1
المنبر الحر / عندما يرهن الشعب مصيره بيد رجال الدين!
« في: 14:49 31/01/2017 »
عندما يرهن الشعب مصيره بيد رجال الدين!
بقلم/ سعد عليبك
من خلال تجارب الحياة المتنوعة، و ما نستمده من معلومات عن طريق وسائل الإعلام و الإتصالات المختلفة، و من خلال الرحلات السياحية و العلمية، و متابعة الأفلام الوثائقية الخاصة بحياة الشعوب المختلفة على الكرة الأرضية، نضع أمام انظارنا مشهدين مختلفين و متعاكسين في المضمون و الإتجاه:
ألمشهد الأول، حول شعوبٍ تتسابق مع الزمن في مجال التطور العلمي و التكنولوجي بمختلف مجالاته، ليس لها حدود عرقية أو دينية أو طائفية، ولا حتى حدود جغرافية في العديد من بلدانها، تتعاون و تتفاعل مع شعوب أخرى، و قد تنافسها أحياناً، من أجل الوصول بالإنسان الى ذلك المخلوق الراقي الذي كان يفكر به (فريدريك نيتشة). هذه الشعوب لم تتوقف عند حدود معرفتها بما موجود فوق سطح الأرض و ما في باطنها، ولا عند حدود اكتشاف اسرار البحار و ما في اعماقها، و إنما انطلقت لتقتحم الفضاء الكوني نحو الكواكب و النجوم ، مرسلة المركبات الفضائية المؤهلة و غير المؤهلة، المسّيرة مباشرةً و المسيرة عن بعد ملايين الأميال، و لا اريد الإطالة في ذكر أمثلة على التطور العلمي و الفكري و الحياتي لهذه الشعوب التي خدمت البشرية جمعاء.
و المشهد الثاني، حول شعوبٍ تعيش في مناطق نائية من القارات، أو منعزلة الى حدٍ ما، مغلقة على نفسها، تتحكم فيها بعض العادات و التقاليد، لها حياة بدائية بسيطة، لا تفكر الاّ في غرائزها الجنسية و الحصول على قوتها اليومي بطرق الصيد البدائية المختلفة او الزراعية البسيطة لتستمر في الحياة، و عندما يصاب أحدهم بالصداع يأتون به عند من نصبوه عليهم حكيماً و رجل دين ليشبعه (كفخات) على رأسه الأقرع وفق طقوس خاصة على طريقة (أليفوو) المشهورة و المنتشرة في صفحات الفيسبوك و اليوتيوب !، بحيث تكون آلام ضربات هذه الكفخات العمودية و الصفعات الأفقية المتتالية تطغي على ألم الصداع نفسه، و بذلك ينسى الرجل صداعه الذي جاء من أجله، أو قد يصاب بإرتجاج في الدماغ أو بعطب ما جراء ذلك، و في كلتا الحالتين عليه أن يقدم الشكر و الولاء و الإكرامية الى ذلك الحكيم و جل الدين، و من ثم يعود الى خيمته أو كوخه ليلبّي طلبات زوجته.
بعد هذه المقدمة المطوّلة نسأل أنفسنا نحن مسيحيي العراق بشكل عام و الكلدان بشكل خاص، أين موقعنا من المشهدين المذكورين أعلاه و نحن إذ نتباهى كشعب له جذور تمتد لأكثر من 7000 عام في عمق الحضارة الإنسانية ؟؟.
و هل تمكنّا من أن نساير عجلة التطور العلمي و التكنولوجي و الفكري و نضع أملنا فيها، تاركين الدين و رجاله في ثكناتهم الخاصة ليتمتعوا بها و ليمارسوا شعائرهم و طقوسهم الدينية على راحتهم و بهدوء، و ليطلبوا هم و كل من يرغب في زيارتهم من ربهم المغفرة أو ما يشاؤون و يتمنون؟، أم فتحنا أبواب حياتنا و مستقبلنا على مصراعيها أمام رجال الدين ليدخلوها و يسّيرونها بمزاجاتهم و صراعاتهم و طموحاتهم الشخصية، و يقررون نيابة عنّا في أمور حياتنا بكل جوانبها، السياسية و الإجتماعية و القومية و حتى في تحديد مستقبلنا و مستقبل أجيالنا القادمة؟.
معرفة الجواب ستكون اسهل لو نظرنا الى معاناة المسيحين و مصائبهم و الكوارث التي حلت بهم و ببلداتهم، قبل أن ننظر الى شبابنا الذي فقد الأمل ولا يعرف أين هو مستقبله. فمشاكل و مصائب الشعب السياسية و القومية و الوطنية لا يمكن أن تٌحَل فقط باللجوء الى رجل الدين، ولا باللجوء الى الصلاة اليومية و حضور القداديس، ولا بالصوم و الإمتناع عن الزفَر، ولا بالفطور الرمضاني مع المسلمين لكسب عطفهم و خوفاً منهم. هذه الأمور قد تفيد الحالة النفسية لبعض الأشخاص الضعفاء، لكن الحل يجب أن يكون استناداً الى ما تمليه علينا العقول المتفتحة النيّرة و الحكيمة و المستوعبة لما يجري حولها و توقعاتها للتغيرات المستقبلية بعيداً عن العواطف و عقلية بعض رجال الدين عندما يظنّون بأن المشاكل السياسية و الإجتماعية و العسكرية، و حتى الحركات التكتونية يمكن حلها بالصوم و الصلاة مع هذا أو ذاك، وفي هذا اليوم أو ذلك اليوم.!
إنه لأمر مثير للإستغراب حقاً و نحن نعيش هذا العصر، أن نرى البعض من هذا الشعب بهذه الدرجة من الضعف في الإرادة و الجمود العقلي و هو يستلهث للرضوخ و الخضوع و الخنوع لمصادرة فكره و عقله، ليتصرف و كأنه مخذّر و ممنوع من التفكير و تنشيط خلايا دماغه، و يقبل بكل مطَبات و تخبطات رجال الدين مبرراً ذلك بأنها (إرادة الرب) أو إنهم ( يتمتعون بالعناية إلإلهية) أو إن (روح القدس) يرفرف دائماً فوق أكتافهم.!!. هؤلاء يتناسون بأن المسيحية في تناقص مستمر في العراق و الشرق الأوسط منذ دخول الإسلام ولحد الآن، بالرغم من إنهم كانوا يصومون ويصلون اكثر من الآن بكثير، و إن الزعامات كانت دائماً لرجال دينهم أيضاً.
و ما هو أكثر غرابة عندما يتواجد بعض السذج و محبي الظهور و ملمعي الصور و الشهادات، الذين وضعوا كل ما لديهم في خدمة رجال الدين، و هم يتسابقون لتبرير كل خطاياهم و أخطائهم المتتالية، و هم بذلك لا يخدعون أنفسهم فقط، و إنما يخدعون رجال الدين الذين يمدحونهم أيضاً و من حيث لا يدرون، عندما يقومون بتشجيعهم على الإستمرار في الخطأ و ارتكاب الخطيئة، و كذلك يخدعون من حولهم من البسطاء المغضوب عليهم.
نعم قد يصب الأمر في خانة المصلحة العليا للشعب عندما تساند و تتعاون الكنيسة و رجالاتها أحزابنا السياسية و القومية ضمن حدود معقولة و مقبولة و في حالات و مناسبات معينة و محافظةً على مبادئها، لكن محاولة سيطرة الكنيسة و رجالها على مقدرات الشعب و وضع نفسها بديلاً عن كل المؤسسات السياسية و القومية فهنا تكمن الإشكالية في تجاوز الكنيسة لمسؤولياتها من جهة و في سلبها لحقوق و واجبات المؤسسات الأخرى من جهة ثانية.
الحقيقة التي باتت مؤكدة للجميع هي أن الشعوب في البلدان المتقدمة لم تصل الى اعلى درجات الرقي في تبنّيها لأنظمة الحكم الديمقراطية و في مسيرتها في مجال التطور العلمي و التكنولوجي، بإلتزامها الحرفي بالدين، ولا بوضع بيوضها في سلّة رجالاته، وليس هناك شعباً أخذ حقوقه المسلوبة بالإعتماد فقط على مزاولة تقاليده و طقوسه الدينية وفي خضوعه لأوامر رجال دينه و عن طريق تقديم قائمة طلبات الى خالقهم.
فاليهود لم يصبحوا دولة قومية و قوية بالصوم و الصلاة و النحيب على الحائط المبكى.
و الأرمن لم يلجأوا الى رجال دينهم لتعترف برلمانات العالم بمذابحهم.
و الأكراد لم يحصلوا على إقليم و ربما دولة مستقبلية باللجوء الى الصلاة و الصوم الرمضاني بعد أن كانت الأسلحة الكيمياوية و النابالم تدك قراهم.
فهل سينسحب رجال الدين الى ثكناتهم و صومعاتهم و بقناعاتهم ينتظرون الفرج؟، و هل سيتمكن العلمانيون من ملىء فراغ الساتر الأمامي ليواجهوا الحقيقة المؤلمة و ليجدوا الحل المناسب لما تبقى من هذا الشعب المغبون في نيل حريته و الحفاظ على كرامته و التفكير الجدي بمستقبل أبنائه؟.
أنا أشك في ذلك...!!
الى اللقاء
بقلم/ سعد عليبك
من خلال تجارب الحياة المتنوعة، و ما نستمده من معلومات عن طريق وسائل الإعلام و الإتصالات المختلفة، و من خلال الرحلات السياحية و العلمية، و متابعة الأفلام الوثائقية الخاصة بحياة الشعوب المختلفة على الكرة الأرضية، نضع أمام انظارنا مشهدين مختلفين و متعاكسين في المضمون و الإتجاه:
ألمشهد الأول، حول شعوبٍ تتسابق مع الزمن في مجال التطور العلمي و التكنولوجي بمختلف مجالاته، ليس لها حدود عرقية أو دينية أو طائفية، ولا حتى حدود جغرافية في العديد من بلدانها، تتعاون و تتفاعل مع شعوب أخرى، و قد تنافسها أحياناً، من أجل الوصول بالإنسان الى ذلك المخلوق الراقي الذي كان يفكر به (فريدريك نيتشة). هذه الشعوب لم تتوقف عند حدود معرفتها بما موجود فوق سطح الأرض و ما في باطنها، ولا عند حدود اكتشاف اسرار البحار و ما في اعماقها، و إنما انطلقت لتقتحم الفضاء الكوني نحو الكواكب و النجوم ، مرسلة المركبات الفضائية المؤهلة و غير المؤهلة، المسّيرة مباشرةً و المسيرة عن بعد ملايين الأميال، و لا اريد الإطالة في ذكر أمثلة على التطور العلمي و الفكري و الحياتي لهذه الشعوب التي خدمت البشرية جمعاء.
و المشهد الثاني، حول شعوبٍ تعيش في مناطق نائية من القارات، أو منعزلة الى حدٍ ما، مغلقة على نفسها، تتحكم فيها بعض العادات و التقاليد، لها حياة بدائية بسيطة، لا تفكر الاّ في غرائزها الجنسية و الحصول على قوتها اليومي بطرق الصيد البدائية المختلفة او الزراعية البسيطة لتستمر في الحياة، و عندما يصاب أحدهم بالصداع يأتون به عند من نصبوه عليهم حكيماً و رجل دين ليشبعه (كفخات) على رأسه الأقرع وفق طقوس خاصة على طريقة (أليفوو) المشهورة و المنتشرة في صفحات الفيسبوك و اليوتيوب !، بحيث تكون آلام ضربات هذه الكفخات العمودية و الصفعات الأفقية المتتالية تطغي على ألم الصداع نفسه، و بذلك ينسى الرجل صداعه الذي جاء من أجله، أو قد يصاب بإرتجاج في الدماغ أو بعطب ما جراء ذلك، و في كلتا الحالتين عليه أن يقدم الشكر و الولاء و الإكرامية الى ذلك الحكيم و جل الدين، و من ثم يعود الى خيمته أو كوخه ليلبّي طلبات زوجته.
بعد هذه المقدمة المطوّلة نسأل أنفسنا نحن مسيحيي العراق بشكل عام و الكلدان بشكل خاص، أين موقعنا من المشهدين المذكورين أعلاه و نحن إذ نتباهى كشعب له جذور تمتد لأكثر من 7000 عام في عمق الحضارة الإنسانية ؟؟.
و هل تمكنّا من أن نساير عجلة التطور العلمي و التكنولوجي و الفكري و نضع أملنا فيها، تاركين الدين و رجاله في ثكناتهم الخاصة ليتمتعوا بها و ليمارسوا شعائرهم و طقوسهم الدينية على راحتهم و بهدوء، و ليطلبوا هم و كل من يرغب في زيارتهم من ربهم المغفرة أو ما يشاؤون و يتمنون؟، أم فتحنا أبواب حياتنا و مستقبلنا على مصراعيها أمام رجال الدين ليدخلوها و يسّيرونها بمزاجاتهم و صراعاتهم و طموحاتهم الشخصية، و يقررون نيابة عنّا في أمور حياتنا بكل جوانبها، السياسية و الإجتماعية و القومية و حتى في تحديد مستقبلنا و مستقبل أجيالنا القادمة؟.
معرفة الجواب ستكون اسهل لو نظرنا الى معاناة المسيحين و مصائبهم و الكوارث التي حلت بهم و ببلداتهم، قبل أن ننظر الى شبابنا الذي فقد الأمل ولا يعرف أين هو مستقبله. فمشاكل و مصائب الشعب السياسية و القومية و الوطنية لا يمكن أن تٌحَل فقط باللجوء الى رجل الدين، ولا باللجوء الى الصلاة اليومية و حضور القداديس، ولا بالصوم و الإمتناع عن الزفَر، ولا بالفطور الرمضاني مع المسلمين لكسب عطفهم و خوفاً منهم. هذه الأمور قد تفيد الحالة النفسية لبعض الأشخاص الضعفاء، لكن الحل يجب أن يكون استناداً الى ما تمليه علينا العقول المتفتحة النيّرة و الحكيمة و المستوعبة لما يجري حولها و توقعاتها للتغيرات المستقبلية بعيداً عن العواطف و عقلية بعض رجال الدين عندما يظنّون بأن المشاكل السياسية و الإجتماعية و العسكرية، و حتى الحركات التكتونية يمكن حلها بالصوم و الصلاة مع هذا أو ذاك، وفي هذا اليوم أو ذلك اليوم.!
إنه لأمر مثير للإستغراب حقاً و نحن نعيش هذا العصر، أن نرى البعض من هذا الشعب بهذه الدرجة من الضعف في الإرادة و الجمود العقلي و هو يستلهث للرضوخ و الخضوع و الخنوع لمصادرة فكره و عقله، ليتصرف و كأنه مخذّر و ممنوع من التفكير و تنشيط خلايا دماغه، و يقبل بكل مطَبات و تخبطات رجال الدين مبرراً ذلك بأنها (إرادة الرب) أو إنهم ( يتمتعون بالعناية إلإلهية) أو إن (روح القدس) يرفرف دائماً فوق أكتافهم.!!. هؤلاء يتناسون بأن المسيحية في تناقص مستمر في العراق و الشرق الأوسط منذ دخول الإسلام ولحد الآن، بالرغم من إنهم كانوا يصومون ويصلون اكثر من الآن بكثير، و إن الزعامات كانت دائماً لرجال دينهم أيضاً.
و ما هو أكثر غرابة عندما يتواجد بعض السذج و محبي الظهور و ملمعي الصور و الشهادات، الذين وضعوا كل ما لديهم في خدمة رجال الدين، و هم يتسابقون لتبرير كل خطاياهم و أخطائهم المتتالية، و هم بذلك لا يخدعون أنفسهم فقط، و إنما يخدعون رجال الدين الذين يمدحونهم أيضاً و من حيث لا يدرون، عندما يقومون بتشجيعهم على الإستمرار في الخطأ و ارتكاب الخطيئة، و كذلك يخدعون من حولهم من البسطاء المغضوب عليهم.
نعم قد يصب الأمر في خانة المصلحة العليا للشعب عندما تساند و تتعاون الكنيسة و رجالاتها أحزابنا السياسية و القومية ضمن حدود معقولة و مقبولة و في حالات و مناسبات معينة و محافظةً على مبادئها، لكن محاولة سيطرة الكنيسة و رجالها على مقدرات الشعب و وضع نفسها بديلاً عن كل المؤسسات السياسية و القومية فهنا تكمن الإشكالية في تجاوز الكنيسة لمسؤولياتها من جهة و في سلبها لحقوق و واجبات المؤسسات الأخرى من جهة ثانية.
الحقيقة التي باتت مؤكدة للجميع هي أن الشعوب في البلدان المتقدمة لم تصل الى اعلى درجات الرقي في تبنّيها لأنظمة الحكم الديمقراطية و في مسيرتها في مجال التطور العلمي و التكنولوجي، بإلتزامها الحرفي بالدين، ولا بوضع بيوضها في سلّة رجالاته، وليس هناك شعباً أخذ حقوقه المسلوبة بالإعتماد فقط على مزاولة تقاليده و طقوسه الدينية وفي خضوعه لأوامر رجال دينه و عن طريق تقديم قائمة طلبات الى خالقهم.
فاليهود لم يصبحوا دولة قومية و قوية بالصوم و الصلاة و النحيب على الحائط المبكى.
و الأرمن لم يلجأوا الى رجال دينهم لتعترف برلمانات العالم بمذابحهم.
و الأكراد لم يحصلوا على إقليم و ربما دولة مستقبلية باللجوء الى الصلاة و الصوم الرمضاني بعد أن كانت الأسلحة الكيمياوية و النابالم تدك قراهم.
فهل سينسحب رجال الدين الى ثكناتهم و صومعاتهم و بقناعاتهم ينتظرون الفرج؟، و هل سيتمكن العلمانيون من ملىء فراغ الساتر الأمامي ليواجهوا الحقيقة المؤلمة و ليجدوا الحل المناسب لما تبقى من هذا الشعب المغبون في نيل حريته و الحفاظ على كرامته و التفكير الجدي بمستقبل أبنائه؟.
أنا أشك في ذلك...!!
الى اللقاء