عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - عبدالكريم الكيلاني

صفحات: [1]
1
أدب / ذهول المسافات
« في: 21:03 05/11/2017  »

ذهول المسافات


عبدالكريم الكيلاني

تتثعلبُ أضغاث حكايا الريح الملقاة على شرفات جنوني
أهذي في صمت الحيرة
حين أحث القلب اليك ..
أندب لَهَفي المفتون بقامة أحلامي المركونة في حارة تيهي
ما هذا الصخب العالي عند حواف الليل !
يصفع خطوي المكلوم ..
مدنٌ تأكل أبناء أزقتها ..
انهارٌ تلقي بمراسيها في عمق الروح ..
غابات لهاثٍ تخفي أجراس مواسمها في جيب الموت ..
أبحث عن قلبٍ يسكنه قمرٌ دافيء
عن مرسى لزوارق ضاعت في بحر السوءة ..
هذا الليل عقيم ..
يخيّم فيه غواةُ السهد الموهومون بصبح عاقر ..
وأنتِ الكذبة حين أصدّقها ..
والحب سقيم ..

###
هكذا انتم
تطوفون حول رماد احلامي كالطغاة
تجوبون مدائن حزني كالخيول الملوثة بغبار الحرب
تتقاسمون صوتي الكهل بينكم
وانا المغرم بابتهالات السكون حين يبلغ سماه
أجر خلفي ذهول المسافات البعيدة
هكذا تحتفلون بموت احتمالاتي
تفرحون لموت الكلام في حلق صرخاتي
وتشعلون حرائقكم في مهب غيابي
ماالذي يحدث خلف تلال الانتظار العالية
ما الذي يحدث لي حين اراقب ضجيجكم
ايها العابرون مهلاً
ابعدوا طقوسكم عن بابي
####
تفقأ عين النور الناظر للعتم بخوف
وتبيح القتل المهدور على بوابات القلب
تتراصف ساعات الحيرة في الساحات الخرس
البون الماثل في صرخات الموتى
يقترف خطاياه على ناصية الشارع ..
لا انفاس تلوذ بصدر الصبح
لا اجراس تُدَقُّ على أسوار حكايانا المسحورة..
لا اصوات تشقّ تهاليل القبح
الفجر هناك وحيداً يرقب رقص الاطراف المبتورة
ياهذا الرأس المثقل بالسهد المكبوت ..
هل غادركَ النجم الومض البرق الألق الخافر ؟
الجثة تمشي في ارصفة الكلمات
تحلم بالجنة منذ دبيب الحلم العاقر ..
تغني قرب جداول يجري فيها ماء من هذيان ..
والعالم يصغي بخشوع
كأن الكون نعيم ..
وكأن الحلم المجنون على عتبات الروح
مات ....


2
استقلال كوردستان على مرمى حجر
عبدالكريم الكيلاني

الظروف ليست مناسبة !
الظروف ليست مناسبة للاستفتاء في اقليم كوردستان ! الكورد لا يستطيعون بناء دولة والحفاظ عليها لأنهم محاطون بأيران وتركيا اللتين لن تسمحا بتأسيس دولة كوردية في المنطقة ! لو أعلن الكورد دولتهم سيحاربون من قبل الانظمة العربية من ضمنها العراق لأن تجزئة العراق الموحد جريمة لا تغتفر، الصراعات الداخلية في الاقليم عامل سلبي في المرحلة الحالية وسينعكس تأثيرها على الرغبة في الاستقلال! البرلمان غير مفعل في الأقليم وهناك أزمات اقتصادية خانقة قد تفشل هذا المشروع !
هذه الاسئلة وغيرها تطرح دائما عند الحديث عن اجراء استفتاء تقرير المصير في اقليم كوردستان لتمرير اجندات مغرضة تريد افشال مشروع الاستقلال الذي يجمع عليه الشعب الكوردي في كوردستان العراق ويؤيده الكورد في الأجزاء الأخرى من كوردستان والذي هو محور النضال الكوردي منذ عقود طويلة والهدف السامي الذي يترقبه الكورد وقدموا من اجله التضحيات تلو التضحيات خلال عمرهم النضالي الطويل الذي يشهد له العالم الحر والمجتمعات المتحضرة في الغرب وهو حق مشروع لأي شعب لديه مقومات الدولة كاللغة والارض والتاريخ والارادة ولا يمكن بأي حال من الاحوال الوقوف أمام رغبة شعب عنيد كالشعب الكوردي الذي لن يتنازل عن حقه مهما طال الزمن ومهما واجه من تحديات ورفض واستنكار من الآخرين.
التخلص من عقدة الدونية
هناك في مجتمعنا الكوردي كما في كل المجتمعات الاخرى من يشعر بأنه أقل شأناً من الآخرين وأنه لايستطيع ادارة اموره بنفسه وأن الاستقلال سيؤثر سلباً على وضعه الاجتماعي وطريقة العيش التي اعتاد عليها وهذه الأمور مجرد أوهام لا يمكن لها ان تسيطر على الأرادة والاصرار في التخلص من التبعية، هذا الأمر يستغله البعض لترويجه واشاعته بين الناس لتثبيط المعنويات بشكل عام لكن هؤلاء لن يكون لهم صوت مسموع أمام ملايين الناس الذين يطالبون بالاستقلال واعلان دولة مستقلة تحفظ لشعبها كرامتهم وتضعهم في مراتب الدول المستقلة المتحضرة.

حق تقرير المصير

تبنت الامم الامم المتحدة في مواثيقها وقراراتها حق الشعوب بتقرير المصير فالمادة الخامسة والخمسين من الفصل التاسع الخاص بالتعاون الدولي والاقتصادي والاجتماعي يتضمن ما يلي: "رغبته في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم، مؤسسه على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بيت الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها." كما نصت في قرارها رقم "545" الصادر في شباط 1952م على ضرورة تضمين الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، والاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومن ثم أصدرت في 16 كانون أول 1952 القرار رقم "673" والذي اعتبرت بمقتضاه حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطاً ضرورياَ للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها، وأنه يتوجب على كل عضو في الأمم المتحدة الحفاظ على تقرير المصير للأمم الأخرى واحترامه."

دول صغيرة اعلنت استقلالها
يقدر عدد سكان إقليم كوردستان بأكثر من 5.2 مليون نسمة في محافظات  أربيل، السليمانية، دهوك و حلبجة. وتغطي هذه المدن مساحة 40000 كيلومتر مربع ، أي أكبر من هولندا وأربع مرات مساحة لبنان. تشتمل هذه الاحصاءات على المناطق التي هي تحت سيطرة حكومة اقليم كوردستان، ولا تشتمل المناطق الكوردستانية خارج ادارة الحكومة في حدود محافظات نينوى، صلاح الدين، كركوك و ديالى بينما هناك دول صغيرة جداً اعلنت استقلالها ومنها الفاتيكان ومساحتها km2 0.44  ، موناكو ومساحتها km2 2.02 ، سان مارينو ومساحتها 61 km2  ، ليختنشتاين و مساحتها 160 km2  ، مالطا ومساحتها 316 km2 ، أندورا  ومساحتها 468 ، لوكسمبورج ومساحتها 2,586 km2  ، قبرص و مساحتها 9,251 km2 ، مونتنجرو مساحتها 13,812 km2 وأيسلندا و مساحتها 103،000 km2 وغيرها من الدول كأوسيتا الجنوبية عام 1990 وجمهورية التشيك وجيكسلوفاكيا عام 1993 و ارتيريا عام 1993 و البالاو عام 1994 و تيمور الشرقية عام 2002 ومونتينيغرو عام 2006 و كوسوفو 2008 وجنوب السودان 2011

استفتاء اقليم كوردستان

علينا ان نعي بان الخطوة التي اتخذتها القيادات الكوردية في تحديد موعد اجراء الاستفتاء في 25  ايلول 2017 من الخطوات المهمة التي ستحدد مستقبل الكورد  ويجب على الجميع المساهمة في انجاح هذه الخطوة المصيرية التي تقف معها كل القوى الخيرة والدول المحبة لحريات الشعوب

3
حافات الموصل اللائبة

عبدالكريم الكيلاني
دجلة

هناك على ضفاف دجلة، قرب الجسر العتيق وقف حاملاّ روحه على كفيه، ينظر الى النوارس وهي تحلّق بحذر على وجه النهر المصاب بهستيريا الموت والحيرة والقلق، لايدري كيف يغتسل من أدران التاريخ الحديث وهو يراقب تدفق النهر بطيئاً حد الوجع، كسلحفاة تحمل على ظهرها أطناب العابرين الملثمين بأوشحة السذاجة والغل وبغرائز الحيوانات البرية العابثة بهدأة الحياة في هذه المدينة المكبّلة بأصفاد لها أنياب حادة تفتك بما تبقى للحلم والسلام.
أسند صمته المتعب على إزار الذكريات فتوثب غراب أبقعٌ قبالته، أطلق نعيقاً مدوياً في المكان، ففاضت الضفاف من شدّة الهلع وتدافعت أمواج النهر هرباً من المكان.

ابواب متفرقة

 بلدة مغمسة برحيق العسل ، تتهافت الحيوانات عليها من مختلف البقاع ، نهر مطرز بالوان السماء ، طافح باسماك ذهبية يتدافع الصيادون عليها فهي وليمة المساء الشهية ، خراب يعم ازقتها، يفتك بابتسامتها ، والمارون يلطخون بياضها بسواد نواياهم ، بلدة تأكل ابنائها ، ليس للمنتهى باب واحد بل ابواب متفرقة، وقلبها يباب قاحل. او يكاد يكون

هذيان اخر

تبرأ ملامح الحياة من الوجه الشاحب لها، تضج باللاءات المصاحبة لتفانيها اللا منطقي لكل هذا الوأد المهيمن على فعاليات الفكر في انحاء التفاصيل، هذا الفكر المسكين الذي يرضخ لمطارق المشاغبين حد الوأد الثانية، كل القردة المهللين يعنّفون بعضهم ويطلقون على شتاتهم المضللة الفاظاً نابية، وجوه ممسوخة متشابكة ببعضها تقترف العهر ليل نهار على مرأى ومسمع من المجرة، تلقّح الكون برائحتها المقيتة، تدفع بالآخرين الصامتين الى الجنون، تسارع نبض الكون يلقيهم في مهب القلقلة، يدفعهم الى حافات الضياع، والفارعون جهلاً يعبرون باقدامهم المتسخة على اشلاء البياض.
تصدأ الأصوات من شدّة الكذب المنمق التي تحاول اعادة تشكيل الوقت وتقويضه وافراغه من محتواه، تخرّ الجباه المصاحبة لها لقساوة المشي تحت ظلال المطر الأسود، زعيقها يزكم القلوب، يلونها بالسواد، يدهنها بالموت، يباغتها بسهام الطنين المخادعة ، تلعثمها يسقي اللحظة أشربة الضياع والحيرة ليرقص الثمل على اكتاف الحياة رقصة التوحش، العيون التي كانت تراود الجمال عن نفسها اصيبت بالرمد، يبوح العقل بأسرار وأده في أودية الجهل، للمدى الممتد حتى اعماق الروح دون وازع من خوف.

خوف بربري

تتحرك الصور الملقاة منذ زمن بعيد في ذاكرتي بتؤدة ، كأنها تخشى اعتلاء عتبة التكرار بعد أن ذاقت مرارته كثيرا، فهي ممتلكات خاصة بإنسان انطوائي عانى الأمرّين طوال حياته المعصوبة بوشاح الخيال الجامح، الطنين الصاخب يحفر بمخالبه جدار عقلي، زعماء الأرق يجتمعون في حواسي على طاولتهم المعهودة دون أن يخرجوا بنتائج خارقة تخرجني من هوة العيوب الماسكة بتلابيب أحلامي لأجدني كيوبيدا آخر أرشق بسهامي قلوباً حائرة لترتّد ثانية إلى قلبي الموجوع كل مرة ، أفاعي اللذة المفتعلة تلتفّ حول مائدة رغباتي الهلامية، الجمال المرسوم على جدران الأزمنة، تدفعني إلى المضي نحو مفازات قصيّة، مجاهيل مليئة بمتاهات لا يخرج منها سوى الفطاحل من العقول التقدمية والفلاسفة العابرين سدم العصور البربرية، عشرات المدن التي زرتها خلال حياتي القرائيّة، تنبئني أنني لازلت أرقب سفرتي الأخيرة إلى حيث اللا مكان الوحيد الساكن مخيلّتي، يعتريني الخوف كل ليلة من ذاك المتربّص بي عبر ثقب المدى الماثل أمامي كشبح الغابة، أشعر به وهو ينسرب كالرذاذ في مساماتي، فأغدو جسدا بلا روح، يابساً ، هشّا، كأوراق الخريف المتساقط على وجه اليباب، الخوفّّ؟؟!! هو الشعور الوحيد الذي أنفر منه حين يحاول امتلاكي، ربما لأنني أمقته، رغم هدوئه المعتاد، وصمته الكئيب، ربما لأنني والخوف متشابهان!! كثيرا ما عانيت من خوفي المغمّس بالاشمئزاز والحزن حين كنت أمر بالقرب من المسكونين بالجوع والبردْ وهم كُثْر حولي، كالجراد حين تغزو جيوشه مزارع القمح، رفيف الوجع الساهد في مخيّلتي يمدّني بامتدادات صوفيّة، لطالما حبستْ انفاسي وأنا أمرق أمام ذاكرتي المشحونة بالهم والوحدة والعزلة، صديقة افكاري تربت على روحي كلما شعرتْ بانكفائي وجحوظ شغفي بالحياة، كلماتي لا تسعفني في محاولاتي المستميتة للخروج من شرنقة الاغتراب.

4
الخطاب الديني في نينوى ماله وماعليه

عبدالكريم الكيلاني

مخطيء من يقول بأن الرأي العام لا يتأثر بالخطاب الديني سيما وأننا نعيش في العالم الأسلامي وفي الشرق الأوسط تحديداً الذي يتأثر ويؤثر في الواقع الحياتي للفرد والاسرة والمجتمع ويلامس بصورة مباشرة او غير مباشرة التغييرات السياسية في هذه المنطقة او ذاك بحسب نوعية الخطاب متشددا كان او سلساً، متطرفاً أو معتدلاً، فالاحداث تتأثر بتأثر المتلقي للخطاب الديني وهذا الأمر حساس وخطير جداً، لأننا جميعا نعلم بأن الاسلام هو دين الرحمة والتسامح والموعظة الحسنة، يقول سبحانه وتعالى: ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) صدق الله العظيم، هذه الآية والآيات الأخرى العديدة التي تحض على العدل والتسامح والتي لم يغفل عنها القرآن الكريم، كافية حتى نعرف الحق من الباطل وندعو من خلالها للتعايش والتآلف والتآخي وتقبل الآخر بدلا من الغلو والتطرف الذي لا ينتج عنهما سوى الفرقة والارهاب وتهميش الآخر الذي هو شريك لنا في الارض والانسانية والحياة.
ان الارهاب بصورته الحديثة حاول استمالة العواطف للبسطاء من العوام بفكرة اعادة الخلافة الاسلامية التي لا تتلائم مع العصر الحديث بالصورة القاتمة التي توشحتها والتي ارادت من خلالها استقطاب السذج من الشباب ليلقيهم في محرقة الموت والدفاع عن اجندات خارجية لتدمير الحياة واعاقة ركب التطور واللحاق بالعالم ووضع المنطقة ككل في بوتقة الحروب والاغتيات والقتل الجماعي والتشريد والتهجير وكل المصطلحات الشاذة التي اعتدنا سماعها بسبب الجرائم اللا انسانية التي التزمها وانتهجها تنظيم داعش الارهابي في سوريا والعراق وتحديداً في الموصل وبعض المناطق الأخرى من نينوى، اننا امام تحديات كثيرة ان لم نتصدى لها فستكون هذه البقعة من الارض جحيما يتلظى بناره الناس وستعود بنا الى العصور المظلمة، هنا علينا ان ندرك جيدا بأن السلاح الوحيد الذي ينهي هذه المأساة هو سلاح المعرفة والوعي والخطاب الديني المعتدل الذي يعيد الامور الى مسارها الحقيقي والقاء كل ماجاء به داعش في سلة المهملات لأنه لا يتوائم مع الدين الاسلامي الحنيف ومع الوسطية والاعتدال اللذين جاء بهما الرسول الكريم.
اننا بصدد واقع جديد ونينوى جديدة بعد تحريرها كاملة من براثن هذا التنظيم المتطرف الذي حرق الزرع والنسل وشوه تاريخ العلاقة الطبيعية بين مكونات هذه المحافظة واحدث شرخاً واضحاً في نسيج التواصل الانساني الطبيعي بسبب جرائم الابادة الجماعية التي تبناها التنظيم وعناصره في مناطق متفرقة من نينوى، ولهذا كله علينا ان ندرس الواقع الجديد والمستجدات الفكرية التي عبثت بالعقل الجمعي ومن الضروري جداً ايجاد وسائل عملية واقعية لاعادة الاستقرار بعد القضاء على قدرات داعش وعناصره، وعلى رجال الدين ومن كل الاديان تبني خطاب ديني معتدل وواضح لاعادة اللحمة بينها وبين المكونات المختلفة التي تتشكل منها نينوى، كما أن على المؤسسات الحكومية وضع شروط ومؤهلات لخطباء الجوامع الذين يقع على عاتقهم القضاء على التطرف الذي جاء به داعش وزرع المحبة والتراحم والتسامح في العقل الجمعي لمجتمع نينوى ككل، والأهم من هذا كله وضع آلية أكاديمية عملية لاختيار خطباء الجوامع ومراقبة ادائهم باستمرار ووضعهم في دورات تأهيلية لتحسين القدرات والاداء بأشراف الأمم المتحدة ومنظماتها العالمية لضمان عدم تكرار الكوارث الانسانية التي حدثت فيما مضى وعدم دفع المجتمع للفوضى الناتجة عن جهل وعدم ادراك البعض من الخطباء للمسؤولية الانسانية الملقاة على عاتقهم في المرحلة المقبلة التي تلي تحرير الموصل بشكل نهائي .
ان الآثار السلبية التي خلفتها داعش لم تنته ولن تنتهي بتحرير الموصل وطرد التنظيم منها ، فالسنتين الماضيتين كانت كافية لهذا التنظيم للتأثير سلبا ً على عدد كبير من المراهقين والاطفال وزرع الافكار المتطرفة في عقولهم وهذا الأمر واضح جداً للعيان،  فكلنا رأينا كيف أن داعش جند الاطفال والمراهقين على فنون الذبح والقتل والتعذيب، لذا نينوى بحاجة الى ثورة معرفية تتبناها الامم المتحدة بالتسيق مع الشباب المؤمنين بالسلام والتعايش والمنظمات المحلية العاملة بحرفية لتغيير الواقع تغييرا شاملاً والقضاء على كل اشكال التطرف وعوالقه في العقول والا فالسلام سيكون حلماً نتطلع اليه دون ترجمته واقعا.
من الواضح جدا أن الأصوات المعتدلة لدى رجال الدين في نينوى من النازحين كان خافتا في السنتين الماضيتين والكثير الكثير منهم فضل السكوت عن قول الحق والدفاع عن الانسانية والتسامح، فلم نلمس تجاوبا ملحوظاً بينهم وبين الاصوات المنددة لاحتلال داعش للموصل سوى عدد قليل منهم وهذا الأمر مخيب للآمال نوعاً ما وهذا الأمر يجب معالجته من قبل الحكومتين المحلية والاتحادية بعد تحرير الموصل والأبقاء على الاصوات المعتدلة وتجميد الأصوات المتذبذبة لأن المرحلة المقبلة هي مرحلة الحسم وعلينا عدم التهاون في هذا الأمر بأي شكل من الأشكال .







5
بروباغندا الشرق وتداعيات المرحلة
عبدالكريم الكيلاني
حمى البروباغندا يلقي بالمنطقة في دوامة الخلط الغائم المشبوب بتفاقم الاحداث المضطربة المؤدية الى عدم الوصول الى ضفة الرؤية الواضحة للمستقبل المنظور، وتقاطع الاهداف التي تبنى على الاجندات المختلفة تشتت معالم النتائج المترتبة على الأختلاف الجوهري لها، هذا الاختلاف السلبي الذي يؤسس لخلاف طويل الأمد بين التوجهات المختلفة للتيارات الفكرية والقومية والقوى المسيطرة  الموجودة على الساحة والتي اثبتت اركانها ودعائمها في ظل وجود وتنامي تنظيم داعش الارهابي طوال السنوات الماضية والتي تواجه الآن تحالفا واسعاً بين المختلفين على شكل المنطقة والصورة الاكبر لها بعد تحرير ماتبقى من نينوى.
جميع الأطراف والاحزاب والقوميات والمكونات متفقة على دحر داعش والحاق الهزيمة به بدعم واسناد من القوى الخارجية والمجتمع الدولي ، هذا الاتفاق الأيجابي لا يلغي فكرة وجود صراع خفي بين المتحالفين قد تظهر وتتجلى بعد الانتهاء من مرحلة داعش في المنطقة، هذا الصراع ينذر بمستقبل مجهول قد يودي بالمنطقة الى صراع القوى المتحالفة، بمعنى آخر أن اصدقاء اليوم ربما سيكونون اعداء الغد وهذا ما لانتمناه .
تنظيم داعش ومن خلال جرائمه ومحاولاته لخلق شق صف المكونات والقوى المتعايشة اسهم في تجذير فكرة الخوف من الآخر، وانعدام الثقة بين المكونات والحكومة الاتحادية من جهة  خلق حالة سلبية في المنطقة، واعادة الثقة بحاجة الى عمل مكثف تقوده المنظمات الانسانية العالمية التابعة للامم المتحدة اضافة الى اعادة ترسيخ مفهوم العدالة المجتمعية من خلال تقديم المجرمين والمتعاونين مع داعش للعدالة وتفعيل القانون باشراف المحاكم الدولية المختصة، وايضا الى انخراط المؤمنين بالسلام والتعايش في برامج ميدانية تعمل على هذا الأمر.
أن العائق الوحيد لتثبيت السلام في المنطقة واعادته الى التفاصيل اليومية في المجتمع يتمثل بالبروباغندا الذي تتبناه مجاميع مختلفة تعتاش على الفوضى المنتجة للصراعات السلبية بين الاطراف المتعايشة، وعلينا جميعا الوقوف ضد اي ترويج سلبي وضد اية دعايات مضللة تظهر الى السطح لتخفيف الاحتقان ووأده في مهده لأن الفوضى تولد عنها فوضى اكبر، والصراع تنتج عنه صراعات لا نهاية لها، فالاختلافات في الافكار والاتجاهات الفكرية لا يجب ان تؤدي الى خلافات دموية بأي شكل من الاشكال ، والمجتمع الشرقي عموما ينبغي له أن يتعلم من الدروس والعبر التي أودت بالمنطقة الى دهاليز مظلمة ومآسي كثيرة وفواجع جماعية قد لا تنتهي الا بانتهاء مفهوم النزاعات السطحية في الشكل بعيدا عن المضمون، فالقوانين وجدت للجوء اليها في الأزمات لا الانقلاب عليها والقوانين هي الجذور المتينة لمجتمعات راقية والعكس تماما للمجتمعات المتدنية الفوضوية التي لا تشكل بيئة سليمة لحياة طبيعية.
على المجتمع الدولي والامم المتحدة تبني بناء واقع جديد في المنطقة، هذا الواقع الجديد يكون على أساس الاعتراف المتحضر بالاخر والتواصل الايجابي من اجل البناء لا الهدم ، والتجارب السابقة اثبتت قدرة الشعوب الشرقية على بناء مثل هذا الواقع بمعزل عن الدعم الدولي لهكذا مشروع ستراتيجي انساني
نحن في العراق أمام فرصة قد لا تتكرر في تأسيس بيئة صالحة للعيش اذا ما استفدنا من التجارب الفاشلة التي الحقت بنا الدمار والخراب نفسيا ومجتمعيا، يجب أن نعمل من اجل بناء مستقبل آمن نستطيع من خلاله تغيير النظرة العالمية لمجتمعات الشرق المتخلفة، وان لانتخوف من التجريب الايجابي الذي يهدف الى اعادة الثقة بين الشعوب الشرقية اقليميا وداخليا، علينا أن نحارب لننهي فكر داعش الذي لم يأت سوى بالموت والتخلف وجرائم الابادة الجماعية وأن نقطع الطريق أمام كل من يروج لهذا الفكر بطرق مباشرة وغير مباشرة ، كما ان على اهالي المناطق التي كان داعش يسيطر عليها الوقوف بحزم امام كل الثغرات الامنية والاخبار عن اي نشاط قد تظهر لاي منظمة متطرفة سواء داعش او غيره لان الخنوع والخضوع لتلك المنظمات الارهابية تبقي المنطقة في دوامة العنف والقتل والجهل والتعسف وكل المصطلحات الدموية التي تقف بالضد من التطور والاستقرار .
بات الجميع على دراية تامة بالاوضاع السياسية التي انهكت الاقتصاد العراقي بشكل عام ، هذا الانهاك اصبح حملا ثقيلا على مؤسسات الدولة المدنية التي نعمل جميعا من اجل ترسيخها وبنائها، والقرارات الشاذة التي تصدر بين آونة وأخرى من قبل المؤسسات السياسية العراقية تهدف الى ابقاء الوضع كما هو عليه والابتعاد عن المفاهيم المدنية الحضارية التي تبني مستقبلا افضل في البلاد، نحن بحاجة الى ثورة فكرية تلقي بكل الثورات ذات الاهداف الضيقة الى هاوية الماضي، وهذا بالتأكيد ليس مستحيلا اذا ماتوافرت النيات الصاقة لبلورتها والعمل عليها من خلال محاسبة الفاسدين وقطع الطريق امام عدد من المسؤولين الفاسدين الذين لا يزالون يعيشون في اوهام وخيالات مريضة ولا يزالون يضحكون على الشعب الذي بات يقظا وصار اكثر وعيا بالاحداث، وعلى المروجين للفساد والفاسدين والمجاميع المروجة لاهداف الأشخاص العبثية الكف عن العبث بمستقبل الناس في هذه المنطقة، فتداعيات البقاء في مستنقع الفساد والجهل تفاقمت وستودي بهم وبافكارهم الى الهاوية، وبالرغم من انتشار وسائل الاعلام المضللة الا ان الوعي الجمعي اصبح اكثر انفتاحا واكثر قوة مما كان عليه سابقا، وهذا مبعث للتفاؤل رغم كل هذا السواد .

6
المنبر الحر / هنا الموصل
« في: 20:17 24/10/2016  »
هنا الموصل
عبدالكريم الكيلاني

منذ بدأ العمليات العسكرية في نينوى وحتى هذه اللحظة، تتطلع الانظار الى جبهات القتال المتفرقة، يقتحم غبار المعارك وأزيز الطائرات ودوي المدافع عنان السماء ليطيح بالدخلاء ويطرد الغربان من شواطئها، الموصل هي آخر معاقل تنظيم داعش الارهابي في العراق، وتحريرها من أيديهم يعني دحر الفكر المتطرف والقضاء على الآلة الحربية للمروجين له بشكل نهائي، الموصل التي أبت وتأبى منذ بداية تأسيسها فرض الارادات والافكار الغريبة،  تقاتل بكل اسلحتها في ساحات المعركة، وماهي الا اسابيع قليلة وينجلي عتم داعش عن هذه المدينة المتآخية المحبة للحياة والفرح، الموصل استطاعت أن توحد البيشمركة الأبطال الذين أثبتوا للعالم أجمع أنهم الأقوى بلا منازع مع الجيش العراقي بكل تشكيلاته فاستطاعوا تلقين العدو المشترك دروساً في الشجاعة والتضحية والأيثار، وأخرسوا الكثير من الأصوات النشاز التي كانت تروّج للنيل منهم والتقليل من شأنهم على مدى السنين الماضية، ومنذ أول طلقة أطلقت ايذاناً ببدأ عمليات التحرير هرع الموصليون كورداً وعرباً، مسيحيون وشبكاً، كاكائيون وتركماناً، أيزيديون وصابئيون، سنة وشيعة، اعلاميون وصحفيون، فنانون واساتذة وتدريسيون وعلماء الى الصفوف الامامية في ساحات المواجهة، يداً بيد مع اخوتهم في السلاح لتحرير مدينتهم من دنس المجرمين ولتنظيفها من ادرانهم، يسبقهم ايمانهم بالحرية والخلاص والمستقبل الآمن.
علينا أن نعي أن المرحلة القادمة حافلة بالمعطيات على ارض الواقع، وعلى الجميع نزع قناع الخوف من وجوههم والتصدي بشكل جمعي وفردي للحالات السقيمة التي قد تظهر مستقبلاً في هذه المدينة ومن هذه الحالات هي :
1-   التطرف الديني والمذهبي والعرقي ومحاولة اجهاض مكتسبات المرحلة من قبل بعض الأشخاص ذوي النفوس الضعيفة .
2-   التحريض على الانتقام وخلق حالات قد تؤدي الى ازهاق الارواح وبث الفوضى ويجب السماح للقانون بالاقتصاص من المجرمين والمتعاونين مع داعش، فالنظام والقانون هما أسس متينة لمجتمع متحضر نتطلع اليه جميعنا أسوة بالمجتمعات المتحضرة الأخرى.
3-   على جميع الشباب الانخراط بفعاليات المجتمع المدني والمساهمة بترويج المدنية وعدم الرضوخ للجهل والخمول وعدم الاتكاء على الأفكار الهدامة التي لا تؤدي الا الى المزيد من الخراب.
4-   الأحساس بالمواطنة الحقيقية والابلاغ الفوري عن الخروقات التي قد تحدث من قبل الجماعات والافراد والتي تمس بأمن المواطن والمدينة.
5-   تشجيع التربية والتعليم وعلى الوزارات المختصة تغيير المناهج القديمة التي كانت تروج للعنف والتطرف وادخال مناهج السلم والتعايش والتسامح للمدارس والجامعات.
ان ماحصل في المنطقة يدعونا الى البحث عن أدوات حقيقية لتغيير الحالة المجتمعية بشكل جذري عن طريق الوعي والاحساس بالمسؤولية والعمل المشترك فالمجتمعات بحاجة الى قادة مجتمعيين لتغيير الواقع بعد كل هذا الخراب وبعد كل المآسي التي حدثت بسبب دخول داعش الى المنطقة، فالمرحلة القادمة قائمة على الأرادة والقدرة وعلينا غلق الابواب والنوافذ بأحكام على الغرباء ذوي العقول المتحجرة الذين يريدون العبث بمقدرات المنطقة.
ان الموصل مدينة أليفة محبة للحياة وأهلها أناس بسطاء كانوا وما زالوا يتطلعون للسلام والعيش بأمان، ولهذا نرى انها المدينة الوحيدة في العراق التي تضم بين جناحيها مختلف الأديان والأطياف والقوميات، وحتى نهرها العذب الزلال يشق طريقه في قلب المدينة بأمان منذ آلاف السنين ليسقي أهلها المودة والرحمة والسلام ويضفي على ضفتيه مسحة الجمال التي قد لانراها في مدينة أخرى، لكن الطامعون ومنذ عقود طويلة يحاولون الكرة تلك الكرة لهدم هذا الصرح الانساني وهذه الواحة الغنّاء عن طريق رفدها بالافكار الظلامية لكنهم دائما يرتطمون بجدار التآخي والشجاعة والقدرة على النهوض وخلق الحياة وبثها في الأزقة والبيوتات والحواري وهذا هو سر بقائها، فتفائلوا ايها الموصليون، هنا الموصل .

7
المنبر الحر / ساعة الصفر
« في: 22:54 16/10/2016  »
ساعة الصفر

عبدالكريم الكيلاني

التصريحات الحكومية تشير الى الأقتراب من اعلان ساعة الصفر لبدأ عمليات تحرير مدينة الموصل الواقعة تحت احتلال تنظيم داعش الارهابي منذ اكثر من سنتين، وحكومة نينوى المحلية تؤكد انهاء استعداداتها للمشاركة في الجهد الامني والانساني والخدمي واعلنت لوسائل الاعلام انها وجّهت كافة الفعاليات الاجتماعية ومواقع التواصل الاجتماعي لدعم القوات الامنية والسلم الاجتماعي ومحاربة داعش، كما انها كلّفت اعضاء المجلس ووزعتهم على المحاور وفق مهام تتعلق بالجانب الانساني والتنسيق مع القطعات الامنية كافة ، على ان تقوم رئاسة المجلس بتنسيبهم على 4 محاور كالتالي ( جنوب الموصل " القيارة"، الخازر، سد الموصل وتلكيف، سنجار وتلعفر ) اضافة الى تشكيل خلية طواريء عليا تتكون من رئيس المجلس ونائبه مع المحافظ ونائبيه لاتخاذ القرار المناسب حسب تطورات الاوضاع الامنية وتكون في حالة انعقاد دائم للاشراف على مهام الدوائر المحلية واللجنة الأمنية ومركزها اربيل وتوجيه كافة الوحدات الادارية ومجالسها المحلية الالتحاق بأقرب قاطع عمليات ضمن حدودها الادارية والاستعداد للتواصل مع المدنيين والقوات الامنية.
الرئيس مسعود البارزاني اصدر بياناً رسمياً أكد فيها "ان جميع الاستعدادات استكملت وان تحرير الموصل من أولويات سياسة اقليم كوردستان.
من جهتها اكدت مصادر امنية رفيعة اكتمال وصول وتمركز الوية وافواج عسكرية للفرقة 16 من الجيش العراقي ووحدات اخرى في المناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة لتوحيد الجهد الحربي واحكام الطوق على مدينة الموصل ومن ثم اعلان ساعة الصفر المرتقبة والتي يمكن الاعلان عنها بين لحظة واخرى.
قبل ايام كنا في زيارة لمحور تلسقف الواقعة شمال الموصل والتقينا بالقادة الأبطال من البيشمركة والجيش حيث أننا رأينا كيف ان الجانبين اظهرا حرصهم على التنسيق العالي والجهد المشترك وتوجيه بنادقهم الى تنظيم داعش الارهابي وتخليص اهالي الموصل المحاصرين من ظلم وارهاب داعش، ذكر لنا قائد البيشمركة في محور تلسقف أن السيد منصور البارزاني قائد القوات المتمركزة في المنطقة اخبر اللواء الركن علي الفريجي أن السيد الرئيس مسعود البارزاني أبلغه أن تكون قوات البيشمركة اثناء عمليات تحرير الموصل تحت إمرة الجيش العراقي فردّ عليه الفريجي قائلاً : ونحن نطلب منك أن تبلغ سيادة الرئيس البارزاني اننا والجيش العراقي الموجود في المنطقة والبيشمركة الابطال تحت إمرة سيادته ورهن اشارته.
بهذه الروح الطيبة يمكننا أن نطمئن بأن الموصل ستتحرر بجهود البيشمركة والجيش وسيكون القضاء على داعش أمراً محسوماً وأن التنسيق العالي والروح المعنوية العالية التي تتحلى بها القوات المحررة تؤكد أن الخلاص بات قريباً وعلى مرمى حجر.
تشير المعلومات أن  هناك خمسة جبهات من اصل ستة تحت سيطرة قوات البيشمركة وهما كالتالي ( كسكي، سد الموصل، النوران، الخازر، الكوير) اما جبهة القيارة فهي تحت سيطرة الجيش، كما تؤكد المعلومات الواردة أن معنويات تنظيم داعش شبه منهارة داخل الموصل وأن التخبط باد على تحركاتهم والكثير منهم هربوا باتجاه الرقة والاراضي السورية بسبب القوة الكبيرة التي تحاصر المدينة من البيشمركة والجيش والاجهزة الامنية الاخرى وبسبب الغطاء الجوي الذي تشارك فيه دول التحالف، لكنني أتوقع أن المعركة لن تكون سهلة كما يتصوره البعض، فمدينة الموصل مدينة كبيرة وهي ثاني اكبر مدن العراق والتنظيم الارهابي يعلم جيداً أنه لايستطيع بأي حال من الاحوال الحفاظ على الموصل، لذا فانهم سيقاومون ويتخذون من اهالي الموصل الابرياء دروعا بشرية لهم وهنا نطالب القواات المحررة وقوات التحالف بتوجيه ضربات دقيقة لتجمعات داعش والحفاظ على سلامة الابرياء من المواطنين المحاصرين كما ندعوهم الى التقصي والبحث عن المختطفات الايزيديات وتحريرهن واعادتهن الى اهاليهن.
النازحون والمحاصرون والمهجّرون والكوردستانيون والعراقيون يترقبون الاعلان عن ساعة الصفر لبدأ المعركة الحاسمة وطرد الارهاب من المنطقة والبدأ باعادة الاستقرار والاعمار بمساعدة المجتمع الدولي وتقديم المتطرفين الارهابيين الى العدالة والتاريخ يسجل.


8
عن الموصل بعد تحريرها

عبدالكريم الكيلاني
تقرع الطبول على أبواب الموصل الأسيرة منذ فترة، نصغي لتصريحات المسؤولين والقادة العسكريين وهي تنعش اسماعنا باقتراب اعلان ساعة الصفر لتحرير ماتبقى من نينوى ونحن نغذ خطى القلب نحو مدينة الأزقة والعوجات ( الموصل الحدباء ) التي خطفها التنظيم الارهابي المتطرف ( داعش )  قبل أكثر من سنتين على مرأى ومسمع من العالم، الموصل التي أصبحت خارج الوقت، بعد أن كانت هي الوقت الجميل الذي لطالما افترش ربيعها الدائم.
حكومتها المحلية في المنفى، اهلها يقتسمون الخيبة بينهم، بعضهم يعيشون في المخيمات ومدن اقليم كوردستان ومدن اوربا وتركيا، والبعض الآخر يستقبلون سياط التطرف والظلم والعبودية داخل المدينة، خذلتهم الحكومة الاتحادية والفرق العسكرية التي كانت تحميهم، حتى حدثت كوارث لم تكن تخطر بالحسبان.
الأسئلة التي تتبادر الى الاذهان معقدة نوعاً ما وأجوبتها عصية على الفهم ومركبة وهي بحاجة الى مراس فكري يساعد على تقبل الناس لها وادراكها:
1-    هل حقاً نحن على موعد قريب مع التحرير؟ أم هي مجرد حروب اعلامية المغزى منها كسر شوكة الاعداء؟
نحن نعلم بأن الحرب الاعلامية مهمة جداً في هكذا مواجهات، وقد سبقتنا الدول الكبرى في استخدام الاعلام كأداة فاعلة لتحطيم معنويات العدو وانهياره كما حدث في الحربين العالميتين الاولى والثانية عندما استخدم الراديو والسينما والصحافة لهذا الغرض وايضا هنالك عشرات الامثلة في التاريخ الحديث توثق اهمية الاعلام كسلاح فتاك، الا اننا نرى ان اعلامنا لا يزال ضعيفا نوعا ما بالرغم من تعدد المنافذ والوسائل الاعلامية، لكنها غير محترفة في صناعة النصر ومواجهة العدو، لذا فنحن بحاجة الى حرب برية وجوية على الارض لحسم الحرب بصورة نهائية.
2-    الموصل ومنذ اكثر من سنتين محتلة من قبل داعش الذي يحاول بكل الوسائل تأسيس قاعدة فكرية متطرفة عبر تجنيده للاطفال والصبيان وغسل ادمغتهم ، كيف سنتعامل معهم بعد تحرير الموصل ؟
لا شك ان السنتين الماضيتين كانت كافية لتلقين الكثير من الاطفال ثقافة التطرف داخل الموصل، عبر مناهج الدراسة في المدارس وعن طريق تجنيد الاطفال الايتام وتدريبهم وتلقينهم ، وهذا الامر يتطلب جهد منظماتي كبير لتأهيل هؤلاء الاطفال بعد تحرير الموصل، وينبغي على المنظمات الانسانية العالمية التحضير لبرامج تأهيلية مكثفة، تعيد الأطفال والصبيان الى جادة الصواب وتبين لهم ان ماتعلموه من داعش وهم كبير وفكر ينبذه العالم اجمع لانه ض الانسانية والحياة الطبيعية والقيم العليا.
3-    التنظيم احدث شرخاً في النسيج الاجتماعي لمكونات نينوى، كيف سنعالج هذا الشرخ ونعيد الاستقرار مرة أخرى ؟
لاشك ان داعش احدث شرخاً في النسيج الاجتماعي لمكونات نينوى من خلال قيامه بعمليات الابادة الجماعية التي أودت بحياة الالاف من الابرياء من مختلف المكونات وبالأخص المكون الايزيدي في سنجار وتوابعها والمكون المسيحي والشبكي والمكونات الاخرى التي تتشكل منها لوحة نينوى الفريدة، وهذا الامر احدث مآساة كبيرة يجب معالجتها بحكمة ودراية وتحضر، وايضا نحن بحاجة الى آلة معرفية تعيد الأمور الى نصابها بعد تقديم المجرمين الى العدالة، وتعويض المتضررين وترميم الفكر السلمي بعد أن أصبح مهدداً بالزوال، وعلى المجتمع الدولي بذل الكثير من الجهد في هذا المجال والا فأن الأصوات تتعالى لتقسيم نينوى الى عدة مدن كأن تستحدث محافظة في سنجار واخرى في تلعفر واخرى في سهل نينوى ماعدا الموصل والغالبية من المراقبين يؤكدون أن هذا ماسيحدث في النهاية بسبب حجم الدمار النفسي والمجتمعي الحاصل في نينوى .
4-   هل عملية تحرير الموصل عسكرية بحتة ام سياسية بحاجة الى تفاهمات؟
من الواضح ان تحرير الموصل بحاجة الى تفاهمات قبل البدء بتحريرها، شكل الأدارة وشكل المحافظة والضمانات التي يحتاجها مكونات نينوى من ( الكورد والعرب والايزيديين والمسيحيين والشبك والتركمان والكاكائيين وغيرهم ) فالثقة بين هذه المكونات والحكومة الاتحادية اصبحت في مهب الريح بسبب كل ماحصل، والحاجة الى تفاهمات سياسية لضمان عدم عودة حالة عدم الاستقرار الى المنطقة مرة اخرى وهناك اصوات تتعالى لاستقدام قوات حفظ النظام الدولية للمحافظة على الأمن والاستقرار بعد التحرير.
في كل الاحوال علينا ان نهيء انفسنا لمرحلة جديدة كلياً وتغيير جديد في نينوى فلا يمكن عودة الامور الى ماقبل 10/6/2016 مهما حدث، فمحافظة نينوى ليست كباقي المدن المحررة ( صلاح الدين والانبار ) لانها تضم مكونات متعددة وقوميات واديان وثقافات مختلفة وقد تعرضت هذه المكونات لزلازل وكوارث على ايدي تنظيم داعش الارهابي، ومن المستحيل ان تعود الامور الى سابق عهدها، ونحن بانتظار الخارطة الجديدة للمنطقة .

9
ميراني وسلافة الفكر الديمقراطي

عبدالكريم الكيلاني

مرتان فقط التقيت به، وفي المرتين اللتين التقيت به فيهما، شعرت بأنني أقف أمام منظومة افكار سياسية متكاملة متجددة، لأنني قبلها كنت قد التقيت به مراراً على صفحات الجرائد وساحات الفكر المعتدل المترجم عبر مقالاته السياسية الفلسفية المتناثرة هنا وهناك والمجتمعة في بطون الكتب التي سمحت لي الظروف بقراءتها، لست هنا في موضع الكتابة عن سيرته السياسية أو الغور في تفاصيل شخصيته الحازمة التي تتميز بالواقعية السياسية والواقعية القيادية، بقدر ما أود التطرق الى بعض مفاصل البناء السياسي لبعض الأفكار والطروحات في مقالات السيد فاضل ميراني سكرتير الحزب الديمقراطي الكوردستاني والتي تندرج ضمن بوابة المرافعات السياسية التي أوردها السيد ميراني بأسلوبه الشيق الخاص به، والنمط الذي اختاره لقرائه، هذا النمط الذي يكشف بدوره عن العالم المفاهيمي للطرح والاشتغال العام الذي يحدد اهدافه الفكر المنفتح على الافكار الناتجة عن الثقافات الأخرى والذي يستوعب التضادات من أجل الوصول الى القيمة العليا لسلافة فكر ومنهج الحزب الديمقراطي الكوردستاني المطلوب ايصالها للمتلقي.
ليس غريباً أن من يحمل نهج وفكر هذا الحزب المناضل لا بد أن يرضخ لركائز تخليق المجتمع المسالم الذي يتساوى فيه الجميع أمام دستور الحياة، ويستظل تحت خيمته العربي والكوردي، المسلم والمسيحي، السني والشيعي، فاختلاف المذاهب والاطياف والقوميات يغني النسيج الاجتماعي للبلد، وهذا ما يؤكد عليه ميراني دائما في رؤيته لمستقبل كوردستان، بالرغم من الحيف والظلم والتهميش والاقصاء ومحاولات الالغاء التي دأبت عليه الحكومات المتعاقبة الحاكمة في العراق ، الا أن دولة كوردستان مستقبلاً يجب أن يعيش فيه الجميع تحت ظل القانون بحرية، فالاستحواذ او الرغبة بالاستحواذ والهيمنة ومحاولة عرقلة الحلم الكوردي بتكوين دولته، بدون وجه حق لا يؤدي الا الى الهاوية ونهايات سالكيه ومتبنيه خاسرة بالتأكيد، لذا فأننا دائما نرى بأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلى لسان سكرتيره يؤكد على الأخوة العربية الكوردية، فالشعبين جارين منذ مئات السنين لا ذنب لهما في ترويج العنف الذي كان وما يزال يدعو اليه القادة المتعاقبون الذين حكموا العراق بالحديد والنار، ولا دخل لهما بالقوميين العنصريين الذين كانوا يضعون العصا في عجلة المطالبة الشعبية الكوردية بالاستقلال، وهذا المطلب هو حق مشروع لكل الشعوب بما فيهم الشعب الكوردي الذي يبلغ تعداده اكثر من 50 مليون نسمة موزعين في العراق وتركيا وايران وسوريا وروسيا ودول اخرى كثيرة في مختلف اصقاع الارض، هنا يأتي التوقيت، وتوقيت اعلان الدولة الكوردستانية يخضع لظروف معينة واعلانها يتوقف على عدة أمور من اهمها ترتيب البيت الكوردي في الداخل للخروج بموقف موحد امام التحديات المفترضة لهذا المشروع القومي الذي ينتظره كل كوردي بفارغ الصبر، ويقول ميراني في احدى مقالاته بهذا الخصوص " متى تستقل كردستان؟ نحن من يجيب، ونعرف الوقت المناسب، وهذا الوقت كان من الممكن ان يتأخر، لكن سوانا يعجل به" ولا يستبعد هنا في مقاله كل الاحتمالات والاسئلة المطروحة التي تفرض نفسها فيما يخص مستقبل العراق بعد اعلان الاستقلال "  العراق بعدنا قد لا يكون افضل،  لان مفهوم السلطة اخذ منحى مغرقا في ممارسات القرون الوسطى لكن بأسماء حديثة "، اذا فكل الاحتمالات واردة والسياسة عنصر متغير وليس ثابت، والقرارات المصيرية للشعوب الحية غير قابلة للمساومة حتى لو حدثت مفاجئات قد ترهق من كاهل الدولة اليافعة أبان تأسيسها لكن بالتأكيد مصائر الشعوب تستحق التضحيات والشعب الكوردي يضحي منذ عقود والجميع شاهد على مسيرته نحو الحرية والتحرر والاستقلال.
اذا نحن أمام سياسي ومنظّر كوردي من الطراز الخاص،  يعتبره المراقبون صمّام أمان وحجر الزاوية ليس للديمقراطي فحسب بل ربما يعتبره الكثيرون وأنا منهم عرّاباً للعلاقات المتزنة بين الأحزاب الفاعلة العاملة والمؤثرة على الساحة، كونه يترجم دروس الساسة الكبار الى ارض الواقع في تعامله مع الأحداث والمتغيرات التي ينتجها الصراع الحزبي في ظل الأزمات.
للميراني صولات وجولات في التفنن بسرد الوقائع التاريخية واستشهاده بها في معظم عجالاته ومقالاته وطروحاته، ربما لأنه يؤمن بأن التاريخ هو امتداد للحاضر الموجود والمستقبل المجهول، وهناك ما يجمع هذه العناصر الثلاث، وما يميزه عن الآخرين هو وقوفه المواظب عند مفاصل التاريخ القديم والحديث، واستنباط العبر منه وتطويعه لخلق واقع سياسي آخر يتماشى مع مستجدات التطور الاجتماعي والحضاري.
ان التركيز على وعي الذات والارتقاء الفكري من خلال ضخ العناوين المساهمة في تطويع العقل الجمعي الايجابي نحو مرتكزات انسانية بحتة لتكوين بيئة اجتماعية معتدلة وترسيخ مفهوم الفكر باعتباره الأساس المحرك للانسان والمجتمعات المتحضرة هو الفارق المميز في اطروحاته بما يعزز لتسيير عجلة التطور داخل الحزب وداخل المجتمع الكوردستاني وكيف لا والسيد ميراني معروف بحكمته المعهودة كونه تلميذ نجيب في مدرسة البارزاني الخالد.

10
السياسة في العراق الى اين ؟

عبدالكريم الكيلاني
 
السياسة هي عبارة عن خلق قرارات تلزم المجتمع بتنفيذها على أساس المصلحة العامة للبلد  بهدف تحسين الاداء العام وتطوير البنى الاجتماعية والاقتصادية والامنية وغيرها من الاركان المهمة لاي بيئة قابلة للعيش معنويا ومادياً ويخضع السياسي الى مطالب وضغوط معينة يفرضها الواقع الداخلي والخارجي حسب ايدولوجيا واضحة لتحقيق الاهداف المرسومة على خارطة التخطيط الشامل للبلد وحسب رؤيا المؤسسات الحكومية والمجتمعية والنخب على مختلف المستويات، وهي تمثل الحد الامثل للعلاقة بين السلطة والشعب باعتبارها اعلى الهرم الذي يمثل ارادة الناس في التجمعات الانسانية الموزعة على رقعة الارض، وبالتالي فانها تمتلك القوة اللازمة لتنفيذ قراراتها كالجيش والشرطة والاجهزة الامنية الاخرى، والسياسات تختلف باختلاف المجتمعات والثقافات والتوجهات العامة ونوعية العلاقات بين الافراد والمكونات والمؤسسات، ويطلق على السياسي هذا الاسم لانه يؤثر على المجتمع من خلال تأثيره على القرارات او الاشخاص الذين يصنعون القرارات وعلى السياسي ان يمتاز بالدهاء والحنكة لكي يمرر فكرته او خطته الى ارض الواقع، وبكل الاحوال فان السياسي عليه ان يعمل من اجل ناخبيه والذين اوصلوه الى مراكز صنع القرار او الذين وجدوه مهيئاً ليشارك في صناعة القرار وعليه أن يمتلك الجرأة اللازمة لتمرير طروحاته وسياسته على ان تهدف هذه السياسة خدمة الناس وتطوير المجتمع.
للأسف أن السياسة في مجتمعنا اصبحت سلعة رائجة مستهلكة باهتة اخذت البلاد الى منحدرات خطيرة ومناحي عمياء واختلط الحابل بالنابل حتى اصبحت هذه الكلمة او هذا المصطلح ( سياسة ) من اشد المصطلحات كرهاً لدى الناس، فعندما نقول هذا الرجل سياسي، بمعنى اننا نقول ان هذا الرجل فاسد وسارق وقاتل وقل ماشئت من الاوصاف بحقه، وهذا الامر مشاع لدى مختلف شرائح المجتمع بسبب الكم الهائل من الاخطاء والخطايا التي ارتكبها بعض السياسيون والتي اودت الى اعادة العراق الى حضيرة الدول الأسوء في العالم بحسب دراسات اجرتها مراكز البحوث العالمية خلال السنوات الماضية فجواز السفر العراقي هو ثالث اسوء جواز في العالم بحسب مؤشرات "هينلي آند بارتنرس"، التي تنشرها شركة "هينلي آند بارتنرس، وهو ثاني اسوء مكان للمرأة في العالم العربي حسب دراسة نشرتها مؤسسة تومسون رويترز، وهو  أخطر مكان بالعالم متقدماً على 144 دولة بينها إسرائيل والصومال وأفغانستان حسب معايير (دليل السلام العالمي)، وهو ثالث اسوء دولة في العالم في الفساد الاداري بحسب منظمة الشفافية الدولية، وصنف العراق كأسوأ البلدان التي عجزت حكوماتها عن التوصل للجناة في جرائم قتل الصحفيين، واكاد اجزم باننا نمتلك اسوء برلمان في العالم بسبب الفوضى الغير منطقية التي تعصف به والتي جعلت منه مثار كلام الناس وسخريتهم، والقائمة تطول.
ان العراق ومنذ سنين طويلة بات شبه فاقد لسيادته، فالتدخلات بشؤونه وسياسات قادته مستمرة من دول الجوار كايران وتركيا ومن دول اخرى كالسعودية وقطر، اضافة الى تدخلات الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا، اما الاوضاع الداخلية والعلاقة بين بغداد والاقليم تسير باتجاه الزوال، فاقليم كوردستان يعاني ومنذ سنوات من ظلم واجحاف الحكومة الاتحادية بحقه في مختلف المجالات وعدم التزام بغداد في دفع مستحقاته من الموازنة العامة وقطعها لرواتب الموظفين في الاقليم وتشبثها المستمر بوضع العصا في عجلة الحياة والتطور والاستقرار فيه، ومحاولة هدم العلاقات بين الاحزاب الكوردستانية في الداخل لاضعافه، وليس مع الاقليم فحسب بل اتخذت السياسات العرجاء للحكومة الاتحادية الى اضعاف تواصلها مع محافظات اخرى كنينوى التي تحارب التنظيم الارهابي داعش منذ اكثر من سنتين والتي تعاني من اهمال بغداد لها وعدم صرف مستحقاتها من الموازنة العامة للسنوات 2014/2015/2016 بالرغم من المطالبات المستمرة لحكومة نينوى المحلية التي تقف شبه عاجزة عن اعادة اعمار المناطق المحررة ومساعدة النازحين بسبب هذا الامر، علما ان 50 % من اراضي نينوى تحررت على يد قوات البيشمركة الكوردستانية التي تقارع الارهاب على مسافة اكثر من 1000 الف كم .
ان جميع القوى المدنية والمؤسساتية تتفق على ضرورة اجراء اصلاحات في البنية السياسية العراقية ومراجعة شاملة لها، فالعراق بحاجة الى وضع سياسات جديدة لها واعادة رسم خارطتها واعادة النظر بين علاقة بغداد باقليم كوردستان ومحافظاتها واستحداث محافظات جديدة للحفاظ على الاستقرار واعادته واعادة الثقة بين مكوناته واطيافه فماحصل خطير جدا ولا يمكن العودة باي شكل من الاشكال الى الاوضاع التي كانت عليه قبل دخول داعش واحتلالها لعدد من المحافظات، لان الشرخ الحاصل بين الاديان والمكونات والاطياف كبير جداً ولا يمكن ترقيعه بالشعارات والخطب الرنانة العاطفية، اذا نحن على موعد مع تغيير شامل لخارطة العراق سيما وان اتفاقية سايكس بيكو انتهت قبل مدة ، والسؤال هنا هو العراق الى اين ؟


11
الموصل وسياسة الموت الرحيم

عبدالكريم الكيلاني

تتجه الانظار الى الموصل، هذه المدينة المبتلية بالخراب والموت والارهاب الاعمى الذي صنع من أزقتها واحيائها سجون كبيرة لاهاليها المسالمين الذين لايعرفون للعنف طريقاً، الموصليون فنانون ومبدعون وادباء وعلماء وتجار وحرفيون وطلاب معرفة منذ قرون، ظهر فيهم فطاحلة وفلاسفة ونجوم على مر الزمان، بيوتاتها عريقة، تمتد جذور عوائلها الى ازمان سحيقة، أناس ودودون يعيشون في عالم مختلف لهم عاداتهم وطبائعهم وطقوسهم في مجالات الحياة المختلفة، للمدينة القاب عديدة مثل أم الربيعين لاعتدال الطقس بها في الربيع والخريف، والحدباء لاحتداب دجلة لدى مروره بها أو لاحتداب منارة الجامع النوري، الموصل أتت من كلمة (أصل) من ظرف مكان الفعل وصل. وكلمة "موصل" تعني مكان فيها يصل كل شيء،  هذه البقعة من الأرض تهجع في احضان الربيع الدائم ولها مع هذا الفصل من فصول السنة حكايا وأقاصيص وعشق من نوع آخر، وكما نعلم فان الربيع بخضرته وابتسامة اجوائه يعني الحياة والحياة هي عكس الموت تماماً.
الكثير من اللغط حدث منذ سقوطها بيد تنظيم داعش الارهابي، تدخلت الماكنة الطائفية في صميم وطنية اهالي الموصل، اتهموا بالارهاب والانتماء لداعش وتمادى البعض حتى تخوين هذه المدينة الاصيلة التي لم تقف يوما مع الغازي والمحتل، نسيوا وتناسوا ان الاجهزة الامنية التي من المفترض انها كانت السور المنيع لها تهاوت وتلاشت في غمضة عين وفي لحظات عجيبة غريبة لم يعرف العالم سبب تركها لمواقعها وواجباتها وتسليمها المدينة لبضعة مئات من الارهابيين لحد الان، خرج منها مايقارب من 250000 مائتان وخمسون الف عائلة  باتجاه اقليم كوردستان ووسط وجنوب العراق حتى هذه اللحظة بحسب احصائيات موثقة، ناهيك عن الاعداد الاخرى التي لجأت الى اوربا وتركيا وعمان، والعدد في تزايد مستمر بسبب عمليات تحرير الموصل، وهروب العوائل من المناطق الساخنة في اطراف المدينة تحت ظروف سيئة جداً.
وبالرغم من المساهمات الكبيرة للمجتمع الدولي عبر منظماتها الانسانية العالمية وعبر هيئات ولجان الامم المتحدة والاغاثة الدولية الا ان اوضاع نازحي نينوى في تدهور مستمر، هؤلاء الذين خرجوا من الموصل بسبب رفضهم للاحتلال وسياسة التطرف والموت البشع الذي جلبه هذا التنظيم الهمجي الى المدينة.
اما علاقة الحكومة الاتحادية بنينوى علاقة محبطة وغير واقعية، هذه الحكومة التي وقفت عاجزة تماماً عن هذا الظلم الكبير الذي وقع على اهاليها من النازحين والمحاصرين، فلم نرَ تحركاً جدياً لتحريرها منذ اكثر من سنتين، والمساعدات المالية والعينية التي قدمت لنازحيها مخجلة ومضحكة، ناهيك عن قصص الفساد التي نسمعها يومياً في الدوائر المعنية بتوزيع المساعدات والتخصيصات المالية للنازحين وايضاً سياسة عدم صرف مستحقات نينوى للسنوات 2014/2015/2016 بحجج واهية، اذا ماذا سيفعل المواطن الموصلي البسيط الذي ترك منزله وعمله واصبح نازحاً ومهجّراً في ارض الله الواسعة دون أن يجد من يمسك بيده ويعيد له ارضه وحقه المغتصب، في خضم هذا الأمر كله نجد أن اقليم كوردستان هو الوحيد الذي آوى النازحين ودافع عنهم واحتضنهم في مدنه وقراه ومخيماته، هذا الاقليم الذي يتعرض الى ابشع حملة مغرضة من القومجيين والمتعصبين والحكومات المتعاقبة في بغداد طوال السنين الماضية كانت تقف بالضد من حقوق وتطلعات شعب الاقليم.
ان مايحدث لاهالي نينوى النازحين والمحاصرين اشبه بالموت الرحيم، والعوامل المؤدية الى هذا الموت هي كالتالي :
1-   ظهور اصوات نشاز تخونهم بحجج واهية
2-   بطء عمليات تحرير الموصل بعد سنتين من المعاناة وحدوث مآسي لا تعد ولا تحصى.
3-   المساعدات الخجولة لنازحيها في المخيمات وعدم الاهتمام بهم انسانياً على النحو المطلوب.
4-   عدم صرف مستحقات نينوى من الموازنة العامة للسنوات 2014/2015/2016 .

ان المنطق يؤكد على وجوب تشكيل خارطة جديدة لنينوى بعد تحريرها تماما من تنظيم داعش الارهابي، وضرورة اعادة رسم شكل العلاقة بالحكومة الاتحادية وتوفير ضمانات من المجتمع الدولي لها بعدم تكرار مثل هذه المآسي وتعويض المتضررين معنوياً ومادياً وتهيئة اجواء مناسبة للحياة فيها، وهذا الامر يتطلب جهداً كبيرا من النشطاء والساسة المهتمين بنينوى والذين يمثلونها في المحافل السياسية المحلية والدولية، وتوحيد المواقف والمطالبات بعيداً عن الشعارات الفارغة التي لا تؤدي الا الى المزيد من البؤس والتخلف والمعاناة.

12
أدب / بيشمركة كوردستان
« في: 19:07 29/06/2016  »
        بيشمركة كوردستان

شعر : عبدالكريم الكيلاني


لكُوردستانَ شمسٌ لا تؤوب       
                   وتَغمره المحبة والطيوبُ
تلوذ به الحمائم باسمات
                  وتنهلُ من مآثره الشعوب
عرينُ المجدِ يقصده البرايا
                   عَصيٌ شامخٌ غرٌ هيوبُ
لَه الأهوال تخنع في خشوع   
                  وتخشاهُ النوائب والخطوب
تعانقه الجبالُ بكل فخر
                    وتحميه الملائك والقلوب
يهبُّ رجالهُ من كلّ فجّ 
                    اذا مسّتْ اراضيهِ الكروب
سباعٌ لا يهابون المنايـــا 
                   تخرّ لهم، تهابهمُ الحروب
يقضّون المضاجع كالأسود 
                        وما لعدوّهمْ الا الهروب
هم الكورد الأشاوس منذ دهر 
                     خصالهمُ الشجاعة والوثوب
هم الأوفى لهذي الارض حتى 
                      ينوء الظلم عنهم والصعوب
ومن كِيْخِسْرُوِ  انتهلوا شموخاً 
                        وعزاً، لن تذلّهم النكوب
وللبيشمركة الأبطال سفرٌ   
                   وصيتٌ في الدنا كبراً يجوبُ
لكوردستان شمس من اباءٍ   
                    شروق لن  يشوّهها الغروب










13
عامان على احتلال الموصل
عبدالكريم الكيلاني
تلوح في الأفق علائم انهيار البنيان الهلامي للعراق، هذا البنيان الذي ثبّت أسسه ودعم أركانه نخبة من المنظّرين السفسطائيين الغائبين عن المشهد الكلّي للأوضاع المأساوية التي يتمرغ فيها البسطاء والفقراء والحالمين بواقع أفضل لهم ولأسرهم ولمجتمعاتهم الصغيرة هنا وهناك، ببساطة أن مايجري في المنطقة ككل هو تعميم لثقافة الجهل والتشرذم والأنانية وحب السلطة والتسلق على أكتاف الآخرين وهذه الثقافة منتشرة بشكل كبير وحازت على اعجاب المسوّقين والداعمين لها دون اعتبار لمخاطر نتائجها العبثية الفوضوية التي صادرت وبجدارة احلام وطموحات الاجيال القادمة وزعزعت استقرار المنطقة وبجدارة.
تفاقمت الخيبات على مدى قرون في هذا الجزء من العالم، اختفى العراق من خارطة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي واصبح بلداً يصادره الجوع والتخلف والعهر السياسي والانحلال الفكري بالرغم من الاصوات التي تقول عكس ذلك وتدعي ان هذا البلد لا يزال بخير ومتماسك ويصوره على انه منارة وقبلة تتجه الانظار اليه، اين هو الاستقرار في البلد الذي رزح ومنذ تأسيسه في خضم الصراعات القومية والطائفية وشهد حروباً وانفالات وتصفيات وانقلابات ومؤامرات لا تعد ولا تحصى.
والموصل تلك المدينة الغافية على نهر دجلة الخصب، ثاني اكبر مدن العراق، عانت ماعانت ومنذ تأسيسها من الاطماع الخارجية والداخلية، ففي سنة 612 ق م استطاع الميديون والكلدانيون الاستيلاء عليها بعد معارك طاحنة مع الاشوريين ودمروا المدينة تدميرا كاملاً، ومنذ ذلك الوقت وهذه المدينة تتعرض الى شتى انواع التخريب والاحتلال، فمنذ ان دارت على اطرافها معارك شرسة بين الساسانيين والرومان سنة 579 ق م وانتهت بانتصار الروم واصبحت تحت حكمهم، والى الان نجد بأنها لم تشهد استقرارا ً أمنياً وظلت الجيوش تتصارع عليها والمحتلين يشنون الحملات الكبيرة لضمها اليهم، وكان اخرهم تنظيم داعش الارهابي المتطرف الذي اعاد المدينة الى عصور التخلف والجهل والاستعباد.
لعامين متتاليين والموصل قابعة في مستنقع الموت، لا يأبه لاهلها المحاصرون في الداخل أحد، حكومات ومجموعات مجتمعية وفعاليات انسانية تنادي لتحريرها من هذا الموت اليومي وعلى ارض الواقع لا نرى سوى الصمت والسبات ومحاولات خجولة جداً لذر الرماد في العين، اصوات تشجب وتستنكر وتنادي وتغضب وتزمجر وترعد، هي اصوات فقط، الحكومة الاتحادية صامتة وكان الأمر لايعنيها في شيء، كأن الموصل عصية على التحرير، وكأنها اسطورة لا يمكن ترجمتها الى واقع، وكأن من فيها من المحاصرين ليسوا ببشر ولا يمتون الينا بصلة، وفي الجهة الأخرى هناك مشردون ومهجرون ونازحون يترقبون العودة الى المدينة ويعدون الساعات لسماع خبر تحريرها من الاحتلال، معتقلات ومعتقلين يتعذبون في سجون التنظيم ويغتصبون ويحرقون ويباعون في اسواق الرقيق، قطعات عسكرية تتحرك هنا وهناك، وتعد العدة للتحرير الذي لا أعتقد بأنه سيكون قبل اعوام من الآن، قوات التحالف تشن ضربات في داخل ومحيط الموصل ببطيء شديد، وهي إن ارادت فعلاً انهاء هذا الاحتلال لأنهته في غضون يومين وهذا الأمر يعرفه الجميع، وكلنا نتذكر كيف استطاعت امريكا وحلفاؤها القضاء على النظام السابق وسحق آلته العسكرية خلال ايام، ونتذكر كيف كانت السماء تتوشح بالطائرات الحربية التي انهت النظام برفة جفن ودون خسائر تذكر، فكيف لا تستطيع انهاء احتلال داعش للموصل طوال هذه المدة؟، اعتقد بأن الولايات المحدة الامريكية وحلفاؤها لا يريدون انهاء الحالة الداعشية في المنطقة ولا يريدون للفوضى هذه أن تزول، والخاسر الوحيد دائما هو الانسان البسيط الذي لا يمكن له أن يحرك حجرا من مكانه، مهما كانت قابلياته وطموحاته وقدراته، والأسئلة التي تفرض نفسها بقوة هنا هي الى متى ستبقى الموصل اسيرة ولماذا كل هذا الصمت الدولي على الجرائم الانسانية التي تحدث داخل الموصل، ولماذا لم يحاكم المتسببون بسقوط الموصل واين هي نتائج لجنة السقوط، وماهو مصير مئات الالاف من النازحين والمهجرين، وهل سيكونون كاشقائهم الفلسطينيين الذين يسمونهم عرب 48 والذين يحلمون منذ عشرات السنين بالعودة الى مناطقهم؟ الى متى سيبقى العراق مسلوب الارادة ، ضعيفا، هشّاً، تحكمه السلطات الضعيفة، يعبث به الاخرون، والسؤال الاهم هل العراق بلد منتهي الصلاحية وموجود فقط على الخارطة ام العكس،  اذا كان العراق منتهياً كبلد لماذا لا يقسّم الى دويلات  وينتهي الصراع ، تلك الاسئلة مستمرة بالتداول والبلاد مستمرة بالتخلف وتسير الى الانحلال بثبات.


14
"كوردستان مستقلة " اعلنها ياسيادة الرئيس

عبدالكريم الكيلاني

100 عام مر على الاتفاقية المشؤومة المسماة باتفاقية سيكس بيكو، هذه الاتفاقية التي قطّعت أوصال الشرق إلى دول وكيانات سياسية، كانت هذه الاتفاقية عبارة عن اتفاق وتفاهم سري بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد انهيار الدولة العثمانية المسيطرة على هذه المنطقة في الحرب العالمية الأولى وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك، حصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.
في خضم هذا الاتفاق المشؤوم وقعت كوردستان بأجزائها الأربعة ( سوريا، العراق، ايران، تركيا )  بين فكّي كماشة، وتعرضت الى ابشع أنواع التهميش والتذويب العرقي والطائفي والعقائدي تحت ذرائع عدّة، وكانت هذه العملية هي من أقسى أنواع العمليات الاجرامية بحق الشعب الكوردي الكبير الذي يناضل منذ ذلك الوقت في سبيل التحرر والاستقلال وقدم من أجل هذه القضية مئات الالاف من الشهداء، ولم يخلُ جزء من تلك الأجزاء من محاولات مستميتة لاعادة تشكيل المنطقة بما يلائم وطموح الشعب الكوردي في الاستقلال والتحرر وتأسيس دولة ذات كيان أسوة بباقي دول العالم.
استطاع الجزء العراقي تحقيق مكاسب كبيرة في هذا الشأن ويعود إنشاء إقليم كردستان العراق إلى معاهدة الحكم الذاتي في مارس 1970 عند الاتفاق بين المعارضة الكوردية والحكومة العراقية بعد سنوات من القتال العنيف. ” ولقد دمرت الحرب بين إيران والعراق خلال الثمانينات  وحملة الإبادة الجماعية (الأنفال) من الجيش العراقي منطقة كوردستان العراق، وبعد انتفاضة الشعب العراقي عام 1991 ضد نظام الرئيس المخلوع صدام حسين، اضطر الكثير من الكورد الفرار والنزوح من البلاد ليصبحوا لاجئين في المناطق الحدودية مع إيران وتركيا. وفي عام 1991 أنشئت في الشمال منطقة حظر الطيران بعد حرب الخليج الثانية، مما شكل ملاذاً آمنًا سهل عودة اللاجئين الكورد، كما واصل الكورد فيما بعد محاربة القوات الحكومية، ولقد غادرت القوات العراقية منطقة كردستان في نهاية المطاف في تشرين الاول/ أكتوبر 1991، وغدت المنطقة مستقلة ذاتيًا بحكم الواقع، إلا أن أيا من الحزبين الكورديين الرئيسيين لم یعلنا الاستقلال في ذلك الوقت، وفي عام 2003 حدثت تغيرات سياسية لاحقة منها التصديق على دستور جديد للعراق في عام 2005. وحدد الدستور العراقي الجديد منطقة كوردستان العراق ككيان اتحادي ضمن العراق، وجعل اللغة العربية واللغة الكوردية لغتان رسميتان مشتركة في العراق،".
طوال الفترة الماضية كان اقليم كوردستان بمثابة صمام امان للعملية السياسية في العراق، وحاول جاهداً البقاء ضمن منظومة العراق على اساس اتحادي اختياري تشاركي، لكن الاطراف السياسية كانت ضعيفة جداً في تقديرها للواقع السياسي والمجتمعي وحاجة المواطن وهذه الرؤية الواهنة  وسوء التقدير سببا فوضى كبيرة أمنياً وسياسياً واقتصادياً جرّت العراق الى مواجهة تنظيمات ارهابية كالقاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية ( داعش ) وغيرها من مجاميع استطاعت احتلال اجزاء كبيرة من العراق وضربت اقتصاد العراق بعنف حتى انهكته واصبحت السلطة في بغداد عاجزة تماماً عن الأيفاء بواجباتها تجاه موظفيها بسبب الفساد المسشتري بجسد مؤسسات الدولة وانخفاض اسعار النفط ومواجهة داعش.
 استطاعت قوات البيشمركة تحرير اجزاء كبيرة من المناطق المحتلة و حررت مايقارب من 40 % من أراضي محافظة نينوى ومناطق اخرى قرب كركوك بمساندة من قوات التحالف الدولي والدول الغربية والولايات المتحدة الامريكية، لكن السلطة الاتحادية في بغداد كانت تقف دائما ضد تطلعات الاقليم وعرقلت تطوره وحاولت زرع الشقاق بين احزابه بطرق شتى وأبت أن تدفع مستحقات الاقليم من الموازنة العامة وقطعت رواتب موظفيها ولم تتعاون بتاتاً مع حكومة الاقليم وضربت الشراكة عرض الحائط بمواقفها السلبية، الآن وبعد كل ماحصل وبعد انتهاء  المائة عام من اتفاقية سايكس بيكو وانتهاء الصفحة الأولى من تاريخ حافل بالدماء والموت والفساد والغرور الفارغ الذي أنهك أجيال واجيال والشعارات الزائفة التي لا تمت الى الواقع بصلة، والمسير الى خلف الخلف.
الآن وبنظرة بسيطة الى حاجة الشعوب والمكونات ورغبتها في ردم التاريخ الفاشل القديم كله يجب أن نرضخ لرؤية عادلة تضع الأمور في نصابها وتدعم فكرة التعايش المشترك بين الشعوب على أساس التحرر من عبودية المنطق الخاطيء الذي كنا نسير عليه فيما مضى من عقود.
الشعوب الحية لا تموت ولا يمكن أن تصهر في بوتقة واحدة، الثقافات مختلفة، الحاجات مختلفة، اللغات مختلفة، وفكرة الوطن الواحد اصبحت لا تلبي الحاجة ولا تمنحنا سوى المزيد من التخلف والموت ونحن ننشد الحياة.
وفي رسالته الموجهة التي ارسلها البارزاني يوم الاثنين 16/5/2016 بمناسبة انتهاء المائة عام من اتفاقية سايكس بيكو قال "  "لقد أدت هذه الاتفاقية بعد الحرب العالمية الأولى، إلى تفتيت المنطقة، من دون أخذ رغبة السكان والطبيعة الديموغرافية للمنطقة بنظر الاعتبار، وظلم شعوب المنطقة، وخاصة شعب كوردستان كثيراً".
وأضاف: "كانت نتيجة هذا الاتفاق مأساوية لشعب كوردستان في إطار الدولة العراقية بالمقام الأول، ففي الدولة التي شكلت على أساس الشراكة بين القوميتين الرئيسيتين، وهي الكردية والعربية، تم تجاهل الشراكة، وتم إيقاع أكبر مأساة وظلم وإجحاف على شعب كوردستان، من قبل الحكومة والأنظمة العراقية المتلاحقة".

وحول هذه الشراكة أوضح "أن حصة شعب كوردستان من تلك الشراكة، كانت أنفلة اثني عشر ألفاً من الشباب الفيليين، وثمانية آلاف بارزاني، و182 ألف مواطن كوردي في كرميان والمناطق الأخرى، وقصف حلبجة بالكيمياوي، وتدمير 4 آلاف و500 قرية، والتعريب والحرب والتدمير والإبادة الجماعية".
وتابع رئيس إقليم كوردستان "بعد انتفاضة عام 1991، حاول شعب كوردستان فتح صفحة جديدة مع الحكومة العراقية، ولم يبادر بالانتقام، لكن الحكومة العراقية واصلت انتهاكاتها، وبعد عام 2003 وسقوط نظام البعث، بذل شعب كوردستان كل ما لديه من أجل بناء العراق على أساس الشراكة والديمقراطية والفيدرالية، وللعمل على تحسين الوضع في العراق وكتابة الدستور، لإرساء الشراكة والتوافق، لكن في الواقع لم يتم العمل بالدستور، وتهربت الحكومة العراقية من الالتزامات، وانتهكت الشراكة، وقطعت قوت شعب كوردستان".
ومضى بالقول: "يجب أن نعترف بالواقع الحالي، أن مفهوم المواطنة لم يتحقق ولم يعد للحدود والسيادة معنى، وأن اتفاقية سايكس بيكو انتهت، لذا يجب على الدول والمجتمع الدولي، بدلاً من الدفاع عن استمرار معاناة شعب العراق كمسؤولية تأريخية، أن تفكر في حل واقعي وحقيقي للعراق والمنطقة، وإلا فستستمر الحروب والتطرف والمآسي، والمخاطر على السلم والأمن الدوليين".
من الآن فصاعداً علينا أن نحث الخطا حتى تحقيق العدالة والتوازن عندها يعود الأستقرار وتعود عجلات الاعمار الى العمل، والجميع سيفوز في النهاية، ويا سيادة رئيس الاقليم اعلنها استقلالاً بصوت مدوً عال والشعوب الحرة كلها ستبارك هذا الاعلان ولترقد ارواح شهداء الحركة التحررية بسلام فالوقت مناسب جداً للاستقلال.



15

حصان طروادة في العراق

عبدالكريم الكيلاني

تتحدث الأسطورة عن حصار الإغريق لطروادة دام سنوات طويلة بدون نتيجة ، لكن الأغريق فكّروا  بخدعة جديدة  ليتمكنوا من اقتحام المدينة بلا خسائر وبسهولة ،  صنعوا حصاناً خشبياً ضخماً يحتوي على مخبأ سري أخفوا فيه عددا كبيرا من محاربيهم، وكان اوديسيوس هو القائد في الحصان الخشبي الذي بناه أبيوس ، والبقية الباقية من الجيش اختبئوا في مكان ما وعلى مقربة من طروادة وقبل الطرواديون الحصان على أنه عرض سلام، حيث اقنع جاسوس اغريقي اسمه سينون الطرواديين بأن الاغريق يرسلون الحصان كهبة وكبادرة للسلام ، فأمر الملك بإدخاله إلى المدينة في احتفال كبير.
احتفل الطرواديون برفع الحصار وانتهاء الحرب وابتهجوا وأقاموا الاحتفالات بهذه المناسبة، عندها خرج محاربوا الإغريق من الحصان الى داخل المدينة في الليل، وكان السكان في حالة ثمل، ثم فتح  المحاربون الإغريق بوابات المدينة للسماح لبقية الجيش بدخولها، فنهبت المدينة بلا رحمة، وتم قتل الرجال والشباب والشيوخ، وأخذوا معهم النساء والأطفال كعبيد.
أصبح العراق مسرحاً مهماً للاحداث التي سوف تغير خارطة الشرق الاوسط، وباعتقادي ان الفوضى السياسية التي تنخر جسد العملية السياسية برمتها، ليست الا خطة محكمة باتقان، خططت لها الايدي الخفية التي تتحكم بتسيير عمل الحكومات وتطويعها الى الارادة العالمية التي ترسم شكل مستقبل المنطقة، وتحاول خلق حالة من القلق الذي لا يجب الخروج من عباءته لترزح المنطقة تحت سيطرة القوى الكبرى بغض النظر عن الكيفية والتفاصيل الصغيرة التي يعاني منها المواطن العادي في العراق والشرق الاوسط والعالم العربي عموماً، فالعملية أكبر بكثير مما قد يتخيله المرء، فمشروع الشرق الاوسط الجديد والذي أسست بنيانه الولايات المتحدة بمؤازرة من حلفائها في الغرب لاعادة تشكيل منطقة الشرق الاوسط هو مشروع كبير جداً وما أوهام الربيع العربي الا جزء أساسي من هذا المشروع، والقوميون الذين ينادون الى وطن عربي كبير أو موحد واهمون جداً وخاسرون في النهاية، أو هم جزء من هذا المشروع بشكل أو بآخر، والعراق من أهم ادوات تشكيل الشرق الاوسط الجديد لانها ارض خصبة للصراعات القومية والطائفية والعقائدية والتي لا يمكن لها أن تتفق على شيء والاحداث التي سبقت دليل حي على هذا الكلام، فبالرغم من الشعارات الجميلة الرنانة التي يطلقها القوميون العرب بكل اطيافهم واشكالهم، الا أن الانقسامات جارية على قدم وساق، والصراعات المذهبية والطائفية تعرقل استقرار البلاد ولحاقه بركب التطور الحضاري والثقافي والعمراني، ناهيك عن فسح المجال للتنظيمات الارهابية التي استحوذت على مساحات ومدن شاسعة من العراق وتمكنت من نشر الفوضى والقتل والتدمير والذبح واختراع انواع جديدة من التعذيب والقتل تضاهي ما رايناه في افلام هوليود .
وسواء شئنا أم أبينا فان العراق مقبل على انشطار مفصلي في بنيته وشكله، والدول الكبرى لها يد خفية في كل مايحدث هنا، وكلنا يعلم بأن العراق يضم شعبين عربي وكوردي وطائفتين هم الشيعة والسنة، وان بقاء هذه الطوائف والقوميات تحت مظلة واحدة صعب جداً وسيتجزأ العراق الى دولتين أو أكثر عاجلاً أم آجلاً بحسب التوقيتات الزمنية التي وضعتها الولايات المتحدة والدول الكبرى لهذا المشروع، سيما وأن مشروع سايكس بيكو شارف على نهايته كما هو معروف للجميع، اذاً ان خدعة حصان طروادة تتجدد تارة أخرى لكن بشكل مغاير في العراق والشرق الاوسط عموماً، وتنظيم داعش الارهابي والربيع العربي هما أهم اشكاله وماعلينا سوى ترقب التغييرات الجديدة في هذه المنطقة .


16
أنا ومحمد البان وحكايا أخرى

عبدالكريم الكيلاني
Gaylany_k@yahoo.com
أيتها المغتربة, هل أحسدك على غربتك ؟؟!! أم أرثي لحالك وأدعو الله أن يعيدك إلى أحضان البلد الأم و مراتع الصبا ,, أو تعلمين ؟؟ أننا هنا نعيش غربتك بل نحن في اغتراب أقسى مما تعيشينه هناك ,, عشرات المرات أقف أمام مرآتي لأحدثها و تحدثني عن أوجاعنا وأوجاع من حولنا ممن رسموا لوحات البقاء في زمن الموت ,, قد لا تصدقين أن أخبرتك أنني ومنذ صباي لم اشعر بغربة كهذه التي أعيشها الآن طوال حياتي ,, كأنني أعيش في بلاد أخرى لا أعرف كيف أتودد له ,, كيف أشاكس تربته وأعانق صباحاته , كيف ألثم ثغر مساءاته !! أحاديث الموت والحياة أهاجت في داخلي مشاعر جمة , كادت تصرعني في أوقات كثيرة ,, أصبح الموت هنا مشاعا ,, سلطانا نخضع له ونحتكم لأمره حتى وقبل أن تسقينا الساعة من ندى رقاّصها ,, صحيح أننا لا نخشاه لأنه حق علينا ولكن حداثة شكله هي التي تؤرقنا وتدعنا أسرى للحيرة والقلق والأرق والحزن الذي يلازمنا كل لحظة ,, سأحكي لك هذه القصة ,, في عام 2005 دعينا إلى المهرجان الثقافي الدولي الذي أقيم في دهوك ,, حضر المهرجان العشرات من الأدباء والمثقفين الكورد والعرب في العراق ودول العالم المختلفة ,, وكانت فرصة طيبة للقاء زملاء الحرف وأصدقاء الكلمة  .. دعي من الموصل من دعي , وكنت أنا وصديقي الشاعر المبدع والمصور التلفزيوني محمد البان الذي كان يعمل مصورا في فضائية الشرقية من بين المدعوين ,,  كان البان يحلّق فرحا وهو يسوق سيارته في دهوك ليلا , قال لي : أنا لا أصدق !! ها أنا ذا أسوق سيارتي ( التي اشتريتها منذ سنة ) في الليل ودون خوف,, ولأول مرة أشعل مصابيحها ,, فالخروج ليلا في الموصل ضرب من ضروب الخيال , هل أنا في حلم ؟؟!! أخذته وصديقي إلى البيت,,وكانا فرحين جدا بنافذة الحرية المحدودة التي فتحت لهما هناك ,, كان البان معجبا بشاعرة جميلة حضرت للمهرجان وكنا أنا وصديقي ندفعه ونشجعه ليتعرف بها وبعد مقالب كثيرة ,, فعلها وتعارفا ,,  بعد انتهاء المهرجان رجعوا هم إلى بيوتهم وأنا رجعت إلى عملي في الموصل وليتني متّ لحظتها وما رجعت ,, ففي اليوم الثاني من رجوعنا صعقت باستشهاد محمد البان وقرأت خبر استشهاده وقلبي ينزف دما وعيوني تذرف نارا على فراقه حين قرأت على إحدى وكالات الأنباء (وأضافت القناة في بيان لها ان زمرة آثمة اغتالت مصورها في مدينة الموصل (375 كم شمال بغداد) حين هاجمه أفرادها عند الساعة الثامنة وخمس دقائق صباحا أمام منزله في حي الإعلام في الجانب الأيسر من مدينة الموصل وأطلقوا النار عليه مما أدى إلى استشهاده في الحال وأوضحت أن البان "مصور تلفزيوني بارز عمل في حقل الصحافة والإعلام منذ ثلاثة عقود واسهم في الكتابة للصحافة العراقية وكان خطاطا ماهرا وعمل في الأعوام الثلاثة الماضية مصورا لقناة ... وهو من مواليد 1950 ولديه ابن وثلاثة بنات . وأكدت ان استشهاد البان سيزيدها عزما وإصرارا على المضي في منهج الاعتدال والوسطية ومد يد الخير لكل العراقيين . وقالت ان البان التحق بقافلة الشهداء إذ سبقه في هذا الموكب المذيعة لقاء عبد الرزاق التي استشهدت عام 2005 والمخرج احمد وائل البكري الذي استشهد برصاص القوات الأميركية عام 2005 والمراسل احمد رشيد الذي استهد قبل 10 أيام برصاص غادر أطلق عليه بحي الاعظمية في بغداد) ,, بكيت طويلا لموته ,, طويلا بكيت ,, ماذا فعل البان ولماذا قتلوه ؟؟ هل لأنه غطى مهرجانا ثقافيا في كوردستان ؟؟ أم لأنه كان أنسانا بحق, رحل تاركا خلفه عائلة بأكملها تنتحب وتعيش بلا معيل..
خيط صغير يفصلنا عن الموت ,, خيط لا يكاد يرى بالعين المجردة ,, والأنكى من هذا كله أن الأحياء في بلدي هم أموات ,, يرضخون له بسرعة ,, في أحيان كثيرة ترين رجلا مسلحا واحدا يفرق حشدا كبيرا من الناس ويقتّل فيهم وهم خائفون لا يتحركون للدفاع عن أنفسهم,, بل يتركون أقدامهم للريح وكأن المسألة لا تخصهم إطلاقا ولسان حالهم يقول ( أنا شعليي ) وتعني ( لا دخل لي فيما يحدث ) ,, لا أخفيك القول أنني مع الحطيئة حين قال ( لكل جديد لذة غير أنني .. رأيت جديد الموت غير لذيذ) .
حكايا كثيرة عن الموت القسري تحرك في سكوني أمواجها المتلاطمة وتقض مضجعي حين أتذكرها ,, الصحفية سروة الدرويش قتلت في إحدى صباحات الموصل المعتمة حين كانت تهم بالذهاب إلى مؤسستها الإعلامية ومقر عملها ,, أغار عليها رهط من غربان الموت وأرادوا خطفها لكنها أبت وقاومت بشراسة ,, فلم يكن بيدهم سوى رشقها بوابل من رصاص الحقد للقضاء على زهرة من زهور الحياة , سقطت صريعة بباب دارها وأمام مرأى والدتها التي فقدت الوعي من هول الموقف ,, سروة رحمها الله كانت مختلفة عن قريناتها ,, محبة للحياة والحرية ,, عاشقة لعملها الصحفي ,, كانت تزورني باستمرار في مقر عملي لتسلمني تحقيقاتها الصحفية ومقالاتها وخواطرها الجميلة ,, لم تكن تأبه للموت ,, فعشق الحياة كان متمثلا في نشاطاتها الصحفية وإصرارها على العمل في مختلف الظروف حالها حال الكثيرات من زميلاتها ,, وكذلك الصحفية الفذة الصديقة سحر الحيدري (رحمها الله) التي استشهدت أيضا بعد ذبحها ببشاعة على احدى الأرصفة في الموصل .
 ذكراه وذكراهن  قلب مواجعي كثيرا وأحضر كشريط سينمائي كل من عرفتهم وماتوا في موجة القتل اليومي الذي حصد أرواح الكثيرين من أبناء مدينتي,, قلتها يوما لغازي فيصل حين كنا نتحدث عن الشهيد احمد كريم مدير فضائية كوردستان مكتب الموصل :( أو يعقل أن يهيمن الشر على أحلامنا إلى ما لا نهاية..!! ؟؟ أو تعتقد بأن روح ( أحمد كريم) التي عانقت أرواحنا يوما وصاغت بعفويتها مدار السمو فينا, ستنزوي في قعر ذاكرتنا المنسية إلى يوم يبعثون..!!؟؟ أو يحق للعيون الغائرة المغمورة في غيابت التيه أن تحكم سيطرتها على أيامنا ببساطة , دون ان يرف لها جفن ..!!؟؟هل سنبقى كشمعة عيد الميلاد نحرق أنفسنا دون أن نصل إلى شرارة الخلاص من زمننا الملطخ بفوضى الحواس..!!؟؟ ) الوجوه الغريبة التي نراها تلقي الروع فينا .. والأصوات الملوثة التي تستبيح سكون مساءاتنا تبعدنا عن مسارات الحقيقة التي ألفناها من قبل , ربيع عراقنا يدنّسه الجفاف وسماؤه يظللها الغمام ,, شوارعه حائرة لا تدري كيف تخرج من شرك الضياع ولا تستطيع ان تخلص روّادها من كنف الطاغوت ..كأنها ابتليت بلعنة الفراعنة ,, الداخل فيها ميت والخارج منها مجنون ,, والعالق بينهما ثمل دون خمر ,,




17
أمنيات المواطن والوعود المؤجلة

عبدالكريم الكيلاني
gaylanyk@yahoo.com

الإخفاقات السياسية التي حالت دون تنفيذ العديد من المشاريع السياسية والإصلاحات الاقتصادية أثرت وبشكل سلبي على تناغم الفرد مع الواقع الجديد والاندماج فيه وزرعت فيه نوعا من اليأس والقنوط والقلق حول مستقبل العراق المنظور , تلك الإخفاقات كان من الممكن لها أن لا تكون , لو حاول قسم من سياسيينا التغلب على المصالح الشخصية والحزبية والطائفية التي يضعونها نصب أعينهم بدلا من المصالح الوطنية العليا للشعوب العراقية , فمحاولة مجلس النواب الأخيرة في الالتفاف على النظام الداخلي له لتمرير قانون مجالس المحافظات على حساب المادة 140 من الدستور الخاصة بكركوك والمناطق المتنازع عليها ومشكلة خانقين التي أجهضت قبل أن تستفحل وتصبح معضلة توأد العملية السياسية برمتها وإشكالية زيادة رواتب الموظفين والتردد في منحها بحجة ممانعة صندوق النقد الدولي لإقرارها بسبب الديون المترتبة على العراق , والتعامل السلبي مع القضايا الكوردية كمسألة الموازنة ونسبة إقليم كوردستان منها  وقضايا أخرى , كل هذه الإشكالات وضعت المواطن في بوتقة الحيرة والترقب , ناهيك عن حرمانه من  ابسط مستلزمات حياته اليومية كالكهرباء وشحة الوقود وتفشي البطالة وووو الخ !
إن المواطن بحاجة إلى المزيد من الاهتمام والعناية من قبل الحكومة فمثلا الانشطار السكاني الهائل والمستمر سببت غلاء في الأسعار ودعت الحاجة إلى بناء وحدات سكنية توزع على موظفي الدولة بأسعار زهيدة لاستيعاب هذا الكم من البشر والأسر الجديدة التي لاتستطيع شراء البيوت أو استئجارها , وهذا الأمر سيساهم مساهمة جدية في تحسين دخل الأسرة وتبعد الكثيرين عن الأمور التي تساهم في زعزعة الأمن , وتؤدي إلى تقوية أواصر الثقة بين المواطن والحكومة , إضافة إلى أن بناء المجمعات السكنية ستقضي على جزء كبير من البطالة  في المجتمع العراقي ,  كما أن محاربة الفساد الإداري أمر مهم ينبغي متابعتها بجدية دون تمييز  بين شخص أو آخر ومحاسبة الفاسدين بقوة القانون الذي ينظم الحياة الاجتماعية للبلدان المتقدمة دون ظلم , أن المواطن بعقليته الجديدة ينتظر من مرشحيه الكثير , أهمها إرساء ثقافة الثقة وتطبيق الوعود الكثيرة التي ينتظر المواطن ترجمتها على ارض الواقع ومن أهمها القضاء على الإرهاب وطي هذه الصفحة إلى الأبد ,  سيما وان العراق بلد غني يمتلك اقتصادا قويا , فلا بديل عن الالتزام بالوعود وجعل المستحيل ممكنا وتحقيق أمنيات المواطن البسيط الذي يتطلع إلى مستقبل أفضل .


18
الموصل متاهة الموت
 
الى غازي فيصل .. سنعبر الزمن الصعب

بقلم : عبدالكريم الكيلاني
karim_gaylany@yahoo.com
 
يتماوج الحلم الساكن في مخيلتي حين يرتطم بمدارات الهم اليومي , ارتشف حسرتي بهدوء حين يلفحني هجير الماضي بسحره الصاخب , أزداد أسى ولوعة حين يباغتني ذاك العالق في قاع روحي وهو يتنهّد مثلي ويمسح بأنامله دموعي الغافية على رحيق الربيع , يرتد صدى صوتك ياصديقي في مسامعي وأنت تتساءل عن جدوى الكلمات الحالمة في زمن صعب المراس , مقنّع الوجه , يسوقه الروع , ويستفزه الموت وهو يتلاعب بالأنسان كل حين , فما عادالشعر والفن يجديان نفعا ولا يرويان ظمأ ارواحنا المحلّقة كأسراب اليمام في سماء النقاء ..
هي لعنة ملعونة سحقت ليالينا الدافئة ونهاراتنا العبقة الساطعة بالبهاء , هي ( لمّة الشر ) وسطوة الآتين من الجحيم , تجرجر خلفها نواعير ابليس لتبلغ نواصي الجحود لكل مايمت للبياض بصلة , يطلع علينا ( والي البغاء ) بقواميس جديدة ودساتير عجيبة لانفقه منها شيئا ولاتلوح منها رائحة الوجود , أوارها يزكم الأنوف ورحاها تحيل صباحاتنا الى كسوف.
سمعتك ترشقني بوابل اسئلتك الحرّى حين ارتوينا يوما من الهم :
_ أويعقل أن يهيمن الشر على أحلامنا الى مالانهاية ..!! ؟؟
_ أوتعتقد بأن روح ( أحمد كريم ) التي عانقت ارواحنا يوما وصاغت بعفويتها مدار السمو فينا , ستنزوي في قعر ذاكرتنا المنسية الى يوم يبعثون ..!!؟؟
_ أو يحق للعيون الغائرة المغمورة في غيابت التيه أن تحكم سيطرتها على ايامنا ببساطة , دون ان يرف لها جفن ..!!؟؟
_ هل سنبقى كشمعة عيد الميلاد نحرق أنفسنا دون أن نصل الى شرارة الخلاص من زمننا الملطخ بفوضى الحواس ..!!؟؟
كانت أذناي تنصتان الى احتراقاتك وذوبانك في مدار الأسئلة الظمأى , لكن قلبي كان ينزف دمعا وعيناي حبلى بالدموع ,, لم أشأ البوح ,, بقيت متسمّرا على كرسييّ المتجذر في ارض انهكها الموت وأذلّتها الموبقات وهي تئن أنين الطفل حين يفقد أمه .. نعم ياصديقي , اوراقنا رحلت مع الريح , وفاضت بالكلمات الجوفاء , والسنتنا آثرت الصمت , فماعاد يجدي الصراخ والنحيب وقد امتهننا الرقص على أكتاف الموت في زمن العهر , وكأننا نعيش في زمن غير زمننا ..
الوجوه الغريبة التي نراها تلقي الروع فينا .. والاصوات الملوثة التي تستبيح سكون مساءاتنا تبعدنا عن مسارات الحقيقة التي الفناها من قبل , ربيع موصلنا يدنّسها الجفاف وسماؤها يظللها الغمام ,, شوارعها حائرة لاتدري كيف تخرج من شرك الضياع ولاتستطيع ان تخلص روّادها من كنف الطاغوت ..كأنها ابتليت بلعنة الفراعنة ,, الداخل فيها ميت والخارج منها مجنون ,, والعالق بينهما ثمل دون خمر ,,
سنعبر الزمن الصعب ياصديقي فمازالت دجلة تسمعنا خريرها كل يوم ومازالت مآذن النبي يونس والنوري والخضر تكبّر فينا ( الله اكبر ) ..
سنعبره يوما ما لأننا باقون على العهد والحقيقة هي وثيقتنا التي بصمنا بألسنتنا عليها ,, وسنقهر الموت يوما ونقهر الطواغيت فينا ,, وهذا هو قدرنا ..

صفحات: [1]