة اليوم على مستوى العراق والتي تمثل مساحة كبيرة من أراضي الوطن، فضلا عن ارتباطها بثلاث دول لها ما لها وعليها ما عليها ،كما أنها تمثل نسيجا اجتماعيا وعشائريا متماسكا والتي شهدت استقراراً اقتصادياً وسياسياً وامنياً نوعياً بعد تحريرها من الإرهاب.
عبد الخالق الفلاح

138

الارتدادات من عوامل الضياع
بين المعقول واللامعقول وفق القياسات العقلية ، يجب أن يكون تقديم النفس لغرض استعراض الإنجازات المتراكمة للفرد معياراً للاختيار من خلال الاختبار في أي مجال مهما كان الموضوع،  صغيراً كان او كبيراً ويضع المعقول في محك التساؤل النقدي في ألامور ،وحول الفكر وعرض الذات للمجتمع، ليس لإقصاء الآخرين بل احتراماً لتقاليد المرتبطة بهم و التي  لها أهمية بالغة في النهضة ورفض الأنانية واستغلال الأزمات بالارتدادات التي هي من عوامل الانهيار والضياع.
مع الاسف هناك البعض من السياسيين  الذين يرغبون في احتكار كل شيء دون إمكانات أو قدرات أو معرفة إلا من خلال المحسوبية، والمحاصصة التي تغدق بالمخصصات السخية لمن يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة، ومن هؤلاء الأشخاص الذين ينددون بصاحب الخبرة عندما يطالب مقابل عمله، ويستنكر سلوكه الذين يستغلون المقربين منهم لمجرد كونه يعتقد انه قوي ويستطيع ان يفعل ما يفعل ، للوصول الى غاياته ومكائده التي تفتك بالامة ، غير مبالي بأنه عمل مخالف للأخلاق والإنسانية والدين والذين يستعملون عناوينهم المكشوفة في دغدغة للعواطف لمحاولة التغطية على فسادهم وأصبحت توجهاتهم غير مسموعة عند قواعدهم ، وهو فعل انتهازي يفتك  بدون هوادة بالمجتمع ضمن اطر حسابات الذات دون الامة ويأخذ كل الحقوق والموارد ولا يكتفي بشئ من باب الشطارة ولاشك بأن حبل الكذب قصير،
ولو نظرنا الى العراق في المنطقة رغم كل الإمكانات الإلهية المعطاة  سنلاحظ تراجعاً كبيراً في كل مجالات الحياة الاساسية وأزمات متواصلة ذات أبعاد سياسية واجتماعية واقتصادية وتصاعدت ازمة الطاقة مع بداية كل صيف بسبب النقص الكبير في تجهيز الطاقة الكهربائية مع ارتفاع درجات الحرارة والتي ابتلعها الفساد، لتؤدي إلى سلسلة من المطالبات  والاحتجاجات في اكثر مدن. تَرافق ذلك مع إعلان عدد كبير من القوى الاحتجاجية والمدنية مقاطعتها الانتخابات المقبلة بسبب عدم توافر الشروط المناسبة لضمانات حرة ونزيهة وعدم تكافؤ الفرص ، رغم الحديث عن عقد مؤتمرات شاملة ولقاءات بين القوى السياسية ، إلا أن معظم المحاولات بهذا الاتجاه لم تُسفر بعد عن نتيجة واضحة، ومازال هناك تعدد في الرؤى وخلافات بينها حول خريطة الطريق المقبلة، وما أن يتأزم في امر ما حتى يتبعه الآخر، فهناك أزمة حقيقية معيشة على المستوى العام والاقتصاد متدهور والصحة من سيئة الى أسوأ يوما بعد يوم ، ويكون ذلك تناسب طردي مع كثرة التدخلات والترتيبات والمشاريع الخارجية المُعدّة له، خاصة أنّا لكتل السياسية فقدت كثيراً من إمكاناتها التي كانت تتكئ عليها في رحلتها الداخلية  المليئة بالتحديات والمعاناة للشعب ، فمن البحث عن دوره في العملية السياسية  الى محاولة إيجاد أي تكتل جماعي، لينتهي بها الأمر للوصول إلى صراع من أجل البقاء، خاصة أنّ كثيراً من أوراق وأدوات التحكم الذاتي، خرجت من يدها.
لقد إتسم النظام السياسي في العراق بعد عام 2003 بعدم الاستقرار مدفوعًا بمصالح دول اخرى ،والتي تتطلب تعزيز العالقة بين العراقيين والدولة. حيث يعيش الآن واحد من بين خمسة عراقيين تحت خط الفقر، رغم أن الثروة النفطية الهائلة شهدت معدلات نمو سريعة على مدار العقد الماضي وبلعت مواردها المليارات من الدولارات ولكن ابتلعت من قبل الطبقة السياسية الحاكمة وتركيز الثروة في أيدي هؤلاء النخب الفاسدة يضر ببناء الدولة وشرعية الحكومات.،والحاجة إلى مراجعة مجمل العمليّة السياسيّة والتأسيس لعقد سياسي جديد يتضمن تصحيح المسارات ليلبي طموحات الشعب و بلورة عقد سياسي واجتماعي جديد بإزالة التراكمات والمخاوف الاجتماعيّة وتوسيع دائرة المشاركة السياسيّة في التحديات الأمنية التي خلقتها الجماعات الإرهابية والعصابات التي أخذت بالتحرك من جديد لضعف الاداء الحكومي  ، وبقايا عصابات النظام السابق لازالت قائمة . بالإضافة إلى ذلك السيطرة على المشهد السياسي خلال كل إدارة عراقية تقريبًا منذ عام 2003 من قبل ائتلافات ضعيفة هجينة دون ايديولوجية مشتركة ومنقسمة غير قادرة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تشتد الحاجة إليها لغياب الوطنية فيهم على وجه الخصوص  ما أفرزته  التوترات والخلافات العميقة بين الأحزاب والائتلافات السياسية مما أوجدت وضاعفت من معاناة الشعب. وقد تفاقم فشل الحكم هذا بسبب الافتقار إلى المؤسسات الفعالة والبيروقراطية التي لم تعترف بعضها حتى بشرعية النظام الجديد لتوغل عناصر من النظام السابق تحت عباءات الكتل السياسية  وعدم كفاءة المسؤولين وعدم قدرتهم لمعالجة المشاكل وكان إختيارهم قد تم بناءً على أساس الولاء الكتل المنضوية في إدارة الحكومة والذين تم تحميلهم المهام الكبيرة التي لم تكن بقدر عقولهم ،و بنيت معظم مؤسسات الدولة العراقية الحالية  بالأصل وفق نظام مختلف كليًا عن النظام الدستوري الفيدرالي الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه بعد استفتاء عام 2005 ، وظلت بيروقراطية مليئة بمسؤولين متكاسلين ونفعيين، حتى بدرجات أدنى، ، والتي غالبًا ما أدت في تطبيقها إلى تفاقم مشاكل الفساد والمحسوبية ، ومعارضة البيروقراطية وسلاسل القيادة الفضفاضة التي أعاقت تنفيذ العديد من القوانين واللوائح والقرارات الرئيسية،وختاما يقول الكاتب الأمريكي ويليام آرثر وارد: «ركز طاقتك على الأجوبة وليس على اختلاق الأعذار»، فليس هناك أسوأ من مسؤول لا يملك من أمره شيئاً سوى تحذير من ارتدادات انهيار بلاده، وكأن المشكلة في الارتدادات لا في كونه عامل في دمار وضياع دولته وتأثير ذلك على أبناء شعبه .
عبد الخالق الفلاح

139
المنبر الحر / السياسة الخطابية
« في: 23:53 12/07/2021  »
السياسة الخطابية
للأسف الشديد في أوقات كثيرة نستمع الى البعض من السياسيين وهم يتحدثون بدون أي هدف لتحديد الأمور التي يراد تحقيقها  لأنها تفتقر الى اسلوب المحادثة التي تقنع المخاطب والتي تتطلبه ثقافة خاصة  تجذب المستمع على ان لا تكون تحمل  أهداف صغيرة تخدم هدفاً مرحلياً وإن الواقع المعاصر يتطلب من العقلاء جميعاً أن يعززوا الخطاب الإيجابي في مجتمعاتهم، ما يحفظ الاستقرار، ويصون السلم العالمي، وينزع فتيل التعصب والطائفية والتطرف ولا يحاول الخطيب من خلاله تسلق سلم الديمقراطية تارة، وسلم العلمانية تارة، وسلم الليبرالية أخرى، وتلبس أقنعة دينية وترفع شعاراتها تارات أخرى،  فمثل هذه الخطابات و المحادثات لا تعني للسامع من شيء  اذا لم تكن تحمل معنى  ويتحملها العقل ونجاح أساليب الخطاب لا تبنى بالهوامش والعواطف ، ونوافذ انتشاره وسيطرته، يمكن ان نلمسه من خلال شخص  درس أساليب الخطاب وفقه بالسياسة ويكون هوالسبيل للنجاح في جذب مئات الالاف من المتابعين على ان لا يكون عطفياً وبعيد عن الموضوعية وتشارك المواطن بصدق معاناته وحاجاته، ، ولن تنفع اذا لم تكن تضر وستبقى حبراً على ورق و يحاول ويجرّب الإنسان الطموح لتطوير ذاته بتدريب نفسه بنفسِه على التحدّث أمام الجمهور بطلاقةٍ وسحرٍ وجاذبيّةٍ بعد التعلم ودراسة هذا الفن  وهذه القدرة تأتي من المعرفة والممارسة، كما أنّها تكون مَلَكة أو موهبة موجودة في الشخص وهو بدوره يطوّرها وينمّيها ، اما اذا فقد الخطيب  هذه الخاصية  فلاشك سوف يكون فاشلاً،  والخطابة السياسية من أصعب فنون الخطابة؛ لأن حركات الأمة هي نتيجة مد وجزر يولده  سيطرة الأفراد ، أو الجمهور على الأفراد، فيتبع الخطيب هذه الأمواج آمرًا في القوم أو خاضعًا لرغائبهم،  فلا هو واثق بالنجاح ، ولايائس منه كل اليأس.
والخطابة تعرف "كلّ ما يشتمل على كلام أو كتابة يتمّ التفنّن بها لتغمر وجدان السامع،وعندما يُقال خَطَبَ الناس وفيهم وعليهم، أي ألقى عليهم خُطْبة، وخَطب خَطابة، أي أنّه صار خطيباً، أما ( الخَطَّابة ) فهي صيغة مبالغة وتدلّ على ان الشخص كثير الخُطبة، والخطيب هو حسن الخُطبة".يسعى البعض جاهدين على مدار يوم  حياتهم ليصنعوا لأنفسهم اسما ذا شأن من خلال الخطبة إلى الآخرين بهدف إقناعهم بفكرة أو رأيٍ معيّن ليساهم في كسب تأييدهم في هذا الرأي المطروح او ذاك ،دون الاهتمام بالأصول التي يجب ان يسلكها، وقد أسست المجتمعات وأنشئت معاهد لتطوير هذا الفن وإتقانه أقسام خاصة الخطابة وفن الإلقاء في المدارس والجامعات تعلم الناس قواعد هذا الفن وكيفية الوصول إلى تحقيق الهدف بإقناع المستمعين واستمالتهم. تعتبر الخطابة أثرًا من آثار الرقي الإنساني ومظهرًا من مظاهر التقدم الاجتماعي، ولهذا عُنِيَ بها كل الشعوب، واهتمت بها كل الأمم في كل زمانٍ ومكانٍ، واتخذتها أداةً لتوجيه الجماعات، وإصلاح المجتمعات وان مخاطبة الجمهور فن ومهارة تأتي بالفطرة مع الإنسان ويمكن تعلُّمها بالتدريب المستمر، والجدير بالذكر أنَّ مخاطبة الناس لإقناعهم هو أحد أقدم الفنون،
إننا نعيش في عصر الانفتاح الإعلامي الذي أدى إلى انفتاح اجتماعي وفكري عريضين ، وأصبحت قوة الخطاب وجاذبيته والتزامه بالمنهجية العلمية من أهـم أدوات التأثير الفكري وقد تطوَّر مع تطوُّر قدرات الإنسان وتطوُّرالعصور إلى أن تحول في عصرنا الحالي إلى علمٍ قائمٍ بحد ذاته، ولها اهمية فنية في مخاطبة الجمهور . الخطابة هي عملية أو فعل إلقاء أمام جمهور بشكل مباشر. ويُفهم إلقاء الخطب أمام الجمهور عموما على أنه أمر رسمي، يكون وجهاً لوجه أمام الجمهور يخاطب فيه شخص واحد مجموعة من المستمعين. كان فن الخطابة يشكل جزءا من فن الإقناع وفن إيصال المطلب .
ويمكن توظيف الخطابة في تحقيق أغراض خاصة، كالأخبار والإقناع والتسلية.كما يمكن أيضا استخدام أساليب وطرق وقواعد مختلفة حسب سياق الخطاب و فلم تعد هناك حدود لدى الشباب، إذ أصبح يقرأ كل شىء، ويؤمن بأى شىء، ويحتقر أى اتجاهات. ومع كونه فى مرحلة بدائية فى الثقافة، إلا أنه سرعان ما يتبنى بعض الاتجاهات المعاصرة: فهناك من تستهويه أفكار معينة وتؤثر فيه  قبول ما هو يعتقده، ويرفض ما هو الاخر والشباب اليوم يختار طريقه بنفسه، غير متأثربالقوى الظاهرة أو الخفية ،و يمكن تقسيم مهارات الخطابة الى ثلاثة اقسام، حيث يعدّ فن الخطابة أحد أهم الفنون التي تقدم المعلومات للناس ، تهدف إقناعهم كلامياً اوكتابياً، وهو فن يشمل تقديم كلام او كتابة بأسلوب فني يغمر وجدان السامع، و قوة تنطوي على القدرة في إقناع الناس وهي نوع من أنواع المحادثات التي ترتبط بشكل وثيق مع الجمهور، وتتأثر وتؤثر بهِ، فهو فن يقوم بمخاطبة الجمهور لكي يؤثر فيهم  ويعمل على استمالتهم، ويستخدم وسيلة التحدث شفهياً مع المستمعين بشكل أساسي.ان المتحدث دون ان يعتني بما يصدر عنه اعتناءاً شديداً ،او يختار عباراته انتقاءاً دقيقاً ، ويحرص حرصاً كبيراً على أن يخرج كلامه بدقة وإتقان فلا يكون مقبولا دون ان ينفع سامعيه ويسد - قدر الطاقة لديه – في غلق منافذ الخطأ ، ومع ذلك كله لن يسلم أحد من الخطأ مهما بلغ حرصه ، و المتحدث الذي يملك الجرأة والشجاعة على مراجعة أقوال ، يوضح ما استشكله الناس عليه ، ويعترف بخطئه إن كان ثمة خطأ فهو يدل على نجاحه . لاشك ان الكلمة سلاح ذو حدين، يمكن أن تبني أوطاناً، وتخلق إنجازاً، وتنشر خيراً وتسامحاً واستقراراً، ويمكن أن تهدم وتدمر وتضر، والخطاب الإيجابي من أهم خصائصه أن يسعى لتحقيق المصالح والمنافع للبشر، وجلب السعادة لهم، في أنفسهم وأسرهم ومجتمعاتهم وأوطانهم، وفي علاقاتهم بالمجتمع الإنساني، فكل ما ينافي ذلك مما يجلب المفاسد والأضرار فهو خطاب سلبي، وهذه النظرة الاستشرافية، التي تدرس مآلات الأمور ونتائجها وتُمعن في عواقبها ذات أهمية كبرى، وهي تساعد صُناع الفكر على اختيار الخطاب المناسب، الذي يعزز الإيجابيات ويعالج السلبيات،ومن الخطابات السلبية الخطاب الاستفزازي المنفلت البعيد عن الأسس العلمية والقواعد والمسلمات ، وخطورته تكمن في تهديم الأمن، وضرب نسيج المجتمع من الداخل، وخلق ردود فعلية منفلتة وخطيرة على الفرد والمجتمع، إذ لكل فعل منفلت ردة فعل منفلت مثله
عبد الخالق الفلاح

140
السياسي الفيلي .. الوعي والإدراك بالمسؤولية
الكورد الفيليون  مقبلون على مرحلة اخرى على أعقاب مرحلة سابقة وتجربة خلقت أمامهم واقع مر ومؤلم  ،  ولا يوجب الرجوع بالزمن , وعلينا ان نستوعب ان الماضي قد مر فعلا ، وصار تاريخ ، تؤخذ منه العبر والدروس ، وأن التغيير لا محالة ، والوقوف في وجه عجلة التغيير مضيعة للوقت والجهد ، وتأخير للوصول للأفضل ، لان الأفضل هو تجاوز كل معوقات الماضي ومآسيه ، والأكثر سوءا حتى من الماضي نفسه هو الذي يريد ان يعيد ذلك الماضي ، مستخدما أدوات مثخنة بثاراته واحقاده وكراهيته ، ويعتقد أنها الأفضل و المخلص لقضيته.
السنوات التي مضت في ظل التغييرلم تنجز فيها المنظمات و الاحزاب والقوى والتجمعات والتيارات والتي تتحدث باسمهم وخلال فترة 19 عاما اي منجز والذي أنجز كان من الغير الفيلي  او جهود فردية نكن لها كل التقدير والاحترام من المكون نفسه وعلى رأسهم الاخ الفاضل فؤاد علي اكبر باني مشروع نصب الشهيد الفيلي  وهم في الحقيقة قلة ويتقدم في الإخلاص المواقع الالكترونية المختلفة التي منفكت في نشر ما يهم هذا المكون المظلوم والوقوف الى جانبه، حتى ظهرت حالة من التململ والتضجر لدى هذا المكون الصابر والمحتسب ، و يشعرون بالغبن وغمط الحقوق وضياع المستقبل، مقابل مجموعات تتمتع بالامتيازات، وتتلاعب بالاموال، وتكدس الذهب والفضة، وهناك بطون تبات جائعة ولا تجد ما تأكله ، اضف الى هذا حجم الخراب والدمارالنفسي، والفقر والبطالة، وآلاف الأيتام والارامل، وغير ذلك دون معيل ، واقول لم تنجز شيء يبقى في ذاكرتهم غير الحسرة والآلم..وشيوع نهب والبطالة و تراجع مريع في أغلب مضامين حياتهم التي تشاهدها في مناطقهم ومحلاتهم لترى البؤس والحرمان مرسوم على وجوههم وثيابهم .
 ان " منظمات "الكورد الفيلية لو حافظوا على  حقوقهم وحريتهم وعزتهم  وأدَّت تلك المسميات التي تتحرك بأسمهم  وظائفها على أكمل وجه وبلا تقصير، لما عاش المكون اليوم الوصاية والتشرذم الذي هم فيه، إنني دائمًا ما أقدم خالص احترامي للأجداد وأحاول أن أذكرهم بالخير دائمًا لانهم للحقيقة كانوا بنات للخير ، إلا أنني حين أنظر إلى ما يتعرض له الفيليون اليوم من وصايات بعضها فوق بعض لا أستطيع منع نفسي من عتابهم بعض الشيء؛ لانهم عجزوا عن قراءة الواقع الذي هم فيه الان،  بينما هذه المسميات لم تنزع ثوب الطاعة والولاء ووثنيتها بما يتناسب مع أفكارهم ومصالحهم  وإن أضخم مشروع لا زلنا نتلمس الطريق إليه منذ سنوات هو مشروع بناء الإنسان الفيلي الذي يشعر بالانتماء للغته وثقافته وتاريخه وهو اول الطريق بعد سنوات التغيب والعذابات والتهجير والابعاد والقتل و التشرذم ولم تنجزسوى الأعمال غير المجدية التي أصابة حياتهم بالشلل والعوز والفقر ومحاولة تكريس الوصاية القسرية الزائفة عليهم و يتعرضون للمؤامرات والدسائس ، ويحاول من يحاول ان  يؤذيهم من خلال التوظيف السلبي لقضاياهم و ابتزازهم بدل تدوير الظروف لمصلحتهم كليا ليساهم في نقل حياتهم وخروجهم من الظرف الاستثنائي الذي هم فيه الى مستقبل اجمل وارحب، مما أفرغ ألامل الذي  كانوا ينشده من عملية التغييرالذي حصل بعد عام  2003 وسقوط الصنم وزبانيته وهم منقسمون ولا يستطيعون تأسيس حركة لهم بشكل واع واختيار حقيقي حر ، وليس مجرد آليات ومظاهر المشاركة كما لاحظنها في المراحل الماضية ، أن الخيبات ما انفكّت تتوالى، لمّا بدا أن التنافس بين هذه المسميات، تتناسل من بعضها أحيانا، وأخرى تولد لكي تموت، في غالبية تمثيلاته ووقائعه، لا يتعلق ببرامج وخياراتٍ سياسيةٍ واجتهاداتٍ معنيةٍ بالواقع وتحدّياته الثقيلة، وإنما هي الاستقطابات والأوهام والاصطفافات التي تقف على سوء الظن ، من دون إدراك جسامة المسؤوليات والرهانات، بل وأيضا من دون اكتراثٍ بتطلّعات الفيلين وأشواقهم وحاجياتهم ومطاليبهم الملحّة وذلك بسبب النزاعات والخلافات والمأرب الشخصية ،بدلاً من التقدم لإدارة هذه المرحلة ، والنخب والساسة في أماكنهم وعلى مواقفهم القديمة. بل بدا واضحاً أن تلك النخب، ورعاتها هم من  تواطأوا ضد مصالح امتهم، كأن الأمر توزيع مغانم وأدوار، ليس للامة فيها نصيب. لذا، ليس مستغرباً أن يستمر الالم الشعبي، وهم يدركون ذلك جيداً، والأغرب أن هذا بذاته يدفعهم إلى المزيد من التواطؤ والارتباط بحزم في مواجهة شعبهم، وهم بات مصيرهم واحداً، ويعيشون كلٌ بوجود الآخر.. بامتهان هؤلاء سياسة الخداع ، مقصوراً على تلك النخب المستعدة للتحالف مع من يحكم، أياً كان. إذ يتعايشون من ذلك الدور الوظيفي في سياقه مؤسساتهم، داخل منظومة الحكم، الطفيلي في جوهره ومدلولاته الاجتماعية والإنسانية. لقد بات  كلُّ شيء في مجتمعنا يفسّر على أنه سياسي ، بيد أنه بعيد تماماً عن العمل السياسي المرتبط بمفهوم المصلحة العامة. ومن ثمَّ، الإصلاح الحقيقي يبدأ من خلال المفهوم المرتبط بالمصلحة العامة، وليس مصلحة الشخصيات ولا الجماعات التي تمارسها عملياً بعناوين التغالب والغنيمة ولا يمكن للسياسة أن تجسد مفهوم المصلحة العامة إذا كان العمل فيها وممارستها يجري على أساس تقاسم مغانم ، ويهمين على المجال العام فيها جماعات تملك المال بحلالها وحرامها  بطريقة لا يعلمها إلأ الله، لأنَّ ذلك سيحول كل فعل وممارسة سياسية لخدمة مصلحة مجموعة معيّنة، ولا يخدم مصلحةً عامّة.
عبد الخالق الفلاح

141
تفاقم الجراحات....القسم الثاني

يتكون العراق كبلد من مجموعة من القبائل والعشائر واللذان يتنافسان مع بعضهما البعض للحصول على القوة والأمن والثروة في الوقت نفسه، ولا يعترف أكثرهم  بالحكومة المركزية كسلطة عادلة وشرعية وخاصة الحكومة الحالية لأنها لم تعطيهم الاهمية اللازمة من حيث العناية كجزء من الشعب ، مما يعطي انطباعاً  بأن مفهوم المجتمع أو دولة المواطنة لاينطبق على العراق بسهولة. هذه الميزة تجعل أي توازن عرقي في الساحة السياسية العراقية مؤقتاً وهشاً. خاصة، إذا تم توزيع وتنظيم العائدات النفطية بطريقة عرقية و تلاحظان هناك الكثير من التصريحات للمسؤولين العراقيين يعترفون بالازمة الانسانية ولكن لم يفكر احدهم بجد في سبيل حلها وهي تتراكم يوماً بعد يوم وتشتمل المخاطر الصحية الفورية والحرجة التي تثير قلق منظمة الصحة العالمية على انتشار مجموعات من الأمراض السارية والمعدية  و من المتوقع أن تشهد تدهوراً متزايداً في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، والصعوبات في توجيه الموارد البشرية والنقل والإمداد إلى المناطق المختلفة التي تعاني البؤس والحرمان . و تشكيل المجتمع العراقي المتجانس سوف يكون بعيداَ جداَ لذلك  أدت كل هذه العلاقات طويلة الأمد إلى سلسلة من الأزمات أهمها في ذلك الهوية والشرعية والتأثير والمشاركة والاندماج والتوزع داخل العراق. لكنه ومن ناحية أخرى يختلف عنهم بتقديرات للظلم والبؤس والاضطهاد التي يعيشها، ولا يشبههم بمستويات تحسسيه للخوف والرعب والشقاء التي يعانيها، ولا يدانيهم بالطاقة المتبقية في داخله للتعامل مع هذه المأساة بكل المقاييس البشرية، لأنه - أي العراقي - يعيش ظرفا لم تشبه تفاصيله الظروف التي عاشها أو يعيشها أبناء جنسه على كرتنا الأرضية، ويتعرض لضغوط لم تقترب في شدتها للضغوط التي اعتاد البشر التعرض إليها وتحملها في كل المراحل التاريخية.إذ لم يسمح له استنشاق الهواء النقي .ما أخذت التساؤلات تتنامى حول كيفية المعالجة المثلى للأزمات الأنسانية وعلى رأسها أزمتي الفقر والبطالة في العراق نظرا لإن البلاد مرت وتمر في ظروف غاية في التعقيد والصعوبة ما تشكل تحديات وطنية كبرى وتفرض مسؤوليات إنسانية إستثنائية لابد من مواجهتها بكل اقتدار وكفاءة وابداع. ضمن السياقات الناجحة والفنية الغائبة فعلاً. في ازمان مثل هذه التحديات الانسانية الكبرى تحتاج العملية لإنجاز قفزات في برامج التنمية الانسانية كماً ونوعياً كي تترافق مع تأسيس أنظمة مميزة للرعاية الاجتماعية توفر حماية واسعة للفئات الاجتماعية المعرضة للمخاطر الإنسانية -الاقتصادية –الثقافية - الصحية –البيئية” تمكنها من امتلاك او اقتناص الفرص الاستباقية لمواجهة ومعالجة المخاطر(الطبيعية والانسانية). ترتيبا على ما تقدم، يتجه المسار المنطقي لتقديم المساعدات الاستثنائية الضرورية  لاصحاب العاهات والمسنين الذين لا يتوفر لهم موارد مالية كافية للمعيشة ، ووضع انظمة حماية للعمال الذين يفقدون مناصب شغلهم بالتأمين على البطالة، والتأمين على الأمراض المزمنة التي تمنع فئات من السكان من دخول سوق الشغل”. يضاف إلى ذلك فئات أخرى معرضة لمخاطر أمنية و نظراً لأنّ العراق لا يزال اقتصادياً يعتمد على النفط ، فقد كان لانخفاض أسعار النفط عالميًا خلال السنة الماضية وما سبقتها وتخفيضات الإنتاج من منظمة (أوبك) له تأثير مباشر على الموارد المتاحة، وجاء تخفيض قيمة الدينار العراقي في جزء منه لتغطية العجز المالي الذي تراكم في السنوات الماضية، لأن معظم المواد الغذائية الأساسية يتم استيرادها بالاعتماد عليه ، وقد أثر القرار في أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية، ما أثر بدوره في الأمن الغذائي على مستوى الأسرة، وهذا تحدٍ إضافي في زمن انتشار وباء الكورنا، حيث فقد الكثير من الناس وظائفهم اليومية ودخلهم. في ضوء كون العراقي كغيره من بني البشر لـه طباعه الخاصة وعاداته الاجتماعية وتقاليده السائدة، وله كذلك خصائصه وإمكاناته وقدراته ، ويشترك وإياهم في تطلعاته وطموحاته لأن يعيش بقدر معقول من الأمن والاستقرار، ويقترب منهم في اتجاهاته وتوجهاته. ورغم ذلك فأن الأزمة حالة طارئة يمكن القضاء عليها واصلاح الفاسد منها بقدرات قوية ولا يمكن السيطرة عليها بالإمكانيات المتاحة لانها ضعيفة ، والتي حالت دون وجود الارادة عند المسؤولين من اجل وضع العلاجات لحل الازمات الانسانية فيه ، على الرغم من إيماننا بالخصائص الإيجابية في الشخصية العراقية التي لم يتم حتى وقتنا الراهن في تدعيم امكاناتها، لأن صراع النفوذ والقوة ما زال يتحكم في السياسة ويمنع السياسيين من التركيز على تقديم الخدمات للمواطنين ورسم سياسات بعيدة المدى . لقد بات الهم الاول  للسياسيين هو كيفية الحصول على القوة وقد خلق النظام الجديد الطبقة البيروقراطية المهنية العراقية واستبدلها بطبقة معيارها الأساسي في الوظفية هو الولاء و باتت الرشوة والمحسوبية وغسيل الأموال وسوء استخدام الأموال العامة ممارسات معهودة وفي كل المستويات الحكومية.وقد انعكس هذا الصراع على المجتمع العراقي،
عبد الخالق الفلاح

142
المنبر الحر / الإيهام
« في: 17:25 07/07/2021  »
الإيهام
يتعايش الإنسان الفقير ثقافياً مع مجموعة من التناقضات و الإيهام التي يلقنها البعض من السياسيون له والإيهام تعني  الغلط والخطأ، ويستعمل أيضا بمعنى التخييل، والتشبيه، والإخفاء، والتلبيس يقال: وهمت في الحساب: إذا غلطت فيه. والإيهام: التخطئة. والجمع: أوهام. ومن معانيه أيضا: الظن والريب والشك والسهو والترك، كقولهم: توهمت فلانا معي، أي: ظننته معي، وأوهم من الحساب: إذا ترك منه شيئا ، لذلك يقع الكثيرين في الوهم النسبي ويكون كلّ هدفهم الدخول في منظومة السلطة والتحوّل من ضمن حاشيتها، ليس من اجل عمل سياسي او مشروع بنيوي للمجتمع ، وإنّما لإرضاء الغرور الذاتي، أو أنه يجب أن تكون له حصة من مغانم السلطة تحت تبرير معيار الكفاءة. ورغم ذلك لا يريد أن ينتقده لأنه يبقى مواطننا صالحاً بل انما  يحوّل إلى ذيل ومدّاح لمن هم في السلطة. سواء أكان النظامُ اين كان ذلك النظام  بل هو واجهة لمافيات سياسية تهيمن عليه قوى اللادولة ، واليوم كل اصحاب السلطة  يسعون للحصول على الوضع الذي يضمنه لقب الديمقراطية و مصممون على ألا يدعوا الحقائق المجردة تقف في طريقهم، فأجادوا تمام الإجادة فن الشعارات الديمقراطية التي لها أقل العلاقة بممارسات الحُكم ، إن هذه الإساءة في استخدام الديمقراطية ليست بالشيء الجديد في العالم والعراق الحاضر لا يختلف في شيئ منها و في الديمقراطيات الهشّة كما هي في العراق ، التي تتحكم بها قوى اللادولة، لذا هناك فثمة حاجة ماسة وعاجلة إلى رد كامل معنى الديمقراطية كمفهوم إليها في مثل هذا النظام  ولا يعني هذا القول بوضع تعريف ضيق محدد للحُكم. فالديمقراطية المشرعة في الأساس لها أشكال كثيرة في النظم،
وفي مثل هذا النظام  الهش يكون المواطن إزاء محنة أكثر تعقيداً مع الحكومة ويحاول النظام قمع  من يسعى الاثارة في نقل الحقيقة لهذا المفهوم وإعادة تعريف الديمقراطية بإدخال نعت مدمر على التعريف أو وصف متناقض. لشُل الديمقراطية بإغلاقه لكل مراكز التأثير في المنافسة ، مما يعني أن الديمقراطية هي ما تريد السلطة لها أن تعني في مفهومها . ومع قبض الحكومة على المعارضين وخنق اراداتهم، و يكون الموقف محصوراً بين ثلاث خيارات عند الضعيف : الهروب، أو الانعزال، أو التبعية للسلطة. والمحنة  تكون مركّبة وأكثر تعقيداً، المحنة الأولى تكون أمام تحدّي الثبات على المبادئ والأفكار التي يطرحها أو يدعو إليها القوي، وبين الانفتاح الذي يشهده المجال العام للمشاركة في السلطة، فيقع المواطن ضحية بيد الاحزاب  والقوى السياسية المتنفذة التي لا تؤمن بمبدأ الكفاءة والخبرة، وإنما معيارها الأول والأخير هو السَّمع والطاعة لِمن تَمنُّ عليه بمنصبٍ سياسي، إذ الحصول على المنصب لا يتمّ إلّا من بوّابة القبول والرّضا الحزبي والقبول بمبدأ الافساد والشراكة بنهب المال العام.ولعل تزوير الانتخابات كما هو المألوف من الطرق الأكثر انتشاراً لتفادي ما تحمله الديمقراطية من عدم يقين وتقلب عندهم ولم تتم ملاحقة أحد جراء التزوير البيّن في مراكز الاقتراع وشراء الأصوات كما كانت النتائج في الانتخابات السابقة  وكذلك الترهيب السياسي الذي كان محورياً في "انتخاباتهم"، فمال الشعب الى عدم الثقة بهم والتي لا تهم احد من القادة مادام هو جالس على مقعده ومسؤوليته وسوف تنعكس في نسبة المشاركة القادمة ،ان الانتخابات العادلة تعتمد على استقلالية الأشخاص الذين يديرونها، لذا فليس من المدهش أن أحد الأساليب المفضلة للحُكام الحاليين لكي يتلاعبوا بالانتخابات و أن يكدسوا الآلة الانتخابية بمناصريهم،كما ان الانتخابات النزيه تتطلب صحافة حرة؛ وللسماح بالانتقاد العلني لرؤى المرشحين السياسية وان عمل الإعلام جوهري وضروري لتوضيح وإبراز اهتمامات العامة بين الانتخابات... وهو من المدخلات الهامة بما أن مجرد تصويت واحد كل بضعة سنوات هي طريقة غير كافية للكشف عن الاهتمامات العامة لهذا فمن غير المدهش أن القيادة التي تحاول التحكم في العملية الديمقراطية لتقوم بإسكات الصحافة اذا لم تكن  تخضع لها وهو الذي لا يقبله العقل والمنطق لان عندما يكون هناك تَوجيه وتَذْكير وإِمْلاءات من شخص ما إلى آخر، يشعر الآخر أنه قليل المعرفة وفي مستوى أَدْنى من مستوى الأول، و يشعر الآخر بِضُعْفِه وقِلَّة حِيلَته. هكذا يبث الساسة  بإعلاناتهم الموجهة للجمهور على أنها تريد مصلحة الجمهور الذي لا يعرف مصلحته وهم عنه جاهلون، فتُمَرِّر مخطَّطاتها الفاسدة على شعبهم.
ان من المهمات الحياتية هي في حقُّ الإنسان امتلاك عقله الذي وهبه إياه خالقه ليفكر كما يشاء، لا كما يريد له الآخرون، حق الإنسان لكي يكون حرًا طليقًا في مكان ليس بِغابْ، ولا هو مَعْمَلٌ للفُحوصات والتَّجارب والاختبارات و لم يعد عالمنا اليوم عالمًا مغلقًا، بل أصبحت حدود الدول المَرْسومة لتكون فاصلاً بين دولة وأخرى في الاستقلال والحرية وتمييزها كخطوط على لوحة في فصل دراسي يتم من خلالها تعليم الطلاب بأشكالها ومساحاتها وعدد سكانها.
عبد الخالق الفلاح
 

143
الكذبة النكراء في حل أزمة الكهرباء
كما هو كان ديدنُ مسيلمة الكذاب، في ارتكاب أكبر كذبة نكراء في حق البشرية ولكن سرعان ما كشفتها الامة، والكذب أصبح في بلدنا ساحات كبيرة، و وسيلة للتضليل والتجهيل، بدلاً من الخروج على الإعلام الناقل للحقيقة ، بهدف إيصال المعلومات الصادقة، وتبادل الآراء حولها بما يوسع الآفاق، ويتيح تلاقح الآراء طلباً للحقيقة والرأي السديد. ولكن البعض من القادة  حولها، مع سبق الإصرار، إلى أداة لترويج الأكاذيب، وتخريب والتشويش على أي معضلة تهم الشعب ، وهكذا، نشهد استهداف مواقع الطاقة الكهربائية و تتسارع أزمة الكهرباء مع اشتداد حرارة الصيف وبلوغها أرقاما قياسية، مشكلة فاقمتها العديد من العوامل، ولكن الخاسر الوحيد هو العراقي المسكين والمستكين  و مع ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت الـ50 في عدد من محافظات العراق، ليرتفع حدة الغضب الجماهيري من سوء الخدمات العامة وخاصة الكهرباء في ظل تراجع كبير بمستوى تجهيز الطاقة  والذي وصل إلى نحو 16 ساعة قطع في اليوم الواحد او اكثر في البعض الاخر منها بكل سهولة ويسر كأننا نعيش في غابة،مما حدى برئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي يوم الجمعة 2/7/2021أصدر سلسلة من القرارات الترقيعية الباهتة والغير مستوفية للشروط نتيجة لما تعرضت له منظومة الطاقة الكهربائية في البلاد خلال الايام الماضية من توقف ولضمان معالجة سريعة لها ،الاستهدافات التي شهدتها أبراج نقل الطاقة والتي بلغت  اكثر من 37 عملية تفجير خلال الايام الماضية في حملة منظمة كسابقاتها في السنوات الماضية و اعتبرها البعض تقف عائقا أمام حل المشكلة المتفاقمة منذ عقود يدفع ثمنها العراقي الذي يعاني ويلات ارتفاع درجات الحرارة فيما تتحدث بعض المصادر عن جهات تقف وراء تلك الأعمال لتحقيق أهداف سياسية ومالية ، ويحدث مع الاسف في وزارة الكهرباء من هدر في الأموال الطائلة منذ سقوط نظام البعث دون جدوى كان بفعل مخطط ومقصود لكونها مثلت أحد أهم أوردة المال السياسي غير المشروع لعدد من القوى والأحزاب في مراكز القرار وكان اول الوزراء فساداً الهارب ايهم السامرائي ،مع ان الإيرادات المتحققة جراء فرق أسعار النفط الخام للا شهر الماضية ، اقتربت من ستة مليارات من الدولارات وهي تكفي لاحداث عدد من  محطات الطاقة بإنتاجية إجمالية من الميكا وطات تصل الى العشرات الالاف ،فلم نشهد في تاريخ العالم ترويج دولة كذبة صنعتها ارادات البعض من التيارات المشاركة في العملية السياسية للتغطية على فسادها، وهي تعلم قبل غيرها أنها كذبة تم اتخاذها على أساسه سياسات تدميرية للشعب وتحفيز الناس على الابتعاد عن الواقع بالغوص في بحار الأحلام والأوهام والخرافات والانغماس في سير المؤامرات والأسرار وحكايات الرعب والخوف. ليثبت بحق أننا نعيش في عصر الكذب الرسمي، ولكن الطامة الكبرى أن زعماء الكذب ينتهي بهم الأمر إلى تصديق كذبهم، ونسيان أنهم من اخترعه. وهكذا يهرول اصحابها نحو الهاوية، ويصفق المنافقون لرقيّه في السماء. وإذا ما نبهه عاقلٌ إلى الصواب، سلط عليه الذباب الإلكتروني ، ثم لا نلبث أن نسمع دوي السقوط على خلفية دوي التصفيق، فتكون النهاية المناسبة.
ان  الكذب في السياسة  العراقية حدّث ولا حرج. لان البعض من  الساسة هم لازالوا صغارا ولان السياسي القوي لا يكذب  ، يكذب فقط السياسي الضعيف، لقد مرت سنوات بعد التغيير ونضج الشعب ففهم انهم كلهم يكذبون لأنهم يقتنعون بأنهم يصنعون واقعاً جديداً وفي النتيجة يخلقون «حقيقة» أو أجزاء منها ولو بالكذب، في يوم 22 ديسمبر عام 2015 "التقى الرئيس الصينى شي جينبينغ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في قاعة الشعب الكبرى . حيث قرر الجانبان الارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية علي نحو متزايد وإقامة شراكة إستراتيجية بين الصين والعراق وقال العبادي ان الصين والعراق بلدان يتمتعون بحضارة عريقة وتربطهما علاقات ضاربة في القدم وتهدف زيارتى هذه للصين الي دعم التعاون الثنائى فى مجالات الاقتصاد والطاقة والكهرباء والاتصالات والبنية التحتية والأمن وغيرها.وكان العبادي قد صرح بأن قيادات في الدولة ممثلة لأحزاب سياسية، متورطة بملفات فساد، عبر الاستحواذ على نسب مالية من تكاليف المشاريع التي تنفذ في البلاد". ان السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة على حكم العراق ما بعد 2003، تسببت بتفاقم أزمة الطاقة الكهربائية واستهلاك مليارات الدولارات دون فائدة تذكر.
 لنتحدث كذلك عن خطاب لعادل عبد المهدي في يوم الاثنين  24/11/2019 ليقول:
"أن مشروع شبكات النقل الذي تنفذه شركة "جنرال إلكتريك" الأميركية، سيسهم بتحسين إيصال الطاقة الكهربائية لأكثر من أربعة ملايين منزل في البلاد. في  إنشاء وإعادة تأهيل 23 محطة ثانوية ومحطات متنقلة، وتوفير أكثر من 3000 فرصة عمل في مشاريع المحطات الثانوية وشبكات النقل في جميع أنحاء العراق "،
ان ما يحصل في وزارة الكهرباء من إطفاء كامل للمنظومة الكهربائية، هو مؤامرة كبيرة على البلد وسابقة خطيرة وهي جزء من ما يحصل في باقي الوزارات المهمة كما صرح به الوزير المستقيل ماجد حنتوش دون ان يتم ايجاد حلول سريعة لها، و هناك تصريحات صدرت من بعض أعضاء البرلمان تتحدث عن امتلاك الأحزاب السياسية لجانًا اقتصادية مهمتها الحصول على نسب من المشاريع،حملت لجنة النفط والطاقة النيابية، وزارتي الكهرباء والنفط مسؤولية المشاكل في ملف الطاقة الكهربائية، فيما أكدت وزارة الكهرباء أن الخطة الوقودية ستتكفل بمعالجة أزمة الطاقة ولكن متى وكيف ،مع أن وزارة الكهرباء غير جادة في حل الازمة  و لا تمتلك حلولا استراتيجية لمشكلة الطاقة لا على القريب ولا على البعيد ولتخرج علينا بعد ايام من ان تنخفض درجات الحرارة لتعلن عن حل الأزمة...
عبد الخالق الفلاح
 

144
المنبر الحر / غربة الحقيقة
« في: 12:46 03/07/2021  »
غربة الحقيقة
=========
من يحكم العراق الآن...هذا هو السؤال... من الأخطاء في الانتسابات الغير السليمة التي تطلق من قبل الكثيرين من الكتاب والمحللين في أن الحكومات التي قادت  العراق  ولازالت منذ الاطاحة بصدام حسين والبعث هي حكومات دينية وهذا غير صحيح  ولا اعتقد أن النظام العراقي الحالي هو ديني وهي بعيد كل البعد عن الدين ويمكن مراجعة الدستور العراقي الحالي وقراءة بنوده، وإنما هو نظام  يقال عنه ديمقراطي مدني كما نص عليه وفي الحقيقة تعتمد على ورقة فاقعة اللون وهي المحاصصة ، حتى تأتي بتحالفات ورقية سريعاً ما تنتهي و لا تمت للدستور بصلة وانما توافقات شكلية للحصول على المناصب، ولا يمكن احتساب تعددية المشاركين في السلطة تعني ديمقراطية حاكمية دون مضامين حقيقية وأسس ترتكز عليها وفق هذا المفهوم ، من القوى السياسية المشاركة في العملية السياسة التي تقود البلد ،نعم هناك أحزاب دينية موجودة ولا يمكن ان نقول بأنها هي التي تحكم وتدير كل مفاصل النظام ،وكذلك هناك أناس يدعون التدين  مشاركين في السلطة، ولكن هذا لا يعني أن النظام اسلامي ابداً . فهناك الكثير من الاحزاب العلمانية  والقومية بيسارها ويمينها وبعض الحركات المدنية التي تتصيد بالماء العكر و الضالعة في بحر الفشل والإفساد وتشارك في الحكومة ولعل بعض الحكومات تدعي ايضاً أنها هي حكومة التكنوقراط المستقلين ،وجميعهم يغرقون في بحر النهب والسرقات إلأ ما رحم ربي ولو كانت هذه المجموعات لديها ثقة بنفسها وبجمهورها، لما دخلت تحت تسميات ومظلات اخرى..الخ كما هي في سائرون ..نعم الديمقراطية تسمح لجميع التيارات الفكرية (الدينية واليسارية والقومية والليبرالية) بالعمل الحر ضمن الدستور، إلا إنه لا يسمح يفرض أي مبدأ من مبادئ الأحزاب على السلطة التي تعني قدرت ادارة الدولة دون تمييز بين أفراد المجتمع على اساس الدين او القومية او العشيرة او المنطقة او المذهب انما كلهم مثل اسنان المشط في الحقوق والواجبات  ، وعليه فالمطلوب هو دعم الديمقراطية وتطويرها نحو الأفضل لإنضاج معطياتها في البناء، وليس هدمها بذريعة أن هناك أحزاب إسلامية حاكمة تناست فشل الجميع في ادارة الدولة لأنهم ليسوا رجال دولة انما رجال حكومات بدون وطنية.
الديمقراطيات تدرك أن الوصول إلى اتفاق عام على قضية خلافية يتطلب الوصول إلى الحلول الوسط التي قد لا تكون سهلة المنال دائما. وكما قال المهاتما غاندي "فإن عدم التسامح في حد ذاته يمثل صورة من صور العنف وعقبة أمام نمو الروح الديمقراطية الحقة "،كما تقوم الديمقراطية بالعمل على نزع صيغة التحكم المركزي بالسلطة ونقلها إلى المستويات المحلية والإقليمية، متفهمة أن الحكومة المحلية ينبغي أن تتصف بسهولة الوصول إليها من قبل الشعب والاستجابة لاحتياجاته قدر الإمكان.
كما ان تتنوع نظم الحكم الديمقراطية  يعكس الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية التي ينفرد بها كل مجتمع ورغم ان الديمقراطية لا تزال أملا مشتركا لدى العراقيين ولكن لازالت رهينة المصالح الغير الوطنية ، و كانت هذه الديمقراطية قد أصبحت شعارات فقط ،وفيما يتعلق بالبنية السياسية العراقية الجديدة،ولكن  ليس للقيادات بشكل عام وجهة نظر متماســكة، ولكن تظهر باستمرار لمحات أفكار انية مضطربة و هناك رغبة في المجتمع إلى الأفضل وأكثر ديمقراطية ولكن تواجه بالشلل ، وهذا لا يدعو للدهشــة ما دمنا إزاء مجتمع عانى من جراء القمع. و معظم القادة كشفوا عن ارتياب طبيعي في دولة قوية؛على اساس  إنهم لا يريدون إحياء ســلطة مســتبدة تكون محور الحكم ، وهم لا يفكرون من منظور الدولة ذات اسس وبنيان قوي وإنمــا مــن منظــور مصالحهم  والكثير منهم يؤيدون حكومة لا مركزية تعتمد علــى كثير من الرقابة المتبادلة في مواجهة الســلطة و ربما يتفقــون فــي هــذه النقطة على حكومة إقليمية قويــة ومركزها ضعيف ورغم وجود بعض التداخل في الطموحات، يُظهر نمط تركيز مختلف لدى مختلف الجماعات. فالديمقراطية ترتكز على مبادئ أساسية وليست على ممارسات فردية ذات أبعاد قريبة المدى انما بعيدة المدى.
وهناك خلافات جوهرية بين اركان العملية السياسية ، في التقاليد الإسلامية تعترف بأن الناس أحرار وأصحاب سيادة،وهذه الصيحات هي ذات الصراع في سياق الجدل بين العلمانية والدين، والأدوار السياسية لكل منهما في خضم الاتهامات البعض للبعض الاخر مثلاً ، تقول الأحزاب الإسلامية مثلاً إن الحركة المدنية تسعى إلى تدمير الهوية الاصيلة للعراق، وتسعى لبناء علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة وحلفائها  وتقول الأحزاب المدنية إن الأحزاب الدينية في العراق تعتمد على الرعب الذي تثيره الحركات الإسلامية المسلحة للهيمنة على البلاد، وزجها في نزاعات إقليمية، خدمة لأجندات خارجية، . ورغم ذلك فكلهم يشاركون في الانتخابات عبر قوائم خالصة أو تحالفوا مع أطراف سياسية مختلفة،  وحققوا حضوراً كبيراً في البرلمان العراقي دون وجود رؤيا لإيجاد فلسفة بناء  جديدة يقبله معظم العراقيين على التجمع حولها والتعاون على أساسها، وتحت  فكرة عراق موحد تتضمن تعبيــرا عــن التنوع الثقافي والعرقي في العراق أمامها لايجاد فرصة النجاح ، يتطلب تفكيرا جديدا ورؤية جديدة وكذلك رأب الصدع بين الجماعات العراقية. وإلا في الآراء والتصورات التي تم استعراضها ستقوى وقد تحدث تجزئة للعراق — وإن لم يتم تسميتها تجزئة في واقع الأمر انما اقاليم ، إن مساعدة العراق على ضم الصفوف وليس شق الصفوف وهو الخلاص من هيمنة الأحزاب المتأكلة و المتهافتة على السلطة واللجوء الى الديمقراطية الحقيقية لا الصورية.
عبد الخالق الفلاح

145
وعورة الطريق والعلاقات المشبوهة
أن الركون لسياسات الغرب، والنزعة التسلطية، والفساد، ترتبط ارتباطاً لا فكاك منه بالصراعات السياسية  والإرهاب في المنطقة وديمومته و يجب ان تكون  العلاقات  نقطة الارتكاز الاولى لمحاربة هذه الافات الشرسة الاولى ولا مناص منها  ولا وسيلة من اجل القضاء عليها سوى الخلاص منها ومن ثم الانطلاق للتصدّي لعدد من المسائل الجوهرية المُستغلقة العسيرة التي تواجه الشرق الأوسط لا سرقت نفط العراق الذي كان أغنى بلد في الشرق بمياهه العذبة و ثرواته البترولية وزراعته  وخيراته والسيطرة عليه تحت غطاء التعاون والمرسومة من قبل الدول المعروفة بتاريخها الاستغلالي للشعوب من اجل نهب خيراتها ومحاربة استقلالها ولا أن تكون من تلك الدول من هي الة وبرنامج سياسي لدعمها في نهب خيراتها والقضاء على حريات الشعوب وسيادتها بطرق ملتوية، وهذه المخاطر حقيقية يجب عدم المرور عليها مرور الكرام والا مبالاة وتستحق كل الاهتمام للخلاص من المظالم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، والأهم من ذلك الحفاظ على الكرامة الإنسانية والعدالة في تلك العلاقات  وعلينا ان لا نبسط  هذه العلاقات مهما كانت الأسباب أو الدوافع والتبريرات ويجب ان تكون من أهم الأهداف لحماية ارضه لا بيع مستقبله وربطه بركب العلاقات المشبوهة التي تغامر بها بعض الدول المعروفة بتاريخها الخياني على مر العصور والازمان ..والعراق يعيش حرب وموت ودمار. سماء تعجّ بقاذفات القنابل وافدة من كل صوب. مشاهد أصبحت معتادة لكثيرين من العراقيين. قضى مئات الألوف من شرورها وشُرّد الملايين. استشرى العنف على أيدي جماعات الارهابية، واختُرقت الحدود. بعد عقود من الاستبداد والتسلط ، وانتشار الفوضى والمعاناة بين مختلف اجياله ولازال يعيش في خضمها وهو في أمس الحاجة لمد يد العون له لا استغلال ضعفه في امتصاص ما بقى له ، وطبعة الطبقة السياسية الحاكمة فيه هي المسؤولة الاولى والاخيرة مستقبلاً قبل غيرها في هذا الهوان والانحطاط .
من هنا يجب ان تطلق الحكومة الاستراتيجيات الإنمائية الوطنية من أجل بناء دول متماسكة من جميع النواحي وتربطها الثقة المتبادلة  "لا ان تكون خاضعة لاجندات اتية من الغرف الظلماء "، انما قائمة على أسس علمية وفنية سليمة تساهم في تضاعف ثمار هذه العلاقات " اقتصاياً وسياسياً واجتماعياً مع البلدان الاخرى و تمثل دفعة جديدة للنمو في حجم العلاقات بينها على المستويات كافة ،بما يحقق فوائد مضاعفة للجميع ،. بهدف إيجاد فرص عمل للأيدي العاملة الداخلية وانقاذها من البطالة لا استيرادها وتقوية الاقتصاد والاستقرار السياسيً. ضمن الاستراتيجيات الإنمائية الوطنية وإيجاد فرصة لإعادة التفكير في العقد الاجتماعي للدولة، إن مناهج القطاعات التكنوقراطية وحدها غير كافية. إلأ ان تكون الاستراتيجيات الإنمائية الوطنية فعالة، ويجب أن تصاغ بطريقة متكاملة وأن تدعمها تحالفات من القوى السياسية والاجتماعية أو المواثيق الاجتماعية تشارك فيها الحكومة وقطاع الأعمال والمجتمع المدني المنظم وفي النهاية، فإن استعداد الفئات الاجتماعية المختلفة لتتبع المصلحة العامة تسمح للتنمية بالنجاح.
تُبنى العلاقات بين الدول على أساس المصلحة، لا حب ولا كره فى العلاقات الدولية، بل مصالح، لا عداء دائم ولا صداقة مستمرة، بل مصالح متقابلة، وحسب وجهة المصلحة اليوم تكون العلاقة فى عالمنا تسود كثيراً عن رابطة الدين واللغة، وهى روابط التى يولد بها الإنسان ولا دخل له فى اختيارها، ويرون أن وجود هذه الروابط يمثل أساساً قوياً للتعاون والتحالف،ولكن هذا القول ينتمى إلى حقب تاريخية غابرة، إضافة إلى أن هذه الأسس المشتركة لا يمكن ان تكون بالفعل أساساً يمكن البناء عليه  اليوم في غياب الاستقلالية عند الكثير من البلدان ولا تُعد فى حد ذاتها عناصر كافية للتعاون، بل لا تضمن حتى التعاون ولا تمنع الخلاف ولا الصدام وربما الحرب أيضاً، فما لم تكن هذه العناصر مصحوبة بمصالح مشتركة فلن يكون هناك أساس للتعاون بين الدول المعنية وسوف تكون صعبة للوصول الى الأهداف المعينة في العلاقات المشتركة . ومرد هذه الصعوبة يكمن في عدة مظاهر يجب الارتكاز عليها ،أهمها تمتع الدول باستقلالية مطلقة تجاه بعضها بحيث أضحى لكل دولة الحق الكامل في إنشاء ما يخدم مصالحها الخاصة من علاقات وطنية أو دولية بحسب أهدافها السياسية والأيدولوجية والاقتصادية ، وهو ما قد يجعل العلاقة التجارية والاقتصادية ثمرة للمبادئ السياسية والاتجاهات الإيديولوجية التي تميزها عن غيرها من الدول ، وانطلاقًا من مبادئ السياسة الخارجية  القائمة على دعم المشترك للسلام والاستقرار في المحيط الإقليمي والدولي، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل بين الدول، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول، وكذلك الاهتمام بالبعد الاقتصادي للعلاقات ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ، ومن رؤية القيادة السياسية السليمة لواقع ومستقبل الأوضاع الدولية والإقليمية وتحديدها الواضح للأهداف، والتفاعل المباشر والواضح على المستويات العامة مع القضايا الإقليمية والدولية كافة، إدراكا لكون تحديد صانع القرار السياسي العراقي  للأهداف الوطنية تعزيز مكانته داخلياً ودوليًا وإقليميًا.
عبد الخالق الفلاح
 

146
باب الشيخ  حافلة التاريخ ..ج24
      المهن والحرف
      ==========
إنّ اي عمل يحتاج الى الموهبة وفطنة أساسي في حياة الفرد وفي كثير من الأحيان تكون الحاجة مؤثرة في سرعة الاختراع و لا يمكن الإستغناء عن  ذلك لكي يستطيع الفرد تحقيق طفرة ليخفف عن فقره ومعاناته واحداً إثر واحد وتوفير لقمة عيشه وافراد عائلته ،وفي ايام الزمن الماضي كنا نرى في ازقة ودرابين محلات مدينة باب الشيخ التي لا تختلف عن الكثير من المناطق الأخرى في التشابه وأسواقها القديمة تعج بمهن يعمل بها البعض من الرجال خاصة وهم يتجولون بين الشعاب الضيقة التي لم تتجاوز المتر أو المترين  و الطرقات المتربة التي لم تكن تعرف أكثرها التبليط الى أواخر الستينات من القرن الماضي ،وكانت تعمل من اجل استمرار المعيشة واكثرها سادها الافول والزوال ولا تزال بعضها قائمة رغم قلتها ولكن تصارع من أجل البقاء، فيما اختفت أخرى بسبب الإهمال الحكومي لتلك المهن التراثية وبعد التقدم في المكننة ولكن لازالت راسخة في عقولنا نحن ابناء الاجيال الماضية وتعاني العديد من هذه المهن والحرف الشعبية من الاندثار والزوال بسبب موت أصحابها أو تركهم مهنتهم او بسبب التقدم الحضاري الذي أخذ هذه المهن إلى الغيبوبة الابدية او التغيير لدخول الالة الحديثة المتطورة في التقليل من الجهد والتعب وسرعة العمل، ولا تبقي الروح جامدة وليس يخفى موتها أو حياتها على الناظر إليها. وهكذا مهن تمثل  جانباً إبداعياً من تراث البغدادي الاصيل  وما تجود به من دقّة المهارية والتجربة المختمرة من أجل العيش  الكريم والتي سوف نتحدث عن بعضها حسب ما اطلعنا على أسسها وعايشنا البعض الآخر منها مثل النداف واللمبچي : و النحاس ( الصفار ) الكندكاري اوالمبيضچي والنجار والچراخ والرواف والچرخچي والطماسون ونزحوا البلاليع وهي خاصة الأرمن والمسيحيين او التكليف الذين اتخذوا من منطقة المربعة و السنك في بغداد تجمعاً لهم وهم الذين ينظفون  خزانات البيوت وتسحب فوائض المرافقات والمرحاض المنزلي بالتنكات ( الصفيح ) وتنقل بسيارات معدة لهذا الغرض تتكون من خزانات مستطيلة تقع خلف العجلة و كذلك من المهن ، خياط الفرفوري ،وبائع الفرارات ،والشعر بنات ، والنجارين ، والبزازين ، والخياطين والعشرات من الاعمال اليدوية  الاخرى.
1-   تُعدّ الندافة احدى هذه الأعمال ومن المهن المتوارثة، وتتكون عدتها في السابق من عصا من أغصان شجر الرمان وقوس خشبي فيه وتر من سلك معدني مع مطرقة خشبية مدورة يضرب بها على الوتر حين الندف ليفرق الخيوط القطنية ويدور فيها في الدرابين والعقود ، ويقوم بندف ونفش القطن عند تمرير القطن من خلال الوتر ، أما بعد التطور الصناعي اليوم فقد استعاض أغلب الندافين عن القوس بالماكنة الكهربائية في عملهم ، وتعتبر من المهن المتعبة والصعبة وتحتاج الى قوة العضلة قبل ان تدخل الالة الحديثة ويقوم النداف بعملهم في ساحات البيوت أو في مكانات مفتوحة و إن لم تتوفر مساحة مناسبة في البيت الذي يعمل به يختار الطريق لهذا العمل وكثيراً ما كنا نسمع عبر شبابيك البيوت صوت الندافة ( نداف ملاحيف مخاديد ودواشك ) وهو ينادي بصورة متميزة لكي يعرف بها  ،و كانت الأُسر على اختلاف مستواها المادي تطلب النداف ليقوم بعمله بتجديد الفراش تقريباً في كل عام بالنسبة للبيوتات المتمكنة ، ويعمل فراشاً خاصاً للمناسبات والأفراح والاعراس. كما جرت العادة على احضار جهاز العرسان والمواليد في البيوت ليقوم النداف بنقشها باللوان جميلة  وكانت هذه المهنة شائعة ومزدهرة سابقاً وخاصة في  فصل الشتاء حيث يستعد الناس لاستقبال فصل البرد بتجهيز المنازل بالفرش الجديد أو تجديد القديم منه، و الندافون الان يقومون بعملهم في دكاكين أو في بيوت الناس وهم من القلة اليوم وذلك عندما يحتاجون تجديد الوسائد والفرش ومطارح مما يحتاج إلى يومين عمل أو أكثر من النداف ومساعديه وكانت من العادة أن هؤلاء يقومون مقام الضيف في تقديم الغذاء أثناء النهار لهم من قبل أهلي البيت ما يدل على كرم اهلينا.
2-   الجراخ: رجل يحمل على كتفه آلة الچراخة " وأصل هذه المهنة تركي جاءت الينا قبل او اثناء الاحتلال العثماني للعراق، حتى سمي كل الذين يشتغلون هذه المهنة الأوزبكي".والتي تتكون عدته من إطار خشبي دائري بحجم اطار الدراجة الهوائية يدور عليه قايش مطاطي ينتهي في جهته العليا بقرص رصاصي يسمى (الحجر) يستخدم لحد السكاكين والسواطير ومحد يدوي لتسوية السكين او اي عدة اخرى  وچراخ السكاكين هو أكثر تداولا وانتشارا في الشارع الشعبي العراقي حتى يومنا هذا ، ويعود هذا لكثرة استعمال آلة السكين واستخدامها بشكل متواصل ويومي في قضايا التحضير المطبخي وغيرها من المهام الاخرى، التي تقوم بها هذه الآلة بديلا عن الآلات المنزلية اذا ماتوفرت، ، فضلا عن دورها في ادارة وحسم المشاجرات التي تحدث في الدربونة كسلاح جاهز وتحت اليد، وكان على صاحب هذه المهنة  هو التجوال في أزقة وأسواق المحلات مناديا بأعلى صوته (جراخ- جراخ سكاكين) وعند سماع ربات البيوت صوته يخرجن بسكاكين وسواطير المطبخ التي أصبحت غير حادة (عمية) من جراء استعمالها، وتقدم للجراخ الذي يقف أمام الدار بعد ان ينزل من كتفه آلة الچراخة ويباشر بعملية حدها مقابل مبالغ زهيدة كانت تتناسب مع تلك الظروف، ومع كل مرحلة «جرخ» يدس السكين في سطل ماء، مثبت على دولابه ليخلصها من البقايا الناعمة التي علقت بها.
3-   بغداد القديمة فيها من الاشغال البسيطة التي كانت تشتهر بها وكنا نلعب في الازقة ونشاهد خياط الفرفوري  ليأتي هو بصيحات مألوفة له لدى الجميع “خياط فرفوري... فرفوري خياط” والادوات التي كان يستخدمها بدائية جدا " فالماكنة هي خشبة بسيطة ذات ركائز لتثبت على الارض ولها ارجل تتحرك وفيها عجلة تدور لتشيغل المثقب الذي يقوم بثقب الفخار من قبل الخياط و مادة بيضاء لزجة تخلط بالماء لتلصق القطع المكسورة وشرائط من معدن خفيف مطواع يضعها حول الابريق لتقيه من الكسر مرة اخرى" فترانا نركض نحوهم  وندلهم على بيوتنا  طلبا لخدماته, فيخرجن الامهات والنساء وبأيدهن مايرغبن بخياطته من اباريق الشاي والصحون المصنوعة من “الفرفوري” عند تعرضها للكسر ،  و “الفرفوري” هو الفخار الذي تصبع منه الاباريق التي تستخدم لصناعة الشاي والصحون على اختلاف انواعها وانواع الفخار الممتازة تكون عادة غالية الثمن ، لذلك كان الناس في ذلك الوقت يفضلون خياطة هذه الاباريق والصحون عوضا عن رميها لغلاء ثمنها من جهة ولاعتزازهم بهذه التحف المتقنة الصنع من جهة اخرى وهي مستوردة من دول مختلفى وخاصة بريطانيا ( يعني شغل ابو ناجي ) كما كان يطلق عليها على الاكثر، وكذلك لان استخدام اباريق من المعادن الاخرى لم يكن شائعا في ذلك الوقت واكثر هذه المشاغل موروثة تنتقل من الاباء الى الابناء ، وقد دقت ساعات الخلاص والانقراض ابوابها ولم نعد نشاهد هؤلاء اليوم في المحلات والدرابين والعكود وهي من المهن الفنية والحرفية و بسبب انتشار معامل الفخار وسهولة استيرادها ليصبح بمتناول يد الجميع ، وباسعار مخفوضة وخاصة الصيني المستورد، فاصبح استبدال المكسور بآخر جديد أمر يسير لكل الناس.
4-أن العراقيين لم يكونوا يعرفون المرطبات غير الصودة والسيفون التي كانت تصنع في الشورجة بمعامل بسيطة والبوب سايكل والنامليت بطعم الازبري او البرتقال او البطيخ او الحليب او مجرد مياه توضع في الثلج داخل اسطوانة من الصفر او الجينكو او الكلبانايز مبسطة من الاسفل وبشكل دائري لكي تكون سهل الحركة في الثلج ثم يدور بها العامل الى ان تجمد وهو يصرخ بين الازقة  ( ازبري برد كلبك يا ولد) وتباع للراغبين وتنقل بعربات يدوية وبها عجلات دائرية سهل الحركة والتنقل وعرضها على المارة  أما الدوندرمة الاصلية فقد صنعتها شركة "لاكي ستك" واخذت تبيعها بالعودة ومن ثم أتت بعد العشرينات من القرن الماضي المرطبات الاجنبية من قبل شركة حسون أخوان و اورزدي باك واختلفت طريقة بيعها ام بالقناني مثل الشرابات او عن طريق علب مخصصة بالنسبة الدوندرمة  ، ومن أشهر المرطبات عبود الشامي في باب الاغا البوظة الشامية ومقهى حسن عجمي اول من باع شربت اللوز ، أما التي لازالت قائمة هي شربت زبيب زبالة في منطقة الميدان حيث تم تأسيس المحل في بداية القرن الماضي ولازال قائما في نفس المحل ونفس الشهرة وظهر في اوسط الستينات من القرن الماضي جبار ابو الشربت في شارع ابو نؤاس وانتقل الى الكرادة في السنوات الاخيرة ....يتبع
عبد الخالق الفلاح

147
الحقيقة ...في استرداد الاموال المنهوبة
تتصاعد الصيحات الرسمية والغير الرسمية في  العراق هذه الايام وخاصة رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح في تشكيل لجنة للمطالبة  باستعادة الأموال المنهوبة من الخارج، التي تورط فيها رؤساء ورؤساء حكومات ووزراء ولم يكن هو ببعيد عنهم ويتحمل جزء من وزر تلك الاموال المنهوبة ورجال أعمال ومسؤولون محليون، محسوبون على النظام والحكومات التي تعاقبت في ادارة امور البلد ، والتي تحتاج الى دعم المؤسسات المالية والرقابية الحازمة ، وتحسين الأوضاع الاقتصادية الداخلية، وتوافر الإرادة السياسية للدول المنهوب أموالها وأملاكها وآليات المساعدة من قبل بعض الدول وخاصة العربية منها و أن التحرك الدولي هو الطريقة الأفضل لاسترجاع الأموال المهربة والتي تقدر نحو 500 مليار دولار أميركي، تكون باللجوء إلى إتفاقية غسيل الأموال لعام 2005، والتي وقّع عليها العراق عام 2007، وكذلك بالتعاون مع الجانب الأميركي وفق المادة 28 من الاتفاقية العراقية – الأميركية لسنة 2008، وأيضاً وفق المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة التي تؤكد حق الدول التي تحارب تنظيمات موضوعة تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، طلب مساعدة الأمم المتحدة وهي حالة العراق الذي كان يحارب تنظيم الدولة (داعش) الموضوع تحت الفصل السابع بموجب القرار 2170 لسنة 2014. وهذه الاموال يجب ان تشمل المادية أو غير المادية، ومنقولة أو غير المنقولة، نقدية أو عقارات أو أسهم شركات أو حقوق عينية ذات قيمة مالية، والمستندات والصكوك القانونية التي تثبت ملكية تلك الاموال أو وجود حق فيها جرى الحصول عليها من قبل اشخاص طبيعيين أو معنويين بطرق غير قانونية من أموال وموارد الدولة. ويدخل في ذلك العملات بجميع انواعها المحلية أو الأجنبية والاوراق المالية والاسهم والسندات والكمبيالات أو أية فوائد أو أرباح عوائد من هذه الاموال أو القيمة المستحقة منها أو الناشئة عنها.
 كما يشمل التعريف أموال الدولة المستحقة من الرسوم الضريبية أو الجمركية التي تهرب من سدادها أشخاص نافذون طبيعيون أو معنويون أو تم دمج هذه الاموال في مشاريع استثمارية، على نحو يزيل أي لبس قد يشوب تفسير الاموال المنهوبة (المهرية) وارتباطها بعمليات النهب في الظروف الاستثنائية فقط، بعيداً عن مفهوم الجريمة المنظمة التي تعد أحد مظاهر الفساد وغسل الاموال. ويشمل ذلك الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات، جرائم الشرقة، والاختلاس، والاستيلاء على الأموال بوسائل احتيالية أو إساءة الامانة.
لسنا من باب التشائم واليأس انما من باب قول الحقيقة ننقل لكم ماجاء في صحيفة صحيفة “هيرالد سكوتلاند” البريطانية، قالت في تقرير لها ، إن هذا البلد “العائم على بحر من النفط كان يفترض ان تكون عملية إعادة إعمار بنيته التحتية التي دمرتها الحرب قد تمت، واستعاد اقتصاده عافيته "وهذا الذي لايرغب اليه من هم ابتلعوا ولازالوا خيراته لا في الداخل ولا في الخارج لكي يعود العراق لعافيته ، أن هناك تحديات تواجه الجهات الرسمية المعنية باستعادة تلك الأموال، ومنها غياب الخريطة المعلوماتية التي لا وجود لها بشأن أموال وأملاك كبار مسؤولي بالخارج، وتعدد مستويات التعامل مع الجهات المعنية باستعادة الأموال بما يجعلها عملية معقدة، وغياب آلية التصرف في الأموال التي يتم استعادتها كي لا تهرب او تختلس مرة اخرى،
كما تسعى الحكومة وحسب ادعائها إلى استرجاع الأموال التي سلبها الحكام والمسؤولين لكن هذه الدكتاتوريات الحالية  أحاطت حساباتها السرية بطوق متين من السرية، ما يصعب هذه الجهود. في ظل الدولة العراقية الحالية الضعيفة  والغير قادرة على ادارة الداخل فكيف بها ان تسترد الأموال المنهوبة خارج العراق والتي تقدر بمليارات الدولارات وتمت التحويلات من طريق شخصيات متنفذة في مصدر القرار، وما زالت تملك نفوذاً في الحكومة، والأخيرة غير قادرة على التعامل معها قضائياً وملاحقتها قانونياً لغاية الآن.
فما هي الطرق للوصول إليها في ضوء استمرار الفساد الداخلي في الدولة و عدم وجود ارادة  السياسية الكافية للقوى الحاكمة في العراق  لتتبع تلك الأرصدة ولانها هي المتهم الاول والاخر في تلك العمليات المشينة ،في ضرورة توفرها على الآليات المناسبة في نظامها القانوني الداخلي لتذليل العقبات التي قد تنشأ عن تطبيق قوانين السرية للمصارف.
هناك عوائق أخرى تتصل بقوة تحالفات لوبيات في الدولة وإدخال أموالها في صورة مشروعات واستثمارات أجنبية ضخمة في دول متفرقة وتحت أسماء وعناوين مستعارة، واختلاف طريقة تطبيق الدول الموجودة بها الأموال المنهوبة للائحة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تم المصادقة عليها في عام 2005، وإن كانت هناك خطوات لازالت اولية ، لكنها لا تمثل إجمالي أموالها المنهوبة والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات .   
في ظل غياب الثقة المفقودة اليوم بالدولة بنظامها و بالطبقة السياسية الحاكمة من جرّاء حقيقة وجود الفساد في الدولة كما يُعترف بها بكل صراحة من قبل اعلى مراتب الدولة . وهي تدعي انها تقوم بخطوات لمكافحة الفساد والفصل الأساسي منها إقرار القوانين اللازمة في هذا الإطار. لكن هذا لا يكفي عملياً لانها ترتطم بالتطبيق و لأنّ ذلك يتطلّب أن يقوم القضاء بواجباته وكذلك الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ، فمجلس النواب يسنّ القوانين لكن على القضاء تطبيقها"وفي نفس الوقت عملياً هو يقف في كثير من الأوقات عائق امام تنفيذها و تنفيذ هذه القوانين  مرتبط بصدق العمل المفقود حتى هذا التاريخ و لم تنفذ مضامينها بشكل فعال بمنأى عن أي ضغوط أو تدخل ، وعليه، من البيّن أن من شأن إقرار قانون كهذا في ظل نيابات عامة وقضاء يحتاج  باعتراف المجلس النيابي نفسه أن يبقى من دون أي تأثير. وليس أدلّ على غياب الإرادة السياسية في تنفيذ القانون و تعجيل النظر في اقتراح استقلال القضاء، لجهة أن مسألة استقلال القضاء خارجة عن مثل هذا الموضوع و انه من دون قضاء قادر التنفيذ بعيد عن المحسوبية والمنسوبية ومجرد من الحسابات الطائفية والعشائرية والمناطقية والسياسية لا يمكن الاستمرار باجراء إصلاحي واحد مهما تطورت القوانين ، فيما تتيح استقلالية القضاء الدخول إلى عمل واسع من الإجراءات والقرارات التي تفضي في النهاية إلى تعميق الاصلاح واسترجاع الاموال المنهوبة ...ولو بعد حين...
عبد الخالق الفلاح
 

148
تحالفات لاستهلاك الوقت والزمن
تسود الساحة السياسية العراقية تحركات ومحاولات لاستهلاك  الوقت والمال والجهود، تعمل الأحزاب والكتل السياسية على تشكيل تحالفات "  وهذا المصطلح يطلق على اتحاد بين حزبين أو أكثر، غالباً ما تكون أفكارهم قريبة، من أجل الدخول في الانتخابات أو حكم دولة، أو حتى من أجل أن يظل موقفهم أقوى ،و سيكون لكل طرف في الحلف ايديولوجيته الخاصة، التي تختلف عن الأخرى لكنه سيختار شكلاً مؤقتاً، يقلل الاختلافات من جانب من أجل الاستفادة، حيث تكون الأهداف المشتركة فيما بين" والكتل والاجزاب في العراق  تعتزم تشكيل حكومة مع بعضها البعض إذا حصلت على أصوات كافية في الإنتخابات ومع ذلك، وفي كثير من الأحيان، في ظل ضياع الحكمة وصراع المصالح وشراء الولاءات، حيث كل حزب وتنظيم سياسي يتحالف مع الاخر بما تقتضيه مصلحة الحزب وليس الوطن و تنتهي من دون أن تترك أثراً في الموضوع الذي دعت اليه وعملت من أجله ورفعت شعاره وهو التحالف ، كأنها خطّت سطراً في رمال تمحوها المياه و بأموال يجنونها يتقاسمونها متناسين محنة شعبهم  و يعيشون أفضل حياة وأحسن حال،،وبثمن تدمير الوطن وهلاك الشعب ،  يُشيدون العمائر والمنشآت والشركات ويبنون مستقبلهم ومستقبل ابنائهم وأحفادهم ويظنون بأن الشعب غبي وساذج وبأنه قد صدق تَبجح وهراء أبواق  البعض من قياداتهم المعتوهة... بالامس كانوا يتراشقون الرجم بالتهم وبيوتهم جميعاً من زجاج ويتمسخرون على بعضهم البعض وهم زملاء في مجلس النواب و يؤدون نفس الهدف المعيب ويتشابهون بالمهنة والأداء والتنفيذ والانقياد ولا يختلفون إلا في أسماء ينحنون ينبطحون لها بكل قابلية وسمع وطاعة ،أن مثل هذه التحالفات تخدم أغراض سياسية لدى الداعين إليها والعاملين من أجلها. كما أن الخلافات، وربما الصراعات، التى نشبت بين عدد ممن يدفعون باتجاه تكوين كتل انتخابية متعددة، تؤكد أن الحسابات الشخصية متضخمة بصورة تفوق نظيرتها الحزبية..
يبقى ما يلفت النظر أن القوى التي تشارك في هذا التحالف تستمر في نشاطها وبكل فشلها ، وكأن غالبيتها هي بعيدة عن الانحدار والانهيار الذي اصاب الوطن ومع العلم هي طوال الوقت كانت اكثر حضوراً لما يحدث ويتخذ من قرارات مخجلة ومزيدة للمعاناة ، وهي الغالبة من خلال التصريحات التي تخرج بعد الانتهاء من اللقاءات بما قدمته من فنون لخلط الاوراق وساعد على الفساد في كل مفاصل الدولة، وعلى تفاوت حجمها وثقلها وتاريخها، وكان لدى هذه المجموعات ما يكفي من التقاطعات، ومن الحماس للعمل المشترك، وعبر بعضها عما يتجاوز العمل المشترك إلى أفق الاندماج، أو حتى الاندماج المباشر وهي مراوغات سياسية بعيدة عن الحقيقة ، سيما أن التباين السياسي بينها كبيراً جداً ولا توجد مشتركات حقيقية ، ولا يتعدّى ما يمكن وجوده حتى بين أعضاء المجموعة الواحدة. ان التطورات تظهر من أن  هشاشة التحالفات السياسية، والتي لم تحسم بإعلان الكتلة النيابية الأكثر عددا! في المرة السابقة هي اقولا من قبل واشد وطءاً  ويبدو أن هناك ضبابية وعدم وضوح في مواقف الشخصيات والأحزاب أو الكتل السياسية، حتى وأن بدت منضوية بعناوين تحالفية. إذ حاولت القوى السياسية توحيد مواقفها في تحالف " معين " لكنه  سريعاً ما ينتهي صموده أمام تقاسم المناصب، واستقطابات القوى السياسية بعضها البعض  للتنافس على تشكيل الكتلة النيابية الأكثر عددا وهو العامل الاخر حتى على عدم العودة مرة أخرى إلى السلال المجتمعة والواحدة . ان بعض اطراف العملية السياسية الحالية يبتغون زيادة سلطتهم وقوتهم المادية إلى الحد الأعلى ويتجهون نحو استقطاب المواقف السياسية والاجتماعية، من هنا يكونوا مجبرين على اختيار أنسب الوسائل لتحقيق غاياتهم، فتجري مناصرة الديموقراطية تكتيكيا، كوسيلة للوصول إلى غايات أخرى.
ويزيد الطين بلة ان هناك اليوم من يسعى الى طرح وجوه جديدة  تسعى للاستفادة من الأجواء السياسية الغامضة ومحاولة طرح أنفسهم باعتبارهم قيادات  جديدة تستطيع أن تقوض الانهيار واصلاح الخراب فى مرحلة بالغة الحساسية. لكن العلامات والإشارات والبشارات لا تطمئن على الإطلاق. وتحولت المسألة إلى مزاد من يستطيع فيه جمع أكبر عدد من الأحزاب والتي لا تتفق على شيئ اصلاً والمهم هو البقاء في الساحة ؟ ومن الذى سيتمكن من استقطاب أكبر عدد من أسماء الكتل والاحزاب ؟ وهكذا لم تنجح حتى الآن أى قيادة فى تقديم فكرة جامعة، يلتف حولها تحالف لهدف وطني واحد.ولا تحالفات قوية جون احزاب قوية أو على الأقل وطنية قولاً وعملاً وليست شخصية. ولا تكتلات دون وضوح فى الرؤية، فما الذى يجمع الإسلامي مع اليساري كما يقولون؟ فقد شاهدنا  تنسيق بين قوى تختلف في كل شيئ ولكن لا تختلف في هدم ركائز الوطن،
 ان  قضية التحالفات بمعناها الصحيح، هو اصلاح العملية السياسية اولاً  وتبدأ من الاحزاب نفسها  لأن الطريقة التى نشاهدها فى تكوين التحالفات تحمل فى أحشائها كل عوامل الفشل، فى زمن تتكاثر وتمر أمام أعيننا جملة كبيرة من التحديات. بالتالى ليس هناك مجال سوى أن التعافي السريع لمجمل العملية . والانتخابات البرلمانية على الأبواب ودخولها بالصورة التى تبدو عليها غالبية القوى والكتل، قد تجعلهم يعضون على أصابع الندم، لأن ابناء العراق و من حقهم  سوف يستغلون هذا الارتباك فى خلط الأوراق بمزيد من الوعي والإدراك بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل واحد منهم في اختيار الصالح.
عبد الخالق الفلاح

149
أدب / المحنة وخطوطها الحزينة
« في: 21:01 15/06/2021  »
المحنة وخطوطها الحزينة
-------------

عبد الستار ياره الفلاح
============

ارسم في دفتري دوائر و انصافها                                       
ثم اضيف خطوطا لا افهمها
إشارات ، قد يكن من يعرفها
لقد مللت منذ زمن كتابتها
جملا ليس لها أفعالها
ربما تجتاح محنتها
 كغربة الرضيع إلى النطق،
لكن من يفهمها
إنها لحن أغنية عن وطن
هشم الجبناء محياه
وضاع المفتاح الذهبي بواباتها
حبات قمح ، أغصان زيتون
لم يزرع حكامها
و الشوق إلى النطق                                                     
ليحصد الناس خبزها
إنه وطن سقى الدماء فيه
فغير محياه
في وطن في كل حارة مقبرة
و الدكاكين تبيع اشلاء قتلاها
دون دين و دنياها

150
باب الشيخ حافلة التاريخ...ج23
ومضات تاريخية وثقافية
كانت طبقة الوالي (الباشا) والجيش التركي و الجندرمة (الشرطة) لهم القول الفصل في إدارة البلد وتحت إشراف الوالي يأتي القاضي التركي الذي ربما يجيد اللغة العربية أو لديه مترجم ، وهم يسكنون بيوتهم الخاصة في معسكرات الجيش ، أما الجندرمة فلهم أماكنهم داخل محلة باب الشيخ ثم يأتي دور أعيان المنطقة الممثلة بالنقيب وحاشيته وهم أشراف المحلة ولهم الجاه في الأمور الدينية والاجتماعية من التي لا تتعارض مع توجهات الباشا وحاشيته ؛ ويعتبر النقيب المستشار الأهلي للباشا التركي وأمين إدارة بلدية بغداد (المدني) وله احترامه الديني والاجتماعي والسياسي أمام الحاكم التركي المسلم .
كانت محلة باب الشيخ في جُل فترة الحكم التركي لاتزيد عن قرية متوسطة الكثافة السكانية؛ لم تكن الدرابين ( الازقة  المغلقة التي لا يمكن الخروج منها ) نظيفة إلا من خلال بعض البيوت المعروفة بسمعتها وإمكانياتها المادية الجيدة وقوة علاقاتها الاجتماعية بالسلطة  فيقال هذا بيت فلان بن فلان. أما دورة الحياة في المحلة فكانت رتيبة. فالرجال يخرجون للعمل في السوق أو البناء أو غير ذلك لمزاولة اعمالهم ويرجعون وقت الظهيرة للغداء وأخذ قيلولة الصيف الحار ثم يخرجون للعمل بعد العصر مرة اخرى حتى المساء ليرجعوا متعبين ليواجهوا سماع مشاكل العائلة اليومية المتعلقة بمشاكل الأولاد في الحارة أو الحالة المعاشية أو قلاقل العائلة أو الأقارب. لم تكن مواسير نقل المياه متوفرة ، ويستفاد من السقة من قبل المتمكنين من العوائل الغنية وعند العوائل الفقيرة تذهب النساء  الفقيرات لغسل الملابس في شاطئ نهر دجلة الذي يقسم بغداد الى قسمين هما الكرخ والرصافة ثم يجلبون الماء قدر المستطاع بجرار خاصة او القدور لقضاء حوائجهم اليومية للطبخ والشاي والغسل . وكانت تحيط باب الشيخ الكثير من البساتين وخاصة من جانب نهر دجلة جهة الباب الشرقي ولم تكن تتوفر سوى جادة واحدة بسيطة ترابية لعبور الناس والدواب قبل دخول العجلات " السيارات" عالمها  و حدثت محاولات لفتح جادة أخرى كما كان الحال بالجادة الوحيدة التي تربطها بنهر دجلة من جهة سيد سلطان علي.*((ونقل عن المؤرخ محمد بهجت الأثري في كتابه أعلام العراق ان سيد سلطان علي بن إسماعيل بن الامام جعفر الصادق، وهو أخ محمد الفضل. وأضاف الأثري: وما أدعاه بعض الكذابين أن علياً هذا هو والد أحمد الرفاعي بهتان،وهو من مساجد بغداد الأثرية التاريخية، ويقع في جانب الرصافة من بغداد في شارع الرشيد بمنطقة المربعة قرب جسر الأحرار، وتبلغ  مساحة الحرم 600م2 ويتسع لأكثر من 500 من المصلين  ، ويحتوي الحرم على محراب ومنبر ولقد زينت جدران الحرم بالنقوش والآيات القرآنية من الداخل، كما يحتوي الجامع على تكية تسمى (تكية قرة علي)، وكانت فيها مدرسة قديمة تدرس فيها العلوم الدينية ولقد درس فيها الشيخ أحمد شاكر الآلوسي والشيخ خليل الراوي، وتقام في الجامع حالياً صلاة الجمعة وصلاة العيدين والصلوات الخمس ويشارك فيها العامل والكسبة في المنطقة بعد ان تحولت الى منطقة تجارية وغادرها اهلها إلأ القليل منهم  )) و الكتابات التي على باب الجامع فهي بخط عثمان ياور الخطاط المشهور، وهو خطاط معروف من تلاميذ الخطاط التركي الشهير سامي بك ومن آثاره الخطية ما كتب على الكاشاني الأزرق في مشهد جامع الإمام الأعظم وكذلك مرقد الشيخ معروف الكرخي.
عندما زار بغداد " القائد دوغلج باشا الألماني لقيادة الجيوش العثمانية في العراق وتفقد ربوع دار السلام فوجد شوارعها ضيقة ولا تفي بحاجة نقل المهمات العسكرية ، عند ذاك تفاوض مع رئيس البلدية محمد رؤوف أفندي الجادرجي رئيس بلدية بغداد في تلك الفترة وبعد أن اتفقا على احضار مهندسي بغداد المٌلكيين (أي المدنيين) والعسكريين وكان بينهم (فوجيل وشكاتيس) و بكر بك قائد المدينة وآخرون، فأمروا بوضع مخطط جديد وبعد أن أتموا ذلك المخطط شرعوا بفتح الجادة من الباب الشرقي أولا فهدموا جدران القنصلية الإنجليزية وخرقوا منفذين من الجانبين ويمكن اعتبارها بداية التغيير الجغرافي لمعالم باب الشيخ الأصلية بعد ان تم تأسيس شارع الكفاح الحالي وهو بداية دخول الآلة المتطورة من أوروبا وبداية فتح شوارع وما صاحب ذلك من تغيرات جغرافية واجتماعية في بغداد.
يعتبر دور مختار المحلة أي المسؤول الشعبي عن المحلة وحلقة الوصل بين أهل المحلة والنقيب أمام الإدارة العثمانية لأجل إنجاز مهمات يكلف بها من قبل هذه الأطراف كحل المشاكل الاجتماعية في المحلَّة أو الطَّرَف أو العَكِّدْ لقاء هدايا عينية وتقديم الشُكر له لمواقفه المفيدة. لم يكن المختار متفرغاً لهذا العمل بصورة تامة بل يمارسه بجانب عمله في السوق كبقال أو حلاق أو صاحب مقهى ويرجح بأنه أنف المحلة الحساس. كان المختار يعرف القراءة والكتابة بعض الشيئ ثم أخذ يُعين من قبل أمانة العاصمة في الحكم الملكي وله طمغة أو خَتِمْ مختص به عليه إسمه ومحلته يحملها معه مع الاستمبة أي المحبرة؛ لقد إختفى المختار بعد توسع محلات بغداد القديمة بمدن جديدة ؛ ثم عاد دوره بعد التغيير الذي حدث في العراق بعد عام 2003 كموثق صادق في بيناته حول أهل المحلة ونوثق بشهود من أهل المحلة وذلك لانهيار مؤسسات الدولة العراقية. لقد بقيت مكتبة الشيخ الكيلاني و يعود تاريخها إلى القرن الخامس الهجري عندما كانت تدرّس الفقه والشريعة، وقد وضع لبناتها الأولى القاضي أبو سعيد المبارك المخرمي كإحدى مدارس الحنابلة في ذلك العهد، وبعد وفاته انتقلت الى يد الشيخ الكيلاني و لم تخرج المكتبة عن إدارة أولاده وأحفاده الذين توارثوها حتى يومنا هذا. وتذهلك الرفوف الخشبية التي تستقبلك عند الدخول بمخزون معرفي لا ينضب في شتى المعارف والعلوم والفنون، فينتابك الفضول للوهلة الأولى كي تبحث وتنقب عن أقرب العناوين إلى نفسك، توجد بالمكتبة عشرات الآلاف من الكتب المتنوعة ونسخ القرآن الكريم الضاربة في القدم الموضوعة في صناديق خاصة مغطاة بالزجاج للمحافظة عليها من التلف، منها نسخة خطت بماء الذهب يبلغ طول صفحتها الواحدة قرابة المتر، أهداها للمكتبة حاكم مقاطعة كشمير عبد الله خان الكوزاني قبل 250 عاما، وقدّر خبراء آثار بريطانيون عمرها بأكثر من ألف عام.
كما وتعد مكتبة الخلاني العامة في بغداد ( الواقع في (جامع الخلاني) في محلة باب الشيخ وهي من محلات بغداد العريقة في القدم من بين المكتبات المشهورة بعراقتها وما تحتفظ به من المخطوطات ويقال ان نسبه بالخلاني من هذه الرواية " لقد عرف بالخلاني نسبة الى بيع الخل، وقيل الخِلاني بكسر الخاء فتكون مأخوذة من الخِلة أي الصداقة والموادعة والخلق الحسن العالي إذ لم يظهر حقداً على أحد قطعا ، فهو كان خل وصديق وصاحب لكل الناس فاشتهر عند الناس بالخلاني" المكتبة حالياً تقبع في أحد أركان ضريح الشيخ وفيها الالاف من الكتب المختلفة  وتحوي نفائس الكتب فقد اقامت معرضا لها هو الاول من نوعه في العراق عام 1955، عرضت فيه النتاج الفكري لأبناء العراق خلال قرن من الزمن تجلت فيه روعة التنظيم ودقة الترتيب ظهر فيه جليا واضحا المجهود الذي بذل في جمع ذلك التراث الفكري و هذا المكان هو جامع ومرقد الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي الذي ينتهي نسبه الى الصحابي الجليل عمار بن ياسر (رض)، وقد عرف بالخلاني نسبة الى بيع الخل، وقيل الخِلاني بكسر الخاء فتكون مأخوذة من الخِلة أي الصداقة والموادعة والخلق الحسن العالي إذ لم يظهر حقداً على أحد قطعا ، فهو خل وصديق وصاحب لكل الناس فاشتهر عند الناس بالخلاني، لقد كانت الفرحة الكبرى عندما بلغ عدد الكتب في مكتبة الخلاني كما يقول  المؤرخ المشهور السيد ناجي جواد الساعاتي "في اثناء افتتاح معرض  للكتاب في المسجد سنة 1950، بلغ عدد الكتب حداً تجاوز الـ (25) الف كتاب بعد ان اقام مؤسسها العلامة (الحيدري) معرضا للكتاب في قاعاتها الرحبة عام 1950، الاحتفال بحضور جمهرة كبيرة من المثقفين والعلماء والشعراء والادباء واهل الفضل للمشاركة في الاحتفال، وكان في طليعتهم العلامة الشيخ (محمد رضا الشبيبي) وعميد الحقوق الاستاذ (منير القاضي) والشاعر (محمود الحبوبي) والشاعر (حافظ جميل) والاستاذ (فؤاد عباس) والدكتور (عبد الرزاق محي الدين) ". اذاً تصور مجموع الكتب كم هي في الوقت الحالي وقد تعرض المسجد الى عملية ارهابية اثناء خروج المصلين الذين كانوا يهمون بمغادرة المسجد بعد أدائهم صلاة الظهر، مما أدى إلى مقتل وجرح ما يزيد عن 200 مدني في حزيران – 19- يونيو عام 2007.
عبد الخالق الفلاح
 

151
باب الشيخ حافلة التاريخ ..ج 21
الأنشطة الرياضية
الأنشطة الرياضية:
يحظى قطاع الشباب في العالم باهتمام كبير من جانب الحكومات؛ وتبذل جهود متواصلة لتحفيز ودعم"ثروة الأمم"؛ باعتبارهم القوة الفاعلة القادرة على دفع مسيرة تقدم البلاد بثبات وعزيمة، وتوفير سبل الدعم والتشجيع واضحة للجميع، وهي تحتاج لمزيد من الاهتمام والعناية؛ بما يضمن الاستفادة المثلى من هذه الطاقات والإبداعات الشبابية التي لا حدود لها  ويعدّ الشباب الدعامة الأساسية ومصدر القوة لأي مجتمع، فكلما كانت نسبة الشباب في المجتمع كبيرة كان المجتمع قويا ومتينا؛ لأن الشباب يشكلون الطاقة والمنعة والتقدم والبناء، فهم أداة من أدوات التنمية المستدامة التي ينشدها اي مجتمع.الشباب هم بناة الحضارة وهم أداة التغيير وقطب الرحى في أي عملية تنموية سواء كانت سياسية اواجتماعية أو ثقافية أو اقتصادية، لذلك وجب على الافراد والمؤسسات عدم اهمال هذها لشريحة، فإهمال الشباب يعني أن يكون تقدمنه بطيئ وبناؤه هشاً  وانتاجه بلا قيمة،وبوصلة ضائعة ومستقبله مجهولا.والشباب هم في أمسِّ الحاجة لمظلة مؤسساتية تدعمهم، وتوفر لهم سُبل التشجيع والتحفيز، للباحثين والمبتكرين والمبدعين،كي  يحاول الشباب دائماً اثبات جدارتهم وتقديم ماهو جديد، لانهم ابطال و يحتاجون للاعتراف الرسمي بمقدراتهم ومنحهم الثقة والأمل في دعمهم ، بجانب الفرصة التي تجعلهم نجوماً في سماء اي وطن حين يزرعون كمحاور رئيسية في المجتمع، وتسليمهم قضايا الوطنالتي تحتاج الى عقول نيِّرة وفتية. والطموح كالسيف اذا اهملته صَدِئَ واذا احتويته وفعلته على ارض الواقع اصبح لامعا منتجاً ،هذه هي النظرة التي تدرس من اجل مستقبل افضل .
 منطقة باب الشيخ كانت مهمولة من جانب الحكومات المتعاقبة ولم توفر لهم مستلزمات اللهو البريئ وقد اعتمد الشباب في المنطقة في استغلال اي ثغرة من الارض ليمارسوا عليها هوايتهم لتطرد من دواخلهم اليأس والإحباط لتمكنهم من استغلال أوقات فراغهم  ويكونوا جيل قادر على تحمل المسؤولية وعدم التسليم لأمر القنوط والانعزال ومن هنا نشطة الحركة الرياضة بجهود ذاتية من قبل الشباب وذوي الإحسان من عشاق الرياضة في دعم أنشطتها في ظل غياب النوادي الخاصة إلأ القليلة التي كانت تفتقر المستلزمات الأساسية ولا تستوعب الأعداد الهائلة من الشباب مثل" نادي الشباب " كما ان الفقر كان عاملاً اخر للوقوف بوجه هؤلاء لدفع مبالغ المشاركة وكذلك العوائل تمتنع من تشجيع اولادهم للذهاب الى هذه الامكنة خوفا عليهم من الانحراف كما كانوا يتصورون ،
 الرياضة لم تكن يوماً ديانة ولا مذهب سياسي ولا نظام اجتماعي أو اقتصادي كما يتصور البعض، بل هي قيمة حياتية ورؤية إنسانية يشارك فيها الإنسان الغني والفقير، و كلهم يلتقون في ميدان واحد بأجناسهم وأديانهم لتحقيق هدف مشترك هو الالتقاء مع البعض وهذه هي التي لاتروق للحكومات المستبدة .لقد عانى شباب واشبال منطقتنا باب الشيخ من الضغوطات النفسية  ومن قلة الامكانات الرياضية والثقافية ايضاً لاشباع رغباتهم وكنا نذهب الى مكانات بعيدة نسبياً عن المنطقة لمزاولة الرياضة الجماهيرية كرة القدم مثل ملعب الامانة قرب جامع الشيخ عمر السهرودي بالقرب من باب الطلسم القديم امام المجزرة القديمة ،او ملعب الشرطة الاول ( كلية الشرطة القديمة  ) قرب ساحة الطيران عند اول شارع النضال بجانب الكنيسة ، او الملعب الثاني مكان وزارة الصناعة الحالية كان مقابل مجلس الخدمة العامة والقصر الابيض او ملعب ساحة الانكليز في العلوية والذي اصبح فيما مجموعة من المؤسسات بدل عنه او ملعب الكشافة الثاني في الوزيرية ،وكنت ازامل فريق اخي عبد الوهاب ( الصداقة ) للعب في ملعب المهمات والهندسة الالية في معسكر الرشيد واذا ضاقت الامور تذهب الفرق الى مديرية البيطرة العامة مجاور مقبرة اليهود للعب في المساحات الفارغة فيها ، بالمناسبة لقد استُغل مكان ضيق في بيت قديم لايتجاوز100  متر في سوق سراج الدين لمزاولة رياضة كمال الاجسام ورفع الاثقال ،و تم ايضاً استغلال ارض فارغة في البداية كملعب متواضع في المرحلة الاولى في الصدرية ، وبعد ذلك تم تخصيص ارض في منطقة المجاورة بجهود ذاتية لتاسيس ملعب اشتهر في المنطقة حتى اصبح هذا الملعب ( العوينة ) من الملاعب الشعبية المهمة في بغداد وكان في مكان امانة العاصمة الحالية  ،ولعبت عليه مختلف الفرق و المنتخبات للمناطق الشعبية مثل منتخب الكرادة ، اتحاد فيوري من مدينة الثورة ، البريد الذي اسس جرجيس الياس صانع المواهب الرياضية مثل ، كاظم شبيب  وكاظم وعل . كاظم كامل . كاظم عبود . منعم جابر وعشرات من اللاعبين، وشباب الامة ، منتخب الكرخ ، منتخب المشتل ،واتحاد النصة والفرق المؤسساتية العاملة ضمن الانشطة الرياضية الكبيرة اضافة لفرق المنطقة. اما "الدرابين والعكود والفضوات" فقدعجزت منا تماماً لان رياضة كرة القدم على العادة تحتاج الى مساحات مناسبة في حين ان زقاقنا لم يتجاوز عرضه مترين ونصف متر وبتلك الكثافة السكانية  ،يصحبها صراخ وتشجيع للاعبين مما كان يزعج العوائل وخاصة كبار السن فيخرجون علينا بالنهي ،في مقدمتهم الانسانة الطيبة والعزيزة ام مجيد يرحمها الله ( ولكم ملاعين بسكم عاد مو دوختونه انريد انام  )  اويشتكون عند اهلينا فتكون المحاسبات المتنوعة " الدفره والكفخه والتفله اوالعصى في بعض الحالات او حرق الملابس الرياضية " ولكن نحن نصر على مزاولتها متحملين العقوبات تلك ،كل ذلك من اجل افراغ طاقتنا ومزاولت هوايتنا المحبوبة دون عناية من المسؤولين وتمل العواقب، وقد تاسست فرق عديدة في المنطقة مثل فريق الصداقة اسسه شقيقي الاستاذ عبد الوهاب ياره وعدد من الاخوة ،حسين شبيب ، محمد عباس ابو اللبلبي، ستار برو ، هادي الاسود ، جعفر الخياط واخرين ، واسس فريق الطليعة على اثر حل فريق بور سعيد  بدري على شمة وهو احد مدارس كرة القدم في منطقة باب الشيخ ومن لاعبيه بدري علي شمة شوكت صادق، والاخوان صاحب ومحمد مشهدي، خليل ابراهيم شمه، محمود اسد، قيس مصطفى، فريد شمه، جلال عبد الرحمن،ابراهيم مرزه، اسماعيل الاسود، محمد رحيم، جبار محمود، المرحوم كاظم مجيد، جوادعنتر، المرحوم اسكندر محمد علي، عباس منجل، وعلي محمود نادر،ومن ثم  شباب الطليعة كاظم مجيد الذي اعد نجوم مثل محمدعلي قنبر وجاسب فهد وكاظم شبيب  واخرين لعبوا في الفرق المختلفة ،وثم فريق العاصفة الذي اسسه غازي ابو طيرة صانع النجوم ومناشهر لاعبيه الشهيد بشار رشيد  وستار خلف ،ونادي الفيلية من الأندية الرياضية البغدادية العريقة الذي تآسس في بغداد عام 1957 ،كان لهذا النادي دور مرموق في معظم الانشطة الرياضية في فترة الخمسينيات واوائل الستينات حتى عام 1963 من القرن الماضي في كرة القدم والسلة والملاكمة وكمال الاجسام وقدم العشرات للشهرة في هذه اللعاب ، إلا ان الانظمة الشوفينية حالت دون مواصته لعمله،ومنتخب الشيخلية ،وشباب الشيخلية،واني اسست كواكب بغداد ومقره في مقهة مندلي في ساحة النهضة وثم فريق اتحاد الاوراس الذي تحول الى فريق شباب الشيخلية بعد ان استلم الاشراف عليه من قبل اللاعب اسماعيل اسد لاعب فريق مصلحة نقل الركاب والفريق تم ايقافه بسبب المضايقات الحزبية  واعاد المرحوم محمد الشيخلي لاعب نادي الكهرباء تحت نفس الاسم" شباب الشيخلية " وهو محسوب على القوميين و يكره حزب البعث و كان مجمدا بسبب عدم قبوله بالانضمام إلى المنظمة الحزببه للنادي وهو صاحب الاخلاق الرفيعة وجمع مجموعة من الاشبال والشباب اليافعين وتمكن من اعدادهم اعدادا جيداً لعباً واخلاقاً ،وكذلك   فريق اتحاد رضا الذي اشتهر في اللعب فيه اشهر اللاعبين من النوادي المعروفة في ذلك الوقت مثل البريد الذي اسسه واشرف عليه جرجيس الياس مكتشف المواهب الكروية والشرطة والسكك واليات الشرطة والقوة الجوية وهذا غيض من فيض من الانشطة التي كانت تفام في المنطقة حسب ما تسعفني ذاكرتي واعتذر فيما اذا كانت هناك هفوة، كما اود ان اقدم جزيل الشكر لاخي عبد الوهاب ياره والاخ الفاضل خضير عباس الجاف  واخي عبد الستار ياره لما قدموه لي من معلومات ذكرتها في مقالي هذا.
لاشك من ان الشباب كانوا يؤمنون من ان البطل هو اللاعب الذي طور موهبته بالعمل الدؤوب في اطارنظام محكم وداخل محيط كفء وإيجابي و لا احد ولد بطلا، ولكن الطريق كان مليء بالكثير من الاشواك والعقبات التي وضعت أمامهم من قبل النظام البعثي بالضغط  والملاحقة من اجل الانتماء الى الحزب والذي كانسبباً في تمزيق الرياضة الشبابية في المنطقة دون حسبان من ان الارادة هي التي تخلق الابطال • ولكي تدوم النتائج، لابد من أسس متينة أهمها الاطر الجيدة الكفؤة المهتمة بجميع الفئات والإصرار من الاشبال الى السنوات العمرية الاعلى  ،عن طريق المنافسات بمختلف صورها دون ان تخلق الاجواء الغير مناسبة ...الخ
عبد الخالق الفلاح

152
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج20
كلنا يعرف كيف يكون الظلم حالة سلبية طاغية ولها تأثيرات عكسية وخسائر فادحة ،هذه الآفة النهمة البشعة التي أكلت الأخضر واليابس وضربت الحابل بالنابل وداست على كل شيء وهي تعبث وتخرب حياة الشعوب وتضج بعوالمها ، وتصخب بسكونها ، وقد أصبحت شارة ولغة وصفة متداولة في زماننا هذا وبلادنا الجريحة التي لا تستحق والله كل هذا الظلم والعناء والتخريب والانهيار الذي لازال يمزق اوصاله . لقد استبد البعث بالحكم المطلق والذي لم نعرف سواه،وعلى قلب الحقائق وتزوير مبادئ الاخوة والمساواة والكرامة، الرافضين للظلم  والاستبداد. فلم  يدرك ما تمارسه القيادة من جبروت على الشعب، بحكمها المطلق، فارتفعت  الأصوات منددين ورافضين ممارساته ، ليلقوا نفس ما لقيه الشرفاء في بداية السبعينات، وزج بالمئات من الأبرياء في السجون بعد انفراط عهد الجبهة الوطنية ، ومات بعضهم تحت التعذيب، وصُوّرت أشرطة فيها بعضهم، يعترفون بنفس ما اعترف به السابقون، إلاّ أن المعترفين بالاكراه لم يشفع لهم اعترافهم للنجاة من القتل تحت التعذيب. إن الاستبداد داء؛ تُبتلي به بعض الشعوب في بعض مراحل التاريخ، وهو أسوأ أنواع السياسة و أكثرها فتكا بالإنسان و بغير الإنسان، في المجتمع المحكوم بالظلم و الطغيان؛ مما يؤدي إلى التراجع في كافة مرافق الحياة ووجوهها، و تعطيل الطاقات وهدرها، و سيادة النفاق والرياء بين مختلف فئات الشعب، حكاما و محكومين.
إن المستبد يحارب طلاب المجد، الساعين للحرية والتقدم، ويقرب المتملقين الذين لا يراعون أيا من قيم الأخلاق وقواعد المروءة والحمية، وإذا كان طلاب المجد يمتازون بالإقدام والتضحية من أجل ابناء شعبهم ، وشعارهم، أن الشرف لا يصان إلا بالدم، فإن المتملقين  لا يرجى منهم الخير، بل هم المساعدون على جلب الويلات للأمة والشعب... والمتملقون للمستبد أعداء للحق والحرية، أنصار للظلم والاستبداد، ومن شروط الانتساب إلى هذا الحزب أن يكون طالب الانتساب خلوا من أية قيم ومبادئ دينية أو أخلاقية... وهذا ما يقصده المستبد من إيجادهم والإكثار منهم ليتمكن بواسطتهم من أن يغرر بالأمة على إضرار نفسها تحت منفعتها.لقد مارس البعث ابشع الجرائم لاذلال المواطن مهما كان مستوى الأخلاقي والقيمي ولا يفرق بين احد ان كان حسن السلوك او سلبي السلوك المهم ان يكون مطيع لما يريد وهو ينفذ ما يريده الحزب من سلوكيات في كثير من الأحيان مغاير للضوابط الاجتماعية والحريات الفردية .لقد كان الشباب الهدف الاول من اجل تنفيذ ما يطلبه الحزب و قَبِلَ الظلم دون أن يثور عليه؛ و بشره بأن عقابه لا يقل عمن مارس الطغيان؛ إذ الطاغية كالقنابل للطغيان، و الظالم من ارتضى الظلم؛ فالنار تلهم للاثنين معاً.
منطقة باب الشيخ كما اسلفنا سابقاً تضم اناس تختلف طبائعهم في العيش كأي منطقة اخرى من مناطق العراق وفيها اخلاقيات مختلفة ولقد سعى الحزب من اجل كسب اهالي المنطقة بشتى السبل والوسائل ومغريات وإلأ ان رغم الاخلاقيات المختلفة لكن الكثير كان يمتنع للخضوع لارادة النظام بعد ان اكتشف حقيقته، مما تعرض لانواع الملاحقات والتشرد واجبر على المواجهة وفقد حياته ،على سبيل المثال لا الحصر ستار عبد العزيز الملقب ( ستارحبسه) كان شاباً جميلاً فيه من المحاسن وفيه من السلبيات تحت سن المراهقة من عائلة تتكون من خمسة من الاخوة وثلاثة اخوات ووالدهم يعمل حارساً ليلاً في الشرطة الليلية  ومعروف باخلاصه في عمله وكلف بحراسة سوق الصدرية الذي كان من الاسواق المهمة في بغداد ولم تحدث في زمانه اي تجاوزعلى هذا السوق وكان دؤباً ويحمل البندقة الانكليزية وحذاء خفيف وحذرا طوال الليل حتى الصباح وكنا ونحن  صغار نخاف من طلعته رغم انه كان متواضعاً ( ايروح بدربه ويجي بدربه ) بالعامية ومورد ثقة الجميع والوالدة كانت تعمل في بيوتات الشخصيات بمهنة ( الحفافة ) اي تصفيف الحواجب وتنظيف وجوه النساء وازالة الشعر ولها شهرتها ومعروفيتها في هذه المهنة ،اجبرت الوالدة من ان تطلب من مدير الشرطة العامة (1967-1968)،  في ذلك الوقت  وهو "اللواء طه محمد سلمان الشيخلي  وهومن مواليد بغداد – منطقة باب الشيخ التسابيل عام 1924 عاش طفولته وشبابه في هذه المنطقة الشعبية، واكتسب فيها الصفات الشعبية الاصيلة والعادات البغدادية المعروفة وكان يتردد عليها حتى اخر ايام حياته وله علاقات صداقة مع الكثيرين من ابناء المنطقة " ، في ان يضمه كشرطي في سلك الشرطة قبل التحاقه في الخدمة العسكرية حيث كانت على الابواب ليخدم في مسلكها وفعلا قُبل هذا الشاب في مديرية الشرطة العامة وكان يتميز بالوسامة وصاحب ضحكة ، الان ان ما ان حل نظام البعث حتى بدأت مأساة هذا الشاب في التضيق عليه ومحاولة كسبه لعمل في مكانات لم يكن يقتنع بها فهرب من الخدمة وظل ملاحقاً وانقلب على ظلم النظام وقبل بالتشرد والمعاناة حتى اصبح شريراً رغم عدم قناعته ولكن ضد النظام واعوانه حيث كان يدخل الى المنطقة باب الشيخ ويدخل الى مقاهي خاصة متعمداً ويغلق الشارع مع مجموعة من اصحابه ثم يختفي وهكذا اصبح ديدونه ذلك وظل ملاحقاً حتى وصلت معلومة عنه من العملاء بانه يلتقي في مدينة الثورة وتم نصب كمين محكم له واصابته باطلاقات نارية في فخذه كانت اصابة قوية اصعبت عليه الهروب فوقع في ايدي رجال الامن حيث حكم عليه بأحكام مختلفة قضى جزء منها في السجن الاحكام الخفيفة في ابي غريب وكان ينتظر احكام اخرى وعمل هناك في معمل النجارة التابع للسجن مقابل اجور قليلة بدل اثقال كاهل عائلته ولكن لم تتغير افكاره في الحقد على النظام عند لقائي به في السجن وشمله العفو العام بعد عدة  سنوات إلأ ان النظام ظل يلاحقة حتى تم تصفيته اواخر الثمانينات من القرن الماضي بعد اطلاق سراحه ... يتبع
عبد الخالق الفلاح
 

153
باب الشيخ حافلة التاريخ ج19...

 من المؤسف أن الآثار الثقافية والحضارية في الكثير من مناطق العراق تعرضت للهدم والتدمير في زمن الطاغية وكانت من  الأسباب التي قادة الشّباب إلى طريق الانحراف، منها:
تنوعت اساليب القمع الصدامي ضد السجناء والمعتقلين السياسيين والضغط عليهم وهم يقبعون في زنازين وطوابير وظلم السجون العفلقية الظالمة والتي أنشأ عددا منها تحت سطح الأرض فلا يعرف الليل فيها من النهار ناهيك عن سوء التغذية التي تعمد ازلام النظام البعثي الدموي تقديمها الى المساجين بأوامر من اسيادهم .وكانت سبب من اسباب  الفقر: الذي يقودُ لحالةٍ من عدم الاستقرار الاجتماعيّ والحرمان الاقتصاديِّ والتي تقود لمجموعةٍ من المشاكل الاجتماعية التي تُهدّد الأسرة؛ ممّا تُسبّب ابتعاد الأبوين عن أبنائهما، وبالتالي يكونُ قد شكَّل عقبةً في وجه التنشئة والتربية المُثلى؛ ممّا يُنتجُ أفراداً ذوي سلوكاتٍ مُنحرفة .لقد كانت الممارسات التي قام بها النظام نتائج أهمها ،خلق جو من الخوف والرعب بين طبقات المختلفة للمجتمع العراقي و إذا فرغَ المرء ولم يجد ما يفعله، فسيكون وقوعه في الانحراف أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد،
و ان تدمير هذه الاثار في الحقيقة كانت لها تداعيات خطيرة للغاية واهمها هدمت الهوية المذهبية و الثقافية و الفكرية للمجتمع، بدل معالجة الأسباب الواقعية التي تدفع الشباب الي العنف وإدراك المسؤولية الكبيرة حيال هذه الجرائم ومعالجتها من قبل العاملين بوضع الحلول المناسبة للقضاء عليها قبل فوات الاون ، أن المُجتمعات لا تقوم إلا بهِمم الشّباب وطاقاتهم، فهم عِمادُها وأسبابُ رِفعتها، وهُم صُنّاع كرامتها وعزّتها، فالشّباب بما يملكونه من عنفوانٍ وفُتوّة وقوّة قادرون على توجيه طاقاتهم وقُدراتهم لنفع الأمّة وخِدمتها، وقد سجّل الشّبابُ في مختلفِ الأزمنةِ مواقف مُشرِّفة في الذّود عن الأوطان وفي السعي لرفعته وبنائه،
لقد خرج حزب البعث العربي الاشتراكي  من الحكم في العراق بعد 35 عاماً من وجوده  وترك عبئ ثقيل نفسي مرعب على كاهل المواطن كانت ايامه مليئة بالخوف والانفراد التام بالحكم والاجبار على الانضمام  للحزب ومحاربة الغير منتمين في متابعتهم والضغظ عليهم وعلى عوائلهم. ويطلق على كل من لم ينتمي له بالمعادي للحزب وصدام   وحصر العمل لاعضائه تحت شعارات ومبادئ براقة لكنها ظلت على الورق ولم تخرج من إطارها،وفشلت بسبب تمسكه بخطابه القديم الذي يعود لفترة الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي ، وعدم سعيه إلى تجديد وسائله في الاتصال والحشد الجماهيري حتى تساير التغيرات المتسارعة التي غيرت كثيرا في زوايا النظر للقضايا السياسية المختلفة
والمتابع للتاريخ يرى ان مؤسس الحزب نادى بضرورة الأخذ بنظام الحزب الواحد لأنه كما يقول: (إن القدر الذي حمّلنا هذه الرسالة خولنا أيضاً حق الأمر والكلام بقوة والعمل بقسوة) لفرض تعليمات الحزب وفرض جو لا يوجد  فيه للمواطن عراقي اي حقوق يتمتع بأبسطها اوقدر من الحرية الشخصية أو السياسية فكل شيء في دولة حزب البعث العراقي يخضع لرقابة بوليسية صارمة، تشكل دوائر المباحث والمخابرات والأمن قنوات الاتصالات الوحيدة بين المواطنين والنظام وتركزسياسة الحزب على قطع كافة الروابط بين الافراد والمساواة في نظرتها للأمور بين شريعة حمورابي وشعر الجاهلية وبين دين محمد عليه واله الصلاة والسلام وبين ثقافة المأمون وجعلها جميعاً تتساوى في بعث الأمة العربية وفي التعبير عن شعورها بالحياة كما كان ينادى ، وان الرابطة القومية عنده هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة وتكبح جماح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية حتى قال شاعرهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له  وبالعروبة ديناً ما لــه ثان ،هذه الممارسات قد جعلت الكثير من الشباب ان لا يخضع لهذه السياسات رغم كل الضغوطات وتحمل المعاناة وهناك صورة شاهدنا في حياتنا في منطقة باب الشيخ على الرغم من غياب الامور الحياتية فقد ظل الشباب يرفض المحاولات الغير سوية لحزب البعث بالانتماء لمشاريعها الهدامة للتطلعات الشبابية وتحمل المطاردات الامنية والضغوطات المعيشية وتكثيف الاستدعاءات لمقرات الحزب ومحاولة كسبهم بأي صورة من الصورة واعطائهم المغريات لكسبهم للعمل الحزبي ..كما حدث في بداية نجاح انقلابهم الأسود عام 1968 حيث اعطوا المغريات للشباب للانضمام الى الجيش والشرطة وخاصة الذي فشلوا في المراحل المتوسطة بمنحهم رتية نائب مفوض او الذين فشلوا في الدراسة الاعدادية للالتحاق بالكلية العسكرية ومنحهم رتبة نائب ضابط مرشح مما دفع بالكثير منهم للالتحاق بهذه القوات، وتناس حزب البعث من ان الحزب الشيوعي الذي كان عدد أعضائه ملايين من الاعضاء لم يستطع أن يفعل شيئا عندما  اقترب الاتحاد السوفياتي من الانهيار  وذلك لأنه كان مجرد تورم سرطاني مستنزف للدولة بالامتيازات والفساد.. ثم لو رجعنا الى الوراء بالضبط لما بعد ردة 18 تشرين عام 1963 التي قادها عبد السلام محمد عارف الذي لم يكن اقل اجراما من قيادات البعث الشباطيين حين خرجت الافواج من الحرس القومي عراة في الشوارع بعد رموا أسلحتهم  و خلعوا لباس الخزي في محاولة لإخفاء  سوءة العار والمذلة في المقرات خوفاً من غضب الجماهير واختفوا في الازقة، واتذكر كيف كانوا يهربون كالجرذان في الأراضي الواقعة بين بغداد الجديدة و المساحة الفارغة مع دور الضباط ( الغدير الحالية ) اثناء رحيلنا المؤقت من المنطقة  وهم يتباكون و يتراجفون من الخوف  ويتوسلون لحمايتهم بملابسهم الداخلية فقط وكيف احترقت ارجل احدهم في تنور الجيران بعد ان تسلق جدار الحائط ودخل البيت ليخفي نفسه داخل التنور وام البيت قد انتهت للتو من اكمال خبز اولادها...ان في تغيير المجتمع الحاجة إلى أدوات خاصة لذلك، وتأتي التربية على رأسها، والتي تحمل إمكانية بناء مجتمع جديد بمقومات أفضل من سابقه بالاعتماد على تغييرات تراكمية في الأجيال المتعاقبة، تهدف إلى بناء الإنسان السوي القادر على الخلق أو الإنتاج، بينما لا تعني التربية في ظل نظام حزب البعث شيئًا أكثر من أدلجة الفرد تحت مقولة امة عربية واحدة وهكذا نرى هذه الامة كيف أصابها الوهن والانشطار و التشرذم والإخفاقات المتتالية ،او وفق انتماء سطحي تحت يافطة هذا الحزب الفاشستي ذات رسالة خالدة  وكيف دخلت قواته الأراضي الكويتية وهي تحمل رسالة الإفساد في الأرض ، والتي لم تبقى من آثار وحدتها شيئ  ....يتبع
عبد الخالق الفلاح

154
باب الشيخ حافلة التاريخ ...ج18
معالم وآثار
لطالما اشتهرت بغداد بأحيائها وشوارعها التاريخية العريقة  بكل ماهو جميل ولازالت تعكس لنا في كل خطوة صورة وعلى كل جدار مَعلم، فلا شارع ولا زُقاق ببغداد إلا وله حكايات يعود تاريخها لعشرات بل مئات العقود ، والتي كانت دائمًا تحظى بأهمية ومكانة بين مدن العراق بشكلٍ خاص والمدن العربية والإسلامية بشكلٍ عام، فمدينة بغداد أُسست لتكون دار الخلافة الإسلامية؛ حيث  أختارها أبو جعفر المنصور في القرن الثاني الهجري والثامن الميلادي ليُثبت فيها أركان دولته، وتكون منها نقطة الانطلاق في توسيع حدود الدولة العباسية، وبقيت بغداد رغم ما توصلت له الدولة العباسية من فتوحات مقراً لخلافة المختار من بني عباس،  وحتى بعد أن بعُدت الخلافة عن بغداد بقيت للجميع واحدة من أهم بقاع العالم الإسلامي وطرف هام في جميع الأحداث المثارة فيه، مما جعل من بغداد مسرحاً يفتح ستائره لكل زائر؛ ليُريه من فصول وعجائب تاريخ طويل شهدته وشهدت عليه،.لقد ذكرنا سابقاً بأن منطقة باب الشيخ  تحتفظ بمكانتها الكبيرة بالعاصمة وبين جميع الأماكن التاريخية والدينية حول العالم، فلا ينقطع الزوار بالتوافد من كل مكان على الحضرة القادرية، كما تعتبر المحلة خاصة بالحضرة وقرب ضريح الجيلاني وملاذاً للفقراء والمحتاجين الذين يحصلون على المساعدة والعون من زوار الشيخ والقائمين على الحضرة والضريح وقد طتب على قبره الابيات التالية والمنسب له :
سقاني الحب كاسات الوصال فقلـت لخمرتي نحـوي تعالـي
سعت ومشت لنحوي في كؤوس فهمت بسكرتي بيـن المـالـي
وقـلت لسـائر الاقـطــاب لموا بحـانـي ادخـلـوا انتـم رجـالي.
تتميز المنطقة بكونها تشتهر بالكثير من المدارس الدينية مراقد واضرحة الكثير من الأئمة الأجلاء والمنطقة لها مكانة عرفانية بكونها هي جزء قريب من مرقد الجليل الشيخ عبد القادر الكيلاني الذي ينسب إلى ال البيت عليهم السلام ويقرب منه ضريح الشيخ الخلاني "محمد بن عثمان بن سعيد العمري الأسدي المعروف بـالخلاني المُكنَّى بأبي جعفر العسكري هو السفير الثاني للامام المهدي علية السلام وابن السفير الأول للإمام الثاني عشر للشيعة الإمامية، استلم السفارة بعد وفاة أبيه عثمان بن سعيد رضوان الله تعالى عليهم ولهم مكانة كبيرة عند المسلمين بصورة عامة وخاصة الطائفة الشيعية . ويكثر المؤلفون الى أن عبد القادر الجيلاني، صاحب الطريقة القادرية ، وهو عبد القادر بن موسى، المعروف بالشيخ عبد القادر الجيلاني أو الجيلي. ولد سنة (470 هـ - 1077م) بجيلان جنوب بحر قزوين، وهي منطقة في بلاد فارس. ويعتبر الصوفيون أن الجيلاني هو أول من نادى بالطرق الصوفية وأسسها في سنة 488هـ (1095م وكانت الرفاعية هي ثاني طريقة، وتلت هذه الطريقة المولوية المنسوبة إلى الشاعر الفارسي جلال الدين الرومي ... وتنتشر في العالم اليوم مئات الطرق، إضافة إلى طرق كثيرة اندثرت، وقد أحصى مؤلف "الموسوعة الصوفية" أسماء 300 طريقة صوفية في عدد بسيط من الدول الإسلامية، ناهيك عن الدول الأخرى،"ويمثل القرن السادس الهجري البداية الفعلية للطرق الصوفية وانتشارها، حيث انتقلت من إيران إلى المشرق الإسلامي، فظهرت الطريقة القادرية ... كما ظهرت الطريقة الرفاعية المنسوبة لأبي العباس أحمد بن أبي الحسين الرفاعي (ت 540هـ).. لذلك اشتهرت بطرق الدروشة وهي شكل من أشكال الأداء الاسلامي والتي تنجذب الى الزهد والابتعاد عن كل الأشكال المادية في الحياة، في معظم الروايات التاريخية عرف الصوفية على انهم اشخاص يتعلمون دينهم وتطلعاتهم من خلال قربهم الى الله.  وروادها من  الصوفية وهي أولى درجات الترقي في التطور الروحي. والدراويش الصوفيون هم زهاد اتخذوا باباً للتدرب على البساطة والتواضع والابتعاد عن التملك المادي. ومن شروط نجاحهم أن لا يتسولوا لأنفسهم أو لأغراض ذاتية وعليهم التبرع بكل ما يحصِلونَهُ إلي فقراء أخرين. ومنهم من يعملون بمهن محددة. ويقال اعتمدت الدروشة القادرية والكزنزانية والنقشبندية والرفاعية والمولوية والبكتاشية و السنوسية...الخ. وجميعهم ينسبونه سلسلة من الشيوخ والقديسين والمعلمين الذين يرجعون إما إلى علي بن أبي طالب  عليه السلام أو أبو بكر الصديق ( رض)  ، ويرجع تاريخهم بالطقوس التي يقومون بها الى 700 عام، يقومون بأداء بعض الراقصات الصوفية التي تجعلهم يتحركون بإيقاع معين، ويهتفون كلمة واحدة، الله، يسعى الدراويش الصالحين منهم إلى أن تكون كل ارواحهم واجسادهم وانفاسهم مع الله و يصلي المنتسب أو المريد ركعتين نفلاً، ويقرأ الفاتحة للنبي صلى الله عليه وسلم وإخوانه المرسلين والنبيين. وبعد الصلاة وقراءة الفاتحة يجلس المريد بين يدي الشيخ، ملصقاً ركبته اليمنى بيد الشيخ اليمنى، الذي يلقنه الاستغفار، وصيغته: "استغفر الله العظيم الذي لا إله إلاّ هو الحي القيوم وأتوب إليه، وأشهد الله وملائكته ورسله وأنبياءه بأني تائب لله منيب إليه، وأن الطاعة تجمعنا، وأن المعصية تفرقنا، وأن العهد عهد رسوله
وقد تاسست الكثير من التكايا وتختلف أحجامها وأشكالها تبعاً لأهمية الشيخ وعدد أتباعه وحاجات الطريقة التي يرأسها، لكن التصميم بشكل عام كان يلبي احتياجات الحياة ، وتتميز بالرقص الصوفي الدائري (صار يطلق عليه "مولوية"؛ نسبة لأشهر الطرق الصوفية و تُشيّد في أول الأمر بالجهود التطوعية ومساعدة بعض الممولين الأغنياء، وذلك قبل أن تتبنى الدولة العناية بها وإنشائها وسببت في انحراف اجزاء منهم ، وكانت لهم في أول الأمر مبانيَ متواضعة ليست لها عمارة خاصة يشار إليها. ويطلق على التكايا الضخمة اسم "أستانة التي تزوال فيها الدروشة وخاصة في مرقد الشيخ الكيلاني حيث كانت في وسط الحضرة مرتفع يصعد إليه المصلون أيام الصيف للصلاة تحت برج الساعة وهي ساعة فاخرة ذات وجهين، تدق كل ساعة وكل نصف ساعة. أُهدت من مسلمي الهند إلى الحضرة القادرية، وشيد لها برجاً يبلغ ارتفاعه 30 متراً اكتمل تشيده عام 1334 هجريًا/ 1915 ميلاديًا، وذلك في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، ولكن مع عوامل الزمن تعطلت الساعة بالبرج وتم تغييرها بأخرى وهي القائمة حتى الآن ، ومتى ما انتهى الصلاة تبدأ المجموعات من الدراويش لتكون دائرة وتبدأ بذكر الباري عز و يقرأوون التواشيح وقصائد مدح الرسول واله على ايقاع الدفوف، وذلك هناك تكايا قريبة من الضريح مثل تكية السيد علي البندنيجي الواقعة في فضوةعرب بناها الشيخ علي البندنيجي ولما توفي عام 1186هـ دفن فيها في حجرة مجاورة للمصلى ، وتقام فيها الأذكار كل يوم الخميس بعد صلاة المغرب، وتقع التكية في جانب الرصافة من بغداد، في محلة باب الشيخ في نهاية محلة فضوة عرب قرب جامع الشيخ عبد القادر الجيلاني، وهي عبارة عن بنيان واسع فيهِ قبة كبيرة ومدخلهُ باب كبيرة، وفيها مرقد الشيخ صفاء الدين عيسى بن موسى جلال الدين بن جعفر البندنيجي الذي كان عالم دين صوفي المذهب ومرشد في الطريقة الصوفية النقشبندية وكان يقيم في التكية ويدرس ويرشد فيها وقد تحدثنا سابقاً عنها و التكية القادرية  وتكية شيخ معروف قرب مسجد سراج الدين وتكية شيخ الحلقة و تكية بيت الطيارو تكية السيد زين الدين القادري في محلة سراج الدين وتكية ابو خمرة في شارع الكيلاني وتكية النقيب وعقد تكية البكري،وبالاساس الحقت بالتكايا مكاتب لتعليم الاولاد القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكـريم وقد شيدت معظم التكايا على طراز البيوت السكنية، او انها كانـت بيوتـاً سـكنية ، وصى اصحابها ان يدفنوا فيها بعد مماتهم وتصبح ربطـاً لاصـحاب الطـرق  ، هناك مقبرة الغزالي وهي من المقابر القديمة الواقعة في جانب الرصافة من بغداد، وهي بالقرب من محلة باب الشيخ من جهة الخارج، وتقع الآن على الشارع العام المعروف بشارع الشيخ عمر، قرب المقبرة الوردية.ومقبرة الغزالي تضم قبة فيها مرقد يعرف بمرقد الغزالي، وجاء ذكر الغزالي المذكور في هذه المقبرة في وقفية سلاحدار حسين باشا عام 1186 هـ/1772م، ولم يعرف من هو صاحب هذا القبر، وشرق هذه المقبرة عدة مراقد متصلة بمقام الشيخ عبد القادر الجيلاني، باتصال سور بغداد تخص آل الخضيري وآل الدركزنلي وآل الشيخلي وآل الجوربه جي وآل الباجه جي وآل الأورفلي وقت احدثت سدة ترابية على طرف منها لتحمي بغداد من الغرق وسميت السدة الشرقية وألان أكثر امناً لقلة المياه الواردة الى  نهر دجلة اثر تأسيس السدود في الدول المجاورة وقللت من تدفق المياه على هذا النهر العظيم . وتحول قسم منها في السابق الى ترع من المياه الراكدة سميت النزيزة او شطيط وسكنت حولها عوائل رحلوا من المحافظات المختلفة وخاصة الجنوبية وتغيرت هذه المنطقة خلال السنوات الماضية وفتحت الشوارع  وانتقلت لها وزارات مهمة مثل وزارة النفط والداخلية ومحاكم الاستئناف واسست محلات ومخازن وبيوت حديثة تسكنها العوائل الكريمة،،،يتبع

155
باب الشيخ الحافلة بالتاريخ ج 17
الافراح والمناسبات القسم الطهور( الختان )
من المناسبات الاخرى التي تشترك باب الشيخ بها بالتشابه مع كل مناطق العراق والتي هي اسلامية الوجوب و هي عملية خَتن قُلفَة الذَّكَر أي إزالته، ويجب ختان الذكور، ويستحبّ إيقاعه في اليوم السابع، «وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): طهّروا أولادكم يوم السابع; فإنّه أطيب وأطهر وأسرع لنبات اللحم، وإنّ الأرض تنجس من بول الأغلف أربعين صباحاً »ويجوز التأخير عنه، وإن تأخّر إلى ما بعد البلوغ يجب عليه أن يختن نفسه; حتّى أنّ الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان وإن طعن في السنّ ولا يجب على الوليّ أن يختن الصبيّ إلى زمان بلوغه، فإن بلغ بلا ختان يجب على نفسه وإن كان الأحوط أن يختنه والعادة منتشرة بين كثير من الأجناس والشعوب ومنهم الفراعنة واليهود
 وبعض الطوائف المسيحية والعرب قبل الإسلام. وفي العهد القديم أمر إبراهيم عليه السلام بالختان وختن أبنائه و أوصاهم به وعلى ذلك سار المسلمون الآن حيث أن الإسلام وصاهم به وكذلك" الكتاب المقدس إلى الختان: "يُخْتَنُ خِتَانًا وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ، فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا.* وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي»وقد أسقطته البعض من الكنائس في العهد الجديد أي أغلب الكنائس لا تلزم أتباعها بها ولا تمنعهم، والختان الشرعي: هو قطع القلفة الساترة لحشفة الذكر فقط، أما من يسلخ الجلد الذي يحيط  بالذكر أو يسلخ الذكر كله كما في بعض البلدان المتوحشة ويزعمون جهلا منهم أن هذا هو الختان المشروع فما هو إلا تشريع من الشيطان؛ زينه للجهال وتعذيب للمختون ومخالفة للسنة المحمدية والشريعة الإسلامية التي جاءت باليسر والسهولة والمحافظة على النفس.ولهذا فقد عمل ابناء منطقة باب الشيخ على الالتزام بهذا الأمر وتطبيق الشريعة للفوائد الجمة التي يكسبها الشباب عند تطبيق هذه الممارسة .ولها تقام مراسيم خاصة وعادة ما تكون  هناك زفة  تجوب المناطق القريبة من الدار مشياً على الاقدام او في الحارة ويتم اجرائها قبل يوم الطهور،وحفلة "ختان" الأولاد أو ما يُطلق عليه باللهجة العراقية "الطهور" هو من العادات والتقاليد المهمة التي توارثها العراقيون بشكل عام  وبالمناسبة عندما قرر والدي رحمه الله وهو شخصية معروفة في المنطقة وكذلك له واقع خاص عن الاقرباء ،ان يقوم بهذه الشعيرة ونحن كنا ثلاثة اولاد قام بتبني المراسيم زوج عمتي المرحوم هاشم جاسم ذلك الانسان الكريم وصاحب النخوة والشهامة رحمة الله علية بعد أخذ الموافقات الاصولية من مركز شرطة باب الشيخ القديم وقد لازمته في تلك الليلة الى أخذ الموافقة وكان المركز خالياً من النزلاء إلأ نزيل واحد هو مجيد قنبلة وهو من السراق المعروفون في ذلك الزمان وكان مشدود بقيد اليد "بالكلبچة " ومعلق بشباك الموقف وباب الموقف كان مفتوحاً والجو حار وقد أعد ابو سلام ثلاثة ليالي لازالت عالقة في ذاكرتنا  وشملت المراسيم خروج الزفة تتقدمها الفرقة الموسيقية وهي تعزف أغانى ذلك الزمان ( شيش كباب ،والافندي ،اشتقنا ياحلو والله اشتقنا ...الخ،) وتحركت الزفة من بيت خالي المرحوم  حسن عزيز وهو والد البروفسور كامل حسن البصير في القرب من موكب ميرعلي  والمجاور لحمام الأمير القريب من شارع الشيخ عمر مشياً من امام حمام الكولات  باتجاه شارع الهادي وثم ساحة النهضة .. ساحة سينما الفردوس ( ساحة الملك غازي ) سابقاً وشارع الملك غازي تم تاسيسه في عام 1936مع شارع الشيخ عمر واستدارت الزفة نحو شارع الملك غازي  ( شارع الكفاح ) باتجاه الباب الشرقي ومر من امام حلويات الحاج جواد الشكرجي وكانت تتساقط علينا أنواع من الملابسات والجكليت والحامض حلو من جميع الأطراف من الاقرباء والاصدقاء وحتى الغرباء على رؤوس المشاركين في الزفة مع الهلاهل والزغاريد تتعالى من النساء بعد ان عرفوا والدي وهكذا استمرت الزفة من امام مركز الشرطة  القديم المجاور لبيت عمي الحاج احمد الاحمدي( امدوگ ) وثم منطقة باب الشيخ  وشارع الكيلاني وعكد الشيخ رفيع الذي ازدحم بالمحتفلين من أبناء الطرف ثم الى البيت وكانت تتقدم الزفة مجموعة العاب المصنوعة من الاقمشة البيضاء واعلام بيضاء وتحرك من قبل الحامل ونحن كنا انا واخي الكبير في مقدمة الزفة بعد ان وضعوا أمامنا قطعة بيضاء مطرزة بشكل فني دقيق بالبولك والشغل السوري المعروف  في ذلك الزمان وعملت بجهود مشتركة من قبل اخواتي الكبيرات يرحمهم الله وكان اخي الاصغر محمولاً من قبل زوج عمتي لانه كان اصغر عمراً منا ولم يكن يبلع الستة أشهر في هذه الزفة والحفلة الطربية كانت في الليلة التي سبقت يوم الختان «ولعل شكل المطهرجي بلباسه الجميل والحقيبة المزودة بالعدة كانت جميلة جداً >
العوائل  في باب الشيخ كانوا حريصون على اتباعها وممارستها فضلاً عن إعطائها اهتماماً استثنائياً سواء من خلال طقوس الاحتفالات أو عبر الاستعدادات التي تسبق هذه المناسبة التاريخية لجنس الذكور!، و جرت عمليات الختان لنا في الصباح الباكر، من اليوم التالي، وكلعادة حيث كان الأولاد يرتدون "الدشاديش" الملونة الزاهية منها ذات اللون الأبيض، أو الوردي، أو الأصفر، أو الفستقي أو السمائي وغيرها، وقبل يوم الختان كانت تقام مراسم الحلاقة لأبطال "الطهور" مع وضع الحناء على أجزاء من الكف أو الأصابع. .
لعل شكل المطهرجي " الازعرتي " مازال عالقاً في ذهنية الكثير منا خاصة وأنه كان يمثل حالة الخوف والرعب عند الأطفال لارتباطه بالدم والدموع و بالموسى والمقص ، بحيث كانت حقيبته الكبيرة الجلدية "البنية أو القهوائية أو السوداء تمثل نذير شؤم وفزع لدى الأولاد الذين لم يخوضوا هذه التجربة بعد وخصوصا وأن "المطهرجي" كان يحظى باهتمام الحضور باعتباره "البطل" الذي سيقوم بالعملية أو المهمة التاريخية وسط حشد من الجماهير التي كانت تحضر باكراً للمشاركة في هذه المراسم وطبعاً تحضر القابلة التي ولدته لتشارك الحفل في ان تضع الحناء في يده   !ويدعو الوالد اولاد الجيران والاصدقاء الى الزيان هؤلاء الاولاد والاطفال على حسابه الخاص ويحضر الحلاق ومعه العدة اللازمة للحلاقة وكثيراً ما يكون هو نفسه الختان ، ويجلس الولد المحتفى به وسط الدار فيتم حلاقته اولاً  وتقوم الفرق الموسيقية بعزف انواع من الموسيقى المفرح ويبدأ بحلاقة الاولاد وتعد انية عادة ما كانت من الصفر او الفافون  يجمع فيها الهدايا من المبلغ  وتكون من حصة الحلاق  ثم تعد مائدة الطعام للمشاركين في ذلك اليوم . ويحضر الازعرتي في اليوم الثاني صباحا ويرتدي الملابس الخاصة به وتكون على الأغلب عملية وراثية من الاب او الجد اولا  يكون وراثي، ويخلع الولد لباسة الداخلي ويوضع تحت مخدة ترفع عن الارض، ثم تفتح فخذيه يمين ويسار ويمسك  بشكل محكم من احد الافراد وبعد ان يتم الاجراء ويزداد صوت الموسيقى للتغطية على صراخ الولد و يترك الولد في الفراش والهلاهل تتوالى من النساء المشاركات بعد أن يحضر له البشتمال ليعطى به وهو قماش أحمر خفيف والمس ويتميز بالبرودة ويراقب حتى يقلل من الحركة واذا اراد ان يخرج خارج الدار يجب عليه لبس الدشداشة ويمسكها من وسطها بأصابعه بحيث يبعدها من الالتصاق بمكان الاجراء كي لا يؤلمه ( يلجمه ) بعد اسبوع او اكثر يذهب به المطهرجي الى الحمام وبعد الغسل يعود الولد الى طبيعته إلأ بعض الحالات
عبد الخالق الفلاح

156
باب الشيخ حافلة التاريخ ...ج 16
  الإفراح والمناسبات...1
في الافراح تتعالى الأصوات.. وتمتزج العبارات وتتحرك الأنامل لتخط كلمات.. لتبقى في القلب ذكريات.. وقد تكون ليست إلأ بضع كلمات لترسم التهاني والتبريكات على شفاه المحتفل فيه .. فتقول مبروك  بكل مايحمله اسمك من معاني.. أسعدك الإله ووفقك. هبه من ربنا ورب البرية. ورزقك الذرية الصالحة التقية النقية.. تقريباً هذه العبارات يستفاد منها عند كل الأجناس في المشاركة في مراسيم الزواج مثلاً، ولكن قد تختلف في اقامة نوع اخر وبشكل مختلف من منطقة الى منطقة او محلة الى محلة ،وقد تكون بسيطة حسب القدرة الاقتصادية للعائلة بين ان تكون لا تتعدى اقامة العقد واهداء حلقة للعروس وبالمقابل يعطون اهل العروس هدية متواضعة  للعريس لا تزيد عن قميص او شيئ بنفس القيمة حسب إمكانات اهل العروس وبرضى الطرفين ، ولكن في احيان كثيرة تتصاعد الاسعار ومبلغ الصرف بشكل اعياني بعيداً عن المنطق من اجل التفاخر فقط وهذا الذي نشاهده اليوم في مثل هذه المناسبات.
في جو من الألفة والتعاون والفرح كانوا أهل الماضي يحيون أعراسهم ويشاركهم اهل المحلة بالتعاون فيما بين بسعادة لانجاز هذه المهمة المفرحة وكانهم عائلة واحدة ( يوم الانبج..والاخرى تجيبها " يوم المنتج ") و يجتمعون بأماكن متواضعة لإحياء مراسيم الأعراس، فكان يغلب على كل شيء في الفرح طابع البساطة في الاكل والطبخ والملبس، بعيداً عن مظاهر الترف والبذخ التي تضفي على أغلب أفراح الحاضر، وكانت منطقة باب الشيخ بسيطة وعوائلها كثيراً ما يعرف بعضهم البعض لطول السكن والعيش المشترك ،مراسم حفلة الزواج قديماً كانت تمر بعدة مراحل، “ومنها عندما تؤشر للعائلة بوجود فتاة عند العائلة الفلانية فتبدء الاستعدادات للانطلاق لرؤية هذه الفتاة وتسمى “الشوفة”، وهي كانت المرحلة الأولى للزواج، حيث كانت تستغل فيها بدايةً أم العريس الفرصة للتعرف على عائلة العروس, وتليها الخطبة، حيث يتلاقى ولي الأمر للعروس مع العريس وعائلته من الرجال والنساء المقربون من أجل الاتفاق على المهر وتفاصيل الزواج, فقديماً كان المهر مبلغاً زهيداً من المال عكس المهر في وقتنا الحاضر، حيث تكون مبالغ باهظة مع جملة من الشروط, أما ليلة الحناء وهي الليلة التي كانت تسبق ليلة الزفاف، حيث كانوا يرسمون فيها الحناء على يدي العروس، ثم يليها يوم العرس الذي كان يتضمن وليمة كبيرة حسب قدرة العائلة لجميع الأقارب والمدعوين.
·         ولكن تبقى التقاليد في مكانها والحال تجري عملية الزواج بالتفصيل بالطرق التالية اولاً:  البحث عن العروس ومعرفة اهل العروس يرسل الزوج أمه وأهله من النساء لرؤية العروس وإبداء رأيهن فيما إذا كانت تناسبه أو لا وذلك للعادات الاجتماعية التي تمنع حدوث مقابلة بين الرجل والمرأة، وهنا لهم وجهة نظر هوالمثل التالي " النادرة تغزل بعود والجايفة تكول الشج معووج" او في أنه قد لا يحدث نصيب، مما سيؤثر على سمعة الفتاة. فأم العريس هي المرأة التي ستعكس لولدها صورة زوجته حيث تقوم بفحص العروس، وأول شيء تريد معرفته هي من أم الفتاة؟ لأنها ستكون انعكاساً لها كما يقولون "اخذ الوردة وشمها تطلع البنت على أمها"  "و اللي في الجدر" القدر " يطلّعه الملاس"و ثلثين الولد عالخال"، وبالمقابل يسأل أهل العروس عن العريس واهله واخلاقهم في المنطقة ومن له مكانة ومصداقية ومعرفة وثيقة بهذا الشخص ونسبه وأصله فليس كل شخص يستطيع أن يجيب بصدق وشفافية. وهو أهم ما يركز عليه الأب لأن الزواج ليس مجرد اقتران رجل بامرأة وإنما اقتران عائلة بأخرى، أي تزاوج عوائل.  وإذا ما اتفقوا على هذا الجانب يتم تعيين يوم للقاء العوائل ويسمى يوم الشربت حيث تتعرف العوائل بعضهم على الاخر ومن ثم اعطاء مهلة للتفكير والمشاورة للطرفين ومن ثم الإجابة بالقبول أو النفي من اهل الفتاة ، وإذا ما تم القبول  يتفق كل من والد العريس ووالد العروس على المهر ولم تكن الامهار في الخمسينات والستينات تزيد عن المئة دينار او اقل في الكثير من الأحيان  ويحدد يوم من اجل اعلان الخطوبة بعد ان تكون النساء قد تعرفنا علي خواص الفتاة العروس حيث تجلب أهل العريس  بشيخ من اجل عقد القران في البيت او يعقد في المحكمة ، وعندها تكون العروس وزميلاتها في غرفة أخرى، وفي ذلك اليوم ترتدي العروس ملابس بيضاء على الأكثر كانت تسمى في القديم بالجلابية ذات لونٍ أبيض، وتضع قدميها داخل وعاء فيه زرع اليأس، ومقدار من الماء مع مسكها لبعض حبات الهال، ثم توضع صينية الاعطار المكوّنة من سبع مواد عطرية، وحلويات، وأكواب سكر، والشموع بجانب العروس، ويُوضع القرآن الكريم أمامها، ثم يقوم الشيخ بقول العقد من قبل الطرفين العروس والعريس وترديد العديد من العبارات، وبعدها يرددها نفسها كل من العروسين.ومن ثم توضع قطعة قماش بيضاء على رأس العروس فيقوم العريس بتقبيل رأسها و ويلبسها الذهب، حسب الاتفاق او مثل العادة فيها من الزيادة والنقصان حسب القدرة  ثم تبدأ الحفلة الخاصة بالنساء، وتغير العروس وتبدل فساتين عديدة حسب الامكان، ثم يبدأ العريس واهله بجمع الاغراض وبعد الانتهاء من الشراء يذهب أهل العروس إلى بيت العريس حاملين أغراض العروس وملابسها معهم والتي تتحمل تكلفتها ذاتياً ،ومن طبيعة الاعراس في العراق وهي تكاد تكون ميزة عندهم هي أن العريس هو المسؤول عن تجهيز بيته بالكامل ولا تتعدى هدايا اهل العروس سوى القليل من الملابس او الاغراض البسيطة  ويفرشون غرفة النوم مع أهل العريس، كما يفرشون الفرش الأبيض على سرير العروسين، ويرمون النقود ويرشون الورد عليه ( بالكلدانات ) النحاسية ، وهناك عادة حديثة العهد في ان يضع عائلة العريس  دمية على شكل طفل على السرير وقديماً كان يوضع طفل في حضن الزوجين ؛ وذلك كي يرزق العرسان بالأطفال والذرية الصالحة، ثم بعدها تبدأ النساء مراسيم الاحتفال باللهو.ويتم الاتفاق على شكل اجراء ليلة الزفة حيث تسبقها ليلة الحنة ويجتمع صديقات العروس في بيت العروس وعندما تنتهي من وضع مكياجها فإنها ترتدي فستانها الأبيض، وتهيئ صينية فيها الحنة  والياس والشموع والورد، وتُحنّي جدة العروس اولاً يعني ام والدتها أو أم أبيها العريس والعروس ثم الام ، حيث تضع الحناء على قدمي العروس وعلى يديها، ثم توزع بعدها الحناء على المدعوين ليحنو أيديهم ثم تأتي ليلة الزفة ويقيم في بيت العريس حفلات على عادة كانت هي مجموعة من قراء المربعات البغدادية ويزينو الحفلة بالاغاني الجميلة وتزدان بالنكات المحببة واللطيفة ثم يذهب العريس الى بيت العروس ليشكر العائلة ويقبل راس الام والاب او الجدة واستلام الامانة للذهب بها الى بيتها الثاني وتبدأ الاحتفالات من الشارع الى بيت العريس الذي يحاط بأصحابه واصدقائه ومحبيه و متى ما وصلوا البيت تعقد حفلة الدخلة ومن جملة ما كانوا يرددون من اشعار( جبنالك برنو ما ملعوب بسرجية ، او بنت الشيخ لابن الشيخ جبناها )، او اطلاق الرصاص الى الاعلى مع أنواع الطبول العادي والزنبور والدفوف الصغيرة والكبيرة والمزمار والأبواق الهوائية تعزف الأغاني الخاصة بليالي الزواج ( سبعة أيام من عمري حلالي ، نيشان الخطوبة اليوم جابولي ،حلو حلو بوجنته شامة عليك الليل ما نامه....الخ ) والمربعات البغدادية الجميلة وهو فن اصيل تميز به العراق  و لون من ألوان الغناء  ألشعبي  ألتراثي ألبغدادي القديم الذي كان يغنى باللهجة العامية، وتقام في  حفلات الزواج و الختان   و الحناءالتي كانت تقام في بعض المحلات البغدادية القديمة كالجعيفر و باب الشيخ و الفضل و ألأعظمية وقديماً كانت خالية من الكهرباء حيث كان يستعاض عنه بالفوانيس اليدوية والشموع الكبيرة التي كانت تتجاوز المتر والمتر والنصف وتتميز بضخامة السُمك  ويطلق على تلك الحفلات التي كانت تقام في تلك الأيام اسم (دومة) والتي تبدأ من العشاء إلى شروق الشمس معتمدة على قوة الصوت للمطرب لعدم وجود مكبرات الصوت آنذاك والتي  كانت تُدخل البهجة والسرور على النفس فى هذه المناسبات السعيدة وملوك المربعات والمنلوجات قديماً ، عبود الكرخي ككاتب وعزيز علي،فاضل رشيد، على الدبو، حسين علي ،كمطربين
وتؤدى الدبكات المختلفة الكوردية والعربية وتنتهي الزفة بعد ساعات من الليل و يذهب الزوجان الى غرفتهم لاتمام ليلة الزفة ،وفي صباح اليوم التالي تستعد عائلة العروس  بالذهاب الى بيت العريس ويحملون الإفطار معهم الذي يتكون في العادة من العسل والمربى والقيمر والاجبان والكاهي ...ثم تقام ،السبعه، اي اليوم السابع يحضرها كل الأقارب والمعارف الذين كانوا يسعون للظهور بأبهى صورة بعد التزين ولبسهم أجمل ما يملكون من الثياب والزينة الفلكلورية لمشاركتهم بالفرحة ويحملون الهدايا المختلفة حسب مقام العائلة وامكانياتها ويلقون الشكر بالمقابل ، على حد التعبير ثم يذهب العروسان الى حياتهم اليومية من أجل العيش المشترك الكريم .....يتبع
عبد الخالق الفلاح
 

157
والمقاومة الكبرى عام 1963
لقد تميزت منطقة باب الشيخ عن غيرها بكونها القلب النابض و بأن تكون  وبالذات منطقة الحياة لشارع الكفاح في وجود الكورد الفيلية والتي كانت  تسمى بداية ايام الثورة الكبرى في 14 تموز عام 1958آنذاك بموسكو الصغيرة و شهدت تظاهرات في مناسبات مختلفة قبل الثورة وكانت المنطلق لتلك التظاهرات المناوئة للحكومات الملكية المختلفة  وفيما بعدها تشكيل افواج من المقاومة الشعبية رجالا ونساءاً لحماية المؤسسات الحكومية والمعامل الكبيرة   ،وتستعرض في الشوارع بعد الانتهاء من التدريب مؤيدة لثورة 14 تموز بكامل اسلحتهم ووقفوا ضد الانقلاب الفاشل لعبد الوهاب الشواف في الموصل والوقوف مع الثورة ، وساهمت المنطقة  في عام 1963 مع مقاومة مدينة الكاظمية الباسلة، وغيرها في مختلف مناطق البلاد، التي سجلت اثراً تارخياً لن يمحى من ذاكرة الشعب العراقي اثر الانقلاب الدموي القومي العربي  الشوفيني المشترك في منع  دخول القوات الموالية للانقلاب لمناطق بغداد القديمة لمدة 3 ايام متواصله وحرق دباباتهم بالمولوتوف لقلة الاسلحة ولم تكن اسلحة اكثر من عدد من البنادق والرشاشات القديمة التي سرعان ما توقفت عن العمل عند مداخل تلك المناطق وولانهم لثورة تموز ومن انصاره  والخوض بمعارك كبيرة في شارع الكفاح بطوله ضد عناصر من الجيش المغرر بهم و الموالين للانقلاب الدموي والحرس القومي بكل بسالة في( الفضل ، وساحة زبيدة، وابو سفين ،والنهضة ومن ثم باب الشيخ ( التي شملت عگد الاكراد وهي كانت منطقة تجميع المقاومة ) بعد ان  كان شارع الكفاح  مسرحاً للحركة الوطنية العراقية عموما قبل الانقلاب القومي للبعث وبوجه خاص في نشاطهم الوطني العراقي ضمن صفوف الحركة التحررية الكوردية بقيادة الحرب الديمقراطي الكوردستاني بمنظماتها ( اتحاد للطلبة كودستان و اتحاد نساء كوردستان والشبيبة الديمقراطية الكوردستاني واتحاد معلمي كوردستان ) والتي كانت قياداتها من الكورد الفيليين وفي صفوف الحزب الشيوعي العراقي والمنظمات التابعة له والحركات السياسية الوطنية  الاخرى ، و ظهرت اسماء لامعة من بين الكورد الفيلية في الحركة الوطنية العراقية وتاريخ العراق السياسي يشير الى انه  كان لهم دور كبير في تاسيس الحركات الوطنية العراقية، حيث كان حيهم ( عگد الاكراد ) معقلا للحركة الوطنية تلك وتحصن الثوارالمقاومون  في بيوت هذه الطائفة الشريفة والمخلصة اثر البيان التاريخي للحزب الشيوعي الذي صدر ضد الانقلاب المتضمن الدعوة لحمل السلاح ضد المؤامرة البعثية الرجعية، دفاعاً عن ثورة تموز 1958. والذي كان بيرقاً محفزاً للتصدي للخيانة الوطنية.ومما نتذكرمنهم  حميد حسين (سيسن )  وميرو الذي قتل شرطي الامن قاسم الملكشاهي اخته اثناء مطاردته له في باب دارهم بعد ان رمت نفسها علية وهي حادثة مشهور وقعت في زمن النظام الجمهوري الاول وقتل ميرو في ساحة النهضة عندما كان جالساً عند الحلاق و سمير اموني ، وتاج الدين مجيد وفؤاد حاتم وجعفر ملا نزر وسالم ملا نزر وجواد عليخان ووهاب حسين (سيسين) ومن المضحكات ان وهاب سيسين كان يفتش عن نفسه مع الحرس القومي وبيده الفانوس ويمشي امامهم  والمختار هادي يعض له شفته حتى غادروا المنزل دون ان يعثرو على وهاب ولكن غادر بعد ذلك خارج العراق  ورضا عزو محمد جعفر و مظهر وصباح وستار احمد حسين منيجة وسالم قيجان وعبد فرهاد ومظفر عليخان وطارق علي اكبر واحمد علي اكبر وعشرات من الشباب الاخرين  وقدمت المنطقة لهم ما يخدمهم للصمود وحسب الممكن لنشاطاتهم اثناء المقاومة ، وحارب نظام  البعث المجرم الكورد الفيلية  بحجج واهية مثل اعتبارهم حلقة وصل بين إقليم كوردستان شمال العراق والأحزاب الشيعية العربية لأنهم كورد القومية وشيعي المذهب، كان التجار من الكورد الفيليين يدعمون حركات التحرر بالمال والسلاح،والنظام أقدم على القيام بعمليات تهجير لكل من لم يطع النظام او يشكل خطر عليه من كل ابناء العراق الشرفاء ، وهم قاوموا بشجاعة الإنقلاب البعثي الدموي في سنة 1963 في 8 شباط الاسود من خلال معارك ( شارع الكفاح – وعقد الاكراد ) الى جانب العديد من مناطق العراق الاخرى ، ونالوا الإعتقال عن طريق بعض المجاميع من العصابات المسلحة وهي موشحة بإشارات خضراء تحمل الحروف (ح ق) وتعني (الحرس القومي) حاملة في أيديها غدارات (بور سعيد)التي نقلت لهم عن طريق سورية من "الجمهورية العربية المتحدة " وتشكلت هذه الفرق على غرار الفرق النازية التي تشكلت في ألمانيا أثناء صعود هتلر للسلطة ونقلهم الى السجون المختلفة مثل حلف السدة والخيالة وابو غريب ونادي المهداوي ونادي الالمبي في الاعظمية في ساحة عنتر  والسدن المركزي في باب المعظم بعد نقلهم من مقرات التعذيب في مركز الفضل ومقهى ابراهيم في  باب الشيخ  الذي تحول الى مكان لاعتقال الشباب بطرق مخلة بحقوق الانسان في مركز شرطة ابو سفين حيث كان نقطة التجمع لهؤلاء وبدأت المأساة من اعتقالات واعدامات واهانة ذوي المقاومه وملاحقة الاخرين . داهمت البيوت واستباحت الحرمات وافتتحت المعتقلات والسجون في طول البلاد وعرضها، وكانت مزودة بقوائم خاصة للمناضلين وفي مقدمتهم الشيوعيين والقاسميين والوطنيين الآخرين من الأحزاب الأخرى كانت قد زودتهم بها المخابرات المركزية الأمريكية ....نعم انهم الحرس اللاقومي العميل الهجين من مختلفة الشواذ في المجتمع ونحن كنا نشاهد كيف كانوا ينقلون الشباب واثار التعذيب الهمجي على وجوههم والدماء تسيل من اطرافهم بشكل مقزز واجبار الضعفاء على الاعتراف على الآخرين بطرق كيدية وهروب  البعض الآخر إلى خارج العراق ،ومن هنا يقول المجرم محسن الشيخ راضي احد قادة حزب البعث في ذلك الانقلاب حيث يقول: من الانصاف ان يكون الانسان اكثر صلابة لينتقد ذاته  واما حدث في عام 1963 بإدانة الكثير من الممارسات اللاإنسانية التي اقترفها البعض من العناصر البعثية والتي كانت مشبعة بروح الثأر  والانتقام غير المبرر  وكلماتي لا تكفي لبيان رفضي لما قام به البعض من البعثيين وسلوكهم المدمر والكارثي الذي تحملنا وزره ونتائجه جميعاً ، والكلام لازال للشيخ راضي / لقد حقد علينا الشعب العراقي كأفراد وحزب واستنكر العنف الذي رافقها والدماء التي سالت  وارتقت تحت عناوين واهية لا قيمة لها ازاء حياة الإنسان وكرامته ولا يحمل  قادة الانقلاب وكبرائهم من هذه المسؤولية القذرة والشنيعة من أمثال علي صالح السعدي وهاني الفكيكي وابوطالب الهاشمي وحمدي عبد المجيد وهم الجناح المدني الذي يتحمل كامل المسؤوليات الامنية والتحقيقية بيدهم في قصر النهاية وهو واحد منهم لانهم كان بإمكانهم إيقاف حمامات الدم .. والغريب يؤكد على عدم استطاعة حزب البعث ادارة الدولة ، وكانت مقاومة عكد الاكراد واحدة من ملاحم البطولة الوطنية للكُرد الفيلية و صمودهم ، دفاعاً عن تلك الثورة المغدورة التي اعترف قائدها بحقوقهم و بكونهم من السكان الاصلاء في شرق دجلة كما كان يقول الزعيم عبد الكريم قاسم للوفد الفيلي الذي قابله ، ومن ثم التهجير لعشرات الألوف منهم  في عامي 1970 و 1980 بذريعة التبعية الإيرانية التي رفضها الشعب و أدانوا القوى المروجة لها.وهو ما يؤكد ان الكُرد الفيلية هم من أصل أهل وادي الرافدين وليسوا طارئين عليه وجزء مهم من الشعب العراقي ، كما أنهم يشكلون جزءً من الأمة الكُردية على إمتداد أرض كُردستان ، وهم شركاء في هذا الوطن . ومن هنا  كجزء من ذلك المخطط السيئ بذل حزب البعث المجرم بعد عودته الى الحكم في انقلاب 17 تموز الدموي سنة 1968 التي طال حزب البعث  باجرامه كافة فئات شعبنا العراقي ودمويته وبربريته وبذل قادته جهودا من اجل التشكيك بالهوية الكوردية اصلاً  وتعذيبهم ومحاولة تغيير هويتهم  القومية والتغيير الديمغرافي والمستهدف الرئيسي لهذه العملية هم الكورد الفيلية، لان صدام يكرهم مرتين، اولاً لكونهم كورد  و لأنهم شيعة،ويعرفهم حق المعرفة منهم ،بكراهية عنصرية وطائفية مقيتة مع السيطرة على املاكهم كونهم كانوا يمثلون وزناً ثقيلاً في السوق الاقتصادية ويمثلون عصبها الرئيسي وخاصة في مناطق بغداد، مثل الشورجة وشارع الرشيد  وجميلة و الكرادة والكاظمية  وشارع الشيخ عمر وشارع فلسطين ومدينة الثورة ومناطق اخرى في بغداد التي كان يعمل ويسكنها الكثير من تجار الكورد الفيلية وفي العديد من المحافظات العراقية الاخرى  ، ولم تكن هذه الحملة الاولى لمحاربتهم بل كان ديدن كل الحكومات المتعاقبة العنصرية والطائفية في ايذائهم او تهجيرهم منذ تأسيس الدولة العراقية وازدادت شراسة في عام 1970 ومن ثم تعمقت  في عام 1980 بشكل جماعي من قبل نظام صدام الفاشي وبشكل قاسياً معهم وبرز حقدهم الدفين على هذا الطيف العزيز، وعلى الكورد عمومًا،
كما يقول الشاعر الفيلي المبدع ، عبد الستارنورعلي ونراها من خلاله :في كل فصل هجرةٌ محسوبةٌ، بكتاب سفيان صغيرْ ،لا يرتوي من صاعقاتِ النار، أو من ذبح معشوقٍ وليد.
لقد كان التهجير ناتجا عنصريا من قبل البعث الصدامي، بدأها النظام العفلقي من بغداد عمومًا ليشمل كافة المحافظات ، واستخدام جميع الأساليب والوسائل لإبادة الشعب الكوردي ومنهم الكورد الفيلية لمحو هويتهم الاصيلة  ، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيماوية وشن الهجمات بالغاز ضد المدنيين العزل، في حلبجة ومناطق أخرى في كوردستان، وجرى في الوقت نفسه تهجير آلاف من العرب العراقيين الأقحاح من جنوب العراق ووسطه بحجة (التبعية) وبينهم الكثيرون من أبناء العشائر. لا بسبب  اقترفوه بل هو انتماؤهم المذهبي وتمسكهم بوطنيتهم العراقية ومعارضتهم للظلم...يتبع
عبد الخالق الفلاح
 

158
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج14
تمضي الأيام وتبقى الذكريات تلتصق دائماً بكل الأشياء، بكل الأماكن، بكل الأشخاص، خلف الأبواب العتيقة ذكريات جميلة، مهما حاولنا النسيان،إلا أن الذكريات تبقى محفورةً داخلنا، تأخذنا لعالم جميل نتذكر فيه أجمل اللحظات حتى وإن كانت مؤلمة يبقى لها رونق خاص، فقد تجمعنا الدنيا بأشخاص أو نمرّ بأماكن لم نعتبرها في بداية الأمر مهمة، ولكن عند الابتعاد نشعر بقيمتها، فنعيش بذكريات وأمل أن تعود من جديد. وتختلط المشاعر بداخلنا فرحةً على كل ما مررنا به ، ووجود ذكريات من زمان وحزينة لمرورها سريعاً من بين ايدينا، ولكننا سعداء لأننا عشنا هذه اللحظات بحلوها ومرها، حمداً لله على وجود ذكريات لدينا من الزمن الحالي، ومهما كانت الذكرى فهي أروع وأجمل ذكرى لأجمل أيام في حياتنا ولن تعود. أناس رحلوا ولم يتركوا لنا سوى بقايا ماضي، عطرلا ينسى، صوت نتمناه، حضن نفتقده، حب يكبر و يقتل، صور صامتة، شوق لا يبرد، دموع لا تجف، ألم لا ينتهي، منزل تهدم  مليء بالذكريات، وثياب معلقة تقتلنا بين الحين والآخر. فتلك الذكريات تأخذنا إلى عوالمِنا التي انطفأت برحيلنا، إلى الطفولة التي كانت تأبى أنْ يقاسمها الزمان بخيباته، كانت تلتصق بكلِ لحظةٍ خوفا من تطّايرها؛ فالبراءة آنذاك كانت المحطة التي لا تتوقف عن المسير، تستمدّ قوتها من عمق الأرض المباركة التي لونتها أيدي أجدادنا. لكلّ مكانٍ بصمةٍ ما، أحلامٌ معلقة وإن لم تتحقق، تبقى صامدة على الجدران، ككلماتٍ وأشعار،رسوم، عبارات ؛ أبت أن تسمح للزمان مسح أثارها، التصقت بتلك الأمكنة، التي قد غادرها أصحابها رغمّا عن قلوبهم ، الذين قد قضوا غالبية سنين حياتهم بين الجيران ذهابا وإيابا، قد خلدوا ورائهم الماضي المرصع طموحهم ، والأحداث التي واكبوا ظروفها و تعايشوا مع نتائجها؛ رغم قساوة الظلم الذي استحوذ أوقاتهم، و الذي فرض عليهم سلطته وحرمهم من أيامهم.
لقد جمعت باب الشيخ وهو جزء من شارع الكفاح هذا الشارع التاريخي بالأحداث التي  وسمت في ضميرنا الخبز كيفن أكله والعطاء كيف نبذله ، والصداقة ما معناه ، والوفاء اين حده ،جمعت من الاشخاص في النكتة واللطافة وكيف يرسمون البسمة على الوجوه الاخرين  ورغم ما تنوعت مشاربهم  وعكد الكورد ضمت تنوع من الناس ، ومن أشهر العوائل التي سكنت المنطقة مجموعة من عوائل الجنابيين الاعزاز وذابوا بالمنطقة بشكل عجيب وكانوا يتحدثون اللهجة الكوردية الفيلية بطلاقة ولا تفرقهم عن لهجة ابناء المنطقة  ، بحيث لقبوا احدى بناتهم خستخانة ( و خستخانة تعني الطبابة أو المستشفى ).وهي احدى بنات ربوعة ام ابراهيم الجنابي الذي لقب باسم والدته وهو أي ابراهيم ربوعه في العادة ما يكون في حالة سكر دائماً وطول السنة " عطال و بطال "لا شغل ولا عمل ويلتقي في مقاهي رأس الجول المشهورة عراك الديوك ويأخذ الخاوة ( أي إجبارهم بدفع الاتاوة )من الفائزين ودائما في شجار مع أبناء الدربونه لأسباب تافهة وبسيطة ورغم كل ذلك يشارك في ايام عاشوراء في المراسيم الحسينية رغم انه من الطائفة السنية الكريمة ويتميزبضخامة جسمه و ابراهيم ربوعه من الشخصيات الفكاهة بمحلة باب الشيخ بعگد الجنابيين يكاد يكون على الفطرة، انتمى  لحركة القوميين العرب  في نهاية الخمسينات ثم ابتعد عنهم في الستينات خوفاً من السلطة وكان فكاهياً وجريئاً وذو جثته وهيكل الضخم و وجود اقرباء له بالحكومة الا انه كان يخاف السلطة لان السلطة قد كلفت بالعمل في الجهات الامنية ولكن رفض لانه  محباً للاكراد الفيليين الذين يسكنون المحلة معه حباً جماً  شقندحي الصفة طيب الحال عندما يكون غير مخمور . ومن اللطائف التي قام بها كان يتردد على "الشوربه خانة " في الحضرة الكيلانية والتي تُذبح فيه يومياً ذبائح ويعمل منها الشوربة لتوزيعها على الفقراء وهذا روال يومي  فقام بخطف احدى الذبائح بكاملها بعد سلخ جلدها من الطباخين ويهرول بها الى البيت مما استدعى ان يقوم المسؤولين على الطبخ الركض ورائه حتى دخل البيت وغلق الباب واخرج رأسه عليهم من الشباك وهو يقول روحوا اني ما انطي ( اي اذهبوا اني لا اعطيه) وتجمع الاطفال حول الداربالصراخ والاستهزاء به ( ابو علي باك الطلي) اي ابو علي سرق الخروف إلأ انه لم يبالي ابداً رغم صعوبة الموقف واستحوذ على الخروف بكامله ومن مواقفه ايضاً هو وما أن يأتي محرم ويبدأ عاشوراء والفيليين يقيمون مواكب عزاء الحسين في ساحة العوينة حيث كان مكاناً لتجمع مواكب المنطقة وهيئاتها وهي ساحة مشهورة لكرةالقدم حيث كانت تجرى فيها مباريات اشهر الفرق الاهلية  ويختارون الشخوص المقبولة في اشكالهم للمستهمة في عرض صورة عن ما جرى لاهل البيت من مظالم  في تلك الواقعة المحزنة ويختارون من ابناء المنطقة  لاخذ دور اولاد الحسين وأهله من اطفال وشبان وحتى النساء أما دور الشمر ابن ذوالجوشن  فيقع على ابراهيم ربوعة باعتباره صديقهم ويشاركهم العزاء ولانه  ضخم الجثة بالمحلة ويتحمل رددات غضب الناس المواسين ، وفي احدى المرات ما ان صعد على الحصن وهو يتقدم من بين عويل النساء وهو يوعد ويزمجر ويهدد اصحاب الحسين وسط ساحة العوينة لابساً ثوبه الاحمر والنساء يبكين ويلعن شمر ( ابراهيم ) حتى سقط من على  ظهرالحصن على الارض فنزعت احدى النساء نعالها ورمته به لتصيب صدره فما كان منه الا ان يردعليها بالسب والشتم فامطروه بوابل من قشور الرقي فهرب وزعل حتى كان موعد حرق الخيم ال الرسول وكان علية الايعاز لحرقها فلم يجدو إلا الركض الى بيته ثم اقناعوه فتم ذلك مقابل بطلين بيرة فعادة وامر بحرق الخيم حتى انهالت على الجماهير بقذفة بقشور الرقي مرةاخرى..وهو يسبهم ....ومن المواقف الاخرى كان هناك شخص آخر في منطقة شارع  الكفاح اسمه خيته كور ( خيتة الاعمى) وهو ايضاً مرح ولا يبالى بتلطيف الأجواء ويراهن على أخطرها مقابل شروط معينة . ويقال ان في يوم من الايام كان الشارع على موعد لزيارة الملك فيصل الثاني له ومن العادة ان الملك كان يركب عربة يجرها الحصن ويجوب في الشوارع وخاصة الشوارع كانت غير مؤهلة للسيارات او ليكون على كثب مما يجري وسماع مطالب الناس فتم الرهان مع خيته كور  لركوب احدى تلك الحصن التي تجر العربة وفي مقدمة الموكب وفي الوقت المناسب صعد خيته كور على ظهر الحصان دون ان يتوقع المارة وبسرعة دون خوف او ارباك مما اضحك كل الجماهير وعندما راى الملك ان الناس تضحك انسجم مع الواقع وهو يضحك مثلهم دون ان يتخذ اي موقف سلبي تجاه خيته كور وسار الموكب على حاله ...يتبع
 

159
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج 13
الحياة والذكريات ... نعود بافكارنا لزماننا ونفتش بين ثناياها ضحكات السعادة وتأخذنا الأحاسيس إلى أحلامنا، ونرى الثواني تمضي من أمامنا، ولا تزال نفس المشاعر فينا،ودفاترنا لا زالت مملوءة برسوم طفولتنا ومقاعدنا لا زالت تحوي دفء حكايتنا.وأناس يذهبون كصُوَر عديدة تَمُر فِي مُخَيَّلَتِنَا لاشخاص كَثُر نتعرف عَلَى البَعْض مِّنْهُم ،وَالْبَعْض الْآَخَر يمرون كَصُورِ مشوشة لَا تظهر مَعَالِمُهَا نختنق عندما نشعر بالشوق ولا نستطيع رؤية من نشتاق اليهم  ،طبعاً لا تَخلو حياتٌنا من تنوُّعِ  الأشخاصِ فيها  ، ويتركون في المكان ذاكرة مشتعلة بالصوروالمشاهد والمعاني الجميلة والخصال النبيلة، والصفات الأصيلة ويبقون هكذا يزرعون في النفس عشب الاشتياقات،ولكن ما احلى تلك الايام عندما كنا في ذلك الزمان وفي ذلك المنزل الجميل الذي حوانا ،كم منزل في الأرض يألفـه الفتـى... وحنيـنـه أبـدا لأول منـزل،ولن تبرح هذه المشاعر نفوسنا حتى توارى في الثرى. ورهبة الغياب المريع،يشاغبوننا بابتساماتهم الزاهية، والتي مرت على شفاه لم تنفرج إلا عن الكلام المشبع بمفردات أشبه بالنقش على سرر الحياة حالة من الحنين تأخذنا من وقت لآخر للزمن الذي كنا فيه أطفالا، نجري هنا وهناك، لا نلقي بالا لأي شئ، زمن كان أكثر ما يشغلنا هواللعب، الصباح بالنسبة لنا هو بداية اليوم للمدرسة حيث نلتقي أصدقائنا في الطريق في المدرسة ،تزخر حروفهم، أعمالهم بنيات مختلفة، ساميات مزملات بنون الحب، وقلم الكلام العذب، وما جاش في الخاطر من مغزى ومعنى، كانوا هم فيه الغصن الرطيب، والكفالخضيب، والحلم الخصيب، او يذهبون نحن الموت المحقق لكل انسان  دون غضب ولاعتب ليلاقوا رب السموات والأرض . إن فهم التاريخ وإيلاء الاهتمام لها أمر حاسم بالنسبة الذين يتعاملون مع المجتمعات التي عانت من الظروف المختلفة على أمل استيعاب الدروس التي قدمها التاريخ.ويمكن لقلة من الناس فقط تذكر كل يوم من حياتهم بتفاصيل هائلة، وبالنسبة لمعظمنا  فإن الذاكرة تشبه مشاهد وقصاصات متقطعة وغير واضحة أو باهتة أحيانا عن أجزاء من حياتنا وماضينا، كما تتلاشى كثير من اللحظات الأخرى مع مرور الوقت،أشخاص فقدناهم ، وأشخاص نسونا ، وأشخاص تغير طبعهم ، وأشـخاص ظلوڪ-;-ما هم ، وأشخاص غابوا عنا رغم عنا وعنهم .. لكن بالنسبة لأصدقائنا المصابين بفرط الاستذكار فإن ذاكرتهم عبارة عن شريط يحفظ كل المشاهد بلا استثناء، ويعرضها أمام أعينهم كأنهم يعيشون المشهد من جديد ،على كل حال ان هناك اشْخَاص عِنْدَمَا يَمُربِهِم "شريط الذكريات  نَقِف كثيراً عِنْدَهُم وَنستحضر صُوَرَهَم وَنتامَلَهَاهُم أَشْخَاص وضعهم الْقَدْر فِي طريقنا لَا نَعْرِف لِمَاذا وَكَيْف؟ لَكِن جَلمَا نَعْرِفُه انهم مازالوا يَسْكُنُوْن ذكرياتنا وَقلوبنا  تتذكرهم وتقع صورهم امام اعيننا وكلماتهم تسرق سمعنا رَغْم غيابهم وابتعادهم عن عيوننا  وَكَأَنَّنَارَأَيْنَاهُم مُنْذ لَحَظَات غريبة هي الذكريات وتبكينا اجملها .. وتضحكنا اقساها"،لابأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا، و لكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرنا أفضل من غدنا، يا لهاويتنا كم هي واسعة،الماضي بشكل عام لا يهم الناس كثيرا بقدر مايهمهم ماضيهم الخاص بكل ما يحمل من تفاصيل.حديثي في هذا الجزء هم أناس عرفناهم فيها من اللذة الكثير واختلفت بصماتهم وهم في الحشى يسكنون  رغم قساوة التشتت والفراق المكاني والزمني ...الجنون هو عدم القدرة على السيطرة على العقل أو هو مجموعة من السلوك الشاذة التي تميز أنماط من الأعمال يقوم بها هؤلاء الأشخاص بدون وعي وادراك و رغما عن ارادتهم والذي يؤدي إلى انتهاك المعايير الاجتماعية وقد يصبح هؤلاء اشخاص يشكلون  خطراً على أنفسهم أو الآخرين ، في لحظة معينة وقد تستمرعدم القدرة على السيطرة على العقل فترة ما. وعدم القدرة على السيطرة على العقل هو المفهوم الوحيد للجنون،محمود المخبل كان شاباً ولا نعرف كيف اصيب بنوع من اللوث العقلي فكان يسير بهدوءمنكفئ على نفسه متأبطاً همومه لوحده ولكن شيطنة البعض لم تروق لهم إلأ التحرش واثارته لينقلب الى ذئب كاسر ليرمي هؤلاء بكل ما يقع في يديه من الأرض ، فيصيب انسان مار دون ان يكون له علاقة بالامر او لا يصيب ويهرب من يهرب أمامه دون التفكير بالعواقب ( المهم انهم يزهون بكلمات.. هي هي محمود المخبل لابس عبات امه وتسليمه لطمه )، او حمودي الشادي اسطورة الخمر  ،النموذج العجيب في الحياة الذي اتخذ زاوية من تكية المحلة وعمل لنفسه غرفة من الاخشاب والكارتون وهو في حالة سكر دائم لايعرف معنى لمجريات الليل او النهار.. ولا شغل ولا عمل له إلا العطايا من بعض أولاد المحلة استعطافاً..وأولها قيمة ربع العرق. وملابسه رثة وجسمه لا يعرف الماء حتى في الشهر لمرة واحدة،،،حدث وان حصل على إرث من بعد وفاة والده. ويقال ان المبلغ كان لا بأس به وكان  في استطاعته أن يبني لنفسه حياة جديدة ، ولكن اشترى دراجة هوائية وركب عليها من ادوات الزينة  الكثير ،هورن، بوق،اوراق ملونة تدور مع سيرالعجلات، جرس، وماشات ملونة وهو يسيرفاتحاً صدره كطاووس يتمخطر ويدور برأسه شمالاً ويميناً ويغني الاغاني الهزيلة ...وفي احدى الايام وكان في نشعة الخمر وإذا بعجلة تصدم فيه ويسقط على الارض و يظل طوال حياته المتبقية خليل الفراش حتى وافاه الاجل،،،،والجنون فنون ... يتبع.
عبد الخالق الفلاح
 

160
باب الشيخ حافلة بالتاريخ ...ج11
===================
الإنسان يولد وينمو ويتفاعل و ينضبط داخل نسق مجتمعي ذي قيم وقوانين ينبغي احترامها والتقيد بها وتوجيهها بما يتوافق مع أعراف وتقاليد المجتمع الذي يعيش فيه، قولة أرسطو "إنّ الإنسان مدنيّ الطبع" أي أن طبيعة الإنسان لا يمكن ان تكتمل الا من خلال انتمائه للمجتمع، لا يوجد مجتمع بدون أفراد، والفرد لا يساوي شيئا بدون المجتمع، فهما وجهان لعملة واحدة، وقد يقف في ذلك الموقف الذي يحاول خلق تمايز بينهما، واستبدله بأطروحة تدافع عن فكرة مضمونها  ،أن العلاقة القائمة بين الفرد والمجتمع هي علاقة تفاعل وتأثير متبادل. والانسان الحر لا ينحني ، يعيش طوداً منتصباً شامخاً، ويمت عزيز النفس ولا يشتكي لضيق اليد في العيش ولا يسجد امام ابواب المسؤولين ، ولا يشتكي لاحد مما يعنيه وما يحتاجه  وسوف نذكر نموذخ في متابعة المقال *، هذه هي صفات الناس الذين عشنا معهم في منطقتنا باب الشيخ ،لقد رايت في حياتي افراد تتمثل فيهم القداسة والايمان والخلق ولازالوا ينقسون في خاطري تلك الصفات القيمة من الصبر والتحمل ، لقد كنا في محلة تسمى الشيخ رفيع ( دربونه الجلبي ) وهي صغيرة و لا يتعدى عدد دورها عن السبعة ولكن ما احلى جمال العيش والمحبة التي لا تقف عند حد معين من التعاطف والتكاتف وعلاقات التعايش المشترك  فيها ،كنا كأولاد اخوة ،والبنات ،اخوات ، والنساء امهاتنا ، تراضعنا معاً وكبرنا معاً وتحاببنا معاً ، حتى في زمن الاختلافات الفكرية والسياسية كان همنا واحد وطريقنا واحد رغم كل الاختلافات السياسية ،فترى فيهم القومي ، والشيوعي ، والاخواني ، والبعثي ، والوطني والمستقل ، والكادح ، لكن نحترم الجيرة ونلعب في نفس الفريق الكروي ونخرج للنزة معاً وهكذا، ومن هنا اود ان اذكر ذلك النموذج الرائع في التألف والمحبة والاحترام و واقعة اثرت ولازالت في نفسي رغم السنوات الطويلة التي مرت على تلك الحادثة المؤلمة ،هو يوم استشهاد احد ابناء المحلة من عائلة امام الدين الكريمة اثناء مشاركته في تظاهرات زيادة سعر البنزين ( فلس واحد )عام 1961 وهو من الكادر المتقدم في الحزب الشيوعي المناضل انور احمد امام الدين والمشهور في المنطقة  تحت اسم ( عادل ) حسب ما عرفنا عنه بعد استشهاده وهو من عائلة كريمة معروفة عندنا في " الدربونة " والمنطقة  عندما كان في اطلالة التظاهرة برصاص قوات الامن ،حيث تم اقامة مجلس للفاتحة على روحه حضرها كل ابناء المنطقة وشاركوا بالشكل الممكن للمساهمة في تخفيف الم الفراق والحزن والمشاركة مع العائلة في المواساة ، ولم نكن نعرف معنى للايديولوجيات والسياسات المختلفة التي كانت تطوق منطقتنا، حيث حضرها الماركسي والبعثي والقومي ومن حزب التحرير الاخواني وما اكثرهم في تلك المرحلة في المنطقة  ، ومعمموا الحضرة الكيلانية اصدقاء اخ الشهيد ومن نفس المدرسة حيث كان معمماً ويدرس الدروس الدينية ولم نسمع لهم خلاف في يوم ما رغم كل الاختلافات السياسية والفكرية بينهما واستغرقت المراسيم بدون انقطاع ولا خوف من رجال السلطة مدة سبعة ايام متتالية ،*اما النموذج في الصبروالقناعة في العيش الكريم  فقد كنا نعيش مع عائلة عزيز من مجموعة من خمسة اولاد وبنت واحد جاءت متأخر الولادة اواخر سنة 1961، والاب تتمثل فيه كل الطيبة والخلق والهدوء والرزانة والتدين وعرف بالزهد الوافر ، هي عائلة عبد السلام القبانجي ، شقيق مطرب المقام الاول في العراق والتاجر المعروف الاستاذ محمد القبانجي ، وكان الرجل يعيش على بيع الادوات السيارات والحديد المستهلكة للسيارات في شارع الشيخ عمر كنا تنحسس بكل معانته ولكن من يستطيع ويتجراء من ان يتكاشف معه ،ولا انكر من كون اخيه الاستاذ محمد القبانجي كان يأتي بعد ان علم ضيق يد اخيه ليمر في اوقات خاصة "  الظهاري"  ايام الحر  حيث يطمئن و يعرف عدم وجود اخيه في البيت وكان يطرق بابنا ليخرج عليه احدنا اليه ولاننا على علاقة وثيقة مع جميع افراد العائلة حيث تربينا سوية لسنوات وضقنا الحلو والمر وعاصرنا ازمانها و كان الاستاذ محمد القبانجي صديق الوالد والمعروف بكونه من رجال الخير واكثر من اهل بحكم  الثقة و( الميانة ) لنوصل اي امانة او اي وصية الى تلك العائلة المحترمة والعزيزة والملاصقة في السكن لدارنا دون ان يعرف العم عبد السلام بذلك رغم كل المعاناة ويذهب وهو ممتن بكل هدوء،ما يعني وحدة أبناء البشر وتساويهم في ارتباطهم بأحسن بالله. إنه ربّ جميع الناس. وليس لأحدٍ – بسبب طبيعته الإنسانيّة – علاقة خاصّة متميّزة به. ولا لأحدٍ معه قرابة. ليس إله شعب خاصّ أو قبيلة معيّنة، ولم يختر شعبًا معيّنًا ليكون ذلك الشعب سيّدًا والباقي عبيد. كلّ الناس أمام الله سواسية، وليس لأحدٍ عند الله كرامة خاصّة إلّا بالعمل الصالح، أي بالسعي والمثابرة على طريق خدمة الناس والعمل المؤدّية إلى سمّو الإنسان، يعني وحدة وانسجام حياة الإنسان ووجوده؛ فهي مركّبة من الذهن والواقع، من الفكر والعمل. وإذا خضع واحد من هذين الجانبين، بأجمعه أو بقسمٍ منه، أي إذا أصبح الذهن خالي من انا والواقع غير انساني ، أو أصبح الواقع اخوي والذهن بعيدًا عن هذا الواقع  حينئذٍ تظهر الازدواجيّة في حياة الإنسان، ويبرز الشرك والانحراف. يتبع
عبد الخالق الفلاح

161
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج10
حياتنا، ان طالت أم قصرت، لا تقاس بالسنين والأيام، ولكنها تقاس بما خلفت ورائها من تجارب فينا، وآثار ومأثر طيبة ، و قد لا تبدو عظيمة إبان حياتنا، ولكنها لا تلبث حتي تبين واضحة بعد ان يمضي بنا العمر، كالمصباح المضيء لا يعرف قدره، حتى ينطفئ سراجه، وترى ضيائه. هنا نتأسف لاننا لم نحسب فيه حساب ، والحقيقة هي مرتبطة بدوافع الأهداف وبمفهوم الانتاج والحياة وهي بحد ذاتها رحلة لاكتساب المعرفة والاستفادة منها.
 الماضي صفحة لا تُمزَق بمرورالزمن مهما ادعينا ذلك، أو حاولنا التظاهر به، والذاكرة لا تنسى، ولا يمكن محو ما مر عليها من أحداث لانها راسخة في طيات خلايا الدماغ وتقلبها الهواجس والانعطافات ، قد ننشغل بالحاضر أو يأخذنا المستقبل بعيدًا، لكننا ورغم الهِوة العظيمة بين ما نحن عليه الآن وما كنا فيه في الماضي، نسترجع أحداث وتخيلها واقعًا معيشًا؛ إذ الماضي هو الحاضر وهو المستقبل أيضًا ولا يلزم الاثنين ليكون الأول حقيقة إلا بمرور الوقت وتعاقب السنون والشهور والأيام.
على امتداد السنوات التي أعقبت تأسيس الدولة العراقية  ارتبط المجتمع بالدولة، فمع تأكيد الانتماء للدولة وصعود الوطنية العراقية، تصاعدت أيضاً المطالب بمزيد من الانفتاح في النظام السياسي ، فعبر اتساع المدن من جراء الهجرات من الريف و زيادة عدد الموظفين وتخرج شبان كثيرين من المدارس والجامعات وبروز القطاع الخاص، فتشكلت وكبرت طبقة وسطى نشطة وطموحاتها كانت تواقة للتعبير عن نفسها سياسياً  وأن تتواجد في العمل الوطني وتمثيل قيمه في النظام السياسي ومؤسساته. بالمقابل أمام الوعي الجماهيري فقد سعت الجهات الخارجية التي كانت تسيطر على رجال الدولة فاخذت تدفع نحو تقويض دور الجيش العراقي لأنه في الحقيقة كان منظمة عسكرية ذات عقيدة وطنية يتملكه الحس الوطني عند أفراده  والانتماء للقضايا المصيرية ، وذلك بسبب بنيته التأسيسية، حيث تأسس من مجموعة من الشخصيات الوطنية المعروفة بانتمائها والذي هو تنبيه الإنجليز لها و إلى حالة السخط والغليان بين صفوف الشعب والجيش بشكل خاص بعد الضربة الموجعة اثر احتلال العراق إبان الحرب العالمية الثانية في ثورة العشرين الكبرى و إسقاط الثورة الشعبية التحررية التي قام بها رشيد عالي الكيلاني عام 1941، و تنبهوا إلى ذلك وأجبروا الحكومة بضرورة تقليص وحدات الجيش العراقي، وتسريح أعداد كبيرة من ضباطه ومراتبه ونقل الضباط الآخرين إلى وحدات نائية، وإشغال أفراده بالتدريبات، طوال فصول العام. بدأت خلايا سرية من الضباط في العمل بين صفوف الجيش، ومحاولة التكتل لإنشاء تنظيم سري للضباط وعمل هذا التنظيم بصورة سرية تامة للإعداد للثورة وعلى تغيير واقع الحال ، فكانت ثورة 14 تموز عام 1958 التي سعت منذ البداية الى القيام بإصلاحات اجتماعية تامة بغية إصالح الواقع االجتماعي السيئ ممن وارثو من الحكم الملكي ، فكان إعلان الحكم الجمهوري والتغيير الجذري في فلسفة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتحول من نظام رجعي قائم على التبعية  للأجنبي إلى نظام وطني تقدمي وأسهم الشعب في خلقه  بعد الثورة.. وألغت الأبعاد الطائفية والعرقية من ممارسات الدولة الرسمية، ووضعت الأسس لإلغاء التمييز الطائفي في العراق، تلك السياسية التي مورست خلال الحكم العثماني واستمر عليها العهد الملكي وعملت الحكومة ما في وسعها من أجل نشر التعليم والثقافة بين أبناء الشعب، والنهوض بالمجتمع العراقي من خلال تحسين الاقتصاد وتوفير فرص العمل و سن قوانين الضمان االجتماعي ، كما سعت ايضاً إلى تطوير الوضع الصحي عن طريق بناء المستشفيات والمستوصفات، كما قامت بربط الريف بالمدينة عن طريق فتح طرق المواصلات البرية والسكك الحديدية في أغلب محافظات القطر، كما تم إيصال القوة الكهربائية والمائية إلى  الكثير من الارياف والقرى، كما أصدرت قانون الاحوال الشخصية و ّ تم التحول الجديد لبناء العلاقات الاجتماعية والعائلية على أسس متطورة ومتينة ضمنت فيها حقوق المرأة وأنشأت العديد من مشاريع الإسكان في المدن العراقية من أجل تغيير الواقع الاجتماعي الذي كان يعيشه أغلب أبناء الريف وأطراف المدن ، واننا ننظر الى إنجازات الثورة التي حققتها بالارتباط إلى ما تم من تحولات كبيرة في المجتمع العراقي وبقيت تأثيراتها رغم الانقلابات والتغييرات في نظام الحكم  قائمة حتى اليوم . يتبع
عبد الخالق الفلاح

162
باب الشيخ حافلة بالتاريخ.. ح9
========
إن ما حصل في العراق في واقع الأمر خلال السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية هو توسع الحركات والأحزاب السياسية التي تبلورت وحصلت الكثير من الانتفاضات والتظاهرات ، تقدّمتها والتي غلبت عليها السياسة  في طابعها، وكذلك شملت مفاصل أخرى تتعلّق بالهويّة، وتوزيع الدخل، والمجال العالم، وحريّة المرأة، والتصدي لثقافة السجون. وعلى الصعيد السياسي، هي تظاهرات لاستعادة السياسة التي احتكرها نظام الحكم الملكي  لنفسه للأعوام السابقة والمطالبة بتغيير تلك القوانين لصالح حرية المواطن  ؛ وفي هذا المفصل جرى تقنين المطالب ووضعها في قالب يسهل تحقيقه لصالح الحكومة و التي بدت صعبة التحقيق في البداية في اعطاء الحرية  لجميع الأحزاب في المشارِكة السلطة من العمل في أي عمليّة سياسيّة ، فضلًا عن إسقاط الشرعية على بعض الأحزاب  و تقصير العمليّة الانتخابية بقانون انتخابات بحسابات مهلهلة . و بفرض قوانين لا يضمن تمثيل جميع الفئات، ويسمح بوصول أفراد وأحزاب صغيرة إلى البرلمان لتمثيل فرضيات الحكم الملكي.ومن اهم الانتفاضات التي حدثت في بغداد هي عندما ، دخلت الملكية العراقية في مفاوضات سرية مع الحكومة البريطانية عام 1947. لم يتم إبلاغ الأطراف السياسية المختلفة في العراق بالمفاوضات وبدلاً من ذلك سُمع عنها في الراديو أو في الصحف في اليوم التالي ، على الرغم من أن اخبار المعاهدة أشعلت شرارة احتجاجات وثبة كانون، إلا أنه سرعان ما اتضح أن هناك عناصر من الاضطرابات تجاوزت معارضة المعاهدة . وكان من بين المشاركين في التظاهرات عمال وطلاب وفقراء المدن الذين يعيشون في ضواحي بغداد. نظمت الاحزاب العديد من الاحتجاجات لرفع الحدود الصارمة  على الحريات من المجتمع العراقي، والفقر المنتشر في المراكز الحضرية، وساهمت كل هذه العوامل المتزايدة في أحداث يناير 1948 واشتعلت لهيبها اعدام فهد مؤسس الحزب الشيوعي ورفاقه، "وهو أول إعدام سياسي ". في تاريخ العراق  بهدف إسقاط حكومة رئيس الوزراء سيد صالح جبر بعد توقيع معاهدة پورتسموث. و. من أهم شعارات تلك الأحزاب السياسية الرافضة للمعاهدة ( نوري السعيد القندرة وصالح جبر قيطانه ) وهذه الاحزاب هي: حزب الاستقلال، الذي يمثل أهم حزب عربي قومي، كان يرأسه الشيخ محمد مهدي كبه، وهو عميد أسرة 'بيت كبة' الشيعية العريقة (علماً أن مساعده الأقرب، هو صديق شنشل، كان سنياً، وهذا دليل آخر على ان هذا الموضوع لم يكن مطروحا أصلا ً) - والحزب الوطني الديمقراطي، برئاسة كامل الجادرجي، وحزب الأحرار وحزب الشعب وبتنسيق من الحزب الشيوعي العراقي، وهي أحزاب فيها خليط من اليسار واليمين والشيعة والسنة والمسيحيين وبعض اليهود، على السواء، دون أن تكون قضية التفرقة الطائفية أو الدينية مطروحة أصلا. تلك الأحزاب وقفت ضد إبرام المعاهدة وضد الحكومة، ودعت الجماهير إلى التظاهر لإسقاطهما؛ سميت بانتفاضة الجياع كما يعرفها المؤرخون بأنها ثورة الجياع. إلا أن معظم التظاهرات كانت عفوية، أكثر من أن تكون منظمة وموجهة سلفا. فجميع المظاهرات التي اشتركت فيها، لم تكن فيها قيادات واضحة منظِمة، بل كانت شبه فوضى تتحكم بها الآراء الشخصية الآنية. وبدأت الانتفاضة بمظاهرات سلمية سرعان ما تحولت إلى معارك بين الشعب والحكومة، ومنها: واقعة الكلية الطبية، معركة كلية الهندسة، معركة الجسر، ومعركة باب المعظم. وحدث في أثنائها عصيان عام أغلقت خلاله جميع المرافق العامة والخاصة. وسقط في هذه التظاهرات المئات من الطلبة والمواطنين العاديين، بين قتيل وجريح، نتيجة استخدام الذخيرة الحية من جانب شرطة النظام، ومن بين الضحايا الذين نعرفهم: قيس الألوسي وشمران علوان وجعفر الجواهري.وأطلق الجواهري العظيم قصيدة التي يقول فيها:
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ***بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً***وليس كآخَرَ يَسترحِمُ
يصيحُ على المُدْقِعينَ الجياع***أريقوا دماءكُمُ تُطعَموا
ويهْتِفُ بالنَّفَر المُهطِعين***أهينِوا لِئامكمُ تُكْرمَوا
                  **********
او قصيدة يوم الشهيد الذي يقول فيها:
يومَ الشهيد تحيةُ وســــــــــــلامُ.....بكَ والنضال تؤرخُ الأعـوامُ
بكَ والضحايا الغُرٍ يزهو شامخاً....عِلمُ الحساب, وتفخرُ الأرقامُ
بكَ يبعثُ الجيلُ المحتًمُ بعثُــــــهُ... وبِكَ القيامةُ للطغاةُ تُقــــــــامُ
يومَ الشهيد:طريقُ كل مناضــــلٍ...وَعْرُ, ولا نُصُبُ ولا اعــلامُ
يومَ الشهيد: بك النُفوس تفتًحـــت.. وَعياًكما تَتَفتحُ الأكمــــــــــامُ      
لقد طرحت قبل انتفاضة 1952 شعار إسقاط الملكية، بل كانت كل المطالب، رفض المعاهدة الجديدة والمطالبة بالغائها ، اسقاط حكومة صالح جبر التي وقعتها وحل مجلس النواب، جلاء القوات البريطانية عن العراق فورا، توفير لقمة العيش بأسعار معتدلة، تحقيق الحريات السياسية وإجازة الأحزاب والنقابات،وتطوير الاقتصاد الوطني ورفع البطالة والفقر ومن أجل التصنيع ...إلخ أولاً، وإيقاف محاولات جرّ العراق للأحلاف العسكرية الدولية ثانياً، خاصة وأن هذه الفترة قد شهدت طرح مشروع الشرق الأوسط من جانب الولايات المتحدة الأمريكية في سعي جاد لربط العراق بالقوى العسكرية الغربية. ولأول مرة ارتفع في الشارع العراقي شعار إسقاط النظام الملكي باعتباره المسؤول عن الأوضاع الداخلية المتردية، وعن توريط العراق بالسياسات البريطانية والدولية والحرب الباردة، إضافة إلى التدخل الفظ في شؤونه الداخلية. كما إن هذه الانتفاضة كسبت إليها جميع القوى السياسية العراقية، بما فيها الأحزاب البرجوازية والقومية واليسارية والشخصيات المستقلة، بل وتجاوبت معها بعض القوى الدينية، مثل المرجع الديني الشيعي محمد حسين كاشف الغطاء حين رفض اللقاء والحوار مع السفير الأمريكي في بحمدون/لبنان، متفقاً مع مطلب إبعاد العراق عن الأحلاف العسكرية الأجنبية. ثم أحداث انتفاضة شارع الكفاح عام 1953 والتي اشتركت فيها فئات من مختلف طبقات الشعب العراقي قدموا من مختلف المناطق واحتضنتها محلات شارع الكفاح واهالي باب الشيخ وفتحوا بيوتهم لابعادهم عن اعين رجال الامن من الاعتقال وحافظوا على حياتهم من الشرطة وكانت الجماهير تشدوا شعارات وطنية و ادت الى حرق مركز شرطة باب الشيخ من قبل الجماهير الغاضبة بعد الاعتداء عليهم من قبل رجال الشرطة ورجال الامن واعتقال عشرات من الشباب منهم الفتى عبد الامير خبانة الذي لم يكان قد تجاوز عمره 16 عام  بأتهام حرق مركز الشرطة.
 وقد دفعت هذه التظاهرات الشعبية الغاضبة بالضغط  لاجبار الحكومة الى احداث نوع من المرونة للمشاركة في الانتخابات و في عام 1954 جرت انتخابات المجلس النيابي وحصل 11 نائباً من قائمة الجبهة الوطنية على مقاعد نيابية من مجموع 135 نائباً. ولكن لم تستطع النخبة الحاكمة، وعلى رأسها نوري السعيد، إلأ بتزوير صناديق هؤلاء المرشحين في مناطقهم، كما لم تستطع تحمل وجودهم في المجلس النيابي، فُحل المجلس بإرادة ملكية وبطلب ملح ومباشر من نوري السعيد وفي هذه الأجواء الإرهابية التي مارسها الحكم أجرى نوري السعيد انتخابات المجلس النيابي للمرة الثانية وفاز بـ 123 مقعداً بالتزكية ودون منافس من القوى الوطنية من مجموع 135 نائباً، ولم يسمح لأي معارض ديمقراطي أن يرشح نفسه للانتخابات أو يصبح عضواً في هذا المجلس. وبهذا توفرت لنوري السعيد الفرصة الكبرى لفرض السياستين الداخلية والخارجية اللتين جاء من أجلهما. فأقر المجلس النيابي دخول العراق في حلف بغداد (السنتو) عام 1955 بمشاركة كل من تركيا وإيران وباكستان والعراق وبريطانيا وبتأييد كامل من الولايات المتحدة الأمريكية، كما كان قبل ذاك قد وقع على اتفاقية مع الأردن، وميثاق مع تركيا في 23/02/1955 والذي تحول إلى حلف بغداد في تشرين الثاني وفي هذا العام شكل نوري السعيد حكومة جديدة وأصدرت مراسيم استبدادية استثنائية ،ثم أعقبتها انتفاضة جماهيرية ضد الحكم الملكي بسبب أحداث مصر عام 1956.ان من اهم اسباب سقوط الحكم الملكي في  14 تموز عام 1958 هو خضوع العراق للهيمنة البريطانية وتحت انتدابها المباشر و إشرافها الكامل على سياساته الداخلية والخارجية، حتى بعد إلغاء الانتداب ودخول العراق عضواً في عصبة الأمم في عام 1932، لما فيه مصلحة بريطانيا إلى أبعد الحدود الممكنة. وقد استمرت هذه الحالة حتى سقوط هذا النظام الملكي عام التي دفعت الى ثورة 14 تموز عام 1958 بقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم والضباط الأحرار...يتبع
عبد الخالق الفلاح

163
أدب / باب الشيخ وخبز وامي
« في: 21:20 14/05/2021  »

باب الشيخ وخبز وامي


عبد الستار ياره الفلاح


مررت بشوارع المدينة المهجورة
كانت هي مدينتي, مدينتنا, صغارا كنا
اليوم, وبيوتاتها خربة, كالزمن الحاضر
أبوابها, يوم كانت مفتوحة لطفولتنا,
نلعب امامها, نقفز معا فرحين.
اليوم لم يبقى لجدرانها غير بقايا خراب
الشبابيك , يوم كانت ملتقى لاحاديث,
 نسمع صدا المذياع, ربما قصص الجيران
كنا اهلا تجمعنا حاديث الحياة ,دفئها.
فقراء كنا, نأكل من نفس الصحون
نتبادلها في المساءات.
خبز امي اوله للاطفال ينتظرون خلف جدران السطوح
ترى رؤوسهم فقط و تسمع صدى ندائاتهم
; بيبي حنونه;
خبزها لذيذا, حارا كقلبها الطيب الحنين
نأخذ حصصنا,لنبتعد , نعود الى البوابات
لنشارك بعضنا اللعب ، ختيله, نختبئ في الحاره
أطفالا كنا وما زلنا أطفالا نحلم تلك الايام
نعيش موسيقاها, كلماتها, نغني لحن الحياة
في رمضان نطرق الأبواب مساءا
; ماجينه يا ماجينه, حل الكيس و انطينه
تنطونه لو ننطيكم, بيت مكة يوديكم
تنطونه كل ما جنيه;
اليوم لم يبقى منها شيئا
من خبز الماضي, من بيوتها  و بواباتها
من ناسها.
بالأمس جمعت نفسي ادخل احدى بواباتها
رايت ما تبقى من مهد طفل, كان مهشما
أخافت جيش الهمج في ارادوها ان تكون حطاما
خوفا من خيالات طفوله, كبرت باحضان امهاتها
ارادوا محي صورتها في ذاكرتنا المتعبة من الزمن الثقيل
لم يكن لي القدرة على الصراخ حينه
سجدتُ على الأرض لأشم رائحة التراب
لكنها ممزوجة بدماء ضحايا النهر الجارف
من دماء القتلى في حروب الموت,
جسدي يغلي من الغضب
شفاهي يبست
من وحشية المشاهد الغريبة
يومها كانت بيوتاتنا
ايضا مكان ولادتي
شاهد الزمن لجرائم حكامها
أرادوا ان يكونوا جبابرة
غدوا جرذان في أقبية مظلمة
سجناء أحلامهم
يدفعون  الحالمين الى حروب الموت
يتركوا الموتى في الطرقات
في خبايا الصحراء, تكتب اسمائهم ; غير معروف;
يوم كانت مدينتنا يوما مرتعا
للعلم و المعرفة, للكتابه و الحرف الأبجدي
كنا يومها شباب حالمين, نتخرج لخدمة الوطن
صارت  مكان ضياع, منها تشم رائحه القنابل, البارود العفن
ناسها, شغف من أجل البقاء
انه عراق الامس
انه عراق هذا اليوم
تعيش الفساد كأنه, هوية الإخلاص والانتماء
توزع أشلاء قتلى التظاهرات,
تسكت من ينطق حرفا ضد تخلف حكام اليوم
الموت خطفا, مهنة صناع القرار
تحميهم جيوش مجرمين, تعلموا الموت كمهنة
انهم حكام عراق اليوم

164

باب الشيخ حافلة بالتاريخ.. ح 8
لقد بدأت تظهر في العراق امتدادات لأحزاب وجمعيات سياسية نشأت قبل الحرب العالمية الاولى في الآستانة أو في مصر أو بيروت ودمشق مثل جمعية العهد وجمعية الإصلاح وجمعية العربية الفتاة، وكان روادها من العسكريين والسياسيين والطلاب العراقيين الذي كانوا على صلة بالدولة العثمانية والبلاد العربية المجاورة وأوروبا مثل نوري السعيد وجميل المدفعي وطه الهاشمي وعبد الله الدليمي وشريف الفاروقي من الضباط، وكان من القوميين العرب السياسيين والمثقفين ياسين الهاشمي ومولود مخلص وداود الجلبي. ومن هذه التجمعات "العلم" التي تشكلت عام 1914 والتي اندمجت بحزب العهد عام 1916، وجمعية الإصلاح التي كان يرعاه يوسف السويدي والذي كان معارضا لحكم الاتحاد والترقي واعتقل ونفي إلى خارج العراق.
اما في العهد الملكي وبعد تاسيس الدولة العراقية فقد ظهرت البعض من الاحزاب بشكل علني  في البداية بموجب قانون الأحزاب الذي صدر عام 1922 وكان أهم هذه الأحزاب: الحزب الوطني برئاسة محمد جعفر أبو الثمن، وحزب النهضة برئاسة أمين الجرجفجي، وحزب الحرية برئاسة محمود النقيب وهوالشخصيات التي كانت تسكن في منطقة باب الشيخ، وحزب الأمة برئاسة ياسين الهاشمي .لقيت الأحزاب حرية في العمل في البداية في إصدار الصحف وترحيبا حكوميا وشاركت في العلمية السياسية والبرلمانية، ولم تكن جميعها مستمدة من الواقع العراقي، وإنما كانت امتدادا لتيارات فكرية وسياسية من شتى البلدان، وأسهم في ذلك الطلاب الذين كانوا يدرسون في الجامعات في البلاد العربية والأوروبية.وعندما بدأت الحياة البرلمانية عام 1924 بدأت تقوم أحزاب على أساس السعي للأغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومات أو الائتلافات الحزبية الحاكمة، فتكونت أحزاب تقودها شخصيات سياسية نافذة في الحكم مثل حزب الشعب برئاسة ياسين الهاشمي، وحزب التقدم برئاسة عبد المحسن السعدون، وحزب العهد برئاسة نوري السعيد.
وقامت أحزاب معارضة مثل الحزب الوطني العراقي الذي كان يصدر صحيفة "صدى الاستقلال" ومن قادته محمد جعفر أبو الثمن ومحمد صدر الدين ومحمد الكاظمي وعبد الحسين الجلبي، وقد تعرض قادة هذا الحزب للنفي والاعتقال. ومن أحزاب المعارضة كذلك حزب النهضة برئاسة أمين الجرجفجي، وكان يصدر صحيفة "النهضة" ويرأس تحريرها أمين الخزار، ثم صحيفة "صوت العراق" وكان يحررها مزاحم الباجه جي. ومن هذه الأحزاب أيضا حزب الإخاء الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني.
في عام 1927م تشكلت المجموعة الماركسية الأولى في البصرة، وفي عام 1928 تكونت خلية أخرى في الناصرية، وأصدرت هذه الخلية منشوراً في كانون أول (ديسمبر) عام 1932م بخط يد يوسف سلمان يوسف (فهد) بعنوان "يا عمال وفلاحي البلاد العربية اتحدوا" وقد عالج المنشور الوضع السياسي في البلاد والهيمنة البريطانية. وفي 31 آذار (مارس) 1934م انعقد في بغداد المؤتمر التأسيسي الأول للماركسيين العراقيين حضره كل المتعاطفين مع الفكر الشيوعي وأعلنوا في ختامه توحيد منظماتهم تحت إسم (لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار) وانتخبت أول لجنة مركزية، وفي العام 1935م، اتخذت اللجنة المركزية قراراً بإعلان اسم (الحزب الشيوعي العراقي) بدلاً من الإسم السابق . وقد تلقى الحزب لضربة قوية من قبل الحكومة العراقية في عام 1937م، شملت اعتقال قادة الحزب ومعظم كوادره، كما فضلَ البعض الإنسحاب من العمل الحزبي وتقديم البراءة من الشيوعية، ظن جميع المراقبين أن الشيوعية في العراق قد إنتهت وأن الحزب الشيوعي لن تقوم له قائمة في العراق بعد، لكن الأمور تغيرت بعد عودة (فهد) إلى العراق في 30 كانون الثاني (يناير) 1938م الذي أمضى الأشهر الستة الأولى من عودته متنقلا بين مدن وقصبات العراق ليتعرف بنفسه على الأوضاع الاجتماعية والسياسية ودراستها،
وفي عام 1939م فوجئت السلطات العراقية بإستعادة الحزب الشيوعي العراقي عافيته وعاد للظهور كمنظمة سياسية راعية للطبقة العاملة العراقية من خِلال إصدار منشور حدد فيه مطالب الشعب كان من أبرزها حقه في تشكيل النقابات العمالية والأحزاب السياسية، ثم عزز الحزب من حضوره من خلال إصدار جريدة " الشرارة " في كانون الثاني (يناير) من عام 1940م.
ونشأت أحزاب كردية مثل هيو (الأمل) وقد تأسس عام 1937 بمبادرة من بعض المثقفين والضباط الأكراد، ومن قادته مصطفى العزيري ويونس رؤوف، وكان يصدر صحيفة آزادي (الحرية)، وتم تأسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني وهو حزب قومي ليبرالي وأحد الأحزاب الكردية الرئيسية المناضلة في العراق في 16 آب عام 1946 بقيادة مصطفى  البارزاني، في البداية كان اسم الحزب هو (الحزب الديمقراطي الكردي) ولكن في المؤتمر الثالث بتاريخ 26/1/1953 المنعقدة في مدينة كركوك، تقرر تغيير الاسم إلى (الحزب الديمقراطي الكوردستاني) وكان الحزب منذ نشوئه عام 1946 إلى التسعينيات يدعوا إلى الحكم الذاتي لأكراد العراق والديمقراطية للعراق ويكثر أتباعه في منطقة أربيل ودهوك في النصف الشمالي من كردستان العراق وله مكاتب وفروع  واتباع في اكثر المحافظات العراقية و قاد الحزب الحركات المسلحة ضد السلطات المركزية في بغداد منذ تأسيسه، وهو لا يخفي رغبته في تأسيس دولة كردية في نهاية المطاف لكنه يقبل حاليا بالبقاء ضمن عراق فدرالي تكون فيه كردستان إقليم شبه مستقل بصلاحيات واسعة، وللحزب علاقات جيدة مع تركيا والولايات المتحدة والدول الغربية إلا أن علاقاته مع إيران ليست على ما يرام غالبا. "الأحزاب الكردية العراقية ترجع إلى الأربعينيات من القرن الماضي وقد وصلت في مطالبها إلى الفيدرالية ضمن حدود العراق"
وقد تبلورت الحياة السياسية والحزبية بعد الحرب العالمية الثانية في تيارين:
1-التيار المحافظ ويعبر عنه حزب الحكم "الاتحاد الدستوري" بقيادة نوري السعيد ومنافسه حزب الأمة الاشتراكي الذي كان يرعاه الأمير عبد الإله بن علي الوصي على العرش.
2-التيار التحديثي من جميع الاتجاهات والأحزاب والأفكار ومنهم القوميون (حزب الاستقلال، والبعث، والأحزاب الكردية) والاشتراكيون والماركسيون
أسس ـ الحزب الوطني الديمقراطي (1946م)،وترأسه كامل الجادرجي إلى أن تم حل الحزب عام 1961م. ساهم هذا الحزب في العمل السياسي في العراق خلال العهد الملكي بكونه من أوائل الأحزاب في العراق الحديث إلى جانب حزب الاستقلال، ورغـم أن فلسـفة مؤسسيه كانت ديمقراطية اشتراكية معتدلـة لكن الحزب لم يتطرق بشكل مباشر إلى الاشتراكية ، تحاشياً لإعتباره حزباً شيوعياً ، ومما يؤشر على الحزب الوطني الديمقراطي أنه كان متسقاً مع قضايا التيارات العربية القومية بذلك الوقت كقضايا التحرر والاستقلال والوحدة.
اما نشأة حزب البعث في العراق فكان في أوائل الخمسينيات امتدادا للحزب الذي نشأ في سورية في الأربعينيات على يد طلاب سوريين يدرسون في العراق من أبناء لواء الإسكندرونة، مثل: فايز إسماعيل، وأدهم مصطفى، وكان من أوائل البعثيين العراقيين عبد الرحمن الضامن وتوفيق القيسي وفؤاد الركابي وشفيق عبد الجبار الكمالي وعبد الخالق الخضيري وسعدون حمادي الذي كان يدرس في الجامعة الأمريكية في بيروت وسعاد خليل.
وقد بدأ الحزب عمله المنظم عام 1952 وبدأ ينتشر في المحافظات، وفي عام 1953 شكلت قيادة قطرية ضمت فؤاد الركابي (أمين السر) وفخري ياسين قدروي وجعفر قاسم حمودي وشمس الدين كاظم ومحمد سعيد الأسود، وانتظم مع الحزب طلبة عرب كان ينسق أعمالهم مكتب الطلبة العرب في الحزب عام 1954، ومن بين الطلاب الذين كانوا في الحزب عبد الرحمن منيف (الروائي السعودي) وسليمان القضاة نقيب الصحفيين الأردنيين ورئيس تحرير صحيفة الرأي اليومية. وأنشأ الحزب تنظيما عسكريا وكان من ضباط الحزب علاء الجنابي وسالم السعدي.
ويقال ان عبد السلام عارف شكل جبهة من الأحزاب القومية سميت "الاتحاد الاشتراكي العربي" شارك فيها من الأحزاب القومية الحزب العربي الاشتراكي و الوحدويون الاشتراكيون وحزب الاستقلال وحركة القوميين العرب وشخصيات مستقلة مثل عبد العزيز الدوري (وكان رئيس جامعة بغداد) وعبد الهادي الراوي، وقد حلت الأحزاب نفسها واندمجت في التنظيم الجديد،ثم قامت مجموعة من الاتحاد بتشكيل مجموعة سرية كانت تعتقد أن عبد السلام عارف يريد السيطرة على الحزب والانفراد به ولم يكن يقبل شراكة معه، ومن قادة هذه المجموعة خير الدين حسيب وفراد الركابي وأديب الجادر، وسمي هذا التنظيم "الحركة العربية الاشتراكية"،ثم شكلت مجموعة أخرى حزب الوحدة العربية ومن قادته صبحي عبد الحميد وخالد علي الصالح، وكان هذا الحزب قائما على مجموعة تركت الحركة العربية الاشتراكية....يتبع

165
باب الشيخ حافلة بالتاريخ.. ح 7
بما ان منطقة  باب الشيخ هي من المناطق المهمة في القرار السياسي وكان لها دور مهم في صيغة الدولة من خلال بعض شخصياتها  المؤثرة في وضع لبناتها  فيجب ان نلقي نظرة تاريخية  وبشكل موجز عن مراحل التاريخ السياسي للعراق بعد تأسيس الدولة العراقية ،فما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها حتى بات العراق تحت الانتداب البريطاني، وذلك بقرار من مؤتمر الحلفاء في "سان ريمو" 25/نيسان/1920 ،الذي قضى بوضع العراق وفلسطين تحت الانتداب البريطاني، أما سوريا ولبنان فأمست تحت الانتداب الفرنسي.هذا القرار ومضامينه السياسية سبب صدمة للعراقيين الذين كانوا يأملون بالاستقلال ،ولما خاب أملهم به ، بادروا بالدفاع عن حقوقهم المشروعة من خلال المطالبات السلمية والانتفاضات المسلحة التي أطلق عليها  ثورة العشرين التي عمت الكثير من مناطق العراق  وساهم الغزو البريطاني للعراق 1914-1917 في تعزيز الشعور الوطني للعراقيين من خلال المساهمة الفعالة في أعمال المقاومة للغزو الإنكليزي، عندما التحمت عشائر الفرات مع القيادات الدينية الشيعية في محاربة الجيوش الزاحفة نحو بغداد. وقد التحمت معها في عدة معارك ، وساهمت قوات المجاهدين في تأخير سقوط بغداد ثلاث سنوات.وبَعْدَ أَنْ عُقِدَ مُؤْتَمَرُ الْقَاهِرَةُ عَامَ 1920 م عَلَى أَثَرِ تلك الثَوْرَةِ الشعبية العارمة والتي تحول الشعب العراقي فيها إلى نقمة ثورية  ضد المحتل الانكليزي وبادروا إلى تشكيل جمعيات تطالب بالاستقلال، مثل حرس الاستقلال وجمعية العهد، اللتين تأسستا عام 1919م. ثم تطورت الأمور على شكل ثورة عارمة أثر استياء الشعب العراقي وغضبه مما دفعه  للثورة  و شملت معظم المدن العراقية وكانت للمرجعية الشيعية  الدور الكبيرفي تحريك الأجواء وقيادة الثورة مع مشاركة العديد من الأطراف السنة  للتخلص من الاحتلال ونيل الاستقلال منّ الْاحْتِلَالِ الْبَرِيطَانِيِّ وَضِدَّ سِيَاسَةِ تَهْنِيدِ الْعِرَاقِ الذي يعله ولاية من ولاياتها مثل الهند ، وأَصْدَرَ الْمَنْدُوبُ السَّامِيِّ الْبَرِيطَانِيِّ بيرسي كوكس مجبراً بعد ذلك الضغط الجماهيري الإصدار أَوَامِرَهُ بِتَشْكِيلِ حُكُومَةٍ وَطَنِيَّةٍ عِرَاقِيَّةٍ انْتِقَالِيَّةٍ بِرِئَاسَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكيلَانِيِّ النَّقِيبِ الذي كان من سكان منطقة باب الشيخ ولازال بيته في المنطقة قريب من رأس الساقية رغم هذه السنوات في مكانه ولكن البيت هو بعيد عن الصيانة كمعلم تاريخي يجب ان يبقى تحت رحمة الحكومة للعناية به قبل ان تتساقط  اخر حجراته ، وَتم تَشْكِيلِ الْمَجْلِسِ التَّأْسِيسِيِّ الَّذِي تَوَلَّىمِنْ ضِمْنِ الْعَدِيدِ مِنَ الْمَهَامِ التي تم بموجبها انْتِخَابَ مَلِكٍ عَلَى عَرْشِ الْعِرَاقِ، وَتَشْكِيلَ الْوِزَارَاتِ وَالْمُؤَسَّسَاتِ وَالدَّوَائِرِالْعِرَاقِيَّةِ ، وَاخْتِيَارَ السَّاسَةِ الْعِرَاقِيِّينَ لِتَوَلِّي الْمَهَامِّ الْحُكُومِيِّةِ. تَمَّ وَضْعُ مُسْتَشَارٍ إنكليزي بِجَانِبِ كُلِّ وَزِيرٍ وَأَعْلَنَتْ بَرِيطَانِيَا عَنْ رَغْبَتِهَا فِي إِقَامَةِ مَلَكِيَّةٍ عراقية، حَيْثُ رَشَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْ خِلَالِ مَجْلِسِهِمُ التَّأْسِيسِيِّ الْأَمِيرَ فَيْصَل بْنَ الشَّرِيفِ حُسَيْنٍ مَلِكَاً عَلَى الْعِرَاقِ، فِي 23 آب (أغسطس) م 1921   وتمكن من ان يحصل على تأييد عارم من الشعب العراقي ليكون ملكا على البلاد و اضطر إثرها لتوقيع اتفاقيات امتياز مع الإنكليز .مرت المملكة العراقية بظروف موضوعية قاهرة منذ تأسيسها جراء النشأة الفتية للدولة والقوى الدولية الطامحة للسيطرة على مقدراتها والهيمنة على سياساتها وعلى رأسها بريطانيا . منذ البداية انشطرت مراكز القوى السياسية إلى تيارين مختلفين في التوجهات والتي تمثل اللاعب الرئيسي في المسرح السياسي فهنالك طبقة النخبة الوطنية التي لعبت دوراً في تأسيس الدولة العراقية من السياسيين والضباط المنتمين للجمعيات السرية التي كانت تنادي باستقلال العراق عن الدولة العثمانية وبعد إِجْرَاءِ الْانْتِخَابَاتِ  فِي الْمَجْلِسِ كَانَتْ نَتِيجَتُهَا 95% لِفَيْصَل ليكون ملك على العراق ،وَأَجْبَرَتْ بَرِيطَانِيَا فَيْصَل عَلَى تَوْقِيعِ مُعَاهَدَةٍ مَعَهَا فِي 10 تِشْرِينَ الْأَوَّل (أُكْتُوْبَر) 1922 م، تَضَمَّنَتْ بَعْضَ أُسُسَ الْانْتِدَابِ الْبَرِيطَانِيِّ، ومن هنا بدأت مرحلة التعاون بين السياسيين العراقيين ومن وجهاء وشيوخ قبائل إقطاعيين اصحاب اراضي زراعية  للتعاون مع السلطة المحتلة  في خلق نظام سياسي جديد يحكم العراق بصورة مختلفة عن وضعه السابق وتشريع القوانين والمشاريع السياسية ، وتطبيق نظام قانوني برلماني وتأليف حكومة تؤمن احتياجات البلد، وبالفعل تشكل النظام السياسي الذي يحكم المرحلة تلك ليقود البلاد نحو مرحلة جديدة من تاريخه. صدرت الإرادة الملكية في 19 أكتوبر 1922م بتشكيل المجلس التأسيسي ليقر تأسيس الوزارات والمؤسسات الحكومية وصياغة دستور المملكة ، وقانون انتخاب مجلس النواب، والمعاهدة العراقية البريطانية. واختير عبد الرحمن النقيب الكيلاني أول رئيس وزراء في المملكة العراقية الذي أخذ تعهد من الإنجليز بعدم الاعتداء على اي عراقي كان ذلك في عام 1917 بعد ان شكل وفداً لمقابلتهم  ،ثم خلفه الشخصية الوطنية عبد المحسن بيك السعدون, كما سمح الملك فيصل بإنشاء الأحزاب السياسية على النمط الأوروبي في عام 1922 م.في عام 1924 تم التصديق على معاهدة 1922 م التي تؤمن استقلال العراق ودخوله عصبة الأمم وحسم مشكلة الموصل وقد مرت المملكة العراقية بظروف سياسية قاهرة منذ تأسيسها جراء النشأة الفتية للدولة والقوى الدولية الطامحة للسيطرة على مقدراتها والهيمنة على سياساتها وعلى رأسها بريطانيا و على الصراع السياسي المركبة  على التناقض الفكري بين مراكز القوى المنشطرة إلى تيارين مختلفين في التوجهات والتي تمثل اللاعب الرئيس في المسرح السياسي فهناك طبقة النخبة العراقية التي لعبت دوراً في تأسيس الدولة العراقية من السياسيين والضباط المنتمين للجمعيات السرية التي كانت تنادي باستقلال العراق عن الدولة العثمانية كون ارتباطه مع الولايات العربية الأخرى أكثر من ارتباطاً مع الدولة التركية كما عملت هذه التيارات على استقلال العراق عن السياسة البريطانية وهيمنتها على مصالحه الاقتصادية والمعارضين لها من أعضاء المجلس التأسيسي ورئيسه عبد الرحمن النقيب الذي اصبح اول رئيس وزراء للعراق فيما عرف بالحكومة الانتقالية ، ومن زعماء هذا التيار تحت تأييد الملك فيصل الاول والملك غازي وعبد الرحمن النقيب وعبد المحسن السعدون ورشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي وطه الهاشمي وغيرهم . أما التيار الأخر فيتمثل بمجموعة اخرى من السياسيين والضباط الذين يرون بضرورة ارتباط العراق ببريطانيا وشجعوا هيمنتها على اقتصاده وسياسته وهم مجموعة الساسة والضباط المتأثرين بالمندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس وممثلة المصالح البريطانية في العراقية مس بيل مستشارة ملوك الصحراء وهي امرأة بريطانية وضعت بصماتها على الخطوط الحمر للخارطة العراقية الحديثة في إطار الخارطة الكبرى للشرق الأوسط، وصنعت أول ملوك البلاد والتي غابت عن الذاكرة العربية الجمعية لعقود طويلة "، على عكس الإصدار الذكوري منها لورانس العرب، وذلك على الرغم من أنها كانت أهم امرأة في منظومة الاستعمار البريطاني وفي المنطقة العربية في تلك الفترة، حيث كانت أحد الخبراء الـ39 الذين دعاهم وينستون تشرتشل لمؤتمر القاهرة عام 1921 للتشاور معهم حول مخطط  تقسيم الشرق الأوسط في فترة انهيار الإمبراطورية العثمانية، ورسم حدود الدول القومية في المنطقة..والتي لعبت دوراً كبيراً في رسم السياسة العراقية وتتويج الملك فيصل الاول على عرش العراق " والتي ماتت ولم تبلغ الرابعة والخمسين عاماً، في ظروف غامضة، وبلا مبررات مقنعة، وجدت صانعة الملوك المنسية مسجاة على سريرها في بغداد مفارقة الحياة عام 1926،كان  لهذه الشخصية السياسية تجربتان عاطفيتان فاشلتان مرّت بهما بيل سابقًا. الأولى عندما كان عمرها 24 عامًا، تقدّم لخطبتها دبلوماسي شابّ ولكن والدها الغنيّ رفضَه بحجة عدم التكافؤ واضطرت هي لإنهاء العلاقة. تجربتها الثانية كانت عميقة ومأساوية وتركت تأثرًا كبيرًا عليها ، فقد وقعت في حب العقيد تشارلز دوتي ويلز الذي سلب عقلها. وقد قيل الكثير عن الموت الدراماتيكي لها، ومن بين ما قيل، أنها تناولت حفنة من الأقراص المنومة لتنهي حياتها الحافلة.. ولكن لماذا؟ هذا هو السؤال الذي لم يجب عليه أحد حتى الآن" ، ومن زعماء التيار المؤيد لبريطانية  و الذي لاقى تأييد من الوصي على العرش الامير عبد الاله هم نوري السعيد و صالح جبر وناجي شوكت وغيرهم. لقد مثلت الحقبة الاولى... او المملكة العراقية الأولى بزعامة الملك فيصل الاول وغازي الأول بكونها فترة تأسيس الدولة العراقية وبناها التحتية وتميزت بالنزعة الوطنية والطموح لبناء دولة تستضيف عاصمة الخلافة بعد سقوطها في تركيا متنافسة مع الاسرة العلوية في مصر والاسرة السعودية في الحجاز ومن أهداف هذه الدولة اعادة الوحدة مع الولايات العربية المنفصلة  عن الدولة العثمانية والتي تشكلت منها دولا حديثة  ناقصة الاستقلال وقد عرف عن الملك فيصل الاول برجاحة عقلة ودبلوماسي تهو ابتعاده عن المواقف الحادة في سياسته الداخلية والخارجية خصوصا مع الانكليز إلا أن توجهات الملك غازي الاول 1933 – 1939 الوطنية والاكثر صرامة ومن ثم وزارة رشيد عالي الكيلاني باشا والضباط الأربعة عام 1941 المناهضة للمد البريطاني كان لها الأثر والصدى لدى الشارع العراقي الذي أصيب بإحباط  كبير عند دخول الجيش البريطاني وإسقاط الحكومة بغية تنفيذ استراتيجيات الحرب العالمية الثانية في العراق والمنطقة..يتبع
 

166
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ح6

اهالي باب الشيخ هم أمة مختلطة الاصول و توالوا على السكن في هذه المنطقة ولكنهم تعلقوا ببعض وحتى في ذروة فترة التجانس سعى اليها الناس من بقاع متنوعة للدراسة ، التجارة ، والسكن ،لقربها من مركز القرار ولا يمكن التمييز بين مختلف افرادها ، رغم أنهم كانوا يتحدثون لغات عديدة ...لكنهم اكثر حباً بمنطقتهم ، وعدم الاكتراث بأن طار وازدادو تعلقاً بالجيران والاعتزاز بهم ، وكانوا ينتفضون معاً اذا شعروا بالظلم  او مع اول انتقاص لكرامتهم ويستعدون بكل قادم اليهم و يكلفون أنفسهم باستضافة الجار الجديد على أساس الواجب والكرم الذي يتميز به الإنسان العراقي لمدة ثلاثة أيام اكراماً،
ومن  أهم العوائل المعروفة والأسر التي سكنت المنطقة هي: بيت البطارية . الكيلاني . الجلبي .الحيالي . الغرابي . النعيم. المشاهدة . بيت ياره. إل التكرلي . الدركزلي . ألونه . إل الشيخ قادر .إل الجادر . الكيارة . ال يعقوب .النقشلي . إل السكوتي . إل ملوكي . إل الوطني . إل وريد . إل شنشل . الرحبي . الجاووش . إل دله . الخطيب . القيسي . السويدي . الطبقجلي . الوتار . الآلوسي . بيت أبو الهوى . الهاشمي . ألدروبي . بيت أبو الأزر .بيت ابو خمرة. بيت مصطفى سليم . الجاف . النقشبندي . بيت الدوحي .قرة علي . الجنابي .العزة . طبانة . البياتي . البو باز . البو نيسان . الشمري . الربيعي . البستاني . الجبوري . علو . الزيدي . إل عوينه . الجميلي . الكبيسي . الطرفة . بيت باكو . بيت ريشان . وعائلة الشاعرة نازك الملائكة في الصدرية . وبيت فرمان . بيت ساعد .بيت فرزلي . بيت ملا نزر . بيت المعدان . بيت الحاج احمد الأحمدي .بيت أبو اللبة.  إل وادي . البرزنجية . الصميدعي . إل واوي . العساكره الرفاعية . الادهمي . الواعظ . إل غلام . العبوسي . الخضيري . إل الطيار . القبطان . البكري
ومن الأدباء : الشاعر عبد الوهاب البياتي , الشاعر الشعبي احمد جميل الشيخلي ,الشاعرة نازك الملائكة , القاص غائب طعمة فرمان . السيد إبراهيم الدروبي. الأديب والمناضل حسين الجاف. الشاعر الشعبي حافظ داؤد ألعبوسي ومن الخطاطين الخطاط مامي في فضوة عرب
ومن قراء القرآن والأذكار : عبد الستار الطيار اشتهر في المجالس النبوية، حمزة السعداوي كان يشارك في المناقب النبوية . عبد الرحمن خضر،مطرب المقام يوسف عمر . الحافظ مهدي . الحافظ صلاح الدين . الحاج عبد الرحمن توفيق . ملا علي العامري , سعيد حسين القلقالي وكان يعمل كاتب في المحكمة الشرعية في شارع النهر . الحافظ خليل إسماعيل .الحاج محمد الملقب (ملا مامي الكوردي) من المؤذنين المعروفين في الحضرة القادرية . الحاج ملا أموري ( أبو أحلام).الحاج احمد ملا رحيم ،الحاج شيخ القراء محمود عبد الوهاب . نجم الدين الشيخلي .ملا خالد الشيخلي وعشرات اخرون كانوا اكثرهم من فاقدي البصر ويلتقون في مقهى (مكون من بضع مقاعد  قنفات ومناضد غالباً ما تكون عليها اللعاب مثل الدومينو والطاولي أو يجري سباق الديوكة  في البعض الآخر منها  وفيها النرگيلة ويستفاد فيها من منقلة الفحم او النفط او الأوجاق حيث يوضع  " القوري " الأواني التي يتم فيها تخدير او لعمل الشاي عليها وتصب في الاستكانات ثم توزع على الحاضرين  ) يجلسون فيها أوقات الكسلات من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، وتظل المقاهي مفتوحة الى ساعة متاخرة من الليل”، و يشربون الشاي والحامض خاصة بهم يجتمعون فيها ويجيدون لعب (  الدومينو ) والمقاهي التي تحيط أطراف الحضرة الكيلانية كثيرة مثال قهوة صالح وقهوة عمو يحيى وقهوة النبكة وقهوة ابراهيم.
كانت المنطقة تحتوي على التكيات أو الزوايا الصوفية المعروفة حيث كانت تمارس فيها الأذكار المحمدية  والدروشة  : التكية القادرية في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني, تكية أبو خمره (شيدت سنة ( 1112 هجرية – 1700 ميلادي ) التي كان يحضر فيها بشكل دائم المجرم عزت الدوري , تكية إل شيخ الحلقة , تكية الشيخ علي البندنيجي او( المندلاوي ) , التكية البرزنجية , تكية عرب للسادة الغرابية. , تكية الشيخ حسن الطيار.
المختارون :بيت مصطفى سليم مختاروا رأس الساقية ،بيت مصطفى إل غلام مختاروا الصدرية . هاشم مختار باب الشيخ وكانت له غرفة " يبيع فيها مادة السويگة يضعها في صينة والتي تشبة التبغ ويضعها الذين يستفيدون منها في فمهم بين الاسنان والشفة وهي تعتبر من المواد المنعشة البسيطة ". ناجي المختار عن المربعة .حجي علي الدركزلي مختار عقد الأكراد . عبد اللطيف مختار قهوة شكر...
من اشهر المخابز في باب الشيخ مخبز يوسف الذي اشتهر بخبز كما كان يسمى ( الاعاشة) والاعاشة هي دائرة حكومية الغاية من تأسيسها مساعد الفقراء وقليلي الدخل وكانت تجهز بعض المخابز بالطحين من أجل بيعها بأسعار زهيدة نسبتاً مع قيمة الخير الذي كان يباع في المخابز الاخرى ويبدأ العمل فيها بأوقات مبكرة حيث تزدحم بالمشترين  من اجل اقتناء هذه المادة الضرورية  ومن المفارقات هي الزيارات المتتابعة والميدانية المتكررة لرئيس الوزراء للزعيم عبد الكريم قاسم للاطلاع عن كثب لهذا المخبز والمخابز الاخرى لحماية حقوق المواطن ويشارك عامة الناس في اقتناء الخبز من هذه المخبز وبصورة دائمة لنفسه ومن معه .
عبد الخالق الفلاح

167
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ح5
لقد تحدثنا عن سمات الناس الذين سكنوا منطقة باب الشيخ وحول الطبقات التي عاشت وتداخلت بالوضع المعيشة وكانت البيوت اغلبها شرقية وتدخل لها عن طريق  المجاز (الممر الذي يدخلك إلى البيت ) يأتي صحن البيت او الحيات او (الحوش)  وتتناثر حوله ألغرف ومنهاغرفه ألإستقبال التي هي غالباً ما تكون قريبة من باب الخروج او ممر الخروج ( المجاز)ثم ألسرداب العمق تحت الأرض وبه ( ألبادكير) وهو للتهوية بدل الوسائل الموجودة والحديثة التي يستفاد منها عالم اليوم مثل البنگة والبرادات واجهزت التكيف الاخرى المختلفةالغازية والكهربائية والمائية و تأتي من السطح عن طريق ثقوب مبنية لهذا الغرض ثم هناك الاحواض من الماء فيترطب ألهواء الجاف ويبرد الحوش في وقت العصر حيث تجتمع العائلة ويكون بحضور كبيرالعائلة على الارجح وتتوسطهم المنقلة او الجولة اوالطباخاو السماور او البريمز النفطي وعلية قارورت ( القوري ) الشاي السيلاني او الهنديوالجورك او البقصم او الكعك البغدادي ، السادة وابو السمسم وابو الدهن "،وقد تكون عندهم حديقة صغيرة جميلة تتوسط الحوش  متنوعة الاشجار والاورادويطل على هذا الصحن طراروفيه الدلكات (طارمة فيها أعمدة ) من الخشب او الحديد او من الطابوق وعدد من الغرفالتي تطل شبابيكها على الحوش والارضية غالباً ما كانت مفروش بالطابوق الفرشي (الاجور) المربع او المستطيل  والسقوق علىالاكثر من الخشب المردي  ويستفاد من انواعمن الحصران مثل 1- الباري في السطوح للنوم و هو نوع من الحصير الذي يصنع من القصببعد شرخه طولياً على شكل أشرطة وحياكته وهذا الحصير يستخدم سابقاً في تسقيف البيوت وكذلك يستخدم لعرض الخضروات عليه وكذلك الرقي لدى باعة المخضر لمتانتها وقد يستخدم أسفل الفراش في السطح لمنع الفراش من التلوث بتراب اللبن أو قد تصنع منه السلال لنقل الفاكهة والخضر أو ببناء الجراديغ لخزن التمور والحبوب أو جراديغ السياحة على نهر دجلة للاستجمام أيام زمان ودخل الحديد بعد الحرب العالمية الاولى في الثلث الاول منالقرن الماضي في البناء بشكل مكثف الى العراق .2.حصير البردي :- وهو الحصير الذي يصنع من حياكة البردي ويكون نوعاً ما سميك وناعم تستخدم لفرشه على القنفات في المقاهي لكن عند يباسه يبدأ بالتفتيت.3.حصير القنب :- هو الحصير الذي يستخدم من أعواد القنب بعد سلخها وحياكتها يصنع منها حصير ناعم وذو مقاومة جيدة ولاتتأثر كثيراً بالماء وكانت  تستخدم في المساجد للصلاة قبل ان تفرش بالفرش الحديثة ( الزوالي ) المتنوعة التي غزت و كل المساجد والحسينيات والاضرحة  وكذلك كانت تستخدم في البيوت لنومه القيلولة بعد رشه بالماء أو لجلسة العصرية في البيت عند شرب الشاي وقد تستخدم بفرشها على مصاطب الجلوس ( قنفات) المقاهي وتوضع أسفل السجاد والبسط  في الشتاء لحمايتها من  من رطوبة الأرض.4.  حصير خوص سعف النخيل :- ويصنع بحياكة خوص السعف لعمل حصران تستخدم للجلوس أو للصلاة أو سفرة طعام وقد يصنع بنفس الطريقة خصافة التمر أو الكواشر ( زنبيل ) كانت أمهاتنا يحملون للتسويق على رؤوسهن والطبگ الخاص للتنور لفرش الخبز ويوضع العجين عليه بعد فرشه بالطحين كي لا يلتصق العجين بالطبگ وأكثر البيوت كانوا يخبزون الخبز في البيوت اما للكل او للارتزاق في بيعه ليكون عونا اقتصادية للعائلة  .
باب الشيخ هي في الحقيقة كانت قلب بغداد ومركز مهماً فيها بيوتات الشخصيات الحكومية  وبالتالي فإنها قلب العراق النابض في الزمن الماضي وغابات آثاره وكانت مجمعاً السفارات القبائل العربية والتركمانية  والكوردية  والسكن فيها وخاصة من مختلف عشائر الكورد الفيلية ( الماليمان . ملك شاهي . قيتولي ، لر، علي شيروان ، موسي ،زنگنة. شوهان .والباوى  ...الخ ) وعشائر من خانقين ومندلي مثل الكاكائية والقرلوس والزنگنة والمحافظات الشمالية( الإقليم حالياً )حيث كانت المنطقة مركز لهم و تضم الالاف منهم وكذلك عشائر من التركمانية واعداد من الصبة المندائيين والمسيح لقربهم من محلة ( كمب الارمن ) التي تقع بين مقبرة الغزالي ومحطة وقود الكيلاني على شارع الشيخ ع وكذلك سكنها عدد من أمراء القبائل الذين كان لهم الشرف في حماية بغداد والعراق من أي عدوان وكذلك سكنها عمالقة العلم والتجارة والاقتصاد ليكونوا قريبين من منطقة القرار وبهم كانت ترسم سياسة العراق الدفاعية الأمنية والاقتصادية والعلمية وتحيط بالمحلة الشوارع التالي:الكفاح والشيخ عمر وشارع الكيلاني وشارع العوينة الذي يذهب باتجاه رأس الساقية ومن ثم شارع الجمهورية ( الملكة عالية )الذي أصبح فيما بعد بشارع الجمهورية  . ومن حاراتها : عقد الاكراد .رأس الساقية . سراج الدين .. حجي فتحي . الدوگجية."  . فضوة عرب . فضوه مرجان .التسابيل . قهوة شكر . و راس الجول.العوينة . الصدرية التي كانت تحتوي على أهم المحلات التجارية لبيع الحنطة والشعير والتمر والتمن والخضروات واللحوم بأنواعها والاسماك والدجاج  ومحلات بيع التوابل والأقمشة وكل ما تحتاجه العائلة   "ويحكى  حول طيبة أهالي المنطقة في الرحمة والشفقة فيمابينهم أن رجل حمال كان جالساً في السوق ينتظر من يؤجره لحمل بضاعته وهو يشاهد الناس يتحضرون لايام شهر رمضان فقال (خي عونه العنده ويتحضر لرمضان ) فسمعه قصاب قريب منه فصاح عليه وقال فلان أحضر لي عربه (وكان يقصد عربة ربل ) واحضر هذا الحمال العربة وقال له خذ هذا اللحم وضعه في العربة وتعال معنا ففرح الحمال لأنه حصل على عمل وأخبر العربنجي بأن يذهب بنا إلى الشورجة وهناك وقف قرب محل صديقه وبدأ يتسوق منه مايتطلبه رمضان ثم صعدنا بالعربة وقال لي ولدي وين بيتكم فقلت ليش عمي قال اخبرني فقلت في المكان الفلاني فقال العربنجي اذهب فوصل فلان مع العربة الى المكان الفلاني  وبالفعل وصلني وقال خذ كل ما بالعربة فهو مسواق رمضان لعائلتك،والصدرية من الأسواق القديمة وفيها مسجد سراج الدين فيها مقهى عباس الديك المصارع العراقي المعروف في الزورخانة الذي غلب المصارع الألماني گريمر ومصارعين من ايران. اشتهرت منطقة باب الشيخ ببيع نوع من السمك يسمى ( الجري) حيث يباع  في مطاعم خاصة وعلى الرصيف ويقلي قطع السمك في آنية كبيرة تسمى(طشت) كبير الحجم فيه زيت مغلي ويقدم للزبائن وينشط  سوقه في يوم الجمعة  حيث يكون الإقبال عليها كبيراً اكثر من الأيام العادية . العوائل البغدادية او الافراد تحضر لتأخذ السمك الجري من المطاعم الذين لديهم عمالا يقومون بتلبية طلبات الزبائن، سواء داخل المطعم او البيوت او على الأرصفة القريبة للمطاعم،وهناك اماكن  في أيام  الاعياد كانت  تقام فيها أماكن للتسلية مثل المراجيح  ودواليب الهوى ( وهي حبال تعلق على الأشجار ذات الاغصان القوية  او تربط على النخيل ويجلس عليها المشاركون ثم يتم دفعهم ذهابا واياب في الهواء بفرح وركوب بعض الدواب مثل الخيل و الحمير والعربات التي تدفعها او تجرها الحيوانات  في رأس الجول قرب سكلات الخشب و فضوة عرب أو بين الخلاني والمربعه ويذهب القسم الاخر الى البارك السعدون وهي حدائق كبيرة يجتمع فيها الناس من اكثر محلات المناطق القريبة ومع الاسف بعد ان كانت هذه الحديقة غناء بانواع الاشجار والورود المختلفة سابقاً ملجأً ومتنفساً تريح فيها النفوس وغالباً ما كان يحضر فيه الملك فيصل الثاني والعائلة المالكة  لمشاركة مع العوائل افراحهم وهي مهملة في الوقت الحاضر  وكانت تباع هناك الأكلات السريعة  والمشهورة مثل أبيض وبيض العمبة والصمون  ،والفلافل والطرشي وبعض المرطبات والشرابت مثل السيفون ابو البوزة والشاي والجكليت والحامض حلو وما إلى غير ذلك... يتبع عبد الخالق الفلاح

168
فن الكتابة السياسية
يجب أن تخضع الكتابة في الالتزام بالضوابط الفنية والعقلية والواقعية  والشروط المحددة في أصول الكتابة بحيث لا يُترك المجال الى تجاوز الخطوط الحمراء التي تحفظ  قيم الإنسان و في عدم التجاوز على الحقوق والحريات الأساسية للأفراد و ينبغي أن تكون الاخلاق سيدة المواقف ، أيا كان الاختلاف السياسي وبدون ذلك لن تكون هناك ميزة تنافسية في الساحة السياسية والحرية مرتبطة بالمسؤولية، والمسؤولية لاتقف فقط عند التحري عند المعطيات والأخبار ولكن لها تُعد أخلاقي خاصة لدى الفاعلين السياسيين خاصة أولئك الذين ينطلقون من المرجعيات السياسية ويتكلمون عن تخليق العمل السياسي وهناك عوامل تحدد أسلوب الكتابة وطريقة إبراز الحجة عن الأطراف ، أهمها طبيعة الموضوع ، وأهدافه ، ونوعية المناقش ذاته و هل ذلك الذي يتبناه الكاتب نهجاً علمياً معيناً وأسلوباً ثقافياً ذا صبغة عقلانية أم عاطفية ؟ والاهم درجة قَبول المخاطَب لهذا الاسلوب، ويجب رفع شعار تخليق الحياة السياسية والارتقاء بالخطاب السياسي" نحو الأفق ولا يمكن لأي كاتب أو صاحب اي رسالة إنسانية ، أن يكون مشهوداً من دون مروره بالأصول السياسية ومعرفة مواقفها الخلافية وعادة تكون لفهم الواقع لا لفرض الإرادات؟ وهذا يتبع مدى فهم المشارك في النقاش لطرح وجهات النظر في المناقشة ولو تأملنا شهرة وتأثير لدخول “ س “ مثلاً في كنفرانس معين أو الاشتغال بمركزاً سياسياً معيناً فعلينا ان ننظر الى كفائته قبل كل شيئ، لان في الحقيقة ان الحوار جزء من المسؤولية على فهم الأحداث وتبسيط الرؤى ، سواء عبر التحليل أو الشرح أو تناول المواضيع من زوايا مختلفة ،والهدف هو توسيع زاوية النظر ومدى استيعاب المشارك في الحوار  بالوسائل الضرورية ولكي يتمكن ( س ) من ايصال  التحليل وفهم ما يجري وبالتالي الوصول الى اقل ما يراه مناسباً له في المواقف .
أن الخلط اليوم أصبح كبيرا لدرجة أن الإنسان لم يعد يستطيع أن يميز بسهولة بين الفواصل الإيجابية والسلبية ممادفع البعض في التماهي بيلعبوا دور السياسي  الخاطئ و ان المفهوم السياسي يتميز بشحنة إضافية من التتبع للشأن السياسي والنقد للمواقف السياسية ، على أهميته القصوى والحاسمة و مُسار فهمهم في أغلب الاحيان عند الكثير من العامة و ظل العمل السياسة أمرا غير مستحب، ومخيفا رغم كل التطور العلمي والثقافي ، وأمست الكثير من المجتمعات تعاني من تدن خطير في مدى الوعي السياسي لمواطنيها. ولا يتجلى هذا التدني في الجهل السياسي وحسب، بل يتعداه لإساءة فهم المصطلحات والمفاهيم السياسية  السائدة عالميا وما لاحظنا خلال متابعتنا لحياة العديد من كبار السياسيين نجد ان الكثير منهم قد انحرف عن الخط الذي عمل عليه بأقل اهتزاز سياسي و سقط في مستنقع الرذيلة ، وهنا تكمن مأساة كبرى،لا يحس بوجودها إلا قلة من المثقفين. وللبعض تفسيرات أقل ما يقال عنها إنها كانت غير واعية ، أني أرى اليوم بوضوح كيف يمكن للأيديولوجية الغير واقعية أن تفسد ذائقة الإنسان وتجعله متبلدا وعديم الذكاء، كل همه هو البحث في المقالات والكتابات عما يؤيد وجهة نظره في شعر بالنشوة والارتخاء، أو يعارضها فاستل سيفه للهجوم والانقضاض، معتقدا أنه بهذه الطريقة قد أدى واجبه وأدى خدمته للقضية التي يعمل لها ليكتشف بعد سنوات بأن الأمر ربما لم يكن على النحو الذي تصوره .الكتابة السياسية هي من  الظواهر الاجتماعية التي ينبثق عنها إمّا توافق أو تعارض معها في النقل لا محال ، فأحياناً تكون هذه الظواهر عن تحرر أو تنمية ، فتقوم الكتابة السياسية برسم تصور لهذه الأفعال السياسية إمّا برؤية مرجعية أو برؤية مستقبلية فيجب على الكاتب أن يكون مثقّف سياسياً؛ لأنه في حال لم يكن مثقف سياسي سيكون خلافه مع هذه الظواهر عن طريق العنف وتعبيره عنها بأهواء شخصية ليست محايدة، أن الثقافة السياسية توحّد فكر الشخص بحيثتحدّد قناعات الشخص ومبادئ التي تواجهه و توعيه نحو حقوقه و واجباته  إذا ما درسها بحكمته و يقظته حتى لا يقع  بجب الارتداد.الكتابة في السياسة في كثير من الأحيان تدفع إلى تطبيق فنون المراوغة والتستر في تجنب العدالة الرقابية وعدم تسمية الأشياء بأسمائها، ما يحدّ من نفع الكتابة في تمليك ألادوات لاستيعاب شروط والتحكم فيها وكذلك أفسدتها أيضا عبر إنتاج معرفية مموهة، عمومية، لا تقول شيئا مما تحتاج إلأ بفهم حقيقي للترجمة إلى لغة أكثرعينية مبسطة ، لقد فسدت النظم السياسية من قبول النقد وسهلت فرصة المتواطئة مع الكتابة والتعامل معها بدلاً من نقد اخطائها، و تتعدد أنواع وأساليب النقد السياسي فهناك النقد العام والنقد الخاص والنقد الذاتي والنقد الموضوعي والأساليب تختلف من كاتب إلى أخر حسب وجهة النظر للناقد فإنه يعبر عن شخصيته واستيعابه وفهمه للأمور قبل إن يعبر عن رأيه في الشخص أو الجهة المنتقدة كل ذلك يوجب على الكاتب السياسي أن يكون صادقا و حاذقا... يقدم المصلحة العامة على كل ما عداها. فلا بد أن تكون المصلحة العامة غايته الأولى والأخيرة، وأن يتجنب الانحرافات وراء الأخطاء... كي لايلحق أذى بالآخرين ممن يكتب لهم ، وعلى الكاتب أن يتذكر دائما أن هذا الميزان قد أصبح المعيار الأساسي والأول، الذي يقاس به بناءاً على أداؤه، من قبل المتلقي. أن البعض ممن يتحدثون عن غيرهم هم في الحقيقة يسترون عن عيوبهم بإظهار نواقص الآخرين وهو مهرب نفسي أكثر منه جهد فكري بناء، فليس أيسر من رؤية النقص عند الناقصين، وحتما سيكتب يوماً نقد عميق عن مرحلة فكرية قادها مرضى مصابون بالهلوسة قضوا حياتهم يعيقون غيرهم عن التقدم .عبد الخالق الفلاح

169
 
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج4
لقد ذكرت في بداية الشروع بالكتابة حول موضوع تاريخ باب الشيخ ان اي موضوع يكمن في اهمية البحث في الاحداث التي يراد الحديث عنها وظواهر تطور الحدث واحترام الاسس اثناء الكتابة وبلا شك لايمكن تجاوزها من كون هذه المنطقة  بغدادية بامتياز وهناك الكثير من الاحداث التي كانت تحدث بعيداً عن ارادة المحبة التي كانت تسود المنطقة وخاصة عندما تكون  أطراف الطيف المتنوع تعبر عن الهوية الحقيقية الكاملة التي تجري فهمها من خلال تجلي الافكار وعدم تجاوز الجوهر لانها كانت مركزاً دينياً واجتماعياً وسياسياً وسطاً مهم في بغداد لاهمية احترام الدين وربطهم ببساطة العيش المشترك والتنوع الديني والمذهبي والقومي وبقيت تحافظ على سماتها وتتكاتف في المواقف في أوقات تتطلب حفظ العلاقة وقوة الترابط للصلات الشخصية بحب الجوار والصداقة والمصاهرة والتآزر الاجتماعي والتسامح وصهرهم بمعالم تميز الشخصية بصدق المعاملة فيما بين ومعالحة الازمات الطارئة عبر التاريخ والجغرافية ووضع الحلول لعبورها وتبلور سجل شبابهم بالمحافظة على وجودهم من الضياع والاندثار والاضمحلال وفقد في مراحل معينة الشباب النصب لصالح الاهتمام الفردي والوقوع تحت تأثير الايديولوجيات المختلفة السلبية وفقدت العلاقة بريقها للظروف السياسية والأطماع الشخصية ، او من جانب آخر دفعتهم المطالبات المحقة للدفاع عن القيم على ان تكون الحالة الأخلاقية سيدة الموقف اياً كانت الاختلافات والاراء السياسية ودون ان تكون ميزة للتنافس الجسدي السلبي  والمحافظة على الحرية في الساحة السياسية المرتبطة بالمسؤولية لكي لاتفسد الذائقة والانحدار الى السقوط  والانقضاء على كل من ليس معه واسدو خدمات للفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار وزرع الخوف في نفوس الآخرين .
لقد امتاز العمل السياسي في العراق في أوقات كثيرة بالعنف لاعتماد الخصوم السياسيين التصفيات الجسدية المتقابلة على مدى التاريخ  وانعكس على تصرفات الشواذ من المتطفلين على السياسة والعراقيون أكثرهم تجنبوا الاقتراب من السياسة خوفا على حياتهم من موجات العنف، وكان شعارهم دائما "ظل السلطان قصير"ومن هناك لقد مر العراق  قبل الانقلاب شباط عام  1963 المشؤوم بفترة صراعات سياسية محتدم بين القوى اليسارية ( الديمقراطية ) المدافعة عن الجمهورية الفتية وبين قوى يمينية متمثلة بحزب  البعث الذين ركبوا قطار  بريطانيا وامريكا،.حيث استخدمت أساليب متنوعة من جميع الأطراف ضد بعضهم البعض من عمليات الاغتيال الى الضرب الى الشتم والكتابة على الجدران واتسمت الصراعات فيما بينهم بالشدة وذلك بالاستفادة من بعض العناصر التي كانت تتسم بالشرور والعربدة أو كما كنا نسميهم ( الاشقيائية ) يعتدون على الناس  علنا وعلى رجال الأمن واتحدث لكم عن حادث تم تداوله وسمعته كثيرة من ان عجلة عسكري كان يجلس في مقدمتها رئيس عرفاء بشوارب غليظة كانت مارة بشارع الكيلاني فتم إيقاف العجلة و انزال رئيس العرفاء من العجلة وتم حلق شواربه على اعتباره من الشيوعيين " حيث كان لهم نفوذ كبير جداً في القطاعات العمالية، والفلاحية، والكسبة، والطلبة، وحتى في صفوف الجيش بدءاً من بعض قياداته المتقدمة، وانتهاءً بالمراتب الدنيا، والجنود المكلفين. بل تمددت تنظيماته الحزبية بشكل أفقي في كافة أرجاء البلاد، حتى بين فتيات وفتيان العوائل المحافظة في المدن الدينية أيضاً، كنجف، وكربلاء، وكاظمية، والاعظمية."  وكذلك الجامعات على الطلاب الوطنيين وهناك عمليات اغتيالات مثل حادثة مقتل ابو الهوب  قبل الانقلاب او ابن بهية السودة بعد الانقلاب الذي دارت رحى معركة تبادل  اطلاق رصاص على دارهم ارعبت سكان العزة وشارع الشيخ عمر. وهم يردون على افراد الحرس القومي بكل جرأة واقدام . الا ان القوة المحاصرة عززت بدبابة وانذرت أنها ستقتحم البيت . فطلبت من شقيقها الاستسلام أملا بأنقاذ الموقف ثم اقتادته القوة المهاجمة جبار بن بهية السوده الى مركز شرطة الفضل الذي كان مقراً للتعذيب والقتل والاعتقال وحقق معه المجرم ناظم كزار ومن ثم تم قتله وكذلك تم تكديس السلاح عن طريق العشائر الحدودية مثل عشيرة شمرعن طريق الشيخ عجيل الياور من سوريا او بواسطه شيوخ عشائر العزة منهم المحامي فيصل حبيب الخيزران ،لضرب الثورة  وبالمقابل  ينقل احد الاخوة من الكتاب أنه كان احدهم ماشياً في شارع الكفاح وسط بغداد و تفاجأ بهجوم مباغت من لص ليخطف ساعته من معصمه...مما جعلت  سرعة بديهته يصرخ: اكمشوه عفلقي ! فتراكض الناس على السارق وحاصروه فوقف النشّال مصعوقا و رافعا يديه وماسكا الساعة المسروقة في يده وهو يتوسل بالجمهور ويقول، والله اني مو عفلقي... دخيلكم ... آني نشّال".او الاحداث التي جرت في الموصل من قتل وسحل بعد فشل مؤامرة الشواف . لقد اتسمت قيادة حزب البعث التي نفذت انقلاب شباط 1963 بالشبابية الطائشة وما أعقبتها حملة تصفيات واعتقالات وتعذيب دموية في الشوارع وأمام الأعين لترهيب الجماهير الغاضبة و شملت المئات من أبناء المنطقة التي  كانت من سماتها التعاطف مع البعض وكان أغلبهم من الطبقات الفقيرة الذين اعتبرهم التحالف القومي البعثي آنذاك عدوا سياسيا مريرا لتطلعات ما وصفوها بالأمة العربية،الى الحد الذي وصفها ميشيل عفلق ( المؤسس) تصرفاتهم بالقول “بعد 8 شباط، بدأت أشعر بالقلق من فرديتهم، وطريقتهم الطائشة في تصريف الامور، واكتشفت أنهم ليسوا من عيار قيادة بلد وشعب”. وكان الحرس القومي الذي أراد الحزب أن يكون قوة تأثير وضبط عقائدي لانقلابهم الاسود ولكن صار هو الجزء الأساسي في سلوك الطيش والاعتداء وتأجيج والفوضى.
لقد انتقم البعثيون أشد انتقام من شعبنا الذي أبغضهم ورفضهم في اللحظات الأولى انقلابهم الدموي في 1963 بعد سيطرتهم على زمام الامور و السلطة وقد تمثل انتقامهم بحمامات دم شملت مدن وقرى وقصبات العراق كلها وخاصة منطقة باب الشيخ وتمثلت بالمنطقة المحصورة من محلة عقد الاكراد التي هي جزء من المنطقة والذين أبلوا بلاءاً حسناً في المقاومة ضد الانقلابيون رغم قلة الامكانيات التي لم تتعدى عدد بسيط من البنادق القديمة وظلت المقاومة لمدة ثلاثة أيام وانتهت بعد ان نفد ما لديهم من العتاد .يتبع
 

170
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج3
باب الشيخ المحلة الرائعة بكل مشارب وأجناس وألوان سكانها كانت بيوتها صغيرة المساحة في البناء تضم القلوب النظيفة القانعة بما اقسم الله  لها من رزق وحياة وصفاء الذهن ومتعايشة على لقمة الخبز المشتركة حتى بعض بيوت الشخصيات واصحاب الدخل الجيد تشاركهم في احياناً كثير معاناتهم ،  والمحلة كانت زاخرة بالبيوت الصغيرة المساحة  و تحتوي على طابق واحد أو طابقين وتسكن فيها اما عائلة واحد أو عائلتين او اكثر  حسب المساحة وهناك بعض البيوت الكبيرة هي في الاساس كانت اسطبلات للدواب سابقاً تم استغلالت للسكن باعداد كبيرة وذلك لقلة دخولهم اليومية واجورها البسيطة و متلاصقة الغرف جداً بحيث يمكنك سماع ما يتحدث به أهالي الغرفة المجاوراذا تم الحديث بصوت عالي، وينام اكثر افراد المحلة في الصيف على السطوح وينشرون الرقي على الجدران لعدم وجود وسائل التبريد ويجتمعون لأكله بعد التلطف بالبرودة ، والتهوية في الازمان الماضية كانت تعتمد على المهفات اليدوية  فتسمع أحاديث الجيران ويسودها فقرعام ماعدا وجود قلة قليلة من المتمكنين في المحلة وهم بيوتات معروفة ، فالحياة اليومية لمعظم أهل المحلة لا تتجاوز الإبكار لأداء صلاة الفجر في الحضرة الكيلانية من خلال الاعلام والتمجيد بذكر الله والنبي واله من على المأذن وباصوات مله مامي الكوردي والمله خالد الشيخلي او المله عبد الستار الطيار والاخرين ثم الإفطار والذهاب للعمل في الأسواق القريبة جداً من بيوتهم ويذهبون إليها سيراً على الأقدام على الاكثر ، و ما اعظم صلاتهم الاجتماعية القوية البديعة وهم يعيشون في أحضانها الدافئة، بحنان تحرص عليهم من كل شر وسوء وقد أنجبت هذه المنطقة الودودة شخصيات بارزة يشار إليهم بالفخر والاعتزاز والبنان من كبار قادة الجيش والشرطة ، وقد تركوا بصمات سيظل يشهد لها التاريخ  بعد أن تبؤوا مراكز كبيرة ومهمة في سلم ووظائف الدولة والحكومة وقيادة الحركات الوطنية مثل المناضل عزيز الحاج حيدر سكرتير القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وكذلك في مجالات السياسة والأدب والقانون والثقافة والشعر وكافة الفنون الاخرى لعلنا اذا سمحت ظروف العمر والتوفيق الالهي سوف نكتب عنهم وهناك من ظهر و اشتهربالفلك وقراء الكف ولقب " بالنبي "والذي أصبح موضع جدل العلماء ومفكري الإسلام بين أنصاره وخصومه ومثار افتتان للشعوب في كل زمان ومكان مثل المدعوعبد الستار إبراهيم الشيخلي (ولادة محلة باب الشيخ ببغداد سنة 1913، تاريخ ومكان الوفاة غير معلوم) و"علم" الفراسة، بكنيته "أبو باسل"، خدم في السلك العسكري إلى أن تم تسريحه سنة 1946، إلى درجة أن هناك من قال فيه "أنك أشهر من أن يعرّف في سطور لقد مارست علم الكف وقراءة الوجه فكنت خير من مارسها في عصره وأطلق بعضهم عليه "نبي العراق" لنبوغه في مهنته وقد روج الى نفسه بعد استحصاله على دبلوم في"الفراسة والكف" سنة 1959، وذلك بالمراسلة من مدرسة العلوم النفسية والروحية، التابعة لمدارس المراسلات المصرية، ولديه كتابا بعنوان "علم الكف والفراسة الحديث" يقع في حوالي 300 صفحة. صدر أولا سنة 1949… حقا ان هذه المنطقة تميزت بالقدسية والاحترام ومدرسة كبيرة رائعة تعلمت منها اجيال متعاقبة معنى الحب وقيم الحياة، وحب واحترام الجيرة ومد يد المساعدة والتكافل بين الأخ وأخيه والجار لجاره وهذه الممارست قد شاهدنها بعيوننا ولمسنها بايدينا ، دون النظر إلى الدين أو القومية أو المذهب أو الطائفة أو اللون.. أو هكذا علمتنا وربتنا هذه المحلة البارة العظيمة التي كانت تضم تحت جناحيها محلات وتوابع، ولكن مع الأسف الشديد إن معظم هذه المحلات قد هدمت وأزيلت معالمها ورحل وهاجر سكان باب الشيخ بعد ان كانت تتكون من ، مسجد الحضرة الكيلانية والمدرسة الدينية في الوسط (( وضعه الحالي خضع إلى توسعة وتطوير، أضاف الكثير إلى معالمه، فقد قامت الحكومة باستملاك العديد من الدور المحيطة بالحضرة، وأضافت مساحتها إلى مساحة الجامع، فأصبحت المساحة الجديدة خمسة أضعاف المساحة القديمة، وتم هدم الرواق الذي كانت فيه المكتبة القادرية والمطبخ من حدود مرقد الشيخ عبد الجبار إلى المنارة الغربية قرب الباب الغربي، وتم هدم المصلى الصيفي أيضاً، وأضيف إلى بناء الجامع مبنى بطابقين يحتوي على العديد من الغرف ذات المساحة الكبيرة))..وبيوت أعيان المنطقة كالنقيب والكيلاني والكليلدار وامام الدين والجلبي والكيارة وبالقرب منه - قلغ الجندرمة - الشرطة على الجانب الغربي الملاصق لدار الوجيه الحاج احمد الاحمدي مؤسس المدرسة الفيلية والحسينية الفيلية في شارع الكفاح ، وعيادة الاطباء توما الرسام وارمان كوركيس الانسانيين وسداد فرج عمارة وهو من العوائل المندائية ( الصبة ) ودكتور عبد الصاحب الكاظمي ومجيد المضمد وهو كوردي فيلي وزوجته القابلة المؤذونه ام ليلى وهي من اصول مسيحية والحاج احمد المجبرجي الكوردي الفيلي  و المنطقة كانت تزخر بالاسوق وتجارة الجملة والمفرد من عائلة الحاج ابراهيم سبع وجبار مجودي ومحل الطبابة العشبية المشهوربالهندي  والصناعات البسيطة، ومنطقة سكن الطبقات المادون الوسطى في تلك الدورالمتلاصقة، والطبقات المتوسطة وقلة من بيوت الأغنياء في حارات معروفة، وكانت منطقة تعم بالبساتين والنهر والسفر والخان واللوقنطة لسكنى الغرباء قبل دخول الحداثة لها ، مراقد ومساجد منتشرة في أنحاء الحي والمحلة تشتهر،"بالبَقْجَّة" الملتصقة بالحضرة الكيلانية المخصصة لدفن أعيان البلد اومقبرة الشيخ الكيلاني والتي تضم رفات الكثير من العلماء الأعلام والشيخ الجليل عبد الكريم المدرس مفتي الديار العراقية الغني بالاخلاق والبساطة والعلم والتواضع ومنهم عدد من الشخصيات السياسية مثل: عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء ، ورشيد عالي الكيلاني قائد انقلاب عام 1941 بالاشتراك مع الضباط الاربعة ، ورئيس الحزب الوطني الديمقراطي السياسي كامل الجادرجي، وغيرهم من أفراد العوائل المعروفة في العاصمة بغداد،
ويمكن و الشيء بالشيء يذكر ان نعيد الذاكرة ببائع النبق ( شجرة السدرة ) المذكورة في القرأن ﴿وأثل وشيء من سدر قليل﴾ [سبأ/16 المعلق في اعالي المقبرة الذي كان يمد الخيط و يربط فيه اناء ليستلم المبلغ ثم يرسل النبق الى الرغبين من الذي كانوا يشترون هذه الفاكهة المباركة ، وهناك في الجانب الشرقي من المنطقة مقبرة الغزالي  تضم رفات عامة الناس،وقد حرصت عوائل المنطقة بالاهتمام باولادهم بنين وبنات من خلال زجهم في المدارس المختلفة التي اسست في المنطقة المدارس القديمة والحديثة ومنها مدرسة عاتكة خاتون، أو المدرسة الخاتونية، والمدرسة الفيلية التي أسسها جماعة من الأكراد عام 1946،والحديثة مثل مدرسة الرصافة ، وباب الشيخ والازجية والاعتماد ،و شعبة التي تحولت الى 14 رمضان وابن الزبير التي تم تاسيسها في نفس مكان محطة السكك القديمة شرق بغداد عام  1966 ، ومن المدارس الاهلية المعروفة باسم الفيلية الاهلية وكانت ولازالت في مكانها في المحلة الواقعة امام شارع الكيلاني بتجاه محلة راس الساقية وهي لازالت شاخصة في محلها رغم معاول الهدم التي شملت اطراف المدرسة وهي ايلة للسقوط في الوقت االحالي  ويستفاد منها للسكن وكانت شعلة السنوات الطويلة التي خدمت العلم والثقافة ومع الاسف مهملة وايلة للسقوط وتقع في جانبها بيت عبد الرحمن النقيب اول رئيس للوزراء في العراق بعد تم تكليفة في عام 1921 وتخرجت من هذه المدارس عشرات الاف من الطلبة وتبوؤ مراتب ومسؤوليات في مؤسسات الدولة لخدمة العراق . ومن المؤسف ان هذه المدارس قد اختفت او تم دمجها مع مدارس اخرى بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والحروب العبثية بعد عام 1990 ولم يتم التعويض عنها والمنطقة تفتقر لها في الوقت الحاضر .الملاحظة التي يجب ان تذكر هي ان هناك باب يسمى باب الطلسم و يعرف بباب الحلبة، وهو أحد أبواب بغداد الشرقية،كانت هي احدا الابواب لبغداد القديمة و الذي تم بناؤه في عهد الخليفة العباسي المستظهر (1094-1118) وسمي بباب الحلبة لقربهِ من ميدان السباق الذي كان موضع الحلبة قبل أنشاؤه. وقد جدد الخليفة الناصر لدين الله أقساما منهُ ثم جدد باب الحلبة في عام 221هـ، وأنشأ برجا فوق الباب عرف أخيرا بباب الطلسم وهو نفس الباب الذي دخل منهُ السلطان مراد الرابع عند فتح بغداد في عام 1048هـ/ 1638م، فسمي ببرج الفتح، وبقي المبنى قائما إلى وقت دخول الأنكليز وسقوط بغداد حيث هدمه الجيش العثماني ونسفهُ عند خروجهِ من بغداد عام 1917 وهناك الشيخ عمر السهروردي في الجنوب  الغربي من المنطقة ومقبرته مشهورة وهو قريب من باب الطلسم الذي لازالت هناك أثار باقية منه وكذلك كانت هناك مقبرة لليهود تم هدمها وتعويضهم بمكان اخر حيث كان من المقرر بناء اكبر برج في الشرق الاوسط في محله ووضع الزعيم عبد الكريم قاسم الحجر الأساسي له ولكن لم يتم اكمال بنائه وبقي على ورق او تم الغائه وتم استحداث ساحة تسمى ساحة النهضة ومرأب لنقل الركاب بين المحافظات في المكان .
،ويطلق لقب " الشيخلي "على كل من يرغب من سكنها بهذا اللقب وهناك الكثير من العرب والاكراد والتركمان والهنود و الافغان والباكستانيين الذين سكنوا المنطقة وتلقبو بهذا اللقب أو كانت جذوره تعود لها وهم قلة وهناك أسر بغدادية معروفة  النسب تكنت بهذا اللقب،
عبد الخالق الفلاح

171
باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج2
هناك صلة وثيقة بين مستوى ارتباط الإنسان بمحيطه الاجتماعي، وبين استقامة السلوك ودرجة الفاعلية والإنتاج ،لقد فقدت الروح الاجتماعية بوصلتها عند أكثر الناس لصالح الاهتمام الفردي، حيث أصبح كلّ واحدٍ من عندنا مشغولاً بنفسه، وفي بعض الأحيان حتى عن عائلته وأُسرته في الوقت الحالي نتيجة الظروف المتغيرة والسياسات الخاطئة للحكومات المختلفة التي ادارت العراق وفقدت العلاقات الاجتماعية بريقها حيث لم تعد تلك العلاقة كما كانت  و باب الشيخ التي يعود تاريخها  الى زمن ما قبل العهد السلجوقي (395هـ- 1133م) لم تكن بعيدة عن هذه الظاهرة المؤلمة حيث غادر اهلها الاصلاء وتوزعوا في الشتات برغبة البعض منهم او الاجبار بسبب التغييرات التي استحدثت في اواخر السبعينات وبداية الثمانينات لتوسيع  ألمرقد والتي جاء اسمها من وجود الحضرة القادرية من اسمها القديم الذي اشتهرت به تاريخيا بـ(باب الازج) كما ذكرنا وتعتبر نموذجا صادقا للحياة البغدادية بتنوع سكانها وجمال طقوسهم الاجتماعية والدينية ذات النكهة العريقة والتي لاتزال تحافظ على ذلك الارث الثمين الذي هو من سمات محلات بغداد العريقة و بكل أبعادها الحضارية من معمار وممارسات اجتماعية وفنون وطقوس دينية عبر العصور. واشتهرت المنطقة بالحياكة واتت مهنة البناء بكل تفاصيلها المعقدة من المهن التي واشتهرت ألمنطقة  كذلك بصناعة أليزار قبل شيوع العباءة لدى النساء المسلمات والطوائف الاخرى كالنصارى واليهود بعد كانت النساء يلبسن الفوطة والجرغد والشيلة على رؤوسهن على الاشهر، وكانت تتميز بالوانها الزاهية وتطرز الفاخرة منها بالخيوط المذهبة ، واشتهروا كذلك من غير الحياكة  وبأتقانهم  لقرائة  المقام العراقي ومعرفة فنونه هذا الفن العريق ولكن اتقان المقام في باب الشيخ يرجع الى وجود الضريح الشريف في تربة المحلة والذي كانت تقام فيه الاذكار ورفع  الاذان وتجويد القرآن والتمجيد والتسبيح والابتهالات  ومن أشهر قراء القراَن في المنطقة عبد الستار الطيار  والشيخ القلقالي وملا مهدي واحمد دبيس الشيخلي  وملا مامي الكوردي وملا خالد الشيخلي والحافظ خليل اسماعيل  والحافظ ابراهيم وابراهيم برم  واخرون وكل ذلك جعل الكثير من رجال المحلة يتقنون اصول وفروع المقام العراقي بكل صنوفه مثل الرست ونهاوند والحجاز والبيات وسيكا والصبا والعجم والكورد
مقام النهاوند...الخ: ومن اشهر القراء الذين تواجدوا في المنطقة ومن رواد مقهى المكفوفين  ، مطرب المقام العراقي الشهير يوسف عمر وعباس گمبير الذي كان يعمل حارس ليلي في كراج مصلحة نقل الركاب في الشيخ عمرونجم الشيخلي وحمزة السعداوي وعبد الرحمن خضر وحسن خيوگة وتعدُ منطقة باب الشيخ من المناطق البغدادية التي اهتمت و التي اشتهرت بهذا الفن ووكذلك المربعات البعدادية ومن اشهر قرائها ، جاسم الشيخلي والحاج حامد السعدي ورشيد القندرجي ومحمد العاشق وعدنان الشيخلي ونجم الشيخلي وقدوري العيشة واخرون، ومن الفنانين الذي سكنوا المنطقة سلمان شكرا استاذ العود الشهير وياسين الشيخلي عزف الكمان والمطرب جاسم الخياط ووالمطربة مائدة نزهت ومن فناني السنما والمسرخ والتلفزيون وسالم شفي وهاني هاني و اسيا كمال و جواد الشكرجي وفاطمة الربيعي واختها زهرة الربيعي و عبد الجبار عباس وراسم الجميلي  واخرون ولهذا السبب فقد حظيت  المنطقة بأهتمام المؤرخين والباحثين لما لها من اهمية دينية واجتماعية وتاريخية، وانجبت نخبة متميزة من كبار العلماء والمثقفين والادباء والفنانين والسياسيين والعسكريين، اضافة إلى انها كانت تضم في ارضها بعض المعالم الاثرية التاريخية منها (طاك باب الشيخ) الذي بني قديماً على شكل نفق تعلوه بناية قديمة ويبلغ طوله نحو عشرة امتار وعرضه خمسة امتار، ويوصل هذا الطاك محلة فضوة عرب بشارع الكيلاني الذي يربط شارع الكفاح بشارع الشيخ عمر، وكانت تحكى عن هذا الطاك القصص والحكايات الشعبية الخرافية والتي على اثرها جعلت البعض من اهالي منطقة باب الشيخ (الشيخلية) يخشون المرور منه وقت الليل ويقدر عمر بنائه باكثر من خمسمائة سنة ، ظناً منهم بان هذا المكان كما تشير إليه تلك القصص والحكايات المحيوكة مسكوناً بالجن والطنطل، كانت تصدر في الظلام الدامس تحت الطاك اصواتا وحركات غريبة وفي الحقيقة ان مصدر هذه الاصوات والحركات كانت من بعض الفقراء العجزة الذين لا ماؤى لهم ينامون فيه ليلاً خاصة ايام فصل الشتاء البارد وكذلك قيام بعض السكارى من اهل المنطقة او من المحلات القريبة، بحركات واصوات تخيف السامعين لها من الناس المارين عبر هذا الطاك.
كنّا نعيش  في منطقتنا باب الشيخ  التي تضرب جذورها في أعرق مشارب التاريخ بكل محبة وتودد وانسانية ، جمعت سكانها في بوتقة واحد رغم تتابع الويلات والآلام، العلاقات بين أبنائها كانت متينة وتشكل مختلف الطوائف والقوميات والاديان واللهجات ، الكوردي و العربي والتركماني ،المسلم والمسيحي والصابئي واليهودي ، حيث ترابطت المواقف فيما بينهم في أوقات وأزمان مختلفة، وفرضوا أنفسهم على التاريخ، في حفظهم الذكريات ،بتواصل مكثَّف في مجتمعنا في السابق  حينما كانت الحياة على بساطتها، وكان الناس يعيشون في منطقة محدود الجغرافية ، وضمن اهتمامات ، وطموحات بسيطة لكنّنا الآن، ومع التطوّر الذي حصل على واقع حياتنا، لم نعد نعيش درجة التواصل الاجتماعي السابقة فقد طغت على الحياة الامور المادية . ولعلّ من أبرز الأسباب هي الظروف السياسية والتغييرات الديمغرافية والجغرافية التي حدثت خلال السنوات الخمسين الماضية في المنطقة ، فقد كانت علاقة الإنسان بمجتمعه وثيقة دافئة، كان أقرب إلى الاستقامة والصلاح في سلوكه وسيرته، وأكثر اندفاعاً لألفاعلية وألانتاج او ألحياة بطبيعتها فيها ضغوط ومشاكل، خصوصاً في هذا العصر، فيحتاج الإنسان إلى مَن يتضامن معه نفسياً، وإلى مَن يقترّب منه روحياً، ليخفف عنه الآلام، ويرفع من معنوياته. ويحتاج الإنسان إلى مَن يستشيره ليستفيد من رأيه.بينما يساعد الفتور والبرود في العلاقات الاجتماعية على ظهور ونمو السلوكيات المنحرفة الخاطئة . حلول شهر رمضان في محلة باب الشيخ له طعم ونكهة خاصة يعرفها اهالي بغداد كما يعرفها اهالي باب الشيخ ويعيشها اهلها عبر العصور،كان اهل محلة يستقبلون قدومه  شهر رمضان حين يقترب موعد مراقبة الهلال وعن رؤيته يصعد اهالي باب الشيخ الى سطوح دورهم العالية لمراقبة السماء وحين يظهر الهلال تزف البشائر بالتكبير  والتهليل وبأاطلاق العيارات النارية من مسدسات مثل (ألوبلي) ابو البكرة في الهواء وتهلل النسوة بالزغاريد ويكبر المؤذن من على منارة الحضرة القادرية فرحا وابتهاجا لمقدم الشهر بعد ذلك تبدأ مراسيم استقبال رمضان بأعداد المطبخ العائد الى المسجد القادري (الشوربة خانة) وتطهى في القدور الكبيرة وجبات الافطار الواسعة العامرة والتي تقام في كل يوم من ايام شهر الصوم . ولهذه الموائد التي كانت تقام في الماضي البعيد في ديوان الاسرة الكيلانية (الدركاه او الديوه خانه) من قبل السادة الكيلانيين باسلوب خاص متبع لديهم منذ العهد العثماني، اذ كانت هذه الوجبات تقدم لجميع شرائح المجتمع من كل يوم وجبة افطار لطبقة من الناس وكانت تتم طيلة ايام شهر رمضان في (الديوه خانة) اي ديوان الحضرة القادرية التي تقابلها والتي يفصل بينهما شارع الكيلاني.لقد اشتهرت المنطقة برواد المقام العراقي و بأتقأنهم لقرائته ومعرفة فنونه حيث انتشرت المقاهي التي كانت تحيط بالمرقد وتضج بأشهر قراء المناقب النبوية والاحتفالات الدينية والمناسبات الخاصة مثل الزواج والختان   ويقال ان عملية الجلوس لساعات الطويلة خلف ألة  ( ألجومة ) وهي ألة فيها عتلات يتم ربط الخيوط من ( القطن او الصوف او البريسم ) فيها يستفاد منها للحياكة يدوياً وكانت من أهم  ألاسباب  التي جعلتهم  ان يجدوا ما يؤنسهم في قراءتهم لهذا الفن العريق والاصيل، وكم اليوم نحن في امس الحاجة لمثل هذه الممارسات والانشطة فيجعل الانسان يقترب  نفسياً مع اخيه  وإلى مَن يقترّب منه روحياً، ليخفف عن مصائبه، و يرفع من قدرته لمقاومة الصعاب. ويحتاج الإنسان إلى مَن يقف الى جانبة  ويُعبّر عنه بإدخال السرور إلى قلب أخيه....
عبد الخالق الفلاح

172

باب الشيخ حافلة بالتاريخ...ج1
ليس من السهل الكتابة عن اي موضوع تاريخي و يكمن أهمية البحث في فهم الثقافة من خلال الأحداث التي يكتب عنها و الأحداث التي مرت في تلك الفترة ، البحث التاريخي هو الأسلوب الوحيد الذي يدرس ظواهر تطور الحدث بمختلف جوانبه ،ويجب إدراك وإستيعاب مجموعة من الضوابط والقواعد الأساسية التي يجب احترامها أثناء كتابة أو إنشاء اي موضوع سواء في مجال التاريخ او اي موضوع اخر ،وخاصة عندما يكون أحد اطرافه الطيف المتنوع من العلاقات التي تعبر عن الهوية الكاملة التي يجري فهمها من خلال أفكار التجلي والظهور والحديث عن تجاوز الحقيقة الجوهرية أو الاتحاد والتشارك فيها، وفي الطرف الآخر، يعبر عن هذه العلاقة من خلال ترتيبات قائمة بذاتها على المحاكاة والتقليد.ويتطلب الكتابة تضمين الكثير من التفاصيل والمعلومات التاريخية من الكلمات أو الصفحات المطلوبة من المهم أيضا أن نكون أمناء في نقل التاريخ والحوادث والشخصيات التي يتكون منها المجتمع في تلك منطقة و من المهم تقديم حقيقة المعلومات المطلوبة، ولكن  تقديمها بطريقة متماسكة و أمور ينبغي الانتباه إليها قبل الشروع في الكتابة ومنها التأكد من ماهية ما تكتب قبل أي شيء.وللحقيقة فهذه المقدمة وددت بتقديمها قبل ان أبدأ بالكتابة عن منطقة مهمة من مناطق بغداد وهي  باب الشيخ ذات التأريخ البغدادي العريق بإمتياز - منذ نشأتها وخلال تطورها-حيث كانت مركزاً دينيا واجتماعيا وسياسيا مهما في تأريخ بغداد حتى قرابة نهاية منتصف القرن العشرين وعالم الدين كان له هيبة خاصة وتقدير من قبل كل مكونات هذه البقعة ، برغم  من فعل الكثير من الأمور بعيدا عن أعين الرجال الذين يمثلون المؤسسة الدينية ؛ هذه المحلة التي قد جمعت سكانها في مساحة لا تزيد عن ثلاثة كيلومترات مربعة وسط بغداد وتمتاز يالكثرة السكانية والتي ربطتهم بساطة العيش المشتركة والتنوع الديني والمذهبي والقومي و تقع في الجنوب الشرقي من المدينة في جانب الرصافة وكانت ترتبط بالقرب من نهر دجلة الخالد بمساحات زراعية وجداول مائية حيث تجري المياه فيها  وتنقل بواسطة الدواب المختلفة . و أكتسبت أهميتها لأنها مقراً لنقابة الأشراف من ذرية الشيخ الكيلاني وتمثل عوائل الكيلاني والنقيب بمنازلهم في المنطقة النقطة الشاخصة لحد يومنا هذا حيث لازالت تلك الدورقائمة رغم قدمها ، وتوجد بالقرب من الحضرة الكثير من التكايا الصوفية ، وكانت الحضرة القادرية في القرن الثامن عشر وبداية العشرين  مقراً للعديد من الانتفاضات الشعبية ضد الولاة الظالمين حيث يتجمع الناس في الحضرة ويخرجون منها للتعبير عن مطالبهم وكذلك التظاهرات التي كانت ضد الحكومات المتعاقبة بعد تاسيس الدولة العراقية  وتحتوي على العقود والمحلات التالية: عقد الحروب، والجنابيين وعقدالأغوان (الأفغان) وعقد الشيخ الألغي، وعقد الحروب ومحلة الطاق وعقد القصاب خانة، وقهوة سلمان المزملة (المزنبلة)، وعقد العسلان، والقهوة أم النخلة، والسوامرة،وعقد الشيخ رفيع، وعقد المطبخ، وعقد المندلاوي، وعقد فضوة عرب، وعقد الخناق، وعقد تكية البندليجي وتقع في محلة فضوة عرب، وعقد تكية البكري،و تكية الطيار وعقد النبكة وتكية النقيب وتكية ابو خمرة وعقد الجلبي وراس الجول والدوكجية ويجاورهاعقد الاكراد  ( الفيلية ) حاليا والذي يجاور لباب الشيخ ويجاوره لمحلة سراج الدين والصدرية وراس الساقية وفضوة عرب وكذلك شارع الشيخ عمر من الجانب الشرقي من المنطقة ومنذ قرون عديدة عبر تتابع الأجيال؛ وتبدل الأحوال؛ بقيت تحافظ على سماتها وتكاتف المواقف في أوقات مختلفة؛ وحفظهم الذكريات و بطيب العلاقات بينهم وقوة ترابط الصلات الشخصية بالجوار والصداقة والمصاهرة والتآزر الاجتماعي بمواقف معروفة تأريخيا؛ وبوحدة المذاهب؛ وتسامحهم مع المذاهب والمشارب الأُخرى والعيش معهم بالحسنى؛ وشهرة أسواقهم المعروفة بالصدق في المعاملات كل ذلك قد صهرهم بمعالم تمييزهم بشخصيتهم المتفردة والمختصة بهم عن باقي المحلات البغدادية الأخرى المحيطة بهم؛ عندهم اعتزاز خاص بحب جذرهم الاجتماعي المتشرب في ثنايا شخصيتهم المتفاعلة في أعماق شعورهم المرتبط بهذه المحلة الخاضعة لمؤثرات الثبات والمتغيرات الطارئة عليها من خارجها بفعل أحداث كثيرة عانتها في أزمات الصراع حول العراق عبر التاريخ والجغرافية فبلورت أبرز معالم كل جيل مما سجل أبناؤه تاريخهم بوعي علمي في جغرافية الذاكرة الاجتماعية كحافظة لهم من ضياع وجودهم أو اندثارهم بتربص الآخرين. فمن اضمحل وجوده انتفى أثره اجتماعياً ولله في خلقه شؤون وحِكَم ومساجلات تأريخية والمنطقة هي منسوبة لاسم الشيخ الجليل عبد القادر الكيلاني الحسني نسباً، الامام المعروف،الذي  استقر طالباً في احدى مدارسها الشهيرة واصبح أستاذاً جليلاً، يقصده الطلبة من كل صوب من العالم ، فصعد صيته في الآفاق وعرف بين الناس والذي اشرف على توسيعها وتكوين سمعة صوفية تسمى" بالطريقة القادرية " وأضحت لها طريقة خاصة وأتباع منتشرون في ربوع الدولة العباسية و انتشرت في طول البلاد وعرضها وفي  الهند وباكستان حتى بلاد المغاربة واسيا الوسطى وسمرقند وافريقيا. ولما توفى الشيخ الجليل عبد القادر الكيلاني تمَّ دفنه في غرفة بمدرسته واصبح  مسجده يكتظ بالمصلين في اوقات الصلاة اليومية الخمسة  وخاصة في يوم الجمعة وخلال المناسبات الدينية وشمل مسجده التوسع في البناء كما يلاحظ اليوم في الثمانينات من القرن  الماضي حيث تم ضم مساحات واسعة للبناء ، ، فأضحى العامة يتبركون بزيارة مرقده وظلت مدرسته مركز أشعاع قائمة حتى اليوم ،ولها دور كبير في بغداد أيام الدولة العثمانية حيث اضحت مقراً للبغداديين في تلك الأيام الخوالي وكانت تسمى ايام الدولة العباسية" بباب الأزج" ولها ذكر كبير في التاريخ العباسي والعثماني على السواء وهذا دليل أهميتها التاريخية والثقافية والاجتماعية. وكانت  تكتظ بالزوار ولازالت في المناسبات وتكاثرت أسواقها  ويردها زوار من مختلف بلدان العالم  مثل الهند وباكستان والبلدان العربية والاسيوية فقد شهدنا خلال تواجدنا في المنطقة زيارات لرؤوساء من تلك البلدان مثل الرئيس  ألاندونيسي أحمد سوكارنو والملك المغربي محمد الخامس والرئيس الباكستاني والرئيس الجزائري أحمد بن بله والكثيرين من الرؤساء والمسؤولين من دول مختلفة وتنوعت تجارتها وكثرت بضاعتها وتنوعت تعاملاتها، فتوسعت مساحة سكن الناس في هذه المحلة، واسست مراكز ثقافية وعلمية وخيرية لمجموعة من المؤسسات النافعة مثل وزارة ألاوقاف سابقاً والوقف السني لاحقاً  ، منها زاوية لإطعام الفقراء والمحتاجين حيث توزع الخيرات يومياً للفقراء وكذلك للتبرك ، وحجرات لإيواء المنقطعين، وخزانة كتب تضم ألاف من الكتب الثمينة والمخطوطات ، وتلحق بها مقبرة تضم أعلام وشخصيات سياسية  كرؤوساء  حكومات ووزراء في أدوار متعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية ومن طبقات الناس، فضلاً عن تأسيس مدرسة دينية تلحق بالجامع، ينتظم فيها الطلبة الوافدون من أقطار المشرق والمغرب،،،،يتبع
عبدالخالق الفلاح
 

173

" فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ "
لا يستطيع الرأي العام أن يبقى تحت انقاض الهول صامتاً أو متفرّجاً على ما يحدث من مأسي ومعاناة يعيش ابناء المجتمع العراقي والكوارث تزداد يوماً بعد يوم ، والمواطن يتلقها وهو صابراً محتسباً وهو يتابع المعلومات المؤلمة واخرها الفاجعة التي هزت الدنيا في احتراق مستشقى ابن الخطيب وتتحمل الدولة بشكل كامل وبكل مؤسسات دون استثناء مسؤولية هذه المصيبة وقدمت قرابينها على مذبح ريحة الفساد النتنة التي ازكمة انفاس المجتمع ولا يمكن ان تسد انفك عنها او دون ان تقف جرائمه  والسؤال المتجدد "دخان  ونيران اشتعلت، قناني الاوكسجين  في مستشفى "ابن الخطيب" المخصص لمرضى فيروس كورونا بالعاصمة بغداد، فهي تمس حياة الناس وامنهم بصورة أساسية ومزدوجة و من جهة أموال الدولة التي هي أموال الجميع، وأي خسارة لهم ومصالحهم ، وأي تلاعب بها يهدد مصير أغلب العراقيين، ومن جهة المؤسسات ومنشآت واي أملاك عامة، لا يجوز أن تكون إدارتها إلا امانة بيد رجل الدولة.
الفساد في  العراق هي هواجس  موجودة  في اذهان الاغبياء و يشمل البعض من الشق السياسي للدولة أي الحكام أو أعضاء البرلمان أو قادة الأحزاب السياسية وغيرهم "إساءة استخدام المنصب العام لتحقيق مكاسب خاصة وشخصية"  وهو في استغلال السلطة من أجل الحصول على مصالح شخصية لأحزاب ما أو لجماعات معينة ،فكانت مصداق قوله سبحانه وتعالى " فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ " 12 الفجر ولا شك فأن القوة تؤدي إلى الفساد وبلغت مستويات الفقر درجات مهولة، والبطالة تضرب بقوة كل مفاصل المجتمع الكسيح، ويحولون هذه الظاهرة بأفعالهم الخسيسة الى مشاريع نهب حقيقي، ممثلين بأحزاب ومكونات وهيئات تابعة لأحزاب السلطة، بنظام حكم يوزع حصص البلد المالية على منتسبي فلوله الشرهة ومكوناته الفاسدة، وبروز هذه الظاهرة بشكل علني بفرسانها ومافياتها ولصوصها، الذين يعرفهم القاصي والداني دون اتخاذ الإجراءات التي توقف هذا النزيف المهول،  والقوة المطلقة تؤدي إلى الفساد المطلق و  الى وجود عمالة وهمية متغيبة تُصرف لهم مستحقات دون عمل، ورشاوى في العقود وتزوير الشهادات العلمية إلى إضعاف فاعلية الإنفاق المرتبط بالتعلم. كما تؤدي الرشوة والاحتيال في شراء الأدوية أو المعدات الطبية إلى خفض معدلات البقاء على قيد الحياة والحد من قدرة الأطفال على النمو والازدهار.
. وتتعدد مظاهر الفساد السياسي  في السيطرة والهيمنة للسلطة التنفيذية على باقي السلطات مما يسمح لها بان تقوم بأعماله دون أي اعتبار للحاجة الفعلية للدولة انما من اجل تغذيت الاحزاب والكيانات السياسية المشاركة في الدولة من خلال تنسيب شخصيات متعهدة لخدمتها مادية خالية من اي كفاءة ودون حساب مصالح الوطن بالاعتماد على الرشوة والاختلاس واستثمار الوظيفة والتعدي على الحرية وإساءة استعمال السلطة والاخلال بواجبات الوظيفة والتهاون بواجبات الوظيفة والامتناع عن تلبية  اي طلب قانوني مشروع وقد اتفقوا على تكريس هذه الظاهرة وجعلها أمرا واقعا لا محيد عنها والخلاص منها،.
من المعلوم ان اي تطور في مفاصل الدولة  يتم قبل كل شيئ  بإدراك الذات نتيجة نمو الفرد العقلي والجسدي والنفسي والتفاعل مع الآخرين والاقتداء بالناجحين،و إدراك الذات المهنية يتطور بنفس الطريقة، و تظهر علامات التفريق والمقارنة بين الذات والآخرين ويلاحظ الفرد أوجه التشابه والاختلافات بينه وبين المحيطين به ويصبح مدركا بصفاته البدنية والعقلية. وبناء على ذلك يبدأ في البحث عن هوية منفردة تشعره بالتميز، ويقتدي بالآخرين الذين يشكلون نموذج هويته، ويتأثر الفرد في هذه المرحلة بالأحكام والآراء التي يتلقاها من الأشخاص ذوي الأهمية في حياته ، ويؤثر ذلك بشكل كبير في تكوين "إدراك الذات المهنية" الذي يقوده إلى قرارات الحكومة التي تؤثر على رؤيته لمهنة المستقبل التي تحقق المفاضلة وهي التي لا اعتقد بأن اي مسؤول عراقي حالي امتاز بها او نصب بالمفاضلة على اساس الخبرة والقدرة  والتخصص، من جهة المؤسسات ومنشآت واي أملاك عامة، لا يجوز أن تكون إدارتها إلا امانة بيد رجل الدولة . والحكومة الحالية جاءت لتحمل لواء مكافحة الفساد والتأكيد على الشفافية، وأشغلت الرأي العام في هذه القضية ، وكل ما يحدث يلفه الغموض وكثرة الدهاليز، و الأبوابها شرعت لمجموعة من شبهات الفساد والتلاعب  على اساس انها مقدرات الشعب ،
وأصدق حاكم من حكامنا أكذب من مسيلمة.. فلا تصدقوهم أبدا .

174

جروح متجددة في الذاكرة
لقد شهد العراق بعد ثورة ( 14 تموز 1958) مجموعة من التغيرات الكبيرة في المجتمع العراقي والدولة الجديدة، والتي بلغت حوالي خمسة اعوام عمراً كي تكون رمزاً على انبعاث الأمل، والدليل الساطع على ثبات الهوية و اثمر عن نبتة الكرامة والتحدي والحلم بغد مشرق، يداوي اوجاع المستقبل وما تحققت من التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي لازالت اثارها شاخصة من منجزات حيوية ،فقد كانت فترة مليئة بالقرارات الثورية التي تخص الجماهير المسحوقة طولالتاريخ،والمشاريع التنموية الجديدة، كما شهدت الساحة السياسية انفتاحاً غير مسبوق من الحرية و لكنها شهدت مصادمات حادة وأحياناً دموية بين التيارات السياسية القومية واليسارية والدينية .و كثيرة هي الذكريات المؤلمة التي مرت بي وانا اتذكره اب لحظاتها اثر التكالب عليها من قواً داخلية وخارجية، ولعل 58 عاماً مرت على انقلاب 8 شباط الفاشي الاسود في سنة 1963 المشؤوم رسم بصمة وخط  كلمته بعنفوانه في ذاكرتي الموجعة والتي مازالت ثمة أقلام خبيثة تعشق سموم ذلك الانقلاب وتعتبره " ثورة" بدل من تكون مجزرة دموية مؤلمة لكل من عاشها، وإن تُعد قليلة ومحدودة في عمرها ،ومنهم من نعتها بتسميتها  ب " عروس الثورات "  بكل مظالمها وعنفها ، أي عروس هذه التي كان مهرها وخضابها دماء آلاف من أبناء العراق ،إن  التاريخ يعيد نفسه ثلاث مرات في التاريخ الحديث في العراق. في المرة الأولى كمأساةعام 1963  الذي تميز بالعنف والدموية وروح الانتقام والثأر و شكل حزب البعث العربي الاشتراكي النواة الصلبة بيده  لقيادتها والهيكل الرئيسي والعقل المدبر والمنفذ الفعلي لها مع مجموعة من القوميون العرب "الجناح القومي الناصري من الحركة السياسية العراقية "بني هذا التعاون السياسي في فترة الانقلاب في ضوء التحالف القديم الذي نشأ في العام 1957 بين القوى القومية بمختلف أجنحتها والقوى البعثية، والذي أطلق عليه في حينها بـ “التجمع القومي” رغم انفضاض عقده بعد سقوط الوحدة المصرية - السورية وانسحاب سوريا من تلك الوحدة الشكلية في أعقاب  انقلاب اذار 1963 " بقيادة العقيد محمد عمران وحافظ الاسد وصلاح  جديد واثر الموقف السياسي المشترك لدى القوى البعثية والقومية الناصرية المعارضة لحكم قاسم المصممة على إسقاط النظام ولم يدم بعد ان اطاح بانقلاب اخرعليهم المشير عبد السلام عارف في 18 تشرين ، في مقابل التفكك في مواقف القوى المساندة لزعيم الثورة، والتي اكلت نفسها وانتهت على اشلاء الضحايا من ابناء الشعب العراقي " ولعل واحد من أهم معالم القمع والإرهاب الذي اسس فيه هوالحرس القومي حيث تم تشكيله بشكل رسمي في 28 شباط 1963 وهي شكلت بمجموعات ترتدي ملابس عسكرية تجوب الشوارع وعلى ذراعها شريط يميزها وتحمل السلاح ( بنادق بوسعيد على الاكثر المهداة من الرئيس جمال عبد الناصر) فتزرع الخوف والرعب وتعتقل منت عتقل  وتعذب من تعذب حتى على الارصفة واتخذت من المقاهي والبيوت مكانات للتعذيب ومقرات دون ضوابظ قانونية . و أخذت هذه المجاميع والعناصر الغير المنضبطة اخلاقياً في  إقامة  الحواجز و تفتش السيارات والعابرين في الشوارع مدنيين وعسكريين والاعتداء على الفتيات والنساء واغتصابهن ، حتى صارت منظمة للرعب لا يستطيع أحد مواجهتها أو الاعتراض على تصرفات افرادها، تبث الرعب والخوف بين المواطنين .لا يتوانون عن ارتكاب الرذيلة والفاحشة وبث الانحراف الأخلاقي في مجتمعنا المحافظ. و يرتادون الحانات الليلية، فيرفضون على أصحابها ما يشاؤون،وارغام الفنانين والفنانات على المنكرات ورغم الجرائم البشعة التي ارتكبتها هذه المجموعات ،فمازال الكُتاب في حل من الكتابة عنها بانصاف، ولا تجد لها ذكر في كتاباتهم ومؤلفاتهم ومذكراتهم إلا القليل .لقد كانت سيطرت جماعة عبد السلام عارف على السلطة في ردة تشرين كما سميت ولسنا في محل من أن نتابع حركة القوى المتصارعة حينذاك اي قبل الانقلاب  في هذا المقال و كيف كانت تعمل القوى التي تساند وتقفبمستويات مختلفة إلى جانب عبد الكريم قاسم، وكيف كانت تعمل القوى المضادة لحكمه؟،اما الثانية فقد كانت اكثر من الاولى اجراماً عام 1968 والتي نصبت كمين لمجموعة من الأحزاب  في "جبهة وطنية " كيدية ومن ثم تصفية قياداتها بعد  كشف خيوط  تنظيماتها حيث سجنت من سجن وقتل من قُتل تحت التعذيب  او على اعواد المشانق وهرب من هرب الى جهات مختلفة والتي صبغت جدرانالمدن بالدم القاني وكانت اليد التي بطشت بأحلام كل الاطياف والقوميات والاديان والمذاهب وحكمت عليها بالموت بعد ان حاولت مسخ الهويات وصبها في مصب حزب البعث الفاشي . الثالثة هي الاحتماء خلف أيدي "الداعشيين" تحت راية دولة الخلافة الفاشلة ... كمهزلة و ما حدث ، في المرة الاولى  تمثل في انتهاء دولة الوحدة بعد اقل من سنتين من عمرها و ثم في انقلاب 8 شباط الدموي حيث ذهبت ارواح اختلط فيه العقيدة والبراءة و شمل اليساريين واليمينيين والمستقلين والعامل والمثقف والموظف أصحاب الشهادات العلياً الذين لم تكن لهم علاقة بالاحزاب او التشكيلات السياسية ولانها ضاع فيها الحابل بالنابل و اختلفت جنسياتهم ( ذكر وانثى ) وسنوات العمر للضحايا ففيهم من هو في مقتبل العمر و منهم قد بلغ عتياً بسبب تشكيلة الحرس القومي الذين شكل قياداته اعتى المجرمين ولم يتم الكشف عن تلك الجرائم إلا بعد سقوط ذلك النظام بالانقلاب بالمقابل ضد حزب البعث في 18/11/1963.من قبل عبد السلام عارف  وتم الكشف عن فضائع لا تصدق وصدر في نفس العام كتاب (المنحرفون) عن  وزارة  الاعلام  في ذلك الوقت يبين اساليب الاعتقالات الكيدية  والتعذيب والاغتصاب والقتل ويصور فضائع  تلك الفترة ، و تضمن الكتاب صوراً لأدوات التعذيب من آلات قطع الأصابع إلى الخوازيق التي يجري إجلاس المعتقل عليها، إلى العصي والهراوات وألكيبلات ، واغتصاب الفتيات والسيدات، لأخذ الاعترافات منهم والاعتداءات على الناس والسرقة. كما تم الكشف عن العديد من ألمقابر  ألجماعية  من ضحايا فترات الحكم البعثي و لغياب الروح الأنسانية عندهم ولم تكن تجمعهم عقيدة او أيديولوجية  إنما  الجبن والخوف و إلاجرأم  والحقد الأسود. عبدالخالق الفلاح

175
اعادة الحياة لداعش من خلال البرلمان
يظهر ان الاحداث اخذت بالترابط بعضها مع بعض والتصريحات تنم عن تطورات جديدة في تصاعد والتفجيرات والاعمال الارهابية التي تقع هذه الايام وما تحدث من ارقة للدماء العراقية البريئة هي ثمن المطالبات المحقة لاخراج القوات الامريكية والاجنبية من العراق ...ولاشك من ان  التصريحات التي ادلى به رئيس مجلس النواب محمد العلبوسي للقنوات الفضائية حول الموازنة السنوية التي مررها مجلس النواب في اضافة مبالغ في الميزانية السنوية ، مخصصة للوقف السني لحل الخلافات العشائرية ( الفصل العشائري)  من اجل عودة العوائل الداعشية الى مناطقهم والتي تواجه عودتهم معارضة من قبل العشائر وللحقيقة انها كارثة  يجب ان لا تمر دون النظر اليها بجد بسبب هذه الخطوة الغير مباركة والمادة تخالف الدستور اصلاً ولان الدواعش قد عملوا على غسل عقول تلك العوائل صغيرهم وكبيرهم وهي تضاف الى المقولة التي كثر الحديث عنها من ان المجاميع الارهابية للداعش قد انتهت عسكرياً ومالياً وهي شعارات انتخابية تطرحها تلك القوى من اجل كسب اصوات هذه العقول النكرة والحصول على تعاطف ابناء هذه المناطق وهي من نتاج و تخطيط أجهزة المخابرات الدولية وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الامريكية باعتراف مسؤوليهم، وهذه الأجهزة تشعرت أن الحكومة المركزية العراقية ضعيفة تستطيع تمرير اي مخطط و  قد تستغل الخلافات الداخلية لإعادة إحياء هذه العصابات من جديد وبشكل اقوى في ظل ضعف سيطرة الدولة على الامور ، نعم قد يكون قد انتهى هذا التنظيم في مواقع كثيرة بطردهم من مدن وقصبات وخلت بعض المحافظات بعد تعاون ابناءها مع الحكومة في الدفاع عن اهلهم والتي كانت تحت سيطرتهم مثل الموصل والانبار وصلاح الدين واكثر من منطقة من ديالى واعتقل المئات منهم وهروب الالاف الى دول اخرى وخلايا نائمة تسمى «الانزواء النشط» وملئ انوف الكثير من الأطفال رائحة الدم والشباب على التشفي بالقتل ومن حيث المضمون فهو ما زال جاهزاً أن يطل برأسه عبر محاولات عديدة واراد المحتل حتى الآن لم تتحقق وقام يربط القوى السلفية والبعثية العراقية بهذه المجموعات الصغيرة، وقاد تحالفاً دولياً مكوناً من 79 دولة "لمحاربة" هذا التنظيم الذي سيطر على مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا كما ادعى كذباً، وارتكب في مناطق سيطرته انتهاكات بشعة وخطيرة ضد السكان المدنيين امام اعين هذه القوات ودعمتهم لوجستياً ولا زالت كذلك رغم قلت عددهم، قد تُرقى إلى جرائم ضد الإنسانية ولانه  لم تتحقق مطالبه بكامله لذلك فإنه "سيعود بأشكال أخرى"... ومجموعات أخرى كلفت بالعودة إلى بلدانهم لتشكيل مجموعات إرهابية جديدة وكل ذلك يدل من ان التنظيم  لم ينتهي بعد انما يتعلق الامر بالاموال والايديولوجيات ومنهجه وعسكرياً يمكن أن تُغير واقعاً على ساحة معركة، لكنها لا تغير أفكاراً ومعتقدات يتداولها البعض من الساسة المتواجين في العملية السياسية عبر أدمغتهم وعقولهم.او قد انهزم بشكل كامل، او أنه انكفأ وتراجع، او إنتهاء ظاهرة الحركات العقائدية المتطرفة، أو التنظيمات التي تُمارس العنف ، ان من يريد  القضاء على الفكر المتطرف الذي يجنح نحو العنف عليه بالضرورة أن ينهي الجهات التي وقفت الى جانبه سياسياً ولديهم علاقات مع داعش و السعودية و قطر و ماشابه ذلك ومستمرة وبشكل غير مباشر حتى هذه اللحظة في استغلال المنابر الدولية للاطاحة بالقوى التي تمكنت من ان تقضي على هذه المجموعات في ساحات المعاركة بكل شرف  وفي الوقت الذي تتعاون فيه الولايات المتحدة وقوى غربية وعربية في الخفاء مع هذه المجموعات  وتقدم لها الحماية ، وكذلك من السياسيين في الداخل الحكومي وعلي وزن كبير و بين المستشارين و امثال تلك العناصر الموالية لحزب البعث التي قد تربعت في العديد من المؤسسات مثل مجلس النواب العراقي وتشارك في المؤتمرات العربية والاقليمية لتوزيع التهم الباطلة وتطالب بمواقف استجدائية انتخاباتية مساعدة الشعب العراقي لانقاذه من القوى الخيرة التي طهرت اراضي الوطن من هذه المجموعات وقدمت الدماء في سبيل ذلك دون منة ويقود هذا المسار البعثي المخضرم الدكتور ظافر العاني البوق المدافع عن صدام حسين في حين سقوط النظام البعثي عام 2003  واليوم يظهر بلباس داعش من خلال خلق أزمة كبرى في العراق و إستغلال قابلية التحريض السني – البعثي لإكمال هذه العملية وهو رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان واستغل وجوده في اجتماع مؤتمر المجالس العربية الاخير ليقف بكل وقاحة ويطالب المجلس انقاذ العراق من يد الحشد الشعبي ويسميها " الملشيات " دون خجل فيجب طرد هولاء من دواعش السياسة من الحكومة و البرلمان و المناصب العليا وعزلهم عن الواقع العراقي الثقافي والسياسي والعلمي وجميع المجالات لخطورتهم المستقبلية   "والمعروف من ان مجلس البرلمانات العربية الصوري لم يستطع حل موضوع الخلافات الخليجية ولم يتطرق اليها"، او الاطراف التي لا تؤمن  بالديمقراطية وتشارك في العملية السياسية تحت مظلة قبول الآخر زوراً وهي غير مقتنعة بوحدة الوطن والتنظيم  اساساً نشأ في منطقة يغلب عليها سمات الطائفية والفقر والصراعات وغياب جهود التنمية، وفي ظل استمرارية هذه الظروف فإن الأفكار المتشددة قادرة على التحور مع تغير الظروف، كما أن الحروب والظلم والقهر والفقر والطائفية، بل الكراهية الدينية الصريحة تعد العوامل الأساسية لانتشار مثل هذه التنظيمات والأفكار؛ حيث تبنى التنظيم استراتيجية للانتشار أفقيًا وعموديًا، إن العوامل البنيوية التي ساهمت في ظهور "داعش"، ابتداءً، هي لا تزال على حالها ومستعدة لتوفير الارضية الازمة لعودتها ولديها القدرة على زعزعة الامن بشكل محدود وهذا ما يتم بتوجيه أميركي. وهذا يأتي بهدف إستمرار تواجد القوات الأميركية في العراق.، وهي زادت تطرفاً، وأصبحت أكثر وضوحاً وسوءاً مما كان من قبل، وجميعها عوامل قد تدفع إلى ظهور تنظيماتٍ أكثر تطرفاً من "داعش" وأخواته وبتسميات جديدة لوبقيت هذه الشخوص في العملية السياسية وحيث تكون اذرع لنشر الطائفية بحقدها الاسود وتعتبر الأراضى والأعراض والأموال وبيوت العبادة لكل أصحاب المذاهب والديانات الأخرى«غنائم حرب» وقد يعود اكثر فتكاً
عبد الخالق الفلاح
 

176
العلاقات التنكرية.. والصراعات النمطية
تنمية القدرات الفكرية والبحثية في التعاطي مع القضايا وانعكاساتها ودراسة مقررات التخصص في القضايا المنهجية والنظرية المحورية في مجالاته المعرفية المختلفة، و أساليب التحليل الكمي والإحصائي والقياس واستطلاعات الرأي والتي من خلالها ومعها يتحقق ليس فقط تحليل العلاقات الدولية بصورتها الراهنة - بل يمكن التنبؤ أو الاستشراف أو الوقوف على طبيعتها المستقبلية من خلال المعطيات المتاحة في حالة تحقق شروط أو افتراضات التحليل دون حدوث أحداث قاهرة أو فوق مستوى التوقع، مع وضع وتحديد البدائل في حالة تغير الظروف والأحوال أو الافتراضات التي بنيت على أساسها تلك التحليلات و فضلًا عن تناول السياسة الخارجية والعنف السياسي الذي يتصاعد يوماً بعد يوم والاسباب والدوافع ومن يقف ورائها  وسياسات الدول في العالم والشرق الأوسط  والدول العربية وهي من المهام التي يجب ان لا يتوقف الشخص السياسي في نقطة انية معينة منها فقط ، انما عليهم الانتقال الى ما يخبئ المستقبل لها و القراءة الأولية لخارطة التحول والانعطاف في السياسات للدول الإقليمة هذه مع العراق حالياً والتي اتسمت خلال السنوات الخمسين الماضية بالتوتروعدم الاستقرار والتأزم وحرق اليابس والاخضر فيه ان الانفتاح السياسي للكاظمي باتجاه السعودية والامارات حالة في غير محلها وغزل غير عذري ولا تبني وطن يحلم بها كل عراقي ابي و
 العراق بحاجة الى نهضة ملحمية استثنائية ترسم اطر الدولة بفصولها ورؤية قيادة رشيدة رامية إلى إحداث قفزة في مسيرة بناء الإنسان والوطن وتوظيف القدرات والطاقات البشرية من أجل صناعة غد مشرق، واستهام افاق النجاح التي تنطلق منها اسس مسيرة بناء وطنية تسابق الزمن ويستمر زخمها إلى الأجيال القادمة لتحقيق ريادة الدولة في كل المجالات ،هذه الزيارات هي  تفاعلية ثنائية الأوجه أو ذات نمطين الأول منها هو نمط تعاوني مؤقت لعبور مرحلة انية والنمط الثاني هو نمط صراعي إلا أن النمط الصراعي هو النمط الذي يغلب على  هذا التقارب برغم من محاولة إخفاء أو التنكر لتلك الحقيقة ، بل أننا يمكننا القول أن النمط التعاوني الذي قد تبدو فيه موجهة لخدمة صراع  قادم أو نمط صراعي آخر قد تديره الحكومة الحالية ومجموعة هذه الدول للتغطية على مخطط جديد اوطبخة معدلة ، والنظرة الى إعادة التموضع في هذه السياسات تشير إلى ملامح متعارضة المصالح والأهداف والتفاعل المعقد بينها في احيان كثيرة ومن المستبعد أن تزدهر الصلات بينهما شعبياً  قبل أن تتوقّف تلك الحكومات عن النظر إلى العراق من خلال عدسة  تغلب عليه اعتباراته الأمنية الخاصة والطائفية وكيفت اختراق التجانس المتوطن بين مكوناته بالاعتماد على الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى الكاظمي والتي تفتقرالى القاعدة الشعبية وثبات الارضية وقد تحمل في طياته محاولة من إحداهما التأثير على قرار الأخرى وتوجيه سياسته بما يخدم مصالحهم أو تكبيلها بمجموعة من القيود التي تتراكم كنتائج للتأثير والنفوذ ومحاولة افشال العملية السياسية.
ان معظم التحليلات والنظريات في العلاقات السياسية الدولية تركز كلها على النمط الصراعي منها انطلاقاً من دوافع ومحددات مثل القوة والنفوذ والمصلحة فضلاً عن الدوافع الشخصية ،وليس هناك من شك فلن تكون الحكومة الحالية هي الحكومة المقبلة التي سوف تنبثق من خلال الانتخابات القادمة حتى وان وصلت هذه الدول إلى التلاقي في الأهداف والمصالح الشخصية على الاكثر مع رجال الدولة ،وبلاشك أنّها نظرة قاصرة لجوهر العلاقات الدولية التي تعكس اليوم ساحة واسعة ومتشابكة من التفاعلات بين الدول وهي تؤسس لسياسات ومصالح دول معينة ترسم بين هذه الاطراف التي يبدو أن تنامي مجموعات الإرهاب بدعم وتشجيع أو اختراق وتوظيف استخباري من قبل بعض البلدان على دول اخرى التي  لم تستنفد أغراضها السياسية والأمنية لهذه الدول بعد، كما أن تأزيم المنطقة وتدمير بنيتها السياسية والتحتية، وتشريد ملايين السكان في عملية تحول ديمغرافي خطيرة والتجزئة عبر الترحيل القسري لن يتوقف عند هذه الانظمة انما تبتعد اكثر من ذلك،
عبد الخالق الفلاح..باحث واعلامي

177
النصيحة والمعاملة وتهمة الاسلمة
ان المنظومات الأخلاقية والقيمية والسلوكية، من أهم أركان الاديان السماوية والوضعية على حد سواء وكذلك من أهم مقومات النظم الحضارية الساعية الى خير المجتمعات، عن النَّبيّ - صلى الله عليه  واله وسلم -، قَالَ: ((الدِّينُ النَّصِيحةُ)) قلنا: لِمَنْ؟ قَالَ: ((لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ، لانها لا تضمن تنظيم اخلاقيات وتعاملات المجتمعات فحسب، بل تؤدي أدوارا فكرية وثقافية وتربوية وتنموية وتساهم بدور جوهري في بناء المجتمع الصالح وقيام الحضارات وصناعة النهضات البشرية.
النصيحة لله هي الإيمان بالله وحده وأنه لا إله لمعبود بحق لسواه وصرف جميع العبادات والأعمال له جل وعلا وأما النصيحة لكتابه فهي الإيمان بأن هذا القرآن هو كلام الله نزل به الوحي الأمين على سيد المرسلين صلى الله عليه واله وسلم ونصيحة رسوله هي محبة والالتزام بهديه وسنته والسير على منهاجه وعدم الابتداع في ملته، والنصيحة لأئمة المسلمين هي طاعتهم بالمعروف وفي غير معصية الله والتعاون على البر والتقوى معهم، والنصيحة لعامة المسلمين هي بذل الخير لهم ونصيحتهم وتعليم جاهلهم وإرشاد ضالهم ودفع الظلم عنهم والسعي لجميع مصالحهم ومن هنا فأن كثير من الناس يؤدون فرائض الدين دون أن ينتبهوا إلى معاملتهم مع الآخرين ، والمعنى الحقيقى لتلك الكلمة " المعاملة " التي يشهدها الناس من حكوماتهم ، فأن حسنت حسنت المجتمعات ، وان ساءت، ساءت المجتمعات و منها معايير حقوق الإنسان القوية التي تشكل حجر الأساس في بناء مجتمعات شاملة بالاشتراك مع الشعوب الأصلية.  الشعب العراقي يعاني اليوم  من الفقر أكثر من غيرها، والتجربة الانتقالية لم تثبت بعد قوتها وصرامتها و الشعب يواجه تمييزاً منهجياً وإقصاءً من مواقع صنع القرارات الاقتصادية المجحفة بحق شعبها ولقمة عيشهم وقرارات فوقية من زوايا غير واقعية هدفها التغطية على فشلها  السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعجز في تحقيق الموارد للميزانية بسبب الفساد الذي يشوب صرفها وعدم تمكنها من تحقيق اية استثمارات او انجازات واقعية ملموسة بالمقابل يكون هناك هروب للاستثمار من اجل ذلك كلة تتفشى السلبية وتقل الانتاجية ويزداد الفساد ويسبب تقاغس المواطنين عن اي مشاركة سياسية او اجتماعية، ومع الاسف تنسب حكومتهم الى الدين والتسمية التي يطلقها البعض عليها من الكتاب ظلماً وحقداً على الاسلام والدين منهم براء والاحزاب التي تسيطر على القرار هي بعيدة كل البعد عن الاسلام انما تعتشاش على هذه التسمية و لا يزال الظلم والجوع والفقر يهيمن على سائر مدنهم وتشهد فجوات واسعة بين الالتزامات المتعلقة بحقوق الانسان والوقائع التي تواجهها الجماهير
موجعة والحياة مليئة بالمشاهد المتناقضة ، فكثيرا ما تجد رجلا مسؤولاً سمته لا يعبر الا عن الدين في الكلام والاخلاق بين المجتمع ومن خلال معاملة بسيطة يكشف عن وجهه الحقيقى في الارتشاء والسرقة والتعامل مع المافيات ولطالما اعتمر وحج ، ويأكل اموال الناس بالباطل ويظلم ويشتم هذا ويسب ذاك ويقوم  الليل ويغصب ميراث إخوته في وضح النهار و يتكبر ويتجبر على الاخرين ،و يتظاهرون بالتدين و أنهم أبعد مايكون عن التدين و هناك أخطاء جسيمة يفعلونها مع الناس ويتلذون بها ويؤدون الشعائر والفرائض في أوقاتها ولا يتكاسلون عنها، ولكن لو نظر أحدنا إلى سلوكهم وتعاملهم مع الناس لوجد ما يتناقض مع ذلك ، وترى آخرين بالمقابل لا يصدر لك تدينه وتجده رجل متدين من الطراز الاول بسبب معاملته الحسنة مع الناس واعطاء كل ذي حق حقه دون كلل او ملل وحسن التصرف ولذيذ المعاملة مع زملائه والمراجعين ومنكف على انجاز المعاملات بكل اخلاص في حين يتأخر ويتهرب الاخر من المسؤولية  ،والحقيقة ان  الدين جوهر لا مظهر فقط، وأن الدين المعاملة وليس شعائر فقط، وأن الدين  هو العمل وإتقانه والخلق الرفيع والنظام والنظافة وحسن الأدب وترك الكذب ونبذ الفحش من القول، فلن يغير الله حالهم، فالله لا يغير ما بقومٍ، حتى يغيروا ما بأنفسهم وثمة فرق بين منظومة معاملات مبنية على المصالح والمنافع ويحددها ويرسمها المتنفذون.. ومنظومة أخرى مبنية على العدل بإطلاقه والاحسان بجوهره والرفق بمنتهاه، ونابعة من صميم ضمير الإنسان وروحه وعقله عندما يكون الضمير والروح والعقل والجوهر مبنية بناء متماسكًا عبر رسالة سماوية شاملة ودين إنساني جاء لخير الإنسانية جمعاء.
الإيمان الحقيقي يتجسد في حسن الأخلاق و شاء الله تعالى أن تكون النصيحة أساسا للدين ، بل هي الدين نفسه الذي ابتناه الله سبحانه على نزاهة الني و القصد ، و طهارة السريرة من الغش و الحقد و امتلاء الضمير و القلب بمحبة الله و دينه و خلقه ، واشتغال العقل،و قال  نبينا الاكرم صلى الله عليه  واله وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) البخاري ومسلم، (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به( الطبراني) فالإيمان تجسد في أخلاق وفي فضائل وفي قيم الانسان السوي 
عبد الخالق الفلاح

178
التجبر والطغيان من اثار الفساد والظلم
     
الظلم أسوء الظواهر الاجتماعية وحالة سيئة نتائجه وخيمة ولا فلاح ولا خلود من بعده وله اشكال وصنوف متعددة والظلم والفساد تنبذه جميع السنن والشرائع وهما حالتان لا تفليحان ولا تصلحان اي مجتمع، والمواطن عندما يجد نفسه امام حالة من الفساد قد تخلخل في مفاصل الدولة ووصل  لجذورها وشعيراتها اذا امعن الحاكم  في ظلمه وفساده فلا يستوجب السكوت واطاعة اوامره،وقال سبحانه وتعالى:
 "ولا تحسبن اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الابصار ُ" 42 ابراهيم، وقال سبحانه وتعالى "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والْإِحْسَانِ 90 النحل وقال أيضا "أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيم " 45 شورى ٍوقال رسولنا الكريم صلي الله عليه واله :(اتَّقوا الظُّلمَ، فإنَّ الظُّلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، واتَّقوا الشُّحَّ فإنَّ الشُّحَّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءَهم واستحلُّوا محارمَهم).
اذاً الظلم من موجبات غضب الله تعالى وسخطه رسوله الكريم ، فان الله الذي حرم الظلم على نفسه وتوعد الظالمين شر وعيد فكيف به اذا كانت الناس للناس ظلماً .
ويقول الشاعر اسامة بن منقذ" يجمع الظالم والمظـلومَ بعد الموتِ حَشْرُ حيث لا يمنع سلـنٌ، ولا يُسْمَعُ عُذْرُ**
 أَوَ مَا ينهاكَ عن ظُلـمك موت ثم قبر بعض ما فيه من الـهوالِ فيه لكَ زَجْرُ**
والشعب اي شعب يجب ان لا يبقى اسيراً  للخيارات التي يفرضها الفساد والظلم بل لا يجوز له ان يكبل نفسه بما توحيه مجاميع واحزاب الفساد والظلم اليه بان لا طريق في الحياة الا عن طريقهم تحت عناوين متعددة كعنوان افضل السيئين او اهون الشرين او ما الى ذلك، فسيرة الانبياء والمصلحين  نرى عندهم دوما انهم شقوا الطريق لخيارات جديدة بعيدا عن ارادة الظلم بعد ان اجهد الظالمون انفسهم لاقناع الجمهور بالاستسلام لخياراتهم ، والظلم بين الناس أشكال ودرجات، فليس من ظلم وندم وطلب العفو وأعاد الحقوق لأهلها فتاب كمن ظلم واستمر في ظلمه فتجبر وطغى. ولعل أعتى الظالمين والطغاة عبر التاريخ كانوا من الحكام وممن وُكلت لهم أمانة العدل بين الناس والسهر على أمنهم وأمانهم وعيشهم الكريم.
قال تعالى: ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ) 113 هود قال تعالى:( والله يعلم المفسد من المصلح. صدق الله العظيم )220 البقرة.
 الظلم ينشأ عن اعتداء معتدي على بريء، ولان المظلوم يقيناُ يشعر إن الله ناصره لا محالة يسلم أمره لله ، كما انه يولد القهر ورد الفعل المتهور أحيانا لذلك تعوذ الرسول (ص) من قهر الرجال، كما هو ألان الامم تتعوذ من ظلم الحكومات التي تمارس ابشع الخيانات والمظالم بحق  شعوبهم دون حق وذلك بتبني الفاسدين واللصوص الذين يتلاعبون بالمال العام والخاص بالدولة والمواطن معاُ تكون أثاره كا رثيه على الوطن والنظام مباشر وغير مباشر.
لقد كشف تقرير للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا – أسكوا كمثل أن الظلم في العالم العربي هو عنوان ومسلكية ومنهج ونظام سياسي وإجتماعي وإقتصادي ، وكشف التقرير أيضا أن الظلم في العالم العربي هو الذي حال دون إحقاق التنمية المستدامة وحول العالم العربي إلى زنزانة كبيرة ، ويؤكد التقرير الى إن واحدة من أهم عوامل إنهيار الدول والمجتمعات يكمن في إنتشار الظلم والقهر، وهو مخالف جملة وتفصيلا للفطرة الإنسانية والمبادئ الإنسانية، و الظلم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمنيّ وبمختلف أنواعه وحالاته هو مجلبةٌ لغضب المولى عزّ وجلّ، والسبب الرئيس لانهيار الدول والمجتمعات. وقد أهلك الله أقواماً وقروناً من الناس قبلنا، وما زال يهلك فقال سبحانه ".الأمم لوجود الظلم في الأرض" إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ ۗ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ.
ان أم الأمراض النفسية وبؤرتها هي أن تترفع عن قبول أن ينطبق عليك ما ينطبق على الآخر، و أن تعطي لنفسك امتيازات لا يتمتع بها الآخرون،و قديماً قالوا: قد أنصفك من ساواك بنفسه ، فهل يمكن لنا أن نقبل المساواة ، و هل نجرؤ على تحمل تبعة هذه الفكرة و إلى أي مدى يمكن أن نقبل المساواة و عند أي نقطة سننكص عن الاعتراف بها وسنرفضها ، و هل يمكن لأحد أن يقدم الدليل على قبوله بهذه الفكرة ، من غير أن يكون قد قبل فكرة ابن آدم و هل عندك استعداد لأن تقرر هذه القاعدة ، واليوم نشاهد البعض من الشعوب  تحاصرها النيران من كل جانب ولا تحاول حتى أن تصرخ.. وتحيط بها النكبات من كل مكان ولا تحاول حتى أن ترفض.. ويحكمها الشر وترضى .. ويسود فيها الصغار وترضخ .. ويذبح فيها الشرفاء كل يوم ...وتضحك... "ان عظمة المسؤولية الملقاة على عاتق الشعب ستكون اكبر من كل الصعوبات التي قد يواجهها في الحراك الاجتماعي والسياسي في هذه الحالة ويجب العمل على تحدي كل المعوقات فهي واهنة واصحابها واهنون والا لما احتاجوا الى ان يستخدموا اساليبهم الظلمة و الجور والقمع والتعسف"، ويقول تعالى في كتابه الكريم": مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ، وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون.."41 العنكبوت..
عبد الخالق الفلاح

179
الفاسد و المفسد و القيم الاخلاقية
الفاسد هو الذي فسدت ثقافته فيندفع بارتكاب جرائمه و ضرره وسيئاته عظيمة وهائلة ومؤذٍيه للمجتمع ، والمفسد هو الذي يدعو إلى الفساد وإلى الشر و يشجع عليه و ينميها بين الناس ويخلق البيئة والمناخ السرطاني له و يشرعن المال الخبيث ويطهره وهم وجهان لعملة واحدة  و ليس الغريب أن يصاب مسؤول ما في الدولة بالفساد لكن الغريب أن ينتشر الفساد بشكل عشوائي كما يحدث في العراق  الذي امسىى ضحية للفساد المستشري وساحة موبوئة به من قبل الفاسدين والمفسدين على حد سواء،المواطن هو الضحية الكبرى والذي يعاني من هذه المعضلة لحدوثها لأن الثقة المعطاة من قبله للطاقم السياسي المتمثل بالقوى السياسية هو في غير محله ، ولا يتوقع من القيمون عليه الخير وتكمن الخطورة في ان يركب المواطن بغير علم موجتها فاسدا كان أو مفسد ويأتيك في هذا الوقت العصيب و المفصلي الذي يمر به الوطن و المواطن من يعبث بأقداره و يشتري الذمم الرخيصة المعروضة للبيع مقابل حفنة من الدنانير او الدولارات او اي منفعة اخرى،او يشيع بين حين واخر اتهام المسؤولين البعض منهم للاخرين بالفساد نتيجة الخلافات الشخصية او بسبب الاختلاف حول نسبة الفائدة او الخلل في تقسيم الموارد المتفق عليها ويشبعها شحناً ،ومع الاسف اصبحت ثقافة عامة وسلوك للاطاحة بالبعض على حساب المجتمع وهي اساليب رخيصة  انتشرت حيث بدأت من الفضائح والاتهامات الكبيرة التي تنعكس على احزابهم وكتلهم  قبل غيرهم و تدفع عن المرشح للانتخابات الملايين من الدولارات من اجل الوصول الى قبة البرلمان و حين ارتقى تحول من فاسد الى مفسد بعد ان تاجر بالذمم ، وطمح الى الإرتقاء لرتبة الإتجار بالوطن و مواطنيه و مقدراته دون ان يحسب حساب بأن الوطن ليس لشخص او جهة بل هو للجميع ، و لمن يحبه و يفتديه ولمن لا يبيعه او يتاجر به.
أن المجتمعات المتحضرة هي التي تعتني بثقافتها وتنميتها وبأحترم القانون وتعتبره جزء من مفهومها وتعتبرعلاقتها جدلية بين مفاهيم السلوك العام ، والانضباط السلوكي ، والأخلاق العامة ، والالتزام الذاتي ، والخوف من القانون أو العقوبة ، والبعد التربوي للقانون الذي اصبح العراق يفقر اليه وهو في اشد الحاجة لان يعاد الاهتمام به في الدرس والعمل عليه من قبل الطبقات المثقفة والدراسات العليا .
ليس هناك من يسلم من ارتكاب أخطاء أو تصرفات سلوكية سلبية تتفاوت حدة رفضها هنا أو هناك، وهي في معظمها تدل وتعكس على وعي الشخص ونضجه والتزامه من عدمه ، وهناك الكثير من الشرائع الدينية و القوانين التي تعلم وتدعوا الناس بالسلوك المنضبط والخلق الطيبة وتحث عليه كما هو في الاسلام ديننا الحنيف والديانات الالهية الاخرى ، أو الذي يتمشى مع نظام المجتمع ، أو مؤسساته الاجتماعية ، ولكل مجتمع ثقافته وعاداته وتقاليده وأعرافه ، فقد ينتقل الشخص من مكان لآخر، أو من مجتمع أو دولة لأخرى ، ويكتشف أن المجتمع الجديد له ثقافته وعاداته ، وقوانينه ، وانصياعه لهذه العادات والقوانين تصبح عادة سلوكية اعتيادية في حياته ، ومن خلالها فقد يتعلم أشياءً جديدة.
المجتمعات المتحضرة تعتبر الانضباط في كافة مفردات سلوكياتها اليومية جزء من ثقافتها العامة ، ولأن الالتزام الذاتي بالقوانين المنظمة لحركة المجتمع قيمة أخلاقية في تلك المجتمعات و هي التي تعطي قيمة حقيقية للإنسان وقيمة من قيم بنيانها الذي لا يمكن التخلي عنه أو الانفكاك منه بل يعتبرون من يتبع القانون ولا يتجاوزه أو يكسره يؤدي واجبه ولا منة ولا فضل له عليهم ،
ويجب الثبات في عدم الإسراف و إلى عدم أذية الآخرين و القدرة على التعايش مع الأطراف الأخرى ، إلى التمثل بالقدوة الحسنة إلى التدين المتوازن و المعاملة الحسنة للمرأة والطفل ،إلى إحساس الرجال والنساء بدورهم في المجتمع ،إلى قدرة الفرد على تعليم وتربية الأبناء لانهم بناة المستقبل وهم الأمل و العون.
وصف المجتمعات المتحضرة عكس أوصاف المجتمعات المتخلفة حتى ان لم يأت ذكر تلك الأوصاف في المجتمعات المتحضرة والمتقدمة ، والمجتمعات التي تفهم القانون يعتبرون الخارج عنه بمثابة المجرم الذي قد يسيء للمجتمع بأكمله ويلوثه ، وذهب آخرون لاعتبار أن المجتمع المتحضر هو من يحترم أفراده الوقت وقيمته ولا يتهاونون في التعامل معه ولا في استخدامه بشكل مثالي لترتيب أمور حياتهم باعتباره معيار هام لتنظيم وتمهيد الطريق نحو السعادة المنشودة من خلال تحقيق الهدف المرسوم والمنشود . ومن هنا نود الاشارة الى ان المجتمعات الحية تؤمن بالنقد وتعتبره مطلب إنساني لمواجهة الانحرافات والأخطاء التي تتسلل إلى حياة الشعوب والأمم والأفراد.
السلوك المتحضر قيمة أخلاقية واجتماعية كبيرة ومهمة من قيم المجتمع. وغالباً ما يأتي السلوك كنتيجة طبيعية للفكر الناضج السليم وليس العكس، ومن ثم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الوعي والمعرفة ، ولعل قمة حالات السلوك المتحضر، أن يكون الانسان هو نفسه هادفاً رئيسياً للاصلاح والتهذيب.
عبد الخالق الفلاح
 

180
الفيليون... الثمرة لا تبتعد عن الشجرة
تتعرض الامة الفيلية لعملية المخاض الكبرى و تواجهها العديد من التحديات القادمة الجسام المختلفة تجاه الوفاء بالحق في انتخابات حرة ونزيهة و المرشحين الذين يختارونهم لتمثيلهم أو يحددون بواسطتها رأيهم فيهم والتي تعترض طريقهم بشكل طبيعي وتلقائي بحكم طبيعة المخاض والتحول، يأتي في مقدمة ذلك تحدي التفكك السياسي  فتجعلها سهل لا تتقاطع مع أهدافها وتطلعاتها وطموحاتها السياسية، وليس هناك من شك ان الرضوخ لظلم المسميات العابرة وتحت أي يافطة اذا لم تكن مثمرة  تمسخ الشخصية وتفسدها وتمزقها، والانتخابات باتت قادمة وقاب قوسين او ادنى فلا تستطيع أن تعتمد عليها بعدها في أي شأن و يتطلب همة عالية والتي تعكس في نهاية الأمر ارادتها - وأن يدلي الجميع بأصواتهم بطريقة واعية وسريّة دونما خوف من بيان حقه ؛ وأن يتمكّن المسؤولون من إدارة العملية بنجاح ، وأن يقوم المجتمع المدني والإعلام، بواجبه في توعية المكون بهدف حماية مختلف جوانب الانتخابات وانتخاب الشخصية المناسبة التي تتحدث باسمه وتدافع عنه ، لا سيما في المطالبة بالحقوق، وذلك لأن الانكسار الذي يشعر به المقهوراذا ظل يحوم حوله ، يقتل بداخله الرغبة في الحركة التي يتطلبها التدافع في مجتمع السياسة العراقي اليوم ، والذي يعد السبب الرئيسي في حركة التاريخ ، والإنسان السوي لا يستطيع أن يتعايش مع الظلم، بل إنه ينظر اليه كوباء حل به وبقومه، وواجب عليه ان يطرق كل السبل كي يعالجه قومه من أثاره المدمرة، حتى لو أن هذا الظلم لم يلحق شخصه أو أحدا من أهله، فالحر مشكلته مع الظلم والظلمة أكبر من أن تكون مشكلة شخصية و من ينتظر أن يمس الظلم شخصه لكي يثور أو يغضب، هو أبعد ما يكون عن الحرية .
إننا كأمة فيلية كوردية اصيلة اليوم في أمس الحاجة لفهم هويتنا ، وفقدان المعرفة بها  قد تؤدّي إلى تآكل نسبي لمعالمها إذا استمرت الأسباب التي تنخر في جدارها ، ما يتطلّب معه تحرّكات جديّة على أعلى المستويات،فردية وجماعية ببصيرة واتخاذ المزيد من الخطوات التي نحافظ على هذه الهوية في مواجهة اي تأثيرات تحاول مسخها وترسيخها في الوجدان، لأنها أساس التأصيل  ويزيل التأويل و المنهج السليم علي الطريق المستقيم حتى اذا كنا نحمل "ايديولوجيات مختلفة "ولكن الهوية دائما هي مستقبل في تشكلها و مصادرها عميقة في أنفسنا منذ النشأة  ومن الضروري تطوير معناها بحيث تصبح باقية في الحياة باستمرار، صلبة الاسس ويجب المحافظة عليها في النفس، التي نحن بحاجة ماسة  لها لربطها بشكل حقيقي لفقه الإنتماء للشعب الكوردي و المواطنة، ولأننا بحاجة ماسة لتأصيل محبة هذه الامة، وغرسها في نفوس الشباب، بعد ما اجتاحتهم رياح التغير وعواصفها القسرية التي اثرت في روحية الاباء . والتركيز على تركيبة التكامل لها وكيفية بنائها، وفق مفاهيم مضمون النتائج وواجبات لصيانة حقوق الابناء، وكيفية الرقي بها، وفق منظومة من أساس العقيدة الي العلوية بقيمها ونظمها ومبادئها التي وضعتها الانسانية،والله خالق البشر متساوون  والعلم بمن خلق، الذي يفيض بالقيم النبيلة، تحت راية دين الرحمة والسماحة، دين الأخوة والتعاطف، دين التعايش و التفاهم مع الآخرين، للرقي بالمجتمع، والنهوض به من غيبوبة التشرذم، وتشويه صورته، وسلب حضارته، وزعزعة ثقته، وطمس ثقافته، وجره الى إلانقسامات، المستهدفة للنيل منه.
الامة الفيلية تدرك اليوم تمام الإدراك أنها تمرّ بمرحلة عصيبة شديدة عليها وعلى أبنائها؛ حيث أصيبت بالتبعية والضعف والهوان والمذلة نتيجة المعاملة القاسية التي عانت منه طوال سنوات الدول العراقية وازاداد الظيم عليها شراسة في زمن نظام البعث من تهديد وتشتيت وقتل ونهب وسلب الحقوق مما جعلها من الضعف فكانت عُرْضَةً للمعاناة والشتات ؛ فلا بدّ من وحدة الصفّ بين أبناء المجتمع الفيلي الواحد الذي تكالب عليها أعداؤها وعملوا على تفريق شمله، وتمزيق بنيته، وعليه ان لا يبقى في هذه الدوامة انما يصحوا في لحظة ما ويتحول الى  شعلة من النشاط، ويحمل في ضميره وبين اضلعه بارقة الأمل في بناءِ أيّ مجتمع وأيّ أُمّة، حتى اذا انتهكت حرماتها في زمن ما، وضُيِّق عليها في حياتها يجب ان تصحوا للعطاءً وتلملم جراحها ولا تبقى خاملاً، وتحافظ على مقوماتها الثقافية ، فكرًا وأخلاقًا و هو الركن الرئيس في أي امل لبناء الحياة و أساس التقدّم، و الرقيّ، وهو ركن للتحضّرو لا شكّ أن للقيم أهمية في بناء المجتمعات والأُمم، وأي أمّة تتنازل عن قيمها وأخلاقياتها لا تستمرّ ولا تدوم، وإذا دامت فترة لا يُكتب لها الخلود، فالمجتمع الملتزم بالقيم مجتمع يجمع بين الرقيّ والأمان، والاحترام والتقدير.
ان النقد بشكل عام لا يعتبر امرا سيئا على الاطلاق وخاصة اذا كان ايجابياً وهو الأسلوب السليم الذي يستخدمه النقَّاد الذين يسعون الى الاصلاح بهدف تحسين العمل وتلافي الأخطاء، بشرط ألَّا يكون هذا الانتقاد لتسليط الأضواء على الجوانب السلبية فقط؛ ولا يمكن لأيِّ شخصٍ أن ينتقد إذا لم يكن على درايةٍ كاملةٍ بالموضوعية، فمن الضروري أن يكون النقد والمعرفة متلازمان و يلعب الضمير دورا مهمًّا و من الضرورة العمل على تطهيره من كل الشكوك التي قد تسبب تلوثه بسبب ظروف معينة وعوامل مختلفة وبهذه الطريقة سنتمكن من زيادة النقاط الناجحة على حساب النقاط السلبية وهذه هي الطريقة الوحيدة للتطوير وهذا الذي نبغي اليه في هذا المقال  وعند الانتقاد يجب أن نتفادى الاساءة والكرامات دائما مُصانة. وهذا أمر مهم لأنه سيذكرنا بأن السبب الذي يدفعنا بوقف الأمر السلبي من الحدوث مرة اخرى هو لصالح والمساهمة في العمل، ولِذَا كانت الرسالة  التي حملها النبي الكريم للبشرية واضحة في إعلاء وإعلان القيم الفاضلة في كل معاملة وسلوك و الحرية هي تحرر الفكر من كل قيد يمنعه من الرقيّ المادي والمعنوي، بشرط عدم السقوط في وحل اللامبالاة أو الانفلات ‏من الشعور بالمسؤولية. ومن مقالع المحبة ومن حنايا الصدور يتم البناء … صحيح هناك معوقات ولكن ..الشمس تناغي الجميع وعالم المحبة والنور تقبِّل الجباه... والثمرة لا تبتعد عن الشجرة ...
عبد الخالق الفلاح     

181
العبثية السياسية ...في المشهد العراقي
كلمة العبث تعني ان اي عمل  لا فائدة منه واي سلوك لا معنى فيه وهذا الذي ينطبق على الوضع الحالي العبثي وما عادت اكثر الأحزاب السياسية تهمها مصلحة الشعب في هذا الظرف الدقيق بقدر ما يهمها التموقع داخل الساحة السياسية بكل السبل يتطاحنون فيما بينهم،و نجدهم  أمام صراع الأشخاص كل شيء فيه مباح المهم هو كرسي وشحذ الألسنة للمشادات والسجالات و أصبحت كالسفينة في وسط العواصف، فقدت بوصلتها.. وكسرت مجاديفها وتاه ربانها، وهو ما أغرى طلاب الفوضى، وشجعهم على كسر حاجز الخوف، وعدم الرهبة من السلطة التي أرخت زمامها في المواجهة وحيث تتصارع القوى السياسية من اجل المكاسب فتجعلنهم يعيشون داخل شرنقتها و امام عبث سياسي و صراع شرس بين قوى راكمت في السنوات الماضية كل وسائل الحكم وجبالا من الامتيازات من جهة، وشعب من جهة اخرى مغلوب على امره يحاول باستماتة الغريق اخراج رأسه من تحت الماء و لا يجد من يمثله حقاً ومن يعبر بجدية عن مشاعره وبصدق عن معاناته المتراكمة ويساعده على رسم مستقبل واعد له ولابنائه .
لابد و من الواجب مراجعة الحسابات ولان العقول السياسية الوطنية يتحتم عليها ان تساهم في تكوين الإرادة السياسية لدى الشعب في كافة مجالات الحياة العامة، وذلك بتأثيرها بوجه خاص في تشكيل الرأي العام، والقيام بنشر الثقافة السياسية وتعميقها، وتشجيع المشاركة الفعالة للمواطنين في الحياة السياسية، وتنشئة مواطنين قادرين على تولي المسؤولية العامة وانقاذ العراق الجريح يدفع الجميع التخلي عن العبث السياسي الذي يهدد دعائمه بالفشل والجلطة القلبية والدماغية، و يراد تحويله إلى عبث اقتصادي هدام وخطير كما هي في التقارب الاقتصادي والسياسي مع مصر والاردن والتي يعقد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي عليها الامال في نجاته من المخمصة وهما دولتان ليس لهما مكان من الاعراب في المعايير الاقتصادية والسياسية ولم يقفا مع العراق في اي مرحلة من المراحل لصالحه بل كانتا بوابتان للشر عليه وما معنى أن يتلاعب  البعض في مجلس النواب بالدولار أمام حركة السوق وتحديده في الموازنة العامة وفق مايريده والسياسة العبثية الداخلي و الخارجي التي تنهش فيه و التعامل بالمقايضات التجارية على حساب المواطن ..
الوضع مأزوم في البلد ويزداد سوءاً يوماً بعد يوم ويغرق شيئا فشيئا في أزماته وكل مافيه خلال اكثر من  خمسون عاماً الماضية ، 35 عاماً من التعاسة في ظل نظام البعث ، و 18 عام بعد سقوط نظامه كان اتعس ، و مستقبل مجهول.. لم تستطع  او لا تريد أن تخرج البلاد من مشاكلها المزمنة من فقر و بطالة و نقص في التجهيزات و المستشفيات و المدارس و المساكن ووضع إجتماعي خطير و العواقب ستكون وخيمة على الجميع ، إذ يتطلب في هذا الظرف الإستثنائي من  القوى السياسية " الوطنية  "رسم خطط جديدة بعقول نيرة و إعادة حساباتهم ، من خلال مراجعة المسيرة للسنوات 18 الماضية والفشل الكبير الذي لازمها لكي يتسنى معرفة الاخقاقات ووضع الحلول التي تتفق مع المرحلة التي يعيشها الوطن وابنائه، لا مع مصالح الكتل والمجموعات السياسية المتسلطة على الرقاب.
إن التفكير ولو للحظة  في المشهد السياسي العراقي واحتقانه وما فيه من توتر يحتمل الدخول في متاهات قد تدفع بالبلاد إلى ما لا يحمد عقباه و المطلوب و بأسرع وقت ممكن للوحدة الوطنية الحقيقية لا العبثية  والتكاتف بين الجميع وترك الخلافات والمناكفات جانباً لتجاوز الظروف الصعبة التي يعيش عليها وما يزال يمر بتعقيدات وصعوبات و البلاد في احرج الظروف من أي وقت مضى يحتاج الى معالجات سياسة واقتصادية واجتماعية من أجل الخروج إلى بر الأمان بيسر وسهولة ،و لا يمكن للحوكمة والسياسة العقلانية أن تتحققا دون دولة العقد الاجتماعي و الوطني المعبرين عن كل الاطياف والمكونات بعيداً عن أية سياسة عبثية إقصائية فاسدة لان العراق يمر بمخاض سياسي عسير يضع الجميع أمام مختلف التجارب المناسبة  لاتخاذها في سبيل الخروج من عنق الزجاجة وتعتبر الخروج من العبثية السياسية  التي تتئبطها الأطراف السياسية في الساحة هي من أهم الاسباب التي يجب أن يبتعد عنها  الساسة في الوقت الحالي و ينبغي خلق الانسجام وتوافق بين مختلف القوى السياسية الحقيقية الحريصة على بناء الوطن والقبول بالآخر بما يعطي فسحة للخروج  من أزماته ومعاناته إلاجتماعية الخطيرة وإلا العواقب ستكون وخيمة على الجميع و إذ يتطلب في هذا الظرف الصعب من القوى السياسية رسم خطط جديدة وبعقول جديدة غير مستهلكة في إعادة حساباتهم ، من خلال مراجعة المسيرة للسنوات 18 الماضية والفشل الكبير الذي لازمهم لكي يتسنى معرفة الاخقاقات .
ان من هم االمظاهر العبثية الاولى تتمثل باثارة النعرات الطائفية  والانتماءات الضيقة والتكتلات التي لا توصل البلد الى شاطئ الامان ، والتي تشكل تهديداً خطيراً للتماسك المجتمعي، وتؤدي الى زعزعة وحدة الوطن، حيث ان هذا النوع من التعامل يجد له مكان  في احيانا كثيرة عند شريحة ليست بالقليلة في ظل ضعف الانتماء الوطني و انهم يموتون ألف مرة ومرة في اليوم جزاء ما اقترفوه في حق أنفسهم ووطنهم في ظل الابتعاد عن مناهج التربية الوطنية السليمة القائمة على اصول تربوية بعيدة عن اثارة الخلافات بل ترسيخ مبادئ الالفة والمحبة  وبعيداً عن التزلف والنفاق، واتقان العمل وحسن الانجاز و تقليل اشكاليات التعصب المقيت الذي يلحق الضرر بالمجتمع ومستقبله، وتكمن الخطورة في هذا النوع من العبث عندما يظهر التعصب في سلوك بعض رجال السياسة والمسؤولين  ويكون احيانا برعاية بعض من يحسبهم الناس انهم من الكبار جسماً ولكن فارغين من حكمة العقل وعدم تمرس بعض النماذج " السياسية " التي رغم طول عملها في العملية السياسية لم تمر بمرحلة الانضاج والتكوين السياسي المؤهل مما تشكل خطرا داهما يهدد وحدته الوطنية وهويته الثقافية، وجذوره التاريخية، وهي لا تتورع عن التعامل مع اي جهة تهدف الى اثارة الفوضى والقلق وانعاش الفوضى الخلاقة حتى تضعف الدولة ويسهل قيادتها، وتدفع لهدم الوطن، وتفتيته بشراء الذمم .
عبد الخالق الفلاح
 

182
مشاركة الدول ومشروع بناء الدولة*
يواجه العراق مجموعة من المشاكل والازمات في ظل الحكومة الحالية  للكاظمي واهمها الأزمة الاقتصادية الخانقة الحالية بعد هبوط أسعار النفط، مع تفشي وباء الكورونا والفساد بسبب الوضع السياسي الهش و عدم قدرة الدولة على فرض قبضتها على زمام الأمور وتواصل هيمنة جهات غير كفوءة على القرار السياسي والاقتصادي والتي خلقت من خلاله اقتصادا مريضا و أدى بدوره إلى تراجع كبير في نسبة الخدمات المقدمة للمواطن العراقي المتمثلة بعوامل الإنتاج كالكهرباء والماء والطرق وغيرها التي  باتت مشاريعها بوّابة لنهب المال العام دون تنفيذها على الواقع عبر الشركات الوهميّة العائدة لشخصيّات متنفّذة تستولي على العقود بأسعار خياليّة وتبيعها في الباطن إلى مقاولين فاسدين اخرين بمبالغ وجهاتها بنوك دول اخرى ،مما ادت الى ارتفاع قياسي في ايقاف المشاريع التي بلغت الالاف وعدم معالجتها وارتفاع نسبة البطالة وخصوصا في شريحة الشباب، و التراجع  في الحقل الاقتصادي وتوقف انتاج المعامل واحداث  أزمة اجتماعية ألقت ظلالها على الأسر العراقية بحيث ازداد معدل الفقر إلى نسبة 20 % ليصبح إجمالي عدد الفقراء اليوم تقريباً 12 ملايين شخص.
العراق في سباق مع الزمن فلم يعد التقصير مبررا ولا التباطؤ يبقى مسكوت عليه والبيروقراطيّة و اصلاح قانون الاستثمار وتعارضه مع قوانين أخرى قدر تعلقها بقدرة الدولة على السيطرة، إذ إن أي مستثمر أجنبي لا يستطيع الحصول على أي رخصة استثمارية من دون دفع إتاوات ورشاوى للأحزاب والوزارات، مما يؤدي إلى هروبهم بسبب عدم وجود أي ضمانات أو حماية للأموال التي تنفق وضعف الرقابة و التشريعات الخاصة بعمل المصارف والبنوك  ، وعدم وجود نظام مصرفي متكامل يسهل العمليات المصرفية وسوء إدارة صرف الأموال من قبل أشخاص يتركّز اهتمامهم على سرقة المال العام وتفضيل مصالحهم الحزبيّة على مصالح البلاد، ففي هذا الجو الملتهب لا تستطيع الجهات و القطاعات المستثمرة ( لا الشركات والدول الرصينة )  من حزم أمرها والعمل في العراق ما لم يتوافر وضع أمنيّ مستقرّ تستطيع من خلاله تحقيق أفضل النتائج ، وفي واقع الحال هناك شبكة من المشكلات المترابطة في حاجة إلى ضمانات وحلول فنية الأطر لا القرارات السياسيّة.
ولتجاوز تداعيات الوضع الاقتصادي والخدمي الهزيل واثارهه هو للانطلاق نحو تنفيذ مشاريع اقتصادية وتنموية تعيد الوجه الحقيقي له إلى مرحلة التعافي والنمو بالاعتماد على جهود رصينة صالحة ووطنية ، لا على الرهان والامل الذي يضعه رئيس مجلس الوزراء الكاظمي في بناء الدولة* " رغم أن العراقيين يدركون في كل مرة أن هذه الدعوات لا تكاد تجد لها تطبيقا على أرض الواقع؛ بسبب تضارب القوانين، فضلا عن الفساد والبيروقراطية الإدارية" وعلى جهود دولية هابطة المستوى في الاداء مثل مصر والاردن والتي لا شك انها سوف تصطدم بالفشل وهنا تجارب كبيرة يمكن الرجوع عليها وخاصة لمصر عند تنفيذ المشاريع في تصرف الأموال لمقاولين من دون تدقيق أصوليّ ليتمّ تقاسمها مع المسؤولين ، ومن اكبر تلك المشاريع هو مشروع قناة الجيش الذي تم وضع الحجر الأساس بتاريخ 7/4/2011 بطول 23.5 كيلو متر الذي يمتد من صدر القناة الى المصب على نهر ديالى (من قبل ممثل رئيس الوزراء وممثل أمين بغداد و حضور ممثل الشركة المصرية و الأردنية و ممثل القنصلية المصرية و قائد عمليات بغداد)  كمشروع ترفيهي ضخم من شأنه تغيير وجه العاصمة بغداد و راود الكثير من سكانها حلم التنزه على جانبيه والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة ووسائل الترفيه المتعددة للأطفال والكبار على حد سواء والذي رسي على شركة المقاولين العرب بملايين من الدولارات مستلم نقداً وهو على حاله لحد الان وترك دون انجاز بنسبة تقدر40% رغم مرور اكثر من 11 عم على البدء به اثر خلافات واهية يمكن تجاوزها  (عند حصول موجة الامطار نهاية سنة سنة 2012 وبداية سنة 2013 ، حصل تجمع لمياه الامطار في مناطق شرق بغداد فاتخذ قرار ابسط ما يقال عنه انه قرار ساذج و عاطفي وخاطيء وهو الموافقة على قيام الدوائر البلدية في شرق القناة بعمل منافذ باتجاه قناة الجيش لتسريع تصريف مياه الامطار ) واليوم تحول  بالمحصلة إلى كابوس لسكان العاصمة وبات المشروع علامة أخرى للفساد وعلى انتشار النفايات وأكوام الأنقاض قرب المساكن الآهلة،
 هناك نماذج اخرى مشابهة لها ".مثل اخر على ذلك مشروع هياكل المدارس الحديديّة، الّتي تمّ التّعاقد على إنجازها في 2008، ولم تكتمل بسبب ترك الشركة العراق حيث أتاحت لها علاقاتها مع المسؤولين عدم إكمال المشروع من دون محاسبة.
 ان الاعتماد على القطاع الخاص الداخلي وقدرته امر مهم لتوفير المزيد من فرص العمل والتشغيل لمواجهة نسب ومعدلات الفقر والبطالة التي تتطلب من هذا القطاع القيام بدوره، لكن يتطلب من الحكومة جملة من الإجراءات والخطط التحفيزية القادرة على الدفع بالدوره لهذا الجانب وغيرها من جوانب التنمية الشمولية والمستدامة و من العوامل المهمة لاجتذاب التمويل الخاص وجود إطار تنظيمي واضح يُسهِّل الاستثمار ويُشجِّع عليه ومن الأمور التي تساهم في تنشيط الأعمال الاستثمارية، هي تقديم التسهيلات والحوافز للمستثمرين الذين يرغبون بإنشاء وتوسيع المشاريع الاستثمارية المختلفة، والذي يساهم بلا شك في تنشيط الاقتصاد ويحقق العديد من الأهداف والتي منها تحقيق بنية متطورة ومنفتحة ويجب أن تنطلق في مثل هذا الامر بوضع خطة واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف والمراحل، وتكون مرنةً بما فيه الكفاية حتى تكون قادراً على التكيف مع أي طارئ أو تغيرات محتملة. و تتمكنَ من إيصال المحصلة النهائية الى المواطن، و يتم إنجازُ مراحله وفقاً للخطة المحدّدة.
لا شك أنّ امتلاكَ الخبرة في مجال ما واستثمارها لبناء اي مشروع يُعدُّ من أبرز العوامل التي تؤدي إلى نجاحِ الفكرة ، وقد لا تكون هذه الخبرة مكتملة الأركان في البداية، فغالباً ما يكون الدافع الرئيسي لأيّ رجل أعمال سليم للبدء بأي مشروع هو الطموح ثم الخبرة التي قد تكون متواضعةً، ومع بدء العمل يستمر هذه الخبرة في التعمق تدريجياً، وفي كل عمل ناجح تزداد درجة الخبرات منذ لحظة البدء بالتفكير في المشروع ،
و أبرز أسباب الإخفاق في العراق يتجسّد في رداءة المشاريع المُنجزة وعدم إتمام القسم الآخر منها و يعود إلى إسنادها بموجب عقود وهمية إلى شركات غير رصينة يديرها مقاولون يرتبطون بمسؤولين وسياسيّين فاسدين يهربون من العمل بمجرد استلام المبالغ المعينة لبدء العقد وهناك شبكة من المشكلات المترابطة في حاجة إلى حلول تتجاوز الأطر الفنيّة لتتحول الى القرارات السياسيّة المحاصصة في نسب من الاموال وهنا يبداء التعقيد لتحقيق اي مفاضلة في العمل والانجاز و في اكثر الاوقات  تتوقف المشاريع عند هذه الحدود فتترك دون رجعة اليها .
عبد الخالق الفلاح

183
وزير الزراعة العراقي  يستخف بعلم بلاده
العالم في اكثر من 196 دولة وحدود ثمانية مليار من البشر ومن شعوب وقوميات، وكيانات السياسية القديمة والحديثة، لكل منها خصائص تميّزهم عمّن سواهم، يعتزون بعلمهم ويعلون من قيمته، ولا يوجد مكان بارز أو فعالية مشهودة إلا وكان العلم حاضراً بقوة ليمثل الدولة، ودوما تكون سارية العلم مرفوعة بشموخ. يعتبر العلم بالنسبة لأي أمة أو شعب رمزاً للهوية الوطنية والانتماء، وهذا الرمز يعني الكثير لأي فرد من أفراد كل أمة، أو شعب وهوية الارض وتوحد ابنائها بكل اطيافهم والوانهم واعراقهم ،ويتعاملون معه بكثير من الاحترام والتبجيل ولا يقبل باقل خدشة فيه ، لما يبلغ من أهميته تتضمنه الدساتير في قواعد وبنود خاصة ، وهو يعد من اهم الرموز في الدولة وله مكانة عالية في السماء، والولاء والانتماء والاعتزاز والدلالة على احترام الوطن فلا ينزل إلا لأسباب خاصة و يقدره كل من على تلك الأرض الطيبة ورمز للقوة، والشجاعة، والتضحية، فضلاً عن كونه وسام للأحياء منهم، يرفع على جميع الرؤوس، بما يعكس حجم مكانته، حيث لايوجد مكان بارز إلأ وكان فيه، و الذي يمثل القيم والهوية وعلى اعتياره شعاره وعنوانه ويعكس شخصية الدولة  وان الاهتمام بالعلم يكرس حضارته ورقيه واي اهانة له يمثل اهانة للبلد الذي يمثله وهو الرمز الشامخ الذي يكافح في ظلة الافراد
و يُعلقونه في صدورهم أيضاً كقلادةٍ يحملونها أينما يذهبون، و تُعتبر ألوانه أجمل الألوان وأقربها للنفس ودلالةً على أحداثٍ كثيرةٍ مرّ بها الوطن، لهذا يقترن ذكر العلم دائماً بالرفعة والحماسة ووجوب الحفاظ عليه مرتفعاً خفاقاً وعالياً، فلأجل أن يظل مرفوعاً تُبذل الأرواح، فما من شيءٍ يُشعر الإنسان بالانتماء والولاء لوطنه أكثر من رؤية علم بلاده يرفرف، فقيمته المعنوية عميقة جداً، لا توازيها أي مكانة.
ولكن ومع الحقيقة المؤلمة فأن الكثير من المسؤولين العراقيين  لا ينظرون الى هذه المطلب  بتبصر والتنبه و برؤية ناضجة وشاملة لكي يتخذ قرار بعيدا عن رواسب الماضي وبعيدا عن القدسيات الصنمية التي مزقت الهوية الوطنية. وانا اتعجب من وزير الزراعة العراقي  يتجاهل العلم الحالي  الذي اقره  البرلمان بالألوان الثلاثة التي يتكون منها العلم وهي (الاحمر والابيض والاسود) على انها تمثل الرايات الاسلامية وعبارة (الله اكبر) وهو الخامس الذي يتم اعتماده في العراق منذ اعتماد اول دستور للدولة العراقية الحديثة عام 1925 و يذهب هذه الوزير الى بلد اخر للتباحث باسم بلده ويرفع امامه علم النظام البعثي الصدامي الذي يعتبر نقطة سوداء في تاريخ العراق وخلاف كبير بين مكونات العراق المختلفة ولا يعترض بالحادث الذي يمس سمعة بلده بعيداً عن العلاقات بين الدولتين  بل انه علم لم يشعر العراقيين وهم تحته باي امان وتوحد بل انه علم الدكتاتورية.فهل الحكومة الاردنية الى هذه الدرجة من الاستخفاف بالعراق الكبير الذي يمثل كل حضارات المنطقة وعمق تاريخها وولي نعمتهم فهل ينفع الاعتذار كما طلب بيان لوزارة الزراعة من الجانب الاردني، " الاعتذار لوزير الزراعة  لا "لوطنه العراق "عما حصل كونه لا يتحمل ذلك الخطأ وهو من صلاحية السكرتير الثاني مسؤول التشريفات "وما هو موقف الحكومة المتمثلة بوزارة الخارجية العراقية في ذلك . الأساءة الاردنية  بهذه الشكل عملية مقصودة ومتعمدة لانه رمزللقوة التي توحد الوطن والشعب وتجعله عصيا على اي قوة غاشمة تريد النيل منه والمواطن الذي يعتز ويفتخر بعلمه لا يمكن الا ان يكون مواطن مخلص وشريف،  والاهانة للعلم يعتبر اساءة  لكرامة وضمير الشعب و يعني اهانة للشعب وللوطن وللحكومة واساءة لهم فالعلم رمز لكل النقاط المضيئة في تاريخ الشعب و مستقبله
عبد الخالق الفلاح

184
ضياع حق المواطن وحصرها بالمنطقة الخضراء
         
تشكل الانتخابات حقاً مشروعاً وجزءاً حيوياً من العمليات الديمقراطية و"التي يتنكارها الطغاة " بما في ذلك توطيد والانتقال الديمقراطي وتنفيذ الاتفاقات وخلق الامن والسلام ،وتساعد في عملية التغيير الهامة وتعطي الحقوق لكل مواطن في أن يشارك في إدارة الشؤون العامة، على ان تكون بأنتخابات نزيهة وحرة وأن تجري دوريا في إطار قوانين تضمن ممارسة حق الانتخاب بممارسة فعلية. ويجب أن يتمتع المؤهلون للانتخاب بحرية الإدلاء بصوتهم لمن يختارون من بين المرشحين الصالح أو ضد أي اقتراح يطرح للاستفتاء الشعبي أو الاستفتاء العام، وأن يتمتعوا بحرية مناصرة الحكومة أو معارضتها دون إخضاعهم لنفوذ مفرطة أو قسرة من أي نوع كان مما قد يشوب أو يكبت حرية الناخب في التعبير عن مشيئته. ويجب أن يمكن الناخبون من تكوين رأيهم بصورة مستقلة دون التعرض للعنف بأي طريقة  ووسائل شديدة وقاسية، أو الإكراه، أو الإغراء، أو محاولات التدخل بالتلاعب مهما كان نوعها. او للتأكد من أن العملية الديمقراطية لا يشوبها إفراط في الإنفاق لصالح أي من المرشحين أو الأحزاب ، ويجب أن تراعى النتائج بالنزاهة التي تسفر عنها الانتخابات وأن يتم تنفيذها والحق في أن يَنتخب أو يُنتخب، وحقه في أن تتاح له فرصة تقلد الوظائف العامة. ، و يعتمد ما يلزم من التدابير التشريعية والتدابير الأخرى لضمان خلق إمكانية امنية تسمح للمواطنين بالتمتع بالحقوق التي يحميها. اعتماد أساس الحكم القائم مبني على موافقة الشعب والذي يراعي المبادئ المكرسة في القوانين. ان العراق  الحالي أكثر انقساماً، اجتماعياً وثقافياً، مما كان عليه بمرور الايام، وفي وضع أكثر حرجاً سياسياً مما يشوبه، وتداخل الأزمات ، الانقسام في الرؤى والقراءات والسياسات الملبدة بالمخاطر ووتيرته قد ترتفع مع الزمن  في تبدد الثقة بين المواطن ودولة، وبين المواطن والآخر، والاحاطة بدائرة مفرغة تغذيها الفرقة وتتغذى منها. واندثار الملتقى الوطني والاستقرارفيه يهتز بين لحطة واخرى . والدفاع عنها يتطلب جهوداً محلية ابتداء وهي تواجه معركة غير متوازية للمخاصمات الغير محدودة التي تسيطر على العملية السياسية  ، نتيجة عرضية للمزايدات في الإعلام ووسائل التواصل الجديدة. والاجتراح في الخطابات و الفساد في السلوك والأداء، ويتكاثر إلى حد التقرّح. لقد اسبخ الدستور العراقي لسنة 2005 على المواطن العراقي الحقوق و الحريات الكثيرة بما فيها المهجرين و النازحين و عهد بالسلطات الاتحادية المحافظة على وحدة العراق (المادة 109 ) و ان العراق بلد متعدد القوميات و الاديان و المذاهب (المادة 14 ) و منح آلمواطن الحق في الحياة و الامن و الحرية (المادة 15 )وضمان لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية (المادة 17 ) و اعطى الحق لكل مواطن حق المشاركة في الشوؤن العامة و التمتع بالحقوق السياسية (المادة 20 ) و ان العمل حق للعراقي (المادة 22 ) و ان الملكية الخاصة مصونة (المادة 23 ) و منع آي اشكال للعنف و التعسف و الاستغلال الاقتصادي للاطفال (المادة 29 ) وقرر الضمان الاجتماعي و الصحي للعراقيين (المادة 30 ) ورعي المعاقين و ذوي الاحتياجات الخاصة (المادة 32 ) و آفل حق التعليم ( المادة 34 ) و اعلى الدستور الحريات العامة لحرية الانسان و آرامته و الحماية من الاراء الفكري و السياسي و الديني و العمل العسكري ( المادة 37 ) و حرية الفكر و التمييز و العقيدة ( المادة 42 ) وضع العراقي في حرية التنقل و السفر و السكن داخل العراق و خارجة و عدم حرمان العراقي من العودة الى الوطن ( المادة 44 )،اذاً ان الدستوروالقوانين العراقية  ساوت بالكامل بين مواطني الداخل والخارج المقيمون و يتمتعون بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات، ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية، المحلية والجهوية والوطنية، ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي، كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقاً لقد ترتب على نزوح اعداد كبيرة من الاشخاص في داخل وخارج العراق،وتحت مسمى النزوح القسري و الاستيلاء على مساكنهم وتجريدهم من أموالهم اوتشتيت وحدة الاسره الامر الذي ترك عواقب اجتماعية ونفسية واقتصادية تتطلب معالجتها من خلال تظافر الجهد الوطني للتمكن من مواجهتها ،من بلدان الإقامة" ويجب وضع اهداف وسياسات لايجاد الحلول ووضع أطار عمل فعال وواقعي وشامل لغرض الاستجابة لحاجاتهم لا بمعاقبتهم بقرارات ظالمة ومنها عدم مشاركتهم في الانتخابات تحث ذريعة لم ينص عليها اي قانون انساني، ويحق للعراقي في الخارج بالمشاركة في التصويت ولقد اعطى الدستور العراقي الحق لكل مواطن ممن توافرت فيه الشروط المنصوص عليها لممارسة هذا الحق دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي ، و: العراقي الذي جرى تهجيره من مكان اقامته الدائم الى مكان اخر خارج العراق لاي سبب كان له الحق في المطالبة في الإدلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع إجراؤها اوخر العام، وفقاً للاتفاقيات والمواثيق الدوليه التي صادق أو وقع عليها العراق بما في ذلك المعاهدات الدولية التالية : العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية: اتفاقية حقوق الطفل : الاتفاقية الدولية لازالة جميع اشكال التمييز العنصري : اتفاقية ازالة جميع اشكال التمييز ضد المراْة ،أن قواعد القانون الدولي الانساني هي قواعد ملزمه تحت جميع الظروف. وهذه القواعد قابلة للتنفيذ وتخضع لها جميع الاطراف الحكوميه وغير الحكوميه المشتركة في النزاعات والمزايدات او لم تشترك فيها ،فعليه لايجب على الجهات المسؤولة منع المواطن اينما كان في ن\ممارسة حقه المشروع والتي نصت عليه القوانينوعلى رأسها الدستور العراقي لغام 2015حتى لا يأتي اليوم الذي يجعل للمنطقة الخضراء لوحدها الحق في تقرير مصائر البلاد و العباد.
عبد الخالق الفلاح

185
الحوارات السياسية .. الاهداف والنتائج
الحوار السياسي دخل العراق مع مفاهيم مثل العملية السياسية والتداول السلمي للسلطة، والمصالحة الوطنية والتوافق والمحاصصة مصطلحات التي تعتمد عليها القيادات السياسية والنخب العاملة الحالية في الساخة السياسية هي الفاض ببغائية لا تطبق بالواقع و لا يمكن الاعتماد عليها لانها فشلت تماماً في ادارة الامور وتخرج بالتوافق  النفعي بعد كل دعوات للحوار و الذي ينتهي مصرفه بعد صدور البيان الختامي له وهي الكارثة التي جلب كل عوامل الشر للمواطن ،وأسهمت الحوارات السابقة وتعكزت عليها القيادات السياسية والتي تبنت الطائفة والعشيرة والمحافطة في تعميق الانقسامات المجتمعية وإدخال البلد في حوار الدم عبر الركون إلى العلاقات المتشنجة القائمة على ردود الأفعال  لتقسيم الكعكة والتي استغلتها المجاميع المسلحة والمتطرفة في التجنيد والتجييش في وقت كانت فيه الدولة هشة وضعيفة وهي اليوم ليست بأحس حال منها، لأسباب تتعلق بالفساد وسوء الإدارة والاخطاء السياسية ، ونتج عنه عجز فاضح في توفير الامن  والخدمات وتصاعد العمليات الارهابية المجرمة التي جلبتها ودعمتها وجوه مشاركة في العملية السياسية نفسها ، ولا اعرف الاهداف الجديدة للدعوات في الحوارات الوطنية والتي سبقتها العشرات التي لم تعطي لا للمواطن ولا للبلد اي عوامل للعزة ونحن نقترب من موعد الانتخابات تسمع مرة اخرى الاصوات تتعالى للحوارات الوطنية ، أن نطاق الحوار يجب ان يكون واضح المعالم حتى يكون واقعيًا، قابلًا للتحقق، وسهل القيادة من قبل الجهات المسؤولة عن الحوار في الفترة المخصصة للتشاور و يضم أهدافًا واسعة المدى تستلزم إعادة بناء نظام جديد مختلف تمامًا والاستخدامات المتمايزة للحوار لتضييق مساحات الخلاف والنزاع، وإبراز عناصر الوحدة والائتلاف ، فمن ساحة الحوار تنتج الوحدة وتتعمق موجباتها، لاكتشاف المساحة المشتركة وبلورتها، والانطلاق منها مجددا ومعا ووضع عقد اجتماعي جديد وصدق المُحاور، وابتعاده عن الكذب و دون التجاوز على الخصوصيات الدينيّة والأخلاقيّة،ودعم التعايش الثقافي والحضاري للطوائف والمكونات.والابتعاد  عن كل أشكال التعصب الأعمى للذات أو لأفكارها وقناعاتها، والسعي الحثيث نحو الاقتراب من الآخر، ومحاولة فهمه بشكل مباشر
وتتفق النخب المشاركة على المضي قدمًا في الوصول الى الاهداف الحقيقية لخدمة الوطن ، فكلما ازدادت الإرادة وتوافقت الأطراف المشاركة وكانت لها نية صادقة في إنجاح الحوار والتوصل لحل وسط كلما نجح الحوار في تحقيق غاياته.
 ان المجتمعات الديمقراطيات الحقيقي تتميز بمســتوى عال من المشــاركة السياســية وبشــعب منظم، والمواطنون يتمكنون داخل المجتمع بكل ثقة  مــن تبــادل المعلومات وتكوين أنماط التضامن الاجتماعي والسياســي الذي يحميهم من الادارات المســتبدين، كمــا ويجب ضمان العدالة الاجتماعيــة للمواطنيــن في الدولــة الديمقراطية و إن الحكومات التي تطلعت إلى بناء مؤسســات يجب ان   تتنبه إلى الاحتياجات الاساسية للمواطن، فلا يمكن أن تزدهر ديمقراطية قوية سوى في مجتمع يوفر فرصة اقتصادية كبيرة لجميع مواطنيه ويتاح فيه التعليم والرعاية والصحية والسكن للجميع وهي من الحقوق المفقودة للمجتمع العراقي،
المطلوب من الحوار السياسي بين ألاطراف السياسية المختلفة هي لبناء وطن ومجتمع صالح ، تشارك فيها قيادة وطنية ضمن نظام جديد اجتماعي وسياسي واقتصادي سعيًا لتأسيس مؤسسة جديدة تبنىر على عقد اجتماعي قائم على الانفتاح الكامل بين الدولة ومواطنيها ولتقريب وجهات النظر من خلال احتكاكها السلمي المنطقي وبيان مواقف كل طرف وخصوصياته، و الهدف من الحوارات  يجب ان تكون لمساعدة الدولة لصياغة سياسات موجبة تقتضيها المرحلة ومعقولة تأخذ بعين الاعتبار مصالح الفئات المختلفة التي تتأثر بهذه السياسات، و الحوار إحدى الأدوات المهمة في صناعة الخطوات الفاعلة التي تلجأ إليها الدول في حالات وجود خلافات كثيرة ووجهات نظر متباعدة بخصوص سياسة ما.
وفي السياسة العصرية لا يوجد أي موقف نهائي للمشاركين في العملية السياسية، ويتم طرح وجهة النظر الجديدة بنظرات ثاقبة ، لأنه ما كان بالأمس صحيحاً قد لا يستجيب لما هو علية اليوم، بسبب المتغيرات  ودور الاحزاب والكتل وشخصياتها  بأسلوب الطروحات التي تحدد مدى الثقة التي يخلقها في نفوس الآخرين، ويبقى العنصر الأساسي في الحوار هو الصراحة والصدق في التعامل السياسي، وإلى أي مدى يتم تقديم تنازلات من أجل الوطن.
قد تختلف الأهداف والمثل وفقًا لتوقيت الحوار وعملية وضع السياسة، و قد تختلف أهمية الطرق المختلفة التي يمكن أن تسهم بها الحوارات في تطوير وتنفيذ سياسة مستندة إلى دلالات و مدى اختلاف هدف الحوار في التوصل إلى توافق في الآراء، كما أن الطرق التي يغذي بها حوار السياسات قد تختلف في عملية تطوير السياسة ، ويمكن أن يساعد النظر في الطرق التي قد تختلف بها هذه الأهداف، في تطوير فهم مشترك أوضح لأهداف حوار السياسة، وفي المقابل ، يمكن أن يساعد هذا في ضمان تصميم حوار السياسات بشكل أفضل لتحقيق أهدافه .
الحوار السياسي إحدى هو أهم علامات الديمقراطية، يساعد على عرض الأفكار من قبل والاطراف المشاركة بالحجج والأدلة على صحة الطريق الذي يمشون به، و يدفع الشبهات ويجعل المحاور قادراً على عرض أسبابه وغاياته وتوضيح الشبهات ، يكون على قدْرٍ من القدرة على إبطال الفكرة، باستخدام كلمات وعبارات جذابة وواضحة، لا لبْسَ فيها، بعيدة عن احتمال ورُود أكثر من معنًى فيها، وأن يكون قويَّ التعبير وفصيحَ اللسان، ويُحسن البَيان ويستطيع المشارك الفطن وصاحب الخبرة في تبديد حالة الركود في المناقشة التي قد تصيب الاطراف المتحاورة ويحرك مياهها ومعالجته لحالات ضيق الأفق في المسائل المطروحة و المختلف عليها، وتحجيم هواجس البعض عن البعض الاخر، وخلق عوامل الثقة المتبادلة على قاعدة احترام الرأي الآخر، و الحوارات التي لا تؤدّي إلى نتيجة هي أن بعض أطرافها تحاول إقناع ذاتها بصواب موقفها وعدم الاعتراف بالخطأ ، والهدف في الحوار اساساً للمساعدة في وضع أسس لحلّ المشاكل الواقعة  بشكل مشترك، والاتفاق على  خطوات عمل مشتركة، ومن الطبيعي أنه ليس كل فردٍ قادر على الحوار لذلك يجب ان  يكون المشارك فيه ملم بأسلوب مهذب يتناسب مع الحضارة ،
عبد الخالق الفلاح

186
الالم طريق للتمسك بالامل
يمر العالم بفترة ألم لكنه لا يفقد الأمل فى العودة إلى الحياة الطبيعية في القريب العاجل ،قال تعالى: ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴾ [العنكبوت: 2، وسوف تعود الدماء إلى الوجوه الشاحبة والطمأنينة إلى القلوب المتعبة، والثقة إلى النفوس القلقة، والابتسامة إلى الشفاه الذابلة وقوله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ﴾ [المائدة: 52 و الحياة عبارة عن رحلة يعيشها الانسان ما بين ألم يعصر قلبه ومشاعره، تأتي على القلبِ من النوائبُ، فتفيضُ من نهر الأحزان "وتأتي أسرابٌ من الآلام، تأتي صاحبَها مستنفرةً متوقِّدةً، وتتسرَّبُ إلى دمِه، كأنها أفَاعٍ دقيقةٌ، يُسمَعُ صوتُ فحيحِها، وما زالت تتكاثَرُ عليه الأوجاع، حتى يغليَ منها دمُه، وتتجاوز الآهات جسدَه المتقدِّدَ، فلا يغيبُ من بعـد صدى نشيشه عن كل أُذُنٍ"، وقد يمضى أيام العزلة فى منزله " كما هي ايام وباء كورونا"  في استثمار تجاربه الشخصية والقاسية والمظلمة وتحويلها إلى طريق أمل لانه من حلم من أحلام اليقظة ونور للتفاؤل و الإيمان الذي يؤدي إلى الإنجاز ولا شيء يمكن أن يتم دون الأمل والثقة الذي يغذي حياة آلاخرين، ويجنبهم تذوق مرارة الألم، ويكون ذلك بالنسبة له بمثابة الحافز لتخطي العقبات، والتمسك بالحياة، ويقول الشاعرجميل صدقي الزهاوي" يعيش بالأمل الإنسان فهو إذا .. أضاعه زال عنه السعى والعمل" والقران الكريم يقول "ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امراً"،"الموت قدر لايفسر ، يأخذ الناس على موعد، وعلى غفلة منهم ، يلتهم في بطن المحيطات وفي حوادث السير والطريق ،وعلى شكل فيضانات وكوارث تترك فواجع ، كتلك التي تبقيها الأوبئة والحروبنطق الشاعر قديما ،فقال ان الموت لاتنفع معه الثمائم، وان المرء يواجهه ككل قدر يدفع بالقدرقصائد مواكبة لرحيل شخصيات مهمة وأخرى بسيطة، لكن الذي يوحد الجميع ، انهم عاشوا في تعايش مشترك، وفي رحاب الامل الفسيح".. لكن المؤكد أننا نتعلم من الألم كيف ننتصر على أوجاعنا، كما أن الأمل يدفعنا للتشبث بالغد المشرق القادم ، و يملأ النفس الفرحة والبهجة، وهي بذلك من المعادلات الكونية العظيمة والتي أوجدها ربنا جل وعلا بنا حتى لا نمِلُ ولا نكِل، وحتى تصبح الحياة في عيوننا حلوة جميلة، فنجد أن الحزن يتبعه الأمل بالفرح، والفرح يتبعه أمل بدوامه وبقائه، والمرض يتبعه أمل بالشفاء، والشفاء يتبعه أمل في طول العمرالذي هو خليط من الألم وهو ما يصيب النفس أو الجسم من تعب ومشقة ومعاناة، والأمل الذي يعبر عن السعادة والتفاؤل بالمستقبل ولا صبر ولا قدرة لأحد على تحمل الألم لولا الامل، وهما لفظان يشتركان في نفس الحروف ـ ألف لام ميم ـ وإن كان بترتيب مختلف، ولكنهما يتناقضان تماماً في معنى.وحلقات متسلسلة من المحن والمنح تعاصر الانسان فيه حياته ، ويمر بعالم مليء بالخير والشر، يضحك أياما ويبكي أعواما، وقد يضحك أعواما ويبكي أياما، يسعد قوما ويحزن آخرين والعكس، الخير فيها لا يدوم والشر فيها لا ينقط ، ويمنحنا الفرح غبطة قد تنسينا المحن عند عدم إدراك الحكمة منها، واليأس عند المحن قد يفقدنا لذة الصبر واستشعار الأمل، والإنسان أمام اختبارين في التعامل معها اختبار اليسر والخير والمنح واختبار العسر والشر والمحن، والعاقل من يستثمر كلا الأمرين في تحقيق أهدافه العاجلة والآجلة، وفي طيات المحن فرص للامل وفي زوايا الشر خير ومع كل عسر يسرين والتقدم قد يكون له بداية، ولكن ليست له نهاية ، ومن حق الانسان ان  يسعد بكل نجاح لأنه ثمرة عرق وجهد وتحمل الآلام باختيار وإرادة حبث الاعتقاد بالاستحقاق الى ما هو أفضل.
في كثير من الاحيان تحتدم معارك الإبداع بين الألم والأمل في مخيلة المرء و من المعروف في أتون الألم وصور الأمل لايقنع المثقف بما يعانيه ويراه، بل يحاول التدقيق في ماهية نوع الألم والأمل الذي يعيشه ليُصَوِّر خياله ومشاعره، بشكل يوقظ في نفس السامع الشعور بلذة الألم، والارتياح بتذوق معانيه الذي  يمكن إدراكه وفهمه في صور الأمل الذي يظل معقودا على الإرهاصات والتطور المضطرد في فهم الألم، لإيجاد العلاجات بالبدائل والذي لا يمكن انكاره هو ان حياة البشر تصبح مملة إذا كان كل شيء على ما يرام، وليس في الإمكان أبدع مما كان. وكم تصبح مأساة إذا تم تقبل الاوضاع المتردية  باعتبارها قدراً محتوماً. فمن حقنا أن نأمل في مستقبل أفضل، ولكن من الواجب العمل من أجل ذلك. ولا ننسى القدرة على تحمل الآلام و نتذكر ذلك دائماً للتحقيق الآمال ، أملاً في الروح الموصولة بصاحبها يلوحُ في الأفق، يستشعر فيه بَصيص نورِه، وعطر ريحانه هدوءَ الحياة التي يستلهم منها الرحمة التي تلف قلبَ المرء، فتعيدُه للحياة، وجمال الحياة، وأنس الحياة وزرع التفاؤل بين الناس و النظر إلى المستقبل بإيجابية.
عبد الخالق الفلاح


187
 
لاحل إلأ بالعودة الطوعية للاتفاق النووي
لقد نجح المفاوض الايراني في مفاوضاته حول الاتفاق بين امريكا واوروبا من جهة والجمهورية الاسلامية الايرانية من جهة اخرى والمسمات 5+1 و ليس هناك في ذلك من شك قاطع ويقين في اثبات القدرة العقلية للسياسي الايراني الحكيمة بهذا الشكل الذي حصرة الجانب الامريكي في زاوية الفشل الشنيع  للتنصل من الاتفاق و الان الكرة في ملعبها و العودة مطأطأة الرأس بخفي حنين في حين عزز مكانة طهران في المنطقة  وأحرز هذا الجانب  تفوقا على المفاوضين الأميركيين وخذل الاوروبيين المطالبين بالعودة الى الاتفاق النووي ولهذا السبب فقد طلب ودعى وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا في البحث  مع نظيرهم الأمريكي إمكانية إعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران، وسط تهديدات إيرانية بتقليل الالتزام بالبنود وتحذيرات أوروبية الذين لم يكن فشلهم اقل من فشل واشنطن  للضغط والمطالبة بعودة حكومة الديمقراطيين الى الاتفاق لردم هوة الفشل المخجل الذي يحاصرهم والعمل على تنظيم اجتماع غير رسمي مع كل المشاركين في الاتفاق النووي مع إيران بالإضافة إلى الولايات المتحدة وهناك إمكانية للتوصل إلى آلية للعودة واشنطن للتفاق وفق ما تريده طهران ورفع العقوبات دون شروط مسبقة والتنسيق لما يمكن القيام به اذا رغبت واشنطن بذلك، التي عبرت بالفعل عن استعدادها للانضمام إلى أي اجتماع مشترك.
حكومة جو بايدن اعلنت بالفعل على أنها مستعدة لإحياء اتفاق 2015 بين إيران والقوى العالمية وكان الرئيس جو بايدن قد اكد دعمه العودة إلى الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكنه أصر أن تستأنف طهران أولا التزامها الكامل بالاتفاق وأن تتراجع عن جميع الإجراءات التي اتخذتها احتجاجا على العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضت عليها، والرئيس بايدن منهمك منذ توليه الرئاسة بالتفكير والبحث عن مجموعة من الأفكار حول كيفية العودة الى الاتفاق النووي من جديد ، تساعد على تخفيف تدهور العلاقات بين البلدين والتي طبعت اثارها على المنطقة بعد إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018 والذي أحدثت خسارته في الانتخابات هزة دول المنطقة وخاصة في السعودية والإمارات والبحرين التي فقدت حليفا وداعما اساسياً لها ، إن الاستراتيجية الامريكية الحالية بوضعها الراهن لا تُجبِر إيران على قبول اي شروط  للتفاوض مع الادارة الأمريكيَّة الجديدة، التي تعتمد على العقوبات الاقتصادية كرافعة أساسية، والتي يعتقدها الإيرانيّون أنها ضغوط ضمن حرب نفسية تشنُّها الولايات المتَّحدة وتفتقر إلى آليَّات أخرى، مما دفع واشنطن بالبديل وبالتفكيرباستخدام استراتيجية "الأقل مقابل الأقل"،والتي ترفضها طهران لعدم وجود مبرر في ذلك لانها هي ملتزمة بالاتفاق حرفياً بشكل كامل وقرار ترامب بالانسحاب، وفرضه العشرات من العقوبات على إيران لن ينسى بسهولة و تؤكد بانه نظرا لان امريكا هي الطرف المنتهك للاتفاق النووي وان خفض ايران التزاماتها جاء ردا على الخطوة الامريكية غير القانونية، فان اي خطوة من جانب طهران ستجري بعد إلغاء الحظر. و تريد من واشنطن دفع مليارات الدولارات من الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها بسبب هذا الانسحاب والتي جعلتها التركيز على الاستثمار في البنية التحتية لاقتصاد المقاومة من أجل تنويع الاقتصاد بطرق أكثر تطلعاً بالاعتماد على الداخل وأقل اعتماداً على التجارة الخارجية، لاسيما مع الغرب. و إيران اليوم قريبة من حافة الانتصار النهائي والصمود واستدامة السياسة الاقتصادية للمقاومة على المدى البعيد وبعيدة عن حافة الانهيار بأي شكل من الأشكال حسب التوقعات وترفض بأقتدار" خطوة مقابل خطوة " لانها نفذت المطلوب منها في الاتفاق بشكل سليم واجبرت الترويكا الأوروبية تخليها بالدليل عن طرح مشروع قرار على مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية تدعمه الولايات المتحدة وينتقد ايران على تقليصها عمليات التفتيش المرتبطة ببرنامجها النووي والذي نفذتها ايران بشكل كامل دون التزام الاطراف الاخرى، و المتوقع أن تشهد البلاد تعافياً اقتصادياً في 2021، وتعمل ايران بصورةٍ متزايدة على إنتاج أنواع البضائع التي كانت تستوردها من قبل  من الخارج، و تلجأ الشركات الكبيرة والمتنامية إلى توظيف طاقاتها لتعزيز هذا المفهوم ونجحت في التغلب على الحصار الأمريكي المفروض عليها وهي على يقين بأن سجل المفاوضات الأمريكية والأوروبية سيكون لصالحها و لن ترضخ للضغوط إلا بالإصرار على برنامجها النووي ولن تقبل اي شروط لتمتثل لتنازلات محددة إلا عبر إطار عمل متفق عليه مثل اتفاق العام 2015 ولن تغيير أيٍ من سياساتها.
لكن ان تطلعات الهيمنة الأمريكية باتت تمثل عبئاً كبيراً على أمريكا نفسها والشعب الأمريكي، ولا يستطيع الرئيس الجديد جو بايدن التخلي عن سياسة أسلافه في التورط في النزاعات الدولية وينقذ أمريكا منها ،لانها تحتاج الى جرأة كبيرة وهو يرث استراتيجية أمريكية كبرى طويلة الأمد، يتعذّر إصلاحها بمجرد إدخال تعديلات سياسية طفيفة باهتة لا تغي ولم تأتي بأكلها على مدى العقود الـ3 الماضية وانما لترطيب الاجواء المتشنجة بطرق مبطنة ، حيث واصل الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون -بمن فيهم ترامب- توسيع حروب الولايات المتحدة والتزاماتها الدفاعية، وحجم انتشار قواتها، سعياً لتحقيق الهيمنة الأمريكية العسكرية في جميع أنحاء العالم، بدلاً من الاكتفاء بالدفاع عن أمنها الخاص .
والسؤال المهم والذي يشغل اذهان الكثيرين هو هل يستمر بايدن الرئيس الجديد بمعالجة الأولويات الملحة في الأيام والاشهرالقادمة -المتمثلة في إصلاح الديمقراطية المتضررة في الداخل والسيطرة على جائحة فيروس كورونا وإنقاذ الدبلوماسية الأمريكية التي ازدادت فشلا في زمن ترامب الرئيس الكارثي للولايات المتحدة الامريكية و سيجد أعباء الهيمنة العالمية ترافقه وهي تتعارض مع " أولوياته وأهدافه "التي تتطرق اليها في فترة الانتخابات ، والتخلي عن الوفاء بتعهداته بإنهاء الدعم الأمريكي للتدخل السعودي في اليمن، وخفض مبيعات الأسلحة لها، وإعادة تقييم المساعدات للكيان الصهيوني و ثمة هناك حاجة إلى اتخاذ الإجراءات الجذرية والسريعة لإنقاذ الدبلوماسية الأمريكية المتورطة في الشرق الأوسط .
عبد الخالق الفلاح

188
حوار للثقافة و المثقف الحقيقي
المثقف حالة عقلية ونفسية يعيشها المرء، يراقب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثّقافية والسّياسية في دائرة مسؤوليته، أو الحدود الّتي تسمح له متابعتها وتقويمها للتي هي أحسن. حارس على امن المجتمع والمستميت في قول الحقيقة عكس المثقف المتلبس بثياب الطائفية التي تهدد سلامة الوطن وتؤثر على المواطن امنه وأساليب عيشه وأستقراره والمتنفع حتى اذا بلغ ضحاياه الالاف لا يهتم بشئ ولا يبالي ، في حين ان مصالح اي مجتمع وأسباب بقائه، ووحدته وعناصر أزدهاره، ودعائم حاضره ورواسي مستقبله، تتأصل وتهتدي متى ما تتحلى بمنهج الأعتدال ونبذ التطرف و درجة التوافق والتلاقي  وقوة الوئام والتلاحم بين الشرائح المتباينة في المجتمع مهما كانت متناقضة  أصلا في تركيبته وشكله ومادته تعتمد أعتمادا كلّيا على شدّة الألتزام وقوة التمسك بهذا المنهج القويم وعدم الخروج عن هذا الخط المقدس الا وهو خط الوسطية والتعقل والأعتدال . ويقول الامام علي عليه السلام:  (إنّي لأَولى النّاس بالنّاس، أضمم أراء الرّجال بعضها إلى بعضٍ، ثمّ اختر أقربها إلى الصّواب وأبعدها من الارتياب).
لا يتنازل المثقف الحقيقي عن حب الثقافة لذات الثقافة كجزء محوري من رحلة الحياة،لانه هو ذلك المبدع الذي يمتلك نهجاً فكرياً يستطيع من خلاله بث أفكاره وطرحها لانه يحمل رسالة تهدف لليقظة، يملك الكثير من المعلومات في علوم مختلفة ومصدر تسلية لمن حوله وذاكرته تعج بالبيانات التي قد تصنف معرفة عندما تحلل ويكون لها مخرجات،  معتمداً محاكمة عقلانية منطقية لكل ما تتم مناقشته، وناقدٌ همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ أفضل، ان كان انسانياً ، او عقلانياً ، ويمتلك القدرة من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه تؤهله لبيان وجهة نظره في المواضيع الشمولية ، هو صاحب رسالة يبحث عن كشف الحقيقة، ويكون شجاعاً في الدفاع عنها،. تتحول عنده الأفكار إلى نماذج ومُثُل ومبادئ لا تفرق بين عقيدة وعقيدة، أو لون ولون، أو جنس وجنس، أو توجه سياسي وآخر؛ بمعنى أن المثقف الواعي والمدرك هو ضمير المجتمع، وهو المعبر عن آلامه وآماله، وحامل مشعل النور في سبيل البلوغ لنظام سياسي واجتماعي أكثر إنسانية وعقلانية.
وهنا لا بد من الاشارة الى ان ليس كلّ مَن تخرّج من الجامعة وحمل شهادة دراسية يُعتبر مثقفاً، ولا يقاس بكم من الكتب التي قرأها، أو المؤتمرات والندوات التي حضرها، ولا عدد الشهادات حصل عليها؛ الثقافة هي إمكانية العبور لعقل الآخر، والقدرة على مشاركته في أهم القضايا التي تشغله، والمثقف الحق هو من يعيش الواقع، ويكون قادراً على تحليله، وطرح الحلول الممكنة، ومناقشتها مع شرائح كبيرة في المجتمع.وليس كلّ مَن كسب معارف ومعلومات كثيرة يُعتبر مثقفاً، إنّما المثقف الحقيقي هو كلّ مَن له تفكير علمي نقدي يكشف به عن المُسلَّمات والبديهيات الزائفة السائدة في المجتمع ويطرح الحلول ويقارب مسائل وقضايا مجتمعه باعتماد العقل والمنطق بعيداً عن التحيّز والعواطف والقيود السائدة ويكون ذو نصيب واسع من المعارف والعلوم المرتبطة بالمجال الذي يقاربه وتكون غاية أفكاره الإصلاح والتصحيح والتطوّر والمنفعة العامّة للمجتمع ويتقبّل النقد والأفكار والآراء المخالفة بصدر رحب دون تشنج وبذلك هو يختلف اختلافاً كبيراً عن أشباه المثقفين من المتعلمين وأصحاب الشهادات المؤدلجين الذين يتعصّبون ويتحيّزون لأفكار معيّنة ولأيديلوجية معيّنة بغض النظر عن ضررها حيث تكون غايتهم الانتصارلتلك الافكار والدفاع عنها وليس الاصلاح والتطور
يرى عالم الاجتماع الأمريكي المعاصر لويس كوزر كون المثقفون "أَنهم معنيون بالبحث عن الحقيقية والاحتفاظ بها، وبالقيم الجمعية المقدسة، تلك التي تتحكم بالجماعة والمجتمع والحضارة. المثقف كائن هجين ينتج عملًا فنيًا أو عمليًا تظهر التزامه بالبنية، وهو قادر في الوقت ذاته على رؤية التناقضات والعمل على الدعوة لتهميشها" يتميز المثقف بالاستقلالية والبعد عن العصبية الضيقة التي تجعل من المثقف ضيق الفكر مضمحل التصور، في حين تمنحه الاستقلالية حرية إبداء الآراء بمعزل عن التأثيرات الداخلية والخارجية فيكون له رأيه الخاص المنطلق من عمق المعرفة وقوة الثقافة وسعة الإدراك، فلا يكون للسلطة ولا لعوام الناس تأثير على رأيه ما دام أنه مبني على الموضوعية والحيادية،
يقول الدكتور علي الوردي: "ينبغي أن نميّز بين المتعلّم والمثقف، فالمتعلّم هو مَن تعلّم أُموراً لم تخرج عن نطاق الإطار الفكري الذي اعتاد عليه منذ الصغر. فهو لم يزد من العلم إلّا ما زاد في تعصبه وضيَّق من مجال نظره. هو قد آمن برأي من الآراء أو مذهب من المذاهب فأخد يسعى وراء المعلموات التي تؤيّده في رأيه وتحرّضه على الكفاح في سبيله. أمّا المثقف فهو يمتاز بمرونة رأيه وباستعداده لتلقّي كلّ فكرة جديدة وللتأمّل فيها ولتملي وجه الصواب فيها".
"«ممّا يؤسف له أنّ المثقفين بيننا قليلون والمتعلمين كثيرون. ومتعلمونا قد بلغ غرورهم بما تعلّموه مبلغاً لا يحسدون عليه. وهذا هو السبب الذي جعل أحدهم لا يتحمّل رأياً مخالفاً لرأيه. يُقال إنّ مقياس الذي نقيس به ثقافة شخص ما هو مبلغ ما يتحمّل هذا الشخص من آراء غيره المخالفة لرأيه، فالمثقف قد لا يطمئن إلى صحّة رأيه، ذلك لأنّ المعيار الذي يزن به صحّة الآراء غير ثابت لديه، فهو يتغيّر من وقت لآخر. وكثيراً ما وجد نفسه مقتنعاً برأي معيّن في يوم من الأيّام، ثمّ لا يكاد يمضي عليه الزمن حتى تضعف قناعته بذلك الرأي.. وقد تنقلب ضده أحيانا انقلاباً شنيعاً». المثقف الحقيقي يتصف بشجاعة فكرية، ولا يتلقّى ما يسمع ويقرأه كالإسفنجة، ولا يستظهر كلّ ما قرأه كالببغاء، ولا يعتمد الأفكار الجاهزة مثل: العوام وجلّ المتعلمين، بل يعتمد التمحيص والبحث والتحري ويراعي الموضوعية والنزاهة حين التعبير عن رأيه بعيداً عن التعصُّب والتحيُّز.. وحين يقرأ فهو يقرأ قراءة الناقد لا قراءة الشارب المتلقّي الأعمى. فالمثقف الحقيقي حين يقرأ لا يلغي عقله، ويتشرّب بأفكار المؤلف الذي يقراء له ، بل يقرأ قرأة تمحيص ونقد ولا يثق بدون حجّج ولا يصدّق بسهولة"، وقد يتعرض المثقف للعديد من العوامل المحبطة التي تعيق إنتاجه والتقدير الذي من المفترض أن يلقاه فيتحول إلى إنسان محطم ومنزوي فواقع سيطرة السياسي على مجريات الأحداث تجعل ذلك المثقف تحت وطأة حالة من اليأس أو القهر الفكري وذلك مصحوبًا بعدم استطاعته ممارسة دوره مبشرًا بالفضيلة والتنوير، ما يؤدي إلى عزلته وإقصائه. والمستخلص " أن المثقف يجب أن يعيش الحياة بالطلاقة الثقافية... وإلا فسيكون مرض لا ينم عن وقاية مفترضة" كما قيل.
عبد الخالق الفلاح

189
صرخات في جوف الفراغ الاخلاقي
الخطط المبعثرة لا يمكن أن تترجم إلى نتائج ملموسة على الأرض دون الاعتماد على نهج استراتيجي منظم بوازع اخلاقي ووطني يوضح من قبل رجال الاصلاح الحقيقيين بأهداف تنموية تتحقق في ارض الواقع ولا تتحول الى فعل انساني مؤثز إلا من خلال مشاريع ملموسة تتركز على الحاجة الفعلية والبعد البيئي، الإصلاح ودعواته ملزمة بأخذ ذلك كلّه بالاعتبار، ورغبة الإصلاح حالة شعوريّة ينبغي أن تعمّ المجتمع كلّه أفرادا وجماعات، بل هو نمط وعي ينبغي أن يجري في المجتمع مجرى الدّم من الجسد، وفي مستوى أعمق ينبغي أن يكون الإصلاح وعيا جمعيّا، وطاقة إيجابيّة مشعّة إذا عمّت أخذت الكلّ في حضنها، كطموح عام يسكن بين ضلوع كلّ فرد من أفراد المجتمع كلّ من موقعه ومستوى وعيه ووظيفته ومستوى إدراكه وبافتراض وجود الإرادة السياسية على أعلى مستويات العملية السياسية، ، والاصلاح في ظل نظام قائم في العراق بعد 18 عام كذبة من المهم النظر الى النظام، والهياكل الأساسية التي تحدد إلى حد كبير ما يمكن وما لا يمكن القيام به..ان زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ونحن في حديثنا لسنا في صدد مغزاها انما فتح الباب على مصرعيه لمناقشة الرغبة في الاصلاح من عدمه في العراق في ضوء سرعة الامكانات التي برزت وتوفرت لهذه الزيارة ويظهر ان ليست هناك أزمة قلّة إمكانات ولا أزمة خطة للتطوّر لانها بالاساس غير موجودة، انما الاستئثار بالمناصب والمسؤوليات هي التي تعيق اي برامج للبناء و تسبّب في العديد من المشكلات كالتّخلف والفقر والصّراعات ومشاكل البيئة وغيرها ويعمقها ، لكنّ عمق الأزمة في النّهاية متّصل بالقيم. وبكلام آخر إنّ عمق الأزمة في اللّحظة التّاريخيّة الرّاهنة أخلاقية في المقام الاول، ولا سبيل إلى إصلاح الحال بدون ثورة شاملة عامّة تنطلق من الذّات المجتمعي بتمثّل منظومة القيم الذّاتية والانكى من ذلك كله التحجج بعدم توفير السيولة النقدية من قبل رجال سلطة الدولة وهي في حقيقتها كذبة اتضحت معالمها هذه الايام و يحاول المسؤول التكاء عليها لتمرير الفساد اوعدم الاهلية او لايريد البدء ويشوه كل جهود الإصلاح، ويقبحها ، ويعتبركل إنجاز على أرض الواقع بمثابة عطل وتعطيل لمصالح العباد والبلاد، ويرى كل كمال نقصان، حتى أنه يجن جنونه عند افتتاح اي مشروع وطني، و بات يرددها الصالح والطالح دون ان يعي المعنى الحقيقي لهذه الكلمات التي اطرشت صرخاتها العفنة مسامعنا، ان هذا الشعارات الزائفة تتطلب السعي الى اصلاح النفس قبل كل شيء ، فكيف لمن نشر الفساد ويعاضده ويعمل به ان ينادي بالاصلاح ام انها ارادة لتحقيق مصلحته الشخصية فمن يريد ان يتحدث عن الاصلاح عليه ان يقيم نفسه اولاً ويصلح نفسه قبل ان يتشدق بها ، والمطلوب الدعوة بصوت واحد من كافة الجهات المعنية لاجتثاث كافة انواع الفساد المالي والاداري والخلقي وغيره للوصول الى الازدهار المراد الوصول اليه خاصة .
في اي مجال اذا التقت ارادة القيادة ورغبات المواطنين تكتمل صور الاصلاح فتصبح اكثر فاعلية واسرع ايقاعاً لتعويض ما فات من فرص للاستثمار والتطور المهدورة وتصبح بحاجة إلى نهج مشترك في التعامل مع التحديات  الداخلية والإقليمية والعالميّة ويأخذ بالحسبان البيئة السياسية والفكرية وكذلك البيئة الطبيعية والبيئة الإنسانية ، فإذا تحقق ذلك، نصل إلى الوحدة العضويّة المنشودة بين الإنسان والأرض والشجر بين الإنسان والفكر بين الإنسان وأخيه الإنسان والاخلاقيات ، فما يتطلبه هو وضع الإنسان في صلب معادلة الكرامة الإنسانية ،من هنا للتوضيح فأن الديموقراطية التي يتشدق بها الكثيرون بمفردها لا تصلح مجتمع ولا تكافح الانحرافات لأنها آلية حكم توفر منظومة سياسية فقط، بل تحتاج مستلزمات تكليفها في تعزيزنشر قيمها الشفافية والنزاهة وتثقيف الأفراد بمخاطر الانحراف عنها و يتطلب التركيز على الجانب الاخلاقي وهي من الامور المهمة و الوقفة بأوجه الفساد أولى خطوات الإصلاح، فالإصلاح الحقيقي يحتاج محاربة الفساد، حيث ان الفساد في العراق اصبح مشكلة أخلاقية بالدرجة الأولى و هذه المشكلة صارت متأصلة واصابة الجوهروعليه الإصلاح من الجذور والانبعاث من جديد والارتقاء في البحث عن كلّ السّبل المؤدّية إلى ذلك كلّه، وكذلك التّجديد والتّجدّد، بعمل وسلوك مستمرّ لا يتوقّف، أو بالأحرى بفعل متواصل لا ينبغي أن يتوقّف عند زمن معين لأنّ ذلك هو ضامن التّفاعل لمجريات الواقع والاستفادة من اللّحظة التّاريخيّة إيجابا، وهو ما يمدّ الصّلاح دعماً وعنفوانها وبما يلزم من الطّاقات اللاّزمة المؤدّية حتما إلى ايقاف سيله وانهاء وجوده والتوجه الى الصّفوف الأماميّة للشّهود الحضاري ،
ومن اساسيات الاصلاح هو صفاء القلوب وعدم حمل البغضاء لأمور شخصية او مصلحة او امور دنيوية ، وعدم شن الحملات اياً كان نوعها والتي من شأنها ان تملأ روح الحقد والكره ، لان القلوب الحاقدة لا تسعى للاصلاح انما للفتنة ولتفكيك المجتمع وغرس الحقد في القلوب ، ان انتزاع طابع الحقد واستبداله بحب الخير والعطاء وحب المجتمع وجعله مجتمع متماسك بقلب واحد لن يكون بجهد فردي بل بجهد جماعي ، ويحتاج الى سهر وتعب واجتهاد بعد ان فرقت ابناء المجتمع الصراعات على المناصب التي لم تعد تجمل اي قيمة واي معنى في ظل معوقات وعجز في المخصصات وضعف بالصلاحيات فلماذا الحقد بل يجب البدء في نبذ هذه التصرفات لينعم الانسان في مجتمع خالي من الشوائب وارضاء الله عز وجل لا ان يكون سبباً في سخط الله على من لا يشكر الله على نعمه الكثيرة .
 ان من يعمل على اثارة الفتنة وتفكيك المجتمع يعتبر من اشد انواع الفساد الخلقي للشخص نفسه ففي فساده وحقده يسعى لافساد المحيط من حوله وانتهاك مبدأ النزاهة في العمل والعطاء وهو ينقل عدوى الحسد والبغضاء واستغلال المناصب ، محاولات الإصلاح يجب أن تتضمّن إعادة النظر في القيم التي تحتويها تلك النظم ونختار مايناسب المجتمع وافكاره ولايخضع للاستنساخ والتبعية والانبهار المزيف …. وبينما نفكّر مجدّدًا في القواعد والأساسيات و لا بد من إلقاء نظرة أوسع على العوامل الخارجية التي تُزعزع العلاقات والتي تعيق التعاون واستقلال المتكافل على مستوى الدولة والمؤسسات والأفراد.
عبد الخالق الفلاح

190

الجوهر في الصفات الانسانية
يشهد عالمنا اليوم انعداما في المساواة أكثر من أي وقت مضى وذلك لضعف القيم الانسانية كمعاملة وسلوك و يقصد منها ممارسة الوعي الإنساني في التعامل بين الإنسانيين وفي معاملتهم لجميع احتمالات الإنسان على أساس التماثل الجوهري بين جميع البشر ، باعتبار أن كل إنسان هو النموذج الآخر لكل إنسان آخر ، ومعاملته بالحب الإنساني  وبالمساواة الإنسانية وباحترام الكرامة والحقوق لكل إنسان اخر،كثيرون هم من يدعون الإنسانية ،لكن للأسف ، قليل من يعطي ويبخل في العطاء. وكثير من يأخذ ولايشبع وهناك الكثير من مَن يعتقد أن العطاء يقتصر على العطاء المادي فقط  ،لا ابداً انما العطاء في الانساني تعني كل شيئ ينتفع منه وفيه بصمة خير لإغاثة الملهوف والتنفيس عن المكروب، وبصمة سلام في التعافي من الأزمات والكوارث وضحايا العنف والحروب، وبصمة أمل في التنمية والخدمات الإنسانية، وتأهيل المجتمع بشكل يبعده عن الجوع والتخلف والفقر والمرض في ظل السلوك الإنساني و يعني كذلك النشاط الذي يمارسه الإنسان في استجابته للمواقف والأحداث، سواء كان سلوكا حركيا، أو لفظيا، أو سيكولوجيا، أو معرفيا، أو غير ذلك من أنواع السلوك، الذي هو سلوك غائي، يكف الإنسان عن ممارسته متى تحققت الغاية التي يريد الوصول إليها من وراء قيامه بهذا السلوك أو ذاك ، وبالطبع لا يمكن ان  يستدام فقدان الانسانية لمكانته لفترة طويلة لان انعدامه يهدد وجوده اولاً و يحد من نمو المجتمع  اقتصادياً وفكرياً  وجهود القضاء على الفقرو يعطل التقدم في التعليم والصحة للسكان، وبهذا يقوض القدرات البشرية ذاتها لتحقيق الحياة ّ الكريمة، وهو كذلك يحد من الفرص ومن إتاحة الموارد المعيشية والاجتماعية والسياسية، و يؤدي الى انعدام المساواة مما يسبب الصراعات والازمات و تهدد الامن واستقرار المجتمع.
يدخل في مفهوم الإنسانية العديد من الاعتبارات الفلسفية؛ وكلمة “الإنسان” تعني الكائن البشري الذي هو ليس بحيوان اجلكم الله واعزكم. انما هو اسم جنس لكائن لديه القدرة على التفكير، والكلام والاستدلال بالعقل، وتُطلق كلمة إنسان على الأكثر تطوّراً من النّاحية العقلية والناحية العاطفية وبصيغة المفرد على الاحوط ،ويدل على التسميات القائمة على وصف الكائن البشري أو الجنس البشري ،أي أن كلمة إنسان هي نقيض الحيوان من حيث المواصفات التي تميّز الإنسان عن الحيوان . ولكن كلمة الإنسان لا تدلّ على أيّ إنسان محدّد ، و هي مفهوم لغوي عام لا وجود له إلاّ في القاموس،و التي يقصد بها الخصائص المشتركة بين أفراد النوع البشري التي تميّزهم عن الحيوانات . بينما البعض من أفراد النوع البشري يختلفون عن بعضهم اختلافات جوهرية حادّة تجعل الفرق بينهم أكثر حدة وعمقاً من الفرق بين البشر والحيوان كما نشاهد ذلك عند المجموعات الارهابية المتوحشة وعصابات الاجرام التي تقتل دون وجود اي نزعة انسانية عندهم،
الجوهر الإنساني  في كل إنسان هو النواة الرئيسية التي تحتوي على الإستعدادات النوعية الوراثية المكوّنة للشخصية الإنسانية وما تكتسبه من قدرات ومؤهلات وإمكانيات للتعامل الإنساني مع الآخرين، الإنسانية التي تعني المواصفات الإيجابية ضمن نطاق التصرفات العفوية والسلوك الإيجابيفي اطارالعلاقات والمواقف العائلية والاجتماعية او التعاملات العامة التي تفتضيها المصالح المشتركة.
رغم اختلاف جميع المعاني لكلمة الإنسانية ولكن المقصود بمعنى الجوهر الإنساني الذي هو فيه مقومات تشكل الاستعدادات الوراثية النوعية للبشر في كل إنسان ،الإنسانية بشكلٍ مُجرَّد تدلّ على نوع الإنسان واختلافه عن بقية الكائنات الحية، فما نسمعه من وسائل الإعلام وغيرها من المواقع والكتب والمجلات تَعتبر أنّ الإنسانية هي مجموعة من الجوانب الإيجابية والأخلاقية للإنسان التي تعني المخلوقات البشرية جميعا، وتحمل في نفس الوقت مضمون الإحسان والإيثار عند البعض و التي تعني و توحي الى قوة روحية، ولكن ومع الاسف قد اغتصبها البعض لذلك تم دمجها في مفاهيم معاصرة مثل حقوق الإنسان والتنمية والتدخل الإنساني وأمن البشر.
الانسانية تعني بالمدلول التربوي الجانب المرتبط بالمؤثرات التي تحدد السلوك الإنساني وتضبطه باتجاه معين سواء المحتوي الذاتي للفرد الذي يكون له بطبيعة الحال تأثير على السلوك ، أو العوامل الخارجية التي يهتم بها للفرد ، بحيث يكون لها انعكاس على سلوكه ، و السلوك الإنساني يتأثر بعوامل عديدة  و أهمها ،القانون : ونعني بالقانون بالمعني الاعم الذي يشمل الشريعة وغيرها من القوانين الوضعية التي يضعها الإنسان لتحديد السلوك ، ومن الواضح ان هناك مستويات متعددة ومختلفة لتأثير هذا العامل ترتبط بخلفية ومدي فهم الإنسان للقانون ومدي إيمانه بخلفياته ،كافة الديانات تضمنت مفهوم المعنى الانساني بكونه يُعلي من شأن النفس الانسانية ويضعها موضع التكريم اللائق بها ليمكنها من اداء دورها الحقيقي في العمل والعطاء والانتاج الذي يهدف الى تحسين حالة الفرد وتقدمه في المجال المادي والمجال الروحي بكل توازن وعدالة وواقعية ومسؤولية ، علينا ان نفهم بأننا اليوم لازلنا نعيش في بحبوحة من الانسانية  والحميمية  في ظل واقع لا يزال يحمل عوامل الانسانية  ولكن نتحصر على الاجيال القادمة التي سوف تذهب بهم الحياة أكثر اغترابا، وأكثر فردية، وأكثر قسوة في ظل مناخات العولمة وثورة المعلومات المتنامية اذا ما استغلت بشكل غير صحيح .
عبد الخالق الفلاح

191
جعجعات لا تورد الطحين
العراق اليوم مثقل بالتحديات، وغالباً ما تكون  تلك التحديات باهظة الثمن والذي انعكس سلبا  على المستوى الاقتصادي والمعيشي للمواطنين ، واشاع الفقر بين صفوف ابنائه والتي تتلخص في اهم اسبابها الى عدم التوازن المعيشي بين مستوى دخل الافراد ومتطلبات الحياة المعيشية بالاضافة الى أنحسار الدخل الذي يحصل عليه الفرد والذي يعد أهم مقومات حياته وسبل معيشته أضافة الى تدني المستوى الاقتصادي للبلد وضعف آليات التعامل لأحداث تنمية مستدامة ، وتستثمره وتسعى الاحزاب والكتل المتصدية للعملية السياسية بشدة في الحفاظ على الوضع الراهن لكي يبقى المواطن ضعيفاً في المواجهة و هياكل السلطة التي اذا بقيت على هذا المنوال لا يمكن إصلاحها  ببساطة او باصلاحات ترقيعية انما بشكل فعال من خلال جهود عقول وكفاءات متخصصة متضافرة العزم لعبور المرحلة بتقليل الخسائر الى شاطئ الامان والسلام اذا اريد انقاذ الوضع ،وعلى المشهود والمتحسس به  ، ودون تشائم انما بواقعية ملموسة ، فعلى المستقبل القريب لا يمكن أن تكون المخرجات واعدةً رغم  كل الامكانات المتوفرة .
الفرد العراقي اصبح يتمتع بمستوى من الوعي والحرية للتعبير قد يكون لا  مثيل له تقريبًا في الشرق الاوسط، ولديه مجتمع مدني مزدهر وحيوي وعقول وكوادر متخصصة في جميع المجالات لواستغلت دون تمييز او محسوبية ، وثروة من العملة الاجنبية في البنك المركزي تعادل امكانيات عدد من بلدان المنطقة والدول المجاورة والذي اصبح  بعيداً عن الاستقلالية في الوقت الحالي وتحت تأثير العملية السياسية الفاشلة ومزاجات الكتل الحاكمة ، وهو الذي يمكن ان يكون  سببًا في نجاح استقرار اقتصاد العراق الذي يعيش على ثروة هائلة من الطاقات المتنوعة مثل النفط والغاز والفوسفات على سبيل المثال لا الحصر، ويُمَلكه القدرة على أن يصبح قوة إيجابية لاستقرار المنطقة.
من خلال اطلاعي على الاعلام والقراءة اليومية لمواقع التواصل الاجتماعي لفت نظري تصريح للسيد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي ( وهي من الجعجعات التي لا تورد الطحين ) يقول فيه بتحد ان "هناك تعظيم للاحتياطي النقدي، وزاد بـ 4 مليارات دولار"، مبيناً "مزاد العملة سيء الصيت تم الحد من فساده وأصبح من الماضي" وانا اقول بأن التحدي بشروط في ظل النظام السياسي المحاصصي الحالي في العراق امر يكاد يكون مستحيلاً  حيث جعل كل وزير ومسؤول يتصدر تعامله  بفرده عن الوزارات والمؤسسات الاخرى لانه يمثل كتلة او حزب معين يعمل بشكل مستقل عن الأخريات فغاب العمل المشترك المنظم والتكاملي، فضلا عن ان كل وزارة هي من حصة معينة تقوم بتسخير الوزارة لمنفعة أعضاءه ومؤيديه وفق أساليب بعيدة عن المصلحة الوطنية وتضمن المنفعة الآنية العاجلة للوزير وكتلته، المشكلة الاكبر في اعاقة اي استراتيجية مستقبلية شكّل الصراع الإقليمي والدولي على النفوذ في الساحة العراقية، معوقا كبيراً أمام التخطيط الاستراتيجي المطلوب لتحقيق التنمية في العراق تهدف إلى تحسين مستويات تقديم الخدمات، وخلق الوظائف، والحد من الفقر، ومشاركة القطاع الخاص في تنويع الأنشطة الاقتصادية و تبرز من خلالها أهمية تشكيل رؤية من شأنها أن تكون إستراتيجية اقتصادية للسنوات القادمة وبالتالي إمكانية تحقيق الإصلاح الاقتصادي في البلاد والنهوض بمتطلبات التنمية الشاملة، ومن البديهي والمنطقي في أي اقتصاد ولأية دولة أن تكون هناك إستراتيجية للتنمية الاقتصادية، تلك الإستراتيجية التي تحدد ملامح الاقتصاد في أي مرحلة من مراحل النمو الاقتصادي وذلك كي يتسنى تحديد العوامل التي ستؤثر في العملية الاقتصادية وكذلك المؤشرات التي تظهر خلال تنفيذ الخطط الاقتصادية للمؤسسات والمشاريع والشركات المعنية بعملية التنمية الاقتصادية، وكما تحدد قدرات الموارد التي يمكن من خلالها تحديد الاستغلال الأمثل للطاقات المتاحة، وبالتالي تحديد مكان السلب والإيجاب في مستوى الأداء الاقتصادي
، إذ ان التخطيط الاستراتيجي الناجح يهدف لتحقيق مصلحة البلد بالدرجة الأولى حتى لو كان ذلك على حساب مصالح الدول الأخرى، لذلك تسعى الدول ذات النفوذ في العراق إلى إفشال أي تخطيط استراتيجي وطني لأنه ربما يلحق الضرر بمصالحها خصوصا في ظل غياب الشخصيات الوطنية الكفوءة ذات القدرات الدبلوماسية  التي تمكّنها من التوفيق بين المتطلبات الكتلوية و المصالح العراقية اولاً ومن ثم التعامل مع مصالح الدول الأخرى التي تعتمد على السيادة الوطنية والاستقلالية .
ان التحدي يكون في ظل تشخيص مهم لتذليل العقبات والسير قدما في مراحل الانجاز والبلد يمر بازمات شديدة وحادة " وهذا يحتاج الى استراتيجية  واقعية ولان التخطيط الاستراتيجي يُعد عاملا مهما في صياغة وتصميم سياسة أية دولة، وذلك لانه يشكّل مرتكزا تستند إليه آليات ووسائل إدارة الدولة في الجوانب كافة سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية أو الإدارية، يتطلب تحديد الأهداف التي تسعى إليها البلدان بطرق علمية، مع التركيز على المستقبل للوصول لنتائج مستقبلية بمعنى إن التخطيط الاستراتيجي هو تخطيط بعيد المدى يأخذ في الاعتبار المتغيرات الداخلية والخارجية ويحدد القطاعات المستهدفة  .
ولاشك ان تبني اي سياسة إستراتيجية من شأنها أن تحدث عملية التحول وفي الحاجة إلى معرفة الهدف والمحور في كل هذه العملية ، فبدون ان يكون المحور المواطن لا يكون هناك بلدٌ اسمه العراق ، وبذلك يمكن القول بأن التخطيط الاستراتيجي هو تحديد للأهداف والغايات الأساسية في مجال معين، وهنا نقصد المجال السياسي في المدى البعيد ثم اختيار وسائل بعينها من بين خيارات مدروسة ومحسوبة لتحقيق هذه الأهداف أي يعتمد على تفكير منظم لما يريد أن يفعله الإنسان أو أن يكون عليه في المستقبل البعيد كغاية يسعى للوصول إليه من خلال البحث الدقيق لاختيار أفضل الوسائل لتحقيق المكاسب أو الأهداف بأقل كلف وبأقل وقت، بالتخطيط الاستراتيجي الذي يتضمن كل من التحليل الاستراتيجي والاختيار الاستراتيجي وتحديد البدائل التي يمكن الوصول إلى الترابط والتناسق بين الأهداف الاستراتيجية والمرحلية والأهداف قصيرة المدىمن خلالها، وكذلك الترابط والتناسق بين الأهداف والتشريعات والسياسات الاستراتيجية، وتحقيق التكامل بين كل منها بحيث تصب كل الجهود في اتجاه تحقيق الغايات المحددة بأفضل السبل وفي ظل الظروف والمخاطر والتطورات وعلى الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ،وبالتالي فان نجاح الحكومة في إدارة شؤون دولها يتوقف على درجة إتقانها للاستراتيجية التي تضعها وتكريس جهودها وإمكانياتها لتنفيذ بنودها.
عبد الخالق الفلاح

192
بلد الخيرات ينتظرالعطايا .. من المسؤول..؟
منذ الغزو الأميركي لبلاده، ظل العراق ومنذ 18 سنوات وشعبه يتألم ويعاني ويتذمر، في صمت وإباء، من حالة الفقر والبطالة وتفشي الفساد وتدني مستوى الخدمات وترديها، وصار يتسائل عن المخرج:ومشكلة دواء كورونا هذا الوباء القاتل الذي اجتاح العالم اجمع دون استثناء وقف العراق منه مكتوف اليدين دون حراك اي مسؤول في الجهات المسؤولة للتحرك من اجل الحصول على الدواء، بحجة وجود ضوابط علمية ومعطيات معتمدة من قبل الدولة العراقية، حسب تصريح المتحدث باسم وزارة الصحة " فأي مادة علاجية من أي دولة تتماشى مع الضوابط العراقية يقر استخدامها داخل البلاد" مؤكدا أن اللقاح الصيني مطابق للضوابط المعتمدة من قبل الدولة العراقية لذلك تم إقرار استخدامه داخل العراق " والحقيقة فأن اقراره كان بسبب كونه هدية للشعب كله ولكن سوف يتم توزيعها حسب المحاصصة وتكون الافضلية للكتل النيابية حتماً وينتظر الاخرون من يمد لهم يد الاستجداء والعون ،" في ظل بلوغ مجموع الإصابات الكلي 609852 إصابة، ومجموع حالات الشفاء 573011 حالة، بما يشكل 94 بالمائة من مجموع المصابين، ومجموع الوفيات 12962 وفاة، ولايزال 23879 مريضا يرقدون في المستشفيات بينهم 134 في العناية المركزة، وفقا لبيان صادر سابق من وزارة الصحة وسرعة انتشار سلالة "كوفيدالانكليزي المتحور قد تضاعف  " كيف وصلت الأوضاع إلى هذا المستوى المزري في بلد يزخر بالإمكانات والخيرات والموارد الطبيعية الهائلة وتنقطع به السبل ومن المسؤول غير من هم خلف العملية السياسية؟ وكيف تنقطع الكهرباء في ربوع ثاني أكبر عضو في منظمة الأوبك للدول المنتجة للطاقة في العالم؟ وكيف يفتقر العراقيون في الكثير من الاحيان إلى المياه الصالحة للشرب في بلاد ما بين النهرين العظيمين دجلة والفرات ؟ لماذا ترتكب الجرائم النكراء بحق مستقبل  أطفال العراق ارض الحضارات والعراقة و الثروات والخيرات ، الى متى يبقى الحكام وأعوانهم في نشوة الفرح لينهبون ثرواته ويبيعون نفطه ويضعونه إما في بنوك اوروبا في حسابات شخصية أو في أرصدة بعض الذين باعوا أنفسهم ووطنهم  واتضحت الصورة بجلاء لدى الشعب العراقي حول من يقدم له العون والمساعدة في محنته وظروفه الاقتصادية، و من ينهب ثروات بلاده ويغرقه في المناطقية والعشائرية والتطرف والدمار.
العراقيون يدركون أن بلادهم واقعة على ثروة نفطية تعتبر من الأعلى في الاحتياط العالمي وخيراته لا تعد ولا تحصى ، ولكن سوء الإدارة والفساد اللذين اجتاح بلادهم جعلهم في هذه الدرجة من التدني والانكسار، حيث ينظرون الى المؤتمرات الدولية  بعين العطف لجمع الأموال وإعادة إعمار بلادهم، وهم يدركون أيضا أن الحكومات المتعاقبة على بغداد قد نهبت من ثروات البلاد ومقدراته أضعاف المبلغ التي تتطلبها الموازنة السنوية الحالية  وكل التقارير الاقتصادية العالمية تشير إلى أنه خلال السنوات الماضية الأخيرة حدث للخزينة العراقية تسرب مالي ضخم بمئات المليارات من الدولارات من عائدات النفط المبيعة بصورة عشوائية، وربما امام انظار الحكومات المتعاقبة من نهب لمقدراته وخيراته اواختلاس امواله بقصد اوبعيدا عن أعين حساباتها، وأخيراً ، قد يظن البعض أنني متفائل أكثر من اللازم وأقول لهم نعم هذه حقيقة التاريخ وسوف ينتصر العراق ولو بعد حين.
 نعم سوف تشرق شمس الحرية على بلادنا التي أثرّت حضارتها القديمة على نُشوء الحياة في جميع أنحاء العالم، فلقد استطاع السومريون القدماء تشييد واحدة من الحضارات المبكرة، عبر الإدارة الحكيمة لهما ومن أقدم الحَضارات في التاريخ البشريّ حضارة سومر، التي نشأت خلال ثلاثة آلافٍ وخمسمائة سنة قبل الميلاد في بلاد ما بين النهرين؛ حيث نمت فيها العديد من الخصائص كالحكومة، والاقتصاد، والبنية الاجتماعيّة، واللغة، والكتابة، والثقافات المتميزة.وسوف تضيء مساجد بغداد وسوف تقرع الكنائس أجراسها فرحاً وأعتقد أن هذا اليوم ليس ببعيد ، فعمر الظلم مهما طال قصير وسوف يذهب السراق إلى مزبلة التاريخ وسوف نكتب أسماء الشهداء بأحرف من نور واعدائهم الى المزابل و تعود البلاد لتعج بالبهجة بالذين يحبون الحياة و أحبوا وطنهم أكثر من الحياة فانتصر وطنهم وسوف تعود الحياة، ان ثبات النسيج الاجتماعي العراقي إلى طبيعته التاريخية المعهودة من التلاحم والتجانس الشعبي ضد أي مستفزات طائفية أو مؤججات مذهبية أو مناطقية ليس ببعيدة وهو المعهود عليه مدى التاريخ ، ومن ثم عودة الكفاءات الوطنية النزيهة من مهاجر الدنيا إلى مناصبهم الملائمة لهم في وطنهم، وحينها لن يحتاج العراقيون أبدا إلى مؤتمرات دعم أو إعمار لبلادهم، بل سيسهمون في اعادة إعمار وطنهم بخيراته وبجهودهم وعرق جبينهم ،والله من وراء القصد.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

193
لقاء الاجراس والمعابد لزرع السلام والمحبة
الاستعدادات جارية في العراق  لاستقبال البابا فرنسيس الذي يزوره في لقاء تاريخي وعزمه توقيع "وثيقة إخاء" مع المرجع  الكبير اية الله العظمى السيدعلي السيستاني دامت بركاته وهو لقاء فريد من نوعه و يعتبر البابا الزعيم الروحي للمسيحيين الكاثوليك، والسيدعلي السيستاني، الزعيم الروحي البارز للشيعة ، وأحد أكثر المراجع الدينية تأثيرا في العالم وإحساسًا تقشعر له الأبدان وتسكن به القلوب الظمأى إلى السكينة والخشوع ولا غبار عليه سيكون اللقاء مؤثراً  في  العراق الذي يمر بظروف سياسية وحياتية صعبة وأمنية حرجة، حيث يعول كثيرون على أن تسهم هذه الزيارة في دعم السلام والتفاهم بين أبناء الوطن الواحد ، ورسالة الى العالم اجمع في خلق اجواء جديدة للسلام والمحبة، سيتضمن إضافة إلى محطة النجف ولقاء االمرجع الكبير، زيارة "منزل النبي إبراهيم" في محافظة ذي قار، والذي يمثل رمزا للتقارب بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وسيقيم الصلاة في مناطق سهل نينوى في كنيسة كان تنظيم داعش يسيطر عليها، كما سيقيم قداسا كبيرا في إحدى ملاعب إقليم كردستان العراق.
مما لا شك فيه ان الوئام والحوار بين الأديان والتقارب بين أبناء الديانات من شأنه أن يرسخ في العالم قضايا السماحة والاعتدال والمودة بين أبناء البشر ليعيش الناس متآخين جميعا و لابد أن ينتشر في العالم  الذي هو في امس الحاجة اليه مما يرسخ الوئام والمودة والاحترام وبالتالي ينعكس ذلك على السلام العالمي وتعاون البشر، وتصدير الوئام إلى العالم لا يكون فقط بكلمات،لابد أن يتبنى الجميع منهجا لترسيخ الوئام الديني في العالم مما ينعكس على الأمن والسلام الاجتماعي في العالم بأسره وينبغي أيضا تطبيق العدالة في الأرض بين الأمم والشعوب لأن تحقيق الاستقرار العالمي يتطلب تحقيق العدالة وإنصاف المظلومين وإحقاق الحقوق .
فى مواقف رائعة التقى الإسلام مع المسيحية في لقاءات تغمرها الرحمة ويغلفها التسامح والعيش المشترك بل والحماية المتبادلة، في عصرنا الحالي الإنسان المعاصر أشد ما يكون احتياجا إلى التسامح كخلق وسياسات، فالقدرات التي في يده هي الأعلى في تاريخ البشرية من الأسلحة الفتاكة لانها فضيلة أخلاقية وضرورة إنسانية لضبط الاختلاف، وتحقيق التعايش ، كما أن إمكاناتها على نقل الكراهية متنوعة وضخمة، وإذا لم تُقيد الكراهية والقوة الغشوم بروح التسامح والعقل فإن البشرية تقترب من حافة الدم والدمار، اذا لم يبادر كل منهما في موقع حماية الآخر والذود عنه ضد الاضطهاد، ولم يكذب النجاشى "ظن وحدس الرسول ( ص ) فيه فأكرمهم وأحسن وفادتهم ووهبهم الأمان الكامل ورفض كل المغريات والرشاوى والوشايات ونصائح بطانته وحاشيته الذين أغرقهم وفد قريش بالهدايا والرشاوى، كل ذلك فعله حتى قبل أن يسلم، ولعل ما فعله النجاشى وما قاله فى حق النبى الكريم محمد سلام الله عليه واله  كان سببا غير مباشر فى اسلام بعض كبار القوم  ، لقد حمت المسيحية الإسلام والمسلمين وهم ضعفاء فى مهد دعوتهم، ولعل ذلك جعل قادة المسلمين ان يعترفو بفضل النجاشى والمسيحيين فى حماية المسلمين فى مهد الدعوة الإسلامية ويرد لهم الجميل ، ويعرف قدرهم ويؤمنهم ويزيل عنهم اضطهاد الرومان ويكرم البابا بنيامين ويؤمنه ويعيده إلى سلطانه فى قيادة الكنيسة المصرية و حينما نزلت سورة الروم تبشر المسلمين بانتصار الروم على الفرس عقبت على ذلك بالآية «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَهِ» ولم يكن للفرس في ذلك الزمان كتاب سماوى مثل الإنجيل والتوراة ولم يكونوا مثل اليوم ينورون طريق العالم بعلومهم وتحديهم لاعداء الدين ، وهناك لقاء مهم  جمع الرسول ( ص ) مع نصارى نجران بعد ان  جاء وفد كبير من قبيلة نجران وهى من أكبر القبائل المسيحية المتاخمة وقتها لدولة الإسلام فى المدينة، واستضافه الرسول فى المسجد وأحسن وفادته وأكرمه وعرض عليه رسالته، وبعد عدة أيام قضاها الوفد فى المدينة أعلن رفضه للإسلام وأعلن ترحيبه بالسلام مع النبى  الاكرم ودولته وقبل الرسول «صلى الله عليه واله وسلم» ذلك ولم يكرههم أو يجبرهم على شىء وعادوا إلى وطنهم معززين مكرمين وهناك لقاءات كثيرة يذكرها التاريخ بين الاسلام والمسيحية لا يسمح المقال لذكرها ، والزيارة بادرة للسلام و الوئام وزرع بذرة الخير الجديرة وان يكون هذا اللقاء منطلقا لتحالف حضاري إنساني بين المسلمين والمسيحيين كنوذج  و للاديان السماوية قواسم مشتركة عديدة في المصدر والهدف والأسلوب وخلق حضارة العيش معاً في حوار الحياة بروح الانفتاح وحسن الجوارعلى أن يقبلها العالم لان السلام غاية البشرية التي هي  في حاجة إلى الحب والسلام والعدل والخير.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

194
"العربية "ورش الملح على الجراح
الإعلام الصادق هومرآة ومنارة وشجرة وافر بالعطاء وصبوة الخيول الجامحة وصوت الحق والموقف الشريف  فإن خرج عن المصداقية  ذهبت العلاقات إلى مزالق وابتليت بصواعق وأصيبت بالمآزق في زمن الإعلام الذي أصبح سلاح ذو حدين  ودورة الدم التي تجري في العروق، واذا صفت صفا الجسد ونما نمواً طبيعياً، والثاني مكدر يهزل الجسد ويتهالك ويهوى صريع الأمراض والعلل. وواجب الإعلامي الشريف أن يكون مع الحق في سرائه وضرائه وأن يكون صوته المجلجل في الآفاق لردع الشائبة ومنع الخائبة من النواعق والصواعق التي لا تريد لأوطاننا غير الخراب والدمار.. الاعلام الواقعي والسليم والملتزم بميثاق يخط طريقه ويقنن اجراءاته ويتحمل اي اخطاء قد تنتج عن سير عمله.
يلتزم بعدم اثارة النعرات الطائفية إلا القلة القليلة المريضة او الإساءة لأرباب الشرائع والرسل والانبياء والصحابة الاجلاء وهو الذي يبني متابعة الناس ويجدد ثقتهم به ويوحدهم باتجاهه من خلال ما يقدمه من عطاءات خيرة تلم المجتمع و بالإمكان ان يخط دربه باتجاه يكون به نبراسا يستمد منه اصحاب العقول كل معلومة صادقة، وبعدم الخضوع للواقع المعوج ويهتم بنشر القيم والأخلاقيات والسلوكيات التي تغير وعي كل طبقات المجتمع نحو الامن والسلام وتأخذ بأيديهم إلى الرقي والتقدم في كل المجالات.
 من حق الإعلامي أن ينتقد وأن يقدم الملاحظات النيرة وأن يكون عيناً ساهرة مبصرة تتابع الخلل أينما حل، ومن واجبه أيضاً أن يكون سداً منيعاً لدرء الأخطار عن الاوطان، وان يكون العين الساهرة لحماية البلدان لا ان يخطط من اجل اعادة الزمن المرة كما فعلته قناة العربية في سلسلة لقاءات مع ابنة الطاغية صدام حسين بوجهها القبيح في سبق اعلامي باهت كما تتصوره وفارغ من الاخلاق والقيم لترش الملح على الجروح الشعب العراقي وفي محاولة لتبيض وجه حزب البعث الحالم بالعودة ونظامه المجرم بعد تهجر اكثر من 600 الف عراقي من ارضه  وسحب جميع المستمسكات الرسمية والاموال المنقولة والغير منقولة منهم ليتركوا في مناطق وعرة وفي اجواء باردة ومثلجة بين السماء والارض  بتهم باطلة وقتل اولادهم بعد زجهم في السجون دون اي حق  وثم الى  المقابر الجماعية، والعدوان على الجمهورية الاسلامية ، واحتلال الكويت، وتجفيف الاهوار واستعمال الاسلحة الكيمياوية ضد ابناء شعبة كما هي حلبجة الشهيدة ، وضحايا الانفال والانتفاضة الشعبانية وحلبجه الشهيدة  وتثريم اجسادهم في مثارم المخابرات والامن التي كان يشرف عليها طاغيتهم وعملائه ،
كان على القناة العربية ان تقف معهم للخروج من شرنقة التوترات والازمات الاقتصادية الإعلامية ( بروح عربية ) لا بروح الجهل والحقد الدفين وكما وصفهم الإمام علي (ع) "همج رعاع ينعقون مع كل ناعق يميلون حيثما تميل الريح"، اقلام خبيثة حاقدة ومحترفة مدعوما من قبل جهات خارجية وداخلية معروفة بخبثها وحقدها وحبها للدم كل عراقي شريف يراق واسكات اصحاب الحق،
الاعلام الاعلام العربي  وبالذات " قناة العربية " المطلوب منه ان  يفحص ويمحص ويشخص الحالة العراقية الراهنة بدراية وعناية وحماية شعبه الذي هو في امس الحاجة لمن يقف الى جانبة من اخوانه في " القومية والدين "، بلا غواية أو الخضوع لإشاعات أو افتراءات أو هراءات. وان أن يكون عقلاً للدفع نحو التحاور مع الآخر بمنطق الأشياء الواقعية ويجاور الحقيقة أينما حلت وارتحلت، وألا تأخذه لومة لائم في فضح الأكاذيب والأغراض ذات النفعية والأنانية. وأن يواجه  معه التشويه والتشويش والتهويش بالمعلومة الصارمة و أن يقارع الآخر نداً لند دون انتقاص أو نقصان أو خذلان. ولدينا في وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية وعقول تمتلك من قوة التصدي وحجة المواجهة وبرهان الحق وبيان الاستحقاق، ولدينا ما نقوله ونرد التضليل و أن نقول ما يفيد.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

195
لنبحث عن الخير وندفق عطائه
   
هذه الايام والاشهر من العمر تمر بثقلها علينا ...وهي تحمل في مكامنها الخوف والرعب ، والعصبية ، والحقد،وانتشار وباء الكورونا القاتل، يستدعي منا ان نفرغ قلوبنا من الاوجاع ونتوسل متذرعين الى الله في لحظاتنا بالدعاء، ولنجعل الحياة جميلة باخلاقنا وسهلة بسماحتنا وطيبتنا ، ونكن صادقين مسالمين ..معتدلين ووسطين ، لينين بكل سهولة لا على حساب المبادئ  انما على حساب الود واللطف، صبورين بقلوبنا النظيفة وننزع الضغينة محبين للاخرين، ناصحين امنين ، مبستمين بثقة الامل،، فالعمر يمضي ويذوب ويذوي، والحياة قصيرة ، وكلنا ماضون للدنيا اخرى ، فزرع الخير افضل من زرع الشر ، وسنرحل ونترك الحياة ، فما يبقى للانسان إلأ الطيب والكلام الحسن ،لنشرع للسلام بالخير. نبعد عن انفسنا  الحقد والغل والبغض لانها هي من الأمراض النفسية الكامنة في الصدور، متداخلة من ناحية المعنى، تعد من أكثر الأمراض خطرا ً وأسوئها أثرا ً، وأوسعها ضررا ً على الإنسان والمجتمع، ذلك بسبب عمق الضغينة وغليانها في صدر الإنسان، التي تبرز بهيئة انتقام دون التقيد بشرع أو قانون.  وعلى هذا الأساس، فالإمام علي سلام الله علية ، ينهى عن اللجوء لمثل هذه التصرفات ويطالب الابتعاد عنها. فهو في الخطبة القاصعة، يطالب بإخماد الأحقاد الجاهلية التي لا زالت كامنة في النفوس: "فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية وأحقاد الجاهلية"..واتجهوا الى ايام قادمة خالية من الشوائب.. بقلوب بيضاء ناصعة ، وعيون جميلة ببرائة ،، متدفقة بالعطاء.
وكأنى بقول الشافعى:
لما عـفوت ولم أحقـد على أحد *** ارحـت نفسي من هم العداوات
إني أحيي عـدوي عنـد رؤيتـه ***  أدفـع الشـر عـني بالتحيـات
وأظهـر البشر للإنسان أبغضـه*** كمـا أن قد حشـى قلبي محبات
الناس داء ودواء الناس قربـهم *** وفي اعتزالهـم قطـع المـودات
عبد الخالق الفلاح ...باحث واعلامي

196
لا تصنعوا من تضحيات الشهداء معاول للهدم
     
الشهداء جادوا بأرواحهم لكي تظل راية الامة شامخة بالعز والمجد و أصبحوا أوسمة فخر على صدور الاوفياء ، فالجود بالنفس أقصى غاية الجود ، من أجل العزّة والكرامة وأنقاذ الشرف والدفع نحو المجد والخير، وتحقيق العهد بدمائهم و وجودهم لذلك، فكان الطريق طويلا وشاقّاً، لأنّه طريق الحياة وبناء الحياة لا يثبت عليها إلّا الاقوياء واصحاب المبادئ وطلاب المجد والرفعة للاجيال المقبلة . أن يتقدم الإنسان في ساحة الوغى او ميدان التضحيات او الجهاد او النضال ويقاتل حتى يقتل او يعدم  دفاعاً عن وطنه وعن مبادئه وعن مثله وقيمه دون رجفة شعرة من جفونهم ، فذلك يعني قمة العطاء وشموخ الرفعة والسمو.
 صحيح ان هناك جانباً أكثر أهمية وهو القلم ليعبر من خلاله  أفضل تعبير عن معاني الوفاء لبطولتهم وتضحياتهم وحسن فعيلهم على ان لا يكون معبراً للايديلوجيات والافكارالمؤقتة العابرة التي لم تعطي بقدر ما اخذت و التي مضى عليها الزمن واصبحت "معاول لهدم الطريق الذي عمروه بدمهم "بل يزرع الامل ويرسخ الوفاء لاهدافهم ويشحن الارواح  بطاقات لبناء حياة جديدة للمجتمع ، وفي الوقت نفسه أعمق أثراً في الحياة وخدمة الوطن والمصلحة العامة اذا ما صيغت كلماتها وافكارها بشكل حقيقي و وجداني ليخلد اعمالهم في ضمير الأجيال المتتابعة و ليمثل الوفاء لدماء الشهداء ويجعل الانفس مشاريع خير كل من موقعه وعلى كل المساحات وفي كل المجالات وعلى جميع المستويات بلا استثناء في خندق الدفاع عن الوطن وحماية مقدراته.
الأمة الواعية العظيمة هي التي تحتفي وتحتفل بالشهداء، ليس فقط لترد الجميل لأهلهم وذويهم، ولكن لكي ترسخ في نفوس الأجيال الجديدة قيمة الشهادة وتزرع في نفوسهم معنى الانتماء للمبادئ والقيم للدين والوطن، فدماء الشهداء هي التي تفك جميع الاشتباكات وتحسم جميع الحروب وتحقق الانتصارات وترسم حدود الوطن ،خاصة اذا كان عن إيمان حق وإرادة وفية، لا إيمان إحساس مؤقت نفعي ، ومن الصدق شعاعاً يجعل  المستقبل زاهياً  يشرق على الامة، والإرادة الحرّة تحقّق ذاتها بما يؤدّي إلى الانتصار. فليس عاراً أن نُنكب، ولكن العار كلّ العار أن تحوّل النكبات الحرّة إلى ذلة مستعبَدة مكبّلة بقيود الذلّ والعبوديّة والاستسلام للمصالح الذاتية المحدودة .
 إذ مرتّ على الأمم الحيّة القويّة المحن والصعاب، بل والنكبات، فلا يكون لها خلاص منها إلّا بالإرادة وبالبطولة المؤيّدة بصحة العقيدة، وإنّني لأرها في الطبقة السياسية الحالية الحاكمة المتسلطة على خيرات البلد وما أستشفّه في القادم من الأمل لتحقيق إرادة الشعب الا سراباً  وتلوث إرادة الحياة والبقاء والاستمرار، لأنّ الطمع والاستسلام قد أعطى رصيده للكثيرين منهم ، وإنّ إملاءات القوى التي توغّلت في عمق العملية السياسية الحالية لم تعد ترى الصعوبة في فرض المزيد من مواريث الخراب ، وإنّ سنوات إهمال الحقوق وبصمات صكوك الاستسلام قد تستمر لسنوات ، فإذا كان الماضون قد شاهدوا المعتدين وقاوموا بذلّهم وظلّمهم، فإنّ من يتحكم في أجيال الحياة الجديدة والإرادة لم يعدوا يفكرون في وضع حدّاً لتوغلهم في اي مفصل من مفاصل الدولة بكل اريحية وعيون وايدي العملاء والمأجورين باتت تلعب بكل القيم نيابةً عنهم وتجاوزت سطوتهم كل الحواجز فساداً وظلماً، و أرقام الأيتام والأرامل تعد أرقاماً هائلة وخيالية لم تسبق في تاريخ العراق أو حتى دول المنطقة، وهذا ما خلفته السياسات  التي تعمل وفق منهجية الاستبداد والتنفع لا على اساس خدمة الشعب والامة ، انما لفرض سلطتها وسطوتها وبسياسات عشوائة نقلت البلاد الى عصر التحجر والانحطاط .
إنّ إلارادة قد فرضت نفسها على المضحين وأعلنت عن وجودها بكلّ عناوين العزّ والفخار وهي تلوح كشمس العزّ مع وميض نور الكرامة و تشعّ في جباه الاجيال آمناً و ويفتخرون بانتمائهم لشعب سوف يصنع النصر القريب و يصنع الحياة ، ليجلس على صدور الظلمة من الجهلة اعداء الإرادة واعداء الوجود من المتخاذلين غضباً وقادرين الضرب على أيدي لصوص المال وردع السراق الذين لا يعرفون معنى الوطن ولا يدركون معاني الانتماء وليسوا قادرين على إدراك قيمة الشهداء فضلاً عن القيام بواجب الوفاء لدمائهم وتضحياتهم.
عبد الخالق الفلاح

197
عبثية الهدم المستمرة بمسميات جديدة
بكل مرارة وألم نشاهد إن عبث الأحزاب السياسية اليوم يلغي كل شيء وكل مقومات الوطن لحساب أجنداتها المشبعة بالمشاحنات والمكايدات والتهميش والإقصاء وإلغاء الآخر والانتقام من الخصوم كيفما كانت النتائج المأساوية ، إلى متى يظل المواطن غريباً في وطنه يرتجي لحظة نجاة؟؟ ومتى يتحلل من موت يتربص اماله وأحلامه الذابلة؟ وإلى متى سيظل الحقد يغتال فيه كل بارق لأمنياته البائسة؟ والتحدي الفارغ بين قواه السياسية المختلفة في الساحة تعوزها الثقافة وفي حدها الأدنى للوعي والتربية وعدم الاحساس بالانتماء والمواطنة الحقة والى النقص الشديد في التربية الوطنية وحب الوطن ولم يظهر على السطح أي مشروع وطني حقيقي يحافظ على هيبة الدولة المفقودة والاتفاق على مفهوم السيادة وجعل المصلحة الوطنية العليا هي الأساس ويلم شروخ النفوس التي قتلتها الأحقاد السياسية بشراسة، كل هذا بالتأكيد لا ولن يبني وطن بقدر ما يهدمه لسنوات ولعقود قحط قادمة، اسمعوا صرخات قلوب مؤمنة،، تحرص على تجنيب البلاد مزالق المخاطر والمؤامرات الداخلية والخارجية التي تدفع المليارات من أوساخ الدنيا الفانية لتشتري الذمم  وتبيع كل مافيه بثمن بخس .. لهدم مداميك البلاد وأوتادها، وتهيئة الساحات للمزيد من الانحلال والتفسخ والقضاء على الوطن الغالي ، ولن تنطلي المظاهر والقشور التي يتلبس  بها شياطين السياسة ن.
ان البلاد تمر بفترة صداع مؤلمة، والجام القوى السياسية والحزبية المنفلتة والمؤزمة والمتأزمة تعيش في وادي غير وادي ابنائه ولم يظهر إلا موت للقيم الوطنية والإنسانية والأخلاقية وامتهان لكرامة ودم الإنسان فيه من أقصى الى اقصاه وتمزيق لعرى الألفة والمودة وبروز شريعة الغاب التي ضاع فيها الكادح والمواطن الذي لا يحلم سوى برغيف خبز طازج استكثره عليه اللاعبون بجمر الأحقاد ولونوه بكل بشاعة ، والى متى يبقى هذا الشعب  يحلق في أجواء تتلبد بالسذاجة المفرطة اذا تصور ان مشاكل حياته ستحل في القادم من الأيام ، في اصدار أمر بالانتخابات التي لا يعرف تاريخها ويعيش زمن العبث السياسي فكيف سيتخيل مؤسسة تشريعية حقيقية بوجوه انتخابية غير مزيفة وهل يسترجع المواطن الثقة في العمل السياسي ويشارك بكثافة في الإستحقاقات الإنتخابية ،ويكون مطمئن أن الأحزاب والكتل السياسية ستحترم إختيارته ولا تتحالف مع من لم يظفر بثقة المواطنين وتحترم توجهاته وإيديولوجياته ويرتقي بخطابه السياسي العبثي الى خطاب حقيقي وواقعي بممارسة سياسية سليمة في ظل مشهد سياسي مناسب .
 المشاكل معقدة وكثيرة ومتشابكة ترتد في جذورها الى أسباب اللعبة السياسية الهزيلة وشد الحبل بين الكتل الذين يسيطرون عليه بالفساد  والحكومة المرتعبة التي تخاف وتضع الف حساب لهؤلاء ومطالباتهم بكسر القانون والتعدي على السلطات، ان  حالة (العبث السياسي) لا يدركه الذين يسيرون بالبلاد الى أودية الضياع بغلوهم ومسمياتهم الجديدة البطة والاوبل والكاتيوشة والمصيادة لتكون احياء لموتتهم  .
المشهد السياسي العراقي  يمر بمخاض سياسي عسير عبثي والذي يعني " سلوك سياسي تغيب فيه العقلانية من جهة ونوع من العدوانية الثأرية من جهة ثانية وهذا السلوك من شأنه أن يدمر كل ما حولنه. لأن اي سلوك عدواني تدميري بالدرجة الأولى سوف يلقي بظله عَلى حياة المجتمع ومستقبل الناس ومصيرهم وهنا تكمن الخطورة من غضب المجتمع في لحظة ما وهذا العبث السياسي لن يمرّ على الشعب الواعي والمتيقض ولكل ما يحاك عليه و بات المشهد مملّاً بالفعل، لا بل إنه يبعث على الاستفزاز والتَّقَزُّزِ لان العبث السياسي يظهر في أبشع ملامحه يوماً بعد يوم."
إن المتأمل للمشهد وما فيه من توتر واحتقان لا يحتمل الدخول نحو الخير بل الى متاهات قد تدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه و المطلوب و بأسرع وقت ممكن للاتفاف حول الوطن والتكاتف بين الجميع وترك السيناريوهات والمناكفات جانبا لتجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها وما يزال يمر بتعقيدات وصعوبات وهو في أحوج الظروف من أي وقت مضى إلى العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي الواعي من أجل الخروج إلى بر الأمان بأخف الأضرار ، وكل المؤشرات تعطينا الهواجس بأن هناك مستقبل مجهول ، ينبغي إلتفاف حول رجال الوطن الحقيقيين والمجتمع الصالح وتوسيع رقعة التصالح وإصلاح المشهد السياسي الحالي البالي الذي يطلب من الجميع الادراك بخطورته ورسم ملامح جديدة وتحديد خطوطه وحدوده و بالتالي يعتبر المخرج الأوحد للجميع وبدونه لا مجال لأن ينفرد أي طرف بمفاتيح العملية السياسية كما نشاهده  فالمرحلة لا تقبل الغش والضحط على الذقون  بغير المسار الوطني الخدوم  بين كل القوى بمختلف أطيافها وأي محاولة للانفراد أو تهميش او التعالي على الشعب وارادته واستبعاد مصالحه لن تكون إلا هدما لسقف الوطن على رؤوس الجميع.
حذار و حذار ايها السياسيون لأن الشعب سئم الوعود و نقض العهود و الوضع دقيق ولم يعد يحتمل، و الشعب العراقي سيكون بالمرصاد لكل من تخول له نفسه الإنحراف بمسار البلاد و امنه واللعب على جروحه و استقراره وهو قادر على أن يفرق بين الحقيقي والمزيف دون وصاية من أحد وسيبقى هذا الشعب الضامن الوحيد لحياة سياسية تتمتع بديمقراطية حقيقية وبالتالي هذا الشعب صحيح أنه مهمش و لكن ليس غبي ليرضى بالعبث السياسي و لن يقبل به، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان و البلاد غير قادرة على تحمل المزيد من العبث و المناورات، الشعب يريد سياسيون يحترمون انفسهم و يحترمون هذا الوطن و شعبه ، لا مجال للخطأ و هو داخل وضع متأزم على جميع الأصعدة .
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي
 

198
الثقافة والفكر وتأصيل الموروث
الكثير من الدول تعمل وبشكل دائم  على تنشيط الحياة الثّقافيّة والفكريّة والفنيّة في مجتمعاتهم من خلال برامج وفعّاليات مختلفة،لغرض إثراء الحياة الثّقافيّة لتعزيز العوامل المؤثرة في تنمية الحس الإبداعي، وتحويل الثّقافة والفكر والإبداع إلى واقع ملموس.وتنعكس على التّوجهات الإيجابية في التّعاطي الحكومي مع العمل الثّقافي، لخلق فضاءات غير تقليديّة بذلك، تستقطب بالضّرورة الأجيال الجديدة التي تمثل شريحةً كبيرةً من مجتمعاتهم ، إلى جانب تنوع المجالات الثّقافيّة التي تقدمها المؤسسات المعنية بالثّقافة والفكر والفنون  ، لتأتي الخطوات في ظِلِّ غلبة التّوجه النّخبوي للثّقافة والفكر، و نوعًا من الحراك الثّقافي النّشط نسبيا فيخلق توجهًا عامًا لا يمكن إنكاره والرامي إلى تحفيز كافة فئات المجتمع للمشاركة في المظاهر والفعاليات الثّقافيّة والفكرية، بعد أنْ أدركت أهمية التّنمية الثّقافيّة كمكوِّن أساسيٌّ من مكوّنات التّنمية المستدامة في الدول، والتي تتطلب بناء الإنسان معرفيًا وثقافيًا وفكرياً، والأخذ بأسباب الفعل الثّقافي الإيجابي، وتأصيل المعرفة باعتبارها عاملاً مهمًا في التّنمية الناهضة إضافة إلى تحقيق الاستدامة الثّقافيّة، والعمل على توظيف الثّقافة في التّنمية حتى تنضج في  ترسيخ التّنمية الثّقافيّة في تلك المجتمعات فتصبح أكثر وعيا وتفهما إلى حد ما لقيم المعرفة والثقافة والفكر والفن لتتماشى مع التّوجهات الرّسمية والمجتمعية الرامية إلى إعلاء شأن الثّقافة والفنون والإبداع والابتكار بما يتوفر لها من مقومات ثقافية وتاريخية وموروث تراثي .
الثقافة تعتبر من أكثر المفاهيم تعقيدا، بغض النظر عن مدى الادراك بالمفهوم اللغوي و الفكري والمعرفي للثقافة والاتفاق على مضامينه ومكوناته، و الأمر الذي اتفق عليه في شان الثقافة هو: أن لكل إنسان ثقافة تميزه عن غيره  وأن لكل مجتمع ثقافة اجتماعية تميزه عن باقي حياتهم، وكما أن الثقافة تلعب دورا فاعلا في حياة المجتمعات ،إذ تشكل الثقافة بمفهومها العام البنية الأساسية لطرائق التفكير وآليات التفاعل الاجتماعي  الأمر الذي يؤثر على فلسفتهم، والأفراد والمؤسسات ،وهي الوعاء الحاضن للفكر الذي هو مجموعة من الآراء المتشكلة التي يُعبّر بها. فإذا مزجنا تعرفي الثقافة والفكر على التوالي فإن الآراء والأفكار التي يعبر بها شعب ما عن اهتماماته ومشاغله تُرى من خلال النظارة الملونة التي يرى المجتمع العالم من خلالها، وهي وعاء هوية المجتمع و المنظومة العقائدية والقيمية والأخلاقية والسلوكية له، وهي التي تشكل خريطته الإدراكية وتحدد مجال إدراكه ووعيه وأنماط الشخصية فيه. باختصار شديد، الثقافة هي النظارة الملونة التي يرى أفراد المجتمع العالم من خلالها كوعاء هويته ومصدر تماسكه وهي كلمة قديمة وعريقة تؤثر في الأفراد، بشرط ان  يكون المثقف جزء من ثقافة بيئته ، ومغيّر للمرتكزات المتخلفة فيها، كما أن ثقافة الإنسان وأفكاره تتأثّر بوسائل الحياة المدنيّة التي يستخدمها في الإنتاج وتقديم الخدمات وتتأثّر حياته بالتطوّر الصناعي والعلمي الكبير الّذي وصلته البشرية، بمعنى أن المادة تنعكس على طبيعة تفكير المثقف والمجتمع عموما وتؤثر في هذا السلوك تطورا أو تراجع وتعني صقل النفس والمنطق، وفي المعجم جاء بمعنى ،ثقف نفسه، أي صار حاذقاً خفيفاً فطناً، وثقفه تثقيفا أي سواه، وثقف الرمح، تعني سواه وقومه، والمثقف في اللغة هو القلم المبري، وقد اشتقت هذه الكلمة منه حيث أن المثقف يقوم نفسه بتعلم أمور جديدة كما هو حال القلم عندما يتم بريه، ولطالما استعملت الثقافة في عصرنا الحديث هذا للدلالة على الرقي الفكري والأدبي والاجتماعي ، وبلاشك فأن المجتمع الواعي يصنع قيمه وعاداته بنفسه، بعد ان يحصل عليها من عمقه التاريخي، ولا يحتاج الى تقليد غيره من المجتمعات او الثقافات، ولكن هناك صنفان من الناس في قضية تلقِّيهم للثقافة والمفاهيم الحضارية والمدنية، من الأفكار والسلوك واللِّباس والطّعام والتعامل، وأسلوب العيش، وطريقة العلاقات الاجتماعية، والموازنة بين المادي والفكري، لاسيما أن كليهما مهم لبناء الحياة المجتمعية المتوازنة.
أن الفكرة إذا وجدت من المثقفين من يتبناه بشكل صحيح  ويعمل من أجلها تتحول مع الوقت إلى ثقافة عامة يتبناها، ويفخر بها معظم أبناء المجتمع، ما عدا الشواذ منهم، وهؤلاء موجودون في المجتمعات والعصور كافة، إلا أن هذا لا يعني أن الثقافة لا تنشئ الفكر، وتبعثه، بل إن الثقافة المستمدة من فكرة تولد فكرة، بل أفكارا جديدة، حسب الظروف، والمستجدات في الحياة، فالفكر الاقتصادي الحديث هو مجموعة أفكار تبلورت وفق سياقات ثقافية، خاصة، فعلى سبيل المثال المصارف في الأوطان الرأسمالية جاءت نتاج ثقافة عامة قائمة على مبادئ، وأسس الرأسمالية، وثقافته الخاصة بالاقتصاد وكذلك الثقافة السياسية تؤثر في الثقافة العامة للمجتمع عن طريق الإحساس بالمساواة بين الإفراد وعدم التمييز والتفرقة بينهم ويعد هذا المحور تحولا ايجابيا للمشاركة السياسية بالمجتمع ، والشعور بالمسؤولية العامة وإعلائها على المصلحة الخاصة والاهتمام بالقضايا المحلية ومحاولة حلها و خلاصة قولي أن الثقافة والفكر يجب أن تنبع من القيم والمبادئ وأصالة رسالة  والشعور والاعتزاز والفخر بالقيادات المثقفة المخلصة  والاوطان تحتاج الى شباب  فهل الحكومات الحالية جاهزة لتسليم راية المستقبل وتحمل المسؤولية التي على عاتقهم فيه للعطاء والإبداع الى الطلائع الواعدة من الشباب الامين، اذا ما اردنا ان  نتمسك بما يؤكد الهوية والثقافة والعلاقة والفكر  ، وتعطي دور للتواصل مع العالم الآخر ثقافياً وحضارياً، ونحن علينا إقناع أنفسنا بدور الثقافة والإبداعية التي تؤصلنا وترسمنا على خريطة الثقافة العالمية.
عبد الخالق الفلاح

199
الانتاج الفكري ...العوامل والمعطيات
التقارب الفكري من أهم مستلزمات الوقوف في وجه الصراعت  باعتباره الأرضية والقاعدة التي ترتكز عليها الكثير من الامور وخاصة اذا اقتربت من الحقيقة دون رتوش والوان وهذا الموضوع يزداد أهمية عندما ننظر الى الظروف العالمية وطبيعة الصراع القائم على المستوى الحضاري في ظل انتشار الوسائل الحديثة من وسائل التواصل بين أبناء البشر مهما اختلفت مُعتقداتهم وقومياتهم ومذاهبهم ولغاتهم وهي الوسيلة الاهم التي ينمو وتتعاظم فيه القيمة النوعية للإنتاج الفكري الذي يعتبر من أهم مقومات نجاح المجتمعات وتطورها، وارتقاء الفرد ونموه، كيف لا وهو نتاج حضارة مجتمعه ومنتج لها في الوقت ذاته، حيث تتفرد العلاقات الاجتماعية بطابع خاص في موضوع الإنتاج الفكري، فتكثيف العلاقات الاجتماعية ، وترسخ مكوناته وتنقله إلى صورة للتطبيق العملي الذي يجد في المؤسسات فرصته الأكبر بما يحقق لها قيمة تنافسية في التقدم ألاكثر وتحسن من مستوى خدماتها المقدمة للمواطن بشكل أفضل، وهي معادلة تؤسس لقناعة واضحة كلما اتجهت المجتمعات إلى التناغم الفكري والتعايش المعرفي وتأطير أنموذج الخطاب الواعي فيما بين و على حد سواء اذا التزمت فيها بمعايير إدارة المشاعر والثقة والشراكة والاعتراف بالكفاءة واستقطبت الخبرات والتجارب الوطنية في ظل وجود عناصر قابل للتنازل في اللحظة المناسبة وآخر جاهز للارتقاء وعقلاء يبتكرون السبل لحل الخلافات والانتصار على الخلافات باعتباره فلسفة من العلاقات وجغرافية وتاريخ عريق شكل التفاهم العمود الفقري له على مر التاريخ لتمكنه من التصدي للدخلاء وسيفاً للحد من اذكاء الاختلافات التعصبية  واعتقاد الوجدان البشري أنه وحده يمتلك الحقيقة. وتعلي من شأنه في واقع الإنجاز وتقترب من صناعة القرار والمشاركة فيه لتعكس ذلك على المنتج الحاصل في رصانته واستدامته وكفاءته بما تقدمه المجتمعات في سماوات التميز وأراضين ، العطاء والإنجاز.
ان غياب الانتاج الفكري المشترك هو أصل كل الخلافات ، وتكريس هذا المفهوم ونشره يتطلب جهداً قانونياً ورقياً ثقافياً، والعالم اليوم فى أمس الحاجة إليه ، وهو صورة من الصور الرقي بين مكونات المجتمع وفئاته المتعددة للابتعاد عن شريعة الغاب ، وتحويله الى حقيقة راسخة وثابتة، انسانية عظيمة ملتزمة  بالثوابت القيمية ومن اصول مبادئ التقارب الراسخ، وبها نتمكن من حماية الاواصر ومكاسب، للعمل على تنمية الواقع في كل الحقول والمجالات.
أن التعايش السياسي الفاشل حالياً لكي يكون ناجحاً يتطلب الاستثمار في التعايش الفكري وترسخه على مستوى المجتمع المحلي اولاً " للجمع  بين الخبرات والطاقات من مجموعة متنوعة من مواطن الحركة الأساسية في بناء  مناهج متعدد الأوجه لتقوية التعايش فيما بيننا في مجتمعنا والتعايش بين المذاهب هي قضية جوهرية مصيرية تُلامس الحياة الفعلية"و ثانياً "يتطلبه واقعنا في ضل التنوع المذهبي وفي خضم الصراعات المُتشابكة بين أبناء وطننا بأطيافه المختلفة ولها أبعاد واسعة المدى من حيث الاختلاط والتشاور والابتعاد عن حالة العُزلة والتقوقع والتعصب للمذهب والتي تصيب الإنسان الذي يُعاني مرضاً أو تهرباً من الواقع أو القانون".
لهذا السبب او ذلك نرى ان  الثقافة في مجتمعاتنا تتخبط أمام الجديد من تحديات ثقافة العولمة والانفتاح العالمي وثورة المعلومات في عصر المعرفة، يحصل هذا ولم تزل قضايا العقود الماضية مثل الحرية والعدالة والمساواة على حالها في أحسن تقدير. وللأسف فإن الكثير من قادة الفكر والرأي لا يسعفون مجتمعاتهم  في مواجهة هذا الظرف، بالالتزام بالوقوف الى جانب قيم المعرفة  والعدل والحرية والتنمية وحل مشاكل المجتمع الحقيقية، ويفضلون العمل اجراء لدى الأقدر على الدفع، ليصبح أكثر الانتاج الفكري عبارة عن سلع أو خدمات تقدم باحترافية لمن لديه القدرة على الدفع دون التفكير بالعطاء المخلص للمجتمع .
إن في عملية الإنتاج الفكري المبدع والمؤثر" يستبدل  مفهوم النزعة من الفردية إلى الجماعية ليكون اكثر اهمية ، فمتى ما يبدأ الفرد في ابتكار آليات جديدة لتطوير المجتمع من حوله، فبلا شك يساهم بشكل جذري في تغيير الإطار النمطي الذي يحاصره، حيث يقوم بردم كل ما هو بال وإعمار كل ما هو رائع، مرتقيًا بمجتمعه أولاً وذاته ثانيًا. إلى ذلك، والملاحظة المهمة هي ان  كل تلك المعطيات والعوامل ليست بمعزل على أن يطور الفرد نفسه بنفسه، وأن يحفز قوته الروحية بالإرادة نحو الأفضل على الدوام، مهما كان حلمه ويعد العامل الاقتصادي إلى أي بيئة، عاملا خلاقا في مسيرة التنمية الفكرية، فبدون توافر الماديات " المناسبة التي تؤهل أي فكرة للنجاح لا يمكن أن  يؤسس لتقدم نهضوي للمجتمع إلأ بضرورة تعزيز الحوارات الوطنية في كافة القضايا المهمة، وكذلك الحوارات بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة في المجتمع ، ولا بد أن تكون الحوارات فعالة بحيثُ ترتكز على المشترك الذي يجمع الطيف الوطني؛ وهو المصلحة العليا للوطن ووحدة قيمه ويؤدي الى استقرار الاوضاع الامنية والاقتصادية والثقافية والفكرية على احسن وجه في البلد والمطلوب من الجميع من أبناء شعبنا الاصلاء إلا ان نتمسك بتطبيق القيم الانسانية المنبثقة من الدين للعمل على إزالة أسباب الانقسام والعمل على نشر فكرة التعايش السلمي وإعادة التماسك الاجتماعي ورفع قيم التسامح والصفح بين أبناء الوطن وبكل أطيافهم ومذاهبهم ودياناتهم وحيث الابتعاد عنه من  أكبر الأسباب التي تؤدي الى إستمرار الإنقسام والصراع والاختلاف ورفض الآخر و الفشل في فهم وقبول ثقافة التعايش السلمي والتسامح فضيلة إنسانية حثت عليها الديانات السماوية وغرستها في النفوس والضمائر البشرية من أجل التخلي عن المشاكل الاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية كالكراهية والحقد والضرب والعنف والقلق التي تترك اثاراً هامه في حياة الافراد داخل المجتمع والتي هي من الأسس والركائز المهمة في العقائد السمحاء.
عبد الخالق الفلاح
 
 
 
 

200
   
تحقيق العدالة الاجتماعية لتلبية الاحتياجات المهمة
لقد حفل التراث الديني والإنساني في مساراته المختلفة بتواصل جلي مع قضية العدالة الاجتماعية وهناك الكثير من الاحاديث  والسور القرانية المؤيدة و التي مثلت القضية المركزية والباعث لسائر الثورات والتحولات الاجتماعية الكبرى ايضاً ،واعتبرته حساباً واحدة من القضايا الحاضرة في دائرة البحث والمسعى الإنساني على مر الحقب، فلم تبارح محل القلب منذ بواكيره ووضعته في دائرة النظر والفكر الإنساني  ولم تغادره مطلقاً ، وهناك عوامل تضيف قدراً من التعقيد حول المفاهيم والمبادئ المؤسسة لهذه القضية و تظل متعددة المنابع والروافد والحقول ومظان التأثر والتأثير، وثمة روافد ومنابع موصولة متعددة بالمؤثرات والمرجعيات باختلاف الشرائع والأديان والمدارس الفلسفية، مما يفضي إلى القول بأن الأمر موصول بتباين المقاربات الفلسفية والمعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية ، إن موجـات الصراعـات واالضطرابـات التـي هيمنـت علـى المنطقـة فـي العقـد الماضـي كانـت علـى حـد ســواء ســبب لعــدم إعطــاء الاولويــة الكافيــة للعدالــة الاجتماعيــة كهــدف إنمائــي رغم ان مفهوم العدالة الاجتماعية فيها الكثير من المفاهيم الشاملة والتي تمس جوانب من حياة البشر بجميع اشكالهم وعقائدهم  وفي ظل تطبيقها يتم تحقيق المساواة والعدالة  بين جميع افراد المجتمع في فرص العمل وتوزيع الثروات والحقوق السياسية وفرص التعليم والرعاية الصحية وغير ذلك , وتحقق للناس جميعا الحياة الكريمة العادلة بعيدا عن مشاعر الاحساس بالظلم او القهر نتيجة سلب الحقوق او الاستئثار بالثروات او احتكار أي منها لطبقة من المجتمع دون اخرى , وبالتالي يتمتع جميع افراد المجتمع  في ظلها بعيش حياة كريمة بعيدا عن التحيز وبغض النظر عن الجنس او العرق او الديانة او المستوى الاقتصادي او القرابة من هذا المسؤول او ذاك، ويجئ باضطراد وفق سياقات متباينة، ويُراد به جملة معاني تتسع أو تضيق في مدلولاتها عند وصلها بحقول الاجتماع الإنساني المختلفة، بيد أننا نتبنى تعريف توجيهي كلي يتسم بالشمول والسعة ليستوعب الأبعاد الرحبة للعدالة الاجتماعية، فمفهوم العدالة الاجتماعية يعني تعميماً "حالة عمادها ومحورها إقامة العدل في المجتمع وانتفاء الظلم فيه ،ان نجاح المجتمعات في الانتقال وبناء السلام، يجب معالجة قضايا مثل التمييز الممنهج والإقصاء والنقص في المؤسسات وانعدام المساواة والإفلات من العقاب.
"السلام لا يتحقق وحده بمجرّد إسكات صوت البنادق أو توّقف جرائم الانتهاكات، بل ينبغي الاعتراف بالمعاناة التي تكبّدها الضحايا وإعادة الثقة بمؤسسات الدولة وقوات إنفاذ القانون. "في السودان على سبيل المثال، كان الدافع الأساسي لإسقاط النظام هو مطالبة جميع أطياف المجتمع بالعدالة، وجاءت المظاهرات بعد عقود من تراكم الإفلات من العقاب على جرائم انتهاكات لحقوق الإنسان. وأدّت الاحتجاجات الشاسعة حول العالم إلى إعادة القوة للمطالب الشعبية من أجل المساواة والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الجنسين والعدالة المناخية والحقوق الأساسية " كما تقول مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السيدة ميشيل باشيليت.
أن مصطلح العدالة الانتقالية ظهر بعد موجة من الانتقالات السياسية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي في أميركا اللاتينية ووسط وشرق أوروبا وفيما بعد في جنوب أفريقيا، جرى بعد ذلك تبني إجراءاتها كما تنفذها بعض الدول وتتابع مسارها دول أخرى حول العالم. وقد تطور هدف العدالة الانتقالية في العقدين الماضيين مع تنامي الخبرات وتغيّير ديناميكية الصراعات. وقد أشار مجلس الأمن إلى العدالة الانتقالية عبر تشكيل لجان تقصي الحقائق أو تكليف قوات حفظ السلام أو بعثات سياسية خاصة مثل بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (يونامي)، و المبعوثين والممثلين الخاصين للأمين العام يعززون العدالة الانتقالية من خلال اتفاقيات السلام ولعل الظروف التي شهدها العراق ما بعد التاسع من نيسان 2003 وترسبات الاستبداد السياسي للأنظمة السابقة جعلت المجتمع العراقي في مواجهة تحديات وإشكالات عديدة سياسية، اقتصادية، وأمنية، واجتماعية فرضت نفسها على الواقع  وعلى مدى استقرار المجتمع، ومن ثم على إمكانية بناء الدولة العراقية على أسس جديدة، ولعل أهم تلك الإشكالات التي شكلت كابحاً أمام بناء الدولة بمؤسساتها كافة هي الإشكالات الاجتماعية، إنطلاقاً من أن تحقيق البناء الإنساني والاجتماعي للفرد يُعد حجر الزاوية في تأسيس أركان الدولة الحديثة إلى جانب الأبعاد الأخرى، والمشكلة الرئيسية التي يعاني منه العراق حالياً  غياب العدالة الاجتماعيه وانتهاك واضح لحقوق الانسان انعدام تكافؤالفرص و الخدمات وانهيارالبنيه التحتيه الاقتصادية وتوفير مستلزمات الانسان الضرورية ما يشمل إشباع حاجات الإنسان الأساسية واقتسام الموارد المادية على أساس المساواة ومن ثم تستهدف إتاحة الفرصة للجميع للوصول إلى الخدمات الأساسية في مجالات الصحة وتوفير الحماية للأفراد والمجموعات المحرومة.وفشل التعليم وتدهور الصحه وانتشارالامراض وانتشاراخطر الظواهرالاجتماعيه السلبيه المتمثلة بتتجارة الاطفال والنساء والجرائم والخطف والنفلات الامني و مشاهد ومناظرمؤلمه لأسرتعيش فى اماكن غير ملائمة للسكن وتتغذى على الانقاض بسبب عدم قدرتهم على السكن فى مكان مناسب بسبب الفقرحيث اصبح حال البلد فى حافة الفقر و ازدياد التفاوت في الفرص بين الشرائح العليا من جهة والشرائح الدنيا والطبقات الكادحة من الفقراء لعدم قدرتهم على شراء هذه الخدمات ومـن الطبيعـي أن القضايـا الهامـة المتعلقـة بالعمالـة الناقصـة والبطالـة وعـدم التوظيـف تعيق اي جهـود تنمويـة أو إصلاحيـة تقـوم علـى تحقيـق العدالـة الاجتماعيـة لهؤلاء ولفئات المجتمع المخلفة الاخرى وتحتاج الى دراسة اسباب العيـش المتدهـورة واصلاحه وتنظيم مسـارات العمالـة المحتملـة لهـؤلاء الافـراد، إلـى جانـب المؤسسـات السياسـية غيـر المتمثلة ومنظمـات المجتمـع ًالمدني لكي يوفرالاسـتقرار في البلد علـى نطـاق واسع ، وبالتالي تقليص فرصهم في تحسين مستوى معيشتهم ولذلك برز على نحو متزايد التهميش الاقتصادي والاجتماعي لهذه الفئات وهو في تزايد مضطرد
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

201

الهدايا الغثة بدل المصالح الوطنية

تمثل العلاقات الكويتية العراقية أحد أهم العلاقات في منطقة واكثر تعقيداً خاصة بعد قيام النظام الجمهوري في العراق منذ عام 1958 اثر قيام ثورة 14 تموز وزوال النظام الملكي الهاشمي في العراق وانفراط عقد حلف بغداد ،ويحمل التاريخ هذه العلاقة بازمات عديدة تنوعت وبدأت مع النشئة الحالية بحلقات حساسة في العلاقات الاقليمية وخاصة بعد تشكيل مجلس التعاون الخليجي وواجهت هذه العلاقات توترات وتراكمات منذ عقود طويلة وتحديات طوال السنوات الماضية ورغم حقيقة أنه من المسلم به وجود الخلافات بين الدول المتجاورة جغرافياً إلا أن الخلافات الكويتية العراقية شهدت أموراً أكثر تعقيداً أخرى نتيجة عوامل داخلية وخارجية وخاصة بعـد انتهـاء الحـرب العراقيـة الإيرانيـة فـي 8/8/1988 حيث بـدأت بـوادر أزمـة ترسـيم الحـدود بـين البلـــدين اكثر تتصـــاعداً، وكـــان العـــراق قد خرج مـــن الحـــرب محمـــلاً بـــديون باهظـــة ومشـــكلات اقتصـــادية واجتماعية، فسبب تزايداً حادا للأزمات بين البلدين، وبدأ العراق يطالب دولة الكويـت بـدفع مساعدات اقتصادية له وتأجير بعض الجزر الكويتية كمنفذ تجاري ومائي له علـى العـالم، إلا أن دولـة الكويت رفضت بشدة المطالب العراقية، مما اوجد هذا  الرفض حالة من التوتراضافت حملاً جديد في الازمة للعلاقات بينهما وتصاعداً في الانشداد مع مجموعة اخرى كبيرة من القضايا التي ازدادت  تعقيداً في القضايا الخلافية السابقة بعد عام 1991، فبعد أن كان العراق يتهم دولة الكويت باستغلال انشغاله بالحرب على الجمهوية الاسلامية الايرانية لسرقة نفطه ومحاولة التلاعب بالحدود بين البلدين" بالمناسبة هذه الحالة موجودة لحد الان في استخراج النفط بطرق افقية دون رقيب "، وظهرت مشاكل أخرى بين البلدين واهمها  إشكاليات ترسيم الحدود و الحقول النفطية المشتركة. وكذلك التعويضات المالية العراقية لدولة الكويت التي بلغت المليارات من الدولارات ولازالت هناك اقل من  الصفر من الاموال الكويتية كشماعة يتعلق بها الجانب الكويت بين حين واخرعن احتلال صدام حسين لهذه الدولة وكذلك رفات الضحايا من الاسرى العائدين لها و التي تعتبر عملية معقدة وتحتاج إلى دقة ووقت لاستخلاص الحمض النووي من الرفات ومن ثم العمل على مطابقته مع قاعدة بيانات الأسرى والمفقودين للتحقق من النتائج وتحديد هوية الرفات.لمحاولة معرفت مصيرهم وتراكمت القضايا الخلافية  بين البلدين بنبش دون أية محاولة لإيجاد حلول له من قبل رجال الدوليتين  .

وظلت القضايا الخلافية السابقة تطرح نفسها على واقع ومستقبل العلاقات بين البلدين بعد سقوط نظام حزب البعث عام 2003، وتزايدت الخلافات مع حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في العراق وعودة الخلاف حول الحقول النفطية المشتركة وكذلك التصر يحات السياسية والبرلمانية والحملات الإعلامية والدعائية المتبادلة بين البلدين و وقوعها تحت تأثير مزايدات دول التعاون الخليجي .

ولا تـزال نظـرة الشـك والتخـوف تجـاه البعــض قائمــة، وذلــك علــى خلفيــة بعــض المو اقــف والتصــريحات التــي تصــدر مــن مسـؤولين البلدين يتفق عليها بين الساسة دون الهموم الوطنية ولكن للحقيقة ان الجانب العراقي الذي يطالب بإيجـاد منفـذ بحـري للعـراق علـى الخلـيج يعتبر امراً حيوياً له وخاصة ميناء الفاو الكبير الذي يمر بمطبات منذ بداية فكرة التاسيس في عام 2011 من الجانب الكويتي في تضيف المسؤولين العراقيين من اجل السكوت عنه من البعض من النواب العراقيين وبعض المسؤولين واخذو على عاتقهم شن الحـروب الدبلوماسـية والإعلاميـة فـي محاولـة لتعطيـل المشـروع ووضع المعوقات والحجج الغير الفنية امام انجازه مما يثير من الازمات بين حين واخر واصبح الميناء ورقة رابحة يستغلها الكثير من الساسة للابتزاز على حساب مصالح العراق الوطنية وهذا الميناء المهم اذا ما تم انشاؤه سوف يمثل الرئة التي يمكن ان يكون متنفساً للاقتصادي العراقي ويكون الباب الذي يمر به الى العالم ويغطي المنطقة بخيره ويقرب المسافات التجارية البحرية والتي تتخوف منه دول الخليج ويكون طريقاً ممتدداً لطريق الحرير ويهدف إلى ربط المنطقة من الصين عبره الى العالم في استثمار المليارات من الدولارات في البنى التحتية على هذا الطريق القديم ويعرف المشروع رسميا باسم "الحزام والطريق"والذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية.ولكن بسبب العلاقات المبطنة لقيادات البعض من الكتل علـى الـدوام في زيارات مكوكية فيها الغث من الهدايات الغير مجدية تبقيها بيئـة غيـر وديـة للعلاقـات الكويتية العراقية.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

202
العراق...الازمات والمعالجات وغياب رجال السلطة
تأتي الأزمات ومنها"  الحالات التي تؤدي الى حدث وفعل يسفر عنه  تدمير وخسائر جسيمة في الموارد البشرية والمادية او الطبيعية . وعادة ما تكون غير مسبوقة بإنذار . وتتطلب اتخاذ إجراءات غير عادية للرجوع إلي حالة الاستقرار . وقد تؤدي إلي ما يسمي بالحادث المفجع . والعكس صحيح فقد تؤدي إلي كوارث إذا لم يتم اتخاذ القرارات والإجراءات المناسبة لمواجهتها" بأشكال وأحجام مختلفة وكل أزمة تحتاج الى نوع من العلاج وتحتاج الى استجابة خاصة بها من متخصصين و تختلف الأزمة المالية عن الأزمة الطبيعية كالزلزال والإعصار والفيضان و الأزمة الصحية كالوباء أو الجائحة او العمليات الارهابية من حيث المعالجة وهكذا ،يعد اتخاذ القرار السريع والفعال أمرًا بالغ الأهمية أثناء الأزمة، ليس فقط بسبب ضيق الوقت لاتخاذ قرارات مهمة، بل لأن الأزمات لا يمكن التنبؤ بها وقد يطال تأثيرها قطاعات كبيرة من السكان ، إذا لم تكن عملية صنع القرار السياسي منظمة بشكل جيد لا  مثلما نراه في العراق اليوم من تخبط وترك ابناء الوطن يتضوعون من شدة العوز والفقر وترك الحلول للميزانية التي تمثل لقمة اكثر ابناء شعبهم وذهاب ممثليهم بسفرات تثقل كاهل الموازنة العامة وعلى حساب مصالح العراق الجريح وخارج الاعراف الدبلوماسية التي تتعامل بها الدول في هذه المرحلة بحذر، فإن ذلك يعيب قدرة ممثلو"الشعب المنتخبين" والأحزاب والحكومات على الاستجابة للأزمة بشكل فعال و تقدم توصيات بالأطر والعمليات والهياكل التي تحدد المتطلبات في صنع القرار الموحد أثناء الأزمات. ويحدد سبب أهمية إنشائها، كالفرق الاقتصادية التي تهدف إلى إدارة والحد من التداعيات الاقتصادية وتكوين نظرة ثاقبة حول كيفية تأثر الأعمال التجارية والتوظيف والدخل والقروض الدولية والديون وغيرها من تطورات الاقتصاد الجزئي وايجاد حلول للتخفيف من المشاكل، وأنواع الهيئات الاخرى لصنع القرارات المختلفة، ومن يجب أن يكون جزءا منها و يساهم فيها وماهي مسؤولياته .
من  أبرز التحديات التي تواجه الحكومة المركزية في بغداد هي ازمة كورونا  او كما تسمى كوفيد 19الحالية الحالية والتي " كشفت عن اختلالات كبيرة في نظام الحوكمة الصحية والاقتصادية، بل والسياسية أيضاً في البلد لغياب العقول المتخصصة القائدة،في حين بالمقابل عجزت دول صناعية غنية بمواردها المالية ومتقدمة علمياً وطبياً في مقابلة هذا الوباء السريع الانتشاراو من ايقاف مده، بسبب عدم استعداد نظمها للتعامل مع مثل هذه الأزمات، بينما أثبتت دول فقيرة لديها بنية تحتية متواضعة ولكن بارادة وطنية  ومهارة في التنسيق واستنفار طاقاتها البشرية لمواجهة خطر انتشار هذا الوباء" وكيفية وصول الخدمات الضرورية الى الفئات الهشة والضعيفة نتيجة هذه الجائحة المميتة وفي ضرورة تقوية ودعم وحماية الجهات الرقابية من خلال سيادة القانون وإنفاذ القانون والتشريعات الضرورية وفق إتفاقية مكافحة الفساد كرقابة إستباقية وعدم الإستجابة الكاملة لمتطلبات الجهات الرقابية وإدارة الوظائف العامة والحماية السياسية للفساد والإفلات من العقاب إضافة الى متطلبات سيادة القانون وعدم إنفاذ القانون سوف تحث كارثة لا يمكن حساب عاقبتها لا في القريب ولا في البعيد ، وماذا ستفعل الحكومة بعد للتعامل مع هذه الأزمة او تلك وفي ان تضع خطوات الإطار العام للنتيجة المتوقعة أوالاستجابة السريعة والتي تشرح ما ستقوم  به الحكومة لرفع القلق والرغبة بمعرفة ما سيحدث فيما بعد بطمأنينة وبأن الأزمة سوف تقوض مما  يعطي هؤلاء الناس املاً في التواصل و شعورا أساسياً ً بعملية التعامل  مع هذه الأزمة و تعتبره جزءاً من واجبات الدولة الادارية الاساسية في حلها، كما يوضح للناس ما يمكن توقعه وما يجب عمله، ويعطي الاطمئنانً بوجود الحلول الازمة . من الضروري أن تظل العمليات والهياكل الاجتماعية عاملة خلال الأزمة. إذ تزداد أهميتها عندما يتم اتخاذ القرارات بسرعة وفتح الموازنات  لإنفاق المال في ظل الازمة ومحددات الصرف وفي فترة زمنية قصيرة وتصبح السلطة بيد السلطة التنفيذية في ضمان الشفافية وتنفيذ الرقابة ولها الامر الحاسم  في هذا الوقت و يحتاج المواطنون خلال الأزمة، إلى فهم قرارات الحكومة أكثر من أي وقت اخر و عندما يتأثر التواصل والمشاركة بتدابير التباعد الاجتماعي، والاستجابة لرغبات المواطنون أثناء الأزمة، في صنع القرار، لأن العديد من القرارات التي يتخذها صناع القرار السياسيين، تؤثر عليهم بشكل مباشر. يمكن لعدة آليات تسهيل مبادئ التشاركية أثناء الأزمات وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام الناطق والورقي . والتي يجب خلالها ملاحظة التباعد الاجتماعي وأن يكون الاختلاط الجسدي محدود.ويمكن الاستفادة من التجارب العالمية لان الدول قد تتشابه الأزمات فيما بينها وبطريقة التعامل في هذه الظروف الخطرة التي يعيشها العالم في انتشار وباء كورونا وفي ظل الحصار المفروض على اكثر شعوب العالم حفظاً من الحكومات على ارواح ابنائهم وعادة ما تكون الأزمة شاملة وفوضوية لدرجة يصعب استيعابها بكليتها ويحاول الناس جاهدين فهم ما يحصل خاصة في بداية الأزمة، مما يولد لدى المواطنين الشعور بعدم الأمان والكثير من التساؤلات، ويمكن أن تتحول إلى الشعور باليأس والفزع والغضب والاحباط  فيلجأ المواطنون الى الدولة لايجاد حل لهم للابعادهم عن الشر،
من جانب اخر و المرجح أن يكرس المجتمع الدولي ككل وقتاً واهتماماً أقل لدبلوماسية الأزمات، أو الجهود المبذولة لحل المشاكل البينية ، ومن الواضح أن الأمر كذلك ، حيث يعتبر الوباء القضية الأكثر إلحاحاً في الوقت الحالي وكل يغني على ليلاه، ولكن من المحتمل أيضاً أن يكون الأمر كذلك بعد ذلك عندما تحاول الحكومات التعامل مع عواقب الأزمة والركود ، وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تنزلق العديد من الدول الفقيرة والضعيفة بالفعل إلى أزمات اقتصادية حتى من دون احتواء الأزمات المتعلقة بالصحة. ومن الممكن أن توافق الدول الأغنى على تخفيف ديون الدول الأكثر فقراً، ولكن من المحتمل أن نشهد رغبة أقل في حشد المساعدات لحالات الطوارئ الإنسانية، وفي إجراءات الاستقرار ، أو في توفير المال والقوى العاملة . يمكن أن تظهر أشكال جديدة من العولمة أيضاً، ومن غير المحتمل أن تكون هناك صورة شاملة موحدة للتأثير الجيوسياسي للأزمة، وما ينتج عنها من تطورات في النظام العالمي والتنافس بين الدول، سواء الصراعات أو التعاون و سيظل شكل العالم بعد الوباء خاضعاً للإرادة السياسية والقيادة، وقدرة الجهات الفاعلة الدولية على التعاون فيما بينها لتجاوز الازمة الحالية . إن مواجهة الأزمات والحالات الطارئة سواء بالاستعداد لها أو توقعها أو التعامل معها إذا ما حدثت يضع على كاهل وحدات دوائر الدولة العمل لحمل العبء الأكبر في هذا المجال لضمان توفير الحماية الشاملة للأفراد والمنشآت ، ولزاما عليهاً إعداد خطة شاملة لمواجهة الكوارث والحالات الطارئة التي قد تتعرض لها المنشآت العامة والخاصة ، تتضمن كيفية الاستعداد لهذه الحالات الطارئة واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لتأمين سلامت وكفالة الطمأنينة والاستقرار والأمن للجميع في اقل خسائر ،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

203
حكومة السلطة و حكومة الخدمة 
                 
سلطة الدولة الحقيقية هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين متفق عليه فيما بينهم يتولى شؤون الدولة والدولة الحديثة وهي دولة المواطنة التي يعيش فيها الجميع بتساو في الحقوق والواجبات ويكمن قدرتها على تحويل التعدد والتنوع الطبيعي للمجتمع إلى ثروة وطنية لتنمية ونهضة المجتمع، وتحويل التقاطع والصراع الطائفي إلى احتشاد منظم نحو بوصلة وطنية واحدة في ظل هوية وطنية واحدة ذلك الوعاء الكبير الذي يعترف ويوثق ويستوعب كل طوائف ومكونات المجتمع ويعطي الحق في  ممارسة جميع أبناء المجتمع لكافة شعائرهم الدينية واحتفالاتهم الخاصة بحرية كاملة، مع الاعتراف الكامل للدولة بهذه الشعائر والاحتفالات، ومع إنشاء مؤسساتهم الدينية والثقافية بحرية كاملة ودون أية معوقات من الدولة، وقدرتهم الكاملة على تعليم أبنائهم قيمهم الدينية الخاصة بهم لمن يرغب في تعلمها.
لكن الدولة لا تبنى بالتسويات ولا بتبادل الصفقات وتوزيع الحصص بل بتطبيق القانون وتجاوز كل الاعتبارات والحسابات الدينية والانتماءات السياسية التي ينبغي أن تكون بعناوينها ومضامينها مسخرة لخدمة الناس وليس لخدمة الأشخاص والفئات و يعني ان كل المسؤولين وفصائلهم وكتلهم واحزابهم  ومدعوون إلى خلع ثوب التكالب على السلطة ولبس ثياب الخدمة الصادقة بعيداً عن النفاق السياسي و الدخول في ورشة قيام الدولة التي تعمل بكل اخلاص وتفاني لخدمة المجتمع وتحاسب المقصر وتحاكم الفاسد، كما  تعطي الحرية الكاملة في تقلد كافة الوظائف والمراكز القيادية المختلفة في كافة مجالات الحياة المدنية والعسكرية والقضائية بحرية تامة وفق قواعد الكفاءة المهنية المتعارف عليها وكافة حقوق المشاركة في الحياة العامة والتعبير عن الرأي بحرية كاملة، وإنشاء مؤسسات المجتمع المدني بمجالاتها المختلفة ويخلق منه وبه كيانا كبيرا وقويا يمثل الجميع ولا يقصي أو يلغي أحدا، بل يقويه وينميه داخل الإطار الوطني العام الذي يقوي كل مكونات دولة المؤسسات والفصل بين السلطات وهي من  أحد المبادىء الأساسية التي ترتكز عليها النظم الحديثة ، وهو مبدأ رئيسي في جوهرها ، تماما على نحو يماثل في ذات الأهمية مبدأ سيادة الأمة و الشعب و التي يتم تداول السلطات فيها بسلمية مطلقة بقوة وملكية الإرادة الحرة للجماهير عبر الصناديق الانتخابية، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية الذي يهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها.
علينا ان ندرك تماماً ان العالم ينقسم الى مجموعة كبيرة من الدول، وإن اختلفت اشكال اجناسها وقومياتها وأنظمتها السياسية والدولة هي العقد الاجتماعي، و القوانين والدستور واحتكار القوة وضمان أمن المجتمع ماديا ورمزيا،.
الدول المعاصرة التي يعيش في ظلها الآن أكثرية شعوب الأرض، سلطة دولة الأشخاص فيها عابرون، ويأتون لخدمتها مهما علت امتيازاتهم،
لفترة زمنية محدد وفق القوانين  وليس وجودها دائم لكي تخدمهم، كأشخاص أو كعائلات أو كفئات ذات لون واحد ودولة السلطة الحاكمة ابداً ولا يمكن فصل واحدة عن الأخرى مهما كانت الدولة ضعيفة أو تعيش إشكاليات حقيقية في مجتمعها أو مع محيطها.
استقلالية الدولة هي الضامن لمجتمعها من تغول سلطة المنفردة بالشخصنة ، سواء كانت فردية أم عائلية. لأن الحاكم الفرد في حالتنا، عندما يطابق بين مصلحته ومصلحة الدولة فإنما يريد أن تصبح مصلحته الشخصية اعلى من مصلحة الدولة، دون أي اعتبار لو أمكنه ذلك. لهذا في الدول التي تحكمها سلطات فردية تغيير الشخص يكون أحيانا مفصليا، وعدم تغيير الوضع لا يعني أن الدولة هي الحاضرة بل يعني قوة السلطة الفردية هي التي بقيت حاضرة.
استقلالية الدولة هي التي تحمي تداول السلطة، والدولة غير المستقلة هي التي لا تستطيع إنتاج تجربتها في تداول السلطة و التداخل بين مفهومي السلطة والدولة قضية شائكة، ولكنها بالمقابل ليست مستحلية على المفهمة، وبالتالي مهما كانت السلطة فهي بحاجة للدولة والدولة بلا سيادتها تصبح مزرعة للأقوى وأن ضعف مؤسسات الدولة هو المصدر الأول للمشاكل الخارجية والداخلية و الدولة القوية لها دعامتان أساسيتان، أولهما استقلال أجهزتها فيما تتخذ من قرارات، فتصدر هذه القرارات بناء على تفضيلاتها وقواعدها ومنطق عملها، وليس تحت ضغوط من قوى داخلية كشيوخ القبائل أو رجال الأعمال أو المؤسسة الدينية، كما تسعى هذه الأجهزة لأن توسع من مجال حريتها فى مواجهة القوى الخارجية في الاسهام الفاعــل فــي بنــاء وحمايــة الامــن والاســتقرار والســلم علــى المســتوى الوطنــي ُ والاقليميـي والدولـي وتعزيـز عـرى التعـاون وسـبل الحـوار بيـن الـدول والشـعوب والحضـارات لمـا مــن شــأنه حمايــة وتطويــر المنافــع والمصالــح المشــتركة، وتعزيــز الســلم والتضامــن الانســاني ولكن الدعامة الثانية لا تقل أهمية، لأنها تقضى بأن يتم هذا الاستقلال فى إطار من القبول العام من جانب المجتمع لما تقوم به هذه الأجهزة. أى إن ارضاء المواطنين هو الشرط الثانى لوجود الدولة القوية التي تحفظ على الثـروات الطبيعيـة بجميـع أنواعهـا ومصـادر الطاقـة الموجـودة فـي باطـن الارض أو فوقهـا أو فـي الميـاه الاقليمية  أو الامتـداد القـاري والمناطقـ الاقتصاديـة الخاصـة باعتبارها ملـك لعامـة الشـعب وتلتـزم الدولـة بتنميـة إنتاجهـا و حسـن توظيفهـا لمصلحـة الشـعب مـع الحفـاظ علـى حقـوق الاجيــال القادمــة منهــا، وتحديــد نســبه مــن عائدتهــا لمناطــق المنبــع لاغــراض التنميــة فــي ً للقانـون ، وإعــادة الاعتبــار لمفهــوم العدالــة الاجتماعيــة والاقتصاديــة وترســيخ مفهــوم الشــراكة وتعــدد قطاعــات الملكيــة الاقتصاديــة العامــة والخاصــة والمختلــط والتعاونــي والشــركات المســاهمة وتطويرهــا للقيــام بإنجــاز مهــام التنميــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة المســتدامة و تشـجع الدولـة للتعـاون والادخـار وتكويـن المنشـئات والانشـطة التعاونيـة والخيريـة والتنمويـة بمختلـف صورهـا وتسـن القوانيـن لتنظيمهـا وحمايتهـا، بعبارة مختصرة الدولة القوية هى المتحررة من الضغوط فى صنع قراراتها وفى إنفاذها وهي التى تحظى بالشرعية من جانب مواطنيها بعد تحقيق مطالبهم ووفق قناعتهم .
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي

204
العراق في الهشاشة القصوى
العراق بلد هش وهو مفهوم تحليلي؛ بمعني دولة أشبه بالدولة الفاشلة، الضعيفة، أو المنهارة و من اكبر المخاوف التي بدأت تدب في عقل الانسان العراقي بعد الاحداث الاخيرة من التفجيرات التي ذهب ضحيتها اعداد من المواطنين البسطاء والمعدومين الذين يفتشون عن لقمة عيش حلال لعوائلهم وإمكانية توسع شبكات المنظمات المتطرفة العنيفة نشاطها بما يتجاوز المناطق التي هم فيها حالياً وتوسيع تحركاتهم ، ولاسيما المنظمات المرتبطة بتنظيم داعش والقاعدة وغيره من الشبكات الارهابية المجرمة التي تنمو وتنشط في مناطق مختلفة من جديد وارتخاء القوات المسلحة في مواجهتها . كما تشعر بالقلق حيال الهجمات الهستيرية التي قد تقوم بها في المستقبل في ظل الوضع السياسي المضطرب مع تنامي شدت الخلافات بين القوى المشاركة في الحكومة ونحن على موعد مع الانتخابات  وقد تلجأ هذه المجموعات الى اساليب جديدة لاستغفال البسطاء والاطفال والمراهقين واغرائهم في مثل ،التجار غير المشروع كالمخدرات والاسلحة والبشر، وغير ذلك من القضايا البعيدة عن الانسانية التي تستوجب من الدولة  على تقييم المخاطر ووضع الخطط للطوارئ. وبشكل مشابه، ولخلق دوائر التطوير الواسعة من الاطر النظامية لتقييم الهياكل السياسية الواضحة من قبل الدولة بدل من ان يجعل المواطن فيها عرضة لمجموعة مختلفة من الأخطار المتنوعة في حين يتحسس بضعف كفاءة الدولة في أداء مهامه الأساسية مثل الامن والاقتصاد والسياسية و لكونه بلداً مهتز الشرعية بحسب مؤشر تقييم أداء الدولة والأداء المؤسسيCPI  لسنة 2020 حيث وضع العراق في التسلسل 13 في حالة التأهب القصوى من الدول،و يكشف تقرير "مؤشر الدولة الهشة Fragile States Index " الصادر في شهر يوليو 2014 عن أن غالبية دول الشرق الأوسط تدخل ضمن فئة الدول الهشة وغير المستقرة، وذلك في اتجاه يتصاعد تدريجياً منذ اندلاع "الثورات" العربية في عام 2011 ، حيث تعاني هذه الدول من اضطرابات سياسية وأمنية ومجتمعية، فضاً عن ثبات الأوضاع المتدهورة لدول مركزية بالإقليم، خاصة العراق واليمن وسوريا ولبنان ودول اخرى .
ويحتاج العراق في الوقت الحالي إلى نماذج إنمائية، يختلف جذريًا عن تلك التي تُستخدم في الدول الأكثر تماسكًا واستقرارًا، نظرًا إلى البيئة المليئة بالأخطار التي تتواجد فيها وهوعرضة سريعة للأزمات، في أكثر من نظام فيه، الرئيسية والفرعية ، ومعرض للتقلبات الداخلية والخارجية، والصراعات المحلية والدولية. فقد ظل فيه حالة عدم الاستقرار المزمن يُعرقل الأمن الغذائي لسنوات. وبما أن البلاد لا تزال تتعافى من جولات الصراع المتكررة، والدمار الذي أحدثه تنظيم “داعش”، فإن هشاشة مؤسسات الدولة – في بلد يعتمد فيه السكان بشكل كبير على تدخل الدولة لتلبية احتياجاتهم الغذائية – يمثل سبب رئيسي للقلق. على الرغم من انخفاض عدد المحتاجين إلى مساعدات غذائية عاجلة خلال عام 2019 ، و لا يزال محفوفًا بالخطر بعد ان تعطل سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية إلى وضع ضغط شديد على واردات البلاد من الغذاء، حيث تستورد عادة حوالي 70 % من احتياجاتها الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، ألحق انهيار أسعار النفط بتاثير شديد في ميزانية الدولة لكونها تعتمد على عائدات النفط بنسبة 90 % من إجماليها.
وادى استمرار العنف لمدة طويلة، إلى إهمال البنية التحتية اللازمة لتقديم الخدمات الضرورية للمجتمع وتفسخ المتبقي " قال الروائي الروسي ليو تولستوي إن "العائلات السعيدة كلها متشابهة، ولكن كل أسرة تعيسة هي فريدة في تعاستها" ، كما أن غياب الحكم الرشيد، وانهيار النظام الاجتماعي، وادى كذلك  إلى ازدياد الإقصاء المجتمعي وخاصة مكوناته ، سواءعلى أساس عرقي، أو ديني، أو سياسي، أو جنسي. هذا الُعنف الذي استشرى بعد عام 2003 سبب الإرهاب أو الصراع، مما فسح المجال امام مجموعة واسعة من المعوقات الأمنية، التي اثرت على توقف الخدمات الأساسية بشكل ملفت للنظر،كذلك، فإن الترتيبات المؤسسية في هذه الحالة تجسد أو حتي تحمي أوضاع الأزمات؛ فمن الناحية الأقتصادية تعزز في الركود، أو معدلات النمو المنخفضة، أو قد تجسد أوضاع متطرفة من عدم المساواة ،وجملة من  العوامل قد تتمكن من أن تؤدي إلى صراع كامنة في داخل الدولة وليس بينها وبين غيرها من الدول. حيث يُعتقد هناك خطرًا مباشرًا تشكله الدول ذات الدخل والإمكانيات المحدودة وخاصة وهو يعتمد على الطاقة النفطية الغير مستقرة كمورد وحيد لدعم اقتصاده و في البلدان المنخفضة الدخل مثل العراق ، يحتاج الى حكومة قوية  تعمل على كبح جماح الفساد في جميع المؤسسات المجتمعية والحكومية العاملة. وكثيرا ما يعاني من الفساد وعدم فاعلية الهيئات القضائية والرقابة البرلمانية. ومن ناحية أخرى، تظهر البلدان الغنية دلائل على عدم كفاية تنظيم للقطاع الخاص، من حيث معالجة الرشوة في الخارج من قبل هذه الدول، وضعف الرقابة على المؤسسات والمعاملات المالية و وفي جميع الاحوال فأن الواقع الحالي يؤشر الى حاجة ملحة الى تبني استراتيجية واضحة لمناهضة المعاناة وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الا إنسانية أو المهينة تعتمد إضافة الى النهج العقابي نهجاً وقائياً علاجياً يشجع على اتّباع الممارسات والاجراءات التي تقي من الدخول في وضع مدمر قاسي مستمر ومغادرة نهج الانكار واعتماد نهج المصارحة والحقيقة والمسائلة في التعامل مع الانتهاكات التي وقعت في الماضي او تلك التي ستقع والتعامل المهني والاحترافي معها من خلال توثيقها ومسائلة مرتكبيها في خطوات جادة في عملية شاملة لتحقيق العدالة للتعامل مع الانتهاكات التي وقعت في الماضي بمهنية وحيادية لتمنع استمرار وقوعها في المستقبل.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

205
مفهوم التنمية الثقافية في تجسيد الحياة

إن اتجاه التفكير السائد اليوم، في موضوع "التنمية" وقضاياها، يميل بوضوح إلى إعطاء نوع من الأولوية في الكثير من الامور وهي  اصبحت من المفاهيم السائدة الدارجة في عصرنا، خصوصا منذ أن برزت مجموعة البلدان المستقلة حديثا التي وصفت بأنها بلدان "متخلفة" سابقاً، وتوصف الآن - بالبلدان "النامية" وهي تطلق على مجموعة الدول التي  لم تحسن استغلال الثروة البشرية والطبيعية الموجودة فيها إلى أعلى حد ممكن في زمن ما، كما وتعاني البعض منها لحد الان من نقص في خدماتها الأساسية، كالتعليم والصحة، وعددها 130 دولة، ويطلق في بعض الأحيان على هذه الدول مصطلح دول العالم الثالث وهذه البلدان قادرة على الابتكار بصورة أكثر فاعلية من الدول المتقدمة في العديد من المجالات الصحية لو زادة من تعميق ثقافتها في الشّق المعنوي من حصيلة النّتاج الذّهني والرّوحي والفكري والأدبي و القيمي، ويتجسد في الرموز والأفكار والمفاهيم والنّظم وسلم القيم والحس الجمالي. أمّا الشّق الثّاني فيكَوِّن مجمل النّتاج الاقتصادي والتقني والبيوت وأماكن العمل والسّلاح،وفي تطبيقها مع الثقافات المختلفة الاخرى، ومن الضروري تحديث التصنيفات التي علقت في الأذهان لفترة طويلة وتصحيح مقوماتها ، والتي تضع الدول النامية عادةً في مواقع الدول المتلقية للمساعدات الخارجية ويعيش فيها من السكان ما تقارب نسبته السبعين بالمئة من إجمالي سكان العالم، ويبلغ إنتاجها الزراعي نسبة خمس وثلاثين بالمئة من مجمل إنتاج العالم، في حين أنّ الإنتاج الصناعي يعادل سبعة بالمئة من إنتاج العالم للصناعة.. ولكن الذي نود الحديث عنه ليس هذا انما نود ان نبين جانب يجب ان يكون الركيزة الاساسية والمهمة والشرط الاول  من انواع التنمية وهي  التنمية الثقافية، باعتبار أن الاقتصاد نفسه أصبح الآن يعتمد أكثر فأكثر على الفكر والعمل الفكري، ويستغني أكثر فأكثر عن العمل اليدوي، مما يجعل من حصول الشخص على مستوى معين من "النمو الثقافي" شرطا ضروريا و لا يزال السجال دائراً حول مدى ارتباط التنمية الشاملة بالثقافة ولا يمكن أن تحقق المجتمعات البشرية النمو وتطوير هويتها وثقافتها ورفد حضارتها إلاّ بالتنوع والتعدد، وإدارة هذا التنوع والتعدد بحسابات ضرورية واعية وتبقى اختيارية قيم التسامح والتعايش في الجانب القيمي الضلع والمرتكز . فالمجتمعات المتنوعة ثقافيا أكثر حيوية ونضوجا وغالبا أقل عرضه للفتنة والفوضى عكس المجتمعات الأحادية الثّقافة والنمطية تكون هشةً وأكثرَ عرضة للتّفتيت والتّشرذم ،والثّقافة هي “كل ما مِنْ شأنه أنْ يسهم في كل مجال مِنْ مجالات النّشاط الإنساني في نشر قيم مجتمع المعرفة، وتحديد النظم والوسائل والأدوات الكفيلة باستنفار العقل وتوظيف قواه الحية، والارتقاء بالوجدان المحلي من ناحية أخرى ودور إيجابي في التّبادل المعرفي والتّنمية البشريّة بين الانساني جميعاً ،

لاشك من ان الانعكاس الثقافي في الاساس يحتاج الى تقدم وتنمية المجتمع اولاً ، في عمومه لا في نخبويته ومجموعاته فقط ليسخر كل طرف من اجل المصالح الخاصة المحدودة او غيرها.

الحرية التي تشهدها البعض من الدول هي ضرورية لكل انطلاق، وهي منارة يهتدى به، و تمثل خطوات جادة لتطوير أي عمل سياسي واقتصادي واجتماعي او تنموي، فبدون الحرية الفردية والجمعية على كافة المستويات، لا يمكن حصول قطاف لثمار ابتكارية في اي ميدان من الميادين الا بتوافر الجهود الرامية لايجاد حوار حقيقي من منظور ثقافي لاستشراف الحاضر والمستقبل للوقوف على معوقات العمل موضوعياً، والسعي لازالة هذه الفجوات التي تحول دون انطلاقة هذه الثقافة، في عصر العولمة لما يتمتع به من انفتاح على كل بوابات الحدود المحلية للاشخاص والبضائع بل وسيولة المعرفة عبر وسائط الاتصال والتي يمكن ان تسهم في تفعيل وتطوير الثقافات المختلفة مع الثقافة العالمية الاخرى بشتى الوجود والابعاد.

ان الثقافة عندما ترتبط بالتنمية تصبح لها شجونها الدولية وربّما يصبح من السهل الإساءة إليها من خلال تداخل مصالح الأمم والشعوب. غير التفائل حول مستقبل الثقافة ينبع من كون مواردها في أكثريتها وطنية المصدر، لذلك, فمن خلال تعزيز دور الثقافة الأساسي في التنمية الشاملة تضفي نوعاً من الاستقلالية التي تطمح إليها كلّ الشعوب.

 أن الثقافة وحدها هي التي تميّز الشعوب بعضها عن بعض في زمن الاعتماد الاقتصادي المتبادل وفي عصر التدخلات ،وهذا بالطبع دليل عافية لأنّ الثقافة بقيت لزمن طويل في الدائرة الأكثر غموضاً في تعريفها وتحديد دورها في كل نواحي الحياة ومجالاتها، كون الثقافة المصدر لكلّ تقدّم والينبوع لكل ازدهار، وليست بالتالي نتاج أو إفرازات هامشيّة للتنمية ، ولابد من الاشارة  إلى أنّ الإحاطة بكل جوانب التنمية له امر معقّد بحيث ان مفهومها قد تطوّر عبر الزمن ليخدم سياسات استثمارية عميقة ، يُضاف إلى ذلك ان الحديث عن الثقافة يرتبط سريعاً بالتراث والماضي وما يخلف ذلك من صعوبة في تحديد الزمن التاريخي.

 لقد أصبحت الثقافة عنصراً أصيلاً في تعزيز التنمية بأبعادها المختلفة،

ولتحقيق هذه الأهداف تبنت العديد من الدول السياسات والتّوجهات التي من شأنها أنْ ترسخ الحراك الثّقافي والفكري في المجتمع من خلال منظومة تعتمد على قواعد واضحة ومحددة، وتنشيط الحياة الثّقافيّة والفكرية والفنية عبر تنظيم جملة مِن الفعاليات المختلفة بما فيها معارض الكتاب من الامور المهمة والناهضة ، واطلقت جوائز ثّقافيّة وفكرية

 يُراعى في منحها للمرشح من جهودٍ فكريّةٍ أو عمليّةٍ تخدم المجتمع مما يُعدُّ مؤهلاً لنيلها وذلك لتنشيط حراكها  الثقافي مدفوعا بزخم التحولات العصرية والانفتاح والتفاعل مع مختلف ثقافات العالم، ليتمكن بعد عملية تراكمية إلى المزيد من الوقت لتنضج من ترسيخ التّنمية الثّقافيّة في اي مجتمع ليصبح أكثر وعيا وتفهما إلى حد ما لقيم المعرفة والثقافة والفكر والفن لتتماشى مع التّوجهات الرّسمية والمجتمعية الرامية إلى إعلاء شأن الثّقافة والفنون والإبداع والابتكار بما يتوفر لها من مقومات ثقافية وتاريخية وموروث تراثي، وبالفعل فقد ارتبطت الثقافة بالوجود الانساني ارتباطا متلازما مع تطور الحياة وما قدمه الانسان منذ تواجده عبر التاريخ من إنتاج مادي، وثقافي، وإبداع فكري في شتى المجالات، في المنظومة التي تتضمن اللغات، والمعتقدات، والمعارف و الفنون والتعليمات، والقوانين والدساتير،والمعايير الخلقية، والقيم، والاعراف، والعادات والتقاليد الاجتماعية والمهارات المختلفة التي يمتلكها أفراد المجتمع.

عبد الخالق الفلاح ... باحث واعلامي

206
الترامبية الصورة الحقيقية للديمقراطية المزيفة

الملاحظة التي تجلب النظر المواجهة بين الرئيس الامريكي الفاشل دونالد ترامب ونانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الامريكي التي صرحت امام العديد من السياسيين في واشنطن العاصمة أنها تريد التأكد من مغادرة الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، المكتب البيضاوي بطريقة أو بأخرى، بعد أن فار خصمه الديمقراطي الرئيس المنتخب، جو بايدن وما قامت به الجموع في اختراق الحواجز بتشجيع من الرئيس المهزوم دونالد ترامب والدخول الى الكونغرس المؤسسة الدستورية الاولى في الولايات المتحدة الامريكية لاول مرة في التاريخ واثارت أعمال الشغب فيه كانها صور من العالم الاخر، ولم تكن إلأ حقيقة في ظل الديمقراطية  المزيفة التي يتشدقون بها منذ عقود طويلة وشنت الحروب والغزوات على دول عدة بما فيها العراق وأفغانستان وسورية واليمن وفلسطين وليبيا وبلدان عديدة اخرى مباشرة بتواجدها وغير مباشرة في فتح ترسانات اسلحتها المختلفة في دعم المعتدين وليست التنظيمات الإرهابية الموالية لواشنطن بما فيها تلك التي يطلق عليها تسمية القاعدة وداعش والمجموعات الارهابية الاخرى في سورية والعراق إلا البعض من الأمثلة على الوسائل والاساليب الملتوية التي تتبعها الولايات المتحدة لتحقيق اهدافها وتدمير الدول ذات السيادة التي ترفض الرضوخ لها وبشعارات مبهرة عن تحرير الشعوب ونجدة الضعفاء ونصرة الديمقراطية وإعادة الشرعية وقتلت وما زالت تقتل آلاف البشر من اجل الهيمنة والسيطرة على صناعة القرار العالمي بسياسات إعلامية قوية للتبشير بمبادئها وأفكارها وإشاعتها في صفوف أبناء الشعوب الاخرى ، وكشف ترامب كل معاييرها  وبروتوكلاتها  السياسية وفضح الكثير من الممارسات السلبية بكل اريحية ، وأخضع كل القضايا والمصائر لمزاداته العلنية، في ظل تفكك واضح في بنية المؤسسات الديمقراطية الأمريكية وتراجع دورها، وعدم قدرتها على تقييده أو كبح جماحه ليتجاوزها ويتجاوز صلاحياته، ويحدث شرخاً واضحاً بينه وبين هذه المؤسسات، في ظل جو يسوده الصراع الحاد، وتتطاير فيه اتهامات التخوين والعداوات، وتُنتهك القوانين دون قيد أو رادع، ويظهر وجه السياسة الأمريكية كما هو بالفعل.

فهل من حق الولايات المتحدة بعد الان للترويج للقيم الديمقراطية والحرية والعدالة التي طرشت اذاننا طول القرون الماضية  بها، في استخدام  الرعب والتخويف تارة، والحصار الاقتصادي تارة، لتفرض اجندتهاالمزعومة على الدول، بذريعة تخليصها من الظلم واستبداد أنظمتها الحاكمة، باتت مكشوفة للشعوب، التي على الرغم من معاناتها والحروب المختلفة المفروضة عليها، إلا أنها قادرة على خلق حريتها الحقيقية بعيداً عن كل المسرحيات والمزادات.

هل يحلوا بعد الان للمثقفين الذين يرون فيها حلماً طالما عاشوا مدافعين عنه ، وهم يرون فيها نموذجاً للحكم الحلم الذي يجب أن يحتذيه العرب خصوصاً والمسلمون عموماً إذا ما أرادوا التطور واللحاق بركب الغرب ويستمروا في نهجهم ذلك،ان المولعون بالحديث عن هذه الديمقراطية المزيفة في نمطها الغربي لا يخفون أبداً إعجابهم التام بذلك النموذج بل يتجاوزون ذلك إلى أن بعضهم يرى أنها هي المخلص من مشاكلنا وعقدنا التي جعلتنا في الصفوف الخلفية في هذا العالم المليء بالتحديات كما نسمعُ بالكثير من مصطلحات الحرية والعدل والمساواة والإخاء والوفاق الإنساني التي تقترن بالديمقراطية ، ولكن هل هذه المصطلحات البراقة والجميلة تم تحقيقها على أرض الواقع الغربي أصلاً قبل أن يطالب بها للغير.

وقد أكد الكاتب والبروفيسور الأمريكي بول كريغ روبرتس أن الولايات المتحدة ما زالت تستخدم شعارات الحرية والديمقراطية المزيفة للتدخل السافر في شؤون دول غيرها وشنها الحملات العسكرية والغزوات على الدول فضلا عن قيامها بعمليات التجسس الواسعة ليس فقط على الأمريكيين بل على المدنيين في جميع أنحاء العالم.

وفي تناقض واضح وتام للادعاءات التي تتشدق بها حول السماح لمواطنيها بالتعبير عن آرائهم والحصول على حقوقهم وحرياتهم المدنية أعطت واشنطن لنفسها الحق في قمع الاحتجاجات الشعبية المناهضة لها والأصوات المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية كما عملت على تأسيس وإنشاء تنظيمات إرهابية خارجية على غرار تنظيم داعش الإرهابي في سورية من أجل تحقيق اهدافها وأجنداتها التوسعية.

ولفت روبرتس في سياق مقال نشره موقع غلوبال ريسيرتش الكندي الى أن الولايات المتحدة “دولة بوليسية” تمارس التجسس غير المشروع وتضرب عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات الدولية عرض الحائط وكل ذلك خدمة “لفئة نخبوية” قليلة تسيطر على الإدارة الأمريكية. بتطبيقه في عالمنا المنهزمون من أبناء الشعوب العربية.

 لقد شرعت الولايات المتحدة في نهج سياسة إعلامية قوية للتبشير بمبادئها وأفكارها وإشاعتها في صفوف أبناء شعوبنا، ففي شهر مايو 2001 تقدم السيناتور الأمريكي تيد كيندي لمجلس الشيوخ نيابة عن عشرة آخرين من أعضاء المجلس بمشروع يحمل اسم (الجسور الثقافية لعام 2002)، ترصد له ميزانية إضافية تبلغ 75 مليون دولار، هدفه احتواء شباب العالم الإسلامي ثقافياً، وصناعة قادة المستقبل في الدول الإسلامية من داخل المؤسسات الثقافية الأمريكية، ضماناً لاستمرار مسلسل التبعية الحضارية، وقال مستشار الأمن القومي في ولاية الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون في شرحه لأهمية اقتناء قناة فضائية اسرائيلية ناطقة بالعربية وموجهة الى العالم العربي:”إن نصف الشعب في السعودية مثلاً تحت سن 30 عاماً، وإن هذه الأجيال ليس لها معرفة بالاستعمار ولم تجربه، كذلك لم تجرب الحرب مع اسرائيل، ولم تعرف للقومية العربية انتصاراً أو تحقيق آمال وطموحات..

وقد كشفت تسريبات سنودن الموظف السابق في وكالة الاستخبارات الأمريكية برامج سرية تقوم بها وكالة الأمن القومي الأمريكية للتجسس على الاتصالات والبيانات الشخصية داخل الولايات المتحدة وخارجها وحاول كبار المسؤولين في إدارتها الدفاع عن هذه العمليات في مواجهة الانتقادات الدولية ولجؤوا إلى الحجة القديمة نفسها التي تستخدمها واشنطن في تبرير ما تقوم به من انتهاكات ألا وهي “حماية الأمن القومي”.

وبعد هذه كله اليس من حقنا  كشعوب منطقة لمستقبل افضل أن نعي لما يحاك لنا في مطابخ الإعلام الأمريكي من مخططات ومؤامرات دنيئة تستهدف عزتنا واستقلالنا وحريتنا ومقدساتنا وتسعى لنهب ثرواتنا وما علينا ان ان نكن يقضين ونتسلح بالعلم والمعرفة والتفكر بمستقبلنا ومستقبل أجيالنا الصاعدة وندق ناقوس الخطر لما يعدونه في تلك المطابخ لسلب عقول الشباب وإلهائهم بشبكات التواصل والفيسبوك والموضة والأفلام الخلاعية والمحطات الهابطة التي تشتت عقولهم وتحرفها عن العلم والمعرفة…

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

207
فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى‌ *

  الطامة الكبرى هي الحادثة التي تغطي على ما سواها، وكل ما غلب شيئاً وقهره وأخفاه فقد طمه، فالطامة اسم لكل داهية عظيمة، الداهية فوق كل الشدائد وهو يوم يعمل على طمّ كل أمر كبير وفظيع، والطامة تستعمل في الشديدة التي تنسى عندها الشدائد فتطم على ما تقدمها، أي تستره وتغطيه، لا يوجد فاعل يتحرك في مشهدنا العام مثل " الدين "، لدرجة ان احدنا اصبح يخشى ان يتحول هذا الدين الى مشجب نعلق عليه كل شيء، ونستخدمه في كل شيء، ونتهمه احيانا، ونحتفي به احيانا اخرى دون ان نعرف متى ولماذا ؟ ان ما يستوقفني ويدهشني مااشاهده في مدى خطورة الممارسات التي ترتكبها القيادة السياسية العراقية  اللامسؤولة والمتهورة بهذه المعاني تجاه شعبها في اللعب بالنار والدخول في مطبات خطيرة اكبر من حجمها وقوتها فمنذ 18 عام  وتداعيات الانهيارات تتسابق على الاقتصاد العراقي دون اي حلول حيث يعتمد على إيراداته النفطية بالكامل،  دون ايجاد العوامل المساعدة وهو ثاني أكبر منتج للخام في أوبك، ويعاني من أزمة اقتصادية فاقمة اثر تراجع أسعار النفط عالمياً، ما أدى إلى خفض عائداته من تصديره ، فهو مصدر البلد الرئيسي للموازنة الاتحادية التي تحمل إرثا منذ عشرات السنين في ريعية اقتصاده بالاعتماد على هذه الطاقة المهمة في ادارة البلد دون الاهتمام بالجوانب الاخر لتطوير وارداته المالية ، الميزانية حسبت على اساس 42 دولار للبرميل الواحد في حين ان الاسعار اخذت بالارتفاع ويحتمل ان تصل الى اكثر من 55 دولار خلال الاشهر الثلاثة الاولى من السنة القادمة ووصل الان الى مايقارب 52 دولاروتقول منظمة الاغذية العالمية في اخر تقرير لهاعام 2021 ان نحو 3 ملايين شخص في العراق يعانون من عدم كفاية الاستهلاك الغذائي لديهم .

كان يجب على الحكومات المتعاقبة العراقية ان تدرك مقدار الخطر المقبل من نفاذهذه المادة خلال الخمسون السنة القادمة  وعليها ان تسارع بوضع الخطط البديلة قصيرة الأمد والبعيدة، والأهم ان تكون هناك إرادة سياسية وطنية موحدة في اختيار خريطة طريق موحدة للإصلاح الاقتصادي، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في التركيز على القطاع الزراعي الذي يعد الأهم لتدوير عجلة الإنتاج والاستثمار والاكتفاء الذاتي، وحيث ما زالت الصناعة التحويلية التي نخرها الفساد تتراجع عن ما كانت عليه والاراضي الزراعة التي تشكوا من قلة الايدي الفلاحية العاملة لتواصل العمل في مزارعها بعد مغادرتها الى المدينة بسبب المشاكل الحياتية وعدم الاهتمام الحكومي الجدي في معالجة متطلبات هذه الطبقة في توفير ابسط الامور وحمايتهم بحثاً عن ترفها والوانها الزاهية او لقمة عيش اسهل واقل عناءاً ولا تشكلان الان سوى 7%؜ من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وهي تضم 37%؜ من قوة العمل، والمجتمع جله اخذ يعتاش على الوظائف الحكومية الخدمية الضعيفة الانتاجية أو على الدعم والإعانات الحكومية والخدمات الاجتماعية  المدفوعة من موازنة ريع الموارد النفطية.

لقد جاءت الطامة الكبرى لتثقل كاهل المواطن بشكل اخر وهي الميزانية لعام 2021 والتي قدمتها الحكومة لمجلس النواب والتي بلغت قيمتها 150 تريليون دينار عراقي (103 مليارات دولار) والتي لا تتفق مع الواقع المالي والاقتصادي العراقي، وتحتوي على مفخخات كبيرة إذا تم تمريرها بهذا الشكل وتعد ثاني أكبر موازنة في تاريخ الموازنات العراقية من حيث المبلغ الكلي"، و"الأسوأ وتبرز سلسلة من المشاكل في مشروعها ، أهمها التباين الكبير في المخصصات المالية للمحافظات العراقية، وعدم استنادها إلى الكثافة السكانية، وارتفاع  فاتورة الرواتب إلى مستويات قياسية واستمرار ارتفاع النفقات التشغيلية لمؤسسات الدولة بشكل لا ينسجم مع إعلان الحكومة أن الموازنة ستكون تقشفية وإصلاحية "ترقيعية" كذلك،  تضمنت عجزاً تجاوز الـ 71 تريليون دينار عراقي أي أكثر من ثلث حجم الموازنة وتعد مخالفة لقانون الإدارة المالية لعام 2019، الذي يحدد عجز الموازنة 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن نسبة العجز في هذه الموازنة من الناتج المحلي الإجمالي تبلغ 24 في المئة و تمويل العجز لا يتوافق مع الانكماش الاقتصادي وانخفاض أسعار النفط وأزمة كورونا والضرر الكبير الذي يعاني منه الاقتصاد ، إذ كان التوقع أن تكون موازنة رشيقة إلا أننا وجدناها ثاني أكبر موازنة من موازنات الدول العربية وغارقة في النفقات". ويلفت إلى أن "العجز يبلغ 71 تريليون دينار (قرابة 48.6 مليار دولار)، وهو ما يعادل موازنة أربع دول عربية، وفق الموازنة، سيكون دعمها عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي  ليضاف الى السابق البالغ " 15 ترليون دينار عراقي اي حوالي 12 مليار دولار" .وإصدار السندات الوطنية، وفيها من علامات التبذير بشكل مفرط وكما يلي :  أن "بعض النفقات التشغيلية للوزارات ودوائر الدولة المختلفة، هي: المستلزمات الخدمية = 2.881 ترليون دينار، والمستلزمات السلعية = 16.708 ترليون دينار، وصيانة الموجودات = 577 مليار دينار، والبرامج الخاصة = 967 مليار دينار".

وهذا سيُغرق البلد في الديون ويضر في الاقتصاد العراقي والموازنة التي يصرف العراق الجزء الأكبر منها تحت عنوان "النفقات التشغيلية"، وهي رواتب ومخصصات ونفقات تشغيل دوائر الدولة العراقية.، بينما يتصارع البلد في أزمة اقتصادية ومالية حادة بسبب أسعار النفط المنخفضة وتوجهت  الحكومة الى أبسط وأسهل الحلول بعملية " الإصلاح" وهي رفع سعر الدولار واستقطاع رواتب الموظفين في موازنة العام المقبل"بطريقة تعسفية و اغلب الموظفين في البلد رواتبهم متدنية جداً ولا تتجاوز الـ 500 ألف دينار شهرياً، وفي حال استقطاع أي مبلغ منها يتعرض الموظف البسيط الى كارثة اقتصادية وهي بعيدة عن  المنطق و ستعود بنتائج كارثية عليها، على اعتبار أنها جاءت لدعم الفاسدين على حساب الطبقات الفقيرة من العوز والافتقاد إلى أدنى متطلبات الحياة اليومية إلى خطر الانهيار الأمن فيه في اي لحظة  ويعيش اعضاء الحكومة حيث خصصت مبلغ مقداره 14 مليون دولار لتنظيف ابنية رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء على حساب لقمة عيش المواطن وعلى حساب حريته، وكامل مستقبله.

وكانت وزارة التخطيط العراقية قد اعلنت ، في يوليو (تموز) 2020 أن نسبة الفقر في العراق بلغت 31.7 في المئة بارتفاع يقدر بـ12 في المئة عن العام 2019. وهو معدل قياسي يحدث للمرة الأولى منذ العام 2003.،

*سورة النازعات اية 34

 

208

  نامي جياع الشعب نامي*

 صامتون يراقبون بألم ووحشة ما اَلت اليه الاوضاع المزرية في بلدهم العراق مهد الحضارات الانسانية وان تطلعاتهم الاقتصادية مرتبطة بالتطلعات السياسية رغم ان ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمل سوى طلب العزة والكرامة في بلد لا ينقصه من الخيرات شيئ من القيم التي قاتل ويناضل من اجلها الشعب العراقي هي  نفسها الحرية والسلام والعدالة لم تتغير في معانيها، وامالهم وتطلعاتهم مازالت معلقة ولم تحقق اهدافهم و السياسيون  ماضون بتراشقهم الإتهامات والكلمات المخدرة بمحاربة الفساد ما زالت ذهنيتهم تتخبط بالنهج ذاته فى مناخ لا يشجع على أى توافق على الاهداف الوطنية فى الحرية والعدالة الاجتماعية، بل يلجؤون إلى العصا الغليظة فى مواجهة أى أصوات تبحث عن بدائل للسياسات الحالية، وما زالوا يستنزفون ما تبقّى من هذا البلد، هذه المنظومة  الحاكمة استباحت الدولة وحطّمت مؤسساتها وبنيانها وتقاسمت حصصها واستولت على أملاك الدولة ولجاناً وعقود بملايين الدولارات للإستفادة منها بالسرقة والنهب وهم متفقون فيما بينهم ، والصراعات التي يعيشها العراق اليوم تنقسم بين رئيس حكومة مُنَصب بالتوافق  في ظل غياب العدل والإنصاف والقانون ودولة مكونات للطوائف والأحزاب والعائلات المتوارثة للسلطة والمال والبلاد والعباد، وبين مَن حكم سنوات سرق ونهب المال العام ، ومن البساطة عنده ان يلجأ إلى الدعس على كرامات الناس كي يحمي مصالحه وأمواله دون الاكتراث بالقيم لا الدينية والانسانية ، ويتّهم الاخرين  على ما أفسده كي يُبعِد عن نفسه المسؤولية ، ولم يفهموا حتى الآن أن الشعب مقهور ولا يهمّه سوى إطعام أولاده وحمايتهم، ولم يفهموا بعد أن الجوع كافر» عبارة لا يدرك معناها سوى أولئك الذين قاسوا أعراضه ومروا بتجربة الحرمان والأمن من الجوع لا يعرفه الا الجياع. فالجوع بئس الضجيع. لأنه يحمل شبح الموت للجائع ،الأمن فى الاوطان والصحة فى الابدان مرتبط ببعضه البعض. وخسران أو فقدان احدهما يؤثر على وجود الآخر سلبًا، فلا صحة مع خوف، ولا أمن مع جوع و من نشأت بينهم وبين لقمة العيش قصص توارثها الرواة وتناقلتها الأجيال، «الجوع كافر» وصف دقيق لم يأت من عبث بل من واقع مرير خلص إلى هذا الوصف فالمضطرون إلى الطعام لسد رمقهم في حالة انعدامه يواجهون خطورة الموت وعندها تباح لهم كل الاعذار فالذي يخاف التلف على روحه يتناول كل ما يبقيها حية وبلغ السيل الزبى والصورة أصبحت قاتمة سوداء كالحة وان الحكومات المتتالية  والاحزاب والكتل المشتركة فيها والتي حكمت مع الاسف تضحك هي نفسها على اهات ومعاناة الشعب ،والفاسد كالعميل لا دين له ولا طائفة والتي ادت بسرقته واهماله الى انتشار الفقر بشكل كبير ومخيف وليس بعد الكفر ذنب لأن انتفاضة الجياع تكون مدمرة وهي على الابواب و الذي لا يملك شيئاً لا يخاف على فقدان أي شيء، الشعوب الجائعة لا تستطيع الصبر طويلاً ، سيما إذا عرفت أن هذا الجوع مفروض عليها بسبب سرقة أموالها من قبل سلطة فاسدة لا هم لها سوى سرقة قوت المواطنين فليس امامهم إلأ الثورة  السلمية المطالبة بالحقوق..هي ثورة الجياع بحق ، بل هي ستكون اكثرمن  الثورات تعبيراً عن حقوق الإنسان، إذ إنها ثورة للبقاء، وثورة من أجل العدالة الغائبة، لأن وجود العدالة يعني عدم وقوع الفاقة ، لا شيء غير الموت ينتظرهم جميعا، فالناس تموت جوعا بعد ان اقتاتوا غذائهم الوحيد المتاح إمامهم  في الخيانات المتعددة والاجساد المفخخة ،تمَّ مسح الطبقة الوسطى تماماً لتصبح معدمة ،ان الترشيق والتقشف يجب ان يبدأ حكوميا بلا مجاملة ولا توافق خلف الكواليس المغلقة، لا ان تكون الميزانية التي يعتاش عليه ابناء البلد ورق العابهم كألعاب الطفولة  . بعد 18 عام من التغيير السياسي دون ان يكون لهذه " الديمقراطية " السياسية اي ظل  سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي سليم و سوى الضبابية  ليصبح المسار الجديد مهددا والطبقة الفقيرة لتصبح مشردة تماماً ، وحالهم واموالهم مبدده واجيال مهدده وشعب يذوي يذوب من ظلم القسات هذه المرة معهم حجة بالغة وهي الأمعاء الخاوية والبطون الجائعة، يستطيعون بها حشد الناس وقيادة حراكهم من أجل كلّ القضايا جملة واحدة، ومن قال إن هذه القضايا عليها أن تتفرق ... وجياعهم في الطرقات في ازدياد و العداله في سبات والفساد في البلاد صار منهجاً معتاد لنهبهم ...ربما يصبر الإنسان على الظلم من أجل لقمة عيشه والحفاظ على كرامته بشكل مؤقت ولكن لا يعني سكوت ابدي. ماذا ينتظرون من شعب لا يجد ماء ولا كهرباء ولا صحة ولا مرتبات وتراجعت قيمة رواتب العاملين ولا يمكنهم الإستحصال عليها كاملة وارتفعت أسعارالسلع بشكل جنوني، فكيف سيمضون بالعيش في ظلّ هذا الغلاء الفاحش، ولا ينتظر غير الموت ولا شيء غير الموت، عاد الوطن للخلف مئات السنين في ظل حكوماته المتعاقبة التي يجني منها غير الفساد ورفع الشعارات التي ليس لها وجود على الأرض، بعد أن سلموا البلاد والعباد للعصابات والمحتكرين وشللهم في الشركات الوهمية ، فلم يشهد البلاد مثيلا على ما هي عليه من فساد طوال التاريخ حتى في زمن النظام السابق الذي لم يكن اهون منهم في ظلمه ،لم يجد في الحكومة غير اللصوص و الفاسدين وأبنائهم وأهليهم وذويهم و الكثيرين الذين يشغلون مناصب ووظائف غير جديرين بحملها وليسوا أهلا لها، وكأنهم في عزبة موروثة، أطفال ونساء وأفراد لا وجود لهم غير في أوراق التعيينات، وموظفون لا وجود لهم غير في كشوفات المرتبات التي يتقاضونها ،ان مسؤولية القوى الحاكمة  تكمن في العودة الى رشدها  مع بعضها البعض وإيجاد الحلول لإنقاذ البلد في ظلّ الواقع الإجتماعي والمالي المنهار والمتراجع والذي يعيشه المواطن بدل التتراشق بالإتهامات التي لا تعنيه شي سوى من يتبعهم ...وبعد ان وصل الدولار الى اكثر من  145 دينار بين ليلة وضحاها، وشعارهم  حيث يكون الجوع فان قتل الانسان يكون مثل قل دبابة.

*من قصيدة (تنويمة الجياع ) للجواهري

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

209
حب الشهرة اسقطت ترامب ومهابة امريكا

يقول جورج اورويل (( إننا نعرف أن لا أحدا يقبض على زمام السلطة وهو ينوي التخلي عنها ، ولا يؤسس أحد ديكتاتورية لتوطيد أركان "ثورة"، بل نعلم أن الإنسان يقوم "بذالك " لتوطيد أركان ديكتاتورية ، للتعذيب وغرض السلطة هو السلطة)) والتمتع بلذاتها، والغفلة عما يترتب عليها من مساءلة عن كل صغيرة وكبيرة، واستحضار ثقل وعظمة مسؤوليتها ، التي يعتقد البعض ان فقدان هذه المسؤولية هي تعني  فقدان المهابة العامة والشخصية، وهو ثمنٌ مريرٌ للغاية، يدرك من يواجه تحديات أو اختباراً في استحقاق سلطته، أنه سيدفعه حتماً، وسيدفع ثمن تبعاته النفسية والمعنوية إلى أجل غير محدد و إن التهالك على السلطة التي لها امتياز شديدة الإغواء، والتي تمثل اختبار أخلاقي عظيم، للنجاح فيه أو الرسوب و يحددان لاحقاُ تاريخية الفرد، ولا يغفى على احد ان السعي الحثيث للحصول على المناصب والرئاسة من الصفات المذمومة وحب الشهرة والوصول إلى السلطة دون كفاءة وعدم الحرص على خدمة الناس من الشهوات التي لا تعادلها شهوة والخزي والندامة فهو في حق من لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها ، فقد تتفوق هذه الشهوة على شهوة حب المال وحب النساء والجنس، بل إنها قد تصل إلى حد فقدان العقل والضمير والجنون ويتفوق صاحبها حتى على حب الأبناء و يطيح  بصاحبه على الحسد والكبرياء، ويدفع ساعيه لظلم الناس ليتحقق مطلوبه، والفساد لا يظهر في البلاد إذا صدر من فئتين من الناس – المفترض فيهم الإصلاح والإخلاص – هم الأمراء السلطويون، واذا صدر من العلماء الذين يتمثلون بهم  فتوقع البلية، وتعم الرزية، وتمكن العدو من ممالكهم لأن ولاتهم من العلماء والأمراء في شغل شاغل لتحقيق مصالحهم ومطامعهم فتقع الفرقة في كيان الأمة لأن "المصلحين "من هؤلاء العلماء والأمراء متفرقون فيما بينهم، مختلفون في مصالحهم فكيف يجمعون الأمة ويسعون لإ  صلاح الناس؟ و إن فاقد الشيء لا يعطيه.

ان الظلم الذي يسود العالم وطغيان الجبروت وسحق الأبرياء وامتلاء السجون وسفك الدماء وانتشاره ليس إلأ آلة حرب لإشباع شهوة طلاب المناصب والكراسي المستعرة في نفوسهم، فتطمس بصيرتهم عن النظر لحقائق الأمور لتقف عند ظواهرها ولقد استطاع المال أن يلعب دوراً كبيراً في التأثير على الناخبين في اكثر البلدان والولايات المتحدة تحت المناداة ب" الديمقراطية المزيفة "والتي كشفت عنها الاحداث الاخيرة في الهجوم على الكابتول "الكونغرس "والتي قد تكون بعيدة عن ذهن الكثيرين و طوال التاريخ وكان العامل الاساسي لوصول من وصل من الرؤساء السلطة ، وما جرى هو تحذير أخير لامريكا من عواقب تصرفات امثال ترامب عندما يكون في السلطة وهي تعني خسارة هيبتها الكونية العظمى، وهي هيبة تزيغ البصر وتخطف الفؤاد حقاً والتي دعت رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى إقصاء رئيس اكبر دولة في العالم كما تحتسب  من السلطة، واصفة إياه بـ"الشخصية شديدة الخطر"، وتحذير لمن يسايرونها، ولوسائل الإعلام الواقعة في أسرها والتي تردد أكاذيبها، ومن يسير خلفها وهي تدفعهم إلى حافة الانهيار.

ان السلوك الذي اتبعه المجنون دونالد ترامب منذ بدء الحملتين الانتخابيتين وماسبقهما، وتغريداته التي لم تتوقف حول ادّعاء تزوير الانتخابات، والدعاوى القانونية المتتالية في المحاكم الأميركية في السياق نفسه، واستعراض العضلات عبر إنزال أتباعه ومؤيديه إلى الشوارع مدججين بصوره والأسلحة المرخصة لتأكيد مهابته ودخولهم الكونغرس و عدم تقبله هذه الحقيقة الجارحة ببساطة أو يقر بالهزيمة الشنعاء بهدوء ترتبط بهذه السلوكيات ارتباطاً وثيقاً وبطبيعة شخصيته الشاذة  والسلطوية أساساً، وهي شخصية تعاند وتحارب حتى آخر نفس،  حال أي اهتزاز لسلطاته،و تقلبات أمزجة ساستها أو تأثرهم بعظمة الكرسي الذي يجلسون فوقه، وهي الكفيلة فقط بلجم تغولهم عند استحقاق السلطة وموعد تسليمها ولكن لن تغير في الحقيقة من شيئ.وتقف أمامه معطيات واقعية تشبه كثيراً مايحدث في العديد من دول العالم من تشبث ساستها بمناصبهم، ولجوئهم إلى الأزلام والسلاح والقمع، فضلا عن تسخير الدستور والقوانين وتكييفها لأجل الاحتفاظ  بالسلطة،

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

210
كذبة محاربة الفساد وتخلي الموطن

إن الفساد ظاهرة موجودة و عرفتها البشرية على مر الأزمنة وهي مشكلة جادة ، يعرّف معجم أوكسفورد الإنجليزي الفساد بأنه «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة»، والفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه، ولا شك أن تشخيص المرض أسهل من وصف الدواء، وهو ما يؤدي، في جزء منه، إلى شحّ المعرفة بشأن الأبعاد الفعلية للفساد، كما أنه يعكس مدى استعصاء المشكلة. فَوباء الرشوة المعاصر، على سبيل المثال، محصلة العولمة، وأي شيء سيعوق تدفق تلك الأموال سيؤدي أيضا إلى الحد من نشاطات الفاعلين وألافراد النافذين ذلك في تحديث التشريعات وتغليظ العقوبات لردع كل من تسول له نفسه في ممارسة أي شكل أو مظهر من مظاهر الفساد في الدولة والمجتمع، وبالتأكيد فإن إنجاز قانون مكافحة الفساد والكسب غير المشروع ليس بالضرورة أن يكون كافيًا لوقف نهب المال العام واستغلال الوظائف على نحو كبير، فثمة قوانين كثيرة لا تجد احترامًا ولا تملك هيبة ولا تطبق بشكل عادل وخاصة  اذا ما كان التنفيذ بيد نفس الفئة الفاسدة، وماذا سيكون موقف المواطن ليتأكد أن القانون موضع التنفيذ، مما قد يعمل على الخلط في الحدود بين المصلحة العامة والخاصة، وبخلاف التطبيق الفاعل للتشريعات سيتخلى المواطن عن احترامه للمؤسسات التشريعية والقضائية والتنفيذية.

 وقد كان الفساد العامل الأساسي في انهيار وسقوط أغلب الحضارات والإمبراطوريات والأنظمة ومحرك للثورات والانتفاضات قديما وحديثا، كما تفنن مرتكبوه في كيفية زيادة ثرواتهم بصورة غير مشروعة ولم تعد الوظيفة العامة لديهم أداة لخدمة المجتمع، وإنما أصبحت سلعة يتاجرون بها ويستثمرون سلطاتها لتحقيق أغراضهم الشخصية ومصالحهم الخاصة بل ومصالح أقاربهم وأصدقائهم وتزايدت هذه الظاهرة وكذا الاهتمام بها بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، واكثر الحركات والتظاهرات الحالية  ترفع من مكافحة الفساد شعارا لها" وهي ظاهرة لا تعترف بالحدود الزمنية كما رأينا ولا بالحدود المكانية، حيث وجودها لا يقتصر على مجتمع ما أو دولة دون أخرى، فلا يوجد على وجه البسيطة ذلك المجتمع الفاضل الذي يخلو من الفساد و المفسدين، فهو متفشي في الدول المتقدمة والدول النامية، وان كان استشراؤه في هذه الأخيرة أكثر وتأثيره أخطر. والفساد الإداري هو أخطر أنواع الفساد على الإطلاق، لأنه يصيب الإدارة بالشلل ويجعلها غير قادرة على النهوض بالمهام المطلوبة منها. ولا تقتصر على المال انما يشمل المحسوبيات الحزبية والعشائرية والجهوية والدينية وتنطوي على سلوك غير قانوني تيهدف الى تحقيق اهداف خاصة لمن يمارسها و إساءة استخدام المنصب او الموارد لغايات التي يراها، وأنواعه: الفساد الصغير والفساد الكبير، حيث يمكن أن يتحول الفساد الصغير الى فساد كبير في حال عدم الكشف عنه ومعالجته، تظهر أسباب انتشارها يرتبط بعضها ببعض من خلال سلاسل معقدة من التشابك والترابط في الواسطة والعلاقات التي توصل شخصاً ما لوظيفة عامة ،وعدم وجود بيانات موثوقة لقياس مدى انتشار الفساد لاخفائها من قبل الفاعلين ، وهو ما يحول دون أي إجراء قانوني ضد المتورطين وعدم تعاون المؤسسات مع التحقيقات في تقديم الادلة ، بمَن فيهم شركات كبرى لا تتورع عن قبول الرشى إن طُلبت منها ودأبت على دفع الرشى مقابل العقود، والموافقات، وإجراءات أخرى كانت ترغب بتنفيذه.

قد تتعدد أسباب الفساد إلى ثلاث مجموعات؛ وهي أسباب فردية وتنظيمية وبيئية، و نجد أن ضعف أداء الجهات الرقابية يحتل المركز الأول بين أسباب أسهمت في انتشار الفساد المالي والإداري في القطاع الحكومي. وضعف أداء الجهات الرقابية ينتمي إلى الأسباب التنظيمية، هنا يبرز السؤال المهم لماذا يضعف الأداء الرقابي؟! هل هو الخوف من التبليغ أم المعرفة بعدم الجدوى من التبليغ؟! على الرغم من الحملات الكبيرة ضد الفاسدين من الخطوط الأمامية للقيادة العليا التي تنوه عنها الحكومة العراقية ولكن لم تقم بكشفها ولم تحاسب الا القلة من الطبقات الوسطى وما دون بدل ان تمسك بذيول الحيتان الكبار التي طالما وقفت لتخاطب المواطنيين بمكافحة الفساد ولكن ومع الاسف كما يقول عنهم  سبحانه وتعالى في  القران الكريم " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ".سورة البقرة 204 الى 207.

ولعل احتلال القوات الأمريكية للبلاد في عام 2003 واسقاط النظام البعثي بقيادة الطاغية صدام حسين، وإسقاط النظام السياسي، ثم تفكيك معظم مفاصل الدولة العراقية، ومن ثم إعادة تشكيلها وفق رؤية الاحتلال الامريكي وإدارة "الحاكم الأمريكي المدني للعراق"، بول بريمر ،أدى إلى تحوّل الفساد من ظاهرة يُمكن محاربتها والسيطرة عليها، إلى نظام محمي بقوانين وتشريعات، أو ممارسة يوميّة محميّة من قبل قيادات فوقية و تحوّل النظام السياسي نحو اقتصاد سوق تقوده ألاحزاب السياسية واصبح صور للفساد المحمي بإطار قانوني يتضمن نطاقاً أوسع من الأنشطة الاقتصادية المختلفة، ما جعل ثروات البلاد نهباً لذوي النفوذ والسيطرة داخل العراق وخارجه. و وانعدام التنافس على القليل المتوفر، والى تراجع المستوى الثقافي والمعرفي بشكل عام ويتطلب تفعيل دور العبادة والجامعات والمدارس والقنوات المسموعة والمرئية والصحف والمجلات المكتوبة والإلكترونية، في محاربة الفساد وخطورته على المجتمع، وبيان القصص والعبر عبر التاريخ حول الأقوام والشعوب السابقة وما ترتب عليهم بسبب الفساد، وارتباط ذلك في عقيدتنا السمحة التي تحارب هذه الظاهرة وتجرمها  و ان ضمان الشفافية بما لا يدع مجالاً للشك في تطبيق القوانين الصارمة في حق المخالفين، واعتماد نظام عقوبات رادعة وتوضيح تناسب كل نوع من أنواع الفساد، حتى يتم الحد من ظهوره مره ثانية، بحيث تكون معلنة في وسائل الإعلام ومتاحة للجميع من الامور المهمة لمكافحة الفساد،

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

211
الشهادة لمن يستحقها وسام وهوية

اغلى ما يقدمه الانسان هو روحه في سبيل الوطن والعقيدة وحين ينذر الإنسان نفسه في أي موقع كان لخدمة وطنه ومن فيه.. وحين تسمو في نفسه معاني البذل والعطاء فيقدم بكل شجاعة وبطولة على ترجمة ما تربى عليه وتعلمه تجتمع كل ذلك في نفس واحدة ،ونلاحظ ان الامم تهتم بالشهداء وتتعاطف معهم دون غيرهم ، وهذه من عظمة عطائهم و ما قدموا لتلك الشعوب لأنهم جادوا بأنفسهم ، فكان لهم الأثر الواضح من خلال الجوانب المعنوية والابتعاد عن الماديات ، فبدمائهم رسموا طريق الحرية والاستقلال ، وينجلي الظلم والقهر والفساد ويتحقق العدل والانصاف ، وتترسخ المثل والقيم السماوية التي تمثل القيم المطلقة التي تشرعها الانظمة الالهية  والانسانية. وتختلط المشاعر عند الكلام على استشهاد أحد ألابطال فى سبيل الله، ما بين أسى لفراقهم، وفرح بمقامهم الكريم في ارتقائهم الى رب العالمين، واطمئنان بوجود رجال أبطال يثبتون كل يوم أنهم على قدر المسؤولية التى تحملوها مختارين بتقديم أرواحهم دفاعا عن وطنهم وعن الحق في اي مكان  والذود عن أهلهم مما يجعلنا على يقين أن البلاد والعباد مصونة بفضل الله عز وجل ثم بفضل سواعد هؤلاء الأبطال وعلى صعيد الأجيال أن توثق عطاءاتهم وما بذلوه فتكون نبراساً لغيرهم.

والشهادة لها الاثر الايجابي الذي تحققه بدم الشهيد  وتضيئ للأمة دربها وتنير لها طريقها ، ولا شك ان من يثبت هذه القيم ويرسخها في الامة لابد ان يحظى منها بأعظم اهتمام ليبقى الدافع الامثل في تقديم الغالي والاحساس بالقيم و بقاء الروح ،من هنا كانت الشهادة حياة للأمم ، فالأمة الحية تقدس الشهيد والشهادة وتعتبرها قيمة انسانية وثقافة إلهية تفهم ان الموت قتلا في سبيل الله هو الحياة وان الحياة من دون ثقافة الشهادة هي الموت . وقد تجلت هذه الحقيقة بقول الإمام الحسين (عليه السلام) : ( اني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما ) . مثير الاحزان. ولكن ان منهج الشهيد قاسم سليماني  وابو مهدي المهندس هو في الواقع ظهور وبروز الكلمة الطيبة  التي تحظى بعقيدة فلسفية وثقافة مترافقة مع قيم معنوية سامية تتمحور حول شعار مملوء بروح العزيمة والايمان. ويحققون المثل العليا للتضحية ،ليشق محور المقاومة طريقه نحو بناء القوة والاستعداد من اجل ما أوجبه الله تعالي في ظروف تاريخية يهرول بعض القادة العرب الى عقد تحالف مع العدو الصهيوني تحت رعاية أمريكية ويعمل هؤلاء على إدماج العدو الصهيوني ضمن المنظومة الثقافية والاقتصادية والأمنية للمنطقة، و في ازالة الحرمان واجتثاث الفقر والتمييز وتحقيق العدالة، وتمثل فيهم الصبر، والعزيمة والخبرة والشجاعة، والعطوفة، والبكّاء لله، والحذق والبصيرة ، والفطن .هؤلاء هم رجال الشهادة الحقيقية توسم فيهم عطاء جزيلاً في الخير ومد يد العون للآخرين أينما كانت الحاجة للغوث وأينما سمع أنين محتاج، ان ثقافة التضحية والمقاومة ستستمر بوجود قادة ابطال من مثل هؤلاء الرجال الابطال، على العكس ممن يقدم على أبشع مجازر ترتكب في هذا العصر بتواطؤ مع من لا يحترم  الاتفاقيات  والمواثيق الدولية ويتركون دون  محاكمة للجرائم التي ارتكبوها، اختار منهم ان يظل في سباته العميق فاقداً لكرامته  وقراراته  السياسية لا بل المشاركة في التخطط وتدعم هذه الجرائم من الحكومات الرذيلة والمنبطحة ولانهم حملوا هذه الحياة على المعنى المجازي . بمعنى بقاء اسمهم وخلود آثارهم واعمالهم وجهودهم والتي تصب عليهم اللعان .

 هذا القول لا ينسجم مع قوله بان الشهداء يرزقون حقًّا ان كل شعب عظيم  ينجب مثل هؤلاء الرجال الأبطال، الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه  وإنها لأسر عظيمة تلك التى تقدم عن طيب خاطر اعزاء أكبادها فداء للوطن وللعقيدة ، وكم سمعنا أمهات ثكلى وزوجات ترملن من هذا الطريق  وآباء فقدوا أعز ما يملكون ليقنوننا دروسا عظيمة فى الصبر والتضحية، او بما تحدثت الآيات عن سرورهم من نواح مختلفة و هم عند ربهم في عزة ويتفيؤون الظلال ويشربون من ماء كان مزاجه ما للاسن من مذاق.

يردون الحوض على السابقين و المقربين. يترفلون في أثواب من حرير ويتعطرون بالمسك ووجوههم يومئد ناظرة.يا فرحتهم يا فرحة، وانهم فرحين بما آتاهم الله وهم كثيرون بيننا وقد لا نختلف عنهم في شيء سوى أنّهم يمضون في الدُنيا باحثين عن الله لا عن الجنّة لأنهم يعلمون أنّه حيث ما يوجد الله سبحانه توجد الجنّة، حتى إنهم لا يكترثون قليلاً للجنّه بقدر ما يريدونه هو لقاءُ اللهِ جل وهم على نقاء وطهر وعلى الذي يُشفي ويُزيل ألمَ الدُنيا من قلوبهم -إن عبداً خيرهُ الله بين الدُنيا والأخرة فاختار لقاء الله-، هم يسيرون إلي الله في كل حين يعيشون لله وبالله لا يضِرُهم شيء، طيفُهم مضيء وطلتهم لا تأتي إلا بخيرٍ ونقاء، بالطبع لا تكفي الاقلام ولا الكتب للوصفِ عنهم أو عن حياتهم فهم أعظم من أن يصفهم أُناسٌ مِثلُنا..

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي


212
15 عام للمراة الحديدية.. انجيلا ميركل*

اشخاص الدولة تبين افعالها خلال مجريات الاعوام التي يتحملون المسؤولية فيها مهما كانت مدت تلك المهمة ونوع المسؤولية صغيرة كانت او كبيرة، وظهر لنا ممن تحملوا المسؤولية خلال قراءتنا للتاريخ الكثيرين من الذين سوف لن تطوى حياتهم في صحائف الكتب من المفاخر التي قدموها لشعوبهم ومن خدمات،  وللوقوف على المعنى الفعلي للمسؤولية الوطنية، التي تشتق كلمة المسؤولية من الفعل سأل واسم الفاعل منه مسؤول ، ويدور معنى الفعل حول عدة أمور منها ، سأله وحاسبه و طلب منه الوفاء به، لتقويم السلوك الإنساني، و تظهر الإهتمام الكبير برعاية الأوطان، وبنائها على أسس قوية تسهم في حماية المجتمع وأمنه ،ولا سيما عند وقوع الأزمات أو في مواجهة الأفكار الطارئة. وفي التاريخ الكثير من الشواهد التي استطاعت فيها شعوب كثيرة أن تبني حضارات مهمة من خلال وعي وإنتماء أبنائها لوطنهم، واستعدادهم للتضحية من أجلها، حتى في أحلك الظروف، ومثال ذلك التجربة اليابانية، حيث تمكنت اليابان من النجاح في امتحان سباق مع الزمن وتنافس مع الأمم المتقدمة، رغم ما تكبدته من خسائر في الحرب العالمية الثانية.وتأتي بعدها اليوم المانيا التي ورثت الهزيمة في الحرب العالمية الثانية خلافات الحلفاء والاتحاد السوفياتي حول النفوذ في أوروبا، فانقسمت إلى قطاعين، الأول غربي سمي بجمهورية ألمانيا الاتحادية، فيما تأسست في القطاع الشرقي جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وعلى أثر ذلك تحولت برلين إلى بؤرة النزاع في الحرب الباردة ،وظل جدار برلين رمزا لتمزق الجسد الألماني وعنوانا لتفريق أواصر العائلات الألمانية. في  أكتوبر/تشرين الأول من عام 1989، تظاهر عشرات الآلاف في ألمانيا الشرقية ضد نظامها في تحركات شعبية، كانت إيذانا بميلاد عهد جديد، إذ أعلنت ألمانيا الشرقية في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني عام 89 سقوط الجدار وفتح الحدود،واستطاعت بزمن قياسي إعادة إحياء حواضرها متبعةً سياسة لا مركزية. تعاملت المدن مع مشاكلها بطرق مختلفة، غالباً ما كان ذلك تبعاً لنمط عمل مؤسسات التخطيط قبل الحرب. في المدى البعيد أخذت قضية واحدة بالاتضاح: المدن التي اتبعت مخططات شوارع ما قبل الحرب وحافظت على الكثافة العمرانية القديمة تحولت لأماكن أكثر جاذبية مقارنة بالأماكن التي باعدت العمران ووسعت المساحات بشكل حداثي.

وقبل 15 عام من الان جاءت امرأة  اسمها انجيلا ميركل ولقبت بالحديدية لمواقفها الصارمة ومنهجها العلمي الجاف مقارنة بالعمل السياسي التقليدي ويصف المصطلح "الإرادة القوية" للمرأة، في زمن التراجع والتي دخلت عالم السياسة عام 1989، بعد سقوط جدار برلين، الذي كان يفصل بين ألمانيا الغربية، التي ولدت فيها عام 1954، وألمانيا الشرقية التي نشأت فيها وقضت فيها كل حياتها إلى أن توحدت البلاد.. وفي لحظة اهتزاز الحلم الأوروبي و فرضت سطوتها على أوروبا، ودفعت ألمانيا لتصدر قوائم الاقتصاد العالمي، وخلقت سياسة لاستيعاب المهاجرين في الوقت الذي تعاديهم كل أوروبا، فكيف نجحت ميركل في أن تكون سيدة أوروبا بلا منازع؟

وبعد هذه السنوات تخلت هذه الانسانية الكبيرة عن المسؤولية وقدمت ما عجز الكثيرين تقديمهم واليوم نشاهد ملصقات تقول" ضعوا مستقبل ألمانيا في أيدٍ أمينة" هكذا تقرأ في إشارة واضحة للاستقرار الذي حظيت به ألمانيا تحت قيادة ميركل منذ دخولها للمنصب عام 2005، والتي باتت تُعرَف بـ "موتّي" أي "الأم" بالألمانية، لتتحول صورتها في أذهان الألمان رويدًا من مجرد سياسيّة في أروقة حزبها، إلى شخصية تحلق فوق الساحة السياسية بشعبيتها الخاصة المنفصلة عن عضويتها من الحزب، وكأنها بالفعل "أم" للألمان وللعملية السياسية ككُل،ولا يبدوبالفعل "عهدها الطويل مجرد مصادفة في التاريخ السياسي الألماني، فقد لعبت المستشارة دورًا ملائمًا جدًا لما احتاجته ألمانيا بعد سقوط حائط برلين ونهاية الحرب الباردة وإعادة توحيد ألمانيا: الإمساك بزمام الأمور دون مداعبة أية مشاعر قومية أو أيديولوجية من قريب أو بعيد، فجيل السياسيين الألمان الذي شهد سقوط الحائط كان قد اكتوى بنار الأيديولوجيات والرؤى الكبرى مرتين، مرة حين سقطت المنظومة الشيوعية على رأس الألمان في الشرق، بعد أن حرمتهم لعقود طويلة من الاتصال الطبيعي بالعالم، ومرة حين سقطت المنظومة الفاشية من قبلها على الألمان كلهم، لتكلّفهم وحدتهم السياسية لحوالي نصف قرن."

*-اربعة نساء تم اطلاق لقب الحديدية عليهن

1-المرأة الحديدية هو اللقب الذى كثيرا ما يستخدم لوصف رئيسات الحكومات فى مختلف أنحاء العالم، ، وتم إطلاق اللقب على مارجريت تاتشر من قبل الكابتن يورى جافريلوف فى عام 1976 فى صحيفة الاتحاد السوفياتى الأحمر، لمعارضتها القوية للاتحاد السوفيتى والاشتراكية، واتباعها سياسات اقتصادية ليبرالية وصفت بعضها بالعنيفة.

2-الرئيسة السابقة لـ«ليبيريا» والسيدة التي تسلمت زعامة بلد، ليس هذا فقط ما يجعلها امرأة مختلفة ومميزة، بل لكونها تمكنت من خلال انتخابات ديمقراطية أن تكون أول رئيسة دولة في قارة أفريقيا عموماً في العصر الحديث،حكمها استمرت من العام 2006 وحتى العام 2018، صنعت تغييراً جذرياً عظيماً في ليبيريا، ونالت العديد من الجوائز العالمية من بينها «نوبل للسلام» خلال العام 2011.

3- اندير غاندي  وهي سياسية هندية، و المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئيس وزراء الهند، وقد شغلته 3 فترات متتالية (1966-1977)، والفترة الرابعة (1980-1984)، انتهت باغتيالها بيد أحد المعارضين السيخ المتطرفين،

4- انجيلا ميركل سميت على نطاق واسع بحاكم الأمر الواقع لزعامة الاتحاد الأوروبي.والسيدة الأقوى في العالم ووصفها الإعلام بأنها "المرأة الحديدية"، تخفي وراء هذه القوة روح دعابة فريدة تتجنب إظهارهاولمرتين ثاني أقوى شخص في العالم بواسطة مجلة فوربس، وهو أعلى تصنيف من أي وقت مضى حققته امرأة في ديسمبر 2015، و من قبل مجلة التايم شخصية العام مع صورة على غلاف المجلة واصفة إياها كمستشارة للعالم الحر. في 26 مارس 2014، واطول رئيس حكومة خدمة في الاتحاد الأوروبي وهي و في مايو 2016، سميت ميركل أقوى امرأة في العالم برقم قياسي للمرة العاشرة من قبل فوربس.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي


213
تهنئة.. وتفائل في العام الجديد

الاخوة الاعزاء

السلام عليكم

نقدم لكم ارق رسائل المحبة والسلام بمناسبة عيد الميلاد المجيد الذي يمر عام ويهل عام واقلامكم عطاء للخير والسلام والمحبة وأنتم شعاع ينير القلوب و بقدوم تاريخ ميلاده وزيادة عمره سنة للتهنئة  لكل عشاق الذوق الراقي في العبارات والكلمات الملهمة بالورد والفل والياسمين ، و عيد ميلاد كله بهجة لكم ، وفرحة لا تتوقف في زاوية معينة ونجاح لا يتوقف عند كلمات الذم والمدح و تخلوا من الحق والعدل والانصاف انما تتمسك بعرى الانسانية وحقوقها وهي غايتنا المثلى لسعادة البشرية ونحن منهم باذن الله، والتي تشبع شرايين السعادة بسماعها ، حيث أن عيد الميلاد المجيد الذي يحتفل به بالأفراح والسعادة والتفاؤل ،هي فرصة جيدة لتهنئة بعضهم ببعض ونحمل باقات المحاسن والصدق فيما بيننا. وانطلاق وجداني مشفوعة بأحلى التهاني بهذه المناسبة المجيدة فأرجو من قلبك أن يسمح لها بالهبوط وهي تنثر عبق الريحان برونق جميل وعطرها لا يقدر في كل مكان

اخوكم الاعلامي عبد الخالق الفلاح

214
بايدن..هل ينهي الرقص على جراح الشعوب...؟

العجب كل العجب عندما تجير حكومات الدول العربية نكباتها وهزائمها او نكبات وهزائم شعوبهم التي قاموا بصناعتها ورفعها على شماعة أمريكا؟؟ ويكيلون لها كل انواع اللعن منذُ عشرات السنين ليل نهار ويرفعون شعاراتهم ضدها ويدعون لها بالويل والثبور والموت وعظائم الأمور ويقدحونها بكل ماجادت بها قرائحهم من الشتائم والسِباب ويطبعون مع غدتها السرطانية التي زرعتها في ضمائرهم.

ان ملف ابتعاد امريكا عن الشرق الاوسط لم يكن متاحاً  منذ عقود لدى الرؤساء الاميركيين، وعندما قرر الرئيس اوباما القيام بهذه الخطوة من منطلق إستراتيجي يركّز على اولوية التوجه نحو آسيا، وجد نفسه مجبراً على البقاء في الشرق الاوسط لتكون العصى التي يتوكأ عليها في سياسته وبعدها منغمساً في الاتفاق النووي مع إالجمهورية الاسلامية الايرانية الذي لم يؤد الى إنهاء التوترات في المنطقة لا بل كشف عن وجه واشنطن القبيح في فضحها بعدم الالتزام بالعهود والاتفاقات ، بل فاقمها الى حدّ سمح لخلفه الرئيس دونالد ترامب ان يستخدم الاتفاق نقطة قوة له في الخروج منه ويهش بعصاه على الرؤساء والملوك والامراء ويستنزف خزائهنم وفرض العقوبات المتتالية  بناءاً  لما  تعهد به ونفذه و عندما تأتي أمريكا الى عقور ديار بلدانهم ، يَهِبُ جميع هولاء داعمين بكل قوتهم الجلاد والشيطان الأكبر الذين ماهم في الحقيقة إلا أبنائه الخضع الموزعين على الأرض" سمعاً وطاعةً " ويقدموا الاموال والهبات دون حساب للاجيال القادمة وما لذا وطاب على حساب جوع وعطش شعوبهم و بعد ان ايقنوا الطريق وتحملوا مسؤولية قتل شعوبهم نيابةً عنه وتحت رايته، ولن تتغير تلك السياسة بل لعلها سوف تكون الاتعس و يتوقع شكل السياسة الخارجية الأمريكية، في المرحلة القادمة تجاه المنطقة تكون اكثر التواءاً وقد تبرزملفات جديدة ، تتعلق بالموقف المرتقب من إدارة بايدن، تجاه التحالف الذي أقامه ترامب، مع عدة أنظمة في المنطقة وخاصة مع النظام السعودي والإماراتي والمصري، ويتوقع مراقبون تشجيع بايدن لهذا التحالف على التدخل في شؤون دول أخرى، وتغييب ملف الديمقراطية في بلدان المنطقة، “على رأس جدول أعمال بايدن قد يكون اندلاع مواجهات مسلحة في الضفة الغربية أو قطاع غزة، مع أنها عاشت هدوءا نسبيا في الأشهر الأخيرة، لكن لا أحد يعرف كم قد تستمر الفترات من الهدوء، مع أن أحداث التصعيد هذه تطلبت تدخل الإدارات الأمريكية في الماضي، وأبسط طريقة قد يقفز بها الصراع لقمة أجندة بايدن للرقص على جراح الشعوب هي على الأرجح اندلاع العنف في الضفة الغربية أو قطاع غزة” لا سامح الله .

 واليوم عندما اتابع أخبار الإعلام العربي الجديد و المسيطر على اكثر القنوات الفضائية عند نقلها للأحداث عن الإنتخابات الأمريكية وتداعياتها خاصةً عندما اتخيل مواقف الذين يسارعون بالقفز من سفينة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب الذي ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال: ان ترامب الذي تتجذر الدكتاتورية فيه "عقد اجتماعا مع كين كوتشينيلي (ثاني أكبر مسؤول في وزارة الأمن الداخلي)وطرح نيته الاستعانة بالجيش لتغيير نتائج الانتخابات" والذي جوبه بمعارضة بعض كبار المسؤولين ايضاً لخطة مايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق الذي اقترح فرض الأحكام العرفية كما اقترح فلين الاستعانة بالجيش لإعادة التصويت في الانتخابات، ويقفزون من قارب دونالد ترامب النتن الى قارب جو بايدن الى البيت الابيض المكان الذي ليس غريباً عن الرئيس السادس والاربعين  للولايات المتحدة الاميركية، فهو عاش فيه نائباً للرئيس في عهد الرئيس باراك اوباما على مدى ولايتيّن متتاليتيّن (2009-2017 ) فيها، وبالتالي فهو على معرفة كاملة بملفات الدولة العظمى داخلياً وخارجياً. من هنا، يجمع المراقبون على ان ملف الشرق الاوسط  لن يتطلب من الرئيس الاميركي الجديد قراءة بقدر ما يتطلب منه قرارات " متعقلة " ، الذي لا يقل نتانةً عن ترامب و صهيونيته وانا اشاهد معظم الفضائيات العربية وهي تضرب طبلة المتهستر لبايدن وتقدح بترامب وتقوم بفضح الاخبار الخاصة به وتدلس على المشاهدين بصورة  لا تليق بأي شكل بالمهنية الصحافية والإعلامية بعد ان كانت تصفق له وتبارك خطواته المجنونة  وإن مهنة الصحافة والإعلام ينبغي ان تُعنى بنقل المعلومات السياسية والهفوات الحقيقية وفضح الارادة الامريكية في خلق الفتن والفوضى من اجل السيطرة على الدول ذات الطاقة والخيرات وكبح طلعات الشعوب للحرية والاستقلال وهي كثيرة لا تحتاج الى التلفيق والافتراء  وما يحدث على الواقع بحيادية دون الإنحياز لأي طرف او أطراف لكن ما نراه هو انهم لا يقومون إلا بالتدليس والزيف المتعمد في كل قصصهم الإعلامية والصحافية لطمس الحقائق وان بعضهم لا علاقة له بالاعلام بل هم مجرد اجراء متواطؤن يخونون بلاده وشعوبهم وأمتهم وإنسانيتهم .

،هناك مطالب تنتظرها الكثير من المناطق وخاصة الشرق الاوسط من اهمها إلغاء قرار حظر دخول مواطني الصومال وايران وسورية واليمن والدول الاخرى إلى الولايات المتحدة والذي أقرّه ترامب العام 2017،والعودة الى قانون اللجوء السابق  ، وقبول اللاجئين سنوياً كما كان في السابق،وسحب القوات الامريكية من سورية والعراق وافغانستانواخلاء القواعد الاستعمارية المتواجد في المنطقة والتي لم تجلب معها لا الامن ولا الاستقرار و من خلال  التجارب المريرة التي مرت  بها المنطقة فانها كانت السبب الاول في الفوضى والاضطرابات التي شابت المنطقة ،وشعوبها تتطلع بإهتمام الى ما يمكن ان ينجزه بايدن في خلق جو من الهدوء والسكينة عكس من سبقوه من اسلافه حيث لم ينجزه إلأ الظلم والقتل والفوضى  والرقص على الجراح، على الرغم من ان الخبراء يقولون إن هؤلاء " الاسلاف "، وبخاصة ترامب الذي هدم جميع الطرق الى السلام  الذي كان بالامكان الصعود عليه بكل ثقة ،او ما  بدأه ترامب سيكمله بايدن لكن بأسلوب مختلف ومزاج آخروتظل الأهداف واحدة

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 


215
حرية التعبير..بين حق المطالبة والامن القومي

منح الإنسان حرية في التعبير عن وجهة نظره ليبرز قدرته عن طرح الأفكار التي تجول في خاطره والتعبير من فضاءات الحرية التي تعتبر من الحقوق الأساسية للإنسان وركيزة من ركائز المجتمع الديمقراطي المتحضر، فقد كفلت ذلك المواثيق والاتفاقيات الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لتكفل لكل شخص حرية الرأي والتعبير واعتناق الآراء دون مضايقة بأي وسيلة، واحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم او النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وعن قناعاته التي يعتقد أن فيها مصلحته ومصلحة غيره من الأفراد إزاء أمر معين و بمختلف الوسائل الشفهية أو الكتابية، ان حريـة التعبيـر المعلومات والاراء والافكار بكافـة أنواعهـا والتـي يتـم نشـرها عبـر أيـة وسـيلة بغـض النظـر عـن الحـدود، على ان يشـمل الحـق فـي حريـة  التعبيـر والنشر و طلـب المعلومات شريطة عدم المس والخروج عن حماية الامن القومي التي تعني مجموع الخطط والوسائل والاستعدادات والترتيبات التي تتخذها الدولة لتأمين الاهداف والمصـالح الوطنيـة للدولـة وقيمهـا، والمحافظـة علـى كيانهـا وضـمان اسـتقرارها وسـيادتها واستقلالها من اي تهديد داخلي او خارجي والمحافظة على مواطنيها وسلامتهم،

من المسلم به عالميا أن الحق في حرية التعبير و تكون متوازنة مع البعد السياسي للأمن الوطني المتمثل في الحفاظ على الكيان السياسي للدولة، وحماية مصالحها العليا، واحترام الرموز الوطنية والثوابت التي أجمع عليها غالبية أفراد المجتمع وهو حق إنساني أساسي له أكبر قدر من الأهمية ، و هو مفتاح الإنسان لحقوقه الأساسية وكرامته. وفي الوقت نفسه، من المتعارف عليه عالميا أن هذا الحق ليس حقا مطلقا وأن كل ديمقراطية أسست قيودا على حرية التعبير خاصة عندما يتعلق ذلك بامن الاوطان وهناك من يستغل هذه المسميات  ودول تدعي كونها بلدان للحرية مثال الولايات المتحدة الامريكية حيث استغلت حادثة 11ايلول - سبتمبر ومارست انتهاكا للحريات الأساسية بهدف توفير الأمن القومي. من خلال الإجراءات التنفيذية المباشرة والتشريعات التي سنها الكونغرس بعد تلك الهجمات الإرهابية، في "حربها على الارهاب " ومن ثم الحملات اللاحقة بعد الحرب في أفغانستان والعراق باضطرابات كثيرة واختراقات أمنية كبيرة فصيعة اسفرت عن قتل الالاف من البشر دون ذنب وخلطت الحابل بالنابل ولازالت مستمرة في جرائمها و والنموذج الاخر في العراق و ما كان يحصل قبل 2003،اذ أحكمت حكومة الرئيس السابق صدام حسين قبضتها على جميع المؤسسات العراقية، بما في ذلك وسائل الإعلام، ولم تسمح بانتقاد اي ممسؤول. بعد الاطاحة  بالنظام ، أُنشِأت خيوط للحكم الديمقراطي، ولكن لم الحريات كما كان يجب ان تقوم. بين 2003 و2020، وقد صدر اخيراً  قانون جديد للمعلومات يحدد  فيه عن التضيق من الحريات المعلوماتية، بعد

"الانتهاكات بحق العراقيين في حرية التعبير التي تكتسي أهمية خاصة في ضوء الاحتجاجات التي اندلعت في وسط وجنوب العراق و" المسمات بالتشرينية "في أكتوبر/تشرين الأول 2019". هذه الاحتجاجات التي تمحورت حول فساد الحكومة، والظروف الاقتصادية، والانتهاكات التي ارتكبتها القوات الامنية، واستخدمت قوات الأمن القوة المفرطة، بما في ذلك إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين.

من خلال هذه الحرية ،بالامكان الإفصاح عن ألافكاره في قضية معينة سواءً كانت خاصة أو عامة بهدف تحقيق كل ما فيه خير لمصلحة الأفراد والجماعات وفي نظر اليونسكو تعتبر ّ هذه الحقوق أسسا هامة للديمقراطية، وللتنمية والحوار، وشروطا مسبقة لحماية جميع حقوق الإنسان الأخرى وتعزيزها و إعطاء الأشخاص المساحةَ اللازمةَ من الحريّة، للتعبير عن الأفكار التي تجول في رأسهم، وإبداء مواقفهم المختلفة، بالأسلوب الذي يرونه مناسباً لهم، دون أن يكونوا تابعين لأحدٍ، أو خائفين من أحدٍ، أو قلقين من أصحاب القوّة والنفوذ، وفي حين يختلف حجم النضال بين الأفراد الداعين لكسر القيود الاجتماعيّة، كالمطالبة بالزواج المدني والاعتراف بالمثليّة الجنسيّة، وبين الذين يعبّرون عن احتياجاتهم المعيشيّة، كالحقِّ في المأكل والمشرب والملبس .

من واجب الحكومات منع خطاب الكراهية والتحريض، وعدم استخدام السلطةللاساءة و لإسكات المعارضة السلمية بواسطة سن قوانين تجرِّم حرية التعبير. وعدم محاسبة مثل هؤلاء على لاعتبارات المحافظة رجال الحكومة او ارهابين  و مكافحة الإرهاب أو الأمن القومي أو الدين. بقمع النشطاء والمنظمات غير الحكومية التي تعمل لنشر الوعي .

التعطش لاستعادة الحريّة المسلوبة يُربك الأنظمة الديكتاتوريّة التي تحاول إسكات الأفراد، عبر الترهيب والتهديد وزرع الخوف في النفوس، فما أن يقوم أحدٌ بالتعبير عن رأيٍ ما لا يُعجب السلطة، حتى تتحرّك هذه الجهات  فوراً من خلال بعض المكاتب الخاصة بمسميات المعلوماتية او المخابراتية  اولمكافحة الجريمة الإلكترونيّة،... واستدعاء هذه الشخصيّات السياسيّة والدينيّة، ومن قبل تلك الدوائر التابعة للطبقات الحاكمة لتمارس ابشع الاساليب معها  لتخنق هذه الاصوات لانهم مارسوا حق من حقوقهم ، إن تجريم حرية التعبير في مثل هذه الظروف تعد مشكلة من وجهة نظر القانون الدولي إن لم تكن منصوصة بشكل قانوني واضح لأنها قد ينظر إليها أنها قيد لحرية التعبير..

إن اساس الحرية بحسب الاعلان العالمي وحسب الديباجة "لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الاسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو اساس الحرية والعدل والسلام في العالم "، وهذا اعتراف بالكرامة المتأصلة في الانسان. اي ان الكرامة الانسانية هي مصدر الحرية وسبب وجودها. والكرامة هي حق الفرد في ان تكون له قيمة وان يحترم لذاته، وان يعامل بطريقة أخلاقية و في هذا الاطار المفهومي لا يمكن للحرية ان تتحول ضد مصدرها، اي ضد الكرامة الانسانية، المتجسدة في كل فرد منا، بغض النظر عن اي مواصفات أخرى. عندما تطال الحرية الكرامة الانسانية، تقضي على ما يبرر وجودها، اي تنفي نفسهاو تقول المادة الاولى من الاعلان  العالمي نفسه: "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم ان يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء"، تُعتبر حريّة التعبير من الحريّات الجوهريّة في الحياة البشريّة، وحقّاً من الحقوق الأساسيّة للإنسان، وقد أكّدت على أهميّتها مختلف الاتفاقيّات الإقليميّة والدوليّة حول العالم، إذ تنصُّ المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن "لكلِّ شخصٍ حقُّ التمتُّع بحرِّيّة الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقةٍ، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلةٍ ودونما اعتبارٍ للحدود". وتوفـر هذه المبادئ  تفسيراً متقدماً ً للقانـون الدولـي وأفضـل الممارسـات لـدى الـدول والتـي تنعكـس هـذه المبادئ في تفسـيرا جملـة أشـياء أخـرى فـي القوانيـن فـي الاحـكام الصـادرة عـن الحكومات الوطنيـة التي تختفي كثير من دولنا ولا توجد  نصوص  قوانين واضحة ودقيقة  تستخرج من الاتفاقات الدولية فيما يتعلق بحرية التعبير والصحافة في حالة اصطدامها بالأمن القومي ما والقيام بذلك لحماية الدولة و لحماية الأفراد خاصة الصحافيين والاعلاميين في بلادهم.

الدولة من مسؤولياتها  توفير الأمن لمواطنيها بالقدر الذي يزيد من تنمية الشعور بالانتماء والولاء بالمصارحة الواقعية دون تمييز، والعمل على زيادة قدرة المؤسسات الوطنية  لبث الروح المعنوية، وزيادة الاحساس الوطني بإنجازات الوطن واحترام تراثه الذي يمثل هويته وانتماءه الحضاري، كدول ديمقراطيــة للموازنــة بــين كفالــة حريــة التعبيــر وضــمان الأمن الــوطني باعتبار ان كل منهما يعزز الآخر ويزيد من منعة الدولة وصلابتها في مواجهة الاخطار المحدقة به.

عبد الخالق الفلاح -باحث واعلامي

 

 

216
الكرامة ...وجود الانسان ونقائه

الكرامة مفهوم مؤسس لمعنى الإنسان وجوهره، ومعبر عن ذاته ووجوده، خلق الله الإنسان وكرمه على كافة الخلائق التي أوجدها على هذا الكون وميزه بالعقل والفكر، ومن خلالهما سخر له جميع ما تحويه الأرض من خيرات ولا يمكن التفكيك بين ذات الإنسان ووجوده وبين كرامته، الفطرة النقية والعقل السليم لا يمكنهما تصور الإنسان بدون هما ، ولذا يعتبر العقلاء كرامة الإنسان المظهر الأجلى للإنسانية، وبدونها لا يمكن تعريفه بالإنسان، ولهذا أيضاً يعتبر الإنسان مسألة الكرامة مسألة مساوية لوجوده، وهو لذلك مستعد للتضحية بوجوده الجسدي وممتلكاته المادية من أجل كرامته المعنوية والاعتبارية التي لا تتحقق إنسانيته بدونها . لقد تعددت نظريات أصول حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية عبر التاريخ، وحسب اختلاف المدارس الفكرية والعقائدية، ومن هنا كانت هذه المسألة من نقاط المفارقة بين بصائر الوحي والفهم البشري لمفهوم الكرامة الإنسانية، ونقصد بذلك الاختلاف على مستوى الباعث والمنشأ،العقل ،والحرية ،والاختيار،هذه الركائز الثلاثة ذات العلاقة الجدلية المتداخلة، أهم ركائز الكرامة، وأبرز سمات الهبة الإلهية التي يتحقق بها معنى التشريف والتكريم، وأهم مناطات المحاسبة الإلهية، هي توفر هذه الركائز الثلاث.

 عقل بصير، وحرية مسؤولة، ينتج عنهما حق الاختيار الرشيد، يرتفع أساس المحاسبة ومعيار المفاضلة. ومعظم الحقوق والتشريعات المرتبطة بمفهوم الكرامة تركز على صيانة هذه الركائز، لأنها صمام أمان وجودها.

الكرامة هي حق الفرد في أن يحترم لتكون له قيمة وأن يُحترم لذاته دون تحديد جنس أو عرق أو دين، وواقع وأصل خطاب التكليف الإلهي بالتوحيد الصرف والعبودية الحق موجه لكل إنسان دون تخصيص بزمان أو مكان، أو لهجة أو لسان، أو عرق أو لون، وتقول الاية الكريمة في القران الكريم: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " سورة الحجرات:13 وقد أعطي جميع البشر هذا التشريف الذي يعني أصالة التكليف المتنجز في حقه بوجود قابلية التطبيق ويسر الحصول على أدواته وآلياته، وواقعية أحكامه وتشريعاته، واذا اردنا ان نميز الإنسان من الحيوان على مستوى التكوين الأساسي والشعوري، سنجد أنّ من أهمّ ما يميّزه هو الشعور الفطري بالكرامة الّذي أودعه الله في تكوينه النفسي، وفي وسائله الدفاعيّة لاستمرار وجوده، وقد جاء في القران الكريم:"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "﴿۷۰﴾الاسراء،وأن يُعامل بطريقة أخلاقية ، يحق لكل إنسان، بكونه إنساناً، للحصول على معاملة كريمة، والذود على كرامته. كحقٍ أساسي. و يمكن لانتهاك كرامة الإنسان أن يتجسد في إلحاق الضّرر بالجسد وفي التمييز ضد الفرد وإذلاله، والمساس بالحقوق الأساسية الضرورية للحياة الكريمة، نحو الحق في شروط الحياة اللائقة. وعلى المستوى العام والتّشريع والأحكام، نهى الدينات والمذاهب ويتقدمهم الاسلام عن كلّ ما ينتهك الكرامة على مختلف الصّعد، ابتداءً من السخرية والاستهزاء وظنّ السّوء، وصولاً إلى التجسّس والغيبة الّتي لا يغفرها الله تعالى حتى يغفرها صاحبها، وفي هذا دليل على حرص الله عزّ وجلّ على أن يحفظ حقّ الإنسان في كرامته، ما يجعله يقف يوم الحساب مع الّذين اغتابوه، أو قلّلوا من شأنه، أو ذلّوه، ليطالبهم بحقّه.

 موضوع  الكرامة ذو أهمية في كل من الأخلاق والأخلاقيات والقانون والسياسة كامتداد لمفاهيم عصر التنوير للحقوق الطبيعية والحقوق القانونية. هذا المصطلح يستخدم أحيانا لوصف التصرفات الفردية مثل "التصرف بكرامة". وتنص المادة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وقد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء". وفي هذا الإعلان العالمي سبقت كلمة "الكرامة" كلمة "الحقوق" وذلك لأن الكرامة هي أساس حقوق الإنسان لانها هى قيمة الشخص فى مجتمعه وهى تجنح الى العفو والصفح وليس ما نعتقدة فى عاداتنا كلانتقام والكرامه هى احترام النفس وتقدير مكانة الشخص وهى قوته وتوازنة فى حياته فهى تجعله يخطو للامام دون خلل نفسى فكرامة الشخص تكمن داخله فالتحرص على ان تصون كرامتك وكرامة غيرك فلا تهين احد وتسقط كرامته لانها سترد لك ولأهمية الكرامة.

ولكن بدون الاستقلال والاكتفاء الذاتي لا  يتحقق معنى أو وجود ناهض بأعباء الكرامة الإنسانية ومتطلباتها، والكرامة الإنسانية بما هي مفهوم متطلب للاستقلال والاكتفاء الذاتي، كي تلعب دور المحرض والمؤسس لقيمة الاستقلال والاكتفاء الذاتي، وهي بمفهومها شموليان تحرص على عدم ارتهان الإنسان لاكثر من احتياجاته ، والحفاظ على حقوقه ففي كل الحلول التي تؤدي إلى الكرامة تقتضي الموت وكل الحلول التي تؤدي إلي العيش تقتضي الذل وتناهض من يستغل ذلك لاستتباع ارادته وقهر عنفوانه وإذلال كرامته من قبل الطاغية الذي هو فرد لا يملك في الحقيقة قوة، ولا سلطاناً، وإنّما هي الجماهير الغافلة الذلول، تعطي له ظهرها فيركب وتمد لها أعناقها فيجر، وتحني له رؤوسها فيستعلي وتتنازل له عن حقها في العزة والكرامة فيطغى ، وفي المقابل تولد في الإنسان طاقة فعالة ديناميكية تولد فيه حيوية لا متناهية لتحصيل احتياجاته وضمان متطلباته وحقوقه لا يمكن أن يخلق الله رجالاً من أرحام النساء ثم لا يجعل لهن كرامة فوق كرامة الرجال ، ليتكامل مع مفردات المجتمع ومكونات الوجود، لإعمار الأرض وإصلاح المجتمع.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

217
القوى الوطنية والانقلاب على الواقع بالفعل لا بالكلام

اود ان اقول ان القوى الثلاثة ، الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء تضاف لها القوة القضائية هي مؤسسات تمثل الشعب و التي يأوي إليها المواطن لحفظ إنسانيته ورعاية حقوقه، وصون كرامته، وهي التي تشعره بهيبة الدولة، التي يعيش في كنفها، وبالتالي تجعله يتمسك بمواطنته الحقة، وتدفعه للتمسك بوطنه ووطنيته ،نحن نعيش منعطفا تاريخيا حاسما. ومن الطبيعي، في مثل هذه الأوقات، أن يبحث الناس عن نقاط مرجعية أو أوجه تشابه تاريخية. لكنه لا يوجد أي شيء يمكننا أن نشبه به ما نمر به اليوم، وفي حال اهتزاز اي من هذه القوى المساهمة في السلطة ، وفساد بعض أجزائه، فإن هذا يؤدي إلى اختلال صورة النظام، وذهاب هيبته، وربما دعا إلى الخروج عليه، مع غياب العدل والحق، وكثرة انتشار صور الظلم والمحسوبية ،فساد اين منها يعني فساد الحكم، فساد السياسة، فساد الاقتصاد والاستثمار والتجارة، فساد التربية ومحاضنها والمربين، فساد المجتمعات، وضياع الأخلاق، وتفكك الأسر، وبمعنى أدق فسادها يعتبر منبع لكل شر وفساد، لأنها هي الجهة التي يفترض فيها صون الحقوق، وحماية الناس، وحماية ممتلكاتهم وأعراضهم، وإقامة ميزان العدل والحق، فإن فسد احدهم وفقد مكانته وهيبته يعني انحدار النظام بالكامل نحو الهاوية.

في العراق الحالي لا يمكننا التعويل على القوى الحاكمة للمساهمة من تلقاء نفسها في تبني مقاربات أكثر واقعية وشفافية عند التعامل مع المتغيرات، لأن أولوياتها هي شخصية وفي حدود مصالحها ، تبقى مختلفة تماما عن الأولويات التي تهم البلد. ويضع هذا الواقع مسؤولية كبيرة على عاتق الحركات الحقيقية السياسية "اذا كانت موجودة " والنخب الفكرية ومنظمات المجتمع المدني للاستمرار في دفع النظام دفعا نحو التغيير والمضي في الاتجاه الصحيح على الرغم من الصعوبات البالغة والتحديات العملية التي تواجهها. وهذا يحتم على هذه الحركات والمنظمات والنخب أن تجد طريقة للتخلص من الاتكالية الخاصة لاي جهة والشعور بالمسؤولية في فهم المستقبل ، اذ لا يمكن لهذه المنظمات والحركات من هذا النوع أن تغير شيئا أو تنجح في ما فشلت فيه سابقاً حتى لو توصلت إلى سدة الحكم دون اصلاح الطريق واسلوب العمل مع خلق وعيا جديدة ونخبا فكرية وسياسية واجتماعية أكثر قدرة على تحمل أعباء القيادة. و تتبنى منهج يتلائم مع المرحلة الصعبة التي تمر بثقلها على كاهل المواطن  لبناء الوطن، وامن واقتصاد الوطن ،واستقرار المواطن .

 إن إصلاح الادارة العامة هو واحد من مجالات الاصلاح الاكثر أهمية في أي دولة، حيث أنه يوفر إطارا وشروطا مسبقة لتنفيذ ُمكان الادارة ذات الاداء الجيد للسياسات الاخرى. على سبيل المثال في تحقيق نتائج في العديد من المجالات، مثل ذلك التعليم والصناعة والاقتصاد والسياسة والامن الداخلي...الخ وتتطور الدول بمختلف اركانها وبأساليبها المختلفة في الحوكمة وتنفيذ الاصلاحات الادارية لها. وتوفر اللبنات الاساسية للادارة العامة الجيدة والقابلة للتطبيق، بالشفافية والكفاءة والفعالية. وتسلط المبادئ العالمية للحوكمة الرشيدة بالضوء على أن الادارة ذات الاداء الجيد لديها عدد من الابعاد المختلفة منها:- توفير القدرة ،والاجراءات اللازمة للتخطيط المسبق للسياسة والمخرجات التشريعية، توفر القدرات المؤسسية للاشراف والتنسيق لضمان الاتساق الافقي بين السياسات ، تزود صناع القرار بالنصائح التي تعتمد على التعريفات والادلة الواضحة والتحليل الجيد للقضايا، والتي تحتوي على مؤشرات واضحة لحالات التضارب والتناقض المحتملة، تنظيم وإدارة الخدمة المدنية ، تطوير وتنسيق السياسات والهياكل والاجراءات ، ترتيبات المساءلة سواء بين الافراد ومؤسسات الدولة، والاشراف على نظام الادارة المالية العامة بشكل عام، بعد التخلص من الارتكاسها المستمر إلى الأيديولوجيات العقيمة البعيد عن التمسك بالارض والمجتمع  وعليها تبني مقاربات أكثر مرونة في النشاط والعمل في التصدي للتحدي الأساسي قبل الوقوع في الفخ  الذي دأبت هذه القوى الوقوع فيها باستمرار والانقلاب على الواقع المرالى واقع اكثر استبشاراً بالمستقبل ،وستظل الصيرورة تحبل على الدوام بمجازفات ومخاطر وتقلبات ،لكن يمكن ان تنطوي كذلك على القدرات الابداعية لتطوير للفهم والادراك والحلم والاصلاح والوعي الانساني الجديد.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

218
  المسؤولية... الكفاءة والاخلاص والاداء

ان العيش في هذه الدنيا تقتضي تحمل مسؤوليات مختلفة عديدة بحكم القدرة والكفاءة و الانسان لا يحمل نفسه ما لا يطيق ففي هذا مشقة عليه وربما كانت آثار ذلك مضرة وتأتي بنتائج عكسية ، ولا يخلو الانسان من المسؤولية المكلف بها و لم ينضب معين الأمة ولم تزل أرحام نسائها تخرج الأفذاذ رجال ونساء من الذين يعرفون للمسؤولية قدرها ويؤدونها على أحسن وجه وأتمه، والمسؤولية تشمل جميع مناحي الحياة  ويقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم(( " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته،، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته)) اي ان كل الإنسان في حياته مكلف بتأدية مهام معينة تلقى على كاهله، ويختلف عددها وكبر حجمها من شخص لآخر حسب موقعه ومكانته، بحيث يكون كل واحد محاسب عن تلك المسؤولية التي يرتبط بها وعن نجاحه في القيام بها أو إخفاقه فيها من قبل أطراف أخرى على منه، فالمسؤولية أمانة، وعدم تأديتها والقيام بها بالشكل السليم عين الخيانة، وهي في يوم القيامة خزي وندامة وسقوط اخلاقي في الدنيا . والمقصود هنا بالذات المسؤولية ضمن إطارها العام، والتي تشمل مختلف المجالات المرتبطة بحياة الإنسان، لتعطيه القدرة على تحمل نتائج وعواقب كل ما يصدر عنه من أفعال وتصرفات، فالمسؤولية بالأساس نابعة من ضمير الإنسان، ومرتبطة ارتباطا وثيقا بالسمو الإنساني والارتقاء الأخلاقي،تبقى المسؤولية الأدبية هي اوسع واصعب اذا كان الضمير هو الحاكم في الامر فهي أوسع نطاقاً من المسؤولية القانونية التي يمكن الافلات منها وعنصرها ذاتي هو الضمير بينما عنصر المسؤولية القانونية هو موضوعي لسلطة الدولة وهي التي ساهمت بشكل كبير في انتشار ثقافة اللامبالاة وعدم الاستشعار بالمسؤولية فمثلاًعندما تصل بعد عناء إلى مرفق عام لإجراء معاملة ما فتجد أن الموظف لم يحضر، مع أن الدوام قد بدأ منذ ساعات، فعندئذ ستضطر إلى التضحية بوقت ثمين، وربما يطول ويكثر مجيئك ورواحك، وكل ذلك بسبب من لا يقدر قيمة العمل ولا يتحمل مسؤولية الوظيفة التي وقع عقدًا على تحملها وتقاضى عليها أجرًا ومن الاستمتاع اللحظي أهم شيء، بدون إعطاء أدنى اعتبار لمشاعر الآخرين وأحاسيسهم وما يضرهم أو ينفعهم، فيفترض المرء أنه لا حسيب له سوى ضميره، وما يتنافى بالمطلق مع الجانب الأخلاقي الذي يكرسه الدين الإسلامي والقيم الانسانية  في العلاقات مع المسؤولية بالذات  قال الله تعالى في كتابه: { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 72]. فهذه الآية تدل على المسؤولية بمعناها العريض، فقد جاءت عبارة الأمانة في هذه الآية بمعنى المسؤولية تمامًا،  انشغال المسؤول عن أداء مهام المسؤولية بأشياء أخرى سواء كانت أعمالاً خاصة، أو شؤوناً أسرية، أو ذهاباً ومجيئاً لا علاقة لها بعمله المنوط به، يُخل بمبدأ الأمانة التي على أساسها كُلِّفَ المسؤول بالعمل، كما أن فيه تضييعاً لحقوق من ترتبط مصالحهم بهذا المسؤول، وقلة متابعتهم، والتغاضي عن سوء أدائهم، وذلك يعود بالمفسدة على الإدارة نفسها حيث تظهر عليها ملامح سوء الأداء، كما أنه يضر المجتمع، بل يضر الموظف المهمل نفسه؛ لأنه يغريه بالتمادي في الباطل، ويغترُّ بهذا الإفضاء، فيستمر في الخطأ ظاناً أنه على المنحى الصحيح. وطغيان مثل هذه التصرفات على السلوك الإنساني هو أخطر ما يمكنه أن يقوض بنيان العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية وكثير منا خاصة ممن نال حظا من التعليم ينقمون على جيل اليوم ضحالة المعرفة وقلة التجربة وعدم الكفاءة، وهذا التردي أمر ملاحظ، فإنك تجد المتخرج من الجامعة اليوم بمستوى طالب الثانوي قديمًا، لتخلى بعض المعلمين عن مسؤولياتهم وتعليم الطفل منذ صغره تحمل ما يستطيع من المهام، والقيام بما يجب عليه من واجبات مدرسية أمر له بالغ الأثر في شخصيته، ومن الأخطاء الشائعة قيام بعض أولياء الأمور بحل الواجبات الدراسية لأبنائهم، مما يدفعهم للتسيب ويبعدهم عن الاستعداد لتحمل المسؤوليات في كبرهم ،كذلك أصحاب الأقلام والكتاب والاساتذة  والاكاديمين عليهم ان يعلموا أنهم مسؤولون عما يدرسون ويكتبون ومحاسبون على ما يخطون، وما أحسن قول القائل:

وما من كاتب إلا سيفنى ** ويبقي الدهر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه
مما لا يزيد إلا من زرع الحقد والضغائن في النفوس، وهذا مثال فاقع الدلالة على أن الخلل الحاصل ذاتي قبل أن يكون له دوافع خارجية أو أن يكون من سلطة فوقية.

من أكثر الصفات السيئة التي يتمتع بها شخصية الرجل عديم المسؤولية هو أنه يكون شديد الأنانية ولديه حب مبالغ فيه للذات، لأنه لا يفكر إلا بمصلحته فقط، ولا يستطيع أن يشغل باله بأمور أخرى حتى لو كانت من أهم واجباته تجاه زوجته وأسرته  لأنه من المفترض أن يكون الرجل مسؤول عنهم وعن تلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية، فهو مصدر السعادة والأمان بالنسبة لهم والتعامل معهم باحترام ورحمة ، وإلأ اتهم بضعف الشخصية وفقدان السيطرة على الأمور، وهذا لأنه يتوقع أن الناس المحيطين به يتحملون المسؤولية بالنيابة عنه وان مثل هذا الشخص الذي لا يتحمل المسؤولية هو عار على المجتمع لأنه يجعل المرأة تتحمل أعباء الأسرة كاملة من حيث المسؤولية الإجتماعية والمادية، ومسؤولية المنزل والأولاد بكافة مشاكلهم، مما يخلق لديها حالة من التوتر الشديد والتي تقود إلى إفتعال المشاكل وزيادة تفاقمها فيما بينهم، والتي تؤثر سلبياً على علاقاتهم.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي


219
مطالب تظاهرات السليمانية محقة ولكن..!!!

بلاشك ان ليس ثمه مصلحه للصراع بين الاخوة وخاصة الكورد فقد عاشوا سنين طويلة في نضالهم المشترك رغم البعض من الهفوات والصور السوداء في الصراع وعاشوا منفيات من الهوامش السلبية وتقديم الغالي من الدم، عموما فأن القتال الذي تنقله الاخبارالوارده الينا من السليمانية العزيزة في اقليم كوردستان العراق يتابع بقلق واهتمام بالغين من قبل القوة الخيرة باسف بالغ في تطورات الأحداث في هذه المدينة منذ أيام، من تظاهرات واحتجاجات شعبية والتي يطلق عليها "بثورة الجياع "وما رافقها من أعمال عنف للمطالب المشروعة للمواطنين بالحياة الحرة الكريمة، ومنها تأمين الرواتب وأساسيات قوت الشعب وقد عبرة مفوضية حقوق الانسان "عن اسفها الشديد لسقوط شهداء وجرحى بين المتظاهرين والقوات الأمنية نتيجة للتصادمات التي حصلت في هذه المظاهرات والتي استخدم فيها الغازات المسيلة للدموع والطلقات البلاستيكية والرصاص الحي من قبل القوات الأمنية حيث بلغ عدد الشهداء (8) وعدد الجرحى (54)  للفترة من 3-12 ولغاية 9-12".  ونقلت قيام عدد من المتظاهرين بحرق مقرات ودوائر ومؤسسات الدولة، إضافة الى مقرات عدد من الاحزاب السياسية في المحافظة و يمتلك كافة المواطنين حقوقاً متساوية للمشاركة في الانتخابات كناخبين وكمرشحين ، وأن يتمتعوا جميعا بذات القدرة على التأثير في نتائج الانتخابات من خلال أصواتهم (المساواة في قوة الصوت) ، كما يجب ضمان  الحفاظ على سرية الاقتراع ، والتحقق من حصول كافة المواطنين على المعلومات السياسية . والحقيقة ان مطالب متظاهري السليمانية هي ذاتها لجميع مواطني العراق من زاخو إلى الفاو، وتحقيقها رهن قيام حكم عادل نزيه وكفوء بانتخابات حرة ونزيهه ضمن  المبادئ الديمقراطية ونظام قانوني ومؤسسي يعمل على تحقيقه ويجب على السلطات ذات العلاقة تلبية هذه المطالب، والعمل على حلول جذرية لمشكلة الرواتب وتحسين الأحوال المعيشية، وذلك عبر خطوات سريعة وجدية ترتكز على المصارحة وتوجيه موارد الشعب لخدمة المواطنين، وانتهاج الطرق الحقيقية في الإصلاح، إذ أن التجاوز على المال العام والفساد الإداري والمالي والسلب والنهب والتهريب يجب أن يتوقف و تجدد النعف وتقدم الدماء الغالية في تظاهرات محقة لطبقات مظلوم منهم وهم ليسوا سبباً للفساد والسرقات بلاشك .

لكن ليست هناك  مصلحه للاخوه في هذا الاحتراب فان ثمه اضرار بلاشك سوف تكون استحقاقاتها خطيره على الجميع واللجوء الى العنف خطأ فادح وليس الطريق السليم لإيجاد الحلول و ان تعمل الحكومة في الاقليم بجدية وبأقصى سرعة، لإيجاد حلول جذرية للأزمات من اجل تلبية مطالب المواطنين في العيش الكريم، وأن الطريق الأفضل امام حكومة الإقليم لحل الأزمة المالية التي تعصف بها هو العمل على التوصل لاتفاق شامل مع الحكومة الاتحادية في ما يتعلق بالرواتب ومستحقات الاقليم من أجل توفير الحياة الحرة والشريفة للمواطنين اذ أن استخدام العنف يُلطخ سمعة الاحزاب الحاكمة  التي يجب عليها ان تقوم بمهماتها في الحفاظ على الامن والاستقرار وحماية أرواح وممتلكات المواطنين، كما ان العنف يعمل على تشويه سمعة المتظاهرين السلميين وتحرف مطالبهم ولعل ايضاً خساره القيادات الكوردية لجماهيرها ذلك ان ابناء هذا الشعب سوف يولد استمرار الحقد والتشتيت بين ابنائه وسقوط ابرياء قتلي وجرحي ودوافع الاحتراب لايقنع الراي العام بان الدوافع الاساسيه هي الرواتب والغلاء والوضع الاقتصادي في ظل من  يغذونها بحملات مكثفه تتمحور حول محاوله الايحاء الي الراي العام الكردي بان الدوافع الحقيقيه للقتال انما هو صراع بين الاخوة . ان التظاهرات السلميية حق مكفول  كما جاء واقر بالدستور ويجب تلبية مطالب المتظاهرين و بالاستماع لمطالبهم وعلى المواطنين احترام القوات الأمنية والمحافظة على الممتلكات العامة والأمن العام...

كما هناك من  البعض من يريد أن يوظفوا قوت الناس لمصالحهم الشخصية وبحجة الدفاع عن حقوق ومطالب شعب كوردستان وايقاع البعض الاخر تحت تأثيرات المساعي والرسائل التخريبية التي تهدف لتعقيد وتخريب الاستقرار ويحاولون الاحراق للمصالح العامة والخاصة وخلق الفوضى و على المتظاهرين ان لا يقعوا تحت تأثير تلك المساعي وأهداف القلة من الذين يستهدفون تعقيد وتخريب الاستقرار في الإقليم وضرورة التعاون بين الاطراف السياسية في الاقليم لعدم الاتجاه نحو  مصير مأساوي ومصير مجهول بفعل عوامل داخلية أكثر من الضغوطات والعراقيل الخارجية و لاجتياز هذا الوضع الصعب وحماية السلم وكيان اقليم كوردستان الذي يعد واجب الجميع ،والوقوف  بشكل صريح وواضح مع حرية التعبير ورفض الرقابة واعاقة العمل الاعلامي خارج القانون بمن فيها القنوات الاعلامية وبقية وسائل الاعلام  و"بحجة عدم التزامها بالتعليمات الخاصة بتنظيم المجال الإعلامي المرئي والمسموع، والتصرفات غير المسؤولة في هذا الوقت والبعيدة عن القانون " و يمثل انتهاكاً واضحاً لحرية العمل الاعلامي ولكن على وسائل الإعلام ايضاً التعامل مع الحوادث بروح المسؤولية ودعم مطالب شعب كوردستان في حرية التعبير والتجمع السلمي، والوقوف ضد مضايقة حياة الناس ومصالحهم والاطراف جميعاً مدعوة لضبط النفس وتغليب لغة العقل والحوار.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

220
الحكومة العراقية ضيعت حبل الاصلاح

كنا نعتقد ان حكومة الكاظمي ومن خلال الشعارات التي رفعتها ستكون المفتاح للقضاء على الفساد و أن تقدم خطابا فيه مايكفي من الشفافية والوضوح عن حقيقة الوضع و نوع الإصلاحات المطلوبة التي تعبرُ بنا إلى بر الأمان بعيدا عن هذه الأزمة ونظراً لما ينطوي عليه الاصلاح السياسي والاقتصادي من تبعات وتداعيات على الاستقرار السياسي في العراق بشكل خاص وما يستلزم تشريع قوانين وتطوير المؤسسات وخصخصة المشروعات العامة وان الحروب والحصار الاقتصادي الذي تعرض له العراق وما ترك من ثقل على كاهل الموارد المالية ، وفساد السلطة الحاكمة بعد عام 2003 قد أنعكس على فساد المؤسسات الرسمية للدولة ولم تجاوز تحدي الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتردي والمتدهور ومواجهة مؤشرات الفقر والبطالة والتهميش والتراجع، وتحسين مستويات العيش من صحة وتعليم وسكن وعمل وكفاية الدخل الفردي، الذي يحتاج لتحقيق العدالة والمساواة أمام القانون. وضرب ومواجهة الفساد بأشكاله وعوامله وإمتداداته كافة التي تعدت المجال المؤسسي والإداري والمالي والسياسي إلى الفضاء العمومي وإلى تفاصيل الحياة اليومية برمتها ومحاربة الرشوة والوساطة والولاءات الإنتفاعية والوصولية وسوء إستعمال السلطة وإستغلال النفوذ لتبديد المال ونهب ثروات، وكانت الامال هي ان يشهد العراق بعد التغيير بداية مرحلة جديدة في طبيعة الحكم ، من خلال وجود مؤسسات دولة تهدف لتعزيز المشاركة السياسية ، وتوسيع الحريات، والحقوق ،وأحترام مبادئ حقوق الانسان ووضع مناهج اصلاحية  سياسية واقتصادية  والتفعيل في بناء مؤسسات الدولة وتطويرا بأعتماد سياسة اصلاحية في نظم الدولة العراقية واعتماد سياسة اقتصادية اصلاحية قادرة على ايجاد الحلول للمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي على ان يأتي ذلك في ظل اعداد استراتيجية تنموية واضحة، ولكن واجهت تحديات عديدة تمثل بالارهاب ، والفساد الاداري والمالي ، والانقسام الطائفي ، وتدخل الأطراف الاقليمية في الشأن العراقي ساهم ذلك في زيادة معاناة العراق وتراجع العملية السياسية مما اثر على تطور الاصلاح السياسي والاقتصادي والتأثير على  استمرار النظام الديمقراطي في العراق لذا فأن مواجهة التحديات والاشكاليات وتأثيرها على الوضع السياسي والاقتصادي يتطلب مراجعة وكشف نقاط الخلل والخلاف وايجاد الحلول التي تساعد على تنفيذ اصلاحات حقيقية  عملية من  خلال توافق وطني مع وجود ارادة وطنية قادرة على انجاح وتنفيذ عملية الاصلاح مع التسليم بأن الثقة بين الدولة و القوى السياسية القابضة على السلطة والمواطن الان هي في ادنى مستوياتها وكنا نأمل أنها سوف تتصدى وبكل قوة  بقرارات تعبر عن رؤيتها بالمسؤولية الشرعية والوطنية بواقعية للتصدي لارادات تلك القوى،والاهم هي ان تخرج الحكومة بقرارات جريئة شجاعة ومنها خلق آلية ناجحة في إدارة الأزمة الاقتصادية في ايجاد الحلول بدل  إلقاء الكرة في ملعب القوى السياسية المسلطة على الرقاب في مجلس النواب المتشكل منها لتسهم في  الضغط المسلط على الحكومة وجو من التنافس بين الأطراف نفسها لوضع مطبات بما يفضي إلى نتائج قد لا تخفف من شدة وطأة الازمة الاقتصادية على المواطن وتزيدها تعقيداً ولا تضع نصب عينيها العراق بعيدة عن التجاذبات وحكومة الكاظمي كان عليها ان  لاتجامل أيَّ طرفٍ سياسي داخلياً كان أم خارجياً ولا ترهن قراراتها بأهداف انتـخابية أو إعلامية و"هذا ما كان " و لايمكن ان تبقى رهينة تلك الشعارات " فوقعت فيه " دون تنفيذ برامحها وتوقعنا ان تكون قرارات موجعةً إلا أنها بقيت حبيسة الرهان الاول وهوضغط الكتل السياسية و لم تفكر في المصلحة العليا للبلد انما كانت فريسة صراعات المحاصصة هذه الافاة المعقدة الخطيرة، و التفاهمات، والازمة الأكبر تكمن في إصرار المجموعات الحاكمة ( الكتل السياسية)على تشظية البنية الداخلية، و وضع حدود بين للمكونات الاجتماعية من اجل اثارة التنافس والحذر والشك والطمع بينها، بدلا من الانصهار في فكرة المواطنة والكفاءة، واستحقاقتهما، ليؤدي إلى بذور الصراعات التي تطل برأسها بين حين واخر، وتوطئة لما هو اخطر، في تواقيت صعبة تنهار معها القيم المجتمعية بخطابات تدل على الحقد والكراهية والبغضاء والنعرات الجهوية وتضعيف البنية القيمية وهو المطلوب و كل البنية الداخلية،في وقت يعاني البلد كم كبير من المشاكل يجب تهيئة حاضنة سياسية لها تدعم الحكومة في إتخاذ القرارات تساندها و بيئة شعبية متفهمة تعض على الجُرح وتمضي بإتجاه تنفيذ تلك الإصلاحات وتقبلها مؤقتاً لحين تجاوز هذه المرحلة والتي تفتقرلها الحكومة ونسيت حبل الاصلاحات لتعد العدة لنفسها في تشكيل كتلة للمشاركة في الانتخابات القادمة .

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

221
الوطنية الغائبة...لايصال الامانة الى الغير
استعادة هيبة الدولة واصلاح الأوضاع  المنفلتة واعادتها الى طريق الصواب ليست من الامور السهلة والبسيطة في ظل الصراعات الحالية على التخصيصات المالية للانتخابات المؤملة في السنة القادمة في العراق والتي اخذت بالشدة في مجلس النواب بذرائع واهية ونحن نقترب من موعدها والتي من المحال ان تكون هينة وسلسة وإجرائها في أجواء مطمئنة لا تشوبها السلبيات ووضع آلية مراقبة فاعلة على جميع مراحل عملها غير مؤمنة،

ولن تسمح باستعادة الثقة بالعملية السياسية عبر الاليات السابقة التي حكمت تشكيل الحكومات السابقة ولا احد يعرف توصيفها، او مهامها المفترضة و ما من حكومة في مثل هذه الظروف ستحظى بدعم شعبي واسع، وليس مطلوبا من الحكومة أن تلهث خلف الشعبية للانتخابات وتقديم العروض والامتيازات، بل ممارسة صلاحياتها والقيام بما تقتضيه المصلحة الوطنية وينتج فريقاً حكومياً متخصصاً أكثر قدرة ويتفق في التفكير والعمل بواقعية . والتزاما بالمقاربة السائدة في مؤسسات الدولة، وتشديد الحذر حيال الأفكار المتصلة بعملية الإصلاح السياسي وبموازة ذلك تتعامل مع التحديات الخطيرة والمستجدة على المسرحين الإقليمي والدولي. ويشعر المواطن العراقي  أن هذه الحكومة تقدر مسؤولياتها وتتصرف باحترام لخلق حياة كريمة قدر ما تستطيع.

الانتخابات يجب ان ينظر اليها كوسيلة للوصول للهدف الاسمى بذاته لاعادة الاوضاع الى طبيعتها في اعادة القانون والسيادة و مفاهيم الديمقـراطية ومبادئ احترام حقـوق الإنسان والتي ظلت بعيـدة عـن المجتمع العـراقي طيلة السنوات الطويلة الماضية وانزلاق المجتمع إلى الجهـل والمفاهيم الظلامية والمناطقية والانتهازية  والعشـائرية والمصـلحية ممـا يحتاج الى جهـد حثيث ومثابـرة طـويلة لمعالجة هذه الأمراض التي اضحت سارية ولا يبدو ان هـذه العملية قـد بدأت بعـد بل انما استفحلت هذه الظواهر و لن يكون امراً  سحريا لحل المشاكل والازمات وترميم الفشل السابق. والأخطر من ذلك كله استغلال الازمة القائمة بشكل مباشر وصريح، لفرض احتكار أطراف سياسية لقرار الاطوار الماضية بعيداً عن القدرة والكفاءة والتخصص والوطنية الخالصة مما سببت في انهيار الدولة وفشل السلطة بالكامل من اداء المسؤوليات الملقاة على عاتقها. ومع الاسف ان كل ما اعلنت عنها الحكومات السابقة من مشاريع بقت على الاوراق ولم تعمل بها وهدرت اموالها سحتاً في بطون الفاسدين والعابثين ولم تنفذ ماهو لصالح العام وغالباً ما تأتي بشعارات رنانة فنطازية، واسباب الخلل قاصرة عن إثباتها بالوعود والتعهدات، لأمكن تحويل تطلعات الأمة إلى أفعال منجزة، لأن العلل التي يتم تحديدها في وجه الحكومة لن تسد أبواب الخلل والإهمال والفساد لخلوها من أساس لبناء الدولة القوية ذات الاركان المحكمة وانما مسارات واهية غير مدروسة ومشاريع وهمية، متى ما كانت الحكومة قوية والحاكم يرتقي إلى عرشه استشاريا سيكون النظام السياسي مثاليا في معادلة التطابق بين ما يُوعَد به من مشاريع وإصلاح من جهة، وبين ما يُنجَز منه من جهة ثانية،

ان مما لا يمكن غض الطرف عنه أو إنكاره أن حفظ العدالة بين الجميع هو أساس القبول الجمعي، ومنه تبدأ رحلة الارتقاء إلى ما هو أفضل وأسمى، وجعل الحياة في حالة تقدم مستدام، من خلال توفير فرص العمل والتعليم والصحة وسوى ذلك من الخدمات الأساسية، على أن لا يكون التركيز على ربط معاشات الناس بالدولة وجعلهم عبيدا لها، إنما يجب أن تتم معالجة فرص العمل عن طريق تنشيط القطاع الخاص لانه يكفل فرصا عادلة ويقلل الفساد ويدفع بالحياة قُدُما.

عزيزي القارئ الكريم لا يؤدي الفهم والاخلاص وحده  مهمة المسؤولية  بنجاح إلا من فهم طبيعتها ومقصدها وعلاقتها بغيرها من المهام واستحضر العقبات التي يمكن أن تحول دون أدائها، وأعد نفسه لها إعدادا متكاملا، وكان مقتنعا تماما بأحقية ما يقوم به وفي  فاستيعاب التصور في عمومه وأكثر تفاصيله استيعابا جيدا، والصدق في ذلك قائم بتأدية الواجب إلى نهايته ، و لأن الخطأ في التصور هو فشل في الممارسة فإنه من الواجب على عناصر القيادة أن يتوفر فيهم الفهم السليم والعميق للقضايا التي يحملونها على عاتقهم، حتى يحفظونها من التعطيل أو التبديل، قبل أن يبلغوها بأمانة إلى غيرهم.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

222
فشل الاخلاق والسياسية المسلفنة بالتوهمات

ان غاية السياسة هي المحافظة على العلاقات السياسية بطرق سليمة والسماح بذلك باستخدام كل الوسائل المشروعة من اجل ابقاء العمل السياسي قائماً عند البنية الصحيحة وهناك البعض الاخر بينهم لا يؤمن إلأ بالطرق الغير المشروعة في التعامل وتردي الأخلاق السياسية سمة من سمات الأنظمة التي تخلق الأوضاع التي تسمح للكبير بالسيطرة على حصة الصغير، وتسمح للدولة الأكبر حجما بتدمير حقوق الدولة الاصغر، كما وتدفع الدولة المسيطرة على القانون وكل الصلاحيات والمؤسسات و تحكم بلا مرجعية أخلاقية قيمية ودستورية عادلة تجاه مكونات المجتمع، تسرعام ما تنتهي  مع الوقت، لخلق حالة من التفكك المزمن وحالة من السقوط لكل أنواع التضامن ضمن المجتمع وبين الدولة والرأي العام وعندها تنمو مدارس تتحدى الظلم وتتواجه معه في ظل سعي لواقع يحترم الحقوق ويثمن العدالة.

عند وجود علاقة وثيقة بين السياسة والاخلاق بلاشك عندما تكون أخلاقية الدولة مساوية فى أهميتها لأخلاقية الأفراد، ويكون ذلك متجذرا فى وعى الناس ويستعملونه فى حكمهم على مؤسسات الحكم ومؤسسات التشريع والأحزاب، عند ذاك فقط ستصبح قيم العدالة والمساواة فى المواطنة والحرية المسئولة والكرامة الإنسانية متحققة ، ولكن  تقدم السياسة اولا ما يعني مزيداً من الأنانيات الفردية وخاصة اذا ما قدمت نفسها على أنها مشاريع إصلاحية وهي عابر ومرحلية و تُقدَّم عدد من المسميات على أنها أحزاب سياسية في ظل دكاكين مفتوحة وجمعيات ومنظمات تقودها عقول خالية من الوعي السياسي الحقيقي وتحمل من الثقافة الزائفة والهواجس المتمركزة حول الذات الفردية أو الفئوية فترفعها إلى مرتبة الحق المطلق في القيادة، الغاية منها السعي لتحقيق المكاسب الشخصية، على حساب الاخرين وحقوق من هم أكثر ضعفاً وحاجةً في المجتمع وعلى أنها مشاريع مدنية، الأخلاق في السياسة هو جزء من  فن لإدارة الدول، ولكن ضاعت خلال السنوات الاخيرة  واصبحت أقل تحضرا ودماثةً، والرياء حين تحصل لحظة تقاسم الغنائم، عندها يتحول أصحاب المبادئ في الكلام، الى طلاّب مصالح في الواقع، كما يتحوّل التنظير المثالي المسلفن بالاخلاق الى سلوك منحرف، وتتحول الأيديولوجيا المثالية التي تطلق من بطون الكتب الى اختبارات ميدانية فاشلة وشعارات واهية،كما يتصورها "ماكيافيلي"على القائد السياسي أن يستخدم كل الوسائل للتغلب على خصومه وبلوغ غايته، وعليه أن يعرف كيف يخضع الناس لسلطته بالقانون والقوة معا  "ولهذا اعتقد العدد الكبير بهذه المقول ويعمل عليها ،  أن اجتماع الأخلاق بالسياسة  اليوم لا يتجاوز على مستوى الصياغة اللغوية فقط، وفي الواقع  يرفض الساسة بعضهما البعض، بل يصلون الى درجة التنافر والتضاد. وإن كان هناك تأثير فهو للسياسة على أخلاق عند ممارسيها، وهذا تصور تصدقه ممارسات الكثير من السياسيين الذين كانوا يجعلون من الأخلاق مرتكزا لتعاملاتهم أو كانوا يتظاهرون بذلك وخاصة المعارضة العراقية عندما كانوا في المهجر ، فلما فتحت لهم السياسة أبوابها تكالبوا عليها فكانت تلك بداية لسياسة لا مكان فيها للأخلاق والقيم، حيث يصبح كل شيء مبررا ومستباحا لهم ،و

قد يتحجج السياسي فيها بتحقيق مصلحته أو دفع مضرة، لكنها فقط تبريرات تقوم عليها الممارسة السياسية وخصوصا في عالم الحاضر ليسهل استقطاب كل من يتصور أن الأخلاق والسياسة قد لا يجتمعان لمصلحة واحدة ،ولعل ذلك، احد أسباب انحسار الثقة بالسياسيين في الكثير من الاحيان و يطلق انيس منصور عليها “السياسة هي فن السفالة الأنيقة”، و أصبح واضحا ان الممارسة السياسية أصبحت غير مقيّدة بمبادئ اعتبارية، وان اقطابها ينقصهم الصدق الشخصي، والمهني على حد سواء وزيادة الغلوا والنفاق والمرائية وكل من يصل الى سدة الحكم، يعتمد على  اساليب غير لائقة لمهاجمة المعارضين، وبشكل منتظم.

 ويعتقد البعض منهم ان السياسة تستدعي التخلي عن القيم الاخلاقية واللجوء الى وسائل واساليب تتحرر من روابط القيم الاخلاقية لكون الاخلاق والسياسة بالنسبة لهم مفهومان متناقظان ولاعلاقة بينهما ،وحقيقة الأمر أنها ليست سوى أحابيل لالتهام المال العام القادم من دعم المسؤولين الذين يتم ضخهم في مؤسسات الدولة بالتقاسم للسلطة وياتيهم الدعم الحكومي أو من التمويل الخارجي في وقت غياب تام للمرجعية الأخلاقية السياسية؛ تلك المرجعية النبيلة التي توفر قيم التسامح والعدالة والمساواة وفصل السلطات ودولة القانون، كل ذلك تحت مظلة الدولة المدنية، التي لم يسمح بالخروج عن أخلاقها ومبادئها. ولكن شيئاً ما يحدث؛ فبينما يتم الوعد بالرخاء والأمان وتعزيز الوطنية الزائفة و يتم طرد العدالة والحريات و فقدان الاستقرار وإثارة النزاعات والحروب والصدامات على خلفيّة فكر إقصائيّ متعصّب عدائيّ النزعة تحريضيّ الخطاب وهي  جزء من أزمة السياسة البعيدة عن الاخلاقية.

 الأقوياء اليوم ما زالوا عند نواياهم وأعمالهم وسلوكهم، يمارسون القهر والظلم والقتل والإجرام، لكن بشعارات تختلف عن شعارات الديكتاتوريين والمستبدين، ووجدوا في الديمقراطية شكلاً من أشكال العمل للوصول للأهداف نفسها في الطرد والتشريد لخصومهم ، على الرغم من كونها تحمل بالظاهر والشكل، الأهداف التي يسعى إليها الضعفاء والفقراء المحكومين لذلك الصراع بين الفكر السياسي والفكر الاخلاقي و يتمثل في الصراع بين الوسيلة والغاية فتحقق الاستقرار المتمثل في تاسيس الدولة يعتبر مكسبا هاما الى المجتمع ولا يمكن ان تكون كذلك بل مجرد وسيلة لتحقيق العدالة والامن والطمانينة داخل المجتمع وبذلك يتضح ان الدولة هي مجرد وسيلة لهذه المعاني الاخلاقية وتشارك السياسة الملتزمة في ابطال الافكار والتصورات المتمثلة في النفاق بين مختلف المجتمعات للسيطرة والتوسع الذي طالما فرق الشعوب ، يبقى العدل هو الهدف الرئيسي الذي وضعته الشرائع السماوية والنظم السياسية، وأي ابتعاد عنها خطأ يجب عدم السماح به. والسياسي الحاكم عليه ان يلزم بالاخلاق قبل كل شي لادارة الدولة او المنصب  وكما يقول ابن خلدون" على القائد السياسي أن يكون القدوة للآخرين، بأن يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع غيره ، للمرور نحو تقويض المصالح والذهنيات والممارسات المؤسسة لاستبداد الفساد والتحكم والإخضاع "، وللدفع باتجاه القيم المؤسساتية التغييرية نحو الديمقراطية الحقيقية الشفافة المنشدة للمساواة والحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية وهو مطلب جماهيري ضاغط الاعتبار للقيم النبيلة للفعل السياسي كآلية لخلق الادارة الصحيحة للمجتمع.

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

223
الفيليون وزنبقة الامل في يقضتهم

الكورد الفيليون احد مكونات الشعب العراقي ويمتد سكنهم في مناطق شرق دجلة بمدنه المختلفة مثل خانقين ، مندلي ، جلولاء، زرباطية، بدرة، جصان، الكوت، على الغربي، وشيخ سعد. وانتقل الكثير منهم الى العاصمة بغداد والى البصرة والعمارة والحلة والناصرية وبقية المدن العراقية ويعيشون مع اخوانهم في مدن كوردستان العزيزة . لم يغيبوا عن الـسـاحـة الـسيـاسيـة منـذ تاسيس الدولـة العراقـية ، و كـانوا يعـملون ضمـن الحركات والاحزاب بـكل اطيـافهـا من الوطنية واليـسـاريـة والقـوميـة والدينيـة وكان لهم الحضور الفاعل وتعرضوا لحملات تهجير منظمة نفذها النظام السابق ضدهم والظلم الذي لحقهم كان عنصريا تجاوز كل الحقوق التي اقرتها الاديان السماوية والقوانين المحلية والدولية. وكانت اكبرجريمة  بشعة يندى لها التاريخ ارتكبت بحقهم من قبل النظام السابق عام 1980 عندما اقدم على تجريدهم من الجنسية العراقية ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة وتهجيرهم الى ايران بحجة تبعيتهم وسجن وتغييب قرابة 20 الف من شبابهم و ما زالت ازمتهم  تكشف لنا عن مزيد من الحقائق والغرائب التي صنعها النظام البعثي بحق الشعب العراقي وطمسها المتسترون على جرائمه ويحلمون بعودتهم ومن بين ضحايا هذا النظام كان الكورد الفيليون حيث نالهم ما نالهم من ظلم والتعسف،ما يطلبه المواطن الفيلي اليوم حياة كريمة بعد زوال تلك الفترة المظلمة وانبعاث النظام الحالي بكل معايبه وسلبياته وهو حق من حقوقه وواجب من واجبات الدولة الاساسية تجاه هذا المكون في تحقيقه  والاهتمام بمصاديق مبدأ الكرامة الإنسانية ومتابعة تنفيذ هذا المبدأ من قبل السلطات الثلاث وتقع المسؤولية ايضاً على من يتحرك بأسمهم دون ان يقدم لهم مايستحقون و هم يبحثون عن الأمان من شر الانفس التي تبحث عن الانا مع الاسف ، لنيل متعلقات حياتهم التي تتطلبها المواطنة وتطلق ٍ على أي شخصٍ يقيم ضمن حدود دولةٍ معيَّنة وأن ينعم بالطمأنينة و الحيوية و النشاط و الأمل في مستقبل أفضل، و بناء الذات وفقاً للقيم الروحية، و تنمية طاقاته الاجتماعية، و التمتع بحياة آمنة و هانئة، ويستفيد من امتيازات المواطنين فيها، ويتمتع بكافة الحقوق الاجتماعية والسياسية و بالنتاجات والحصيلة الناتجة عن التنمية الثقافية و التقدم العلمي، و المشاركة في الحياة الثقافية، و الحماية المتوازنة لمختلف جوانب الثقافة وتوفير الأمان على دينهم ونفسهم وعرضهم ومالهم وهم يبحثون عن أهم المتطلبات الاساسية  للحياة فلا يبيت احدهم وهو عاجز عن توفير مايلزمه العيش و تتفتح أزهار الكرامة وأقحوان العدالة والمساواة ويكتمل بزوغ فجر انتظره ،ابنائهم وناسهم ممن ضحوا بفلذات اكبادهم ،دماءاً وأرواحاً؟ بدل ان تسرق وتدجن في الظلام بعيدا عن آمالهم وفي التعامل وان لا تتم عرقلة او المماطلة في مراجعتهم للجهات الحكومية كونهم مواطنين يتعامل معه الجميع بالنظام والقانون عموماً، يعتبر حق تقرير المصير حقا جماعيا وليس فرديا. بمعنى أن هذا الحق لا يمكن أن يمارس فقط من خلال فرد واحد أو مجموعة أفراد اسماً . بل هو خاص بعدد كبير من الناس توجد بينهم روابط مشتركة، مثل لغة، تاريخ، ثقافة المشتركة وهذا مايربط هذا المكون مع اخوانهم من الكورد بشكل عام وهم لا محال جزء منهم وفك جميع العقد السياسية والمذهبية فيما بينهم والانصياع لقضيتهم  الاساسية و من حق المرأة أن تتمتع ببرامج و تسهيلات السلامة و العلاجية الملائمة، و التعليم و الإستشارات بما يكفل لها تأمين السلامة الجسدية والنّفسية في الحياة الفردية والأسرية والاجتماعية علي مختلف مراحل الحياة ،

وان يتعامل معهم رجال الدولة دون امتيازات باعتبارهم اصحاب حق وواجب عليهم الاهتمام ومعالجة قضاياهم ، بالعدل والمساواة بين مواطنيهم في جميع الحقوق والواجبات وأن لا تضيع حقوقهم ولا يكون هناك من هو قوي يأخذ حق الضعيف منهم، المكون الفيلي يريد حياة بعيدا عن من سرق حقه من السياسيين والمسؤولين وانفلت الزمن واحتراق في افران سياساتهم والذين عبثوا بأموال الشعب وجعلوا من تضحيات ابناء هذا المكون رخيصة الثمن بل لا ذكر لها مطلقاً في قواميسهم. وهذا المكون في امس الحاجة الى قيادة حكيمة تمثلهم  تعمل وفق مصالحهم السياسية والحفاظ على هويتهم الاصيلة  خالية من جميع العقد والأمراض النفسية والإجتماعية كالأنانية و العشائرية و الدينية و المناطقية، وتكون على علم ودراية عميقة بتاريخهم  و بكيفية صنع القرار ومن يصنعه وينفذه، وما هي مكانتهم، وكيف يمكن التأثير على الاخرين، والتعامل معهم، والجلوس مع القوى المنفذة القوية والاعتماد على الاعلام  لأهمية ودوره المحوري وقوة تأثيره على الرأي العام الداخلي والخارجي، بشخصيات ووجوه جديدة فعالة و ان في الاتحاد قوة ويجب العمل جيمعا في سبيل هدف واحد ، وان اصرار البعض من الذين يتشبثون بقضيتهم ولايقدموا لهم اية مقوم يذكر وترك الخلافات والامور الشخصية ، سماع صوت العقل والمنطق من اصحاب القرار الخيرين للمضي قدما بالرسالة الانسانية وللتأسيس للدفاع عن مظلومية هذا المكون والمأساة التي هم فيها في ظل ترشيح من يناسبهم لتمثيلهم في مجلس النواب في الانتخابات القادمة المزمع اجرائها في الاشهر القادمة وحق اخـتـيـــار الـنخـب والـــشخــصـيـــات المناسبة للمضي قدماً في بناء مستقبلهم والدفاع عن مصالحهم .

عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي فيلي

 

224
العدالة....بين مفهوم الدولة والمواطنة

ان الارتهان للقانون والعدالة، هو رفض  لاستحواذ المسؤولين على السلطة والقرار لوحدهم ولا ينفصل عن فكرة الحقوق وازالة الحواجز ، بل بالمشاركة الجماهيرية في اصدارها وخاصة الحيوية منها واختيار المشاريع التي تهم البلد وتشجع الامكانيات الداخلية المتفكرة والمدبرة والميسرة ليكون الشأن عمومي في المسؤولية الفاعلة ومن ذوي الاختصاص ويكرس اسس المواطنة الحقة على مستوى الحقوق والواجبات، وتتسم علاقة العدالة كمؤسسة، بالسياسة كممارسة، بالصراع ونزوع نحو الهيمنة. وهو تأثير ناتج، بالأساس، عن ارتباك وغموض عند المختصين، لترامي “جبروت السلطة العمومية “على “قداسة العدالة وأولوية القانون”، من جهة ثانية. وتتحول هذه العلاقة ، خاصة في الأنظمة التحكمية واللاديموقراطية، الى علاقة الحاق و تبعية، تشتغل من خلالها المؤسسة القضائية بتوجيهات و إملاءات السلطة السياسية ، كما ترتبط فكرة الحقوق والحريات تاريخيا بالدولة القانونية التي تلتزم سلطاتها المختلفة باتباع قواعد قانونية عامة و مجردة وبالتالي، لا يمكن تصور حماية للحقوق والحريات إلا في ظل دولة القانون و ثمة علاقة عميقة تربط بين مفهوم المواطنة ومفهوم العدالة السياسية في السلطة والمجتمع. إذ إن المواطنة تأخذ أبعادها الحقيقية في الفضاء الاجتماعي، حينما تتحقق العدالة السياسية وتزول عوامل التمييز والإقصاء والتهميش، وتتحقق العدالة بتعميق مفهوم المواطنة في نفوس وعقول أبناء المجتمع. أما إذا غابت العدالة السياسية، وساد الاستبداد السياسي، وبرزت مظاهر الإقصاء والتهميش، فإن مقولة المواطنة هنا تكون في جوهرها تمويهاً لهذا الواقع وخداعاً لأبناء الوطن والمجتمع ويجب ان يكون مبدأ العدالة هو الهدف الأسمى الذي تسعى العقولة السياسية إلى تحقيقه، كما يمثل الهدف الثابت والقيمة العليا للنظام السياسي وعكس ذاك لم يعد للحكومة والدولة مصداقية في وجودها وقال سبحانه وتعالى في كتابه : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل/ 90) ، ومن الوصايا السياسية المهمة التي تناولت العدل كركن مهم في إدارة الشؤون العامة للبلد ما روي من وصيّة علي (ع) لعمر بن الخطاب رضوان الله تعالى عليه إذ قال له علي (ع): ثلاث إن حفظتهن وعملت بهنَّ كفتك ما سواهن وإن تركتهن لم ينفعك شيء سواهن ، إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود، فهذه الأسس التي بيّنها امير المؤمنين علي (ع) تُعدّ في كافّة الأزمنة دعامة السلطة السياسية، وبها يتقوّم كيان الدولة. فالعدل وسيادة القانون ضمانة قوية ووثيقة أمان للحاكم والمحكوم في استمرار الحياة السياسية وتكاملها.

 ينبغي من الدول المختلفة أن تصمم وتعدّ خطط عمل وطنية تعزز التنوع والمساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومشاركة الجميع. وينبغي أن تهدف هذه الخطط إلى تهيئة الظروف للجميع من أجل المشاركة الفعالة في صنع القرار وإعمال الحقوق المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية في جميع مجالات الحياة على أساس عدم التمييز، وذلك باتباع وسائل شتى من بينها الإجراءات والاستراتيجيات التصحيحية أو الإيجابية.

العدالة في أبسط مفاهيمها تعني العدل في إصدار الأحكام وعدم المحاباة والتحيّز لشيء معيّن. وكلمة عدالة اصطلاح ساد في الفقه السياسي في مختلف مراحله، وهي بمعنى وظيفي ومعنى نظامي: أوّلاً: فالعدالة النظامية تلك المجموعة من القواعد والنصوص التي تحكم النظام القضائي بحيث يكون أداة لتمكين مرفق العدالة. ثانياً: العدالة الوظيفية: بمعنى أنّ العدالة تصير إحدى الأهداف أو المهام التي تسعى الجماعة السياسية إلى تحقيقها، وبحيث تمثل هدفاً ثابتاً للنظام السياسي. فالعدالة: كوظيفة، أو بمعنى أدقّ كهدف وقيمة، يجب أن يسعى إلى تحقيق نظام سياسي، تمثّل الجوانب المختلفة للعدالة كمبدأ سياسي فيه كحقيقة حضارية، لأنّها تعبر عن حضارة معيّنة، وقد تعبّر عن ذاتية فردية، كما أنّها بحكم طبيعتها تفترض الحياد، وهي في أبسط معانيها تعني إعطاء كل ذي حقّ حقّه.

لا شك إن وجود مبادئ أساسية يقوم عليها اي نظام سياسي معاصر لأي دولة لتشكل ضمانة حقيقية لحماية الحقوق والحريات وفي مقدمة هذه المباديء مبدا سيادة القانون واستقلال القضاء. ولكن النصوص الدستورية في كثير من الاحيان لا تفي بالغرض المطلوب علي هذه المبادئ في حماية الحقوق والحريات ولذا لا بد من مرتكزات تقوم عليها هذه المبادئ وهو ما يتم تنظيمه من قبل المشرعين الذين همهم العدالة باعتماد تدابير فعالة ومناسبة لضمان المساواة أمام القانون، خاصة فيما يتعلق بالتمتع بحق المساواة وجميع الأديان متفقة علي أن نهاية هذه المسيرة التاريخية العظيمة سوف تكون لها نهاية مفعمة بالأمل في حال تحقق هذه العدالة  وخلق زمن استقرار و تكريس المفهوم بشكل كامل. جاء في الدعاء بعد زيارة آل ياسين الشريفة: «يملأ الله به الأرض قسطاً و عدلاً - أو عدلاً و قسطاً، و التعبير مختلف في مواضع عدة - كما ملئت ظلماً و جوراً ،والعدالة يجب أن تتحول إلي خطاب نخبوي و يجب أن تتابع هذه المسألة و لا تترك بدون حلول  فالأرضية واسعة و الحاجة شديدة، في جميع جوانب هذه الحاجة وتكون ملموسة وحصيلة قيّمة و الحاجة إليها شديدة ماسّة. ومن اللازم بعد ذلك الاستفادة من الخبراء في العالم ومن البلدان الأخري خبرةً ليمدّوا يد العون للوصول به إلي غايته.

ويجب ان يكون مبدأ العدالة هو الهدف الأسمى الذي تسعى االعقولة السياسية إلى تحقيقه، كما يمثل الهدف الثابت والقيمة العليا للنظام السياسي، فهذه الأسس التي بيّنها علي (ع) تُعدّ في كافّة الأزمنة دعامة السلطة السياسية، وبها يتقوّم كيان الدولة. فالعدل وسيادة القانون ضمانة قوية ووثيقة أمان للحاكم والمحكوم في استمرار الحياة السياسية وتكاملها،

العدالة مبدأ اساسي من مبادئ التعايش داخل الامم وفيما بينها والذي يتحقق في ظل دولة تحترم دستورها وقوانينها وتوفير الحياة الكريمة لكافة المواطنيين وتعمل على تحقيق المساواة وتوفير الحاجات الضرورية وازالة الحواجز بسبب الدين والمذهب والجنس والعرق والانتماء الثقافي للنهوض بالعدالة وما يضمن الالتزام والوفاء بها و يدعو جون رولس بـ"نظرية العقد". وتكمن الجوانب الإيجابية لمصطلح العقد في أن مبادئ العدالة يمكن تحقيقها، مثل تلك المبادئ التي يختارها أشخاص راشدون، عاقلون، وعلى هذه الطريقة يمكن شرحها وتبريرها بتصور العدالة .

 إن المجتمع الذي يلبي مبادئ العدالة باعتبارها نزاهة، يقترب من المثل الأعلى للمجتمع، القائم على مخطط طوعي، بالدرجة الممكنة، لأنه قائم على المبادئ التي يجب أن يأخذ بها أشخاص أحرار ومتساوون في ظروف ومواقف عادلة ، وبهذا المعنى فإن أفراد المجتمع يتمتعون بإدارة ذاتية، ويأخذون بواجباتهم التي يدركونها بصورة طوعية.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

225
التسامح مفهوم قيمي للعيش السليم

كم نحن في حاجة وضرورية إلى التسامح لكونها زينة الدنيا وميراث الارتقاء وهي كلمة تستخدم للاشارة الى الممارسات الجماعية والفردية التي تقضي بنبذ التطرف او ملاحقة و كم من هناك من يعتمدها بطريقة مخالفة ولا توافق المرء وهو نقيض التعصب والتشدد الديني والسياسي لانه يعمق الديمقراطية ويبرز جميع الآراء، ويعطى للشعب أن يشارك وبقوة، وذلك لأنه يعلم أن هذا المبدأ هو أساسى ومهم، فالحريات الثلاث التى ترتبط بالتفكير والتعبير والتدبير إنما تنطوى على التسامح مع المعارضة السياسية، أو مع الآخر المختلف فى التوجهات والاتجاهات والفكري ويعني آداب الحوار والتخاطب وعدم التعصب للأفكار، ويدفع الى الحوار مع الآخر والتعاون بين النخب السياسية والوطنية فيما بين لبناء البلدان وإثراء المحتوى المعرفي والثقافي للتسامح ومناقشة دور قيمه في تحقيق التلاحم المجتمعي وانقاذ البشرية وتوحد أصحاب الأديان التي لا تدعو إلأ بالخير للبشرية والتماسك الإنساني، وتصحيح المفاهيم، ضد الذين يغالون  و قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً...)، «سورة البقرة: الآية 208»لمواجهة وتفكيك الفكر المتطرف والغلو الديني والسياسية والتشدد ومحاربة الإرهاب مثلما هي الآن في عصر العولمة، والذي يعني تقارب الشعوب واختلاطها، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، عبر الاقتصاد والاجتماع، وتطور أدوات التواصل الاجتماعي، والتسامح مفهوم يعني العفو عند المقدرة وعدم رد الاساءة بالاساءة والترفع عن الصغائر والسمو بالنفس البشرية الى مرتبة اخلاقية عالية وأكّدت دراسات قام بها علماء النفس من أنّ الذي تعوّد على التسامح يكتسب مناعة مع مرور الزمن فلا يحدث له أي توتر نفسي، أو ارتفاع في السكري أو ضغط الدم، واتّضح من خلال الدراسة كذلك أنّ العفو والتسامح يجنِّبا صاحبهما الكثير من الأحلام المزعجة والقلق والتوتر الذي يُسبِّبه التفكير المستمر في الرد على مَن أساء إليه أو الإنتقام منه وهو كمفهوم اخلاقي اجتماعي يعتبر أحد المبادئ الإنسانية وما نعنيه هو مبدأ التسامح الإنساني كما أن التسامح في دين الإسلام يعني نسيان الماضي المؤلم بكامل ارادتنا، وهو أيضاً التخلي عن رغبتنا في إيذاء الآخرين لأي سبب قد حدث في الماضي وهو رغبة قوية في أن نفتح أعيننا لرؤية مزايا الناس بدلا من أن نحكم عليهم ونحاكمهم أو ندين أحد منهم،وكذلك شعور بالرحمة والتعاطف والحنان وكل هذا موجود في قلوبنا ومهم لنا ولهذا العالم من حولنا.  تكون نفوسنا عظيمة كتلك النفوس،صافية شفافة لا تعرف الأحقاد،كالزجاجة تشف عما بداخلها،لأنها لا تحوي سوى الحب والإخلاص،تلك النفوس حقا هي التي تستحق أن تقدر وتحترم،فهي تأسر القلوب بسرعة ولأول وهلة،لأنها صدقت مع الله ثم مع نفسها فصدقت بالتالي مع خلقه،وآية التسامح في قوله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (فصلت/ 34)، تشمل هذا المبدأ، في عدم استواء السيِّئة والحسنة، وسيكون قادراً على ممارسة سلوك التسامح*،يقول الشاعر:

سامح صديقَكَ إن زلّت به قَدَمٌ **** ليس يسلمُ إنسانٌ من الزّللِ
كما لاحظت دراسات علم النفس الإجتماعي وأنماط الشخصية، أنّ التسامح من ملامح الشخصية السوية التي تملك نظرة إيجابية للحياة، أمّا الشخصيات التي تُعاني من اضطراب كـ(الشخصية السيكوباتيّة)، فهي لا تعرف الحبّ والرحمة والتسامح، ولذلك ترى صاحبها نصّاباً، محتالاً، مخادعاً، لا يحترم القوانين والأعراف والتقاليد، وليس لديه ولاء إلا لملذّاته.
ومن هنا كان اليوم العالمي للتسامح كما اقره  المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، باريس عام  1995" الاحتفال باليوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل سنة كيوم دولي للتسامح وذلك عن طريق تنظيم أنشطة وبرامج خاصة لنشر رسالة التسامح بين مواطنيها، بالتعاون مع المؤسسات التربوية والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية ووسائل الإعلام في كل منطقة" للتعبير عن رغبة أممية وإنسانية في السلم والاستقرار، ومواجهة المشكلات العالمية بالتضامن والتعاون وصناعة الأمل للأجيال القادمة، ويأتي ذلك استنادا إلى الدروس والتجارب المأساوية في القرن العشرين ، ومن الصراعات الكثيرة في الوقت الحاضر.  إنَّ قيم التسامح والتفاهم المتبادل مُتأصِّلة بقوة في ميثاق الأمم المتحدة أننا "نحن شعوب الأمم المتحدة، وقد آلينا في أنفسنا أن ننقد الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره... وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا أن نأخذ أنفسنا بالتسامح وأن نعيش معا في سلام وحسن جوار".وفي القوانين الدولية، إلا أنها تواجه اختبارات عميقة في جميع أنحاء العالم؛ حيث نرى استمرار التطرف واستهداف الأشخاص بسبب معتقداتهم وتقاليدهم، واستمرار الكثير من النزاعات المسلحة ذات الأبعاد الطائفية. لم تعد حل النزاعات الدينية مهمة وطنية أو مهمة دولة وشعب، إنما مهمة العالم كافة، بمعنى أن يحصل التّعاون والأخذ بالتّجارب في هذا الشأن، فلكلّ دولة وشعب تجربتُه، بما تقرّه ديانته وتقاليده.

في امكان التسامح وحده ان يضمن بقاء المجتمعات المختلفة في كل منطقة من مناطق العالم. و في تعزيز التسامح باعتباره مسألة تتعلق بهويتها الأساسية، ويجب علينا التمسك بقيمه ، ونشجع العالم عليها. و أن فكر التسامح والحوار يعد من أبرز قيم ومبادئ السلام الراسخة في المجتمع العماني، فضلا عن كونه أسلوب حياة وممارسة يومية يمارسها الجميع ، لذا تعمل المنظمات العالمية  على تعزيز الحوار بين الأديان لتعزيز التسامح الديني والتفاهم المتبادل والتعايش السلمي على المستوى العالمي ، و تدعو العالم إلى تبني نظام أخلاقي عالمي يعزز التفاهم المشترك والتعايش السلمي وكم هي عظيمة تلك النفوس المتسامحة التي تنسى إساءة من حولها لانه مفهوم قيمي للعيش السليم،وتظل تبتلع حماقاتهم، وأخطائهم، لا لشيء سوى أنها تحبهم حبا صادقا يجعلها تعطف على حماقاتهم تلك،وتضع في اعتبارها أنه لا يوجد إنسان معدوم الخير،ولكن يحتاج إلى مخلص يبحث عن ذلك الخير، فهي تعذرهم ،لأنها تضع في اعتبارها أن من يسيء لغيره قد يعيش ظروفا صعبة أدت به أن يسيء لمن حوله، لكنه لايجد من يعذره ويتسامح عن زلته..

إن المجتمعات التي يسودها التراحم والتسامح والتعايش لا تسمح بانتشار الافكار المتطرفة فيها، وإن العالم في أمس الحاجة الآن إلى التماسك الإنساني، وتصحيح المفاهيم، ضد الذين يصلون إلى درجة الغلو والتطرف في  السياسة والدين، أن الحوارات  يجب أن تكون على المستوى الأخلاقي والمعاملات، وأن يكون قائماً على مبدأ العيش المشترك، القائم على ثقافة التسامح، وهو الذي يدخل البشرية في أصلها الأول في التعاون والتعامل، والتقيد بأدب الحوار والمناظرة، بعيداً عن التعصب، والإلمام بالموضوع محل الحوار، وقابلية الموضوع للجدل فيه أصلاً، فلا يكون من البديهيات والمسلَّمات

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

226
الاغتراب .. وعي الأزمة هو جزء من حلِّه

ليس من السهولة ان يترك الانسان واقعة الى مكان اخرى او مع ذاته وباحثاً عن حياة جديدة و ينفصل فيها الفرد عن المجتمع والثقافة،وتسمى الاغتراب وتعني صراع الفرد مع أبعاد وجوده وشُعُورُ الانسان بِالضَّيَاعِ وَالاسْتِلابِ ،، مع الشعور بالغربة وما يصاحبها من خوف وقلق، وهو يمثل تعبيرًا إنسانيًّا عن معاناة وجودية ذات أبعاد نفسية واجتماعية، من مظاهرها الهوة الفكرية والاستلاب القيمي وآثارهما في عزل الإنسان عن نفسه ومجتمع ، يظهر عند الفرد الذي لا يكون لديه وضوح فيما يعتقد، وكذلك عدم توفر المستويات الدنيا من الوضوح في اتخاذ القرار، و المغترب نفسيًّا يتسم بالتوقع المنخفض لإمكانية القيام بأية نشاطات أو سلوك، وذلك خوفًا من نتائج مريرة سابقة.

كذلك فإن لدى المغترب نفسيًّا عدم استبصار بالأهداف الاجتماعية، لأن لديه قناعة بأن ما يسعى إليه المجتمع في الوقت الحاضر من أهداف تتعارض مع القيم الإنسانية وتعاليم الدين ، فيصبح الفرد مفتقرًا لمرشد أو موجه لسلوكه ، ويتعمق الإحساس لديه بالفراغ الهائل نتيجة لعدم توفر أهداف أساسية تعطي معنى لحياته ويستثمر فيها قدراته، وتعرف هذه الحالة السيكو اجتماعيّة المسيطرة بشكلٍ تام على الفرد، بحيث تحوّله إلى شخصٍ غريبٍ ومن الطبيعي ان روح المغترب ھو الذي يكون وعيه ذات طبيعة منقسمة ومزدوجة ومجرد كائن متضاد وبعيد عن بعض النواحي الاجتماعيّة في واقعه.

 وتسيطر فكرة الاغتراب في الوقت الراهن على تاريخ الفكر الاجتماعي ،اواضطرار بفعل اليأس إلى الانشغال بتدبير شؤونه الخاصّة، والصراع فيه مع القوى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتحديد موقفه التاريخي مما يدور حوله، ويكون مغتربا ً عن ھذا الموقف لأنه لا يتحقق، فيبقى الإنسان مستھلكا ً مسلوب الذات ويفكر في تحسين أوضاعه المعيشية الماديّة بشرط ان لا يكون على  حساب كرامته وإنسانيته وطاقاته الإبداعية، الاغتراب له أبعاد متعددة؛ نفسية واجتماعية ووجودية، وتزداد حدته ومجالات انتشاره كلما توافرت العوامل والأسباب المهيأة للشعور بذلك، والإنسان عندما يغترب نفسيًّا، واجتماعيًّا ووجوديًّا، فهو لا يملك سوى ذاته يتمركز حولها ويلتصق بها، ونتيجة ذلك أن يعجز الإنسان عن استثمار طاقاته وقدراته ومواهبه، وبالتالي لن يستطع تحقيق ذاته ، ويتم عادةً التمييز بين أشكال متعددة من الاغتراب، لكن من أهمها الاغتراب الذاتي والاغتراب الاجتماعي. فالاغتراب الذاتي هو انتقال الصراع بين الذات والآخر من المسرح الخارجي إلى النفس الإنسانية، وهو اضطراب في العلاقة التي تهدف إلى التوفيق بين مطالب الفرد وحاجاته ورغباته من ناحية، وبين الواقع وأبعاده من ناحية أخرى، إنه نوع من الخبرة والتجربة التي يجد فيها الإنسان نفسه كغريب، فالشخص المغترب نفسيًّا هو إنسان فقد اتصاله بنفسه وبالآخرين.

ويمكننا وصف مفھوم الاغتراب بأنه صراع الإنسان مع أبعاد وجوده وان المنطلق النفسي والاجتماعي في تحديد مفھوم الاغتراب كان يدور في إطار العزلة واللاجدوى، وانعدام المغزى الذي يشكل" نمطا ً من التجربة يعيش الإنسان فيھا كشيء غريب، ويصبح غريبا ً حتى عن نفسه ، والمقصود بالاغتراب عن النفس ھو افتقاد المغزى الذاتي والجوھري للعمل الذي يؤديه الإنسان وما يصاحبه من شعور بالفخر والرضا، وبديھي أن اختفاء ھذه المزايا من العمل الحديث ويخلق شعورا ً بالاغتراب عن النفس،.اما معاني الاغتراب:كما يلي

1-الاغتراب بمعنى الانفصال بين الذات والواقع (وحتى، أيضا ً، شعور الإنسان باختلاف ذاتھ عن الآخرين)، وافتقاد الإحساس بالعلاقة بينھما؛ ومن بعدُ انعدام الشعور بالقدرة على تبديل الواقع، ثم افتقاد القدرة على اكتشاف المغزى والعبرة القيمية من الحياة.

2-لاغتراب بمعنى تلاشي المعاييروالعزلة النفسية عن المجتمع، ثقافيا ً وحياتيا ً؛ ومن بعدُ الاغتراب عن الذات.

3- أما الاغتراب لغوياً فھو يعبِّر عن حرمان الإنسان من أشياء يحبھا، أو عن ابتعاده عن شيء أو شخص يرغبه أو يحبه بطبيعته أو غريزته؛ وھو تعبير عن ضياع وافتقاد ھذا الشيء.

الاغتراب على المستوى الاجتماعي: ھيجل يھتم بالاغتراب عن الذات على مستوى الأسرة والمستوى السياسي، والمستوى الاقتصادي، وھيجل وھو بصدد تحليله لوضع الأسرة وعلاقه بالاغتراب، فإن الأسرة كانت متحققة بتمامھا في الجماعة، وكانت الجماعة متحققة بتمامھا في الأسرة، وھو بذلك يريد أن يقول أن الوعي الذاتي عندما يعمل تارة من أجل الدولة، وتارة أخرى من أجل الأسرة فإنه حينئذ يحقق فعلا جماعيا حينا، وفعلا فرديا حينا آخر دون أن ينجح في تحقيق أي امتزاج بين ھذين الفعلين، ويعزو ھيجل لھذا النمط من الصراع الكامن في الفعل القضاء على الفرد، وبالتالي القضاء على الجماعة نفسھا في مجتمع المدينة وتحقيق اغتراب الخضوع، الذي يترتب عليه بالضرورة اغتراب الانفصال. على اي حال على الرغم من تشاؤم فروم عمومًا، فقد آمن بقدرة الإنسان الفرد على صنع حياته ومصيره والتأثير في مجتمعه وتغييره إلى حدٍّ ما ، غير أن إرادة التغيير لا تكفي لصنع التغيير، بل لا بدَّ من الوعي بالذات والتصعيد  والتحول إلى الإنتاج ، بما يتيح إمكانات للانتصار على الاغتراب، مع التأكيد على الجانب النفسي عند الأفراد ، و أن وعي الأزمة هو جزء من حلِّه .

عبد الخالق الفلاح  - باحث واعلامي

 

227
من مقصلة الفساد الى سوء التخطيط

عرف العراقيون بشكل يقين الان ان  بلدهم الذي استباحته ودمرته الديكتاتورية والحروب المهولة المتلاحقة والحصار والاحتلال ومن ثم الحكومات المتعاقبة التي حكمته بعد عام 2003. لا يتمكّن من استعادة مكانته ودوره الدولي و الاقليمي بهذه البساطة والسهولة في ظل حكومة ضعيفة عاجزة لا تستطيع توفير لقمة العيش للمواطن البسيط رغم كل الخيرات والقدرات والكفاءات الموجود لديه لغياب الاسس الصحيحة للادارة ،و من خلال وضع اسس صحيحة لأن غياب التخطيط يؤدي إلى التخبط والعشوائية في اتخاذ القرارات والتي تكون غير مدروسة، وبالتالي فإنها تنعكس سلبيا على الإنفاق والأداء الاقتصادي بشكل عام ، ومن هنا تأتي أهمية التخطيط العلمي المدروس وأخذ آراء العقول المتخصصة من قبل الحكومة ومجلس النواب العراقي الذي يفتقر لها وإمكانياتهم وقدراتهم في الاعتبار عند وضع الخطط ، حتى تتحقق الأهداف المرسومة، وتسهم بالفعل في الإسراع بعملية التنمية بالدولة، من خلال الأجهزة والجهات المختصة واستراتجيات تتضمن كافة العناصر التي تشكل الاقتصاد الوطني وإن كان للقطاع العام الدور الأكبر في أية خطة ، فإن للقطاع الخاص والجماعات والعائلة والأفراد أدوارا لا تقل أهمية وتتضمن كذلك تحليل واقع العجز والدين مع التركيز على اجراءات السياستين النقدية والمالية المتخذة اتجاه العجز في الموازنات العامة  ، ومن ثم تحليل الاليات التي مولت هذا العجز وخلال فترتين،الاولى للمدة 1990-2003 والثاني 2004-2019 م التحليل المفصل لأثر هذه الاليات على المتغيرات النقدية في العراق ، و التركيز على اهمية التنسيق بين السياسة النقدية والسياسة المالية وخاصة في ظل الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي والتي كان يجب الاخذ به قبل الوقوع في هذه الازمة  ،و ترى ان المسؤول بدون مبالاة يصرح بكل صلافة ان العجز الحالي هو عجز مؤقت رغم احراج المواطن امام عائلته وهتك حرمته ، كيف يكون العجزبسيطا ولا يستطيع تمويل رواتب الموظفين الذي تأخرت الحكومة في دفعها أكثر من 46 يوما.. طيب اين الفائض في ألأقتصاد الذي يحجز جزء من الدخل القومي لحين ان تضطر اليه الدول لسداد عجزها مثلما الزمت الدول بتكوين فوائض في موازناتها للسنوات لسداد المديونية القادمة ، ونحن وبلدنا يعتمد على  النفط فان الفائض الذي  يتحقق نتيجة ارتفاع اسعار النفط ، في هذه الحالة ، ويكون حجم ألأنفاق بمستواه .

 ان ألأيرادات في ألأقتصاد ألأعتيادي تعكس مستوى ألأنتاج و التشغيل وهي متناسبة مع بقية متغيرات ألأقتصاد الكلي و عليه ينظر الى العجز أو الفائض بأنه تجاوز للتناسب الذي يحفظ ألأستقرار. و لكن في ألأقتصاد النفطي ليس للأيرادات هذه الدلالة فيتطلب ألأمر معايير الاخرى بالعقلنه في المالية العامة،و خاصة العراق من البلدان التي تعاني من العجز الشديد في موازنته العامة ؛ بسبب النفقات العسكرية  والخدمية ،مع انخفاض اسعار النفط ،وهذا يتطلب تخفيض الانفاق الحكومي والبحث عن مصادر تمويلية ، واتباع الاليات  الحديثة من اجل تخفيض العجز في الموازنة الحكومية  مع الاخذ بأهمية الاثار المترتبة على المتغيرات النقدية.  الا يرى هذا النائب المسؤول ان كرامة المواطن الذي يعتاش على راتبه مهدورة و مهددة نتيجة القروض التي تثقل كاهله وكاهل الاجيال القادمة اين هي الحكومة من التخطيط المبكر لكي لا يقع المواطن بكل سهولة في فخ العوز هل هكذا ينظر الى المواطنة من خلال المناكفات والمنازعات والتصارع على المزايدات من اجل الكسب لكتلة وحزب وعشيرة المسؤول. وقد ينفجر المواطن العراقي من شدة البؤس المتعاظم والعجز والفشل والتسيب على كل المستويات، من الكمّ الهائل من البشر الذين تنبذهم دورة النهب هذه،التي قادتها كتل صغيرة، مذهبية ومناطقية وقبلية، وبأجنحة حامية. اخرى ، وكأن البائسون ليسوا من مذاهبهم ولا من عشائرهم ولا من مناطقهم لا بل ليسوا من منطقة من مناطق العراق بعينه ولا هم الأغلبية التي لا تجد عملاً، والأغلبية الساحقة المحرومة من الخدمات الإنسانية الأساسية: التعليم والصحة والسكن والكهرباء و.. الأمان.ولا يشكون المواطن فحسب من سوء الادارة فقط انما من كيفية التقاسم  رجال السلطة السرقات المنهوبة وأحجامها، وباب للنزاع الدائم على النِسب، الرجراجة المستمرة وتوضع القوانين حسب تلك النسب واخرها قانون الاقتراض الذي اصدره مجلس النواب  و يتيح للحكومة اقتراض نحو 18 مليار دولار من الداخل والخارج، من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الأجنبية لتمويل النفقات العامة لسد العجز المالي في البلاد بعد مشاورات طويلة مع الحكومة على حساب المواطن الذي يدير الدولة من اجل خدمة الوطن والحصول على لقمة خبز لعياله ، وان القانون وضع على اساس لإطلاق النهب الصريح الذي يستند إلى منطق المحاصصة نفسه، ويعمِّم الفساد بواسطته. ان ظاهرة  العجزفي الموازنة  قد رافقت موازنات كل السنوات السابقة لحد أصبح فيها من بديهيات السياسة المالية للحكومات المتعاقبة، ويمكن ملاحظة  مسودة موازنة عام 2020 كنموذج و الزيادة الحاصلة في حجم العجز المخطط، فبعد أن قدر ب 12,5 تريليون دينار في موازنة عام 2018 ونجد إن هذا الرقم قد ارتفع في تقديرات السنة المالية القادمة ليبلغ 40,8 تريليون بالرغم من ارتفاع أسعار النفط عالمياً من جديد بعد هبوطة خلال الاشهر الماضية  والذي تمثل في ارتفاع تقدير معدل سعر برميل النفط حيث بلغ 44 دولار اليوم وانا اكتب المقال بعد أن كان 46 دولار في عام 2018 مع معدل تصدير ثابت بلغ 3,300 مليون برميل يومياً، وما يمكن أن يمثله ذلك من زيادة فعلية في حجم الإيرادات النفطية للدولة لدعم الميزانية وتقليل نسبة العجز فيها والذي من المتوقع ارتفاعة اكثرويصل الى 50 دولارللبرميل الواحد خلال الشهرين القادمين .

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

 

228
منح الشهادات الدراسية بشرطها وشروطها

لاشك ان إكمال الدراسة ونيل الشهادات الجامعية الأولية والعليا، حلم كل مجتهد وباحث عن النجاح، رغم تكاليفه العالي  في الوقت الحالي ، وحجم الجهد المبذول في سبيل الوصول الى الهدف الاسمى، إلا أنها اصبحت لتحقيق الذات عند الكثير من الطلبة وغاية لتحسين الوضع الاجتماعي، وسبيل للارتقاء الوظيفي، ما دفع العديد من الباحثين عنه  للبحث عن أفضل الفرص المتاحة للحصول على الشهادات العلمية، والمهنية لتحقيق هذا الحلم ، والتوجه الى التعليم عن بعد، ما وفر الجهد والعناء والمال، وهي فرصه متاحة في الوقت الحالي اذا ما تم الاستفادة منه بالشكل السليم في ظل العالم الافتراضي الواسع، واستغلالا للوضع الراهن من اجل الحصول عليها ومستويات التعليم والتعلم يختلف والاختصاصات التي يخوضون فيها بحوثهم في الجامعات ايضاً تختلف ومستوى التربية والتعليم بدون فلسفة ولا دعم حكومي و مالي خاصة له وعدم تخلي الدولة عن مهمتها الاساسية في صناعة الانسان وجعلها سلعة يدخل فيها الربح والخسارة،

ان مجلس النواب العراقي عندما اعطى الشرعية لنفسه في اقرار قانون تعادل الشهادات والدرجات العلمية العربية والاجنبية كان قد اخطاء في فعلته الا بموافقة والتنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لان هذه الوزارة صاحبة الصلاحية في ذلك ويجب ابعاد مثل هذه الامور العلمية من المناكفات والصراعات السياسية لاصحابها لتقيم الطلبة ونيلهم الاستحقاقات العلمية المطلوبة اذا كانت النوايا هي بناء جيل مستقبلي واعي ومختص في علمه وتخصصه ومن الضرورة تقديم حلول واضحة، ومعنية لقضية الالتحاق بالجامعات، والمؤسسات التعليمية، والبرامج الأكاديمية خاصة في الدراسات العليا داخل وخارج الدولة،ويجب وضع قوانين من ذوي الاختصاص لمعادلة الشهادات وتكون ضمن الجهة الفاعلة لحماية الراغبين في الالتحاق بتلك البرامج والمؤسسات من الطامحين الساعين إلى مستقبل مشرق بأنوار العلم والمعرفة، ولحمايتهم من الاصطدام مع واقع من عدم اعتماد الشهادات من الجهة المعنية في الدولة.

 مازال العديد من المتعطشين للشهادات او المعرفة يقعون ضحايا لجهات عابثة ، لذا نتمنى من جميع المقبلين على استكمال دراساتهم المهنية والأكاديمية، عدم الانسياق خلف الاعلانات الوهمية لمثل هذه المؤسسات، والبحث والتحري عن مصداقيتها واعتماداتها قبل الالتحاق بها لكي لا يقع في الشعوربالإحباط لاحقاً، وضياع الجهد والوقت، وتكاليف الدراسة، والعمل على تقيم التمييز بين الحاصلين لا على الشهادات فقط وانما في الكفاءة والقدرة لكي لا  تجعل من الانتاج هشاً وضعيفاً وتجعل الاجيال ذات صناعة راقية اذا ما توفرت شروطه العلمية الصحيحة وتُعد اساس الصناعات كلها والتطور، وتصبح من علامات تقدم الدول ، وميزة هذه الصناعة استثمار الانسان ، بشكل سليم ويجب أن تحمل الوثائق المدلة بها  مصادقة السلطات المختصة للبلد المنتمي لها وتخص المناهج الدراسية ومقارنة البرامج التعليمية للشهادة موضوع المعادلة و للحقيقة فإننا غالبا لا نتعلم من أجل العلم ذاته وعدم الاعتداد بأي شهادة دراسية أو درجة علمية غير معادلة من الوزارة.
 أن الإسلام بنصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، يأمرنا ويحضنا على العلم؛ ونحن دوما نقول بأن أول كلمة نزلت من القرآن الكريم هي (اقرأ) في زمن ووقت لم يكن فيه العالم عموما والعرب خصوصا يهتمون كثيرا بالقراءة وأداة الكتابة مع أننا نردد هذا دوما فإننا لا نسعى وراء تحصيل العلم بإنفاق الوقت والمال لتعليق الشهادات من أجل العلم بحد ذاته انما من اجل التفاخروهذه المشكلة انتشرت بسبب الظروف العابثة التي مرت بالعراق  ووسيلة للحصول على مهنة أو وظيفة يعتاش منها–إلا قلة قليلة جدا-  ولا يفكر كثيرا بأهمية العلم من حيث هو علم في أي مجال كان، كما أن الحصول على درجة وشهادة علمية كان من أدوات الحصول على درجة في السلّم الاجتماعي والشهادة عند الكثيرين هي بمثابة جواز سفر أو بطاقة مرور إلى الحياة العملية، لأن البيئة عندنا تقوم على ذلك و الشهادات لم تعد مفتاح النجاح في الحياة بالضرورة، وأن لدينا تضخما كبيرا في أعداد المتعلمين والغير متعلمين ، مما سبب مشكلات تتراكم وتنذر بانفجار أزمات فوق ما هو مشتعل من أزمات متوالدة… …هذه حقيقة يدركها الجميع.

ان الشهادة التي يحصل عليها الشخص يجب ان تكون لها أثار في تطوير مستقبله، والارتقاء بمستوى المؤهل في سوق العمل أو في العمل الأكاديمي نفسه، فإذا كان الاعتماد يشير إلى الاعتراف الذي تمنحه الجهة المعنية للمؤسسة، بأن برامج الجامعة الأكاديمية مطابقة للمعايير المحددة والمقبولة من جهة هيئة الاعتماد، فمن هنا تأتي ضرورة توفير وتأمين أنظمة فاعلة للطلبة بما يتناسب مع معايير الارتقاء الأكاديمي التي تحددها الجهة المعنية في الدولة، وهي مفوضية الاعتماد الأكاديمي مع المؤسسات المعنية في الوزارات المعنية التعليم والجامعات ومن هنا يسعى البعض  استكمال دراساته العليا، وحصوله على شهادة ، بما يؤهله للارتقاء في عمله، أو الحصول على وظيفة أخرى مرموقة،ولكن هناك من  يذهب بأتجاه جامعات وهمية، لا علاقة لها بالعلم والتعليم، وغير ذات مصداقية، قائمة على الغش والتدليس، تسعى فقط للكسب المادي، في ضوء أن هذه أو تلك من الجامعات الخارجية صاحبة الإعلانات، ليس معترفاً بها في الدولة، وليست معتمدة من الجهات المختصة فيها والذي يؤسف له  أن تجارة الشهادات الأكاديمية الوهمية والمزورة، اتسع نطاقها في ظل تنامي تيار عولمة التعليم الجامعي، والطفرة في تقنية المعلومات والاتصالات، بالإضافة إلى طفرة وسائل التواصل الاجتماعي التي ألغت المسافات، وأسقطت الكثير من الضمانات الأمنية

وتقيم الشهادات تنحصر مهمة معادلتها الشهادات والدرجات العلمية والمهنية العربية والاجنبية بلجنة مركزية تشكل في وزارات التعليم العالي ومهمة هذه اللجنة معادلة تلك الشهادات لتي تتطلب الحصول على شهادة الدراسة الثانوية او ما يعادلها والشهادات والدرجات التي تليها، وكذلك الشهادات التي تعقب شهادة الدراسة المتوسطة ويلزم للحصول عليها سنوات دراسية المتوسطة ويلزم للحصول عليها سنوات دراسية تزيد على السنوات اللازمة للحصول على شهادة الدراسة الثانوية والشهادات التي تليها وتثبيتها وتحديد المدد الصغرى لها.إن أزمة بعض حملة الشهادات، أنهم يتقدمون للحصول عليها من منظور الوجاهة الاجتماعية، وهؤلاء ليست لهم أهداف أو طموحات للترقي، وهناك من يستكمل دراسته للحصول على شهادة عالية للترقي الوظيفي، لكن الإشكالية الأكبر في الفئة التي تعتبر هذه الشهادة بوابة التوظيف الوحيدة بالجهاز الإداري للدول ومن هذا المنطلق ربما يكون التفاوت جليّا بينهم في الثقافة .

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

alfalah1954@gmail.com


229
امريكا من ترامب الى بايدن

لعل البعض من الامور والمستحدثات سوف تكون متوقعة ولعل هناك متغيرات في زمن جوبايدن الرئيس الجديد للبيت الابيض والتي ارعب فوزه الكيان الإسرائيلي و بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات والتي اعلن عنه بالاعلام قبل الاعلان الرسمي  بفوزه وبدأت التهاني تتوالى عليه وجاءت أولى التهاني من بريطانيا ودول أوروبية وعربية وتعلن عن ازاحة ترامب انتخابياً بعد  إظهار نفسه في صورة “القائد الحكيم”، الذي رفض نصائح من يصور فيروس كورونا على أنه مجرد إنفلونزا موسمية .وتوجه نحو إلغاء القيود المفروضة على حركة الأفراد وعلى العمل في المصانع والمصالح الاقتصادية والمالية والتجارية كاشفا عن الطبيعة العنيفة للنظام الرأسمالي السائد في الولايات المتحدة ، فكيف تسكت حكومة الظل اذا كانت فعلاً موجودة من  مثل هذه التخرصات و وجهات نظره المختلة. في الاعلان عن  أن تغيير المناخ حيلة من صنع الصين، وطلبه إلى حظر دخول المسلمين إلى البلاد، وأعلن أنه سيبني جداراً على الحدود تتحمل المكسيك تكلفته،والسؤال المطروح الان  هل سيحاول الرئيس المنتخب بايدن إعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفق الطريقة التي اتبعها كنائب للرئيس في عهد باراك أوباما:ومنها  تخفيف حملة "الضغط الشديد" التي كان يشنها ترامب على إيران، والسعي إلى العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقع عام 2015 وتخلت عنه الولايات المتحدة بقرار من البيت الأبيض قبل عامين وكان بمثابة تخطٍّ حدود واعتداء على مشروع أوروبي موحد، مما جعل الأوروبيين يتخذون مواقف موحدة لان الاتفاق  كان إنجازاً ديبلوماسياً من أعلى المستويات وعمل على إنجازه الأوروبيون معاً لسنوات طويلة ، والاوروبيون كذلك مؤمنون حول القضية الاساسية للعرب فلسطين بأن العيش المشترك لدولتين تضم الكيان الاسرائيلي وفلسطين  هو السبيل الوحيد لحل الأزمة ، وهذه قناعة نمت وتطورت عبر السنوات ، ولكن ما فعله ترامب  قوَّى الموقف الإسرائيلي لدرجة لم يعد الإسرائيليون يشعرون بحاجة لحل الدولتين أصلاً.

 ومن الامور المهمة والتي كشفت الفترة الحاكمية له الكثير من الحقائق التي كانت مجهولة عند حتى الكبار من المحللين ومن اهم الامور ، الشبهة ،التي كانت تثار وتتداول من وجود حكومة ظل في امريكا و يظهر انها مقصود وظهر وبشكل قاطع ومن خلال تصرفات ترامب الهوجاء  ان هذه التسمية غير موجودة كمنظومة حاكمة في هذا البلد وظهر ترامب كقط سياسي قومي مغلوط المعلومات ومخادعاً ومراوغاً وأجوف ، و كيف طرح ترامب  موضوع التزويرفي الانتخابات والتي تسئ الى الديمقراطية والتي تقرب الولايات المتحدة الامريكية للعالم الثالث منه ، وعن عزمه اللجوء إلى المحكمة العليا الأمريكية وهو السيناريو الأكثر تشاؤما بالنسبة لهذه الانتخابات، ويخشى المراقبون من أن يؤدي رفض ترامب للنتيجة، في حالة خسارته، إلى تمديد الأزمة وزيادة الفوضى والبلبلة في الشارع وسط مخاوف من أصحاب الأعمال والمتاجر، في عدة مدن أمريكية، عبر عنها كثيرون منهم، من تعرض أعمالهم للسلب والنهب والامر الاخر والاخطر هو كيف سكت الكونغرس الأمريكي على إدانة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل رسمي على خلفية تصريحات له بشأن أربع نائبات في الكونغرس ينتمين إلى الحزب الديمقراطي وزلم يتخذ موقفاً حازما في مثل هذه القضية المهمة في ادارة بلد يدعي الديمقراطية . وقد استخدم ترامب، خلال سلسة من التغريدات عبر تويتر، لهجة عدائية وصفها النواب الديمقراطيون بأنها "عنصرية"وعلق سناتور أريزونا السابق الجمهوري جيف فليك الذي سبق أن انتقد بشدة ترامب، أن سكوت قادة الحزب ( اي الجمهوريين ) عن كلام من هذا النوع لا يمكن تبريره و قبل سنوات ثلاث وفي خضم الحملة الانتخابية الرئاسية لعام 2016 عبر دونالد ترامب، الذي كان حينها مرشح الجمهوريين للرئاسة، بوضوح عن عدم وجود "ما يخسره" تجاه الناخبين الأميركيين من أصول أفريقية.

التفاضل في المنطقة العربية من فوزبايدن فتختلف بين المرشحين الأمريكيين للرئاسة، "دونالد ترامب"، "جو بايدن"، وينبغي لنا نفرق بين الرغبتين ، فالشارع العربي من ناحية رحب بالرئيس الجديد لوسعة تجربته السياسية وهدوئه واتزانه ، عكس رغبة اكثرالأنظمة  الحاكمة من ناحية أخرى والتي غفلت من غرور وتكبر الرئيس الخاسر ، خاصة تلك الحكومات التي ابتزت من قبله والتي عقدت تحالفات قوية وصفقات بلغت المئات من المليارات الدولارات، مع الرئيس ترامب خلال فترة الاربع سنوات الماضية من حكمه ، والشارع العربي يفضلون الرئيس المنتخب بايدن الديمقراطي على الرئيس الجمهوري الخاسر ترامب  بنسبة كبيرة .

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

230
ومن العتوه ما يتشابه

أحينا نسمع كلمة المعتوه وهو الشخص الغير الطبيعي على مستوى التصرف والإدراك. وهي آفَةٌ تُوجب خللاً في العقل، فيصيرُ صاحبها مُخْتَلَطَ الكلام، فيُشبهُ بعض كلامه كلام العقلاء، وبعضهُ كلام المجانين، فاسد التدبير. وكلمة معتوه سرعان مايتبادر في ذهننا شخص غير طبيعي أو في وضع عقلي غير سليم، فمعنى هذه الكلمة توارثنها بهذه الصورة، فأصبحت كلمة معتوه كوصف يطلق على أي شخص ناقص عقليا أو جنونه يأتي ويذهب بشكل غير محدد، لكن مع الوقت الحالي أصبحت كلمة معتوه تستعمل كوصف مهين للإساءة لشخص ما.

نحن نلاحظ ان الرئيس الامريكي ينشر في تغريدات له دون حسابات القيم والاخلاق عبارت متسهجنة في توصيف مثلاً نشر فيه موظفة سابقة في البيت الأبيض وأحد أهمّ مساعديه في الحملة الانتخابية بـ”المسعورة” و”الكلبة”، ولا يتورع هذا الرئيس “المعتوه” على حد وصف مساعدة الرئيس الأمريكي السابقة “أوماروسا مانيغولت نيومان” التي فضحت للرأي العام الأمريكي الطريقة التي يُدار بها البيت الأبيض في عهد ترامب، واتّهمت رئيس أمريكا بـ”الجنون” عندما قالت “تراجع حالته العقلية أمرٌ لا يمكن إنكارُه”.

ووصف احد عضاء مجلس النواب الاردني ، رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو بـ'المعتوه' عقب تصريحاته الاخيرة بان غور الاردن ملك لاسرائيل حتى مع وجود اتفاق. وشن هجوما على النتن ياهو واصفا اياه بـ'الكذاب' وانه لا يحترم الاتفاقيات ولا المواثيق الدولية بعد تصريحاته الأخيرة التي أكد فيها بأن أية خطة لن تتضمن الانسحاب من غور الاردن، واشار الى ان النتن ياهو رجل سفاح ويداه ملوثة بدماء الأبرياء من الأطفال ، ويجب على مراكز القرارات الدولية إتخاذ موقف حازم في حق هذا 'المعتوه' والحد من 'عنجهيته' التي يتفاخر بها أمام الجميع.
وعن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، حيث قال: "رُفِعَ القلَمُ عَنْ ثلاثَةٍ: عنِ النائِمِ حتى يستيقِظَ، وعن الصبيِّ حتى يشِبَّ، وعنِ المعتوهِ حتى يعْقِلَ".

ان للحقيقة يجب ان نتجه بالمقال ونوجه للداخل العراقي وللعقلاء منهم  فهناك في تشابه بالعتوه بين الساسة الحاليين ومثل هؤلاء الذين ذكرناهم في المثلين نعم هناك تشابه وعيب كبير في عقول الكثير من الساسة في العملية السياسية العرجاء ،واكتب دون خوف او وجل من احد عن مجريات الالام والمعاناة والمستقبل المظلم الذي ينتظر لعراقنا الحبيب في المناكفات والمزايدات والصراعات على الميراث القديم والحديث لهذا البلد العظيم في التاريخ بعد ان وقع بيد من لا يرحمه فعندما يغيب القانون ومؤسسات الدول تصبح عرضة للنهب... فلن يسكت الشرفاء لحماية وطنهم وهويتهم بالوقوف بوجه كل من يتطاول عليه ويحاول المتاجرة بما يتبقى منه ونقول لقد فشلتم ايها السادة بحماية ثرواته وهويته. القضيه لم تتوقف عند شخص يستبيح الوطن ولا يحسب اي حساب لدولة وهم المتمسكين بالسلطة انتاج مجلس هزيل للاستهلاك الاعلامي وللتغطيه على سياساته وفساده ويحارب شعبه بكل الوسائل ويعاملهم كعبيد او عمال في حانات رجال السلطه الفاقده لكل انواع الثقه والهيبه ويعيشون في شريعة الغاب ،القوي يأكل الضعيف والغريب لم يحترم غربته والكل تمرد على الوطن لأكثر من سبب . و الله يستر من الفاسدين و المفسدين و السماسرة و هم للأسف في غالبيتهم ممن يوصفون بالرموز ،

تنطوي الأزمات التاريخية التي يواجهها العراق الآن على نتائج طويلة الأمد لا حدود لها ، ففي جميع ارجائه، تتعرض جماهيره إلى ضغوط قاسية تكتنفها الصراعات في أطر مؤسسية يتفشى فيها الفساد وان القضية التي هزتني وانا اطلع الاعلام والصحف هو مشروع الفاو الكبير هذا المشروع المهم لمستقبل العراق والاجيال القادمة وليحافظ على هيبته وادارة المشروع من الاهمية التي يمكن بناء الامال عليه و الذي يصفه خبراء بأنه مشروع إستراتيجي يربط الشرق بأوروبا عبر العراق مرورا بتركيا وسيغير خارطة النقل البحرية العالمية. ويقع ميناء الفاو الكبير في منطقة رأس البيشة في شبه جزيرة الفاو في محافظة البصرة جنوبي العراق، وتبلغ تكلفة المشروع حوالي 4.6 مليارات يورو، وتقدر طاقة الميناء المخطط إنشاؤه بحسب التصاميم التي وضعتها شركة استشارية إيطالية بـ99 مليون طن سنويا، ليكون واحدا من أكبر الموانئ المطلة على الخليج العربي والعاشر على مستوى العالم، وتم وضع حجر الأساس لهذا المشروع يوم 5 أبريل/نيسان 2010.

والمشروع خطوة مهمة جدا في عملية تغيير محاور اللعبة التجارية، لأنه يعد مركزا تجاريا ليس للعراق فحسب وإنما للمنطقة، و هذا المشروع في حال اكتماله سينقل البلد بشكل كبير ونوعي.ولكن سرعان ما يتوقف من جديد العمل فيه والغاء عقده وبشكل مفاجئ دون معرفة الاسباب.

ان إلغاء العقد مع " شركة دايو العملاقة والتي يزيد رأسمالها عن 400 مليار دولار" هل اصبح العقل والمنطق يتقبل مايجري في العراق بعده دون مراجعة  الإلتزامات المالية والقانونية وعدم إعادة النظر في إلغاء عقد هذا المشروع استراتيجي والذي في غاية الأهمية ويتوقف عليه مستقبل العراق الاقتصادي ” و ان إلغاء العقد هو نصر مؤقت لدول المنطقة التى تريد الخراب للعراق ولعملائهم ولكل مسؤول فاسد استلم رشوة من جهات خارجية “

ويعد المشروع حلقة وصل بين دول الخليج العربي التي تعتبر مستهلكًا رئيسيًا للبضائع الأجنبية، كما تعد حلقة وصل مع تركيا التي تعتبر مستهلكًا رئيسيًا للنفط وفي نفس الوقت للبضائع، لذا من المتوقع أن تصبح منطقة الفاو حلقة وصل تربط العديد من الأطراف مع بعضها اذا ما استكمل المشروع .ويبدو ان هناك جهات سياسية في العراق متواطئة، ولها أجنداتها، وهي من ساهمت في منع إتمام مشروع ميناء الفاو الكبير وتأخيره،

وهناك من الدول التي تتضرر من هذا المشروع ويمكن ان يكون لها دور مخادع لعدم انجاز هذا المشروع المهم مثل دول ، من بينها الكويت والإمارات ومصر وأمريكا والكيان إسرائيلي ويعد التطبيع دزء مهم منه ايقاف هذا الصرح المهم  مما يسوجب التحقيق  وبشكل جاد لكشف "الأيادي الخفية المجرمة والعميلة "التي تعمل مع مخابرات هذه الدول لقاء الأموال". واذا كان الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والتشردق بالوحدة الوطنية شعارات يتغنى بها البعض لغرض في نفس يعقوب فأن البناء الوطن سوف لن يقفوا مكتفي الايدي والسكوت على هذه الجريمة الشنعاء بحق العراق ومستقبل اجياله. ونذكر بقول الشاعر :أنا آت يا وطني آت، والعالم يرقب خطواتي،خطواتي عزم و إباء، وحياتي بذل وفداء، والثورة هي كل حياتي، الثورة هي كل حياتي، أنا آت يا وطني آت،وسيعود الخير لاهله.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

231
تصورات تفضلية عن القيم

القيم عبارة عن تصورات من شأنها أن تفضي إلى سلوك تفضيلي، ووجدت مع الإنسان منذ بدء الخليقة، فقيم الأمانة والإيثار وإكرام الضيف والغزو وغيرها من القيم السلبية والإيجابية نماذج من القيم عرفها الإنسان منذ القدم، وشكلت إطارا محددا لسلوكه وتصرفاته وتنظيم علاقاته مع الآخرين، وهاديا لتفضيلاته وخياراته، ومعيارا لتقويم سلوكاته، تحدد ما هو مقبول أو مرفوض خطأ كان أو صوابا ،كما أنها تعتبر بمثابة معايير للاختيار من بين البدائل السلوكية المتاحة للفرد في موقف ما، ومن ثم فان احتضان الفرد لقيم ،معينة يعني توقع ممارسته لأنشطة سلوكية تتسق مع تلك القيم التي هي عبارة عن الأحكام التي يصدرها الفرد بالتفضيل أوعدم التفضيل للموضوعات أوالأشياء ، وذلك في ضوء تقييمه أو تقديره لهذه الموضوعات أو الأشياء ،بحيث تتم هذه العملية من خلال التفاعل بين الفرد بمعارفه وخبراته في ظل الإطار الحضاري الذي يعيش فيه ،ويكتسب خبرات معارف ، أنماط سلوكية ، عادات وتقاليد في مضمونها بوضع معايير للسلوك الإنساني  وهي المستمدة من مصادر التشريع الذي يعتبر الحسن هو ما يستوجب الثوابت و غاية إنسانية وواجب لا تقوم الحياة بدونه ، و الانسان من خلال العمل يحقق الحكمة من وجوده في الدنيا .

  الأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى في المجتمع، وعلى صلاحها وقوتها واستقامتها يتوقف صلاح المجتمع وقوته وتماسكه، فالمرأة والرجل هما عماد الأسرة؛ إذا صلح كل منهما استطاعا أن يكوِّنا بيتا نموذجا على القواعد التي وضعها الإسلام، وقد وضع الإسلام قواعد البيت فأحكم وضْعها، فأرشد الزوجين إلى حسن الاختيار، وبين أفضل الطرائق للارتباط؛ قال تعالى:

﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدةً وَرَحْمَةً ﴾،واذا صلحت الأسرة صلح الفرد وهي المحضن الطبيعي الذي يتولَّى حماية الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها، وفي ظله تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكامل، وتتطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هدْيه ونوره تتفتح للحياة وتتعامل مع الحياة ، وإذا صلح الفرد صلحت الأُسرة، وصلح المجتمع؛ فالأسرة هي التي يتشرب منها الفرد العقيدة والأخلاق، والأفكار والعادات والتقاليد، فهي البيئة الطبيعية الأولى التي تتعهد الطفل بالرعاية والتنشئة الاجتماعية منذ الصغر وتعوِّدهم على ممارسة فعل الخير، ومن ثم يجب على الوالدين أن يغرسا في نفوس أبنائهم القيم والفضائل الإسلامية الحميدة، ولا تحمل الأسرة وحدَها العبءَ في مجال غرس القيم والفضائل، ومن ثم فإن المدرسة والمسجد يسهمان بدور بارز في هذا المجال اعتبار القيم بأنها الإطار المرجعي الذي يشمل الاتجاهات والمعتقدات والقناعات في البنية المعرفية للفرد التي توجه سلوكه وجهة معينة، وهي نتاج اجتماعي يتعلمها ويكتسبها الفرد من خلال التنشئة الاجتماعية، وعن طريق التفاعل الاجتماعي يتعلم الفرد أن يفضل بعض الدوافع والأهداف على غيرها، أي يعطيها قيمة أكثر من غيرها.

 يقع مفهوم القيم في دائرة اهتمام العديد من التخصصات كالفلسفة ، والدين ، والتربية ، والاقتصاد ، وعلم الاجتماع وعلم النفس ، وهذه الأهمية  التي تكتسيها تترك المجال واسعا للبحث والجدل القائم بين هذه التخصصات ، حيث تنتهج أساليب علمية موضوعية مختلفة في تحديدها وقياسها و إبراز أبعادها ،من حيث أنها تمس وتخص الفرد البشري فقط ، ويمكن التطرق لتبيان مفهوم القيم وبعض المفاهيم المصاحبة لها ، وكذلك معرفة خصائصها ، ووظائفها وتحديد أصنافها، وكذلك الوقوف على عوامل اكتسابها وكيفية تغييرها .

علماء النفس يركزون اهتماماهم بخصوص القيم على دراسة قيم الفرد ومحدداتها سواء كانت نفسية، وإجتماعية وتعني علاقة الفرد مع الآخرين في مجتمع مع، دينية وهي المبادئ والقواعد والمثل العليا، التي يؤمن بها الناس، ويتفقون فيما بينهم، الانسانية الموروثة في كل المجتمعات بغض النظر عن الدين أو الجنس مثل الصدق والأمانة، والنزاهة، المساواة، العدالةوالتسامح.، الوطنية ويعبر عنها بالمواطنة الصالحة، الجمالية وهو جميل الشكل أو متناسق، الشخصية التي تعبر عن صفات خاصة بالفرد، مثل الصبر مقابل التهور، وتحمل المسئولية مقابل اللامبالاة، معرفية التي تمثل الأخلاق العلمية والسمات العقلية مثل الفضول، والعقلانية، والدقة، والموضوعية.... ويمثل الفرد بؤرة ومركز اهتمام علماء النفس في دراسة موضوع القيم في حين علماء النفس الاجتماعي فيهتمون بكل جانب من جوانب سلوك الفرد في المجتمع ولا يتحدد بإطار محدد لنظام أو نسق، وتنبثق منها  كذلك قيمة الاحترام التي نادت بها جميع شعوب الأرض والديانات والحضارات و تقاس هذه القيمة بحسن تعامل الفرد مع الآخرين. تتجلّى هذه القيمة باحترام الإنسان لكونه إنسانا وليس لمنصبه، أو وظيفته أو انتمائه لمجموعة أو فئة معيّنة، أنّ لكلّ فرد في المجتمع الحق بأن يحترمه الآخرون ويتعاملوا معه باحترام في جميع المجالات. فالاحترام يعني احترام ومراعاة الاختلاف بين الناس من حيث: اللون، الجنس، الدين، الثقافة، الرأي وحتّى الإعاقات الجسديّة ومن هنا تمّ سن قانون "احترام الإنسان وحريّته" في بعض الدول، وينصّ هذا القانون على احترام الإنسان كإنسان، وعدم مسّه نفسيّا أو جسديّا.

ويمكن تحديد مفهوم القيم عموماً وقيمة العمل واتقانه خصوصاً وأهمية القيم ومكوناتها ومصادرها وخصائصها ومجالاتها ووظائفها ، وتحديد مكانة العمل في الاسلام . والعلاقة بين التربية والقيم مع بيان أهمية غرس القيم والطرق المستخدمة في غرسها ، كيفية تربية الناشئة على اتقان العمل واسرار الاتقان ، مع تحديد مؤشرات القيم والمؤشرات الدالة على قيمة العمل ، وبيان طرق غرس قيمة العمل وتطويرها لدى الناشئة في البيت والمدرسة ، والمحتمع ،لان عملية زرع القيم وتنميتها لدى الفرد تبدأ منذ أيام حياته الأولى وهو طفل وتنتهي بوفاته .

من أهم طرق غرس قيمة العمل : القدوة الحسنة ، الموعظة باستخدام أسلوب الحوار والاستجواب ، الموعظة بالمداعبة ، الموعظة بضرب المثل ، الموعظة باستخدام اسلوب التشبيه والتمثيل ، الموعظة باستخدام وسائل و تتكون القيم من ثلاث مكونات معرفية وسلوكية ووجدانية ، والقيم غير ثابتة في المجتمع بل متغيرة لأنها من صنع الأفراد ، وبالتالي فهم قادرون على تغييرها من أجل إثراء التفاعل ، وليست أطر خارجية تفرض على الأفراد من البيئة الخارجية  ، وتستطيع المجموعات أن تقيم لنفسها واقعا في داخلها إذا توصلت إلى فهم مشترك وقيم مشتركة شكلت بناءها العقلي، فالجماعة و أن تشكل لنفسها رموزا يتعارف عليها أعضاءها لتحقق تفاهما مشتركا وبالتالي تؤسس قيم ومعايير مشتركة وعامة.

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

232
الخيانة التاريخية وجهة نظر اردنية

إلأ يستحق العراق كل التكريم والاحترام وحفظ العلاقات معه على نسق التشاور والتنسيق السياسي على أعلى مستوى حول مختلف المستجدات المتعلقة إلإ يستحق شعبة كل التقدير والتبجيل لماقدم من تعاون الذي هو  أساس نجاح الأفراد والمجتمعات و من مقومات بناء ونجاح أي مجتمع، فهو يعمل على ازدهارها  والنهوض بها، كما في قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة/ 2)، وتعطف ومحبة ومد بساط خيره لجيرانه العرب ،ان استفزاز مشاعره يعني استفزاز مشاعر الأمّتين العربية والإسلامية، ودفع المنطقة نحو مزيد من التوتّر والاحتقان والعنف، علاوة على تعميق الشعور بالإحباط وانعدام الثقة ، كما تفعلة المملكة الاردنية الهاشمية منذ سقوط النظام الملكي في العراق بعد ثورة الشعب العراقي في عام 1958 ويطبق عليها المثل الشعبي العراقي ( بالوجه امراية وبالكفه سلايه ). وازدادت شراسة بعد سقوط النظام البعثي الذي كانت اليد الطولى له في تقديم مزيد من دماء والضحايا في حرب الثمان سنوات مع جارته ايران واصبحت اكثر شراهة لنهم خيراته والاستحواذ على المليارات من الدولارات وعلى حصة من نفوط العراق المار في اراضيه وقولبة البضاعة الصينية المكتشفة بتسميات اردنية واكثر شراسة لجعل الاردن ملجاءاً لعتاة البعثيين وانحدر منها ابو مصعب الزرقاوي والقاعدة والسعي لتمزيق مهد الحضارات العراق الابي باهله  و الذي لا يعرف حجمهم في العمليات التي كانت تستهدف قوات الأمن والجيش في العراق في أعقاب الغزو الأمريكي، وكذلك احتضان الخونة والمارقين والسراق وجعل عَمان العاصمة مرتعاً خصباً لنشاطاتهم في ظل غياب الدول العراقية ومرتكزاتيها و غياب المؤسّسات التمثيلية القوية الحقيقية والصراعات  الداخلية بين مكونات الحكومة .

ما يملأ أجواء الحياة بهجةً هي التفكير بالعلاقات الطيبة التي تتبادلها الدول مع بعضهم، فلو كانوا كلهم صادقين ويفكرون بشكل اصولي ويتعاملون فيما بينهم بالانصاف والمودّة ويتبادلون الحبّ والاحترام، لكانت حياتهم مملوءة بالاستقرار بدل العلاقات السيئة والعلاقات القبيحة وتبادل التهم والأكاذيب والذم والتقريع وشراء الذمم  ويصبح من الصعب عليها صيانة التودد والمحبة والتعامل في مثل هذه الأجواء بل إنّ هذه الأجواء تصبح خانقة ومؤلمة وغير مستقرة تشوبها الخيانة والانزلاق الى الهاوية وخلق ذرائع التوترات الخبيثة لهم .

أن العلاقات الدولية يجب ان تبنى  بالسلم والموادعة والكف عن الاعتداء والمشاركة في البناء الحضاري العالمي وأن العلاقة الحربية تنصرف وفق ذات الأدلة إلى ذلك و باعتبارها خطاً دفاعياً ضد الغزاة والطامعين والمعتدين.

إنّ تمسك العراق بأنتمائه العربي والإسلامي المتجذّر ومشهود فيها وبقيم التفتّح والتسامح والإعتدال التي عرف بها على مرّ التاريخ يعتبر جوهر هويته التي جعلت من هذه المبادىء مثلا أعلى أخلاقيّا وسياسيا يوجّه تحرّكاتها الدبلوماسية حيث يحرص على الدّفاع عن القضايا العربية والإسلامية في مختلف المحافل الدولية ويعمل على دفع مسيرة العمل العربي والإسلامي المشترك..وقدم العراق الاف من خيرت رجاله للدفاع عن الممالك العربية خاصة وعلى رأسها القضية الفلسطينية منذ حرب 1948رغم خيانة الاردن الملموسة للجيوش العربية وليس الأسلحة الفاسدة كما أشاعوا في وقتها وعلمونا ذلك وعام 1967( حرب الايام الستة ) بعد ان اتصلت القيادة العربية الموحدة بالعراق وطلبت منه تعزيز القوات الأردنية وعزز سلاح الجو الأردني بـ12 طائرة هوكر هنتر و12 ميك 21 و10 قاذفات تي يو 16 تعمل من قاعدة “أج ثري”،وأرسل قوات صلاح الدين، التي وصلت طلائعها مساء يوم 6 يونيو، و أن سلاح الجو الإسرائيلي أوقع خسائر بهذه القوات للخيانة المشتركة بين الاردن و كان مذيع صوت العرب أحمد سعيد المصري ينقل تحركاتها على طريق بغداد عمان أولا بأول، مسهلا على الإسرائيليين معرفة مواقع القوات العراقية على وجه الدقة و بقى الجيش الاردني خارج الحرب وكانت خسائره قليلة جداً وفي عام 1973 كانت مهمتها لا تتجاوز مشاغلة القوات الصهيونية على امتداد الحدود الأردنية الفلسطينية فقط التي بدأت اليوم الكثير من الدول خيانتها بالتطبيع مع العدو الخاصب وهناك من ينتظر الحسم وهي الخيانة الكبيرة والخنجر المسموم في خاصرة الامة الاسلامية .

تعتبر خيانة الثقة إحدى أنواع الخيانة الشائعة والمشهورة بين الدول العربية ، وهذه الخيانة تختلف في أشكالها باختلاف طبيعة العلاقة بين الأطراف المعنية وخاصة التي تختلف في العقيدة والدين عكس الامة الاسلامية التي تربطهم شهادة لا اله الا الله ومحمدا رسول الله وعلى قمة هذه الصفات هي الثقة ، والدول تعتمد على بعضها البعض وتعطي بعضها الثقة الكاملة على أمل ألّا تخان هذه الثقة، و يدلون بأسرارهم لبعضهم ويشاركون أفكارهم ومشاعرهم، لاهمية الثقة في بناء العلاقات، وتوطيدها بين الدول ودونها لا يمكن للعلاقات العميقة أن تستمر، وتكون خيانة هذه الثقة عن طريق استعلال الظروف ، أو استخدام هذه الأسرار والمعلومات لأغراض تضر بالطرف الآخر، وهو ما يؤدي إلى تدهور العلاقة أو انتهائها، وهو ما يسبب الألم والحزن لشعوبها.

لقد كان للعراق إسهام كبير في رواج الثقافة العربية الإسلامية والحضارة والفنون والعمران من خلال أعلامها ورموزها ن ومناراتها التاريخية منذ عصر التاريخ الذي لعب ومازال يلعب دورا دينيا وعلميّا وثقافيا طلائعيّا أسهم في نشر الدين الإسلامي واللّغة العربية في مناطق الشرق الاوسط والعالم ويبقى العنصر العربي الإسلامي بخصوصيته في هويته من حيث تمظهره في أبسط جزئيّات الحياة اليومية في فاعليته في تحريك كلّ أبعاد الدولة الحديثة التي تعرف نفسها في دستورها بأنّها " دولة عربية مسلمة" على أساس الإنتماء الروحي والحضاري.

كما تتجسّم قيم التسامح والتعاون التي تعتبر من جوهر ديننا الإسلامي الحنيف وتقاليدنا الإجتماعية في إذكاء روح التضامن المتأصّلة في ثقافتنا وتقاليدنا وجعلها أحد الأركان الأساسيّة للخطّة التنمويّة الشّاملة لإزالة مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء من المجتمع االعراقي. هذا إلى جانب الحرص على ترسيخ ثقافة التسامح في مناهجنا التربويّة وإحلال الديمقراطية والتعددية السياسية والإعتراف بالآخر في كنف الإحترام المتبادل وضمان حقّ الإختلاف.

عبد الخالق الفلاح وباحث واعلامي


233
حق المتظاهر في حماية الحق العام

التظاهرات حق مكفول اقره الدستور العراقي مادام لا يتعارض مع حق الآخر، سواء كان الدولة أم الأشخاص. حق التظاهر والتعبير عن الرأي، مكفول ايضاً قانونيا و لا يجوز تقييده أو التصدي له، شريطة الحفاظ على السلم العام ، وفقا للدستور نفسه.

 عندما نحلل تاريخ التجارب الديمقراطية بالعالم نجد الديمقراطية في كل تجاربها كانت تولد بشكل صعب وليست بسهولة والأمر هنا بطبيعة الحال ينسحب حتى على الثورة الفرنسية وبمبادئها الأساسية ،الحرية ، الإخاء ، المساواة، من ثمة تطورت إلى حكم الجمعية الوطنية واصبح حكم ديكتاتوري، ناهيك عن التجارب الأخرى ، هناك بلداناً يعتبرها العالم أماً للديمقراطيات، لإتاحتها مساحات واسعة لحرية الرأى والتعبير، لكن عندما يتعلق الأمر بالخروج على القانون نجدها تتعامل بقوة وحزم، حفاظاً على حياة مواطنيها، و هناك بلداناً أخرى تتشدّق بالديمقراطية والحريات وتتدخّل فى شؤون دول كبرى، بحجة مساندة المعارضة أو غيرها، لكنها تضيق ذرعاً بالمعارضين من أبنائها. و مازال لدينا فئة كبيرة من الناس لديها فهم خاطئ ومغلوط عن حق التظاهر السلمي الذي كفله القانون ، و ما تزال تعتقد أن من يتظاهر هو ضد الوطن والنظام وهذا قطعاً غير صحيح ، لأن التظاهر السلمي في إطار القانون يعد وسيلة حضارية للتعبير عن الرأي حول موضوع ما أو مشكلة من المشاكل التي تواجه الناس وان الأمن والمحافظة عليه من أهم الواجبات، وأعظم المكتسبات، وإذا زال الأمن يولد الخوف عند الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم ، وبالتالي لا بد من نشر الوعي والفهم الصحيح لكيفية ممارسة حق التظاهر السلمي بحيث يصبح كل متظاهر حريص على الأموال العامة والخاصة كحرصه على ماله الخاص ويقع على عاتق الدولة من خلال أجهزتها المختلفة منع كل من يندس بين المتظاهرين للتخريب والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة بهدف تشويه صورة المظاهرة السلمية والعبث فيها . وأساس حق التظاهر يكمن أيضا فى المواثيق الدولية التي صدقت عليها والتزمت بها جمهورية العراق أمام المجتمع الدولي . فالإعلان العالمي لحقوق الانسان يقرر حق كل شخص فى التمتع بحرية الرأى والتعبير ، وحقه فى حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية (م20). والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كان أكثر تفصيلا فى هذا الشأن، حيث نصت (م21) منه على أن يكون الحق فى التجمع السلمي معترفا به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التى تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطى، لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

ان التظاهر السلمي مشروع حيوي متطور اذا ما كان يهدف ضمان الحق فى تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب و التظاهر السلمى، بحسبانه من صور التعبير الجماعي عن الرأي، و هو الوسيلة الوحيدة فى يد الشعب لوقف أى قيود على إرادته  ولتحقيق مطالبه و يجب ان يحترم فيه المصالح العامة والمال العام في نفس الوقت دون المساس بمصالح الناس وارزاقهم والتظاهر له  تعريف قانوني  وهو شكل من أشكال التعبير الجماعي عن الرأي، وهو بطبيعته سلمى الطابع، ويلتزم بالقانون فى التعبير واحترام حقوق الآخرين.

 أن وجود نصوص قانونية  قد تقيد حق التظاهر والتعبير عن الرأي و قد تؤدي بالضرورة إلى تقييد ذلك الحق، ما يؤدي الى التضييق على المتظاهرين، وسلبهم هذا الحق الجوهري بشكل أو بآخر كما في النظم الدكتاتورية ، ذلك لان وضع القانون يتم من قبل السلطات التي تكون هدفا للتظاهر . وهناك قيد واحد هو عدم الإخلال بالنظام والآداب العامة فقط ويجب صيانته .

 وإذا ما أردنا أن نناقش مشروعية التظاهر هل هو شرعي أم غير شرعي، فانه ومن خلال القرائن والأدلة القانونية القاطعة نجزم إن التظاهرات شرعية، وإنها إحدى وسائل الحريات الممنوحة للشعب العراقي بموجب الدستور ولا جدال في ذلك، لان التظاهر صحيح لا محال ويختلف عن الاعتصام من حيث مكوث الأفراد في الشوارع وفي الساحات وفي الدوائر العامة ومبيتهم فيها مما يسبب تعطيل أو إغلاق منافذ الدخول والخروج فيها .

 الدستور العراقي الصادر في 2005 في بالمادة (38)، أشار إلى إن حرية التعبير عن الرأي بكافة الوسائل وهي مكفولة من الدولة، وأورد بعض الأمثلة منها، حق التظاهرمشروع دستوري ولم يأتي على ذكر كلمة الاعتصام.،والتظاهر هوحق من حقوق الانسان الطبيعية، وهو الاصل الذي تنبثق منه كل الحقوق والحريات، وهو الركن الأساسي في الحقوق الممنوحة للإنسان في المواثيق والعهود الدولية والإقليمية والوطنية. فقد جاء في المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ما يلي: (1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة. 2- لكل إنسان حق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

ومن هنا نود ان تذكر القراء الكرام ايضاً لما تقدم من أننا لانعارض تنظم الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية من حيث المبدأ، لكن التحفظ على توقيتها وغيبة البرلمان المنتخب الذي يمثل الشعب العراقي من تمثيله الحقيقي على ان يقف الى جانب الجماهير بأجراء اصلاحات سياسية ومحاربة الفساد وتنظيم هذا الحق تنظيما عادلا و هو الذى يستطيع دون غيره أن يكون مع المتظاهرين في تحقيق مطالبهم  ويقيدهم بالتدابير الضرورية لحمايتهم وحفظ الأمن القومي والنظام العام وحقوقهم وحرياتهم .

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي


234
الاثار العراقية ... المنهل العظيم

 

توجد العديد من التشريعات والآليات العالمية يمكن الاعتماد عليها  للحفاظ على الممتلكات الثقافية والآثار والتراث، باعتبارها موروثا ثقافيا وعلميا يمثل الهوية الحضارية للشعب وذات صلة مباشرة في نشوء حضارته وارتقائها عبر العصور ودوره الفاعل في مد الحضارة الإنسانية بأولى مقوماتها الأساسية مما اقتضى تسجيل هذا التراث وحمايته وصيانته ومنع التجاوز عليه أو تخريبه كي تبقى معالمه شاخصة إمام أنظار الناس لتحكى دور الإنسان المتميز..ولكن العراق يفتقر الى التكيز عليها ومتابعتها لعدم ثبات المسؤولين على هذه المهمة ويفتقر الى الحماية الادارية للاثارعبر المؤسسات الرصينة والمقصود بها الادارات الوطنية ومن ضمنها الدوائر المختصة بالآثار والعودة الى المنظمات الدولية المختصة و توصياتها لحماية هذا الارث التاريخي والمنهل العظيم ومطابقتها مع القوانين الداخلية لتأخذ الحماية البعد الدولي...ويمكن أن نضع حد للسرقات التي تحدث بصفة شبه يومية للأثار والتراث بالمتاحف بالمناسبة فأن " معظم الأعمال الفنية القديمة والنفيسة أرسلت إلى مناطق في الخليج تضمن مجموعة كبيرة من اللوحات والأعمال الفنية والمخطوطات والقطع الأثرية المهمة المسروقة والمهربة إلى دول مجاورة ومناطق أخرى من العالم من المتحف العراقي للتاريخ والاثار و متحف الفن الحديث وغيره، وكذلك من المواقع الأثرية"، وبتاسيس دوائر امنية مختصة والجوامع والاسبلة يمكن الحفاظ عليها ، والمواقع الاثارية بشتى أنواعها. والتركز على الإتجار الغير مشروع للآثار لاعادة المسروقات المنهوبة عن طريق الهيئات الدبلوماسية العراقية المنتشرة في انحاء العالم والتي هي من صميم واجبها الوطني والتأكيد على الاتفاقيات الثنائية المشتركة بين دول الجوار والدول الاقليمية والدول التي ترتبط بمصالح مشتركة، والاتفاقيات التي تعتبر الآثار العالمية ارث انساني مشترك يجب الحفاظ عليه، مثل اتفاقية 1899و1907 والمادة 56 التي تعنى بحماية المواقع الاثرية خلال النزاعات المسلحة، والتي تعتبر البذرة لقانون لاهاي في عام 1954 الخاص بالنزاعات المسلحة، الذي يتضمن البروتوكول الاول والثاني عام 1999 و البروتوكول الثاني يعتبر مهما، لانه  سلط الضوء على الحماية العامة والمعززة للآثار من قبل الدولة لتمنع اي جهة من ضربها في حالات النزاع المسلح.

مازال العراق بعيد عن حماية الاثار واذا وجدت حماية فهي ضعيف ليست بمستوى المسؤولية  والاثار معرضة للخطريومياً و من تعديات على اراضه والبناء عليها، من حفر غير قانوني بأراضيه الخصبة بالآثار، ومن نهب العناصر المعمارية من الجوامع والمباني الأثرية، وبالطبع سرقة أو إختفاء قطع أثارية من المتاحف وخاصة بعد احداث 2003 وسقط النطام السابق والفوضى التي جانبتها من سرقات داخلية ودولية فلا تعد ولا تحصى تحتاج الى دعم دولي لكي تعود تلك الاثار الثمينة التي هي واجه من أوجه التراث يعنى يستحضرك  الماضي للتعرف والتعريف  بطرق معيشة الإنسان القديم وأطر حياته العامة ، ويكون ذلك من خلال إعادة تشكيل وتمثل للبيئة التي عاش فيها الإنسان . ووفقاً لهذا المفهوم يصبح من الناحيتان العلمية والتطبيقية نقطة التقاء جوهرية تربط بين مخلفات الأسلاف ، الفكرية والمادية ، والحاضر المعاش ، على نحو يؤكد تواصل الماضي والحاضر,.وتهدف دراسة الاثار الى استكشاف الجوانب المادية والجوانب الغير مادية (المعنوية) للأنظمة الحضارية ، والربط بين النشاطات الإنسانية والمواد المرتبطة بتلك النشاطات ، أخذين في الاعتبار القصور الكامنة في السجل الأثري المستخدم والغير قادر على النطق . والمقصود "بالسجل الأثري" ، التدليل على التراكمات المادية التي خلفتها النظم الحضارية السابقة . لأن البقايا المادية تشكل جزءً بسيطا من ما أنتجه الإنسان.

وللحفاظ على الاثار يجب معرفة  ما هي أهمية الآثار في حياتنا لندرك مدى قيمتها وضروريتها، و الآثار لها قيمة تاريخية عظيمة، وهي قيمة توجد في كل الآثار مهما كانت صغيرة او كبيرة، مهما كانت ثابتة أو منقولة. تراث كل قطعة آثار يمتد إلى آلاف السنين وكلما كان الشيء قديم كلما كانت القيمة المادية لها اكبر. وبعض قطع الآثار تحكي لنا عن التاريخ وبدون هذه الآثار لا يمكننا معرفة أي حدث تاريخي ولا يمكننا التعرف على شخصيات تاريخية.

الآثار تعرفنا على تاريخ الاجدادا، و كيف كان القدماء يفكرون ويضاف عليهم التعلم والتطور، لان من ليس له ماضي ليس له حاضر ومستقبل. الآثار مصدر فخر أمام الأجانب، لأن الحضارات العراقية هي الاقدم على الاشهر، مما يجعلنا نشعر بالفخر والاعتزاز دائما. والآثار تجذب الالاف من السياح سنوياً من جميع بلاد العالم لمشاهددتها، مما ينشط السياحة في البلد ويزيد من الدخل القومي والعملة الصعبة، الاهتمام بالأثر حتى تبقى كما هو ولا يظهر عليه التعب والهلاك وتزيد معاناتهم، ولا نقدر على العلاج لأن الوقت يكون قد مضى، ويجب ان ترك الأثر دون علاجه، وصيانتها والعمل على ترميمه من أي تلف يجعله يتناثر مع مرور السنوات، الأثر دائما في حالة من الصمت، لا يستطيع الأثر أن ينطق ويتحدث عن المعاناة والألم .

جزء كبير من مساعِ الحكومات في العالم  تعظيم الموارد للخزينة تقع على الجهات ذات العلاقة بمختلف المسميات اما وزارة او مؤ سسة او دائرة مختصة يجب ان تضطلع بمهامها لتفعيل هذا القطاع والعراق عليه الاستفادة من الاتفاقيات الدولية الثنائية العديدة النافذة بهدف زيادة معدلات الاستثمار في القطاعين السياحي والآثاري وأيضا تفعيل الجانب الثقافي العراقي الذي يعد العامل الأهم في تحقيق الاستقرار داخل المجتمع خاصة وان العراق لابد من وضع قوانين صارمة تعاقب كل من يعبث في الآثار، ولابد من وضع امن وحراسة على كل الأماكن التي تحتوي على آثار وتراث، ووضع كاميرات للكشف عن أي شخص يعبث في التراث و الاهتمام بالصيانة الدورية للمناطق الاثرية وترميم الاثار، ودراسة مادة الترميم بشكل علمي للحرص على  دراسة الفنون المعمارية القديمة والاهتمام بترميم الآثار في كلية الآثار وكليات الفنون، لابد من الاهتمام بتدريس الفنون التراثية في جميع الجامعات والمعاهد ،للمحافظة على اصالتها على يد كبار المتخصصين و لينشأ جيل قادر على حماية الآثار والعراق هو بلد منتج للثقافة بشتى مجالاتها و مطلوب منه تطوير هذا الجانب والاستفادة من تجارب الدول  التي نجحت في ان تشكل واردات السياحة لديها معظم وارداتها رغم انها لا تملك عمق آثاري يعود لألاف السنين ولا جذب سياحي كالذي يملكه العراق وبخاصة السياحة الدينية التي تستقطب ملايين المؤمنين من شتى بقاع العالم.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

 

 

235
الازمة الاقتصادية العراقية .... واحلام الحلول

سوء الإدارة والاعتماد المطلق على الإيرادات النفطية هو ما أوصلنا الى الوضع الذي هو عليه و يشهد العراق حالياً شللاً شبه كامل في الحياة الاقتصادية و لا توجد صناعة لعدم تكيفها مع مزاجات بعض الدول الاقليمية . وضعف الحركة السياحية لفقدانها الوسائل اللازمة مثل نقل والفنادق والاماكن الضرورية وتتأثر الزراعة إلى حد كبير بهذه الكارثة  والحاجة الى معالجة الامور قبل الانهيار الكلي من خلال العمل على تفعيل هذه القطاعات بعقول امينة كالزراعة والصناعة والسياحة والاستثمار الذي يحتاج إلى بيئة آمنة قادرة على أن تجذب الشركات العالمية، وهذا يحتم على الحكومة إعادة هيبة الدولة، وتحقيق الاستقرار الأمني والحصول على الضرائب بشكل معقول كي لا تزيد من هموم المواطن والسيطرة على المنافذ الحدودية ومزاد العملة واستيراد البضائع التي تدخل بدون حقوق كمركية وفساد المشرفين عليها والتي من الصعب تنفيذها بدون أن يتم القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة وملاحظة تطبيق موظف جباية الضريبة لعمله ووضع البدائل لهذه المهمة في إجراءات الحكومة للحصول على الضرائب؟، وكيف ستتابع موضوع ازدواج الرواتب الذي يضمن للبعض استلام أربع وخمس رواتب في وقت واحد؟ وغيرها وهذه الخطوات لو تم متابعتها بلاشك سوف تعظم من  واردات البلد.

 المرحلة الراهنة يجب أن تشهد المزيد من التعاون ما بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يخدم مصلحة البلد والمواطن قبل تضاعف  معدل الفقر المتوقع في العراق إلى 40 بالمئة من نحو 20 بالمئة حاليًا.والتعاون بحرص على عقد لقاءات متواصلة مع اللجان النيابية والنواب، للتوصل الى نتائج ايجابية  تنعكس على سير الأوضاع في العراق. ومعالجة التحديات الاقتصادية المهمة التي هي ليست سهلة تتطلب إصلاحاً حقيقياًفي بيئتها  ، والأزمة الحالية ليست وليدة اليوم ولا تتعلق بهذه الحكومة انما هي بسبب السياسات الاقتصادية للحكومات المتلاحقة السابقة الفاشلة بعد عام 2003، المعتمدة على أساليب خاطئة في إدارة الملف الاقتصادي وإجراءاتها الغير سديدة مما جعلتها تحتاج إلى إصلاحات حقيقية وجذرية وخطط قصيرة وطويلة الأمد لتجاوزه.

و يعاني  العراق من كارثة عند بيع النفط إلى المستهلكين حيث يُستغل بسبب الحاجة الى الموارد المالية حيث يجبر لبيعه باسعار اقل من المعهود في الاسواق العالمية في الكثير من الاحيان ولأن ما تأخذه شركات النفط الأجنبية من كلفة استخراج للبرميل تعادل ما يقبضه العراق وقد تكون عند حسابات التكلفة 10 دولارات وأحيانا أقل من ذلك و ما يحصل الآن يضر الجميع وليس هناك طرف مستفيد من هذه الأزمة، باستثناء الدول المستوردة والمستهلكة للنفط الخام، لأنها تحصل عليه بسعر رخيص، فالدول المنتجة والمصدرة جميعها متضررة  والعراق يحتاج الى أربعة أضعاف سعر النفط الحالي، والتعويض سيكون إما بالسحب من الكتلة النقدية الاحتياطية في البنك المركزي، أو الاستدانة من الداخل أو الخارج، وهذا حل خاطئ والحل الصحيح بالذهاب إلى موارد أخرى لرفد الموازنة العراقية وما يزيد الطين بلة وخلفته هو تضاعفت الأزمات السياسية والاجتماعية والأمنية القائمة بسبب وباء كورونا العالمي، ولا ننسى الفساد الذي ساهم ويساهم في تقويض الاقتصاد العراقي مالم تتخذ الخطوات الحقيقة اللازمة لتجفيف منابعه ومكافحته عند ظهوره، وما يدلل على ذلك التقويض هو عدم وجود سلع وخدمات ذات قدرة تنافسية تستطيع اختراق الاسواق الدولية باستثناء النفط الخام، إذ إن الفساد يسهم في تضخم التكاليف الإنتاج الوطني وهذا ما يؤدي إلى إرتفاع أسعار المنتجات الوطنية فتضعف قدرتها على المنافسة في السوق المحلية والاقليمية فضلاً عن السوق العالمية،

وهذا الفساد جعل من الحكومة  ان تطلب من مجلس النواب الموافقة على استقراض بمبلغ ٤١ تريليون دينار، ١٩ منها لدفع رواتب الموظفين الى نهاية ٢٠٢٠، والباقي لتسديد ديون مستحقة، فأذا وافق مجلس النواب يعني  تكبيل العراق بديون جديدة ولكن لا سبيل إلإ المضي في ذلك  اوسحب هذا المبلغ (٣٤) مليار دولار من احتياطي البنك المركزي والبالغ حالياً ( ٦٤) مليار دولار مما سيعرض الدينار العراقي الى فقدان قدرة الصمود أمام الدولار وبالتالي التأثير السلبي الكبير على المواطنين، وفعلاً المؤشرات تحكي ان الدينار العراقي في حالة تهاوي كما يلاحظ في الاسواق المحلية هذه الايام.

اما الورقة الاصلاحية التي طرحتها وتبنتها الحكومة الحالية تحتم الى تخفيض النفقات وتبويب الأموال بشكل سليم، وهي تحتاج إلى رؤية صحيحة واقعية والتي أبدت بعض القوى السياسية عدم ثقتها بهذه "الورقة البيضاءالاصلاحية" واعتبرتها تقييمات عامة كاستعراض عام موجود ومعروف ومناقش ولا يوجد شيء جديد بها وأنها لا تتجاوز الوعود وغير قابلة للتنفيذ والتي بحثتها الحكومة مع  قوى سياسية مختلفة ، لعرضها على البرلمان والمصادقة عليها كورقة تسهم بتحقيق إصلاحات وتخفف من الأزمة المالية التي تمر بها البلاد،، والتي تقول  بأنها تهدف إلى إعادة التوازن للاقتصاد العراقي، ولوضعه على مسار يسمح للدولة باتخاذ الخطوات المناسبة في المستقبل لتطويره إلى اقتصاد ديناميكي متنوع يخلق الفرص للمواطنين لعيش حياة كريمة. واعتقد باننا مهما طرحنا من نظريات حول تطوير الاقتصاد تبقى مجرد احلام، ما لم تكون هناك قيادة سياسية تتبنى خطوات استراتيجية تشرف عليها عقول متخصصة وكفوءة لا ان اتكون ( بكل قدر تمد رأسها ، يوم على الرياضة واليوم الاخر زراعة، او الصحة وهكذا تدور الدوائر بنا ) وتضعها على التنفيذ، فلا توجد في كل دول العالم نهضة اقتصادية بدون وجود قيادة سياسية ودودة على شعبها بعيدة عن المصالح الفئوية و لديها رؤية للنهوض بالواقع الاقتصادي.

عبد الخالق الفلاح

236
الارهاب الفكري اخطر انواع الارهاب

يقوم الارهاب الحالي على أدوات اجتماعية وتقليدية وإعلامية حديثة، جاءت معظمها من بلاد لا تتمتع بالوعي ولا بالحرية وينتشر فيها الظلم والاستبداد، و لا تتاح لهم فرص التعبير عن أفكارهم دون خوف أو قلق،و لم ينشأ مطلقًا من فراغ " بل نشئ ضمن مجموعات متشرذمة من الحركات المعارضة الدينية المتطرفة والاجتماعية والسياسية المنحرفة  " و يمثل خطرا حقيقيا يواجه الوجود البشري وحضارته وإنجازاته أيضا، لما يتسم به من عنف واستخدام غير مشروع للقوة ويترك آثارا خطيرة في الأوضاع الدولية، لما يتميّز به من استخدام أساليب عنفية واسلحة ، ووسائل تقنية متطورة تدعمها خبرة واسعة، وإمكانات هائلة تشكل خطورة تثير القلقوغير مقيد بقانون أو بأخلاق، لا بل إنّه أصبح أداة لتحقيق مآرب وطموحات يعجز البعض عن تحقيقها بالوسائل العادية المشروعة و يهدف إلى فرض سلطة رقابة ذاتية متطرفة تجعل الأفكار حبيسة الدماغ، وتحافظ على الامتيازات الاجتماعية لأصحاب السطوة الاجتماعية الذين يجهدون لاحتكار المجال العام ، رافضين أي مزاحمة من غيرهم وتطالعنا وسائل الإعلام بمصطلحات عديدة ، وهو يستهدف أولا العقل و عملياته الذهنية ، كونه المحرك الإنساني الأساس ، فهو وعاء الفكر، وأصل التفكير الذي ينبني عليه الرقي أو الانحطاط بحسب منابعه الأساسية ، ويستهدف كل نشاطاته وإبداعاته التي تسهم في النهوض و الإصلاح ثانيا ، ومن ثم يرفض أي عملية تغييريه .

وقد وردت مفردة الإرهاب في لسان العرب بالكسرِ ( رَهِبَ ,يَرهَبُ ورُهُبا , بالضم , أي خافَ , و رَهِبَ الشيء رَهْباً و رَهَباً و رهبَةً : أي خافه ُ , قِيلَ رَهَبُوت ٌ خير ٌ من رَحَمُوتٍ : أي لأَنْ تُرْهَبَ خَيرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ ؛ بمعنى تُخَافْ والراهِبُ : المتعبدُ في الصومعة , واِسْتَرْهَبَهُ : و أَرْهَبهُ : أَخافَه وفَزَّعهُ).

تكمن خطورة هذه الظاهرة  بلحظة ارتباطها بمجالات حيوية عديدة، ولعلّ من أهمها السياسية والدينية، إذ من شأنها أن تؤسس لاستفحال ظاهرة الإرهاب الفكري. فسياسياً، يتمظهر الإرهاب الفكري من خلال الدفاع الشرس والعنيف عن الإيديولوجيات والأهداف الحزبية، "رافضاً بذلك كل منتقد، نافياً كل مختلف، معتقداً بإطلاقية ونموذجية آرائه مع إجبارية الإيمان والخضوع لها"، الأمر الذي يؤدي إلى نفي الحريات المقنّنة دستورياً كحرية التعبير عن الآراء السياسية، حرية الانتماء للأحزاب السياسية. ونظراً لارتباطه بمعطيات العنف، فإنّ الإرهاب الفكري يمثل كذلك تهديداً صريحاً للحرمة الجسدية المقنّنة والمحمية من قبل مختلف الأنظمة القانونية.

نحن لا نشك بأن الفكر الإرهابي يرفض الفكر الآخر الذي يحاول أن يقوم اعوجاجه وينظم ما تبعثر ، ويتدارك ما سُفِل ، بان يرقيه ، ويبقى الفكر الإصلاحي مرهبا ، ويبقى الإصلاحيون مرهبون تحت طائلة العقاب الذي يوقعه أصحاب الفكر الإرهابي ، وما هذا إلا بسبب تعارض الأفكار، و محاولة رفض متبنى فكريا لأحدهما على الآخر قسرا و عدوانا و منها الإرهاب الجسدي والإرهاب الاقتصادي والإرهاب الفكري والذي نحن بصدد الحديث عنه و الحد منه يتطلّب بالأساس حضور وعي يؤمن بالتفكير الموضوعي، بالحوار الخصب، بالإختلاف، بالاحترام المتبادل ومدى ضرورة الفعل التواصليو هو أخطر انواع الإرهاب، بل هو المنبع الحقيقي له، فهو الذي يؤسس للإرهاب السياسي وإرهاب السلطة والإرهاب الديني والإرهاب بالقتل بالسلاح والسيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، كما انه الحاضنة الدافئة للفشل والهزائم والتراجع والتأخر

 يمكن تعريف الارهاب الفكري : فهو كل نشاط يتم من خلاله فرض رأي محدد، أو جبر الآخرين على سلوك يُوهمون أنه الصواب وبأنه إقصاء الآخر وسلبه حقه في التعبير عن ذاته وأفكاره، عن طريق ممارسة الضغط عليه من أجل إسكاته كصوت آخر، والمحافظة على الاتجاه السائد الذي يخدم مصالح فئة معينة في ذلك المجتمع، وهو ليس حصراً على مجتمعات بذاتها، إذ ينشط الإرهاب الفكري في جميع المجتمعات، ولكن يختلف مستواه باختلاف سقف الحريات ومدى سهولة التعبير عن الرأي فيها. ويحاول الفكر المتطرف في الكثير من الاحيان التأثير على صاحب الرأي المخالف وتحويله إلى ببغاء يردد ما يُقال له من أفكار تافهة سخيفة لا تتماشى مع روح  العصر والعقيدةوبالعكس قد يُتهم: إما بعميل لأمريكا أو لأوروبا أو لإسرائيل، وبالتالي فهو ويُهدر دمه. ا

ما عناصره فلهم الحق المطلق في تحديد وقت السب والذم والمديح والتهجم والطعن والتّأليه والصمت والكلام والحب والبغض وهكذا، لانهم يعتقدون ان الحق معهم يدور حيث ما داروا، وان الصالح العام طوع بنانهم لا يحدده غيرهم، اما الآخرون، فلهم الحق في ان ينتقدوا من يشاؤون، ويستفسروا ممن يشاؤون الا الزعيم الأوحد والقائد الضرورة فلا يحق لاحد ان ينظر بوجهه قبل ان يدفع صدقة، ويقدّم له فروض الطاعة والولاء والتسليم المطلق.

هكذا يُفرغ ذلك الانسان من كل مضامينه وقد يضطر إلى التراجع حتى لدفاعاً عن وطنيته وعقائده وإيمانه والانضمام إلى القطيع الفاسد الفاسق، ومن الأساليب المضللة التي ينهجها أصحاب الإرهاب الفكري أنهم يمارسونه تحت عنوان «الاختلاف»، بالتضليل واضح، إذ إن الاختلاف يكون عن طريق مقارعة الحجة بالحجة والرد على الأفكار، بعيداً عن الشخصنة والشحن العاطفي عن طريق اللغة الإنشائية، التي تخاطب العاطفة، ومحرفة مسار النقاش عن أصل الفكرة المُختلف عليها، مما يفضي إلى تعبئة الجماهير عاطفياً، وتحويلها إلى وقود للضغط على صاحب الفكرة.

وللحقيقة فأن الإرهاب الفكري موجود في كل المجتمعات بنسب متفاوتة. وهو ظاهرة عالمية ولكنه ينتشر في المجتمعات المنغلقة وذات الثقافة المؤدلجة والشمولية، ويتجسد في ممارسة الضغط أو العنف أو الاضطهاد ضد أصحاب الرأي المغاير أفراداً كانوا أم جماعات، وذلك بدعم من تنظيمات سياسية أو تنظيمات دينية تحرض عليه وتؤججه، والهدف هو إسكات الأشخاص وإخراسهم ليتسنى لهذه التنظيمات نشر أفكارها دون أي معارضة من اي جهة او حزب او سلطة.

عبد الخالق الفلاح

 

237
السلوك الانساني بين الجوانب الايجابية والجوانب العدوانية

ما أحوجنا اليوم للتزود بالحكمة والعبرة، بما يعزز مجتمعنا وقيمنا، ويتصدى لما يعتريهما من تشويه أو تقصير و بتنمية  وتعزيز الثقافة التي تعني الرُقي في الأفكار والُرقي في الأخلاق والسلوك والمعارف والفنون التي يطلب الحذق بها،  والذي يرى كوبر وهيرون ونيوارد أن تعديل السلوك والتي تتحكم به المثيرات التي تسبقه وهو العلم الذي يشمل على التطبيق المنظم للأساليب التي انبثقت عن القوانين السلوكية وذلك بغية إحداث تغيير جوهري ومفيد في السلوك الأكاديمي والاجتماعي.

 هناك  من البشر من تعلّم بأن العنف هو سلوك ناجح لحل المشكلات أو تذليلها ، وقد تكون نزوة تعلمها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي حيث ينقل الى المشاهد نماذج العنف بطريقة مشوّقة و أكثر من يتأثر بها الأحداث والشباب.. السلوك الانساني هومجموعة من التصرفات الداخلية والخارجية التي يقوم بها الفرد خلال نشاطه اليومي ، من اجل إشباع حاجاته ورغباته وهي  قواعد طبيعية ومادية مبرمجة طبقاً للخريطة الوراثية المرسومة لكل فرد من الأفراد من خلال الجينات التي يحملها.

إن تنوع متطلبات الحياة اليومية للبشرية و تعقدها لابد و إن تحمل معها مشكلات مختلفة ، كما إن تعرض الإنسان لضغوط و ارهقات مهنية و اجتماعية متنوعة تجعله بحاجة إلى أساليب تقنية تساعده في التخفيف من هذه الإرها قات و المتطلبات الحياتية بشكل عام ، ومن اللافـت أن البعض يجـدون في سلوك العنفي وسيلة للتخلّص من القيود النفسية التي حملوها من صغرهـم وممـا وقع عليـهم من أذى ومن حرمان ، فإذا بهم يتشبهون بمـن اعتدى عليهم وعلى مشاعرهم ، ويمارسون مثل سلوكه على غيرهم.

مما لاشك فيه ان هناك  الكثير من الاشخاص في حياتنا  لديهم القدرة على الظهور بشكل ودود لطيف، ‏في الوقت نفسه يمارسون فيه هوايتهم بتعكير مزاج الآخرين، لا يظهرون غضبهم أو استيائهم بشكل مباشر، و ‏‏هناك من يختفي خلف ذلك  ويعتمدون على أساليب أكثر مكرًا و في مزاجٍ سيئ أو تركه بشعور سيئ ‏حيال نفسه ، ولا يستطيع من أمامهم إمساك شيء عليهم يلومهم عليه، وإذا فعل سيتم اتهامه بسوء الفهم أو عدم تقبل المزاح، ويسمى نمط شخصية هؤلاء “الشخصية العدوانية السلبية” او ذوي “السلوك العدواني السلبي” وهناك البعض من السلوكيات تثير غضب المحيطين  يُعتبر هذا السلوك ناتج من بعض العوامل الاجتماعيّة والبيولوجيّة و يتلذذون بإلحاق الأذى بالآخرين، سواء كان لفظي أو جسدي.

في الغالب ان الغضب هو من  أكثر الإنفعالات المؤدية الى سلوك العنف والعدوان والذي يتوجه عادة وبصورة آنية ومباشرة الى المصدر الذي أثار مشاعر الغضب لديه، إلا أن الكثير من حالات العدوان لا تقتضي توفّر الغضب في نفس القائم بها, كما يتضح من الممارسات العدوانية التي يقوم بها الأفراد في ظروف ومواقف خالية من الغضب الناجم عن إثارة نفسية؛ كما أن للغضب بحد ذاته أن ينتهي بالعدوان،غير أن هذه الإمكانية تتوقف الى حد كبير على مقدرة الفرد في ضبط انفعالاته وعلى تمتعه بالعقلانية الكافية التي تمنعه من تصريف غضبه عن طريق اللجوء للعنف.

هناك طرق مختلفة يمكن فيها تتعامل مع الشخصيات السلبية العدوانية ولا ينبغي أن نهرب من الذي  يمكن ان يكون  معقدًا جدًا بالنسبة لنا للتعامل معه و يجب أن نفعله و نفهم أساسيات هذا الاضطراب حتى نستطيع السيطرة عليه، ونحاول ان  تغييره بطرق مقنعة و ألا نأخذ المواضيع على محمل الهزل بل بالجد ويكون بمحمل شخصي، ودائمًا تحاول إصلاح سوء الفهم للتفاهم مع المتعامل معه .نحاول أن تتجنب الدخول في جدال، لاننا سنجد انفسنا نلجأ إلى نفس تعامله ‏ويجب أعطِاء النقاش طابعًا رسميًا، ورسم حدودًا لذلك الشخص الذي  امامك حتى لا ‏يتمادى في أسلوبه

ولم يسجل التاريخ الإنساني حتى الآن فترة زمنية أو حضارية إختفت فيها ظاهرة العنف والعدوان من حياة الإنسان ، والدليل على هذا أن التواصل في ممارسة العدوان ثابت بوضوح في سجلات التاريخ الحافلة بالأحداث والحروب منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا، ناهيك عن حوادث الإعتداء والعنف والتي لا تحصى بين الأفراد والجماعات إذا نحن أضفنا الى الممارسات العدوانية التي تستهدف الأرض والمُلك وسلامة الشعوب،

وهناك الممارسات التي تستهدف الإيذاء النفسي من نوع أو آخر والتي تبيّن لنا بوضوح بأن ظاهرة العنف والعدوان هي أكثر الظواهر السلوكية الملازمة للإنسان على مرّ العصور.

هناك الكثير من الدراسات تؤكد أن العدوان سلوك مكتسب أثناء الحياة بفعل عوامل إجتماعية وبأنه يتعزز ويتواصل بفعل هذه العوامل، ويتحقق هذا الإكتساب للسلوك العدواني نتيجة التعرّض لمثله والتعلّم من نماذجه، خاصة إذا اقترن ذلك بالمكافأة على القيام به أو توقع هذه المكافأة ، ومع أن هذه النظرية للسلوك العدواني لا تقر بوجود غرائز داخلية ينبع منها العدوان تلقائياً ، إلا أن من الواضح أنها تتفق مع نظرية الدوافع العدوانية في أن ما يثير العدوان يأتي من عوامل إجتماعية أو محيطية تجعل من هذا السلوك ممكناً.

وهذه الظاهرة استرعت اهتمام الإنسان منذ القدم في محاولة للحد منها، وقد عُنيَ بها الفلاسفة والحكماء ورجال الدين والقانون والأدباء وعلماء الإجتماع والنفس والسياسيون والمختصون في العلوم البيولوجية والفيزيولوجية العصبية وغيرها من ضروب العلم والمعرفة.

وبالرغم من الجهود الحثيثة ، فإن هذه المحاولات لم تسفر الى نتائج إيجابية ولم تؤد الى خفض حقيقي لحوادث العنف ، وعلى العكس فإن ظاهرة العنف بمختلف أشكالها, هي حتى في هذا العصر الصفة المميزة للسلوك الإنساني, وهي في تزايد مرعب ، ولها أن تعطي الإنطباع بأن شيطان العنف الإنساني قد أفلت من قمقمه وأن لا سبيل لإرجاعه إليه.

العالم الشهير سيجموند فرويد يرى أنَّ السلوك العدواني ناتج عن غريزة فطرية، وأنَّ العدوان رد فعل طبيعي لما يواجه الفرد من إحباطات، على مستويات مختلفة، وأن هذا الشعور ينبع من المشاعر والاتجاهات وتكون أسبابه اجتماعية ونفسية وأيضاً بيولوجية.

لقد بات من المؤكد أنَّ ثمة أسباب ودوافع أخرى تتسبب  في مثل هذا السلوك منها الحرمان والإحباط والغيرة والظروف الاجتماعية أو المادية والأسرية أيضا. وعوامل التربية والتنشئة المجتمعية هي التي تشكل شخصية الفرد، فإما أن يكبر بصفات وسلوكيات تجعل منه إنسانًا طيب الخلق والذكر، أو عدوانيا وغير مرغوب مجتمعياً، ولا قدرة لأحد على أن يتواصل معه أو أن يستمر في ذلك.

 صحيح أنَّ الشخصية العدوانية تحتاج لمن يأخذ بيدها، ويمنحها المشاعر الإيجابية النبيلة، لكن أيضًا على الشخص العدواني نفسه مسؤولية أن يراقب نفسه، ليدرك جيداً طبيعة الصفات التي يعيش بها، عليه أن يحاسب نفسه بما قام ويقوم به يوميًا، حتى يجد الحل لكل ما يعيشه ويعاني منه الآخرون بسببه، و إذا ما اشتدت وطأة الحياة وتأزمت الكلمة وعجز العقل عن التمييز بين الواقع والخيال، أو بين الشيء ونقيضه، عندئذ نلجأ للحكمة التي هي خلاصة تجارب الناس لمئات السنين ، والحكمة لا تأتي إلا من تجربة، والتجربة لا تأتي إلا بالعمل، وقيل قديما: اسأل مجرب ولا تسأل حكيم

عبد الخالق الفلاح

 

 

 

 

238
التواصل الاجتماعي في نظرة تاريخية للتنشئة

من الامور المهمة في حياة المجتمعات الحاضرة هي الالتزام بالقيم الاصيلة والتخلي عن التشويه وعدم اللهاث وراء الموضة والتقاليع الجديدة  و حركات الميوعة وخلق ذهنية وسلوكية تتناقض والقيم السائدة التي تنبع من إرهاصات تاريخية واجتماعية  تختلف باختلاف ثقافة تلك المجتمعات وبالتالي  تهديدها وتدميرها .

 بعد الثورة التكنولوجية الحديثة للتواصل وفي نظرة تاريخية للتنشئة حيث تبادل الناس قديماً المعلومات في المقام الأول مشافهة.او عن طريق انواع من الطيور( الزاجل ) المدربة التي تتميز بقوة اجنحتها وطول طيرانها  و تعلق الرسائل في رقبتها  او ينقلها عداؤون لمسافات طويلة. واستخدم الناس قرع الطبول، وإشعال النار، وإشارات الدخان للاتصال بالآخرين الذين يفهمون الرموز المستخدمة ، كانت كذلك الصور والرسوم هي الخطوات الأولى نحو اللغة المكتوبة ، وقد بدأ الفنانون قبل التاريخ استخدام سلسلة من الصور لحكاية قصة، كتاريخ رحلة صيد ممتعة أو عاصفة عنيفة و" شهد التاريخ سلسلة من ثورات الاتصال في البداية كلغة الإشارة حيث استعملت كوسيلة التواصل بين الناس، ثم اخترعت الكلمات المنطوقة لتسهيل التواصل، وبعدها اخترعت الكتابة التي ساعدت أيضًا في عملية التواصل، وعلى مدار السنين بدأ الإنسان يفكر ويخترع ، فتوصل لأهم وسائل الاتصال كالمنشورات، والجرائد، والتلغراف، والهاتف، والراديو، والتلفاز وهكذا توالت الاختراعات حتى جاء القرن العشرين الذي شهد ثورة حقيقية في الاتصال والمعلومات، فتم اختراع الانترنت الذي تطور بدوره فتم استحداث مواقع ومنصات اجتماعية كان لها دور كبير في نهضة البشرية" .

في عصرنا الحاضر سادة الثقافة كل الزوايا والمنعطفات الفردية والاجتماعية  للعالم وعادةً ما تحدّد الوتيرة التي ستسيرُ عليها طبيعةُ العلاقات وقلت وزادة اثر دخول وسائل الاتصال المختلفة للحياة التي أسهمت إسهامات عظيمة في تفعيل المشاركة لتحقق رغبة كل فئة في الاهتمامات والمساهمة في الأنشطة نفسها، كما أن لهـا دوراً مهمـاً فـي التشبيك والمنا صرة والضغط والتفاعل والتأثير على القيادات المجتمعية إذا ما أحسن استثمارها واستغلالها وتوجيهها بشكل جيـد في تحول الأقوال والأفكار والتوجهات إلى مشروعات عمل جاهزة للتنفيذ، لذا لا يمكن أن نعد التواصل عبر الشبكات الاجتماعية موضة شبابية تتغيـر مـع مـرور الزمن بل أصبحت وسيلةً لا بدّ منها في كل مجالات الحياة و أثرة في التنشئة الجيل الطموح للتقدم ايضاً وتقريب الروابط بين البلدان بشكل اسرع مما جعل العالم وكأنه قرية صغيرة لدرجة تلغي أية حواجز قد تتكون بينهم لسبب أو لآخر ،والتي ساعدت على سرعت نقل المطالب .

وبلا شك ان الإنسان مدنيٌّ بالطبع" حقيقةٌ لا يُمكن إنكارُها أو التغاضي عنها فإذا نظرنا للعلاقاتِ الإنسانيةِ مُنذ القِدَم وجدنا أنَّ الإنسان لم يستَطِعْ العيشَ بمُفردِهِ فحاولَ أنْ يُقيمَ العديدَ من العلاقاتِ الاجتماعيّة مع بني جنسهِ ابتداءً من عيشِهِ في مجموعات وانتقالهِ معها في عصرِ الإنسان الأوّل مُروراً بعلاقاتِ العملِ والتعاونِ والمشاركةِ، وانتهاءً بعلاقاتِ الزواج التي لا بُدّ من وجودِ نوعٍ من التشابُهِ التوافقِ بينَ الاشخاصِ الذين يسعى الإنسان للتعاونِ معهم والاختلاطِ بهم، كأنْ يكونَ هناك توافقٌ فكريّ، أو ثقافيّ، أو معرفيّ، أو اجتماعيّ و لا يشعر الفرد بالدونيّة أو النقصِ حين يتبادلِ الأحاديثَ أو المُعاملاتِ مع الفرد الاخر". ووسائل الاتصال هذه لها فوائد جمة منها:على سبيل المثال  التعلم والتشبيك، فالتعلم المساهمة في تثقيف الأفراد، وتوسيع مداركهم وآفاقهم،المساهمة في مواكبة أحدث التقنيات، والاكتشافات، والمنتجات الجديدة،التسويق للنشاطات المجتمعية المختلفة، المساعدة في التغلّب على الحواجز اللغوية وعملية التواصل مع الأفراد بشكل خاص ، وتميز ببروز دور الفرد كفاعل في صياغة وتشكيل وانتشارنوع جديد من الاعلام،والتعبير في الاتجاهات والأفكار كافة داخل المجتمع في ظل حوار تكون ركيزته الندية بين الفرد والنخبة والجماهير .

كذلك يلعب الإعلام في وقتنا الحاضر دوراً كبيراً في ضخ المعلومات الخبرية الثقافية والاجتماعية والسياسية ...الخ الى الرأي العام فهو يشكل عصب الحياة نظراً لذلك الدورالسريع  والتأثير على مختلف السياسات العامة للشباب، وبكونه سلاح ذو حدين أولهما ايجابي يساهم في بناء المجتمعات وتوعية الشباب وسلبي اذا ما استغل بشكل خاطئ يعمل على تفتيت المجتمع وتخريب أذهان الشباب  ،ومن وجهة نظر البعض أنها أثرت على العلاقات الاجتماعية وصلة الرحم بشكل سلبي حيث قربتْ البعيد وبعدت القريب والأهـل ملزمون بتعليم أبنائهم الصح والخطأ والإشراف عليهم وإرشادهم إلـى اسـتغلال هـذه التكنولوجيا بشكل صحيح حتى لا يقعوا في الانشطة الانحلالية مثل الادمان واهدار الوقت والتفسخ الجنسي والسلوكيات المغرضة والمشاركة في الامورالعائلية وتفكيكها والضياع في الاحلام الوهمية .

 بحسب آراء بعض الأطباء النفسيين ،هي تخلق حالة من السكون والخمـول لأن الشخص عندما يقوم بذلك فهو سيفقد متعة الحياة من مغامرة وتشويق وتعارف مباشر واطلاع اقرب وتجارب أكبر، وقد يظهر في الكثير من الاحيان الفَرْدُ خِلاف ما يُبطِن ، فهذا يعني انه يحدث شَرْخًا عميقًا بين الفرد والمجتمع ، كما يعني أن المجتمع بكل مؤسساته يَضغط على الفرد لِسَلْب ارادته الخاص، ومَنعه مِن التعبير عن أفكاره بحُرِّية ، وهذه الخُطوة الأُولَى لتدجين الفرد ، وإدخاله إلى الحظيرة ، وتحويل المجتمع إلى قطيع يُساق إلى حافة الهاوية . وسياسةُ حافة الهاوية التي تُكرِّسها السُّلطة في المجتمع المُحَاصَر ، هي منهجية شديدة الخُطورة ، لأنها تُحوِّل الفَردَ مِن كيان إنساني جوهري قائم بذاته ، إلى شيء هامشي عَرَضي في مَوضِع العَرْض والطَّلَب ، وتُحوِّل الأنساقَ الاجتماعية إلى سِلَع في أيدي أصحاب السُّلطة القادرين على الدَّفْع ، وَمن امتلكَ القُدرة على الدَّفْع ، امتلكَ القُدرة على الكلام . والجديرُ بالذِّكر أن سياسة حافة الهاوية تُقَدِّم صُورةً خادعة عن المجتمع ، فيظهر مَجتمع القطيع للناظر إلَيه مِن بَعيد مُجتمعًا مُنظَّمًا متماسكًا ذا مَسار واحد ، وهدف مصيري مُشترك . وفي حقيقة الأمر عند ملامسة ذلك المجتمع بشكل مباشر تراه ، إنَّهُ مجتمع مُفكَّك مِن الداخل ، وأنساقه الاجتماعية مضمحلة  لامحال تدريجيًّا ، وهذا يمثل الانتحارُ الاجتماعي التدريجي لها.

عبد الخالق الفلاح


239
هل ستكون الانتخابات العراقية فاصلة تاريخية...؟

العراق ذاهب الى الانتخابات العامة التي  تمثل صعوبة بالغة لإجرائها ونجاح إتمامها تنظيمياً  ولا تستطيع مؤسسات الدولة أن تراقب شفافية الانتخابات، وحاجتها لإنفاق يصل إلى مليار دولار، في وقت تعجز فيه الحكومة العراقية عن دفع رواتب موظفيها ومثل موعدها صاعقاً لرموز العملية السياسية في العراق، ممن يصرّول للتمتع الأقصى بمنافعها السياسية والمادية الضخمة.  أو إعلان التحفظ عن تحققها من دون ضمان نزاهتها وأمنها تحت ظل قانون انتخابي غير منجز ولا متفق عليه وغير كامل الاوجه و ستكون محطة فاصلة في تاريخه الحديث وفي ظل اقتصاد على شفيرالانهيارونظام سياسي يستشري فيه الفساد و كثيراً ما يأخذ الانسان العراقي الوهم في فائدة شأن الحكومات وحدود هذا الشأن غير ابهين من أن الحكومات قلَّما تأتي بالخير وكثراً ما تأتي بالشر، وليس عليهم إلأ أن يدافعوا عن انفسهم  إزاء مقتضيات المصالح العامة وحدها و إزاء إلفساد المنتشر ومن اهمال القوانين المهمة للمجتمع التي تنهض بالامة من غير أن تؤدي إلى إثراء المسؤولين مما يحتاج الى التفكير جديًا بتداعياته وقد توقع العديد من الخبراء في العلاقات الدولية بأن العراق بعد سقوط  نظام حزب البعث المجرم بقيادة صدام حسين في عام 2003 سيمثل مرحلة جديدة في لتاريخه السياسي والاقتصادي المعاصر، فمن الناحية السياسية سيبنى النظام على أساس الديمقراطية النيابية، والتعددية، ومبدأ تداول السلطة، وبالتخلي عن المبادئ القومية كمرتكز فكري، والتحول نحو الوطنية التي تعطي الأولوية للعراق ولكن زادت الهموم والمشاكل والفقر والحرمان والفساد ونهب الخزينة بالمشاريع الوهمية وهي بالاف  وتدهور المستشفيات وتدني حالة التعليم والصحة، وفقدان الأمن والارتفاع الجامح في الأسعار ولم تعد هناك دولة عراقية بالمعنى الحقيقي والذي نجم عنه فراغ دستوري، وفلتان أمني، وعمليات ونهب وتجاوز على ممتلكات الدولة والمواطنين على حد سواء، وعلى مشهد ومرأى من القوات الغازية والمحتلة وبرزت نزعات دينية وطائفية متطرفة ومتعصبة دفعت بها هذه القوات ، أدت إلى نشوب حربًا طائفية. الذي خلّف مجازر في حق الآلاف ودفع الملايين إلى النزوح نحو المجهول هربًا من الوضع الكارثي في البلاد من المذاهب المختلفة ، كل ذلك جرى في ظل عجز تام أو قصد من القيادات في ظل الصراعات التي ذهب فيها المواطن الى ما ذهب اليه اليوم ومن الواضح أن المجتمع لا يقف متفرجاً، بل إنه ينظم نفسه من القاعدة إلى القمة. والعراقيون متمرسون في هذا و طوَّر العراقيون قدرة مثيرة للإعجاب على التكيف مع الصعوبات ومفاهيم المساواة ومكافحة الظلم والوقوف بوجه السلطة والدفاع عن المقهورين كلها مفاهيم مشتركة. وتعلم الجيل الشاب من تجربة أهلتهكي يكون و يحتاج إلى رجال السياسة ورجال الأحزاب ورجال المجتمع المدني ودعم رجال الدين في الفترة القادمة حتى موعد الانتخابات وهي فرصة لهذه القوى لكي تثبت وجودها على الساحة وتساهم في مليء الفراغ السياسي الذي لعبت عليه قوى خذلت اكثر من ان تقدم شيئ مع الاسف وهناك العديد من رجال الحكم يوجهون الاتهامات الى نظائرهم بالفساد يريدون بذلك تبرئة انفسهم مما يحدث في البلاد من الفساد محاولين ان يقدموا انفسهم كافضل من باقي المسؤولين ولم يكونوا مؤهلين لقيادة البلد ولم يكونوا رجل دولة يؤمن بالوطن والشعب كي يسخركل الشعب، قدراته وإمكانياته لحماية مصالح دولته، والحفاظ على أمنها وتقدمها وازدهاره، ان رجل الدولة هو رجل السياسة مضافاً إليه كل القيم العليا للدولة، وكل المثل العظمى للسياسة، وكل المعايير المعتبرة للقانون، ويسلك طريقاً جماهيرياً، بعيداً عن مؤسسات الدولة، يبدأ بالطلبة والعمال والطبقات الوسطى صاحبة الحق ، وينخرط في الجماعات الاخرى ثم الأحزاب، بدل ان يظل هكذا خارج مؤسسات الدولة حتى يصل إلى السلطة، فيمارسها لمصلحة حزبية أو طائفية أو شخصية، ويفتقد الكثير منهم المهارات اللازمة  وقدرات رجل الدولة ويتوقع  انهزام أو غياب دور رجال السياسة الحاليين وقوى الاحزاب المختلفة في الانتخابات القادمة لانعدام الثقة الذي تراكمت لديهم على مدى سنوات 17 الماضية من  رجال السياسة وهناك مخاطره الكبيرة على مستقبل العملية السياسية ووحدة وتماسك المجتمع العراقي، ولهذا فان مطلوب منهم بأن يعيدوا هذه الثقة من خلال جهد حقيقي لا يكون الوصول الى السلطة أو المشاركة فيها هو الغرض الاساسي فيه. انما العمل الدئوب من اجل تحقيق المكاسب عملاً .

للحقيقة نود ان نقول بأن ساسة العراق وسياسيوه والذين أمسكوا بالسلطة والحكم فيه طوال السنوات التي تلت الغزو أوصلوا العراقيين بمواقفهم  إلى الفوضى وعدم الاستقرار، فبدل أن يوحدوا العراقيين فرقوهم، وبدل أن يكونوا عونًا لهم كانوا غير مبالين بهم ولا بأمورهم، فأُهدرت الأموال، وأُريقت الدماء واُنتهكت الأعراض ونًهبت الثروات وهم في كل هذه الأزمات تراهم صامتون لا يتخذون قرارات مناسبة للحل، وإن اُتخذت القرارات  فإنها ستكون مغايرة للمشهد وغير معالجة له، مما حدى  بالكثير من العراقيين القول أن من يحكم البلد اليوم ومن يمثل الشعب في أروقة الحكم هو مجرد دمى متحركة بخيوط يمسك أطرافها صناع القرار ، لدرجة أن الكثير منهم فقد الثقة في الدوائر السياسية والعسكرية المحيطة بصانع القرار العراقي في وقتنا هذا، ، وفقدوا القدرة لإيجاد حلول حقيقية يمكنهم الاعتماد عليها في بسط الأمن وتوفير الحياة الكريمة للعراقيين، و لم يفلحوا في ذلك إلى يومنا هذا كون أساسهم الذي بنوا عليه حكمهم كان ضعيفًا أوصل البلاد والعباد إلى دمار شامل في كل مرفقاتهم.

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

240
المرأة العراقية وضعف دورها في المشاركة المجتمعية

العمل السياسي في الدولة  هو المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات. و السياسية هي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار ، وهي من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه،لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب ، وترتبط المشاركة السياسية بالإهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق و تعدّ المشاركة السياسية مؤشراً هاماً يدلّ على مدى ارتقاء الشعب على سلم الديمقراطية، وعلى مدى تقدمه، واستعداده لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أيًا من أفراده؛ وذلك لارتباط المشاركة السياسية بمفهوم التنمية السياسية، الذي ينعكس على التنمية المستدامة بشكل عام. والمشاركة السياسية موجودة في كافة المجتمعات، إلا أن هذا الوجود يتباين بين مجتمع وآخر؛ فتنخفض في المجتمعات المتخلفة، أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث، بينما تزداد في دول العالم المتقدمة. الملاحظة المهمة هي ان العمل السياسي لا يتعارض مع طبيعة المرأة لانه يتطلب تعليما كافيا وفكرا وثقافة والتزاما بنصائح المجتمع وهذه حيثيات يمكن ان يتحلى بها عدد كبير من النساء. والاسلام وكذلك الاديان السماوية الاخرى لم تمنع المشاركة السياسية للمرأة.

ان ضعف مشاركة المرأة في المجال السياسي يعود الى عادات وتقاليد خاطئة تكرست عبر فترات زمنية  وانتشار ظاهرة رغبات الفردية والقبلية مع عدم الفهم الحقيقي لجوهر الثقافة  مما اوجد الكثير من الاختلاف حول دور المرأة وعدم وجود مرجعية اسلامية مسؤولة تضع الامور في نصابها الصحيح ووجود عدد من القوانين المجحفة بحق المرأة لفترات ممتدة مما حول نتائج هذه التشريعات الى اعراف وقناعات راسخة ليس من السهل تغييرها بسرعة.ولا علاقة لها بتعاليم الاسلام التي اعطت المرأة كامل حقوقها الانسانية وهذا واضح وصريح في كثير من الايات القرآنية قال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) صدق الله العلي العظيم ، من هنا فان العمل السياسي لا يتعارض مع طبيعة المرأة سوى انه  يتطلب تعليما كافيا وفكرا وثقافة والتزاما بنصائح المجتمع وهذه حيثيات يمكن ان يتحلى بها عدد كبير من النساء. والاسلام وكذلك الاديان السماوية الاخرى لم تمنع المشاركة السياسية للمرأة.

مما لاشك فيه ان  المرأة تمثل  نصف المجتمع لكن الحضارة البشرية عاشت فترات طويلة لا تعي لحقيقة دورها ولا تمنحها حقوقها العادلة مقارنة بنصف المجتمع الآخر( الرجل ) مما أثر في مشاركتها في الحياة العامة وعطائها الحضاري.

لقد عاشت البشرية قرون طويلة لا تعي لهذا الدور ولعل ذلك ما أدي إلي تأخر مسيرتها لفترات طويلاً ولكن أصبح العقل البشري في القرنين الماضيين والحالي علي درجة عالية من النضج لتقبل فكرة المساواة والمشاركة  وما أن بدأت المرأة في حمل شعلة التقدم بالمشاركة مع الرجل حتي قطعت الإنسانية دروبا أطول في التقدم والخير والرخاء للبشرية جمعاء ومن المتوقع المزيد حيث لم تدخل المرأة مجالا إلا وأثبتت جدارة منقطعة النظير بل وتفوقت علي الرجل في بعضه.

هناك اسئلة تُطرح اليوم حول مدى جدية ورغبة الأنظمة الحاكمة في إفساح المجال أمام مشاركة المرأة في صنع القرار، وما إذا كانت دعوات المسؤولين في دعم المراة فهل هي نابعة من قناعات حقيقية بأهمية دور المرأة في الحياة العامة ، تعد مشاركة المراّة في الحياة السياسة هي ظاهرة حضارية ودليل على وعي المجتمع وتطوره إلى جانب اخر انها ظاهرة ثقافية والتي هي أيضا ظاهرة سياسية حقيقية . ان الديمقراطية تتطلب مشاركة جميع أفراد المجتمعء وتتطلب مشاركة أوسع للمرأة لأن جميع أفراد المجتمع يتطلب مشاركة أوسع من النساء لأن النساء قدمن تضحيات كثيرة و المرأة العراقية تعرضت للمخاطر والاتتهاكات ودورها مهم في بناء المجتمع كونها الحجر الاساس في الديمقراطية.

اننا بحاجة الى تحرك اجتماعي يؤثر في سلوك الناس وفي ثقافتهم ويؤثر في فكره الادوار الاجتماعية التي نتعامل  بها حاليا بحيث تصبح الادوار الاجتماعية حسب الكفاءة والقدرة وليس حسب الجنس فقط ونحن بحاجة الى زمن حتى نصل الى مرحلة من التوافق والانسجام مع الادوار المختلفة لا تؤدي الى التقليل من شأن من يمارس دورا غير الدور النمطي الذي اعتاد المجتمع عليه مع التأكيد على اهمية دورها في  تربية الاطفال وتوجيههم وغرس القيم النبيلة في نفوسهم، ان ذلك يتطلب ان تتعرض المرأة الى انماط ثقافية جديدة لفترة زمنية تؤدي الى اكتسابها ثقافة وسلوكا معينين يهتمان بنقل مجموعة من القيم والمعتقدات والمعايير من جيل الى اخر، فالتدريب على الممارسات في الحياة العامة للمجتمع مسألة ضرورية للمشاركة السياسية وذلك عن طريق التوافق بين الادوار السياسية والافكار الاجتماعية .في العراق لم تنته الهيمنة الذكورية عند ذلك الحد و يبدو أن بعض الكتل السياسة تعمدت ترشيح بعض النساء غير المؤهلات لقيادة الوزارات، مما ألقت بظلال فشلهن  على إدارة دوائر ومؤسسات الدولة المركزية والمحلية في الغالب، و تفرض الأحزاب والكتل السياسية هيمنتها على الإدارات المحلية وتكلف رجالها بأعمال الإدارة والمتابعة والتوجيه، وبشكل لافت فقد غيبت النساء عن ساحة المفاوضات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة والقضايا الوطنية المصيرية.ونحن بحاجة الى دور تربوي ودور عميق للاحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني بمساعدة الحكومة للوصول الى تغيير في انماط التفكير وبالتالي سلوك التعامل مع المجتمع ككل والمراة تعطيها الخصوصية اللازمة ، ويقول يقول الرسول صلى الله عليه واله وسلم: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة) ومعنى أحرج: أضيّق على الناس من تضييع حقهما وأشدد عليهم في ذلك ، فلا يمكن تعطيل المنافع بدافع الاصلاح والإيمان بأن هناك حلول وسط وأن يصلح الرجال النساء وتصلح النساء الرجال من الأجيال الشابة التي تملك فرصة التغيير والتطوير.

أن إصلاح الدولة والمجتمع يبدأ بصلاح الأفراد والتزامهم بالأخلاق الفردية و بإصلاح العلاقات المنحرفة في المجتمع والقلب الصادق والعين البصيرة هي التي تعطي كل ذي حق حقه.

عبد الخالق الفلاح


241
القدوة والقيادة...ما لها وما عليها

تبقى القيم والمثل العليا حقائق مجردة، لا تأثير لها و لا فائدة، حتى تتحول إلى نموذج عملي في حياة البشر، فتؤثر في تصرفاتهم، وسلوكياتهم، وعاداتهم وتقاليدهم. وعاداتهم وتقاليدهم والقيادة الحضارية للأمم لا تحتاج لناسك متعبّد في صومعته يدعو الله بالنصر والتمكين للأمة دونما جُهد أو عمل أو تضحيات بل تحتاج لدخول جميع مناهل العلم والمعرفة والبراعة فيها، والبحث عن كل جديد تعارفت الحضارة عليها.

إن من اكبر الأزمات التي تعاني منها المجتمعات اليوم هي إنعدام الشخصيات القيادية الفاعلة والمؤثرة يجسد الغاية والمثل الأعلى للقيادة، تبقى عينيه على الأهداف العالية .والقادرة على صنع القرار وإحداث التغيير ، يعيش العراق من تخبط للخروج بالبلد من المنزلق الخطيرالذي هو فيه وحجم الكارثة التي تعصف به لفقدانه لمثل هذه القيادة ، وضخامة المأساة و الازمات التي يقاسيها الشعب ،والتعطش لتحقيق العدالة والبناء  وإعادة تأهيل الوطن والمواطن رغم توفير كل الامكانيات .

الامة التي لا توجد فيها قيادة صانعة ومؤثرة وتخلق إنجازات ذات طبيعة ملموسة تساهم في ظهورها بالمجتمع عن طريق تأثيرها في أغلب مجالات الحياة سواء الدينيّة أو الاجتماعيّة أو العمرانيّة أو السياسيّة بلا محدوديات ، لاشك ان تلك الامة  تتلاشى  بسرعة وتضيع قيمها وتنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم فلا يرون بها بأسا ولا يرفعون لها رأسا، وكم سادت امم ولو كانت كافرة وعلت على غيرها بتمسكها بمحاسن الأخلاق كالعدل وحفظ الحقوق وغيره، وكم ذلت امم ولو كانت مسلمة وضاعت وقهرت بتضييعها لتلكم الخصوصية .

من الطبيعي ان كل خطوة  للاصلاح تحتاج الى القدوة الذي يجب ان يتبع بالسلوك والقيم والاداء والاخلاق افضل السبل في الممارسات العملية، فهو الطليعة الرائدة التي ترسم المسار السليم والصحيح الذي يجب ان يسلك ويمارس ، و القدوات التي تشعر بالمسؤولية الوطنية هم من يتبنون الاصلاح والصلاح لتغيير الاحوال نحو الافضل لان  ( ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )ويتحولون إلى نماذج عملية على أرض الواقع.

 تعرف القيادة: ان تكون في الطليعة، أي أنها عملية أمامية تنتج عنها عملية أتباع الطرق الصحيحة للعمل المشترك، ولا تقتصر على التوجيه، والإرشاد كما هي الحالة في عملية السوق والتي تكون بطبيعتها خلفية وبأنها قيام الشخص او مجموعة بعملية إقناع مجموعة معينة لتؤدي دورها في الادارة معها، والسعي للوصول إلى تحقيق أهداف منشودة عن طريق استخدام منهج عملي فكري للاقناع بدلا عن استخدام القوة.

لا يخفى على أي إنسان يعيش في عصرنا، ويرى واقعنا، ويشاهد إعلامنا، أننا نعيش أزمة غياب القدوة الحسنة، والتي تأخذ بأيدي الناس إلى الخير ، قدوة تقدم البذل الصامت على الكلام البرّاق، وتتبع الصدق من فعلها قبل كلامها، تحمل استراتيجيات التفكير الإيجابي تتمثل في استراتيجية التجزئة وتجزئة الأهداف،وهي :ا-  واستراتيجية اكتشاف المواهب ومعرفة مواطن القوة بالداخل أو فريق العمل،2 - استراتيجية القيمة العليا التحديات والتطلعات، 3 - استراتيجية البدائل من لديه أكثر من طرح لديه الحل، 4- استراتيجية تغيير التركيز ويتم التركيز على التفكير الإيجابي، 5- استراتيجية التعريف الإيمان بالقدرة على النجاح. القيادة يجب ان تحكم موازين الحق والعدل  بعيداً عن الاهواء والمصالح والمنافع الشخصية ، لتنقذ المجتمع من الانهيار السلبي بعد ان تتسلل اليه مفاهيم وسلوكيات خاطئة وقناعات غير صحيحة واوهام بأعمال عظيمة، تقود الزمرة الى الفساد اياً كان مواقعها ومكانتها وامكانياتها ويتوهم البعض انها ستحقق لهم مصالحهم وتزرع شخصيات لها في كل مكان لتحقق لهم مصالحهم بذريعة الامن ، فهذا ليس المسار الآمني الذي يحقق للمجتمع وللوطن الاستقرار والسلام المجتمعي المطلوب.

لا بد من القائد ان يتعلم منه الاخرين ويحمل مواصفات القيادة وأن يكون قدوة في خلقه وفي أسلوب عمله وفي فكره ومبادئه وفي طريقة تعامله مع الناس، الصغير والكبير. ونجاحه يحفز الشباب على الإقتداء به والسير على خطاه ،لكي يسعى بأفراده، ومرؤوسيه نحو الهدف، وإلا كانت أقواله في طريق، وأفعاله في طريق آخر. وكانت أقواله لا تبني ، وأفعاله تهدم. لأنه لا قيمة لكلمات ميتة لا حراك فيها ولا تأثير ، يحترم آراء الآخرين، سواء كانت مؤيدة له، أو معارضة فلكل إنسان الحق فى إبداء رأيه، فاختلاف الآراء لا يفسد للود قضية، كما يُمكن تعلّم أشياء جديدة من تلك الآراء، أو رؤية موقف معيّن من زاوية مختلفة وإظهار الإيجابية دائمًا حتّى عند الشعور بالانزعاج من أمر ما، وتشجيع الآخرين على المثابرة ومواجهة المشاكل. هناك متاهات واسعة والحياة مليئة بالشهوات والمغريات وتتشعب فيها الطرق وتتعدد فيها الخيارات ولا بد لكل انسان من خريطة واضحة المعالم تدله على طريق النجاة وتنبهه من المخاطر، فهي مزروعة بالالغام وعلى الانسان ان يحذر منها وعليه ان ينتهج نهج القدوات الصالحة التي تجسد له برنامج الهداية والصلاح وتقدم له تجربة حيه بالالتزام بالقيم والاستقامة فوجود القدوات الصالحة الناجحة يحقق النتائج والاهداف المرجوة.

ولا شك ان الشباب من حيث الادراك والعقل يتأثرون بما يرون ويشاهدون من شخصيات رسمية ومجتمعية وخاصة صاحبة نفوذ واقتدار، حيث ينطبع ذلك في اخلاقهم وسلوكياتهم سواء كان ذلك حسناً او سيئاً وهذا من اسباب التقليد والقدوة، فهناك المطيع وهناك العاصي وهناك المهتدي والضال والراشد والغاوي ومن الصعب استواؤهم على حالة واحدة فان المرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل حتى لا يقع المرء في في الانحرافات والمحرمات .

لا بد من القدوة في اي مجال عمل ،في البيت ، و الطريق، وفي جميع شئون الحياة، حتى يأتي العمل أكلها ، بعد ان يينع غرسه ، فالكلام إذا خرج من القلب دخل في القلب ، وإذا خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان، القيادة تلد مع الطفل ، وتنمو معه حتى فراش موته حيث يتصرف نحو من هم تحت ثمرته  بأخلاق حميده تخفف عنهم أثقال وأعباء وعواطف فقده. من يتمتع بموهبة القيادة عليه أن يعرف أن حصنها الحصين في مناعته ضد كل ما مكروه من الآخرين حوله. وأهم من ذلك في حسه وطموحه وشوقه بأن يكون قائدا أو يكون تابعا. والقائد الجيد الناجح هو الذي يعتد بأخلاقه وتصرفاته ويثق بها وبجدواها ؛ لا لكي يحقق مصالحه الشخصية، بل لتحقيق مصالح الآخرين والوطن كله. القائد الجيد الناجح هو الذي يؤثر على الآخرين بما يقوم به ، وليس فيما يقول وحسب.

اننا امام تحدي لايجاد قيادة وقدوة صالحة وتتمثل في تحديين اولويات القائد ثم من هم حوله ، والثاني (خارجي) بمحاولة البعض السيطرة وافساد اخلاق الامم والشعوب بتشوية صورة القيادة القدوة او من حولها. الامة في حالة شوق وتوق لان يتخذ الاجراءات الكفيلة لوقف هذه السلوكيات التي يتمادى اصحابها  ويصبح هناك الكثير من يريد ان يقتدي بها وان ينحسب عليهم، وهناك جيل مهدد بالضياع وهو يعاني الامرين وهناك جيل اصبح الاغتراب بالنسبة له هو الحل الامثل بعد ان ضاعت بوصلته الحقيقية في وطنه بسبب هؤلاء المتنفذين، فلا نريد ان يصبح الفساد ثقافة مجتمع وممارسة يقوم بها نخبة لهم نفوذهم وسطوتهم لا نستطيع ان نجادلهم وهناك جوانب لا نستطيع اغفالها و تظل القيم والمثل العليا حقائقَ مجردةً لا تأثير لها ولا فائدة حتى تتحوَّل إلى نموذج عملي في حياة البشرمن خلال قيادة حكيمة ؛ تؤثر في تصرفاتهم وسلوكياتهم وعاداتهم وتقاليدهم، فلا بد من ان يكون القائد  قدوةً لكي يسعى بأفراده ومرءوسيه نحو الهدف، وإلا كانت أقواله في طريقٍ وأفعاله في طريقٍ آخر، والقيادة الحسنة كما يقول الاديب الكبيرعباس محمود العقاد :هي القيادة التي تستفيد من خبرة الخبير وتستفيد من شجاعة الشجاع.

عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

242
  الموظفون ضحية سوء الادارة والموازنات المنهوبة

عاش الملايين من الموظفين والعمال خلا ل الاسبوعين الماضيين القلق وهم ينتظرون ثمرة جهودهم بعد شهر من العمل وهي الرواتب على أحرّ من الجمر رغم تأكيد "وزارة المالية بأنها ملزمة بالايفاء بالتزاماتها القانونية على رغم النقص الحاد في الإيرادات الذي يواجه البلد، وتتطلع الى التعاون مع مجلس النواب والجهات ذات الصلة من اجل وضع الحلول السريعة لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية الحالية "وهو العهد الذي لم تلتزم به مع الاسف.

 العراق في الوقت الحالي يرواح تحت  ظلال اقتصاد يعاني من تحديات كبيرة تتمثل في ارتفاع حجم المديونة  التي تراكمت في السنوات الأخيرة من جهة، ولجوء الحكومات السابقة إلى سياسة الاقتراض مما زاد من حجم العجز وخاصة الخارجية منها ، وتسديد مستحقاتها وفوائدها رغم ان مقدار الاموال التي خصصت في الموازنات العامة الاتحادية للسنوات الست عشرة الماضية مهولة ومخيفة ومرعبة، وان مشكلة العراق ليس في الاموال بل في سوء ادارتها، ولم تكن هناك  نقطة شروعه من هذه الموازنات لمحاكمة من تسبب في هدر وسرقة هذه الاموال والتي قدرها وزير المالية الحالي د. على العلاوي ب250 مليار دولار وعام بعد عام تفاقم نسبة العجز الذي وصل الى ارقام مخيفة نتيجة استمرار آفة الفساد المالي والإداري المستشرية في هذا البلد منذ ابتلائه بالنظام الجديد وكانت المواطن يشعر بأنه سوف يعيش في ظلاله بنعمة كانت يفتقر اليها ولكن اصطدم في سوء الإدارة الذي تسبب بهدر معظم الموارد والثروات وذهابها الى جيوب الفاسدين، في البلد الذي يعتبر أحد أغنى دول العالم نفطا، فإن خُمس السكان تحت خط الفقر، وتعاني البنى التحتية من الترهل ولم يتم أبدا تجديدها، في وقت تبخر في 17 سنة ضعفا الناتج الإجمالي في جيوب سياسيين ومستثمرين مشبوهين وتهريبها الى الخارج في ظل غياب المحاسبة القانونية .

إن مبلغ المديونية العراقية كبير جدا، وذهب جزء الاكبر منه إلى جيوب الفاسدين وبعض الأحزاب السياسية، عبر المشاريع الوهمية في ظل غياب الشفافية منذ عام 2003 تقدر بالاف إذ اصبح العراق يوصف بأنه واحد من أكثر البلدان فساداً على مستوى العالم، حيث يحتل المرتبة متقدمة  من أصل 168 بلداً في تصنيف الفساد، وان ارتفاع نسبة الفساد فيه أصبح سبباً لهدر الموارد والثروات وفقدان التخطيط والإدارة لأموال الدولة لريعية الاقتصاد العراقي و الذي لا خلاص منه إلا بهدم الأساس الذي يعتمد علية  هذا الاقتصاد وعدم الاستفادة منه واستثماره بالشكل الصحيح ودون وجود ميزانيات ختامية سنوية كما يجب ان تكون و الحكومة تقف الآن عاجزة عن معالجة المشاكل الكبيرة في الموازنة السنوية، وتوجه صعوبات في إعداد مشروعها في وقت يعاني فيه البلد أزمة مالية خانقة ناجمة عن انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويعتمد العراق بنحو 97% على إيرادات النفط لتمويل موازنة البلاد السنوية وستضطر الى اتخاذ عدة اجراءات لمعالجة العجز غير المسبوق فيها، بينها اللجوء الى القروض الداخلية والخارجية التي  تطالب بها الحكومة ويعارضه مجلس النواب لانه يعتقد انه سوف يضيف عبئا آخر على  الموازنة التي سيبقى عجزها الكبير مستمرا الى نهاية العام الجاري والتي قد تصل إلى اكثؤ من  (48) ترليون دينار، والتي يمكن  تقليصها من خلال إلغاء العديد من الأبواب، ولكن الى الحد الذي يكون مقبولاً في دولة نفطية مثل العراق" .. ولا يمكن تمويله بأي طريقة اخرى، وفي حال تمرير الموازنة بهذا العجز دون البحث عن طريقة لمعالجته فانه يعد انتحارا اقتصاديا واللعب على وتر الرواتب بلاشك يترك اثاراً سلبية على نفسية العوائل بشكل واضح والكبيرة وانعكاسته على حركة السوق، وادى الى سلسلة من التداعيات بضمنها تعاظم حجم الضرر. يحصل هذا في وقت يشهد فيه اقتصاد البلاد حالة من الركود والانكماش، وترتفع نسب الفقر والبطالة، ويتلكأ توزيع مواد البطاقة التموينية التي تمثل الغلى التي تعتمد عليها العوائل الفقيرة والمستورة أصلا والمحدودة .

ومن باب اخر يستمر الجدل بين الحكومة ممثلة بوزارة المالية ومجلس النواب، بشأن رواتب الموظفين بعد ربطها بمصادقة مجلس النواب على قانون الاقتراض الجديد.

دون النظر في ماهية ذنب المواطن والموظف ليتحمل كل هذه الممارسات ، وهو كان وما زال الضحية الأولى للسياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة منذ سقوط النظام ، ولتفشي  الفساد وهدر المال العام وضياع فرص حقيقية لتحقيق التنمية وتقليل الاعتماد على عائدات النفط المصدر، وتنويع الاقتصاد الوطني وتفعيل قطاعاته الإنتاجية.

وفيما يتعلق بالعراق، يمكن القول إن الفساد الإداري والمالي ليس وليد اليوم بل هو متجذر في البنية المجتمعية منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 م وهذا يكشف عن أحد الأسباب المهمة التي تبلورت عن تلك الظاهرة الخطيرة التي تقف عقبة حقيقية في طريق تقدم عملية التنمية بأصعدتها المختلفة كافة عبر جميع المراحل التي مرت بها الدولة العراقية مبددة للطاقات البشرية والمادية (الموارد الاقتصادية) ومكرسة لحالة التخلف في مجتمعنا العراقي . بكافة أنواعه في مختلف مفاصل الدولة ، وجعل من المجتمع العراقي في ان ينقسم إلى فئات ذات غنى فاحش وأخرى فقيرة، ولعل هذه الحالة التي تثير الجدل بين الأوساط الشعبية. ما جعل من الموازنات العامة للدولة غير قادرة على تنفيذ أهدافها المرسومة لها من قبل السلطة التشريعية بشكل مقنع رغم المبالغ الضخمة التي تحتويها، والتي توهم بأن هناك تنمية انفجارية قادمة.

من جانب آخر يتوجب الكف عن اعتماد الحلول التي تبدو سهلة، لكنها ذات تداعيات  خطيرة. فسياسة الاقتراض ترهن الاقتصاد العراقي وموارد البلد الى الدائنين وتُراكم المديونية وما يترتب عليها من فوائد، كما تشل التوجه نحو مباشرة تنمية حقيقية .

ولابد من تأكيد أهمية وضرورة الشفافية والملموسية  في ما يخص موارد الدولة وآليات التصرف بها، وان تعمل الدولة ومؤسساتها المختلفة وفِي المقدمة الحكومة، على تجنيب المواطنين وخاصة الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود،  تبعات الازمة المالية الراهنة .

عبد الخالق الفلاح


243
الصدق ركيزة مهمة في بناء المجتمع

إنّ حُسن الصدق يعني النطق بالحق فمن حفظ لسانه عن الإخبار عن الأشياء على خلاف ما هي عليه فهو صادق. واساس بناء المجتمع  وركيزة أخلاقيّة مجتمعيّة دينيّة هامة و تفرز منه النفوس الكريمة، والطبائع السليمة، والعقول الحكيمة ومطابقة القول والفعل للواقع هو من أشرف الفضائل النفسيّة الإنسانيّة ومن البديهي أن اللسان هو أحد أهم أدوات التفاهم والتواصل بين البشر قال أمير المؤمنين علي عليه السّلام "ملاك المروّة صدق اللسان و بذل الإحسان"، والترجمان العملي لأفكارهم وما يدور في خلدهم؛ وعلى ذلك فصدقه عاملاً مهما في نشر الثقة بين أبناء الأسرة الواحدة، وأبناء المجتمع الواحد مما يؤدى إلى الاستقرار والمحبة والتماسك والترابط وزيادة أواصر التفاهم والتعاضد بين أفراده، كما أن الصدق في العمل من أعظم أسباب التقدم والرقى و يجعل الله للمرء في الناس خير له من المال يورثه غيره  فقد قال الله تعالى ( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) المائدة119). قال النبي صلى الله عليه واله وسلم " بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ وَاللَّهِ يَا هَؤُلَاءِ لَا يُنْجِيكُمْ إِلَّا الصِّدْقُ فَليَدْعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيهِ ،ولسان الصدق هو أن يذكر الإنسان بالخيرويثنى عليه كما قال الامام علي ( ع ) و قال سبحانه:  ( وَاجْعَلْ لِي لِـسانَ صِدْق فِي الآخِـرِينَ) الشعراء 84 عن الحسن بن علي بن أبي طالب –عليهم السلام- قال: "حفِظْتُ من رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: دَعْ ما يَريبُك إلى ما لايَريبُك؛ فإنَّ الصدقُ طُمأنينةٌ، وإن الكَذِبَ رِيبةٌ،

اما انواع الصدق الصدق بالقول: وذلك من خلال التحدث بالوقائع والحقائق من غير اللجوء للتحريف أوالتغيير والتزوير،الصدق بالفعل: وذلك من خلال تطبيق القول بالفعل، فالصادق لا يغش ولا يخدع، ويوفي بعهوده وقسمه، ،الصدق بالعزم: وذلك من خلال التزامه بأفعال الخير، والابتعاد عن أفعال الشر،الصدق بالنية: وذلك من خلال إخلاص نيته لله تعالى في أي قول أو فعل يقوم به، ولا يكون قصده الرياء،الصدق بالدين: وذلك من خلال التزامه بأداء العبادات والصبر والتوكل الدائم على الله تعالى. الصدق ضدُّ الكذب، صَدَقَ يَصْدُقُ صَدْقًا وصِدْقًا وتَصْداقًا، وصَدَّقه: قَبِل قولَه، وصدَقَه الحديث: أَنبأَه بالصِّدْق، ويقال: صَدَقْتُ القوم. أي: قلت لهم صِدْقًا وتصادقا في الحديث، يعد الصدق محور عملية القياس إذ أنه يشير إلى أن الاختبار يقيس ما وضع لقياسه وأن إجراءات التقويم المسؤولة يجب أن تكون صادقة،

وصدق الاختبار يتعلق عادة بمدى خدمته للأغراض التي وضع من أجلها، كما يقصد بصدق الاختبار مدى صحة التفسيرات المبنية على نتائج الاختبار. من توصف بهذه الصفة وتخلق بها تتحلى به الفضيلة، وخلص نفسه من كل رذيلة فهو سيد الأخلاق، ورأس المكارم والفضائل، وعنوان الشمائل، وجامع الخصال،

والشاعر يقول وذو الصّدقِ لا يرْتابُ، والعدلُ قائمٌ عَلَى طرقاتِ الحقِّ والشرُّ أعوجُ ونِيّاتُ أهلِ الصّدقِ بِيضٌ نَقِيّة ٌ وألسُنُّ أهْلِ الصِدْقِ لاَ تتجلَجُ ، الصدق بذرة صالحة تُغرس في نفس الإنسان وحياته، فتقتلع الصفات السيّئة لتثمر ثقة الناس، بدونه تتهاوى بقية القيم، ويقع الفرد في الفواحش واحدة تلو الأخرى، مما يوجب علينا أن نحرص على التحلّي بهذا الخلق الفضيل، والحرص على أن نصدُق حتى في أصعب المواقف، ففي قول الصدق نجاة مهما كلّف الأمر، وفي الكذب مضرّة مهما طال الزمان.. فهو يعتبر من الأخلاق الحميدة الحسنة، ويعتبر الجوهرة الثمينة في حياتنا العامة، وهو كلّ الطمأنينة والراحة، لما له من آثارٍ جميلة وكبيرة في حياة الفرد والمجتمع أيضاً. وهو من أساسيات شيوع الّتفاهم والانسجام بين عناصر المجتمع وأفراده، وذلك ليستطيعوا النّهوض بأعباء الحياة وتحقيق الغاية والهدف منها، وله اثاره وانعكاساته في الحياة. في نظام المجتمع السعيد، ورمزٌ لخلقه الرفيع، وهو الدليل على استقامة أفراده ونبلهم وهو الوسيلة لكسب الثقة والائتمان بين النّاس.كما أنّ له آثاره ومعطياته في توفير الوقت الثمين، فعندما يصدق المتبايعون في مبايعاتهم يرتاح الجميع من عناء المماطلة وضياع الوقت في نشدان الواقع، وتحري الصدق. وإذا تواطأ أرباب الأعمال والوظائف على التزام الصدق، كان ذلك ضماناً لصيانة حقوق النّاس .وللعيش في حياة كريمة هانئة وتعايش سلمي، وذلك نتيجة لاستقرار الفرد، وانعكاسه على المجتمع ككل وشيوع الصدق أداة فعّالة لرفع الفرد وكمال أخلاقه، وهو السبيل لسعادة الفرد في كافة المجالات، بدءً من إستقراره النفسي، إلى العقود و المعاملات من بيع وشراء وغيرها، وهو من الكمالات النفسية على الصعيد الإنساني، فقد كانت صفة الصادق الأمين مرافقة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في زمن الجاهلية، مما يدل على محبوبية هذه الصفة من النفس والفطرة.

ومن انواع 1- الصدق المحتوي: ويطلق عليه أحيـانا اسم الصدق المنطقـي، أو صدق عينة السلـوك أو الصدق بحكم المفهـوم وهو متعلق بالصفات الداخلية للاختبار، ويستخدم هذا النوع من الصدق عندما يكون الهدف من تطبيق الاختبارووصف وتحديد الوظيفة

المرادلتحقيقها من الاختبار،لذا فإن الصدق الوصفي يعتبرشرطاً لازماً لحساب صدق المحتوى، ويعتبر الهدف الأساسي،

 2-الصدق المرتبط بالمحك: ويطلق عليه عدة تسميات منها الصدق العملي أو الواقعي؛ الصدق التجريبي، ويقصد به مجموعة الإجراءات التي نتمكن من خلالها من حساب الارتباط بين الاختبار الحالي ومحك خارجي مستقل

3- صدق التكوين الفرضي: ويقصد به مدى استيعاب المفهوم المقاس للوقائع أو الأنماط السلوكية الواقعية بفحص أي الخصائص يقيس الاختبار بمعنى أن نحدد المفاهيم التفسيرية والتكوينات النظرية المعينة المسؤولة على الأداء و الاختبار،واخيراً وليس اخراً ان الصدق يعني: تطابق ما في قلب الإنسان وما ينطق به لسانه مع ما في جوارحه أخذا بعين الاعتبار مطابقة كل ذلك للحق لواقع الأمر كما هوعند الله عز وجل. وإذا لم يكن هناك تطابق بين هذه الأشياء الثلاثة فمعنى هذا أن هناك خلل ما ينبغي إصلاحه حتى يكون المجتمع صالحاً وعبادة الإنسان خالصة وصادقة لله وحده.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي



244
تركيا والازمات الاردوغانية المتعاقبة
بعد مقتل العشرات من الجنود الأتراك في معركة إدلب بشمال غرب سوريا، وفي طرابلس بليبيا الم يحن الوقت لكي يراجع  أردوغان  اوراقه أمام الشعب التركي الذي كان يعده بأنّه سيحقّق له السلام والأمان، ولن يهدر دماء أبنائه، وهو وعد لم يستطع الوفاء به لحد الان ، ويعيش في وسط بؤر للتوترات والأزمات التي يرى فيها نظامه مناطق صيد له يصب الزيت على النار من خلال تصريحاته وسلوكياته على الأرض بدعم استدامة الفوضى وخوض اللعبة مع الطرف الذي يرى في دعمه مصلحة له ولأجنداته التوسعية في المنطقة  وقد قام  بنقل أكثر من 300 مقاتل من الفصائل الموالية لها، غالبيتهم العظمى من فصيلي "السلطان مراد" و"العمشات"، من بلدات وقرى بمنطقة عفرين شمال غرب حلب، حيث قالوا لهم بأن الوجهة ستكون إلى أذربيجان مقابل مبلغ مادي يتراوح بين الـ1500 إلى 2000 دولار وهذه البيانات تثير قلقا شديدا، لأن مثل هذا المسار للأحداث سيؤدي إلى كارثة إنسانية، ليس فقط إصابات بشرية، ولكن أيضا وحشية ودمار. وهناك جهات تتحرى هذه المعلومات في مشاركة مقاتلين من جنسيات مختلفة بالقتال نقلوا من جبهات سورية لزجهم في هذه المعارك  للتخلص والتخفيف عن اعدادهم بعد ان ضاقت بهم جبهات القتال اثر تقدم الجيش السوري وتحرير مساحات واسعة من الارض وظهر هناك فيديو نشر يعلن عصيان اعداد من هؤلاء " الجهاديين" من المشاركة في هذه المعارك الى جانب الجيش الاذربيجاني بعتبارهم من الشيعة .
من خلال هذه تصرفات يمكن الاستنتاج من ان حالة الحرب هي الحالة الأقرب لسلوكيات وممارسات وسياسات اردوغان على اقل التصورات للخوف من الجيش للانقلاب عليه واشغاله فيها ويظهره بمظهر الزعيم الذي يتلذذ بسفك دماء الجنود الأتراك في حروب عبثية دون حساب و يُبقي الأتراك متأهبين لأي صدمة، سواء اقتصادية أو سياسية، ويُبقي الجيش التركي في حالة تأهّب دائم ، في انتظار ما سيورّطه به أكثر كلّ مرّة، متجاهلا ما يوصف به من سلوك الاستهتار بأرواح الجنود وسلامتهم، ناهيك عن استخفافه بالمآسي التي تخلفها الأزمات الاقتصادية وانهيارات الليرة المتسارعة على حياة المواطنين.
ولكن السؤال الاكبر واللغزالمحير هو من الذي يدفعه لاشعال كل هذه الحروب؟ ومن يتواطأ معه؟ ولماذا؟ وإلى متى؟ لا أحد يملك الإجابة على كل تلك الأسئلة سوى الشعب التركي ويدفع بالدماء من ابنائه ، وفي القلب منها ايضاً الشعوب العربية القريبة منها جغرافياً ، إذا لم تفيق وتدرك الخلاص من هذه الدوامة المتمردة والمدمرة ولن يتأتى إلا بامتلاكها إرادتها الحرّة. والنتائج تأتي عكس التوقع حيث ان ظاهر السياسة التركية خلاف باطنها وتبيّن أنّ أردوغان يتقن سياسة الاحتيال والتلون في المواقف والاستفادة من النوم العميق  لجيرانه الذي اشغلهم داخلياً في دوامة متابعة المجموعات الارهابية  وبدء يمارس الخداع بإطلاق استراتيجية غير واضحة المعاني  ليغري الآخرين بأن لا أطماع لديه بحقوق وثرواتهم كما في البحر المتوسط مع اليونان  واستغلّ الخلافات العربية البينية في ظل وجود نزعة عربية للمشاركة في اقامة توازن إقليمي استراتيجي جديدة للغرب في المنطقة وجزء كبير منه قد استسلم تاريخيا إلى أسلوب غير راشد وهو الخضوع للكيان الاسرائيلي ، وارعابهم ليقوموا على الاستقواء بالسلاح بعيدا عن لغة العقل والحكمة والشعور بالمسؤولية وهي اللغة التي تنتج عن إقامة عقد اجتماعي يضمن سلامة الجميع.
لقد اتضح وبلا شك للعالم اجمع ان التدخل التركي في سوريا هو عدوان سافر علي بلد عضو في الأمم المتحدة، وأن كانت سوريا قد مرت بوقت صعب منذ الحرب الأهلية، وفي حالة لزوم الأمر لتركيا كما يقول اردوغان أن تسيطر علي بعض المناطق حتى تؤمن حدودها فهو أمر ليس عقلاني  اصلاً والان قد يبدوا أنه غير مقتنع بالانسحاب واصبحت احلامه اكبر دون ان يحسب حساب من ان الجيش العربي السوري عاد لقوته، وسيطر على اكثر من 95% من ربوع لوطنه وهو كفيل بحماية اراضيه ولم يتبقي له سوي أدلب، فلماذا لا تنسحب القوات التركية من الاراضي الباقية التي سيطرت عليها وتعود للحدود المعترف بها علي أن تتعهد سوريا بالسيطرة علي الأمن وتأمين الحدود وتضمن عدم حدوث ما يهدد أمن تركيا. الغريب هو ما حدث فالأتراك يوجهون اللوم علي سوريا لأنها تريد إعادة السيطرة علي أدلب مرة أخري وهذا من حقها فهو جزء لا يتجزء منها، بل ويرسل تعزيزات للمجموعات الارهابية الموالية له  ويفتح النيران على الجيش العربي السوري من داخل الأراضي السورية.
في ليبيا المساعدات التي تُقدّمها الحكومة التركيّة لحكومة الوفاق — المُعترف بها دوليًا — واطماع اردوغان التي لم تقف عند هذه الفلتات وصلت الى ليبيا بالتدخل العسكريّ المباشر من مستشارين ميدانيين يُوفّرون التدريب والدعم التشغيلي فضلًا عن الدعم الجوّي من خلال الطائرات بدون طيار في سبيلِ مواجهة ما يُعرف بالجيش الوطني الليبي تحتَ قيادة المُشير خليفة حفتر، و بحلول الثاني من كانون الثاني/يناير 2020، أقرت الجمعية الوطنية الكبرى التركية التي يسيطر على الاكثرية فيه  (البرلمان التركيّ) تفويضًا لمدة عامٍ من أجل نشر القوات في ليبيا، ثمّ بدأت بعدها بثلاثة أيام انقرة وبشكل رسميّ في نشرِ قواتها على الأراضي الليبيّة.
ومن جانب اخر فقد اتهمت حكومة ارمينيا السلطات التركية، بتقديم الدعم العسكري مباشر لأذربيجان وسط تصاعد للاشتباكات بين الجمهوريتين السوفيتيتين السابقتين بسبب إقليم ناغورني قره باغ وفي استمرار إذكاء النار بين البلدين، بعد ان استخف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بالجهود الدولية لوقف إطلاق النار بين البلدين، حيث المواجهات الدامية بين أذربيجان وأرمينيا ،وقالت ارمينيا في بيان إن تركيا لها "وجود مباشر على الأرض". وأضافت أن خبراء عسكريين من تركيا "يقاتلون جنبا إلى جنب" مع أذربيجان وإنها تستخدم أسلحة تركية من بينها طائرات مسيرة وحربية. وعن مشاركة مسلحين نقلتهم تركيا من سوريا في الأعمال القتالية في ناغورني قره باغ كما تحدث السفير الأرميني لدى روسيا، انالمخاوف بشأن الاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وهي ممر لخطوط الأنابيب التي تنقل النفط والغاز إلى الأسواق العالمية، ومن احتمال استدراج القوتين الإقليميتين روسيا وتركيا في هذه الحرب، اللتين تقفان على طرفي نقيض في الأزمة كما الحال بالنسبة لسوريا وليبيا.
ان هذه الفوضى أنتجت وضعا غير عقلاني اوصل إلى ما نحن فيه اليوم من جنون مغال فيه من اردوغان و أنّ سياسته الخارجية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط ستبقى على حالها  و يصار ذلك الى ان يطبق على عدد كبير و كثير من الدول ويعتقد بأنها الوسيلة الوحيدة التي تتم من خلالها السيطرة على الأمور وتصريفها لصالحه .
على الشعب التركي ان يعلن عن التعبير في رفضه  لهذه السياسات والممارسات العبثية و الذي يغوص في رمال الحرب المتحرّكة في كلّ من سوريا وليبيا ليضاف لها قره باغ التي لا يعرف حدود العملية وسقفها ومراحلها ولعلها ستكون شديدة وقابلة للتطوير وفق التطورات الميدانية والسياسية ، والرئيس التركي لا يمتلك أيّ تصوّر للخروج من هذه الأزمات التي ألقى بتركيا فيها.
 عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

245
الجامعة العربية من اللاءات الثلاثة الى حفريات التطبيع
جامعة الدول العربية كانت لها صولات وجولات في زمن الرئيس المصري جمال عبد الناصر في مشروعه العروبي الراحل ، لم تعد هي تلك الجامعة التي تمثل بعداً قومياً كما كانت واسست لها و سعت الى فرض هيمنتها بتصفية كل أنظمة الحكم المعادية او حتى غير الموالية لها ووقفت بالضد من ارادة الكثير من الشعوب الناهضة الى جانب الحكومات المستبدة بدل ان تكون الحلال للمشاكل للامة العربية ووقعت في احضان الانظمة الموالية للولايات المتحدة وانكلترا .لقد تم تأسيس الجامعة العربية في 22/مارس عام 1945 وفق بوتوكول الاسكندرية الموقع من قبل الرؤوساء العرب السبع دول المستقلة التي وقعت على الميثاق وهي سوريا ومصر ولبنان والعراق واليمن والاردن والسعودية و بذلت منذ تاسيسها محاولات جادة لتحويل القمم العربية إلى المؤسسات التي تنعقد بصورة دورية ومنتظمة،وبلغت قوة نشاطها وانحصرت للفترة من عام 1964 وحتى عام 2000 ،وتخلتها عددت قمم مثل قمة الخرطوم عقب نكسة 1967، عرفت بعد ذلك بـ"اللاءات الثلاثة"، حيث وضع قرار في الفقرة الثالثة وهى: "لا سلام مع إسرائيل، لا اعتراف بإسرائيل، لا مفاوضات مع إسرائيل" وقمة 1970 بالقاهرة إثر وقوع الاشتباكات بين المقاومة الفلسطينية والسلطات الأردنية، المعروفة باسم أحداث أيلول الأسود ،قمة 1973 بالجزائر عُقدت بناءً على طلب مصر وسوريا بعد حرب أكتوبر وأكدت ضرورة التحرير الكامل لكل الأراضي التي احتلتها "إسرائيل" في 1967، والاستمرار في استخدام النفط سلاحًا في المعركة.
قمة بغداد 1978 تم فيها اتخاذ قرار بتجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية، بسبب توقيع الرئيس الراحل أنور السادات على اتفاقية كامب ديفيد، ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس، واتخذت قرارًا بوقف تقديم أي قروض وإيداعات وتسهيلات عربية إلى الحكومة المصرية ،قمة عمان 1980 أقرت بقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس وهو القرار الذي لم ينفذ حتى الآن.
قمة فاس بالمغرب 1982، عقدت في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على بيروت، حيث قدم العرب للمرة الأولى مشروعهم للسلام، الذي يقضي باستعدادهم للتفاوض على السلام مقابل انسحاب "إسرائيل" من كل الأراضي التي احتلتها عقب حرب يونيو 1967 ،قمة الدار البيضاء 1989 وإقرار العرب إعادة عضوية مصر من جديد بعد 10 سنوات من تجميدها، وإعادة مقر الجامعة العربية من تونس إلى القاهرة ،في عام 1990 عقدت قمتان عربيتان الأولى في مايو ببغداد وعقدت الثانية منتصف أغسطس في القاهرة، وصدر عنها قرار يدعو العراق لسحب قواته من الكويت، وتشكيل قوى عربية مشتركة ونقلها إلى السعودية بموافقة 12 دولة ورفض 8 دول أخرى القرار ،وقمة 2000 بالقاهرة عقدت بعد 3 أسابيع من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية واقتحام المسجد الأقصى، بحثت القمة انهيار عملية السلام بعد فشل قمة كامب ديفيد الثانية وأدانت عدم استجابة "إسرائيل" إلى نداءات السلام، وأكدت الحقوق التاريخية في فلسطين كما نتج عن هذا الاجتماع تكوين صندوقين باسم الفلسطينيين تصل قيمتهما إلى مليار دولار.
 بعد ان انضمت اليها العديد من الدول العربية اثر نيلها الاستقلال . كانت الغاية منها تحقق آمال الشعوب العربية بالوحدة بين الاقطار العربية التي تجمعها اللغة والتاريخ المشترك، وخاصة ان المناخ الدولي والاقليمي في فترة تأسيسها ولا شك كانت الفترة مناسبة ولكن بعد مرور هذه السنوات بدل ان تتطور وفق الاهداف التي تم التأسيس لها  لحل القضايا والمشكلات التي تعاني منها الدول الاعضاء اصبحت منظمة خاملة عديمة الجدوى لا تنفذ الا ما يملى عليها من قبل أمريكا والحكومات الغربية والدول الموالية لها ، لتصل الى ما هي عليه اليوم من عجز تام في ايجاد او تنفيذ اي حل تتفق عليه الدول الاعضاء لتبقى كل قراراتها عبارة عن حبر على ورق ولذلك يرى رجال السياسة ان الجامعة العربية اصبحت مهترئة ضعيفة الارادة ومشلولة القوى ، وتحتاج الى تغيير جذري في بنيتها وهيكلتها بعد التغييرات السياسية التي طراءات على العالم ، والى نهوض الشعوب ضد  حكومات الدول المرتبطة بالغرب يشابه النهوض والصحوة فترة الاستقلال عن المستعمرين والذي شكل نواة تاسيس هذه الجامعة في حينها.
وتُعد فترة التسعينيات من أسوأ فترات العمل العربي المشترك خلال هذه المرحلة، حيث لم تنعقد القمة العربية خلالها إلا مرة واحدة عام 1996، وهو مؤشر واضح عن بداية دخول النظام العربي من جديد في مرحلة التخبط السياسي، فيما يرى مراقبون  أن دور جامعة الدول العربية انتهى كمنظمة إقليمية تحمي أعضاءها، منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وصمتها عن تقسيم السودان إلى شطرين متنازعين والحرب على سورية والاعتداء على اليمن وليبيا.
بات من الواضح أن بعض الدول كشفت عن رغبتها الجامحة  في توظيف الجامعة لتدعيم موقفها وكيانها وفق رؤية مغايرة للواقع ومتمثلة أساسًا في التصدي لموجة الثورات ودرء خطرها على أنظمتها، وبذلك يُمكن القول إن هذه القوى الصاعدة تعمل على إدارة السياسية الانتقالية للجامعة العربية بما يخدم مصالحها وأجنداتها الخاصة مثل السعودية والامارات وقطر ومصر. واصبحت أنموذج للدبلوماسي الكلاسيكي الذي يؤدي رئسيها  المهام الموكلة إليه دون اجتهاد، فيما و توافق مع "الرغبة الإسرائيلية، وهو إقرار صامت، وإذعان تام لإرادة التطبيع، واحمد ابو الغيط رئيس الجامعة الحالي ارتبط بصورة منقذ تسيبي ليفني من السقوط وبالتوتر الشديد في 2008 الذي نشب عند معبر رفح بين الفلسطينيين وقوات الأمن المصرية عقب القصف الاسرائيلي العنيف للقطاع ومحاولة الآلاف الفرار من القصف عبرمصر،اثارت تصريحاته آنذاك غضبًا كبيرًا
في قطاعات واسعة من الشعوب العربية ، حينما قال إن بلاده "ستكسر رجل أي فلسطيني يتخطى حدوده وحول سياسة التطبيع التي اتخذتها بعض الدول الذليلة قال"ان من  حق الدول العربية في رسم السياسة الخارجية التي تناسبها،و من حق كل دولة السيادي في مباشرة سياستها الخارجية بالصورة التي تراها وهو حق لا جدال فيه... وهذا أمر يحترمه هذا المجلس ويقره " اي مجلس الجامعة العربية " وهو يقف اليوم مع بنيامين نتانياهو المشبع بالفساد لكي لايسقط . ان وجود مثل هذا الشخص على رأس اكبر منظمة عربية يمثل منعرجًا حاسمًا في تهيئة عملية الاختراق الجيوسياسي الإسرائيلي للمنطقة العربية وفتح الباب لصفقة جديدة في الشرق الأوسط واعتراف واسع النطاق بالكيان الإسرائيلي المحتل ضمن مخطط تقوده واشنطن.
عبد الخالق الفلاح

246
العلاقات الدولية وظاهرة العلاقات الاحادي
العلاقات الدولية تهتم  بدراسة كل الظواهر التي تتجاوز الحدود الدولية ، و يجب ان تبنى على نمط انساني حقيقي للارتقاء بالعلاقات الدولية والدبلوماسية كمهنة وعلم ينبغي تحقيق الاهداف المطلوبة وتقوم على اعادة تبني الاخلاقيات الراقية، والابداع العلمي في العمل الدبلوماسي والسياسي وبتمثيل عالمي يسهم في بناء حضارة المعرفة العالمية. كما تتجسد الرؤية في اعادة صياغة الواقع المعرفي والدراسي للعلاقات الدولية والدبلوماسية على اسس علمية قوامها البحث العلمي التطبيقي مرورا بالاستنتاج المنطقي وصولا الى التفكير الدبلوماسي الاستراتيجي الفذ وبناء الشخصيات الدبلوماسية الكارزمية القادرة على تسخير ارقى انواع نظم المعلومات لصالح فعل التاثيروالابتكار والابداع.
لا يقتصر مراجعة العلاقات الدولية على دراسة أو تحليل الجوانب أو الابعاد السياسية فقط في العلاقات بين الدول وانما يتعداها إلى مختلف الابعاد الاقتصادية والعقائدية والثقافية والاجتماعية وكذلك هي تفاعلات ثنائية الأوجه أو تفاعلات الأول هو نمط تعاوني والنمط الثاني هو نمط صراعي إلا أن النمط الصراعي هو النمط الذي يغلب على التفاعلات الدولية  الحالية ومن ذلك التمييز بين المجتمع الدولي والنظام السياسي الدولي، وبين السياسة الدولية والعلاقات الدولية التي تعني الاهتمام بالملاحظة والتحليل والتنظير من اجل التفسير والتنبؤ. ويعرفها تشارلز مايكلاند بأنها دراسة التفاعلات بين أنواع معينة من الكيانات الاجتماعية بما في ذلك دراسة الظروف الملائمة المحيطة بالتفاعلات. و يعرفها كونسي رايت (بأكثر توسعاً) بأنها علاقات شاملة تشمل مختلف الجماعات في العلاقات الدولية سواء كانت علاقات رسمية أم غير رسمية . يرى فيريدرك هارتمان بان مصطلح العلاقات الدولية يشمل على كل الاتصالات بين الدول وكل حركات الشعوب والسلع والأفكار عبر الحدود الوطنية. ويري دانيل كولارد بان دراسة العلاقات الدولية تضم العلاقات السلمية والحربية بين الدول ودور المنظمات الدولية، وتأثير القوى الوطنية ومجموع المبادلات والنشاطات التي تعبر الحدود الوطنية ، ويعرف البعض الاخر العلاقات الدولية بأنها ظاهرة من التفاعلات المتبادلة المتداخلة السياسية وغير السياسية بين مختلف وحدات المجتمع الدولي.
ان التفاعلات والأنشطة السياسية الدولية، ينتج عنها أنماط مختلفة ونماذج متباينة من العلاقات التي تتركز حول أطر وهياكل تنظيمية معينة، كما أن العلاقات تحكمها وتنظمها قواعد ومعايير سلوكية دولية محددة، هي القواعد والمعايير التي يمكن أن تتطور بالوقت وفق ما تقضى به معطيات الواقع وتفرضه متغيرات الظروف.
منذ العام 2008 وتزامناً مع الازمة المالية العالمية وحرب جورجيا والألعاب الأولمبية في بكين، دخلنا طوراً جديداً في العلاقات الدولية تميز بالفوضى الإستراتيجية بدل تشكيل تعددية قطبية و أن الأحادية لا تزال تطبع تصرفات العديد من صانعي القرار في العالم، وان الدبلوماسية  المتعددة الأطراف لم تبقى هي القاعدة في الممارسات وان إعادة تشكيل النظام الدولي تبقى بعيدة المنال خاصة عندما لا تفلح الدول الخمس الكبار والدول الصناعية الأساسية في بلورة تعاون حيوي في مواجهة الجائحة " كوفيد 19" خير دليل وهذا لا يبشر بالخير لمواجهة كوارث أخرى إن من الأوبئة أو بسبب التغيير المناخي،
ويمكن لنا ان نقول بأن العلاقات الدولية الصحيحة هي تفاعلات ثنائية الأوجه  اخذ وعطاء أو تفاعلات ذات نمطين ، الأول هو نمط تعاوني و الثاني هو نمط صراعي إلا أن النمط الصراعي هو النمط الذي يغلب على التفاعلات الدولية برغم محاولة الدول إخفاء أو التنكر لتلك الحقيقة ، بل أننا يمكننا القول أن النمط التعاوني الذي قد تبدو موجه لخدمة صراع أو نمط صراعي آخر قد تديره الدولة أو تلك الدول مع دولة أو مجموعة دول أخرى ، فعلى سبيل المثال نجد أن الأحلاف وهي وسيلة لتحقيق غاية معينة بذاتها والتي تعتمد على طبيعتها وكيفية تأثيراتها ومداها، وانعكاساتها في نشوء الصراعات والروابط السياسية بين مجموعة من الدول في صورتها الظاهرية قد تأخذ النمط التعاوني بين تلك الدول برغم حقيقة قيامها لخدمة صراع تلك المجموعة من الدول ضد مجموعة أخر.
إن البعد الإقليمي هو البعد المحوري فى تحديد ما هو دولي أو غير دولي، وإن كان التفاعل يتم على المستوى الرسمي أو غير الرسمي، إلا أن تداخل البعد الداخلي مع البعد الدولي للدولة كوحدة إقليمية أثار عددًا من التساؤلات لدى بعض الباحثين، واوضحوا أن تداخل المحلى مع الدولي يجعل مهمة شديدة الصعوبة، فالداخل والخارج أصبحا متقاطعين بشكل يصعب فصله أو تجاهله والسياسة الداخلية تتأثر بالمناخ الدولي، كما أن أداء الدولة على المستوى الخارجي رهين بإنجازاتها وقوتها الداخلية. والحقيقية ان العلاقات الدولية مفهوم فضفاض للغاية ، فهو فى استخدامه الحديث لا يشمل العلاقات بين الدول فحسب، بل يشمل أيضًا العلاقات القائمة بين الدول والمنظمات من غير الدول؛ مثل الكنائس ومنظمات الإغاثة الإنسانية والشركات متعددة الجنسيات، والعلاقات القائمة بين الدول والمنظمات الحكومية الدولية؛ كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي،
ويمكن لنا ايضاً ان نعرف التنظيمات الدولية ونقسمها إلى ثلاثة أنواع من حيث الاعتبار الجغرافي:
التنظيمات العالمية وتكون بالعادة عضويتها مفتوحة - وفق ضوابط محددة مسبقا- لجميع دول العالم مثل هيئة الأمم المتحدة.
التنظيمات الإقليمية والتي تكون العضوية فيها محددة لدول واقعة في إقليم جغرافي معين مثل جامعة الدول العربية والتي ينتمي لعضويتها جميع الدول العربية وكذلك مثل منظمة الدول الأمريكية والتي لا يوجد في عضويتها دول عدا الدول الواقعة في القارة الأمريكية.
التنظيمات عبر الإقليمية و عضوية هذا النوع من التنظيمات مختلفة عن تلك المتبعة في التنظيمات الإقليمية التي تأخذ في الاعتبار الجوار الجغرافي، حيث أن هذا النوع يأخذ باعتبارات أخرى سياسية كانت أو اقتصادية أو ثقافي . . . الخ. ومن الأمثلة البارزة على هذا النوع من التنظيمات منظمة الأقطار المصدرة للبترول والتي معيار العضوية فيها مبني على أساس أن الدول الأعضاء فيها هم في حقيقة الأمر من كبار الدول النفطية المصدرة للبترول.
عبد الخالق الفلاح

247
اهون الامور في  حفظ مبادئها
في العراق نخلط كثيرا بين اللعبة السياسية والوطنية، أي ان البعض يمارسها وغيرها من التكتيكات حتى لو كانت على حساب الوطن ومكوناته الإنسانية والحضارية والمواطن وان القائمين على أمره يبدون للناس تجاراً وانتهازيين لا يبغون غير تحقيق مصالحهم، وانعدام الثقة بهم وتفقد المؤسسات أي بريق قد يشد الناس إليها عن طريق التأسيس لظاهرة اللامبالاة والعزوف الاجتماعي و المشاركة بالرأي العام وعدم الاهتمام بعظيم المخاطر التي تصب حممها في الداخل من زرع الاختلاف وشق الصفوف وإضعافه وجعله لقمة سهلة لأعدائها بسبب الانشغال عن رد الأخطار الخارجية والاهتمام بمعالجة الأمور الداخلية التي من صلب عمل الحكومة وحق للمواطن بالمطالبة بها سلمياً ويجعلها اصحاب الفتن نقطة ارتكاز يثيرها أصحابها ويوقظونها من نومها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ولا يدركون سوء عملهم إلا بعد فوات الأوان والسفهاء، والجهَّال، هم من يوقظون الفتن ويوقدونها ولا يشعرون بنارها ومن يريدون شق وحدة الوطن بشكل يهدد الأمن ويزعزع الاستقرار وينشرون الإشاعات والأكاذيب ويثيرون المشكلات على كل المستويات ولا يفهمونها حتى تشتعل ناراً تحلق فوق حياتهم وتحرق أجسادهم .
نعم من حق الإنسان العمل في السياسة على ان لا يريد لثقافته السياسية أن يحكمها منطق أننا «قوم لا توسط بيننا»، بل منطق «وكذلك جعلناكم أمُة وسطا» كما في القرأن الكريم ؟ ومع الاسف فأن ممارسة السياسة من خلال منطق الفتن مشحون بالضغينة والنفور اتجاه مكون او اكثر من مكونات المجتمع أصبحت إشكالية سياسية كبيرة في العراق اليوم و تقوض كل محاولة للنهوض، للخروج من تحت عباءة الفساد ولتأجيل الاختلافات الأيديولوجية،والفرصة المناسبة لمراجعة فكرية عميقة للعمل ودراسة الاحداث والظواهر بدقة موضوعية حيادية تبتعد عن التحيّز والتعصّب والأفكار الشخصية والذاتية بل أنه مطلب للتطور وصورة من صور المشاركة وممارسة السياسية كجانب من جوانب حقوق الإنسان، الا أنه ومن غير المنطقي ان نتجاوز مصالحنا الوطنية وفي حفظ المجتمع وزجه في الكوارث والازمات من باب العمل السياسي، مما يجعلنا لذلك ومن باب الحرص ان نرفض عرقلة مسيرة الوطن بسبب هذه الممارسات الغير السياسية التي ينفذها البعض.
أنّ الذهنّية القائمة على خلق الازمات والخلافات بين افراد المجتمع  الواحد والطائفيّة المعلنة والمحاصصة والمجاهرة فيها لا يمكن أن ينجم عنها أيّ خطة إنقاذيّة أو حتى نيّة إنقاذ ، و الأزمات الوجودية لا تُقرب، والأوطان لا تُبنى، بهذه المنطلقات الأنانية والفئوية حيث المواطن غائب عن همومهم ولا قيمة له في معادلاتها.
الواقع الذي نعيشه اليوم في عراقنا الحبيب ، هو في ان اكثر سياسيوّنا لا يفقهون السياسة ، تقودهم هلوست الانفراد بالرؤيا فقط وتغلب عليهم ، كلٌ له رأي في الوطن والوطنية مخالف للحقيقة ، ولا نعرف من خولهم لقيادة البلد  بهذه الاشكال  حتى بلغت سياستهم  حدا لا تقبله منطق السياسة، ومشحونة بالمنهجية الواهية المتطفلة التي لا ترمي إلى بناء ، فتلك اللغة الهدامة لمعاني السياسة لا تعطي نتيجة المطلوبة ولا تعطي الحق في الوجود والمسافة مع أي فكر أيديولوجي بمسطرة النظام الديموقراطي ومبادئ المساواة والحريات ، وأصبح هم هؤلاء ليلاً نهاراً هدم الوطن بكل محتوياته، مكوناته لتبقى مصالحهم ، فهل تجد الحق في إعلان الهدم والفوضى بالوطن من دون أن تقبل الحساب فهل من السلمية أن تقايض الناس على ما ينتمون ويمتهنون ويوالون؛ ، وهل من الحق أن يعتدي السياسي ويسلب حق المواطن ويدعي ويتكلم بلغة الفوضى  بدل الأمن والأمان والسلم والسلام ، ولا نعتقد في مثل هذه الحالة من ان ولايتهم ولاية قانونية وشرعية لقيادة البلد و السياسة ليست لعبة ولا مهنة ولا خرافة ولا مطالب وهمية وليست تجارة دماء وبيع جثث وهدم ألامن الداخلي، وليس بالغريب أن من لا يمتلك الملكة السياسية، ومن خلت من نفسه الوطنية أو من يبحث عن مأوى لأجنداته الخاصة و لا يمكنه الوصول إلى نتيجة مرضية ، فراوحت السنين ولم يعد اليوم هنالك مبرر آخر لأزمات تتكرر بنفس المقدار والصورة السياسة علم ناضج وله ابعاد انسانية السياسة ونفسية، وله جذور تاريخية ومبادئ وقيم فيها أدوات عقلانية تستخدم للحاجة الضرورية، و ليست لعبة يمتهنها كل من هب ودب، فالتمكن من السياسة معناه التمكن في فتح الأبواب المغلقة، ومعرفة الأسرار المقتصدة.
 من الامور المهمة ويجب العمل عليها هي الاهتمام  بالدرجة الأساس بالمصلحة الوطنية والتي هي أساس وغاية كل من يريد أن يرتقي بشعبه ووطنه إلى أحسن المستويات و تراه أول المضحين وأخر المستفيدين . وعلينا ان نعتقد بأن  من يتنازل لمصلحة وطنه العليا هو بعينه النجاح الأكبر ويرى إن إشراك الجميع في صنع القرار هو من حق الجميع ولابد للجميع إذا أرادوا أن يبحثوا عن المصلحة الوطنية التي هي بالتالي مصلحة الجميع ومن خلالها يمكن تحقيق أي مصلحة أخرى ، وهذا بالطبع لا يأتي من التمسك والتعنت بالآراء بل بالعكس فأن اللعبة السياسية الحقيقية في العراق اليوم تدعوا إلى تنازل الجميع للوصول إلى فائدة الجميع .
 ان حالة التأجيج السياسي وحلقات التأزيم والمناورات والصراخ في الكشف عن حالة فساد من قبل البعض من السياسيين الذين ضربة مصالحهم الان من خلال شبكات الاعلام صحيحة ولا غبار عليها ولكن تدخل معظمه في اطار التكسب السياسي ولا غير وأن اكثرهم كانوا جزء من العملية السياسية وشركاء في تضخيم الفساد وتعاملوا بها والخلط بين مصلحة الدولة ومصلحة الفرد أو الجماعة أيا كانت قبيلة أم طائفة أم فئة يبقى هدفهم الاوحد ،لذلك فان سلامة العراق ولحمته الوطنية ووحدته وحاضره ومستقبله أهم بكثير من مثل هذه الممارسات السياسية الغير ناضجة والقائمة على فكرة ولعبة المصالح وإفساد المواطن على المواطن والتحشيد العشائري وشراء الذمم  لخلق الازمات والاحداث، ولابد للجميع ان يعي هذه المسألة وفي المقابل لابد وأن نعبر عن رفضنا رهن الوطن لكل عابث مهما علا أو كبر اسمه وشأنه .
عبد الخالق الفلاح             
 

248
الارباك الامريكي يظهر في البلطجة
واشنطن تعاني من الإرباك والضياع بعد خروجها من الاتفاق النووي وجميل ان تقلق و ترتبك ، نتيجة فقدانها لهيمنتها على المنطقة ومقدرات العالم بعد صعود نجم قوى استراتيجية عظيم ليوقفها عند حدها، وتلغي احتكارها لمنظمة الامم المتحدة ومجلس أمنها بفشلها المهين خلال الاشهر الماضية في جميع محاولاتها، وتعيش حالة من إلاذلال لكي تلجأ الى الجمعية العامة للأمم المتحدة فتفشل دون استجابة من احد وتبحث عن عدو وبقنابل دخان مصطنعة بلا رماد ، هدفها التضليل فقط وتهيئة الأجواء لإنجاح عنصر المفاجأة في حال تقرر الهجوم ولكن خابت ظنونها ومن فشل الى فشل . لذا تراها تارة تتحدث عن إيران، وتارة عن روسيا، وأخري عن الصين. لكن في الحقيقة، إن أكبر عدو للنظام الأمريكي اليوم هو شعبه، وهذا الشعب هو من سيُركع هذا النظام بسبب  المشاكل التي يعاني منها ، مثل الشرخ الطبقي الكبير، التمييز العنصري، المشاكل الاقتصادية والبطالة الواسعة والإخفاق الإداري في مواجهة وباء كورونا، والضعف في الإدارة المجتمعية الذي دفع بخروج الجماهير في تظاهرات من اجل المطالبة في اصلاح هذه المشاكل .ولان الحكومة ليست لها حلول اجبرتها للخروج من الازمات في استعمال القسوة للتقليل من الضغط الحاصل عليها ، وارتكاب القتل، والتعذيب علي يد رجال الشرطة الأمريكية وفي الخارج فانها تواصلُ ممارساتها التضليلية للمجتمعِ الدولي بشأنِ اتخاذِ مجلسِ الأمن الدولي إجراءاتٍ لاستئنافِ القراراتِ الخاصة باجراءاتِ الحظر على البعض من البلدان التي لم تركع لسياساتها البلطجية وفي التهديد لمحابتها في قراراتها و بالحملات الإعلامية الواسعة التي تثيرها بهدف قلب الحقائق الموجودة وباهداف ومديات قصيرة ، متوسّطة  ،وطويلة والتي تروم من خلال فرض الحظر علي هذه البلدان وخاصة الشعب الإيراني وتسعي عبرها لانهيار اقتصاد البلاد والسعي لتيئيس هذا الشعب و التضييق عليه ومنعه من التقدم لا سيما علي الصعيد العلمي وهناك الكثير من الإنجازات التي تحققت خلال الحظر، منها صناعة الطائرات الحربية، وقطع غيارها الحساسة، وتأسيس آلاف الشركات التنموية، وبناء مصفاة نجمة الخليج من قبل قواتها المسلحة، والكثير من الأعمال الكبيرة في حقل بارس الجنوبي، ومشاريع وزارة الطاقة علي صعيد الماء والكهرباء، ومشاريع وزارة النقل، فضلاً عن الإنجازات المذهلة علي صعيد الصناعات الدفاعية بالاعتماد علي الذات، وتحقيق الاستقلال الداخلي، فوق ما تصوره أعداؤه في الخارج، و من يضمر له السوء في الداخل... فيما تؤكد الحقائق أنّ الإعلانَ الأميركي باطلٌ و اي  اجراء للحظرِ دون قرار من  مجلس الامن والامم المتحدة ليسَ له ايُ اثرٍ قانوني، لان واشنطن أوقفتْ من جانبٍ واحد المشاركةَ في الاتفاق النووي، ولا يمكنُ اعتبارُها دولةً مشاركةً فيه حسب قول منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي جوزيف بوريل، أنّ تطبيقَ الالتزامات برفعِ اجراءاتِ الحظر سيستمرُ بمُوجَبِ الاتفاقِ النووي،ومن واجب الجميع حفظ الاتفاق ،
 هنالك اليوم ظروف خاصة للتحايل واجبرت اميركا والكيان الصهيوني وبعض الدول الغربية اختيارحبل الوسط بين مرحلة الحرب الخشنة والحرب الناعمة بعد ان توصلوا في مراكز ابحاثهم الي ان الحرب الخشنة مكلفة ومثيرة للكراهية وان الحرب الناعمة مكلفة جدا وتستغرق وقتا طويلا لتعطي مردودها لذا فقد لجاوا الي نوع اخر من الحرب وهو مزيج من الحربين "الخشنة والناعمة "بطبيعتها مع الدول المختلفة في ضوء الثقافات والقدرات التي تمتلكها هذه الدول.
وقد فهمت الجمهورية الاسلامية الايرانية اللعبة واختارت افضل الطرق للخروج  من هذه المشاكل التي اختلقها قوى الاستكبار العالمي اولاً البقاء والاصرار على البقاء في الاتفاق النووي في اطار 5+1 بشرط احترامه من قبل الدول الموقعة وعدم الخضوع للضغوطات من قبل البعض من الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الذيلية  في المنطقة ونجحت بشكل كبير بانه يكمن في التعاون مع المنظمات الدولية وبعض الدول الصديقة المهمة خارجياً والتنسيق معها والتعاضد والتلاحم الداخلي لمعالجة مشاكل الشعب مع تاسيس الرؤية الثورية في البلاد بقوة القادة الذين يمتلكون الطاقات اللازمة وان طريق الخروج المفعم بالفخر من هذه الظروف ليس صعبا ولكن ينبغي الالتزام بضرورات الحكمة في هذه المرحلة و المتمثلة بالتعاضد والتعاون وترسيخ التنسيق بين السلطات جميعاً وسد الثغرات التي من الممكن للعدو استغلالها .
عبد الخالق الفلاح
 

249
الوعي والادراك ومعان التشابه
الوعي يعني الانتباه واليقظة  ويكون على بينة بالاسباب والنتائج ، و تصور الشيء وإدراكه ومعرفته والإحاطة به بعد حدوثة وكلمة تعبر عن حالة عقلية يكون فيها العقل بحالة إدراك وعلى تواصل مباشر مع محيطه الخارجي عن طريق منافذ الوعي عند الانسان نفسه ،والوعي كذلك محصلة الأفكار والمعلومات التي تدور في رأس الإنسان وفي عقله والتي تتأثر بها قراراته، فالأيدولوجيات مثلاً نشأت عن وعي معين والتحقق العملي للوعي، هو في احترام الآخر، وتقدير الكبير، والحفاظ على نظافة المدينة، وحب الوطن، وعدم الاعتداء، ومن رمي أعقاب السجائر في شوارع المدن، إلى قتل المختلف، مروراً بضرب احد افراد العائلة وغالباً ما تكون الزوجة والموقف العنصري، كل هذه الأنماط من السلوك وغيرها ليست سوى التعبير العملي لأشكال الوعي الفردي والجماعي.
لكلمة الوعي دلالات ومعان واستخدامات لغوية وشرعية واصطلاحية متعددة؛ إلا أنها بشكل عام تفيد بأن الوعي في مستواه الفردي إنما يعني : حالة نسبية من الرشد  واليقظة الذهنية  والكياسة ، تجمع بين وظائف كل من العقل والشعور الظاهر والقلب  والوجدان والجوارح ويتشكل دون توقف، بمراحل معينة في التاريخ فإن الوعي المعاصر للإنسان الحالي يخضع لشتى أشكال ضخ الوعي من أدوات كثيرة جداً صارت في متناول اليد، عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي  والقنوات التلفزيونية. وغيرها والتي لا يمكن التحكم بها والسيطرة عليها ولأن حرية البث على هذه الأدوات متوافرة، فلن نواجه مشكلة ضخ كل أشكال الوعي المتخلف الذي إما أن يستجيب إلى صاحب الوعي المتخلف ليؤكد وعيه ، أو يزيف وعي اخر غير مكتمل وهذا هو وجه الخطورة و الوعي المنحط أخلاقياً، والمتعصب أيديولوجياً، هو شكل من أشكال الغباء العاطفي الذي يتأسس عليه السلوك العنفي. لأن أهم مظهر من مظاهر الغباء العاطفي هو موت الآخر ونفيه، وحدود الوعي البشري مرتبط بعدة جوانب أهمها ربطها بالأحداث التاريخية والتحولات الحضارية التي شهدتها الحضارة البشرية، ففي حين نلاحظ أن بعض المفكرين والفلاسفة ركزوا بشكل كبير على تأثير الجانب الأخلاقي والفني في بناء الوعي بشكل عام، ركز البعض الآخر على الجانب الاقتصادي والاجتماعي و من أجل فهم كيف يتم بناء الوعي وما هي حقيقته، يُنظّر ديكارت إلى فلسفة الشك التي من شأنها أن تعيد الإنسان إلى نقطة الصفر ليعمل قدراته العقلية مجددًا وليستخلص النتيجة الأكثر صحة بما يتناسب مع التغيرات التي ظهرت في عصر ما، بحيث لا تتوقف مرحلة التفكير عند مسلمات يمكن اختبارها والتأكد منها من خلال التطور العلمي الذي تشهده الحضارة البشرية بشكل مستمر، وعن طريق الشك يمكن أن نصل لليقين الذي يساعد الذات على أن تفهم واقعها بشكل أفضل كما يرها .
  وإلادراك يتزايد ويتناقص بقدر تفاوت قدرات الناس، وأول أطوار الإدراك التمييز وهو مراتب؛ وفيه يدرك أموراً زائدة على الإحساس، لم تكن حصلت له من قبل، ثم يترقى إلى طور يدرك به الواجب والجائز، والمستحيل والممكن، وأن حكم الشيء حكم مثله، والضدان لا يجتمعان، والنقيضان إذا صدق أحدهما كذب الآخر، ونحو ذلك من أوائل الضروريات.
والادراك هو البصيرة وآلة البصر، والعبد إذا أناب بقلبه إلى ربه؛ أبصر مواقع الآيات عن بصر ونظر ورؤية معانيه، ثم يبصر القلب الحق بقواه الإدراكية، كما في قوله تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ﴾ [الأنعام: 104]، والرشد وعبار عن تمثل حقيقة الشيء عند المدرِك؛ يشاهد بها ما به يدرك، فهو عبارة عن كمال حاصل في النفس؛ يحدث منه مزيد كشف على ما يحصل في النفس من الشيء المعلوم من جهة التعقل بالبرهان أو الخبر، وهذا الكمال الزائد على ما حصل في النفس بكل واحدة من الحواس هو المسمى إدراكاً ،واستعمال القوَّة العقليَّة التي تَعرف بها النَّفسُ الأشياءَ وتميِّزها، وربما لا يرتبط  بواقعة معينة وانما ما يمكن ان يحدث بعدها مثلا، وهو اوسع من الفهم واحدى العمليات العقلية التي تتم من خلال اكتساب معين للمنبهات المختلفة التي يتم الانتباه بها بالطرق التالية : بصرياً ، صوتياً ، كيميائياً ، ولمساً ، لما يدور من نقاش و من أحداث، وهطذا تكونت عند مؤسسي الأيدولوجيات المعينة فكرة تمخضت في النهاية عن طرح أيدولوجية قد تكون الى حد ما متكاملة شاملة،
والإدراك والوعي لا ينفصلان البتة، فالوعي هو الإدراك الصحيح لما يدور حول الإنسان من وقائع وأحداث، فكلما كان الإدراك صحيحاً وفي محله قريباً من الواقع كلما كان الإنسان أقرب ما يكون في قراراته إلى الصحة وكلما كان إدراكه منقوصاً تشوبه شوائب وتؤثر عليه المؤثرات المختلفة كلما أدى ذلك في نهاية المطاف غلى أن يكون وعيه أيضاً زائفاً غير مدرك للواقع بعيداً عما يدور حوله، وكأنه يعيش في كوكب آخر وفي عالم افتراضي، هو أنشأه من محض خياله وعاش فيه وحده وسيموت فيه وحده قطعاً. وعبر عن محل الإدراك الكثير، منهم أبو حامد الغزالي "باللطيفة الروحانية و التي لا يعلم بحقيقتها أحد غيره تعالى، وهي جزء من عالم الغيب، دورها تلقي العلوم وحفظها والنظر فيها للاستنباط منها، فإذا تتبعنا آيات القرآن وجدنا أن المحل الذي وصف بالإدراك ونسبت له عمليات إدراكية هو (القلب) "ووفق هذا المعنى فإن القلب في نظر القرآن أداة من أدواة المعرفة، حيث يعتمد على مخاطبة العقل في معظم رسالاته .ويقول الكريم في كتابه ﴿ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ ﴾ [العنكبوت:43]، وأولوا الأبصار نيصيبهم الاعتبار ﴿ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ﴾ [الحشر2:
عبد الخالق الفلاح

 

250

الهويات المعلقة ، النشيد . والعلم ، واليوم الوطني
من الامور التي تحير الكثيرين من ابناء الوطن أن "ملفات العلم والنشيد “الجدل قائماً حولهما وما زال عالقاً بسبب المزاجات السياسية للكيانات والأحزاب ، ويضاف اليه تسميت " يوم وطني " مسجل قانونياً حيث اجبرت الحكومة العراقية برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في اجتماعها الأسبوعي  الماضي الطلب من الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء إعداد مشروع قانون خاص بشأن " العيد الوطني " لجمهورية العراق يكون منفصلا ومستقلا عن القانون الخاص بالعُطل الرسمية، وإحالة مشروع القانون إلى مجلس النواب .
ويجدر بناء الاشارة الى ان اليوم الوطني تسمية تطلق على مناسبةٌ عزيزةُ تتكررُ كُلَ عامٍ لِتُذَكِر وتفتخر به كل شعوب دول العالم ويمثل هوية المواطن التي  يحملها إينما حلّ، وحيثما كان حاضرا في المحافل العربية والأقليمية والدولية..وهو الموعد المحدد للإحتفال في كل دولة بمولدها كأمة والإحتفال بها كدولة ذات سيادة .. وهو يوم قد تختلف عليه الشعوب والأمم من حيث ولادة البلدان حديثاً وقديماً ، واختصاصها بقادة تسميهم يشهد التاريخ لهم  بالعطاء والتضحية بما قدموه لشعبهم وما حققوه من إنطلاقات حضارية كانت تسابق الزمن وتتفوق عليه .. فإستطاعوا أن يقدموا لبلادهم في تلك السنين المعدودة مالم يستطع غيرهم أن يأدوه لبلادهم في مئات السنين ، و قد تتفق عليه الشعوب من حيث أنه يوم الولادة والبعث .. ولكنها تختلف عليه كثيرا من حيث شكله ورمزه  وتسميته، وفيه تمجد ابنائه البررة  ومن كان معهم من أبطالٍ أوفياءٍ لتوحيدِ ذلك الوطن تحت رايةٍ واحدةٍ والمضي بهِ في طريقِ النموِ والتطورِ والبناء والحفاظ على الأمن والاستقرار داخل الوطن ويظل الإنسان فيه محورا فاعلاً وثابتا لكافة خطط وبرامج التنمية الشاملة في كافة مناحي الحياة ، وأن يعي تمامًا دوره الفاعل في تلك الخُطط والبرامج، وعدم السماح لأي عابثٍ أو حاقدٍ أو حاسد أو دخيلٍ بالإخلال بأمن الوطن أو المزايدة عليه ، واستشعار هذه المسؤولية العظيمة عند كل فردٍ من أفراد المجتمع فيصبح الجميع عيوناً ساهرةً لحماية الوطن وحفظ أمنه واستقراره، يعني أن يعي كل مواطن صغيراً كان أو كبيراً ، ذكراً أو أُنثى ، متعلماً أو غير متعلم ، دوره الفاعل في مهمة بناء الوطن وفي الوقت نفسه هذه ذكرى يجب العمل فيه على تحفيزِ جيل الحاضر والمستقبل للمحافظة على تلك المكتسبات والثروات والإمكانات لمتابعة نهضته والتي عرفها الوطن ويعيشها في العديد من المجالات .
لقد غدى العراق في زمنٍ قياسي في مصافِ دولِ العالم ، بل إنه تميز عليهم بما لديه من تاريخ وحضارة على امتداد القرون التي خلت وفيه من قيمٍ دينيةٍ واجتماعية ملتزمة، ويعود الإهتمام بيومه الوطني في الوقت الحالي إلى الرغبة في إحياء تاريخه وحضارته للشباب والأجيال القادمة وتوعيتهم به ودفعهم للمشاركة وبذل الجهد نحو إكتشاف تجارب الماضي التاريخية والثقافية والإجتماعية والإستفادة منها في ربط الماضي بالحاضر وإكتساب تجربة صياغة المستقبل ... فالتاريخ ملهم للبشرية بكافة فئاتهم وأطيافهم وفاعل ومؤثر جدا في الأجيال الصغيرة التي تعتمد على طاقتها وحيويتها في دفع الأمة نحو الأمام ومن اهم الهويات الناصعة والغائبة والمعلقة في جمهورية العراق ، النشيد ، والعلم ، واليوم الوطني ،التي تمثل كونها علامات بارزة ومتميزة بين الدول في المناسبات والمحافل والمؤتمرات والمنظمات .
ان المبادرة المطروحة هذه الايام حول تسميت اليوم الوطني للعراق لاشك بحد ذاتها مبادرة طيبة ومتمييزومسؤولة كانت بعيدة عن ذهن اعضاء مجلس النواب العراقي الذين باعتبارهم يمثلون الشعب اولى بهم التفكير الجدي بهذه المناسبات ، ومن المفترض ان ينال مثل هذه اليوم الاهمية القصوى ليكون اليوم الذي يعبر عن مرحلة تاريخية انتقالية مهمة في حياة الشعب معبراً عن طموحات الناس ، ويكون تاريخ واضح المعالم والدلالات التاريخية والاقتصادية والاجتماعية . يسعى الى إتاحة الفرصة لأبناء الوطن لتحقيق معنى الانتماء للوطن ، وتنشئتهم على حب العمل الجاد، ودعوتهم للمشاركة في مختلف القضايا الاجتماعية ، ومنحهم الثقة في أنفسهم للنقاش والسؤال والحوار الجاد ، والمشاركة الفاعلة ووضع الحلول ، حتى يتحقق ارتباطهم بالوطن ، ويصدق انتماؤهم له . نعم إن الانتماء للوطن يتحقق في أجمل صوره وأروع معانيه  عندما تحتفل به الامة وعندما تعلم وتتيقن أن اليوم الوطني ليس يوماً واحداً في العام ، ولا ينحصر في وقتٍ مُتكررٍ كل عام ، كما أنه ليس مناسبةٌ تنتهي بانتهاء تاريخها المحدد ؛ لكنه عند الصادقين المخلصين يوم يمتد ويستمر كل أيام العام ، فلزاماً علينا أن نُجدد التذكير فيه بما يملي علينا من واجباتٍ تجاه هذا الوطن ، وأن نعمل على تعزيز الانتماء اليه بأن نُترجم الأقوال إلى أفعال ، وأن نحول الطموحات والآمال إلى حقائق وأعمال حقيقية والسعي الحثيث لدرء خطر الإنقسامات الداخلية على مستقبل البلاد.
في  هذا اليوم يجب ان يزيل ابنائه الكسل والنوم وتأمين إحساسهم بالإنتماء للعراق وجذبهم لساحة الفعل الوطني و يثيرهم نحو التحرك ليبعد عن طريقهم كل انواع الفوضى  والتسكع والتعدي على الحقوق وتجاوز الواجبات أوالتخريب للممتلكاتِ العامةِ ومخالفة للأنظمةِ والقوانين أو يوم لزعزعةِ الأمن والاستقرارمن خلال تصرفات طائشة أوأفكار ضالة، بل هو يوم نتذكرُ فيهِ أهمية البناءِ والعملِ والإنجازِ وضرورة المحافظةِ على الأمنِ والأمانِ ونصرة الحق واتباعِ الأنظمةِ والتعليمات والقوانين،
والعراق ومع الاسف في ظل استمرار الجدل فيه حول كل شئ يدخل من باب المحاصصة الملعونة التي طحنت كل امال المواطن لنيل حقوقه وعدم حسم مفهوم المواطنة او الهوية الوطنية نتيجة لتغليب الهويات الفرعية ، العرقية والمذهبية والعشائرية والمناطقية والثقافية، في اللحظة السياسية الحالية التي تشهد تفككات ونزاعات ، ان يضمن تكوين توجهات نفسية مستقرة حيال ذلك اليوم لدى الغالبية العظمى من الجماعات العراقية، دون شعور بالمظلومية الاثنية، او الاستقواء الايديولوجي، او الاستبعاد المذهبي، او القمع السياسي على مايمكن عده مفهوما جامعا مانعا للوطنية العراقية ، فان هذا الاقتراح يجب ان  يكون حظه افضل من الاقتراحات السابقة التي ماتت وهي في المهد، بل لا يفجر جدلا عقيماً نحن في غنى عنه خصوصا ان هناك المزيد من الآراء بشأن الاقتراح لهذه المناسبة  ليكون عيداً للبلاد ومازالت تبحث عن هوية وطنية موحدة وعابرة للانتماءات ومن الصعوبة فيه قراءة متأنية ومنصفة من قبل الذين يقودون العملية السياسية  لما تم تغييره إيجابيا في حياة العراقيين خلال القرنين الماضيين واختياره ليكون يوماً وطنياً له بمختلف مكوناته وطبقاته الاجتماعية، وتعيين يوماً مثالياً يمثل إستقلال وطنهم وحريتهم السياسية وتوفير مستوى معاشي لائق بهم، ومشاركة شبه متكافئة في السلطة والثروة، تظهر بجلاء سر ربط الذكرى بالإنتماء للوطن ولثقافته وماضيه وحاضره ومساهمته المؤثرة بالفعل الوطني العام وتمسك شعبه بمذاق ذلك الحدث وبالقيم المشتركة فيه، مما يشكل أسساً تتحقق بها الأهداف المتوخاة من الإحتفاء بهذه المناسبة العظيمة ،عبد الخالق الفلاح

251
الاصرار على العبث السياسي يفشل احلام السياسيين
القوى السياسية التي تدير اللعبة السياسية في العراق لايهم شيئ وهي تعمل بالعبث والامبالاة ولم يتقدموا حتى خطوة واحدة تنفع هذا الشعب ، ولم يلبُّوا للشارع مطلباً واحداً يستحقه غير المعاناة والظيم منذ 2003 ولحد الان وهي لا غبار عليه في ذلك تتخبط في مشوارها ويدلل على ذلك العديد من المظاهر السلبية ، كتزايد اتهام النخبة الحاكمة بالفساد والتربح، وارتفاع نسبة البطالة وانتشار ظاهرة هروب الكفاءات والسياسيين الحريصين والمخلصين الى خارج الدولة هرباً من الممارسات غير العادلة والتشكيك بالانتخابات وفي التلاعب بنتائجها،. بالإضافة إلي ارتفاع معدلات الجريمة ، و بشكل عام تشير الى الاخفاقات الوظيفية التي تعاني منه الدولة مما تؤدي الى تأكل قدرتها وقدرة نظامها،وزيادة حدة تدهور قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة بما يعني تراجع دورها الأساسي في خدمة الشعب. واقتصار النخبة الحاكمة على بما يصب في مصلحة جماعة بعينها والنخبة الحاكمة والمؤسسات السيادية ذات المصلحة والتي تدر لهم الاموال فقط .
المتأمل في المشهد السياسي العراقي وما فيه من توتر واحتقان فيراه انه يمر بمخاض سياسي عسير عبثي والذي يعني : سلوك سياسي تغيب فيه العقلانية من جهة ونوع من العدوانية الثأرية من جهة ثانية وهذا السلوك من شأنه أن يدمر كل ما حولنا. لأن اي سلوك عدواني تدميري بالدرجة الأولى سوف يلقي بظله عَلى حياة المجتمع ومستقبل الناس ومصيرهم وهنا تكمن الخطورة من غضب المجتمع في لحظة ما وهذا العبث السياسي لن يمرّ على هذا الشعب الواعي والمتيقض لكل ما يحاك لهذا الوطن و بات المشهد مملّاً بالفعل، لا بل إنه يبعث على الاستفزازوالتَّقَزُّزِ لان العبث السياسي يظهر في أبشع ملامحه يوماً بعد يوم.
حيث يضع كل الطبقة المخلصة أمام خيارات لا تقل عن الوطنية وإلأ قد تقحمهم لاتخاذها طريقا للخروج من عنق الزجاجة باي شكل من الاشكال ،والكتل السياسية لا تقدر على وضع خطة إستراتيجية صحيحة ، وذلك لصعوبة قراءة الواقع جيداً أو المشهد الذي يحيط بهم ، اذا لا يستطيعون قراءة المستقبل بصورة سليمة ،وكل ذلك بسبب العبثية المتعمدة للأحداث ولا تعتبر للمصلحة الوطنية بين الأطراف السياسية في الساحة من قيمة وهي من أهم الخيارات التي يجب أن ينتبه لها وينتهجها السياسيون في الوقت الحالي و ينبغي إيجاد انسجام وتوافق بين مختلف القوى السياسية لكي يخولهم للخروج من العملية السياسية  المستولية على قيادى البلد واعطاء المساحة الكافية للطبقة الفاعلة الحريصة على مستقبل البلد  لانقاذ الوطن من أزماته ومعاناته التي طالت دون جدوى لبناء وطن جديد يتسع الجميع ولا يحتمل الدخول في متاهات قد تدفع بالبلاد إلى مالا يحمد عقباه و المطلوب و بأسرع وقت ممكن للوحدة الوطنية والتكاتف بين الجميع وترك الخلافات والمناكفات جانبا لتجاوز الظروف الصحية التي يغوص بها الوطن وما يزال يمر بتعقيدات وصعوبات و البلاد في أحوج الظروف من أي وقت مضى إلى هدنة عامة سياسية واقتصادية واجتماعية من أجل الخروج بالوطن إلى بر الأمان لتخفيف الاضرارالنفسية والمادية واستقبال الانتخابات والمشاركة فيها بروح رياضية نزيهة وبشرف .
اليوم اصبحت الأحزاب السياسية في حالة فشل لا تهمها مصلحة الشعب في هذا الظرف الدقيق بقدر ما يهمها االتموضع داخل الساحة السياسية بكل السبل، بهدف تسجيل أهداف على الخصوم في غفلة من أمرهم، ظنا منهم أن الهدف من السياسة هو إضعاف هذا الحزب أو ذاك، أو أن المهمة الملقاة عليهم هي تبخيس السياسة الحكومية والتجاوز عليها في حين ان ابناء الشعب  العراقي، ينتظرون تقديم بدائل واقتراحات على تبني خطط ناجحة للبناء، أوتثمين ما يرونه مفيدا وفي مصلحة الشعب، والوقوف إلى جانب المصلحة العامة.
وعلى السياسيون الحذر..الحذر...حذار ... وبلغ التطاحن السياسي والجدال والإختلاف إلى درجة الكره والانحدار في سرقة خيراته و من هدر حق الشعب في أخذِ مستقبله بيده وتحديد المسار والخيارات السياسية التي يراه مناسبا بما في ذلك تشكيل حكوماته وانتخاب من يراه مناسباً لتولي امره ويدافع عن مصالحه دونَ تأثير في تاسيس دولة المواطنة وعلى دمج مفهوميْ الأمة والدولة واتخاذهما مؤطرا أكبر ومرجعا مؤسسا لاي كيان سياسي قائم على المماثلة بين مواطنيه على المستوى اللغوي والثقافي والعرقي، مع منح مفهوم المساواة مكانة مركزية بوصفها المعيار الأهم والقيمة الحدية الكبرى في المنظومة السياسية والأخلاقية التي تحكم الدولة. واي ميوعة اقل من هذه الميوعة وهناك شروخ أو كسور لا تجبر ولا تلتئم أبدا بسهولة ً، تظل دائماً تجرح الأصابع والروح و الإهانة أشد ما يجرح الإنسانية ويُصيبها في مقتل -! أن تهين وأن تقبل أن تُهان _ كلاهما في مرتبة واحدة لأن الشعب سئم الوعود و نقض العهود وهو قادر على ابتكار أساليب جديدة لانتزاع حقوقه. فمن يهتم بالسياسة لا يتعدى 10% من المجموع اذا ما كان اقل من هذا العدد و الوضع دقيق ولم يعد يحتمل، و الشعب العراقي سوف لن يكون لكل من تغول عليه ويحاول الإنحراف بمسار البلاد و امنه و استقراره وهو قادر على أن يفرق بين الحقيقي والمزيف دون وصاية من أحد وسيبقى هذا الشعب الضامن لحياته المستقبلية ويتمتع بديمقراطية حقيقية وبالتالي هذا الشعب صحيح أنه مهمش ومنزوي و لكن لا يمكن اغفاله ليرضى بالعبث السياسي و لن يقبل به، فحكموا عقولكم قبل فوات الأوان و البلاد غير قادرة على تحمل المزيد من العبث و المناورات، الشعب يريد سياسيون يحترمون انفسهم و يحترمون هذا الوطن و شعبه ، لا مجال للخطأ و نحن داخل وضع متأزم على جميع الأصعدة
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي

252
رجل الدولة الحقيقي والعلامات الفارقة
اخر الاخبار المبشرة تشير الى ان مجلس النواب العراقي يتشرف ببدء دورة التشريعية الجديدة بعد غياب غير مسبوق في برلمانات العالم استمر لاشهر طويلة لوقوعه تحت طائلة وباء كورونا عليه لعائن الله وابعدهم عن مصالح الشعب بس "رادوها من الله الجماعه" التي تعلقت بأستار مجلس النواب صاحب المعاجزعند الملمات والمأسي وكانت فرصة ثمينة لرجالها في الترحال والسفر الجميل في استنشاق الاوكسجين مع عوائلهم في بلدان لم يصلها كوفيد 19 و"ابن الشعب خله اينام المكرود" فهل هم من رجال الدولة .
يطلق على مفهوم رجل الدولة اساسا على من تحمل المسؤولية تجاه الاخر ومن اهم مواصفاته ::ان تكون شخصية غير مؤدلجة ، لانه هو ابن وأجير للشعب و موظف عام خادم للمجتمع كله وليس لمحافظة او منطقة او لحزب أو طائفة معينة ، له فهم جيد لشمولية العبادة وحقيقة وأهمية العبادات المتعدية ودورها في حل مشاكل المجتمع ، امتلاكه رؤية مستقبلية واضحة وجادة في أحد مجالات الشأن العام ،،الكاريزما والحضور الدائم في المشهد العام ، الانفتاح والتواصل على ابناء مجتمعه من كافة الطوائف دون استثناء لانه هو ملك الشعب كله ، وامتلاك قاعدة علاقات عامة متنوعة ،الاستقامة الشخصية والنزاهة المشهود بها، الاهتمام والانجاز المشهود له في الشأن العام ، وتقديمه له على شأنه ومصالحه الخاصة القدرة على التفكير المنهجي المنظم والتفكير الاستراتيجي وانتاج الأفكار والحلول والمبادرات والتضامن اللامشروط مع الرعية وحل المشاكل من حيث اهميته كرجل لادارة السلطة فقط بل ويعتبر من ابرز العلامات الفارقة التي تميز رجل الدولة عن رجل السياسة لان رجل الدولة يريد أن يعمل شيئاً من أجل بلاده. والرجل السياسي يريد من بلاده أن تفعل شيئاً من أجله، وعودهم مجاملات، وهي الصفة الملازمة لاكثر رجالات السلطة في العراق حالياً ، ولكن الناخبين يعتبرون مجاملاتهم عهوداً يجب ان يوفون بها بصدق.
القيادة  في الدولة يجب ان تمتلك رؤية القيادة القادرة على التنمية والبناء وفق رسالة ممنهجة على ايصال محتواها الفكري بموضوعية سياسية واقعية وفق اليات بسيطة تحقق اهدافا صغيرة لكنها ضمن السياق الاستراتيجي وصولا للغايات حيث تجسيد الرؤية حيز الواقع، وهي مراحل العمل الاستراتيجية التي عليها تقوم ادارة الدولة على اساسها، و مقدار مراعاة هذه الاسس التي يتم بموجبها تنفيذ برنامج الحكومة الرشيدة ، فكلما كانت تطبيقاتها ادق حملت معها نتائج افضل على كافه الاصعد، ومردودا ايجابيا على جميع المستويات المعيشية والحياتية وتكون عامل مهم  وفي المحصلة مزيدا من بناء الثقة بين المواطن وصناعة القرار ولان قيادة فريق العمل تتطلب ايجاد هيكلية ومشاركة ودراية وحرية اضافة الى عناية وتوضيح الصورة للفريق، فان العمل ومتابعة بجدول زمني معلوم، هو الذي يساعد العوامل التي من شانها الارتقاء بالاداء العام وتحقيق الاهداف المرسومة او الغايات المتوقعة ضمن اقل نفقات واعلى مردود وافضل جودة، فكلما ارتقت مستويات التصميم الاستراتيجي وتم تنفيذ مشتملاتها بعناية وفق خطة عمل مدروسة محددة ضمن جدول زمني معلوم حملت نتائج عميقة الاثر وواسعة التاثير وكانت مردودها اكثر على الصعيد التنموي وعلى المستوى النمائي غير ان ما افرزته على اكثر الاحيان الثورات والسلوكيات الحديثة لرجال السلطة غلبت عليهم التهرب من المسؤولية لعدم فهمهم لها حيث ركبوا موجتها دون استئذان وغياب البحث عن الحلول البديلة ومعالجتها بالحلول الترقيعية ، في حين ان تسمية رجل الدولة وهو مصطلح يختزل صفة السياسي القوي المتكمن لقيادة الواقع الذي عاشته بلادنه و اظهر حاجة ماسة إلى بعث مفهوم جديد لرجالات الدولة يختزل صفات اؤلئك الذين ينشغلون بهموم المواطن دون استقطاب رديء وساذج لهم ودون استنزاف لقدراتهم على التحمل ودون استغلال لأفكارهم المحدودة بل اعتبارا لمصلحة الفرد من مصلحة المجموعة ويطلق على من هو القادر على قيادة الدولة في جميع الاوقات وخاصة الفترات الصعبة التي تشهد ازمات سياسية واقتصادية وينجح في تجاوزها وهو ليس كيانا قائما بذاته بعيدا عن المصلحة المشتركة بل هو ايضا الجندي الذي يقبع على السهل والمنحنى في المدينة والقرية وان الدولة هي دولة المؤسسات والقانون قبل ان تكون دولة تجمعات أو أحزاب أو تكتلات و يرعى امن بلاده وترابها وهو العامل البسيط الذي يقدم خدماته بكل تفان ومصداقية وهو الاداري والمسؤول الذي يراعي حرمة الله في حق المواطنين ويطهر يده من الفساد والسموم المتغلغلة في اعماق الابواب المغلقة ، هو كل فرد من مكونات المجتمع يعتبر ان دوره لا يقتصر على تسخير قوته في ضمان عيشه وحياته وحياة افراد عائلته بل ايضا في كيفية احترامه للمحيط الذي يعيش فيه وتقاسم الادوار مع الاطراف المقابلة له. من خلال قدرته على فرض هيبة الدولة وإدارة الازمات بوضع استراتيجيات انقاذ تساعد على الخروج من المأزق بأخف الاضرار وهو شخصية تعرف ايضا بعلاقات متميزة مع المحيط الخارجي تجعل منه قياديا يقرا له الف حساب داخل وخارج بلاده دبلوماسيا واقتصاديا وسياسيا وتسخر له كل الوسائل الممكنة للتعاون ليتولى منصب قيادة البلاد تحت تسمية رجل الدولة .
والقيادة  في الدولة يجب ان تمتلك رؤية القيادة القادرة على التنمية والبناء المنسجم مع الواقع، والعاملة وفق رسالة ممنهجة على ايصال محتواها الفكري الى كل الجهات بموضوعية سياسات وواقعية سياسية وفق اليات بسيطة تحقق اهدافا صغيرة لكنها ضمن السياق الاستراتيجي وصولا للغايات حيث تجسيد الرؤية حيز الواقع، وهي مراحل العمل الاستراتيجية التي عليها تقوم ادارة الدولة على اساسها، فكلما ارتقت مستويات التصميم الاستراتيجي وتم تنفيذ مشتملاتها بعناية وفق خطة عمل مدروسة محددة ضمن جدول زمني معلوم حملت نتائج عميقة الاثر وواسعة التاثير وكانت مردودها اكثر على الصعيد التنموي وعلى المستوى النمائي. واخيراً إن التحسس بالمسؤولية التضامنية هي من ابرز العلامات الفارقة التي تميز رجل الدولة عن رجل السلطة ، وان خلاف هذه الصفة اي التهرب من المسؤولية والبحث عن شماعات لها هي ابرز العلامات الفارقة التي تعزل مجتمع السلطة بعيدا عن مجتمع الدولة . وان قبول النقد الموضوعي من لدن القابضين على السلطات هو السجية التي تحدد هوية رجال الدولة ويؤمنون بكونهم بشرا عرضة للخطأ في أفعالهم وأحكامهم ويحترمون ما ألزموا به أنفسهم من التزامات وتوقيتات وقواعد ولمن تغيظه وتؤرقه رؤية دولته دولة فاشلة  وينأى بنفسه عن رجل السلطة الذي يرى لنفسه صفات خارقة، ويبيح لنفسه نعت منتقديه بأوصاف غير أخلاقية مما هو شائع في قاموس المتجبرين والمتسلطين ويمتهنون أساليب تزوير الحقائق وذرائع ملتوية لتضليل الراي العام والذين قد يمتلكون من أدوات التأثير ما لا تملكه قوى اخر تريد الخير لبلدها وقد فقدت الجماهيرالواعية الثقة باكثر رجال السلطة الحاليين بعد ان انكشفت وفضحتهم اكاذيبهم وانسياقهم خلف مصالحهم دون المواطن.
عبد الخالق الفلاح 

253
الرؤية الخاطئة في تطبيق المسؤوليات
تتخذ الأوضاع في العراق نحوالانحدار يوماً بعد يوم في ظل الرؤية الخاطئة في تطبيق المسؤوليات و في ظل شيوع التظاهرات الاحتجاجية الراهنة، على مدى السنوات الثلاث الأخيرة، في مدن العراق  المختلفة وخاصة في الجنوب التي تشهد تظاهرات احتجاجية، بعفويتها واستمرارها على الرغم من كونها غير منظمة ترهب كون أبعادها انفعالية مما يدفع الى الرهبة والحذر في البعض من مفاصلها و قد تؤدي الى الانزلاق في البلاد في ضوء الانفلات الامني وغياب الدور الرئيسي للحكومة .ولكن خلقت جو من الوعي والادراك ساهمت بإعادة الاعتبار لكلمة المواطن ويجب اخذه بنظر الاعتبار مرة أخرى، بعد أن كان مجرّد أرقام في حسابات الطبقة السياسية في فترة الانتخابات، والثانية، التفكير بالحلول يجب أن يبقى في حدود الممارسات الديمقراطية والسعي لترسيخها، وليس بالانقلاب عليها بدعوى وجود خلل في تطبيقه .
المشكلة الرئيسة التي تعاني منها وتواجه العملية وتسرع في انكماشها وهبوطها ، مشكلة عدم فهم ثقافة القيادة وهو ناتج إلى حد كبير للتغيّر الاجتماعي السريع للفئات جديدة و الانحلالات المتعاقبة وتغيير الوجوه السريعة مثل الفوتوشوب و بسهولة في الكتل والاحزاب السياسية لعدم وجود فكر وايديولوجية واضحة لادارة الدولة مما تسبب في التقويض التدريجي لسلطة الحكومة وفاعليتها وشرعيتها، ويبدو أن عجلة النظام السياسي في العراق متوقفة عند عتبة خلق الأزمات، والكل يتفق على أن العراق يعيش فعليا أزمات الانسداد السياسي، بيد أن الطبقة السياسية  غير قادرة للاصلاح وعاجزة تماما عن طرح حلول لتجاوز ذلك او الا تريد الاصلاح اساساً لان في غير مصلحتها ، ولا تفكر بحلول عَمَليّة قادرة على تجاوز حالة الانسداد، وبدلا من ذلك يدفعون النظام نحو الاسوء الذي يرتبط بإدارة مصالحهم. ولكن من خلال ضغط التظاهرات والاحتجاجات نستطيع أن نقول إن اللعبة السياسية اصبحت مكشوفة واستطاع شعبنا من كبح جماحها وكشف عورات العملية السياسية  وتحديد أدواتها ومعرفة شخوصها وأماكن تحركاتهم وأهدافهم المعلنة وسياستهم المتبعة وطبيعة عملهم الميداني وما يسعون إليه من آمال تتمثل في البقاء والهيمنة على الحكم في بغداد، وبالمقابل جاءت الأحداث المتوالية لتؤكد حقيقة تمسك الجماهير  بالاهداف والمبادئ  ورفضهم للتبعية السياسية الدولية والإقليمية وسياسية فرض الأمر الواقع للأحزاب والكتل السياسية وشخوصها من السياسيين المنتفعين وعرفت الأساليب والإجراءات المتبعة من هذه التشكيلات والمسميات لإبقاء حالة المماطلة والتسويف في تنفيذ المطالب الشعبية والجماهيرية التي خرج من أجلها الشعب العراقي بجميع شرائحه المجتمعية.
هناك مشكلة يعاني منها البعض من المسؤولين في النظام وهو ضيق الافق الفكري ويخالف اساساً ولا يتلائم حتى مع الأسس الرئيسية للعبة السياسية المتبعة منذ عام 2003 و تكون موافقة للأهداف والمصالح الإقليمية في تصريحات طائفية خطيرة وغير موفقة وتقلق وتثير الشارع،المسؤول في السلطة الرئيسية يجب ان يمثل الشعب العراق بشكل عام دون مسميات تثير الفرقة بين اطيافه وتعطي اطباعاً بضيق الافق السياسي لشخصيته والتي لاشك تفسر الى ان تعطيل عمل لمجلس  النواب الحالي مقصود وانما هي هناك نوايا مبيتة وخلافات حسب اعتقادي لجهات غير داخلية تضغط باتجاه اثارة الفتن ولاشغال الشارع بها ولعل التفكير الجدي من اجل عز هؤلاء المسؤولين من المنصب هو الاقرب للعقلية والحل الامثل كتجربة نواة لمستقبل افضل حتى لاتتكرر وقطع الطريق امام الطامحين من النيل من وحدة المجتمع ،اوالقرارالاصعب في حل مجلس النواب الذي جاء في جزء من الدستور "تتطلب بعض الظروف التي تمر بها البلدان حل المجالس النيابية والدعوة الى انتخابات مبكرة ولأسباب مختلفة يعود تقديرها الى السلطة المعنية بذلك وهذا ما ينطبق على الدستور العراقي حيث رسم طريقة حل مجلس النواب في المادة (64) (أولا: يحل مجلس النواب بالأغلبية المطلقة لعدد أعضائه، بناءً على طلبٍ من ثلث أعضائه، أو طلبٍ من رئيس مجلس الوزراء وبموافقة رئيس الجمهورية" بعد الفشل الذريع الذي يعيش فيه وهو يبدو الأكثر منطقياً وهو البلسم الشافي  في ضوء الغياب عن الاداء في هذه الظروف الصعبة التي تمر بالمنطقة و رغم انه ولاشك فيه سيكلف البلاد اموال طائلة ، تضاف الى  ما  يهدر فيه من المال العام في ظل الفساد المستشري من جهة وترهل مؤسسات الدولة من ناحية أخرى حتى و ان كانت جزئية لا تؤدي إلى تغيير ملحوظ لأن المطلوب هو إصلاحات بنيوية للنظام السياسي وطبيعة تمثيل العراقيين في برلمان الذي  لم يتحول حتى الآن إلى مؤسسة سياسية قادرة على التشريع للقوانين المهمة التي تمس ادارة الدولة من جميع الجوانب و رغبات المواطن  والعجز في مراقبة أعمال الحكومة ومساءلتها، وتتعايش فيه الكتل المؤيدة للحكومة مع الكتل السياسية المعارضة دون الاستثناء في بحبوحة من الرفاهية وبينما يعيش المواطن الفقر والعوز في لقمة عيشه و يواجه العراق اليوم أسوأ أزمة اقتصادية تهدد البلاد و نظامه السياسي المتخم بفساد الطبقة الحاكمة  .
لذا ومن المؤكد قد تصطدم فكرة حل مجلس النواب بالرفض من القوى الموجود في العملية السياسية في الوقت الحالي  التي ما زالت منقسمة من حيث الولاء للطائفة والمذهب والدين والقومية والمناطقية والعشائرية للتوجس من زوالها من الساحة بسبب الاخقاقات التي واكبت مسيرتها على الرغم من مرور سبعة عشر عاماً على استلامها زمام الامور والميزانية الخيالية التي نهبت دون اي عطاء يهم المواطن ، واذا حدث غير ذلك و بسبب هذا السلوك الطبقي سوف تبقى مؤشرات انعدام الثقة بين المجتمع والنظام الحاكم والجميع يعترف بأن النظام البرلماني في العراق لا يمكنه إنتاج طبقة سياسية تفكر خارج إطار العُرف السياسي القائم على أساس المحاصصة والتطبيق المشوَّه لنموذج الديمقراطية التوافقية ، ناهيكم عن غياب المعارضة الفعلية ذات البرنامج والمشروع السياسي الواضح في الساحة لكي تقوم بتقويم العملية ويبدو أن اليأس الذي يُخيّم على مشاعر العراقيين بتغيير النظام من الداخل العملية غير وارد و يعود مرّة أخرى للتفكير بتغيير الطبقة السياسية بالكامل وهو الاقرب و قد تكون في الانتخابات القادمة اذا كانت حقيقية وغير مزورة ،و  ثم ان جميع الاحتمالات للتغيير متوقعة وقد تكون واقعة اذا عزمت الجماهير لاحقاق حقها
عبد الخالق الفلاح

254
النفاق السياسي والهبوط الى الطائفية
من الواضح أن  العديد من الذي تسلقوا مناصبكبيرة مهمة وحساسة في السلطة اليوم في العراق كانوا يحلمون بأن يكون من ابسط موظفيالدولة و تسلّقوا علي دماء الشُهداء فلا رجاء منهم بعد ان خانوا الامانة، فهم مجردلعبة أتت لتآكل مما تبقي من فُتات ِ الفساد، الذين يتآجرون بأراوح الأبرياء ولا املفيهم؛ فمن يبيع ويتآجر بالموت ،لا يقدم لك سوي سِلعتهِ «النفاق » و الإرتجافوالهبوط، والإنكسار والخوف. حقاً هذا الوطن عظيم ولكن البعض من سياسيه تدحرجوا،من مناهجهم، وتاريخهم و قيمهم ..لينزلقوا الى هاوية كنيزالمال الحرام..لينزفوالوطن بصراعات ٍ جهوية وطائفية عبثية ، وفتن وازمات ،صعدوا على اكتاف ابناء محافظاتهم ولم يقدموا لهم سوى الوجع والالم والمعاناة وحماية السراق والفاسدين وتصرفوا بخيراتهم من الاموال في ملئ جيوبهم من السحت الحرام ...فطبق عليهم المثل الشعبي ((ركبنــــــــــاه ورانا مد ايده بالخرج)) وتجاهلوا قول الكريم في كتابه ((اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌوَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ )) الحديد  57 ، نعم اعجب الاعداء نباته وبدأت ايدي البعض بالعبث في الصورة الجميلة للوحدة الوطنية التي يسعى لها ابناء الوطن للخير وهم يخربونها من اجل مصالحهم واهدافهم الخبيثة و الضيقة، بالنفخ بالطائفية و القبلية والمناطقية وتخلق في الواقع انشقاقا في المجتمع، يؤدي إلى تغذية المشاعر السلبية والعداء،  ، فيعود التجافي ويتأثر البعض، ويصبح البعص يتسابقون نحو التصارع  و التراشق على قضايا مفتعلة يسيرة، ويثيرون الفتن و الاثارات الطائفية والنعرات الاثنية و الغريب أن تتحول الخيانة إلى مؤسسة اعلامية وعمل ممنهج عندهم للنقر على طبل الطائقية وهمفي اعلى مستوى المسؤولية التي يجب ان تكون للوطن ، بل ويجد الخونة منابر في دولمعروفة بكرههم وعدائهم لتاريخ العراق ولاستقراره ويعبرون فيها عن تواطئهم إلى حد التباهي وهكذا صارت الخيانة وجهة نظر والردّة رأيا ورأيا آخر ،يتسكعون في العواصم للتكدي و يكشفون كل عرى الاخلاق والانحراف نحو الإسفاف السلوكي التي غابة عنها الحياء.
علينا ان نستذكر  من أحداث سياسية وامنية واقتصادية نستعيد تجربة فترة ما قبل احتلال المحافظات الغربية من قبل عصابات الكفروالالحاد داعش، علينا أن نتذكر البشاعة التي مارسها الغزاة ، والمقابل المظاهرالايجابية التي قام بها أهلنا الصامدون في مقاومتهم ، ومن عايشوا الظروف القاسية لنأخذ الدروس والعبر لإدارة حاضرنا ورسم مستقبلنا. الوطن لن يموت بخيانة مثل هولاءهذه الكلمة المُشبعة بكل المعاني الوضيعة التي تجعل كل من يتصف بها منبوذاً من مجتمعه، فكيف إن كانت هذه الخيانة تستهدف أمن وسلامة واستقرار المجتمع والدولة؛ لاغبارعليها ستكون صفة الخيانة العظمى أقل كلمة يمكن أن يوصفوا بها. والخيانة، كلمة تدلعلى كل معاني الانحطاط التي تجعل كل من يتصف بها مرفوضاً ومستبعداً من قبل أفرادمجتمعه؛ فكيف إن كانت هذه الخيانة تسعى لهدم وتخريب أسس وقيم المجتمع وتعمل على بث الفتنة بين أفراده؛ حتماً ستكون صفة الغدر ونقض العهد أقل الكلمات التي يمكن أن يوصف بها.  ستمضي السنين كما مضت والأعوام كما انقضت، وستختفي من الوجود سماتهم السيئة والخيانة ليست حدثاً طارئاً في تاريخ الأمم والشعوب، ففي كل شعوب الأرض يتواجد الخونة والجواسيس الذين يتخابرون مع الاعداءعلى حساب شعوبهم وأوطانهم.. ان التحول الذي حدث في النظام بعد عام 2003 جعل من  النظام السياسي في العراق بأساً بسبب بقائه ضمن دائرة الأزمات والتمزق،والعبث بالمسؤوليات التي امتطوها وكل يوم يركبون موجة جديدة وبالعكس وسوف تبقى عجلة المسيرة تدورحول نفسها خاصة إذا التزم زعماء القوي السياسية بالسكوت والهث خلف مصالحهم و الذين لايستطيعون ثني الفساد، والبقاء على نهجهم في إبقاء المنظومة السياسية في إطارقاعدة التخادم المصلحي والترويج عبر ماكيناتهم الإعلامية بالاصلاحات و الانقلاب علي العملية  السياسية والنظام السياسي المشكل أساساً لمصالحهم الشخصية، بعيداً عن مصلحة الجميع. علينا ان نعيد حساباتنا بأننا أبناء وطن واحد وهبه الله لنا جميعا ومن علينا بالخير والنعم التي لا تحصى، كل الشعوب تواجه نكبات ونكسات وهزائم ولكنها في الغالب تكون أكثر تمسكا بمرجعيتها الأخلاقية لتكون حصناً أخيراً تلوذ به للبقاء على قيد الحياة و نتضامن جميعا ضد من يريدون العبث بأمننا ومقدراتنا و نستعد لأسوأ الظروف حتى يمن الله علينا برجال يتحملون المسؤولية ،ويمنحنا الاستقرار والأمن والحياة الكريمة
عبد الخالق الفلاح

255
العلاقات يعني الحفاظ على المصالح
رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الوجه الجديد والمثير للاهتمام و"الرجل النبيل والمحترم "بقول الرئيس الامريكي دونالد ترامب عند استقباله وفد المملكة العربية السعودية المتمثل بوزير خارجية المملكة العربية السعودية، فيصل بن فرحان بن عبد الله، والوفد المرافق له قد اغرق بالقول دون مبرر بالتحديات المشتركة متناسياً السلبيات والجرائم التي اقترفتها بحق الشعب العراقي التي جنتها ، واكد أن السعودية شريك حقيقي وأن العراق يتطلع إلى بناء علاقات متميزة تستند إلى الإرث العميق للروابط التاريخية التي تجمعهما، وبما يحقق مستقبلا أفضل للبلدين.، وكذلك العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة ، ومن هنا فأن السلام الهدف الأسمى للعلاقات بين الدول نظراً لما يعتقده البعض بأنّ الدول تسعى لكي تتصرّف في علاقاتها الخارجية طبقاً لنفس المبادئ الأخلاقية التي تدفع الأفراد في التصرّف، فإنّ ذلك يجعلها تقتنع بأنّ لها مصالحة مشتركة يجب المحافظة عليها وتكون شاملة تقوم على أساس إقامة السلام وهي الحاجة الضرورية للشعوب بواسطة مؤسسات الدولة عكس ما شاهدناه خلال السنوات الماضية في العلاقة بين البلدين العراق – والمملكة العربية السعودية حيث شابها الكثير من المطبات والازمات وخاصة بعد بروز المجموعات الارهابية والدعم الا متناهي التي قدمتها الرياض لهذه المجموعات المتطرفة لاسقاط النظام " الطائفي" في العراق كما تدعي رغم ان المشاركة في الحكومة كانت لجميع المذاهب والاديان والاحزاب القومية واليسارية والاسلامية .
والحقيقة هو لإن العلاقة بين العروبة والإسلام قد انعكست على الجغرافيا السياسية للعالمين العربي والإسلامي، وهذا الموضوع فيه من الاهمية في البحث وله حساسيته أيضاً ونعني به العوامل التي تحكم العلاقة بين الدول العربية – العربية -الدول الإسلامية غير العربية ولقد لاحظنا من خلال المشاكل والأزمات و المواقف لا تبدو متسقة في اكثر الظروف فيما بينها والتي استغلت من البعض من الدول العربية التي لاتريد لان تكون هذه العلاقة ايجابية دائماً بسبب النزعة القومية التي تحملها ولانها تضر مصالحها كما تعتقد والسياسة يعرف عنها بمايلي:
يعرّف جون بورتون العلاقات الدولية بأنّها: "علم يهتم بالملاحظة والتحليل والتنظير من أجل التفسير والتنبؤ"، ويعرّفها رينولدز: "أنّها تهتم بدراسة طبيعة وإدارة والتأثير على العلاقات بين الأفراد والجماعات العاملة في ميدان تنافس خاص ضمن إطار من الفوضى وتهتم بطبيعة التفاعلات بينهم والعوامل المتغيرة المؤثرة في هذا التفاعل"، ويعرّفها ماكيلاند بأنّها: "دراسة التفاعلات بين أنواع معينة من الكيانات الاجتماعية بما في ذلك دراسة الظروف الملائمة المحيطة بالتفاعلات".. أمّا كوينسي رايت، فيقدّم تعريفاً واسعاً للعلاقات الدولية، وينبع من نظرته إلى العلاقات الدولية بأنّها: "علاقات شاملة تشمل مختلف الجماعات في العلاقات الدولية سواء كانت علاقات رسمية أم غير رسمية"
ان قطع العلاقات مع أية دولة في العالم لا يحبذه لا السياسيون ولا الاقتصاديون، ويرون إن اي مشكلة تقع فيها اختلاف فلابد ان تسارع الدول المتقاطعة الى ترميم الفجوة في العلاقات لتضمن لشعوبهم مصالحها لان بالمقاطعة تتضرر والعلاقات بين الدول تتضمن في كثير من الاحيان روابط إنسانية التجني عليها بالمقاطعة تعتبر خيانة في بعض الأحيان وضد الانسانية، لهذا فالدول الحريصة على شعوبها حريصة على علاقاتها بسائر دول العالم وخاصة التي تشترك بالثوابت الدينية والاجتماعية والثقافية وحتى اللغة ،
كلنا نعرف ان  السياسة مجموعة من الأنشطة التي تتعلق بالتأثير على إجراءات وسياسات الحكومات والسلطات وفن الممكن فالدول لا تبنى علاقاتها ببعضها إلا عبر المنافع المتبادلة، والسياسة هي اجتهاد لا حق مطلق فيها ولا باطل مطلق، من دون تصور إمكانات تحقيق الأول ومواجهة الثاني، وما يترتب على التحقق والمواجهة من أمور وتداعيات وتبعات.
لذا رأينا أن المصالح تحكم أحياناً السياسة في عصرنا الحالي، وحتماً أن دول العالم قد تختلف بعضها مع البعض في الكثيرمن الاحيان ، ثقافةً وديناً وأجناساً وأعرافاً، ولكنها لا تستغني عن بعضها بعضاً، فلابد إذن أن توجد العلاقات بينها بنمط لا تؤثر فيه تلك العوامل، وإنما يبنى على مصالح كل دول مع غيرها من الدول.
 
العلاقة بين الدول يسهل مهمة كل منها، للحصول على المنافع مما لدى الاخرى من موارد اقتصادية متنوعة او صناعات متطورة او نظم راقية، ونحن في هذا الجزء من العالم ندرك هذا، ودوماً نقول ان فكر الدول يتجاوز افكار الافراد، والخطوة الاخيرة التي اتخذها العراق باعادة علاقاتها مع الشقيقة المملكة العربية السعودية يجب ان يكون  مثال على ذلك ويسود طابع المحبة والتعاون الاخوي بعيداً عن التدخلات المتطرفة والعلاقة بين دولة ودولة ، وعدم استغلال العلاقات بشكل معاكس للاخلال بالعملية السياسية واستغلال هشاشتها واثارة الفتن وخلق التوترات والازمات من خلال البعض من المشاركين فيها ودعم جهة لصالح جهة اخرى كما فعل السفير السابق للملكة ابن سبهان وكان سبب من اسباب اثارة غضب الشارع . وللحقيقة فأن الخلافات بين الدول العربية - العربية – وكذلك العربية - الإسلامية هي صناعة خارجية وتصدير أجنبي، ،ولعل كثير من العلاقات الانسانية التي تضررت في فترة التباعد تنتعش في ظل علاقات سوية تحقق للشعبين مصالحهما في زمن ما ،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

256
الكاظمي ...تحركات مشوبة بالريبة والغموض   
         
ان العراق يمر في تحد كبير ومرحلة مهمة من تاريخه ، ويريد الانطلاق نحو مرحلة الإعمار ، وهو ما سيتحقق من خلال اعتماد المصلحة العراقية أولا ، كمنطلق للتعامل والتعاون مع الدول العربية والإقليمية لكي يضعه في مكانه الإقليمي الصحيح مع دول الجوار في المنطقة و الحكومة العراقية الحالية  تشهد حَراكاً دبلوماسياً دولياً تمثلَ بزياراتٍ قامَ بها رئيس مجاس الوزراء  المكلف مصطفى الكاظمي لعدد من البلدان التي لم تكن إلأ دول هاضمة لخيرات العراق ولم تعطيه شيئ ، في ظل وجود رغبة للكاظمي ( الذي يتحرك بغموض وريبة بهدف جعل الأولويات تناسب مع الذي يسعى له للبقاء في الحكم ويعد العدة للانتخابات القادمة وقد يقدم تنازلات  )  في تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والنهوض بالتبادل التجاري إلى مستويات اعلى ولكن يحب ان لا تكون من جانب واحد على حساب مصالح العراق ، انطلاقاً من الروابط والعلاقات الراسخة مع كل الدول التي ترغب في ذلك من خلال الزيارات المتقابلة التي بدأت تنشط في الاونة الاخيرة ويقوم بها المسؤولون ايضاً من مختلف الدول للعراق وبالعكس و تنشط الزيارات المتبادلة مع عدد من الدول المجاورة  وإلاقليمية والدولية فيما بعد ، منها الكويت والامارات والسعودية وتركيا والتعاون المشترك مع العديد من الدول الاخرى ، ما تؤكد على سعي العراق نحو بناء أفضل العلاقات مع الدول العربية والإقليمية ثم الدولية، والتعاون مع أشقائه وجيرانه واصدقائه في إرساء قواعد حسن الجوار واحترام السيادة ، والعمل على تعزيز التكامل الاقتصادي والإنمائي ، والنهوض الثقافي المشترك بما يخدم شعوب المنطقة ويعزز مفاهيم التعاون الدولي والمجتمع الدولي مفهوم يشير إلى مجموع المجتمعات السياسية التي تسمى بالدول ، والتي تتكون كل واحدة منها من شعب وإقليم وحكومة واقتصاد في إطار شخصية وحدود معينة لها ذاتيتها المميزة والسلطة التي تعمل على توحيد هذا المجتمع فى مواجهة غيره من الدول والمجتمعات المنافسة معها والحديث عن “العلاقات الدولية”، ينطوي على الرغبة فى التأكيد على الطبيعية الديناميكية للتفاعلات التي تتجاوز حدود الدول بصرف النظر عن نوع هذه التفاعلات وموضوعها، حيث ينظر إليها باعتبارها تشكل نسقا مترابط المكونات والأبعاد وتتفاعل عناصره ووحداته جميعها؛ حيث يؤثر كل مكون منها على الآخر ويتأثر به. هناك مبادئ وقواعد عامة في افتراضاتها وأهدافها مثل الأيديولوجيات السياسية والمبادئ المستمدة من الأديان السماوية، بصفتها نظمًا عقائدية كونية، توجه رسالة إلى البشرية كلها.
الدبلوماسية هي بالنسبة للمجتمع الدولي بمثابة القوى المحركة للحياة الدولية ومبعث نشاطها، و بالنسبة لكل الدول بمثابة الأداة التي تمكّنها ـ لو أحسنت استخدامها ـ من الحصول على كل المزايا التي تسعى إليها ومن تبوّء المركز اللائق بها في اي مجتمع،
العراق مر بكبوة بعد عام 2003 من عدم الاستقرار وساده نوع من الانفلات في العلاقات السياسية الداخلية التي انعكست على العلاقات الخارجية وعدم ثبات الحكومات المتعاقبة و بسبب عدم وجود برنامج عمل في الحكومات السابقة وضعف الخبرة وعدم الاعتماد على الكوادر المختصة عليه اليوم العمل في هذه الوزارة المهمة لاختيار الشخصيات الفاعلة والمتمكنة والحريصة على سمعة البلد من اجل تطوير عملها لما له من تأثير في تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية ودور في المنظمات الدولية ولازالت الحكومة الحالية لا تختلف عن التي سبقتها من الحكومات ولا نعتقد بأنها تصلح ما افسدته تلك الحكومات خلال 17 عاماً في خلال المدة القصيرة التي مقررة لحكمها وبصلاحيات محدد في قيادة البلاد للقيام بأربع مهمات استراتيجية رئيسة و تحسين الظروف المعيشية للشعب وإنقاذ الاقتصاد العراقي و الاستعداد للانتخابات البرلمانية المبكرة و إنهاء وجود القوات الأجنبية والأمريكية في العراق ومحاربة الفساد وتقديم الفاسدين إلى القضاء.
ومن هنا فان الأهمية السياسية للعراق تضاف للأهمية الاستراتيجية و تكمن في معالجة السلبيات والمشاكل الداخلية اولاً وقبل كل شيئ وبناء نموذج سياسي خاص بالعراق يحيط بكل مسألة تساند هذا النموذج ويعطي  بناء هذا النموذج من الأهمية للنجاح،  ولديه القدرة في بناء برنامج عمل حقيقي يساهم في استقرار المنطقة و في مواجهة الإرهاب والتطرف وإعادة الموازين المختلفة في المنطقة فمن الضرورة تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والاستثمار وقطاع النفط ، لانه يشكل الرقم الأصعب في المعادلة الاقتصادية في المنطقة ، حيث يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد السعودية ، ورابع دولة في الإنتاج العالمي للنفط ، وتقدر نسـبة الاحتياطـات النفطيـة العراقيـة الثابتـة بـ(112.5) مليـار برميـل ، وهـو مـا يعـادل (12 %) مـن مجمـل الاحتيـاطي العـالمي ، في حـين يـرى بعـض الخـبراء ان العـراق لـو اسـتأنف التنقيـب عـن الـنفط بقدراته الكاملة لأصبح يملــك ضــعف احتياطاتــه الحاليــة ، بالإضافة الى ثرواته الهائلة المكتشفة وغير المكتشفة كالفوسفات والكبريت والزئبق ، وما تمتلئ به أرض العراق من خيرات وثروات طبيعية.
عبد الخالق الفلاح

257
تمتمات لوطني الجريح   
                     
جراحك كبيرة وعميقة، لا تسمع فيه إلأ صرخات ، وعويل ونحيب ، من تحت تراب قبور الشباب والشابات ،امتدت السكاكين تتوالى لرقبتك ، تنهش بعدها اجزاء بدنك المقدس ، ودمائك الغالية تهدر بغزارة ،جرحك غائر ،مازالت تنزف ، نزفك دائم ،الارواح رخيصة على اعتابك ، واقعك مظلم، و ماضيك منسي، أين دفء حناياك ، بعد ان كنت بهياً بشمسك وهوائك ومائك وترابك .اما اليوم فحاضرك مرير، مستقبلك مبهم وسط زخم المعاناة ، انت تغرق ، وهناك من يصفق و يمدح  من يُغرقك، ويصرخ اه ياوطني نكالاً ، حزنك الذي يتدحرجُ في الطرقات ،كم يؤلمني ويؤرقني ما تحمل من بؤس وحرمان ،لم نعد نشم اريجك ،وانت تذوق العذاب ألواناً، كم تقاسي ومازلت ياوطني تنزف جراحك العميقة بترابك التي التهمتها النيران وسمائك الحزينة التي جفت فيها الامطار ،اختفى فيك كل شيئ جميل ، آه من دموع الأمهات ،ملت لياليك الافراح ، وهربت رياحك خجلة ، حتى خوفك بلا امان ،مازلت تنادي هل من مغيث ، هل ضاعت النخوة ،اه يا وطن سرقوك في وضح النهار ، ، سرقوك من جديد من تحت أبواب المنايا ،ومازلت تنادي هل من مديد، مازلت تحلم بوعود القادم بزمن جميل يحيى فيك السلام والامان  ،اه ياوطني الحزين ، تائه بين امواج بحر هائج ،اه يا شعبي المتعب والمرهق من كثر الاوجاع ، هل من منقذ قريب، لقد ضاعت بك السفينة ، متى ترسو في شاطئ الامان،لا اْطيق الصمت حين اْراك مهموما ،او حين اراك مكلوماَ، اوأنت تعاني الهوان ، الى متى ابكيك ياوطني، من خناجر تدق في ظهرك كل يوم، جراحك تؤلمني. ، ولا يبكيك احد.
عبد الخالق الفلاح – 25/8/2020

258
استقلالية الدول ومعاييرالامم المتحدة
يعتبر القانون الدولي استقلال الدولة واحداً من الشروط الضرورية للاعتراف بشرعيتها، بل هو شرط في تعريف الدولة، وبأنها «وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة إجتماعية لها حق ممارسة سلطة قانونية معينة على أمة مستقرة فوق إقليم محدد». وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المنفردة، وعن طريق استخدام القوة المادية التي تحتكرها. وثمة تعريف آخر يعتبر الدولة «مجموعة كبيرة من الناس تقطن بشكل دائم في إقليمًا معينًا ومساحة معينة ، وتتمتع بالشخصية المعنوية والنظام الخاص بها ، واستقلال أي دولة يقتضي تحررها من كل أشكال الضغط والإكراه والتحكم الداخلي والخارجي، وهذا التحرر يستلزم امتلاك الدولة عنصر القوة الكافية لفرض سلطتها وتنفيذ قراراتها ومواقفها بثبات واعتزاز"و الدولة ليست وحدها في الأرض فهي مرتبطة بشكل أو بآخر مع دول أخرى من حيث الجيرة والدين  واللغة والتاريخ والعلاقات والروابط المشتركة السياسية والاقتصادية لاسيما الكبرى فيما بينها مع الدول الاقل مساحة وعدداً بالأخص إذا كانت غنية و لديها موارد إستراتيجية .
 المجال السياسي الدولي وإن كان يقوم على التعايش والتعاون والتشارك في مصالح معينة، فإنه يقوم أيضًا على التنافس والصراع والاختلاف والتفاوت في المصالح وموازين القوى، وهذا يتطلّب من كل دولة امتلاك القوة اللازمة والمناسبة لممارسة الاستقلال الفعلي دون خضوع .
لكن مع الاسف ان الكثير من القوانين الدولية وبخاصة الإقتصادية منها باتت تخدم مصالح الكبار وتتعارض مع مصالح الدول الصغيرة والشعوب الفقيرة وتتنافى مع امكاناتها الإقتصادية وتهددها بالضياع أو التبعية. كما يمكن اعتبار تدخّل الدول الغربية أو الدول الإقليمية المتجاورة في دعم حركات المعارضة وحركات الانفصال والطوائف والإثنيات في بعض الدول لخلق حالة عدم الاستقرار وهو اسلوب للهيمنة على تلك الدول  لارضاخها بالامر الواقع في الكثيرمن الاحيان ومع الاسف فقد فرضت القوة للتدخل في الكثير من العلاقات الدولية سواء كانت بالحروب اوالمنافسات بحيث نجد أن القوة هنا تتدخل بمعناها العسكري وفي التعاون يدخل التهديد بالقوة لقمع أحد الأطراف كما أن القوة في السياسة الدولية اصبحت شائعة مما يجعلنا ان نسميها بسياسة  القوة المفرطة للوصول للاهداف دون النظر الى انعكاساتها المادية ونتائجها المعنوية والتي أخذت تظهر بعد الحرب العالمية الثانية وبخاصة في فترة الحرب الباردة "و هومصطلح يستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم من الفترة في منتصف الاربعينيات حتى أوائل التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفيتي " التي أدت إلى تشكيل المنظمات الجماعية المختلفة بهدف تنظيم ظاهرة القوة وأن مجالات تنظيم هذه الظاهرة قد تنوعت فظهرت بذلك المنظمات العسكرية والسياسية والاقتصادية.
من الامور المهمة لكي تسمى الدول مستقلة  وذات سيادة هو استقلالها فعليًا وقانونيًا في ممارسة قرارها الداخلي وسكانها يعيشون ضمن أراضيها، أو جزء منها، ويمارسون حقوقهم بإدارة دولتهم بأنفسهم، و ان تتحد وتكون صفا واحدا بكافة أطيافها ، ومكوناتها ، وان تعيش روح اليد الواحدة شعارا وتطبيقا .وان تجعل المصالح العامة اولى من المصالح الخاصة ، ولا تتكل على الغيرفي ادارة بلدها إلأ عند الضرورة القصوى إن الحل الأمثل والأكثر نجاعاً لحل قضايا عالمنا المعاصر، لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون الجاد والصادق بين الدول الرائدة، من أجل مواجهة التحديات المشتركة، ولا بد أن يأخذ هذا التعاون بعين الاعتبار طيف الألوان المتعدد في عالمنا الحديث بتنوعه الحضاري والثقافي، وإن يعكس مصالح جميع المكونات الرئيسة في المجتمع الدولي. فقد ثبت وبالتجربة أنه عندما يتم تطبيق هذه المبادئ تتحقق نتائج ملموسة وأيجاد منظومة دبلوماسية مهنية، تلعب دوراً متميزاً في تجسّيرعلاقات متميّزة وكذلك، في ردم الهوّة بينها ومحيطة الأقليمي، والدولي
 لتعمل على  حماية حدودها الدولية لها مع جيرانها وان تبذل الجهود في حفظ حدودها الجغرافية أو السياسية أو الإيديولوجية أو الثقافية أو الإقتصادي التي يبنى عليها كيان الدولة القوية، والتي تنطلق، بأبنائها، لبناء مستقبل زاهر يسوده الأمن والأمان بعيداً عن تأثير أي دولة أخرى أو توجيهها وعليها ان تمنع من استغلال اراضيها من قبل دولى اخرى للاعتداء على جيرانها بذرائع كاذبة، وتعريف العدوان هو " قيام دولة  ما في وضع يتيح لها التحكم بفعل العمل السياسي أو العسكري على دولة اخرى أو توجيهه بتخطيط أو إعداد أو شن أو تنفيذ عمل عدواني من شأنه، مما يستوجب الالتزام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2734 (الدورة 25) المؤرخ في 16 كانون الأول (ديسمبر) 1970، الذي طلب من جميع الدول " أن تلتزم بدقة في علاقاتها الدولية بمقاصد الميثاق وأهدافه، بما فيها مبدأ امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي نحو آخر يتنافى ومقاصد الأمم المتحدة؛ ومبدأ فض الدول لمنازعاتها الدولية بالوسائل السلمية على وجه آخر لكي لا يعرض السلم والأمن الدوليين ولا العدل للخطر؛ ويطلب بعدم التدخل في الشؤون التي تكون من صميم الولاية القومية لدولة ما، وفقاً للميثاق؛ وواجب الدول في التعاون بعضها مع بعض وفقاً للميثاق؛ ومبدأ تساوي الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها بنفسها؛ ومبدأ المساواة المطلقة بين الدول في ممارسة سيادتها وفي سلامة الدفاع عن ترابها الوطني والتصرف بحرية في ثرواته وموارده الطبيعية دون الإخلال بأية التزامات ناشئة عن التعاون ومبدأ تنفيذ الدول للالتزامات التي تضطلع بها طبقاً للمواثيق الاممية و تنفيذاً يحدوه حسن النية"؛
 بحكم خصائص العدوان  وخطورته ووسعت نطاقه، "فأي عدوان دولي يعد انتهاك واضحا لميثاق الأمم المتحدة“وهو سلوك يستنكره الضمير العام ويشجبه التاريخ وكل المذاهب والديانات، و لا يمكن اعتبار مثل هذا العدوان عملًا يتوافق مع السلمية التي ينشدها عالم الحرية والامن اليوم و في اتخاذ القرارات الدولية الحرة على الصعيد الخارجي وعلى صعيد العلاقات الدولية ، ويجب رفضها من دون قيد أو شرط أو إكراه أو ضغط ما خلا الالتزامات التي يقرها القانون الدولي وتؤكد عليها المعاهدات الدولية الثنائية والإقليمية في نطاق التعاون والاحترام المتبادل، وحق الدول في التمثيل الدبلوماسي، باختيار عناصرملمة و كفوءة لهذه المسؤولية تقوم بمهامها في عضوية المنظمات الدولية المناسبة، ومن ثم شجب بحزم جميع أشكال الظلم والطغيان والتمييز حيثما وجدت، ولا سيما العنصرية والتمييز العنصري على اساس الدين والقومية والمذهب والجنس او اللغة وكل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة القومية والسلامة الإقليمية لبلد ما تكون متنافية لمقاصها ، وادراك ضرورة إيجاد ظروف تتيح الاستقرار والرفاه وإقامة علاقات سلمية وودية على أساس احترام مبادئ تساوي جميع الشعوب في الحقوق وحقها في تقرير مصيرها، علي أساس المساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجميع الدول، واحترام والمراعاة  في شرعية كفاح الشعوب المضطهدة من أجل الاعتراف بحقوق الإنسان المملوكة لها وبحرياتها الأساسية من أجل تقرير مصيرها بنفسها؛
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

259
       
اهمية دراسة العلاقات الدولية وانعطافتها التاريخية
باتت من أهم فروع العلوم السياسية اليوم في المعاهد والجامعات للدراسات هي العلاقات الدولية وهي من التخصصات التي لا يمكن الاستغناء عنها في الروابط  بين الامم و من خلالها يمكن دراسة وتحليل الظواهر السياسية بكل أبعادها النظرية والواقعية لمن يتخصص في هذا العلم و بيان القدرة على التأثير في سلوك الآخرين للحصول على النتائج التي يتطلبها العامل السياسي، كما تعد أساسا محوريا لمعرفة مدى إمكانيات الدول وقدراتها على أن تكون مؤثرة في السياسة الدولية بمقدار القوة الاقتصادية وحجم الثروة الباطنية أو المنتجة والموقع الجغرافي الاستراتيجي وعدد السكان والمساحة الجغرافية والموقع والقيم الثقافية وطبيعة القيادة السياسية، وغيرها من المحددات و بطبيعة الحال السياسة الدولية  ببيئة متجددة تواكب الأحداث والتفاعلات التي يشهدها النظام العالمي على المستويات السياسية، والاستراتيجية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. عليه، يمكن القول بأن العلاقات الخارجية للدول تتغير وتتكيف باستمرار مع التغييرات الخارجية والداخلية على حد سواء.
وتعريف العلاقات الدولية ليس مسـألة سـهلة كما يتصورها البعض بل هي في غاية الصعوبة والتعقيد ، على الـرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت عنـدما انبثـق نظـام الـدول القوميـة الحـديث إلـى حيـز الواقـع اثـر التوقيـع علـى معاهـدة وسـتفاليا الشـهيرة عام 1648 لانهاء ( حرب الثلاثين عاماً منتصف القرن 17) وحتـى يومنـا هـذا، يصـعب علـى الدارسـين والبـاحثين إعطـاء تعريف جامع للعلاقات السياسية الدولية على الرغم من عدم وجود تعريف له يتفق حوله جميع الباحثين والمختصين، فإنّ الاطلاع على بعض التعاريف يوضح لنا أنّ العلاقات الدولية ظاهرة واسعة من المبادلات المتداخلة التي تجري عبر الحدود الوطنية، كما ان انبثاق العديد من المدارس لها يجعل من الصعوبة بمكان إغفال الدور الايجابي لكلّ مدرسة لفهم الظاهرة الدولية وتفسريها ودراسة تحولاتها وتطوراتها، وتعمل كلّ مدرسة على تفكيك جانب مهم منها وتعيد تركيبه و فقاً لفرضياتها التي لا تتوافق بالضرورة مع ما تنطلق منه المدرسة الاخرى،
وهناك تعاريف تتقارب فيما بينها وتتباعد من جهات اخرى فيقـول ستانلي هوفمان في تعريفه  ((إن حقـل المعرفــة للعلاقــات الدوليــة يعنــي العوامــل والنشــاطات المــؤثرة فــي السياسات الخارجية وفي قوة الوحدات الأساسية المكونة لعالمنا ))،
ولقد سعت جميـع الدراسـات وخاصـة فـي بـداياتها إلـى محاولـة معرفـة طبيعة هذه العلاقات وتباينت نظرة الباحثين والمفكرين حولها وفيما إذا كانت تتسم بالفوضوية او العقلانية ، ويؤكدون على أن السمة الغالبة على المجتمع الدولي هي الفوضى، فيما نجد رأياً متفائلاً، يشير إلى أن هناك ما يكفي من المؤشرات والدلائل الواقعية التي تؤكد على عقلانية في الكثير من الحالات في العلاقات الدولية ومجالهـا لاسـيما المتداولة فـي الدراسـات الجامعيـة وهـذا يتضح تماما عندما يشير ((الفريـد زيمـرن )) إلـى ((أن دراسـة العلاقـات الدولية تمتد من العلوم الطبيعية من جهة إلـى الفلسـفة الأخلاقيـة مـن جهة ثانية ))، ويعرّف جون بورتون العلاقات الدولية بأنّها: "علم يهتم بالملاحظة والتحليل والتنظير من أجل التفسير والتنبؤ"، ويعرّفها رينولدز: (("أنّها تهتم بدراسة طبيعة وإدارة والتأثير على العلاقات بين الأفراد والجماعات العاملة في ميدان تنافس خاص ضمن إطار من الفوضى وتهتم بطبيعة التفاعلات بينهم والعوامل المتغيرة المؤثرة في هذا التفاعل)).
 إن الانتقادات التي واكبت تطور نظرية العلاقات الدولية، وبغضّ النظر عن مصادرها، وعن المدارس المستهدفة بها، لا تنتقص في حقيقة الأمر من أهمية وجدّية الجهود المعرفية المتراكمة في هذا الخصوص، كما أنها لا تحدّ من قيمة العلاقات الدولية كعلم، بقدر ما تحيل إلى دينامية هذا الحقل المعرفي وتطوراته، ومواكبته للمتغيرات التي تشهدها الساحة الدولية في جوانبها التعاونية والصراعية.
ان العلاقات الدولية تنطوي ابعادها النظرية والتفاعلية على قدر كبير من الأهمية في عالم اليوم في ضوء التحولات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية،، مع تشابك هذه العلاقات وتطورها على مستوى الفاعلين، والقضايا، والأولويات، ووسائل الاتصال. غير أن الأمر لا يخلو من صعوبات وتعقيدات، خصوصاً في ما يتعلق بتناول هذه العلاقات كتفاعل اجتماعي بأبعاده المختلفة أو بالتعاطي معها بوصفها حقلاً معرفياً.
ان الحقائق والوثائق  التاريخية تثبت بأن دراسة العلاقات الدولية كمادة قائمة بذاتها من هذه العلوم لم تتخذ طابعا عملياً إلا اواسط الاربعينات من القرن الماضي بعد ان شهد هذا القرن انعطافا حـادا فـي تفسير العلاقات الدولية بنظرية أطلق عليه المدرسة الواقعية وهي بأعتقاد الكثيرين من افرازات الحرب العالمية الثانية وهي التي فرضتها، وان هذه النظرية تعد نفسها أكثر النظريات اتصالا بـالواقع الـدولي وتعبيـرا عـن تعقيداته ، واتخذت خلال تلك الفترة الوجيزة نسبياً مكانة هامة طغت على الأفرع الأخرى لهذا العلم، ويرجع ذلك إلى الحيوية والديناميكية التي تتسم بها موضوعاتها ، فضلا عن الأهمية التي اكتسبتها تلك المادة جراء التقدم التكنولوجي الهائل في كافة المجالات خاصة في مجال الاتصال والمعلومات والمواصلات والتسلح.
في الحال تتميز حركة المجتمع الدولي بكونها دائمة مستمرة ومتسارعة بتواجد الدول لحاجة البعض الى البعض الاخر و إن العلاقات بين الدول على مستوى الساحة الدولية تخضع في احكامها الى القواعد القانونية المنظمة للعلاقات الدولية بين أعضاء المجتمع الدولي، وما يحتويه ميثاق هيئة الأمم المتحدة من احكام صادقت عليها اغلب دول العالم تجنبا لحدوث اي من الحروب او التخفيف من شدة الازمات، وتحقيقا لمسعى السلم والامن الدوليين، وبما تفرضه الاتفاقيات الدولية التي يتم عقدها في هذا  الإطار.
الدول العقلانية المنتظمة بسلطاتها هي الجهات الفاعلة التي تسعى إلى تحقيق المصلحة الذاتية لبلدانها وزيادة أمنها وفرصها في البقاء والدفاع عن استقلاله وسيادته اكثر من غيرها ، كما ان المنهجية العلمَّية في دراسة المواطنة والهويَّة الوطنية تستلزم التنقيب في الاسباب والعوامل الكامنة وراء تفاقم العلاقات السياسية وتقويمها نحو الافضل ، والبحث في الخطوط الخلفَّية التي تقوم بتغذية اشكالاتها، ، و يُعدّ التعاون بين الدول طريقة لزيادة أمن كل دولة على حدة و يجب أن تستند هذه العلاقات على المصلحة الوطنية قبل المصالح الشخصية لحكامها ومريديهم ولكن ان هويّة الاوطان يحددها ابناؤها المخلصين و الشعوب تكون منتصرة عندما تستطيع فرض نفسها على بقية العالم بالطفرة العلمية والتكنولوجية المتسارعة وبالاعتماد على الثورة المعلوماتية والاتصالاتية التي سادة العالم بوصفها الثقافة العالمية المدعومةً التي يكاد يكون الغرب منتجها الوحيد ومحتكر امتلاكها دون سواه، وتبقى الرموز واللغة والجغرافيا هي الوجه الحقيقية للهوية العالمية التي هي فوقية وجامعة، دون أن تنزلها اي مقامات تنظيرية مهما اطرتها وبالتالي هي ثقافة واسعة الابواب في السياسة الحديثة  .
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي
 

260
فرشاة رسمت مأساتها وويلاتها لمستقبل مشرق
       
لن تموت الاوطان من ويلات الحروب انما تنهض من كبواتها شامخة بعد ان تترك خلفها مآسي لن تمحى بسهولة ابدا تعالجها بصبر وبصيرة اين نحن منها ، رغم ان سنوات الانتظار هي ثقيلة وقد تحمل الحزن والهموم والغضب والخسائر المادية والمعنوية ولكن دون يأس و رسمت شعوبها لوحات فنية بفرشاتها الملونة بروح الامل وحولت القسوة والمعاناة إلى جمالات ملونة و استطاعت أن توثق المشاهد المرعبة ضد الإنسانية والتي عكست معاناة شعوبهم على مر السنين كرموز تذكر الاجيال، ولكن تضعف الاوطان عندما تتلوث ايدي فئة من ابنائها بالفساد وضميرهم تسرقه الخيانة .
ان القوة الحقيقة للحكومات في النظم الوطنية ومن ورائها الدول، ليس في التسلط الفوقي وإصدار القرارات العليا، او في شكل بيروقراطيات الدولة وما شابهها او في تمكين ديكتاتورية حكم الاغلبية الثيوقراطية، بل إن قوة التنظيم والتخطيط الاستراتيجي تحقق وتنجز المنافع لجميع المواطنين ودون استثناء على ان تأتي بالاصلاحات الجوهرية الفاعلة  لا الترقيعية المؤقتة الغير المنتجة وتشوبها الشكوك والازدواجية التي يشكوا -منها المواطن اليوم والنخب في غفلة من مواجهة ما يحدث في الوطن من تدني وانزلاقات  كما تعمل القوى السياسية العراقية بعد 17 عاماً التي آلت اليها أمور البلاد في لحظة تاريخية مرتبكة و تعيش في زمن وهم الوصاية الزائفة على الشعب، وتشعر بأن التاريخ توقف عندها، حتى صارت ترفض اي تطوير للعملية السياسية يخرجها من لحظة الانفعال والتوتر التي ولدت منها الى طريق الصواب والرزانة والحكمة الرشيدة، لتجعلها منتجة وفاعلة، ولو بخسارة لصالح ابناء وطنها من أجل فرض صيانة الحقوق والواجبات التي مخرجاتها تعني مجتمع منسجم اجتماعيّا غير متنافر ومتقدم ومترف غير متخلف ومستقر سياسيّا غير مضطرب وعلى ان تكون أهم ركن من أدوات التغيير إعادة النظر بالأسس التي قامت عليها في ظروف معقدة وتشكلت بموجبه المرحلة المؤلمة من التصدع والازمات واعادت بنائها من جديد وتقويمها لتجسيد الحياة الأخلاقية وفق الاطرالتي تهدف إلى تحقيق الاهداف السامية  في ان كل فرد من أفراد البلد يتمتع بالكرامة والأمن والمساواة والحرية، والوحدة والتعددية الصالحة، وان يتساوى حق الأغلبية وحق الأقلية بعيداً عن الصراعات في المجال السياسي على اساسها ، وتحرير القرار الوطني من الشوائب والملوثات ووضعه تحت مظلة هوية وطنية جامعة بدلاً من ان يكون لكل مكون هويته وكيانه مستقل بذاته ويدافع عنه فقط انما يجب اي يكون جزء من الكل، لضمان السيادة والإرادة الوطنية الحرة لبناء وإدارة البلاد ، وهو الأمر الذي سيضع الوطن المستقبلي على السكة الصحيحة و سيكون الحجر الأساسي للاستقرار والتعاون الامثل نحو الفضاءات الزاهرة التي ستنقل المواطن العراقي باتجاه استرجاع هويته التي تخلخت بيد من تخلوا عنهم وزرعوا فتنتها بين مكوناته وحصدوها لصالحهم بينما بقى المواطن يعيش تحت خيمة الفقر المدقع والهزات الروحة المستمرة لوحده ويعاني ما يعاني من اوجاع ومعاناة اجتماعية واقتصادية ويعد العراق الثاني عربيًا في معدل النمو السكاني بعد جمهورية مصر، حيث تضاعف عدد سكان العراق أكثر من 3 مرات خلال 40 سنة، وفي ظل غياب الخطط الحكومية للمستقبل أصبح مصير الأجيال القادمة مهددا بالمجهول، والملفات عالقة فوق الرفوف وسط توقعات بتضاعف الفقر وانهيار الأوضاع الخدمية.
لاشك بان العزيمة والإصرار والحرص والتضحية من العوامل الموصلة الى المسيرة الحرة والعمل على  تكريس اللحمة الوطنية لدى العراقيين والحيلولة دون بقاء ابنائه رهينة للمحاصصة هوالطريق الامثل للوصول الى هذا الهدف السامي والكتل والاحزاب السياسية امام معادلة جديدة اذا ما فقدوها سندفن تجربتهم السياسية للابد ولن تقوم لهم قيامة .
 ان تعزيز الراي العام الوطني الغير الفوضىوية والمأجور في تحليله واعطائه الفرصة بالمساهمة سوف يلعب دورا أساسيا في قوة السلطة خاصة في مجال  المراقبة ، اذ لا يمكن النظر إليه كمجرد تحليل عابر انما اخذه بجد ليتمكن من أن يعبر من خلالها عن مختلف ارائه الحقيقية والواقعية ووسيلة مثالية يمكن الافراد والجماعات من فهم بعضهم البعض في طروحاتهم ، كما ان له وظيفة مهمة في دعم الاستقرار المجتمعي وبالتالي فان مشاركة الأفراد كراي عام في المجالات العامة المختلفة هو بحد ذاته تحريك لبوصلة الخلاص من الافات والامراض التي تصيب المجتمع
ومن هنا يتعيّن على العراقيين أن يساعدوا أنفسهم أولاً من خلال إظهار ما يكفي من الإرادة السياسية لتنفيذ إصلاحات فعالة والحدّ من دون التدخلات الخارجية للولايات المتحدة الامريكية بالدرجة الاولى التي تحاول تعزيز نفوذها عن طريق البعض من الخونة وزجهم في الاوساط الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية المختلفة ويجب أن يكون التصدي للفساد من قبل الحكومة وبمراقبة شعبية مكثفة أكثر من مجرد شعار - بل يجب التفكير فيه بجدية، وأن يكون مخططاً عن تصوّر وتصميم، ومراقباً بأمانة. وباستمداد الزخم من الحوار لإرساء الأسس لإصلاحات عميقة. وتتمثل أولويته الأولى في تنظيم انتخابات ذات مصداقية عالية. وعلى نطاق أوسع،  ويعني ذلك إعطاء الأولوية لإصلاح القطاعات المختلفة، واصلاح قطاع الخدمات كي تقطع شوطاً طويلاً نحو الحدّ من السرقات ، ويتمنى المواطنون ان يتحول مشروع دولة العدالة  الى مشروع سياسي متكامل يطهر العملية السياسية من الفساد والمفسدين مثلما طهرها من الارهاب والارهابيين .
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
 
 
 

261
نايم المدلول يا محله نومته سلهم عيونه وناشر گذلته
ان مجلس النواب العراقي الحالي في سبات عميق وینطبق عليه المثل الشعبي القائل( نايم المدلول يا محله نومته سلهَم عيونه وناشر گذلته ) وهو متهم بالضعف والفشل في اقرار القوانين الخدمية التي تصب في خدمة المواطن الذي اصابة اليأس والملل من الوعود التي بقيت معلقة من التنفيذ وغياب القرارات المشروعة والتشريعات التي يصبوا اليها المواطن العراقي في جداول اعماله اليومية وهي بأقرارها تعيد ثقة الشارع بمجلس النواب وتعطيه الدعم الكامل، امام السلطة التشريعية اذا ارادت ان تكون فاعلة وعلى قدر كبير من المسؤولية والكفاءة العددية من القضايا والتوجهات التي لا بد من العمل للتغلب عليها ومنها مشكلة الفقر والعدالة الاجتماعية والمساواة والبطالة على المستوى المحلي ،والتعامل مع القضايا المختلفة و قضايا الساعة في المنطقة بمنطق وبموضوعية ومعرفة على المستوى الخارجي، فالمرحلة حرجة والمنطقة تمر في ظرف صعب تحتاج ان يكون في انعقاد دائم لمواكبة المرحلة.
لقد برز ضعف الاداء الذي يعاني منه المجلس الحالي وهو قد فشل في تعميق فلسفته الوجودية، ولم يستطيع معالجة الامراض التي يحتاج العراق أن يتخلص منها ولم يرتقي إلى مستوى الطموح ، ولم يشعر النائب العراقي في مجلس النواب، باهمية وخطورة الوظيفة المسندة اليه وهي تمثيل الشعب وتمثيل سلطة الشعب، وانه يحسن اختياره لقراراته بان يؤمن بالمصلحة العامة ومصلحة الشعب واثبت انه هو امتداد لنواب الدورات السابقة، و لم يتخلص من الاشكالات على الرغم من مرور اكثر من ثلاثة ارباع عمره و لم يناقش  أي قرار من القرارات التي تتعلق بالسياسة العامة للدولة وغائب عن الانعقاد ولا يعرف الزمن الذي سوف يجتمع اعضائه ولم يأخذ البعد الزمني الكبير والطويل الذي يستنزف قدرة الدولة المادية والمعنوية ويكون على حساب المصلحة العامة وكان دوره الضعيف في زمن وباء كورونا بشكل فضيح وتهربه من الانعقاد في هذه المرحلة المهمة وصمة عار في جبين كل فرد وعضو في المجلس ويقف رئيس المجلس في المقدمة بدل التوجه بحزم من اجل مساعدة الحكومة لدرء الشر عن المواطن وقوة لاستثمار ما تبقى من عمر الدورة النيابية واقرار القوانين التي من شانها الارتقاء بواقع المواطن وانتشاله مما هو عليه وليكن هذا الانجاز هو خاتمة لاعمال هذه الدورة للوصول الى مؤسسات وإدارات وطنية منتجة تتوخى مصلحة الدولة والناس وتعيد الأمل والثقة للعراقيين المغضوب عليهم وبامكانية بناء دولة القانون والمؤسسات والعدالة لدولة المواطنة والوطنية في وقت يمعن البعض في اغراق الوطن بآتون الطائفية والمذهبية والحزبية على حساب الكفاءات والطاقات وهذا ما يهدد بنيان الوطن.
النائب يجب ان يكون على قدر كبير من تحمل المسؤولية وان يمتلك من الصفات الحسنة والاخلاقية للقيادة وان يبتعد عن المساومة والمزايدة على حساب وطنه وان يعتبر العراق المنطلق الراسخ لكل قناعاته وتوجهاته وان يعمل على خدمة ابناء وطنه دون تمايز  و يعمل على التعاون مع كافة الاتجاهات  في المجلس لما هو خير شعبه وبلده وان يكون بالمرصاد لأية اخطاء او تجاوزات على كافة المستويات لا ان يكون الفاعل الذي يعيق العمل وان يعمل على تفعيل الدور الرقابي  بشكل مخلص بعيداً عن المحسوبيات والمنسوبيات والعشائرية والمناطقية انما يجب ان يكون ممثلاً لكل مكونات المجتمع  لمحاسبة الحكومة في تقصيرها.
في غير ذلك لن تقبل الاعذار من اجل خدمة الوطن والمواطن ولن تقبل الموانع والمطبات الواهية لان النظام البرلماني الديمقراطي يرتكز على مبدأ السيادة الوطنية التي يتم التعبير عنها بواسطة الانتخاب، فالديمقراطية التمثيلية او الانتخابات اصبحت هي السائدة بالمجتمعات المعاصرة لتعذر تطبيق الديمقراطية المباشرة ، والعراق والمواطن اولاً بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وان يكون النائب قادراً على التشريع ومراقبة الحكومة دون اية محاباة على حساب المواطن والوطن. فالعراق بحاجة الى نائب وطني مضحي وليس نائب سفرات والهروب الى الخارج للتمتع  يجب ان يحكمه الضمير والصدق في التفاني ولا يتعالى على القانون و يكون ذو كفاءة ومكانة اجتماعية وله خبرة سياسية وخدماتية ونظافة اليد والخوف من الله.عبد الخالق الفلاح

262
       
  الاعتداءات التركية استغلال لهشاشة الاستقرار السياسي
تستمر الحكومة التركية في غيها وبشكل فج بالاعتداء على الحدود العراقية والتي تستهدف أمنها وسلامتها وعدم ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود المشتركة بعمليات خطيرة "مخلب النمر" وعدم وجود تنسيق مع الحكومة العراقية بحجة أنها ضد "حزب العمال الكردستاني"التي تراها الحكومة التركية بانها مجموعات ارهابية ولا تمت بصلة بالعراق، وإدانة هذه الاعتداءات بالمذكرات الرسمية على سيادة البلد واستدعاء وزارة الخارجية العراقية للسفير التركي  و تسليمه" رسالتي احتجاج رسميتين، شديدتي اللهجة، تؤكد أنها ستلجأ ضمن إطار القانون والمواثيق الدولية لتثبيت حق العراق في رفض هذه الاعتداءات ووقفها”امر لا تجدي نفعاً هذه المواقف المستغربة  و التي لانجد له مبررا بالبيانات الخجول والمقتضبة من وزارة الخارجية للتنديد بالعدوان دون موقف واضح وصريح  وحاسم و ان الارتكان إلى قواعد حُسن الجوار وحفظ المصالح في دائرة من التوازن واحترام السيادة واستدامة التنسيق المشترك في كل ما من شأنه أن ينعكس على الشعبَين الجارين امر مهم  ولكن مطالبته إيقاف تلك الانتهاكات احترامًا والتزاما بالمصالح المشتركة بين البلدين والتي تطال السيادة الوطنية نتيجة العمليات العسكرية المتكررة وخرقها للأجواء التي ذهب ضحيتها عدد من المدنيين العزل  ،غير كافية ، والتي تتنافى مع القوانين والأعراف الدولية، وتهدد الأمن والاستقرار الإقليمي وكان الحكومة غير مبالية بالارواح التي تهدر وتكتفي بتقديم مذكرات التي لاتزيد عن الاستنكار دون ان تتخد الاجراءات الحاسمة لحماية سيادة واستقلال الوطن والتي لا ترتقي الى القوانين الدولية المتاحة والعرفية.
إن هذه الخروقات العسكرية المتكررة للأراضي من قبل جارة تربطنا بها علاقة دينية وتاريخية وثيقة ومشتركات تمتد لقرون طويلة لا يمكن اغفالها وتعد انتهاكا خطيرا للسيادة والاستقلال وحسن الجوار ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية وعلاقات التي تربط البلدين .
 للحقيقة فأن العراق ملتزم طيلة السنوات الماضية بالمادة الثامنة من الدستور العراقي لعام 2005″، والتي تنص على أن العراق يراعي مبدأ حسن الجوار، ويلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار الأخرى، ويسعى لحل النزاعات بالوسائل السلمية، ويقيم علاقاته على أساس المصالح المشتركة، والتعامل بالمثل، ضمن الالتزامات الدولية؛ “ولكن للأسف الدولة الجارة تركيا تتجاوز وبصورة مستمرة على سيادة العراق جواً وبراً"، وعلى الرغم من شجب الأعمال العدوانية  الاخيرة التي أسفرت عن استشهاد عدد من المواطنين الأبرياء إضافة إلى ضباط من حرس الحدود الأبطال، فإننا ندعو إلى الإيقاف الفوري لهذه الاعتداءات والعمل بالمقابل او بالطرق التي تحافظ على كرامة المواطن ، ولا تكتفي الحكومة العراقية بالجلوس إلى طاولة الحوار وعلى اساس التفاهم لحل المشاكل الحدودية بين البلدين الجارين بالطرق والوسائل الدبلوماسية رغم عقلانيتها بشرط استجابة الجانب الاخر لهذه المفاهيم وتحميل الجانب التركي المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كلّ ما يقع من خسائر بشرية ومادية، والنأي عن أي تجاذبات إقليمية ضارة تقوض من المصالح العليا للشعب الذي يستحق وطنا آمنا مزدهرا.
أن استمرار هذا النهج المرفوض من شأنه تقويض الأمن والسلم الإقليمي، وتكراره يمثل ممارسة عدوانية حقيقة الواقع الذي تنوي تركيا فرضه على العراق والمنطقة في ظل الظروف الهشة من عدم الاستقرار السياسي التي يعيشها البلد واشتداد الأزمات الاقتصادية والسياسية والصحية عليه من ناحية، وعدم سيطرة الحكومة المركزية على هذه الحدود من ناحية أخرى،و الحكومة التركية على علم تام بتفاصيل الازمة السياسية و الإدارية و الاقتصادية التي تسود العراق فالصراع المحتدم بين القوى و الأوساط المتنفذة على السلطة تجعل من حلقة الطرف الحكومي المركزي في بغداد عاجزة عن القيام بأي عمل فعال و مضاد لهذا الاعتداء التركي السافر ووقف الخروقات رغم وجود حجم كبيرة من التعاون الاقتصادي الذي يبلغ اكثر من 15 مليار دولارتستطيع الاستفادة منه وعلى مختلفة الاصعدة و مدعاة لا اعادة نظر فيها . من غير الاحتجاج و اللجوء الى المحافل الدولية وهي الأضعف؛ وكأنها لا توجد خيارات أمام حكومة بغداد غير هذا الرد على هذه الاعتداءات، والتي من الممكن ممارستها على الجانب التركي ولا توجد أيضاً وسائل ضغط دبلوماسية أو غيرها؛، وكل هذا يرجع إلى تشتت الجهد العراقي الداخلي بين الإقليم والمركز، وعدم وحدة الموقف إزاء هذه التهديدات الخارجية لتركيا، وهو ما يثبت كونها مصدرا رئيسا من مصادر عدم الاستقرار فيها،
بالإضافة إلى ما يمثله التجاوز والاعتداء من انتهاك للسيادة و يجب العمل على ما يحفظ أمن واستقرار المنطقة بالكامل و امن العراق  المهم هو من امنها  والمجتمع الدولي مطالب في هذه البرهة الزمنية إلى اتخاذ خطوات من شأنها تعزيز الاستقرار في المنطقة، وإسناد حق العراق السيادي ومكانته التاريخية والحضارية في حماية أراضيه وترسيخ سلامة شعبه.
العمليات العسكرية التركية  مصدر قلق ورفض واستهجان و يعكس أطماعاً توسعياً عليها و تنتمي إلى ماضٍ بعيد والتي لم يعد لها مكان في عالمنا المعاصر. واي عمليات للقوات التركية داخل الاراضي العراقية هي عمليات احتلالية  ومعادية بحسب قرار مجلس النواب الاتحادي والقوانين الدولية ومغايرة للاعراف وحق البلدان في العيش بحرية وعلى الحكومة اتخاذ كافة التدابير الوقائية التي تحفظ امن وسلامة المدنيين وحماية سيادة العراق وتعويض الضحايا المتضررين من العدوان على اراضيه.
 عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

263
جللٌ مصابُك يا بيروت يبكيــنا ...*
لن اتشفى لما حدث في لبنان انما اواسيه بالحزن والدمع وفي ظل الدمار الذي هو المشهد الحقيقي في مينائه ولتمتد العواصف الى شوارع بيروت ومؤسسات بيد حفنة هدامة لتفسد في الارض بحاجة التظاهروهي متعطشة لخراب هذه العاصمة الجميل بأهلها  واقف بكل احترام لشعبه النبيل الصابرفي محنته واشاركه في المصيبة التي هو فيها واقف باجلال للضحايا والمفقودين والمجروحين وعوائلهم وعظم جلل المصيبة واتقدم بالتعزية لأسر الضحايا وتمنيات الشفاء العاجل للجرحى والمصابين...
* ماذا أصابك يا بيروت داميـــة ..... والمــوت يخطف أهليك وأهلينا.
ان الموقف اللبناني اتصف بالحياد في كل الصراعات الإقليمية والدولية إلا بالنسبة للكيان الإسرائيلي الذي أعلن حالة العداء والمقاومة المستمرة معه لحين احقاق الحق لشعب فلسطين بارضه و حصول السلام الشامل والعادل ، وايمانه بأن استقلال الدول ، وصيانة سلطتها ، وبسط سيادتها ونفوذها على أراضيها، حقوق إنسانية مقررة بالشواهد المقرونة في الدساتير للدول والعلاقات الدبلوماسية بين الأمم كما ثبت ذلك وتقرر بموجب نصوص القوانين اللبنانية والدولية؛ لأن هذا المبدأ يعتبر ضمانا ثابتا للدول والمؤسسات في تقرير مصيرها، واتخاذ قراراتها. ولا يختلف هذا التدخل بين دولة وأخرى، أو بين منظمة دولية تجاه أية دولة أخرى كذلك.
المعروف ان جميع الدول بموجب المواثيق الدولية متساوية في الحقوق والالتزامات الصغرى منها والكبرى، ومع ذلك هناك من المسائل ما يخرج من اختصاص الدولة وانتقالها الى الاختصاص الدولي دون أن يؤدي ذلك الانتقال الى الانتقاص من سيادة الدولة والتي يجب ان ينظر لها من الجانب الانساني التي تقرها كل الاديان السماوية والوضعية .
على الرغم من الترحيب الذي لاقاه ماكرون الرئيس الفرنسي في زيارته الى لبنان من البعض ممن هم رجال السياسية " المخضرمين " واعطائه الوعود بمعالجة الملفات العاجلة وفي تقديم الاستشارات في مسار التحقيق حالياً وبلغة واضحة وحازمة مع القيادة السياسة في البلاد والتي لم تخرج بموقف واضح في تصريحاتها الغريبة والمقززة والمثيرة للشبهات بقوله " أنا هنا اليوم لاقتراح ميثاق سياسي جديد"، "إذا كانت القوى السياسية غير قادرة على الحفاظ على هذا الاتفاق، سوف أتحمل مسؤولياتي تجاه اللبنانيين و "التحقيق الدولي" لكشف ملابسات الحادث" و"الأزمة في لبنان كبيرة وهي سياسية وأخلاقية قبل كل شيء".
التعاون الانساني بين الدول مهمة جداً في هذا الوقت بشرطها وشروطها اهمها احترام استقلالية البلدان ودون شروط مسبقة لتحقيق التعاون على حل المسائل ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية فضلا عن تقديم الدعم التقني ورصد الاتجاهات الصحية وتقييمها.. وقد أبدت من جانب اخر الكثير من القوى الرافضة لهذه التصريحات امتعاضها من الزيارة والدعوة في عدم  التدخل بهذه الصورة في هذا البلد المنكوب واحترام سيادة بلدهم، .
 أن التدخلات الخارجية إنما تبدأ من اثر الاحداث والازمات والصراعات التي تضعف الداخل  وتسبب ضعف البنية الحاكمة  وأن من الصعب تحقيق سيادة كاملة في ظل قهر وتسلط ومشاكل متعددة تحيط بالمجتمع يجعله مسلوب الارادة .
ان وصفة العلاج سهلة وبسيطة لكن تغليب المصالح الضيقة وإحساس الدونية الذي يعصف ببعض زعماء الاحزاب والكتل السياسية باتجاه التدويل والمطالبة بالتدخل من قبل من ترجل من قطار الوطن ونزوعهم لاستبعاد الفئات الوطنية والمقاومة والمؤمنة بهويتها وعناصر قوتها ومحاولة ابعادهم عن صنع القرار، كل ذلك يضع عقبات وعراقيل في سبيل الوحدة التي هي أساس القوة والنهضة والبناء، فلا يمكن لبلد واحد موحد ان يحتاج الى التدخلات الخارجية  لانه يستطيع وحده حل مشاكله وتغيير قواعد اللعبة لصالح شعبه مهما بلغت تلك العقول من قوة وشراسة لان الحق يعلوا دائما .
يجب ان تكون هناك وقفة مشرفة كما عودتنا قيادات الكتل السياسية اللبنانية الوطنية لوضع النقاط على الحروف ولجم الخلافات وانقاذ الوطن وتحديد المسؤولية لان تحديدها من شأنه تسهيل التحقيق للجهة المختصة لتحديد علل الحادث  ومكانه ومكامن اسبابه واصلاح الخراب وتعيين المسببين والمشاكسين والمشاغبين والصوص والسراق وبعد ان يتم تحديد الفاعلين والمقصرين في هذه العمل الشنيع  لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث واحالتهم الى القانون والحساب دون ضرر بالمصلحة العامة بشكل خاص والحكومة عليها مسؤولية امتصاص النقمة الشعبية الحقة التي عمت الشارع اللبناني اثر هذه النكسة مطالبة بكشف الاسباب والمسبب والتي لم تأت من فراغ فقد نفذ صبره، وإنما كانت نتيجة تراكمات للفشل الواضح في إدارة شؤون البلاد من الحكومات السابقة التي لـم تتخذ الاحتياطيـات الكافيـة واللازمـة للتعامـل مـع  مثل هذه المـواد الخطيـرة وتجاهل ملوثــاتها الخطـيـرة اوقللت من خواصها وبالتــالي وقوع الحادثة المؤلمة وسوف تظهــرمشــكلات بيئيــة خطيــرة  جديدة مستقبلاً قد تنعكس على صحة الإنسـان ،السؤال الان هو هل ستمضي الحكومة الحالية لتبتعد عن المخاطر والمعوّقات وتقضي على السلبيات التي تكبح قدرة الدولة على معالجة المشاكل الناتجة عن الكارثة بشكل مستدام....؟
 لقد استطاعت  الكثيرة من البلدان النهوض بعد الكبوات والكوارث والحوادث والازمات الشديدة " الطبيعية والمصطنعة "  الى التحويـل نحو آفـاق التغيير الجذري فـي ظـل التنـوع الاجتماعـي والسياسـي الـذي تزخـر في هـذه البلـدان، بعد ان سلكت  مسـارات متعددة فـي الكثيـر مـن الاحيـان ونجحت في الالتقاءعلـى مواضيـع أساسـية ً بفعـل محـركات: الدولـة الانمائيـة الفاعلـة، بالقـدرة علـى الابتكار والتركيـز علـى المؤسسات الوطنية الذاتية ولبنان لا يختلف عنها في تحديد الخطوات التي ترغب في رؤيتها وإدراك وقائع الحوكمة والسلطة في ايجاد السبل من اجل التقليل من شدة معاناة من تضرر بالحادث الجلل.
عبد الخالق الفلاح -اعلامي
 
*من قصيدة للشاعر الكبير الجواهري

264
نفتش عن لبنان في الدفتر الازرق للبحر*
جميع شعوب العالم  بما فيهم شعوب الاوطان الاسلامية والعربية  في حالة ذهول من هول الحدث الذي هز القلوب، واقشعرت له الأبدان، وذرف الجميع الدموع على عروسة الشرق الجميلة التي طالما صمدت رغم الأزمات، وكان أهلها رمزا للتفاؤل والتعايش مهما كانت الصعاب.
في لبنان اليوم بعد وقوع الانفجار المدمر الذى وقع في مرفئ بيروت البحرى يعيش اناسه الذهول والحزن الشديد لما حدث غير كافية لوصف ما يحصل من مصيبة ترعش كيان الانسانية جميعاً ومقدمين التعازي لأسر الضحايا وتمنيات الشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
والحادث وجع جديد ومحنة جديدة تضاف الى محن هذه الشعب والحادث تسبب فى حدوث خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات العامة والخاصة بالعاصمة المنكوبة ويجب ان يتجلى  في ابنائه كما جربناهم في الازمات أسمى معاني الولاء والحب للوطن والعطاء والخير كما عرف عنهم ومن احزابه توحيد شعبه وقادته  ،مطلوب منهم بذل الغالي والنفيس للرقي والنهوض بأرض هذا الوطن بوحدتهم ومساند شعبهم المنكوب في حادث المرفئ وترك الفواصل والخلافات وللملت الجراح وايقاف نزيفه الدامي وسيبقى لبنان وطن الخير الذي يقول عنه الشاعر نزار القباني ( الله يفتّش في خارطة الجنّة عن لبنان.. والبحر يفتّش في دفتره الأزرق عن لبنان.. أعطيني كفّكِ يا جوهرة الليل وزنبقة البلدان… يا ستّ الدنيا يا بيروت.. قومي من تحت الردم كزهرة لوزٍ في نيسان.. قومي من حزنك إنّ الثورة تولد من رحم الأحزان )..
وفي هذه المناسبة التاريخية والفاجعة المهولة المطلوب استنهاض كل جهود  منظمات الإغاثية العربية والعالمية، الإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة الدولية والاسلامية لتقديم العون اللازم بعد الاضرار الكارثية بالمباني والممتلكات بالنسبة لبلد يعيش اساساً وضعاً اقتصادياً خانقاً واستقطابا سياسيا حادا مما يزيد من هوة معاناته فيجب  ان يسجل كل انسان على ارضه  فخرنا واعتزازنا بتقديم كل ما يمكن تقديمه والتعاون  الحضاري الفريد وترك الفواصل الفوارق والشواهد الكبيرة  والابتعاد عن المزايدات والصراعات التي "تتدخل فيه أطراف إقليمية ودولية " لترسي القواعد المتينة  لتخفيف وطئة الحاضرة المؤلم لغد مشرق في وطن يعيش هذد الايام العصيبة ولتتواصل فيه مسيرة الخير والنماء وتتجسد فيه معاني الوفاء لارضهم و أوفياء خلص لشعبهم ويتفانوا في رفعة بلادهم، حتى يعود الى مكانته الكبيرة بين دول العالم. فباقةٌ من الزهور توضع في غير مكانها هي باقة قلقة. وأغنية رائعة ترفرف في سمعك في لحظة غير مناسبة
*من قصيدة للشاعر نزار القباني
عبد الخالق الفلاح - اعلامي

265
الاعلام المسبق في العملية الانتخابية
كثر الحديث هذه الايام حول حقوق الانسان وما الت اليه الاوضاع  في العراق في خضم الوضع السياسي والأمني الذي يعيشه منذ الغزو الأمريكي في عام 2003، فقد اشارت تقارير دولية ومحلية إلى أن العراق وخلال الـ 17 عاما الماضية شهد مقتل مئات آلاف من العراقيين نتيجة الحروب المدمرة التي خاضتها البلاد ونتيجة العنف المفرط والتي لا تزال مستمرة ولو عدنا الى ميـثاق الأمـم المتحدة لحقوق الانسان الذي نص على  (أن أحد مقاصد الأمم المتحدة هو تعزيز وتشـجيع احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع. وقد أُضفي على هذه الدعوة أول تعـبير عمـلي بإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من جانب الجمعية العامة للأمم المـتحدة في عـام ١٩٤٨) .و هذا الإعلان العالمي كان قد تم اعتماده ، في ضوء خلفية تتمثل في فظائع الحرب العالمية الثانية وهي اولى  المحاولة من جانب جميع الدول للاتفاق على وثيقة واحدة، فيها سـرد شامل لحقوق الشخص البشري. ولم يكن الإعلان، كما يوحي اسمه بذلك، قد فُكِّـر فـيه كمعاهدة بل بالأحرى كإعلان لأبسط الحقوق والحريات الأساسية يحمل القوة الأدبـية لاتفـاق عالمي. و وُصف القصد منه على أنه يحدد المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم ، وبصورة عامة، يحدد الإعلان فئتين عامتين مـن الحقـوق والحـريات - الحقـوق المدنـية والسياسية من ناحية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من الناحية الأخرى. ويشكل هذا العهد الدولي الخاص  بحقوق الإنسان حجر الزاوية لسلسلة واسعة من المعاهدات الملزمة دولياً التي تتناول مجموعة واسعة التنوع من القضايا في ميدان حقوق الإنسان. وتحدد هذه المعاهدات حقوق الإنسان والحريات الأساسية كمـا تضـع المعايير الأساسية التي استلهمتها من عشرات من الوثائق المقدمة وإعلان مجموعة قواعد ومبادئ، دولية وإقليمية، في ميدان حقوق الإنسان.
لكن ومع الاسف لازال الإنسان العراقي رغم تغيير الحكم والادعاء بكون يميل الى المؤسسة الديمقراطية يتعرض الى انتهاكات خطيرة لحقوقه وحرياته وتحت مسميات كثيرة، وهو ما يجب وضع حد له بسرعة، والخطوة الأولى إلى ذلك هو الوعي بهذه الانتهاكات ومعرفتها من قبل الافراد والمؤسسات التي يهمها احترام هذه الحقوق ، والحقيقة ان الانتهاكات الفردية والجماعية اصبحت اشد من السابق مع استمرار العنف الطائفي وغيره من أشكال العنف. وارتكبته جميع الأطراف المشاركة في العملية السياسية وقامت بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تهدد الامن الوطني والتي تنطوي على انتهاكات وتجاوزات بحق المواطن العادي الذي يذهب وراء لقمة عيشه ، وبعضها يُعد بمثابة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ولقى كثير من المدنيين مصارعهم نتيجة الهجمات المتقابلة التي طغت عليها المذهبية ( سنة وشيعة )والقوة المتعددة الجنسيات" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لعبت الدور الاخرى و سقط ضحايا لأعمال قتل الطائفية على أيدي جماعات مسلحة من الطرفين . واختُطف مئات الأشخاص وتعرضوا للتعذيب والقتل، وتُركت جثثهم في الشوارع أو عثر عليها أهالي الضحايا على الطرقات وفي مشارح الطب العدلية في المحافظات المختلفة . وأدى تصاعد الطابع الطائفي للعنف هروب وتهجير  مئات الآلاف من الأشخاص من مناطقهم ومدنهم الى قصبات وجهات مختلفة اخرى بعيدة عن العنف مجبرين ، مما زاد من أعداد اللاجئين العراقيين في سوريا والأردن وغيرهما من البلدان التي احتضنتهم واحوتهم ، حيث بلغ عددهم ملايين من الاشخاص كلاجئين، كما زاد من أعداد النازحين داخل العراق إلى ما يربو على اكثرمن مليوني شخص.
لقد تضاعف هذا الوضع وفي تفاقم الأزمة الإنسانية بعد احتلال المجموعات الارهابية لمحافظات مختلفة من العراق وقسم كبير منهم لازالوا في معسكرات متفرقة ، كما قام افراد من قوات الأمن العراقية الجهلة بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وهي قليلة امام التعاطف والتكاتف والتعاضد والايثار والتضحيات والتعاون من اجل اغاثة الضعيف الذي قدمتها القوات الامنية للمواطنين في انقاذهم   وهناك اعمال سلبية  دون وجه حق، مثل الاغتصاب وغيره من صنوف التعذيب، وقد تعرض المعتقلين، من سنين متفرقة بما في ذلك القُصَّر ، للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة على أيدي قوات الأمن العراقية، وخاصة جزء منها تقع على عاتق قوات وزارة الداخلية. وكان آلاف السجناء محتجزين في السجون ومراكز الشرطة ومعسكرات الاعتقال التي تديرها السلطات العراقية، والسجون هي تتسم بالاكتظاظ الشديد في كثير من الاحيان وفاقد لابسط الحقوق ، فضلاً عن القبض والاحتجاز بصورة تعسفية خلافاً للقانون وعلى ايام طويلة لقلة الوعي وعدم الاطلاع على اساس وقوانين حقوق الانسان وهذا لا يعني ان اعمال هذه القوات مدانة وكلها غير قانونية وعمليات خارجة عن القانون ابداً انما هناك الكثير من المواقف الشريفة والعادلة قامت بها هذه القوات وادت واجبتها بكل حرص وتفاني حتى النفس الاخيروهم في مورد التقدير والاحترام في احقاق الحقوق. ولكن الحادثة الاخيرة للصبي " حامد سعيد، المعروف بـ"الفتى العاري"  الذي تعرض لاعتداء جسدي ولفظي من قبل عناصر في قوات "حفظ القانون"  غير أخلاقي وغير قانوني وإن ثقافة استمراء الإعتداء على المواطن من قبل بعض ممن يستغل موقعه، هو أمر يتوجب المعالجة الحازمة، وان ماحدث يمثل مشهدا للاعتداء على كرامة المواطن و ينتمي الى كل ما نرفضه ونحاربه ، والحادث جلب الانتباه واثار العواطف اكثر بسبب انعكاسها في شبكات التواصل وانا  لست من باب الدفاع عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي وهو في هذا السن والتي لا محال سوف يحاسب عليها القانون ولكن خوفا من التزايد المستمر في أعداد مثل هذه الممارسات مما يعطي انعكاس في عدم جدية الحكومة في إيقاف هذا لعنف المفرط ضد الاشخاص وانتهاك لحقوق الإنسان ولأن الأصل من تشكيلها هو حماية الناس وليس إهانتهم  وهذه القوات سبق وان ضحّت ومازالت تضحّي وتقاتل من أجل العراق ، والممارسة هذه الخاطئة ساهمت في دخول الكثير من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان على الخط وتوثيقها والذي بلاشك يحرج الحكومة أكثر في المحافل الدولية وعلى ان لا تكون العملية اساساً مفبركة وتدخل في سياقات  الكسب السياسي ونحن نذهب بأ تجاه الانتخابات التي تم تحديد موعدها وقد تدخل في خضم الاعلام المسبق للدعاية الانتخابية التي يدفع المواطن ثمنها وهو كبش الفدى فيها ونحن في هذه العملية نشاهد خلاف قانوني  في عملية تصوير الحالة ومن ثم نشرها في وسائل الاعلام ويسود استياء واسع في البلاد وخاصة بين الطبقات المثقفة والواعية وماذا يراد منه في استقبال رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي للمجنى عليه
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

266
العراق ... قرار موعد الانتخابات والعصي مسبقاً في عجلته   

الجماهير المطالبة بالتغيير نجحت في الإطاحة بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبدالمهدي بعد الاحتجاجات الايجابية منها وتخللتها أعمال عنف  سلبية أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف، والتي تعد الانتخابات المبكرة أبرز المطالب في الاحتجاجات و تشدد من جديد على وجوب إجراء العملية الانتخابية بشكل سريع دون مطبات وفواصل زمنية الغاية منها اطالة الموعد بتبريرات غير حقيقية وتستغل للمزايدة السياسية والإعلامية كي لا تكون هناك أية انتخابات لا مبكِّرة ولا وفقاً لتوقيتها الدستوري" وعلى اعتبار أن الحديث عن انتخابات مبكرة لم يرد في الدستور أصلاً أي اشارة اليها، لاسيما مع وجود برلمان قائم بالاسم دون فعل يجدي وهو منذ اكثر من اربعة اشهر في سبات دائم وبعيداً عن متطالبات المرحلة والازمة الوبائية ( كوفيد 19 )التي تشغل العالم ونافذ الصلاحية كما ينوه عنه وهو عاطل عن العمل.
 واجراء الانتخابات وفق الشروط والمعايير التي تضمن شفافية اجراء العملية هي عملية مهمة ولكن يسودها نوع من الغموض  وفيها تردد، كي تقود إلى تمثيل حقيقي عن إرادة الشعب، وتكون الأمم المتحدة الضامنة و مشاركة ومشرفة على العملية الانتخابية، مع فسح المجال للمراقبين والصحفيين لمتابعة مجرياتها، وابعاد الاخطاء المقصودة والغير مقصودة التي حدثت في الانتخابات السابقة وما أفرزته من نتائج ستلاحق أية عملية جديدة ما لم يتم اعتماد عدة خطوات ومنها إصدار قانون "يستلهم إرادة الشعب ومطالب الجماهير باعتماد الانتخاب الفردي والدوائر المتعددة، واستخدام البطاقة البايومترية حصرا لتفويت الفرصة على المزورين والمتاجرين و انبثاق مجلس نواب جديد يكون نواة حقيقية لحكومة تمثل تطلعات الشعب، وليس تكراراً لتواجد الأحزاب نفسها تحت قبة البرلمان العراقي المقبل، بالنمط والعقلية ذاتها، مع تغيير الوجوه والاتيان بسياسيين شباب، يمثلون نهج وطريقة هذه الأحزاب.
وما ان اعلن رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي في بيان له  الموعد الجديد للانتخابات داعيا لأن "تجري الانتخابات المبكرة في السادس من يونيو/ حزيران من العام القادم".والذي هز مضاجع القوى السياسية و اكد فيها ان الصراعات الداخلية والدولية تهدد أمن العراق ومستقبل شعبه، و لا حلول للأزمات في العراق من دون استعادة دور الدولة كما اعلن عن حرصه على اكمال المرحلة الاولى من الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة ولن يحتاج العراق إلى وجود عسكري امريكي بقدر حاجتنه الى التسليح والتدريب والدعم الثقافي والاقتصادي ، وللحقيقة وعلى الرغم من اعتقادنا الكامل ان رئيس مجلس الوزراء لا يمتلك عصا سحرية لمعالجة كل السلبيات والتصدعات والازمات والمشاكل في ليلة وضحاها، فيجب ان يُمنح الفرصة الكافية لترتيب اوضاع البلد المرتبك وسط اجواء ملبدة بالغيوم والعواصف  التي اغرقت البلاد بالظلام والبؤس والحرمان منذ سنوات طويلة، لا سيما وانه حقق في وقت قصير ما عجز عن تحقيقه غيره من رؤساء الحكومات السابقة ،و كان هدفه منذ قبوله التكليف ولازال ، فتح ثغرة يستطيع النفوذ منها لاصلاح ما يستطيع اصلاحه ولإنقاذ العراق من الفوضى التي فاقت قدرة اي حكومة و حكومته تعمل على الحد من الأزمة المتفاقمة على الرغم بأن المؤشرات تتوقع صعوبة المهمة هذه في هذا الجو المعقد .
المهم منذ اعلان الرجل عن موعده للانتخابات حتى بدأت تتوالى ردود الافعال منهم الأمم المتحدة " بعثة يونامي"التي رحبت بالموعد وابدت العمل على مساعدة العراق، والقوى السياسية التي سارعت البعض منها إلى الترحيب بتحديد موعد الانتخابات المبكرة ومختلف الكيانات والأحزاب السياسية على مضض وبدون رغبة وهي غير مقتنعة بهذا الموعد والرعب مسهم من النتائج التي قد تخرج في غير صالحهم واشارت الى المادة التي تطعن بالقرار مسبقاً وفق الاشارة التالية من الدستور "إجراء الانتخابات يحكمها المادة 64 من الدستور العراقي التي تنص على حل مجلس النواب بطلب من ثلث أعضاءه أو بطلب من رئيس الوزراء بموافقة رئيس الجمهورية"، واشارة المادة الى ان  "الانتخابات المبكرة لا تجرى إلا بموافقة البرلمان على حل نفسه بأغلبية المطلقة"، وهذا الكلام الغيرالمنطقي والتبريرات هو  جزء مبكر من اجل وضع العصي في عجلت القرار و اخذت تتعاقب من قبل اعلى المسؤولين بشكل متوالية بعد سكوت مطبق لفترة زمنية طويلة صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (171) وأن الحكومات المتعاقبة لم تنفذ اي برنامج حكومي ولا اي منهاج وزاري ولم تتعدى السطور التي كتبت به مما أدى إلى استمرار الاحتجاجات الشعبية بسبب قلة الخدمات وانعدام المقومات الطبيعية لحياة المواطن وبين مؤيد وبين مقترح لتقديم الموعد الانتخابي او تأخيره تتهافت مقترحاتهم . كانهم ابرياء من كل ما جرى ويجري في العراق من مظالم كبراءة الذئب من دم يوسف وهم بعيدين عن الاخفاقات التي منيت بها الحكومات السابقة ولم يكونوا هم الاساس وكأن على رؤوسهم الطير ولا بطش لهم ولا حياة فيهم واخيرا لابد من توفير الأجواء الديمقراطية السليمة المؤهلة لممارسة المواطن حقه الشرعي في اختيار ممثليه دون ضغوط أو تهديدات وبصورة قانونية، وتهيئة مستلزمات العملية الانتخابية، والحرص على إبعاد التدخلات التي من شأنها أن تطعن النتائج، عبر ولاءات وانحيازات غير شرعية  ولا انبثاق مجلس نواب جديد يكون نواة حقيقية لحكومة تمثل تطلعات الشعب لاعادة احترام ومركزية اختصاص البرلمان، وليس تكراراً لتواجد الأحزاب نفسها تحت قبة البرلمان العراقي المقبل والتي فشلت في ان تسير عجلة البلاد نحو الاحسن بل كانوا جزء من انهيار القيم وانتهاك الحقوق والتهكم الذين فقدوا كل شرف وخلق ودين ومسؤولية وإنسانية، وسلبوا الفقراء حقوقهم، وحولوا البلاد الى خرائب  وهنا انا " لا اعمم ابداً" ، بالنمط والعقلية ذاتها سيبقى الفساد مستشرياً ، وبعد الانتخابات السليمة ومع تغيير الوجوه والاتيان بسياسيين شباب، يمثلون نهجاً وطنياً اولاً واخراً سيكون الحل ات .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

267
المنبر الحر / همسة من عمق الضمير
« في: 02:29 01/08/2020  »
همسة من عمق الضمير
من المفيد القول أن ما يمر به العالم اليوم  في هذه البرهة الزمنية من أحداث يؤكد على اننا أمام منعطف صعب وخطيرفإما باتجاه الخضوع الكامل للهيمنة او باتجاه الحرية للبعض ، وفقدان السيادة الوطنية او الاستماتة للدفاع للجانب الاخر ، و هي أصعب بكثير مما كانت عليه الاحداث التي سبقت وباء الكورونا.
بلاشك فأن الأزمات الداخلية للبلدان تعتبر اجراساً خطيرة على الحياة السياسية في الدول والشعوب ، من الطبيعي أن يلجأ المواطنون إلى حكوماتهم للحماية والشعور بالاطمئنان، وعادة ما يمنحون المسؤولين ُسلطا ٍت غير اعتيادية للوصول إلى هذه الغاية اذا ما كانت قدرة المسؤولية المنتخبة من اجلها مكتملة . ولكن مشكلة الديمقراطيات الناشئة أو الأقل قوة معرضة أكثر من غيرها الى انتكاسات متتالية لأنها تفتقر إلى المبادئ والمؤسسات والإجراءات الديمقراطية ذات الأساس الثقافية القوية كما في العراق واصبح شعار الهروب بلباس الفساد امراً عادياً مع توفير الحماية لهم "ما يؤسف له "وعادة مباحة لان الفاسد يعطي اكثر اهمية للسياسيين مما يسهم بالعمل على حساب المبادئ الوطنية كما يتصورون ومنح الوقت لاستغلال السلطة فلن ينظر أحد بجدّية في صفقات فساد الكهرباءأو المال خلال الأزمات فاق التصور في بلد ينعم بالخيرات يستغله اللصوص وناهبي المال العام . وهؤلاء يخلقون  الديناميكيات الأزمة وكيفية التعامل معها و يوفر هذا العطاء المخل غطاء عمل  تساعد السياسيين السارقين على الاستمرار وتعطيهم المساحة الاوفر على القيام بما يبيح لهم فعل ما يشأؤون لانهم هم من يتحكمون بالمشهد السياسي وهم من يديرون لعبة كراسي العملية السياسية وعمليات الهيمنة،  ويستغلون ثروات البلد وتصبح مباحة  بأيديهم وتسود الرذيلة وتسلط المفسدين على مقدراته ، ودعوات الاصلاح وبمحاربة الفساد والتشهير والتسقيط سلاح ثرثرتهم و لا تجدي نفعاً في وجود مثل هذه الشريحة الظالمة، بينما يمر المواطن المسكين بصيف قائظ وشمس محرقه ولهيب لا يحتمل كسابقاته من سنوات الظيم والمعاناة  وكل حكومة تأتي بالوعود وتتهم سابقتها بعد 17 سنة من تولي امور وزمام الشعب واباحت التصرف  بالمليارات من الدولارات  بينما يزداد وجوه العراقيين لفحاً وفي ظل غياب الرحمة ولإ علاجات لازمات المياه المستفحلة الطامة الاخرى وربط مصيرها بما تقرره تركية العصملية الجارة الراكضة وراء طموحاتها الواسعة وهي ثإرية ومقصودة سياسياً وسلاح تشهره في اي وقت ما ارادت بوجه العراق  والمواطن لا تنتهي معاناته  وعذاباته المستدامة ويمر بموت بطئ  منذ قرون وعجزت كل الحكومات من ان تجد حل لهذه الازمات الظرورية للانسان مثل الهواء وبتوقيتات عجيبة و التي توافق وترافق اشتداد موسم الحر وانطفاء الكهرباء ليشكل ثنائيا مدمرا لنفسية الانسان وادميته لتكون عقبة ومطب امام أي اجراء او مشروع يمس مصالحهم والتقرب من دوائر تأثيرهم .
الحكومة الحالية أمام تحديات كبيرة و على عدة مستويات مختلفة حيث عليهم السيطرة على انتشار وباء كوفيد 19  ( كورونا )  الحالي ومراقبة قدرات قطاع الرعاية الصحية ودعم مجتمعاتهم خلال تقديم الخدمات بطريق مختلفة ، ودعم الأعمال المحلية والمواطنين الذين يواجهون خطر فقدان معيشتهم وانعدام الموارد المالية  والصعوبات الاقتصادية التي تغطي المصاريف العامة وتحركات العصابات الاجرامية بين حين واخر والاستمرار في العمل الاستخباري المسبوق في متابعة خلاياهم النائمة وتحركاتهم وضرب مضافتهم  .
وهناك ارهاصات تجعلنا تسأل ماذا سوف تفعل الحكومة للتعامل مع هذه الازمات بهدف تخفيف أو تقليل أثارهما  في خطوات  الإطار العام وللنتيجة المتوقعة من التدخلات والضغوطات السياسية السالبة و في ظل المفهوم العام ليشعر للناس براحة البال والابتعاد عن القلق وهم باتظار ما سوف يحدث  لاحقاً والحصول على الطمأنينة بأن ازمة  " الماء والكهرباء " سوف تنتهي  وهو شعور متزلزل عند المواطن في ظل غياب الدور التشريعي والمراقب المهم لمجلس النواب وهناك حاجة الى تشريعات تساند اللامركزية، و هناك الكثير من العقبات التي تقف حائلا امام القيام بدوره الوطني والدستوري، هذه العقبات ليست بالجديدة ولكنها مستمرة مع استمرار عمله منذو عام 2003 والذي لن يؤسس الاساس الصحيح و لن يشكل الداعم الاساسي، لبناء مشروع الدولة لانها مكونته غيرمتفقة فيما بينها على اي اطار للعمل الموحدة فى بلورة رؤية وطنية موحدة او باتجاه بنائه كونه ممثل للشعب  واستكمال مؤسساته حسب  النظام السياسي وقواعده وعناصره  المتمثلة بالقوى السياسية المجتمعة فيه والتي انقسمت على نفسها كثيرا وتصارعت كثيرا فيما بينها ،  وبالتالي وضع الحكومة يفتقر الى مثل هذه ، واستمرارها يحتاج إلى هذا الدور الاساسي والمهم وضعف الاداء واضح وجلي ، بالتالي لا يمكن ان يبنى الامال العريضة عليه  وهناك من فيه لا يؤمن بالمصلحة العامة ومصلحة الشعب"وهناك تحديات كثيرة فمنها تحديات ذاتية  في اضاعة الوقت بالمزايدات الخاصة "الفردية كطبيعة شخصية النائب بفقدان الموضوعية والمهنية وعقليته وتفكيره ومستواه الثقافي. والحزبية فمعظم الاحزاب والكتل ترشح شخصيات استنادا للولاء، وليست لهم عقلية النائب وثقافة النائب أو قدراته في تشريع القوانين " ولا يستطيع مواجهة المصاعب ومنها التحديات الخارجية مع التحديات الذاتية للبرلمان واضاعة الاولويات .
ولأجل اعادة ثقة المفقودة بالمجلس ولتجاوز هذه الذهنية السلبية يحتاج المجلس الى أن يكون منجزا للأعمال المكلف بها للناس، فعمله يتمحور حول نقطتين مهمتين وهما الرقابة والتشريع ،اما مسؤولية تقديم الخدمات وتطبيق القانون فتكون من صلاحيات و واجبات الحكومة ، بمعني اخران النائب هو وكيل ومدافع عن هذا الشعب بما يرتبط بحقوقه".وإلأ سوف
تستمرّ معاناة المواطن العادي كان الله في عونه في ظلّ نظام لطالما عُرف بأنّه متجاهله وبات الآن في حال تدهور فتّاك. لقد نضبت قدرة الاقتصاد على تحدّي السقوط، والانهيارُ .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

268
المرأة الفيلية محراب الصبر وبيرق الامل
تحيةً أخرى للمرأة الفيلية العظيمة محراب الصبر وبيرق الامل التي لم تغيرها قساواة الحياة  وهي مصدر الإلهام والإبداع وكل معاني العطاء والوفاء، جعلت من الحجر ان ينطق بجمالها الاخلاقي وأساليبها الراقية في التعامل مع كل شيء حولها لتجمله وتجعله ينطق جمال قلبها  بل وبالغ أفلاطون في التطرف فجعلها الرئة التي نتنفس منها المثل ،  بوعيها تعكس صبرها  ويظهر ذلك مليا في سلوكها ورقي تعاملها وتميزها في كل شيء ، حساسة شفافة تؤذيها كلمة أو تصرف غير لائق إزاءها  فتحزن وتتألم دون أن يشعر بها أحد، وقد سجل حزن النساء آثارا سلبية في الكثير من المجتمعات ومنهم المجتمع الفيلي لقساواة الظروف ولكن تحملت وسكتت وسكنت. فكانت مضرب الأمثال في صبرها وثباتها وتجلدها وصمودها وتحملها للمحن وعونها لبقية أسرتها وتأقلمها مع كل الظروف التي تعيشها فتحولت الى ثورة وبركان غاضب يتفجر حمم حارقة في وجه الاعداء ، فقدمت فلذات الأكباد وساندت أخيها الرجل فكانت شريكة في الصمود والتحدي.
تُعدُّ المراة الفيلية جزءاً لا ينفصلُ بأيّ حال من الأحوال عن كيان المُجتمع الكُلّي ولا يقل دورها أهمية عن دور الرجل، وقوله تعالى في سورة التوبة 17: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض»، فهي عضو هام فيه، وهي العامل الأساسي في المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة والابنة والموظفة والعالمة والعاملة والسياسية ، حيث تتحمل الكثير من الضغوط وظروف الحياة، ولها دور بارز في تنمية المجتمع، وفي الحياة السياسية والاقتصادية والتنموية والتربوية،فهي مُكوّنٌ رئيسي له، بل تتعدّى ذلك لتكون الأهمّ بين كلّ مكوّناته، فقد لعبت عبر العصور أدواراً مهمّةً، وكانت فاعلةً ونَشطةً في تكوين المجتمع النزيه والمثالي بحكمتها ووضع السياسات المجتمعية ، وتسيير حركة الحياة ، ويُعدُّ دورُها في المُجتمعِ كبيراً وحسّاساً جدّاً، و اي تقليل منه واستهلاك واستغلال قدراتها يقودُ لضياع وتشتّت المُجتمعات، وهدم الأسَرة فهي كغيرها تواجه التحديات التي تواجه أجيال هذا العصر والأجيال القادمة والمتمثلة في المشكلات الاخلاقية بمختلف أنواعها وأشكالها، والتي يتطلب التعامل معها كقناعة شخصية والتزاماً مجتمعياً بضرورة ترسيخ أولويات المحافظة عليها واعطائها حقها و يعول علي أن اقول بأن معيار التقدم والرقي في أي مجموعة منقوص دون مشاركة المرأة في صنع قرارها ، السياسي والاجتماعي والثقافي ، وقيامها بدور أساسي في بناء مجتمع أكثر رقيّ وديمقراطية، ولن ينجح أي بلد مهما كان شأنه في رسم خطوط استراتيجياته ما لم تكنِ المرأة شريكاً مناصفاً في سورة النحل: «من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فَلَنُحْيِيَنَّه حياة طيبة»،وعلى مستوى عالٍ من الوعي بمسؤوليتها في المجتمع ولم يجذبها النفوذ، ولكنها آثرت أن تكون صدى أميناً لضمير امة يقظة وبشعور إنساني رفيع، وسوف تبقى نموذجاً لمن يريد أن يدخل التاريخ من بوابة واسعة متفرداً. لتضع بصمة مميزة في وطنها الحبيب، وأن تساهم في تطوره، وهذا النموذج هو ما نفتقده بشدة في هذه الأيام ؛ حيث يحاول الكثيرون فيه أن يثبتوا إخلاصهم لوطنهم بالانغلاق والتزمت وكراهية الحياة، وإغماض العين عن كل ما في العالم من تنوع وتعدد وثراء. بعد ان وقفن في الخطوط المتقدمة للعطاء ووهبن انفسهن وروحهن لخدمة مجتمعهن ولئن كان بعض الناس يقول: المرأة نصف المجتمع! فأنا اقول: إن هذه العبارة غير وافية بحقيقة دور المرأة في المجتمع، فهي في الحقيقة سبب لصلاح المجتمع كله أو العكس المرأة أكثر حضوراً ومكانة وحظاً من الرجل في الإسلام، فجعلها الرسول الكريم (صلى الله عليه واله وسلم) مقدَّمة ثلاث مرات على الرجل في صحبة أبنائها، فقال للسائل عن أحق الناس بصحبته: «أمك... ثم أمك... ثم أمك... ثم أبوك»؛ أي الربع لأبيك، فالرجل بالكاد وصل إلى الربع، ونظراً لتذاكي الرجل وطيبة المرأة سكتت عن أنَّه جعل من نفسه النصف الآخر ... وهي اليوم في امس الحاجة للتطوير الفكري الحديث  المبتكر أكثر مما تحتاج إلى تكرار المقولات في التحرر والانعتاق، تحتاج إلى نظرة موضوعية تلائم بين المطلوب والممكن ولكن في سياق حضاري يأخذ بما أخذ به العالم من حولها. المرأة  الفيلية رغم كل ذلك لا أملك إلا أن أقول عنها لقد صدقت ما عاهدت الله عليه.واخيراً كما قال ميخائيل نعيمة  :يا نبضة الخالق في المخلوق، يا مجمع الآزال والآباد، يا مركب الأحزان والأفراح،يا فوّارة الأنوار والظّلمات،يا مرخم الهمّ والألم،يا سرير ال "آه"وال "أوّاه"،يا مهد الحياة ولحد الموت، يا مذبح الشّوق ويا محراب الأمل؟ تحية للمراة الفيلية في كل صباح مساء
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي فيلي

269
   
لا هوادة في الرد على الاعتداءات
من يؤمن بالمقاومة لا بد ان يعتقد أنّ قِياداتها هي على درايةٍ ووعي  كامل بما يجري من مُخطّطات شيطانيّة تقودها الولايات المتحدة الامريكية وتنفذها حكومة الكيان الاسرائيلي وترتبط بها بعض الدول المعروفة والضليعة بالخيانة تاريخياً ولا تبقى هذه المخططات مسكوت عنها ولعل الأيّام والأسابيع المُقبلة ربّما تكون سويعات تحسب لها حسابات والرّد على كل الاستِفزازات التي تُراهن علىها دولة الكيان وتحلم بأن تعيش على الارض وتفعل كل ما تستطيع مقابل سكوت و  صمت الاطراف الاخرى وان هذه الاعتداءات العدوانية  تهدف لتقويض الأمن والاستقرار في المنطقة ، وتكشف عن النوايا الخبيثة الإسرائيلية العدوانية ضد الامة الاسلامية،  ولكن عليها ان تفهم ان للصبر حدود  وعليها أن تعيد حساباتها  مليا بأي اعتداء سيواجه بقوة في اي لحظة وانها سيخسر ( اي الكيان الاسرائيلي ) الكثير نتيجة أية ضربات شاملة على بنيتها العسكرية والاقتصادية. ويضاف الى ان  سورية بعد ثمان سنوات من الحرب اصبحت ذات تجربة ميدانية كبيرة و لا يوجد ما عندها من ان تخسره و لا يعتقد كل لبيب وفطن من أن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية الأميركية ستحقق أي من أهدافها، فتحالف محور المقاومة أقوى وأصلب من أن تؤثر فيه مثل هذا الغارات والافعال الصبيانية واخرها محاولة الاعتداء على طائرة مدنية  لخطوط ماهان الايرانية خلافاً لكل القوانيين الدولية لا بل من اجل خلط الاوراق وزرع الخلاف والتوتر بين دول المنطقة لان انطلاق الطائرات من قواعد موجودة في اراضي قريبة مثل قاعدة الازرق الاردنية تثير الكثير من الشك حول الموقف الاردني من مثل هذه العمليات وتتحمل حكومتها المسؤولية امام الراي العام العالمي وهي تحركات يأسة لفك ارتباط محور المقاومة ورغم ان قوة الجهود الدبلوماسية فوتت على المناوئين فرصة استثمار مثل هذه التصرفات التي  اثبتت في الساحة السیاسیة بالمنطقة والعالم بان هذه المحاولات لا طائل من ورائها و أن مثل هذه المحاولات الامریکا في المنطقة ما ھي إلا تحركات لعرض العضلات لاستعادة مکانتھا الواهمة و" هيبتها "المفقودة في القضایا الاقلیمیة کما انھا محاولة لصرف أنظار الرأي العام عن أزماتھا السیاسیة والاقتصادية الداخلية للتغطية على الاحتجاجات التي بلغت الشهرين . لکن یبدو ان الامریکان لایردون العمل علی استخلاص العبر ، وانھم یریدون تکرار الخسائر والھزائم التي تکبدوھا في المنطقة عبر التاريخ والذي لم تجنى لهم إلأحقد الشعوب منهم ، وفشلهم على الابواب .
القيادة السورية من جانبها متمسكة بالتعاون مع حليفتها ايران رغم كل العروض التي قدمت لها والاغراءات  العربيةالنفطية بعشرات المليارات من الدولارات لفك هذا التحالف قبل إشعال فتيل الحرب ضدها ولن ترضخ للضغوط هذه بعد استعادة قواتها المسلحة لأكثر من ثمانين في المئة من الأراضي السورية ، كذلك المحاور الاخرى مثل حزب الله والمقاومة الاسلامية العراقية  وحماس والجهاد الاسلامي ..الخ أما الرد سيأتي حتما في المستقبل المنظور، فما الرد على أميركا كرد على جريمة اغتيال اللواء قاسم سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس في ضرب قواعدها في العراق بل اشد و لن يتردد في الرد على  الغارات الإسرائيلية بالأصالة أو بالإنابة.
أن الاعتداءات المتكررة تعكس الاستراتيجية الأميركية في خلق حالة من الفوضى وطبيعة الكيان الصهيوني باعتباره كيانًا استعماريًا يتناقض وجوده مع مصالح الدول في المنطقة وشعوبها . ولعل اشتدادها في هذه الظرف محاولة مفضوحة من الحكومة الحالية لإبعاد النظر عن ما يجري داخل الكيان الإسرائيلي عن فضائح الفساد التي غرقت فيها والمجتمع الدولي مطالب اليوم الى الوقوف في وجه العربدة والبلطجة التي تتبعها حكومة الكيان، وفرض العقوبات اللازمة عليها، بما يردع سياسة العدوان الهمجية الدموية لهذه الحكومة وعمق صهينتها.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

270
متى تتعض الحكومات المأزومة من اخطاء ترامب   
   
لاتوجد اي دلائل او مؤشرات او شواهد مقنعة تبني إلأ ان ترامب يمتلك مشروعاً يمكن الاقتداء به في العلاقات االدولية وبغير ما لاحظنا من ظلم ومعاناة وخلق التوترات والتشنجات الداخلية خلال السنتين والنصف من حكومته لتضاف الى من سبقوه من حكام في التعجرف وسرقة خيرات الشعوب، ولا يملك الرجل اي رؤية سياسية واضحة يمكن القياس عليها لانه بالاساس يجهلها لا بل الانكى من ذلك كله اثارة فكرة العنصرية والكراهية للاجانب وذوي الأصول الافريقية واللاتينية والعرب والمسلمين في الداخل وتضع بلاده في ازمة تدمر المؤسسات والقيم والأيديولوجيات وتخلخل حتى في العواطف الانسانية عند طبقات معينة من الشعب الامريكي .
وكانت قيادة حزب الديمقراطيين استنكرت و بشكل عنيف في بيان ادانة لمثل هذه الاساليب. وانتقد ذلك على لسان زعيمته  في مجلس النواب نانسي بيلوسي لتغريدات الرئيس ترامب قائلة إنه في شعاره "عودة أمريكا عظيمة مرة أخرى" إنما القصد "عودة أمريكا بيضاء مرة أخرى".خالية من الاعراق و يعني محاربة جميع اللوان الاخرى من البشر ورغم مرورأكثر من عامين ونصف العام في وجوده في البيت الأبيض، لم يتوقف ترامب عن إثارة الجدل بتغريدات عنصرية ومواقف سياسية تهكمية على أصحاب البشرة السوداء من الأميركيين وسبيق وان هاجم ترامب أربع نائبات ديمقراطيات ينحدرن من أقليات، وأجمع الكونغرس الأمريكي على إدانة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل رسمي على خلفية تلك التصريحات المشينة بحق تلك نائبات في الكونغرس الاتي ينتمين إلى الحزب الديمقراطي. و لهجته العدائية والتي وصفها النواب الديمقراطيون بأنها "عنصرية"، وانضم أربعة نواب من الحزب  الجمهوري الذي ينتمي اليه دونالد ترامب إلى 235 نائبا غداة هجوم شنه ترامب على النائبات الديمقراطيات، إذ دعاهن إلى "العودة" من حيث أتين، وقال إنهن ينحدرن من بلدان يعم فيها "الفساد"، متسائلا بلهجة تهكمية: "لماذا لا يعدن ويساعدن في إصلاح الأماكن الفاشلة التي أتين منها حيث تتفشى الجريمة؟"، وأضاف أن "هؤلاء النساء يخربن شعب الولايات المتحدة كأعظم وأقوى أمة على الأرض، فكيف يجب أن تدار حكومتنا".ديمقراطيا.
 ووصف مجلس النواب تعليقات ترامب بـأنها "عنصرية" وذكروا أنها "شرّعت وزادت الخوف والكراهية تجاه الأمريكيين الجدد والأشخاص الملوّنين".
 ثم هاجم ترامب القس آل شاربتون، وهو زعيم تاريخي في حركة الدفاع عن حقوق السود ووصفه بأنه "مخادع يكره البيض والشرطيين. كما هاجم الرئيس ترامب كذلك عضوة الكونغرس السوداء ماكسن والتر من ولاية كاليفورنيا، وهي منتقدة لسياساته ومواقفه، وغرد "هي سيدة غير طبيعية ولديها إمكانيات عقلية شديدة الضعف، وهي مجنونة . وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "أي بي سي" بالتعاون مع صحيفة واشنطن بوست في نهاية السنة الماضية عن موافقة 3% فقط من الأميركيين من أصول أفريقية على سياسات ترامب ومواقفه، في حين يرفضهما بصورة أو أخرى 97% من السود. واعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة إيموري أندريا جيليسبي أن انتخاب رئيس أسود  مثل اوباما لم يكن "الحل السحري لمشاكل الولايات المتحدة حول المسألة العنصرية؛ فالمشكلة تتعلق ببنية النظام نفسه". واعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة إيموري أندريا جيليسبي أن المراحل الأولى من الحملات الانتخابية تبين أن انتخاب رئيس أسود  مثل اوباما لم يكن "الحل السحري لمشاكل الولايات المتحدة حول المسألة العنصرية؛ فالمشكلة تتعلق ببنية النظام نفسه".
ويتفق الناس في الشارع على أمر واحد ، هو أن من يؤيدون أداء الرئيس سواء بالإعجاب أو الكراهية، هم من سيحرصون أكثر مَن غيرهم على التصويت بالتأيد او الرفض لسياساته ، وسيحسم الفريق الأقوى الانتخابات لصالحه فيما تؤكد التقديرات على ان رصيد الرئيس الحالي لتجديد الولاية قد انخفض بشكل مفجع وخاصة في ظل تعامله مع وباء كورونا والاحداث التي تقع في الشارع من ممارسات ضد الانسانية في حال يأمل الديمقراطيون بهزيمة ترامب في انتخابات 2020،
اما في عالم حكام العرب والخضوع  الى السياسة القصيرة النظر التي اعتمدها ترامب للحصول على أموال من الخليج و انصاع عدد منهم له، ومنحوه الثروات الطبيعية، مستسلمين لمخططاته في تهشيم القيم الاخلاقية ، وتسارعوا إلى شراء السلاح الأمريكي لمحاربة ابناء جلدتهم كما يحدث في اليمن وليبيا وشق الصف الفلسطيني وخلق الازمات في العراق وسورية وتونس  و لم يتمكن عقلائهم او  حكماء المشرق، من قراءة امتداد السياسة الأمريكية قديماً في المنطقة، حتى يتمكنوا اليوم من قراءة ما يجول في خاطر غبي الأغبياء، فاكتفوا بالاستسلام لأجندته بكل بساطة خوفاً على عروشهم من السقوط ، بل استكملت في زمن ترامب ذو العقلية التجارية الصفقات وتغيرت الأمور بشكل جذري، وأصبحت سياسة واشنطن الاستكبارية تستحكم فيما يتعلق بالخليج ويصبح تحصيل أكبر قدر ممكن من الأموال كنوع من التعويض الذي يراه ترامب من هؤلاء الحكام  واجباً لتصحيح "أخطاء" رؤساء أمريكا السابقين، الذي يرى أنهم أهدروا الكثير من الأموال لاستقرار عروش دويلات الخليج دون ان تجني اي فائدة "مادية" تذكر يمكن أن تعود على الولايات المتحدة لتحقيق مخططاتها السياسية التوسعية والمادية الرابحة، من خلال بيع السلاح وتعزيز التوتر في المنطقة في خلق اجواء تدعم وتشجع  التشظي في مواقف الدول الخليجية وصراعها الذي لا يبدو له أفق قريب للحل والذي  ساهم أكثر في إضعاف الجميع وهو ما أثر بشدة على لحمة دول الخليج والتي هي "للأسف رهينة القرار الأمريكي والذين بانقسامهم وخلافاتهم سمحوا لواشطن باستغلالهم وبشدة، بل إن بعض هذه الدول توجهت إلى الكيان الصهيوني لتستقوي بها على الدول الأخرى لكسب أمريكا، ما سمح له باستنزاف اموال هذه الدول وزاد من صعوبة الوصول إلى حل للأزمة الخليجية المستفحلة ".
و فيما يستمر ترامب في  تعزيز خطاباته المستهلكة بالحديث عن أهمية الديمقراطية وحقوق الانسان ونشرها لاغفال ابناء الشرق العربي بينما تذوق اليوم الولايات المتحدة، التي دائما ما تحرض على الاضطرابات في بلدان أخرى، مرارة تضرر مصالحها الخاصة على اثر الاحتجاجات التي تسود ولاياتها المختلفة دون توقف فمن يلعب بالنار يحرق نفس والدعوات لرخاء والحرية الكاذبة لن تصل الى الشاطئ وهي ذريعة مسلفنة حاضرة  لبسط نفوذه في مناطق الثروات الطبيعية و محاولاته التغلغل في المنطقة ازداد شراهة ، وعلى رأسها النفط والغازوالفوسفات والتقيم الجغرافي لها . ولم تجلب هذه الادوات العسكرية سوى الشر والهوان للمنطقة واضطهاد الشعوب وقتلها تحت ذريعة الديمقراطية، بهدف الاستيلاء على ثرواتها،
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

271
العلاقات العراقية الاير انية ... يربطها التاريخ المشترك
على ضوء الزيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى طهران وهي الاولى خارجياً له بعد استلامه هذه المسؤولية لتوطيد العلاقة الازلية التي تربط الشعبين الجارين والتي تتميز بمشتركات كبيرة يمكن الاستفادة منها لتدعيم الصلات وبلاشك فأن العلاقات بين العراق مع جيرانه وفي المقدمة تقف الجمهورية الاسلامية الايرانية على رأسها وهي تنمو باستمرار ، وتمتد الى قرون طويلة لوجود روابط مشتركة كثيرة بينهما ومن اقدم العلاقات تاريخيا و ليست وليدة العصر الحاضر ونمت وتوثقت بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 حيث تعززت هذه الروابط بين البلدين إلى أبعد من هذا وتختلف اختلافا جذريا عن تلك التي كانت عليه من قبل ، ويمكن الرجوع الى الدور الذي لعبته ايران بعد استيلاء داعش على الموصل وحمايتها لبغداد من السقوط في يده ، حيث كانت الوحيدة التي هبّت لمساندة الحكومة العراقية بعد سقوطها وسارعت لحماية بغداد المهدّدة في صيف 2014، للدفاع عن العراق. وساعدت كذلك في الدفاع عن أربيل حين وصل التنظيم إلى تخومها، لتلعب دور المساهمة في الدفاع عن المقدسات ايضاً والتي كانت العصابات الاجرامية التكفيرية تحاول الوصول اليها وهو موقف لا يمكن من نسيانه، ثم مساهمتها في فتح اكثر المحافظات والدعم الاقتصادي والتجاري بشكل انسيابي وتعزيز الاقتصاد المشترك وتقديم كل المساعدات اللوجستية والخبرة العسكرية وتدريب للحشد الشعبي الذي مكنه من استعادة معظم الاراضي العراقية التي استولى عليها التنظيم الارهابي يداً بيد مع القوات الامنية الاخرى من جيش وشرطة وقوات عشائر و يمكن فهم قوة هذه العلاقة ، وتأثيرها في منطقة الشرق الاوسط  ايضاً ، وخاصة ايران التي نجحت في اثبات قدراتها على ان تكون لاعبا اساسيا فيها ولان سيادة واستقلال العراق يمثل امنها ، كما ان ايران لم تبقى مكتوفة اليدين أمام وجود القوات العسكرية وسياسات الولايات المتحدة الامريكية المحتلة في العراق ولتقزيم نفوذها، حيث أنّها تتحرّك على مختلف الجبهات و تدرك أنّ الامن  في منطقة الشرق الأوسط ستكون على أساس الحفاظ على السلم في الشرق الاوسط في ابعاد واشنطن عنها التي تحاول تعزّز وجودها العسكري والسياسي في العراق وعملت جاهده على أضعاف الجيشه وليكون اكبر قاعدة عسكرية لضرب الدول التي تختلف معها  ،من هذا المنطلق تواصل الجمهورية الاسلامية الايرانية  دعمها للحركات المقاومة بالدعم اللوجستي  والأموال والتّدريب حيث تعمل على حماية المنطقة من المجموعات الارهابية المسلّحة والمجموعات المتطرّفة المدعومة من واشنطن وتدعم الحوثيين في اليمن في مواجهة التخالف العربي بقيادة السعودية و استطاعت ان تثبت انها الحريصة الاساسية لامن المنطقة، في ظل تخلي القوى المجاورة في المنطقة عن التدخل لحمايتهم ومن هنا ازدادت الرغبة في توطيد هذه العلاقات خلال السنوات الاخيرة و  لابد ان تنطوي على الرغبة فى التأكيد على الطبيعية الديناميكية للتفاعلات التي تتجاوز حدود الدول بصرف النظر عن نوع هذه التفاعلات وموضوعها، حيث يجب ان ينظر إليها باعتبارها تشكل نسقا مترابط المكونات والأبعاد وتتفاعل عناصره ووحداته جميعها؛ حيث يؤثر كل مكون منها على الآخر ويتأثر به. هناك مبادئ وقواعد عامة في افتراضاتها وأهدافها مثل الأيديولوجيات السياسية والمبادئ المستمدة من الأديان السماوية، بصفتها نظمًا عقائدية كونية، توجه رسالة إلى البشرية كلها.اذا أحسّت أنّ مصالحها وتعزيز وجودها متوقع على علاقات متميزة بعضها ببعض، حيث تستطيع بواسطتها تأمين حاجاتها بالتبادل أو المقايضة ويتحقق المجتمع الدولي عندما يتاح له أن يضم فى عضويته هذه الدول .
وبالنسبة للعراق فان الأهمية السياسية التي تضاف للأهمية الاستراتيجية تكمن في معالجة السلبيات والمشاكل وبناء نموذج سياسي خاص بالعراق يحيط بكل هذه المسائل التي تساند هذا النموذج ويكون النجاح في التركيز على الأهمية ولديه القدرة في بناء برنامج عمل حقيقي يساهم  في استقراره و المنطقة و في مواجهة الإرهاب والتطرف وإعادة الموازين المختلفة في المنطقة فمن الضرورة تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والاستثمار وقطاع النفط ، لانه  يشكل الرقم الأصعب في المعادلة الاقتصادية ، حيث يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في المنطقة بعدالمملكة العربية السعودية.
عبد الخالق الفلاح

272
الكهرباء...الطاقة الغائبة في العراق
تمثل الطاقة الكهربائية الركيزة المهمة وألاساسية لمعظم ألانشطة والفعاليات الاقتصادية في العالم والتي يعتمد عليه بدرجة عالية في تنمية إلانتاج، لكن ألاضرار المباشرة التي لحقت بمحطات الانتاج والتوزيع العامل الرئيسي والتخريب المتلاحق لها والمستمر قبل عام 2003 اودت بغيابها في العراق بسبب العقوبات الدولية المفروضة نتيجة السياسات الخاطئة والحروب الهمجية التي خاضها النظام الحاكم السابق االبائد بقيادة صدام حسين وبعدها لفساد الحكومات المتتالية والسرقات والتخريب الذي طال شبكات نقل الطاقة الكهربائية وشبكات تجهز الوقود الى محطات التوليد والمصافي اثر الاعتداءات البربرية لعصابات الارهاب التي غزت محافظات عديدة من وطننا ولا تتوفر حالياً أىّ حلول عاجلة لإستقرار وثبات في توفير وسد نقص إنتاجها وإمدادات الطاقة الكهربائية اللازمة لتلبية حاجة الاستهلاك اليومي للمواطن والتي اصبحت مشكلة ازلية  والعجز في استمرار تغذية المناطق المختلفة بالطاقة الكهربائية في العراق فى المدى القريب امسى  " حلم " من الصعب تحقيقه في القريب العاجل ، وتبلغ إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق قرابة 18 ألف ميغاواط/ ساعة ايام ذروة الانتاج حسب المصادر الرسمية خلال فصلي الربيع والخريف لقلة الضغوط بسبب قلة الاستعمال ، بينما يبلغ حجم حاجة الاستهلاك 23 ألف ميغاواط في الشتاء والصيف لزيادة الاستعمال مما يعني عجزا بمقداره 4000 ميغاواط في كلا الحالتين .
ومشكلة توفيرالطاقة الكهربائية العراقية ليست وليدة اليوم فالبلاد تعاني من نقص حاد بالطاقة منذ العام 1990بعد حرب احتلال الكويت، وقد تراكم هذا الأمر بعد العام 2003 لان القيادات المتعاقبة على وزارة الكهرباء في بغداد منذ اول وزير استوزر في اول حكومة بعد سقوط النظام السابق عام 2003 الى تاريخ اليوم متهمة بالفساد ومتورطة بمشكلات الكهرباء، والحكومة الحالية  ما زالت تستورد الطاقة مجبرة لمساعدت الخطوط المستخدمة الداخلية في محطات التوليد المحلي، على رغم درايتها بأن الاستيراد مُكلف مالياً...
الشعب العراق يطمح خلال السنوات القادمة إلى تأسيس محطات متطورة وجديدة لإنتاج الكهرباء لسد الحاجة المحلية على الاقل ومن ثم بيع الفائض إلى من يحتاج إليه من جيران العراق والعمل على تطوير قطاع الطاقة الداعمة ممثلة بالنفط والغاز الطبيعي و لزيادة إنتاجها على نحو واسع وإنشاء مصاف جديدة متطورة لتلبية الطلب المتزايد على المشتقات النفطية ، وكذلك تطوير منشآت استثمار الغاز الطبيعي المصاحب والحر من خلال تطوير الحقول الغازية المكتشفة بعد إبرام العقود الاستثمارية اللازمة مع الشركات ذات باع طويل ورصينة في التعامل وعن توفيرفرص للعمالة ولتحقيق عوائد مالية تضاف للموازنة ً العامة .
ان  الفجوة الحاصلة بين إنتاج الكهرباء والطلب عليه ،ومشكلة توزيع الطاقة الكهربائية تزداد يوماً بعد يوم ولا تحلها الاموال فقد تمّ هدر اكثر من  ستين مليار دولار لغاية الآن دون جدوى، وانما في اصلاح الفساد الذي نخر هذا الجانب والبطالة المقنعة في الكوادر الغير مؤهلة في ادارة الوزارة مثل بقية الوزارات .
ومن هنا وبسبب تهالك محطات التوليد القديمة الذي رافقته عمليات التخريب خلال السنوات الماضية؛ تزداد إثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين من (14-20) ساعة يومياً في ايام الحاجة الفعلية ؛ وهو ما حرى بهم أن يعتمدوا مولدات الطاقة الأهلية المكلفة والتي تثقل كاهل المواطن ، أو المولدات المنزلية الصغيرة وكلتاهما تضيف أعباء مادية كبيرة على الأهالي وكل ما يمكن أن تقوم بها الحكومة فى المرحلة الحاليّة لن تتعدى تدابير مؤقتة الترقيعية وتبذل خلالها جهداً مضاعفاً  لخدمة هذا القطاع تحت ظروف ضاغطة لا تساعد مطلقاً فى إنجاز أىّ عمل أو تنفيذ مشاريع فى مستوى التحدى اليوم فى طول البلاد وعرضه دون وجود استراتيجية عمل بعد فقد هذا القطاع المليارات من الدولارات من اجل تحسينه وذهبت جميعها لجيوب الفاسدين و  صرفت هذه الاموال التي تبلغ حسب تصريح لجنة النفط والكهرباء البرلمانية وظهرة في تحقيقها مبلغ قيمته (62) مليار دولار، منذ عام (2005) فقط لقطاع الكهرباء ولحد الآن. دون ان يشهد هذا القطاع أي تحسن بل بالعكس شهد تراجعاً أسوأ من السابق في تفاقم الازمة وساعات تشغيل التيار الكهربائي في الانقطاعات لساعات طويلة ، وكان في الامكان من استغلال هذه المليارات في تصنيع هذه الطاقة و توفير الاكتفاء الذاتي في تجهيزها طوال اليوم وتصدير الفائض منها دون الحاجة لاجبارالدولة للاعتماد على الاستيراد الخارجي التي تثقل الخزينة  .
من المعلوم ان أىّ خطط أو جهود ممكنة تعتمد على محاولة التعايش فقط مع الواقع مع ضغوط تفاقم القطوعات المتكررة للخدمة ومحاولات ترشيدها أو برمجتها وفقاً لما هو متاح من التوليد ومستوى الإستهلاك بينما فيما تظل المشكلة عالقة بصورة مضطردة نتيجة لتصاعد الحاجة مع قلة العرض، أى التوليد، والسبب الأساسي فى ذلك يتمثل فى عدم توفر حرص وطني كافي لتوليد الكهرباء بالبلاد الذي ينبغي أن تمضي وزارة الكهرباء بجرأة لتحقيقها ، خدمة للمصلحة العامة ،والاتجاه نحو الجباية الشاملة للكهرباء، ، وهذه قاعدة اقتصادية معروفة، فلا ترشيد لاي سلعة او تجارة دون أن يكون لهذه السلعة كلفة معقولة لقيمة الانتاج .
 ومع الاسف ان العراق رغم مساحته التي لا تدل على كونه شاسعة لا يتمتع بمصادرحتى طاقويّة تقليديّة يمكن إستغلالها لتوليد الكهرباء بكميّات كبيرة وتجاريّة تتناسب مع إرتفاع الطلب بجانب سوء استفادة السكان من الاجهزة الغير كفوءة والمستورة من شركات خارجية غير رصينة ومناطق الإستهلاك فى مناطق متباعدة الأمر الذى يستلزم مد خطوط إمداد طويلة ومكلفة لنقل وتوزيع الكهرباء في مناطق الإستهلاك فى وسط البلاد وشرقه وغربه وتظل مقترحات المشاريع لربط المدن بالشبكة الرئيسية عبر اسلاك متهالكة لا تفي بالغرض المطلوب وما يكتنف ذلك من غموض وتحديات امنية.
ولا يخفى على احد طبعاً هناك اسباب  كثيرة اخرى مهمة  تؤدي إلى تراجع مستوى تجهيز الطاقة الكهربائية، على رأسها ارتفاع درجات الحرارة وزيادة استهلاك الطاقة وازدياد الطلب ، تسبّب بزيادة الأحمال، كما ان عدم إقرار الميزانية وتوقّف التمويل تنتج عنها التأخير في الصيانة الدورية والاضطرارية للوحدات الإنتاجية بشكل دائم وضخ الوزارة بدماء جديدة فاعلة واعدادهم بدورات خارج الوزارة من الضرورات المهمة لتحصينهم قبل ان ينتقل وباء الفساد اليهم ،وعلى الوزارة ان تعمل في بذل الجهود  لسدّ النقص الحاصل من خلال الاسراع في  انجاز المحطات التي هي تحت الانشاء ، وادامة صيانة المحطات الإنتاجية العاملة بصورمستمرة وحماية الخطوط من الأعمال الإرهابية التي تستهدف خطوط نقل الطاقة المستمرة من خلال العبوات الناسفة بتطوير شرطة الحمايات وزيادة اعادادهم بنسب كافة ومحاسبة المقصرين منهم في اداء الواجب ، كي لا يوثّر على تراجع مستوى التجهيز ويذهب 5 ملايين عراقي الى الخارج على اقل تقدير واجبار الحكومة لفتح الحدود ويعني خروج الملايين من الدولارات.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

273
النظريات الريعية * في الاعتماد على الموارد النفطية
ان الاعتماد على النفط كمورد لاي دولة تجربة مشلولة وبلاشك خاطئة لانه لايمكن الاعتماد على هذه الطاقة لوحدها كمصدر أساسي للدخل القومي رغم انه يحظى في عالمنا اليوم بأهمية بالغة، لا سيما أنه يستخدم لتوليد الكهرباء وتشغيل المصانع ويدور به الاقتصاد ريعياً وتأثيره على بنيان الدول التي تعتمد عليه كمصدر أساس في دخلها القومي وفي الآثار السلوكية على المواطن نتيجة اعتماده على ما تنفقه الدولة من أموال وغيرها من الاستعمالات الأخرى، مما جعله بمثابة شريان الحياة بالنسبة للصناعات في اكثر الأمم في العقدين الثالث والرابع من القرن الماضية وما بعدها بشكل كبير وواسع  ونتذكر دور النفط في التنمية، ودور مداخيلها في الثمانينيات والتسعينات وما نتج منها من ضخ أموال طائلة صعدت من مستوى بعض الدول الفقيرة التي لم تكن في الحسبان و لم تكن هي معروفة في التاريخ وعلى الرغم من الاعتماد على الخطط القصيرة المدى لتنمية المجتمع و سادت في اكثر هذه البلدان  ولم تكن هناك خطط وأهداف إلى ما بعد ثلاثين عاماً أو خمسين سنة قادمة؛ فكانت النتائج ما نراه والآن سوف تمر سنوات عجاف اخرى من جراء نزول أسعار البترول مادامت تعتمده في سياساتها السنوية  في اعداد الميزانيات عليه وما نلمسه في وقتنا الحاضر من فوضوية القرارات التي تعالج الخطأ بأخطاء أخرى، واستمرارية الدوامة.
الظروف الحالية والازمات المالية والاقتصادية التي غزت العالم بعد وباء كوفيد 19 اثبتت على انه لا يمكن الاعتماد على مورد واحد في ادارة الدول فيجب تنويع المصادر المالية  والاعتماد عليها في  بناء البنية التحتية الانتاجية وتشغيل الايدي العاملة وخاصة اذا ما عرفت من الموارد النافذة مثل الكمارك والطيران والماليات وتطوير الصناعات .. الخ والملاحظة المهمة التي ينوه عنها خبراء الطاقة أن أقصى كمية يمكن استخراجها من آبار النفط في مختلف أرجاء العالم سوف لن تتجاوز العشرين سنة القادمة ، ورغم انه من غير المرجح أن ينفد احتياطي النفط الخام بشكل كامل، إلا أن هذا لا يعني أن الكميات المتبقية ستكون صالحة للاستخدام وبالجودة ذاتها، وسوف تحتوي على مستويات عالية من الملوثات، على غرار الكبريت،و الصدمات النفطية سوف تتواصل بسبب دخول النفط  للمعترك السياسي بعد انتهاء أزمة كورونا وما مارسته الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الازمة العالمية من احجاف بحق شعبها والبشرية والتي قامت بتخزين النفط بعد تدني أسعاره إلى ما دون الصفر وهو أمر يحدث لأول مرة في التاريخ.
 لقد اماط السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة عقب انتشار جائحة كورونا اللثام بالقول " عن أوجه عدم مساواة شديدة وعضوية داخل البلدان والمجتمعات المحلية وفيما بينها على حد سواء. وبشكل أعمّ، فهي سلطت الضوء على أوجه الهشاشة التي يُعاني العالم منها، ليس فقط في مواجهة حالة طوارئ صحية أخرى، بل في استجابتنا المتعثرة لأزمة المناخ، ولاستشراء قانون الغاب في الفضاء الإلكتروني، ولمخاطر الانتشار النووي. وأضحى الناس في كل مكان يفقدون الثقة في الهيئات والمؤسسات السياسية"  ".
وعلى العالم ان يعتبر  العام الحالي تجربة قاسية لتجديد النظر في مجمل السياسة الاقتصادية وهو عام الدروس والعبر الكبيرة في كل المجالات وعلى جميع الدول المتقدم منها والنامي أن تستفيد من هذه المتغيرات، حيث يواجه الاقتصاد العالمي انكماشا يمكن ملاحظته والاستفادة من التجارب الناجحة التي جعلت دول جنوب شرق آسيا اكثر الاقتصاديات تماسكا لعدم اعتمادها على سلعة النفط فقط وعلى مدى عقود كان بناء الجانب الصناعي يحظى بالأولوية، ومن هنا قامت النهضة الصناعية لدول الآسيان والتي يمتلك بعضها النفط كإندونيسيا على سبيل المثال ( ماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة وفنلندا) ليست دول بترولية و لم تعتمد عليه  في الاساس انما جعلتها وسيلة لتعزيز سياسات البلد الاخرى وتثبيت وبناء المستقبل .
 من هنا مع تواصل تجربة جائحة كورونا وصدمة أسعار النفط في انخفاض الاسعار ، إن هناك فرصة مواتية لإعادة تقييم الاقتصاد الوطني العراقي بشكل كامل كبلد مر بحروب ومعاناة ومطبات وانتكسات وغياب الاستراتجيات لغلبة الفساد على السياسة المالية والاقتصادية  ، والدعوة لانتهاج أسلوب تنويع مصادر الدخل والتنوع الاقتصادي وتنقيته من الشوائب والعودة الى الدعوات التي بدأت في منذو عقود من قبل العقول الاقتصادية  كدعوة للبناء الاقتصادي القوي  في ايجاد مصادر مستحدثة لتطوير عجلة البناء واستمراره وديمومته في بناء المصانع المنتجة لهضم البطالة وتشغيل الايدي العاملة .
 ولكن تلكؤها بسبب السياسة الخاطئة للحكومات المتعاقبة في العراق و تراجع الاداء الحكومي في تقديم الخدمات الاساسية والفساد المنتفخ بين معظم طبقات وشرائح بعض الكتل والاحزاب السياسية وذيولها المتغلغلة في وزارات ومؤسسات الدولة وعدم الاهتمام بهذا الجانب اوجدت هذه المحنة التي تعصف به من قلة الموارد المالية رغم وجود تنوع في الطاقة عنده والعجز المخطط في موازنة 2020 يقارب 50 ترليون دينار وهو الاكبر في تاريخ العجوزات المالية ويمثل قرابة 40% من حجم الموازنة العامة وقرابة 18% من الناتج المحلي الاجمالي،و موازنة العام الجاري وضعت على أساس تقديرات تتوقع بيع نحو 3.8 مليون برميل من النفط يوميا، بواقع 56 دولارا للبرميل و أن النجاح لم يتحقق مع الاستمرار في الاعتماد على سلعة النفط وخاصة في ضوء وصول الأسعار لاقل من 20 دولار في الاشهر الماضية رغم تحسنه النوعي في هذه الايام ليصل قرابة 40 دولاراً والانهيار الحاصل في الاونة الاخيرة وتتضارب التقديرات بشأن حجم الأموال التي يجب أن يحصل عليها العراق في الحد الأدنى لتغطية رواتب الموظفين أو جزء منها كقروض داخلية ودولية ، مع بعض الاحتياجات الأساسية وتزايد الازمات الانسانية  وتعميق تفاقم حالة الطورائ لمكافحة وباء كورونا حيث تتواصل الخسائر البشرية ، بل وتشتد حدتها؛ وتضطر أعداد كثيرة من الناس إلى الفرار من ديارها.
 
* ”الاقتصاد الذي يتولد من الريع الاقتصادي المتولد من إنتاج النفط والغاز المملوك كلياً (الانتاجية والاحتياطيات) للدولة

274
ينقضون المواثيق ولا يوفون بالعهود
لقد بات من العسير أن تفرق بين من هو الصادق في توجهاته ونواياه، وبين من هو المرائي والمتلبس من ذوي الأقنعة التي تغطي وجوههم والتي عادت هي الحالة السائدة للكثير من المسؤولين و الدستور العراقي حدد قسم المنصب بالتالي “أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص وأن أحافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه وأسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي، وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء، وألتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد "لقد عاد العراقي، سيما المواطن البسيط في حيرة من أمره في فك هذا الاشتباك وما تتسم به الحالة السياسية من التباس وعدم الوضوح لان العملية السياسية في العراق اليوم تقبع أمام متناقضات خطيرة، بينما كان من المتوقع ان يعيش بحالة بحبوحة من الأمن التي جاءت بفضل تضحيات الشرفاء من الشهداء والجرحى، ومن وقفة أبطال مختلف صنوف قواتنا المسلحة من جيش وشرطة ومكافحة الارهاب ورجال الحشد الشعبي وكان يجب ان تكون هناك مواقف مشرفة للساسة في العراق تجاه هذه التضحيات، وعدم نسيان افضالهم والتي كانت السبب في عودة العراق لموقعه الريادي في المنطقة، يينما نرى ان المشتركين في العملية السياسية ينزلقون من منزلق الى منزلق بافعال يندى لها الجبين في خيانة الامانة التي وصلتهم لهذه المسؤولية متناسين ان الوفاء بالعهود وّ احترام المواثيق والذي يقول الكتاب الحكيم عنهم  ( فبِما نقْضِهِم مِيثَاقَهمْ لَعناهمْ وجَعلْنا قُلُوبَهمْ قَاسِية يحَرفُون الْكَلِم عن مواضِعِهِ ونسُواْ حَظا مِما ذُكِرُواْ بِهِ ولاَ تزالُ تطَلِعُ علَىَ خَآئِنة مِنهمْ إلاَ قَلِيلا ( المائدة : 13 ان الالتزام بالمواثيق من الشروط الضرورية للاستقرار الاجتماعية واستقامة الحياة وتدل على إحترام الدستور والقوانين والشعب من قبلهم ، وخيانته يعد إنعطافة خطيرة تؤثر بشكل سلبي على الحياة السياسية برمتها ، ويبدو إننا نسير بإتجاه ميول ورغبات الأحزاب وقادتها وليس الدستور،، بعد فقدان تلك الثقة المتبادلة التي تعتبر ركن أساس لهذه الحياة، ولا تتحقّق هذه الثقة المتبادلة إلا بالوفاء بالعهود، والاحترام المتقابل للعهود المقطوعة ، ولهذا، أمر الله سبحانه وتعالى بلزوم الوفاء بالعهد، وقال: «وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُول» (الإسراء: 34). ويقول عن صفات المؤمنين: «وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ» (المؤمنون: 8). وتبلغ أهميّة ذلك، أنّ القرآن كما يمدح الموفين بالعهد، ويقول: «الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنقُضُونَ المِيثَاقَ» (الرعد: 20)، يذمّ في المقابل الناقضين للعهود، ويقول عنهم: «وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ» (الرعد: 25). بل يشبّه الناقض للعهد بالمرأة الناقضة لغزلها، بعد أن تعبت على صنعه، إشارة إلى ما يتركه نقض العهد من اختلال في الحياة الاجتماعية، فيقول: «وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً» (النحل: 91 92)
تعد خيانة الأمانة من الجرائم المخلة بالشرف وتتشابه جريمة خيانة الأمانة مع جرائم السرقة وجريمة الاحتيال وجريمة اغتصاب الأموال وجريمة اختلاس الأموال العامة التي تلطخت ايدي الكثيرين بها من خلال مكاتب الوزراء ومدراء المكاتب في الوقت الحالي الذين لهم الباع الاطول في الفساد وهو اغلى من مكتب الوزير نفسه لان الكمشنات والمزايدات تنطلق منها  وعلى مدى  السنوات السبع عشرة الماضية  وتعد جريمة الافلات من إرجاع الاموال المنهوبة معدة مسبقاً بكل بساطة بعد هروبهم خارج العراق إلى جانب الضرر العام الذي يصيب المجتمع الذي تترتب على ارتكاب جريمة خيانة الأمانة فقد يترتب عليها ضرر خاص يصيب المجني عليه أو غيره وهذا الضرر الخاص هو سبب تحريك الدعوى المدنية وغالبا ما يترتب على الجريمة ضرر يصيب المال المؤتمن فلابد من اللجوء إلى وسيلة معينة لإصلاح هذا الضرر.
 الخيانة تنشأ من خيانة العلاقة بين طرفين في الحياة لتشمل العلاقات الاجتماعية وحالة من الحالات الشاذة المعوقة والمدمرة للتواصل الإنساني، عُرفت منذ بداية الخليقة وكانت من أهم أسباب الحروب والصراعات القبلية وتهديم الدول. والخونة أفراد يخرجون على شعوبهم ويتعاونون سِرًّا مع اي جهة تحمي مصالحهم  ويصبحون عملاء لهم لقاء مال أو جاه أو منصب،. هؤلاء لا ينظرون الى اذنابهم بعين من  الاحترام والتقدير بل ينظر إليهم بعين من الاستهجان والاستخفاف وبسوء الأخلاق والانحطاط ومجرد ادوات يعملون لصالحهم ويأتمرون بأوامرهم.ودائما ما تكون نهايتهم مفجعة و يبررون خيانتهم وقد يتحولون إلى جبهتهم الأخرى(  أوْلَـئِكَ الَذِين لَعنهم الله ومن يلْعنِ الله فلَن تجِدَ لَه نصِيرا ( النساء : 52  ).. و يتعايشون مع تلك القوى معملاء وذيول دون ضمير ويحركونهم مثل ادوات الشطرنج بعد تحطيم القيم الأصلية والاستهان بها. ان خيانة الأوطان جريمة كبرى لا تُغتفر.. فحب الوطن فـرض.. والدفاع عنه شرف وغاية.. ولا يوجد أمريء يحب وطنه ولا يهب للدفاع عنه في أوقات الشدة والتصدي للأعداء ودحر الغزاة والطامعين والدفاع عن الأرض و الشرف، وتسجيل البطولات الخالدة والوقوف في وجه من يطمعون في خيرات الوطن وسرقة ثرواته، بأحرف من نور في صفحات التاريخ والخلود، تتذكره الأجيال جيلاً بعد جيل، ليغدو مثلهم الأعلى في التضحية ونكران الذات بملاحم خالدة في النضال في سبيل إعلاء شان الوطن واستقلاله دون أن يرضى بديلاً عن ذلك.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

275
تسميات ... مواطنون – وعراقيون وغياب الواقعية
لن نتفاجئ عندما نسمع اوتزف علينا اونشاهد انبثاق تكتلات جديدة بين حين واخر مثل " مواطنون – وعراقيون " و هناك ايضاً فأن الكثير من قادة الكتل، يقومون باجراء مفاوضات تحت الطاولة وعلنا بشكل مستمر، حتى مع خصومهم السابقين، من أجل ترتيب مفردات معادلة سياسية يمكنها أن تحسم الى ائتلافات حتى وان كانت مؤقتة للاستحواذ على اكبر عدد من المناصب والامتيازات من ادارات الدولة كالسابق وشهادة بلاسخارت المبعوثة الاممية في العراق اثناء جلست الامم المتحدة "جاءت لتؤكد أن العراق يعيش أسوأ مرحلة في تاريخه الحديث والمعاصر، حتى وصل إلى مصاف الدولة الفاشلة "   وفي الوقت الذي فشلت فيه محاولة تأسيس كتلة جديدة باسم «كتلة نواب المدن المحررة» بزعامة خميس الخنجر بهدف سحب البساط من «كتلة تحالف القوى العراقية» بزعامة محمد الحلبوسي وغيرها من المسميات الموسمية لاعتمادها على بنية أوتوقراطية، وليست أحزاب جماهيرية منظمة فكرياً والتي لا تمثل إلأ أنفسها وتسميات فارغة من المعنى تدل على  هشاشة الشراكة السياسية بين هذه الكتل ومجرد اوهام وليس هناك نية لدى هذه الاطراف  نحو بناء دولة انما التمسك بالسلطة وعدم الالتزام بالمبادئ التي تتفق عليها هذه المجموعات من الكتل السياسية وسرعة انفراطها بعد حين وان تكون هناك شراكة للاستحواذ على القدرة والتي قد تكون غير موجودة اصلاً  وتقف خلفها مشاريع غير مستحكمة ضعيفة الاسسس والمحتوى وفارغة من الايديولوجيات المتعارف عليها في علم السياسة وأحزاب هيكلية تقوم على بنية شخوص وليست أحزاب جماهيرية تبنى على أساس العلاقة التراتبية والتفاعلية بين القاعدة وفقط يبتغون زيادة سلطتهم وقوتهم المادية إلى الحد الأعلى فيتجهون نحو استقطاب المواقف السياسية والاجتماعية ليكونوا مجبرين على اختيار أنسب الوسائل لتحقيق غاياتهم وهذه القيادات نجدها تعمل على تدوير بعض الوجوه في المناصب التنفيذية، رغم انها أثبتت فشلها في الإدارة أو اكتُشِف فسادها. ومن المؤسف انها لم تصمد حتى أمام تقاسم المناصب في سياقها رغم التغيير المستمر لرئاسة مجلس الوزراء و بقاء التوزيع كما يلي  (رئيس الجمهورية ـ كردي، رئيس مجلس الوزراء ـ شيعي، رئيس مجلس النواب ـ سني) ،فقد تعودنا عليها منذ سقوط النظام السابق وليس غريباً اي يقود مثل هذه التكتلات شخصيات والتي انقسمت بعد حين لارتباطها بطموحات لاستيلاء على فرصة تشم منها مصالح شخصية لعلها تعوض عن الخسائر التي منيت بها هذه الشخصيات في اللعبة السياسية في العراق ولم نرى من هذا المؤشر الرئيس في هذه الكتل سوى هشاشة تلك التحالفات السياسية، والتي لم تحسم بإعلانها انما اعلنت بشكل مفاجئ  وغير مدروسة ومتسرعة في ضوء وصول الكاظمي لرئاسة مجلس الوزراء الذي جاء بتوافق الكتل السياسية ليس لأنه الأفضل ولا بفوزه في الانتخابات، وإنما مخرجاً وحلاً للأزمة ويبدو أن هناك ضبابية وعدم وضوح في مواقف الشخصيات والأحزاب أو الكتل السياسية المنضوية فيها في ظل مجموعة كبيرة من المشاكل التي يعانيها العراق والتي تشوبه الازمات المتتالية من الصعب الخروج منها بتلك البساطة والسطحية واهمها الأزمة الاقتصاديّة التي ترزح البلاد تحتها وخواء الخزينة بسبب الفساد والسرقات ، والتي كشفت عن هشاشة الاقتصاد او التحدي الاكبرالذي يتعلق بمحاسبة الفاسدين ومحاربة الفساد، وعلى الرغم من أن الحكومة انتقالية ومهمتها الأساسية التحضير لإجراء انتخابات مبكّرة لكن مسألة الفساد مركزية ولا يمكن التقدم بمسيرة البلاد وتجاوز الأزمة المستفحلة منذ الاحتلال الأمريكي العام 2003 إلى اليوم دون محاربة الفساد، إضافة إلى المحسوبية التي تخدم الساسة أكثر من الشعب. و الحاجة إلى إصلاح النظام كي يحصل الانسان العراقي على حياة أكثر ازدهارا،إلأ ان المصالح الخاصة والحزبية تتآمر لتحويل الموارد بعيدا عن الاستثمار المهم للمضي قدما لتعزيز الحكم الرشيد ومحاربة الفساد لينتقل البلد من إدارة الأزمات إلى انتهاج سياسات أكثر استقرارا واستدامة، وبناء الدولة عبر إصلاح النظام بشكل واسع وعميق ،حتى وأن بدت هذه التحالفات تدعي الاصلاح  ومشكلة بعناوين تحالفية فأنها غير موثقة وبعيدة عن الواقع وليست إلأ شعارات لعلها عابرة في ظل حكومة الكاظمي القلقة لاغير. كما ان الاخطار على الابواب وهاجس تفتيت العراق، يخيف ويؤرق كل وطني عراقي وكذلك الدول المجاورة الصديقة المهتمة بامن العراق ومستقبله وكذلك العالم الذي يعرف قيمة العراق ومكانته وخيراته بمجمله له ما يبرره من خوف ومن خطر قريب يمكن ان يرى المرء علاماته على الارض انطلاقا من مفهوم الممارست الجارية والتسابق على الحصول على السلطة قبل الارض والكرامة والعزة للشعب كيف ومتى يمكننا مواجهة الإرث الثقيل من الخراب البيئي والنفسي والجسدي والعقلي الذي تعرض له الإنسان العراقي عبر الاكثر من الخمسين سنة الأخيرة؟.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

276
حكومة الكاظمي ..القراءات المرتجلة وفقدان الميكانزما
المسؤولية الكبيرة التي كلف بها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي بتوافق بعض القوى السياسية تقتضي عليه الكثير من القراءات وعدم الاستعجال في الامور لانها ليست بالسهلة وان لا يغامر بمستقبله السياسي في مواجهة الرأي العام العراقي فضلا عن زيادة الأزمات الداخلية والتوتر و ان لا يفتح ابواب العواصف على نفسه وان لا يخضع لعوامل لا تريد الخير للعراق واهله  وخاصة وانه جاء من مسؤولية بعيدة عن التخصصات القيادية للبلد و التجربة اظهرت ضعف هذه القدرة من خلال بعض الهفوات والشطحات التي وقع فيها والمطلوب منه ان يكون غير متسرع وحذر حتى من اقرب الناس اليه لان المسؤولية كرئيس لمجلس الوزراء واسعة ومن الضروري التعرف على مدى فاعلية المسؤولية التي كلف بها و أثارها كونها تحتاج الى خبرة وتجربة متشعبة والمام بأمور مختلفة حتى لا يقع في كماشة الاعلام المعادي ولا يمكن ان يكون الاصلاح سهلاً بعد سبعة عشر عاماً من التدمير والفساد الذي وقع ، لا يمكن ازالته واعادة بناء الخراب يقع تحت طائلة الزمن والاخلاص والتفاني و إلأ بالاعتماد على مستشارين اكفاء يميلون الى تخصصهم اولاً اكثر من العوم في السياسة ومن الطبيعي ان تقع المسؤولية عادة عن خطأ يرتكبها المسؤول أثناء ممارسته للسلطة، ويكون من نتائجها إلحاق الضرر بمصالح الشعب.. أو قد تنشأ أيضاً عن فشل في تحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة بتأمين الحماية علي الصعيد الخارجي والاستقرار والرفاهية علي الصعيد الداخلي.
لكن في كلتا الحالتين يرتبط تحديد المسؤولية السياسية بالعناصرالتي  تشكل الدعامة الرئيسية للعمل معه ولا يمكن الجزم بان المعينين الجدد سيكونون افضل وانزه من سابقيهم ،وللحقيقة فمن الضروري ان يشاهد العراقيون رئيسهم يتحدث في كل القضايا بالمام ودبلوماسية لحد ما يقف على قدميه وهذه ما يفتقر لها الكاظمي ويحتاج الى زمن لترسيخها  في الوقت الحالي ولا تحل الازمات بخلق اخرى جديدة مع القوى السياسية التي قادة البلد خلال السنوات الاخيرة بعد سقوط النظام السابق بعد تشخيص القوى الوطنية والمضحية وابعاد الفساد والسراق من امام عجلته، و لا تشفع له (  جعجعة بدون طحين ) من خلال الظهور المتكرر في وسائل الاعلام فقط دون معطيات على الارض و منجزات محققة لأهدافها الاستراتيجية والتقيد برؤية الاصلاح الحقيقي للحكومة بل ايضاً في اعلان القرارات السليمة ويسن القوانين العادلة التي تؤمن المعيشة والرفاه والسلام والامن  ولا يتخذ قرارات مخالفة لصلاحياته تقف حائلاً دون تحقيق الأهداف. وتعكس حالة سلبية او ايجابية في كلتا الحالتين علي حاضره ومستقبله وهذا الأمر لا يخدم الشعب ولا يخدم بناء دولة مؤسسات وعليه العمل على بناء القوات الامنية كافة من "جيش وشرطة ومكافحة الارهاب وحشد شعبي وعشائري" التي دافعت عن العراق وقدمت دماء مشتركة في الدفاع عن تراب الوطن في معاركهم ضد العصابات التكفيرية المجرمة وعدم التفريط بهم لحماية بلدهم و ارضهم واستقلال شعبهم ويعمل علي حل النزاعات الداخلية بعيداً عن الاطماع الخارجية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وبالدفع الى سحب قواتها وخلق الوئام والاستقراروإن يجمع القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية النزيه التي تمثل المجتمع لتعزز الثقة الضرورية لممارسة السلطة ويسمح، على صعيد أعم، بتجاوز الخلافات الظرفية لتوجيه كل الجهود نحو تخطي الازمات  ودفع البلاد في طريق السلم المدني والديمقراطية والرقي، وان يضع لمساته على ادارته لعلاقات الحكومة السياسية الداخلية والخارجية، وان يكون له تحرك سياسي على مستوى الداخل والمنطقة ومن ثم العالم ولا ينسى واجباته  وادواره المختلفة الاخرى خاصة إن المرحلة الانتقالية قصيرة ويمر الزمن بسرعة فيجب أن تطور بعض الأعمال والمهام ذات الأولوية التي تسمح للبلاد الخروج من الأزمة ، على الصعيد السياسي، يمر بالضرورة عبرالرجوع إلى تحديد موعد والمسار الانتخابي والشروط المسبقة التي يطلبها سياسياً  و اقتصادياً  واجتماعياً وأمنياً كذلك. فهذا جزء من واجب وادوار وصلاحيات الحكومة، وكذلك أن تتعرف الدول الصديقة والشقيقة على الشخصيات الحكومية ،وحصر التصريحات على حد المتحدث الرسمي لاي مؤسسة فقط وابعاد الجيش والشرطة والقوات الامنية من التدخل في السياسية للمحافظة على وطنيتها .
تكمن اهمية المسؤولية السياسية للحكومة في النظام البرلماني في انه موضوع حيوي وخطير لان للوزارة دور مهم في هذا النظام امام من اختارهم الشعب لتمثيله لما تؤثره المسؤولية السياسية للوزارة من اشكاليات وتعريفات وتفسيرات تحتاج الى شروح قد تقع فيها بين الجهات التنفيذية والتشريعية عند التنفيذ ، ويمكن اجمال عمل الحكومة في النقاط التالية: المفهوم القانوني ، الاثار السياسية المترتبة على المسؤولية ، معايير التفرقة بين المسؤولية الجماعية والفردية ووسائل تحريكها، وبعد ان أضحى في الوقت الراهن تحديد مستوى الديمقراطية في الدولة المعاصرة يعتمد أساسا، بغض النظر عن المحددات الأخرى، على معيار الفصل بين السلط، هذا المبدأ الذي نادى به، ولأول مرة، الفقيه والفيلسوف الفرنسي " مونتيسكيو" في كتابه روح القوانين، حتى أصبح اسمه مقرونا به، ولعل أهم ما جاء به هذا المبدأ، أنه يقوم على وضع حد للحكم المطلق، وذلك واضح في قولة " مونتيسكيو" الشهيرة، " كل إنسان يمسك بالسلطة يميل إلى إساءة استعمالها، ولا يتوقف إلا عندما يجد أمامه حدودا".
وإذا كانت الحكومة هي تلك الهيأة أو الجهاز الذي يمارس العديد من الاختصاصات المهمة في المجال التشريعي والتنفيذي، فإن ذلك من شأنه أن يضعها في قفص المسؤولية والمحاسبة، سواء أمام امام الشعب او امام البرلمان بحكم كون العراق يعتمد على البرلمان في تعيين شخص رئيس مجلس الوزراء في  تحريك المسؤولية السياسية للحكومة عن طريق ميكانيزمات وآليات، كملتمس الرقابة وسحب الثقة وغيرها من الوسائل التي يمكن لمؤسسة رئيس الحكومة تجاوزها بالعمل في خفض المعاناة وفي تطبيق البرنامج الحكومي الذي قدمه وعبورالمرحلة الانتقالية بخير وهي آليات ووسائل من الاهمية لا تقل عن تلك التي يملكها البرلمان في مساءلة ومحاسبة الحكومة عن أعمالها..
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

277
الوظيفة العامة ومستلزمات ايجاد الموظف الجيد
==========================
الوظيفة العامّة هو العمل الذي يدخله الانسان فيها كمهنة لاستمرارمعيشته تحت مسؤولية الحكومة مباشرة التي عليها اختيار الاشخاص المناسبين حسب الحاجة والتخصص وطبقاً لمهارتهم وقدراتهم المناسبة ، وتخضع هذه الوظيفة لمجموعة من القواعد ، وتخصص حقوقها ضمن الميزانية العامة و الموظف ،هو الشخص الذي صدر قرار بتعيينه في مؤسسات الدولة او السلطة المختصة وتكون الوظيفة للخدمة العامة  في دوائر و مؤسسات الدولة  وتحت مفهوم السلطة أو السيادة التي تتمتع بها الدولة وما يتبع ذلك من كون الوظيفة العامة هي ممارسة فعلية لهذه السيادة، التي تمنح الشعور لبعض الموظفين بأنهم يمارسون اختصاصات وظيفية مرتبطة بهذا المفهوم وهناك أربع ممارسات ثانوية للنجاح ينبغي اتباع أيِّ اثنتين منها. تشمل الممارسات الثانوية: ملَكات الموظفين، والقيادة والحوكمة، والابتكار، وعمليات الدمج والشراكة مع الزملاء للوصول الى الهدف المطلوب .
تعدّ الوظيفة العامّة من المهام الاساسية التي يُنجزها  الشخص لخدمة الصالح العام وفي الواقع انعملية اختيار الموظفين لشغل مناصب ووظائف معينة في أية مؤسسة بالدولة هي واحدة من الأمور التي تؤرق وبشدة أصحاب المسؤولية ، باعتبار أن اختيار الموظفين المناسب تعتبر من الامور الصعبة في كثير من الأوقات لانه العامل المؤثر في زيادة إنتاجية ورفع معدلات النمو السنوية للوزارات وللمؤسسات والشركات التابعة لها،
وتخضع هذه الوظيفة لمجموعة من القواعد التي ينظمها القانون الإداري، كما أنها تخرج من نطاق تطبيق قواعد قانون العمل؛ لأنها تبين السياسات العامة المُتبعة في الدول، وأيضًا قدرة الموظف العام على آداء مهامه على الوجه الأمثل و لا بُدَّ من أن تُفرض عليه التزامات، حيث يجب أن يقوم بأداء المسؤوليات  التي عُيّن من اجلها في الوقت والمكان المناسبين وحسب مقتضاياتها ، لا شك فيه أن هناك بعض الجهات الحكومية الحالية فعلاً يلاحظ عليها وعلى موظفيها ضعف الإنتاجية إو أكثر ما يقال موت الإبداع لديىهم لفقدانهم ثقافة العمل والكفاءة والقدرة والتعيين في ضوء المحسوبيات ( بالواسطة ) السوسة التي تنخر العمل و غياب المراقبة والعقوبة المتشددة و الموظف المتميز أصبح عملة نادرة في الإدارات الحكومية في زمن تتقلب فيه الظروف والموازين فالإخلاص في العمل وتأديته على الوجه الأكمل لم يعد سمة الكثير من الموظفين الذين ينظرون الى الوظيفة نظرة روتينية طابعها الملل ومن هنا فأن  الموظف العام لا يمكن أن يقدم خدمات وظيفته للجمهوربهذه التصور الغير سليم ، إلا وفق مفهوم قائم على ممارسة سلطة معينة .
هذه الحالة لا يمكن رؤيتها في القطاع الخاص القائم على فكرة الخدمة بمقابل العمل بينما تراها عند الموظف الحكومي في ظل غياب التنوّع الثقافي في الاختيار الصحيح التي يجب ان  تشمل بيئة العمل وتعددها من ناحية المهارات المهنية، والشخصيات، والسلوكيات في العمل والحياة، والصفات الفردية لتساهم هذه المسميات في إنشاء بيئة عمل محفّزة وممتعة.
لينتج البعض الاخر من الذين يتمتعون بمجموعة من الصفات السيئة التي تتسبب لهم الإخفاقات المتكررة وإرباك الأداء العام في المؤسسة التي يعملون فيها وتعطيل مصالح المراجعين، وعدم الجودة في تقديم الخدمات العامة؛ لأنهم بعيدون عن روح العصر ولان المشكلة تعود إلى الثقافة والقيم المجتمعية السائدة في بعض تلك المجتمعات المرتبطة بها  أكثر من ارتباطها بالنظام وأحكامه ولوائحه وغير مواكبة للمناهج وآليات العمل الحديثة في الإدارة، وقد تكون أقرب في ممارساتها الإدارية إلى القيم الأسرية والاجتماعية الموروثة، وأن ما يلاحظ على بعض موظفي تلك الجهات التقاعس وعدم الالتزام بساعات العمل الرسمية والضعف في الإنتاج ، في الشكوى الدائمة ولا يرضيه شيئ ، ويقدم الاعذار ولا يتحمل المسؤولية حين الخطأ، ولا يبدي حماساً حين التكليف بعمل او مشروع ، ولا يقوم بأي مبادرة، عدم استثمار نفسه او تنمية مهارته ليطور نفسه ، لايحب العمل الجماعي ولا يساعد الاخرين ، ويدعي اعراض امراض مختلفة غير حقيقية ، وخلق حجج وهمية للهروب.
 إن الموظف الذي يكتفي بوضعه المتمادي هذا و لا يعمل على تطوير نفسه و السعي المستمر وراء الفرص التي تزيد من نموه و تطوره الوظيفي إلى جانب دفعه نحو الأمام في مسيرته المهنية سيعرض نفسه لخسارته حالة الأتزان الهشة التي هو فيها. لعدم امتلكه رؤية واضحة لحياته المهنية او إستراتيجة و جدول زمني لتحقيق التقدم و بالإضافة إلى عدم تقيمه التقدم الذي أحرزه في مجال ما بإعتماده على تلك الإستراتيجية وفق جدول زمني. ليتعلم و يطور لذاتيه في هذا الزمن في حين من الواجب عليه أن يزيد من إطلاعه على أحدث الأدوات و الأساليب و التكنولوجيات في حقله و عليه أيضا التعاون مع زملائه لفتح المجال أمام الموظفون الماهرون الذين يبحثون عن الطرق الصحيحة لنموهم و تطورهم الوظيفي بجد أكثرليستفادوا منهم .
 يحرص الموظف المتميز والجيد ليكون ملتزماً ودقيقاً في أعماله ومواعيده، ومن اهم مميزاته الوظيفية  المثابر والحريص على اداء العمل ،سرعة فهم واستيعاب كليات وتفاصيل العمل بالإدارة والوظيفة التي يعمل بها ، إتقان المهام الوظيفية الخاصة بالوظيفة وفق معدلات الأداء المستهدفة المساهمة المستمرة في تطوير العمل بالوظيفة ومجال العمل ،الإبداع والابتكار والتسابق المستمر، الإخلاص وقوة الانتماء للمؤسسة والإيجابية والتفاعل مع تحديات ومشاكل العمل بالمؤسسة ،ويعرف أنّ جدول العمل غالباً ما يكون مليئاً بالنشاطات والمواعيد، فيخلق جواً إيجابياً في بيئة العمل، ويُحافظ على مهنيته ويُفكر فيما يقول ويتصرف أثناء تواجده في العمل، وعدم شغل أو استغلال وقت العمل في أيّة أعمال أخرى خاصة ، وان يكون مهيئ لاعداد نفسه  وذاته بمقومات يحملها لمدلول فكري ويتمتع بروح التعاون والتفاؤل ويحمل كم معرفي الذي يؤهله الى المسؤولية حتى يكون ذات تحركات مدروسة وصحيحة ليرقى الى المسؤوليات الاعلى في المستقبل والمثالية وحدها لاتكفي ليتحقق النجاح بالعمل مالم يكن مصاحباً لها قدرة وعطاء متميز حديث يقدم كل جديد ومفيد  لإنجاز الأعمال المناطة به بكل همة واقتدار و لاشك ان عدم كفاية التعليم وتطوير المهارات يوقع مسيرة العمل في حلقة مفرغة من الضعف في الانتاجية  المتدنية .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي                                                               

278
بالوطن الخالي من الفساد يتحقق الاصلاح
القيادات الحكومية التي هي على قمة المسؤولية في العراق  قادرة على تغييرالأوضاع بشكل كبير لو عملت عليه بحس وطني بفك التداخل بين أجهزة الدولة  "رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلسالقضاء الاعلى "، والحكومة باستقلالية بعيداً عن التأثيرات الكتلوية وإعمالالقانون دون تمييز ، وحيادية المؤسسات العسكرية والأمنية و الانتماء الإيجابيللوطن يحتم على الجميع  أن يعملوا مخلصينعلى الخروج من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والشعور بالقدرة والكرامة والاستقلال ،واعطاء الدور الرقابي للإعلام السلطة الرابعة و بضوابط مهنية صارمة تساعد علىاستيعاب عملية التغيير والتقليل من الآثار الجانبية السلبية التي تصاحب برامج الإصلاحالهيكلي والاخلال بها تكون سببا من اسباب إضعاف هيبة الدولة وتضخم مشاكل الحكومة ومؤسساتها، ولهذا السبب ستبقى هذه ألاجهزة أضعف مما يجب ان تكون عليه للقيام بدورهاالصحيح القادر على الإصلاح والتطوير ومحاربة كل الظواهر السلبية وعلى رأسهاالفساد،"الذي اذا تجذر على الصعيد الأخلاقي، تختفي النظرة إلى العمل بوصفهالحاجة الحيوية الأولى للإنسان بل وتهتز نظرة الناس إلى الإخلاص والأمانةوالنزاهة، وعلى الصعيد السياسي والاقتصادي تتجذر النظرة إلى كون من يملك الماليملك السلطة، ومن يملك السلطة يملك المال، مستغلين مواقع المسؤولية لتحقيق مزاياومكاسب تخالف القوانين والأعراف السائدة في المجتمع، وإذا كانت دوافع القراراتالاقتصادية تحقيق مكاسب آنية ضيقة لكبار المسؤولين وأسرهم وأصدقائهم، عندها يفقدالنظام السياسي شرعيته،" ولاشك ان تحديد دور ومسؤوليات القطاعات المختلفةالمكمل للدولة والعمل على دعمها جميعا للقيام بواجباتها يضمن حسن أداء العمل ورفعالأداء وتطوير أدواته و الحقوق في الوطن لا تؤدى للحكومات بل تؤدى للوطن،والحكومات في عمر الاوطان ترحل وتتغير، ونهجها ووجوهها أيضاً تتغير وتتبدل، أماالأوطان فلا وهي باقية ومنزهة لأن في صونها مصلحة عامة تتجاوز ظروف آنية وقراراتإرتجالية أو خاطئة.إن المرحلة التنموية والإصلاحيةالحالية والمستقبلية تحقق أهدافها لو عملت المؤسسات بشكل واضح وصريح وقوي و بشكلجاد وعاجل في فهم العلاقة بين الدولة والحكومة، وفصل التداخل بينهما، وأن تحددالمسؤوليات والصلاحيات والأجهزة والأفراد المرتبطين بها وفعالة  على وجه الخصوص، لتحقيق تنمية مستدامة بوتيرةسريعة بشرط ان تكون قوية وقادرة على استشراف المستقبل ، لتكوين علاقة ظاهرة وباطنهبالمعنى الشمولي بقول وفعل وسلوك ليتطور المجتمع الذي نعيش فيه ويرتقي ذلك من خلالتنظيم المجتمع الذي نعيش فيه ويكون نوعاً من أنواع تحمل المسؤولية المشتركة لتحقيقمجتمع افضل ومتقدم.كما في ظل وطن غير امن لا يمكن انتكون اصلاحات و لن تتم أبدا بدون تكلفة وتضحيات لاختراق الادارات المنحرفة وإلأ فيظل دولة الحقوق والحريات، أو دولة العدالة الدستورية، أو العدالة الاجتماعية، أوأي مصطلح يتفق مع حلم الدولة العادلة التي تُزيح الاستبداد، تديرها نخب سياسيةكفوءة وبتخصصات إدارية مختلفة وخبرات ناجعة في مؤسسات الدولة ويعملون بروح الفريقالواحد المنسجم ليعدّون خطة استراتيجية لتحقيق أهداف الدولة بعيدة المدى "خمسية وعشرية وهلم جرا "وخطة تكتيكية تحقق أهداف قصيرة المدى لا تتجاوز السنةالواحدة  ذات مرونة عالية يُمكنها إجراءتعديل على كل الخطط والبرامج المعدة سلفاً لتنسجم مع التغيرات السياسيةوالاقتصادية المتأثرة على نحو مباشر بأحداث داخلية، وتسمح للرأي السياسي والفكريبالتعبير عن ذاته، وتضمن قواعد قانونية ودستورية لحقوق الفرد ومساواته أمامالقانون المنصف، وتحقيق الرفاه الاقتصادي له، بروح فعالة وثابة ملتزمة وقادرة علىالإقناع، و القدرة على استيعاب جميع الآراء وبناء توافق فيها، ولها قابلية التواصلالجيد، والقدرة على تحفيز العمل الجماعي، والمرونة والتخلص من الجمود، وقبولالمسؤولية  التغييرية علاوة على المساءلة،والصدق، والتشجيع على الاستقامة والنزاهة في الحياة العامة، وتقديم المصلحةالوطنية على المصلحة الشخصية فالقائد الفذ لا يحتاج إلى مجرد رؤية واضحة وقابلةللتحقيق في ما يتعلق بالأهداف المنشودة، بل يحتاج أيضا إلى القدرة على تجاوزالتطلعات الشخصية والنظر إلى مصلحة الدولة في الأجل الطويل، ويحتاج من ثم إلىالعزيمة اللازمة لأن يترك إرثا يتضمن مؤسسات قوية، علاوة على تهيئة بيئة مواتيةتمكن الآخرين من السير على خطى الاسلاف بعد ذهابهم.  لا يمكن أن تتحقـق التنميـة المسـتدامة في منـأىعـن السـلام والأمـن؛    كمـا أن انعـدامالتنمية المستدامة يعرض للخطـر اسـتتباب السـلام والأمـن ،والمجتمع آلامن يعني وطنآمن، فالخطورة تكمن بالسيطرة على المجتمع دون الحث في رفع نسبة التوعية الأمنيةعنده ليُجنبه الكثير من المخاطر على المدى البعيد والقريب وهي حاجة مُلحة وضروريةفي ظل مخاطر واضحة العيان، فالعديد من الاختراقات سواء بشرية، اخلاقية، أمنيةمستمرة في ظل الظروف الاقليمية التي تنعكس على المستوى الداخلي، وذلك يرجع الىالاختلاف الذي أصبح موجود بين أفراد المجتمع على جميع المستويات ثقافية، اجتماعية،اقتصادية، سياسية، ودينية وأخلاقية.ولكن بوجودالتنمية من الممكن  إنهاء الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.وتجاوز  المخاطر والصعاب ، بالتحديات.وسيتطلب ذلك أيضا أن تفعل ما في وسعها في كل مجال من مجالات التنمية سواء في الصحةأو التعليم أو الطاقة أو أي مجال آخر لنهوض بمجتمع  عادل مسالم وشامل للجميع لا تقصي  اي مكونمن مكوناته  من خلال بناء مؤسسات فعالةوقابلة للمساءلة وشاملة للجميع على كل المستويات وتُسهم في الحفاظ على تماسكالوحدة الوطنية وتعمل على زيادة تقوية أركان الدولة وتحفظ عقول فئة الشباب وتحققمفهوم جديد في الأمن الفكري الذي يهدف الى إصلاح الخلل في البنية الفكريةوالثقافية في المجتمع الذي أصابه الوهن والتخلف في السنوات الماضية ..عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

279
حسن الخلق و الخيارات المفقودة
خسارة الانسان‏ ليس بالامر الهين والفقدان الم ووجع يصيب الافراد المتبقين منهم و يُولد ابن ادم ليجد نفسهُ في عالم يتوقع منه الكثير ويفرض عليه الكثير، يجدُ نفسهُ ضمن جماعة لها عاداتها وتقاليدها ويتربى كل مولود وفق تلك القواعد الإجتماعية الخاصة... وتختلف الأُسر في تنشئة ابنائهم، و هنا لاشك فيه مهما يكون التمايز والإختلاف الثانوي بين الأفراد حتمي لا محال ، اوثمة شكلٌ عام يتشابه به الجميع، ،ولكل فرد ذاته المُتميزة، و الخسارة الحقيقية تكمن في سماتها التي تتمثل في  : خُلفُ الوعد، ونقضُ العهد، وإبطالُ الميثاق، والإفسادُ في الأرض ببثِّ الشُّبُهات، وإثارة الشهوات ورعايتِها هي أكثر للنفس شيوعًا، تضاف لها فقدان الإنسان لذاته بسبب زيادة الملذات التي تسيطر على خلقه ، وبحوزته ما قد حفظه وفهمه من تجارب شخصية ودروس نظرية تعلمها من التجارب اليومية السيئة ومن شتّى المصادر، تتدفعه في عيش الحاضر ومُحاولة العيش قدر المُستطاع ليوكب" العصر" كما يشاع ، بشكلًا خارجيًا مجبراً علية مع مقتضيات الوضع الاجتماعي الذي بات أمرًا غالباً ومألوفًا في حياة البعض وبرغبة مُلحة في نيل رضى وقبول ومحبة الآخرين فقط ، و الإنصهار الخاطئ بالمجموع وفُقدان الثقة بالخيارات الشخصية..قد قال سبحانه وتعالى-: (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) البقرة: 27].ولكن ليست خسارة المال والمنصِب أو الوظيفة أو التجارة، الخسارة الحقيقية انما هي خسارة باقية الآجِل، ومتاعُ الدنيا ليس مِقياسًا للرِّبح والخسارة؛ فكم من رابحٍ في الدنيا وهو خاسرٌ في الاخرة ، وفي القران يقول سبحانه وتعالى : (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الزمر15: ،
"المعطي" من أسماء الله الحسنى، ويبقى حاملا أثره الطيب في حياة أناس يعرفهم صاحبه، وهذه ربما أجمل أشكال العطاء،والمعطي سبحانه هو الذي أعطى كل شيء خلقه وتولى أمره ورزقه في الدنيا والآخرة، وقد قال الله تعالى عن موسى عليه السلام وهو يصف عطاء الربوبية: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (طه: 50). وقال تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى}(سورة الضحى 5)، ويعتبر العطاء واحداً من أجمل الصفات التي تتواجد عند الإنسان والعطاء من دون مقابل سلوك إنساني كبير، وبقدر ما يمارسه الفرد منا بقدر ما ترتقي مكانته الإيمانية، ولكن طبيعة العصر الذي نعيش فيه ومتطلباته المتناثرة بكل الاتجاهات تجعل الصمود في التمسك بتلك الممارسة الفاضلة أمرا شديد الصعوبة، لكن المسألة تبقى نسبية بين الأفراد كل حسب قناعاته ودرجة إيمانه ،الشخص السوي الذي يعطي لوجه الله دون النظر للمقابل ولردود الأفعال فإن نفسه تكون هادئة لا تتأثر ولا تتعب لتغير ردود الأفعال هو يُساعد على زيادة المحبة والآلفة بين الناس وعلى التخلص من مشاعر البغض والكراهيّة.فعندما نستشعر معنى أسم الله المعطي ومعاني الآيات وإن كان لها سبب نزول إلا أنها تتواصل مع كل إنسان فيشعر بها بقلبه وجوارحه، ولابِد في ذلك.
لقد خص الله الانسان و زوده بالقوة العقلية الحكيمة التي توصله بربه و له أخلاقيات و صفات طاهرة ، يمكن من خلالها أن يسمو على أشرف الملائكة او خبيثة ينحطّ إلي مرتبة أدنيٰ من الحيوانات، و ليست إلاّ بطاعته لربّه الّتـي تكون ضابطاً و ملاكاً مستوياً و بالجملة فهو مخلوق منه بأفضل صورة و أحسن خلقة مما يجعله الأفضل من بين سائر المخلوقات التي تؤهله لعمارة الأرض وسكنتها و قضاء الله بتكريم جنس البشر لحظة إيجادهم، تكريمًا من حيث الصورة والمعنى، وقضى لهم بأسباب الرفعة والفضل بشكل مبرم: (وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الإسراء: 70)،والتفضيل كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يعرف الإنسان ربه ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله و خصّ الله الإنسان في خلقته دون سائر خلقه؛ فقد خص الملائكة بالقوة الروحية العقلية الحكيمة دون الشهوة، وخص البهائم بالشهوة دون القوة الروحية العقلية، ولم يخص الجمادات والنباتات بشيء من ذلك. والانسان له " نفس مطمئنة، و أخريٰ أمّارة بالسوء. و هو مختار غير مكره فـي القيام بأعماله و عباداته، و هذه ميزة لم تتوفّر عليها سائر مخلوقات العالم، لقد خلق الله الإنسان من طين، و نفخ فيه من روحه، و صوره أحسن صورة، و علّمه الأسماء كلّها، ثم باهي به كأفضل مخلوق. و بلوغ الإنسان أعلي رتبة المخلوقات الإلهية جعله مؤهّلا ـ من بين كلّ المخلوقات ـ لتحمّل أعباء الخلافة الربانية علي الأرض، و حمله الأمانة الإلهية، الأمانة الّتـي بقبولها و تحمّلها يمنح الإنسان الولاية علي الكون كلّه. إنّ الانسان بقبوله للولاية الإلهية، و بعيشه فـي ظلّها، و بتطبيقه للتعاليم الربانية ـ سيصل إلي أسميٰ المراتب الّتـي لم يبلغها أيّ مخلوق من المخلوقات، و فـيها بيان لأهمّية الإنسان و قيمته و محلّه من الوجود"ا وأرق النفس وأنبلها هي تلك التى تقدم الخير إلى الجميع بلا تمييز أو شروط أو مقابل! فكل ما يجب ان تهتم به هو رسم السعادة فى حياة الآخرين؛ وللعالم اجمع فمن يرحم الآخرين يُرحم، الله  ومن يُفرِّح القلوب هو أيضاً يغمر الفرح قلبه. قبل ان تأتي سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ، والاية الكريمة ( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ  (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ  (16) (المؤمنون...صدق الله العلي العظيم.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

280
العراق ... قانون تعديل الانتخابات على صفيح من ثلج
الانتخابات ما زالت حتى الآن محكومة لمنظومة السطوة والقوة الكتلوية دون مبادرة للحل والمضي الى الامام على الرغم من وجود التحديات وتفاقم الازمات المتراكمة من غير خطوات في الافق حقيقية تحد منها و حالة  مضطربة وخطيرة وعاصفة من الشعور بالغبن والغليان الساخن والانفلات وستكون هناك أيام صعبة وحبلى و من دون مراعاة حقوق المواطنة الواحدة بين الجميع ودولة المواطنة لا يمكنها أن تبنى على أسس متجزئة،او من أجل تمرير ما هو صالح لمن يسمون بالكتل الكبرى التي فشلت في ادارة الدولة ، والأحزاب رغم الحديث المتكرر عنها ما زالت غائبة  وكل المحاولات لتعديا  القانون الانتخابي لم يرى النور بعد ، الكل يعرف من دون تعديل لقانون الانتخاب بلاشك سوف يُغير قواعد اللعبة الانتخابية وحسب ما يتم الاتفاق عليه .
 البلاد ستبقى تتحرك في الهامش الديمقراطي، وسيظل اللاعبون الذين يحكمون منذ 17 عام هم أصحاب القرار الذين لا يعلوا عليهم احد ، وهم من يُديرون المشهد سواء كانوا في الواجهة السياسية، أو كانوا يقودون من خلف الستارة.
نحن نلاحظ في كافة البلدان التي تتمتع بنظم حكم ديمقراطية تكون الانتخابات لحظة للمحاسبة واعادة بناء الاستراتيجيات الوطنية ، والتعبير عن الثقة في الحكومة الموجودة من عدمها، أو عن إرادة التغيير للوضع الموجود نتيجة تقصير المسؤولين عن الحكم من وجهة نظر الناخبين في المدة الواقعة بين انتخابين. و تجري وفق قواعد مستقرة تحددها الهيئة المشرفة عليها، وتنظم العملية الانتخابية، ويمنح الناخبون ثقة منهم بآلية لترسيخ الواقع الراهن الذي يرضون عنه، أو لتغيير ذلك الذي يرفضونه، وتسود الثقافة الديمقراطية.
لا يظهر في العراق خطوات جدية يمكن أن تُغير المشهد سوى أصوات من داخل بعض الكتل وعلى مقربة منها تتحدث عن أهمية تعديل القانون   الانتخابي الحالي الذي يعاني من عيوب جسيمة وعميقة من عدم الثقة بين المواطنين العراقيين. ومن ثم يحتاج الوطن إلى التغيير الذي قد يتم تحقيقه على وجه أفضل من خلال تعديل هذا النظام نحو الافضل ولا تقاس سيناريوهات المستقبل بمدخلات متضاربة ومتشابكة بل تحتاج إلى تفكيك يعيد نموذج النظام إلى معالمه الأساسية بعمل جاد... لتكون مخرجات التمثيل الانتخابي حقيقية وتنتج برلمانا يساوي بين المنفعة الشخصية المواطن - الناخب والمنفعة العامة للدولة والتي لم يتم الحديث عن موعده بشكل ظاهرة ، في وقت مطلوب من القوى السياسية العراقية الانخراط في حوار وطني مخلص ومسؤول للتوصل إلى رؤية مشتركة لحاضر ومستقبل البلد، والحرص على تعزيز في تحقيق العلامة الوطنية والابتعاد عن المصالح ،ولم يظهر ذلك في برنامج الحكومة و لا في الكابينة الوزارية المشكلة برأسة مصطفى الكاظمي  في ظل سعي بعض الكتل الضغط  لإجراء تعديلات تنسجم مع إرادتها وتمنحها فرصة الفوز بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات البرلمانية المقبلة ولم تكرس مناقشته في اللجنة القانونية في اجتماعاتها الاخيرة بشكل متكامل والتي تضم نوابا من الكتل المعترضة على التغيير،و تشهد اختلافا كبيرا، وتتوالا الاقتراحات الخجولة التي تسعى الكتل الكبيرة لتمريرها، و لتعديل الفقرات التي تخص الدوائر المتعددة في المحافظات، في محاولة منها إلى العودة للدائرة الانتخابية الواحدة داخل المحافظة وليس الدائرة على مستوى الأقضية والنواحي الأمر الذي تسبب بالخلاف بشأنها و الكتل السياسية منقسمة لفريقين متقاطعين تجاه القانون والتبكير في اجرائها ، الأول يصر على أن يكون قانون الانتخاب وفقا للانتخاب الفردي، أي أن من يحصل على أعلى الأصوات يكون له الحق بالمقعد، وهو ما يمنح المجال للكتل الصغيرة بالحصول على مقاعد برلمانية، ويشدد الفريق الثاني برفض ذلك ويسعى إلى اكتمال الدورة البرلمانية الحالية ومن ثم يتم تعيين موعد للانتخابات لانها مصرة على البقاء في  السلطة التنفيذية في العراق لسنوات طويلة اخرى وتتمسك في  فقرة تعدد الدوائر على مستوى القضاء والناحية، تسهيلا لبقائها، وعدم الاتفاق على تمرير القانون هو مثلب كبير، في حين يبقى القانون السابق الذي صوّت عليه البرلمان مكرهاً نتيجة الضغط الشعبي، يبقى مثار جدل بين من يراه أنه يذهب بالبلاد إلى المجهول، وآخرين يعدوه بأنه نصراً لحركة الاحتجاج لكونه سيؤدي إلى تراجع الأحزاب السياسية التي احتكرت عبر ممثليها البرلمان في الدورات الانتخابية السابقة . في كل دول العالم الديمقراطي يعرف المواطنون الموعد المُحدد للاستحقاق الانتخابي، سواء أكان رئاسيا أم برلمانيا؛ إلا في العراق فهو في علم الغيب، فهل كتب على شعبنا أن يبقى البون شاسعاً بينه وبين الديمقراطية إلى هذا الحد؟ يبدو أن الاجابة على هذا السؤال لا يحمل لنا كثيراً من الاطمئنان على المستقبل.
ولا يُمكن التيقن إن كانت الانتخابات البرلمانية ستجري في موعدها أم ستؤجل؟ وهل سيُكمل البرلمان دورات عمله أم سيُحل ؟، وتترافق مع أزمة اقتصادية تشتد وتتعمق، وصراعات إقليمية تتفاقم ولا تُبشر بالفرج والقدرة على تجاوز الازمة الاقتصادية التي تعيشه بغداد في القريب المنظور وليشد ابنائها الاحزمة بعد ان مزق المجتمع إلى عدة أطراف متناحرة فكرياً ويخلق حالة من الفوضى الأخلاقية التي تعصف بمبادئ الوحدة والتكاتف والرقي والحضارة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

281
الحزن : تعبيرعن مشاعر الالم بعد الفقدان

يجبر الانسان في وقت ما الاستجابةٌ الطبيعية لفقدان شخصٍ ما أو شيءٍ مهمٍّ بالنسبة له و قد تتنوَّع المشاعر السَّلبية التي تنتابه ويشعر بالكآبة أو الوحدة كردة فعلٍ طبيعي لتلك المصيبة وتؤثر العادات والدين والشخصية على الطريقة التي يعبر فيها الناس عن أحزانهم وهو إحساس داخلي بالحرمان والأسى والوحدة. والحداد هو كيفية التعبير عن تلك المشاعر، وهي من العوامل الطبيعية والضرورية في عملية رد الفعل بعد فقدان ذلك العزيز.
بعض الناس يجاهر بحزنه وجزعه، وآخرون ينطوون على أنفسهم وينعزلون، لانه يسيطر عليهم الالم النفسي و بالشعور بالبؤس والعجز ويعد غالباً عكس الفرح مما يستوجب مواجهة الناتج عن الخسارة بصيغة مؤلمة ويستوجب عدم السماح للعاطفة بالتسلل للوعي والسيطرة عليه واتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة المشاعر وبلا شك فأن الشخص الذي لم يمر بفترة حزن كبيرة يتعامل مع  التعاسة والحزن كشعور غير ضروري أو عديم الفائدة وغير مرغوب به ولا يمكن لهذا الانسان أن يشعر بالسعادة بنفس الشدة ،وقد يتجلى في الحزن المفرط ، فقدان الاهتمام بالأشياء الممتعة، وفقدان الحافز، والشعور بالعجز التام، و تغيير السلوك، والتوقف عن القيام بالانشطة البدنية، وتغيير نمط حياته، والولوج في التفكير دائماً
دون ارادة .
 تختلف درجة الحزن باختلاف السبب وباختلاف الشخص وقابليته للغرق في نوبات الحزن، ولكنه يتحول إلى درجة أكبر عندما يكون السبب خلفه فعل كبير ويكون الحزن شديد عندما يمتد لمدة طويلة ولا يكون الشخص قادر على الخروج من هذه الحالة التي تؤثر بشكل سلبي عليه بقدر التعلق بالمفقود وهناك فرق بين الحزن والاكتئاب الذي يعد مرض حقيقي يؤثر على كيمياء الدماغ والهرمونات والحالة النفسية ويحتاج إلى علاج ومتابعة من قبل مختص في معظم الأحيان، ويتميز عن الحزن بأن حالة تحتاج الى محفز في حين ان الاكتئاب نوبة لا تحتاج لمحفز حتى يدخل الشخص فيها و تمتد لفترات طويلة جدًا تتراوح بين الأسبوعين وأكثر حسب قوة الحالة قد تستمر سنوات .
 يرسم  الحزن حالة من الغمّ والكآبة في أعماق النفس وتتحول الى خضوع ويأس في كثر من الاحيان لذلك يقول سبحانه وتعالى في  كتابه الكريم : ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 53، 54.
 تظهرمشاعر تعبيرية عن الحزن في الوجه في معظم الحالات ، ولا ينحصر عن الخسارة في موت انسان عزيز فقط ومعاناة الفاقد من الفقد وهوامر طبيعي لا بد أن يحزن ويدخل في حداد عليه حسب المعتقدات الموجودة عندنا، بل تتوسع لتشمل فقدان الحلم والصداقة والهدف في الحياة والمال والجاه او ناتج عن تراكم ضغوطات العمل، وعدم القدرة في السيطرة عليها، وفقدان الرغبة في أدائه، والفشل فيه. اوغياب التوافق العائلي، وعدم استقراره ، ووجود مشاكل كثيرة اسرية بين الزوج والزوجة والأبناء، وغياب الانسجام ، سوء الأوضاع المالية والاقتصادية، والعجز عن توفير الاحتياجات الأساسية، اوتراكم الديون، والفقر وضيق الرزق.
 قد يؤثر الحزن ايضاًعلى حياة المرء في كثير من الاحيان ويستسلم له ويصبح واقعاً  تحت تأثيره، ضعيفًا قلبًا وقالبًا، والحزن مَعلماً `ذاتيا متميزاً ودافعاً بارزاً في ذات الانسان ويبرز في حالة من التشاؤم المثيرة وقاسم مشترك بكلّ ما تنطوي عليه من آلامٍ وآمال وحصيلة ناتجة عن مجموعة من المعاناة والاكتئاب و المشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان والخطوب الناجمة عندما ترتقي الى التشائم في كثير من الاحيان وتجعله تحت ضغط نفسي يبتعد فيها عن  الراحة والطمئة ،وفي حال زاد الإحباط عن حدود معينة فإنه ينقلب إلى مرض صعب العلاج، ولو بحثنا بين أساليب العلاج الحديثة، نجد علاجًا يقترحه الباحث الدكتور: "أنتوني روبينز"؛ الذي يؤكّد أنّ الحالة النفسية تؤثّر على وضعيّة الجسم وحركاته ومظهره؛ ولذلك فإنّ الإنسان المُصاب بدرجة ما من الإحباط، تجد الحزن يظهر عليه، وتجده يتنفَّس بصعوبة، ويتحدَّث ببطء، ويظهر عليه أيضًا الهمُّ والضيق والضعف والهوان .
"أفضل حالة هي تلك التي تُسلم نفسك لقدرها وتظهر نفسك في حالة من البهجة والسرور ، وتنسى همومك، وتعيش في حالة من التأمل وانبساط النفس ، وهذا ما أمرنا القرآن به بقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) لقمان:12   فيشعر الانسان بالسكينة والطمأنينة وفلا تنتابه الهواجس والأفكار الوسواسية القهرية التي تنغص عليه حياته بذكر الله سبحانه وتعالى حيث لا محال تجعله يستشعر بالسعادة والسكينة قوله تعالى(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) الرعد28  أما من رفض فيتوعده الله سبحانه وتعالى بحياة سيئة ونهاية أسوأ-( مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً }طه 100 {- (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه124 هذه اللوحة المتكاملة ليس بإمكان العلم البشري المحض أن يوضحها و  كما جلاها الخالق عز وجل في القرآن الكريم و (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ )}الملك 14 " .
 على كل حال فأن الدموع مثلها مثل الطاقة لا تفنى ولا تستحدث.
الحزن في العالم أيضاً له كمية ثابتة تتكرر بأشكال مختلفة ومملة ولكن ليس الحزن إلا صدأ تغشىها النفس.. والعمل بنشاط هو الذي ينقي النفس ،ويصقلها ويخلصها من أحزانها. لذا يجب أن نغيير من تصرفاتنا التي ربما تسيء لبعض الناس في حياتهم من الأصدقاء والأهل . والحزن على المفقود  تقييم لعلاقتنا وسلوك حياتنا اليومية ومن يزرع الخير يجني الثمار الطيبة ولو بعد حين ، ومن يزرع الشر، فلا يجني إلأ الشر و سوف تشرق الشمس مرة أخرى في يوم من الأيام. وسوف يظهر بريق الأمل وتستأنف الحياة حتى ولو لم تكن كما عاهدتها تمامًا في الماضي ، ولا تجعلها  تؤثر سلبًا على صحتك فتنهش قلبك وتثقل نفسك بالهموم،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

282
الصناعة العراقية حضور الفساد وغياب الرؤيا
كانت الصناعة العراقية رائدة منذ خمسينيات القرن الماضي وكانت تدر مبالغ اضافية في ميزانية الدول واما اليوم فهي مريضة لانها تعتمد على  النفط فقط  بنسبة  اكثر من 95% فيجعل الاقتصاد العراقي تابعا للاقتصاد العالمي ومعرض الى تداعيات ازمات دولية متكررة وذلك لكونه اصبح اقتصادا ريعيا، يعتمد بشكل اساس على انتاج وتصدير النفط الخام، وجعل الموازنة العامة للعراق " التي تمثل توجيهات الحكومة وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية التي تنوي تحقيقها خلال السنة المالية و العمود الفقري للمحاسبة ، وفي ضوء التشريعات ذات الطابع المالي " تتأثر بشكل كبير بانخفاض اسعارهذه الطاقة المهمة التي وصلت الى بنسبة 65% هذا العام ، مما يعني ازمة كبيرة في الميزانية العامة لعام 2020 التي لم ترى النور لحد الان مقارنة بالعام الماضي بسبب التأخير في تشكيل الحكومة التي استغرقت وقتا طويلا ، و ولد خفض الاسعارعجزاً شهرياً قدره 4 مليارات دولار مخصصة فقط لدفع الرواتب والحفاظ على استمرارية عمل الحكومة ويمثل ضربة موجعة لها لعدم قدرتها بأقل تقدير على تغطية الموازنة التشغيلية واين منها حل المشاكل الكبيرة والمتجذرة في الدولة و مصير الخريجين الجدد و مشكلة البطالة ومشكلة الخدمات الأساسية الكهرباء والماء والمجاري والطرق والمواصلات والسكن اللائق للمواطن.
بهذا سوف تزداد الهزات الاقتصادية وهو ما سيضطرالحكومة إلى البحث عن دائنين للاقتراض من الخارج أو الداخل رغم تأثيراته السلبية، في حين ان الصناعة كانت تمثل المصدر الثاني لها سابقاً ورفدت ميزانية الدولة ودعمتها بالمال بنسبة جيدة ووزارة الصناعة فشلت خلال السنوات السبعة عشر الماضية بسبب عدم ادارتها بقيادة حريصة بعيدة عن الشبهات ولازالت تعاني من عدم تطورها وتلكؤها في تشغيل اغلب الشركات المنتجة المتوقف للفساد الإداري والمالي وسيطرة المنتفعين على مفاصل الوزارة بعد سلمت المصانع والمعامل التابعة للوزارة إلى شركات فاشلة نفعية وضعيفة وخرجت منها قرارات خاطئة وسط غياب الرؤيا والوضوح في استثمار المصانع او كفاءات جيدة لكن مسلوبة الارادة لتدخل جهات سياسية بعرقلة عملها بالقطاعات المهمة كمعمل البتروكيماويات والحديد والصلب بالإضافة معمل الورق التي تعد من القطاعات الضرورية للبلد وشهدت وتشهد إخفاقات مختلفة  في الوقت الحالي  .
اما الميزانيات العمومية فمنذ سنوات عاشت مراحل متعثرة وهي من أبرز الملفات التي على حكومة رئيس الوزراء الجديد، مصطفى الكاظمي صياغتها وارسلها الى مجلس النواب في اقرب فرصة  واطالة تأخير الارسال ما يمييز هذا العام اكثر من السنوات السابقة حيث سوف ننتهي من الشهر السادس والميزانية لم تظهر للوجود ، لعدم تطبيق قاعدة وحدتها، وعدم الالتزام بسنويتها، والقصور في التخطيط لها وإعدادها، والتعارض بين التوجه نحو معايير المحاسبة الدولية والاساس المتبع بموجب التشريعات المحاسبية ، والقصور في الإبلاغ المالي عنها، ونتائج تنفيذها، كل هذه الحواجز تعرقل انجاز الموازنة  بالشكل الصحيح بكل مراحلها الأربع، “مرحلة الاعداد والتحضير ، ومرحلة الإقرار ، ومرحلة التنفيذ ،مرحلة الرقابة عليها من قبل الرقابة المالية والتي يمكن التعامل معها بعقلية اقتصادية وبشكل مؤقت و هناك عدة سيناريوهات أو طروحات للتعامل مع هذه الأزمة من بينها تخفيض الإنفاق على المشاريع الثانوية، ووقف تسديد القروض الدولية للعراق من خلال تحرك سياسي ودبلوماسي بالتراضي مع تلك الدول، فضلا عن فرض نظام ادخار إجباري على اصحاب الرواتب العالية دون اصحاب الدرجات الفقيرة والمتوسطة   على ان لا تؤثر على ميزانيات هذه العوائل والتقليل من السفر الغير الضرورة لرئاسات الثلاثة والوزراء والمسؤولين واعضاء مجلس النواب وتحجيم مصروفاتهم على ان لا تزيد عن 20% من مجموع المصروفات السابقة .
العراق لا يخفى على احد يحتل موقعاً جغرافي من الاهمية الاقتصادية والاستراتيجية في الدراسات الدولية ومثل  قلب المنطقة وحلقة وصل بين القارات من ناحية الطرق الجوية و لو نظرنا لهذا الموقع العميق له جغرافياً لتضح ان له اطول الحدود البرية مع هذه الدول وهي من السمات والخصائص الجغرافية التي تميزه مع دول الجوار من الناحية التجارية والتي تواجه اليوم تحديا هاما يتمثل بصعوبة تسويق البضائع المصنعة محليا الى الاسواق الدول الاخرى و أضحى البحث عن ايجاد المنتجات العراقية في أسواق البلاد  جزء من الخيال لعدم حماية الدولة للمنتج المحلي و ضغوط المنتجات المستوردة الرديئة خلافاً لشروط البنك الدولي عند اعطاء المنح والذي حدد شروطاً قاسية منها أن تكون مواصفات المواد التي نتعاقد على شرائها ذات جودة عالمية، وأن تدخل الشركات المحلية سواء كانت تابعة للقطاع الخاص أو العام في تنافس مع الشركات الأخرى وفق مبدأ الجودة والتنافس على الأسعار ولكن كيف تتنافس الصناعة الضعيفة هذه وهي يراد لها ان تكون مشلولة  اساساً ولا وجود لها اصلاً  .
لقد كانت الصناعة العراقية تشكل ثقلا في حجم الدخل القومي، والأفضل بالمقارنة مع دول الجوارفي تلك السنوات ، واليوم خلا العراق من أي مصانع رصينة في مجال المنتجات النفطية والالبان والملابس والزيوت والدهون وصوابين الغسيل والمفروشات وتوقفت غالبية مصانع الغزل والنسيج  المشهور في البلاد في حين ان 90% من جميع ما يلبسه العراقيون أو يلتحفون به وما ياكلونه هي منتجات أجنبية فقط ولو كشفنا فقط عن حجم الاستيراد العراقي للمحاصيل الزراعية، للاعوام القليلة الماضية لشهدنا استيراد محاصيل زراعية لا تقل قيمتها عن 12 مليار دولار كل عام، رغم التراجع في السنتين الاخيرتين بسبب وفر الامطار التي منى الله بها علينه ولعلة الاسبب الاساسي هو عدم وجود استراتيجية  صناعية و زراعية لدى الدولة ، والافتقار الى سياسة التسويق  وصناعة التعليب التي تحتاجه الكثير من المنتجات الصناعية وتؤدي إلى ان يتم  تصدير المحاصيل الزراعية بواسطتها.
ان لرفع المحتوى الحقيقي لقطاع الصناعة في العراق والفرص المتاحة في تحسين اقتصاد العراق، في الامكان وضع الأساس للنمو والتنوع لضمان مستوى معيشي ذي مقاييس عالية للشعب العراقي ويمكن اعادة هيكلية وزارة الصناعة  و الشركات التابعة لها  للعمل في بيئة السوق التنافسي وخصخصتها معتمدة على الاستثمار في هذه الشركات اما عن طريق المشاركة أو الايجار أو القروض المسهلة و المنح من الأهداف البعيدة المدى للتنمية الصناعية والأدوار التي يبحث عنها العراق لتحقيق التنمية والاقتصاد يمكن العمل عليها بمساعدة التكنولوجيا المتطورة لتحقيق النوعية الجيدة للحياة في العراق و الفرص الاستثمارية في العراق وخصخصة الشركات المملوكة للدولة وتقديم التسهيلات الضرورية للقطاع الخاص يمكن العمل عليها لو اخلصت النوايا،ولكن أن الفساد الإداري والمالي المستشري من اعلى الهرم الى اسفله منذ عام 2003 اذ تحول الاقتصادي العراقي من اقتصاد شمولي تديره الدولة وتحكمه قرارات السلطة المركزية ، الى اقتصاد يعتمد على الية السوق، التي تمنح القطاع الخاص دور القائد للنشاط الاقتصادي فضلا عن الانفتاح وتحرير التجارة. وساهم في تدمير القطاع الصناعي في العراق ومن مصلحة الدولة اعداد برامج متكاملة وسريعة لاعادة هيكلة الوزارة في اول الامرلتخطيط استراتيجية عملها وضخها بعقول نيرة وخيرة وكفوءة اصحاب خبرة بسرعة وابعادها عن المحاصصة والاحزاب السيئة التي لم تجنى من ورائها سوى الحنظل والخراب والعبث و انهاء العديد من العقود مع شركات غير الرصينة وغير المنتجة وفيها شبهات فساد واضحة، ثم اطلاق عقود جديدة وفق رؤية جديدة مع شركات قوية وبشروط تخدم المصلحة العامة وتعتمد على نقل التكنلوجيا وخطوط الانتاج وتدريب العمال ،والحاق بالدول المجاورة على الاقل واعداد البرامج التي تؤدي الى انتعاش الصناعة العراقية بعد ان اصبح العراق سوقًا استهلاكيًا كبيرًا ونهمًا، مما يثير العديد من الابهامات و علامات الاستفهام عن الأسباب الحقيقية وراء الكثير من الكوارث التي تحصل بين حين واخر وتشهدها البلاد. إن الوضع الاقتصادي مقلق ومبهم خصوصا وأنه يمر بظروف سياسية مهبطة نتيجة اختلاف الكتل السياسية على المناصب ، وعدم تحقيق المطالب التي تلبي  حاجات المواطن ولا  يتم معالجة الوضع المؤسف هذا إلأ بنظرة جدية  للاقتصاد وتغيير أسلوب إدارة الدولة بشكل يليق بمقدرات وقيمة العراق .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

283
الحوارالامريكي -العراقي المعطيات و التوقيتات
لم نكن متفائلين بالحوار مع الولايات المتحدة اساساً والذي انتهى ولم نسمع له قريع و يفترض ان يكون متوازناً وان لا يكون مردها محاولة للتهرب من أي التزامات وبمرحلة أولية تتعلق بتبادل وجهات النظر والأفكار والمعلومات بين الطرفين المشاركين فيه وبمعالجات وحلول تهم الشعب العراقي وان لايكون بعيداً عن ارادة الشعب دون توقيتات حقيقية لسحب قواتها فهل كان الحوار بمسؤولية وطنية من الجانب العراقي وما هي المخرجات ؟
لقد رسمت الإدارة الأمريكية سياستها واستراتيجيتها في العراق منذ البداية تحت مفهوم أسلحة الدمار الشامل لسنوات طويلة ولا يغيب عن المراقب والمتابع أبداً أن الطاقة والنفط العراقي كان الهدف الأكبر للسياسة الخارجية الأمريكية والاعداد للحرب بكل الوسائل الممكنة للسيطرة على البلاد والعالم كان على معرفة تامة بهذه الخطوات وأن  تلك المقولات والممارسات لم تكن إلأ بعمل سياسي واعلامي مبرمج على مدى طويل لتمرير سياستها في العراق، وتحولت من محاربة التسلح النووي والكيميائي إلى ساحة حرب ضد الإرهاب بعد الاحتلال في عام 2003ورغم ان هذه الخطابات لما تصل في الكثير من الاحيان للتعاون الفعلي على أرض المعركة مع القوات المسلحة . بل وقفت قواتها في دعم المجموعات الارهابية في الكثير من الاحيان واطلقت العنان لهذه المجموعات الشريرة للتواجد على ارض المقدسات و، شعارات محاربتها قامت بترديدها وفقاً للسياسة الأمريكية في السنوات الاخيرة من أجل تبرير السلوك السياسي الأمريكي لتمديد تواجده في العراق على أساس الانهيار السريع للنظام وفي محاولة اختراق الفسيفساء الاجتماعي والعرقي والديني الذي فاشل ولم يستطيع اختراقه إلإ الشذوذ ممن باع نفسه بثمن بخس وضمير ميت  لربطه به ولتحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي الاساسي بكل سهولة وهو البقاء ومن ثم استثمار سياسة فرق تسد والتشبث بهذه النظرية والسيطرة على خيراته وجعلها من الاهتمامات الاساسية عندها لاضعاف البنية الاجتماعية الهدف السياسي الرئيسي في كل خطوة تخطوها حتى وإن كانت هذه السياسة تسبب في فقدان اخر نقطة دم عراقي وجعلتها تتعامل بخطة مزدوجة سياسية- عسكرية لم تأتي بأكلها لها لترسم من خلالها "إنهاء أي تهديد للتواجد الامريكي" ترافق هذه الخطة حركة دبلوماسية و اقتصادية بعمل سري لإنهاء أي نشاط يهدد قواتها، كما تعمل على فرض عقوبات على شخصيات معينة. وتقوم بين فترة واخرى بمراجعة سياستها دون تعديل الأهداف الأساسية المتمثلة في حماية مصادر الطاقة الأساسية في المنطقة والمحافظة على دعم ثابت للكيان الصهيوني .
وهي على علم ومعرفة من أن القيام بدعم دولة العراق المستقرة والصديقة، لا يصب في مصلحتها المستمرة والطويلة الأمد، وفي مقابل ذلك تعتقد بأن اضعاف الارتباط بين الولايات المتحدة الامريكية وجمهورية العراق سوف يسفر عن سعي الاخيرة للتوصل إلى ترتيبات لدعم مالي واقتصادي قوي، مع دول اخرى ترتبط بهم وتخرج هي خالية اليدين من دون حمص، مثل الصين وروسيا وتركيا واكثر الدول الاوروبية  والجمهورية الاسلامية الايرانية التي تشترك معها اجتماعيا واقتصاديا وثقافياً وهما جارتان قديمتان وبينهما روابط وعلاقات طبيعية وتاريخية متجذرة وقوية و وثيقة في كل النواحي  وبحدود طويلة تقدر 1400 كيلومتر بينهما ، لذلك فمن مصلحة الولايات المتحدة "كما تعتقد "
الاستمرار بالتواجد لاطول فترة ويتطلب مواصلة  كل الجهود للعكاز على شماعة المساعدة القتالية في العراق والاحتفاظ حتى لو كانت بقوة صغيرة من المستشارين العسكريين للمساعدة في تدريب وتطوير الإمكانيات العسكرية ليستطيع الدفاع عن نفسه امام المجموعات الارهابية التي انكفأت واشنطن مثل الام على ولدها في تقديم الدعم المادي والمعني لهذه العصابات بين حين واخر ، في حين يمكن للولايات المتحدة أن تدعم العراق  بالاتجاه الصحيح لابعاده عن  المنازعات والتوترات الاقليمية  كي يكون ميسراً على السياسيين العراقيين ورجال الأعمال ومسؤولي الأمن الحفاظ على نوع من العلاقات البناءة معها بعد ان كلف  التدخل الأمريكي آلاف من جنودها وقواتها وعشرات الآلاف من العراقيين وتحطيم هيكلية الدولة بتعمد وقصد و أخطاء أخرى مثل حل الجيش العراقي والقوات الامنية ، والفشل في حماية البنية التحتية وسرقة الاموال من الدولارات والمسكوكات الذهبية من البنك المركزي و النهب و خلق الفوضى، وكما يعتقد المحللون و الرأي العام الأمريكي معهم ان الشعب  فقد الثقة بالقيادة السياسة نتيجة الأوضاع في العراق" وغير مستعدين لتحمل تبعات الحروب بسبب حجم الخسائرالبشرية الأمريكي والتي بلغت اكثر من  الأربعة آلاف جندي في العراق والمئات في افغانستان والعشرات في سورية  ، وان البيت الابيض عليه ان يتعلم جيدا مما حصل لها في هذه البلدان  ليكون الدرس الرئيسي الأول بالحيطة والحذر في المستقبل إذا رغب في احتلال اي بلد اخر او احتلال دولة ما و خاصة في الشرق الأوسط فسيواجه صعوبة كبيرة في الحصول على الموافقة في البقاء بذلك البلد وبلاشك  ان الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق قد بلغ من السوء بسبب هذه السياسيات بحيث لايمكن اصلاحه بحلول ترقيعية بل حلول جذرية وتستغرق من الوقت والمال الكثير في ضوء الفساد الذي ينهش بدنة الدولة و يتطلب اعادة النظر بالعملية السياسية برمتها ، كاجراءات وقواعد وشخوص . وقد آن الاوان لتجديد النخبة السياسية وضخها بدماء وعناصر فاعلة ذات خبرة ودراية بشؤون الدولة  ومشهود لها بالنزاهة والامانة اجتماعيا .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

284
استقطاعات المتقاعدين  يشعل غضبهم 
تشهد الطبقة المسحوقة من المتقاعدين العراقيين اكبر مظلومية في التأريخ يندى لها جبين الأنسانية فالتسارع الى الاقتطاع من لقمة عيشهم بدل ان ترسم بسمة على شفاههم وقطع الأرزاق ومحاربة الناس بلقمة عيشهم سياسة ظالمة تهدف لقمع الآراء وكتم الأفواه وتحويلهم إلي مجرد قطيع بلا أي تفكير أو رأي ، فالقضية ليست مجرد قضية رواتب المتقاعدين القضية اكبر من ذلك بكثير ، فهي قضية أخلاقية من الدرجة الأولى تدل على سياسة قمعية . ولا بد من ان تولد سخطاً عارماً الذي قد يسببت في التعجيل  بسقوط المبادئ في اي لحظة لان هذه  الخطوة كشفت ضعف الحكومة وعجزها عن مواجهة الازمات ، وتخليها عن وعودها بهذا الصدد فبعد ان خدمت هذه الطبقة وافنت شبابها  في الخدمة الوظيفية يكون حصاد عمرها راتب هزيل لا يكفي مصاريف لشهر واحد بينما يتقاضى اصحاب الحصانة و السيادة الملايين من الدنانير شهرياً وتحت ذرائع وابواب ما انزل الله بها من سلطان من السحت الحرام بلا قياس ولا ثوابت ولا ضوابط ، ان من المعروف والملزم من الحكومة بعدم تخطي القوانين العادية إلأ بعد دراسة مستفيضة كي لا تعطي نتائج معكوسة بحق المواطن فكيف يحق لها تجاوز الدستوروتعديل قانون التقاعد الموحد الذي شرع في داخل مجلس النواب باصدار قرارات مغاييرومجحفة بحق طبقة مهمة من المجتمع ويشعرون بالحرمان والذل والمهانة .
أن استهداف هذه الشريحة المظلومة منخفضي ومتوسطي الدخل والموظفين وذوي الشهداء والسجناء السياسيين هي خطوة خاطئة ينبغي اعادة النظر فيها بالسرعة الممكنة قبل تفاقم الامور وهم يغلون غضباً نتيجة الاجراءات  الظالمة التي شملتهم بالزحف على رواتبهم البائسة في خطوة فاضحة من قبل مجلس الوزراء في ١/٦/٢٠٢٠ترفضه المادة (14) من الدستور ومواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان. وهو معني اليوم بمراجعة قراراته الانية وادارة الازمة المالية من خلال استرداد الاموال المنهوبة من الدولة والسيطرة على المنافذ الحدودية بشكل كامل والملف النفطي وشركات الاتصالات فضلا عن اجراء تخفيض حقيقي في رواتب الدرجات الخاصة.
رئاسة مجلس الوزراء  معنية بمراجعة مثل هذه القرارات المجحفة وادارة الازمة المالية بحكمة ومن خلال استرداد الاموال المنهوبة من الدولة ومحاسبة الناهبين والسيطرة على المنافذ الحدودية  والموانئ والمطارات والكمارك بشكل كامل ومباشر واعادة النظر في الملف النفطي والعقود السابقة والحالية وشركات الاتصالات فضلا عن اجراء تخفيض حقيقي في رواتب الدرجات الخاصة، ناهيكم عن عائدات الغاز وبنزين الطائرات والنفط الأبيض والنفط الأسود و الإيرادات غير النفطية التي تغطي رواتب الموظفين لسنوات وتوفر الخدمات لجميع المدن والمحافظات وقطاعات الدولة مع حماية المنتجات الوطنية اسوة بدول العالم المتطورة التي تحافظ على اقتصادها وتسعى الى تطويره واسنادها بجملة من القوانين والاجراءات التي تمنح المنتوج حرية الانتشار في الاسواق عوضا عن المستورد الذي يباع باسعار زهيدة، علما ان الدول التي تصدر منتجاتها الى العراق تعمد الى خفض اسعار منتجاتها كي تكسب المستهلكين، لذلك من الضروري تشجيع المنتج الوطني ، والبحث عن حلول سليمة ومعقولة غير مرتبكة ومستعجلة وغير مدروسة لحل مشكلة الأزمة الأقتصادية والمالية وعدم اغراق العراق بديون ﻻسبيل له للفكاك منها، وقطع دابر المفسدين  اللذين يمرحون في مؤسسات الدولة بحرية ، من المؤسف ان تتجه الحكومة  الحالية دون مبرر ووجود صيغة قانونية  لقطع رواتب المتقاعدين خصوصا من ذوي الدخل الواطئ او المتوسط من اجل معالجة ازمتها الاقتصادية ولان فلسفة تعظيم موارد الدولة لا تعني اضعاف قدرة المواطن المعيشية فرواتبهم ليست موانئ او منافذ حدودية او اموال مهربة، في الوقت الذي كان ينبغي التفكير في تحسين مستواهم المعيشي وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الشريحة الكبيرة في حين ان  ضعاف النفوس يعدون العدة ليتطاولون على المال العام ويتقبلون الرشوة ويبتزون الناس بحيث يصبح الفساد الإداري سرطاناً ينتشر في زوايا مؤسسات الدولة كافة. ،فبهذه الخطوة الغير منصفة فقد خالفت الحكومة لأحكام المادة (28) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي تنص على انه (لا تُفرض الضرائب والرسوم، ولا تُعدل، ولا تُجبى، ولا يُعفى منها إلا بقانون) ألم تجد الحكومة المؤقتة غير هذه الشريحة المتفانية الكادحة لتبدأ باصلاحاتها المزعومة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

285
الاستراتيجية الامريكية—والسيادة الوطنية العراقية
أياً كانت حقيقة نوايا الولايات المتحدة الامريكية،للضغوط التي تمارسها من خلال توجد قوّاتها على الحكومة العراقيّة لكي تحصيل موافقتها على اتّفاقيّة اياً كانت تسمياتها يعكِس “تقزيمًا” للعِراق وإهانةً للعقل البشريّ فيه، فالغزو ومن ثمّ الاحتلال، لم يتمّا بطلبٍ عِراقي، وجسّدَ عُدوانًا قام على ذرائعٍ كاذبةٍ، والمؤدّية إلى محاولات لفقدان العراق سيادته الوطنيّة ، وقبوله بالذلّ والهوان . وبغض النظر عن ما سوف تنتج عنها المباحثات التي من المؤمل اجراءها خلال الايام القادم مع الحكومة العراقية حول استراتيجية وجودها من عدمه في العراق، وما إذا كانت صادقة في نواياها وحازمة في خيارها، ومصرة على تنفيذ اجنداتها، والحكومة العر اقية غيرعابئةٍ بالعقوبات ولا خائفة من التهديدات، ولا تقلقها التصريحات ، ولا تعنيها المواقف وردود الفعل الأمريكية، ولا تبالي بالتصريحات الغير مسؤولة، وتصر على المضي قدماً في فرض قيود التنسيق الأمني الذي يهم مصالح بلدها وفك وبراثن الارتباط معها ، اوحبك عقدها بطريقةٍ تجعل من الحكومة الحالية عيننا لها، وأذناً تسمع وتراقب، وتدون وتسجل، وتضبط وتقمع، وتضرب وتبطش، وتعتقل وتعذب، وتسيء وتظلم.
وأياً كان الدافع وراء هذه المباحثات والنتائج التي سوف تخرج منها، الذي أخذته بنفسها بناءً على قناعاتٍ راسخةٍ، وحقائق دامغةٍ، أو نتيجة يأسٍ وقنوطٍ، وانسداد الطرق و هذه الاتفاقية يجب ان لا تكون مؤامرة للهيمنة على العراق واستغلاله كقاعدة للانطلاق منها لمهاجمة الدول الجارة  في نهاية المطاف بتاسيس قواعد ومعسكرات طويلة الامد كما هي في العديد من البلدان العربية القريبة مثل قطر والسعودية والبحرين كقصد للحماية البقرة الحلوبة مقابل المليارات من الدولارات . ومن هذا المنطلق يرى بعض المراقبين في المفاوضات الجارية حول الاتفاقية الاستراتيجية الأمريكية-العراقية كمؤشراً لحرب بالوكالة في العراق بين الولايات المتحدة وبعض دول المنطقة التي لنا معها اوثق العلاقات ووقفت الى جانبه في الشدائد في تقديم الدعم المعنوي والمادي ولنا معهم روابط تاريخية واجتماعية متأصلة لا يمكن فكها بسهولة .
 وقد تمتلك الكتل الموجودة في البرلمان العراقي، والتي تعارض الاتفاقية موضع النقاش في الوقت الراهن، من القوة السياسية ما يكفيها لإفشال اي نوايا تحاول ان تفرضها في الاجتماعات القادمة اذا لم ترتخي امام مطالب القوى المنبطحة والعميلة. ويجب ان  تخضع لسلسة سريعة من المناقشات والاقتراحات المضادة وعدم الاغفال عنها لان هذه الاجتماعات مصيرية ومهمة للاجيال القادمة لترسم مستقبلهم  ، لاسيما ما يتعلق بالبنود التي قد تثير حساسية خاصة مثل تلك المتعلقة بالمرونة التشغيلية للقوات الأمريكية في العراق، وتقليص تلك المرونة بالشكل الذي يمكن من خلاله تحديد مَن هم الذين يجب أن تقاتلهم القوات الأمريكية في العراق او منعهم دون مشورة الحكومة ،ولتعلم كل القوى الطامعة أن شعبنا أبيٌ كريمٌ، حرٌ عزيزٌ النفس، شريفٌ الاصل، لا يقايض وطنه بكسرة خبز، ولا يستبدل جوعه بفتات طعامٍ، ولا تذله التهديدات، ولا تخضعه ممارسات واشنطن، ولن يسكت عن نوايا الضيم وقرارات حجب حريته، وسيسقط بقوته سياسيه الاحتلال وسينتصر عليه، وسينال منه ما يتطلع إليه ويصبو له، وهو يثق بعد الاتكال على الله عز وجل بقوته ومقاومته، وثباته وصموده، ويقينه وإصراره، فلا تخذله اي جهة خانعة، ولا تغدر به قيادته، ولا تعبث وتتلاعب بمصيره، ولتمض في موقفها، على الجديد الأفضل، تنسيقاً مع القوى العراقية، والتفاتاً إلى مصالح شعبه وانحيازاً له دون غيره، فذاك هو سبيل النجاة، والخطوة الأولى نحو استعادة القرار الوطني الحر والموحد. بينما تريد الولايات المتحدة أكبر قدر ممكن من المرونة لكي تستطيع توفير الحماية لقواتها في العراق، ولكي تقرر هي من هو "العدو" الذي يجب أن تقاتله. رغم صعوبة تصور وجود صيغة ترضي الطرفين في الوقت الحالي.
 وسواء كان القرار استراتيجياً ثابتاً ، أو تكتيكياً وطنياً مؤقتاً، فإنه يبقى قراراً صائباً وموقفاً لازماً اذا كان يهم مصالح ارضه وسمائه وعدم التأخير في صدوره، وتعطل تنفيذه، والحلم كله في عدم التسرع باتخاذه، ويدل على صدق قواه الوطنية الحقيقية في تنفيذه، فقد نال ما نال الشعب من معرة التنسيق الأمني الغير المستقل، وتضرر وعانا من  مقاومته، وأساء إلى تاريخه المشرف و استقلاله الوطني ، وحاول تشويه صورته السامية وتلطيخ سمعته الطاهرة، وأطلق العنان للأصوات الشاذة التي تطالب بتواجدها غلة وطعنا من امرار مصالح انية وشخصية.
يكاد العراقيون لا يصدقون أن سلطتهم قد تمضي في قراراتها، وتلتزم بوعودها دون مشورة ابناء شعبها الغيارى وخاصة وان الحكومة الحالية قليلة التجربة في العمل السياسي او قد تفتح ثغرة من بين صفوف الوفد المشارك في المباحثات وتكون المصيبة والطامة الكبرى، فيجب ان تكون حذرة وتتوقف عن القيام بالتوقيع على معاهدة قذرة وانابية،، لكي تتبرأ من التهم، وتطهر نفسها من رجسها بشرفٍ على ذله وهوانه و تحررالعراق من قيده، لان التاريخ سوف يلعنهم، وأنَّ أمنه الداخليّ يحظى بالأولويّة، والاهتمام البالغ، ولن يسمح بأن يكون ساحة صراع أو ممرًّا لتنفيذ اعتداءات أو مقرًّا لاستخدام أراضيه للإضرار بدول الجوار، والتي يبرأ منها الشعب العراقي من بعده  ويستعيذ بالله السميع العليم من شرورها وآثامها.علمًا أن الاحتلال بقيادة الأرعن (ترمب) قد يستغل الفساد المستشري من جهة والهوة الكبيرة بين الساسة والشعب من جهة أخرى لشراء بعض الذمم الضعيفة ، لذا على الجميع التنازل عن المغانم والسلطة من أجل رفاهية الشعب وكرامته.. ولتعلم واشنطن بأن الامة لن تسمح بأن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات السياسية والعسكرية إنما تريد عراقًا قويًا ومستقلً كذلك يتم التشاور مع الشركاء الأوروبيين المنضوين في التحالف الدولي لقتال داعش للخروج بموقف موحد في ما يخص آليات العمل ومستقبل تواجد قوات التحالف في العراق يجب ان تصدم الولايات المتحدة الامريكية بجدية بموقف الشعب العراقي وارباكها، مباشرة وغير مباشرة، بشكل قوي وقاسي، والابتعاد عن الميوعة والدبلوماسية الناعمة والرقيقة، وابعاد الامور التدريبية الامنية عن المسائل الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية ودعوتها للتراجع عن قرارتها، المتعالية  والعدول عن مواقفها التي تمس استقلال البلد ، والعودة إلى مربعات التنسيق الأمني والتفاهم الثنائي بالتحديد ، ولعلها سوف تستمر في محاولاتها لي عنق الحكومة العراقية وتثبيت قراراتها هي، والخوف من ضعف الاشخاص المندوبين لهذه المهمة الصعبة ،  حتى تكون قد عجزت من القيام بما اعتادة عليه من فرض الوصايا، بعد أن أصبحت في مواجهة الشعب وعلى تماسٍ مع رجال الوطن المخلصين ،  إنها فرصة كبيرة، لكشف المستور و الاستفادة منها ، لا ينبغي التراجع عن الحقوق الوطنية  مهما كانت الأسباب، ولا يجوز العبث بمشاعر الشعب العراقي وروحه الوطنية، ويجب ان تكون امريكا الخاسرة  الوحيدة و المتضررة ، وهي التي انقطعت بها الاسباب وغرقت في سفن بلا اشرعة ولا تمد لها طود النجاة،، ولا تنقذها الممارسات الحالية إلإ وفقاً للاتفاقات الدولية للعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الفقرة الأولى حول الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع البشر والحقوق المتساوية لكل البشرفي الحرية والعدل والسلام في هذا العالم التي تحكم العلاقة بين قوى الدولية والشعوب الحرة .

286
الاقصاء والتزييف والسلوكيات التعسفية
كل التداعيات  الحالية تدعوني وانا اسمع واقرا يوميا وفي كثير من الاحيان أسرح بتفكيري في حال السياسيين وتصرفاتهم وأجدها في بعض الأحيان تدهشني وتثير شعوري لمعرفة اسباب اتهامات بعضهم للبعض الاخر ، منذ سقوط النطام البعثي البائد في عام 2003 بالفساد والافساد والغاية منها خلق رؤيا ضبابية لدى المواطن العراقي وكثرة الاوصاف القاسية والطعون فيما بين والتي لا مكان لها في القواميس السياسية "لا القديمة والحديثة" ولم تستطع الارتقاء بالعراق وشعبه ليتناسب مع مكانته التأريخية بهذه السلوكيات، ولم نلمس من  هذه الأجواء غير المهاترات والتسقيطات وتشويه السمعة باتت السمة المميزة في ادارة الدولة كما ان السلطة التشريعية "المتمثلة بمجلس النواب " تحولت في هذه الحالة من مؤسسة ممثلة للشعب إلى جهة لتمرير رغبات الأحزاب المتنفذة بالعمل باتجاه التلاعب ببعض القوانين بالطريقة التي توافق مصالحها ،ولان التسقيط له علاقة وثيقة بالدعاية التي هي عبارة عن فن تزييف الحقائق والوقائع، الغرض الأساسي منه التأثير على عقول الناس وسلوكهم العام بما يتناسب مع مصالح ورغبات هذه الجماعة أو تلك، فالتسقيط السياسي يحمل وجهتين احدهما تحمل جانب من المصداقية فيما يبث ويروج من خلاله، إما الوجهة الأخرى فهي تفتقر إلى المصداقية وبالتالي يصبح دعاية سياسية بما يحمله من حقائق مزدوجة المعاني وأخبار كاذبة ، التي حملت وأرهقت الوطن والمواطن سياسيا واقتصاديا وهي تحاول بوسائل مختلفة شتى اعادة تجديد نفسها للمشهد وبوسائل عديدة ومنها التسقيط لصون المصالح والمنافع السياسية بين هذه المجموعات ، لضعف الدولة وقصور القوانين التي تنظم وتحدد مسارات وأسس وضوابط العمل الاساسي في التجربة الدولة في العراق، وأيضا ضعف الإجراءات القضائية في ذلك.
بهذه الطريقة الغير مستوية هناك الكثيرين ممن جرفتهم الظروف فاحتلوا المناصب يعتقدون بان السلطة وما تدره عليهم من مال وجاه هي حق مشروع دائم لهم وابتكارهم الطرق البارعة في تنفيذ ابشع وسائل الفساد المالي والاداري والقتل والتهجير وثقافة اجتثاث الكوادر الفعالة والقادرة والاقصاءات التي لم يسلم منها احد سالم ونزيه حيث كانت وفي اي  سمة وبشهادة منظمات المجتمع الدولي .
 لا يختلف احدهم عن اي من اسلافه ولن يختلف عن اي من خلفائه، والكل يغرف منه، ويشترك في صناعة الأحداث التي تشغل العراقيين سواءاً بأساليب العمل او اولويات القرارات التي تهمهم . ويفعلون بما يشاؤون لان الظروف مأتية ومناسبة ولا فرق لاحدهم الاخر. ان مبدا الاقصاء ظل حاضرا في كل مرحلة، ولعل اكثر الامور لفتا للانتباه، انه اذا ما اختلفا بشان امر ما، يتحول الخلاف الى خصومة، تجد ان كليهما يسقط الاخر تماما، ويصفه بأوصاف ما انزل الله بها من سلطان  واوصاف  تعسفية في الاعلام في حين انهم يجتمعان  رغم كل التناقضات والاختلافات والخلافات  فكان هذا العداء باعثا على تحالف وصداقة بينهمم على مائدة تقسيم المكتسبات من المناصب بروح رياضية عجيبة وغريبة  ووراء الاكمة  من غزل على امتداد هذه السنوات ولها ما لها من التمثيل البرلماني والوزاري والمناصب السيادية, التي تؤهلها لفرض وجودها السياسي بشكل بعيد عن ارادة الشارع لا بالمنافسين نحو البحث والتحري عن وسائل ناجعة ومشروعة من اجل البناء والتنمية وتطوير المؤسسات’ وطرح المشاريع الخدمية والرؤية الاستراتيجية ، التي من شانها انتشال المواطن من واقعه المتردي ،خدميا، صحيا ، اقتصاديا ، التي تعكس إيجابا على القائمين وترفع من رصيدهم الجماهيري اذا ما عملوا وفق آليات مشروعة غير ملتوية كما نشاهدها، والكتل السياسية والسياسيون يلعبون ويجربون، يربحون ويخسرون وكل هذا على حساب هذا الشعب الذي يدفع رواتبهم وامتيازاتهم منذ لحظة المصادقة على مناصبهم المهجومة . ويدفع ثمن لعبهم على المال العام حيث يشاؤون وعلى حساب المستقبل السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي للبلاد ، لابد من التوعية بخطورة هذه النماذج على الفكر والأخلاق، وتقاليد المجتمع، لانهم لا يكترثون بنتائج أفعالهم، ولا يهتمون بنوعية كلماتهم، ولا يسيطرون على طريقة وأسلوب تمايلهم وميوعتهم، لأنهم يدركون تماماً أن زلاتهم مغفورة من قبل مؤيديهم ، والشعب يفهم ويدرك سلوكياتهم ويتابع تصرفاتهم  بكيفية الضحك على ذقون البسطاء الذين لا هم لهم سوى كسب العيش ولقمة يومهم ،رغم ذلك ان هؤلاء سيبقون الرقم الصعب في المعادلة السياسية من خلال إعادة قواعد اللعبة إلى مسارها الصحيح بما يتوافق مع مصالحها في يوم ما وبنظرة قريبة اقرب من حبل الوريد، ويتحركون لتزاحم القوى السياسية الفاشلة ويكون لهم دور مهم في الأمن والاجتماع والثقافة والسياسة ، اعتمادا على خبراتها العقلية الواعية في إدارة الدولة سياسيا واقتصاديا وعسكريا  و تنمية موارده و تنويعها، واعادة موقعه الجغرافي بين دول المنطقة، عبر تحجيم وتأثير الدور السياسي الشرير الذي يحاول ابعاده عن المسيرة الحضارية .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

287
الفيليون والانقسامات ...والافتقار لمن يمثلهم
ترتفع الاصوات بين حين واخر من قبل اعضاء مجلس النواب للمطالبة بحقوق البعض من شرائح المجتمع العراقي والمكونات إلأ الكورد الفيلية حيث انقسموا على انفسهم وهم بحاجة الى ان يجمعوا قواهم و رص صفوفهم وتوحيد خطابهم ومواقفهم ورفض محاولات نزع هويتهم الدينية والقومية الكوردية عنهم والوقوف امام العقلية الشمولية العنصرية  التي لا تزال سائدة في المجتمع وللاستعداد في المشاركة وانتخاب ممثلين حقيقيين لهم في مجلس النواب في الانتخابات القادمة بعيداً عن الرمزية انما من باب الايمان بقضاياهم ومظلوميتهم ومن خلال العمل على لملمت الشتات ووقف التصارعات .
واكثر هذه الاصوات هي من نفس تلك المكونات والشرائح التي نكن لها التقدير والاحترام نالوا حقوقهم للمطالبة بحقوق اخوانهم لانهم ممثلين حقيقيين لهم( وكما يقف اخواننا التركمان بختلاف عقائدهم السياسية للمطالبة والحصول على مطالبهم  ) ومن تلك الاطياف ولهم الحق وحسب ما كفله الدستور لانهم من المجتمع العراق وهم اجزاء لا تنفك عن بعضها البعض و أن هذه الحقوق يمكن أن تؤثر على كثير من الناس ويمكن أن يكون لها بعد جماعي، فإنها أيضاً حقوق فردية ، عن طريق توفير الموارد ووضع سياسات ترتكز على تلك الحقوق .
الدستور العراقي يأتي في جزء مهم منه بالنظر إلى الفئات التي تمثل الأقليات من الشعب وبما لهم من حقوق وعليهم من التزامات سواء بصورة جماعية أسوة بباقي الفئات أو بصورة مخصوصة ومنفردة. وإن الدستور العراقي لعام 2005  يوجد فيه نصوصه يضمن مسألة الحقوق والحريات مشتملات متعددة لحقوق الاقليات سواء كانت عامة أو خاصة وأن ما أورده الدستور عن الأقليات كان نتيجة طبيعية عن التنوع الديني والقومي واللغوي الموجود في العراق حيث أن العراق يتكون من طوائف كثيره ومن خلال هذه الطبيعة الموجودة في المكونات داخل العراق أوضح الدستور عدة حقوق بصفته الأسمى شملت فئة الأقليات.
ان من حق المواطنين العراقيين والكورد الفيلية كنهم ضمن شروط الحق في التصويت والخيار في ان ينتخبوا من يريدون ان يمثلهم بكل حرية دون اي ضغط ويشمل هذا الحق مواطني الاقليات في العراق وقد نصت المادة 20 من الدستور العراقي (للمواطنين رجالاً ونساء حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح) فبما ورد هذا النص من حقوق اكيد شملت هذه الحقوق الاقليات في التمتع بها والحق في المشاركة في الانتخابات والترشيح لها دون اي تمييز بين المواطنين.
في حين يبقى نواب الكورد الفيلية الحاليين في مجلس النواب صم بكم فهم لا يبصرون وبدون تمثيل فاعل لهم وبعيداً عن الحضور سياسي الفعلي في أروقة ومراكز اتخاذ القرار في المركز أو في الإقليم، لكونهم ألآن بدون اشخاص تتوفر لهم مجالات التحرك السياسي، ممثلين يتمتعون بالإرادة السياسية المستقلة ولديهم المجال والقدرة والفرصة على اتخاذ المبادرة و المتحرك الأساسي حول الكورد الفيلية وقضاياهم ومشاكلهم عند الدولة التي تتخذ أو لا تتخذ قرارات، وتتبنى أو لا تتبنى إجراءات، لوحدها دون أن تكون هناك قوى سياسية كوردية فيلية فاعلة قادرة على تقديم مقترحات أو مشروع قانون أو مسودة قرارات منصفة وعادلة لصالح استعادة الكورد الفيلية لحقوقهم كمكون اساسي  و لا تضر بالمصالح المشروعة للمواطنين العراقيين ألآخرين ولا بسلامة المواطن العراقي ولا بأمن البلاد  لمناقشتها واتخاذ قرارات بشأنها وتبنيها على أن تكون ملزمة لكل أجهزة ودوائر السلطة التنفيذية داخل العراق وخارجه.
مطلوب من النواب الحاليين الدفاع عن مبادئهم واصالتهم والاشتراك في شكل مباشر لما يهم مكونهم وهي الفرصة الكبيرة ولايمكن التغاضي عنها لكي تكون لبنة لبناء طريق سليم لمستقبلهم  . وقد يكون البعض يحاول بشكل واخر بث روح اليأس في نفوس ابناء هذا المكون الاصيل  لكي يضعف ارادتهم وعزيمتهم والماضي قد مضى وعلينا ان نكون مستعدين للمستقبل بروح الالفة والمحبة والابتعاد عن النفاق عند البعض من المدسوسين والمتلونين وكشف اوراقهم .

288
20 دولار ثمن قتل انسان بعنصرية امريكية
المعروف عن أمريكا كثيراً ما تظهر للعالم بأنها بلد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وانها الحامية والمدافعة عن الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية  في  العالم وأنها راعيۀ للسلام، فتبين ـ ولله الحمد، والاحداث الاخيرة كانت أشبه بالقشة التي قصمت ظهر البعير و يمكن القول إن جرائم القتل التي تقترفها الشرطة سببها الحقيقي يكمن في التعالي الأبيض والعنصرية، واثبتت بشكل واضح وتبين زيف ديمقراطيتها وحريتها. وتشهدت ولاياتها المختلفة واحدة من أسوأ ايام الاضطرابات الأهلية منذ عقود، حيث تحرق السياراتٌ ومراكز تابعة للشرطة، في نيويورك ودالاس وأتلانتا مينستوتا وغيرها، أما في لوس أنجلوس فقد أطلق أفراد الشرطة، الرصاص المطاطي ، كما اشتبكت الشرطة مع متظاهرين في شيكاغو ونيويورك ،و تجاوزت حصيلة الاعتقالات خلال الاحتجاجات المنددة بمقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد، على يد الشرطة،اكثر من 10 آلاف شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وفق وسائل الاعلام الداخلية .
 واساساً خلق دونالد ترامب  مناخا مسموما داخل أمريكا وخارجها، ساهم فى إشعال نار الغضب فى أكثر من مدينة، كما دخل الرجل فى معارك شخصية وسياسية مع كل منافسيه وخصومه، كرئيسة البرلمان ورموز المعارضة الديمقراطية، كما استهدف كثيرًا ممن عملوا معه، مثل المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالية، ووزير العدل السابق (الذى يفترض أيضًا أنه عيّنه)، لأنهم أداروا مؤسساتهم وفق قواعد مهنية لا يعرفها ترامب. وانتقد جو بايدن، نائب الرئيس السابق الذي سيخوض الانتخابات منافسا لترامب في الانتخابات الرئاسية في تشرين ثان/ نوفمبر المقبل، الرئيس الحالي، قائلا إنه يؤجج الانقسامات ويحول البلاد إلى “ساحة معركة تمزقها مسببات الاستياء القديمة والمخاوف الجديدة”، كما قطع علاقة أمريكا بمنظمة الصحة العالمية فى وقت وباء عالمى، واصطدم بالصحافة، وشعرت الأقليات العِرقية على اثرها باستهدافه المتكرر لها.
الحوادث الاخيرة ليست بمثابة حوادثة معزولة، وأنها تؤشر إلى تنامي العنف والتطرف والتمييز في المجتمع الأمريكي، ضد الأقليات وعلى رأسها الأقلية السوداء، ويشير المراقبون، إلى أن للحادثة دلالات واضحة على أن العنصرية لم تنته تماما داخل الولايات المتحد،ة رغم الصورة التي يجري ترويجها على أن المجتمع الأمريكي ينعم بالعدل والمساواة وأن التمييز صار من الماضي.
 واثبتت ان حكومة دونالد ترامب الجمهورية الذي "حاول أن يوظف العنف الذى صاحب بعض المظاهرات لصالح حكمه وإعادة انتخابه" وتتسنّم بالضعف والهوان امام حالة الغضب التي تسود البلاد اثر انتشار الاحتجاجات والاضطرابات في شتى أنحاء البلد، ولا تفكر إلأ بالطمع والهمجيۀ واستنزاف اموال واقتصاديات البعض من دول الخليج ، والتدخل السافر في شؤون الدول الداخليۀ، دون احترام لدينهم بل وقوانينهم، فهي تُشرّع بالغداۀ وتنسخ بالعشي، ليس لديها قانون منضبط، فهي تنتهك القوانين والاتفاقيات، فلسان حالها يقول: لا نُسأل عما نفعل وهم يسألون! ونأخذ ما نشاء وندع ما نشاء، وننتهك حقوق من نشاء، ولا معقب لحكمنا. وقد آن الأوان أن نقلب بعض أوراق التاريخ، ونُخرج ما يجهله الكثيرون عن هذه الدولۀ الدكتاتورية  من خلال الاطلاع السريع على بعض جرائمها عبر التاريخ وما تتميز بها عبر التاريخ  منذ الوهلة الأولى لتأسيسها. وطالت هذه الممارسات العديد من الأعراق والأجناس كالهنود الحمر والأمريكيين ذوي الأصل الياباني والأمريكيين ذوي الأصل الأفريقي وتنوعت أهدافها ما بين الاستغلال الاقتصادي والسعي لإثبات فكرة سمو العرق الأبيض وتميزه عن سواه من الأعراق ، ولم تتبدل تلك الصورة الى صورة مغايرة لها طوال السنوات الماضية رغم كل المحاولات التي لم تزد عن المانشيتات الاعلامية  التي تتصدر الصحف و جعلتها وحش كاسر عدوة لشعبها من خلال قتل اناس ابرياء دون حق واصبحت الدماء رخيصة كشرب الماء في حالة الاسترخاء و بؤرة مصدرة للعنصرية الوحشية المتخلفة التي لا توجد  مثيل لها في العالم او حتى قريب منها في أي بلد مهما كان متخلفا وبعيدا عن الحضارة والعلم والمعرفة واذا كانت  هذه العنصرية موجودة في بعض البلدان فوجودها نتيجة لوجود أمريكا، وشرطتها اليوم  تمارس ابشع انواع الوحشية بحق شريحة مظلومة من ابنائها تطالب بحقوقها ،وتتعامل كالثيران الهائجۀ والوحوش الشريرۀ تقتل بدم بارد واساليب فظيعۀ وامام الاعلام ؟! دون العقلانيۀ؟! وبعيدة عن القيم الإنسانيۀ؟! او الأخلاقيۀ؟!.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

289
" قل الحق حتى على نفسك "
أسئلة كثيرة تُطرح حول ما عاش العراق من حروب وقتال وعنف ودم، ورغم تكرار هذه المشاهد على مدار السنوات الماضية، إلا أن وتيرة الحياة المتسارعة، تجعلنا ننسى ما حدث بالأمس وننشغل باللحظة الحالية وإلى أين ستصل بنا وهل سيعود التاريخ نفسه في المستقبل ؟،لقد كانت لتصريحات وزير الدفاع العراقي الجديد الفريق الركن جمعة عناد سعدون الجبوري صداها وهو اعتراف صريح وقد تكون من باب " قل الحق حتى على نفسك " حول اعداد الارهابيين من مختلف المناطق بنسبة 80% منهم من المحافظات الغربية من هؤلاء وليس الكل لان الكثير من عشائرنا كانوا ضحايا تلك الفترة المظلمة وهوعلى علم بكونه كان احد القادة الذين عملوا خلال فترة محاربة المجموعات الارهابية في تلك المناطق وان اخيه هو المسؤول المالي الاول في هذه المجموعات الارهابية وهذه حقيقة لا يمكن ان تنكر وليس في ادنا شك من هذه النسبة منهم من حمل السلاح وقاتل وقتل ومن وفر لهم غطاء ومكان لايوائهم وقدم لهم الدعم المادي والمعنوي وغرر بناسنا الطيبين بذريعة كون هؤلاء هم " مجاهدين "جاءوا لتحريرالبلاد من الاكثرية ولكن في المقابل هناك من العشائر العربية الأصيلة من  هم قاتلوا وتصدوا لهم واعطوا تضحيات ودماء عزيزة وغالية جنباً الى جنب مع اخوانهم من القوات المسلحة والامنية والحشد الشعبي ، في سبيل الدفاع عن اعراضهم واموالهم واراضيهم ونذكر جهدهم البطولي والشجاع بخير في بعض المناطق الغربية ومنها (حديثة والبغدادي والخالدية والحبانية وعامرية الفلوجة وغيرها من المناطق) حيث قدموا الضحايا ولم يسمحوا (للعصابات الإرهابية) بتدنيس أراضهم.
وللحقيقة ايضاً ان الارهاب لا دين له ولا يمثل مذهب ولا بلد و من العبث أن ينسب الإرهاب الى منطقة معينة او دين او مذهب يمكن ان يتم تنسيبه له فالخواء الفكري والتعصب القومي والتحريض المذهبي هو الدافع الاساسي على الكراهية في أدبيات السياسة المتطرفة ومواقعها الإلكترونية ولان السياسيين الصانعين للارهاب يستطيعون التلاعُب في تصورات الجمهور العادي عنه من خلال تأطير حوادث العنف بطرق معينة لتحقيق أهداف معينة ومن هذا الباب تكثر خطابات القادة الأمريكان عن الإرهاب وأخطاره، وآيديولوجية الإرهاب وضرورة محاربتها، والتعاون الواجب بين الدول في مواجهة الخطر الإرهابي.و الصحفي الأمريكي جيمي سكاهيل يكشف في كتابه “الحروب القذرة” مدى كذب هذه الشعارات والسياسات، فعبر تتبعه للعمليات العسكرية التي تقوم بها الولايات المتحدة في كل من الصومال واليمن وسورية والعراق وأفغانستان تحت شعار الحرب على الإرهاب والأمر الجوهري الذي يتغاضون عنه ولايتطرقون إليه و مسؤولية أمريكا نفسها بتجنيد المرتزقة الأجانب ما هى إلا نتيجة لما تمارسه من حروب قذرة وإرهاب مستمر بحق شعوب ودول كثيرة فمنذ سنوات على الرغم من أن شهرة الشركات الأمنية المشكلة من مرتزقة وقتلة مأجورين من جنسيات مختلفة ارتبطت بحرب العراق منذ عام 2003 و كذلك معها الدول الأوروبية عن الإرهاب في العالم وتنشر وتستهدف العديد من الدول العربية وفضلا مدى هيمنة الإعلام الأمريكي والغربي

290
"لا استطيع ان اتنفس "شعار ضد التمييز العنصري
رغم التقدم الفكري والتقني استمرت معاناة السود في الولايات المتحدة الامريكية رغم مشاركتهم في الحروب خادمين اراضيها بكل تفان و إخلاص، و حتى في زمن الهجرة العظمى إلى بلاد العم السام لم يسلم 'الملونون‛ من التفرقة.وتظاهرات التمييز العنصري عقب انتشار واسع النطاق لفيديو يظهر شرطيا، راكعاً فوق رقبة جورج فلويد (46 عاماً) الملون ، محاولاً تثبيته بشكل مقزز وغير انساني وبعيداً عن الجريمة التي حاولت الشرطة القاء القبض عليه بسببها ، فيما كان الرجل يردّد "لا أستطيع أن أتنفس، أرجوك لا تقتلني وعمت فوضى عارمة في العالمين الواقعي والافتراضي، حيث تزعم المشاهير، على رأسهم لاعب كرة السلة ليبرون جايمس، حملات وهاشتاغات إعلامية لمنع تغلغل العنف في صفوف 'حماة الأمة‛ و الدفاع عن المجتمع الافرو-أمريكي تحت شعار 'لا استطيع التنفس‛ و هي آخر كلمات اطلقها جورج فلويد قبل موته مخنوقا بركبة الحرس".وهذه الجريمة البشعة التي وثّقها أحد المارة بكاميرا هاتفه المحمول أعادت فتح ملف الاضطهاد الذي يتعرض له المواطنون السود على أيدي الشرطة، وبعض مؤسسات الدولة، رغم مرور عام أو أكثر على إلغاء قوانين التمييز العنصري، فالفوارِق ما زالت موجودة".ومن الامور المثيرة ان حالة التمييز العنصري التي تضرب الولايات المتحدة تتضاعف في زمن حكومة دونالد ترامب في وقت انتشار وباء كورونا المستجد واستشرائه في هذا البلد مما اظهر وبين عمق الفجوة التي تفصل بين طبقات المجتمع الأمريكي والمتأصلة تاريخيا  فيها و الفجوة العرقية التي تقوم بدور كبير فيما يتعلق بإجراء فحوص لاكتشاف الفيروس ومعالجته إضافة إلى توزيع الدواء ونقص المعدات والطواقم الطبية في هذه المجتمعات وكل ذلك أدى إلى تداعيات كارثية للمرض.كما اتضحت مظاهر التمييز العنصري والذي يعتبر أحد الأسباب وراء ارتفاع عدد الوفيات والإصابات جراء الفيروس بين الأمريكيين المتحدرين من أصول أفريقية وانتشاره على نحو متسارع بينهم و هي سمة غير اخلاقية رغم انها كانت قد وجدت منذ الحقبة الاستعمارية لها، فقد أُعطي الأمريكيّون البيض امتيازاتاً وحقوقاً انحصرت بهم فقط دوناً عن كلّ الأعراق الأخرى، مُنح الأمريكيون الأوروبيّون (خاصّة البروتستانت الأنجلوسكسونيون البيض الأغنياء) امتيازاتاً حصريّة في مسائل التّعليم والهجرة وحقوق التّصويت والمواطنة وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائيّة طوال التّاريخ الأمريكي، ومع ذلك، فكثيراً ما عانى المهاجرون من البروتستانت الذين هاجروا من أوروبا، وخاصة الأيرلنديين والبولنديين والإيطاليّين، من حالة إقصاء الأجانب وغيرها من أشكال التمييز في المجتمع الأمريكي وذلك حتّى أواخر القرنِ التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. بالإضافةِ إلى ذلك، واجهت مجموعات أميركيّة من الشرق الأوسط مثل اليهود والعرب تمييزًا مستمرّاً في الولايات المتحدة، ونتيجةً لذلك، لم يتمّ التعريف ببعض الأشخاص الذين ينتمون إلى هذه المجموعات على أنّهم من أصحابِ البشرة البيضاء. كذلك واجه المهاجرون من جنوب وشرق وجنوب شرق آسيا التمييز العنصريّ في الولايات المتّحدة
يستند التمييز العنصري  في كثير من الأحوال إلى فروق جسمانية بين المجموعات المختلفة، ولكن قد يتم التمييز عنصريا ضد أي شخص على أسس إثنية أو ثقافية، دون أن يكون لديه صفات جسمانية و التمييز العنصري هو التعبير غير القانوني للعنصرية. فهو يتضمن أي عمل سواء كان بقصد أو بغيره والذي ينتج عن إستبعاد أشخاص على أساس العنصر وفرض أعباء عليهم وليس على غيرهم  أو حجب أو تحديد حصولهم على الإمتيازات المتاحة لبقية أفراد المجتمع، في مجالات يغطيها القانون . العنصر هو عامل واحد إذا ما وجد  في وضع  يمارس فيه التمييز العنصري. كما قد تتخذ العنصرية شكلاً أكثر تعقيداً من خلال العنصرية الخفية التي تظهر بصورة غير واعية لدى الأشخاص الذين يعلنون التزامهم بقيم التسامح والمساواة تدل على أنها معاملة شخص ما أو مجموعة من الأشخاص بطريقة مختلفة وغير عادلة بسببب نسبه أو دينه أو لون بشرته، فعلى سبيل المثال إذا تقدم شخصان لطلب نفس الوظيفة واحد أبيض البشرة والآخر أسود وكانا يمتلكان نفس المؤهلات، فمن الممكن أن يتم اختيار الشخص الأبيض لتفضيل الشركة أو الرئيس التعامل مع الأشخاص المنحدرين من البيض، ففي هذه الحالة يمكن معرفة ما هو التمييز العنصري بشكل واضح، ويمكن أن يمارس هذا التمييز عن طريق ردة فعل غير مقصودة، إلا أنها في كثير من الأحيان تكون عن وعي وقصد، بغض النظر عما إذا كانت ردة الفعل هذه مقصودة أم لا فإنه من المهم معرفة هذا التمييز وفهم كيفية حدوثه لأجل مكافحته بالطريقة الصحيحة، فلقد تم ممارسة هذا التمييز منذ قرون عديدة، إذ يؤثر بشكلٍ سلبي على حياة الكثير من الناس والفئات المختلفة، كما يمكن أن يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على بناء المجتمع ويؤدي إلى البغضاء وعدم التفاهم بين الشعوب المختلفة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

291
ايران ..فنزويلا والسفن " الخمس "المحملة بالتحدي   
           
ان الشعب الایرانی الغیور والفهیم ذلك البرکان الحقیقی الذي حصل فی المنطقة وادى إلى إیجاد معادلات جدیدة فيها اذهلت العقول الاستكبارية في العالم وذيولهم . ومن الطبیعی أن البرکان یولد هزات أرضیة لا یمکن الوقوف بوجهها فكانت انتصارات تلوى الانتصارات ومنها القدرة الصاروخية لايران التي وقفت الى جانب العراق حكومة وشعبا في ايام الحرب العراق على داعش والجماعات التكفيرية بطلب من الحكومة العراقية ودعمت في تلك الايام المصيرية الحشد الشعبي والجيش العراقي
وهي في الحقيقة قدرة الاسلام والثورة والنظام لمواجهة اميركا والمطبلين للسياسة التطبيعية والذيليلة والانبطاحية وكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها وعلى قدرات المقاومة وباقتدار ولا تسمح باستهداف عمقها الاستراتيجي وبقيادة واعية وخلال تواجدها في ساحات الجهاد والنضال المختلفة و استطاعت من ان تجعل من تهدیدات الاعداء فرصا ستراتیجیة لمواصلة المسیرة المتعالیة لشعبها والتقدم العلمي والتكنولوجي في ايران يعدان اكبر شوكة في عيون من لا يريدون الخير للشعوب المتحررة ،ويعني افشال نظام الهیمنة و مخططاته الخبیثة ضد القوى الوطنية التي تسعى للتحرر ومنها الجمهوریة الاسلامیة  الايرانية واحباط نوياها امام الایمان والارادة الحدیدیة لکافة شرائح الامة الايرانية العزیزة وقوتها المبنية على العقيدة الاسلامیة الحقة دون خوف ووجل من اي قوى تحاول النيل منه وكما قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل "ان إیران هي تبقى  التحدي الوحید للسیاسة الأمیرکیة في المنطقة " وتفشل  باستمرار للسیناریوهات المضحکة والسیاسات العدائیة المشوبة بالتناقض والکذب للبيت الابيض ومحاولاتها في ارساء دعائم قوى الشر فی المنطقة كما يحدث في العراق وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان  ولا تساعد على تعزیز التنوع الثقافی والسلام عبر الحوار بین الادیان والقومیات، وانما خلقت اجواء یسودها الاحباط الامر الذی تجسد فی التصریحات غیر المسؤولة والمستمرة  للرئیس الامریكی دونالد ترامب اذ يجدد بين حين واخر اساءاته للشعوب وللحركات التحررية في العالم وضد حماس وحزب الله عبر ادراجهما فی قائمة الارهاب وكشف عن انه لا یلتزم بالتوافقات الدولیة ولا یكنّ الاحترام للامم المتحدة ویظهر للدول بان امریكا لن تلتزم بأی من التعهدات وكان لخروجها من اتفاق1+5 بعد سنوات من المفاوضات التی شارك فیها الاتحاد الاوروبی وروسیا والصین والمانیا وفرنسا وبریطانیا مع ایران، و انجز الاتفاق وصادق علیه مجلس الامن الدولی و خروج امریكا من الاتفاق بدون احترامها ذلك العهد يؤكد على انها غير ملتزمة بالمواثيق وكذلك اتفاق باریس المناخیة، وبناء جدار مع المكزیك بهدف اذلال هذا البلد، وایضا الخروج من منظمة الیونسكو الدولیة للثقافة والتراث وقطع المساعدات عن المنظمة العالمية للصحة في واقع يسود العالم وباء كوفيد 19 يحتاج الى تعاون دولي للقضاء عليه ، ورغم كل تلك المحاولات إلأ انها لم تنتقص من قيم تلك الشعوب في مواجهة الرضوخ للهيمنة و كانت فرصة استراتیجیة لايران لمواصلة المسیرة المتعالیة في النهوض تمکنت خلاله من کسر كل المحاولات وخرجت منتصرة ومرفوعة الراس وتکریس مکانتها الموثرة والحاسمة علی صعید التطورات الاقلیمیة والدولیة وخلال الايام الماضية هددت إيران ان اي تعرض لناقلاتها النفطية المتجهة الى فنزويلا سيواجه برد قوي وفوري. وبـ"عواقب" وخيمة في حال حاولت الولايات المتحدة منع تسليم المنتجات النفطية الإيرانية إلى فنزويلا بعد ان ارسلت طهران خمس ناقلات للنفط إلى فنزويلا من أجل تزويدها بالوقود بشكل تدريجي  ووصولها إلى المياه الاقليمية الفنزويلية، واعتبر الرئيس الفنزويلي أن وصول ناقلات النفط الإيرانيّة إلى بلاده، "رمزاً للتآزر والتعاضد بين شعبي إيران وفنزويلا في ظل ما تعانيه كراكاس من نفص بالوقود بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة عليها.
وقد دخلت العلاقات الايرانية الفنزويلية مرحلة متقدمة من المواجهة مع واشنطن اثرأبرام طهران وكراكاس، الدولتان المتضررتان من العقوبات الأمريكية، اتفاقا يقضي بتزويد إيران فنزويلا بأسطول يحمل 1,5 مليون برميل وقود،
كما ان الدور الكبير الذي قام فيه الراحل هوغو شافيز في مواجهة محور الامبرالية والراسمالية التي تزعمتها امريكا واسرائيل المبني على صواب نهج شافيز التحرير السياسي والاجتماعي الذي شكل رمزا في كفاح  شعوب العالم، ومهدا الى حالة التفاف احزاب وقوى عالمية تحريرية لمواجهة السياسة الامريكية التي تسعى اخضاع الحكومات والسياسات الدولية كادوات تابعة وخانعة للسياسة الاستعمارية الامريكية والاسرائيلية كذلك المواقف الوطنية الفنزويلية الداعمة والمؤيدة الى نضال وكفاح الشعب الفلسطيني، وحقوقه الوطنية، التي دائما وابدا تعبر عنها في كافة المحافل والمنابر الدولية ، والدعم السياسي والدبلوماسي المتواصل والثابت اتجاه وصول شعبه الى الحرية والاسقلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 

292
الاقتصاد العراقي ... تمزق وانهيار وخزينة خاوية
صدمات كثيرة متوالية على كل الأصعدة تضربنا وتمزق قلوبنا كل يوم اهمها  الأزمة المالية التي تواجه العراق  وليست هي  إلأ  نتاج تراكمات من سوء السياسات الاقتصادية الفاشلة على امتداد عقود منصرمة ولم ترسم على اساس بناء دولة ولها خصوصيات ركائزمستقبلية وخاصة بعد عام 2003 حيث طغت الموازنة الاستثمارية على الانتاجية لصالح المجموعات الحاكمة و كيفية قنص الاموال  والاستيلاء عليها لصالح تلك المجموعات المعينة وخلق مرحلة من مراحل تداعيات الاقتصاد العراقي و تتميز عن سابقاتها من التداعيات كونها دقت ناقوس الخطر لما سيحصل في المراحل اللاحقة بل أنها أصبحت المؤشر الذي من خلاله تصور سيناريو الكوارث المستقبلية، والكارثة المشاهدة انها لا توجد في كل ألوان الطيف السياسي العراقي أي استراتيجية لبرنامج اقتصادي منتج بديل عن النفط يحِّدد ملامح معينة لطبيعة هذا النظام مستقبلاً، رغم  احتياطياته التي تبلغ اكثر من  80 مليار دولارفي بنوك الولايات المتحدة حسب المصادر وهو ما يعتبره صندوق النقد الدولي غير كاف بسبب فقدان الميزانية السنوية الدقيقة رغم ضخامة الموارد المالية النفطية في السنوات الاخيرة وفقدانها ولا يعرف مصيرها في العراق الذي يعتبر ثاني أكبر منتجي في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) واخيراً تعرضه لضربتين موجعتين، أولاً بانهيار أسعار النفط عالميا وذلك لاعتماده عليه في إيراداته المالية بنسبة 94% بحسب خبراء، وثانياً بتفشي فيروس كورونا، ما أثّر بشكل مباشر على الصادرات العالمية والعراق النفطية، إذ بلغت إيرادات البلاد من الخام الشهر الماضي 1.4 مليار دولار، أي أقل من ثلث مبلغ 4.5 مليارات دولار التي يحتاجها البلد شهرياً لدفع رواتب الموظفين في القطاع العام والتعويضات والتكاليف الحكومية وهيمنت  ابرز الملفات التي على عاتق حكومة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي وضع بصمات العبور منها ، وهو أمام مهمة صعبة ومعقدة للغاية بسبب التركة الثقيلة التي خلفتها له الحكومة السابقة من أزمة مالية خانقة تتزامن مع قرارات ارتجالية لحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة واللجوء إلى الحلول غير المنطقية والمستعجلة والتي جرت نتيجة الاحتجاجات، أدى إلى زيادة التضخم في النفقات التشغيلية وأعباءً مالية إضافية، خصوصاً في التعويضات والرواتب وما شاهدنا من مافيات الإجرام والمافيات الاقتصادية، وكل أنواع المافيات، لذلك موضوع التحول من الاقتصاد السائب الحالية إلى اقتصاد السوق الحر يجب أن يكون مدروس .
وهو ناتج من سوء الادارات السابقة للأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق اليوم وكانت حتمية لسياسة الفشل التي انتهجتها حكومة عبد المهدي لارضاء الشارع المتظاهر دون حساب او كتاب وفشل اطروحاتها الاقتصادية التي كان يتداول الاعلام بها  وكذلك الحكومات التي سبقتها التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003".
 ومن تسيب وانفلات وخزينة منهوبة وخاوية والبحث عن مكسب يوزع من خلاله  موارد الدولة وتفعيله قطاعات بديلة عن النفط مثل الغاز والزراعة والصناعة والسياحة والمنافذ الحدودية لتأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين التي يعتبرها الجميع خطاً أحمر، وكذلك ملف أعمار المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش وعودة النازحين الذي يعتقد المحللون ان الكاظمي يمتلك "علاقات داخلية وخارجية متوازنة  " ولكن لا يمتلك العصى السحرية لكي يتجاوزها بتلك السرعة فضلا عن رغبة بعض الدول تقديم دعمه لحكومته وفق شروط خاصة ، ما يوفر له فرصا لمواجهة الأزمة الحالية ومجبر للتعامل معها ووضعت عدت سيناريوهات أو طروحات للتعامل مع الأزمة المالية من بينها تخفيض الإنفاق على المشاريع الثانوية، ووقف تسديد القروض الدولية للعراق من خلال تحرك سياسي ودبلوماسي بالتراضي مع تلك الدول، فضلا عن فرض نظام ادخار إجباري على المرتبات التي تدفعها الدولة ، ان هذه المرحلة أظهرت هشاشة الاوضاع في العراق وهو يعيش محنة تاريخية لم يمر بها طوال التاريخ ، وحالته المحزنة لمن أحبوه وعشقوه بالصورة التي تعلموها وتربوا على حضارته المنكوبة وكأنهم غير قادرين على إفراز نخبة سياسية تضع المصلحة العامة فوق المصلحة الشخصية والحزبية الضيقة وانتجت  نخب مزيفة وعديمة الكفاءة و الأهلية السياسية بكل ما يعنيه ذلك من مؤهلات شخصية الواجب توفرها فيمن يطمح إلى الوصول إلى المؤسسات للمساهمة في تدبير الشأن العام؛ ولا يهمهم من استيلائهم على المؤسسات إلا مصلحتهم الشخصية والحزبية الضيقة وكنا نظن فيهم خيراً كثير، وهم يظنون  كل صيحة عليهم هو العدو وقاموا بتصفية من لا يرقى لهم و كان الفساد قد خرج من مكاتب الوزراء باعتراف الوزراء انفسهم  وتبين أن هذا الوطن قامت عليه كيانات سياسية خاضعة بطريقة أو بأخرى الى ما يتيسر لهم من الاموال والمكتسبات والعبث  بالخيرات و لا تمت بأي شكل من الاشكال الى الاخلاقيات او مصلحة الشعب وبوصفهم مجموعة لها تركيبتها الثقافية والاجتماعية بأية صلة، وأن الاستبدادات اصبحت محكمة في وجدان البعض مما  يترتب على ذلك من فساد وتخلف هو الغالب على هذه الاحزاب الكارتونية و الكيانات المستهلكة لقدرات وامكانيات البلد التاريخية والثقافية والاجتماعية العريقة وتبددت الأحلام الجميلة التي كان ابنائه يحلمون بها ، وينقلب الى واقع مرير يسوده التمزق المجتمعي كمنتج عن التمزق السياسي، وأنه لا بد من الوحدة السياسية لتحقيق الوحدة المجتمعية   والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمؤسساتية و لا شك فيه أن من لا يشغلهم ولا يهمهم شأن السياسة ويفضلون حتى البعد عن مجرد الحديث فيها و يقلقهم ويؤرقهم شعور بالخطر المتسارع في التمزق والتشظي في المجتمع، ويحسّون بأن الخطر يكبر ويزداد. وهنا نزداد حيرة، إذ كيف نوقف هذه الحالة المتدهورة على مستوى المجتمع حتى في نواته أي الأسرة؟ لا شيء حاليا سوى أن ندعوا أن يؤلف بين قلوبنا التي قد تسكنها القليل أو الكثير من الضغائن والأطماع والمصالح والأنانية.
بلادنا بصدد البحث عن عقد اجتماعي جديد، ينخرط فيه الجميع، وقاعدته الصلبة هي النموذج التنموي الشامل الجديد، فإنه، لكي يُكتب له النجاح لاي مشروع لسياسي واقتصادي واجتماعي كبير يصب في مصلحة الاجيال القادمة ، لا بد له أن يستند على نموذج ديمقراطي صحيح متكامل ، لا يُنظر فيه إلى الانتخابات إلا كوسيلة أو آلية قادرة على إفراز النخب المحلية والجهوية والوطنية القادرة على تحقيق الكرامة والحرية والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص واحترام الاختلاف و تحقيق كل ما يضمن للمواطنين التمتع بالمواطنة الكاملة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

293
العملية السياسية والتصدع المستمر بالحكومة
العراق -لايزال يعيش أزمة الحكومة او الدولة الفاعلة  بسبب تاريخه الشائك والمرير الذي عاشه لفترة طويلة تحت نير سياسات استبدادية وغياب التعرف على معنى الديمقراطية كممارسة وسلوك في الساحة السياسية الحاكمة و في المجتمع العراقي وتأثير الاطر السياسية الاقليمية العربية والمجاورة على الحياة السياسية فيه ، واحتكار السلطة المطلقة من قبل الانظمة المتعاقبة التي لم تخلف سوى الامراض  والشوائب العديدة  التي اصابت البيئة السياسيه والاجتماعيه والثقافية ، مما تركت اثرات على مختلف الصعد دون تحقق الحد ألادنى من تعهداتهم وتخلصهم في الوقت المناسب من تبعة هذه المعاناة وبالتالي التصدع بالعملية السياسية ومنها على ادارة الدولة .
ومن هنا لعل البعض لسبب ما يحمل الحكومة السابقة المستقيلة لعادل عبد المهدي كل الأسباب التي اوصلت اليه لكنها هي لا تبتعد عن المنظومة الحاكمة المتصدعة في الواقع على الرغم من ذلك تعد هذه التهمة قريبة للواقع  وليست بالمطلق انما بالنسبية ولا يعني في الحقيقة من شيئ  ويجافيه الامر كونھا كانت الحكومة ضحية لعدم الإنسجام بين من جاء بھا من جھة في تحقيق مصالحهم بذريعة الاصلاح ولابعاد المسؤولية عن نفسها في ذبح الكبش المفتدى ، و الإخفاق تثبت حقيقة يجب الإشارة إليها، وهي إن لغة الأرقام وكثرة أعداد مقاعد الكتل النيابية تصبح صفراً على الشمال إذا كانت زعامات تلك الكتل لاتجيد فن ادارة الدولة وإختيار المواقف الوطنية التي تتطلبها ادارة شؤون المجتمع الخارج من ظلم الاستبداد ليقع في فخ الجهل والمصالح .
وتظاهرات الجماھير المحقة ومطالباتهم السلمية من جھة أخرى يجب اعطائها الدور الامثل اذا كانت سالمة من الشوائب والادران والشواھد على ذلك كثيرة حيث إعتادت بعض الكتل أن تكون شريكاً أساسياً بغية تحقيق مكاسب جديدة لها لكنھا تتبرأ حين تلوح بوادر الإخفاق الخدمي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي  في الأفق وتبدأ في الصاق التهم بعضها بالبعض الاخر وظهور الفساد على العلن والشواهد كثيرة مثل سرقات البنك المركزي في اتلاف المليارات من المبالغ النقدية ، والمتهم المطر .. واخيرا التهام 750 طن من الحنطة من قبل الطيور وهكذا هي والله الساتر دون وجود رادع مناسب مقنع لحد الان ومن الطبيعي انً البلد سوف يواجه محنا او انتكاسات مختلفة وعندما تنتهي من محنة معينة لا تحاول ان تراجع أداءها في كيفية تعاطيها مع المِحنة وتشخيص مكامن الخلل التي سببتها والبحث عن مكامن القوة التي تساعدها على تجاوزها وغير مبالية بالموضوع لانهم رفقاء القافلة وشركاء السراق  .  ويمتلكون أكثر من أدوات اللعب على بعض الزوايا السياسية غير الناضجة مما تسبب في حيث المبدأ تضاءل مساحات الامل بتحقيق النجاح في الاستقرار السياسي بما ينسحب تماما على الاستقرار العكسي للأمن ثم الاقتصاد والمجتمع وهكذا الزوايا الاخرى وبالتالي على توقف حركة البناء والنمو التي يحتاجها البلد .
في المحصلة لنقل ان عمل الخلاف الذي يتأصل ويترسخ يوما بعد يوم  بين الكتل السياسية نموذج واضح على ضعف التكوين السياسي وافتقار البعض الى الهيكل التنظيمي والاطار الفكري ناهيك عن عدم حضور فاعل لقيادات منهم لانهم ينتظرون الخراج ، فأن من الطبيعي الا يكون لها دور في عملية التغيير والتاثير في الشارع  والخلو من المسؤولية الثقافية والحرص على الاتجاه السياسي على علاتها دون تجديد المعايير والانشطة والاساليب التي  تسبب في النهاية اضرار جسيمة بالعملية السياسية بشكل كامل لا بل نهايتهم وتسرع في انحلال الاحزاب والكتل وسقوطها ،والوضع سوف يزداد تعقيدا من سيئ الى اسوأ ، نتيجة عدم وضوح الرؤية والخلافات التي لم تهدأ يوما وضياع عامل الثقة  بين جميع أطراف العملية السياسية الحاكمة برمتها و التي تبدو عاجزة عن التغيير نحو الافضل على الرغم من مناوراتها من خلال دعواتها إلى التسوية التاريخية والأغلبية السياسية وبناء تحالفات غامضة بين بعض القوى السياسية وسرعان من تتهدم وتتشرذم اوصلها و تواجه مأزقا كبيرا ، في ظل الصراعات الضروسة الناشبة بين جميع أركانها من الأحزاب والسياسيين واستمرارها تسبب ضياع العراق وتدميره لان عملها السياسي بلا قواعد ولا اطر ولا اهداف واضحة او برامج عملية في ادارة الدولة، ومن هنا ظهر ً الاستشراء الفساد مع هذه الفوضى، وكثرة التنظيمات السياسية. وظهرت الخروقات في العملية الاتخابية بشكل مفضوح وكثر الحديث ولازال عنه.
اذن يجب ان تكون وقفة هناك تقفها قيادات الكتل السياسية العراقية الوطنية لوضع النقاط على الحروف ولجم الخلافات وانقاذ الوطن وتحديد المسؤولية لان تحديدها من شأنه تسهيل الرقابة الذاتية للجهة المختصة لتحديد علل الفساد ومكانه ومكامن اسبابه واصلاح العملية السياسية وابعاد المشاكسين والمشاغبين والصوص والسراق وبالتالي يتم تحديد المخالفين لضمان عدم الاضرارواحالتهم الى القانون والحساب دون ضرر بالمصلحة العامة بشكل خاص والحكومة الجديدة عليها مسؤولية رغم قصر المدة الزمنية المكلفة بها .
فهل ستنتهي الازمات  والصراعات بعد تعيين مصطفى  الكاظمي  والخروج من الشلل السياسي في دعم الكتل البرلمانية الأقوى له والنقمة الشعبية التي عمت الشارع قي لم تأت من فراغ، وإنما كانت نتيجة تراكمات للفشل الواضح في إدارة شؤون البلاد. فهل سيمهّد الكاظمي الطريق أمام عملية سياسية جديدة بعد الاعداد وتشخيص لموعد الانتخابات المقبلة و تبتعد عن المخاطر والمعوّقات وتقضي على السلبيات التي تكبح قدرة الدولة على الحكم بشكل مستدام. في تحديد الخطوات التي ترغب في رؤيتها وإدراك وقائع الحوكمة والسلطة في العراق .
اما مجلس النواب الحالي فلم يكن ادائه التشريعي بمستوى الطموح ولم تكن له حصيلة تشريعية اوإقرار قوانين بسبب كثرة التعطيلات  وفقدان الدور الرقابي و التجاذبات والصراعات السياسية التي رافقت محاولات تشكيل الحكومة  وقدا كشف اعضاء من اللجنة القانونية النيابية في اكثر من تصريح ، عن وجود العشرات من مشاريع القوانين غير المنجزة في أدارج مجلس النواب تحتاج الى التحرك الجدي  لتشريعها وانجازها لخدمة الصالح العام، ويتهم البعض رئيس المجلس محمد الحلبوسي في التأخير لعقد جلسات المجلس في الوقت الحالي لاسباب غير مبررة ،وجميع الكتل تتحمل اوزار التأخير في عمل المجلس اذا ما كانت تطمح الى أن تقر الكثير من القوانين التي تهم المواطن، ولكن الصراعات السياسية على تشكيل الكابينة الوزارية كانت العلامة الواضحة في الاشهر الاخيرة وساهمت في ايجاد البطئ وعمل مجلس النواب لا بل ايقاف نشاطه تماماً.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

294
دبلوماسية المثليين للاتحاد الاوروبي في العراق
لقد أثارت الممثلية الخاصة في سفارة الاتحاد الأوروبي  الاستشارية التي عليها تقديم المشورة للسلطات العراقية بشأن تنفيذها للجوانب المدنية لاستراتيجية الأمن القومي و الاعتراف بالكرامة المتأصلة في العراق الذي يعد بلداً محافظاً، وتلعب الأعراف القبلية  والدينية فيه دوراً بارزاً،,، ما قد يؤدي إلى ردود افعال غاضبة بعد ان اقدمت على رفع علم المثليين في مقر البعثة في بغداد وبمشاركة سفارتي بريطانيا وكندا و كانت بعثات الاتحاد الأوروبي في أنحاء العالم قررت رفع علم قوس قزح لإحياء اليوم العالمي لمناهضة ارهاب المثلية والتحول الجنسي والذي سبق للعراق رفض التعامل معه ، والذي يصادف 17 مايو حيث يسلط فيه الضوء على حقوق المثليين ومتحولي الجنس ومزدوجي الجنس.هذا العمل اثارغضب العراقيين بسبب هذه الخطوة الغير موفقة والمخالفة للشرائع الربانية  والذي احدث خدشة كبير في التقاليد والاعراف الاجتماعية والدينية التي تمنع مثل هذه الاخلاقيات الشاذة والمنتشرة في اوروبا وغير مقبولة في اكثر البلدان الاسلامية وحرمها القران الكريم في العديد من الايات الالهية ومنها  في سورة الاعراف ،(( وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ  (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ))( 81 ) صدق الله العلي العظيم.
مع العلم ان الدبلوماسية تعرف على أنّها وسيلة ناجحة للاتّصال بين النّاس؛ وهذه الوسيلة حافظت على الجنس البشريّ من  الانحراف الاخلاقي ، والمسؤول المكلف بهذه المهمة عليه تقييم الاوضاع قبل التّحدث أو القيام بأي تصرّف او اتخاذ أي قرار لا يتناسب مع موقعة ، ومن خلال الدبلوماسيّة التي تعني -الكياسة – وحسن التصرف وهي علم وفن وحرفة وهي كلمة يونانية قديمة تعني الوثيقة المطوية، والتي تمنح صاحبها امتيازات أو ترتيبات مع الجاليات الأجنبية و كانت الوثائق عند الرومان تنسخ على ألواح وتطوى بطريقة خاصة تسمى ديبلوميز، وهي عملية التمثيل والتفاوض التي تجري بين الدول في غمار إدارتها لعلاقاتها الدولية وهي عملية الاتصال بين الحكومات ويمكن تجاوز أي صعوبات قد تحدث لاي دولة او شخص من هذه الدولة او تلك، كما يتمّ من خلالها بناء العلاقات مع الآخرين ، فبفضلها انتهت الحروب والنزاعات بين النّاس من أجل الحصول على لقمة العيش. وتُعتبر الدبلوماسيّة من الفنون الرّفيعة ففيها تتمثّل الكثير من السلوكيّات والأذواق العالية، والمزايا الشخصيّة من الأمور المهمّة الّتي تقود الشّخص لأن يكون دبلوماسيّاً معرفته لوسائل الاتّصال المناسبة للأوضاع التي يكون فيها وكذلك أنماط الحياة الاجتماعية لذلك البلد. ويعتبرر علم الدولة هو الشعار المميز لها، والذي يرمز إلى استقلاها وسيادتها، وتصدر كل دولة قانون خاص بإنشاء العلم الوطني لها، تحدد فيه أبعاد العلم وألوانه بما يتفق وما تراه مميزاً لفكرة وطنية معينة.والشخصية الدبلوماسية يجب أن يكون شخصاً ذكياً بحيث يعرف كيف يتعامل مع انماط الآخرين ويُجيد التعاطي والتعامل مع ما حوله وما يملك من معطيات، و لا يجب أن يؤذي مشاعر الغيرو يمتلك أسلوب حوار راقي وذكي جداً بحيث يستطيع من خلاله حلّ أي خلاف مهما كان كبير بينه وبين الآخرين بسهولة.الشعب العراقي عانا ما عانا من الظيم والاضطهاد والتعسف و نهض توّاً من كبوته، والمتطلع بثقة إلى مستقبله من خلال نظامٍ جمهوري اتحادي ديمقراطي تعددي، عَقَدَنا العزم برجالنا ونسائنا، وشيوخنا وشبابنا، على احترام قواعد القانون وتحقيق العدل والمساواة، ونبذ سياسة العدوان، والاهتمام بالمرأةِ وحقوقها، والشيخ وهمومه، والطفل وشؤونه، وإشاعة ثقافة التنوع، ونزع فتيل الإرهاب.وهومجتمع محافظ  كما ذكر في ديباجة دستوره "نحنُ أبناء وادي الرافدين موطن الرسل والأنبياء ومثوى الائمة الأطهار ومهد الحضارة وصناع الكتابة ورواد الزراعة ووضاع الترقيم. على أرضنا سن أولُ قانونٍ وضعه الإنسان، وفي وطننا خُطَّ أعرقُ عهد عادل لسياسة الأوطان، وفوقَ ترابنا صلى الصحابةُ والأولياء، ونظَّرَ الفلاسفةُ والعلماء، وأبدعَ الأدباء والشعراء".ومن هنا يتطلب من كل الهيئات والمنظمات العالمية العاملة والشخصيات الدبلوماسية  احترام السيادة، وعدم التدخل في الشأن الداخلي و احترام قيمه المحافظة على تقاليده الاجتماعية والدينية الذي يعتز بها و وليس لأي شخص، أو مجموعة، أو توجه ما ، أو أي طرف إقليمي أو دولي أن يصادر إرادة العراقيين في ذلك، ويفرض رأيه عليهم
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

295
التكافل الاجتماعي بطول الوطن
في ظل هذه الأوضاع السائدة في العالم اليوم  ومجتمعنا ليس ببعيدعنه لا بل جزء لاينفك منه وكان وسيكون أشد صعوبة على أهلنا مع طول أمد بقاء الوباء اذا لم يعمل بالوقاية والفواصل الاجتماعية ويعد استمراراً لمعاناتهم من ويلات الحرب التي شنتها عصابات الكفر والارهاب ولا زالة مؤثرحتى في العملية السياسية العرجاء التي انهكت اكثر المواطنين ، لتصل بهم الحاله إلى مستويات عالية من الفقر المدقع والحاجة الماسة لشتى أنواع المساعدات، واليوم مع وجود فيروس كورونا أصبحت الحاجة أكبر والعوز أشد و يتردد على طرف كل لسان في شتى البقاع وخاصة ممن هم داخل البلاد في مختلف المحافظات والمدن وعلى جغرافيته .
المحنة الصحية والاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها ابنائه نتيجة تفشي فيروس «كورونا»، تستوجب  تحقيق مبدأ التضامن الاجتماعي الذي اتى ليكون  شريعة الوجود لمن أراد أن يكتمل ، مثل التكافل الاسري ، الاقتصادي ، الامني ، العلمي ، العبادي؛ والذي يقصد به بالمفهوم الحديث باجتماع أفراد المجتمع على المصالح المشتركة فيما بينهم، وأن يكونوا يداً واحدة ضد المعوقات الفردية والجماعية التي تواجههم، ويتّحدوا على دفع الضرر والمفسدة عن جميع أفراده، والوقوف على كلّ ما يواجه أفراد المجتمع الواحد، من مساعدة للمحتاج وإغاثة للملهوف وحماية الضعيف الذي يشمل المعوزين من طبقاته المختلفة لانهم الاكثر تعرضاً، وتكريم مَن يستحق التقديرمن الفاعلين والمضحين ، والنظر إلى كلّ مَن لديه حاجة خاصّة، والوقوف إلى جانب بعضهم في دفع المظالم وتسوية الخلافات وتقريب وجهات النظر بين أفراد المجتمع الواحد.
وهو ما يفرض على أفراده تعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهم لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية،تحت مبدأ التضامن الذي أكدت عليه المواثيق الدولية والتعاليم الدينية وتحت نافذة التكافل الاجتماعي الذي يعني :  أن يكون أفراد المجتمع مشاركين في المحافظة على المصالح العامة والخاصة ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية
التكافل يولد شعور عند الفرد بأنه غير منفصل عن المجتمع وغير معزول عن الناس لوقوفهم إلى جانبه في السراء والضراء، وتوثيق الصلات والعلاقات الأخوية، وتعزيز الروابط المجتمعية بين الناس وتقوية أواصر المحبة بينهم، وقوة تماسك المجتمع وتلاحمه وترابطه في مواجهة الأزمات والكوارث وهو السبيل الامثل بحيث يشعر كل فرد فيه أنه إلى جانب الحقوق التي له أن عليه واجبات للآخرين، وخاصة الذين ليس باستطاعتهم أن يحققوا حاجاتهم الخاصة، وذلك بإيصال المنافع إليهم ودفع الأضرار عنهم.
 للتكامل الاجتماعي مكانه بارزاً في المجتمع عندما يلتزم بهذه القاعدة وتتحقق فيه جميع مضامينه، ذلك .
الإسلام قد أهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول صلى الله عليه واله وسلم ذلك المجتمع بقوله: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وليس أبلغ من تشبيه كهذا، فللتعاون والتكافل في المجتمع العديد من الآثار التي تعود عليه بالإيجابيات والخير من خلال في التعاون فيما بينهم  وتناصحهم وموالاة بعضهم لبعض،وقال تعالى: «واعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (سورة آل عمران، آية: 103) ويتمثل في مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين بأن يساهمون في توفير حاجاتهم وتخفيف معاناتهم، ويتمثل أيضًا في مساعدة الأيتام وكفالتهم، وفي مساعدة الأرامل وتوفير احتياجاتهن… إلى غير ذلك، يقول تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].والتكافل الاجتماعي هو مسؤولية المجتمع بمختلف شرائحه، هيئات وجماعات وأفرادا، الإمام علي (عليه السلام) بهذه يقول: (الناس صنفان اما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) فهذه الحكمة الرائدة هي دعوة للإصلاح والإهتمام بالآخرين ،وبمقدار ما يتم تعزيز هذه القيمة بقدر ما يحقق المجتمع وحدته وتماسكه وقوته لمواجهة هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الكثير من البلدان  ؛ فالإنسان بمفرده لا يستطيع مجابهة أي خطر دون وجود من يسانده ويدعمه. ثم إن هناك فئات في المجتمع، في وضعية هشاشة، في حاجة ماسة إلى من يتآزر ويتضامن معها في مواجهة الآثار الاجتماعية السلبية. والتكافل الاجتماعي في الامكان ان يكون كأحد صور توزيع المسؤوليات على أفراد المجتمع، وخاصّة ما يتعلق بأصحاب القرار الذين بيدهم الربط والحل في المجتمع وذوي الرأي فيه، فهؤلاء اول الناس التي تقع على أعناقهم مسؤولية حمايته وحل مشاكله إذ تفاعلوا بشكل إيجابي مع هذا المفهوم كأبناء وطن وبروح المواطنة التي تفرضها القيم الاخلاقية والدينية و عليهم ضرورة التمسك بالفضائل التي تناسب الطبيعة الإنسانية،  ، فمنهم يجب أن تبدأ مبادرات التكافل الاجتماعي، والتي تبحث عن المشكلات المعقدة في المجتمع وتحاول حلها وتخطيها، لينعم أفراده بالسكينة والراحة والأمان والاطمئنان بطول الوطن.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

296
زيارة الكاظمي لهيئة التقاعد وتجربة المسؤولية 
             
 
قد يعتبر البعض ان ما تم الترحيب بانتخاب الكاظمي على الصعيد الدولي هي إحدى نقاط قوة حكومته و  ايّده في ذلك الاميركيون وسارع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى الاتصال به وإلأسيكون  الفشل حليفه كما فشل فيه غيره وعليه أن يصنع لنفسه تاريخ يليق به باعتباره كلف لرئاسة دولة كبيرة اسمها العراق. والنصيحة هي بالابتعاد عن الأجندة الأمريكية التي أثبتت من خلال التجربة انها  أثقلت البلاد بالمشاكل والازمات والتعقيدات والخلافات تحت شريعة فرق تسد وألقت بوزرها على العباد، ولم يجني العراق منها سوى الخراب والاكثر من ذلك كله  أنها لا تريد الخير للعراق كونها تريده أن يكون ساحة لصراعات إقليمية في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها والعالم على حد سواء. فوق ذلك كلّه، تعهد الكاظمي إقامة علاقات جيدة مع الجيران العرب ومع غير العرب، أي مع ايران وتركيا. كان لافتا الاتصالات التي تلقاها من كبار المسؤولين العرب، في مقدّمتهم الملك سلمان ووليّ العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان. والرئيس التركي اردوغان والايراني حسن روحاني والصيني والكثير من الرؤوساء الاخرين والتي يمكن لهذه القدرة التغلب على التحديات المحلية بالإضافة الى جذب الدعم الدولي مرفقة بوعود لدعمها في مواجهة التحديات الجسام التي ولدت في خضمها وهي رغم كل ذلك مهمة ليست سهلة، ولن تكون خطواته التي سيتخذها بعد ان مررت حكومته من قبل البرلمان يسيرة و لن تكون بهذه البساطة نظرا لتداخل وتشابك الملفات، وتفاقم المخاطر والتحديات،  وفي عالم السياسة لا شيء بدون ثمن، ومن يدعم ويساند ويؤيد لا بد انه يبحث عن ثمن كما تعودت عليها الكتل السياسية العراقية في سياقات عملها في السنوات 17 الماضية  ولا بد ان تكون لديها اشتراطات ومطالب مباشرة أو غير مباشرة وحكومته لم تكتمل الوانها ومعالمها وملامحها وخطوطها بعد وسوف يجد صعوبات عدة بلاشك ومن اهمها إعادة تنظيم هيكلة الدولة العراقية من جديد؛ لأن الحكومات السابقة جعلتها دولة مترهلة وأغلب مؤسساتها استهلاكية وليست إنتاجية، فضلاً عن ذلك أن الدولة العراقية تقع وسط منطقة الصراع الدولي والإقليمي ويضاف الى ذلك ان خيوط اللعبة السياسية في العراق معقدة أكثر مما يتوقع بعضهم، و يبدو أن أمريكا عازمة على تغيير جذري للعملية السياسية في العراق، و يبدو أنها مستعدّة لهدم ما قامت به عند دخولها العراق ، و ترغب في الإبقاء على مصالحها بأي ثمن والتي لا يعلى عليها شيئ.
والملفت في قرارات اليوم الأول للاجتماع الاول لمجلس الوزراء برأسة الكاظمي كانت تأكيدية ولم تكن بقرارات جديدة من حيث الانشاء والحبر والورق بمثلها من القرارات التي صدرت من المجالس السابقة و من السابق لأوانه أصدار أي تقييم بحقه ومن ثمارها تعرفونها والايام القادمة سوف تبين الحقيقة ، ننتظر تلك  القرارات والخطوات حين التنفيذ السريع وهي حقوق على ارض الواقع للمواطن واهمها الانتخابات المبكرة والحرة والنزيهة كما يطالب الشعب، وأصدار قرارات لتعويض ضحايا الاحتجاجات السلمية والتحقيق بأعمال العنف التي رافقتها ومن قام بها ، والاسراع في أجراء تغييرات في القيادات الأمنية .
ومن اهم الامور التي تواجه الحكومة الجديدة التحديات و المشاكل الاقتصادية والفساد الاداري ووجود قوات الاحتلال الأجنبية، و مواجهة التحديات الداخلية الكبيرة بالإضافة الى تمهيد الطريق لاجراء انتخابات عامة والتي تعد إحدى المهام الموكلة لهذه الحكومة خلال الفترة الانتقالية.والتي يجب أن تتخذ تدابير خاصة لمعالجة كل من هذه المشاكل. إضافة لمطالب الاحتجاجات في الشوارع  و إذا لم يتم تلبية هذه الطلبات وتم تراكمها، فقد يؤدي ذلك الى تحفيز المتظاهرين للنزول إلى الشوارع مرة أخرى بشكل اشد من سابقاتها من تظاهرات ، كذلك ان زيارة رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي لهيئة التقاعد خطوة إنسانية مهمة،رغم الطابع الاعلامي الذي كان سيد الموقف فيها ولعلها تجربة كبيرة له بعدم التسرع في المواقف وخاصة الخطاء الذي وقع فيه مع اخية عماد الكاظمي الاخ الاكبر على الهواء و " برئ برائة الذئب من دم بن يعقوب " واعتذاره المفجع بعد ان تحول ي من رئيس مؤسسة امنية صغيرة الى رئيس دولة بمسؤولياتها الواسعة والمتشعبة وهي هفوة كبيرة تستحق الوقوف عند مردوداتها العكسية التي اعطتها ودراسة  جوانبها السلبية و عليه ان يبتعد عن التسرع في اصدار الاحكام .
 وفي هذه الزيارة لعله اطلع على معاناة شريحة المتقاعدين وخاصة بالنسبة للزيادة السنوية الغير مشمولين بها كباقي الشرائح وعسى ان يقلل من الظلم والآثار الثقيلة لتي وقعت عليهم من اهمال في الفترات الماضية ومن اجحاف لأن المتقاعد الذي أفنى عمره في العمل  يشعر اليوم بخجل وندم وضعف لما افنى به حياته من اجلها و خصوصا بعد القرار غير الموضوعي والغير العقلاني الذي اتخذ في ايقاف صرف حقوقهم في الشهر الاخير من قبل اي من الجهات التي امرت  به لان أغلبية المتقاعدين ليس لهم مورد غير مرتباتهم وقطعها يعني جوعهم وجوع عوائلهم".
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي             

297
الاخلاق الفردي والتأثير المجتمعي
الأخلاق هي السَّجيَّة والطَّبع والدِّين، وهو صورة الإنسان الباطنية وعبار عن  مجموعة من العادات والاعراف والقواعد في الوعي الشعبي العفوي والكمال الأخلاقي وتشريع القانون الخلقي  التي يؤمن بها هذا الشعب او ذلك المجتمع  في مرحلة معينة من مراحل التطور التاريخي ومنظومة تتحدد بنائها على الواقع الاجتماعي والطبقي المحدد ولا بد من معرفة أهميتها في حياة الفرد، بالإضافة إلى تأثيرها على المجتمع ، و بناء على الخصوصيات الحضارية للجماعة البشرية المحددة في كل مرحلة تاريخية بعينها وأثر الأخلاق على المجتمع يدفع إلى الحديث عن الأخلاقيات الواجب على المرء أن يتحلّى بها في حياته الشخصيّة  و معاملة الناس بحسن الخلق، وهو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى عن الخلق، وتحمل أذاهم، والإحسان للمؤذي ما كان في الإحسان إصلاحٌ حتى صارت من كريم سجاياهم وجميل صفاتهم، وهي من صفات إيمانهم وجليل أعمالهم، وكذلك كونه جزءًا لا يتجزأ من المجتمع كأخلاقيات العمل وأخلاقيات طلب العلم وأخلاقيات التعامل مع الآخرين ونحو ذلك من الجوانب المختلفة للأخلاقيّات وجاء في القران الكريم سورة هود: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ ۗ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) 116و 117،وتكون اقوال الامام علي عليه السلام عن الاخلاق لها الاثر الكبير وأجمل الأقوال التي توفّرت بين ايدينا، والعبارات التي كُتبت بماءٍ من ذهب واقتفى أثرها الملايين من المسلمين وسجلت على أيدي كبار الأدباء وارخها البعض شعراً .ومنها" حرض بنيك على الآداب في الصغر .. كيما تقر بهم عيناك في الكبر" او  "إذا آلمك كلام البشر فلا تؤلم نفسك بكثرة التفكير لماذا قالوا و لماذا فعلوا ذلك ثق بربك ثم بنفسك طالما هم بشر مثلك فليس لديهم سوى ألسنتهم و لا يملكون نفعاً و لا ضر".
أن بعض الفلاسفة يرون أن موضوع الاخلاق "لا يكون مجرَّد دراسة تقريرية للعادات الخلقية السائدة بين الناس؛ لأنهم يرون أن مهمة الأخلاق إنما تنحصر في وضع الَمَثْل الأعلى من خلال فرض القواعد التي ينبغي على الانسان أن يسلكها في حياته ، و ما يصدر عن النفس من الأفعال بشكل تلقائي ويسير دون التفكير والتروي  ، سواءا كانت أفعال مذمومة أو محمود وبهذا المعنى يقال: أخلاق طيبة ، كريمة أو صالحة ،أخلاق قاسية، أخلاق سيئة، أخلاق منحلة ...الخ .
ان مكارم الاخلاق كيانٌ عظيمٌ شيّده الأنبياء والعلماء وأهل الفضل، وقد جاء عن النبيّ محمّد -صلّى الله عليه واله وسلّم- قوله عن رسالته: "إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ صالحَ الأخلاقِ"،والأخلاق هي السّجايا الحسنة والطباع الفاضلة والصّفات الباطنيّة التي يحملها المرء في داخله، وهي ما يصدر عن نفس الإنسان من انعكاسٍ لأعماله وطباعه مع ذاته وفي معاملته للآخرين من حوله على اختلاف صلتهم به.
يجب علينا ان نعلم بأن هناك فَرْقٌ بين الخُلُق والتخلُّق؛ إذ التخلُّق هو التكلُّف والتصنُّع، وهو لا يدوم طويلاً، بل يرجع إلى الأصل، والسلوك المتكلَّف لا يسمَّى خُلقًا حتى يصير عادةً وحالةً للنفس راسخةً، يصدُرُ عن صاحبِه في يُسر وسهولة؛ فالذي يصدُقُ مرة لا يوصَفُ بأن خُلقَه الصدقُ، ومن يكذِبُ مرَّةً لا يقال: إن خُلقَه الكذب، بل العبرةُ بالاستمرار في الفعل، حتى يصيرَ طابعًا عامًّا في سلوكه.
 وللأخلاق مجموعة قواعد ومعايير في حياة الناس، تحدد واجباتهم كل تجاه الآخر وتجاه المجتمع بأهميّةً بالغةً، وقيمها هي نسبية تابعة لعملية التغير المستمر الذي يؤثر في دوافعها الاجتماعية والبيولوجية والفيزيولوجية وغير ذلك من الدوافع، ولا تقتصر هذه الأهميّة والتأثير على الفرد وحده، بل تتعدّى هذه الأهميّة لتعمّ المجتمع كلّه ، ولا يختلف اثنان على أنّ الأخلاق الحسنة من الأمور المهمّة التي لا يستغني عنها أيّ مجتمع، أو جماعة، أو فرد، فلا يستقيم التواصل والاتصال بين النّاس على نحوٍ سليمٍ، ولا تنتظم العلاقات على تنوّعها دون الأخلاق الحَسنة،وقيمها ،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

298
واشنطن في العراق والامال على ازمة لداعش
تأتي التحركات الاخيرة لعصابات داعش ضمن حلقة لعودة الحياة من جديد في بدن هذه المجموعات المدعومة من قبل الولايات المتحدة الامريكية ولإيجاد المبرر لاحتلالها للعراق و للضغط على اعدائها ومنافسيها في المنطقة. وقبل اجراء المباحثات المؤملة في حزيران القادم حول جدولة الانسحاب الامريكي وهي احدى أهم مهام رئيس الوزراء القادم ، بعد حصوله على الثقة في تنفيذ قرار البرلمان بطرد جميع القوات الأجنبية من العراق و في الواقع ان قرار البرلمان هو أحد أهم الشروط التي ينبغي للمكلف ان ينفذها بعد انتخابه رئيساً للوزراء.
واشنطن كانت قد اعلنت مؤخرا بضجة كبيرة في الاعلام عن الإخلاء والانسحاب من عدة قواعد صغيرة في العراق. وجرى لاحقًا الاعلان أن الغرض من إخلاء القواعد كان تجميع قوات ما يسمى التحالف ضد داعش في قواعد عين الأسد العسكرية في محافظة الأنبار وناحية الحرير في محافظة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق  وبعد تحرك هذه المجموعات في مناطق “البوكمال” السورية و”الربيعة” العراقية. وقد اتهمت روسيا في وقت سابق أمريكا بإرسال معدات حربية للإرهابيين في هذه المناطق بحجة ارسال المساعدة الإنسانية لمخيم الركبان على الحدود السورية العراقية
 ويعتقد الجميع أن واشنطن تبحث عن استراتيجية إحياء داعش بعد الفشل المتكرر في مشهد المعادلات الميداني في العراق وصمود قوات الامنية المتمثلة بالجيش والشرطة والحشد الشعبي بوجه داعش ،ويظهر ان واشنطن واثقة من أنه سيُطلب منها قريباً مغادرة العراق. لذلك ، فإن الأزمة الوحيدة التي يمكن أن تؤخر هذا الطلب في هذه المرحلة هي إعادة تنشيط هذه الجماعات الإرهابية .
ان هذا المجموعات الارهابية لا تزال تحتفظ بخلايا نائمة في مناطق واسعة من العراق وقد تم دعمها بقوات من سورية نحو الحدود العراقية اخيراً لتشن هجمات بين فترات متباينة ،واخرها ليل الجمعة السبت، على حشد فوج دجلة في منطقة مكيشيفة بمحافظة صلاح الدين وادى الى استشهاد  11 فرد من ابطال عناصر الحشد الشعبي قتلوا في هجوم لتنظيم داعش الإرهابي على فوج دجلة منهم في هذه المنطقة.وقد استغلت هذه المجموعات الوضع السياسي الحالي المرتبك والصراعات في دوامة المنازعات والمناكفات السياسية حول تشكيل الحكومة وغياب دورها في الوقت الحالي وضعف تعاملها مع داعش مما رفع مستوى عملياته وأنشطته مؤخراً وقد شهدت الأيام والأسابيع الأخيرة تزايداً ملحوظاً وارتفاعاً في وتيرة نشاط هذا التنظيم الإرهابي في مناطق متعددة من العراق، بشكل مكثف في مناطق «رخوة» أمنياً في المثلث المحصور بين محافظات ديالى وصلاح الدين وكركوك، بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة لهذه المناطق من جهة، والمشاكل الأمنية والسياسية فيها، باعتبار أغلبها من المناطق المسماة "المتنازع عليها" و مستغلاً الأوضاع الاستثنائية والانشغال بالمشاكل السياسية وانتشار وباء (( كورونا ))مما امكن  لداعش من إعادة تنظيم صفوفه من خلال قيادة تعمل وتتحرك على الأراضي العراقية والغفلة من الاجهزة الامنية ان تأخذ الموضوع على محمل الجد، وبعيدا عن كل السياقات والانجرار ورائها، وما قد تسببه التحركات الاخيرة من وقع مأس وتعقيدات جديدة ولضرب الوضع الهش اساساً . على الحكومة العراقية ان تتحلى بالشجاعة والقوة وهي تواجه عصابات داعش الارهابي وهويملك الارضية التي تساعده في مراحل الكسب والتأييد، وليست هالة إعلاميّة مثلما يذكرها البعض وسوف يعود متماسكاً بهذه الوضعية كما كان عليها في السابق من خلال تجديد مهامه الرئيسيّة وقدراته العسكريّة.
  وعلى قادة العراق وعقلاءه عدم العمل مع هذه المجموعات الخطيرة التي زرعت داخل الوطن و المجتمع العراقي ببرود وتراخي ولا مبالاة على اعتبار ان هذه التحركات غير مؤثرة . وان لا تتقدم بأي مصلحة على مصلحة الوطن ، والتعلم من من نتائج الهجمات الاخيرة الحفاظ على الامن القومي والسلم الاهلي والمجتمعي من كل طارئ او دخيل . والتعامل بحكمة وشفافية مع قضية مهمة مثل هذه لانهاء هذا الملف الخطير .
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
 

299
المنهج الاخلاقي في المواطن والمسؤول
ان العدل شيء والمساواة شيء آخر ،فالعدل ان تعطي نفس الفرصة للاثنين ومن السمات الكريم للانسان الصالح ، المعتدل وهو الانسان الوسطي لاافراط ولاتفريط عنده بل لابد ان يملك توازن والكون بُني على العدل والانتظام وهذا الخلق هو عامل أساسي في استقرار المجتمعات، هذا الخلق به تنتزع صفات الحقد والكراهية والحسد من القلوب، وبه تسود علاقات المحبة والاحترام والأخوة لدى المجتمع ، بل بهذا الخلق يأمن الناس على نفسه وماله وعرضه.وهذه كلها جزء من الاخلاق التي يقول الامام علي عليه السلام عنها.. (رَوِّضُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ يَبْلُغُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَةَ الصَّائِمِ الْقَائِم‏ ).. والرحمة قيمة انسانية نبيلة حالها حال الصدق ، والعدل ، والانصاف وهي خلق عظيم يجب ان يتحلى بها الانسان الذي يريد ان يكون مرضيا عنه من الله سبحانه وتعالى ، ان الهدف الرئيسي من نشأة السلطة و الدولة جاءت لتحقيق صالح المجتمع  من انصاف وعدل و خير أفراده ككل ، و هو ما لا يتأتى إلا من خلال أيمان الإفراد بالصالح العام و الخير المشترك والمسؤول الصالح من يحمل الأمانة التي ناط الله به يقول المولى سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ) 70 الاسراء و حملها الامانة  بعد أن أشفقت من حملها السماوات والأرض والسلوك المسؤول أو المسؤولية هي أن تؤدي العمل المطلوب منك على أكمل وجه في الوقت المحدد. وهذا التعريف للمسؤولية ليس بالأمر الهيِّن الذي يأتي نتيجة صدفة، بل نتيجة تربية وإيمان واستعداد وشعور وممارسة لقيمة المسؤولية. وهناك نقيض المسؤولية ــ اللامسؤولية، وتعني الإهمال والتكاسل والتسويف . إذا كانت المناهج التربوية المختلفة تسعى إلى إيجاد المسؤول الصالح، فإن منهج التربية الإسلامية يعمل على بناء الإنسان الصالح ويقول رسولنا الكريم (ص )...مَن ساءَ خُلقُهُ عَذَّبَ نَفسَهُ وَ مَن كَبُرَ هَمُّهُ سَقُمَ بَدَنُهُ؛..وهذا لا يعني ان البعض من المذاهب تغفلها ابداً والكثير من المذاهب تدعوا الى اصلاح الفرد في المجتمع .
 الإنسان الذي يشعر أنّ الخلق كلهم عيال الله، أقربهم منه أنفعهم لعياله. والذي يستشعر أنّ الناس جميعاً لآدم وآدم من تراب، وأنّه لا فرق بين إنسان وآخر "لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلّا بالتقوى .
المسؤول الصالح هو من يتحدى نفسه أولا، ويتمسك بضميره وبما يمليه عليه من ثوابت وقيم أخلاقية تجعله أرفع من التوافه، وأنزه من أن ينزلق في متاهات الحرام البائسة وأخلاقياته وملتزم بمسيرة العفة ومبادئها، ويجمع بين الحق الصادق فيما يتصدى له من مهام ومسؤوليات.
هناك دعائم أخلاقية لا يصحّ أن يغفلها المسؤول، فإن حدث وأهملها أو تغاضى عنها لأي سبب من الأسباب، فإنه سوف يضطر إلى مجافاة الحق، ومغادرة الصدق في أقواله وحتى أعماله، فمن يتنصل عن الحق سوف يهجر الصدق، وغالبا ما يكون المسؤول الفاشل متنصّلا من الاثنين، فهو لن يكون صادقا لأنه يعارض الحق، ومعارضته للحق تقف وراؤها الأطماع والمنافع والمحاباة وعقد الصفقات، ومحاولة الاستفادة من المنصب إلى أقصى حد ممكن، وبهذا يتّخذ من الوعود الكاذبة أسلوبا وطريقة في معالجة إخفاقه في أداء واجباته التي أُؤتمنَ عليها.
اما المواطن الصالح يسعى لتنمية ذاته خلقيا وعلميا ونفسيا لأن في قوته قوة لوطنه وفي سعادته سعادة لوطنه والعكس صحيح وهو الذي يرى كل من يسعى جاهدا مخلصا في سبيل تقدم الوطن ورقيه شريكا له في حب الوطن ينبغي أن تفتح أمامه كل الأبواب فإذا كانوا يقولون:” قيمة كل امرئ ما يحسنه” و قيمة ما يقدمه لنفع نفسه والآخرين من حوله وهو الذي يقدم مساهمته بالفكر أو بالجهد أو بالمال في كل ما ينفع الوطن و الذي يعتبر نفسه منافحا عن هذا الوطن ضد أعدائه المتربصين به، و يحمل هم وطنه سواء عاش في داخله أو بعيدا عنه وهو كيان قانوني من الممارسات و السلوكيات للافراد الذي ينظمه القانون على مستوى علاقة الفرد بأفراد آخرين ، او على مستوى علاقته بالدولة و هي العلاقة الذي تلعب فيه الدساتير و التشريعات دورها لتحقيق هذا التوازن ما بين المصلحة العامة للمجتمع ككل و المصلحة الشخصية . يذهب أرسطو إلى أن الخير واحد بالنسبة للفرد و الدولة .
أن خير المجتمع أكثر كمالا و أسمى و أجدر بالسعي من الخير الفردي ، ويتفق أفلاطون مع ما ذهب إليه أرسطو من أن ما هو خير للدولة يكون بالطبيعة خيرا للفرد . تقاس المواطنة الصالحة بمقدار ما يسهم أهلها مع المختلفين معهم فكريا أو عقائديا في بناء الوطن واستثمار ثرواته وصيانة حقوق أبنائه وحماية أرضه من العدوان وفي ذلك بقاء الجميع وفي غيابه ذهاب الجميع ولا قيام للوطن بلا مواطن حر كريم،في تعني معرفة المواطن حقوقه وواجباته تجاه وطنه وتمثله بأحسن وجه بالسلوكات والقيم التي تُسهم في بناء الوطن وتقدمه ، فمتى سنعي ضرورة حب الوطن بالطريقة التي يجب أن نحب بها ذكرياتنا الجميلة ورائحة الشجر والنخيل وماء البحر والتراث المعتق بالجغرافيا والتاريخ؟  يجب علينا أن نقدس الوطن  في كل الأحوال رغم الظروف والتعقيدات السياسية التي يمر بها وغيرها
 عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

300
العراق... فقدان التخطيط الاستراتيجي
المؤشرات التي تطلق على الدول الهشة وبهذه التسمية تكون وفق مبادئ خاصة و بعد ان يدرس عدد من علماء الاجتماع تلك الدول محل البحث بشكل مستقل ويقيمون الأوضاع فيها بناء على أهم الأحداث التي تشهدها مقارنة بالأعوام السابقة ، كما تعتمد التقيمات على البيانات الرقمية الصادرة من البنك الدولي والأمم المتحدة ومنظمات دولية كمنظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية.
وبإلقاء نظرة سريعة على تلك المؤشرات التي على أساسها تُقاس هشاشة الدول أو ضعفها نجدها تنقسم إلى خمسة نقاط  رئيسية، واهمها "التماسك والاستقرار" الأجهزة الأمنية تظهر كدولة داخل دولة."التنمية الاقتصادية غير المتوازنة "والتدهور الاقتصادي ". التي تقاس من خلال عوامل  واساس يرتكز  عليها هؤلاء العلماء وبدورها إلى عدد من المحاور الفرعية. لتشمل الأمن وانقسامات المكونات والشكاوى والمطالب الجماعية.  ويصدر بعدها بيان عن صندوق السلام الذي تأسس عام ١٩٥٧ للبحث في قضايا وموضوعات تتعلق بتداعيات الحرب الباردة وعلى رأسها سباق التسلح النووي وقضايا نزع السلاح النووي، ثم بدأ القائمون على الصندوق مع بداية التسعينيات - وتحديداً عقب انهيار سور برلين - في تحويل اهتمامهم إلى القضايا التي تمثل تحدياً لأمن واستقرار العالم كالأمن الإنساني والصراعات المسلحة والنزاعات الدولية وحقوق الانسان. وتتم دراسة وطرح تلك القضايا بالتعاون مع الحكومات والأجهزة الأمنية ومنظمات المجتمع المدني.ويتم قياس تلك المحاور من خلال تحليل الدراسات والأبحاث التي تصدر عن الجامعات والمراكز البحثية والمنظمات الدولية والتقارير الإعلامية، حيث يتم كل عام تحليل بين ٤٥-٥٠ مليون تقرير خاص بحوالي 178 دولة في المجالات السياسة والاجتماعية لتلك الدول التي لديها قدرة في حدود متدنية لإتمام وظائف إدارة الحكم، وتعاني من أزمات داخلية وخارجية على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تفشي متلازمة الفقر والبطالة والفساد وانعدام الأمن. ناهيك عن تفشي الفساد السياسي والمالي في نظمها والاقتصادية
.واطلق على العراق وسميت بالدولة الهشة وفق تلك المؤشرات بنسبة 99,1 في الدرجات القصوى للهشاشة في سنة 2019 في العاشر من أبريل. حيث رصد التقرير أهم الاتجاهات الخاصة بتطور حالة الصراع في العالم،، بعد ان  ازدادت الصراعات العنيفة فيه بشكل غير مسبوق منذ عام 2003، واصبح اكثر تدهوراً بعد سقوط النطام السابق  و الموقف الهش بكل تعقيداته هو سيد الموقف واثر النفقات المالية الغير المشروعة والفساد الاداري والمالي وانتشار الرشوة وضعف الحكومات المتعاقبة وفقدان الرقابة المالية  التي تعتبر إحدى أهم الأدوات المستخدمة في الحفاظ على فاعلية الضبط العام والشامل لحركة موارد الدخل القومي وثرواته المتنوعة في أي دولة من دول العالم؛ إذ لا يقتصر مفهوم الرقابة المالية من وجهة النظر الاقتصادية الحديثة، على مجرد متابعة ضخ الموارد المالية في قنواتها المعنية وكذلك بيع وشراء المناصب من اعلى المستويات الى اقلها وغيرها من الاتجاهات السلبية التي ساعدة وادة  إلى مخاطر نتجت عنها عدم الاستقرار و الأوضاع الفوضوية . واهم فشل هو في السياسات الكلية ويتمثل بفقدان التخطيط الاستراتيجي وهو الجزءً الذي لا يتجزأ من استمرارية العمل في الحياة بشكل عام، وفقدان التوازن في المؤسسات التربوية بنحو خاص؛ كونه يعدُّ من والوظائف الارتكازية للمؤسسات التربوية ومهامها؛ من أجل التغيير واستدامة البقاء، ولولا التخطيط الاستراتيجي لما استطاعت دول العالم المتقدم من استشراف المستقبل وفرض نفسها على الآخرين رغم قلة الامكانيات المادية والموارد الطبيعية التي من الله على العراق منها  .
 في حين تعاني أغلب المؤسسات التربوية العراقية من التحديات التي تواجهها، وعدم قدرتها على التفاعل الحقيقي مع قضايا المجتمع؛ مما يؤثر على مواكبة المتطلبات واحتياجات التنمية المستقبلية ؛ كونها ما تزال أسيرةَ عدم الاستقلالية والتدخلات من أطراف مختلفة وضعف المسؤوليين عليها ، ورهينة الأوضاع السياسية المتهورة الغير مستقرة  مما تنعكس على بيئتها الداخلية والخارجية، وهذا يستدعي المراجعة الدورية للمؤسسات التربوية وضخها بالطاقات المتخصصة  في ظل التوجهات العصرية الرقمية، إذ لا يمكن أن تكون بعيدة عنها، ومنعزلة في برجها العاجي دون تطوير؛ مما يحتم مسايرة التغيّرات  وفق منظومة القيم المجتمعية؛ وبعد فقدانها في بلد كالعراق الذي يمثل ثقلاً سياسياً، اقتصادياً، واستراتيجياً في المنطقة والعالم ،و يمتلك من ثروات ظاهرة وباطنة، تجعله محط أنظار المحيط الإقليمي والدولي ومن المؤسف ان يكون ضمن هذه المجموعة لفقدان الإرادة السياسية الركيزة الأساس في مكافحة الفساد والحدّ من آثاره المدمرة على مقدرات الشعب، ولو افترضنا توافر هذه الإرادة بنسبة ما، فالتساؤل الذي يطرح ما الآليات أو الخطوات التي يجب القيام بها على المدى القريب والبعيد ، و يجدر بمؤسساته الاقتصادية التخلي عن تطبيق الأنماط والآليات الرقابية التقليدية والسطحية فيما يتعلق بموارده المالية وقنواته الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية الفاعلة والوطنية كافة،   مما يتطلب وضع الخطط الاستراتيجية لاستكشاف نقاط الضعف في تخطيط السياسات والاستثماروالتي لها القدرة علي مواجهة التحديات وتتصدا لها.كما تمثل مجال ريادة الأعمال بوابة مثالية يمكن الدخول من خلالها لتحقيق التنوع المطلوب في المصادر الاقتصادية والموارد المالية للعراق، فهو المجال المناسب لاحتواء الطاقات الشابة وإخراجها من حالة اليأس الاقتصادي والمعيشي السائد حالياً بين العراقيين، وكي يقف المخطط الاقتصادي العراقي على وضعية هذه البوابة المهيأة والمشرعة أمام المبادرين وملامحها لدراسة وضعية الاقتصاد الريادي، لمعرفة دوره المفتقد في التنمية، ومدى مشاركاته المتاحة ضمن مسار التحول العراقي المطلوب باتجاه التحرر من أحادية الريع النفطي، نحو تنويع مصادر الدخل، وشمولية الموارد وتعدد أنماطها المساعدة في تعظيم الناتج القومي، وكذلك لمعرفة ملامح الخريطة الاقتصادية العراقية المثلى من حيث قبول القطاعات المختلفة تطبيقات ريادة الأعمال من عدمه، فضلاً عن تناول نوعية الحلول التي يمكن أن تقدمها المشاريع الريادية لأهم المشكلات المزمنة بالعراق، وعلى رأسها مشكلتا الفقر والبطالة، وتحديد أي الشرائح الاجتماعية العراقية أولى وأجدى بإنجاح هذا المجال، وهو الذي يضمن أهدافها الأصيلة.
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي

301
مزاد الوزارات و ازمة الاخلاق الوطنية
أزمة تشكيل الحكومة في العراق لازالت مستمرة إثر العقبات الجمة التي يواجهها المكلف ليستجيب لاستحقاقات المرحلة الراهنة، ويتمكن من استعادة هيبة الدولة وتهدئة الأوضاع، وإجراء الانتخابات القادمة في أجواء مطمئنة ووضع آلية مراقبة فاعلة على جميع مراحل عملها، تسمح باستعادة الثقة بالعملية الانتخابية وبالتالي اما مجرد تشكيل حكومة عبر الاليات السابقة التي حكمت تشكيل الوزارات المتعاقبة لا احد يعرف توصيفها، او مهامها المفترضة، ، لن يكون امراً  سحريا لحل المشاكل والازمات ولكل الفشل السابق. والأخطر من ذلك كله استغلال الازمة القائمة بشكل مباشر وصريح، لفرض احتكار أطراف سياسية لقرار اختيار الوزراء وفق الاطور الماضية  بعيداً عن القدرة والكفاءة والتخصص يمثل انهيارا للسلطة الكاملة للدولة .
اما في ظل المارثونات اليومية الكارتونية التي نشاهدها في تسابق الكتل والضغوطات في تعيين الوزراء وفق هذه التقليعة ( الوزرات السيادية والخدمية ) الممسوخة في اعراف المواطنة لاتبشر بخير فإذا كانت “الشخصية المكلفة بوزارة ” مرفوضة لعدم اهليتها ، يجب أن تكون مرفوضة من الجميع، وإذا كانت مقبولة لكفائتها ، يجب أن تكون مقبولة ، ولكن المفاوضات  كثيراً ما تصطدم بأمور لا تمت إلى قضية الوطن ومصلحتها بصلة ، انما تعتمد على تقديم المصالح الخاصة على مصلحة البلد، وبعض الجهات تتفاوض فقط من أجل الحصول على مصالحها الضيقة و الضغط من اجل الحصول على الوزارة الفلانية لانها تدر عليها مبالغ داعمة لاقتصادها دون إحساس بالقضية الوطنية .
ومن هنا لا اعتقد بأن الازمة  سوف تنتهي بسهولة هذه المرة ايضاً ، فقد يستغرق الاتفاق اشهر اضافية طويلة ، وبشعور فارغ من المسؤولية الوطنية التي تتحتمها المرحلة ،فيما ينشغل العالم بالمخاوف المتزايدة من انتشار وباء كوفيد 19 وحصده المزيد من الأرواح في العالم ، والتدهور غير المسبوق في اقتصاديات اكثر البلدان  بسبب انهيارأسعار النفط، الذي يمثل المصدر الأكبر لموارد البلاد المالية. مما يدعو إلى أن تبادر هذه الكتل الى الاسراع في عملية التكليف وتشكيل الحكومة العراقية كي تتخذ إجراءات فاعلة لمواجهة الركود السياسي والاقتصادي والخدمي  و تناقص الموارد المالية لإدامة الخدمات الأساسية وتأمين رواتب الأعداد المتعاظمة من الموظفين والفئات الاجتماعية المنتفعة من المساعدات الحكومية البالية  ليُبقي عيون العراقيين مفتوحة على الأوضاع السياسية في بلدهم لاسيما أن التنافس والاختلاف بين القوى والأحزاب على أعلى مستوياتها الطموحة وأشدها لان بعض الكتل لا ترغب في التنازل عن حصتها في الوزارات المعينة ، وقد تعكس انقساماً لا سابق له في البرلمان العراقي ويعد الاكبر في هذه المرحلة ، يتجلى في عجزه مرات عديدة عن الانعقاد لحسم ملفات التكليف مما جعل الوضع في حالة من الفوضى الاجتماعية والسياسية والقانونية، حيث لا يوجد نص في الدستور العراقي يشير إلى كيفية التعاطي مع مثل هذه الأزمة،
ليس هناك من يشك بأن رفض اي كابينة لا يعني ان الوزراء غير اكفاء او لم يكن نابعاً من اعتبارات عدم احتوائها على وزراء مستقلين، أو اختيار وزراء غير مؤهلين أو تحوم حولهم شبهات فساد، أو تجاهلها لمطالب الشعبية وطرح برنامج حكومي طموح يتطلب وجود حكومة دائمة وكاملة الصلاحيات وإنما بسبب اعتياد هذه القوى على نمط معين لتقاسم السلطة في العراق لا تستطيع التخلي عنه وهو الاستئثار بالمال العام ، اليوم على جميع الكتل البرلمانية العراقية ان تتسلح بالجرأة والصراحة والمسؤولية وان تتخذ القرار الوطني الذي يفرضه الواقع العراقي الصعب لتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق والعراقيين الدوائر، والحد من تراكم الأزمات و رفض ترحليها الى المستقبل، عبر الاتفاق على حلول وسط بعيدة عن الانتقام والتهميش، والاتفاق على القواسم المشتركة حتى في حدود الاقل من اجل بناء البلد .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

302
رمضان شهر الاقتراب الى الله سبحانه
كم نحتاج الى فعل الخير طوال العام الكامل اما ونحن نقترب من شهر البركة والرحمة شهر رمضان المبارك فعلينا مضاعفة الرحمة والخير والتقارب بالعطاءات النبيلة وفرصة للإنسان كي يلجأ إالى الله سبحانه وتعالى  ويعاود بناء ذاته وشخصيته الإيمانية الإنسانية التي سوف تحمل معها الزاد إلى السفر الطويل بعد الرحيل من الدنيا الفانية ، فالنفس البشرية عليها ان تسعى دائماً نحو الرضا والإطمئنان والسكينة حتى تشعر بالراحة والإستقرار، والإنسان بطبيعته كذلك يميل إلى حب الشهوات. وفي كثير من الأحيان تسيطر الشهوة عليه إن لم يمنعها أو يقيم حاجزاً أمامها حتى لا تتعدّى حدودها المشروعة. من هنا، نعلم أنه لا بدَّ من إعطاء هذه النفس فرصاً ‏عدة لكي تساعد صاحبها في تخطّي مراحل الخطر الدنيوي، وحتى تكون هذه الحياة محطة جميلة نكون قد قطعنا بها فاصلة من الحياة وبعدها السفر إلى عالم الإستقرار فنأخذ ما إكتسبناه وحصّلناه من الخير في عالم الدنيا. وفعل الخير مقصداً إنسانياً هاماً أعلت من شأنه القيم السامية بدافع الانسانية ، قول الله -تعالى- في مُحكم التنزيل: (وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ وَسَتُرَدّونَ إِلى عالِمِ الغَيبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ) التوبة 105
والديانات السماوية كذلك تشجع هذه الاعمال ، والإنسان الخير لا يوصف فقط بالغني قد يكون هناك من يشارك المعوز بما يملك حتى لو كانت قطعة من رغيف الخبز حين يصنع او يعمل بالخير وفاعل الخير الحقيقي لا يحتاج الى افشاء ذلك وقال رسولنا الكريم سلام الله علية واله ( أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ )
وهي صفة حميدة من الخلق الرشيدة وخوفاً بعدم الافراط بعزة وكرامة المحتاج اولا يتحول الى رياء... قال الله -تعالى-: (أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ )ال عمران 126
وقد يراه الشرير الذى لا يقدر على صناعة الخير فتولد فى نفس الشرير حفيظة وحقد وغضب على فاعل الخير . قال سبحانه وتعالى: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[البقرة:
وقد قال رسول الله صلى الله عليه  واله وسلم: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً ، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا)، في شهر رمضان كما تعودنا ينشط التكافل الإجتماعي بين طبقات المجتمع وأن نسأل عن بعضنا البعض فيسأل الغني عن الفقير يقول النبي(ص): "مَنْ فَطَّرَ مِنْكُمْ صَائِماً مُؤْمِناً فِي هَذَا الشَّهْرِ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عِتْقُ نَسَمَةٍ، وَمَغْفِرَةٌ لِمَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِهِ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَيْسَ كُلُّنَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ"، فإن عمل الخير لا يكون بالكثرة إنما بصدق النية والهدف السامي من ذلك العمل.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

303
العنف الاسري ...بين الاعلام والحلول

في الاونة الاخيرة شاهدنا العديد من الحوادث  الغير الانسانية في العالم و من أشكال العنف الاسري وهي الخلية الاساسية في المجتمع والحضن الدافئ لها و يبصر الانسان النور وهو محاط بأبويه وأخوته، ينمو، ويكبر، وينضج، وأسرته تحيط به، وهي الحضن الدافئ الذي نأوي إليه في لحظات الغم والهم فيتشارك معهم أوقات السعادة والحزن، والنجاح والإخفاق، يقفون إلى جانب بعضهم البعض ويساندون بعضهم في السراء والضراء، ويواجهون بيد واحدة صعوبات الحياة وتحدياتها، لذلك من الصعب جدًا العيش دون أسرة ،ولا تتوقف عند حدود أعراق أو جنسيات أو ثقافات ومن المؤسف كثر الحديث عن ارتفاع ظاهرة العنف داخل البعض من الاسر في هذه الفترة نتيجة وجود المعنِّف بشكل دائم مع الضحايا في أماكن مغلقة والعراق تضاعف عدد حالات العنف المنزلي كذلك فيه ،بسبب الاعراف الاجتماعية والعشائرية المتأصلة التي تحتاج الى توعية من مخاطر هذه الممارسات ، و الفقر، والعوز، وحالات التهجير والنزوح، اضافة الى عدم الاستقرار النفسي ، دور وسائل الاعلام والمسلسلات والموبايلات وقد ألقت هذه الحوادث بظلالها بشكل واضح على البنية المجتمعية ،و هناك انحراف في طبيعة ومستوى الجريمة في العراق لابد من الوقوف عندها في المجتمع عن طريق مؤسسات الدولة التربوية والدينية والاجتماعية فضلاً عن رجال الدين ومنظمات المجتمع المدني بالإضافة الى الجهتين الأساسيتين وهما السلطة التشريعية ممثلة بالبرلمان والتنفيذية ممثلة بالحكومة من اجل اتخاذ الإجراءات الفعالة التي تحد من مثل هذه الممارسات ( العنف الاسري ) بإنزال أقصى العقوبات بحق مرتكبيها فضلاً عن الحيلولة دون استمرارها تحت أية ذريعة من الذرائع ويُعَرَّف قانونيًا بأنه “الأفعال التي يقوم بها أحد أعضاء الأسرة، ويلحق ضررًا ماديًا أو معنويًا أو كليهما بأحد أفراد الأسرة”، وقد عرّفته المادة الأولى من مسودة قانون الحماية من العنف الأسري المطروحة أمام مجلس النواب العراقي” أي شكل من أشكال الإساءة الجسدية أو الجنسية أو النفسية أو الاقتصادية؛ ترتكب أو يهدد بارتكابها من أحد أفراد الأسرة ضد الآخر، بما لهم من سلطة أو ولاية أو مسؤولية في صعيد الحياة الخاصة أو خارجها”. مما تفرز مشاكل وأزمات حالية كان العراقيون إلى عهد قريب يشمئزون حتى من سماع أخبارها والتي نقلتها وسائل التواصل الاجتماعي وتطرقت اليها الصحافة و سببت  صدمة كبيرة بين طبقات المجتمع، هذا القلق  من إرتفاع وتيرة العنف في الاسر مع نشر تقارير في وسائل إعلامية تنعكس سلبياً على المجتمع وتكشف عن العديد من حالات العنف منها تقارير عن إغتصاب امرأة من ذوي الإحتياجات الخاصة، وإعتداء زوج في نينوى اسفر عن موت الضحية ، وإنتحار امرأة حرقاً جراء العنف الاسري في احدى المحافظات في كوردستان ، و قيام امرأة بإشعال النار بنفسها للسبب ذاته في النجف الاشرف، وكذلك أذية النفس بسبب الإساءة الزوجية المتكررة، والتحرش الجنسي بشخص قاصر، وغيرها من الجرائم ذات الصلة  وسرعان ما تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي مطالبين بإيقاع أشد أنواع العقاب بهؤلاء المجرمين، وقد أصبح لافتًا للنظر مؤخرًا  وتزايدها مع تزايد وتيرة التّوتر بين أفراد الأسرة نتيجة للحجر المنزلي بسبب جائحة الكوفيد.19 وقد حثت الأمم المتحدة العراق على الإسراع في إقرار قانون مناهضة العنف الاسري وسط تقارير مثيرة للقلق عن ارتفاع حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري في جميع أنحاء البلاد مع تزايد وتيرة التّوتر بين أفراد الأسرة نتيجة للحجر المنزلي بسبب جائحة (كوفيد – 19.
والمخاوف من الاساليب الغير الصحيحة في التعامل مع الجنس الاخر الذي يمثل النصف الثاني في المحتمع بسبب  العادات والتقاليد التي تجعل من المرأة سلعة تباع وتشترى، والنظر إليها على أنها أداة للقيام بالأعمال المنزلية وخدمة الرجل دون القيام بأي دور آخر , وعدم استقلالها ماديآ وثقتها وإيمانها بأنها أقل مكانة من الرجل وكذلك ضعف الوعي وتدني المستوى التعليمي والثقافي من أشكال التمييز القائم على الجنس مركّزة على مطالبة لجنة الأمم المتحدة الدول المعنية بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة  بإصدار تشريعات لمكافحة العنف ضد النساء .
لقد نصت مواد في  الدستور العراقي تحظر كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة وكذلك جاءت في الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضدّ المرأة في العراق (2013-2017) والاستراتيجية الوطنية للنهوض بواقع المرأة التي تم تبنّيها في 2014  تدعوان إلى سنّ تشريعات خاصة بالعنف ضدّ النساء . وكذلك هناك العنف اللفظي ويتمثل في شتمها ونعتها بألفاظ بذيئة وكذلك اتهامها بشرفها وتوجيه الاهانة لها , أو العنف الجنسي وهنا يتم التحرش بها لفظيآ او جنسيآ والاعتداء عليها واغتصابها، وأخيرا هنالك العنف المادي وهذا النوع من العنف يتم عن طريق استغلالها ماديآ وابتزازها واجبارها على الزواج من شخص ما لاترغب به و زواج الفصلية" ضحية زواج الدم، الذي ينص على تزويج إحدى بنات العشيرة المعتدية إلى الشخص المعتدى عليه أو أحد أقاربه أو "زواج الدية" يعني الزواج بلا ثمن والشريعة الإسلامية نهت وبشكل قاطع عن مثل هذا النوع من الزواج، لأن من أهم أركان الزواج أن يكون مبنيا على رضا الطرفين بعيداً عن الإكراه والغصب،ثمة حالات كثيرة أخرى لايسمح الوقت الكتابة عنها  .
على كل حال فأن مثل هذه الحوادث أعادت المطالبات بضرورة الاسراع في تشريع قانون العنف الأسري للحيلولة من تكرار المئات من الحوادث وهل يغيب المشرع العراقي عن الواقع؟ لأسباب مختلفة و خاصة وأن مجتمعنا مرّ بتحولات عديدة، على مستوى الحروب والإنحدار الاقتصادي والتهديدات التي يعاني منها ". فهل يعجز مجلس النواب عن انتاج قانون يحمي المرأة رغم هذه الحوادث المؤلمة ، لا سيما ما يتعلق بمقتل عشرات النساء تحت مسميات وتبريرات عدة، منها جرائم الشرف، والعرف العشائري، ليتمكن الفاعل من الإفلات من العقوبة واصبح الحد من العنف الاسري من المطالبات المهمة  من الرئاسات الثلاث للاسراع في انبثاق وتشريع قانون يوفر الدعم القانوني والحكومي للمرأة  وضرورة مواجهة الأعراف والتقاليد البالية التي تشجع على ممارسة العنف ضد النساء،وإعداد مشروعات من شأنها دعمها واسنادها وحمايتها اسريا واقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .  أن الأسرة ضرورية للوجود الإنساني لا يمكن الإستغناء عنها فلها أهمية بالغة و عليها يتوقف إلى حد بعيد قوة المجتمع و مناعته و قد نوه بعض المفكرين و علماء التربية بأهميتها و دورها الإيجابي فقال أحدهم:" لقد نال المجتمع البشري حضارته بفضل الأسرة و إن مستقبله يتوقف على هذه المؤسسة أكثر من أي مؤسسة اخرى.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

304
بين طموحات الغرب ..وجياع البطون
العالم اليوم لا شيء يعلو عنده على أخبار الوباء والموت وتساقط الاجساد وهزه الرعب والقلق والحرب بكل الوسائل ضد كائن لا يرى  ، في زمن نرى الدول الكبرى التي تعودت  أن تلجأ إلى خيار التدمير والارهاب بمنظماتها وهيئاتها الدولية بالتعاون معا لسحق الانسانية ولازالت تعيش في احلامها و لا اهمية لها سوى البحث في نمو ايراداتها الاقتصادية في حين باتت مبهوتة وعاجزة عن مواجهة الازمة الحالية " فيروس كورونا  "هذا الكائن الصغير الذي لا يرى إلأ بواسطة ادق الاجهزة الكاشفة واصعبها وانحنت امامها ولملمت طقوسها المتهاوية باستحياء وعطلت قدراتها الفارغة وباتت كالبالونات الهوائية قد تنفجر بين لحظة واخرى وتكثر وتتزاحم نظرية المؤامرة والاتهامات التي تُرجع كل ما حدث ويحدث إلى حرب بيولوجية بين الدول " المتكبرة "لتحقيق طموحاتهم في النهب وانتزاع لقمة الجياع من افواههم والانشغال مع بطونهم بالتصارع وهم اوائل الضحايا وكل هذه الهلوسات والتنظير والجدل لا تهم معظم الناس المُنشغلين في الهرب من الموت الذي قد يكون محتوماً ، ولا يُسيطر على تفكيرهم سوى الطريق للخلاص والنجاة .
هذه الدول لا يبغون السلام والسعادة و الرخاء والراحة والأمان للشعوب الاخرى بقدر ما يهمهم مصالحهم و إنها مفردات خارج قاواميسهم ومفرداتها. وهكذا يكون، جليا، أن هؤلاء هم من  كانوا اعلنوا الحرب  على الطبيعة  والبشرية، ليسيطر على الحياة و ليوقفوا دورة الزمن، مما يمكّنه من احتكار الثروة ولكن انقلب السحر على الساحرواحترقت اصباعهم قبل ان تصل للاخرين ولست متشفياً من ما هم فيه ولكن هذه هي الحقيقة ،
فهم دعاة لا يقنعون إلأ بالقوة وبالحرب وسفك الدماء والقتل والغدر والغيلة والأسر والسبي والفرقة والإنتقام والثأر والخراب ،  وإعادة التوازن والعمل على تراكم الأرباح، فالعواهر البشرية بحاجة إلى الهاء وترويع واغتصاب الشعوب لينعموا بهويتهم فقط ، واستنزاف الثروات والخيرات، بدم بارد. ولا عجب، إنها المقامرات التخريبية والسيناريوهات الاستبدادية ،
 ولا يهم أن يكون التدمير باتجاه الخيرات الطبيعية أو الموارد البشرية لتلك البلدان، فما يهم لها غير التوحش على رقاب الاخرين و هو الربح الاوحد لهم حتى لو كان على  طريق الفجيعة والمقامرة بصحة الشعوب. وعلى طول هذا المسار المرعب والمربك، هذا لن يكون في المقدورإلا التوقع.
 ما يصرف الانتباه عن الخطر السياسي الذي يحيق بعالم المستقبل المبهم وفرص غير مسبوقة للاستئثار والبلطجة بالسلطة السياسية التي جنح لها البعض من الدول وقادتهم والتي عجزت من ان تواجه وباء كوفيد 19 بنخبها ومفكريها في ابتكارعلاج لهذا الوباء وانها الانتكاسة الأولى تجاه التحدي الذي خلقه هذا الفيروس تجاه الطبيعة، فالخوف أمر طبيعي تجاه الكوارث الصحية والطبيعية، ومثلهما الخوف في زمن الحروب.  وانا هنا لا اتعارض مع المشيئة الإلهية سبحانه وتعالى لأن اعتبار كل مصيبة أو كارثة أو إخفاق معين غضب من الله سيقود إلى إلغاء بقية الأسباب الفاعلة في حدوث الظاهرة، وهذا بدوره يخلق عقلية سلبية غير قادرة على البحث عن أسباب الخلل والابتكار الانساني انما  يكمن في مستوى الوعي المجتمعي، هذا الوعي الذي له دور مهم ومؤثر في إنجاح الجهود التي تقوم بها المؤسسات والدول ،وبدون وجود وعي مجتمعي فعال فإن نسبة كبيرة من هذه الجهود يمكن أن تذهب هباء ، وجعلت دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الامريكية التي ستكون آخر دولة كبيرة تتخلص من موجة كوفيد-19 مع معدل وفيات مرتفع للغاية  ، ليبحث عن اسلوب يغطي فيه على فشله في اداء مهمته ليحريض الشارع ودفعه نحو فتنة عرقية وايديولوجية دون حساب مردودات حرب الشوارع التي سوف تنتج عنها في انهيار اكبر دولة متغطرسة ، في ظل النجاحات الهشة والجزئية التي تدعي اوروبا في مكافحة وباء كورونا والفجوة الكبيرة بين دولها لمد العون لبعضها البعض ،. وفقدان المعايير الاخلاقية في التزاماتها واحتمال قوي بحدوث توتر شديد بين الدول الأوروبية نفسها بعد الانتهاء من هذه الفيروس بسبب اخفاء الوفيات الحقيقية والمطالبة بمعاقبة الصين على ضوء كشف شبكة G5 التجسسية لصالحها .
ان العالم اصبح امام الواقع المفترض وفرصة كبيرة للتفكير في إعادة ترتيب الأولويات من جديد لانه امام ازمة ستكون لها تداعياتها في كل المجالات قد تدفع  إلى أفظع المآلات وأوسخ الاحتمالات؟ والأمراليوم ذاته ينطبق على الجوائح والأوبئة التي تغزوا العالم وحتماً هناك مستفيدون مما يحدث ويتواصلون، وموتاً وتقتيلاً، حتماً هناك مستفيدون من هذه الأزمات والكوارث التي احاطت بالبشرية وفي مقابل من صدمتهم الماً وتضوعاً ومعاناةً، والتداعيات والتحديات اصبحت مشتركة، وهذا الوباء ( كوفيد 19 )القادم نحوهم ليقهر الجغرافيا، ويهدد السلم المجتمعي بعد أن اقتربت هذه الدول " الكبرى  "من الفشل في احتواء الوباء، و قد تخرج الناس من سكونها لتعم الفوضى اذا لن يتم بناء شبكة امان لحمايتهم بالخيارات الممكنة والمُتاحة حتى تصون كرامتهم وخاصة الفقراء والفئات المُستضعفة، والأكثر عرضة للخطرولا تصمد أمامهم الحدود، وحتى الحلول المُتاحة بالعزلة والاختباء خلف الجدران قد لا تنجح. ولا يمكن التعاطي معها بشكل منفرد، كما لا يمكن العودة إلى الأنظمة المتغطرسة  القديمة التي ستصبح جزءاً من الماضي، وليس هناك من حلول ناجعة سوى إعادة بناء مفاهيم جديدة للعيش المشترك المتفاهم المتعاون دون تكبر او استعلاء ، والمسؤوليات المشتركة، وإعادة إيلاء مفهوم السلم العالمي أهمية كبرى، ليس قولاً وإنما فعلاً"

305
   
حكومة الكاظمي ..المهام والمسؤولية 
من الصحيح ان نقول بأن مصطفى الكاظمي المكلف بتشكيل الوزارة العراقية يجب ان يستند على قرار وطني عراقي ويلتزم ببرنامج الإصلاح الذي ينشده المواطن العراقي الذي ينتظر منه تلبية حقوقه في الحياة الحرة الكريمة والتي عليه مهام كبيرة وحلّ مشاكل كثيرة، خصوصاً هي حكومة مؤقتة تؤسس لفرض القانون وإعادة هيبة الدولة والتهيئة للانتخابات المبكرة ونجاح الكاظمي في تلك المهمة تبنى على حرصه للمضي قدماً في تنفيذ مهمة التكليف المناطة بشرف كبير ومسؤولية عالية يعتمدها، واضعاً أمام عينه هدفاً أساسياً مقدساً هو إنقاذ العراق وعودته إلى مساره الصحيح بعد الانتكاسات الكبيرة التي مرت به، بلداً مستقراً امناً و يعني انه يستدل الستار عن اصعب ازمة سياسية في واحدة من أسوأ فصولها و كانت تنذر ولا زالت بتصعيد خطير تخطط له في الظلام  على جميع الاصعدة تهدف إلى زيادة التوتر والاستقطاب في الشارع تمهيدا لما هو قادم وحضي بتأييد داخلي ودولي نسبي قد يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي بشكل مؤقت ، و يحرك عجلة إعادة البناء. على ان  يقف الكل إلى جانبه ، ويسانده بكل الإمكانات في مسيرة تثبيت الاستقرار، وإعادة الثقة المفقودة بين الحكومة والشعب وحماية أمنه البلد وسيادته ومصالحه. ، اذا صح ذلك سيهيئ الاجواء دون صعوبة لخفض التوتر وتهدئة الأوضاع وايقاف التوترات الأمنية والعسكرية السائدة على الرغم من ان نتائج اكثر التحليلات تقر بان رؤيته الواسعة بالفتن الأمنية الرئيسية في العراق ستساعده في تخفيضها ولكن لن يكون قادراً على تشكيل حكومة قوية حتى وان كان  يمتلك خبرة في المجال الأمني وفي التعامل مع الأطراف السياسية و يخلف حكومة عادل عبد المهدي الذي استقال مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية تطالب برحيل ومحاسبة كل الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، وقد يرى الكاظمي الطريق امامه اقل صعوبة لامرار حكومته  وموافقة الاكثرية على تمريرها وخاصة انه لم تظهر عليه اي مؤشرات أو ملفات فساد واحدة مما يعطيه دافعا قويا امام الكتل السياسية الوطنية ومقبولية عالية في الشارع العراقي ،لكن الاختبار الابرز له يكمن بإخراج البلد من ساحة الصراع الدولي و تتعلّق بملف وجود القوات الأميركية بكل ما فيه من تفاصيل والتي تسعى إلى الإبقاء على داعش عند الشريط الحدودي بين العراق وسوريا، في تعمد لزعزعة الاستقرار السياسي وخلق فراغ في السلطة والتشجيع لتقسيم العراق  ،كذلك مهمة نزع السلاح المفرط في الشارع وحصره بيد الدولة ، وهي المهمة الاصعب في ظل الظروف الصعبة والحرجة التي تحيط بالبلد وشعبه و خلق عراق ينعم بالسلام والاستقرار وهو مستقل الارادة ولا ينتمي إلى أي صراع سياسي اقليمي او دولي سوى ارادة شعبه ومصالحه ، في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط التي يعتمد عليها في الموازنات السنوية وانخفاض النمو الاقتصادي ، و تحديات خطيرة اخرى والذي أنهكته عقود من العقوبات والحرب والفساد السياسي، أزمات اقتصادية واضطرابات اجتماعية فضلا عن "  أزمة تفشي وباء فيروس كورونا المستجدة الحالية " كل ذلك في ظل تسيير حكومة تصريف أعمال لشؤون البلاد في زمن وشروط محددة اقره الدستور ، وقد تعهد أمام الشعب في خطابه الاول " بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام" و لكن ! قد يحظى بحظ اوفر من الذين سبقوه من المكلفين بتشكيل الحكومة، لاسباب منها كونه اقل جدلية من سابقيه و يتفهم ويعي تطلعات الكتل وله تجربة عملية في مؤسسات الدولة و لتوليه منصب  مهم وحساس رفيع  المستوى " رئيس لجهاز المخابرات في حكومتين " وقد احتك لفترة من الزمن مع كتل واحزاب السلطة ولايعني عدم وجود مصاعب وتحديات تجابه انبثاق الحكومة، خاصة في ظل اصرار البعض من الكتل في فرض إراداتها وإملاءاتها سواء في التعليل على  بعض تفاصيل البرنامج الحكومي او حصة مكوناتهم واحزابهم من الوزارات وسوف يصطدم برفض كتل اخرى بتكريس نهج المحاصصة في تشكيل الحكومة وهذا بارز من خلال التصريحات التي ادلت بها بعض القوى المؤثرة في العملية السياسية فيما يخص حقوق المكونات ، اننا جميعاً متفقون على  انه لا اشكال في ضمان حقوق المكونات جميعها في تشكيلة الحكومة والكابينة الوزارية وهذا لايتعارض مع نصوص الدستور، لكن شرط ان لاتتحول من حقوق المكونات إلى حقوق الاحزاب لانه سيكون عامل للإجهاض على عمل التشكيلة .ويجب اعطاء الحق لرئيس مجلس الوزراء لانتخاب اشخاص لهم الكفاءة والمقدرة والنزاهة والتخصص وتكون من الشخصيات غير المعروفة بالفساد بين الاوساط السياسية والشعبية، مع تميزها بالمهنية في مجال عملها، كما يتم تقديم أكثر من مرشح لكل حقيبة وزارية، وتكون حرية الاختيار للكاظمي، من دون فرض اسم معين عليه". من الاطياف العراقية الوطنية المختلفة لتمثل تلك المجموعات بعيداً عن المحاصصة الفئوية والحزبية، وتشكل حكومة مهنية قادرة على إدارة المرحلة المقبلة، خصوصاً بفعل اطلاعه الكبير بحكم مسؤولياته على الملف السياسي بسلبياته وايجابياته.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

306
قطار التكليف في العراق واتجاهات الرياح
موجة التفاؤل تأتي  بعد ان طرقت ازمة تشكيل الحكومة ابوابها وأوحَت بأنّ قطار التكليف قد ينجح  في عبور احدى المحطات الخلافية ولكن الهواجس باقية في محلها والتعقيدات قد تكون صعبة لا نعتقد بانها بسيطة وسهلة وَلأُ ابَرِّئُ السياسيين من النَّفْسَ الَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ،على الرغم بعدم وجود سبيل الى ترجمة عملية لما مضى من غياب ابجدية الفلاح والنجاح والاصلاح . وتشاء الصدفة السياسية أنّ هذه الموجة التفاؤلية تأتي عشيّة تكليف مصطفى الكاظمي بعد المخاض العسير من المعاناة الطويلة للجماهير بين اتلاف الوقت والصراعات السياسية المصلحوية المبرمجة وفق الزمان والمكان  .لقد كانت عقدة تكليف شخصية لقيادة سكان الحكومة العراقية مستعصية كأن العراق خلا من العقول التي تستطيع ادارة البلد وتحدد اتجاهات الرياح إمّا في اتجاه الحسم الايجابي وإصداره وإمّا في اتجاه هدر مزيد من الوقت لإضاعته وإدخال البلد في رحلة انتظار جديدة على رصيف الشروط والمزايدات،ولازلنا نتظر اضواء الشفق القادم من بين الغيوم بعد ان عجزنا من رجال السلطة .فالهدهد كان سبب في اسلام امة ،ونملة غيرت مسار جيش .وغراب علم البشرية الدفن ،وحوت انقذ نبياً ، وفيل رفض هدم الكعبة .
 الجميع يقر بان التقدم في العراق لا وجود له وغير مفهوم بالمعنى العام ولا يوجد اثر للبنية التحتية " إلأ الطبقة الحاكمة " وعدم وضوح الرؤيا المستقبلية  في العملية البنوية الاستراتيجية الاساسية للدولة رغم المليارات التي تبخرت وصرفت وذهبت كهواء في شبك  وغلبة المصلحة الشخصية والفئوية على المصلحة الوطنية وما يحتاج مستقبل البلاد اليوم حقيقة من الحكومة القادمة اذا ما اردت هو الاسراع في الانجاز الواقعي  الملموس لأ على الورق والشعارات فقط انما بالعمل الدؤوب المخلص ، للوصول الى ما وصلت اليه البلدان الاخرى  كما هو يحصل الان لانه لايمكننا ان نترك المسافة بيننا وبين العالم المتحضر يتوسع ونحن تأكل بدون انتاج بل على العكس يجب ان نسرع في تقلص هذه المسافة و الزمن الذي يفصلنا عنهم...
 اما التحدي الاهم ، هو يتمثل في إجراء انتخابات نزيهه وشفافة تولد عملية سياسية سليمة غير مبنية على الاسس السابقة منتجة للفرقة التي شهدها العراق على اثرها ، كانت نتائجها محل شك وشبهة في عمليات تزوير واخيراً عزوف الجماهير عنها وتقليص مستوى المشاركة و تكون هذه فرصة لتصحيح المسار و لم الشتات واصلاح الاعوجاج الذي صار مرضاً مزمناً، وتكمن الحجة العامة وراء هذا الكلام أن العراق يحتاج الى إعادة تحديد المصلحة الوطنية العراقية القوية وإعادة تصورها، وعلائم بروز مفهوم غاب للاسف منذ العام 2003 .
 من الممكن تحقيق هذا الشعورالهدف عبرإنشاء روابط وطنية قوية وفي معالجة ملفات ترتدي أهمية حيوية لمستقبل العراق، مثل الصناعة والزراعة والتربية.
يبقى أن نرى ما هي الإنجازات التي ستتمكن الحكومة المؤقتة من تحقيقها، إن كان هناك من إنجازات ، وتملك الأحزاب المهيمنة على السلطة الرغبة على الاعتراف بالاخطاء و فشلها وفسادها والاقتناع والاعتراف بالامر الواقع و هي ترفض ان تفسح المجال لوجوه جديدة اكفأ منها علما وخبرة، و الرهان على شخصيات جدلية لا يمكنها أن تحظى برضا كل المشاركين في العملية السياسية حتى وان كان نزيهاً اولاً والجماهير التي خرجت للتظاهر بعد ان أنهكها الفقر والبطالة والحرمان والتمييز والعزل والقمع واليأس ثانياً  وتحتاج لليد المخلصة للنهوض بها في ظل التدهور الواضح في الخدمات والفقرالمدقعة والحاجة الانسانية الملحة ويثير عواطفهم ومخاوفهم  في ظل العلاقات والخلافات والتناقضات بين القوى السياسية حول المناصب الوزارية والسيادية ، وفقدان الثقة الذي بات السمة البارزة في العراق الجديد ولا نعتقد بأن الرئيس المكلف وحكومته سيجدون حلولا لمشكلاته المزمنة التي تضاعفت و يأمل المواطنون في استكمال تشكيل الحكومة الجديدة على    ان تكون مستقلة بعيدًا عن الطائفية والحزبية وتعمل من اجل اجراء انتخابات حرة ونزيهة والخلافات بين القوى السياسية حول ، وأن يكون ولاؤها للمواطن العراقي والمصلحة العامة، وترتكز على محاربة الفساد وإقامة مشاريع وطنية توفر فرص عمل للشباب، بدلا من الخضوع لقوى تتبنى أهدافا وأجندات غير وطنية.
لاشك ان الحلول يجب ان تكون جذرية وتساهم في تغيير النظام السياسي القائم واقامة نظام جديد يستند إلى مبدأ المواطنة لا المحاصصة . وهو ما لا تطيقه ويمكن أن لا تتعامل معه الأحزاب الحاكمة بإيجابية ، ذلك لأنه يهدد بمحو هيمنتها والقضاء على مصالحها. ولو توقف الأمر على الأحزاب لهان الأمر. و لم تتفاعل  مع المطالب الجماهيرية بشئ من الاحترام وحقها في اختيار النظام السياسي الذي يقودها ويدير شؤونها. وفق الاسس المريحة  بالنسبة للطرفين وأن تتوافق الأحزاب على شخصية لها مقبولية وتطرحها  لرفضها او قبولها وتُكلف بإدارة الحكومة في مرحلة انتقالية تمهيدا لإعادة انتاج النظام من خلال انتخابات تختلف عن سابقاتها وفقاً لنتائجها .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

307
العراق ... ازمة التكليف وصراع المحاصصة
في الوقت الذي يواجه العراق العزيز تحديات  عديدة وازمات  ومشاكل بنيوية اساسية وعمّقتها الطائفية والأزمات السياسية، ولم تقف عن حدود سياسة مؤسسات الدولة والحكم، بل تسللت إلى ثنايا المجتمع وحقول حياته الحيوية وغذّاها العنف المسلّح ويحتاج الى من يبلسم  الجراح التي خلفتها تلك السياسات الخاطئة الماضية .
نقر بأن العملية السياسية خلال السنوات 17 الماضية كانت غير ناجحة، لأنها مبنية على أساس المحاصصة  وأن التوافق على هذا الأساس لا يؤسس لتنمية أو ازدهار العراق وأي بلد اخر كما  ان التوافق السياسي يؤثّر على نحو سلبي على مجمل أوضاع البلد ويجعل البرلمان بصفته السلطة التشريعية، غير قادر على أداء الدور الرقابي كونه لا يستطيع محاسبة أي وزير أو مسؤول بسبب انتمائه إلى حزب اوكتلته و التي تدافع عنه وعند فشله أو سلوكه المغاير للمسؤولية الوطنية ، بما في ذلك حتى الخطيئة التي يرتكبها ، كما أنها تراعي ترضية الاطراف  على حساب الكفاءات، وكذلك أن النظام السياسي الذي يبني على أساس توافقي ووفق نظام المحاصصة ينتج وضعًا سياسيًا ضعيفًا غير قادر على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
 رغم كل الشكوك التي كانت ولازالت تدورمن كون القوى السياسية تستطيع للوصول لحل وبعدم القدرة  لايجاد مخرج لازمة رئيس مجلس الوزراء وعلى الإرث المتراكم منذ تغيير نظام الحكم في عام 2003 بوجود الاطراف الثلاثة الشيعية و السنية والكوردية الاساسية في العملية السياسية ،
وفعلا تحركت بعض القوى الشيعية المتمثلة في “الفتح” و “دولة القانون” ، و “الحكمة” و“العقد الوطني” و “الفضيلة” في عقدت اجتماعاً في منزل هادي العامري لمناقشة موقفهم من رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي و اتفقوا على رفض التكليف على اعتبار أن آلية تكليفه للمنصب من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح مخالفة للدستورو بتوافق قوى سياسية ونيابية عديدة اخرى تم الاتفاق على تكليف مصطفى عبد اللطيف الغريباوي الشطري " الكاظمي بالولادة "بكلويوس في القانون ،والده كان ممثل الحزب الوطني الديمقراطي بقيادة كامل الجادرجي في الشطرة في زمن الحكومة الملكية برسالة الى رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح  وتم تكليفه  بصورة دستورية للعمل على  تشكيل حكومة قادرة على إنهاء الفساد الإداري والمالي وتبدأ بمشوار الإصلاح الاقتصادي وتوفير الخدمات الأساسية للمواطن خلال فترة التكيلف التي سوف لا تتجاوز السنة ،من قبل الكتلة الاكبر بعد رفضهم لترشيحات شخصيتين سابقتين هما محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي  وفشلهما في الاستمرار في اكمال المهمة و "وقد عرف عن الكاظمي بكونه مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي وعمل كصحفي ومدير تنفيذي  لمؤسسة الذاكرة العراقية ومؤسسة الحوار الانساني بديلا عن العنف ، لتوثيق جرائم النظام البعثي وكاتب سياسي في صحيفة المؤتمر ايام المعارضة التي كانت تصدر في العاصمة البريطانية لندن في اواسط التسعينيات، كما كانت مقالاته السياسية تنشر في الصحف العربية و بعض الصحف البريطانية والاميركية، حول قضية الشعب العراقي " و يجب الانتظار إلى حين انتهاء المهلة الدستورية المحددة بـ30 يوما من تاريخ التكليف ولنتظر ماذا ستؤول اليه المهمة ، من أجل تجاوز المرحلة الصعبة والعمل على وحدة الصف السياسي واجراء الانتخابات " المهمة الاساسية في التكليف "وعبور المخاطر الجمة التي يعاني منها البلاد على المستويات الصحية والأمنية والاقتصادية والسياسية الحالية ودعمه للإنتهاء من مهام تكليفه وتشكيل الحكومة وبأسرع وقت ممكن وتجاوز القوى والأطراف السياسية خلافاتها والإسراع في الإتفاق على آلية تشكيل الحكومة حسب الأصول الدستورية.ونرجو ان يكون على أساس توافق وطني حقيقي يضمن إستقرار البلد وتنفيذ إلتزاماته  واهمية هذه المرحلة للوقوف أمام  ألاخطارالمحدقة و التحديات والأزمات التي تواجه العراق وعلى ظرورة الإيمان بإستقرار العراق  السياسي والأمني والعمل الدؤوب من أجل الخروج من عنق الزجاجة لانبثاق حكومة جديدة وبدعم كافة الجهات. والمضي نحو الخيارات الوطنية في تشكيل الحكومة ضمن السياقات الوطنية والدستورية، تصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام، و تتمسك بأسس الوحدة الوطنية أمام التحديات التي تواجه بلدنا ، ورفض الفرقة والفتن والتقاطعات السياسية، خدمةً لتطلعات شعبنا، واستجابةً للمطالب المشروعة بالأمن والسلم والإصلاح والموقف من تهدد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ،بفرض عقوبات "كبيرة" على العراق إذا أجبرت القوات الأميركية على مغادرة الاراضي العراقية كما طالبت به بعض الاطراف السياسية واقره مجلس النواب العراقي
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

308
تحجيم التحدي الاكبر بالتعاون الدولي
العالم اليوم يشهد تحولات كبرى لم تمر به من قبل و كلٌ يُغني على ليلاه، في ظل ما تواجهه البشرية حالياً مع تفشي فيروس "كورونا"المستجد، والخسائر الفادحة التي تنتج عنه، و ما يحتاج اليه من رؤية مشتركة واضحة تضع حدًا لكل ما يهدد الإنسانية من أخطار،و تكون سعيدة لو استخدمت عبقرية الانسان في عدم ارتكاب الحماقة وبناء جسور التواصل بين جميع مَن يريد التعاون على الخير من أصحاب الأديان والثقافات ، والشعوب الخيرة، امتحانًا للناس يبلوهم فيه، بالأذى اوالنفع، أى يمتحنهم بالحسنات والسيئات:
وسبحانه وتعالى يقول في كتابه (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (المزمل: 20). المعاناة أصبحت عالمية ، وبالتالي تحتاج إلى تعاون مشترك ، لان الخطر يداهم الجميع ، ولأن حجم المآسي كبير جداً ، يتطلب جهود موحدة ، و حجم المصائب جمة جداً يتطلب التعاون على توزيع الأدوار حتى يصل الخير إلى جميع من يستحقه ولا يستحقة من دافع الانسانية .فـي عالـم يجب ان يتزايـد فيه الترابط لانه لا يمكن لاي دولـة بمفردهـا أن تعالـج مثل وباء كورونا الفتاك ولــم تعــد المحافظــة علــى المصلحــة الوطنيــة فقـط حمايـة للتـراب الوطنـي والجلوس على التل ، بل التعاون الدولي وضرورة التعاون مـع تطـور التهديـد بالمساهمة في القضاء عليه بالتبـادل السـريع لمعلومـات اكتشاف الدواء او تطوير الوسائل للتخفيف عن الجائحة بيـن نقـاط الاتصـال في العالم وتشكيل فرق العمــل بمثابــة حافــز لبنــاء ثقــة متبادلــة قويــة بيــنها لأجــل التعــاون بأكثــر فعاليــة فــي هــذا المجــال لتحجيم المعاناة وقطع دابر الانتشار المريب والموحش والمرعب الذي هز اركان الخليقة من حجر وبشروشجر. وان يُشتغل في اصلاح اخطاء ارتكبت لا ان يغلض من قبضته في اعناق الاخرين وهذا ما لاحظناه خلال هذه الازمة عندما ارتكبت البعض من الدول جرائم السرقات في وضح النهار وبتحد على حساب الشعوب الاخرى المنكوبة كما فعلت الولايات المتحدة في المزايدة على وسائل طبية المانية مشتراة من الصين بفضيحة وجريمة لا تغتفرو الإتيان بهذا العمل القبيح الغادر هواحقر جريمة ضد الانسانية لان الانسان يستطيع دائما ان يفعل ما يريد في مواجهة الآخرين وليس من خلفهم ،ما يدل على عنجهيتها والاصرار على الفتك والقتل دون هوادة بحق البشرية. لقد تقدم العالم كثيراً و كسب الكثير و لكن ما خسره كان أكثر و خسر البعض النبل والصدق والمحبة والإنسانية التي لا تُرثى فهي حيةٌ ْ في قلوب الصالحين وإنْ قَلّوا . وكأني حين اكتب أواجه مآسيهم، ومعاناتهم والامهم وتحرك في داخلي شعورا وهواجس لنور قادم ، لكي تتفتح العقول حول هذه القضايا التي تعاني الشعوب منها، واتوجس لعله تداركوه قلوب الرحمة لفاقدي الامل في حياة هنيئة ومستقرة بالخير والعطاء،
يقول المفكر الشهير جبران خليل جبران: "أنت أخي وأنا أحبّك.. أحبّك ساجدًا في جامعك، وراكعًا في هيكلك، ومصلّيًا في كنسيتك، فأنت وأنا أبناء دين واحد هو الروح، وزعماء فروع هذا الدين أصابع ملتقية في يد الألوهية المشيرة إلى كمال النفس"
لن يكون آخر التهديدات الجرثومية للعالم " فيروس كورونا " ابداً انما كشف أوجه قصور كثيرة، ما تزال تظهر، وتدقّ ناقوس الخطر، عسى ان يتداركه الناس بفطنة وتترجم الانسانية الى تصرفات يومية بسيطة متداولة تحتاج الممارسة عليها في كل الاعمال، علينا أن نكون أكثر رحمة اوإنسانية مع أنفسنا ومع الآخرين. علينا أن نفكر بأكثر من سبعة مليارات ونصف مليار انسان حتى وان غير البعض مواقفهم مادون ، اوتبنوا مواقف جديدة أكثر إنسانية، سوف يزدهر عالمنا ويكون أفضل بكثير من العالم الذي نعيشه الآن. قبل أن يكون القادم أسوأ لقد أظهرت المحنة هشاشة السياسات العالمية في الاقتصاد والأسواق المالية،وبعد ما سبّبه فيروس «كوفيد 19» من خسائر تجاوزت عشرات تريليونات دولار وهو لم يتعافى بشكل الكامل منذ الأزمة المالية عام 2008. ومن تعطيل عجلة العمل والإنتاج وتوقف كثير من الصناعات، وتسريح العاملين بأعداد مخيفة، فإن العالم سيواجه ضغوطاً هائلة خلال السنوات المقبلة، مع التوقعات بأن التعافي الاقتصادي سوف يستغرق وقتاً طويلاً، يتجاوز توقعات البعض بأنه يمكن أن يحدث في غضون عامين أو ثلاثة.
لقد انكفأ كل بلد على نفسه مع الاسف، بل وقف متفرجاً على الصين حتى انفجر الوضع بوجه الجميع. فلو كانت هناك وقفة جماعية منسقة بغض النظر عن اعتبارات المصالح الضيقة وحسابات السياسة، لربما تفادينا استفحال الأزمة وتحولها إلى جائحة خارجة عن السيطرة ومنتشرة في كل ركن من أركان المعمورة. فجأة اكتشف الناس أنه لا توجد أجهزة تنفس صناعي تكفي، ولا أسرة لاستيعاب المصابين، ولا تتوفر الأعداد المطلوبة من الأطباء والممرضين والممرضات. بدا واضحاً أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في الاستعدادات والترتيبات للطوارئ، وفي كيفية توفير الإمدادات الطبية اللازمة لحماية الناس، ومواجهة مخاطر الفيروسات المتحورة التي تتزايد مخاطرها على البشرية.وشكا كثيرون من أن طلبهم المساعدة وُوجه بالصد من دول حليفة، أوضحت أنها تحتاج مواردها لحماية مواطنيها، وأغلق المطارات والحدود، وعصف باقتصاديات الدول والأسواق العالمية، بل أدى إلى حبس ثلث سكان العالم ( نحو مليارين ونصف المليار ) في منازلهم التزاماً بتوجيهات الوقاية من المرض والحد من انتشاره.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
             
 

309
الذات الانساني يحبس انفاسه
أن الإنسان أيا يكن موقعه قادر في خضم هذه الأزمة على التغوّل إلى حدود تتجاوز الخيال أحيانا في تجسيد الأنانية المفرطة مثلما تفعله بعض الدول المتكبرة والتي كسرت خشومهم فيروسة لا ترى بالعين المجردة لا يستطيعون ايقاف انتشارها وشلت ايديهم وعقولهم ويتصارعون بالمزايدة على ابسط الامورفي الجو لاقتناء ابسط حاجة وهي الاقنعة الواقية ولازالت هذه الدول في عنجهيتها في التطاول والتهديد والوعيد والتطبيل للحروب ،وقد قال الحكيم سبحانه وتعالى في كتابه:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ {الحج/73}
مثلما هناك من هو قادر على التحليق عاليا في السماء عبر عزة النفس والكرم وعلمهم عطائهم ان يكون عنوانهم للجود بلا مقابل في هذه الظروف العصيبة في تقديم العون للاخرين مثلما يفعل العاملون في المجالات الطبية من عطاء بالنفس وهي اغلى غاية الجود.
 كثيرة هي الاوبئة و ذات انعكاسات خطيرة على حياة العالم  وكم تشاهد اليوم من جثث يقرضها فيروس كورونا  الذي يشد أنفاس البشرفي هذه الايام وعم بجبروته مختلف الدول العالم وعجزت البشرية في استعراض كل قدراته وعقوله على مواجهة هذا الفيروس وهوليس له أصل يمكن إثباته و تعامل الأسرة الدولية معه بطريقة متخبطة حتى الآن،كما ان هناك أصواتا كثيرة بدأت تتعالى اليوم في بلدان الشمال والجنوب على حد سواء وتدعو لإطلاق منهجية جديدة في التعامل مع الأوبئة والكوارث الأخرى التي يُنتظر أن تطول قائمتها في المستقبل على الاعتبارات المصلحية الضيقة. فما للعيون ناظرة ولا تبصر، وما للقلوب قاسية ولا تفكر، وما للنفوس ناسية ولا تذكر، أأغراها إنظارها وإمهالها، أم بشرتها بالنجاة أعمالها، أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها، قال تعالي "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون".( 16 الحديد)
المواقف التي تمر في حياة الناس و حياتنا نحن كبشر هي مجموعة من الحوادث والوقائع التي من المعقول ان تعلمنا الحرص على تنمية الأخلاق الحسنة والمسالك الحميدة، وتعهّد النّفس بترسيخ هذه القيم الأخلاقية في واقعها حتى تصير أمراً معتاداً، وقد حثّ النبي -صلّى الله عليه واله وسلّم- على تدريب النّفس وتطويعها على محاسن الأخلاق؛ فقال: (إنما العلمُ بالتَّعلُّمِ، وإنّما الحِلمُ بالتَّحلُّمِ). وتعويد النفس على محبة الخلق والنّصح لكلّ انسان، وإفشاء السلام، ونشر الأمن بينهم، وطلاقة الوجه وبثّ البِشر في حياتهم، والإعراض عن جاهلهم وقبول أعذارهم، وترويض النّفس على ترك المراء والجدال مع من لا رجاء في انصياعه للحقّ، كما أنّ مجالسة الأخيار، والتّقرّب من الصالحين، ومطالعة أخبار وسِيَرهم من طرائق التّزكية الناجحة.
وعلى الرغم من ذلك قلة من الناس هم الذين يستطيعون الاستفادة من هذه الأحداث في تربية الذات وأخذ العبرة والعظة من الحوادث وتوظيفها في تربية وتوجيه الآخرين، والقرآن الكريم عند نزوله على النبي صلى الله عليه واله وسلم في أيامها الأولى كان يربي المسلمين بالأحداث والوقائع سواء كانت للأمم والشعوب والمجتمعات السابقة وحتى الأفراد أو كانت الأحداث التي يعيشونها أو تحدث قريباً منهم هنا أو هناك ويطالبهم الاستفادة  منها في تزكية نفوسهم وإصلاح أخطائهم وتوظيفها في بناء حياتهم وصناعة مستقبلهم.
وإذا أراد الإنسان أن يرقّي نفسه؛ فإنّه يرقيها بالإيمان واليقين، وبالسريرة الصادقة، وبالأعمال الصالحة فرائضها ونوافلها، وبالأخلاق الحميدة والمعاملات المشروعة. وقد جاءت الشريعة الإسلامية لتعطي الإنسان الخير كله في الدنيا والآخرة، فبيّن الله للعبد العلم الصحيح، وبيّن العمل المطلوب، وهيّأ وسائل ذلك، وبعث الرسل. فأعطى دينُنا كلَّ الاهتمام لِتطهير الإنسان من سيِّئاته وإصلاحه وترقيته، وقد سمّى الله تعالى حال الإنسان بهذا الاعتبار تزكيةً، فقال سبحانه: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران/ 164). فكما جاء النبي (ص) ليتلوَ علينا ما أوحى الله إليه، ويعلمَنا ما في القرآن والسنة من علم وحكمة وأحكام؛ فقد جعل الله من وظيفته تزكية النفوس. وبيّن الله تعالى أن فلاح الإنسان ونجاته متوقفة على التزكية، فقال سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) (الأعلى/ 14)، (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 9-10)، (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى) (طه/ 76). ومما ينبغي أن تحدثه التزكية في المسلم، أن تحول الاعتقاد من كونه اعتقاداً في الذهن، فحسب، إلى عمل يعيشه،والناس إذا رأوا جمال خلق الانسان الاخر وحسن معاملته وأدبه وطيب كلامه؛ ينجذبون إليه ويميلون إلى الذي تربى عليه، وأوصله إلى هذا الجمال والرُّقيّ
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

310
الانسانية الامريكية المفقودة في تاريخها
لقد ان الاوان ان يطلع الإعلام المغفل والمأجوروالكثيرمن الناس الذين يظنون ولا زال البعض الاخر في غيه  من كون امريكا فاعلة خير في العراق او المنطقة وبالطبع، لا ينبغي لنا أن نتجاهل الأعمال الخبيثة التي تقوم بها وسائل الإعلام الأمريكية والمتاجرة الاخرى في تغطية ألاخبار المسيئة وقلب الحقائق  و بأن أمريكا هي ً دولۀ الديمقراطيۀ، ودولۀ الحريۀ، وأنها راعيۀ السلام ، في حين ان الإدارة الأميركية أوصلت سياستها العدائية والضغط الأقصى على المجتمع العالمي إلى مستوى غير مسبوق من العداء للإنسانية بحيث تواجه بعض الدول والحكومات الحرة للحظر والاستيلاء على اموالها  بما فيها الجمهورية الاسلامية الايرانية مما جعلها تعاني في صعوبة مكافحة جائحة كورونا الفتاكة لولا همت ابناء شعبها في مقاومة هذه المرض بالاعتماد على جهودها الداخلية وحجب حرية التصرف بحقها فيها و عدم قدرتها للوصول إلى مواردها المالية المعلقة في مصارف وبنوك واشنطن وبالتالي عدم التمكن من شراء الأدوية والمعدات الطبية اللازمة للقيود التي وضعتها امامها.
اذا اردنا ان نستقرئ ونتبع بشكل دقيق ما اجرمت واشنطن  بحق البشرية فقد خسرت هذه الملايين من القتلى والجرحى بسبب الحروب التي اشعلتها  ونوعية الاسلحة التي استخدمتها في كل حروبها، فضلا عن اثارة النعرات الطائفية والعرقية وغير ذلك ،هذه هي السياسة التي عرف عنها بعد دخولها الي العالم اثناء الحرب العالمية الثانية وما بعدها '. اما الحديث عن  الإنسانيۀ فمعدومۀ لديهم، والقيم الأخلاقيۀ ليس لهم فيها ناقۀ ولا جمل، وقد تمثلت في أمريكا أعظم أنواع الإرهاب المنظم، وبلغ فيهم الاضطهاد والإرهاب مبلغًا لم يشهد مثله في عالمنا الحاضر، بل وعلى مر التاريخ المتقدم خالفوا الأديان والشرائع ، بل حتى القوانين الوضعيۀ لم تنجوا منهم  و سرعان ما انكشف الغطاء عنها من خلال ادورها السلبية و غزواتها في السنوات الاخيرة في منطقتنا على العراق وسورية وافغانستان وشعب فلسطين من خلال الكيان الاسرائيلي ودعم الارهاب الدولي في اليمن وارتكابهم الجرائم البشعة بحق شعوبها بأعتراف شخصيات سياسي مؤثر امريكية كان لها دور مؤثر في الحكومة واخرجت ما يجهله الكثيرون عن هذه الدولة الطاغيۀ المعتدية وأنهم لا يضمرون الخير لاحد ، ولا ينتمون للانسانية الحقيقية بأي صلة ، سوى تدمير الشعوب ونهب خيراتها والقضاء على قواها واضعاف الامم  وإرجاعها إلى الخلف، وبينت ان ديمقراطيتها وحريتها مزيفة و كذبت تلكم الادعائات دعم العملاء من الحكام ضد شعوبهم واقرب تاريخ لدعم الدكتاتوريات هو ما حدث في السبعينيات القرن الماضي (عمليات الكوندور) في الارجنتين والتشيلي ودول امريكا الجنوبية بسلسلة من اعمال القمع السياسي وارهاب الدولة لقمع معارضيهم، هذه العمليات التي عرفت بهذا الاسم  حظيت بدعم عسكري وتقني من حكومات "ليندون جونسون " و"ريتشارد نيسكون" و"جرالد فورد" و"جيمي كارتر" و"رونالد ريغان"، والتقديرات تشير الى أنها أدت الى مقتل اكثر من 60000 قادتها إتحادات العمال والفلاحين والكهنة والراهبات والطلاب والمعلمين والمثقفين وأفراد يشتبه بإنضمامهم إلى التمرد المسلح، وبعض الجهات اعلنت احصائيات اكبر لعدد القتلى جراء تلك العمليات.
اما النموذج في العراق والمنطقة اثارتها المعلومات التي فضحت الدور الامريكي في العراق والذي وصف بالتخريبي والتجسسي والتآمري مع الكيان الصهيوني على العراق وقواه الوطنية المجاهدة، و طبيعة الوجود العسكري الأميركي في العراق وأهدافه، وأنه ليس لأغراض تدريبية أو استشارية أو لمواجهة داعش كما تدعي. وقد سبق وان اعترف جو بايدن نائب الرئيس الامريكي السابق اوباما "،بان بلاده أقترفت خطأ جسيما في العراق" دون أن يتوقف منحنيا أمام مئات الالاف العوائل التي فقدت رب الأسرة و الأبن والأخ والأم و الحفيد ، بسبب عنجهية قوية مارستها واشنطن بلا حياء ضد شعب العراق، وضعتهم جميعا في خانة الأعداء وحكمت عليهم على أساس ذلك وقتلت الالاف منهم دون حياء وخجل بلا مبرر وذنب او جريمة .
اليوم ادراك الجميع وبشكل واضح ان كل المنظمات الارهابية سواء كانت طالبان في افغانستان او النصرة  في سورية او داعش او القاعدة في العراق او غيرها هي تكونت بتخطيط ودعم اساسي ومركزي من قبل الولايات المتحدة الامريكية وبأعتراف كبار الساسة الامريكان بذلك مباشرة وبكيل الاتهامات بين الرؤساء الامريكيين سابقا اوباما وحاليا ترامب وهذا دليل على اجرام تلك الحكومات بحق الانسانية وتحولت الي حقيقة تاريخية واقعية غير قابلة للبس والشك والتأويل. وبلصق تهمة الارهاب بحق القوى الخيرة و المقاومة الاساسية ضد الارهاب والغطرسة الامريكية والتي قطعت ايديها واذرعها وافشلت المخططات الصهيوامريكية في المنطقة وقللت من اهمية مشاريعها او ازاحتها بشكل كامل او شبه كامل.وتعد مؤامرة جديدة لضرب تلك القوات من خلال تجميع قواتها العسكرية الموجودة في قواعدها المنتشرة في قواعد محددة مثل عين الاسد وحمايتها بصواريخ باتريوت وكذبة الانسحاب بل لابعادها عن ضربات وتكريس تواجدها والتخطيط من جديد لتصفية واغتيال الشخصيات المقاومة وعدم انصياعها لقرار مجلس النواب العراقي بأنسحاب القوات الاجنبية من العراق .
أمريكا تتسّم بالأحاديۀ، والطمع والهمجيۀ، إن تاريخها مليء بالظلم والكبر وعبوديۀ الذات، وجرائمه النكراء والتدخل السافر في شؤون الدول الداخليۀ لا يمكن عدها في مقال انما تحتاج الى كتب و دون احترام معتقداتهم الدينية والقومية والاجتماعية بل وقوانينهم، فهي تُشرّع بالغداة وتنسخ بالعشي، ليس لديها ما تلتزم به، و تنتهك القوانين والاتفاقيات، وتأخذ ما تشاء وتدع ما تشاء، وتنتهك حقوق من تشاء بخير حق، و تسعى لمصالحها الذاتيۀ، وهيمنتها فقط، دون مراعاة للروابط الدولية، ان شعوب منطقتنا عليها اليوم ان تدرك حقاً الدور الخبيث للولايات المتحدة الامريكية و تتعاضد فيما بينها مدركة انه يجب الوقوف امام هذا الاستهتار المتغطرس والذي سبب الكثير من المشاكل في المنطقة ودولها يجمعهم تاريخ طويل من العلاقات والمشتركات سواء كانت دينية او عرقية لكنها ارادت ان تكسر هذه الحواجز وان تعبث في امن المنطقة من خلال التركيز على اثارة النعرات الطائفية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

311
اليوم  ... . أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ
في هذه المرحلة التي يشهد العالم فيها تقلبات وغموضاً على الساحة الدولية، وتعاني البشرية فيه من مشاكل جمة  تعرج مسار التطور السياسي فيهما هبوطًا وصعودًا ومنها العالم الثالث "قد تختلف درجة حدة الأزمة ومظهرها من دولة لأخرى "الذي يواجه كنظام اقليمي ودول ونظم حكم، ونخب سياسية حاكمة ومعارضة، علمانية واسلامية، وأغلبيات وأقليات دينية وعرقية أزمات أكثر حدة وعمقا بما لا يقاس مثل الكراهية العرقية والدينية والتمييز العنصري العلاقات الإنسانية المفقودة بين دولها والتي تواجه أزمة تراچيدية أكثر عمقا تتعلق بالهوية، بمدى اتساق كل شعب وطائفة وأقلية دينية وقومية وثقافية مع هويتها بشكل اعمى دون الاخرين عليها ان تأخذ العبرة وتسترشد بالقيم الالهية والانسانية الغائبة وتعود الى هذه القيم السمحاء بعد الوباء الحالي "كورونا "الذي اصاب الانسان اليوم وعجز تماما لمواجهته ومرغ انف المتكبر بالتراب وهو يصارع الرعب والخوف والمصير الذي اجبرهم على التزام طقوس الحجر التي طبقوها هم على الفقراء سابقاً و ليس لديهم شيئ يخافون عليه عكس الاغنياء القلقون على امواله وارصدتهم المهدد بالانهيار وكلاهما يقفان في خندق واحد المظلوم رافعاً يده بالدعاء والظالم الذي زاد عتوا وتكبيرا على الله والناس ومن هنا قد يكون قاتلاً عادلاً ويعيشون بين الحياة والموت من خلاله " الاية القرأنية (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ)  (165) البقرة "، فضلا عن أن لدى كل منهم أزمة صراع أجيال مكتومة، وصراع يومي حاد مواز مع القيم والتي دمرت الكثير من الحضارات وثقافاتها وجعلت الروابط مبنية على اسس مادية دون سواها الاية القرأنية (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ  (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ  (74) (الحج :وسمحت لبلدان اخرى واحتمت في ظلها لتساهم في سرقت مواردها دون وجه حق ومنع كل تطور فيها وهي مؤشرات لا لبس فيها على افلاس انساني قيمي عندهم  وعلى الصعيد الدولي. ولا زال النضال طويلا أمام هذه المجموعة الدولية الناهبة  للسمو بهذه الحقوق إلى مستوى الكرامة الإنسانية لبني البشر، أيا كانوا وحيثما وجدوا" وهو شأن إنساني يقوم على تكريس المواطنة واحترام القواسم المشتركة لكل البشر وفي طليعتها الحق في الكرامة والوجود والمساواة والأمن والرفاه، ولا تستعمل هذه الحقوق مطية للتدخل في شؤون الدول ومحاولة زعزعة استقرارها وأمنها"ويمكن القول أن التحولات التي مست موضوع النهب في السنوات الاخيرة قد أحدثت تغييرا على مستوى مفهوم التهديدات الأمنية حيث انتقلت التهديدات من تهديدات عسكرية صلبة تمس الدول كوحدات تحليل ، إلى تهديدات – لينة – تمس القطاع الاقتصادي ، البيئي ، المجتمعي والسياسي مما يستوجب إيجاد وسائل جديدة للتعامل معها وفهمها حيث أن التعامل مع التهديدات الأمنية لا يكون مجديا إلا إذا تم تحديد مصدر التهديد ،طبيعته ،بنيته وكذا درجته ، وتختلف طريقة التعامل مع التهديدات الأمنية حسب قدرات الدولة ومكانتها في النظام الدولي وتنطلق في نشاطها من مبادئ وقيم عابرة للأيديولوجيات والأديان والثقافات والطبقات الاجتماعية والأصل القومي والجنس واللون والحدود الجغرافية، قيم تنبذ التمييز والعنف والتطرف السياسي والديني، وتعلي من شأن الحوار والوسائل السلمية لحل النزاعات البينية اولاً.
 لقد اتجهت بعض الدول الغاصبة والناهبة للخيرات وبعقليات عقيمة وظلامية لتشكيل مجموعات مسلحة ودعمتها بالمال والسلاح  لخلق الفوضى والارعاب والتهديد بنزعات طائفية ، قابلة للتطرف بشكل خطير في كافة أنحاء العالم منذ سنوات وخاصة في اسيا وافريقيا ،افغانستان وسورية ،والعراق ،واليمن ،وناجيريا ، وليبيا وغيرها من البلدان وشكلت هذه المجموعات المجرمة تهديداً للسلام والأمن الدوليين.
مع علم تلك الدول بأن الإرهاب جريمة ضد الإنسانية، ولا يمكن أن يكون مرتبطاً بأي عرق أو اثنية أو عقيدة أو منطقة معينة. وكارثة عالمية تستوجب كفاحاً وتضامناً عالميين تحت شعار "السلام في العالم ". وتواصل كفاحها النشط لردع الإرهاب مهما كان نوعه وعدده و الذي يمارسه ومهما كانت ذريعته، مع التغيرات المستمرة في السياسات الحكيمة وبشعور وطني  وفقاً لمبدأ "سلام في الوطن ، والمقابل تسعى دول اخرى بتقاليد راسخة على صعيد الدولة والديمقراطية، وتستمد قوتها من مكانتها الجغرافية الهامة وتجاربها التاريخية العميقة ومؤسساتها القوية واقتصادها الديناميكي. إلى تشكيل إسهامات بناءة لإرساء السلام والاستقرار والأمن على صعيد العالم لوضعها في خدمة ،الاستقرار والازدهار ،والجهود التي تبذلها ترتكز على الإنسان. وانتهاج علاقات دولية  تعكس الروح المبادِرة والقيم الإنسانية للشعوب وتعريف أخذ زمام المبادرة في عالم مليء بالغموض الذي يشهد تغيراً جذرياً في منطقتنا وروابط هشة سياسياً واقتصادياً بين بلدانها و بشكل منفصل تمامًا عن السياق السياسي والثقافي والاجتماعي  التي يجب ان تكون عليه، وبلا شك فان استمرار هذا الوضع في المنطقة دون وجود مخرج لا يعني فقط تكريس الوضع الكارثي الحالي، بل تهيئة المنطقة لاضطرابات اجتماعية وسياسية عنيفة أخري، وربما نزاعات مسلحة جديدة وكوارث إنسانية أكثر فداحة، وتعزيز بيئة إقليمية مواتية بصورة أكبر للأنشطة ذات الطبيعة الإرهابية. في ظل هذا الفراغ على الصعيدين الإقليمي والدولي
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

312
فهل ستظهرالملامح الانسانية في زمن الكوارث
لقد واجهت البشرية حالات كثيرة عبر التاريخ تشابه ما يمر العالم به اليوم من وباء قاتل هو كورونا ( كوفيد 19 ) الاخطر بقدرته الفتاكة حيث يهدد حياة الملايين من البشر بسبب الانفتاح من حيث الاتصال السريع بين المدن والدول وبكثافة سكانية أكبر من أي وقت مضى، إذ يقترب عدد سكان العالم حالياً من 8 مليار نسمة، وهذا الرقم في تصاعد مستمر. ونحن نعيش أقرب فأقرب إلى بعضنا البعض و زادت حالات تفشي الفيروسات القاتلة وأصبح انتشارها سريعا من انسان لانسان اخرً،
ورغم كل المشاكل والخلافات والصراعات بين مختلف بني البشر لكن تبقى العلاقات الإنسانية سيدة الموقف في لحظة ما "إلأ عند اصحاب الدنيا والمال وفاقدي البصر والبصيرة  "ويظل الرابط الأشمل الذي يحاول أن يتمسك به اصحاب الضمير الحي في اداء الواجبات تجاه الاخرين وهي مشاعر للنوازع الداخلية التي تدفع الإنسان إلى مساعدةِ الآخر، كالمظلوم، المحتاج، الجائع، المريض، المضطهد، الضعيف، الخائف ... وقال رسولنا الكريم صلى الله عليه واله وسلم " إرشادُك الرجلَ في أرضِ الضلالِ لك صدقةٌ، وبَصَرُكَ للرجلِ الرِّدِيءِ البصرِ لك صدقةٌ، وإماطتُكَ الحَجَرَ والشَّوْكَ والعَظْمَ عن الطريقِ لك صدقةٌ، وإفراغُكَ من دَلْوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدقةٌ ".
الانسانية فيها من القيم والتضامن والتآزر وتحمل في طياتها  وسائل وإمكانيات المساعدة المختلفة، كما تتعدد فيها كافة سبل لمد يد العون للآخر رغم الصعوبات التي تواجه البعض، لكننا نراها لا تتوقف ، ليأخذ بيده إلى برِّ الأمان من يستطيع دون تمييزلانها هي النبع الإنساني الصافي، و القاسم المشترك بين بني الإنسان، الرباطٍ  الاقوى بين الكائناتٍ العاقلةٍ على هذه الأرض . العطاء من أجل الصفات التي منحها الله للإنسان...ويعطي بلا توقف...و وبإخلاص...وحب ويمنح ما يملك من أحاسيس ومشاعر.. أن يكون شمعة يضيء للأخرين حتى في فيما هو بأمس الحاجة له فيها بكل ماتحمله الكلمة من معنى...لأن الانسانيه هي العطاء...وإذا وهبك الله بها كاملة...فستعطي ماتملك لمن لايملك .والحرية التي تتبجح بها بعض الدول عنوان الإنسانية فكيف لنا ان نكون احراراً من دون إنسانية؟ لربما نحن الآن بعالم أصبحنا فيه أقوياء لكننا لسنا أحراراً! وفي عالم نتبجح فيه بزمن الاختراعات والتطورات والتقدم ونتحدث عن الرقي والحضارة ولكن ضاعت في زمن وباء كورونا ، و لا نرى سوى تخريب أكثر من طرف الإنسان للإنسان نفسه، يدخل بالأسلحة لنشر السلام فيه، ولا يخذ السلام مبدئا ويقضي على الأسلحة المدمرة اولاً.
لقد حاولت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بكل وضوح تحديد مساراتها تجاه العالم واستغلال نفودها لسرقة اموال العالم لصالحها ومحاولة تكريس وتعميم وفرض قواعد سلوك النموذج الغربي الهابط والخالي من القيم بدل المتنورة والمنفتحة  والهادفة للخليقة على كثير من المستويات ، من استخدام كل الوسائل ابتداء من القوة العسكرية المباشرة ، توظيف منظمات الأمم المتحدة غطاء لإضفاء الشرعية، كذلك في تصميم وصفات جاهزة للأنظمة السياسية يعدها وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لربط القروض المالية بمدى التناسق والانسجام مع قواعد النظام الدولي الجديد الذي بشر به القادة والمنظرون الغربيون بعد الحرب الباردة وشرطا للقبول بالدول في عضوية المجتمع الدولي.
 الانسانية  توحد المشاعر والعواطف السامية والنبيلة التي تكرس الرحمة في قلوب البشر تجاه بعضهم البعض وتحثُّ الإنسان أيًّا كان لونه ودينه وجنسه على الشعور والتعاطف مع أخيه الإنسان في أي بقعة من بقاع الأرض، وكأي مصطلح حديث جاء من الغرب ونتيجة الاحتكاك بالثقافات الأخرى.ولو طبيقت بشكل الصحيح فان العلاقات الإنسانية المفقودة بين الدول سوف تنموا بأحسان نحن المعالي ولا غبار عليها
ان ازدهار الإنسانية وتقدمها يتجلى في كيفية الحفاظ على أرواح البشرية من الموت والدمار، يكمن في صون كرامتها وضمان حريتها، والحرص على ضمان العيش لجميع أفرادها بسلام وتسامح وأمان. لتسقىي إذن وردة إنسانيتنا وتزرع بذورها بأجسام صغارنا الخصبة، لنعلمهم أن قيمة الإنسان في مدى احترامه للغير، لعلنا نقترب من الإنسانية من جديد، فشوك الورد لا يؤذي الورد لكي ينمو، فكيف للإنسان أن يؤذي إنسانا من أجل تقدم حضارته! متى ابتعد الإنسان عن إنسانيته؟
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

313
كورونا وكشف المستور في الدولة العراقية
لا نبالغ إذا قلنا بأن الشعب العراقي يعيش في دوامة من الخوف في ظل الظروف اليومية الحالية القاسية التي يمر فيها في المحجر من تردي الخدمات العامة وفي تكدس القمامة في الشوارع و الصحية على نطاق واسع في عدم تطوير المستشفيات والمستوصفات وبنائها رغم الجهود العظيمة التي يبذلها الكادر الطبي بجهود ذاتية والتي لا يمكن انكارها ولهم جزيل الشكر والتقدير وعجز الجهات الامنية  في حمايتهم من المتطفلين  من العنف وحتى القتل؟  وتراجع الموارد و النقص في الأنظمة والقوانين التي تنظم مؤسسات الدّولة المختلفة، وتحدّد علاقة بعضها مع البعض الآخر، إضافة لنقص الكفاءة البشرية الصحية ومستلزماتها في الازمة الحالية لمقاومة فيروس كورونا المنتشر والتي تشابهت  في إدارة مؤسسات الدّولة الاخرى، الاجتماعية والخدمية منها  على سبيل المثال لا الحصر البطالة و الفقر ونقص الخدمات  ،الكهرباء، مياه الصرف الصحي، تبليط الشوارع، خدمات النظافة، قلة المدارس وغير ذلك الكثير ولو كانت هناك نيات حسنة لكان العراق قد تطور كثيراً خلال ست عشرة سنة الأخيرة وبحكم المبالغ الضخمة المنهوبة من المبالغ المخصصة في الموازنات السنوية الانفجارية العامة. ومن المؤلم أنْ يستمر البعض من كبار المسؤولين والوزراء، بأحالة المشاريع خلاف القوانين المرعية واستغلال ضعف وغياب الدولة  ومنها عقود ضمان المتقاعدين لهيئة التقاعد العامة والمعلمين في وزارة التربية والتعليم والفساد في الاحالة الى تلك الشركات الوهمية التي لا تمتلك اي مؤهلات للعمل المدعومة من جهات سياسية "بدل الشركة الوطنية للتأمين العريقة التابعة للدولة "والتي تم الحديث والكشف عنها اخيراً وكثرة المرتشين والفاسدين والتعامل بمبدأ المحسوبيّة والمنسوبيّة على حساب العقول والكفاءات العلمية .
 هناك عاملاً آخر أثّر سلباً في رسم معالم الدّولة الديمقراطيّة الصحيحة، هو عدم وجود ثقافة الديمقراطيّة عند أغلب القائمين على العمل السياسي، ونقص الحسّ الوطني عند البعض منهم.و غياب عملية المتابعة، التي تبدأ من رأس الهرم إلى قاعدته، للوصول إلى الأهداف المنشودة فكان فشل رئيس الجمهورية وما أقدم عليها في ترشيح اشخاص مثل عدنان الزرفي  بطريقة غير دستورية  ومخالفة قانونية لرئاسة مجلس الوزراء وفي عملية مقصودة فيها مضيعة للوقت ويعلم مسبقاً بعدم مقبولتهم عند الاحزاب والكتل السياسية و بخطوةً استفزازية بدل لتفكيك الأزمة الحالية التي يواجهها في التكليف بسبب الخلافات الحادة بين الكتل وتعيش الحكومة في أجواءٍ ضبابيَّةٍ ولا تزال الأزمات السياسية في العراق تتفاعل و قد تولد أزمات فرعية  ،فيما تستمر الكتل السياسية في الهيمنة على مفاصل القرار والتسابق لتعزيز نفوذها استعدادًا لاستئناف الصراع .
 اما حكومة تصريف الاعمال المتمثلة برئيسها الدكتور عادل عبد المهدي ووزرائه والتي  أصيب العراقيون بخيبة امل كبيرة منهم في قطع الوعود المعسولة وتوغَّلت بعض الوزارات في الفسادِ وسوء الإدارةِ و التي تتحمل  تبعات الإخفاقات في العملين السياسي والإداري والتي اشارت الى اصلاحها في  برنامجها الحكومي ، بقيت تناور بشكل كبير من أجل اخفاء الفشل في إدارة الدّولة وسياسة التنكيل والإفساد وشراء الذمم ولم تكشف اسباب التلكؤ وحقائق المسببين أمام الشعب العراقي و لم تعط حكومته في هذه المدة أي إشارات لإرادة سياسية حقيقية في بيان اسباب الانحدار ولاعادة الحياة العامة، وقطع كل مظاهر الفساد والرشوة والريع واستغلال للنفوذ،رغم إقرار الجميع بخطورة ذلك على مستقبل البلاد والتنمية الشاملة المستدامة، ولم تنكب على معالجة أوجه المشاكل المختلفة التي يعاني منها الشعب وواقعه المتردي وخابتْ بها آمالُ الجماهير؛ فلمْ تتوقَّف معاناتُهم, جرَّاءَ تعاقبِ الحكومات المتتالية والمتهمة بالفشل ، ولم تخطوا ولوخطوة واحدة لتصحيح هذا الوضع المختل، واسترجاع ثقة المواطن،من خلال تطبيق فعلي وحقيقي لمبدأ مراقبة البرلمانيين والمسؤولين ، وربط المسؤولية بالمحاسبة .  وأخلت بالوعود مع مختلف شرائح المجتمع التواقة إلى الاصلاح وتحسين أوضاعها الاقتصادية  والاجتماعية والثقافية والمهنية ، عوض تأهيل هذه الطبقات وتمكينها من المقومات الأساسية للمشاركة بعقلية متفتحة،في مسار التطور التنموي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي و خرج الناس الى الشوارع لكشف عورات هذا النظام وعجزه عن أن يكون نظاماً فاعلاً لإدارة المصالح والحاجات الاجتماعية، محتجين على النخبة وفسادهم، وتجريدهم، ولو رمزياً، من الشرعية التي يدعونها لانفسهم  .
 واعضاء مجلس النواب العراقي المتغيبن عن الولاء للشعب في تنفيذ العهود التي قطعوها على أنفسهم وأقسموا على تنفيذها والشعارات التي طرحوها خلال توليهم مسؤولياتهم الرسمية قد ولد أزمة الثقة بينهم وبين الشعب العراقي على المستويات التشريعية والقانونية ، و لا يزال هناك الكثير مما ينبغي عليه عمله لتنفيذه على أرض الواقع، وبلوغ الغاية المرجوة في الورش الوطنية الاستراتيجية المتمثلة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتحقيق الحوكمة الصحيحة ،من خلال تحلي الفاعلين السياسيين بالإرادة الحقيقية لتفعيل هذا الطموح وخلق جو حقوقي ايجابي، وتصفية الأجواء العامة، وتوفير الشروط الضرورية ،لمحاربة الفساد واستغلال النفوذ ، والحد من افلات الفاسدين من العقاب،واستحضار المصلحة العليا للوطن .
هنا لا بد وان نكون صريحين من ان الشعب العراقي يتحمل جزءًا من المسؤولية في الوضع الذي وصال اليهم من خلال الولاء المطلق والسريع في الأنتخابات لجهات وإنقيادهم الى كتل سياسية نكلت بهم وبشكل أعمى دون بصيرة انتخبوهم واقفين في دعمهم لنظام المحاصصة الطائفية وإنسياقهم لقبول حالة الأحتلال للبعض الاخر وترويج لقيم الديمقراطية الكاذبة ووعود الغير الواقعية  بتوزيع الثروات عليهم خلافاً للمصداقية ورغم ان الثروة الوطنية لكل مواطن الحق فيها، وقد كشفت الظروف أن الولاءات الطائفية ليست وطنية انما تتسم بالانانية بالهامشية والسطحية  وسريعا ما تخرج عن الطبيعية وتتشتت في إتجاهات متباينة، وتشكل خطورة الى حد ما إذا كانت الأتجاهات متعارضة بشكل خطيرقد تهدد بدفع البلاد الى حافة الأنهيارلا سامح الله
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي
 

314
الامل في زمن كورونا

مهما كان قوياً الوباء المستشري كورونا، ومهما فرط بنا فأن الله رحيم وغفورو (( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا )) [ الطلاق: 1، و يقول تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53] هناك من يتذمر لأن للورد شوكاً، وهناك من يتفاءل بالخير فيجده لأن فوق الشوك وردة،  إننا مدعون اليوم اكثرلنبعث أملًا جياشًا عميق الجذور، ونتفائل والمتفائل لا يسمح للمواقف السلبية بالتأثير عليه أو أن تحبط من عزيمته وتقلل من إرادته وأمله بالحياة.لنطلق موجة عاتية يخشاه الوباء فيفر من صلابتنا وحيطتنا وحذرنا وتبقى الكلمة الجميل التي تتعايش مع الانسان وهي من اسرار الحياة بمعناه الرقراق والذي يضيء الدروب المظلمة لتشرق الوان مبهجة وحيوية ونشاط وروح الامل الذي يشرق في بدن الانسان ويجسد روحه يعطيه الديناميكية المستمر ولا قيمة للبدن بدون روح . ولولا الأمل ما بنى بانٍ، ولا غرس غارس غرسًا لا يطيب إلا بعد شهور، وربما سنوات ، ولولا الأمل ما ذاكر طالب دروسه ، ولا اجتهد عامل في مصنعه ، لنتجاوز عقبات الحياة والتأقلم معها، ولولا الأمل لما صبر المنكود على نكده . وإن لسان القضيب هو قلوب الناس، ولن تلبث حركة اللسان أن توجه القضيب، وأن تُحول الأمة من حال إلى حال. لذلك فشل الزعماء الذين حاولوا الإصلاح بمعالجة ظواهر الأمور؛ بينما نجح الأنبياء في تحويل حياة أممهم تحويلًا حقيقيًا حول النفوس والرؤوس ،اننا في حاجة ماسة إلى فسحة الأمل لنحياعلى نسماته العليلة، وتستظل بظلاله الوارفة، وتجني ثماره اليانعة. وقد مرت علينا اكثر من هذه المعاناة عمقاً ، ظلمات قاسية أليمة، ونزلت بنا مصائب شديدة الوطأة؛ وجثمت على صدورنا من قتل الآلاف من شبابنا  وتدمير ونهب وسرقة اموالنا واملاكنا، وتدنيس مشاعرنا بوحشية لا هوادة فيها.ولكن كانت مفتاح لكل أقفال الآلام والظلمات. نقرنه حينًا باللعنة على معاني الضعف والعبث فيها و تمتلئ نفوسهم بالثقة في امتنا وشعبنا ومستقبلنا لأن شعبنا لا يموت ولا  يلين بالمعاناة ، ويحتاج لمن يعزز الأمل في نفوس ابنائه رغم الألم الذي يعتصر قلوبها، وينفخ فينا من روحه المتيقنة بالغد الأفضل، والقادم المزهر.
تقول غادة السمان:
سأغسل وجهي هذا الصباح عشرات المرات
سأبتسم ابتسامة مشرقة كالفجر الذي عرفتك فيه
سأتلو آيات التفاؤل وأردد أغنيات الفرح التي حفظتها عنك       
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

315
دروس من كورونا ...العيش بعز
الم يحن الوقت بعد للنهوض أيتها النفوس الخالقة للظلام  من قتل وتدمير وبؤس إنساني، تتشابهون في مشاعر الكراهية، والبغض والعداء وتشبعون الكون بها حقداً ...متى تفيقون من سباتكم هذا لتنتقلوا الى عالم الانسانية ، الى متى ستبقون هكذا في ظلال العتمة السوداء،الى متى ستظلون مكبلين بسلاسل النفاق والخداع ، هل اعجبتكم تساقط  الاف الارواح  كالمطرفي كل قرية ومدينة  ، الى متى سيضل ظلامكم يخفي الحقيقية عن الأبصار ، ألم يحن الوقت بعد ليسع العالم نور الخير و الرحمة والشفقة ، أليس كل الأفراد من ادم وحواء وفي سفينة واحدة تسمى الارض رغم الحدود المتفرقة التي صنعتها ايديكم؟ فلا شيء يستحق أن تعيش له بذل  لانه صفة بشرية مذمومة ومبغوضة عند الإنسان السوي، وليست من الفطرة الإنسانية السليمة في شيء،
ألم نخلق لنعمل لسعادة بعضنا البعض؟ ... مخطئٌ من يظن أنه ناجٍ من هذه المحنة  او ذاك الحربً أو الوباءً، مرضاً أو فيروساً، نائبةً أو مصيبةً و لا يصابُ به، وأنه لن يطاله ولا أحداً من أهله وأحبابه ينالهم لانهم في بروج مشيدة محصنة ، وأنه سيكون بمنأىً عنه وغير معرضٍ له، فهو محصنٌ ومحميٌ، محفوظٌ ومصان ،ابداً ليس هكذا لاتفرحوا ولا تبتهجوا "لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ" ٢٣- الحديد. ، حياتنا تنتهى بالموت لا محال ، ولا بقاء بعدها ...كل من عليها فان، كلنا مقروءٌ عليه وملقى في حفرته الابدية فلا الأدنى من العيش بعزة يفني، ولا الحصول على الأغلى من هذه الحياة بذل يُبقي، على أن ما قل وكفى بعز خير مما كثر وألهى بذلة، فشتان ما بين الذل والعزة،
وصاحب المبدأ مقتنع من أن العيش بالعزة في جحيم خير من حياة ذليلة وإن ملأها رغد الدنيا كله، لإن الأنفس التي تربت في العز لا تقبل الذل أبدا ولا يفهم مما نقول إلأ الإنسان المبدئي المفروغ من حب الحياة ومتاعها ويتفاقم عند من يفتقد المثل الأعلى، وتتضاءل الأفكار السامية، وتشوه العقيدة الدافعة للخلاص من كل ما هو لا أخلاقي يحط من إنسانية الإنسان ، وأظن أن هذه فرصة للإنسانية جميعاً كي تستيقظ وتصحو وتبحث عن الحق، وتتبعه حيثما كان، وما تنفعُ الخَيلُ الكِرامُ ولا القَنَا .. إذا لم يكُن فوقَ الكرامِ كرامُ. –كما يقول  أبو الطيب المتنبي بغض النظر عن قائله ، وأظن أن هذا هو الذي سيحصل ولو كانوا يشعرون ، خصوصا عند الفئة الطبيعية العادية ، وما أكثرها على الارض ، الفئة غير الملوثة بالمصالح والأحقاد والكراهية والسيطرة و بالظلم. فلماذا لا تأخذ الدروس والعبر...
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

316
كورونا وانغلاق القيم الانسانية في العالم
يواصل وباء الكورونا انتشاره بسرعة في العالم في غياب التعاون المثالي بسبب انغلاق القيم والصراعات السياسية  ،مقابل ذلك عجزت ايدي البشرية من ان تستطيع ايقاف مده المخيف وانتشاره المرعب رغم ان الانسانية اساساً تعني انها تتشارك مع انواع الانسانيات الاخرى بخيرها وشرها  فكلما ازدهرت العدالة في علاقات الانسان مع اخيه الانسان اكثر فأكثر ازدهرت علاقات الانسان مع الطبيعة ، وكلما أنحسرت العدالة عن الخط الاول انحسر الازدهار عن الخط الثاني ، أي ان مجتمع العدل هو الذي يصنع الازدهار في علاقات الانسان مع الطبيعة ومجتمع الظلم هو الذي يؤدي الى انحسار تلك العلاقات وافولها في زمن ضاعت فيه الانسانية والرحمة والشفقة و نرى فيه قطع الرؤس وتمزيق الاجساد او طعنها بعدة طعنات  كي يشفى غليل القلب منها وذنبها فقط انها لم توافق راي السفاح او تمشي اثر خطاه الاجرامية.
يمكن تقويم الخلق الانسانية وفق بمفهوم المبادئ التي تهم البشر واحتياجاتهم ورغباتهم واهمية الخبرات المتراكمة التي تكون اهتماماتهم الاخلاقية الدينية الالهية محورها وإذا فقدت الرحمة ضاعت معالم الإنسانية وإذا تكالبت الظروف على الإنسان لن يحتاج أكثر من مجرد يدا حنونة تؤازره وتربت على كتفه و دائما ياتينا بالاتجاه المعاكس للطغاة والفاسدون اناسا يحملون في قلوبهم مسحات الحب والخير ويعملون جاهدين بالتعاون لعمار الارض والحفاظ على الانسان فيها وغير الانسان فالنمل تعمل بروح الفريق المتكامل فتحقق احتياجتها الغذائية ، حيث يعي كل فرد من أفرادها ما عليه من أعباء ينفذها على أكمل وجه دون كلل ولا ملل، ولا اعتراف بالفشل مع الإيثار والتضحية من أجل حياة الآخرين، حيث يعملون جسوراً حية بأجسادهم التي قد تموت لأجل نقل ما غنموه من الغذاء عليه .
من هنا ايضاً اذا كان هدف الإنسان الأسمى يمتّلُ في تحقيق السعادة والفضيلة الكاملتَيْن،وحتّى يكون ذلك مُمكناً لا بُدّ من وجود الحياة الآخرة، ولتوفير ذلك يجبُ أن يكون الله موجوداً، لإن الله تعالى خلق الإنسان مدني الطبع لا يستطيع أن يعيش دون عون أخيه في حياته كلها، بل التعاون فطري حتى بين الحيوانات ، ولكنه كلما ازداد التعاون بينها كلما ازدادوا بها رقيّاً و يرتبط بتخصيب المادة الأخلاقية وتشكيل نظام للبحث الأخلاقي القادر على أن يفي بهذه المهمة ويقدم الأخلاق كمادة معرفية تمتلك أولويتها و يكون متلائمًا ومنسجمًا مع متطلبات العصر وحاجاته بما يعني أن النتاج الذي سوف يسهم ذاك النظام في الوصول إليه يجب أن يكون قادرًا بشكل فعال على الولوج إلى جميع مفاصل المجتمعات و أخلاق الرحمة والمحبة وإرادة الخير والسعادة للإنسان والوجود هي الكفيلة بالعناية بالإسهام في هذه الوظيفة و ترابط عالمنا اليوم وانفتاحه المتزايد بعضه على بعض يسرّع انتشار الفيروسات بسرعة انتقال الطائرات النفاثة، ومن المؤسف أن هذا يزيد مخاطر تفشي الأوبئة على نحو كبير. وقد شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية انتشار العديد من الأمراض؛ مثل «إيبولا»، و«حمى لاسا»، و«سارس»، و«كورونا»، و«زيكا»، و«نيباه» وتعاونت البلدان في ايقاف نموها وانتشارها في الكثير من المناطق . ورغم ذلك، فإنه لا يزال بإمكاننا أخذ الاحتياطات لمنع تفشي مزيد من هذه الأمراض،
 ان مرض الكورونا الذي ينتشر هذه الايام كفيروس جديد مغفول ولا توجد معلومات مسبقة عنه جعل العالم ان يتخبط في الفوضى مما دفع الكثير من الدول لدقّ نواقيس الخطر اقتصادياً واجتماعياً مخافة المخاطر الكبيرة التي باتت يفرضها اليوم، نتيجة ترابط عالمنا واتصاله الوثيق أكثر من أي وقتٍ مضى وهناك أخطار أخرى تحدق بالصحة وتحمل على استباق الأمور قبل ان تتحول الى كارثة والانحرافات من المؤشرات تدل على القصور الشامل للنُظم الدولية التي تحكم طريقة التفاعل بين الدول وسكانها. وهي مؤشرات على فشل لم يسبق لها مثيل من حيث الترابط السائد بين المجتمعات والحكومات وأتت نتيجة السياسات الخرقاء. في وقوع هذه الفوضى، والأخطاء التي ارتكبتها باتت شديدة المساوئ على البشرية بالكامل .
المشكلة الكبير هي ان العولمة لم تنظيم نفسها على نحو يضمن المزيد من العدل في توزيع المنافع ،كما ان الكثير من البلدان لم تتعود ، بشكل تلقائي الاعتماد على  البيّنات العلمية بل استندت الى الفوائد المكتسبة والتوجيها السياسية ، وبالتالي ضاعت الاستفادة من القوة المنهجية العلمية وموضوعيتها وذهبت ادراج الرياح جهود المختصين .
لا يخفى على أحد أنّ القطاع الصحي يضع في صميمه حماية المصالح البشرية العليا وهو يستند إلى بعد أخلاقي قويم ومجموعة متينة من القيم الاجتماعية تحتاجها الانسانية في سعيها لمراعاة الهموم والهواجس  النفسية والمادية لتحقيق السلامة  كي تؤدي دورها لضمان الأمن الصحي و الغذائي و الأمن الوظيفي و في ضمان فرص العمل على انتاج الادوية المعالجة والحصول عليها بسهولة ويسر وفق الاسس العلمية والتجارب الواقعية لخدمة الانسانية لا المادية للتعامل في الظروف التي تسود الازمات الصحية  البلدان الاخرى.
 عبد الخالق الفلاح

317
عقدة رئاسة مجلس الوزراء العراقي في الا نهاية
الأجواء التي تظهر في سماء العاصمة بغداد راكدة ورمادية تخلوا من الطمأنينة والانسيابية من شأنها ان تترك انعكاسات سلبية على الاستقرار العام ،الصراعات التي خاضتها المكونات الأساسية في العراق، منذ سقوط نظام صدام عام 2003، نتج عنها في النهاية سيطرة تنظيم "داعش" على أجزاء كبيرة من الأراضي العراقية، صيف 2014. والتي لا يمكن تحصنها  إلأ بأتفاقات سياسية سليمة مؤتية تمنع تضعيف المجتمع ومن المبكر الحديث عن نجاج المُكلَّف لرئاسة مجلس الوزراء عدنان الزرفي بتشكيل الحكومة "والحريص على تجاوز سياسة المحاصصة وهومحور الخلاف الرئيسي مع الكتل المختلفة " والمتهم بالفساد ايضاً  خلفاً للمنسحب الدكتورمحمد توفيق علاوي وتم ترشحيه من قبل رئيس الجمهورية الدكتوربرهم صالح رغم العقبات العديدة التي سوف يواجهها في هذا الصدد خاصة من قبل الائتلافين اللذين يدعيان امتلاكهما  أكبر عدد من المقاعد وهما "سائرون" و"الفتح" ( وهما بالوجه امرايه وبالكفه سلايه) كما يقول المثل العامي وصراعمها اعمق من صراع الباقين  ، ويعتبر ذلك خلافاً للطريقة التي يقرها الدستور العراقي في المادة 76 منه "واجبر على اتخاذها لان الخلافات كبيرة حتى بين الكتلة الواحدة ولا توصل الى حل رغم المهل الدستورية ( 15 يوماً ) التي اعطاها لهم"والتي تنص على أن "يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الاكبر عدداً بتشكيل مجلس الوزراء خلال شهر من التكليف وتجاوزها الرئيس صالح ولم يفاتح اي جهة منهم في ذلك بعملية مشكوك فيها كي يستطيع خلال الفترة المقرر من تسميت أعضاء حكومته لتمر من تحت قبة البرلمان والانتهاء من إجراء انتخابات مبكرة قبل انقضاء عام من تكليفه. والذي سوف يستكمل النزاع بين الرئيس صالح وكتل لها تأثيرفي مجلس النواب حول تسمية المكلف بتشكيل الحكومة وخلاف مطالب الحراك الشعبي تماماً. والخوف من استمرار الفريق الأول المؤيد لهذا الترشيح في  إنتاج أوضاع التدهور المعيشي والغلاء وانحطاط الخدمات وإسباغ الشرعية على الفساد والفاسدين وإعلاء شأن المصالح الفردية والحزبية فوق الهواجس الوطنية والشعبية ولاسيما في ظل عمق الخلافات بين القوى السياسية المختلفة والتي لاتريد ان تخسر السلطة.
الخبرات المتابعة للوضع السياسي العراقي والتي تفسر التحليلات السابقة  تشير إلى أن تلك المهمة ليست سهلة ويسيرة، حيث عادةً ما تستغرق تشكيل الحكومات أشهر مثلما حدث في الحكومات السابقة لفترات طويلة من التماهي والتماطل، وهو احتمال قائم في الوقت الحالي ايضاً ان تكون اطول اذا ما احتسبنا المدة الزمنية التي قضت منذ استقالة الدكتور عادل عبد المهدي والتي بلغت قرابة ستة اشهرلحد الان دون بروز اي امل لانبثاقها و لاسيما في ظل الخلافات العالقة بين القوى السياسية المختلفة و مرتبط بمدى قدرته عدنان الزرفي على التعامل مع ملفاتها العديدة، وعبورالتحديات لا تبدو هينة، أبرزها تشكيل حكومة خلال المهلة المحددة دستورياً، إمكانية استرضاء الشارع، والانتهاء من إجراء انتخابات مبكرة قبل انقضاء عام من تكليفه لان اكثر الكتل غير مرحبة باجرائها خوفا من خروجهم من البوصلة ، والاتفاق مع الشارع لايقاف العنف والفلتان الامني والعراق خارجياً غير بعيداً عن التغييرات التي تجتاح المنطقة و أصبح الصراع والتنافس كبيراً بين القوى السياسية التي تعمل في الساحة السياسية ، لان طبيعة النظام السياسي الذي تم تطبيقه في العراق مع تبعية الكثير من الأحزاب إلى دول خارجية وتدخل هذه الدول في الوضع بالإضافة إلى ضعف إدارة الحكام وانتشار الفساد المالي بينهم أدى إلى حالة من الضياع والصراع على مراكز السلطة وقد لا تنتهي حتى بتشكل الحكومة  الحالية اذا انبثقت بطرق مختلفة ، والمشكلة الاخرى والاعمق وجود شرخ عميق بين الشارع من جهة والكتل والتيارات السياسية من جهة أخرى، وهو الشرخ الذي لم تتمكن الاتفاقيات السياسية من معالجته، في ظل الانقسام الحاصل بين الأطراف الفاعلة، ما يعني أن الانقسام سيبقى قائماً، ما لم تتم إعادة تقييم التحالفات وتضييق هوة الخلافات للخروج من دوامة الفشل في تشكيل الحكومات، والذي من شأنه قد يدخل البلاد في مرحلة فوضى عارمة .
المصيبة الفادحة منذ سقوط النظام السابق في عام 2003اعتادت القوى السياسية ان لا تخرج من ازمة وصراع داخلي بدون تدخل خارجي وانسياق الخارطة لها لأهمية العراق وموارده وموقعه الاقليمي, وخصوصاً النفطي ، إضافة الى اتصال موضوع ترتيب اوضاعه  بترتيب أوضاع المنطقة بشكل عام ،  ومستمرة منذ  سنوات طويلة وتبقى تتعاقب حيث لا تنتهي اي أزمة داخلية حتى تعقبها اخرتمهد إلى مرحلة قد تبلغ  من الشراسة اضعافاً عن سابقتها احياناً ، وقد تؤدي الى تطور حالة من الفوضى والحرب الأهلية والمقاومة المتنامية في ظل الوجود الامريكي بالذات من طرف اخر والذي يسعى الى قلب الموازين والمتهم في الضغط على صالح لترشيح الزرفي  .
كما أن هذا التواجد بالتحديد سيؤثر على مستقبل العراق واستقرارالأنظمة المحيطة المستهدفة مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية وسورية ولبنان وقد تكون تركيا ايضاً ويدفعها الى تصليب سياساتها ، خصوصاً أن لهذا التغيير أثره على موازين القوى في الصراع .
هذه المشاكل لم تكن وليدة اللحظة بل كانت لها السيوف الطائفية القومية والدينية والمذهبية  أحد أهم الركائز التي اعتمدت عليها  لتساهم في تأجيج الصراعات في هذا البلد واستمرارها وخصوصاً مع وجود قوى داخلية لا تعرف إلأ مصالحها
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

318
العراق ... التنافس على المستقبل  بين الفشل والنجاح
ان افتقاد نظام الحكم لشرعيته ومصداقيته في العراق بات الان من الاقرب للتوصيف و تعدد الأطراف الفاعلة داخل العملية السياسية ،غير جدية لبناء دولة بعد ان ذهبت باكثر من 1000 مليار دولار في مهب الريح منذ تسلمها زمام الحكم  في عام 2003 دون ان تقدم اي خطة لبناء البنية التحتية المتهالكة تستحق الاشارة اليها  واليوم البعض يتباكون على الازمة الاقتصادية بعد سقوط اسعار النفط وشيوع الكورونا دون وجود خطة لتدارك الامر لديهم بسبب وجود فاعلين ما دون الدولة يتنافسون على سلطتها ويساهمون على انهدام حتى اطلالها و يتسابقون من اجل تقاسم مغانمها ولا يمكن اعتبارها إلأ من عوامل الانحدار ومن علامات الذهاب الى الهاوية وبشكل متسارع ويؤثرون على السياسة الخارجية ويحركونها وفق اطماعهم والبنية الداخلية الهشة الى المستنقع ، ويسهمون بلا هوادة في تقليص مساحة قدرة الحكومة للتحكم في مجالها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثفافي والمجالات الاخرى التي يرتكز عليه البناء. فلم تعد قدرات الدول العراقية هي محل الخلاف فقط انما أصبح الخلاف حول مصادرالمال وأدواته واين تذهب هذه الاموال في ظل توقف الالاف من المشاريع عن العمل بسبب الفساد والمزايدات وعمليات ادارة السلطة وهناك العديد من المسميات والمصطلحات المشابهة لمصطلح الحكومة الفاشلة تنطبق عليها بل كل التشبيهات ولعل الاجماع على الفشل في اختيار شخصية لرئاسة مجلس الوزراء هو اقرب مثال على ذلك  كأن العراق خلا من الشخصيات التي تستحق هذا المكان .
ان الفشل ليس نهاية المطاف بالنسبة للاحزاب والكتل الفاعلة في العراق التي تريد ان تبقى في الساحة ولا يميتهم التجديد الامثل تحت اشعة الخير والضميروالشرف وعزة الوطن  واعادة الثقة المفقودة بينهم وبين الجماهير الغاضبة التي خرجت الى الشوارع بعد ان تركت الموت خلفها والقادم اعظم وغدا لن يفوت عليهم وهو الاقرب الى العين.
 لا ريب ان الاهتمام بتقديم الخطط الفاعلة بشكل مستمر بالنزول الى الشارع الملتهب مع مستحقاته وتحقيق مطالبه هو السبيل الوحيد  و نتائج الاعمال بالمراجعة يتم تعيين مدى النجاح في الاداء حسب ازمانها ، مع التدقيق عن اسباب الفشل في حال حدوثها اولاً باول، و الشجاعة والمصارحة والابتعاد عن المراوغة فقط هي التي تجعلهم قادرين لادامة الطريق بصدق دون خلق مطبات وازمات في اي ظرف كان ويجب ان يكون الهدف الاسمى الخدمة دون منة وحصيلة للاعداد الجيد والعمل الجاد والتعلم من الاخطاء كعبرة للوصول الى الغاية .
عموماً يجب أن يعترف القادة بإخفاقاتهم المتتالية فالاعتراف بالأخطاء فضيلة وبداية الإصلاح بدلا من الاكتفاء بحلول موضعية وترقيع لا يفيد وبدلا من أن تستمر فى ادعاء القدرة والعبقرية ونواصل إنفاق اموال الخزينة في غير محله او في جيوب المتاجرين بالفساد .وعليهم ان يفهموا بان القادة الاحرار يتخذون من الفشل لشعوبهم سلما للنجاح ومن الهزيمة طريقا الى النصر ومن المرض فرصة لزرع قيم الحياة ومن الفقر وسيلة الى الكفاح كما فعل غاندي في الهند وهوشي منه  في فيتنام من الالام بابا الى الخلود ومن الظلم حافزا للتحرر ومن القيد باعثا على الانطلاق مثل نلسن ماندلا في افريقيا الجنوبية ولا شك من ان النهوض والقيام بالتظاهرات السلمية وكثرة الاعتصامات المدنية للمطالبة بالحقوق حق مشروع.
القوى السياسية السائدة حتى الآن لم ينجحوا في شيء بعد نجاحهم في الوصول الى منصة الحكم ، ولم يلبُّوا للشارع مطلباً واحداً يستحقه غير المعاناة والظيم منذ 2003 ولحد الان وهي لا غبار عليه ويدلل على ذلك العديد من مظاهرالفقر والعوز ، وتزايد اتهام النخبة الحاكمة بالفساد والتربح واخرها وزيرة التربية التي اغدقت على احد تجار السياسة بمبلغ 220 ملياردينارلتاسيس شركة ضمان للطلاب والمعلمين دون مسوغ قانوني ، وارتفاع نسبة البطالة وانتشار ظاهرة هروب الكفاءات والسياسيين الحريصين والمخلصين الى خارج الدولة هرباً من الممارسات غير العادلة والتشكيك بالانتخابات وفي التلاعب بنتائجها،. بالإضافة إلي ارتفاع معدلات الجريمة ، و بشكل عام تشير الى الاخفاقات الوظيفية التي تعاني منه الدولة مما تؤدي الى تأكل قدرتها وقدرة نظامها،وزيادة حدة تدهور قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة بما يعني تراجع دورها الأساسي في خدمة الشعب. واقتصار النخبة الحاكمة على تقديم الخدمات بما يصب في مصلحة جماعة بعينها من النخبة الحاكمة والمؤسسات السيادية ذات المصلحة
.ولو استمرت هذه الظاهرة بلا شك سوف تؤدي الى سقوط وانهيار الدولة لانها لا تستطيع القيام بوظائفها الخدمية الاساسية ولا تستطيع الوفاء بالاحتياجات الظرورية لأفراد شعبها بشكل مستمر وعلى المدى الطويل تتحول الى حالة من عدم الاستقرار ،تدلل عليها المؤشرات وتتعاظم عوامل الفشل منها السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية والتي تم الحصول عليها من المنظمات العالمية و وفقًا للبيانات القياسية التي تم تجميعها طيلة الفترة الماضية . ان الدولة الناجحة تقف على تل الفوز، بها مؤسسات منتجة، وكادر بشرى متعلم، وتطبيق القانون، ونشر الشفافية والنزاهة وتمكين المواطن، وهى تحتاج إلى هندسة سياسية أو ما يطلق عليه الحكم الرشيد.
فى السنوات الاخيرة تعرضت الدولة العراقية إلى تحديات شتى، أمنية واقتصادية وإستراتيجية، واستطاعت أن تحقق نجاحات فى الاستعادات الأمنية افضل من ذى قبل وخاصة في محاربة المجموعات الارهابية ولكن هناك مجالات أخرى بقيت دون تقدم يذكر والحاجة إلى جهود عديدة لاصلاح مجالات التنمية الاجتماعية والثقافية و الاقتصادية فى المشروعات المتوسطة والصغيرة وبالتركيز على التربية والتعليم لخلق جيل اكثر تعلماً وتطوراً بعد الانتكاسة التي اصابته وتطبيق القانون وتطوير السياسات العامة و البناء المؤسسى المهم للدولة المستقبلية . القيادة المخلصة هي شرط من شروط حماية الدولة من الفشل، والإخلاص هنا ليس قيمة أخلاقية فردية، وإنما برامج ومؤسسات يتم تسييرها بالقانون والشفافية والعدالة، ولهذا تكبر القيمة لتصبح قيمة اقتصادية وصناعية وتكنولوجية وتقنية وسياسية، وبالتالي فإنه لا بد من استراتيجية تعنى بتطبيق البرامج الوطنية التي توفر للشعب بأطيافه كافة، أسباب الحياة الكريمة ليعم السلام الأهلي بين الأفراد، ويتفرغ كل موظف وعالم ومدرس وصانع واقتصادي وطالب إلى عمله، ليؤديه وفق معايير مهنية وأخلاقية.
ولا ريب ان ثقة المواطن فيه وبالمستقبل والاعلام الذى يشكله قوة دافعة نحو الايجابيات وتحقيق العدالة والمساواة وتعبئة الجهود العامة للمشاركة في التقيم من المتطلبات الاساسية كي تكون الدولة ناجحة وتبقى على نجاحهاويمكن أن تكون مثالاً حيّاً وتجربة ناضجة جداً للدول الساعية إلى النمو، ونموذجاً للممارسات الأفضل
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

319
استغلال الكورونا في الاعلام السام 
التضليل الإعلامي وتجزئة الصورة ومشاهد مزيفة تنتشر هذه الايام في البعض من وسائل الاعلام بعد ان اصبحت الكورونا التي " لا ننفي وجودها وخطورتها " غذاً ملتهباً في الاعلام المحرفة للحقائق بكل الطرق القذرة وغير الانسانية للوصول الى غاياتها والتي تتمحور حوله، والتحليلات غير المنطقية في شرح هذا الفيروس وربطها من قبل  الصحف الصفراء بدول انتقل الفيروس لها وابتليت به وبأمور لا أساس لها من الصحة، والأخطر من كورونا ( كورقة سياسية ) وبالتالي انقلبت الى تحديات  كبير عنوانه فقدان الثقة عند الكثير من الشرائح المجتمعية بما يصدر عن الجهات المعنية وترهقها وتشل عملها و رغم ان المجتمع القوي المتماسك هو المجتمع الذي يصدق ما ينقل له من الجهات الرسمية فقط ، والتي لا مصلحة لها من إخفاء أي خبر مهما كانت خطورته لتوعية المجتمع . ان تشويه الحقائق وقلبها تحولت الى حالات قادت الى تخوفات مبالغ فيها وتراجع الصوت العلمي المختص الذي بإمكانه أن يقدم معلومات واضحة جلية تظهر الأمور بحجمه وطرق الوقاية منه ، و تفسيرات طرح غير علمية وسلوكيات فيها خوف ورعب أكثر منه كسبل حقيقية وعلمية لعبور ضررها، وتتناغم هذه مع استغلال المشاعر عبر شائعات افتراضية  اومفبركة وتوظيفها كسلاح لا يقل خطورة عن البارود الاسود والقنابل الكيمياوية المدمرة كما تطلق عليها في العلوم العسكرية وأصبحت أشد فتكا من الحروب التقليدية للتأثير على الرأي العام من خلال فضائيات وحسابات مواقع التواصل والمنصات الإعلامية المتنوعة التي أغدقت الأموال عليها بغير حساب، والتي تنتشر كاضطرام النار في الهشيم، تنقل الخبر الكاذب وتهوّله، وتحشد جوقة من تجار الكلمة والقلم تحت مسميات مختلفة تتنوع بين محللين، وصحافيين، بل وخلق شهود زور، في ممارسات للكذب والدجل والتدليس والتضليل، تنفيذاً لأجندات مشبوهة ومثيرة للفتنة تنتشر في جميع انحاء العالم وهي مؤجرة لشركات تجارية عالمية لكسب الربح على حساب الانسانية بعد ان فقدوها. لا تصب في صالح المجتمعات المتحضرة ، بل تهدف الى تحقيق مصالح ضيقة الافق والرؤية، تهدف الترويج لمصالحها ونفسها، على حساب المصالح العامة . والحقيقة أن مليارات الدولارات التي استثمرتها الاموال الحرام من قبل اصحابها في تمويل وخلق فضاء إعلامي ملائم لمعاييرها قد أحال الإعلام الى سلسلة من الأدوات الخطيرة في يد مموليها أكثر من كونه فضاء إعلامي لنقل الحقائق والتفاعل معها، وبات حديث بعض الفضائيات عن استقلاليتها حقًا مدعاة للسخرية إذ تقدمت هذه الفضائيات إلى جانب الجيوش حسب ما يمليه دورها كذراع ميداني.
أن العلاقة بين الحقيقة والاعلام يجب ان يكون متعاضدة ومتبادَلة في الوقت نفسه،لكي تساهم في صناعة اعلام ناجح يولد الثقة والترابط في المجمعات بدل التهويل ، والاعلام يمكن أن يقوم بدور مهم في كشف الحقائق وتثبيتها، إذاً فإن دور الاعلام يمكن أن يكون كبيرا في تثبيت الحقائق، أو تغييرها، وله قدرة كبيرة على التلاعب بالعقول، ليس البسيطة العادية غير المتخصصة فحسب، وإنما يمكن للاعلام المضلل أن يتلاعب حتى بعقول النخبة، أو الاشخاص والجهات المعنية بتطوير المجتمع، والتي تعلن قيادتها للنشاط المجتمعي الحكومي والاهلي على حد سواء،
في حين ان الاعلام الكاذب يتسبب في تزييف الحقائق، و يتعامل مع بسطاء الناس بمستوى عقولهم بالأنانية والتفكير بالمصلحة الفردية، وغاليا ما تنفع مثل هذه المصالح ذات الطابع الاناني، برداء المصلحة العامة وحتى في خداع العقول التي تظن بأنها واعية ومحصنة من مخاطر الاعلام الصاخب والكاذب، وهذا يذكرنا بالمقولة ذائعة الصيت لجوزيف جوبلز وزير الدعاية النازي الذي قال فيها: (إكذب إكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك)، ان الغياب الخطير للنماذج المهنية المضادة، التي قد تنجح في كسر هذا الاحتكار والتعتيم الخطير على الحقيقة في العالم اليوم و رفع التضيق على الحريات للدفاع عن حق الاقلام في الكتابة الحرة والنزيهة،هي الحاجة الملحة في فك التضيق عليها والحقيقة على ما يبدو لا زالت فرصتها الوحيدة أن تكتب بالدم لا بالحبر.
 مهمة رصد الاعلام المسيء ليست مهمة بسيطة مفردة انما هي مهمة جماعية، وخاصة بالنسبة للامم التي تمر بظروف ملتبسة، يتقدمهم اصحاب الوعي المتخصص والعقول النيرة، لكشف وفضح الاعلام الفاسد، من خلال اطلاق حملات توعية مضادة وفاعلة مدعومة بالوعي والحقائق، وتكون قادرة على أن تكشف حالات التضليل التي يقوم بها مثل هذا الاعلام ولابد أن تبذل جهود مضاعفة لرفع مستوى الوعي الشعبي العام ضد الانزلاق في منحدر الاعلام المخادع الذي لا يعمل لخدمة المجتمع، ويتحرك وفقا اهداف مرسومة مسبقا، مضادة للشعب والدولة . أن نقل الواقع وكشف الشائعات والمسببين هي مسؤولية الاولة للجميع وكذا بناء مجتمع بعيدا عن الاخبار الكاذبة والشائعات المزيفة وهي اصل المهنية الإعلامية خصوصاً في ظل ظروف عصيبة مثل هذه التي تعاني منها شعوب العالم  فما من حل في مقابل استراتيجيتهم الاستفزازية غير التجرد من الذات والمهنية المطلقة لتبقى مصلحة الاوطان شعار المرحلة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

320
سورية من انهزام العدوان الى شاطئ العنفوان
التحركات الاستفزازية لقوات اردوغان الاخيرة تهديد  الغاية منها خلخلت استقرار المنطقة و ورقة يحاول فيها النظام في تركية حماية المجموعات الارهابية المدعومة منها واعادة هيكلتها ولعل ليبيا سوف تكون البقعة التالية لنقلهم لها وتعمل على اطالة الوقت في بقائهم وضاقة الارض السورية بهم بعد ان بات من المؤكد ان المساحة المحصورة التي تؤيهم  قاب قوسين من الانتهاء في اتون خط السقوط  الاخر والانتصارات صارت على الابواب وستعود الى ما كانت عليه في المستقبل القريب و الفرصة متاحة اكثر من قبل لتعود من جديد الى ماكانت عليه من عنفوان وشكلت الانتصارات التي تحققت على كل  جغرافيتها في انهزام العدوان و قرب  نهاية ما تبقت من المجموعات  التي اخذت تتشبث بقشرة لانقاذها من الموت الذي لاريب فيه في ادلب اخر معاقلها او الهروب وهي في حالة تقهقر مستمر اثر الضربات المتتالية التي تلقتها على ايدي القوات السورية المدعومة من محور المقاومة وروسيا وسيتم القضاء عليها في القريب العاجل وولدت الأرضية الضرورية  لدمشق للانتقال إلى  باب الاعتراف بانهزام العدوان ولتجبرهم الحوار معها وهي مرفوعة الرأس.
لقد اضحت العديد من إلاشارات  توحي الى الانفتاح وتتواتر أنباء في الصحافة الإقليمية والعالمية ما تؤيد ذلك ، وعن لسان رئيس الجامعة العربية السابق عمر موسى في احتمال رجوع سوريا قريباً إلى عضويتها في الجامعة العربية بعد أن علقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 اثر الاحتجاجات ضد قمع المجموعات المجرمة لعصابات القاعدة وداعش  بعد ان اباحت الارض و الدولة ، والمدعومة من الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الخليجية والاقليمية وبعد التقدم العسكري للجيش السوري والمتحالفين معه والذي مكنها من استعادة السيطرة على الجزء الاكبر من اراضيها واعلان تحريرها "رغم ان الجامعة العربيّة بصُورتها الحاليّة باتت هيكلًا عظمياً تقوده دول معينة  بالمُقارنة مع ما كانت من معايير القِيادة سابقاً لها، وتقارب اعضائها من الدول فيما بينهاعند الحقب الماضية والتي كانت تقوم على أساس الاخوة واحترام الدول المجاورة وتوثيق العلاقات معها ،والتعاون على مُحاربة مشروع الكيان الإسرائيلي واستيطانه  المدعوم غربيًّا والسعي للتطبيع بدل ذلك والتي اصبحت البعض من الدول تهفوا اليها والعلاقة معها .
 الحديث باستِحياء عن عودة سورية هذه الأيّام ينطلِق من مُنطلق اعتراف أصحابها بالفشل من أخراجها عن ثوابتها الوطنية  وقيمها التاريخية والحضارية ويعني حُدوث مُتغيّرات كثيرة  والتي قدمت الالاف من ابنائها شهداء دفاعاً عن أرضه وعرضه لمواجهة التنظيمات الإرهابية التي استباحت أرضها ومواجهة الدول الداعمة لها وأصحاب المنابر الإعلامية التي كانت تبث سموم الفكر المتطرف وايقنت الان انها لا يمكن توظيفها في خدمة مشاريع التّفتيت الإسرائيليّة والأمريكيّة". التطورات الخطيرة التي حصلت في محيط سوريا ما هي إلا بسبب تداعيات الانقسام العربي والوقوع في حضن الاستكبار الغربي  في حين ان بعض الدول انهارت مؤسساتها وانتهكت سيادتها لعمالة قادتها ودخلت في سوق النخاسة وغدت مهددة في وحدة ترابها الوطني واحست ان لا  سبيل إلا بالعمل على عودة النظام العربي الإقليمي قبل الانهيار التام وقطع رمقها فما حدث أمامها لازال يوحي الى بذور أزمات مستدامة يرويها هذا الانقسام .
لا شك ان استنهاض العمل الجماعي بات حاجة ملحة للحفاظ على الحقوق وتحقيق الحضور والاحترام وسط عالم لا يعترف إلا بالأقوياء، وهو ما أدركته أمم أخرى وعملت من أجله وحققت لدولها حضوراً مميزاً كما هي الحال مع دول الجيران العربي مثل باكستان والهند والجمهورية الاسلامية الايرانية ودول اخرى بعيدة كسنغافورا والكوريتين واليابان ...الخ  و لا يجوز لأي خلاف أو تباين مهما كان حجمه أن يخلق فجوة بين الأشقاء والاصدقاء و التجارب أثبتت خطورة ذلك السلوك السياسي وتهديده لأهم القضايا .
ان الانتصارات في سورية قوّضت جهود الرئيس التركي اردوغان  ووضعته في حرج اشد يصعب الخروج منها إلأ خاسراً واستمرار تقويض أسس الديمقراطية داخلياً  وقدرت المعارضة على الاحتجاج وتجاوز الحواجز والقيود التي وضعها النظام ووسط معارضته للعدوان الذي يصفونه بأنه تهور كلفه غاليا  وهو ما يشير لوجود اتجاهات لتغير التوازنات السياسية في تركيا لصالح المعارضة مع صعود قيادات سياسية قادرة على الحشد والرفض الشعبي لسياسات احتكار السلطة وتسييس القضاء وملاحقة المعارضين وخارجياً
ساهمت في إعلان العديد من الدول من التقارب معها والاستعدادلإعادة فتح سفاراتها ولا يمكن لهذه الخطوة أن تكون قد تمت دون الاعتراف بالضوء الأخضرالمنتصر يلوح في الافق وفشل المؤامرات لتقسيم المنطقة وهذا التحول الدبلوماسي يؤكد ان الدور العربي في سوريا القوية الان أصبح أكثر ضرورة تجاه التغول الإقليمي التركي بتدخله السافر في شؤونها وباصطفافه ودعمه لجماعات الارهاب السياسي التي باتت مرفوضة شعبيا على نطاق أوسع و لم يكن يتوقع موقفا اقليمياً مماثلا من العدوان على المناطق السورية الحدودية المتاخمة مراهنا على الأرجح على بقاء هذه العصابات التكفيرية .
من هذا الباب تسعى بعض الدول العربية  اليوم عبر حضورها في سورية  إلى تفعيل دورها وأن تكون الخيارات حاضرة وأن تساهم إيجابا تجاه إنهاء ملف الحرب وتعزيز فرص السلام والاستقرار للشعب السوري"وعلى ضرورة إعادة العلاقات السياسية والاقتصادية مع سورية ، باعتبارها الحل الوحيد للأمن والاستقرار فيها وإن العديد من الزيارات من شخصيات أمنية بارزة أجريت إلى دول إقليمية من أجل بحث قضايا أمنية تهم  جميع الاطراف. وتكمن المشكلة في الانفتاح الإقليمي على دمشق وباتت هناك قناعات في عواصم هذه الدول العربية بأن سوريا الأكثر قوة، والأكثر استقرارًا هي أفضل ضمان لإبطاء التغلغل التركي وتوسعه في المنطقة على الرغم من أن هذا التحول الجديد سيخلق تحديًا لدمشق عندما يتعلق الأمر بعلاقاتها وحملت رسائل تطمينية لعودة العلاقات العربية بدعم من دول التحالف الروسي مع محور المقاومة هذه المرة على ضرورة دعم جهود الحل السياسي لإنهاء الأزمة.  وقد ساهم الانسحاب الذي اعلنته القوات الأمريكية  من سوريا بقرار من
 الرئيس دونالد ترامب في وقت سابق إعادة توزيع الأوراق. ولعب هذا الإعلان المفاجئ لصالح سورية بعد ان احست واشنطن انها لا تستطيع عمل شيئ امام الشعب السوري ومحورالمقاومة التي وقفت بل استطاعت تحرير الكثير من المدن والقصبات من ايدي قوى الشر  مما دفع القوات الكردية في الشمال العودة الى الصف الوطني خشية من الاعتداءات التركية واستغلالها الظرف الحالي وسلسلة الأحداث  لصالحها وتؤشر بأن تغييرا سيطرأ على العلاقات بين السلطات العربية وسوريا، وأعتقد أنها ليست سوى البداية لتعزيزالنجاح وأن يخرجوا بقرارات تدعم مسيرتهم وتقوي عزيمتهم في تربية الأجيال على المفاهيم الإنسانية، وحينها الأعداء سوف لن يستطيعوا أخذ ما عجزوا عنه في الحرب من خلال البوابات المختلفة  السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بات من الصّعب تجاهلها والقَفز عليها، لكل من أراد الحديث عن الموضوعيّة والعقلانية .
   عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي               
 

321
دق المسامير في نعش الوزارة الغائبة
المواطن العراقي ضاقت به الافق و فاض كأس صبره على آخره وسال على الأرض الواقع و تملكه اليأس من أداء ووجود القوى السياسية الحاكمة غير الجديرة بالثقة، المتمسكة بمكاسبها على الرغم من غليان الشعب والدماء التي سالت على أرضه ومناهضة للواقع المتردي وانعدام الحقوق الأساسية وتزايد نفوذ القوى الخارجية ولان الامور لازالة تراوح في مكانها وولادة الحكومة تتفاقم في ظل السوداوية وعدم وجود ضوء ينير طريقها بسبب الخلافات الحادة التي تشوب تشكيلها في ظل غياب رئيس لمجلس الوزراء اساسي يحمل إرادة والتزام سياسي قوي ومتواصل لوضع أسس لمكافحة الفساد وتقوية إطار المحاسبة والمساءلة، يعمل على تأسيس مصداقية شعبية بالفاعلين السياسيين نحو تبني سياسة عدم التسامح مع الفساد مما ينجز الفاعلية في أداء المؤسسات ويشجع الإصلاحات بأسرع وقت ويحقق نتائج سريعة لتحقيق الرفاهية المتواضعة التي يطالب بها الشعب ،وهو يعيش في بلد غني بالثروات والموارد، فرغم ثرواته الهائلة، فهو بلد يعاني الفقر وعدم الاستقرار الأمني وضعف البنية التحتية،وتراجع مستوى التعليم، والصحة ، وباقي القطاعات الحيوية الأخرى، الأمر الذي وسع من فجوة انعدام الثقة بين الشعب والسلطة الحاكمة،مما اجبرت  نخب  المجتمع المختلفة يتقدمهم الشباب للنزول الى الشارع واكثرهم سلمية ( إلأ الشواذ منهم وهم قلة ) تحت راية العراق واسم الله يرفرف فوق رؤوسهم وصدورهم مطالبين بحقوقهم التي بقيت لأعوام كثيرة على رفوف الحكومة ودوائرها ودهاليزها المتهرءة والمتآكلة من الصدأ الذي علا سياستها العقيمة التي أضرت بشرائح المجتمع جميعا .
المواطن بحاجة لحكومة يثق بها وتصارحه وتقوده نحو العدالة  و الخروج من الأزمة التي يكابدها والإعداد للانتخابات المبكرة لانتخاب حكومة قادرة على إعادة بناء مؤسسات الدولة بعيدا عن مجموعات الفساد التي تعرقل أي مساع للإصلاح، من منطلق قناعة المحتجين التي اتسمت بأن معظم المشاركين فيها شباب من مناطق فقيرة مهمشة ذات غالبية شيعية، حيث اعتبر الكثير من المراقبون ذلك مؤشرا على "استياء القاعدة الشعبية الأوسع التي تعتمد عليها الحكومة في العراق حاليا وعدم تسويف تشكيلة  الحكومة والمماطلة في تلبية مطالبهم التي هي في حقيقتها امتدادا لمطالب الشعب  منذ سنوات في ظل رئيس لمجلس الوزراء متحمل بكل شعور لمسؤوليته و اتخاذه قرارات حازمة للحد من نفوذ المسيئين بمشيئته وقدرته وتعاون وزرائه وسيطرته وآليات عمله لتنفيذ الإصلاحات المنتظرة ، وتعكس المشاريع المنجزة القادمة والتحديات بما يتعلق بالقضايا المهمة المطلوبة منها لا لتحقيق المعجزات في هذه المرحلة القصيرة، وإنما تستطيع الاستقواء بالناس لايجاد فرص حقيقية تجعلها قادرة على العمل والإنجاز على ان تتكون  من فريق عمل منسجم، قادر أن يواجه الظروف الصعبة و إن  لا تنطلق من المصالح الشخصية والحزبية والطائفية والمناطقية  وتؤدي دورها لحل الملفات المطروحة و من أجل تحمل المسؤولية جميعاً بعيداً عن الاتهامات ولا سيما اذا ابتعدت عن التجاذبات السياسية التي سادة المراحل الماضية ويراد منها وضع خطط صحيحة يقبل بها الشارع عموماً على ان لا تكون على حساب ثوابته ومبادئه وقضاياه. ووضع اللبنة الاولى لإصلاحات سليمة وطموحة وضرورية وذات صدقية تستجيب لتطلعات العراقيين التي غابت عنهم منذ سنوات طويلة خلت .
 الحكومة ايا يكن شكلها وأعدادها، محكومة بالتوازنات الوطنية بلا شك والتي لا يمكن الغنى عنها و اختلال بقواعدها في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها مع التطورات المرتقبة في المنطقة، وتستدعي منها  العمل لتحصين الواقع الداخلي والإبتعاد عن لغة التشنج والكيدية والسير نحو الامام بخطى ثابتة تأخذ في الإعتبار المعايير الموحدة لحكومة وطنية جديدة أمامها فرصة حقيقية للنجاح في إحداث تغيير في مسار الازمات الموجودة  لتحقق انفراجاً اقتصادياً ومالياً وتعيد الثقة للناس بأنّ مطالباتهم واحتجاجاتهم وتأتي بنتائج إيجابية لمصلحتهم و تعطى الفرصة لأجل تحقيق المطالب المحقة، وبالمقابل على القوى  السياسية التي فشلت في ادارة البلد ولم تقدم مشروعا وطنيا ولا أداءً إنجازيا قادر على إدارة البلد ولانتشاله ا من أزماته من خلال عمل سياسي قانوني قادر وفاعل و القاعدة الشعبية السلمية  مسؤولية في هذه اللحظة الحساسة التي يمرّ بالعراق  على  كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة من ناحية تحديد الموقف ضمن سياسة محدد جادة لوضع الحلول الايجابية ورفع المعوقات من امامها وان يكون التحرك إيجابياً وليس سلبياً وعدمياً، او يرفع شعارات سياسية ليس لها قابلية التحقيق في ظلّ موازين القوى الحالية، التي تفرض طرح مطالب وشعارات قابلة للتنفيذ ومن خلال التحرك السلمي الضاغط لوقف نزف الدماء و من أعمال العنف والقتل والتخريب من بعض الجهات الخارجة عن السياق و في قطع الطرقات من ناحية ثانية والتي تهم عيش جميع المواطنيين دون استثناء:
لقد أصبح من الضرورة الوطنية الإسراع في تعيين الحكومة ، وضرورة التخلص من إرث الأحزاب والشخصيات التقليدية، التي لم تقدم شيئاً و لا بد من الحد من نفوذها بعد ان  تعرضت الشعب لهزات وتحولات كادت أن تعصف بالمجتمع والدولة والنظام بشكل مأساوي، لكن الإرث الاصيل في حفظ الوطن والوعي الشبابي وبعض معطيات التحول الديموقراطي قادرة على حفظها  وتقوية المناعة  المكتسبة من الانهيار الكامل الذي يتعرض إليه العراق بين حين واخر وهذه مسؤولية المعنيين الحريصين قبل غيرهم، على الا يستثنى اي غيور على سيادة الوطن ولهم سياسة ملموسة للنأي بالنفس عن الصراعات والازمات السياسية التي اغرقت البلد بسيل من الاضطهاد والتعسف و يستشعر المواطن بطمئينة بعد ما عاناه من ظلم وحيف، وتسعى أولا لنيل ثقة المواطن، وأن تكون شفافة، وأن لا تتعالى على ما يُطرح أمامها من ملاحظات وأن تتعامل مع تلك الملاحظات بجدية وأن تفتح باب الحوار على مصراعيه حيال كل ما يعانية من أزمات اقتصادية أو سياسية او اجتماعية ، تفهم جيدا رسائل الشارع وأن تتعامل بحنكة وبمزيد من الذكاء مع قراراتها من ناحية استغلال الوقت المناسب لها حتى لا تكون مسمارا في نعشها كما هو الحال في الأزمة التي عايشها خلال السنوات الماضية ،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

322
حماية رجل الامن حماية للسلم الاهلي
المتظاهرون السلميون يريدون قولها و يهتفون بها عاليا سلمية..سلمية ومن هنا فقد سميت الاحتجاجات العراقية من حيث الجهة التي تشارك فيها من الطبقات المظلومة والمسحوقة وما حدث بالتحديد يدخل في خانة التظاهرات العفوية الشعبية على الاكثر، لكون ما تضمنته من مطالب هي محقة.
لقد قسم المحللون التظاهرات من حيث الاهداف التي تريد تحقيقها ،اذا ما كانت ذات طابع سياسي ،او ذات طابع خدمي"ونجد أن هذه الاحتجاجات المطلبية كان يرجى لها ان تنتهي باستجابة السلطات لمطالب المحتجين. ففي الدول الديمقراطية في الغالب وخاصة اذا ما كانت هذه المطالب محقة ولا تمس سيادة الوطن ولا تتضمن اسقاط النظام السياسي أو اسقاط نظام الحكم لانها مطالب شعبية يجب ان تتحقق وهي من اختارت الطبقة الحاكمة  ولان ادارة النظم الديمقراطية والمدنية تكون على اساس الانتخاب الحر والتصويت الشعبي النزيه لاختيار من يراه مناسباً لتمثيله ، والتركيز على توفير الخدمات والبنى التحتية، وتوفير فرص العمل، ناهيك عن حل المشاكل والتحديات التي يواجهها الشباب في عموم المجتمع. وهذه الاحتجاجات المطلبية السلمية لها نموذج مطروح في الدستور العراقي الدائم الذي صدر في عام 2005 يعرفه المختصون هو دستور نظام ديمقراطي .
للحياة الخاصة حرمة وهي مصونة بشرط ان لا تمس حق الناس وبالعكس والدولة ملزمة بحماية حق المواطن في استخدام التظاهرات العامة السلمية دون التجاوز على حقوق الاخرين الفردية والعامة و بكافة اشكالها ولا يجوز حرمان المواطنين منها لانهم سواء امام القانون ومتساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة ولا يجوز التمييز بينهم لاي سبب كان . لقد شابت الكثير من مثل هذه الاعتداءات على رجال الخدمة العامة منهم ،رجال المرور،او سواق عجلات الاسعاف ،او الاطباء ولم تكن الأولى... ولن تكون الأخيرة مثل هذا الاعتداء على رجل الأمن في جميع المحافظات و منها محافظة ذي قار وقد نفذت مثل هذا الاعتداء الغير المبرر اطراف وعناصر خارجة عن القانون اثناء تأديتهم الواجب"، ويعتبرأي اعتداء على رجل الخدمة العامة اعتداء على هيبة الدولة وانتهاك للقانون والنظام العام"، وهذا الفعل الاجرامي يشكل سابقة خطيرة وقد ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي الأسبوع الماضي بفديو يظهرفيه اعتداء مجموعة على شرطي المرور وهم ينهالون بالضرب والدفع وخلع ملابسه اثناء اداء الواجب بصورة مقززة بعيدة عن المنطق والعقل وتدخل  الشرفاء الذين فضوا الاعتداء وهي مرفوضة من كل الحرصين على سلامة البلد وعزته وكرامة مواطنيه وكثيرا ما سمعنا عن الاعتداءات على رجال أمن، ولكن تلك الاعتداءات لم تأخذ نصيبها من الاهتمام ، حتى برزت الحالة الأخيرة التي تم توثيقها بالصوت والصورة فتفاعلت مع القضية جهات رسمية وشعبية مستنكرة هذه العملية الغير اخلاقية في واقعة أثارت جدلاً واسعاً  في الداخل والخارج والتعاطف مع مظلومية هذا الرجل المروري وبشكل جماعي لانه كان ضمن الواجب ولعل جزاء المعتدين هو المحاسبة القانونية وعلى ذمة التحقيق وهي عملية دنيئة تستحق اشد العقوبة لمرتكبيها ولانها تمس الحق العام .
اننا هنا  كذلك نرفض في نفس الوقت تصرفات بعض رجال الامن التي قد تتسبب في وضع صورة سلبية عن كثير منهم لسبب من الاسباب قد تكون اخلاقية او قلة الثقافة المهنية او الذين تدفعهم الحماسة الزائـــــــدة الى التجاوز في استخدام السلطات الممنوحة له وايضا هناك مخالفون قد يواجهون المخالفة بنوع من العتب او الاعتراض وقد يتطور الى تعارك بالايدي. والاسلحة وتنتقل الى ثارات عشائرية .
ان هذه الحادثة وغيرها، تطرح سؤالا مهما، يتعلق بالتجرؤ على رجال الأمن الذين يمثلون القانون ويدافعون عنه، وما الذي يشجع البعض من الشباب إلى الخروج على القانون؟ الاجابة جاءت على لسان المواطنين الذي هم من صلب التظاهرات بأن هؤلاء ليسوا منهم في شيئ واكدوا رفضهم التعدي على رجل الامن الذي يقوم بحماية المتظاهرين ويحارب الجريمة و باعتباره صمام امان المجتمع و ألا يقــــسو على الناس ولا يستخدمون العنف.
أن منهج الاعتداء بهذه الصورة هو يخالف ما استقرت عليه الدول المدنية الحديثة والتي اباحت للمواطنين حق التظاهر لأبداء وجهات نظرهم كما يرفضه الدين والمعتقد ، خصوصا إذا كانت هذه التظاهرات عفوية وغير مسيسة لجهة ما. اننا ندعوا العقلاء لاخذ دورهم بمواقف واضحة دون ترك الامور سائبة وفي فرض القانون بالتعاون مع الجهات المسؤولة وبصرامة وعدالة والقيام بمهامهم لحفظ السلم الاهلي وهو خط أحمر لذلك يجب دعم الجيش والاجهزة الامنية بمعزل عن أي ملاحظات سياسية، إلأ للمحافظة على الامن والتصدي بصرامة لمثل هذه التصرفات وتسليم الجناة لان هذه الظواهر التي اخذت تطل برأسها داخل مجتمعنا والتي تهدد امنه واستقراره تعود لعدة اسباب منها ما هو مدعوم من جهات خبيثة لاثارة الفتن والاطاحة بالاستقرار  ومنها ما هو ذاتي، وان وأد هذه المظاهر والفتنة الداخلية تتطلب قبل كل شيء معالجة الاسباب الموجبة قبل النتائج حتى لا تظهر هذه المظاهر بين الفينة والاخرى والقضاء عليها والتي في حالة تفشيها ستهدد البناء المجتمعي برمته وستسهل على تمرير السياسات  الرامية الى تهديم احساسات  شعبنا الوطنية في الحرية والاستقلال والسلم الأهلي الاجتماعي  ونشر وتعزيزهذا المفهوم اي ( السلم الاهلي والاجتماعي ) داخل المجتمع العراقي  ضرورة مهمة للقضاء على حالة التشرذم والعمل المشترك على ترسيخ مفاهيم السليمة تعزز لغة الحوار بين طبقات الشعب وتعزيز دورهم في نشر مفاهيم تقبل الآخر بعيداً عن العنف ، والتركيز على ثقافة التسامح بين أفراد المجتمع  وهو ركن اساسي ان لم نقل هو السبيل الوحيد لبناء المجتمع وللمحافظة على الحقوق الوطنية الثابتة لشعبنا، وليس امام الجميع سوى العمل من أجل منع تآكل مقدراتنا بمثل هذه الافعال لأن عواقب ذلك ستكون وخيمة وهو مايريده الاعداء
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

323
الحكومة القادمة وجوهر عملها اعادة الثقة
لم يقدم الدكتور محمد توفيق علاوي المكلف بتشكل الوزارة اي خطوات مقنعة في خطاباته الثلاثة للمواطن العراقي كحلول لمعالجة اسباب التدهور التي استدعت خروج المحتجين في بغداد والمحافظات الجنوبية للمطالبة بها والتي من الممكن الخروج من ازمتها وفق خطط مستلهمة من المطالب الحقة التي يحتاجها ولم يظهر ان هناك ضوء في نهاية النفق لغياب الارادة عند النخب العاملة في الساحة السياسية حسب اعتقاد اكثر المحللين وثمة من يريد تركيعه وتحقيق مآرب شتى من وراء ذلك كما يُعتقد مما يجعلنا ان  نتحسس بأننا نعيش في غير زمن الديمقراطية التي تدعيها القوى السياسية منذ سقوط النظام السابق وحرية الكلمة والرأي وبأن الحرية هي الأساس القوي الذي تبنى عليه حضارة الاوطان اليوم وإذا نظرنا الى حالنا هنا نرى بأننا لم نتقدم ولو بخطوة واحدة نحوها ، ومازلنا داخل قوقعة اللاديمقراطية واللاحرية وما زلنا  سجناء العبودية والأفكار والمبادئ الغير فعالة في المجتمع و اصبح  المواطن يقتنع بها تماماً . ومن هنا فلا يتم اسكات الغضب الشعبي الهادر بعد الان بسهولة ويسر إلا بالتّجاوب مع مطالبه في الحياة الكريمة عملاً وليسى إلا انفجاراً شعبياً في وجه الأوضاع المختنقة التي تعاني منه شريحة واسعة من افراده  و بعد ان اصطبغت الاحتجاجات السلمية منها والتي نقصدها في الحديث بالدم والمواطن العراقي المظلوم والشّهم طعن  في كرامته، وعزّة نفسه، وكبريائه وانتمائه، وسيادته الوطنيّة، وأوضاعه تسير من سيء إلى أسوأ، وانفجر غاضباً بعد تلك المعاناة و أدت إلى تفاقم الأزمة وبلوغها طريقا مسدودا في التوفيق بين إرادة الجماهير المنتفضة والحكومة على الإصلاح الحقيقي لافتقارها الى القدرة والامكانية ولارتفاع حالة الغليان وهي لا شك  فيها  حقيقة بكل ابعادها والتي أعطت انطباعاً عن الخطورة التي بدت تحدق ليس بالحكومة العراقية فحسب وإنما بالنظام السياسي العراقي برمته .ويستوجب من الحكومة ان تكون بمستوى الطموح لاسيما ان كان هدفها خدمة ابناء الوطن ، من دون النظر الى هويته الدينية والقومية والمذهبية واستلهام الحالة الانسانية ، والسعي لخلق ظروف مناسبة لحياة آمنة، وحرة وكريمة له. وبما يمكنه من الرقي بالحياة كأي كائن حي إلى كائن مؤثر في مجمل الأمور العامة والخاصة الأسرية والمجتمعية وعلى صعيد الدولة ككل، الأمر الذي يخلق علاقة طردية بين مستوى التأثير والسعادة الذاتية والرضا بالواقع الذي اختاره بكامل إرادته ويخضع لها.الحكومة القادمة  عليها مسؤولية ثقيلة كبيرة مهمة في اعادة الثقة الى الشارع كخطوة اولية بالاعتماد على القدرة الانسانية وتوظيفها بشكل فاعل لانه يمثل المحرك الدائم للنمو ولتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة وضمان حد أدنى من الدخل وبالخصوص للفئات الأكثر ضعفاً والتي خرجت عن ضيم ومعاناة وتوفير السكن الكريم للفرد والأسرة بتبني إستراتيجية حقيقية من مراحل متلاحقة تؤسس لبناء وحدات سكنية مجانية للمواطن العراقي، وتنهض بمقومات الاقتصاد وتعيد ترتيب الأوضاع الاجتماعية باقتلاع الظواهر السلبية والدخيلة كالتطرف والجريمة المنظمة والإرهاب بكل صوره. و احترم القيم الروحية والأخلاقية وحرية العمل السياسي ، و تعزيز العدالة والمساواة لجميع المواطنين، وتحترام الحرية الشخصية المسؤولة، وفهم وترسخ الديمقراطية، و تؤسَّس وتقوم على الاخوَّة الانسانية، والعدالة في الحقوق والواجبات امام القانون، والمواطنة والتاريخ، والعيش المشترك ونشر روح التسامح وثقافة قبول الآخر، وتساهم في التكامل والتواصل والتجدد والتقدم..وإذا ما جرى التوصل إلى حل للمشكلات التي يواجهونها فليس ثمة تعارضاً جوهرياً في عملهم ،أو على الأقل إذا ما أمكن اتخاذ خطوةٍ إيجابيةٍ، فسيكون حتمًا على الطريق الصحيح و بدعم وردود الفعل القوية والحازمة من المجتمع المدني ووسائل التواصل الإجتماعي التي بينت مقدار (القوة الرقمية الأخلاقية) التي يمتلكها ، بوسائل وأدوات تمثل سلطة لا يستهان بها، كسلطة معنوية توازي سلطة الدولة الفعلية، ولا يبدو ان علاوي لديه القدرة على تلبية مطالب المحتجين بتلك السرعة التي يمكن من خلاله اقناعهم للعودة الى الهدوء دون اظهار حسن النوايا بشكل عملي وجدي بالاعتماد على الجهود المشتركة ورغم ان مع استمرار الاحتجاجات وشعور النخب السياسية لخطورة الموقف قدم المسؤولون الحكوميون المزيد من التنازلات وتشريع بعض القوانين الترقيعية إلأ انها لم تقنع احد، ويظهر في بعض الأحيان أنهم يتنافسون مع بعضهم بعضاً لإثبات أنهم يعتبرون مطالب الجمهور مبرّرة وسيبذلون قصارى جهدهم لتنفيذ الإصلاحات المناسبة. والدعوة على  النزول الى الشارع والاختلاط مع المحتجين والاستماع إلى مطالبهم ومشاكلهم وفشل تلك المحاولات ليس لافتقارهم لها انما لعدم وجود القدرات أو الإمكانيات اللازمة عندهم وغياب الثقة ، و لأسباب تتعلق بسوء إدارة الأزمة منذ بدايتها ورئيس الوزراء المكلف ورث مشاكل متراكمة خلفتها الحكومات السابقة وتراكمات عقود طويلة من المعاناة المعيشية والاقتصادية يصعب معالجتها في غياب الحلول لإغلاق الباب في وجه مُحاولات استغلالها وتوظيفها داخلياً  في خدمة المشاريع الأمريكيّة و الإسرائيليّة خارجياً كما يعمل عليها البعض من الساسة  .
 ما يثبت ان النزاع في العراق لا يمكن النظر إليه بوصفه شأناً داخليًا يمكن تركه يغلي على صفيح ساخن لسنوات دون أي تدخل من القوى الخيرة " احزاباً وشخوص " و هذا ما ينتظر بالضبط بشكل أو بآخرالان . فما يحدث له تداعيات محلية وإقليمية ودولية، والآلام والمعاناة التي يكابدها العراقيون في بلادهم تتردد أصداؤها في أرجاء المنطقة وما ورائها، ما يجعل الأمر يعني الجميع .
إنّ الدولة هي عبارة عن مؤسسات، والحاكم هو عبارة عن مدير يدير مؤسساتها. فمن الطبيعي ان الذي يمر به العراق او اية دولة اخرى بمرحلة اللا استقرار فمن الضروري على الرئيس المكلف العمل على وضع مشروع او "خارطة طريق" للوصول الى الاهداف التي يعمل على تحقيقها. والتي لم تعمل اي حكومة من رسم ملامحها وان مبدأ وضع الرجل المناسب في المكان المناسب قد غاب عن  التطبيق في الوضع العراقي الحالي تماما فكم يحتاج المدير من الوقت لاختيار المدراء الاكفاء ، بشكل دقيق وان يكون لهؤلاء خبرة وكفاءة وتفان في العمل والابتعاد عن الطائفية والحزبية الضيقة والانتماءات القبلية التي جاءت بعد 2003 الذي فُرض على العراق والعراقيين و أنتج الكثير من الوقائع التي تنامت وتحولت إلى كوارث اجتماعية وسياسية بجانب الفساد الذي لا يزال المعول الذي يخر في جسد الدولة العراقية وهدّم كل القواعد والبرامج التي يمكن أن تخفف من الواقع السيئ الذي يعانيه ابنائه ، بأقبح أشكالها ولارتفاع سقف المطالب وهي لا شك  فيها  حقيقية بكل ابعادها  ..
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

324
العراق.. واعادة وجهه الوطني الحقيقي
الوقت اصبح يحتاج لتحديد الاهداف ووضع الاولويات وخاصة بعد تكليف الدكتورمحمد توفيق علاوي لتشكيل الوزارة وبيان منهج عملها ( البيان الحكومي ) لينال الثقة حيث لاعذر لمن انذر ولن تنفع الشعارات وضرورة الابتعاد عن تكرار الجمل و سماع صوت الشعب كل الشعب" المتفض والغير المنتفض "ولان الظلم شمل كل المجتمع  ولا بدّ من العدالة في إعطاء الفرص بشكل متساوٍ ومراعاة التنوع المجتمعي والسكاني في العراق شريطة مراعاة الكفاءة والنزاهة والخبرة في تسنم مواقع المسؤولية. فقد نص الدستور على أن جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا وجود لأي تميّز مذهبي أو قومي على آخر، الكل عراقيون ولهم الحق في العيش والرفاهية وتسنم المسؤوليات والمواقع الوطنية ولان الذي ضاع في العقود الماضية لن نسترده في سنة او سنتين حتى ان الحديد الشديد الاعوجاج حينما يقرع بعنف يكسر وهكذا هي الاوطان نعم ،لكل فرد الحق في العيش بكرامة داخل وطنه ،"لكن لابد من وطن" وما لدينا ليس بوطن له تاريخ وحضارة علم العالم الابجديات كأرض يستحقه المواطن للعيش به بعد تدمير كل شيئ فيه .
بل اصبح مزارع للسلطات والصراعات الكتلوية والفئوية ومراعي لمصالح لاعلاقة لهم بالمسؤولية انما بتقسيم الثروات ونهب الخيرات وبات الشارع في اوج غضبه على الأحزاب الحاكمة التي عملت وتعمل عليه ولها ان تفهم المعادلات الجديدة للبلاد الان ، بعد الفشل في قيادته فلم تقم بواجبها كما يجب، كما تخلّفت عن ذلك الدولة ايضاً حتى وصل المواطن الى مرحلة اليأس والتذمر و له الحق في كل ما يريد ان يقوله في كل ما يتمنى للعيش السعيد والرغيد ويطالب به بكل طبقاته ومكوناته واطيافه وفئاته وتحت ظل حكومة وطنية غير تقاسمية لكي لا يسهل العبث بحقوقهم المسلوبة وسرقت خيراتهم  والكل لا يقبل التعهدات الخطابية و التخديرية فان الوقت لا يتحمل المجاملات والوعود .. بل يريد إجراءات سريعة وفعالة في التغيير بحلول واقعية اولها ان تكون الوزارة مختصة  وقادرة على ادارة الدولة من القدرات والكفاءات العلمية والاجتماعية والثقافية والمهنية المتمرسة باختصاصاتها بعد ان اصبح العراق في وضع معقد ولا يتحكم فيه القانون او الدستور،  والكتل السياسية  كأنهاغير مدركة لحجم  الازمات الموجودة، واعطتها الاذان الطرشاء او عجزوا عن ادارة الدولة جميعاً دون استثناء في ظل المناكفات والانسدادات السياسية المتكررة التي عاشها و يعيش فيه وحالة العجز في التغيير والشلل الذي اصاب العملية السياسية بعد الاحداث الاخيرة التي حدثت والتصعيد الخطير واستخدام اراضي العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية وسكوت الحكومة وبقت مكتوفة اليد وخاصة وزارة الخارجية وتنفيذ الاعتداءات المسلحة بين اطراف خارجية لا ترتبط مع العراق بالجوار اصلاً مثل الولايات المتحدة الامريكية ولا يمكن ان تعطيهم الحق  في  الصراع على ارضه..
ما زالت هناك بعض المظاهر التي تهدد سيادته واستقلاله والاخفاق في بناء وترسيخ الدور المجتمعي والثقافي، الأمر الذي يجعله في اولويات مسارات العمل السياسي والحكومي القادم لاستعادة عافية المجتمع وعودته ليكون مركزا للإبداع الإنساني ، حضارة و فنا وثقافة وعلوما، ونحن متفائلون رغم كل ذلك بدور العراق ومستقبله و لا يعني التغاضي أو تجاهل المعوقات والتحديات التي تواجهه اليوم وفي المستقبل القريب. فنقص الخدمات والبطالة والفساد المالي والسياسي ظاهرة لا يمكن نكرانها، لكن في الوقت ذاته قد تنهض إرادة وطنية جادة لاصلاح تلك و إدراك أهمية البناء المؤسساتي للدولة. فقوة الدولة تقاس بقوة مؤسساتها وتكاملها وفق التوصيفات الدستورية وتذليل المعوقات والصعاب من خلال التركيز على فرص النجاح ومقوماته التي يملكها ابنائه الغيارى و يمكن القول ان كل شئ ممكن في العراق، و لا بد من نقطة يلتقي فيها المتظاهرون والحكومة والطبقة السياسية، خصوصا بعدما عرفت الطبقة السياسية المتصارعة حجمها الحقيقي واثبتت ضعفها بعد الاحداث الاخيرة والتطورات التي بينت مع الاسف ان العراق ساحة مفتوحة ومكشوفة للصراعات وتصفية الحسابات ولابد ان تفهم الطبقة السياسية التي تتحكم بالكتل والاحزاب والشخصيات ان اليوم ليس مثل الامس، وان الغد سوف لا يكون مثل اليوم لذلك فان انتهاك وتطويع مواد الدستور حسب الاطر المدنية للدولة يجب ان تكون تحت ارادة وطنية و عملية مستمرة من اجل تدوير حياة الكتل السياسية لذاتها ولشخصيات تابعة لها لتصدر المشهد والقرار السياسي الوطني ومن الواضح أنهم قد يخرجون للناس بأي كلام من أجل تدارك الموقف ومحاولة تهدئة ومتصاص الغضب وهو ما لا يسكت عليه عموم ابناء الشعب بعد الان ، والمحتجون قد يهدؤون، لكن لن يعبر عليهم الكلام المعسول انما المحقق والمنفذ والذين كانوا لسنوات عديدة أغلبية صامته ابتلعت ريقها وتحملت صابرة المحن وخرجت بكل شجاعة بعد ان بلغ السيل الزبى لتحتج في اغلب مدنه وتطالب بالحقوق اولاً بالابتعاد عن الانخراط في سياسة المحاور والتخندق ثانياً. و ليس في مصلحته أن يكون جزءا من أي صراع أو عداء ضد جيرانه، وهذا ما يؤكده الدستور العراقي أيضا من احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ،ونعيد التذكير بان التظاهر حق مشروع ومكفول لهم في الدستور اذا ماكانوا سلميين وبقيادة واضحة والحكومة يجب عليها ان تتعامل بطرق حضارية مع ومطاليبهم وان تتفاعل السلطات كافة معها كونها تعبر عن توجهات الرأي العام، ومن الثابت ان الدول التي تبيح حرية التظاهر وتمنح مواطنيها مساحة للتعبير عن ارائهم هي الدول التي تعتنق المذهب الديمقراطي ويؤمن الحكام بها بأن الشعب مصدر السلطة وهو من يمنح السلطات الشرعية في أعمالها اليومية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

325
المهمة الصعبة والتفائل بالخير و حسن الظن
عقودا من الزمن عاشها اغلب زعماء وممثلي القوى السياسية في العراق في الدول التي تعتبر متحضرة و تعرفوا فيها على منظومات حكم مختلفة وتعاملوا مع نخب سياسية كانت تدير المؤسسات في تلك الدول وكان الشعب العراقي يمني النفس بزوال ظلام الديكتاتورية ونهاية سنوات القمع والبطش بسياط الاستبداد ليستقبل بالأحضان هؤلاء الزعماء الذين دأبوا على تسويق العناوين والشعارات البراقة عن الديمقراطية والتعددية ولكن مع الاسف فشلوا في تطبيق اي منها في بلدهم بعد ان عادوا اليه .الان بعد ان واجهت العملية السياسية في العراق مشكلتين خطيرتين: الأولى المطالبات الشعبية والاحتجاجات التي انتفضت والخضوع لها في خطوة مطالبة باختيار رئيس وزراء جديد والثانية كيفية الخروج من الكلفة الباهظة التي ستواجه العراق في تنفيذ القرار الذي اتخذ داخل البرلمان في طرد القوات الأميركية من العراق كواحدة من ردود الافعال على اثر التجاوزات على السيادة العراقية من قبلها، فالمهم، الآن، اذا ما اردنا ان نتحدث بواقعية عن المرحلة الراهنة التي قد يذهب العراق من خلالها إلى مستقبل مختلف. وهو مستقبل يريد له العراقيون أن يقترن بإقامة نظام سيادي ومستقل بكل ما يعنيهما ذلك وبكل ما يرمز إليهما، في شروط العراق الخاصة لا خارج هذه الشروط مما يراد إملاؤه على العـــراقيين من هنا ومن هناك. وكذلك أن النظام المدني والتعددية ليستا مجرد كلمتين يمكن لأي كان أن يستوعب معانيهما ويتعامل ويتفاعل معهما. إنهما ثقافة، في الدرجة الأولى. ولا بد للذي يريد أن يجعلهما جزءاً من حياته يمتلك ثقافتها، و يمارسها بكل صعوباتها، وأن يدفع ثمن افتقاره التاريخي الطويل لهـا وهذا ما عانه الشعب منذ اربعة اشهر في الخروج الى الشارع للتظاهر والمطالبة بالحقوق والتعامل السلبي والايجابي فيها واجبار الحكومة للاستقالة بعدها .
الان جاء الاتفاق بعد شهرين من استقالة عادل عبد المهدي والقرارعلى تولي محمد توفيق علاوي مهام تشكيل الحكومة الجديدة وتعامل الرئيس برهم صالح معها بحذر لعدم نقل صلاحيات رئيس الحكومة له ولهذا ربما لم يكن راغباً نقلها لنفسه بقدر ما كان يريد من الكتل السياسية في البرلمان أن تتفق على تسمية شخص يتوافق مع متطلبات المرحلة الحالية للعراق وعجزهم للاتفاق عليه وهدد بأنه سيختار رئيسا مؤقتا للوزراء إذا لم تتمكن الأحزاب السياسية من اختيار بديل لعادل عبدالمهدي بحلول الأول من فبرايرالماضي وكان له مكان واتخذ القرار ، ورفض صالح تكليف عدد من المرشحين تقدم بهم جمع من النواب في البرلمان العراقي عن كتلة البناء التي تعتبر نفسها هي الكتلة الاكبر والمختلفة في تسميتها ، وهم كلّ من وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم ، ووزير التعليم  العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل عن ائتلاف دولة القانون ومحمد شياع السوداني في وزير العمل السابق وكذلك اسعد العيداني محافظ البصرة و مصطفى الكاظمي الذي يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات،، والدكتور علي شكري وزير التخطيط السابق وكبير مستشاري ديوان الرئاسة الحالي وهكذا كانت بورصة السياسة مستعرة وعلى اشدها في تداول أسماء عدة، بعضها كان جديا، وأخرى كانت اوراق للحرق لاستبعادها وبعد شد وجذب طويل خرج محمد توفيق علاوي على غيرالمألوف قبل التكليف الرسمي  في خطاب مصور على شبكات التواصل عن تكليفه برأسة مجلس الوزراء، ليتحدث عن أنه كلف بالمنصب من قبل الرئيس برهم صالح، ودعى الشعب العراقي للوقوف إلى جانبه من أجل انجاز المهمة الموكلة اليه ، وطالب الاستمرار في  التظاهر حتى تحقيق جميع مطالبهم، كما تعهد بمحاسبة القتلة وتعويض أسر الشهداء وتحديد موعد للانتخابات المبكرة ومحاربة الفساد وتباينت ردود افعال القوى السياسية بشأن التكليف ، إذ نأت كتل سياسية بارزة بنفسها عن تكليفه،في حين وقفت اخرى معه . وتعهد علاوي ببناء دولة المواطنة ومؤسسات دولة العدل والحرية، بالعمل من أجل تلبية مطالب المحتجين فيما يتعلق بالوظائف والخدمات ومحاربة الفساد المتفشي، وحماية المتظاهرين السلميين وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، وشــدد عــلاوي «اننــا فقــط بروح الاخوة واـِّحبة والتعاون نســتطيع ان ننقــذ بلدنا وننهــض به ونحقق ازدهاره وتطوره، وبخلافه سنفقد ما تحقق من انجازات عظيمة وسنجر بلدنــا الى الهاويــة إن تخلينــا عن روح الاخــوة والتعاون واشــعنا روح الخلاف والنزاع والصراع وبالعمل الحثيث من أجل التهيئة لإجراء انتخابات مبكرة حسب الآليات الدستورية، و حماية العراق من أي تدخل خارجي ، واعتبر البعض  التكليف إنجازا تاريخيا، مقابل وفائه بتعهداته. وقد تناسى علاوي بأنه سيدير البلاد إلى حين إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، كشخص مرشح مستقل لمنصب رئاسة الوزراء المؤقت و يتحتم عليه المضي لتشكيل حكومة  انتقالية مصغّرة قد لا تتجاوز بين 15 الى 20 وزير ، تعمل لمدة أقصاها ستة أشهر، لتأمين انتخابات عادلة ونزيهة وفق قانونين الانتخابات ومفوضية الانتخابات بعد اخفاق الكتل السياسية على تبني شخصية سياسية متمثلة برئيس وزراء لا تنطبق سيرته مع مواصفات الشارع المنتفض، وبالمقابل  اتخذت الاحتجاجات خطوات تصعيدية من شأنها الضغط بشكل فعال على السلطات التنفيذية والتشريعية" للاسراع في التكليف لينقذ العراق من الفراغ الدستوري المستمر منذ أن انتهت في 16 ديسمبر/كانون أول الماضي، بعد الخلافات العميقة بين القوى السياسية بشأن المرشح لرئاسة الحكومة والتي يتعين عليه تشكيل حكومة جديدة خلال شهر،  مع ضرورة مراعاة أن البلاد أمام مرحلة جديدة يعد فيها الشارع العراقي لاعبا أساسيا بعدما دفع رئيس الوزراء السابق للاستقالة، في ظل التوقعات بالتعثر في المهمة  للتنافس الحاد  بين الأحزاب على المناصب الوزارية مما يطيل الأزمة السياسية، إذ إنه سيتعامل مع أكبر كتلتين متنافستين في البرلمان هما سائرون والبناءولا يستطيع أن يقدم شيئاً، ولن تكون له قدرة على حل أي أزمة، هو أو غيره، خاصة مع عدم وجود كتل سياسية تدعمه، و تعيين شخص يحظى بدعم الكتل والمتظاهرين، وهذا صعب إن لم نقل مستحيلاً والرفض والقبول يكشف عن تناقض ما بين القوى السياسية والشارع العراقي، فكل منهما ينتظر مرحلة مختلفة عما يراه الأخرمما يفهم بأن كل التوقعات في هذه المرحلة لانجاز المشاريع التي تحدث عنها علاوي سوف لا تكون سهلة التنفيذ في هذه الفترة القصيرة حيث سينشغل في الصراعات مع القوى التي تعتبر نفسها من صميم العملية السياسية وقد تقوده الى الفشل وإذا أخفق سيقوم رئيس الجمهورية بتكليف مرشح آخر، بمدة جديدة هي 45 يوماً وهكذا قد تطول بنا الدوامة ، واخيراً فان الأزمة العراقية لا تحتاج سوى إلى تنازلات تقدمها القوى السياسية للشعب الذي هو مصدر الشرعية الأول. ولا نظن أننا نبالغ إذا ما نحن ذهبنا في التفاؤل إلى الحد الذي نرى فيه العراق يتجه، ولو بصعوبة قصوى وبآلام كثيرة، نحو مرحلة قادمة، تعقب المرحلة الانتقالية الراهنة، مرحلة تقوده إلى مستقبل مختلف بالكامل عن كل تاريخه القديم والحديث. وهو مستقبل نود ان نراه – او كما نحب ان نراه . ونتفائل بالخير لعلنا نجده مع حسن الظن...
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 
 

326
العراق ....ضياع التكليف بين المماطلة والتسويف
لقد كان لتكليف الدكتور محمد توفيق علاوي بتشكيل الوزارة العراقية من قبل الرئيس برهم صالح متوقعة ومحسومة لا لشخص علاوي الذي نكن له الاحترام والتقدير لقبوله المهمة المعقدة هذه ، انما لاي شخص اخر فيه من الشاكلة للهروب من الضغط الجماهيري ولبعده عن العملية السياسية كونه مستقل ولا يوجد من يقف الى جانبة وجعلتنا نشعر بأن الدوران في حلقة مفرغة مرسومة بالفعل ومقصودة وللتحسس اكثر بأننا لا نستطيع الخروج من عنق الزجاجة الا بفرض من تراه القوى السياسية مناسباً منهم وهي جزء من طبخة معدة بدقة لاستمرار قتل الوقت والعيش وسط الطلاطمات الممتدة من المناكفات والصراعات الحالية في العراق قد يصله ليصبح بلا هُويّة وطنيّة جامعة مُوحّدة، وإنّما فُسيفساء من الانتماءات الطائفيّة المُتناحرة، حيث الولاء المُطلق للاحزاب وللطّوائف وليس للوطن وتضاف لها فكرة الاقاليم التي تثار بين حين واخر كورقة ضاغطة  ، الأمر الذي يلغي كُل مفاهيم السيادة والكرامة الوطنيّة وفتح الباب على مِصراعيه للانكسار والتأخر والانحلال وثم محو قدرة الدولة نهائياً ليسهل نهبها. بعد ان اصبح هدفاً مدمراً من قبل الاعداء نظراً لمكونه الثقافي والحضاري ولمكانته وطاقاته الهائلة المخزونة و جغرافيا هو مركز الشرق الأوسط . السيطرة عليه تعني السيطرة على قلب الشرق الأوسط ،" جغرافيا وعسكريا وحضاريا " و تبين بسرعة أن امريكا والحركة الصهيونية غير معنيين بالديمقراطية ولا بهذا المجتمع انما يهمهما الان الاستيلاء على خيراته النفطية وضرب مقدراته العلمية وعقوله الواعية وإضعافه كفاعل في المنطقة، ولا علاقة لها بمصالح البلاد العليا ولا بهيبة الدولة أو الحكومة الحالية او مجلس النواب التي لا تحتكم في قراراته في مجملها القانون والدستور انما الاتفاقات البينية والمصالح الكتلوية والعراق الجريح منذ خمسينيات القرن الماضي و لا يزال ينزف دماً .
 ويأتي نزيفه المذل الاعظم بعدعام 2003 وزوال اخردكتاتورية الى الديمقراطية " المشلولة "هذه المرة والقضاء على احلامه بسبب بني جلدته والتقاتل بين ابنائه واللجوء الى اساليب الصراع المفتعل والمكشوف واللوم والاتهامات فيما بين والتسويف والمماطلة واخرها تكليف شخصية مناسبة لرئاسة مجلس الوزراء والتظاهر بصعوبة ايجاد الرجل المناسب لها التكليف كأنه خلا من العقول والكفاءات والقدرات التي تستطيع ادارة الحكومة وبالتي لا نعرف من هوالصالح ومن هو الطالح و الفاسد ومن هو السالم والنزيه ومن هو معه ومن هو ضده و يجعل كل من في العملية السياسية في دوامة الاتهام بكونه يتردد لتهدئة الشارع الملتهب بهذه الاساليب  وان الاحتجاجات بمجملها سلباً وايجاباً وبعيداً عن ممارسات الصواب والخطاء فيها تجمع بين العقول ذات الايلوجيات والاهداف المختلفة والبطون الخاوية في آنٍ واحد على الرغم من ترجيح هذه الأخيرة التي تطالب بتعزيز المعيشة، وتوفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل للمتظاهرين الشباب الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن قِطاف ثورتهم قد تذهب إلى سلّة جهات اخرى لم يشتركوا في الثورات والاحتجاجات إلا بنسبٍ ضئيلة والنظر اليها من ثقب الباب ، ولاشك من ان العراق اليوم يحتاج اكثر من اي وقت مضى الى قلوب آمنت بوحدة المصير ، ووحدة الدم والهدف والآمال ، وحتى الآلام ، فما يصيب أيّ مكون او انسان في المجتمع  تتداعى له سائر الاعضاء بالسهر والحمى  ، فوا أسفاه ، فقد آلت تلك الآمال إلى انحدار ، ولم تعد الوحدة غاية واصبحت بعيدة المنال ، والحكومة  أصبحت مستحيلة الحدوث في الظروف الراهنة ، وبات الحد الأدنى الذي يتطلع إليه الشعب هو بقاء دولته وان لا يتفكك إلى كنتونات واقاليم قومية ومذهبية تحسبها دولاً وهي ليست إلا كثرة عددية لا تًسمن ولا تغني ، طالما بقيت الفرقة والتشرذم هو الحال الذي عليه .
 وفي ظل مجريات هذه الأحداث التي تتطور بين يوم واخر تجعل معظم الأطراف مدعاة للتندر في ظل مسألة التأخير لتكليف شخص لرئاسة مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة خلال اشهر طويلة وتحويلها الى معضلة لا اول فيها ولا اخر مقصودة و كان يكفي بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تولد الحكومة المناسبة. لكنهم تنقصهم الحيادية والمصالح العليا للبلد وغياب من يلعب دور الاب الناصح الطيب الذي يمتلك سلطة حاسمة ازاء هذه الضغوط ومنها الاعتراف من البعض بانهم لم يأتوا لبناء الدولة انما العمل من اجل ان تبقى الامور مشلولة و لا يقوم للعراق واهلة القيام وان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة للدور االخارجي الحامي "لأمن البلاد" و ما يغفل عنه المسؤولون أن الانتفاضة تزداد لهيباً يوما بعد يوم و ثورة الشعب ستتواصل وتتسع يوما بعد يوم حتى اذا لم يتم حل الامور وتحقيق المطالب وبشرط ابعادها عن الايدي الخفية العبثية التي تريد ركوب الموجة والمحافظة على السلمية ، وان تعثرت بعض الوقت ولكنها ستنتصر في أخر المطاف وسيقول الشعب كلمته بحق من سرق ثروته وسعادته ورخائه وأمنه  بمشاركة  كافة الشرائح والاطياف والنخب العراقية قولا وعملا وهي قابلة للتوسع وقد ينفرط العقد وتزداد الامور سوءاً و سوف تقع المسؤولية على كاهل ابنائه الشرفاء لدرء الخطر عنه بالخروج الى الشارع عن بكرة ابيهم لتغيير الوجوه العبثة بمصير الامة وإلأ كيف يا ترى يمكن بناء دولة يتم تدميرها بطريقة فوضوية مدروسة وعلى مراحل و من قبل بعض الجهات و كيف يمكن تسهيل إعادة بنائها في ظل صراع الإرادات العنيفة هذه وحتى اللامسؤولة والضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا؟ كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة والمسؤول يخاف على نفسه ؟ ؟وكيف يمكن بناء اقتصاد مدمر وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت سطوة واقع مرير ومخلفات حكومات متعاقبة لم ترحم الشعب بكل ما يعنيه من ظلم وما لهذه الكلمة من معنى وقبح؟ كيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من المعاناة والضغوط النفسية  ؟ ولا يزال المواطن يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد وتدخله السافر في الشأن الداخلي في المطالبة بالاستجابة لانبعاث الحكومة ومحاولة فرض ارادتها في تنسيب من تريد لرئاسة الحكومة والتي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة اعمار البلاد ونهوضه وفي اعتماد القرار الوطني في تحقيق ذلك ؟ كيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية من كل جانب و من كل صوب وحدب طالما بقي البعض من السياسيين يتقاتلون ويتسابقون فيما بينهم لتقسيم المنافع والحفاظ على الكراسي بطرق ملتوية من الاساليب ولا يؤثر عليهم تضوع الشعب من الجوع والفقر والمعاناة .
 
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

327
صفقة القرن وانتزاع سيادة الدولة الفلسطينية
النخب السياسية من غير العرب والعرب اكثرهم ينظرون بعين القلق والريبة إلى ما يخطط له ترامب في مشروعه "صفقة القرن" للشرق الاوسط والتي من المتوقع نشر تفاصيلها لاحقاً و لن تغيب عنها انتزاع الحق من الفلسطينيين  للعيش بدولة مستقلة وذات سيادة وبدأت تفاصيل مشروع محاولة اذابتها لقضيتهم بالكامل على يد الولايات المتحدة الامريكية تنفيذا وتخطيطاً وكيان الاحتلال الاسرائيلي لتثبيت دولتها الغير مشروعة تظهر الى العيان ، وبمباركة عربية تتزعمها بعض الدول الخليجية التي ترتبط بعلاقات سرية وعلنية مع الاحتلال شيئاً فشيئاً ومنها السماح بالزيارات المتبادلة ، والتي ستدفع من خلالها بعض الدول الخليجية نحو 100 مليار دولارفي حال التنفيذ ضمن إطار الصفقة التي اهتمت بالجانب الاقتصادي كخطوة اولية ، على أن تدفع كل من الإمارات والسعودية 70 مليار دولار منها بالمناصفة.".
الصفقة التي طال الحديث عنها والدافع الاهم لطرحها في هذا الوقت ضعف التنسيق بين الفئات والفصائل الفلسطينية وغياب الاستراتيجية الموحدة بينها لمواجهتها منذ الإعلان عنها لأول مرة، وكان من الافضل انتخاب خيار معين من  الخيارات المتعددة المطروحة  أولها واهمها  دون ادنى شك السعي لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني داخليا ، وصولا إلى تفعيل كل أشكال المقاومة الشعبية كضاغط اساسي ، ووضع حد للاتفاقات الأمنية والسياسية مع الجانب الإسرائيلي، وفرض مقاطعة شاملة على الحوارمع الاحتلال، ثم التوجه إلى الامم المتحدة و مجلس الأمن الدولي وغيره من الهيئات العالمية   .
و يطالب الفلسطينيون القوى العالمية على رفض هذه الخطة ويصرون على أن إدارة ترامب فقدت دورها بوصفها وسيطا نزيها في حل الصراع بسبب انحياز رئيس البيت الابيض  الى الجانب الكيان الاسرائيلي على الأغلب وجوبهت محاولة اعلان الصفقة ردود فعل غاضبة من العديد من الأطراف الفلسطينية، واعتبرت حركة فتح أن ترامب استخدم الصفقة، في إطار دعمه لنتانياهو في الانتخابات الإسرائيلية، التي ستجري في آذار/مارس القادم، و اعتبرت حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة، أن صفقة القرن، تمثل " استهدافا للوجود الفلسطيني وهوية القدس وعلاقة الأمة بفلسطين والمسجد الأقصى". وأضافت الحركة في بيان لها أن "كل هذه المخططات لتصفية القضية الفلسطينية، ما كان لها أن تُطرح، أو يُمرر جزء كبير منها لولا حالة التماهي الإقليمي والدولي معها ".وبأن الخطة الأمريكية "احتيال القرن". وطالبت حركة الجهاد الاسلامي الفصائل الفلسطينية توحيد الجهود والعمل وفق استراتيجية وطنية جامعة لإسقاط وحماية القدس والمسجد الأقصى المبارك و وقفت الى جانب عقد لقاء وطني لبناء استراتيجية مواجهة ويضع الاليات اللازمة للعمل على حماية الثوابت وتعزيز صمود الشعب ومجابهة كل التحديات التي تهدد حقوقه وقضيته.والتحرك الواسع ضد المخطط الصهيوأمريكي الخطير، والوقوف بكل قوة وبسالة لإسقاط الصفقة والدفاع عن ألارض الفلسطينية وثوابتها ومقدساتها. كذلك بالنسبة لكل الفصائل المقاومة الاخرى فقد بينت مواقفها في بيانات الادانة للصفقة .
و استبق الكثير من الخبراء الأميركيين إعلان الرئيس دونالد ترامب خطته لسلام الشرق الأوسط المعروفة بصفقة القرن، بتأكيد انعدام أي فرص لنجاحها.وأجمع هؤلاء أن ما يراه ترامب كخطة سلام سيكون لها نتائج عكسية إذ تُبعد وتُعقد من تحقيق السلام بين الأطراف، خاصة مع تجاهلها مبدأ حل الدولتين.وتم التأكيد على  فشل دبلوماسية ترامب في فرض السلام، وهو ما ينتج عنه تهديد الكيان إلاسرائيلي اساساً، والإضرار بمصداقية الولايات المتحدة، وانعدام فرص خلق دولة فلسطينية مستقلة و ليست إلا محاولة للالتفاف على متاعب وأزمات ترامب الداخلية مع محاكمته وبدء موسم الانتخابات الأميركية.
والحقيقة الذي يدفع ترامب للاسراع في طرح صفقة القرن في هذا الوقت هو "بأن ترامب ونتنياهو يواجهان اتهامات كبيرة، فالأول بدأت محاكمته قبل اسبوعين في مجلس الشيوخ بتهمة إساءة استخدام السلطة الرئاسية وعرقلة عمل الكونغرس، والثاني متهم في ثلاث قضايا فساد وسيجري الكنيست مداولات حول حصانته من هذه التهم من عدمها ويعتبر هذه الصفقة فرصة تاريخية له  وكان رئيس حزب "أزرق أبيض" الإسرائيلي، الجنرال بيني غانتس، والمنافس الرئيسي، لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو غادر الأحد، 26 كانون الثاني /يناير إسرائيل، متوجها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لاجراء مشاورات مع الرئيس ترامب بشأن صفقة القرن والتي يعتقد كل المحللين و يشعرون بأن الصفقة ستفتح على المنطقة والعالم  أبواب جهنم من جديد وستستعر الأرض الفلسطينية من حولهم وستشعلها ناراً لاهبةً لا تتوقف، وستسبب في اندلاع انتفاضةٍ أخرى قد تكون مختلفة كلياً عن الانتفاضات السابقة، عمادها اليأس والقنوط من مسار التسوية، والكفر به وعدم الاعتماد عليه، وستوحد الفلسطينيين جميعاً في الداخل والخارج، سلطةً ومعارضةً، اذا جعلوا المصالح الفئوية جانباً وستساعدهم في إعادة ترتيب أولوياتهم وصياغة أهدافهم من جديدٍ، وستمكنهم من تجميد خلافاتهم أو حلها، كما ستمنحهم مبرراً كبيراً للرفض والتشدد، وربما للعنف والتطرف، وستعيد القضية الفلسطينية إلى مربعاتها الأولى الراديكالية العنيفة مجبرةً للدفاع عن حقها في العيش الرغيد وبسلام في دولة كريمة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

328
بلايا فساد السلطة وتساقط الالسن ...
تجتاح موجة من الاحتجاجات السلمية العديد من البلدان في المنطقة وفي ان واحد  وبلغ عدد المحتجين الذين نزلوا إلى الشوارع بالملايين ينددون بالظلم ويطالبون بالحقوق ، وقد نالهم القمع العنيف التي مارستها السلطات بسبب بعض التصرفات الطفولية الجاهلة والغريبة التي اخترق التظاهرات وتدخل الجهات الممولة لتخريب العراق ومحاولة ركوب الموجة و من هم  ضد استقراره وسيادته مما ادت الى  قتل المئات وجرح الالاف منهم وبعيداً عن ارادة مثل هؤلاء الذين تلوثت اياديهم في تخريب المؤسسات وحرق المحال التجارية ومنع الجامعات والمدارس من التعليم وغلق الطرق وقطع ارزاق الناس  وعلى الرغم من اختلاف المطالب والممارسات بل تختلف حتى فيما بين الكتل والاحزاب في نفس البلد، إلا أن هذا الغضب العارم قام على قاسم مشترك وهو الفساد الذي يعتبر ملفه من أعقد الملفات الشائكة حتى من الارهاب ، حيث يعدُ هذا الملف ألاخطر بنظر علماء الاجتماع والاسوأ حسب المحللين ، وذلك لتورط مجموعات عدة فيه، مما جعل الأمر شائكاً وملتبساً على السلطة التنفيذية، فضلاً عن اتهامات تطال العديد من أركانها، و هو داء ينهش النسيج الاجتماعي من جوانبه الاجتماعية و الثقافية والسياسية والاقتصادية و سوء الإدارة للحكومات كانت انتكاسة مضيعة لكل حقوق ابناء تلك البلدان ، وتعدها منظمة الشفافية العالمية من اكبر التحديات التي تواجه عالمنا الحديث، فهو يقوّض الحكم الصالح ويشوه السياسة العامة ويضر بالقطاع الخاص ويلحق الضرر بالفقراء .
ولو اخذنا  العراق كنموذج  في العام الماضي  فقد احتل المرتبة 162 في تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2019 الذي صدرت نتائجه نهاية الاسبوع الماضي  وغطى أوضاع 180 دولة وحصل العراق على 20 نقطة من مجموع 100 نقطة ، حيث يعني الحصول على 100 نقطة أن الدولة “خالية من الفساد” وهو ما لم تحققه أي دولة وحل سادساً عربيا و13 عالميا في قائمة الدول الأكثر فسادا من إجمالي 168 دولة، بحسب منظمة  للشفافية الدولي ويتساوى الأمر بالنسبة للعالم الثالث أو الأول بالنسبة للفساد والكسب على حساب قوت الملايين من الجياع والمحرومين والفقراء حيث يترك الكثير من البشر اسارى البؤس والفقر والمرض الصراعات وأشكال الاستغلال الوحشي ويتم المتاجرة والكسب على حساب آلامهم والحكومات غير مبالية ولم تعتمد خطط شاملة لمكافحة الفساد الممنهج الذي ما انفك يتفاقم عبر السنوات في هذه البلدان .
 وكان رد الحكومات والإجراءات التي اقترحتها وشرعنت البعض منها فور اندلاع الأزمة متواضعة للغاية ، لاتتناسب مع حجم تلك المطالب التي كانت تحيط هذه البلدان ، في حين أن ضمان المستقبل التي تنشدها الشعوب تستوجب إصلاحات جذرية ومسارات تشاركية ليكون التغيير مستداماً ولاستعادة ثقته عند المواطنين في إطار منظومات جديدة بالاستراتيجيات الوطنية لمكافحة الفساد الذي لا يزال رهين زعماء الأحزاب التي أتت بها الى السلطة و أثلج صدور الفاسدين وضعفاء النفوس فاستغلته والتي يدينها المحتجون بعدم توفير ابسط مستلزمات العيش وانتشار البطالة وتنامي العنف بشكل مشين والفقر وضنك العوز وعدم وجود وظائف للخريجين إلأ المقربين من الاحزاب والكتل والمتاجرة بها وفقدان الخدمات وبملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد وبيع وشراء المناصب الذي كان السبب في تبخّر أكثر من 450 مليار دولار في 16 ونيف عاما الماضية ، بحسب أرقام رسمية ومن دون العمل على تحديد المعايير التي تقوم على محاربته في العراق ومنذ قرابة اربعة اشهر يشهد العديد من المحافظات العراقية احتجاجات ومظاهرات عنيفة أودت بحياة العشرات، وإصابة الآلاف بحسب المؤسسات المتخصصة، نتيجة تصادم قوات الجيش والشرطة بالمواطنين الرافضين للفساد وفقدان ضحايا من الجانبين .
 لم يعد الفساد المستشري في مختلف مفاصله أمراً تنكره الحكومة ولا مؤسساتها المختلفة، ولا يمكن برأي الكثيرين تحديد حجمه لتشابك خيوطه. ولهذا لم يكن مستغرباً خروج الآلاف من العراقيين مطالبين بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين  لتضع في اولويات خروجها الى الشارع  لانقاذه من الازمات التي تعصف به وتحول دون تدهور الاوضاع المعيشية التي وصلت الى مرحلة خطيرة جدا نخشى معها سقوطه في المهاوي والمنزلقات الخطيرة.
لم يعد الفساد المستشري في مختلف مفاصل العراق أمراً تنكره الحكومة ولا مؤسساتها المختلفة ولا حتى القادة الكبار انفسهم حيث بدأت السنتهم تتساقط بالاعتراف وامام شاشات الفضائيات ، ولا يمكن برأي الكثيرين تحديد حجمه لتشابك خيوطه ولهذا لم يكن مستغرباً خروج الآلاف من العراقيين مطالبين بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين ما حمل الكثير من السياسيين الكبار في الاونة الاخيرة الاعتراف بكل شفافية عن حجم هذا الداء وانتشاره من الاعلى الى اسفل الهرم ومشاركتهم فيها بل بادر البعض في عدم تزكية احد من الموجودين في العملية السياسية في الوقت الحالي مع مضي الوقت والتأثير على القضاء، الذي طالما تحدثت عنه جهات حقوقية وغير حقوقية، وارتبط مباشرة بضياع حقوق وثروات العراقيين، فضلاً من الآثار السلبية للأحكام الظالمة التي صدرت عن هذا القطاع لوقوع السلطة القضائية تحت تأثير الامزجة السياسية  التي تلاعبت  بعض جهاتها حتى بقضايا الإرهاب لجهات وعلقت بعض الملفات، واصدار الاحكام استجابة للمتنفذين السياسيين وبعد محاكمات صورية، لا تتوافر فيها مقتضيات العدالة والانصاف والكتل السياسية تفاوض على الوزارات والدرجات الخاصة بغية الظفربالعقود الاقتصادية لتلك المؤسسات واصبحت ممارسة وليس كلاماً فقط .
أن معظم الأحزاب السياسية العراقية متورطة بعمليات غسيل أموال وتتم بشكل منتظم في الخارج و أن الحصص المالية التي تحصل عليها يتم نقلها باستمرار إلى دول اخرى لتحويلها الى عقارات وشركات وأسهم في مشروعات تعود أرباحها إلى إدارة شؤونها وتواجه تلك الممارسات انتقادات واسعة لأنها لم تلامس جوهر العملية السياسية التي تدعي الدفاع عن المظلومين والمعوزين وجاءت من اجلها وافضت إلى ان تنخر كل مجال الحياة في ظل الحكومات المتعاقبة بعدعام  2003  و ادت الى تأخر البلد وجعله من الدول المتأخرة في جميع مفاصله و رصد شراء عقارات وتاسيس شركات معظمها خارج العراق، تعود ملكيتها لنواب ووزراء  و لمقربين منهم وذكر احدهم حول ذلك" ان انهيار العملية السياسية في حال فتح ملفات الفساد على مصراعيها داخل العراق ، وأعرب عن خشيته "في حال محاربة الفساد، من إلقاء القبض على قمم سياسية في البلاد". لذلك تخشى بعض القوى فتحها كي لا تنهار العملية السياسية برمتها ولا يمكنه رصد أي تضخم في ثروة المسؤولين ، لأنهم ببساطة ينقلون ملكية كل الأموال التي يحصلون عليها بأسماء أقربائهم وشركاء لهم سواء في داخل او الخارج العراق و بصعوبة التحقيق في هذه الملفات الحساسة لانها تطيح  برؤوس لهم الباع الاطول بالعملية السياسية بالكامل ولم تتخذ اي اجراءات حاسمة بحق المدانيين وخاصة المتعلقة بالفاسدين المتنفذين. وحيتانهم وغياب دور المدعي العام .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

329
طال الانتظار.. دون الاستجابة لثورة الغضب
العراق الذي  ابتدع للإنسان الكتابة في بلاد الرافدين مع التوسع في الزراعة وبداية ظهور المدن والمجتمعات الحضرية، وكانت لغتها المكتشفة أداة اتصال وتفاهم بين الشعوب بالإضافة إلى ذلك شهدت المنطقة تطورا في الفنون و العمارة و العلوم في زمن السومريين قبل قرابة 4 الاف سنة على اقل التقديرات ، اقول الى متى يبقى من أكثر البلدان التي تشهد أحداث سياسية وعسكرية وأمنية متسارعة لتذهب بالبلد الى التأخر الثقافي والاجتماعي والانعدام و تجعل من عملية تتبعها والتكهن بمستقبلها، صعبة وليست سهلة للكثير من المراقبين والتعقيد الذي يشهده مما يجعله مفتوحا ‏للعديد من السيناريوهات، سواء منها سياسية أو عسكرية. ولا شك أن اللاعبين السياسيين كل منهم يحاول استغلال الأوضاع لتنفيذ أجندات خاصة. ومرة أخرى يظل المدنيون هم من يدفع الثمن باهظًا وما يحدث على أرض العراق له تداعيات محلية وإقليمية ودولية، والآلام والمعاناة التي يكابدها العراقيون في بلادهم تتردد أصداؤها في أرجاء المنطقة وما ورائها، ما يجعل الأمر يعنيهم جميعًا.
اما الاحتجاجات التي اندلعت في مدن العراق للمطالبة بالخدمات ومحاربة الفساد بعيداً عن العصابات المخربة مثل "الجوكرالامريكي "، والقوى السياسية تعمل من خلال الخطب على تخدير بوَهم الاعتراف بالاخطاء والفساد هذه الايام عبر شبكات القنوات الفضائية ودعوات الاستقرار والرخاء بهدف البقاء لفترة أطول على سدة الحكم، بمصائبهم الكبيرة و يحصنون أنفسهم وأبدوا لهذا الشعب صفحات وجوههم التي تعتمد على  الكذب والغش والخداع لتسكينه وتركز حديث الحكومة على "مؤامرة" ومن يقف وراءها متناسية حقيقة لا يختلف عليها أحد انهم عاجزين في تشكيل حكومة بعيدة عن المصالح الفئوية والحزبية والكتلوية ولملمت اوجاع و معاناة ويأس العراقيين من انهيار أوضاع بلدهم الذي دفعهم إلى مواجهة الرصاص بصدور عارية إلا من الإيمان بقدر الله والرغبة في الخلاص من الجحيم الذي وصل بلدهم إليه، جراء هيمنة الفساد والفشل في ادارة الدولة كما يعترف بها الساسة انفسهم ولكن  تتعامل مع الاحتجاجات باعتبارها تهديدًا وجوديًا لحكمها، وقد تتهم التظاهرات بأنها موجهةٌ تدار من الخارج ضدها وكل جهة تتهم جهة خارجية بالمساهمة في تأجيجها  علمًا أن الاحتجاجات فيها الكثير من المطالب المحقة و لا زالت الحرية مفقودة في بلدنا ولا زال دم المواطن العراقي رخيصاً منذ قيام التظاهرات السلمية وحتى هذه اللحظة وهذا الإحساس الذي يضعف دائرة الولاء في روح المواطن لا تمكن معالجته إلا بجهود جبارة تعيد للمواطن ثقته فيها وارتباطه الوطني.. على الرغم من أن العراق يمثل قلب الأزمة، إلا أنه من الممكن أن يكون كذلك المخرج منها، فإذا ما جرى التوصل إلى حل للمشكلات التي يواجهها العراق، أو على الأقل إذا ما أمكن اتخاذ خطوةٍ إيجابيةٍ، فسنكون حتمًا على الطريق الصحيح.
 واقل ما يمكن ان يقال ان الحكومة اخفقت بعد الاحتجاجات في الكشف عن الجناة الحقيقيين والمسببين لجرائم القتل والحرق والنهب وسرقة المحال والتي عبر عنها رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح ان " ما يحدث في البلاد فتنة وجريمة لا يمكن السكوت عنها” وهو الذي دخل في غيبوبتها من دون أن يحدد أبعاد الفتنة والقائمين عليها. بسبب عدم ادارة الامور بشكل صحيح من قبل القائمين عليها وهذا مما لا يمكن القبول به اطلاقاً، وعليها اي الحكومة مسؤولية تتطلب رعاية المتضررين، مهما كانت انتماءاتهم.
و يجب ايقاف عمليات القتل فوراً وبكل الوسائل الممكنة وايقاف النزيف المادي والجسدي والاسراع في تنفيذ توجيهات المرجعية الدينية في الكشف عن القتلة والمسببين  وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل ،لان جل المشاركين فيها هم من طباقات مختلفة واطياف متنوعة تعاني من الضيق المعيشي ومعاناة البطالة وهنالك أكثر من أربعة ملايين موظّف غالبيّتهم غير منتجين،بسبب سوء الادارة والتخطيط  ورواتبهم مع رواتب أكثر من ثلاثة ملايين متقاعد، بحاجة إلى مبالغ كبيرة من الميزانية السنوية  ، بحسب ما أكّدتها اللجنة الماليّة في البرلمان العراقيّ عبر الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعيّ! و تدل المؤشرات الحالية في العراق على حصول المزيد من التردي على كافة المستويات اهمها ضعف الامكانية القيادية والابداعية لدى مدراء تلك المؤسسات و الفساد المالي المستشري لاغراض شخصية وسياسية محسوبة وافتقارها الى ضوابط العمل وسياقاتها لكل دوائر ومؤسسات الدولة العراقية لعدم اشاعة ثقافة العمل الطوعي والحد من ثقافة الاستهلاك وتحديث الادوات والمناهج ومواكبة التطور العلمي في الادارة  بما يتناسب مع المنظومة الالكترونية وهذه المنظمومة تعطي نوع من الاطمئنان للعمل الداخلي و للشركات المستثمرة في العراق وتؤمّن لها عدم الدخول في الروتين الإداري المعقد الذي اكتسب مناعة ضد أي علاج يستخدم الاساليب الحديثة والمتطورة في ادارة مؤسسات الدولة وتسهيل اجراءاتها امام المواطنين. فالمواطن ما زال يواجه ظاهرة الروتين الاداري في الدوائر والمؤسسات الحكومية بتعقيداتها المتوارثة منذ حقب زمنية بعيدة وينتظر وقتا طويلا لانجاز معاملاته.بل ان من المواطنين من ينتظر لساعات طوال لانهاء معاملته التي لا يستغرق انجازها سوى دقائق معدودة ؛ الاقتصادية والأمنية إلى جانب الوضع السياسي والاجتماعي، وبقية شؤون الحياة الأخرى التي يرى فيها المواطن العراقي أن حياته ومستقبله وما يتعلق بحقوقه كلها؛ باتت في دائرة الاستهداف المباشر من أجل أن تجني الكتل المتسلطة على المشهد العراقي مزيدًا من النفوذ، وتتحكم بالواقع وفق رؤية الاحتلال ومشاريعه التي يروم بسطها في المنطقة.
ويعضد هذا موقف الجهات الخارجية التي تدعم جهات معينة تشارك في خراب المؤسسات والاماكن العامة من المتظاهرين بخبث  بطرق سارعت وكشفت عن مخابئها وعلى خلاف العادة مما عزز اتهام البعض من المتظاهرين بأنهم جزءٌ من مؤامرة رغم كوني لا أمن بمثل هذه التوصيفات  التي اعتادت الكثير من الكتل والانظمة  السياسية تسويقها إلى العقل الجمعي للشعوب، من أجل الهروب من أي أزمة سياسية أو أمنية أو اقتصادية تواجهها، وجعلها جزءًا من مؤامرة تحيط بها، وتسعى إلى النيل من سيادتها الوطنية، ومن بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، وما إلى ذلك من الافتراضات التي تشكل جوهر هذه النظرية وأهدافها. وفي النهاية فإن الدماء الغالية التي تزف يومياً في حمالة عرسها وخلال  الحراك الشعبي السلمي والعفوي لن تذهب سدى، وأكدت الجماهير المسالمة عدم خضوعها للظلم، كما أنها قد تجبر الحكومة والقوى السياسية بصمتها على اتخاذ قرارات لتحسين أوضاع البلد، ومن الصعب جدا تغيير قناعتهم بوعود الإصلاحات المخدرة بالتزامن مع العنف ولن توقف حراكهم المكاشفات الاخيرة من البعض على البعض الاخرمن الساسة ، بعد فشل القوى السياسية الحاكمة دون استثناء لأكثر من 16 عاما في أداء واجباتها الطبيعية في خدمة الشعب وانشغلت بالصراعات على المغانم والمكاسب والنظر خارج الحدود لإرضاء هذا الطرف أو ذاك. ولن تنفع معها  العلاجات المؤقتة دون الإقرار بمبررات غضب الشعب وحقوقه المسلوبة.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

330
المواقف الدولية والاستهانه بالقيم الدبلوماسية

تعودنا في حياتنا سماع الكثير عن الكلام الدبلوماسي والمواقف السياسية، وبرزت الدبلوماسية بين الأمم والدول منذ القدم، كوسيلة للتفاهم والاتصال؛ وذلك نظراً لحاجة المجتمعات إليها، باعتبارها مفتاح العلاقات الدولية التي تتداخل فيها المصالح، ولا يستغني فيها أحد عن غيره،وفي المقابل تكلم الكثير عن المبادئ والثوابت، ولعل الكثير منا أصبح يتساءل عن هذين المصطلحين، وشعر البعض بتخبط ولا يجد جواباً لهذه الحالة التي تنتابه ومن هنا فقد تم طرح بعض المفاهيم لكي تتلائم مع طبيعة العلاقات الدولية وسميت ( التمثيل الدبلوماسي )وهو اسلوب للوصل والاتصال ويعالج الدبلوماسيون القضايا عن طريق تحليل المصالح الوطنية كجزء منهجي وهي صفة تخص التمثيل السياسي للبلاد، وتصريف شؤون الدولة الخارجية مع الدول الأجنبية وأساليب التعامل السياسي بينَ الدول لتستفيد منها في التعامل والتعاون وادارة علاقاتها الرسمية ضمن سياق النظام الدولي علها تؤثر بشكل ما في توازن هذا النظام والتي يمكن من خلالها التوفيق بين مبدأ عدم التدخل ومبدأ السيادة والتي تتطلب الذكاء والكياسة في الحوار والنقاش والاقناع لحل الخلافات   وايجاد تقنية لإدارة الأزمات في حقل العلاقات الدولية بصفتها وسيلة ترتكز على مقومات قانونية لغرض احتواء المشاكل.
اصبحت العلاقات الدبلوماسية وفق هذا المفهوم عملية سياسية مستمرة بين الدول ويعرف السفير بأنه الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج لتوظّيفها بشكل رسمي في تنفيذ سياستها الخارجية وفي إدارتها لعلاقاتها بالمقابل مع غيرها من الدول والأشخاص و مرتبطة بالأهـداف، ولم تعد تقف عند العلاقات الثنائية بين الدول، بل امتدت لتشمل اتصالات الدول بالمنظمات الدولية والإقـلـيـمـيـة وغيرها من المؤسسات والوحدات السياسية في المجتمع الدولي. وقد ضمنت اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961 وهي اتفاقية دولية تحدد الإجراءات والضوابط الخاصة بالعمل الدبلوماسي بين الدول وتبين الحقوق والواجبات الخاصة بأفراد البعثات الدبلوماسية، كما أتت على تحديد عدة مفاهيم كالحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.
 وقد ابرزت وقائع ماسميت ب" الربيع العربي " مفاجأة للقوى الدولية بناءً على مراقبة سلوك هذه القوى تجاه ما يحدث في الدول التي اندلعت فيها تحركات في البداية حيادها مع مراقبتها لما يحدث حتى يتم الوصول إلى نقطة معينة في تغيير ميزان القوى على الأرض، حينها تغير هذا السلوك بالكامل. مثال على هذا، تغيُّر الخطاب السياسي الأوربي والأميركي تجاه بعض القادة العرب بعد ان ضعفت ووهنت حكوماتهم و حالما بدأت موازين القوى تتغير على الارض ، وعلى العموم فإن من بين العوامل المحددة لتغير سلوك القوى العظمى مدى الأهمية الجيوبوليتيكية للدولة المعنية، وأيضًا مدى أهمية هذه الدولة للاستقرار الإقليمي، وأخيرًا قوة النظام واحتمالات مقاومته للثورة وبقائه. والأهم هي وضوح ازدواج موقف القوى العظمى تجاه اي التغيير بناء على مكان حدوثه ومدى مصالح القوى العظمى المرتبطة بنتائج هذا التغيير.
ان كل سياسة الدول الاوروبية  والغرب عمومًا، لا تعطي اهتمامًا لقضية الديمقراطية ونشرها في الدول النامية بقدر ما تعطيه من اهتمام للاستقرار الذي يحافظ على مصالحها فقط وبأي شكل من الاشكال مما يؤكد الارتباط بين هذه الدول وحلفائها الغربيين بالكثير من الأنظمة الديكتاتورية والشمولية، بل أكثر من ذلك، حيث كانت تظهر على الساحة الكثير من التبريرات لتلك العلاقات بعد تجرد هذه الدول من الخلق الدبلوماسية والتدخل في شؤون تلك الدول للهيمنة وزيادة التوترات وشحنها اما مباشرة او عن طريق وكلائها متناسية من ان الدبلوماسية علم يتداخل فيه العديد من العلوم الأخرى متمثلة في القانون الدولي و الاخلاق الدبلوماسي و كافة أساليب إدارة العلاقات الخارجية و تتضمن أصول الدبلوماسية مسارات التفاوض بين الحكومات و الدول على مختلف الأصعدة  و مناقشة الأمور و المصالح ذات الاهتمامات المشتركة سواء كانت مصالح تجارية أو سياسية أو ثقافية ،ولها وجهان، فهي الوسيلة التي تدافع بها الدولة عن نفسها وتشكو من خلالها همومها إلى العالم، وهي أيضاً إحدى الوسائل الأساسية للتوفيق بين مختلف المصالح المتنافسة بمعنى آخر، تهدف إلى تلبية أهداف الدولة المعنيّة مع حفظ العلاقات الدولية كما هي، أي أنها الأداة التي تستخدمها الدول للوصول إلى أهدافها دون إثارة عداء الدول الأخرى. على الدبلوماسيين أن يحافظوا على حماية مصالح دولهم في حسن الأخلاق والسيطرة على العواطف والمشاعر وهي المفتاح الأساسي في الشخصية الدبلوماسية ويتجنبوا خلق النزاع مع الدول الأخرى والخروج عن القيم كما فعل السفير البريطاني روبرت ماكيير في الجمهورية الاسلامية الايرانية مع الاسف في عملية مدانة للسبل المتبعة تعجرفاً واستهتاراً والتسلل داخل المجموعات المعترضة وهو يحرض البعض من الذين شاركوا في مراسيم تجمعات التأبين في الجامعة حيث اُضيئت الشموعُ وتمّت قراءةُ سورةِ الفاتحة وتم ترديدُ قصائدِ المراثي على اروحِ الضحايا مجددين المطالبةَ بمعاقبةِ المتورطين  بعد فقدان عدد من زملاءهم ومن ابناء وطنهم اثر الحادث المفجع بسقوط الطائرة الاكروانية وعدد اخر من دول اخرى وتُسَول للبعض انفسهم العبث والتحريض لتهيج الشارع اثر سقوطها واستهدافها خطائاً ووفاة كل افرادها وهذا التصرف بعيد عن العرف الدبلوماسي و لا يتناسب اطلاقاً مع مسؤولياتِه كممثل سياسي عن بلده التي يجب ان يستفاد منها لحفظ العلاقة بين البلدين وتم القاء القبض عليه بالجرم المشهود والتسلل بين المشاركين دون اذن وبسببِ سلوكِه الغيرِ المألوفِ وحضورِه في تجمعاتٍ خلافاً لكل الاصول المتبعة في العلاقات التي نصت علية اتفاقية فيينا عندما تعطي المزايا هذه والحصانات ليس لغرض تمييز الافراد بل تأمين أداء البعثات الدبلوماسية لأعمالها على أفضل وجه كممثلة لدولها ولغرض توطيد العلاقات لا من اجل تشنجها ، وتؤكد أنه يجب أن يستمر تطبيق قواعد القانون الدولي التقليدي في المسائل التي لم تفصل فيها نصوص هذه الاتفاقية صراحة.
بل لتهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها. لتشمل سبل و أنماط التعاون الأخرى بين منظمات المجتمع المدني و رجال الأعمال و القطاع الخاص و الشركات العابرة للقارات و لتمتد صور التعاون تلك على اوجه واسعة من مستوى العمل الدبلوماسي في جميع أنحاء العالم.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

331
الايمان والشهادة امتثال لواقع الانتصارالحتمي
بعد ان سقطت کل الإستراتیجیات الأمریکیة کأوراق الخریف المحروقة على أرض الارادة العظيمة للشعب الايراني ، وأصبح العالم یتحدث بإعجاب عن ذکائه وحنكته وصلابته في ايصال الرسالة بضرب القواعد الامريكية  ، فيما اثبتت الوقائع عن فشل السياسة الامريكية وايقنها الاذلاء والتابعون من الرجعية العربية .. ففهم الغرب والمغفلون أن السر یكمن فی شیىء لا یقهر ولا یباع ولا یشترى فی سوق النخاسة السیاسیة، ویستحیل هزیمته بالقوة العسکریة حتى لو إجتمعت ضده کل قوى الشر فی الغرب والمنطقة، شیىء إسمه “عقیدة الايمان ” التی تعنی: “على امريكا ان تدرك ، بأن عقیدة اللقطاء و المرتزقة التی تقوم على “المنفعة” خاسرة بأسلوب القتل والتدمير من أجل السلب والنهب والإغتصاب ولايمكن ان تعتمد عليها في ممارساتها مهما تجحدت و تبجحت في سلوكها و سياساتها في المنطقة و لا یمکنها أن تنتصر على عقیدة رجال الله التي تقوم على التضحیة والايمان بالاهداف ..الاية القراَنية (( من المومنین رجال صدقوا ما عاهدوا الله علیه فمنهم من قضی نحبه و منهم من ینتظر و ما بدلوا تبدیلا ))23 احزاب.. وهنا یكمن الفارق الکبیر بین القتال من أجل تحقیق مکاسب غیر مشروعة والقتال دفاعا عن الحق إمتثالا لأمر السماء. أن من یملك الأرض هو من سیحسم الحرب مع الإرهاب.. ومع الخونة والمنافقین الذین یدعمون الإرهاب.. وأمریکا وقفت عاجزة تتفرج على أفاعیها تنفق فی صحراء العراق وسهول سوریة ، بلا حیاء وبلا کرامة و فقط العمل على مصالحها في سرقت خيرات الشعوب وامتصاص دماء ابنائهم  ، لان كيان مبني على جمع شتات العصابات و الاعراق المخذولة مستندة على المصالح و الاطماع الشخصية والفردية بعيدا عن اي سمة اخلاقية تجمعهم وخلوها عن الروح الانسانية .
ان كل صفحات التاريخ  تؤكد لنا ان امريكا ليست محل ثقة في سياساتها في المنطقة اصلاً او في اي نقطة من العالم ولاتعرف الخير والصلاح للبشرية و تشن الحروب المختلفة، فتارة تسمع دوي مدافعها وهدير غارات طائراتها وترى اشلاء ضحاياها، وإذا ما صمتت مدافعها تشهر سلاح الحصار والتجويع لكن للشعوب دائماً إرادتها وكلمتها وشعاراتها هي الاعلى والاسمى و يجب الاخذ بنظر الاعتبار ما تقدم عليه على العكس مما تدعيه وتكون خطواتها على حساب اهداف و امنيات. المجردة من اية سمة انسانية في فلسفتها و نظرتها الى الحياة على الرغم من انها تدعي العكس دوما. وإن إصرار واشنطن النهم والجشع للحصول على خيرات المنطقة والهيمنة على الشعوب وخاصة المسلمة والاستيلاء على أرضها ونهب خيراتها يوضح زيف ديمقراطيتها.
ان  القيام بعمليات تصفية ضد شخصيات قيادية عراقية أو من بلد شقيق على الأرض العراقية يعد خرقا سافرا للسيادة العراقية واعتداء صارخا على كرامة الوطن والتي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية وكل  يوم يتضح بشكل جلي زيف ادعاءاتهم واستهانتهم بسيادة العراق والعملية ادت الى استشهاد ثلة مجاهدة من القيادات والرجال الشجعان ( قاسم سليماني وابو مهدي المنهدس ) بيد عصابات الكفر المجرمة و نالوا وسام الشهادة على أيدي أخس الخلق وبأقذر طرق الغدر، والذين قال عنهم الله في القراَن الكريم "إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ " فصلت: 30 و المظلومية الثورية الداعية الى الانتصاف من الظالم لا تعرف الاستسلام، و لا تتجرّع الذُل أبداً، لأنها تعيش روح الاباء والعزة والكرامة ،
ولاشك ان هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتْها دولةٌ الإرهاب الأولى في العالم، قد أثبتتْ مرة أخرى أنها ﻻ تتعامل مع العراق كدولة مستقلة، إنما قاعدة عسكرية تنطلق منها لامتهان كرامة شعبه والسيطرة على مقدراته والهيمنة عليه لذا يجب الوقوف ضدها واخراجها وانهاء العمل بالاتفاقية الاستراتيجية الموقعة معها ، وما جرى بعد جريمتي القائم والمطار يؤكد منها محاولة احتلال جديدة وانقلاب دموي على العراق، مما وضع القوى السياسية في العراق على المحك فإما التسليم والخضوع التام لتعبث بمقادير البلد، او وضع البرلمان امام وقفة مشرفة للطلب بالرحيل بموجب قرار شجاع  اتخذه وهذا ما كان بعد ان وضعتْ العراق والمنطقة والعالم أمام منعطف خطير تدفع تداعياتها إلى اﻻنزلاق نحو حرب لا تبقي ولا تذر، وﻻ شك أن عواقبها الوخيمة تتحملها أمريكا والكيان الصهيوني وممالك الشر والإجرام الذين سيدفعون الثمن باهضا وهي سياسة خاسرة
 لاستعراض القوة الامريكية وبلطجتها وترهيب منافسيها وتعكس سياسة المافيا التي تمارسها واستهتار بالقيم التي تدعي بها  وانتهاك  خطير للمفاهيم الاممية والقانون الدولي والتجاوزعلى الخطوط الحمرليس لها اية علاقة بحادث تطويق السفارة الامريكية من قبل الجماهير المنتفضة في الايام الماضية وهي امتداد للعملية العسكرية التي قامت بها من قصف معسكرات ومقرات الحشد الشعبي التابعة للمؤسسة العسكرية  في منطقة القائم، لا بل محاولة لاعادة ترتيب اوراقها السياسية وتقوية نفوذها السياسي في العراق وفي المنطقة، وتعتبر هذه السياسة اذا استمرت بها هي اعلان حالة حرب وتعريض امن وسلامة جماهير العراق والمنطقة الى التهديدات العسكرية.  ولا تبتعد عن سياسة الاغتيال والتصعيد العسكري والارعاب والارهاب لكل من يعارض سياستها فحسب بل ستفرض اجواء الحرب على مجمل المنطقة ولكن الشعوب ثبت عندها حقيقة الصراع بين الحق والباطل وبناء مسار التاريخ هو انتصار الحق على الباطل في النهاية، وأن حقق الباطل انتصارات هنا وهناك، فإنها انتصارات آنية واهية، وليست بانتصارات حقيقية واقعية كما يخبرنا القرآن الكريم حول هذه الحقيقة في آيات كثيرة، تبين أن النصر دوماً في جانب الطرف الذي يدافع عن الحق، وأن الهزيمة في النهاية واقعة في جانب الطرف المدافع عن الباطل. نجد هذا المعنى في قوله سبحانه( فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون) (الأعراف:118)، وقوله( ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) الأنفال:8)، وقوله :(وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) (الإسراء:81 .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
       

332
الاعتداءات الامريكية والرسالة الخاسرة

رغم مرور قرابة 17 عاماً على الغزو الأمريكي للعراق، لم يؤدّ ذلك إلا إلى تطور اساليب الفوضى فيه لتهز حكوماتها المتعاقبة ومجاعة شعبها لأن الولايات المتحدة مازالت متمسكة بتسخين الشارع  ولم تعد تعالج الامور بقدر التخبط وزيادة أوجه اخطائها المستمرة في سياساتها المتهورة وما زال الدم العراقي يسفك ويراق بتفنن في الشوارع بمختلف الطرق ليظل العراق ضعيفا تابعا لها، وتعطي لنفسها الحق كدولة احتلال للعراق و لها مصالح استيراتيجية وتاريخية فيه ولكن رغم كل هذه الأسباب ونتيجة لوعي الشارع جعل من النفوذ الامريكي في رسم سياسته بالعراق أمرا مستحيلا وفاشلا ومازالت الولايات المتحدة تتخبط في استراتيجياتها وخططها ولهذا تبحث على طرق اكثر خسة اخرى .. واصبح من الواقع ان كل استراتيجيات الإدارات الأمريكية والسيناريوهات التي تعدُّها مكاتب التحليل وتقدير الموقف أو مراكز الدراسات الخاصة في أمريكا تقوم على روح عدوانية تبيِّت الشر والتخريب للمنطقة وهذا خللٌ منهجي في الاستراتيجيات الأمريكية التي لم تطرح يوما فلسفة الشراكة أو تأهيل الدول البدائية في المنطقة أو إقامة علاقات قائمة على الوضوح في فوائد متبادلة كل ذلك حصل عكسه.. فكانت منذ اللحظة الأولى عبارة عن قوة استفزاز ونزف للمنطقة في المجالات الحيوية والحساسة جميعا فأمريكا عبر عشرات السنين هي حامية العدوان الصهيوني باغتصابه أرض فلسطين وتهجير أهلها أو ذبحهم، وأمريكا هي التي تتحكم بأسعار النفط ثروة العرب الرئيسية  ولا تختزن واشنطن رصيدا تاريخيا كافيا للتعامل مع الشعوب وثقافاتها ولم تفكر بإقامة علاقات ندية معها، ولذلك كانت تعمد عند دخولها أي بلد إلى تدمير الصورة التقليدية له من خلال كل مكوناته ويظهر ويبدو لها اخيراً بأنها قد خسرت كثيرا في العراق عندما اندفعت نحو الحروب لتحقيق سيادتها ومن هنا فالاحساس بالهزيمة بفعل المقاومة العراقية التي جعلت من هذه السياسات مكلفة جدا لواضعيها وللشعب الامريكي و في ضوء المأزق الذي وجد فيه الاحتلال نفسه فان ممارساته على أرض الواقع بالاضافة الى محاولاته المتكررة وغير الموزونة في الخروج من مأزقه ادى و بدون ادنى شك الى الهزيمة الحتمية وسوف يبحث  عن طريق للهروب المبكر قد يسهم في تخفيض عنف الهزيمة والسقوط في وحل العراق، ولا ريب ان التخبط الامريكي الذي سيقوده الى الهزيمة ناجم عن تشبثه الغبي في توهمه بامكانية تحقيق شيء من النصر الذي فقده والى الابد على أيدي ابطال المقاومة، لان المقاومة هي من تملك ارادة المبادئ، وهي من تحرك خيوط الصراع الدائر على أرض العراق, وهي من تملك المفتاح العسكري والسياسي لما يجري على أرض العراق, والامريكان وحلفاؤهم لا يملكون الا تأخير اعلان وقت الهزيمة.
من خلال عملياتها الفاعلة والمؤثرة المستمرة وفي تصاعد ثقل حجم الهجمة الامريكية عليها. لذا اخيراً شنت قواتها سلسلة من الهجمات والغارات الهمجية الغادرة على قواعد ومخازن اسلحة تابعة للحشد الشعبي عند الحدود السورية ادى الى استشهاد عدد منهم وجرح اخرين بعد أن نالوا شرف الدفاع عن العالم،  وها هم بامتياز قد نالوا ميدالية الفوز على اكبر امبراطورية بربرية همجية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً في القتل والاجرام لا بل في الكذب وتدني المستوى الاخلاقي في ممارساتهم الحياتية وفي تعاملهم مع الشعوب.وهذه الاساليب الوحشية الغادرة  تؤكد ان القوات الامريكية تنوي ضرب القوة الكامنة والضاربة والمؤثرة للشعب العراقي والتي اثبتت جدارتها في ردع العصابات الاجرامية في اراضيها مثل داعش وتحريرها من هذه الشرذمة وقوى التطرف التي صنعتها الولايات المتحدة ودعمتها ما فتئت وهو اعتداء سافر على امن واستقرار دولة مستقلة ذات سيادة، وتجاوز خطير على قواعد عمل قوات التحالف ومنها القوات الامريكية بالإنفراد بعمليات دون موافقة الحكومة العراقية، ناهيك عن ان هذه العملية استهدفت قوات عراقية ماسكة لجبهة مهمة على الحدود ضد فلول داعش الارهابية، في ظل الحكومة العراقية الضعيفة وقواها السياسية أمام مواقف متعددة ومترددة وقلقة مما يجري. هذه الاعتداءات التي نستطيع أن نعزوها إلى الانقسام بين قوى العملية السياسية العراقية و هو مرآة تعكس الواقع العراقي الداخلي المتخبط والمنقسم،  وهو ما يعرض أمنها للخطر ولاشك ان الخطورة تكمن في قدرة واشنطن على نفث روح الطائفية والإرهاب من جديد إذا دخل العراق معركة معها  وحقق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة ، فمن خلال سلسلة الأحداث وتطورات الخلافات الأمريكية – العراقية ويبدو ان واشنطن تريد تحجيم دور القوة السياسية العراقية الفاعلة ، ومحاصرة القوى والأطراف القوية فيها  وملاحقة من تشتبه بكونهم يشكلون تهديداً لامنها ، وتقويضاً للعملية (الديمقراطية) السائدة فيه،  وتهدد ايضاً أمن الجميع دون استثناء ومما لا شك فيه ان تكرار القصف الامريكي لمعسكرات الحشد الشعبي مصداقية للاحتلال والغزو وعبارة عن خطة ممنهجة ومكشوفة لاضعاف هذه القوات البطلة سيما المتواجدة على الحدود امام العصابات الارهابية الهاربة من اتون الحرب في سورية وادخالها الاراضي العراقية كسلاح ضغط بيدها  وهو عمل مستهجن وبغيض بشدة على موقع اللواءين 45 و46 الحامية لحدود العراق وسيادته وترصد مجاميع الشر الداعشية. ان الادارة الامريكية في عملها هذا اظهرت غباء وحماقة بعد ان اصبحت بوابة الهروب من الوحل العراقي مشرعة أمامها وهي بوابة المقاومة العراقية، البوابة الوحيدة القادرة على ان تسلكها وتحفظ شيئاً من ماء الوجه لديها وتحاول جرها للمواجهة وجها لوجه و حيث الترقيعات التي تلجأ اليها هذه الادارة مما تمت و لن تؤخر ساعة الحسم التي ستكون بيد المقاومة من جهة اذا ارادت ولن تغير من موازين القوى على ارض المعركة،  فالقوة المعنوية والقتالية والارادة والايمان جميعها في صالح المقاومة المتمثلة بالحشد الشعبي والقادرة على طرد هذه القوات من بلادها، وروح الهزيمة والانكسار تدب في صفوف واشنطن وقواتها وقياداتها العسكرية في ادخالهم حالة الانذار القصوى والسياسية حيث سعت الى تقليص عدد العاملين في سفارتها.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

333
العراق والازمات المتشابكة والمتراكمة
لقد برزت مجموعة هائلة من الأزمات الجديدة ومظاهر الخلل التي عصفت بالحياة السياسية العراقية بعد عام 2003، بدءاً بالدستور وطبيعة النظام السياسي الذي أفرز مسار المحاصصة، والتنافس على استحواذ السلطة وإقصاء الآخر، وغياب المعارضة الحزبية الحقيقية. وكانت الحلول للازمات والمشاكل في أكثر الاحيان تأتي من خلق أزمة جديدة وأكبر لتحل محل الأزمة القائمة، حتى تُنسى الأزمة الأولى لتتجه الأنظار نحو الأزمة الجديدة.
اما ومنذ قرابة ثلاثة اشهر يعيش البلد بحالة من الهرج والمرج اشد وقعاً والماً من ما مضى بعد استقالة الحكومة والفشل في إمكانية الاتفاق على رئيس وزراء وتشكيل حكومة اخرى بديلة اثر الاحتجاجات المطلبية و رغم قيام حكومة  تصريف الاعمال والبرلمان بمحاولة معالجة مطالب المتظاهرين، لكن هذه المعالجات السطحية دفعت بهم إلى زيادة سقف المطالب بتغيير النظام السياسي ورحيل الطبقة السياسية عن السلطة ومحاكمتها، بعد أن كانت المطالبات تدور حول تشريع قانون انتخابات جديد عادل وقانون لمفوضية انتخابات جديدة، لوضع حد لترتيبات تقاسم السلطة الذي يوزع مزايا ومناصب الحكومة بين الكتل السياسية وفق إطار المحاصصة وهذه الصرخات المدوية اجبرت الحكومة الى التوقف عن العمل وعاجزة في معالجة القضايا والمشاكل الكبيرة المعقّدة والتي تمسّ مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية ومجموعة من الازمات المتشابكة التي تتراكم يوما بعد يوم ولم يعرفها منذ تاسيس الدولة العراقية.
 اما اليوم وبعد ان نفذ صبر الجماهير خرجت لتتظاهر في الشوارع ضد الفساد الحكومي، وغياب معالجات للاوضاع الصعبة ، وجدوا الكتل الحاكمة أنفسهم في حالة من التخبط وحراجة الموقف أمام حركة غير مسبوقة  وغير متوقعة من الاحتجاجات المستمرة ليلا ونهاراً دون كلل وملل رغم كون ميزتها هي غياب القيادة وعدم تبعيتها لأي جهة سياسية أو دينية خلافا لسابقاتها التي تبنتها تنظيمات واحزاب ووقفت بدايتها أو نهايتها كما انها تختلف عن الاحتجاجات الصيفية التقليدية للمطالبة بالكهرباء والماء وفرص العمل في ثاني البلدان المصدرة للنفط في منظمة أوبك وعززتها استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي والذي ترأس لحكومة تكنوقراط استكمل تشكيلها فقط في الأشهر الاخيرة.
اليوم تصلنا انباء وبعد انتهت المهلة الدستورية لتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة وحددت رئاسة الجمهورية الأحد الماضي آخر يوم للمهلة، وذلك من دون احتساب أيام العطل ضمن المهلة الرسمية بأن الرئيس برهم صالح محرج ومستعد للاستقالة اذا لم يستجب لنداء المتظاهرين في هذه الظروف العصيبة والتي لا تعدو سوى ازمة جديدة تضاف الى الازمات بدل ان تكون نافذة للحل وبعد رفض المرشح الثالث اسعد العيداني  من المحتجون ( كما يدعي ) في تكليفه بمنصب رئيس مجلس الوزراء، ليلحق اقرانه ، عضو البرلمان محمد شياع السوداني، ووزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل لتزداد جراح الازمة ملحاً.
في  هذه الاجواء المطالبة بالحقوق والتغيير التي تنادي بها جموع المتظاهرين في عموم العراق بالإصلاح ومحاربة الفساد، والالتزام بالقيم والدستور ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003. وفي حين ان هناك تصارع إرادات في تشخيص من يكلف في رئاسة الحكومة القادمة وتشخيص الكتلة الاكبر .
مما تجعل االدولة في حالة شلل وفاقدة  لمواجهة مختلف أنواع العواصف السياسية التي عززتها المشاعر الاحتجاجية المعادية للحكومة وإصرارهذه الشريحة الحاكمة على نفس النهج الذي اتبعوه طوال اكثر من ستة عشر عاما في التوافقات وظلت هذه الأحزاب والكتل السياسية القديمة والتي تشكلت بعد سقوط نظام البعث هي ذاتها تقريبا المهيمنة على السلطة والثروات مع تغيرات على مستوى بعض القيادات السياسية التي لا ترقى إلى التغيير الحقيقي في منظومة حكم قام على أسس المحاصصات السياسية وتمسكت به و لا يمكن تسميت هذا الاصرار سوى وصفه بانه يمثل عدم احترام للمشاعر الشعبية والوطنية العراقية و لم ينتج عنها سوى زيادة النقمة و تمثل بالتمسك بالسلطة دون وجود اي استراتيجية للعمل وتغيير منهج القيادة الحقيقية  والإصرار على نفس طريقة الحكم وعدم السيطرة على سراق المال العام و جميع المشاكل البنيوية لمؤسسات الدولة بسبب عدم رفدها بالشخصيات الكفوءة والمهنية المخلصة  وتهميش مبدأ التوازن في ادارة مفاصل الدولة مما جعلها ان لا تحقق شيئا إيجابيا لمؤسساتها من جهة والشعب العراقي من جهة اخرى وفقدت أكبر خزان بشري داعم للطموحات والذي انقلب عليها وبات يطالب بتركه لأهله وقواه الوطنية الحرة، لقد كان على الحكومة العراقية ان تسلك مسلكا جديداً و متغيراً طبقا لحزمة  اصلاحات تطلقها بمساعدات دولية لانجاح  عملها  في كل مؤسسات الدولة ولا يمكن للعراقيين وحدهم تحقيق هذا الهدف، حيث يتطلب ذلك انخراط جهات فاعلة دولية مع مؤسسات الدولة في البلاد وخلق  فرص لتحقيق هذه الأهداف..
ان مشاكل العراق المتراكمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتاج للممارسات والسياسات الخاطئة للحكومات العراقية المتعاقبة على مدى عشرات السنين،   وصحيح ليس بمقدور اية حكومة أن تحلها بين ليلة وضحاها وهي قد تكون ظروف استثنائية ويبدو من خلال اطالة امدها لأن النخبة السياسية تعيش على هذه الأزمات ، ولكن حساسية هذه المرحلة وشدتها تختلف اختلافاً كلياً عن سابقاتها وتحتاج معها إلى عقول محايدة تقنع الشارع للتهدئة والاستقرار السياسي والأمني . لان الاجواء المتوترة الحالية مهبطة والاخلال بالوضع الأمني وخروج الأحداث عن السيطرة  ليست بالبعيدة لا سامح الله وسيزيد الوضع سوءاً وصعوبة و لا ينبغي أن تتحول إلى عنف وصدامات وفوضى وخروج عن القانون وتهديد الأمن العام وتخريب وتفكيك مؤسسات الدولة ، ولن تحل المشاكل بالمزايدات والمناكفات وسيتضرر منه كل الشعب مما يتطلب من  جميع الأطراف إلى ضبط النفس وحماية القانون والحفاظ على المصلحة العليا للوطن لان تحقيق رغبات ومطالب الشعب يتطلب تعاون وتكاتف كل القوى والأطراف، وان حماية الأمن والاستقرار وحاضر ومستقبل البلد واجب ومسؤولية الجميع ويستدعي الحذر والحكمة من الجميع
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

334
قانون الانتخابات والارادة الشعبية المتحققة
لقد صوت و أقر مجلس النواب  العراقي، الثلاثاء 24/12/2019 قانون الانتخابات الجديد، بعد خلافات لأسابيع بين القوى السياسية على بعض  بنوده بأغلبية عدد الأعضاء الحاضرين، على مواد القانون بما في ذلك المواد الخلافية المتعلقة بالنظام الانتخابي، ويعتمد القانون الجديد على نظام الدوائر الانتخابية المتعددة، وهو ما كان يطالب به المحتجون والقوى السياسية المؤيدة لهم، وسط معارضة بعض القوى.
مما لا شك فيه  من ان قانون الانتخابات في البلاد الذي يسعى الى  اراء الشعب لادارة الحكم  من الاهمية الكبيرة التي  يستقطب حيزا مميزا من الاهتمام  بوصفها الوسيلة التي تنتقل بها السلطة وتتجدد بها دماء الديمقراطية و يجب أن تكون لديهم ثقافة الانتخابات وتستوعب فلسفة قانونه الجديد و قانون الانتخابات ضمن أدوات انبثاق منظومة الحكم، ويعد من أهم القوانين التي تعمل وتسمح بإعادة تكوين السلطة وتمثيل الشعب تمثيلاً عادلاً وحقيقياً. فإذا كان قانون الانتخابات هزيلا ، غالباً ما تكون الانتخابات هزيلة الشكل والمضمون، فبناء انتخابات على قانون لا يسمح بالمنافسة الديمقراطية الحقيقية ستكون مآلات الفاعلية للمنبثق عنه هزيلة أيضا.
 وليس مستغربا بعد ذلك  من ان يشغل القانون الذي ينظم حيزا واسعاً من الاهتمام من جانب المعنيين وحتى المواطنين العاديين . ومثل هذا الامر ينسحب من باب اولى على دولة غابت عنها الديمقراطية ردحا طويلا كالعراق واستورثت تركة ثقيلة من السمات والنزعات الاجتماعية الاقصائية والتسلطية التي جعلت من السلطة غنيمة، ومن تداولها عبر قنوات الشرعية امرا غير مستساغ للقابضين عليها . وهذا ما فسر عسر ولادة قانون الانتخابات واحتدام الجدل والتجاذب حوله والذي امتد الى جولات عديدة في اللجنة القانونية اولا وداخل قبة البرلمان العراقي ثانياً  ليتمخض بالنهاية  عن الصيغة الاخيرة  للقانون الذي تم امراره . وقد صوت النواب في البداية على 14 مادة من القانون دون مشاكل ولكن حين جاء دور المادة 15 التي تشكل مع المادة 16 اهم فقرتين في القانون حتى ضج البعض في المجلس بالاعتراض علي هذه المادة والتي يطالب بهما الحراك الشعبي الذي خرج الى ساحات التظاهر في بغداد ومحافظات وسطى وجنوبية مطالبا بقانون جديد لانتخابات مبكرة ينهي سيطرة الاحزاب الحالية على المشهد السياسي العراقي منذ 16 عاما من خلال الترشيح الفردي الكامل وليس الترشيح عبر القوائم المعمول بها طيلة تلك السنوات ليكون عبر الترشيح الفردي بنسبة 100 % وهو ما رفضته بعض القوى والأحزاب الحالية التي ترى فيه اقصاءً لها من المشهد وكانت تطالب بأن يتم تقاسم المقاعد النيابية بنسبة 50% لمصلحة القوائم و50% للتصويت الفردي ولكن بعد انسحاب نواب الاحزاب الكردية وبعض القوى السنية لدى الوصول الى التصويت على هذه المادة ورفضهم تأجيل التصويت عليها وعلى المادة 16 ما اخل بنصاب الحضور واضطر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ودفعه  الى الاشارة  الى وجود جانب فني واخر سياسي في طلب تأجيل المادتين 15و16 في مشروع قانون منوها الى ضرورة حسم مسألة الدوائر الانتخابية وكوتا النساء.. مؤكدا على ان مشروع القانون بحاجة الى رؤية واضحة بعيدا عن الاجتهاد والى تأجيل الجلسة حتى مساء الاثنين ثم الى يوم الثلاثاء حيث تم اكمال التصويت على جميع مواد القانون البالغة 50 مادة..
الحقيقة ، ان كل المواد التي ذكرت في قانون الانتخابات لمجلس النواب ليست لها قيمة وجميعها إدارية، و ان ما يغير القانون الجديد وجوهر الانتخابات هما المادتان 15 و16  وتنص المادة 15 على نوعية الترشح للانتخابات بقائمة واحدة أو عدة قوائم أو الترشح الفردي، فيما تتضمن المادة 16 على تقسيم العراق إلى دوائر متعددة وليس دائرة انتخابية واحدة   ومن دونهما لا يمكن اعطاء قيمة للانتخابات او لا توجد انتخابات اصلاً و لإتاحة الفرصة لصعود المستقلين والكتل الصغيرة .
لهذا فمن الطبيعي والضروري أن تتغير الخارطة الانتخابية والحزبية بعد ١٦ عاماً من الفشل والفساد والخداع وتجارة الأوهام والضحك على الناس، وينبغي على الجميع الإستفادة من العبر والدروس حتى يبرز الاتفاق عن مستقبل سياسي ايجابي للشعب العراقي، وهذا يتطلب أن تفهم الأحزاب والقوى السياسية أن حبل الاقصاء والوعود الجوفاء قصير، وأنّ الشعب العراقي أذكى من مناوراتهم وشعاراتهم التي لا تغني ولا تسمن من وجوع، عليهم أن يتفهموا أن ساعة التأمل ومراجعة الذات والجدية على صياغة وتقديم رؤى وبرامج واقعية تقنع الناس وتنفع البلاد والعباد قد حانت،  من المهم إن إقرار قانون الانتخابات الجديد وبالصيغة التي تم الاتفاق عليها أمر مهم جداً في تاريخ العملية السياسية وتاريخ الديمقراطية في العراق، و يعني ان الوضاع بدأت تمضي في المسار الصحيح، ، لأن كل ما جناه الشعب من مشكلات طوال السنوات الماضية هو بسبب قوانين الانتخابات والمفوضية التي تم تصميمها لصالح القوى والأحزاب النافذة بينما هذا القانون سوف يقوض ولأول مرة سلطة الأحزاب النافذة ويسمح بالتعددية الحقيقية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

335
العراق: المختصرالدستوري في حرية الراي والتعبير بالتصريف

يشكل غياب التشريعات القانونية الواضحة في الكثير من الاوقات الحذرفي الواقع الامني القلق لمحاولات التدخل من قبل المسؤولين الامنيين لمعالجة الفوضى ضباطا ومراتب مما يضعفهم عن اداء الامر خوفاً من العقاب والمحاسبة والتي اطاحت بالبعض منهم  "والقوات الامنية يجب ان تأخذ دورها الايجابي الفاعل لحماية النفس والمال والوطن " فكيف بها اذا كانت عاجزة للدفاع عن نفسها اوالمواطن المغدورامامها كما في الاحداث الاخيرة الدامية وخاصة المواد التي لم يتم وضع قوانين تفسيرية لها في التطبيق ويحولها الى مجرد نص يفقد قوته المفترضة ولذلك صارت هذه القوات فريسة سهلة للاعتداء والقتل بيد المندسين والمخربين والمأجورين والمغامرين ولا يخفى على أحد ما للعناوين الثلاثة (حرية التعبير عن الرأي ، التجمع ، التظاهر السلمي) من أهمية كبرى خصوصاً في البلدان ذات الانظمة الديمقراطية او التي تنشد بناء نظام ديمقراطي رصين ، حيث تعد هذهِ المفاهيم او الحقوق من الركائز الاساسية لبناء نظام يؤمن بحق الافراد في التعبير والمشاركة ..
وشكل الدستور  الدائم العراقي والمصادق عليه في الاستفتاء الشعبي العام الذي جرى في 15/12/2005 اكثر وضوحاً في التعابير ففي الفصل الثاني:الحريات وفي اولا من المادة (38) وهي من المواد المهمة والحساسة جاء حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وفي ثانيا من ذات المادة: حرية الصحافة والطباعة والاعلان والاعلام والنشرو حتى هذه المادة  لا تشكل ضمانا حقيقيا وكافيا لحرية الصحافة في العراق، فهذه الحرية مشروطة باحترام النظام العام والآداب وذلك يحد من النطاق التنفيذي للحق ويتيح امكانية تقييد السلطة التنفيذية لانواع معينة من التعبير وفق اشتراط بسيط وهو انها لا تتوافق مع مباديء النظام العام والآداب ، في الفقرة ( أ ) من المادة ( 9 ) على أن القوات المسلحة والأجهزة الأمنية  ان تدافع عن العراق ولاتكون أداة لقمع الشعب، ومن خلال هذا النص ينبغي تثقيف وترشيد تلك ألأجهزة، بأن تكون راعية لتلك الحقوق وحريصة على التطبيقات القانونية السليمة، وأن لا ترتكب الأخطاء بناءً على أوامر موظفين مهما علت درجاتهم .
و صدر قانون الاتي  لسنه 2017 : قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي الفصل الاول التعاريف والاهــداف المادة ـ 1 ـ يقصد بالتعابير التالية لاغراض هذا القانون المعاني المبينة ازاؤها: اولاـ حرية التعبير عن الرأي : حرية المواطن في التعبير عن افكاره وارائه بالقول او الكتابة او التصوير او بأية وسيلة اخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة . ثانياـ حق المعرفة : حق المواطن في الحصول على المعلومات التي يبتغيها من الجهات الرسمية وفق القانون وخاصة المعلومات المتعلقة باعمالها ومضمون أي قرار او سياسة تخص الجمهور . ثالثاـ الاجتماع الخاص : الاجتماع الذي يحضره المدعوون بصفة شخصية ولو تم عقده في مكان عام . رابعاـ الاجتماع العام : الاجتماع الذي يعقد في مكان عام او خاص ويكون الحضور متاحاً للجميع . خامساـ التظاهر السلمي : تجمع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن ارائهم او المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون التي تنظم وتسير في الطرق والساحات العامة . سادساـ الاجتماع الانتخابي : الاجتماع الذي يكون الغرض منه التعريف بالمرشح لاغراض الدعاية الانتخابية ويقع خلال الفترة التي يحددها القانون . المادة ـ 2 ـ يهدف هـذا القانون الى ضمان وتنظيم حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل وحرية الاجتماع والتظاهر السلمي وحق المعرفة بما لايخل بالنظام العام أو الاداب العامة وتحديد الجهات المسؤولة عن تنظيمها ورد في نص المادة 7 / اولاً : (( للمواطنين حرية الاجتماعات العامة بعد الحصول على اذن مسبق من رئيس الوحدة الادارية قبل (5) ايام في الاقل على ان يتضمن طلب الاذن موضوع الاجتماع والغرض منه وزمان ومكان عقده واسماء اعضاء اللجنة المنظمة له)) .
 اذاً للمواطن حق مكفول في الدستور للتظاهر و يعطيه الحرية و يحميه ذلك الحق في التعبير والاحتجاج بشرط الاعلام للجهات المسؤولة ، رغم كل السلبيات في التطبيق في الكثير من الحالات و مادامت سلمية وترفع شعارات مطلبية مشروعة وتعتبر حالة للتعبير والتنفيس لصوت المواطن يطلقه في فضاء رحب، ، ويمنحه حرية الكلام والموقف واعلام وجهة النظر، ويمكن النظر إلى تجارب دول حديثة لم تمنح المواطن حرية التظاهر والتجمع فحسب، بل قد وفّرت لهم المكان الذي يمكن للمواطن أن يمارس حريته في الكلام وإبداء وطرح أفكاره ومعتقداته بحرية تامة، بشرط أن لا يتعدى ولا يمسّ حقوق الآخرين.
حق التعبير وحرية الراَي شمل كل الدساتير العراقية التي صدرت منذ ان وضعت الدولة اسسها كدولة وسبقت كل الدول العربية في وضع مثل هذه الاسس للحرية التعبيرية والتعبير عن الرأي وهو مكفول دستورياً  لاول مرة منذ عام 1925 وهو تاريخ اول دستور عراقي، والذي سمي بالقانون الاساسي العراقي لعام 1925 و اشار هذا الدستور في الباب الاول منه المسمى حقوق الشعب في مادته الثانية عشرة: ان للعراقيين حرية ابداء الرأي، والنشر، والاجتماع، وتأليف الجمعيات والانظمام اليها ضمن حدود القانون كما اكد بمقتضى أحكام من القانون الأساسي العراقي لعام 1925 : المادة السابعة منه  فإن الحرية الشخصية مصونة لجميع سكان العراق من التعرض والتدخل، ولا يجوز القبض على أحدهم، أو توقيفه، أو معاقبته، أو إجباره على تبديل مسكنه، أو تعريضه لقيود، أو إجباره على الخدمة في القوات المسلحة إلا بمقتضى القانون، أما التعذيب، ونفي العراقيين إلى خارج المملكة العراقية، فممنوع بتاتاً.
و الدستور المؤقت لعام 1958 فقد نصت المادة (11) منه على أن الحرية الشخصية وحرمة المنازل مصونتان ولا يجوز التجاوز عليهما إلا حسب ما تقتضيه السلامة العامة وينظم ذلك بقانون.
أما دستور عام 1963 فقد نصت المادة 32 على أن للعراقيين حق الاجتماع في هدوء غير حاملين سلاحاً ودون الحاجة إلى إخطار سابق. والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون
وبلاشك فيجب ان  يعطى الدستور الجرأة والشــجاعة ًديمقراطياً بشكل نسبي للانســان العراقــي لكي يعبر عن حريته ويعني ان له الحق في الاعتراض علــى أي خطأ أو فشل في الحكومة وفي سائر مؤسسات الدولة ولكن ان كل هذه المواد المذكورة في هذه الدساتير كانت تو ضع عرض الرفوف في الكثير من الاحوال ولا تنفذ إلإ ما يراه الحاكم منها وولدت شروخاً كبيرة بين تلك الأجهزة وبين الشعب، فخسرت المؤسسة العسكرية والأمنية مكانتها، لتعيد بناء ما رسخ في أذهان العراقيين من ان هذه الأجهزة مسخرة لخدمة السلطة،. كماذكر الدستور المؤقت لعام 1964 حرية التعبير والصحافة بتوسع اكبر مما ذكره الدستور المؤقت السابق له ففي المادة(29) ان حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك في حدود القانون، وخصصت المادة(30) على ان حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة في حدود القانون.وكرر الدستور العراقي المؤقت في 21 ايلول 1968 الفقرة نفسها من الدستور السابق بفقرتها (29)، الا انها حملت التسلسل (31) ان حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة. ولكل انسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول او الكتابة او التصوير او غير ذلك في حدود القانون، ولم يتم اي تعديل عليها، وفي المادة (32) منه ذكر: حرية الصحافة والطباعة والنشر مصونة وفق مصلحة الشعب وفي حدود القانون. ولم تكتف هذه الفقرة بتنظيم حرية الصحافة وفق حدود القانون، بل قرنتها قبل ذلك بـ( مصلحة الشعب).
ثم تلى بعده : دستور مؤقت اخر في عام 1970، والذي سمي دستورالجمهورية العراقية المؤقت، الذي حدد في فقرته رقم(26): ان الدستور يكفل حرية الرأي والنشر والاجتماع والتظاهر وتأسيس الاحزاب السياسية والنقابات والجمعيات وفق اغراض الدستور وفي حدود القانون. وتعمل الدولة على توفير الاسباب اللازمة لممارسة هذه الحريات التي تنسجم مع خط الثورة القومي التقدمي. اما مشروع دستور عام 1990 الذي لم ير النور، فقد اشار في مادته رقم(53) على حرية الفكر والرأي والتعبير عنه، وتلقيه بالوسائل الاعلامية والثقافية، مضمونة، وينظم القانون ممارسة هذه الحريات. اما المادة (54) فقد نصت على ان حرية الصحافة والنشر مضمونة، ونظم القانون ممارسة هذه الحرية، ولم يفرض الدستور الرقابة على الصحف والمصنفات الا بموجب احكام القانون. هنا نشير ايضاً الى امر سلطة الائتلاف رقم 19 لسنة 2003 بالإضافة الى مسألة تنظيم حرية التجمع والتظاهر السلمي ، ايقاف العمل بالمواد (220 – 222) من قانون العقوبات بسبب تعارضها مع حق المواطنين في ممارسة حرية التعبير والتجمع والتظاهر السلمي ولعدم ملائمتها لطبيعة التغيير الديمقراطي الحاصل ،
ونص اخر تضمنه قانون ادارة الدولة في الفترة الانتقالية الذي صدر في 6/3/2004 وجاء في الباب الثاني من الحقوق الاساسية وفي المادة الثانية عشرة في (أ) – ان الحريات العامة والخاصة مصانة.وفي المادة (ب) للناس الحق بحرية التعبير، يضمن ذلك الحق بتسلم وارسال المعلومات شفهيا او خطيا او الكترونيا أو باي شكل آخر أو من خلال أي وسيلة يجري اختيارها. كما ورد في المادة (و) للعراقي الحق بحرية الفكر والضمير والعقيدة الدينية وممارسة شعائرها ويحرم الاكراه بشأنها وتخلت هذه الفترة اوامر جزئية لادارة الامور الاعلامية مثل الامرين. 65 والامر 66 تم اعتمادهما كاساس للتعامل مع وسائل الاعلام العراقية كما تم استخدام الامر 14 والذي يسمح بموجبه مطاردة الصحف وتفتيشها واغلاقها في اوسع استخدام وما زال ساري المفعول حتى يومنا هذا رغم كل الكلام حول الديمقراطية ، ونحن هناك لا نحمل المسؤول في التشديد فقط ففي الكثير من الاحوال سوء استخدام الجهات تلك لهذه التعابير في الممارسات ايضاً والراَي  والذي اقتصر قانونه عن الاشخاص فقط  ،
وعرفت قانون حرية التعبير في الفقرة اولاً من المادة 1 حرية التعبير عن الرأي بأنها : ((حرية المواطن في التعبير عن افكاره وآرائه بالقول او الكتابة او التصوير او بأية وسيلة اخرى مناسبة بما لا يخل بالنظام العام أو الآداب العامة)).
ونوهت مفوضية حقوق الانسان العراقية بمناسبات و مواقع وبيانات عديدة و اخرها الاحداث المؤسفة الجارية والفوضى التي يعيشها البلد على ضرورة ضمان حرية التعبير، والتظاهر السلمي دون الاعتداء على الاشخاص او الممتلكات الخاصة والعامة ، داعية القوات الأمنية باتخاذ أقصى درجات ضبط النفس، وعدم استخدام القوة، والعنف إلا في حال الدفاع عن النفس بعد استنفاذ كافة الإجراءات الأخرى لمنع الضرر، وحماية المتظاهرين، كما إنها تؤكد أيضا على القوات الأمنية بضرورة اعتقال وعزل أي عنصر مخرب داخل جموع المتظاهرين السلميين بدل إطلاق النار العشوائي ليتم محاسبته وفق القانون ومن قبل المحاكم العراقية المختصة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 
 

336
يظهر بعد الحبل على الجرار   
                     
الحكومة المقبلة التي لم تتحدد ملامحها بعد والحالة العراقية يرثى لها بعد انتشار القتل والخطف والسرقات واحراق المحال بقصد احراق الاقتصاد  والتأخيرهي رغبة اكثر الكتل للبقاء في الحكم دون الاكتراث بما يجري من كوارث على الشعب و الكتل السياسية غير متفقة حتى الآن على مرشح بعينه و احتمال التوافق على شخصية سياسية معينة لازالت غير ممكنة وحتى لو رشحت تلك الشخصية  قد تواجه الرفض الشعبي المتمثل بالتظاهرات التي بلغت الشهرين ، وأن عدم الاتفاق يعني عدم الذهاب باتجاه تقديم أي اسم إلى البرلمان. وتخوض الكتل العملية السياسية في العراق هذه الأيام مفاوضات اللحظة الأخيرة لتسمية مرشح جديد لتشكيل الحكومة الانتقالية، ولاشك ان هذه المهمة هي في غاية الصعوبة والتعقيد ولانها تقابلها الاحتجاجات المطلبية المحقة . فالحكومة استقالت بسبب ضغط الشارع وانتفاضته العارمة ضد الطبقة السياسية الحالية، المتهمة بالفساد والاستحواذ على مقدرات الدولة لصالح قادتها وأتباعهم، وحرمان المواطنين من حقوقها المشروعة، و رغم أن اليومين الماضيين شهدا تداول اسم مرشح لرئاسة الوزراء، وتم تقديمه من قبل بعض الكتل للرئيس بشكل غير رسمي، لكن اعتراض الكتل الأخرى وحتى من  داخل التحالف الشيعي على اسم المرشح أجهض هذا المسعى يعني القضية غير سهلة ومن الصعب تحقيق هذا الهدف في الايام الحالية .وما يؤكد ان هناك إشكاليات كبيرة جداً في الوضع السياسي، ولكن لا يجوز القفز على القانون والدستور، وستكون مهمته خطيرة ودقيقة وصعبة يترتب عليها مستقبل العراق والكل يتحمل المسؤولية للحفاظ على الوضع والعملية السياسية.
و كان هذا متوقعاً ان تطول فترة تكليف شخصية لرئاسة مجلس الوزراء وقد يشوبها التسويف والمماطلة في عدم الاتفاق ومحاولة تسكين الشارع وفي قتل الوقت وخاصة بعد الطلب الذكي بالتخلي من المسؤولية لرئيس الجمهورية من مجلس النواب تحديد الكتلة الاكبر لتكلفها بمرشح لرئاسة مجلس الوزراء و بالفعل طلب الرئيس صالح كما كان متوقعاً من البرلمان تحديد من هي ( الكتلة الأكثر عددًا ) لتكليف مرشحها لتولي رئاسة الحكومة بعد استقالة رئيس الحكومة الحالية الدكتور عادل عبد المهدي  وتحول الحكومة الى ( تصريف للاعمال فقط )"وهي الطامة الكبرى لانها في غيبوبة .
وخاطبهم  بقوله  "ان المسؤولية الوطنية تحتم عليكم الوقوف مع شعبكم وثورته وانتفاضته الكبرى وعيون شباب العراق وشيبته، رجالا ونساء، كبارًا وصغارًا على ما يخرج منكم هل انتم مع شعبكم ام مع غيرهم" وكما اكد " انتم امام مسؤولية تاريخية في ممارسة دوركم بحيادية ومهنية عالية جدا والتخلي عن الانتماء الحزبي او السياسي وتقديم مصلحة العراق وشعبه الذي ينتفض في الساحات بمعركة المصير و الاصلاح الاكبر ضد حقبة الفساد والفشل، ان قراركم يجب ان يكون منحازا للشعب العراقي خصوصا بعد تخويل كتلة تحالف سائرون النيابية ( باعتبارها الكتلة الأكثر عددًا بموجب نتائج الانتخابات النهائية والتخل عن ترشيح ممثل عنهم لهذا الغرض ولا يعرف من هي الكتلة المفترض تكليفها بتشكيل الحكومة، مع العلم سبق وان صدر قرار من المحكمة الاتحادية العليا بتاريخ 25 / 3 / 2010 التي بينت فيه ان الكتلة الأكثر عددًا هي الكتلة التي تدخل الجلسة الاولى سواء كانت كتلة فائزة او مجموعة كتل تحالفت لتشكيل الكتلة الاكبر وبالنص ( وتجد المحكمة الاتحادية العليا ان تعبير (( الكتلة النيابية الأكثر عددًا ) فيكلف  رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية التي أصبحت مقاعدها النيابية في الجلسة الاولى اكثر عددًا من الكتلة او الكتل الاخرى للقيام بتشكيل مجلس الوزراء استنادا الى احكام المادة ( 76 ) من الدستور ) والغريب ان يطلب رئيس الجمهورية الان من مجلس النواب و لم يتبق أمام الرئيس سوى 48 ساعة او اقل  لانتهاء المهلة الدستورية المحددة لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، و فشلت الكتل في الاتفاق على تشكيل كتلة أكبر تأخذ على عاتقها التكليف الرسمي لتشكيل الحكومة القادمة و أن يتولى هو منصب رئاسة الحكومة إضافة إلى منصبه كرئيسا للبلاد وفي  اللحظات الاخيرة لانتهاء المدة القانونية ( 15 ) يوماً لتكليف الشخصية المناسبة لادارة شؤون البلاد لتعيين الكتلة الاكبر ويعني انه ( اي رئيس الجمهورية ) وضع الكرة في ملعب مجلس النواب في هذه المهمة وبعد تشظي الكتل وانسلاخ النواب عن كتلهم ولا يمكن تحديد الكتلة الأكبر بعد فوزهم في مجلس النواب والتي أضعفت  القوائم الفائزة في الانتخابات الأخيرة وتؤكد العملية انها محسوبة منذ اللحظات الاولى لاستقالة عادل عبد المهدي.
 و لا يوجد شيء حتى الآن على الساحة السياسية، وبعد الحبل على الجرار كما يقول المثل الشعبي وما موجود فقط ما تداولته وسائل الاعلام بشأن ترشيح إحدى الشخصيات لتسلم منصب رئاسة الوزراء بعد واحتمال الانتقال الى حكومة انتقالية لمدة محددة يرأسها رئيس الجمهورية قد تكون اقرب للتوقعات لاستكمل المدة واعطائها فسحة من الوقت لترتيب الانتخابات القادمة و يحل رئيس الجمهورية بديلاً عن رئيس الوزراء إضافة الى وظيفته ويتولى إدارة البلاد لفترة مؤقتة ويشرف على تعديل قوانين الانتخابات والأحزاب ومفوضية الانتخابات والدستور، ثم إجراء انتخابات جديدة وفق القوانين والدستور الجديد، وبإشراف دولي، للتأكد من خلوها من التزوير الذي شاب الانتخابات الماضية.بعد انتهاء المدة الدستورية في حال عدم التوصل بشأن ترشيح شخصية لهذا المنصب و أن يحظى بمقبولية الشارع والوضع السياسي، ولا نتوقع أن يوافق عليه الجميع و المشكلات الدستورية التي ستظهر  بعد ذلك . على كل حال فأن على الكتل  الحالية، بكل توجهاتها أن تعترف بأن الوقت قد حان للتغيير وأنها لا تستطيع المضي بالبلد على النهج السابق الذي رفضه الجيل الجديد الذي يريد أن يعيش وفق القيم العصرية التي تلائمه.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
                     

337
الضغوطات الامريكية والارادة العراقية     
التدخلات والضغوط الأمريكية تتزايد في هذه الايام لتشكيل الحكومة العراقية حسب ارادتها مرة مباشرة واخرى ببيانات في دعم الاحتجاجات المطلبية لتغير مساراتها الى عنف وفوضى و تأتي للحفاظ على أجنداتها في العراق وهذه الضغوط ليست بجديدة و مستمرة على جميع الجهات المشاركة في العملية السياسية منذو عام 2003عندما احتلت العراق واخرها الطلب من الكتل بعدم التحاقهم بالكتلة الأكبر خصوصاً مع كتل الفتح لعبور المرحلة وتشكيل حكومة مؤقتة ضمن المدة القانونية لادارة البلد والاشراف على الانتخابات وتأتي من أجل خدمة المشروع الأمريكي لتنفيذ أجندات واشنطن داخل العراق في تشكيل حكومة مقادة وتعمل وفق اهدافها وهي تشتد في الوقت الحالي بعد ان فشلت الجهود الماضية في كسب رضا هذه المجموعات إلأ من باعت نفسها لهم ومع العلم ان الكثير من هذه الكتل لا ترغب في الاستجابة للجانب الامريكي والتي تحاول إشعال فتنة جديدة في البلاد وهذا ما لاتسمح به ويرفضون مثل هذه الدعوات برفض قاطع وكذلك مع اي جهة خارجية  وتعتبر هذه الأمور هي عراقية خالصة لانها تمس سيادته ولذلك تعمل واشنطن على  إنهاء العملية السياسية الديمقراطية من أجل ضمان مصالحها. لقد كانت هناك رغبة خارجیة فی تغییر الحکومة العراقیة والسعي لتغيرها وفق اجنداتها  لكون إن الموقف السیاسي العراقي کدولة وکحکومة رافضة للانصياع لها،  فلذلك  هناك عمل یجری حالیا بدعم من قبل اطراف سیاسیة محلیة مأجورة ومعروفة النوايا للالتفاف على ارادة الشعب ، و خطاب اعلامی یتصاعد و يستمر وتتغير المطالب يوماً بعد يوم في التظاهرات الغير سلمية  وتضغط لاستمرار الفوضى وابقاء الشارع ملتهب وتهيجه بالخروج عن المألوف بوجاهة زائفة وسوف لا تتوقف عند حدود معينة .
هذه الممارسات الامريكية السلبية تقف في المقدمة و هذه اصبحت معلومة للجميع و تمثل انتهاكاً سافراً لميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي، وتعتبر تدخلاً غير مشروع وانتهاكاً لهذه السيادة، ولا يمكن التسليم للادّعاءات هذه كمبررات للاعتداء على السيادة العراقية و الإقليمية، فضلاً عن مسؤولية واشنطن امام القانون عن دعمها لحركات وجماعات إرهابية مسلحة متجاوزة على التراب العراقي  وهناك عدة دلائل وحجج وأسانيد على الدعم  الامحدود للإرهاب الذي يعد أيضاً مخالفة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بجماعات الإرهاب. إن الأطماع الامريكية في العراق قديمة، وتسعى واشنطن من خلالها  استثمار الظروف التي يشهدها من عدم الاستقرارمن اجل تحقيق  تلك الأطماع، ولخدمة مصالحها  استمراراً لتلك الممارسات والانتهاكات المتواصلة التي تقوم بها وتستغل الفوضى في القتل والنهب والحرق والتخريب واعمال شغب التي خططت عن طريق عصابات الاجرام الجوكر المنبوذين والتابعين كوسيلة تنفيذ لها لتمرير مصالحها ومخططاتها المشؤومة في العراق عبر استخدامهم مع  البعثیین كمجرد آلة حيث كشفت الوقائع مثل حادثة ساحة الوثبة في قتل الشاب ميثم على اسماعيل بطريقة بشعة وشنيعة في كل دلالات الخسة والنذالة واحرقوا مئات المحال التجارية واغلقوا المدارس والجامعات والدوائر في بغداد والمحافظات والسعي لمسخ الشباب  ودفعت بهم للقيام بهذه الاعمال المشينة والتحقيقات الاستخبارية ولجنة الأمن والدفاع النيابية في العراق اعلنت عنها.
و لاشك ان امريكا تحاول استخدام العراق كورقة ضغط وتفاوض في ملفاتها الدولية لتحقيق مكاسب لها، من خلال استراتيجيات عدة تعود في النهاية كما تعتقد بالنفع على مصالحها بالأساس، لكن هذه الاستراتيجية جلبت لها انتقادات دولية جعلها تبحث عن خطة أكثر فاعلية خاصة بعدما نقلت الولايات المتحدة عدداً من معداتها العسكرية التي كانت في سوريا إلى عدة قواعد داخل الأراضي العراقية على خلفية قرار الانسحاب العسكري من سوريا، واقتنعت بضرورة التوسع في الحضور العسكري أو إقامة قواعد عسكرية أمريكية يمكنها استهداف مقرات الحشد الشعبي التي لاتفوت أي فرصة لإضعافه أو على أقل تقدير استهداف اراضي دول الجوار مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية  من الداخل العراقي. ويملك العراق القدرة على الصعيد الإقليمي للمطالبة من الجامعة العربية للتدخل والتي " رغم انها ليس بمقدورها اتخاذ خطوات فاعلة ومؤثرة تحت مظلتها "والدولية لمجلس الامن باعتبارها منظمات إقليمية  ودولية معترف بها كظهير مساند للحقوق أمام المحافل الدولية، وتمتلك أدوات كثيرة، ويمكنها أن تدعم المطالب العراقية في هذا الشأن بموجب ميثاق الجامعة والأمم المتحدة، وبالتالي هي ورقة مهمة في التصدي للهيمنة الامريكية  والغطرسة تلك .
وفي هذا الوقت يحتاج العراق إلى دعم سياسي إقليمي ودولي، وفق أطر تمتين العلاقات مع المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، مما يمنح فرصة أقوى لإحتواء المعطيات والمتغيرات الحاصلة في المنطقة مع توجيه وتحرك حذر تجاه ما يحصل فيها بما ينعكس على حفظ مصالح العراق من تأثيرات تداعيات الصراع الإقليمي وعدم جره لتجاذبات المحاور المتشكلة ما يعمل على إضعاف موقف العراق ويجعله ساحة للتدخل وعدم الاستقرار. فأهم أدوات استعادة ثقة المجتمع بالقوى السياسية الحاكمة ، هو تقليص حجم التأثر بالتداعيات الإقليمية الحاصلة حول العراق، والبدء بتحصين العملية السياسية والحرص على تقويتها وإبعادها عن التدخلات الخارجية ولمواجهة المشروع الامريکي البعثي الجديد ضد العراق وبما يحفظ الامن ويحقن الدماء ويساعد في إعلاء سلطة القانون والدولة، ويصون حق التعبير والتظاهر السلمي، ويعزز التصدي لكل محاولات التدخل في شؤون البلد الداخلية والعبث بأمنه و من يريد من اتباع الحزب المنحل في مختلف أنحاء البلاد ووأد أي محاولة ومؤامرة ضد شعبنا وحيث تشکل الاوضاع الحالية في البلاد تحديا أمام المشرعين والسياسيين والبرلمانيين العراقيين لمواجهة هذه المخططات وكبحها في مهدها و تتطلب الوعي الشامل لدیهم وكذلك الشارع لاخماد النار التي من شأنها أن تبتلع العراق برمته لو ظلت الصراعات الداخلية مشتعلة ولو بقيت دون اخماد وعلى أهمية احترام وحماية ارادة العراقيين وخياراتهم بعيداً عن التدخلات الخارجية. وصون حق أبناء الوطن في التعبير عن تطلعاتهم ومطالبهم وبما يليق بدولة ديمقراطية، مع التأكيد على دعم المؤسسة الأمنية والعسكرية للقيام بواجبها الوطني في الحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات ومنع الخروقات والتجاوز على المواطن والأمن العام .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

338
العراق...  الاحتجاجات والازمة الوطنية
ان من  الضرورة الاسراع في انبثاق الحكومة جديدة على ان تكون بمستوى الوضع الحالي من الواقع العراقي المؤسف الثقيل من اللاجدوى والتداخل والزيف والخداع والفساد والفوضى يقف العراقي العبوس قانتا مهموما وما شاب الشارع من تضحيات جسام مؤلمة على كل الصعد والدماء المسكوبة الطاهرة من كل الاطراف مدنية وعسكرية واخرها الفضيحة الغير الانسانية التي وقعت في ساحة الوثبة بيد عوامل همج رعاء ومندسين في صفوف المتظاهرين السلميين، و أوقع البلد بأزمة وطنية سوف نبقى نعيشها مدى التاريخ وتصبح مسألة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية على الهامش، وتم رفع مستوى الاصوات المطالبة بتغييرات دستورية ودفع الشباب العراقي ثمنا لا يمكن تصوره لكي تصبح أصواتهم مسموعة، وفي غضون ذلك، كان تغيير النظام السياسي إلى رئاسي من أكثر القضايا إثارة للجدل في الآونة الأخيرة وهو في نظر اكثر المحللين السياسيين من افضل اساليب الحكم والمناسب للعراق في الوقت الحالي ، والذي قد يعيق اقرار قانون الانتخابات  وليس من الواضح متى سيخرج من هذا الجب العميق  الذي يعيشه البلد ويواجه اليوم أسوأ أزمة تهدد نظامه السياسي المقرح والمقدح  في ظل الفساد الذي ينهشه وفقدان ثقة الملايين بنظامهم الحالي، هذا بالإضافة إلى التناحُر والنزاع المستمر للكتل السياسية في داخل التحالفات الواحد وضاعت الكتلة الكبيرة ، حيث حصلت الكثيرة من الانقسامات والانشقاقات نتيجة لتغوّل بعض الأطراف و تشظّي معظم التحالفات الكبيرة وانقسامها إلى مُثنى وثلاث ورباع، كما نشاهده اليوم في مجلس النواب في التناحر لحل مجموعة من القوانين ومنها قانون الانتخابات وتم طرح الكتل ارائهم " السياسية " وحسب مصالحهم ليصار إلى التحوير والتعديل والقلب في الألفاظ، فيما يكون التوجه نحو تحميل المفردات الرفيعة السامية المزيد من الهجائية السخينة ومحاولة البعض فرض الارادات و ما سينعكس سلباً على معادلة التوازن السياسي الذي بالتالي سيؤدّي إلى ضعف وتراجع القرارات والتشريعات البرلمانية و"مجلس النواب مطالب اليوم في الإسراع بإقرار قانون انتخابات رصين ومنصف وعادل و يلبي طموح الجميع ، وان يتضمن ضمانات كافية بتكافؤ فرص الجميع ، ويحقق التمثيل الافضل لجميع الشرائح المكونة للمجتمع العراقي سيما الكفوءة والقادرة على رسم سياسات حديثة قادرة على تحقيق التقدم لبلدنا " وإلأ يعكس نتاج عن التدهور والفضائح المريرة والبائسة ، الذي يمر به ويزيدها تخبطاً ، على الرغم من كل المناشدات والأصوات المرتفعة في المحافظات المختلفة في فشل الحكومة في إدارة الشؤون الداخلية وجر البلاد نحو مأزق خطير، وعلى امتداد السنوات  القادمة ، وتدهور المعالجات الشاملة والكاملة و ما يزال محط ّخلاف وشدّ وجَذْب وعدم القيام بإصلاحات عاجلة وعملية ملموسة مع تراجُعٍ خطيرٍ في العديد من الملفات الخدمية المهمة، وفي مقدمتها الخدمات العامة والكهرباء والماء والطرق والسكن والتعليم والخروج من الرصانة العلمية للجامعات ومعالجة البطالة التي تتسع سنة بعد أخرى ، والابتعاد عن مستنقع الاقتصاد الريعي وتحريك عجلة الاقتصاد بفروعه المختلفة وتشجيع الصناعة في دعم المعامل المعطلة ، وكذلك إجراء إصلاحات في بناء الدولة ومؤسساتها ، على أساس دولة المواطنة والعدالة وترسيخ ثقافة القانون والفصل بين السلطات ، وإصلاح المؤسسة الأمنية والعسكرية ، وبنائها على أُسس وطنية ومهنية ، وحصر الحشد المقدس بيد الدولة وضبط السلاح المنفلت ، الذي يهدد الأمن والتعايش بين مكونات شعبنا المختلفة للمضي نحو السلام والأمن ، والعمل على تحقيق قفزة نوعية في عملية التنمية والرخاء والتقدم .
للقفز على  التراكمات الهائلة من الفشل والفساد بكل أشكاله ، والطائفية السياسية ، والمحاصصة والتمييز والعنصرية ، وغياب الأمن والعدالة والمساواة على حساب العراق وشعبه ، وغياب الخدمات والتنمية وتوقف عجلة الاقتصاد بشكل شبه كامل وسيطرة الكتل على كل مؤسسات الدولة انهكت المواطن .هذا الوضع المعقد قد ينعكس ايضاً على اي محاولة تصحيحية وضغوط جماهيرية على المؤسسة على مبدأ الحكمة ويعني أن أي حركة احتجاجية إذا لم يتم تلبية مطالبها بسرعة، مرشحة للتفكك وعودة عناصرها إلى انتماءاتهم الضيقة وهو ماتريدها الكتل السياسية وتبحث عنها .
ان الاحتجاجات بمجملها  تجمع بين العقول والبطون في آنٍ معًا على الرغم من ترجيح هذه الأخيرة التي تطالب بتعزيز المعيشة، وتوفير الخدمات، وإيجاد فرص العمل للمتظاهرين الشباب الذين ضحّوا بالغالي والنفيس لكن قِطاف ثورتهم قد تذهب إلى سلّة جهات اخرى لم يشتركوا في الثورات والاحتجاجات إلا بنسبٍ ضئيلة والنظر اليها من ثقب الباب .
 لان التظاهرات الاحتجاجية الغير منظمة من قبل قوى سياسية معلومة وان لا يكون لها عنوان وقيادة من الصعب استمرارها وسوف يتم  قمعها بالقوة وان استمرارها دون أفق سياسي قد يؤدي إلى انزلاقها تدريجيا إلى نزاع أهلي كبير رغم اعتقادي الحازم بأن ثورة الشعب ستتواصل وتتسع يوما بعد يوم حتى اذا لم يتم حل الامور وتحقيق المطالب وبشرط ابعادها عن الايدي الخفية العبثية التي تريد ركوب الموجة والمحافظة على السلمية ، وان تعثرت بعض الوقت ولكنها ستنتصر في أخر المطاف وسيقول الشعب كلمته بحق من سرق ثروته وسعادته ورخائه وأمنه .
في هذا الجو الصعب فأن  اجراء اي انتخابات جديدة سوف لن تؤد إلى أي تغيير ملحوظ لأن المطلوب هو إصلاحات بنيوية للنظام السياسي وطبيعة تمثيل العراقيين في برلمان اذا لم يتحول إلى مؤسسة سياسية قادرة على التشريع على مستوى الوطن وعلى مراقبة أعمال الحكومة ومساءلتها لا ان تكون هي جزء من فسادها، وتتعايش فيه الكتل المؤيدة للحكومة الوطنية في نفس السياق مع الكتل السياسية "المعارضة". واستمرار القمع القوي للتظاهرات ، وغياب الأفق السياسي الذي يمكن أن يفتح المجال لعملية إصلاحية تكون أقل من جذرية ولكنها أكثر من تجميلية، يمكن أن ينجح في ترهيب المتظاهرين وتنفيس حركتهم، بحيث تصبح هذه الموجة من التظاهرات مثل سابقاتها وإن كانت أكبر وكلفتها أكثر.
 وعليه لكي يستطيع العراق ان ينهض من كبوته ، هو في اعتماد القرار الوطني في تحقيق ذلك ، وقد برزت وجهات ٍ نظر متضاربة حول مستقبل العراق والمنطقة من خلال الصراعات  العنيفة وتعمل جهات خارجية استغلت في التخطيط لسياسات تقسيمية وشجعتها الحوكمة السيئة وضعف السلطة والفساد وغياب الخدمات و ولدت نتائج مدمرة على استقرار العراق
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي     

339
الامن الوطني العراقي والمسؤولية المشتركة
الاحداث الاخيرة  المقلقة التي يمر ببلدنا العراق والذي لم يعيش الاستقرار منذ زمن طويل دفعتنا الى التحدث مرة اخرى عن المسؤوليات المختلفة الملقاة على عاتق كل انسان ينتمي الى هذه الارض ويعيش عليها وخاصة الامن الذي له مفهوم شامل وأبعاد جميعها لا تتجزأ من الأمن الوطني بمستويين أساسيين، وهما: المستوى الأول، ويعرف باسم (المستوى التقليدي)، والذي يعتمد على دور الدولة بتطبيق الأمن، والمستوى الثاني الذي يرتبط بالدور الفعال للمؤسسات الشعبية التي تساهم في تعزيز هذا الوجود ، والأمن يشكل العديد من الجوانب المرتبطة فيما بينها وفقدان احدها قد يؤثر على الاخر وتشغل قضية الامن الوطني الاهتمام الكثير في الدول واصبحت اليات تهديدها مختلفة ومتنوعة . المفهوم الخاص للأمن ينطلق من المحافظة على المصالح المعتبرة وفق الثوابت الأساسية و هو مجموعة من الإجراءات تتخذ للمحافظة على أمان الوطن والكيان في الحاضر وفي المستقبل مع مراعاة الامكانات المتاحة، وتعتمد على مجموعة من الإجراءات الوقائية والعقابية والتربوية التي تتخذها السلطة لصيانة استتباب الأمن داخليا وخارجيا انطلاقا من المبادئ التي تدين بها الاوطان، فهناك الأمن الاجتماعي، والأمن الفكري، والأمن السياسي، والأمن الاقتصادي و لا يمكن أن يتحقق اي منهم بدون أن ينصهر الفرد في إطار تجمع بشري يضمن له الاستقرار وخاصة على الشباب نحوالدافع الذاتي للعمل والتعاون والتطوع كشركاء من اجل الوطن وامنه والحفاظ على منجزاته ومكتسباته و الى اهمية ان يكون لديهم الحس الامني في التمييز بين الممنوع  والمسموح مع الالمام بالقوانين والانظمة والانطلاق نحو العمل الامني التطوعي من اجل الوطن حتى في ظل اصعب الظروف تعقيداً .
ان الامن الوطني مهمة يجب الحفاظ عليها من خلال المؤسسات الامنية المختصة والمواطن هو الاساس في فهم المرحلة والضرورة الناجية للمجتمع لأنّهُ هو الذي يقوم بإنجاح العمليّة الأمنية أو الزيادة في تعقيدها وإرهاق القائمين عليها بسبب الجهل بالقانون والواجبات وهو انعكاس لانتشار الفقر والبطالة وتزايد النزاعات الطائفية والعشائرية والاثنية عليها لعدم فهمهم لمعنى الامن في حين نرى هُناك الكثير من الدول التي يكون فيها المواطن سبباً في الأمن العام للبلاد بفضل تفهّمه لنعمة الأمن والأمان وهي نعمة كبيرة يمنحها الله عباده و ثروة حقيقية تفاخر بها كل شعوب العالم، كما أنه ضرورة ملحة للمجتمع إذ به تتحقق رفاهية الفرد ويعم الخير جميع أفراده ويرتقي به المجتمع إلى مصاف الدول المتحضرة  بما يكفل للشعوب العيش بكرامة وسلام بعيدًا عن الخوف أو الاضطهاد، وأيضًا القُدرة على توفير سُبل المعيشة والحياة الكريمة لمواطنيها، وضمان كافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والدينية، وتكمن أهميّة الأمن الوطني بأنه إحدى الرّكائز التي تقوم عليها الدّولة للمحافظة على أمنها واستقرارها وتحقيق نهضتها وحماية مُقدرات الوطن ومُكتسباته والدّفاع عن أراضيه.
نعمة الامن هذه ، إذا نزعها الله من قوم أو من بلد ما حُرِموا من كنزٍ عظيم وخيرٍ وفير، وقد جاءَ في القُرآن الكريم دليلٌ على إحدى القُرى التي تغيّرَ حالُها من الأمن إلى الخوف، قالَ تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )النحل 112، ولهذا لا يمكن أن يكون واقعياً دون تعاون المجتمع بشكل كامل ، وبالتالي فان مسؤولية الأمن هي تشاركية تُساهم بها المؤسسات الأمنية للسهر والدفاع والقيام بواجباتهم بامأنة والمواطن حيث يقوم أبنائه بواجبهم بإخلاص على اختلاف مراكزهم ومواقعهم، لذا لا بد أن يتحول المواطن من دور المستفيد إلى المشارك ومشاركته هنا ليست طواعية إنما هي ضرورية، فالمواطن جزء من معادلة التكامل بين المواطن والدولة.
كما  إن تحقيق الأمن الوطني يبدأ من البيت لأنه اللبنة الأولى في التربية ثم تتعضد مسؤولية البيت بالإعلام المرئي والمسموع والمقروء،وانطلاقا نحومنظمات المجتمع المدني والأسر المجتمعية والمدارس والجامعات والمنابر الاعلامية والدينية والثقافية والاجتماعية وكل الناس والمؤسسات العسكرية والمدنية والنظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي على السّواء.
ولاشك ان تطفئة نار الفتن كلها مسؤولية الجميع وليس الأجهزة الأمنية لوحدها، فقد تحمّلت أجهزتنا الأمنية العراقية الكثير من الظلم والتجاوز وكانت ضحية للسياسات الخاطئة للنظام في العراق وصبرت في ضبط النفس وتعاملت بمهنية مع مظاهر الفوضى السياسية والمطالبية وحتى العبثيّة، وأثبتت نجاحاً ملحوظاً يقرّ به الجميع، كما ان الدور الأمني للمواطن ومساندته للأجهزة الأمنية الأخرى بتعزيز حمايته ومنعته واستقرار الجبهة الداخلية ضرورة مهمة حيث يكمل البعض للاخر،
ولهذا فان التجنّي على رجال الأمن في عدم دعمه مادياً بتوفير الحياة الكريمة ومُتطلبات العيش له ومعنويا في إعدادهم لمواجهة التحديات والتهديدات التي تواجه الأمن الوطني وإيجاد الحلول المناسبة لها بنظرة شاملة ومنطقية تضم كل الأبعاد السياسية والعسكرية حتى لا يكون عاملاً مساعداً للانحدار أو تردي منظومة القيم والمبادئ ومحاولة البعض لجره للفتنة والخراب- كما التجنّي عليه ولو لفظياً أو التطاول عليه مرفوض البتة، لأن المحافظة والتعاون مع رجال الأمن الذين ضحوا بانفسهم من اجل هذا الشعب وشرفه وكرامته  تعني الاحترام والتقدير لكل العطاء التي قدموها ومن الخطأ ان ننعتهم بالخونة والقتلة ولا يكون رد الجميل لمن اعطى الغالي والنفيس من اجل حرية وكرامة وشرف هذا الشعب ولانها تقلل من هيبة الدولة برمّتها، وواجب كل مواطن شريف بحكم مواطنته المساهمة في أمن الوطن والعمل كرديف للأجهزة الأمنية في كل مناحي الحياة وكلّ من موقعه دون تنصّل من شرف المسؤولية، بل واحترام رجال الأمن والحفاظ على هيبتهم للحفاظ على هيبة الوطن وحفظ الأمن والأمان مقارنة مع الدول المتطورة  في تشكيل مفهوم للدفاع والأمن في الدولة إلى التوحيد والتجانس للمفاهيم الوطنية والاستراتيجية وخلق قادة للمستقبل في المنظومة الدفاعية والأمنية والقيادات المؤثرة في القطاعات المدنية وتأهيل القيادات العسكرية والأمنية والقيادات العليا في منظومة إدارة الدولة في مجالات التخطيط الاستراتيجي القومي وإعدادهم لتولي الوظائف القيادية العليا مع توفير كوادر قيادية متميزة في مجال الأمن الوطني لإدارة الأزمات وصناعة القرار، بالاضافة الى التعامل الانساني والاخوي مع جميع التشكيلات الامنية التي وظيفتها المحافظة على ارواح واموال الامواطن
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

340
العراق ...تنامي الوعي الشعبي والامبالات عند السلطة
المشهد الذي اعاد الامل من وجود نيات لتغيير قواعد الاحتجاج ولتبدد كل التوقعات في بقاء الاضطرابات في بعض المحافظات الجنوبية بعد ان دخلت العشائر الشريفة في هذه المحافظات على الخط بكل حزم ضد من تسول له نفسه الاساءة للتظاهرات السلمية مثل عصابات الجوكرالمأجورة وغيرهم و لعل هذا التيارالمؤثر هو أحد أبرز الاضلع الاجتماعية الذي يفرض بوجوده وقادر على التحكم بصيغة العلاقات الاجتماعية والسياسية في المجتمع، وذلك من خلال صياغته لسلوكيات تلزم الأفراد الإقرار بها والتمسك بمبادئه و يرسم لنفسه صورة كمؤسسة اجتماعية متكاملة ذات مبادئ أساسية تمثل ما كان ومازال العراق يتسم بكونه مهداً للحضارة الإنسانية و بالموقع الاستراتيجي لبلاد الرافدين بسبب وجود نهري دجلة والفرات فيها مما يوفر التربة الخصبة والمياه الوفيرة والموارد الزراعية والمعدنية؛ وخرجت وبرزت ابداعات ونتاجات حضارية مهمة منها منبعاً للقيم والأصالة التي تلهم فيه كل يوم العزيمة للتجديد وبالتالي تُصبح مكانًا جاذبًا للاطماح، ولم يكن فيهم احداً يقبل الضيم والذلة والمواقف كثيرة على مر التاريخ ومعروف عن شعبه الذي يؤيد انهم يناهضون الظلم، ودلالات ذلك أن الوعي الذي تفجر في الشارع للخروج بالتظاهراذهل العقول والأكيد أن من بين أسباب هذا التنامي بروز الامبالات من جانب السلطة الحاكمة تجاه حقوق المواطن  وهي أكبر من أي محاولة لاحتواء الموقف دون نيل المطالب وإذ يقترن باستفزاز المشاعر وتشهد لهم ساحات الوغى وأنظمة سابقة ولاحقة بمقولتهم الحقة والوقوف ضد الظلم ومناصرة بلادهم في المحن ومن حق المواطنين حينما يقوم بواجبه المهني والوطني في مراقبة ومتابعة حالات التجاوز على القانون ومحاسبة الاشخاص وهي من الامور الطبيعية...وهم أقوياء في بأسهم على عدوهم يمتلكون ثقافة ووعياً وإدراكاً ، لذلك يقولون كلمتهم ضد الفساد والمحاصصة والخلل الذي أصاب النظام السياسي في هذه اللحظات .
 العشائرالحرة والغنية بالعطاء بالمقابل رفضوا أن يكونوا جزءاً من مشروع يريد أن يشعل فتنة بين أبناء الوطن الواحد فوقفوا كرجل واحد ومنعوا اليد التي تحرق وتقتل وتنشر الفوضى هذا من جانب ومن جانب أخر وقفوا بصدق لتهدئة أبنائهم الذين إحترقت دماؤهم لاجل إخوانهم لإنهم عقلاء القوم ولابد من إعادة سريعة لكل منصف بهذا البلد أن نظر بمصداقية الى هذه المواقف التأريخية وخاصة العشائر ومواقفها الوطنية ونضعها اطواق من ذهب على صدورنا ونفتخر بهم بعد ان انتجوا ايدلوجية السلام مع الجميع لكي يسوقوا بضاعتهم نحو الخير للجميع . يسند ذلك ويعززه، إيمانه المطلق بحق التظاهر السلمي، الذي كفله الدستور والمواثيق الحقوقية، ما كان ملتزماً بالضوابط المنظمة وحقوق الآخرين المرعية دفعهم للاعتراض على ما سبق من ظلم الحكام واليوم هاهم يعترضون على فساد حكام هذا الزمان، وهذا أمر ليس بالغريب، وإذا ماكان من حقيقة فهي إن الناس يعانون، وليسو مدعين، ولاباحثين عن مناصب ومراتب، وهم يتحدثون عن كرامة ولقمة العيش ، وعن وطن ووجود ومستقبل، ولابد من رعاية مصالحهم وحمايتها من مؤسسات الدولة المسؤولة عن ذلك وفقا للقانون الدستوري والإنساني و اثبتوا  من خلال تظاهراتهم السلمية  بكونهم  شعب حضاري يمارسون حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي ورفع مطالب مشروعة .
اما هذا البعض الذي عاث في التظاهرات فساداً من حرق واعتداء وتجاوز  على الممتلكات العامة والخاصة فليس منهم والاستغراب من الهجوم على المراقد الشريفة والمحترمة وتدمير المكتبات و المؤسسات الثقافية والصروح العلمية وغلق المدارس ودور العلم واجبار الطلبة للخروج بالقوة واهانة الهيئات التدريسية التي يجب ان نقف لها باجلال واحترام  وهي اعمال مشينة .
مهما يكن فلا يمكن إبطال حق المواطن بمجرد وجود مندس، مثلما لا يقبل الإعتداء على المؤسسة وهيبة الدولة، نتيجة وجود فاسد أو تعطل خدمة أو فشل مسؤول، كما لا يمكن الجمع بين هدفين متناقضين بتظاهرة واحدة، فيها مواطن صاحب حق ومندس ساعٍ للتخريب وإشاعة الفوضى، التظاهر حق وقاعدة لممارسة الشعب حقه والتأثير على القرار بشكل مباشر، لكنه مشروط بهدف الغاية السامية للشعب في ممارسة حقه وعزل هؤلاء من بين صفوفهم .
ما يقوم به البعض من المندسين والمشاغبين والجهلة هو أمر مُفتعل من قبل البعض للتأثير والتّخريب على احتجاجات نحن هنا نرفض افعالهم المخربة و الغير سليمة ومحاولات تهديم اكثر من كونها بناء ومؤشراً خطيراً لمحاولة حرف التظاهرات عن سلميتها واصطدامها بالقوات الامنية بطرق استفزازية تقلب الامور ، ولعل ، البعض يعتبر ان التظاهر من دون عنف ليس له نكهة، وانه يجب تجاوز الطابع السلمي كي يكون التحرك فعالاً ويحقق نتائج اكبر، بل بالعكس حيث تبتعد عن إنسانيتها وكرامتها ونشدد ونجدد دعوتنا للرجوع الى الحكمة والعقلانية فالحراك الإحتجاجي السلمي الصحيح يبحث عن إصلاحات منشودة لا تصطدم بوعي الشارع ولا تنال من ثقافته ولاتتقاطع مع مبادئ الدين الحنيف ولا تعبث بإرثه ولاتهدف الى تدمير حضارته وازدهاره أو إيقاف عجلة العلم في غلق المدارس والجامعات التي تبني اجيال المستقبل  .
وليس هناك  شك ان العمل السياسي هو الأداة الوحيدة للدفاع عن مكتسبات هذا الشعب في المعتركات  ويصون الممتلكات العامة والخاصة ولكن اي قوة سياسية ان  لم تحقق أهدافها على المدى الطويل فغيرقادرة على فعل  الخير والوطنية في المدى القصير ولن تبقى الاحزاب اللاعبة في  السياسية من الفاسدين والتي انتهت صلاحيتهم او على وشك و يبدو انه لا مفر من ذلك اذا لم تصحح امرها .
الجماهير مطلوب منها خلق احزاب جديدة تحمل زخماً استثنائياً وجيلا جديداً واعياً وبقاعدة شعبية واسعة متفهمة تقود الشعب لينتفض له باخلاص وتفاني. وسيكون المظلة التي تترجم التضحيات والآمال إلى حقائق ملموسة وتقف بوجه من يريدون العبث و أن يركبوا الموجة ولكن بسلمية ...نعم... نريدها سلمية بلا دماء ، ونقية بلا دخان ، وإنسانية بلا تدنيس للقيم والمعتقدات الدينية والمذهبية وهذه مسؤولية تضامنية  بين السلطة والمواطن ....حينها ستنتصر الإرادة، وتنتصر معها القيم ،وهزيمة للظلم ، ولم تكن الاحتجاجات الاخيرة ضد هيمنة مصالح اقتصادية فقط، بل كانت ضد سلوكيات تنطلق من أفكار خاطئة حول علاقة المواطن بالسلطة، إذ تم إلغاء جوهر الإنسان المرتبط بكرامته وترتب عن ذلك إلغاء حقوقه ومكاسبه وقيمته الإنسانية، ومن الطبيعي أن تنمو مشاعر الازدراء إزاء هذه الممارسات الخاطئة وكان ما كان ويجب الوقوف عندها بدقة . تبقى كل الخيارات وردات الفعل مفتوحة أمام الشباب المنتفض الذي فجّر الاحتجاجات الاخيرة  بعد أن فقدَ الأمل بغد أفضل، طوال مدار سنوات 16 الماضية وهي ليست بالقليلة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

341
استقالة عبد المهدي تُفاقم الازمة وعملية محسوبة
إذا تعافى العراق تعافت المنطقة ، وهذه حقيقة لا يمكن انكارها وأعداءه يعملون على الضد من ذلك، لهذا تقع على كاهل دولها مسؤولية عموماً ان لا تتنكر في معرفتها بهذه الحقيقة ، إذ إن أمن العراق من أمنهم بشكل خاص، وأمن المنطقة والعالم بشكل عام. والنظام الرسمي العربي خصوصاً عليه مسؤولية تاريخية للمساهمة في حفظ امنه ويجب ان يعمل على مساعدته للخلاص من الازمة الحالية ولا يكتفي الجلوس على التل والسكوت والبخل حتى في اصدار بيان يساند شعبه من قبل الجامعة العربية على الرغم من كونه حبر على ورق و الحروب اذا تبدأ بشرارة صغيرة في النطاق المحلي، وما أن تطول نسبياً في الزمن، وهو أمر لا مفر منه، حتى تصبح دولية، أو على الأقل إقليمية وهي ازمة خطيرة تشعل المنطقة لو حدثت لا سامح الله ،
 واستقالة رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي في ظل تفاقم الأزمة تخلق  فراغاً دستورياً في البلاد ولا تساهم في تفكيك الازمة بل تزيدها التهاباً وعنفاً وتعقيداً  و لا تساهم في تهدئة الاوضاع في البلد وإذا فشل البرلمان لمرتين في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، يمكن لرئيس الجمهورية أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات مبكرة. هذه الإجراءات الدستورية واضحة في حال استقالة رئيس الحكومة أو إقالته واعتقد و أظن أنها ستكون الهدف الاول للقوى السياسية لمدة ستة أشهر أو عام كأقصى حد تمهد لانتخابات مبكرة، و لكن الأزمة لن تنتهي إلا بتحقيق مطالب اكثرية الجماهير التي لا يزال الكثير منا يعتقد أن المطالب اقتصادية أكثر من كونها سياسية ومن يعتقد خلاف ذلك فهو متوهم .
وانا اعتقد لا يمكن الاتفاق على اي شخصية مستقلة إلأ من هو مستعد ان يُذبح في مسلخ مصالحهم . وبلا حياء بفسادهم و سرقتهم للأموال و جني الرواتب الضخمة وتعميق المحسوبية و المنسوبية معتبرينها حقّ طبيعي و حُصّتهم من المحاصصة العادلة بين قادة الأحزاب .. و على اكثرالمستويات  والسلطة التنفيذية التي يشكل الفساد المتجذر فيها ابرز سماتها المعروفة والتي لا يمكن للعراق أن يخرج بنفسه من دائرة الفساد الذي ينخر مؤسساته في ظل استمرار هذه الأحزاب في قيادة البلد، وهو ما أدركته الحركة الاحتجاجية التي طالبت في بعض شعاراتها باسقاط الحكومة واجراء إصلاحات سياسية جذرية في بنية العملية السياسية القائمة منذ ستة عشر عاما.
رغم ذلك تقع المسؤولية على كاهل ابنائه الشرفاء لدرء الخطر عنه وإلأ كيف يا ترى يمكن قيادة دولة يتم تدميرها بطريقة فوضوية على مراحل عن طريق "مندسين في التظاهرات المحقة" و من قبل بعض الضعفاء و كيف يمكن تسهيل إعادة بنائها في ظل صراع الإرادات العنيفة هذه وحتى اللامسؤولة والضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا؟ كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة والمسؤول يخاف على نفسه ؟ وكيف لرجل الامن ان يحافظ على الامن ولا يوجد بيده سلاح للدفاع عن المسؤولية المكلف بها ؟وكيف يمكن بناء اقتصاد مدمر وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت ساطور واقع مرير ومخلفات حكومات متعاقبة بغيضة بكل ما تعنيه وما لهذه الكلمة من معنى وقبح؟ كيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من الإرهاب والعصابات المنظمة ؟ومتى يتم تنفيذ سياسة اعطاء الكفاءات الكبيرة محلها في ادارة المؤسسات والتي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة تعمير البلاد ونهوضها؟ كيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية من كل جانب و من كل صوب وحدب طالما بقي السياسيون يتقاتلون فيما بينهم لتقسيم المنافع والحفاظ على الكراسي بطرق بشعة والاساليب الملتوية والضحك على الذقون .
إن الكتل السياسية الحالية  ليس لديهم نية صحيحة لحل الواقع العراقي الجاري ولا يمكن العيش على امالهم وهم يتلاعبون بالعواطف و هناك بعض الكتل السياسية تعمل على خلق الأزمات اعتقادا منها بأنها تستطيع أن تحكم البلد بهذه الطريقة مدة اطول ،و عدم ايجاد حل للأزمة الحالية سوى الجلوس وطرح المشاكل بدون حلول للازمة وتبقى تراوح الامور في مكانها ، يعني أن البلد سيسير الى الهاوية ولا احد يعرف نهايتها من خلال  ابعاد وواجهات متعددة شرسة وانفعالية في بعض مفاصلها انتقامية مصبوغة بدم الابرياء والمعوزين  ،تدعو غالبية المواطنين ومعظم المراقبين للقلق والحذر والتوجس من انزلاق البلاد إلى منزلق خطير تجتمع في هذه الأوضاع المؤلمة .
أن ما يجري ذو خلفية سياسية اقليمية تحاول ابقاء البلد يراوح في محله ، يعني ثمة صراع مرير واضح للسيطرةعلى العراق تحركها ايادي استعمارية بطرق جديدة وعلنا يصعب التحكم بجميع حلقاتها مما يجعلها منفلتة و أحيانا يبدو وكأنها صراعات قد تجر الى الحرب الاهلية :التي تعني "النزاع الذي ينشأ بين أكثر من طرف داخل حدود أراضي الدولة نفسها، حيث تختلف أشكال هذه الحرب تبعاً لدوافعها"، بيد جماعات منفلتة يذهب ضحاياها البسطاء من المواطنيين، تقاد من قبل شياطين وليس من قبل سياسيين يخدموا ويُؤدوا واجبهم تجاه الوطن. أما من يقول: إن هذا الصراع ليس سياسيا على السلطة والمواقع فهو يخدع نفسه لا غيرلان الامور تحاكي الى ان هناك مخطط مرسوم يتم تنفيذه في الداخل بتوجهات خارجية وعلى مراحل و إلا كيف يمكن لهذه القوى أو تلك  أن تنفذ برنامجه وسياسته بدون ان يكون من يقف ورائه ؟ والحال يتمثل في تناقض الطموحات والمساعي والرؤى السياسية لهذه القوى المتصارعة التي تجتر شعاراتها وأساليبها وأخطاءها  بدون مراجعة للذات وللبرامج. ومن هنا لا بد وان نعلم بأن السياسيون العراقيون يخطئون حين يرفضون الاستجابة  إلى صوت المحتجين. من خلال هذا البطء الغير المبرر في تشريع القوانين اللازمة في هذه المرحلة الصعبة فهم عن طريق ذلك البطء إنما ينتحرون ويخربون البلد. لان المحتجين السلميين ليسوا سياسيين ولا ينتمون إلى احزاب وليست لديهم منطلقات عقائدية ولا يتحركون وفق أجندات مسبقة. ما لديهم من الأسباب لا يمكن فهمه إلا من جهة الواقع الاجتماعي الذي يعيشونه. وهو واقع لن يغيره القتل. لن يكون القتل فيه إلا سببا مضافا للاحتجاج.
ومعظم المناكفات لا علاقة لها بمصالح البلاد العليا ولا بهيبة الدولة أو الحكومة الحالية او مجلس النواب التي لا تحتكم في قراراتها في مجملها للقانون والدستور و تلجأ إلى أساليب صراع مفتعل ومكشوف واللوم والاتهامات فيما بين والتسويف والمماطلة  وبالتي لا نعرف من هو االفاسد ومن هو السالم و يجعلها في دوامة الاتهام بكونها تريد تهدئة الشارع بهذه الاساليب فقط ليس إلأ في ظل مجريات الأحداث التي تتطور بين يوم واخر و تجعل معظم الأطراف مدعاة للتندر و ما يغفل عنه المسؤولون أن الانتفاضة العراقية الحالية تعارض كافة شرائح النخبة العراقية الحاكمة والتدخل الخارجي وتطالب التعجيل والاسراع لانتخاب رئيس وزراء مؤقت  واللجوء الى حكومة التكنوقراط او اقالة الحكومة واللجوء الى الانتخابات المبكرة لكن بعد اقرار قوانين الانتخابات والمفوضية.
وترفض التدخلات الاجنبية من جانب الولايات المتحدة الامريكية لانها هي قادرة على تغيير المسار . ولا يزال المواطن العراقي العادي يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد وتدخله السافر في الشأن الدخلي في المطالبة بالاستجابة لمطالب المتظاهرين والتي ترفض هذه الجماهير مثل هذه التدخلات وهناك رفض ايضاً عام وسائد للتدخل من جانب تركيا التي قامت باحتضان مجموعة من المؤتمرات للعصابات الارهابية تحت مسميات "المعارضة" وتاسيس قاعدة عسكرية لها على التراب العراقي.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

342
استقالة عادل عبد المهدي والحال العراق الى اين
واخيراً لوح رئيس مجلس الوزراء الدكتورعادل عبد الهادي ان يقدم استقالته " لما يحققه لمصلحة البلاد " بعد ما يقارب شهر من الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة والنظام السياسي وما دعته المرجعية الكريمة خلال خطبة الجمعة و وفقا لما تناقلته الانباء في بيان له" استجابة لهذه الدعوة وتسهيلاً وتسريعاً لانجازها باسرع وقت، سارفع الى مجلس النواب الموقر الكتاب الرسمي بطلب الاستقالة من رئاسة الحكومة الحالية ليتسنى للمجلس اعادة النظر في خياراته "و هي الثانية في حياته السياسية  فقد سبق وان قدمها عندما كان نائباً لرئيس الجمهورية المرحوم جلال الطالباني استجابة لراي المرجعية واليوم وما بدا من عجز واضح في تعامل المؤسسات السياسية  مع المرحلة الخطيرة من تراخي  بما يحفظ الحقوق ويحقن الدماء فان مجلس النواب الذي انبثقت منه الحكومة الراهنة وهنا نشير إلى عدة نقاط، من بينها أن أمام القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة فرصة فريدة للاستجابة ‏لمطالب المواطنين وفق خارطة طريق يتفق عليها، تنفّذ في مدة زمنية محددة، فتضع حدّاً ‏لحقبة طويلة من الفساد والمحاصصة المقيتة وغياب العدالة الاجتماعية، ولا يجوز المزيد من ‏المماطلة والتسويف في هذا المجال كما شاهدنا خلال الايام الماضية التي لم تحقق ما يجب تحقيقه  و لما فيه من مخاطر كبيرة تحيط بالبلاد ومدعو الى ان يعيد النظر في خياراته بهذا الشأن بسرعة ويتصرف بما تمليه مصلحة العراق والمحافظة على دماء ابنائه، وتفادي انزلاقه الى دوامة العنف والفوضى والخراب وليكون هذا حافزا لتشكيل لحكومة جديدة وزيادة الدعم لأبناء الشعب وتوفير الخدمة المناسبة لهم وقد تولى عبد المهدي عدة مناصب حكومية بعد الغزو الأمريكي للبلاد عام 2003، إذ كان عضوًا في مجلس الحكم الانتقالي، ثم شغل عدة مناصب مهمة في الدولة منها وزير المالية في حكومة إياد علاوي عام 2004، ثم نائب رئيس الجمهورية في عهد حكومة المالكي، ثم وزير النفط في حكومة العبادي. طبعاً هناك أنواع من الاستقالات في دساتير العالم لم ينص عليها الدستور العراقي ..منها ..الاختياريه والتي تكون دون ضغط أو تأثير..والاجباريه ..تأتي نتيجه التظاهر والضغط الشعبي …وفي كلا الاحوال ..يحق للبرلمان إقالة رئيس الوزراء بالأغلبية…وتعتبر الحكومة كلها مستقيلة
وهذه المرة ربما يهدف إلى الضغط على الكتل السياسية التي تحاصره للتخلص من ضغوطها او التنصل من الفشل في إدارة الدولة الذي يلازم الحكومة الحالية أمام جمهورها و خاصة في ظل الأزمات الداخلية والتظاهرات الشعبية الكبيرة المطلبية  مما يدفع الكتل السياسية إلى القفز من المركب الحكومي وإلقاء تبعات الفشل على رئيس الوزراء فقط والظروف الإقليمية والدولية الراهنة ، والاستقالة خطوة ستؤدي إلى ترك فراغ دستوري وإداري لا يمكن معالجته بسهولة، والسيد عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء لطالما شكا تعرضه لضغوط سياسية، لكنه لم يفصح عن ذلك رسمياً، وله كشف الحقائق امام وسائل الاعلام ، الكتل السياسية امام مسؤولية عليها أن تتحملها وتوجد حلاً للازمات المتصاعدة، ولا تترك الامور إلى حد لا يمكن معه ايجاد الحلول ، واستقالة رئيس مجلس الوزراء اذا قدمها مكتوبه إلى رئيس الجمهورية والأخير عليه ان يبت بقبولها مباشرة أو تاخيرها لحين معرفة الأسباب ويكون ذلك خلال مدة معقولة ..واذا وافق ..عليها ..تعتبر الحكومة كلها مستقيلة وتواصل تصريف الأمور اليومية لمدة ٣٠ يوم يكلف خلالها رئيس الجمهورية مرشح آخر وفق المادة ٧٦ دستور. وسبق وان ابلغ القيادات السياسية بأنه غير قادر على تحمل المسؤولية وسيقدم استقالته في غضون أيام، إذا لم تسمح له الأحزاب السياسية بالتحرك بحرية والاستماع لمطالب المتظاهرين .
ولعلى الدكتور عادل عبد المهدي  يريد ان يثبت  بكونه ليس من طلاب المناصب او من القوى المتدافعة نحو السلطة وعلى هذا الموقف لابد ان يقدم صورة للقوى السياسية بان عليها ان تتدافع لتحقيق رغبة الناس ومصالحهم والتي خرجت الى الشارع لتطالب بالمظلومية والفقر والمعاناة والعوز في ظل الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة وليس على مواقعها وفرصها وادوارها .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

343
المتظاهرون الحقيقيون بريئون من الدم المراق
قواسم المشتركات بين لبنان وسوريا والعراق وانضمت لها الجمهورية الاسلامية الايرانية اخيراً لا تختلف ولا تسلم وتدخل في سياق عملية دولية تم الاعداد والتخطيط لها تحاك علىها وبنفس المعيار وان اختلفت اساليبها  والسبب في الحالات الثلاث هو خلق الفوضى. ومحاولة ايجاد فراغ سياسي وامني ،وخلق الحرب الأهلية فيها ، وقبلها تجربة اليمن عندما انهار نظام علي عبد الله صالح واليوم حرب التخاذل العربي عليها و في فوضى بلدان الربيع العربي في تونس وليبيا والجزائر ومصروهلم جرا ، ودول اخرى وهكذا دواليك في محاولات تغيير الانظمة  ومد حبل " الانقاذ " كما تقول تلك الجهات وتدعي وهي ابعد من ان تكون  ، وهي شريكة في ايجاد وخلق المصائب واستمرار النزيف الموجع لاقتصادياتها  . والسعي لقلب موازين  القوى بحجج واساليب متنوعة  لتستولي على الدول في المنطقة ، متحدية ارادات الشعوب بسلوكيات عدوانية مع الوقت،  لانها تريد تضعيف تماسك البلدان بالاساس وكما تحدث مايك بنس نائب الرئيس الامريكي في الانبار مع شيوخها في قاعدة عين الاسد خلال زيارته المفاجئة وفي ظلام الليل لها "بتشكيل اقليم من ثلاث محافظات في المنطقة الغربية في العراق" وهو جزء من التدخل السافر لواشنطن في شؤون العراق والمنطقة من اجل اثارة الشارع الملتهب اساساً "وطمئنهم لاستقطاب قوى إقليمية ودولية لمساندة موقفها " و التي تعيش على تلال من الخراب وهوامش مؤسسات الدولة التي ليست بالمستوى المطلوب انما تحلم بأن تكون بالمستوى الذي تستحقه  والذي يتمناه وخرج من اجله الشعب العراقي الذي يطالب لتحسين أحوالها وهو  أمام امتحان صعب ولأن المظاهرات العفوية لن تصلح الأوضاع لوحدها كما يتمنى العراقيون وهناك من يقف بالضد منها ولا يردها سلمية وحضارية  ويضع العصي في عجلتها وقد اخترقت من جهات عديدة ، واستغلت من اطراف لا ترغب الاصلاح وبل اصبحت تهدد لاستقرار الدولة ومن عوامل التأخر وتمنح الفرصة للقوى المتربصة للانقضاض على الصالح فيها .
ان هذا الحراك الشبابي بدأ وكله امل تحقيق مطالبه دون قطرة دم واحدة تسفك وهو بريئ من الذي يراق اليوم وكان مما يميزه هو الوضوح في المطالب و في تحديد الحالة التي وصل إليها العراق وبشكل واضح من بؤس وفساد وفوضى ونقد لكافة القوى السياسية المشاركة في الحكومة العراقية وفي العملية السياسية دون استثناء ، بينما الحركات السابقة كانت خجولة في تحديد المسؤولية وهي ردة فعل لما خلفتها من تركمات الحكومات السابقة من فساد وسرقة وجريمة ضد جميع مكونات الشعب الذين نهبوا خيراته  وثراوته وصعد البعض على اكتاف الاخرين  وكسرت هيبته  وكان من حقه ان يعيش في بيوت تحمل ابسط المقومات الحياتية لا بيوت بنائها  من الطين او الصفيح او عشوائيات تقع فوق رؤسهم مع اول زخات المطر. إنها ليست إلا احتجاجات شبابية مطالبة بحق الحياة والعيش الرغيد وايجاد فرص للعمل وصيحات جياع و رياح للحرية لارتقاء البلاد نحو مستقبل افضل و طامحة حتى ترى بلدها في أحسن الأحوال ومن حقها أن تراه كحال باقي البلدان والتي لا تملك مثل مواردها.
إن معظم الشباب المشاركون يريدون ان يكون العراق لهم وليس للدول المتاَمرة عليه  ، فعلا هنالك رياح الحرية التي تاتي مع رياح الشتاء الباردة و تعصف من جنوبه الذي ظل صاماً طوال السنوات الماضية  على هامش فشل الإدارة والتنمية ونقص الخدمات والفساد، وتجاوزت لجهة تعبيرها عن مطالب عامة الناس، في ظل حالة إحباط عام من إمكانية تحقيق إصلاحات حقيقية بعيدًا عن أجندات القوى والأحزاب التي عاملتها النخبة السياسية الحاكمة كتهديد لوجود حكمها ، وقد لوحظ أن تلك الاحتجاجات لا تريق لبعض القوى في العملية السياسية على الساحة العراقية ، أو مشاركتها، بما في ذلك القوى المحسوبة على اليسار.
 المشكلة التي خرقت الاحتجاجات العنف والاعتداءات التي خرجت من بعض الاطراف المدسوسة و العامل الأساسي الذي ساعد هؤلاء على النفاذ إلى الساحات وجمع الشباب والشابات الذين يقولون كلمة حق يريد أعداؤهم بها باطلاً، هو غياب القيادة وضياع التوجيه السليم  واجبرت الحكومة على التشديد في الرد وبلغت الخسائر والتضحيات في هذا الحراك أضعاف ما بلغته المظاهرات السابقة، حتى نددت المنظمات الدولية "بالأسلوب الوحشي الذي مارسته القوات الأمنية ضد المتظاهرين في استخدام القوة المفرطة والمميتة "ولم تدين او تعطي اهمية لما قامت بها العصابات الشريرة والمندسة من جرائم وقتل الارواح البريئة وسرقة وحرق المؤسسات الحكومية والمدنية والتي تحاول الاساءة للمتظاهرين وركوب الموجة واصل الحراك بريئ منهم ومن تصرفاتهم الغبية .
ويظهر بهذه الاساليب الخبيثة أن الاستراتيجيات القديمة للسيطرة على البلدان من قبل الدول الاستعمارية لم تعد مجدية، ففكرت من أهمية تجديد وتطوير استراتيجية الاختراق النظيف ولم يعد ضرورياً أن ترسل جيوشاً وتدفع تكاليفها الباهظة، ولكن البديل كان العمل على اكتشاف العناصر الرخيصة التي تؤيدها في هذه المجتمعات والمخلصة لها وتم تمويلها والاعتماد عليها لإحداث الفوضى التي تريدها والتي تخدم مصالحها أولاً وأخيراً .
تقف الولايات المتحدة الامريكية في المقدمة  لتمارس شريعة الغاب بدل ان تقود العالم نحو الخير من دون خجل أو استحياء معتمداً على البلطجية والمأجورين والعواهر من خلال قوتها الاستخبارية القادرة على شراء الضمائر والتصدّي لمن يعترض لصوصيتها وسرقاتها ويعترض على جرائمه بحق شعب دفع ثمناً باهظاً للقضاء على الإرهاب، و يكتشف أنها تكمل مهمة الإرهابيين من خلال سلب القدرات و نهب الموارد الطبيعية وحرمان الشعب من ثروته التي انعمها الله عليه و بالفتن واستغلال غضب الناس واستثمار نقمتهم على الفساد والتقصير والإهمال ونقص الخدمات لتحقيق أهداف سياسية تعيد هذا البلد إلى الوراء، ومن خلال إشغاله بأزمات لا تهدف أبداً إلى اصلاح الخراب ومحاربة الفساد أو معالجة التقصير أو تحسين الخدمات والوضع المعيشي للشعوب المعنية بل تهدف بدلاً من ذلك إلى ضرب أي عامل قوة فيها تمكّن هذه البلدان من استجماعه رغم الحروب والفتن التي فرضت عليها،ومن اجل ان تخلق حمامات من الدم  واستنزاف قدراته وطبعا هذه القوى لا تريد الخير للعراق ولانها تريد ان تسلم العراق تراباً كما قال كبيرهم قبل سقوط نظامه .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

344
زيارة مايك بنس للعراق محفوفة بالمخاطر والاستفزاز
ان زيارة نائب الرئيس الامريكي  مايك بنس إلى قاعدة عين الاسد غربي العراق حيث تتواجد القوات الاميركية لا تطابق الاعراف الدبلوماسية دون  المرور بالحكومة المركزية  وبعيدة عنها وخرق لسيادته ومن ثم بغداد العاصمة ولقائه بالمسؤوليين غير مرحب بها ومحفوفة بالمخاطر والاستفزازية والتي كانت بشكل غير معلن في ظروف سياسية ملبدة بالغيوم والعواصف وتظاهرات مطلبية يغلي فيها الشارع " ويعبرون عن غضبهم وعدم رضاهم عن الوضع الحالي، لكنهم لا يملكون الآليات أو الصلاحيات لتغيير عمل الدولة العراقية وتحسين وضعها، وبكل تأكيد، الضغط الجماهيري سوف يحقق ما يريده، والحكومة مجبرة على أن تلبي مطالب المتظاهرين المشروعة والسلمية لهم، وحق أي مواطن أن يطالب بحقوقه وفق الطرق السليمة "
 والتي تنتهزها الولايات المتحدة الأمريكية كفرصة للتدخل في الشأن العراقي تحت ذريعة امن المنطقة وهي تحارب العراق وسورية وافغانستان ولبنان وتحاصر فنزويلا وكوبا والجمهوريى الاسلامية الايرانية واليمن بحجة الدفاع عن شعوبها وهي تقتل المدنيين وتبتز دول الخليج التي ترسل مئات من اخطر المجرمين لخلق الفوضى ولاسقاط الانظمة التي تسعى للخروج من الهيمنة الاستعمارية و كما ان انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ليس مسوغا او مبررا لبقاء القوات الأمريكية في العراق وجعله قاعدة لها من القواعد في المنطقة والشرق الاوسط ، وكان قد لمح الرئيس الامريكي دونالد ترامب في وقت سابق لاحتمالية استخدام قوات بلاده المتمركزة في العراق في بعض العمليات حسبما تقتضي الحاجة هو في الحقيقة رسالة طمأنة واضحة لحلفاء أمريكا في المنطقة، على رأسهم "الكيان إلاسرائيلي والسعودية رغم ما يبدو عليها من قوة سياسية واقتصادية، الا انها في الواقع محاصرة عالمية، وباتت دولة غير مرغوب فيها، بعد حادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي، والحرب على اليمن التي تسبب بمجاعة كبرى وجرائم حرب لم يسبق لها مثيل في المنطقة.  "،كذلك   تحمل  "رسالة ضمنية في مواجهة تمدد النفوذ الروسي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، الذي نجح في سحب البساط من تحت أقدام الأمريكان في عدد من المناطق الملتهبة " العراق مكان استراتيجيّ في المنطقة، لا بدّ من أن ينأى بنفسه عن الصراعات الموجودة ولا يمكن الذهاب أو الهرولة باتجاه مواقف أميركية أو مواقف دول أخرى تريد للعراق أن يكون ساحة لتصفية الحسابات ودولة ذات أهمية وذات عمق استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط. المحاور المتصارعة في منطقة الشرق الأوسط تحاول جَذْب العراق إلى أيّ محور من المحاور التي هي متصارعة في منطقة الشرق الأوسط، فبالتالي النفوذ الأميركي يحاول أن يمتدّ عبر العراق، والسيطرة على القرار العراقيّ للتدخّلات في شؤونه، والتواجد العسكري الأميركي، و التحديات والمخاطر التي تواجهها المنطقة، ومن الممكن أن تنعكس على العراق كما كان دخول داعش إلى العراق عبر الصفيح الساخن الذي تمر به المنطقة. ويسعى الجميع اليوم  لإيجاد موطئ قدم له داخل البلد المنكوب، والذي تحوّل في السنوات الفائتة لساحة حرب بالوكالة وتصفية للنفوذ بين العديد من القوى. ووسط استمرار هذا الزخم يجب ان تكون القيادة العراقية حذرة من مثل هذه الزيارات الموبوئة بالمخاطر في هذه الأجواء الملبدة بالغيوم السياسية على مستقبل العراق وشعبه ولا ينفع معهم  لغة الاعتدال والتسامح والحوار بل يجب أن تسود لتحقيق المصالح العليا ، لانهم يبحثون عن مصالحهم، وتضع هذه الزيارة الكثير من علامات الاستفهام حول طبيعة التواجد العسكري الأمريكي والأهداف الحقيقية له و تريد ان تجعل العراق ساحة للقتال والصراع الاقليمي بينما الشعب العراقي يتحمل الضيم وما يمكن ان تشكل هذه الأهداف من تهديد لأمن العراق وعلى الأطراف السياسية جميعا التوحد في مطلب السيادة الوطنية ووضع حد للتواجد العسكري الأمريكي المشبوه علي الأرض العراقية'. مع العلم ان نتائج الزيارات  الماضية لم تأت للعراق الا ما حصل في احتلال داعش لثلث مساحة البلاد .والمكونات جميعاً تعلن عن  رفضها لأي تدخل أجنبي في الشأن العراقي و أن سيادة العراق واستقلالية قراره السياسي "من الثوابت الوطنية التي لا تنازل عنها ولا مساومة عليها مهما كانت الظروف . في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العراق وما تشهده المدن العراقية من تظاهرات سلمية للمطالبة بالحقوق المشروعة وما رافقها من إحداث ومتغيرات تحاول راعية الشر والإرهاب أميركا استغلال هذه الظروف لخلق الفوضى ودعم بعض الاطراف العميلة للحرق والقتل والخراب كما ثبتت التحقيقات والتدخل في الشأن الداخلي العراقي.
رغم كل ذلك ان العراق سوف يبقى  ليدافع عن ارضه وسيادته  واستقلاله ومصالح شعبه . وتشير التقارير إلى أن وزارة الخارجية الامريكية واصلت محاولات الحكومات السابقة لاستهداف الانظمة المناضلة والحرة في العالم  عبر دعمها المالي للمجموعات العميلة لها وتقوية وسائل الاعلام التابعة لها.
 وهي دليل واضح على مدى استهتار وتكبر واشنطن ورئيسها واستخفافها بالسيادة العراقية ودول المنطقة، و ينبغي ان لاتمر مرور الكرام وعلى القوى السياسية ومجلس النواب من خلال جلسة طارئة أمراً محتما لبحث هذا الانتهاك الصارخ لسيادة البلاد وإيقاف هذه التصرفات الهوجاء وكذلك المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية ووزارة الخارجية ان لا تقف صامتة وان يتم اصدار بيان يوضح فحوى الزيارة في هذا الظرف الذي يمر بالبلد والمنطقة بسبب سياسة واشنطن  والمؤشرات المتهمة فيها لزعزعة دولها ورفض لتلك الزيارة الغير مسوغة وتعبر عن تدخل سافر في الشأن العراقي في هذه المرحلة الحساسة ".
 لم تحمل الزيارة  في شقه السياسي والامني الا عنصرية مقيتة عدوانية واستفزازيةً مما افقدها ان تكون فرصة بديلاً للانسانية  وياتي من ظل الارتباك في ادارتها الداخلية والخارجية حيث تكون الاخطاء بحجم الامبراطوريات من اخطاؤهم القاتلة وان وصول رجل مثل دونالد ترامب الى اعلى منصب لقيادة هذه الدولة  الهشة  بكل تردده وشعوره الانعزالي بسبب خطواته السياسية الخاطئة وعدم استقرار المنظومة الحاكمة معه ويعبر عن انحسار روح الاندفاع الى الامام والتسييد.
 ان اعتبار الادارة الأمريكية بكل سياساتها مُعادية للشعوب الحرة  بكل مكوناتها لا يحتاج الى دليل وهي منحازة بشكل كامل مع المجموعات الارهابية في تاسيسها ودعمها لارعاب البشرية بشكلٍ كامل وتسعى لنهب كل الخيرات من دول الشرق الاوسط  وتحديدًا في الخليج من أجل سرقة النفط لتخاذل الرجعيات العربية من دولها  و لتحاول حرف الصراعات ضمن أهداف السياسة الأمريكية الصهيونية. مع شعوب تلك الدول التي تسعى لبناء نفسها  بالاعتماد على خبراتها وعقولها الذي لازال الشعب العراقي يمتلك - روحا واعدة وقيما روحية ضرورية معززة بنمو ديمغرافي مذهل ومساحة ارض متوسطة واستراتيجية وطموحات واسعة في الاكتفاء الذاتي والنهضة وتصميم مذهل لنيل الحقوق وانتزاعها وانتشار وعي كوني مطلع على خراب الحضارة الغربية المتوقعة في القريب القادم .. ورغم الاعياء الظاهر والفوضى المفتعلة الا ان قوة الدفع الحضارية لدى شعبه هو  جوهرة ويكفي للانبعاث في اللحظة التاريخية السانحة لكي تهشم كل ما يقابل تقدمه....
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

345
الدفع لفتح ثغرة في الحائط المسدود
أخذت الازمة تزداد تعقيداً بسبب تشنج المواقف، وعدم الرغبة لحلحلة  الازمة التي لابد من اجراء مناقشات  جدية وعميقة وواقعية تصب في صالح الشعب العراقي وتلبي رغبات وطموحات الجماهير المطالبة بالاصلاح و كلما تشتد لايجاد حلول للازمة تحمل معها  الامال لانفراجها  بعد كل هذا الوقت الذي تم استنزافه في الحديث عن الآليات والمضامين والاشكالات والمناكفات وركوب الموجة وغيرها من الامور التي ولدت بعد كل تلك ألازمات العاصفة ،  اذا كان هدفها انتشال الوضع من بطونها التي اخذت تتراكم اثارها السلبية فالمحافظة على حقوق الشعب وهيبة الدولة واحترام السياقات الدستورية والآليات القانونية والديمقراطية امور مهمة يجب التمسك بها والعمل في ضوئها ولا يجوز جعلها عرضة للاتهامات والفتن والتهم  التي تضرب اسس البناء من دون شعور.ولا يبدو في الأفق القريب بوادر انفراجة التي تدفع باتجاه فتح ثغرة في الحائط المسدود الذي وصل إليه التأزّم السياسي بما يمكن التأسيس عليه من المجالات والمضامير المهمة التي ستتعرض للانهيار ايضا، حقل التعليم بما في ذلك الجانب التربوي، وهذا مؤشر خطير على ما سيلحق بالمجتمع من أضرار فادحة، فعندما ينهار التعليم وتضعف مسارات التربية، سوف يتعرض المجتمع كله للتجهيل المتعمد والمتواصل، وستكون النتائج كارثية على الجميع، مع المطالب السياسية التي تطرحها الاحتجاجات الشعبية كمدخل لتحقيق الإصلاح.
 تقول مصادر إن المحاولات التي تقوم بها بعض الجهات المشاركة في العملية السياسية  العراقية  اصطدمت برفض الحراك الشعبي لهذه القرارات لانها تم وضعها دون مشورت الحراك او من يمثلهم وكانت ثمة وثيقة صدرت من اجتماعات لكتل سياسية أمهلت الحكومة والبرلمان مدة 45 يوما لتنفيذ الإصلاحات الواردة في الوثيقة التي وقعها 12 كيانا التعهد بتعديل قانون الانتخابات لتوفير فرص متكافئة لفوز المرشحين المستقلين "طبعا هذا القانون قد تم ارسله الى مجلس النواب وقراء القراءة الاولى "وإجراء تعديل وزاري واسع هذا هو ايضاً مرتقب "بعيداً عن مفاهيم المحاصصة وفي حال الفشل فإن القادة السياسيين "ملزمون بالمضي من خلال كتلهم في مجلس النواب إلى الخيارات الدستورية البديلة لتلبية مطالب الشعب عبر مخرجات المناقشات والاجتماعات التي عقدتها هذه  القوى السياسية المشاركة في السلطة خلال الايام الماضية وهي لا تلبي طموح الجماهير ولا تتحدث عن معالجات فعلية بل وتجاهلت الدماء البريئة التي أريقت في ساحات التظاهر والبحث عن الفاعلين والجهات التي تقف ورائهم ، لان  بعض الأطراف المشاركة في وضع الحلول هي بالاساس متسببة في المشاكل ومشاركة في الفوضى وليست لها القدرة على ايجاد حلول ناجعة للشعب العراقي وهذه الأطراف تحاول من خلال هذه الاجتماعات الاستئثار بإدارة المشهد من خلال غلق الأبواب أمام القوى الوطنية داخل العملية السياسية وخارجها من أن تدلي بدلوها في الحلول وهي في ذات الوقت تبحث عن طريقة للإلتفاف على مطالب الجماهير من أجل تحقيق مكاسب حزبية وفئوية خاصة وهي تحاول ممارسة المراوغة والخداع و تريد أن تخرج من الباب لتدخل من الشباك لتضمن بقاء الحال على ما هو عليه وتتم مصادرة تضحيات الجماهير التي خرجت مطالبة بإصلاح العملية السياسية بكاملها ، ولاشك ان لامجال لأي حل خارج نطاق المطالب الجماهيرية التي تريد تغييرا جوهرياً  في العملية السياسية من خلال حل الحكومة والبرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وفق الأطر الدستورية والقانونية. ولاشك ان حل الحكومة والبرلمان سيعقد المشكلة في هذه المرحلة وينقلها الى مشكلة أكثر تعقيدا في ظل إلغاء السلطة التشريعية وتعطيل عمل الحكومة وانتظار تشكيل مفوضية جديدة للانتخابات، وكل هذه المتاهات سيدفع ثمنها المواطن الذي لاذنب له في جميع الخلافات السياسية ويجب الحفاظ على السبل القانونية المرسومة في الدستورالتي لا تولد كارثة اخرى وفوضى يريدها المندسون الذين دسهم اعداء الوطن لخلط الاوراق.
إن الكتل السياسية اذا ما ارادة انهاء الازمة مدعوة لتضافر الجهود وكسر حالة الجمود وتذليل العقبات للاتفاق على انهائها للخروج بنقاط ونتائج ايجابيه ملموسة  وفاعلة ومثمرة تسهم في عمليه بلورة الخطوط الواقعية للمسيرة واصلاح عمل النائب في مجلس النواب الذين يجب ان يمثل العراق بكل جغرافيته لتحقيق المطالب الشعبية  وتحجيم رقعه اتساع التظاهرات التي مضى عليها وقت طويل دون الاحساس بالخروج منها الى الاستقرار لاننا اليوم بحاجة إليه أكثر من أي وقت مضى بعد ان افلجت هذه الاحتجاجات المطلبية الحقة الحركة الاقتصادية والاجتماعية و من المجالات والمضامير المهمة التي ستتعرض للانهيار ايضا، حقل التعليم ، بما في ذلك الجانب التربوي الخطير على ما سيلحق بالمجتمع من أضرار فادحة وخاصة الجيل الحالي ، فعندما ينهار التعليم وتضعف مسارات التربية، سوف يتعرض المجتمع كله للتجهيل المتعمد والمتواصل ويعيش الا وعي، وستكون النتائج كارثية على الجميع، وتنهك افراد المجتمع والاحساس بالمسؤولية الملقاة على عاتق رجال المنظومة الحاكمة ملزمة للخروج من عنق الزجاجة و الترجل من على ناقة التعالي الى واحة العطاء ليذكرهم التاريخ بالخير بدل اللعن .
وعليهم الذهاب نحو التخطيط والتنفيذ  لخلق نهضة شاملة في القيم كي نحمي العراق من التفكك، لأننا لمسنا لمس اليد ورؤية البصر والبصيرة المحاولات الامريكية التي جوبهت بالموقف الموحد لرفض الطائفية من كل المكونات والاطياف و ماذا يحدث للمجتمع عندما يفقد القيم التي يستند إليها في ادارة نشاطاته الاجتماعي وسواها..
من الواضح ان ثمة جهات خارجية وداخلية تعمل بتخطيط دقيق وتنفيذ اكثر دقة على ضرب منظومة القيم هذه، لكي تضعف قامتها ويضعف دورها، ومن ثم ينتهي تأثيرها كليا على المجتمع . لذلك ينبغي المباشرة  بالعمل فورا، للحد من تصدّع منظومة القيم، وهو امر يحتاج الى جهد تنظيري فكري وتطبيقي عملي ، الفرصة ما زالت قائمة للنهوض بعراق قوي بشعب لا يهمهم رياح العواتي والتغيير. وللقناعة  أن الأوطان لا تبنىي بالحقد والكراهية والإقصاء والتهميش وإنما بالتسامح والعطف على الضعفاء والتعاون لقضاء حاجة المحتاجين والمحبة فيما بين والإخلاص في الواجب. وكلنا على ثقة بأن الجميع يعي المخاطر التي تحيط بالبلد و الواقع المربك، الفوضوي، والمحتقن، أن هذا الشعب العظيم الخلاّق المُبدع " قُلناها، ونقولها، ونُكرّرها" تجري في عُروقه جينات حضارية تعود إلى آلاف السنين سيَخرج من تحت رُكام هذه الأزمة أقوى وأصلب عُودًا كما خرج من سابقاتها أكثر تسامحًا وتعايشًا، لأنّ التسامح من شِيم الكِبار والأقوياء.. والأيام بيننا ستشهد من جديد نور الحضارة في ربوعه.
عبد الخالق الفلباح – كاتب واعلامي

346
العراق ..غياب الثقة وسلحفاتية التنفيذ
ان المشهد العراقي الحالي محزن وبائس ،في ظل الغليان الشعبي منذ اكثر من  ثلاثة اسابيع والذين يعيشون حالاً من القلق الشديد ليس على مُستقبلهم ومُستقبل أولادهم فحسب، إنّما على حاضرهم أيضًا. والخوف الأكبر من أن يتحوّل هذا القلق اذا لم يتمّ مُعالجته بسرعة، إلى حال من اليأس التام والنقمة على كل شيء وحتى إلى العوز والإفتقار إلى لقمة العيش لعدم وجود برنامج حكومي سليم لعلاج الاوضاع و يفتح شهية لكل الطامعين والمتربصين الساعين لاقتناص مايستطيعون اقتناصه من خيراته وثرواته ، ولايحتاج المرء الكثير من الجهد لاكتشاف واقعه المزري لانهم يعرفون مدى وصول الفساد فيه ، والشعب يضج من حالة المعاناة والفقر والجهل والبطالة المدقعة .والكل يعرف ان النظام تحت هذه الظروف يتجه الى التهلكة في ظل الفساد والنهب ويقف العراق بمفترق طريق خطير جدا لا يعرف عقباه في وضع لدوامة من الهواجس والخصام وافتراض الأسوأ في الآخر، يتحمل عبئها الثقيل شعبٌ مهموم، طامحٌ، دون جدوى، باستقرار وازدهار يستحقه.. لم يحاول الساسة أن يفهموا هذا القلق ويتحاوروا مع أصحابه لإزالة اللبس المرتبط بدورهم المفترض في تغذيته ولنزع فتائل انفجاره المحتمل سريعاً وتعاملهم الفوقي المستبد مع الاحداث،
ربما يتخيل  الساسة ان التمسّك بالسلطة، تمكنهم  من تجاوز عين العاصفة وهم في وضعٍ آمن يمكن تجاوز هذه المرحلة . لكن الاحتجاجات الراهنة تُبيّن أنها لم تُحسن استخدام السلطة التي حصلت عليها.بشكل صحيح  فهي لم تبادر إلى تطبيق أي إصلاحات سياسية لجعل النظام أكثر تطوراً، ولا أي إصلاحات اقتصادية لمعالجة الفساد وتحسين ادارة الحكومة واستحداث العمل للقضاء على البطالة في تشغيل المصانع العاطلة عن العمل والفشل في جذب المستثمرين المحليين والدوليين لإعادة إعمار البلاد  ووضع العصي امام عجلتها  بعد سنوات الحروب والسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة التي حكمته طوال اربعين عاماً الماضية من الخراب الذي لحق به  . وهكذا تواصلت المشكلات ودفعت بمجموعة من المحتجين الذين نفذ صبرهم من شدة العوز والحرمان و بدرجة أكبر من الحكمة إلى النزول إلى الشارع بكل قوة والضغط المستمر للحصول على المطالب ،. وليس هناك من شك ان الاحتجاجات  اذا كانت اكثر نضجاً تُفضي إلى نتائج أفضل و اكثر المتظاهرين رفضوا اللجوء إلى العنف بأي طريقة من الطرق إلأ القلة القليلة منهم . وقد تمكّنوا، من خلال سلميّتهم، من الحصول على دعم داخلي واسع والحفاظ عليه، وفي نهاية المطاف، اضطُرتّ الحكومة إلى إعارتهم آذاناً صاغية رغم انها متعثرة فالمشكلة ليست مشكلة نظام، بل مشكلة طبقة سياسية و أبجديات فهم العمل السياسي السليم  ، ولعل السبب الحقيقي في ذلك هو قانون الانتخابات الذي فُصل وفق رغبات البعض والذي أوصل الكثير من الشخصيات غير المؤهلة علمياً وثقافياً وسياسياً وقانونياً لممارسة العمل التشريعي في العراق.
من هنا بلغ غياب الثقة بجميع القادة السياسيين نقطة اللاعودة. فإن مآلات الأمور غير واضحة المعالم. يمكن أن تكون النتيجة مرةً أخرى وخيمة  و يلمس المواطنون في مختلف أرجاء العراق أن لا الحكومات ولا قوى المشاركة عملت على تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية الموعودة ولم تحاول تطوير مؤسسات الدولة بشكل شامل وديمقراطي وفاعل، بغضّ النظر عن حجم التأثير الواقع على هذه النخبة، الّتي تواجه على أقل تقدير تحديًا شعبيًّا واسعًا لسلطتها وتركت فراغاً في القيادة لدى الحكومة وهم يعتبرون أيضاً انهم عاجزون عن الوفاء بهذه الوعود و بقاء حال المُراوحة لفترة طويلة، بمعنى أن تدور الجهود القائمة للتكليف واستمرارالحكومة بوضعها الحالي  في حلقة مُفرغة، لأسباب مُعيّنة، بحيث يتقدّم عندها خيار الدفع لحكومة تصريف الأعمال، تجنّبًا للفراغ الكامل. لكنّ هذا الخيار يُعتبر الأكثر سوءًا بين مُختلف التجارب السابقة، ويُعارضه أكثر من طرف، لأنّ أضراره على الإستقرار الداخلي لا تُحصى ومُدمّرة، خاصة على الوضعين الإقتصادي والمالي. لذلك يريدون بصورة أساسية أن يبدأوا من الصفر مع سياسيين جدد وأحزاب سياسية وطنية مثقلة بهموم الناس الجياع  الطامحين بالعز والكرامة وترفع العوز عنهم في ظل دولة كريمة بالكامل وبانتخابات جديدة وبقانون انتخابي جديد . وهذا كان واضحاً على وجه الخصوص في رد الفعل على خطة الإصلاحات التي اقترحتها الحكومة العراقية  لاسترضاء المحتجين، لكن الجواب كان لا نثق و الاحتجاجات الأكثر نضجاً قد تُفضي إلى نتائج أفضل، حتى لو كان الطريق نحو بناء دولة فاعلة وكفوءة طويلاً وشاقاً..
ان اعتماد قانون انتخاباتي جديد وبصيغة اكثر عقلانية وقريبة من تجربيات العالم الحر واحساسات المنتخب في حرية الاختيار دون ضغوط حزبية وقومية وعشائرية وبعد الممارسات السابقة التي اعطته تجربة خاضها لم يكن يعرف اولوياتها سابقاً تعلم في رفض الحكومة الطائفية في السياسة  ادارة البلد التي تُفضي بصورة شبه حتمية إلى حكمٍ غير ديمقراطي. و تتسبّب الترتيبات السياسية الطائفية في تعميق جذور الهوية الدينية أو الإثنية و بانقسامات وظروف قاسية ومريرة تؤدي إلى تقويض الوئام الوطني والضروري لتحقيق الإصلاحات الديمقراطية. وعلى نحوٍ غير متوقّع، لم يعتمد البعض من المتظاهرين العراقيين استراتيجية سلمية وغير عنفية وحسب، بل تبنّوا أيضاً، ولأول مرة، رسالة بعيدة تماماً عن الطائفية.
 الإصلاح ليس كلمة تقال، الإصلاح ممارسة وعمل وسياسات وأجندات تطبق على أرض الواقع. الإصلاح ليس تمنيات. من يريد الإصلاح يحتاج لسلطة قادرة وكفوءة ولأدواتها لتحقيق الإصلاح وعلاج الثغرات التي تلمس في بعض التشريعات وبالدستور العراقي  والممارسات التجاوزية التي تعدت حدود الأعراف العامة في التعينات المحسوبة والمنسوبة الى الساسة دون وجهة حق ، تجعل من ارتفاع مرتبة الفرد في الهرم الإداري مؤشرا على أمر لا شبهة فيه، وهو توسع دائرة نفوذه وسلطته، ويترتب على ذلك توسع نفوذ من هم أدنى منه في هذا الهرم .
ومن باب اخر ما زالت هناك حالة عدم الثقة عند المتظاهرين بالوعود و حزم القرارات التي تعيش حالة من البطء والتأرجح في تنفيذها بسبب المعوقات او لعدم ملامستها المطالب الجوهرية لهم، ففي الوقت الذي تراوحت به خيارات الطبقة السياسية الحاليّة بين تقديم الحزم الإصلاحية تارةً والحلول الأمنية تارةً أخرى وهكذا في محاولة للهروب من شبح استقالة الحكومة أو الذهاب باتجاه الانتخابات المبكرة، نجد في المقابل مطالبات شعبية باستقالة الحكومة وحل البرلمان وتشريع قانون جديد للانتخابات ومفوضيتها، وهو ما أظهر حالة عدم الاستقرار عند الكتل السياسية الممثلة في البرلمان خوفا على مصالحهم ومواقعهم والخروج من السلطة وكما يعتقد البعض الاخر الخوف من الفراغ الحكومي الذي قد يجر الى الفوضى ،واصبح الكلام من ان كلمة السر في هذه اللحظة بيد المتظاهرين العراقيين الذين سوف يغيرون قواعد اللعبة السياسية ، فهم الأقدر اليوم على تقرير المستقبل الذي ينتظر المشهد السياسي القادم.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
   

347
المرجعية الحكيمة تبلغ في القلوب مقاماً
لا نريد أن ننتقص من الاحتجاجات التشرينية شيئ لانها هي مطالب لكل الجماهير العراقية وصفت المرجعية المباركة هذه الاحتجاجات بأنها "مطالبة بالإصلاح في البلاد " تجلّى فيها كثير من الصور المشرقة التي تعبر عن محاميد خصال العراقيين، وما يتحلّون به من شجاعة وإيثار وصبر وثبات ،وأكدت  عدم قناعتها بردود فعل الحكومة، وطالبتها بحسم الملفات والقوانين بلا تسويف ومماطلة كما راقبتها خلال الايام الفائتة، ودعت إلى التعامل السلمي مع التظاهرات التي هي أصلاً متحققة في سلوك اكثر المتظاهرين السلميين، وتحويلهم ساحات الاحتجاجات إلى ورش عمل لصناعة مستقبل عراق جديد: لذلك من الافضل اشراك الطليعة الوطنية  من أجل التخلص من المعاناة التي يعاني منها الشعب ولعل الوقت قد حان من اجل قطف ثمارها وابعاد الذين سرقوا خيرات العراق ولا يعطون المجال من اجل ان يقررون ويتلاعبون بمصيرهم من جديد وبنفس الاساليب والمرحلة تستوجب اشتراك قيادات واعية  متمرسة و مخضرمة في السياسة والعلوم السياسية والاقتصاد السياسي ومثقفة بالعلوم الاجتماعية ، ان الخيال السياسي للمثقف العراقي كان يختزن مجموعة سيناريوهات للتغيير مستقاة من التجربة السياسية العراقية لكن الموقف كان سلبياً وفي أحسن الأحوال داعماً لفظياً بل ذهب جمهور من المثقفين الى التحذير من هذه الاحتجاجات ونسبتها الى توجيهات أميريكية في إطار صراعها مع الجمهورية الاسلامية الايرانية من دس مجموعات مخربة وهو غير خفي  وحقيقي كما ظهرت الشواهد والى الايادي البعثية هي التي تقوم بتنسيق فعاليات الانتفاضة من بعض جوانبه و ظهورهم في اهم حراك جماهيري وركوبهم الموجة . إن المواطنين لم يخرجوا الى التظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة الغير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بمثل هذه الظاهرة القوية التي اشتركت فيها نماذج مختلفة من المجتمع و بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد المتفاقم يوماً بعد يوم، والخراب المستشري على جميع الأصعدة، بتوافق القوى الحاكمة ـ من مختلف المكونات ـ على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر، حتى بلغ الأمر حدوداُ لا يطاق،ولا سيما في مجال ملاحقة كبار الفاسدين واسترجاع الاموال المنهوبة منهم والغاء الامتيازات المجحفة الممنوحة لفئات معينة على حساب سائر الشعب والابتعاد عن المحاصصة والمحسوبيات في تولي الدرجات الخاصة ونحوها واصبح من المتعذر على نسبة كبيرة من المواطنين الحصول على أدنى مستلزمات العيش الكريم بالرغم من الموارد المالية الوافية للبلد.
 
 
الواقع ان على النخبة السياسية الحاكمة التعامل مع الاحتجاجات باعتبارها صاحبة حق ولا تهدد وجودها انما تعلن عن مظلوميتها وهي الان قد تجاوزت الشعارات المطلبية العادية اليوم إلى مطالب سياسية بإصلاح النظام أو حتى تغييره، من خلال إطلاق  مسميات كثيرة على مثل هذه التظاهرات المطلبية . من هذا الباب، يمكن اعتبار الاحتجاجات الراهنة بوصفها الحركة الأهم في مسار الحركة الاحتجاجية العراقية والطريق الاصوب الضاغط لاصلاح  الفساد السياسي والاقتصادي والخدمي المعدوم مع صرف المليارات من الدولارات دون بروز اي مشروع للعيان والواقع  .
وقد كان خطاب المرجعية الدينية الاخير بمثابة انذار للطبقة السياسية في العراق وتحذير من امكانية التدخلات الخارجية اتهم من سمَّاهم (أطرافاً وجهات خارجية كان لها في العقود الماضية دور بارز فيما أصاب العراق من أذى، قد تسعى لاستغلال الحركة الاحتجاجية الجارية اليوم لتحقيق بعض أهدافها) و إنّ معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي الكريم إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون اعباءها الثقيلة، ولا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي بأي اتجاه، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية واقليمية يكون الخاسر الاكبر فيها هو الشعب على حد قولها اذا تماهلت او لم تستطع القوى السياسية  الحالية على اجراء اصلاحات حقيقية بعد 16 عام من الفساد والمحاصصة وتقاسم المكاسب على حساب خدمة المواطن العراقي و اذا بقى الوضع هكذا وما دام صراع البقاء هو السائد فان قوة القوي تلغي منطق المساواة والعدالة في أي مجتمع أو سيادة و لا بد أن يظفر في النهاية للسيطرة على مظاهر الحياة ويختفي الأصلح الذي يجب ان يسود و تبقى القوة هي المسيطرة على تحقيق المصالح المشتركة .
  وقد صرحت المرجعية : "إنّ الحكومة إنما تستمد شرعيتها ـ في غير النظم الاستبدادية وما ماثلها ـ من الشعب، وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره، وتتمثل إرادة الشعب في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة، ومن هنا فإنّ من الأهمية بمكان الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية اذا أراد الشعب تغييرها واستبدالها بوجوه جديدة. وإنّ إقرار قانون لا يمنح مثل هذه الفرصة للناخبين لن يكون مقبولاً ولا جدوى منه. كما يتعين إقرار قانون جديد  للمفوضية التي يعهد اليها بالإشراف على إجراء الانتخابات، بحيث يوثق بحيادها ومهنيتها وتحظى بالمصداقية والقبول الشعبي "
المهم الأحزاب السياسية في العراق كلها فاشلة وأثبتت الأحزاب التي تشهد المظاهرات عدم قبولها وعدم تمكنها  من أن تثبت قدرتها على تولي السلطة بشكل مقبول و ان فشل القيادات المشاركة في العملية السياسية و في الحكومة من ايجاد الحلول وعدم سماعهم النصائح السديدة، بل عن انعدام إلارادة السياسية - وعن وسعت الفساد في كثير من الأحيان.
وتُعدّ مطالب المحتجّين عادلة ومحقة لا شوائب فيها وباعتراف الكتل السياسية على العموم دون استثناء ، فقد نفذ صبرهم. دون ان يقوموا الساسة بخطوات واضحة لمعالجة الامورسوى محاولات امتصاص زخم الشارع  و القول بصوتٍ عال وواضح: "نحن نسمعكم" واعطائهم الاذن الطرشاء وهذا سبب فشلها، ولا نريد أن نخوض تجاربها من جديد لانها لم تكن يوما في مسار صحيح ،حتى وان  لم تحقق الاجتجاجات أهداف التغيير التي تهدف إليها اليوم إلا أنها تذكر الجميع بأن نبض الشعب العراقي قد تغير ، وأن الطائفية ليست طوقا يطوق به ، وأن الشعب العراقي عصي على الخضوع و قوة القتل والقمع ستقهر فالظروف تتغير وموازين القوى لا تثبت، والزمن هو سلاح أبناء التراب، إن تجاوز المأزق الحاد الراهن يتطلب وعياً استثنائياً من جميع المعنيين بتجاوزه ، وإن مفتاح ذلك راهنٌ كما يرى المحتجون.فی اصلاح العملية السياسية . فهل يمكن تحقيق ذلك، هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.ولابد للغيوم أن تنقشع والشمس أن تشرق من جديد وتطل علينا ببهائها الجذاب فتنبعث أشعتها لتبعث بالدفء في كل الوجود حينها مهما طال الظلام لتمحو اعواماً من الحرمان.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 
 

348
لمن يجب ان يقال بره بره بره
البيئة العراقية بكل اطيافها  والاعراف التي تتمسك بها وجدت نفسها ملزمة فى قسط كبير من إدارة حياتها الداخلية والاجتماعيـة بعاداتها وتقاليدها السامية  ، وهي تقاليد تتميز بالرفعة والسموعند العشائرالعريقة واسعدت اينما حطت ، وعلى مخزون الأخلاق والقيم ، وموروث العادات والتقاليد الحميمة ، وعلى رأس ذلك كله ، كرام الضيافة والشيمة والنبل العشائري عند أهله ورجالاته ومجالاته في القضاء حتى وإن قست بعض أحكامه وثقلت بعض أعبائه ، وتحملـته العائلة الصغيرة ، والعشيرة والقبيلة الكبيرة ،وتبذل المستحيل للمحافظة على موروثها  وفى الجوهر على قاعدة ذهبية هى قاعدة الإصلاح بين الناس ، وتطييب الخواطر ، ويبلسم الجراح ، والنهـوض بالمعنويـات ، وحافظت على المروءة والنخوة والقدرة على الرضى والتسامح وإلتئام الجراح ، وغسيل القلوب ، وإضاءة الحب والتراحم ، حتى تصعد من الهوة ، وتنهض من الكبوة ، وتكون فى الموقع الأعلى حيـث تتطلـب القضايا حلاً. وفى قلب الاضطرابات التى تقع بين الإخوة في اي مكان اذا وقعت الواقعة  ، ميثاقاً وعهداً يعلنون فيه حيادهم الإيجابي حتى تجاه عدوهم ، كما يعلنون فيه البراءة من أى فرد فـى مجتمعهم الكريمة اذا قسى في اي ظلم و تسول له نفسه الاعتداء على أحد بغير حق ، وبغير استشارة وكان ذلك الميثاق والعهد نموذجاً لكيفية إدارة المسؤولية ، ووقايته من التورط فـي المشاكل وحماية المجتمع من استسهال الخطاء والتقصر وإلحاق الأذى .
والعلاقات المختلفة والمتـوترة فـي بعض الأحيان تحل بالطرق السلمية  والهادئة في أحيان أخرى بين أبناء االعشيرة وكذلك أبناء الريف ، ودون الحاجة لتدخل الدولة ، وأدوات تنفيذ القانون في بعض الأحيان و يحظى باحترام وموافقة الجميع ، وأن أحكامه فـي بعض الأحيان ، وفي بعض قضايا معينة مثل قضايا العرض أشد قسوة ، وأكثر رهبـة من أحكام المحاكم العادية مما جعل له مهابةً واحتراماً في نفس الوقت ، في قلوب كـل من أبناء العشائر، مما جعلهم يعتمدون عليه ويثقون بـه فـي حـل قضاياهم ،
الكفل يعني الإلتزام بالوفاء والأداء ، ورفع الأذى وحماية المكفول ، والكفل إلتزام بالعمل على تحصيل الحقوق المادية والمعنوية التى كفلها الكفيل ، والتـى أُقـرت بالتقاضي من عند راعى البيت ، أو أُقرت بالتراضى بين اطراف  الكفلاء . وهم الاشخاص الذين يضمنون  حماية المعتدي من إنتقام المتضرر بعد حل المـشكلة ، وذلك بعد أن يحل الطيب والطياب ويسود الأمن بين الطرفين فى عرض الكفلاء .
اما الضيف إكرامه من مكارم الأخلاق، وجميل الخصال التي تحلَّى بها الأنبياء، وحثَّ عليها المرسلون،واتصف بها الأجواد ، كرام النفوس فمَنْ عُرِفَ بالضيافة عُرِف بشرف المنزلة، وعُلُوِّ المكانة، وانقاد له قومُه، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سُؤدده إطعام الطعام، وإكرام الضيف في طلاقة الوجه، وطيب الكلام، ، والقاصد لوجه الله يجود بالموجود، ولا يتكلف التكلف الذي هو فوق الطاقة، اما الذين جاهدوا في سبيل حماية الشرف وقطع دابر الفتن ودعم العشيرة في المحن والدفاع عنها والوقوف معها لردع العدوان دون حسابات المال والجاه سوى مرضات الله عليها  فيقول سبحانه وتعالى "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ"  حتى وان كان في وقت ما في خصام فالعفو هو اقرب للتقوى هكذا كانت القيادة السياسية الايرانية الحكيمة اتجاه العراق وشعبه في المحن  .
ومن هناك بعد عام 2003  حدث تغييرا كبيرا في نظرة العراقيين تجاه هذه الدولة الجارة العزيزة  لدى  كل مكوناته ،الشيعة والأكراد واكثر السنة وأصبحت النظرة الى إيران من لاعب أساس وشريك قوي الى اعتبارها ضامناً مهماً للأمن والاستقرار في وجه المخاطر التي كانت تهدد  ولازالت العراق وشعبه عكس كل الدول الاخرى التي لم تأتي بشئ يخدم شعبها سوى الويل و المعاناة والاذى ولم يقل لهم احد ( بره ، بره ، بره ) فكانت فحوى الاية القرانية تطبق عليهم "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ" ﴿٦٨﴾ العنكبوت مثل ( السعودية التي تبذل المستحيل من اجل خلق الفوضى ودعم الحركات المجرمة والمناهضة مثل حزب البعث المجرم واركانه وجمعهم في مؤتمر تحت تسمية ( العراق وافاق المستقبل ) هذه الحركة العجيبة لما تحمل من غايات في هذا الوقت مع الازمة التي تمر بالبلاد على رأس تلك الشلة قيادات معروفة بتاريخه الدموي والخبيث ولم تقف تلك الدول معه حتى باطلاقة واحدة  ولزموا الصمت  المتشمت الدامي والسلبي والمغرض وبعض السياسيين المشاركين في العملية السياسية والحكومة من المنافقين والمتربصين وشذاذ الافاق والولايات المتحدة الامريكية والامارات المتحدة بالمال والخبث الفائق ودول خليجية اخرى وتركيا التي فتحت ابواب حدودها من اجل دخول الالاف من الارهابيين لغزو بلادنا  ) وتقديم الدعم الإ متناهي لتلك المجموعات مادياً ومعنوياً وفتحت ابواب جهنم على الامة العراقية وحيث لم تقدم اي دولة من دول الجوار اي نوع من المساعدة بينما وقفت الجمهورية الاسلامية الايرانية فكان لها موقفاً مشرفاً ولعل تجربة دخول المجموعات الارهابية ( داعش ) اكبر برهان في صد تلك الهجمة الشرسة بعد ان سيطرت على ثلث مساحة العراق واحتلت مدن مهمة كالموصل وتكريت واجزاء واسعة من الرمادي في فترة قصيرة وهددت قلب بغداد ، فضلاً عن كونها صاعقة ومفاجئة بالنسبة الى أغلب القادة السياسيين في العراق والقوى الاقليمية والعالمية في توسعها فإنها ايضاً احدثت نوعاً من الارباك والتخبط في التحليل السياسي تجاه هذه الازمة.
هنا كان ذلك الموقف النبيل في دعم العراق بكل الممكنات العسكرية للدفاع عن امنها ومقدساتها بعد ان وصلت قوى الشر ودقت ابواب بغداد وهذه السياسة كانت لها نتاجات ايجابية كثيرة، منها تدعيم القوات الامنية بالخبرات والاستشارات دون حساب اوكتاب لا بل قدمت شهداء من قادته ورجاله الشجعان من قواتها رحمهم الله واعلى مثواهم  سقت دمائهم الارض فخضرت واصبحت كالنخلة الشامخة وعطائها بلا حدود وكلمات الثناء لا تفي شيئ بحقهم وسحابة تمطر خيراً منحت الثقة والارادة وعززتهم في النفوس ....وكانت اليد الضاربة لرد العدوان والقضاء على هذه العصابات و،تحسين الظروف الأمنية نسبياً خلال السنوات الثلاثة الاخيرة وايضاً نموا كبيرا في علاقات السياحة الدينية حيث يزور ملايين من الزوار للعتبات المقدسة في البلدين والاقتصادية التي بلغت عشرات المليارات بينهما. وعلى الرغم من بروز الرؤية الاستراتيجية للعلاقة مع إيران من جانب الجماهير وبقاء رؤية التعاون والشراكة من جانب اكثر المكونات إلا أن هناك رؤى مختلفة قد تكون سلبية يمكن رصدها من قبل افراد من أطياف أخرى من الشعب العراقي للحقد الطائفي الاسود في قلوبهم اوجهلهم بالروابط الاخوية التاريخية التي تربطهم وما قدمته ايران دون تمييز للدولة من الامكانات العسكرية وحتى الطيران والصواريخ وكل متطلبات القتال والنتائج الايجابية لهذه العلاقة . هذه المواقف بينت أن إيران وعلى الرغم من كل السلبيات عند البعض تجاهها  إلا أنها لن تألوا جهداً  أن تهب لحماية الشعب العراقي  في الظروف المصيرية وأمام المخاطر التي من شأنها نسف الوجود السياسي  والانفتاح للعراق  في المنطقة. والتي ارعبت دولها . ومن رموز و علامات ذات الصلة بالهوية الثقافية و الإجتماعية الطيبة للمجتمع .
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
 
 
 
 

349
الخيط الرفيع لزوال الخصام في العراق
ثمّة خيط رفيع بين المطالبة بالحقّ ( الحكمة والعقلانية ) من قبل الجماهيرالمتعطشة للحقوق  والاستجابة لها اومصادرة حقّها من قبل الحكومة التي ينخرها الفساد ، وخيط رفيع بين المطالبة بالحقّ والاتّجاه نحو الفوضى، بين أن تتظاهر وتحتجّ وتصادر الرّأي الآخر وتنتهك كرامته و بين الصّراخ والتّعبير عن الذّات من قبل المندسين القلة القليلة الذين اخروا تحقيق احلامهم بسلبياتهم وتجاوزهم على المصالح العامة واعتدائهم على المؤسسات المدنية والاقتصادية  التي نتنج قوة الشعب .نعم فأن الحكمة والعقلانية السبيل لحل المشاكل المشتركة ولايمكن للحكومة الغارقة لالازمات والضحية التي جعلتها القوى السياسية كبش الفدى وحصرتها في زاوية ضيقة  لوحدها ان تضع نهاية للمعاناة المستعصية وأن تستفيق فجأة على الوعي بهذه السهولة وهي مكبلة بتراكات الماضي القريب والبعيد وقيام البعض من القوى السياسية باثارة الشارع لخراب البلاد والعباد .  ولا تستفيق الحكمة في مدّة زمنيّة قصيرة. فالحكمة مسيرة وعي طويلة يبنيها كلّ أفراد المجتمع. وإنها لمصادفة عجيبة أن تدعو الحكومة بكلماتها للتغيير وتعمل على إصلاحات حقيقية تخدم الشعب وفي حين فشلت فشلاً ذريعاً الحكومات السابقة  في احتواء كل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخدمية التي مرت على البلاد خلال الاعوام الماضية وكلفت ميزانية الدولة مئات المليارات من الدولارات دون اي عطاء ملموس  وفي بمحاولة خداع المنتفضين والالتفاف على مطالبهم وكسب الوقت من خلال إلهاء الشارع بقضايا تطيل عمر الحكومة الحالية  وحتى في تعديل بعض فقرات الدستور التي من المؤمل أن تغيّر هناك ابهامات تعيق مستقبل العملية بسبب المحاصصة ، فى حين عندما نشاهد عناوينها لم يتناغم مع أحد تعريفاته ، ذلك لأن الحياة لن تتغير لمجرد انك امتلكت يوماً إرادة قوية وحقيقية لانجاز منجز بسيط ، هذا فقط اول الطريق، و سيكتمل الطريق، عندما تعمل فعلاً على إدارة هذا التغييربشكل سليم دون معوقات نتوقعها كما هي كانت بالتجارب السابقة ولعل الالغام الكبيرة التي يحتويها الدستور سوف يكون العائق الاصعب في امر تغيير فقراته والذي ينص احداها على مايلي "  الحصانة الدستورية لصلاحيات الاقاليم ضد التعديل الدستوري:- المادة 126 /رابعاً :-(لايجوز اجراء اي تعديل على مواد الدستور من شأنه أن ينتقص من صلاحيات الاقاليم التي لاتكون داخلة ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة السلطة التشريعية في الاقليم المعني وموافقة اغلبية سكانه باستفتاء عام " ، واذاً كيف يكون ذلك اذا تحقق جزء منه ويمكن ان يقلل او يبتعد عن الضغوط اذا امنت الجماهير من خطر الاختراق والمصادرة والاغتصاب طالما أن هناك أدوات قوية بيده وهو الاصرار على انهاء المعاناة  مهما حاول النظام  تسخير قدرته في تكسير "شوكة هذه الإرادة" أو تحويلها إلى أجندتها ، ولا يمكن و من العسير تكسيرها أو احتواؤها بسهولة ويسر إذا كانت صادرة عن قوى شعبية تتمتع بحد أدنى من النضج الفكر السياسي ولها علاقة حميمية مع الانتصار ، وتختفي لديها بالكاد الفوارق الاجتماعية التي تضرب بعمق في كل مناحي حياتها. وهذه ضرورة حتمية ولكن لا يستطيع المتظاهر الذي خرج يطالب بها  تحمل كُلفة تجاهلها، فليس من المنطق أن يتحمّل الشارع طواعيةً سلبيات التنفيذ العبثى لقرارات التغيير التي تدعي الحكومة تنفيذها انما يعمل مع الايجابية الحتمية اذا ما كانت موجودة ويتعاون معها  . وسوف يراقب هذا التغيير اذا أصبح من حيث نسب التنفيذ والتحديات والتأخير والانتهاء ويسعى إلى السهر على تنفيذها اذا كانت صادقة من قبل  الدولة حتى إن توالت الحكومات والرؤساء خلال فترة العمل عليها ...ويقول نابليون بونابرت ( لا نحكم شعبا إلا بأن نريه المستقبل ، القائد هو تاجر الأمل ) نعم القائد الفذ وصاحب الضمير وابن الوطن هو القائد و هو الذي يصنع المجد لنفسه ووطنه ولنا من مهاتير محمد في ماليزيا المثال الاروع في خلق دولة من الصفر الى اعالي التقدم بفكره وحرصة الشريف  . مثل هذا االعزم سيكون هو الضامن لحسن إدارة التغيير فى العراق وسيكون أحد أهم العناصر التى تساعد على تسليم الراية من حكومة إلى أخرى بمهنية واحترافية، و الخطاب السياسي النابع من الوجدان الحي هو العهد والقسم هو الرسالة المعلنة الصريحة للحكومة الحريصة الفاعلة سواء كان فردا أو نخبة أو سلطة وهي ليست مجرد كلمات أو تراكيب لغوية، إنما هي أجندة سياسية ورؤية  إستراتيجية ومشاريع أخلاقية تعكس التكوين القيمي والخلفية الثقافية لصانعيه من الرجال الاوفياء  ، ويؤدون أدواراً  سياسية واتصالية أساسية في صناعة الوعي وبيان الإستراتيجية وآليات تطبيقها و أداة الإفصاح عن غايات المجتمع ، وهي اذا كانت من  حيث المصدر واقعي، ومن حيث الغرض : توجيهي ،أو إصلاحي ،أو تغييري في سبيل التحول الحقيقي ويكون دوره المثالي أو القدوة حاسما فالتزام الأفراد الذين تضمهم الحكومة  في سلوكها وتصرفاتها في الأوقات العادية وفي أداء مهامهم كمثال للتغيير وواجب وضرورة تقتضيها مشروعية وجدية مشروع التغيير. عند ذلك يكون تحقيق الهدف ممكنا أو سهلا عندما يكون أقرب للواقع الملموس وقابل للقياس فيعطي بذلك الأمل ويعزز فرصة في التحقيق والإنجاز. الحکومة الإنسانیة ترى نفسها مؤتمنة، والمؤتمن مسؤول ومحاسب ولا تخرج إرادته فی التصرف فیما أؤتمن علیه عن إرادة من ائتمنه، وفی مثل هذه الحکومة لابد من جهاز رقابة ومحاسبة ومحاکمة ومجازاة بالمکافأة أو المعاقبة لا تخفی المعلومات ولا تجییش للأنصار ضد المحاسبة أو المطالبة، ووظائف المراقبة والمحاسبة تتطلب أن یکون الجهاز المتکفل بها جهازا شعبیا خالصا وتشکیله بإرادة شعبیة محضة.
وهناك شعوب لم ترى التغيير بعد ومازالت بفعل عوامل مختلفة خاضعة لأنظمتها الشمولية ولكن مهما يكن خيار التغيير فإن كل مجتمع يجب أن يشكل المصمم الرئيسي لشكل تغيير واقعه…وقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابة  {{ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِم }}الرعد:11.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

350
من عَشَقَ شَيئاً أعمى بَصَره
عندما نريد ان نتحدث عن الارهاق والمعاناة الذي يعاني منه الشعب العراقي بسبب السياسات الهزيلة للحكومات التي تعاقبت عليه فقليل ما نستطيع الحديث عنه في مقال و دون ان يحصل المواطن على الحد الأدنى من مستلزمات العيش الآدمي السليم وبالقسوة و أعلى درجات الظلم ، واعلى درجات القسوة هي ان تهان في عيشك وكرامة عائلتك بوجود كل الامكانات المادية والمعنوية في دولة خلق الله فيها كل اسباب الخير والعطاء . وعندما امتدت شرارة الاحتجاج و هي تقف وراء حراكها الجاري (الكتل السياسية الحاكمة ) بعد ان طغوا وبلغ السيل الزبى وانكشف الحيف والظلم  وفسدوا وأفسدوا وافقروا مواطنيهم وأضعفوهم لذا نراهم اليوم ينأون بانفسهم عن حركة الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت عنيفة رغم دعوات الاصلاح التي كانوا يدعونها وادوارهم التمثيلية البارعة والخطابات العاطفية الفارغة للبعض ، وما اجبرت هذه الحركة الغاضية الكثير من كبار المسؤولين في الحكومة ليهرولون باتجاه الاعتراف بالتقصير والاعتذار عنه ومحاولة طرح حلول حتى وإن وصفها البعض بالمتسارعة و الترقيعية  للتهدئة ومنح الحكومة فرصة تنفيذ ما وعدت به والاعتراف بأن التظاهر حق شرعه الدستور الذي تم تشكيل لجنة لتعديله من 18 شخص ليس فيهم اي واحد يفهم بالقانون الدستوري وهو العيب الكبير في اول خطوة وقع فيه مجلس النواب وهناك من استغل المرحلة في غياب الاستقرار الدولة للعبث وفرض انانيته في تعيين اقربائهم ومحسوبيهم في مسؤوليات جديدة في وزارات مختلفة في مقدمتهم  وزارة الصناعة وما يدل على ان الامور لن تكون افضل حالاً من هذا الوضع ويعكس قراءة مغلوطة لواقع الحراك الشعبي الاحتجاجي الواسع من قبلهم ، ولمطالبه الشاملة وما أفرزت من معطيات التي نقف مع سلميتها  .
نعم التقصير من الذين عشقوا النظام السياسي ويحكمون به وتمسكوا بمقاعده ولا يمكن انكاره في البلد ولا مجال للدفاع عنهم  فأن (من عَشَقَ شَيئاً أعمى بَصَره، وَ أمرَضَ قَلبه، فَهُو يَنظُرُ بعَين غَير صَحيحة، وَ يَسمَعُ بأذن غَير سَميعَة )  ولكن المظاهرات تنجح اذا بقت تحافظ على سلميتها ولا ينبغي أن تتحول إلى عنف وصدامات وفوضى وخروج عن القانون وتهديد الأمن العام وتخريب وتفكيك مؤسسات الدولة من قبل العناصر المندسة كالبعثيين أو الدواعش أو الذين غرروا بالبسطاء وأخرجوهم في مظاهرات ليستغلها المخربون في القيام بخرق النظام العام والتعدي على ممتلكات الامة باسم الاعتراض والعصيان والحقوق الاجتماعية، ويدمروا المنشآت والمؤسسات العامة وقطع الطرق واجبار المدارس والجامعات والدوائرعلى تعطيل عملها .
نعم الفساد غير المسبوق في العراق ويقف في مقدمة دوله ومسد الآفاق ولكن إن المشاكل المتعاقبة على مدى عشرات السنين، ليس بمقدور اية حكومة أن تحلها بين ليلة وضحاها وتحتاج الى ضغوط مستمرة دون ان تؤثر على حركة الشارع لكي لا ينقلب عليه . وان حالة التشتت وعدم الانسجام بين المتظاهرين وغياب الهوية الواضحة للتظاهرات قد لا يمكنها من تحقيق أهدافها المنشودة مما يتسبب في استنزافها وإجهاضها .. لذلك على الجميع ان يدركوا بغض النظر عن توجهاتهم ، بان العراق على مفترق طرق ، فإما أن تعمل من اجل ان تصنع بلدا آمنا حرا يعيش يسوده العدل والمساواة ويعيش فيه الإنسان بكرامة وحرية.. أو أن يؤدي بهم الفساد والإرهاب الى مستقبل مجهول المعالم والخواتيم ..
الخيار الآن للجماهير دون مسميات في نهضتها ، ان تترك  انتماءاتها الحزبية والفئوية وتجعل ولائها لوطنها ولمستقبل الاجيال القادمة  ، فالجميع وان تعددت مشاربهم لا زالوا يبحرون في سفينة واحدة يجب المحافظة عليها من شر الاشرار ومن اجل المسار والتغيير المطلوب ينبغي ان يستند الى خارطة طريق واضحة المعالم مدعوة بتعبئة واصطفاف وطني واسع عابرة للاستقطاب الطائفي والعرقي و هو الذي يقرب المسافات و يوصل الجميع الى الهدف المنشود. ويجب ان نؤشر إلى وجود من يصطاد في الماء العكر من أعداء العراق، من خلال  مواقع رسمية وقنوات إعلامية لحزب البعث العراقي المنحل وفضائيات دول وهي تنشر المعلومات الكاذبة والمفركة وتتبنى مطالب المتظاهرين لركوب موجتها ، وطبعا هذا التحرك ليس حبا بالشعب الذي كانوا يقتلونه بالعنف نفسه إبان حكمهم البغيض لمدة 35 عاماً خلت  لذلك النظام ،
 إن تحقيق رغبات ومطالب الشعب يتطلب تعاون وتكاتف كل القوى والأطراف، و حماية الأمن والاستقرار وحاضر ومستقبل البلد واجب ومسؤولية الجميع ويستدعي الحذر والحكمة من الجميع. وبالتالي نحن أمام مجموعة من الشباب اليائس العاطل الباحث عن عمل يجب مراعاة معاناتهم ، وقد خرجوا يطالبون بحقوقهم ويدافعون عن أنفسهم ويجب ان تكون لهم  رؤية واضحة للحل تستند الى إعادة النظر بالدستور ومناهضة ماترتب على العملية السياسية وافرازاتها والعمل على اقامة دولة المواطنة التي يسودها العدل ويحكما القانون ورفض التدخلات الخارجية وصولا الى إقامة نظام وطني يلبي حاجات وتطلعات العراقيين بوطن آمن وموحد ومستقر .وبلاشك ان القوى السياسية فشلت في ادارة الحكم وكلها غير مؤهلة لأن تقود الشارع، وتعلم إن شاركت في التظاهرات فستؤدي إلى رفضها من قبل الجماهير . لا مناص منه وهم على بينة . إن تحقيق رغبات ومطالب الشعب يتطلب تعاون وتكاتف كل القوى والأطراف التي تشعر بالمسؤولية الوطنية وتعمل عليها بكل صدق ، وان حماية الأمن والاستقرار وحاضر ومستقبل البلد واجب ومسؤولية الجميع ويستدعي الحذر والحكمة من الجميع. من هذا الإحساس  بخطورة الأوضاع بالعراق ومحاولة التصدي لتداعياتها و تصاعدت وتيرة الحراك الفطري  للجماهير باتت  مؤثرة في المشهد السياسي للبحث عن مخرجات واقعية لمعالجة ازمات العراق التي باتت مستعصية جراء فشل القائمين على ادارة العراق على حلها وحقيقية لانتشال العراق من المأزق السياسي الذي يتخبط به منذ عقود من الزمن وحتى الان.
العراق يمر بظروف حساسة يحتاج معها إلى التهدئة والاستقرار السياسي والأمني، وبرؤية جديدة تعيد الامل للساعين الى عراق آمن وموحد ومستقر وان الاجواء المتوترة والاخلال بالوضع الأمني وخروج الأحداث عن السيطرة، سيزيد الوضع سوءاً وصعوبة، ولن تحل المشاكل وسيتضرر منه كل الشعب دون الاستثناء ويجب التعاطي مع الاحداث بحكمة .
والدعوة إلى ضبط النفس وحماية القانون والحفاظ على المصلحة العليا للوطن . ان مسؤولية ما يجري تقع على عاتق السياسات الخاطئة المتراكمة، التي تحاوّل الإصرار عليها القوى السياسية القابضة على زمام الامور وتحول الخطأ الى خطيئة، وان الحكومات المتعاقبة بمواقفها المتعنته انما دفعت الأمور الى هذه الحافة الخطيرة ما يفرض على القوى السياسية اخذ العبرة والحذر منها والكف فورا عن اللعب بالنار والاصرار على القراءات الخاطئة والمصالح الأنانية والضيقة والأجندات غير السليمة  وعليها المبادرة الى تحمل مسؤوليتها السياسية عما جرى ويجري وتقديم مصالح الجميع والمستحيل من اجل تحقيق المطالب الحقة بعيدا عن ولاءات الكتل السياسية وضغوطها وعن المحاصصة، والانطلاق في ذلك من مصالح  الشعب اساسا، و تطبيق خارطة طريق تنقل البلاد الى شواطيء الأمان والاستقرار، وتطلق حركتها على طريق البناء والإعمار وتقيم دولة المواطنة والقانون والديمقراطية الحقة والعدالة الاجتماعية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

351
بين المسؤولية و حسن المشاركة في الاحتجاجات
ان اكثر المشاركين في المظاهرات والاحتجاجات هم من الطبقات المعدومة والمسحوقة والفقيرة التي غفلتها الكتل السياسية الحاكمة وضيعت حقوقها في خضم المناكفات والفساد المستشري والمتاجرات بين الكتل المشاركة في العملية السياسية لا بل تم استغلالهم تحت شعارات ضيقة وبقيادات تتصارع على المكاسب قبل حقوقهم والمقابل هناك من ركب الموجة واستغل طيبة قلوب اهلنا في تغيير مسارالمعوزين البسطاء والمراهقين بالمال الاسود واندساس الخونة من الاحزاب المأجورة مثل حزب البعث المجرم في شراء الذمم الضعيفة واحراف هذه المظاهرات عن مسيرها وتحريضهم على الاساءة دون وعي مما اجبر القوات الامنية للتعامل السلبي معهم فكان ما كان من دماء مما زاد من جمر المتظاهرين السلميين الاماً وهذا لا يعني من كون القوات الامنية لم تخطاء ولا يمكن من براءة المخطئين وابعادهم عن الحساب والتقصير ولا بد ان ينالوا الجزاء العادل .
نحن لانشك من كون هذه الاحتجاجات المستمرة التي تحدث منذ قرابة اسبوعين في بلدنا العزيز كونها حقة انما اكثرالمطالب جماهيرية ومستحقة ومسؤولية الحكومات المتعاقبة التي حكمت طيلة السنوات الماضية لا بل منذ تاسيس الدولة العراقية توفيرها ونأسف لسقوط العدد الكبير من القتلى والالاف من الجرحى ولاسباب مختلفة واصلها هو الدفاع عن حقوق الشعب بالطرق الحضارية التي اقرها الدستور وكنا نتأمل على ان تتنوّع فيها التعبير و الأساليب السلميّة لتلك المظاهرات، من هتافات التضامن التي لا تسيئ لاحد ودعوات الوحدة بين اطياف المكونات وصولاً إلى اعتصامات في المدن دون التجاوز على المرافق العامة والمؤسسات والطرق والمعابر التي يرتزق منها العامة من المواطنين .
على الرغم من قيام بعض المتظاهرين بأعمال اعتداء وتخريب واستغلال لياليها من ضعفاء النفوس ترفاً لقضاء نزواتهم الشيطانية التي لا تمن عن ثقافة مجتمعنا وأصرّ المحتجّون الاخرون على الاستمرار بسلميّة حراكهم. وفي نهاية المطاف، كما يريدون ، أو على الأقلّ جزء أساسيّ ممّا يبغون وعدم اكتراثهم بالمسيئ او المنحرف.
لقد حرصت الدول الديموقراطية على التأكيد على هذه الحرية (التظاهرات السلمية) في دساتيرها، وتنظيم ممارستها في قوانينها.
نجد أن الدساتير الديمقراطية تحرص على تكريس الحريات العامة للأفراد، وتجعل المهمة الأساسية للدولة هي حماية هذه الحريات، وكفالة ممارستها بأعلى درجة ممكنة من اليقضة والحذر من الانجرار الى التهور ، لأنه بات من المسلم به في دول عالمنا المعاصر أن نظام الحكم لا يعد ديمقراطياً ما لم يكفل تمتع الأفراد بحرياتهم، لا سيما التظاهرات السلمية،
تتطلب مهارات وقدرات مختلفة من حفظ الأمن الروتيني، على وجه التحديد لان هذه المهمة تتطلب الموازنة بين المصالح والحقوق المتعارضة للأطراف كافة ،المتظاهرون منهم وغير المتظاهرون
 ينبغي من المتظاهرين الالتفات الى الامور التي  تسبب درجة معينة من تعطيل الروتين اليومي ولابعادها عن التشويه والدس على حد سواء في الشوارع والأماكن العامة الأخرى اوحتى المؤسسات الحكومية على اساس انها مواقع مشروعة للتجمعات خطاءاً مثلما يحدث امام موانئ البصرة والمشاريع النفطية التي تعتبر الشريان الرئيسي لدعم اقتصاد البلد وتترتب عليها خسائر تضر بكل مواطن دون استثناء وتسبب في غلاء المواد وزيادة التأمين البحري وتسبب هجرة السفن والبواخر الى الموانئ الاخرى لدول الجوار وقد تفرض عقوبات دولية من قبل المنظمة العالمية للملاحة وينتفع التجار للمطالبة بالتعويضات عن الخسائر   ،
وتُوافق الغالبيّة الساحقة من المشاركين والمتابعين على التظاهرات السلميّة للتعبيرعن المطالب يجب ان تعبّر عن توجّه أخلاقيّ وقيميّ في الدفاع للحصول على الحقوق لكن وما نضيفه هو أنّ سلميّة التظاهرات يجب ان تكون معبرة عن ذلك بالممارسة و الحكومة هي الجهة الوحيدة المسؤولة مباشرة عن حفظ أمن التجمعات العامة والتظاهرات السلمية، ولا ينبغي ترك هذه المسؤولية أو أناطها إلى أي جهة أخرى ، تحت أي مبرر كان ولا ترتبط فقط بالأخلاق وإنّما أيضاً بالفاعليّة الصحيحة على ان لا تفرض الاحتجاجات نفسها بوصفها شكلاً من أشكال الصراع السياسيّ بين المحتجّين وأصحاب السلطة. لان هناك ثمة  في العادة طرف ثالث من الجمهور الذي قد يتردّد في الوقوف مع المتظاهرين أو الاصطفاف بجانب صانع القرار أو الإبقاء على حياده. التظاهرات تكون مثيرة للإشكال في كثير من الأحيان.بسبب الشعارات والهتافات المرفوعة المسيئة من جهة على جهة اخرى تدفع إلى واجهة الأحداث و هي مشكلة مهمّة بالنسبة إلى جزء من الجمهور وهامشيّة بالنسبة إلى الجزء الآخر، أو بالحدّ الأدنى غير متمتّعة بالأولويّة. وقد ينسحب الخلاف أيضاً حتى على طريقة التعبير عن هذه المشكلة. وتعطي سلميّة التحرّك فرصة أكبر للحصول على تعاطف الطرف الثالث، في مكسب إضافيّ للضغط على السلطات. وبالعكس، يمكن المظاهرات العنفيّة أن تدخل نفسها في صراع خاسر مع بيئتها .
نحن مع الحراك الشعبي الحضاري. وإلا فإن البلد والأوضاع سوف تخرج عن السيطرة عبر إشاعة الفوضى، وهذا ما لن يخدم الغرض من مطالب الشعب المحقة والمشروعة .
كما اؤكد على ان سياسة الامن الناعم في التعامل مع المظاهرات السلمية الملتزمة وحمايتها افضل من استخدام العنف وتفريقها بالقوة ، خاصة و ان الكثير من المطالب اما اصلاح اقتصادي او اجتماعي وليس سياسي مع احترامي وتقديري للتجمعات ذات الطابع السياسي. وأن ما أصابنا ليس إلا جرحاً عابراً سيندمل قريباً ونتعافى منه سريعاً وسينهض بلدنا من كبوته  قوياً، شفافاً رقيقاً مستبشرا بغده ويستعيد القه الذي كان.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

352
(انهزم من جوه المطر وگع جوه المزريب )
المتابع للامور ومجريات الاحداث في العراق منذ بداية التظاهرات يستخلص بأن هذه الاحتجاجات هناك من هو يبحث عن حقه ونحن نقف مع المظلوم واصحاب المطالب العادلة السلمية ونحن منهم ولا نقف مع يحمل السلاح ضدها ولكن المشكلة كشفت ان هناك جهات قد ركبت الموجة و قادتها نحو الانحراف و تعتبر بوجهة نظرالمتابعين طفرة عكسية نحو منزلق خطير او مفترق طريق اقله هو الانهيار قد تكون تاريخية ترأستها عقول مظللة بشكل واسع لتشويه سمعة العراق اذا لم يتوعى الساسة لمخاطرها والتصدي لمناوراتها واعادة النظر بتوازنات جديدة والمنتظم السياسي القادر على ادارة المرحلة وخلق رجال حكومة منسجمين مع طموحات تقودها كفاءات وعقول نيرة . إن إيصال العراق لهذا الوضع كان مُخططا له من قبل دخول أمريكا للعراق بعد ان اصطدمت بالمواطنة العراقية الشرسة وتأخر تنفيذها ، وهذا الأمر بات واضحاً الآن حين اقدمت على شراء مقر في العاصمة الاردنية  ( صاحبة المواقف المشرفة مع العراق وتتنعم بخيراته  ) مع الاسف قبل سنة تديرها عقول اسرائيلية واماراتية وسعودية لتحريك الشارع الى منزلق لا اول له ولا اخر حسب تصريح السفير القطري في الاردن .
واللعبة هي خليجية بأمتياز تديرها اسرائيل من خلف الستار وبوسائل دول عربية متزامنة من الاحداث وتشترك فيها هذه الدول بالدعم المادي التي تتمثل بدعم المتعاونين معهم  بالعربات الالية (( التكتك )) في العراق حيث تم رصد عدد من بنات ونساء شخصيات بعثية معروفة من النظام السابق يقومون بذلك مثل ابنة السبعاوي وابنة اسماعيل تاية النعيمي وابنة شنان ال رباط وابنة محمد الزبيدي وزوجة ايهم السامرائي وبحقوق يومية 25 الف دينارعراقية لسائقيها ويقدم البعض الاخر لهم ثمن البنزين والمعنوي والاعلامي بتغطية اعلامية عن طريق الشبكات الفضائية المعروفة والممولة من الدول المذكورة اعلاه  والغاية الاساسية لاقناع امريكا بخطورة المرحلة للبقاء في سورية  و بعدم الانسحاب من المنطقة وخلق فوضى لقلب الطاولة ... والعملية حققت نحاجاً مؤقتاً بنشر الفوضى وخلخلت الاستقراربلاشك ولكن فشلت في اسقاط الدولة العراقية ..
وفي مقابل هذه المخططات لايستزاغ العمل لحل الحكومة دون ان يكون هناك بديل كما طرحه البعض ولا في شكلها في الوقت الحاضر لان ذلك يعني تعاظم المشاكل والذهاب الى فراغ وتعقيد الامور و اللعب في اساس العملية السياسية والدستور الذي صيغ بعجل وتحت تأثير قوى معينة ولم يطبق فيها القانون الدستوري  ليكون اكثر تعقلاً بمشاركة خبرات متخصصة وتقريبه من الدساتير العالمية ومطابق للعدل والديمقراطية واساس لقطع دابر الفساد ويمكن تنيفذها في الوقت الحالي ولا يكفي استدعاء المسؤول للتحقيق وحده في الفساد اذا لم يبلغ المرحلة القطعية والحكم ما دام ( الحمام حارة ) ليكون عبرة لمن اعتبر ولا تكن لفئة معينة دون اخرى .
من العجائب ان يطالب البعض من الساسة استقالة الحكومة متغفلين الاطر القانونية لها لكي لا يدخل البلد في الفراغ والفوضى حتى لا يطبق المثل الشعبي القائل (انهزم من جوه المطر وگع جوه المزريب ) ونحن على يقين بأن ليس من البساطة ان يتخلى اصحاب المنافع من المواقف السلبية والمزايدات من افكارهم وسوف يبقى الشعب يدفع الثمن انهاراً من الدم والظيم والظلم اذا لم يعودو الى رشدهم ... واظن ان هذا البعض يبغي ذلك لينال ما ينال وتغيير الحكومة هو عمل ليس بمزاجي ولا يدخل في المزايدات والمراوغات والتحامل والتحايل لجن المكاسب وانتصار اصحاب المخططات الدائرة وحكومة تصريف الاعمال يعني ضياع المطالبات واخلاء المسؤولية الشرعية  والقانونية من ذمتهم ونحن على ابواب تمرير الميزانية السنوية ( وفعلا وفي خطابات متتالية واخرها أعلن الرئيس العراقي برهم صالح استعداده للموافقة على إجراء انتخابات مبكرة باعتماد قانون الانتخابات الجديد ومفوضية جديدة، مؤكدا إعلان رئيس الحكومة عادل عبد المهدي موافقته على تقديم استقالته شرط التفاهم بين القوى السياسية على بديل مقبول وفق السياقات الدستورية والقانونية وبما يمنع حدوث فراغ دستوري.)
وهذا الطريق الاسلم لان كيف يمكن تمرير الاصلاحات دون اشراف الحكومة وموافقتها و الدستور نص على ذلك ،اذاً موضوع الاستقالة مرفوضة من جميع جوانبه في هذا الوقت  والخيار هو امام وعي الجماهيرالتي تطالب بحقوقها والعدالة الانسانية وبعد تحقيق المطالب الحقيقية لاصحابها الواقعيين و بعد ان تنكشف الامور وسرعان ما تذوق الافكار الشريرة و المؤسسات الشاذة الذل والهوان والفشل المبرح وتنقلب الساحة على صانعيها ، وشريطة ان القوى السياسية الحاكمة تعمل بحسن نية لتسرع في تشكيل لجنة لمتابعة الإجراءات الحكومية بالإصلاحات السريعة لتأمين حلول عاجلة للمشاكل الخدمية والإدارية دون وضع العصى في عجلتها وبما يتصل بضرب الفساد " رغم ان الكتل السياسية التي رفعت شعار الاصلاح ومحاربة الفساد في بداية تشكيل الحكومة الحالية هي مجرد ادعاءات وغائبة عن الساحة خوفاً من غضب الجماهير" ولا يوجد شيء الان يوحي للإصلاح بل العكس ازداد معدل الفساد في مفاصل الدولة  ولجان المتابعة مهمة  لضمان أداء أفضل لمؤسسات الدولة لتلبية حاجات المواطنين المُلِحّة رغم اني اعتقد بوجود حكومة بالمَعنى المُتعارف عليه فقط وفي خطوات متسارعة حاولت جاهدة اخراج كل ما في جعبتها من خطط لحل هذه الازمة في الوقت الحالي ولكن تحتاج نية فعلية صادقة للعمل والزمان الكافي والمناقلات في الحسابات والتعاون من قبل الطبقة السياسية خارج المصالح وما مظاهرات الوسط والجنوب وبغداد سوى أحد اشكال الضغط والناقوس المدوي والرَفض الجماعي للفساد المُستشري في جميع مرافق العراق ومن هنا تبدأ خطورة المرحلة بعد ان ابتعدت عن المناطقية والقبيلة الى المصالح الوطنية . وبالتالي نتوقع من ‘الحكومة العراقية’ تثبت صدقيتها خيراً في التعامل مع هذه الحركة الشعبية العفوية الإحتجاجية، بعيداً عن السلبيات التي وقعت بعد سقوط هذا العدد الكبير من القتلى في هذه الاحتجاجات المطلبية  لان الدم العراقي لن يكون رخيصاً وان تعود الى دراسة المطالب واصلاح العملية السياسية واتقاذها من الاعوجاج وفق دستور حديث يحمل الصفة المدنية واحترام القيم الاجتماعية والدينية والقومية وهو خير دليل على ما أسلفت".
وفي الواقع ان المتظاهرون يطالبون بأبسط حقوقهم من ماء صالح للشرب وكهرباء وعمل والصحة والتربية وسكن للطبقات الفقيرة والوسطى التي غابت عنهم بسبب الفساد وهدر المال ، وهذا غير متوفر منذ عام 2003 وحتى اليوم  لا بل سبق حتى السنوات الاخيرة من حكم البعث و إن حَجم الكارثة الإنسانية في العراق تجعله يُصَنَّف سنوياً في ذيل قائمة الدول  الغيرالصالحة للعيش و البطالة تُسَجِّل أرقاماً مرتفعة، والتعليم في أسوإ حالاته، والحكومات المُتعاقبة لم تفعل شيئا تجاه تعامل القوى السياسية مع المواطن بما يحفظ كرامته.
وهذه الأسباب جميعها أدَّت إلى هذه الإحتجاجات وبعد ان ساهمت هذه الظروف في دفع  الشباب للهجرة أو فقدوا حياتهم في طريقها او بسبب المصالح الشخصية للمتنفذين لعدم توفير مستلزمات العيش الكريم والقضاء على البطالة ، من الذين لم يهتموا ببناء الوطن أو توفير لقمة الخبز السليمة للشعب. إن إيصال العراق لهذا الوضع كان مُخططا له قبل دخول أمريكا للعراق، وهذا الأمر بات واضحاً الآن للقاصي والداني  لانها لا تفكر الأ بمصالحها.
ان هذه الاحتجاجات  تختلف هذه الايام عن ما كانت في السابق . إذ لم تكن هناك مثل هذه الإحتجاجات الشاملة والجرأة عند العراقي الجنوبي لإعلان رفضه للظلم وكان يجامل على اساس المنطقة والعشيرة والحزب وهي النقطة المِفصلية وحَجَر الأساس الذي سينقل الوَعي العراقي باتجاه استرجاع هويته العراقية والعودة الى الدولة المدنية .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

353
البرلمان العراقي والسبات الخريفي
نحن نعيش ظروفا قلقة وازمة حادة بين المواطن والحكومة والبرلمان ولا يشك احد بان التظاهرات هي مطلبة محقة ولكن اين اعضاءالبرلمان من هذا الحراكوالاختفاء عن الانظار او السكوت امام الاعلام وهو يعني الابتعاد عن الضمير .بدل الاستنفار لحضور اجتماعات دائمة تنتج عنها قرارات اصلاحية جوهرية لردع الفساد على اعلى المستويات ولغلق الابواب امام من يريدون تدمير العراق بحرب شاملة اهلية .
البرلمان العراق منبثق من الشعب  كمؤسسة دستوریة تضطلع بمھمة اساسیة يجب ان يكون في انعقاد دائم  لحفظ شأن ابناء الوطن وملامسة عواطفهم والتعايش معهم في السراء والضراء وسن القوانین المنظمة لحركة المجتمع داخل الدولة بكل مكوناته، ويتكون من مجموع من الاشخاص يسمون بالبرلمانیين او اعضاء البرلمان، ويصلون عن طريق الانتخاب تأخذ بأسلوب اختيارات شعبية ، وهو الاسلوب الغالب والاكثر تعبیرا عن ارادة الشعب و تتجلى اھمیته في خطورة الصلاحیات التي یتمتع بھا البرلمان من خلال السلطة التشریعیة ومن صلاحیات اساسیة تتمثل بالمشاركة في سن القوانین التي تحمي المواطن في الحاضر والمستقبل والرقابة على عمل السلطة التنفیذیة .
 ان دخول مجلس النواب في هذا السبات بحجة عدم اكتمال النصاب و اختياره الصمت في مناقشة تداعيات موجة الاحتجاجات وهو أمر عجيب يثير جدلا واسعا في الأوساط السياسية والشعبية. ويغضب الشارع والمحتجون الذين يخرجون الى الشوارع وعدم اعطائهم المصداقية  لكل الوعود والعهود التي قطعوها لهم وفي هذا الظروف الصعبة و المقلقة هو مؤشر غير صحيح ويخلوا من النضوج ويدخل في زاوية الامبالات واغفال المشاركة في ايجاد الحلول للمطاليب الجماهيرية  ، اضافة الى عدم تشريع ‏قوانين مهمة حتى الان ،كان المجلس قد توعد بها ، يعطي دلالات  سلبية واضحة ، واذا استمر على هذا الحال سيتجه الى ‏الموت السريري و ان تعاطي هيئة الرئاسة مع السفرات الغير مفيدة ومع ادارة تشريع وحضور النواب في المؤتمرات الخارجية الغير منتجة  وعدم تحقق النصاب لتشريع القوانين ومايزال غير معتد به واساساً في ان يكون  النائب قريب من الشارع للاستماع الى المطالب وذهابهم الى محافظاتهم في الواقع هو هروب من مجريات الاحداث لان النائب لا يمثل فقط محافظته انما يمثل العراق ككل ومن واجبه متابعة امور البلد وهذا الحدث يشمل تراب الوطن بكامله وأخرى ثانویة تتمثل بدوره كبرلماني في اختیار اصحاب الكفاءات في بعض المناصب التنفيذية لا على اساس المحسوبية والمنسوبية انما على اساس القدرة  والدستوریة المھمة داخل الدولة والتصدیق على المشاريع الاستراتيجية ،وعضو البرلمان لا یعد موظفا عاما، وانما یعد شخصا ً مكلف بخدمة عامة، وھذا الشخص یتمتع بحقوق وامتیازات وظيفية على ان لا تتجاوز المعقول كما نشاهده عند النواب العراقيين وفي قراءة النظام الداخلي لمجلس النواب فقد أخذ بھذه العقوبة حیث بین بأن تستقطع من مكافأة العضو في حالة غیابه نسبة معینة یحددھا المجلس، وایضا یترتب علیه واجبات اهمها الوقوف مع الشعب في الملمات وحل مشاكله ، وفي اطار ذلك یمكن أن یخل العضو بالتزاماته وصلاحیاته لكي لا يتعرض لعقوبات ، واليوم كما نشاهده فأن الوطن وأزماته المتراكمة في الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية لا تتحمل مزيدا من الانطفاء عن المسؤوليات الملقات على عاتق مجلس النواب ، الأمر الذي يستوجب الانصياع لصوت العقل والحكمة وتحمل المسئولية والعودة فورا لمواصلة العمل لاجل حل العقد التي تشوب  الساحة السياسية  على ضوء المبادرات وتقديم الحلول التي تؤدي الى تهدئة الشارع الملتهب والتعامل الجدي مع مطالب المتظاهرين من أجل تحسين الواقع الخدمي ومحاسبة الفاسدين وتوفير فرص العمل للشباب"، للكن التظاهر السلمي حق مشروع كفله الدستور والقوانين"، وضرورة تأمين سير التظاهرات بما يؤمن سلمية التظاهرة وحماية أرواح المتظاهرين وتحقيق المطالب المسلوبة من ابناء الشعب . هذه التظاهرات محقة بعد الجفاء الغير مبرر للمطالب وأهمية إجراء إصلاحات حكومية سريعة والإستجابة للمطالب المشروعة للمتظاهرين وفق سقوف زمنية محددة وبما تنسجم مع خطورة المرحلة و تؤمن تجاوز الأزمة.المطلوب تطنين الحراك بتحقيق المطالب وهذه مهمة مشتركة لكل رجال الدولة وليست مسؤولية مجلس الوزراء وجعل الدكتور عادل عبد المهدي  كبش الفداء والجلوس على التل منتضرين النتائج الكارثية التي قد تحدث انما كل الكتل والاحزاب المشاركة وعلى الساحة السياسية كلها لهادور وامام مسؤولية موحدة ، المشاركة والغير مشاركة في الحكومة ، لايجاد الحلول وامام مسؤولية تاريخية لما وصل اليه الحال والانحدار السيئ في البلد وبشعور وطني يجب ايقاف نزيف الدم لان الدماء عزيزة.
ونؤكد من جديد حق شعبنا العراقي المظلوم الذي ينشد الحرية والتقدم والازدهار وله الحق في التظاهر فقد كفل له الدستور والمطالبة بالحقوق المسلوبة والمنهوبة بالطرق السلمية  وفي إقامة دولة القانون والمواطنة والحقوق الدستورية سعياً من أجل استعادة حقه في الحياة الآمنة والمستقرة والعيش الرغيد والتقدم الحضاري
  عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

354
بين هواجس التظاهرات المطلبية وعودة داعش
تتصاعد الهواجس من عودة التنظيمات الإرهابية إلى المدن العراقية، مع انطلاق العملية العسكرية التركية شمال شرقي سوريا التي أدت إلى هروب العديد من مسلحي داعش من سجون ( قسد  ).ترافقها في هذا الوقت التظاهرات الشعبية  السلمية الكبيرة المطالبة بالحقوق المهضومة من الحكومة فماعلينا إلأ اخذ الحيطة والحذر من ان تستغل من قوى الشر التي لا تريد للعراق الخير وتحاول تغيير مسيرة التظاهرات الوطنية والمطلبية لصالحها او ركوب موجتها مثل حزب البعث والفوضويين والجهلة والقوى الاقليمية  .
هذا التنظيم يعيش مرحلة التكوين من جديد واعادة بناء هيكله التنظيمي بعد ان قضت الحرب في سوريا على عدد كبير من مسلحيها في كل المنطقة تقريبا التي كان يسيطر عليها في شمال سوريا، بما فيها عاصمتهم الرقة وبعد إعلان هزيمته في العراق واجه هذا التنظيم نزيف داخلي نتيجة ارتفاع أعداد المنشقين الراغبين في العودة إلى بلدانهم، خاصة بعد هزيمتهم وعلى الرغم من انه فقد ارضه ولكن لم يفقد نشاطه . وهو ما دفعه إلى التفكير في استراتيجية بديلة، و بدل أماكن تواجده وتمركز في المنطقة الشرقية من سورية والغربية من العراق وقد يصل عدد أتباعه في المنطقة  نحو 4000 عنصر مسلح و ناشط قتالي  منتشر بين البلدين وانتقال اعداد منهم الى داخل العراق (حوالي ألف مقاتل وهم في ازدياد قد عبروا الحدود إلى العراق على مدار الأشهر الثمانية الماضية، أغلبهم في أعقاب الانهيارات التي حصلت خلال الفترة الماضية ) وهناك من يخدمهم ويوفر لهم الغطاء وهي قوات التحالف الدولي و كما استطاع تنظيم داعش سريا بناء شبكة واسعة من العلاقات داخل تركيا خلال الفترة الماضية مقايضة ببيع النفظ الذي  كانت تسيطر عليه . وصار بواسطتها قادرة على شراء مواده الحيوية ونقلها إلى أراضيه. وتعاقد، عبر أطراف ثالثة، مع مصانع لإنتاج مواد أولية لصناعة المتفجرات. وحصل على المواد الكيماوية، والأجهزة الإلكترونية للقنابل بدائية الصنع، والملابس والغذاء...إلخ.  وقد انتشر الخوف بين سكان البعض من المدن المحررة  الذين نجا الكثير منهم من ارهاب داعش والذي حكم مدنهم لسنوات وعودة عملياته الاخيرة ادت الى استشهاد العديد من افراد القوات المسلحة العراقية في الاونة الاخيرة بسبب بعض من نشاطها في مناطق من الموصل والرمادي واخرها في سامراء حيث استشهد احد قادة الشرطة الاتحادية ( قائد الفرقة الرابعة ) وجرح مجموعة معه واستشهاد مدير ناحية ابو صيدا حارث الربيعي رغم المسح وتطهير الصحراء الممتدة والمستمرة في محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى، وصولاً إلى الحدود العراقية - السورية، من هذه المجاميع التي طالما يجري الحديث بأنها تتخذ من هذه المنطقة الصحراوية ملاذاً آمناً لها لشن هجمات على المدن متى ما سنحت لها الفرص ،
 مسلحي داعش يخوضون عمليات عسكرية عشوائية  ويتحركون تحت غطاء الظلام لتنفيذ هجمات قنص وتفجيرات بدائية فى الطريق عدة مرات فى الأسبوع وزرع الالغام ، وغالباً ما تكون هجماتهم التى تحدث خارج المدن الكبرى منتهزين الفرص  ويستهدفون بشكل أساسي قادة المجتمع أو القوات الأمنية المشاركة فى جهود اجتثاثهم "، . في الفترة الماضية اهالي المدن المحررة كانوا شاكرين القوات العراقية لتحريرمدنهم ، ولكن الان لم يعودوا يشعرون بالامن وأن الجيش والقوات المسلحة بصنوفها المختلفة والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي لم تعد تكفل سلامتهم وبدأ الخوف يدب في انفسهم من جديد ولا يزال لدى داعش خلايا موجودة في جميع المناطق، وهناك مشكلات تحدث من حين لآخر في المناطق التي لا تزال بها هذه الخلايا واليوم وبعد تغيير الخارطة السياسية وتخلي الولايات المتحدة الامريكية عنها اصبح الخوف اعمق .
لاشك ان اقتلاع داعش بالكامل امر لم يتم بعد  رغم اعلان النصر عليه وهناك الكثير من قواعدها قريبة من المدن المحررة وتمارس وجودها بين حين واخر ويتمثّل العامل المحرك الأكثر إثارة للقلق في الطريقة التي تخرّب بها الكتل السياسية الأمن القومي من خلال أفعالها وعدم التعامل مع المتطلبات الضرورية للمجتمع وتحقيق مستلزمات الحياة الحرة الكريمة ، وهو أمر صعب للغاية في هذه الظروف السياسية التي تحيط بالبلد والاحداث الاخيرة وانطلاق الحركة الاحتجاجية الواسعة  في العراق على واقع الفساد الذي جعل البلد في مراتب البلاد الاكثر فسادا وتاخراً حول العالم، فهل تنجح هذه الانتفاضة  للقضاءعلى الفقر بصورة سلمية ام هناك من يركبها وتتحول الى عاصفة سياسية تدمر مكتسبات العراق الجزئية التي تحققت على علاتها بدل ايجاد الفرص الحقيقية لامتصاص غضب الشارع الملتهب ، وهل هي ثورة شعب أم تسودها الشغب والعبث بالمقدرات والاموال العامة وانتشرت إلى مناطق عديدة من بغداد بشكل غير مسبوق، فضلا عن امتدادها في المحافظات الوسطى والجنوبية. وقد ساعد العنف المفرط باتجاه المحتجين الى زيادة التوتر في الشارع ويبدو أن الحديث عن إقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خرج من دائرة التهديد الى الابتزاز السياسي، ليدخل في إطار الاستعدادات البرلمانية الجادة والبحث عن الابتزاز المناسب من قبل بعض القوى. و بدأت الأصوات المطالبة بإقالة الحكومة تتزايد.
هذه الاجواء قد حفزت هذه العصابات لتجدد نشاطها ، وفي هذا الصدد والتوقع أنها ستظل تشكل تهديدًا كبيرًا واستغلال الفرصة ، و تعود إلى تكتيكات حرب العصابات، من خلال شن هجمات من قواعد بعيدة وتفعيل الخلايا النائمة داخل المناطق السكنية وحتى المشاركة في الاحتجاجات لتوتير الاوضاع اكثر  .
أن عناصر داعش الذين هربوا بعد الهزيمة في سوريا يعبرون مرة أخرى الحدود إلى العراق، ليعززوا بذلك عمليات إرهابية على مستوى منخفض حيث تقوم الجماعة بشن هجمات شمال ومنتصف البلاد بعد الاوامر التي صدرت لهم بالانتقال الى شرق الفرات  وبعد سد العديد من الثغرات هو يسير في خطى ثابتة وواضحة للتوجه الى العراق  وسيبدأ في مرحلة المهاجمة بعد أن تخطى مرحلة التكوين والتجنيد وهو مقبل على مرحلة جديدة التي يسعى إليها ومن ثم هو لديه فائض في القدرة العددية.كما ان وجود مسلحي هذه العصابات و عودة التنظيم في العراق مجددا أمر لا مفر منه ـ فالبلاد عرضة لعوامل محركة داخلية مختلفة وقيادتها قرب الحدود العراقية – السورية والعمليات المتفرقة مهما كانت صغيرة او كبيرة تستدعي زيادة الحيطة والحذر من القوات المسلحة والاجهزة الاستخبارية  لكي لا تستغل من قبل هذه العصابات اثر تغلغل مجاميع من عناصرها المنهزمين من سوريا الى العمق العراقي والتعامل مع المشاكل الجديدة بشكل عاجل إذا كانت تأمل في منع تمرد كارثي آخر وبسبب الحدود الشاسعة بين البلدين ليساعدهم في اباحة الدم واراقته من جديد .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

355

يجب علينا الايمان بمستقبلنا

عبدالستار الفلاح



هذا ما قاله  في قامشلو الدار خليل  في حفل توديع ثرى ثلاثه شهداء من مقاتلي قسد صباح هذا اليوم . كما اكد في حفل التوديع على استمراريه الحركه في نضالها ضد الاحتلال التركي و ان الصراع سيستمر فليس امامنا خيارات اخرى، اما التحشد ضد الاحتلال او الشهاده،  و العمل من اجل الحفاظ على وحدة الاراضي السوريه و من اجل تحقيق الديمقراطيه.

من المؤكد اننا سمعنا كثيرا مثل هذه الكلمات و العبارات على مدى تاريخ نضالات شعبنا في كردستان، وليس لدينا اختيارات  عبارات اخرى في مثل هذه المناسبات  لرفع و دعم  معنوياتنا  النضاليه و هذه تؤكد ايضا على حجم الماساه التي نعيشها و نتعايش معها في الوقت الحاضر مع التاكيد على ان التاريخ يعيد نفسه في ازمنه  و ظروف مختلفه ، بالرغم من اختلاف وتغيير رجالاتها ، فالسياسه هي علم معرفي و ثقافه ،  هذا من جانب، و من جانب اخر هي رؤيا مستقبليه ، مازلنا لا نجيدها، انها  حرفه لا نتعلمها حتى بعد كل مزله تاريخيه تترك ورائها ضحايا ، ماساه و كوارث .

يضاف الى ذلك، الاختلاف الجوهري في الرؤى و التقييم العلمي للقضيه الكوردستانيه، بين مخلف الحركات و الاحزاب صاحبه القضيه، كلا حسب مصالحها الذاتيه و علاقاتها الاقليميه. و اليوم تتعرض هذه القضيه الى تشويه  و شرخ اخر حيث تقع في فخ مؤامره دوليه، بسبب ضعف سياساتها و التسابق على الايقاع في اخطاء تاريخيه، بسبب الثقه الجمه “باصدقاء!” دون التفكير بالشكوك الموضوعيه في علاقاتنا الاستراتيجيه و التقييم المستمر لها.”لا يمكننا ان نخلف في علاقاتنا مع حلفاءنا في الناتو من اجل حفنه تحلم في دويله لها” هذا ما صرح به وزير الدفاع الامريكي قبل يومين فقط .

نحن نودع شهداءنا كل يوم و منذ عشرات السنين من اجل قضيه نؤمن بها ، انه  تعبير عن فهمنا لواقع طموحات شعب توحده الثقافه المجتمعيه و تمزقه السياسه و السياسيين ، سواءا على الصعيد الداخلي ( المستوى

القيادي)، و كذلك الستراتيجيه التي تتبعها المصالح الاقليميه في المنطقه.

 لحد الان كنا فقراء لا نملك ثروات طبيعيه ، و لا رؤيا اقتصاديه و كنا نعيش على تبعات حكومات مركزيه تجبرنا على القبول بحلول لا تخدم القضيه الكوردستانيه. اليوم اختلف الحال، حيث لنا متخصيناو خبرائنا، ثروات و خزين مهم في اراضينا، لكن لمن كل هذا، و لم نستغلها في ضمانات مستقبله و اجبار السياسه على القبول بنا، و حياديتها من اجل تحيق السلم و الامان و العداله، اضافه الى ذلك الاعتراف الكامل باستقلاليتنا و وجودنا .

عبدالستار الفلاح  – اعلامي

356
العراق ...المجهول بات يقلق الكثيرين
يظهر من خلال المتابعات ان القوى السياسية قد اصابها الدوار من التظاهرات التي سادت الكثير من المحافظات مطالبة بالحقوق ومحاسبة المفسدين وكل مجموعة تحاول ان تحمل المسؤولية للاخرين وخاصة اتهام الحكومة الحالية باللوم لعدم استطاعاتها وضع الحلول لمجابهة المشاكل مع احتجاجات عارمة شهدتها مدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد منذ التغيير عام 2003 والجماهيرتطالب فيها بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد المستشري في البلاد والشعور باللاعدالة في توزيع الثروة و التي عكست الانفصال التام بين الكتل السياسية وانسان الشارع العادي المتظاهر .
 في غياب ابسط المستلزمات الحياتية و عدم تسهيل فرص للإسكان و الأراضي والوحدات السكنية للفئات الأكثر احتياجًا مع منح الأولوية للمحافظات الأكثر فقرًاعن طريق مجالس المحافظات و وزارة الاسكان واعطاء القروض الميسرة بفوائد بسيطة .
ويُمكن أن تؤدي عفوية التظاهرات على بلورة مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية لا تعد بانها كبيرة للضغط على المنظومة الحاكمة لتحقيقها . رغم عدم وجود قيادة واضحة لها وتعهدت حكومة "عبدالمهدي" بمعالجة أسباب الأزمة، والوقوف على أسباب الاحتجاجات، خاصة ما يتعلق بتوفير منح حكومية للأسر الأكثر احتياجًا، إضافة إلى العمل على توفير المزيد من فرص العمل عن طريق تشغيل المعامل المتوقفة .
ان مكافحة الفساد اساس المشكلة والتي تتطلب نوعين من المعالجات: المعالجات السريعة والاجرائية، والمعالجات التربوية طويلة الامد. والنوع الثاني تقوم به المؤسسات الحكومية بشكل اساسي من خلال النظم الاستراتيجية الطويلة الامد والقصيرة الامد باساليب حضارية حديثة و التي تكفل تنشئة مواطنين فعالين صالحين وترسيخ منظومة القيم الاخلاقية في المجتمع ويعينها في ذلك الاعلام والثقافة والمؤسسة الدينية ومنظمات المجتمع المدني.. ونحن نعرف اليوم حجم الانهيار العلمي في مدارس العراق، وهو امر مازال خارج الاهتمام الرسمي والشعبي، للاسف. وغاب بشكل خاص عن خارطة طريق حكومة رئيس الوزراء وهي غير قادرة على فعله و لازالت من الناحية الزمنية مكبلة بالمحاصصة  وكذب من يقول ان المسؤولية تقع عليها انما تقع على من وضع اساس الفساد والسرقات والاختلاسات التي بلغت المليارات من الدولارات ولم تضع حجرة واحدة فوق اخرى رغم انها لم تكن بعيدة عن المسؤولية اذا ما اردنا ان تحسب الزمن للذي استغرقته 16 عام الحكومات السابقة و الحكومة الحالية . لتزداد الفجوة اتساعاً بين حكام متهمين بالتخلي عن الدور القيادي لبلادهم بضعفهم وكسلهم والتفكير بمصالحهم قبل مصالح مجتمعهم والسماح لقوى أجنبية بالتدخل مثل الولايات المتحدة الامريكية والتصارع في داخل بلادهم، حتى بلغ الحال أن أحزاباً وشخصيات من دول صغيرة لم تكن مذكورة في التاريخ بكل المقاييس مقارنة بالعراق أصبحت تأمر وتنهى وتتحكم بالقرار العراقي وتتدخل بشؤونه .
ان الصفة الغالبة والتوجه العام للعملية السياسية في العراق هو سعي أغلب الكتل، كل حسب مقدار قوتها العددية وتأثيرها في العملية السياسية، من اجل الحصول على المنافع الشخصية والحزبية بالدرجة الأساس والاستحواذ على أكبر ما يمكن من المال العام. ويلاحظ هذا الامر من خلال الصراع بين الكتل للحصول على المناصب العليا في السلطة التنفيذية التي تتيح لها فرصة تحقيق غاياتها من خلال المشاريع الوهمية والعقود الفاسدة والتعيينات الفضائية ويزداد السخط الشعبي على الحكومة ارتفاعاً؛ متجسداً بتظاهرات واحتجاجات مستمرة مع تواصل الأحزاب الكبيرة المسيطرة على المؤسسات الحكومية التي تدير البلاد وهي ليس  لديها متسع من الحلول في التعامل مع الازمة الراهنة اللهمة إلأ الترقيعية ، وهنالك أسباب أخرى تضعف موقف رئيس الوزراء امام الفساد والفاسدين من اهمها الحضور القوي والمؤثر في الشارع العراقي للكثير من الشخصيات التي يتهمها الاعلام وبعض البرلمانيين بالفساد وقدرتها الشخصية على الوقوف بوجهه إذا ما حاول مجرد النبش في موضوع فساده. حتى وان استعانت  بخبراء يتمتعون بالكفاءة والنزاهة لتشخيص الاخطاء ووضع الحلول لها وفق الاطر الدستورية والقانونية و قد فقدت حبل رشدها والإعتبارات السلوكية الصالحة وبدأت تستند في سلوكها الآثم على مبررات ذات ابعاد غير متوازنة  , خصوصا عندما يوجد في البلاد مَن يتاجرون بدم العراقيين , فعندها يكون من السهل تسويغ ما تقوم به الحكومة التي تستمد قوتها وبقائها من الطامعين بالبلاد والعباد فلن نجد احسن مما نحن فيه .ان فرض واقع سياسي جديد في منظومة الحكم بأكملها يشترط استمرار حالة الزخم في الاحتجاجات، أو في أضعف التقديرات يُمكن أن تنجح الفئات المشكِّلة للاحتجاجات -خاصة الفئات الشبابية- في تكوين كتلة سياسية جديدة عابرة للقيادات القديمة والأحزاب لتكون نواة لحركة معارضة جديدة .وأن الأيام المقبلة قد ستحمل فصولاً جديدة من التعامل من الشارع و تقرّ الاحتمالات بوجود حراك مطلبي ضاغط جدّيد، لكنها في الوقت نفسه تقر بوجود قوى سياسية تسعى إلى تصفية حساباتها مع خصومها و يجري في ترتيبها المغامرات السياسيّة والّتي تعبث بالتوازن الدقيق و في محاولات قد تكون سريعة  للاستفادة من ميزان القوى وهي ظاهراً متجاهلة دقّة المعادلة العراقية و الحؤول دون إقرار الإصلاحات الماليّة والاقتصاديّة والإداريّة الضروريّة الجذريّة لمكافحة الهدر والفساد وإيجاد الأرضية الملائمة والصالحة لانهاء الازمة الحالية وقد تدخل بعض القوى من العملية السياسية لركوب الموجة ، ، على خط الداعمين لها بهدف إسقاط الحكومة وتصفية حسابات مع الداعمين لها من القوى الاخرى . واذا ما تجددت التظاهرات مرة أخرى سوف تضع الحكومة أمام خيار الإقالة أو الاستقالة ، وكذلك أيادٍ خارجية تريد استغلاله لتحقيق مآربها. هكذا، يبدو المشهد القادم يحمل الشديد من الضبابية، في اطارمخاوف اسوأ من انفجار متجدد، وهاجس من الخوف من الانزلاق إلى المجهول بات يقلق كثيرين.، والايام حبلى بلياليها
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

357
هناك من هو ..حاميها و حراميها
من أهم سلطات الدولة المدنية، هي السلطة التشريعية والتي يطلق عليها البرلمان او مجلس الشعب او الوطني ...الخ من التسميات  كونها تمثل رأي الشعب، وتدافع عن حقوقه، وتحمي حرية الرأي وتسن القرارات والقوانين التي تساعد الشعب على العيش بحياة مرفهة محصنة بالعدل والأمن والسلام، من خلال اتخاذ كافة الأمور والخطوات التي من شأنها أن تحمي مكتسبات الشعب في دولته المدنية القائمة على مبدأ الفصل بين السلطات، و أول ما يجب أن نلحظه في النائب النيابي هو أن يكون قادرًا على إنتاج الأفكار القابلة للصياغة والتنفيذ وأن يكون على دراية بالقانون والدستور والثقافة السياسية العامة والاحساس بالمسؤولية وان تكون النزاهة والتفاني في خدمة الناس هدفه بعيداً عن العلاقات الشخصية والوساطات والولاءات ، لان مصلحة الوطن والمواطن فوق الجميع .  كيف يمكن أن نبني دولة بعد الان وكيف يمكن السكوت على من يهظم 30 مليارمن الدنانير بشكل غير قانوني وهو رجل يمثل 100 الف انسان من المجتمع بدعاوي تعويضية  باوراق مزورة ويصبح تاجر المخدرات سجين سياسي ينال الامتيازات ويظلم المستحق منها ويكرم الوريث ويبقى المحكوم من محكمة الثورة متسكعا امام مؤسسة السجناء او الشهداء ينتظر من يمد له يد المرتشي لقضاء حاجته  و بنواب يعتمدون المصالح الشخصية جوراً، وكيف نبني دولة، لا يعبأ فيها أعضاء البرلمان او بعضهم بما يفعلونه من خطوات لا تصح لممثل الشعب أن يقوم بها ولا تتناسب مع مكانته ودوره،
ليس ثمة غرابة من ان الممارسة النيابية في العراق زاخرة بالضعف والتلكؤ والتعثر، فمن هنا من الطبيعي أن يتذمر المواطن من هكذا أداء لم يستغل البرلمان كمؤسسة منتخبة تمثل الإرادة الشعبية، وتمتلك حق التشريع والرقابة على أداء الحكومة. ولا يزال يقال عن تلك الممارسة وعن الدور السلبي الذي لعبه بعض النواب والمتأرجح بين التلون والتواري عن أنظار الناخبين والعمل من اجل مصالحه الشخصية والقبيلية والمناطقية دون البقية الباقية في المجتمع فإنه لا يستطيع أحد أن يفصل هذا عن اللائحة الداخلية للمجلس التي تمتاز موادها بالخلل وعدم القدرة لادارة الامور على الوجه الصحيح ، في حين من الممكن أن يكون البرلمان أكثر فاعلية ليس على صعيد الرقابة فحسب، وإنما في مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة التي أصبحت واقعًا ملموسًا مرهقًا في ظل ارتفاع تكاليف الحياة المعيشية والمنظومة الاجتماعية المرهقة، والتصدي للفساد ومعوقات التنمية من خلال المساهمة الفعلية في عملية التنمية لما فيه صالح الوطن والمواطن والتفاعل مع كافة الملفات السياسية الداخلية والخارجية.
لقد اغفل مجلس النواب العراقي و النائب العراقي هذه الامور والدليل على ذلك سرعة إقرارهم لجميع التشريعات التي تتعلق بامتيازاتهم ومكاسبهم، أما اذا تعلق الامر بالمواطن وهو الذي أوصلهم الى مناصبهم، فحينئذ يتصرفون بطريقة التجاهل والتريث والتسويف.وابعاد القوانين  التي تهم المجتمع  وتهمل او يتم التماطل في اقرارها  لانها لا تشكل فائدة مادية لهم أو للاحزاب والكتل التي ينتمون لها، في حين أن اصوات الشعب هي التي أوصلتهم الى مقاعدهم في البرلمان.النائب في البرلمان يجب ان تكون سمعته نظيفة وعدم التورط فى الفساد، عدم السعي لتحقيق مصالحه الشخصية، المرونة والجدية والقدرة على تطوير الأداء، ذا شعبية كبيرة، وأن يكون له ظهير سياسي، متابع جيد للأحداث السياسية والمجتمعية، نائب يؤدي دورا تشريعيا رقابيا وليس دورا خدميا، وأن يكون النائب ذا كفاءة عالية، ومتفهم للواقع السياسي.
ان اصل وجوده في البرلمان هو تشريع القانون لتنظيم التعاملات  وتأسيس علاقات اجتماعية سليمة، قائمة على محددات وأطر عامة. وفي الدول الديمقراطية، يكون الحكم للقانون، والغلبة له على الأفراد، والأحزاب والطوائف، والزعماء. والقانون لا يستغني عنه الدكتاتور ولا الديمقراطي، بمعنى ان اي تصرف لا يتم الا وفق القانون، ولكن ثمة قوانين تصب بمصلحة الانظمة وافرادها، وترسخ هيمنة المسؤولين على مقدرات الدولة، وفي مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لملايين العراقيين ويستغل المسؤول دون خوف القانون لصالحه ليسلب حقوق الاخرين ، ان الماًسي التي لاحظناها  بعد التغيير هو صياغة القانون وفق مصالح المشرع نفسه ليكون اول المستنفعين . ولا عن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الذي لم يكن في المستوى المطلوب، ولا عن تلك الأصوات التي تريد من البرلمان أن يكون منبرًا صوريًا،
ان اهم من تداخل الكثير من المفاهيم، هو القانون والأخلاق وفهم الشريعة الدينية والانسانية ، في الحديث عن عضو البرلمان و من ذلك التزام النائب بتمثيل مصالح الشعب والدفاع عنها وعدم الارتباط بمصالح قطاعية او متعلقة بمراكز نفوذ وتعزيز قيم الوحدة الوطنية والتسامح والتوافق والامتناع عن التحريض واثارة الفتن وكل ما من شانه المس بامن الدولة والمجتمع واستقرارهما.. وتستعمل مفردة القانون ، في بعض الأحيان، كمرادفات لتحمل معنى واحدا، بينما الدرس القانوني والممارسة المهنية تكشفان، بشكل واضح، الفرق بينها. فأبسط تعريف للقانون متفق عليه هو مجمل القواعد الرسمية المنظمة للعلاقات بين البشر،. ويُفهم القانون، على مستوى آخر، أنه أكثر من صيغة إجرائية لتنظيم العلاقات المذكورة، لأنه يشكل رهانا اقتصاديا وسياسيا وثقافيا يطرح على الصعيد الوطني والدولي.
ان البرلمان هو الذي يحدد الإطار الشرعي ويشرف على الفرع الإداري للحكومة للقيام بأدوارهم الديمقراطية على نحو فعال وملحوظ لتحقيق  المصلحة العامة وبطريقة تلبي التوقعات الاجتماعية الأساسية للسلوك الأخلاقي في بناء الثقة العامة.وبالتالي فهو يلعب دورا أساسياً في منع الفساد العام. ويسعى البرلمانيون إلى تمثيل مواطنيهم تمثيلاً فعالاً عن طريق تنفيذ الأدوار التشريعية والرقابية التي تكون في المصلحة العامة ويتم ذلك بطريقة تعكس المعايير الأخلاقية في مجتمعهم. وعندما لا يصحو ضمير النائب والسياسي، حتى في الوضع المصيري كالذي يمر به العراق الآن، فلابد أن تكون هناك أسباب خطيرة تقف وراء سيطرة وهيمنة ظاهرة اللامبالاة بالخطر، الذي يتحلى البعض من  النواب بها والساسة العراقيون الآن، فهم أما أن يتحلون بالشجاعة والصبر على النوائب والاخطار الجسيمة التي قد تلحق بالمجتمع ووضع الاسس الصحيحة لتحقيق مستقبل متقدم وناصح ، وهو أمر لا تثبته الوقائع كما نراها ونتلمسها، وأما لا يدركون هذه المخاطر وفداحتها، وهو أمر وارد، بسبب قصور الادراك العميق لدى الكثير منهم، او لا  يعنيهم مصير البلد ولا الشعب.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

358
بعد اسم الله بالطبگ
في هذه الاجواء المشحونة بالمخاطر تشابكت التصريحات والمساجلات والتهديدات المكررة والمجردة من الشعور والاحساس و الاصوات النكرة التي تريد للعراق الشر وهناك البريئة المتظاهرة وجاءت اثرالمظالم التي تنادي باحقاق الحق وتأمين العيش الكريم لهم فقد ظل المواطن يعيش حياته اليومية وسط انتشار الفساد الإداري والاقتصادي واستشراء الضمير ، حسبما ما رصدته منظمات دولية مثل منظمة الشفافية التي صنفت العراق باعتباره أحد أبرز دول العالم التي ينخرها الفساد. وخلقت اجواء ملبدة بالغيوم  والعواصف ونفاذ الصبر عند المواطن على اثرها شهدت الساحة العراقية في الايام الماضية غليانا شعبياً وافرزت تطورات هامة نتيجة تحشدات مطلبية واسعة في عدد من المحافظات تخللها سقوط عشرات الضحايا مضمخين بدمائهم من اجل الحقوق المهدورة طوال السنوات 16 وتشير المعلومات الى  وجود مخطط خبيث تشترك فيها وتوجه الاتهام الى  اجهزة مخابرات غربية وعربية وابواق اعلامية مأجورة وفلول حزب البعث المحظور لاستغلال موجة الاحتجاجات الشعبية وتخفي على حد السواء .       
و من جانب الحكومة كجواب على الاهداف الملموسة التي خرج الشعب وطالب بها في كافة زوايا الحياة  وافتقار المواطنة الى ابسط مستلزمات الحياة والعيش الرغيد "كل يوم بالطرق السلمية  " دون ان تحرك الحكومات السياسية المتعاقبة للعمل في سبيل وضع البرامج لحلها والاتكاء على تغريدة شماعة الفساد والفاسدين واسطوانة المحاصصة المشروخة التي جائت بهم ويعولون عليها اليوم ايضاً بكل صلافة حتى في الترشيحات الجديدة للوزراء والتي من المؤمل امرارها خلال الايام القادمة بنفس السياقات المؤلمة والقبيحة  والاصرار بالضحك على الذقون و تبقى  تتلاعب بالمشاعر والعواطف فقط و( بعد اسم الله بالطبک). اما عمق الفساد هذا ما صرح به رئيس مجلس النواب بشكل غير مباشر في اقتراحه استقطاع نسبة 5%من رواتب المسؤولين من مدير عام فما فوق تعني ان رواتبهم تبلغ 40 ترليون دينار وعددهم لايتجاوز 5000 مسؤول يقابلهم 5 مليون موظف تبلغ رواتبهم 20 ترليون دينار.
وبالنتيجة ان اعلان الحكومة في معالجة الامر بجانب سيل الاحقاد والمشاريع العدائية الصادرة من اعداء العراق تنذر بكوارث جديدة قــد تداهم المجتمع العراقي الذي هو بدون هذه المشاريع يقاسي يوميا المصائب تلو الاخرى و ان العراقيين ينتظرون الخلاص القريب من الالم والمعاناة، وما يثيره ذلك من اضطراب نفسي وذهني. وبعضها من مصادر سياسية أو هموم وطنية، خصوصاً لدى الشباب  من أصحاب العقول الكبيرة والمبادئ الرفيعة، الطامحين على تجاوز حاجاتهم المباشرة واليومية فهل تتعض الحكومة وقواها السياسية وتكون صادقة معهم ... ؟ولازال حبر بيانات الحكومة في محاربة الفساد لم تجف ليعلن عن تكليف وزير من كتلة اياد علاوي لوزارة الصحة والثانية وزيرة للتربية من جماعة خميس الخنجر و لا اعتقد ابداً ان سياستها سوف تتغير شيئ رغم الوعود التي قطعتها الحكومة على نفسها لهم لانها مكبلة بقيود المحاصصة وبعد ان انكشفت خيوط مؤامرة كبيرة ارادت ان تأكل اليابس والاخضر وتم الاعداد لها من قبل المخابرات الدولية وخاصة حكام واشنطن والموالين لها  و وجدوا ان عادل عبدالمهدي ادار ظهره عنهم واتجه الى الصين العدو الاقتصادي اللدود لامريكا وهذا الامر بحد ذاته اهانة لهم فلذلك ارادوا ان يردوا الاهانة من خلال قيام السفارة الامريكية في بغداد بتجييش الجيوش الالكترونية في الفيس بوك وتويتر وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي تدعو فيه الى التظاهر ضد حكومته تحت ذرائع شتى وهي ذريعة واهية انتهزوها للتظاهر ضد هذا الامر الطبيعي. وقد تكون غائبة عن اذهان المتظاهرين الشباب الذين خرجوا للمطالبة بحقوقهم المشروعة والتي اضاعها  الفاسدون طوال السنوات الماضية "ووجود اتفاق بين المرجعية و الطبقة السياسية قبل سنوات لتشكيل لجنة خاصة خارجة عن سلطة الأحزاب لمتابعة ملف الفساد لكن هذه اللجنة فشلت ولم تتشكل" . كما اعلن عنها وكيل المرجعية السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة و انطلاقا من الوهم الذي يسيطر على عقول البعض واستغلال الاجواء التي تسود الشارع، وسعت للانتقام من العراقيين عبر ركوب موجة التظاهرات. و طرح شعارات وفبركات، وان كانت في حدود ضيقة ، والعراق صاحب اكبر تجربة ديمقراطية رغم انوف الحاقدين والمتخلفين والطائفيين واصحاب العقول الشاذة وتعلم بها الحكومة من حيث الاوليات وخطوطها وكانت أخطر كثيرا من حرب داعش لأنها تستهدف اقامة حرب طائفية  وعلى مراحل وتبدأ من المناطق الشيعية اولاً ، فكانت الخسة و الطباع القذرة وديدن مدارس البعث والوهابية،
وامالهم معلقة على الحرب لإعادة العراق للمربع الاول وتقسيمه والذين اندسوا بين الجماهير المنتفضة ، فاحرقوا المقرات والاماكن العامة و الممتلكات الخاصة، بل ذهب بعضهم الى استخدام السلاح ضد المتظاهرين والقوات الامنية، لخلط الاوراق والدفع بالعراق نحو الفوضى و انغر البعض من المرتبطين بالخارج و أطراف معينة بالداخل بالتقرب من البعض من  العسكريين عن طريق  شخصيات خارجية في محاولة دعمهم  وكسبهم لكنهم فشلوا، لأن أجهزة الأمن كانت لديهم تصورات جيدة عن الوضع، وكانت التحركات مرصودة. حسب ما اعلن عنه وهناك علامات استفهام على دولا إقليمية من الخليج لا يمكن لهذه السلوكيات الاستمرار ولها تداعيات سوف تنعكس عليهم وتنطلق من هشاشة الافكار والتخوف من تحرير العقول وانتقال التنوير لشعوبهم وهي تحاول تمزيق مكونات العراق وتقسيمه لإنهاء دوره القيادي والتاريخي المشهود في المنطقة ،
وشبابنا غاب عن بالهم من ان التظاهرات المطلبية والمشروعة تحتاج الى الكثير من ضبط النفس والحيطة والحذر من اندساس عوامل الشر فيها و ممارسة المزيد من الوعي واليقضة  والبحث عن حلول بالطرق الديموقراطية والقانونية لتلبية مطالبهم كما هي حال التظاهرات العالمية المطالبة بالحقوق من حيث التنسيق والابتعاد عن الخروج من السياقات ، والجماهير كانت مستعدة للوقوف مع الإخوة والأخوات االمتظاهرين السلميين  وتقديم أي مساعدة لهم"، وأنه "لن يكون بمقدور أي شكل من أشكال الدعايات المزيفة والمسمومة من اجل تفريق الجماهير عن وحدتها".
الحكومة العراقية يجب عليها ان تكون اكثر حازماً لتنفيذ المطالب وعدم التراخي في تنفيذها وكذلك تجاه خطوط التآمر هذه مع أي دولة لها علاقة بالأمر والابتعاد عن المجاملات ، وقطع دابر الفاسدين والمفسدين  ، كما ان الاحداث اكدت الى ضلوع البعثيين في داخل العملية السياسية بقوة في المخطط التآمري. وحتى الخلايا النائمة من داعش والتي نشطت بشكل واضح وجلي في بعض الاماكن الدينية من العاصمة بثيابهم القصيرة وعليها الايفاء بوعودها التي قطعتها ،ومن ثم الاعتماد على القوات الشعبية  مثل الحشد الشعبي كعنصر ضامن في التوازن الإقليمي الذي يزعج بعض دول المنطقة والولايات المتحدة الامريكية  الى جانب القوات المسلحة الشريفة المختلفة والتي قدمت التضحيات وكان لها الدور المهم في اخماد الفتنة التي اريد منها حرق الوطن ولانه يحافظ على وحدة العراق ولديه سلاح الارادة اولا واسلحة متطورة غير معلنة ثانيا ووجوده صمام امان مهم جدا لحماية البلد في مواجهة الارهاب ولترسيخ الامن والاستقرار الداخلي.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

359
تعليق العضوية الشماعة القديمة الجديدة
شر البلية ما يضحك في الوقت التي خرج المتظاهرون الى الشوارع يطالبون بالحقوق واريقت الدماء واسنتزفت الطاقات وحرقت الاموال نرى ان العديد من الكتل المشاركة في مجلس النواب تعلن تعليق العضوية في مجلس النواب اعتراضاً على مجريات الامور الذي يطالبهم  الحقوق وهو ليس موقفاً مشرفً في الوقت الحالي ويعني الهروب والتنصل عن المسؤولية، ان محاولات الهروب من المسؤولية او ركوب الموجة لن تُبرئ احدا”، والمشاكل الحالية ليست وليدة اللحظة إنما هي نتيجة تراكمات الأعوام السابقة منذ 2003 الى الان. الطبقة سياسية الحاكمة يجب ان تستمد شرعيتها من المنجز لا من الفشل ( ولا ينزع سترته وينزل الى الشارع )، ولا يتبجح بالاستحقاق الانتخابي ومن ثمه مغانم السلطة.  التنصل من المسؤولية ورميها على الاخرين، سلوك غير مبرر وقد يضعه في موضع الشبهة بل الاتهام المباشر وضعف ويقع تحت بند قائمة اعذار الفاشلين، واعتقد لو كان المسؤول يخرج الى الناس ويقول هذا هو خطأنا ويتعهد بإصلاحه بفترة محددة فهو موضع القوة فالاعتراف بالخطأ فضيلة، كما يزيد ذلك من ثقة المواطن به ومن الممكن ان يمنح فرصة للمسؤول، لكن مانراه هو عكس ذلك تماما فهل يحسب المسؤول بان المواطن في منأى عن التفكير او بهذه الدرجة من الغفلة لكي لا يفرز الحالة عليه ان يقوم بدراسة الشارع قبل فوات الاوان  وهو ما ستكشفه الايام القادمة ويدل على نضج التجربة وسلامة الموقف والرؤية وبان المسؤولية واجب وطني يتحمله الجميع ومن غير المقبول ان نلقي باللائمة على شخص بعينه فجميع المشتركين في العملية السياسية اليوم هم في عداد المسؤولين، وخلاف ذلك المنطق يعني ضعف البصر فكأننا نعيد امجاد القائد الاوحد والالهة المقدس الذي كان يحكم العراق بقبضة من حديد ويتمتع بكامل الصلاحيات من دون يحاسبه كائن من يكون او يعترض على تصرفاته ولو هدم البيوت على رؤوس من فيها من الفقراء والمحتاجين وقتل الناس وسلب الحريات وتسيس القضاء وعزل من لا يحبه ومن يخالفه في الرأي. أن الهروب من الأزمات ليس شعارا مقصودا ترفعه بعض القوى السياسية، بقدر ما هو واقع حال مفروض بغياب التنسيق والتفاهم على المصلحة العليا للبلد وبالتالي مصلحة المواطن، كما إن الأزمات السياسية والاقتصادية قد بدأت بعد التغيير مباشرة وبصورة جلية وواضحة، ولكن الآن بدأت الصورة تتوضح حتى إن بعض القوى السياسية، قد اعترفت بوجود أخطاء كثيرة ولكن الامور بقت على شكلها دون ايجاد حلول  .
يجب أن يكون هناك إجماع سياسي على أن ما يهدد العراق هو الأكثر خطورة من داعش وهو بقاء وتمدد الدولة الفاشلة والفاسدة في العراق لا شك سوف تنتهي في اقرب زمان و الوقوف مع ابناء الشعب والاستماع الى مطالبهم وتحقيق الانجاز منها افضل من القاء المسؤولية على رئيس مجلس الوزراء عادل علد المهدي المكرود لوحده وهو مكبل بقرارات وصلاحيات  محددة امر غير سليم واطلاق يده للعمل بمرونة وعتق رقبته من النار التي سوف تأكل اليابس والاخضر  بل يجب التعاون معه من اجل اتمام المهام الذي في عاتقكم ان كنتم الجهة المراقبة والمشرعة والنزول الى الشارع بدل الانزاء والتقوقع او الهروب الى البلدان المجاورة ، واعطائه مسؤولية تسمح له بالحركة بصورة شفافة  ومن ثم محاسبته اذا قصر ولم يستطيع انجازالاعمال ، ان المرحلة خطرة لا تسمح بان يترك الوطن على الغارب فالكل مسؤول دون استثناء بالفشل الذي بالبلد، ولا تزال الطبقة السياسية عاجزة أو غير قادرة على استيعاب الشارع وتحمله و انتهاء زمن الشعارات والوعود التي لا تتلائم مع هذا النظام السياسي المنهك بسياسات الوعود ويجب توجهها نحو العمل الواقعي واعتماد نتائج الانتخابات مدخلا للعمل والابتعاد عن التفاخر الموهوم بعد منحه الشرعيّة. والذي يجب عدم التفاخربه لانها مسؤولية ليست بسيطة انما عبئ كبير والهروب من المسؤولية أصبح حالة سائدة بين كثير من السياسيين في حالات الضغط الجماهيري والمكاشفة ، فتراهم يلقون الأخطاء على من حولهم دون تحمّل نصيبهم من الاخطاء يرغبون في ميزات الشيء دون تحمل واجباته، يسعون للوظيفة رغبة في الوجاهة دون الالتزام بمتطلباتها، يتملّصون من واجبهم تجاه المجتمع ومن تأدية دورهم ، يرغبون في النجاة بأنفسهم فقط، قبل إدراك الإنسان لقيمة السلطة والصورة الاجتماعية والمجازفة مقابل الجزاء والقيم المعقدة الأخرى؛ يميلون إلى الهروب من تحمل أي مسؤولية، ويرغبون دائماً بالحصول على المتعة والرفاه دون مواجهة الحساب ودون أن يحمل على عاتقه مسؤولية العناية بالآخرين،فما يوحّد الجمهور في العراق هو المعاناة وتزايد الشعور بفقدان الثقة بالأحزاب والطبقة السياسية الحاكمة. ويبدو أن هناك ملامح تحرر في وعي الجمهور من المخاوف المرتبطة بالهويّة وقلق العلاقة مع الآخر المختلف في المذهب والقومية، هذه المخاوف التي كانت تخدم الخطاب السياسي التبريري للطبقة الحاكمة
عبدالخالق الفلاح – باحث واعلامي.

360
الاستخفاف بالقدرات ودس الحطب في النار
 

لاشك ان حب الوطن أقوى من كل منطق ويبث النار في روحه وأن الوطنية هي ينبوع التضحية وينبض في شرايين الانسان السوي، لله سر فيه ، وآخر جرة قلم لأجل بلده و لأجل ترابه و سمائه ومياهه و لأجل كل نسمة هواء فيها ،لأجل كل روح مخلصة تتحرك عليها ،لأجل كل حرف خطته أنامله صغاراً وخطته أقلامهم كباراً ونطقت به شفاههم دون تعثر ، حروف اسمه تلاحق ضميره لأجل تقدمه ورفعته و حمايته وصونه والذود عنه دماً ولحماً وعظماً عند الشرفاء، والانتماء إلى الوطن والاعتزاز بتاريخه ، لازالت العقبة التي يتحطم عليها مطامع وأفكار أصحاب النفوس الخبيثة ولا سبيل إلأ التغني بأمجاده وإجلال رموزه المضحية ليفتخر بهم من أجل حمايته وحفظ كرامته والعمل على صون سمعته بين الأوطان كي يكون منه وبه وله ، فعلى الرغم من الوقوف المبدئي مع حرية الرأي، و مع الحرية المسؤولة والتظاهرات بصورة سلمية وفق الدستور المادة 34 حق مكفول إلأ ان بعض القوى السياسية المشاركة بفعالية في جميع المكاسب والحصص والمسؤولية ظاهراً لم تكتفي بهذه المكاسب و لبست لباس المعارضة لاغفال الشارع الذي يأن من ضيم المعاناة والفقر و لا يمكن انكار الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن لسوء التخطيط والفساد المستشري مع الظروف الضاغطة على كاهله الذي يملك حق التعبير عن رأيه فيها فخرج ليطالب بالحقوق بصورة شرعية ولكن ومع الاسف استغلت وسائل الاعلام التابعة ( احدى القنوت الفضائية ) لتيار معروف بشكل مزري في نقل صورة مغايرة للحقيقة  لتزيد النار حطباً وجيرت من قبل هذا التيار تحت ذريعة الوقوف مع الشباب والمطالبة بحقوقهم لاحقاقها فكان ما كان بالامس وافساح المجال للبعثيين والمتصيدين بالماء العكر(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ أَمنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكم بَعْدَ إِيمَانِكُم كَافِرِينَ). (آل عمران 100). ومن غذتهم الولايات المتحدة الامريكية بالمال والسلاحة عن طريق احدى الدول الخليجية  لاراقة دماء الابرياء من اصحاب المطالب والاصطياد في الماء العكر وخاصة بعد الانفتاح الاقتصادي مع الصين الشعبية وعقد مجموعة من الاتفاقات التي تهم المواطن في توفيرفرص العمل واعادة البنية التحتية والحياة للمصانع المتوقفة ما اغاضهم لانهم قد خسروا الميدان فدفعهم في السير وراء مخططاتهم، ويتقون اثارة المشاكل المختلفة بمنتهى الصفاقة وذو عقول ضيقة ومنغلقة ويعمدون التربص والايقاع بالمظلومين في ماَزق حرجة وقاسية يصعب الخروج منها  ويملكون نوازع الشر لاشباع غريزة الحقد والكراهية  التي تعشعش في نفوسهم المريضة . دائما ما يستخدمون الإنتهازيون الضعفاء للوصول إلى هدفهم، لأن حياتهم تخلو من الصراحة ولا يجرؤون على  المواجهة، وحياتهم أساسها مجموعة كذبات متتالية تبنى على الانتهازية والأنانية، والسعي وراء تحقيق المصالح الذاتية مهما كلفهم الثمن. فالإنتهازي يرى من الناس فقط ما يحقق مصلحته الذاتية دون الإلتفات للعواقب التي تدمر حياة الآخرين، فهو لا يشعر بالراحة إلا إذا عكر صفو الجماهير وبذلك تتوجه فرصته على اقتناص الفرص تحقيقا لمآربه بتسميم الأجواء وبث الفتنة، باقتناص الفرص وإستغلال الظروف وتكييفها لمآربهم الشخصية.ان المطلوب وسط الظروف المحيطة بنا وما تشهده المنطقة من صراعات  و احداث وتطورات العمل على حفظ الوسطية والاعتدال والمودة والرحمة
، كما أننا لا نؤمن بخطابات الإدانة فقط لأنها تقود إلى الاصطفافات والاختفاء ورائها وهو ما لا نريده، بينما من الواجب هي نقل رسائل إيجابية يمكن أن تقود إلى التهدئة" و المساهمة في اخماد الحروب لا اثارتها وعدم المساهمة في النزاعات التي تحيط به وانما اطفاء لهيبها وان يتجنب ،التعريض والمساس بحقيقة وجود الوطن وسمائه الذي يجب ان يكون عليه كل من يدعي انه ابنه ، لکن البعض: لا یفقهون وأنّى لهم الذکرى.. والأرض تلعنهم والشعب يكرههم، ويوم الخلاص من بقاياهم قريب.
ان الارهاب لم ينتهي بعد و المعركة معه باقية و بدون إرادة شعبية واعية تبقى الخلايا النائمة تختفي عند حواضنه من الذين سولت لهم انفسهم ودون العزيمة للقضاء عليه بشتى أنواعه، سواء كان إرهاب العقول أو الأنفس لا يمكن انهائه بسهولة، ولذلك يجب أن تكون الغاية في التعاون الاستخباري بالاعتماد على الطلائع الخيرة من مكوناته  للقضاءعلى هذا الجرثومة القذرة وتنظيف البلاد منه وإعلاء مصلحة الوطن وحفظه .
لقدغاب عن ذهن البعض ان اكثر المجتمعات تتفق على مبدإ من بين المبادئ السامية للإنسانية و هو الصدق في جميع الأمور، رغم أنه في زمننا هذا أصبح مجرد عنوان لا يعمل به و لا ينصح به. فكثيرا من الناس يخفون الصدق في كلامهم و تعاملهم ، الوطن جبل حب وان كان فقيراً في الشكل ولكن غني في المعنى رغم ان البعض لازال يجحد بحقه . يستمر في وقاحته ليصف وطنه بالضعف وعدم القدرة في ان يكون له الدور والمشاركة في فرض السلم وابعاد شبح الحرب عن المنطقة و وضع الحلول للمشاكل الاقليمية و بالقبح و غير ذلك بالأوصاف السيئة والاستخفاف بعقوله وكفاءاته ، وهي  حملات مدروسة من منظمات مشبوهة إعلامية وغير إعلامية مدفوعة الثمن بدعم من  جهات خارجية تعمل عليها فئة كفرة بقيمه داخلياً، فنحن نعلم أن هناك أعداء في الخارج يقفون خلفها فتزول دهشتنا، لكن حينما تأتي الإساءات لبلدنا ومجتمعنا ويملأ بها فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي ممن هم في العملية السياسية فذلك هو الكفر والنفاق بعينه و نجد من استغل وسائل الإعلام المختلفة، وحولها إلى منصات تهريج وسخافات وانتقادات وإساءات وبذاءات، ثم يجد في الفضائيات من يسوّق له ليستغل التقصير الحكومي في ضرب احلام وامال الوطن ، ولكي يعلم هؤلاء السياسييون أن عليهم رقيبا عتيدا في الدينا قبل الآخرة حيث الذنب لا ينسى، فإنّ من الواجب علينا كاعلاميين  وكتاب أن لا نترك الحبال مرخيّة لسنوات طوال قبل شدها على اعناقهم وفي رد الامانة التاريخية ، فليس المقصود بمن يقول رأيه الذي من الطبيعي أن يتوافق فيه مع أناس، ويختلف مع آخرين، ويسانده البعض، ويضدّه الطرف الآخر، ويقبله من يقبله، ويرفضه من يرفضه، بل المقصود الإساءة والتهجّم والافتراء بحق الوطن، وحرية الفرد تقف عند حدود حرية الآخرين ولا يتخطاها. كما أن المواطن يجب ان يكون أكثر وعيًا بأمنه واستقراره والدفاع المستميت عنه ولكن يظهر ان البعض الاخر  لم يصل بعد  إلى إدراك المعاني والقيم الانسانية العظيمة لبلدنا والحرية لا تسوغ لأحد أن يمس الثوابت والرموز في بلادنا بسبب تبلد الش. عور وطغيان المصالح والمنافع الشخصية ، ان الوضع الدولي والإقليمي يمر بمفترق طرق خطير يجب إدراكه من الجميع ، وهكذا وضع على حد وصف القول بان المنطق  (لا يحتمل المغفلين ولا يغفر للجهلة )
 لقد جرى البعض بعد التغيير و سقوط النظام السابق نحو الدولة ومؤسساتها  ولبس لباسها وهو يضمر الشر لها ويعمل على حرف مسارها والذي لم يدرك حجم الانتباه في الوعي لدى شعبنا وستتجاوزه المرحلة ولن يكون جزءً من المستقبل. . بل هو خيار استراتيجي لا مفر من العمل وفقا لقواعده وحقائقه ومقتضياته لتلافي العواقب الكارثية التي سيحدثها عدم تبنيه أو جعله عرضة للأهواء والنزاعات السياسية ضيقة الأفق ، لیحشّد من سولت له نفسه  یجمع ویطلق ادخنته لیحجب، ولو قلیلا، من صفاء الفجر.. و الفجر سوف یفصح لهم فی کل لحظة عن بعض أسراره .
 عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

361
الانتخابات الاسرائيلية مثل الافعى والعقرب
كشفت الانتخابات الإسرائيلية، التي أجريت الثلاثاء الاسبوع الماضي ، عنوانا بارزا، يتعلق بفشل رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في الحصول على الأغلبية، مما يطرح تساؤلا عريضا بشأن مستقبله السياسي.لاسيما وأن هذه الانتخابات قد تكون الأخيرة له، على اعتبار أنه يواجه اتهامات بالفساد، و الفوز بالانتخابات كان طوق النجاة بالنسبة له . مع العلم ان رئيس الوزراء ليس ملزما قانونيا التنحي في حال وجهت إليه التهمة بل فقط إذا ما أدين واستنفد جميع الطعون. لكن يمكن إجبار الوزراء الآخرين على القيام بذلك عند اتهامهم على كل حال .
النتائج كانت صفعة لنتانياهو الذي كلف من جديد لتشكيل الحكومة والتي ليست من السهولة عليه في ولادتها ولرئيس الولايات المتحدة أيضا، دونالد ترامب الذي يعد من ساندين المتشددين لليكود وفي نقل السفارة الامريكية للقدس المحتلة في الفترة الماضية و رغم ان حقق الازرق والابيض برئاسة بيني غانتس على 33 مقابل 32 لليكود برئاسة نتانياهو مما يعني ان يكون على رأس الحكومة بات بعيداً المنال وبعد رفض غانتس شروطه في اللقاء الاخير مع رئيس الكيان الاسرائيلي والذي استغرق  4 ساعات دون نتيجة والمطلوبة منه قبول الشروط بأي شكل من الاشكال ليكون بعيداً عن المحاكمة على الاقل في الوقت الحالي  والذي يعد في  "محل شك" بالنسبة للمتابعين ،
ولانهما مثل الافعى والعقرب ولا فرق بينهما في اللدغ حين تتخيل وتلاحظ وتشاهد وسوف يواجه من يكلف تشكيل الحكومة مهمة قد تكون مستحيلة. فكل من الطرفين يبقى عاجزاً عن تشكيل حكومة رغم تمكن نتانياهو من الحصول على تأييد 55 نائباً لتشكيل ائتلاف وغانتس على تأييد 54 نائباً. لكن ذلك لا يمكن أيا منهما تشكيل حكومة لأن الأغلبية تتألف من 61 نائباً. او طرح ترتيب التناوب على رئاسة الحكومة. لكن تبقى مسألة من سيكون رئيس الوزراء أولاً حجر عثرة رئيسياً. فالتوقيت مهم بشكل خاص لنتانياهو الذي قد يواجه اتهامات بالفساد في الأسابيع المقبلة، وسيمثل في جلسة استماع في اوائل تشرين الأول/أكتوبر .
وقد دلّ التراشق الكلامي بين نتنياهو وعضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش، من كتلة "اليمين الموحد"، قبل أيام قليلة من الانتخابات ، على وجود توتر كبير بين الجانبين، اللذين يعتبران "شريكين طبيعيين". وبعد مهاجمة سموتريتش لنتنياهو، استدعاه الأخير وهدده بإقالته من منصبه الوزاري إذا لم يعتذر. وقد اعتذر سموتريتش.
وبين المؤشرات على وجود توتر كهذا، و مطالبة نتنياهو وزراء وأعضاء الكنيست من الليكود بالتوقيع على ورقة ولاء له هي "مرحلة أخرى في تقوض مكانة نتانياهو السياسية. إذ لا حاجة لجمع تواقيع حول أمر مفهوم ضمنا .
وبعد النتائج التي تظهر منها تفوق الابيض والازرق على اليكود .. قال رئيس وزراء الكيان إسرائيلي بنيامين نتنياهوالمنتهية رئاسته، إنه لا مجال أمامه لتشكيل حكومة يمينية بعد نتائج الانتخابات التى جاءت متقاربة، وحث منافسه بينى جانتس الذى ينتمي لتيار الوسط إلى الانضمام إليه لتشكيل حكومة ائتلافية موسعة.
ان القوائم التي انتُخبت لا تمثّل تناقضات في مواقف سياسيّة من الأمن أو المجتمع أو حتّى الاقتصاد، بقدر ما تُمثّل هويّات إثنيّة ودينيّة موجودة ومتصارعة داخل دولة الاحتلال. وعليه، فإن أهم ما أنتجته هذه الدورة الانتخابيّة هو إحراز مستوى رفيع من حصر كل هويّة اجتماعيّة في تمثيل سياسيّ محدّد. وهو ما ينفي "التعدّديّة" السياسيّة تماماً داخل كل شريحة هويّاتيّة في كيان اسرائيل .
وهي الديناميكيّة التي يحاول نتنياهو العمل عليها ومن خلالها ولا أن يحافظ على حكمه فحسب، بل أن يؤسس تغييرات بنيويّة في النظام الإسرائيليّ و لابد من حكومة ملتزمة تجاه يهودية الدولة ويستغل نتنياهو التمترس الهويّاتيّ في المجتمع الإسرائيليّ ليُصمم نظاماً سياسيّاً قادراً على الصمود في صراعٍ "أبديّ"، على حدّ تعبير نتنياهو. يبني نظاماً سياسيّاً يحصّن الحكم من إمكانيّة الخضوع أو الانكسار تحت الضغط الاجتماعيّ في حالة الحربٍ الطويلة الأمد.
 والمقابل المخجل والحزين من نموذج الفعل السياسيّ الذي تقدمه الأحزاب الفلسطينيّة في الداخل والتي قررت خوض انتخابات الـ"كنيست"؟ ان تُسَخِّرُ تلك الأحزاب الانتخاباتِ لتصميم "بناءٍ سياسيٍّ" مؤهّلٍ للصمود في الصّراع مع الكيان الصهيونيّ كما تعتقد ، ولإسقاطه، وللمساهمة في بناء مستقبل الشعب الفلسطينيّ ، و هي أحزاب تمثّل شريحة هويّاتيّة عربيّة تسعى لتحصيل ميزانيّات وامتيازات، وتدعو جمهورها للتصويت لها لأنها عربيّة "مثلها مثله"، بينما هي تتصرف سياسيّاً كأنّها "واحدة من الهويات الإسرائيليّة"؟ ولن تكون حكومة تعتمد على أحزاب عربية معادية للصهيونية .والحزبان الفائزان فهما ليس ضد الاستيطان ولا يدعما حلاً للصراع بين الفلسطينين بالمطلق واسرائيل .
 ومن جانب اخر يحتدم النقاش بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة حول مستقبل أوضاعهم في ظل السيناريوهات المختلفة لما بعد الانتخابات، وحول مآل صفقة القرن. وتتمسك الاحزاب الفلسطينية بمطالبتها بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية . والبعض الاخر لا يرون فروقاً رئيسية بين اليمين وما يطرحه حزب الازرق والابيض الذي يعتبر وسطي الادعاء .
 ويتمنون أن يأتي رئيس وزراء آخر يتطلع نحو السلام مع الشعب الفلسطيني، وليس بفرض عقوبات على الشعب الفلسطيني،في حين ان  الوسط، هم يطرحون القدس الموحدة واستمرار الاستيطان والسيطرة على الأغوار. وهناك اطراف تسعى الى توحيد صفوف الفصائل الفلسطينية إيماننا منها بأن الوحدة الوطنية فريضة شرعية وضرورة وطنية في الوقت الحالي ، لما تحيط بقضيتهم من تهديدات استراتيجية حقيقية وأنه لا يمكن لشعب يرزح تحت الاحتلال أن ينجز مشروع تحرر دون وحدة داخلية حقيقية متماسكة" وخاصة وان الفلسطينيون لا يعلقون آمالاً كبيرة على نتائج الانتخابات الإسرائيلية ، رغم أن تأثيرنتائجها قد يكون مباشرة على حياتهم. ويشعر بعض الفلسطينيين بالقلق لجهة أن تتسبب حملة الانتخابات الإسرائيلية بمزيد من التحريض في إسرائيل ضد الفلسطينيين والعرب عموماً. ويظهر عقب توسع خطابات الكراهية في المجتمع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ فترة اخذت تزداد بشكل واسع بين الاوساط الصهيونية الدينية المتشددة خاصة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 
 

362
المسؤولية والكفاءة والمعاناة في العراق
يعرف المعيار على انه ما يقاس به الشيء كالميزان، ويختار ويقيم على أساسه، وتعرف كلمة كفاءة بأنها الجدارة والقدرة العلمية والمهنية والأخلاقية على حد سواء ودعم ذلك المعنى الآية الكريمة (إن خير من استأجرت القوي الأمين) ـ القصص 2، ان استقالة الوزير المهني علاء الدين علوان  استهداف ممنهج واطماع شخصية ومن الفواجع و المأسي التي يعاني منها الوضع الحالي في العراق والذي يسود مستقبله الضبابية والعتمة بسبب الممارسات ذات الصبغة السوداوية من قبل الجهلة وعديمي فهم الواقع السياسي الذي يعاني منه بلدنا والوزير العلوان وزير الصحة والبيئة كما عرف عنه  شخصية عراقية عالمية كفوئة معروفة في مجال الطب، حيث تسلم سابقًا عدة مهام في منظمة الصحة العالمية وهي الثالثة خلال اقل من سنة لتوليه الوزارة  تحت ضغوط الفاسدين ممن "تضرر من الإصلاح في الوزارة " الذين لم يعطوا الفرصة لهذا الوزير المهني والنزيه بالعمل وتنظيف الصحة من التشويه. ان من اهم المعايير للوزير المنصب أن يكون قد عمل في المجال الذي سيعين عليها لكي يكون ملما بدقائق ومهام الوزارة وعارفا بالمشكلات التي تواجهها ومدركا لتوازنات القوى فيها،وهي صفة متلازمة وإذا كان من خارجها فيكلف بالعمل فيها عاما واحدا او ستة اشهر على اقل تقدير قبل أن يكلف وزيرا ليتعرف على مهام الوزارة ويرسم له استراتيجية .
أن وزير الصحة والبيئة علاء الدين علوان قد توصّل إلى «قناعة راسخة» باستحالة الاستمرار في ظلّ الظروف الحالية والضغوطات السياسية  والتجاوزات والتدخّلات السافرة في عمله من قبل المتربصين والوصوليين في وضع عقباتٍ مستمرة لتمنعه من المضيّ في تنفيذ الرؤية السليمة وخارطة الطريق التي رسمها في الإدارة الرشيدة والشفّافة التي تمّ اعتمادها والعمل بها خلال هذه الفترة القصيرة للنهوض بالواقع الصحي والبيئي فقد حاول خلال الفترة الماضية تطوير القطاع الصحي وفقاً للبرنامج الحكومي رغم اننا على يقين بوجود الفساد حال هذه الوزارة مثل بقية المؤسسات الحكومية و أن فساد الفترة الماضية، الذي أنهك هذا القطاع، حال دون تنفيذ الخطة تلك وبذل جهوداً كبيرة لمقاومة الفساد وهدر المال العام، غير أن التدخلات والضغوط (من قِبَل جهاتٍ معروفة ّ رغم انه لم يسميها ) لا تريد النهوض بهذا القطاع ورغم المعانات من النقص في الكوادر الصحية والتمريضية ،  وفقدان الطريقة الصحيحة لاتلاف النفايات  ما يؤدي إلى تلوث المياه والبيئة المحيطة بالمستشفيات والمراكز الصحية لعدم تخصيص الميزانية المناسبة للوزارة اصلا وعدم التعاون معه من قبل بعض الدوائر الرسمية الاخرى في سرعة انجاز العمل بها ، وغيرها وبسبب تعرضه لحملات تشهير وتسقيط في وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو مكسب اقل ما يقال عنها بفقاعة لايزيد هؤلاء الفاعلين إلأ خسارة مستقبلية لهم  رغم كسبهم هذه المبادرة بصورة مؤقتة ، ورسالة واضحة بأن الحكومة الحالية هي الأضعف والأكثر فشلًا مقارنة بالحكومات السابقة اذا لم يتخذ رئيس مجلس الوزراء الاجراءات اللازمة للحد من هذه الضغوطات، ان تعرض مثل هذا الوزير المستقل  لطيف واسع من هذه العقبات والمحاولات مرفوضة للابتزاز وحملات التضليل الإعلامي، هدفها الإساءة وتشويه الحقائق للصعود على اكتاف الاخرين ، التي وصلت إلى حد يعيق عمل الوزارة، ويقوض فرص نجاح برنامج الإصلاح الذي تعمل الحكومة من أجل تحقيقه، وبقناعة راسخة بعدم إمكانية الاستمرار في العمل في ظل هذه الظروف. أن استقالة العلوان خسارة لشخصية مهنية، وهي مؤشر على عدم القدرة على مواجهة الدولة العميقة الجديدة في وزارة الصحة، ولا إصلاح في ظل التهاون مع الفاسدين فيما تكشف حجم استشراء الفساد في مؤسسات الدولة العراقية، وعجزالحكومة عن مكافحته، وضلوع من يدّعي محاربة «الآفة الكبرى» في صون «تمدّدها» على حساب المواطن العراقي وصحته . ان السؤال ألاساسي مفاده: أن يتمتع بها الوزير الناجح وهي خصال لازمة لنضمن النجاح لوزاراتنا ومؤسساتنا فتكون الديموقراطية سبيلا للبقاء والارتقاء في حياتنا العملية .اذن لماذا نعيِّن وزيرًا ثم نفكر في تغييره بعد فترة وجيزة ؟... ثم اليس من الضروري الالتزام  ببعض المعايير التي يجب ان نستند إليها في اختيار الوزير الناجح،، واهم الصفات الكفاءة.. والكفاءة هنا تعني المهنية فى أعلى مستوياتها، اي يجب ان يكون الوزير متخصصا، ومشهودا له بالكفاءة من قبل الجميع في مجال تخصصه. أن يكون وطنيا، بمعني ان يكون متمتعا بالولاء والانتماء لبلده و ليست لديه أي توجهات تحسب عليه، وتضعه في فئة ضد فئة  ،أن يكون متمرساً في العمل العام.. اي لديه رصيد عند المواطنين، قدَّم خدمات وعلى استعداد لأن يقدم خدمات دون انتظار لعائد من أحد.أن يكون ذا حس سياسي، فالوزير الكفأ في عمله المفتقد للحس السياسي سيصطدم حتما مع المجتمع، خاصة وانه واجهة بلده في الملتقيات السياسية الدولية، أن يتمتع بقدر عال من المهارات الاجتماعية، وأساليب التعامل مع الآخرين، قادر على كسب ثقة تابعيه، ومرؤوسيه. أن يتمتع كذلك بخصال شخصية راقية، فلا هو قلق ولا مكتئب ولا عصبي.. قادر على اتخاذ قرارات حاسمة في الأوقات التي تتطلب ذلك.ومن ثم الحكم علية بالجودة من عدمها  ومن قبل من هم اكفاء منه . صحيح أن التغيير مطلوب، لكن أن يكون بهذه السرعة فهو أمر يدعو إلى البحث والتقصي حول معايير اختيار الوزراء على اساسها  لا على اساس سياسي حتى لا يحارب بهذا الشكل المقزز بوجود الكفاءة العالية والمهنية عنده وعدم انصياعه للارادات الحزبية ... وقبل ان نتدبر المعايير، نقر مبدأ « الموضوعية في الاختيار» حيث أنها الاساس الذي ينبني عليه أي اختيار جيد. فمنصب الوزير ليس من المناصب التي يجري عليها المزايدات ومبدأ المحاولة والخطأ، أو التجريب.. وإنما في الاداء والمقدرة وهو صورة واقعية لتطبيق مبدأ الديموقراطية الذي اتخذ سبيلا في تيسير أمور الحياة في العراق الحبيب كما يدعى..
عبد الخالق الفلاحح – باحث واعلامي
 

363
من خانة الموالاة الى حانة المعارضة
الفشل الحقيقي للمجموعة الحاكمة في العراق  تعتبر كارثة و ليس الفشل في بناء اقتصاد وطني يضمن العمل والاستقرار والرفاهية للشعب فقط، بل الفشل والأخطر من الفشل الاقتصادي هو الفشل السياسي واخرها تشكيل وزارة الظل لدى المعارضة لمراقبة الحكومة كما تدعي وهو اسلوب لا يزيد عن الحديث الاعلامي وابتزازالجماهير لكسب ودهم وتهدئتهم ونحن لا نشك من كون الذهاب الى المعارضة السياسية هي خطوة مهمة وضرورية وتحفز الأطراف والكتل التوجه اليها في حسم مواقفها بالمضي معاً .ووجود المعارضة والموالاة خطوة باتجاه تأسيس دولة حضارية وفي طريق العمل التقويمي للسلطة التنفيذية اذا ما كانت جادة وغير مدفوعة لاغراض اخرى وبرغبة صادقة لان المعارضة أمر سليم وضرورة ولكن بشرطها وشروطها والتي يجب على الجميع العمل عليها واستكمال نواقصها و قيام اغلبية دستورية سياسية، وأقلية دستورية سياسية برلمانية وحكومية تنافسية ومعارضة حقيقية للحكومة لغرض الاصلاح لا من اجل كسب المغانم . وان مفهوم المعارضة في العالم وغالباً ما تمارس في الإطار الشرعي وضمن المؤسسات الثابتة. غير أن المعارضة قد ترفض أحياناً النظام السياسي القائم فتتمرد عليه مما يضفي عليها طابع التطرف. وخلاصة القول، تضم المعارضة الأشخاص والجماعات والأحزاب، التي تكون مناوئة، كلياً أو جزئياً، لسياسة الحكومة. في بعض البلدان وخاصة في العالم الثالث قد تتحول المعارضة السياسية إلى معارضة مسلحة وهذا ما قد يسمى تمرداً مسلحاً أو ثورةً أو قد تتدهور الأمور لتصل إلى ما يسمّى حرباً أهلية بسبب توفر السلاح السائب بيد مختلف القطاعات .كما هو في العراق .
ان ما  يوحّد الجمهور في العراق اليوم هو المعاناة وتزايد الشعور بفقدان الثقة بالأحزاب والطبقة السياسية الحاكمة. ويبدو أن هناك ملامح تحرر في وعي الجمهور من المخاوف المرتبطة بالهويّة وقلق العلاقة مع الآخر المختلف في المذهب والقومية ، من المسلمات المتفق عليها في جميع الأمم وأقرها الحكماء والعقلاء في العالم، مفادها ان استقامة النظام العام وانتظام حياة البشر مرهونان بوجود الدولة ذات السلطة القادرة على فرض النظام. ومن المسلمات ايضا ان حماية البلاد واستقلالها وتماسكها والمحافظة على خصوصياتها القومية والدينية والتاريخية مرتبط بضرورة قيام سلطة نابعة من ذاتها، معبرة عن ثقافتها وهويتها تحفظها وتدافع عنها. وهناك وظيفتان للسلطة ، اولها  حفظ النظام الداخلي للبلاد، وتنمية المجتمع وإعطاء كل ذي حقه، والثاني  مقاومة تدخل الأجانب في شؤون البلاد والاحتياط من مؤامراتهم، لان البلاد اصبحت مرتعاً للتحركات المشبوة وتتعرض بين حين واخر للطائرات المسيرة الصهيونية تحت الحماية الامريكية  . ولقد أصبح تعامل الولايات المتحدة مع منطقة الشرق الأوسط منذ فترة ليست بالقصيرة يسير وفق حاجات مصالحها التي تقتضي فرض واقع الاستقرار في المنطقة، ومن أجل تكريس قدرتها في الهيمنة والانتصار علي العالم  وفرض شروطها علي حلفائها الأساسيين في أوروبا وتنظر الولايات المتحدة الي العراق من حيث تحقيق أهدافها الاستراتيجية في إدارة الصراع السياسي القائم في العراق منذ وقت ليس بالقصير، كما تهدف أيضا الي معرفة الرؤية التي تتبناها الإدارة الامريكية وذلك من خلال التعرف علي ابعاد تلك الاستراتيجية  في إدارة المشهد السياسي في العراق وكيف تتعامل الإدارة الامريكية مع مختلف القوي المتصارعة علي الساحة العراقية بما يحقق لها أهدافها الاستراتيجية التي ترنوا اليها  من ذلك  التدخل. جعلت البلد ينحو باتجاه عدم الاستقرار والتقاطع الحاد بين منطلقات ودوافع كل القِوى المساهمة في الصراع السياسي والمسببة للعنف المستشري في البلاد.وفي ظل حقيقة تؤكد أن دراسة وتحليل  اطراف الصراع الداخلي في العراق و من منطلق صراع الارادات السياسية لتتفاعل مع الارادات السياسية الخارجية.
  العراق كبلد يضربه وهن كل التنظيمات السياسية بمختلف اتجاهاتها تماما مثلما ضرب الوهن السلطة ومؤسساتها.. وكان سببه هو اعتماد السلطة السياسة على حساب إرادة الشعب، بعد الانتخابات الصورية الاخيرة التي اظهرت ضعف تواجدها بين الجماهير وكشفت ضعف الاحزاب وهروب المواطن من المشاركة في الانتخابات ولم تكن النتائج حقيقية للسلطة الفعلية التدخلات الخارجية التي فاقت . والكتل والاحزاب الحاكمة اليوم لا تملك للسلطة أي وسيلة ذات مصداقية لمخاطبة الشعب .. فعلى مستوى الطبقة السياسية التي تدير البلاد ، لا تجد فروقات كبيرة في المضمون بين سوء إدارة النظام الشمولي وسوء إدارة قيادات سياسية تعمل بعنوان نظام "ديمقراطي". فكلاهما يعمل ضمن منظومة سياسية تجتهد لضمان ديمومة بقاءها بالسلطة بغض النظر عن القبول والرضا والرفض التي يمكن أن ينعكس عن السياسات العامة للنظام السياسي والأحزاب التي تدور في فلك هذه السلطة لا تحمل جديدا سياسيا شعبيا للسلطة. الأخطر من ذلك هو فشل الدولة في تحقيق الاندماج السياسي والاجتماعي، وإعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها. فتوالي ضياع الفرص من قبل النخب الحاكمة لا يزال يعتمّ الظروف ويحجب أيّ بصيص أمل نحو مستقبل الإصلاح السياسي.
ومن افضح عيوبها فشل السياسات الاقتصادية المنتهجة منذ عام 2003 وإلى يومنا هذا والفساد السياسي الذي ينخر جسده في احتكار السلطة  والذي خلق مناخا سياسيا غير مستقر انعكس على جوانب الحياة المختلفة وفي مقدمتها التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة اما الحديث عن الكتل فلا تزيد عن علاقات انية هشة فارغة من الاسس ، لعدم وجود نظرة استشرافية وخطة مستقبلية واضحة المعالم لدى مكوناتها ولا تزيد عن كونها فقاعات تنفجر بين حين واخر ، وتحميل الشعب مسؤولية الأزمة وذلك بسن إجراءات غير سليمة والمشكلةهي أن كثير من السياسيين يتحفظ على وصف العراق بالدولة الفاشلة، ويعدّون ذلك وصفا فيه الكثير من القساوة على تجربة حديثة لإعادة بناء الدولة في العراق. إن استمرار النظام السياسي بنفس العقلية التقليدية والمتخلفة في التسيير لن يزيد الأوضاع إلا سوءا ، ففي الوقت الذي تسجل فيه دول ذات إمكانيات أقل لعراق  نموا اقتصاديا مذهلا ما نزال نحن في مؤخرة الترتيب وفق ما تسجله التقارير الدولية في مختلف القطاعات من إختلاط وتداخل الصلاحيات بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، فلا البرلمان يؤدي دوره في المراقبة الصارمة والتشريع الفعال، ولا الجهاز القضائي المكبل استطاع من ان  ينجح في تفكيك أخطبوط الفساد الذي سمم مختلف المؤسسات والقطاعات
 عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

364
المنافذ الحدودية ...تؤهل للتكامل المشترك
حين تحدث توترات في العلاقات بين الدول و لأسباب مختلفة قد تؤدي لقطع العلاقات، بل ربما تسبب في اشتعال الحروب التي تتطور في بعض الحالات لتصبح حروبا مفروضة قد تستغرق سنوات طويلة تفرض على تلك الشعوب الويل والدمار و عادة لا علاقة لها بتلك التوترات والمشاكل انما نزوات شيطانية في نفس الحكومات المعتدية والتسلط عليها ، بل بعيدة احياناً هذه العلاقات ما بين الشعوب من بلد لبلد او حتى في الدول في ما بين اقلية واكثرية رغم انها تدفع الثمن الاكبر لما يتمخض عنها، بسبب تنوع الأنظمة السياسية الحاكمة خاصة  المتجاورة حسب الاتجاهات الفكرية والسياسية، ولم تصل فيما بينها إلى صيغة من العلاقة الإيجابية، التي تؤهلها للتكامل ووفق هذا المفهوم  تتشابك وتتقاطع الأحداث المحلية والإقليمية والدولية فيما بينها وتؤثر وتتأثر في بعضها بسبب ارتباطها بالمصالح الاقتصادية والصراع الدولي من أجل هذه المصالح، ويلعب النظام الرأسمالي العالمي دوراً مركزياً في هذا الصراع على هيئة ما هو متعارف عليه بالعولمة.
 لو تأملنا العداءات التي تقوم بين الحكومات على أساس سياسي سنجد الكثير منها يقوم على أسباب قد لا تكون للشعوب ومصالحها فيها ناقة ولا جمل، بل ربما يكون السبب عداء شخصيا بين حاكمين أو تبعية ايديولوجية أو سياسية او مذهبية من بعض الحكومات لبعضها تفرض عليها أن تعادي هذه الدولة أو تلك كما حدث بين العراق والجمهورية الاسلامية الايرانية في عام 1980، فحزب البعث فرض الحرب العشوائية بعيداً عن ارادة الشعب وبدعم من دول عدوة لشعوبها بالاساس على الرغم من ان الشعبان الايراني والعراقي على مر التاريخ هما بالأساس تحكمهم اواصر محبة وتعاون وروابط وعلاقات أسرية وثقافية عريقة قبل أن توجد الحدود السياسية. لدیهما مواقف مشترکة حیال معظم القضایا و المستجدات السیاسیة و الدولیة وبإمکان البلدین ان یتعاملا بشأن المواضیع الاقلیمیة و الدولیة باسلوب مشترك لكي تؤثر فی هذه المجالات حتى على الدول القريبة منها و تقارب الشعبین ضرورة لتطویر المناسبات الثنائیة بین البلدین للتوحد و التلاحم و التضامن فی الأمة الاسلامیة أمام مؤامرات الأعداء خاصة فی قطاعي التجارة و الاستثمار وهو الذي نراه اخذ بالنمو بينهما بشكل مستمر وفي تطور واصبحت المعابر الحدودية المشتركة السبيل الاوثق لزيادة الحركة التجارية والسياحية وخاصة الدينية في توافد الملايين سنوياً لزيارة العتبات الدينية بينهما .هذا يدل على التفاهم المسبق فيما بين الحكومتين في البلدين في تعزيز هذه العلاقات والتي يجب ان تشكل نموذجا يحتذى به للعلاقات بين الدول،
المشاكل تتفاقم عندما تكون حكومات الدول توسعية او ذات طموحات و رغبة في الهيمنة او فرض السيطرة على الدول الاخرى المجاورة. وهنا تتلاشى الحنكة السياسية وتفقد المبادرات تأثيرها في وضع حلول لتقليل التوترات تلك . وغالبا ما تفشل تلك المحاولات في احتواء المشكلة في مثل هذه الحالات، وقد تضطر الدولة الطامحة للتراجع بالبحث عن مخارج تحفظ ماء الوجه. وثمة مشكلة اخرى تتمثل برغبة بعض الانظمة في بسط النفوذ والتوسع خارج الحدود. وقد يكون لدى بعض الانظمة غرور او يكون حكامها مصابين بداء العظمة، الامر الذي طالما ادى لسقوط الدول.
 كما ان الكثير من الازمات ينجم عن سوء تقدير الحكومات مستويات الخطر وغموض النتائج المتوقعة عن تداعي الامور في فقدان البوصلة الغير المحسوسة بينهما.
لهذا يمكن القول ان كثيرا من الازمات التي تعاني منها المنطقة ناجمة عن هذه الظواهر التي تزداد اتساعا بتعمق الاستبداد والحكم الفردي. كما ان توفر المال النفطي وتلاشي القيم الديمقراطية والحقوقية ، كل ذلك يساعد في عوامل التراجع في الامن المحلي والاقليمي وكذلك العلاقات الاقليمية والدولية.
لا بد من الاشارة إلى ان الايديولوجيا المشتركة بين الدول توفر دعما دبلوماسيا للدولة عندما تختلف مع غيرها من خارج منظومتها الايديولوجية. على كل حال فإذا كانت السياسة قد أفسدت بعض الأمور الجميلة في عالمنا فعلينا كشعوب أن نتحد وأن نغير بعض ما أفسدته السياسة من خلال التواصل الإنساني؛ هذا التواصل الذي يكفل للشعوب التعرف على بعضهم بعضا وتفهّم خصوصية كل مجتمع والأشياء المشتركة بين المجتمعات المختلفة. بعدها ستكتشف شعوب الأرض أن ما يجمعها يساوي أضعاف ما يفرّقها. والبوصلة الموجهة للعلاقات الثنائية بين الدول والتي يجب أن يكون محركها على الدوام هو تحقيق مصالح الشعوب وتطلعاتها .
 تعد تجربة التعاون العراقي والايراني من أقدم تجارب التعاون الإقليمية إذ يمتد إلى أبعد وأعمق من مظاهر الجوار الجغرافي وترجع الجذور التاريخية للعلاقات إلى ما قبل ظهور الإسلام ليشمل أيضا الروابط الثقافية والبشرية والحضارية التي نسجتها قرون طويلة من الحراك الاجتماعي والتفاعل الحضاري. أن هذه العلاقة قامت منذ تاريخهاعلى المبادئ والأخلاق واحترام الشعبين بعضهما البعض في تقرير مصيرهما ورسم مستقبلهما رغم الكثير من المحاولات و التدخلات الخارجية الفاشلة وهذا النهج ساهم في تثبيت استقلالية البلدين وعلى ضرورة اعتماد هذه العلاقة كأساس لخلق شبكة أكبر من العلاقات خاصة مع الدول التي تتفق مع العراق وإيران في نهجهما. والارتقاء بمستوى العمل المشترك للوصول به إلى الشراكة الكاملة. وتعكس هذه التطورات إدراك الجانبين للتحديات والمخاطر المرتبطة بالنظام العالمي الجديد وضرورة مواءمة التعاون بينهما  مع المستجدات الدولية الراهنة و وضع هذه التطلعات موضع التنفيذ. أن يكون التعاون متضامناً وواعيا وعيا جيدا ويؤسس للتضامن الإنساني ونموذج  للتعاون الدائم بين الدول والشعوب من اجل مستقبل أفضل للانسانية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

365
القيادة الفردية المستبدة والجماعية الناهضة 
                   
القيادة معناها التحكم في المواقف ، أي التحكم في الناس في النهاية بقرار له سلطة الألزام على الآخرين ، مثل  القبطان الذي يبحر مع السفينة في مسيرتها وطاقمها وتكون قراراتهم ملزمة التنفيذ للوصول بدقة وسرعة وتعيين خط السير ويتحكم في ركابها طول الطريق المرسوم  لكل واحد منهم ، ليس من الممكن في الحاضر، قيام المؤسسية بتعميق جذورها في المجتمع في غياب الوعي الاجتماعي وسيادة ثقافة لا تؤمن بالحرية والعمل الجماعي وتعترف بأهمية الدور المجتمعي ، وتعارض في الوقت ذاته السيادة الفردية كمبدأ في الإدارة والحكم. إن القیادة الفردیة تعني في عمقھا انه لا یمكن ممارسة المركزیة على جمیع المستویات إلا بین یدي فرد معین او مجموعة معينة  یصیر بسبب ذلك المركز المصدر لكل شيءويعمل وفق ما يحقق مصلحة فردية أو مصلحة نخبة حاكمة، وليست بالضرورة أهداف أمة. لذلك يحرص القائد على إخفاء النتائج التي تتحقق من وراء هذه الأهداف والتي لا يجني منها الشعب شيئا يذكر ،فھو الذي یقرر ما یراه مناسبا لھا فیما یخص ما یقوم بھذا الإطار الذي یقوم بقیادتھا، سواء كانت دولة أو وزارة أو إدارة أو منظمة رسمیة أو غیر رسمیة أو حزبا أو نقابة أو جمعیة، و ھو الذي یوظف الأجھزة المكونة لذلك الإطار لتنفیذ القرارات، يعني تجد المجموعة المقادة  أمام قیادات لا دیمقراطیة، استبدادیة، أو بیروقراطیة لا ترغب أبدا في التعامل مع الرأي الآخر، سواء كانت قیادات للدول أو قیادات للمنظمات الرسمیة، أو للأحزاب السیاسیة أو للمنظمات النقابیة أو للجمعیات. و مھما یكن، فإن القیادات الفردیة تلغي كل شيء إلا نفسھا.
 ومن هنا فالقيادة بشكل عام تعني أمرين أساسيين لا بد من توفرهما وهما القائد والقرار الملزم التنفيذ ، قد يكون القائد هنا  فردا بعينه وقد تكون مجموعة  من الأفراد المتساوين في الحقوق والواجبات ، ولذلك فالقرار القيادي قد يكون قرارا فرديا بحتاً وقد يكون قرارا جماعيا هشاً.
و تجد غياب تام لوجودها على كافة المستويات في الكثير من بلدان العالم وفي قيادة تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية وفي قيادة مؤسسات الدولة الرسمية التشريعية والتنفيذية والقضائية على مستوى الدولة في قيادة العملية السياسية ، لتسلط القيادات السياسية الفردية في إدارة وتوجيه مؤسسات الدولة الرسمية والكتل البرلمانية والأحزاب والحركات السياسية ، ولذلك فشلت هذه القيادات فشلا ذريعا في بناء دولة القانون والمؤسسات الدستورية كما ينبغي ان تكون ، وأصبحت سلطة مسيسة ومنحازة لطرف دون الآخر وخاضعة لأرادة بعض القوى السياسية المتنفذة .ومن هنا نجد أن كل الثورات تأكل رجالها، ولا توجد ثورة في العالم لم يتماحق قادتها ويتفرد بالسلطة أو القوة وقرار فرديٌ واحد، وهذه حالة سلوكية بشرية عامة وتعتمد على المواصفات الشخصية والظروف الموضوعية التي تتفاعل لتدفع بأحدهم إلى المقدمة، وتوَفّر له الآليات للقضاء على الذين كانوا معه وتفاعلوا من أجل إنجاح الثورة. اما القيادة الجماعية الإيجابية المستندة إلى قيادة حقيقية والتي لا تكون  لجهة دون اخرى ولا تكون  طائفية، او عائلية، او مناطقية، او عرقية، أو عشيرة،او لشيخ و دلت تجارب التاريخ الأنساني عبر مسيرته الطويلة على أن القرارات التاريخية المتعلقة بمصائر الأمم والشعوب تبقى خالدة  بمرجعيتها التي يهمها مصالح الشعب بأطيافه ولا تعرف الاستبداد والفوضى ، وقراراتها تضمن تثبيت وتوطيد المصالح ولا تعيق الإبداع الفردي. بل إنها تطالب بنموذج للقيادة تعمل على إطلاق القدرات الكامنة لدى الفرد بما  يضمن خير وسعادة الجميع وابعد ماتكون عن القيادة المتسلطة كونها تعمل من اجل بناء المجتمع وسعادة ابناءه والعمل من اجلهم ومستقبلهم ومستقبل ابنائهم بعكس القيادة المتسلطة الاستبدادية فهي تعتمد استثارة التهديد والوعيد لأيجاد دوافع العمل .
والقيادة االجماعية الصالحة تعمل لخلق فرص التطور والنمو في إطار السلم الأهلي والأمن والإستقرار وزرع عوامل الخيربالتشجيع والتهذيب والذي هو أهم واجباتها  وتكون أهداف القائد هي نفس أهداف شعبه، ولن يستطيع القائد أن يدس هدفا شخصيا أو أن ينحرف أثناء تنفيذ الأهداف العامة لتحقيق هدف شخصي، لأن وعي الشعب وإدراكه أكبر من أن يسمح له بذلك. ومن هنا يكون دور القائد دورا تنسيقيا يتسم بالشفافية والتوجه المباشر نحو الأهداف المرسومة. هذا بالضبط هو ما يحصل في الطبيعة ويكون أكثر تجليا في عالم الحيوانات المهاجرة، إذ يقودها قائد نحو هدف يتفق عليه الكل، فلو تردد القائد دفعوه، او تراجع تركوه، او مات استبدلوه، فما عليه إلا أن يمضي دون تردد مهما كانت العقبات لأن الشعب وراءه. والقيادي المثالي هو الذي يتفق مع توقعات وأماني وخبرات جماعة معينة في ظروف معينة، وأن القيادة الصالحة هي القيادة القريبة من الواقع، وممارسة القيادة تتطلب أن يكون القائد قادرًا على إدارة وقته, ولديه القدرة على التأثير في سلوك الجماعة، وأن يكون لديه القدرة على رؤية التنظيم الذي يقوده،وقادرًا على التفاهم مع جميع أفرادها.
والملاحظة المهمة ان في القيادة الجماعية عدد المشاركين لا يكفل بحد ذاته جماعيتها الحقيقية وجماعيتها الفعلية كما شاهدنا في التجارب التاريخية المعاصرة للأمم والشعوب في العالم حيث كانت كثيرة العدد شكليا ولكنها فعليا وعمليا لم تكن جماعية بل كانت فردية خالصة بأمتياز بل أكثر من ذلك فردية متسلطة ومستبدة تفوقت في إستبدادها وقمعها وطغيانها وإرهابها لشعوبها
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 
 

366
الحسين ثورة الفكر والنهضة المستدامة
ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)  التي انطلقت سنة ستين للهجرة، كانت نبعاً‌ متدفقا للقيم المتسامية وترتبط بأبعاد فكرية أساسية تشكل جوهر قضيته المركزية والتي تتبلور وترتبط بمفردة الإصلاح بكل دلالاتها الفكرية والإنسانية والقيمية والروحية ومن هنا فأن أي محاولة لاستعادة هذه الثورة  وتطبيق مقولاته وقيمه الروحية والفكرية لا تتم ولن تتحقق دون فهم واستلهام هذه المضامين و لا وجود لفكر الحسين بدونها وبالتالي كل من يريد حصر وتقويض قضية الحسين بالطقوس والتباكي واللطم ، يساهم من حيث لا يشعر بحرف القضية وتميعها وضياع أهدافها وتغيب مكتسباتها على أرض الواقع .
للحقيقة ان بفضل فكر هذه الثورة العظيمة استطاع ابن رسول الله أن يحيي دين النبي محمد (ص) ويجعله فاعلاً ‌ومؤثراً علي مرّ‌التاريخ و تتميزعن كل الثورات بكونها قضية رسالة ومبدأ، ثار الحسين للدفاع عنها، ونهض للتبشير بها، حيث رأى أمة جده تنسلخ من رسالة الإسلام، وتسودها أجواء مخالفة لقيمه ومفاهيمه، وتحكمها فئة مخالفة لهديه وتشريعاته وبأنها كانت ثورة اصلاح وهداية لكل البشرية دون استثناء ومن هنا ينطلق التفاعل الجماهيري الهائل، الذي يحصل باندفاع ذاتي، ومن قبل كل الشرائح الاجتماعية... الرجال والنساء، والكبار والصغار، والأثرياء والفقراء، والمثقفون والعاديون... وتعطي لهذه الثروة المعرفية أهمية فريدة من نوعها،لذلك تجاوب الجمهور الشعبي معها، حيث يتفاعل معها من  كل المذاهب دون استثناء  بشكل واسع من أبناء الأمة الاسلامية وبالخصوص  المحبين لأهل البيت عليهم السلام، مع مناسبات ومواسم الذكرى الحسينية، وسائر أوقات الزيارات المندوبة،  وقد سعى الامام (ع) الى بناء مجتمع إسلامي وإنساني متكامل وانبثقت الثورة من روح المسؤولية والالتزام الأخلاقي لاصلاح المجتمع  (إنما خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي،‌أريد أن آمر بالمعروف وأنهي عن المنكر) ، في مقابل سيطرة الروح الأنانية والمصلحية والانتهازية، والسكوت إزاء الحكومة‌الباطلة، واللاإبالية تجاه اوضاع المجتمع، التي تساهم في  ترسيخ واستفحال المعايير و القيم المناهضة للدين، ويضفي المشروعية الاجتماعية والسياسية علي‌القوي المتجبرة والمستبدة.
وماهو واضح وجلي في ثورة الامام الحسين ( ع )اعلنت منذ البداية رفضها للاوضاع المتردية وتصديها لحكّام الجور. و لما اراد معاوية، خلافاً ‌لسيرة رسول الله، أن يأخذ البيعة من الامام الحسين لإبنه يزيد ليخلفه في الحكم الاموي المتوارث، قوبل بمعارضة الامام ورفضه. ومن خلال نهضته العاشورائية أوضح الامام الحسين بأنه من المحال أن ترضي شخصية تعتبر أسوة للاسلام المحمدي بهذا الذل، وأن تؤيد الاسلام المنحرف: (مثلي لايبايع مثله)
وتتجلى هذه المقابلة والمواجهة في أخلاقيات المعسكرين: أنصار الإمام الحسين، الذين رفضوا الاغراءات والمساومات، ووقفوا وقفة عز وفداء، دفاعاً عن الدين والمصلحة العامة، وفي الطرف الآخر: الجيش الأموي، الذين دفعتهم المطامع والمصالح لارتكاب أفظع الجرائم والآثام، وكانوا يتسابقون إلى المناصب والغنائم على حساب ضمائرهم ومبادئهم وأمتهم بدل ان  تسوده القيم الاخلاقية  الفاضلة والقيم النبيلة وتتحقق فيه العدالة والاخوة والحرية والمساواة وباقي القيم الانسانية التي تحفظ حقوق وكرامة الإنسان، لذا فأن ثورة الإمام الحسين عليه السلام، هي أعظم ثورة إصلاحية عرفها التاريخ البشري على سطح الكرة الأرضية لأنها أحيت المبادئ والقيم المقدسة في نفوس وعقول الأجيال المتعاقبة ، وأعطت الدروس المشرقة عن التضحية في سبيل القيم الإسلامية والإنسانية. وقد تأثر عظماء البشرية ومفكريها وسياسيها بشخصية الإمام الحسين عليه السلام وسيرته العطرة، لأنهم وجودوا في ثورة الإمام الحسين الرفض المطلق للظلم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعرقي والقبلي والمناطقي، ولمسوا في حركته التحررية الكرامة الإنسانية، والحرية الفكرية، والعدالة الاجتماعية، والتسامح الديني، والوفاء للقيم الإنسانية. التي تتجدد بشكل دائم مع حلول شهر محرم الحرام وايام عاشوراء،
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي

367
من الذي يدفع القوى الخارجية للعبث في الداخل العراقي
أن العراق اليوم هو ضحية الدكتاتورية الفاشية التي جثمت على صدره لأكثر من خمسين عاما ولازالت همومه تنخر بعيون الثكالى والايتام . ما نراه اليوم من مآسي متلاحقة ومتراكمة هي الجزء الاكبر منها تراكمات تلك السنين التي حصدت أرواح مئات آلاف من العراقيين في دوامة الموت المجاني والقتل على الهوية، فكان هذا  زمن العبَث العراقي الذي جعل أجيالاً كثيرة قادمة تبحث عن جذورها في صفحات الزمن ـ وهو الأهم والأخطر ـ هي الثمرة الكبرى، الثمرة اللاّمباشرة، لكل تلك العهود المتتابعة من القهر والهدر والمغامرات الحمقاء والطغيان وسحق الإنسان.
في حين نرى اليوم العراق وسط موجة قوية للُعبة المحاور، سياسة نهجتها الإدارة الأمريكية وأجبرت بعض الدول للإنجرار إليها، باطلاقها عبارة (من لم يكن معنا فهو عدونا)، من اجل جر المنطقة إلى ويلات الحروب والصراعات المحتدمة لكي تتحكم بزمام الأمور من جديد، و تعيد رسم خارطة المنطقة وفق مخططاتها، وتجبر الجميع على الجلوس على طاولة التفاوض والحوار وفق رغبتها أو إطماعها  التوسعية، والعراق في امكانهِ النأي بنفسهِ عن هذه اللعبة " القذرة " لانه غير قادر اللعب وسط ضجيجها والانجرار ورائها وهو يفتقر الى الكثير من وسائلها ولاشك ان الاوضاع الحالية من تشتت قواه السياسية والصراعات البينية تخلق جواً يسمح لمن يريد ان يصطاد في الماء العكر ان يلعب عليها ويدفع القوى الخارجية للعبث في الداخل العراقي اذا لم تبادر الى ما يجب ان تعمل عليه من اجل ان لا يكون العراق وشعبه ضحية لتلك المخططات. ومنذ غزوه واحتلاله  عام 2003من قبل القوات الأميركية لم نرى منها سوى نفثات الحزن والالم وما نراه من صورفي تردي مستوى البنى التحتية التي لم تنمو منها  شيئ انما تضاعف الخراب وزاد الفساد والسرقات وانتشرت المشاكل المجتمعية و لم يعرف العراقيون خلالها سوى اجترار مقولات الديموقراطية التي  لا تخضع للقواعد والنظم المتعارف عليها دوليا مع بعض الخصوصيات لدول العالم الثالث، أننا في العراق لا يمكن أن نصف نظامنا السياسي بالديمقراطي.
وحقوق الإنسان من دون أن يجدوا لها أي تطبيق على الأرض. إنّ أسوأ ما نتج عن حقب الظلم والويلات التي عاشها العراقيون اصبح امر الموت والقتل طقوسًا اعتيادية تمارس عليهم بين الحين والآخر، والاوضاع السياسية لم تعد تحرك فيهم الكثيرمن مشاعر ، هذا بالإضافة إلى أنّ العراقيين وكنتيجة عن نظام المحاصصة، عاشوا حالات التشظي وضياع الهوية فإذا قُتل ناشط أو محتج أو صاحب رأي أو قلم ضاع دمه بين العشائرالذين تم  اجتذابهم عن طريق توفير المناصب التي يحلمون بها ويغدقون عليهم الهدايا ويوفرون لهم الامتيازات ولحواشيهم، ويتأتى دور تذويب مشاعر الغضب ووأد الاحتجاجات، إما عن طريق تقديم الحلول السطحية أو الوعود التي لا تنفذ بعد أن صاروا الواسطة بين الجماهير والسلطة .
اما السياسيون الذين يناوبون على المناصب بعد سوق الانتخابات يصرخون " لن نسمح بالعبث بأمن العراق والتزاماته، سنضرب من حديد على من يحاول تنفيذ أجندة تتعارض مع مصالح العراق" والاعتداءات الاسرائيلية يتخذ البعض منها السكوت في العمل  و الدولة رجعت لزمن الفوضى والنفاق السياسي وظهور اشباح الأصنام والأرواح المتربصة لامتصاص نقمة الشعب و الذين يرفعون اليوم شعار الإصلاح والذين خدعوا به الشعب....وهم ينهبون ثروات البلد علناً من دون أن يقدِّموا الحد الأدنى من الخدمات في أي مرفق والمجالات التعليمية فحدث بلا حرج والصحية غابت عن عيون الدولة وفي كل ما يتعلق بالبنى التحتية لبلد لم يتبق منه سوى الاطلال والاحلام وهو ليس ناتجا عن فشل في التنمية الراهنة فحسب، وإنما نرى انعداما لأي منجز تنموي يستحق أن يكون علامة على حراك تنموي يوازي شعارات البعثيين في زمن النظام السابق والذين طالما تشدّقوا بـ"العراق العظيم". وظهر بعدها زمن الموت حياً ، جرائم سبايكر، والفلوجة، وتسليم الموصل لمسلحي "داعش"، وعقود السلاح، وجفاف الرافدين، وتسمم الأسماك، والتفجيرات، والاغتيالات وملايين النازحين والمشرّدين، ومسلسلات لجان التحقيق، وسرقات المال العام، وانتشار تعاطي المخدرات في الجامعات والمدارس، وسيادة أعراف العشائر في عدد من مجالات المجتمع. وحول كل هذه المصائب وغيرها ثمّة ألف سؤال جارح على كل لسان، لكن ليس هناك من  يسمع، ولا من مجيب". فهل بقى من  وطن الأشواق والاحلام والف ليلة شيئ، كما هو وطن البكاء لسنوات الظلم والمعاناة في ظل دولة أو دول الظل في العراق، وذلك يعكس مدى تغلغل الاحزاب السياسية في مؤسسات الدولة والمرتبطة بعدة جهات وان ذلك يؤثر بالتأكيد على الأداء الحكومي، لقد تناسى بعض السياسيين بأن الشعب العراقي اكبر من ان تنطلي عليه الشعارات الفارغة وانتهت مفعولها ولاتستطيع ان تؤدي دورها ليس فقط الان انما في المستقبل ايضاً واكتشفوا اوراق لعبهم وسوف لاتنطلي عليهم بعد الان .لان الانسان السوي يضع ضوابط تدخل في بلورتها التزامات اجتماعية وأخلاقية ودينية، و بيئية وفضلا الظرفية.
ان العراق عرف في التاريخ بانه هو وطن الفرح الحزين في مواويله ، كما هو وطن الحزن في عاشورائه ، العراق هو أغاني باكية لا تزال تنزف شوقا للعراق حتى وان كانت تلك القلوب تعيش في داخله ، وجل تفكيرهم تجاوز المشكلات التي  يعانون منها وانهاء خلق التصادمات بين المكونات العرقية والمذهبية والمتاجرة بدمهم  ، وصولا إلى تحقيق مصلحة الأمة بكل مذاهبها وطوائفها وفى هزيمة المشروع الأمريكى لو تكاتفت وتوحدت قواها تحت راية الوطن الواحد اولا واخراً  ، مع علمنا ان هناك فرص لافشال هذا المشروع لأسباب عدة ،أولها لانها غارقة بسبب سياستها الفاشلة، وهي تحاول الخروج من عنق الزجاجة لكي  تعطي رسائل إلى العالم بأنها مازالت سيدة العالم الأولى بلا منازع، وتريد ان تحافظ على  ماء وجهها وعلى مكانتها وسطوتها ثانياً  ،وعلى الجميع الحذر ثم الحذر من مكرها وغدرها ،وكما ان احلام هذا الشيطان يتلاشى امام وجود قوات أمنية مقتدرة بمختلف تشكيلاتها متدربة على جميع صنوف القتال، مع وجود قوات ضاربة ساعات الوغى اثبت قوتها وصمودها وحجم تضحياتها جاهزة وعلى اهبة الاستعداد ، وليس لها خيار سوى الدفاع عن مصالح الوطن وجميع هذه القوات  تمتلك قدرات قتالية عالية وإمكانيات جيدة من ناحية العدة والعدد بعد ان خاضت معارك ضارية في حرب التحرير ضد داعش وأعوانه وطبعاً هذا  لو كان الخيار عسكريا  أو استخدمت أدواتها المعروفة في هذا الجانب فهي غيرقادرة على التدخل بمثل هذه القوة  وعلى التواجد الفاعل والمؤثر في هذه الساحة الملتهبة والتي تستهدف جميع مكوناته ودون تمييز، وهو ما يطرح نفس السيناريوهات على الدول المؤثرة فى المنطقة والاقليم للقيام بها .
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 
 
 
 
 

368
واشنطن وانكاث العهد. وسيادة العراق
عندما تقراء الاوضاع الحالية في العراق والتي اصبحت تبنى على الوهم والخوف في الاخذ بالانسان فيه الى مستقبل مجهول وعندما نسمع بكلمة الاصلاح كمنهج لحياة جديدة فلا تطرب احد انما هي محاولات تتبناها الكتل التي تتحدث عن حكومة لا تحس بوجودها فعلاً  وبالحرية وبالحقوق فلا تشعر بحقيقتها والتي تاخذ التاثير مبدا لها من خلال الخطابات الفارغة من الوزن والقافية والتي لا تحرك شعرة واحدة من بدن الانسان اثر تراكمات الوعود والعهود المنقوضة واذا وجدت فأنها منقوصة ولا وجود لها على ارض الواقع  ولا تأثير لها في كسب العاطفة عند نفوس الاخرين وفاقدة للمصداقية والتأييد لها  ولا يمكن لها الاتكاءعلى اتهام النظام السابق في المأساة بعد 16 عام مضت و"كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا " الاعراف اية 38 ، رغم الميزانيات السنوية الضخمة. ما نراه في العملية السياسية والخدمية من معاناة لدى ابناء الشعب تشيب الطفل المفطوم تواً من امه ، لتدني مستوى التعليم والصحة والصناعة والزراعة والسياحة وسلب حقوق الشعب الذي عانى الامرين على مر الحكومات من مشاكل جمه لانحسد عليها فهناك مشكلات عدة لم توضع الحلول لها مثل البطالة والفقر والخدمات العامة كهرباء وماء وسكن ومفردات البطاقة التموينية بسبب التناحر على المكاسب .اما الاصعب من ذلك كله ما يمر بسيادة العراق من ازمة وهي حماية ارضه من الاعتداءات الغريبة التي اصبحت يوميا تحت فاتورة الاتفاق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الذي نص على حمايته وان تتمركز قواتها  المقاتلة في المنشآت والمساحات المتفق عليها التي تقع خارج المدن والقرى والقصبات والتي حددتها اللجنة المشتركة لتنسيق العمليات العسكرية واعتراف الولايات المتحدة بالحق السيادي لحكومة العراق في أن تطلب خروج هذه القوات من العراق في أي وقت تراه. استناداً على مادة تقول" تنسحب جميع قوات الولايات المتحدة المقاتلة من المدن والقرى العراقية في موعد لا يتعدى تاريخ تولي قوات الامن العراقية كامل المسؤولية عن الأمن في أي محافظة عراقية، على أن يكتمل انسحاب قوات الولايات المتحدة من الأماكن المذكورة. هنا مربط  الفرس ،هذه المادة تجيز لهذه القوات بالبقاء لحين اكمال القوات المسلحة العراقية تسليحها ( دون تحديد ) ولكن متى يتم ذلك فالعلم عند البيان الذي صدر من الرئاسات الثلاثة الذي يطلب من وزارة الدفاع اكمال مستلزمات الدفاع وعلى أهمية التزام التحالف الدولي بالمساعدة في حفظ أمن الأجواء العراقية من أي اختراق أو استهداف  وهذه القوات مسؤولة بحكم الاتفاق حماية العراق من اي اعتداء لحين اكمال مستلزمات الدفاع و العراق ملتزم بمبدأ حسن الجوار مع جيرانه وبما يحفظ امن العراق والمنطقة، وان العراق ليس ساحة للنزاع والاختلاف بل للبناء والتنمية . ان انتظار نتائج التحقيق الجاري من قبل الجهات المختصة؛ للخروج بموقف موحد يحفظ حقوق العراق، ويعزز أمنه واستقلاله وسيادته على ترابه الوطني“يتطلب الإسراع في التحقيقات والإجراءات اللازمة دون تسويف والمماطلة في اتخاذ قرار حاسم وكشف الجهات التي تقف وراء هذه الاعمال التي تمس سيادة البلد و من شأنها تحديد الجهات الخارجية المعادية التي تقف خلف تلك الضربات المتلاحقة التي استهدفت مقرات ومخازن الأسلحة التابعة لقوات الحشد الشعبي والأجهزة العسكرية في مناطق مختلفة من العراق وتطاير صواريخه نحو منازل المواطنين في العاصمة بغداد، في حادثة هزت الرأي العام، وراح ضحيتها قتلى وعشرات الجرحى، وفي تصريح عجيب وغريب أوضح الجيش الاميركي فيه بان تنفيذه طلعات الاسناد الجوي والمهام طارئة لا تتطلب موافقة الجانب العراقي في حين ان التحركات والعمليات العسكرية لا يمكن تنفيذها إلأ بموافقة القائد العام للقوات المسلحة العراقية والمتمثلة برئيس مجلس الوزراء حصرناً . وقد ذكرت تقارير موثقة عدة أن طائرات الكيان الصهيوني هي التي قامت بقصف تلك المواقع  "بعلم من الولايات المتحدة " وإطلاع الرأي العام عليها"وخاصة وان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ألمح، إلى مسؤولية إسرائيل عما يعتقد أنها غارات جوية على معسكرات الحشد الشعبي بالعراق، مشيرا إلى أنه "ليس لإيران حصانة في أي مكان"، مضيفا أن أيدي إسرائيل طويلة، وستتحرك ضدها أينما تستدعي الحاجة.وكل الدلائل تشير الى ان هذه الدولة الغاصبة لا يمكن لها ان تقوم بهذا الفعل لولا الضوء الاخضر من الولايات المتحدة في التخطيط من اجل انهاء الحشد الشعبي وابقاء العراق ضعيفاً امام اي تحركات خارجية والتي هي المسؤولة وفق الاتفاق الاستراتيجي ، "عند نشوء أي خطر خارجي أو داخلي ضد العراق أو وقوع عدوان ما عليه، من شأنه انتهاك سيادته أو أستقلاله السياسي أو وحدة أراضيه أو مياهه أو أجوائه، أو تهديد نظامه الديمقراطي أو مؤسساته المنتخبة، ويقوم الطرفان، بناء على طلب من حكومة العراق، بالشروع فوراً في مداولات استراتيجية، وفقاً لما قد يتفقان عليه فيما بينهما، وتتخذ الولايات المتحدة الاجراءات المناسبة، والتي تشمل الاجراءات الدبلوماسية أو الاقتصادية أو العسكرية أو أي اجراء اخر، للتعامل مع مثل هذا التهديد. " أن دخول الكيان إلاسرائيلي المجال الجوي العراقي هو بمثابة إعلان حرب ضد العراق وإن السكوت على العدوان ليس موقفا عقلانيا بل العقلانية والواقعية السياسية تقتضي استنفاد خيارات الدبلوماسية الوطنية مع مجلس الأمن الدولي ليكون العراق وجيشه وشعبه في حل من خيارات الردع العسكرية مع العدوان وطائراته المسيرة وابعاد العراق عن سياسة المحاور والاعتداءات على الدول الاخرى كما ان الاستعدادات العسكرية يجب ان تكون بمستوى الخطورة التي يواجهه البلد من العدوان الخارجي على حدوده وضرورة ايجاد اسواق بديلة ومتنوعة  للتسليح المتطور لحفظ ارض وسماء الوطن . ولاشك ان الخروج من اتفاق الاطارالاستراتيجي من الامور المهمة بعد ثبوت عدم صدقية واشنطن بعد انكاث العهد في العمل لتطوير القوات المسلحة العراقية ولا جدوى منه  وتقييد تحركات القوات الأمريكية والأجنبية والتعجيل في تشريع قانون يلغي عمل هذه القوات واتخاذ كافة الإجراءات التي تضمن سيادة العراق واستقلاله
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

369
المخدرات والمجتمع والشعورالمتزايد بالضياع
لازالت مشكلة المخدرات تثير القلق في العالم  وتخيّم على الأفق. فوفقا لتقرير المخدرات العالمي لعام 2017، يعاني حوالي 30 مليون نسمة على اقل تقدير من اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات في العالم  و تشكل وسيلة ربحية لبعض ضعفاء النفوس من التجار،إن التحديات المتعلقة بالمخدرات هي من أكبر المشاكل التي تواجهها المنظمة الدولية للامم المتحدة  لما لها من آثار واسعة النطاق على الصحة والأسر والمجتمعات وكذلك الأمن والتنمية المستدامة.ومع الاكتشافات الطبية التي أثبتت ضرر المخدرات على جسم الإنسان، وتهديد المخدرات لحياته وعلاقاته، بدأت دول العالم تسن التشريعات التي تجرّم المخدرات تعاطيا وتجارة ويتطلب تعاونا دوليا واستجابات فعالة في مجال تطبيق القانون والعمل به بجد لوقف شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وتجار المخدرات مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان ووفقا للمعايير والقواعد الدولية. وللحقيقة والتاريخ فإن بداية التجريم كانت لحماية الطبقة الوسطى، وبالتالي فإن التركيز على حظر هذه المواد لم يشمل طبقات أخرى . في العراق كان في السابق ممرا اما  اليوم فهو اصبح بؤرة وانتشرت في مدنه كلنار في الهشيم والمكتشفات تبلغ الاطنان سنوياً حسب الشفافية الدولية و تروج بها قوى شريرة ومافيات فاسدة تحاول افساد المجتمع تقودها عناصر ومجموعات تعشعشت في السلطة تلعب بهذه الورقة وبدأت قوافل الشهداء من رجالات الامن تزف بيد تجارها حيث تسقط مضمخة بدم الوفاء للقيم والاخلاق ، في حين هناك نفوس ضعيفة تدعم المتاجرين بالمخدرات لاسباب مختلفة منها سياسية واخرى ربحية ،علما أن من اكثر المناطق التي تروج بها المخدرات هي المقاهي التي يرتادها الشباب عن طريق الاركيلة التي تنوعت اساليبها وانواعها واصدقاء السوء ، بالإضافة إلى ذلك لابد ان نؤكد على فكرة غياب التوعية من قبل الجهات المختصة وتتّسم أسواق المخدرات بسرعة تطور المواد المخدرة . ووفق ما قالته المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية في حزيران الماضي فان عدد السجناء يقدر ب 8 آلاف معتقل في العراق على خلفية قضايا تعاطي ومتاجرة في المخدرات واضعاف هذا العدد يتعاملون معها خارج نطاق السجون وفي مناطق مختلفة موبوءة ،
 ويعتقد علماء النفس انه يصبح مرض بمرور الايام ويستفحل في نفسية من يستفاد منها و يعاني الكثير منهم شعوراً متزايداً بالضياع والخوف من المستقبل فعلى هذا الاساس لابد أن تتوفر مناخات صحية لمعالجة منسجمة مع مثل هذا المرض ويخرجون من هذه الظاهرة للحياة الطبيعية ، خاصة وأن اهم اسباب هذا المرض هو الفشل التعليمي الذي لو استطعنا احتواء هذا المنظومة الحيوية المضمونة من خلال تطوير العملية التعليمية دون مهابات، نستطيع من خلال ذلك أن نقفز على الحاجز العمري وردم فجوة الادمان في سن المراهقة.
الشيء الاخر التوجيه الاجتماعي والارشادي ي لمواجهة زملاء السوء في المدارس المتوسطة والاعدادية بنين وبنات وحتى الجامعات والمعاهد ومنع التدخين في هذه المؤسسات والتي تعتبر وأحدة من اهم اسباب الذهاب نحو الادمان ولابد أن يكون هناك توجيه اسري واجتماعي وثقافي وامني تشارك بها المؤسسات المختلفة  بغية مراقبة الشباب وما يحيط بهم و ما يساعد على انحدارهم نحوها .ووجوب الاكثار من الحاضنات الترفيهية والملاعب الرياضية والنوادي الثقافية والاجتماعية التي تملئ وقت الفراغ والتي تنتزعهم من الاماكن الموبوءة بطرق مدروسة يشارك فيها اصحاب الاختصاص  ، أضف إلى ذلك فأن النموذج التربوي الذي تعتمده الاسرة هو ايضا عامل مهم في ترويض الشباب وصقل مواهبهم لابعادهم عن هذا الشبح المخيف ، وفي خلاف ذلك يتحول الشباب من حالة الايجاب نحو الطاقة السلبية ، ويرتهن متعاطوه في كثير من الأحيان بدوامة التهميش، مما يجعل تعافيهم واندماجهم من الناحية الاجتماعية أمراً صعباً لان هذه الظاهرة متى ما دخلت اي مجتمع اصبحت ضارة بالتنمية و ثمّة موارد ثمينة تُنهب لتحقيق مكاسب شخصية. ومن اجل ذلك نشهِد انعقاد دورات تثقيفية بين حين واخر لتنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة تشرف عليها لجان مختصة من المنظمات الدولية لمكافحة الفساد، التي تركز على التدابير الوقائية واسترداد الأصول .
ومما يؤسف له  أن الكثير من الفعاليات الثقافية والدينية والسياسية في العراق ، لا تمتلك الجرأة القوية في تناول موضوعات في غاية الخطورة ومنها المخدرات لاسباب اجتماعية وثقافية وغيرها او تغض عنها ،كما ان استفادت بعض القوى المسيطرة في البلاد من هذه الحالة، وهناك من جهات  تسعى دائما إلى استمرار ضعف المؤسسات النافذة للقانون، من اجل استغلال الوضع العام لتحصيل الكثير من المكاسب، لذلك لا يمكن لها ان تطرح موضوع المخدرات على المستوى العام المحلي والعالمي حسب اعتقادها بسهولة لتبتعد عن مكامن الخطراو التصفية وعلى الاقل التهديد ، وبالعكس من ذلك هناك مؤسسات ومنظمات دولية متابعة لموضوع المخدرات تعمل من اجل الحد منها  .
مشكلة المخدرات من أعظم المشكلات التي تهدّد أمن وسلامة  اكثرالمجتمعات وخاصة الفقيرة وتعوق تقدمها الاقتصادي والاجتماعي؛ لأنها تستنفذ الكثير من موارد المجتمع وتبدّد الكثير من طاقات وقدرات أفراده، وأضحت المخدرات ظاهرة عالمية يعاني منها الكثير من الشعوب، والمخاطر الناجمة عن هذه الظاهرة تستدعي ضرورة التصدي لها ومحاربتها بمختلف السبل والوسائل، ولهذا يجب على الجميع التعاون من أجل القضاء والحد من انتشار هذه الآفة المدمّرة التي تؤدي إلى ضياع الشباب وإهلاك المجتمعات.ان ظاهرة المخدرات فيها من الخطورة تُكلّف البشرية الكثير من الأرواح بمِقدار يفوق ما تفقدُه في الحُروب العالميّة و التّعاطِي المُستمِر للمُخدّرات يُؤدي إلى الإدْمان، والذي لا تعد مُشكلة محليّة فقط، بل هي ظاهِرة موجودة بالفِعل في كافّة المُجتمعات الدّوليّة والدُول الصُغرى والكُبرى والمُدُن،والمطلوب ان تتكاثف الجهود لأجل حلِها من خلال  الهيئات الدّولية والمُنظّمات العالمية وإيجاد حُلول لاستئصَال هذه المُشكلة.   
ولا شك ان الوصول إلى وطن بلا مخدرات في الامكان من خلال وضع استراتيجيات وقائية استشرافية للتعامل مع اتجاهات وأنماط تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.
لاشك ان دعوة المؤسسات الأسرية والمجتمعية إلى إعداد استراتيجيات وسياسات لمواجهة أنماط التغييرات المتوقعة في الأسر والمجتمعات المحلية من الامور المهمة ، والتي قد تعمل على تقليل عوامل تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، فضلاً عن دعوة مؤسسات المجتمع المدني الرسمية وغير الرسمية إلى الاستفادة من نتائج أبحاث استشراف المستقبل، وإدماجها في سياساتها وبرامجها لمواجهة تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات لاسيما بين النشء والشباب. وفي العراق بين عامي 2017 و2018 شهدا ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة تعاطي المخدرات وترويجها وبيعها، بسبب الانفلات الأمني الذي يشهده البلاد وعدم وجود برنامج امني حكومي ، وعدم السيطرة على السلاح وانتشار البطالة،  بالإضافة إلى عدم وجود عقوبات رادعة وضعف القوانيين ، بعد ان كان قبل  عام 2003 يُعدّ من البلدان النظيفة من التعاطي أو الترويج للمواد المخدّرة، لكن إبان الغزو الأمريكي للبلاد، ومع تراجع الوضع الأمني وانتشار الجماعات المسلّحة وعدم السيطرة على السلاح، بدأت تجارة المخدرات تلقى رواجاً كبيراً" وخصوصاً بين فئة الشباب لكلا الجنسين والسبب في ذلك لها اسبابها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي كانت لها تأثيرات مباشرة في ارتفاع تلك النسب، مما جعلتها تؤثر على  مدخولات الأسر العراقية،و استنزافها اقتصادياً، خاصةً بعد التنوّع الكبير في أنواع المواد المخدّرة، التي كانت مقتصرة على انواع محدودة وبأسعار متفاوتة. من أجل ديمومة وجود المخدرات في أيدي المتعاطين بدؤوا يقومون بأعمال إجرامية تنافي السلوك المجتمعي؛ ومنها الاعتداء على ذويهم، وكذلك قيامهم بسرقة الأموال بغية الشراء.على كل حال تمثل المخدرات اليوم احدى افرازات العولمة الجديدة وتطورها وظهور التكنولوجيا، ناهيك عن صعود الامراض النفسية والروحية والاخلاقية في العالم، وهذا نتيجة تطور التكنولوجيا وخفوت القوة العضلية لدى الانسان، وهذا واقعا ما يتبناه الكثير من علماء الاقتصاد اليوم وهم يعزون الامر لحالة الاستغناء عن الانسان كقوة قادرة على العمل والاستعانة بدلا عنه بالتكنولوجيا . يجب دراسة هذه الظاهرة والعوامل المؤدية لها وهذه العوامل بعضها تكويني وبعضها اقتصادي وبعضها نفسي ومختلف العوامل الاخرى تشترك بها مجموعة من الجهات ولعل أهمها (الحكومية الاتحادية، والمحلية، والأجهزة الأمنية، والقضائية، والدينية، والإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، والعشائر، والمجتمعات المحلية، والمختصين في مجال علم الاجتماع، وعلم النفس، والتربية، والتنمية، وغيرها من التخصصات ) و يجب ان تكون تلك العوامل بسلة واحدة وأن تخرج بتشريع قانون متشدد واحد ومحاكم مختصة واتخاذ سياسة واضحة غير مجتزأة توقف كل تلك السلوكيات اهمها مراقبة المعابر الحدودية القانونية وتزويدها بالوسائل الحديثة والاسلحة المتطورة وبعقد الاتفاقات المحكمة مع الدول المجاورة وغلق الطرق النيسمية الحدودية البعيدة عن اعين السلطة بالتشديد الامني عن طريق الكامرات والوسائل التخصصية والطائرات المسيرة وايجاد فرص عمل تساعد في القضاء على البطالة لكي تنهي هذه الظاهرة من جذورها وتخلص العراق من شرها.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 
 
 
 

370
الصراعات السياسية في العراق و وهم المعارضة
كل الانظمة السياسية الوطنية اسماً وعملاً أيا كان نمطها وخلفية تشكيلها تبحث عن تعزيز شرعيتها والتي تشير الى التزام النظام الحاكم أو السلطات بالقوانين والدستور في ادارة الشأن العام ، و تعني توافق المبادئ العامة والأيدلوجية والافكار والاطار المؤسساتية لتأتي بالنظام السياسي الحاكم والمقبول  وفق القوانين الدستورية المناسبة والمتطابقة مع ارادة وطموحات الجماهير" إلأ في العراق " فلا تنتهي الصراعات المتفاقمة، والانسدادات التي يعيشه شعبه على كل الأصعدة بالحلول الترقيعية و بالتسميات او في الارتفاع فوق الرؤية الوطنية وليس من موقع الضد السياسي او الفكري العقلاني المفقود اساساً انما من اجل السباق للحصول على جزء من الكعكة و فشلت جهود "محتكري السياسة "في تكوين قيادة وطنية موحدة سليمة النوايا تحقق ارادة الجماهير ، لها ثقل سياسي واضح المعالم، تستند الى مشاريع استراتيجية وأهداف واضحة تسعى الى بناء الوطن ، نابعة من تاريخه الكبير،حريصة على لملمت شتات القواعد الجماهيرية للشعب في ظل امة واحدة رغم اختلاف مكوناتها العرقية والقومية والاثنية ،وبعيدةً عن التناحرعلى السلطة بتسمياتها الحزبية والمذهبية والمناطقية، و تعمل وجل اهدافهم  التفكير بالمصالح الشخصية الضيقة، وحسابات الربح والخسارة ،متنافسة ومتنازعة على حصص المسؤولية والقادة الذين لم يصلوا بعد الى حالة من القناعة السياسية وادراك مفهوم الديمقراطية الجديدة إلى الان وأن غالبية القوى السياسية هي لا تؤمن بشرعية المؤسسات أو السلطات الحاكمة ، مما سبب الاعتقاد بالفشل الذي يشمل إلى حد كبير كافة القوى السياسية وبأن السلطة تعاني من العديد من الازمات والانقسامات وانهيار التحالفات بسرعة والتي بالامكان رصدها على مدى الاعوام الماضية دون الكبير من العناء.وغياب مفهوم المعارضة لان " المعارضة السياسية الحقيقية لها علاقة وثيقة بالديمقراطية فهي تُعد جزء أساسي وشرعي من النظام السياسي الجماهيري، حتى قيل " لا معارضة بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون معارضة موجهة فعالة ، ولا سياسة أصلا دون تعددية ومن التعددية تنبثق المعارضة والتنافس، فحيوية المجتمعات تعود من بعض الجوانب إلى التعددية السياسية وإلى المعارضة النشطة حيث تكون نداً للحكومة ومعارضاً لها، وبديلاً عنها و فلا يمكن أن يكون هناك تداول سلمي للسلطة ما لم تكن هناك تعددية سياسية حرة تؤمن بوجود المعارضة في إطار المجتمع والنظام السياسي الديمقراطي والعكس صحيح. ومن غير الممكن للديمقراطية كبنية وآليات وقواعد أن تنضج وترسخ على مستوى الممارسة السياسية، إلا في ظل بنية ثقافية تقوم على المساواة وحرية العمل السياسي للقوى والتنظيمات السياسية المختلفة ".
ان المعارضة الوطنية الحقيقية والصادقة هي التي  عليها تقويم عمل الحكومة ووضعها في مسارها الصحيح أذا وجدت أن هناك أنحرافا عن خط سيرها وعن ما طرحتها ونادت بها قبل تسلمها قيادة الدولة. وتتمثل الإستراتيجية بالوسائل التي تختارها لتحقيق أهدافها ،وتختلف طبيعة الإستراتيجية المتبعة بأختلاف طبيعة النظام السياسي القائم ، فقد تلجأ المعارضة الى حاله المنافسة الحادة  فتدخل في منافسة نزيهة معها "اي الحكومة " مما يدفعها لتقديم أعلى درجات العطاء والأداء ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على كل الأصعدة والذي يصب في النهاية في مصلحة الوطن الممزق والمتردي سياسيا وأجتماعيا وأقتصاديا ودينيا وأمنيا والمواطن المظلوم يعاني الامرين . المعارضة الوطنية بعيدة عن  التلفيق والأكاذيب ولا تتحالف إلأ مع الداخل ولا تضع يدها بيد قوى خارجية أقليمية أو دول معروفة بمواقفها السلبية والعدائية وغير الطيبة تجاه بناء الوطن و خشية كل حزب على معسكره او يخشى من منافسية في ذات المعسكر وبالعكس من ذلك  فان جولة حوارات الحلول التي ترسم معالم المستقبل مسألة غاية في الصعوبة والتعقيد ولا تقرر مسار ومستقبل العملية السياسية المليئة بالثغرات والافخاخ وحساب الامتيازات ، أما أذا كانت المعارضة خارج النظام السياسي فأن هدفها الأساسي هو السعي لإسقاط الحكومة والحل محلها ، او من الناحية النظرية قد يرى البعض خطأً أن الدخول في المعارضة قد تكون مشروعة أو لديها القدرة في ادارة البلد رغم تمزق قواه وعدم تناسق التيارات السياسية بسبب الاختلافات الشكلية لا الجوهرية وعدم المصداقية اوضعف بنيتها التنظيمية والظنون لذلك فإن مطالبتها فى حالة عدم الاستجابة لطلباتها بحجة ان ذلك التيار مهمش رغم مشاركته في ادارة الحكومة  بشكل واخر وعلى مستويات مختلفة .. والأهم من هذا وذاك هو أنها لم  تحدد هوية الحكم فهل هي دولة ديموقراطية او بيروقراطية ذات مرجعية فى ظل حكم أصولي ورفض البعض الآخر بأنه شرط على المضي فيها مرتهناً بالاعتراف والإقرار بمشروعه وانه هو الحريص على طبيعة الحكم وهويته ومحاربة الفساد في ظل الصراع على الغنائم والمكاسب وإثارة المشاكل الأمنية والعشائرية والطائفية كما نشاهده اليوم في الكثير من مجالس المحافظات حيث يتم اختيار المحافظ على اساس الربح – الربح لحساب الكتل المنضوية فيها. بذلك فان هذه الخطوة  ( المعارضة ) تحسب على المعارضة السلبية التي " تهدف إلى اسقاط العملية السياسية والتمسك بالمناصب لاغيروإثارة الشارع، وتصعيد الوضع الأمني فقط ولا غاية غيرها وهم جزء مهم من الاخفاق الحكومي ،
وبالاساس ابتزاز لانها تنظرالى الامور بعين واحدة ومن يذهب باتجاه المعارضة الواقعية يجب ان تكون خارج التشكيلة الحكومية وتسمى  بالمعارضة الإيجابية التي ترى بعينين فترى الأعمال الصحيحة النافعة للوطن والمواطنين وتؤيدها، وترى الأعمال السيئة والخاطئة فتعمل على بيان خطئها وخطرها و تصحيحها وتؤشر مواطن الخلل والفساد بكل مصداقية بعيدا عن المجاملات وتدعم الخطوات الاصلاحية التي تدعم دولة المواطن وليس دولة المسؤول والفوضى والمناصب التي تنفجر فيما بينها بين حين واخر ولن تتحقق الغاية الاساسية من هذا المفهوم وفق اي رؤية مغايرة ، وأن القوى التي تدعي المعارضة الحالية هي في بداية الطريق ولا تملك قواعد محكمة لها في الشارع مع الاحترام لها رغم التطبيل والتهويل الاعلامي لانها بنيت على وعود ومناصب ومزايدات وافتقارها الى التثقيف ، كما أنها مختلفة فيما بينها على نفسها ومنقسمة ومن ثم فهي لا يمكن لها أن تقوم على هذه الخطوة او تقوم بمهامها في تحقيق مطالب الجماهير رغم كل الجهود التي تسعى إليه و أن تفعل ما يمكن أن يتحقق أو يكون فى متناول اليد ومن الصعب تحقيق الاستقرار وتوضيح ملامح المرحلة القادمة والنظام السياسي القادم والحد من العنف وعاجزة على ان تستعد للخطوة القادمة إلأ بالتوافق المعهود والذي يعمل به منذ عام 2003"هذا لك وهذا لي "و أحتكار السلطة وتركيزها في يد فئة قد تكون عشائرية اواجتماعية ونخبة سياسية ضيقة على الرغم من الامكانيات والعقول والخبرات النيرة الوطنية التي يمتلكها العراق مستعدة للعمل بما يلبي  طموحات كل مكوناته ولكن تعارض الآراء وتعـدد المصالح الانية والشخصية تمنع النهوض بالواقع السياسي والاقتصادي للدولة العراقية في الاعتماد على الكفاءة والتخصص في ادارة المؤسسات والدوائرالرسمية والشبه الرسمية  . وهناك من لا يؤمن بأحقية راي المواطن  في الحكم ومن ثم بمفهوم القيادة الجماهيرية اصلاً .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

371
محاربة العراق وسلب قدرته الدفاعية
الاحداث الاخيرة من تفجيرات لمخازن الاسلحة في داخل معسكر "صقر" جنوبي العاصمة في ابودشير جزء من مؤامرة لسلب قدرته الدفاعية والذي يضم -وفق مصادر محلية- مقرات للشرطة المحلية وأربعة مقرات لألوية تابعة للحشد الشعبي، تؤكد انها معدة ومخطط لها ولن تكون الاخيرة انما هي سلسلة من العمليات المستمرة لكبح وجود هذه القوات المدافعة عن حريم الوطني والمقدسات التي فيها مثل الكثير من القوات الوطنية الاخرى  والذي خلق جو امني مقلق ورهيب في العاصمة بغداد عاصمة السلام وهي مدبرعلى اقل الحسابات والتقديرات وفي غياب منظومة  الردارات لكشف الطائرات في حال اخترقت الاجواء العراقية، ولهذا يجب ان يسعى العراق الى شراء هكذا منظومات وقد اعترفت وسائل اعلامي تابعة للكيان الاسرائيلي) القناة الرابعةللكيان  ) ان طائرات f 35  قامة بالعملية  وكانت شبكةRT  الروسي قد نقلت معلومات تفيد بوجود مخطط إسرائيلي لقصف مواقع مخازن الحشد الشعبي، قبل الحادث  وهذا لم يكن مستبعداً بالأساس كما قالت بعد الحادث  . "ما حدث أمس في مخازن السلاح جنوبي بغداد قد يكون جزءاً من الخطة التي تعد لها إسرائيل".وكما تؤكد مصادرعن وجود معلومة لدى الدوائر الاستخبارية في العراق  تتحدث عن مخطط لدى هذا الكيان لقصف مخازن أسلحة الحشد الشعبي في العراق بتوجه امريكي لتضعيف البنية العسكرية المقاومة وهذه الاساءة مدانة من قبل كل الجماهير العراقية .
والحقيقة منذ ان  وطأت أقدام المحتلين و انطلق الغزو لأرض العراق في عام 2003 ودنسته، لم تعرف البلاد أي معنى للاستقرار، لا على المستوى الأمني ولا السياسي ولا الاقتصادي ولا الاجتماعي ولا الثقافي وتدمير معالمه الحضاري، و قد ادخله الاحتلال في آتون النزاعات والحروب المدمرة، وبعد 16عام من هذا العمل المشؤوم، فقد مزقته النزاعات ودمرته الحروب وأفلس وأنهكهُ الفاسدون ومادام هناك جندي واحد امريكي فلن يقر لها قرار، واصبح محطة للإرهاب وبؤرة لهم، كما كان متوقعاً، سواء كان بغطاء قانوني أم بدعمٍ دولي كما هو حال (العصابات المساحة وداعش في سورية اليوم ) والصرعات بين انقرة وواشنطن لفرض الواقع على البعض من مناطقها .ولاشك ان الشعب العراقي وحتى العديد من دول المنطقة  كانت تحمّل الوﻻيات المتحدة كل ما يحصل من مجازر وعمليات تهجير يتعرض لها العراقيون منذ دخول قواتها المحتلة بلادهم وإلى الآن، والتي اسست وهيئت كل الظروف من اجل ايجاد داعش والمجموعات المجرمة الاخرى وباتهام صريح من نفس الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب للحكومة التي سبقته  واعتراف وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلنتن " اننا صنعنا القاعدة " للوقوف امام المد الشيوعي والاتحاد السوفيتي في افغانستان حيث تشعبت داعش منها اي( القاعدة ) و إن العراقيين كشعب قبل الغزو كانوا  ولازالوا يدًا واحدة وﻻ وجود للتفرقة والطائفية قبل وبعد الاحتلال بين مكوناته ، . ومن هنا فأن احتلال العراق لم يكن اعتباطاً أو لتحقيق الحرية للشعب العراقي كما زعمت الولايات المتحدة، وإنما جاء من أجل أهداف هي في غاية الأهمية الإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، عبّر عنها بإستراتيجية شاملة طبقتها الولايات المتحدة في العراق بعد 2003 م، على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية منها؛ تعزيز وتشجيع  التفاضل على أساس عرقي وطائفي عبر إنبات بذور الحرب الطائفية، وهكذا بدلاً من مبدأ المواطنة كأساس دستوري ينظم الروابط بين السكان ويعيد تعريفهم بصورة عصرية تتلاءم مع متطلبات التحول المزعوم .وقد شجعت و خلقت أمريكا كل تلك المشكلات واسست لكل تلك التوترات من أجل إضعاف نسيج المجتمع العراقي وإشغاله بالطائفية السياسية ، وزجت ودعمت البعض من الفاسدين ووضعتهم على سدة الحكم لتحقيق مخططاتها .
 وكان من نتائج اسقاط النظام السابق واحتلال العراق  إضعاف الزراعة والصناعة  في العراق، وفقدت الصناعة العراقية مركزها بعد كانت تشكل نسبة 14% من حجم الدخل القومي، وشهدت انتكاسة كبيرة بعد الغزو جراء عمليات السلب والنهب التي خلقها الاحتلال مستهدفةً المصانع والمعامل، فضلًا عن تدمير ممنهج للبنية التحتية الصناعية، وعدم تشريع قوانين تراعي وتشجع الانتاج وتشترط  الاستيراد للمحافظة على المنتج محلياً ؛ مما أدى إلى إغراق السوق المحلية ببضائع رديئة ومن شتى بقاع العالم . وقد بدأت بوادر  السلوك الامريكي المرسوم تجاه العراق والتركيز على عودة الانغماس في الشأن العراقي بعد سنوات من الانكفاء للوراء كما ارادت ذلك ادارة اوباما، ويعمل الان ترامب على استمرار خلخلة الأوضاع السياسية في العراق بما يجعل الحكومات العراقية ضعيفة وبنفس  سلوك للتدخل في الشأن العراقي  في جوانبه السياسية والعسكرية والاقتصادية، واخذت الوقائع تكشف ملفات كبيرة تؤثر نوعما عن مجريات الواقع الامني "خاصة الانفجارات الاخيرة لمخازن الذخائر الحربية "والاعتداء على قوات الحشد الشعبي بشكل مستمروكبح تحركاتها في ردع عصابات الارهاب المختفية في وادي حوران الذي يعد اخطر محل لتجمعاتها وتعويق استمرار عملياتها في مناطق اخرى وكذلك تقيد التحرك السياسي ، و تهيئة السيناريوهات لدورتها القادمة .
 ان امام العراق تحديات لابد من تجاوزها أهمها التواجد الأمريكي، لانه يمثل تهديد ومنطلقاً لدول الجوار بعمليات حربية ضد اي بلد آخر وقد استخدمت أمريكا العراق كورقة ضغط وتفاوض في ملفاتها الدولية في المنطقة وتحقيق مكاسب لها، فقد استطاعت أن تسيطر على العراق من خلال استراتيجيات عدة تعود في النهاية بالنفع على مصالح أمريكا بالأساس، رغم ان  هذه الاستراتيجية جلبت لها انتقادات دولية جعلها تبحث عن خطة أكثر فاعلية .ولم يكن مفاجئاً أن يعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سابقاً نيته إبقاء قوات بلاده في العراق، بحجة مراقبة إيران بكل صراحة ، فجميع التوقعات كانت تصب في إمكانية نقل قوات أمريكية خاصة وجنود إلى العراق بعد الانسحاب من سوريا. ولكن جوبه بالرفض في خلال اكثرالتصريحات للقادة والسياسيين. وإن تمناه البعض خفية من شركاء الهدم في محاولة منهم من انهاء وجود الحشد الشعبي  وأن الدستور فيه من المواد التي تعد التواجد الاجنبي أمرا مرفوضاً بكل اشكاله
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

372
المنبر الحر / نعيش ذكرى وفاته
« في: 18:06 14/08/2019  »
نعيش ذكرى وفاته
رافقته .. انام بين قدميه تقديساً ... لم اكن مبالغاً عندما اتحدث عنه فقد عشت معه ... وتمر ذكرى وفاته ...انه ابي ...كان طوداً في الزنزانة  ...راسخاً قوياً لم يعرف الانحناء إلأ لله ... ...ولكن متواضع لمن معه ... ونال احترامهم ....امام محكمة الثورة السيئة الصيت وقف بكل اباء وتحدى جبروت رئيسها...المقزوم القامته ... لم ترهبه ضجيج قاعة المحكمة .. ولا عويل المنادي المتهم "فيرده " المتهم برئ مالم تثبت ادانته... متحدياً بالحق ...مرفوع الرأس وجبلاً شامخاً لم يهتز ... لم يعرف الخضوع...وإرادته كانت صلبة لم يقبل الخنوع ...يتحدث بصوت غير مهزوز.. وبكل جرائة...وكلماته قوية فيها من التحدي..تصدع بالحق ...جواد النفس... صادقُ الوعد...يده نضيفة حملت الكثير من الشيم النبيلة... عالي القيم...عينٌ ثاقبةٌ ورأيٌ سديدٌ...رحمه الله متأثراً بحراج الغربة والفراق ، وأسكنه فسيح جناته، وعوضه عن دنياه جنةً ونعيماً، وكوثراً وفردوساً.. ويرحم الاموات جميعاً.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

373
الدولة لا تبنى بمشروع الكتل والمكونات المضطربة
ان مشروع بناء الدولة العراقية منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 بني على ان يكون دولة مكونات ، الذي يواجه تحدياً كبيراً وخطيراً  منذ عقود ومن شتى الاطراف الداخلية والاقليمية والدولية ويتمثل بتغلب الانتماء الاثني والمذهبي على الانتماء الوطني ويزعزع التعايش السلمي بين حين واخر والذي استيقض على حين غرة وتفاقم ضمن نسيج المجتمع العراقي وخلق كيانات سياسية متعددة ومتقاطعة حتى بين المكون الواحد تهدد كل شيئ فيه وتضرب بقوة اساس كيان المجتمع رغم تماسكه لاسامح الله .
ان من المعروف ان الشعب العراقي يتكون من تعددية قومية ودينية ومذهبية وما قامت به قوات الاحتلال عند دخولها بإعادة تشكيل الدولة اعتمدت عليها  متقصدة لتضعيف وحدته ،  بعد ان قامت بحل مؤسسات الدولة المختلفة وخاصة الامنية والعسكرية وعملت على الاستقطاب الطائفي في عملية بناء الدولة العراقية التي تمثل اللبنة الثانية بعد الدستور وتشكيل معظم القوى والاحزاب السياسية العراقية على اساس ولائها للمكون و عانت هذه القوى من غياب رؤية واضحة لمفهوم الدولة وعملية بنائها لكونها حديثة الممارسة للسلطة وانشغلت بالتشبث بها مما خلقت الصراعات البينية داخل قياداتها  وكذلك عملية  صياغة الدستور العراقي الدائم لسنة 2005م المتسرع الذي شجع المكونات ونظام المحاصصة الطائفية في ديباجته وقام بتأسيس مجلس الحكم على اساسها بتشجيع من بول برايمرالحاكم الامريكي الذي قاد العملية والذي اعتمد في العملية السياسية والمستهدف من هذه العملية هي مكونات الشعب العراقي الذي عانى من ظاهرة عدم الاستقرار السياسي وتفكيك البناء الثقافي والاقتصادي والمجتمعي والتدخل الخارجي ومستقبل النظام حتماً سوف يبقى في ظل التوترات والازمات والاوضاع التي عانى منها ، فهل يمكن اقامة دولة مواطنة وفق الاسس التي تستند عليها واستقرار مستقبل المكونات في حال تحقيقها .؟
ولاشك ان دولة المكونات ومستقبلها التي تخلق التصدع وازمة الشرعية وانعدام الثقة والعنف السياسي واستعمال القوة الغيرمقبولة تؤدي الى استمرار العنف المسلح وسيطرة الجماعات المسلحة التي ستبقي العراق مفككاً وضعيفاً وتترك آثارا سلبية بل خطيرة على مستوى الحياة للفرد والدولة خصوصا في زعزعة الاستقرار،والذي يواجه استقراره تحديات ومحددات عدة.
تنسحب تماما اوصاف الوضع الداخلي العراقي على وضعه الخارجي، فاذا كان داخليا يعاني من نظام المحاصاصات الطائفية والفوضوية والعنصرية والمناطقية ومن الفساد الشامل، فأنه خارجيا يشرب من نفس الكأس التي تسقيه، لتبقيه تابعا ضعيفا متسولا رغم كل الامكانات المتوفرة  خانعا وخائفا ومنهوكا، يتطاول عليه حتى من هم اقل منه شئنا وقدرة، بل ومن هم اقزام في موازين القوى السائدة اقليميا   فلابد ان تاخذ بالحسبان التحديات الاستراتيجية التي يواجهها ضمن اقليمه ومن ثم ضمن المجموعة الدولية لتصيغ بالتالي عقيدة برنامجية وفلسفية عملية، قريبة وبعيدة، كاستجابات ضرورية للتعامل مع تلك التحديات الموضوعية والذاتية، المنظورة وغير المنظورة . 
كما يعاني الواقع العراقي من استمرار حقيقة المشهد السياسي المصطنع الذي يؤشر لضعف أدوات العملية السياسية، وعدم إمتلاكه الإرادة الحقيقية، للبدء بخطوة جادة نحو توحيد الأهداف والتأسيس لرؤية مشتركة، لرسم مسارات صحيحة لإنقاذ المجتمع العراقي، ومعالجة أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وما زالت الآليات المتبعة في حكم العراق وإدارة شؤونه تستند للعمل السياسي الفئوي للحركات والأحزاب السياسية، متجاهلة بذلك الطموحات والآمال الشعبية بتجاوز أزمات البلاد، التي تمظهرت بالانفلات الأمني وهدر الثروات وتفكيك البنية المجتمعية. لقد أثرت الانقسامات والصراعات السياسية المحلية في العراق سلبيا على قدرة حكومته، في تبني سياسة خارجية، تحافظ على المصالح الإستراتيجية العراقية، ويمكن أن نقول هنا، إن الافرازات الناتجة عن الوضع العراقي، تشكل مدخلات اضطرارية للتأثير والتأثر بالنسبة للدول المحيطة، التي تهدف من حركتها على الساحة العراقية تأطير شروط تعاملها مع الولايات المتحدة والقوى المؤثرة في المشهد العراقي بعدة محددات، لضمان مصالحها .
ان ما يتسم به الوضع في العراق من تعددية في الانتماء ستؤثر بالتأكيد في مستقبله خصوصاً في ظل تعدد المرجعيات المجتمعية المنبثقة عن تلك التعددية الانتمائية، نظرا لهشاشة المرجعيات السياسية المتولدة عن التغيب القسري للقِوى السياسية المعارضة والمنع التام لقيام أي تفاعلات سياسية على الساحة العراقية الداخلية وعلى مدى عقود عدة، مما أدى بالمحصلة إلى ضعف النُخب السياسية البديلة، ومن ثم ضعف تأثيرها.لكن إذا ما كانت هذه التفاعلات قد ولدَّت جملة من الصراعات على الساحة الداخلية العراقية فإن القراءة الاستراتيجية لهذه الصراعات تجعلنا نخرج بنتيجة مؤداها إن الصراع السياسي والاستراتيجي  الدائر في العراق لذو اتجاهين أحدهما يتعاطى مع الواقع العراقي المجتمعي بكل أبعاده وتفرعاته، والثاني يفرز حالة من الإدارة الاستراتيجية لقِوى الاتجاه الأول ويعكس حجم المؤثر الإقليمي والدولي.فالرؤية الكلية – الاستراتيجية  والتكتيكية – للصراع تفرض على المتابع، إذا ما اراد الوقوف على آلية إدارته وان ينظر الى الامور بوضوح الرؤية في إدارة العلاقات مع محيطه الإقليمي، إذ أن السلوك الحالي على صعيد السياسة ، حتّى هذه اللحظة، لا يزال قائماً على أساس ردود الأفعال، ولا يُعد مبادرا فعليّا. إذ لا توجد ملامح واضحة لسياسة تنطلق من مبدأ تحقيق المصلحة الوطنية في العلاقات الخارجية ولارتقاء منجزات الحضارة الحديثة داخلياً والتي تمر عبر تطوير علاقات مؤسسات الدولة فيما بين ومع المواطنين وخلق حالة تماس مباشر معهم ، والعمل على تبني مبادئ الديمقراطية بمقتضياتها الثقافية والسياسية لقدرتها على ردم الهوة بين مختلف مكونات المجتمع و تجديد الوفاق الوطني و تفعيل الحياة السياسية الحقيقية السليمة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

374
دراسة عن الشعبوية بين التشويه والحقيقة

الشعبوية السياسية هذا المصطلح نشأته في روسيا القيصرية والولايات المتحدة وتجذرت ثم انتشرت في أوروبا في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، والذي يدعو إلى إيلاء الشعب الدور الأساسي و الريادي في العملية السياسية وبدأ الاهتمام بهذه الظاهرة بعد صعود نجم التيارات والأحزاب في اوروبا التي تصنف بأنها قومية ويمينية ، ومنها انتقلت الى البلاد العربية في القرن العشرين حيث احتلت مواقع مهمة في العديد من الدول، ، واستغلته الانظمة العربية السلطوية واعتمدت على خلق عدو وهمي للتذرع به، في قمع الشعوب وكبت حرياتها وسلب حقوقها، في التاريخ الحديث، مثلت الدكتاتوريات  تلك هذا العدو بجهات عدة، وفي الحقيقة هذا الأمر غير موجود بل هو نوع من الوهم والخيال فقط، ويشبه الكاتب بيتر بايكر، في تحليله الذي نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية، الشعبوية بأفلام الرعب في كثيرٍ من الأحيان؛ وكأنَّها بكتيريا تسلَّلت بطريقةٍ ما عبر دفاعات الديمقراطية، بمساعدة السياسي الإعلامي ستيف بانون على الأرجح أو غيره ممن يتلاعبون بالجموع، لتُسمِّم الحياة السياسية وتخلق فئاتٍ جديدةٍ من الناخبين الشعبويين. بينما نشرعالمٌ سياسي هولندي شابٌ يُدعى كاس مود رسالةً في عام 2004 قال فيها ان الشعبوية مفهومٌ مُفيدٌ وله معنًى أكثر تحديدًا من الديمقراطية، لكنَّه يُمارس بطريقةٍ كريهةٍ من وجهة نظر الكاتب. وكأن مُهتمًا وفقاً لبايكر بتحدِّي فكرتين بديهتين شائعتين عن الشعبوية: إحداهما أنَّها تتميَّز بخطابٍ «يعتمد بالأساس على العاطفة والبساطة»، والأخرى هي أنَّها تتألَّف بشكلٍ أساسيٍ من «سياساتٍ انتهازيةٍ» تهدف إلى «شراء» دعم الناخبين
.ويرى الكاتب رضوان زيادة شكل وصول دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة، ونجاح النصف البريطاني المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ذروة نجاح السياسة الشعبوية في كسب ثقة الناخبين والوصول إلى سدة الحكم.ويضيف في جهة اخرى "بأن جزءاً من نجاح ترامب على الأقل جاء نتيجة اتباعه سياسة استثارة هوية الانتماء للعرق الأبيض التي كانت ما تزال كامنةً على شكلٍ خفيٍ حينها".
ومن هنا قد استبسلت البعض من الأنظمة العربية السلطوية في صنع بطولاتها المزعومة وفق هذا المفهوم ، من خلال دغدغة المشاعر والعواطف واللعب على المخاوف، من أجل الوصول إلى الناس وكسب تأييدهم، وبذلك كرست فلسفة الديماغوجية لترويض الجماهير العربية والتحكم فيها واستعبادها ،علمًا أن الشعبوية لا تقتصر على اليمين فحسب بل تتعداه إلى اليسار، والأمثلة كثيرة جدًا. ووصف الشعبوية يحيل على النزعة في  التفكير السياسي تجنح لتقديس الشعب وهي الفكرة التي يراها المفكر عبد الإله بلقزيز أنها مناط الخلاص النهائي لشرور العالم ،كون أصحاب هذه النظرة يقدسون الشعب و أن كل مايقوله الشعب في أصحاب هذه النظرة هو قول الحق الذي ما بعده قول موثوق. وهي النزعة التي يراها عبد الإله بلقزيز( كاتب ومفكرمغربي معاصر حاصل على شهادة دكتوراة الفلسفة من جامعة محمد الخامس بالرباط و متخصص في الفكر السياسي والعربي) تضع نفسها مقابل النخبوية التي تحتقر الشعب والجماهير ،لأن الشعبويون يحتقرون الفكر و يقدسون الممارسة.
والمعلوم ان اكثر التحليلات اقتصرت على خطابين لا ينتميان إلى نفس الايديولوجيا،والتي تمثلت في ظاهرة اليمين المتطرف،و في ظاهرة اليسار الراديكالي،الأول بنى خطابه على المسألة الهوياتية، التي تتسجد في حماية أبناء الوطن من “الأخر” الذي يعتبره خطرا على مصلحة الدولة القومية. بينما خطاب اليسار الراديكالي يجد صداه عند الشعب كون النخبة المحتكرة للقرار السياسي سبب في خلق الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية وحيث يعمل هذا الخطاب على إبراز مثالب وعيوب الطبقة الحاكمة .
ان الخطاب الشعبوي المعروف عنه هو خطابٌ مُبْهَمٌ وعاطفي، لا يعتمد الأفكار والرؤى، بل يميل إلى إثارة الحماس وإلهاب المشاعر، ليتماشى تماماً أو يتطابق مع المزاج السائد أو يختاره صُنّاع الخطاب ليبدو على أنه سائد، من دون أن يفيد، من ناحيةٍ أخرى، في التعامل الجدّي والمسؤول مع المشاكل الواقعية. ويُكْثِرُ الخطاب الشعبوي من التركيز على وردية الحلم وتبسيط الأمور في شكلٍ مسرحيٍّ كرنفاليٍّ، مع الإحالة إلى التاريخ الذي يتم استحضاره واستخدامه كوسيلةٍ إيديولوجيةٍ ذات عمقٍ انفعالي.ويرى الباحث الفرنسي بيير أندريه تاغييف أنه من الخطأ مساواة الشعبوية مع الديماغوجية. فالديماغوجي يهدف إلى تضليل الآخرين بينما الشعبوي يبدأ بتضليل نفسه. ويقول الباحث بأن للشعبوية عددا من الخصائص الأولية. أولها أنها تمثل ثورة ضد النخبة. وهي تزعم أن السياسة هي شيء سهل ويمكن إدراكها بالنسبة للجميع وأن اعتبارها معقدة يعود إلى مكيدة وضعها النخبويون لإبقاء المواطنين العاديين خارج عملية صنع القرار. ويرى تاغييف أن معظم جمهور الخطاب الشعبوي من الأميين والفقراء خصوصا في المناطق الحضرية، وهي الشريحة التي وصفها كارل ماركس بنبرته النخبوية المترفعة بـ «البروليتاريا الرثة» أو بقاع المجتمع.
اما المقصود  بالشعوبية اصطلاحاً او(populism) تعني تيار سياسي يقوم على “تقديس” الطبقات الشعبية في بلد ما، ويتبنى خطابًا سياسيًا قائمًا على معاداة مؤسسات نظامه السياسي ونخبه المجتمعية. تكاثرت أحزابه وحركاته في البلدان الغربية خاصة؛ ما أجج المخاوف على استقرار النظم الحاكمة فيها. وفي نفس الوقت يستخدم السياسيون والأحزاب مفهوم الشعبوية لجذب الجماهير وكسب تأييدها، وخلق شعبية لها تمكنها من الوصول إلى السلطة والحفاظ عليها. وبالنتيجة فهم يتلاعبون بالشعارات لغايات سياسية، ويثيرون مواضيع تتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية ليركزوا انتباه المواطنين والرأي العالمي حولها كقضايا جوهرية وأساسية، بالرغم من أنهم لا يقدمون الأدلة الدامغة والوقائع التي تثبت صحة أفكارهم، كما أنهم يطرحون شعارات وينسونها ولا يطبقونها، لأن أملهم بالنسبة إليهم كسب معركة انتخابية مثلًا أو تجاوز أزمة سياسية واجتماعية تمر بها البلاد، ولذلك تقترن الشعبوية بالفوضى في الطرح والغوغائية، وتبرز بشكل خاص أثناء الأزمات والاضطرابات السياسية والكوارث التي تعصف بالمجتمعات ويركز الشعبويون عادة على عواطف الناس وغرائزهم في كسب الشعبية،  وكانت بدايات الشعبوية مرتبطة بالتوجه السياسي الاشتراكي والمطالبة بحقوق الفلاحين، ثم تطورت إلى حركات اجتماعية سياسية ذات توجهات قومية ويمينية، وهي الأخطر على مؤسسات الدولة وقوانينها وسياساتها الداخلية والخارجية المعتدلة وغير العنصرية أو المعادية للآخر على أساس الدين أو العرق أو الانتماء الجغرافي
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

375
ابي ذلك الرجل العصامي
خُلق ليكون متفرّداً ومن القلة الذين تفردوا بتكوينهم ،عصامياً رغم تلك الظروف القاسية الغير معهودة له .. ففي روحِهِ نفحة من روح الصبر والاباء  وفي حمرة وجهه القرمزي وهج  العنفوان.. وفي مُحيّاه مسحة من نور الايمان بالقدر وأما عروقه فتغديها صور العشق بالله سبحانه  وعزف لحن حياته من سنته الاولى الى الخامسة والثمانين الملهمة بالثقة  وتزامن عشقه لها مع أولى تجاربه وإختباراته في الحياة. وفي وجوده تجذر الاحترام وسكن اعماقه كي يكون عزيزاً وقوياً واعتقد تيقناً بها وتولدت في داخله ،وتجذرت قيمة التعاضد مع الآخرين فيه، والتماهي مع حاجاتهم الإنسانية في منظومته حتى هو بين جدران السجن فترك السجارة ليتكرم بها للاخرين رغم انه كان يتناولها اكثر من 60 عاما من عمر الشريف لا يبخل على معوز اذا قدر على اعطائه على حساب نفسه واهله، كان لوالديه عميق التأثير في تكوينه النفسي وتجذير قيم الإنسانية وترسخت مبادئها في نفسه. حريصة على غرس قيم الصدق والإستقامة في نفوسنا "الاولاد والبنات واحترام الوالدة والجيران "، لنحيا حياة خالية من التناقضات والمتاعب والمشاكل، لم يتوانا عن أن يكون عوناً للاخرين  كريم النفس والسند بما مكنه الله من قدرة فكرية وجسدية على ذلك وهو يستشعر الفخر والعزة ، رحلة حياة تواترت فيها بصماته المؤثرة لجهة إفادة مجتمعه بخبرته الاجتماعية .. تلك الروح التي انصهرت بقممه الشامخة مُذ ان أبصر النور في الحياة، قدماه متجذرتان في ثغور العطاء،لم يشعر بالخوف وتحدى رجالات الامن وجبروت النظام وهو يحاججهم بالدليل والبرهان حين كانوا يسألوه فنكسوا رؤوسهم الى الارض خجلاً من هذه القامة وهم صماً وعمياناً وما وطأت الى الارض رأسه قيد انملة سوى الارتقاء الى بارئه بنفس مطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية ، والرضا بقضاء الله وقدره من أعظم الأسباب المعينة على الثبات واليقين يقول تعالى: في كتابه الكريم ( َالَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ *لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ) )[يونس: 62-64. بالذي كلّ يوم هو في شأن: يغفر ذنباً، ويفرّج كرباً، ويرفع قوماً، ويضع آخرين، يحيي ميتاً، ويميت حياً، ويجيب داعياً، ويشفي سقيماً، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، يجبر كسيراً، ويغني فقيراً، ويعلّم جاهلاً، و يهدي ضالاً، ويغيث لهفاناً.
ياتعب السنين ال بالكلب شلته... يابو كلب الحنين الهمة عائلته
ابوي ...شما قست دنياه ااه والايام...ماذل ..ماذل وانحنى لمن عكز وقته

376
خطوات  بناء منظومة التربية والتعليم في العراق
عند متابعة الوزارء المنتخبون لوزارة التربية يتم الاصرار على مرشحين ليسوا اهلا لها و رغم كون انهم قد ثبت تورطهم في اما داعشيين او غير كفوئين لهذا المنصب الخطيرالذي يمس الحاضر والمستقبل  وخاصة في هذه المرحلة بعد ان فقدت التربية نسبة المشاركين في منظومة التعليم والتي  تحتاج الى نظرة واقعية للاختيار الاكفأ والانسب بعيداً عن المفاهيم السائدة التي يتم اختيار الوزراء بها، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع المهم بسبب الفساد وتبخر الاموال التي وضعت في الموازنات السابقة . ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل وتراجع المستوى العلمي والتربوي في العراق كثيرا خلال السنوات الماضية التي سبقت سقوط النظام البائد ولمختلف المراحل الدراسية واسباب ذلك لا تعود الى عوامل دون اخرى وانما جملة عوامل مترابطة ادت الى تدني العملية التربوية فاحد هذه العوامل كانت سيطرة ذلك النظام على جميع مرافق التعليم وتسخيرها لمصلحته الشخصية وسيطرته على جميع مناهج التعليم التي اخذت تمجد له فضلا عن العامل الاقتصادي الذي يعد المحور الاساسي للبناء ومن ثم عدم استقرار الدولة يؤدي الى الانهيار الشامل الذي انعكس على الواقع التربوي والعلمي حيث تعرض البلد لحصار دام اكثر من ثلاثة عشر عاما اضعف الكيان التعليمي والتربوي بشكل كبير.
بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق كان على الحكومات ان تضع في أولويات برامجها برامج ومشاريع لتطوير مناهج التربية والتعليم وأعتماد معايير وتجارب تربوية وتعليمية متطورة بعيداً عن التقليدية مع إيلاء فئة الشباب الاهتمام الكافي ومكافحة الأمية التربوية والتعليمية بينهم وتوظيف طاقاتهم لخدمة مشاريع البناء والاعمار في العراق .
والمتابع لسنوات خلت يرى ان بعد تراكمات الحروب والهجرة والنزاعات الداخلية والنزوح والعوز المادي وتدني المستوى المعاشي للأسر العراقية على مجملها  كانت من العوامل التي ساهمت في ارتفاع مستوى الامية في العراق بعد ان كان من اوائل الدول العربية التي قضت على الامية حسب تقارير منظمة اليونسكو في السنوات الماضية .
الآن لا يمكن لأحد أن ينكر أن التربية والتعليم في العراق تعاني من أزمة مستفحلة من تجارب وتراكمات الماضي البعيد والقريب والنتائج السنوية لمستويات الرسوب العالية خير دليل على تدني الدراسة   ، والمدرس ضحية والمتعلم يدرك بالتمام أن الصورة الحالية ليست وردية، والتربية التي تعني تلقين السلوكات والأفعال بالطبع والتطبيع أصبحت بالفعل لا تساير إيقاع المتعلم الذي انفتح على وسائط أخرى تلبي الفضول المعرفي والنهم النفسي من خلال الاحتكاك بالصورة وما تقدمه وسائل الاتصال  من صور عابرة ومتدفقة من عوالم مختلفة و إنه يشاهد الأشياء من الأعلى وليس من الداخل، وما تحمله القنوات الإلكترونية من أخبار سريعة وتحليلات بلغة بسيطة بعيدا عن الدروس والمدرسة ، وهي قد تكون في كثيرة من الحالات اقل أشكال المعرفة التي تخترق القلوب والعقول لتشويه العقلية البسيطة وتجذبها بصورة سريعة .
أزمة القيم نعيشها في واقعنا ونعترف بوجودها، قيم تتوارى وتختفي وتنذر بغياب الوازع الديني والتربوي الذي تربت عليه الأجيال السابقة، أزمة قيم وتدني الوعي الاجتماعي وغياب إنصات الكل للكل في تدافع نحو الهاوية وتعميق الأزمة. رهانات المدرسة العراقية  في خلق مواطن حداثي ومجتمع ديمقراطي إيمانا بالعلاقة المتوازنة بين المشروع الفردي والمشروع المجتمعي باتت على المحك الصعب، والتربية التي يمكنها تحصين المجتمع من الغلو والعنف أصبحت تعاني في ظل سلوكات وأفعال لا تربوية ولا أخلاقية.
الحكومة اليوم امام مسؤولية كبيرة تتمثل في إعادة بناء وتكوين المجتمع العراقي الجديد هذا المجتمع الذي ظل فترة طويلة يرزح تحت مفاهيم وفلسفات مختلفة حولته مع مرور الزمن إلى مجتمع غير متماسك وإذا كان البعض يظن أن مشكلة العراق الآن هي إعادة بناء ما دمرته الحرب أو مجموعة الحروب المتتالية فأنه مخطئ فهذا الوطن لا يحتاج إلا لإعادة بناء المجتمع السليم والصحيح وفق فلسفة تربوية .واضحة المعالم ومحكمة البناء وأهداف تربوية صحيحة وسليمة .
من الضرورة وضع ضوابط تربوية في اختيارالمناهج الصحيحة وفق العقول والمراحل المتناسبة وإعادة النظر في بعض المناهج والمقررات الدراسية المكثفة نوعا و التي يعجز أحيانا معلم المادة من أكمال المنهج بسبب تقليص الدوام والعطل الرسمية وانتخاب  المدراء و وبناء المدارس بطرق حضارية  وإعادة النظر بالعناوين الموجودة ألان لان تطوير المدير وثقافته تساعد على تطوير العملية التربوية برمتها وعلى طرائق وأساليب التدريس الحديثة ونقل  ما توصل إليه العالم في مجالات التربية والتعليم وأهمية ذلك في بناء المجتمع العراقي الجديد بعد حقبة السنوات الماضية  و توفر الرغبة الصادقة والحقيقية لمهنة التعليم ومن المسلم به أن كل إنسان لا يمكنه أن يحقق نجاحاً تاماً في عمله ما لم تكن له الرغبة الكافية فيه .
العشق بالمهنة من العناصر الهامة  والحاسمة في دفع المعلم إلى التتبع والدراسة و الإيمان برسالته  والقدرة على حملها وبالمثل الإنسانية العليا وثقافته وإطلاعه الخارجي من العوامل المهمة لنجاحه وابتعاده عن التواصل مع مهنته بالشكل الذي يجعل الكثير من أعضاء الهيئة التعليمية لا يحملون أية ثقافة خارجية تسبب لهم فقدان الممارسة الصحيحة والضعف في المواجهة في كثير من الاوقات ولايخفى على أحد الدور الكبير " للمدير  " سلبا أو ايجابيا خاصة على واقع حال التربية والتعليم التي تفتقر إلى التخطيط السليم في الوقت  الحالي و إن أهم عوامل نجاح العملية التربوية والتعليمية هو رسم وتحديد الأهداف المراد الوصول إليها وتحقيقها، وهذا يتأتي من خلال وضع خطة عمل شاملة يندرج في سياقها طريقة وسير وتنظيم الوسيلة لتحقيق الأهداف المنشودة و وجود خطة عمل متكاملة لكي تكون عملا منظمة ولها تأثيرا فاعلا يرتقي بالمدرسة والتعليم  والمجتمع نحو الأفضل .
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي

377
ثورة 14 تموزعام 1958 فاصلة تاريخية
اسم الكاتب-ة: عبد الخالق الفلاح
البريد الالكتروني
alfalah1954@gmail.com

-;- ثورة 14 تموزعام 1958 فاصلة تاريخية
• انطلاقاً من العراق عام 1958 هزحدث تاريخي الشرق الأوسط سماها البعض بالانقلاب ظلماً وخلافا لكل التعاريف والوقائع وقد سبقتها ثورات عديدة ضد الاحتلال البريطاني وأبرزها ثورة العشرين تلك الثورة الشعبية العارمة التي أقضت مضاجع الانكليز، وجسدت وحدة الشعب العراقي بأجلى وأنبل مظاهرها ،إلأ ان في الحقيقة كانت ثورة الرابع عشر من تموز ،ثورة تحمل الاسم الحقيقي لما لها من اهمية من الناحية السياسية والجغرافية للبلد وتأثيرها على دول المنطقة والعراق يمثل محوراً استراتيجياً يربط الشرق الاوسط كله بالغرب .
• الثورة احدثت زلزالا عنيفاً ليس على مستوى العراق والمنطقة فحسب بل العالم اجمع ، لان الحدث لم يغير نظاما سياسيا فقط بل احدث فاصلة تاريخية مهمة في حياة العراقيين شملت الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، كما ان هذة الانطلاقة المباركة اثرت تأثيرا كبيرا على مجمل التوازنات في المنطقة والعالم و العراق فيه كان وما يزال اليوم مركزا لتوازنات ألاقليمية والعربية واحلاف دولية عديدة سابقاً .
• كما اريد لبغداد ان تكون هي السد المانع لانتشار الاحزاب القومية والدينية واليسارية العالمية وتم توظيفها من قبل الغرب على هذا الاساس لكبح الحريات والمعتقدات السياسية و للحدث أهمية بمكان لان الثورة قامت على ايدي مجموعة من الضباط كانت تضم العديد من الوطنيين ويقودهم ضابط ذو كفاءة عسكرية متميزة وروح وطنية عالية ونزاهة وعفة وأمانة معروفة بين اوساط الضباط. وهو منظم كبير وذو عقلية استخباراتية وكان يقف على معظم التغيرات والاسرار في المؤسسة العسكرية ويسهر ليلاً ونهاراً ويشرف ويتابع بنفسه المشاريع الصغيرة والكبيرة وسرعة الانجاز منها دون ملل او كلل وهو الزعيم عبد الكريم قاسم وببرنامج يمثل منهج بناء الدولة، فيما لم يكن لدى أعداءه غير منهج بناء السلطة الذي لا يحتاج غيرإيجاد بعض المستنفعين واصحاب المصالح بعيداً عن مطالب الجماهير وما اشبه اليوم بالبارحة .
• لقد كانت الثورة منذ بداية انطلاقتها تدعوا الى تحرير العراق من الاستعمار البريطاني وكانت جبهة الاتحاد الوطني قد تأسست و ضمت بين صفوفها بعض الاحزاب المؤتلفة في تلك الرحبة مثل البعث والشيوعيين والحزب الوطني الديمقراطي والاستقلال وشخصيات سياسية اخرى . لقد كانت بحق امرطبيعي لمسيرة نضالية طويلة من قبل الاحزاب والعناصر الوطنية والقومية وبتأييد من قبل قطاعات واسعة من الشعب العراقي . و كانت نتاج ثورات وانتفاضات عديدة قامت بها النخبة من مثقفي واحرار العراق ابتداءا من ثورة العشرين مرورا بانتفاضات ووثبات عديدة و كانت ثمرة نضال سياسي الهدف منه قيام نظام جمهوري يحقق السيادة الوطنية والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية للشعب
• والثورة كانت مدعومة من قوى الشعب العراقي بعربه واكراده وبعماله وفلاحيه وكسبته ومثقفيه وايدته منذ الوهلة الاولى ،وكان البيان الاول للثورة اعلن عن "بعد الاتكال على الله وبمؤازرة المخلصين من أبناء الشعب والقوات الوطنية المسلحة، أقدمنا على تحرير الوطن العزيز من سيطرة الطغمة الفاسدة التي نصبها الاستعمار لحكم الشعب والتلاعب بمقدراته وفي سبيل المنافع الشخصية. إن الجيش منكم وإليكم، وقد قام بما تريدون" وكذلك رسمت الثورة منذ البداية خارطة طريق باتجاه الإعلان عن منجزاتها واولها الإعلان عن تحرير الاقتصاد العراقي وذلك بالخروج من الكتلة الاسترلينية وتحرير الدينار العراقي ، وقانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين وانهاء معاناتهم من تسلط واضطهاد الاقطاع وشرعت قانون الأحوال الشخصية والذي اخذ بالاعتبار حقوق وحرية المرأة ،بموافقتها على إقامة الجمعيات الفلاحية
• والنقابات المهنية ، وشرعت بعمل لجنة لدراسة حقوق العراق النفطية ، وألغت الثورة سياسة الانحياز نحو الغرب والأحلاف العسكرية التي سار عليها النظام الملكي، "كان عضوا اساسياً في حلف بغداد المركزي الذي ضم ايران وتركيا وباكستان والعراق والولايات المتحدة بصفة مراقب" والتي أدت إلى إضعاف العراق عسكرياً، لأن الدول الغربية لم تجهز العراق بالسلاح خلال تلك الفترة مما تتطلب إقامة علاقات مع المعسكر الاشتراكي ، وتم تسليح الجيش العراقي بعد الثورة بالسلاح السوفيتي ومن الدول الاشتراكية الاخرى ونشطت الصناعة بشكل جيد .والعمل على رفع مستوى الدراسة لان نسبة الامية في العراق ما قبل ثورة تموز كانت مرتفعة بشكل كبير، لاسيما في اوساط الفلاحين وتكاد تصل في بعض المناطق الى نسبة مائة بالمائة، باستثناء ابناء الاقطاعيين الذين توفرت لهم فرصة الدراسة في العراق وخارجه، فتمدنوا بالضرورة، وان كانوا من مرجعيات فلاحية.
• و إننا اليوم ننظر إلى إنجازات هذه الثورة وفق ما حققته من تحولات كبيرة في المجتمع العراقي وبقيت تأثيراتها حتى اليوم رغم الانقلابات المضادة المتتالية التي حدثت والمسخرة من الامبريالية العالمية .
• الثورة وما فجرته من تفجير للوعي السياسي لدى الجماهير الشعبية الواسعة التي كانت محرومة من المساهمة في النشاطات السياسية احدى ركائزها و رفعت مستوى الوعي لدى الجماهير بحقوقها وواجباتها الوطنية، وانغمرت في نشاطات الأحزاب السياسية. وإطلاق السجناء السياسيين، وحرية التعبير والتفكير والعمل النقابي والسياسي والثقافي وبشكل واسع منقطع النظير.. وتعزيز الإستقلال السياسي للبلد ، للحفاظ على كيانه السياسي، واستقلاله وسيادته كمنجز وطني كامل ، وإلغاء جميع المعاهدات الإستعمارية الجائرة والمخلة بالسيادة الوطنية.الثورة ومنجزاتها اغاضت الكثير من القوى في العالم وبدأت عملية اجهاز متتابعة بتخطيط من مخابرات دول غربية وعربية وأقليمية لاسقاط هذه التجربة الوطنية ووأدها ، وبالفعل اوكل العمل لقوى واحزاب ومنظمات في الداخل العراقي ترفع شعارات القومية العربية كحزب البعث وبعض التيارات القومية والناصرية و ساعدتها قوى وتيارات مناهضة للديمقراطية واقطاعية واشتركت بعملها وساهمت بأسقاط ذلك المشروع الوطني التحرري في 8 شباط 63 بانقلاب اسود اريقت فيه دماء الالاف من العراقيين ، وبعد سبعة أشهر على الانقلاب، نقلت صحيفة "الاهرام" عن الملك حسين قوله". أسمح لي أن أقول لك إن ما جرى في العراق في 8 شباط/فبراير 1963 قد حظي بدعم الاستخبارات الأمريكية.
• ان طعم الوقائع المرعبة ووخز الذكريات الموجعة وبصمات العذاب لايام الحرس القومي لايمكن ان تنساها ذاكرة ما تبقى من ضحاياها وما تركته من جيوش الارامل واليتامى والتي لم تسلم من ارث عصابات الحرس القومي التي خلفت اكبر مؤسسة قمعية في العالم وابشع تقاليدالقسوة التي طورها الجيل الثاني من الحرس القومي في انقلابهم التموزي الثاني في 1968 فاهلك اولئك اليتامى وما ولد من اجيال في حروب وسجون وثرامات ومناف وتغيب ومعتقلات مرعبة ودهاليز مظلمة وتهجير للالاف من ابناء العراق الشرفاء على اساس الهوية والمذهب والدين . ولقد بقي القليل من عاش تلك الايام ممن يعرف او سمع بعض بواطنها والذين دافعوا بكل بسالة عن ثورة تموز وانجازاتها التاريخية وقدموا حياتهم .
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

378
بين اللغط الامريكي والحكمة السياسية
اعتقد ان الملف النووي والاتفاق الذي تم بين ايران واوروبا والمسمى 1+5 يعود مرة اخرى نحو الطريق الذي يمكن الاطراف من ايجاد الحلول المناسبة بالجلوس الى طاولة الحوار من جديد بينما نرى ان  اللغط الامريكي في التعاملات الدولية لازال مرتبكاً فاق كل شيئ وقلل من هيبتها منذ ان دخل الرئيس الامريكي دونالد ترامب البيت الابيض وامتداد التوترات من الولايات المتحدة إلى ما بعد منطقة المحيط الأطلسي وهو يتنافى مع المعهود من العلاقات الدولية،والتي تعرف و  ينظر إليها باعتبارها تشكل نسقا مترابط المكونات والأبعاد وتتفاعل عناصره ووحداته جميعها؛ حيث يؤثر كل مكون منها على الآخر ويتأثر به بينما لا تستوعب واشنطن هذالمفهوم او التعريف ، وتريد ان  تحافظ على بقائها المهيمن الأول على السياسة والاقتصاد العالمي، والإبقاء على حالة التفوق العسكري بتطوير أنظمة دفاعية وعسكرية تضمن لها السيطرة وتعمل على تحييد القدرات العسكرية للدول الكبرى الأخرى في العالم وفي الترويج لتجارتها عن طريق ارعاب دول الخليج من الهيمنة الايرانية على المنطقة كما تدعي . فكذلك هي بالنسبة لسياستها في الشرق الأوسط بموجب صراع العلاقات والمصالح، يزيد من وتيرة العملية الدبلوماسية، حيث يعتبر صراع ترامب الان مع مجموعات ذات هويات مختلفة، مثل وسائل الإعلام الليبرالية والعالمية، ورؤوس الأموال، والبيروقراطيين،والخصومات والتهديدات مع البلدان أحد أهم الأسباب التي جعلت منها منصة لخوض صراعاته بشكل يومي و في فترات قياسية يخرج ترامب من الاتفاق النووي مع ايران مثلا ، ويعيد فرض الحظر الامريكي الظالم عليها ،ويسمي اكبر مصادر امواله بالبقرة الحلوب ويستخف بالقادة العرب بتعابير ركيكة  بل ويعلن الحرب على العالم كله، حتى اوثق حلفائه في اوروبا والعالم، وكبريات الدول كالصين وروسيا لمنعهم من التعامل مع ايران تجاريا واقتصاديا، وجند كل امكانياته لمطاردة كل دولار امريكي يمكن ان يدخل ايران، وصنف، في اجراء غير مسبوق، حرس الثورة الاسلامية في ايران وهو جزء مهم من الحزام الامني لها " كتنظيم ارهابي " وارسل حاملة طائرات وقاذفات بي 52 وبطاريات باتريوت، وجنود الى منطقة الشرق الاوسط، وهدد بمحو ايران من الوجود، ولكن في عشية وضحاها، تراجع ترامب عن كل مواقفه ، وحتى عن شروطه الاثني عشر، واخذ يغازل ايران ويتودد اليها ، واخذ يدعو وبشكل ملفت ، الايرانيين، للتفاوض معه ، واخذ يرسل الوفود المختلفة  الى طهران من اجل ذلك.واليوم  يعاني العالم الغربي أزمة وجودية بسبب هذه التناقضات مما مكن  للقادة والمسؤولين والأطراف المؤثرة في الاتفاق النووي عناصر تشجع على مواصلة البقاء في الاتفاق النووي ، وهي القيم المشتركة، والمصالح، والقواعد، والمؤسسات .وقد استهدفت دبلوماسية الرئيس الامريكي دونالد ترامب قبل فترة فرنسا بسبب دعوتها لإنشاء جيش أوروبي موحد، لكنها قوبلت من قِبل ماكرون وميركل بالدعوة إلى "أوروبا أكثر قوة وسيادة" . وفي مبادرة مخالفة صارخة لقرارات الامم المتحدة والاعراف الدولیة والتزاماتها ومعاییر حقوق الانسان، اثبتت بانها لیست فقط غیر ملتزمة بای مبادئ، بل انها لا تمتلك ایضا ادراكا وفهما صحیحا تجاه الاوضاع القائمة فی المنطقة والعالم . والمصيبة فجر ترامب كذبة لللاعلام العالمي "بعد ان كان الجيش الأمريكي كان مستعدا "وبجهوزية كاملة" لضرب إيران، لكنه غير رأيه قبل عشر دقائق من الضربات المخطط لها كما قال الرئيس ترامب إنه ألغى الضربات عندما قيل له إن 150 شخصا سيذهبون ضحايا لتلك الضربات" في حين انه وبشكل علني يحارب 84 مليون انسان اخر يعيش على تراب ارضها اقتصادياً دون ان يعير لذلك اهتماماً .
اما حقيقة الامر ان توقفت واشنطن عن اللجوء إلى الحل العسكري وأصبحت تروج لضرورة إيجاد حل سياسي ومع تخليها عن هذا الخيار لعدم وجود صلاحيات لاتمام العملية وما سوف تخلفها من حرب لن تنطفئ بسهولة و الى تضيق الولايات المتحدة من هامش مناوراتها وتقلل من أدوات الضغط على طهران  ومما زاد الأمور تعقيداً عليها اسقاط الطائرة الامريكية بدون طيار ( RQ -4A ) بعد  اختراقها اجواء الجمهورية الاسلامية الايرانية قبال منطقة كوه مبارك التابعة لمحافظة هرمزكان جنوب ايران بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري الذي اعلن إنّ اختراق الأجواء الإيرانيّة خط أحمر ، وأنّ بلاده  والقول للحرس الثوري ترفُض الخطوات الاستفزازيّة التي تمُس سِيادة البِلاد " لا شك ان الكبرياء الامريكي اصيبت في صميمه ومرغ انفها بالتراب "  وبغَض النّظر عن الجِهة التي تقِف خلفها، ،  والتّفسير الوحيد، والأقصى لهذا التّهديد، أنّ المَخفي أعظم، والقادِم أكثر شراسةً وواشنطن الان في سعى دائما الى تحقيق اهدافها عن طريق الحظر الاقتصادي واثارة الفتن الداخلية والضغوط النفسية والحروب بالنيابة في المنطقة لكنها تواجه الفشل لعدم وجود من ينيب عنها  ولم  تستطيع تحقيق مكاسبها شيئا.ونقلت وسائل الاعلام عن مسؤول في إدارة ترامب قوله إن إعداد العملية كان يسير بشكل جيد حيث أقلعت الطائرات واتخذت البوارج الحربية مواقعها عندما قرر ترامب إلغاءها قبل إطلاق أي قذيفة بعشر دقائق وهذه كذبة كبيرة تحسب على ادارة ترامب لان اعلن الحرب ليس من صلاحيات الرئيس الامريكي انما الكونجرس وحده هو الذي يملك سلطة إعلان الحرب في أمريكا، ولا يمكن لأي رئيس أن يُعلن الحرب أو ينادي بها، لكن يظل له حق رفض شن حرب - بعد موافقة الكونجرس -، عبر الامتناع عن التوقيع على الإعلان.
وفي ظل مثل هذه الحرب النفسية يحاول ترامب ان يجر الشعب الايراني الى الحوار والرضوخ لمطالبه وبلاشك و من الواضح أنّ الرئيس ترامب يريد أن يحظى بمراده من جميع النواحي. فهو يلجأ إلى العقوبات لتخفيض صادرات النفط من إيران مضيّقاً بذلك الخناق على أسواق النفط العالمية، ويشتكي في الوقت عينه عند ارتفاع أسعار الوقود الأمريكي ولكن اكثر دول العالم لا تبالي ومن المستبعد أن توقف وارداتها من النفط الإيراني بالكامل. لان إيران تمثل صلةَ وصل استراتيجية مهمّة تربط آسيا والشرق الأوسط كجزء من مبادرة الحزام بالإضافة إلى ذلك، لا يحبّذ أن يظهروا وكأنهم يُخضِعون مسار علاقاتهم لصالح مطالب الولايات المتحدة وعنجهيتها ...لكن هذا الشعب سيبقى صامداً و تحولت الالة عندهم الى قوة عالمية تخشاها القوى الكبرى ومن اجل الدفاع عن حقهم وستفشل كل السيناريوهات المعادية.وغلبت الحكمة الايرانية على العنجهية الامريكية لحد الان على الاقل.
عبد الخالق الفلاح- باحث واعلامي
 
 

379
الوطن هو الشرف، هو البيت، وهو الحياة
في حياتنا الشخصية يؤدي وقوع الخيانة إلى (تدمير الثقة) بين الأفراد والعلاقات بينهم ، حتى لو اقتصرت الخيانة على عدم الإيفاء بوعد أو عهد، ناهيك عن أن تؤدي الخيانة إلى تدمير حياة إنسان أو أهانته وجرح مشاعره فيكف به اذا كان وطن  . فمهما اختلفنا في أفكارنا أو عقائدنا أو مبادئنا، مهما ظلمَنَا بعضنا البعض و أهل وطننا الواحد فهذا أبدا (لا يمكنه) أن يبرر لنا خيانة الوطن.
هناك في كل زمان ومكان من يرتضون لأنفسهم الإقدام على خيانة
وطنهم وأمتهم وشعبهم وبيع ضمائرهم وتاريخهم الشخصي إن كان لهم تاريخ وشخصية ، لأطراف خارجية متربصة بالوطن أرضاً وإنساناً ويقدمون لهم الولاء تحت أي ذريعة كانت سياسية أو دنيوية أو عقدية أو مذهبية أو طائفية أو سلالية وغيرها، والذي يكون نتاجه اضطراب أمن الوطن وزعزعة استقراره وصولاً إلى سفك دماء أبناءه والعبث بالأرض التي تحتضنهم ويعيشون على خيراتها ويتنعمون بمقدراتها ويستظلون بسمائها لينالوا الخسران والعار والخجل في الحياة والآخرة لان الوطن هو الشرف وهو البيت وهو الحياة .
لعل الخبر الذي تناقلة وسائل الاعلام بالصوت والصورة حول الخيانة التي قام بها احد الضباط الكبار في الجيش العراقي الباسل يحزن القلوب ويؤلم ويوجع ضمير من يحب وطنه ويدل على مدى خسة وحقد مثل هؤلاء وابن الوطن الشريف لا يمكن له أن يفكر ولو للحظة واحدة، مهما كان الثمن، أن يخون وطنه أو يبيعه، أو يضع يده في يد العدو، إلا في حال واحدة، أن يكون الخائن لوطنه، قد رضي أن يبيع وطنه الذي يوفر له الأمن والرخاء، وارتضى أن يكون «دميةً» في يد الأعداء يلهون به كيفما يشاؤون، و«ذنَباً» من أذنابهم يسخرونه لمصلحة أجندتهم، ثم يرمونه بعد أن تتحقق أهدافهم في القمامة وهي النهاية الحتمية لكل خونة الوطن في كل زمان ومكان يكون.
الخائن لوطنه يستحق أقصى العقوبات خاصةً عندما يقدم على أفعال تُهدد استقرار الوطن ووحدته ولا يجب ان تسكت الجهات التحقيقية عن مثل هذه الافعال الشنيعة وكشف ملابساتها للراي العام ، فمن باع ضميره وأقدم على مثل هذه الأفعال وسمح للفساد والعبث أن يتسلل إلي أراضي وطنه يجب أن لا تمر فعلته دون عقاب رادع فسلامة واستقرار الوطن أمر ليس فيه تهاون أو رحمة. حتى ديننا الحنيف يحذر من الخيانة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} الأنفال الآية 27، وقال تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} الأنفال الآية 58، فالخيانة للوطن أمر لا يقبله الشرع ولا يقبله من تغذى من ثدي امه لبناً حلالاً ويطمعون في خيرات الوطن وسرقة ثرواته ،ومحاولة زعزعته.
 كل شىء يهون إلا خيانة الوطن فهي جريمة كبري لا تغتفر كون المجني عليه هو الوطن وكل عمل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن لا مبرر لها ولا شفاعة لمرتكبها مهما كانت منزلته ومهما كان السبب الذي يدفع لها فهو أبدا لا يشفع أن تبيع وطنك وتتآمر عليه فالوطن بمنزلة العرض والشرف للإنسان ومن هان عليه وطنه يهون عليه عرضه وشرفه.
إن الوطن لم يعد يحتمل المزيد من الخيانة والتآمر عليه وعلي أجهزة الأمن والقوات المسلحة بكل صوفها والحشد الشعبي الذي حما الوطن والكشف عما لديها من معلومات ليتأكد لنا كيف باع البعض هذا الوطن وقبضو الثمن ثم ارتدوا بعدها ملابس الوطنية والثورية.. لقد حان الوقت لكشف هؤلاء الخونة الذين خدعنا فيهم طويلا حين أن بعض هؤلاء كانوا من أعدي أعداء هذا الوطن..
 لم يعد الأمر يمكن السكوت عنه أكثر من ذلك، فعلي الجهات الامنية فرز الصالح من الطالح ومن باع أو خان عليه أن يلاقي أشد العقاب فهؤلاء الخونة المقيمون بيننا ويتآمرون على تراب ارضهم  ،وقد نهى القرآن عن اتخاذ أعداء المسلمين أولياء، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بما أخفيتم وما أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل. إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون} [الممتحنة 1، 2
رسالة لأعداء الوطن في الداخل والخارج بأن حماة الوطن من جنود ومواطنين في خندق واحد يقظون لهم، وأعينهم ساهرة لحفظ مقدرات الوطن ومكتسباته وحدوده، وأن من تحدثه نفسه بالعبث بأمن الوطن، وإثارة البلبلة، وزعزعة الاطمئنان في جميع جهاته، لن تتحقق أهدافه، وسُيفضح أمره، وتُكشف مخططات من يقف خلفه، كائناً من كان، دولاً كانت، أم جهات، أم مجموعات.
 أن نقص الوازع الوطني لدى مثل هؤلاء الافراد في المجتمع أشد فتكاً بالوطن والمواطن من الطاعون والأمراض الخطيرة، فيجب علينا جميعاً حكومة وشعبا المسارعة في علاج أسباب نقص الوازع الوطني فالفرصة مازالت موجودة لعلاج الأمر، وليعلموا أن مصير الخونة إلى زوال وثمن الخيانة كبير يجب أن يتحمله من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره للوطن والأمة.
عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي

380
الارث الاعلامي وازمة القيم عند البعض
المسار الاعلامي في العراق يمر بازمة وتأثر بسبب المراحل الزمنية الصعبة والعصيبة التي مر بها منذ اكثر من اربعين عاماً بمطبات وانتكاسات ومضايقات وانتهاكات .وزاد الطين بلة الانفتاح الاعلامي بعد 2003 الغير مبرمج لضعف القواعد القانونية التي تقف حائلاً امام الاتهامات والاختراقات والتخلفات والتجاوزات البعيدة عن الحكمة. لذا نشاهد الكثير من الكذب والافتراءات الباطلة بين الاحزاب والتيارات والشخصيات المنظوية  تحت ألوية تلك الكيانات وتطل علينا من خلال تلك الوسائل واستغلالها بثمن بخس بعيداً عن العرف الاجتماعي والثقافي الرزين واهم من ذلك كله الوازع الديني والاخلاقي الذي يُعرف به مجتمعنا ودخول مفاهيم ومصطلحات جديدة لم تكن معروفة لدينا سابقاً وقد شاهدنا اكثر وضوحاً في المرحلة التي تسبق الانتخابات  وبعدها وزادت وتيرتها وزدادت ايضاً فلتات اللسان وتصاعدت بشكل يبعث على الاسى الى ما بعد الانتخابات وقد اثرت على الوضع النفسي وسلامة الشارع العراقي…نحن اليوم قلقون من سقوط القيم الاخلاقية الصالحة عند البعض في المجتمع …المعول من اولئك الافراد الذين يتحتم عليهم الدفاع عن تلك القيم المجتمعية الناصعة التي تسود منذ الاف السنين العمل الجاد لوقف مثل هذه الافعال المشينة ( لان المتهم برئ ما لم يثبت ادانته ) ويوجب عليهم الحفاظ على كرامة الانسان والاخلاق السمحاء والتوجه نحو الاصلاح وشد العزم قبل فوات الاوان والوقوف امام تلك الفقاعات والاتهامات الباطلة والكذب والتسقيط المبرمج حفظاً على اواصر المحبة بين اركان المجتمع…ان بلدنا يحمل في طياته معايير العزة والشموخ ولدينا كبار الشخصيات الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية يمكن ان نفتخر بهم ونحافظ عليهم من غبار التلوث ويجب ان نحترمهم لابل نقدسهم لانهم الراسمال الابدي في الحياة ...
أما الاعلام فيتحمل المسؤولية  وأصبح مادة دسمة يمكن ان يباع ويشترى فيه القلم لخدمة اغراض فئوية مختلفة في المجتمع بعيداً عن مصاديق العمل والمهنية والاخلاق لان بعض الاعلاميين باعوا أقلامهم  (اقول بكل شدة البعض وليس الكل ، لان هناك اقلام شريفة لا يمكن لها خلع لباس العفة  ولا تقبل المهادنة )) بأبخس الاثمان لا توازي تاريخهم وتم استغلالهم لتسقيط الاخرين مع جل احترامي لمن يحمل الصفات الحسنة الملتزمة وهم كثرةً والحمد لله في وطننا...
ان سياسة التجريح وهتك الحرمات والتجاوز على سمعة الافراد والمجتمع يجب ان يكون خطاً احمراً لايجوز المساس به وعبوره بهذه الراحة مهما كانت الاسباب كي نحافظ على مورثنا الغني تاريخياً وعقائدياً…ان اعدائنا يستغلون الفرص الان وفي هذه الظروف كل السبل الرخيصة للايقاع بوحدتنا ويسعون لمسخ الهوية الثقافية بوسائل دنيئة لغرض ترويج المثل الدخيلة وابعاد مجتمعنا عن هويته….وهذا القلق يمكن مشاهدته في جميع التجمعات والندوات الثقافية والاجتماعية والسياسية وجهات اخرى وعند الطبقات المختلفة في المجتمع وعن قرب وهم يتكلمون بحرص عن هذه الاخفاقات والافات لاحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم لانهم جزء لايتجزء من هذا الوطن وهم اكثر حرصاً على ثبات القيم الاصيلة وعدم رواج الانحرافات التي تؤدي الى سقوط تلك الثوابت …والان اصبح معلوماً عند الجميع والقلق على اشده لمستقبل غير واضح المعالم اذا استشرت تلك الظواهر بالنمو ودون ان يقف العقلاء من كبار القوم امامها.
على هؤلاء التوقف عن كيل التهم لبعضهم البعض الاخر دون وجهة حق ونضع ايدينا معاً لدراسة المشاكل والمعوقات الاساسية التي يعاني منها وطننا بعيداً عن المفاهيم الغير منطقية ودون توجيه الاتهامات وبروح المواطنة والحرص على الاطر الواقعية التي املاها علينا ديننا الحنيف والابتعاد عن التشكيك والتضليل والخروج بخارطة طريق تبعدنا عن الانحراف والمخاطر الجمة التي قد تطيح بقيمنا الرفيعة……والاستفادة من مخزوننا الديني لحماية المجتمع من الزلل والانحطاط الذي يريده الغير لنا …علينا ان نكتب بوحي من مايرضي الله سبحانة وتعالى. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)).ان المرحلة تتطلب من الجميع العمل من اجل الحفاظ على ارثنا وقيمنا وثقافتنا الغنية بالمثل وعلينا التوجه لاصلاح الخلل والابتعاد عن الشائعات والتحقق السليم من كل خبر له مساس بحياة افراد مجتمعنا وكفانا الاطاحة ببعضنا البعض الاخرحتى لانقع بالاخطاء القاتلة التي تطيح بثروتنا الغالية وميراثنا الغزير بالمفاهيم القيمة الرائعة والعمل على خلق أسس جديدة لتاريخنا السياسي والاجتماعي والثقافي المعاصر وحفظ الارث الحضاري والتاريخي والديني ولنرسم صورة زاهية ومستقبل زاهر وحياة هنية بعيدة عن الصراعات والتقاطعات ويجب ان تُدرس الامور بحكمة وعدم العبور منها مثل أي ورقة سياسية باهتة دون الاهتمام لكي نبعد المخاطر عن مواطنينا وبلدنا والحفاظ على استقلاله وكيانه...
 عبد الخالق الفلاح
كاتب واعلامي
 

381
قمة العشرين...الصين وامريكا والعودة الى الهدوء
فوضى البيت الأبيض تسببت في ضياع فرص قيمة لأميركا، وفي فشل ترمب في تحقيق أي تقدم في أهم ما في جعبتها من خطط لانه رجل اقتصاد اكثر مما هو رجل سياسية والتي لا يمكن الفصل بينهما في ادارة الدول في العصر الحالي وقد أصبح الاقتصاد لصيقًا بالسياسة وتوأمها بشكل جليّ وارتباط الاقتصاد بالسياسة والعكس بالعكس، قضية لايختلف عليها اثنان في جميع العصور وعلى مدى التاريخ الماضي، ولكن يبقى اهتمام الناس بالسياسة لتأثيرها على حياتهم الاقتصادية ومعيشتهم اليومية، قضية تترواح مابين اهتمام شديد وعدم مبالاة ، وعلاقة الاقتصاد بالسياسة  أبدية مثلما تنظر المبادئ الكاثوليكية للزواج، حتى يعتقد البعض ان كفت  الاقتصاد المحرك الرئيسي للسياسة دون النظر لأي اعتبارات أخرى. وهو ما دفع الكثير من الدول إلى استخدامه كفاتورة سياسية يدفعها الطرف الآخر عند الخلافات السياسية أو العسكرية وكأداة ضغط للدول وإرسالها لمن يدور في فلكها  متناسياً في الامكان للسياسة أن تُشكِّل دافعا قويّا للنمو الاقتصادي، كما يمكن لها أن تكون مثبطاً له من خلال قيامها بتأخير عملية التغيّر الاجتماعي والثقافي، حيث يؤثر التفاعل بين السياسة والاقتصاد على قضايا السلام، الفقر، المساواة، الحرية، الديناميكية الاقتصادية والاستقرار السياسي.
لقد شهدنا في العقدين الأخيرين العديد من الأمثلة على استخدام الاقتصاد كأداة ضغط للسياسيين، والتي كان أبرزها العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على إيران لدورها الواضح في دعم المقاومة والاصطفاف الحربي ضدها  لمجابهتها الاحتلال الصهيوني والارهاب الذي يحاول زعزعة الاستقرار الإقليمي  وايقاف تمدده وكذلك العراق إبان الحرب على الكويت واحتلالها وما تلاه. كما استخدمته إيطاليا في التسعينيات ضد تركيا واستخدمته المملكة ضد كندا والولايات المتحدة ضد الصين مؤخرًا في إجراءات اقتصادية محدودة.
وقد استغل الرئيس الامريكي عامل الاقتصاد على الاكثر في بعض الدول العربية لانه مجتمعاتهم استهلاكية يهيمن عليه استبداد النخب الحاكمة التي لا تتردَّد في إيداع مدخراتها ومدخولاتها لرجال الأعمال المقربين منها في حسابات مصرفية أجنبية بدلاً من استثمارها وطنياً ومحلياً وهنا يتجلَّى ويتَّضِح سلوكهم المدفوع بالمصلحة الشخصية وإهمالهم التام للمصلحة العامة التي تتمثل في المستقبل الحاضر والقادم .
 ولا يزال ترامب وفريقه يتباهون بكل مبادئ الاقتصاد التقليدي تقريبا والتي لا تتناسب مع العلاقات الحالية للدول . وتُعَد السياسة التجارية مثالا واضحا وأساسيا هنا؛ فبإظهار عدم التقدير للارتباط الذي أثبته الزمن بين العجز التجاري واختلال توازن الادخار والاستثمار في الاقتصاد الكلي، يواصل الرئيس ترامب التركيز على حلول ثنائية لمشكلة متعددة الجوانب، فيلوم الصين -في حقيقة الأمر- على عجز أميركا التجاري السلعي مع 102 دولة .  ويعتقد البعض أن الصين ستخسر الحرب التجارية مع أمريكا، وتستسلم في نهاية الأمر، بدعوى أن الميزان التجاري بين الجانبين يميل لصالحها، لكن ربما يكون هذا الاعتقاد خاطئاً، لسبب بسيط، هو أن الجانبين سيتضرران كثيرا من هذه التعريفات.
فعندما يتم تطبيق تعريفة على سلعة معينة، فهناك  سيناريوهات، في مقدمتها انخفاض الأرباح، لان في بعض الصناعات، تكون الشركات غير راغبة أو غير قادرة على تحميل التكلفة على عملائها، وهذا يعني بكل بساطة أن أرباح الشركة ستنخفض، وبالنسبة للشركات العامة، فهذا بالطبع سيقلل أرباح وبالتالي يمكن أن يؤثر على أسعار أسهمها.
ومن هنا يبدو أن إدارة ترامب تتصور أن أميركا وصلت إلى لحظة مواتية في الدورة الاقتصادية تسمح لها بممارسة اي لعبة قوية . غير أن إستراتيجيتها لن تنجح لان الصين لن تستسلم  بشأن المبادئ الأساسية لإستراتيجية النمو، التي تؤطر طموحات القوة العظمى التي تراود الرئيس الصيني وهي لا ترغب في خوض حرب تجارية، لكنها لا تشعر بالخوف من خوض حرب تجارية و إذا كانت الولايات المتحدة ترغب فقط في تصعيد النزاعات التجارية، سترد بالتأكيد وتحارب حتى النهاية  .و في الحقيقة ان الصين لديها ترسانة كبيرة من الأسلحة، خلف التعريفات الجمركية، يمكنها استخدامها ضد الولايات المتحدة، منها، إنشاء علاقات تجارية وثيقة مع دول أخرى لعزل واستبعاد الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال، خفضت الصين التعريفات على السيارات لصالح حلفاء واشنطن لمقاومتها، بالإضافة إلى تنفيذ حملة تنظيمية على الشركات الأمريكية، مثل التحقيقات البيئية أو مكافحة الاحتكار. والحقيقة ان التهديد والعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على الصين لم تأتي اكلها  ومن هنا جاء الاتفاق الجديد  بعد الاجتماع على هامش مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية الذي جمع  الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي اكد ان  الحوار" مع الولايات المتحدة سيكون أفضل من "المواجهة "ونظيره الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف  القاء "بالممتاز" وعلى استئناف المفاوضات التجارية بين بلديهما وانه مستعد للتوصل لاتفاق تجاري "تاريخي" مع الصين، وسيكون الأمر تاريخيا إذا استطعنا التوصل إلى صفقة تجارة عادلة". كما أعلنت بكين أن واشنطن وافقت على عدم فرض رسوم جمركية جديدة على صادراتها، وفق ما نقلتها وكالات الانباء ومنها الصينية وواشنطن تخلت عن قرارها رفع الرسوم الجمركية من 10 بالمئة إلى 25 بالمئة على بضائع صينية بقيمة مئتي مليار دولار -- نصف الكمية الإجمالية -- اعتبارا من الأول من كانون الثاني/يناير .وتوصلا الى هدنة في الحرب التجارية بينهما التي تهدد الاقتصاد العالمي
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

382
أدب / نزيف الفراق
« في: 21:35 29/06/2019  »

 نزيف الفراق


عبد الخالق الفلاح

دمعاتي الحبيسة
تحت جفوني الذائبة
وشمعاتي تخفت
في خلواتي
دعها تسيل فأنها مطفئة حزني
عندما ارحل الى ساعات عمري
احبس انفاسي
ترياقي التألم وحدي
"الفراق هو أول موتٍ في الحياة".
غصة عالقة داخل جسدي الراجف
وصارت الحاني ، وتراً متدفقاً
على ضياء شموعها المضطربة
اعزف على نزفي
الدهر ارهقني ... والصبر ملني
ليس فيها ما يفرحني     
ايامي
الاحاسيس تتقاطر... بأعماق روحي
اجامل جرحي بها
مقروح الجفنِ مسهَّدُه
فزع الدّهر مني..وكل امالي
الفرحة لا تعنيني
تسير بي الايام
الزمن يدور ... وأيامي تدور

كم كانت قاسية.. مسعرة
حطبها اضلعي..

ايامي ترقص في كف قدري
بين حزن وجزع وفقد وذكريات
النائباتُ تدور من حولي
هموم لا تنقضي امسياتها
متى تلتئم روحي . مع جراحاتي ،اهاتي، عبراتي، نياحي ، لا تلتئم                                                       
مجحفة لا ترحم                                                             
اسابق السحاب و السراب
نيران تأكل نيراني
لوحات ثابتة توشحها السواد
طعناته توجعني
اقاتل اليأس ..افترش حسراتي
اخطائي الصغيرة امر بها
اغلاطي الغابرة اشجاني
ياحظ المكان .. وياحظ الزمان
ضيعت عنواني
طال انتظاري
دون اختياري
واكتم احزاني
بين ناري ودخاني
وقلبي يترجم غثياني


383
العراق... التعايش والتعامل والمشتركات
التعايش يعني التعلم للعيش المشترك، والقبول بالتنوع، بما يضمن وجود علاقة إيجابية مع الآخر. فلقد عرَفت هوياتنا العلاقة مع الآخرعلى اساسها ، فعندما تكون العلاقات إيجابية وعلى قدم المساواة معه، فإن ذلك سوف يعزز الكرامة والحرية والاستقلال، وعندما تكون العلاقات سلبية ومدمرة فإن ذلك سيقوّض الكرامة الإنسانية وقيمتنا الذاتية. وهذا ينطبق على الفرد والجماعة والعلاقات بين الدول، فبعد أن شهدنا حربين عالميتين وحروباً لا حصر لها من الدمار والإبادة الجماعية، صارت مسألة تعزيز التعايش على جميع المستويات أمراً ملحاً للقرن الواحد والعشرين. وهو احد المفاهيم الأساسية في تاريخ الثقافة عموماً، والفلسفة الحديثة على وجه الخصوص، يعني أن الشرعية الفعلية للوجود المفترض مع صفاتها المحددة موجودة فقط عندما تعترف بها ذاتية أخرى، ووفقاً لما يطرحها هيغل، فإن جوهر فكره قائم على مصطلح «وجود» وهو في الأساس "تعايش " .
ان العالم في الغالبية الساحقة من دوله القومية ومجتمعاته اليوم  تكشف انقسامات داخلية كبيرة، على أساس العرق والجنس والدين، كما أن نوعية هذه الاختلافات في العملية الاجتماعية والسياسية تختلف على نطاق واسع، وكذلك مدى شدة أهميتها في تسييس الشرائح الاجتماعية، سواء داخل الدول أو فيما بينها،
هناك مؤشرات ودلالات إيجابية على بعض المجتمعات تدل على التسامح والمحبة بين جميع أفراد ذلك المجتمع يحملها التعايش الاجتماعي السلمي ورغم اننا نجد فيها لهجات وثقافات مختلفة، ولكنها تنعم بالتعاون والروح الجميلة ما ينعكس إيجابيا على التميز. ثمة ضرورات محفّزة تدفع الإنسان أياً كان للسير في طريق الوئام والتعايش وهي منطقية متناغمة مع الفطرة الإنسانية ومن الملاحظ أيضاً النسيج الاجتماعي بين بعض البشر، لاسيما وأننا نعيش في وضع يسمح لنا ان تعمل على غرس روح الإخاء والسلام والمحبة في القلوب و غرس ذلك الشعور الطيب في نفوس الأبناء لنمهد الطريق باعتبارنا أولياء الأمور للأجيال القادمة كي تعيش في مجتمع متحاب يتسع للجميع وهناك محبة وتعايش يكتسب من خلالها الفرد علاقات وصداقات تجعل بعضاً منا يتقن لغات دول أخرى بفضل التواصل الاجتماعي ويقوي هويته الثقافية، إضافة إلى ذلك لا يستطيع الإنسان العيش وحده في ظل وجود مجتمعات مختلفة القيم والثقافات، ويأمل الفرد منا في أن ينعم بحياة اجتماعية سعيدة بعيداً . ولا يمكن ان تكون  تعددية الافكار مدعاة للنبذ والنفي ابداً، وانما كل هذه تؤسس للانخراط في مشروع التعارف والفهم المتبادل، حتى نشترك جميعا في بناء حياتنا على أسس العدالة والتعاون على البر والتقوى.. فالله خلقنا من نفس واحدة مهما اختلفت احوالنا والواننا وافكارنا، وهذا بطبيعة الحال يقتضي منا جميعا العمل على ارساء معالم التعارف المباشر على بعضنا البعض، ونبذ كل اشكال القطيعة والجفاء والتباعد.. اذ يقول تعالى {ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساءً} (سورة النساء الآية 1).. فنحن جميعا اسرة واحدة ممتدة وفي وطن واحد يجمعنا ، لذلك علينا توطيد اواصر الوحدة بالمزيد من التعارف والتواصل، والدين الاسلامي من اكثر الاديان يدعو اليها ليرسي مبدأ التعارف المفتوح على كل المبادرات والابتكارات لانجاز مفهوم التعايش والاستقرار الاجتماعي. اذ انه لا يمكننا ان نحقق مفهوم التعايش السلمي بدون التعارف، فهذا المنهج هو الذي يزيل الالتباسات، وينجز الأسس النفسية والسلوكية للحوار والتواصل والتعاون. المعطيات الكبرى للتعايش هو تقدم البلاد، حيث ان التعايش الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الذي يتوفر على الأمن والاستقرار، ويدفع عجلة التعاون والتداعم الى الأمام.. أنه يخلق مناخ التقدم فتترابط الشرائح ببعضها، وتنزل الكفاءات والطاقات الى ساحة العلم والعمل، دون تشاجر أو نزاع وتنافس سلبي تحشر طاقات الأمة في ركب التقدم بفضل التعايش فيما بين أبنائها على العكس مما هي عليه الآن، حيث النزاعات والثورات الدموية والحروب والحساسيات والقطيعة بين أبناء الشعب الواحد وحتى على الصعيد الاجتماعي ،يكسب الإنسان هالة من الاحترام والهيبة، لأنه باحترامه للآخر يكسب احترامه أيضاً، وينصهر المجتمع في بوتقة واحدة، ويكون جبهة واحدة، هذا يؤدي أيضاً الى التكامل والنمو الاقتصادي ايضاً، لأن المناخ الاجتماعي السليم يمهد للحركة الاقتصادية والعنصر المتلائم مع الآخرين.
ولكي تتحول حالة التعايش بين مكونات المجتمع وفئاته المتعددة، الى حقيقة راسخة وثابتة، نحتاج الى الالتزام بالثوابت القيمية الثلاثة ، التعارف، التعاون، العدالة، فهي مبادئ التعايش الراسخ، وبها نتمكن من حماية وحدتنا ومكاسبنا، والعمل على تنمية واقعنا في كل الحقول والمجالات. أن التعايش السياسي المفقود عندنا لكي يكون ناجحاً يتطلب الاستثمار في التعايش على مستوى المجتمع المحلي اولاً و نحن بحاجة لجمع من الخبرات والطاقات من مجموعة متنوعة من مواطن الحركة الأساسية ثانيا لبناء نهج متعدد الأوجه لتقوية التعايش فيما بيننا في مجتمعنا الواعد والتعايش بين المذاهب قضية جوهرية مصيرية تُلامس واقعنا في ضل التنوع المذهبي وفي خضم الصراعات المُتشابكة بين أبناء وطننا بأطيافه المختلفة ولها أبعاد واسعة المدى من حيث الاختلاط والتشاور والابتعاد عن حالة العُزلة والتقوقع والتعصب للمذهب والتي تصيب الإنسان الذي يُعاني مرضاً أو تهرباً من الواقع أو القانون ومن هنا حثت الشريعة السماوية على الابتعاد عن مثل ذلك والسير وفق المنظور القُرآني كقوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) الحجرات اية 13 أي التعارف وسيلة من وسائل التواصل مع أبناء الخلق مهما اختلفت مُعتقداتهم. بالتعايش تنمو وتتعاظم القيمة النوعية للإنتاج الفكري وترسخ مكوناته وتنقله إلى صورة للتطبيق العملي الذي يجد في المؤسسات فرصته الأكبر بما يحقق لها قيمة تنافسية في التقدم للوطن أكثر وتحسن من مستوى خدماتها المقدمة للمواطن بشكل أفضل، إنها معادلة تؤسس لقناعة واضحة وهي أنه كلما اتجهت المجتمعات إلى التناغم الفكري والتعايش المعرفي وتأطير أنموذج الخطاب الواعي فيما بين و على حد سواء والتزمت فيها بمعايير إدارة المشاعر والثقة والشراكة والاعتراف بالكفاءة واستقطبت الخبرات والتجارب الوطنية وأعلت من شأنها في واقع الإنجاز واقتربت من صناعة القرار والمشاركة فيه انعكس ذلك على المنتج الحاصل في رصانته واستدامته وكفاءته بما تقدمه المجتمعات في سماوات التميز وأراضين .العطاء والإنجاز. غياب التعايش هو أصل كل الشرور، وتكريس المفهوم ونشره يتطلب جهداً قانونياً ورقياً ثقافياً، نحن فى أمس الحاجة إليه اليوم.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 
 

384
العراق ... المعارضة والموالاة بين الاصلاح والمسميات
==================================
المعارضة كمفهوم سياسي وفي إطار التعددية الحزبية تعني طرح المشاريع المختلفة أمام الراي لاختيار أفضلها وأكثرها توافقا مع مصالح المجتمع ، و يعني ان الصراع ليس بين الأشخاص وإنما بين الأفكار في واقع الحال ، والحلول الممكنة التي تقترح لصنع التنمية المادية والثقافية والفكرية للقضاء على الصراعات السوداء التي تحرق كل شيئ ليس على المستوى الفكري والاجتماعي والسياسي والثقافي فقط انما على مستوى الوجود كله .
على هذا الأساس فإن الأحزاب التي تدعى بأحزاب المعارضة يجب ان تقدم دراسات معمقة وخطوات بعيداً عن السطحية والهلوسة والتطويع الاعلامي وتعتبر الموالاة والمعارضة واشكالهما وشدتهما او ضعفهما متصل با اصلاح الاداء والفعل و بالنقد الموجب مع الحلول البعيدة عن الانا التي نشاهدها كثيراً على الفضائيات وشبكات الاتصال الاجتماعي ومن أجل تفعيل الإمكانيات لتحقيق التطوير والتطور، وليس بقصد التجريح والمس بكرامة هذا أو ذاك. وهكذا، فإن العمل السياسي في صيغة المعارضة لا يعني إلا المنافسة الشريفة من أجل الرفع من شأن الوطن والمواطنين ، ففي ظل المنافسة الجادة فإن الغلبة تكون للفكرة المفيدة، وللمشروع العملي المشبع بالعقلنة .
الذهاب الى المعارضة السياسية التي اخذت تطرح في العملية السياسية هذه الايام وبقوة من الامور المهمة  شريطة إعادة النظر جذريا في ثقافة التعددية السياسية وأخلاقياتها من أجل تدقيق مفهوم المعارضة باعتبارها ذات طابع مدني سلمي ثقافي، سياسي وحضاري ومن الضروري فتح النقاش الجماهيري حول مدلول "المعارضة" لتفهيم الشارع حول الغاية منها وحول أخلاقيات الممارسة السياسية في أفقها الأكثر حداثة. وبدون هذا، فإن التعددية الحزبية بلدنا سوف تبقى امتدادا لتعدد الأغراض والمصالح الخاصة، وللعشائرية، والنخبوية المتزمتة . حيث الغاية منها إلالغاء و الإقصاء فقط دون برنامج .. وبعكسه حيث احترام الآخر وحيث العلاقة البنائية بين القوى الحزبية باستخدام النقد البناء أي بأن تتقدم كل قوة حزبية ببرامج وحلول ومعالجات وتبدأ بحوار موضوعي هادئ يصل إلى نتائج جدية مؤثرة وفاعلة في الميدان وعلى أرض الواقع خدمة لمسيرة بناء الوطن والإنسان..والمعارضة من الخطوات السليمة والضرورية في العملية السياسية متى ما تم الاستفادة منها بشكل صحيح  لا ان تكون سيف لقصم المخالف باعتبارها ذات طابع مدني سلمي ثقافي، سياسي وحضاري .
العملية السياسية  والاجتماعية والثقافية والفكرية عندنا لا تصلح طالما اغفلنا مبدأ الحوار البناء والفاعل والواعي وحرمان الاخرين من التفكير كي لا نستل الخناجر والبنادق بوجوه الاخرين ولا نرضى إلأ اذا سال الدم ورفض قبول الراي الاخر حتى اذا كان صحيحاً ولم نتعلم من تاريخنا ومبادئنا وديننا ومُثلنا واختار البعض التقاتل على ابسط الاسباب .
المعارضة حالة صحية عندما تكون جادة في اي بلد يعتمد الديمقراطية و لها الدور الهام في الرقابة على أداء السلطة لا فقط تسميات ، فالحكومة ليست معصومة، وما دام الخطأ وارداً فإن تدقيق الأداء لتمييز الخطأ من الصواب يعد أمراً في غاية الأهمية ، والانظمة البرلمانية تسمح بذلك ، خصوصا ان العراق فيه الكثير من الاختلافات في الرؤى السياسية والاختلاف في المناهج السياسية اذا كانت موجودة وهي من الاطر الديمقراطية وحافز من اجل حسم المواقف والامور المهمة في العملية السياسية لتقوية العمل وخاصة ان الوقت الراهن والتحديات الداخلية المتعلقة بالحكومة والتحديات الاقليمية، تفرض على جميع الكتل تطبيق برنامجها الحكومي  ومنها القضاء على الفساد وفيما بعد تلك التلكات التي حصلت وتحصل باستمرار ومتى ما ابتعدت عن محاولات لاسقاط المقابل او لغايات اخرى  وتسعى لتمثيل الشعب ولتشخيص مواقع الخلل واعادة تصحيحها .
الملاحظة المهمة ،اذا كان ثمة فرق ما بين الأخلاقيات والممارسة، فإن الأخلاقيات عبارة عن قواعد موضوعة تعبر عن السلوك المهني المطلوب من القائمين على المعارضة السياسية الالتزام بها، وتبقى هذه الأخلاقيات عديمة الفائدة ما لم تترجم إلى واقع عملي ملموس خلال ممارسة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والحركات الثورية المسلحة لعملية المعارضة للنظام السياسي أو تأدية الواجبات المناطة بها، مثل احترام حقوق الإنسان , وحماية المدنيين بغض النظر عن انتماءاتهم القومية والدينية والحزبية, كذلك وضع مصالح البلاد العليا في المقام الأول وعدم المساس بها, فالمعارضة تكون لبعض سياسات السلطة الحاكمة والتي تكون قد أضرت بالشعب بصورة مباشرة او غير مباشرة و يتحول مسارها، إلى حرب بين قوى متعددة، داخلية وخارجية اذا لم تستطيع تجنّب هذا المطب وليس للنظام القانوني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد او وحدة الأراضي  او المصلحة العليا او حل الأجهزة الإدارية والأمنية للدولة قبل ان تستكمل الأجهزة البديلة وبهذا تكون المعارضة السياسية قد وضعت مصير البلاد ككل على المحك و قد يكون من الصعب في هذه العجالة تحديد أسباب الفشل المؤسساتي للمعارضة، و من الواجب البدء في عملية تقصي أسباب ذلك الفشل، بطريقة بحثية ومنهجية، من أجل الانتقال إلى مسار مختلف، على الرغم مما يكتنف عملية الانتقال من مصاعب وتحديات، ربما تجعلها مستحيلة. وانتقال حمى المحسوبية والولاء والفساد إلى الكثير من مفاصلها، بالإضافة إلى تبنيها أشكالاً متناقضة من الخطاب، بل سقوطها في محطات عديدة بمطب الشخصنة، وإخفاء الحقائق عن الجمهور، وهو ما يتناقض مع الطبيعة المهنية المفترضة للمؤسسات الإعلامية والثقافية للمعارضة ، وتحتاج الى الكثير من المطالبة و بقدر كبير من الموضوعية ، من أجل كسب ثقة الجمهور، وبناء سمعة جيدة لمسيرتها المهنية. والمعارضة الإيجابية تحافظ على الممتلكات العامة والخاصة وتراها أمانة في أعناقها ومسؤولة عنها وتستخدم كل الوسائل الخيرة للوصول إلى الأهداف .
بينما المعارضة السلبية لا تهتم بسلامة الممتلكات العامة والخاصة بل تدعوا وتعمل على هواها غير مبالية بشئ سوى مصالحها ،إلا أن تكون ممتلكاتها،
كما تعمل على إغراق البلاد والعباد في الفتن والقتل والشرور والآثام اذا لم تستطيع الوصول الى اهدافها وغاياتها ،ابعدنا الله عنها،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

385
دعوات وتصريحات جوفاء للحوار
لاشك ان بالعمل الدبلوماسي للبلدان تستطيع كل دولة أن توطد مركزها وتقدير الموقف وإعداد الخطط والبدائل المختلفة وتعزز نفوذها فى مواجهة الدول الأخرى بالطرق الدبلوماسية التي  تقتضي على دراسة ألارض ومقارنة الامكانايات والطاقات المتوفرة ومعرفة نقاط القوة والضعف الموجودة عند الطرف الاخر ، وبحث مجال الجهود الرئيسية في القضايا الدولية المختلف عليها.
الان في هذا العصر بدأت تبرز أشكال جديدة من الفاعلين الدوليين، وأصبح دور فاعلين جدد وتأثيرهم على مجمل التفاعلات الدولية لا يقل أهمية وخطورة عن دور الحكومات وتأثيرها. بل وأصبح للمبادرات الفردية والخاصة، وتحركات الأفراد والجماعات العابرة للحدود، والدوافع السياحية أو الثقافية أو الهجرة أو غيرها، دورا فاعلا ومؤثرا على نحو متزايد فى التفاعلات الدولية. وهذا ما يفسر كثرة المصطلحات المستخدمة لوصف وتأطير نفس الظاهرة، لأن لكل منها مضمونا وإطارا يختلف قليلا أو كثيرا عن الأخرعلى الدول الأطراف في منازعات دولية في أن تسوي منازعاتها بالوسائل السلمية دون غيرها من الوسائل على نحو لا يعرض السلم والأمن الدوليين والعدالة وحقوق الانسان  للحطر ، ولهذا الغرض عليها أن تستخدم وسائل مثل التفاوض، والتحقيق، والوساطة، والتوفيق، والتحكيم، والتسوية القضائية، واللجوء إلى الوكالات أو الترتيبات الإقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها، بما في ذلك الجهود والالتزام بالعهود والمواثيق وعدم الافراط بها لكونها عهود اخلاقية وادبية .
 العلاقات الدولية تختلف فى مفهومها ومضمونها بين الدول. ويتعامل معها جميعا على قدم المساواة دون تفرقة أو تمييز، وهو الذي يقر لها بصلاحيات السيادة الوطنية الكاملة وغير المشروطة على أراضيها. كما أن تلك العلاقات تحكمها وتنظمها قواعد ومعايير سلوكية دولية محددة، وهي القواعد والمعايير التي يمكن أن تتطور بالوقت وفق ما تقضى به معطيات الواقع وتفرضه متغيرات الظروف. وقد تطرأ تغيرات على النظم و مردها التغيير فى الأهداف الرئيسية لوحدات النظام أو نتيجة التغيير فى نمط وشكل الصراع بين مختلف الوحدات المشكّلة للانظمة الداخلية ولكن هذا لا يعني ان تهدم الاتفاقات مع الدول الاخرى لاغراض تختلف لما تم الاتفاق عليها  . ولكن ومع الاسف تؤكد الظروف الحالية على ان القواعد تختلف عند البعض من القادة ومن أن هذه القواعد العامة مرتبطة بالطبيعة والسلوكهم و تشير المبادئ الى امتناع الدول في علاقاتها الدولية عن التهديد باستعمال القوة ضد السلامة الدولية والإقليمية أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على وجه آخر يتنافى مع مقاصد الأمم المتحدة. ولكن فى ظل الطبيعة الفوضوية للنظام الدولي، وغياب نسق من القيم والمفاهيم المشتركة الواجبة التطبيق والإتباع من قبل باقي الدول. والتي نشاهدها في هذه الايام  تصعيد الأزمة بين طهران وواشنطن فجرتها تصريحات مثيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الغير منضبطة تتعلق بتوجه أمريكي يقضي بمنع إيران من تصدير نفطها ضمن سياسة العقوبات الأمريكية المتصاعدة ضد طهران مدعومة بإجراءات أمريكية لافتعال أزمة نفطية لا اقل ولا اكثر ضد إيران من اجل اهداف اقتصادية بحتة واستنزاف اموال الدول النفطية تحت طائلة التهديدات الوهمية . فعندما سألت محطة ” فوكس نيوز” الامريكية الرئيس ترامب  (2018/7/1 ) هل ستفرض عقوبات على الشركات الأوروبية المتعاملة مع ايران كانت الاجابة  " نعم بالطبع. ذلك ما نفعله قطعاً "في حين ان الواقع يقول بأن لا يمكن لا اي تصريحات تطلق دون حسابات ان تصل الى المبتغات والتحديات والفقاعات المصطنعة مهما ارتفعت ستسقط لا محال ولا يمكن بي اي حال من الاحوال قبولها في العلاقات الدولية  .مهما كانت ومن اي جهة ستواجه بقوة من قبل الشعوب الحرة ومن هنا كانت الاجابة  الفاعلة  من الجانب الايران الثابتة والقوية وموقعها الجغرافي الذي يشرف على الخليج الفارسي وبحر عمان  الحساسة والتي ادة لاحراج الجانب الامريكي وجعلتها ان تطلب من دول مختلفة للتدخل والوساطة  وتثبت بأن العالم الان يفكر بمصالحه ولا يمكن ان يفرط بها بسهولة وللشعوب مواقف تحافظ فيها على كرامتها وعزتها ولا يمكن المساس بها بسهولة لمجرد نزوة شخصية غير محسوبة العواقب حتى ان المنظمات الدولية بدأت بفرض اراداتها واصبحت غير مبالية بمثل هذه التصرفات كمنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن ومنظمة الطاقة الدولية ومن هنا نلاحظ الموقف الذي اتخذته منظمة اوبك النفطية  في اجتماعاتها الاخيرة رغم كل الضغوط جاء في دعمً الجهود الإيرانية، وجاء على عكس هوى الرئيس الأمريكي وهو ما دفعه إلى  مهاجمة هذه المنظمة التي حالت دون تمكينه من إيجاد حلول للأضرار التي سوف تترتب على منع تصدير النفط الإيراني عبر زيادة إنتاج دول أخرى منها روسيا على سبيل المثال وهي من أهم الدول المصدرة للنفط من خارج اوبك . متناسياً  بأن للدول مصلحة مشتركة في العمل على إيجاد بيئة اقتصادية عالمية مستقرة ومنصفة كأساس جوهري للسلم العالمي وأن عليها، تحقيقاً لذلك، أن تعزز التعاون الدولي لأغراض التنمية وأن تعمل على إيجاد نظام إقتصادى دولي جديد،
على الولايات المتحدة الامريكية ان تبتعد عن التصريحات الجوفاء والتمسك بالعقل والمنطق وان تفي بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وبالامتناع عن تنظيم أعمال شبه عسكرية أو إرهابية أو تخريبية أو التحريض أو المساعدة أو المشاركة فيها بشكل مباشر وغير مباشر لان منطقة الخليج منطقة خطيرة وحساسة ، و ينبغي أن تسعى الدول جاهدة من أجل زيادة فعالية نظام الأمن الجماعي فيها عن طريق التنفيذ الفعال لأحكام الاتفاقات، ولا سيما ما يتعلق منها بمسئوليات مجلس الأمن الخاصة في هذا الصدد. وينبغي لها أيضاً أن تفي تماماً بالتزاماتها بدعم عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلم التي تتقرر وفقاً للميثاق. وعلى الدول أن تقبل وتنفذ قرارات المجلس وفقا لميثاقها. وإدراكاً منها للحاجة الملحة إلى زيادة فعالية مبدأ امتناع الدول عن التهديد باستعمال القوة أو استعمالها، من أجل الإسهام في إقامة سلم وأمن دائمين لجميع الدول تمكن لبناء علاقتها الدولية على أساس من التفاهم المتبادل والثقة والاحترام المتبادلين والتعاون في جميع المجالات
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

386
صفقة القرن لا طريق لها إلأ الفشل
المبادرة الاميركية لتسوية الصراع الفلسطيني مع الكيان الاسرائيلي او مشروع محاولة تبخير فلسطين على يد الولايات المتحدة والصهيونية "الصفقة" والتي تحوي ما مضمونها إقامة دولة فلسطينية جديدة على أراضي قطاع غزة، والضفة الغربية (باستثناء الأراضي المحتلة التي تضم مستوطنات إسرائيلية قائمة) ، أو ما يعرف بـ "صفقة القرن"، والتي كانت موضع نقاش منذ سنوات عديدة، بدأت بالظهور شيئا فشيئا وهي وصمة عار في جبين الذين يسعون اليها وسط تمسك الشعب الفلسطيني بثوابت لا تشملها الخطة الأميريكية التي تعتمد على الحلول الاقتصادية انما الحوار والعودة الى حدود الرابع من حزيران عام 1967  وفق القرارات الشرعية الدولية ومبادرات السلام  و لا تريد الإقرار لان حل القضية الفلسطينية يجب أن تبدأ بالمسائل السياسية قبل الاقتصادية وهذا واقع بأن الرئيس ترامب يعتقد انه  سيعالج كل القضايا الجوهرية بما فيها القدس واللاجئين كما يقول. ولن ترى صفقة القرن النور و تسوية هذا النزاع من دون حوار امر غير ممكن وان اميركا تعيش التخبط وتفتقر للدراية والنظرة الثاقبة في هذه القضية. والكثير من الاخفاقات التي تعيشها في الوقت الحالي بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب المتهورة  .كما  أن الأمل في الدول العربية "أصبح مفقوداً بشكل تام وخصوصاً ونحن نشهد التواصل العربي مع الإسرائيليين باستمرار ومنهم الانظمة المسوقة للصفقة( السعودية ومصر والبحرين والامارات المتحدة ) اما الاردن "مفروض" عليه للمشاركة في إنقاذ "صفقة القرن"، حسب اعتقاد واشنطن وهو ما ترفضه عمان لان، الصفقة لا تخلو من تداعيات سلبية على التركيبة السكانية للأردن إذا تضمنت تجنيس الفلسطينيين أو "فرض" اتحاد كونفدرالي أو اتخاذ الأردن وطنا بديلا وهناك دول خلف الستار تنتظر النتائج و الذي لا يمكن الوثوق بهم في دعم الشعب الفلسطيني وهم من اوائل المتصالحين مع الاحتلال"،  في حين تسعى الإدارة الأمريكية لتهدئة مخاوف الحكومة الاردنية، "على اعتبار أن الصفقة لن تضر بالمملكة، ولن تحولها وطنا بديلا للفلسطينيين، فيما يدير الملك مناورة سياسية بهدف تقليل أضرار الصفقة ببلاده".
ولاشك ان معركة النفس الطويل التي يخوضها الفلسطينيون في مسيرات العودة التي انطلقت في ظروف غاية الصعوبة وهذا النبض الحي في الشعب الفلسطيني منذ هبة (موسم) النبي موسى في 1919 وحتى الآن خير سلاح بمجابهة الأفكار المطروحة من ترامب بما يُعرف بهذه الصفقة "، وساهمت هذه المسيرات  بإعادة الحياة من جديد للقضية الفلسطينية وتكون في مقدمة الأجندة العربية والاسلامية .
أن استمرار بث الإشاعات والتسريبات حول ما يسمى ملامحها التي تتحدث عنها الإدارة الأميركية، إضافة إلى الاستمرار في محاولة إيجاد أطراف إقليمية ودولية تتعاون مع بنود هذه الخطة هي محاولات فاشلة ستصل إلى طريق مسدود، لأن العنوان لتحقيق السلام العادل والدائم هو القيادات الفلسطينية  التي تؤكد أن أية طروحات تتعلق بالمسيرة السياسية يجب أن تكون على أساس أي خطة سلام لا تتضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها كامل القدس الشرقية على حدود عام 1967 سيكون مصيرها الفشل . وما يخص المخططات المسربة سابقا، والخاصة بقطاع غزة، فهي تتطابق مع ما نشرته الصحف الإسرائيلية، حيث قالت بأن مصر ستبني مطارا، ومصانع، ومناطق تجارية وزراعية في سيناء، بهدف تأجيرها إلى دولة فلسطين الجديدة.. في الوقت الذي سيُمنح فيه أهالي غزة أراض قاحلة من شبه جزيرة سيناء المصرية، تضم إسرائيل غور الأردن، الواقع بين بحيرة طبريا، والبحر الميت، على أرض بطول 105 كم وعرض 10 كم، وتعد من أخصب الأراضي الزراعية لارتفاع درجة حرارة الطقس ورطوبة المنطقة. يبدو أن إسرائيل تلقت في مشروعها هذا الدعم من الولايات المتحدة، ومصر، ودول الخليج العربي، التي دست رأسها في الرمال ومن المتوقع أن تكون محاولات لاجبار الفلسطينيين على القبول بهذه المواد أو مواد أخرى شبيهة. والصفقة تعني المساومة على إنسان الأمَّة، وأرضها، ومقدَّساتها، ودينها، ووحدتها ورأيُ الأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة هو الرفض والشجب والمواجهة لكل من يرفع صوته مع هذه الصفقة.
وتبقى الشعوب الحرة والمقاومة والمدافعة يرفضون الصفقة ، ويتبرأون ممَّن يعمل على تنفيذها، وتسهيل الطريق أمامها، ويتجاوز إرادتهم وموقفهم المضاد لها. ومعهم شعوب الأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة يصرون على الرفض والشجب والمواجهة لكل من يرفع صوته مع هذه الصفقة ، والحكم عليها من الأمّتين لأنها تصفية ظالمة للقضية الفلسطينية، ومؤامرة خطيرة على الأرض والإنسان والمقدّسات، والحاضر والمستقبل. وإنَّ القضيةَ قضيةُ أمّةٍ بكاملها، لا يمتلك الكلمة فيها إلا من يملك تمثيلها بكاملها -في حربها، وصلحها، والشأن العام لها- كما هو الثابت. وصفقة القرن ما هي إلا واحدة من جرائم ومؤامرات من أجل تقوية الكيان الاسرائيلي أمنياً واقتصاديا على حساب الأردن والسلطة الفلسطينية، وصولا لتحقيق سلام اقتصادي دون حل المشاكل الأساسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".هذه هي الواقعة التي ارتكبت في حق القضية الفلسطينية لأحباط الإرادة الإيمانية للأمة ووعي أبنائها وصمودهم وشراسة مقاومتهم، فلن تجد هذه الصفقة إلا الفشل الذريع، ولن تحقق إلا العار والشنار لمن يلهث وراءها وقد كشف تسجيل صوتي مسرب لوزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو يعلن فيها ان خطة الرئيس دونالد ترامب فاشلة وغير قابلة للتنفيذ .
ان الامة الاسلامية كلها مستهدفة في هذه الصفقة يراد منها محاولة تمزيق الشعوب كما حصل ضد سوريا وقبلها العراق واليمن وليبيا وفشلت تلك المساعي وجوبهت بمقاومة شعوبها .اذاً ان استنهاض الأمة، والعمل على وحدة شعوبها بكل تياراتها السبيل الاساسي لانهاء هذه الصفقة وافشالها في مهدها وهي بيد الشعوب لا الحكومات المتواطئة والمنبطحة وهذه المرحلة هي مرحلة اختبار ارادتهم الحقيقية ،أمام مرحلة تسوية بل أمام مرحلة تصفية”. لقضايا الامة المهمة والسيطرة على كل مقدراتها .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

387
الاستقالة حالة غائبة في الفشل عند سياسيينا

  إن ثقافة تقديم الإستقالة إذا ما أخفق المسؤول في أبسط الأمور تعبير عن الاعتراف بالتقصيرو تُعد من الأمور الحضارية والديمقراطية المتقدمة، ومن لا يعترف بثقافة الاستقالة هو من يريد الاستمرار في إخفاقاته ولا يهتم بنتائجه من باب الإنانية لكي يحظى بوهج المنصب أو للتحكم بالمال والجاه ومع الاسف الشديد لم نصل نحن إلى ذلك المستوى الحضاري منها ليؤهل مسؤولينا في تقديم الاستقالة بعد الفشل في تحقيق مطالب الجماهير؟ وليس من المنتظر أن نشهد بداية صحوة لفهم معنى ومغزى العلاقة بين الذات والكرسي، لأن الفرق كبير وهائل في أن تكون خارج السلطة وداخلها كما يعتقدون بسبب المغريات والغرورالذي يعتليهم،
نعم كلا، والف كلا لم نصل بعد الفشل في الاداء والتخبط الذي يعلوا كل شئ.على العكس من دول مختلفة في العالم  ترسّخت لديهم ثقافة الاستقالة وتطبق بكل شجاعة ، وتجسّدت لديهم الحكمة الخالدة «المسؤولية تكليفاً وليست تشريفاً». فإذا شعر المسؤول عندهم أنه ليس بالكفاءة وليست لديه القدرة على أداء مهامه بالشكل الأمثل والأنجع، وأن تكلفة وجوده على الكرسي أكثر بكثير من الإنجازات التي سيحققها يقدم براحة بال وقلب مطمئن استقالته من منصبه مهما كان مستوى ذلك المنصب  .
 ومن هنا أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، اخيراً عزمها التخلي عن زعامة حزب المحافظين يوم 7 يونيو/ حزيران المقبل .بعد ان بذلت مافي وسعها " لتنفيذ نتيجة استفتاء 2016 للخروج من الاتحاد الأوروبي وخرجت وهي تشعر "بأسف عميق" لأنها لم تتمكن من تنفيذ قرار الاستفتاء، لكن اختيار رئيس جديد للوزراء سيكون "في مصلحة البلاد".
ورئيس وزراء نيوزيلندا «جون كي» قدم استقالته لأسباب عائلية بحتة بعد ثماني سنوات في منصبه، في قرار لم يكن منتظراً لرئيس الحكومة الذي كان يتمتع بشعبية واسعة في بلاده. لقد قال في كلمة مؤثرة خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه استقالته «إن القادة الجيدين يعرفون متى يجب عليهم الرحيل، وقد حان الوقت بالنسبة لي للقيام بذلك». السؤال: أين المسؤولون العراقيون من هذا النموذج الحضاري؟
والمثال الاخر استقالة الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول الشهيرة في عام 1969، عندما ربط مصيره السياسي بنتيجة استفتاء شعبي طالب خلاله بتعديل عضوية مجلس الشيوخ وأعطاء صلاحيات موسعة لمجالس الاقاليم، وعندما لم تأت نتيجة الاستفتاء كما اراد، استقال وانسحب بهدوء من الحياة السياسية بعد تاريخ وطني حافل. مثل هذه الامثلة كثيرة  -كريس هيون وزير الطاقة البريطاني اكتشفت الصحافة أنه ارتكب مخالفة تجاوز السرعة وعوض رخصة سياقته برخصة زوجته السابقة.
-أولاندو سيلفا وزير الرياضة البرازيلي اكتشفت الصحافة فساد مالي قام به في توليه تنظيم مونديال 2014 وأولمبياد 2013 فاضطر للإستقالة.
- مونا سالين الوزيرة السويدية استقالت بعد فضيحة شرائها شكلاطة ببطاقة الوزارة واضطرت لمغادرة الحياة السياسية.
-محمد المثيني وزير النقل المصري في الفترة الاخيرة قدم استقالته مباشرة بعد حادث اصطدام قطار بحافلة الأطفال وتوفى 50 منهم.
وكذلك الرئيس السوداني الراحل عبد الرحمن اسوار الذهب نموذج يدعوالى الافتخار والاعتزاز لأنه لم يقبل أن يعرض بلاده للخطر واضافت إليه قدرا كبيرا من الاحترام فى عيون الآخرين طالما لم يستقل وهو متهم فى قضية مخلة بالشرف أو بمقتضيات وظيفته انما بدافع وطني وحرصاً للقضاء على الفتن .
هذه الحالة غائبة عند سياسيينا الحالين وفي العالم الثالث حتى في حالة الفشل والتمسك بالمسؤولية مهما كان الثمن ويحتاج أمر شيوعها كثقافة إلى حاضنة شعبية تتفهمها. وإذا كانَ اعتزال السياسيين واستقالة المسؤولين في البلدان الديمقراطية مسألة شائعة، مبدئية واخلاقية  فإنّ الاستقالة من المنْصب غير متداولة عندنا ويعتبرها البعض بالكارثة والسقوط السياسي لا بل الافلاس ،وخاصة في العراق  حيث يتشبّث المسؤولون بمناصبهم حتّى إنْ فشلوا في مهامّهم، أوْ ارتكبوا جرائم غسيل للاموال او الفساد او اعتداء على حقوق الشعب اوأخطاء تثير غضب الرأي العامّ، ولا يتخلّوْن عنْها إلا إذا أُقيلوا بقوة القانون حتى ان القانون في كثير من الاحيان عاجز من ان يكون سببا لاحالة ذلك المسؤول من مسؤوليته، كمَا حصل مع وزراء في الحكومات السابقة وحتى الحالية.  ويماطل وينفرد برأيه، ويتهرب من فشله، ويقوم برمي وتوزيع الأعذار بما يمكنه من التمسك بكرسيه، برغم ضعفهم في أدائهم الوظيفي؛ وهذا هو الواقع الذي قاد مجتمعاتنا لما وصلت إليه من تردٍ وأزمات وسلبيات لا تعدّ ولا تُحصى."أنَّ ثقافة اللامسؤولية والإفلات من المسائلة، وعدم الاستجابة لمنطق التداول على السلطة سيد الموقف الان ، بسبب غياب ثقافة مؤسسات الدولة ودولة القانون من جهة، وسيادة منطق الزبونية من جهة أخرى"، و لأنَّ مناصب المسؤولية تندرج ضمن سياق الاعتبارات الشخصية والامتيازات الحزبية والمناطقية والعشائرية ، ولا يحكُمها منطق الكفاءة وتحمُّل المسؤولية؛ وهو ما يجعل صاحبَ المنصب يتشبّث بمنصبه، الذي يحقّق له مصالح مادّية أو رمزية في حين ان الاستقالة عملية ارادية يثيرها الموظف او المسؤول او العامل في حال الشعور بضرورة ترك العمل او المسؤولية لأي سبب من الأسباب واهمها الاخلاقية لأي حال من الأحوال واتباع الطريقة الصحيحة و المعتمدة على الكفائة المهنية للإحتفاظ بماء الوجه و إشعار الآخرين بأهمية الاستقالة وهو قرار مصيري يحتاج إلى الكثير من التفكير قبل اتخاذه،لان المسؤول تجده ملتزماً تجاه أمته بتقديم كل ما يستــطيع لضمان عدم حدوث خلل من جانبه قد يؤدي إلى إلحاق الضرر بمواطنــيه .
 لكن قد يجد الشخص نفسه أحياناً مضطراً تحت ضغوط معينة لاتخاذ القرار السريع بطلبه وتنتهي الخدمة فيها بالقرار الموافق عن الجهة الادارية  ، لبيان عدم الرغبة في الاستمرار في الخدمة لسبب خاص او عجز اوعدم الارتياح من المسؤولية به او لوجود السلبيات إلا أنه يتم في معظم الحالات بسب عوامل خارجية سواء منها ما يتعلق بالعمل أو بأسباب شخصية والتي تعود بالضرر على العمل ،منها الارتباك الذي يحصل للمهام الموكلة ويقوم بتقديم استقالته، والمستقيل  الذي يقدم استقالته هذا لا يعني ان الاستقالة عملية تعاقدية تتم بايجاب من الجهة المسؤولة عن مقدم الطلب . وثمة قلة قليلة من تستجيب لنداءات الضميروتحلق في سماء الانصاف، نتيجة الفشل الذريع في إدارة المكان المسؤول عنه، بسبب سيطرة المصالح المادية والسلطوية على النزعات الأخلاقية. وهوجزء لا يتجزأ من طبيعة النفس الانسانية التي يُفترض بها رفض البقاء في مكان أو منصب فشلتْ أو أُفشلت في تحقيق أبسط متطلبات نجاحه.
إن المتأمل والمراجع لحال واقعنا يلاحظ غياب كلمة «الاستقالة» من قاموس المسؤول،وينتقل الافتخار: من الاعتزاز بالنفس إلى خداع النفس كما يحدث في الكثير من البلدان ، بل على النقيض منها نجد مسؤولاً يتشبث حتى آخر رمق بالمنصب والاستقالة لا يقوم بها إلا شخص واثق من نفسه، خصوصاً إذا كان سببها قصوراً في أداء بعض المهام المنوطة به والاعتراف بالخطأ فضلية ، وإعلاء لشأن القيمة الوطنية والمسؤولية الأدبية والالتزام الأخلاقي أمام الرأي العام.
فهل ستبقى ثقافة العظمة والنظرة الدونية للغير التي يتسلح بها مسؤولينا هي السائدة؟ متى سيأتي اليوم الذي نعترف فيه بأخطائنا ونتحمل المسؤولية بكل معانيها وننسحب ونعود الى اخلاقنا السامية؟ لان الوظيفة أو المنصب تكليف قبل أن تكون تشريف "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" .فهل سيمتلك المسؤول عندنا  القدرة على اتخاذ مثل هذه القرارات الشجاعة؟ ...لماذا تغيب ثقافــة الاستقالة في مجتمعاتنا مع أنها من أساسيات القيادة الرائدة في المجتمــعات المتقدمة؟!
صحيح أننا سنحتاج إلى عشرات السنين حتى نصل إلى ذلك المستوى من الرقي في التعامل، ولكن ليس عيباً أن نستفيد من دروس الآخرين عندما لا نجد انفسنا قادرين  للقيام بمسئوليتنا فنقدم استقالتنا بكل ذوق رفيع.. بكل احترام وتقدير من الاخرين لأننا أخلصنا لوطننا ولا نريد أن يغرق بلدنا بالفساد الى ما لا نهاية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

388
الديمقراطية بين الادعاء والعمل
ألقت التطورات التي شهدها العراق خلال الاشهر القليلة الماضية مجموعة مُربِكة من الترتيبات المؤسّسية في أتون حالة أكبر من الفوضى والتشوّش واهمها فقدان  التوازن في الوزارات والهيئات والمسؤولية الحكومية لاعتماد مبادئ بعيدة عن مفهوم الحوكمة الوطنية وهي المحاصصة الحزبية والديمقراطية من حيث مَنطقها ووظائفها ومصادر السُّلطة فيها التي لم تترسّخ بعدُ في مجتمعاتنا. لغياب الوعي عند اكثر الجماهير بهذا المفهوم او المصطلح فهناك جهل عند البعض يقودهم لفعل الخطأ دوما تحت يافطتها ومن أهم أسباب انتكاس الديمقراطية في العراق هو أحزاب السلطة وسلوكها الأناني في تطبيق المحاصصة وفرضت سلطتها على الرقاب  بعيداً عن مصالح الوطن والشعب ،  وفي هذا النظام لو تم تطبيقه بالشكل الحقيقي سوف تحترم الخصوصيات و تتلائم لجميع الدول التواقة للحرية ولا تتلخص في الإنتخابات او صناديقها فقط كما يتصورالبعض او يروق للبعض الأخر أن يصوره . ومن دون وجود  القوة الشاملة للقيم التي تمثلها مثل إحترام الانسانية والصدق والعدالة والحرية والسلام لا يكتمل مثل هذا الاسلوب في ادارة الحكم ويعتبر مبدأ الفصل بين السلطات أحد المبادىء الأساسية التي يرتكز عليها هذا النظام ، وهو مبدأ رئيسي .
كما ان الديمقراطية تقتضي علمانيّة الدولة، أو لِنَقُل مدنيَّتها، لمن له حسَاسِيَة من مصطلح العلمانيَّة. فالعِبرة بالمعنى لا باللفظ، والمقصود هو حياد الدولة إزاء المواطنين؛ ما يحقّق مبدأ المواطَنة الكاملة. فلا تُعامِل الدولة مواطنيها بمكاييل مختلفة حسَب: الدين، أو المذهب، أو القوميّة، أو الرَّأي، أو الجنس، أو التوجّه الجنسي..الكل شركاء في الحقوق والواجبات
ان بناء الديمقراطية صيرورة فكرية وثقافية وإجتماعية وتاريخية تتطور بمرور الازمان وعلى صعد مختلفة . رغم ان عملية البناء في ظروف انتقالية معقدة  مثل ما تمر بالعراق عملية ليست سهلة  ولكنها ممکنة وضروریة. بالاعتماد علی شكل النظام المؤسساتي والقانوني يمكن ان يلعب دورا اساسيا في نضج واستمرارية النظم الديمقراطية بصورة اكيدة. وذلك بتوفير آلية مناسبة لإدارة الصراع المختلق في حدود تعايش سلمي بین المکونات الاساسیة فی المجتمع ومن خلال تشجيع الاتفاق حول مجموعة من المبادئ الرئيسية التی  تعكسها العديد من الدساتير بافكار جديدة حول تنظيم وبناء الدولة في البلدان التي تتعدد فيها القوميات والدیانات ، وتؤكد اعترافها بالجماعات العرقية وتنظم مشاركتها في مؤسسات الدولة والشؤون العامة. ويمكن ان تكون اسالیب اخری فعالة  تضاف فی البناء لمنع الصراعات فی المجتمع المکوناتي التعددي من أهمها أولا" المعايير الديمقراطية كألإنتخابات وثانيا"المؤسسات الديمقراطية كالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ثم ثالثا" المجتمع المدني وأخيرا" الثقافة الديمقراطية والتي نحن بحاجة ماسة اليها في كافة أنحاء البلاد بما فيها الثقافة الدستورية والقانونية وثقافة الوعي ألإجتماعي و التي هی تعتمد علی منظومة مؤسساتية کاملة لصیانة اراء المواطنین والاشراف علی الانتخابات بالتنسيق مع الدولة و مؤسسات المجتمع المدني كي تساندها في إدارتها لانجاز مهمة  الانتخابات التي اصبحت لعبة قدر یتلاعب بها بعض الساسة فی غیاب راي المواطن الجوهرة الثمینة كمدخل لمنح الشرعية للنظام السياسي، ومن ثم توثق العلاقة بين المواطن والمؤسسات السياسية.
لا يـستطيع اي من قادة النظام السياسي الحالي  ان يدعي بانه قادر على معالجة أي من المعضلات التی تمر بالبلاد  بشكل عقلاني مجرد ما لم يستند الى شرعية شعبية واضحة . ولا يمكن الادعاء بوجود شرعية شعبية بدون وجود الديمقراطية التي تحدد أسلوب اختيار ممثلي الشعب وطريقة ممارستهم للرقابة والتشريع والمشاركة في اتخاذ القرارات  وفي ظل غياب المنجز السياسي والاقتصادي الیوم و في عدم قدرة النظام السياسي على تحقيق التنمية ، فإن التساؤل بشأن جدوى الديمقراطية يبدو منطقيا للوهلة الأولى. ان الديمقراطية و الحرية هما من المستلزمات الإنسانية وهي رغبة تعيش مع الفرد و علی املها و ليست سلعة مستوردة من الخارج انما قرتها کافة الشرائع السماویة والانسانیة ، كما انها ليست عمولة ندفعها للحصول على مساعدات فنية وغذائية من الغیر و مطلب وحق وطني لا خيار عنها بعد التجربة العبثیة التی مرت خلال السنوات العجاف الماضیة بالمواطن العراقي والتي قاربت 60عاماً مضت. الديمقراطية تختلف عن بعضها البعض في تطبيق مبادئها بين الدول. فهناك من الدول التي تكون فيها الديمقراطية شكلا من أشكال الحكم وفي هذه الدول تعمل الديمقراطية بالمفهوم الإداري الشكلي . وهناك مَن الدول التي تَقْبل الديمقراطيّةَ بشرط أن تكون “الشريعة” مَصدرًا وحيدًا أو أحد مصادر التشريع، إذا ما نصَّ الدُّستور صراحة على ذلك.وهناك دول تطيق المبادئ الضرورية لوجود النظام الديمقراطي مثل : حكم الشعب , فصل السلطات , إجراء انتخابات ديمقراطية , التنافس بين حزبين على الأقل حسم الأكثرية الانتظام ومبدأ المساواة أمام القانون .و النظام الديمقراطي يتمحور حول الدستور حيث تمارس الحكم ثلاث سلطات أساسية وهي: السلطة التنفيذية، السلطة التشريعية، و السلطة القضائية. كما لا يقتصر المجتمع الديمقراطي السليم على هيئات الحكم وحسب، إنما يضم عدداً من القوى الفاعلة أهمها: الأحزاب السياسية، المجتمع المدني. و البرلمان المنتخَب انتخابًا حرًّا من قبل الجماهير ، يناقش مشاريع القوانين المطروحة ويصوّت عليها، ويصادق على الحكومات ويُطيح بها. والمناقشة تكُون بمنهج عقلاني موضوعي. فلا يكفي أن يُنسب الرأي إلى الله، أو كتابِه، أو إلى دِين معيَّن، حتى يصبح قانونًا؛ فالبرلمان يجمع أعضاء من مشارب مختلفة، مِن مهمَّتهم أن يجدوا أرضيّة مشترَكة، تقوم على العقلانية والصالح العامّ. فالنصُّ الديني أو الرأي الفقهي، لا يكفي لإصدار القانون؛ إذْ لا بد من المرور من بَوتقةِ المناقشة ثم مِن التصويت االبرلماني وهناك دول تطبق أيضا بالمفهوم الجوهري : الاعتراف بقيمة التسامح , مبدأ التعددية , حقوق الإنسان والمواطن . وتوفير الامن والسلام والحرية الفكرية والوحدة الاجتماعية  .
وإلا کیف يمكن القول بوجود حالة من الدیمقراطیة مع وجود الجزع والحروب والموت والتفكيرو القلق ومن عدم الاستطاعة فی التعبیر بصورة شفافة عن الاراء لبناء المستقبل بدل الهدم والتي خلقت صورة معلولة بعدم جدوى الديمقراطية بصورة واضحة عند الرأي العام العراقي وهذه واقعة لا یمکن انکارها بسبب الحكومات الدكتاتورية التي تعاقبت على الدولة واخرها نظام البعث المجرم .
المواطن في ظل الديمقراطية يستطيع ممارسة الوعي ألإجتماعي ضمن مقاييس حضارية يهدف من خلالها الى بناء ذاته وترصينه وتأسيس قاعدة وطنية كعين ساهرة على حياة المجتمع ومصيره وبات واضحا فقدان الثقة وهو ناتج بالدرجة  الاولی عن عدم وجود أحزاب وقيادات تؤمن بأن الديمقراطية ليست انتخابات وحسب، فالمستبدون المنتخبون يحافظون على قشرة الديمقراطية ویتحدثون بها لقلقة ویعکسون صورها الغیر الواقعیة و ينتزعون جوهرها.
لذلك لا بد من وضع قوانين وقواعد ومجموعة استراتيجيات في ظل ديمقراطية يلتزم الجميع بمراعاتها والالتزام بها من اجل الابقاء على اسسها وحفظ النظام والامن في المجتمع  وبالتالي بالسلطة المنتخبة شعبیا والتي ستتيح للمواطن فرصة التمتع بالديمقراطية وممارسة الحرية في ابوابها الواسعة وجوانبها المتعددة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

389
الامس واليوم بين السياسة والاخلاق
من الصعب على المرء، مهما كان انتماؤه السياسي، أن ينكر أن مجال السياسة أصبح خلال السنوات الاخيرة التي مضت أقل تحضرا ودماثةً وكما يعتقد البعض أن السياسة تستدعي التخلي عن القيم والأخلاق والتوجه إلى أساليب تتحرر من القيم فكانت الأخلاق والسياسة لهما مفهومان متناقضان.
كما يتصورون أن السياسة هي أن تحافظ على كيانك والبقاء قائما سواء على مستوى الأفراد والحكومات والدول باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، وهؤلاء يستندون لنظرية ميكيافيلي الذي يرى أن الأخلاق يجب إبعادها عن السياسة لأنها العائق الوحيد أمام تطور الدول وله مقولة مشهورة «الغاية تبرر الوسيلة ومن هذا المنظور ومع الاسف ان العظمة و الغلبة ينالها الأمراء المخادعون الذين لا عهد ولا وفاء لهم ،والبقاء في السلطة فوق كل الغايات والاعتبارات  وبكل الوسائل حتى ان كانت غير مشروعة . لان القوة الغالبة في سياسة حكومات الدول في الزمن الحالي هي المصالح وليس الأخلاق، وذلك على الرغم من ادعاء الدول المتقدمة على التمسك بالمبادئ والأخلاق، باعتبارها الحصن الذي يحمي الدول والحضارات من الوقوع في براثن التدهور والانهيار وهي على ما يبدو ان الحديث عن الأخلاق عموماً والأخلاق في السياسية اليوم مجرد نزوة اخترقت شرفات الحلبة المشتعلة التي تأوي ومايُفترض أن تكون أسرة السياسية واعية بدورها وأسباب وجودها ؛ ولأن الإحتقان العلائقي الذي تعيشه أفراد الأسرة السياسية هي عدم التوازن فيها والسياسة  تعني في اللغة وماخوذة من فعل ساس الحصان أي قاده إلى حيث الماء.
وافضل نموذج للادارة هي ما بعثها الإمام علي(ع) إلى مالك الاشتر (رض) والي  مصر)  كما جاء في نهج البلاغة وفيها أهم الأفكار والمفاهيم السياسية والاقتصادية وشؤون الحكم والإدارة بل من أهم الركائز الفكرية والسياسية والادارية التي بعث بها رئيس دولة إلى أحد ولاته و  تضمن هذا العهد رسم الخطوط العريضة للسياسة العامة التي يجب أن ينتهجها الحكام في كل عصر على أساس المنطلقات الإنسانية والإسلامية التي تهدف إلى تنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية تنظيماً دقيقاً وبناء العلاقات الداخلية في المجتمع الإسلامي على أساس العدل والحرية والمساواة سواءاً كان تعامل الحاكم مع الشعب أو مع رجال السلطة وفق سياسة تكفل للجميع الاستقرار والتقدم.
فالأصل في الفعل السياسي قيادة الناس و تنظيم شؤونهم وقضاء مصالحهم. غير أن تجارب البلدان في السياسة و تجارب الشعوب تبين كيف أن الحصان لا يقاد دائما ومن المفيد والضروري استدعاء الأخلاق في السياسة لإنقاذها من بين طواحين أفراد اسرهم الذين يتمادون في التنكيل بها فالأخلاق والسياسة ماهيتان مختلفتان بطبيعتيهما عندهم ومن المحال احتواء إحداهما للأخرى
  ، نظرياً قد تكون ثمة «معايير أخلاقية» للعمل السياسي، لكن إسقاط ذلك على الواقع يبدو أقرب للخيال، فالعلاقة معقدة بين قيم الأخلاق المعروفة، مثل ((الصدق والنزاهة والوفاء..الخ ))، والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف السياسية، التي تعتمد غالباً على ممارسة الكذب والخداع، لكون السياسة تشكل بيئة خصبة لتحقيق المكاسب المادية وصفقات الكواليس والامتيازات المعنوية والوجاهة والألقاب، وقد ساهم في تعزيز هذا السلوك طغيان وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة. ويمكن التمييز بين بلدان الخضوع والخنوع التي تحكم بالنار والحديد و الدول الديمقراطية المستقرة سياسيا، التي تشكل صناديق الاقتراع وتكريس مبدأ تداول السلطة من خلال الأحزاب السياسية، مخرجا للرد على كذب السياسيين واستبدالهم، عندما يفشلون في تحقيق برامجهم ويكتشف الجمهور خداعهم، وهذه ميزة مفقودة في الدول التي تحكمها أنظمة بوليسية ،أو تصل الى الحكم عبر الانقلابات العسكرية . إن سر نجاح البعض من الدول المتقدمة كان في تبني قيم ومبادئ أخلاقية أصبحت راسخة لدى شعوب هذه الدول، إلا أن هذه الدول أو معظمها خرجت عن هذه الضوابط والقواعد الأخلاقية في سياساتها الخارجية، فكانت معاييرها مزدوجة وفق مصالحها التي تدعيها، والتي لا تخدم بالتأكيد مصالح الشعوب الاخرى .وكما يقول الشاعر احمد شوقي:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت *** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
مع وجود التناقض الشديد ما بين المبادئ والقيم الداخلية التي ترعاها وتحافظ عليها، وبين سياساتها الخارجية التي تعتمد مبدأ المصلحة كمبدأ في التعامل مع العالم الخارجي، خاصة مع العالم الإسلامي و بالرغم من أضراره الخطيرة على علاقاتهم ومصالحهم.
رغم ذلك يمكن دمجهما في زوايا محددة ( اي السياسة والاخلاق ) في تفاعل متبادل ترعاه أجواء الحرية والاعتدال، لأن الفضيلة السياسية أو الأخلاق في السياسة لا يمكن أن تنمو عيانياً في مناخات التطرف والعنف والغلو ومع غياب حقوق المواطنة والعدالة والمساواة والمشاركة. وقد ميز المفكرون والفلاسفة منذ أفلاطون الفارق الكبير في البنية الأخلاقية بين الفرد الذليل والمدفوع وراء أهوائه ونزواته عن الذي يتمتع بكامل حقوقه الطبيعية، المدنية والسياسية ويصبو لقيم الخير والحق والجمال والعدل، فالأخلاق هي مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري نحو ما يعتقد أيضاً أنه خير وتجنب ما ينظر إليه على أنه شر، وكلاهما، السياسة والأخلاق، تستهدفان تمليك الناس رؤية مسبّقة تجعل لحياتهم هدفاً ومعنى، وبالتالي تلتقيان على الدعوة لبناء نمط معين من المبادئ والعلاقات الإنسانية والذود عنهما، لكن تفترقان في أن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعياً عن تلك التي تتناولها الأخلاق تصل إلى حد التعارض عند ميكيافيللي الذي يغلّب السياسة على الأخلاق في كتابه " الأمير"، ليظهر السلوك الميكافيللي كما لو أنه يتنكر صراحة لجميع الفضائل الأخلاقية حين يبرر استعمال كل الوسائل لتحقيق الغايات السياسية!!.. أن ممارسة الفرد لاي عمل وفي جميع المجالات  يتحتم عليه  الالتزام بالمعايير الأخلاقية الثابتة ، وأن تلتزم الدول والمؤسسات بالالتزامات الأخلاقية حيث سوف يُستنتج من أن المعايير والضوابط تلك لها دور مهم في إرساء قواعد الممارسة المهنية والروابط السياسية والاجتماعية الفاضلة .والخلاصة في القول ان العلاقة بين السياسة والأخلاق، ينقسم بين طرفين. بين الوصل بينهما أو الفصل. و الأمر يتقدر بين الفلاسفة بحسب منظوراتهم. و فيها ينفصل المنظور البراغماتي للسياسة عن المنظور الأخلاقي. لكن التاريخ معيار. واحترام القيم الانسانية هو المعيار الحقيقي على الدول اليوم و تقدمت بالأمس على اساسه ورفعت شعاره؟
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

390
لاتشبهوا اليوم بالبارحة فالحرب لن تقوم
الحرب الاعلامية الغير موفقة التي يشنها ترامب ليست إلا حرب نفسية استفزازية لتخفيف الخيبة التي يشعر بها جراء التحدي الكبير الذي واجهته ايران بها بكل قوة وبحكمة دون اي اهتزاز للثقة العالية التي تتميز بها اذا كان يتصور ان في مواجهة ايران سيجد الظروف الى جانبه وان الخوف قد ملء قلوبهم رهبة والطريق من السهولة التي ترعب شعبها لان الولايات المتحدة في مواجهتها وكانها لم تجرب حظها سابقاً معها.
لا شك ان طهران صارت أقوى بكثير من السابق بالاعتماد على العقول والكفاءات التي تعمل من اجل الوصول الى مرحلة الاعتماد على الطاقات الذاتية التي حيرت الصديق والعدو وان العقوبات المفروضة عليها قرابة 40 عاماً كانت رحمة من اجل الوصول للاهداف المرسومة دفعتهم بالاعتماد على كل شئ في الداخل  . أن التصعيد الكلامي لترامب لا يعكس ميولا مقلقة للغاية في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران انما هي زوبعة يراد منها جني ثمار خطابات الرئيس الامريكية خلال حملاته الانتخابية قبل وصوله الى البيت الابيض  ، رغم ان فكرة تغيير النظام في ايران قد ترسخت في واشنطن إلأ انها تفتقر الى المصداقية لانها اعجز مما تكون في تنفيذ هذه الهلوسة او الجنون. و قد يرى البعض من المحللين ان هذه السياسة لا تجر معها الحرب إلى المنطقة في نهاية المطاف وواشطن تعرف حق المعرفة هذا الامرالغير الممكن . لان مثل هذه الحرب اذا ما وقعت ستكون كارثة إنسانية وسياسية ذات أبعاد عالمية خطيرة ، كما هو معلوم وايران سوف لن تدخر جهدا في استخدام كافة  امكانياتها العسكرية والتصنيعية للدفاع عن نفسها وعلى استعداد تام لذلك، وهو ما صرحت به أكثر من مرة  ولكن لا تريد الحرب إلأ في حالة الدفاع عن نفسها اذا ما اجبرت عليها.
هذه التهديدات أدخلت المنطقة العربية في حالة من الترقب الحذرووالد الخوف في قلوب حكامها واهتزت العروش ومن هنا دعى العاهل السعودي سلمان عبد العزيز الى عقد قمة عربية لهذا الغرض في نهاية الشهر الحالي ، لا سيما بعد الرد الإيراني بأن المعركة لو حصلت فإنها ستشمل المنطقة بالكامل وحذرت واشنطن من "اللعب بالنار" ومن هنا عرف ترامب بانه قد اخطأ التقديرات ووقع في فخ بعض من مستشاريه مثل وزير خارجيته بومبيو وجون بولتون . وفي تصريحات جديدة والتي اعتبرها بعض المراقبين بأنها تصالحية، أعلن ترامب ارقام هواتفه للاتصال به وانفتاحه على التفاوض مع إيران بشأن اتفاق جديد ، على اعتبار أن الاتفاق الذي أبرمته الإدارة السابقة كان كارثة حقيقية والرفض القاطع بعدم التفاوض من القيادة الايرانية ولان الزمن لا يمكن ان يعود الى الورا ء كما كانت في زمن الحرب العراقية الايرانية التي شنها صدام ضدهاعندما خطط الغرب وبعض الدول النفطية الخليجية مع النظام البعثي لضربها ثم انقلبت الامورحين دخل صدام الى دولة الكويت حيث وقفوا مع الكويت لطرد الجيش العراقي منها.
اما الان فقد تيقن العالم بأن ترامب في موقف لايحسد عليه ..مع ان المصيبة مع رجل غير قابل للتوقع أو الضبط مثل ترامب فإن احتمالات الصفقات ومخاطر الحروب متساوية جدا كما يحلو لبعض الخليجيين للاحتماء بالولايات المتحدة وإسرائيل وإشاعة القول بأنهما ـ أي واشنطن وتل أبيب – يمكن أن يتصديا لقوة ايران "الذي يهدد المنطقة " كما يشيعان .
ويستشهدون على ذلك بأن أمريكا أنجدتهم من الخطر العراقي خلال العقد الأخير من القرن الماضي يعني صدام وحزب البعث.
أن إدارة ترامب التي تفكر على أسس تجارية لا سياسية تريد على الأغلب ابتزاز دول الخليج عبر "إشعارها بأن الخطر الإيراني يتصاعد "وعبر عويلها بأن الولايات المتحدة هي المتصدي الوحيد لهذا الخطر وتريد استغلال الامر من اجل حلب هذه الدول وابتزازهم، وعليه فإن المكاسب التي تجنيها هذه الدول من عودة أسعار النفط إلى الصعود ستدفعها إلى أمريكا بشكل أو بآخر، ليصبح الأمريكيون بذلك هم المستفيدون من ارتفاع الأسعار ومن هبوطها على حد سواء. ... ورغم  ايقان البعض أن رئيسا كدونالد ترامب قد يحتاج انزلاقا صوب الحرب لوقف هجمة الداخل عليه تماما كما أن "إسرائيل" قد تجد الآن الوقت مناسبا للتحرك اعتقادا منها أن جزءا من العرب مدمر وجزءا آخر ينشد العلاقة معها.
إلأ ان اكثر الاحتمالات تؤكد بأن الولايات المتحدة لن تخوض حرباً مع إيران، ولا تستطيع أن تخوضها، لأن حرباً كهذه تشكل تهديداً للسلم العالمي ولسوق النفط العالمي بأكمله، فضلاً عن أنها يمكن أن تغير خريطة المنطقة، إضافة إلى أنها لا يمكن أن تنتهي إلى تحقيق مكاسب لاحد، وللحقيقة ان الطرفين ايران والولايات المتحدة الامريكية لا يريدان الحرب انما هناك طرف ثالث يدفع للحرب وهوي اللوبي الصهيوني .والتصعيد والتوتر والأزمة الكلامية والسياسية هذه التي نشاهدها فهذه يمكن أن تؤدي للعديد من المكاسب للأمريكيين كي يحصدوا الاموال لانها كما تدعي بأنها تحمي هذه الدول ، وأغلب الظن أن الأزمة الراهنة لن تخرج عن هذا المسار ولن تتجاوز هذه الحدود. و واقع الحال وحقيقة الموقف هو أن أمريكا لن تحارب إيران هذه المرة، وإيران أصلاً ليست خطرة على المنطقة وهي تعرف حق المعرفة ، وعليه فإن تلك النظرية غير صحيحة برمتها وواشنطن لوحدها وبكل جبروتها تحسب ألف حساب لمثل هذه الحرب وتخشى رد فعل عسكري ايراني وصواريخها والتطور التسليحي و تمتلك ترسانة أسلحة متطورة قادرة على قلب المنطقة رأسا على عقب، ولذلك فإن المواجهة العسكرية المباشرة والمفتوحة مع طهران تعني بالضرورة تهديد العديد من دول المنطقة والحرب تعني  ما لا تقبل به على الأغلب الولايات المتحدة ولا دول المنطقة من ثم فإن الاتفاق مع إيران الذي وقعت عليه ألمانيا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا ابقت الولايات المتحدة وحيدة بعد الانسحاب من الاتفاق، وعلى لسان الرئيس الايراني الشيخ د حسن روحاني ان ايران غير مساعدة للتفاوض مع امريكا ولن تستسلم ابداً لغطرستها وجعلت الثقة بالسياسة الأمريكية على المحك من جانب حلفائها الأوروبيين و لان دول المواجهة من الجانب المقابل مثل الصين وروسيا خاصة التي وقعت على الاتفاق النووي تنظر الى ان الحرب سوف تكون بقيمة مصالحها ولا تؤيد مثل هذه الحرب ولن يقفوا مكتوفي الايدي للحفاظ على مصالحهم ولن تهمهم السياسة الامريكية في زمن ترامب لان الحوار معها سم اما في زمن ترامب فانه سم زعاف.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

391
همسة في الضمير لكي يبقى قلبه ينبض
حب الوطن انما حالة شعورية جميلة تعتري الانسان ،ليست مجرد كلام او  شعار يهتف بها الناس او اعتزاز في مناسبات معينة بل بعمل يوازي تلك المشاعراو جهد يحافظ على قيمه وهو ليس بضع أحرفٍ و كلمةً صغيرةً في حجمها انما لا يوازي حجمه شيئ ، و كبير في المعنى ، هو بمثابة الأمّ والأسرة، ، ليس ارض و ليس حفنة تراب أو رسومات على خارطة مرسومة ، وإنما قطعة من ذاتنا  وقلبنا وذاكرتنا لا تجتزأعنه ، وإن هي اجتُزئت بحكم الظروف ،او في لحظة غفوة او او ارتجاج في الذات  ، ووهن القلب لسبب ما ، وانطمست الذاكرة ،لكن هو المكان الذي ترعرعنا على أرضه، واكلنا من ثماره ومن خيراته، مهما ابتعدنا عنه يبقى في قلوبنا دائماً. ولد حبّه معنا، لذلك يُعتبر حبّنا له أمراً فطريّاً نشأنا عليه ؛ نشعر بأنّ هناك علاقةً ترتبط بين هذه الأرض التي نمونا وكبرنا في حضنه و الإنسان الذي بلا وطن، هو بلا هوية، بلا ماض أو مستقبل، تتلاعب به امواج المحن والعواطف فهو غير موجود فعليًا، ولبناء الوطن لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، وبناء مجتمع  الأسرة واستحكامها، فإذا كانت الأسرة سليمة نتج عن ذلك وطن سليم، والعكس بالعكس، لذا فإنّه ومن واجبنا ان نغرس تقديره في نفوس ابنائنا منذ الصغر ، وأن يتركوا لهم بصمة في هذا الوطن تدل عليهم، فالوطن لا ينسى أبناءه، ولا ينسى أسماء العظماء منهم.
فلا مكانَ لنا في الحياةِ، ، أجملُ وأبهى من المكان الذي ولدنا فيه وعشنا عليه وشربنا من مائه الفرات العذب ، وتفيأَنا بظلالَ اشجاره ، فالمكانُ هو تذكُّرٌ لمَراتِع الصِّبا، وضَحكاتِ الطُّفُولةِ البريَئةِ، وهو جزء من كِيانِ الإنسانِ، فمهما ابتعد عنه، وشطت به الدارُ، فلا بد أن تبقى أطلالُ بلادهِ في ثنايا مُخَيّلتِه، وهذا جُزْءٌ يَسِيْرٌ مِنَ الوفاءِ لهذه الأرضِ التي حملتنا على ظهْرها ونحن نحبو، ثم نخطو، ثم نمشي، ونعمل لبناء الحياة ونشيب وتحتظن اجسادنا فما أرأفها!
لازال الوطن يمر بمرحلة تعد مفرق للمستقبل يحتاج الى تكاتف ابناءه والنظرة الثاقبة للحياة القادمة .ولنكن مع الانتصارات والاعراس الداذمة يداً بيد بعيداً عن الخلافات المذهبية والقومية مع الاحتفاض بها لانفسنا  فالعدو لا يعرف دين او مذهب او قومية ونحترم الاخرين  والابتعاد عن خلق الازمات فيما بينا ونحمل اخانا على محمل حسن ومن المعيب ان يختلف الانسان من اجل اهداف نفعية وشخصية لاتمس الوطن بشئ ولغرض الهيمنة على المواقف ومحاولة كسب هنا او هناك بالتزلف والكذب والدجل لان الشعب لاتنطلي عليه مثل هذه الحسابات الخاطئة والعقيمة والخداع التي يمارسه البعض من اجل الوصول لموقع او مسؤولية بالممارسات الغير سليمة وعدم الكفاءة ولتسقيط الاخرين والادعاء بالمنجزات الغير واقعية.
علينا ان ندرك حجم المصائب والبلاء الذي ينتظر المواطن والوطن بسبب الاعتشاش على نكبات الامة ومصائبها ونحر امالها وتطلعاتها والعزف على طبول الانا مع الاسف من قبل الاصوات النكرة و المريضة والمدفوعة بعواطف الجاه والمال والتي تخالف الارادة الوطنية والدينية والذين خالفوا العهود والمواثيق والمتعطشين لدماء العراقيين غير مدركين بحجم البلاء والمصائب ولايفقهون من الانسانية بشئ إلا المكتسبات الانية التي تخصهم وتعزز مصالحهم واهدافهم دون التفكير بمستقبل الاجيال القادمة وصنع الحياة لهم.
ان رغبات وتطلعات شعبنا كبيرة واماله واسعة لانه يحتاج الى ابسط مستلزمات الحياة ويتطلع لكل شئ بسبب التراكمات والتركات الثقيلة التي خلفتها المرحلة الماضية ، المواطن ينتظر حكومة اكثر قوة في ردع الفساد بكل صبر .وهو واجب وطني لايقاس بكل المقدرات والامكانات التي يحتاجونها كما قال الكريم المتعال في كتابه :(وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ) وبخطوات سديدة وصحيحة بعد ان تم استعادة المدن التي دنستها العصابات المجرمة الارهابية  والتي تحتاج الى اعادة الحياة لها وهذا هو المطلب الوطني الاهم مع احترام الدستور وبوضع الشروط التي من الممكن العمل بها على ضوء مانص في فقراته لتجاوز المرحلة قُدماً . ويعتبر حبّ الوطن رمزاً، وفخراً، واعتزازاً؛ لذلك يجب علينا أن ندافع عنه ونحميه بكلّ قوّة، وأن نحفظه كما يحفظنا، وأن نقدّره لتوفيره الأمن لنا، فلهذا الوطن حقوقٌ يجب على كلّ فرد أن يلتزم بها ما دام يعيش فيه، ويأكل ويشرب من خيراته، ومن هذه الحقوق: المحافظة عليه، وحمايته من كلّ شرّ، والارتقاء به إلى أعلى المراتب، والمحافظة على نظافته، وحماية ممتلكاته العامّة، وأن نفديه بأرواحنا في حال تعرّضه لأيّ خطر.
عبد الخالق الفلاح - باحث وعلامي

392
نقطة من بحر التهديدات المصطنعة
ان الحروب الاعلامية الامريكية التي تقوم بها هنا وهناك انما هي انعكاسات لواقع تدخلاتها في العديد من الدول مثل فنزويلا وتصريحات وزير خارجيتها بومبيو في احتمال التدخل العسكري اصبح وارداً والتهديد للجمهورية الاسلامية الايرانية واتهامها بدعم الارهاب ولا شك ان مثل هذه التصرفات تؤدي بالضرر على كل القيم الانسانية وخلاف لكل القوانيين والقرارات الدولية وتزيد من الازمات التي ابتليت بها الكثير من هذه العواصم واخرها التفجيرات الاخيرة التي حدثت في الفجيرة (الامارات ) لتزيد النار حطباً والتي لاشك تقف ورائها المخابرات الاسرائيلية والامريكية ( نقطة من بحر التهديدات المسطنعة)  من اجل اشعال نار الفتنة في المنطقة وتوجه الاتهامات لبعض الدول فيها والتواجد الحربي من سفن و خواصات وناقلات طائرات الامريكية وتحرشاتها تجعل العالم على حافة حرب و تجرالى الهاوية والويلات اذا ما  صارت حقيقة.
الواقع أن الإدارة الأمريكية الحالية تحاول تمرير ما أمكنها من قرارات عبر الضغط على دول الاتحاد الأوروبي وتهديد هذه الدول بالعقوبات، تلوالعقوبات وحتى الصين التي دخلت معها في صراع الماليات والضرائب على الواردات والتي تبلغ 300 الف مليار دولار ومحاولات التراضي رغم المحادثات المستمر بين الطرفين التي لم تصل الى نتيجة حتمية  وروسيا ايضاً لم تنجوى منها ولكن لم تستطيع  واشنطن الى هذه اللحظة قلب الموازين لمصلحتها لا عبر الأزمة السورية ولا التدخل في الشأن العراقي و اللبناني ولا حتى في الداخل الفلسطيني الذي أثبت تلاحماً منقطع النظير عندما تشتد الازمات مع الكيان الصهيوني. وقد اتخذت الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة دونالد ترامب الكثير من القرارات المجحفة بحق الشعوب المختلفة ومنها المسلمة وبالذات الشعب الفلسطيني والاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان رغم ان القرار لم يجد اي مطاوعة من البلدان الاخرى لانه خلاف قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدوليين و لم تؤتِ أوكلها كما هو مخطط له ويعود الفضل في ذلك إلى تضافر الجهود الاقليمية وتعاون قيادات المقاومة وشعوب المنطقة لإحباط مثل هذه المشاريع .
 لقد فشل الأمریكیون فی كل محاولاتهم وفي اكثر من موقع وخلال عدة مؤتمرات مثل وارسو، فالمؤتمر الذي استمرر ليومين أخرج الانقسامات الى العلن، إذ قرر حلفاء أميركا الأوروبيون المشاركة بمستوى تمثيلي متدنٍ وسط عدم ارتياح من الدعوات الصارمة التي وجهها الرئيس دونالد ترامب لخنق الاقتصاد الإيراني. مما اغاض البيت الابيض بحق ومنیوا بالهزیمة في ذلك الاجتماع ، الذی حاولوا من خلاله الضغط على إیران للخضوع لاراداتهم بالمواجهة الشكلية الحالية  . بعد اعلان اكثر الدول بقائهم فی الاتفاق النووی ورغبتهم بعلاقات اقتصادیة وسیاسیة مع إیران. ما يعني فشل تمرير القرارات و يدل على أن قدرة واشنطن على التأثير وإن كانت ليست قوية كما كانت في بعض الامور و لم تعد قادرة على إجبار العديد من الدول حتى الحليفة منها على تمرير مثل هذه القرارات ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط التي ذاقت أغلبية دوله مرارة تصرفاتها الغير صائبة والمتهورة .
ان اي إفرازات خطيرة تؤدي الى رفع منسوب العداء بين ايران والولايات المتحدة في حالات كهذه فإيران لن تكف قط عن الدفاع عن مصالحها الوطنية ولن تقف مكتوفة الأيدي مقابل ما يخطط له اولئك .ولكن لماذا تخفي واشنطن حقيقة ابعاد الارهاب عن المنطقة ، كون لايران الدور المهم والاساسي فية . رغم ان الامر ليس أمرا جديدا يمكن انكاره من قبل احد وعن اعتراف الإدارة الأمريكية وبلسان المسؤولين الأمريكيين وإقرارهم خلال لقاءاتهم بالجهات الدبلوماسية الاخرى  بأن الدعم الإيراني هو الذي أنقذ العاصمة بغداد وأربيل الذي تحدث عنها الرئيس مسعود البارزاني من السقوط بيد تنظيم "داعش" الإرهابي. هذا يعني  بالدور الكبير للجمهورية الإسلامية في إيران بمحاربة الإرهاب وحماية جيرانها والعالم من انتشاره ولقد كانت الدور الذي لعبه أحد كبار قادة الحرس الثوري وهو الجنرال قاسم سليماني وبعض القادة الاخرين للحشد الشعبي .في تقديم المشورة وتقديم مساعدات كبيرة في هذا الشأن حيث ساهمت هذه الخطوات في طرد هذه المجموعات من المناطق التي سيطرة عليها .
ولاسيما الاعتراف في زمن إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب ومساعديه الحاليين، سواء مستشار الأمن القومي جون بولتون أو وزير الخارجية مايك بومبيو، وبعض مستشاريه الآخرين ينكرون علنا ويعترفون سرا أو بينهم واطراف أخرى. باعتراف صريح من قبل  السفير الإيطالي السابق في بغداد ماركو كارنيلوس، (سبوتنيك 2019/04/21) .ما يتضح بعد كل هذه الاعترافات : رضوخ واشنطن لإسرائيل واللوبيات الإسرائيلية حيث تكشف الأمور أنها على هذا النحو منذ وصول الرئيس دونالد ترامب  وادارته لرئاسة السلطة . وعلينا ان نقول بأن اوروبا وأمريكا إن كانت لهما رغبة في التعاون الاقليمي مع ايران لحفظ امن المنطقة التي لا بد ان تمر بها يتوجب عليهما إحترام حق السيادة الايرانية وفهم هواجس ايران الأمنية المشروعة وإحترام العقيدة الدفاعية لهذا البلد. كما يتوجب عليهما خلق توازن في القوة بين ايران والسعودية بدلاً من صب الزيت على النار وتوسيع مدى العداء بينهما ورفع مستوى التنافس التسليحي في المنطقة.
عبد الخالق الفلاح
كاتب واعلامي

393
الفشل المستمر لمجلس النواب     
           
يؤكد المختصون في علم الإدارة بأنها علم وفن ومهارة متى ما افتقد لاحدى هذه المستلزمات تقل نسبة النجاح فية وتكون نسبة الفشل اكبر . فقد أشبع الكتاب والاساتذة المختصون هذا العلم بكثير من النظريات والمبادئ التي تتجدّد مع الظروف الحياتية بشكل دائم . والعمل الإبداعي يخرج من المتعلم الممارس وحق مشاع للجميع والنجاح يكمن فيمن لديه القدرة على مسك زمام الإدارة بمهارة عالية، وبطبيعة الحال يحدث التفاوت في استيعاب هذا العلم وتطبيق فنونه من شخص لآخرحسب التكامل الابداعي المكتسب والتجربة العملية ، وتكون النتائج والمخرجات بطبيعة الحال مختلفة ومتباينة .كما ان الشفافية هي المفتاح للإدارة الناجحة، وهي المكون الأساسي لبيئة العمل المتناغمة والمتقدمة مع الشعب وتقلل الاخفاقات ، لذلك حين تتحلى بالشفافية امامهم فأنت تعلم علم اليقين أنك تزود الجميع بالمعلومات المناسبة في الوقت المناسب وتقل الاعتراضات ، مما يدفعهم لاتخاذ القرارات الصحيحة للوصول الى الهدف . وعليه فأن بناء ثقافة جديدة تجعل مجلس النواب العراقي  يسير بآلية عمل أكثر فاعلية وبحضور فاعل ودائمي وتقليل الغيابات ومشاركة فعالة في اللجان ومناقشة السلبيات والايجابيات للوصول الى القوانين المنسجمة و تبرز بمثابة بنية شاملة كخلية نحل تجعل الجميع يعمل بتقارب أكثر وبالتالي كفاءة أكبر.
في العراق تحول القانون بعد الاحتلال مع الاسف عند المشرع لوسيلة يتم بها تحقيق الأهداف والمصالح الشخصية عبر تطويعه بما يناسب الجهات المتنفذة في البلاد، ويتم تعطل القوانين المهمة داخله بسبب الشروط والمقاسات التي تضعها الكتل السياسية لتمرير أي قانون، بما يؤكد على حالة الفساد القانوني المستشرية في البلاد منذ عام 2003.
وفي المجلس وعلى مدى السنوات الماضية كانت الانقسامات السياسية وعدم الاتفاق السمة  البارزة في اداءه ، نتج عنها ترحيل كثير من القوانين المصيرية الى الدورة الحالية وجرى تعطيل بعضها  لعل هذه الخطوة من أهم ما انجزته المجموعة الجديدة التي دخلت المجلس الحالي منذ تسلمها مهام العمل حيث لم تقدم اي قانون يخدم المجتمع وتقود نحو مزيد من الفشل ولم تسفر عن إنجاز أي قوانين مهمة تلامس حياة المواطنين  واليوم نلاحظ أن نصف عمر مجلس النواب ضاع في عدم اكتمال النصاب، وهناك نواب لم يحضروا جلسة واحدة بشكل كامل ولعل البعض لم يؤدي القسم ، ولم يتم محاسبتهم أو مجرد سؤالهم عن هذا التغيب، والذي أدى إلى عدم مناقشة القوانين ،في غياب المنافسة  البناءة التي تدفع دوماً نحو الأمام وتكون حافزاً للتطوير والتنمية كي يحافظ على وتيرة النجاح وعلى السمعة التي تؤهلهم كنواب في مجلس يدير امور البلد أو التي يكتسبها خلال 4 سنوات التي تقضى في مجلس النواب وتجعل النائب أكثر إبداعاً وابتكاراً للخروج باستراتيجيات جديدة .
 يعد فشل مجلس النواب العراقي  في أداء الوظيفة الموكلة له بكل صوره وتعد آفة الغياب والتسيب من الحالات الخطرة التي تهدد كيانه وتهدد مؤسسات الدولة واستقرارها وتعصف بالثقة العامة وتجعل المصلحة العامة في مهب الريح، والانشغال في السفرات الغير منتجة والتهرب وعدم حضور البرلماني للجلسات والمشاركة في النقاشات  والجلوس في الكافترية اصبحت حالة متكررة ومتدنية لا تستساخ  وتدل على عدم المبالاة وهذا المرض المعضال ينخر جسد  المجلس منذ 15 عام واتسمت القوانين لاسيما الحديثة الصادرة عن مجلس النواب بغياب المنهج التشريعي الواضح وتخلف التوحيد في المصطلحات القانونية ولازال عمله مرتبك فقد شاهدنا كيف ان القوانين التي تعرض  للقراءة لم تأخذ المسارات الصحيحة وفق النظام الداخلي للمجلس و للوصول الى الرئاسىة وهي لم تناقش بشكل مسهب وتعود لعدم اطلاع حتى اللجنة المختصة به في الاطلاع على ذلك القانون والكثير من الامور غير منتجة  بمختلف تطبيقاتها اليومية على الصعيد التنفيذي والتشريعي والقضائي وتبقى غير واضحة ويعرف الفشل في الوظيفة التشريعية بانه عدم قدرة المجلس التشريعي على النهوض بالوظيفة الدستورية الموكلة اليه وهو يكون على نوعين أحدهما مؤسسي حينما يفشل البرلمان ككل في أداء مهامه التشريعية أو الرقابية حيث ولد ميتاً وما زال جثة هامدة لا تهزه أعتى العواصف وليس له سوى الشكل الظاهري والبناية الأنيقة التي يحتلها  و عجز كلياً عن تحقيق اي مكسب يستحق الذكر للمواطن سوى الحلول الترقيعية و الفشل في التوحد على ثوابت و اللحمة وطنية مثلما انكسر أمام الطائفية وأصبح منبراً لها في الدورات السابقة ولازال كذلك .. فهناك المئات من القوانين التي سنها مجلس قيادة الثورة المنحل ما زالت سارية المفعول ويعمل بهاومن بينها الامن الداخلي وقوانين الوزارات والانشطة المؤسساتية ، ولكن " نجح في الاجماع على القوانين التي تشرعن امتيازات و صلاحيات أعضائه بشكل اناني فاضح مثير للريبة والشك والسخرية" . هل البرلمان مجرد لعبة مضحكة في حياة العراقيين وعلى المستوى الفردي حينما يكون افراد المجلس غير مؤهلين للقيام بالمهام والواجبات الموكولة اليهم وهي الطامة الكبرى والخوف من كلمة الثقافة لان البعض من النواب يفتقرون اليها مما تجعلهم ضعفاء في مواجهة جمهوره الذين يمثلونهم ولا يمكن أن يكون احدهم إلا موظفاً روتينيا فاشلاً لا يحرك ساكناً في بناء المجتمع ، لذلك نرى أغلبهم مجهولين لجهة الشهادة والتحصيل العلمي والمعرفي ومعروفون لجهة الحسب والنسب وهي الصفات التي ذمها الإسلام الحنيف و دعا للاحتكام للمؤهلات الأخرى للحكم وليس الأنساب .،وتظهر الواقعة بوضوح عمق الخلاف بشأن من ينبغي تعيينه في المناصب الوزارية المتبقية في الحكومة، بما في ذلك حقيبتا الداخلية والدفاع اللتان يدور حولهما تنافس شديد والعدل والتربية. والصراعات مستمرة للنيل بترأس كعكة اللجان ولم تنتهي هذه المعضلة منذ اكثر من اربعة اشهر وهي ظاهرة مستمرة ولكن متى تنتهي فالخبر اليقين عند جهينة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

394
الاعلامي الارهابي والتسجيل الصوتي للبغدادي
الإرهاب في الأساس هو تدمير وانكار لحقوق الإنسان ،هذه الافة الخطيرة التي كثر الكلام  في تحديد معناه على الرغم من تعدد التعريفات والحدود التي وضعت فلم تقف على حد جامع مانع لحقيقته وكل التعاريف لم تتوصل لتعريفه  لكي يعتبر تعريفا صحيحا شاملاً ومع أن كثيرين من الباحثين في هذا الموضوع قد ذكروا المئات من التعاريف  وخلت عن تحديد مفهوم للارهاب الدقيق ، المهم ان الارهاب يشكل امراً خطيراً كبيراً على السلم والأمن الدوليين. والأفعال الإرهابية هي الناتج النهائي لعمليات كثيراً ما تبدأ بالن‍زوع إلى التشدد وبتكوُّن أفكار متطرفة وبتقبُّل العنف كوسيلة لمحاولة التغيير. وكما هو الحال في سائر أنواع الجرائم، هناك توافق عالمي على اعتبار عدد من الأفعال بمثابة أفعال إرهابية. وتشمل الجرائم المتعلقة باستخدام العنف لأغراض سياسية، وهي حالة ليس بجديدة و ظاهرة تطرف تعتمد على العنف واستعمال القوة ، ومنذ بدايات القرن الحادي والعشرين أخذت تتسم بتركيز أشد على هذه المسألة وبازدياد الوعي بشأن افعال الجماعات الإرهابية.
 
هذه المجموعات اسستها سماسرة الحروب وتجار الأسلحة ومنظري فلسفة الاستعمار الجديد بالنفخ في هذه الظاهرة وتغذيتها على حساب مصالح الشعوب بتحالفات مشبوهة تغذي الظاهرة الإرهابية وتتخذ منها ستارا لتنفيذ خطط توسعية في دول المنطقة ، وهي وليدة الخوف، وعدم الأمان النفسي والاجتماعي عند هؤلاء الاشخاص ما سببت انتشارهم في بلدان عديدة وزرعت خلايا حتى في تلك الدول التي دعمتها او سكتت عن تصرفاتها في البداية ، فالشخص الطبيعي من الممكن أن يتحول إلى قاتل في لحظة إذا فقد قدرته علي التكيف النفسي والرضا الاجتماعي نتيجة لمؤثر خارجي لحظي أو دائم لفترة زمنية طويلة، وهنا يتم التحول من العنف الغريزي الذي قد يهدف الدفاع عن النفس إلي العنف الموجه ضد فئة أو جماعة بعينها، ويتحول الشخص الطبيعي إلي شخص مضاد للمجتمع يتوجه نحو العنف تجاه الآخرين دون الشعور بأي ألم نفسي أو ذنب أو حتى فقدان التعاطف معهم..  فتنتمي هذه الشخصية لمجموعة من  اصحاب الرغبات المريضة التي يجد لها قبولاً في منظومته الأعلى وهي الدين.
واليوم إن تنظيم داعش تراجع كثيرا ولم يعد الا مجرد ظاهرة صوتية بعد الهزائم التي مني بها في العراق وسوريا وبدأت القيادات تختفي حتى عن عناصرها وقيادتها  إلأ ما ندر منهم والموالين والثقات لديهم وتكون تحركاتهم تحت اشراف المخابرات الدولية التي صنعتها ودعمتها . وعلى العالم أن يفيق من غفوته قبل أن يدفع المزيد من الضحايا والاثمان الغالية ، بصور كارثية تزداد اتساعا وقتامة ويعود لهذا الكابوس الحياة وكل ما نراه هو امتداد لسياسات فاشلة أججت الكراهية وأدت إلى المزيد من الفوضى.. هذه الجماعات المتشرذمة الشاردة عن نهج الدين، كانت إلى عهد قريب محدودة الأثر والخطر، وكانت من قلة العُدَّة وضعف العتاد عاجزة عن تشويه صورة المسلمين، إلا أنَها حاولت في أن تجيش من سفهاء العالم ضد القيم الانسانية بدعم من حكومات التخلف الفكري وبالخضوع لاسيادهم وما امرتهم به .
وما اشبه اليوم بالبارحة حيث نلاحظ ان السينايوهات السابقة التي استفادت منها قوى الشر في دعم واسناد اسامة بن لادن وابو مصعب الزرقاوي في خلق الطالبان والقاعدة وداعش تعيد كرتها من جديد وبنفس الاساليب الماضية لان التدريب نفس التدريب والمدارس نفس المدارس وبنفس الاسلوب حيث ستخلق من اختفاء البغدادي بعبعاً اعلامياً يثيرالقلق والخوف متى ما ارادت هذه القوى الاستفادة من ورقته والتسجيل الصوتي الذي انتشر خلال الايام الماضية جزء من العملية تلك لاشغال الاعلام بالتحليل في البحث عن مكانه اخماسا واسداساً ووسيلة لدعم روحية المقاتلين الباقين في المواجهة وللتغطية على الهزائم  والانهيارات والفشل الذي لحق بهم . ومن المؤكد أن دولة البغدادي المزعومة، التي أعلنها قبل اكثر من 3 سنوات في الموصل قد سقطت وانتهت "الخرافة"رسمياً عقب الاعلان عن تحقيق النصر على التنظيم في المدن العراقية وخاصة مدينة الموصل العريقة. ولكن لا يزال العالم بعيداً إلى حد كبير عن استئصال الظاهرة الارهابية المعقدة، فالنصر في مواجهة الارهابيين لا يعني بالضرورة نصراً ضد الارهاب نفسه، فالأول يتركز في نجاح الجهود الأمنية والعسكرية، بينما هزيمة الارهاب كظاهرة تتطلب عملاً مكثفاً ودقيقاً ومستمراً لسنوات وربما عقود مقبلة وبالمقابل ماذا على العالم عمله في الوقت الحالي غير اعداد العدة لمجابهتة ،فإنه لا يمكن التصدي للفكر الإرهابي بالقوة العسكرية فقط، وإنما بالقوة الفكرية من خلال التوعية الفكرية للمجتمعات، والتنشئة الاجتماعية السليمة، والإعداد النفسي السليم للفرد، وبالتالي بناء العقول المستنيرة الواعية التي لايمكن زعزعة أمنها، ومبادئها، مهما، تضافرت عليها الجهود لمحاربة الفكرالمتطرف له.
 من خلال تكثيف حملات التوعية بالفكر الصحيح عبرالوسائل المختلفة ، وجذب الشباب لها بالأساليب المبتكرة التي تتناسب مع افكارهم وتطلعاتهم بطرق جديدة ومبتكرة والابتعاد عن أساليب النصح الرتيبة، والمملة التي اعتادها الشباب، ومحاولة الحد من المواد التي تتضمن مشاهد عنف حتى لا تصبح أمرًا محببًا لنفوس البعض، ويعتاد عليها الناس. هذه العصابات تبدو ذاهبة إلى الانحسارفي القريب العاجل اليوم بفضل تعاون قوى العالم الخيرة لمكافحتها بعد ان تمددة الى دول مختلفة ، والتي لا بد أن ترافقها رؤية واضحة من أجل القضاء على مسببات الإرهاب والدافع وراء انخراط الشباب في أعمال وحشية من النوع الذي رأيناه .
ترامب حاول معالجة قضية الإرهاب من منظور مختلف عن الذين سبقوه من حكام البيت الابيض وبأساليب واهية الغرض منها التغطية على فضيحة تاسيس هذه المجموعات الارهابية من قبل الولايات المتحدة الامريكية والتي اعترف بها خلال حملته الانتخابية للرئاسة الامريكية ، لكن النهج كان واحداً إذ بُني على افتراضات كاذبة ومكلفة ومنافية للأخلاق و تم التعامل على الدوام مع النتائج بردود فعل غير مبالية بالتضحيات و تسببت بالمزيد من الأعمال الوحشية من جانب الإرهابيين حيث دفع المدنيون الأبرياء الثمن الفادح لانعدام المصداقية عنده .
 عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي
 
 
 
 

395
سياسات ترامب العرجاء المثيرة للجدل
نعيش في الوقت الراهن فترةٌ متوترة في الكثير من الاحيان و نشهد جُملةً مِن المُتغيرات الاستراتيجية الدولية والإقليمية المُتسارعة التي تعصف في العالم الآن وهو على شفير نار محرقة، يجابه رئيسا خرق جميع الحصون الدبلوماسية وهدم جميع جدرانها وتراجع عن جميع القوانين الدولية هو دونالد ترامب، وقد أكد الكاتب البريطاني المشهور روبرت فيسك في مقال نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية بعنوان "كلما زاد جنون ترامب أخذه العالم على محمل الجد "أن سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتصرفاته العدائية والمجنونة تشكل خطرا على العالم برمته.
وفعلاً فقد اخذت المشكلات منذ زمن توليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية في زيادة والتعرجات الكبيرة التي احدثتها  هذه السياسة القلقة المثيرة للاشمئزاز والمتسرعة والعنصرية والمبنية على استنزاف الدول الحليفة لها اقتصاديا ( تحت عنوان الحماية ) تجعل الدنيا على شفا حفرة من الحروب الخطيرة ؟وما خلقته من فجوة في النظام العالمي التقليدي و المعهود منذ أمد بعيد و أجبر كثيرا من الدول، الصديقة منها و العدوة، إلى إعادة النظر في حساباتها من جديد مغيرة بذلك استراتيجياتها بطرح سيناريوهات جديدة لتتماشى مع هذا التغيير،وقد ظهرت مجموعة امريكية  أعلنت عن رفضها للسلوك السياسي المتهور لترامب ومستشاريه، مثل جيمي كيمل وجون ستيوارت وماتلاور وكونان أوبراين .. وغيرهم، مدعومين من القطاعات الإعلامية الحرة في المؤسسات الإعلامية والصحفية الممارسة لفن الخطابة والتوجيه والنقد والمتابعة لهذه التصرفات العشوائية الخاطئة .
ومن هنا  تأتي العديد من التساؤلات التي تشكل مجتمعة طريقاً للدراسة والبحث من مخاطر مثل هذه التصرفات خوفاً من انفلات الامور ، و تأتي فى مقدمة هذه التساؤلات تساؤل رئيسي و هو، الى اين ذاهبة  السياسة الخارجية الأمريكية فى عهد ترامب خاصة بعد ان انْهَزَمت في سورية والعِراق واليمن وأفغانستان، وسيُهزَم مَشروعها في ليبيا ايضاً وفنزويلاً وتلحقها صفقة القرن ، ومُحاوَلة بومبيو تجميل وجهها القَبيح، ورَشْ العَسَل على هذه الهزائم في محاوَلةٌ مَكشوفَةٌ ومحكومَةٌ بالفَشَل مقدمة .. والأيّام بيننا ستكشف الكثير من الامور .
الرئيس ترامب بعث برسالة واضحة مفادها أنّ سياسته في الشرق الأوسط تقوم على إحياء التحالفات مع الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في المنطقة والحدّ من خوض تجربة سنوات من سبقه مثل بوش وأوباما." بعبارة أخرى"، إنها تتمحور حول التعامل مع العالم كما هو والسعي فقط إلى جعله أفضل كما هو يدعي  ولكن البراهين تؤكد انه ذاهب الى الاسوأ والحقيقة مرة كما يقال . ولغاية الآن، يبدو أن انطلاقته في هذا المجال غير مفهومة ولا تعتمد على اسس صحيحة ومرتبكة .كما  أن خطابات ترامب تتسم بنوع من عدم الوضوح وتحتوي على عدد كبير من التناقضات في المضمون في أكثر من موضع ليس هذا وحسب بل إن هناك عدداً لا بأس به من المغالطات والتناقضات في خطاباته، كما أن جانباً كبيراً منها يتسم بالحدة وذات الطبيعة الهجومية الفاحشة في عدد من القضايا غير محسوبة العواقب ، مما سببت  تراجعاً في السياسة الدبلوماسية لواشنطن  بشكل ملفت لأن تاريخه الطويل في التجارة و في مجال الأعمال جعلته يكون بهذه الظاهرة الغريبة على السياسة لهذا يندفع إلى تقديم المصالح على المبادئ والحدة على الدبلوماسية . وكان جلياً وواضحاً في مواقفه اثناء  حملته الانتخابية ، وركز على مصالح امريكا اولاً أي أنها في المُقدَّمة على أي مبدأ. فمكنته من الربط بين مصلحة الولايات المتحدة ووقف اي توسع لدول اخرى في منطقة الشرق الاوسط كما يتعامل في ابقاء سيادة الولايات المتحدة الامريكية ، وبين مبدأ التعامل مع الإرهاب بمعيار واحد.
ان هذه  السياسة جعلت النِظام الدولي يتجه صوب الانفِتاح على علاقات التأَثير المُتعدِدة، مبتنية على عزل هذه السياسة وإعادة انتشار مكوِنات قوة دولياً تعمل على استنهاض قطبية جديدة تحل محل ما هو قائم، كما أَنَّ العلاقات الدولية المُعاصِرة لم تعد علاقات بين الدول فقط وإنما أصبحت علاقات عالمية نظراً لدخول أطراف أُخرى فاعِلة في النظام الدولي مِن غير الدول المعروفة ولعل التقارب الروسي ، التركي ،الصيني ، الايراني واللقاءات المستمرة بين هذه الدول هو النموذج الاصح في البين .لقد ركز ترامب كثيراً في تصريحاته على الخطر من تعاظم النفوذ الايراني وضرورة وقفه وذلك اولا باعادة النظر في الاتفاق النووي مع إيران لأنه اتفاق كارثي، على حد وصفه، ولابد من إلغاء الاتفاق أو إعادة النظر فيه مرة أخرى لتعديله لأنه لا يمثل المصالح الأمريكية ويضر بأمن الكيان الاسرائيلي ومصالحها بشكل مباشر. و يجب تمزيق هذا الاتفاق .
ولم تتوقف الجمهورية الاسلامية الايرانية ساكتة ومكتوفة الايدي  وجاء ردها سريعا في وقته على لسان المرشد الاعلى السيد علي الخامنئي عندما قال (عندما يمزق ترامب الاتفاق فاننا سنحرقه).وايران فرضت نفسها كقوة إقليمية لا يُستهان بها، بعد ان استغلت الظروف التي تمر بها المنطقة من فوضى وعدم استقرارخلقتها السياسة الامريكية المتهورة في ايجاد داعش والارهاب  ، ومتحديةً للتوازنات الإقليمية والدولية والمصالح المتقاطعة في هذه المنطقة.وتمكنت من التخلص من العقوبات الدولية التي كانت مفروضة عليها والتزمت بكل الشروط التي اتفقت مع المنظمة الدولية للطاقة النووية ونفذتها بكل حذافيرها بشهادة المنظمة المستمرة في بياناتها بين حين واخر ، وفتحت أبوابها للاستثمار أمام القوى الدولية المنافسة للولايات المتحدة، سواء الشركات الروسية أو الصينية أو الأوروبية، وعززت إيران سياساتها وقدراتها العسكرية وأجرت اختبار صواريخ باليستية وصواريخ كروز بحرية ،كما كشفت في عام2017 عن مصنع تحت الأرض للصواريخ الباليستية كانت بنته في وقت سابق. كما أطلقت الصاروخ الباليستي «هرمز-2» ذات القدرةعلى تدمير الأهداف البحرية ، كما أطلقت 6 صواريخ أرض-أرض من نوع «ذو الفقار» متوسطة المدى من قواعدها  في المنطقة الغربية ، ضد مقرات ومستودعات الأسلحة والمعدات الانتحارية والدعم اللوجستي لعصابات «داعش» بمنطقة دير الزور على الحدود السورية-العراقية وضفة نهر الفرات، كما أطلقت بنجاح قبلها في 27 يوليو 2017 صاروخًا فضائيا يحمل قمرًا صناعيا إيرانيا محلي الصنع.ومن الأمر اصبح لها مع الوقت أوراق ضغط في مواجهة الولايات المتحدة الان، فضلًا عن توسيع قدرتها الإقليمية ومد علاقاتها مع حلفائها الذين يمثلون خطرًا على مصالح الولايات المتحدة مثل حزب الله و حركات المقاومة الاسلامية المختلفة في العراق وسورية وفلسطين مثل حماس والجهاد الاسلامي والثورة اليمنية  .
لا شك أن هذه التحولات قد هددت مركز الولايات المتحدة وحرمتها مع الوقت من التأثير في تفاعلات المنطقة، بل انعكست على قدراتها للتأثير في تحديد بوصلة السياسات في المنطقة ، وهو ما يعني إجمالًا إخفاقًا سياسيا كبيرًا لوشنطن . وقد كان اجتماع دول روسيا وتركيا وإيران في المباحثات في الشأن السوري لأجل مناقشتها في سبيل الوصول  الى تسوية للقضية والتقاربات التي حدثت في مستوى المباحثات ومناقشة اعداد دستوربمشاركة اكثر الاطراف ضربة قاصمة لواشنطن، مع تجاهل كل دعواتها ، بل وإصرار إيران على عدم حضورها، ما ولدت جرحًا لمكانة الولايات المتحدة واستفزازًا لهيبتها دفعتها للتهور في تشديد العقوبات الاحادية الجانب التي لا يمكن ان تؤثر مادامت تفقد الشرعية الدولية إلا بشكل جزئي . ولا يمكن بعد الان لترامب للعب دور في الشرق الأوسط واستعادة الاستقرار دون مشاركة إيران التي تتابع التحركات البحرية للقوات الامريكية بكل دقة و بقدر من الحذر في الخليج الفارسي و الحوار يتم بعيداً عن المهاترات التي تطلقها بين حين واخر القيادة الامريكية وعلى لسان وزير خارجيتها مايك بومبيو ودون شروط مسبقة هو مفتاح للتواصل معها   . أن رجال السياسة يعرفون من ان السياسة الخارجية الأمريكية لا يحددها رئيس الدولة وحده، انما هناك مؤسسات مثل الكونجرس ومراكز اتخاذ قرار اخرى تؤثر على طبيعة العلاقات الأمريكية بالدول وترسمها . لذا فإن خيارات ترامب محدودة بالنسبة لمعالجة العلاقة مع إيران لا سيما الملف النووي الإيراني. وحتى في حال فشل ترامب في أن تكون العقوبات الاقتصادية على إيران أممية فإنه من الممكن أن ينجح في منع الشركات الأميركية من التعامل مع إيران فقط.لذا يتعين على ترامب أن يتخذ مواقف مناسبة بعيدة عن الغطرسة قبل الفشل بشكل كامل تجاه ايران لان المنطقة ستدخل في دوامة من الفوضى و انعدام الامن و امريكا سوف تكون اول المتضررين والخاسرين لا محال .و إن أحداً لا يُمكنه أن يضمن بأن يصبح المستقبل أفضل من الحاضربالعقوبات الفردية على الشعوب ، بل لا أحد يُمكنه تصوّر المآلات، والعواقب السالبة بعيدة المدى على الشرق الأوسط التي تدفع ب 60% من النفط والطاقة الى العالم وقد تبلغ اسعارها ما يقارب 300 دولار حسب رجال الاقتصاد في حالة حصول اي توتر ولا يمكن للشركات الاوروبية ان تكون متهورة في اتخاذ قرارات عدائية ضد مصالحها وسوف تعمل على حماية شركاتها
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

396
الصراعات و حماية الحياة والكرامة الانسانية

لا أشك أن قوّة المنطق والثقافة والعقيدة، بالإضافة إلى إمكانية التوصل إلى الاتفاقات السياسية ، من شأنها أن تؤدي إلى انتصار العقول الحرة على أتباع الحكم المطلق والمبادئ الاستبدادية ( هو تصرف من الحكام او الدول  وفق أهوائهم ونزواتهم بمصير الناس، حيث لا تراعى كرامة لإنسان و تحرم البلاد وشعوبهم من عطاءات أبناءها ) الذين لا زالوا يرددون نفس الشعارات والمغالطات . لقد شهد العالم في السنوات القليلة الماضية العديد من التحولات والإحداث الكبيرة التي تسببت في معاناة الكثيرين من البشربسبب المغالاة  وعدم الانصياع للواقع ، وكانت منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد مسرحاً دامياً لعدد من الحروب المفروضة الغرض منها استغلال الخيرات التي تحملها وتنامي رؤوس الأموال التي ستبقى مهددة شعوبها  مع وجود الملايين من الاطفال  يعيشون في فقر مدقع، و مع ان الالاف منهم  يموتون يوميا من الجوع والحروب والامراض ومن المؤسف ان السياسة الدولية  بسكوتها كأنها في الكثير من الاحيان لا تعتبر الإنسان محورا للحياة، بل مجرد آلة في خدمة التنمية السابحة في فلك الاقتصاد فلهذا نرى الصراعات الحالية بعين مجردة في المنطقة والحكام  كانهم في واد بعيد عنها  .. متناسين ان القيم هي مجموعة من المبادئ التي تقوم عليها الحياة والتي يسعى الانسان للتحلي به و"الحريَّةَ حَقٌّ لكُلِّ إنسانٍ: اعتقادًا وفكرًا وتعبيرًا ومُمارَسةً، وأنَّ التَّعدُّدِيَّةَ والاختلافَ في الدِّينِ واللَّوْنِ والجِنسِ والعِرْقِ واللُّغةِ حِكمةٌ لمَشِيئةٍ إلهيَّةٍ، قد خَلَقَ اللهُ البشَرَ عليها، وجعَلَها أصلًا ثابتًا تَتَفرَّعُ عنه حُقُوقُ حُريَّةِ الاعتقادِ، وحريَّةِ الاختلافِ، وتجريمِ إكراهِ الناسِ على دِينٍ بعَيْنِه أو ثقافةٍ مُحدَّدةٍ، أو فَرْضِ أسلوبٍ حضاريٍّ لا يَقبَلُه الآخَر" ، فهو الذي يساعده على أن يحيى حياة كريمة وسليمة، و تحفظ كرامته وحريته، وتدعم حقوقه، وتحثه على القيام بواجباته، كما تحافظ على عرضه وماله وعقله، وتقوم القيم الإنسانية باعتبار الفرد انسانًا قبل أي شيء، على أن يَرَى في الآخَر أخًا له، "عليه أن يُؤازرَه ويُحبَّه. وانطلاقًا من الإيمان بالله الذي خَلَقَ الناسَ جميعًا وخَلَقَ الكونَ والخلائقَ وساوَى بينَهم برحمتِه،" "والانسان  مَدعُوٌّ للتعبيرِ عن هذه الأُخوَّةِ الإنسانيَّةِ بالاعتناءِ بالخَلِيقةِ وبالكَوْنِ كُلِّه، وبتقديمِ العَوْنِ لكُلِّ إنسانٍ، لا سيَّما الضُّعفاءِ منهم والأشخاصِ الأكثرِ حاجَةً وعَوَزًا. أما عن القيم الإنسانية فمنها: “العمل، الحرية، العدل، العلم، الصدق، الأمانة، الإيثار" وما دام الإنسان لا يشكل محورا حقيقيا للسياسة، فإن حضارة العصر ليست مضمونة العواقب..وبتعبير آخر، هي مهددة بالزوال..حتما ستنهار.. والجهل بالعمق الإنساني، والقاعدة الإنسانية، تسبب عبر العصور في كوارث للجنس البشري، مع استمرار الحروب والنزاعات المسلحة والآثار المترتبة عليها في تدمير حياة الأفراد وفرض المعاناة عليهم. وحيث أن حضارات انقرضت ولم يعد لها وجود إلا في شكل مآثر تاريخية.. والأسباب تتجسد في الكراهية والعنصرية وفي حروب بلا حدود.. وما زالت المصالح تنتج مزيدا من التجاهل، واللاإنسانية، وتهدد الكرة الأرضية بالانفلات من مدارها، بل تهدد كل الحياة بالزوال . في الوقت الذي تتبلور فيه منظومة حقوق الإنسان فإنّ الواقع الملموس يكشف عن هوة واسعة بين هذا التبلور النظري وبين التحديات التي تواجه هذه الحقوق. فقد كانت المجموعة الدولية شاهدة خلال السنوات الأخيرة على حقيقة أنّ حماية كرامة الإنسان وحرمته الجسدية والمعنوية مرتهنة إلى حد بعيد لأولويات السياسة الدولية لا كما كفلت مواثيق الأمم المتحدة كرامة الإنسان، وأكدت على حقوقه كاملة، ومنعت الانتقاص منها، وجرمت من يسيء إليها، إلا أنها وللأسف عجزت عن تحقيق ما دعت إليه من مبادىء مثالية .وحماية وحرية الراي  " الذي يكون للإنسان الحق في أن يفكر تفكيرًا مستقلًّا في جميع ما يكتنفه من شؤون، وما يقع تحت إدراكه من ظواهر، وأن يأخذ بما يهديه إليه فهمه، ويعبِّر عنه بمختلف وسائل التعبير".
في حين ان التقارير السنوية للمنظمات الوطنية والإقليمية والدولية تعكس واقعاً مؤلماً للانتهاك النمطي لانواع الحقوق في اكثر الدول العربية والعديد من دول العالم :حيث تشاهد  انتهاكات الحق في الحياة، والموت من جراء التعذيب، وانتهاك الحق في الحرية والأمان الشخصي من خلال اعتقالات غير قانونية، وظاهرة المفقودين والمنفيين واللاجئين والنازحين. لقد شهدت المنطقة تغيرات جذرية وغير نمطية بين منتصف العام 2013 وحتى الان في ايجاد دول ارهابية تبيح القتل بمختلف الاساليب الوحشية و على الصعيدين السياسي والاجتماعي، كما أن اكتساء الدولة البوليسية بشكل متزايد بسمات دينية، قد فاقم من الضغوط على الحريات الدينية، وأدى إلى استشراء العنف الطائفي وقادت إلى تأثيرات هائلة على ألاوضاع في مجمل المنطقة خاصة حقوق الإنسان، بجانب الانتهاكات الشائعة الخطيرة وأنماطها وما يرافقها من ظواهر سلبية  فالعوائق جمّة أينما نولّي وجوهنا، سواء تعلّق الأمر بالتفكير في السياسة أو في التاريخ أو في الشأن الديني أو في التربية، وحتى في الأدب والفن كثيراً ما نصطدم بأكثر من عامل معطِّل ، فقد وجدت نظم الحكام العرب ضالتها في تقييد حقوق الإنسان بدعاوى حماية الأمن ومكافحة الإرهاب التي جاوزت الإرهابيين لتنال في بعض الأحيان من المعارضين السياسيين والدينيين والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين وتعكس كذلك صورة متردية لمعاملة سجناء الرأي والضمير وغيرهم من المحتجزين، مثلت عمليات القتل خارج نطاق القانون للآلاف عبر استخدام القوة المفرطة في ملاحقة بعض المشتبه بهم، وكذا ممارسات التعذيب الروتينية التي اصبحت  وجها بارزا للحصانة التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية وغياب الحق في محاكمة عادلة، وانتهاك حريات الرأي والتعبير، والتشديد بدل رفع القيود عن القوانين التي تسمح في حق تكوين الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وحق المشاركة في إدارة الشؤون العامة وفق  الاختصاصات  القانونية  فقط ،  وحق ممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء كان فرديا  او مع الجماعة ( الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، بالتحديد فى البند 18 وتنص على ان كل شخص له الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين ) وضمان كرامة الإنسان وتقع على السلطات العمومية واجب احترامها وحمايتها وترتبط بهذه الحقوق الامورالتالية : الحق في الحياة والسلامة البدنية ومناهضة التعذيب والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وإلغاء عقوبة الإعدام، لاصحاب الراي و حرية التنقل والتعبير، والمساواة بين المواطنين، والتضامن الاقتصادي والاجتماعي و المحافظة على السلم والقانون والنظام العام و حماية الحقوق والحريات الأساسية واستخدام سلطة الدولة لفائدة المجتمع، حيث يجب أن تتسم بالحيادية السياسية. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تكون طرف في الصراعات السياسية انما تبقى محايدة . ولا يجوز بأي شكل من الاشكال تسييس  العمليات الخدمية  وتجييرها لصالح الانظمة الحاكمة ، لان ذلك يهدد الهدف الأساسي منها وهو تقديم المساعدة لمن هم بحاجة إليها بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى وللحكومات الحفاظ على الأمن و لا يبرر لها الاعتداء على حقوق الأفراد في احترام كرامة انسانها بأساليبهم المتشدّدة، وآراء فاسدة ، التي  تقتل حوافز الأفراد وطموحاتهم وتحول المجتمعات إلى جثث هامدة ينال منها العقاب بكل بساطة دون ان تحرك ساكناً ، وليس مقبولاً من الرجال والنساء والأطفال أن يُسلّموا بضرورة التنازل عن حرياتهم أو هجرة بيوتهم أو تحمل أي نوع من المعاناة أو سوء المعاملة في سبيل حقهم في البقاء على قيد الحياة  في عالم لم تعد الحدود فيه تمنع تدفق المعرفة والثقافة  ولم يعد بإمكان أي مجتمع يعيش بمعزل عن غيره من المجتمعات. رغم ان اكثر الدول وخاصة الفقيرة منها  على الصعيد الانساني والثقافي لا يواكب تقدمها العلمي والتكنولوجي العالم  وتسير في العربة الاخيرة من القطار،

عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

397
      الصراع الانساني. بين الظلام وروح البقاء

ان انحدار الإنسان ذاتياً نحو الأنانية في ظل انقلاب المفاهيم المجتمعية وتوجهها نحو الكل دون تمييزهو الجزء المهم في خلق هذه المحن ، الأمر الذي خلق فروق طبقية واجتماعية ساهمت في تأزيم العلاقات البشرية، فكانت الدماء بدل التعقل و جثث القتلى طيلة السنوات المنصرمة لم تعد تؤثر في ضمائر هؤلاء من القتلة وسفاكي الدماء حتى لو استمرت تلك الصور ومهما كان عدد الضحايا ومن اي جنس و لغة ومن اي دين كان وتسعى إلى خلق كيان عالمي متخلخل لا أخلاقي من خلال برامج و سياسات و أدوات تهدف إلى تلويث جميع القيم و المعتقدات الدينية و هذا ما نجده في حملتها ضد الشعوب اليوم ، فلم تعد تؤثر فيهم ولا تحرك ذرة من مشاعرهم الفاقدة للانسانية ؟
اما المنظمات الدولية تصاب بالخرس إذا عاث هؤلاء قتلاً وتفجيراً، بينما تكاد تصرخ بأعلى صوتها عندما تطبق سلطات الدول القانون ومعاقبة هؤلاء الجناة، والذين تؤكد ممارساتهم فعلياً أنهم أبعد ما يكونون عن خانة الإنسان.. والمذهل أن هذه المنظمات تلطم الخدود وتشق الجيوب عليهم لتدافع عنهم بحيلة الدفاع عن حقوق البشر وهم ابعد مايكون عن البشرية.
فهل كانت المجتمعات قائمة على هذا المخزون من الحقد الدفين، لتنفجر في السنوات الاخيرة بهذا الشكل المقزز، او تمثل في شماتة ظاهرة، واستبشار لنصرة فريق منهم ضد الخصم الآخر، وتنشر على هذا الكم في منشوراتهم ووسائل اعلام والتواصل الاجتماعي لتلعب على عقول البسطاء وتستفزهم بل إنها تلعب على مشاعرهم، وتسعى لاستمالتهم كي تستفيد منهم في أوقات الأزمات، وتحرص على تحقيق بعض المصالح الصغيرة للمتعايشين حتى تضمن ولاءهم وتَأمَن تقلُّبَهم، هل هكذا هي العلاقات البشرية ام عليهم أن يضعوا انفسهم مكان الاشخاص الذين هم امامهم ويشعرون بأنهم هم ، ويحاول كل واحد منهم ان يسأل نفسه هل نحن في زمن لا زالت فيه الإنسانية تتمتع بروح البقاء؟ هل نحن أقرب اليها أم أن هناك بون شاسع؟ فمن الإعتيادى أن يكون ذلك الانسان اذا كان واعيا و مفكرا يحترم حقوق الآخرين ويرى أن كل فرد كإنسان مساوٍ لغيره وليس مختلفا لكي نسميه انسان.
لقد توالت على دول العالم احداث جسام زلزلت أركانها وهزتها هزة عنيفة وتركت ورائها الكثير من القتلى والجرحى و الدماء التي سالت بأيدي من هم من شاكلتهم من حيث الجسم والغرائز ولكن فاقدي العقول أكثر مما سالت بيد الغير ، بداية من الممارسات ضد الشعوب الفقيرة والتي تدفع نفسها نحو الحرية وتقابل بالدماء المنهمرة منذ عقود ، مرورا بالأحداث التي نعيشها ونقرأ عنها ونراها كل وقت وساعة في البلدان العربية والإسلامية بداية من السودان والصومال و في ليبيا والاقتتال بين فصائله المتناحرة مرورا بالعراق الذي تعافى والحمد لله من هؤلاء الاشرار فلم ننس بعد ما لحق من مآس وتخريب ودمار في هذه البلد وما يهدد لبنان وصمود سوريا التى دفعوا اليها بآلاف الارهابيين من مختلف الجنسيات و من أنحاء العالم واليمن الذي لازال سعيداً بهمة ابنائه ليدافعوا عن وطنهم من الاوغاد رغم ما يجري على أرضهم من قتل وتدمير وبؤس إنساني يندى له الجبين من قبل من ينتمون الى دينهم والبلدان الاوروبية والافريقية والاسيوية واخيراً وليس اخراً بالامس نيوزلندا واليوم سريلانكا والتي تشابكت مصادرها .
"ألم يحن بعد وقت النهوض أيتها الإنسانية ، متى تفيقي من سباتكي هذا، الى متى ستبقين هكذا،الى متى ستظلين مكبلة بسلالسل النفاق والخداع ، الى متى والأوطان تسقط أمامك كالمطر ، الى متى سيضل الظلام يخفي الحقيقية عن الأبصار ، ألم يحن الوقت بعد ليسع العالم نور الحرية ، أليس كل الأفراد أحرار؟ ألم نخلق لذلك " ... فلماذا الصمت لمثل هؤلاء الاشرار
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

 

398

   نسمع جعجعة ولم نرى طحين

مثل جاهلي يضرب لكثير الصخب بلا فائدة .او يضرب للشخص الذي قوته الحديث من دون ان ينجز اي شي. إن التراثَ هو مزيجٌ من الفكر والقيم والمبادئ والتقاليد الأصيلة التي توارثها شعب أو تواترتها أمة، حتى أصبح تراثها مكوّنًا لبنائها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.. ولا يمكن احتسابه بمثابة انسلاخ عن الحاضر أو استلاب عقلي عن الواقع كما يعتقد البعض ، بل إن ممارسته وتعزيز حضوره في الثقافة يُعد تأكيدًا على قيم ومبادئ ثابتة، ساهمت في بناء وصقل بنية انسانه .

الشعوب أو الأمم الأكثر محافظةً على تراثها تجدُها الأحرص على الاستمرار في دفع الحاضر باتجاه المستقبل الزاهر.ولكن تتراكم الأحلام ..تحقق بعضها وتعجز على تحقيق اخرى ..يترسخ قليلها في الذاكرة بينما تذوب البقية مع الاستعصاء بعدما تدرك ان المطلب مستحيل .

البعض اليوم يعتقد أن العمل السياسي عبارة عن هرطقات، وأن من يحترفونه يخفون من وراءه عبارات مصالحهم الضيقة يسعون فقط لتحقيقها، ويهوون اللعب بالمصطلحات الغامضة و الفضفاضة. وكثيراً ما تبرز حالات ريع سياسي تؤكد بالملموس مثل تلك القناعات بل تكرسها.

ما يؤسف له منذ سقوط النظام السابق ونحن نسمع صرخات وجود الفساد ومكافحتة تزداد من الساسة كافة ولم نرى من تم محاسبته بشكل حقيقي يثلج الصدور وتفتح الافاق في محاربته و إن  كان صوت الضعفاء الذي يسجن صرخات الأرواح التي تبقى مقيدة لا ترقى إلى حيث ما يجب أن تكون عليه اليوم، لتتفجر تلك الصدور التي هشت بتلك الوعود غداً، تلك الكلمات التي يتقنونها وعباراتهم المختارة بتمعن ودقة خاصة عندما يقترب موعد الانتخاب قد تشبّع بها هؤلاء و لا نستغرب هذا لأنه استقطاب واختيار مؤقت بعيد عن الصدق ، وان الانقسام ممهد في هذا المجتمع بعدها، وإن الأمر مرشح للأسوء الذي سيحدث في المستقبل وهو الذي يفشل التعايش خلال السنوات القادمة  وسيعمل لينتصر على الآخر ( لو دمي لو لكمة تمت ) كما يقول المثل الشعبي حباً بالمناصب والشعب ( يروح فدوه ).

 مكافحة الفساد مهمة وطنية كبرى يجب ان تبرز لها جميع طاقات السلطات ( تنفيذية وتشريعية وقضائية ) وعلماء ومثقفين وفنانين ومجتمع مدني ونساء وشباب من كل طبقاته وعدم التهرب من المسؤولية  لان قضاياه اصبحت تؤرق وتجعل الفاسدين يزدادون عبثاً بمصالحه المادية والبشرية وأي تأخير في البث بقضاياهم والتقصير في محاسبة الفاسدين ومحاربتهم سيكون على حساب المواطن والوطن والسكوت عنه هو خراب ديني وأخلاقي مادي ومالي وأمره مردود سيئ على المجتمع وليس لقلقة لسان وتغامز بالعين.

على السياسي اذا كان يسمى سياسي  أن يكون لديه مقياس لمشاعر وقيم الولاء والانتماء وعناصر ومكونات أساسية تكتمل حتى تتحقق المواطنة الصالحة ، والقيم العامة ومعرفة الفرق بين الهوية الوطنية ومشاعر اعتزاز دائماً يفتخر بأمجاده المشهودة، ويعتز بمقدساته، وبتاريخه المضيء، ويتحقق ذلك في جميع المناسبات، وفي كل زمان ومكان ،  يزداد معناها في الحياة وكل ما نحتاجه هو العمل المخلص الفعلي، واذا ما حسمنا امرنا باتجاه التخلص من حب الذات على حساب المصلحة العليا والتوجه الى الاخلاص في كل شيء، سياسيين ومثقفين ومسؤولين بأصدق وأجمل الحروف التي تعبر عن الافتخار والاعتزاز بالانتماء له ، ومطابقة للواقع، وتبين أفعال القادة الأبطال التي يتصف بها الأفذاذ الذين اتخذوا من كتاب الله ودينه الحنيف دستوراً للحياة فعملوا به . لأن المواطنة عبارة عن السلوكيات التي تثبت من خلال ممارسة هويته المجتمعية الحقيقية لا الكاذبة ، وما ينعم به كل مواطن داخل البلد وخارجه من الرخاء ومسيرة البناء التي تشمل كافة مناحي الحياة تطوراً وتقدماً وإنجازاً والواقع أن تنامي الشعور الوطني هو قوة يجب أن يتم التمسك بها و العبرة ليست في من يفصّل الثوب الجديد، ولكن العبرة في من يلبسه، فهل يلبسه بطريقة صحيحة، أم يلبسه بطريقة خاطئة، وحتى دون أن ينظف جسمه من الأدران، اما يشوه الملبس ويضعف هندامه او يجعله مقبولاً بحسن الهيبة ، وهذا مُجرد مثال في تحجيم عمل ما.

ايها السادة يبقى الجسد، هيكلاً رخاميّاً بارداً ما لم يمتلئ بالمشاعر الوطنية، ومواقف العزةّ، عندها يصبح لوجوده معنىً. وما عدا ذلك هو ثرثرة .فكفاكم تقصيرا وتهميشا وقرقعة والمطلوب منكم ان تخرجوا من خلف  مكاتبكم إلى الميدان بين الناس لتلمس حاجاتهم وليس مخاطبتهم من خلال الشاشات والإعلام والكاميرات المؤجرة فقط، ولا تعاملوا الناس كمتسولين أمام مكاتب مؤسسات الدولة لان كرامة الشعب فوق كرامتكم بل هم أصحاب حق مشروع والذي يرعى مقدرات الوطن والمواطن، يحرص على أن تكون أبوابه مفتوحة للجميع ويطلب من كل المسؤولين أن يقوموا بمسؤولياتهم بكل أمانة وإخلاص وتعزيز الشعور بشرف الانتماء إلى الوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته و الاخلاص العملي في البناء والاحساس بالمسؤولية  و حب الوطن انتماء فريد وإحساس راق وتضحية شريفة ووفاء كريم،.

ان تمسك الساسة الحاليون  بالطائفية المقيتة بطرز جديد و التي دمرت مقدرات العراق وحولت الشعب الغني بكل شيئ من انواع الطاقة والزراعة والمياه ومقومات الحضارة والتاريخ ويعتز بالأرض وخيراته لكن تحول إلى شعب يعانى الامر ثم الامر ، الوطن لازال يواجه العديد من التحديات في ظل عالم متغير يتطلب فيه تظافر جميع جهود الأطراف المعنية لمواجهة تلك التحديات، فضلا عن الإرهاب والفساد، والفاسدون نهبوا ثروات الشعب، ولم تنتج سياسات الحكومات السابقة الطائفية سوى الفقر والموت، والإرهاب التهم الكل دون استثناء ، ويلعب اليأس المجتمعيّ دوراً كبيراً في ضياع الإتقان والإخلاص، وعلاج هذا المسبب يقع أولاً وأخيراً على الحكومات المتعاقبة التي أفقدت الشعب ثقتهم فيها، وفقدان ابناء الشعب ثقتهم في حكوماتهم وفي أي محاولة جادة للإصلاح يفقدهم الأمل في المستقبل المشرق، وبالتالي يضيع الإخلاص في العمل، بسبب يقينهم بعدم جدوى أي محاولة مهما كانت. لذا فقد وجب عليها تقديم كافة الحوافز الممكنة من أجل استنهاض العاملين، واستخراج أفضل ما لديهم لا أسوأه،
الانسان المخلص يتخلى عن الانانية والرؤية الضيقة والنرجسية ويتحرك بنقاء بالمشاركة مع الآخرين لتحقيق التغيير، عكس الانسان غير المخلص في العمل الذي يستاثر  بالمكتسبات واقصاء الآخرين ويتسلط عليهم  من خلال بروز النزعات الانانية والذاتية، وجوهر التغيير الصادق والفعال يمر عبر مسيرة الاخلاص و وجود هذه الصفة في أي ميدان تكون سبب للتقدم والنجاح في ذلك المجتمع

عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
   

399

               ***  واقفرت الايام حزناً ***

قد ادمت قلبي

جبال من العذابِ

في دروب من الظلام

اعيشها حتى الان لم اخرج منها

حتى ضحكاتي باكية

في كل يوم

جرح يضاف الى جروحي

تنظر عيني في وجوه الناس

بعد ان ضاقت بي البلاد

كماء نهر قد تبخر

وريح لا ترحم

ترج بدني رجا

نَسجدت الوعود .. واسرفت فيها

سحاب في سحاب

اركض ورائها

واسمع دقات قلبي المتعبه

فأمسك خيالي وادور

حول نفسي

مثل ماثلة الندى تذهب

سكتت كلماتي

ليلي حزن والم

تتكرر فيها احلامي

احاول اقتحام الصعاب

همسات نسيتها على اعتاب الطريق

انها رحلة مبكرة في صباي

عصرت قلبي وقعتها

الم مميت يجتاح اوصالي

ضاقت حدود الكون في عيني

واقفرت الايام حولي

لاحس ولا خبر

وتسقط سنوات عمري

لحظة بعد .لحظة

ساعة بعد ساعة

كأوراق الخريف عبر سنوات الزمن

احلاها مر.. تدفنها الحسرات في قلبي

ولم تزح ركام الضباب

وتناثرت بين ذرات رماد المواقد

ومسحت رحيق احلامي في اخر المشوار

واسقط كزهرة  ذابلة علي الأرض

 فيرتطم صوتي بين اذرعي الخاوية

فيختفي ويرتد الى فراغ             

وشفاهي ترتجف بكلمات بلا معنى

فزعاً ورهبةً

وازداد ترنحاً

امسك الارض بشدة

تاخذني الى عالم بعيد

فتبتعد الصور حتى تختفي ظلها

واقع بين احضان اليأس

16/4/2019

400
شهداء الفيلية ...دفاتر الروح النابضة

يفتخر الوطن بشهدائنا الأبرار الذين رحلوا باجسادهم واستشهدوا بشرف وكلّ روح شهيد كسّرت قيود الطواغيت، وكل يتيم غسل بدموعه جسد أبيه الموسّم بالدماء وكل أم ما زالت على الباب تنتظر اللقاء ،فعطائهم بارواحهم  لحظة التسامي فوق هذه الغرائز العمياء، حينما يثبت في مواجهة الموت، ، لنَرفع رؤوسنا عالِيًا بشُهدائِنا، ، واحِدًا واحِدًا، سالت دماؤهم الزكية لتروى أرض الوطن فتثمر أشجار الحياة والحرية وبتضحياتهم في سبيل العزة والرفعة فطوبى لهم، وعلى مر السنين هم سطروا حروف من نور ستظل مشعشعة مدى التاريخ في دفاتر الروح النابضة بالحياة ، فهم أناس آمنوا بقضيتهم واناروا ظلمة الحياة للقادم ، فازدادوا عشقاً للفداء بالنفس في سبيله. ليصنعوا مستقبل أفضل لنا ، لم تردعهم صورة الموت في سبيل عزته وإسهاماته الإنسانية ومن أجل نصرة الحق وأهله في شتى بقاع الأرض بإيمانهم ، أن ذلك هو جزء من ثقافة حياة سامية، وهو اختبار يتخطى بمعانيه الوجود الحسي، ليسمو في أعلى درجات النبل بها. التي يمثلها الشهيد في مختلف المواقف الإنسانية أو تلك التي يسعى لتجسيدها بين الأمم الأخرى .شهادة شبابنا باتت واحة الكرامة ومقصداً رئيساً للزوار ، و الانتصار على الظلم و الطغيان و تخليد سيرهم  رواية فخر وعز دائمة لهذه التضحيات ومعلماً انسانياً يحكي بكل فخر وعزة قصص وفاء هؤلاء الأبطال ابناء ابناء الكورد والكورد الفيلية ، الذين قدموا أرواحهم للحفاظ على كرامة وعزة امتهم  ، وقصة مجد ترويها بطولات الشهداء. زاخرة بالمعاني و المضامين القيمة، و إثارة لنخوة الرجولة في القلوب ، بعد المعاناة من ويلات الحروب والفوضى . وأرواحهم الطاهرة ستظل نبراساً لنا نهتدي بها لتضيء لنا الطريق ونستمر في العمل لرفعتنا وستبقى امتهم الطهورة عصية على اعدائها وكل من تسول له نفسه العبث باسمهم ليمارسوا هواية العيش المزيف، والركض خلف قوس قزح،يلهوه العبث. يتشاجرون على حطام الدنيا ، إن أرواح الشهداء في اجواف طير خضر تعلق في ثمرة الجنة أو شجرة الجنة. يجب علينا ان لا  نظلم شهدائنا مرة أخرى بعد ان ظلمهم النظام فهم ظلموا وقتلوا ونحن نأتي لنظلمهم ثانية فنغطّي آثارهم ونعوضهم بالمال فرحين بما اتاهم السلطان، وندفن أفكارهم كما دفنت أجسادهم ظلماً وعدواناً هل هذا جزاء الشهادة .. أهذا هو جزاء تلك الدماء الطاهرة.. أمن الحبّ لهم أن لا ننشر أفكارهم، إن الأمة التي تنسى عظمائها لا تستحقهم.

وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ 169)

صدق الله العلي العظيم—ع

عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي فيلي




401
الادارة الامريكية وقرارات لخلط الاوراق
الادارة الاميركية  برئاسة الرئيس دونالد ترامب كانت قد اعلنت في ايام الاعداد للانتخابات وما بعدها ان الولايات المتحدة الامريكية هي من اسست الارهاب . وهي المسؤولة  عن الكثير من الجرائم من خلال ايجاد طالبان في افغانستان لمحاربة التواجد السوفيتي السابق بالاعتماد على تصريحات وزيرة الخارجية الامريكية السابقة هيلاري كلنتون للاعلام وكذلك ما نصت عليه في مذكراتها لتلقي الضوء على مشكلة هذا العصر الذي تأجج فيه الارهاب وادى الى تفاقم اوضاع العالم بهذه الوتيرة من التردي في البناء الانساني في ايامنا الحالية وتكون خطراً رئيسياً على السلام والامن الاقليميين والدوليين وانتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية وميثاق الامم المتحدة . حيث ليس من المعقول أنه فى الوقت الذي يتم فيه اعتماد قرارات دولية مهمة منها قرار مجلس الأمن رقم ٢٣٥٤ بشأن الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي تقوم بعض الأنظمة والحكومات  بإنتهاك تلك القرارات علانية عن طريق التحريض على الإرهاب ودعمه وتمويله وتسليح وإيواء الإرهابيين وهي تعلم مسبقاً أنها لن تكون عرضة للمحاسبة أو المساءلة.
ان الاتهام بالارهاب لمؤسسة حكومية مثل  الحرس الثوري الايراني عملية لخلط الاوراق يراد منها وحماقة واستهتار وهلوسة المال  الخليجي لايران فوبيا وسابقة خطيرة بالعلاقات والسيادة الدولية  وان  شعار مكافحة الارهاب أصبح سلاحاً تستخدمه أميركا باحترافية ضد من يقف أمام مصالحها أو يدعم من لا ترغب هي أن يدعمه أحد، والمتابع لاتهامات الجور هذه يراها انتقائية وظالمة في معظمها ولا تتعدى الامكانيات الموجودة للتعامل مع هذه الظاهرة دون حرص بالمستوى الحقيقي يستهدف استئصال جذورها فكرياً وايجاد وسائل اصلاحية تربوية ومنظومة من القيم الانسانية لمحاربته بنبذ الارهاب والتطرف والعنف اينما كان .إلا ان المشهد الذي وقعت الولايات المتحدة الامريكية في خطئه من خلال  دعم الحكومة الحالية للكيان الاسرائيلي برئاسة نتانياهوفي الانتخابات (كما ظهر بالصورة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهو يبتسم ويصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اكثر الطرق الرئيسيةفي الكيان  ( والتي حصلت على نتائجها حسب التقارير المعلنة  و المجموعات الارهابية سياسيا وعسكريا باموال الدول المتهلوسة  وتراجعها عن تعهدها بتمويل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بمبلغ مليونى دولار كما خفضت مستوى تمثيلها فى مؤتمر وكالات مكافحة الإرهاب وتتحمل مسؤولية جميع التداعيات التالية لهذا الاجراء التعسفي والعملية  الطائشة والخطرة  و لم تسعف ارادتها أن تنسلخ تماما مما اتهمت به منذ اكثر من 16 عاما تماما بما قامت به من جرائم وأصبحت تعشق رائحة الدم ومنظر جثث الأبرياء والأطفال وتنكل بهم وتسومهم سوء العذاب كما هي في اليمن وتتفنن في تعذيبهم قبل القضاء عليهم بأبشع الطرق بيد عناصرها الممولة من التحالف الدولي المرتبط بهم والمجهزة بأحدث الاسلحة والطائرات المقاتلة .
 أما الكيان الصهيوني الإسرائيلي فهذا بعيد كل البعد عن قائمة الإرهاب رغم جرائمه في حق الفلسطينيين على مدى قرن من الزمان، التي فاقت في شنعها محرقة الهولوكوست المزعومة ولا يمكن الهروب منها ، فرمت التهمة على دولة جارة هي قد نالت من الارهاب مانالت وقدمت ما قدمت من دماء وارواح  وتقف بوجه الارهاب بالمال والسلاح وقدمت ما قدمت من العطاء المالي للقضاء عليه في منطقة الشرق الاوسط في دول مثل العراق وسوريا واليمن حيث وقفت الى جانب شعوب تلك الدول للخلاص من هذه الافة الخبيثة وهي على وشك الانتهاء منه وهي الجمهورية الاسلامية الايرانية ولدور حرس الثورة الاسلامية في مواجهة القاعدة وداعش والنصرة وباقي الجماعات الارهابية يحظى بالتقدير من قبل شعوب وحكومات الدول المتضررة من تلك الجماعات وقراراتخاذه  كمنظمة ارهابية يكون قد اتخذ افضح قراراته الغير منطقية حيث كانت هذه القوات دائماً في الخط الاول لمواجهة الارهاب والتطرف في المنطقة  .هذه الخطوة قد تجعل مسؤولي الجيش والمخابرات والمؤسسات الاميركية في المنطقة عرضة لاجراءات مشابهة من جانب الشعوب الغاضبة من ممارساتها وجعلها ان تقف امام محاولة  فرض السياسات الامريكية العدائية على المنطقة كي لا تعيش حالة من الابهام ، لان مشاکل المنطقة والتی نشأت معظمها من السیاسات العقیمة للدول الامبريالية وعلى رأسها واشنطن ، لیس فی اصدار مثل هذه القرارات التي لاقیمة لها بل فی التخلی عن السیاسات المحابیة للارهاب ودولها الداعمة وانهاء الغطرسة والعمل على رفع قدرات الدول من خلال تقديم مساعدات لأجهزة مكافحة الإرهاب التابعة لها، خصوصاً في ظل اتخاذ التنظيمات الإرهابية من أراضي الدول التي تعاني فراغاً أمنياً وصراعات داخلية حيث تتخذها مسرحاً ومنطلقاً لتنفيذ مخططاتها العدائية ضد مختلف دول العالم». وضرورة تفعيل آليات مكافحة استخدام شبكة الإنترنت لتجنيد العناصر الإرهابية، خصوصاً الشباب، والتحريض على العنف والإرهاب ونشر الكراهية وازدراء الأديان، و الإرهاب والتطرف العنيف لا يمكن ولا ينبغي ربطهما بأى ديانة أو جنسية أو حضارة أو جماعة عرقية . مع ضرورة عدم الخلط بين التحريض على العنف والإرهاب وبين الحق في حرية التعبير عن الرأي، وأهمية اغلاق المواقع التي تتضمن المحتوى التحريضي للارهاب ودعم والقبول بمطالب شعوب وحکومات المنطقة لنیل الاستقلال والحریة وتحقیق التقدم والازدهار والحیاة الکریمة. عليهم فضح ارتباط ووحدة المصالح الرئيسية لجميع هذه الدول، على الرغم من التناقضات الثانوية في المصالح التي تظهر أحيانًا وتؤدي إلى اندلاع الصراعات بينهم
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

402
تهجير الكورد الفيليون ... صفحات الم لا تنطوي
ذكريات تثير فينا الشجن، وصفحات مؤلمة من الاوجاع ،تعيد لنا الحزن، تعود بنا إلى الم الماضي الذي نرفض نسيانه، ألا يكفي أنها ما زالت باقية فينا، وأننا أصحابها ونبحث عن فلذات قلوبنا المغيبين ، مازالت تعيش معنا  في قلوبنا وضمائرنا وأرواحنا.انها مأساة لا تمنحى من ذاكرتنا .وصفحاتها لا تنطوي لانها كتبت بدماء قلوب الثكالى والمفجوعين .:
نستذكر في هذه الايام جريمة مؤلمة ومن أجل ان لا تتكرر ومنع عمليات  الإبادة الجماعية بصفتها جرائم خطيرة ضد الانسانية بشعة و انتهاك للشرائع السماوية والدنيوية وللأعراف الأخلاقية والمواثيق الدولية عمدت الأجهزة الحزبية والقمعية لحزب البعث ، وبإيعاز مباشر من رأس السلطة ، وتواصلت عملياتهم الاجرامية إلى حرمان الآلاف من الكرد الفيليين من حقهم في المواطنة العراقية التي اكتسبوها أبا عن جد وتهجير اكثر من 600 الف منهم على مسمع ومرأى من المنظمات الدولية في العالم ، وتعرضهم  بشكل مفرط إلى عملية التهجير القسري وعمليات الإبادة الجماعية بما يتطابق مع ما نصت عليه المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة “اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية” التي أقرتها الأمم المتحد في 9 كانون الأول/ ديسمبر عام 1948 وأصبحت سارية المفعول في 12 كانون الثاني/ يناير عام 1951، والتي تعتبر الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية بمثابة إبادة جماعية ونهبت أموالهم وسلبت ممتلكاتهم وتركوا على الحدود عرضة للعصابات الاجرامية والتقلبات الجوية دون رحمة بالكبير والصغير ومن تبقى منهم من الشباب والعقول النيرة الى السجون والمعتقلات ثم المصير المجهول ، بدافع أحقاد قومية وطائفية جاءت في سياق حملة ترويع شاملة ضد كل العراقيين الذين اعتبر الحاكم الجائر أنهم قد يكونون عائقا يحول دون بسط هيمنته الفردية المطلقة.
وإحياء ذكرى ضحايا بلغ عددهم اكثر من عشرين الف من شباب الكورد العراقي  الفيلي والتأكيد على الحق في الإنصاف والجبر وفقاً لمبادئ وأحكام القانون الدولي ... لان الإبادة الجماعية لم تحدث فجأة ، بل جريمة منهجية ومدبرة بحسب أهداف محددة لنظام البعث الشوفيني وحدثت خارج نطاق حالات النزاع في عصر يتنامى فيه التعصب والكراهية على أساس أشكال مختلفة من التمييز العنصري والنوعي وتقييد حقوق الإنسان وإرتكاب أعمال العنف الوحشية .
ومن هنا ونحن اصحاب القضية الاساسية ومعنا جمع الاحرار في العالم  من أجل حماية المكون الفيلي وهويته الوطنية ووجوب معالجة مشكلته الدائمية وفق الحقوق المنصوصة عليها في الدستور والقوانين اللاحقة التي صدرة في العهد الجديد بإعتبارها سياسة عنصرية مارستها الأنظمة الدكتاتورية السابقة المتعاقبة على الحكم ويستوجب إنهائها في عهد العراق الديمقراطي الإتحادي التعددي وتحديد نطاق مسؤولية الحماية وبذل الجهود في مجال المنع وإتخاذ التدابير الوقائية والتظافر المشترك في حماية الأفراد من الخروقات الكبيرة التي تطالهم  وإن مسؤولية إحترام حقوق الإنسان تقع على عاتق الجميع والتصدي للحالات التي قد تؤدي إلى الإبادة الجسيمة ووجود المجموعات المهددة بهذا الخطر وتأمينها من الإنتهاكات الجماعية والمنهجية لحقوق الإنسان والتمييز الممنهج وعبارات الكراهية التي تستهدفها نتيجة إنتماءاتها قومية أو إثنية أو عرقية أو خاصة في سياق إرتكاب العنف الفعلي أو المحتمل . عندما تمتهن الكرامة وتخرس الكلمة ويتجبر الطغاة يبعث الله تعالى رجالا يحبونه ويحبهم , ويضحون من اجله , يختارهم لكسر جبروت الطغاة ,  واعادة صياغة الكرامة,  حتى يتحرر القلم والكلمة فتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين ظلموا هي السفلى . ولانملك في هذه الذكرى او الفاجعة إلا ان نستذكر شهدائنا الابرار وشهداء العراق الا أن ننتهز الفرصة كي نتعلم منه كيف نتغلب على مكر الطغاة وفنون السياسات الحاكمة ونلوي ذراع التصريحات والوعود العسلية ونرقى بشريحتنا المغلوبة الى قمة المجد وأنتزاع حقوقنا المشروعة , ولايتحقق ذلك الا بالسمو الى اعلى مستويات النضج الفكري والابداع السياسي والمزيد من الالتفاف حول الجهات السياسية المدافعة عن قضيتنا والمخلصة للدفاع عن حقوقنا .
المجد والخلود لشهدائنا الابرار
 عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي فيلي

403
الوطنية والموقف الوطني
الوطنية والوطن ليست شعارات يعرضها كل يوم سياسي من سياسي الحقبة الحالية وليست عبارات هامشية انما الوطنية تعني المواطنة وحال هذا السياسي الذي ينهب من أموال الشعب بدون وجه حق، ويعيش حياة المترفين المنعمين، في الوقت الذي يموت فيه الشعب من الأوضاع الاقتصادية المنهارة والأزمات الإنسانية المتلاحقة. ومع هذا فهم يهتفون ويصفقون لهذا السياسي الذي لا يشعر بأحوالهم أو أزماتهم، ووجوه القوم لا ترى فيها إلأ البؤس والحرمان والفقر، وعلى الرغم من هذا ما زالوا يصدّقون كلام هؤلاء السياسيين الذين يلعبون بألفاظ الكلام ويطلقون الشعارات الرنّانة فتعجّب أشد العجب منهم. ان من أعظم العلاقات وأجلها حب الوطن ايها السادة لكي تسمى مواطن والتي يجب أن لا يشوبها أي كره أو خيانة او فساد او سرقة  أو مضرة مما يضر أمن الوطن وقيمه ومنجزاته.
كما يتوجب على المواطن أن يكون لديه مقياس لمشاعر وقيم الولاء والانتماء وعناصر ومكونات أساسية و تكتمل مكونتها حتى تتحقق المواطنة الصالحة، وهذه المكونات هي: الحقوق، والواجبات، والمشاركة المجتمعية، والقيم العامة ومعرفة الفرق بين الهوية الوطنية والمواطنة الصالحة، لأن المواطنة عبارة عن السلوكيات التي نثبت من خلال ممارست هويته ، و بتعزيز الشعور بشرف الانتماء إلى الوطن، والعمل من أجل رقيه وتقدمه، وإعداد النفس للعمل من أجل خدمته ودفع الضرر عنه، والحفاظ على مكتسباته و الاخلاص العملي في البناء والاحساس بالمسؤولية  و حب الوطن انتماء فريد وإحساس راق وتضحية شريفة ووفاء كريم، فهو ليس مجرد لباس أو لهجة أو جنسية أو قانون أوعطور فواحة اجنبية و أصباغ على الوجه .
 إنه أسمى من ذلك جميعاً، إنه وسام على الصدور ووشم على القلب يمكن غرس شجرة معانيه في نفوس أبنائه من خلال ربط أبناء الوطن بدينهم، وتنشئتهم على التمسك بقيمه ، والربط بينها وبين هويتهم الوطنية، وتوعيتهم بمخزون ثقافته وتاريخه وحضارته باعتباره مكوناً أساسياً له. "التَّعَلُّقُ بِالوَطَنِ وَحُبُّهُ وَالْإِخْلاَصُ لَهُ وَالتَّضْحِيَةُ مِنْ أَجْلِهِ " بحدوده المعروفة ومقوّماته السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والدينية والقومية  و شعوراً مناسباً وطبيعياً ناتجاً عن ارتباط الشّخص بالوطن الذي وُلد وعاش فيه، وشكلأً من أشكال الشكر للفوائد التي عاد بها هذا الوطن عليه كالعيش على تربته، وبين مواطنيه، وتحت القوانين الخاصّة به، بالإضافة لاعتبار الوطنيّة جزءاً مهماً من الشخصية، هو أغلى ما يملكه ، وأن مهما بذل لأجله، فلن يوفيه حقه، لانه عاش  تحت ظله، وأكل من خيراته، وترعرع فوق أرضه وبين جنباته، وتوفر له بهذا الوطن الأمن والأمان، وبعد كل ذلك، فمن الذي يحق له ان يقول احب وطني . بحجم الوطن وعظمته  وعشقه يكون في المقابل عطاء من قبل أبنائه ،العطاء الكبير الذي لا تحده حدود وحب الوطن والاعتزاز به يظلُّ حباًّ يغمر النفوس ويستولي على شغاف القلوب، حباًّ يجعل الوطن الأسمى والأغلى والأجدرَ بكل معاني الحب والاخلاص، حباًّ يجعل الانسان يَهِبُّ للدفاع والذود عنه بكلِّ بسالة وفخر واعتزاز إذا ما تعرض لأي نوع من الاعتداء، وهذا واجب كل إنسان يعيش على أرض الوطن وينعم بخيراته التي لا تعدُّ ولا تحصى.
يتجلى حب الوطن من خلال العطاء المخلص وبذل الجهد الأكبر في العمل الذي يؤديه المواطن والمسؤول في أيِّ موقع كان، وفي أيِّ مستوى من مستويات العمل، وانطلاقاً من أهمية العمل الذي يصبُّ أولًا وقبل كُلِّ شيءٍ في مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره ورخاء أبنائه ؛ فالوطن " أولى مَن يُقدَّمُ له ويُعطى من الوقت للاعتناء به، والعمل من أجله واجبٌ حتميٌّ، ودَيْنٌ يُطَوِّق الأعناق"
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي.
         
 
 

404
التجسس مهمة قذرة لتخريب البلدان...القسم الثاني
لقد أظهرت الوقائع والأدلة أن الجواسيس الدوليين هم السبب الحقيقي وراء الاضطرابات التي تشهدها العلاقات الدولية وكذلك شبكات التجسس المختلفة التي لها الدور الكبير في فنزويلا والاحداث الجارية فيها ولان  الرئيس مادورو يصرف مردود النفط بشكل اكثر عدالة على المجتمع من خلال البرامج الاجتماعية التي تخدم الفقراء في فنزويلا. رغم ان الاشتراكية الفنزولية لاتتعدى تاميم قطاعات معينة وتقديم الخدمات الاجتماعية للقطاعات التي كانت مهمشة تحت الأنظمة السابقة. ومن هنا تحاول الإطاحة بحكومتها ولا يختلف هذا العمل عن عشرات التدخلات السابقة والتي تشمل شيطنة واشنطن .
ان الوسائل الحديث للتجسس الإلكتروني هي التي اصبحت  أحدى أخطر وأجدى أنواع الوسائل المتطورة دائماً وهي واحدة من تلك الانشطة واستفاد وادرك الكيان الاسرائيلي اهميتها وجند إمكانياته بهذه الوسائل للتجسس على بعض الدول العربية وعلى رأسهم فلسطين ومصروسورية والعراق والكثير من الدول الاخرى  حسب المعلومات الاعلامية التي تنتشر ، بالإضافة إلى حلفائها كالأمريكيين والغرب، وبذلك امتد ذراع التجسس الإلكتروني إلى أقصى حد ممكن يخدم مصلحة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية تدفع شهريا لعملائها الذين يتم تجنيدهم، مبالغ تتراوح بين ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار، بحسب المنطقة التي يعملون فيها، وجميعهم يتلقون مرتباتهم الشهرية عبر شركة تحويل عالمية ومعروفة، لها فروع في أغلب دول العالم، بهدف جمع معلومات عن الاحزاب والكيانات العاملة في الساحة العراقية وكذلك القيادات الامنية وخاصة قياديي الحشد الشعبي في الأنبار وفي اي مكان لتواجدهم”. التي بدأت بالفعل بتهديد  بعض شيوخ العشائر ممن كانوا يقاتلون مع داعش بتسليمهم للجهات الأمنية لكي يعتقلوا او يتعاونون معهم بصفة مخبر سري" .والعراق اصبح ساحة مفتوحة ومخترق السيادة على أرضه من قِبل داعش والولايات المتحدة والكثير من الجهات الاستخبارية الدولية ، فمن الطبيعي أن يكون مخترقاً استخبارياً لعدم استقرار الدولة المؤسساتية فيه والصراعات الحزبية ،  ومن هنا علينا أن نعلم بأن آثار التجسس الاستخباري على العراق لن تزول في مدة زمنية قريبة و قد تستمرلعشرات السنين المقبلة. ومن هنا يطالب ابناء الشعب العراقي في هذه الايام بان يراقب ويكشف عن اولئك الجواسيس وتجريدهم من حقوقهم المدنية ويوضعوا على القوائم السوداء ويحالوا الى المحاكمة ليطبق عليهم قوله تعالى 'ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ات يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه' وقوله تعالى 'ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب'،.لان التجسس بات يُمثّل قطاعاً ومورداً اقتصادياً للاجيال الحالية وخاصة الشباب العاطلون الذين يفتشون عن موارد للعيش وقد تكون  صدمة إن قلنا إنهم قد يجندون أيضاً مديرين عامين في مؤسسات عراقية وضباطاً كبار، وأنا لا أستغرب إن سمعت في يوم ما أن وزيراً أو شخصية حكومية في اعلى المراتب متورط في عمليات تجسس على العراق لمصلحة تلك الدول" فمن خان من القيادات العراقية التي سلّمت الموصل والرمادي وصلاح الدين لا اعتقد انه يهون عليها اي شيئ سوى مصالحهم ولم يبقَ من الوطن سوى الشرفاء، الذين تشاركوا في القضاء على عدو مشترك واحد وهو داعش ما اثبت وطنيتهم ووفائهم للارض  قدم الكثير منهم ارواحهم وما اكثرهم. ولا يمكن إيقاف تلك الظاهرة وإنهاء آثارها السلبية ونتائجها التي أثرت على العلاقات الدولية إلا من خلال معاهدة دولية تضم جميع الأطراف الفاعلة خاصة أمريكا ومعها الأوروبيين¡ فقد أظهرت الوقائع والأدلة أن الجواسيس الدوليين هم السبب الحقيقي وراء الاضطرابات التي تشهدها العلاقات الدولية وكذلك شبكات التجسس المختلفة . بحسب مراقبين ان الولايات المتحدة الامريكية مؤخرا تعرضت لانتقادات شديدة على أعمال التجسس التي تقوم بها مع حلفائها الأوروبيين (وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) وما كان لتلك الدول أن تقدم لها مبادرة أوروبية لاستعادة الثقة مع واشنطن بعد فضيحة التجسس على دول أوروبية لولا جهد اللوبي الصهيوني في واشنطن والذي يوازي نفس الجهد القائم على التجسس في الدول الأوروبية ..    والجواسيس يتشابهون على ما يبدو أن تجنبوا السقوط في سجن المراقبة الشاملة بالنسبة لأولئك الذين يحاولون الفرار من  مواصلة العمل في هذه المستنقعات، يتطلب ثمناً باهظاً اذا ما ارادوا الخروج من هذا المأزق حسب التجارب على مر الازمان التي مرت بنا حيث تقوم الشبكات بتصفية تلك العناصر الخارجة عنها بأي شكل من الاشكال حتى لا تبوح بالكشف عن برامجها او نشاطاتها التالية. ويرتبط مصير العملاء المزدوجين وغيرهم  بطبيعة الانظمة التي طالتها القضية وحاجتها إلى "أمثلة" على ردودها، من أحكام السجن القاسية إلى الخطف والقتل. ان الخيانة هي الخيانة، وليس هناك ما يبررها رغم ما في وسائل العدو من بشاعة وقذارة وتهديات لاسقاط الناس في فخ العمالة، وطالما انه فعل مشين فإن مقاومتها ومحاربتها ينبغي ان تأخذ اولوية عامة لكثرة ما فرضت من تراجعات على مجمل القوة السياسية  وما لديها من اوراق افرغت تباعا جراء كشفها المتواصل من الجواسيس لعدوهم. والخطورة الكبرى في هذا السياق تتأتى من الجواسيس الذين يعملون في الحكومات  والمراكز المختلفة في الدول ما يتولونه ويطلعون عليه من معلومات.ولا بديل عن الاعدام الفوري لكل من تثبت عمالته، وهذا هو البديل الوحيد لكسر الابتزاز والتهديد المستخدم في تجنيد العملاء. وقد قال الخبير الدولي ريمي كوفر الخبير في عالم الاستخبارات ومؤلف كتاب «سادة التجسس» الصادر عن دار النشر الفرنسية بيران العام 2017، «في الدول الاستبدادية أو الشمولية، يتبع أسلوب القوة يحاولون استدعاء هؤلاء لمحاسبتهم "ولا يقل عن نهاية حياتهم للخلاص منهم بعد اتمام مهامهم .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

405
التجسس مهمة قذرة لتخريب البلدان ..القسم الاول
التجسس، ظاهرة قذرة وقديمة قدم الإنسان و صورة من صور ضعف الإيمان، الى الجانب الانحراف الأخلاقي والسلوكي،وضعف الشخصية التدينية ، وقلة مراقبة النفس، فهو يدلُّ على دناءتها وخسَّتها، وضعف همَّتها، وانشغالها بالتافه من الأمور عن معاليها وغاياتها ويؤدي إلى فساد الحياة؛ فتصبح مليئة بالشكوك والتخوفات، فلا يأمن الإنسان على خصوصياته من أن تنكشف أو تظهر للناس، بل يعيش المرء في حالة من الشك الذي لا ينتهي واصبحت حالة شائعة في السياسة الدولية منذ اوائل القرن الماضي وخاصة اثناء الحروب العالمية ( الاولى والثانية من القرن الماضي ) وكانت إلى فترة قريبة من الأعمال المجرمة بالقانون الدولي ولكنها أصبحت في الظرف الراهن اداة للسيطرة على الشعوب لسرقة مقدراتها وموضوعا للتباهي رغم أنها أداة تخريب للعلاقات الدولية والسلام العالمي وهي خلافا للاستخبارات ذات الصلاحيات الوطنية. ولها تواصيف مختلفة واساليب ايضاً في مراقبة الخصوم ووسيلة لتخريب البلدان أوشراء المنظمات المعادية أوتمزيق الحركات المخالفة أوتصفية الاشخاص. (لأنَّ الظنَّ يبعث عليه حين تدعو الظانَّ نفسه إلى تحقيق ما ظنَّه سرًّا، فيسلك طريق التجسس) وتعتمد على شبكة من الجواسيس ترسلها الجهات والحكومات والمجموعات إلى أراضي المقابل لجمع المعلومات في مساعي للحصول على المعلومات العسكرية والسياسية والعلمية والإنتاجية ذات الطابع السري المهم. ويعمل الجواسيس عادة ضمن منظمات يتلقون من خلالها أوامر بإرسال معلومات معينة. وقد يُجبر البعض على التجسس دون رغبتهم. .( من ثمرات سوء الظن التجسس كما يذكر، فإنَّ القلب لا يقنع بالظنِّ، ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضًا منهي عنه، قال الله تعالى: ﴿-;- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾-;-12سورة الحجرات فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنه في آية واحدة، ومعنى التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستر الله، فيتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر؛ حتى ينكشف له ما لو كان مستورًا عنه كان أسلم لقلبه ودينه). قال الغزالي: (مهما رأيت إنسانًا يسيء الظن بالناس طالبًا للعيوب، فاعلم أنه خبيث الباطن وأنَّ ذلك خبثه يترشح منه، وإنما رأى غيره من حيث هو، فإن المؤمن يطلب المعاذير، والمنافق يطلب العيوب، والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق ).في الماضي كانت الاستخبارات البشرية الأكثر اعتمادا لعدم وجود وسائل مثل الان في عمليات مستخلصة متكونة من العملاء الجواسيس والخلايا التابعة لها. وتقوم وكالات الاستخبارات بتقييم وتفسير المعلومات الواردة منهم وباحثيهم . في حين تستخدم بعض الحكومات اليوم طائرات تجسس منها بدون طيار وأقمارًا صناعية وشأنها شأن الكثير من الممارسات المتطورة في العمليات مع تطور التكنولوجيا ووسائل الاتصال، أو من بعض الأجهزة الآليَّة مثل أجهزة التنصُّت الإلكترونية.وساعد التقدم التقني والرقمي في تطور عمليات التجسس والتنصت وأصبحت وكالات الاستخبارات تعتمد كثيرا على التجسس الإلكتروني الذي وصفه نيكي هاجرن التجسس بـ“الجيل الرابع من الحروب”، وتنوّعت مصادرة المعلومات وآليات الحصول عليها، من أمثلة ذلك:وكما نشاهده في منطقة الشرق الاوسط حيث اخذت هذه الظاهرة بالازدياد بشكل كبير وذلك لأسباب كثيرة من بينها الأوضاع السياسية وما بعد ما سميت " ثورات الربيع العربي "في ليبيا ومصر وتونس خلال السنوات الماضية وحروب سورية والعراق واليمن الأمر التي وفرت لشركات التجسس العالمية سوقا نشطة جديدة لبيع برمجياتها للحكومات وخاصة العربية من أجل مراقبة الأوضاع والسيطرة على شعوبها خوفا من انفلات الامور من ايديهم ومبالغ خيالية قد لا يتصورها العقل . الولايات المتحدة الأميركية تمارس التجسس على دول أوروبا و على معظم الدول وخاصة الدول النامية حتى أن الأوروبيين في أنشطة التجسس المختلفة سيما مع البلدان النامية ركزوا على جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية وأنشأوا مراكز ومنظمات على أنها بالظاهر هيئات مدنية معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان فيما هي في الحقيقة أوكار تجسس . وقد كشف سنودن بوثائق سرية مُسَرَّبَة، إن عمليات التَجَسُّسِ طالت وزارة الخارجية الفرنسية، ومراسلات الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف والرئيس المكسيكى إنريكى بينيا نييتو، كما طالت المقر الرئيسى للأمم المتحدة ذاتها، وقد ظهر تقريرٌ لإحدى الهيئات الأمريكية المهتمة بالعلوم؛ يفيد إمداد الولايات المتحدة عددا من الدول بأجهزة لمراقبة المواقع الإلكترونية والتَجَسُّسِ على النشطاء. من الوسائل الحديث للتجسس هي الحالة الإلكتروني التي اصبح أحد أخطر وأجدى أنواعه الوسائل المتطورة دائماً هي واحدة منها واستفاد وادرك الكيان الاسرائيلي أهمية هذا النوع وجند إمكانياته بهذه الوسائل للتجسس على بعض الدول العربية وعلى رأسهم فلسطين حيث ضبطت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة شاحنة محملة بأحذية عسكرية مُزودة بشرائح تعقب إلكترونية سرّية بغرض التجسس على عناصرالمقاومة وتتبّع ورصد تحركاتهم.ومصروسورية والعراق والكثير من الدول الاخرى حسب المعلومات الاعلامية التي تنتشر ، بالإضافة إلى حلفائها كالأمريكيين والغرب، وبذلك امتد ذراع التجسس الإلكتروني إلى أقصى حد ممكن يخدم مصلحة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الامريكية تدفع شهريا لعملائها الذين يتم تجنيدهم، مبالغ تتراوح بين ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار، بحسب المنطقة التي يعملون فيها، وجميعهم يتلقون مرتباتهم الشهرية عبر شركة تحويل عالمية ومعروفة، لها فروع في أغلب دول العالم، بهدف جمع معلومات عن عن الاحزاب والكيانات العاملة في الساحة العراقية وكذلك القيادات الامنية وخاصة قيادي الحشد الشعبي في الأنبار وفي اي مكان لتواجدهم”. التي بدأت بالفعل بتهديد بعض شيوخ العشائر ممن كانوا يقاتلون مع داعش بتسليمهم للجهات الأمنية لكي يعتقلوا او يعملوا معهم بصفة مخبر سري" .والعراق اصبح ساحة مفتوحة ومخترق السيادة على أرضه من قِبل داعش والولايات المتحدة والكثير من الجهات الاستخبارية الدولية ، فمن الطبيعي أن يكون مخترقاً استخبارياً لعدم استقرار الدولة المؤسساتية فيه والصراعات الحزبية ، ومن هنا علينا أن نعلم بأن آثار التجسس الاستخباري على العراق لن تزول في مدة زمنية قريبة و قد تستمرلعشرات السنين المقبلة. وبات التجسس يُمثّل قطاعاً ومورداً اقتصادياً للاجيال الحالية وخاصة الشباب العاطلون الذين يفتشون عن موارد للعيش وقد تكون صدمة إن قلنا إنهم قد يجندون أيضاً مديرين عامين في مؤسسات عراقية وضباطاً كبار، وأنا لا أستغرب إن سمعت في يوم ما أن وزيراً أو شخصية حكومية في اعلى المراتب متورط في عمليات تجسس على العراق لمصلحة تلك الدول" فمن خان من القيادات العراقية التي سلّمت الموصل والرمادي وصلاح الدين لا اعتقد انه يهون عليها اي شيئ سوى مصالحهم ولم يبقَ من الوطن سوى الشرفاء، الذين ساهموا في القضاء على عدو مشترك واحد وهو داعش ما اثبت وطنيتهم ووفائهم للارض فقدم الكثير منهم ارواحهم وما اكثرهم رحمهم الله واعلى مقامهم . ولا يمكن إيقاف تلك الظاهرة وإنهاء آثارها السلبية ونتائجها التي أثرت على العلاقات الدولية إلا من خلال معاهدة دولية تضم جميع الأطراف الفاعلة خاصة أمريكا ومعها الأوروبيين...انتظروا القسم الثاني
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

406
العلاقات والزيارات والنوايا الحسنة
الزيارات المتقابلة و المباحثات الثلاثية للتنسيق بين الدول الثلاث مصر والعراق والاردن في مختلف المجالات اتت فى زمن تشهد فيه المنطقة والشرق الأوسط حالة حراك غير مسبوق على جميع المستويات و في ظل ظروف دقيقة تمر بها هذه البلدان  تحتاج الى نوايا حسنة وثقة متبادلة بعيداً عن التدخلات الخارجية الاخرى والاستفادة من الإمكانات التي يتيحها تواصلها الجغرافي وتكامل مصالحها الاستراتيجية وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات بين الدول الثلاث في إطار العلاقات التاريخية والدينية المترسخة والمتميزة التي تجمعهم ، مثل هذه اللقاءات تعمق الثقة السياسية المتبادلة بين الاطراف المجتمعة على الصعيد الثلاثي في تمتين العلاقات فيما بينها ومما يساعد على الارتقاء إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية مع البعض وبوتيرة متزايدة في إطار التنسيق والتشاور المتواصل حول القضايا ذات الاهتمام المشترك. وعلى الصعيد الجماعي، وفق آليات متعددة من التواصل السياسي على مختلف المستويات .
اللقاءات تمثل فرصة مهمة لترجمة العلاقات المميزة التي تجمع هذه البلدان نحو تعاون مثمر وبناء في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إضافة إلى التنسيق فيما بينها حول مختلف القضايا وخاصة السياسية ، ومن اهمها ترسيخ التعاون ورسم مرحلة ما بعد إعلان الانتصار على "داعش" في العراق وقريباً في سوريا وفي ظل النجاح الذي حققته مصر في مكافحة التنظيمات الإرهابية و أهمية استكمال المعركة الشاملة على الإرهاب وفي  وضع آلية فعالة لمواجهة انتقال المقاتلين الأجانب إلى مناطق أخرى خاصة في ضوء الانتصار التي تحققت في المعركة مع الارهاب، والتضحيات التي بذلها أبناء الشعب العراقي والسوري والمصري في هذا الإطار، وانتهاء السيطرة الجغرافية لتنظيم داعش وضعف تحركه وحصره في زاوية ضيقة . تنسيق المواقف بشأن العمل الموحد لمواجهة التطورات الجديدة تزامنا مع النوايا الأميركية التي اعلن عنها الرئيس الامريكي دونالد ترمب بالاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان و بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل اخيراً ضرورية وملحة حسب مقتضيات المرحلة ، اًو الاقتصادية حيث وضع مشروع الأنبوب النفطي المشترك موضع التنفيذ من حقل الرميلة العملاق في البصرة (545 كيلومترا جنوب بغداد إلى مرافئ التصدير في العقبة (325 كيلومترا جنوب عمان) وقع بين الأردن والعراق في أبريل/نيسان 2013 ويؤمن الأنبوب احتياجاتها من النفط الخام، التي تبلغ حاليا نحو 150 ألف برميل يوميا، والحصول على مئة مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا وتنشيط التجارة البينية برياً لتعزيز وتطوير المناطق الصناعية الحدودية  والاسواق المشتركة ،  والتعاون في قطاعات الطاقة النفطية والكهربائية والبنية التحتية وإعادة الإعمار وغيرها من قطاعات التعاون التنموية، بالإضافة لزيادة التبادل التجاري وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتطوير علاقات التعاون الثقافي  والاجتماعي فيما بينهم في ضوء الروابط التاريخية التي تجمع  بين الشعوب الثلاثة.
 بلاشك ان مثل هذه اللقاءات تؤدي الى التقارب بين البلدان بشكل كبير ، وتعززاستعادة الاستقرارالامني والسياسي التي تحيط بدول المنطقة وخاصة الخليجية ومحاولة اعادة المياه الى مجاريها ، والعمل على إيجاد الحلول الممكنة للمشاكل وعلى رأسها القضية الفلسطينية ، كقضية مركزية ، في التعاون الامني والاستخباري والأزمات و في الوقوف مع مصر لمحاربة الحركات السلفية الارهابية وسوريا وليبيا واليمن وغيرها والتقليل من الوجود العسكري لبعض الدول الاجنبية ، وأهمية العمل المشترك المكثف والمنسق لتعزيز الضمانة الحقيقية ضد مخاطر التشرذم والإرهاب والنعرات الطائفية والمذهبية التي تتناقض مع روح المواطنة والمؤسسات الديمقراطية وحماية استقلالها .ولنقل تجاربهم للعراق بما يساهم في عملية إعادة إعمار المناطق التي تضررت بها، نتيجة الارهاب لاستكمال إعادة الإعمار وعودة النازحين وضمان حقوقه وحقوق مواطنيه التي انتهكتها هذه العصابات الارهابية، التي عدتها قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية ، فضلًا عن الاستعداد لعقد برامج ودورات تدريبية للكوادر العراقية في مختلف المجالات وفقًا لاحتياجاته بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، العراق لا يوجد لديه اليوم أعداء سوى الإرهاب والفقر والأمية والبطالة مما يطلب مساعدته في هذه الاطرمع توافر الخيرات المتنوعة مثل المياه والطاقة والزراعة والكوادر العلمية في مختلف الاختصاصات  و الأمر الذي يجسد أواصر الصداقة الممتدة بين شعوب هذه البلدان عبر تاريخهم الطويل، لمواجهة التحديات الإقليمية والتهديدات المشتركة، والتوصل إلى تسويات سياسية للأزمات المختلفة التي تشهدها المنطقة، والحفاظ على المؤسسات الوطنية للدول التي تشهد هذه الأزمات، وصون سيادتها ووحدة أراضيها وكذلك الدفع بالتعاون في إطار الاتحاد من أجل منطقة الشرق الاوسط  حتى تكون امنة والوقوف مع العراق  بعيداً عن سياسة  المحاور والداعم لوحدته واستقراره وسلامة أراضيه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، بعد الانتصارات التي حققتها القيادة والجيش العراقي، لطرد التنظيمات الإرهابية من الأراضي العراقية، ونجاح العمليات العسكرية في استئصال تلك التنظيمات من مراكز نفوذها في المحافظات العراقية المختلفة ، بما يمهد الطريق لاستقرار العراق وعودته للقيام بدوره الفاعل في محيطه العربي الاقليمي والدولي ، ليكون أحد عوامل التأثير في الاستقرار والأمن والنمو الاقتصادي في المنطقة وحلقة تواصل لنزع فتيل الخلافات التي تشهدها ، وبما يساهم في تعزيز التكاتف والتضامن بين هذه الدول من أجل تحقيق مصالح شعوبهم في الاستقرار والازدهار الاقتصادي وتحقيق الأهداف المشتركة من خلال التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وبناء علاقات دولية متوازنة .
من هنا يجب على هذه الدول زيادة تعزيز التقارب وتكثيف التواصل والتنسيق طول الأوقات على وجه العموم كدول صاحبة حضارة ممتدة في عمق التاريخ ، وفي ظل الظروف الصعبة والدقيقة على وجه الخصوص، ونظرا لأن الكثير من الصعوبات أو المشاكل التي تقف في وجه التعاون المشترك ناجمة عن نقصان التفاهم وعدم اللين في المواقف بالاستنفاذ من جميع الوسائل الممكنة التي تضمن نجاح المباحثات لانها تقع تحت تأثيرات الضغوط الدولية التي يجب تجاوزها من اجل المصالح الوطنية لهذه الدول بالطرق المتاحة وأساليب التفكير لعبورالأمور الهامشية أوالخلافات الجانبية التي لا يتوقع منها الخير.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

407
عنوان الموضوع: الانتهاء من الارهاب بين الحقيقة والاوهام...القسم الثاني
اسم الكاتب-ة: عبد الخالق الفلاح
البريد الالكتروني
alfalah1954@gmail.com
الانتهاء من الارهاب بين الحقيقة والاوهام...القسم الثاني
عندما نتحدث عن ظاهرة الارهاب ، لابد أن نعلم بأنه ليس مرتبطًا بالديانة الإسلامية او اي دين اخر او مذهب او وطن على الإطلاق ويتضح من خلال افعال هذه المجموعات الخط الذي يفصل بين النشاط البشري المجتمعي الغير مبالي بالعصرنة والمنطق والحكمة ورغبة المجتمعات الطبيعية المهتمة بنقد ذاتها وتسليط الضوء على مكامن الخلل في تلك المجتمعات او المجموعات ، وبين نزعات الإفساد والتخريب،وعدم الحرص على القيم وصيانة المقدسات و محاربة حرية التعبير عن الرأي والابتعاد عن الحوار المتبادل، وخنق حرية الإعلام المسؤول، مع عدم إفساح حيز لمؤسسات المجتمع المدني للعمل كوسيلة من وسائل التنوير ، عبر الاستخدام غير المشروع للقوة أو العنف من قبل تلك المجموعة و الأفراد ولهم صلة ما بدول أجنبية أو تتجاوز أنشطتهم الحدود القومية والدينية والانسانية وتخريب البلدان لترويع أو إكراه حكومة ما وافساد عقول السكان المدنيين أو أي جزء منها، لتعزيز أهداف سياسية أو اجتماعية او اقتصادية .
"الارهاب" فكر يسيطر على عقول جهلاء من خلال بثه ودعمه عبر وسائل عدة رخيصة ومضللة، ومن يزرع في عقله هذا الفكر فمن الصعب التخلص منه.. ومن هنا لا بدّ ان تعمل كل القوى الشريفة في العالم ليس على نبذ ومحاربة الارهابيين المرتزقة فقط ، بل عليها أولاً وأخيراً القضاء على هذه الثقافة السوداء الخطيرة على كل أبناء البشرية، والعمل على وأدها قدر الامكان، لاننا إن شطبنا هذه الثقافة من وسائل الاعلام ومن قاموس تعاملنا اليومي يعني نجينا مجتمعاتنا منه.
الدول الراسمالية لهم تاريخ طويل ومخزٍ على اتساع العالم يلعبون دورًا دنيئًا في خلق بيئة شديدة العداء للأقليات والشعوب الحرة ولكنها آمنة لهم وذلك عبر تجنيبها تحمل المسؤولية وآثار الأزمات التي تخلقها باستمرار، لغرض حرف الانظار من فشل النظام الرأسمالي في تلبية احتياجات الشعوب باتجاه العداء للاخرين. واستوجدت فيها هذه التنظيمات المتطرفة محاضن مجتمعية تحميها، وأموالا تساندها وتدعمها، وشباباً يتطوعون في صفوفها، ورموزاً دينية تبرر أعمالها، ومنابر إعلامية تروج لطروحاتها. فكانت طالبان والقاعدة وكتائب عبد الله عزام وجبهة النصرة وأنصار بيت المقدس والجبهة الإسلامية وداعش وغيرها من عصابات احترفت القتل والتدمير خدمة للسلطات الاستعمارية .
لقد اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في مذكراتها أن الإرهابيين الذين يقومون بأعمال إجرامية نحن الذين أوجدناهم من أجل محاربة الإتحاد السوفيتي في أفغانستان و إن جبهة النصرة تم تكوينها بالتعاون بين المخابرات الأمريكية والصهيونية .لهذا تعتبر الحرب في افغانستان او الغيث لانتشار الارهاب
ومن هنا لا يمكن ان نقول بأن الارهاب انتهى بمجرد تراجعه في العراق وسورية ولا يمكن القبول بأنتصار القوات الدولية التي تقودها واشنطن بسهولة كما تدعي ما دام يجد من يموله دائما ويحركه ويستفيد منه وسوق يبقى موجوداً للمزايدات ويخلق تنظيمات اخرى على شاكلة داعش واعادة انتاجه رغم كل المأثورات السيئة التي تركتها خلفها من تهجير وقتل وتدمير وتشريد واغتصاب ويبدو انه حجر زاوية وقطب يحقق توازنات للقوى في النظام العالمي ويتجدد في المناطق الرخوة القابلة لاحتضانه ولانه شكل لنفسه ايديولوجيات وافكار ما يستخدم بادئ ذي بدء، الكلمات المنمّقة والجميلة التي تثير المشاعر والعواطف تغسل العقول الضعيفة الغير مشبعة بالمعرفة ، فلهم الحق المطلق كم يتصورون في تحديد وقت السب والذم والمديح والتهجم والطعن والتّأليه والصمت والكلام والحب والبغض وتكفير الاخرين وهكذا، لانهم يعتقدون ان الحق معهم يدور حيث ما يدورون. ولذا فإن كراهيتهم للفن وإحباط مظاهر الجمال ومنع الموسيقى لانهم عاجزون في التمييز بين الجميل والقبيح ما تجعلهم متخبطين في سلوكهم . في مثل هذه الظروف يأتي دور المثقف بقدراته الثقافية والعلمية سواء كان اكاديمياً او فناناً مسرحياً أو رساماً أو عازفا او اديباً ليأتي دوره ليجسد المعاناة وينقلها، ليعري قبح الإرهاب، ويصنع من ريشته والوانه وقلمه بقعة ضوء في عتمة الواقع، ليوجه الرأي العام توجيهاً سليماً، ويحذر المجتمع من الإرهاب بوساطة رسالته االمتعالية ، أياً كان نوعها .
يمكن مواجهة الارهاب بالاستخدام الامثل الواسع لوسائل الاتصالات الاجتماعية الحديثة لتخلق وعي مجتمعي يؤمن بحرية الآخر وبحقه في العيش بكرامة وبثورة تعليمية و ثقافية تؤسس للعقل النقدى، وفق قيم اجتماعية جديدة قادرة على التفاعل مع الأوضاع الحضارية للعالم المعاصر. والتى أصبحت شبكات فعالة لنشر الأفكار بكل انواعها، وكذلك للترويج للقيم الدينية السمحاء والانسانية العظيمة ، وتحمل رسالة سامية في طياتها معاني الأخوة الفاضلة، وقيم المحبة النبيلة .تدعوا إلى السلام والمحبة بعيدا عن كل مفاهيم الكراهية والعنف. وننتقل الى مرحلة من الرقي وانعكاساً صادقاً للواقع للالفة حيث نستطيع بها من هزيمة الموت ونعيش سعداء دون خوف . لقد قدمت ارواح وانفس في العالم في جرائم ومذابح عديدة اقدمت عليها هذه الشراذم دون مهابة ،الم يحن الوقت لاجتثاث الارهاب وبالتالي حماية الابرياء من ناره وخطورته..يجب ان تتوحد جهود العالم في منع ثقافة الارهاب من التداول، والتعامل بقسوة وحزم مع كل من يدعم هذه الثقافة سواء اعلامياً أو مالياً أو معنوياً ثم البحث عن مصادر هذا الفكر ومواجهته فى الجامعات والمؤسسات التعليمية والدينية والمساجد والنقابات المهنية. والعمل على الانفتاح نحو الابواب السياسية المنغلقة بالحوار الهادئ الذى يتسم بالعقلانية والحكمة لكسر اقفاله وللقضاء على الأفكار الشاذة وأساليبها من منطلقات واحدة اصلاحية.متنورة .فهل يسمع ويصغي اصحاب الضمير والمنادون بالسلم والحرية الى المطلب الانساني الاساسي هذا، أم انهم سيتجاهلونه كما هي العادة ، وخاصة اذا تم توظيف هذه الثقافة لدعم مصالحهم وتمرير مخططاتهم و يستمر في تحقيق أهدافهم على حساب حياة الابرياء والمظلومين وعلى حساب سلب الامن من الاخری-;-ن...
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

408
الانتهاء من الارهاب بين الحقيقة والاوهام...القسم الاول
ليس هنالك مفر من مناقشات صادقة حول ضرورة توضيح معنى الإرهاب الفعلي بعد ان باتت صور العنف والقتل في السنوات الأخيرة من المشاهد الأكثر رواجًا في الشوارع والازقة وانهدام البيوت والمحال ، واعتاد الناس على رؤيتها بشكل شبه يومي، وسماع أخبار التفجيرات الإرهابية في دول مختلفة مثل افغانستان والصومال واليمن وسورية وقبلها العراق وفي الايام الماضية في نيوزلندا من قتل المصلين بدم بارد . والكل متابعون لكل ما يجري حولهم من أحداث مؤسفة ، لذا نراهم متأثرين جدا بموجة العنف والإرهاب التي تهزالمشاعر وتشاهد وتسمع في بلدان العالم، وتتناقلها وسائل الإعلام، وتبثها القنوات الفضائية ، وشبكات التواصل الاجتماعي. منها ارهاباً وما هو ليس بأرهاب؛ حتى لا نقع في مفهوم الإرهاب في نهاية المطاف، وهذا يتطلب حذرا من الجهات المختصة كل الحذر من الوقوع فريسة لدلالات ومعاني الكلمات والمصطلحات وسوء الاستفادة منها .
تعد ظاهرة الإرهاب من مظاهر العنف الذي تفشى في المجتمعات الدولية، منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي حيث غزت كلمة “الإرهاب” " و "لإرهاب المضاد" و"ارهابي " وغيرها أدبيات جميع فروع العلوم الاجتماعية والسياسية و أضحى مصطلحه من أكثر الاصطلاحات شيوعاً واستعمالاً في العالم، في وقت تزداد فيه نسبة الجريمة ارتفاعا وأشكالها تنوعاً؛ وأصبح الإرهاب واقعاً مقلقاً ومزعجاً . وهو وسيلة من وسائل الإكراه و العنف الذي توحَّش وأصبح يعربد في الأرض فساداً وقتلا وتخريباً وينتسب إلى الدين، والدين منه براء، لماذا أصبح بهذا القبح من الوحشية؟!اذ ليس لديه أهداف متفق عليها عالمياً ولا ملزمات قانونية و يعرفه القانون الجنائي على انه " تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف "، ويكون موجهاً ضد أتباع ديانات او مذاهب او قوميات وأخرى سياسية معينة، أو هدف أيديولوجي، وفيه استهداف متعمد أو تجاهل لسلامة مختلف الطبقات المجتمعية. الافعال الإجرامية الموجهة ضد الدول والتي يتمثل غرضها أو طبيعتها في إشاعة الرعب لدى شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص، أو من عامة الشعب وتتسم الأعمال الإرهابية بالتخويف المقرون بالعنف، مثل أعمال التفجير والتدمير وتحطيم المنشأت العامة والخاصة وتسميم مياه الشرب وهدم الجسور ونشر الأمراض المعدية والقتل الجماعي .هؤلاء لا يتورعون عن القتل والنحر والتفجير لإزهاق أكبر قدر من الأرواح بهدف بث الترويع في نفوس الجماهير وزعزعة الاستقرار والأمن، لمجرد إثبات الوجود وإظهار القدرة على مناوءة السلطة .
وقد ظهرت هناك الكثير من التعاريف والمعاني التي عرفته مثلاً "الأمم المتحدة عرفت الإرهاب الدولي عام 1972 بأنه استخدام العنف غير القانوني أو التهديد به تبتغي تحقيق هدف سياسي معين .أما المحكمة الجنائية الدولية فقد عرفته بأنه (استخدام القوة أو التهديد بها من أجل إحداث تغيير سياسي، أو القتل المتعمَّد والمنظم للمدنيين أو تهديدهم به لخلق جو من الرعب والإهانة للأشخاص الابرياء من أجل كسب سياسي، أو الاستخدام غير القانوني للعنف ضد الأشخاص والممتلكات لإجبار المدنيين أو حكومتهم للإذعان لأهداف سياسية ).
كما أن هذه التنظيمات كدّست الأموال الطائلة والذهب ونقلتها إلى دول مجاورة مما جعلتها أغنى تنظيمات ارهابية في العالم بعد الاستيلاء على مبالغ كبيرة في بنوك الموصل ومن خلال بيع النفط الخام الى جهات دولية ،ويتم تحويلها عن طريق شبكات تحويل تمارس أنشطة غير قانونية وسرية في الكثير من الأحيان، حيث يمتلكون شبكة من شركات خدمات المال تتولى القيام بتحويل ملايين الدولارات أسبوعياً لصالح هذه التنظيمات وعلى رأسها داعش. ولديهم قوة مالية، وإمكانية للوصول إلى مئات الملايين من الدولارات، وفقاً لتقديرات الخبراء، وبالتالي يمكن لهذه التنظيمات الاعتماد على هذا الأسلوب لتمويل انشطتها .
ومن اخطر انواع الارهاب هو البطش بالوعي وبالفكر، وبالذاكرة، وبالحلم، كما أن الإرهاب الدموي الممارس يومياً هو بطش بالجسد وتخريب البيئة وقطع العلاقة مع الأرض والتاريخ والذاكرة. وبالإمكان القول إن هذا النوع من الإرهاب الفكري هو استخفاف بالعقول. فمشاهد القتل والاغتيال والإبادة والتّفجير والتّخريب والتّدمير والاعتقال والإذلال والظّلم تفضي إلى حالة من الخوف والهلع والشّعور بالقلق وانعدام الأمن والاستقرار في النفسي.
اﻹرهاب ينتج من اﻹتفاق بين اطراف او افراد او مجموعات على ارتكاب جناية تثير الذعر بين أفراد المجتمع بوسائل معينة مثل استخدام الآلات الحربية واﻷسلحة الملتهبة والمتفجرة والمنشآت السامة أو المحرقة والعوامل الجرثومية أو الوبائية والتي تشكل خطراً على الأمن والسلامة العامة وهي من زمرة الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي . القسم الاول
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

409
اعرف الفساد تعرف اهله...القسم الثالث والاخير
ان خطوات القضاء على الفساد الذي هو من علامات  الغلو والطغيان و تطاوُل المفسدين على المجتمعات وانتهاكُ كرامتهم والتعدي على حقوقهم،وخيانتهم للامة  صفة ملازمة للمفسدين في جميع العصور والأمكنة؛ لأنهم لا أمانة لهم. ولهذا تراهم يتساقطون في دركات الخيانة وغِش افراد المجتمع، لتحقيق مصالح شخصية مزعومة، وما أسهل أن يبيع المفسد دينه ويخون أمته. كما قال جل وعلا في كتابه : {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:4. يتحتم وجود إرادة صادقة وجادة لمكافحته من قبل الجهات العليا للبلد  وتوفير الدعم للهيئات الرقابية  بما يضمن تأدية مهامها على أتم وجه، واستكمال البنية القانونية الخاصة بمنع انتشارالفساد ومكافحته من قبل مجلس الدولة الرئاسية ومجلسي النواب والوزراء والتعاون فيما بينهم ، وحسب اختصاص كل منها و وفق ما ينسجم مع ما تقدمه هذه المسؤوليات من مشاريع قوانين جديدة جادة و في نشر ثقافة النزاهة والشفافية وتدريب ملاكات الجهات الرقابية، وتعمل على تنفيذ برامج توعوية ومؤتمرات ودورات تدريبية وورش عمل وحلقات نقاشية وندوات علمية، بهدف خلق رأي عام يدعم قيم النزاهة وينبذ الفساد ..
إن مواجهة الفساد والحد منه يعد التزاماً على الحكومات الصالحة بل وعلى المجتمعات ذاتها ولكن هل الحكومة الحالية تستطيع كبح هذه الظاهرة ..؟ وحكومة عادل عبد المهدي لا اعتقد بانها قادرة من ان تعمل ذلك وهي مرهونة من القوى الاخرى و اليوم مهددة بالتغيير لانها عجزت منذ ان باشرت بعملها في الاشهر الاربعة الماضية على ان تخطو خطوة واحدة للامام للحد من هذه  الظاهرة  او على الاقل تقليصها او كشف مكامنها ، وقد تطبق عليهم الاية الكريمة..( وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ . وَإذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ ) [البقرة:204-205].
لابد وأن تبذل الجهود سواء على مستوى وضع السياسات أو تطبيقها ، كما أنه يجب أن يتم استحداث الآليات الفعالة لمواجهته ، لكي يعد ذلك مؤشراً على الحكومة الجيدة ، والشفافية في إدارة الشؤون العامة واحترام وحماية حقوق الإنسان ووجود التزام سياسي بمكافحته باعتباره يمثل ظاهرة متشعبة ومعقدة ولذلك يصعب وضع سياسات محددة وعامة التطبيق لمواجهته انما يحتاج الى سياسة محكمة وحكومة قوية ، ذلك أن هذه السياسات ترتبط بشكل كبير بسلوكيات البعض لا ادعائهم الاصلاح في وسائل الاعلام  وليس بقرارسطحي ، ( َإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿١١ البقرة﴾
إضافة إلى أنها تتشابك مع مؤسسات وجهات رسمية وغير رسمية عديدة ، وهو ما يتطلب بالضرورة إدخال وإشراك العديد من الجهات  الامنية والاستخبارية وفي التوجهات التي تعمل على وضع السياسات لمكافحته. .
 وبلا شك ان الفساد يوثر على النسيج الاجتماعي المحكوم بقيم ومنظومة أخلاقية ودينية، وبالتالي فإن ما ينتج عن الفساد من تغليب للمصلحة الضيقة والشخصية ينعكس سلبا على المصلحة العامة ويسبب ضررا كبيرا للمجتمع ويخلق طبقة اجتماعية لها مصلحة في الدفاع عن الفساد، وهذا له انعكاسات على النسيج الاجتماعي وقيم المجتمع في المدى البعيد.على اعتبار ان مواجهة المشكلة تتطلب تشديد العقوبات واجراء اصلاحات ادارية ومالية من خلال التركيز على البعد الثقافي والقيمي للفرد، واعادة التوعية بأهمية تغليب المصلحة العامة على الشخصية.
 ووجود توافق وطني يهدف إلى تطوير رؤية إستراتيجية واضحة لمكافحته وتبني خطط لتطوير البنية التشريعية ومواءمتها مع الواقع السياسي والاقتصادي للبلد ، من خلال إنشاء لجنة وطنية لمكافحة الفساد وتحمل الصلاحيات القانونية لتقييم استراتيجيات مكافحة الفساد والرقابة والنزاهة بشكل كفؤ وفعال، والاستفادة من الدعم الدولي المقدم خصوصا في الجوانب الفنية المتمثلة بصياغة الاستراتيجيات والانظمة والقوانين وبناء القدرات في مجال مكافحة الفساد وتعزيز دور القضاء واستقلاليته وتعزيز الثقة به، ووضع خطط تتناول كل جوانب ومظاهر الخلل والعلل والتي تحتاج بالإِضافة للتطبيق القانوني السليم إِلى وعي فكري منهجي تجاه هذه الظاهرة مِن المسؤولين والمواطنين عن طريق وسائل الاعلام على حدٍ سِواء ووضع أسُس ومعايير واضِحة تضمن حسن تطبيق القانون بصورة تُسهل على الجميع كشف مواطن الفساد والتبليغ عنه ومعاونة أَعضاء اللجنة للوصول إِلى الحقائق التي تؤَدي إِلى مُعاقبة المفسدين وحماية العدالة الاجتماعية.
ان خطوات القضاء على الفساد يتطلب وجود إرادة صادقة وجادة لمكافحته من قبل الجهات العليا للبلد و وتوفير الدعم للهيئات بما يضمن تأدية مهامها الرقابية على أتم وجه، و سينتهي الفساد عندما نرى رموزه وصناعه، يطاح بهم، ويصبحون وراء القضبان، ويصيرون لعنة على كل لسان بعد استكمال البنية القانونية الخاصة بمنع الفساد وتشديد مكافحته من قبل مجلس الدولة ومجلسي النواب والوزراء ، وحسب اختصاص كل منها و وفق ما ينسجم مع ما تقدمه هذه اللجنة من مشاريع قوانين جديدة جادة و في نشر ثقافة النزاهة والشفافية وتدريب ملاكات الجهات الرقابية، وتعمل على تنفيذ برامج توعوية ومؤتمرات ودورات تدريبية وورش عمل وحلقات نقاشية وندوات علمية، بهدف خلق رأي عام يدعم قيم النزاهة وينبذ الفساد .. كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني التي تبلغ اكثر من  3 الاف منظمة مسجلة  أن تلعب دورًا مفيدًا جدًا في مكافحة الفساد: ومساعدة هذه المنظمات بفعالية  في رصد جهود مكافحة الفساد وتقييمها وفي فضح الممارسات الفاسدة وفي تنفيذ المبادرات الإقليمية والدولية للمكافحة كما في بناء التحالفات لدعم تدابير مكافحة الفساد.
لكن لطالما واجهت هذه المنظمات صعوبةً في عملها. وفي الواقع ، تبدو أنها تواجه الصعوبات في تنسيق جهودها ايضاً. مع عدم إيجاد طرق لتحفيز هذه المنظمات على العمل معًا من قبل الحكومة ، والعمل معاً  في تشكيل تحالفات واسعة وشاملة تؤثّر بإيجابية على عمليات صنع السياسات الموجبة للقضاء على هذه الظاهرة .و عدم التواني في مكافحتة بصرامةٍ وحسم.. والعمل  بعزمٍ لا يلين على ضمانِ تكافؤ الفرص بين جميع أبناء البلد لمواجهته بكل قوة، مع الحرص على اتباع الطرق القانونية لضمان احقاق الحق  اللازمة و لن تتم فقط بالإرادة السياسية انما بمشاركة جماهيرية واسعة ، بلاشك حتماً سوف تنتهي هذه الافة ولابد من وجود قناعة لدى الرأي العام بأهمية مكافحة الفساد.. وأن تكون المواجهة دون مجاملة أحد او حزب او فئة .. والتي ستساهم فى رفع مكانة العراق ضمن مؤشرات مكافحة الفساد، ضمن المؤشر الدولى في الاتفاقات  الدولية . وختاماً... بسم الله الرحمن الرحيم ..(فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿٧٤ الأعراف﴾ (وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ﴿٨٦ الأعراف﴾
صدق الله العلي العظيم
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي           

410
اعرف الفساد تعرف اهله...القسم الثاني
موضوع الفساد واحد من أهم المواضيع التي يعاني منها العراق في الوقت الحاضر رغم كل الجهود للقضاء عليه ويعيش كواحدة من اهم  أزماته الكبيرة وعلى مختلف الأصعدة، ويحتاج الى آفاقاً جديدةً للتعاون مع المُؤسَّسات الدولية، لا سيما برنامج الأمم المُتَّحدة الإنمائيِّ (UNDP) ومُنظَّمة الشفافية الدوليَّة لمساعدته للخلاص منه والتي تراكمت بسبب الحروب التي خاضها، وحجم الفساد في الدولة العراقية وكما نقلت بعض المصادر، بلغ مستويات قياسية خطيرة وأرقام مهولة، فمنظمة الشفافية العالمية صنفت العراق من ضمن الدول الأكثر فسادًا في العالم " في عام2017 حل العراق في المركز (169) بين (180) دولة على مؤشر الفساد الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية. ويعتمد مؤشر إِدراك الفساد في البُلدان والأقاليم على أساس مدى فساد قطاعها العام "،وهناك 13 ألف ملف معطل منذ 2003 للفساد في العراق لم يتم تحريكها واتخاذ إجراءات بحق المشاركين فيها منذ ذلك التاريخ .هذه المشكلة المتفاقمة تثير غضب واستياء الشارع العراقي الذي يخرج بمظاهرات حاشدة مستمرة تطالب بتوفير الخدمات ومحاسبة المفسدين .
 من المعلوم ان من خلال  ثقافة الفساد يتمُّ إفساد "المفاهيم" أولا بُغية إفساد الأفكار وقلب الحقائق، في تُقدّم الرشوة في بنية مفاهيمية تحمل دلالة الذكاء وحسن التدبير كما يعتقد فاعلها، وتُروَّجُ قيم الخداع والمراوغة والغش والنصب والاحتيال والتحايل والعنف كأخلاق ثابت وواقعي لهذه العناصرالملوثة  للمجتمع تحتاج الى التأديب القانوني والاجتثاث في حالة التكرار بعدها .
ان الكثير من المسؤولين في العراق يبحثون عن مصالحهم ومن هنا اصبح الفساد ظاهرة عامة موجودة في اجهزة الدولة اليوم ما في شك ولايمكن انكاره بوجوده في سلوكيات الكثير من الناس وفي القطاعات الاقتصادية المختلفة  والاحزاب كماهي موجودة في القطاع الخاص وفي المكاتب الاقتصادية للاحزاب السياسية ، فالفساد في البلد اصبح  عام ومنبعه الفساد في القيم الحقيقية التي غابت عندهم ، فعندما تحل قيم المنفعة والمصلحة محل قيم المبادىء والمثل بالتأكيد يتحول الانسان الى عبد لنزواته وتتفسخ لديه الكثير من القيم الايجابية الى قيم سلبية سواء كان هذا الفرد داخل الاسرة او الادارة او الحزب فان نهجه هو تحقيق قدر اكبر من المنافع ولو بأحط السبل والاساليب وبخاصة في عصر اصبحت قيمة الانسان فيه تتحدد بحجم ما يملك ، أي ان فساد القيم يترجم بفساد في السلوك والممارسة والفساد داخل الاحزاب يترجم في صراعات وانشقاقات والفساد في الادارة يتجسد في سوء استخدام الموقع الاداري . والفساد يمكن أن يعرف بالسلوك والممارسات القانونية في استغلال القانون والغير القانونية اي العبورعلى القانون و التي تعكس الضرر على مصالح المجتمع بالكامل و أحياناً عندما نعرف الفساد في إطار مفهومه القانوني يعني أن هناك بعض التشريعات والسلوكيات والممارسة وفق إجراءات حكومية تولد الضرر على المجتمع وتستغل من ضعاف النفوس  نتيجة لممارسة هذا الإجراء لما يلحق الضرر على الافرد و المجتمع وعلى اسس الدولة نفسها؛ وأحيانا هناك سلوكيات وممارسات تمارس من قبل المسؤولين خاصة النافذين الذين يملكون مشاريع ومؤسسات مختلفة فهم يستوردون ويتاجرون ويستثمرون دون أن يدفعوا ضرائب او كمارك وهذه ظاهرة من ظواهر الفساد منتشرة بشكل كبير الى درجة ان هذه الفئة تسيطر على اكثر من ثلثي الاقتصاد العراقي فمن المفروض ان يحرم على المسؤولين في ممارسة أي نشاط تجاري وهم في الدولة لانهم وبلاشك يستغلون موقعهم في الاثراء واختراق القوانين والانظمة ، واهدار امكانيات الدولة ويتم ايضا من خلال رصد ميزانيات مشاريع وهمية  والتي انتشرت خلال السنوات الماضية باشكال ملفتة غريبة وعجيبة دون حساب او رادع  وخاصة بين اعضاء مجالس المحافظات او ميزانيات صرفت كانت مبالغ فيها جدا ووصلت الى اضعاف التكلفة الحقيقية لتلك المشاريع . إن مواجهة الفساد والحد منه يعد التزاماً على الحكومات الصالحة بل وعلى المجتمعات ذاتها ولكن هل الحكومة الحالية تستطيع كبح هذه الظاهرة ..؟ فلا اعتقد بانها قادرة من ان تعمل ذلك ولكن تتشبث بها وهي اليوم مهدد بالتغيير لانها عجزت منذ ان باشرت بعملها في الاشهر الاربعة الماضية على ان تخطو خطوة واحد للامام  وللحد من هذه  الظاهرة  او على الاقل تقليصها ،
لابد وأن تبذل الجهود سواء على مستوى وضع السياسات أو تطبيقها ، كما أنه يجب أن يتم استحداث الآليات الفعالة لمواجهته ، لكي يعد ذلك مؤشراً على الحكومة الجيدة والشفافة فى إدارة شؤون الميزانية العامة واحترام حقوق الشعب وحماية حقوق الإنسان ووجود التزام سياسى بمكافح من يمارسها  باعتباره يمثل ظاهرة متشعبة  وخطرة ومعقدة ولذلك يصعب وضع سياسات محددة وعامة التطبيق لمواجهته انما يحتاج الى سياسة محكمة وحكومة قوية في المحاسبة والادارة بمشاركة شعبية مدروسة ، ذلك أن هذه السياسات ترتبط بشكل كبير بسلوكيات وليس فقط بقرار ، إضافة إلى أنها تتشابك مع مؤسسات وجهات رسمية وغير رسمية عديدة ، وهو ما يتطلب بالضرورة إدخال وإشراك العديد من الجهات  الامنية والاستخبارية وفى التوجهات التى تعمل على وضع السياسات لمكافحته . ووجود توافق وطنى يهدف إلى تطوير رؤية إستراتيجية واضحة لمكافحته وتبني خطط لتطوير البنية التشريعية ومواءمتها مع الواقع السياسي والاقتصادي للبلد . من خلال إنشاء لجان قانونية وتحمل المسؤولية الوطنية  والصلاحيات القانونية للتنفيذ الفوري قبل هروب الجناة او المشتبه بهم ، ووضع خطط تتناول كل جوانب ومظاهر الخلل والعلل ، بالإِضافة للتطبيق القانوني السليم الحاجة الى  وعي فكري منهجي تجاه هذه الظاهرة مِن المسؤولين والمواطنين على حدٍ سِواء ووضع أسُس ومعايير واضِحة تضمن حسن تطبيق القانون بصورة تُسهل على الجميع كشف مواطن الفساد والتبليغ عنه ومعاونة أَعضاء الهيئات الرقابية والقضائية  للوصول إِلى الحقائق التي تؤَدي إِلى مُعاقبة المفسدين وحماية العدالة الاجتماعية. نهاية القسم الثاني
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

411
عبارة ام الربيعين تعمق جراحها
ان حادث العبارة في الموصل "ام الربيعين " تعمق لجراحها وفقدان ارواح 100 شخص  اكثرهم من نساء واطفال تثبت بأن خونة الوطن لازالت عيونهم مشدودة إلى ثمن البيع والتأمر عليه والمتاجرة بارضه وشعبه لا نحتاج لان ندلل على ما نقول، فاينما وضعت يدك في المؤسسات الحكومية ستجد ثقوباً واسعة تصب منها الاموال صباً، وما تقارير الدوائر المراقبة  الا سجل فاضح لتاريخ طويل من اهلاك اموال الدولة على ايدي قيادات ومسؤولين يتجنبون قول الحق، وقرارات تنفيعية وبرامج ارتجالية تصرف عليها الميزانية في اتجاه واحد بلا فائدة ترتجى، ،نعم  للأسف هناك من يرتضون لأنفسهم بيع الضمير والشرف والتعاون مع أعداء الوطن والتاريخ و يتحركون بإشارتهم، وينفذون مخططاتهم الخبيثة لزعزعة الأمن، والاستقرار، وتفريق الكلمة بين أبناء الوطن الواحد، وإثارة الفوضى والقلاقل في البلاد الآمنة المطمئنة، والاعتداء على الأرواح، والأموال، والأعراض .المجموعات هذه متى ما تمحورت حول كيفية توفير الكسب الشخصي الفاحش و اللامشروع لها  و لحاشياتها ، و عناصرها  المتنفذة ؛ و ما نجم عنه بالتالي من توسيع للهوة الطبقية في المجتمعات التي تحكمها ، و سحق للطبقة الوسطى و تحويلها إلى طبقة فقيرة ،  وجدت نفسها مع الأيام في الواقع يزداد فيه الفقراء فقرا و الأغنياء غنى و ثراءً .ويزدادون قبحاً في وقت الشدائد والمحن، حينما يتكالب المتكالبون لنشر الفتن والفوضى فيه ، فيستغل خائن الوطن ذلك ، وينضم إلى ركب المغرضين ، ويصطف مع الحاقدين ، ويتباهى بذلك جهاراً نهاراً، في وقت يتلاحم مجتمعه لصد الفتن ، ويتراص أبناؤه لحماية وطنهم من الشرور والمحن ، فما أقبح هذا الخائن الذي تفرد عن هذه الجموع الطيبة.. الفساد لا يحارب بتفكيك أجهزته أو القبض على ضحاياه فقط، بل عندما يحاسب الذين أمنوا له الحماية وأوجدوا له الغطاء، وعندما يقرر الشعب أن يحاسب ويعاتب، ولا ينادي بنجاة فاسد، أو يرفعه إلى سدة البرلمان أو إلى أي موقع في البلد، فالشخص الذي نجد لديه ذرة من فساد، ويكون الفساد هينا عليه، لا يمكن أن يكون مصلحا، ولا يصلح به البلد”، مؤكدا ان “الفساد سينتهي عندما نرى رموزه وصناعه، يطاح بهم، ويصبحون وراء القضبان، ويصيرون لعنة على كل لسان” انا لله وانا الية راجعون
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

412
اعرف الفساد تعرف اهله..القسم الاول
الفساد هذه الآفة الخطيرة والتي تعني الفعل (فسد) ضد صَلُحَ، (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. والتعريف العام لمفهوم الفساد بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، والذي استشرى لهيبها  وانتشر داؤها في العراق انتشار النار في الهشيم وتحتاج الى زمان وجهود كبيرة من اجل القضاء عليها ، بسبب كثرة الجرائم وانتشارها وتنوعها ، كالرشوة والاختلاس، وتسهيل الاستيلاء على المال العام دون محاسبة معلومة وحقيقية وتفشَّىها كالسرطان في اركان الحياة المجتمعية وساهمت في افشال وتخرَّب النهضة التنموية، مما ادى الى تراجع العراق وتقهقره في سلّم مؤشر التنمية البشرية التي تصدرها المنظمات الدولية بين حين واخر ، وقد أرقت هذه الظاهرة الأذهان على كافة المستويات الوطنية والعالمية ما استهلت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عباراتها الواردة بديباجتها مبينة فيها خطورة الفساد كظاهرة لها اعظيم الأثر على كافة المجتمعات الإنسانية بحيث ورد بها أن "الدول الأطراف في هذه الاتفاقية إذ تقلقها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها ، مما يقوّض مؤسساتها الديمقراطية وقيمها والقيم الأخلاقية والعدالة ويعرّض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر" .ومع الاسف الشديد ان العراق اضحى في ذيل تلك القائمة الدولية لعالم الفساد ، سواء على مستوى الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو الإدارة .
اما اخطر انواع الفساد هو الفساد السياسي لانه يتعلق بمجمل الانحرافات المالية ومخالفات القواعد والأحكام التي تنظم عمل النسق السياسي ( اي المؤسسات السياسية) في الدولة و إساءة استخدام السلطة العامة من قبل النخب الحاكمة لأهداف غير مشروعة كالرشوة، الابتزاز، المحسوبية، والاختلاس. وهو اساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية) لأهداف غير مشروعة وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية. كل أنواع الأنظمة السياسية معرضة للفساد السياسي التي تتنوع أشكاله إلا أن اكثرها شيوعاً هي المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال ومحاباة الأقارب .
انواع الفساد من حيث الحجم كما يعرفها المختصون:
- الفساد الواسع: ينمو من خلال الحصول على تسهيلات خدمية تتوزع على شكل معلومات تراخيص.
- الفساد الضيق: وهو قبض الرشوة مقابل خدمة اعتيادية بسيطة، أي عندما يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز رشوة لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمناقصة عامة مثلا،ً كما يمكن للفساد أن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية) أو سرقة أموال الدولة المباشرة.
ومع أن هناك فارق جوهري بين المجتمعات التي تنتهج أنظمتها السياسية أساليب الديمقراطية وتوسيع المشاركة، وبين الدول التي يكون فيها الحكم شمولياً ودكتاتورياً، لكن العوامل المشتركة لانتشار الفساد في كلا النوعين من الأنظمة تتمثل في نسق الحكم الفاسد و الحكومة الفاسدة التي تمعن ُ فيه وتتفنن في نشر ثقافته، واستخدام خطابه ، واعتباره هو الأسلوب الفعال لتحقيق المكاسب وقضاء حاجات رجال الدولة اولاً، وخاصة الرشوة لانها هي أسرع الطرق لحل المشاكل والثراء وربح العلاقات.نهاية القسم الاول
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

413
نوروز ...ائتلاف القلوب والارادات

بمناسبة قرب حلول تباشير الربيع واطلالة شمس نوروز ائتلاف القلوب والارادات التي طالما جسدها شعبنا على مر التاريخ ثورة دائمة على القهر والاستبداد والاضطهاد من اجل الظفر بحريته وحقوقه القومية والإنسانية التي أهدرت على يد الانظمة الطاغية ، فبهذه المناسبة السعيدة فإنّه ليشرفني ويسرني أن اتقدم بأجمل ايات الحب والوفاء لشعبنا الكوردي عامة وبأعمق التحايا وأجمل التهاني للكورد الفيليين الجزء الذي لا يتجزء منه  والشعوب المحتفلة ويندثرفيه ثوب المعاناة وآلالام في القضاء على الارهاب لوقف سيل الدماء النازفة التي لا بد لها ان تنتهي و ان يزهر ربيعم وهم يتشاركون بهذه المناسبة الميمونة  لتبقى رمزا مهما لأسطورة التجسد الواقعي للتألف والحرية والانعتاق والسير في دروب البناء والتقدم من أجل حياة حرة كريمة.
و نقف بكل اجلال لنحي ارواح شهدأنا الابرارومواقفهم البطولية الغنية فكرا وعمقا وتمسكا لصالح الشعب والاستمرار في مسيرة الوحدة في التنوع في وطن الأطياف والمكونات المتآخية ، لتغني التنوع وترتقي بهذه التعددية؛ حيث ائتلاف القلوب والضمائر
و لنحتفلَ نحن العراقيين جميعا بهذه المناسبة السعيدة ومعنا جميع الشعوب المجاورة وفي كل بقاع الارض بــ "نوروز التآخي والتسامح والمحبة والتعايش السلمي" لتكتمل الفرحة معا وسويا متجاوزين كل محاولات الطعن بالقيم السامية النبيلة لنطوي من خلالها والى الأبد صفحة المعاناة والقهر والاغتراب ...
نحن نرى في الاحتفال بهذ المناسبة  جسرا لنعبر فيه الى اعلى مراتب الوفاق والاخوة وعمق التحالف الوطيد والاصطفاف من اجل قضايانا الثابتة ضد أي شكل للاستلاب والتجاوزفي ظل نظام ديمقراطي تعددي تداولي ، ونأمل لشعبنا الفلاح بكافة قومياته المتآخية بالحياة الحرة الكريمة  والتكاتف لبناء العراق الجديد ودولته المدنية الديمقراطية الفيدرالية ، التي يحكمها قانون ديمقراطي يضمن الحرية و حقوق المواطن والحقوق القومية تحت خيمة وطن سعيد وينهي المحاصصة ونظامها ، ويصون الوحدة الوطنية لشعبنا ويلغي الاستغلال بكل انواعه والتفرد والهيمنة والاستبداد والفساد ويحقق الامن والاستقرار والسلم الاهلي والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية التي يتطلع لها شعبنا، والف تحية لكل المناضلين ضد الظلم والاضطهاد والانظمة الدكتاتورية في كل بقاع العالم والمتطلعين لبناء غد مشرق . للبشرية بلا حروب ولا فقر ولا استغلال في ظل وئام دائم واملين ان يعم السلام كل بلاد المسلمين ويعيش الجميع في حالة وئام وسلام بعيداً عن الخلافات بخير ومحبة. . وألف تحية لذكرى عيد نوروز ولشعبنا الابي ورجاله الاوفياء والشعوب الحرة المناضلة من اجل الكرامة والخلاص من الاستعباد ،
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي فيلي
 
 

414
الحضارة الجديدة واشكال الضياع والانحدار
يرى  توينبي أن الصراع والصدام بين الحضارات ناتج من مخيلة الإنسان على مدى تطوره الاجتماعي والحضاري، فهناك اللقاء المتناقض بين الخير المطلق وهو الله وبين الشر المطلق وهو الشيطان، هذا اللقاء التراجيدي الرهيب الذي توارثته مخيلة الإنسان على مدى التاريخ نجده يتكرر في معظم الحضارات الغربية والشرقية ان الحكام الظلمة يهمهم الجهل وغلق التعليم ويضنون ان امة جاهلة اسهل في القيادة من امة متعلمة "كما قال الخديوي سعيد وهو يغلق المدارس العليا والجامعات بعد وفاة مؤسسها والده محمد علي باشا ".
 ومن هنا فأن الإشكالية الحضارية الجديدة انّ الكثير من أبناء الشعوب العربية والإسلامية  يضنون انهم قادرين على  تعيين مسار الانتقال والتغيير حسب الحال الذى يكون عليها، وهى حالة لا يصنعها التحدى ولكنه قد يستثيرها، غير أن الاستثارة وحدها ليست كافية لعملية التغيير، والتحدى وحده غير جدير بتمكين الإنسان من الانتقال من مرحلة حضارية إلى مرحلة حضارية أخرى،فعلية  باتوا يٌخدعون بوهم تقلّص التفاوتات، لاعتقادهم ان حيازة الأدوات المادية ووسائل اتصال، والتقنيات وخاصة الحديثة منها ، يجعلهم يتصورون انهم في مصاف الدول المتطورة، فيما الحقيقة ان التباينات تتّسع بشكل غير مسبوق، لا سيما في مجالات الاستقرار المجتمعي، والسلم الأهلي، والصناعات والابتكارات المحلية، والهوية الثقافية، والسلوك الحضاري وتظهر بصورة عامة في القيم الأخلاقية الضعيفة والثقة المتناقصة وعدم الأمان الاقتصادي والجريمة المتزايدة والانتحار والإباحية الجنسية والطلاق بصور و أشكال مختلفة من الضياع والانحدار.وكعلامة أخرى على الانحدار، تتآكل المدن الضخمة من الريف ويقضي الناس في المدينة حياة مليئة بالتوتر الشديد في العمل واللعب والعلاقات الإنسانية التي تجرد في النهاية من العمل المرضي .
ملاحظة انا في مقالي هذا  لا اود ان اقف الى جانب الحضارة الغربية الضائعة ولا عتبرها هي حضارة راقية.فلا ننكر ان هناك سالب في هذه الحضارة وهناك موجب فعلينا ان ناخذ التي تتناسب مع حضاراتنا السليمة وما تقوم به مجتمعاتنا التي امرنا به الله سبحانه وتعالى وجعلنا خير الامم واذ قال تعالى "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم ۚ مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) وما يجري هذه الايام في بعض الدول من حوادث قتل مقززة  تدمي القلب كما حدث في نيوزلندا في قتل المصلين او البرازيل في قتل الطلبة بيد زملائهم او ما يحدث في تظاهرات فرنسا من سرقة وحرق والاعتداء على المحال هذه الاعمال  تدعونا الى التأمل قليلاً والعودة الى الذات قبل البلاء وتستلهم منها القيم الصحيحة والمحافظة حضارتنا .
رغم كل ذلك فلا نقول نحن متشائمين، . ولكن لا  يقوم المجتمع، ولا يعرف الاستقرار إلاّ بالفاعلية الثقافية، ولا تتحقق الفاعلية الثقافية فيه، إلا بالممارسة والحقن الحضاري. وأيّ تقاعسٍ في عملية الزرع الثقافي الدؤوب في مسيرة وبنية وعمق المجتمع ستجعل من المجتمع ،مجتمعاّ متخلفاّ - بدائياّ تسوده الهمجية ويحيا بالانحطاط والفساد والفوضى .عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي

415
هل تبقى المخدرات كأفة تنخر المجتمع العراقي...؟
دراسة ملخصة
ان الحالة الشاذة  التي اخذت تغزو العراق هي المخدرات وظاهرة غزوها لا يقل خطورة عن الإرهاب بعد ان كان وقعه نضيفاً منها الى بضع سنوات سبقت عام 2003 وليس بعيد ان يصبح سوقاً رئيسية في المنطقة لتعاطي المخدرات والإتجار بها من والى الدول المجاوزة ، اذا لم يتم مكافحته بشكل علمي ومنع وروده من الخارج وتقوية الداخل وتطهيره ، وقد أكدت مصادر مطلعة وجود مزارع للمخدرات في بعض مدن العراق بالمناطق الشمالية والوسطى والجنوبية  تحت حماية جهات متنفذة اضافة للمهربة من الخارج .وتقع على الدولة مسؤولية مباشرة بتفعيل قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017. حيث أن المواجهة التشريعية لظاهرة المخدرات تحتل الصدارة بين المواجهات الأخرى في جميع الدولو،مادام ان هذه الأفة تنتشر بطرق سريعة بفضل تمتع عصابات المخدرات بحماية المافيات القوية .
 الحقيقة ان هذه المواد تصنع من  مواد طبيعية او مصنعة تحتوي على عناصر مخدرة او مسكنة او منبهة او مهلوسة تدخل كمادة اساسية لتحقيق أغراض طبية بالاساس ، وفي حالة استخدام هذه المواد لتحقيق أغراض غير طبية فإنها تؤدي الى التعود على تعاطيها او الدمان عليها . هذا الظاهرة التي بدأت تستحوذ على شرائح من الشباب بشكل واسع منهم مما دفع البعض الى الانحراف والابتعادعن التعليم والتفرغ للاستماع الى الغير المفيدة و الذي يعيش مجتمعنا  منذ عقود تحت طائلة الخوف والإرهاب والبطش والحروب والفقر والبطالة والخدمات البائسة من صحة وتعليم وشؤون اجتماعية مختلفة ، و اخذت تهدد الاسرة العراقية بسبب ضعف المراقبة من العائلة و الإهمال و الفساد الذي يسود الدولة والظروف المحيطة بالبلد من ضعف الرقابة الحكومية والقانون وضعف اصحاب القرار في الحد من تمريرها وادخالها مما يجعلها سهلة الحصول عليها وتناو لها ويتطلب من الجهات الامنية التعاطي معها بشكل حازم ووزارة الصحة في تهيئة مصحات خاصة لإيواء المنزلقين بالتعاطين بها وتنقسم المخدرات الى:
1-المخدرات الطبيعية: لقد عرف االنسان المواد المخدرة ذات االصل النباتي منذ امد بعيد االن لم نسمع عن ظهور مواد مخدرة من اصل حيواني، وبالدراسات العلمية ثبت ان المواد الفعالة تتركز في جزء او اجزاء من النبات المخدر. أ-نبات الخشخاش ..الافيون.. تتركز المواد الفعالة في الثمر غير الناضجة ب-القنب تتركز المواد الفعالة في االوراق والقمم الزهرية
ج-القات... تتركز المواد الفعالة في االوراق د-الكوكا تتركز المواد الفعالة في الاوراق وهناك نباتات اخرى يتم استخراج انواع اخرى منها .
2-المخدرات نصف تخلقية: هي مواد مستخلصة او ممزوجة او مضافة او محضرة من نباتات موجودة في الطبيعية تحتوي على عناصر مخدرة فعالة مثل .أ- المورفين : يستخرج من الافيون وتأثيره اقوى منه بعشرة اضعاف
ب- لهيروين الذي ينتج من تفاعل مادة المورفين المستخلصة من نبات االفيون مع ماده كيميائية تسمى استيل كلوريدو تأثيره اقوى منه بثلاثين ضعف.
3-المخدرات التخلقية: ولها عدة تسميات المواد النفسية والمؤثرات العقلية، المواد المؤثرة على النفس والعقل، وهي التي تأخذ في معظم االحيان صورة حبوب أو اقراص او كبسوالت. وتنتج من تفاعالت كيميائية معقدة بين المركبات الكيميائية المختلفة مثل مسكنات األلم، مهدئات االعصاب، كالثديين والميثادون والمهدئات الكبرى والصغرى ومضاد السعال مثل الكودائين،
ان انتشار المخدرات بشكل غير مسبوق، ما انبرت العديد من المنظمات والجماعات المعنية والأجهزة الأمنية والنواب للتحذير من خطورة تفشي هذه الظاهرة والدعوة لوضع الحلول العاجلة لها
وقد كشفت احدى منظمات حقوق الانسان في احصائية بموقع معين ابتلى به تظهر مستوى الادمان للمخدرات الى ان الذكور اكثر تعاطياً بنسبة تبلغ 89,79% اما الاناث فتبلغ 10.2%.
 المعلوم ليس الإدمان أو الاعتمادية على المخدر هي المشكلة الوحيدة التي قد تسببها المخدرات. فبعض الأشخاص يواجهون مشكلات في أول مرة يستخدمون فيها المخدر أو ربما تظهر المشكلات مع استخدام للمخدر لعدد أكبر من المرات. فقد يؤثر تعاطي المخدرات على صحتة الجسدية والعقل، وحياة الاسرة  والعلاقات الاجتماعية ، والعمل والدراسة . كما أن تعاطي المخدرات المحظورة قد يوقع الانسان  أيضاً في مشكلات مع القانون أو يسبب له مشكلات مالية .
المُخدّرات تعرف على أنّها موادّ تؤثّر في وظائف الجسم بشكلٍ سلبيٍّ، إذ تم تناولها لأغراض غير طبيّةٍ أو علاجيّة، وتتسبّب بإحداث تأثيراتٍ خطيرةٍ وغير متوقّعة، ويعتمد تأثيرها نوع وكمية المادة المستهلكة في الجسم على عدّة عوامل بالإضافة إلى مكان ووقت التعاطي، واذا تعَدُّد الأنواع المُستَهلكة ودمجها معاً، ما تسبب في التأثير على الدماغ ، وزيادة في سرعة نبضات القلب ، وكذلك توثر على بنية المستهلك لها جسمياً حيث تلاحظ الشحوب والاصفراء بادي على وجه و جسمه ومنعزلاً عن الاخرين.
و يتفق المختصون على استحالة القضاء على هذه الظاهرة دون توجه الحكومة الى وضع العلاجات السريعة للقضاء عليها وما دامت الدولة ضعيفة وعاجزة والفساد ينخر أجهزتها والحدود المفتوحة مع دول الجوار، مع وجود قوى تستفيد من عائدات المخدرات الطائلة، وسط قناعة لدى الكثيرين بأن بعض الجهات غير مبالية بانشغال الشباب بالمخدرات ولا تعطيها اهمية  لكي تتخلص من مطالبتهم بالعمل و تذمرهم وتظاهراتهم على الفساد والفشل في ادارة الدولة  فهل تبقى المخدرات كاَفة تنخر المجتمع العراقي .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

416
التراقص الامريكي على الاوهام والكوارث
الامريكان يعتاشون على وقع اوهامهم الواسعة يعتمدون فيه على القوة والخيال و يتراقصون على نشوة معلومة مغلوطة ساعدت على ايصال الأوضاع إلى درجةٍ من التداخل والاختلاط، والتشابك وعقدٍ من الصعب تفكيكها والخروج منها ، يستندون فيها على خبرا ملغوما هنا وهناك لعل وعسى يحقق لهم شيء من هذا وذاك وخاصة بعد ان حل مشروع إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، لإعادة هيكلة الشرق الأوسط المشؤوم، و أدى إلى غزو العراق وتدمير الدولة العراقية وزرع عوامل الحرب الأهلية الطائفية في مجتمعه واليوم بعد ان سقطت اهدافهم الخبيثة في العراق وسورية وخربت البنية التحتية والامنية والسياسية والاجتماعية وزرعت الخوف والفزع في حياة ابنائه تعمل بصمتٍ على تثبيت أقدامهم على الأرض مُتذرّعة بأنهم يحاربون الجماعات الارهابية المُتطرّفة ويمدونهم في الخفاء والعلن و لفرض هيمنتهم على العالم عن طريق الكثير من الوسائل والأساليب، ويحاولون فرض رأيهم على كل ما يجري في هذا العالم الكبير الذي أصبح قرية صغيرة بفعل التقنية الحديثة، وأدوات العولمة المنتشرة التي تمسك بخيوطه .
 ان حروب أمريكا في المنطقة والعالم وصناعة وافتعال الإرهاب في الشرق الأوسط لا يوجد من لا يعرف نتائجها ، تلك الافعال والتدخلات العسكرية في العقود الأخيرة في المنطقة والعالم وانتهت جميعا بكوارث مفجعة ، فقد كابرت في هيروشيما وناكزاكي بجيوشها في فيتنام التي مارس فيها الجيش الأمريكي أبشع الجرائم ليس ضد الإنسانية فقط وانما شمل النبات والحيوان عندما انهمرت سمومها من طائراتها لتهلك الحرث والزرع والحيوان فوق كل الأرض الفيتنامية وتنتهي الحرب  مهزومة في عام 1975 بعد سقوط سايغون في 30 ابريل ،وحربها في لبنان، ومشاركة حاملة الطائرات الأمريكية "أيزنهاور" في دك بيروت بالصواريخ، وقبل ذلك دعم الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين، مروراً بدور في  اشعال الحرب بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والعراق، وصولاً إلى غزو العراق عام 2003 ،ووضعت أفغانستان ككماشة في حربها امام الاتحادالسوفيتي السابق .
لكن ما شهدته المُعطيات على الأرض في الحرب التي اوشكت على الانتهاء في سورية وخصوصاً بعد الانتصارات التي تحققت في الجنوب السوري المواجهة للكيان الصهيوني وهزيمة الارهاب في العراق ، جعلت أميركا وحلفاءها يخرجون عن صمتهم من حكومات إقليمية وعالمية اخرى أيضا ،
فكان هذا الخروج في تعزيز الضربات على كل الجهات لصالح بقاء المجموعات الارهابية تحت ذرائع مختلفة وإعادة التموضع وإنشاء المزيد من القواعد العسكرية خاصة في الشمال والشمال الشرقي في سوريا والعراق وعلى الحدود القريبة منها وتعزيز قواعدها في الداخل التي يرفض اقامتها العراق على ارضه ويؤكد على دوره في العمل من اجل استقرار المنطقة او اي تهديد لدول الجوار،التي تسعى من خلالها التغيير في مخطّطاتها الاستراتيجية وإعادة التركيز على مَن يؤمّن لها الالتفاف والعودة إلى ما يريده الكيان الصهيوني .
لكن ظاهرة التغييرات الامريكية بشقّيه السياسي والعسكري تدل على أن الخسارة قد حلّت، فيما يفضل آخرون استئناف الحوار الطبيعي بين الاطراف لحل الازمات، ولا بدّ من الإذعان لرؤية تقتضي الانسحاب من سوريا بالطرق السياسية ، في موقف جعل حلفاء الرئيس ترامب وإداراته الداخلية يمتعضون من هذا التحولات السريعة وفشل تلك الممارسات الهدامة و هزمتها في المنطقة، ولم تتمكن وبكل تلك الأوهام وما بذلتها من اموال في تحقيق اهدافها و بعد ان هوت احلامها في المستنقع وتغيرت موازيـن القوى العالميـة واستجدت الاولويات في الصراعات الدوليـة لكي تضـع مصالح الدول ومنافعهـا اولا وآخـرا والتي قال عنها الرئيس الروسي بوتين مثلاً "إن على الولايات المتحدة الأمريكية التخلّي عن أوهام تحقيق تفوق " ونحن نعرف كيف نفعل هذا وسننفذ هذه الخطط على الفور، بمجرد تحول التهديدات المقابلة إلى واقع"
لكن قد يكون عنصـر المفـاجئـة حـاضرا ، خصوصا إذا ما اخذنـا بعين الاعتبـار القرارات المتخبطـة والمتذبذبـه التي تهيمـن على تصرفات وعقليـة الرئيس الحالي للولايات المتحدة الامريكية دونالد ترامب وما خطط له اصبح خارج الحسابات لان كلما كان سـائدا بالأمس حتى القريب من عقليـة حروب الغزو والاحتلال انهارت وماعـادت تتماشى مـع هذة التغيرات والاولويـات، بعـد أن اصبح الكثير من الاوراق التي يمكن اللجوء اليهـا لإحتواء الخصوم في متناول يد القوى الدوليـة في جانب الاخر بقصـد الضغط من اجل الاتفاق على تقاسم المصالح وتحديد مناطق النفـوذ، وليس من اجل خوض الحروب والمواجهات العسكرية المباشره.
عـليـه فـلا امريكـا ولا اسرائيل ولا السائرين في ركب سياساتهـا والمرتهنيين لأوامرهـا، ولا حلفـاءها الاقليميين من قوى او انظمة في نيتها المواجهـه العسكريـة وخـوض الحروب الشاملـة على الأقــل فـي المنظـور القـريب وخير دليل على ذلك المحاولات الجادة في سحب القوات العسكرية الموجودة في المنطقة والهروب بها الى حيث ما كانت فيه بعد الانكسارات المتتالية التي محقت هيبتها من قبل شعوبها.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

417
يوم المرأة اضفاء للسعادة
في البداية اقدم اجمل التهاني وارقها مؤرجة بشذى عطر ورد الياسمين متمنياً للمراة العراقية  التي تحدت كل المعوقات والصعاب والظروف القاسية راجياً لها مستقبلاً مشرقاً في خدمة المجتمع الانساني في يوم يحتفل العالم في الثامن من مارس – اذار  في كل عام باليوم العالمي للمرأة وهى مناسبة تضفى بلا شك على المرأة بعضا من السعادة كل عام و الأمل بغدٍ أفضلٍ لهن وفي دعوة صريحة للعمل من أجل الوصول إلى المساواة بين الجنسين، واحترامًا لها، وتقديرًا لتضحياتها ودورها بالمجتمع،  ويرجح البعض أن الخلفية التاريخية للاحتفال تعود لإضرابات النساء فى ٨ مارس ١٩٠٨ حاملات قطعا من الخبز وباقات ورد!عندما تظاهرت الآلاف من عاملات النسيج فى شوارع نيويورك بسبب الظروف الغير الانسانية التي عانين منها ،للمطالبة بحقوقهن ، تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة، والاجتماعية والسياسية الشهيرة عالمياً غلوريا ستاينم: "إن قصة نضال المرأة من أجل المساواة لا ينتمي إلى نسوية واحدة ولا إلى منظمة واحدة وإنما إلى الجهود الجماعية لكل من يهتم بحقوق الإنسان"
ان النظر إلى مستوى النظامٍ الاجتماعي والسياسي العالمي، رغم كل ما يوحي في عالمنا بأن المرأة قد نالت حقوقها، إلا أن الذاكرة لا زالت تحتفظ بترسبات الماضي وعاداته ، بدءًا من عادة "الوأد"  التي كان يمارسها العرب قبل الاسلام . يُقاس المجتمع بمؤشّر الوضع الاجتماعي والسياسي للمرأة فيه وهذه المناسبة هي فرصة لاعلاء صوتها وفرصة للمطالبة بمساواتها في الحقوق اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وفرصة للمطالبة بوجوب الغاء كل القوانين الجائرة التي تخالف هذا التوجه وهذه المساواة إذ يبرز فيه الإنجازات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية التي تقوم بها و بالمستويات التعليمية في الكثير من الاحيان تفوّقن على رجالٍ في قطاعاتٍ علمية وميدانية وفكريةٍ وذهنيةٍ واسعة . وفي الاعلام نشاهد ان الكثير يتحدثون عن حقوق النساء وهم لا يرون المرأة أصلا ولا يسمعون صرختها المكتومة بين الزقاق ووراء الجدران ، بينما نرى في الحقيقة وعلى ارض الواقع ان المراة المتفهمة والحريصة تلعب دورا اقتصاديا مهماً في البيت و في الادارة التي  تتراسها وتديرها بنجاح ، او المدرسة، او كعاملة ، ،طبيبات ومهندسات وقاضيات ومحاميات ، دكاترة جامعيات واساتذة ومدرسات تكاد اعدادهن تضاهي اعداد الرجال يزين الوطن ،ولا تخلو جامعة او مؤسسة تربوية من طالبات تميل اليهن كفة الميزان العددية في الطب والهندسة والحقوق والعلوم والاقتصاد والانسانيات .
لقد جاءت فكرة الاحتفال بهذه المناسبة وتم الاحتفال بها في أوائل القرن العشرين نتيجة النمو السكاني، والتوسع الكبير والاضطرابات التي شهدها العالم الصناعي، وظهور أيديولوجيات راديكالية ساهمت في إبراز دور المرأة في المجتمعات، لذا، فيوم المرأة العالمي هو يوم للاحتفال العالمي، ودعوة لتحقيق التكافؤ بين الجنسين، من كل  جهة أو منظمة حكومية أو غير حكومية، أو مؤسسة خيرية، أو جمعية نسائية، أو مؤسسة أكاديمية، أو مركز إعلامي مسؤول عنه، بغض النظر عن الدين، أو العرق، أو الطائفة، أو اللون. وهى التى قال عنها الشاعر الكبير حافظ إبراهيم ( المرأة الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق )،  وفى هذه المناسبة نتمنى أن تحظى المرأة بمكانتها التى تليق بها فى المجتمع، مع عدم الإخلال فى الوقت نفسه بتربية النشء والأبناء تربية صالحة سوية سليمة حتى تخرج لنا جيلا من الشباب السوى المؤهل للقيادة فى المستقبل .
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

418
أدب / اربعون عاماً ازادت سبعاً *
« في: 21:58 04/03/2019  »


اربعون عاماً ازادت سبعاً *


عبد الخالق الفلاح

اه من تلك الجراح
افق من شرودي
ترتجف احلامي من البرد
تكبح انفاسي
تخرج من صدري
لتغفوا على جفوني قطرات الدمع
بؤس من لم يأخذه على محمل الجد
رحلة دون عودة
فيها العمر ضاع
دون طموح
وقد بلغني الشيب
وسلبت مني الفرحة في داخلي
وابي مات بعيداً رضي الله عنه
وما زالت أمي رحمها الله  تسكبُ رحمةً وعطفًا
تذكرني ...بالتسفير والهجران
اربعون عاماً ازادت سبعاً
ما غفا حزني يموت
لم يعد عمري يكفي لارجاعها
قضيت في مداواته
طمعًا في وعد لقاءٍ قريبٍ
كحُلمٍ تلوح خواتيمه في الأفق شيئًا فشيئًا
والقلب مُتعب في وعد منتظر
بعد ان شُرد شعبي..في البوادي والجبال والشتات
لم اجد غير الاماني ...
واهات ليلي تجرها الصباح
حطم المقبور عشي و جنحي
كُلَّما عالجت جُرحَاً ..
رماني الجرح نزفاً اخر
وانا الم اهاتي ودموعي..
لم تقتل جماحي..
حيث تسكن جسدي النحيف
انام على ترانيمها
رغم الجراح والانين
التي تجالس نفسي
استيقض على وهم مؤلم
اشعر بالخوف القادم 
الطارق على الباب
لطيف من ذكرى اوجاع
توشم قساوته ..اتألم بحزن
وتنزع الحياة من أحشاء الروح


*هي سنوات التسفير القسري للكورد الفيليين

419
الرؤية المستقبلية لما بعد الارهاب
أن نجاح السياقات والخطوات الأمنية والعسكرية بتنفيذ المهام الموكلة بنجاح في ضرب الارهاب ، في العراق وسوريا، ، قياسا بتقلص الرقعة الجغرافية التي يتواجد عليها أعطت أكلها نسبيا ، وهذا لا يعني ولا يعكس بالضرورة انتصارا نهائي أو زوالا للخطر والتهديد، انهيار هذه التنظيمات في مواقع ما في هذه البلدان لا يعني الانتهاء التام في الحرب على الإرهاب لأن الحرب العسكرية اذا لم تصاحبها حرب فكرية وإصلاحات اجتماعية وسياسية، وإنتاج ثقافة مضادة، والتقليص من الفقر والهشاشة، والفوارق الاجتماعية، وتأمين ظروف العيش الكريم، من شأن كل تلك العوامل تبقى الامور غير منتهية - بالإضافة طبعا إلى الإيديولوجيا التي تقدم قراءة مغلوطة ومبسوطة ومتطرفة للدين- كما ان انتزاع فتيل الصراعات المشتعلة في الشرق الأوسط، وإيجاد حل عادل لقضايا الدول المتضرر من جراء تلك الممارسات المجرمة  ووقف مخططات تفتيتها و التي ابتليت بهذه المجموعات الخبيثة ومساعدتها ماديا ومعنويا والتي باتت ترزح تحت تهديد انتشار النزعات الطائفية، التي تؤجج التطرف، وتخلق البيئة المناسبة لانتشارها والعمل على استئصال الأيديولوجيا الإرهابية، ونزع كل الأفكار والأيديولوجيات الخبيثة لدى افراد تلك المجموعات ، وإدماجهم بالشكل الصحيح في مجتمعاتهم وفق معايير صحيحة  لأن نسبة مهمة من المنتسبين لتلك التنظيمات لا يمكن لها ان تترك هذه الافكار بسهولة. ويقول الفيلسوف الفرنسي جاكوب روغوزنسكي، " عن داعش والإرهاب، " بأن البطن التي أنجبت داعش ما زالت خصبة، في دلالة على أنه حتى وإن تم دحر داعش في موقع ما، فإن الأيديولوجية المتطرفة ما زالت موجودة، وأن ظروف نمائها واستشرائها مازالت قائمة، خاصة مع تعمق الشعور لدى الشباب بالظلم والتهميش والقهر، والخوف من المستقبل، وعدم الثقة بالمحيط الذي يعيشون فيه ".
كما يمكن العمل على تأسيس وحدات متخصصة في دراسة هذه الظاهرة الخطيرة، و تعمل على تجميع كل الوثائق والمصادر والمعلومات الجديدة والقديمة، وذلك بغية فهم التطرف والإرهاب، والسعي إلى محاربته بالاعتماد على الفكرحتى يتم القضاء على هذه الافكار ولا تجعلهم يعصفون بالمنطقة لأن أيديولوجياته مازالت مستمرة .
 المجتمع الدولي يحتاج الى تظافر الجهود من اجل تطبيق قانون مكافحة الإرهاب وتسهيل عمل هذه القانون من خلال الزيارات الدورية لبعض الدول المشاركة وربطها بالتقنيات الحديثة والتطور التكنلوجيا لا سيما الجريمة الالكترونية وايجاد عقوبات رادعة لمنع التسلل تحت اي ظرف وخلق فرص تعاون فعال مع المنظمات الرقابية والاقليمية وتشديد عقوبات الجرائم وتجميد منابع الإرهاب ، وبلاشك فأن عودة المجموعات  الارهابية الى العراق والأجانب والعرب إلى بلدانهم، تشكلان تحديات كبرى لمرحلة ما بعد داعش، و زوجاتهم اللواتي يشكلن خطرا كبيرا، لأن بعضهن لعبن دورا كبيرا في التجنيد، كما أنهن قد يؤثرن على أطفالهن الذين يشكلون هم أنفسهم خطرا إذا فاقت أعمارهم 6 سنوات، وذلك بسبب التأثير الأيديولوجي والعقائدي ، خصوصا أنهم اكتسبوا تجارب ميدانية، حيث يقدر عدد العائدين المنحدرين من الدول الأوروبية بحوالي 5 آلاف شخص وهم في ازدياد ، في مقابل ما يفوق 6 آلاف شاب من المنحدرين من منطقة شمال إفريقيا ، ما تسبب في خلط أوراق النظام العالمي.
 الإرهاب الجديد، خلق أنماطا جديدة من التفاعلات تختلف في بعض جوانبها عما كان معتادا في العلاقات الدولية لأن تلك الجماعات سعت إلى جعل الإرهاب ذا بعد عالمي، وأن هدفها الأساسي هو الترهيب، و قد نجحت بالفعل في ذلك و داعش عملت على خلق نموذج تعليمي خاص بها، يعتمد على أربعة عناصر، هي أولا المسلك التأويلي عبر تأويل النصوص تأويلات متطرفة، وثانيا إغلاق المعنى داخل الوعي واللاوعي، وثالثا ربط الجرح التاريخي بالمقدس، ثم أخيرا خلق مسافة بين الحياة والعصر من جهة والتدين من جهة أخرى، و لم يتم التركيز على النظام التعليمي الذي تبني مناهجه على التحايل في قراءة النص الديني وتأويله وتوليد مفاهيم خاصة بالإرهاب، وهو ما أدى إلى استشراء العنف المتبادل في العالم، بسبب فعل العنف مع داعش وغيرها، وعنف رد الفعل مع القوى العالمية.
ولهذا، فنحن اليوم في مرحلة ما بعد داعش في أمس الحاجة لاعداد  دراسات جديدة لتقوية الفكر والوجدان والتحديات المستقبلية لمواجهة التطرف بكل اشكاله ، و تجليات وتحولات التطرف في البلدان وما يمثله من تحديات مستقبلية جوهرية للدول وذلك بعد سقوط وانهيار التنظيمات الارهابية في مراكزه الرئيسة في العراق وسوريا والذي لازال يمثل الخطر المحدق بعد انهيار الخلافة و يحتاج الى تظافر الجهود المشتركة وتحمل المسؤولية وتبني مواقف والاستفادة من هذه التجارب لانها تمثل تحديا للعالم كله و تهديد أمنه واستقراره .
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي
 
 
 

420
سجناء الارهاب اضافة جديدة للتوترات
في ظل وجود الازمات السياسية والامنية والازمة المالية والاقتصادية التي يمر بها العراق يحتاج إلى اتّخاذ خطوات تتّسم بالصدقية لبناء الثقة وطمأنة المكونات المختلفة حول مكانتها بين الدولة من خلال خطة جدّية لبناء مجتمع متكامل .
 في ظل الظروف العصيبة كهذه و بقبول سجناء الارهاب  من سوريا في العراق  هي اضافة ازمات جديدة في البلد ، حيث ان الحكومة تنفق ملايينَ الدولارات يوميا على السجون في ظل عجزٍ مالي كبير ، ومن التحديات الاخرى واكتظاظ ُ السجون والخوف من تكرار سيناريو هروب السجناء المنتمين إلى هذه المجموعات على غرار ما حصل في السنوات السابقة في سجن ابي غريب والتسفيرات وصلاح الدين والانبار تبقى الامور مقلقة وغير مفهومة الاسباب إلا الخضوع للسياسة الامريكية في المنطقة واعتبار العراق بؤرة وممر امن لزرعها في مناطق اخرى من العالم .
على الحكومة السعي لتجنيب العراق وزر تبعات السياسة الدولية والتوترات الإقليمية، والأخذ بنظر الاعتبار موقع ووضع العراق الحالي ، والتأكيد على سيادته ومصلحته الوطنية في تثبيت الاستقرار بما يسهم في إعادة الأعمار وتطوير البنى التحتية بعد ان أصبح العنف اليوم محدوداً ويؤثر على مناطق بعينها فقط وهو ما سمح لغالبية أهله بالعودة إلى حياتهم الطبيعية اليومية.
وهذا لا يعني أن العراق أصبح دولة طبيعية بأي شكل من الأشكال وأن الوضع الآن اكثر من طبيعي ابداً ليس هذا انما ، وللأسف، فإن الأزمة السياسية في البلاد تلعب دوراً كبيراً في تقسيمه مخلّفة وراءها تربة خصبة ينفذ فيها الارهاب عملياته فالمعالجات الجزئية أو الانتقائية غير كافية ، ولاسيّما تلك التي تهدف إلى تحقيق مصالح على المدى القصير دون برنامج واضح والتي  تعتبر من الضروريات المهمة  كما ان الحكومة لم تعالج العوامل المغذية للاضطرابات التي تهدد استقرار العراق وديمقراطيته الهشَّة ، فقد فشلت النخبة السياسية العراقية في تطوير نظام للحكم شامل للجميع، وتعزّزت الانقسامات الداخلية ، بما في ذلك الفساد المستشري وإعادة الأعمار، والركود الاقتصادي ووجود مساحات في المناطق الغربية  لا تخضع لسيطرة السلطات ولازالت تشكل حاضنة تنطلق منها  التنظيمات الارهابية بين حين واخر لتنفيذ اعمالها الاجرامية وقتل الابرياء ولعل الاحداث الاخيرة في قتل المواطنين في النخيب في كربلاء والرمادي إلى جانب عمليات الخطف من أجل الفدية والاغتيالات لدليل واضح على ان الارهاب لازال يهدد الامن مستفيدا من حالة الاضطراب التي يعيشها العراق، فضلا عن الفساد المستشري، والتوترات السياسية في عدم الاتفاق على بعض المناصب الوزارية المهمة مثل الداخلية والدفاع .
 إن الوضع الحالي يتطلب إلى إجراء مراجعة جوهريّة للقواعد التي تحكم النظام السياسي الحالي في البلاد و يجب أن يتحوّل التركيز إلى المواطنين بعيداً عن الطوائف. فالتغيير الحقيقي يتطلّب إجراء تعديلات كبيرة على الدستور ولنظام ادارة الدولة إضافة إلى سنّ قوانين جديدة بشأن الأحزاب السياسية وإدارة الموارد.
من هنا يتعيّن أن تصبح السلطة أقلّ  اتكاءاً على النخب السياسية والاعتماد على الكفاءات ذات القدرات الواقعية في العمل  وأكثر بعداً عن المركزية وتعبر عن ارادة الناس ويمثل الصورة الحقيقية  للنموذج السائد لبناء الأمة العراقية  بوصفه مجتمعاً متعدّد الثقافات تحتاج مكوّناتة واطيافه إلى وضع نظام حكم شامل للجميع ، بمراجعة جوهرية للقواعدالاساسية التي تحكم النظام السياسي المستقبلي  في البلاد بعيداً عن التدخلات والضغوطات الخارجية
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي
 
 
 

421

المرأة الفيلية والخروج من شرنقة التقوقع
يقوم المجتمع على الإنتاج ويتقدّم بالإبداع من الاطراف المتنوعة داخله وللرجل مكانته كما للمرأة مكانتها البارزة في المجتمع كفاعل رئيسي فيه ، حيث مضتة جنبًا إلى جنب مع الرجل لا تقل عنه في ذلك قيد أنملة ، لقد وجدنا المرأة في عصرنا وقد نفضت عن كاهلها تاريخًا أليمًا من التصورات الخاطئة التي ظلت إلى الآن إرثًا أثيمًا في تاريخ البشرية جمعاء بمفكريها وساستها وإنسانها العادي . وعلى مدى التاريخ كان للمرأة قيمتها في المجتمع حيث ان اصلاح المجتمع كله يبدأ من اصلاح المرأة ولها فضل عظيم في تربية ونشأة الجيل القادم ومساهمة فعالة و منجزة لبناء المجتمع  تعكس هويتها وانتمائها وحبها لوطنها وولائها وتعزز التزامها بدينها وبالعادات والتقاليد الحسنة التي تربت عليها  . ولكن لا يعطّلُ الإنتاجَ والإبداعَ شيءٌ أكثر من الخوف الذي تشبعت به بسبب القيود والقساوة التي فرضت عليها ، فلا يمكن أن يحيا هذان المقومان إلا في ظل الحرية والانعتاق من كافة القيود والأقنعة التي تغيب صفاءها و تشوه جوهرها و تطمس افكارها. وللأسف فإن الخوف كان ولا يزال رفيق درب المرأة الفيلية هذه الانسانة الصبورة التي تعرف كيف تعيش الحياة الافضل و تعطي العطاء المنتظر و تثبت وجودها في مجتمعها و نالت ثقة الغير و احترامهم و تقديرهم  وقدمن حياتهن في درب الحياة  واستشهدت الكثير منهن و البعض الاخر قضت حياتهن  في سجون الطاغية أبان التسفيرات القسرية للكورد الفيلية والتي نالت الظيم الاكبر في فقدها للابناء والازواج والتهجير ومرت عليها مشاهد مؤلمة حين رماها النظام السابق على الحدود مع اطفالها في البرد القارس وبين حقول الالغام،تلك الحادثة المؤلمة علقت مرارتها وقسوتها في ذاكرة كل العراقيين الشرفاء الذين استنكروا هذا العمل الاجرامي واللاانساني وهذه معاناة لا تعوض بثمن لتشارك الرجل وأن تَـعمـد الى تغيير واقع حال المجتمع بترهيب نفسها بنفسها خوفاً من الم الماضي ورفعه من كاهلها بارادتها وما لم تكن هذه فاعلة  فيما يخص المرأة و قريبة وملامسة لواقعها واحتياجاتها داعمة لها في كافة الأنشطة والمبادرات التي من شأنها النهوض بحقوقها وأمنيات بتحقيق الأفضل على أرض الواقع في ظل توجه حكومي ايجابي نحو قضايا المرأة ، يبقى كما أسلفت أن نستغل هذه الفرص الاستغلال الأمثل ولا يتأتى ذلك إلا إذا وقفت بشجاعة في مواقع صنع القرار ووجهت جهودها وقدراتها للقضايا التي تمسها ولم تعطى مع الاسف مساحة من الحرية للتعبير من خلالها عن موقفها من أمورالمجتمع وتقلّبت أحوالها بين فئات المجتمع ، وتتالت الخطوات العلميّة والفلسفية رغم كل ذلك. ان استثمار الألم الفيلي، من قبل  البعض من الزعامات الفيلية لخدمة الأهداف الشخصية، كان مرضا مرافقا للقضية الفيلية بشكل عام ومنها المرأة، وساهم مساهمة سيئة؛ في تفاقم الهموم والإبتلاءات، وتسبب في تعميق الجراحات، فضلا عن أنه أعطى صورة قبيحة، عن كثير من المتصدين الفيليين، من المنخرطين بالحقلين الأجتماعي والسياسي، من الذين حاولوا اخناع الفيليين، واقناعهم بالعبورعلى  قناطر مصالحهم الشخصية والوصول الى مآربهم الذاتية بدل التوحد من اجل اتزاع حقوق هذا الطيف المظلوم  .
 ان المرأة في العراق بشكل عام بعد 2003 حظيت في ظل العهد الجديد بالكثير من الحقوق وشرع لها الكثير من القوانين مساواة مع الرجل في جميع المجالات لما لها من دور بارز في المجتمع فقد تبوأت ونالت العديد من المناصب المرموقة في الدولة فهي تضاهي نساء العالم من حيث القدرة والكفاءة ولا تقل عنهم ويبرز دورها الريادي في خدمة مجتمعها والمساهمة في بناء وطنها الغالي بالعلم والمعرفة ورعاية شؤون مجتمعها ودعم جهوده الخيرة تحقيقا للمصلحة العامة . بينما واقع المرأة الفيلية  لا يزال يدور حول نفسه متشرنقاً . رغم توفر فرصة ذهبية تعيش من خلالها وتستطيع ابراز مواهبها بمشاركتها في  الحركات والتنظيمات والجمعيات التي تختص بالمرأة في جميع شؤونها مثل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية ومنها دائمة  السباق في مجال تنمية المواهب والعمل على صقلها في التنفيذ و المشاركة بسلسلة من الأنشطة الاجتماعية والثقافية والفنية وأن تضع بصمة في بيتها من خلال رعاية الأبناء وتهذيبهم والمحافظة على الأسرة من تحديات العصر وتقلباته و ما يتحقق من منجزات وتتطلع الى مزيد من الإنجازات القادمة وربّما لا تزال أحوال الكثيرات منهن مثل  ما كانت عليه في معظم الاوقات . فقد طُبّقت عليها كافة أنواع القيود المزمنة ما جعلها كائناً ضعيفاً وغير مستقر نفسياً، ونتج عن  هذا الخوف العامل العنف النفسي الذي مورس ضدها بأشكال مختلفة بانزوائها في زاوية محدودة . و من رهابٍ لدى المرأة يعيق نشاطها ويمنعها من التقدم في المجتمع . وعدم تبني المنظومةَ الفكريةَ للمجتمع الذكوري المحيط بها لتشجيعها دون ادراك العواقب الكارثية المترتبة على هذه الممارسة والتي تساهم في تكوين مجتمع انساني متكامل بوجودها و الذي ستكون عليه في المستقبل، وتحديد دورها في المجتمع. بدل ان تجعلها ان  تكون فيها قد حققت أكثر مما تحلم به نظيرتها في كثير من دول العالم، فلا توجد وظيفة قيادية مستعصية على المرأة، ولا تنال أجراً أقل من الرجل في الوظائف المتشابهة ، و لا يمكننا التطلع الى المستقبل والاستعداد للمرحلة المقبلة من دون مشاركة فعلية للمرأة في رسم هذا المستقبل وهي الأكثر حظوة وابداعاً بالمناصب القيادية في الدوائر الحكومية و البرلمانية والتنفيذية والقضائية والإعلامية ،ولنا نماذج رائعة في كفاءة المرأة الفيلية مشابهة لكفاءة الرجل في الحرب والسلام و العلم والمعرفة والنضال والتضحية والثبات على المبدأ ولهن دور ايجابي في الزمن، وقوة الشخصية واذا ذهبنا الى عمق التاريخ هناك نساء فيليات شاركن في الحروب و القتال جنبا الى جنب مع الرجال دفاعا عن كرامتهم وارضهم و خير نموذج لها المقاتلة الثائرة / قدم خير/ التي قادت رجال في المعارك وانتصرت على الظلم وفي التاريخ الحديث هناك الدكتورة الحقوقية والقاضية المناضلة زكية اسماعيل حقي والاعلامية الرائعة الدكتورة فيروز حاتم جاسم والكاتبة منيرة اميد والشهيدة السعيدة ليلى قاسم التي اعدمها النظام البعثي  والشهيدة ميسون حسن التي استشهدت بانفجار لغم تحت قدميها على الحدود العراقية الايرانية أثناء حملة التهجير الظالمة للكرد الفيليين سنة 1980  ، والدكتورة النائبة السابقة كيان كامل حسن البصيروالنائبة السابقة سامية عزيز محمد خسرو...الخ والكثير الكثير مما قدمن حياتهن وخدمن العلوم والمعرفة لا يسعى المجال لذكرهن وعلى كل مستويات العمل وفعلاً هناك منهن اختارت طريقتها وأسلوبها في التعامل مع ضغوطات المجتمع بصبرها وحكمتها وتفانيها ، وربما ازداد هذا التنوع من جيل لاخر ، وهذا أمر طبيعي لأن الوسائل القديمة في الخروج من القوقعة تم استبدالها بأخرى عصرية نتيجة الثقافة التي اكتسبتها وتحملت المعاناة من اجل الوصول الى الهدف المنشود في احقاق حقها المشروع في حياة مفعمة بالآمال الوردية والأحلام السرمدية وغارقة في بحيرة الأفراح والمسرات والمباهج و تعيش نشوتها الحقيقية والالتزام الأبدي بشعبها و عهدا على نفسها بان تحتضن  الصدق والود والمحبة والتفكير بالنظرة المستقبلية القائمة على اساس حضاري تؤسس على فكرة عدم القبول باستمرار معاناتها من ابسط عناصر الحياة والحقوق ، وتطالب بالحرية  ليس فقط للمرأَة الفيلية انما للشعب العراقي كله
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي فيلي
 
 

422
دروس في الاخلاق ...   التكافل الاجتماعي
التكافل مسؤولية اجتماعية وتعد ركنًا أساسيًا وهامًا في حياة المجتمعات والأفراد، ويتمثل في مساعدة الفقراء والمساكين والمحتاجين بأن يساهم المجتمع بكل مكوناته في توفير حاجاتهم وتخفيف معاناتهم والحد من سقوطهم في التكدي( التسول )، ويتمثل في مساعدة الأيتام وكفالتهم، وفي مساعدة الأرامل وتوفير احتياجاتهن… إلى غير ذلك، يقول تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].
واي نجاح للمسؤولية الاجتماعية في اي بلد لا يقتصر فقط على جهد واحد، بل بحاجة لتضافر جميع الجهود من أجل التعاطي الديني والانساني وروح المسؤولية لانجاز العملية والأخذ بزمام المبادرة نحو خلق واقعٍ مغاير للواقع الذي هو فيه وللحقيقة ان العراق يفتقر الى هذه الظاهرة المهمة  واذا كانت موجودة فضعيفة ولا تفي بالغرض ومؤسسة الخدمات الاجتماعية ووزارة العمل لوحدها لايمكن لها اتمام هذه المهمة  واصابتها افاة الفساد المستشري في اكثر المؤسسات الحكومية و الذي عبث بها  لان الدولة كانت غائبة عن مثل هذه النشاطات منذ تاسيس الدولة العراقية سوى المحدودة منها والتي لا تغتفر لها ، أن أساس التكافل هو كرامة الإنسان حيث قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].
ونحن الان بأمس الحاجة للمسؤول الذي يستطيع ان يقنع كل فردٍ ومواطنٍ بأهمية المسؤولية الاجتماعية، وأن تكون نابعة من ذاته ومزروعة في داخله حتى تتوحد هذه الجهود في بناء منظومة اجتماعية يشارك فيها الكل على ان نجعلهم يشعرون بأنهم أعضاء فاعلين ولديهم القدرة على تحمل أعباء الواقع بروح طيبة، وإلا سيصبحون عندئذ أفرادًا عاجزين لا يتمتعون سوى بالكسل والعجز والاستجداء الغير المجدي من الآخرين لمساعدتهم وإنقاذهم من الواقع السلبي الذي هم فيه ، ويتحولون تدريجيًا عبر الزمن إلى مجرد هياكل بشرية تتلقى المعونات والمساعدات الإنسانية من أجل الاستمرارية في الحياة فقط، بعيدًا عن أي مبادرة او جهد أو استشعار داخلي بأهمية المسؤولية كمفهوم والشعور يجب أن يكون له تأثيرٌ فعلي على أرض الواقع.
كما أن الشبكات المسؤولة من الجمعيات الاجتماعية مطالبة أكثر من أي جهة اخرى بتفعيل مفهوم المسؤولية الاجتماعية في تقديم الممكنات عن طريق قنوات المجتمع المختلفة للوصول إلى الأهداف التي من شأنها أن تحقق العدالة الاجتماعية لكافة طبقات افراد المجتمع دون استثناء الذي يضم الجميع، وحتى تؤدي المجموعات العاملة هذه الوظيفة بشكل جيد يفترض أن تدخل في شراكات محدودة مع مختلف الأطراف وتحديد المسار الموجه نحو إدراج اهتماماتها بالمسائل الاجتماعية والبيئية والأخلاقيات واحترام حقوق الانسان والمستهلك، سواء في أنشطتها التشغيلية أو في وضعها لاستراتيجيتها ولتحقيق شعار اليوم العالمي للمسؤولية الاجتماعية وهو "القضاء على الجوع.. هدفنا ". ومن ثم تأتي المسؤولية الاجتماعية على مستوى الدولة في الأخذ بزمام المبادرة في تحمل المسئوليات الملقاة على عاتقها، وهذا يعني أن تتحمل السلطة السياسية والإدارية مسؤوليتهما في الإشراف على تأمين كافة الاحتياجات اللازمة للمواطنين ومساعدتهما. ومن هنا كذلك لا يمكن الحديث عن المسؤولية الاجتماعية بدون الحديث عن أخلاقيات أفراد وجماعات ومؤسسات المجتمع في التعامل مع المسؤولية الاجتماعية في الإطار الإنساني الذاتي والذي ينبع من مدى احترامهم لهذا المبدأ الإنساني، والذي من أجله نهضت مجتمعات وتقدمت بفعل أواصر الترابط والتماسك السائد بين أفراد المجتمع الواحد.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

423
الكورد الفيليون وانقلاب 8 شباط والعودة الى الذاكرة
اتفق العراقيون بكل اطيافهم واعراقهم والوانهم على ان يوم 8-شباط سنة 1963 يوم اسود في تاريخ العراق وشعبه ،بوحي من السي آي أي. وإن الحكومة البريطانية كما ذكرها سكرتير حزب البعث في العراق علي صالح السعدي  وبدعم مالي ولوجستي  من عبد الناصر نفسه على علم بالتحضيرات للانقلاب" وزودهم ببنادق بو سعيد المعروفة.
وقد نقلت صحيفة " الاهرام المصرية "بعد سبعة أشهر على الانقلاب، عن احد مراسليها  عن الملك حسين قوله" أن الاستخبارات الأمريكية كانت وراء الأحداث التي جرت في الأردن عام 1957. أسمح لي أن أقول إن ما جرى في العراق في 8 شباط/فبراير 1963 قد حظي بدعم الاستخبارات الأمريكية". المؤامرة تلك كانت لها كلمة سر في اللحظة التي تطلق فيها الرصاص على صدر الشهيد العقيد جلال الأوقاتي قائد القوة الجوية وبدلالة من اللاعب محمد ثامر حامي هدف العراق المعروف في ذلك الوقت الذي كان يقود تلك العصابة المجرمة و هي تعني بداية الانقلاب على ثورة 14 تموز المجيدة وقائدها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم ، حين خروجه من بيته في كرادة مريم ببغداد صبيحة يوم 8 شباط الأسود 1963، وهي بداية الانقلاب المشؤوم ضد ثورة 14 تموز المجيدة وانجازاتها الوطنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبها باشر الانقلابيون في ايقاف التطور الطبيعي في اتجاه بناء الدولة الحديثة المنشودة، التي اتسعت  لجميع المواطنين على اختلاف قومياتهم واديانهم واتجاهاتهم الفكرية وانتماءاتهم السياسية، رغم ما رافق التجربة من عيوب ونواقص وتلكؤ، شأن أي محاولة جديدة تسعى الى إشراك المواطن في الحياة السياسية وفتح الافاق للتطور اللاحق. ان الذي كان في جعبة المجرمين اكبر من استسلام الزعيم عبد الكريم قاسم واغتياله. كان المطلوب القضاء على تطلعات الشعب العراقي في السير على طريق التقدم والرخاء، وفعلا ما ان تمكنوا من السيطرة على المؤسسات الامنية حتى هاجموا المواطنين وشنوا حملات الاعتقال والاغتيالات، فامتلأت السجون وقامت قوات الحرس القومي وهي عصابات من المتشدقين والحاقدين على الثورة و السراق وفاقدي الاخلاق  شكلها الانقلابيون لملاحقة المواطنين المخلصين لشعبهم والرافضين للانقلاب الاسود الذي عرفوا هويته الدموية منذ اليوم الاول الذي تمكنوا فيه من استلام السلطة، فاشاعوا الدمار والخراب باسم حزب البعث ورسالته الدموية  والقومية الحاقدة والاشتراكية المزيفة الذي استمر تلك العقود من الزمن .
 لقد سجل ذلك الانقلاب المشؤوم بداية تاريخ طويل من الانتهاكات لحقوق الإنسان والهدر لكرامة المواطن.بدأ بسفك الدم دون حساب، ودشن القتلة "رسالتهم المبنية على القتل الشنيع لقادة الثورة الاماجد وشرفاء الوطن .
في هذا اليوم اجتمع كل اعداء العراق والعراقيين من عملاء الرجعية وبدو الصحراء وبدو الجبل والجزيرة وعلى رأسها العميل حسين والدكتاتور العميل جمال عبد الناصر والحكومة التركية والشركات النفطية الاجنبية والمتخلفين الفاسدين من شيوخ العشائر والأقطاعيين وبعض رجال الدين واسرائيل وامريكا واعلنوا الحرب على العراقيين وعلى العراق لمنع العراقيين من السير في طريق الحرية وبناء وطنهم وصنع حياة حرة وكريمة وقد تمكنت القوى المعادية للعراق من السيطرة على العراق وفتح باب جهنم على العراق والعراقيين ودخل العراق فترة مظلمة من اشد الفترات ظلمةً التي مر بها. ورغم كل ذلك فلم تسكت الجماهير فخرحت لتدافع  عن الثورة ومكتسباتها  ولم تركن للعصابة الانقلابية المجرمة فندفعت  جماهير الشعب تقارع الانقلابيين بكل ما أوتيت من عزم وقوة رغم أنها كانت عزلاء من السلاح،وكان للكورد الفيلية دور مشرف  في مقاومة انقلاب 8 شباط 1963 الاسود خاصة في شارع الكفاح  مناطقه المختلفة مثل  عگد الأكراد والصدرية وباب الشيخ وابو سفين وساحة النهضة وقنبرعلي و القشل- أبو دو دو-المهديه- الدهانه الكولات- بنى سعيد – العوينه- عكد ملا نزر- باب الشيخ- التسابيل- وخاضت المعارك بمقاومه عنيفه تصدت للقوه المهاجه بكل بساله وعزم  ويحملون معهم بنادق وعصي  والحجارة وقناني المولتوف المصنوعة محلياً فيما قابلتهم الدبابات والمصفحات منزلة بهم خسائر فادحة في الأرواح من أبناء الشعب . ومن هنا جسد البعث الحقد  ضد الفيلية على خلفية الضغينة التي حملوها لهم منذ أحداث إنقلاب 8 شباط.وهكذا فقد أولت سلطة البعث بعد عودتها بقوة في انقلاب 17 تموز عام 1968 . وطفقوا يوحون خلال خطابهم الغامز بكون هؤلاء اجانب من ذوي "التبعية الإيرانية".فشرع بتهجيرهم أفرادا وجماعات ابتداء من العام 1970 في زمن احمد حسن البكر واكملها في بداية 1980 في الشهر الرابع منه  بعد ان تبوأ صدام هرم السلطة وقام بتهجير مئات الآلاف من عوائل الأكراد الفيلية ومن العرب بدافع عنصري طائفي  كونهم من الشيعة بخبث بعد مصادرة ممتلكاتهم وشهادات جنسياتهم وهوياتهم وبطاقاتهم الشخصية ودفاتر نفوسهم وكل شيء يدل على مواطنتهم العراقية وانتمائهم العرقي والتاريخي بتربة العراق عبر مئات السنين
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي فيلي

424
سيادة العراق ...وتصريحات غير مسؤولة لترامب
اختلفت التفسيرات التي تُحاول تعريف مفهوم الاستبداد الذي يعني الانفراد والتسلط ، وداء ابتليت به الكثيرة من الشعوب في بعض مراحل التاريخ ولازالت تأن من شدتها ومن تحديات صعبة مرت عليها وهو أسوأ أنواع السياسة، وأكثرها فتكا بالإنسان ، و يؤدي إلى التراجع في كافة مرافق الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ...الخ، وإلى تعطيل الطاقات وهدرها، وإلى سيادة النفاق والرياء بين مختلف فئات تلك المجتمعات ، كل حسب مجالات اشتغاله أو ميادين مقاربته، سواء من حيث الأفكار والمعتقدات أو من حيث الممارسات والسلوكيات. غير أن الطبيعة التي يَتولَّد عنها أو يُولِّدها في مكان وزمان تبلوره، تَظَلُّ واحدة. وغالبًا ما تكون متَّسِمة بالاستعباد والاغتصاب والاستحواذ والاستئثار دون وجه حق تارة كما تفعل الولايات المتحدة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط ؛ حيث نجدها تَتَّسم بالنّهب والتسلط والطغيان تارة أخرى والتي نشاهدها في العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول اخرى في المنطقة التي تتسلط على رقاب شعوبها بالقوة وحد السيف من اجل تحكيم وجودها في السلطة .
كيفما كانت الأوضاع التي يظهر الاستبداد فيها، فإنها غالبا ما تَتَّصِف بالمأساوية. تظل رغبته في النزوع إلى الاستعباد والتسلط والاستلاب، وفي رغبة ممزوجة بميول طغيانية لا تتغير أو تتبدل، بل تزداد أُلْفَة نظرًا لتوفر المستبد على آليات وأدوات لدعم مختلف عاداته السيئة، ومحاولة فرضها على الآخرين لمجرد اعتقاده بأن كل سلوك يصدر عنه، يعتبر من وجهة نظره قيمة سياسية لوجوده.
ان التصريحات الاخيرة للرئيس الامريكي دونالد  ترامب : النص : إن "احتفاظ الولايات المتحدة بوجود عسكري في العراق أمر مهم حتى يمكنها مراقبة إيران، لأنها تمثل مشكلة حقيقية " والذي جوبه برد من قبل السيد عادل عبد المهدي في مؤتمره الصحفي الاسبوعي إنه “لا توجد قواعد عسكرية اميركية في العراق، بل هناك مدربون في اطار التحالف الدولي”، مبينا “نرفض استخدام العراق من قبل اية دولة ضد دولة اخرى، حيث سنبلغ الجانب الامريكي بوجهة نظرنا”، داعيا “الاصدقاء الأمريكان”، الى “سحب هذه التصريحات والتراجع عنها”: مثل هذه التصريحات تدل على الجهل  ومحاولة لخلط الأوراق في المنطقة وفي بقاء القوات الامريكية في العراق من هذا النوع من الكلام تعني استفزازاً وحيث تطبقها خطوة بخطوة سوف تكون لها عواقب وردود افعال قوية شعبية  ولا يجب الرضوخ لها ولا تقبل السكوت عنها فإن العراق كدولة ذات سيادة واستقلال وتاريخ وحضارة تفتقر لها بلدان عديدة  "حتى الولايات المتحدة الامريكية من بينها" وقيادته الحالية مسؤولة مباشرة امام هذا التحدي العلني الوقح والمقززلكل وطني شريف  للمحافظة على ارض وسماء الوطن وشعبه سيدافع عن نفسه واذا كان يريد من خلالها إرسال رسائل مبطنة لتحقيق أشياء غير مفهومة المعاني  ، فارض العراق ليست ضيعة لاحد ولن تنفع في هذه المرحلة مثل هذه الامور والقيادة السياسية للبلد يجب ان يكون لها موقف واضح وصريح هذه المرة لان مثل التصريحات لا يرتضي لها المواطن الحريص على بلده ووطنه  لأن الترميز بات سهل الفك،  ومما لاشك فيه ان زيارة الرئيس ترامب إلى القاعدة العسكرية في العراق “عين الأسد” في رأس السنة الميلادية كانت لها مدلولات كبيرة،والتي قال عنها " لديه قاعدة مثالية الموقع يستطيع ، من خلالها مشاهدة اجزاء كثيرة في الشرق الاوسط المضطرب .وانّه سيستمر في المراقبة ليرى فيما اذا كانت هناك مشكلة ، أو فيما اذا كان احد يتطلع الى صناعة اسلحة نووية ، فسوف يعرف ذلك قبل أن يفعلها ذلك الشخص"  وتحمل في طياتها رسائل تهديد كثيرة، وخاصة إلى المحور الذي أرغمه على الانسحاب من سورية والنجاحات التي حققها الجيش العربي السوري مع الدول المقاومة والمتحالفة معه كانت ملهمة لإخراج قواته مهزومة  من هذا البلد وتعاني مشاكل في ميزانيتها السنوية من عجز ، "ولان الحرب اصبحت مكلفة حيث ان وزارة الدفاع الامريكية قد خصصت 69 مليار دولار لنفقاتها العسكرية في افغانستان والعراق وسوريا من ميزانيتها لعام 2019 والتي بلغت 716 مليار دولار بزيادة 16 مليار عن ميزانية 2018 .وفي حالة انسحابها من العراق بعد خروجها من سوريا وافغانسان، فانها ستوفر هذا المبلغ ، الذي هو اكبر من ميزانية وزارة الدفاع الروسية لعام 2019 بما يقارب 19 مليار دولار". وممّا لاشكّ فيه ان توفير مثل هذا المبلغ الكبير سيمكّن الولايات المتحدة من خوض سباق تسلح مريح ، وحيث تعتقد انها ستكون مكلفا بدرجة كبيرة لروسيا وهي تعرف حقاً ان الشعوب لا تتخلى عن حريتها واستقلالها حتى تحت وطأة المخادعة والتضليل  ولن تمر عليها و يكون لها ردا غير محدود على اي تصرف اذا ما اصرت في بقاء قواتها وهذا حق طبيعي نصت عليه القوانين الدولية ومواثيق الامم المتحدة . والقلق لا يأتي من تواجد اعداد من القوات الامريكية الموجودة وشرعنة اغتصاب البلدان و بقائها على الارض العراقية و ادخال الجمهورية الاسلامية الايرانية في المعادلة والتي لا تغفل قوتها في تطوير امكانياتها العسكرية واخرها  وضعتْ رؤوساً حربيةً مُوجَّهةً بدقة فوقَ أكثرِ صواريخِها تطوراً وأطولِها وذاتِ قدرةٍ على الوصول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والقواعدِ العسكريةِ الأميركية في الخليج الفارسي. ويبلغُ مدى الصاروخ ألفي كيلومترٍ، ويُستخدَمُ فيه الوَقودُ السائل، وهو صاروخ "ارض-ارض" بطولِ ثلاثةَ عَشَرَ متراً، وقطرِ مترٍ ونصفِ المتر. وهذا النموذجُ من الرؤوس الحربية كانَ قد تمَّ تزويدُ الصاروخ "عماد" في الأعوام السابقة، كما تمَّ تزويدُ العديد من الصواريخ به مثلِ "قدر" و"قيام " وهي تعلم فشلها و بكل صراحة  في حال جرى أي تصعيد مقبل نحوها ستكون القواعد العسكرية  الامريكية التي تقام على الاراضي العراقية سهلة وفي مرمى هذه الصواريخ ولا تعني التطور العسكري الايراني جزء من الشروع بتعبئة لحرب انما لاجل الدفاع عن مصالحها . هذه المواقف  والتحركات العسكرية الأمريكية الأخيرة في داخل الأراضي العراقية ، تمثل إنتهاكاً صريحاً للسيادة العراقية، وتحدياً صارخاً للإرادة السياسية الحُرة الهادفة لتحييد العراق عن أي صراع أقليمي وتجنيب الدولة خوض حرب بالوكالة عن إرادة ومصالح من لا يريد بالعراق والمنطقة خيراً وقد تكون اشارة لمحاولة تغيير في رسم خرائط النفوذ في المنطقة من قبل امريكا، ورسالة  حول استذكار انّ القوى الكبرى لم تقرر تسليم المنطقة لقوى اقليمية بسهولة وخاصة تجاه ايران التي تقود المقاومة بكل شجاعة  والتي حملت شعار " هيهات من الذلة ونفضل ان نموت واقفين  على أن نحيا راكعين  "  واشارة لتركيا كونها غيرت سياستها نوعياً حول هذا الملف و ليست مطلقة اليد في سوريا بعد الانسحاب الامريكي منها ،  والحقيقة لا يعني  إلأ من اجل الوقوف لحماية إسرائيل وهو جزء من الأمن القومي الأمريكي كما تعتقد ، فالولايات المتحدة الامريكية متواجدة في سوريا والعراق، ليس لمواجهة داعش والقاعدة والمجموعات الارهابية الاخرى التي صنعتها وتعيش نهايتها ، بل للحفاظ على أمن إسرائيل، وهذا لا يمكن تحقيقه كما تعتقد إلا من خلال عدم الاستقرار في منطقتنا، و ما كانت تريده الولايات المتحدة الأمريكية وانشئته في سوريا وفي العراق وباتت ملامحه مكشوفة وتظهر بالتدريج .إلا ان سياسة ترامب الانعزالية في الداخل الامريكي وعدم التأييد في الخارج سوف لن تجعل امريكا هي الاقوى كما كان يدعي في خطابات الترشيح للانتخابات و لاينبغي للولايات المتحدة من تبديد قوتها في مناطق لا تشكّل تحدّيا حقيقيا لأمنها ووجودها كما هو واضح وللشعوب كلمة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

425
الفيليون والتنظيم المجتمعي   
يستند التنظيم المجتمعي الواسع؛ الذي نجد أنفسنا أمام خيار واحد إزاءه، وهو سلوك طريقه، على توظيف وتدريب وتطوير القيادات المجتمعية، وخلق قيادات قادرة على العمل معاً لخدمة هدفها الكبير المشترك في التنظيم المجتمعي الفيلي الذي نسعى اليه، يدور حول تمكين القاعدة المجتمعية الفيلية، من القدرة على تحقيق الأهداف، وهو يحمل آفاقا سياسية، لكنها آفاق تدور حول المشتركات العامة للفيليين، دون الدخول في تفاصيل الأيدولوجيات وألأنتماءات السياسية، التي يمكن للأفراد الأحتفاظ بها وحق لهم لا اقل في مرحلة البناء .
ان التنظيم المجتمعي الفيلي؛ الذي يجب أن يتشكل بشكل منظم ومعد له جيدا، يجب أن لا يكتفي بإيجاد الحلول لهذه المشكلة أو تلك، بل يتعين أن يتمحور حول التمكين الذين يعانون منه لحل المشاكل البينية في اطار موحد ليقودوا أنفسهم، ويوظفوا مواردهم المتوفرة بشكل ذاتي ، وبذلك يصبح حل المشكلة الكبرى في متناول اليد.
مع الاحترام لكل الأفراد والجماعات الفيلية القائمين على الجهد، هم أهل القضية وأصحابها، وليس فئة سياسية ضاغطة أو مؤازرة للقضية، وبالتالي فان القيادة تنبع  من قصص أهل القضية ذاتهم، وهو ما يحفز العمل والإلتزام ، ولا نشجع إستقطاب قيادات من خارج أهل القضية إلأ من اجل الدعم والارشاد للاستفادة من الخبرات لفك عقدة التشتت الذي يعيشه الفيليون اليوم ومع الاسف  .التنظيم المجتمعي الفيلي؛ يتشكل من مجموع الفعاليات الفيلية ولكن في اطار موحد (شيوخ عشائر، قادة سياسيين، طلاب، شباب، نساء، تجار وكسبة، مهن وحرف، كفاءات إدارية وأكاديمية، جهاديون وعسكر ورجال أمن )، وهو الذي يعبر عن رؤية جماعية فيلية، للحلول الواجب إنجازها والمحافظة على هويتها و لقضيتهم التي طال عليها الزمن.
عبد الخالق الفلاح كاتب واعلامي فيلي
     
     

426
الثورة الايرانية عنوان الصمود والتحدي   

 الثورة الايرانية العظيمة التي نعيش هذه الا يام ذكرى انطلاقتها ، فريدة  من حيث السرعة التي احدثت بها التغيير على مختلف الاصعدة، باعتبارها مفاجأة على مسرح الأحداث الدولية و الدور القيادي للدين فيها ،والانتصار تحقق بعد ان ساهمت كل فئات الشعب فيه رغم ان الشاه كان يعتقد أن نظامه محمي كما يجب من قبل الجيش والأجهزة الأمنية التي أنفق النظام عليها ميزانيات ضخمة . الثورة نجحت بعد نزل معظم ابناء الشعب الى الشارع في هذه الثورة وساهموا باسقاط النظام البهلوي وإقامة النظام الإسلامي ومنذ اللحظات الاولى لتفجيرها وحتى الان وقعت تحت نيران الاستهدافات الغربية والاستكبارية العالمية لانها رسمت لنفسها خطا ينحوا نحوا مختلفا عما هو سائد في الكون بأن تكون هناك دولة مستقلة بعيدة عن الاملاءات والانحيازات للقوى الكبرى حيث اندلعت الثورة والعالم كان يعيش تحت ضغوط واملاءات القطبين الذين كانا يسيطران على العالم وهما محور الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها من الغربيين وغيرهم ومحور الاتحاد السوفيتي في ذلك التاريخ  وحلفاؤه الشرقيين في اوربا الشرقية وغيرها.
لقد توحد الجميع نساءاً ورجالاً من كل طبقات المجتمع ،العسكري والعامل والموظف والفلاح والطالب الجامعي والمعلم...الخ في الثورة وكان الاستقلال اكبر منجزاتها لشعبها. و وقفت باطلالتها  بوجه سياسة التخريب التي انتهجتها الولايات المتحدة الامريكية وعجزت عن تحقيقها في المنطقة  . 40عاماً من الصبر والحصار والعمل الدؤوب انتقلت ايران من الدول المتخلفة الى مصاف الدول المتقدمة من خلال انجازاتها النووية والفضائية وبرزت نفسها وبقوة امام العدو والصديق كدولة اقليمية عظيمة، وعزز هذا الحضور انخراطها في الحرب على الارهاب وخصوصاً في كل من سوريا والعراق ومدها يد العون والدعم للمقاومات العربية وخصوصاً اللبنانية والفلسطينية قافزة فوق جدار الطائفية والمذهبية العفنة فعلى واشنطن اذا ما كانت تدعي الانسانية والدفاع عن حقوق الانسان وتريد المحافظة على هيبتها  إعادة النظر في الكف عن الممارسات التي اربكت مكانتها في الضغط على الشعوب من اجل لفح خيراتها وسلب حرياتها “لإنها اللعبة القذرة التي لن تدوم ، ولتعلم بأن الركض وراء لقمة شريفة من الخبزلن تُخضع الحر “..اللعبة الحاضرة في العديد من البلدان اليوم لن تدوم  وتفشل بسلاح الصمود والتحدي، وبنفس لغة الخطاب السياسي الأميركي الحاضر الفاشل في بلدان كثيرة في العالم .. إن تجويع الأطفال والممارسة البشعة بحقهم والهيمنة على أجسادهم الصغيرة والمنهكة من الرمق والضمأ، والإساءة إليهم تعني بالضرورة إساءة للامم ولتاريخهم ولمستقبلهم، وهي أكثر كفرا من الجوع وأشنع من فعل اخرى قد تُجبر عليه في غالب الأحيان البطون الخاوية في التصدي لكل ما هو يسئ لاستقلالها ومستعدة للدفاع عن ارضها مهما كلف ذلك .
دول كثيرة في العالم اصبحت واعية ولن تسكت عن من يستهدفها بالايمان بقدرات شعوبها واستطاعت ان تنهض وتبني لنفسها كيانات سياسية واقتصادية وتصبح في حالة من الاكتفاء الذي وفر لشعبها الكرامة والجمهورية الاسلامية الايرانية نموذج لا يمكن انكاره وواجهت كل الممارسات القذرة التي لعبتها الولايات المتحدة الامريكية منذ اربعون عاماً  من اجل اخضاعها ولكن اثبتت انها لن تلين امام ارادة الاعداء  ، وجعلها في مصاف الدول المتقدمة ، والسبب واضح الاتكال على الله  واختيار قاداتها بارادتهم بالانتخابات الحرة ومتمسكين بحقوقهم ، ولم يفرضوا على ابنائهم رغما عنهم ، وكانوا قادرين على مراقبتهم ومحاسبتهم ، وعزلهم حين يفشلون في تحقيق اهدافهم فلا يمكن من ان تستطيع قوة اخرى تفتيت عضدهم وتشتيت شملهم بسهولة كما يعتقدون وتغيير مسيرتهم في المضي الى الامام.
والجمهورية الاسلامية الايرانية اثبتت لعالم اجمع ان سياسة التجويع للتركيع والانبطاح التي اتخذتها بعض الأنظمة والقيادات المستبدة ضد الشعوب المختلفة سياسات فاشلة وليس هناك من محال في انهيارها   لان المصالح فيها تتقدم على الأعراف والقوانين، فليس هناك مبدأ يُحترم، ولا قانون يُعظّم و عدم امتلاك الحجة والبرهان لتعلوا بهما، و اتخذت من سياسة المال وكنزه في يدها القوة التي تملك الرقاب، وتذل بها الكبار ولن تجلب للعالم سوى المزيد من الحروب والدماروالفقر والتجويع ولا تعبر إلا عن الانحطاط الأخلاقي والسياسي التي وصلت إليها بعض الأنظمة ،لان التطورات السياسية والتدهور الأمني في المنطقة والعالم ساهمت في ازدياد عدد الدول الملتهبة والفقيرة   
إن الإنسان كرمه الله تعالى من فوق سبع سماوات ، وانتهك حقوق أخوة الإنسان على الأرض واستخدامه كأداة لتمرير المصالح والسياسات المرحلية وبأسلوب الحصار الاقتصادي الظالم هذه الجريمة البشعة ، تجلت في عدة دول عبر التاريخ وكثير من الشعوب عانت إثر هذه السياسات ولم تدم ، لا يقضي على جماعةٍ محدد بمفردها ، كما يدعون أعداء الشعوب، ايران استطاعت بالصبر وطول النفس والاصرار على تحقيق الكثير من الاهداف وتجنب الكثير من المشاكل والصعاب ومن ثم اصبحت ايران رقما مهما على المستوى الدولي وعلى المستوى الاقليمي ليس بوسع احد سواء دولة كبرى او صغرى ان يتجاهل دورها او يتجاوزها ومن ثم صارت ايران مصدرا للجدل المستمر ونموذجا لاستقلالية القرار ومواجهة التحديات ..
واشنطن عليها أن تفهم بأن تحقق أي أهداف سياسية لا يمكن الوصول اليها  إلا باثبات حسن النية وعدم اللعب على الحبلين  وأن الحل الوحيد هو في الحوار الهادف  والتعايش السلمي ونبذ ثقافة العنف والكراهية  وتسويق الارهاب والعمل على نشر التسوية السياسية العادلة والسلام العادل تحت رعاية الأمم المتحدة واحترام القوانين الدولية .وإدراك حجم التداعيات المؤثرة عليها جراء ذلك وهناك مصالح متعدد متبادلة بين البلدان، وهناك روابط قد تكون اجتماعية و ثقافية وتاريخية وسياسية متجذرة لا يمكن استئصالها بهذه السهولة التي يتصورها البعض من قادة البلدان المستكبرة ،لان اللُحمة وأواصر الأخوة والدين أقوى من التشتيت،
ومن أجل صون الكرامة والحقوق، وإن اختلفت الأديان. والقوميات والاعراف فيما بينهم . ان للشعوب الحق في كل الشرائع والنماويس السماوية والأرضيه الدفاع عن نفسها وكرامتها وشرفها وسيادتها وإستقلالها بكل الطرق المتاحة أيا كانت وكيفما كانت وبكل السبل وبكل الطرق وأينما كان في الداخل او الخارج ومن واجب الامم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والقنوات والصحف الإعلاميه و مجلس الامن ومنظماتها الاغاثية والإنسانية والثقافية الدفاع عن هذه الشعوب في حال إستمرار الظلم والعدوان والفساد والذل والهوان والتشتت بحقها والوقوف معها والرد على دول العدوان عليها.
والتي يقول عنها القران الكريم "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ."
هناك دول أبية في التاريخ مورست عليها نفس سياسة التجويع حتى تركع للطغاة وأذنابهم، لكنها أدارت أزمتها بمهارة وذكاء، فاستعدت للأزمة قبل وقوعها، وبعد وقوعها قلبت الموازين والطاولة على المعتدين، وإن كانت الخطورة قوية عليها بالجهاد والتضحية ومدى التاريخ العريق الممتدة وهي قائمة وهناك شواهد تاريخية كثيرة.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

427
الحوار البناء ...المهارة ... والوسيط
تشاع هذه الايام بين القوى السياسية ما يسمى بالوساطة للحوار وتقريب وجهان النظر لحل المشكلات التي تعيق العملية السياسية واكمال الحكومة وخاصة الوزارات الامنية منها و من الواضح ان تلك الخلافات ليست سياسية انما شخصية وصراع ارادات من اجل لي الاذرع  (( والطايح رايح  ))، مما ادت الى فشل الحكومة وعجزها عن القيام بأبسط واجباتها وما وصلت إليه الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والتنموية المتدهورة التي آلت إليه في السنوات الخمسة عشرة الماضية اضافة الى الفساد المالي والاداري المستشري  وشكلت في مجملها بيئة خصبة لتنامي الارهاب و تنشيط عمل حزب البعث واتساع رقعته في الاونة الاخيرة ودخوله مجلس النواب في الانتخابات الاخيرة بشكل واضح وقياداته وشخصيات سياسية اخرى اخذت بالتحدث بشكل علني عن ذلك ،
ولكن يجب علينا ان نأخذها الامرعلى محمل حسن لان الحوار أصبح مطلب رئيساً من مطالب الحياة وتخدم المجتمعات التي تسعى الى السلم والمحبة لعبور التوترات والازمات والعيش بأمان واستقرار .الاختلاف والتعددية بين البشر قضية واقعية ،وتعتمد في ايجاد الحلول لهاعلى مهارات الوسطاء و قدرتهم ومقبوليتهم للعبور الى الطرف الاخر لدى المتحاورين ليساعدهم على الاتصال الفعال بوضوح لتجنب الأخطاء المكلفة وهذا اذا ما كان هناك حرص لايحتاج للاعلام والتبويق في وسائلها ، ومن صفات الوسيط الناجح كما تقول باربارا أندرسون في كتابها التفاوض الفعال " بأنه لديه قوة التحمل ونضج الشخصية، ويتمتع بالذكاء والدهاء، ولديه حسن التصرف وسرعته، وإجادة فن الاستماع والانصات، وسرعة الملاحظة والفطنة، واللباقة والكياسة "، ونحن نضيف ان لا يكون حزء من المشكلة ولديه الإدراك الشامل والكامل بالامور الواقعة والاتكال على الجانب القوي وتجزئته وترك الضعيف .
ويمكن أن نشرح الكثير من التكتيكات الفعالة للاستماع الفعال، فهناك طرق للقبول أو الرفض وكيف تحولها لمفاوضات وآلية تعامل مع القضية التي  يتم البحث فيها من خلال توظيف الاختلاف وترشيده بحيث يقود أطرافه إلى فرصة وفريضة  للتعارف والجلوس على مائدة الحوار، ويجّنبهم مخاطر توسيع الشقاق والتفرق و يستطيع من خلاله الإنسان المفاوض التواصل مع من حوله وفهم أفكارهم و مناقشتهم فيها ضمن إطار الاحترام وتبادل الأفكار و شرح المضمون بطرق أكثر سهول ولاعطاء صورة متطورة من صور حل النزاعات والصراعات. لقد اعتادة البشرية منذ الخليقة على إنهاء صراعاتهم والتحرك في أفق الصراع الذي يقسم المجتمع إلى جهتين متصارعتين ( اولاد ادم عليه السلام هابيل وقابيل ) على الأقل  بالقوة التى تشمل قوة البدن وقوة العدد وقوة الاقتصاد وقوة السلاح إلى غير ذلك ولا يمكن ان ننكر من ان الاختلاف بين الناس حقيقة فطرية ، وقضاء إلهي أزلي مرتبط بالابتلاء والتكليف الذي تقوم عليه خلافة الإنسان في الأرض .وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم اذ قال تعالى :
"وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "  [المائدة:48] ، "ولا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "  [النحل:92-93]
التحاور مفتاح ذهبي لإقناع الاخر وازالة العقد ، وهو من الممارسة العقلية الهادفة في الحياة اليومية ويجب النظر اليها بنظرة ايجابية  مؤثرة على نشاطنا ومشاعرنا، ويجعلنا مستعدين للعمل مما يقضي على العزيمة، وتقوية الطاقات وازالة الهموم والأحزان ولقد أضحى الحوار يستمد حتميته من كونه المخرج أو المنفذ الحضاري الوحيد الممكن استخدامه لمعالجة القضايا التفاوضية العالقة بين ألامم وشعوب العالم بشأن المشاكل والخلافات المتنازع عليها ومن ناحية أخرى هو يمثل مرحلة من مراحل حل القضايا محل النزاع إذ يستخدم في أكثر من مرحلة وغالباً ما يكون تتويجاً كاملاً لهذه المراحل نجاح ، فالتفاوض كأداة للحوار يكون أشد تأثيرًا من الوسائل الأخرى لحل المشاكل والتواصل بين المجتمعات  ومن المسلمات التي لا تقبل الشك، ولِمَ لا؛ وقد أصبح العالم - كما يشاع عنه - قرية صغيرة اثر ظهوروسائل الارتباطات الحديثة  ، ففي ظل هذا الانفتاح الكبير والعولمة الحديثة أصبح الانعزال والتقوقع أمراً منبوذاً؛ فلا يصح لدولة من الدول أو مجتمع من المجتمعات أن يعيش بمعزل عن العالم بمتغيراته وتطوراته وأحداثه ومستجداته ومشكلاته وقضاياه.
 فالحوار والتواصل بين أفراد المجتمع الواحد، أو بين الدول ونظيراتها في العالم أضحى ضرورة ملحة يفرض وجوده وآثاره وتبعاته ، لإن الحياة تتطلب منا الجهد والتعب والسلمية وبالجد والاجتهاد  لا بالطرق الملتوية والتسلق على أكتاف الآخرين وعلينا ان  نبذل الغالي والنفيس من أجل أن نبلغ القمم ونعانق السحاب ولكن يجب أن نرتقي بطموحنا بالطرق السليمة والقدرة الذاتية وتنميتها بشكل صحيح دون الالتفاف على حق الغير .واذا اخطأ الانسان ليس عيبا أن يتراجع عن خطأ ارتكبه، أو انحراف تلبس به فترة من الزمن، أو الاعتراف بالذنب وتصويب مسار معوج سابق،
والاعتراف بالخطأ فضيلة  بل هذا واجب ومطلوب إذ يقول رسولنا الامين عليه واله الصلاة والسلام (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ).
 لكن من المعيب الإصرار على الذنب وعدم الاعتراف به ، ومن الطامات  الكبرى البقاء على مسار منحرف أو فهم خاطئ أو معتقد فاسد أو نهج معوج أو سلوك مشين والإصرار عليه، بعد معرفة الحق والصواب وطريق النجاة من المهلكة الكبرى
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

428
الحوار الهادف ... وسيلة للتعايش البشري السليم
الاختلافات من سنن الله في هذا الكون، إذ خلق الله البشر مختلفين عن بعضهم، ولا اعتراض على حكم الله وإرادته ولا يمكن حل الاختلافات بالاجابة فقط دون الفهم والادراك ومهما اختلفنا وطالما قبلنا الاختلاف وجعلناه بوابة للحوار وتبادل الأفكار، فإن ذلك لا يمكن إلا أن يكون نافعا وباباٌ لاقناع الاخر ورفع الكدور والخروج من الازمات ، الحوارهو الحاجة الضرورية والطريق الاصوب وهو نوع من التعاطي مع الآخرين ووسيلة من وسائل التشاور وتلاقح الآراء والأفكار و صمام الأمان لعالم اليوم الذي يموج بالتنوع ويقاد قسْراً إلى التوحّد على نمط واحد يروّج لـه أصحابه بوصفه النمطَ الأمثل للحياة وهو فن وعلم قائم بذاته اذا كان يتضمن نقل الرأي بصورة مباشرة وإيجابية يدفع الطرف الآخر إلى المزيد من المنطقية ويحثّه باتجاه المزيد من المعلومات والتجارب بلا تجريح ولا خدش... وفي نفس الوقت قد يستبطن بعض الإشارات إلى جهات النقض وعندما يحصل تعارض في المصالح والرغبة في التوصل إلى حلّ مقنع لجميع الاطراف المشاركة للوصول الى تفاهم وهو شكلٌ من أشكالِ التواصل الّلفظي أو الكلاميّ بين شخصين او اكثر او مجموعتين أو أكثر، ويعتبر الحوار نوع ووسيلةٌ للتفاهم بين الأفراد والشعوب، بالأخذ والعطاء.. أو قُل الكلام والاستماع إلى الكلام من الاخر. ومن اداب الحوار ايضاً: -اللّطف واللّين في التعامل ،حُسن انتقاء الكلمات والألفاظ المُستخدمة ،التركيز على الهدف من الحوار ،احترام وتقبّل الآخر وعدم مقاطعته أثناء حديثه ،استخدام درجة صوت مناسبة بحيث لا تكون مرتفعة جداً وفظة أو منخفضة لا توصل المعلومة.
انواع الحوار
الجدال: وهو نوع من أنواع الحوار يقوم على نقاش حادّ بين طرفين.
المناظرة: وهي كل ما يمكن للإنسان أن يفكر فيه ويخرجه بأسلوب معين بغية إقناع طرف المقابل فی-;- المناظرة.
النقاش: تتم المناقشة بين طرفين أو أكثر حيث تحاول أطراف النقاش البعد التام عن الأخطاء، بهدف الوصول الصحيح لحل المشكلة او للرأي الصائب. الحوار وسيلة لقهر التسلط والاستبداد الفـكري والسياسي، ووسيلة لقهر التعصب والانغلاق الفكري وتجنب العنف والإرهاب بكل ألوانه وكم من حركات تعمل في مشارق الأرض ومغاربها لتحقيق أهداف تبدو أحياناً مشروعة كالاعتراف بالهوية الثقافية أو اللغة أو الدين لأقلية تعيش مع أغلبية في دولة واحدة،
اصبح الحوار الهادئ اليوم الطريقة المثلى لنقل الأفكار وتبادل المعلومات وتنمية القدرة على التفكير والتواصل مع الآخرين في المحادثات . وبعكسه المتشنج منه مدعاة للفرقة والخلاف والتنافر وشق الصف وتفرقة الكلمة... وهذه هي آفات ومعاول هدم بنيان المجتمعات واضعافها وجعلها لقمة سائغة وسهلة المنال خاصة اذا كان له متربصين ، ومنهم ما هو معلوم ومنهم من هو يتخفى في انتظار اللحظة السانحة للانقضاض على المجتمع... قال تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» وجاء أيضاً: «وكونوا عباد الله إخوانا»، والحوار الحاد ايضاً قد يحفز عند المستمع مكامن الغضب وتوقظ عنده الشعور بلزوم رد الفعل الدفاعي - وهو رد فعل قد يكون طبيعياً لاننا بشر حيثما نشعر بانتهاك كرامتنا نغضب ونتفاعل .
وطريقة للدعوة للتوافق بين الاطراف، تعتبر سمة حضاريّة لمن يلتزم بقواعده، فما أحوجنا في هذه الأيام الى حوار هادف وبناء يجمع ولا يفرق، بی-;-ننا ولا يهدم، يتخذ من الأخلاق والقيم الإسلامية والانسانية الثابتة قواعد للانطلاق، حتى يصل الى تحقيق الغايات السامية والأهداف النبيلة والحوار هو قوام الحياة والسعادة فيها هو وجود اجتماع بين مجموعات بشرية، تنتظم في حياتها بترابط وتآلف ی-;-حفظهم به قانون، ويكون بين أفرادها معرفة بالحقوق والواجبات التي تجعل الحياة واضحة ومنسجمة في التعامل. و توفر مجالات جيدة للتعبير الواضح عن الرغبات والاحتياجات والطموحات وبلاشك ان التعبير الواضح عن الشعور والهدف يزيد جسور أجواء المعركة إلى واحات للسلام يقترب معها أكثر فأكثر نحو التفاهم والتعاون وتبادل وجهات النظر بشكل حقيقي وصادق اذا كان يتناولُ موضوعاً معيّناً، أو وجهاتِ نظر، أو هموماً شخصيّة كالحال بين الأصدقاء، وقد يتّخذُ الطابعَ الرسميّ حين يكون ضمن أماكن تعليميّة كالمحاضرات مثلاً، أو الحوار بين السياسيّين، بينما يعتمدُ على الإيماءات، أو على طرف واحد متكلّم، وكذلك الحوار الذي يدورُ بين الأم وطفلها قبل وصوله لمرحلة النطق، بيدَ أنّ هناك أنواعاً من الحوار التي تُبنى على أساس الأسلوب والنتيجة.
انواع الاختلافات
انواع الاختلاف المحمود: وهو اختلاف تنوع، وهو عبارة عن الآراء المتعددة التي تصب في مشرب واحد، ومن ذلك ما يعرف بالخلاف الصوري، والخلاف اللفظي، والخلاف الاعتباري. وهذه الاختلافات مردها إلى أسباب فكرية، واختلاف وجهات النظر، في بعض القضايا الخلافی-;-ة ،، وفی-;- بعض مسائل العقيدة التي لا تمس الأصول القطعية. وكذلك الاختلافات في بعض الأمور العملية، كالخلاف في بعض المواقف السياسية، ومناهج الإصلاح والتغيير، ويدخل في الخلافات الفكرية: اختلاف الرأي في تقويم بعض المعارف والعلوم مثل: علم الكلام والمنطق والفلسفة والتصوف. والاختلاف في تقويم الأحداث التاريخية وبعض الشخصيات التاريخية والعلمية. نحن أحوج ما نكون إلى الحوار في زماننا الحاضر من أي زمن مضى وانقضى
إذا توفّرت الإرادة في الحوار- تقرّب الشقّة وبه تزال العقبات و يسود التفاهم والوفاق فيتحقّق الأمن وتُركّز الثقة في النّفوس ما بين الأطراف المجتمعيّة أو الكيانات الإنسانيّة ناهيك عن المجموعات الصغيرة الفاعلة كالعائلة فی-;- البيت وموطن العمل ومجلس السياسة وغيرها ولا يمكن للحياة أن تستقيمَ من دون حوار، وهذا مرتبط فيه بالسؤال المهم ارتباطنا البعض بالاخر، وتحديداً في مسألة حاجتنا لبعضنا بعضاً، فهل يمكن أن تستقيم الحياة من دون الحواروالذي سيؤدي إلى تعايش البشرية معاً ومن منطلق هذه الحاجه تكونت المجتمعات وعاشت بسلام وامان .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
منتدى التكامل الفيلي

429
العراق ... الاستقرار والامن من عوامل البناء

الخطر الامني  الحقيقي لازال قائماً يهدد المحافظات المحررة و ليس فيه شك بالتزامن مع الضغط الذي تواجه به التنظيمات الارهابية في سورية وعلى الجبهة الخارجية المتمثلة بمناطق الشريط الحدودي معها في غرب العراق نتيجة ضغط القوات المسلحة السورية للقضاءعلى هذه المجموعات مع الدول المتحالفة مثل روسيا والجمهورية الاسلامية الايرانية وتركيا المتحسسة من الاكراد في المناطق القريبة من حدودها و ما تبقى من العصابات السائبة  الاخرى والخلافات البينية التي تنهش جسد هذه العصابات على الخلافة ، فيما عدا ذلك فان تأخير تشكيل الحكومة واختيار  الوزراء الأمنيين ازمة اخرى و سببًا آخر تساهم في التراجع الأمني في الوقت الراهن بعد ان استغلت تلك العصابات هذه المشكلة والتي لا زالت تراوح في مكانها بسبب العناد بين الكتل السياسية وفرض الارادات على حساب المواطن وعدم الوصول الى حل لانهائها .لكن خطر التنظيم لا يرقى إلى مستوى التهديد العسكري لان هذه العصابات قد فقدت الكثير من مقوماتها وباتت محصورة في زاوية تكاد تكون محسوبة ومحسمومة في النظم العسكرية وتحتاج الى وقت وجهود مضاعفة لكشف مخابئها، وتحتاج الى تعاون الاهالي مع الأجهزة الأمنية بعد تحرير المدن لكشف الخلايا النائمة والمتعاونة معها ما ان تحركت و بناءً على الثقة التي نالتها هذه الأجهزة  من جيش وشرطة وحشد شعبي بعد جهود التي بذلتها في تحرير المدن والتضحيات الجسيمة التي قدمتها اصبح لها قبول منقطع النظير من الاهالي ، وما أثمر عن الكم الهائل من المعلومات المهمة عن هذه التظيمات وعناصره فيما . ومن الركائز الاساسية لعمليات اعادة الاعمار للمناطق المحررة، هو الأمن ، اذ يعتبر من الدعامات الاساسية لأي مجتمع وبالتالي ، لا يمكننا تصور فرض وجود اعمار للدول المتضررة بدون وجود حالة من الاستقرار الأمني لها، اذ كلما كان المجتمع مستقر امنياً ، كلما كان ذلك يوفر لها سيطرة على اعمال التخريب التي تقوم بها الجماعات الارهابية ، ولذلك يعد موضوع الأمن في مقدمة الاهتمامات الفعلية لصنع القرار في الدولة ، فإزالة اثار المظاهر المسلحة وبجميع صورها ، والعمل على جعل السلاح فقط بيد الجهات الأمنية ، كفيل بأعادة فرض الأمن والنظام فيها، واعتبار اي جهة تمتلك السلاح خارج حدود الدولة ، من العناصر الارهابية وينبغي محاربتها باعتبارها خارجة عن سلطة القانون ، وتضر بأمن المناطق وبلاشك أن إعادة إعمار المدن المحررة التي تعاني من نقص شديد في الخدمات الرئيسية و دُمرت شبكات نقل الكهرباء ومياه الشرب والمؤسسات والمراكز التي تقدم الخدمات الصحية والخدمية الأخرى فيها لا تعني تأهيلاً فقط بل بناء واستحداث مدن جديدة بسب الدمارالكبير الذي لحق بالبنية التحتية وبالمناطق السكنية هي من واجب الحكومة ، فضلاً عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين وملكياتهم والتي قدرها خبراء بـ100 مليار دولار، كما أن توجهات الحكومة لإعادة الحياة إلى تلك المناطق لا تتلائم وإمكانات العراق بسبب الازمة المالية الحالية  لانخفاض اسعار النفط في ظل الديون الكبيرة البالغة نحو 64 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لاعتماد الميزانية السنوية على بيع النفط والغير المستقر بين الارتفاع والانخفاض ، ان إعادة الإعمار ستعتمد على ما سيتم تخصيصه في إطار الموازنة العامة للدولة والتي لا يقل العجز فية عن العشرين مليار دولارويحتاج الى فتح آفاق الاستثمار أمام المستثمرين وتسهل الامور لهم ، فضلا عما سيحصل عليه العراق من منح وإعانات دولية التي لم تفي بوعودها لحد الان "، كذلك ان بناء الانسان في المناطق المحررة بعد الانتهاء من  تنظيم داعش لايقل أهمية عن اعمار البنية التحتية فيها اذا لم يكن الاهم ، والى ضرورة ايجاد استراتيجية حقيقية يتعاون عليها كل ألاطراف للقضاء على هذه الافكار المريضة التي زرعتها المجموعات الارهابية في عقول البعض من ابناء تلك المدن ويبدأ بتعزيز الجانب التربوي في تلك المرحلة ، اي العمل على ايلاء البعد التربوي ، الاهمية القصوى ، من خلال الاهتمام بتعليم الأطفال واعادتهم للدراسة ،  وخاصة الصغار منهم باعتبار ان الاطفال يمثلون الثروة المستقبلية للبلد ، وعليه لابد من التفاعل الايجابي مع مسألة اعادة الأطفال لساحات الدرس ، وعدم التفريط بهم وتسريبهم من المدرسة والتي كلفتهم سنوات ثلاث من اعمارهم ، واعادة ادماجهم بالمجتمع واعادة بناء الثقة بقدراتهم والتركيز كذلك على  الشباب منهم في اعادة بناء شخصيتهم وتوفر العمل لهم وادماجهم في المجتمع وبناء هذه الطبقة من الطبقات المتضررة ليست عملية هينة وبسيطة . ورغم كل ذلك واقولها بمرارة  أن ملف إعمار المناطق المحررة، سيبقى متأثرًا بالتحالفات السياسية والكتل المتصارعة ولسياسيي تلك المحافظات، فضلًا عن الوضع الإقليمي المرتبط بالتصعيد التركي – الامريكي –الاسرائيلية  ، لاسيما وأن الفصائل المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة الامريكية  تسيطر على جزء مهم من المحافظات السورية والمجاور لحدود بلدنا ، وتضعها ضمن نقاط قوتها في التفاوض السياسي للاستفادة منها عند الحاجة.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

430
الشرعية الدولية على الجناح الموهوم 
الشرعية الدولية او السيادة ظهرت منذ بروز الدولة الحديثة في التاريخ الحديث و ظهور المجتمعات البشرية وكياناتها السياسية الأولى وتعني الالتزام بمجموعة المبادئ والقوانين التي تحكم وتوجّه العلاقات الدولية من خلال هيئة الأمم المتحدة وبما تصدره هيئاتها المكلفة بحفظ السلم والأمن العالميين وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي  من مهمة وهي صفة او نظام مؤسس على مرتكزات قانونية أو أخلاقية أو قيمية ينعقد حولها إجماع مجموعةٍ معينة أو أغلب أفرادها نظرا لما يجمع بينهم من تلك الأسس وما توفره من إنصاف وعدالة في تنظيم المعاملات بينهم وحماية حدودٍ دنيا من الحقوق لكل واحدٍ منهم ، أساسها في الطابع التوافقي التعاقدي للقوانين الدولية والمعبر عنه في المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تَعتمدها الدول وتوافق عليها وتلتزم بتطبيقها بحكم أنّ الدولة هي المخاطب الرئيسي بالقانون الدولي العام .
مصطلح (الشرعية الدولية ) يقصد بها وجوب تطبيق قواعد القانون الدولي العام على سائر التصرفات التي تصدر عن الأشخاص المخاطبين بهذا القانون وهم أساسا الدول والمنظمات الدولية. ومصادر الشرعية الدولية هي مصادر القانــون الدولي نفسها التي حددتها المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وهي: 1 – الاتفاقيات الدولية العامة والخاصة التي تضع قواعد معترفاً بها صراحة من جانب الدول المتنازعة. 2 – العرف الدولي المقبول بمثابة قانون كما دل عليه تواتر الاستعمال. 3 – مبادئ القانون العامة التي أقرتها الأمم المتمدنة. 4 – أحكام المحاكم ومذاهب كبار المؤلفين في القانون العام في مختلف الأمم كمصدر احتياطي لقواعد القانون, وذلك مع مراعاة المادة (59) التي تنص على أنه لا يكون للحكم قوة الالتزام إلا بالنسبة لمن صدر بينهم وفي خصوص النزاع الذي فصل فيه. ولا يترتب على نص المادة (38) سالفة الذكر أي إخلال بما لمحكمة العدل الدولية من سلطة الفصل في القضية وفقاً لمبادئ العدل والإنصاف .
أن عدم تنفيذ وضمان تنفيذ قرارات الشرعية الدولية . ما يترتب عليها من جرائم تفرض على المجتمع الدولي وفي مقدمته مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية المختصة، الخروج من حالة التقاعس واللامبالاة إن لم تكن هناك تواطؤ في تنفيذ القرارات الأممية كما ان تعطيل الشرعية الدولية بالفيتوهذا النمط من الاحتيال الذي لا يليق بدولة تحترم نفسها. وهذا الخروج على الشرعية الدولية الذي يخضع تطبيق قرارٍ أصدرته لموافقة الجهة التي صدر ضدها تسبب في ضرب مصداقية المواقف الدولية والدول التي تدعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان وتحقيق السلام في العالم وما نشاهده نحن اليوم أنّ الشرعية الدولية  اصبحت تخدم الأجندات السياسية للقوى المهيمنة، وهو ما لا غرابة فيه إذا ما أخذنا في الحسبان أنّ هذه القوى أنشأت النظام الدولي لخدمة مصالحها وتكريس هيمنتها على العالم مع تدبير سلمي لخلافاتها وطموحاتها المتباينة .
لاشك ان امتلاك خمسة أعضاء في المنظمة الدولية   لحق النقض ( الفيتو ) مثل امريكا وروسيا والصين اضافة لبريطانيا وفرنسا تعطل مؤسساتها عبر إعطاءها هذه الحق المغبن  لبقية الدول و ينفي أية سلطة فعلية للأعضاء غير الدائمين فيه ، ويجعل من مجلس الأمن محفلا لإبراز توافق الأعضاء الدائمين أو خلافهم ، أي لا ينفع على الإطلاق، إلا من حيث الرمز الهلامي ومنها الولايات المتحدة الامريكية وثقافتها  بمجملها تقلل من شأن الشرعية الدولية،  وأصبحت القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية الحاكمة الاولى، تآكل مفهوم الشرعية الدولية، وعادت الأمم المتحدة لتكرر تجربة عصبة الأمم، وتتحول الى ساحة لصراع الكبار وتفقد أي دور جدي لها كشرعية دولية تحترم أساس ميثاقها والقانون الدولي رغم أنها هي أحد الأطراف المقررة لهذه الشرعية  ، بل الطرف الأول  في غطرسة الأقوياء ومحاولاتهم لاحكام سيطرتهم على العالم ،  ولو اخذنا النموذج في العراق  فمنذعام 2003 حين نفذت الولايات المتحدة الأمريكية جريمة دخولها لهذا البلد خارج نطاق الشرعية الدولية ورغم المعارضة الأممية الواسعة لهذه الجريمة ، فإن الهدف الرئيسي والاستراتيجي لهذه السياسة  المتهورة تجاه هذا البلد هو إعادته عشرات السنين إلى الوراء وتدمير كل مقومات النهضة التعليمية والصحية والعلمية التي بناها على مدى عدة عقود بدعم من دولة عدوانية الطبع ورجعية المفاهيم للسيطرة على خيراته وهذا ما تحقق بالفعل حيث نجد العراق يرفل إلى يومنا هذا بالكم الهائل من الأزمات الاقتصادية والسياسية والمعيشية والاجتماعية بل والدينية  ليتشبث بالدول الاخرى لبناء من تم تخريبه من بنيته التحتية والحضارية  والتي خلفتها  المجموعات الارهابية مثل القاعدة وداعش وغيرها وادت الى خلخلة نظامه القومي  والمذهبي والاجتماعي والسياسي واختراق سيادته .و نرى في نفس الوقت أن بعض الثقافات السياسية المتحجرة لبعض الدول اعطت لها هذه الشرعية ، وإن لم تجن منها قط ما يبرر هذا التثمين و رغم انها تطير في هواء هامشي وعلى جناح موهوم .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

431
العراق ...الزيارات وتطوير العلاقات مع الدول

الحديث عن “العلاقات الدولية”، ينطوي على الرغبة فى التأكيد على الطبيعية الديناميكية للتفاعلات التي تتجاوز حدود الدول بصرف النظر عن نوع هذه التفاعلات وموضوعها، حيث ينظر إليها باعتبارها تشكل نسقا مترابط المكونات والأبعاد وتتفاعل عناصره ووحداته جميعها؛ حيث يؤثر كل مكون منها على الآخر ويتأثر به. هناك مبادئ وقواعد عامة في افتراضاتها وأهدافها مثل الأيديولوجيات السياسية والمبادئ المستمدة من الأديان السماوية، بصفتها نظمًا عقائدية كونية، توجه رسالة إلى البشرية كلها.
المجتمع الدولي مفهوم يشير إلى مجموع المجتمعات السياسية الفردية التي تسمى بالدول ، والتي تتكون كل واحدة منها من شعب وإقليم وحكومة واقتصاد في إطار شخصية وحدود معينة لها ذاتيتها المميزة والسلطة التي تعمل على توحيد هذا المجتمع فى مواجهة غيره من  الدول والمجتمعات المنافسة. ، وضمن هذه العضوية تحظى بعض الدول دون غيرها باعتراف دولي واسع بأنها دول كبرى ذات قوة ونفوذ ومكانه وتأثير. تتضح الفاعلية السياسية لكل وحدة دولية عبر توظيف عناصر القوة ومعالجة مكامن الضعف  في مقوماتها المادية والمعنوية والتي تخططه عبر استراتيجيتها وتنفذها عبر سياستها كما ان الفاعلية تتضح عبر السياسة العامة للدولة والتي تجسدها في سياستها الداخلية والخارجية . الدول كانت  وما زالت بحاجة إلى التعاون فيما بينها، لأنها أحسّت أنّ مصالحها وتعزيز وجودها متوقع على علاقات متميزة بعضها ببعض، حيث تستطيع بواسطتها تأمين حاجاتها بالتبادل أو المقايضة.
ويتحقق المجتمع الدولي عندما يتاح له أن يضم فى عضويته هذه الدول .الدبلوماسية وهي بالنسبة للمجتمع الدولي بمثابة القوى المحركة للحياة الدولية ومبعث نشاطها، و بالنسبة لكل الدول بمثابة الأداة التي تمكّنها ـ لو أحسنت استخدامها ـ من الحصول على كل المزايا التي تسعى إليها ومن تبوّء المركز اللائق بها في اي مجتمع.
وبالنسبة للعراق فان الأهمية السياسية التي تضاف للأهمية الاستراتيجية تكمن في معالجة السلبيات والمشاكل وبناء نموذج سياسي خاص بالعراق يحيط بكل مسألة تساند هذا النموذج ويكون النجاح في بناء هذا النموذج هو الركيزة في صناعة الأهمية ولدى العراق القدرة في بناء برنامج عمل حقيقي يساهم  في استقرار المنطقة و في مواجهة الإرهاب والتطرف وإعادة الموازين المختلفة في المنطقة فمن الضرورة تفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والزراعية والاستثمار وقطاع النفط ، لانه  يشكل الرقم الأصعب في المعادلة الاقتصادية في المنطقة ، حيث يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي بعد السعودية ، ورابع دولة في الإنتاج العالمي للنفط ، وتقدر نسـبة الاحتياطـات النفطيـة العراقيـة الثابتـة بـ(112.5) مليـار برميـل ، وهـو مـا يعـادل (12 %) مـن مجمـل الاحتيـاطي العـالمي ، في حـين يـرى بعـض الخـبراء ان العـراق لـو اسـتأنف التنقيـب عـن الـنفط بقدراته الكاملة لأصبح يملــك ضــعف احتياطاتــه الحاليــة ، اذ توقفــت اعمــال التنقيــب بــدءا مــن عــام (1980) اثر الحرب على الجمهورية الاسلامية الايرانية وعام 1990 في الحرب على دولة الكويت  بالإضافة الى ثرواته الهائلة المكتشفة وغير المكتشفة كالفوسفات والكبريت والزئبق ، وما تمتلئ به أرض العراق من خيرات وثروات طبيعية .
العراق بعد ان مر بكبوة بعد عام 2003 من عدم الاستقرار وساده نوع من الانفلات في العلاقات السياسية الداخلية التي انعكست على العلاقات الخارجية وعدم ثبات الحكومات المتعاقبة و بسبب عدم وجود برنامج عمل في وزارة الخارجية وضعف الخبرة وعدم الاعتماد على الكوادر المختصة  عليه اليوم العمل في هذه الوزارة المهمة لاختيار الشخصيات الفاعلة والمتمكنة والحريصة على سمعة البلد من اجل تطوير عملها لما له من تأثير في تطوير العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية ودور في المنظمات الدولية . ان العراق في تحد كبير ومرحلة مهمة من تاريخه ، ويريد الانطلاق نحو مرحلة الإعمار ، وهو ما سيتحقق من خلال اعتماد المصلحة العراقية أولا ، كمنطلق للتعامل والتعاون مع الدول العربية والإقليمية  لكي يضعه في مكانه الإقليمي الصحيح مع دول الجوار في المنطقة ،العاصمةُ العراقية بغداد تشهد حَراكاً دبلوماسياً دولياً تمثلَ بزياراتٍ قامَ بها كلٌ من الملك الأردني عبد الله الثاني، ووزيرِ الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان، ونظيرِه الايراني محمد جواد ظريف ووزير الدفاع الاسترالي،في ظل وجود رغبة وجاهزية لديه  في تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والنهوض بالتبادل التجاري إلى مستويات متقدمة ، انطلاقاً من الروابط والعلاقات الراسخة مع كل الدول التي ترغب في ذلك  وهذا ما تم ملاحظته ومشاهدته من خلال  الزيارات المتقابلة التي بدأت تنشط في الاونة الاخيرة ويقوم  بها المسؤولون من مختلف الدول للعراق وبالعكسو  و  تنشط الزيارات المتبادلة  مع عدد من الدول الخليجية وإلاقليمية والدولية ، منها الكويت والأردن وإيران والامارات والسعودية وتركيا والتعاون المشترك مع العديد من الدول الاخرى ، ما تؤكد على سعي العراق نحو بناء أفضل العلاقات مع الدول العربية والإقليمية ثم الدولية، والتعاون مع أشقائه وجيرانه  واصدقائه في إرساء قواعد حسن الجوار واحترام السيادة ، والعمل على تعزيز التكامل الاقتصادي والإنمائي ، والنهوض الثقافي المشترك بما يخدم شعوب المنطقة ويعزز مفاهيم التعاون الدولي .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

432
العودة الى الحكمة والمعايير الاخلاقية
العاصفة التي تضرب العراق هذه الايام من الخلافات البينية بين بعض الكتل والتهديد وغلبة البنادق والتسليح على العقل لانها تشكل ادوات تهديد وتأزم وتأجيج والاغتيال وترخيص الدماء في الشارع وهي حالة خطيرة تحتاج الى الحكمة وإلأ تحدث كارثة تحرق اليابس والاخضر ويكون المواطن العادي الذي يبحث عن رزق يكفي عائلته الضحية والخاسر الاساسي فيها .وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه >> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ << 208 البقرة .
اي ممارسة يجب ان تراعي أجواء الحرية والاعتدال، لأن الفضيلة السياسية أو الأخلاق في السياسة لا يمكن أن تنمو عيانياً في مناخات التطرف والعنف والغلو ومع غياب حقوق المواطنة والعدالة والمساواة والمشاركة.
ان اي ازمة  في المجتمع وفي جميع المجالات يتحتم عليه الالتزام بالمعايير الأخلاقية الثابتة والجلوس الى طاولة الحوار لحل العقد البينية قبل توسعها ونحن لسنا في محل دراسة الاسباب الموجبة للتوتر الحالي  ، وأن تغلب عليه المسارات الأخلاقية والحكمة لفك العقدة وعدم التسرع للعمل بالمثل والصبر على البلوى. والضوابط تلك لها دور مهم في إرساء قواعد الممارسة الوطنية اولاً والروابط السياسية والاجتماعية الفاضلة ثانياً، فديننا دين الأخلاق والتسامح،وقال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم  (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(2)) المائدة ونبيّنا القدوة والمثل الأعلى الذي يُحتذى به بالأخلاق، بالأخلاق وقال صلى الله عليه واله وسلم: ((إنّ من خياركم أحاسنكم أخلاقا ))،  فالأخلاق ثمرة من ثمرات الإيمان لأنّها تنبع من عقيدة وقلب سليم .
علينا ان نعرف أن الدعوة للتمسك بالأخلاق والقيم والمبادئ لايعني التخلي عن العمل الجاد الذي يساهم في تقدم المجتمع وتطويره وهما الاساس لأي مشروع ناهض على ان يخلو من الخصام والعناد ، فلا تقوم اي نهضة حقيقية بدون اسس ومبادئ أخلاقية قيمية، واذا كانت هناك اى مشاكل او رياح مسمومة ومختلطة بالحقد السياسي فانها تضرب العمق وتنعكس على اصحابها ، وتكشف زيفهم .
إذا كانت السياسة في تعريفها البسيط طريق لقيادة الجماعة البشرية وأساليب تدبير شؤونها لما يعتقد أنه خيرها ومنفعتها إلا ان افتقارها للاخلاق "كمنهج علمي يقوم على مبدأي الالتزام والجزاء ويستمد وجوده من حرية الإنسان ، وإرادته في الاختيار ، وتحمل المسؤولية " يفقد معناه ، لان الفرد مسؤول عن عمله وعليه الربط بين مفهوم الأخلاق وبين التطبيق العملي لهذه الصفة ، وبالعكس تصبح السياسة وسيلة غير نافعة بل هدامة والتي يعتقدها البعض بانها غلبت على العلاقات .
 كذلك الدولية منها التي اصبحت تحكمها المصالح السياسية والتحالفات الاستراتيجية ولا تحكمها الأخلاق، فالأخلاق والقيم هما يجب ان تكون غطاء للمصالح الاقتصادية والثقافية والاصطفافات الكتلوية لصالح شعوب البلدان ، وأن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعيا عن تلك التي يتناولها الأخلاق و لان الأخلاق يجب ان تتجسد في العلاقات المجتمعية بصورة شفافة وتجد تعبيراً لها في السلوك البشري ضمن نطاق الأسرة و الجماعة و تجاه المجتمع و أجهزة السلطة...والذي يجمع بين الأخلاق و السياسة هو انهما كانتا من اولى ألادوات في تنظيم الحياة الأجتماعية و مجال الأختيار السوسيولوجي ، ومن هنا قد خرج الفيلسوف الألماني “إيمانويل كانت” في اعتبار أن الحروب تندلع فقط عندما لا يتوصل الناس إلى تحقيق مجتمع مدني قائم على الأهداف الأخلاقية .
العلم السياسي وظيفته استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في حياة الدنيا والآخرة ، لذا فأنهما تتسمان بالديناميكية والتغير وتنظم سلوك المجتمع اذا ما توحدت اهدافهما . ان من هو وصي على العراق اليوم هو الشعب ولم يخير احد لكي يكون بدلا عنه ورغم ان الكثير ادعى ذل ويحاول توسيع وجوده فى هذا البلد على حساب أهله . وقد انتجت هذه الادوار صياغة سياسات خاطئة في البلاد ادت الى خلق  حالة سلبية وفوضوية ،
ان السياسي الحقيقي والذي يشعر بالمواطنة ، يقوم بواجبه تجاه وطنه على اساس انه جزء من امة او شعب بعيداً عن المصالح والاهداف الانية ، فلهذا أصبح مفهوم المواطنة من أكثر المفاهيم التى تهتم بها الشعوب الحرة والتي تعمل على تنميتها فى ظل التحولات المتسارعة التى تشهدها المنظومة العالمية من مشاكل، لأنها تمثل الانتماء الحقيقي للارض والوطن، والانتماء يعني أن يضطلع المواطن بمسؤولياته الوطنية من دون أن يطلب منه أحد ذلك.
المواطنة لا تاتي من خلال الشعارات فقط انما بالعمل الجماعي الهادف لبناء المجتمع  من خلال الفعل والاخلاص بالعمل وتسخير كل الطاقات لخدمة الوطن، وتوظيف كل القدرات لرفعته، من حق الوطن ان يكون مواطنه فاعلاً لا معطلاً وساعيا لتحقيق المصالح وداعياً لدرء المفاسد ويحافظ على امن البلد  ووحدته ، والابتعاد عن ترويع أهله وإشاعة القتل والنَّهب والفوضى وجميع صور الإفساد في رُبُوعِه تحت أيِّ غطاء كان ، ويكون العامل على نبذ العصبيَّات والنَّعَرَات العمياء الَّتي تسعى إلى تَفْرِقَ وتشتيت وحدته ولانها تخلق الأنانية والتفرد في المسؤولية وفقدان النظرة المستقبلية لرعاية شؤون الامة ، والمطلوب ان يكون الشعور بالمسؤولية لحفظ المجتمع بكل مكوناته واطيافه وحمايته الهدف ألاساسي .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

433
مجلس النواب العراقي والمستقبل المبهم
يراود أبناء وطننا العزيز الكثير من الاسئلة لمجرد التفكير  ويوقع الالم في قلوبهم عن الالية التي يعمل بها مجلس النواب العراقي ولها معاني ودلالات  في ظل كواليس ومن خلف الستاره هناك أسرار مبهمة و ليست طبيعية ، وهي غريبة في العمل النيابي ولها مردودات سلبية على وطن مثل وطننا الذي يحتاج الى جهود للخيرين من ابنائه. وهو يمثل وله علاقة بنمط تفكير العقل السياسي المتأخر لبعض النواب الذين دخلوا البرلمان حديثا والبعض من القدماء ذو الاهداف المصلحية الذاتية  و يفتقدون للكثير من المقومات التي تمكنهم من التعامل الصحيح مع المستقبل و يعملون على أساس قوانين أو منظومات ليس لها  بعداً مستقبلياً. و بحاجة لثقافة البرلمانية، والديمقراطية السياسية، من أجل أن يميز بين المجتمع والسلطة والدولة.
للأسف الشديد نشاهد ان  كل جهد هؤلاء منهم اليوم  هو الابتعاد عن إرساء الديمقراطية في النظام السياسي و مقاعد البرلمان لم توزع على أسس حقيقية ولا  ثقافية و الكفاءة انما على اسس كتلوية طائفية و المعاندة السياسية على حساب ابناء الوطن وليس المشاركة السياسية كما نشاهد اليوم في ظل انتخاب الوزراء لان المبدأ المعتمد هو مبدأ المحاصصة .
ما يعكس على بطئ نشاطه في العمل وبعد ان ضم بين ثناياه وخاصة في هذه الدورة العديد ممن لايستحقون مثل هذه العضوية وهم غير مؤهلين لها ، إما لعدم كفاءتهم أو الطعن بنزاهتهم ، أو لسوء سلوكهم ،أو لتاريخهم الملطخ بالدم والذي اصطبغ بمظالم وعجرفة وعنفوان حقبة النظام ألصدامي من البعثيين ولهم الدور المميز في اثارة الطائفية خلال السنوات الماضية التي اعقبت سقوط نظام البعث عام 2003، ناهيك عن الصراع السياسي والحزبي داخل المجلس ، الذي يلقي بظلاله على إعمال المجلس وقراراته من خلال جلساته التي بلغت حدود 27 جلسة لحد الان و كانت الملغاة منها 13 بسبب عدم اكتمال النصاب حيث تتلاعب بمقدرات الشعب وتوجهات المجلس والتي انبثقت منها الحكومة العراقية وزعامتها ، والتي لها الدور الكبيرفي تحريك المجلس والسيطرة عليه ، ليقتفي هذا العضو البرلماني أثرهم ويأتمر بأوامرهم وبالتالي يكون خاضعاً لسلطتهم ولا يتمتع بسلطة وحيادية واستقلاليته في القرار وتابع لاراداتهم ، ويفتقد الى القوة والمتانة ألرقابية وفعله المؤثر .
وهو خلاف مبدأ سيادة القانون في المادة الخامسة من الدستور العراقي للعام 2005 حين ورد النص على أن السيادة للقانون والشعب مصدر السلطات وشرعيتها، وتعني السيادة القانونية ان يكون القانون بكل قواعده النافذة دستورية كانت أو تشريعية لها الغلبة على جميع السلطات العامة أو الفردية  بلا استثناء،
ان سيادة القانون تعني أيضاً التطبيق المتوازن للقواعد القانونية على الجميع في الدولة أفراداً أو سلطات عامة واتخاذ الأخير كمعيار لمعرفة مشروعية الأعمال من عدمها وهذا المبدأ يتصل أيضاً بسمو أحكام القانون موضوعياً وشكلياً، ويراد بالسمو في جانبه الموضوعي سيادة المضمون الإيجابي للقواعد المتمثلة أصلاً باحترام الحقوق والحريات الإنسانية، وبهذا تكون الدولة قانونية أي يسودها مبدأ المشروعية . وتكون سلطاتها العامة تشريعية وتنفيذية وقضائية محكومة بنصوص تشريعية لا مناص من الالتزام بها والتقييد بحدودها ليؤكد سمو الدستور .
الواقع ان مجلس النواب العراقي في دورته الحالية التي بدأت قبل اشهر ما انفك يخرق مبدأ سيادة القانون، وأعضائه يتشدقون ويتعالون على حقوق الشعب وسيادة القانون في خطاباتهم .ولايستمرون في تشريع القوانين الرئيسة المهمة  و لم يباشراحد منهم  واجبه الرقابي  على السلطة التنفيذية بمختلف مستوياتها اوفتح ملفات الفساد ولا يمكن لهم الاستمرار في استجواب الوزراء وأعضاء الهيئات المستقلة وإجراء التحقيقات اللازمة التي من شأنها ان توصل إلى حقيقة ما يجرى في المؤسسات لان اكثر لجان المجلس غير مكتملة والمخاوف من ان  يسود عملها التخبط و من تكرار سناريوهات التحالف السري بين الأحزاب والقوى السياسية لتقاسم المنافع وإخفاء العيوب والتستر على الفساد والفشل في إدارة مؤسسات الدولة الرئيسية .
 في حين ان مجلس النواب يجب أن يكون هو السلطة العليا في البلاد ، وأن يكون منسجماً مع السلطة التنفيذية، وبحيث تكون الهيبة لمجلس النواب، وإعادة هيبته بشكل يتلائم مع الدستور العراقي والقانون، ويجب إعادة هيكلة اللجان الموجودة في مجلس النواب  حسب الاختصاص ، وترتيب القوانين بالشكل الذي يتناسب مع حياة أفضل للمواطن، بالتالي الشعب اليوم ينتظر من قبة البرلمان قوانين مهمة تصدر من هذا المجلس ، بحيث تكون هناك أولوية للقوانين التي تصب في مصلحة الشعب العراقي، وعدم تعطيل القوانين ذات القيمة النفعية للمواطن العراقي، والمواطن لا يشعر بعمل  بمجلس النواب إلا إذا كانت ينتج عنه قوانين تهدف إلى حياة أفضل لكل المواطنين العراقيين .
والجميع يعلم ان الفساد المتراكم والسكوت المتوالي عنه ، أنتج أزمة الخدمات في كل المحافظات مما اضطرت الجماهير الخروج الى الشارع لتعلن صيحتها بالمطالبة بالحقوق والقضاء على الفساد المستشري  .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
         

434
هل الجدار يقضم ترامب ...؟
هل الجدار سيقضم ترامب بعد ان انتقدَ الديموقراطيون خطابَه الاخير واعتَبروهُ مُضلِّلاً، ويفتقدُ للحقائق، واتهموهُ بأخذِ الشعبِ الأميركي رهينة.ومتى يدركه ترامب أن الهدف الذي يعتقد بأنه سيحققه سيكون ذات الهدف الذي سينسفه ويدخل حكومته في مشاكل داخلية وخارجية  والاصرار الذي هو علية في بناء الجدار مع المكسيك لمنع الهجرة وعبور المواد المخدرة سوف لن يبقى عليه وليس من السهل تحقيقه ، ومن المعلوم "أن بناء جدار عازل على الحدود مع المكسيك الذي يمتد لمسافة 1600 كيلومتر بسبب تضاريس الحدود لمنع الهجرة الغير قانونية والمواد المخدرة  و يذكر أن طول الحدود الأميركية المكسيكية يمتد بطول 3 آلاف و200 كيلومتر " كان أحد وعود ترامب في حملته الانتخابية. وكان ترامب قد قال خلال اجتماع مع أنصاره، إن أجزاء من الجدار على الحدود مع المكسيك يجري بناؤها بالفعل. وفي أغسطس الماضي، قال الرئيس إنه تم تخصيص 3.5 مليار دولار لبناء الجدار، بينما تم طلب 5 مليار أخرى من الميزانية. وقد انتقدت رئيسةُ مجلسِ النواب نانسي بيلوسي ترامب ودعت الى اعادةِ تشغيلِ الحكومة، والتوقفِ عن أخذِ الشعبِ الأميركي رهينة، وقالتْ إنّ الرئيسَ يريدُ تضييعَ أموالِ الضرائب لبناءِ جدارٍ مُكْلِفٍ على الحدود. بدوره زعيمُ الأقلية الديموقراطية في مجلسِ الشيوخ "تشاك شومر" دعا ترامب الى الفصل بين تشغيلِ الحكومة والخلافِ حولَ كيفيةِ معالجةِ مشكلةِ الهجرة، وقالَ إنّ ترامب استخدمَ الخطابَ لبثِ الخوف في نفوسِ الشعب بدلاً من توحيدِ صفوفهِ
فاذا ما كان يعتقد أن هذه الخطوة سوف تدعّم سياسته فكل المحللين يعتقدون انه سوف يفشل في اكمال هذه الخطوة مادام الديمقراطيين وصلوا الى البرلمان واستلموا الامر، وتم تضيق الخناق على تنفيذ هذا القرار و الامور اصبحت مغايرة. ففي عالم تحول الى قرية دولية صغيرة لا يمكن معاداة الاصدقاء واستفزاز الحلفاء وهي لا محالة سوف يدفع بهم أكثر نحو خصوم المعتدي والمستفز ولان المواطن الامريكي سوف يدفع الثمن ولا يمكن للشعب الامريكي قبول بناء مثل هذا الجدار مع المكسيك وأثار أزمة مع الدولة الجارة، ودفعت  هذه الخطوة " رئيس المكسيك لإلغاء زيارته الرسمية إلى واشنطن ، والذي اكد إن بلاده لن تدفع أبدا تكلفة جدار حدودي يرغب نظيره الأميركي دونالد ترامب في تشييده لمنع المهاجرين غير الشرعيين من العبور إلى الولايات المتحدة" و  حيث يعتقد اكثر ابناء الشعب الامريكي  ان حاجز سوف يعزل امريكا عن جيرانه وبتكلفة باهضة  وهو الذي سيثقل كاهله الميزانية وتقع على رقاب المواطن وأعباء العزلة السياسية وتبعات تضر بعلاقات واشنطن مع الدول المجاورة .كما ان خطوات ترامب الانعزالية  في السياسة الأمريكية: التي  يتبناها ومبدأ "أمريكا أولا" تمهد لانهيار كبير في السياسة الخارجية الأمريكية . ويعتقد ترامب من هذه السياسة انها ستقضي بتفعيل الموارد الكامنة. سواء كانت طبيعية، أو بشرية، أو تكنولوجية، وتضع الولايات المتحدة على رأس النظام الدولي، والتقليل من الانغماس في الصراعات الإقليمية، كما يحدث في منطقة الشرق الأوسط وخاصة سورية وافغانستان لتقليل التكلفة .وتهديده بنشوب حروب تجارية بعد تبنيه سياسات احادية  وطلاقه لسياسات العولمة التي أسهمت أمريكا بتأسيسها في العقود الماضية ، وهو ما أثار موجة عارمة من الانتقادات والمخاوف لدى دول العالم وبالأخص الصين ،وفي ظل وجود مشكلات داخلية عديدة تواجه الولايات المتحدة ، فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، ومشكلات الهجرة، والبطالة، ونزوح رؤوس الأموال للخارج، وانتشار أعمال العنف في العديد من المدن الأمريكية، نتيجة لاستخدام السلاح بكثافة ، فمن المتوقع أن يغلب التوجه الانعزالي على إدارة ترامب وحكومته  كما ان التصريحات الجزاف التي يطلقها ترامب بين حين واخر وسرعان ما ينفي تلك التصريحات تضعف كيان الدولة ، وقد أشارت صحيفة "واشنطن بوست" أن ترامب يطلق تصريحات علنية تناقض تصريحاته في السر، وذكرت تحليلات لخطابات ترامب أن 84% من كلام ترامب غير صحيح والقضية الاخرى تتعلق بالخصومات الواسعة التي خلقها الرئيس بينه وبين المؤسسات الأمريكية مثل وكالة الاستخبارات الأمريكية والمؤسسة الإعلامية ممثلة بالصحف الكبرى التي تسرب معلومات عن إدارته، فيما تعد القضية الاخطر حادثة ولاية فرجينيا العنصري، التي عرّضت ترامب لانتقادات من الديمقراطيين والجمهوريين على السواء لعدم تنديده بالعنصرية بشكل مباشر.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

435
،،  الفيليون و سباق العودة الى الذات   ،،
متى يتحرك المكون الفيلي ليرتقي الى التكامل والتنظيم والانسجام . لانه لايمكن ان يبقى ساكنا وهو المكون المهم في العراق دون الوصول الى الدرجات التي يستحقها في الحراك الجاري على الساحة السياسية وهو يجمع في طياته طاقات كبيرة موجودة " سياسية واقتصادية واجتماعية  وثقافية ...الخ "والاستفادة منها من اجل رفد المسيرة وتنظيم انفسهم بدل التبعثر الذي يعيشونه ولايمكن ان نقول ليست هناك جهود في الوسط ولكن اقولها بمرارة انها جهود مشتتة لا تجتمع على كلمة واحدة وتحارب بعضها الاخر واصبحت نتائج العمل ضائعة لعدم وجود استراتيجية تمكنهم من خلق دور وموقع قدم لهم طيلة المرحلة الماضية مؤثرة على الرغم من وجود تلك الطاقات المتميزة والمتعشطة لتقديم اي خدمة لهذا المجتمع المظلوم .
لقد غمرت المكون الفيلي الفرحة العارمة كباقي المكونات العراقية بعد تغيير النظام وزوال حزب البعث الذي جثم على صدورهم طيلة اربعون عاما وامنيات واحلام عريضة رسموها في دواخلهم النقية ضاعت في لحظة وياحنين الأمهات المشتاقات والزوجات الفاقدات لازواجهن واولادهن  ، الغصة تطعن في قلوبهن ..وطعم الفراق في حلوقهن امُر من المر، سرعان ما ذهبت الفرحة ادراج الرياح لعدم اكتراث الاحزاب السياسية التي تسابقت في استلام السلطة و كانت على رأس الدولة وبيدها زمام الامور والتشتت الذي اصاب التيارات التي تحدثت بأسمهم وابتعادهم عن التوجه لحل مشاكلهم وهمومهم وعدم تلبية طموحاتهم بشكل كامل وإعادة حقوقهم المسلوبة أسوة ببقية المكونات العراقية الأخرى وقد مل المكون الفيلي الصابر المتعب في الشتات وبعيونٍ باكيةٍ وقلوبٍ مكلومةٍ موجوعة فكل دموع الدنيا لن تطفئ نار الفقد الأليم وحرقة الحشا .، ونفوسٍ تمسي حسيرة تصارع العيش تكسو ملامح وجوههم الأسى لا أرادة إلا قوة ضئيلة  بجانب قوى الحياة و كسيرةٍ القلوب ولكن زاخرة بالامل والظفر وطيب النفوس ، وكلهم رجاءٌ في انتظار المنقذ وفي غياب الممثل الواقعي لهم  وتمضي الأعوام تترى، وينطوى الزمان وتسارعت الأيام عجلى، وتتالت الليالي بالمصائب والأنواء حبلى، الفيليون على حالهم البئيس وواقعهم المر الأليم، في مكانهم لا يتحركون، ومع ظلم المصائب يقاسون، وفي انفسهم يتألمون، ويعانون، وسياسيوهم مع تخبطهم يتصارعون يمضون ، وفي اختلافاتهم يصحون ويمسون ، يزيدون على مناكفاتهم حين يلتقون غير مبالين بما اتتهم الظروف من فرصة لخدمة مكونهم المهم لقطع الاثمار ، ولبعضهم يكيدون، ويفرطون بحقوق امتهم للاخرين ، ويلمعون صور غيرهم ويشوهون صور بعضهم البعض و يلوثون تاريخهم ويضيعون هويتهم هوساً بالمناصب والمسؤوليات الشقية بعد ان صعدوها بأسمهم ، وهم بما لديهم فرحون ،متى ينتهون من القطيعة والانقسام، وينقلبون على الضغينة ، فقد يأس ابناء المكون من سلوكهم وملوا من اختلافاتهم، بعد ان كانوا يأملون فيهم أن يكونوا بوابة الأمل ومفتاح الفرج، والسبيل الناجع لرفع الغمة عنهم ، ، بدل ان يضمدو جراح الامهات الثكالى ، وابنائهم يعمقون جذور الانقسامات الموحلة،ليطبق عليهم قوله سبحانه وتعالى : ﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [الشعراء: 128 - 135
الحريصون على مستقبل المكون عليهم مسؤولية نزع الغشاوة عن عيونهم واعادة الثقة المفقودة بينهم ، اليوم ليس في بلدهم أشقى ولا أنكى جرحاً مثلهم ،ويزيدون تربة الاختلافات القاحلة فيما بينهم على اساس العشيرة والمدينة والحزب مع اعتزازنا بكل هذه المسميات وتعظيم تضحياتهم ،بدل ان يكونوا سنداً وعوناً، وعمقاً وحضناً لاخواتهم واخوانهم ، فأين الاذن الواعية وأين وعي المثقفين، وشبابنا الذي عليهم ان يفهموا الحياة و يعرفوا الاختيار،والحريصون على المكون عليهم مسؤولية كبيرة في إصلاح المؤسسات الثقافية المعنية بالنشر والإبداع ، والتركيز على إطلاق الطاقات، ودفع الشباب للإبداع فيما يفيد المجتمع، ويصلح أحواله، ويبني قيمه، فالأديب يستطيع أن يكون أهم مدرسة لبناء الإنسان والمجتمع و تنمية الذات من مكوّنات التنميّة البشريّة والتي هي أوسع في شموليتها ودلالتها من تنمية الذات، ويقصد بتنمية الذات بأنّها تنمية مهارات الحياة العمليّة، مثل: مهارة الاتصال والتواصل، والقيادة، وفن إدارة الوقت، وهناك محددات لتنمية الذات تتمحور حول مدى تناسقها مع أصول المكون، وعاداته وتقاليده، وكذلك مدى صحة أساليب تنمية الذات،و حاجة المكون الى حفظ المثل العليا والقيم الرفيعة والمبادئ الراسخة والاعتقاد الديني الصحيح،  أمّا فيما يتعلق بنظرة المجتمع إلى تنمية الذات فيحث على التطوير المستمر، بل جعله من معاني مفهوم الخلافة للبناء والتعمير بعيداً عن الإفساد والتخريب... المطلوب منهم تشكيل تحركات واعدة منسجمة حريصة و من الممثلين الحقيقيين لهم ووجوه تستطيع الاعتماد عليها متفانية في سبيل رفع المعاناة لا ابواق اعلامية تريد عبور المرحلة على حساب هذا المكون وعليه ان يتعض من الماضي لبناء المستقبل ويمكن كذلك ان يتعض من نتائج الانتخابات الاخيرة التي لم يحضى المكون حتى بنائب واحد حقيقي يمثلهم لعدم توحيد الرؤية والاستراتيجية  والصراعات على الاولويات في المكاسب . من الضروري بل من الحتمي أن تكون هناك سياسة واضحة و خالصة لمصالح وأهداف مستقبلية سواء المتوقع أو المأمول عندهم، وهذا بصرف النظر عن مؤشرات الواقع والصعوبات التي قد تواجه هذا المستقبل إلى آخر العوامل والاعتبارات التي غالبا ما تُتخذ ذرائع للتنصل من الالتزامات أو الطموحات وهم امام مواجهة  ضروسة مع من لا يريد الخير له من داخل المكون وخارجه ، وحاله مثل الذي ينام في بيته بدون أبواب وحراسه في غفلة ، فحتماُ لا يملك زمام المبادرة ، على كل حال ان المكون امام  مسؤولية يجب ان لا يؤدي به إلى الاستسلام وفقدان الأمل واللامبالاة بل عليه العكس بالتفكير الجدي بعيدا عن العواطف لتشخيص ألاخطاء والنواقص ومعالجة نقاط الضعف لنيل المطالب والابتعاد عن التهميش والأقصاء المتعمد  ،لقد اصبح واضحاُ من الضروري إبتكار أدوات ومفاهيم متطورة للرتق بدل الفتق وإستخدام أساليب جديدة من أجل الدفاع عن  حقوقه المسلوبة  وأن يتحفز على تواصل جهوده بأساليب مختلفة وأن يثابر أكثر من السابق إلى أن يتم إحقاق حقوقه وانصافه بجهود الخيرين .ان وحدة الصف ووحدة الصوت والكلمة وتشكيل قيادة موحدة ولملمت الشتات وترميم التصدعات الطفيفة في المكون الفيلي، بحسهم الوطني العالي و بعراقيتهم اولاً وكونهم جزء مهم لا يتجزء عن الشعب الكوردي الاصيل ثانياً وبما يتلائم مع تركيبتهم التاريخية والأجتماعية والثقافية بإيجابياتها وترك سلبياتها جانباً وعدم التعكز عليها بحجة المشاكل والازمات والدفاع عن الامور التى يملكها الانسان من الحرية والحياه الكريمة والتعامل كانسان على الرغم من اختلاف الحقوق باختلاف طبيعة الامور التى تواجهه وهي الحالة المثلة التي  يستطيع المكون بها مواجهة المصاعب والمطالبة بحقوقهم المشروعة مهما كانت محاولات الغير لاقصائهم عن المسيرة وابتلاع وهظم تلك الحقوق المقررة ضمن القانون والدستور.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي فيلي
 

436
الدولة وظاهرة الدول داخلها
دراسة مختصرة
=========
شكّلت ظاهرة الدولة بمفهومين أساسين وهما مفهوم المواطنة ومفهوم السيادة وبمحاور و نظريات عديدة، سعت إلى تفسيرها وإدراك جوهرها والتكهّن بمستقبلها. مصطلح الدولة مستخدم منذ القدم، حيث إن فلاسفة اليونان قد شملوا هذا المصطلح في كتاباتهم، فمثلاً تناول أرسطو مفهوم الدولة على أنها تلبّي الاحتياجات المختلفة للأفراد كالاقتصادية والأمنية ، اذاً هي كيان مستهلك يخدم الإنسان ويوفر له ظروف معيشة مناسبة و تعبير عن مجتمع يعيش ضمن إطار معين قد يكون محدد جغرافياً، و لها اركان معينة مثل  مساحة من الأرض، وتشتمل على اليابس وكذلك المجال الجوي، وهو ما يعلو يابس الدولة ومياهها الإقليمية إن وجدت، وتعرّف المياه الإقليمية على أنها شريط مياه المحيط أو البحر المجاور للدولة ويخضع تحت سيادتها .
اما في بعض المجتمعات الريفية والصحراوية فلا علاقة لها بالدولة التي تأويها، ورغم ذلك تعيش ضمن نظام وإطار يحكمه العديد من القيم، ويمكن اعتبار الدولة على انها خيار إنساني بالأساس . وهذا يعني أن في كل دولة قد توجد دولة أخرى ذات مجتمع آخر وطبيعة مختلفة، بالتالي هي ليست قيمة لأن التنوع سمة أساسية لها، ولا تجوز عليها القيمة أصلاً،  وقد كان للتجارب البشرية عبر العصور، الدور الأساس في نشأة الدولة الحديثة التي ظهرت في أوروبا مع مطلع عصر النهضة، بعد أن أخذ المجتمع السياسي في الغرب خصائص التجارب السابقة التي ميّزته بوضوح عن سائر أشكال المجتمعات.. اما في الاونة الاخيرة ظهرت مصطلحات جديدة اخرى في  العالم الثالث لا سيما في مجال الإعلام وخطابات الساسة وبعض النخب الفكرية، اكتسى جاذبيةً خاصةً، وتحولت هذه المصطلحات  إلى شِبه ازِمة في تفسيرها و ما يجري في بعض البلدان ، بل غدا لدى بعض محلّلي الشأن السياسي إلى ما يشبه اليقين أو الحقيقة. والحال، أنه مفهوم يحتاج إلى تمحيص أكثر ، للدلالة على وجود جهات خفية تعمل بشكل غير ظاهر للعيان وتخلط الاوراق لتضليل الناس وتنتهي إلى تشتيت الانتباه عن قضية ما، أو يمكن أن يهدف إلى توجيه الرأي العام إلى قضية ما، أو الخيار الثالث وهو الانشغال المفرط بقضية معينة. لتختفي خلف الازمات و تدير الدول بشكل كامل خدمة لمصالحها تدعمها قوة اخرى خفية غير مرئية للعيان، متحكمة في مصادر الثروة والجاه والسلطة وديمومتها، واستمرارها متحكمة في صنع السياسات واتخاذ القرارات، ودون أن تتحمل مسؤولية الرقابة والمساءلة الشعبية، بينما تكون المؤسسات الحكومية التنفيذية والتشريعية شكلية ومهمتها تنحصر في شرعنة قرارات وفساد الدولة العميقة ،كونها مدمرة لوجود كيان الدولة ، وتصل بالدولة أولا الى الدولة الضعيفة ثم الدولة الفاشلة أو الهشة ثم تتطور الى المرحلة القاتلة مرحلة إنهيار الدولة : أخلاقيا، سياسيا، إقتصاديا، إجتماعيا ، تعليميا ، صحيا ، وأمنيا ، وضعف القضاء ، نهب المال العام وإنتشار الفساد المالي والإداري في جميع مفاصل الدولة، غياب العدالة الإجتماعية وسيادة القانون، تدهور الخدمات العامة والبنية التحتية، تدمير منظومة القيم الإجتماعية، وكل ذلك يؤدي الى ان تكون الدولة العميقة دولة داخل الدولة او دولة فوق القانون. مثل الدولة العميقة، الدولة الموازية، دولة داخل دولة، دولة الظل، ولكن الاخطر في هذه المصطلحات ،الدولة العميقة وتعرف بأنها: مجموعة التحالفات والشبكات التي لها اذرع متعددة والتي تمتد داخل جسد الوطن الواحد أفقياً وعموديا بدون ان يكون لها شكل او تنظيم محدد او معروف، وتضم الدولة العميقة: رجال سياسة، رجال أعمال ومال وبنوك، ضباط أمن وجيش، أعضاء برلمان، قضاة، رجال دين وإعلاميين وفنانيين، وكل هؤلاء يشكلون فيما بينهم شبكة من المصالح المشتركة وتكون هذه الشبكة معقدة ومترابطة ولا يعرف معظم أفرادها بعضهم البعض ولكنهم يعملون لهدف مشترك واحد وهو تنمية وحماية مصالحهم الشخصية والامتيازات التي حصلوا ويحصلون عليها والتي غالبا ما تكون طرق الحصول عليها مخالفة للقانون مما تكون سبب مباشر في صنع الدولة الفاشلة هذا المصطلح اخذ يستخدم من قبل مختلف وسائل الإعلام في العالم إذ يؤخذ على هذا المفهوم بأنّه غير دقيق ، بوتيرة أسرع من السابق، ولكن يكتنف تعبيره الغموض  ، ويحتمل عددًا كبيرًا من التأويلات والتساؤلات، كما أعطي مجالًا أوسع ليشمل دولًا كثيرة، الضعيفة منها وغير الضعيفة، وذلك لأسباب عديدة، يرتبط بعضها بالوضع الداخلي للدولة الموصومة بالفشل على الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية، وبعضها الآخر بمصالح الدول الفاعلة ومخطّطاتها الآيلة إلى إعادة ترسيم مناطق النفوذ وإخضاع دول لغايات سياسية. بالإضافة إلى ذلك، دفع التطور الحاصل في وسائل الاتصال والتكنولوجيا، إلى استخدام تعبير الدولة الفاشلة للتأثير سلبًا في الرأي العام الدولي والإقليمي والمحلي، لناحية نظرة هذا الرأي الدونيّة إلى الدولة المسمّاة فاشلة، واعتبارها غير مؤهلة لتكون جزءًا من المنظومة الدولية، وبالتالي زعزعة ثقة الدول والمؤسّسات والأشخاص بالتعامل معها في مجالات شتّى.
   عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

437
المنبر الحر / من ذاكرة حُزني
« في: 23:40 25/12/2018  »
من ذاكرة حُزني
وتأتي ذاكرتي هذه المرة وانا كنت في ريعان شبابي لاحمل جروحي النازفة وبعد ان كنت افكر مليا فى ايام الافراح بعد خروجي من السجن المظلم لحكومة البعث البائدة ،ما اصعب تلك اللحظات حين تمرعلي، ويا لمرارة النفس والقلب حيث لا يجد الانسان مكاناً للرحيل عنها ، شارد الذهن افكر فيها في يقظتي و منامي، كنت وحيداً، وكان هذا الشعور عميقا ، بشكل دائم، لا تختفي هذه الحالة أبداً، ولكنني حملت جراحها  بصدرٍ رحب قد تكون مشيئة ،"( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ...29 التكوير )، في اليقظة كنت اعتقد ًكابوساً مرعلي، وهناك امنيات لم تتحقق وتأجلت ، سالت مدامعي كامطار غزيرة حين دخلت البيت وانا مزهواً في الخطوة الاولى على اعتاب بابنا .عندما رايت الوالد في وضع مؤلم وهو يعاني تبعات السجن وخرج قبلي محمولا بغطاء نومه ( البطانية ) راضياً مرضياً وهو يسبح بعد تطبيبه جراء المعانات والضعف والوهن الذي اخذ منه مأخذ وكدت انفجر من شدة الحزن، ساعات مليئة بالنحيب والبكاء ، لحظتها تمنيت فيها لو كنت في الدنيا الاخرى ، أعترف بأن قلمي أبكم يحرك حروفا مشلولة غير قادرة على الحركة لتصف ذلك المشهد و لا حتى على الوقوف أمامه في تلك اللحظات، ولكن قلبه الذي بقي ينبض بالعزة و الشهامة و الإباء و يضخ دماء الثبات و الصمود في بقية جسدي . كان  صامدا صلبا شامخا عاليا فوق القمم حتى كاد يغار منه الجبل ، عاش مؤمنا بالارض التي كان عليها وبأنه منها خلق وإليها يعود (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَ فِيها نُعِيدُكُمْ وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى‌...طه 55) ،استقبلني وهو على فراشه يحمل بسمته المعهودة رغم المحنة، واليوم فأن الهجرة تأكل عمري كما تأكل النار الحطب، اتأبط احلامي التي ادركتها الموانئ ، وحقائبي المهجورة، في سفينة وسط موج كثيف ، ولم ارى إلاّ الحزن والضيق والمأساة ، احتاج على من يشفق علي كما كان هو، وكاني بلسان حاله اقول ، بكاؤك يشفي وإن كان لا يجدي. لم اخبرك يا ابي عن المي وعن الليل الذي لم انام فيه منذ ذلك اليوم دون ان اتذكر تلك المحطة بلحظاتها ، فالذاكرة والالم توأمان . الحياة لا يمكن أن تمضي  بمحو الذاكرة، لا لن تُنسى واليوم "حين أنام يطاردني الماضي في أحلامي، حين أستيقظ يحاربني الحنين داخل أفكاري ، تبكي عيوني بحرقة في سكون الليل الحزين"، على ندوب احزاني الغائرة ، الذاكرة في خلفية الحياة دائمة لا تتوقف، لا تنقطع، يمتلك كل شخص في هذا العالم أسراراً يمكن أن تكون حزينة لا يعلمها سواه .
 "أريد أن أبكي، أود أن أشعر بالراحة، تعبت من كوني قوياً، أريد أن أشعر بالخوف ولو لمرة، فقط لمدة قصيرة، يوم أو ساعة ". جورج مارتن
عبد الخالق الفلاح –كاتب و اعلامي
 

438
التعايش الارث الانساني والتاريخي للعراق
العراق اليوم بحاجة لتعزيز التعايش هذه المشروع الحضاري والخطاب المتوازن بمفرداته وتطبيقاته وتجلياته والقيم الايجابية التي تعني الوئام والمحبة على الرغم من اختلافهم المذهبي والديني والقومي  اكثر من اي وقت مضى حيث ان بلادنا القادرة على البناء الانساني المتضامن بما تحمل من معاني بشهادة ماضيه لم تغب شمس التعايش عنها وفشلت كل المحاولات التي سعت لذلك وعاشوا ابنائه على المودَّة والعطاء وحسن الجوار ، وهي بحد ذاتها مدرسة ثورية نموذجية كبيرة  لتوحيد المجتمعات التي فيها من الطوائف والاثنيات والعرقيات الشيء الكثيربما يشاهدوه في ارض الرافدين ، لا يمكن ان يكون هناك تعايشا سلميا مستمراً بين كل هذه الاطياف الجميلة التي تعيش على ارضه منذ فجر التاريخ اذا لا نضمن استقرارا امنياً مرتكزا على المنطق والعقل في هذا البلد مبنيا على معاني الصدق والاخلاص لبناءه ، فالثرثرة والجعجعة وخطب السياسيين  بالاصلاح عبر الميكروفونات والفضائيات فقدت مصداقيتها لأنها افتقدت لأي عمل على ارض الواقع ، وما عادت تغني أو تسمن من جوع ، وآلام ومعاناة الناس أكبر من مجرد خطبة  .العراق متنوع وتكمن جمالياته في اطيافه المتعددة و لطالما كان التنوع الثقافي والتعدد القومي والديني الذي عرف به عبر تاريخه نموذجًا فريدًا على مستوى المنطقة من حيث غزارة الإرث الحضاري والتاريخي لكل من تلك التجمعات البشرية وتعاقبة أدوارها ومساهماتها في ذلك الإرث الطويل ولمختلف الأسباب والظروف التي مكنتها من تسجيل تلك المساهمات المشتركة ،ولعل محنة «داعش» قد افضت  إلى مراجعات عميقة في الوسط الشعبي و السياسي العراقي على اختلاف انتماءاته الحزبية والمذهبية أو حتى الاثنية اذا ماكانت فإنها تعد واحدة من أقوى الهزات والمطبات والأدوات التي تدفع لتعزيز الروابط الاجتماعية واحترام التنوع وتعزيز المثل العليا للتضامن والتسامح في الداخل و المنطقة اذا ما حافظنا عليها و ساهمت تاريخياً في ترسيخ العمق الثقافي والحضاري للمكونات وعلامة تمييز فكانت الفرصة التي سنحت لنهوض العراق من كبوته وان يعود شامخاً مرة اخرى .   
 ولكن على الجانب الآخر تبرز مشكلة الحفاظ على هذا التعدد والتنوع من الهزات العنيفة والمصاعب التي واكبت هي الأخرى مسيرة العراق عبر الزمن. ولأن التاريخ بمجمله العام إرث إنساني تكمن الاستفادة القصوى منه كونه سجلًا يساعد على استقراء ما حدث في الماضي واستنباط الدروس والعبر من التجارب السابقة لتفادي تكرار ما وقع فيه الماضون من أخطاء، فإن التاريخ في بلد كالعراق رغم عمقه الزمني المتجذر قد فقد إلى حد ما ميزته الأساسية في كونه كان مصدر للعلم و التعليم بسبب الظروف السياسية والاخطاء الكبيرة التي وقعت من قبل الحكومات السابقة ادت الى انهيار المراكز الثقافية والعلمية مع الاسف  .
اليوم المطلوب منا ان نعيد ذلك التاريخ العلمي والحضاري الرائع والفريد لتساهم معا القطاعات الأخرى التي تعي خطورة ذلك التوجيه وتكافح لكبح جماح هذا الاستعداد المجتمعي، والدولة على رأس الامورفي توفير المستلزمات التي تحتاجها المرحلة المقبلة  وكم نحن اليوم في امس الحاجة الى ان يلتقي العراقيون على علمهم ومادام الجميع مع وحدة العراق وضد التقسيم ، صحيح ان الجرح كبير والمصيبة أكبر، ونهر الدم الذي أراد منه الطائفيون أن يكون نهرا فاصلا بين عراقي وآخر مازال لم يجف بعد، ولكن هناك أمل ، فالعراقيون شعب لديه كل أسباب التعايش والحياة من جديد ، وكل ما ينقصه أن يتخلص من الذين لا يفكرون إلأ بالسلطة و لم تر فيه سوى غنيمة وجسرا لتحقيق أهدافهم الخاصة . اما ابناء العراق الاصلاء يجتمعوا على راية وطنهم وقومهم ، ويريدون دولة قوية وموحدة وبعد ان خرجوا ليعلنوا رفضهم للطائفية والكراهية والفساد، وخرجوا فى المظاهرات الكثيرة ليعلنوا ( لاسنية ولاشيعية دولة واحدة عراقية ).
 الطائفية المقيتة  التي دمرت مقدرات العراق وحولت الشعب الغنى بكل شيئ من انواع الطاقة والزراعة والمياه ومقومات الحضارة والتاريخ ويعتز بالأرض وخيراته لكن تحول إلى شعب يعانى الامر ثم الامر و كل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، فضلا عن الإرهاب والفساد، والفاسدون نهبوا ثروات الشعب، ولم تنتج الطائفية فى العراق سوى الفقر والموت، والإرهاب التهم الكل دون استثناء ،ليس فقط المسلم السني والشيعي والمسيحي ، إنما الإيزيدي والصابئي،الكوردي والعربي والتركماني بعد أن كان العراق دائما وطنا يجمع عشرات المذاهب والأعراق في بوتقة حضارية واحدة ،وكانوا متصالحين على رمز بلادهم الواحد،، يتعايش فيها الجميع،، ويوحدوا راياتهم فيه فلا يرفعون سواه راية العراق الموحد، ولا يتنافسون على غيره ، ولا يسمحون لأي رايةٍ حزبيةٍ أن تعلو عليه أو تتقدم ، أو أن تكون لها الأولوية دونه ، إذ أن كل الرايات الأخرى لا يجتمع عليها المواطنون، ولا يتفق عليها ابناء الوطن ، بل إنها قد تكون سبباً في اختلافهم ، وعاملاً في تفرقهم ، وأحياناً قد تتسبب في شجارهم واشتباكهم معاً ، الأمر الذي يجعل منها راياتٍ جاهليةٍ ، وأدواتٍ غير وطنيةٍ .
أمام الدمار الرهيب وأنهار الدم ومئات آلاف في مخيّمات النازحين اليوم فلا بدّ من وقفة ، وإلا تذهب كل هذه المآسي هباءً، إذا كان الساسة سيعيدون إنتاج الأوضاع التي أدّت إليها و ضرورة مشاركة جميع طبقات الشعب  في بناء ما خربته الانظمة الحاكمة طيلة أربعين عاماً  في العراق .
اما مع الجيران من الدول اثبتت تطورات الأحداث أن موقف الشعب العراقي في المنطقة هو متميز من بين جميع الدول وسياسته هي الانفتاح على جميعها بما فيها الاعداء منهم ، لكن يريد منهم عدم التدخل في شؤونه ، كما أنه لا يتدخل في شؤونهم ، ولا يريد أن يكون بديلاً عن أحد ولا يؤمن بالاحلاف ضد اي كان ويسعى للسلام والمحبة والاستقرار في المنطقة والعالم ويشارك في توطيدها ، ولكن يريد التركيز على بناء العراق ومساهمتهم معه في بنائه وازدهاره ليعود كما كان .
ولا ننسى الخراب الذي حل به بعد ان دخل المحتل الامريكي بغداد بعد عام 2003 و اتخذ جملة من القرارات التي أسهمت بشكل كبير في إفراغ الدولة من محتواها المؤسساتي، فبالإضافة إلى حل الجيش، و كل الأجهزة الأمنية مما اصيبت الدولة بالشلل الكامل ومن جانب اخر فقد سعى الى زرع روح الفتنة المذهبية والقومية ليسود على شؤون البلد وافراغه من كل شيئ حضاري وارثي في سرقة اثاره ، ومع ذلك كانت الانسيابية تسود الكثيرة من مفاصل الحياة الاخرى وما كان ذلك ليكون لولا أن هناك تفاهم وتعايش بين أبناء المجتمع ، وبدونه كادوا ان يكونوا  اعداء متضادين يحارب بعضنا بعضا وكما اريد لهم ان تكون الاوضاع على قاعدة فرق تسد ولم تدم دوامة العنف الاكلة لكل ما هو نبيل في وطنهم لولا الاحساس بالخطر المحدق و ليكون ناقوس التعايش السلمي و احترام التعددية بديل عنه وتجاوز الخلافات والاختلافات التي هي من الثوابت القيمية التي تضمن قوة المجتمع ومنعته، وحماية أمنه واستقراره. ولا تهميش لاحد فيه اذا حسنة النوايا وتسامت وعلت القلوب لتنبض بها عن طمأنة .
والعراقيون اهلا لذلك واتخذوا التسامح والتعايش السلمي منهجًا أساسيًّا في حياتهم مدى العصور والقرون يسهمون فيه كي يثبتوا للعالم اجمع وحدتهم وتماسكهم بضمير حي ووجدان سليم وعفة اليدين بعد الاستعانة بالله ونظم امرهم وعدم الخوف إلأ منه  فالمرحلة صعبة والمسؤولية كبيرة تقع على عاتق الجميع لحفظ التعايش والتسامح وهو الهدف المرجو والاسمى .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

439
العراق ...حكومة بالتقسيط
لازالت الحكومة العراقية في العناية المركزة بين الموت والحياة ولاتزال الخلافات بين الاخذ والرد ولم تستكمل بعد وامامها الكثير من الخطوات التي يستوجب اتمامها لتحقيق البرنامج الحكومي والمقرر ان تقيم بعد 100 يوم من تشكيلها ومضى منها قرابة الثلاثة اشهر على تكليفها وهي تراوح في محلها . فقدصوت مجلس النواب لوزراء للثقافة، والتخطيط، و التعليم العالي والبحث العلمي،و الخلافات تحيط بالحقائب الوزارية الخمسة المتبقية بعد ان رفض البرلمان التصويت على مرشحة تحالف البناء لوزارة التربية ، ولم يمنح الثقة لمرشحة وزارة الهجرة "بعد نشوب خلافات حادة بين نواب المكون المسيحي بشأنها"، وبلغ عدد الوزراء في الحكومة 17وزيراً مع وجود اتفاق على طرح الوزارات الأخرى للنقاش بين الكتل السياسية، على أمل التوصل إلى توافق بشأنها في الجلسة التالية لمجلس النواب وترك الجدل العقيم الذي لايخدم المرحلة القادمة وعدم تقزيم الشعب ومطالبه واهدافه وانقاذهم من الجهل و الفقر والتجزئة والعوز والبطالة المستشرية ،المهم تلبية احتياجات المواطنين ومطالبهم والتعامل مع همومهم المباشرة وما يثلج صدورهم وينزع عنهم الغل .
المجلس يتوقع منه اكمال العديد من القوانين المؤجلة من الدورات السابقة و ادخال الاصلاحات الحقيقية الجوهرية على الدستور كونه شريان الحياة الحرة الكريمة والديمقراطية الرصينة الاصيلة التي تحقق العدل والمساوات في المجتمع وعليه اليوم اخراج الدستور من العقد المذهبية والطائفية والعنصرية ليتمكن بعدها من اعادة بناء الدولة والمجتمع لان تعديل الدستور والتمسك به يعني احترام الانظمة والقوانين التي تخدم نتائج الديمقراطية وتحترمها . في غضون ذلك، ان الحكومة الحالية كسابقاتها تواجه تحديات صعبة متجددة مثل كل دورة انتخابات تشريعية مضت ، وتشكيل حكومة لم ترى النور لحد الان بسبب الخلافات ، الحكومة التي يراسها الدكتور عادل عبد المهدي لم تسلم من الضغوط التي تمارس عليها فعلاً من قبل الأحزاب التي تدير بالفعل اكثر الوزارات وتمتلك مناصب عليا فيها وتسيطر عليها منذ سنوات ولكن يأمل منها تجاوز التحديات، و منها ان تتجاوز الخطوط الحمر التي رسمت لها من بعض القوى المعرقلة وإزالة كل المطبات والمعوقات أمام إعادة إنطلاق حاضر العراق نحو المستقبل. رغم ان الرئيس المكلف لم يكن موفقاً امام الصعوبات وإنما تناقض مع ما سربه إلى وسائل الإعلام بشأن التزامه بالمبادئ والمعايير حتى أنه خلق ضجة بأنه سيسلك دربا جديدا في اختيار وزرائه كالتقديم الإلكتروني ولكن سرعان ما تبين أن هذه وسيلة لحرف الانتباه إلى جانب دغدغة مشاعر الناس بعد التظاهرات التي عمت اكثر المحافظات المطالبة بالحقوق والخدمات والذي لم يظهر عليه تغيير جوهري ، وأن المحاصصة لم تغب وهو يرضخ للضغوظات السياسية لا محال . وإن جاءت تحت غطاء عدد من التكنوقراط في حقائب أساسية وكتلوية اخرى ويبدوا ان فكرة «التكنوقراط» سيكون ضعيفاً في حال عدم توافقه مع رؤية تلك الأحزاب المسيطرة على الوزارات، إذا لم يكن حازماً في التصدي للضغوط.. ولا تستثنى منها حكومة رئيس الوزراء الجديد وهو يعاني الأمرين من أجل الخروج بحكومته المرتقبة وها نحن نسمع عن ترشيحات وصراعات على هذه الوزارة او تلك واملاءات الكتل وما يتبع ذلك من استثمار الجهاز الحكومي من أجل المصلحة الحزبية، والمنفعة الشخصية، والتحيز الطائفي في الخدمات واتبع الطرق المدانة ذاتها في اختيار وزرائه وزادها وعمق سوءها واخطرها الوزارات الامنية التي تمس البلد وامنه، بل ربما تعنيه أكثر من غيره . يضاف لها عدم القدرة على استعادة القرار السياسي الوطني وصناعة برلمان يكون قريب من الواقع وحكومة ومؤسسات ترتقي بمسؤولياتها الى الاحداث الصعبة ومعالجتها ضمن المراحل الديمقراطية الحقيقية لان الدولة فقدت هيبتها من خلال خرق الانظمة والقوانين والفساد والتجاوز عليها واصبح ليس بمقدورها حماية الديمقراطية، في نفس الوقت بعد ان تنوعت الصراعات والجدالات السياسية بأقنعة طائفية مذهبية عرقية، والواقع ان الجدل الحقيقي في العراق وانعكاساته واهتزازاته ومردوداته المدمرة هو جدل سياسي عميق مفروض اقليميا ودوليا وقد نوه عنه السيد عادل عبد المهدي في اللقاء الاسبوعي الاخير له مع للاعلامي،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

440
دروس في الاخلاق .... الوفاء
الوفاء شيمة الاوفياء كما يقال عن هذه الصفة المتعالية في البشرية والكلمة النبيلة والعطاء الصعبٌ، ما أجمله من خُلق! وما أرقها من خُصلة! وما أسماها من صفة! الوفاء خلق جميل، وكنز ثمين . و النفوس العظيمة تأبى إلا أن تعطي، وهي لا تنتظر تقديراً ولا ثناءاً، تعني الأخلاق الكريمة وصدق اللسان والفعل وحفظ للعهود والوعود، وأداء للأمانات، واعتراف بالجميل، وصيانة للمودة والمحبة  والاخلاق الحميدة الشاملة والفطرة السليمة للانسانية وصفة من صفات النفوس الشريفة والمهذبة، يعظم في العيون، وتصدق فيه خطرات الظنون. من الصفات الخلقية الاجتماعيةٌ والخصال التي  تتمثل فيها التفاني؛ من أجل شيء ما بصدق خالص، و صفةٌ تتحلى بها النفس الكريمة النبيلة ذات التربية الأصيلة في كيفية التعامل مع الناس والتودد والاقتراب إليهم وكسبهم من خلالها وعندما يبلغها الإنسان بمشاعره وإحساسه فإنه يصل إحدى مراحل بلوغ النفس البشرية لفضائلها .قال تعالى في كتابه الكريم ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ )( 91 :النحل ) و قال تعالى:   " وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ " ( البقرة:40 )، والوفاء  في الوعد وفي العهد من الفضائل الخلقية التي يتحلى بها الانسان الصادق ، والكذب في الوعد وفي العهد من الرذائل الخلقية التي يجتنبها ذو الاخلاق الحميدة ويلتزم بها اصحاب الذمم الضعيفة .
وقد قيل: إن الوفاء محاسنة ، والوعد سحابة، والإنجاز مطره، عن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه واله وسلم يقول ".. لا دين لمن لا عهد له"
وقال صلى الله علية واله بحق وفاء خديجة سلام الله عليها : (مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلادَ النِّسَاءِ)صدق رسولنا الكريم.
وقد جمعهما الشاعر طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله
: أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه*** كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها ...وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ ... في اللغة.
 وهو أن تكون صادقاً بوعودك مع الآخرين وتفي بما تعهد ، والوفاء أصل الصدق والإخلاص، "جعل الله سبحانه وتعالى للمجتمع السليم قواعدَ يقوم عليها، إنْ تعاهدها المرء بالرعاية صلح أمره وارتفع شأنه، وإن أهملها تداعى البنيان وعمَّ الخراب، ومن تلك الأسس العظيمة التي أمر بها الإسلام ورسخها في نفوس أبنائه (الوفاء بالعهود والمواثيق)، وقد دلت آيات القرآن الحكيم ، وأحاديث النبي الكريم عليه الصلاة والسلام على وجوب الوفاء بالعهد والميثاق، وبيّنت شناعة جرم من نقضهما، أو أخل بهما، وقد يصل الإخلال بهما إلى الكفر كما حدث لبني إسرائيل وغيرهم حينما نقضوا العهد والميثاق مع ربهم ، وتركوا ما عاهدوا الله عليه من الإيمان به ، ومتابعة رسله . قال الله تعالى : ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً ) الإسراء /34. او قوله سبحانه وتعالى في كتابه  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)   [المائدة:1] ويقول:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُون) )  الصف:2، 3) ، فمن وعد إنسانًا وعدًا فإن عليه أن يفي بوعده إلا أن يكون الوعد وعدًا بمعصية أو بما فيه مفسدة، أو ما إلى ذلك؛ فإنه لا يفي به بل عليه أن يخلفه . لأن الوفاء منهج إيماني صريح، يؤكد مبدأ الصدق والثقة بين الناس، وبغيابه ستمدُّ الخيانة رأسها، وسيعمُّ الغشُّ والغدر، وستنتشر العداوات بين الناس انتشارَ النار في جمر الغضا".هذا ما نشاهده هذه الايام من قبل المسؤولين مع الاسف فلا عهد لهم ولا وفاء . عن أمير المؤمنين علي عليه السلام:"أيّها النّاس إنّ الوفاء توأم الصّدق و لا أعلم جُنّةً أوقى منه. ولا يَغْدِرُ من علم كيف المرجع. ولقد أصبحنا في زمان قد اتّخذ أكثر أهله الغدر كَيْساً و نسبهم أهل الجهل فيه إلى حسن الحيلة. ما لهم قاتلهم الله .
اما الوفاء في اللغة فهو ضد الغَدْر، يقال: وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنا  وقيل: وفي... الواو والفاء والحرف المعتلّ: كلمةٌ تدلُّ على إكمالٍ وإتمام. منه الوَفاء: إتمام العَهْد وإكمال الشَّرط. ووَفَى: أوْفَى، فهو وفِيٌّ. ويقولون: أوْفَيْتُكَ الشَّيءَ، إذا قَضَيْتَه إيّاهُ وافياً. وتوفَّيْتُ الشَّيءَ واستَوْفَيْته، [إذا أخذتَه كُلّه] حتَّى لم تتركْ منه شيئاً. ومنه يقال مات: تَوفَّاه الله.وقد قال الشاعر في الوفاء :
إذا قُلْت في شيء نعـم فأتمه.. .. .. فإن نعم دين على الحرِّ واجبُ
وإلا فقل:لا،تسترحْ وتُرِحْ بها.. .. .. لِئلاَّ تقـول النـاسُ إنك كاذبُ
اوكما يقول الشاعر :
 شْدُد يَديك بِمن بلوت وفاءه ... إِن الوفاءَ من الرِّجَال عَزِيز
وهو ضد الخيانة، و من الشيم النبيلة التي تحلت بها  الامم منذ الجاهلية وأبقى عليها الإسلام لأثرها العظيم في مجتمعاتنا ولأنها أساس علاقات الناس مع بعضهم البعض، ولا تبنى العلاقات الإنسانية إلا به، فإذا كنا حريصين على استمرار هذه العلاقات كان لابد لنا التحلي به، وحثَّنا ديننا الحنيف على حبِّ الوطن ولا يكون ذلك إلا بالإخلاص له فقد كان الرَّسول -عليه السَّلام- خيرَ مثالٍ على ذلك حين أجبر على فراق وطنه مكة المكرمة فقال: “ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك” ومن هنا نتعلم من رسولنا و قدوتنا حب الوطن والإخلاص والوفاء له، ويعتبر الوفاء من أخلاق الاقوام الأصيلة، حيث إن الرجل منهم كان ينطق بالكلمة فتصبح عهداً، عليه أن يفي به وإلا عرّض نفسه للتجريح .الوفاء هو  المحك الحقيقي لفرز البشر ويجب علينا أن لا نعتمد على ظواهر الصداقات التي تتحكم فيها المصالح، وإنما يجب أن نعتمد على الوفاء الذي يظهر من وسط المعاناة ومصائب القدر.وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) 76 ال عمران .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

441
دروس في الاخلاق ...الشجاعة
الشجاعة تعني الصبر والثبات والإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً، وعلى الأمور السيئة دفْعًا، وقيل: هي جُرأة القلب وقوَّة النفس عند مواجهة الأمور الصعبة، وقال أرسطو: "الشجاعة الكامنة  التي بداخله التي تشعره بثقته بنفسه وبقوته دون الاخرين وهي أُوْلى سماتِ البشر، فهي التي تَجعلُ بقيَّة السمات مُمكنة".هذا الوصْف النبيل يَحمل النفس على التحلِّي بالفضائل، ويَحرسها من الاتِّصاف بالرذائل، وهي ينبوع الأخلاق الكريمة والخِصال الحميدة، و من أعزِّ أخلاق الإسلام، وأَفخر ألاخلاق عند الانسانية وثَبات الجأش على المخاوف، والاستهانة بالموت ويقول الشاعر:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيْفَ فَتَزْدَرِيْهِ 
وَفِي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ مَزِيرُ 
وَيُعجِبُكَ الطَّرِيرُ فَتَبْتَلِيهِ 
فَيُخْلِفُ ظَنَّكَ الرَّجُلُ الطَّرِيرُ 
لَقَدعَظُمَ البَعِيرُ بِغَيْرِ لُبٍّ
فَلَم يَسْتَغْنِ بِالعِظَمِ البَعِيرُ.
عن الامام علي عليه السلام يقول: "الشجاعة نصرة حاضرة وفضيلة ظاهرة، أقوى الناس أعظمهم سلطانا على نفسه ،لو تميز الأشياء لكان الصدق مع الشجاعة وكان الجبن مع الكذب ،السخاء والشجاعة غرائز شريفة وضعهم الله فيما أحبه وامتحنه ".يمكن الاستشهاد بالاقوال التالية:
المتنبي: عش عزيزا أو مت وأنت كريم بين طعن القنا وخفق البنود.
 نيلسون مانديلا : الجبناء يموتون مرات عديدة قبل موتهم، والشجاع لا يذوق الموت إلا مرة واحدة.
وقال والت ديزني: كل احلامنا يمكن ان تتحقق اذا ما امتلكنا الشجاعة لمطاردتها.
 جيمس جارفيلد : الرجل الشجاع هو من ينظر في وجه الشيطان ويقول له : "أنت شيطان".وقال محمد علي كلاي: من لايجد في نفسه الشجاعة الكافية للمخاطرة لن يحقق شيئاًفي حياته .
ومن المحتمل ان يكتسب الفرد صفة  الشجاعة اما من أبيه أو من قبيلته وتعتبر من أهم الصفات التي علينا تدريب أبنائنا عليها لأنها تجعل من المر فيما بعد شخصاً يتمتع بالثقة والفخر والقدرة على مواجهة الصعاب ومخاطر الحياة. وشجاعة الاقدام بالحسنة وهو خُلقٌ عظيمٌ يعيب كُلَّ شخصية ألا يتصف بها، والشَّجاعة تَجعلُ الإنسان يَنطِق بالحقَّ، ويَتكلَّم بالصِّدق، وبها يَأمر بالمعروف، وينهى عن المنكَر؛ كما قال الرسول - صلَّى الله عليه واله وسلَّم -: ((قُلِ الحق ولو كان مُرًّا))؛ قال الله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًاعَظِيمًا (النساء:114.
 تكون الشَّجاعة في الأقوال والأفعال، واصل الشَّجاعة في القلب: وهو ثبات القلب وقوته وسكونه عند المهمَّات والمخاوف. والجرأة في قول الحق والصدع به.-الجرأة في إنكار المنكر والنهي عنه . بذل النفس للموت عن الدين والحريم، وعن الجار المضطهد، وعن المستجير المظلوم، وعن الهضيمة ظلما في المال والعرض، وفي سائر سبل الحق، سواء قل من يعارض أو كثر. يعتبر الكثيرون الشجاعة واحدة من الفضائل الإنسانية الأكثر أهمية. في الحقيقة، كانت الشجاعة تعتبر واحدة من الفضائل الأربعة في العصور الوسطى.وتجنب المخاوف يُزيد من قوتها وترويعها. هناك عقلية معينة في الثقافة الغربية تنظر إلى العواطف على أنها ضعف وتسعى لقمعها. ولكن قمع المشاعر السلبية فقط يزيد من المشاعر السلبية نفسها.
،وكذلك الشجاعة تعني الجرأة والإقدام، قال رسول الله – صلى الله عليه واله وسلم-: ((المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ))، وفى كل خير، احرص على ما ينفعه ويستعين بالله ولا يعجز هي القدرة على التصرف بشكل صحيح وثبات القلب، و قدرة الفرد على التصرف بشكل صحيح تجاه أي موقف يواجهه دون خوف أو تردد، و خلق نبيل يتصف به كل إنسان يرفض في نفسه الجبن. اشتد عند الياس شدة القلب في البأس، أو إما أن يكون قد تأثر بشخصية معينة، أو لربما كان شجاعًا بالفطرة، والشجاعة لا تكون بدنية فقط، وفى الحديث الشريف : «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر» فالقدرة على الاعتراف بالخطأ والوقوف في وجه الظلم ورفض الباطل بثبات وإصرار مهما كلف الأمر يعد من أقوى أنواع الشجاعة، وهي من شيم الانسانية التي كانت تدافع عن الضعيف وتقف في نصرة الحق. الشجاعة لاتنحصر في مواجهة العدو فقط «الشجاعة أهم الصفات الإنسانية لأنها الصفة التي تضمن باقي الصفات ونحن شجعان اذا تمكنا من امتلاك صفة الشجاعة ولكن بمفهومها الأوسع والأشمل والأعم، فنحن في الحقيقة نكون قد وضعنا أنفسنا تحت لافتة كبيرة هي إنسان شجاع في سعيه نحو كل خير يبذله ويقدمه، "والفرق بين الشَّجاعة والجرأة: أنَّ الشَّجاعة من القلب، وهي ثباته واستقراره عند المخاوف" يعني: إذا أردت تعريفاً آخراً للشَّجاعة، فهي: ثباتُ القلب عند المخاوف، وشجاع في نبل أخلاقه ومبادئه، وشجاع في كرمه ومسارعته في مساعدة الآخرين، وشجاع في حب وطنه والذود عن حياضه، وشجاع في مناصرة الضعيف والوقوف مع المحتاج. هي قوة في النفس ينشئها الإيمان الصادق، بثبات القلب والثقة بالله، فيخلو القلب من الوهن الذي هو حب الدنيا وكراهية الموت. "وتقوم الشجاعة أساسًا في ضبط النفس عند مواجهة الخطر، وفي الظروف الأليمة، كما تقوم في مواجهة الظلم والشر بالقول والفعل، وفي التغلب على الصعوبات والأخطار التي تتجاوز المعتاد والصَّبر على تحمُّل المكاره مع الإقدام بعقلٍ وحكمةٍ هو الذي يحافظ على الشَّجاعة، فإذاً الشَّجاعة: إقدامٌ وحكمةٌ وصبرٌ، وقد تكون أحياناً النَّتائج المرجوَّة أو الخير الذي يُرجى من وراء الإقدام قليلاً بالنُّسبة للمخاطرة، فلا يكون من الحكمة الإقدام عليه .كما ان أعظم الأمور التي تنشِّئ الشَّجاعة وتنمَّيها؛ هي الإيمان بالقضاء والقدر."فمتى ما قويا إيمانُ العبد بالله وبقضائه وقدره، وقوي يقينه بالثَّواب والعقاب، وتمَّ توكُّله على الله وثقته بكفاية الله، وعلم أنَّ الخلق لا يضرُّون ولا ينفعون، وأن نواصيهم بيد الله، وعلم الآثار الجليلة النَّاشئة عن الشَّجاعة، الشَّجاعة المقصود بها نصرُ الحقِّ وردُّ الباطل وتحصيل المنافع الفردية والجماعية للإسلام والمسلمين؛ فإنَّها شجاعةٌ محمودةٌ، أمَّا إذا كانت في سبيل حظوظ النَّفس الدِّنيئة لا في حقوق الله ولا في حقوق الانسانية ؛ فإنَّها ذميمةٌ، ولذلك ترى أهلها يتقاتلون أشدَّ المقاتلة على ما في الدُّنيا وعلى حطامها ، ولا تعتبر هذه شجاعةٌ محمودةٌ فقد يوجد من يكون شجاعاً ويخوض معركةً ليفوز بمنصبٍ، أو ليأخذ امرأةً، أو لينال معصيةً؛ فهذه ليست بشجاعةٍ ،كما ان  المهم على الإنسان الاعتراف بمخاوفه لكي يصبح قادراً على التخلّص منها .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

442
الشعب اليمني وثورته في ستوكهولم
لقد كان للدور الكبير والبارز والفاعل والمؤثر الذي بذله الوفد الوطني المفاوض اليمني خلال اسبوع في السويد وبعد مرور حوال اربعة اعوام من الصمود في وجهه تحالف عدوان دولي سافر تغاضت عن جرائمه الهيئات الدولية المعنية بحفظ الامن والسلام الدوليين وحماية الشعوب وضمان حقوقها دون تدخل الآخرين في شؤونها، متمثلة في الآمم المتحدة ومجلس الامن وامتحان هتان المنظمات الدولية ووضعهم تحت طائل امتحان التنفيذ الجدي، وبعد ان سكت العالم بآسره امام جرائم الحرب وضد الانسانية والإبادة التي ارتكب ضد الشعب اليمني طيلة الاعوام التي قاربت الاربعة الماضية من قبل دول التحالف الذي ضم رسميا في البداية الى جانب المملكة العربية السعودية "كل من البحرين والكويت وقطر والامارات العربية المتحدة مصر واالاردن والمغرب والسودان وباكستان "وسرعان ما انسحب البعض منهم .ووقوف بعض الدول الصديقة مثل الجمهورية الاسلامية الايرانية والشعوب الحرة الاخرى.واثبات ان قضيته سامية ومحقة  ويحمل مبادئ عظيمة جمعت بين قوة الموقف وصلابته وبين الحرص على السلام.لقد استطاع الوفد الوطني أن يعري ويفضح دول العدوان على شعبها الابي الصابر. بعد ان افهم الوفد في ستوكهولم وتفهم العالم معاناة الشعب اليمني المظلوم طيلة هذه الاعوام ، ولم يتعامل مع ثورتهم كثورة شعب خرج لاسترداد كرامته المسلوبة عقودًا طويلة، ولم يلبي نداءه في تحقيق المشاركة السياسية والمساواة الاجتماعية العادلة. فاليمنيون خرجوا يطالبون بحقوقهم ، وإنهاء مظاهر التعسف الأخرى التي حولت اليمن إلى سجن كبير، بل ومزرعة تتبع للسعودية والامارات ودول العدوان وحلفائهم في الدول الامبريالية ، ومن خلال ما حصل في مشاورات في ستوكهولم من قبل  الوفد الوطني اليمني استطاع أن يثبت مدى قوته وصلابته ومصداقيته في المشاورات بما يملك من صلاحيات عكس "الوفد المقابل الذي كان يخلوا من الصلاحية  ولايملك القرار " وبما يملك الوفد الوطني من قيم ومبادئ واخلاق ووطنية وإنسانية في سبيل الوصول الى نتائج ايجابية وذكية اهلته العبور الى المرحلة القادمة بعد مشاورات طويلة وتنازلات في سبيل الوصول للاهداف التي يتطلع لها هذا الشعب ونقل صورة  ناصعة للمجتمع الدولي ولشعوب العالم عن عظمة  هذا الشعب الصامد اولاً  في الصمود والتصدي  والدفاع عن وطنهم عسكرياً وايمانياً بل سياسياً ايضاً واعلامياً ثانياً وقد كانت سلاسة ومرونة وصلابة وحكمة الوفد الوطني في المباحثات  تصيب دول العدوان بالذهول وبالحيرة والمجتمع الدولي بالدهشة والانبهار ويكشفها على حقيقتها الإجرامية والعدوانية أمام العالم ويبرز أطماعهم الاستعمارية في اليمن ويثبت مدى هشاشتهم وضعفهم العسكري والسياسي في امتلاك الموقف المحق الذي يفتقدون اليه حيث تمكن الوفد الوطني من إثبات أنهم مجرد معتدين مستعمرين مجرمين لا يملكون مثقال ذرة من الحق في عدوانهم الظالم على الشعب اليمني خلال السنوات الأربع الماضية وإلى اليوم.أن الصراع مع العدوان كان ولازال صراع شامل عسكري وامني واقتصادي وإعلامي وسياسي فإن المعركة السياسية التي خاضها الوفد الوطني في ستوكهولم كانت قوية وناجحة وانتصر فيها الوفد الوطني انتصاراً ساحقاً ليس فقط على دول العدوان وعلى وفد المرتزقة بل على المجتمع الدولي بشكل عام وهذا الانتصار يحسب لصالح الشعب اليمني الصامد والمجاهد ولجيشه ولجانه ولقيادته الحكيمة.ودعى الوفد ابناء الشعب اليمني رغم كل ذلك  على ان يكونوا امام مسؤولية كبيرة اتية  وأن يكونوا على مستوى عالٍ من اليقظة والحذر وتحديداً في جبهات الحديدة و تعز.والتصريحات التي ادله بها الوفد امام الوسائل الإعلامية التي كان تحضر المباحثات و رئيس وأعضاء الوفد الوطني يدلون بها لوسائل الإعلام المحلية والدولية والعالمية احرجت المجتمع الدولي وتميط اللثام عن دول العدوان وتكشف القناع عن موقف الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ليس هذا فحسب بل كانت تلك التصريحات تنزع ثياب المرتزقة وتكشف عورتهم فيظهرون في حالة من الخزي والذل المهين أمام العالم أجمع وأمام أنفسهم.
ولا حظ الجميع كيف يكون الصدق والحق قوياً وصادقاً لينتصروكيف يكون الكذب والباطل ضعيفاً وهزيلاً  ليهزم وما حصل في جلسات مشاورات السويد يثبت أن الشعب اليمني بصموده وصبره وجهاده وتضحياته وجيشه ولجانه وقيادته ووفده الوطني يخوضون معركة مقدسة شاملة مع العدوان ومرتزقته لا مكان فيها للضعف والهزيمة لأنها تملك مقومات القوة التي ترتبط بالله مباشرة وتنتهي بالثقة به والتوكل عليه في كل المجالات. وبعيداً عن الخوض في تفاصيل ما تم التشاور حوله في السويد وما هي النتائج التي تم تحقيقها دعونا نلقي التحية لهذا الوفد المجاهد من رئيس الوفد إلى آخر عضو مفاوض أو إعلامي او غير ذلك ونحني لهم الرؤوس شكراً وتقديراً وتعظيماً وإجلالاً لما قاموا به من مواقف ترفع الرؤوس وتبيض الوجوه.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

443
قمة التعاون الخليجي قمة بلا حلول
استضافت الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية  ...الأحد، الاجتماع التاسع والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي،
" الذي تم تأسيسه في الخامس والعشرين من شهر أيار من عام 1981م، وهي الدورة الثانية بعد حصار دولة قطر منتصف العام الماضي، إذ عقدت الدورة الـ38 في شهر ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي في دولة الكويت، التي تبنّت دور الوساطة مع عمان في الأزمة الخليجية، ورفضت الانحياز لمعسكر الحصار. وشهدت القمة الماضية محاولات تخريبية من قبل دول الحصاروالقمة هي عبارة عن منظّمةٍ إقليميةٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ، تتكوّن من ستّة أعضاء تطل على الخليج الفارسي وهي الإمارات، والسعودية، والبحرين، وسلطنة عُمان، وقطر، والكويت، وتُعتبر الرّياض في السعودية هي المقر له"القمة عقدت وسطَ خلافاتٍ وانقسماتٍ ومقاطعةٍ دبلوماسية وتجارية مع الدوحة ويأس من الرهان على حصول صحوة تفتح نافذة في أفق المصالحة، لذا عوّل كثيراً على القمة التي انعقدت و جو بارد ساده المؤتمر لعدم حضور اثنان من الرؤساء في المجلس من قادة دوله . من المؤسف حقا استمرار الأزمة الخليجية  التي كشفت عن إخفاق المجلس في تحقيق أهدافه، وتلبية طموحات شعوب دوله، ما أضعف من قدرته على مواجهة ابسط التحديات والمخاطر وتم الكشف عن محاولة لحرف بوصلة الاجتماع باتجاه إيران والتي جوبهت بالرفض من قبل البعض من الدول ، التي ترى تحديات المنطقة الاهم مثل استغلال الولايات المتحدة الامريكية الخلاف الخليجي الايراني لصالحه ومحاولة ابتزاز هذه الدول وارعابهم من الجمهورية الاسلامية الايرانية  لذا كان أول من عارض الموقف السعودي الإماراتي هو الطرف الكويتي الذي أراد من قمة الخليج أن تكون للمصالحة الخليجية في وقت انحازت فيه البحرين والامارات الى جانب المملكة العربية السعودية والامارات في وقت فضلت الكويت وعمان النأي بالنفس ومحاولة لعب دور الوساطة لرأب الصدع مع العلم ان أمير الكويت، يعتبر الأب الروحي لفكرة المجلس في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، سيفي إلى محاولة الإبقاء على وجود منظومة "مجلس التعاون الخليجي" فقط، من دون النظر إلى التوصّل لأي نتائج سياسية أو اقتصادية أخرى.
 أن انعقاد هذه القمة ليوم واحد فقط كما حدث في قمة الكويت التي اعتبرت شكلية فقط مثل القمة الماضية ولا تختلف عنها . وبلاشك فأن لهذه المواقف ان تكون لها تداعيات ايجابية في هذه الظروف لصالح القضية اليمنية اولا ...لقد جاءت عملية تخفيض مستوى الحضور من قبل عمان وقطر ، بمثابة ضربة موجهة بالدرجة الأولى للأهداف التي تشكل من أجلها مجلس التعاون، وهي صيانة البيت الخليجي، والحفاظ عليه موحداً بوجه التحديات الخارجية. وساد الظن أن تشكل التطورات الخطيرة في اليمن نوعاً من الصدمة الإيجابية في دول الخليج، تشعر قادتها بأهمية لمّ الشمل الخليجي من جديد، وتجاوز الحسابات الأنانية، والإقلاع عن النزعات التخريبية التي بدأت تظهر نتائجها التدميرية في اليمن بسبب الحرب التي وصلت الى طريق مسدود بعد اربعة اعوام ، وتحولت من عملية مساندة للشرعية اليمنية بغية مواجهة الحكومة الوطنية اليمنية ، الى حرب ضد الشعب اليمني الذي يواجه الفقر والمرض، بسبب الحصار، والدمار لكل مقدراته من جراء السياسات الرعناء في إدارة الحرب . إنّ "استمرار الأزمة الخليجية كشف إخفاق مجلس التعاون الخليجي في تحقيق أهدافه وتلبية طموحات شعوبنا الخليجية"و  لا يبدو انه في احسن حالاته مع تفاقم الانقسامات الداخلية بين اعضائه والازمة في العلاقات مع الحليف التاريخي واشنطن فضلا عن الارتباك ازاء ايران التي تعزز موقعها  المتقدم نحو الامام يوما بعد يوم .. وكانت قطر قد انسحبت من منظمة "أوبك" النفطية الفترة القريبة الماضية  بسبب خروج المنظمة عن أهدافها وسيطرة القرارات السياسية عليها، في إشارة للتلاعب السعودي بخفض الإنتاج ورفعه لأجل أهداف سياسية خاصة بالرياض. وتشير دلالة الانسحاب القطري من "أوبك"، ربما إلى استعداد الدوحة للانسحاب من منظمة دول "مجلس التعاون"، إذا ما استمرت في فشلها، وانحياز أمينها العام لمعسكر دول الحصار، مع أن الموقف الرسمي القطري لا يزال ينفي وجود هذه النية في دوائر القرار حالياً .ان المخاطر المحدقة بدول الخليج جراء استمرار النزاع واحتمال تفكيك المجلس ستكون بالتأكيد كبيرة واصخم من مخاطر النزاع الدائر في حلقة ضيقة الان بين هذه الدول الشقيقة ويأمل الجميع ان تمر هذه الازمة ليبقى المجلس اطاراً خاصاً وجامعاً لسياسات الدول التي تحافظ على السلام والروابط الحسنة مع دول الجوار في المنطقة لحفظ دولها بدل ان تكون ضيعة من ضياع الولايات المتحدة الامريكية او ( بقرة حلوب ) كما اطلق عليها دونالد ترامب الرئيس الامريكي  الحالي.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

444

                        لاخير في مجلسٍ.... سوق للهرج

لا نتعجب من هول المشکلة الکبیرة التی یعانی منها العراق وهذه ليست المرة الأولى التي يظهر بها مجلس النواب بهذه الخلاعة والفضيحة وعدم حسم موضوع الوزارات الشاغرة،وفي مقدمتها وزارة الدفاع والداخلية، وحصرها لهذه المدة الطويلة بيد رئيس الوزراء، حيث كبرت مهماته حتى لا ينوء بها أكبر عبقرية سياسية. الاسباب بعضها قريب وبعضها بعيد، وربما بعضها مترتب على بعض، أو مشتق من بعض، ولكن يمكن اعتبار كل منها على حدة، أي سببا قائما برأسه، وهي ان الكل متشابك مع بعضه، ومن الصعب تجزئته....سوف تبقى الامور هشة،و قضية الامن في العراق قضية بنيوية شاملة، ومعالجتها تحتاج إلى جهود جبارة تشارك بها كل أجهزة الدولة ذات العلاقة في مقدمتها الوزارات الامنية ، والقضاء على هذه الخلية الارهابية أو تلك لا يعني حلا جذريا  مادام هناك خلل في التركيبة ولها اجنحة في العملية السياسية ، إن الازمة السياسية العراقية في الأيام الأخيرة ، تؤكد بما لا يقبل الشك أن مسار العملية السياسية نحو الانحداروليست نحو الاصلاح كما يطبل لها البعض والاختلافات بين الفرقاء في ما يسمى العملية السياسية عامل مهم في بقاء الوضع غير مستقر و بقيت الكتل المختلفة تراوح مكانَها منذ إعلان نتائج الانتخابات العراقية البرلمانية الاخيرة رغم مضي اكثر من شهرين على الاعلان عنها دون الوصول الى نتيجة تحمد عليها ، إذ لم تنجح بالاتفاق على تشكيل الكتلة الاكبر التي ستكلف بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة إلا وفق مفهوم "هاي الك وهاي الي " ، وليست وفق الدستور العراقي ويسكت كبار الساسة من الكلام عنها لانهم المنتفعين الاساسيين من هذه الاوضاع المزرية  وبقاء الاجتماعات مبهمة وعلى لسان زعامات سياسية وأعضاء في البرلمان ومسؤولين ومراقبين للوضع السياسي في العراق، بوصفها المسؤولة عن الأزمات ،المشكلة التي تعودنا عليها بعد عام 2003  إن بعد كل انتخابات تثارمشكلة سياسية تعصف بالعراق تسمى تشكيل الحكومة والتي انا اطلق عليها ( سوق هرج ) لتقسيم المناصب ، أواي خلل يصيب توازن مصالح الأحزاب في ما بينها، تظهر قوى تلعب على وترها وتثير المخاوف وتتحول إلى منصة لنشرالتهم والتراشق بين القوى السياسية فيما بينها . ويثير هذا الأمر تساؤلات حول حقيقة وجود مجموعات وجهات سياسية معينة، هي التي تروج لهكذا أنباء كاذبة وتحاول ابراز عضلاتها وتكشرعن انيابها بمشاركة كتل اخرى تستغل الظروف لتثبيت مكانتها السياسية وتوسيع قواعدها الشعبية ، بهدف ارعاب الخصوم والحصول على اعلى المكاسب  باسم الوطنية وتحاول تحريك الشارع لصالحها ولا وجود لمثل هذه القدرة  في الوقت الحالي  تمكنها من تنفيذ المهمة وقد سبق وان مرت ھذه التجربة  بأدوار متعددة من مراحل التزویر والتغییر والتحكم بأتجاه نحو مصالح الذات النرجسیة المتحزمة لذاتھا بشدة فلم تنفع الأسماء والمسمیات والدرجات والنفوذ والسلطة والسماحة في الوصول الى الاهداف والغاية ونحو النزول للصراع

 فكان العراق كما يقول الشاعر:

 ارض العـــــراق عزيزة لا تنحـــــني
 والنار تحــــرق هجـــمة الغــــــــرباء
 و تم القضاء عليها بعد حين فقط وكانت الغاية منها الضغط على القوى المتخاصمة لتقديم التنازلات وتروج عن انها تتحدث باسم الجماهير ومطاليبهم وهي في الحقيقة لاتزيد عن كونها تبحث عن مكاسب وامتيازات وتهدد بتحريك الناس وبعيدة تماما عن قدرتها لتحقيق هذا المفهوم إلا بشكل جزئي وتعود العراقيين عليها ولانه لايمكن اغفال قدرة الحكومة لردعها خاصة بعد التجارب السابقة فيما اذا ابتعدة هذه التصرفات عن السلمية ومن حقها اي الحكومة ان تحافظ على امن المواطن والامن العام ولا تسيب الامور بيد من هب ودب وعلى مجلس النواب إصلاح العملية السياسية من خلال تغيير نظام الانتخاب في العراق الى رئاسي والأخذ بنظام التمثيل الجغرافي المباشر والذي يسمح بانتخاب مرشحين ينتمون إلى مختلف التوجهات والأعراق مما يكفل تشجيع التوصل إلى حلول اصيلة وحقيقية  من قبل اعضاء مجلس النواب من اجل تقديم افضل الخدمات للجماهير التي اوصلتهم على امل التغييرلا المزايدة على

حقوقه وإجبار المشرعين العراقيين على الاهتمام بمصالح الناخبين وليس بمصالح الحزب أو القائمة أو التكتل الانتخابي و التعامل مع المشاكل الهيكلية في الاقتصاد بحيث يتمكن من توفير عائدات للشعب العراقي بدون الاعتماد على مساعدات خارجية ضخمة و الأخذ بنظام جديد لتوزيع عائدات البترول العراقي على تمويل نفقات الأمن القومي والسياسة الخارجية والمالية والنقدية والوظائف الأخرى للحكومة الفدرالية، وتطوير مرافق البنية التحتية، وتوزيع أنصبة مباشرة على الحكومات المحلية بحسب نسبة عدد السكان .. ولكن مادامت الكتل السياسية غير مهتمة إلا بمصالحها ، وما دام الصراع بين هذه الكتل مصلحيا حزبيا، وليس بمثابة تنافس شريف من أجل العراق وشعب العراق، وما دام بعض المسؤولين الكبار متغلغلين في عمق الدولة من جهة وعلى علاقة عضوية بالإرهاب فكرا وممارسة، ومادمت الخدمات متردية و متهالكة سوف تبقى الامور على علاتها والخيار للشعب ...

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي


445
روس في الاخلاق ...الاخلاق السياسي
أعتقد ان عند كل الديانات والمعتقدات  -- تجد الاخلاق الحسنة في اول مبادئها و أسس عقيدتها. سواء كان مسلماً ،وقال تعالى يخاطب الرسول (ص) {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم} [القلم: 4، الخلق لغة: هو السَّجيَّة والطَّبع والدِّين، وهو صورة الإنسان الباطنية وهي عبارة عن هيئة في النفس راسخةٍ تصدُرُ عنها الأفعالُ بسهولةٍ ويُسرٍ، من غير حاجة إلى فكرٍ ولا رويَّة أما صورة الإنسان الظاهرة فهي الخُلق ، جعله النبيُّ صلى الله عليه واله وسلم أساسَ الخيريَّة والتفاضل يوم القيامة، فقال: «إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون» (السلسلة الصحيحة: 2/379).
.فديننا دين الأخلاق والتسامح، ونبيّنا القدوة والمثل الأعلى الذي يُحتذى به بالأخلاق، فالأخلاق ثمرة من ثمرات الإيمان لأنّها تنبع من عقيدة وقلب سليم، وهي أساس التعامل بين الناس
.قال تعالى: «وقل لعبادي يقولوا التي هى أحسن» الاسراء 53 وقال: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا»،الاحزاب 70 وفى الحديث الشريف: ». قال: (إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ)... وهكذا ان كان يهودياً، اومسيحياً او كان هندوسياً، أو سيخاً...الخ ، كجزء منه وكغريزة لا يمكن التخلي عنها حتى وان كانت تبهت شموعها في بعض الاحيان. وقد تتصدع ما بين مختلف الدول التي تتنازع بشأن مصالحها الخاصة .يقول  "ابن خلدون" على القائد السياسي أن يكون القدوة للآخرين، بأن يحترم الأخلاق الفاضلة ويدافع عن الحق، وعليه أن يتعامل بحكمة واعتدال مع غيره.
واذاً تعتبر القيم والمبادئ والأخلاق ضرورية لأي مجتمع يطمح إلى البناء والرقي والتطوير، لانه اذا فقدت القيم والمبادئ والاخلاق تفكك المجتمع وانهار بناؤه ، هنا يجب ان نعرف أن الدعوة للتمسك بالأخلاق والقيم والمبادئ لايعني التخلي عن العمل الجاد الذي يساهم في تقدم البلاد وتطويره وهما الاساس لأي مشروع ناهض، فلا تقوم اي نهضة حقيقية بدون اسس ومبادئ أخلاقية قيمية، واذا كانت هناك اى مشاكل او رياح مسمومة ومختلطة بالحقد السياسي فانها تضرب وتنعكس على اصحابها ، وتكشف زيفهم . إذا كانت السياسة في تعريفها البسيط طريق لقيادة الجماعة البشرية وأساليب تدبير شؤونها لما يعتقد أنه خيرها ومنفعتها إلا ان افتقارها للاخلاق "كمنهج علمي و يقوم على مبدأي الالتزام والجزاء ويستمد وجوده من حرية الإنسان  ، وإرادته في الاختيار ، وتحمل المسؤولية ، لان الفرد مسؤول عن عمله وعليه الربط بين مفهوم الأخلاق , وبين التطبيق العملي"، تصبح السياسة وسيلة غير نافعة بل هدامة والتي يعتقدها البعض بانها غلبت على العلاقات ، كذلك الدولية منها التي اصبحت  تحكمها المصالح السياسية والتحالفات الاستراتيجية ولا تحكمها الأخلاق، فالأخلاق والقيم هما يجب ان تكون غطاء للمصالح الاقتصادية والثقافية والاصطفافات العسكرية، وأن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعيا عن تلك التي تتناولها الأخلاق و لان الأخلاق يجب ان تتجسد في العلاقات بصورة شفافة وتجد تعبيراً لها في السلوك البشري ضمن نطاق الأسرة و الجماعة و تجاه المجتمع و أجهزة السلطة...والذي يجمع بين الأخلاق و السياسة هو انهما كانتا من اولى  ألادوات في تنظيم الحياة الأجتماعية  و مجال الأختيار السوسيولوجي ، ومن هنا قد خرج الفيلسوف الألماني “إيمانويل كانت” في اعتبار أن الحروب تندلع فقط عندما لا يتوصل الناس إلى تحقيق مجتمع مدني قائم على الأهداف الأخلاقية، الأمر نفسه بالنسبة للإمام الغزالي الذي اعتبر السياسة أشرف العلوم ووظيفتها استصلاح الخلق وإرشادهم إلى الطريق المستقيم المنجي في الدنيا والآخرة ، لذا فأنهما تتسمان بالديناميكية والتغير وتنظم سلوك المجتمع اذا ما توحدت اهدافهما .
الغالب في سياسة الدول في الزمن الحالي هي المصالح وليس الأخلاق، وذلك على الرغم من ادعاء الدول المتقدمة على التمسك بالمبادئ والأخلاق، باعتبارها الحصن الذي يحمي الدول والحضارات من الوقوع في براثن التدهور والانهيار وهي على ما يبدو ان الحديث عن الأخلاق عموماً والأخلاق في السياسية اليوم مجرد نزلة نوستالجيا اخترقت شرفات الحلبة المشتعلة التي تأوي مايُفترض أن يكون أسرة سياسية واعية بدورها وأسباب وجودها ؛ ولأن الإحتقان العلائقي الذي يعيشه أفراد الأسرة السياسية المنكوبة يوشك أن يُفجر الفعل السياسي ويبدو من المفيد والضروري استدعاء الأخلاق في السياسة لإنقاذها من بين طواحين أفراد اسرهم الذين يتمادون في التنكيل بها فالأخلاق والسياسة ماهيتان مختلفتان بطبيعتيهما عندهم ومن المحال احتواء إحداهما للأخرى  ، نظرياً قد يكون ثمة «معايير أخلاقية» للعمل السياسي، لكن إسقاط ذلك على الواقع يبدو أقرب للخيال، فالعلاقة معقدة بين قيم الأخلاق المعروفة، مثل «الصدق والنزاهة والوفاء..الخ «، والوسائل اللازمة لتحقيق الأهداف السياسية، التي تعتمد غالباً على ممارسة الكذب والخداع، لكون السياسة تشكل بيئة خصبة لتحقيق المكاسب المادية وصفقات الكواليس والامتيازات المعنوية والوجاهة والألقاب، وقد ساهم في تعزيز هذا السلوك طغيان وسائل الإعلام والاتصالات الحديثة. ويمكن التمييز بين بلدان الخضوع والخنوع التي تحكم بالنار والحديد و الدول الديمقراطية المستقرة سياسيا، التي تشكل صناديق الاقتراع وتكريس مبدأ تداول السلطة من خلال الأحزاب السياسية، مخرجا للرد على كذب السياسيين واستبدالهم، عندما يفشلون في تحقيق برامجهم ويكتشف الجمهور خداعهم، وهذه ميزة مفقودة في الدول التي تحكمها أنظمة بوليسية وأبوية،أو تصل الى الحكم عبر الانقلابات العسكرية . إن سر نجاح الدول المتقدمة كان في تبني قيم ومبادئ أخلاقية أصبحت راسخة لدى شعوب هذه الدول، إلا أن هذه الدول أو معظمها خرجت عن هذه الضوابط والقواعد الأخلاقية في سياساتها الخارجية، فكانت معاييرها مزدوجة وفق مصالحها التي تدعيها، والتي لا تخدم بالتأكيد مصالح الشعوب الاخرى .مع وجود التناقض الشديد ما بين المبادئ والقيم الداخلية التي ترعاها وتحافظ عليها، وبين سياساتها الخارجية التي تعتمد مبدأ المصلحة كمبدأ في التعامل مع العالم الخارجي، خاصة مع العالم الإسلامي و بالرغم من أضراره الخطيرة على علاقاتهم ومصالحهم.
رغم ذلك يمكن دمجهما في زوايا محددة ( اي السياسة والاخلاق ) في تفاعل متبادل ترعاه أجواء الحرية والاعتدال، لأن الفضيلة السياسية أو الأخلاق في السياسة لا يمكن أن تنمو عيانياً في مناخات التطرف والعنف والغلو ومع غياب حقوق المواطنة والعدالة والمساواة والمشاركة. وقد ميز المفكرون والفلاسفة منذ أفلاطون الفارق الكبير في البنية الأخلاقية بين الفرد الذليل والمدفوع وراء أهوائه ونزواته عن الذي يتمتع بكامل حقوقه الطبيعية، المدنية والسياسية ويصبو لقيم الخير والحق والجمال والعدل، فالأخلاق هي مجموعة القيم والمثل الموجهة للسلوك البشري نحو ما يعتقد أيضاً أنه خير وتجنب ما ينظر إليه على أنه شر، وكلاهما، السياسة والأخلاق، تستهدفان تمليك الناس رؤية مسبّقة تجعل لحياتهم هدفاً ومعنى، وبالتالي تلتقيان على الدعوة لبناء نمط معين من المبادئ والعلاقات الإنسانية والذود عنهما، لكن تفترقان في أن طابع المبادئ والعلاقات التي تعالجها السياسة تختلف نوعياً عن تلك التي تتناولها الأخلاق تصل إلى حد التعارض عند ميكيافيللي الذي يغلّب السياسة على الأخلاق في كتابه " الأمير"، ليظهر السلوك الميكافيللي كما لو أنه يتنكر صراحة لجميع الفضائل الأخلاقية حين يبرر استعمال كل الوسائل لتحقيق الغايات السياسية!!.. أن ممارسة الفرد لاي عمل وفي جميع المجالات  يتحتم عليه  الالتزام بالمعايير الأخلاقية الثابتة ، وأن تلتزم الدول والمؤسسات بالالتزامات الأخلاقية. سوف يُستنتج من أن المعايير والضوابط تلك لها دور مهم في إرساء قواعد الممارسة المهنية والروابط السياسية والاجتماعية الفاضلة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

446
خيانة الامانة من الصفات المنبوذة     
               
صورة من خيانة الوطن والعرض والعهد والماضي والمستقبل، كل شئ يهون عندهم هذا ما شاهدناه في جلسة يوم الثلاثاء 5/12/2019 عند البعض من الذين وصلوا على اكتاف الناس  ذوي القلوب السوداء الذين أستغلوا وعلوا على حساب الضعفاء وترقوا ووصلوا الى مقاعد البرلمان دون استحقاق انتخابي واقعي غير مصدقين بما هم عليه  وهم في عرس دائم بعد نسيانهم اليمين .وعليهم ان يفهموا ان الخيانة من أشد الصفات الممقوتة والصفات الذميمة، فلا تكاد توجد صفة قبيحة جمعت أنواعاً من الشروري مثل الخيانة، وقد جاءت نصوص الشرع تنهى عن هذه الخصلة أشد النهي، قال تعالى:  ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )) الانفال 27..فمن  حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ رواه الترمذي.
 فلولا خيانة البعض لما استطاع الشيشاني والأفغاني وغيرهم من المجرمين الذين قدموا من خارج الحدود من دخول العراق والذين تسببوا بكل هذه الخسائر في ارواح البشر وفي الأموال ، فالخائن منبوذ كل شىء يهون عنده فأنه تتسبب في خسائر وضحايا اكبر وترك اثارا سلبية على مستقبل البلاد في المدى المنظور والبعيد  مكروه من المجتمع لأنه يعمل لأهداف وغايات غير شريفة و الحرب ضد داعش قد دمرت البلاد اقتصاديا وأجتماعيا  وهي مستمرة حتى اليوم من خلال الخلايا النائمة  بسبب الحواضن الخائنة التي تقدم الدعم المعنوي والمادي لهمن في اكبر خيانة بحق الشعب والوطن
ان خيانة الوطن والجماهير التي اوصلتهم هي جريمة كبري لا تغتفر كون المجني عليه هو الوطن وكل عمل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا لفاعله إلا خيانة الوطن الذي لا مبرر له ولا شفاعة لمرتكبه مهما كانت منزلته ومهما كان السبب الذي يدفع لها فهو أبدا لا يشفع أن يبيع وطنه ويتآمر عليه فالوطن بمنزلة العرض والشرف للإنسان ومن هان عليه وطنه يهون عليه كل شيئ. ان هذه النفوس المريضة التي راقت لها الظروف وحالة الفوضى وأنتفاء القانون، فتدوس على قيم الارض التي هم عليها فتسحق كل من وقف في طريقها لتصل الى أعلى القمم في مكاسب الأنسان .نعم ، متعالين وهم أصحاب القلوب السوداء التي كُشفت على حقيقتها بكل وضوح وجلاء، ولم تعد تهتم بالأخر فهو ان عاش او مات على حدٍ سواء..هؤلاء هم أثرياء الحروب وتجار السلاح..وخونة الناس والأوطان..هم الأنانيون بأمتياز.. فلا تصدقهم..؟ إن ثمن الخيانة كبير يجب أن يتحمله من باع ضميره ووجدانه وأدار ظهره للوطن فما زال هناك من الخونة من هم موجودون بيننا ويتآمرون علي الوطن يتعاملون معنا وكأن شيئاً لم يحدث.. هناك من يدعون أنهم من مع الشعب إلا أن اخلاصهم  لم تكن خالصة لوجه الله والوطن بل كانت خالصة الولاء لمن دعموهم وأمدوهم بالمال  لخيانة الوطن .البرلمان العراق اثبت انه مازال هو كما كان خلال 15 سنة مرة على تاسيسه لم يكن إلا سوق للهرج والمرج والتهم والافتراء والكذب على الجماهير باسم الوطنية فماذا قدم هؤلاء منذ شهرين مضت على اداء اليمين غير دراسة الامتيازات 3 ملايين للاجارة و45 مليون سلفة المعايشة لهم ومسرح لامرار السيناريوهات الكتلوية الخطيرة والضحك على الذقون والرقص فوق الجراح النازفة وكأننا في مسرحية كوميدية تناسو خلال مشاهدها فصول واقعنا المرير لخمس ساعات او اكثر  منتقلين بين الكافترية والقاعة الرئيسية للمجلس ليعودوا اليه مجددا بعد حين  . عليهم الكف  عن السخرية وعن الصراخ وعن التباكي الكاذب باسم الوطنية  فانها لن تجدي نفعا اذا ما ظلت  عليه الان من اسفاف وتسفيه من دون احداث التغيير المطلوب على ارض الواقع . ان من يحب وطنه  لا يمكن له أن يفكر ولو للحظة واحدة، مهما كان الثمن، أن يخون وطنه أو يبيعه، أو يضع يده في يد العدو، إلا في حال واحدة، أن يكون الخائن لوطنه، قد رضي أن يبيع وطنه الذي يوفر له الأمن والرخاء، وارتضى أن يكون «دميةً» في يد الأعداء يلهون به كيفما يشاؤون، و«ذنَباً» من أذنابهم يسخرونه لمصلحة أجندتهم، سوف يرمونه بعد أن تتحقق أهدافهم «رمية ... »، وهذه النهاية الحتمية لكل خونة الوطن في كل زمان ومكان. أن من تحدثه نفسه بالعبث بأمن الوطن، وإثارة البلبلة، وزعزعة الاطمئنان الذي ينعم به سكانه في جميع جهاته، لن تتحقق أهدافه، وسُيفضح أمره، وتُكشف مخططات من يقف خلفه، كائناً من كان، دولاً كانت، أم جهات، أم مجموعات.شاهدناه  هذا ما ينبغي على أبناء الوطن القيام به في هذا الوقت الراهن، الذي تحف فيه بمنطقتنا أحداث ومخططات، أن يضعوا أيديهم في أيدي بعضهم البعض، وألا يستمعوا لدعوات وشعارات يرفعها ناعقون هنا وهناك، هم في الحقيقة أعداء للوطن، وألا ينخدعوا بدعوات يغلفها أصحابها بأسماء براقة تحت مسميات الحقوق ودعاة الإصلاح، وهم أبعد ما يكونون عن "الحق والإصلاح
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

447
(( دروس في الاخلاق... المدرسة والاسرة ))
العلم و التعليم عنصران فعالان هامان جدّاً سواء على المستوى الفرديّ اوعلى المستوى الجماعيّ، فإن صلحا ، صلح الفرد وصلح المجتمع، ،هما منيران الظلمة، وكاشفان الغمة، وباعثان للنهضة، هما سلاحان لكل فرد ولكل مجتمع قال الله تعالى: "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا" 114 طه...وقال رسولنا الكريم ( ص )" العلم فريضة على كل مسلمٍ ومسلمةٍ، لأن العِلم والتعليم هما النبراسان اللذان تضاء بهما الظلمات الحالكة،اذا اراد الانسان  ان يتحصن بهما امام العدو، وهما أساس سعادة الفرد، ورفاهية المجتمع ورخاء الشعوب، والبشر جميعا. وقال تعالى في كتابه الكريم :: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) زمر9 ، و هما الاساسان لحياة المجتمع وبدونهما يكون المجتمع مختلاًّ وغير محصَّن ثقافيا وعقائديا وسوف وبلاشك يرتمي جل أفراده في أحضان حضارة ملذات الهوى بلا قيد والتي تبعدهم عن القيم الاخلاقية للانسان، ويصبح التقليد الأعمى رمزاً ثقافيا لا مناص منه ، مما يؤدي إلى تفشي كل السلوكيات السلبية والمنحرفة والاتكالية المقلدة الغير منتجة " وينقل عن أن غراب أعجبته مشية الحمامة فأراد أن يقلدها فلم يفلح وأراد أن يعود إلى مشيته فنسيها لأنه نسي أصله وفصله" ، إن هذا الجيل سوف يكون مزْهُوٌ بنفسه لايهتم إلا بالتفاهات المستوردة ، مثل طريقة  الحلاقة إلى سياقة الدراجات النارية بالسرعة المفرطة إلى الرفاقة المضيعة في الجلوس في كافي شوبات في سنين مبكرة و تخدم فيها الفتيات المؤججات للشهوة والتدخين بالنركيلة المعطرة وتناول المخدرات إلى المواقع الالبسة المشَوِّه والضيقة التي تظهرتفاصيل الجسد ، الخصام والشجار وسوء العلاقات التي تؤدي الى العنف والسرقة وقال تعالى في كتابه " ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة من الذين امنوا لهم عذاب شديد في الدنيا والاخرة " النور19. و الذي نأيَّ العِلْم عن كل ذلك وحذر من التقليد المفرط وكل الآفات والمفاسد الاجتماعية .
اليوم المطلوب من اجل اصلاح افراد المجتمع ولعل المدرسة التي تُعدّ المكان الثاني الذي يقضي فيه الطالب ساعات طويلة بعد البيت من الامور التي لايمكن اغفالها و فرصة للتعرف على الأصدقاء والتأثر بنماذج جيدة في الحياة يُمثلها المعلم و النهوض بالتعليم في اي دولة يتطلب مواردا مالية وبشرية كبيرة بشكل دائم وهو غير متاح في العديد من الدول، لكن التطور العلمي وشبكة الانترنت لو استغلت بالشكل الصحيح قد تساعد إلى حد كبير في توفير المال والكادر البشري حسبما تشير تجارب بعض الدول المتقدمة.
تعتبرالمدرسة هي الحاضنة التعليميّة والتربويّة التي يتعلم منها الطالب الكثيرمن المفاهيم الاخلاقية الايجابية ، فيجب إعادة النظر في البرامج التربوية  والتعليمية والتركيز على ما هو أساسي للحفاظ على افراد المجتمع من الإنسلاخ من جلدتهم .. والإهتمام بما يربط الفرد بأسرته حتى لا يتيه بين الأسر.. وبعقيدته حتى لا ينسلخ عن دينه .. وبالأصالة حتى لا ينبهر بالمعاصرة ، فإذا لم تكن البرامج التعليمية والتربوية الحصن الحصين لأجيالنا فلا داعي لصرف المال العام لأنها ستبقى دون جدوا ولا تنتج المجتمع الصالح والواعي .علينا يجب التأكيد على ان حق التعلم احد الحقوق الاساسية للانسان ويجب ضمان ذلك للجميع بشكل عادل. ولا تنقصنا الدراسات والابحاث التي تناولت مشاكل وازمات التعليم في العالم وفي الدول العربية، والحلول والخطط المناسبة لتجاوزها، لكن تبقى المشكلة في وضع هذه الحلول والخطط قيد التنفيذ .
 وبلاشك فأن للمعلم كمرشد الدور وموجه ومنظم للعملية التعليمية و في الصحة النفسية لإدارته لصفه وتنمية الصحة العقلية لطلابه ولان للمناخ النفسي والاجتماعي في صف ما تأثيراً كبيراً في تماسك أفراده وتعاونهم وتقبلهم بعضهم بعضاً من ناحية اخرى ،كما  يُعتبر المُعلّم هو المثير لعقول التلاميذ ليتوصلوا بأنفسهم إلى المعلومات بدلاً من أن يلقيها عليهم.  وقد أصبح دور المعلم مرتكزاً في تنمية التفكير الإبداعي لدى المتعلم ومخططاً لتنمية القدرة على التفكير عندهم وبمثابة المزوّد والناقل الأول للمعرفة والمؤثر في نجاح العمليّة التعليميّة أو فشلها ودور المعلم في التربية الحديثة هو تطوير أساليب التعلم الذاتي عند  الطلبة من أجل الوصول إلى المعلومات بأنفسهم وتنمية مهارات التفكير العلمي ويعتمد على مدى قُدرة المُعلّم على ضبط الصف، ويتم ذلك من خلال تعريف الطلّاب بالواجبات المطلوبة منهم بإصدار التعليمات والإرشادات اللازمة وتوجههم بالشكل الامثل لانه في نظرهم قدوةً ونموذجاً يُحتذى به، حيث يقضي الطلاب جُزءاً كبيراً من يومهم مع المُعلّم، فيتأثرون بسلوكيّاته إلى حدّ كبير، سواء كانت إيجابيةً أم سلبيّة .وهو الذي يضمن عمليّة تلقّي المعلومات المُختلفة بالشكل الصحيح، وذلك بالاستعانة بالكثير من المصادر والوسائل مثل المناهج الدراسيّة، وإرشادات التعليم، بالإضافة إلى حُضور المُحاضرات ذات الصلة، وتتنوّع أساليبه في التعليم لتشمل التعلّيم القائم على المشاريع والتجارب العلميّة، والتعليم من خلال المجموعات، والتعلّم الجماعي وتشجيع الحضور الى المكتبات العامة والمدرسية لاستلهام المصادر الصحيحة وتعليم قراءة الكتب المتعلقة بالدروس والثقافة العامة التي يفتقر اليها الجيل الحالي .
ان المسؤولية الاولى تقع على الاسرة في البداية لان دور الآباء والأمهات من أهم الأدوار في عملية التنشئة و لا ينكر أن الدور الأساسي والرئيسي في تربية الأبناء،مشتركة بين الام والاب ولكن يقع على المرأة أولاً؛ لأنها تعتبر العمود الفقري للأسرة في المنزل، وإن قصَّرت فيه فسوف يعود بالسلب على التحصيل المدرسي لأبنائها في المنزل، وتدني مستوى تعليمهم، وبالتالي لا بد أن تهتم بوظيفتها الأساسية التي لا يمكن أن تتنصل من مسؤوليتها في هذا الصدد، وأن تفكر في عملها هذا كأنه نوع من أنواع الأعمال المختلفة، ألا وهي ربة المنزل التي ترعى أبناءها، وتتابعهم في دراستهم، بالإضافة إلى أنها لا بد أن تعلم أن المنزل وأبناءها مسؤولان منها على المستوى العام.
 فالطفل أول ما تتفتح عينيه يجد والديه حوله ولكن يتعلق بالام اكثر ومن ثم الاثنان ، ويقلدهم في سلوكهم وتنمو عاطفة حبهم في قلبه كلما كبر، لذلك كان من الأخطاء القاتلة التي قد يقع فيها الأبوان هي الاتكال  على المدرسة، أو جماعة الأصدقاء أو الإعلام في توجيه أطفالهم! والظن بأن هذه المؤسسات تكفي، حتى يصبح دورهم هو مجرد توفير الطعام واللباس فقط، فيكون نتيجة لذلك فشل الطفل في التعليم وانحرافه سلوكيا. تأتي المدرسة كامتداد للأسرة،وعامل مكمل لدور البيت، باعتبارها مجتمعا كبيرا يمارس فيه الطالب ما تربى عليه في محيطه الأسري المصغر، ويوظف خبراته التي تلقاها من أبويه، ولتضيف إليه خبرات جديدة من خلال تعامله مع أقرانه ومع مدرسيه.وتأتي المدرسة لتساعد في  نسج تفاعلات نفسية وإنسانية أخرى في حياة أبنائنا، ويغرس أنماط سلوكية واجتماعية أوسع من تلك التي تلقاها في البيت، فالمدرسة مسرح مكشوف يتم من خلاله رصد ومتابعة سلوكيات الأولاد خصوصاً أن مجتمع المدرسة يعد أكثر تعقيداً من مجتمع الأسرة. اما التنشئة الأسرية تظل قاصرة ومبتورة، إذا تمت دون ربطها بالمدرسة بشكل خاص، فلا يمكن اعتبار المدرسة بأي حال من الأحوال، مكانا لتلقي العلوم وفقط، بينما التربية تكون في البيت هذا التقسيم هو أول أسباب الفشل فالبيت مسؤول عن تفوق الأبناء الدراسي وعن تربية الأبناء، وكذلك  المدرسة تتحمل هي الأخرى مسؤولية التعليم والتربية  فالتأثر والتأثير بينهما واقع حتمي. والتكامل في وظائفهما الإنسانية والتربوية والاجتماعية، تظل قضية جوهرية في التنشئة الصحيحة.فمن هنا نحن في حاجة لمزيد من الأفكار الإبداعية التي تساعد في تحقيق التعاون  بين الأسرة والمدرسة، هذا التعاون سيعرف الآباء أن المعلمين يشاركونهم الاهتمام بأطفالهم، وكذلك يعرف المعلمون أن الآباء يقدرون أدوارهم، مما يبعث على الارتياح و الطمأنينة في نفوس الجميع،لا بد من التركيز على ضمان تكامل العملية التعليمية ما بين المدرسة والاسرة، خاصة في المراحل الاولى من التعليم لضمان ادراك ومشاركة الاسرة في هذه المهمة عبر توفير الظرف المناسب والاداوات الضرورية لنمو ملكات ومهارات الطفل العقلية. و كل ذلك له تأثيرات إيجابية يحقق في الارتقاء بالمدارس التعليمية، وزيادة عدد المتفوقين من التلاميذ.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

448
المواطنة تفاعل وشفافية وبناء
المواطنة ليست كلمات خجولة تردد انما تفاعل وشفافية والنفوس جبلت على حب ديارها والتحلي بالايجابية والبناء.
ان من هو وصي على العراق هو الشعب ولم يخير احد لكي يكون بدلا عنه ورغم ان الكثير ادعى ذلك وقد لعبت أدوارا متعددة فى صياغة سياسات البلاد، منها ما اتسم بدور المقاومة للاحتلال الأمريكى فى العراق منذ سقوط بغداد فى 2003، ومنها ما خدم سياسات متطفلة، ومنها ما تصدى لفرض السياسات الجاهلة  لتحجيم اي تقدم فى العراق، ، وكان البعض الآخر مدعوما لزيادة نفوذه ، ويحاول توسيع وجوده فى هذا البلد على حساب أهله .اما السياسي الحقيقي والذي يشعر بالمواطنة . يقوم بواجبه تجاه وطنه على اساس انه جزء من امة او شعب لهذا أصبح مفهوم المواطنة من أكثر المفاهيم التى تهتم بها الدول المختلفة وتعمل على تنميتها فى ظل  التحولات المتسارعة التى تشهدها شعوب العالم، لأنها تمثل الانتماء الحقيقي للوطن، والانتماء يعني أن يضطلع المواطن بمسؤولياته الوطنية من دون أن يطلب منه أحد ذلك، ان المواطنة لا تاتي من خلال الشعارات والتصفيق ، وانما من خلال الفعل والاخلاص بالعمل وتسخير كل الطاقات لخدمة الوطن، وتوظيف كل القدرات لرفعته، من حق الوطن ان يكون مواطنه فاعلاً لا معطلاً ولتحقيق المصالح ساعياً ولدرء  المفاسد داعياً ولامنها حافظاً ولوحدته راعياً .
 
العراقي الحقيقي حاكما ومحكوما هو إنساني النزعة ، يحمل قيمه حضارية لا يمكن يفتقدها بفعل التحديات المريرة لتلك القيم  .. وهو يسعى اليوم لخلق مجتمع مدني يشتهر بمؤسساته المحكمة التي تفكر من اجل حياة افضل ومستقبل زاهرلا كما يريد من تسلط عليه بحكم الصدفة ،أن التسامح سمة واضحة في المجتمع العراقي وأن التعايش وقبول الآخر كان السمة السائدة بين تنوعات المجتمع العراقي العرقية والدينية ..
العراقي كان ولايزال يتفتخر بانه صنع الحياة . لعل من أسوء ما جاء به عام   2003 هو محاولة التفتيت المتعمد للمجتمع العراقي إلى مكوناته اثنية وقومية ، وتدمير الهوية الوطنية العراقية بحيث يحل الانتماء الثاني عنده بالمرتبة التي تليه ، فأصبح الفرد يعرف نفسه بأنه من تلك الانتماءات ، عربي وكوردي و شيعي وسني ومسلم ومسيحي...الخ و "العراق بلد متعدد الأعراق يشكل العرب حوالي 70-80% من سكانه ويتقاسم الأكراد وبقية الأقليات نسبة 20-30% المتبقية، وبهذا ونظرا للتداخل السكاني واسع النطاق فقد كانت هوية العراق متجانسة طيلة تاريخه منذ الإسلام وحتى الآن، والمكونات فيه عاشوا وسكنوا العراق على ما هو ثابت تاريخيا منذ الألف الأول قبل الميلاد" وحاول العديد من المشاركين في العملية السياسية عبر اساليب متنوعة فرض التفتيت الذي مارسه البعض منهم ، من أصحاب المشاريع السوداء في العراق الذين تربصوا الفرصة ليفرضوا خياراتهم، وخيارات دولة متخلفة اخرى معهم، بالدعم المادي فضلاً عن المخطط الرئيس لدولة الاحتلال الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني رغم اني اعتقد بأن إلقاء اللوم على الآخرين من الطامعين، وذوي الأهواء لا يشكل الحقيقة كاملة، بل يغمض العين عن التعرف على السبب الرئيس الذي أسهم في تفاقم الوضع حتى هذه الدرجة. الحقيقة الماثلة هي أن محصلة الطائفية السياسية، والأمية والجهل قد أسهمتا بالنصيب الأعظم في جَعْل تفتيت المجتمع العراقي أمراً واقعاً ولو نظرنا إلى الممارسات الفجة للبعض و التي تظهر للعيان طبيعة وماهية هذا التفتيت وهي غير رغبة المواطن الواعي من كل المكونات. والذي يعتبر حب الوطن أهزوجة قلبية يتغنى بها، وشعار عمل صادق يبني بها ، لمثل هؤلاء تُرفع القبعات وتنحني القامات، هؤلاء هم جنود الوطن المجهولون الذين يعملون بصمت ولا نشعر بهم ، بل هي مقدرات في الحفاظ على ممتلكاته وأمنه وإستقراره ....
اما المشاركة السياسية هي المشاركة في صنع القرار السياسي والإداري والتحكم في الموارد على كافة المستويات . المشاركة السياسية هي سلوك مباشر او غير مباشر يلعب بمقتضاه الفرد دوراً في الحياة السياسية لمجتمعه بهدف التأثير في عملية صنع القرار ، وهي من آليات الديمقراطية في المجتمع التي تتيح إعادة تركيب بنية المجتمع ونظام السلطة فيه.
لذلك هي أساس الديمقراطية وتعبير عن سيادة الشعب ، وترتبط المشاركة السياسية بالإهتمام بالشأن العام وبمشاركة المواطنين والمواطنات في إنجازه، وبالتالي فهي تعبير للمواطنة ويجب ان تقوم على الحقوق المتساوية للجماعات وللنساء وللرجال على قدم المساواة وبإمكانية التمتع وممارسة هذه الحقوق. والمجتمع يرى المرأة العراقية واحدة من أروع المخلوقات ، أهم عناصر العملية الديمقراطية في بلد ما و تعكس طبيعة النظام السياسي والإجتماعي في الدولة ، وعليه فإن ضعف الآليات والقوى الديمقراطية في المجتمع يساهم في تهميش مشاركة المرأة السياسية ؛كما تقاس درجة نمو المجتمعات بمقدار قدرتها على دمج النساء في قضايا المجتمع العامة والخاصة، وتعزيز قدراتهن للمساهمة في العملية التنموية فيه وكانت لها دور متميز في مشاركة للرجل في صنع كل حضارات العراق وثقافاته ، إلا ان مع الاسف الشديد ان المواقف والممارسات السلبية بحق المرأة غالبا ما تبدأ في الأسرة وإن تقسيم العمل والمسؤوليات على أساس علاقات سلطوية غير قائمة على المساواة ، يحد من قدرة المرأة على إيجاد الوقت اللازم لتنمية المهارات اللازمة للإشتراك في عملية صنع القرار ، كذلك إن الواقع السياسي القائم على تقاسم الحصص بشكل قائم على التوزيع الطائفي والمذهبي والمناطقي الذي يمارس دون وقفة، إضافة إلى ضعف أو شبه غياب القوى الديمقراطية ، كل ذلك يمنع من بروز قضية المرأة في الشأن العام  .
النهوض بالمرأة، وتمكينها، وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة  تُعد من أعقد، وأصعب، القضايا في مجتمعاتنا الشرقية، نظرا لوجود العديد من العناصر الحاكمة، والمؤثرة، على مسألة الإعتراف بمشاركة المرأة، وبأن يكون لها دوراً بارزاً في المجتمع، كعدم إيمان البعض بدور المرأة خارج النطاق الأسري . وتعد ضحية، لعادات، وموروثات خاطئة، لا تمت بصلة إلى الأحكام، والتعاليم الدينية والانسانية ، لكنها تأخذ في حسباتها فقط اعتبارات التعصب، والتشدد، ويمكن ان تكون للمنظمات الدور من خلال حملات التوعية المستمرة، بأن يؤمنوا بدور المرأة، وألا يتم حصر دورها في النطاق الأسري، وأن التاريخ يشهد بجدارة المرأة، ومكانتها، وقدرتها، على القيادة، والعطاء المستمر
 
.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي

449
دروس في الاخلاق – حب الوطن
هناك سؤال يتردد دائماً على لسان الجميع ويتعايش مع افكارهم اليومية هوهل في الامكان تحديد طبيعة المشكلة الاساسية التي يعاني منها بلدنا وابنائه..؟ ان من اهم الاسباب في أزماتنا هي في انعدام الوفاء للوطن وغياب الشعور بالانتماء الحقيقي له ، وافتقارالشعور الانساني الفطري لدى البعض ، الذي هو أثمن ما في الوجود ، لان الانسان الذي بلا وطن هو بلا هوية، بلا ماضٍ أو مستقبل، فهو غير موجود فعليًا، ولبناء الوطن الرائع، لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، والمُساهمة في الحفاظ على أمنه وأمانه، وتجنّب نشر الفتن، أو الكراهية والعُنصرية بين الناس، ومن اجل هذه الامور يضحي الإنسان بحياته دفاعاً عن ترابه المقدس، لأنه يستمد منه انتمائه وكيانه الإنساني؛ علينا أن نُنمّي وطننا في وقت السلم ونسعى إلى رفعته والارتقاء به في كل المجالات، ويكون ذلك بأن نجتهد ونهتم بأعمالنا مهما كانت صغيرة أو كبيرة. وأصعب شيء على النفس البشرية أن تكتب عن شيء ضاع منها، فيجب وضع العديد من الإحتمالات عن ملامح مكان وجوده في زمان معين اعتماداً على الذاكرة، والذاكرة مهما حاول الإنسان الاعتماد على الدقة والأمانة تبقى خداعة تحتاج الى ادراك في الحسابات واليقظة في حفظ المؤسسات والمبادئ والقيم، واللبنة الأساسية لبناء كل مجتمع هي الأسرة الجادة في الولاء الى المجتمع ككل وعدم الولاء للأشخاص وأصحاب المال والنفوذ، لانه متى ما طغت المادة والمصلحة على التفكير والعقول، وغياب المعايير والمقاييس العلمية والثقافية والأخلاقية، بلاشك سوف تحل محلها الأنانية والجهوية وغياب روح المسؤولية وفقدان النظرة المستقبلية لشؤون الشعب ،نعم يمكن ان نشخص مشاكلنا " يمكن ذلك "وبوضوح رغم هناك من يصفها و يعتبرها سياسية وأمنية، ومن يصنفها اجتماعية أو اقتصادية وحتى ثقافية، ولذلك لم نتمكن من تشخيص واقعنا وتحديد سياستنا لمعالجة المشاكل، فتعقدت الامور وتعددت ألازمات، وأخطأنا حتى في طبيعة النقاش الذي نخوضه اليوم حول مشروع المجتمع الذي نريده، كل الدلائل والشواهد والتجارب التي مررنا بها، تؤكد أن مشكلتنا أخلاقية، يعاني منها الأفراد والمؤسسات، والحكام والمحكومون، والصغار والكبار.. مع الذات ومع الغير، في الأسرة والشارع والمدرسة، وفي كل مؤسسات الدولة والمجتمع:واختلفنا حزبياً واقتصر تركيزنا على أمور ثانوية وهامشية وشكلية، في أوساط الساسة والمثقفين والإعلاميين ، وكل فئات المجتمع،الاية الكريمة
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37)مريم
تعتبر التنشئة الإجتماعية من العمليات الأساسية فى حياة الإنسان لو صيغت بطريقة سليمة تكمن أهميتها فى أنها تقوم بتحويل الفرد من مخلوق ضعيف عاجز إلى شخصية قادرة على التفاعل فى المحيط والمجتمع الذى يحتويه  كما تساعد الفرد على الانتقال من الأتكالية المطلقة والاعتماد على الأخرين والتمركز حول الذات فى المراحل الأولى من عمره إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس عبر المراحل الارتقائية من عمره ، يحقق بها الفرد ذاته داخل الجماعة أو المجتمع الذي يعيش فيه حيث تسهم التنشئة الصحيحة في تكوين الفرد لفكرته عن ذاته بجوانبها الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية والقيمية وغيرها من الجوانب الشخصية وقد يكون هذا مفهوم إيجابي عندما يعرف الفرد حقيقة إمكانياته ويتمتع بقدر معقول من الثبات وعندما يكون متقبلا لها وحينما يضع لها أهداف واقعية ويسعى إلي تحقيقها. ان التعرف على النموذج المراد تقليده والتوحد معه في التعليم هو الانتباه والملاحظة شرط أساسي لعملية التعلم بالنمذجة وتشير الدراسات إلى أننا ننتبه ونلاحظ النماذج الرفيعة ذات الكفاية العالية أي انها ترتبط كثيرا بخصائص النموذج وبخصائص المتعلم وبدرجة الحوافز والمدعمات المرتبطة به ،  وهي  تعود إلى العملية التي يتعلم بواسطتها أو من خلالها الأفراد قيم ولغة المجتمع والسلوك المتوقع منهم كأعضاء فيه ويتم ذلك من خلال الأسرة أو المدرسة وحتى زملاء الرفاق .لان الفرد يكتسب بموجبها الحساسية للمثيرات الاجتماعية كالضغوط الناتجة عن حياة الجماعة التزاماتها  وكيفية التعامل والتفاهم مع الآخرين . اذاً حبُّ الوطن المفعم بالإيمان والمشبَع بالتَّفاخر به والاعتزاز به ـ حقًّا وصدقًا ـ إنَّما يكون بالحفاظ على أَمْنِه وسلامته، والابتعاد عن ترويع أهله وإشاعة القتل والنَّهب والفوضى وجميع صور الإفساد في رُبُوعِه تحت أيِّ غطاء كان، ويكون بنبذ العصبيَّات والنَّعَرَات والتَّحزُّبات الَّتي تسعى إلى تَفْرِقَتِه وتشتيته، وتَحُول دون اجتماعه ووحدته . واستغلال خيراته وثرواته وصيانتها من عبث المفسدين وخدمة أرضه ومن عليها من العباد والممتلكات والمكاسب والإنجازات؛ ليستغني عن غيره، ويعظم في عين أعدائه الطَّامعين فيه، والسَّعيى به نحو الأكمل والعيش الأفضل و من شرط الوطن أن يكون كاملاً لا نقصَ فيه ، وحسبنا الكمال والتَّقدُّم نحو الأحسن.

450
تشكيل الحكومة بين فقدان المصداقية والمخادعة
رغم ان التأخير في تشكيل الحكومة لها مردودات سلبية  وخاصة الوزارات الامنية في ظل الوضع الامني القلق وتهديدات المجموعات الارهابية  . إلا ان اصبحت لا تختلف عن سابقاتها في الحالة الطائفية التي ابتلي العراق بها منذ 15 عام والصراع على وزارة الداخلية بين الشيعة انفسهم والدفاع بين السنة انفسهم ، خير برهان والذي لايقبل الشك من ان عبور هذه الالية غير ممكنة على المدى القريب .
السياسييون " العراقيون " يضحكون بعضهم على بعض، و يخادعون بعضهم البعض، وهم في اشد الصراعات المكسبية ، يخلقون الكذبة التي يروجها المستفيدون ويدعيها الاخسرون الذين اغرتهم الحياة الدنيا وملذاتها والتي لن تطول حلاوتها ، تغريهم المناصب ، قال الله تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ [المؤمنون:55-56] وقال: وَكَأَيِّنْ مَنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ [الحج:4 ويعشون في احلامهاغير ابهين بالعواقب االتي تنتظرهم ولا محال تسقطهم في الوخيم منها ، خيرها لهم وشرها الى المواطن ، بعيداً يتلذذون بمأسي الشرفاء والبسطاء من ابناء شعبهم وقتل امالهم تدفعهم للمضي في مسلسلهم ، ولو أنهم كانوا يعلمون أنهم يكذبون ولا يقولون الصدق، ويخدعون المواطنين ويداهنونهم بمغريات لاذلالهم والتسلق على اكتافهم ، وعن النبي صلى الله عليه  واله وسلم قال: " إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته " و يحاولون تزيين واقعهم أو تلميع صورهم .
 لقد مرت على الشعب العراقي مصائب ومطبات وازمات اعتاش عليها وتاجر بها الكثيرون اعطت الكثيرمن السلبيات والدماء بثمن بخس قرباناً لمن لايستحقون القيادة ، والعراقي تعلم منها  فنون العوم بشكل طبيعي من خلال الممارسات والاستفادة من السلبيات والايجابيات التي يمر بها البلد وقد كانت تجرية غثة ومليئة بالعبر والدروس لا يفهما إلأ اولي الالباب والراسخون بهموم الامة والعوامل التي قد تخلق من يخلق الحلول وتجاوز الفئوية والحزبية والمصالح الضيقة وتضيع مصالح الجماهير دون اعطائها الاعتبارات والاهتمامات المرجوة .ومن اهمها محاولاتٌ للاستقواء ومساعي للبقاء، وهي منافعُ مستحكمةٌ ومصالحُ مقدمةٌ، وإلا فما الذي يعميهم عن حاجة الشعب ويصر آذانهم عن صوته الذي بح من شدة الصراخ، وما الذي يمنعهم من الاتفاق على امرار الوزراء و تشكيل الحكومة .
فهم يدركون حقاً انهم قيادات فاشلةٌ غير قادرة على العطاء ، و عاجزة عن الفعل الجاد والالتزام الصادق، ويفتقرون إلى النوايا السليمة، وتعوزهم الثقة والمصداقية، إلا بفرض الهيمنة وبسط النفوذ، بمساعي واهمةٍ وأحلامٍ بائسةٍ بالسيطرة والتمكين، أو الاستحواذ المنفرد والسيطرة الأحادية. ودون الاهلية للتخطيط ولا يهمهم تذلل العقبات من أمامها، بل انهم يسعون لتكريس الانقسام في المجتمع ليكون فريسة سهلة بيدهم . على القادة السياسيين " أن يعودوا إلى رشدهم وليوقفوا الانحدار والتخبط الذي يسود  البلد ويختاروا الصواب والحكمة، وأن يفكروا بمصالح الناس والشعب وبمستقبل وطنهم". كفى انزلاقاً وارتزاقاً على حساب دمه، فكروا قليلاً بضيمه ومعاناته ومحنته. إن حالة الصراع السياسى وفقدان أي رابط للتواصل مابين القوى السياسية والمجتمع وصناع القرار إلا على اساس الاستحواذ  وغياب الاطراف الخيرة الساعية لانهاء الصراعات لانهم مكبلون بقيود ( اسكت احسن لك ) وفقط التفكير بنيل المكاسب ، لن ينضح عنها سوى مزيد من الاضمحلال والتقهقر الى الوراء والتجاذب السلبي الذي يشغل الوطن والمجتمع، وهو ليس إلا معول للهدم وعصى في عجلة تطوير افكار التنمية في المجالات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين، ويحد من إشباع رغباتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم فى إطار بناء دولة تقوم على العدالة وقيم المواطن. غياب الحوار الوطني المدخل المهم لحل الازمات المواطن يعيش ظروفا صعبة ومجهول المصير ، وسط طروحات شائكة فردية لا تجدي نفعا وليس إلا تبويق اعلامي خالي من المحتوى لا اكثر والصراعات صورية غير مفهومة المعاني الغاية منها ايهام السذج .
و تجربة العملية السياسية بشكلها الحالي اثبتت من الصعوبة بأمكان الاعتماد على ادارة العملية بهذه الطريقة من اجل النهوض بواقع العراق وانقاذه من ازماته ، وإنما يمكن تحقيق ذلك في التزام الطبقة السياسية بمرتكزات النظام الوطني الحقيقي الموحد الذي يُعلي من قيمة المواطن والعمل لصالحه، فمنذ الاطاحة بالنظام الشوفيني البعثي البائد و وانبثاق العمليةالسياسية وتشكيل الأحزاب والقوى السياسية التي نشطت بالعمل لمصالحها الخاصة في السلطة متجاهلة تماماً مطالب الشعب العراقي في توفير الحياة الكريمة له وكانت المصائب تترى عليه ، ومنها الدعوة الجديدة لائتلافات عابرة للطائفية والقومية التي لايمكن ان تكون الحل البديل طالما استمرت نفس الوجوه تعمل في الساحة وعينها على الاستحواذ والمنافع الكتلوية النيابية أو الحزبية السياسية فقط وطالما ترسخ في العقل الجمعي العراقي من أن الطبقة السياسية الحالية تمثل التجسيد الفعلي لكل تناقضات المجتمع العراقي و عائقاً امام تحقيق الاهداف المطلوبة .
 في هذه البرهة التاريخية ينبغي من السياسيين توظيفها لتوطيد اللحمة الوطنية وتجاوز مظاهر التمييز الطائفي والاثني بين طبقات المجتمع العراقي الكريم الواحد الذي حاول ويحاول البعض من المتعطشين للدماء داخل العملية السياسية المتاجرة بها لقد اختلطت دمائهم في كل المعارك التاريخية والحرب على الارهاب الدخيل الذي اثبت انه ليسى لصالح احد ولايعرف الانسانية وسخرته واجهات داخلية بالتعاون مع جهات خارجية تحاولت الاتجار بسمه وعنوانه المشؤوم لصالح ماخططت له من اجل تمزيق المجتمع.  بمصداقية لكل ما تم التعبير عنه .
الكتل السياسية بكل اشكالها وايدلوجياتها  والمكونات المجتمعية في العراق اليوم مطلوب منها حماية هوية العراق التاريخي والحضاري و العرقي والديني والثقافي وعدم تمزيقة بالمحاصصة بل بالكفاءة لادارة امور البلد والذي يعتبر مصدر اثراء للاجيال القادمة، ورعاية حقوق الانسان، والعمل على ترسيخ هذه المبادئ، والقبول بالآخر، بل لتحقيق التعاون البناء على الخير والعدل . العمل من اجل دولة عراقية محايدة لا تدخل في الحروب تجنح للسلم الدائم وتكن جزء من حلول ، وتؤسس فيها المؤسسات الدستورية وبناء المجتمع المدني وسيادة القانون، وشعب يبتعد عن عبادة الأصنام او الفرد واحترام المقدسات الدينية التي من الله به علينا ومن اجل تجنب الكوارث الناجمة عن مركزية السلطة والحكم الشمولي الذي يتناقض مع قواعد الحكم الديمقراطي والتي يسعى بعض الجهلة الالتجاء اليها عن طريق الغوغاء ، ومن اجل عراق تنعم فيه كل القوميات واتباع الديانات بالحرية والاستقرار والأمن، ويعترف بالأخر ويحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها،واحترام مبادئ التداول السلمي للسلطة  بالشكل الصحيح و احترام دستور البلاد بعلاته ليكون بمثابة القانون الاساس أو القانون الأعلى في الدولة العراقية يخضع له الجميع ويحتكم اليه الحاكم والمحكوم دون استثناء .
 عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 

451
" الدگة " العشائرية في العراق ظاهرة غیر حضارية
لا يخفى على الجميع أن النظام العشائري في العراق يعد من الأنظمة الاجتماعية التي دأبت الجماعة البشرية مدى التاريخ  الى تطويرهوالتمسك بهِ جيلاً بعد جيل . والعشيرة تطلق على مجموعة  اجتماعية من الناس تلتزم بتقاليد معينة فیما بینها حتى وان لم يكونوامتعارفين من جهة النسب بل يكفي التفافهم حول عشيرة معينة ليحسبوا عليها، وهم يؤدّون الطاعة لرئيس واحد هو كبير العشيرة، وتأخذالعشيرة اسمها في الغالب من اسم جدها الأعلى الذي تنسب إليه . وفيها من التقاليد السليمة التي تحمي مجتمع تلك العشيرة .
 والاسلام نظر الى العشيرة بأهمية كبيرة في نشر الرسالة السماوية أو التبليغ بأي مشروع يخدم الإنسانية فهي تعطي قوة للفرد وهوبحاجة إليها ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى نبينا الكريم  (ص) أن ينذرعشيرته دون نظرة طائفية  ويعظهم وقال الطبري ما ملخصه: إنهلما نزل قوله تعالى: {" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ (214 الشعراء )،دعا الرسول الكريم (ص) الامام علياً (عليه السلام) ؛ فأمره أن يصنعطعاماً، ويدعو له بني عبد المطلب ليكلمهم، ويبلغهم ما أُمِر به . ثم دعاهم، وهم يومئذٍ أربعون رجلاً، يزيدون رجلاً، أو ينقصونه، فيهمأعمام النبي (صلى الله عليه وآله): أبو طالب، وحمزة والعباس، وأبو لهب؛ فأكلوا....الخ...
وهذا يكفي في أن الإسلام لا يراها ظاهرة سلبية منحرفة  واذا لم تضع العشيرة وضع التعصب لها فوق قواعد الحق واعتبارات الدين،بل هو في الوقت الذي يدعو إلى التكافل مع العشيرة يحث على أن لا يكون ذلك على حساب الدين. وتغدو العشيرة كضرورة اجتماعيةتتطلبها الظروف التي تحيط بالفرد وحاجته الماسة للرعاية والحماية، وخاصة في أوقات الأزمات وغياب الأمن وعدم وجود مؤسساترعوية رسمية لازالة العوائق من أمامها أو تخفيف وتحييد العناصر الضاغطة وصولا في النهاية إلى المجتمع السليم. ولكن ومع الاسففقد استغل البعض العشيرة في غياب الاستقرار الامني في العراق بعد عام 2003 بشكله الغير صحيح مما اسقط العشيرة من هيبتهاوالتي برزت خلالها مشاكل ادت الى خلق الفوضى في الشارع العراقي . من جملة هذه الظواهر الغير مقبولة في المجتمع هو بروزظاهرة «الدكة العشائرية». حيث لا تمر ليلة ولا تكاد تخلو محلة أو زقاق أو منطقة أو محافظة من هذه الظاهرة . حتى باتت تهدد السلمالمجتمعي وسط ضعف واضح في تطبيق القانون. وقد سبق لوزير الداخلية السابق قاسم الأعرجي ان اعلن من جانبه أن وزارتهستتعامل مع «الدكات العشائرية» بوصفها إرهاباً و أمرت وزارة الداخلية العراقية، الأربعاء، 28 شباط، 2018 منتسبيها بإقامة شكوىضد كل من يطالبهم بالقضايا العشائرية نتيجة قيامهم بواجباتهم الرسمية واعتباره عملاً إرهابياً  بعد ان استغلت بشكل سلبي لكسب المالبعد سقوط النظام البائد و الفراغ الامني واضعاف الادارات الامنية بعد سقوطها تحت سيطرتهم . كما اكد البيان فيه " ان كل من يكتبعلى جدران الدور السكنية والمحال التجارية مطلوب عشائرياً او اي اتهام او أطلق النار على الدور بحجة العرف العشائري سيحاسبمحاسبة الارهابي في بغداد وعموم المحافظات ويطبق عليه قانونه " ورغم المحاولات التي كانت الجهات الامنية قد بذلتها على هذاالطريق لكنها لم تشكل رادعاً في غياب التوصيف القانوني لها والتي تسيئ الى القيم العشائرية الكريمة بعد استغلالها من قبل بعضضعفاء النفوس تحت هذا المسمى الغير حضاري ويمس القيم والكرامة المجتمعية العراقية . هذه الظاهرة باتت تتكرر في مناطق مختلفةمن العراق تسبقها في العادة حضور مجموعة مسلحة من مختلف الاعمارلترمي وتطلق الرصاص بالقرب من  دار المطلوب لسببواخر و  التي هي عبارة عن إنذار بالذخيرة الحية لمواطن لديه نزاع مع مواطن آخر سرعان ما يتحول إلى قضية بين عشيرتين . ومنأجل توجيه إنذار صارم للشخص المعني بأن عليه تهيئة نفسه وزعماء عشيرته لـ«فصل عشائري» قد يبلغ أحياناً مئات الملايين منالدنانير وتأتي مجموعة ليلاً إلى منزله ويمطرونه في أماكن مختلفة من السياج بوابل من الرصاص ليخلق جواً مرعباً وهلعاً غير طبيعيلاهل البيت والمنطقة ومن هنا فقد أصدر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان  في الايام الماضية توجيهاً بأن التعاملمع«الدكة العشائرية»  سيكون وفق قانون الإرهاب.
هنا لابد لنا ونحن نناقش ظاهرة  من الظواهر السلبية و التي ابتليت بها العشائر العراقية في اكثر المحافظات وغلبت عليها الجهالةوأصبحت كالبقع السوداء في ثياب عشائرنا الناصعة البياض و في أهمية العشيرة كأساس في تركيبة المجتمع ودورها في التاريخ قديماًوحديثا للدفاع عن العرض والارض .
 فلو تأملنا في التاريخ لوجدنا أن تاريخ العشائر قديم جداً حتى أن تأسيسها سابق على ظهور الإسلام ونبوة نبينا محمد (ص). وقد وبخالرسول العظيم  المنذر بن الجارود العبدي، وقد خان في بعض ما ولاّه من أعماله، قال له موبخاً (لا تَدَعْ لهواك انقياداً، ولا تُبقيلآخرتِكَ عتاداً، تعمُرُ دُنياك بخرابِ آخرتِك، وتصلُ عشيرتك بقطيعة دينك ).
أن السيادة للقانون وللعشيرة جذوراً ومكانة لكنها لا تكون فوق القانون ولا يجوز تبني العنصرية أو الإرهاب او التكفير او التطهيرالطائفي وكذلك ضرورة احترام الالتزامات بتاريخ العراق والدفاع عنه وعدم جواز القيام بأي تصرف يخالفه واحترام حق كل فرد فيالخصوصية الشخصية وحرمة المساكن (فلا يجوز حرقها وهدمها من قبل العشائر او الكتابة عليها عبارة مطلوب عشائريا وغير ذلكمن الاساليب ) لان الملكية الخاصة مصونة وان للأموال حرمة و ليس للعشيرة حق في ممارسة اي شكل من اشكال العنف والتعسف معالأسرة والمجتمع وكفالتها لحماية البيئة والتنوع المجتمعي والحفاظ عليها .لقد كانت لعشائر العراق في مختلف الأزمنة ولا زالت دورمهم ، حيث حافظت على هوية الدولة ، وعليها اليوم مسؤولية كبيرة من اجل اعادة الاصول التي كانت ولازالت العشائر الاصيلة تحافظعليها  وحفظ سيادة القانون والاعراف الحقيقية التي تقف مسنودة بها و شكلت جامعا وحاضنا لإثنيات أخرى داخل الدولة لذلك اي قضيةعشائرية تتعلق بتهديد انسان او عائلة بالموت والكتابة على الجدران  يجب ان تتعامل معها العشيرة بحكمة وتقف بوجهها ومنعها لانهاتخل بالموازين المجتمعية السليمة وخلافاً للقانون الذي هو فوق الجميع واذا كان هناك جنحة او جناية فان القانون يطبق على من يقومبهذا الفعل بعيداً عن اي اعتبارات عشائرية و الحكومة  كمعاملة الإرهاب المجتمعي...
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

452
النظام السعودي – والكيان الاسرائيلي استنساخ وتطابق
الاعتداءات المستمرة على غزة واخراها ليلة الاربعاء الماضية  وفي الوقت الذي تصعد المملكة العربية السعودية من سعير الحرب الغاشمة على اليمن وبدعم من الولايات المتحدة الامريكية في تزويدها بالسلاح والمعدات و تصدير الأيديولوجية الوهابية المتطرفة إلى كافة أنحاء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والوهابية هي الأساس الأيديولوجي للتنظيمات الارهابية السلفية مثل القاعدة و داعش.و.تؤكد عن العلاقة التي تربط السعودية بالكيان الإسرائيلي  والتبادل في  ايصال المعلومات الاستخباراتية كما ان  كراهيتهما للجمهورية الاسلامية الايرانية وبسبب دعم محورالمقاومة هي التي تجمع هذين الخصمين سويًا. الاثنان ينظران إلى إيران ( باعتبارها خطرًا وجوديًا)، ويتخوَّفان من تزايد " نفوذها " في المنطقة.
الكل يعرف طبيعة النظام السعودي وفلسفة وجوده ، ولا حاجة الى شهادات من مسؤولين صهاينة او سعوديين او حتى شخصيات عالمية قريبة من النظامين السعودي والصهيوني، كي يعرفوا أن هناك علاقات قائمة بين هذين النظامين، فالسياسة السعودية ومنذ تأسيس المملكة السعودية في بدايات القرن الماضي تتحرك على ضوء قواعد ثابتة مرسومة للعائلة المالكة السعودية من قبل واشنطن . وللناشطة السياسية الأمريكية وأحد مؤسسي حركة “كود بينك” الداعية إلى السلام العالمي، “ميديا بنجامين”، مقال تبرز  فيه أوجه التشابه بين النظامين السعودي و الكيان الإسرائيلي.حول الاوضاع الداخلية لكلا النظامين . تقول فيه: الاثنان يقمعان المجموعات الأقلية في داخل حدود بلادهما ، الكيان إلاسرائيلي يقمع الفلسطينيين؛ فتبني المستعمرات على أراضيهم، وتُحيط قُراهم بجدران فصل عنصري وجنود مدججين بالسلاح. أمَّا السعودية فقد أسَّست نظامًا سياسيًا وقضائيًا يقمع كل من هو ليس مع النظام وخاصة منهم من غير مذهبهم ، وتشمل رجال السياسة المعارضين والنساء، والملايين من العمَّال المهاجرين. يتعامل النظامان بالطرق ذاتها: بالقوة المفرطة، والاعتقال التعسفي إلى أجلٍ غير مسمَّى، وإفلات المسؤولين من العقاب، والترهيب، والتعذيب.واخر عملية شنيعة  قتل جمال الخاشقجي في الملحقية السعودية في اسطنبول بدم بارد ومن ثم اذابة جسده لاخفاء الجريمة بعيداً عن العرف الانساني والدبلوماسي .
وكما تستمر  “ميديا بنجامين ” و تستشهد باللقاء الذي جمع الأمير تركي بن فيصل، الرئيس الأسبق للاستخبارات العامة السعودية وسفير السعودية في واشنطن سابقًا، والجنرال الإسرائيلي المتقاعد “يعقوب عميدرور”، الذي كان مستشارًا للأمن القومي لرئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” في 5 مايو (أيار) 2015. التقى الاثنان في واشنطن في مناسبةٍ استضافها مركز اللوبي الإسرائيلي في أمريكا (أيباك)؛ ليظهر مسؤولان سابقان رفيعان علنًا للمرة الأولى في حدثٍ نُقِل على الهواء مباشرةً.والعلاقات وتبادل الوفود باشكال مختلفة بين النظامين قائمة حتى سرت العدوى الى بلدان اخرى خليجية مثل الامارات العربية المتحدة التي استضافت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف، قد وصلت إلى الإمارات في زيارة هي الأولى من نوعها لوزير إسرائيلي إلى دولة خليجية واستقبلت بحفاوة كبيرة ومشاركة وفود رياضية مع رفع العلم الصهيوني في هذا البلد " العربي المسلم " وهي تعد من صقور حزب الليكود اليميني، وشغلت سابقا منصب الناطقة بلسان جيش الاحتلال، ووصفت في وقت سابق الأذان بأنه "نباح كلاب .
  ويمكن من خلال المقارنة  بين الحرب على اليمن والحرب على غزة ، ان يجد للمرء التشابه بين تدابير النظام  السعودي بتحمل تكاليف الحرب على غزة  و الكيان إ.لاسرائيلي بشأن أنواع العمليات العسكرية، وكذلك طريقة تركيزهما على الأهداف العسكرية.
ويمكن المقارنة بین حرب السعودية على اليمن و حرب اسرائيل على غزة من كون ان النظام السعودي في عدوانه على اليمن منذ حوالي اربع سنوات  اثبت أنه يتبع أنماط هجمات اسرائيل ضد غزة خلال العقد الماضي، وخاصة حرب 51 يوما في 2014 على قطاع غزة.
و النظامين ينتهجان نفس السلوكيات للمضي قدما في حروبهما بما فيها تشكيل تحالف دولي يستهدف محور المقاومة في المنطقة بقيادة إيران وكذلك استقطاب الدعم والتعاون من المنظمات الدولية والقوى العالمية كما يمكن أن نضيف إلى ذلك،رفض المعايير الدولية بجانب فرض الحصار الاقتصادي والحصار العسكري، واستخدام الإمبراطورية الإعلامية من أجل ممارسة الحرب النفسية والإعلامية .
ان إنشاء تحالفات للحرب من السلوكيات المشتركة بين الرياض وتل أبيب لتحقيق أهدافهما في حروبهما وبذل الجهود لكسب الدعم من الدول الحليفة ضمن تحالفات اقليمية أو دولية من أجل تجنب التحركات الفردية.
 الكيان الاسرائيلي والنظام السعودي يعتبران استهداف محور المقاومة بقيادة إيران من القواسم المشتركة بينهما ،وفي دعم المجموعات المتطرفة في سوريا، مثل جبهة النصرة التي تدين بالولاء لتنظيم القاعدة؛ فالاثنان يريدان إسقاط النظام في سورية  ويعتبرانه افضل من رغبتهما في هزيمة ارهاب داعش. دعم السعوديون جبهة النصرة؛ وعلاج الكيان الإسرائيلي مقاتلي الجبهة في مستشفياتها ليعيدهم إلى جبهة القتال ضد الجيش النظامي السوري من الامور التي لا تخفى على احد، في حين قتلت إسرائيل عدد من  المستشارين اللبنانيين والإيرانيين الذين ساعدوا الشعب السوري  في محاربة المجاميع الارهابية .
ويمكن النظر الى ان من خلال  حربيهما على غزة واليمن هي أن كلا منهما قاما بالتركيز على استهداف محور المقاومة في المنطقة ، وتحديدا إيران من خلال التعاون المشترك والمتبادل بينهما لتحقيق الهدف النهائي وهو إضعاف محورها كما تعتقد خطاءاً ، و لايخفى على أحد أن الكيان الإسرائيلي يرى أن في وجود إيران وحركات المقاومة، مثل حزب الله في لبنان وحماس في غزة، والشعب في اليمن  من اعظم التهديدات التي توجه لأمنها حيث تطلق عليهم " بالإرهابيين .كما تطرحان  ايران بأنها الداعم الرئيسي للمقاومة متناسين ان قوتها هي من قوة المنطقة ".
ان حسب الشواهد التاريخية تؤكد عدم تدخل طهران في شؤون الدول إلا عندما يُطلب منها ذلك رسمياً كما هو الحال في العراق وسوريا.
 .
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 
 

453
ترامب والخيارات الخاسرة
الغریب فی الامر ان امريكا مستمرة في غرورها وتعتقد انها قادرة على اخضاع من تشاء لاراداتها في الاصرار بفرض العقوبات على ايران مما جعلها تتخبط في اصدار قرارات هزيلة مؤخراً و مفاجأة بقائمة الكيانات التي أدرجتها ضمن العقوبات الأخيرة على طهران، حيث فرضت حظرا على بنك إيراني متوقف عن العمل منذ سنوات، وسفينة إيرانية غرقت قبل عام من بين الجهات التي فرضت عليها العقوبات ،والتي تدعي ان الهدف من فرض هذه العقوبات اجبار ايران بالعودة الى مفاوضات الغاية منها التوصل إلى اتفاق جديد، أفضل من السابق. والتي ترفضها طهران رفضاً قاطعاً وتتوقع أنها تكون أقل فاعلية من العقوبات التي كانت مفروضة سابقاً عليها. وفي جعبتها 40 عاماً من المقاومة ولا يرجح حدوث حرب لكن سياسات ترامب العدائية ستستمر الذي كان قد صرح" بان كل من يتعامل تجارياً مع ايران لن يتعامل تجارياً ما الولايات المتحدة "والمقصود هنا قرار الاتحاد الاوروبي بتفعيل اظلم يحمي الشركات الاوروربية من طائلة العقوبات الامريكية ،، ولاشك ان ايران بالمقابل على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الأمر وبذلت المساعي اللازمة من اجل افشال هذه المؤامرات واستطاعت في إحباط السياسات العدائية و أن الشعب الإيراني انتصر وتراجع ترامب في بعض مواقفه في الاونة الاخيرة في اعطاء امتيازات للتعامل مع طهران لبعض الدول بالفعل
وقد صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي إنه "لا توجد بالتأكيد طريقة للحوار والتفاعل مع أمريكا الحالية وسياساتها، وقد أظهرت الادارة الامريكية أنها غير جديرة بالثقة". وأضاف: "البعض في أمريكا قد يكون له بعض الآمال، لكن لا تتوفر حاليا الظروف للتفاوض، نظراً للظروف الموجودة، مثل انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي، والأعمال العدائية، والسعي لممارسة الضغط الاقتصادي على الشعب الإيراني وفرض العقوبات وكان وليام بيرنز، نائب وزير الخارجية الأمريكي السابق، قد صرح في وقت سابق من إن بلاده تبالغ في توقعات من أن العقوبات الاقتصادية التي تفرضها على إيران ستجبر الإيرانيين على الخضوع والقدوم إلى طاولة المفاوضات كما كان الحال قبل سنوات. وبالفعل لم ولن تخضع لاي عقوبات وبدأت واشنطن تعطي ترخيصات لدول عديدة بالاستمرار بالتعامل مع طهران ، وقد كشف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، عن أن 7 بنوك مركزية أوروبية، وافقت على إنشاء آلية مالية خاصة للتبادل التجاري مع طهران. ، في وقت لطالما فشلت كل مساعي واشنطن السياسية باقناع الدول في الاستجابة لمجمل العقوبات التي تفرضها على الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ اول وهلة وتعتبر هذه الدول القرارات غير مشروعة وليست لها مسوغات قانونية دولية .وقد حذرت العديد من الدول من مغبة استمرار هذه العقوبات . ولهذا تستمرفي التهديد باستخام القوة ضد الدول الضعيفة والفقيرة وتلوح لها بعصا العقوبات اذا رفضت هذه الدول الاستجابة لهذه القرارات .في حين ان هذه القرارات والعقوبات جعلت الداخل الايراني اكثر تماسكا واختار خيار المقاومة للنأي بالنفس عن التبعية لهذه الدولة الامبريالية التي تدعي انها القوة الكبرى ولا تضاهيها قوة في العالم وهي الاولى بأن تكون القوة الوحيدة في المنطقة ولا تقف امام قوتها اي قوة وتريد ان تبسط نفوذها على سيادة دولها .ان سياسة الحظر و الحصار التي تتبعها واشنطن امام كل من يقف امامه جعلته يفرض الحصار و الحظر على كثير من الدول الاخري منها روسيا والصين و كوريا الشمالية و تركيا لتجعل المجتمع الدولي يفكر فيه جدية هذه القرارات حيث ان اهواء رئيس البيت الابيض ستودي به الى نفق العزلة التي يفرضها على نفسه وحزبة الذي خسر في الانتخابات النصفية الاخيرة الاكثرية لصالح الحزب الديمقراطي في مجلس النواب  بسبب هذه المهاترات ، في حين تزداد قوه ايران وصلابتها امام الحظر لعقود بعد اكتفائها الذاتي التي جعلت منها اصعب من ان تكون لقمة سائعة عند الامريكان بعد الاعتماد على عقول رجالها لتخلق لنفسها موقعاً متمييزاً في العالم  . ومن هنا فقد شددت موغيريني مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي "على أن حق تحديد الأطراف التي تريد أوروبا التجارة معها يعود للأوروبيين أنفسهم، وأضافت: " سنبذل قصارى جهدنا لإبقاء إيران في الاتفاق النووي، كي يستفيد الشعب الإيراني اقتصاديا من هذا الاتفاق، لأننا نعتقد أن هذا يخدم المصالح الأمنية ليس لمنطقتنا فحسب، بل للعالم أجمع".ومن جانب اخرفأن تاريخ العقوبات الاقتصادية لا يشير أبداً إلى أن فرضها يمكن أن يسفر عن تغيير أي نظام ،للملاحظة نؤكد بأن خصوم من أمثال روسيا والصين تعتبرالعقوبات الأمريكية فرصة ذهبية ليس لتنشيط التعاملات الاستثمارية والصناعية والتجارية المختلفة مع إيران فحسب، ولكن أيضاً لاختراق العقوبات المفروضة أصلاً على موسكو، والمضايقات والرسوم الخانقة التي تعاني منها التجارة الصينية مع الولايات المتحدة. كذلك فإن اقتصادات آسيوية حيوية، في تركيا والهند على سبيل المثال، لن تتوانى عن انتهاز الفرصة إياها فتوطد صلاتها بالسوق الإيرانية، رغم أنّ حجم الخسائر التي سوف تنجم عن إجراءات واشنطن العقابية بسبب التعامل مع إيران لا يكافئ حجم ما سيجنيه البلدان من مكاسب ولكن للحد من سياسات واشنطن بقيادة الرئيس دونالد ترامب المتهور.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

454
دروس في الاخلاق  ( الارادة )
من الصفات المهمة  والحميدة للانسان لكي تتبلورعنده القيم الروحية المستقلة ، اذا ما اراد ان يعيش في وسط المجتمع لكي يخلق لنفسه الحياة الكريمة وفي تحقيق مستقبل سالم بعيداً عن الاتكال على الاخرين .والتي تعني في اللغة ، نزوع النفس و میلها الی الفعل بحیث یحملها علیه . و النزوع الاشتیاق . والمیل بمحبة وقصد. فعطف المیل علی النزوع للتفسیر. و فائدته الاشارة الی انها میل غیراختیاری . و لایشترط فی المیل ان یکون عقیب اعتقاد النفع کما ذهب الیه المعتزله . بل مجرّد ان یکون حاملا علی الفعل بحیث یستلزمه لانه محضض للوقوع فی وقت و لایحتاج الی محضض آخر. تعني الشعور الداخلي في قلب الإنسان حين يعزم على فعل شيء ما، هي أن تقف وجهاً لوجه في تحدي الظروف والواقع والضعف واليأس وطول الطريق. وأن تبدو أكثر إصراراً في التحدي والتقدم البنّاء.. فصاحب الإرادة يصنع من أضعف قدرة لدية أو مهارة قوة جبارة تمكنه من التواصل والوصول إلى غايته المنشودة بتحقيق العمل المثمر الذي يفيد مجتمعه.. فهو لا يستصغر أي فكرة أو وسيلة قد تساعده في تحقيق هدفه .. فالإرادة والعزيمة هما الأمل في الغد، والعمل في الحاضر، والتقدير لما كان في الماضي. أن الثقة بالله ثم بالنفس من المقومات الرئيسة لاستثمار الإنسان أفضل ما لديه من طاقات وإمكانات، فأنت عندك طاقة كامنة وإرادة وعزيمة تحتاج إلى من يحركها، واسمع إلى قوله تعالى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )، ولكن تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد والأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله، والنجاح لا يأتي هكذا لابد له من دفع الثمن بها عن طريق الطاقة الإيمانية، أولاً ثم النهوض.
فاشدد يديك بحبل الله معتصماً **** فإنه الركن إن خانتك أركان
وقد اعد عدد من العلماء من جامعة ستانفورد في الولايات المتحدة دراسة لتحديد كيفية تعزيز قوة الإرادة. لأنه حسب المعلومات المتوفرة يوجد في دماغ الإنسان منطقة صغيرة خاصة تسمى "قشرة الفص الجبهي - The prefrontal cortex". هذه المنطقة مسؤولة عن اتخاذ قرارات إرادية. عندما تكون هذه المنطقة في وضع سيء، يفقد الشخص السيطرة على سلوكه.
هناك من بين الأشخاص من يحققه ومنهم من لا يستطيع تحقيق الارادة ، كلٌ حسب القوة الداخلية التي يتمتع بها صاحب العزم، وتنبع من ذات الشخص ويحدد نتائجها قوة الإنسان الداخلية في إتيان هذا الأمر من عدمه، وهي عكس الغريزة، فالغريزة تلقائية تحتاج إلى إرادة وقوة لتنظيمها والسيطرة عليها وإلا أطلقت لعنانها وكانت عرضة للتوجيه الخاطئ، و العالم ديكارت فيعرفها "إنّ الحرية أساس الإرادة وحرية الإرادة تأتي من تجربتنا الشخصية لها". أن يكون الدافع الحارق الذي يحثه على تقوية عزيمته  وإرادته، فهو  الذي يتملك مفاتيح هذه الآلية ومقاليد القرار.
الارادة عند الاشاعرة الصفة المخصّصة لاحد طرفی المقدور و کونها نفس الترجیح لم یذهب الیه احد. و اجیب بانه تعریف لها باعتبارالتعلق . و لذا قیل انها علی الاول مع الفعل و علی الثانی قبله . او انه تعریف لارادة العبد. ، وقوة الإرادة هي وقود هذه الهمة العالية فبدون هذا الوقود – بعد توفيق الله عز وجل – لن يتم لهذه الهمة منالها ومبتغاها ، وتعني كذلك الهمة العالية وهو مطلب عظيم يتمناه أصحاب النفوس الكبيرة التي تتوق إلى المعالي ولعل خير شاهد على ذلك ماقرأتَ وما رأيتَ من همة العلماء وطلبة العلم وكيف أنهم استطاعوا بعد توفيق الله من تحقيق أعمال وكأنها أشبه بالخوارق لكن تلك الإرادة التي رُدفت بهمة عالية كانت طريقاً لذلك. وعرفت الارادة بانها " إحساس عظيم يشعر به القويّ تعبر أفعاله عنها، و رغبة ذاتية تختلف من إنسان إلى آخر، وقد عرفها العالم إنجلز "بأنّها قدرة الإنسان على اتخاذ قراره من تلقاء نفسه"، فهي ملكة الاختيار في فعل أمر أو الامتناع عنه، وعرفها آخرون من الفلاسفة على أنها شوق أكيد لتحقيق ما عزم الإنسان على فعله وعقد النفس على تحقيقه. وقد إستطاعت وبأرادة
دول العالم الأول أن ترتقي بنفسها الى الامام ، في حين لم ترد ذلك دول أخرى لذلك هي ما عليه اليوم هي الشيئ المفصلي في تقدم الشعوب ، ولكنها هي في غياهب العالم الثالث الذي لم يكسب أي مكسب منذ ما يقارب القرن سوى أنه عالم من دون أي إرادة و إرادته هي في رفع الشعارات و حمل اللافتات و الصراخ و العويل و البكاء والنحيب على اطلال مضت وسط الركام بدل الاستفادة من تلك الحقب لبناء المستقبل ولم تقدم البديل عنها .
علينا ان نعلم بأنه لايمكن التفريط بها ( اي الارادة ) لانه  قد يصبح فيما بعد مستحيل الإستمرار في أي شيئ و حيث تغيب الخطوات يغيب معها المستقبل و حيث يغيب المستقبل فأنت تعيش في دولة منسية من دول التيه حيث كل شيئ متوقف و ساكن و صامت و بين صمت المقبرة و صمت وطن التيه في العالم الأخير حيث الجميع يريد الرحيل من هنا فحسب، هنا ليست الإرادة لوحدها غائبة بل لا وجود لمعناها أي وجود في قاموس العالم الأخير.
اقوال في الارادة:
تتحارب العقول أيا كان مستواها ولا تجد راحتها واستقرارها إلا في التحدي. إميل سيوران
إن السبب وراء فشل الكثيرين ليس هو غياب الرؤيا بل غياب العزيمة، والعزيمة تولد عندما يكون هناك حساب للنفقة. ريك بنر
لا تعترف بالفشل ما لم تكن قد جربت آخر محاولة ولا تتوقف عن آخر محاولة ما لم يتم النجاح.  بنيامين ديزريل
ما يدركه العقل ونؤمن به يستطيع الإنسان أن يحققه فى حياته. سيمنت ستون
لا أحب ثلاث كلمات هى: لا أعرف – لا أستطيع – مستحيل. نابليون
إذا كانت جبال الألب الشاهقه تمنعني من التقدم فيجب أن تزول من علي الأرض. نابليون
ما من تجربة حلت بى إلا وأنطقتنى شعراً. الشاعر جوته
أتقدم ببطء، لكنني لا أرجع للخلف إطلاقاً. إبراهام لينكون
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

455
الوزارة العراقية ...التسميات وصراعات الكتل السياسية
مما لا شك فيه أن الشعب العراقي قلق مما يجري خلف الكواليس  وغاضبون جداً خوفا من ان تبقى تلك الممارسة على حالها من جديد و قيادة البلد بنفس الاسلوب ولان  الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق بعد 2003 والتي اعتمدت على المحاصصة لم تملك برنامجا معدا يتيح الفرصة لقيام عراق ديمقراطي وحضاري يتمتع فيه كل المكونات بالعيش الآمن والرغيد مع وجود انواع الخيرات والطاقات تحت الارض وفوق الارض، حيث تبين للعراقيين والعالم ان هم اكثر المتصدينفي هذه  الحكومات هو التسابق للثراء بطرق غير مشروعة ووفقة صفقات بين الاطراف الكبيرة ، وشراء البعض من المسؤولين المتنفذين في الحكومة لعقارات في دول مجاورة واجنبية وبارقام فلكية، ناهيك عما نسمعه من سرقات للمال العام داخل الوطن لتهرب تلك الاموال الى الخارج.
الجماهيرغير راضية عما آلت إليه الاوضاع في البلد بعد الانتخابات ومن فراغ حكومي وعدم الاتفاق على الكابينة الحكومية لحد الان بسبب الخلافات حول الشخوص ووصل حراك الاحزاب والكتل الى لي الاذرع والكيل بمكيالين وتحت مسميات كاذبة ( المستقل والتكنوقراط ) التي من المحال نجاح مثل هؤلاء الاشخاص في ادارة العمل بوجود سيطرة الاحزاب والكتل  وسطوتهم على مفاصل الدولة اذا لم يكن بشكل واخر منتمي لاحدى هذه التشكيلات السياسية او حافظ على مصالحهم واراداتهم  . الانحدار لازال قائماً نحو الاسوأ، والواقع المرير الذي يعيشه ويعانيه الشعب  والقيادات في واد اخر يتصارعون حول المكاسب والمناصب  وتعذر حصول الانفراج الحقيقي لا الكاذب والحلول الترقيعية ، وقساوة المعيشة مع شد الاعصاب رغم كل التضحيات الكبيرة التي قدمتها الجماهير في الدفاع عن الوطن وقدمت الارواح والاموال وتسابقت بالتواجد في الجبهات في ظل ارتفاع عائدات النفط لزيادة الإنتاج الى  قرابة اربعة ملايين برميل وارتفاع أسعاره عالمياً الى مايقارب بين 75-80 دولار للبرميل الواحد، لكن ذلك لا يكفي لإنجاز الكثير من المشاريع  بعد 40 سنة من الإهمال لسوء الادارة وعدم وجود تخطيط مسبق . و يدخل اكثر من 500الف شاب إلى سوق العمل في كل عام وهم في ازدياد و لا يتوفر سوى للعدد القليل من الوظائف لهم بسبب المحسوبية والمنسوبية والمحاصصة . ويعمل نحو 4.5 ملايين شخص في الدوائر  والمؤسسات الحكومية وتعيش هذه المؤسسات حالة من الترهل دون ايجاد حلول من اجل الاستفادة الصحيحة من هذه الشريحة وفق تخطيط استراتيجي  ، وهناك مايزيد عن  8 ملايين يعملون في القطاعات الخاصة .وبعد عودة الامن و تحسين الحالة الاقتصادية النسبية  بدأ تركيز العراقيين  التوجه الى الأمور الأخرى في الحياة في ظل عدم تغيير المظهر العام كثيرا في بغداد منذ عام 1990 قبل أن تتدهور الأوضاع، وتم تركيز الموارد على الرشوة والفساد أو سرقة الاموال من قبل المسؤولين عن طريق مشاريع إعادة الإعمار. ونتيجة لذلك، فإن البنية التحتية التي خصصت لنحو مليوني شخص زادت أربعة أضعاف القيمة الحقيقية و هناك اعداد قليلة من المباني الجديدة التي بدأت ترتفع في الأفق، لكن المطاعم ومحلات الملابس ومراكز التسوق الجديدة ( المولات ) أصبحت نشطة وتفتح أبوابها في كل وقت . في ضوء معانات العاصمة بغداد من الاهمال وتعيش في أسوأ حالات  الاختناقات المرورية في العالم لعدم وجود توسع في البنية التحتية واختناق الشارع بانواع مختلفة من العجلات الحديثة والقديمة .التي فاقت استيعاب طرقه ومقترباته وعجز امانة العاصمة من ايجاد حتى ساحات جديدة او اصلاح القديمة منها بسبب الفساد المستشري في دوائرها و غياب الكفاءة ،اما مجاري المياه العامة  فتعود انشاءها لسنوات ما قبل عام  1970 ولم يحدث اي جدىد فيها وتختنق مجرد ما يحصل سقوط اي نسبة من امطار بسيطة للارتفاع في نسبة السكان حيث تبلغ اعداد سكان العاصمة بين 7-8 ملايين نسمة اليوم ويعيش نسبة 20 % منهم في العشوائيات وهم في ازدياد مستمر اي ضعف ما كان علية قبل استلام نظام البعث السلطة عام 1979 . "اما التعليم في الوقت الحالي  في اسوأ حاله وفي نفس الوقت  إزدادت نسبة المشاركات في التعليم من الإناث من 35% لتكون مايقرب 44% من المجموع الإجمالي للطلاب ، و إزدادت نسبة المعلمين للمدارس الإبتدائية بمايقارب الـ 40% و في المرحلة الثانوية من التعليم العراقي ، إزدادت نسبة الطالبات بمايقارب 55% وفي المقابل نفسه إزدادت نسبة الطلاب (ذكوراً أو إناثا) بشكل عمومي في هذه المرحلة إلى مايقارب الـ 46% . في العاصمة العراقية بغداد حيث كانت تحوي مايقارب الـ 29% من مجمل سكان العراق ، وإحتفظت بمايقارب من الـ 26% من مجمل المدارس الإبتدائية في أنحاء العراق ، بالإضافة إلى 27% من المدارس الإبتدائية المخصصة للبنات ، وبمامجمله الـ 32% من طلاب الثانوية مقارنة بإجمالي طلاب الثانوية في البلاد.لهذا فان التدمير الحاصل في  قطاع التربية الذي يعتبر مخرجاته اساسا في مدخلات التعليم العالي  سوف يواجه تحديًا كبيرًا للعودة إلى الظروف الطبيعية في المرحلة القادمة لعدة سنوات ، وبالتالي يحتاج الى إعادة البناء التدريجي وتجديد نظام التعليم بكامله على المستوى الوطني. وتعزيز ودعم وسائل الإيضاح والمختبرات داخل المؤسسات التربوية والاهتمام بتحسين خدمات الانترنت والحاسوب في المدارس وتوفير الكتب المنهجية والدراسية لقطاع التعليم  وتخفيف الكاهل المادي عن الطلبة عبر عدم تكليفهم بنسخ المحاضرات والكتب المنهجية واحداث ثورة تعلمية  مخطط لها ولمدة عشرة سنوات لاعادة ترتيب التعليم  في العراق" .. والمهم في هذا الصدد ان تكون للأحزاب برامج حقيقية تنموية وسياسية يسعى اي حزب لتحقيقها عبر من يصل من المسؤولين الى السلطة والاشراف على التنفيذ والمراقبة . المطلوب بين الاحزاب ان تجعل من الوطن هدفاً للارتقاء به، ومن الأمة مجالاً للخدمة المتميزة والتي تتجلى في دور الاحزاب في التنمية السياسية المستدامة .ان الحل الوحيد لإستقرار العراق  السياسي والمنطقة هو بتراجع الاحزاب والكتل عن قيادة المؤسسات والبقاء ضمن اطار متابعة عمل الدوائر والمؤسسات الحكومية من خلال مجلس النواب وعن طريق مجلس الوزراء على ان يكون رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول الاول والاخير دون تدخل الجهات التشريعية إلا في وضع القوانين اللازمة ومراقبة التنفيذ اول باول ، حاجة العراق اليوم الى اجراء إصلاحات كبرى في مختلف المجالات لإعمار البلد وتحسين حياة أبنائه، لكن نجاح الإصلاح يعتمد على النظام السياسي لكونه يشكل حالياً العقبة الكبرى أمام انجاحه، بسبب ضعف الحكومة وتأثير قادة الكتل على عملها وعلى أداء مجلس النواب ومن الضرورة اعادة هيبة الدول لمعالجة المشاكل الانية والمستقبلية وترسيم استراتيجيات للسنوات القادمة عبرالخطط  السنوية والبعيدة المدى الخمسية والعشرية وما فوق .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

456
المنبر الحر / دروس في الاخلاق
« في: 17:44 03/11/2018  »
دروس في الاخلاق

الرفق يعني اللين وحسن الصنيعة  ويعد من الصفات العظيمة الراقية في الاسلام و جامِعة لمكارِم الأخلاقِ ، هي صِفةٌ طالما تحدَّث الناس عنها ولكن غابت عن تعاملاتهم فيما بين وهي صفة ضابطة لحسن سّلوكهم لو تم الالتزام بها . وقد استحسنتها نفوسهم، وامتدحوها في منتدياتهم، ولكنّها السلوكُ الغائب في الكثير من المجتمعات اليوم ، والخلُق المفقود لدى الكثير من الناس، بل إنها غائبةٌ عند بعض الناس حتى في أنفسهم، ناهيكم بمن حولهم من الأهل والأقربين.
والرفق من أفضل الطرق وأسهلها للوصول الى الأهداف الكبيرة في الحياة. وهو أحسن وسيلة لتحقيق النتائج الجيدة والحسنة في التعامل مع الآخرين، حتى في عقد الصفقات التجارية والمعاملات. فيستطيع الإنسان بطلاقة الوجه وعذوبة الحديث وحسن الخلق والإبتسامة أن يجذب قلوب الآخرين ويترك انطباعاً جيدا لديهم ويكسب مودتهم. والإنسان قد يستطيع بالعنت والقوة ان يصل الى غايته ولكن ذلك لايدوم. ”ان الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه ، كما قال الرسول الكريم  ”لو كان الرفق خلقاً يُرى ما كان مما خلق الله شيء أحسن منه”. فقد قال سبحانه و تعالى في كتابه : \”ادفَعْ بالَّتي هِي أحسَنُ فإذا الذِي بَينَكَ وَبينَهُ عَداوةٌ كأنَّهُ وَليٌ حَمِيمٌ” فصلت 34 ، ويثبت القران الكريم ايضاً في اية اخرى")فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ( ال عمران الاية 159 ) اذاً ان الرفق من الصفات المحمودة وان الله سبحانه وتعالى يامر بالتحلى به حتى انه أمر موسى عليه السلام بان يتحلى بالرفق واللين في حديثه مع فرعون على الرغم من كفر فرعون وبطشه في الأرض وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى } سورة طه: 43، 44.
كما نود الاضافة في الذكر بأن الغلظة والعنف في التعامل يولدان في الطرف الآخر الشعور بالحقد والبغضاء. فاذا كان قلب الشخص الآخر مفعماً بالحنق على المرء والبغضاء له ، فان هذا الاخير ليسعه ان يكسب وده ويقنعه بوجهة نظره وأدائه. ولعل من سائل يسأل، إن كثيرًا من الرجال متزوجون ولا يرفقون بزوجاتهم ويعاملونهم بالقسوة، ويصل بهم الأمر إلى الفراق ، هنا يجب ان نصلح انفسنا قبل كل شيئ  ونتعامل على الطريق المستقيم، والتساهل والتهاون مشكلة، والتشديد مشكلة، الإنسان يكون وسطا بين أهله، يأمر بالخير، ويحذر عن الشر، ويصبر ويتحمل، أما الذين دائما في لجاج وخصام وعناد وأذى وبذاءة لسان ما يخلق الحدة من الجانب الاخر ، ولا بد من صبر، وليس من امرأة إلا وتخطئ لا بل ليس من انسان إلإ ويخطئ، لا بد أن يكون في التعامل من نقص، فالكمال لله سبحانه وتعالى  فكونك تريد من امرأتك الكمال هذا أمر صعب، ولو فتشت في نفسك لرأيت عيوبًا، وعامل المرأة بالخير وارفق بها، واصبر عليها، وأدبها بالأدب الشرعي، برفق ولين وعلى النساء التعلم  من خطى فاطمة الزهراء عليها السلام سيدة نساء العالمين بنت الرسول الكريم ومن السيدة خديجة الكبرى رضوان الله تعالى زوجة الرسول واتخاذهما كقدوة في المؤازرة والدعم للزوج، ومنهجا وطريقا واضحا لطريقة التعامل مع الحياة الزوجية وحسن التبعل ، وتضع هاتين القدوتين نصب عينها في كيفية التعامل والتفاهم، لتعيش حياة هادئة سعيدة، فيكون زوجها عنها راضيا، هذا من جهة ولتنالي رضا الله عزوجل فتحتسب كمن جاهد في سبيله من جهة اخرى.
نحن لسنا مطالبين بإهانة الناس بل بالرفق والين ، كل منا  يفتَح مغاليق قلبه  للاخر ، ويرسم التربية ويكون التعليم، لا بالعنف والتعسير والشدة والمؤاخذة، ولكن بالتيسير والتبشير؛ وهذا هو هدي نبينا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ، قَال سلام الله عليةَ كما جاء في صحيح مسلم : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرفق الناس وألينهم: إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: " بَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا، وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا "..الرفق له الكثير من الانواع ومنها الرفق مع النفس والرفق مع الاهل والأقارب والرفق مع الأصدقاء والرفق حتى مع الاعداء او الخصوم. وقد امر الله سبحانه وتعالى عباده بان يتحلوا بخلق الرفق لأن الله يبارك في سلوك الرفق وينهي عن الشدة والغلظة التى تؤدي الى انتشار التوتر والكراهية وقد اشار الرسول صلى الله عليه واله وسلم في الحديث الشريف قال رسول الله: “من يحرم الرفق يحرم الخير كله”. وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في حديثه عن الرفق  : “إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه.
ولاشك فأن للرفق في المجتمع وللانسان  فوائد من اهمها ...ينتج من الرفق حسن الخلق وينال الانسان الخير، دليل كمال الإيمان ،يثمر محبة الله ومحبة النَّاس، ينمِّي روح المحبة والتعاون بين النَّاس،ما يدل على صلاح العبد وحسن خلقه ،ينشأ المجتمع سالـمًا من الغل والعنف ويعني عنوان للسعادة ويزين الاشياء. لعلنا نتخلق به ولعلنا نتخلى عن خلق العنف والقسوة والغلظة؛ فإن مشاكل المجتمع ما تفاقمت وتكاثرت إلاّ بسبب انتشار العنف والقسوة، وغياب خلق الرفق واللين. فأصبح الكل يشتكي من العنف المنتشر في كل ميدان؛ الأستاذ يشتكي، والأبناء يشتكون، والآباء يشتكون، والأزواج يشتكون، والجار يشتكي، والتجار يشتكون، والعمال يشتكون... فأين الرفق؟ وأين اللين؟ وأين الصبر؟ وأين الحكمة في معالجة الأمور؟..
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

457
وقف الحرب في اليمن ام انقاذ االعدوان من مخمصته
في الوقت الذي يتابع العالم اجمع منذ اكثر من شهر الضجة الكبرى التى اثارها الاختفاء الرهيب  للصحافي السعودي جمال خاشقجي بعد دخوله قنصلية بلاده باسطنبول فى الثاني من شهر اكتوبر الماضي ، وقد اصبحت مسالته قضية راي عام عالمي وتقاطعت مصالح العديد من الدول حول الموقف منها وقد برز بشكل واضح الابتزاز الكبير الذي يمارسه البيت الابيض اليوم في اجرامه بزعامة رئيسه دونالد ترامب والمواقف المتناقضة التي يطلقها في كل يوم  و المبنية على المصالح لا المبادئ والقيم  الانسانية والدولية والحقوق الدستورية ، وفي تطور نوعي مفاجئ في الموقف الأمريكي من حرب اليمن، حيث حثت الولايات المتحدة بضرورة وقف القتال بسرعة على ارضها ، وبدء المفاوضات بين اطرافها في الشهر المقبل لانهاء الصراع المستمر منذ سنوات ولم يكن احد ينتظر ويثق بترامب وادارته انصافا ولا عدلا من خلال الجرائم الكثيرة التي جنتها الولايات المتحدة طوال التاريخ بحق الشعوب  وتستمر في دعم العدوان على اليمن حالياً ، ان الدعوة جاءت من واشنطن الداعم العسكري الغربي الرئيسي للتحالف الذي تقوده  الرياض لذا فهي جزء من المشاركين في الاعتداء على هذا البلد اي لا يحمل الطلب اي حيادية انما لحفظ ماء وجه المعتدين الذين فشلوا في الوصول لتحقيق اهدافهم العدوانية والضغوط في الكونغرس من أجل النأي بالنفس في تقديم العون للسعودية  بسب تدخلها وفي عدوانها على اليمن  وكما يعتبره اخرون انما هي ورقة للاستفادة منها في كسب الاصوات لانتخابات التجديد النصفي القادم  حيث يشهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول اختبار حقيقي على رئاسته مع إجراء هذه الانتخابات  فى الولايات المتحدة. ورغم أن هذه الانتخابات لا تحظى عادة بنفس القدر من الاهتمام الدولي الذى يحظى به السباق الرئاسىي لصالح الحزب الجمهوري القادم ولم يكن في الماضي لانتخابات التجديد النصفي على هذا القدر الكبير من الترقب والانتظار لما ستسفر عنه من نتائج، ولكن الاهمية تأتي لأن العامين الماضيين شهدا فى ظل حكم ترامب الكثير من العواصف والجدل والأزمات. وبذلك تصبح الانتخابات المقبلة أشبه باستفتاء على ترامب الذي تحوم شعبيته حول 40%، وهى نسبة ضئيلة لرئيس لم يكمل عامه الثاني بعد فى الحكم ، والعودة لحرب اليمن تقول الأمم المتحدة من خلال تقاريرها إن ثلثي سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة يواجهون نقصاً في الغذاء والمياه النظيفة، جراء هذه الحرب الهدامة ، مضيفة أن 8 ملايين شخص على حافة المجاعة وهم في ازدياد مستمر ووباء الكوليرا منتشر على نحو كبير في البلاد وقد أدى العدوان عليه إلى مقتل الالاف من ابناء شعبه ولكن المجاعة في البلاد ستكون القاتل الأكبر.
ان وقف العدوان او ادامته هو بيد ابناءه وان الامر يتعلق بهم متى ما تحققت مطالبهم في العيش الكريم اولا واخراً وفي مفاوضات محايدة تقودها الامم المتحدة بشكل تام لان فيها مصير شعب و وطن ولا يفرط  به ليسلمه  لعصابات مأجورة ، في صنعاء وعصابات في عدن ولزرعهم في اماكن اخرى من المدن اليمنية وهذا الأمر لن يقبل به لا الشعب اليمني ولا الشرعية اليمنية. فإن الحرب التي يقودها الثنائي السعودي الاماراتي، بدعم عسكري من الغرب تثير ردود افعال ساخطة ولا تحظى بتأييد الراي العام في العالم .
 ولكن على الرئيس الامريكي على الاقل ان لا يجاهر بمواقفه ويبتز حلفاءه واصدقاءه ويهينهم على مرأى ومسمع من العالم اجمع كما فعل ويفعل في قضية الخاشقجي والتي اضعفت حكام السعودية ومرغت انوفهم ليجبرهم على دفع المليارات من الدولارات ، في ارسال وزير خارجيته  الى العاصمتين المعنيتين بالقضية  يعني الرياض وانقرة  اذ  زار السيد بمبيو  اولا الرياض والتقى العاهل السعودي وولي عهده واخرين ثم سافر الى تركيا و التقى القيادة التركية ليناقش مع الجانبين ملابسات القضية  التي اصبحت مكشوفة بعد اعتراف المملكة في كون الجريمة تم الاقدام عليها في القنصلية وبناءاً على دلائل دامغة وسط توقعات الكثيرين ان يكون الرجل حاملا معه سيناريو معد مسبقا لانقاذ ولي العهد السعودي المتهم الرئيسي في مجمل هذه القضايا الاجرامية على ان تقبل به تركيا مقابل حوافز وامتيازات تتحقق لها والمستفيد الاول من المسألة برمتها هى الادارة الامريكية وتنفيذ اجندتها الخاصة  .
والاستفادة من هذه الحادثة لتحقيق بعض ما يحلم به الرئيس ترامب في الاستمرار بابتزاز الرياض لاجل سرقة مخزون السعودية المالي وتستغله  في ضرب اعداء امريكا و  لتوفير الغطاء على ما يفعله الكيان الصهيوني بحق شعب فلسطين ، وهم في حراك مع الصهاينه وفتحوا لهم المجال ليتطاولوا اليوم على الأمة العربية الإسلامية ، وتكون لهم ألسن تنطق وأقلام تكتب ، ولولا هذين النظامين ومن معهم من شرذمة ، لماتجرأ الكيان الصهيوني على أن يعمل شئ بحق فلسطين وبحق الأمة الإسلامية أجمع .. هكذا هي فطرة السياسات الامبرالية الامريكية القائمة على مبدٲ “الراسمالية” فهي تختص لها حلفاء لتستخدمهم كمعاول ومواد لاعمار مشاريعها الاستثماريه والاستعمارية سواءا في آتون صراعات اوحروب اقليمية مدمرة فاهم مافي الامر هو ان تجني امريكا الثمار التي تخدم مصالحها وتوسع نطاق سيطرتها العالمية وتقوي عصب اقتصادها من خلال تلك الحروب التدميرية الهوجاء ولو كان هذا على حساب دمار حلفاءها وهلاكهم.ان كل هذا الظلم الذي يواجهه الشعب اليمني على اكثر من صعيد ومن اكثر من جهة، الا ان هذا الشعب الابي لا يحتاح الى من يبكي على اطفاله، فهو يعرف جيدا كيف ينتقم من الذين سرقوا الحياة منهم، فهذا الشعب يشهد له العدو قبل الصديق، بقوة بأس رجاله ، فلم يكن يصيب كل من تجرأ للاعتداء على هذا الشعب الا الهزيمة، وتاريخه البعيد والقريب يشهد على ذلك .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

458
المنبر الحر / متى ينهض الضمير
« في: 20:36 31/10/2018  »
متى ينهض الضمير
القادة السياسيون العراقييون الحاكمون الجدد قد فشلوا في حل خلافاتهم وهم في بداية طريق عملهم في اختيار الاصلح وما ينعكس فيه من تجاذبات وصراعات مسلفنة وتغيّرات ثقافيّة اجتماعية مفبركة وإيديولوجيّة وسياسيّة غير واقعية ، يجب الاعتراف المسبق بها لان العديد من شخوص العملية السياسية في العراق قد جاؤا مكللين بغار النصر بعد ان حصلوا على السلطة بطرق ملتوية وبدأت تنكشف الكثير من الخيوط السوداء عنهم عن طريق نشر ملفات التعامل مثل ( تسجيل صوتي بين وضاح الصديد وشذى العبوسي يكشف التزوير في الانتخابات العراقية  ) نموذج ودون ان يلمس الشعب العراقي المظلوم أي شئ بل يلمس مقدمات  للضياع وفناء للوطن والشعب ولم يبقى لديه من امل.وكأن قد حكم عليه ليبقى في هذا الوضع من عدم الاستنهاض نحو الافضل .
وحقيقة النجاح يحصل بعد ابتعاد أصحاب القرار من الساسة عن المجاملة والتغطية عن الفاسدين وفي الكشف عن تلك المفاسد والضرب على ايديهم دون وجل وخوف بتطبيق القانون تطبيقاً سليماً بحقهم واخراج الفاشلين من مفاصل الدولة ونستطيع حينها أن نستبشر بخير، لكن هذا لا يحدث إلا عندما يكون هناك قادة وساسة لم تتلوث جيوبهم وأيديهم بالفساد المالي ولم يسقطوا في براثن الجريمة ومستنقعها .
كنا نعتقد ان اختيار الوزارء في الحكومة الجديدة  ستكون بدقة بعد الفشل الذي لحق بالحكومات السابقة والتي شابتها الكثير من الابهامات وتهم الفساد  وسوف يسفيد رئيس الحكومة الجديدة من فشل تلك المرحلة ليبني على نجاح المرحلة القادمة ، ولكن وقع مع الاسف في شباك الاسس السابقة عند اختيار الوزراء " المستقلين "من كبار البعثيين يعرف معظم العراقيين تاريخهم الإجرامي وشمولهم بقوانين الاجتثاث والبعض الاخر من الطائفيين والقتلة ايام الحملة المقيتة لهم في ذبح المواطنن الابرياء ،
لست محبطا كما توحى هذه المقدمة ولكن غاضبا واعرف قوة شعبي اذا انتفض ويفهم المسؤولية وقيمة الارض التي يعيش عليها ، لكني حزين ومهموم على من تنكر واغتصب، حزنى مصدره الراهن السياسى الذى يعكس استمرار القادة وفساد السادة وعجزالساسة قليلي النفع ، كثيرة الضرر. من النزول الى مستوى الشارع واعطائه الحق وان المشكلة الرئيسية والاساسية هي الذين يحكمون البلد ليس باستطاعتهم التغلب على نزواتهم الشخصية ومصالحهم ومناصبهم ومغرياتها وحل الخلافات ولم الشمل والاستفادة من الشخصيات الوطنية الحقيقية لتكوين ادارة حكم مستندة على المعايير الوطنية والتي تضمن التمثيل الواقعي الذي سيضمن التخلص من المشاكل في البلد وليشهد بآثارهم التي حفروها في ذاكرة الوطن بترابه ونخيله وبحره وهوائه وشخوصه وتاريخه التليد والطارف.
 في عكس ذلك في حالة عدم الوصول الى الاستقرار السياسي والامني في البلد " ويظهر انه المخطط له على مدى المستقبل القادمة ويراد له ان يعيش "  فان الامور ستكون اكثر صعوبة وستتصاعد حدة المنافسة على السلطة ويزيد من حدة التوتر الطائفي و يعمق من ازمة الثقة . ويوصل البلاد إلى ركام من المآسي وبنى تحتية مهدمة وأموال مهدورة بسبب الفاسدين كل ذلك يحتاج إلى وقفة حقيقية من قبل جميع قادة وزعماء القوى السياسية الصادقين للاصطفاف مع الحق بالتركيز  على الهدف الأشمل
.. وثقافة تعني الانسانية كلها واختلاف التوجهات " أثنية أو دينية أو حتى المذهبية " وفي طمس بذور الفتن والمحن وفي خلق تعاطفاً مغذيا للخير وتغيير النهج القيادي المتداول الذي لازال يعتمد على المحاصصة بلباس جديد في الوقت الحالي وهو راس البلاء وقضايا الإنسان عامّة، بغية العمل على تحريره من كلّ أشكال القهر والاعتساف والاستلاب والظلم، وتحديد الشروط الكفيلة بتأسيس مجتمع منشود ينهض على الحريّة والعدالة والمساواة
وثقافة تعني الانسانية كلها واختلاف التوجهات " أثنية أو دينية أو حتى المذهبية " وفي طمس بذور الفتن والمحن وفي خلق تعاطفاً مغذيا للخير وتغيير النهج القيادي المتداول الذي لازال يعتمد على المحاصصة بلباس جديد في الوقت الحالي وهو راس البلاء وقضايا الإنسان عامّة، بغية العمل على تحريره من كلّ أشكال القهر والاعتساف والاستلاب والظلم، وتحديد الشروط الكفيلة بتأسيس مجتمع منشود ينهض على الحريّة والعدالة والمساواة لإعادة النظر في كل ما تقدم من خلال الإصلاح ودراسة أسباب التردي السياسي والحكومي والنيابي و محاربة التطرف لتجنيب البلد ويلات الصراعات ومحاسبتهم على افعالهم وتعميق التشرذم ،ياحسرتاه متى ينهض ضمير هؤلاء ، وبكائي على حالهم، ووضاعتهم ومهنيتهم المسروقة، وتفريطهم بمسؤوليتهم، ومهانتهم وجدارتهم في تفنن الانحناء للمكاسب التي تجرى من وراء كواليس الحزب و الدين والمذاهب والقوميات،.
 والانكى من ذلك ابعاد من هم  أولى منهم بالأخلاق، وأجدر منهم بالمسؤولية والأمانة، وأحق منهم بالمسؤولية ،و أصدق وأطهر، وأنبل وأشرف، و أخلص وأنقى، وفي تعاملهم أفضل وأحسن ومحبتهم اتقى واسلم و اروع وفي حبهم اقدس . وفي اخلاصهم اسمى ومن حقهم ان تكشف الحقائق في كيفيت اختيار مثل هؤلاء لادارة البلد خارج نطاق الحسابات الجارية في العملية السياسية، ولنأخذ القضية من بعدها السياسي، فهل هذا التصرف سوف يأتي بخير للبلد وشعبه وتوجيه اتهاماتٍ صريحةٍ لهم بالفساد والانحراف، وبممارسة الابتزاز، وشراء المناصب أو بسوء استخدام السلطات أو التقصير في أداء المهام من اطراف اخرى، أو تلقي رشاوي أو هدايا، أو إخفاء حقائق وطمس دلائل، أو الكذب تحت القسم أو الشهادة المضللة. يجب فهم التقارب إلى المسؤولية الوطنية التاريخية بحس عالٍ وعميق وبحكم قانون الحياة والقدرة على تحمّل المسؤولية بطاقة وحيوية لأن بناء الوطن وحمايته مسؤولية الجميع وإن خيراته لجميع الناس بكافة مكوناتهم وأطيافهم ومذاهبهم .
 ينبغي أن يتحمّلها المسؤول بحس وشعور عميقين وشجاعة عالية ونزيهة مشبعة بقانون أخلاقي وسياسي في القول والعمل بين جماهير شعبه ليكون شمعة مضاءة يهتدي بها الآخرون من بني شعبه وأن يكون متسلحاً بقانون أخلاقي مبني على الحياة السعيدة والسليمة وذلك لإدراك الخطأ وإصلاحه بالشكل الملائم وبالقيم القانونية العالية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

459
اغتيال الخاشقجي جريمة فوق الخط الاحمر
يبدو أن الفرصة الان اصبحت مهيئة اكثر من ذي قبل للولايات المتحدة الامريكية وللرئيس دونالد ترامب صاحب شعار " امريكا اولاً " لحلب البقرة ليكنز المليارات من الدولارات ستدر على الخزينة الامريكية  من أجل غلق ملف جمال خاشقجي وسوف تلعب عليه كورقة ابتزاز   وسبق لمسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية التركية أوضح أن مسؤولين أمنيين أتراكا استنتجوا أن خاشقجي اغتيل في القنصلية السعودية في اسطنبول وقد اعترفت الرياض بذلك بكل صراحة ، بناء على أوامر من أعلى المستويات في البلاط الملكي  .ولان الشبهات تطال اشخاص اخرين تم تصفيتهم امثال الامير تركي بن بندر ال سعود وسعود بن سيف والامير سلطان بن تركي مع 18 فردا من مرافقيه اثناء زيارة له الى مصر واتجهت الطائرة الى الرياض بدل القاهرة ،  فقد جرت العادة أن يبتز ترامب أصدقاءه قبل خصومه ويحلبهم قبل أن يغلق فمه! وقال ترامب في وقت سابق تعليقاً على اختفاء خاشقجي: "أشعر بالقلق.. حالياً لا أحد يعرف أي شيء عن الموضوع. هناك تداول لروايات سيئة. أنا لا أحب ذلك".وقد حذّر السيناتور الأميركي ليندسي غراهام، المعروف بقربه من ترامب، السعودية من أنّ اغتيال الصحافي السعودي، له العواقب ستكون "مدمّرة" وسيكون ثمة ثمن كبير يتعين دفعه ليس اقتصادياً فحسبانما على العلاقات بين الرياض وواشنطن. واعتبر أنّ على السعودية تقديم "إجابات صادقة لان الامر خطيرجداً ويجب النظر اليه بشكل جدي .مثل هذه الاعمال الشنيعة ستولد سلبيات عديدة للملكة العربية السعودية والبادرة الاخيرة في انسحاب ماليزيا من تحالف ائتلاف العدوان على اليمن خير دليل على ذلك وكذلك المواقف الدولية في ايقاف التعاون العسكري والتسليحي معها مثلما فعلت المانيا والمطالبة الاوروبية باتخاذ اجراءات ضدها بتحقيق محايد في مقتل الخاشقجي والحقيقة بعيداً عن افكاره وكتاباته وارائه  ما حدث له مؤلم جداً ، خاصة وأنه مواطن ، وأعتقد أنه مؤلم لأي إنسان في هذا العالم و هو حادث بشع وغير مبرر تماماً .وتحاول المملكة التهرب من قبول مسؤولية الاغتيال
في حين و وفقًا لما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن ثلاثة مصادر قالت إنّها "على علم بخطة سعودية". وتحاول وضع المسؤولية في رقبة مسؤول استخباراتي رفيع المستوى في قضية مقتل الصحافي السعودي وهو سعود القحطاني، الذي أقيل من منصبه في الديوان الملكي، وهو من أدار عملية القتل لان القحطاني سبق له الاتصال بجمال الخاشقجي عن طريق الاسكايب واهانه وشتمه  فرد عليه المقتول ليطلب القحطاني بعد ذلك من رجاله قتله، قائلاً لهم "أحضروا لي رأسه بكلمة نابية،جريمة مقتل الخاشقجي كان خطأ فادحا
كما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وقال الجبير "الأفراد الذين فعلوا هذا فعلوه خارج نطاق سلطتهم. من الواضح أن ثمة خطأ جسيم ارتُكب، وما فاقم الخطأ هو محاولة التغطية عليه وهذه كذبة لايمكن للعقل ان يتصوره ، والحقيقة التخطيط للعملية كانت مدروسة على اعلى المستويالت  بعد ان بدأ بنشر  موقفه تظهره معارضاً للقيادة السعودية واتهامها بالتهور واكثر حدة وخشونة وانحيازة لدولة قطر بشكل كلي  ، ولكن بعيداً عن ما كان عليه من افكار ، الاغتيال يمثل تهديد لحرية الصحافة وحقوق الإنسان. ولم يكن العالم يتصور ان تقام بمثله في هذا القرن وتخطط لها دولة اسلامية فيها اقدس المقدسات مثل بيت الله الحرام وجريمة لا سابق لها في التاريخ القريب وخلافً لكل القيم الدبلوماسية وتمثل طبيعة قبلية ترتكب كهذه الجريمة ولم تقم بذلك لولا حماية قوى دولية تستغل الحادثة لا بتزاز دول اخرى وتمس كرامة دولة وتطاول على اصول العلاقات بين البلدان .
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي                         
 

460
اعلام الانظمة المستبدة والتحول الاستراتيجي
قضية الاعلامي جمال خاشقجي تكشف عن حالة من الهوس الإعلامي في قلب الحقائق وتصويرها على غير حقيقتها فتصبح المجازر المقترفة ضد المدنيين انتصارات على الخيانة اي كان  وتحول صور الانظمة هؤلاء وبقدرة قادر إلى مجرمين في غياب الفهم من ان الاعلام يعتبر شريكاً مباشراً في صناعة القرار السياسي تحت مظلة التحول الاستراتيجي ضمن منظومة العولمة، ودخل الاعلام كعنصر من عناصر تكوين ميزان القوى. عكس الاعلام. الذي لم يخدم لا الأوطان و لا الإنسان بل سخرت في خدمة طرف واحد ووحيد وهي السلطة ،و تغيرت الكثير من المعطيات و الأوضاع بحيث يبدوا أن القليل من الإعلام المسؤول ، المهني ، المحترف  استطاع ان يتغلب على على كم كبير من الوسائل الإعلامية المترنحة التي سرعان ما يتحول اتجاهها بمجرد ولادتها من الرغبة في ضبط العمل الإعلامي إلى الرغبة في تقييد حرية العمل الإعلامي والذي يتفنن في الكذب واستغباء مشاهديها ومستمعيها وقرائها وعلى الاكثر لا يعرف معنى الحياد لكنه يعتمد على تبني مواقف حكوماتهم، وحتى الخوف من الحياد ، وبين والحياد والانحياز مساحة يمكن معالجتها بالمهنية، أن اكثر حكام المنطقة العربية. هي أكثر مناطق العالم إنفاقاً على التدريب خلال العشر سنوات الماضية، ولم يجدي نفعاً في الوقت الحالي ما دامت الوسائل الإعلامية لا تراعي القواعد الإعلامية وبعد ان ظلت رغبة الأنظمة المغلقة مستمرة في تشكيل وعي الجمهور والتحكم فيه والتلاعب بقدرته على فهم الأحداث بما يساعدها على الاستمرارية ومنع أي تحول سياسي أو مطالبة بالحرية والحق بالنفاذ إلى المعلومة، ولغياب الصراحة والواقعية والمصداقية  لسنوات أدى غيابها إلى تعود الجمهور على اساليبها وأصبحت البرامج والقنوات الأكثر شعبية هي المفتقدة لقواعد المهنية والمصداقية والدقة في نقل المحتوى ومعالجته امور الجمهور.فقدان المواطن الثقة بالاعلام هاجس العلاقة بين وسائل الإعلام والمتلقين، وأن الإعلام يعِد الناس بالحرفية والنزاهة والموضوعية والثقافة والحياد، فيما ينتظر الناس على تلقي الأخبار من مصادر الإعلام المنتظر أن تتمتع بالمصداقية والمهنية . لكن أمر المصداقية أصبح على المحك وسقط الإعلام في فخ إغراءات التوجيه، وفقد دوره المتوازن الباحث عن الحقيقة . مازال المواطن ينخدع من بعض وسائل الإعلام العربية التي تدس له السم في العسل وتعتمد على ما كونته من شعبية لا تعتمد بالأساس على المصداقية والمهنية والكثير من وسائل الاعلام المعروفة تنشر خيبتها عن طريق اقلام مأجورة تفرغ حقدها وكراهيتها على المعارضين في بلدانهم مرتدين قناع التملق والمودة المصطنعة لحكوماتهم لإيهام الآخرين بأنهم تحملون نوايا طيبة ومثل هؤلاء يستحيل شفاؤهم من أمراضهم وعُقدهم النفسية التي تظهر من حين لآخر لتعلوا صراخهم  عبر شبكات التواصل الإجتماعي"، والصحف "وحتى شبكات الفضائيات "مخاطبة العقول الضعيفة  والغير واعية باثارة اللغط والسموم ولعل هناك من يستمع لهذه الأبواق الجوفاء التي بات صراخها يكشف عن أمراضها وما تحمله من عقد قديمة متوارثة جيل بعد جيل . رغم كل هذه المخاوف إلا أنه لا يمكن إغفال الدور الهام للثقافة الإعلامية المتطورة في تشريح ودراسة المنتوج الثقافي والفني المطروح على مختلف المستويات والقطاعات الفنية، ويبقى تراكم الوعي لدى منتسبي القطاع الإعلامي الشاب، والصقل اليومي لخبراتهم الإعلامية هو العامل الحاسم للانتقال الدائم والمرور السلس من ثقافة الفوضى أو فوضى الثقافة إلى إعلام ناضج محترف، يحدد أهدافه على نحو مباشر ويرتقي بها ليواكب التطور التقني المتسارع.
 أن مفهوم مصداقية الاعلام  نسبي يعتمد على تفسير المتخصصين، لكنها في النهاية خلاصة التوازن، والدقة، والحياد، أن الإعلام بمجمله " العالمي والعربي " يعيش حالياً أزمة أخلاقية تتعلق بالصدق والمهنية، على كل حال فأن الإعلام العربي يعاني أزمة مصداقية ،لكن ذلك قد تفسره بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعم بعض الدول التي تعيش مخاض التحولات السياسية والصراع على السلطة .ومن هنا فأن اي تحرك ايجابي للاعلام العربية على طريق الديمقراطية والتكامل القومي سبيلها تصفية العناصر السليمة لصالح ما تبقى من مرحلة التغول الأمريكي والعربدة الصهيونية كما يعتقد العديد من الحكام العرب بسبب التعاطي سراً مع النظامين الامريكي والكيان الاسرائيلي  ، فالأمر المؤكد أن يواجه مخاض التغيير الجارية فصوله ليس بعدوان الأنظمة وأجهزتها متعددة الأسماء فقط، وإنما أيضاً من القوى العربية والإقليمية والدولية المستغلة واقع التجزئة والتخلف والتبعية، ما يحتم تكثيف الجهود لإقامة أوسع الجبهات الوطنية لمواجهة الردة التي تلوح نذرها في الأفق. وبقدر ما تصمد شعوب مخاض التغيير، وبخاصة الشعوب المرهونة بواقع انظمتها ، والرهان معقود على وعي هذه الشعوب وقدرتها على هزيمة فلول الظلام. ، وتعاظم ثقتها بقدرتها على التغيير، وقد كسرت حاجز الخوف،اذا ما امتلكت وحدة الصف والهدف معاً.على كل حال فأن رسالة الإعلام لم تعد مجرد تبليغ لوجهة النظر الرسمية بوصفها الحقيقة الوحيدة الممكنة، و لم يعد «السلاح الروحي للدولة» كما كان جوبلز وزير الدعاية النازية يطلق على الراديو وإنما أصبح يستمد تأثيره من خلال منحه لخيارات متعددة للمتلقي وهو ما يعني أن تقنيات الاتصال والإعلام الحر في الزمن الراهن هي السبيل لتفادي سقوط الإنسانية في ظل أنظمة استبدادية شمولية مغلقة من جديد.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 
 
 

461
الاعلام والمفهوم الاعلامي
الإعلام أداة خطيرة اذا لم يكن يستفاد منها بالصورة الواقعية، وأثرها لا يكاد يخفى ولا ينكر، ولذا لم يكن وليدة عصر من العصور، بل استخدمت تقريبا منذ كان الإنسان، باختلاف في الوسائل المتخذة فقط لا في أصل الاستخدام. والاعلام يحتاجه كل مجتمع إنساني –لانه يقوم بدورأساسي على الاتصال بين أفراده وجماعاته ولا يمكن لاي مجتمع بشري الاستغناء عنه والإعلام الذي يفشل في أداء دوره وتحقيق رسالته في المجتمع لا يقف أثره عند حد الفشل الذاتي، وإنما يتعدى ذلك إلى إحداث آثار سيئة في المجتمع او البلد او المنطقة .والاعلام الناجح له مردودات ايجابية لا يمكن حصرها .
 ومن هنا فانه يقتضي معه تحديد المفاهيم المرتبطة بمتغيرات الحالة وعرضها للنقاش والتي غاب مفهومها عند الكثيرين في هذه الزمان . من المعروف و لا غبار عليها هي ان دور الاعلام الاساسي هو ايصال المعلومات وتنوير المطلعين والمتابعين بالانباء المستحدثة لحظة بلحظة وحسب الامكانات المتوفرة للوسيلة الاعلامية التي تعتبر السلطة الرابعة بغض النظر عن ما إذا كانت هـذه التطورات أو الأحـداث ذات طابع قومي أم سـياسـي أم تاريخي أم اجتماعـي أم ثقافـي و في تكوين رؤى ومواقف مسـتقبليـة للشـعوب من مجمل التطورات التي تجري من حولهـا، ولها التأثير الكبير على المجتمعات، وهو اليوم يعد من أقواها تأثيراً ، وخاصة مع ظهور وسائل الإعلام الحديثة والمتطورة التي تعمل بسرعة وهي مواقع التواصل ودورها الكبير في إحداث الكثير من التغييرات في العالم والكل يعيش مرحلة التغيير ويتحسس بها بشكل ملموس ..
والاعلام الهادف مضمونا يطرح ما يحدث وينقل الحقائق كما هي.. وبيان المعلومة  بتجرد من الميول والعمل بحيادية ونقل للوقائع والاحداث دون تعليق او زيادة ودون تغرير بالمتلقي حتى لو لم يكن نقل الحدث مرضيا للمواطن او المسؤول والاعلام الحقيقي لا يرتجى منه ان يكون سبب في وقوع الحدث بل هو ناقل فقط له ولان المتلقى يريد الحقيقة ولو كانت مراً ولابد للاعلام ان يكون دواءاً لا داءاً اي انه ينقل الحدث الحزين والحدث المفرح دون ان يتدخل ناقله في تلميعه لارضاء المتلقي ،هذا هو الاعلام الحقيقي الناضج كما هو يدرس ولا يلمع للمتلقي بمايرضيه ، هنا اذاً نحن مقتنعون بدور الاعلام حسب التعريف اعلاه. وبعكسه هو تهرج في سياق الادراك الغير موضوعي ونقل حدث معين وتوظيفه لخدمة جهة معينة من خلال تحليله بما يتناسب وتوجهات تلك الجهة أو إضافة أحداث وشخصيات غير واقعية للخبر أو إظهاره في توقيت معين أو إظهاره مع خبر  والذي نشاهدوه في الوقت الحالي  .لذلك نشاهد في ظل الاجواء المتصارعة سياساً والحاصلة يتم تشويه الحقائق وتقلب الوقائع أي بمعنى أخر تشويه كتابة الاحداث بواسطة كتاب ومثقفين انقسموا في ولائهم اما لحكومات او لتيارات متناحرة بعيداً عن مفهوم الوطنية ، فغابت الموضوعية الى تيار المجاملة والتحليل الغيرالمحايد عنهم والابتعاد عن الدقة ايضاً عند العديد من هذه الوسائل . لهذا اصبح من الصعب للمثقف والثقافة عموما ان يقراء الواقع وفي تركيب نظريات تساعد في وضع تصورات مجتمع الغد والتنبؤ بما سيحصل مستقبلا في ظل مجريات الأحداث. فالكثير من المثقفين في المجتمع للأسف ، كل ما يقومون به هو التمجيد بشخص أو تلك الجماعة أو تسقيط أو هتك الأفكاروالحرمات  دون مراعاة الاخلاق  واحترام دوره الأساسي والإنساني الذي يهدف إلى خدمة المجتمع بكل أطيافه أكثر من الدفاع عن أشخاص ومذاهب وأحزاب وجماعات عرقية وقبلية . فمعظم الكتابات تورطت في لعبة السياسة والسلطة مقابل مبالغ وحسب القيمة دون معايير حقيقية ، كل السلطات والأنظمة كانت ولا زالت تريد تأكيد وجودها في الساحة استنادا إلى شرعية مبتدعة ما انزل بها من سلطان أو إلى قراءة رسمتها وفق معطيات خاصة. لذلك يصعب وجود دراسات غير خاضعة لتوجيهات السلطة ومصالحها. أحيانا يتواطئ المثقف مع السلطة وأحيانا لا تسمح له بقول الحقيقة والكشف عن المسكوت عنه، فيمارس البعض الاخر نفاقه السياسي ويساهم في تشويه الحقيقة والأحداث التاريخية نتيجة انغراقه بعلاقته الوطيدة مع السلطة العليا فتجد الكاتب او المثقف نفسه مندمجا في إطار أيديولوجيا سلطوية سائدة تجعل منه أداة لتمرير خطابها المشوش للحقيقة، يخدم مصلحة النخبة الحاكمة، بدل من أن يقوم بدوره الرئيسي في تنوير المجتمع والشاهد عليه فهو يقوم بنشر أفكار السلطة والدفاع عنها بقصد أو بدون قصد. هذا ما يجعل البعض أحيانا مرهونا بالدفاع عن سياسات الحكومات ونشر الافكار القاسية التي ترمي للتخويف والترهيب، مما يجعل فكره ونظرياته يغلب عليها طابع الهيمنة الماضية وينفصل تلقائيا عن فهم المستقبل ولا يعطي أي أهمية للإعتبارات المجتمعية .لذلك يستوجب التغيير بطريقة حضارية تؤدي الى خلق ميلاد مجتمع سياسيا واجتماعيا وثقافيا جديد. ولا يمكن أن نثق بهؤلاء الاشخاص ومدوناتهم تهدم التاريخ وتفسد عقول الأجيال القادمة؟ فقد عاش معظمهم هؤلاء يدافعون عن الأنظمة في حين من الضرورة الحفاظ على المقومات والمكتسبات من أجل سلامة وأمن الفرد والمجتمع . مثل هؤلاء مكتوب عليهم بأيديولوجيا النفاق، يصعب عليهم الإنسلاخ من معطفهم السياسي السلطوي ومصالحهم الضيقة رغم انكشاف الحقيقة لهم ولكن يصعب انسلاخهم من ماضيهم ليكونوا فاعلين رئيسيين بمنظور موضوعي للواقع الإجتماعي المعاش لغرض تحقيق التغيير المنشود الذي يتطلع إليه المجتمع.
إن الدور المنتظر في الاعلامي المثقف بناء القيم المساندة للتطوير التي تساعد المجتمع والأفراد في تحقيق الإصلاح السياسي وصولا إلى تحول اساسي واسع يمهد له خطوات فاعلة لرفع مختلف آثار وأشكال الهيمنة الحكومية - المباشرة و غير المباشرةعن هذه المهنة المهمة  ، وضمان حرية ممارسة الإعلاميين لمهامهم دون تدخل السلطة ، لما في ذلك من أهمية في دعم النظام الوطني ، وللتجسيد الواضح لحرية التعبير، بوصفها الدعامة القوية للشفافية ، عبر إصلاح التشريعات الإعلامية ذاتها ، التي تتولى تنظيم وممارسة النشاط الإعلامي ، وتضع المعايير التي تحكمه تتكفل مؤسسات ،مثل نقابة الصحفيين وشبكة الاعلام الحكومية بعد توفير الدعم الممكن لها عن طريق وزارة الثقافة على ان تكون مهنية في عملها و مسؤولة لايجاد الحلول الوسطية في جميع الإشكاليات التي تواجه الطروحات وايجاد الحلول ومشاريع الإصلاح الممكنة عبر وضع برامج واستراتيجيات إعلامية ، يكون للنخب الأكاديمية والإعلامية والسياسية والثقافية المستقلة دورٌ رائدٌ في تحليل ونقل الأخبار بصورة دقيقة ونقل التحليلات الموضوعية للأخبار ووجهات النظر وإعطاء الصورة الواقعية للشخصيات والتصورات الموضوعية عن المستقبل ومحاولة تغيير الواقع نحوالأحسن وتوظيفه لخدمة المتلقي سواءاً كان من القراء او المشاهدين او المستمعين.
عبد الخالق الفلاح - كاتب واعلامي
 

462
دور الجماهيرومسؤولية الحكومة العراقية القادمة
الحكومة القادمة عليها مسؤولية العمل  ضمن آليات وسياقات وطنية، تحدد مستقبل العراق الباحث عن البناء والتنمية، والتخلص من أثار الحروب والنزاعات الكتلوية، والبحث عن مستقبل طبيعي يلبي طموحات الشعب العراقي وتطلعاته وآماله، للوصول إلى دولة قوية لها ثقلها السياسي والاقتصادي في الاقليم ، فأمنه من امن المنطقة واستقراره من استقرارشعوبها ،تعي ادراك حجم الخطر الذي يحيط مكوناته الدينية و المذهبية والقومية  أولاً ووطنه وامته ثانياً فيجب ان يكون الجميع فطنين في جمع الكلمة وصيانة وحدته ، وعلى كل وطني وغيور فرصة تاريخية يسطر من خلالها تحولا جديدا في الساحة العراقية تنعكس أثاره الإيجابية على بلده وعلى دوره في المنطقة. و التمسك بهذه الفرصة والبناء عليها.
العراق عاد ليكون كما كان بلدا مهما في المنطقة من ناحية الموقع الحساس الذي هو فيه والخيرات الكثيرة التي يملكها ويزداد زهواً  بعد ان استطاع أن ينجز انتصاراً كبيراً في منطقة ملتهبة كسر فيها ظهراعتى عدو وهو الارهاب الذي ارعب العالم ولم يكن ذلك ممكن بغير الحرص والتوعية و روح المواطنة وحب الارض التي ادت بمجملها إلى وقوف القوى الشعبية بوجه داعش، واثبتت الجماهيرانها عند المسؤولية متى ما  تتطلب المرحلة ولن تقف مكتوفة الايدي لرد اي اعتداء يمس استقلال البلد وسيادته ، بالتالي المواطنة هي التي  اعطت الضوء الاخضر للشعب كي يتحرك لدحر المتجاوزين من التكفيريين والطائفيين لا الحكومة التي كانت تعيش الصراعات والازمات فيما بين مكوناتها السياسية التي كانت على رأسها  ، لذلك يمكن تحويل هذه القوى الشعبية إلى قوة في البناء والاقتصاد والتنمية اذا توفرة الامكانات  ، ويصان وحدة الشعب وصيغ التعايش المشترك فيه وخلق ساحة مفتوحة للحوار الحضاري، وحفظ التاريخ والتراث الانساني و يمكن بناء الثقة محليا ودوليا حتى يمكن استثمار هذه الفرص. هذا المنطلق يتطلب من رئيس الحكومة القادمة اين كان  اتخاذ خطوات فعالة للتعامل مع هذه التغييرات بشكل دائم وتحديد الاولويات المجتمعية من دون غلو وكشف التحديات  وتصميم الاستراتجيات المناسبة لنجاح العملية وتجنب الفشل أو ايجاد الحلول المناسبة لأي اضطراب في التنفيذ إذا ما كان هدفها البناء.
لايمكن ان نقول بأن الوضع غيرمحفوف بتحديات قادمة فلازال يحتاج إلى شجاعة اكثر لمواجهة هذا الواقع ووعي وادراك بالمسؤولية وهذه التحديات تدعونا إلى أن ندرس اسباب النكسة الماضية ومن ثم ندرك مصالحنا بحيث نستطيع ان نكون فطنين في المستقبل لنعزز النصر. بعد ان حاول داعش اسقاط  الدولة لكنهم لم يقيموا بديلا لانهم ليسوا رجال دولة انما مجموعة من المرضى والمتخلفين واللصوص و تركوا المجال للعصابات أن تتحكم بحرمات واعراض واموال الناس بالطريقة التي يعرفها القاصي والداني ووقف الجميع بتضحيات ودماء ومصائب مرت على هذا الشعب بمختلف تنوعاته بوجه هذه الافة السرطانية الخطرة .لان العراق لم يتكون بصدفة تاريخية ، وانما هناك كم هائل من المصالح المشتركة وكذلك بالارتباط الاجتماعي والثقافي التاريخي بين ابناء هذا البلد، والاخطار المشتركة التي تهدد ابنائه ، هي التي صنعت هذا المجتمع في المنطقة ورسمت هذه الخريطة، واثبت بأن لا يمكن أن ينفض أو ينقضي بنزوة سياسي أو برغبة جهة أو برغبة حزب تتشكل في مرحلة من التاريخ، فالجميع ادرك بان الدولة هي الحضن الدافئ الذي يحتمي به الجميع، وما قام  به من تحشيد وتعبئة ورفع السلاح لرد الارهاب وكل هذه المظاهر العنفية كانت من اجل رد عصابات الاجرام من القاعدة وداعش وازلام النظام البائد وخونة السياسة في السلطة وكبح اهدافهم وحقق انقلابا في الوقع وغيرمن مزاج الهزيمة إلى التحدي، برجال اشداء وقوى فاعلة وخبرات ، ويمكن المحافظة على هذه الروحية بالاعتماد على قدرة الطبقة السياسية الوطنية والاحزاب والمجتمع لتغيير يتوائم مع حجم المخطط الاستراتيجي لبناء البلد ليمثل اختبارا مهما لقدرة الشعب العراقي والطبقة السياسية المخلصة على أن تتكيف لأخذ العبرة من ما حصل من اخطاء في السنوات الماضية  بالتالي اذا استطاعت القوى أن تتكيف مع الدروس وتأخد العبر بنظر الاعتبار فسوف يتجاوز الوطن الاخطار الاخرى الداخلية  كبلد واحد وقسم يرتبط بمحيطه الاقليمي بكل سهولة ، فقدرة العراق على أن يحمي مصالحه الحيوية كبير، في ظل بيئة اقليمية ملتهبة وفي ظل حضور دولي غير مسبوق.
ولاشك الاعتماد على برنامجا سياسيا يتضمن حماية وحدة العراق ارضا وشعبا وتساوي جميع الافراد في الحقوق والواجبات على اساس المواطنة والانتماء للعراق من الامور المهمة ، واحترام منجزات العملية السياسية التي ضحى الشعب من اجل تحقيقها كالدستور باعتباره مرجعية سياسية والانتخابات كآلية ديمقراطية ومؤسسات الدولة، وان اي مطالبة بالتعديل والتغيير لابد ان تكون ضمن الاليات التي كفلها الدستور لموافقة اغلبية الشعب عليه اعداد برنامج يضمن مراعاة ضوابط الوطنية والمهنية والنزاهة والكفاءة في اختيار قيادات البلاد المدنية والعسكرية والسعي لإصلاح بناء الدولة ومؤسساتها، وإلغاء آلية التعيين بالوكالة.
اعطاء الاولوية لمكافحة الفساد المالي والاداري من خلال تنسيق جهود الرقابة القانونية والسياسية والشعبية وتطوير اليات التدقيق والكشف عن ممارسات ومنافذ الفساد ومراجعة التشريعات الحاكمة في هذا المجال بما يضمن تشديد العقوبات وترصين مراحل المتابعة والمراقبة ، وادامة جهود محاربة الارهاب وتجفيف منابعه الفكرية وتضمين المناهج التربوية والتعليمية الأسس والمبادئ الأصيلة التي تكشف سماحة ونقاوة الاسلام الأصيل ورفضه لهذه الممارسات الهمجية ، وتعزيز الهوية الوطنية .لحفظوحدة العراق وسيادته وحدوده الوطنية وحدود مجتمعه في مواجهة الاطماع العدوانية ووجهها الآخر المتمثل بالارهاب التكفيري، والانخراط في الخطط والعمليات الاقليمية والدولية بهدف تجفيف موارده ومصادره والتصدي لادوات الجريمة المنظمة، التي تحاول الى جانب خلايا العدو والارهاب النائمة اختراق الامن الوطني وافساد الاجيال المتطلعة  بالمخدرات وسواها من الوسائل المخربة للفرد .ويتطلب خلق سياسة خارجية متوازنة بما يحقق مصالح العراق العليا ويبعده عن الانخراط في محاور متخاصمة تستنزف مقدرات البلاد وتجعله ميدانا لتصفية الخصومات على ارضه وتعزيز العلاقة مع دول الجوار التي تربطنا بهم روابط تاريخية ودينية واجتماعية ، ورعاية حقوق الانسان بشكل عام والشهداء والجرحى وتخليد تضحياتهم وبطولاتهم وانصاف ذويهم وضمان حقوقهم ومتطلبات العيش الكريم وفاءاً ‏لهم”.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

463
العراق في ظل المرحلة الحساسة الحالية
عبد الخالق الفلاح
المرحلة الحالية فيها من العتمة والكثير من التناقضات مما تدفعنا إلى بيان أن الفضاء السياسي والثقافي والإعلامي الوطني لابد أن يكون مفتوحاً لكل تنوعات الوطن، بحيث تشترك جميع هذه التنوعات في إثرائه وتنميته بعيداً عن العقلية الأُحادية والاحتكارية ، التي تعمل على احتكار هذه الفضاءات لصالح فكرٍ أو رؤيةٍ هي جزءٌ من الوطن وليست كل الوطن لان إذا غابت العدالة السياسية، وساد الاستبداد السياسي، وبرزت مظاهر الإقصاء والتهميش، فإن مقولة المواطنة هنا تكون في جوهرها تمويهاً لهذا الواقع وخداعاً لأبناء الوطن والمجتمع . والقوى المشاركة في العملية السياسية لازالت تحوم حول المحصصة في تشكيل الحكومة الموكلة لدكتور عادل عبد المهدي رغم كل الشعارات التي كانت تطلقها خلال الحملة الانتخابية وكأن العراق قد فصل لهم وحدهم .
في الشارع العراقي اليوم الكثيرة من القوى والأحزاب والفصائل غنية بالعناوين الكبيرة، والأماني العظيمة، والطموحات العريقة، التي يتشدقون بها، ويرفعون أصواتهم عند ذكرها، فقدان القيادة الحقيقية والرؤيا العمياء في التصدي للعمل وكأن كرسي المسؤولية مقاس لهم فقط دون الاخرين وكأن الام العراقية لم تلد إلا هؤلاء  ويعشون في احلامها، ومأسي شعبهم تدفعهم للمضي في سلسلة من السيناريوهات المجردة من الحقائق لتوهيم الشعب  ، ولو أنهم كانوا يعلمون أنهم يكذبون ولا يقولون الصدق، ويخدعون المواطنين ويداهنونهم، أو أنهم عاجزون وغير قادرين على تحقيق ما ينادون به، او لأن الشعارات أكبر منهم، وأنهم لا يستطيعون تحقيقها بأنفسهم، لوجود قوى تمنعهم، أو ظروف تحول بينهم وبين تحقيقها، ، أو لأن مصالحهم تتنافى مع تحقيقها، وتنهار أمامها، ولا تتفق وإياها، وكأن ارتباطهم في نقيضها، وبقاؤهم في استحالة تحقيقها.امر حسن دون حساب العواقب . فهل ستفرز المرحلة القادمة من لديه افكار جديدة او ترى إنسان يشعر بشعور الشعب ويحمل رؤيا واضحة ، يريد أن يصل بها إلى خدمة المجتمع ، بفاعلية وبراعة القائد السياسي – بمعاونة النخبة السياسية الكفوءة المختصة – في تحديد أهداف المجتمع السياسي وترتيبها تصاعديا حسب أولوياتها، واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الأهداف بما يتفق مع القدرات الحقيقية للمجتمع، وتقدير أبعاد المواقف التي تواجه المجتمع واتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة المشكلات والأزمات التي تفرزها هذه المواقف، ويتم ذلك كله في إطار تفاعل تحكمه القيم والمبادئ العليا للمجتمع .على القائدالعمل بنبُل أخلاقه ، ويحسن اعادة العمل الموحد المفقود والمعطل ويجمع الشمل الممزق ويقول الحرف المعلوم السليم الذي ينطق من مسؤولية ليس فيها لبس اوشيطنة ، ويقف عند كل علامة استفهام ولكل كلمة يقولها وكل عمل يريد القيام به دون تطبيل وتزمير اعلامي لخلط الاوراق وتعطيل مسيرة البناء ، ويبتعد عن التشويه والذات الاعمى الذي ينخر المجتمع . ان اخلاقية القيادي يجب ان تنطلق وفق هذا المفهوم ويتحرك بموجبه ويسمح بمراقبة جماهيرية بعدها بصورة شفافة وهي التي تحاسب المسؤول وليس الحزب اوالكتلة وهي ليست صفقة تجارية كما يتصور اليوم بعض السياسيين ويتعامل بها انما تتم ادارة البلد بشكل ولون وجوهر واضح المعالم . معالجة ظاهرة التشرذم في العملية السياسية ، بحاجة إلى رؤية حقيقية – مجتمعية مركّبة، قوامها صيانة حقوق الإنسان، وتعميم ثقافة العفو والتسامح والحوار وحق التعبير بمشاركة جميع الاطراف ، وإطلاق مشروع سياسي وطني، يتجاوز المآزق الراهنة، ويجيب عن تحديات المرحلة القادمة .ويبعد من تلطخت ايديهم بدماء العراقيين وملئت كروشهم بالسحت وجيبوبهم بالسرقات عن العملية على ان تبدأ بدون شروط مسبقة .
ان المرحلة الماضية التي مرت على الشعب اعطت الكثيرمن السلبيات والدماء بثمن بخس قرباناً لمن لايستحقون القيادة وبداء يتعلم فنون العوم منها بشكل طبيعي من خلال الممارسات والاستفادة من السلبيات والايجابيات التي يمر بها البلد وقد كانت تجرية غثة ومليئة بالعبر والدروس والعوامل التي قد تخلق من يخلق الحلول وتجاوز الفئوية والحزبية والمصالح الضيقة ويمكن له ان يستفيد منها في المرحلة القادمة ويضع مصالح الجماهير في مقدمة الاعتبارات والاهتمامات. ولاشك ان الجماهير اليوم تراقب العملية السياسية احزاباً وشخوصاً لمعرفة حقيقة كل منها وكشف عوامل الزيف والنجاح لان مرحلة الصبر و تجربة اختيار العناصر التي تتمثل فيها الوطنية والاخلاص وحرصها على انجاز المشاريع التي ترى فيها مصلحة البلد ولبناء العراق ومستقبله ومن هو يفكر في مصلحتة الخاصة وداعم لعناصر التخريب وتقسيم الوطن و بوقفة وطنية جادة ولمراجعة وتشخيص اداء هؤلاء السياسيين واختيار الاصلح للمستقبل والمواطن اعتقد ذهب عنه الخوف وهو حريص لتحقيق مطامحه لادارة البلد الذي قد حان وإلا سوف يدفع ثمن تهاونه في اختيار من هو يحس بالوطن والمواطنة وعليه ان يفهم ان الطريق للامان في اختيار الاصلح هو هدفه القادم ويتوكأ عليه وسوف لن يسلم ذقنه لكل من هب ودب لان ذلك سوف يدفعه الى الهاوية والهلاك ناسياً اومتناسياً من ان المرحلة التي مرت بالعراق خلال السنوات الماضية قد كشفت زيف الكثير من المشاركين في العملية السياسية واعطت درجات هابطة من التقييم بسبب المماطلات والعثرات والازمات والخلافات المصنعة التي وضعوها امام عجلة المسيرة وبطرق غير حضارية ابداً انما ادخلت البلاد في دوامة العطل وتوقفه حركته كل شئ فيه مع الاسف لعدم التوصل الى صيغة ترضي الاطراف كافة وللنظرة الضيقة والمناطقية والمصالح الحزبية على المواطنة ودس السم في العسل له وهذه ظاهرة خطيرة وسلبية ارادت بعض الكتل استغلالها للضغط على الحكومات التي ادارت البلد ولابل ضيعت حق المواطن بشكل عام . عليهم احترام حقوق ابناء الشعب واحترام ارادته التي رسمها الدستور ولكل المؤسسات الدستورية واي سلبية اونقص اوفساد يجب ان يتركه جانباً والعمل بمهامة وفق القانون .ومن الصفات المميزة في القائد هوتقديم الفعل وليس الكلام فقط، و ذو شخصيّة واثقة وقويّة قادرة على الكلام ومن ثمّ الفعل، فذلك يزيد من تطوّر عمله ، عدم الإنفراد بالعمل والأنانية ، بل يجب توزيع الأعمال المختلفة على أفراد المجموعة ، ويجب على كل فرد أن يقوم بالعمل المناسب من طريقة تفكيره ومن خبرته ، قادر على التشجيع وبثّ روح الأمل لدى أفراد المجموعة ، فكثير من أفراد المجتمع العراقي قد وصل لحدّ اليأس ووصل إلى مرحلة اللامبالاة ليأتي هنا دور القائد في دفعه للأمام وتغيير الأفكار السلبية التي تدور في ذهنه الى ايجابية منتجة للنشاط والحيويّة وحبّ العمل والاخلاص لشعبه ،
الجماهير عليها تقييم الوضع الحالي و ادراك ان هناك مؤامرة كبيرة ضد العراق والعراقيين يشترك فيها البعض ممن هم في العملية السياسية تستهدف كل كيانه من خلال اسقاط الدستور والحكومة والعودة الى الوراء واول الخاسرين هم والامة هي الان في محنة وتحت خيمة للظلم والمعاناة وتحتاج الى دراسة كيفية الخلاص من هذه المخمصة  في المرحلة القادمة وعليها تحديد اعدائها ورفض المسؤول البليد والمتوهم في ظل ظلام يعبث وينهب دون حساب ويخرب ويمارس هو ويغطي على السراق والمفسدين ،فسادًا لم يسبق له مثيل في التاريخ ، المجتمع الان مطالب بالتصدي للسلبيات وبالوقوف بوجه الخطوات الغير حقيقية وعدم الرضوخ الى الظلام والعبودية مرة اخرى مهما كانت التضحيات …
 – كاتب واعلامي
 
 

464
المنبر الحر / ايام في ذاكرتي
« في: 20:18 09/10/2018  »
ايام في ذاكرتي
دقائق معدودات تفصل بيني وبين محكمة الثورة سيئة الصيت والعجلة تسير بسرعة تخترق الشوارع شارعاً بعد شارع الى اين لا ادري، وانا اسرق النظر من خلال النظارة السوداء يميناً وشمالاً ولماذا لا ادري هل عصيت القانون ، هل قذفة احد ، هل سرقة ، هل اختلست من صندوق الدولة ، هل قبلت الرشوة ،لا والف لا ، وطريقي ما طريقي ، من يسعفني الى الهداية، لم اكن ضعيفاً، ولكن اريد ان اعرف عن ماذا انا بين سلاسل حديدية ، وشبابيك العجلة تصر صراً بين حين واخر، ونظرات رجل الامن من خلف الحاجز بين حين واخر ، كل انسان خطاء ،اما انا لم ارى في نفسي ذلك المسوغ الذي يسوقني لهذه الظلمة ،ماهية الخطيئة التي يجب الاعتراف بها لو سئلني القاضي المُنَصب لهذه المهمة التافهة وما ذنب ابي الكهل والذي بلغ من العمرعتيا وانفاسه وتسبيحه ونظرات العطف والحنان المتوسمة في وجهه الملائكي ، ولو كانت هناك خطيئة لكانت تؤرق مضجعي كثيرًا، فلا استحي ان اعترف بخطئي ، وَلاَ اغالب مَجْرَى النَّهْرِ، مَنْ يكتم خطاياه لا ينجح، رحت افكر، رغم ان السكون يخترق ليلي واتابع مجريات عمري ساعة... ساعة ،لحظة ...لحظة طفولتي صباي ومراهقتي . بعد اقترابي شعرت بالمرارة ،سئلت رجل الامن اين نحن، اجاب انها المهزلة ،اي دولة مهزومة تعيش قلقة خائفة ،لا تنتج إلا الظلم والقهر وتعودت على القتل، المراوغة والمخادعة . ويداي المكبلة بالحديد ، انظر الى وجه والدي الملائكي الذي سيق معي وهو ينظر لي بعين الرأفة ونسي نفسه تذكرت كان يريد ان يوصل احساسه.. من خلال زفرات انفاسه .. أراد أن يوصل كلماته الى قلبي وانا افترق منه ، وجه والدتي الحنونة التي علمتني كيف أتغلب على وجعي  وخبز تنورها و جراحها واحزانها وصبرها رحمهما الله .أدركت بعد رحيلهم أن هناك بكاء دون دموع، وصراخ يمزق الحنجره دون أن يُسمع ،، واليوم اصبحت لا احسب يوم من عمري دون ان اذكرهما بالخير ، وصبر اختي وتعبها ، وقلق اخي الصغير وهو في الجيش ،وخرجت أقف عند باب آخرى لدنيتي رغماً عني واقراء مع نفسي سور التعويذ ، واية الكرسي ،ياما في السجن مظاليم ،( واصبح اكلي وشربي كانَ* )  واسمع صوت السجان والعنقرجي* والمساجين ، الظالم والمظلوم  وقلت في نفسي لابد من الرحيل ،،وداعاً للزمن الماضي ... وان ابيت ذلك ، ليخفف عني اوجاعي الحالية ....
=================================
العنقرجي* : هو المستخدم لاحضاروتنظيف وتوزيع الاكل في السجن ، دائما ينسب من الادارة
كانَ*: كل ما يتم تجهيز السجين من قبل ادارة السجن
عبد الخالق الفلاح –کاتب واعلامی

465
ارهاصات عراقية مستقبلية تعني التفائل
الوقت قد حان لانتشال هذا البلد من أزماته التي كانت مستعصية على الحل، والأمل معقود بعودة العراق إلى حظيرته الدولية بعد صراعات داخلية كبيرة وتدخلات في شؤونه خارجية  لبسط الهيمنة والنفوذ على أرضه والتحكم بصنع قراراته والتصرف بقدراته وامكانياته وخيراته التي لا تنضب بعون الله .وبعد ان انهى العراق المرتكزات الاساسية ضمن التوقيتات الدستورية مثل رئاسة مجلس النواب والجمهورية والتكليف لرئاسة مجلس الوزراء و تحت عنوان التداول السلمي للسلطة يستوجب تكاتف الجميع لخدمة ابنائه و يأمل الشعب العراقي ان  تكون الحكومة القادمة منبثقة من ارادة الشعب  ولصالحه وهذه جزء اساسي لا ينفك عن مهامها و الحكومة العراقية القادمة وبلا شك رغم الخلافات في الرأي والرؤية لمستقبل العراق، ستكون مهامها صعبة جدا وتواجه الكثير من التحديات وبعد ان نفد صبرالشعب وتحمل المعاناة واستلهم طاقاته من ارادته لينهض للمطالبة بحقوقه وكسر حاجز الخوف ، خاصة بعد ان انهكت الحكومات السابقة كل مؤسساته وخالفت كل عهودها وما كشفت من عورات في محافظة البصرة  و داعش وما قام به من تدمير المدن والبنية التحية، ونتج عنه نزوح الملايين من أبناء هذه المدن، والوضع الاقتصادي الغير مستقر، إضافة إلى تفشي البطالة بين جيل الشباب، وخاصة خريجي الجامعات..إن الأخذ بالطريق الصحيح لإدارة الحكم وتطبيق النظام البرلماني بشكل صحيح ، وتصويب الأخطاء الحكومية وكشف العيوب والفساد بعيون واعية بلا خوف من اي جهة او مسؤول .
 كذلك في ظل التنوع المجتمعي العراقي نحتاج إلى وجود نواب حريصين عن اداء القسم ،مواظبين في تواجدهم في البرلمان وتقليل الغيابات والعطل تحت مسميات غير صحيحة وقيادة تسموا بروح الوطن وتوفير فرصة للجميع لكي يخلي مسؤوليته من التقصير تساندها بذات السمة جماهير دون اعتماد الأغلبية فقط بل كل جماهير الشعب  وهو السبيل الاسلم لبناء المستقبل . ويعد الفساد بمختلف مسمياته ظاهرة خطيرة أصابت الجهاز الإداري والمالي والسياسي في العراق منذ نشأة الدولة العراقية، وازدادت خلال العقود الثلاثة الماضية، بسبب الحروب والحصار الاقتصادي وغيرها من الأسباب التي جعلت من الفساد بكل أشكاله ظاهرة طبيعية ينظر إليها على أنها ممارسات شبه مشروعة لاسيما عندما عجزت الدولة عن مواجهة المشكلات الاقتصادية، حتى بدأ الفساد ينتشر في مؤسسات الدولة كافة.ثم عدم تحقق الغايات التنموية التي تعد أحد التحديات الرئيسة التي واجهت عملية الإنتقال في العراق، وإن استشراء ظاهرة الفساد يعد واحداً من التحديات التي تهدد مسيرة التنمية في العراق، فقضايا الفساد الإدارية والمالية خلال السنوات التي أعقبت العام 2003، يبين مدى توسع هذه الظاهرة في مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإدارية كافة، فمن خلال الفساد تم هدر وتبذير معظم موارد البلد مما يهدد عملية الاستقرار الاقتصادي فيه.ومن المهام الكبير ة التي تقع على عاتق الحكومة هي القضاء على هذا الخطر الذي لا يقل خطورة عن الإرهاب، مما يستلزم ضرورة وضع إستراتيجية شاملة لمرحلة تتضمن وضع حلول سياسية واقتصادية واجتماعية لمعالجة الإرهاصات والتوابع السياسية والمجتمعية التي أفرزتها تلك الظاهرة، والبحث في الأسباب الرئيسة التي دفعت إلى تفشي هذا المرض المخيف، إذ تشكل مسألة القضاء على الفساد المالي والإداري واحدة من الصعوبات التي تواجه عمل الحكومة القادمة .العراقي اليوم ينظر بعين متفائلة  للتغيير، وهو تفاؤل يراد بكل أطيافه ومشاربه، فقد عانوا الأمرين من الظلم والجبروت والتعسف والعصابات الإرهابية التي تسللت إلى أراضي العراق عن طريق دول التكفيرلتعيث فيه فسادًا وتخريبًا، وعملت على طمس هوية العراق وانتماءات الدينية والمذهبية والقومية وتشتيت وحدت المجتمع ، غير أن تلك المحاولات تتهاوى اليوم في ظل الرغبة الصادقة من قبل كافة العراقيين لبناء وطنهم من جديد بطريقة ترسم لهم إنشاء صروح استقراره وأمنه وسيادته وتقرير مصيره على تراب أرضه الوطني.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

466
الفيليون وثقة القيادة والبناء
ليس هناك من شك بأن العملية السياسية في العراق، شابتها الكثير من الإشكاليات بسبب الانفراد في الحكم والقراروسيادة المظلومية لشرائح مهمة لازالت تعيش الاهمال وإلا مبالة من الاطراف السياسية وفي مد يد العون لها والكورد الفيليون هذا المكون الكردي الاصيل عانا ما عانا ولازال من النظرة الشوفينية الضيقة من البعض وتعرض لمثل هذه الاشكاليات والمعاناة في وطنه وارضه و أزمات كثيرة، وانتهاكات ممنهجة، بالوان في القمع والتهجير والتسفير من الانظمة المختلفة التي مرت في البلد خلال القرن الماضي وبداية القرن الحالي شأنه شأن الكثير من القوميات والاقليات الدينية والمذهبية وشملوا بالفقرة الثانية من قرار مجلس قيادة الثورة  السيئ الصيت (المنحل) رقم 666 الصادر في 7/5/1980 والمنشور في صحيفة الوقائع العراقية الرسمية، بغداد، العدد 2776 بتاريخ 26/5/1980. و ابعد النظام السابق 600,000 منهم سنوات 1980-1990 وحجز وقتل “اكثر من 20,000” من شبانهم وشمل الكثرين من ابناء الشعب ، حتى بعد عام 2003 وان كان قد مثل  فلم يكن تمثيل الكرد الفيليين حقيقي بشكل عام وواسع يلبي طموحاته رغم جهود البعض في العمل خارج ارادة الاحزاب التي ضمتهم الى قوائمهم ، إذ اقتصر وجودهم داخل الكتل او القوائم التابعة للاحزاب المختلفة وبقى نشاطهم محدود ضمن سياسات تلك القوائم بعد ان  نجح منهم القليل بالصعود الى البرلمان العراقي عبر القوائم تلك  في اولى الدورات . وسط تمثيل وحيد في برلمان كوردستان في احدى دوراته خلال الفترة هذه . وكان لا بد من اعطاء زخم لجميع المكونات العراقية الأصيلة للمشاركة في القرارودعمهم  ولو رمزاً  ففي الانتخابات الاخيرة حصل الكورد الفيليين على مقعد واحد عن طريق حصة الكوتا صريح باسمهم بعد المشاركة عن طريق الاستحقاق الانتخابي وجرى حراك كوردي فيلي عام ملحوظ  في محافظة واسط واجمعت الفصائل الكوردية الفيلية خارج المحافظة على طلب تمثيل عادل للكورد الفيلية في مجلس النواب العراقي . وكان قد تم تقديم مقترح في 20/8/2013 بإدخال فقرة في مسودة قانون الانتخابات بتخصيص مقاعد كوتا للكورد الفيلية في مجلس النواب العراقي ولم يلقى ذلك الاهتمام في تلك الفترة إلا انه تحقق بعد ضغوط مستمرة وقوية من جانب بعض القوى في 22/01/2018  ووافق عليه المجلس بتعديل قانون الانتخابات ومنها ما يخص كوتا الكورد الفيليين وصوت مجلس النواب خلال تلك الجلسة بمقعد واحد " رغم ان المقعد الواحد لايتناسب والحجم السكاني لهم وحجم تضحيات المكون إلا انها خطوة جيدة لو تم استغلالها من قبل من نال المقعد باخلاص والوفاء لابناء المكون  ”.وللعلم فان “عدد المكون يزيد عن أعداد المكون المسيحي والشبك ومكونات اخرى لهم تمثل في المجلس لا بل اكثر من باقي الأقليات في الوقت الحاضر حسب المشاهدة “مع احترامنا لحقوق باقي المكونات العزيزة “ويجسدون الهوية العراقية ودفعوا ضريبة ذلك على يد النظام البائد" وساهمت فيه طرح المادة  العديد منهم تأييدا لمكون عراقي ساهم في بناء وتطوير العراق في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والثقافية والرياضية وغيرها وضحى كثيرا من أجل العراق وشعبه للحصول على حقه المشروع في ان يكون له تمثيل عادل في مجلس النواب العراقي والحصول على مقاعد كوتا جزء من اهدافه ولافهام النواب والمجتمع  بقضايا الكورد الفيلية وتفهيمهم اثناء تقديم المشاكل والمطالب الجمعية لما عانا من ظلم واضطهاد وابادة جماعية ولكي يدافع عنه في مجلس النواب وحصل والحمد لله ذلك  وهو السيد مازن عبد المنعم اذ تم انتخابه ضمن قائمة حزب الفضيلة عن تلك المحافظة العزيزة على امل ان يكون ممثلا حقيقياً لهم  و اعلن ترشحه وقدم طلباً  رسمياً لمنصب مقرر البرلمان للدورة النيابية الحالية لتمثيل المكون الفيلي المظلوم، في السلطة التشريعية في الجلسة الاخيرة ، وللحقيقة ان المهمة ليست بالسهلة واليد الواحدة لا تصفق ويحتاج لجهود ابناء المكون اولاً وجهود ودعم ومساندة كل الكتل البرلمانية والقوى والمنظمات والشخصيات السياسية العراقية للمطالب المشروعة للكورد الفيلية بان يكون لهم تمثيل عادل في السلطة التشريعية  ثانيا يتناسب مع اعدادهم في المجتمع العراقي والمهجركما نؤيد بهذه المناسبة قيام الاخ البروفسور كمال عزيزمحمد رحيم  القيتولي بترشيح نفسة لرئاسة جمهورية العراق لاثبات عراقية هذه المكون رغم الصعوبات التي تقف امامه وخاصة وهو مستقل بين المتقدمين لهذا المنصب فيما يعد منصب رئيس الجمهورية اكثر حساسية في ما يتعلق بجمع الأصوات اللازمة لانتخابه، إذ يتطلب أصوات ثلثي أعضاء البرلمان، في مقابل النصف زائد واحد لمنصبي الحكومة والبرلمان، ما يعني ان الصفقات السياسية ستشمل اختيار رئيس الجمهورية وفق ما تم من اختيار محمد الحلبوسي رئيساً لمجلس النواب. والكورد الفيليون واثقون في انفسهم  وقادرون على تمثل شعب العراق بكافة اطيافه وقومياته واديانه ومذاهبه وهم ايقونة في سماء العلاقات الخارجية والداخلية والنهوض بالاقتصاد والتشريع وان يكونوا نقطة التحول في كافة المجالات للبناء والقيادة
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي فيلي

467
المنبر الحر / اشراقة اليوم
« في: 17:21 21/09/2018  »
اشراقة اليوم
نهمس في اذان بعضنا البعض مع الصباح بمعنى.. نتحدث معن عن طموحتنا .. قد تكون همسة حب .. همسة عتاب همسة شوق .. همسة ندم ، لتصافح اقلامنا البهية بابدعنا الرائع ، على جدارية التسامح والعفة والنقاء نكتب  قد يكون دعاء .. رجاء .. ألم .. أم  قد يكون شعر .. نثر .. حكمة - نصيحة .. توجيه -قد تكون- وردة عشق .. بيضاء -قد تكون - إبتسامة . صادقة ،لحظة تأمل توقفنا في هذا الفاصل الحاسم من لحظات الزمن الذي يمضي من حياتنا مسرعا بإحداثه ويومياته وساعاته ولحظاته ، ثلوماً ، وكلوماً. دروس وعبر.. نطوي صفحات ما مضى .. لنبدأ بعمر جديد، نستقبل يوم ونودع يوم اخر.. بداية ونهاية.. شروق وغروب .. خريف و ربيع .. شتاء وصيف ... لا سبيل إلى السعادة في الحياة إلا إذا عاش الإنسان فيها حرّاً طليقاً من قيود الشهوات وأسر الغرائز والهوى ، يوم فما بين أمواتٍ يرحمهم الله  ودَّعناهم بالأسى، وقتلى وشهداء شيَّعناهم بالحسرة ، داهمتنا نكباتٌ وابتلاءاتٌ قابلنها بالحوقلة والإحتساب، وبعض الفعل ، الذي يخفف قليلاً من وطأتها ، أو لعلَّه يعذرنا أمام ربِّنا ، بأن قدَّمنا ما بوسعنا ، وشكونا أمرنا صادقين إلى مولانا وخالقنا .نودع يوم اخر،وقد شهدنا ايام في ظل التوتر والأوضاع الصعبة التي تشهدها الحلبة السياسية المحلية والعالمية التي تمر بأزمات وتحديات عديدة ونهاية مشروع داعش في العراق ، وقرب نهايته في سوريّا . مع تقاعس العرب والمسلمين في نصرة قضاياهم المصيرية . المزيد من مشاهد العنف وإراقة الدماء وأعمال الشغب والإرهاب لعل وعسى أن يبزغ فجر جديد يبشر بغد ملؤه الأمل والاستقرار وتحقيق العدالة. مع كل هذا، دعونا نتطلع الى اليوم الجديد بشيء من الأمل. دعونا نأمل ان هذه اليوم يوم للتطورات الايجابية تتعزز في غدنا القادم ، وسوف يكون له مردوده وتأثير تطوره الايجابي على جميع الصعد . في كلّ يوم نستقبل يوماً جديداً بفرحةٍ وسعادة ننتظره بفارغ الصبر لكي نتوكل على الله الواحد الاحد ، نحدد فيه اوقاتنا ونستثمرحياتنا فيما ينفعنا  ، ونودّع يوم مضى على أمل أن يكون القادم أفضل ، يفيض فيه الخير، وتتحقّق فيه كلّ الأمنيات ،الوقت لم يمضي، لكن كل الأوقات جيدة للحب والتسامح وبناء الأخلاق الفاضلة، فلنمد يدنا للأخر، بمحبة وسلام وتضامن لنشارك معا في يوم مميز، مميز بالبهجة  ، واستقبال يوم جديد، إلا يستحق منا وقفة لتأمل هذا البناء الأخلاقي السليم وكيف نبني أنفسنا بوقفة تأمل ،فلا يسعنا سوى الشعور بالامل لانه هو الحياة ، والحب شريانه وبالاثنين معاً سنعيش ايامنا القاد مة ولنقف كما يقف المسافر على المحطة ينتظر قطار الحياة دون توقف ،ينظر كم قطع من الطريق وكم بقي عليه منه ؟ ولنفتح دفاترنا ونحسب اخطائنا ، خسرنا ، ربحنا ، كما يفتح التاجر دفاتره ، لنرى ماذا كسبنا في يومنا الذي مضى وماذا اعطينا فيه ؟ الحوار وسيلة للتفاهم، وعبارة عن مطلب انساني وأسلوب حضاري يصل الانسان من خلاله الي النضج الفكري وقبول التنوع الثقافي الذي يؤدي الي الابتعاد عن الجمود وفتح قنوات التواصل مع المجتمعات الأخرى ...وهو من أهم أدبيات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تتطلبها الحياة في مجتمعنا المعاصر لما له من أثر في تنمية قدرة الافراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال بغية إنهاء خلافاتهم مع الآخرين بروح التسامح والصفاء بعيدا عن العنف والاقصاء. وهو اي ( الحوار) سمة من سمات المجتمعات المتحضرة والأداة الفعالة التي تساعدهم على حل المشكلات الصعبة وتعزيز التماسك الاجتماعي.ويقول ابن خلدون ".إن الإنسان اجتماعي بطبعه". وهذا يعني أن الانسان فطر على العيش مع الجماعة والتعامل مع الآخرين فهو لا يقدر على العيش وحيدا بمعزل عنهم مهما توفرت له سبل الراحة و الرفاهية … لذلك يجب على الانسان حتى يتفادى الأحكام المسبقة التوقف عن سوء الفهم الناتج عن عدم الوعي بمواقف الآخرين وغياب الرؤية الحقيقة لديهم، ومن الصعب أن نجد في هذه الآونة من يقف بضع لحظات يتذكر فيها أناسا كانت لهم بصمات في حياته وواقفين كالأشجار وقوفاً,وشامخين كالنخيل باسقاً,إلى الذين أوفوا بعهودهم وصدقوا في وعودهم وأخلصوا في عملهم وضحوا بزهرة أعمارهم من أجل عدالة قضيتهم وحرية وكرامة شعبهم وان نقترب من بعضنا البعض من خلال حب الإطلاع والمشاركة الوجدانية ونقل المعرفة.ونتذكر مقولة الامام علي عليه واله الصلاة والسلام :
ليس البلية في أيامنا عجبا، بل السلامة فيها أعجب العجب، ليس الجمال بأثواب تزيننا ، إن الجمال جمال العقل والأدب ، ليس اليتيم الذي قد مات والده ، إن اليتيم يتيم العلم والأدب
عبد الخالق الفلاح –كاتب واعلامي

468
الماضي والمستقبل وتجاوز الارادة الجماهيرية
لو نظرنا للماضي القريب والقريب جدًّا عندما حاول البعض تجاوز الإرادة الشعبية وزوَّرها وتباهى بها فسببت له نهايته؛ فلا ينبغي أبدًا الاستهانة بالشعب أو التحايل عليه أو تجاهله أو الاتفاف على اختياراته تحت شعارات  فاسدة مختلفة، و الحصول على الاموال بطرق غير مشروعة ، ونهب الثروات وما إليه ، ما يضخم حجم الفقر ، والكشف عن تناقضات مهمة وكبيرة في حياة الناس ، وخلق الفوارق الطبقية بشكل واضح ومرعب. وللأسف يروِّج البعض لذلك وهم ليس لهم رصيد في الشارع العراقي ویحاولون ایجادها ظلماٌ دون استحقاق عن طريق تلك الاموال المنهوبة ، كل رصيدهم هی الفضائیات المأجورة والمواقع الاجتماعية الرخيصة  وفي اقامت الندوات الصاخبة ،ومع الأسف فإن البعض تناسى إرادة الشعب وقدرته على التغيير، واستهان بها، فأخذ يصادمها ويسير عكسها بل ويتحداها، وهذا هو قمة فساد الاستدلال وسوء النية والقصد للالتفاف على إرادة الشعب واختياراته الحرة، بل وصل الأمر إلى اتهام الشعب من قبل البعض من الساسيين بأنه غير مؤهل لاختيار ممثليه وتحديد مصيره، وهذا ما دفع بعض الجهات إلى صبِّ جام غضبها وتوجيه سهامها المسمومة على كل اختيار الشعب، بدءًا بالمطالبة بانتخاب نزيهه لمجلس النواب ومن ثم  اجراء التعديلات الدستورية الضرورية  ، وانتهاءً بمحاولاتهم الفاشلة للالتفاف على اختيارات الشعب  لنوابهم حتى كانت الاتفاضة الشعبية العفوية للمحافظات بالمطالبة بالحقوق ، إن الدرس الذي ينبغي أن يعيه الجميع من تلك الانتفاضة هي أن إرادة الشعب سوف تغلب لا محال  وأن الشعب هو صاحب القرار ولا يمكن لأي جهة أن تحاول تجاوز تلك الارادة لان في مرحلة التحول الديمقراطي وفي ظل حكومة وطنية موسعة وتقوم على قدر كبير من المسؤولية عدد من المهام للوصول إلى مرحلة ترسيخ دعائم الديمقراطية الوليدة. ويتضمن المهام بشكل عام كل ما من شأنه دعم المؤسسات والثقافة والممارسات الديمقراطية كتعديل القوانين وإنشاء هيئات جديدة ودعم المجتمع المدني ودعم التعليم المدني وتوعية الجماهير ودعم الاقتصاد الوطني ومعالجة كافة المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة . ولا ينبغي الاغفال عنها و أن يغتر أحد بحلم الشعب؛ فهو إن صبر فإن ذلك لا يعني ضعفه، الشعب هو الاقوى من كل المحاولات الجارية وهو الذي يقرر مستقبل بلده وإن رضي مرةً بتجاوز ما فإن ذلك لا يعني تسليمه "شيكًا على بياض" لتجاوزات غير مبررة مرة أخرى ، إن ما يحتاجه هذا البلد الآن هو تعظيم الإرادة الشعبية وتوجيهها لإعادة بنائه، وإصلاح ما أفسده النظام السابق والحكومات التي اتت بعد التغييرالذي حصل في عام 2003 و التلاعب بنتائج الانتخابات الحالية ، والعجز عن حل قضايا المجتمع، والفشل في خلق البديل الديمقراطي، وتحقيق التداول السلمي للسلطة مما يجعل ويدلل على أن الاحتجاجات السلمية الطريق الافضل والاسمى وهي سمة حضارية لا يمكن البديل عنها للقرن الواحد والعشرين، لتحقيق المطالب  .ان العصيان المدني السلمي هو احد الوسائل التي استخدمت مؤخرا رغم الهفوات التي شابتها واندساس الجهلة لخرابها وافشالها عبر جهات طامعة وسفارات خارجية معروفة الحال كما كشف عنها . واثبتت ان استمرار المظاهرات سيضعف من موقف الحكومة المتشددة التي فشلت بإدارة الازمة التى تواجهها ..والسبب ان الحكومة  كانت تراهن على عدم استمرارها بهذه الصلابة والنوم على جوعها . ومن ثم إعطاء وعود جديدة زائفة لا يمكن تحقيقها على المدى القريب بمحاولات عقيمة لاحتوائها عبر طرح حلول ترقيعية ومحاولات من جهات اخرى لتبني التظاهرات أو تجييرها لصالحها رغم عفويتها وعدم وجود قيادة لها،. ان توجيه المطالب على المسار الصحيح وصولا لتحقيق الغاية المرجوّة التي تنشدها الجماهير المُستغَلّة "لعبة الديمقراطية "غالبا ما ترافقها فرصة للنجاة والتغيير اذا ما أحسن استغلالها دونما تبديدها بصراعات مصالحيه ضيقة. الفرصة الان متاحة موضوعيا وذاتيا وما على المسعى الجماهيري سوى استثماره لصالح المواطنة لا غير.وهي الوسيلة المثلى للتعبير عن إرادة الشعوب وصورة من صور رفض الظلم الاجتماعي والطبقي الذي تتعرض له الجماهير ، واحتكار الحكم، سواءً عبر القبضة الحديدية، أو عبر الانتخابات المزيفة اوالمغشوشة  وتوحيد القوى والطاقات والخبرات الى الامام ، لا الرجوع إلى ما قبل عام 2003 للتخلص من محاولات تزييف إرادة الأمة وتكبيلها ومحاولة تقنين تقييد الحريات وتعيين جهات فوق الشعب وإرادته، وهذا ما لن يسمح به الشعب، فرفقًا بالعراق وشعبها وإرادتها، ، ولا ينبغي لشعب أن يقبل العبودية لشعب آخر أو لدولة أخرى، وكذلك حقه في تقرير مصيره بنفسه وبناء مستقبله، فعصر عبودية الشعوب انتهى، مهما كانت الحجج، ومهما كانت الشعارات التخويفية أو الإرهابية، ومهما كانت الأساليب والعبارات الدبلوماسية التي تعمل لإخضاع الشعوب بأسماء وشعارات ومصطلحات رائجة ولكنها تستخدم ضد الشعوب،
الشعب العراقي  لن يقبل بعد الان بحكومة تقام وتشكل بتوصيات خارجية بل حكومة تلبي مطالبهم و تحقق لهم الامن والاستقرار وتقدم الخدمات التي هي شبه متوقفة بسبب الارهاب وجرائمه والصراعات على المراكز والكراسي،وان اية حكومة تشكل بالضد من رغبة الشعب ستكون حكومة قائمة على جماجم العراقيين ،وستكون حكومة غير وطنية وتعمل وفق اجندات مشبوهة  بالضد من رغبات ومطاليب الشعب وستكون النتائج اكثر كارثية من ذي قبل فليتعظ الساسة من دروس وتجارب الماضي ويلتفتوا الى مطالب شعبهم ورغباته الذي يطالب بتشكيل حكومة عراقية وطنية بعيدة عن المصالح . بدل من ان يصرون على إبقاء الشعب ذليلاً، خانعاً ، تابعاً لغيره، فالأصل في الشعب أن يكون حراً كما يولد الناس أحراراً .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

469
المحاصصة تخرج من الباب وتدخل من الشباك
من الفلسفة السياسية ان الشعب يظهر بمستويين وله مفهومان مختلفان، الأول المستوى الإجتماعي، والثاني المستوى السياسي، والقصد من الأول مجموع الأشخاص الذين يعيشون ضمن حدود دولة، سواء كانوا رجالاً او نساءاً ، أغنياء او فقراء، بمختلف القوميات والمذاهب  كانوا، ضمن حق المشاركة السياسية في إطار الدولة ، بمعنى أن الشعب هو صاحب الارادة في السلطة والمشاركة السياسية، أي المواطنة.
 ثمانون عاماً من حكم الأنظمة العراقية المختلفة وحتى سقوط صدام، كان يجب ان يكون تاريخ لمشروع بناء الشعب العراقي ودولته من لا شيء، بعيداً عن الصراعات  الدائمة والابدية  بين الدولة القوية والمتمكنة والمكونات التي لا تستسلم ولا تتخلى عن هوياتها المخالفة لفلسفة الدولة. في هذا التاريخ تغيرت الكثيرمن البلدان ، وبقى العراق دون تغيير و أكثر بعضهم على البعض بالحقد . وزاد من عملية العرقنة اولئك الذين لم يكونوا اصلاء في عراقيتهم ، على الأقل حسب التعريف الرسمي، زادت من ردود الفعل وفرقت أكثر مما قرّبت. أصبح الشعب بمعناه الاجتماعي أكثر حماسة للتوجه الى الهوية المحلية، سواء اثنية أومذهبية او القومية اوالعشائرية بعد ان كانت  رحمة في مجتمعنا.. كي تحمي المستجير وتعود المريض وتتواصل مع الفرحان وتواسي الحزين وتعيل المعوز لكن سوء التعامل طاش بالحقيقة عن هدفها . العراق بعد سنواته 15 الاخيرة جرّب التوافق السياسي والمصالحة السياسية، وبصراحة كانت النتيجة غير مرضية للجميع واعطت اكل غير سليمة ، ولم تنفع العراق، والكل يتهم الحكومات السابقة بأنها لم تقدّم شيئاً للعراقيين وهذا كلام صحيح بسبب وخلوا المسؤولين من التخصص والتجربة والكفاءة والمقدرة وتفشي الفساد في مفاصل مؤسساته والارهاب الذي احتل الاراضي العراقية واباح كل شيئ فيه. واصبح العراق بئرة للفساد والجريمة التي تنوعت أسبابها ، وتتعدد مشاربها، وتتباين مصادرها، لكن مصبها واحد.. في دمار الفرد والمجتمع، تسكب حمماً منصهرة البركان، ذابت فيه الصخور مستعرة، من جوف الأرض الى سمت السماء، لتقع على رأس العراقيين، طيلة آماد من أفق الزمان والمكان، كما تداعت بين حروب و“حصار و عقوبات دولية” وإحتلال رهيب وإرهاب وفساد وإحتقان طائفي، أفضى الى فصم عرى الولاء الوطني، الذي إستبدل بالتمظهرات الطائفية والعشائرية، وتلك هي أم الجريمة، وجذر إنفلاتها من عقال الدستور، الذي يتحيد، أمام إكتساح الطائفية العشائرية له.
ولا يخفى على الجميع حتى الانسان البسيط، ان من اسباب دمار البلد وتراجعه هي المحاصصة المقيتة التي خرجت من الباب لتدخل من الشباك باساليب حديثة يراد منها تهدءة البركان والحمم وهي الآلية التي يلعنها معظم أقطاب العملية السياسية العراقية كما هي العامة من ابناء الشعب ، ويرمي الجميع عليها سهام الغضب الجامح بتحميلها مسؤولية الخراب الحاصل منذ عقد ونصف ، وإن لا مكان للفساد الذي يشكو منه القاصي والداني في العراق حاليًا، إلا في نظام المحاصصة،، التي فتك بالبلاد، وأرجعته الى عصر الجهل والتخلّف، بعد كل عواصف التحالفات الانتخابية بين الكتل السياسية في العراق والاكتمال الجزئي لتشكلاتها والاصطفافات فيما بين الكتل لمفردها ، النظام المتداول الحالي لم يخلق معارضة حقيقية بالعراق كما كانت تدعي لان الكتل الكبيرة وحتى الصغيرة المشاركة في الانتخابات  لا تميل لها وتعتبر المعارضة خسارة ثقيلة وفق الموازنات التي تم امرارها خلال السنوات الماضية ، فكل من كان يشتم الحكومة من الأحزاب والكتل رغم كونهم  لديهم تمثيل فيها بما لا يقلّ عن وزيرين أو ثلاثة ومناصب أخرى. حتى أنّ روح أو معنى الانتخابات تلاشى بفعل ذلك، إذ بات الناس يسألون إذا كانت الأمور بالتوافق ، وتكون بين السنة والشيعة والأكراد مناصفة وهو الحاصل .
المحاصصة اعادة الكرة مرة اخرى من خلال انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه احدهما شيعي والاخر كوردي ،حيث حصل محمد الحلبوسي من الطرف السني برئاسىة مجلس النواب ولكن بالتصويت بعد ان ترشح 4 نواب انفسهم بعد انسحب عدد اخرمنهم والان بدأ الجدل العراقي حيال رئيس مجلس الوزراء ومن سوف يكون صاحب الحض و حول شكل الحكومة القادمة ، والتي من المحتمل انبثاقها بعد ان تم انتخاب رئيس مجلس النواب و نائبيه و هل ستكون توافقية كما كانت طيلة السنوات التي أعقبت عام 2003 في العراق وتقوم على تمثيل سني وشيعي وكردي بشكل رئيس كما شاهدناها في تشكيلة مجلس النواب ، أم يتم الذهاب نحو حكومة أغلبية سياسية ولكن يظهر ان هناك تفهمّ من أطراف في العملية السياسية  بأن العراق لم يصل لدرجة التعافي من المرض، لكن يمكن طرح حكومة تكنوقراط بجهاز قضائي صارم وهيئة نزاهة حرة بلا ضغوط، لبدء عملية الإصلاح في السنوات الأربع المقبل واحتماله ضعيف.
ان الكثير من السياسيين وعدو الشعب بحكومة الاغلبية السياسية وانهم لم ولن يقبلوا بغيرها وهذا يتطلب من الذي وعد بحكومة الاغلبية السياسية وسعى من اجل تحقيقها اذا حصل على الاغلبية بشكل الحكومة والتي فعلا لم تتحقق في هذه الانتخابات ولازالت الكتلة الكبيرة غير معلومة بسبب ان كل كتلة تفسر الدستور وحتى قرارات المحكمة الاتحادية وفق رايها فالبعض يعتمد على رئيس الكتلة في توقيعة والبعض الاخر يقول ان الاكثرية يجب ان تذيل بتواقيع كل النواب المشاركين في الكتل لتقدمه لرئيس مجلس النواب لكي تكلف بتسمت مرشح لرئاسة الحكومة منها ، و لم يحصل ان تذهب اي كتلة للمعارضة ومن المعلوم ان حكومة الاغلبية السياسية تتكون من صورتين صورة المعارضة وصورة الحكومة ووجود المعارضة هي الدليل والبرهان على وجود الديمقراطية في البلاد والحكم ديمقراطي وعدم وجود المعارضة دليل على عدم وجود الديمقراطية والحكم الاستبدادي دكتاتوري سوف يستمر. والحقيقة ان أول من اسس للمحاصصة هو الاحتلال، مع تأسيس مجلس الحكم، وكانت تلك النواة الاولى لانطلاقها، فمجلس الحكم تأسس على اساس القومية والطائفية، بحجة التوازن والمشاركة في الحكم بين الأقليات والقوميات العراقية، ولَم يأسس على اساس الغالبية السكانية، او على اساس الكفاءة والاستحقاق. و إن إجراء إصلاح جذري للمنظومة السياسية هو السبيل الوحيد لإنقاذ العراق من دورة التقلبات المتواصلة. تعكس مثل هذه الدعوات للتغيير صدى التململ والغضب المتفشّيين على نطاق واسع في أوساط العراقيين، كما كان يجب ان  تخلق الأجواء السياسية في العراق بعد الانتخابات فرصةً من أجل إعادة هيكلة السياسة وترسيخ عملية الانتقال من الحرب إلى السلم ما يستند البقاء السياسي إلى مواجهة التحديات الاجتماعية في العراق، وهي تحدّيات هائلة بالفعل .
والمؤسف ان أراد حسم الخلاف في الدولة العراقية مفقودة بسبب التأثيرات الاقليمية والدولية ولم يراد لها خلال السنوات 15 الماضية لانها ليست إفرازاًت الأمة، وليست ناتجة من وعي او نتيجة نضاله او صيرورة تاريخية نحو الأحسن، وإنما هي مخلوق مستورد من الخارج، بدعة ناتجة من تقاسم المصالح وتوزيع الكعكة على المنتصرين وحسب أمزجة الغالبين. فبدل من أن يكون الشعب خالقا للدولة على صورته، جاءت الدولة والشعب يواجه مشكلة اللاشعب.
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي

470
البصرة ...لا تضيع وجهها الباسم
مدينة البصرة الوديعة التي تنام على ضفاف شط العرب وتستضيف نهرين عظيمين بزفاف عرس ابدي ولم تبخل بالعطاء ولكن تعيش العطش والجوع، صارت ساحة للاحتراب وتصفيةالحسابات ،
نفوسها تقترب من الخمس ملايين نسمة ولا احد يهتم بها ، انها بصرة المياه والنخيل ..بصرة النفط والحديد والمعادن ..رمالها زجاج وذهب ..وشطآنها خبز وخصب ...وموانؤها الباسمة سوق العراق العالمية فلماذا تحرم من حقوقها وخيراتها واين العدل في ذلك و نواب المحافظة في مجلس النواب او مجلس المحافظة غير مبالين سوى بمرتباتهم وامتيازاتهم الشخصية فيما تحلب اموالها وخيراتها بحجة انها جزء من العراق ، نعم هي جزء عزيزلاتنفك عنه ، ولا يجب ان ترضخ لما تؤمر به دونما اي مقابل يحسس سكان المحافظة بانهم يتمتعون بخيراتهم ، مدينة النخيل والنفط والخيرات المتنوعة  تعاني من مشاكل حقيقية ليست سطحية تستحق الكثير من الخدمة بسبب الاهمال  والفساد الذي عم جميع مؤسساته رغم كل العطاءات العظيمة التي تقدمها للعراق وشعبه .  لا أريد التحدث هنا عن الأسباب الكثيرة التي أدت الى تفجر الأوضاع الأخيرة في هذه المدينة ، ولا أريد تسليط الضوء على هذه الزاوية والصحيح ان البصرة مثلها مثل أي مدينة عراقية تعاني منذ فترة الحصار الاقتصادي في تسعينيات القرن الماضي وزداد كثيرًا من الأهمال مثل بقية المدن منذ سقوط البعث عام 2003 ولحد الآن من الفساد والمحسوبيات.
فبعد كل هذه السنوات من الدمار والتخريب وما صنعته يدُ الغطرسة لا زالت تتجدّد وبنفس الوتيرة المصائب والحكومات غير ابية بتلك التراجعات ،
البصرة اليوم لم تعد مشكلتها محلية بل إنها أصبحت عقدة دولية تتلاقى فيها مصالح العديد من الدول والمستفيد الداخلي هو مجرد أداة بيد مستفيد أكبر خارجي اصبح لا يرتاح لكي يسود الهدوء وتزدهر لانها تتعارض مع مصالحهم ، ويتشابك على أرضها الكثير من الأعداء،من دعم خليجي بغيض ومعروف النوايا  بينما يبقى المواطن البصري متفرجًا على خيرات أرضه وهي تنهب أمام عينه من غير أن يملك حولاً أو قوة لمنع ذلك، سوى التظاهر للمطالبة بحقوقه المسلوبة، ومع الاسف هناك عناصر يتلبسون بلباس المُتظاهرين ويندسون بينهم فيعمدون إلى إحراق مرافق الدولة ومكاتب الاحزاب ومؤسساتها والمؤسسات السياسية لبعض الدول الصديقة التي وقفت معنا في الشدائد والمحن ،ويعتدون على أجهزة الأمن في محاولة لإثارتهم وحملهم على الرد بالرصاص الحي وهم يقابلونهم بالحب والسلام (وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ) سورة إبراهيم46 والمواطن يعلم بأن  الحرائق لا تُبعد الفاسدين بل تطيل بقائهم في مواقعهم، و لن تُحرر العراق من قيود خيانة القادة، و لا تبني مؤسسات بل تُدمرها، و لا تأتي بالخدمات بل تؤخرها، ظليمة كبيرة تعيشها المدينة وشعبها المظلوم يريد حقه  كما كل العراق وهناك من يريد غير ذلك ويريد تحقيق غاياته من خراب البصرة والعراق ، ولو ترشح للتظاهرات قادة وطنيون مشهود لهم بشجاعتهم وحكمتهم وحصافتهم لما وصلت الامور الى هذا المستوى من الدمار والدماء ، اهلنا في هذه المدينة الكريمة والمعروفون بالطيبة وصفاء السريرة أصبحوا يئنون من  الالم والمحن وفق تخطيط محكم رسم عليهم ودقيق في تفجير لغة الطائفية والعشائرية باموال تُضخ من دول الجوار العملاء ومن خبث عمالتهم  لشغل الناس عن أهدافهم الحقيقيّة، ولفرض الواقع المر عليهم  في قيادة خائنة وعميلة بدل قيام حكومة وطنية توفر لهم رغف الخبز بكرامة، وتؤسس لقيام دولة المؤسسات والخدمات بعيداً عن الفاسدين والتي تفشل كل ما هو يصب في مصلحة الوطن الواحد ووصولاً بالمجتمع الى الدرجات العالية ، ولن تصلح معه التظاهرات العشوائية إلا  تدمير نفسه بنفسه بعد اختراق تنسيقيات التظاهرات بعناصر مريضة واجيرة فيها والذين هم من يحرق وهو من يقتل لكي يخسر المظلوم من ابنائها الحقوق والمطالبات وتضخ بالمجرمين والمعتوهين بين صفوفهم لافشال مسيرتهم ،تلك هي النتيجة الحتمية لمجتمع تضعف فيه سيادة الدولة لعدم حمايتهم  وفي وجود جماعات وحركات جاهلة مسلحة بدعم خارجي تتلون مع الظروف والكل تتعارض مع الآخرين ومع سيادة الدولة، ومن هنا يأتي الخراب والدمار وتضيع كل الحقوق سواء حدث ذلك نتيجة تدخل دول إقليمية أو قوى لها مصالح إقتصادية او سياسية أو قوى تريد ادارة الدولة وفق افكار وبث سموم لا تتلائم مع الطابع الخلقي لاهل البصرة الاعزاء هذه المدينة التي تعيش على ارض كلها خيرات وعطاءات لا تنضب ولا تنتهي .كل هذا يمكن أن يقف حالاً لو تكاتف الشعب واصطفّ لنجدة مجتمعه وعدم السّماح بالرجوع للمربع الاول كما يحدث فيها ، وارواحهم اغلى من كل شئ فالله الله بالسلمية وطاعة الحكمة والعقل والمنطق في المطالبة بالحقوق والكل يجب ان يشارك ويتحمل المسؤولية لإخراج مركب البصرة من هذه العاصفة قبل الغرق وإيصاله الى بر الأمان لكي ترفع جبينها وتعود لها وجهها الباسم. والحكومة في التعاطي مع تحديات البلاد بالطريقة الكلاسيكية النمطية الروتينية سوف لن تجني الا استمرار تشتت البلاد سياسيا واجتماعيا وهذا مايريده العدوالمتربص ، ومن الضروري ان يتم التفكير الجدي للخلاص من هذه السياسة التي انهشت البلد ،
  ونتمنى من كل قلوبنا أن تقف هذه المهزلة في أقرب وقت قبل أن ينفرط العقد في مناطق اخرى في حين يُكافح فيه السياسيون كي تُشكل حكومة جديدة، فقلوبنا مع العراق الواحد والمصلحة العليا للمجتمع والدولة وليس المهم هنا من سيفوز بالرئاسات الثلاث، بقدر أهمية وضوح خارطة طريق لبرنامج حقيقي زمني ممكن للحكومة القادمة وان تنجح وفق سياقات وطنية فأن بعد النظر واستيعاب الاخر حالة ضرورية وآنية للقيادات السياسية المختلفة، ولا يمكن التفكير في استيعاب الاخر بعد فقدان مصداقية مجلس النواب الجديد والتي هي القبة الصحيحة لحل المشاكل السياسية، وعليه فالتأني في الأحكام واستيعاب الاخر امر لا يمكن إهماله الان ونحن نرى عواصف سياسية كبيرة تواكب الموسم الحالي  وعلى اعتاب اختيار القيادات الثلاثة للبلد ستترك اثر سلبي داخل المنظومة السياسية، بمعادلات مختلة ويجب معالجتها قبل فوات ، و اذ ان المسار الحالي في عمل مجلس النواب سينتج حكومة ضعيفة فضلا عن الشخصية التي ستترأسها وبهذه الخلافات التي تنم عن مصالح انية وليست مستقبلية  وهنا يتطلب الامر  الحذر والدقة في التعاطي مع هذا الملف بدقة كبيرة لانه امر ضروري ومهم. وليتعظ أولو الألباب.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 
 
 

471
هل معاناة البصرة ثمن عطائها...؟ 
ما يشهده العالم من تطورات تكنولوجية جعل من المستحيل التعامل مع المواطنين على أنهم يحتاجون إلى الوصاية من جانب بعض من يتصورون أن بإمكانهم التحكم فيما تتعرض له الجماهير من مضامين وليست هناك استحالة في اصلاح العملية السياسية في العراق وفق النظام الديمقراطي و لكن على المدى البعيد و من المستحيل نجاحه في الواقع العراقي الحالي، لان تطبيق الديمقراطية دفعة واحدة خطأ في مجتمع غير مهيأ فكريا وثقافيا وسياسيا. ومثل هذه المجتمعات بحاجة لنظام يبدأ من اسفل واقع المجتمع الى الاعلى واخذ الايجابية وترك سلبياته ومقارنته بالواقع ، كي يكون الحد الفاصل ما بين التوحد والتشتت ، البناء أو الهدم، الحياة السعيدة أو الموت البطيء ، ولا يمكن ان تضع زمام الحكم في ايدي عامة الشعب ، لانها قد تكون فيها  طبقة مبعثرة جاهلة بأساليب السياسة والحكم، وليس لديها استعداد طبيعي له ، ولا تتمتع بدرجة رصينة من التعليم والثقافة والاهتمام بالمسائل العامة، والمعرفة بحلول المشكلات السياسية .
للتثقيف دور كبير في رفع مستوى الانسان  وتحرير عقله من كل القيود والاغلال التي قيدته وغلته عصور الظلام والاستبداد وتنظيفها من كل الشوائب والادران التي لحقت به ووضعه على الطريق الصحيح لبناء حياته وسعادته، فالمثقف السليم انساني النزعة لا يريد الا الحق ولا يبحث الا عن الحقيقة وهذه الصفات امتاز بها كل اصحاب العقول النيرة والنوايا الصادقة ولكل محبي الحياة والانسان ، العراق كان ولازال منتج كبيرا للعلماء والمبدعين في جميع المجالات العلمية والأكاديمية والثقافية والرياضية رغم كل الظروف والازمان التي حاولت ايقاف عجلتهم . غني بالعقول المثقفة المبدعة والخلاقة لو سمح لهم في العمل وتواقون للعطاء ولكن وهو ما ناسف ان نقوله تحول بعد تسعينات القرن الماضي بعد ان زج هذا البلد بالحروب العبثية والويلات ومحاربة عقوله وطاقاته الفذة ، بحكم مجموعة جاهلة غير ابهة بالتقدم  والعلوم الاستراتيجية التي تعمل عليها الامم وبعيدة عن التفكر الحضاري  وتحول البلد من دولة منتجة للفكر والعلوم والأدب والرياضة إلى مجرد بلد نفطي  لا حياة فيه خاصة بعد ان فرضة عليه العقوبات الاقتصادية وتعرض للنهب والسرقة وفق قانون النفط مقابل الغذاء اثر القرارات الاممية التي انهكت قواه وحطمت اماله وخابت امانيه  . وحوّل جميع شؤونه الداخلية والخارجية ونظامه الاجتماعي والسياسي إلى حكومة غير نزيهة وانتشر الفساد والرشوة والسرقات ، ورسخ الإعلام المزيف لصالحه على أوسع نطاق و فتح الطريق للمال السياسي بطرق غير قانونية ، وبالتالي خضوع الطبقة السياسية لأصحاب رأس المال وحمايتهم ، والسلطة الحاكمة تتربص وتتمسك بالحكم أكثر مما تريد تقديم الخدمات والرفعة للوطن وللمواطن العراقي ، وادار النظام الدكتاتوري الصدامي  تلك المراحل بنظام حكم صارم ومتخلف لا يهتم إلا بخدمة بقائه وليس خدمة للعراق وشعبه ، لا ينطلق من الارتكاز على ماضيه التاريخي المجيد وبناء حاضره نحو ضمان مستقبله في العيش والامن ودفع رجاله الشرفاء والطاقات العلمية والفكرية الثمن الاكبرحيث هرب الذي هرب و نفذ بجلدته خوفاً من البطش الدكتاتوري و تشرّد بالمنافي او وقع في اقبية السجون والمعتقلات ونال العديد منهم القتل وملئت زنزانات النظام بالاف منهم من زهرة رجال العلم والسياسة والاقتصاد والعلوم المختلفة الاخرى الذين كانوا يمثلون طاقات فذة في المجتمع  وتغييب وتصفية الالاف منهم ايضاً بجرائم بشعة أثارت غضب الأرض والسماء ولا يعرف اثر لهم فسيق الجميع إلى فوضى مدمرة، وحروبٍ طائفية وأشعلوا نيران وهميةٍ، عصفت باستقراره، وأفسدت حياة ابنائه، وحرفت مسار شبابه  وزينت العداودة والبغضاء.
 اليوم يعود التاريخ الى الوراء والساسة هم بمنأى عنها يتاجرون بعقول الجهلة والسذج للهيمنة على الشارع المتظاهر وجره نحو الفتنة بعد غياب الحكومة كما نشاهده في البصرة المعطاءة التي تشكوا من قلة الخدمات بسبب سوء الادارة والسرقات والفساد فكانت التظاهرات العارمة المطالبة بالحقوق بالطرق السلمية التي انطلقت حالها كما في المحافظات العراق الاخرى  و شممنا منها روائح الغليان الشعبي وهي حقة لا يمكن انكارها بعد ان  سدت منافذ عقول الكثيرين من المسؤولين وعميت ابصارهم عنها طوال السنوات الماضية وفقدو الرحمة والذين قال الامام علي (عليه السلام ) بحقهم "لا تُعاشِر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل " ونسوا ماكانوا فيه ومن اوصلهم لما هم فيه الان  وشوهوا العلاقات الاجتماعية العشائرية النزيهة الاصيلة الى علاقات سياسية مهزوزة بعد شراء ذمم البعض من المحسوبين على الشيوخ ولم تتوقف المجازر وتنذبح فيه كل يومٍ على يد هؤلاء منهم العشرات بدم بارد بوسائل مختلفة قهراً ومرضا ًومعاناةً وغير مبالين بحياة اناسهم  .الوضع قد يخرج عن المألوف ويتطلب اسعاف الحالة قبل فوات الاوان ووضع السبل والحلول لا نقاذ الشعب بحكومة وطنية تتمثل فيهم الكفاءة والمقدرة  ولا تنفع معها العلاجات المهدئة والترقعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي يعلن عنها يومياً في مجلس الوزراء  .
 ان استقرار البلد  واستلام السلطة من قبل اناس مؤمنين، فعلا، بتحقيق العدالة وليس الانتقام هو العلاج الاهم ، وان تبنى العملية على اساس المشاورة ومساهمة أبناء البلد أنفسهم في اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان حق معرفة الحقيقة ، والعدالة، وبعد ان صار المواطن يتحسر على ما مضى باعتباره الخاسر الأبرز من تأزم الوضع السياسي لذا وبعد ان يأس صار يطالب بالتغيير عن طريق التظاهر والذي يتمناه ان يكون الخير فيه قادما بالفعل ، وان لا يختزل بنفر من السياسيين اصحاب سلطة والجاه  ويجب الاعتماد على المخلصين في ادارة البلد ولا تستأثر به فئة دون غيرها ولا تحتكره طائفة دون أخرى، بعيداً عن املاءات وتأثيرات ممن لا يفقه المزاج الشعبي و محاولات عزلهم عن الساحة السياسية وإفراغها من الشخصيات المدافعة عن البلاد والعباد، ،ان الاصلاح يجب ان يبدأ من التعليم  كخطوة اساسية بعد ان تعرض للتهميش وتعرضت الجامعات والمعاهد والمدارس ومراكز الأبحاث والمكتبات والمختبرات إلى عملية غبيثة  في غياب المعايير الموضوعية لعملية التعليم وكثُر المزورون الذين يحملون شهادات مزورة وتولوا مناصب حكومية  وأمسكوا برقاب العباد ومحاولة لإكمال مسلسل الفساد وتعميق الغضب والعتب الشعبيين من ادعاءات السياسيين الكاذبة التي لم يجني منها المواطن غير البؤس والحرمان ، إن ما وصلت إليه العملية السياسية في العراق أثبتت لنا جميعا أن العراق لا يمكن أن يدار تحت ظل مجموعة خاصة خلصت تجربتها بالفشل بعد الان ولا يحكم بنظام على اساس الطوائف والمذاهب والقوميات بل بالقدرات والكفاءات العلمية المتخصصة بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية ، فالكل ضعيف تجاه إدارته رغم كل الخيرات المتوفرة فية و متعدد الاقليات والقوميات والمذاهب ولا بد لحاكمه ان يكون للجميع يتسم بالقوة في الادارة والحسم في القرار والحزم على المخالفين للقوانين والانظمة .
 
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

472
طفح الكيل ومثل ما رحتي اجيتي
بعد ان شهدت أروقة الاحزاب والكيانات السياسية في العراق حراكا سياسيا واسع النطاق من أجل تشكيل الكتلة الأكبر التي ستدخل البرلمان العراقي المقبل، وتتولى تسمية رئيس الوزراء الجديد وعلى ما يبدو أنه حتى اللحظة لم تتضح معالم التشكيلة الكبيرة بإستثناء ما تردد في وسائل الاعلام وفشلت للوصول الى اطر محددة في الراي ويدور الخلاف بين جميع الكتل السياسية حول حسم المرشح للمنصب رئاسة مجلس الوزراء الذي ترشح جميع التيارات اسماء مقربة منها وكذلك مجلس النواب ،والكتلة الأكبر ليس بالضرورة أن تحصل على نسبة معينة لوحدها لكي تكون الاكبر، بل ممكن أن تكون من عدة كتل حتى تستطيع تشكيل الحكومة بحصولها على النصف زائد واحد، وهو 165 مقعداً، ويجب التفريق بين الكتلة النيابية وبين التحالفات السياسية، حيث إن هناك إساءة فهم واضحة لذلك، وكل الكتل النيابية تكاد لا تخرج عن المكون الذي تنتمي إليه، إن كانت شيعية أم سنية أم كردية، مع التأكيد على نوع مما يمكن وصفه بالظاهرة المرحلية ، بمعنى الكتلة الشيعية تضم 2 أو 3 سنة، وكذلك الكتلة السنية يمكن أن تضم عدداً من الشيعة وتنتهي بالانسحابات بعد الجلوس في مجلس النواب ،
و تحاول البعض من الكتل في الوقت الحالي وتبذل  المساعي من اجل التوجه للعمل على جمع الاطراف والكتل لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر؛ بعد ان ذهبت المحصلة  باتجاه ” تشكيل محورين رئيسيين ، محورالنصرو يقوده رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وسائرون والحكمة والوطنية وجهات كوردية معارضة مثل التغيير والجماعات الاسلامية وجماعة برهم صالح واخرين رغم عدم اعلنها رسمياً بذلك  ، والمحور الاخر يقوده الفتح ودولة القانون وأغلبية أعضاء النصر والمحور الوطني والحزبيين الكورديين القريبين منهم وآخرين لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر بهدف انتاج حكومة قوية وحازمة للنهوض بمهامها المستقبلية" كما تدعي " وحل مشاكل المواطنين في العيش بحرية ورخاء وتقديم الخدمات لهم والحقيقة المخرجات توحي الى ان  تجمع القوى السياسية على ان تشكيل التحالفات هي عملية شاقة لكنها ليست بالمستحيلة، فالحراك ساخن وعلى اشده بين الكيانات الفائزة لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر ومن ثم التفاهمات الاخرى ... وشهدت أروقة الاحزاب والكيانات السياسية في العراق حراكا سياسيا واسع النطاق من أجل تشكيل الكتلة الأكبر التي ستدخل البرلمان العراقي المقبل، وتتولى تسمية رئيس الوزراء الجديد. ومن هنا يظهر ان نقاط التلاقي في المصالح والرؤى الكتلوية  في القضايا المشتركة مقدمة على نقاط المصالح والرؤى السياسية الوطنية عند اكثر الساسة و تبرز صفة المخاطب السياسي حيث التقاطع ينقسم إلى تقاطع بمواقف أو أفكار أو ثوابت إستراتيجية للبلد لا يمكن المساومة عليها أو وضعها في أي ميزان فهي العقيدة والفكر الغائبين عندهم وهي الأساس لأي تنظيم ،وإذا وجد هنالك تقاطع بين الاطراف في المواضيع الإستراتيجية واقتصار التحالف على الموضوع الذي أقيم من أجله وتحديده بالنطاق الذي يحقق أهدافهم وغاياتهم يعمل عليه كي لا تتوسع وتفسد الكتلة .
كما ان المشكلة تقع في غياب التوصيف القانوني والسياسي الواضح للكتلة الأكبرمما جعلت الكتل السياسية  أمام سيل من المواقف المتناقضة في التصريحات والمهاترات اليومية وأضف لذلك الإدراك السلبي للسياسيين لمبادئ الديمقراطية و”الحكم الرشيد”، و”التعددية”، بسبب عوامل عدة، منها الاستخدام السلبي لتلك المبادئ من جانب الحكومات التي شكلت سابقاً  بشكل عمق الشكوك حول مصداقية التزام الحزب الحاكم والأحزاب السياسية التقليدية بتلك المبادئ، ورغم أهميت الموضوع  في تسيير العمل السياسي بمجمله إلا ان حتى المحكمة الاتحادية ايضاً تبقى ساكتة  دون ان تخبرمن يفسر دون واهمة  بالمعنى السياسي والقانوني لمصطلح “الكتلة البرلمانية حسب مزاجه مما سوف يساعد الكثير من النواب الحراك العشوائي الذين يسمح لهم بالتنقل والقفز من كتلة الى أخرى قبل وبعد مباشرة الدورة البرلمانية العمل بحسب مصالحهم مهدرين بذلك الاساس الذي اصبحوا بموجبه نواباً، اذ ينتقل النائب الذي لم يحصد إلا بضعة أصوات ودخل البرلمان بفضل أصوات كتلته الى كتلة مناوئة لتحقيق أحلام جديدة وهو يحاول اقناع نفسه بامتلاكه شعبية أهلته لدخول البرلمان بينما هو مجرد تابع يبيع ولاءه بسهولة ويبقى صمت الكتلة الأم على تصرفات النائب مثيراً للاستغراب وكأنها تخشى منه، الكتلة الفاشلة في ضبط نوابها وملاحقتهم إعلامياً بعد انقلابهم عليها هي كتلة فاشلة وفاسدة حتى لو حملت رايات الإصلاح وهذا ما شاهدناه طوال مراحل البرلمانات السابقة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

473
الكتلة الاكبر المهم ام البرنامج الحكومي
الكتل السياسية تتحرك وهي مشغولة فقط في سبيل الحصول على الكعكة في حين اصبحت مثل هذه اللقاءات مالوفة ومكشوفة على الرغم من ان آمال العراقيين معلقة بحكومة جديدة مختلفة عن سابقاتها، تعالج ملفات الفساد التي تراكمت عبر سنوات، وتخرج بالعراقيين من حالة الطائفية التي سيطرت على بلادهم عبر سنوات طويلة ومن حق الشعب العراقي في المساهمة ببناء دولته ومستقبله، والدخول الى مرحلة جديدة ولا يجوز ان يكون عبر ثمن يدفعه من جديد يتحمله العراقيون، بل عبر تجاوز الاسباب الحقيقية للواقع المتردي الحالي، او العوائق الكبرى امام حق هذا الشعب في العيش بأمن وأمان. لكي ينظر الى العملية السياسية الجارية في العراق بتفاؤل وايجابية،
المواطن الواعي ينظر الى التحركات  الحالية كونها لا تتجاوز دائرة تقاسم المناصب والمواقع والحضوا بالمال العام ويمكن استنباطة من خلال التصريحات التي تخرج من افواه المجتمعين بين حين واخربعد خروجهم من صالات الاجتماع او تصريحاتهم لوسائل الاعلام ،والخلافات الشيعية – الشيعية على رئيس مجلس الوزارء والسنية – السنية علي رئيس مجلس النواب والكوردية – الكوردية على رئاسة الجمهورية  ولا نجازف اذا قلنا بان الحراك الدائر الان يدخل ضمن هذا السياق وهو تقسيم المناصب والمسؤوليات ولن يخرج عنه ابدا، ودعك من الضجة المثارة حول هذا الامر وما يرافقه من اوهام وخيالات واسعة ،
قبل التفكيربخلق حكومة تهمها مصالح الشعب وفق برنامج حكومي متكامل متحقق بعيداً عن الشعارات  ومن مصلحتها الحفاظ على العملية السياسية وديموميتها وتقويتها وبناء جبهة وطنية عريضة لتكون الحاضنة والمرجعية لكل ابناء العراق الذين يسعون الى بناء دولة متماسكة قوية تضمن مشاركة الجميع سياسيا وتساويهم في المنافع والمغارم من خلال سلطة ونظام ديمقراطي مماهي لمصلحة عامة الناس المنتظرة للاستقرار السياسي كمقدمة لتحسن الوضع الخدمي والانتاجي والاستثماري في البلاد لا من خلال سلطة مكونات وقوى يخاف احداها من الاخر و تحتضنهم بعطفها ورأفتها الانسانية .في وقت تشهد المنطقة والعالم مرحلة تحول تاريخي استراتيجي بالغ الدقة والحساسية يحتاج لوقفات تأملية يشترك فيها صناع القرار العراقي بعد التجرد من  المنطلقات الخاطئة الدافعة باتجاه مسارات غير ناضجة وخيمة العواقب وزيادة حجج الواهمين والحالمين بالوصول الى السلطة او شخصية سياسية تهدف للوصول الى أعلى مناصب الدولة ،رغم ان هذا يعتبر في مقاييس السياسة امرا طبيعيا حين يكون التنافس على السلطة وفقا للمعايير الصحيحة ولا اعتراض عليها اذا تحلت بالكفاءة والمقدرة والتخصص و المعمول بها عالميا وبشكل نزيه ومهني يعبرعن البيئة الحقيقية للتسابق دون حالات التسقيط والتنكيل بين الخصوم من أجل ان يصل الى ما يمكنه من ذلك من غير تبني منهج التكامل لإصلاح الأوضاع وترتيب بنية العملية السياسية الكفيلة ببناء مؤسسات الدولة الناجزة بدلًا من التسابق على مواقع السلطة التي تفقد قيمتها عندما يتراجع القانون وتسود الفوضى.
هذا ما نلاحظه من خلال النشاط الجاري على الساحة العراقية وهذه هي الطامة التي تحز في النفوس .فلم نلاحظ اي برنامج حكومي قدمته اي مجموعة سياسية من المجموعات التي تتلهف للحصول على السلطة وتتسابق للحصول عليها الى الجماهير صاحبة الراي الاول والاخير وكأنهم منزلين من العرش وفيهم التنزيل ( استغفر الله ) وهم لا يفقهون من علم السياسية من شئي والاتفاق عليها يعني ، ان القيم والوطن ليست هي الدافع الحقيقي لهذا الكم من المتلهفين الذين  سهلوا واشاعوا بمغريات الثروة والسلطة ، ولتحقيق غرضين:اسنادهم حين يحتاجونهم في الانتخابات، والتضحية بهم حين يتهددهم خطر باستثناء قلّة، بدليل ان بين الذين وصلوا البرلمان الحالي من تخلى عن القوى التي اوصلتهم بمجرد ما اعلن عن نتائج التصويت ، فالكل يسعى للحصول على الكمية قبل الكيفية دون التفكير في وضع السبل والمخرجات لايجاد  الحلول من اجل ادارة مؤسسات السلطة والإعداد لحكومة قوية بعيدةً عن تدخلات الدول والارتماء في احضان اجنداتها سوف لن تنفعهم اذا تعكزوا عليها من اجل  ذلك  و التي تتنافس وتتصارع معتبرةً العراق كبش الفداء الذي يجب النزاع فيه للاستحواذ على قيمه وهويته ودماء أبناء شعبه الكريم في مسيرة الحرية والانعتاق ، ما يدل على ان التفكير السياسي عندهم ، يفتقر الى المفهومية  و يعني أنه تفكيرهم غير مجدي ،وغالبا ما يكون وليد لحظته، لا يتحرك بمساحة الفكر، بقدر ما يبقى في مربع التفكير الخواء اللا منتج .
العراقيون لهم القدرة دون البعض من هؤلاء السياسييون عندما يفهمون السلطة على اساس انها الهيمنة الكاملة على الادنى وبدون مقاومة ويفهمون السلطة على انها علاقة سيد بالعبد وبالتالي فالطاعة واجبة من وجهة نظرهم في جميع الظروف والذين فرطوا بعراق الحضارة والتاريخ  تحت لافتة التخلص من شر صدام وحكمه وشر الاعتماد على وعود تأتي  لادارة أمرهم من جهات تمولهم والابتعاد عن الصراعات الداخلية والضغوظات  والنزاعات إلاقليمية والدولية، للخروج من هذه  المحنة على الرغم من أن العراق ربما ما زال يعاني من تلك الضغوطات عليه ولا سبيل إلا ان تتضافرالجهود من أجل الوقوف امام من يحاول منعه للنهوض  من كبوته، بعد ان  وصلت النيران إلى أرجل ابناءه  ودخلت إلى غرف نومهم وستبقى آمال العراقيين معلقة وثقتهم معدومة، ما لم يروا تأثيرا حقيقيا لهذه االتجاذبات على واقعهم السياسي والثقافي والإجتماعي والخدمي ، فقد مروا بتجارب مريرة تثبت صدق مخاوفهم،
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

474
العراق...  مخاض الكتلة الكبرى في ظل الخلافات
متطلبات إرادة التغيير التي دعى لها شعبنا العراقي  خلال التظاهرات الاخيرة لا يمكن أن تتحقق من خلال الممارسات التي تطفوا على سطح  المباحثات للكتل التي سوف تكون في البرلمان القادم وعدم الرضى على الأداء  بل أن هذه الإرادة تتطلب فعلا ثوريا ديمقراطيا ينجز في فترة سريعة اولها إصلاح البرلمان وهي اولى خطوات الاصلاح التشريعي، وتطويره مدعاة لتطوير العملية التشريعية ، انطلاقا من هذه المضامين يجب اعطاء  الموضوع الجدية والعمل لتطوير البرلمان القادم تحت يافطة الاصلاح التشريعي في العراق باعتباره خطوة لبناء حكومة رشيدة وسلاح من اسلحة مكافحة الفساد ولكي تؤتي أكله لأربع سنوات من النجاح أو الفشل فسوف يحدد الشعب قبوله أو رفضه و الواضح والصريح ان يتفرغ اعضاءه بعد ذلك لاستحصال المكاسب التي ستقدم للجماهير  بعد أن اختارة طبقة منهم .
ولابد ان نكون صريحين بان تشكيل الكتلة الاكبر في مجلس النواب العراقي اليوم هي ازمة مخاض كبيرة وقد تخالف الامرمثل الحكومات السابقة ولن تخلوا من الازمات والتعقيدات والانشقاقات اثرت سلبا على اقرار القوانين التي يحتاجها الشارع العراقي وعطل من الدور التشريعي والرقابي في الدورات الماضية  وفي الوقت الحاضر  قد تسبب من مخالفات للتوقيتات الدستورية المتعلقة بعقد الجلسة الاولى للبرلمان اوانتقالها الى ( الجلسة المفتوحة ) كما تعودنا في الكثير من المواقف السابقة ، لعدم وجود قواسم مشتركة بين الكتل السياسية قد تفضي بايجاد أرضية خصبة للخلافات السياسية تحت قبة البرلمان وقابلة للتطور في أغلب الجلسات لتصل حد الاعتداءات فيما بين ولا يتعلق الامر هنا بديمقراطية ناشئة تتلمس طريقها الصعب والطويل، بل بسياق قائم على اخطاء، وخطايا، لا يمكن لها أن تنتج بسهولة حكومة يعقد الامال عليها و لايعرفها إلى من هم قدر المسؤولية الحقيقية التي تغلب على المصالح الشخصية والذين يقفون امام اي ممارسة قد تهدد وحدة البلد وعدم احترام الدستور والموقف من حماية الدولة الموحدة وهم معنيون بالقرارات التي سوف يتخذها البرلمان فقط والتي تخدم الصالح العام ، وتشكيل الكتلة الوطنية الاكبر ستعمل في التسريع لتشكيل حكومة قوية تحمل عدة عناصر مهمة .
1.   من إجل دولة عراقية محايدة لا تدخل في الحروب تجنح للسلم الدائم وتكن جزء من حلول ، وتؤسس فيها المؤسسات الدستورية وبناء المجتمع المدني وسيادة القانون، وشعب يبتعد عن عبادة الأصنام او الفرد ومن اجل تجنب الكوارث الناجمة عن مركزية السلطة والحكم الشمولي الذي يتناقض مع قواعد الحكم الديمقراطي، ومن اجل عراق تنعم فيه كل القوميات واتباع الديانات بالحرية والاستقرار والأمن، ويعترف بالأخر ويحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها، ويرسخ مبادئ التداول السلمي للسلطة لابد من احترام دستور البلاد ليكون بمثابة القانون الاساس أو القانون الأعلى في الدولة العراقية الفيدرالية يخضع له الجميع ويحتكم اليه الحاكم والمحكوم دون استثناء .
 2- الابتعاد عن تقسيم السلطة واللجوء الى الكفاءة والقدرة
3- الابتعاد عن التكتل الطائفي والقومي واختيار من يهمهم الوطن ارضاً وشعباً
4- ان يكون هناك برنامج حكومي يتفق عليه من قبل الاطراف كافة
5- ضرورة تشكيل حكومة بسرعة قادرة على تحمل المسؤولية فورا من اجل معالجة الملفات الملحة التي تضمن توفير الامن والخدمات للمواطنين.
اما من دخل الى البرلمان بشكل واخر فهم امام مسؤولية التي وضعت على كاهلهم عليهم الوفاء لتطلعات الشعب بمتابعة جماهيرية وعليهم ان يتعظوا من التظاهرات الاخيرة التي يمكن ان تحسب للغضب من سوء عمل الاعضاء السابقين في مجلس النواب والحكومة المنبثقة منها ولايمكن السكوت عن عملهم الغير سليم بعد الان  وإلا يعتبرهم من الصم و البكم وهم لا يهمهم معاناة الشعب واوجاعه التي يئن منها المجتمع وسيظل يعاني منها ابناء الشعب اذا لم يعطي المجلس اهمية لمطاليبهم الحقة .
6- على المنتخبين والكتل  ان ينتفضوا غبار الماضي  و التقدم من خلال رؤية استراتيجية اقتصادية مع امتلاك البلد  اكبر مخازن الطاقة يمكن استغلالها لكي تأخذ على عاتقها التشغيل و التوظيف لاكبر عدد من العاطلين .
7- جعل القطاع الخاص رافدا وداعما للقطاع العام والعكس صحيح كي لا يعاني أبناؤنا الخريجون في البحث عن فرص عمل ببلد يمتلك اهم الامكانيات الاقتصادية و الزراعة الفريدة من نوعها في العالم الشرقي وأحد اكبر مخازن الطاقة في العالم ، وهي مسؤولية فشل تقع على عاتق مجالس النواب السابقة  التي  عجزت طوال السنوات الماضية عن سن تشريعات تساهم في تبسط عملية الاستثمار التي هي ميزة البلدان التي تعمل للمستقبل و لجوء مجلس النواب إلى اقرار قانون الامتيازات الخاصة بالاعضاء خارج الروابط والضوابط القانونية لمصالحه الخاصة ، كما تم تعديل قانون الانتخابات في مدة قياسية ثلاث مرات وتشكيل مفوضية الانتخابات عبر لجنة في مجلس النواب حرصت على ضمان تمثيل الأحزاب المهيمنة داخل هذه التشكيلة ، كما تم تشريع قوانين غير اساسية  باعتبارها قوانين  (منجزة ) كان يفتخر بها رئيس المجلس بين حين واخرفي حين غض النظر عن تشريعات تصب في مصلحة المواطن العراقي وتسهل تقديم الخدمات له وهم امام مسؤولية تاريخية كبيرة بعد اليوم  في إثبات ‏قدرة الطبقة السياسية على إنجاز مشاريع قوانين حقيقية في المجالات المختلفة  ومن الاحادية الى التعددية ليكون العراق نموذجا لدول المنطقة والعالم  .
ابتداء لابد ان نذكر بان الانتهاء من  تشكيل الكتلة الاكبر لازال مبكراً جدا او هنالك تحالفا جديدا قد ينشأ ولازالت الخلافات حادة  ، واي تحالف ما يزال حتى الآن لم يستقر بعد بسبب الخلافات ذاته البين اي داخل الكتل حول تقسيم الوظائف والمسؤوليات ومن اهم هذه الوظائف رئاسة البرلمان في صياغة القوانين لانها تمثل الأساس الناظم لكل العلاقات والنشاطات داخل الدولة ، والضابط المحوري للعملية الدستورية والممارسة السياسية، وأي عملية اصلاح في الدولة لابد من ان تتخذ من القانون منطلقا لها في مجال مسيرتها، اذا كان البرلمان يضطلع بمهمة إقرار القوانين بشكل تخصصي و نحو صحيح  بما فيها القوانين التي تتناول جوانب اصلاحية للمجتمع وتطويرية لمختلف المجالات الحياة ، يكون من المقبول عقليا وعمليا البدء بإصلاح الخلل الذي تعاني منه هذه المؤسسة التشريعية، ووضع خطة عمل لتطويرها شكلا وموضوعا، ليتناسب وجودها وتشكيلها القانوني مع حجم الوظائف التي يفترض بها اداؤها على أكمل وجه.ومن ثم رئاسة الحكومة التي تعد القوانين وتنفذها على الارض ، وحتى الكورد بالنسبة لرئاسة الجمهورية رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بالبلد ولاتعني هذه المسؤولية سوى واجهة بروتوكلية  والتغير في تشكيل الكتلة الاكبر بسرعة هي محاولة لتفريغ الانتخابات من محتواها الحقيقة
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
       
 
 

475
سياسة التجويع لا تُركع الشعوب الحرة 
أن سياسة العقوبات والتهديدات لن تجلب للعالم سوى المزيد من الحروب والدماروالفقر والتجويع ولا تعبر إلا عن الانحطاط الأخلاقي والسياسي التي وصلت إليها بعض الأنظمة ،لان التطورات السياسية والتدهور الأمني في المنطقة  والعالم ساهمت في ازدياد عدد الدول الفاشلة، والدول المتجهة نحو الفشل ممّا وفر الأرضية المناسبة للعصابات الارهابية  التي تعمل وفق الأجندة الاستخبارية العالمية وبمقايس استراتيجية خاصة  وتنتهك كل الأعراف والقوانين الإنسانية من اجل السيطرة على عدة مناطق من العالم العربي خاصة  ولايمكن السكوت عنها و يعد من أبطش وأسوأ الوسائل المستخدمة في الصراعات البشرية في القرن الحالي، بل وتعد من أشد الانتهاكات على الإنسان ، وتهديداً صارخاً للوجود الإنساني بغض النظر عن الأدلجة، والمذهبة التي هي وراء تلك العمليات، إن الإنسان كرمه الله تعالى من فوق سبع سماوات ، وانتهك حقوق أخوة الإنسان على الأرض واستخدمه كأداة لتمرير المصالح والسياسات المرحلية وبأسلوب الحصار الاقتصادي الظالم هذه الجريمة البشعة ، تجلت في عدة دول عبر التاريخ وكثير من الشعوب عانت إثر هذه السياسات، فقد تكررت في العراق مثلاً وان المستهدف لم يكن النظام السياسي السابق فقط  الذي كان معروفاً بجرمه انما  للسيطرة على الثروة النفطية والزراعية وكعملية خبيثة للسيطرة على العقول العلمية .. وكذلك تاريخه وحضارته.... وباختصار تدمير الدولة العراقية.. بالقوة العسكرية ، وفي ليبيا ، وفي السودان ، وفي أفغانستان، وفي الصومال  واليمن في ظل سياسة التجويع والموت البطي للتحالف العربي على الشعب اليمني بأكمله والحصار الخانق الذي تجاوز الأربعة أعوام بحرًا وبرًا وجوًا، لا يقضي على جماعةٍ محدد بمفردها ، كما يدعون أعداء الوطن، وإنما يقضي على شعبٍ له تاريخٍ عريقٍ يحتل الألاف من القرون ويختلف بأطيافه الدينية والمذهبية ، وفي لبنان وفي فلسطين، كما في غزة تعيشها الان والكثير من شعوب العالم يحاصرون في شتى بقاع الأرض .
سياسة التجويع للتركيع والانبطاح اتخذتها الأنظمة والقيادات المستبدة ضد الشعوب المختلفة ، فالمصالح تتقدم على الأعراف، والقوانين، فليس هناك مبدأ يُحترم، ولا قانون يُعظّم،  او عدم امتلاك الحجة والبرهان فتعلوا بهما، و اتخذت من سياسة المال وكنزه في يدها القوة التي تملك الرقاب، وتذل بها الكبار. شتان بين الدليل والحجة والبرهان الذي يجمع العقلاء والحكماء
واكثر الناس والدول مالا في الغالب أقلهم جمعا للقلوب على القيم والمبادئ، بل المال في كثير من الأحيان أكبر سبب للطغيان والاستبداد والفساد والتي يقول عنها القران الكريم  "كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ، أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ،هناك دول أبية في التاريخ  مورست عليها نفس سياسة التجويع حتى تركع للطغاة وأذنابهم، لكنها أدارت أزمتها بمهارة وذكاء، فاستعدت للأزمة قبل وقوعها، وبعد وقوعها قلبت الموازين والطاولة على المحاصرين، وإن كانت الخطورة قوية عليها بالجهاد والتضحية والتاريخ العريق ممتدة وقائمة وهناك شواهد تاريخية كثيرة ، إنها تجرد من كل القيم والمواثيق والعقود المتعارف عليها عالمياً ، إن الحروب لها قواعدها وفق قوانين جنيف وحماية ضحايا الحرب وتستغرب البشرية من صور الضحايا التي فاق في مأساتها الحروب والمعاناة البشرية لقرون عديدة. "
على واشنطن اذا ما كانت تدعي الانسانية والدفاع عن حقوق الانسان إعادة النظر في مثل هذه الممارسات "لإنها اللعبة القذرة، ولتعلم بأن لعبة الركض وراء لقمة الخبزلن تُخضع الحر ".. نفس اللعبة الحاضرة في العديد من البلدان فشلت بسلاح الصمود والتحدي، وبنفس لغة الخطاب السياسي الأميركي التي كانت حاضرة مع العراق قبل الحرب.. إن تجويع الأطفال والممارسة البشعة بحقهم  والهيمنة على أجسادهم الصغيرة والمنهكة من الرمق والضمأ، والإساءة إليه تعني بالضرورة إساءة للامم ولتاريخها ولمستقبلها، وهي  أكثر كفرا من الجوع وأشنع من فعل السرقة التي قد تُجبر عليه في غالب الأحيان البطون الخاوية. ولسنا من باب التبرير للسارقين وأفعالهم الخارجة عن النطاق القيمي والأخلاقي والقانوني مهما كانت أسبابها أو دوافعها.
ان دول كثيرة في العالم اصبحت مسستهدفة لانها استطاعت ان تنهض وتبني لنفسها كيانات سياسية واقتصادية وتصبح في حالة من الاكتفاء الذي وفر لشعبها الكرامة ، وجعلها في مصاف الدول المتقدمة ، والسبب واضح ، لقد اختارت هذه الدول قادتها بارادتها ، ولم يفرضوا على ابنائهم رغما عنهم ، وكانت قادرة على مراقبتهم ومحاسبتهم ، وعزلهم حين يفشلون في تحقيق اهدافهم فلا يمكن من ان تستطيع قوة اخرى تفتيت عضدهم وتشتيت شملهم بسهولة كما يعتقد وتغيير مسيرتهم في المضي الى الامام.
 التجويع هي اللعبة التي تضعف فيها البلدان التي تبحث عن الحياة للاستيلاء على خيراتها ونهب ثرواتها وليست سياسة لتسقيط الانظمة وان تعرف بأن القوة والحصار والحرب على الشعوب لا يمكن لها أن تحقق أي أهداف سياسية ولا أطماع توسعية وأن الحل الوحيد هو في الحوار والتعايش السلمي ونبذ ثقافة العنف والكراهية والتسوية السياسية العادلة والسلام العادل تحت رعاية الأمم المتحدة واحترام القوانين الدولية  .وإدراك حجم التداعيات المؤثرة عليها جراء ذلك وهناك مصالح متعدد متبادلة بين البلدان، وهناك روابط قد تكون اجتماعية و ثقافية وتاريخية وسياسية ومتجذرة لا يمكن استئصالها بهذه السهولة التي يتصورها البعض من قادة البلدان المستكبرة ،لان  اللُحمة وأواصر الأخوة والدين أقوى من التشتيت،  وهناك مواقف كثيرة سطرت عبر التاريخ لوقوف شعوب مع شعوب أخرى خلال حصارها ، وكان المحرك الأساسي هو الغضب بسبب إهانة الشعوب ، ومن أجل صون الكرامة والحقوق، وإن اختلفت الأديان. والقوميات والاعراف فيما بينهم . ان للشعوب الحق في كل الشرائع والنماويس السماوية والأرضيه الدفاع عن نفسها وكرامتها وشرفها وسيادتها وإستقلالها بكل الطرق المتاحة أيا كانت وكيفما كانت وبكل السبل وبكل الطرق وأينما كان في الداخل او الخارج ومن واجب الامم المتحدة والمجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والقنوات والصحف الإعلاميه و مجلس الامن ومنظماتها الاغاثية والإنسانية والثقافية الدفاع عن هذه الشعوب في حال إستمرار الظلم والعدوان والفساد والذل والهوان والتشتت بحقها والوقوف معها والرد على دول العدوان عليها
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

476
العراق...التجاذبات والمتناقضات بتأثر المتغيرات الدولية
لاشك إن الضغوطات الدولية لن ولم تتوقف في سعي منها لانتاج حكومة وفق سياقاتها وقياساتها  وذات تبعية في العراق الذي يعيش تحت ضغط صراع إرادات داخلية ونزاعات إقليمية ودولية، ولا يجدون من يقف إلى جانبهم في هذه المحنة  ،الواقع السياسي العراقي اليوم تحيطه العديد من التجاذبات والمتناقضات وهي بالمحصلة تخضع لتأثير المتغيرات الدولية المحيطة ، الداخلية منها  ، كل محور يحاول ان يجمع حوله اطرافاً اخرى لتشكيل الكتلة الاكبر؛ والخارجية ، وهذا التأثير يبدو الان واضحا في المشهد الذي تلى الانتخابات الاخيرة ومايدور حتى الان من صراعات ذاتية وحزبية واقليمية  في ظل شك المواطن  بأداتها الانتخابية وشرعية الانتخاب والتي زعزعت ثقة المواطن بها بعد الفساد الذي شاب نتائجها لان أساس ثقة المواطن عندما تعكس نتائج الانتخاب إرادته لا إرادة مفروضة عليه كمفاهيم للديمقراطية التي لازلنا نحبوا بإتجاهها ، ولم نصلها بعد.. وأننا كمجتمعات نعاني من أمراض مزمنة تتعلق بإختياراتنا الآنية منها والمستقبلية علينا معالجتها اولاً قبل كل شيئ.. و لم تنضج ديمقراطية حقيقية متكاملة الأركان بعد في مجتمعاتنا.. ولا يمكن الوصول اليها بسهولة إلا في ظل حقوق وقوانين ومؤسسات وتطبيقات، تستند أولاً وقبل كل شيء على سيادة القانون، الذي له الكلمة الفصل، وكذلك مبدا المساواة دون تمييز بسبب الجنس أو الدين أو اللغة أو اللون أو المنشأ الاجتماعي أو لأي سبب آخر وبالمقابل نرى ان القوى السياسية منقسمة على تشیكل حكومة قوية ومتماسكه وصلبة بوحدة مواقف ألاطراف القائمة على التزامهم بالمشروع الوطني الاصلاحي النابذ للمحاصصة والداعي الى المحاربة الحازمة للفساد والضالعين  فيه والى اقامة دولة المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية وتأمين الخدمات والعيش الكريم للفقراء والمسحوقين والكادحين وذوي الدخل المحدود.
ووفق الحسابات السياسية والتحليلية ودراسة واقع حال المرحلة للكتل السياسية الفائزة وامتداداتها الإقليمية والدولية فأن قرار نوع ادارة الدولة العراقية القادمة في طريق وعر و وصل إلى نقطة حرجة من تاريخ تجربته الديمقراطية من الصعب أن يكون تكرار تشكيل الحكومة بالطريقة التي جرى العمل عليها في الدورات السابقة سندا في ترسيخها ويبعث الاطمئنان الشعبي بها، ونتائج الانتخابات اظهرت مجموعة من الحقائق اولها عدم وجود كتلة بعد اليوم تدعي انها تمثل مكونا لوحدها  و المباحثات مستمرة مع الاعم الاغلب من الكتل السياسية لانضاج خارطة الكتلة النيابية الاكبر ".وعلى الرغم من تواصل الكتل والقوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية تحركاتها وحواراتها خلف الكواليس لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي فلا اجد ان في الافق بادرة رغم كل الاجتماعات التي نسمع بها ونشاهدها وجميع الحوارات الجارية بين الكتل السياسية ما هي الا حوارات اعلامية عبر شبكات الاعلام المختلفة وتبقى تصريحات في انبثاق والاتفاق على تشكيل الكتلة الاكبرفهي بعيدة عن الواقعية ومغالطات للواقع فالتحالفات  لا توحي بشئ  لان اكثر الكتل لازالت غير متفقة فيما بينها على استراتيجية للقيادة والصراعات على اشدها فيمن يكون وفيمن لا يكون ويكتفي كل طرف بما يحصل عليه من مغنم حكومي في استمرار الحال للسنين الاربعة القادمة كما كان الحال في السنين السابقة ومعناه تكالب الاحزاب السياسية على الوزارات وانغماسها مرة اخرى في الفساد للحصول على الاموال والامتيازات بطرق غير سليمة  وترك المواطن في المستقبل كما ترك سابقاً دون الحصول على ابسط الحقوق والخدمات   ولازالت الكتل في مرحلة جس النبض لبعضها البعض وما يعلن لتشكيل  التحالفات لم ترتق بعد الى مرحلة معنى التحالف بل هي تقاربات يراد منها البحث عن مخرجات اولية وجس للنبض لتحقيق المصالح الحزبية قبل الوطنية بسبب التركيبة الهشة والمشوهة لأغلب القيادات السياسية العراقية الرسمية والحزبية التي تهمها المناصب والمسؤوليات للحصول على الامتيازات  والمكاسب وغاب من الساحة الرأي الحر والرأي المعارض وخف الصوت الرافض وسادت النزعة الفردية والأستئثار بالسلطة للقيادات النافذة ووصلت الأمور في البلاد الى ما وصلت اليه من السوء والأنهيار في كافة مجالات الحياة الأقتصادية والسياسية والثقافية والخدمية والأجتماعية وهي تكاد تكون مصرة للاستمرار عل النهج نفسه مما ساعد على إنتشار الجريمة بكل أشكالها و غياب  الروح الوطنية عن ذهن الكثير من اصحاب القرار  و  كل دعوات الاصلاح لأي كتلة مجرد غطاء للعبور وشعار غير مكتمل للتغطية على الفشل ، على الرغم من تصاعد موجة الحديث عن محاربة الفساد والمفسدين وإصلاح مؤسسات الدولة في المرحلة القادمة  دون ان تطرح اية خطوات جادة باتجاه إيجاد الحلول ووضع الاستراتيجيات المناسبة للحد منها ،و تعقد القوى إتفاقات شكلية سرعان ما تنهار دون وجود رؤية إستراتيجية ومشروع وطني بموقومات الادارة الناجحة بفعل الصراعات البينية لقادة الكتل السياسية، الذي لايوحي  في انتاج حكومة عراقية تحمل مقومات العصر بمعنى الكلمة في القريب العاجل .
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

477
العراق والتوازنات الداخلية والخارجية
لا يمكن اغفال حقيقة كون العراق عنصراً أساساً في المنظومة العربية والعالمية وعلى الجميع القبول بوجوده، فلا انفكاك في ذلك فعراق الرافدين يمثل تاريخ طويل يقدر بسبعة الاف عام من الحضارات المختلفة اجتمعت فيه ، "من منا لم يقرأ تاريخ العراق وخصوصيته الجغرافية والاجتماعية التي ولدت من تلاقح الحضارات التي نشأت في بلاد الرافدين، والتي كانت وراء التطور الحضاري والنوعي للمجتمع الإنساني، والانتقال التاريخي من البدائية إلى الحضارة والمدنية.
فعلى ضفاف نهري دجلة والفرات، في بابل وأور ونينوى وبغـداد، بنى أجدادنا السومريون والآشوريون والعرب حضارة عظيمة، وامتزجت ثقافاتهم وتفاعلت في كل المدن العراقية، مع استمرار ظهور الممالك العربية في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي. وقد أجمع المؤرخون على أن سكان مملكة الحيرة التي حكمها أمرؤ القيس والنعمان بن المنذر هم مزيج من العرب النازحين من شبه الجزيرة العربية وسكان العراق الأصليين، الذين استوطنوا بابل بعد سقوطها وتدميرها من قبل الساسانيين".، إن خصوصية العراق في التنوع الإنساني وأصالة الثقافة الوطنية المتسامحة كفيلة في إخراج العراق من دائرة التأثير الخارجي الذي غير معالم العراق التاريخية والثقافية والاقتصادية إلى حد الوصول للمساس برمز العطاء والأصالة والتنوع العراقي المتمثل ببلاد السواد، بلد النخيل والخير.وهناك مصالحة تأريخية سياسية مجتمعية عراقية تضمن إنهاء التضاد القومي والطائفي والإثني الذي شتت الدولة مع الاسف بعد السبعينات من القرن الماضي وامتداداتها السياسية  بعد عام 2003 ، وتضمن أيضاً مستوى مقبولاً من الوحدة الوطنية للدولة وسلطاتها، بما يضمن العدالة والمصالح لجميع العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم وإثناياتهم وتعزيزالدور الكبير للخصوصية الجغرافية والتاريخية لبلاد الرافدين في نشأة الدولة العراقية الحديثة، وأهميتها في جمع العراقيين تحت خيمة وراية الوطن الواحد، بعيدا عن مصالح صراع النفوذ الأجنبي الذي ((لا ناقة للعراقيين فيه ولا جمل)).
 رغم كل الماسي وما لحق بالعراق من قبل إخوته العرب رغم جذوره الدينية والقومية والعلاقات المصيرية المشتركة إلا انه حافظ على  تدعيم توطيد الأواصر الطيبة مع المحيط الإقليمي، وبنائه لعلاقات حقيقية، وفقاً للمصالح والمواثيق التي تربطه بالجوار العربي، والدول المؤثرة إقليمياً، مع الاحتفاظ بعلاقاته الأخرى. حفظا لمصالحه الاستراتيجية ،اما من جانب الأطراف العربية الفاعلة تحديدا كان همه وعمل عليه خلال السنوات الاخيرة  التفكير في بناء توازن اقليمي جديد، يأخذ في اعتباره الخريطة الجيوبولوتيكية للمنطقة ككل وليس أحد أطرافها بالذات، وإذا كان مثل هذا المدخل سيجد قبولاً، فالنتيجة المنطقية أن يبقي العراق اولاً في منظومة التوازن الاقليمي ككل، وثانيا يكون جزءاً من عملية أكبر تتعلق بكل الأطراف في المنطقة، فهذان المدخلان هما الوحيدان اللذان يمكن لهما أن يقود إلى الاستقرار في الاقليم، هذا إذا أريد للإقليم أن يشهد نوعاً من الردع المتبادل والاستقرار طويل المدى ومن يريد إن يفكر بمصير هذا الشعب  عليه عدم التغافل عن تاريخ يمتد في عمقه إلى الاف السنين. و من البديهي أن اصطدام العراق مع دول الجوار سيضر بأمنه واستقراره، فالعراق جار لإيران وتركيا والاردن والكويت  وللمملكة العربية السعودية، وله مع هذه البلدان وبلدان العالم علاقات سياسية متينة و تاريخية وثقافية ومذهبية وقومية اصيلة ، ولذا فإنه من غير المتوقع أن يعمل العراق على تحسين علاقاته مع بلد على حساب الدول الأخرى، كما أنه لا يتوقع أن تكون بغداد صديقة لدولة دون اخرى وأن تكون عدوة لدولة دون اخرة بدون سبب يمس استقلاله وسيادته أو بالعكس، بل ينبغي النظر إلى المصلحة في علاقاته مع الدول المجاورة وتوطيد الروابط معها .ومن هنا فان الانطلاق الاقليمي للعراق يتطلب عدة امورمنها:-
1-المحافظة على الامن الداخلي من اجل عدم ترك المجال امام القوى الخارجية بتأثير على الداخل العراقي من خلال ضرب منظومة الامن والاستقرار،
2- لملمة التنافر بين القوى السياسية السائدة والذي بات يشكل تهدد فعلي لديمومة العملية السياسية.
كما نؤكد على إنّ التوازن الفعّال يعني “دولة عراقية قوية سياسياً واقتصادياً وعسكرياً قادرة على حفظ التوازن الإيجابي بين استراتيجيات المنطقة”، وهو الأنموذج الأفضل للعراق والمنطقة، فبقاء العراق ضعيفاً سيقود -لا محالة- إلى تصادم وجودي بين الاستراتيجيات الكبرى، وتشتته سيؤدي إلى إعادة رسم للخارطة السياسية الإقليمية لأغلب دول المنطقة. إن التوازن الاستراتيجي هو: أنموذج الدولة العراقية المتزنة داخلياً والمؤدية دور التوازن الإقليمي والدولي الفعّال؛ بما يؤهل العراق ليكون قوة استرتيجية حقيقية مسالمة، وموازنة، ومتوازنة.وما في شك بأن استقرار المنطقة مرهون باستقرار العراق، وأي انحياز للعراق صوب الاستراتيجيات الإقليمية سيمزقه ويمزّق المنطقة، وإنَّ استقرار العراق والمنطقة يتطلّب خلق عراق التوازن الاستراتيجي، وهذا الأنموذج يحتاج إلى إعادة نظر بسياساته وإدارته، مع الحفاظ على تجربته الديمقراطية ومؤسساته الدستورية فالعراق اليوم يحتاج إلى نظرية الدولة ، المتمثلة بنواة صلبة للحكم تُضبِطُ إيقاع الدولة وفعلها وواجباتها. إنَّ سلب المجتمع القوة من الحكم، وابتلاع الأحزاب للدولة، والصراع التنافسي الوجودي بين قوى ومكونات الدولة، واستخدام العنف والإرهاب كأداة سياسية، والترهُّل والفساد والاستلاب، وغير ذلك، كلُّها عوامل أوصلت الدولة إلى ما هي عليه ،رغم تمتع العراق بكل مقومات النهوض من حضارة وثروات ومياه تكفي من أن تجعل منه القوة المؤثرة الرئيسية في المنطقة ، ولكن لن يجد العراقيون صعوبة في لمس العكس. من تدهور في مختلف الصعد ، الاقتصادية ، والثقافية ، والسياسية ، رغم كون شعبه يمتاز  بأصالته و بخصوصيته في تعدد أنواع الاديان والمذاهب والقوميات  وبتضاريسه المتنوعة  وبكل ما تحمله من معاني خصوصية بلاد الرافدين
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

2018-08-15 6:01 GMT+04:30 A Falah <alfalah1954@gmail.com>:
زيارة العبادي وازدواجية المعايير
من المعلوم ان حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء العراقي تناسى ان ادارة الحكومة الديمقراطية الحقيقية وعي وثقاقة وذكاء ودهاء هذه إجمالاً مجموعة المفاهيم التي يمكن إعطاؤها لكلمة السياسة وما زاد على ذلك أو نقص فهو بدعة سياسية ضالة ومضلة وزالة ومذلة، المواقف السياسية المفصلية، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع، وعلى عكس ذلك مَنْ لا يمتلك الدراية سيكون مشروعه مشوهاً، وإلا فالسفينة واحدة، وواجب الشعب حمايتها بكل الوسائل، لا أن ننقر فيها ونحطمها وفي الفترات الانتقالية لابد من الدبلوماسية السياسية السليمة ونكران الذات والاحتكام إلى المصلحة العليا للبلد ونسيان عوارض الأنانية وحب الذات ، والنظر ببصيرة إلى العواقب والتمعن في تجارب الآخرين والتبحر في أولويات المرحلة والابتعاد عن المزايدات التي تباح  فيها كل حرمة وتنتهك فيها كل قيمة وتزيف فيها كل المبادئ وحتى داخل الأحزاب الإسلامية والحركات الدينية إذا لم يبعد الدين عن المجال السياسي العام، فإن كل فرقة ستدعي لنفسها احتكار الحق وتزعم أنها لوحدها على جادة الحق الديني وأن الأخرى زاغت عن الطريق المستقيم، وترميها باتباع الباطل الزهوق إلى أن تخرجها من المعادلة . في هذه الايام يقوم العبادي بزيارات لبعض دول الجوار دون الاخرى المهمة والحقيقة ان هذه الزيارات لا قيمة لها.  اذ ان حكومته الحالية  منتهية ولايتها لا تستطيع ان تقدم شيئا وكل الاوامر الرئاسية التي تصدر منها غير قابلة للتنفيذ وهي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب المواقف الاخيرة المؤيدة للسياسات الامريكية اتجاه دول الجوار ويرى مراقبون ان العبادي تجاوز صلاحياته ودخل في قضايا دستورية ورطته وورطت كبيرة ، والاصلاحات التي دعى بها كانت حبرعلى ورق و إلا ما الذي فعله العبادي حتى لايقتضي تغييره هل امسك البلد ووحده؟ وهل نفذ مطالب الشعب؟، هو من طلب الاصلاحات ومُنح صلاحيات تامة، رغم ان البرلمان أخطأ بعدم ربطه بسقف زمني لتنفيذ اصلاحات حقيقية وجوهرية وكان من المفترض اعطائه فترة زمنية محدد على الاقل واذا لم يتم تنفيذها فأن من واجب البرلمان اقالته ” اضافة انه .خلق له “خصوم اشداء” بعد قراراته التي وصفوها بـ(المنفردة) والغير مدروسة العواقب ، المشكلة تقع لانه لم يستوعب فكرة الدولة الصحيحة  وفكرة المجال السياسي العام؟ وماذا إذا لم يستنبط الصغير والكبير في نسيجه الفكري والثقافي والنفسي اذا ما كان الوعي الديمقراطي الصحيح والأدوات الديمقراطية الصحيحة؟ لقد أخطأ كثيراً العبادي في سياسية ادارة البلد في رمته وازدواجية معاييره في تحديد مواقف بغداد إزاء القضايا الإقليمية.وضرورة خلق التوازن مع دول الجيران التي يرتبط العراق معهم بروابط مبنية على المصالح المشتركة  والابتعاد عن الشطحات الدبلوماسية ، وقوف بغداد إلى جانب تركية «في قضية الليرة ونزول قيمتها ، ودعمها في كافة التدابير التي ستتخذه انقرة امر حسن،ولكن أظهَار مُواقِفه التَّابِعة لأمريكا وإملاءاتها في العقوبات الانفرادية الغير ملزمة للمنظمات الدولية دُون أيِّ مُوارَبةٍ ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خطأ فاضح والتي تبدوا ان احتمالات نجاح العُقوبات الأمريكيّة في التأثير وتغيير النظام في ايران غير واردة في المُستقبل المَنظوروالتي الغاية منها أشعال فتيل الفَوضى الاقتصاديّة والسياسيّة في المِنطَقة وهم اي " الايرانيين " يَملِكون خِبرةً عميقة اكتَسبوها من مُواجِهة الحِصار لقرابة 40 عامًا، مثلما يملكون قوّات أمنيّة قويّة جدًّا بروحية عقائدية عالية لا توجد مثلها في المنطقة . وحَجم التبادل التجاري بين العراق وإيران يَصِل إلى 20 ملياردولار سنويا، "ضعف الموارد من الجانب التركي تقريباً "  مُعظَمها وارِدات رَخيصَة الثَّمن، ويزور العراق حواليّ أربعة ملايين زائِر إيراني وِجهَتهُم الأماكن الشيعيّة المُقدَّسة في النجف وكربلاء، ويَدفع هؤلاء 40 دولارًا مُقابَل تصريح الزيارة فقط لشخص واحد، ويَدفع كل زائر ألف دولار في المتوسط حسب التقديرات التقريبيّة كمصاريف للسكن وشراء البضاعة التبريكية كعادة الزوار للمقدسات الدينية .وقد توهم العبادي بأنه قد يعني انه سيكسب الاخوان من السنة في الولاء الى جانبه للولاية الثانية لو تشبث بمصطلحه الوهمي هذا و سيجلب له البقاء من الجانب الامريكي ، ويمنحه الحقوق، دون تشخيص مواقع الخلل وفشله اصبح واضحاً، ودون ان يعرض خطط للاصلاح في العمل الحكومي كما تعهد سابقاً وإنما تصريحاته لم تكن إلإ هواء في شبك ولان المواقف المفصلية ، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع،ومن هنا تم اتفاق معظم الكتل السياسية على تغييره كخطوة صحيحة وان مشاريعه الاخيرة مجرد خطوات ترقيعية لتهدئة الشارع خاصة بعد التظاهرات التي شملت الكثير من المحافظات .و كتبت صحيفة الغارديان البريطانية تحليلا عن التظاهرات العراقية والاحتجاجات ضد تفشي الفساد وتردي الخدمات في جنوب العراق ، مشيرة الى ان رئيس الوزراء حيدر العبادي في وضع لا يحسد عليه وكانت التظاهرات ضاغطا عليه وانه في موقف سئ ".والمواطنون يشعرون انهم تعرضوا للخيانة والإهمال من جانب الحكومات المتعاقبة حيث تعاني المدن العراقية كافة من الاهمال المميت في الخدمات رغم كل الوعود، والخيـانة أصبحت حالة تخدم اللعبة السياسية في العراق وهي لعبة رخيصة لن تـزاح من المشهد إلا بتغيير قـواعد النظام السياسي، ليتبين الخطأ من الصحيح  بين المخلصين لأنفسهم وعوائلهم وعشائرهم ووطنهم، وبين الخونة الغادرين.
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي


478
زيارة العبادي وازدواجية المعايير
من المعلوم ان حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء العراقي تناسى ان ادارة الحكومة الديمقراطية الحقيقية وعي وثقاقة وذكاء ودهاء هذه إجمالاً مجموعة المفاهيم التي يمكن إعطاؤها لكلمة السياسة وما زاد على ذلك أو نقص فهو بدعة سياسية ضالة ومضلة وزالة ومذلة، المواقف السياسية المفصلية، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع، وعلى عكس ذلك مَنْ لا يمتلك الدراية سيكون مشروعه مشوهاً، وإلا فالسفينة واحدة، وواجب الشعب حمايتها بكل الوسائل، لا أن ننقر فيها ونحطمها وفي الفترات الانتقالية لابد من الدبلوماسية السياسية السليمة ونكران الذات والاحتكام إلى المصلحة العليا للبلد ونسيان عوارض الأنانية وحب الذات ، والنظر ببصيرة إلى العواقب والتمعن في تجارب الآخرين والتبحر في أولويات المرحلة والابتعاد عن المزايدات التي تباح  فيها كل حرمة وتنتهك فيها كل قيمة وتزيف فيها كل المبادئ وحتى داخل الأحزاب الإسلامية والحركات الدينية إذا لم يبعد الدين عن المجال السياسي العام، فإن كل فرقة ستدعي لنفسها احتكار الحق وتزعم أنها لوحدها على جادة الحق الديني وأن الأخرى زاغت عن الطريق المستقيم، وترميها باتباع الباطل الزهوق إلى أن تخرجها من المعادلة . في هذه الايام يقوم العبادي بزيارات لبعض دول الجوار دون الاخرى المهمة والحقيقة ان هذه الزيارات لا قيمة لها.  اذ ان حكومته الحالية  منتهية ولايتها لا تستطيع ان تقدم شيئا وكل الاوامر الرئاسية التي تصدر منها غير قابلة للتنفيذ وهي تتعرض لانتقادات شديدة بسبب المواقف الاخيرة المؤيدة للسياسات الامريكية اتجاه دول الجوار ويرى مراقبون ان العبادي تجاوز صلاحياته ودخل في قضايا دستورية ورطته وورطت كبيرة ، والاصلاحات التي دعى بها كانت حبرعلى ورق و إلا ما الذي فعله العبادي حتى لايقتضي تغييره هل امسك البلد ووحده؟ وهل نفذ مطالب الشعب؟، هو من طلب الاصلاحات ومُنح صلاحيات تامة، رغم ان البرلمان أخطأ بعدم ربطه بسقف زمني لتنفيذ اصلاحات حقيقية وجوهرية وكان من المفترض اعطائه فترة زمنية محدد على الاقل واذا لم يتم تنفيذها فأن من واجب البرلمان اقالته ” اضافة انه .خلق له “خصوم اشداء” بعد قراراته التي وصفوها بـ(المنفردة) والغير مدروسة العواقب ، المشكلة تقع لانه لم يستوعب فكرة الدولة الصحيحة  وفكرة المجال السياسي العام؟ وماذا إذا لم يستنبط الصغير والكبير في نسيجه الفكري والثقافي والنفسي اذا ما كان الوعي الديمقراطي الصحيح والأدوات الديمقراطية الصحيحة؟ لقد أخطأ كثيراً العبادي في سياسية ادارة البلد في رمته وازدواجية معاييره في تحديد مواقف بغداد إزاء القضايا الإقليمية.وضرورة خلق التوازن مع دول الجيران التي يرتبط العراق معهم بروابط مبنية على المصالح المشتركة  والابتعاد عن الشطحات الدبلوماسية ، وقوف بغداد إلى جانب تركية «في قضية الليرة ونزول قيمتها ، ودعمها في كافة التدابير التي ستتخذه انقرة امر حسن،ولكن أظهَار مُواقِفه التَّابِعة لأمريكا وإملاءاتها في العقوبات الانفرادية الغير ملزمة للمنظمات الدولية دُون أيِّ مُوارَبةٍ ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية خطأ فاضح والتي تبدوا ان احتمالات نجاح العُقوبات الأمريكيّة في التأثير وتغيير النظام في ايران غير واردة في المُستقبل المَنظوروالتي الغاية منها أشعال فتيل الفَوضى الاقتصاديّة والسياسيّة في المِنطَقة وهم اي " الايرانيين " يَملِكون خِبرةً عميقة اكتَسبوها من مُواجِهة الحِصار لقرابة 40 عامًا، مثلما يملكون قوّات أمنيّة قويّة جدًّا بروحية عقائدية عالية لا توجد مثلها في المنطقة . وحَجم التبادل التجاري بين العراق وإيران يَصِل إلى 20 ملياردولار سنويا، "ضعف الموارد من الجانب التركي تقريباً "  مُعظَمها وارِدات رَخيصَة الثَّمن، ويزور العراق حواليّ أربعة ملايين زائِر إيراني وِجهَتهُم الأماكن الشيعيّة المُقدَّسة في النجف وكربلاء، ويَدفع هؤلاء 40 دولارًا مُقابَل تصريح الزيارة فقط لشخص واحد، ويَدفع كل زائر ألف دولار في المتوسط حسب التقديرات التقريبيّة كمصاريف للسكن وشراء البضاعة التبريكية كعادة الزوار للمقدسات الدينية .وقد توهم العبادي بأنه قد يعني انه سيكسب الاخوان من السنة في الولاء الى جانبه للولاية الثانية لو تشبث بمصطلحه الوهمي هذا و سيجلب له البقاء من الجانب الامريكي ، ويمنحه الحقوق، دون تشخيص مواقع الخلل وفشله اصبح واضحاً، ودون ان يعرض خطط للاصلاح في العمل الحكومي كما تعهد سابقاً وإنما تصريحاته لم تكن إلإ هواء في شبك ولان المواقف المفصلية ، تتطلب حنكة وحكمة لقيادتها لبر الأمان، فالبدايات العظيمة تنتج مشروعاً واقعياً عادلاً يحتضن الجميع،ومن هنا تم اتفاق معظم الكتل السياسية على تغييره كخطوة صحيحة وان مشاريعه الاخيرة مجرد خطوات ترقيعية لتهدئة الشارع خاصة بعد التظاهرات التي شملت الكثير من المحافظات .و كتبت صحيفة الغارديان البريطانية تحليلا عن التظاهرات العراقية والاحتجاجات ضد تفشي الفساد وتردي الخدمات في جنوب العراق ، مشيرة الى ان رئيس الوزراء حيدر العبادي في وضع لا يحسد عليه وكانت التظاهرات ضاغطا عليه وانه في موقف سئ ".والمواطنون يشعرون انهم تعرضوا للخيانة والإهمال من جانب الحكومات المتعاقبة حيث تعاني المدن العراقية كافة من الاهمال المميت في الخدمات رغم كل الوعود، والخيـانة أصبحت حالة تخدم اللعبة السياسية في العراق وهي لعبة رخيصة لن تـزاح من المشهد إلا بتغيير قـواعد النظام السياسي، ليتبين الخطأ من الصحيح  بين المخلصين لأنفسهم وعوائلهم وعشائرهم ووطنهم، وبين الخونة الغادرين.
عبد الخالق الفلاح –باحث واعلامي

479
مستقبل العراق والحکومة المقبلة
عبد الخالق الفلاح
في ظل الانفتاح السياسي الذي شهده العراق فان ممارسة الديمقراطية المنشودة سوف تستغرق وقت طويلاً وهذا ما اكدنا عليه سابقا ويتطلب وعياً وقناعة من لدن القيادات السياسية للتبلور عنها حكومة وطنية فاعلة تمثل جميع مكونات الشعب العراقي  في توظيف العقول الفنية والمعرفية القادرة على تفعيل دور المؤسسات ذات العلاقة ويجب ان تكون التحصيل الحاصل بعد العزوف الجماهير عن المشاركة في التصويت لانتخابات مجلس النواب الذي هو في حال التشكيل في دورة القادمة . ومن المفيد الالتفات إلى تشريع القوانين المهمة المعطلة واكمال المشاريع التربوية والخدمية والترفيهية  والاهتمام بالشباب والحرص على تقليص حجم البطالة بينهم وتعزيز اندماجهم المجتمعي ومعالجة مشاكلهم وحاجاتهم الملحة، والاهتمام أكثر بالأسرة العراقية وتعزيز تماسكها ومعالجة مشاكلها،لان طبيعة النظام السياسي الخاطئ في العراق بعد عام 2003 لعب دوراً سلبياً في تمزيق التعايش والإندماج بين أفراد المجتمع وشهد العراق وضعا سياسيا مضطربا الى جانب الاوضاع الامنية والاقتصادية المتفاقمة ولا سيما عقب الخلافات والازمات والانقسامات عبر قيام الحكومة على أسس المحاصصة الطائفية والقومية و هيمنة التقاليد العشائرية على مجمل العملية السياسية الحالية  ، الأمر الذي ساهم في خلق هويات طائفية ومذهبية وعرقية ومناطقية على حساب الهوية الوطنية العراقية الجامعة، مما أفقد النظام إمكانية بناء مؤسسات الدولة القوية ، والحفاظ على أهم مقومات التسامح والسلم الأهلي .كما ان الواقع السياسي يؤكد بما لا يقبل الشك بأن الأحزاب السياسية وبعد أن أدركت فشلها في إقناع الناخب العراقي وظهر جليا من خلال نتائج الانتخابات الاخيرة وهو ما يعني زيادة الوعي السياسي والإجتماعي والفكري لدى أبناء المجتمع من ناحية، والنظر إلى الأحداث بنظرة واقعية لا مثالية وعليه فأن مستقبل العملية السياسية في العراق بعد الانتخابات يتطلب تغيير في الممارسات السطحية  والمفاهيم المشوه والعقائد الدخيلة والسلوكيات المضطربة  التي سارت عليها الكتل والأحزاب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة بعد التغييروتتحمل كامل المسؤولية دون استثناء لما وصل العراق اليه من تخلف وتأخر عن الحضارة العالمية ما يؤشر على أنه لا توجد مبادئ ثابتة لأغلب الأحزاب والكتل السياسية،.ويؤكد فشل تجربتها السابقة في إدارة الدولة العراقية، والتخلي عن كثير من المبادئ التي كانت تنادي بها على مدى السنوات السابقة و يتطلب من القادة العمل من اجل  العودة للحكمة والابتعاد عن تصديع وتضيع الشارع ، فالجميع جرب الشارع وما يستحضره من نزاعات ونكبات وويلات ، فالشارع ليس المكان المناسب لحل الخلافات في ظروف تكالبت عليه قوي الشر للنيل منه تحت مسميات عديدة مثل ( القاعدة وداعش وحزب البعث وغيرها من المسميات النتنة ) واتضحت ابعادهم الرامية الى تمرير المنهج الاجرامي فهم بلا شك داء يحتاج الى دواء قبل ان يستغل الفجوات والتصدعات التي تسود العملية السياسية نتيجة اخطاء رجالها .
ولاشك الجلوس على مائدة الحوار الذي  يمنح  قدرة فائقة  فى مجال التفكير الجماعى الذي تشارك فيه كل فئات الشعب والاحزاب المنتمية له مما يساهم فى تكاثف الأفكار التى تقود محصلتها  فى النهاية إلى  بلورة وعي جماعي  تنتج عنه خلاصة توافقية  تقدم حلولا لكل المحاور المطروحة للنقاش الجمعي الصائب والمقتدر . على قادة الكتل ان يضعوا مصالحهم وخلافتهم  الشخصية خلف رؤوسهم والجلوس معاً لحل المشاكل وهي ليست تحديات اعتيادية بل هي اخطر مما يتصوره اي انسان،  . فالعملية السياسية في العراق لم تسير في الطريق القويم منذ البداية ، إذ كانت الكتل والأحزاب السياسية على إختلاف عناوينها ومضامينها الدينية والعلمانية والقومية عامل تشويه للعملية السياسية، فقد كانت أحزاب و طوائف وقوميات ومناطق أكثر من ان تكون أحزاب وطنية واسعة تمثيل مختلف مكونات الشعب العراقي، فضلاً عن كون الخطاب السياسي والديني أتسم بالفوضوية في إدارة الدولة العراقية، وكان الصراع والتنافس على أدوات السلطة وأمتيازاتها هو الإتجاه البارز في العملية السياسية .
دون التفكير بالاسلوب الامثل للحواروهو الطريق الاسلم والوحيد الذي يوصل الشعوب الى وضعها المستقروتزول الفوارق بين مكوناتها فتحل المشاكل من خلال الاعتراف بالاخر والتمسك بالمبادىء الصحيحة المقبولة عندها، والسير في طريق الحق والخير لايصال الانسان الى حقه ، نحن اليوم بحاجة الى هذا الطريق الحواري المعترف به عند الاطراف كافة ، لذلك على الجميع ان يسمعوا صوت العقل والالتزام بالخيارات الجيدة التي تنصف الناس في حقوقها وواجباتها اولاً واخراً، وتتصف  بالخير والمحبة لا تزمت فيها ولا غلظة ولا خشونة ، بل هدوء وعقلانية ومحادثة وبحث لوضع الحلول المنهجية السليمة والصحيحة لخدمة كل المجتع وافراده وتحقيق مصلحته وحقه في العيش الامين بكرامة وسعادة وراحة بال وهدوء واستقرار .
على القادة السياسيين بذل جهوداً كبيرة وحراكاً متميزاً كي تتبلور عنه حكومة قوية تكون قادرة على إدارة شؤون البلد وخاصة في بلد مثل العراق لانه بلد متعدد القوميات والأديان ومتنوع الثقافات والعمل السياسي في بلد مثله ليس بالأمر السهل وأن يعودوا إلى رشدهم وليوقفوا الانحدار والتخبط الذي يسود العراق هو نتاج سلوكهم الغير متزن ويختاروا الصواب والحكمة ، وأن يفكروا بمصالح الناس والشعب وبمستقبل بلدهم. كفى انزلاقاً وارتزاقاً على حساب دمه ، فكروا قليلاً بضيمه ومعاناته ومحنته ،  إن حالة الجمود السياسى وفقدان أى رابط للتواصل مابين القوى السياسية والمجتمع وصناع القرار وغياب الاطراف الخيرة الساعية لانهاء التشرذم والذي لن ينضح عنه سوى مزيد من الاضمحلال والتقهقر الى الوراء والتجاذب السلبى الذى يشغل الوطن والمجتمع ليس إلا معول للهدم وعصى في عجلة  تطوير افكار التنمية  فى المجالات المرتبطة  بالحياة اليومية للمواطنين، ويحد من إشباع رغباتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم فى إطار بناء دولة تقوم على العدالة وقيم المواطن . الحوار الوطني المخلص مدخل مهم لحل الازمات فالكل اليوم يعيش في ظل ايام صعبة والطروحات الشائكة الفردية التي لا تجدي نفعاً وبعكس ذلك يبقى البلد يراوح في مكانه منتظرا لمفاجآت قد تهدد العملية السياسية في العراق بمجملها، كما تهدد وحدة وسيادة هذا الوطن،

480
التعليم في العراق والحقيقة المرة
يعتبر التعليم في العالم هو الركيزة الأساسية لأي تغيير منشود والمفتاح لخلق مستقبل مستدام و هي إلاطار العام الذي يحدد الغايات العريضة والمصادر التي يعتمد عليها لاشتقاق تلك الاهداف، والوسائل التي ينبغي إتباعها لتحقيقها، سواء أكانت خططاً أو إجراءات عامة تصف تنفيذ تلك الخطط.
من العسير على البعض أن يُصَدِّق أن العراق الديمقراطي الذي يحتوي على ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم ، ما زالت فيه حتى اليوم مئات المدارس الطينية، التي تحتوي على مقاعد دراسية محدودة و رَثَّة، يتكدس فوقها عشرات الطلاب من كلا الجنسين، فيما لا يعلم أحد أين تذهب مليارات الدولارات التي تُخَصَّص لدعم التعليم في الموازنة كل عام .  و تواجه العملية التربوية والعلمية انتقادات وتساؤلات كبيرة، فمع كل عام دراسي جديد. يتساءل المهتمون بالشأن العلمي والتربوي ما هو الجديد في المناهج العلمية وما الجديد في البيئة المدرسية، وهل سيشهد العام الجديد تطورا حرصا ومثابرة أكبر لحصاد نسبة نجاح أكبر، أم لا. وقد لا تلقى هذه التساؤلات وغيرها إجابات وتبقى عائمة ، على كل حال يعاني التعليم من تراكمات الاستراتيجيات الغير ناجحة لمختلف الانظمة خلال العقود الماضية، حيث صنفت بعض المنظمات الدولية الحالة التعليمية في العراق حالياً ضمن الأضعف عربياً . بعد ان كانت الجامعات العراقية مكانة علمية عالية واحتلت النسبة المتقدمة في ترتيب الجامعات العالمية ودرس فيها الكثير من الطلبة من مختلف انحاء العالم لتمتعها بكفاءة عالية والاعتراف بها ،تدهور وضع التعليم في العراق مابعد فترة حرب الخليج الأولى وحلت الكارثة التي عجزت كل الجهود لاصلاحها واذا نظرنا  لما قبل حرب الخليج الأولى عام 1991 ميلادية حيث كان يمتلك نظام تعليمي يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة ، تقدر نسبة المسجلين في التعليم الإبتدائي بماتقارب الـ 100%، كذلك نسبة عالية للقادرين على القراءة والكتابة و التعليم ولكن تغييرت المعادلة كثير بسبب دخول العراق في حروب والحصارالاقتصادي الذي فرض عليه بسبب ممارسات النظام الخاطئة  وإنعادمية في الأمن. وانعدام المنهجية بعد عام 2003، فقلة نسبة المشاركين في منظومة التعليم ، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع  وأثر النقص في الكتب والمناهج الدراسية سلباً على المستوى التعليمي للطلاب، وقد تمر فترة طويلة من العام الدراسي دون حصول الطلاب على كتبهم وقرطاسيتهم، والمتمكن منهم قد يلجأ الى شرائها من باعة الكتب المتوفرة لديهم والمفقودة من مخازن التربية وبأسعار عالية ولا يتمكن أولياء امور الطلبة من ذوي الدخل المحدود من شرائها .. ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل فترة الحصار و بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق لمساعدة الاهل لتوفير المعيشة ، في حين ان النظام التعليمي قبل ذلك التاريخ كان يضم مايقارب الـ 6 ميلايين تلميذ مابين فترة الحضانة حتى الدرجة الـ 12 ، بالإضافة إلى مايقارب الـ 300,000 معلم و إداري. وكان التعليم إجباري حتى إكمال المرحلة الإبتدائية ، بعدها يخير الطلاب لإكمال دراستهم على حسب نتائجهم في الإختبار العام ( البكلوريا ) و بالرغم من وجود خيار التعليم المهني في منظومة التعليم العراقية ، لكن القليل من الطلاب يختارونه نظراً لرداءة النوعية التعليمية المقدمة فيه. و كان العراق قبيل سنوات مضت من الدول التي صنفتها منظمة اليونسكو الخالية من الأمية وأن أكثر المواطنين فيه يقرؤون ويكتبون بسبب حملة مكافحة الأمية التي انطلقت من أواخر السبعينيات من القرن الماضي وانتهت الحملة في الثمانينيات من القرن الماضي ووصلت الى اعلى مستوياتها، والذي ساعد في الحد من الأمية هو مجانية التعليم ابتداء من التعليم الابتدائي ووصولاً إلى أعلى الدراسات في التعليم الجامعي الاولى و الماجستير وحتى الدكتورا وغيرها. ومع الاسف ان التعليم بعد الحصار ولحد اليوم وهو يعاني من سوء التخطيط وعدم احتضان العقول والكفاءة العلمية لادارته . ويحتاج العراق الى 20 الف مدرسة بحسب احصاءات وزارة التخطيط العراقية؛ لسد النقص الحاصل في المدارس، حتى يقتصر الدوام على الصباحي فقط ، وتتخلص المدارس من دوام المزدوج الموجود حاليًا، والذي يعتمد على الصباحي والمسائي، ووصل الحال في بعض المدارس إلى دوام ثلاث وجبات (صباحي وظهري ومسائي . ويواجه المدرسون صعوبات بالغة بسبب أعداد الطلاب، ما يحملهم مزيدًا من الجهد، وسبب مشكلة اكتظاظ المدارس الدمار الذي لحق بالأبنية المدرسية وتهالك البعض الاخرمنها ، وهذا يحمل الدولة طاقة هائلة، وينتج عنه ضَعف في استيعاب الطلبة لدروسهم؛ للعدد الزائد في كل صف دراسي عن الاستيعاب الحقيقي .ومن هنا وبسبب عدم تطوير العملية التعليمية انتشرت البطالة وانتشر الفقر، وحسب المعطيات فحوالي 10% فقط من خريجي الجامعات العراقية يجدون فرص عمل، بينما 30% من تلاميذ المدارس الفنية يتم الاستفادة بهم في سوق العمل، ولأن الناس لا يعتبرون التعليم بوابة للحصول على فرص عمل ونظراً لقلة رواتب التعليم تشير معظم هذه الأرقام إلى أن حوالي 60% من التلاميذ لا يكملون دراستهم الابتدائية بل يتسربون من التعليم، ولوحظ أيضاً تراجع واضح في أعداد العاملين في العملية التعليمية العراقية، ولا توجد بوادر لتحسن المستوى العلمي في العراق وما زالت غائبة في ظل انتشار الدروس الخصوصية والمدارس الاهلية وانعدام جدية عند الكادر التدريسي و أن يشاركوهم في تبسيط المواد التعليمية وفهمه لهم . ، في نفس الوقت تعاني المدارس من مشكلات اخلاقية وكثير من السلوكيات المنحرفة التي بدأت تظهر على الأطفال في المدارس، كالتدخين والتسرب من قاعات الدرس وارتياد المقاهي أثناء وقت الدوام وأصبحت بيئة منفّرة وليست بيئة جاذبة، وإذا سألنا أي طالب هل تحب المدرسة؟ سيجيب بكلمة لا. والسبب هو الافتقار الى الاساليب الصحيحة للمعلمين والمدرسين .وتعاني المعاهد والجامعة العراقية ايضاً عجزاً واضحاً في التجهيزات والبنية الأساسية، والكتب المدرسية إلى نسبة 40% على الاقل في بداية كل سنة وتبقى تعاني حتى اواسط السنة الدراسية .وكذلك من الأسباب المهمة التي كانت ولازالت تواجه العملية التربوية وتعيقها بشكل كبير جدًا هي الأوضاع الأمنية المتردية في البلد، والتي أصبحت ذات تأثير كبير على قطاع التعليم من نواحي عديدة واهمها تعطل الدوام عند حدوثها ، و ظاهرة النزوح والتهجير التي تعرض لها الطلبة، فضلًا عن قلة الوعي الثقافي في المجتمع العراقي في بعض المناطق لعدم وجود برامج تتبناها الدولة؛ مع وجود معوقات نفسيه لدى الكثير من الطلبة ومنها شعور الطالب بالإحباط نتيجة عدم وجود نوع من التوعية النفسية، مثل الحصول على فرصة عمل تنسجم مع التخصص الذي حصل عليه الطالب بعد إكماله للدراسة. لاشك أن إصلاح التعليم يحتاج إلى تكاتف جهود الجميع وتدخل عاجل من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذ، و لا يتغير حال التعليم إلا على تطوير مستوى تدريب وتكوين المعلمين والأساتذة أو إنشاء بنية تحتية أو صياغة برامج لإصلاح القطاع أو حتى القضاء على بعض مظاهر الفساد الإداري والمالي في المؤسسات التعليمية، وعلى العكس فقد يشهد القطاع التعليمي كما في السنوات السابقة  انهياراً شديداً او من بين الأسوء منذ تأسيسه، وذلك من خلال جميع الأرقام والمعطيات، وخير دليل على ذلك نسب نجاح الطلاب في واخر السنة دائما هيت متردية و مايثبت أيضاً أن مختلف الأنظمة فشلت كلياً في فك بعض رموز هذه الأزمة، أو بالأحرى زادت التعليم تأزماً، حيث مازال تدهور مستوى الطلاب والمعلمين والأساتذة قائماً والظروف الصعبة هي نفسها دون بوادر للانفراج فيها و لقد انعكست هذه الأوضاع السلبية في التعليم على مستوى الطلبة وقدراتهم اللغوية والعلمية بشكل كبير، اضافة الى تفشي المعتقدات الطائفية المتطرفة وتفاقم الغيابات والتسرب من المدارس لأسباب اقتصادية وتفشي الأمّية والجهل .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

481
الحقيقة والخيال في تصريحات ترامب
أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا المخلوق الذي لا يخلو من شيء يسير من غرابة إلأطوار وفيه الكثير من الحماقة فهناك شيء بليد ومتهالك فيه ، استعداده للقاء القيادة الإيرانية وأكد على عدم وجود شروط مسبقة من جانبه للقاء المسؤولين الإيرانيين عندما ترغب طهران بذلك، وذلك بعد التهديدات المتبادلة بين الطرفين خلال الاسبوعين الماضيين وبنبرة جديدة وعبّر عن ثقته بأن المسؤولين الإيرانيين سيبدون رغبتهم باللقاء في نهاية المطاف، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك جمعه برئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي .وقد اكد على ان يكون للقاء معنى ،وقال ترامب في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض وإنه على استعداد للاجتماع بهم في أي وقت، مضيفا أن "ذلك سيكون جيدا لهم، ولنا وللجميع . ولن تكون هناك شروط مسبقة " والحقيقة ان موقف الرئيس الامريكي الجديد يحمل كثيرا من التصورات السياسية، فهومن جانب يسعى الى المزيد من الضغط علي ايران بعد خروجه من الاتفاق النووي ومن جانب اخر يغيير كلامه بعد ذلك "أمريكا كانت قد انسحبت من الاتفاق في مايو/أيار الماضي"و كشف وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو في الحادي والعشرين من مايو/ أيار الماضي عن "استراتيجية جديدة"، تهدف إلى إرغام إيران على الخضوع لـ 12 مطلبا صارماً . وردت طهران على الاتحاد الاوروبي ان  لا تعديل على بنود اتفاق 14 يوليو 2015،شرط نيل طهران ضمانات أوروبية بعدم اللحاق يوماً بالقرار الأميركي، وبعدم التأثر نهائياً بالقرار الأميركي تجارياً ومالياً ونفطياً نتيجة خوف ما من احتمال أن تطاول العقوبات الأميركية مؤسسات أوروبية بتهمة مواصلة التعامل مع إيران، وهي معادلة قابلتها عواصم القرار الأوروبي، من باريس إلى برلين فلندن خصوصاً، بكلام يفيد بأن أوروبا ستواصل الالتزام بالاتفاق النووي. ، ومن جانب اخر فرضت واشنطن عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق  رغم انها كانت قد تعهدت بالالتزام بالاتفاق والعمل به وقد سبق وان صرح مسؤولون أميركيون وعرب إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تمضي قدماً خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة كما يدعي هو نفسه والخطة التي ترمي إلى تشكيل نسخة عربية من «حلف شمال الأطلسي» أو «ناتو عربي»، ويأمل ترامب أن يتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه موقتاً اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» خلال قمة تقرر مبدئياً أن تعقد في واشنطن في 12 و13 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل  من شأنها على الأرجح أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، والمحتدم بالفعل بشكل متزايد منذ أن تولى الرئيس دونالد ترامب السلطة والغاية الاساسية استنزاف المال الخليجي بشكل جديد ضمن الميزانيات الترهيبية التي سوف تعد للصرف لهذه القوات ،وهذه الخطوات التي يطرحها و يتخذها الرئيس الامريكي  دونالد ترامب  ليس حبا بالعرب واهل الخليج الفارسي  بل حبا في ثرواتهم التي بدأت في التدفق على الخزانة الامريكية بشكل يزعج سكان هذه البلدان ويؤثر على مسار حياتهم اليومية و لانها محاولات يائسة لأن إيران اليوم مختلفة عن الماضي، وهي في ذروة اقتدارها من جميع النواحي العسكرية والعلمية والاقتصادية وهذه الممارسات للولايات المتحدة تمثل "نهجا يعتمد على الحرب النفسية الشاملة عبر وسائل الإعلام وبعض حلفائها وقد يعتقد البعض بأن امريكا تتحرك بأكثر من جناح سياسي وعسكري، وتعمل على إسماع كل طرف ما يرضيه، وهو ما يفرض على دول مجلس التعاون الخليجي الفارسي أن تطالب ما يثبت مصداقية الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون معها، وليس ما يزيد في توريطها في حروب إقليمية أكبر لتخسر الحاضر والمستقبل  ، واظهار ان موقفه لحساب الخليج الفارسي، والواقع ان هذه التحركات والخطوات تصب لصالح الكيان الاسرائيلي وجزء من مقدمات التطبيع مع هذا العدو ، وسبق من جانب الجمهورية الاسلامية الايرانية ان ر فضت تحذيرات من ترامب قال فيه إنها «ستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ» إذا لم تتوقف عن تهديد الولايات المتحدة ورفضت ايران اي لقاء مع الولايات المتحدة الامريكية إلا بالعودة الى الاتفاق النووي وتنفيذ بنوده اولا وتهدد بعدم الدخول في اتفاقات جديدة، ووضعت 12 شرطا للتوصل الى اتفاق جديد معها. بل وتهدد بالتعجيل بمواجهة اسرائيل سواء من سوريا اومن طهران، فقد نصح الرئيس الايراني نظيره الاميركي "بعدم اللعب بالنار" معتبراً أنّ أيّ نزاع مع إيران "سيكون أم المعارك".وان شعبه لا يخشى التهديدات الأمريكية الفارغة، وهو أعظم شأنا بكثير من دونالد ترامب ومايك بومبیو وجون بولتون وكل المتطرفين في واشنطن و إن هذا الشعب سينجح وينتصر في مواجهة الاعداء ،اما الطروحات الأمريكية بشأن الحيلولة دون تصدير النفط الإيراني فانها مجرد تبجحات لأن "التحليلات السابقة تشير إلى أن أمريكا ومع وجود قرارات مجلس الأمن لم تستطع أن تفعل ذلك قبل انعقاد الاتفاق النووي  ، وقد رد ترامب في تغريدة له قال فيها: "إياك وتهديد الولايات المتحدة مجدداً وإلا ستواجه تداعيات لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ". كل المؤشرات تؤكد أن ترامب يتعامل مع السياسة الخارجية الأمريكية بوصفها أحد المشاريع الخاصة بشركاته، والتى لا يحق لأى شخص سواه التحكم فيها ، ولكن الأسوأ أن مصالحه الشخصية عادة ما تتغلب على الصالح العام . فشركته تعمل لحسابه وليس لحساب شعب بأكمله أو حتى لحساب حزبه الذي يواجه موقفا صعبا خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس خلال أشهر قليلة . أما الحرب التي يشنها الإعلام الأمريكي حاليا ضده، فليست سوى جزء من كراهيته العنيفة ورفضه لسياسات ترامب؟ بل بسبب الحرب التى يشنها البيت الأبيض بشكل متواصل على الإعلام الأمريكي وتشكيكه المستمر فى مصداقيته. والاختبار الأكبر لها هوالانتخابات المرتقبة، فهل سيعاقبه الشعب الأمريكي على سقطاته وأخطائه المستمرة ؟ أم أنه سينجح فى إنقاذ حزبه من الهزائم التي تهدده؟
وقد سبق وان اشارت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني  الى " إن حالة العالم اليوم هي حالة من الفوضى، وانتشار الأزمات، ويبدو أن المواجهة تغلبت على العقلانية… وفي اللحظة التي لا يسير فيها كل شيء على ما يرام، هناك حاجة ماسة إلى العقلانية والهدوء وقابلية التنبؤ والاحترام والحوار لتفادي أسوأ السيناريوهات ومنع انتشار الصراعات واحتواء التوتر، والحفاظ على ما يزال يعمل، وهذا ما نعتزم فعله في حالة الاتفاق الإيراني
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
         
 

482
مجلس النواب العراقي وخیانة الامانة
أي طينة صنعتم منها ومن ای اناس وبشر انتم ؟ الذین يجب ان تطغى عليهم روح التفاني لخدمة المجتمع وحل معظلاته الاساسية  لا فی خلق  واستمرار ظهور الازمات التي ابعدتکم عن العطاء والاقرار فيها بقوانين متناسبة مع الاهمية والتعمد فی اهمال أخرى حيوية  وتاسست تحالفات متناقضة فی کل شیء .عطلتم القرارات التي تنفع الشعب والعملية السياسية والقضاء مثل قانون النفط والغاز وقانون التعديل البرلماني لردم الفجوات الکثیرة فیه وقانون العفو العام واصلاح قانون الأحزاب المختلف علیه الذي بقي دون تطبيق وليس فيكم شجاعا ً يطالب بتطبيقه، وانفقتم على مفوضية انتخابات الوقت الطویل  لتحقق لکم مآربكم الزائفة وكان من نتائجه الوخيمة حالات التزوير والتلاعب في خيارات الناخبين في الانتخابات الاخيرة والتي نعيش وطأة آثارها الى الان . بعد ان استولت مجموعة من نواب الازمات على البرلمان من خلال توجيهها عدداً من النواب الفاشلين او الخاسرين في الانتخابات وبعض النواب الذين حال التزوير الفاضح في الانتخابات دون تجديد عضويتهم في مجلس النواب للانقلاب على الديمقراطية ديمقراطياً من خلال تشريع التعديل الرابع لقانون الانتخابات الذي يتضمن فقرة تتيح لمجلس النواب تمديد ولايته الدستورية . والكثير منكم جاء للبرلمان بالتزوير والصفقات واتفاقات الغرف السرية واحكام البراءة من القضاء ،هل حقا تمثلون الشعب الذي أنتخبکم والوطن الذي تراعراعتم فیه ؟ این الامانة التی حملکم  ایاها ذلك الوعاء الأخلاقي الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال إخضاعه لحسابات أخرى، جريمة خيانة الأمانة في كل المقاييس القانونية والأخلاقية والاجتماعية جريمة ببعدين ، بعد خرق الأمانة ، وبعد السرقة وبذلك فان صب هذه الجريمة في جو جزائي بحت ينبغي النظر إليه ابعد من هذا الشرط الجزائي لكون جريمة خيانة الأمانة تعد من الجرائم الكبرى . مهما كانت الذرائع والمسوغات، ومن هذا المنطلق تقدمت الأمانة في التصرف على العدل، إذ لا يمكن للعدل أن يسود إذا لم يكن هناك موقف أمين يدعم هذا التصرف ويدفعه إلى الواجهة السلوكية سواء كان الموقف إجراءا قانونيا يهم قضية مهمة أم تصرفا إنسانيا يوميا. قوله تعالى : (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) النساء 58. ان جريمة خيانة الأمانة تختلف اختلافا جوهريا عن منظور جريمة السرقة في ان ركن السرقة هو اختلاس المال ونقله من مكان وجوده بقصد الاستيلاء عليه والتصرف فيه تصرف المالك، وبذلك تكون يد السارق مطلقة بالهدف في النية ولحظة ارتكاب (الجريمة) بينما خيانة الأمانة تأخذ هذا البعد إذا كان الحال بالنسبة للمال، لماذا یجامل البعض من النواب علی حساب الحق ان الركون الى التوجس والخوف من احقاق العدل، يفقد صاحب القرار بشخصيته الانسانية، بل يفقده اهم شروط وجوده: الشرف، وهذا بحد ذاته ما يجب ان يشير اليه قادة السلطة القضائية والتنفيذية والتشريعية في اطلالة فكرية عدلية عالية القيمة، وان يؤكدوا، انه لا خوف على الانسان من ان يفقد اخرين نتيجة موقفه العادل، لأنه بذلك يكسب رضا الله ورضا النفس وفي هذا قيمة اعتبارية واخلاقية عظيمة جدا، وقد عاقبت المادة (453)من قانون العقوبات العراقي مرتكب جريمة خيانة الامانة بعقوبة الحبس او الغرامة وبذلك فان المشرع العراقي قد نص على عقوبة تخييرية فجعلها الحبس او الغرامة وبهذا تكون عقوبة جريمة خيانة الامانة جنحة بالنظر الى الحد الاقصى للعقوبة وهو الحبس هذا اذا كانت الجريمة خالية من الظروف المشددة في حين تشدد العقوبة اذا اقترنت بظروف مشددة بالنظر الى توافر صفة معينة في الجاني . خلاصة ان الشعب کان ينتظر منكم مشاركته بهمومه وأزماته ، لا سرقة المال العام بغطاء تشريعي ومنها تمدید عمر البرلمان وقانون التقاعد للنواب فی غفلة من الحکومة المتمثلة برئیس مجلس الوزراء الذی رفضه لان فیه تبعات مالیة غیر مخول المجلس لاصداره رغم موافقة رئیس الجمهوریة علیه بعلم من مستشاریه او بدون علمهم  . هذا القانون لابد من اعادة تنظيمه ليكون منسجما مع القوانين الأخرى الخاصة بهيكليات مؤسسات الدولة، ومع قانون التقاعد العام والقوانين الاخرى ذات العلاقة بالمجلس ، وهنا تكون الجريمة مركبة لأنها سرقة مال الشعب وخيانة الأمانة في تسخير السلطة الممنوحة لكم لخدمتكم الخاصة والحفاظ على مصالحکم وترك القضاياه المصيرية المختلفة للبلد؟ هل هکذا ومن اجل المنصب يباع الضمير والشرف وان الفاسدون الخونة وبعض من السياسين عندهم الوطن لا شئ سوى الكراسي والمنافع الحزبية والشخصية، وبسبب جشعهم وطمعهم وعدم مبالاتهم یباع الوطن بکل سهولة. من ای طینة صنعتم منها أن وجود النواب في المجلس يشكل في حد ذاته أمانة كبيرة وثقة عالية من قبل الشعب ، الذين حملوهم هذه المسؤولية، ووضعوا ثقتهم فيهم وضروري على ان يلتزموا بمسؤولياتهم وواجباتهم الدستورية وان يؤدي دورهم الصحيح في تمثيل المواطنين، من خلال الحضور والمشارکة الفعالة ، وان يصب جل جهدهم فی القيام بمسؤولياتهم وواجباتهم التشريعية والإجتماعية تجاه الناس الذين من حقهم أن يكون لديهم الخدمات سواء كانت البنى التحتية، أو التعليم، أوالصحة، وجميع الشؤون الخاصة بالمواطنين،وعليهم ايضآ تشريع القوانين التي تسهم في رفع المستوى المعاشي والخدمي للمواطن كقوانين رفع رواتب القوات الامنية ومنح زيادة على رواتب المتقاعدين المجمدة منذ سنوات هذه الشریحة المضحیة التی قدمت من عمرها الکثیر وغيرها ، لم نری لحد الان ان یکون اعضاء مجلس النواب بمستوی من التواصل مع المواطنين بمختلف شرائحه للتعرف على أهم أولوياتهم وقضاياهم ومتطلباتهم،
والاستماع الى مشاکلهم ،وعرض مشاکل وهموم المواطنين على مجلس النواب لتحقيق مصالحهم وتفعيل الدور التشريعي والرقابي الحقيقي بعيدا عن التسقيط السياسي وان يكون سندا للعملية السياسية والنظام السياسي وفق الدستور واحترام استقلال السلطات والتعاون فيما بينهم لا بالصراع والتنازع بل بضمیر المواطنة . وفي سابقة خطيرة ان يقدم البرلماني على تحقيق المزيد من المنافع وتعظيم مرتباتهم المعيشية دون استحقاق وظيفي،و امرار قانون تقاعد النواب فی الایام الاخیرة لحیاته البرلمانیة  وفي ظروف صعبة یمر بالبلد  وتهالك ميزانية الدولة، الأمر الذي يجعل هكذا خطوة جريمة صارخة واستهتار بحقوق الوطن والمواطنين واستغلال لسلطة التشريع .
هكذا هو حال وطننا یراد له ان  يسقط في الهاوية على أيادي اشرار وفاسدون لا یعرفون معنى تراب وحب الوطن فهان عليهم كل شئ وبلد يدمر فیه أجيال من الشباب يقاتلون من اجله كل يوم وأصحاب الشهادات لا يجدون عملا مناسبا ومزوروا الشهادات يعينون وتفتح لهم الأبواب ، ویزداد الجهل والأمية والفقر وأوجاع تدمر وطن، وهم لا يعبأون ولا يحترمون دين الله الذين استغلوه وتاجروا به من أجل الوصول الى السلطة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

483
المسارات التخصصیة فی تحقیق مطالب المتظاهرین
التجربة  تؤكد علی الحاجة  الضروریة الى تشكيل حكومة تكنوقراط واختيار شخصيات نزيهة وكفوءة، بعيدا عن المحاصصة والفساد، وتلتزم ببرنامج اصلاحي وبسقوف زمنية للتنفيذ ویوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بما يعطي اشارات واضحة وملموسة  الى توفر الارادة الصادقة للسير على طريق التغيير والاصلاح الحقيقي و لا تحتمل اجراءات ترقيعية وتسويفية واغداق للوعود المجردة، وانما بالتصدي بحزم للفساد وبسبل وخطط حقیقیة وباستنفار کل قوی الخیر بعد تغییر الوجوه المسبب وابعادها عن طریق التصحیح ، وتلبية حاجات الناس الآنية، من الطبيعي ان يحمل المتظاهرون الشعارات المطلبیة بهذه الحقوق بموجب الأمر المرقم 19 المؤرخ في 10 تموز 2004 الخاص بحرية التجمع انسجاماً مع حق الشعب العراقي في حرية التعبير وحقهم في التظاهر والتجمع السلمي، وعلى اعتبار أن الحظر المفروض على حرية التجمع والتظاهر لا ينسجم مع حقوق الإنسان، ولا ينسجم مع التزامات العراق مع هذه الحقوق، إلا أن هذا الحق يعد من بين الحقوق والحريات الأساسية التي أولاها الدستور التي من واجب الحكومة توفيرها دون تاخیر  ومعالجة ما تراكم من مشاكل وما علق من ملفات وفك اسر المشاریع المتوقفة لتأمين الحياة الحرة الكريمة والآمنة للشعب . کما ان حق التظاهر تعبير عن حالة رفض واحتجاج على موقف أو قرار، أو المطالبة بحق يراه المتظاهر إصلاحاً للحال، ومهما كان الغرض من التظاهر سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً، فقد عرفها مشروع القانون بأنها تجمّع عدد غير محدود من المواطنين للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوقهم التي كفلها القانون والتي تنظم وتسير في الطرقات والساحات العامة لا بعاد المتظاهرین من المس بالحقوق العامة ونحن هنا فی الوقت الذی  نرفض وندين استخدام العنف ضد المواطنين المتظاهرين لان الحقيقة من هذه التظاهرات بأنها ولدت من رحم المعاناة التي طالت امدها ،اننا فی نفس الوقت نرفض وبشدة وندين الاعتداء وتجاوز على المؤسسات العامة والخاصة ومقار الاحزاب ودور سكن المسئولین حتی وان کانوا شرکاء فی وصول الامور الی هذا الحد من التدني بل علینا ان نحیلهم الی القضاء العادل ومحاسبتهم بشکل حضاري لان هذا الأفعال تولّد شروخاً كبيرة بين الافراد التظاهرات وبين الشعب، فتخسر مكانتها، لتعيد بناء ما رسخ في أذهان العراقيين من تسخير تلك الأجهزة لخدمة السلطة، وعدم فهمها للحقوق والحريات التي وفرها الدستور، بالنتيجة ستخسر قيمتها واحترامها ومكانتها، و نجد ان هناک من سعی الى التأثير على مسارالتظاهرات بوجهة معينة واتضح لنا بشكل لا یقبل الشك من يوجهها وان هناك عدة  جهات ومجموعات حاولت  دفعها الى  غاياتها  و اهدافها الخاصة فكل جهة لها  خطة خاصة تريد تحقيقها و حاولوا ان يركبوا موجة المظاهرات  ويظهروا بمظهر المؤيد والمساند لها لا حبا بها وانما من أجل  السيطرة عليها وحرفها ومن ثم افراغها تماما من جوهرها .ان المطالبة بالقضاء على  المسئولين اللصوص والفاسدين رغم ان ذلك لا يؤثر قطعا على طابعها العام، ومطالبها التي تؤيدها اغلبية ساحقة من ابناء شعبنا وخاصة المحرومون والكادحون منهم وفی نفس الوقت علینا التآکید علی ان قوة التظاهرات تكمن في سلميتها وعدالة مطالبها،  وملحين على توفير الخدمات ومحاربة آفة الفساد وتوفير فرص العمل. ولجأت الجماهير الى التظاهر والتجمع، والسعي بمختلف الاشكال القانونية والسلمية الى اشهار مطالبها، التي لم تجد اذانا صاغية، وكأن الحکومة تراهن على عامل الزمن لنسيانها، فيما الغضب الشعبي تحول تدريجيا الى بركان من السخط والتذمر وضلت هذه المطالب الآنية منها وذات البعد المستقبلي مهمولة ، والتی لا يمكن حلها وفقا لمنطق فرض الامر الواقع واستخدام الوسائل الامنية والافراط فيها. فنحن على يقين من ان هذه الممارسات  تفاقم المشكلة ويزيدها استعصاءاً، وسيفتح المجال لمن يتربص ببلدنا ويسعى لدس انفه في ما يجري، داخليا وخارجيا . ما جرت  من تظاهرات واحتجاجات هو تحصيل حاصل لأزمة البلد الشاملة وأسّسها متمثلة في تشکیل الدولة وتقسمها علی اساس المحاصصة الطائفية والاثنية، ولما وصلت اليه امور البلد وحالة الانسداد والاحتقان التي تلف مختلف النواحي. وقد اطلقت موجة التظاهرات المطالبة بالحقوق مجبرة بعد ان اهملت الحکومة تنفیذ المشاریع المهمة التی تخدم المواطن جانبا وما اصابه من خراب وفساد  استشری، والتي تميزت بسعة المشاركة فيها وشمولها قطاعات واسعة ومختلفة من طباق الشعب ،وکانت رسالة قوية رافضة لمنهج الفشل، ومحذرة من ان الاصرار عليه لا يعني إلا تكرار الفشل. وأن يقفوا بوجه الفساد ويطالبوا بمحاسبة الفاسدين، وأن يمنعوا تشكيل حكومة تبنى على المحاصصة وتقسيم المغانم وتعيد البلاد الى المربع الأول. إن روح التغییرتكمن في مباشرة العمل الجاد الذي يوحد الصفوف تحت مظلة الإنجاز وليشمل بذلك جميع مناحي الحياة فعندما تكون مهمة  الحکومة 
مهمة وطنية  تكون الامور التنفیذیة يسيرة وغير معقدة ، ولا تأخذ وقتا طويلا، لا في الصياغة، ولا في التنقيح، بعيدا عن التدقيق في نوايا الناس ومقاصدهم و من هنا قد تعددت الرؤى حول قضية الإصلاح ولكن كقضية يجب ان تتناسب مع الزمان والمكان . وتؤكد فكرة المشاركة التخصصیة باعتبارها السبيل الوحيد لمناقشة القضايا العامة بشكل سلمي وديمقراطي وحضاري، كي لا تخرج العملية عن مسارها الصحيح وإطارها القانوني الطبيعي المتعارف عليه.
عبد الخالق الفلاح باحث اعلامي

484
عبد الکریم قاسم القائد الذی لا يقارن بالحاضر
لو تصفحنا التاریخ ودرسناه بشکله الصحیح وتم  مقارنة بين قاد  الدولة الیوم ونحن نرى منهم بعض سیاسیوا ألاحزاب الدينية والعلمانية ينهبون ويثرون وينعمون وينامون على الأرائك ونزعوا من قلوبهم مخافة الله تبقي ثورة 14 تموز شعلة وهاجة والمراَة التي يجب ان ينظر من خلالها نحوالحياة وشمس ذلك اليوم سوف لن تغيب وتبقى متجددة  في انجاز العشرات من المواقف الوطنیة والأخلاقیة التي خلفتها و كانت الخطوة الأولى في الطریق الصحیح لبناء العراق وبناء انسانه بشكل جدیدة یتناسب مع تطلعات شعبه الكریم من خلال التعلیم والعمران واستعادت الحقوق المغتصبة لهم وفي رفض التبعية لحلف بغداد .والذيلية لبريطانيا ، لقد كان لانحسار نفوذ الإقطاع وسن قانون الإصلاح الزراعي و قانون الأحوال الشخصية الضامن لحقوق المرأة وتطوير قطاع التعليم والصحة من الامور الجادة التي لم تتحقق بعده اي انجاز بذلك المستوى من الرقي ، وبناء الأحياء السكنية للفلاحين والكسبة والعمال والشرائح الوسطى والفقراء والمعوزين دون استثناء اوكانت ميزة تمثل نقلة من مجتمع الريف إلى مجتمع المدينة. والذي يدفع الناس إلى استحضار ذلك التاريخ فقدانهم لتلك المنجزات الان و بين القائد والزعیم الشهید عبد الكريم قاسم الذي "نجا من ثماني عشرة مؤامرة ومحاولة انقلابية و تعلق بالهوية العراقية  رغم كل ذلك ورفع مكانتها الجليلة على ما سواها من الأنتماءات "والحفنة الحاكمة اليوم نرى فيهم فروقات شاسعة في ذلك لان نزاهت وصدق الزعيم مثال فی الوطنیة  وتاريخ لا يمكن ان ينساه العراقي ولا يغفل عما قدمه هذا الزعيم والإنسان لشعبه لقد عاش الشعب بمختلف احزابه السياسية ومنظماته الجماهيرية اجواء من الحرية والديمقراطية خاصة في الفترة الاولى التي اعقبت الثورة قبل ان تتعرض الثورة للغدر والمؤامرات والذين مارسوا علیه كل أنواع الذل والتنكیل والقتل والطغیان من خلال الأیادي التي غیبت الزعیم عن الشعب الذي أحبهم واحبوه و لاسيما الفقراء منهم فقد ظهرت للعيان الخدمات التي قدمها للشعب خلال الفترة القصيرة التي حكم بها العراق والمنجزات العظیمة التی فاقت التصورفقد بنى العديد من المدن في بغداد مثل الشعلة والثورة ومدن اخری فی المحافظات فأشهر مناطق سكن هؤلاء النازحين هي منطقة شرق العاصمه ويسمونهم ( شروك العاصمة ) و التي تحولت فيما لمقرات اعتقال لابناء الشعب  و محاجر في 8 شباط عام 1963 اي بعد التكالب على ثورة 14 تموز والاطاحة بالثورة وقائدها واعتقال الالاف من ابناء العراق الغيارى فيها والتي كانت تنام على مياه نهر اسنة تسمى شطيط وبنيت عليه معابر من جذوع النخيل ترتجف حين المرور عليها وروائحه تسكم الانفس عن بعد حيث كانت مجمع لابقارالجاموس وتقع في نفس المنطقة القريبه اليوم من  ملعب الشعب شمالا وجنوبا في جانب الرصافة قبل بنائه وخلف السده في شرق بغداد التی اصبحت احياء  الثورة وجميلة وفلسطين و القاهرة وبناء قناة الجيش وهي  قناة مائية امتدت محاذية للمدينة واحياء اخرى مثل منطقة الشاكريه في كرادة مريم في الكرخ کانوا یعیشون في صرائف كان يتم انشائها من حصير النخل وتقويتها بالطين  بلا ماء ولا كهرباء ولا صرف صحي ولا خدمات مع ماشيتهم والمدن التي اسسها الان تعد من اهم المكاسب الذي قدمها الزعيم للفقراء بالعراق وحقق لهم حلمهم فی امتلاك الدار والفقراء من اهل تلك المناطق في بغداد اصبح لهم سکن جماعي خلال مدة زمنية قياسية لم تتجاوز السنة الواحدة مع توفير كل مستلزمات الحياة الطبيعية عليها . بعیدا عن  الطائفة والحزب  و العشیرة . ولا تقف المنجزات عند خط بناء المدن بل تعدى ذلك الی المصانع والطرق الحدیثة والمدارس التی بلغت قرابة اربعة الاف مدرسة ومئات من المستشفیات والمستوصفات في جميع انحاء العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه دون تمييز عرقي قومي او مذهبي ام ديني و قد يعتقد البعض ان هذا القائد قد استغل منصبه واستولى على الاراضي والدور ولكن بالحقيقة انه لم يكن له منزل يسكنه واستأجر واحدا من جیبه الخاص یدفعه شهریا  من راتبه ولم تثبت استغلال احد اقرباءه او مريده تلك الفترة في امتلاكه لاي ثروة مالية تذكرعلى حسابه الزعيم  وهذا ما يذكره أعدائه قبل محبيه بل انه لم يملك اي دار او عقارات والدار الوحيد الموروث من والده تبرع بها لتاسيس مدرسة في مدينة الصويره " لا كما يفعله السياسيون اليوم و مثلما يملكون "والجميع يشهد بنزاهته وهي الحقيقة التي لا يتغاضى عنها الجميع على حد سواء .
بل كانت عليه ديون للاخرین تم تسدیدها من قبل اخیة حامد قاسم سددت بعد وفاته او استقطعت من راتبه التقاعدي . الزعيم كان يصب كل جهوده من اجل الوطن وابنائه واخر ما كان يفكر فيه مصلحته الشخصية علی ان تقدم ثورة 14 تموز افضل المنجزات للفقراء والمعوزین والذی یعجز عنه القادة في الوقت الحالي  وكم كانت صدمة الحدث كبيرة على أمريكا وبريطانيا ولكن لم تستسلم هذه الدول ا لذلك بل عملوا على أحاكة المؤامرات وأثارة الأوضاع الداخلية وتاليب دول المنطقة الذين كانوا أشد أعداء الثورة .ویمکن الترکیز علی وكالة المخابرات المركزية (سي آي أي) وعلی وما قدمته من مساعدات الى حزب البعث وغيره من العناصر المناوئة للنظام بمن فيهم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر شخصيا للقوی القومیة وكم لعبوا أدوار خبيثة في سبيل تحطيم هذا البلد وتدمير شعبه لكونه نظام وطني حقيقي ومصداق ضرب مصالح الغرب واراد الخير للوطن وللشعب وكذلك عرفت الأجيال اللاحقة لماذا تآمرت (امريكا وبريطانيا وأيران الشاه والسعودية والكويت والأردن ومصر). لا شك ولا ريب ان لكل طرف من هذه الاطراف مصلحته في القضاء على الثورة، ولكل جهة اهدافها، وجميع هذه الجهات والاطراف لم يكن يعنيها خراب العراق وذبح شعبه بل تسعى جاهدة لذلك وبذلوا الملايين من الدولارات في سبيل اسقاط العملية الديمقراطية في العراق طالما كان في هذه التجربة شيئا من خطورة انتقال عدواها الى شعوبهم ، لأن النظام الملكي بالعراق كان يعتبرأحد أهم معاقل وركائز الأستعمار الأمريكي والبريطاني والغربي في واحدة من اهم مناطق العالم  ، ورغم انها لم تمضی علیها السنوات الاربع والنیف من عمرها حققت للعراق الكثير الا انها تختلف عن باقي الثورات في العالم العربي فی نقطة واحده وهی مصیر العائلة المالکة  حیث لم يكن هناك تخطيط مسبق عن مصيرهم او فرضتها ظروف الفوضى والغضب الشعبی العارم  التي حدثت او حب الانتقام من قبل البعض من ضعفاء النفوس ممن اشترکوا معه فی الثورة  اوانعکاسة الغضب الجماهیری  تجاه بعض الاشخاص من رجال النظام الملکي والتی ادت الی مقتل الملك وعائلته والوصي عبد الإله نتیجة الارتباك الحاصل فی القوة العسکریة المکلفة بالمهمة فی السیطرة علی القصر الملکي ( الرحاب ) وهذا ما يحسب على الثورة ولعل اللوم كل اللوم يقع على عاتق تهور الضابط النقيب عبد الستار سبع العبوسي الذي اصیب بعدها بنکسة صحیة نفسیة ویقال انه قتل نفسه اثرها وهو اول من اطلق النار على العائلة الملكية وهی جنایة تاریخیة  ضد الانسانية بالعراق منذ تأسيس الدولة العراقية ولم یکن للرجال الزعیم قصوراو ذنب فی تلك الجریمة البشعة والتي عرفت عنه بالعفو والرئفة وحب الخير بعيدا عن الاخطاء التي اقترفت في تلك الفترة  . وقد بدأت الثورة في اعمار كافة ميادين الحياة مقرونة بانجازاتها الكبيرة في حقول الاستقلال السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والعسكري. الذی لم یرق للبعض من الحکومات و التوجس من قبل دول المنطقة والقوى الكبرى في العالم .لقد اصبحت ذكرى ثورة 14 تموز خالدة على امل تعلم الدروس والعبر المطلوبة منها لوضع العراق على سكة التطور والتقدم في وقت قريب وتكون المدرسة التي يجب ان يتعلم منها ساسة اليوم روح الوفاء والمصداقية واعتماد مبدأ المواطنة وحكم القانون في عراق مدني يوكب الحضارة .
عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي.
 

485
بالحكمة والتعقل لا بالتصرفات الصبیانیة
لاشك بان الفساد يشيب الطفل بالعراق منه والانتهاكات زادت وبلغت من الحد الذي لا يمكن السكوت عنها والصبر نفذ عند ابناء الشعب وكل ما يحدث  الان من احداث نتيجة افرازات التهكم والتعنت والفساد الذي استشري عند من يديرون الدولة ودوائرها من الاحزاب الحاكمة والتي تحتاج الي جرت اذن تصل الی  الطرد من العملیة السیاسیة كما هي المقولة بالعامية وبالتظاهرات السلمية الحضاریة ضد الواقع المریروبعد ان تفاقمت الاوضاع الذی یعیشه دون الإعتداء على الممتلكات العامة والمؤسسات أو الدوائر أو الشركات, أو أي منشأ آخر يعود للدولة, أو خاص  والتی اقراها الدستور وحق للمواطن للمطالبة من خلالها لا بالتهورة والغوغائية التي تخلط الاوراق بتصرفات رعناء وبمشارکة جهات وکتل مدعومة من الخارج معلومة الحال یعرفها المواطن البسیط لا کما یقول رئیس مجلس الوزراء الدکتور حیدر العبادي ( جهات مجهولة ) ومن الجريمة المنظمة لاحداث حالة من الفوضى لان خراب الاموال العامة مضراته يقع علی المواطن ويجب ان يدفع ثمنه ولا نعتقد بان الحکومة غیر قادرة لتشخیص المقصرین لو ارادة.
کما ان الثقة بالحکومة هي درجة الصدقیة والامانة عند ارباب الرجوع التي يتوقع من خلالها المواطنون أن تتفق مع رغباتهم والوفاء بالوعود التي يطلقها المسئولون، أما "الثقة في السلطة التشريعية" التي نهبت خيرات الشعب ولعبت بالملك وبنت لنفسها إمبراطوريات إقتصادية ضخمة تعددت نشاطاتها مابين العقارات والاستيراد والسيطرة على حقول في التجارة الداخلية ونمو كبير للبرجوازية البيروقراطية و لم يثبت عند المواطن أن دور السلطة التشريعية المتمثلة بمجلس النواب في العراق  هو المراقبة والمساءلة  وتقديم اعلی التضحيات من اجله بل خانه ولعب بمقدراته و الموافقة بالإجماع على مسودات القوانين التي تطرحها الحكومة فقط على ان تكون سياسية تهم مصالح الاحزاب والكتل وليس فيها مصلحة عام من الخدمات والرفاه والبناء الثقافي والاجتماعي والاقتصادي السليم لتوفير اسباب المعيشة مع وفرة المستلزمات التي لو استخدمت بشكل الصحيح دون فساد لكان العراق يعيش في بحبوحة مثالية بين البلدان اليوم  .
ان للشعوب مقاييس واضحة في إظهار مدى تعلقها بالحرية وإصرارها على الحياة بشكل حر وكريم و مهما  يكن من شيء فاهمها أستتباب الأمن الذي  تنشده المجتمعات في الوقت الحاضر و بالمطالبات القانونية  والانسان العراقي ينتظر أن تقوم الحكومة له بما يريد، والحكومة ینتظرمنها أن تقدم  للشعب تلک الخدمات البسیطة التی عجزت عن تحقیقها فی الوقت الحالي و التي  من الممكن الحصول عليه لو تعاونت وزاراتها بمسؤولیة دولة لا بمسؤولیة شخص او حزب او کتلة ، وأن تقنع الشعب بما يتم توفيره له من حقوق في هذا الشكل دون خيانة ولايمكن للعلاقة الحالية بين الحكومة والشعب إصلاحها بعمليات تودد وترقيع من قبل الحكومة متي ما اعترض المواطن علي الفساد بالتهدئة انما بالعمل الجاد لایجاد الحلول ، لا بعمليات خضوع .إنما هي بحاجة إلى حلول شامل لابعاد المشاكل بشكل جذري برؤية جديدة ، تفكر وتناقش، وتهتم بالآخرين، ویسعد المسؤول بما يقدمه لإخوانه ،والسعادة بما يحصل عليه هو لذاته  ایضا لانه هوجزء منهم و تتحقق الأخوة الحقيقية في ظلها ويرتبط ارتباطا وثيقا  بالفلسفة الكلية التي تحكم سياسة الدولة لجهة العلاقة  بين  الشعب والسلطة ، و بالنظام الذي يعتمد على القاعدة الجماهيرية  لان البقاء في السلطة رهين بارادة الشعب اذا ما كان حراً، والحقوق لا تؤخذ بالعنف وبأرادة الجهلة اذا ماكانت موجودة والتصرفات الصبيانية وتشوبها الهدم.
عندما تكون الحكومة شعبية وحريصة في تحقيق المطالب تحتم على المواطن أن يشارك معها في استكمال بناء دولة مدنية متطورة وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة كأساس لتحقيق حياة أفضل بين افراده ، وذلك من خلال رفع جودة الخدمات العامة وتأكيد ثقافة تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفقراء ومحدودي الدخل ومراعاة عدم تأثرهم ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتضمنه برنامج متطوراً للحكومة بعيداً عن الترقيع و يحوي الى الكثير من الايجابية  . تطبيق مبادئ الحكومة الرشيدة  شرط مسبق لتحقيق تنمية عادلة لأنها تعطي دور أكبر لمؤسسات المجتمع المدني وتطبق اللامركزية على صعيد الإدارة الحكومية وتحرر قدرات الشعب تزيد الشعور بالانتماء
 ومتى ما يعمل النظام بما يهم ابنائه ويعمل في  الجهد البناء الموجه تقوده الجماهير اساساً لا بلعبثية  ولا يأخذ اولويته في الانفاق العام مثلما يحدث في الكثير من البلدان التي تسيطر عليها انظمة مستبدة   .  ومنها الامنية  ففي الكثير من دول العالم التي لا تهددها مخاطر خارجية وفيها استقرارسياسي وامني  لا تحتاج الى  نظم امنية بحتة متفرغة كما هو الحال  في بعض بلدان العالم فالقوات الامنية تقتصر على الشرطة المجتمعية  لاغراض التأمين البسيط للافراد ضد الجرائم العادية والاعتماد على اوجه   التصالح بين  السلطة المخلصة والشعب  في  مجال  الامن هواحداث تغيير يبدأ من الإنسان و المجتمع للإنتقال من الاستبداد إلى الحرية و هذا هو الأمل و الهدف المنشود الى أي تحول يؤمن حق الشعب في بناء دولة المواطنة وكذلك اداء الحقوق و الواجبات الملقاة على عاتق كل فرد منهم .وخلق مجتمع ايجابي الفكر و يبدأ من الإنسان الذي يتمسك بالقيم ويتنازل عن الصغائر، مُتفائل في نظرته للحياة ومجرياتها و الإنسان السلبي يتشبث بالصغائر ويتنازل عن القيم . إن إحداث التغيير يجب أن يُراعي قدرات الإنسان واستعداداته ، حتى لا يُحمِّل نفسه ما لا يطيق . وحتى يكون التغيير منسجمًا مع عقل الإنسان ، فلا يجنح به إلى ما يضر بمصالحه، أو يتعارض مع رغباته ، فلا يحرمه المتاع الحلال ، أو يتنافى مع أخلاقه وسلوكياته الثابتة
 عبد الخالق الفلاح - باحث واعلامي
 

486
بعد الانکاث هل سيعتذرون للشعب

بعد انتهاء الدورة الانتخابية لمجلس النواب العراقي  والبالغة أربع سنوات حافلة بالأحداث السياسية البعيدة عن المهام الاساسية التي يجب ان تطغى عليها روح التفاني لخدمة المجتمع وحل معظلاته الاساسية  واستمرار ظهور الازمات بشكل مُزمن كالبراكين التي ابعده عن العطاء واقر فيها قوانين غير متناسبة مع الاهمية واهمل أخرى حيوية  وتاسست فيه تحالفات غريبة فی کل شیء، كما ان الانشطارات اشتدت بين اعضائه وحملات التسقيط خیمت علی مفاصله وكثرت المؤتمرات الصحفية الدعائیة الغیر المبررة والتسویقیة كانت من علامته المسجلة. والاكثر خطور والاهم هو ضياع الرؤية الوطنية والمشروع الوطني لبناء الدولة العراقية . وبالنتيجة تجسيد واضح في الفشل وضعف الاداء البرلماني. وهذا مصداق لمبدأ مضمونه أن الاجراءات المغلوطة تقود الى نتائج مغلوطة ولو على المدى البعيد وقد اکثر اعضاء المجالس فی غیاب النصاب القانوني وثبت ان مجلس النواب العراقي المنتهي ولایته لا یقل فشلا عن المجالس السابقة في عدم إقرار قوانين مهمة تمس صميم المجتمع وسيادة الدولة ، واقرار قوانين ليست ضرورية وتجاهل تشريعات مهمة تتعلق بالاقتصاد والثروات وقوانين استراتيجية مؤجلة منذ سنوات أبرزها إكمال التعديلات الدستورية، وتشكيل "مجلس الخدمة الاتحادي" المسؤول عن عملية التوظيف في دوائر الدولة، وقانون النفط والغاز الغیر مکتمل والتی علیه ضجة ولغط بسبب النواقص الموجودة فیه و الذي يعتبر المشكلة الأساسية بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وكذلك بين الحكومة الاتحادية والمحافظات المنتجة للنفط جنوب البلاد . بل المجلس المنتهي ولایته فاق فی عدم اصدار قوانین حیویة ومصیریة تتناسب مع المرحلة كما في المجالس السابقة والتوجه الى القوانين  المقدمة التي تخدم مصالحهم وتحقيق مكاسب شخصية لهم بلا مسوغ شرعي على حساب المال العام أو المصلحة العامة عموماً، تضمن لهم ولذويهم السقف الأعلى من الامتيازات والحقوق التي لم يكن تخطر على أذهانهم يوم كانوا في المعارضة السياسية للنظام البائد او خلال تواجدهم خارج المجلس على حساب استنزاف المال العام العراقي .کما الغيابات الكثيرة بين النواب في كل جلسة تعتبر استهانة بالناخبين العراقيين وعرض للمادة  18 من النظام الداخلي للبرلمان الذی ینص "على أن يوجه إنذار خطي للنائب في حال تغيبه لخمس مرات متتالية أو عشرة غير متتالية من دون عذر مشروع، وأن تستقطع نسبة معينة من مكافأة النائب يحددها المجلس، على ان تنشر قوائم الغيابات والحضور في الصحف المحلية لاطلاع الرأي العام"،و يتحمل رئاسة البرلمان مسؤولية ظاهرة الغيابات الكثيرة بين النواب لعدم تنفيذ العقوبات القانونية ضدهم، ولقد بلغ نحو مئة نائب غائب في كل جلسة وهي ظاهرة سلبية منعت من القيام بعمل البرلمان واقرار مشاريع قوانين مهمة . بينما كانت مشاهد استجواب وزراء ومسؤولين في البرلمان شكلية، وهناك نواب طالبوا استجواب المسؤولين في السلطة التنفيذية لأغراض الدعاية الانتخابية فقط  .ان کل الدلائل تشیر الی أعضاء مجلس النواب ارتکبوا جريمة الحنث باليمين الدستورية التي أدوها وفق المادة (50) من الدستور العراقي اذ انهم أقسموا على المحافظة على مصالح الشعب والسهر على صيانة الدستور والحريات العامة والخاصة والحرص على تطبيق التشريعات بأمانة وحياد في الوقت الذي تؤكد أفعالهم خلاف ذلك فالخطاب الطائفي المقيت الذي کان يعلو تصريحاتهم وبياناتهم التي تضمن اغلبها التسقيط السياسي وتوجيه الاتهامات ومواقفهم الفئوية والحزبية والتستر على المفسدين والمجرمين ديدن العديد منهم بل ان الغالبية العظمى منهم يجتزأ في خطابه وأدائه الوظيفي ما يتناسب مع ما يريده رئيس الكتلة أو الحزب الذي ينتمي اليه ويبتعد في خطابه عن ملامسة الحاجات الحقيقية للشعب العراقي. ما يتنافى مع العدالة والحيادية والمهنية لا بل  التغطية المتعمدة على الفساد المستشري في بعض الوزارات والمؤسسات بغية تقاسم حصيلة تلك الاموال المنهوبة والتي تدر على خزائن الاحزاب وتستعمل في الانتخابات .وحتی لو  اثيرت مسألة المساومات التي تعرض لها البعض من المسؤولین فجرى التغطية عليها والالتفاف عليها بطريقة درامية والعجيب ان المحاكم التي تعد المختصة بالتقصي عن الجرائم قالت كلمتها بتأييد النفي وكأن أمر لم يكن وطغت الصبغة السياسية على عمليات الاستجواب او يجري توصيفها بالسياسية على الرغم من تقديم المِستجوب ادلة وبراهين على قضايا الفساد والخلل الاداري في جلسة الاستجواب.  هذه العوامل انعكست بشكل مباشر وغير مباشر على الصورة الكلية لمجلس النواب العراقي وخلقت منها صورة قاتمة لدى افراد المجتمع دفعتهم دائما الى التشكيك في اجراءات المجلس على انها اجراءات هدفها خدمة من هم في السلطة في الدرجة الاساس واداة للتسقيط بين (الكتل السياسية ) و أثر سلبا على درجة مقبولية المجلس لدى الشارع العراقي وبالتالي تشكلت حالة رفض عام للنظام السياسي القائم کذلك فان جل ما صدر عن البرلمان العراقي من قوانين هي مرتبكة بالصياغة ناقصة في البناء التشريعي عاجزة عن مسايرة تطور الحياة اليومية لمؤسسات الدولة متعارضة مع القوانين الأخرى أو مع الدستور صراحة  والتي تم الاتفاق علیها سرا وبقیت تلک القوانین التی لها مردود یخدم المواطن فی اروقة المجلس غشتها الاتربة . واضافة الی ان البعض من القوانین تسببت بمشاكل في الحياة العملية أو أدت إلى تمكين الحكومة والسلطة التنفيذية عموماً من هظم حقوق المواطن العراقي وحرياته في الوقت الذي من المفترض ان يكون مجلس النواب حامي الحقوق والحريات الأول أوليس هو من جاء ليعبر عن احتياجاتهم أوليس هم من انتخبوه ليمثلهم ويحميهم من تسلط الحكومة وانحرافها عن مسار العدل في التعامل معهم أوليس كل أعضائه اقسموا اليمين بان يحافظوا على الحريات العامة والخاصة الا ان الواقع يقول عكس ذلك مع الاسف  ولا مفر من ان الحقيقة أن مجلس النواب هو الرافعة الأساسية للحياة الديمقراطية، وهو يحتاج إلى منظور تنموي مؤسسي لتطوير الأداء النيابي وحماية الديمقراطية وتجذيرها.  ولابد أن يشتمل برنامج تنمية أداء مجلس النواب تطوير أداء اللجان النيابية وتنمية حضورها وإعادة النظر في أنواعها وتخصصها وآلية تشكيلها وموضوعاتها و اذا ما اردنا تأسيس دور رقابي لمجلس النواب لابد من تعزيز هدف بناء الدول العراقية بالدرجة الاساس، ومن ثم تعزيز الثقة بين المكونات السياسية و تفعيل جانب المعارضة في البرلمان لإضفاء المزيد من روح المواطنة على عملها ،.ففي الجولات الأخيرة لمسنا عدم المبالاة وفقدان هيبتها لابل انزوائها عن الحضور لاکمال المدة القانونیة فی ظل الصراعات الشخصیة وغياب روح المسؤولية التي يجب أن تعمق في سلوك الحكومات وفي وعي المواطنين وان ما شهده مجلس النواب خلال الاشهر الماضية يستدعي الشروع بأجراءات اصلاحه وربما تكون الفرصة مؤاتية لذلك في بداية شروع الدورة القادمة  وتشكيل حكومة خدمية اكثر مما ان تكون سياسية لكي تكون مسؤولة امام البرلمان وتقدم برنامج حكومي مقبول وخطط سنوية وخمسية وتشكيل لجان فنية متخصصة لمتابعة تطبيقها حول السياسة العامة للبلاد قبل منحها الثقة. وتكون هذه البرامج المعيار في تقييم الاداء و تقديم المقترحات لتصحيح الاداء فيه... فهل سيعتذر اعضاء المجلس امام هذه الحقيقة المرة بعد الانكاث.

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

487
سیاسة الولایات المتحدة تدنی وفقدان المصداقیة
لم يتوقع تدنى علاقة امريكا مع حلفائها التقليديين في امريكا الشمالية واوروبا واسيا ، وحتى مع الدول الدائرة  في فلكها ،و الصفعة المدوية التي انهالت على وجه الدبلوماسية الامريكية ودفعتها اكثر في اتون العزلة ، ومنها كانت “الفيتو” الامريكي لمنع صدور قرار عن مجلس الامن يندد بالاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، حيث ظهرت واشنطن معزولة تماما دوليا بعد ان صوت باقي الأعضاء الأربعة عشر بينهم القوى الكبرى الاربع الدائمة العضوية لصالح مشروع القرار. الى هذا المستوى الذي وصلت اليه اليوم من التراجع في عهد الرئيس دونالد ترامب. من المؤسف أن السیاسة الخارجیة الأمریکیة إن کانت هناک سیاسة فی الوقت الحالی تعیش علی التصورات الواهیة و أوهام فارغة و الاستغراق في الأحلام. ومبنیة علی التهم الکاذبة والکیدیة الموجهة باستمرار من قبل کل من الرئیس الأمریکي دونالد ترامب فی قراراته الفجائیة البعیدة عن المنطق الی کل الاتجاهات وبدات العزلة تضيق علیها والدبلوماسیة الفاشلة التی تعمل بها  بعد انسحاب ترامب من اهم المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، بذريعة انها لا تتفق مع مصالح امريكا ، ، مما یتعارض تعارضا سافرا مع الأعراف الدولیة المعترف بها، کما تتعارض تماما مع أحکام القانون الدولي و السلوک الحضاري. إن هذه التصرفات قبل أي شيء، تمثل رد فعل مرتبک من قبل الحکومة الأمریکیة تجاه الموقف الدولي الموحد و المعارض للجهود الأمریکیة الرامیة إلی تمزیق العالم وتحاول ان تحرف الرأي العام الدولي عن هذا الاعمال  الغیرالقانونية و انتهاکات لقرارات مجلس الأمن الدولي ویدل نهجها المدمر من خلال رفضها لمبدأ “الوفاء بالعهد” الأساسي. ان الفقاعات الیومیة التی تطلقها الولایات المتحدة الامریکیة بین حین واخر بالتهدید للدول الاخر کما فعلت ضد بیونغ یانغ وتدل علی الضعف والوهن وعدم وجود نبة للولایات المتحدة لشن اي حرب جدیدة في الظروف الراھنة ویعني الخوض في حلقة قمار خطر للغایة اذا ما فعلت ولا تجنی منها سوی الندم و ذلک بغض النظر عن الظروف الاقتصادیة التي تعیشھا لو تحدثنا عنها ولن ترید تحت اي ظرف ان تصرف الدولارات فی حروب عبثة جدیدة وایة مبالغ لرفاھیة مغامرات ترامب في شرق أسیا وخاصة کوریا الشمالیة التی اظھرت بتجاربھا النوویة المستمرة خلال العقد الاخیر انھا لن تمتنع عن القیام باي محاولة حتی استخدام القنبلة الذریة للدفاع عن نفسها ومن هنا کانت الاتصالات التی ادت الی لقاء الرئیس الکوری الشمالی كیم جونج أون
 مع الرئیس دونالد ترامب فی سنغافورا والتی لم یجنی منها ای ثمر رغم التنازلات الکثرة التی قدمتها واشنطن و اخذت تتحدث عنها ووضعتها من اجل حل المشکلة والتی جوبهت بالرفض من قبل القیادة الکوریة الشمالیة فی بیونغ یانغ . کما إن انسحاب أمیرکا من عدد من الاتفاقیات الدولیة و تعریضها لعدد آخر منها للخطر، سیما الإجراءات التي هي بصدد تنفیذها ضد المنظمات الدولیة . کل ذلک نماذج عن الإجراءات التدمیریة التي قامت بها هذه الإدارة حتی الآن، مما جعل ـ للأسف ـ آفاق النظام الدولي مظلمة. و من البدیهي أن الاستمرار في مثل هذه السیاسات من شأنه أن یعرض استقرار المجتمع الدولي للخطر و یجعل الحکومة الأمریکیة في موقع “متمرد دولي خارج علی القانون  ومحاولات حاشیته لإیجاد مبررات و أعذار لغرض إقناع المخاطبین في الداخل و الخارج، واصبحت  مع الأسف إلی سمة بارزة لمسار اتخاذ القرارات في واشنطن خلال السنة الماضیة.من عمر الرئاسیة لترامب فی اتخاذ قرارات و إطلاق التصریحات والقرارات الغیر المدروسة المرتبکة لتبریرها حتی فی العلاقات مع الدول الاوروبیة والصین وروسیا التی تزداد فجواواضطرابا یوما بعد یوم. وعلی سبیل المثال فقد اعربت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن `قلقها البالغ` حيال الإجراءات الحمائية التي أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أنه سيتخذها، لجهة فرض رسوم جمركية على واردات الفولاذ والألومينيوم. خلال اتصال هاتفی `أعربت عن قلقها البالغ حيال عزم الرئيس ترامب فرض رسوم جمركية على الفولاذ والألومينيوم، معتبرة أن تحركا متعدد الطرف هو السبيل الوحيد لحل مشكلة الفائض العالمي لما فيه مصلحة جميع الأطراف. هذه السیاسات السلبية التي تتبعها الولايات المتحدة، تؤدي إلى حدوث الكثير من الأخطاء وسوف تسمح لشركائهم الإقليميين بمتابعة جدول أعمالهم بدون الرجوع إليها.، کما ان ارتباط المصالح الأمريكية والسعودية في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب وتواصل الدعم الأمريكي للعدوان السعودي على اليمن إضافة إلى استكمال سلسلة من صفقات الأسلحة الموردة للسعودية رغم الانتقادات والمطالبات الدولية بوقفها جعل حتی البيت الأبيض یقلق من سياسة ترامب المتهورة خصوصا عندما أمر ترامب بشن ضربات على مطار الشعيرات بريف حمص فی العام الماضی .ان هذه التصرفات  خلقت حالة من الرعب لدى كل دول المنطقة إزاء هذا النهج وهذه السياسة التي يستخدمها “ترامب” في منطقة الشرق الأوسط، التحركـات الامیركیـة تجـاه دول المنطقـة تلعـب دورا مهمـا فـي رسـم وتـشكیل حـدود الـدور و المكانـة للقـوى الاقلیمیـة وفقا للرؤیة الإسرائیلیة سـیكون فـى إطـار الـدور المعرقـل لأیـة تـسویة أو ترتیبـات إقلیمیـة جدیـدة والتی لها مصالح معها وولدت الكثير من الخوف والقلق حتی لدى بعض أصدقاء أمريكا المقربين في المنطقة .وتسبب إلى تشوه مصداقية الولايات المتحدة كزعيم عالمي  غیر موثوق به في العالم وخاصة بعد ان اخلت بالتفاق النووی وانسحبت منه مع ایران الاسلامیة
وقد ردت  فیدیریکا  موغرینی منسقة السیاسیة الخارجیة فی الاتحاد الاوروبی علي ما یسمي بالاستراتیجیة الامیركیة الجدیدة التی اعلنها وزیر الخارجیة الامیركی مایك بومبیو فی تصریحات ملیئة بالاكاذیب والاتهامات التی لا اساس لها ضد الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة، فی استراتیجیته الجدیدة لمواجهتها بعد خروج بلاده من الاتفاق النووی ضد ایران . حیث عقبت علی ذلک موغرینی  بالقول من ان الاتفاق النووی مع ایران واستمرار دعمه یعد من بین الانجازات الرئیسیة علي صعید الدبلوماسیة الدولیة والذی یشكل ضمانة لابقاء النشاطات النوویة الایرانیة ضمن المجالات السلمی. والاتحاد الأوروبی بحاجة الی التعاون الایرانی کقوة فاعلة و مفتاحیة هامة لتسویة المعضلات و التحدیات الاقلیمیة وقالت:"الاتحاد الأوروبی ملتزم بتطبیق التعهدات بشکل کامل و مصمم علی توثیق الشراکة الاقتصادیة مع ایران لمصلحة الطرفین وان ما یتوقعه المجتمع الدولی من جمیع اطراف الاتفاق النووی هوالالتزام بتعهداتهم واکدت موغرینی بان الاتحاد الاوروبی ملتزم باستمرار التنفیذ الكامل والمؤثر للاتفاق النووی ومادامت الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ملتزمة بذلک ویبقی الاتحاد الاوروبی ملتزما ایضا مثلما كان لغایة الان وهو ليس اتفاقا ثنائيا ليكون بامكان ترامب الانسحاب منه ، وهو ذات الموقف الذي اتخذته برلين وباريس ولندن وبكين وموسكو.".
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی

488
ظاهرة الانسان فی المجتمع
الاخلاق الحسنة و السلوک المرضی مع الناس هو من أهم أسباب نجاح الانسان و تقدمه فی المجتمع، بل حتی ان رواج الاخلاق بین مختلف الطبقات سیکون مؤثراً فی نشر العدالة و تطبیقها فی المجتمع . وفی تصوري ان
المجتمعات تعتبر بمثابة سفینة فی حال حرکة، الإنسان هذا المخلوق الالهی موجود اجتماعي فیها لا یطیق الحیاة وحده لأنه من الناحیة الروحیة و العاطفیة والجسدیة بحاجة إلی الآخرین دائما فمن الطبیعي ان یهتم الانسان فیها بالمشاکل و یکون حساساً فی مقابل الازمات الاجتماعیة و لا یمر علیها ببساطة و عدم مبالاة، کما یعتقد ان اي ضرر اصاب السفینة لا یتوجه الی الذی سببها فقط، بل یعم الجمیع و بالتالی قد یؤدي الی غرق السفینة ومن فیها .
ولا تقتصر هذه الظاهرة علی حیاة الانسان بل تمتد إلی حیاة الخلیقة کلها . فهي الأخری تعیش بصورة جماعیة ولا تطیق الحیاة بصورة فردیة شریطته ان یعیش علی حب الاخر والمنافع المتبادلة   . عن الرسول الكريم عليه واله الصَّلاة والسَّلام- أنَّه قال: (أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا، ولأنْ أَمْشِي مع أَخٍ لي في حاجَةٍ أحبُّ إِلَيَّ من أنْ اعْتَكِفَ في هذا المسجدِ، يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومَنْ كَفَّ غضبَهُ سترَ اللهُ عَوْرَتَهُ، ومَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، ولَوْ شاءَ أنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ مَلأَ اللهُ قلبَهُ رَجَاءً يومَ القيامةِ، ومَنْ مَشَى مع أَخِيهِ في حاجَةٍ حتى تتَهَيَّأَ لهُ أَثْبَتَ اللهُ قَدَمَهُ يومَ تَزُولُ الأَقْدَامِ، وإِنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفْسِدُ العَمَلَ، كما يُفْسِدُ الخَلُّ العَسَلَ).
بذر الخير فوق أي أرض وتحت أي سماء ومع أي أحد.. لا تعلم أين تجده ومتى تجده؟لذلک علیک ان تزرع الخیر  والجمیل ولو في غير موضعه .... فلا يضيع جميلا أينما زرع ..فما أجمل العطاء... فقد تجد جزاءه في الدنيا أو يكون لك ذخرا في الآخرة.. لا تسرق فرحة أحد ولا تقهر قلب أحد .. أعمارنا قصيرة .. فالبصمة الجميلة تبقى وإن غاب صاحبها. ازرع الخير لكل احد لا تقل فلان يستحق و فلان لا يستحق انت افعل الخير و ابذل واجبك و ادي ما عليك و دع الخلق للخالق فالامانة ان تعين كل محتاج و ان تنقذ كل مستصرخ ولو كنت تبغضه بالتواضع والعفو . ففی القرآن جعل التواضع من علامات عباد الله الصالحین: «و عباد الرحمن الذین یمشون علی الارض هونا».الفرقان 63 قال رسول الکریم (ص): «ان التواضع لا یزید العبد إلا رفعة فتواضعوا یرحمکم الله».جامع السعادات للنراقی. کما یقول (ص): «ان التواضع لا یزید العبد إلا رفعة فتواضعوا یرحمکم الله». یقول أمیر المؤمنین علی (ع): «التواضع مع الرفعة کالعفو مع القدرة»، «و بالتواضع تعم النعمة».نهج البلاغة] .
ان الله عز وجل بلطفه وحكمته وهب للإنسان العقل، وما قسّم الله بين العباد بأفضل منه، فتشرف به في خلقه، وكان العقل دعامته في حياته، وحاز الفضائل ونال المكارم، وحلّق في سماء السجايا الطيبة والصفات الحميدة بتهذيب نفسه، وصيقلة قلبه، وتزكية روحه بالعلم والتربية، فكان مظهراً لأسماء الله الحسنى، ومرآةً لصفاته العليا، ببركة مبادئه السليمة وعقله النيّر، فهو دليله ومبصره، ومفتاح أمره، وبضميره الواعي وفطرته السليمة، ونفسه اللوّامة، وبأخلاقه الحسنة، وسلوكه الطيب، وقلبه الطاهر المفعّم بالإيمان الراسخ، والمتشبّع بالعلم النافع والعمل الصالح،
ولذلك ادرك العالم غربه وشرقه مكانة هذه الميزة فاحترموها لاحترام خالقها ومودعها في من يجب احترامه لاحترام من كرمه، وخلاف ذلك يعمل كثير من ساسة العالم ، عربيهم وأعجميهم، مع علمهم بنصوص القرآن التي تنطق بالتحرر والتكريم لخليفة الله في أرضه، على احتقار عقل الانسان، الطاقة الجبارة، وما ذلك إلا شططا منهم وعصياناً وجحوداً وتسفيهاً للعقل مهما كان تفاوت إبداعه، ولا يرون إلا ما تراه متطلبات حياتهم، وفي سبيل تحقيق الاهواء لهم يحتقرون التحرير أوالتحرر للعقل، فيقتلون ويعذبون ويطاردون كل حر ذي عقل، لانهم في صورة سوداء مزيفة، يهربون من مواجهة اصغر فرد من افراد المجتمع تحت ظل السلطة العمياء الخاضعة لأمرهم. وروي أنّ جبرئيل (ع) هبط إلى آدم فقال: يا أبا البشر أُمرت أن أُخيّرك بين ثلاثُ فاختر منهنّ واحدة ودع اثنتين، فقال له آدم: وما هنّ؟ فقال: العقل والحياء والإيمان، فقال آدم (ع): قد اخترت العقل، قال: جبرائيل للإيمان والحياء إرحلا، فقالا: أُمرنا أن لا نفارق العقل.و الانسان العاقل يحمل الصفات الثلاث اذا ماكان مكتملاً، العقل اولاً ،والحياء ، والايمان تاتي بالدرجات التالية .
نختم بقول سبحانه وتعالى ‏{‏‏فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}‏‏‏[‏الزمر‏:‏ 17-18‏]‏،
صدق الله العلي العظيم
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

489
مجلس النواب العراقي وعبثیة تمدید عمله
ان الدعوة التي تطالب بتمديد عمر البرلمان العراقي تمثل سابقة خطیرة لان الدستور يعهد اليه بعض الصلاحيات المحددة التي لابد من ممارستها من قبله حتى يفي بالقسم الذي اداه و باحترام الدستور وتطبيق القوانين وتمدید فترة البرلمان لم ینص علیه الدستور العراقي و لم يعط صلاحية ابداً بتمديد عمره”.ولم تذکره ای مادة من مواد الدستوربشکل صریح ولعدم اکتمال المتطلبات اللازمة وهی وسیلة لکسب الوقت  والتمتع بالامتیازات من قبل هذه المجموعة و ليس من مصلحته أن يزج نفسه بهكذا اشكالية سواء ذلك على الكتل السياسية وكذلك النواب المستقلين الذين لا ينتمون إلى احزاب”.وتطغی علیها العبثیة فی المطلب. وسوف يتم الطعن بالقانون بمجرد اعلانه سواء نص القانون على سريانه من تاريخ اقراره أو من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية”. کما ولاشک ان المحكمة الاتحادية العليا تتمسك بموقفها الرافض لتمديد عمر البرلمان كونها أكدت بالنص المطلق ان امتداد الولاية خارج التواريخ المحددة تعد ضرباً واضحاً للدستور . وهذا يتطلب البحث في ضروريات التحول نحو بناء ثقافة مشاركة تدعم وتعزز من قيم الاندماج والمشاركة ورسم السياسات العامة وعملية صنع القرار من قبل اعضاء مجلس النواب ومثل هذه المطالب هی بعیدة عن القیم الاخلاقیة النیابیة الوطنیة. هذه المطالبة ( تمدید فترة عمر مجلس النواب ) تشمل اعداد من النواب الذین فشلوا فی الوصول الی اعتابه بعد النتائج الاخیرة التی اظهرت ان العدید من اعضاء المجلس المنتهیة عمله فی 1/7/2018 لم ینالوا ثقة الجماهیر المشارکة فی التصویت . وهو ما یجعلنا نبحث عن وسیلة لاعادة النظر فی البناء الثقافي البرلمانی العراقي والبحث عن مرتکزاته السلیمة والتي تغلب علیها فی الوقت الحالی ثقافة تقليدية ورعوية تعتليها اعتبارات شخصیة ومصالح فئوية وروابط القرابة والدين والقومية والقبيلة و دستورالدولة تم تاسیسه ضمن إطار ثقافة المحاصصة الطائفية والسياسية ویکون الصراع على السلطة بنفس الدوافع ، فضلا عن انتشار الفساد المالي والاداري بكل أشكاله، وغلبة المحاصصة الطائفية والقومية علی کل الامور ، وهذا ما لمسنا خلال السنوات الماضیة اذ اصبحت المناصب الحكومية وعلى كافة المستويات تباع وتشترى بملايين الدولارات، وهي مدعومة من قبل أطراف داخلية وخارجية، ناهيك عن حصر الدرجات الوظيفية بين الوزراء وأعضاء البرلمان، حيث تسند الى المواطنين على اساس القرابة والمحسوبية والحزبية.لفقدانهم مفهوم الوطن والمواطن وغیاب الممارسة  الدیمقراطیة . لان الديمقراطية نظرية وممارسة، تجربة إنسانية مفتوحة، فهي ليست وليدة مرحلة تاريخية معينة، اوانتاج شعب واحد أو حضارة واحدة، بل كانت وما تزال نتاج تجارب الشعوب المختلفة وألامم ومعاناتهم المستمرة ولما توصلت إليه من حلول، وما أنجزته من مكاسب، أسهمت ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والحضارية ً لاختلاف الظروف وتباينها عند الشعوب والروحية في صياغتها وتكوينها، وتنتقل الی شعوب اخری ومن أمة الی امة أخرى وحسب ظروفها، فإنه من الطبيعي ان تکون هناک اختلاف فی التجربة الديمقراطية وتباينها لانها نظام للحياة ، وصيغة للحكم تنظم ممارسة الحرية، وتوسیع المشاركة في اطرها. وهي أداة لتحقيق الحياة العامة و اسلوب واعي  لحل مشاکل الامم، وعملهم جميعا تحت خیمة  الوطن واهداف الشعب ومصالحه، وعامل دافع للتطور والتقدم، والاساس لبناء مؤسسات تمتلك القدرة على التوفيق بين حرية الافراد ومصالحهم الخاصة، وحرية المجتمع والمصلحة العامة. و تبقى الديمقراطية تجربة إنسانية، ممارسات تطورها مفتوحة، لانها تحمل رؤية إنسانية لواقعه، وتجسد وعيه وإرادته لتغيير هذا الواقع، وبناء شعوب حرة متحررة بمشارکة الکل دون استثناء واحترام المذاهب والادیان والقومیات وعدم المساس بها. والممارسة الدیمقراطیة  نشاط مدني يتضمن ممارسة الانتخابات بحریة دون قیود، لرفع التمییزوالاشكالات اليومية لكي تقوم بأدوارها المنوطة بها، وتنبني على القاعدة التی تؤدي  إلى صياغة مفهوم خاص بالنظام الديمقراطي، للمجتمع يتأكد فيه ضمان الحقوق الاساسية، وتوسيع دائرته کنموذج وبوصفه وسیلة للحكم و نمطا للمساواة بين الناس . والاصلاحات هي حالة عامة تقوم في كل مناحي الدولة، يكون غرضها تصويب الخلل أو تطوير واقع، وبالتالي الوصول إلى أفضل واحسن حسب رؤية المواطنين ومشارکتهم. وهذا يعني بالضرورة أن يكون الفساد أو النقص أو الخلل سابقة على الاصلاح. وحتى يستكمل البحث في مفهوم الاصلاح، لابد لنا من استعراض شروط الاصلاح وضروراته. علی أن يكون هناك واقع سيء سياسيا : یعنی إن الاصلاح السياسي هو عملية تعديل وتطوير جذرية، أو جزئية في شكل الحكم، أو العلاقات الاجتماعية داخل الدولة في إطار النظام السياسي القائم، لمفهوم التدرج. بمعنى آخر فإنه يعني تطوير الكفاءة وبوسائل الاصلاح المتاحة اما اقتصادیا ً واجتماعیا لان الشق الاقتصادي هو توئم  مع الاجتماعي احدهما یکمل الاخر، وهو المدخل الرئيسي والاساسي ألی الخروج من حالة التخلف، وبالتالي هوالمدخل ألی التقدم وأي نهضة وأي ارتقاء وکما تساعد في تحديد موطن الخلل لكي يتم اختيار العلاج الشافي أو علة تحتاج إلى دواء .بل والی السيادة والاستقلال والبقاء. و يمكن أن ينتهي الی حالة الوفرة واليسر والمساواة والعدل والحرية، والانسانية وإلى حالات مختلفة تماما وتحقيق إنسانية الانسان في حدودها المقبولة اذا تم تطبیقها و في ظل غياب هكذا واقع فإنه لا مبرر للاصلاح و یکون أقرب إلى الترف. فالعله قد تكون غياب العدالة أو الحرية، أو انتشار الفقر أو المرض وعدم الاستقرارفی ذلک المجتمع،.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی

490
أدب / علی ابواب الاحزان
« في: 17:08 27/06/2018  »
علی ابواب الاحزان
متی ارمي كلّ ألوان السواد
متی ارمي كلّ ألوان الحداد
وكيف أنسى من في القلب سكناه ؟
وانا علی ابواب العزاء
أعيش مأسي ذکریاتی الحزینة
ذکری بعد ذکری
کلباس تبرج الروح
ادمنتها ...اه ...اه
اوغلت فی اعماقي
أحسها في نبض قلبي
هل هی من قدر الوجودي
هل لاني لا اناسها تکون قاسیة
کیف احیا دون الماضی
شجية تعیش في شراييني
فوق اوراقي المتبعثرة
هشیم جذوري الخاویة
فوق اوتاد محطاتي
محطة ....محطة
واشواط الرحیل
تدق بابي
من یجیبوني
ليتني ما کنت فیها
ترفل بصخب البكاء ...
فی صحاری احلامي العجولة
عهود الحنین تخرس الروح
اللاهثة وراء سراب
غرفتي المظلمة
ترسم لوحات
فوق سریري...علی صدري
توشح حروف کلماتي بالظلام
اهات متکسرة واحدة تلوا اخری
علی منادیل الرحیل الحتمي
ترمیني فی مجمرة من النار
72-6-2018

491
المربط والمعلف قبل الحصان
==============
ان اللقاءات التی تجریها الکتل والکیانات والاحزاب واستمرار لعبتها الاعلامیة  التضلیلیة وتنبثق عنها بین حین واخر ائتلافات لا اساس لها من الصحة من اجل انعقاد مجلس النواب وتشکیل وادارة الحکومة القادمة التی تنتظرها الجماهیر بفارغ الصبر بعد الانتخابات ومن الغیر المتوقع ان تتضح معالمها بهذا الشکل السریع وللشکوک حول ثباتها وشبهات التلاعب والتزویرعنها ، فی ضوء الانقسامات فی الكيانات والتحالفات والاحزاب الموجودة فیها وعدم التوافق بین تلک المجموعات لمخرجاتها وعلينا أن نجزم أن هذه الفئات في الوقت الحاضر بعيدة كل البعد عن تشكيل وعي سياسي للمواطن ، والحال، فإنّ الأيّام المقبلة ستثبت مدى قدرة الاجتماع، الذي دعا إليه الدکتور حیدرالعبادي فی الاسبوع القادم للکیانات والکتل و"الذی یمثل المربط والمعلف قبل الحصان مادامت نتائج الانتخابات غیر واضحة لحد الان " على تجاوز الخلافات ومناقشة مستقبل البلاد بمعزل عن مشروع الکتلة الاکبر ولعله فیها الفائدة الحقيقيّة التي قد یخرج منها اتفاق بین القادة على تجنيب البلاد مرحلة الفراغ الدستوريّ، وعقد الجلسات الأولى للبرلمان الجديد مطلع الشهر المقبل لینتج عنه تشكيل حكومة أغلبية سياسية بعيدة عن التخندق الطائفي والفئوي والحزبي تضم الأطراف الراغبة في المشاركة في حكومة أغلبية يكون هدفها نقل البلاد إلى مرحلة جديدة من التلاحم ووضوح البرنامج والمسئولية .المهم ان بعد سنوات من الحكم الشمولي الفردي فی العراق الذی کان قائم على منهجية الحزب الواحد وسيطرته على مؤسسات الدولة كافة لمدة تزيد على خمسة وثلاثین عاماً فلاشک ان التجربة البرلمانیة العراقیة بعد عام 2003 حیث زمن تغییر النظام تعد من  أحدى أهم التجارب الديمقراطية في المنطقة والدستور الدائم فیه وهو نموذج قل نظیره فی العالم الثالث رغم الثغرات الموجودة فیه والقراءات المختلفة .
في تجربة المشهدالسیاسي العراقي الجديدة هناك جملة من التغييرات التي طرأت على المشهد السياسي، وهذه المتخیرات  كانت في أغلبها خارج حدود فهم المواطن. رغم  اعتقادنا الکامل ایضا من أن التكافؤ في مثل هذا المجلس لا يمكنه أن تضع حدوداً سياسية واضحة لبرنامج أمده شهر واحد ناهيك عن أربع سنوات مقبلة من عمره اذا لم یغیر اطره الی واقع برلمانی صحیح ، ولو نظرنا إلى تفرد تجربة العراق، في محيطه العربي والإسلامي، سنجد أن هذه التجربة لا يمكن لأي مواطن عراقي أن يتصدى لها بفهم مرحلي تزامني، فضلاً عن الفهم البعيد. فمن الناحية التاريخية نجد أن التجربة البرلمانية بالذات هي تجربة جديدة على مدارك المواطن . وعلى الرغم من أن هذه التجربة لم تأت أو تولد نتيجة ظروف تأريخية متراكمة عبر مراحل زمنية كما هو الحال في التجارب البرلمانية الأخرى، إلا أنها أستطاعت في ظل الظروف والتحديات الكبيرة التي شهدها العراق من أن تتحول إلى تجربة برلمانية ديمقراطية وليدة وتمثل تحولاً ديمقراطياً سيأخذ مداه الزمني لكي يتبلور إلى تجربة مؤثرة وفعالة مقارنة بتجارب دول المنطقة.
ولا شك فأن عملية تطوير التجربة البرلمانية العراقية و لمواجهة الإرث الثقيل من الخراب البيئي والنفسي والجسدي والعقلي الذي تعرض له الإنسان العراقي تتطلب: العمل على إرساء قواعد العمل الديمقراطي في التعددية السياسية والحزبية، والتمسك بالقيم والمبادئ الديمقراطية، والتركيز على مبدأ الفصل بين السلطات، ومبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال تطوير وتحديث التشريعات الوطنية، ومراجعة الإطار القانوني والتشريعي والسياسي للعملية السياسية والديمقراطية برمتها .ووضع الاسسس للحکومة التی تنبثق منها کی يمكن لها قيادة الدولة ومواجهة  الضغوطات الهائلة داخليا وإقليميا ودوليا و كيف يمكن محاربة الفساد والمفسدين وتعديل الدستور وإصلاح مؤسسات الدولة وكيف يمكن بناء الاقتصاد المنهوش وتقديم الخدمات لشعب يئن تحت سطوته ومخلفات ماض قريب بغيض بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وقبح؟ و إعادة بناء الدولة في ظل صراع الإرادات وكيف يمكن ضمان أمن الناس وتخليص البلاد من الإرهاب الذی لازال یمثل خطرا اساسیا  وكيف يستطيع العراق مواجهة التحديات الإقليمية واهمها شحة المیاه التی اخذ یعانی  بسببها ومنافذه البحرية ومحاصرته من كل صوب وحدب طالما بقي السياسيون يتقاتلون على الكراسي بدل الاهتمام بمثل هذه الامور المصیریة؟ ومتى تنفذ سياسة وضع الكفاءات الكبيرة المتخصصة التي بدونها لا يمكن التعجيل بإعادة تعمير البلاد ونهوضه فی جمیع المجالات  بدونهم  ؟
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی
 


2018-06-24 20:40 GMT+04:30 A Falah <alfalah1954@gmail.com>:
          العراق...البناء الدیمقراطي الاستهلاکي الی این
ان عدم وجود قيادات حقيقة فی الساحة السیاسیة العراقیة تؤمن بالنظام الديمقراطي وبالممارسات والسلوكيات الديمقراطية جعلت المواطن العراقي يتساءل عن جدوى الانتخابات بعد عدم الاعتراف بمخرجاتها وفی ظل الهیمنة وتغیب الاطر والنظام و التلاعب بالدستور ، زاد من تعقيد المشهد فیه تداعيات غياب المشروع الوطني وقد انعكست على العملية السياسية برمتها دستورا وممارسة في جميع مؤسسات الدولة، وأصبحت بعد هذه السنوات بمثابة تقاليد ومُسَلمات تحكم العمل السياسي وتنذر بتحول الأزمات القادمة و التي قد تعصف بالعملية السياسية و مستقبلها و تهدد مستقبل الدولة نفسها. و للإحباط الذي يعيشه العراقيون والذی قد یتحول إلى تراجع كبير في روح الانتماء والمواطنة عند الضعفاء .
إن بناء الديمقراطية صيرورة فكرية وثقافية وإجتماعية وتاريخية تتطور بمرور الازمان وعلى صعد مختلفة . رغم ان عملية البناء في ظروف انتقالية معقدة  مثل العراق هي عملية صعبة المنال ولكنها ممکنة وضروریة. والاعتماد علی شكل النظام المؤسساتي والقانوني يمكن ان يلعب دورا اساسيا في نضج واستمرارية النظم الديمقراطية بصورة اكيدة. وذلك بتوفير آلية مناسبة لإدارة الصراع المختلق في حدود تعايش سلمي بین المکونات الاساسیة فی المجتمع ومن خلال تشجيع الاتفاق حول مجموعة من المبادئ الرئيسية التی  تعكسها العديد من الدساتير بافكار جديدة حول تنظيم وبناء الدولة في البلدان التي تتعدد فيها القوميات والدیانات ، وتؤكد اعترافها بالجماعات العرقية وتنظم مشاركتها في مؤسسات الدولة والشؤون العامة. ويمكن ان تكون اسالیب اخری فعالة  تضاف فی البناء لمنع الصراعات فی المجتمع المکوناتی التعددی من أهمها أولا" المعايير الديمقراطية كألإنتخابات وثانيا"المؤسسات الديمقراطية كالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ثم ثالثا" المجتمع المدني وأخيرا" الثقافة الديمقراطية والتي نحن بحاجة ماسة اليها في كافة أنحاء البلاد بما فيها الثقافة الدستورية والقانونية وثقافة الوعي ألإجتماعي و التي هی تعتمد علی منظومة مؤسساتية کاملة لصیانة اراء المواطنین والاشراف علی الانتخابات بالتنسيق مع الدولة و مؤسسات المجتمع المدني كي تساندها في إدارتها لانجاز مهمة  الانتخابات التی اصبحت لعبة قدر یتلاعب بها بعض الساسة فی غیاب راي المواطن الجوهرة الثمینة كمدخل لمنح الشرعية للنظام السياسي، ومن ثم توثق العلاقة بين المواطن والمؤسسات السياسية. لا يـستطيع اي من قادة النظام سياسي الحالی  ان يدعي بانه قادر على معالجة أي من المعضلات التی تمر بالبلاد  بشكل عقلاني مجرد ما لم يستند الى شرعية شعبية واضحة . ولا يمكن الادعاء بوجود شرعية شعبية بدون وجود الديمقراطية التي تحدد أسلوب اختيار ممثلي الشعب وطريقة ممارستهم للرقابة والتشريع والمشاركة في اتخاذ القرارات  وفي ظل غياب المنجز السياسي والاقتصادي الیوم وعدم قدرة النظام السياسي على تحقيق التنمية ، فإن التساؤل بشأن جدوى الديمقراطية يبدو منطقيا للوهلة الأولى. ان الديمقراطية و الحرية هما من المستلزمات الإنسانية وهي رغبة دفينة لدى الفرد یعیش علی املها و ليست سلعة مستوردة من الخارج انما اقراتها کافة الشرائع السماویة والانسانیة ، كما انها ليست عمولة ندفعها للحصول على مساعدات فنية وغذائية من الغیر ، انها مطلب وحق وطني لا مناص منه بعد التجربة العبثیة التی مرت خلال السنوات العجاف الماضیة بالمواطن العراقی والتی قاربة 45عام. إذ کیف يمكن القول بوجود حالة من الدیمقراطیة مع وجود الجزع والحروب والموت والتفكيروالقلق ومن عدم الاستطاعة فی التعبیر بصورة شفافة عن اراء البناء لا للهدم والتی خلقت صورة معلولة بعدم جدوى الديمقراطية بصورة واضحة عند الرأي العام العراقي وهذه واقعة لا یمکن انکارها. ومن هنا یمکن أن نقول بان  المواطن يستطيع ممارسة الوعي ألإجتماعي ضمن مقاييس حضارية يهدف من خلالها الى بناء ذاته وترصينه وتأسيس قاعدة وطنية كعين ساهرة على حياة المجتمع ومصيره وبات واضحا فقدان الثقة وهو ناتج بالدرجة  الاولی عن عدم وجود أحزاب وقيادات تؤمن بأن الديمقراطية ليست انتخابات وحسب، فالمستبدون المنتخبون يحافظون على قشرة الديمقراطية ویتحدثون بها لقلقة لیست واقعیة ، بينما ينزعون جوهرها. الدیمقراطیة تعنی التزام بالوطن والارض والشعب وتعني الحرية للفرد لكن ليس الحرية المطلقة التي مهما كانت درجة ثقافة المجتمع ستؤدي الى خراب المجتمع لان ليس من الممكن ان يخلو مجتمع من المخربين والمفسدين والجهلة . لذلك لا بد من وضع قوانين وقواعد ومجموعة أنظمة في ظل الديمقراطية يلتزم الجميع بمراعاتها والالتزام بها من اجل الحفاظ على اسسها و حفظ النظام والامن في المجتمع  وبالتالي بالسلطة المنتخبة شعبیا والتي ستتيح للمواطن فرصة التمتع بها وممارسة الحرية في ابوابها الواسعة وجوانبها المتعددة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی


492
العراق...البناء الدیمقراطي الاستهلاکي الی این
ان عدم وجود قيادات حقيقة فی الساحة السیاسیة العراقیة تؤمن بالنظام الديمقراطي وبالممارسات والسلوكيات الديمقراطية جعلت المواطن العراقي يتساءل عن جدوى الانتخابات بعد عدم الاعتراف بمخرجاتها وفی ظل الهیمنة وتغیب الاطر والنظام و التلاعب بالدستور ، زاد من تعقيد المشهد فیه تداعيات غياب المشروع الوطني وقد انعكست على العملية السياسية برمتها دستورا وممارسة في جميع مؤسسات الدولة، وأصبحت بعد هذه السنوات بمثابة تقاليد ومُسَلمات تحكم العمل السياسي وتنذر بتحول الأزمات القادمة و التي قد تعصف بالعملية السياسية و مستقبلها و تهدد مستقبل الدولة نفسها. و للإحباط الذي يعيشه العراقيون والذی قد یتحول إلى تراجع كبير في روح الانتماء والمواطنة عند الضعفاء .
إن بناء الديمقراطية صيرورة فكرية وثقافية وإجتماعية وتاريخية تتطور بمرور الازمان وعلى صعد مختلفة . رغم ان عملية البناء في ظروف انتقالية معقدة  مثل العراق هي عملية صعبة المنال ولكنها ممکنة وضروریة. والاعتماد علی شكل النظام المؤسساتي والقانوني يمكن ان يلعب دورا اساسيا في نضج واستمرارية النظم الديمقراطية بصورة اكيدة. وذلك بتوفير آلية مناسبة لإدارة الصراع المختلق في حدود تعايش سلمي بین المکونات الاساسیة فی المجتمع ومن خلال تشجيع الاتفاق حول مجموعة من المبادئ الرئيسية التی  تعكسها العديد من الدساتير بافكار جديدة حول تنظيم وبناء الدولة في البلدان التي تتعدد فيها القوميات والدیانات ، وتؤكد اعترافها بالجماعات العرقية وتنظم مشاركتها في مؤسسات الدولة والشؤون العامة. ويمكن ان تكون اسالیب اخری فعالة  تضاف فی البناء لمنع الصراعات فی المجتمع المکوناتی التعددی من أهمها أولا" المعايير الديمقراطية كألإنتخابات وثانيا"المؤسسات الديمقراطية كالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ثم ثالثا" المجتمع المدني وأخيرا" الثقافة الديمقراطية والتي نحن بحاجة ماسة اليها في كافة أنحاء البلاد بما فيها الثقافة الدستورية والقانونية وثقافة الوعي ألإجتماعي و التي هی تعتمد علی منظومة مؤسساتية کاملة لصیانة اراء المواطنین والاشراف علی الانتخابات بالتنسيق مع الدولة و مؤسسات المجتمع المدني كي تساندها في إدارتها لانجاز مهمة  الانتخابات التی اصبحت لعبة قدر یتلاعب بها بعض الساسة فی غیاب راي المواطن الجوهرة الثمینة كمدخل لمنح الشرعية للنظام السياسي، ومن ثم توثق العلاقة بين المواطن والمؤسسات السياسية. لا يـستطيع اي من قادة النظام سياسي الحالی  ان يدعي بانه قادر على معالجة أي من المعضلات التی تمر بالبلاد  بشكل عقلاني مجرد ما لم يستند الى شرعية شعبية واضحة . ولا يمكن الادعاء بوجود شرعية شعبية بدون وجود الديمقراطية التي تحدد أسلوب اختيار ممثلي الشعب وطريقة ممارستهم للرقابة والتشريع والمشاركة في اتخاذ القرارات  وفي ظل غياب المنجز السياسي والاقتصادي الیوم وعدم قدرة النظام السياسي على تحقيق التنمية ، فإن التساؤل بشأن جدوى الديمقراطية يبدو منطقيا للوهلة الأولى. ان الديمقراطية و الحرية هما من المستلزمات الإنسانية وهي رغبة دفينة لدى الفرد یعیش علی املها و ليست سلعة مستوردة من الخارج انما اقراتها کافة الشرائع السماویة والانسانیة ، كما انها ليست عمولة ندفعها للحصول على مساعدات فنية وغذائية من الغیر ، انها مطلب وحق وطني لا مناص منه بعد التجربة العبثیة التی مرت خلال السنوات العجاف الماضیة بالمواطن العراقی والتی قاربة 45عام. إذ کیف يمكن القول بوجود حالة من الدیمقراطیة مع وجود الجزع والحروب والموت والتفكيروالقلق ومن عدم الاستطاعة فی التعبیر بصورة شفافة عن اراء البناء لا للهدم والتی خلقت صورة معلولة بعدم جدوى الديمقراطية بصورة واضحة عند الرأي العام العراقي وهذه واقعة لا یمکن انکارها. ومن هنا یمکن أن نقول بان  المواطن يستطيع ممارسة الوعي ألإجتماعي ضمن مقاييس حضارية يهدف من خلالها الى بناء ذاته وترصينه وتأسيس قاعدة وطنية كعين ساهرة على حياة المجتمع ومصيره وبات واضحا فقدان الثقة وهو ناتج بالدرجة  الاولی عن عدم وجود أحزاب وقيادات تؤمن بأن الديمقراطية ليست انتخابات وحسب، فالمستبدون المنتخبون يحافظون على قشرة الديمقراطية ویتحدثون بها لقلقة لیست واقعیة ، بينما ينزعون جوهرها. الدیمقراطیة تعنی التزام بالوطن والارض والشعب وتعني الحرية للفرد لكن ليس الحرية المطلقة التي مهما كانت درجة ثقافة المجتمع ستؤدي الى خراب المجتمع لان ليس من الممكن ان يخلو مجتمع من المخربين والمفسدين والجهلة . لذلك لا بد من وضع قوانين وقواعد ومجموعة أنظمة في ظل الديمقراطية يلتزم الجميع بمراعاتها والالتزام بها من اجل الحفاظ على اسسها و حفظ النظام والامن في المجتمع  وبالتالي بالسلطة المنتخبة شعبیا والتي ستتيح للمواطن فرصة التمتع بها وممارسة الحرية في ابوابها الواسعة وجوانبها المتعددة .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی

493
أدب / تقترب المسافة
« في: 17:57 18/06/2018  »
تقترب المسافة
ذوى حبي وماتت في شراييني
كلمحِ البَرقِ في يوم عاصف
نسيت خده الوردي
خضرة العينين
همسات الحنين المخملية
ما عادت دقات قلبي تخفق
بكائه ماعاد يؤذيني
في صدري احلام تورقني
كأطياف المسافات
لا تقترب بعد
بقايا الحب ماعادت تروي ظمائ
اكاليل الموت احملها في سفري
احملها الى مقابر الاحياء
المعزون يتغاضون الاخرة
بعد ان ملئت فوضاهم العتبة
على سعف النخيل العطشا
اضعها على جروحي وأحزاني
على لهيب الفراق الموجع
ساخن مثــل الجمــــر
وتسكن حروفه شغاف قلبي
الذي ذوى وضمر
اضعها على صدري
ابردها بخيالات عمري
ساسكب كل احزاني في كؤوس فارغة
ارفعها على سواري الاحلام
وانتهي بمشوار الغموض
من افق الكون الصامت
الى قافلة العودة الابدية
عبد الخالق الفلاح - اعلامي


494
ما ان بدأت حتى اختلفت
الانقسامات بدأت تعصف بالائتلافات ما ان بدأت التصريحات المختلفة بعد كل اجتماع بين الكتل حول الاستعداد لتشكيل الكتلة الاكبر للبرلمان العراقي ولكن الاختلافات اخذت تطفوا على السطح لان كل كتلة تريد ان تكون على رأس المجموعة وتفرض شروطها على الاخرين . وهذه كانت متوقعة لان كل كتلة تضم مجموعات ذات ايديلوجية قد تكون بعيدة كل البعد عن  الاخرى وخاصة في كتلة سائرون بقيادة السيد مقتدى الصدر حيث لا يمكن الجمع بين الاسلامي والشيوعي حسب المبادئ والاختلاف الجوهري وهذا ماكنا نتوقعه والان ثبت ذلك كما يدعي الحزب الشيوعي من خلال بيان المجلس الاستشاري الاخير على اثر التحاق فتح بسائرون في ائتلاف واحد " لان الحزب الشوعي حريص على استقلاله السياسي والتنظيمي والفكري، وانه سيصون هذا الاستقلال مهما كانت الصعاب والإشكاليات والتعرجات السياسية"والحزب ساهم في تشكيل . ((سائرون)) على اساس بلوغ هدفه الاساسي المتمثل في مشروع التغيير والاصلاح الذي اعتمده في مؤتمره الوطني العاشر. وان النجاح الذي حققه التحالف في الانتخابات الاخيرة لم يأت بمعزل عن تبنيه هذا المشروع وخوضه العملية الانتخابية تحت رايته. وبناء على ذلك فان ديمومة التحالف ترتبط باستمرار تبنيه للمشروع وبسعيه الملموس لوضع المشروع موضع التنفيذ". فما لم يعتمد هذا التشكيل المطالب الاساسية لمشروع التغيير والاصلاح، ويتضمن برنامجه ضمانات لتحقيقها، فان الحزب لن يشارك فيه ، وسيجد نفسه مضطرا الى النظر في كافة الخيارات السلمية الاخرى المتاحة، بما فيها الانتقال الى المعارضة و لن يكون لا اليوم ولا غداً أسير اي تحالف مهما كبر وعظم دوره  والاجتماعات واللقاءات التي حصلت بين الكتل السياسية، هي مجرد اتفاقات أولية ولا تعني تشكيل التحالف الأكبر و المحادثات  هي في البداية ومستمرة بين ألاطراف سياسية ، وننتظر نتائج الانتخابات ومصادقة المحكمة الاتحادية عليهاوالصورة النهائية للانتخابات ونتائجها لم تتبين في شكل واضح حتى الساعة .بلا شك ان شكل التحالف بين كتلتي سائرون والفتح سببت صدمة للحزب الشيوعي ، وخيبة أمل كبيرة لهم وبعض الاوساط السياسية والشعبية العراقية التي كانت تأمل في تمزيق الكتلة الشيعية .وتدعي هذه الاحزاب والتشكيلات ان  التحالف بين سائرون والفتح لم يكن ارادة وطنية بحتة، انما جاء نتيجة جهود خارجية  اخيرة خلال الايام الماضية  لمساعي بذلت في بغداد ولقاءات مع القادة السياسين التي انتجت هذا التحالف.فكما أثار الإعلان الثلاثي بين سائرون والحكمة والوطنية حفيظة بعض القوى السياسية ، أثار إعلان تحالف الفتح وسائرون حفيظة آخرين، لان هذا التحالف يشكل خطرا على العراق لأنه سيعيد البلاد إلى المربع الأول والتحالف الذي تم إعلانه بين كتلتين شيعيتين يدفع الكتل الأخرى إلى التخندق في الجانب الآخر وهو ما يعني عودة العراق إلى التخندقات الطائفية". في حين اعلن من ان التحالف الجديد لا يستبعد أحداً، وسيكون أساساً لتشكيل حكومة خدمة وطنية، والدعوة الى الاطراف الاخرى بالانضمام لفتح وسائرون وإلى المشاركة في هذا التحالف وفق برنامج حكومي يُتفق عليه، ويكون مناسباً لمواجهة التحديات والأزمات والمشاكل، وتبنى على أساسه حكومة الخدمة الوطنية و من لا ينسجم مع البرنامج، ومن يرى من هذه الكتل أن البرنامج الحكومي لا ينسجم مع برنامجه، بالتأكيد من حقه التوجه إلى المعارضة . والحقيقة ائتلاف فتح وسائرون يعني إعادة تشكيل التحالف الوطني ولكن بقيادة جديدة  و بحلة جديدة باعتباره أول تحالف يعلن بشكل رسمي لأن ما أعلن سابقا بين سائرون والوطنية والحكمة كان ورقة تفاهم لم ترتق إلى مستوى التحالف الرسمي بعد وربما بدأت القوى السياسية مغادرة لغة الشعارات والوعود الإنتخابية ، وإنتهت مرحلة جس النبض والمناورة، في نفس الوقت هناك احزاب اخرى اعتبرت إعلان تشكيل تحالف بين كتلة سائرون وتحالف الفتح، خطوة إيجابية وبداية لخارطة طريق سياسية جديدة، مشيرا إلى أن تحالف سائرون وفتح خطوة مهم لإنقاذ العملية السياسية بالعراق وخطوة مدروسة من اتجاهات عدة . ومن المعلوم  ان أي تحالف يسير في اتجاه تشكيل الكتلة الأكبر التي ستنبثق عنها الحكومة المقبلة ، يجب أن يحظى بموافقة الاطراف المشاركة في التحالفات بعد مشاورتهم، بهدف التوصل إلى صيغة واضحة وصريحة تعمل وفق مبدأ الشراكة الوطنية الذي يتحمل فيه الجميع مسؤولية القرار من دون تهرب أو نكران.
عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي
 


495
الیمن فی ظل عدوان المتصارعین
الصراع في اليمن يتخذ بعدا جديدا بعد ان بدأت قوات تحالف تقوده السعودية يوم الأربعاء 13/6/2018 هجوما على مدينة الحديدة الساحلية في اليمن التی تعتبر البوابة الوحیدة لایصال حاجة المواطن الیمنی هذا  التحالف يخطط للسيطرة على المطار والميناء والطريق المؤدي للعاصمة صنعاء  ، الانسانیة التی تهز الضمیر . الأمم المتحدة تقول إن 22 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وإن نحو 8.4 مليون على شفا المجاعة.
هذه الحرب الحل الافضل فيها سياسي وليس عسكريا وان على دول التحالف انهاء عدوانهم و لاشک ان الاستمرار فی ارتكاب هذه الجرائم يطفيء جذوة الامل الوحيدة التي تعلق على الجهود السياسية وتعقد الامور اكثر من ذي قبل. و من شأنه أن یقدم خدمة كبيرة للعدو الإسرائيلي ومن یقف الی جانبه و يمتد لأبعد من حدوده ولم یساعد جذب الجيوش العربية للمشاركة فيها تحت اسم الائتلاف والفشل للوصول الی الهدف المعد والمخطط له . وهو غير قادر على تحقيق شيء جوهري للصمود والتحدی الذی یجابه به من قبل هذا الشعب المظلوم بصموده الذی فاق کل شیئ ، أن استخدام المطارات والموانئ والمؤسسات المالية والجوانب الاقتصادية والإنسانية في الصراعات، تعد جريمة تخالف جميع القوانين والأعراف والإتفاقات والمواثيق الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان. یجب الکف عنها والأهداف المتناقضة لأطراف التحالف العربي هي ورائها وفی إطالة أمد الحرب  مع التشتت في معسكر التحالف، و تنافس الأجندات السعودية - الإماراتية في جنوب اليمن، وتقويضها السلطة الشرعية . ولکن فی الاخر العرب سيجبرون على العودة إلى مفاوضات السلام في اليمن بناء على قرارات الأمم المتحدة اذا ما کانت حازمة والتي لم ترقى إلى مستوى الحدث لحد الان وبحمایة دولیة لا سيما في الجانب الإنساني و يشبة "التهرب أكثرمن تحمل المسؤوليات" وأن موقفها سيبقى محكوماً بموقف واشنطن ما سيجعل عملها عبثياً. ولم تنجح ولونسبياً في التخفيف عن المعاناة الإنسانية لليمنيين و تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة محبطاً وتدل على أن قرارات إيقاف الحرب في اليمن لوقف الكارثة الإنساتية هناك ليس مربوطاً بالمجتمع الدولي، إنما باللاعبيين الأساسيين وهما التحالف العربي والولايات المتحدة وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لإنهاء ما وصفها ب"الحرب العبثية"في اليمن معرباً عن أمله أن تضغط الإدارة الأميركية على السعودية لتخفيف الأزمة الإنسانية  التي تعصف باليمنيين تشكل الظروف الإنسانية القاهرة التي يعيشها معظم اليمنيين محفزاً لمن يمتلك أدنى حساسية إنسانية، للعمل على إيقاف الحرب في اليمن "ولا يحتاج فرقاء الائتلاف في اليمن وحلفاؤهم إلى مبعوث دولي اذا ما کانوا یمتلکون حس انسانیا و من الواضح أنه طالما بقي الحوثيون في القمة والصمود والنجاحات التي حققهوا على أرض المعركة والتی تدفعهم لرفض مفاوضات السلام وعدم تنازلهم عن حقهم، لعلمهم انه عاجلا أم آجلا عليهم الانهماك في حوار مع أطراف أجنبية من أجل شرعنة حقهم . و الأكثر من ذلك أنهم أعلنوا رغبتهم بدء حوار سياسي فی اکثر من مرة، و لكن هناك شرط و هو عدم عودة الحکومة السابقة بقیادة ومنصور هادي الهارب على رأس الحكم والذی طلب مساعدت السعودیة واحضرهم للقتال ضد شعبه المظلوم . و هذه الحقيقة تجعله خائنا في أعينهم وخائنا بحق بلدهم. و غير مستعدين لنسيان حقيقة أنهم التزموا بكل الشروط التي وضعت قبل الحرب وکل المفاوضات کانت تتم تحت إشراف المستشارین فی الأمم المتحدة الخاصین بالقضیة الیمنیة ، الذین ظل أداؤهم محكوماً بحدة الاستقطابات الإقليمية التي صاحبت اندلاع الحرب في اليمن، بما فيها تكريس الوصايتين، السعودية والإماراتية، على الملف اليمني، ، و مع ذلك شنت الحرب ضدهم بغض النظر عن كل هذا. وهذا ما یثیر غضب الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز آل سعود الذي يظن نفسه القائد القومي الجديد. و بنفس الوقت تتحول الأمور في المملكة من السيء إلى الأسوأ. والشعب السعودی غير راضية عن الحرب و انخفاض العائدات جراء هبوط أسعار النفط خلقت لهم مشاکل حیاتیة و لهذا ليس من قبيل الصدفة ان ترفع الأسعار بین حین واخر. و الوضع أيضا متوتر على الحدود اليمنية السعودية، المسكونة بالقبائل اليمنية التي تعتبر الریاض عدوها الاول .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی
 


496
قمة ترامب وکیم جونغ بین الاثارة والانزعاج
اختصردونالد ترامب الرئیس الامریکی الزیارة التی کانت قد تم تضخیمها الی قمة سنغافورة وحصرها بیوم واحد بعد ان کان المقرران تکون لیومین والملابسات التی حصلت قبل عقدها بین الالغاء والانعقاد وخاصة بعد دخول  روسیا علی خطها فی ارسال وزیر خارجیتها لابروف والتی اثارت واشنطن بها کما ان تقارب الكوريّتين أكثر ما أثار انزعاج الأمريكيين الذين سعوا وبكل السبل إلى الحد من هذا التقارب، ويمكن رؤية هذا الانزعاج من خلال تصريحات الساسة الأمريكيين قبل انعقادها ، حيث حذرت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن "نيكي هيلي" من هذا التقارب، معتبرة إياه لا يصب في مصلحة كوريا الجنوبية حيث قالت هيلي: "نعتبر النظام الكوري الشمالي متهوّراً للغاية، ولسنا بحاجة إلى حلول مؤقّتة، وإلى التقاط صور ونحن مبتسمون فيها، ونعتقد أنه ينبغي علينا إيقاف برنامجهم النووي، وعليهم تجميده فوراً"، وکان البيت الأبيض قد اعلن ان وفدا غادر إلیها للتحضير للقمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون الذی أبدى "إرادته الثابتة" بشأن اجتماع قمة محتمل في یوم السبت 12 حزيران/يونيو، و التي کان يجب أن تخرج بمخرجات اولیة لهذا اللقاء من اجل دیمومة المباحثات فی المستقبل والضروري لعقد المزيد من الاجتماعات لتحقيق جميع الاهداف المرجوة من هذه اللقاءات اهمها ما يخص شبه الجزيرة الكورية وما یراد منها السلام والاستقرار والامن في المنطقة . الواقع ان جلوس واشنطن مع کوریة علی طاولة واحدة اعتراف امریکی علی أنهم لا یمتلکون قدرة التغییر والمواجهة والتی اختصر ترامب المسافات على نفسه بلقاء یتیم بینهما ویعنی منذ اللحظة الولی أن القمة المرتقبة متأرجحة ولا یمکن عقد الامال علیها وعدم التزام امريكا بما يترتب عليها ازاء العهود والاتفاقيات الدولية وفعلا اعلن ترامب إلغائها قبل عقدها کقمة ولم تزد عن لقاء خلف الابواب المغلقة ذات صبغة غلبت علیها الطابع الاعلامی . وامریکاحیث لم تتمکن طیلة حیاتها فی أن تقنع أحداً بصحة منطقها و صوابیة قرارها. وفي رسالة مقتضبة من عشرين سطراً، وجّهها  الرئیس الکوری الی الرئيس الاميركي ترامب، قبل القمة، أعلن قراره إلغاء القمة بينهما و اکدت الرسالة فشلها  و بينت الابتزاز الأميركي الذي تتقنه هذه الإدارة بصورة فوضوية، و«الارتباك» في صلبها حول المآلات التي يجب أن تخرج بها القمة وقد علق کیم جونغ بالقول: «للأسف، ونظراً إلى الغضب الهائل والعدائية الصريحة التي ظهرت في تصريحات ترامب الأخيرة، أشعر بأن من غير المناسب في هذا الوقت عقد القمة»، متابعاً أنّه «إذا غيّرتم رأيكم… الرجاء عدم التردد في الاتصال بي أو الكتابة لي». وبينما يكون ترامب قد ترك عملياً الأفق مفتوحاً لتنظيم قمة جديدة، أضاف کیم: «قدراتنا هائلة وقوية إلى درجة أنني أصلّي لكي لا نضطر أبداً الى استخدامها». جدير بالذكر أنّ التصريحات الكورية الشمالية «العدائية» التي يتحدث عنها ترامب، أتت رداً على تصريحات لمايك بنس، حذّر فيها قبل أيام الزعيم الكوري الشمالي من «المراوغة»، مشيراً إلى أنّ بلاده قد ينتهي بها الأمر مثل ليبيا «إذا لم يبرم كيم جونغ أون صفقة» بشأن برنامجه النووي.وفی قراءة  حول القرار الأميركي یظهر ان الرئیس الامریکی القائل "أريد أن تكون المحادثات ذات مغزى. هذا لا يعني أن كل شيء ممكن أن يتم في اجتماع واحد، ربما يجب أن يكون لدينا اجتماع ثان أو ثالث، وربما لن يكون لدينا شيئا"،  یحاول استغلال  كوريا الشمالية، و يزيد من الضغوط بعد بادرة حسن نية التی كانت قد أعلنت عنها في وقت سابق أنها فككت بالكامل موقعها للتجارب النووية (منشأة بونغي ري)، ودعت عدداً من الصحافيين الغربيين لمشاهدة عملية تدمير الموقع. أما  القراءة  الاخری لناحية يعكس تخبطاً وارتباكاً داخل الإدارة الأميركية نفسها، فقد شدد عليها الدبلوماسي الأميركي السابق آرون دايفيد ميلر، إذ أرجع أسباب ما حصل إلى الإعداد الغير الكافي للقمة، وإلى قلة الانضباط بما يخص تصريحات نائب الرئيس مايك بنس، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، ولافتاً أيضاً إلى ارتفاع تطلعات ترامب والارتباك حول الخاتمة التي كان يجب التوصل إليها. وفيما اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن سبب إلغاء القمة هو عدم إمكانية التوصل الى «نتيجة ناجحة»، فقد سارع «البنتاغون» إلى الإعلان عن «الاستعداد للرد» على أي «أفعال استفزازية» من قبل كوريا الشمالية.وقد تم تحلیل الموقف الامریکی من قبل المحللین الی ان ترامب يحمي نفسه من نتيجة للقمة قد لا تكون مجدية له . وقد ردّ دبلوماسيون «شماليون» على هذه التصريحات بالقول: «لن نتوسل إلى الولايات المتحدة من أجل الحوار أو نتعب أنفسنا باللجوء إلى إقناعهم إذا كانوا لا يريدون الجلوس معنا».لقد اثبتت کوریا خلال تاریخها انهاصامدة امام جمیع الضغوطات والعقوبات التجویعیة والابادیة، واستطاعت تطویر جیشها الشعبی الباسل وتطویر ترسانتها الصاروخیة البالیستیة وقنابلها النوویة، ووضعت الوجود العسکری الامیرکی وکوریا الجنوبیة والیابان وتایوان وامیرکا ذاتها تحت رحمتها وانعکست الآیة تماما. واصبحت ذاتها تستجدی رضا الزعیم الکوری الشمالی الشاب کیم یونغ اون . وجاءَ في البيان الذی تمخض عن اللقاء أنّ ترامب یلتزم بتقديمِ ضماناتٍ أمنيةٍ لبيونغ يانغ. فيما جَدّدَ "كيم" التزامَهُ الصارمَ والجازم بنزعِ السلاحِ النووي بالكامل من شبهِ الجزيرة الكورية. ويلتزمُ البَلَدان بإقامةِ علاقاتٍ جديدة بما يتفقُ ورغبةَ شعبي البلدين بالسلامِ والازدهار، وتعهدا بضمِ جهودِهما لإقامةِ نظامِ سلامٍ دائمٍ ومُستتِب في شبهِ الجزيرة الكورية. ويلتزمُ الرئيسان بتنفيذِ بنودِ البيانِ المشترك بالكامل وبشكلٍ عاجل وإجراءِ مفاوضاتٍ متتابعة بقيادةِ وزيرِ الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ومسؤولٍ رفيعٍ مناسب من كوريا الشمالية في أقربِ موعدٍ ممكن. 
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی         

497
العراق ... بین ثقل التناقضات و الفايروسات المدمرة
لقد ظهرت من خلال ما شاب الانتخابات من نکسة التزویر والاشکالات الفنیة ان النخب في المنظومة ¬السياسية  العراقیة تخدع المجتمع ، أم تحاول أن تطمس الحقائق بلسانها، وتمحوها بكلامها، أو توهم نفسها بما تخرف، عندما تتبجح بهذه التصرفات وتطلب بالتحقیق ، والتشدق بأوصاف تخالف الحقيقة والغير منسجمة والُمعقدة وغير العادلة وقد اخلت بالمیثاق والعهد الذی تبنته خلال فترة الترشیح للانتخابات وسببت ضرراً فادحاً بالامة مادیا ومعنویا ومشروعها الحضاري التاریخی العریق واخرت البلاد عن الحضارة بقرون بسبب المناكفات والازمات المفتعلة ولازالة تصر الیوم علی تلک المسیرة الغیر سویة والمتعثرة الجوانح وتعمل بانفعال من اجل تحقيق مصالح انية ليست من اسس الاهداف الوطنية و تزيد من الحراجة والتبعثر وفقدان الثقة بالمنظومة الحاکمة التی سوف تنبثق منها، وتتفاقم ازماته ، تبعا لتنوع الاتجاهات الفكرية . وسياسية ألاحزاب والجماعات التي تولت إدارة البلد بعد تغییر النظام فی عام 2003 فقط لم تکن بمستوی المسؤولیة الملقاة علی عاتقها، ولكونها حديثة التجربة في العمل السياسي، ومقتضياته. وقد تبنت في شعاراتها الديمقراطية لتعزيز حقوق الانسان غطاء، وحرياته األسیاسية اسما والسماح بالتعددية التي كانت مثار جدل حاد في مفهوم ادارتهم للعملیة السیاسیة بعیدة عن الصواب ، لما يكتنفه من تناقضات في ظل مجتمع متعدد الاعراق، والديانات والمذاهب، وصعوبة التعامل مع هذا الوضع القائم على الاعتقاد بأن كل طرف يستطيع أن يتحمل مسؤولية المجتمع كله ، وأنه ألحق بشؤون الحكم، ويرى كل طرف ضرورة انحياز الاطراف الاخرى له وهذا هو الخطاء الکبیر.ولايمكن قبوله لدى الشارع ان البلد يحتاج الى همة ابناءه الخيرین للبناء بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية ولايمكن لها ان تجني ثمارالخیر في ظل تمزق النسيج الوطني والسعي لاستغلال جراحه  واللعب عليها وفق ما تتطلبه ارادات الكتل الضيقة والمجموعات الغير سليمة الاهداف وعليها التفكير بالعراق لان الوطن واحد. يجب علينا ان نعرف بأن البلد مهدد بمنعطف خطير وتجربته لا زالت تراوح مکانها وعجلة النشوء تدورببطئ شدید وغض الطرف مهدد باقل الریاح سرعة وهزيل القوام ایل للسقوط فی ای لحظة ويعاني معظم سياسيه من مرض قصر النظر ويتطلب من كل العراقيين الشرفاء ومحبي ارضهم وشعبهم الحذر عما يجري وخطورة المرحلة التي قد تؤدي بالبلد الى الهاوية والانتخابات الحالیة اثبتت اننا لازلنا فی اول الطریق الوعر والمتشابک … ومع الاسف ان هناك اطراف فی العملیة السیاسیة  لايهمها ولاتعرف من شئ اسمه وطن لا من قريب ولا من بعيد وعليها علامات استفهام وتعجب واصبحت العملية السياسية سلعة او وسيلة للضغط على الاخر لجني المكاسب وتبادل الصفقات وتطبیق شعارات مزاجية او مساومة لمصالحهم الذاتیة لا صلة لها بالمواطنة وعلى اساس الربح والخسارة والتصيد بالماء العكر لان هدفها ان یبقی العراق بعلته وجراحه للرقص علیها والدوام فی خلق الازمات التی تعطل عجلته  وانهاء المشروع السياسي والبحث عن المنزلقات والفتن والتأزم والكرسي والسلطة من اجل نحر الشعب والامة حسب ما ترغب اليه الدول الداعمه لبعض المجموعات او الکتل  … حب الوطن ليست مجرد نصوص دستورية وقانونية یا سادة ، وتحويل اختصاصات وموارد مادية وبشرية ، انما ضمیر للادارة من هنا الى هناك فقط ، و یراد منها أن تقوم على الاحساس بالغيرة الوطنية الصادقة و على الوحدة الترابية لبلادنا كما ان المرحلة تستوجب من الكتل العمل بمصداقية للشعارات التي رفعتها خلال المرحلة الماضية والابتعاد عن الازدواجية والمواقف المتزلزلة بموقف اكثر حكمة والرجوع الى المشروع الوطني المبني على المشتركات والثوابت لا لثقافة التقاتل الطائفي والنعرات المتطرفة والتخندق خلف متاريس الفئوية وغيرها لانها ثقافة مبتذلة ولايمكن قبولها.علينا ان نفتخر بإصلتنا ، ونزهوا بانتمائنا، ونشدو بوطنيتنا، ونفتخر بشعبنا ، تشدنا الاصول  وتحركنا العواطف الانسانیة، ويدفعه الحنين إلى الارض كله، وتسكنه هموم الشعب بأسره، وتربطنا مع افراد الوطن وشائجٌ متينة وأواصر من المحبة الرشيدة المبنية على الحكمة ، فقط لاننا ابناء وطن واحد، علينا التجرد من كل صفةٍ اولاً، والتخلية عن كل لقب، والنأي بالنفس عن كل قبيلةٍ وعشيرة ثانياً ، والاستعلاء عن كل عصبيةٍ وفئويةٍ وحزبيةٍ”، ونتحد على ألوانه علمه ونقبل به رمزاً لنا وعنواناً يدل علينا، ننسى أمامه خلافاتنا، ونتجاوز به تناقضاتنا، ونكون أمامه صفاً واحداً وجبهةً مشتركة،ایها الاحبة ان ما يشهده العراق ما هو إِلا نموذج  من الفساد المستفحل لا يختلف عن ما  تشهده مختلف دول المنطقة وقد طفح ذلک فی خلال الانتخابات الاخیرة وما شابها من مغالطات والنخب غير مبالية بالنتائج ، منشغلة بهمومها فقط مع وجود الانقسامات و التوقعات والطموحات تلاشى الرؤى والافكار تضمحل وتنصهر في بودق الصراعات الذاتية ، اکثر الساسة  منشغلون بما تهيؤه الأطراف الدولية المتصارعة على الأرض العراقية من فتن ورؤى تقسيم وارهاب ، و الغير قادرون على معالجة الأمور بمفردهم بسبب ثقل الترکات وبسبب الفايروسات المدمرة التي انتشرت في الأرض العراقية وغياب المعالجات الکاملة التي تحافظ علی تراثه وحضارته ، وحتى القیادات التي تنتخب فمن المؤکد أنها لا تعمل لأجل العراق بقدر ما تنفذ اوامر الأتجاهات المؤسسة التي انطلق منها .
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامی

498
الانتخابات العراقية بين تغييب الاصوات وسوء التقدير
الانتخابات حق يكفله أي دستور في العالم ،وهي ظاهرة حضارية لانتخاب قيادة حقيقية لادارة البلاد من قبل المجموعة المنتخبة على ان تتكون من اشخاص أكفاء ونزيهين ولهم مواقف وطنية ثابتة و مشهودة في خدمة المجتمع و حضور فاعل عند مكوناته  تتخطى أزمات النظام السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تعيش في ثناياه ومعالجة حالات تتمثّل في غياب اخلاقية النظام الديمقراطي و ازمة مصطلحات الديمقراطية اذا لم تعد تنطبق فيها ممارسات أصحابها مع شعاراتهم المعلنة، ولكي يتحملوا أقصى الجهود لخدمة المجتمع على أكمل وجه .
ولكن مخرجات العملية الانتخابية العراقية الاخيرة او نستطيع ان نقول المهزلة الانتخابية بانها باطلة لان الشكوك ازدادات حولها وعلامات الاستفهام أفرزت حصيلة مخجلة للمخالفات التي حصلت لمن له السطوة والهيمنة على مقاليد السلطة وبعد ان أظهرت إفلاسا حقيقيا لقوائم كانت تظن أنها ستكتسح أصواتها جميع الكتل الأخرى ،وهذا سوء تقدير ونظرة قاصرة في استقراء نتائج الانتخابات ،فوقعت في شرك سوء التقدير ولم تحسب النتائج ولم يتم تأييد نتائجها والتي ظهرت عكس مخططاتها وأهدافها وبرنامجها الانتخابي و نشطت تلك الكتل في اثارة عمليات تزييف إرادة المواطن إما بشراء أصوات ضعفاء النفوس منهم أو تغييب أصوات الآخرين بطرق غير مقبولة ،وعندما تكون لهذه الشخصيات أهداف غير أخلاقية وغير مشروعة اجتماعيا ،وعندما تكون بهذا المستوى فانها تخطأ هدفها ومن هنا نرى انه بعد انتهائها من هذه الممارسة المصيرية ارتفعت الأصوات المختلفة بالخشية من التزوير والتشكيك بالنتائج في الانتخابات من قبل بعض الكيانات الكبيرة المسيطرة على مجلس النواب والفاشلين منهم في كسب الترشيح والتي كانت وراء تشكيل المفوضية وفق المحاصصة الطائفية والعرقية ودامت لعدة أشهر لتنتج المحاصصة ، مما قوض حياديتها، وجعلها مسلوبة الإرادة، وبعيدة عن الإستقلالية ، حتى بدأت تخرج التصريحات عبر القنوات الفضائيات عن وجود عمليات تزوير مرتقبة وكشفت عنها لجنة التحقيق المشكلة في مجلس الوزراء في تقريرها وصادقت الحكومة العراقية على توصيات هذه اللجنة للتحقيق في خروقات مزعومة شابت الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي كشفت حالات تزوير تخرج منها رائحة الخيانة في بعض مراكز الاقتراع، وأوصى تقريرها بإلغاء نتائج انتخابات الخارج والنازحين وملاحقة المتلاعبين واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم وفقا للقانون . ومطالبة المدعي العام بتحريك دعاوى جزائية بشأن ما ورد في هذا التقرير ومن ذكره لحالات التزوير في العملية. ،ولاشك تقف خلفها جهات من تحالفات كبيرة و هذه الدوامة ستستفحل مع اجراء كل عملية انتخابية ولايمكن للعراق ان يخرج من مازق هذه الدوامة الا بتغيير النظام الانتخابي حيث وزع مجلس المفوضين حسب ارادة تلك الكتل وبحسب اختياراتهم مما يعني أن كل مفوض يعمل لصالح الجهة التي رشحته ليكون مفوضا ساميا في المفوضية ، وسوف يجرى اختيار كادر المفوضية في المحافظات على ذات الأسس التي أختير بموجبها مجلس المفوضين وقد اتاحت هذه الظاهرة الفرصة لرافضي الديمقراطية والعملية السياسية في العراق لان ينكلوا وينتقصوا وينتقدوا الديمقراطية بل ان الشارع العراقي بدأ يذكر الديمقراطية والحرية باستهزاء وذلك نتيجة تسنم بعض الاشخاص لمناصب في مجلس النواب العراقي غير جديرين بهذه المسؤولية المهمة وهم لايفقهون لا في السياسة ولا في مجال العمل الذي سوف يوكل اليهم وستكون مردودات اعمالهم سلبية تطفح في الشارع العراقي ويظهر انحياز هذه المجموعة الواضح لهذه الجهة أو تلك للتغاضي عن الخروقات الكبيرة التي حدثت في ما يسمى بالعرس الانتخابي الذي مر كما مرت الانتخابات السابقة من قبل من دون أن تثمر عن ولادات تبشر بخير و رفاهية المجتمع العراقي، وبالعكس سوف تقود إلى تكريس حالة الأنقسام العمودي للمجتمع العراقي، والذي يعني انقطاع العامل التاريخي لوجود المجتمع والهوية الوطنية العراقية، ويعني العودة إلى حالة التشكل البدائي الأولي للمجتمع، ولا سيما أننا نعيش في شرط دولي وإقليمي سيعمل ما استطاع على تكريس نوع من المحاصصة والأنقسام العمودي ولا شيء غير تكرار الوجوه القديمة والمستهلكة والفاشلة او اخرى  بديلة ملتّها عيون المواطنين وكرهت آذانهم أصواتها بعد أن مارست كل ما تمتلك من خبرة وقدرة على الكذب والتدليس وسَطَتْ على المال العام واعتمدت إفساد الذمم من أجل تعميم فسادها ففرضت الرشوة واعتبرتها القانون المقدس المفروض على المواطن، كما ان البرلماني المنتخب الذي أستند وتغذى على أمتداد عمره على أشاعة الأحاسيس والمشاعر والتناقضات والصراعات الطائفية والقومية وتمزيق أوصال المجتمع التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء والعزل لا يمكن ان نستبشر به خيرا و أين نزاهة المنتخبين في ظلّ روائح الفساد التي تفوح منهم بشراء الاصوات وسرقة القوائم والعبث بها و ما نتج عنها من فساد مهما كانت نسبة المشاركة الجماهيرية فانها اصبحت مشكوكة ومادامت جرت بدون تعداد عام للسكان بتجرد وبضوابط قانونية دولية ولمعرفة العدد الحقيقي للعراقيين، والاتكاء على بطاقات التموين الصادرة عن وزارة التجارة التي مضت عليها عشرات السنين ورغم كل المتغيرات الجغرافية والاجتماعية والبيئية.
عبد الخالق الفلاح باحث واعلامي
 


499
أدب / بلدي المنھوب
« في: 09:25 06/06/2018  »
بلدي المنھوب
حملت حقیبتي راحلا
لا اعرف مقصدي , في جیبي الیمین من قمیصي
ورقة بیضاء لاتحمل عنوانا
بینما القلم یرافقني في كل سفراتي
یبس الحبر فیھ الف مرة , و سكت الیوم كلا ما
افكار مرة بسرعة لا تحمل مقصدا واحدا
تذكرة كل الا شیاء في حیاتي
لكن لم اعرف تدوینھا لا ن الحبر یبس
و الورقة صارة خرقة من المطر الشدید الذي رافقني في رحلتي
فلم اعرف ان اكتب العنوان الجدید لمقصد السفر
عنوان لا اعرفھ في خارطة الطریق
لبلد لا اعرفھ في الكون
بلد اقصده في مخیلتي التعبة
جسدي الھلك من حمل الحقیبة الفارغة
لیس فیھا سوى ذكریات مضت و افكاري
اجلس في ساحة عامة
في البلد الذي لا اعرفھ
و لا اعرف المارة , القادمون من ھنا و ھناك
الریح تحمل خبرا قادما من مكان ما
الھواء باردا
و عصاي التي اتكاء علیھا , تستریح قرب مصطبة
لا تعرف متى الرجوع من الرحیل
الساعات تمر ثقیلة , وعقاربھا الاثنتین بطیئھ جدا
و انا استعجل الرحیل
من یمر في الساحة لا اعرفھ
لكن الساحة تجمع المارة
و الوقت لھم یمر كائ یوم مضى
و في داخلي المھوس بالرحیل ینادي بي
ارحل , ارحل الى امل اخر
ضاع مني في بلدي المھمش
بلدي الذي اغلق بواباتھ في وجھ ناسھ
و بقى مغلقا منذ ولادتي
مثلما كان موصد بوجھ ابي الذي مات في اقبیة الظلم
وقال لي جدي في منامي
انه لم یجد یوما مفتاحا لبوابات الجدار المنھوك
الذي غمر الدھر علیھ و مضى
و غرقت مدینتا من دموع اھلھا
ولكن جف النھر في حلمي , بذا لایمكنني العبور الى الطرف الاخر
انه بلدي المنھوب في یومي
انه العراق
عبد الستار یاره الفلاح


500
العراق... ازمة المياه التاريخية وغياب التخطيط

أن الماء شريان الحياة ولا يمكن الفصل بين الماء والحياة احدهما يكمل الاخر و يشكل الماء 70% من وزن الجسم البشري ويمثل ضرورة للزراعة التي يتغذى عليها الإنسان، لذا فإن الأمن الغذائي يرتبط ارتباطا وثيقا بأمن المياه و تتوقع المؤشرات المائية العالمية، وابرزها "مؤشر الاجهاد المائي"، ان العراق سيكون ارضاً بلا انهار بحدود 2040، ولن يصل النهران العظيمان الى المصب النهائي في البحر. وبعد ثماني اعوام (2025) ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحول دجلة الى مجرد مجرى مائي صغير محدود الموارد وتقدر كمية المياه العذبة بحوالي 3% من جملة مياه العالم. ويكتسب الماء العذب أهمية خاصة في جميع دول العالم وتقول الاية الكريمة في القران الكريمة وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ( الانبياء 30 ).
لقد فشل حاكم العراق طيلة سنوات حكم الدولة العراقية من ايجاد الحلول السليمة والمناسبة والتعامل بالمثل مع دول الجوار و في فهم التحدي الخطير المتمثل في قطع إمدادات المياه من تركيا إيران وفي الحاضر تمثل أزمة المياه في نهري دجلة والفرات أنموذجا لازمة المياه في الشرق الأوسط  وهو دق جرس الإنذار للحكومة العراقية ولجميع المعنيين بحاضر ومستقبل هذا البلد من النتائج والتداعيات الخطيرة وربما الكارثية التي يمكن أن يواجهها مستقبل العراق. التي تقف الحكومة الحالية وهي في ايامها الاخيرة من الحكم مكتوفة الايدي دون ان تستطيع اتخاذ اجراءات يمكن من الحد من الازمة على الاقل والتوجه الى تركيا باعتبارها دولة المنبع وتمتلك ميزة جغرافية واستراتيجيه تتمثل بالسيطرة كاملة على كل من هذين النهرين في مواجهة الدولتين المتشاطئتين معها سوريا والعراق لاقناعها بخطورة الموقف الانساني كجارة مسلمة امام الحجج الواهية والتبريرات المبهمة للمسؤولين  في الاعلام فلا تجدي نفعا . للعلم ان المشكلة المائية بين العراق وتركيا برزت لأول مرة في منتصف السبعينات من القرن الماضي بشكل حاد واليوم تتكرر نفس المشكلة بعد انجاز" سداليسو
 وهو سد ميولي  على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو وعلى طول حدود محافظة ماردين وشرناق في تركيا، وهو واحد من 22 سد ضمن مشروع جنوب شرق الأناضول والذي يهدف لتوليد الطاقة الهيدروليكية والتحكم في الفيضان وتخزين المياه وسيوفر السد طاقة مقدارها 1.200 م.و وسيكون خزان سعته 10.4 بليون و انشاء السد بدأ في 2006 وتم إنشاء حزان سيزره الأصغر على مجرى النهر للري والطاقة و غرق حصن كيفا القديم على اثره و إخلاء السكان المقمين في المنطقة لهذه الأسباب و فقد السد التمويل الدولي في عام 2008 "والحادث الاول الذي أثارالخلاف بعد انجاز تركيا بناء سد كيبان بين البلدين احد السدود الضخمة لتخزين المياه فيه بعد ان بلغ نقص المياه في العراق حدا كبيرا وسبب العجز في الميزان المائي بين العرض المحدود والطلب المتزايد على المياه .وللعلم ان نهري دجلة والفرات متجاوران مع بعضهما البعض مروراً بالعديد من الدول، فنهر دجلة ينبع من جنوب شرق الأناضول في تركيا تحديداً من جبال طوروس، ومن ثم يمر بسوريا في ضواحي مدينة القامشلي على نحو خمسين كيلو متراً منها، ومن ثم يستمر ليدخل بلدة فيش خابور في الأراضي العراقية، ونهر الفرات أيضاً ينبع كقرينه من جنوب شرق الأناضول في تركيا تحديداً من جبال طوروس، كما أنه يتكون من نهرين هما النهر الشرقي مراد صو والنهر الغربي قره صو".
 بالرغم من وجود اتفاقيات ثلاثية وثنائية سابقة عقدت بين العراق وسوريا وتركيا منذ عام 1920 لتقسيم المياه في ما بينها، والتي كان آخرها عام 2008 بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان خلال زيارته للعراق، وبالرغم من معاهدة الصلح بين تركيا والحلفاء التي عقدت في لوزان عام 1923، وهي اتفاقية متعددة الاطراف تضمنت نصاً خاصاً يتعلق بمياه نهري دجلة والفرات، حيث جاء في المادة 109 من هذه الاتفاقية أنه لا يسمح لأية دولة من هذه الدول الثلاث بإقامة سد أو خزان أو تحويل مجرى نهر من دون أن تعقد جلسة مشتركة مع الدول الأخرى وتستشيرها لضمان عدم إلحاق الأذى به إلا ان تركيا غير مبالية بتلك الاتفاقات
.اذاً لم تكن ازمة المياه الحالية وليدة اليوم حيث تتعرض اكثر المحافظات الى ازمة حادة والاكثر الجنوبي منها  هي الأكثر سوءا منذ سنوات، وباتت تهدد بتوقف مشاريع المياه الصالحة للشرب، بعد أن أثرت بشكل كبير على جميع الأنشطة الزراعية في المحافظات وخاصة التمن الذي يحتاج الى كميات كبير من الماء ولهذا فقد منعت وزارة الزراعة زراعته في هذا العام بنسبة كبيرة وحددت وزارة الموارد المائية ارواء ما يقارب من 600 الف دونم من المحاصيل الصيفية وحوالي مليون دونم من البساتين فقط هذا العام للحد من الازمة  .والتي تعتمد على مياه نهري دجلة والفرات التان تعدان المصدر الرئيسي للمياه، وتليها بدرجة أقل مياه الأمطار والمياه الجوفية، وتقدر كمية مياه الأنهار في العراق بنحو 77 مليار متر مكعب سنويا، في المواسم الجيدة، ونحو 44 مليار متر مكعب سنويا في مواسم الجفاف، في حين يقدر إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات في العراق بنحو 53 مليار متر مكعب سنويا، مما يعني حدوث عجز في السنين الجافة التي تشهد تناقص مياه الأنهار وبلاشك فان إن أي حلول ومعالجات لا تنطلق من رؤى وتصورات استراتيجية لأزمة المياه في العراق، وتستند الى الحقائق والمعطيات القائمة على أرض الواقع، ستكون عبثية، والأمر الخطير أو لعله الأكثر خطورة هو حينما تعلق الأزمة على ما يفعله الآخرين وكأن لا جذور أو خلفيات لها في البلاد ، والأرقام المقلقة التي تنشرها وزارة التخطيط عن نسب سكان المدن والأرياف العراقية الذين لا يحصلون على   الماء الصالح للشرب، ترتبط بسوء أو غياب التخطيط اكثر من ارتباطها بقلة المياه، وتلك الارقام ليست وليدة الامس أو اليوم... بل هي قديمة جديدة. حيث يعاني العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل في الإيرادات المائية، لان الدولتين الجارتين تركيا وايران انشئتا سدود مختلفة لحماية تدفق المياه الى العراق إلا بالنسبة التي لا تسبب ضرار عليها وايصال مايزيد عن حاجتها الينا . وللعلم فقد اتفق العراق وتركيا في مارس/آذار 2017 على تفعيل مذكرة التفاهم الموقعة بينهما في 2014، والتي تضمنت 12 فقرة، أبرزها التعاون في مجال إدارة الموارد المائية لنهري دجلة والفرات، وتحديد الحصة المائية لكل دولة في مياه النهرين،
اضافة الى ان المشكلة الاخرى هي عدم وجود سدود تكفي لحجز جزء من المياه المتدفقة على اراضينا في اوقات الذروة من دول الجوار بشكل مدروس والتي زادة من تفاقم أزمة شح المياه كذلك تدني كميات الأمطار المتساقطة في البلاد على مدى السنوات الماضية.
عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي
 

صفحات: [1] 2