عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - رزكار عقراوي

صفحات: [1]
1
نحو – إعدام! - عقوبة الإعدام

رزكار عقراوي
سياسي واعلامي يساري
rezgar1@yahoo.com



لماذا إلغاء عقوبة الإعدام؟

1. الحق في الحياة حق أصيل وأساسي وهو حق تحميه القوانين والمواثيق الدولية، عقوبة الإعدام عقوبة ثأرية عنيفة لاإنسانية تستند إلى عقلية الانتقام وليس البناء والإصلاح، وتتسبب في المزيد من الموت والقتل وهذا لا يعني إفلات المجرمين من العقاب و يجب ان يحاكموا بشكل عادل على جرائمهم، ليس هناك أي دليل او إحصائيات علمية على أن عقوبة الإعدام أشد ردعا وفعالية في الحد من الجريمة والعنف مقارنة بالسجن المؤبد مدى الحياة، حيث مازالت مستويات العنف مرتفعة جدا في الدول التي مازالت تطبق الإعدام مقارنة بالدول التي ألغت أو أوقفت تنفيذها. وحسب الإحصائيات الدول التي تمارس الإعدام فيها نسبة الجريمة والعنف أعلى بكثير من الدول التي ألغت العقوبة، فمثلا في كندا حسب منظمة العفو الدولية كان معدل جرائم القتل في عام 2008 أقل من نصف معدل عام 1976 الذي ألغت فيه عقوبة الإعدام بسبب تغيير آلية تطبيق القانون والعدالة والعقاب من مفهوم انتقامي إلى إصلاحي وإعادة تأهيل.

2. لا أحد يولد مجرما او إرهابيا والكل عند الولادة أطفال في قمة البراءة! وهناك ظروف وأسباب معينة تحول الإنسان الى مجرم-ة ، لذلك عقوبة الإعدام تعطي الذريعة للدول والحكومات للتهرب من مسؤوليتها الفعلية والحقيقة في علاج المسببات الأصلية المؤدية للجرائم والعنف والإرهاب، مثل الجهل، الفقر، البطالة وغياب الضمان الاجتماعي، الاستبداد بكافة أشكاله، غياب العدالة والفساد، شيوع ثقافة العنف والأفكار الاستبدادية والدينية المتطرفة، التميز القومي والديني و الجنسي والطبقي، الخلل في النظام التربوي، الضعف الكبير في الخدمات الطبية والعلاج النفسي حيث هناك ألوف من المرضى النفسين بأمس الحاجة إلى العلاج والبعض منهم حالات صعبة يشكلون خطرا كبيرا على المجتمع وعلى أنفسهم أيضا... الخ.

3. عقوبة الإعدام تطبق في دول معظمها استبدادية وفاسدة وتفتقد إلى الحكم الديمقراطي الرشيد وذو أنظمة قضائية ضعيفة وغير مستقلة وتفتقد للنزاهة والمهنية والشفافية، ومعظم الاعترافات تؤخذ تحت الاستخدام المفرط للقوة والتعذيب وأشكال أخرى مختلفة من الضغط النفسي والجسدي.


4. عقوبة طبقية وتمييزية والإحصائيات تشير ان معظم المعدومين هم من الطبقات الكادحة أو الفئات المهمشة أو من الأقليات الدينية والقومية، ولا يمكن لمعظمهم توكيل محامين أو – الوساطة – واستخدام المحسوبية لدى جهات النفوذ والسلطات القضائية من اجل تخفيف الحكم أو إطلاق سراحهم، ونادرا ما نسمع عن إعدام شخص غني أو من مراكز السلطة والنفوذ لسبب جنائي ماعدا في حالة الصراعات السياسية على السلطة.

5. عقوبة لا رجعة فيها وقد تقع أخطاء في الأحكام ومهما كان القاضي نزيها ودقيقا فهو كبشر معرض للخطأ، الذي هنا سيعني حياة إنسان حيث الإعدام عقوبة نهائية ولا يمكن التراجع عنها بعد التنفيذ، ولذلك لا يمكن استبعاد خطر إعدام أشخاص أبرياء، وحسب منظمة العفو الدولية وعلى سبيل المثال منذ عام 1973 كان هناك أكثر من 160 سجينا في انتظار تنفيذ حكم الإعدام في الولايات المتحدة، وفي وقت لاحق تمت تبرئتهم وأفرج عنهم بعد ظهور ادلة جديدة تثبت براءتهم، وأعدم آخرون على الرغم من وجود شكوك حول إدانتهم وأثبتت براءة البعض منهم بعد سنوات من إعدامهم.


6. بشكل عام يتم استخدام الإعدام كأداة لفرض أجندات سياسية ودينية وفكرية مستبدة حيث في بعض البلدان يعتبر نقد نظام الحكم او نقد أفكار سياسية او دين معين من الجرائم الكبرى ويحاكم بها بالإعدام، ويستخدم لفرض هيبة الدولة من خلال تنفيذها عمليات الإعدام والقتل، ولإرعاب الجماهير وتخويف المعارضين السياسيين، وكذلك يستخدم كوسيلة ضعيفة من قبل أشخاص وأحزاب ذوو دوافع سياسية للتظاهر أمام جماهيرهم الخائفين بسبب غياب الأمان وكثرة الجرائم في أنهم يقومون بذلك لمكافحة الجريمة! وتوفير الأمان لهم.



الإعدام التعسفي خارج نطاق القانون والاختفاء القسري والإعدامات الجماعية

بشكل عام يتم التركيز على الإعدامات التي تصدر وتنفذ بحكم قضائي، ولكن هناك عدد كبير جدا من جرائم الإعدام المختلفة تنفذها الدول والجهات المسلحة خارج نطاق القضاء والقانون ودون محاكمات عادلة وبإجراءات سريعة تنفذ من قبل الأجهزة الأمنية والعسكرية في انتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية، مثل تصفية بعض الدول لمعارضيها السياسيين في الخارج ومنها دول كثيرة ألغت او أوقفت عقوبة الإعدام محليا! مثلا أمريكا وإسرائيل والدول المتحالفة معها، أو التصفية الجسدية أو الاختفاء ألقسري للمعارضين السياسيين كما يجري في العراق والكثير من بلدان العالم العربي، وكذلك الإعدامات الجماعية خارج نطاق القانون والإعدام الجماعي البطيء من خلال فرض عقوبات وحصار اقتصادي يشمل الغذاء والدواء على شعوب بأكملها بحيث تصل إلى حد جرائم الإبادة الجماعية، وكذلك تجويعها من خلال سياسات النهب والاستغلال.
وفق مواثيق حقوق الإنسان الدولية والقانون الدولي لا يحق لأي دولة الاستعمال غير الشرعي للقوة والعنف والاغتيالات و الإعدام التعسفي خارج نطاق القانون لتحقيق أهداف سياسية معينة وتصفية الخصوم السياسيين وترهيب معارضيها خارج وداخل البلد، وخلق مناخ عام من أجواء الحرب والعنف والعنف المتبادل و الخوف والقلق وتعريض سلامة السكان للخطر، ولابد من إدانة كافة الإعدامات خارج القضاء و إرهاب الدولة أيضا مهما كانت ذرائعه التي يستند إليها ومن أي دولة كانت.


تاريخ إلغاء عقوبة الإعدام

1. تم منع عقوبة الإعدام في الصين بين عامي 747 و759
2. بدا الكثير من المفكرين طرح إلغاء عقوبة الإعدام منذ بداية القرن الرابع عشر ومن بينهم جون ويكلف، توماس مور|، سيزار بيكاري، فكتور هوجو...الخ وآخرين
3. دوقية توسكانا الكبرى - كانت مملكة في وسط إيطاليا - كانت أول سلطة رسمية في العالم تلغي عقوبة الإعدام في 30 أيلول/سبتمبر 1876.
4. ...............



إحصائيات عقوبة الإعدام حسب تقارير منظمة العفو الدولية 2018

106 دول ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم
8 دول ألغت عقوبة الإعدام للجرائم العادية فقط
28 دولة ألغت في الممارسة تنفيذ عقوبة الإعدام
56 دولة لا تزال تحتفظ بعقوبة الإعدام والنصف فقط ينفذ العقوبة.
الدول العربية التي أوقفت العمل بتلك العقوبة هي: المغرب، موريتانيا، تونس، وأريتيريا، والجزائر.
فيما ألغت جيبوتي عقوبة الإعدام تماما، والسلطة الفلسطينية وقعت على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام وبدأت بخطوات عملية لإلغائها بشكل كامل.
170 دولة أبطلت عقوبة الإعدام أو أوقفت تنفيذها ولم تنفذ حكم الإعدام في السنوات الأخيرة والعدد في تزايد متواصل، ونظرا لوجود 193 دولة في الأمم المتحدة الآن، فإن ذلك يعني أن 23 دولة فقط تنفذ أحكام الإعدام إلى الآن، ويظهر ذلك ان التوجه الإنساني العالمي نحو إلغاء عقوبة الإعدام كبير جدا وهو في تطور متواصل بغض النظر عن أنظمة الحكم وتوجهها السياسي.
في عام 2019، الدول الخمس الأكثر تنفيذا للإعدامات كانت الصين وإيران والمملكة العربية السعودية والعراق ومصر.



أبرز المواثيق الدولية المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام

1. البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام - 11 يوليو/تموز 1991.
2. البروتوكول رقم 6 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان 1983، والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.
3. البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف 2003.
4. بروتوكول الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لإلغاء عقوبة الإعدام 1990



لماذا التأييد الجماهيري لعقوبة الإعدام؟ كما يحصل حاليا في بعض بلدان المغرب العربي أنموذجا

على أثر بعض الجرائم الوحشية البشعة التي ترتكب او الأعمال الإرهابية القذرة تتصاعد الأصوات من وقت لآخر بضرورة تفعيل أو تطبيق عقوبة الإعدام بشكل أكبر، وفي معظم الحالات تحركها جهات حكومية وحزبية بأجندات سياسية مستغلة حالة الألم والانفعال والقلق والصدمة في المجتمع، وألم واسى عوائل الضحايا التي أتفهمها كثيرا واحترمها بعد تلك الجرائم القذرة، وتقوم تلك الجهات بالترويج بان الإعدام سيقلل من الجريمة والعنف والإرهاب ويضع حدا لها وهو الحل السحري الامثل!.
برأيي ان الأغلبية الساحقة في بلداننا تريد مجتمع آمن بدون عنف وقتل وإعدامات، و تود وضع حد للجرائم و معاقبة المجرمين بشكل صارم وضمان عدم تكرار تلك الجرائم واتفق معها وهو حق طبيعي وأساسي ومشروع، وبدلا من مطالبة حكوماتها بتحمل مسؤولياتها في معالجة أسباب الجرائم والعنف والفلتان الأمني، للأسف مازال عدد كبير جدا يطالب بعقوبة الإعدام إلى الآن واعتقد ان ذلك يعود إلى:
a. حالة الخوف والقلق من تزايد الجرائم والإرهاب وتردي الأمان وضعف دور الدولة في توفيره.
b. مفاهيم الاستبداد والثأر والانتقام الخاطئة المستندة الى الموروث الديني والعشائري، وان الإعدام يقدم تعويضا عادلا للضحايا وذويهم.
c. بسبب الاستخدام التاريخي المفرط والعنيف للإعدام في بلداننا أصبحت – أمرا طبيعيا! وترسخ في الوعي المجتمعي – وصار من الصعب للكثير تصور دولة بدون عقوبة الإعدام.
d. ضعف فهم دقيق لمسببات الجريمة والعنف والسبل والوسائل الضرورية لمكافحتها.
e. نقص المعلومات حول عقوبة الإعدام ودورها السلبي في تعزيز العنف والجرائم بدلا من تقليلها او الحد منها.
f. ضعف ثقافة حقوق الإنسان نتيجة غيابها أو ضعفها الكبير في التثقيف والتربية والإعلام الرسمي، وبشكل عام يتم التعتيم على التأثيرات الايجابية وانخفاض مستويات العنف في الدول التي ألغت او عطلت عقوبة الإعدام.
g. وكذلك الدور الكبير للسلطات والمؤسسات ذو التوجهات الدينية والاستبدادية في الترويج لهذا العقوبة كما حصل في تونس حيث دعا الرئيس التونسي إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام وفق نصوص دينية وليس قوانين مدنية في القانون التونسي! للتهرب من مسؤولية الدولة في الحد من الجرائم وعلاج مسبباتها وحماية المواطنين، حيث الحكم وتنفيذ الإعدام لا يكلف الكثير للحكومات، ولكن علاج مسببات الجرائم والعنف هو المكلف ويحتاج الى عمل جدي كبير جدا لذلك تتهرب بعض الدول من ذلك نحو الحل الأسهل عقوبة الإعدام!
محاكمة البشر بسبب الجرائم يجب ان لا يخضع إلى ضغوطات – الجمهور المنفعل – بعد الصدمات وإنما إلى مؤسسات قضائية نزيهة وشفافية ومستقلة وفق القانون الإنساني الدولي.
أكثر المدافعين عن عقوبة الإعدام في بلداننا هم ذو توجهات دينية متعصبة أو ضعيفة ديمقراطيا ومعظمهم يستندون إلى نصوص دينية ومنها - عقوبة القصاص- التي تتناقض بشكل صارخ مع التطور المعرفي والحقوقي للبشرية، وبل ان الكثير من المصلحين الدينين يطالبون بعدم تطبيق عقوبة الإعدام باعتبار ان الأديان تدعوا للرحمة والتسامح، وان الروح من الله ولا أحد له الحق في إزهاقها بما فيها الدولة، وان الله سيعاقبه في الآخرة.
هناك الكثير من الأحكام العقابية الموجودة في الكتب والشرائع الاسلامية أوقف تطبقيها الآن، مثلا قطع الأيدي والأرجل كعقوبة للسرقة - حد السرقة - وإذا أعيد العمل بها لتطلب الأمر فتح وتشييد العشرات من المعامل لصنع الأطراف الصناعية! في كل دولة، او الجريمة البشعة – الرجم –... الخ من العقوبات البدنية الشنيعة، التي لم تعد أي دولة عربية وإسلامية تطبقها الآن مهما كان درجة استبدادها و تعصبها الديني لهمجيتها ووحشيتها.



نحو - إعدام! - عقوبة الإعدام

هناك وعي عالمي متزايد لمعارضة عقوبة الإعدام بغض النظر عن الجريمة وهوية المجرم، أو طرق الإعدام، حيث ان عقوبة الإعدام هي عقوبة قاسية جدا تنفذها الدولة وهي إنكار لحق الإنسان في الحياة، هذه العقوبة المقيتة وما تزال تطبق باسم الله أو باسم الحكام أو باسم الشعب! ووفق الشرعية الدينية وحتى الثورية! الانتقام والثأر والمزيد من الدماء وجرائم القتل ليس هو الحل ولابد من العمل من اجل تقليل العنف من خلال علاج أسباب والظروف المؤدية للجرائم.
الجريمة ترتكب من قبل شخص واحد او أحيانا مجموعة صغيرة كحد أقصى ومعظمها في حالات وظروف معينة، ولكن عقوبة الإعدام جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد تخطط وترتكب من قبل الدولة بمؤسساتها الرسمية التي من واجبها ضمان وحماية حياة الإنسان، وتكون الدولة بممارساتها الإعدام – مثل أعلى – سلبي تقنون من خلالها القتل ويكون للدولة دور – القاتل – وبالتالي تعزيز وعكس هذه ثقافة اللاإنسانية على المجتمع وتعميمها التي ستؤدي إلى تعزيز روح الكراهية والعنف و العنف المتبادل والانتقام والثأر، وهذا سيعني فشل العدالة وليس تحقيقها.
لا يجوز لأحد بما فيها الدول إنهاء حياة أي إنسان ارتكب جريمة مهما كانت بشعة، و يمكن تبديلها بعقوبة رادعة كالسجن المؤبد أو أي عقوبة أخرى مناسبة غير الإعدام، بل من الممكن ان يحتاج المتهم-ة إلى معالجة طبية-نفسية وإعادة تربية وتأهيل، وبالتالي معاقبته وإصلاحه في نفس الوقت بالشكل الذي يضمن عدم تكرار جرائمه، ويسمح باستمرار بقائه على قيد الحياة، والتعلم من الجريمة القذرة التي ارتكبها.
أرى إن إلغاء عقوبة الإعدام في بلداننا من الممكن أن يكون تدريجيا حسب تطور مجتمعاتنا بدأ من:
1- الإيقاف العملي لتنفيذ إحكام الإعدام وتبديلها بالسجن المؤبد.
2- العمل الجدي من اجل معالجة المسببات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية والفكرية للجرائم والعنف.
3- البد بحملة تثقيفية تربوية إعلامية بحق الإنسان في الحياة أي كان، وبخطورة هذه العقوبة الهمجية وتأثيرها السلبي الكبير على تعزيز العنف وثقافة القتل والثأر في المجتمع.
4- بالتزامن مع إصلاح تربوي-تشريعي- قضائي، وإعادة النظر في الأحكام وقوانين العقوبات، وأوضاع السجون بحيث تكون أكثر إنسانية.
5- المصادقة على اتفاقيات إلغاء عقوبة الإعدام الدولية، وإلغاء عقوبة الإعدام لكافة الجرائم، ولنقم – بإعدام! – عقوبة الإعدام ولتكون العقوبة نفسها آخر ضحية لها.

2
حول اغتيال - السليماني -، إرهاب الدولة وثقافة الإعدام والاغتيالات!

رزكار عقراوي
سياسي واعلامي يساري


اشكر جميع من شارك في الحوار حول بوستي الأخير في الفيسبوك حول اغتيال - السليماني - ومعظم المساهمات كانت اغناءا كبيرا وقيما للحوار بغض النظر عن الاختلاف او الاتفاق وأكيد الموضوع يتقبل وجهات نظر مختلفة ولابد من الحوار البناء حوله، ومع احترامي الكبير للرأي الآخر للأسف اضطرت إلى حذف مجموعة من التعليقات لأنها لم تكن حوارا سياسيا بل شتائم مهينة وشخصنة مفرطة بحقي أو بحق المعلقين والمعلقات الأعزاء.

ولأهمية وخطورة الحدث الذي من الممكن أن يفجر الأوضاع في العراق وعموم المنطقة بشكل كبير، وتتحول إلى ساحة لتصفية الصراعات الدولية والمزيد من التدخل العسكري الخارجي، وتندلع حروب عنيفة يذهب ضحيتها عشرات الألوف وتنعكس سلبا على الانتفاضات الجماهيرية في العراق وإيران، أرى من الضروري توسيع وتوضيح وجهة نظري، حيث البوست القصير - الملحق في نهاية الموضوع - لا يمكن أن يكون شافيا، ومن العادي إن يثير تساؤلات عدة وسأحاول هنا توضيحها في نقاط عدة:

- كناشط يساري وحقوقي أنا ضد عقوبة الإعدام والإعدام التعسفي خارج القضاء بما فيها الاغتيالات، ويشمل ذلك كل - البشر - بغض النظر عن توجهم الفكري والسياسي والديني او حتى جرائمهم!، ولابد ان يكون للجميع الحق في محاكمات عادلة ونزيهة يضمن لهم الحق في الدفاع، وان إنهاء حياة البشر مطلقا لا يجب أن يخضع لقرارات شخصية، وحق الإنسان في الحياة لابد ان يكون مقدسا للجميع وكفلته المواثيق الدولية.
هناك رأي شائع في مجتمعاتنا و حتى عند الكثير من ناشطي حقوق الإنسان بضرورة وجود عقوبة الإعدام وحتى الاغتيالات لكونها حماية للمجتمع من العنف والإرهاب ، و رادعا للجريمة ولابد من تصفية المجرمين! وأنها تقدم تعويضا عادلا للضحايا وذويهم، ولها ما يبررها دينيا وإنسانيا وحقوقيا، في حين الوقائع والإحصائيات تثبت عكس ذلك ، وقد أدت إلى المزيد من العنف والضحايا. عقوبة الإعدام والاغتيالات التي تقوم بها الدول هي جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وهي عقوبة قاسية جدا تنفذها الدولة و تقنون من خلالها القتل ويكون للدولة دور - القاتل - وبالتالي تعزيز وعكس هذه الثقافة اللاإنسانية على المجتمع وتعميمها، وستؤدي إلى تعزيز روح الكراهية والعنف و العنف المتبادل والانتقام والثأر، وتعكس فشل العدالة وليس تحقيقها.

- وفق مواثيق حقوق الإنسان الدولية لا يحق لأي دولة الاستعمال غير الشرعي للقوة والعنف والاغتيالات لتحقيق أهداف سياسية معينة وتصفية الخصوم السياسيين وترهيب معارضيها خارج وداخل البلد، وخلق مناخ عام من العنف و الخوف والقلق وتعريض سلامة السكان للخطر، ولابد من إدانة إرهاب الدولة مهما كانت ذرائعه الذي يستند إليها ومن أي دولة كانت.

- أمريكا كأكبر قوى رأسمالية تدعم معظم الأنظمة الرجعية والعنصرية في العالم، ولم تكن يوما ما في صف الشعوب المضطهدة والقيم الإنسانية والتحررية، ومن الخطأ الكبير التوهم بأنها ستحقق الديمقراطية والعدالة وإنها في صف الشعب العراقي ضد الحكام الفاسدين والمستبدين، وسياستها المقيتة منذ 2003 في العراق والى ألان خير دليل على ذلك، وهي الطرف الرئيسي والأساسي في كل المآسي التي يمر بها الشعب العراقي الى ألان. أمريكا تمارس إرهاب الدولة بشكل فج ومتواصل ومنظم وتشيع أجواء العنف والإرهاب والعسكرتارية في العالم، و ترامب حاليا بأمس الحاجة إلى تلميع وجهه حاليا بعد تقديمه للمحاكمة بسبب إساءة استخدام سلطاته، والتحضر لانتخابات القادمة، من خلال التصفية العنيفة لحسابات أمريكا مع الخصوم السياسيين في الخارج دون حتى الرجوع إلى المؤسسات الدستورية والقضائية في أمريكا، ولم تكون العملية العسكرية واغتيال السليماني ومجموعة من قادة الحشد الشعبي العراقي لدعم - الديمقراطية والاحتجاجات الجماهيرية في العراق!- او بسبب المظاهرات أمام السفارة الأمريكية في بغداد قبل أيام.
إشاعة أجواء – إرهاب الدولة والاغتيالات- سيؤدي إلى المزيد من العنف والإرهاب المتبادل، وكان من الممكن اعتقال الذين اغتالتهم أمريكا وتسليمهم وفق مذكرات اعتقال دولية إلى محاكم دولية لكي يحاكموا وفق القانون الدولي وأمريكا كقوى عظمى لها الإمكانيات الكبيرة لذلك.

- إيران بنظام حكمها الدكتاتوري الديني القروسطي المستبد لها دور سلبي كبير من المنطقة والعراق من خلال ميلشياتها المسلحة التابعة لها في فرض سلطة الكالحة للإسلام السياسي وإشاعة أجواء العنف والإرهاب والرجعية وانتهاك المفرط لحقوق الإنسان، وكانت لتلك الميليشيات الدور الكبير مع الأجهزة الأمنية العراقية في ارتكاب جرائم بشعة بحق المتظاهرين السلميين في المحافظات العراقية، و قتل وجرح واختطاف واعتقال الألوف منهم، وأكيد كان ل - السليماني - وبعض قيادات الحشد الشعبي العراقي ملطخة أياديهم دور كبير في توجيه تلك الميلشيات وقيادتها، ويجب أن يتم محاكمة مرتكبي تلك الجرائم في محاكمات عادلة ونزيهة وتحت إشراف دولي.

- العراق وإيران تسودها الآن الاحتجاجات الجماهيرية السلمية المناهضة للدكتاتورية والفساد والمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية وفرص العمل والمزيد من الحقوق والمشاركة السياسية....، والتصعيد العسكري الأمريكي - الإيراني الأخير من الممكن ان يفجر أوضاع المنطقة في ظل وضع متأزم أصلا وبعواقب سلبية على العالم بأسره، و سيؤدي إلى اشتداد النزعات العنيفة والصراعات المسلحة ويخلق أجواء الحرب والعنف وتشاع العسكرتارية وعكسها على عموم المجتمع، وتتقوى نزعات التعصب القومي والديني والوطني، وبالتالي ينعكس سلبا بشكل كبير على النضال السلمي للمتظاهرين ومطالبهم المشروعة، ويعطي - الشرعية! - للأجهزة الأمنية والميليشيات المسلحة لارتكاب المزيد من الجرائم القذرة والقمع بحجة أجواء الحرب والتهديدات العسكرية والمخاطر الأمنية التي يتعرض إليها البلد.

- كيساريين وتقدمين نناضل من اجل دولة ديمقراطية علمانية مدنية تضمن حقوق الإنسان والمواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية، وفصل السلطات والقضاء المستقل والمؤسسات، وحق الإنسان في الحياة الآمنة ومساواة المرأة الكاملة..... ، وبرأي هذا من الصعب تحقيقه من خلال الترويج لثقافة العنف والانتقام والإعدام والاغتيالات، أو بالتدخل العسكري الخارجي!.


اكرر شكري وامتناني الكبير لكل من ساهم في الحوار.
**********************
البوست:
” بغض النظر عن الموقف السياسي من -السليماني والحشد- فان جريمة الاغتيال إرهاب دولة قذر ويساهم في تفجير الوضع في العراق والمنطقة.”

3
من اغتال رفيقي وصديقي نذير عمر؟ في ذكراه بعد ربع قرن من الجريمة القذرة
رزكار عقراوي
 
تصادف هذه الأيام ذكرى مرور ربع قرن على اغتيال احد ابرز رفاقي واقرب أصدقائي خالد الذكر نذير عمر [ آرام ] ، المناضل والكادر الشيوعي الجسور من مدينة سميل- محافظة دهوك - إقليم كردستان العراق، نذير عمر كان مثالا للنقاء الشيوعي والإنساني وللصدق والتفاني والمناضل الجريء من اجل مبادئ وقيم اليسار.
كان اغتيال نذير جزءا من سلسلة اغتيالات قذرة نفذت في بداية تسعينات القرن المنصرم طالت عدداً من اليساريين والتحرريين في منطقة بهدينان – إقليم كردستان العراق الخاضعة للسلطة المطلقة للحزب الديمقراطي الكردستاني وميلشياته و منظماته الأمنية. ومن المؤكد ان تلك الاغتيالات الدنيئة نفذتها الشبكات الإجرامية التابعة له. وقد أدانتها منظمات حقوق الإنسان العالمية آنذاك، ووجهت أصابع الاتهام بشكل صريح الى الحزب المذكور وقادته الغارقين في الإجرام والفساد.
الحزب الديمقراطي الكردستاني يتحمل المسؤولية الكاملة في اختطاف واغتيال نذير عمر في نهاية تموز 1993 بذلك الشكل الوحشي والهمجي، بعد ان تعرض للتهديد مرات عدة من قبل أزلام أجهزته الأمنية بسبب نشاطه السياسي المعارض لهم.
 
كعادتنا نحن الشيوعيين نلقي المسؤولية الكاملة في هكذا جرائم قذرة على أعدائنا الطبقين وأجهزتهم الأمنية، دون ان نتعرض الى الخلل والتقصير الكبير في آليات حماية الأعضاء والكوادر في أحزابنا اليسارية ومدى الحرص على حياتهم، ودور القادة من خلال توجيهاتهم وسياساتهم في عدم تعريض الأعضاء للخطر الكبير، كلما كان ذلك ممكنا وعدم إدخالهم في معارك غير متكافئة ومنها دفعهم للنشاط العلني في مناطق خطرة دون أي حماية او صيانة أمنية. ومن الضروري أيضا توفر توازن كبير ومساواة في مستوى حماية الأعضاء والقادة.
 
بعد ان ترسخت سلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني في منطقة بهدينان بعد 1991، بدأ بمضايقة واعتقال الكثير من المعارضين لسياسته الدكتاتورية والفاسدة، وهدد العشرات ومن ثم بدأت الاغتيالات كرسالة واضحة في انه لن يتهاون مع من يعارض ويقف ضد سلطته الكالحة المطلقة في منطقة بهدينان. كان طرحي مع رفاق آخرين في التيار الشيوعي هو ان نتوقف عن النشاط العلني في تلك المنطقة حرصا على تنظيماتنا ورفاقنا، ونقتصر على العمل السري، لكن للأسف، بعض القادة في التيار الشيوعي كانوا مصرين على النشاط العلني رغم خطورته الكبيرة، وكان نذير عمر احد ابرز الكوادر العلنية الرئيسية في المنطقة.
 
في صيف عام 1991 كنت في مدينة زاخو/ إقليم كردستان العراق، وكنت آنذاك مع نذير نعمل في صفوف منظمة التيار الشيوعي، وحضر رفاق وطلبوا منا انا والرفيق نذير تبني ومشاركتهم في فتح مقر علني للمنظمة في المدينة. رفضت ذلك واعتبرت الأمر خطأً، وقلت لرفاقي ورفيقاتي ان موازين القوى الآن ليس في صالحنا في المنطقة، وسنتعرض الى ضربة سريعة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومن الخطأ القيام بنشاط علني الآن في ظل عدم وجود تنظيم سري قوي ساند لنا في المنطقة. لم يقتنع الرفاق برأيي، بل ان البعض منهم اعتبرها انتهازية وجبناً!. المهم تم فتح المقر في اليوم التالي من قبل مجموعة من الرفاق، بينهم الرفيق نذير عمر. وكما توقعت، تم الهجوم على المقر بعد سويعات معدودة من فتحه من قبل مسلحي الحزب الديمقراطي الكردستاني وحلفائه، وتم اعتقال الرفاق ومصادرة متعلقاتهم الشخصية وأسلحتهم، و تم إطلاق سراحهم في المساء بعد ان أهينوا و هددوا بشكل حاد، ورجعوا جميعا الى المقر السري – مكان سكني/ خيمتنا -. وقد استخدمت علاقاتي مع الرفاق الأعزاء في الحزب الشيوعي العراقي في مدينة زاخو للتوسط وإرجاع المتعلقات الشخصية. تطرقي الى هذه الحادثة هي لتوضيح الظروف الخطرة للعمل العلني في المنطقة.
 
كنت في تواصل مستمر شخصيا وسياسيا وتنظيميا مع نذير، رغم إني لأسباب شخصية وتنظيمية وأمنية اخترت العودة والسكن في اربيل في نهاية 1991، حيث كان لنذير زيارات متواصلة لنا. كانت لدينا حوارات معمقة حول اليسار ودوره وإمكانيات تطويره، وضرورة توحده. وكنا متفقين على ضرورة نبذ التعصب التنظيمي المفرط السائد آنذاك بين منظمات اليسار وخاصة في الإقليم.
كنت دوما أرسل له أدبيات المنظمات اليسارية الأخرى – المنافسة ! - كجزء من الطرد-البريد الحزبي لأدبيات التيار الشيوعي. وكان يوزعها بين الرفاق والرفيقات، حيث كنا لا نرى أي اختلاف سياسي او فكري بينها، عدا عن كونها خلافات شخصية ونخبوية، وحب وتقديس الزعامة لدى معظم قياداتها، مما اثأر امتعاضا كبيرا بين المتعصبين تنظيميا في منظمة التيار الشيوعي.
قبل خروجي من العراق في نهاية 1992 وقبل تجميد عضويتي في المنظمة، طالبت رفاقي في التيار الشيوعي بضرورة إخراج نذير عمر للخارج وتزويده بجواز مزور وتوفير الإمكانيات لذلك، او على الأقل إخراجه من منطقة بهدينان ، حيث كانت حياته في خطر كبير، وقد بقى نذير أسبوعين في بيتي وطالبته بالبقاء في اربيل او الخروج من العراق، لكنه لم يوافق حيث لم تكن الظروف الشخصية مناسبة له، ولم يتلقى دعما وتوجيها تنظيميا، او تتخذ أي إجراءات لحمايته، في نفس الوقت تم إخراج الكثير من قادة وكوادر المنظمة السريين، دون ان تكون عليهم اية خطورة أمنية، ومنهم من اخرج أقربائه أيضا! وهم نفس القادة الذين كانوا يعطون الأوامر باستمرار نذير عمر بالنشاط العلني، رغم معرفتهم بالخطورة الكبيرة على حياته. برأي انه هؤلاء القادة يتحملون جزءا من المسؤولية و بشكل غير مباشر في هذه الجريمة النكراء، من خلال دفع وتوجيه الرفيق نذير عمر للنشاط العلني في منطقة خطرة جدا، وعدم اتخاذ إي إجراءات لحمايته رغم كل المخاطر والتهديدات الجدية المتفاقمة، وحتى لم يستجيبوا لمناشداته المتكررة بتزويده بمسدس للحماية الشخصية.
 
اعتذر لأني تأخرت في طرح القضية للعلن ومع إني طرحت الموضوع مرات عدة آنذاك داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي – منظمة التيار الشيوعي احد التنظيمات الأربعة التي شكلت الحزب في تموز 1993 – من خلال الاجتماعات والرسائل والنشرات الداخلية، حيث طالبت بفتح تحقيق حول جريمة الاغتيال وتحديد مسؤولية قيادة الحزب في ذلك، حيث القيادة مسئولة عن ضمان حياة و سلامة جميع أعضاء الحزب، وإنها مطالبة بتقديم تقيمها حول أسباب عدم اتخاذ إجراءات اللازمة لضمان حياة وسلامة الرفيق نذير عمر، مع إلحاحه المستمر ولفترة طويلة لحمايته بسبب خطورة وضعه الأمني.
رفيقي الخالد نذير
 
بعد ربع قرن من الجريمة النكراء، أتذكرك دوما رفيقي العزيز، كنت الشيوعي النزيه والنقي والمحبوب، وأتذكر كم تألمت وبكيت وغضبت عندما وصلني خبر اغتيالك.
 
أتذكر صدقك وطيبتك الأخوية والرفاقية والإنسانية، وكيف عشنا معا كعائلة واحدة في خيمنا المتواضعة، وتواصلنا اليومي العائلي والشخصي في مخيمات زاخو بعد انتفاضة 1991.
حال عودتي إلى العراق في 1998 زرت عائلتك، وكم رأيت والدتك قوية وفخورة بك، تفضح بشكل علني القتلة.
الخزي والعار لقتلتك المجرمين في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأتطلع إلى ذلك اليوم الذي يتم فيه محاكمتهم على جرائمهم ولصوصيتهم.
كل المجد و الخلود للمناضل الشيوعي الجريء نذير عمر و كافة المضحين من اجل الاشتراكية والقيم الإنسانية والحرية.
 



4
حول إدارة الاختلاف في الأحزاب اليسارية

الإشكالات الأخيرة في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، نموذجا

رزكار عقراوي


اشكر جميع من شارك في الحوار حول بوستي الفيبسبوكي الاخير من خلال مداخلاتهم القيمة والتي تعكس معظمها الاهتمام والحرص الكبير على اليسار العراقي بشكل عام والحزب الشيوعي العمالي العراقي بشكل خاص والرغبة في تطويره وتقويته.
اود ان أوضح بأن الرأي الذي طرحته يعبر عن قناعتي الشخصية ولا علاقة له بمؤسسة الحوار المتمدن التي ليس لها رأي سياسي موحد باعتبارها مؤسسة يسارية ذات منابر عديدة. ولأهمية التعليقات والحوارات والمداخلات، ارتأيت تبيان وجهة نظري بشأنها من خلال عرض رأيي بوضوح أكبر وفيه إجابة عن التساؤلات القيمة والكثيرة التي وردت في المداخلات.
************************

بوست الفيسبوك:
دفاعا عن حرية الرأي والتعبير والاختلاف: أرى ان قرارات الطرد بسبب الرأي والاختلاف بشأنه، ولاسيما في الأحزاب اليسارية هي بمثابة – اغتيال سياسي وتنظيمي – وهي قرارات تستند إلى مفاهيم شمولية خاطئة عفا عليها الزمن، ولا تتناسب مطلقا مع التطور الديمقراطي والحقوقي والتنظيمي. وكناشط يساري وحقوقي مستقل أدين بشدة قرار البلونيوم-الكونفرنس 33 للحزب الشيوعي العمالي العراقي بطرد الرفيق العزيز فلاح علوان عضو اللجنة المركزية، بسبب رأيه، مع عدم اتفاقي مع حدة أسلوبه. ومن المؤسف أن البعض من الرفاق الأعزة، ممن طالبوا بفصله، ردوا عليه بأسلوب حاد أيضا وبنفس المستوى، دون ان يتم فصلهم او معاقبتهم تنظيميا.
اعتقد بأن قرار الطرد غير شرعي ويتناقض مع القواعد والمعايير التنظيمية اليسارية الحديثة كافة، كما أحدث تأثيرات سلبية كبيرة جدا داخل الحزب. لذا أدعو رفيقاتي ورفاقي في قيادة الحزب إلى التراجع عنه، وفي الوقت ذاته أدعو جميع الرفيقات والرفاق الأعزة في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، الذي أكن له كل التقدير والاحترام، إلى التمسك بحزبهم والدفاع عن وحدته والتركيز على نقاط الالتقاء الكثيرة التي تجمعهم، والمطالبة باتخاذ إجراءات التحضير لمؤتمر استثنائي عاجل لمعالجة الإشكالات السلبية كافة التي ظهرت في أعقاب الكونفرنس الأخير ومقرراته، ومنها إقرار نظام داخلي واضح ودقيق ومفصل يشكل أساساً لتقوية البناء الديمقراطي المؤسساتي للحزب، حيث أن الانشقاقات والصراعات النخبوية-الشخصية والتشتت، ألحقت أفدح الأضرار بتيار الشيوعية العمالية وعموم اليسار، في وقت نحن بأمس الحاجة إلى تيار يساري قوي متحد في العراق.
رابط البوست في الفيسبوك:
https://www.facebook.com/rezgar.akrawi/posts/1788929554461446
************************
اجوبتي على التساؤلات:

الرفيقات والرفاق الأعزة

للأسف عرف تاريخ اليسار والأحزاب الشيوعية حالات كثيرة من الصراعات الحادة، والادعاء باحتكار الأحقية اليسارية، وسيادة عقلية تضخيم نقاط الاختلاف مقابل إضعاف نقاط الالتقاء وحتى تقزيمها! ووصولاً إلى تكفير وتخوين الآخر يساريا وماركسيا داخل الحزب الواحد وخارجه، وغياب الحوار الحضاري وسيادة لغة اقصائية واستخدام مصطلحات: اليسار التحريفي، الهامشي، البرجوازي، الانتهازي، وكأن ليس للآخر اليساري علاقة باليسار والماركسية، ويجب التصدي له وفضحه وبناء حزب جديد... الخ. اعتقد ان هذا الأسلوب في التعامل سلبي وخاطئ ومضر، ويبرز بشكل أكبر في فترات الضعف وخاصة مراحل التراجع والإحباط والخفوت الثوري واليساري في المجتمع.

في الوضع العراقي المعقد جدا، يمكن أن تبرز اختلافات فكرية وسياسية بين قوى اليسار العراقي داخل الحزب الواحد ومع الأحزاب اليسارية الأخرى، وهو أمر اعتيادي تؤكده تجارب الحركة الشيوعية العالمية، ولكن من الضروري جدا ممارسة الحوار الحضاري البناء حولها والاعتراف العملي والفعلي بتعدد منابر اليسار واختلاف التوجهات داخل وخارج الأحزاب. وأرى ضرورة إجراء الحوارات حول المواقف والسياسات بدقة وبشكل علمي، والتركيز على الإيجابيات ونقاط الالتقاء قبل السلبيات ونقاط الاختلاف. إن الحاجة ماسة لخوض حوار حضاري ديمقراطي ناضج حول الاختلافات أو التعارضات الموجودة حاليا، سواء في صفوف الحزب العمالي، أم في عموم اليسار العراقي، إذ لا يجوز وصفها بأنها نوعٌ من التناقضات الرئيسية المتعلقة بمشاكل ومطالب الجماهير، إذ اعتقد انها ذات أساس اجتماعي ضعيف، ولا تعني الكثير للجماهير الكادحة في ضوء واقع الفقر والحرمان والوضع المأساوي والمرزي الذي تعيش فيه!
لا بد ان يكون هدف الحوار والنقد هو تطوير أحزاب اليسار داخليا وعموم الحركة اليسارية، ومن المهم تشخيص النواقص والأخطاء وفق حجمها والحذر من التعميم وتسقيط المقابل اليساري ونفيه، إذ علينا جميعا تقع مسؤولية تجنب الحدة والشخصنة والمحفلية، بحيث لا يتحول الموقف، بسبب حوارات حادة او اجتهادات واختلافات ومواقف فكرية وسياسية محدودة، إلى حالة عداء بين رفاق ورفيقات الأمس!، ثم يهمش دورهم ويجري نعتهم بشتى النعوت، بل حتى توجيه الاتهامات الحادة، لأنهم مختلفون فكرياً أو سياساً، سواء كانوا داخل او خارج التنظيم الحزبي او كانوا في القيادة ام في المعارضة.
هذه السياسات الخاطئة ساهمت في إضعاف وحصول انشقاقات عدة في الكثير من أحزاب اليسار، وتحولت إلى أحزاب - نافرة وطاردة للأعضاء - وليست - جاذبة وحاضنة للمزيد من الأعضاء -، والكثير منها قد تقلص حجمه، بحيث أصبحت أحزاب ذات قيادة ولكن دون قواعد! وهي نتيجة منطقية لاستخدام آليات تنظيم بالية وإدارة شمولية عتيقة جدا، والافتقاد ألى آليات حديثة لإدارة الحوار والاختلاف والصراع داخل أحزابهم، بحيث تضمن تطوير ومشاركة واسعة للعقل الجماعي الحزبي بكافة اتجاهاته لإقرار سياسة الحزب وطرح الآراء بشكل علني في منابر الحزب المختلفة، وخاصة في ظل التطور المعرفي الكبير في المجالات كافة، والشفافية الكبيرة نتيجة شيوع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

الحوارات التي جرت بين الرفيق العزيز فلاح علوان والرفاق الاعزة فارس محمود وسمير عادل ونادية محمود من قيادة الحزب العمالي التي نشرت معظمها في الحوار المتمدن، رغم حدتها وشخصنتها أحيانا، أراها حوارات سياسية مهمة وضرورية لإنعاش الحوار اليساري، وكان المفروض ان تكون بلغة حوارية رفاقية أفضل. وباعتقادي، لو قررت قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي توجيه عقوبة بسبب تلك الحوارات الحادة، فأقصى عقوبة لا تتجاوز - التوبيخ – وتوجه لجميع الرفاق الذين ساهموا في الحوارات، وليس لفلاح علوان وحده. ومع أني لست مع هذه العقوبة أيضاً، لأن الموضوع متعلق بالرأي مهما كان حادا، ويجب ان لا تكون هناك ازدواجية في ذلك استنادا الى الموقف والولاء السياسي لخط معين داخل الحزب، وارى ان عقوبة الطرد-سحب العضوية التي اتخذت بحق الرفيق العزيز فلاح علوان خاطئة ومدانة ولابد ان تستخدم مثل هذه العقوبة في حالات خطرة جدا فقط، كالتجسس، أو الاحتيال والنصب، أو الاعتراف والتعاون مع الأجهزة الأمنية عند الاعتقال.
فلندع الآراء المختلفة تتحاور حتى بحدتها، فذلك أفضل من حالة القطيعة و عدم الحوار، أو قمعه بطرق مختلفة، أو إقصاء الأخر، من خلال العقوبات، ومنها الطرد. إن مثل هذا التوجه يوقع أحزاب اليسار في أزمات تنظيمية عميقة تتسبب في المزيد من الانشقاقات، حيث ان قرار الطرد هذا قد أدى إلى أزمة تنظيمية كبيرة في الحزب العمالي والى استقالة 3 من أعضاء المكتب السياسي وبضمنهم السكرتير السابق وعدد من الكوادر والقواعد الى الان. وإذا ما استمر هذا الوضع، فمن الممكن ان يتجه نحو المزيد من الاستقالات وشق وحدة الحزب. ولا اعتقد إن الحل سيكون في تشكيل حزب جديد يضاف الى ما هو موجود من التنظيمات اليسارية، وبالتالي المزيد من التشتت لقوى اليسار في العراق، ولاسيما تيار الشيوعية العمالية.
تواجه المجتمع العراقي والطبقات الكادحة والحركة اليسارية الآلاف من المشكلات التي يستوجب الأمر التركيز عليها وايجاد الحلول لها، وليس طرح موضوع سحب عضوية رفيق قيادي بسبب رأي حاد في حزب لا يزال يعاني من صراع الكتل، وان كان هناك نوع من التوازن المتفق عليه الى حد مناسب بينها في الحزب الشيوعي العمالي.

أرى من الأفضل لقيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي ان تتراجع عن قرار طرد-سحب العضوية من الرفيق العزيز فلاح علوان، وكذلك يتراجع الرفيقات والرفاق عن استقالاتهم التي حصلت بسبب قرار الطرد، والتمسك بوحدة الحزب وإيجاد حل مناسب لكل الأطراف من خلال مؤتمر استثنائي عاجل يركز على تعزيز وتطوير قواعد العمل الجماعي الديمقراطي المؤسساتي في الحزب.

تقديري الكبير لنضال ودور الرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي العمالي العراقي ولعموم فصائل اليسار العراقي، ومساهمتي هذه هي من منطلق الحرص عليه ووفق مفهومي للعضوية اليسارية المركبة، وإذ اخترت العودة الى العمل الحزبي المنظم فلي الشرف الكبير ان أكون عضوا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي والحزب الشيوعي العراقي في آن واحد، وأعتز كثيراً في كوني عملت في صفوفهم لأكثر من عقدين.

كل المودة والاحترام وأكرر شكري وامتناني للجميع

رزكار عقراوي

***************************************************************
مواضيع ذات الصلة:

- رد على الرفيق رزكار عقراوي وتوضيح موضوعي لحقيقة الخلاف داخل الحزب الشيوعي العمالي العراقي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=600015

****************************************************************

الرفيق والصديق العزيز عواد احمد صالح عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي
تحية طيبة وأتمنى ان تكون بخير وأشكرك كثيرا على الحوار والتوضيحات وخاصة هي من قائد شيوعي اجتماعي أكن له كل التقدير والاحترام، ودوما كنت أتابع بفرح وفخر كبير نشاطاتكم السياسية والفكرية والثقافية القديرة في مدينة سامراء المتأزمة وأكيد إنكم تناضلون في ظروف خطرة بالغة التعقيد.
عرفتك دوما محاورا يساريا رائعا ولكن هذه المرة ومن الممكن تحت ضغط الصراع الذي حصل كان ردك فيه نوع من الحدية وبالأخص تجاه رفاق ورفيقات لك في قيادة الحزب وكانوا لحد قبل أسبوعين معك في قيادة الحزب، وأتمنى ان تتقبل هذا النقد الرفاقي برحابة صدر.
اعلم مدى حرصك الكبير على حزبك واقدر ذلك بكل صدق، وتجنبك دوما الصراع الكتلوي الموجود الذي أذاه كثيرا والحق أضرارا كبيرة بتيار الشيوعية العمالية وعموم اليسار في العراق، الذي يصعد ويغذى من قبل قادة بعيدين عن الواقع الاجتماعي وبالأخص بعض من – قادة الخارج الذين أسبوع في العراق وعشرة وعشرين أسبوع في الخارج! – ودوما كنت اطرح الذي يرشح للقيادة في أحزاب اليسار يجب ان يتواجد في داخل العراق بشكل دائمي وإذا يود العيش في الخارج فذلك حق شخصي ولكن فليسلم المنصب لرفيق-ة آخر، حيث ان قيادة حزب يساري تتطلب تواجد اجتماعي ميداني يومي بين الجماهير الكادحة.
الصراع الحالي في حزبكم المناضل للأسف ليس له علاقة بمشاكل العمال والكادحين او بتطور الحزب بل هو صراع كتلوي-شخصي اختارت احد الكتل تصفيته بالعقوبات و ردا على ذلك اختارت الكتلة الأخرى الاستقالة والخروج والبدء بتشكيل تنظيم جديد، ومعه احترامي الكبير لهم كرفاق وأصدقاء، برأي الكتلتين على خطأ ولم ينطلقوا من الحرص على الحزب وتطويره، وأتمنى أن يعيد الطرفين النظر في مواقفهم وإيقاف الأسلوب الحاد وأحيانا الاقصائي السائد في الحوار الآن مع بعضهم الآخر، والبدء بالحوار الرفاقي البناء والخطوات العملية لحل الأشكال الذي حصل، بدأ من إلغاء قرار الطرد المسيء جدا للحزب قبل الكل حيث هناك تناقض كبير بين حزب يدعو للحريات السياسية في المجتمع في نفس الوقت يطرد رفاق له بسبب الرأي مهما كان حادا، وان يتراجع الرفيقات والرفاق عن استقالاتهم.
رفيقي العزيز عواد أحييك على موقفك المبدئي المناهض للانشقاقات والتشتت في الحركة الشيوعية وفي حزبكم ولذلك لي أمل كبير بك كأحد ابرز واهم القادة الاجتماعين للحزب الشيوعي العمالي في العراق وجميع الرفيقات والرفاق الحريصين على حزبكم ووحدته في الدعوة والمساهمة في حل الإشكالات الموجودة حاليا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي بما يضمن وحدته وتماسكه وتطوير التحزب واليات التنظيم من خلال الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي باعتباره أعلى هيئة حزبية تعكس العقل والقرار الجماعي للحزب.
في ظل تراجع اليسار العراقي بكافة فصائله، وسيادة الأفكار والقوى اليمينية والقومية والدينية المتعصبة في العراق كل رفيق او رفيقة في أحزاب اليسار مهما كانت منصبه ومستوى نشاطه - كنز وثروة كبيرة - ويجب ان نعرف كيف نحتفظ ونتمسك بهم. التيار اليساري في العراق مشتت الى حد كبير وبشكل سلبي، لذلك وحدة حزبكم لها الأهمية والأولوية الكبيرة الآن.
كل المودة والاحترام لك ولكل الرفيقات والرفاق وأكرر شكري
رزكار عقراوي


***************************************************


الرفاق والرفيقات الاعزة مؤيد احمد، ينار محمد، رشيد اسماعيل ، محمد شنان، نزار عقراوي، فلاح علوان
وكل من قدم استقالته بسبب قرارات اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي الكونفرنس 33
تحية رفاقية حارة
أدعوكم إلى التراجع عن استقالاتكم و الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي
نمط إدارة وتنظيم أحزابنا اليسارية يعطي انطباعا في طريقة حكمنا للمجتمع إذا وصلنا للسلطة، فهل ان من سيختلف معنا او يطرح رأيأ حادا يجب ان - يعدم تنظيما وسياسيا - ؟! ولذلك اكرر إدانتي الشديدة لقرار قيادة الحزب في سحب العضوية من الرفيق العزيز فلاح علوان، وقد أعدت قراءة معظم مقالات الرفيق العزيز فلاح مرة أخرى وهي حوارات مع رفاق في قيادة الحزب، التي البعض منها سبب لقرار الطرد، وصراحة من الممكن ان تكون البعض منها حادة ولكن لم أجد اي مقطع يستحق حتى عقوبة التوبيخ!. لذلك أدعوا الرفيقات والرفاق الاعزة الذين اقروا القرار التراجع عنه حيث هناك تناقض كبير بين حزب يدعو للحريات السياسية في المجتمع في نفس الوقت يطرد رفاق له بسبب الرأي مهما كان حادا، وكما ان القرار احدث انشقاقا ومشاكل تنظيمية كبيرة للحزب، وهناك معارضة كبيرة له، وهو إساءة للحزب وسمعته قبل الكل.

مع تفهمي الكبير لموقفكم المبديء المناهض لقرار الطرد فاني أرى ان قرار استقالتكم احتجاجا على القرار لم يكن صائبا وبل هو مضر وسلبي على الحزب الشيوعي العمالي العراقي وعلى عموم التيار اليساري في العراق، وكان يجب البقاء في الحزب والتمسك بوحدته والدعوة إلى مؤتمر استثنائي سريع، ولا اعتقد إن الحل سيكون في تشكيل حزب جديد لن يختلف كثيرا عن الحزب الحالي، يضاف الى ما هو موجود من التنظيمات اليسارية، وبالتالي المزيد من التشتت لقوى اليسار في العراق، ولاسيما تيار الشيوعية العمالية.
رفيقاتي ورفاقي أدعوكم إلى التراجع عن استقالاتكم، و كما ادعوكم وادعوا جميع الرفيقات والرفاق الحريصين على التيار اليساري بشكل عام وعلى الحزب الشيوعي العمالي بشكل خاص إلى الدعوة لعقد مؤتمر استثنائي باعتباره أعلى هيئة حزبية تعكس العقل والقرار الجماعي للحزب، لمعالجة كافة الإشكالات السلبية التي ظهرت في أعقاب الكونفرنس الأخير ومقرراته، ومنها إلغاء قرار الطرد و إقرار نظام داخلي واضح ودقيق ومفصل يشكل أساساً لتقوية البناء الديمقراطي المؤسساتي للحزب، ويقيد ويحد من الصراعات الشخصية والمحفلية.وأتمنى أن يعيد الطرفين النظر في مواقفهم الخاطئة المضرة بالحزب وإيقاف الأسلوب الحاد وأحيانا الاقصائي السائد في الحوار الآن مع بعضهم الآخر.

في ظل تراجع اليسار العراقي بكافة فصائله، وسيادة الأفكار والقوى اليمينية والقومية والدينية المتعصبة في العراق كل رفيق او رفيقة في أحزاب اليسار مهما كانت منصبه ومستوى نشاطه - كنز وثروة كبيرة - ويجب ان نعرف كيف نحتفظ ونتمسك بهم ونعمل معا ونتحد في إطار يساري واسع.
التيار اليساري في العراق مشتت الى حد كبير وبشكل سلبي، لذلك ان وحدة الحزب الشيوعي العمالي لها الأهمية والأولوية الكبيرة الآن حيث ان الانشقاقات الكتلوية مهما كانت مبرراتها وفي غياب خلاف سياسي-فكري جدي هي نوع من التدمير الذاتي المفرط لأحزاب اليسار، وإضرارها كبيرة جدا وأحيانا مدمرة تعجز حتى أقوى الأجهزة الأمنية لأعدائنا الطبقيين من إلحاقها بأحزاب اليسار!.
احترامي وتقديري الكبير لكم ولكل الرفاق والرفيقات في الحزب الشيوعي العمالي العراقي.
رزكار عقراوي


5
عفرين! .... الدولة القومية؟ أم دولة المواطنة والحقوق؟ .... ملاحظات سريعة

رزكار عقراوي

rezgar1@yahoo.com

1- إجهاض الانتفاضة السورية
الانتفاضة الجماهيرية التي انطلقت في سوريا قبل سنوات أخرجت من إطارها الجماهيري السلمي المناهض للدكتاتورية والمطالب بالحقوق والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وبل أجهضت وتحولت سوريا الى ساحة فجة للصراعات الدولية والإقليمية وبألاخص الأمريكي والروسي وحلفائهم، وخلق ذلك مآسي ودمارا كبيرا وهائلا لمعظم سكان سوريا على مختلف الأصعدة.

2- الهجوم الوحشي التركي على عفرين
شهدنا في الأسابيع الماضية هجمات عسكرية وحشية كبيرة في سوريا وتركزت في منطقتين هما عفرين والغوطة الشرقية وذهب ضحيتها عدد كبير من المدنيين، وخلقت أجواء مأساوية في كافة النواحي لسكاني تلك المناطق من قبل الأطراف المتحاربة المستندة الى اجندات محلية ودولية، سواء كان النظام الدكتاتوري الحاكم في سوريا أو حلفاءه او معارضيه، او من روسيا وامريكا وتركيا والفصائل والمرتزقة المتحالفة معهم. النظام التركي يحاول قدر الإمكان تعزيز نفوذه داخل سوريا المقسمة حاليا من خلال قواته العسكرية بشكل مباشر، او من خلال قوى المعارضة السورية القومية – الإسلامية الموالية له، وقد كان له الدور الكبير في تقوية دور قوى الإسلام السياسي الرجعي والقوى القومية المتطرفة في سوريا ودعمها عسكريا وماديا ولوجستيا. خلال الأسابيع الماضية شنت الماكنة العسكرية الوحشية للدولة التركية وحلفائها من المعارضة السورية هجوما كبيرا على منطقة عفرين، من اجل انتزاعها من سيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيا، واستطاعت القوات التركية وحلفائها رغم بطولة -قوات سوريا الديمقراطية وحلفائهم في الدفاع ومحاولة صد الهجوم-، من احتلال والسيطرة على مدينة عفرين والمناطق المحيطة بها بعد معارك عنيفة غير متكافئة، أدت إلى كارثة انسانية وقتل وموت الألاف من المدنيين الأبرياء وكذلك في صفوف القوات المتحاربة، وإلى موجة تشرد ونزوح كبيرة جدا بسبب أوضاع الحرب والصراع والعنف التي سادت المنطقة.

3- التضامن!
اعتقد انه علينا كيساريين وتقدميين أن نستند إلى هويتنا الإنسانية والأممية في التضامن مع معاناة كافة المدنيين في سوريا جراء الدكتاتورية والحروب والصراع المسلح، الذي يدفع ثمنه الأبرياء بغض النظر عن العرق او الدين او الطائفة او التوجه السياسي سواء كان في عفرين او الغوطة الشرقية أو الرقة أو دمشق.... الخ. وحسب تقارير منظمات حقوق الانسان الدولية مارست كافة الأطراف المتحاربة في سوريا سواء كانت في السلطة او المعارضة، انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وبنسب مختلفة. التضامن مع «عرق أو طائفة أو اتجاه سياسي» معين فقط واعتبار قتلاها ضحايا وشهداء، في حين غض النظر عن الجرائم التي ترتكب بحق مدني «الأعراق والطوائف والاتجاهات السياسية الأخرى» وحتى في أحيان كثيرة اعتبارها اعمالا بطولية لأنهم في معسكر «الأعداء»، هو برأي تفكير لا انساني وعنيف ومتعصب عرقيا وطائفيا، ويساهم في تعزيز التعصب والكره القومي والديني في مجتمعاتنا.

4- المعركة في عفرين كانت غير متكافئة
كيساريين وتحررين لا بد أن نتعامل بعقلانية علمية وندرس الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وموازين القوى الطبقية وقدراتنا من كافة الجوانب وقدرات وقوة «أعدائنا»، والإمكانيات الواقعية لتحقيق الحلول والسياسيات التي نطرحها وآلياتها، ونتجنب المشاركة بشكل مباشر او غير مباشر في حروب قومية خاسرة ومدمرة، ونتجنب الترويج لها أو دعمها، حيث انها لن تخلق غير المآسي الكبيرة للمدنيين وكذلك خسائر كبيرة بشريا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا لكل الأطراف.
الاستناد الى العقلانية والواقعية ضروري جدا وليس إلى «البطولات القومية» و«العزة القومية» و«مواجهة العدو القومي بكل السبل والى أخر طلقة!»..... الخ.. التي لا تحقق النصر في المعارك العسكرية، معركة عفرين كانت غير متكافئة عسكريا على الإطلاق ، حيث لا أرى من الصحيح الدخول في حرب تقليدية في مواجهة احد أضخم جيوش العالم والمجهز بالأسلحة الحديثة الفتاكة واحد اكبر أعضاء حلف الناتو، وكان من الأفضل للقوات الكردية الانسحاب من اليوم الأول للهجوم التركي، حيث كان واضحا انها صفقة تركية - روسية - أمريكية - إيرانية وبمباركة النظام السوري في مقابل إعادة سيطرته على الغوطة الشرقية.

5- حزب الاتحاد الديمقراطي او واجهات ب-ك-ك في سوريا
حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وملحقاته من قوات حماية الشعب وحماية المرأة.... الخ.. هي احد أهم الأقطاب الرئيسية للحركة القومية الكردية في سوريا، وتتبني بشكل واضح أفكار - عبدالله اوجلان - المستندة الى فكر قومي يساري، ولا احد يستطيع انكار الجوانب الإيجابية الكبيرة التي حققها حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا في مجال الحقوق المدنية وحقوق المرأة، في المناطق التي يحكمها مقارنة بالمناطق الأخرى في سوريا ولابد من دعمها، ولكن بقى حزب ذو صبغة قومية ومستند الى -عبادة الشخصية الاوجلانية- واستبدادي إقصائي تجاه الأفكار والفصائل السياسية الأخرى، وحسب تقارير منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش قامت السلطات التابعة للحزب بانتهاكات واسعة لحقوق الانسان في المناطق الخاضعة لسيطرته في سوريا وفي مجالات مختلفة، واعتقد ان تجربة اليسار القومي الكردي من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي وتوابعه في سوريا، مهما تطورت فستكون بمستوى إصلاحات ذات صبغة يسارية ومدنية راديكالية شبيه بنظام حكم حزب البعث في العراق وسوريا في سبعينيات القرن المنصرم، والتي كانت احد اهم التجارب التاريخية لحكم اليسار القومي في الشرق الأوسط، وتحولت جميعها إلى أنظمة دكتاتورية - استبدادية فاسدة.

6- التوهم بالدول الكبرى وبالأخص أمريكا
حزب الاتحاد الديمقراطي من خلال -قوات سوريا الديمقراطية- في تحالف وثيق جدا مع القوات الأمريكية في سوريا، ولهم تنسيق وعمل مشترك عسكريا بشكل واسع، رغم انه حزب قريب من حزب العمال الكردستاني - تركيا الذي يصنف أمريكيا في خانة المنظمات الإرهابية.
أمريكا كأكبر قوى رأسمالية تدعم معظم الأنظمة الرجعية والعنصرية في العالم، ولم تكن يوما ما في صف الشعوب المضطهدة والقيم الإنسانية والتحررية، إنها موجودة في سوريا فقط لأجل ضمان مصالحها الإستراتيجية في سوريا والمنطقة ومواجهة النفوذ الروسي. واعتقد ان تحالف أمريكا مع - قوات سوريا الديمقراطية- هو لسد فراغ ونقص أمريكي في عدم وجود قوات برية كبيرة لها على الأراضي السورية من خلال القوات النظامية او الشركات الأمنية، وبالتالي تعتمد على القوى العسكرية البشرية لـ -قوات سوريا الديمقراطية- في تنفيذ أجندتها داخل سوريا. هذا التحالف مشابه لتحالف بعض إطراف المعارضة العراقية من خلال - المؤتمر الوطني العراقي- مع أمريكا سياسيا وعسكريا قبيل إسقاط النظام البعثي الدكتاتوري في العراق، واعتقد انه تحالف وقتي هش ووفق المصالح الأمريكية، ويضفي الشرعية على التدخل الأمريكي وممارساته في سوريا، إضافة على إنها مساهمة في تجميل وجه أمريكا القبيح والكالح محليا وإقليميا وعالميا. أمريكا معروفة بالتخلي عن حلفائها عند انتهاء مهماتهم! أو عندما تتعارض مع أجندتها كما حصل في عفرين، ولدينا أمثلة كثيرة أخرى، ومصالحها الإستراتيجية مع تركيا هي الأهم والأساس والمسألة قضية وقت لا أكثر.

7- الدولة القومية؟ أم دولة المواطنة و الحقوق؟
اعتقد ان التطور الفكري والمعرفي والحقوقي الكبير للبشرية، وسيادة ثقافة حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية التي تستند الى الحقوق المتساوية والمواطنة، تتعارض الان بشكل كبير مع الولاءات الاثنية والدينية ومفاهيم الحكم -الدولة القومية-، ونرى الآن ان معظم الدول القومية في الشرق الأوسط والعالم العربي تحولت الى دكتاتوريات مستبدة تدير دولاً فاشلة عن طريق القمع والفساد، وعجزت عن توفير أدنى درجات المساواة والعدالة الاجتماعية لمواطنيها حتى لمواطني «القومية الحاكمة! »، وتفتقد إلى ابسط مقومات الحكم الديمقراطي الرشيد، وأنظمة دكتاتورية كالنظام البعثي القومي العروبي في سوريا، هما مثال للدولة القومية الحاكمة، ودولة جنوب السودان وتجربة شبه الدولة في إقليم كردستان العراق لحين مرحلة ما قبل الاستفتاء، هما مثال - للدول القومية المتحررة والمستقلة- حديثا.
لذلك أرى انه لا بد من المطالبة بتحييد دور الدين والقومية عن الدولة وتقييد تشكيل أحزاب على أساس ديني او قومي، والعمل والنضال من اجل دولة المواطنة الدستورية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان والمساواة وسيادة القانون وفصل السلطات والخدمات لا بد أن يكون أساس ومحور نضالنا الآن، ومن خلالها تتحقق المساواة وضمان الحقوق القومية لكل القوميات والأديان، وليس التركيز على حشد الجماهير الكادحة على أساس قومي وإدخالهم في حروب وصراعات قومية وأزمات عميقة وتأجيج التعصب والكره القومي، من اجل بناء دول - اطر جديدة على أساس قومي لن تكون في الاخير غير ممثل لمصالح البرجوازيات القومية ولخدمة أهدافها.


2017-10-17 18:25 GMT+02:00 Rezgar Akrawi <rezgarshakr@gmail.com>:
 الزملاء الاعزة في موقع عينكاوه الشقيق
تحية طيبة

 
ارجو شاكرا وان امكن نشر الموضوع ادناه في اذا كان مناسبا مع قواعد نشركم.
مع كل المودة والاحترام
رزكار عقراوي
 *******************



-------------------------------------------------
اليسار و«الاستفتاء» في إقليم كردستان.. ما العمل والمهمات؟
 
رزكار عقراوي
 
1-     المقدمة
 
القوى اليسارية في العراق كانت سباقة في النضال مِنْ أجل حقوق القوميات والأقليات والدفاع عنها، ونادت بحقها في تقرير مصيرها منذ بداية تشكل أولى التنظيمات الشيوعية واليسارية في ثلاثينات القرن المنصرم، وكان لها موقفٌ امميٌّ واضح وأعطت مثلاً إنسانياً رائعاً لأحزاب تضم كافة القوميات والأقليات الموجودة في العراق، وكانت الوحدة الأممية الطبقية أحد الروابط الأساسية في تلك التنظيمات السياسية.
ومع أن للكثير من القوى والشخصيات اليسارية العراقية والكردستانية موقفاً داعماً ومؤيداً لحق تقرير المصير للشعب الكردي من خلال استفتاء ديمقراطي، ولكنّها لم تدعم أو تؤيّد استفتاء 25 أيلول/سبتمبر الذي أُجري في إقليم كردستان العراق. وذلك لأسباب كثيرة، منها: افتقاده إلى أبسط مقومات الاستفتاءات الديمقراطية حسب القانون الدولي وحتى بمعايير العالم الثالث، وعدم شرعيته، وتوقيته غير الملائم، وغياب التوافق المحليّ عليه، وعدم إشراك جميع الأطراف به، إضافة إلى غياب الدعم والإشراف الدولي على إجراءاته.
موضوعة الاستفتاء، وإيجاد حلول للمشكلات القومية في العراق، من الممكن أن تتعدَّد آراء واجتهادات اليسار العراقي والكردستاني بشأنها، وأرى أنَّ بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء الذين أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير كأشخاص وأحزاب يسارية ولهم دور نضالي معروف في الدفاع عن حقوق الجماهير الكادحة، وكان لي شرف النضال  والعمل التنظيمي معهم أو تربطني  بهم علاقات رفاقية أعتز بها كثيراً، اختاروا أن يتبنّوا سياسات أخرى وطرحوا حلولاً للمشكلة القومية في العراق من الممكن أن تكون خاطئة ولا تصب في صالح الجماهير، بل يمكن حتى أن تكون داعمة بشكل غير مباشر لأحد طرفي أقطاب الحكم والصراع القومي المقيت في العراق.
اليسار، برأيي، يجب أن لا يقف مع «حكامه القوميين» سواء أكان ذلك وفق مفهوم «التحرر القومي» في أربيل أو «الدفاع عن الوطن ووحدته» في بغداد، وقد أثبتت تجارب الجماهير مع حكمهم الفاسد والمستبد أن ذلك ليس إلا ذريعة وغطاء لتعزيز حكمهم الدكتاتوري وترسيخه. حيث في الإقليم اختاروا دون قيد أو شرط دعم وترسيخ سلطة حزب دكتاتوري ورئيسه باسم الاستفتاء الجماهيري الديمقراطي للقومية «المظلومة»، وفي العراق أيَّد بعض التنظيمات والرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار إجراءات وقرارات حكومة الإسلام السياسي الشوفينية في بغداد بحق سكّان إقليم كردستان ما بعد الاستفتاء، بل إن البعض منهم رفض حتى مبدأ حق تقرير المصير من خلال استفتاء ديمقراطي.
وسأحاول هنا طرح وجهة نظري التي تقبل الخطأ والصواب حول «اليسار المؤيد للاستفتاء» و«اليسار الرافض لحق تقرير المصير» والنقاط التي تم الاستناد إليها في أطروحاتهم وفق الوقائع الحالية، وما العمل لحل المشكلات القومية في العراق ومهمات اليسار.
 
 
 
2-  اليسار المؤيد للاستفتاء
 
- 2.1اليسار الكردي والانفصال القومي تنظيميا....
 
لدينا حالة مهمة في العراق تستحق التوقف عندها ودراستها وأعتقد أنها تتطلب معالجة مستقلة بحد ذاتها ولنا كيسار تجارب مماثلة في دول أخرى، وهي أن اليسار الكردستاني قد اختار الانفصال والاستقلال عن اليسار العراقي قبل أن تطرح القوى القومية الكردية الانفصال والاستقلال القومي؛ فقد انشق الحزب الشيوعي الكردستاني طوعياً عن الحزب الشيوعي العراقي في العام 1993، وكذلك انشق الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني طوعيا أيضا في 2008 عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي. وأثبتت الوقائع الحالية أن الأسس والأسباب التي استند إليها اليسار الكردي في تكوين أحزابه اليسارية القومية المستقلة آنذاك لم تكن صائبة ولم تؤدِّ إلى تقويتها وتعزيز وجودها بين الجماهير الكادحة في الإقليم كما كان مؤمّلاً. بل إنَّ العكس هو ما حدث؛ فقد تراجعت وأصبحت أحزاباً صغيرة ذات تأثير محدود جداً. وقد انعكس هذا الانشقاق القومي الجغرافي بشكل سلبي كبير على عموم اليسار في العراق. وبرأيي أن هذه الانشقاقات الطوعية تعود إلى حصول نوع من الانفصال الإداري - الحكومي بين الإقليم والمركز، ووجود مشكلات قومية معقدة في العراق، وقوة ونفوذ التيار القومي العربي والكردي وانعكاسه على عموم المجتمع بما فيه قوى اليسار، وكذلك التوجه لتغليب البعد القومي على البعد الإنساني الطبقي في بعض أحزاب اليسار، وتراجع اليسار بشكل عام محلياً وإقليمياً وعالمياً ولأسباب مختلفة.


2.2-  هل الاستفتاء يعبر عن إرادة الجماهير؟
 
من خلال متابعتي المتواصلة لم أسمع بأي مظاهرة أو تحشيد جماهيري كبير في إقليم كردستان العراق طالب بالاستفتاء والاستقلال في السنوات الأخيرة، ولم يكن مطلب الاستفتاء أحد الشعارات الرئيسية في المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية عام 2011 التي عمت مدن الإقليم بعد الربيع العربي؟ بل كانت كلها تطالب بالخدمات والرواتب والعدالة والحقوق الإنسانيّة والديمقراطية، وتناهض فساد حكام الإقليم واستبدادهم، وكان لمعظم قوى اليسار في إقليم كردستان دور نضالي قدير ومشهود فيها. لم أسمع أن رفاقي ورفيقاتي في اليسار المؤيد للاستفتاء أجروا إحصائيات دقيقة من خلال استبيانات واستطلاعات رأي فتبيَّن لهم أن الاستفتاء هو المطلب الآني الأساسي للجماهير الكادحة في الإقليم! بل إنَّني لم أرَ أنَّ مطلب الاستفتاء كان المطلب الأساسي لمعظم الكتل والأحزاب في الإقليم بشتى توجهاتها الطبقية. وإذاً، فكيف برز الاستفتاء فجأة مِنْ دون سابق إنذار كمطلب جماهيري ملحّ؟! ونرى أيضا انه حتى بعد مضى ما يقارب أكثر من ثلاث أسابيع على الاستفتاء لم يخرج أي نوع من المظاهرات الجماهيرية في مدن الإقليم تطالب الحكام بتنفيذ قرار الجماهير (الأغلبية) المصوتة للانفصال! وهذا يؤكّد أن «الجماهير» لم تنطلق عفوياً بالاستناد إلى حاجاتها قبل وبعد الاستفتاء، بل حركها الحزب الرئيسي الحاكم وحلفاؤه. ويعكس هذا، برأيي، ضعف جماهيرية قرار الاستفتاء وانشغال الجماهير بمشاكلها الحياتية اليومية المتفاقمة في ظل سلطة الفساد والاستبداد في الإقليم.
إذاً، إضفاء كلمة الجماهيري على الاستفتاء وأنه يعبر عن إرادة جماهير إقليم كردستان وحاجاتها الملحة الآن ليس له أساس علمي، بل هو خاطئ وغير واقعي. الأحزاب القومية الكردية الحاكمة، وبالأخص الحزب الديمقراطي الكردستاني، استطاعت جر الأحزاب القومية الأخرى وجزءاً من الجماهير بطرق شرعية وغير شرعية إلى قضية الاستفتاء بحكم ما تملكه من الإمكانيات المالية والعسكرية والإعلامية وسيطرتها على معظم مفاصل السلطة والنفوذ والمال في الإقليم، واستخدام «الأحاسيس القومية» وتأجيجها تحت غطاء حق تقرير المصير. وباعتقادي أن «الاستفتاء» لم يكن مطلب جماهير كردستان الملحّ الآن.
 
2.3- أطروحة القومية الظالمة والقوميّة المظلومة!
 
للأسف، اليسار المؤيد للاستفتاء ردد نفس أطروحات الأحزاب القومية الحاكمة في وجود اضطهاد للقومية الظالمة «العرب» على القومية المظلومة «الكرد» وأحياناً كانوا ملكيين أكثر من الملك! وكما أشرت في مقالاتي السابقة كان هناك اضطهاد قومي صارخ وعنيف في العراق قبل العام 2003 ولكن بعد ذلك ووفق صفقات القوميين الأكراد مع قوى الإسلام السياسي في العراق، تحول إقليم كردستان إلى دولة قومية كاملة تقريبا تنقصها بعض المقومات الشكلية، وبالتالي انتهى الاضطهاد القومي. ومن خلال متابعتي لم أرَ أي تقرير من منظمات حقوق الإنسان الدولية يشير إلى وجود حالات للاضطهاد القومي على الأكراد في العراق ما بعد 2003، بل بالعكس تمت ممارسة الظلم القومي بحق القوميات والأقليات الأخرى في الإقليم وتمت إدانة ذلك من منظمات حقوق الإنسان الدولية (وبالأخص منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش) مرات عدة، ومنها سياسات «التكريد» المقيتة بحق سكان ما سمي بالمناطق المتنازع عليها. لذا أعتقد أن استخدام نصوص ماركسية حول القوميات الظالمة والمظلومة هنا، وكأنها نصوص قرآنية معصومة من الخطأ وصالحة لكل الأزمان والأمكنة لا تتلاءم مع حالة الإقليم وموضوعة الاستفتاء.
الواقع الحقيقي هو أن الأحزاب القومية الكردية كانت أحد أقطاب الحكم الرئيسية في العراق وشاركت مع أحزاب الإسلام السياسي في إشاعة الدمار والعنف والحروب والفقر والفساد والظلم والمآسي التي تمر بها شعوب العراق جمعيها الآن. ولم يعد سراً أن أحد أقطاب الطبقة البرجوازية الحاكمة الرئيسية في الإقليم والمشارك في حكومة بغداد «الحزب الديمقراطي الكردستاني» كان في أزمة عميقة وفي مشاكل متفاقمة في الإقليم مع الأطراف السياسية الأخرى ومع المركز، وأراد من خلال «الاستفتاء» تعزيز وترسيخ موقعه محلياً وإقليماً ودولياً وتمديد رئاسة مسعود البرزاني الذي فقد الشرعية منذ سنوات وفق أجندتهم وأجندة القوى الإقليمية والدولية المتحالفة معهم، والتحضر لمرحلة ما بعد «داعش» في العراق والإقليم والمنطقة. أصل الصراع هو بين أقطاب البرجوازية الحاكمة في العراق وليس ما يسمى بالقومية «الظالمة» والقومية «المظلومة» وليس هناك «معتدي» و«معتدى عليه» في هذا الصراع البعيد كل البعد عن مصالح الجماهير الكادحة.
 
 
2.4- حل المشكلة القومية؟ ام الهاء الجماهير وتهميش الصراع الطبقي؟
 
برأيي أن أحد أهم أهداف الاستفتاء غير المعلنة كانت إجهاض أو تأخير أي استفتاء ديمقراطي حقيقي ملزم وجدي لتقرير مصير ساكني إقليم كردستان بشكل سلمي حضاري بإشراف دولي تشترك فيه الأطراف المختلفة، وبدلاً مِنْ ذلك، إبقاء الورقة القومية المربحة بيد الطغمة الطفيلية الحاكمة في الإقليم. ولا أعلم كيف لليسار والتقدميين، إذا اقتنعوا بضرورة الاستفتاء كمطلب جماهيري ملح الآن وأن الظروف مناسبة لإجرائه، أن يشتركوا و يؤيدوا استفتاءاً غير ملزمٍ! ومِنْ دون غطاء أو دعم دولي؟ ما الذي اختلف، إذاً، عن استفتاء 2005؟ إنه كما أشار رموز الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد يوم واحد من الاستفتاء انه «استبيان» لا أكثر! هل أصوات الجماهير لعبة بيدهم؟ وأكيد أن الأحزاب القومية الحاكمة ستستخدم وتستثمر «التفويض الجماهيري!» فقط لتقوية مركزها لا أكثر للمزيد من الصفقات والامتيازات التي تطمع بها داخلياً وإقليمياً وعالمياً.
وكما نرى أن أحد نتائج الاستفتاء كانت تصاعد لغة الحرب وخطاب التعصب والكره القومي في عموم العراق والإقليم، وتأجيج الحساسيات القومية بشكل كبير بدلاً من حلها. وللأسف، فإنَّ رفاقاً من اليسار اختاروا أن يقدموا النضال «القومي!» على النضال الطبقي والأممي، ومهما كانت تبريراتهم الفكرية للوقوف مع «حزب دكتاتوري ورئيسه» ضدّ ما سمي بـ «العدو القومي»، فإنَّهم يشاركون الآن بشكل غير مباشر في جر عموم ساكني العراق والإقليم إلى صراعات وحروب عنيفة، وإدخال الجماهير الكادحة وخصوصاً في الإقليم في أزمات سياسية واقتصادية أعمق (كما نرى الآن)، وتهميش الصراع الطبقي والهاء الجماهير الكادحة عن مشاكلها اليومية أو المطالبة بحقوقها في الخدمات والرواتب والعدالة والكهرباء والماء والعمل وتخفيض أسعار السلع..... الخ. وكان ذلك أفضل هدية قدمت لطغمة أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة في بغداد للتنفيس عن أزماتها العميقة.
ورغم الرفض الدولي وتهديدات دول الجوار التي من الممكن أن تخلق أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية قوية وحتى صراعات مسلحة، لم يتراجع اليسار المؤيد للاستفتاء عن دعمه له غير أبهين بالتأثيرات السلبية الكبيرة التي من الممكن أن تنعكس على الجماهير الكادحة في الإقليم وعموم العراق.
 
2.5- موقف اليسار المؤيد للاستفتاء من «ديمقراطية!» العملية الانتخابية.
 
اليسار المؤيد للاستفتاء يطرح أن أغلبية جماهير كردستان «صوتت بنعم» وأنَّ ذلك يعبر عن إرادتها، ولكن هم يعلمون قبل الجميع أجواء القمع والخوف والتخوين وهستيريا التعصب القومي، والانتهاكات والتهديدات العلنية التي رافقت عملية الاستفتاء وخصوصاً في مناطق سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، سيطرة الحزبين الحاكمين على كل الأجهزة العسكرية والأمنية والحكومية، وكذلك افتقاد «العملية الانتخابية للاستفتاء» إلى مؤسسات مستقلة ونزيهة للإشراف عليه وإدارته، فتجربة السنوات الماضية أثبتت لنا أن الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في إقليم كردستان وعموم العراق، قد استخدمت كل الطرق الملتوية والتزوير والرشوة واستخدام المال السياسي، وسطوة الميلشيات الحزبية وقمع الرأي الآخر.. الخ، لفرض سلطتها وتمرير سياساتها من خلال «انتخابات» شكلية تحت إشراف «مفوضيات مستقلة!» هي بالأساس مستندة إلى التقسيم الطائفي والقومي والحزبي ويسودها الفساد الكبير وتفتقد إلى النزاهة، وكل هذا في غياب إشراف دولي ذي مصداقية على العملية الانتخابية، ومع ذلك فإنَّ نسبة مقاطعة الاستفتاء قد قاربت النصف حسب الإحصائيات المستقلة، ولم تؤيد أي جهة دولية رسمية أو غير رسمية ذات مصداقية النتائج الرسمية التي أعلنت من قبل حكام الإقليم.
للأسف، فإنَّ ذلك يعطي انطباعاً سلبياً، ومن الممكن أن يعكس ازدواجية في المواقف وخللاً كبيراً في المصداقية الديمقراطية لليسار المؤيد للاستفتاء، حيث أن اليسار يجب أن يدافع عن ديمقراطية العملية الانتخابية ونزاهتها بغض النظر عن ما إذا كان مؤيداً أو معارضاً للسلطات الحاكمة وإجراءاتها وقراراتها، ومِنْ واجبه أنْ يطالب بتوفير أجواء ديمقراطية مناسبة وآليات مرنة لكي تعبر الجماهير عن رأيها بحرية.. سواء بالمقاطعة أم بالتصويت بـ «نعم» أو بـ «لا» وإلا فإنَّه سيعتبرها غير ديمقراطية ولا يجوز المشاركة فيها. لكنَّه، للأسف، لم يقم بإدانة التجاوزات الصارخة والتزوير المفرط وكل الإجراءات غير الديمقراطية التي رافقت الاستفتاء، بل اعتبرها شرعية بالكامل! واعتبر نتيجة الاستفتاء تعبّر عن رأي أغلبية الجماهير في الإقليم رغم المقاطعة الكبيرة، لكونه، أي ذلك اليسار، من مؤيدي الاستفتاء ومع توجه السلطة الحاكمة في الإقليم لا غير. وأرى أن نسبة المقاطعة الكبيرة جداً للاستفتاء أو التصويت بـ «لا» عكست موقفاً ثورياً جريئاً لجماهير كردستان بوجه الطغمة الحاكمة في الإقليم وممارساتها.
 
 
3-     اليسار الرافض للاستفتاء وحق تقرير المصير
 
بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار في العراق كتنظيمات وكشخصيات، لا يتقبلون إلى الآن حق تقرير المصير لساكني إقليم كردستان كمفهوم مبدئي عام، لا بل إنَّهم يقفون ضده. ومن هذا المنطلق، وقفوا مع حكام بغداد ومع إجراءاتهم الشوفينية بحق ساكني الإقليم، ويستندون في ذلك إلى الدفاع عن وحدة «الوطن» العراقي ومناهضة تقسيمه ويدعون إلى الاستناد إلى «الدستور»، وبشكل عام مواقفهم في هذه القضية المهمّة تقترب من أو هي مؤيدة بشكل عام لتوجهات الحكومة العراقية وقوى الإسلام السياسي الحاكمة.
 
3.1- وحدة الوطن مناهضة التقسيم
 
أحد مبررات رفض مبدأ حق تقرير المصير وحق الانفصال من خلال استفتاء ديمقراطي هو من أجل الدفاع عن سيادة الدولة ووحدة الأراضي العراقية والثوابت والمبادئ الوطنية، ومناهضة التقسيم واعتبار الحدود العراقية أمراً مقدساً لا يجوز المساس بها وأي توجه نحو ذلك يعتبر من جرائم الخيانة العظمى! وكما هو معلوم، العراق دولة أُنشئت وفق اتفاقية سايكس بيكو 1916، وتم دمج قوميات وأديان مختلفة في وحدة قسرية استناداً إلى مصالح الدول الاستعمارية آنذاك واتفاقياتها في تقسيم الشرق الأوسط. لذلك، أعتقد ان وحدة أراضي العراقية ليست بالأمر المقدس الذي لا يجوز التفريط به، ولا تعني الكثير برأيي في مقابل حياة وحقوق الجماهير الكادحة وتوفير أجواء آمنة لعموم المجتمع، وأعتقد كماركسيين ويساريين علينا أن ننبذ الوحدة القسرية بين الشعوب وأن ندعم التعايش والوحدة الطوعية على أساس المواطنة المتساوية، وفي نفس الوقت نؤيد وندعم أيضاً حق تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة لكل ساكني العراق، سواء أكان على أساس قومي، أم جغرافي، أم مناطقي.... الخ، إذا كان ذلك سيعطي حقوقاً ومساواة أكثر وحياة أفضل لهم، وسيخفف من حدة الصراع والتناحر القومي والديني والطائفي كما يجري الآن في العراق.
 
3.2- الشوفينية القومية ورفض مبدأ حق تقرير المصير
 
الكثير من رفاق ورفيقات وتنظيمات اليسار في العراق مازالوا تحت تأثيرات الفكر القومي العروبي المتعصب، الذي يرى في أي توجه للأقليات للمطالبة بالحقوق القومية أو الانفصال في دول العالم العربي مؤامرة استعمارية - إسرائيلية ليس هدفها إلا لتفتيت الدول العربية وضرب وحدتها، في حين أنَّهم يطالبون ويناضلون من أجل أن يتمتع الشعب الفلسطيني بحق تقرير مصيره و تشكيل دولته المستقلة، ينفون ذلك الحق عن الشعوب والأقليات غير العربية  في دول العالم العربي وبل يقفون ضده. اعتقد انه على قوى اليسار في العراق وعموم العالم العربي والشرق الأوسط ان تناضل وتدعوا كافة القوميات إلى الوحدة الطوعية وفق مبدأ المواطنة وفصل الدين عن الدولة وتوعية الجماهير الكادحة بروح الإخاء الإنساني والمساواة القومية والدينية الكاملة، ولكن في نفس الوقت الدفاع عن حق الأقليات القومية الكامل والشرعي في تقرير المصير سواء بالبقاء في أطر الدول الحالية بأي شكل كان (الحكم الذاتي، الفيدرالية، والكونفدرالية..... الخ )، أو الانفصال وتشكيل دول مستقلة، وهذا لا يشمل العراق فقط، بل الكثير من الدول العالم العربي التي فيها مشاكل قومية وأثنية.
 
3.3- الدعوة للالتزام بالدستور وتأييد الحكومة والبرلمان
 
للأسف، أيد بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار إجراءات وقرارات حكومة الإسلام السياسي الطائفية – الشوفينية وبرلمانها في بغداد بحق ساكني إقليم كردستان، وهما يعتبران مِنْ أفسدِ وأسوأ الحكومات والبرلمانات في العالم. وأيدوا، أيضاً، قرار المحكمة الاتحادية مع علمهم بعدم نزاهة القضاء العراقي وانعدام استقلاليته، ومنها إجراءات مجحفة ستؤثر سلباً بشكل كبير على الجماهير الكادحة وعموم المجتمع، ولن تتأثر بها الطغمة الحاكمة في الإقليم، بل إن البعض منهم رفض بشكل تام مبدأ حق تقرير المصير من خلال استفتاء ديمقراطي سلمي مستندين إلى «الدستور العراقي»، الذي صيغ وفق توافقات قوى الإسلام السياسي والقوى القومية الكردية وحلفائهم، في حين أنَّه حق مكفول ومعترف به في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ومستمدة من الأفكار الماركسية واليسارية ومنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن لا يخضع لتفسيرات دستورية محلية. وللأسف، لم يدينوا بشكل واضح التلويح بالحصار الاقتصادي والتدخل العسكري وتدخل الدول الإقليمية وخصوصاً الأنظمة الدكتاتورية في إيران وتركيا وتعاون حكومة بغداد الجبان والمدان معهم، والإجراءات والمناورات العسكرية المشتركة لتهديد سكّان الاقليم، بل، للأسف الشديد، أن قسماً قليلاً طالب الحكومة بإجراءات أشد ومنها العسكرية.
 
 
4- ما هو البديل لحل المشكلات القومية في العراق؟
 
لحل المشكلات القومية في العراق والتوصّل إلى تحديد واضح لعلاقة الإقليم مع المركز ونوعها ومصير المناطق المتنازع عليها، أنا مع إجراء استفتاءات ديمقراطية سلمية ملزمة للمركز والإقليم وبإشراك الأطراف المختلفة بعد فترة تحضير مناسبة، وأعتقد أن على قوى اليسار في العراق والإقليم تبني حل تدخل الأمم المتحدة، ومطالبة كافة الأطراف بالبدء بالحوار السلمي والمفاوضات تحت إشراف دولي لحل كافة المشكلات القومية في العراق وليس الكردية فقط، وأن نطالب بتشكيل لجنة - بعثة أممية دائمية تشرف على ذلك، وتكون مهمتها الأساسية إيجاد حل سلمي وفق القانون والمواثيق الدولية وتوفير الأجواء الملائمة لذلك.
طرحي لحل الأمم المتحدة يستند للأسباب التالية:
-         باعتباره هو أفضل الحلول الموجودة الآن، حيث أحياناً بسبب ضعف القوى اليسارية والتقدمية في المركز والإقليم لا بد أن نختار بين السيء والأسوأ الآن، رغم تحفظي الكبير على سياسات الأمم المتحدة وهيمنة الدول الرأسمالية الكبرى عليها.
-         سيطرة الفكر القومي الشوفيني العروبي - الإسلامي المتعصب على معظم النخب السياسية العراقيّة، يؤجِّج النزعة الإقصائية تجاه القوميات والأديان الأخرى في العراق.
-         استخدام الطغمة الحاكمة في الإقليم للقضية القومية الكردية لترسيخ دكتاتوريتها، واحتكار الحزبين الحاكمين للسلاح في الإقليم وسيطرتهم الحزبية على كافة القوى العسكرية والأمنية التي تعمل كميلشيات حزبية، بحيث يجعل مصداقية أي عملية انتخابية في الإقليم ضعيفة، ففي ظل سطوة تلك القوى لا يمكن للرأي الآخر المعارض لها أنْ ينشط بحرية في حالة عدم وجود ضغط وإشراف دولي.
-         الضعف الكبير في المؤسسات الدستورية وعدم وجود مفوضية انتخابات ديمقراطية ونزيهة مستقلة سواء في بغداد أو أربيل.
-         عدم وجود قضاء مستقل ونزيه وغياب الفصل بين السلطات في المركز والإقليم.
-         قطبا الحكم يفتقدون إلى المصداقية والنزاهة لحل المشكلة القومية في العراق، ولذلك لابد من وجود إشراف وضغط دولي.
-         إشراف الأمم المتحدة من الممكن أن يؤدي إلى إعاقة أو على الأقل إضعاف التدخل السلبي للدول الإقليمية.
-         الاستفادة من الخبرة الكبيرة للأمم المتحدة في حل المشكلات القومية وإدارة وتقديم الدعم والخبرة والتدريب في حالة موافقة الأطراف المختلفة على إجراء استفتاء ديمقراطي تحت إشراف دولي.
-         من الضروري وجود دور وإشراف أمميّ مؤثر في تقرير مصير المناطق المتنازع عليها ذات التنوع القومي والديني الكبير مثل منطقة كركوك وسهل نينوى، وأن يكون لها استفتاءات محلية خاصة بها.
 
 
5- مهمات اليسار
 
لقد تم جر الجماهير بشكل أكبر إلى الصراعات القومية في فترة ما بعد الاستفتاء والتي تعمقت أكثر الآن، وتم إلهائها بشكل كبير عن المطالبة بحقوقها وإيجاد حلول لمشاكلها اليومية في عموم أنحاء العراق، وخلقت أجواء من القلق والتوتر والخوف بين عموم الجماهير من المستقبل والحروب. الأحزاب القومية الكردية وقوى الإسلام السياسي الحاكمة كانت بأمس الحاجة إلى هكذا صراع مقيت، لصرف الأنظار عن سياستها الفاسدة والمستبدة وترسيخ سلطتها الكالحة، وللأسف نجحت في ذلك والذي حصل كان «انتصاراً وقتياً» للطغمة الحاكمة في إقليم كردستان وأحزاب الإسلام السياسي والحكم الرجعي في بغداد، وهم عاجلاً أم آجلاً سيرجعون ويتفاوضون حول تقسيم السلطة والسرقات ويتحالفون معاً مرة أخرى، لإدامة حكمهم المشترك المستبد والفاسد الذي خلق المآسي والحرمان والفقر لعموم ساكني العراق وإقليم كردستان. ولمواجهة ذلك الأن أعتقد أن على قوى اليسار في العراق والإقليم ما يلي:
 
-         أن تدين بشدة لغة السلاح وفرض الأمور بالقوة العسكرية من كل الأطراف وبأي تبريرات كانت، وتقف ضد تصاعد لغة الكره والتعصب والحقد والاستعلاء القومي سواء أكان عربياً أم كردياً أم تركمانياً......الخ، وضد الحكم الفاسد في بغداد وأربيل وسياسات الاستبداد والنهب والإفقار، والتركيز على النضال من أجل الدولة المدنية، والدفاع عن حقوق الجماهير الكادحة وحقوق الإنسان والحريات والمساواة والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
-         تبنّي حل الأمم المتحدة لحل المشكلة القومية في العراق، والنضال والدفاع وتوعية الجماهير بالوحدة الطوعية الإنسانية وفق مبدأ المواطنة المتساوية في العراق لكل القوميات والأديان، وفي نفس الوقت الإقرار بحق القوميات الساكنة في العراق في تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة.
-         الدفاع عن الحقوق الإنسانية المتساوية لسكان ما سمي بالمناطق المتنازع عليها ذات التنوع القومي والديني، ومناهضة سياسات الاضطهاد القومي المقيتة سواء أاتخذت شكل «التعريب» أو «التكريد»، ولحين تقرير مصيرها بشكل ديمقراطي أرى من الأنسب أن تكون تحت إشراف دولي وبإدارة ذاتية مشتركة من ساكنيها.
-         يفصل خطه عن البارزاني واستفتائه وعن خط العبادي وإجراءاته العقابية الشوفينية، ويقر بان الطرفين يقفان في الجبهة المعادية للجماهير الكادحة.
-         التركيز على هويتنا الإنسانية قبل القومية، وأن نوضح أن الصراع الحالي هو ليس بين شعوب العراق وخصوصاً «العرب والكرد»، بل هو صراع فج وقذر بين الطبقات الحاكمة في بغداد واربيل وحلفائهم الإقليمين والدوليين باسمنا وفق نظام حكمهم المستند إلى المحاصصة الطائفية والقومية المقيتة.
-         التفكير في إعادة توحيد أحزاب اليسار في العراق والإقليم بعد الفصل التنظيمي الذي حصل، وخلق نوع من ألآليات التنظيمية المرنة لكي توحد وتنسق عملها على صعيد البلد الواحد.
-         أحزاب اليسار والقوى التقدمية في العراق والإقليم مطالبة قبل أي وقت مضى بالتقارب وتعزيز العمل المشترك وصولاً الى تحالف يساري - ديمقراطي واسع.
-         ...................
 
 
6- الخاتمة
 
كماركسيين ويساريين لا بد أن نتعامل بعقلانية علمية وندرس الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وموازين القوى الطبقية وقدرات وقوة «أعدائنا»، والإمكانيات الواقعية لتحقيق الحلول التي نطرحها وآلياتها، ونتجنب المشاركة في جر الجماهير الى حروب قومية أو طائفية خاسرة ومدمرة. ومع أني لا أناضل من أجل تشكيل دول على أساس قومي إلا أنَّني ادعم وأؤيد توجه ورغبة أي مجموعة سكانية معينة سواء أاتخذت شكل القومية أو أي تكوين آخر في تقرير مصيرها بشكل ديمقراطي سلمي، وحتى الانفصال وتشكيل دول مستقلة، إذا كان ذلك سيؤدي إلى حقوق وحياة أفضل لهم، وسلام وآمان أكثر لعموم ساكني المنطقة. ومع تأييدي الكامل للحق الكامل والشرعي للشعب الكردي لتقرير المصير بما فيه الانفصال، إلا أنَّني في حالة إقليم كردستان لا أرى أن الظروف مناسبة الآن للانفصال والاستقلال وإعلان الدولة القومية، وأعتقد أن الجماهير الكادحة في الإقليم والعراق تُجر إلى حروب وصراعات قومية كما يجري الآن، وستتعرض إلى أزمات اقتصادية وسياسية أعمق من أجل «دولة قومية» حتى إذا تشكلت الآن في الإقليم لن تكون إلا نموذجاً دكتاتورياً جديداً بائساً للدول القومية الفاشلة في المنطقة، ولن تغير شيئاً من حياة الجماهير الكادحة.
 



6
اليسار و«الاستفتاء» في إقليم كردستان.. ما العمل والمهمات؟

رزكار عقراوي
 
1-     المقدمة
 
القوى اليسارية في العراق كانت سباقة في النضال مِنْ أجل حقوق القوميات والأقليات والدفاع عنها، ونادت بحقها في تقرير مصيرها منذ بداية تشكل أولى التنظيمات الشيوعية واليسارية في ثلاثينات القرن المنصرم، وكان لها موقفٌ امميٌّ واضح وأعطت مثلاً إنسانياً رائعاً لأحزاب تضم كافة القوميات والأقليات الموجودة في العراق، وكانت الوحدة الأممية الطبقية أحد الروابط الأساسية في تلك التنظيمات السياسية.
ومع أن للكثير من القوى والشخصيات اليسارية العراقية والكردستانية موقفاً داعماً ومؤيداً لحق تقرير المصير للشعب الكردي من خلال استفتاء ديمقراطي، ولكنّها لم تدعم أو تؤيّد استفتاء 25 أيلول/سبتمبر الذي أُجري في إقليم كردستان العراق. وذلك لأسباب كثيرة، منها: افتقاده إلى أبسط مقومات الاستفتاءات الديمقراطية حسب القانون الدولي وحتى بمعايير العالم الثالث، وعدم شرعيته، وتوقيته غير الملائم، وغياب التوافق المحليّ عليه، وعدم إشراك جميع الأطراف به، إضافة إلى غياب الدعم والإشراف الدولي على إجراءاته.
موضوعة الاستفتاء، وإيجاد حلول للمشكلات القومية في العراق، من الممكن أن تتعدَّد آراء واجتهادات اليسار العراقي والكردستاني بشأنها، وأرى أنَّ بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء الذين أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير كأشخاص وأحزاب يسارية ولهم دور نضالي معروف في الدفاع عن حقوق الجماهير الكادحة، وكان لي شرف النضال  والعمل التنظيمي معهم أو تربطني  بهم علاقات رفاقية أعتز بها كثيراً، اختاروا أن يتبنّوا سياسات أخرى وطرحوا حلولاً للمشكلة القومية في العراق من الممكن أن تكون خاطئة ولا تصب في صالح الجماهير، بل يمكن حتى أن تكون داعمة بشكل غير مباشر لأحد طرفي أقطاب الحكم والصراع القومي المقيت في العراق.
اليسار، برأيي، يجب أن لا يقف مع «حكامه القوميين» سواء أكان ذلك وفق مفهوم «التحرر القومي» في أربيل أو «الدفاع عن الوطن ووحدته» في بغداد، وقد أثبتت تجارب الجماهير مع حكمهم الفاسد والمستبد أن ذلك ليس إلا ذريعة وغطاء لتعزيز حكمهم الدكتاتوري وترسيخه. حيث في الإقليم اختاروا دون قيد أو شرط دعم وترسيخ سلطة حزب دكتاتوري ورئيسه باسم الاستفتاء الجماهيري الديمقراطي للقومية «المظلومة»، وفي العراق أيَّد بعض التنظيمات والرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار إجراءات وقرارات حكومة الإسلام السياسي الشوفينية في بغداد بحق سكّان إقليم كردستان ما بعد الاستفتاء، بل إن البعض منهم رفض حتى مبدأ حق تقرير المصير من خلال استفتاء ديمقراطي.
وسأحاول هنا طرح وجهة نظري التي تقبل الخطأ والصواب حول «اليسار المؤيد للاستفتاء» و«اليسار الرافض لحق تقرير المصير» والنقاط التي تم الاستناد إليها في أطروحاتهم وفق الوقائع الحالية، وما العمل لحل المشكلات القومية في العراق ومهمات اليسار.
 
 
 
2-  اليسار المؤيد للاستفتاء
 
- 2.1اليسار الكردي والانفصال القومي تنظيميا....
 
لدينا حالة مهمة في العراق تستحق التوقف عندها ودراستها وأعتقد أنها تتطلب معالجة مستقلة بحد ذاتها ولنا كيسار تجارب مماثلة في دول أخرى، وهي أن اليسار الكردستاني قد اختار الانفصال والاستقلال عن اليسار العراقي قبل أن تطرح القوى القومية الكردية الانفصال والاستقلال القومي؛ فقد انشق الحزب الشيوعي الكردستاني طوعياً عن الحزب الشيوعي العراقي في العام 1993، وكذلك انشق الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني طوعيا أيضا في 2008 عن الحزب الشيوعي العمالي العراقي. وأثبتت الوقائع الحالية أن الأسس والأسباب التي استند إليها اليسار الكردي في تكوين أحزابه اليسارية القومية المستقلة آنذاك لم تكن صائبة ولم تؤدِّ إلى تقويتها وتعزيز وجودها بين الجماهير الكادحة في الإقليم كما كان مؤمّلاً. بل إنَّ العكس هو ما حدث؛ فقد تراجعت وأصبحت أحزاباً صغيرة ذات تأثير محدود جداً. وقد انعكس هذا الانشقاق القومي الجغرافي بشكل سلبي كبير على عموم اليسار في العراق. وبرأيي أن هذه الانشقاقات الطوعية تعود إلى حصول نوع من الانفصال الإداري - الحكومي بين الإقليم والمركز، ووجود مشكلات قومية معقدة في العراق، وقوة ونفوذ التيار القومي العربي والكردي وانعكاسه على عموم المجتمع بما فيه قوى اليسار، وكذلك التوجه لتغليب البعد القومي على البعد الإنساني الطبقي في بعض أحزاب اليسار، وتراجع اليسار بشكل عام محلياً وإقليمياً وعالمياً ولأسباب مختلفة.


2.2-  هل الاستفتاء يعبر عن إرادة الجماهير؟
 
من خلال متابعتي المتواصلة لم أسمع بأي مظاهرة أو تحشيد جماهيري كبير في إقليم كردستان العراق طالب بالاستفتاء والاستقلال في السنوات الأخيرة، ولم يكن مطلب الاستفتاء أحد الشعارات الرئيسية في المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية عام 2011 التي عمت مدن الإقليم بعد الربيع العربي؟ بل كانت كلها تطالب بالخدمات والرواتب والعدالة والحقوق الإنسانيّة والديمقراطية، وتناهض فساد حكام الإقليم واستبدادهم، وكان لمعظم قوى اليسار في إقليم كردستان دور نضالي قدير ومشهود فيها. لم أسمع أن رفاقي ورفيقاتي في اليسار المؤيد للاستفتاء أجروا إحصائيات دقيقة من خلال استبيانات واستطلاعات رأي فتبيَّن لهم أن الاستفتاء هو المطلب الآني الأساسي للجماهير الكادحة في الإقليم! بل إنَّني لم أرَ أنَّ مطلب الاستفتاء كان المطلب الأساسي لمعظم الكتل والأحزاب في الإقليم بشتى توجهاتها الطبقية. وإذاً، فكيف برز الاستفتاء فجأة مِنْ دون سابق إنذار كمطلب جماهيري ملحّ؟! ونرى أيضا انه حتى بعد مضى ما يقارب أكثر من ثلاث أسابيع على الاستفتاء لم يخرج أي نوع من المظاهرات الجماهيرية في مدن الإقليم تطالب الحكام بتنفيذ قرار الجماهير (الأغلبية) المصوتة للانفصال! وهذا يؤكّد أن «الجماهير» لم تنطلق عفوياً بالاستناد إلى حاجاتها قبل وبعد الاستفتاء، بل حركها الحزب الرئيسي الحاكم وحلفاؤه. ويعكس هذا، برأيي، ضعف جماهيرية قرار الاستفتاء وانشغال الجماهير بمشاكلها الحياتية اليومية المتفاقمة في ظل سلطة الفساد والاستبداد في الإقليم.
إذاً، إضفاء كلمة الجماهيري على الاستفتاء وأنه يعبر عن إرادة جماهير إقليم كردستان وحاجاتها الملحة الآن ليس له أساس علمي، بل هو خاطئ وغير واقعي. الأحزاب القومية الكردية الحاكمة، وبالأخص الحزب الديمقراطي الكردستاني، استطاعت جر الأحزاب القومية الأخرى وجزءاً من الجماهير بطرق شرعية وغير شرعية إلى قضية الاستفتاء بحكم ما تملكه من الإمكانيات المالية والعسكرية والإعلامية وسيطرتها على معظم مفاصل السلطة والنفوذ والمال في الإقليم، واستخدام «الأحاسيس القومية» وتأجيجها تحت غطاء حق تقرير المصير. وباعتقادي أن «الاستفتاء» لم يكن مطلب جماهير كردستان الملحّ الآن.
 
2.3- أطروحة القومية الظالمة والقوميّة المظلومة!
 
للأسف، اليسار المؤيد للاستفتاء ردد نفس أطروحات الأحزاب القومية الحاكمة في وجود اضطهاد للقومية الظالمة «العرب» على القومية المظلومة «الكرد» وأحياناً كانوا ملكيين أكثر من الملك! وكما أشرت في مقالاتي السابقة كان هناك اضطهاد قومي صارخ وعنيف في العراق قبل العام 2003 ولكن بعد ذلك ووفق صفقات القوميين الأكراد مع قوى الإسلام السياسي في العراق، تحول إقليم كردستان إلى دولة قومية كاملة تقريبا تنقصها بعض المقومات الشكلية، وبالتالي انتهى الاضطهاد القومي. ومن خلال متابعتي لم أرَ أي تقرير من منظمات حقوق الإنسان الدولية يشير إلى وجود حالات للاضطهاد القومي على الأكراد في العراق ما بعد 2003، بل بالعكس تمت ممارسة الظلم القومي بحق القوميات والأقليات الأخرى في الإقليم وتمت إدانة ذلك من منظمات حقوق الإنسان الدولية (وبالأخص منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش) مرات عدة، ومنها سياسات «التكريد» المقيتة بحق سكان ما سمي بالمناطق المتنازع عليها. لذا أعتقد أن استخدام نصوص ماركسية حول القوميات الظالمة والمظلومة هنا، وكأنها نصوص قرآنية معصومة من الخطأ وصالحة لكل الأزمان والأمكنة لا تتلاءم مع حالة الإقليم وموضوعة الاستفتاء.
الواقع الحقيقي هو أن الأحزاب القومية الكردية كانت أحد أقطاب الحكم الرئيسية في العراق وشاركت مع أحزاب الإسلام السياسي في إشاعة الدمار والعنف والحروب والفقر والفساد والظلم والمآسي التي تمر بها شعوب العراق جمعيها الآن. ولم يعد سراً أن أحد أقطاب الطبقة البرجوازية الحاكمة الرئيسية في الإقليم والمشارك في حكومة بغداد «الحزب الديمقراطي الكردستاني» كان في أزمة عميقة وفي مشاكل متفاقمة في الإقليم مع الأطراف السياسية الأخرى ومع المركز، وأراد من خلال «الاستفتاء» تعزيز وترسيخ موقعه محلياً وإقليماً ودولياً وتمديد رئاسة مسعود البرزاني الذي فقد الشرعية منذ سنوات وفق أجندتهم وأجندة القوى الإقليمية والدولية المتحالفة معهم، والتحضر لمرحلة ما بعد «داعش» في العراق والإقليم والمنطقة. أصل الصراع هو بين أقطاب البرجوازية الحاكمة في العراق وليس ما يسمى بالقومية «الظالمة» والقومية «المظلومة» وليس هناك «معتدي» و«معتدى عليه» في هذا الصراع البعيد كل البعد عن مصالح الجماهير الكادحة.
 
 
2.4- حل المشكلة القومية؟ ام الهاء الجماهير وتهميش الصراع الطبقي؟
 
برأيي أن أحد أهم أهداف الاستفتاء غير المعلنة كانت إجهاض أو تأخير أي استفتاء ديمقراطي حقيقي ملزم وجدي لتقرير مصير ساكني إقليم كردستان بشكل سلمي حضاري بإشراف دولي تشترك فيه الأطراف المختلفة، وبدلاً مِنْ ذلك، إبقاء الورقة القومية المربحة بيد الطغمة الطفيلية الحاكمة في الإقليم. ولا أعلم كيف لليسار والتقدميين، إذا اقتنعوا بضرورة الاستفتاء كمطلب جماهيري ملح الآن وأن الظروف مناسبة لإجرائه، أن يشتركوا و يؤيدوا استفتاءاً غير ملزمٍ! ومِنْ دون غطاء أو دعم دولي؟ ما الذي اختلف، إذاً، عن استفتاء 2005؟ إنه كما أشار رموز الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد يوم واحد من الاستفتاء انه «استبيان» لا أكثر! هل أصوات الجماهير لعبة بيدهم؟ وأكيد أن الأحزاب القومية الحاكمة ستستخدم وتستثمر «التفويض الجماهيري!» فقط لتقوية مركزها لا أكثر للمزيد من الصفقات والامتيازات التي تطمع بها داخلياً وإقليمياً وعالمياً.
وكما نرى أن أحد نتائج الاستفتاء كانت تصاعد لغة الحرب وخطاب التعصب والكره القومي في عموم العراق والإقليم، وتأجيج الحساسيات القومية بشكل كبير بدلاً من حلها. وللأسف، فإنَّ رفاقاً من اليسار اختاروا أن يقدموا النضال «القومي!» على النضال الطبقي والأممي، ومهما كانت تبريراتهم الفكرية للوقوف مع «حزب دكتاتوري ورئيسه» ضدّ ما سمي بـ «العدو القومي»، فإنَّهم يشاركون الآن بشكل غير مباشر في جر عموم ساكني العراق والإقليم إلى صراعات وحروب عنيفة، وإدخال الجماهير الكادحة وخصوصاً في الإقليم في أزمات سياسية واقتصادية أعمق (كما نرى الآن)، وتهميش الصراع الطبقي والهاء الجماهير الكادحة عن مشاكلها اليومية أو المطالبة بحقوقها في الخدمات والرواتب والعدالة والكهرباء والماء والعمل وتخفيض أسعار السلع..... الخ. وكان ذلك أفضل هدية قدمت لطغمة أحزاب الإسلام السياسي الحاكمة في بغداد للتنفيس عن أزماتها العميقة.
ورغم الرفض الدولي وتهديدات دول الجوار التي من الممكن أن تخلق أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية قوية وحتى صراعات مسلحة، لم يتراجع اليسار المؤيد للاستفتاء عن دعمه له غير أبهين بالتأثيرات السلبية الكبيرة التي من الممكن أن تنعكس على الجماهير الكادحة في الإقليم وعموم العراق.
 
2.5- موقف اليسار المؤيد للاستفتاء من «ديمقراطية!» العملية الانتخابية.
 
اليسار المؤيد للاستفتاء يطرح أن أغلبية جماهير كردستان «صوتت بنعم» وأنَّ ذلك يعبر عن إرادتها، ولكن هم يعلمون قبل الجميع أجواء القمع والخوف والتخوين وهستيريا التعصب القومي، والانتهاكات والتهديدات العلنية التي رافقت عملية الاستفتاء وخصوصاً في مناطق سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني، سيطرة الحزبين الحاكمين على كل الأجهزة العسكرية والأمنية والحكومية، وكذلك افتقاد «العملية الانتخابية للاستفتاء» إلى مؤسسات مستقلة ونزيهة للإشراف عليه وإدارته، فتجربة السنوات الماضية أثبتت لنا أن الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في إقليم كردستان وعموم العراق، قد استخدمت كل الطرق الملتوية والتزوير والرشوة واستخدام المال السياسي، وسطوة الميلشيات الحزبية وقمع الرأي الآخر.. الخ، لفرض سلطتها وتمرير سياساتها من خلال «انتخابات» شكلية تحت إشراف «مفوضيات مستقلة!» هي بالأساس مستندة إلى التقسيم الطائفي والقومي والحزبي ويسودها الفساد الكبير وتفتقد إلى النزاهة، وكل هذا في غياب إشراف دولي ذي مصداقية على العملية الانتخابية، ومع ذلك فإنَّ نسبة مقاطعة الاستفتاء قد قاربت النصف حسب الإحصائيات المستقلة، ولم تؤيد أي جهة دولية رسمية أو غير رسمية ذات مصداقية النتائج الرسمية التي أعلنت من قبل حكام الإقليم.
للأسف، فإنَّ ذلك يعطي انطباعاً سلبياً، ومن الممكن أن يعكس ازدواجية في المواقف وخللاً كبيراً في المصداقية الديمقراطية لليسار المؤيد للاستفتاء، حيث أن اليسار يجب أن يدافع عن ديمقراطية العملية الانتخابية ونزاهتها بغض النظر عن ما إذا كان مؤيداً أو معارضاً للسلطات الحاكمة وإجراءاتها وقراراتها، ومِنْ واجبه أنْ يطالب بتوفير أجواء ديمقراطية مناسبة وآليات مرنة لكي تعبر الجماهير عن رأيها بحرية.. سواء بالمقاطعة أم بالتصويت بـ «نعم» أو بـ «لا» وإلا فإنَّه سيعتبرها غير ديمقراطية ولا يجوز المشاركة فيها. لكنَّه، للأسف، لم يقم بإدانة التجاوزات الصارخة والتزوير المفرط وكل الإجراءات غير الديمقراطية التي رافقت الاستفتاء، بل اعتبرها شرعية بالكامل! واعتبر نتيجة الاستفتاء تعبّر عن رأي أغلبية الجماهير في الإقليم رغم المقاطعة الكبيرة، لكونه، أي ذلك اليسار، من مؤيدي الاستفتاء ومع توجه السلطة الحاكمة في الإقليم لا غير. وأرى أن نسبة المقاطعة الكبيرة جداً للاستفتاء أو التصويت بـ «لا» عكست موقفاً ثورياً جريئاً لجماهير كردستان بوجه الطغمة الحاكمة في الإقليم وممارساتها.
 
 
3-     اليسار الرافض للاستفتاء وحق تقرير المصير
 
بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار في العراق كتنظيمات وكشخصيات، لا يتقبلون إلى الآن حق تقرير المصير لساكني إقليم كردستان كمفهوم مبدئي عام، لا بل إنَّهم يقفون ضده. ومن هذا المنطلق، وقفوا مع حكام بغداد ومع إجراءاتهم الشوفينية بحق ساكني الإقليم، ويستندون في ذلك إلى الدفاع عن وحدة «الوطن» العراقي ومناهضة تقسيمه ويدعون إلى الاستناد إلى «الدستور»، وبشكل عام مواقفهم في هذه القضية المهمّة تقترب من أو هي مؤيدة بشكل عام لتوجهات الحكومة العراقية وقوى الإسلام السياسي الحاكمة.
 
3.1- وحدة الوطن مناهضة التقسيم
 
أحد مبررات رفض مبدأ حق تقرير المصير وحق الانفصال من خلال استفتاء ديمقراطي هو من أجل الدفاع عن سيادة الدولة ووحدة الأراضي العراقية والثوابت والمبادئ الوطنية، ومناهضة التقسيم واعتبار الحدود العراقية أمراً مقدساً لا يجوز المساس بها وأي توجه نحو ذلك يعتبر من جرائم الخيانة العظمى! وكما هو معلوم، العراق دولة أُنشئت وفق اتفاقية سايكس بيكو 1916، وتم دمج قوميات وأديان مختلفة في وحدة قسرية استناداً إلى مصالح الدول الاستعمارية آنذاك واتفاقياتها في تقسيم الشرق الأوسط. لذلك، أعتقد ان وحدة أراضي العراقية ليست بالأمر المقدس الذي لا يجوز التفريط به، ولا تعني الكثير برأيي في مقابل حياة وحقوق الجماهير الكادحة وتوفير أجواء آمنة لعموم المجتمع، وأعتقد كماركسيين ويساريين علينا أن ننبذ الوحدة القسرية بين الشعوب وأن ندعم التعايش والوحدة الطوعية على أساس المواطنة المتساوية، وفي نفس الوقت نؤيد وندعم أيضاً حق تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة لكل ساكني العراق، سواء أكان على أساس قومي، أم جغرافي، أم مناطقي.... الخ، إذا كان ذلك سيعطي حقوقاً ومساواة أكثر وحياة أفضل لهم، وسيخفف من حدة الصراع والتناحر القومي والديني والطائفي كما يجري الآن في العراق.
 
3.2- الشوفينية القومية ورفض مبدأ حق تقرير المصير
 
الكثير من رفاق ورفيقات وتنظيمات اليسار في العراق مازالوا تحت تأثيرات الفكر القومي العروبي المتعصب، الذي يرى في أي توجه للأقليات للمطالبة بالحقوق القومية أو الانفصال في دول العالم العربي مؤامرة استعمارية - إسرائيلية ليس هدفها إلا لتفتيت الدول العربية وضرب وحدتها، في حين أنَّهم يطالبون ويناضلون من أجل أن يتمتع الشعب الفلسطيني بحق تقرير مصيره و تشكيل دولته المستقلة، ينفون ذلك الحق عن الشعوب والأقليات غير العربية  في دول العالم العربي وبل يقفون ضده. اعتقد انه على قوى اليسار في العراق وعموم العالم العربي والشرق الأوسط ان تناضل وتدعوا كافة القوميات إلى الوحدة الطوعية وفق مبدأ المواطنة وفصل الدين عن الدولة وتوعية الجماهير الكادحة بروح الإخاء الإنساني والمساواة القومية والدينية الكاملة، ولكن في نفس الوقت الدفاع عن حق الأقليات القومية الكامل والشرعي في تقرير المصير سواء بالبقاء في أطر الدول الحالية بأي شكل كان (الحكم الذاتي، الفيدرالية، والكونفدرالية..... الخ )، أو الانفصال وتشكيل دول مستقلة، وهذا لا يشمل العراق فقط، بل الكثير من الدول العالم العربي التي فيها مشاكل قومية وأثنية.
 
3.3- الدعوة للالتزام بالدستور وتأييد الحكومة والبرلمان
 
للأسف، أيد بعض الرفاق والرفيقات الأعزّاء من اليسار إجراءات وقرارات حكومة الإسلام السياسي الطائفية – الشوفينية وبرلمانها في بغداد بحق ساكني إقليم كردستان، وهما يعتبران مِنْ أفسدِ وأسوأ الحكومات والبرلمانات في العالم. وأيدوا، أيضاً، قرار المحكمة الاتحادية مع علمهم بعدم نزاهة القضاء العراقي وانعدام استقلاليته، ومنها إجراءات مجحفة ستؤثر سلباً بشكل كبير على الجماهير الكادحة وعموم المجتمع، ولن تتأثر بها الطغمة الحاكمة في الإقليم، بل إن البعض منهم رفض بشكل تام مبدأ حق تقرير المصير من خلال استفتاء ديمقراطي سلمي مستندين إلى «الدستور العراقي»، الذي صيغ وفق توافقات قوى الإسلام السياسي والقوى القومية الكردية وحلفائهم، في حين أنَّه حق مكفول ومعترف به في القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان الدولية ومستمدة من الأفكار الماركسية واليسارية ومنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أن لا يخضع لتفسيرات دستورية محلية. وللأسف، لم يدينوا بشكل واضح التلويح بالحصار الاقتصادي والتدخل العسكري وتدخل الدول الإقليمية وخصوصاً الأنظمة الدكتاتورية في إيران وتركيا وتعاون حكومة بغداد الجبان والمدان معهم، والإجراءات والمناورات العسكرية المشتركة لتهديد سكّان الاقليم، بل، للأسف الشديد، أن قسماً قليلاً طالب الحكومة بإجراءات أشد ومنها العسكرية.
 
 
4- ما هو البديل لحل المشكلات القومية في العراق؟
 
لحل المشكلات القومية في العراق والتوصّل إلى تحديد واضح لعلاقة الإقليم مع المركز ونوعها ومصير المناطق المتنازع عليها، أنا مع إجراء استفتاءات ديمقراطية سلمية ملزمة للمركز والإقليم وبإشراك الأطراف المختلفة بعد فترة تحضير مناسبة، وأعتقد أن على قوى اليسار في العراق والإقليم تبني حل تدخل الأمم المتحدة، ومطالبة كافة الأطراف بالبدء بالحوار السلمي والمفاوضات تحت إشراف دولي لحل كافة المشكلات القومية في العراق وليس الكردية فقط، وأن نطالب بتشكيل لجنة - بعثة أممية دائمية تشرف على ذلك، وتكون مهمتها الأساسية إيجاد حل سلمي وفق القانون والمواثيق الدولية وتوفير الأجواء الملائمة لذلك.
طرحي لحل الأمم المتحدة يستند للأسباب التالية:
-         باعتباره هو أفضل الحلول الموجودة الآن، حيث أحياناً بسبب ضعف القوى اليسارية والتقدمية في المركز والإقليم لا بد أن نختار بين السيء والأسوأ الآن، رغم تحفظي الكبير على سياسات الأمم المتحدة وهيمنة الدول الرأسمالية الكبرى عليها.
-         سيطرة الفكر القومي الشوفيني العروبي - الإسلامي المتعصب على معظم النخب السياسية العراقيّة، يؤجِّج النزعة الإقصائية تجاه القوميات والأديان الأخرى في العراق.
-         استخدام الطغمة الحاكمة في الإقليم للقضية القومية الكردية لترسيخ دكتاتوريتها، واحتكار الحزبين الحاكمين للسلاح في الإقليم وسيطرتهم الحزبية على كافة القوى العسكرية والأمنية التي تعمل كميلشيات حزبية، بحيث يجعل مصداقية أي عملية انتخابية في الإقليم ضعيفة، ففي ظل سطوة تلك القوى لا يمكن للرأي الآخر المعارض لها أنْ ينشط بحرية في حالة عدم وجود ضغط وإشراف دولي.
-         الضعف الكبير في المؤسسات الدستورية وعدم وجود مفوضية انتخابات ديمقراطية ونزيهة مستقلة سواء في بغداد أو أربيل.
-         عدم وجود قضاء مستقل ونزيه وغياب الفصل بين السلطات في المركز والإقليم.
-         قطبا الحكم يفتقدون إلى المصداقية والنزاهة لحل المشكلة القومية في العراق، ولذلك لابد من وجود إشراف وضغط دولي.
-         إشراف الأمم المتحدة من الممكن أن يؤدي إلى إعاقة أو على الأقل إضعاف التدخل السلبي للدول الإقليمية.
-         الاستفادة من الخبرة الكبيرة للأمم المتحدة في حل المشكلات القومية وإدارة وتقديم الدعم والخبرة والتدريب في حالة موافقة الأطراف المختلفة على إجراء استفتاء ديمقراطي تحت إشراف دولي.
-         من الضروري وجود دور وإشراف أمميّ مؤثر في تقرير مصير المناطق المتنازع عليها ذات التنوع القومي والديني الكبير مثل منطقة كركوك وسهل نينوى، وأن يكون لها استفتاءات محلية خاصة بها.
 
 
5- مهمات اليسار
 
لقد تم جر الجماهير بشكل أكبر إلى الصراعات القومية في فترة ما بعد الاستفتاء والتي تعمقت أكثر الآن، وتم إلهائها بشكل كبير عن المطالبة بحقوقها وإيجاد حلول لمشاكلها اليومية في عموم أنحاء العراق، وخلقت أجواء من القلق والتوتر والخوف بين عموم الجماهير من المستقبل والحروب. الأحزاب القومية الكردية وقوى الإسلام السياسي الحاكمة كانت بأمس الحاجة إلى هكذا صراع مقيت، لصرف الأنظار عن سياستها الفاسدة والمستبدة وترسيخ سلطتها الكالحة، وللأسف نجحت في ذلك والذي حصل كان «انتصاراً وقتياً» للطغمة الحاكمة في إقليم كردستان وأحزاب الإسلام السياسي والحكم الرجعي في بغداد، وهم عاجلاً أم آجلاً سيرجعون ويتفاوضون حول تقسيم السلطة والسرقات ويتحالفون معاً مرة أخرى، لإدامة حكمهم المشترك المستبد والفاسد الذي خلق المآسي والحرمان والفقر لعموم ساكني العراق وإقليم كردستان. ولمواجهة ذلك الأن أعتقد أن على قوى اليسار في العراق والإقليم ما يلي:
 
-         أن تدين بشدة لغة السلاح وفرض الأمور بالقوة العسكرية من كل الأطراف وبأي تبريرات كانت، وتقف ضد تصاعد لغة الكره والتعصب والحقد والاستعلاء القومي سواء أكان عربياً أم كردياً أم تركمانياً......الخ، وضد الحكم الفاسد في بغداد وأربيل وسياسات الاستبداد والنهب والإفقار، والتركيز على النضال من أجل الدولة المدنية، والدفاع عن حقوق الجماهير الكادحة وحقوق الإنسان والحريات والمساواة والمواطنة والعدالة الاجتماعية.
-         تبنّي حل الأمم المتحدة لحل المشكلة القومية في العراق، والنضال والدفاع وتوعية الجماهير بالوحدة الطوعية الإنسانية وفق مبدأ المواطنة المتساوية في العراق لكل القوميات والأديان، وفي نفس الوقت الإقرار بحق القوميات الساكنة في العراق في تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة.
-         الدفاع عن الحقوق الإنسانية المتساوية لسكان ما سمي بالمناطق المتنازع عليها ذات التنوع القومي والديني، ومناهضة سياسات الاضطهاد القومي المقيتة سواء أاتخذت شكل «التعريب» أو «التكريد»، ولحين تقرير مصيرها بشكل ديمقراطي أرى من الأنسب أن تكون تحت إشراف دولي وبإدارة ذاتية مشتركة من ساكنيها.
-         يفصل خطه عن البارزاني واستفتائه وعن خط العبادي وإجراءاته العقابية الشوفينية، ويقر بان الطرفين يقفان في الجبهة المعادية للجماهير الكادحة.
-         التركيز على هويتنا الإنسانية قبل القومية، وأن نوضح أن الصراع الحالي هو ليس بين شعوب العراق وخصوصاً «العرب والكرد»، بل هو صراع فج وقذر بين الطبقات الحاكمة في بغداد واربيل وحلفائهم الإقليمين والدوليين باسمنا وفق نظام حكمهم المستند إلى المحاصصة الطائفية والقومية المقيتة.
-         التفكير في إعادة توحيد أحزاب اليسار في العراق والإقليم بعد الفصل التنظيمي الذي حصل، وخلق نوع من ألآليات التنظيمية المرنة لكي توحد وتنسق عملها على صعيد البلد الواحد.
-         أحزاب اليسار والقوى التقدمية في العراق والإقليم مطالبة قبل أي وقت مضى بالتقارب وتعزيز العمل المشترك وصولاً الى تحالف يساري - ديمقراطي واسع.
-         ...................
 
 
6- الخاتمة
 
كماركسيين ويساريين لا بد أن نتعامل بعقلانية علمية وندرس الظروف المحلية والإقليمية والدولية، وموازين القوى الطبقية وقدرات وقوة «أعدائنا»، والإمكانيات الواقعية لتحقيق الحلول التي نطرحها وآلياتها، ونتجنب المشاركة في جر الجماهير الى حروب قومية أو طائفية خاسرة ومدمرة. ومع أني لا أناضل من أجل تشكيل دول على أساس قومي إلا أنَّني ادعم وأؤيد توجه ورغبة أي مجموعة سكانية معينة سواء أاتخذت شكل القومية أو أي تكوين آخر في تقرير مصيرها بشكل ديمقراطي سلمي، وحتى الانفصال وتشكيل دول مستقلة، إذا كان ذلك سيؤدي إلى حقوق وحياة أفضل لهم، وسلام وآمان أكثر لعموم ساكني المنطقة. ومع تأييدي الكامل للحق الكامل والشرعي للشعب الكردي لتقرير المصير بما فيه الانفصال، إلا أنَّني في حالة إقليم كردستان لا أرى أن الظروف مناسبة الآن للانفصال والاستقلال وإعلان الدولة القومية، وأعتقد أن الجماهير الكادحة في الإقليم والعراق تُجر إلى حروب وصراعات قومية كما يجري الآن، وستتعرض إلى أزمات اقتصادية وسياسية أعمق من أجل «دولة قومية» حتى إذا تشكلت الآن في الإقليم لن تكون إلا نموذجاً دكتاتورياً جديداً بائساً للدول القومية الفاشلة في المنطقة، ولن تغير شيئاً من حياة الجماهير الكادحة.
 


7
حوار حول الذكرى المئوية للثورة البلشفية

رزكار عقراوي

تستضيف جريدة النهج الديمقراطي - المغرب الرفيق رزكار عقراوي وهو ماركسي مستقل من العراق. المنسق العام لمؤسّسة الحوار المتمدن، ومنسق مركز دراسات وأبحاث الماركسية واليسار.
وتعتبر الجريدة مناسبة الذكرى المئوية للثورة البلشفية فرصة لتمثين روابط التعاون بين المناضلين الماركسيين وبين الاعلام المناضل وهي توجه تحية اكبار وتقدير للرفيق رزكار عقراوي وجميع عضوات وأعضاء فريق الحوار المتمدن الذي شق لنفسه مكانة رفيعة وسط الماركسيين ومجموع المناضلين اليساريين بمنطقتنا.

1: بأي معنى تعتبر ثورة أكتوبر 1917 هي سلطة العمال؟

اعتقد ان ثورة أكتوبر 1917 الاشتراكية في روسيا كانت أحد أهم الاحداث في القرن العشرين إن لم تكن أبرزها، وأكيد ان تقييمها كحدث حافل ومهم جدا لابد أن يتم وفق السياق التاريخي ويستند إلى الظروف المحلية والعالمية آنذاك، وكذلك دراسة الإيجابيات والسلبيات ولابد أن نشترك جميعا في الحوار حولها من اجل تطوير الفكر والنضال الماركسي - اليساري والياته والاستفادة من تجربتها الكبيرة.
بلا شك ان ثورة أكتوبر كانت ثورة عمالية عارمة احتجاجا على الأوضاع السيئة في روسيا وتفشي الفقر والتفاوت الطبقي الهائل وقادت كل المضطهدين للاستيلاء على السلطة السياسية و إدارة المجتمع من خلال -السوفيتات - المجالس العمالية، كانت تلك المجالس النموذج الواقعي للسلطة الديمقراطية العمالية بإشراك جميع الفئات الكادحة والجنود، وكانت مثلا للقيادة الذاتية للجماهير لنفسها، وكانت نمطا معاصرا جديدا للسلطة وإدارة المجتمع غير مألوفا وفق المفاهيم البرجوازية السائدة لإدارة السلطة والتنظيم الحكومي. لقد كانت الثورة النموذج الناجح لأول سلطة منظمة للعمال في العالم بعد التجربة القصيرة في كومونة باريس 1871.

2: اي دور كان للحزب البلشفي في نجاح الثورة؟

شاركت الكثير من القوى الاشتراكية في التحضير وقيادة الثورة، ولكن كان للبلاشفة الدور الرئيسي في قيادة الثورة وإنجاحها رغم أنهم لم يكونوا يشكلون الأغلبية في مجالس السوفيتات التي تشكلت بعد ثورة شباط - فبراير 1917 . واستنادا إلى الشعار البلشفي الشهير - كل السلطة للسوفيتات - استطاع الحزب البلشفي في فترة قصيرة بناء السوفيتات والمؤسسات الشعبية الأخرى في معظم أنحاء روسيا وطرح قضية الثورة الاشتراكية بعد ما كانت مفاهيم الثورة -البرجوازية الديمقراطية - المهيمنة على فكر اليسار الروسي، طرح البلاشفة في منتصف عام 1917 في ان مهمات الثورة الديمقراطية والإصلاح الزراعي والقضاء على كافة بقايا الحكم القيصري بإشكاله المختلفة والوقف الفوري لمساهمة روسيا في الحرب العالمية الأولى، لا يمكن تحقيقها إلا باستلام العمال للسلطة السياسية بالتحالف مع الفلاحين والجنود.

3: ما هي الإضافات النوعية او ما هي التغييرات النوعية التي حققتها الثورة البلشفية للإنسانية؟

اعتقد ان الثورة البلشفية أضافت و أثرت كثيرا في الفكر الإنساني وفي مجالات عدة، حيث أعطت الأمل والمثل في إمكانية إسقاط النظام الرأسمالي وإحلال البديل الاشتراكي اللاطبقي، وإرساء دولة العمال والكادحين واثر ذلك بشكل كبير على كافة الحركات اليسارية والاتحادات والنقابات العمالية والمهنية وحفزها لتطوير نضالها في كافة أنحاء العالم وتصعيد سقف مطالباتها، ساهمت الثورة في تطور أفكار السيادة الشعبية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، وساهمت الثورة في تعزيز مفهوم إشراك كافة الجماهير في الانتخابات الحرة لجميع المسئولين والحق في عزلهم، وكان لها الدور الكبير في إعطاء مثال متقدم للمساواة الكاملة للمرأة وتطبيقه، الفصل التام للدين عن الدولة والحل الإنساني للمشكلات القومية، ضمان التعويض عن البطالة والكثير من الأمور الأخرى. وكان للثورة أيضا الدور الكبير في الضغط على الأنظمة الرأسمالية في الدول الغربية من اجل البدء بإصلاحات جذرية لصالح العمال والكادحين، بشكل عام كان لثورة أكتوبر دورا مهما وأساسيا في التطور الحقوقي للإنسانية وسيادة أفكار المساواة والعدالة الاجتماعية في العالم.

4: هل أثرت الثورة البلشفية على أوضاع شعوب العالم العربي وكيف؟

منذ بداية حكمها ركزت الثورة البلشفية على مواجهة المخططات الاستعمارية للدول الغربية وتم تأسيس "عصبة تحرير شعوب الشرق" من اجل حث شعوب الدول المستعمرة ومنها شعوب العالم العربي على الثورة ضد الاستعمار وكذلك النضال من اجل حقوق الجماهير الكادحة والتحرر الوطني، وقد قامت بنشر تفاصيل اتفاقية "سايكس- بيكو" والوثائق السرية الأخرى لدول الوفاق بشأن تقسيم العالم العربي بين الدول الاستعمارية، وأعلنت الثورة سياستها المناهضة للقوى الاستعمارية الدولية، وكان من المعتاد تداول نداءات الحكومة السوفيتية لشعوب الشرق ودعوتها إياهم لتحرير أنفسهم في الكثير من الصحف العربية آنذاك، مما كان لها صدى ايجابي بين شعوب العالم العربي واثر ذلك ايجابيا على تطور الحركة الشيوعية والعمالية والتحررية في عموم العالم العربي والشرق الأوسط.

5: كيف يمكننا الآن التحضير والنهوض بأعباء الثورة الاشتراكية مرة أخرى؟

نعم يمكننا تغيير النظام الرأسمالي بغض النظر عن الأسلوب، ولكن السؤال هنا هل سنستطيع تغييره بالتمسك الحرفي بنصوص واليات عمل وتنظيم تقليدية تعود إلى أكثر من مئة سنة!، في حين ان الرأسمالية تطور نفسها على مدار الساعة بل الدقيقة؟ برأيي الجواب سيكون "لا"، اذا لابد ان نواجه الرأسمالية بأسلحتها المتطورة، ولابد من التحديث والتجديد الكبير و مسايرة التطور العلمي والمعرفي الهائل في مختلف المجالات والاستفادة القصوى منها واستخدامها في نضالنا من اجل التغيير وعمل وخطاب أحزابنا اليسارية، ومن هنا طرحت مفهوم اليسار الالكتروني(E-Left) ، وهو برأيي طرح علمي حديث لمفهوم اليسار وآليات عمله، وسأطرح هنا أهم أبرز أسسه وبشكل مختصر:

1. يسار يستند إلى التطور المعرفي والعلمي العقلاني للفكر اليساري والإنساني، وقادر على الاستفادة واستخدام التطور العلمي والتكنولوجي في عمله النظري والسياسي والتنظيمي والإعلامي والثقافي والجماهيري. ويطرح سياسات واقعية وينطلق من قدراته وقدرات الفئات التي يدافع عنها ودرجة تطور المجتمعات في تحديد مهماته، لكي لا يبتعد بأهدافه وأطروحاته ويهيم في النصوص النظرية الجامدة والتي حولت من قبل الكثير من اليساريين إلى – نصوص مقدسة - و صالحة لكل الأزمان والأمكنة.

2. يستند ويتوجه بشكل رئيسي نحو العمال وعموم الجماهير الكادحة والطاقات الشابة المتعطشة للتحديث والتغيير، ويري من الضروري الوصول إليها وحشد طاقاتها باستخدام التقنيات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمونها الآن. ويؤكد أن الإنسان وحقوقه الكاملة هي الأساس، ويبتعد في عمله وتحالفاته عن القوى الاستبدادية، ويؤمن بالمساواة الكاملة للمرأة والتميز الايجابي، بتكريس حصة (كوتا) تصاعدية في مؤسساته.

3. ذو تنظيم جماعي مرن ويؤمن بتعدد المنابر والاجتهادات الفكرية والتنظيمية داخل الحزب الواحد. ويعمل على عقد مؤتمرات ديمقراطية علنية مفتوحة بعد تحضير واسع وتبث بشكل علني. ويلتزم بالشفافية والجماعية، واحترام الرأي والرأي الآخر. ويركز على التفاعل المتبادل مع الجماهير ودعوتهم للمشاركة في إقرار سياساته والحوار عليها، وعلى تداولية القيادة ونبذ عبادة الفرد.

4. يعمل من اجل وفي إطار حركة اجتماعية واسعة متجاوزة للأطر الحزبية ويرفض التعصب التنظيمي، ويعمل وينسق مع القوى اليسارية والديمقراطية الأخرى وفق نقاط الالتقاء المشتركة ويمارس الحوار الحضاري البناء حول الاختلافات، وينسق عمله إقليميا وعالميا مع القوى اليسارية في العالم ويدعم بعضها الآخر.

5. ينمي قدرات أعضائه وقياداته في استيعاب التطور التكنولوجي والتقني واستخدامها في كافة المجالات، مما سيؤدي التي تطوير العمل كماً ونوعاً، وإلى تخفيض المصاريف في ظل الأزمة المالية المزمنة التي تعاني منها معظم فصائل اليسار.

الشكر الجزيل لرفيقاتي ورفاقي في النهج الديمقراطي – المغرب على استضافتي وتقديري الحار لنضالهم ونضال كل الفصائل اليسارية في المغرب.
 


8
نعم لمبادرة الأمم المتحدة حول الاستفتاء، لا للتعصب والكره القومي!.*

رزكار عقراوي


لنطالب جميعا بأن تقبل كافة الأطراف مبادرة الأمم المتحدة بتأجيل الاستفتاء والبدء بالحوار.

الى كل التحررين والتقدميين والمدافعين عن حقوق الانسان في العراق وإقليم كردستان.

أدعوكم إلى نبذ ومواجهة خطاب التعصب والكراهية القومية بأي تسميات كانت وبأي مبررات، وعدم الوقوف مع حكام أربيل او بغداد، سواء كان باسم - الاستفتاء واستقلال كردستان - في أربيل، او باٍسم - حماية وحدة الأراضي العراقية ومناهضة التقسيم - في بغداد، ان التصعيد الحالي من كافة الإطراف الحاكمة سيؤدي إلى المزيد من الصراعات القومية وليس حلها، و كذلك تعميق الأزمات الاقتصادية والسياسية، ولن تكون ضحيتها غير الجماهير الكادحة.
انه صراع قذر بين أقطاب الحكم قوى الإسلام السياسي في بغداد والأحزاب القومية الكردية في إقليم كردستان لتعزيز مواقعهم وللمزيد من الدكتاتورية ونهب المال العام، وهم وجهان لعملة واحدة ويستخدمون الدين والقومية والوطنية والطائفية لتعزيز وترسيخ نظام حكمهم المستبد والفاسد المستند إلى نظام المحاصصة القومية والطائفية المقيت، ويحاولون قدر الإمكان الهاء الجماهير الكادحة عن مشاكلها الحقيقية أو المطالبة بحقوقها من الخدمات، الرواتب، الكهرباء والماء، توفير فرص العمل وضمان البطالة، الغلاء، وقف الانتهاكات ومكافحة الفساد،..... الخ وجرها إلى صراعات قومية-طائفية و تحت مسميات مختلفة.

ولضعف مصداقية ونزاهة حكومتي أربيل وبغداد في حل المشكلة القومية واستخدامهم لها لأجنداتهم السياسية وخداع الجماهير، فلنطالب جميعا بأن تقبل كافة الأطراف مبادرة الأمم المتحدة بتأجيل الاستفتاء الآن في إقليم كردستان العراق لكونها من افضل الحلول الموجودة حاليا، والبدء بالحوار السلمي والمفاوضات تحت إشراف دولي لحل المشكلات القومية في العراق، وان تتشكل لجنة-بعثة أممية تشرف على ذلك، وتكون مهمتها الأساسية إيجاد حل سلمي وتنظيم استفتاء ديمقراطي شفاف ملزم لكافة الإطراف لتقرير مصير إقليم كردستان العراق وفق المواثيق الدولية وتوفير الأجواء الملائمة لذلك.

لنناضل معا من اجل دولة المواطنة الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية.

---------------
* مقاطع من حواري مع برنامج أضواء العراق حول الاستفتاء في إقليم كردستان العراق – تقديم الزميل العزيز كمال يلدو
https://www.youtube.com/watch?v=wQhHlgn5vOQ
 


9
رسالة إلى اللقاء اليساري التحاوري الثاني في العراق
رزكار عقراوي


رسالة إلى اللقاء اليساري التحاوري الثاني في العراق
الذي سينعقد في بغداد في 23- سبتمبر - أيلول

رفيقاتي ورفاقي الأعزاء

أقدم ابتداءً شكري الجزيل على دعوتكم الكريمة لحضور لقاءكم القدير، وكان من دواعي سروري الكبير أن أكون معكم واشاركم هذا المشروع الهام لولا ظروف خاصة أعاقت ذلك، وأتطلع ان أكون معكم في الاجتماعات القادمة.
قوى الفساد والاستبداد المعادية لليسار وللمدنية والعلمانية ولحقوق الجماهير تحضر نفسها لإعادة تقسيم مواقع السلطة والنفوذ وترسيخ مكانتها بعد انتهاء مرحلة - داعش - وبدأت بعرض عضلاتها مستخدمة الصراعات القومية والطائفية وتأجيجها لتعزيز سلطتها الحاكمة في بغداد او أربيل، وتهدد بشكل علني فج الآن في إنها ستقمع أي صوت او توجه مضاد لها ولسلطتها الكالحة، وهذا يتطلب منا قبل أي وقت مضي توحيد وتجميع قوانا نحو بناء قطب يساري فاعل وقوي في المجتمع العراقي يكون محور أساسي في تحالف مدني ديمقراطي واسع .

كتجربة أولية أرى ان اللقاء اليساري الأول كان تاريخيا و ناجحا جدا وذو نتائج إيجابية حيث كان قفزة نوعية كبيرة ونوعا بالاعتراف بوجود الآخر، والإقرار العملي بالتعددية الفكرية والتنظيمية داخل اليسار العراقي، والرغبة في العمل معا بعد سنوات من شبه قطيعة، وأكيد هكذا عمل كبير ومهم جدا وحساس. من الممكن أن تحصل فيه بعض النواقص غير المقصودة، ولكي تكون لقاءاتنا اليسارية ذو نتائج إيجابية اكبر اقترح ان يتم:

1- توجيه دعوات لكل الفصائل والشخصيات اليسارية المهتمة بالموضوع دون استثناء بما فيها المتواجدة في إقليم كردستان العراق.

2- توسيع وإشراك كافة الأحزاب والتنظيمات اليسارية وكذلك المستقلين في التحضير والدعوات وإدارة اللقاءات ولجان المتابعة وإعداد الوثائق واليات العمل والخطط المستقبلية.

3- الابتعاد قدر الإمكان عن الاختلافات النظرية والفكرية الآن، والتركيز على الحوار حول نقاط الالتقاء المتعلقة بمشاكل الجماهير الكادحة وتعزيز الديمقراطية والمدنية ومناهضة الفساد والاستبداد في المجتمع العراقي وحقوق الإنسان والمساواة الكاملة للمرأة، والاتفاق على اطر التنسيق والعمل المشترك.

4- تجنب التصريحات المقصية والنافية لوجود القوى اليسارية الأخرى او التقليل من دورهم، او استخدام لغة حادة في الحوار او الشخصنة كما حصل في لقاءات بعض رفاق اليسار الأعزاء مع الفضائيات والصحف وفي شبكات التواصل الاجتماعي بعيد اللقاء التحاوري الأول ومنهم من اعتبر حزبه الحزب اليساري الوحيد في العراق او من استخدم لغة حادة اقصائية حادة مع الفصائل اليسارية الأخرى. لنكن واقعيين ولابد لنا ان نعترف: ان كل الفصائل اليسارية ضعيفة في المجتمع العراقي ودورنا محدود في المجتمع في ظل سيادة سلطة الأحزاب الطائفية والقومية، ولكن من الممكن اتحاد – الضعفاء أي تنظيمات اليسار – سيكون له تأثير إيجابي على عموم حركة اليسار والمجتمع في العراق.

5- لابد لكل القوى وخاصة اليسارية الكبيرة ابداء المرونة الكبيرة في إنجاح هذا المشروع ومراعاة التكافؤ، وتجنب فرض أجندتها للعمل المشترك حيث سيعني ذلك فشله! ، وخلق آليات جماعية للتواصل مع اكبر عدد ممكن من اليساريين وخاصة المستقلين الذين هم اكبر شريحة يسارية خارج الأحزاب اليسارية و تعمل وتناضل بإشكال مختلفة خارج الأطر التنظيمية. ومن المؤكد انه لا يمكن لحزب يساري واحد تحقيق وإدارة مشروع للعمل المشترك والتحالف اليساري بشكل ناجح ومرضي لكل الأطراف، وبل يجب ان يكون بشكل جماعي وبمشاركة كل فصائل اليسار اذا كانت النية صادقة نحو العمل المشترك وليس تحقيق اجندات حزبية لحزب يساري معين.

6- فتح موقع للقاء اليساري في الفيسبوك والتويتر ، إضافة الى فتح مجموعة فيسبوكية للحوار المتواصل حول المواضيع المختلفة التى تهم اليسار العراقي.

7- محاولة البث الحي لوقائع الاجتماع الثاني عبر الفيسبوك، وكذلك إشراك يساري الخارج في الاجتماع من خلال السكايب و الفيسبوك.

أتمنى لاجتماعكم الهام كل النجاح والتوفيق ومن المؤكد إن ذلك سيعزز من مكانة القوى اليسارية والديمقراطية العراقية والتقريب فيما بينها وتعزيز العمل المشترك ، وارى من الضروري ان نحاول جميعا ان ننسق الجهود داخل وخارج العراق من اجل إنجاح هذه التجربة التي هي في طورها الأولي ان لم يكن الجنيني، نحو المزيد من التنسيق والعمل المشترك بين القوى اليسارية العراقية ، ونحن في بداية الطريق ومن العادي جدا ان تكون هناك نواقص وتشنجات وحتى أخطاء، وايضا رد فعل سلبي معيق من اتجاهات متعصبة تنظيما رافضة للعمل المشترك داخل الأحزاب اليسارية نفسها.
لنعمل معا من اجل تحالف يساري مدني واسع

مع كل الاحترام وتقديري الحار للجميع وتقدير وشكر خاص الى الرفاق والرفيقات الأعزة في لجنة المتابعة.

رزكار عقراوي
 

10
استفتاء من اجل الاستقلال؟ ام تعزيز وتكريس الدكتاتورية والفساد في اقليم كردستان العراق؟
رزكار عقراوي


في موضوعي الأخير حول الاستفتاء - غير الملزم! - المزمع إجراءه في إقليم كردستان العراق في 25 سبتمبر – أيلول القادم، استقبلت الكثير من التعليقات القيمة وطرحت العديد من الأسئلة حوله، إضافة إلى الكثير من التعليقات الحادة والمتشنجة. انتهز الفرصة لأقدم جزيل الشكر والامتنان لكل من شارك في الحوار حول الموضوع بمن فيهم من اختلف معي، وأود هنا ان أناقش تلك التعليقات القيمة بشكل جماعي وان أوضح وجهة نظري بشكل أوسع وأدق حول هذا الموضوع الحيوي الذي لا يهم فقط ساكني إقليم كردستان وإنما عموم سكان العراق لأهميته وتأثيراته الواسعة على مختلف الأصعدة، ومن الطبيعي جدا أن تكون هناك اجتهادات ووجهات نظر مختلفة ومن المهم جدا الحوار حولها.


الاضطهاد القومي!

احد مبررات الدعوة للاستفتاء هو إنهاء الاضطهاد القومي الموجود على الاكراد في العراق. نعم كان الاضطهاد والتمييز القومي والديني موجودا في العراق منذ عشرات السنين وتجسد في اشكال مختلفة وفي معظمها كانت عنيفة وقمعية. بعد سقوط النظام البعثي الدكتاتوري في 2003 منحت الكثير من الحقوق للقومية الكردية على وفق صفقات بين القوى القومية الكردية وقوى الإسلام السياسي الرجعية الحاكمة في بغداد، على وفق مفهوم الدولة الفيدرالية، وتم تقسيم الدولة ومفاصل الحكم على أساس نظام المحاصصة القومية والطائفية السيئ الصيت، وأصبح إقليم كردستان دولة قومية بحد ذاتها وان كانت التسمية مازالت إقليماً، واعتقد ان واقع الاقليم تجاوز حتى حالة الكونفدرالية وليس الفيدرالية فقط، وكانت دولة – اقليم كردستان - دولة فوق دولة – المركز في بغداد - مع كل تحفظي على القوى الرجعية الحاكمة في بغداد، الحكومة الاتحادية على فسادها وقمعها لا تستطيع أن تتخذ قرارا ملزما لإقليم كردستان، بل حتى في المناطق "المتنازع عليها" التي هي تحت سيطرته. وحاليا ليس هناك اضطهاداً قومياً ضد الكرد، بل إن ما يجري هو اضطهاد القوميات والأقليات القومية والدينية الاخرى في الاقليم وبشكل واضح وتم ادانته مرات عدة من قبل منظمات حقوق الانسان الدولية. إذاً، فأن مبرر الدعوة للاستفتاء من اجل انهاء الظلم القومي على - الكرد - ليس له أي أساس الان ولن يغير من الواقع الموجود في الإقليم من ناحية الحقوق القومية.


كردستان قبل وما بعد الاستفتاء!

منذ 1991 يتم حكم اقليم كردستان من قبل الحزبين الحاكمين – الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني- وبمشاركة احزاب ذيلية اخرى لإضفاء الطابع الديمقراطي للحكم. وفي الآونة الأخيرة، وبسبب صراعات داخلية وأسباباً أخرى، ضعف الاتحاد الوطني الكردستاني بشكل كبير، وأصبح الحزب الديمقراطي الكردستاني هو الحاكم الفعلي في الكثير من مناطق اقليم كردستان وخاصة في محافظتي اربيل ودهوك، كما أن هناك مؤسسات دولة قومية كاملة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وإداريا ودوليا موجودة في كردستان العراق. الشيء الوحيد الغائب هو عدم وجود عملة رسمية وبعض الامور الشكلية الأخرى. إذاً دولة – كردستان القومية – موجودة فعليا في الإقليم وهي امر واقع، واجراء الاستفتاء بشكله المطروح الان او عدمه لن يغير الكثير من طابع الدولة الموجودة في الإقليم، بل بالعكس من الممكن ان يؤثر سلبا بشكل كبير على الاستقرار الامني النسبي الموجود في الاقليم مقارنة بوسط وجنوب العراق، وسيؤدي إلى إدخال الإقليم وعموم العراق في المزيد من الاحتقان والصراعات. وكذلك الرفض الدولي والإقليمي للاستفتاء الحالي سيدخل الجماهير في أزمات اقتصادية أكبر في الإقليم وإذا كان – الرئيس - مسعود البرزاني مستعداً لتجويع شعبه فقط من اجل تنفيذ قراره! فأكيد ان هو وعائلته ورموز حزبه لن يجوعوا وسوف لن تقلص أو تقطع رواتبهم، أو سيعيدون عشرات المليارات التي نهبت من قبلهم و عوائلهم و أحزابهم إلى الدولة لمواجهة الأزمات الحالية والقادمة. الجماهير الكادحة ستدفع ضريبة كبيرة إضافية إلى وضعهم المرزي الحالي نتيجة أي رد سلبي من المركز او الدول الإقليمية.
لدي بعض الأسئلة إلى مؤيدي الاستفتاء الحالي: ماذا سيتغير في إقليم كردستان بعد الاستفتاء؟ هل سيغير من الواقع الطبقي للدولة الموجودة حاليا؟ هل ستتخلى الطغمة الحاكمة في الإقليم عن فسادها ونهبها المفرط للمال العام ولإيرادات النفط؟ هل ستتعزز الديمقراطية والتداولية واحترام حقوق الانسان في الإقليم؟ هل ستحظى الأقليات والمرأة بحقوقهم المشروعة والعادلة؟ هل سيتحسن الوضع الاقتصادي والسياسي؟ برأيي أن الجواب سيكون بـ "كلا"، بل بالعكس سيسوء الوضع أكثر، ومن الممكن ان تتحول – الدولة القومية الموجودة – حاليا في الإقليم إلى -مملكة عائلية وراثية- مستبدة وبنظام حكم الحزب الواحد، واكيد ستكون هناك مقاومة كبيرة لذلك، ومن الممكن ان تندلع حرب أهلية دموية جديدة في الإقليم، تماماً كما حصل في تسعينات القرن المنصرم، وكذلك صراعات مع المركز.


لماذا قرار الاستفتاء الان؟

الطغمة الحاكمة في إقليم كردستان العراق في ازمة اقتصادية وسياسية عميقة جدا، والاستياء الجماهيري من الوضع المرزي وصل الى حدود خطرة تهدد بانفجار اجتماعي كبير تغير بنية الحكم بأكمله، وهي بحاجة الى إعادة تنظيم سلطتها لمرحلة ما بعد – داعش - محليا وإقليميا، حيث لا يمكنهم الاستمرار الان بنفس الأساليب السابقة في تبرير نظام حكمهم المستند على الفساد الفاحش والدكتاتورية، لذلك يحاولون قدر الامكان الهاء الجماهير الكادحة عن مشاكلها اليومية او المطالبة بحقوقهم، الخدمات، الرواتب، العدالة، الكهرباء والماء، العمل، الغلاء..... الخ وجرها الى صراعات قومية تحت مسميات مختلفة، والاستفتاء المطروح حاليا هو محاولة للهروب من أمام المشكلات المتفاقمة التي لن يجد الحكام الحاليون حلولاً لها، وقد نجحوا إلى حد كبير، إضافة إلى ان الحزب الديمقراطي الكردستاني يحاول بكل السبل غير المشروعة تعزيز سلطته الكاملة في الإقليم وفرض دكتاتورية - الرئيس المنتهية ولايته منذ سنوات – مسعود برزاني وعائلته, ويتجلى ذلك في اصدار قرارات بائسة ومنها غلق البرلمان رغم دوره المحدود جدا وأحيانا الشكلي! وطرد الوزراء... وتقليص الرواتب... الخ، حتى إن الحزب الديمقراطي ورئيسه وحلفائهم ضربا عرض الحائط كل المفاهيم الشكلية للحياة البرلمانية من خلال تجاوزهم على البرلمان -المنتخب- والمعطل وإصدار قرار بالدعوة إلى الاستفتاء، وهو الإجراء ذاته الذي مارسه الكثير من الحكام الدكتاتورين القوميين في العالم العربي، مع اختلاف واحد، هو أنهم في مواضيع حساسة كانوا يستخدمون البرلمانات الكارتونية، التي كانت لها مسميات مختلفة مثل مجلس الشعب او المجلس الوطني......الخ، لإصدار تلك القرارات والطلب من الرئيس المعظم تنفيذها! وفي حالة استفتاء الإقليم القادم لم يقم الحكام حتى بإعادة – فتح دكان البرلمان! – من اجل إصدار قرار الدعوة للاستفتاء.


ديمقراطية الاستفتاء وتخوين المعارضين!

الاستفتاء عملية ديمقراطية، وفي العادة يكون هناك من يدعو إلى مقاطعته أو المشاركة ب "نعم" أو "لا" او بخيارات أخرى حسب طبيعة موضوع الاستفتاء، ولا بد للسلطات الحاكمة توفير وتهيئة الأجواء السلمية المناسبة لكل الإطراف للعمل وترويج آرائها حول الاستفتاء. أما في الاستفتاء المزمع إجراءه حول استقلال كردستان، فقد فرضت أجواء هستيرية قمعية من قبل الحزبين الحاكمين الذين لهم تأريخ وسجل اسود في قمع حرية التعبير والرأي والاغتيالات السياسية، ولاسيما في مناطق سيطرة الحزب الديمقراطي الكردستاني ضد أي رأي يطالب بتأجيل او مقاطعة الاستفتاء او التصويت بـ "لا". وصدرت الكثير من التصريحات من رموز الحزبين الحاكمين بضرورة محاسبة كل من يختلف معهم في قضية الاستفتاء واعتبارهم خونة للشعب واتهامهم بالعمالة والارتزاق ويجب محاسبتهم وسجنهم ومعاملتهم كجواسيس وطردهم من الإقليم، وحصلت العشرات من حالات المضايقة والاعتداء بحق المعارضين، ويتم الآن بشكل كبير التضييق على المؤسسات الإعلامية المستقلة التي تسمح بالآراء المناهضة للاستفتاء او تدعو للتصويت ب "لا". وأكيد فأنهم بهذه الأجواء الاستبدادية سيخلقون خوفا كبيرا لدي سكان الإقليم من الانتقام في حالة عدم المشاركة أو التصويت بـ "لا" ، وهو تعارض صارخ مع ابسط مفاهيم الاستفتاء والقيم الديمقراطية التي يتشدق بها حكام الإقليم، وتذكرني هذه الأجواء القمعية بانتخابات وتجديد البيعة! للحكام الدكتاتورين في العالم العربي والشرق الأوسط، أي لك "الحرية والحق الديمقراطي! " في - الاستفتاء – ولكن يجب ان تشترك و أن تقول "نعم" فقط لاغير وإلا فأنت خائن وعميل وفي معسكر أعداء الشعب!.


انا مع الاستفتاء من اجل تقرير مصير إقليم كردستان، ولكن كيف ومتى؟

لان الاستفتاء المطروح الان يفتقر الى ابسط مقومات الاستفتاءات الديمقراطية الشرعية حتى بمعايير العالم الثالث، إضافة انه غير ملزم وليس له أي تأييد دولي او إقليمي فأدعو الى الغاءه وتأجيله الان، والتحضير لإجراء استفتاء حقيقي ملزم لكل الاطراف لتقرير مصير إقليم كردستان وفك الارتباط مع العراق ويكون تحت إشراف دولي وهذا يتطلب:
• اجراء انتخابات برلمانية ديمقراطية في الإقليم.
• انتخاب رئيس جديد للإقليم مع تحديد كبير لصلاحياته ولا يسمح بأكثر من دورتين، وتوزيع الصلاحيات بين الحكومة والبرلمان.
• انهاء سيطرة الحزبين الحاكمين على القوى العسكرية والأمنية ووضعها تحت سلطة الحكومة والبرلمان في الإقليم، حيث هي الان ميليشيات حزبية وأجهزة قمعية ما زالت تخضع لمصالح قيادة الأحزاب الحاكمة وللدفاع عن حكمها.
• بدء المفاوضات والحوار مع المركز – الحكومة الاتحادية تحت اشراف وضغط دولي من اجل حل المشكلات العالقة، ولا بد من مناهضة الفكر القومي العروبي الشوفيني المتعصب ذو النزعة الاقصائية ضد القوميات والأقليات الأخرى والنضال ضده، والذي ما زال يسيطر على الحكومة الاتحادية ومعظم النخب السياسية في وسط وجنوب العراق.
• يتم تحديد فترة زمنية للاستفتاء وتهيئة المناخ الملائم محليا واقليما ودوليا، ولا بد ان يصدر قرار الدعوة للاستفتاء من قبل البرلمان في الإقليم.
• توفير أجواء ديمقراطية مناسبة للترويج والدعاية للآراء المختلفة لساكني الإقليم حول البقاء مع العراق او الانفصال عنه.
• اجراء الاستفتاء تحت اشراف دولي وبشكل خاص الأمم المتحدة وتكون نتائجه ملزمة لكل الاطراف.
• بعدها يتم اجراء استفتاءات اخرى محلية في مناطق "المتنازع" عليها حسب وضعها، وتحت اشراف دولي لكي يقرر سكانها اما ان يكونوا جزءا من الاقليم او المركز او حتى ان يشكلوا اقليما خاصا بهم مثل مدينة كركوك ذات التنوع القومي والديني الكبير.
• العراق بسبب تنوعه القومي والديني يجب ان يعلن كدولة بدون قومية او دين رسمي، ويشمل ذلك إقليم كردستان ايضا.


الدولة القومية ام دولة المواطنة؟

اعتقد ان التطور الفكري والمعرفي والحقوقي للبشرية وسيادة ثقافة حقوق الانسان والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية التي تستند الى الحقوق المتساوية والمواطنة وليس الى الولاءات الاثنية والدينية، تتعارض الان بشكل كبير مع مفاهيم الدولة القومية وما سمي بـ- التحرر الوطني والقومي- التي كانت جزءا من مفاهيم القرن المنصرم، ومن معظم تجارب الدولة القومية في المنطقة نرى انها تحولت في الأخير الى دكتاتوريات وراثية مستبدة تدير دولاً فاشلة عن طريق القمع والفساد، وتفتقد الى ابسط مقومات الحكم الديمقراطي الرشيد، وأنظمة دكتاتورية كالنظام البعثي المقبور في العراق ونظام القذافي الليبي، هما على سبيل المثال لا الحصر، كانوا خير مثال للدول القومية! اعتقد ان العمل من اجل دولة المواطنة الدستورية والخدمات والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان وسيادة القانون وفصل السلطات لا بد ان يكون أساس ومحور نضالنا الان، وليس حشد الجماهير الكادحة وإدخالهم في حروب وصراعات وأزمات عميقة وتأجيج التعصب القومي من اجل بناء دول على اساس قومي لن تكون في الاخير غير ممثل لمصالح البرجوازيات القومية ولخدمة أهدافها، ولن يكون هناك غير المزيد من الفقر والحرمان والحروب والاستبداد للجماهير الكادحة، التغيير فقط سيكون في قومية – الحكام – وليس في أي امر اخر!
الاستفتاء المطروح ليس له أي علاقة بمشاكل الجماهير الكادحة ومعاناتها ومطالبها، وهو فقط أسلوب جديد لإدامة حكمٍ فاسدٍ ومستبدٍ في إقليم كردستان عبر استخدام الأحاسيس القومية وتعزيزها. ولن يؤدي ذلك الى أي تغيير إيجابي في حياتهم بل سيكون له الدور الكبير في تكريس الدكتاتورية في إقليم كردستان العراق، إذ أن المستبدين والفاسدين لا يبنون دولاً عصرية تضمن المواطنة وحقوق الإنسان بصورة مناسبة.


2017-07-04 13:53 GMT+02:00 Rezgar Akrawi <rezgarshakr@gmail.com>:
 
الزملاء الاعزة في موقع عينكاوه الموقر
تحية طيبة
شكرا جزيلا على نشر مواضيعي السابقة
ارجو شاكرا وان امكن نشر الموضوع ادناه في اذا كان مناسبا مع قواعد نشركم.
مع كل المودة والاحترام
رزكار عقراوي
**********************************
نحو مقاطعة الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان العراق!
رزكار عقراوي
 
القضية القومية في العراق هي أحد أهم القضايا المعقدة في دولة متعددة القوميات والأديان، والتي يجب ان تحل بشكل حضاري-أنساني يستند إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاستناد إلى مبدأ المواطنة المتساوية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، سواء اختارت العيش معا في دولة اتحادية مع القوميات الأخرى، ام تشكيل دول مستقلة، وهذا يشمل كل القوميات والأقليات الساكنة في العراق.
العراق منذ بداية تأسيسه في بداية القرن المنصرم بعد تفتيت الإمبراطورية العثمانية عرف كدولة عربية إسلامية، وبالتالي انعكس ذلك على بناء الدولة ومؤسساتها التي تم بناؤها على أساس التمييز القومي والديني للقومية والدين الأكبر – العربية والإسلام – وتم بشكل مباشر وغير مباشر تهميش دور القوميات والأديان الأخرى، وكان لها دور محدود في إدارة مفاصل الدولة الرئيسية. وبعد سيادة حكم العسكر المستند الى الدكتاتورية الفردية والحزبية تعززت مفاهيم التعصب القومي العروبي في الدولة وتم معاملة القوميات والأقليات الأخرى كمواطنين من الدرجة الثانية ، مما أدى إلى برز دور الأحزاب القومية للأقليات القومية في العراق، وخاصة الكردية، باعتبارها المدافعة عن حقوق القومية المنتهكة والمناضلة من اجلها، واتخذ ذلك أشكالاً مختلفة، منها السلمي والمسلح، حسب درجة العنف والقمع الممارس من قبل السلطات الدكتاتورية الحاكمة.
 
إقليم كردستان ونمط الحكم
 
بعد الانتفاضة الجماهيرية الكبيرة التي عمّت معظم مدن العراق سنة 1991، سيطر الحزبان الكرديان - الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني - على معظم مقاليد السلطة والنفوذ في معظم أجزاء إقليم كردستان العراق، وكقوى طبقية برجوازية تحالفا مع بقايا النظام البعثي الفاشي من مستشارين – أمراء أفواج المرتزقة (الجحوش)- ، والعاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، ورؤساء العشائر الملطخة أياديهم بدماء ابناء الشعب العراقي.
رسخ الحزبان سلطاتهم من خلال القمع والتهديد والاغتيالات والإفساد وكذلك الترغيب وشراء الذمم، وأدى صراعهم على السلطة والنفوذ الى إدخال المجتمع الكردستاني في حرب داخلية طاحنة في تسعينيات القرن المنصرم، نافسوا فيها النظام البعثي في الجرائم التي ارتكبوها من قمع وقسوة، إعدام الأسرى والجرحى، اعتقالات وتصفية وتعذيب وحشي للسجناء، اعتقال وترحيل أعضاء الحزب الآخر....... الخ.
بعد سقوط النظام البعثي الفاشي في 2003 أصبحوا الحليف الرئيسي لقوى الإسلام السياسي، واشتركوا معهم في إدخال العراق في حروب أهلية مدمرة، وساهموا معهم في الانسحاب وتسليم أجزاء واسعة من محافظة نينوى لمجرمي – داعش- والذين ارتكبوا مجازر بشعة بحق سكانها من الأقليات الدينية من الإيزيديين والمسيحيين، عززوا سلطة الميليشيات وإطلاق يدها، فعمّ الفقر والبطالة، الفساد والانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان، غض النظر عن انتهاك حقوق المرأة، وقمع الحريات الفردية والمدنية، وفرض نظام المحاصصة الدينية والقومية السيء الصيت.... الخ، وكانوا متحالفين معهم في إجهاض ومحاربة اي مسعى لتوجه مدني وديمقراطي على مختلف الأصعدة.
مارس الحزبان الحاكمان والأحزاب الذيلية المرتبطة بهم الفساد المنظم بشكل كبير جدا منذ بداية استلامهم للسلطة في إقليم كردستان، وتم نهب مؤسسات الدولة والمال العام بشكل علني وفج، وتحول قادة الحزبين والمرتبطين بهم إلى طبقة من البرجوازية الطفيلية، التي تحت ذريعة – نضالهم! والشرعية الثورية والقومية -، سخروا معظم ما هو موجود من ممتلكات الدولة وعوائدها لمصالحهم الحزبية والشخصية والعشائرية وبمسميات مختلفة، وازداد غناهما بشكل مفرط بعد سقوط النظام الدكتاتوري، حيث خصصت ميزانية لإقليم كردستان من عوائد النفط العراقي، إضافة إلى شيوع الفساد و البطالة المقنعة في أجهزة الدولة نتيجة التوظيف – الحزبي - لشراء الذمم في تأييد الحزبين في سياساتهم وفي التصويت لهم في الانتخابات . رغم الميزانية الكبيرة للاقليم والعوائد النفطية فان القوى الحاكمة قامت فقط ببناء بعض الطرق والجسور والحدائق والسكن وهي أمور جيدة ولكنها، كانت مناسبة لمزيد من نهب المال العام، كما لم تبد أي اهتمام فعلي وضروري في بناء القاعدة المادية للتطور والتقدم الاقتصادي وتقليص سمة الاقتصاد الريعي الاستهلاكي بتقليص الاعتماد على موارد النفط الخام والاستيراد وبناء صناعة وزراعة متقدمة وبل تم تدمير ما تبقي من الأسس الصناعية والزراعية الموجودة سابقا. الإقليم الآن يمر الإقليم بأزمة اقتصادية وسياسية كبيرة ويتسع التفاوت ويشتد الاستغلال الطبقي في المجتمع بشكل صارخ، الفقر والبطالة، عدم دفع الرواتب، الاستبداد وانتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان، مشاكل متواصلة مع بغداد...... الخ.
 
 
استفتاء حول استقلال كردستان
 
معظم الأحزاب القومية الكردية الرئيسية في إقليم كردستان العراق اتفقت على إجراء استفتاء بشأن استقلال الإقليم في 25 أيلول/سبتمبر. الاستفتاء أسلوب حضاري حقوقي وهو شكل من إشكال الديمقراطية المباشرة وإشراك واسع للجماهير في اتخاذ قرارات وتشريعات هامة، واعتقد انه الأسلوب الأمثل حاليا لتقرير المصير للقوميات الساكنة في العراق شرط توفر التحضير الجيد والأجواء المناسبة، الحوار والتنسيق بين الأطراف المختلفة، حق وإمكانيات متساوية للجميع للترويج لمواقفهم حول الاستفتاء، والشفافية، والنزاهة والإشراف المستقل، وتوافق داخلي مناسب والإشراف والدعم الدولي.
 
كيساري أممي مستقل وناشط حقوقي منحدر من إقليم كردستان العراق أرى إن الضرورة تقتضي الوقوف ضد هذا الاستفتاء ومقاطعته او المطالبة بتأجيله وإقرار موعد جديد لاستفتاء آخر في ظروف وشروط أفضل ويجري تحت إشراف دولي، وللأسباب التالية:
 
1.            معظم الأحزاب التي دعت الى الاستفتاء هي أحزاب غير ديمقراطية واستخدمت – الاضطهاد والحقوق القومية – لفرض نظام حكم فاسد ومستبد في الإقليم، ومن تجربة حكمهم الكالح في الفترة الماضية اثبتوا في أنهم في تناقض وتضاد كبير مع حقوق الشعب الكردي نفسه وعموم ساكني الإقليم و الجماهير الكادحة في الإقليم التي انتهكت بشكل مفرط من قبلهم، ولم يكن همها غير النهب والفساد والسيطرة على كل مؤسسات السلطة، وفشلوا فشلا ذريعا في بناء مؤسسات الحكومة الرشيدة والعادلة، والتداول الديمقراطي السلمي للسلطة، إضافة الى فقدان العدالة والشفافية في إدارة موارد الإقليم المالية والتصرف بها، وهي بشكل عام تنهب من قبل تلك الأحزاب الحاكمة وقياداتها.
 
2.            يفتقر الاستفتاء إلى التحضير والأجواء المناسبة لذلك، ولم يتم مراعاة الوضع السياسي الداخلي المتأزم للإقليم والوضع العراقي وحتى الظروف الإقليمية والدولية، وهو خطوة متسرعة للتهرب والتغطية على المشاكل الاقتصادية والسياسية الكبيرة والمتفاقمة والاستياء الجماهيري المتصاعد في الإقليم، واستخدام ورقة – الشعور والتعصب القومي – لإلهاء الجماهير و للمزايدات السياسية داخل وخارج الإقليم ولإعادة الهيبة والشرعية للأحزاب القومية الحاكمة، ولاسيما للحزب الأكبر، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يحاول بكل الطرق والأساليب فرض دكتاتوريته الكاملة على كل إقليم كردستان.
 
3.            عدم التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، مع تحفظي الكامل على الأطراف المشاركة في تلك الحكومة وسياساتهم المعادية لجماهير العراق وضعف شرعيتها، إذ يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الصراعات القومية في العراق، وليس حلها، كما يمكن ان يدخل ساكني العراق في حروب أهلية جديدة وبمسميات جديدة وخاصة في وجود مشاكل كثيرة لم تحل حتى الآن مثل مصير مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها.
 
4.            عدم وجود إجماع بين كل القوى السياسية في الإقليم على الاستفتاء، وهناك معارضة حزبية وجماهيرية كبيرة له، إضافة الى مشاكل سياسية كبيرة بين الأحزاب السياسية وبرلمان معطل بقرارات دكتاتورية فاقدة للشرعية، وهو بشكل عام قرار استعجالي وينقصه التحضير، ويفتقر الاستفتاء المطروح إلى ابسط مقومات الاستفتاءات المتعارف عليها دوليا حتى بالمعايير الشرق الأوسطية والعالم الثالث مثلا تجربة استفتاء جنوب السودان وانفصاله.
 
5.            افتقاد الاستفتاء إلى مؤسسات مستقلة ونزيهة للإشراف عليه وإدارته، فتجربة السنوات الماضية أثبتت إن الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في إقليم كردستان وعموم العراق قد استخدمت كل الطرق والتزوير والرشوة واستخدام المال السياسي وقمع الرأي الآخر .... الخ لفرض سلطتها وتمرير سياساتها من خلال – انتخابات – شكلية تحت إشراف – مفوضيات مستقلة! – هي بالأساس مستندة إلى التقسيم الطائفي والقومي والحزبي ويسودها الفساد وتفتقد إلى النزاهة.
 
6.            رفض، بل وجود، إجماع دولي مناهض لقرار الاستفتاء، حتى الأمم المتحدة أعلنت انها لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في ما يتعلق بهذا الاستفتاء.
 
وحدة أراضي العراقية لا تعني الكثير لي في مقابل حياة وحقوق الجماهير الكادحة و كماركسي ادعم حق تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة لكل ساكني العراق، سواء أكان على أساس قومي، ام جغرافي، ام مناطقي، إذا كان ذلك سيعطي حقوق ومساواة أكثر وحياة أفضل لهم، وسيخفف من حدة الصراع والتناحر القومي والديني والطائفي. ولست مطلقا ضد ممارسة حق تقرير المصير واستقلال كردستان وبل أطالب به وهو أمر حيوي لابد القيام به أجلا ام عاجلا ولكن كيف وفي أي ظروف ومستلزمات؟ حيث إن الاستفتاءً المطروح، في مثل هذه الأوضاع وعدم مصداقية الجهات التي دعت له وتديره، لن يعبر بشكل حقيقي عن تطلعات ساكني إقليم كردستان، ولن يكون له مصداقية واعتراف إقليمي و دولي، بل ويعبر عن مصالح الطبقات الطفيلية الحاكمة في الإقليم وهو جزء من صراعات إقليمية ومحلية. ومن المؤكد أنه سيساء استخدامه من قبل القوى القومية الحاكمة والرئيس مسعود البرزاني المنتهية ولايته! للبقاء في السلطة هو وحزبه والمزيد من الدكتاتورية والاستبداد، وتصفية حساباتهم السياسية وقمع معارضيهم استنادا إلى - الشرعية القومية - التي يتطلعون إلى الحصول عليها من خلال الاستفتاء المزمع إجراءه.
 
الجماهير الكادحة في إقليم كردستان تعيش فيما يشبه الدولة القومية المستقلة وباعتراف دولي واضح وبدون اضطهاد قومي منذ بداية تسعينات القرن المنصرم، ولكن مع ذلك مازالت تتطلع وتطالب بالأمان، العمل، العيش الرغيد والحياة الاقتصادية المناسبة، الحريات ووقف الانتهاكات ومناهضة الاستبداد، حقوق الإنسان الأساسية والمساواة وحقوق المرأة، حقوق الأقليات الدينية والقومية في الإقليم، التداول الديمقراطي السلمي للسلطة ونبذ الدكتاتورية، حياة برلمانية وديمقراطية نزيهة وشفافة، القضاء المستقل وفصل السلطات، ومحاسبة الفاسدين والمجرمين، وبناء مؤسسات الدولة المدنية في مواجهة سلطة الأحزاب الحاكمة وسيطرتها على كافة مفاصل الدولة والمجتمع، ..... الخ. وتحاول الأحزاب القومية الكردية الحاكمة خداع الجماهير وإلهائها بالأطروحات القومية وإيهامهم في أن الاستقلال سيحل كل هذه المشاكل والعدو – القومي – يتحمل مسؤوليتها! تماماً مثل ما يستخدم الدين والطائفة من قبل الأحزاب الإسلامية المتنفذة والحاكمة في وسط وجنوب العراق لإلهاء الجماهير عن وضعها المرزي والمطالبة بحقوقها، وإضفاء الشرعية على فسادهم وجرائمهم.
 
اعتقد ان احد اهم أهداف الاستفتاء الغير معلنة هو إجهاض أي استفتاء حقيقي جدي لتقرير مصير ساكني إقليم كردستان بشكل سلمي حضاري بأشراف دولي تشرك فيه الأطراف المختلفة، وإبقاء الورقة القومية المربحة بيد الطغمة الطفيلية الحاكمة في الإقليم التي لا تستطيع الآن إدامة حكمها وخداع الجماهير بالأساليب السابقة في ضوء الازمة الاقتصادية والسياسية العميقة والمتفاقمة في الإقليم ، ولن تكون نتائج الاستفتاء في صالح الجماهير او ستحل المشكلة القومية، وبل بالعكس ستتعزز و تترسخ الدكتاتورية في الإقليم بعد ان يتحول مسعود البرزاني الى - بطل قومي – وستستخدم لتقوية مركزهم لا أكثر للمزيد من الصفقات والامتيازات لهم داخليا وإقليميا، ومن المؤكد انه ستتصاعد الصراعات القومية في المنطقة ومن الممكن ان تتخذ أشكال عنيفة جدا.
 
أرى انه لا بد من المطالبة بتحييد دور الدين والقومية عن الدولة، والنضال من اجل دول وأنظمة حكم تستند إلى مواثيق حقوق الإنسان الدولية ومبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وكما نرى من تجارب الدول القومية وخاصة في الشرق الأوسط انها لم تستطع بناء الدول المدنية الديمقراطية و فشلت في توفير أدنى درجات المساواة والعدالة الاجتماعية لمواطنيها، لهذا تحول معظمها إلى أنظمة تسلطية دكتاتورية فاسدة ومستبدة.

2017-06-11 8:27 GMT+02:00 Rezgar Akrawi <rezgarshakr@gmail.com>:
 الزملاء الاعزة في موقع عينكاوه الشقيق
تحية طيبة
شكرا جزيلا على نشر مواضيعي السابقة
ارجو شاكرا وان امكن نشر الموضوع ادناه في اذا كان مناسبا مع قواعد نشركم.
مع كل المودة والاحترام
رزكار عقراوي
 
 
**************************************
مشروع تحالف - وحدة اليسار العراقي إلى أين؟
رزكار عقراوي
 ماركسي مستقل
 
حوار مفتوح مع الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، و مع كافة المهتمين بتعزيز التنسيق والعمل المشترك والتحالف بين فصائل اليسار العراقي.
 
الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد في البداية أقدم الشكر الجزيل لك على الحوار الحضاري وأطروحاتك القيمة حول اليسار العراقي وإمكانيات التنسيق والعمل المشترك، وقد استفدت كثيرا منها وهي مساهمة قيمة وقديرة بجانب المساهمات الأخرى للرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، في توضيح موقف الحزب من العمل المشترك ويعكس ذلك حرصهم الكبير واهتمامهم بالموضوع، وكذلك المساهمات القديرة للكثير من الأحزاب والشخصيات اليسارية الأخرى التي أغنت الموضوع بشكل كبير ومن جوانب عدة، بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف في الطرح والرؤى والآليات.
كما انتهر الفرصة لاحيي وأثمن الدور النضالي للشيوعيين العماليين بمختلف فصائلهم في العراق، فهم احد ابرز المدافعين عن الحقوق المدنية والعلمانية، وحقوق الإنسان والعمال والمرأة، والبديل الاشتراكي،..... الخ، وهم من أكثر القوى السياسية نزاهة وجرأة ووضوحا، ولهم مواقف مشرفة ضد قوى الفساد والاستبداد الديني والقومي الحاكمة في العراق وإقليم كردستان، وتجسد ذلك في مواقف سياسية مختلفة على الصعيد النظري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري. وكان لي الشرف الكبير في العمل معهم في تسعينيات القرن المنصرم.
 
 
عملقة وتضخيم نقاط الاختلاف مقابل إضعاف نقاط الالتقاء! بين قوى اليسار
 
ابدأ حواري معك بالتطرق الى فترة تاريخية جمعتنا معا متعلقة بموضوعنا الحالي: في نهاية ثمانينيات القرن المنصرم تعززت علاقتنا كمنظمة -31 آذار-، التي كانت احد اكبر التنظيمات السرية للحزب الشيوعي العراقي في داخل العراق مع تيار الشيوعية الثورية – العمالية ، الذي كان متواجدا بشكل خاص في إقليم كردستان، وبدأنا نتابع ونتطلع ونقترب من أبحاث الشيوعية الثورية - العمالية بعد اختلافنا الجذري مع -البيروستريكا - وتأييد قيادة الحزب الشيوعي العراقي لها آنذاك، الذي اثأر انتباهي الكبير هو احد الكراسات التي وصلتنا منهم وهو كان نقد حاد لتنظيم يساري اخر وكان مكتوبا بخط اليد، تعجبت كثيرا لهذا الصراع المتعصب والتركيز عليه في ظل جرائم النظام البعثي ووحشيته والحروب والقمع والمأسي، وتأسفت وقتها كثيرا لـ "مستنسخ-ة" الكراس يدويا والطاقة الكبيرة التي صرفت في هكذا أمر نخبوي لاعلاقة له بمشاكل الجماهير.
بعد انضمامي مع الجزء الأكبر من منظمة -31 اذار- إلى منظمة التيار الشيوعي في منتصف عام 1990 واجهتنا تجربة جديدة غير مألوفة لنا سابقا، وهي التقاليد العصبوية - المحفلية والعداء والصراع مع التنظيمات الشيوعية الأخرى وخاصة المحسوبة على تيار الشيوعية الثورية - العمالية، وقد كانت من الحدية بحيث انعكست حتى على العلاقات الاجتماعية والشخصية. ومع ذلك حاولت كثيرا بعيد انتفاضة 1991 التقريب في بين تلك التنظيمات ومحاولة جرها للحوار والتنسيق والعمل المشترك والتحالف، حيث كلها كانت تقريبا تتبنى نفس الخط الفكري والسياسي، ولكن كان التعصب والعداء للآخر مفرطا رغم الكم الهائل من المشتركات ونقاط التقاء. ومع ذلك وبعد سنتين فقط اندمجت اربع من تلك المنظمات اليسارية المتصارعة في -حزب موحد– وهو الحزب الشيوعي العمالي العراقي في تموز 1993 وبتأثير كبير من الرفيق منصور حكمت والحزب الشيوعي العمالي الإيراني.
للأسف في تاريخ اليسار والأحزاب الشيوعية هناك حالات كثيرة للصراعات الحادة، والادعاء باحتكار الأحقية اليسارية، وسيادة عقلية عملقة وتضخيم نقاط الاختلاف مقابل إضعاف نقاط الالتقاء وحتى تقزيمها! وانتهاءا بتكفير وتخوين الآخر يساريا وماركسيا، وغياب الحوار الحضاري وسيادة لغة اقصائية وبمصطلحات: اليسار التحريفي، الهامشي، البرجوازي، ليس للآخر اليساري علاقة باليسار والماركسية ويجب التصدي لهم وفضحهم، الانتهازية... الخ. واعتقد ان هذا التعامل السلبي يبرز بشكل اكبر في فترات الضعف وخاصة مراحل التراجع والخفوت الثوري واليساري في المجتمع، ومن ثم بعد فترة معينة نتيجة ظروف داخلية وخارجية تندمج وتتوحد في حزب موحد. وأكيد إن ذلك غير مقتصر فقط على تيار الشيوعية العمالية، ولكن يشمل كل فصائل اليسار العراقي وفي عموم العالم العربي وان كان بأشكال ومستويات مختلفة، وفي تاريخ اليسار العراقي الحزب الشيوعي العراقي مر بنفس التجارب أيضا ومنها في خمسينات القرن المنصرم بعد أن تشتت إلى منظمات عديدة متصارعة وبشكل حاد ولكنها اندمجت مرة أخرى في 1956 في حزب موحد.
 
 
اختلافكم مع الحزب الشيوعي العراقي
 
الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد في حوارك القدير معي ركزت بشكل كبير على اختلافاتكم الفكرية والسياسية مع الحزب الشيوعي العراقي، وأعطيت انطباعا وأتمنى أن أكون خاطئا في ان الحزب الشيوعي العراقي قد تخلى عن اليسار والماركسية، وأنكم الحزب اليساري الثوري الحقيقي والوحيد في العراق وحتى لم يتم التطرق إلى الفصائل اليسارية الأخرى ودورها وكذلك الطيف الهائل من المستقلين اليساريين. ومن عنوان الموضوع تم ربطي بشكل كبير مع الحزب الشيوعي العراقي ومواقفه ومع اني استقلت من الحزب منذ عام 1990 وفاني اكن له كل التقدير والاحترام واقدر كثيرا دوره النضالي ودوركم أيضا، واذا كانت الأحزاب الشيوعية العراقية تقبل العضوية المركبة فسيكون لي الشرف ان اطلب العضوية في الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي العمالي العراقي والعديد من الأحزاب اليسارية الأخرى، لوجود مشتركات فكرية وسياسية كثيرة تجمعني معهم. وأتطلع ان يقوم الرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي العراقي في الحوار معكم حول النقاط التي طرحتها، المتعلقة بسياسات ومواقف حزبهم وحزبكم وعموم اليسار كمساهمة قديرة في تنشيط الحوار اليساري - اليساري.
 
الحوار وإدارة الاختلافات بين اليسار داخل وخارج الحزب
 
رفيقي العزيز من العادي جدا في الوضع العراقي المعقد ان تكون هناك اختلافات فكرية وسياسية بين قوى اليسار العراقي وحتى داخل الحزب الواحد نفسه، ولكن من الضروري جدا الحوار الحضاري البناء حولها والاعتراف العملي والفعلي بتعدد منابر اليسار داخل وخارج الأحزاب، وليس من الصائب وصف اتجاه يساري أخر نختلف معه في مواقف معينة ومحددة سواء كان داخل او خارج الحزب بتسميات اقصائية حادة، وارى من الضروري الحوار حول المواقف والسياسات بدقة وبشكل علمي والتركيز على الإيجابيات قبل السلبيات، والحوار الحضاري الديمقراطي الناضج حول الاختلافات أو التعارضات الموجودة حاليا التي لا يمكن وصفها بأنها نوعاً من التناقضات الرئيسية المتعلقة بمشاكل ومطالب الجماهير واعتقد انها ذو اساس اجتماعي ضعيف و لا تعني الكثير للجماهير الكادحة في ضوء الفقر والحرمان و الوضع المأساوي المرزي الذي تعيش فيه!.
لابد ان يكون هدف الحوار والنقد هو تطوير الحركة اليسارية، ومن المهم تشخيص النواقص والأخطاء وفق حجمها والحذر من التعميم وتسقيط المقابل اليساري ونفيه، وعلينا جميعا تجنب الحدية والشخصنة بحيث لا يتحول وللأسف - رفاق ورفيقات وأحزاب يسارية أخرى - بسبب اجتهادات واختلافات ومواقف فكرية وسياسية محدودة إلى - أعداء! - لليسار والشيوعية، وفي صف اليمين والأنظمة الحاكمة.
 
 
التنسيق والعمل المشترك والتحالف وفق برنامج الحد الأدنى لا يعني الانصهار!
اعتقد اني كنت واضحا في الموضوعين الذين كتبتهما حول التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار العراقي، حيث ركزت على نقاط الالتقاء وفق برنامج الحد الأدنى الإصلاحي المتعلق بالمشاكل والمطالب الآنية للجماهير والواقع المأساوي لساكني العراق في ظل سلطة الأحزاب الإسلامية والقومية، ومازالت أرى ان معظم قوى اليسار العراقي لها توجهات متقاربة حول ذلك الان، ويمكنها العمل المشترك والتنسيق من خلال آليات واطر تنظيمية مختلفة، ولدينا تجارب ناجحة كثيرة للتحالفات اليسارية في العالم وكانت ذو نتائج ايجابية كبيرة.
لقد تجنبت التطرق إلى الاختلافات الفكرية والسياسية ولم اطرح أي شكل من أشكال انصهار أي حزب في حزب او تيار اخر، وأقصى ما طرحته من اطر تنظيمية للتحالفات هو تحالف او حزب - تنظيم يساري موحد متعدد المنابر، وهذا لا يعني الانصهار بل يعني ان مجموعة من الأحزاب والمنظمات اليسارية تتحالف في إطار تنظيمي موحد لتحقيق برنامج معين وفق نقاط الالتقاء التي تجمعهم لمرحلة معينة مع الحفاظ على استقلاليتها الفكرية والتنظيمية.
التحالفات اليسارية لا تعني بأي شكل من الاشكال تطابق كافة سياسات التنظيمات المشتركة في التحالف مع بعضها، ومن العادي جدا ان تكون للتنظيمات المتحالفة سياسيات مستقلة خاصة بها في المجالات المختلفة، وحتى الدخول في تحالفات أخرى مع قوى تعتقد في انها من المناسب العمل المشترك معها في قضايا معينة. وفي نفس الوقت من العادي جدا نقد سياسات ومواقف القوى المتحالفة معها اذا رات احد الأطراف المتحالفة في إنها من الممكن ان تكون خاطئة وتنعكس سلبا على عموم التيار اليساري.
 
 
معوقات تطور اليسار الثوري الاشتراكي!
 
لا اعتقد ان ضعف دور وتطور اليسار الثوري - اليسار الاشتراكي في العراق وحزبكم وعموم اليسار يعود الى وجود الحزب الشيوعي العراقي او سيادة تقاليد اليسار الهامشي والبرجوازي.... الخ كما أسميتها او تشكيل تحالف يساري المقترح سيعيق ذلك، فكل الفصائل اليسارية ضعيفة بما فيها الحزب الشيوعي القطب الأكبر لليسار العراقي، ودورها محدود جدا في المجتمع العراقي مقارنة بقوة ونفوذ الأحزاب الدينية والقومية، وليس لها تأثير كبير على الجماهير الكادحة المحيط الفعلي للعمل والنضال اليساري، ولذلك فأن الساحة الواقعية مفتوحة بمصراعيها لعمل اليسار والظرف الموضوعي ملائم جدا. برأي ان ضعف اليسار بشكل عام يعود الى أسباب عديدة منها: التشتت والصراعات النخبوية، الحاجة الى خطاب سياسي ونظري أكثر واقعية وعقلانية وموائم لواقع مجتمعاتنا يستند الى التطور العلمي، آليات العمل والتنظيم والقيادة بحاجة التي تحديث، ضعف التواصل مع الجماهير الكادحة وعموم المجتمع، الوضع الإقليمي والدولي المعيق وتراجع اليسار عالميا، قوة المعسكر المضاد لليسار، الجانب المالي،.. الخ والكثير من الأمور الأخرى التي لا اود التطرق اليها بالتفصيل الان.
 
 
ماهو الممكن الآن وليس ماهو المطلوب!
 
اذا ندخل في الجانب الايدولوجي والنظري وفق ماهو المطلوب الآن منا الآن منا ان نطرحه كيساريين فأكيد اتفق معك بالكامل هو دولة اشتراكية ونظام لا طبقي بالمعنى الماركسي وفصل تام للدين عن الدولة.... الخ ولكن هل الواقع العراقي والإقليمي الحالي، وموازين القوى الطبقية ودور ومكانة وقوة اليسار العراقي بكافة فصائله بما فيها حزبكم القدير جاهز لذلك؟ برأي لا، واعتقد إن التركيز الآن على الاختلافات المتعلقة بهذا الطرح الاستراتيجي البعيد الأمد سيعقينا كقوى يسارية في التركيز على ما هو ممكن حاليا وفق طاقاتنا الواقعية وفي ضوء الظروف الموضوعية والذاتية، ومن الممكن ان يؤدي إلى تأجيج الصراعات و إبطاء وتعقيد عملية التنسيق والتوجه نحو العمل المشترك بين قوى اليسار وحتى إفشاله!. وارى من المهم جدا ان نكون اكثر واقعية وعقلانية في أطروحاتنا، وان لا نكون أسيري الايدولوجيا والجمل الثورية، ونستمر ننطلق مما هو مطلوب نظريا وليس مما هو ممكن الآن على ارض الواقع. واعتقد ان المنهج العلمي في كيفية تنفيذ هذا التغيير المجتمعي الجذري الكبير والشامل في العراق، الذي طرحته رفيقي العزيز مؤيد في ظل الأوضاع والموازين الطبقية الحالية وقوة اليسار والظروف المحلية والإقليمية والدولية غير واضح.
 
 
نحو العمل المشترك، مالعمل؟ وماهي الخطوة التالية؟ ومن يقوم بها؟
 
الشيوعيون العماليون ومنذ اكثر من عشرة سنوات ابدوا استعدادهم للعمل المشترك وفق نقاط التقاء، بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف من موقفهم من آليات واطر ومستوي التنسيق والعمل المشترك وكذلك الاعتراف بالتعددية الفكرية والتنظيمية في اليسار العراقي، وقد أشار الرفيق العزيز مؤيد احمد في الجزء الثاني من حواره الى نقاط التقاء كثيرة يمكن التنسيق والعمل المشترك بها مع الحزب الشيوعي العراقي والقوى اليسارية الشقيقة الأخرى، وهو موقف مبدئي إيجابي وضروري جدا في المرحلة الراهنة. واعتقد ان تلك النقاط هي مهمة جدا وهي متعلقة بحياة وحقوق الجماهير الكادحة وحماية الحريات واحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة ووقف الانتهاكات.... الخ وكما اكد عليها أيضا الرفيق العزيز رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في حواره القيم المفتوح مع قراء وقارئات الحوار المتمدن قبل أسابيع وكذلك معظم مواقف وبيانات قادة وكوادر الفصائل اليسارية الأخرى.
 
برأي لابد أن نركز الآن على الجانب العملي ونتحاور حول كيفية العمل والتنسيق والتحالف وفق تلك النقاط والآليات والأطر التنظيمية اللازمة لتحقيق ذلك، واعتقد ان - اللقاء اليساري التحاوري- رغم النواقص، وبعض الإشكالات والحوارات الحادة التي أعقبته يعتبر تطورا نوعيا كبيرا واجتماعه الأول ناجح ومثمر، ولكن لابد ومن الضروري ان يتطور التوجه نحو الحوار والتنسيق اليساري إلى مستويات أعلى، وان تعقد اجتماعات مباشرة لقيادات أحزاب اليسار، حيث معظمها تقر الآن باستعدادها للعمل المشترك وفق نقاط الالتقاء والمشتركات الكثيرة الموجودة، وإذا هي فعلا جادة في ذلك فمن يبدأ الخطوة الأولى نحو دعوة لاجتماع عام لقيادات أحزاب اليسار العراقي او على الأقل اجتماعات ثنائية كمرحلة أولى، هل سيدعو الحزب الشيوعي العراقي قادة أحزاب اليسار الأخرى للاجتماع والتشاور؟ ام ستقوم بذلك قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي؟ ام ستقوم قيادة الحزب الشيوعي العمالي والفصائل اليسارية الأخرى بزيارة مقر الحزب الشيوعي لتقديم العزاء بوفاة الرفيق العزيز المناضل عزيز محمد وعقد المؤتمر العاشر للحزب؟ وبدء مرحلة جديدة من العلاقات الإيجابية واللقاءات والحوارات المباشرة دون شروط مسبقة، إنها مجرد اقتراحات لبدء اللقاءات.
 
قوى الفساد والاستبداد والمعادية لليسار وللمدنية والعلمانية ولحقوق الجماهير تحضر نفسها لإعادة تقسيم مواقع السلطة والنفوذ وترسيخ مكانتها بعد انتهاء مرحلة - داعش - وبدأت بعرض عضلاتها باختطاف ناشطين من قوى يسارية ومدنية، وتهدد بشكل علني فج الآن في إنها ستقمع أي صوت او توجه مضاد لها ولسلطتها الكالحة، وهذا يتطلب منا قبل أي وقت مضي توحيد وتجميع قوانا نحو بناء قطب يساري فاعل وقوي في المجتمع العراقي يكون محور أساسي في تحالف مدني ديمقراطي واسع، وإذا أسطعنا معا تحقيق 25% فقط لا أكثر من مما يطرحه الحزب الشيوعي العراقي او الحزب الشيوعي العمالي العراقي او الفصائل اليسارية الأخرى خلال السنوات القادمة فسيعني ذلك الكثير لساكني العراق.
 
رفيقي العزيز مؤيد احمد اكرر شكري وامتناني على الحوار المثمر ودمت مناضلا يساريا قديرا أكن له ولحزبه المناضل كل الاحترام والتقدير.
 


11
نحو مقاطعة الاستفتاء حول استقلال إقليم كردستان العراق!
رزكار عقراوي
 
القضية القومية في العراق هي أحد أهم القضايا المعقدة في دولة متعددة القوميات والأديان، والتي يجب ان تحل بشكل حضاري-أنساني يستند إلى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والاستناد إلى مبدأ المواطنة المتساوية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، سواء اختارت العيش معا في دولة اتحادية مع القوميات الأخرى، ام تشكيل دول مستقلة، وهذا يشمل كل القوميات والأقليات الساكنة في العراق.
العراق منذ بداية تأسيسه في بداية القرن المنصرم بعد تفتيت الإمبراطورية العثمانية عرف كدولة عربية إسلامية، وبالتالي انعكس ذلك على بناء الدولة ومؤسساتها التي تم بناؤها على أساس التمييز القومي والديني للقومية والدين الأكبر – العربية والإسلام – وتم بشكل مباشر وغير مباشر تهميش دور القوميات والأديان الأخرى، وكان لها دور محدود في إدارة مفاصل الدولة الرئيسية. وبعد سيادة حكم العسكر المستند الى الدكتاتورية الفردية والحزبية تعززت مفاهيم التعصب القومي العروبي في الدولة وتم معاملة القوميات والأقليات الأخرى كمواطنين من الدرجة الثانية ، مما أدى إلى برز دور الأحزاب القومية للأقليات القومية في العراق، وخاصة الكردية، باعتبارها المدافعة عن حقوق القومية المنتهكة والمناضلة من اجلها، واتخذ ذلك أشكالاً مختلفة، منها السلمي والمسلح، حسب درجة العنف والقمع الممارس من قبل السلطات الدكتاتورية الحاكمة.
 
إقليم كردستان ونمط الحكم
 
بعد الانتفاضة الجماهيرية الكبيرة التي عمّت معظم مدن العراق سنة 1991، سيطر الحزبان الكرديان - الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني - على معظم مقاليد السلطة والنفوذ في معظم أجزاء إقليم كردستان العراق، وكقوى طبقية برجوازية تحالفا مع بقايا النظام البعثي الفاشي من مستشارين – أمراء أفواج المرتزقة (الجحوش)- ، والعاملين في الأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، ورؤساء العشائر الملطخة أياديهم بدماء ابناء الشعب العراقي.
رسخ الحزبان سلطاتهم من خلال القمع والتهديد والاغتيالات والإفساد وكذلك الترغيب وشراء الذمم، وأدى صراعهم على السلطة والنفوذ الى إدخال المجتمع الكردستاني في حرب داخلية طاحنة في تسعينيات القرن المنصرم، نافسوا فيها النظام البعثي في الجرائم التي ارتكبوها من قمع وقسوة، إعدام الأسرى والجرحى، اعتقالات وتصفية وتعذيب وحشي للسجناء، اعتقال وترحيل أعضاء الحزب الآخر....... الخ.
بعد سقوط النظام البعثي الفاشي في 2003 أصبحوا الحليف الرئيسي لقوى الإسلام السياسي، واشتركوا معهم في إدخال العراق في حروب أهلية مدمرة، وساهموا معهم في الانسحاب وتسليم أجزاء واسعة من محافظة نينوى لمجرمي – داعش- والذين ارتكبوا مجازر بشعة بحق سكانها من الأقليات الدينية من الإيزيديين والمسيحيين، عززوا سلطة الميليشيات وإطلاق يدها، فعمّ الفقر والبطالة، الفساد والانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان، غض النظر عن انتهاك حقوق المرأة، وقمع الحريات الفردية والمدنية، وفرض نظام المحاصصة الدينية والقومية السيء الصيت.... الخ، وكانوا متحالفين معهم في إجهاض ومحاربة اي مسعى لتوجه مدني وديمقراطي على مختلف الأصعدة.
مارس الحزبان الحاكمان والأحزاب الذيلية المرتبطة بهم الفساد المنظم بشكل كبير جدا منذ بداية استلامهم للسلطة في إقليم كردستان، وتم نهب مؤسسات الدولة والمال العام بشكل علني وفج، وتحول قادة الحزبين والمرتبطين بهم إلى طبقة من البرجوازية الطفيلية، التي تحت ذريعة – نضالهم! والشرعية الثورية والقومية -، سخروا معظم ما هو موجود من ممتلكات الدولة وعوائدها لمصالحهم الحزبية والشخصية والعشائرية وبمسميات مختلفة، وازداد غناهما بشكل مفرط بعد سقوط النظام الدكتاتوري، حيث خصصت ميزانية لإقليم كردستان من عوائد النفط العراقي، إضافة إلى شيوع الفساد و البطالة المقنعة في أجهزة الدولة نتيجة التوظيف – الحزبي - لشراء الذمم في تأييد الحزبين في سياساتهم وفي التصويت لهم في الانتخابات . رغم الميزانية الكبيرة للاقليم والعوائد النفطية فان القوى الحاكمة قامت فقط ببناء بعض الطرق والجسور والحدائق والسكن وهي أمور جيدة ولكنها، كانت مناسبة لمزيد من نهب المال العام، كما لم تبد أي اهتمام فعلي وضروري في بناء القاعدة المادية للتطور والتقدم الاقتصادي وتقليص سمة الاقتصاد الريعي الاستهلاكي بتقليص الاعتماد على موارد النفط الخام والاستيراد وبناء صناعة وزراعة متقدمة وبل تم تدمير ما تبقي من الأسس الصناعية والزراعية الموجودة سابقا. الإقليم الآن يمر الإقليم بأزمة اقتصادية وسياسية كبيرة ويتسع التفاوت ويشتد الاستغلال الطبقي في المجتمع بشكل صارخ، الفقر والبطالة، عدم دفع الرواتب، الاستبداد وانتهاكات مستمرة لحقوق الإنسان، مشاكل متواصلة مع بغداد...... الخ.
 
 
استفتاء حول استقلال كردستان
 
معظم الأحزاب القومية الكردية الرئيسية في إقليم كردستان العراق اتفقت على إجراء استفتاء بشأن استقلال الإقليم في 25 أيلول/سبتمبر. الاستفتاء أسلوب حضاري حقوقي وهو شكل من إشكال الديمقراطية المباشرة وإشراك واسع للجماهير في اتخاذ قرارات وتشريعات هامة، واعتقد انه الأسلوب الأمثل حاليا لتقرير المصير للقوميات الساكنة في العراق شرط توفر التحضير الجيد والأجواء المناسبة، الحوار والتنسيق بين الأطراف المختلفة، حق وإمكانيات متساوية للجميع للترويج لمواقفهم حول الاستفتاء، والشفافية، والنزاهة والإشراف المستقل، وتوافق داخلي مناسب والإشراف والدعم الدولي.
 
كيساري أممي مستقل وناشط حقوقي منحدر من إقليم كردستان العراق أرى إن الضرورة تقتضي الوقوف ضد هذا الاستفتاء ومقاطعته او المطالبة بتأجيله وإقرار موعد جديد لاستفتاء آخر في ظروف وشروط أفضل ويجري تحت إشراف دولي، وللأسباب التالية:
 
1.            معظم الأحزاب التي دعت الى الاستفتاء هي أحزاب غير ديمقراطية واستخدمت – الاضطهاد والحقوق القومية – لفرض نظام حكم فاسد ومستبد في الإقليم، ومن تجربة حكمهم الكالح في الفترة الماضية اثبتوا في أنهم في تناقض وتضاد كبير مع حقوق الشعب الكردي نفسه وعموم ساكني الإقليم و الجماهير الكادحة في الإقليم التي انتهكت بشكل مفرط من قبلهم، ولم يكن همها غير النهب والفساد والسيطرة على كل مؤسسات السلطة، وفشلوا فشلا ذريعا في بناء مؤسسات الحكومة الرشيدة والعادلة، والتداول الديمقراطي السلمي للسلطة، إضافة الى فقدان العدالة والشفافية في إدارة موارد الإقليم المالية والتصرف بها، وهي بشكل عام تنهب من قبل تلك الأحزاب الحاكمة وقياداتها.
 
2.            يفتقر الاستفتاء إلى التحضير والأجواء المناسبة لذلك، ولم يتم مراعاة الوضع السياسي الداخلي المتأزم للإقليم والوضع العراقي وحتى الظروف الإقليمية والدولية، وهو خطوة متسرعة للتهرب والتغطية على المشاكل الاقتصادية والسياسية الكبيرة والمتفاقمة والاستياء الجماهيري المتصاعد في الإقليم، واستخدام ورقة – الشعور والتعصب القومي – لإلهاء الجماهير و للمزايدات السياسية داخل وخارج الإقليم ولإعادة الهيبة والشرعية للأحزاب القومية الحاكمة، ولاسيما للحزب الأكبر، الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يحاول بكل الطرق والأساليب فرض دكتاتوريته الكاملة على كل إقليم كردستان.
 
3.            عدم التنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، مع تحفظي الكامل على الأطراف المشاركة في تلك الحكومة وسياساتهم المعادية لجماهير العراق وضعف شرعيتها، إذ يمكن أن يؤدي إلى تصعيد الصراعات القومية في العراق، وليس حلها، كما يمكن ان يدخل ساكني العراق في حروب أهلية جديدة وبمسميات جديدة وخاصة في وجود مشاكل كثيرة لم تحل حتى الآن مثل مصير مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها.
 
4.            عدم وجود إجماع بين كل القوى السياسية في الإقليم على الاستفتاء، وهناك معارضة حزبية وجماهيرية كبيرة له، إضافة الى مشاكل سياسية كبيرة بين الأحزاب السياسية وبرلمان معطل بقرارات دكتاتورية فاقدة للشرعية، وهو بشكل عام قرار استعجالي وينقصه التحضير، ويفتقر الاستفتاء المطروح إلى ابسط مقومات الاستفتاءات المتعارف عليها دوليا حتى بالمعايير الشرق الأوسطية والعالم الثالث مثلا تجربة استفتاء جنوب السودان وانفصاله.
 
5.            افتقاد الاستفتاء إلى مؤسسات مستقلة ونزيهة للإشراف عليه وإدارته، فتجربة السنوات الماضية أثبتت إن الأحزاب الحاكمة والمتنفذة في إقليم كردستان وعموم العراق قد استخدمت كل الطرق والتزوير والرشوة واستخدام المال السياسي وقمع الرأي الآخر .... الخ لفرض سلطتها وتمرير سياساتها من خلال – انتخابات – شكلية تحت إشراف – مفوضيات مستقلة! – هي بالأساس مستندة إلى التقسيم الطائفي والقومي والحزبي ويسودها الفساد وتفتقد إلى النزاهة.
 
6.            رفض، بل وجود، إجماع دولي مناهض لقرار الاستفتاء، حتى الأمم المتحدة أعلنت انها لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في ما يتعلق بهذا الاستفتاء.
 
وحدة أراضي العراقية لا تعني الكثير لي في مقابل حياة وحقوق الجماهير الكادحة و كماركسي ادعم حق تقرير المصير بما فيه الانفصال وتشكيل دول مستقلة لكل ساكني العراق، سواء أكان على أساس قومي، ام جغرافي، ام مناطقي، إذا كان ذلك سيعطي حقوق ومساواة أكثر وحياة أفضل لهم، وسيخفف من حدة الصراع والتناحر القومي والديني والطائفي. ولست مطلقا ضد ممارسة حق تقرير المصير واستقلال كردستان وبل أطالب به وهو أمر حيوي لابد القيام به أجلا ام عاجلا ولكن كيف وفي أي ظروف ومستلزمات؟ حيث إن الاستفتاءً المطروح، في مثل هذه الأوضاع وعدم مصداقية الجهات التي دعت له وتديره، لن يعبر بشكل حقيقي عن تطلعات ساكني إقليم كردستان، ولن يكون له مصداقية واعتراف إقليمي و دولي، بل ويعبر عن مصالح الطبقات الطفيلية الحاكمة في الإقليم وهو جزء من صراعات إقليمية ومحلية. ومن المؤكد أنه سيساء استخدامه من قبل القوى القومية الحاكمة والرئيس مسعود البرزاني المنتهية ولايته! للبقاء في السلطة هو وحزبه والمزيد من الدكتاتورية والاستبداد، وتصفية حساباتهم السياسية وقمع معارضيهم استنادا إلى - الشرعية القومية - التي يتطلعون إلى الحصول عليها من خلال الاستفتاء المزمع إجراءه.
 
الجماهير الكادحة في إقليم كردستان تعيش فيما يشبه الدولة القومية المستقلة وباعتراف دولي واضح وبدون اضطهاد قومي منذ بداية تسعينات القرن المنصرم، ولكن مع ذلك مازالت تتطلع وتطالب بالأمان، العمل، العيش الرغيد والحياة الاقتصادية المناسبة، الحريات ووقف الانتهاكات ومناهضة الاستبداد، حقوق الإنسان الأساسية والمساواة وحقوق المرأة، حقوق الأقليات الدينية والقومية في الإقليم، التداول الديمقراطي السلمي للسلطة ونبذ الدكتاتورية، حياة برلمانية وديمقراطية نزيهة وشفافة، القضاء المستقل وفصل السلطات، ومحاسبة الفاسدين والمجرمين، وبناء مؤسسات الدولة المدنية في مواجهة سلطة الأحزاب الحاكمة وسيطرتها على كافة مفاصل الدولة والمجتمع، ..... الخ. وتحاول الأحزاب القومية الكردية الحاكمة خداع الجماهير وإلهائها بالأطروحات القومية وإيهامهم في أن الاستقلال سيحل كل هذه المشاكل والعدو – القومي – يتحمل مسؤوليتها! تماماً مثل ما يستخدم الدين والطائفة من قبل الأحزاب الإسلامية المتنفذة والحاكمة في وسط وجنوب العراق لإلهاء الجماهير عن وضعها المرزي والمطالبة بحقوقها، وإضفاء الشرعية على فسادهم وجرائمهم.
 
اعتقد ان احد اهم أهداف الاستفتاء الغير معلنة هو إجهاض أي استفتاء حقيقي جدي لتقرير مصير ساكني إقليم كردستان بشكل سلمي حضاري بأشراف دولي تشرك فيه الأطراف المختلفة، وإبقاء الورقة القومية المربحة بيد الطغمة الطفيلية الحاكمة في الإقليم التي لا تستطيع الآن إدامة حكمها وخداع الجماهير بالأساليب السابقة في ضوء الازمة الاقتصادية والسياسية العميقة والمتفاقمة في الإقليم ، ولن تكون نتائج الاستفتاء في صالح الجماهير او ستحل المشكلة القومية، وبل بالعكس ستتعزز و تترسخ الدكتاتورية في الإقليم بعد ان يتحول مسعود البرزاني الى - بطل قومي – وستستخدم لتقوية مركزهم لا أكثر للمزيد من الصفقات والامتيازات لهم داخليا وإقليميا، ومن المؤكد انه ستتصاعد الصراعات القومية في المنطقة ومن الممكن ان تتخذ أشكال عنيفة جدا.
 
أرى انه لا بد من المطالبة بتحييد دور الدين والقومية عن الدولة، والنضال من اجل دول وأنظمة حكم تستند إلى مواثيق حقوق الإنسان الدولية ومبدأ المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، وكما نرى من تجارب الدول القومية وخاصة في الشرق الأوسط انها لم تستطع بناء الدول المدنية الديمقراطية و فشلت في توفير أدنى درجات المساواة والعدالة الاجتماعية لمواطنيها، لهذا تحول معظمها إلى أنظمة تسلطية دكتاتورية فاسدة ومستبدة.

2017-06-11 8:27 GMT+02:00 Rezgar Akrawi <rezgarshakr@gmail.com>:
 الزملاء الاعزة في موقع عينكاوه الشقيق
تحية طيبة
شكرا جزيلا على نشر مواضيعي السابقة
ارجو شاكرا وان امكن نشر الموضوع ادناه في اذا كان مناسبا مع قواعد نشركم.
مع كل المودة والاحترام
رزكار عقراوي
 
 

12
مشروع تحالف - وحدة اليسار العراقي إلى أين؟
رزكار عقراوي
 ماركسي مستقل
 
حوار مفتوح مع الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، و مع كافة المهتمين بتعزيز التنسيق والعمل المشترك والتحالف بين فصائل اليسار العراقي.
 
الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد في البداية أقدم الشكر الجزيل لك على الحوار الحضاري وأطروحاتك القيمة حول اليسار العراقي وإمكانيات التنسيق والعمل المشترك، وقد استفدت كثيرا منها وهي مساهمة قيمة وقديرة بجانب المساهمات الأخرى للرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، في توضيح موقف الحزب من العمل المشترك ويعكس ذلك حرصهم الكبير واهتمامهم بالموضوع، وكذلك المساهمات القديرة للكثير من الأحزاب والشخصيات اليسارية الأخرى التي أغنت الموضوع بشكل كبير ومن جوانب عدة، بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف في الطرح والرؤى والآليات.
كما انتهر الفرصة لاحيي وأثمن الدور النضالي للشيوعيين العماليين بمختلف فصائلهم في العراق، فهم احد ابرز المدافعين عن الحقوق المدنية والعلمانية، وحقوق الإنسان والعمال والمرأة، والبديل الاشتراكي،..... الخ، وهم من أكثر القوى السياسية نزاهة وجرأة ووضوحا، ولهم مواقف مشرفة ضد قوى الفساد والاستبداد الديني والقومي الحاكمة في العراق وإقليم كردستان، وتجسد ذلك في مواقف سياسية مختلفة على الصعيد النظري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري. وكان لي الشرف الكبير في العمل معهم في تسعينيات القرن المنصرم.
 
 
عملقة وتضخيم نقاط الاختلاف مقابل إضعاف نقاط الالتقاء! بين قوى اليسار
 
ابدأ حواري معك بالتطرق الى فترة تاريخية جمعتنا معا متعلقة بموضوعنا الحالي: في نهاية ثمانينيات القرن المنصرم تعززت علاقتنا كمنظمة -31 آذار-، التي كانت احد اكبر التنظيمات السرية للحزب الشيوعي العراقي في داخل العراق مع تيار الشيوعية الثورية – العمالية ، الذي كان متواجدا بشكل خاص في إقليم كردستان، وبدأنا نتابع ونتطلع ونقترب من أبحاث الشيوعية الثورية - العمالية بعد اختلافنا الجذري مع -البيروستريكا - وتأييد قيادة الحزب الشيوعي العراقي لها آنذاك، الذي اثأر انتباهي الكبير هو احد الكراسات التي وصلتنا منهم وهو كان نقد حاد لتنظيم يساري اخر وكان مكتوبا بخط اليد، تعجبت كثيرا لهذا الصراع المتعصب والتركيز عليه في ظل جرائم النظام البعثي ووحشيته والحروب والقمع والمأسي، وتأسفت وقتها كثيرا لـ "مستنسخ-ة" الكراس يدويا والطاقة الكبيرة التي صرفت في هكذا أمر نخبوي لاعلاقة له بمشاكل الجماهير.
بعد انضمامي مع الجزء الأكبر من منظمة -31 اذار- إلى منظمة التيار الشيوعي في منتصف عام 1990 واجهتنا تجربة جديدة غير مألوفة لنا سابقا، وهي التقاليد العصبوية - المحفلية والعداء والصراع مع التنظيمات الشيوعية الأخرى وخاصة المحسوبة على تيار الشيوعية الثورية - العمالية، وقد كانت من الحدية بحيث انعكست حتى على العلاقات الاجتماعية والشخصية. ومع ذلك حاولت كثيرا بعيد انتفاضة 1991 التقريب في بين تلك التنظيمات ومحاولة جرها للحوار والتنسيق والعمل المشترك والتحالف، حيث كلها كانت تقريبا تتبنى نفس الخط الفكري والسياسي، ولكن كان التعصب والعداء للآخر مفرطا رغم الكم الهائل من المشتركات ونقاط التقاء. ومع ذلك وبعد سنتين فقط اندمجت اربع من تلك المنظمات اليسارية المتصارعة في -حزب موحد– وهو الحزب الشيوعي العمالي العراقي في تموز 1993 وبتأثير كبير من الرفيق منصور حكمت والحزب الشيوعي العمالي الإيراني.
للأسف في تاريخ اليسار والأحزاب الشيوعية هناك حالات كثيرة للصراعات الحادة، والادعاء باحتكار الأحقية اليسارية، وسيادة عقلية عملقة وتضخيم نقاط الاختلاف مقابل إضعاف نقاط الالتقاء وحتى تقزيمها! وانتهاءا بتكفير وتخوين الآخر يساريا وماركسيا، وغياب الحوار الحضاري وسيادة لغة اقصائية وبمصطلحات: اليسار التحريفي، الهامشي، البرجوازي، ليس للآخر اليساري علاقة باليسار والماركسية ويجب التصدي لهم وفضحهم، الانتهازية... الخ. واعتقد ان هذا التعامل السلبي يبرز بشكل اكبر في فترات الضعف وخاصة مراحل التراجع والخفوت الثوري واليساري في المجتمع، ومن ثم بعد فترة معينة نتيجة ظروف داخلية وخارجية تندمج وتتوحد في حزب موحد. وأكيد إن ذلك غير مقتصر فقط على تيار الشيوعية العمالية، ولكن يشمل كل فصائل اليسار العراقي وفي عموم العالم العربي وان كان بأشكال ومستويات مختلفة، وفي تاريخ اليسار العراقي الحزب الشيوعي العراقي مر بنفس التجارب أيضا ومنها في خمسينات القرن المنصرم بعد أن تشتت إلى منظمات عديدة متصارعة وبشكل حاد ولكنها اندمجت مرة أخرى في 1956 في حزب موحد.
 
 
اختلافكم مع الحزب الشيوعي العراقي
 
الرفيق والصديق العزيز مؤيد احمد في حوارك القدير معي ركزت بشكل كبير على اختلافاتكم الفكرية والسياسية مع الحزب الشيوعي العراقي، وأعطيت انطباعا وأتمنى أن أكون خاطئا في ان الحزب الشيوعي العراقي قد تخلى عن اليسار والماركسية، وأنكم الحزب اليساري الثوري الحقيقي والوحيد في العراق وحتى لم يتم التطرق إلى الفصائل اليسارية الأخرى ودورها وكذلك الطيف الهائل من المستقلين اليساريين. ومن عنوان الموضوع تم ربطي بشكل كبير مع الحزب الشيوعي العراقي ومواقفه ومع اني استقلت من الحزب منذ عام 1990 وفاني اكن له كل التقدير والاحترام واقدر كثيرا دوره النضالي ودوركم أيضا، واذا كانت الأحزاب الشيوعية العراقية تقبل العضوية المركبة فسيكون لي الشرف ان اطلب العضوية في الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي العمالي العراقي والعديد من الأحزاب اليسارية الأخرى، لوجود مشتركات فكرية وسياسية كثيرة تجمعني معهم. وأتطلع ان يقوم الرفيقات والرفاق في الحزب الشيوعي العراقي في الحوار معكم حول النقاط التي طرحتها، المتعلقة بسياسات ومواقف حزبهم وحزبكم وعموم اليسار كمساهمة قديرة في تنشيط الحوار اليساري - اليساري.
 
الحوار وإدارة الاختلافات بين اليسار داخل وخارج الحزب
 
رفيقي العزيز من العادي جدا في الوضع العراقي المعقد ان تكون هناك اختلافات فكرية وسياسية بين قوى اليسار العراقي وحتى داخل الحزب الواحد نفسه، ولكن من الضروري جدا الحوار الحضاري البناء حولها والاعتراف العملي والفعلي بتعدد منابر اليسار داخل وخارج الأحزاب، وليس من الصائب وصف اتجاه يساري أخر نختلف معه في مواقف معينة ومحددة سواء كان داخل او خارج الحزب بتسميات اقصائية حادة، وارى من الضروري الحوار حول المواقف والسياسات بدقة وبشكل علمي والتركيز على الإيجابيات قبل السلبيات، والحوار الحضاري الديمقراطي الناضج حول الاختلافات أو التعارضات الموجودة حاليا التي لا يمكن وصفها بأنها نوعاً من التناقضات الرئيسية المتعلقة بمشاكل ومطالب الجماهير واعتقد انها ذو اساس اجتماعي ضعيف و لا تعني الكثير للجماهير الكادحة في ضوء الفقر والحرمان و الوضع المأساوي المرزي الذي تعيش فيه!.
لابد ان يكون هدف الحوار والنقد هو تطوير الحركة اليسارية، ومن المهم تشخيص النواقص والأخطاء وفق حجمها والحذر من التعميم وتسقيط المقابل اليساري ونفيه، وعلينا جميعا تجنب الحدية والشخصنة بحيث لا يتحول وللأسف - رفاق ورفيقات وأحزاب يسارية أخرى - بسبب اجتهادات واختلافات ومواقف فكرية وسياسية محدودة إلى - أعداء! - لليسار والشيوعية، وفي صف اليمين والأنظمة الحاكمة.
 
 
التنسيق والعمل المشترك والتحالف وفق برنامج الحد الأدنى لا يعني الانصهار!
اعتقد اني كنت واضحا في الموضوعين الذين كتبتهما حول التنسيق والعمل المشترك بين قوى اليسار العراقي، حيث ركزت على نقاط الالتقاء وفق برنامج الحد الأدنى الإصلاحي المتعلق بالمشاكل والمطالب الآنية للجماهير والواقع المأساوي لساكني العراق في ظل سلطة الأحزاب الإسلامية والقومية، ومازالت أرى ان معظم قوى اليسار العراقي لها توجهات متقاربة حول ذلك الان، ويمكنها العمل المشترك والتنسيق من خلال آليات واطر تنظيمية مختلفة، ولدينا تجارب ناجحة كثيرة للتحالفات اليسارية في العالم وكانت ذو نتائج ايجابية كبيرة.
لقد تجنبت التطرق إلى الاختلافات الفكرية والسياسية ولم اطرح أي شكل من أشكال انصهار أي حزب في حزب او تيار اخر، وأقصى ما طرحته من اطر تنظيمية للتحالفات هو تحالف او حزب - تنظيم يساري موحد متعدد المنابر، وهذا لا يعني الانصهار بل يعني ان مجموعة من الأحزاب والمنظمات اليسارية تتحالف في إطار تنظيمي موحد لتحقيق برنامج معين وفق نقاط الالتقاء التي تجمعهم لمرحلة معينة مع الحفاظ على استقلاليتها الفكرية والتنظيمية.
التحالفات اليسارية لا تعني بأي شكل من الاشكال تطابق كافة سياسات التنظيمات المشتركة في التحالف مع بعضها، ومن العادي جدا ان تكون للتنظيمات المتحالفة سياسيات مستقلة خاصة بها في المجالات المختلفة، وحتى الدخول في تحالفات أخرى مع قوى تعتقد في انها من المناسب العمل المشترك معها في قضايا معينة. وفي نفس الوقت من العادي جدا نقد سياسات ومواقف القوى المتحالفة معها اذا رات احد الأطراف المتحالفة في إنها من الممكن ان تكون خاطئة وتنعكس سلبا على عموم التيار اليساري.
 
 
معوقات تطور اليسار الثوري الاشتراكي!
 
لا اعتقد ان ضعف دور وتطور اليسار الثوري - اليسار الاشتراكي في العراق وحزبكم وعموم اليسار يعود الى وجود الحزب الشيوعي العراقي او سيادة تقاليد اليسار الهامشي والبرجوازي.... الخ كما أسميتها او تشكيل تحالف يساري المقترح سيعيق ذلك، فكل الفصائل اليسارية ضعيفة بما فيها الحزب الشيوعي القطب الأكبر لليسار العراقي، ودورها محدود جدا في المجتمع العراقي مقارنة بقوة ونفوذ الأحزاب الدينية والقومية، وليس لها تأثير كبير على الجماهير الكادحة المحيط الفعلي للعمل والنضال اليساري، ولذلك فأن الساحة الواقعية مفتوحة بمصراعيها لعمل اليسار والظرف الموضوعي ملائم جدا. برأي ان ضعف اليسار بشكل عام يعود الى أسباب عديدة منها: التشتت والصراعات النخبوية، الحاجة الى خطاب سياسي ونظري أكثر واقعية وعقلانية وموائم لواقع مجتمعاتنا يستند الى التطور العلمي، آليات العمل والتنظيم والقيادة بحاجة التي تحديث، ضعف التواصل مع الجماهير الكادحة وعموم المجتمع، الوضع الإقليمي والدولي المعيق وتراجع اليسار عالميا، قوة المعسكر المضاد لليسار، الجانب المالي،.. الخ والكثير من الأمور الأخرى التي لا اود التطرق اليها بالتفصيل الان.
 
 
ماهو الممكن الآن وليس ماهو المطلوب!
 
اذا ندخل في الجانب الايدولوجي والنظري وفق ماهو المطلوب الآن منا الآن منا ان نطرحه كيساريين فأكيد اتفق معك بالكامل هو دولة اشتراكية ونظام لا طبقي بالمعنى الماركسي وفصل تام للدين عن الدولة.... الخ ولكن هل الواقع العراقي والإقليمي الحالي، وموازين القوى الطبقية ودور ومكانة وقوة اليسار العراقي بكافة فصائله بما فيها حزبكم القدير جاهز لذلك؟ برأي لا، واعتقد إن التركيز الآن على الاختلافات المتعلقة بهذا الطرح الاستراتيجي البعيد الأمد سيعقينا كقوى يسارية في التركيز على ما هو ممكن حاليا وفق طاقاتنا الواقعية وفي ضوء الظروف الموضوعية والذاتية، ومن الممكن ان يؤدي إلى تأجيج الصراعات و إبطاء وتعقيد عملية التنسيق والتوجه نحو العمل المشترك بين قوى اليسار وحتى إفشاله!. وارى من المهم جدا ان نكون اكثر واقعية وعقلانية في أطروحاتنا، وان لا نكون أسيري الايدولوجيا والجمل الثورية، ونستمر ننطلق مما هو مطلوب نظريا وليس مما هو ممكن الآن على ارض الواقع. واعتقد ان المنهج العلمي في كيفية تنفيذ هذا التغيير المجتمعي الجذري الكبير والشامل في العراق، الذي طرحته رفيقي العزيز مؤيد في ظل الأوضاع والموازين الطبقية الحالية وقوة اليسار والظروف المحلية والإقليمية والدولية غير واضح.
 
 
نحو العمل المشترك، مالعمل؟ وماهي الخطوة التالية؟ ومن يقوم بها؟
 
الشيوعيون العماليون ومنذ اكثر من عشرة سنوات ابدوا استعدادهم للعمل المشترك وفق نقاط التقاء، بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف من موقفهم من آليات واطر ومستوي التنسيق والعمل المشترك وكذلك الاعتراف بالتعددية الفكرية والتنظيمية في اليسار العراقي، وقد أشار الرفيق العزيز مؤيد احمد في الجزء الثاني من حواره الى نقاط التقاء كثيرة يمكن التنسيق والعمل المشترك بها مع الحزب الشيوعي العراقي والقوى اليسارية الشقيقة الأخرى، وهو موقف مبدئي إيجابي وضروري جدا في المرحلة الراهنة. واعتقد ان تلك النقاط هي مهمة جدا وهي متعلقة بحياة وحقوق الجماهير الكادحة وحماية الحريات واحترام حقوق الإنسان ومساواة المرأة ووقف الانتهاكات.... الخ وكما اكد عليها أيضا الرفيق العزيز رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، في حواره القيم المفتوح مع قراء وقارئات الحوار المتمدن قبل أسابيع وكذلك معظم مواقف وبيانات قادة وكوادر الفصائل اليسارية الأخرى.
 
برأي لابد أن نركز الآن على الجانب العملي ونتحاور حول كيفية العمل والتنسيق والتحالف وفق تلك النقاط والآليات والأطر التنظيمية اللازمة لتحقيق ذلك، واعتقد ان - اللقاء اليساري التحاوري- رغم النواقص، وبعض الإشكالات والحوارات الحادة التي أعقبته يعتبر تطورا نوعيا كبيرا واجتماعه الأول ناجح ومثمر، ولكن لابد ومن الضروري ان يتطور التوجه نحو الحوار والتنسيق اليساري إلى مستويات أعلى، وان تعقد اجتماعات مباشرة لقيادات أحزاب اليسار، حيث معظمها تقر الآن باستعدادها للعمل المشترك وفق نقاط الالتقاء والمشتركات الكثيرة الموجودة، وإذا هي فعلا جادة في ذلك فمن يبدأ الخطوة الأولى نحو دعوة لاجتماع عام لقيادات أحزاب اليسار العراقي او على الأقل اجتماعات ثنائية كمرحلة أولى، هل سيدعو الحزب الشيوعي العراقي قادة أحزاب اليسار الأخرى للاجتماع والتشاور؟ ام ستقوم بذلك قيادة الحزب الشيوعي العمالي العراقي؟ ام ستقوم قيادة الحزب الشيوعي العمالي والفصائل اليسارية الأخرى بزيارة مقر الحزب الشيوعي لتقديم العزاء بوفاة الرفيق العزيز المناضل عزيز محمد وعقد المؤتمر العاشر للحزب؟ وبدء مرحلة جديدة من العلاقات الإيجابية واللقاءات والحوارات المباشرة دون شروط مسبقة، إنها مجرد اقتراحات لبدء اللقاءات.
 
قوى الفساد والاستبداد والمعادية لليسار وللمدنية والعلمانية ولحقوق الجماهير تحضر نفسها لإعادة تقسيم مواقع السلطة والنفوذ وترسيخ مكانتها بعد انتهاء مرحلة - داعش - وبدأت بعرض عضلاتها باختطاف ناشطين من قوى يسارية ومدنية، وتهدد بشكل علني فج الآن في إنها ستقمع أي صوت او توجه مضاد لها ولسلطتها الكالحة، وهذا يتطلب منا قبل أي وقت مضي توحيد وتجميع قوانا نحو بناء قطب يساري فاعل وقوي في المجتمع العراقي يكون محور أساسي في تحالف مدني ديمقراطي واسع، وإذا أسطعنا معا تحقيق 25% فقط لا أكثر من مما يطرحه الحزب الشيوعي العراقي او الحزب الشيوعي العمالي العراقي او الفصائل اليسارية الأخرى خلال السنوات القادمة فسيعني ذلك الكثير لساكني العراق.
 
رفيقي العزيز مؤيد احمد اكرر شكري وامتناني على الحوار المثمر ودمت مناضلا يساريا قديرا أكن له ولحزبه المناضل كل الاحترام والتقدير.
 


13
وحدة قوى اليسار العراقي، الأطر والآليات والآفاق!
رزكار عقراوي
Rezgar1@yahoo.com
هذا الحوار كان مع الزميل والرفيق العزيز كمال يلدو في برنامجه التلفزيوني القدير – أضواء على العراق- يوم 04-04-2017 ولكن للأسف لضيق الوقت لم أتمكن من تقديمه بالكامل، كما أضفت ووسعت في الكثير من النقاط للتوضيح بشكل اكبر، كمساهمة جديدة في تنشيط الحوار حول وحدة اليسار العراقي وتعزيز التنسيق والعمل المشترك.

*****************
1. لماذا التنسيق والتحالف وماهي ابر نقاط الالتقاء بين القوى اليسارية العراقية الآن؟

الجبهات أو التحالفات أو الحزب الموحد المتعدد المنابر هي إطار تنظيمي يمكن في مرحلة معينة ان يجمع قوى سياسية مختلفة حول برنامج مرحلي معين وفق نقاط التقاء معينة ، ويمكن ان يكون مرحليا-تكتيكيا ينتهي في فترة معينة، او تحالف استراتيجي طويل من اجل تحقيق تغيير طبقي نوعي في المجتمع. وارى من التجارب العالمية ان التحالفات أصبحت اسلوبا نضاليا ناجحا من اجل تعزيز مكانة القوى اليسارية والمدنية والدفاع عن حقوق الجماهير. والانضمام الى جبهة ما لا يعني ان الحزب اليساري قد تخلى عن استقلاليته الفكرية أو السياسية أو التنظيمية.
القوى اليسارية في العراق للأسف الشديد لم تولي موضوعة التحالفات اليسارية اهتماما مناسبا، وتأخرت كثيرا في بناء تحالف يساري واسع رغم نقاط الالتقاء الكثيرة جدا، وبشكل عام كانت أسيرة للتقديس والتعصب التنظيمي وان كان بدرجات مختلفة، وكان معظمها يرى في انها الحزب اليساري الوحيد في العراق وينفي ويقصي دور الأحزاب الأخرى وبأشكال مختلفة، وقد زاد ذلك من ضعفنا وعزلتنا عن الجماهير، وشتت قدراتنا النضالية.
الصورة تغيرت تدريجيا وبنسب مختلفة لدى معظم فصائل اليسار العراقي واصبحت الآن تعترف بوجود – اليساري – الاخر وتقترب من بعضها بشكل أكبر وأكبر في الكثير من المواقف والسياسات، وان كان هناك بعض الاختلافات في طريقة الطرح واليات التطبيق وتوقيتها وأولويات المرحلة السياسية الراهنة. حيث تتبنى معظمها الماركسية او القيم الأساسية لليسار، وان وجدت اختلافات في طريقة ملائمتها وتطبيقها في الواقع العراقي، تدافع عن حقوق العمال والفلاحين وسائر الكادحين، تدعو الى نبذ وإسقاط نظام المحاصصة الطائفية والقومية ، تناهض الاستبداد والفساد و العنف والإرهاب وسلطة الميليشيات وتطالب حصر السلاح بيد الدولة، تناضل جميعها من اجل مجتمع مدني ديمقراطي ودولة مدنية و تعديل الدستور العراقي لصالح تكريس الديمقراطية ،العدالة الاجتماعية وأكبر قدر ممكن من المساواة، تحديد وتحييد دور الدين والمؤسسات الدينية في الدولة والقوانين، تدافع عن الحريات السياسية والاجتماعية وحقوق الإنسان وحقوق الأقليات الدينية والقومية وحقوق المرأة ومساواتها الكاملة و حقوق الأطفال والشبيبة، تعمل من اجل بناء منظمات ونقابات جماهيرية تقدمية مستقلة وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، ..... الخ وأخيرا تشترك كلها في النضال من اجل مجتمع لا طبقي تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية في الأمد البعيد، .... الخ.
المشتركات ونقاط الالتقاء كثيرة جدا ودوما كنت أعطي مثالا عند الحوار حول التنسيق والوحدة اليسارية مع رفيقاتي ورفاقي في الأحزاب اليسارية المختلفة: في انه إذا أتيت بصحفهم وفقط أزلت أسماء الأحزاب التي تصدرها فلن تجد اختلافات كبيرة في الأطروحات والسياسات الموجودة في تلك الصحف "خاصة ألان"، وان وجدت فهي نظرية عامة وعادي وجودها في أي حزب يساري ديمقراطي يتقبل الاختلاف الفكري الداخلي، واعتقد ان ذلك يشمل معظم فصائل اليسار المشتتة في العالم العربي.


*****************
2. هناك أكثر من دعوة لتنسيق أو توحيد قوى اليسار في العراق، في الداخل والخارج، هل ينبغي توحيد تلك الجهود بمسار واحد ، أو إنضاج المسارات إلى نقطة معينة ثم دمجها وتوحيدها؟ .

نعم كانت هناك الكثير من الدعوات من قبل العديد من الشخصيات اليسارية وحاولنا العمل بشكل مشترك معا مرات عدة من خلال مؤسسة الحوار المتمدن ولسنوات عدة، حيث تم طرح العديد من الملفات والحملات المختلفة الداعية لتعزيز التعاون والتحالف بين القوى اليسارية ليس في العراق فحسب وانما في كل العالم العربي وأجرينا حوارات مع معظم قادة أحزاب ومنظمات اليسار وركزنا على ذلك الموضوع.
على الصعيد الشخصي احاول واعمل على هذا الموضوع منذ 1991، داعيا الى توحيد اليسار العراقي في حزب يساري موحد ديمقراطي متعدد المنابر وبقيادة جماعية، وأتذكر ان أول لقاء للتنسيق والعمل المشترك أجريته انا والرفيق جمال كوشش كممثلين لمنظمة التيار الشيوعي مع الرفاق الشهيد وضاح حسن عبد الأمير- سعدون ورفيق أخر لا أتذكر اسمه كممثلين للحزب الشيوعي العراقي في ربيع 1991 في مقر الحزب في اربيل، وكان اللقاء بناءا ومثمرا ولكن للأسف توقفت اللقاءات بعدها لعدم رغبة التنظيمين في الاستمرار بها آنذاك.
قبل فترة وجيزة بادرت بالاتصال بالكثير من أحزاب وشخصيات اليسار العراقي وخاصة بعد عقد المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي ومقرراته الايجابية حول الموضوع، وكانت الاستجابة ايجابية وان كانت بدرجات مختلفة ولكن كانت بأفكار متقاربة نوعا ما، ونشط الحوار حول الموضوع في موقع الحوار المتمدن والمواقع اليسارية الاخرى وشبكات التواصل الاجتماعي، ومن خلال متابعتي وحواراتي ارى ان أغلبية قواعد وجماهير وحتى الكثير من قيادات أحزاب اليسار العراقي هي مع التنسيق والعمل المشترك مع القوى اليسارية الأخرى وذلك تطور ايجابي كبير ومفرح جدا.
الحوار والجو الايجابي المهيء للموضوع والمبادرات القديرة الأخرى في داخل وخارج العراق توجت بعقد - الملتقى الحواري الاول لتوحيد قوى اليسار العراقي - الذي انعقد في بغداد في 26 نيسان الذي شارك فيه ما يقارب من 100 ناشطة وناشط يسارية من معظم توجهات اليسار العراقي. كتجربة أولية أرى ان اللقاء كان تاريخيا و ناجحا جدا وذو نتائج ايجابية حيث كان قفزة نوعية كبيرة ونوعا بالاعتراف بوجود الآخر، والإقرار العملي بالتعددية الفكرية والتنظيمية داخل اليسار العراقي، والرغبة في العمل معا بعد سنوات من شبه قطيعة، وأكيد هكذا عمل كبير ومهم جدا وحساس. من الممكن أن تحصل بعض النواقص غير المقصودة، ويمكن تجاوزها في اللقاء الثاني، ولكي يكون ذو نتائج ايجابية اكبر اقترح ان يتم:
1- توجيه دعوات لكل الفصائل والشخصيات اليسارية المهتمة بالموضوع دون استثناء بما فيها المتواجدة في إقليم كردستان العراق.

2- توسيع وإشراك كافة الأحزاب والتنظيمات اليسارية وكذلك المستقلين في التحضير والدعوات وإدارة اللقاءات ولجان المتابعة وإعداد الوثائق واليات العمل والخطط المستقبلية مع وجود شفافية اكبر.

3- الابتعاد قدر الإمكان عن الاختلافات النظرية والفكرية الآن، والتركيز على نقاط الالتقاء المتعلقة بمشاكل الجماهير وتعزيز الديمقراطية والمدنية ومناهضة الفساد والاستبداد في المجتمع العراقي.

4- تجنب التصريحات المقصية والنافية لوجود القوى اليسارية الاخرى او التقليل من دورهم، او استخدام لغة حادة في الحوار او الشخصنة كما حصل في لقاءات بعض رفاق اليسار الأعزاء مع الفضائيات والصحف وفي شبكات التواصل الاجتماعي بعيد اللقاء التحاوري الأول ومنهم من اعتبر حزبه الحزب اليساري الوحيد في العراق او من استخدم لغة حادة اقصائية حادة مع الفصائل اليسارية الأخرى.
لنكن واقعيين ولابد لنا ان نعترف: ان كل الفصائل اليسارية ضعيفة في المجتمع العراقي ودورنا محدود في المجتمع في ظل سيادة سلطة الاحزاب الطائفية والقومية، ولكن من الممكن اتحاد – الضعفاء أي تنظيمات اليسار – سيكون له تأثير إيجابي على عموم حركة اليسار والمجتمع في العراق.

5- لابد لكل القوى وخاصة اليسارية الكبيرة ابداء المرونة الكبيرة في انجاح هذا المشروع ومراعاة التكافؤ، وتجنب فرض أجندتها للعمل المشترك حيث سيعني ذلك فشله! ، وخلق آليات جماعية للتواصل مع اكبر عدد ممكن من اليساريين وخاصة المستقلين الذين هم اكبر شريحة يسارية خارج الأحزاب اليسارية و تعمل وتناضل بإشكال مختلفة خارج الأطر التنظيمية.
ومن المؤكد انه لا يمكن لحزب يساري واحد تحقيق وإدارة مشروع للعمل المشترك والتحالف اليساري بشكل ناجح ومرضي لكل الأطراف، وبل يجب ان يكون بشكل جماعي وبمشاركة كل فصائل اليسار اذا كانت النية صادقة نحو العمل المشترك وليس تحقيق اجندات حزبية لحزب يساري معين.

من الضروري ان نحاول جميعا ان ننسق الجهود داخل وخارج العراق من اجل إنجاح هذه التجربة التي هي في طورها الأولي ان لم يكن الجنيني، نحو المزيد من التنسيق والعمل المشترك بين القوى اليسارية العراقية ، ونحن في بداية الطريق ومن العادي جدا ان تكون هناك نواقص وتشنجات وحتى اخطاء، وايضا رد فعل سلبي معيق من اتجاهات متعصبة تنظيما رافضة للعمل المشترك داخل الأحزاب اليسارية نفسها.

*****************
3. ماهو الشكل أو الإطار الأمثل لتنسيق أو توحيد قوى اليسار ...جبهة ..مؤتمر...لجنة تنسيقية ...أو غير ذلك؟

الوضع الحالي في العراق يتطلب منا جميعا سواء كنا أعضاء داخل الأحزاب او مستقلين – في التركيز على ما يوحدنا الآن وليس ما يفرقنا و على نقاط الالتقاء وليس الاختلاف والمهم قبل الأهم: ان نكثف العمل الجدي البناء من اجل تشكيل تحالف يساري واسع على ارض الواقع، يستند إلى برنامج الحد الأدنى ونقاط الالتقاء التي أشرت إليها أعلاه. ويمكن ان يتخذ ذلك اطرا واشكالا مختلفة ومنها:
1. لقاء-اجتماع تشاوري ثاني واسع لكل فصائل وشخصيات اليسار العراقي وتجاوز نواقص اللقاء التشاوري الأول ويكون على مستوى الأحزاب والمنظمات والشخصيات ويدار بشكل جماعي من كل الأطرف المشتركة.
2. تشكيل لجان لدراسة المشتركات ونقاط الالتقاء التي تجمع الأطراف اليسارية المختلفة وفي ضوئها تحدد آليات واطر التنسيق وآفاقه.
3. إصدار بيانات ومواقف مشتركة حول الوضع العراقي على مختلف الأصعدة وفق نقاط الالتقاء وحسب الأحداث، مثال على ذلك: قوى اليسار البحريني بدأت في إصدار بيانات مشتركة ومنها بيانهم الجماعي الرائع بمناسبة عيد العمال العالمي.
4. التحضير والاستعداد للانتخابات القادمة بقائمة يسارية موحدة ببرنامج سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي جذري، يكون جزءا رئيسيا من تحالف أوسع مع القوى العلمانية والديمقراطية الأخرى ويمكن ان يكون تحالف – التيار الديمقراطي – او أي شكل تنظيمي آخر يضم كل القوى الديمقراطية والمدنية في العراق، طبعا اذا كان الإجماع العام لقوى اليسار للمشاركة في الانتخابات.
5. تشكيل لجان للحوار الفكري والسياسي حول الاختلافات الموجودة، ومحاولة التقريب فيما بينها.
6. تشكيل لجان للعمل والتنسيق المشترك على صعيد المحافظات والخارج و تنسيق العمل على صعيد المنظمات الجماهيرية مثل النقابات والمنظمات النسائية والطلابية، التنسيق والعمل المشترك في قيادة المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات الجماهيرية
9. التوجه والعمل المشترك نحو تشكيل إطار تنظيمي – تحالف، تنسيقيات، لجان، فيدراليات.... الخ - ، او حتى الاندماج في حزب يساري موحد حديث متعدد المنابر وبقيادة جماعية يضم كل أحزاب ومنظمات اليسار العراقي مع ان يكون كل تنظيم محتفظا باستقلاليته وحريته. واعتقد أنها الصيغة الأمثل والحديثة لإدارة تنظيمات اليسار بشكل يوحدها ويتيح إمكانيات اكبر للتعايش الديمقراطي بين مختلف الاتجاهات والمنابر الفكرية داخل الحزب مع وجود الاختلافات وسيقلل ذلك من التشتت اليساري والانشقاقات، والكثير من أحزاب اليسار في العالم بدأت تطبق ذلك الشكل من التنظيم او تتجه نحوه.

*****************
4. هل الأولوية للقضايا النظرية أم السياسية الإجرائية.؟

القضايا النظرية أخر شيء يجب ان نختلف فيه الآن فهي تتقبل الاجتهادات المختلفة في الوضع العراقي المعقد والمتأزم جدا ولتكن لنا عشرات الحلول لألوف المشاكل التي تواجه مجتمعاتنا ، رغم أهمية الجانب النظري ولكن هو ليس المشكلة الرئيسية حيث لابد من التركيز ألان على مشاكل الجماهير وسبل معالجتها، ونقاط الالتقاء الكثيرة جدا والتي أشرت إليها في البداية.
لابد الابتعاد ألان عن إبراز الصراعات النظرية والاختلافات الفكرية، ودوما يمكن الحوار حولها بشكل حضاري بناء دون استخدام لغة التخوين والإقصاء، حيث التركيز عليها سيعني إبطاء وتعقيد عملية التنسيق، ونتوجه نحو العمل المشترك، وكذلك حصرها بالقيادات العليا وبالنخب المثقفة وعدم إشراك عموم القواعد الحزبية وجماهيرها.

*****************
5. ما هو رأيك بمدى فاعلية النشاطات المشتركة إن كان في الوطن او خارجه؟.

اعتقد ان التحالفات و النشاطات المشتركة لها ميزات كثيرة ومنها:
1. تجميع وحشد الطاقات الكبيرة لقوى اليسار وجماهيرها، وتوحيد عملها وذلك برأيي سيعزز من نفوذها ودورها على الساحة العراقية حيث انها ليست تجميع عددي لطاقات هذه القوى المتحالفة فقط فحسب وإنما اعتقد انها ستشكل قوة سياسية شعبية واسعة مؤثرة من الممكن ان يكون لها دور كبير في الارتقاء بوعي الجماهير وتنظيم صفوفها وتوحيدها على مختلف الأصعدة، وقيادتها نحو التحول المجتمعي وتغيير واقعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.

2. عدم صرف الطاقة والوقت في الصراعات الحزبية والتنظيمية، من تجربتي السياسية وفي مختلف التنظيمات اليسارية العراقية كنا نصرف طاقات هائلة لمواجهة التنظيمات اليسارية الأخرى والصراع المعلن وغير المعلن معها، وحتى انعكس ذلك على العلاقات السياسية و الاجتماعية والمهنية وحتى الحياة الشخصية، والبعض منا كان يعتبر اليساريين من الأحزاب الأخرى ألد أعدائه! للأسف الشديد، هو مرض مزمن يعاني منه معظم فصائل اليسار في العالم العربي.

3. تجميع المنظمات الجماهيرية لأحزاب اليسار في منظمات جماهيرية مستقلة موحدة او على الأقل تعمل بشكل مشترك وتنسق في كافة المجالات، مما سيزيد من تأثيرها داخل الشرائح التي تمثلها، ويشمل ذلك منظمات الجالية العراقية في الخارج.

4. عودة الامل بأحزاب اليسار من الطيف الهائل من المستقلين اليساريين وعموم الجماهير ويعزز من مصداقيتها عند اتحادها، حيث التشتت والشرذمة والانشقاقات والممارسات التنظيمية الخاطئة كان لها تأثير سلبي كبير جدا على الأحزاب اليسارية وخلقت نوع من حالة النفور من التحزب والعمل التنظيمي، و القنوط واليأس من إمكانية التغيير.

5. الاستفادة من خبرات التنظيمات اليسارية المختلفة وتكملة بعضها للأخر في المجالات المختلفة.

6. تعزيز الشفافية والديمقراطية والتداولية داخل تنظيمات اليسار نتيجة العمل في بيئة تحالفية واسعة، بدلا من ان تكون فرق تنظيمية مغلقة نوعا ما على نفسها وتمارس نشاطا محدودا وفي فضاء ضيق.

7. التحالفات والوحدة بين قوى اليسار من الممكن ان تؤدي إلى تخفيض التكاليف في ظل الأزمة المالية الكبيرة التي تعاني منها ، حيث مقرات ومكاتب وصحف ومجلات اقل...... الخ، إضافة إلى تحسين وتطوير إعمال الهيئات التخصصية نوعا وكما بعد توحيد وتجميع الطاقات الموجودة، مثلا الإعلام اليساري بإصدار صحيفة موحدة، مجلة فكرية موحدة، موقع الكتروني موحد مما يؤدي إلى زيادة شعبيتها.
8. ......

*****************
6. كلمة أخيرة

اعدائنا رغم صراعاتهم وحتى اقتتالهم المسلح أحيانا، الى أنهم يتحالفون ويتحدون عندما يكون الامر متعلقا بوصولهم الى مؤسسات السلطة او السيطرة على مفاصل النفوذ في الدولة والدفاع عن استبدادهم وفسادهم، مثل الحركة القومية والإسلام السياسي، ولكوني عملت في الكثير من فصائل اليسار العراقي ولي علاقات ودية مع معظمها ارى ان نقاط الالتقاء كثيرة جدا وهي اكبر بكثير بإضعاف من نقاط الاختلاف، ولابد من تجاوز التعصب التنظيمي والصراعات ، ويكون "التعصب" لمصالح الجماهير الكادحة والمدنية في المجتمع العراقي. ومن الخطأ التصور انه يمكن التحالف مع الطغم الحاكمة أو احد أقطابها ألان وان رفعت شعارات مدنية ومناهضة الفساد، ولابد ان نكون حذرين من تكرار تجارب الجبهات السابقة مع القوى المعادية لليسار التي كنا نحن اليساريون أول ضحاياه.

اليسار العراقي بأمس الحاجة إلى قادة مرنين وبعقلية متفتحة تتجاوز اطر التنظيمات الحزبية مثل قادة اليسار التونسي الرفاق حمه الهمامي و الشهداء شكري بلعبيد والبراهمي و العديد من قادة أحزاب ومنظمات اليسار الأخرى التي اتحدت كلها في – الجبهة الشعبية – رغم الاختلافات والصراعات الفكرية الكبيرة فيما بينها ولكن اختاروا بمسؤولية كبيرة ان يضعوا مصالح الطبقات الكادحة وعموم المجتمع فوق مصالح تنظيماتهم ، ويشكلوا تحالفا يساريا متحدا قويا أصبح ألان احد الأقطاب السياسية المؤثرة في تونس، فلنستفد من تجربتهم الغنية.

اليسار العراقي هو الأمل الإنساني للتغير لكل ساكني العراق! فلنتحد ونعمل معا.
 


14
نحو تحالف واسع لقوى اليسار في العراق، مقترحات لخطوات عملية

رزكار عقراوي


 
كان لي الشرف الكبير في العمل التنظيمي مع الأحزاب الشيوعية العراقية وبالأخص الحزب الشيوعي العراقي ومنظمة التيار الشيوعي والحزب الشيوعي العمالي العراقي ولي علاقات رفاقية ودية مع معظم التنظيمات الأخرى وأكن لجميعها كل الاحترام والتقدير وقد استفدت كثيرا منها، وان اختلفت معها في هذه النقطة او تلك. في ضوء تجربتي التنظيمية-السياسية معها أرى ان لتلك الاحزاب والمنظمات بغض النظر عن حجمها وعمرها، دور مشهود ونزيه في النضال من اجل العدالة الاجتماعية، ومواجهة الاستبداد والفساد، والإسلام السياسي وقوى التعصب القومي والطائفي، والتبني والدفاع عن مطالب العمال والكادحين وعموم المجتمع والدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومساواتها ..... الخ.
اعتقد انها الآن تقترب من بعضها بشكل أكبر وأكبر في الكثير من المواقف والسياسات، وان كان هناك بعض الاختلافات في طريقة الطرح واليات التطبيق وتوقيتها، ومن أبرز النقاط التي أرى انه من الممكن ان يلتقون حولها وفيها إمكانيات واقعية كبيرة للتنسيق والعمل المشترك:

1. تبني معظمها للماركسية والقيم الأساسية لليسار، وان وجدت اختلافات في طريقة ملائمتها وتطبيقها في الواقع العراقي، وهو طبيعي جدا فلتكن لدينا عشرات بل مئات الحلول لألوف المشاكل التي تواجهنا في الوضع العراقي والإقليمي المعقد جدا، ولابد من الاعتراف بتعدد الأحزاب والمنابر داخل التيار اليساري الواسع، ونبذ ادعاء احتكار - الحقيقة المطلقة – سواء داخل او خارج اليسار.

2. الدفاع عن حقوق العمال والفلاحين وسائر الكادحين، وسن قانون عمل تقدمي معاصر، وضمان حق التنظيم والإضراب، ضمان البطالة، الحد الأدنى المناسب للأجور، دعم الأنشطة المطلبية بكل الآليات والوسائل المشروعة كالتظاهرات الاحتجاجية السلمية، والإضرابات العمالية.

3. نبذ المحاصصة الطائفية والقومية ومواجهة التعصب القومي والديني والمذهبي، ومناهضة الاستبداد والفساد وسلطة الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة.

4. توفير الأمان للجماهير، ومناهضة العنف والإرهاب والقمع من كافة الجهات سواء في الحكم او المعارضة.

5. العمل من اجل مجتمع مدني ديمقراطي والدولة المدنية، والعمل من اجل تعديل الدستور العراقي لصالح تكريس الديمقراطية وبناء الدولة المدنية، وفصل السلطات والقضاء المستقل والعادل.

6. العدالة الاجتماعية وأكبر قدر ممكن من المساواة.

7. تحديد وتحييد دور الدين والمؤسسات الدينية في الدولة والقوانين، في نفس الوقت المعتقدات الدينية للجماهير محترمة، وهي شأن شخصي والتركيز على ضرورة إبعادها عن السياسة.

8. حقوق الإنسان، حقوق الأقليات الدينية والقومية استنادا الى مواثيق حقوق الإنسان الدولية، حقوق المرأة والمساواة الكاملة ومناهضة كافة أنواع العنف ضدها، حقوق الأطفال والشبيبة.

9. الحريات السياسية والاجتماعية، مثلا حرية التعبير، حرية العقيدة الدينية والدنيوية، حرية الممارسة الاجتماعية، حرية التنظيم الحزبي... حرية الصحافة، حرية النقد ... الخ.

10. منظمات ونقابات جماهيرية تقدمية مستقلة وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني.

11. وأخيرا الأفق الاشتراكي والشيوعي.

12. ........................... الكثير من المشتركات الأخرى


برأي ان الخلافات الموجودة بين كل الفصائل ليست كثيرة وهي في معظمها خلافات نظرية على المدى البعيد، ومن الممكن الحوار عليها وهو موجودة حتى في أكثر الأحزاب الموحدة انسجاما.



ما العمل؟ مقترحات لخطوات عملية نحو تعزيز العمل المشترك وتحالف واسع لليسار في العراق.


لقد كان لتحالفات قوى اليسار نتائج إيجابية في الكثير من الدول، واستطاعوا من خلالها تحقيق الكثير وخاصة في ظرف عالمي تراجع فيه دور اليسار وتمكنوا من مواجهة قوى اليمين والاستبداد بدرجات مختلفة ولدينا تجارب إيجابية للتحالفات ومنها عربيا تحالف الجبهة الشعبية في تونس – تحالف من أكثر من عشرة أحزاب يسارية وتقدمية – وعالميا تجربة حزب القائمة الموحدة اليساري في الدنمرك، ولابد من دراستها والاستفادة منها إضافة إلى تجارب عديدة أخرى.
الوضع العراقي متأزم وصعب جدا ولا أرى مبررات واقعية لاستمرار تشتت القوى اليسارية والتقدمية والمدنية إلى الآن، المواقف الايجابية لليسار العراقي الآن تجاه بعضها الآخر وتجاه العمل المشترك، يتطلب منا جميعا سواء كنا أعضاء داخل الأحزاب او مستقلين وبإلحاح تجاوز - التعصب التنظيمي - والتركيز على ما يوحدنا الآن وليس ما يفرقنا و على نقاط التقاء وليس الاختلاف، وان نكثف العمل الجدي البناء من اجل تشكيل تحالف يساري على ارض الواقع، يستند إلى برنامج الحد الأدنى ونقاط التقاء التي أشرت إليها أعلاه. وأود هنا تقديم بعض المقترحات والخطوات العملية من اجل تحقيق ذلك:

1. أولا الدعوة إلى لقاء-اجتماع تشاوري لكل فصائل وشخصيات اليسار العراقي من قبل الحزب الشيوعي العراقي لكونه القطب الأكبر في اليسار العراقي، او نداء مشترك من مجموعة من الأحزاب اليسارية، كخطوة أولية للحوار وتبادل وجهات النظر، وبعد اللقاء الأول إصدار بيان مشترك يعلن فيه التوجه الجماعي نحو التنسيق والعمل المشترك وانتهاء مرحلة التشتت والعداء للآخر.

2. تشكيل لجان لدراسة المشتركات ونقاط الالتقاء التي تجمع الأطراف المختلفة، ولابد من المرونة ومراعاة التكافؤ والواقعية وعدم وضع مصالح تنظيم معين فوق مصالح عموم اليسار والحركة الاجتماعية التي يمثلها.

3. إصدار بيانات ومواقف مشتركة حول الوضع العراقي على مختلف الأصعدة وفق نقاط الالتقاء، واتخاذ مواقف مشتركة داعمة إذا تعرض أي فصيل يساري لأي نوع من التضييق او الاضطهاد او الاعتداء، كما شهدنا في الموقف التضامني الرائع للأحزاب والمنظمات اليسارية العراقية مع الحزب الشيوعي العراقي (*) بعد الهجوم الغادر المسلح على مقره في الديوانية، وموقف الحزب الشيوعي العراقي الإيجابي في نشر تلك البيانات التضامنية في – طريق الشعب – الغراء وموقع الحزب (**).

4. التحضر والاستعداد للانتخابات القادمة بقائمة يسارية موحدة، تكون جزءا رئيسيا من تحالف أوسع مع القوى العلمانية والديمقراطية الأخرى.

5. تشكيل لجان للحوار الفكري والسياسي حول الاختلافات الموجودة، ومحاولة التقريب فيما بينها، والعمل المشترك من اجل تطوير الخطاب اليساري والعلماني-الديمقراطي لكي يكون أكثر ملائمة مع الواقع العراقي وفق موازين القوى الطبقية والسياسية، ومن الضروري جدا الاستفادة من الشخصيات والمؤسسات البحثية والعلمية.

6. تشكيل لجان للعمل والتنسيق المشترك على صعيد المحافظات والخارج.

7. تنسيق العمل على صعيد المنظمات ( الحزبية ) الجماهيرية ومحاولة دمجها وتوحيدها، أو تشكيل منظمات جماهيرية مستقلة وتنشيطها نحو الدفاع عن حقوق الجماهير بكل فئاتها، ولابد من تغيير سياستنا مع المنظمات الجماهيرية والتركيز على استقلاليتها وديمقراطيتها والقيادة الجماعية.

8. التنسيق والعمل المشترك في قيادة المظاهرات والإضرابات الجماهيرية، والاحتفال بشكل مشترك بالمناسبات التقدمية مثل 1 أيار- ماي، عيد المرأة..... الخ ..

9. التوجه والعمل المشترك نحو تشكيل إطار تنظيمي - جبهة او أي نوع من التحالفات العملية المناسبة لجميع القوى، او حتى الاندماج في حزب يساري موحد حديث متعدد المنابر وبقيادة جماعية يضم كل تنظيمات اليسار.

10...................

أتمنى ان تكون هذه المقترحات المتواضعة مفيدة ....... وأدعو الجميع للمشاركة في أغنائها وتطويرها، ومن المؤكد ان العمل الواقعي يعود للقوى اليسارية التي تعمل بجد وصدق وتفاني في المجتمع العراقي ذو الوضع المعقد جدا، وبلا شك ان التنسيق والعمل المشترك فيما بينها والتحالف سيعزز من نفوذها ودورها على الساحة العراقية، وسيكون له دور كبير في الارتقاء بوعي الجماهير وتنظيم صفوفها وتوحيدها على مختلف الأصعدة، وقيادتها نحو تغيير واقعها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.



******************
* بيانات الأحزاب والمنظمات الشيوعية العراقية المتضامنة مع الحزب الشيوعي العراقي:
- الحزب الشيوعي العمالي العراقي
بيان حول مهاجمة مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية - عمل اجرامي اخر مناهض للحريات السياسية!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555031
- اتحاد الشيوعيين في العراق
لا للاعتداء على مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555055
- الحزب الشيوعي العمالي اليساري العراقي
ندين بشدة الأعتداء الارهابي على مقر الحزب الشيوعي العراقي في الديوانية!!
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=555112
- حزب اليسار الشيوعي العراقي
الرفاق الاعزاء في الحزب الشيوعي العراقي- استنكار
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=554725
- التيار اليساري الوطني العراقي
إعتداء عصابات قيس الخزعلي الإجرامية على مقر الحزب الشيوعي العراقي يؤكد صواب التحذيرات من خطورة إستغلال اسم الحشد الشعبي لإرهاب المجتمع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=554727



** الحزب الشيوعي العراقي ينشر مقتطفات من البيانات اعلاه في جريدته المركزية – طريق الشعب- وموقع الحزب على الانترنت
- احزاب وقوى يسارية عراقية تتضامن مع حزبنا
http://www.iraqicp.com/index.php/sections/objekt/57415-2017-04-18-10-22-49
 


15
بأسم الدين والقومية باكونا الحرامية! التيار الديمقراطي والأحزاب الكردية الحاكمة


رزكار عقراوي

زميلاتي وزملائي الأعزاء*

أقدم ابتداءً شكري الجزيل على دعوتكم الكريمة لحضور مؤتمركم القدير، وكان من دواعي سروري الكبير أن أكون معكم لولا ظروف خاصة أعاقت ذلك.

يتزامن عقد مؤتمركم مع حراك جماهيري واسع يعم معظم مدن وسط وجنوب العراق وفي بعض مدن إقليم كردستان ولكن بمستويات ادنى، مما اضطر أقطاب الحكم في بغداد إلى الإعلان عن حزمة من الإصلاحات شكلية التي لم تدخل حيز التطبيق الفعلي الى الان والهدف منها امتصاص نقمة الجماهير المنتفضة على فسادهم وجرائمهم.
كان للتيار الديمقراطي وللقوى والشخصيات اليسارية والمدنية الأخرى دورا محوريا في الاشتراك وقيادة تلك الاحتجاجات، واعتقد ان على التيار الديمقراطي واليساري طرح بدائله لتغيير النظام القائم فليس من الممكن إصلاحه واي تغييرات اصلاحية لن تكون سوى فوقية والهدف منها ليس غير ادامة نظام المحاصصة الطائفية والقومية والفساد وتجميل وجهه الكالح.

أود في كلمتي التركيز على نقطة جدالية مهمة برأي وهي ضرورة ارتباط التيار الديمقراطي في وسط وجنوب العراق بالتيار الديمقراطي في إقليم كردستان والعمل المشترك والتنسيق فيما بينهم.

جماهير إقليم كردستان – العراق مستاءة ومتذمرة جدا من نظام الحكم الفاسد والمستبد في الاقليم وبالأخص من الحزبين الكرديين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، الذين لهم تاريخ حافل ودموي في الاقتتال والاستبداد، وانتهاك حقوق الإنسان، وفي مواجهة الاحتجاجات الجماهيرية بالقمع والعنف المفرط وتعرض الكثير من منظمي وقادة الاحتجاجات إلى الاعتقال والاختطاف والسجن والتعذيب الوحشي. نظام الحكم في إقليم كردستان استنادا إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية ذات المصداقية، نظام استبدادي يسوده الفساد الفاحش والتفاوت الطبقي الكبير جدا والتقسيم الحزبي المفرط وتنتهك فيه حقوق الإنسان الأساسية بشكل كبير وبشكل خاص حق التعبير عن الرأي والتظاهر والصحافة وحقوق المرأة.
الآن الحزب الديمقراطي الكردستاني والموالون له يحاولون بشتى الأساليب وبمسميات مختلفة تحويل إقليم كردستان إلى -مملكة!- للعائلة البرزانية تحت مسميات - الديمقراطية!، التوافقية، وحساسية الوضع ... الخ ، وكما هو معروف للجميع قام رموز تلك العائلة ومسئولي حزبهم بفرض دكتاتورية عائلية-عشائرية-حزبية في أجزاء كبيرة من إقليم كردستان.


بأسم الدين والقومية -باكونا-** الحرامية

الأحزاب الإسلامية فرضت نظام حكمها المستبد والفاسد باسم الدين والطائفة في جنوب ووسط العراق، والأحزاب القومية الكردية استخدمت القومية وحقوق الشعب الكردي لفرض دكتاتوريتها الحزبية والعشائرية والعائلية ونهب المال العام بشكل فج جدا، ولذلك لابد ان يكون للتيار الديمقراطي في وسط وجنوب العراق موقف واضح وصريح من قوى الفساد والاستبداد الحاكمة في إقليم كردستان، حيث هم جزء لا يتجرء من نظام المحاصصة القومية والطائفية المقيت وساهموا في إرساءه وترسيخه ، وكان لهم دور كبير في الماسي التي يتعرض لها شعبنا الكادح في عموم العراق وليس في إقليم كردستان فقط، وأي تحالف مع تلك الأحزاب يعني قبولا بفسادهم وجرائمهم، والاصطفاف في خندقهم المعادي للجماهير و للقوى اليسارية والديمقراطية في الإقليم.
للأسف الى الان مازال لبعض من قوى وشخصيات –التيار الديمقراطي-علاقات سياسية وشخصية جيدة مع الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان وأحيانا داعمة ومروجة لهم ومنهم من ينادي بضمهم إلى التيار الديمقراطي! وارى ذلك تجاوزا صارخا وكبيرا على القيم الديمقراطية وازدواجية في المواقف من خلال التعامل مع أحزاب ومؤسسات فاسدة ومستبدة. لذلك أرى من الضروري جدا أن يوثق التيار الديمقراطي في وسط وجنوب العراق العلاقة مع القوى والأحزاب والشخصيات اليسارية والديمقراطية المعارضة في إقليم كردستان ويدعم نضالها ضد الفساد والاستبداد والدفاع عن حقوق الجماهير الكادحة وبالعكس، بحيث يعمل ويناضل التيار الديمقراطي بشكل موحد ومنسجم وينسق عملة كإطار واسع لكل القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية والعلمانية في عموم العراق.

كناشط يساري ديمقراطي منحدر من إقليم كردستان أتطلع أن يكون لمؤتمركم ولعموم هيئات وشخصيات التيار الديمقراطي العراقي في الداخل والخارج، موقفا واضحا وجريئا مما يجري في إقليم كردستان بما يمليه عليكم قيم ومبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، حيث هناك ازدواجية واضحة في ان تكون مناهضا لقوى الفساد والاستبداد في وسط وجنوب العراق وساكتا عنها في اقليم كردستان.

أتمنى لمؤتمركم كل النجاح والتوفيق ومن المؤكد إن ذلك سيعزز من مكانة القوى اليسارية والديمقراطية العراقية بين الجالية العراقية في السويد.
مع كل التقدير والاحترام.
رزكار عقراوي

* ألقيت الكلمة بشكل مختصر في المؤتمر الخامس للتيار الديمقراطي العراقي في ستوكهولم 13-9-2015.
** باكونا تعني نهبونا باللهجة العراقية.


 


16
نحو إلغاء عقوبة الإعدام في العراق وعموم العالم العربي *

رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com



هناك رأي شائع بين مجتمعاتنا و حتى عند الكثير من ناشطي حقوق الإنسان في العالم العربي والعراق بشكل خاص بضرورة وجود عقوبة الإعدام لكونها حماية للمجتمع من العنف والإرهاب، و رادعا للجريمة وأنها تقدم تعويضا عادلا للضحايا وذويهم، ولها ما يبررها دينيا وإنسانيا وحقوقيا. في حين الوقائع والإحصائيات من مختلف دول العالم التي تطبق هذه العقوبة المشينة تثبت عكس ذلك ، ماعدا انه من الممكن عند تطبيق عقوبة الإعدام، إن يقع خطأ او خلل قضائي- قانوني سيؤدي إلى إعدام شخص بريء ولا يمكن التراجع بعدها.
معظم الدول التي ما زلت تعمل بعقوبة الإعدام تفتقر إلى أنظمة قضائية عادلة، ومعظم الاعترافات تؤخذ تحت التعذيب وإشكال مختلفة من الضغط النفسي والجسدي. بشكل عام الشرائح الفقيرة والضعفاء في المجتمع هم من يحكم عليهم بالإعدام ويعكس ذلك الطابع الطبقي للعقوبة.
عقوبة الإعدام تقنون القتل ويكون للدولة دور -القاتل - وبالتالي عكس هذه الثقافة اللاإنسانية على المجتمع وتعزيز روح الكراهية والعنف والعنف المتبادل، وتعكس فشل العدالة وليس تحقيقها.


- إلغاء عقوبة الإعدام في العالم

حركة إلغاء عقوبة الإعدام في تطور مستمر، وأصبحت توجها قويا على الصعيد العالمي، وسنويا تنظم دول جديدة إلى البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1989، او تتوقف عمليا عن تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل اختياري او قلصت إصدار إحكام الإعدام الى حد كبير جدا ، نتيجة تصاعد الوعي الحقوقي والإنساني بخطورة هذا العقوبة التي تستند الى عقلية الانتقام والعقاب، وهي رد يائس لاإنساني لوقف الجرائم او قمع المعارضة السياسية، بدلا من إشاعة الديمقراطية والحريات، والعدالة الاجتماعية، ومكافحة البطالة وتقليل التفاوت الطبقي والحد من الفقر، وكذلك التطوير النظام القضائي نحو مفهوم - إصلاح - الإنسان وليس عقابه و إعدامه.
هناك وعي كوني لمعارضة عقوبة الإعدام بغض النظر عن الجريمة وهوية المجرم، او طرق الإعدام، حيث ان عقوبة الإعدام جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار والترصد، وهي عقوبة قاسية جدا تنفذها الدولة وهي إنكار لحق الإنسان في الحياة كما هو منصوص في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي وقعت عليه معظم دول العالم.

أكثر من ثلثي دول العالم ألغت عقوبة الإعدام او أوقفت تطبيقها وحسب إحصائيات منظمة العفو الدولية لعام 2013:
• الدول التي ألغت العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم: 98
• الدول التي ألغت العقوبة بالنسبة للجرائم العادية فقط: 7
• الدول التي ألغت العقوبة عملياً: 35
• عدد الدول التي ألغت العقوبة في القانون والممارسة:140
• عدد الدول المبقية على العقوبة: 58



- عقوبة الإعدام في العالم العربي

للأسف كل دول العالم العربي تحكم بالإعدام في الكثير من الجرائم ماعدا دولة جيبوتي التي هي الدولة العربية الوحيدة التي ألغت عقوبة الإعدام، بعض الدول أوقفت تنفيذ الإعدام منذ سنوات مثل الجزائر، وتونس والمغرب وموريتانيا.
معظم الدول العربية تستند في قوانينها إلى الشرائع الدينية، وتفتقر إلى أنظمة قضائية نزيهة، وعادلة ويمارس التعذيب بشكل عام لنزع الاعترافات، وتصدر إحكام الإعدام في محاكمات غير عادلة دون ان يتوفر للمتهم الحد الأدنى من الحماية القانونية، وتسود في البعض منها حالات الإعدام التعسفي أو الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدامات بالجملة ومعظمها بسبب الرأي او المعتقد.
هناك نشاط واهتمام واضح الآن لدي منظمات حقوق الإنسان العربية بإلغاء عقوبة الإعدام، وشكلت اطر وتحالفات مختلفة تنشط وتعمل من اجل فرض إصلاحات تشريعية في الدول العربية، وتطوير نظامها الجنائي تمهيدا للتوقيع على البروتوكول الاختياري الداعي لإلغاء عقوبة الإعدام، وهناك توجه ايجابي لدى بعض الحكومات في طرح إلغاء عقوبة الإعدام للنقاش بين الرأي العام تمهيدا لإلغائها أو إيقافها أو تحديدها.



- عقوبة الإعدام في العراق

للعراق تاريخ حافل ودموي مع عقوبة الإعدام، وكانت تستخدم بشكل رئيسي كأسلوب للقمع وفرض نظام حكم سياسي دكتاتوري، فقد أعدم عشرات بل مئات ألوف سواء من خلال محاكم صورية او إعدامات جماعية داخل وخارج نطاق القضاء، وأغلبيتها كانت بذريعة ما يوصف بال -الجرائم السياسية – او حماية الدولة من الأعداء والجواسيس، وشملت كافة العراقيين بغض النظر عن القومية والدين والجنس.
في ظل حكم النظام البعثي كان الإعدام والاختفاء ألقسري والإعدام التعسفي حكما طبيعيا لكل من يخالف النظام، وازدادت عدد الجرائم الجنائية والسياسية التي كان يحاكم بالإعدام. وكان المعتقلون يتعرضون الى شتى أنواع التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية ويعدمون بإشكال وحشية دون اي التزام بالمعايير والمواثيق الدولية التي كان العراق طرف فيها ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الأسلوب العنيف الغير ديمقراطي للنظام البعثي فرض على المعارضة المسلحة تنفيذ عدد كبير من الإعدامات خارج القضاء لمنتسبي حزب الحكم والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية كنوع من الاعتراض العسكري وكمحاولة لإسقاط النظام الحاكم.

بعد سقوط النظام البعثي تم تعليق عقوبة الإعدام في حزيران 2003 من قبل سلطات الاحتلال، وما لبث ان اعيد العمل بها في اب 2004 بعد تسليم السلطة الى العراقيين بحكومة استندت إلى تقسيم طائفي قومي، وبقضاء غير مستقل وغير محايد وتابع للسلطة التنفيذية والأحزاب الحاكمة والمتنفذة، إعادة بناء الشرطة والأجهزة الأمنية لم يتم على أساس مهني أنساني، حيث مازالت تعمل باليات تحقيق ضعيفة جدا، وتركز على التعذيب الجسدي والنفسي والعقاب الجماعي وأحيانا وشاية مخبر كافية للحكم بالإعدام! ولا تتوفر فرص مناسبة وعادلة للمتهمين للدفاع عن النفس. ومازال قانون العقوبات 18 في ظل النظام البعثي مطبقا وأضيفت اليه -جرائم جديدة متعلقة بمكافحة الارهاب - يعاقب بها بالإعدام.

ومن ذلك الحين والعراق من أحد اكبر الدول التي تحكم وتطبق الاعدام، الأرقام الرسمية لا تعكس الواقع الفعلي، فالعدد الحقيقي مضاعف بشكل كبير جدا، فعدا قيام السلطات الرسمية بالحكم وتنفيذ الإعدام، فهناك إعدامات كثيرة جدا خارج نطاق القضاء تقوم بها الميلشيات التابعة لأقطاب الحكم، وفي طرف الآخر الميلشيات المعارضة لنظام الحكم، وليس هناك اي أنواع من المحاكمات العادلة للضحايا، ولم يعثر على جثث عدد كبير منهم الى الان.
الحكومة العراقية لم تأبه الى الان بالمناشدات والضغط الدولي المطالب بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام في العراق ومستمرة في تطبيق هذه العقوبة الهمجية تحت ذريعة - مكافحة الإرهاب وإرساء السلم والأمان - في حين كل الوقائع تشير ان اثر ذلك شبه معدوم وبل العكس حيث عزز وساد التعصب القومي والديني وثقافة الكراهية والعنف والانتقام.


- ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام وتجارب مشابه للوضع العراقي

هل نستمر بالحكم وتطبيق عقوبة الإعدام في العراق؟ هناك الكثير من الدول الى مرت وتمر بظروف مشابه للوضع في العراق من حيث مرروها بالأنظمة الدكتاتورية والحروب الداخلية، قامت بإلغاء او قامت بإيقاف العملي لعقوبة الإعدام.

فمثلا دول ألغت عقوبة الإعدام بشكل كامل:
أنغولا، البوسنة والهرسك، كولومبيا، هندوراس، جنوب أفريقيا، بوروندي

او دول عمليا الغت الإعدام عمليا ولم تنفذ اي حكم بالإعدام في 10 سنوات الأخيرة
الجزائر، اريتريا، وليبيريا، سريلانكا، سيراليون.


للأسف العمل من اجل إلغاء عقوبة الإعدام في العراق لم يأخذ حيزا كبيرا ومهما الى الان في حركة حقوق الإنسان في العراق، ولم ينعكس في نشاط منظمات وجمعيات وناشطي حقوق الإنسان في الداخل والخارج رغم الاستخدام المفرط لهذه العقوبة في تاريخ العراق الحديث، وفي المؤتمر التوحيدي لجمعيات حقوق الانسان في برلين 1999 اقر بند يطالب بوقف الإعدام للجرائم السياسية. اعتقد انه نقص كبير لدينا وفي الوعي الحقوقي العراقي مقارنة بالتطور الكبير في منظمات والتحالفات المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في الدول العربية الأخرى وعلى الصعيد العالمي.

حق الإنسان في الحياة لابد ان يكون مقدسا وكفلته المواثيق الدولية، أناشد الجميع في هذا اللقاء تفعيل الحوار حول هذه القضية الحساسة، والعمل من اجل إقرار قرار يطالب الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان بوقف اختياري لعقوبة الإعدام، وبالبدء بإصلاحيات قانونية ودستورية ومجتمعية من اجل إلغاء عقوبة الإعدام بشكل نهائي في العراق.


******************************************************

* كلمة ألقيت في لقاء برلين لجمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان العراقي في الداخل والخارج - 8 و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، وقدمت كمقترح لإلغاء تدريجي لعقوبة الإعدام في العراق، وتم مناقشته وإقراره كأحد مقررات وتوصيات اللقاء حيث تضمن البيان الختامي :
(- 27. الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في القوانين العراقية وحث جميع جمعيات حقوق الإنسان وجمعيات المجتمع المدني الأخرى للإسهام في حملة إعلامية وتثقيفية بهذا الشأن ومطالبة السلطات التشريعية والتنفيذية بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بإلغاء عقوبة الإعدام.)

 

17
رسالة الى اللجنة التحضيرية للقاء جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان في العراق

رزكار عقراوي

الزميلات والزملاء الاعزة في اللجنة التحضيرية لمؤتمر جمعيات حقوق الإنسان العراقية
الزميلات والزملاء الأعزة المدعون للمؤتمر والمهتمين بالموضوع

تحية طيبة

في البداية احي جهود الكبيرة للجنة التحضيرية في ترتيب المؤتمر في كافة المجالات، وهو عمل يستحق كل التقدير والثمين.
كأحد نشطاء حقوق الإنسان ومن مؤسسي جمعية حقوق الإنسان في الدنمارك، كانت لي مشاركة فاعلة في المؤتمر التوحيدي 1999 وكان لي الشرف في العمل مع الزملاء الأعزة غالب العاني، عدنان السعدي، عبدالخالق زنكنة وخالدي الذكر الزملاء احمد الموسوي وابونزار وزملاء آخرين. ورغم وجود اختلاف في وجهات النظر في الكثير من القضايا فقد كان مؤتمرا ناجحا بكل المقاييس وللأسف لظروف وأسباب مختلفة لم نتمكن من تحقيق أهداف وبرامج المؤتمر.

شكري جزيل للدعوة التي وجهت لي لحضور المؤتمر الذي أتأمل الكثير منه وخاصة في الوضع العراقي المرزي، وتفشي انتهاك حقوق الإنسان بكافة إشكاله ومن جهات حكومية وغير حكومية، هذا الوضع يستلزم وجود إطار تنظيمي جامع لكافة منظمات حقوق الإنسان في العراق في الداخل والخارج.

في مؤسسة الحوار المتمدن ومراكزه الحقوقية المختصة ( إلغاء عقوبة الإعدام، مركز مساواة المرأة، ومركز حقوق العمال، الحملات ...) نعمل بشكل يومي متواصل في الدفاع عن حقوق الإنسان وفضح الانتهاكات بمختلف إشكالها في العراق بشكل خاص وعموم العالم العربي، ونود ان ننسق ونعمل بشكل اكبر مع كافة المنظمات والشخصيات الحقوقية.

كمدعو للمؤتمر كنت أود كثيرا إن يصلني كل ما يتعلق بالمؤتمر من وثائق وحوارات، لكي نكون على علم بما يجري ونساهم بما نسطيع في إنجاحه. وللأسف من خلال حوارات شخصية مع زملاء أعزة في دول مختلفة علمت انه هناك إشكال قد حصل ومن الممكن في ضوئه ان تنسحب بعض الجمعيات والشخصيات من المؤتمر مما سيكون له اثر سلبي على نجاحه، وندخل في مشاكل نحن في غنى عنه والمزيد من التشتت، في وقت نحن في أمس الحاجة للعمل المشترك والتنسيق كجمعيات وشخصيات مهتمة بحقوق الإنسان في العراق.

في ضوء ذلك أود ان أقدم بعض الملاحظات والمقترحات أملا ان تكون مفيدة وتساهم في حل الإشكال الموجود:

- اعتقد أن خلاف حول تسمية المؤتمر ( الثاني او التأسيسي) ليس بخلاف كبير، ويتقبل الخطأ والصواب ولكل جهة تفسيرات من الممكن ان تكون مقنعة، ويمكن ان تقوم اللجنة التحضيرية بالدعوة الى عقد اجتماع عبر السكايب للحوار بين الطرفين المختلفين حول الموضوع للوصول الى حل وسط.

- أدعو الأعزة في جمعيات السويد والدنمارك وكندا والمتضامنين معهم إلى إلغاء فكرة الانسحاب وضرورة حضور المؤتمر، في نفس الوقت أدعو الأعزة في اللجنة التحضيرية إبداء المرونة في تغيير اسم المؤتمر وخاصة انه طرح في وقت متأخر بعد تحضيرات كثيرة وفق الاسم القديم المتفق عليه، وطرحه للنقاش مرة أخرى من الآن والى المؤتمر وخلاله وإقراره هناك جماعيا وفق الاغلبية، واعتقد انه ستكون لدينا وجهات نظر مختلفة في المؤتمر حول الكثير من القضايا ولكن من خلال الحوار الديمقراطي الجماعي يمكن الوصول إلى صيغ مناسبة نتفق عليها وفق ثقافة حقوق الإنسان ومواثيقه الدولية.

- لتعزيز الشفافية والحوار حول المؤتمر ولتقريب وجهات النظر المختلفة، اقترح فتح صفحة - مجموعة حوارات مفتوحة او مغلقة على الفيسبوك تضم جميع المدعون للمؤتمر بدون اي استثناء، للحوار حول المواضيع المختلفة المتعلقة بالمؤتمر ووثائقه واليات عمله بدلا من قائمة بريدية محدودة التواصل لا تتيح تقنيا إمكانيات مناسبة للحوار.

- وبرأي من الأفضل ان تنشر كافة مشاريع الوثائق المقدمة للمؤتمر بشكل علني في مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز الحوار والنقاش حولها من قبل الجميع.



للاسف لم تصلني وثائق المؤتمر الى الان، ولذلك اقترح تخصيص فقرة لمناقشة - تبني إلغاء عقوبة الإعدام في العراق - لأهمية الموضوع، وأود ان أمكن ان أقدم مداخلة حول
الموضوع تمثل وجهة نظر مركز حق الحياة لإلغاء عقوبة الإعدام.

في الختام أتمنى ان نعمل معا من اجل حل الإشكال البسيط الذي حصل حول التسمية فألاهم هو الذي يجمعنا وهي قضية - الدفاع عن الإنسان المضطهد في العراق بغض النظر عن القومية او الدين او المعتقد او الجنس - و أن ينجح المؤتمر وينبثق عنه - إطار تنظيمي - يعمل بشكل ديمقراطي جماعي مهني شفاف ومستقل، وكل أملي ان يكون اجتماعنا في برلين هو الأساس الأولي لذلك الإطار.

كل الاحترام والتقدير للجميع

رزكار عقراوي
 

********************************************
مواضيع ذات الصلة
رد الى الزميل العزيز رزكار عقراوي
اللجنة التحضيرية للقاء جمعيات ومنظمات ونشطاء حقوق الإنسان ببرلين


الزميل العزيز الأستاذ رزكار عقراوي
شكرا جزيلا على رسالتكم المؤرخة في 23 اكتوبر من هذا العام و ما تضمنته من حرص يحث على نشاط فاعل و مستمر في الدفاع عن حقوق الإنسان العراقي و فضح كافة أشكال الانتهاكات بحقه. (رسالة الأخ رزكار عقراوي مرفقة في نهاية هذه الرسالة).
إننا نتفق تماما مع ما ذكرته في رسالتك:" الوضع العراقي المزري، وتفشي انتهاك حقوق الإنسان بكافة إشكاله ومن جهات حكومية وغير حكومية" و كذلك ما توصلت اليه من استنتاج من أن " هذا الوضع يستلزم وجود إطار تنظيمي جامع لكافة منظمات حقوق الإنسان في العراق في الداخل والخارج."
و لكن نقطة الجدل التي أثيرت تقوم على تفسير ما هو شكل الإطار التنظيمي الملائم الذي بوسعه ان يلم شمل هذه المنظمات و بالتالي ما هي التسمية الملائمة للقائنا القادم. و لقد أجابت اللجنة التحضيرية على ذلك في رسالتها المؤرخة في 23 من الشهر الحالي على هذا السؤال الذي لم تعتبره شكليا بل جوهريا لأنه يحدد نمط العلاقة بين منظمات حقوق الإنسان و يراعي المتغيرات التي حصلت منذ عام 1999 و هي لا شك متغيرات كبيرة تستدعي تأسيس نمط جديد من العلاقة.
تجدون رسالة اللجنة التحضيرية مرفقة و لتجنب الإطالة نشير فقط إلى النقطتين الرابعة و الخامسة من رسالة اللجنة التحضيرية المشار إليها أعلاه
4. وفي ضوء هذه القراءة رأت اللجنة التحضيرية خطأ اعتبار هذا المؤتمر ثانياً لاختلاف الظروف وعدد المنظمات الجديدة المشاركة والمهمات الجديدة، لهذا اعتبرناه لقاء أو مؤتمراً جديداً لمنظمات كثيرة ونشطاء حقوق الإنسان تحضر كلها دون شروط مسبقة ودون وصاية من أحد وتساهم في المؤتمر وتقرر مستقبل عملها والنظام الداخلي الجديد الذي ترتأيه في الظروف الجديدة التي نشأت بالعراق وبإقليم كردستان العراق.
5. إن عدد المنظمات المتبقية من السابق حتى الآن خمس منظمات لا غير في حين إن عدد المنظمات المشاركة يصل إلى 19 منظمة عراقية بالداخل والخارج وهو وضع جديد لا خلاف عليه.
لم تشأ اللجنة التحضيرية أن تقيد المنظمات مسبقا بشكل تنظيمي مسبق و ستلاحظون انها تركت للملتقين أن يحددوا كل ما يتعلق بالشكل التنظيمي القادم، و لكنها في عين الوقت تجنبت تكريس مستحقات على ضوء ما حدث قبل أكثر من 15 عاما تغيرت خلالها أمور كثيرة و نشأت و نشطت العديد من المنظمات التي لم تشترك بل و ربما لا تعرف شيئا عن مؤتمر عام 99 و انحسرت و خملت أو ألغيت منظمات أخرى أو أعيد تشكيل بعضها الآخر.
و حول ما ورد في رسالتكم : " في مؤسسة الحوار المتمدن ومراكزه الحقوقية المختصة ( إلغاء عقوبة الإعدام، مركز مساواة المرأة، ومركز حقوق العمال، الحملات ...) نعمل بشكل يومي متواصل في الدفاع عن حقوق الإنسان وفضح الانتهاكات بمختلف إشكالها في العراق بشكل خاص وعموم العالم العربي، ونود ان ننسق ونعمل بشكل اكبر مع كافة المنظمات والشخصيات الحقوقية." نود أن نشير إلى الكثير من أعضاء اللجنة التحضيرية و لجنة المتابعة متابعون لنشاطاتكم و مساهمون فيها و هي موضع تقديرنا الكبير و لكننا سنعمل على تعزيز هذا التعاون مع هذه المراكز و نتواصل معكم.
نثمن دعوتكم للحوار المفتوح و نشير إلى أن اللجنة التحضيرية إدراكا منها لذلك قامت بفتح صفحة على الفيس بوك تحمل أسم لجنة التنسيق أو اللجنة التحضيرية و لكنها في عين الوقت و كما تقرر منذ البدء قد جعلت صفحة مفتوحة لكل الآراء سواء للمنظمات أو للناشطين و كذلك لعموم الراغبين بالتعليق أو كتابة مواضيع على جدار الصفحة، كما جعلت الصفحة مجالا لعرض النشاطات المرافقة للقاء القادم مثل المعرض التشكيلي المقام بهذه المناسبة و التعريف بالفنانين و طرح مقتبسات من لائحة حقوق الإنسان كما شهدت صفحتنا على الفيس بوك استعراضا لنقاط الجدل المثار أعلاه ...
وحول مقترحكم
"- وبرأي من الأفضل ان تنشر كافة مشاريع الوثائق المقدمة للمؤتمر بشكل علني في مواقع الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز الحوار والنقاش حولها من قبل الجميع."
لقد تأخرنا في نشرها لأننا كنا نرغب أن نسمع رأي المشاركين في اللقاء ثم ننشرها. والآن قامت اللجنة التحضيرية و لجنة المتابعة بذلك ، نشير بهذا الصدد و على سبيل المثال لا الحصر الى قيام الدكتور كاظم حبيب بنشر هذه الدعوة للنقاش على صفحتنا على الفيس بوك و كذلك قيامه بنشرها على صفحات الحوار المتمدن. رابط الفيس بوك
https://www.facebook.com/groups/1497062590530854/permalink/1557256407844805/
ان اللجنة التحضيرية و لجنة المتابعة لا تدعي انها قد ألمت بكل شاردة و واردة في عملها. و لكن إذا توخينا الموضوعية نجد أن عبء العمل يقع على عاتق عدد محدود جدا من المتطوعين مصحوبا بضعف القدرات المالية مما استدعى بذل جهود كبيرة لتأمين نفقات المؤتمر و السكن و قاعات الاجتماعات و الطباعة و الحصول على تأشيرات دخول للقادمين من العراق و غيره من الدول غير الأوربية يلقي ضوءا على جسامة المهمات التي أخذتها لجنة المتابعة و اللجنة التحضيرية على عاتقها..
سنواصل عملنا لتوفير أفضل الظروف للوصول إلى نتائج تصب في مصلحة الإنسان العراقي
فائق تقديرنا
لجنة المتابعة
برلين 28 تشرين الثاني/ اكتوبر 2014

 


18
ملاحظات حول -التيار الديمقراطي- في العراق

رزكار عقراوي
 

على هامش اللقاء التشاوري لقوى التيار الديمقراطي العراقي في الخارج.

الحضور الكرام

- في البداية أقدم شكري الجزيل على دعوتي لحضور الحفل الافتتاحي للقاء التشاوري لقوى التيار الديمقراطي العراقي في الخارج.
ينعقد اجتماعكم في أوضاع معقدة وحساسة يمر بها العراق وإقليم كردستان من حيث سيادة أجواء الحرب الداخلية والإرهاب والعنف سوءا من إرهابي - داعش - أو الميلشيات المرتبطة بالسلطة الحاكمة، احتكار السلطة و سيادة حكم المحاصصة القومية والطائفية، والفساد والاستبداد بمختلف أوجهه، وتنامي التفاوت الطبقي والاجتماعي بشكل كبير جدا.

- التيار الديمقراطي رغم عمره القصير استطاع أن يحقق نتائج ايجابية ونجاحات ملحوظة مهمة في الداخل والخارج وانعكس ذلك في انتخابات المحافظات والانتخابات البرلمانية الأخيرة رغم الضعف الكبير وهشاشة - آليات الديمقراطية! - في العراق وتسيد التعصب الطائفي والقومي، وسيادة المال السياسي والتدخل الدولي والإقليمي.

- مؤسسة الحوار المتمدن أولت أهمية كبيرة منذ بداية تأسيسها للعمل المشترك وتعزيز التنسيق بين الفصائل اليسارية والديمقراطية في عموم العالم العربي بشكل عام وبشكل خاص في العراق، وكانت مبادرة للكثير من النشاطات التي تصب في ذلك المسعى من إطلاق حملات، ملفات، حوارات، لقاءات.. الخ لخلق حالة ايجابية تعزز التقارب والتفاعل بين الاتجاهات الفكرية والسياسية المختلفة داخل التيار اليساري والديمقراطي في العراق.

- تحالف - التيار الديمقراطي- في العراق في بداية الطريق الشاق والطويل وخاصة في الوضع العراقي المعقد و من العادي أن تكون هناك نواقص وأخطاء، ولابد من العمل الجاد لتجاوزها أو تقليلها وبجهد جماعي للقوى والشخصيات المنضوية تحت لوائه.

- هناك الكثير من القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية لم تنضم إلى التيار الديمقراطي إلى الآن لأسباب مختلفة منها متعلقة بالتيار الديمقراطي أو بتلك القوى والشخصيات، لا بد من العمل المشترك من اجل فتح القنوات والتحاور معها وحل وتقليل الإشكالات الموجودة من اجل انضمام اكبر عدد ممكن من تلك القوى والشخصيات إلى التيار الديمقراطي، وإغناء وتطوير خطه الفكري بحيث يكون تحالفا يساريا-ديمقراطيا مدنيا واسعا يعكس الكل.

- لا بد أن يكون للتيار الديمقراطي مواقف أوضح وأجرأ من السلطة الحاكمة في العراق، فنظام المحاصصة الطائفية والقومية المقيت خلق حكما استبداديا فاسداً لن يتغير بتغير الأوجه أو إعادة تقسيم المناصب والوزارات على الأحزاب الحاكمة والمتنفذة أو إجراء إصلاح شكلي هنا أو هناك ، ولابد أن نكون دقيقين أكثر في تشخيص ممارساتهم المعادية للجماهير وفضحها بكل ما هو ممكن، نعزز دفاعنا عن حقوق الفئات الكادحة ومطالبها ،والحريات الديمقراطية، وحقوق الإنسان والمرأة، حقوق أقليات..... ونقف ضد محاولات الأحزاب الدينية لاسلمة المجتمع في وسط وجنوب العراق... الخ خندقنا مع الشعب في مواجهة الطغم الحاكمة سواء في بغداد أو اربيل، لابد ان نروج للمقاومة الشعبية وتنظيمها ضد إرهابي - داعش -، فالجيش العراقي المبني على الطائفية والولاء الحزبي وينخره الفساد إلى أقصى الدرجات من الصعب عليه إيقاف - داعش- ودحره وارض الواقع اكبر شاهد على ذلك.

- حان الوقت للتيار الديمقراطي ان يعيد النظر في علاقته وتقييمه للأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان، فالإحداث الأخيرة والمواجهة مع - داعش - اثبت مدى ضعف حكومة الإقليم وهشاشتها وسيادة العقليات الحزبية الميلشياتية المتصارعة، الحزبين الكرديين: الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، أحزاب تستند إلى الاستبداد والفساد الحزبي والعشائري والشخصي، وانعكس ذلك بوضوح في النظام الحاكم في الإقليم. هذه الأحزاب بعيدة كل البعد عن الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان التي يعمل من اجلها - التيار الديمقراطي- بل ومعادية لها، ولابد من اتخاذ مواقف واضحة من فسادهم وتجاوزاتهم على ساكني الإقليم، وتعزيز العلاقة مع القوى اليسارية والديمقراطية الكردستانية المعارضة، وتشكيل فروع للتيار الديمقراطي وتنشيطه في مدن وقصبات الإقليم.

- التيار الديمقراطي في بداية التكوين التنظيمي وانضمام أحزاب وشخصيات ذو توجهات فكرية وسياسية مختلفة يستلزم تعزيز الديمقراطية والعمل الجماعي وتعزيز التداولية، واعتقد انه حقق خطوات مهمة في هذا المجال، ولابد أن تستمر وتتعزز وتنعكس على البنية التنظيمية الديمقراطية الضعيفة للكثير من الأحزاب المنضوية تحت لواء التيار، كذلك يستلزم شفافية اكبر واجتماعات مفتوحة وبث علني لها وفق الإمكانيات الموجودة سواء في اليوتيوب او الفضائيات لكي يتعزز التفاعل الايجابي بين التيار ومؤسساته والخارج، لابد من تعزيز دور المرأة في مؤسسات التيار من خلال فرض كوتا نسائية تصاعدية في كافة هيئاته القيادية.

- رغم كل هذا أنا متفاءل جدا بتجربة - التيار الديمقراطي- وهو قادر على التطور نحو الأفضل، واعتقد انه يمثل احد القوى الأساسية والمهمة المناضلة من اجل التغيير الديمقراطي والمجتمع المدني الذي تسوده العدالة الاجتماعية في العراق.
في الختام احيي نضال كل القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية سواء أكانت داخل أم خارج التيار الديمقراطي فهم الأمل الإنساني المشرق في العراق، وأتمنى كل النجاح لاجتماعكم التشاوري.



***********************************
* ألقيت الكلمة بشكل مختصر في الحفل الافتتاحي للقاء ألتشاوري لقوى التيار الديمقراطي العراقي في الخارج - اكتوبر 2014.



ملاحظة عامة:
اعتقد ان دعوة ممثلي السفارات العراقية لحضور فعاليات التيار الديمقراطي في الخارج وإلقاء كلمات أمر خاطئ سياسيا ويتعارض مع توجهاته، وهي ستكون بمثابة مشاركة في إضفاء الشرعية على النظام السياسي الفاسد الحاكم في العراق أولا، وثانيا هو ترويج سياسي لسفاراته في الخارج الموبؤة بالفساد والمستندة إلى المحاصصة المقيتة والتعصب والتمييز الديني والقومي والمذهبي بدءاً من البستاني والى السفير!.


19
التعويض مقابل النضال الشيوعي حق أم لا؟!

رزكار عقراوي
ماركسي مستقل


اكرر شكري وامتناني الكبيرين لكل من شارك في الحوار حول موضوعي - النضال بمقابل!، حول تقاعد -الأنصار الشيوعيين- في العراق- ، ولكثرة الحوارات المتعلقة بالموضوع كتبت توضيحا بجوانب عدة بمثابة رد على معظمها وأتمنى انه تعرضت من خلاله على جميع المداخلات .


- توقيت نشر الموضوع:
نعم اتفق تماما انه هناك أمور أهم بكثير من موضوع - الرواتب التقاعدية - تمس حياة عمال وكادحي وعموم المجتمع في العراق وعموم المنطقة، ولابد أن نخصص معظم طاقاتنا بشكل أساسي لها، ونعمل جميعا من اجل تقوية دور التيار اليساري والديمقراطي بمختلف فصائله محليا وإقليميا في نضاله الدؤوب من اجل دولة مدنية ديمقراطية تسودها العدالة الاجتماعية ومواجهة قوى الاستبداد والفساد والظلام، دون إهمال بعض النواقص والسلبيات والأخطاء الموجودة في حركتنا اليسارية التي لابد من الحوار البناء حولها.
قبل أيام شارك الرفيق العزيز -فلاح حاجم- في حوار على موضوع قدير للزميل والرفيق العزيز -زكي رضا- من خلال تعليق حول رواتب الأنصار الشيوعيين في العراق، أثنيت على تعليقه وأعجبت به في الفيسبوك، تطور الحوار حول الموضوع وشارك فيه العشرات، مما اضطرت إلى التوسع في الموضوع وكتابة ملاحظاتي التي نشرتها في موضوع منفصل لكي أوضح رؤيتي في الحوار الذي جرى، وقد سبق ان طرحتها في حوارات شخصية مع الكثير من الرفاق الأعزاء ومنذ سنوات.


- الجانب القانوني-الحقوقي للموضوع:
معظم الرفاق المؤيدين لمنح الرواتب التقاعدية ينطلقون من الجانب العاطفي، التضحيات، الشرعية الثورية ولم يتطرقوا إلى الأساس الحقوقي والقانوني وفق القوانين الدولية و مواثيق حقوق الإنسان لمنحهم الرواتب التقاعدية، كجزء من قرارات للقوى المشتركة في - العملية السياسية بعد الاحتلال - لمنح رواتب تقاعدية وامتيازات أخرى الى منتسبي- مقاتلي- بيشمركة مجموعة معينة من الأحزاب العراقية المعارضة للنظام السابق، اطلعت على بعض الدراسات القانونية الدولية المتعلقة بالدول التي أسقطت حكوماتها الدكتاتورية ومرت بمرحلة - العدالة الانتقالية - مثل ألمانيا،الأرجنتين، كوبا، شيلي ...... وإجراءات تعويض المتضررين من السياسيات القمعية، وجدت إن التعويض تم حسب الضرر والانتهاكات التي حصلت للمواطنين بغض النظر عن الانتماء السياسي والتنظيمي، ولم تمنح إي تعويضات او رواتب بشكل جماعي للذين ناضلوا ضد هذه الأنظمة الدكتاتورية مقابل معارضتهم وفق الانتماء الحزبي والسياسي.
الملايين من الجماهير العراقية تضررت من سياسات النظام البعثي المقبور ووقفت وناضلت وانتفضت ضده دون أن تكون منتمية لأي حزب سياسي، وتعرضت إلى كافة أنواع القمع والتنكيل ومختلف أنواع الاضطهاد والاستغلال، ولابد أن يكون نضالنا وعملنا موجها نحو تعويض كل من تضرر من تلك السياسات، وان نعمل من اجل نظام ضمان اجتماعي-اقتصادي يضمن حياة كل محتاج في العراق.


- الجانب المبدئي للموضوع:
دققت في تجارب المقاومة والثورات اليسارية وكذلك موقف قوى اليسار من التعويضات بعد التغييرات الثورية التي جرت في العالم ومنها بعض بلدان العالم العربي، ولم أجد حالة سابقة منحت فيها رواتب تقاعدية بشكل جماعي مقابل نضال وتضحيات مقاتلي ومناضلي الأحزاب اليسارية والتقدمية، وكان موقفها جميعها يتجسد في ان ضمان حياة وتعويض الضرر الملحق بأعضائها جراء نضالهم لابد يكون جزءا من منظومة وحل عام عادل لجميع المواطنين على صعيد المجتمع، ومنها رفاقنا الشيوعيين واليساريين في تونس ومصر، وبالتالي يكون لرفاقنا الأعزاء في حركة الأنصار الشيوعيين العراقيين الموجودين داخل العراق وحتى في الدول الغربية - السبق اليساري- عربيا ودوليا في الحصول على رواتب تقاعدية بشكل جماعي لمعظم أعضائهم مقابل فترة نضالهم الطوعي في فترة الكفاح المسلح!، في وقت يعاني معظم عمال وكادحي العراق من اللامساواة و الفقر والفاقة وتردي الخدمات وانعدام آي أنواع الضمان الاجتماعي-الاقتصادي، إضافة إلى استلام مجموعة كبيرة من القيادات اليسارية السابقة والحالية والمقربين منهم في العراق وإقليم كردستان رواتب تقاعدية عالية جدا وبألوف الدولارات بدرجة وزير، وكيل وزير, مدير عام، وكيل مدير عام، رتب عسكرية كبيرة...... الخ والصحافة الكردية الحرة تنشر بشكل دوري هكذا أمور ولم يكذبها احد!.
لا اعلم اين الحقانية المبدئية في ان جميع الأنصار الشيوعيين يحق لهم استلام راتب تقاعدي، في حين ان معظم العمال والكادحين الذين اضطهدوا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من قبل الحكومات المتعاقبة، يعملون الان 10-15 ساعة يوميا لكي يعيشوا حد الكفاف وحين يمرضون ويعجزون ليس هناك اي راتب تقاعدي أو أي نوع من ضمان المناسب لهم!. نضالنا الشيوعي فخر لنا وليس امتيازا فرديا او حزبيا فوق الجماهير، وحقوقنا كمناضلين من اجل التحرر والعدالة الاجتماعية هي مع وجزء من حقوق العمال والكادحين ولابد ان نناضل جماعيا من اجل تحقيقها وفرضها على الحكومات.


- ثقافة الميلشيات المنتصرة!:
الذي يسود العراق وإقليم كردستان هو سلطة ألأحزاب الإسلامية والقومية -المنتصرة!- ورسختها بقوة ميليشياتها- بأسمائها المختلفة- ومعظم هذه الأحزاب ليس لها توجهات مدنية عصرية ومعادية طبقيا لمصالح للعمال والكادحين، ولا تعمل من اجل دولة مواطنة تستند إلى القانون المؤسسات وبل تجهض وتقف ضد اي توجه نحو ذلك، وتؤمن إن ما سيطرت عليه من مؤسسات الدولة وميزانيتها هو ملك لها وتحاول بأقصى ما يمكنها السيطرة على المناصب والامتيازات الكبيرة و نهب المال العام وتوزيعه على قياداتها، أعضائها، حلفائها، وعموم المقربين منهم، ويبرر ذلك وفق مفهوم - الشرعية الثورية- المستند إلى - نضالهم وتضحياتهم!- الكبيرة ضد النظام البعثي الفاشي، واعتقد ان ثقافة - الميلشيات المنتصرة- انعكست على كافة مفاصل المجتمع العراقي والوعي المجتمعي، وكانت احد أسباب الرئيسية في انعدام الأمن والخدمات وشيوع الفساد والاستبداد والعنف وتقوية التعصب الديني والقومي والطائفي.
الأحزاب الاستبدادية والفاسدة الحاكمة في بغداد واربيل تروج لهذه الثقافة وتعممها بكل الطرق، وهي احد أسس إدامة سلطتهم القذرة والكالحة، السؤال هنا هل نكون جزءا من هذه الثقافة ولو بحدودها الدنيا؟ أم نقف ضدها ونفضحها؟ وأستغرب من موقف بعض الرفاق الشيوعيين الذين يطالبون بالمساواة ونفس -الحقوق! - التي حصل عليها منتسبي- مقاتلي الأحزاب الإسلامية والقومية الفاسدة المسيطرة على مقاليد الحكم في العراق وإقليم كردستان، انه بصراحة تناقض صارخ مع الدولة المدنية الديمقراطية التي ننادي بها، و هو نهب منظم وفج للمال العام لترسيخ السلطة وللكسب السياسي والحزبي وشراء الولاءات من قبل الأحزاب والقيادات الحاكمة في العراق!.


- الشفافية والجانب الاقتصادي للموضوع:
معظم الرواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين تدفع من ما يسمى ب - حكومة إقليم كردستان- وهي تحالف هش بين حزبين كرديين فاسدين ومستبدين، بدعم من مجموعة أحزاب ذيلية تابعة لهم، ومعروفين على الصعيد الكردستاني والعراقي والعالمي بالفساد الكبير ونهب المال العام والتركيز على المصالح الحزبية والشخصية والعشائرية، وتفتقد هذه الحكومة إلى أي شكل من أشكال مقومات - الحكومة الرشيدة العادلة -.
من خلال معلوماتي والتعليقات حول الموضوع، هذه الرواتب التقاعدية محصورة ب بيشمركة- مقاتلي مجموعة محدودة من الأحزاب الكردية والعراقية ، وعملية التسجيل والتقييم مشبوه وتفتقد إلى الشفافية والعدل، ومنحت الأحزاب الكردية الحاكمة هذه الرواتب لمواطنين لم يكونوا يوما ما معارضين او حملوا السلاح، بل عدد كبير منهم من مرتزقة وعملاء النظام البعثي لكسب ولائهم السياسي، واستغلت أيضا من قبل بعض القيادات لترسيخ مكانتها بإعطاء مؤيدهم وحتى أقربائهم رتب عسكرية ورواتب عالية!، كما لم يعطى هذا الحق للكثير من الذين اختلفوا فكريا وسياسيا واستقالوا من تلك الاحزاب، واعتقد ان هكذا رواتب مهما كانت قيمتها تفتقد إلى النزاهة والعدل والشفافية هي إساءة كبيرة للأنصار الشيوعيين وتاريخهم المجيد بدلا أن تكون تكريما وتعويضا لهم.
كماركسيين نعلم أهمية الاقتصاد وربط مجموعة كبيرة من المناضلين الشيوعيين اقتصاديا بهكذا حكومة فاسدة - علاقة الأجير برب العمل - من الممكن أن تنعكس بشكل كبير على المواقف سياسيا وشخصيا الآن وفي المستقبل.


- عنوان الموضوع ( النضال بمقابل.....):
اعتقد انه يطابق ما يطرحه الرفاق المؤيدين في ضرورة منح حقوق مختلفة ومنها الرواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين مقابل نضالهم وتضحياتهم الكبيرة التي لا يستطيع أي منصف إنكارها، واعتقد انه عنوان سياسي واضح يعكس قضية واقعية، ولا يعني الارتزاق باي شكل من الإشكال، وأنا متأكد ان كل من التحق بحركة الأنصار الشيوعية العظيمة لم يكن يوما ما يفكر بمقابل مادي او معنوي وكان هدفهم الرئيسي عالم عادل وافضل لنا جميعا، ولكن المطالبة الآن بحقوق و باستلام راتب وامتيازات أخرى بشكل جماعي على اساس الانتماء السياسي مقابل نضال طوعي في حزب يساري في فترات معينة، أسوة بالأحزاب القومية والإسلامية، واعتبارها -حق طبيعي- سيعني طلب مقابل لذلك النضال.


- الخلاف سياسي:
القضية التي اطرحها موقف سياسي واضح من قضية معينة واعتبر استلام الأنصار الشيوعيين الرواتب التقاعدية قبل استحداث نظام اجتماعي- اقتصادي عادل يعوض جميع المواطنين المتضررين من الاستبداد والعنف و يضمن حياة جميع المحتاجين في المجتمع امرأ خاطئا، ومن الطبيعي أن تكون هناك اختلاف وجهات نظر في قضايا معينة ، ولم أخون أو أهين أو انتقص من احد بشكل شخصي وقبول واستلام الرفاق للرواتب التقاعدية لا يقلل من مكانتهم الشيوعية ودورهم وتاريخهم النضالي المشرف، ويؤسفني كثيرا العبارات الحادة التي استخدمت من عدد قليل من المتداخلين سواء من أيدوا طرحي او اختلفوا معي وخاصة على الفيسبوك.
لا ينفي هذا الاختلاف الصغير، اتفاقي الكبير في الكثير من الأمور مع رفيقاتي ورفاقي الأعزاء في الحزب الشيوعي العراقي ورابطة الأنصار الشيوعيين، وافتخر بانتمائي التنظيمي للحزب الشيوعي العراقي وعملي مع الأنصار الشيوعيين في ثمانينات القرن المنصرم، واعتبرهم من احد أنزه وأفضل القوى السياسية في العراق ولي أمل ايجابي كبير بدورهم ونضالهم مع قوى اليسارية والتقدمية الأخرى، وأكن لهم ولنضالهم المتفاني كل التقدير والاحترام.


- البديل:
تعويضات مناسبة وعادلة لتعويض جميع عوائل الشهداء والمفقودين، السجناء السياسيين والمتعرضين للتعذيب وكافة انواع العنف الجسدي والنفسي، الجرحى والمعوقين، المفصولين،....الخ من خلال نظام اقتصادي-اجتماعي لرعاية وتعويض كافة المتضررين نتيجة الوضع السياسي في العراق وسياسات أنظمة الحكم الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق، او جراء الاحتلال و الحرب الأهلية والعنف والإرهاب بعد 2003.... الخ بغض النظر عن انتمائهم السياسي او الحزبي او المنحدر القومي والديني، وكذلك نظام عام وعادل لضمان حياة المحتاجين والمعوزين والفقراء والعجزة، وكما أشرت العراق دولة غنية جدا وتنفيذ هكذا مشروع ليس بالأمر صعب، واعتقد انه الحل والبديل الشيوعي الأمثل لتعويض الجميع من خلاله بما فيهم أنصار ومناضلي الحركة الشيوعية المتضررين نتيجة لنضالهم القدير.

- الجانب الشخصي:
لم استلم وارفض استلام أي امتياز مادي مقابل عملي السياسي الطوعي السابق او الحالي في المجالات التنظيمية او العسكرية او الإعلامية، الاعتقال والتعذيب والمطاردة الذي تعرضت إليه نتيجة لذلك... الخ، وارفض التعامل مع اي جهة لها دور في انتهاك حقوق الإنسان والفساد، وكشيوعي اعتبر النضال ضد طغم الفساد والاستبداد في العراق وإقليم كردستان من احد مهماتي الرئيسية.
 


20
النضال بمقابل!، حول تقاعد -الأنصار الشيوعيين- في العراق
رزكار عقراوي
 
اشكر كل من طرح وشارك في الحوار حول موضوع تقاعد - الأنصار الشيوعيين - على الفيسبوك، واعتقد انه كان للجميع حرص وتقدير كبير لدور ومكانة ونضال الحزب الشيوعي العراقي، وحركة الأنصار الشيوعيين في العراق احد المع وأروع تجارب النضال الشيوعي في تاريخ العراق الحديث، ولأهمية الحوار رأيت من المناسب أن اكتب بعض الملاحظات القصيرة حول الموضوع.

- نضالنا اليساري والشيوعي ليس بمقابل، ولا يشترى بالمال، و اعتقد انه من الخطأ والمعيب المطالبة بثمن مقابل البقاء في السجون، التعذيب، العمل السري، الكفاح المسلح، النفي..... الخ من إشكال النضال الثوري وتبعاته، في حين يعيش أكثر من ربع سكان العراق تحت مستوى خط الفقر الآن، ولا يجب ان نعمل من اجل او نوافق على أن تكون لقيادات وأعضاء أحزابنا اليسارية امتيازات خاصة مهما كان حجمها ونوعها ومن أي جهة كانت، لابد ان تكون مرتبطة بنضالنا اليومي العام لتحقيق الضمان الاقتصادي والاجتماعي للجميع في المجتمع وخاصة للفئات الكادحة، كجزء من نضالنا العام من اجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في العراق.

- ليس لي أي إشكال أن يستلم الأنصار الشيوعيين المحتاجين والمتواجدين داخل العراق التعويض او الرواتب التقاعدية ، إذا كانت جزءا من منظومة اقتصادية-اجتماعية شاملة تتحملها وتديرها الدولة لتعويض وضمان معيشة كافة المتضررين من النظام البعثي وجرائمه، الاحتلال والعنف والإرهاب والحرب الطائفية والقومية، العاطلين عن العمل،المفصولين، العجزة والمعوقين، الأرامل ...... الخ ولابد أن تكون شفافة وعادلة ولا تستغل سياسيا وحتى تنظيميا داخل الأحزاب، و يشمل ذلك جميع ساكني العراق بغض النظر عن الانتماء السياسي أو التنظيمي أو المنحدر القومي والديني، واعتقد ان العمل من اجل تحقيق ذلك يجب ان يكون احد أهدافنا الرئيسية حيث ان ذلك ضروري جدا في دولة تعتبر من احد أغنى الدول النفطية في المنطقة.

- بعد سقوط النظام البعثي الفاشي ساد حكم الميلشيات الحزبية في العراق، وادامة للسياسات الفاسدة للنظام السابق قامت تلك الميليشيات بنهب المال العام بشكل فج وكبير جدا ومنحوا امتيازات هائلة لقياداتهم واعضائهم والمواليين والمقربين منهم بحجة مشاركتهم في النضال ضد النظام البعثي، واصبح العراق احد اكثر دول العالم فسادا حسب تقارير المنظمات الدولية، وذلك امر مدان منا كشيوعيين ولابد ان نقف ونناضل ضد ذلك. اعلم ان الرواتب التقاعدية الممنوحة للانصار الشيوعيين قليلة جدا ولاتقارن باي شكل من الاشكال برواتب متقاعدي الاحزاب الدينية والقومية الحاكمة، ولكن في كل الاحوال امر غير صحيح وهو برأي تجاوز على دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والمساواة التى ننادي بها وفق مفهوم الحقوق لابد ان تكون للجميع.

- اعتقد أن قبول استلام رواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين مهما كان حجمها، والامتيازات الأخرى على صعيد الأحزاب والأشخاص، وخاصة المدفوعة من - حكومة! - الحزبين الكرديين* كان أمرا خاطئا و أثر بشكل سلبي على نشاط جزء كبير من التيار اليساري والديمقراطي في العراق وموقفه من هذا الحزبين وحكمهم المستبد والفاسد، والذين استخدموا - المال السياسي المنهوب من أموال الدولة - لشراء الولاءات الحزبية والسياسية والشخصية وبأشكال ونسب وطرق مختلفة، أسوة بحلفائهم الطبقيين من الأحزاب الإسلامية والقومية الفاسدة الحاكمة والمتنفذة في وسط وجنوب العراق.

- بعد الانتهاء الفعلي لحركة الانصار الشيوعيين العراقيين في نهاية ثمانينات القرن المنصرم، اضطر الكثير منهم الى طلب اللجوء في الدول الغربية بعد ان سدت كل منافذ العيش الكريم بوجهم في العراق ودول الجوار، اعتقد ان استلام هؤلاء الرفيقات والرفاق المتواجدين خارج العراق للرواتب التقاعدية امر خاطيء ، حيث توفر دول اللجوء انظمة ضمان اجتماعي-اقتصادي وظروف عيش مناسبة نسبية مقارنة بساكني العراق وخاصة العمال والكادحين، ومن الممكن ان معظمهم لايبلغ الدوائر الضربيبة في البلد المتواجد فيه ب- راتبه التقاعدي من العراق - وبالتالي التجاوز القانوني على انظمة الرفاه والضمان التي ناضل العمال واليساريين في تلك البلدان من اجل ارسائها وتطويرها لحماية الفئات الكادحة في مجتماعاتهم.

- وهنا لابد ان أشير إلى مواقف القديرة للكثير من رفاق ورفيقات اليسار التونسي الذين رفضوا استلام أي رواتب او تعويض مادي مقابل فترة السجون، الاعتقالات، التعذيب، المطاردة.... الخ في عهد نظام بن علي البائد، ومن أبرزهم الرفيق العزيز حمه الهمامي سكرتير الحزب العمالي الشيوعي التونسي، ويمكن الاطلاع على موقفه الرائع من خلال الفلمين أدناه:

https://www.facebook.com/video/video.php?v=354924377900692

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=200568400062586&id=194252783938598

- الاختلاف في هذه القضية هو موقف سياسي يقبل الخطأ والصواب، ولا يقلل بأي شكل من الإشكال من مكانة ونزاهة وتضحيات النصيرات و الأنصار الشيوعيين، الذي أعطوا مثلا ثوريا رائعا في النضال الدءوب والمتفاني ضد اعتى وأشرس نظام دكتاتوري فاشي حكم في العراق، ويشرفني بكل صدق اني كنت احد العاملين معها من خلال نشاطي في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في الداخل ( 1983 -1989 ) حيث دعمنا حركة الانصار بشكل متواصل بالاخبار والمعلومات، الاسلحة والتجهيزات، الادوية، المستمسكات، تسهيل الحركة داخل المدن واخراج الرفاق المهددين الى المناطق المحررة..... الخ، وكانت لي زيارات متواصلة الى المقرات العسكرية للانصار بشكل سري للالتقاء بالرفاق المشرفيين على التنظيمات الحزبية، وفي انتفاضة 1991 كنت المسوؤل العسكري لمنظمة التيار الشيوعي في منطقة اربيل، المجد والخلود لشهداء الحركة الشيوعية في العراق وفي مقدمتهم شهداء الأنصار الشيوعيين.
سيبقى الشيوعيون والتقدميون بمختلف فصائلهم الأمل الإنساني المشرق، في ظل الدمار والعنف والفساد والاستبداد السائد في العراق والذي يديمه نظام المحاصصة القومية والدينية السيئ الصيت.


************************************
* الحزب الكرديين هما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني


21
الكرد - بترو دولار*، وتأثيره السلبي على اليسار والديمقراطية في العراق

رزكار عقراوي
ماركسي مستقل
rezgar1@yahoo.com
 
من الممكن أن يثير هذا الموضوع حفيظة الكثيرين، ولكن لابد من التعرض له مع تزايد الدور السلبي جدا ل ( الكرد- بترودولار) للحزبين الكرديين الحاكمين - الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة - مسعود البرزاني- والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة - جلال الطالباني- في اقليم كردستان العراق، في إضعاف، تفتيت، تشويه، اعاقة التنسيق والعمل المشترك، فرض التبعية والولاء،..... الخ ....وبطرق ودرجات مختلفة، على عدد كبير من قوى وشخصيات التيار اليساري والعلماني والديمقراطي في العراق، وحتى للأسف الشديد - إفساد - مجموعة غير قليلة من رموزه ومثقفيه ومؤسساته.



من أحزاب – تحرر وطني! – الى برجوازية طفيلية مستبدة

من الممكن ان الكثير من اليساريين والديمقراطين العراقيين مازال يعتبر الحزبين الكرديين - أحزاب تحرر وطني- تمثل وتدافع عن حقوق الشعب الكردي المشروعة، او على انها احزاب - ديمقراطية ومدنية نسبيا وفق المعايير الشرق اوسطية - ونحن بحاجة اليها لخلق التوازن في مواجهة قوى الاسلام السياسي والقومانيين العرب وجرائمهم، وهي وجهة نظر سياسية من الممكن الحوار عليها بغض النظر عن الاتفاق او الاختلاف ، وكما تنطلق وجهة النظر هذه من أن للبعض منهم علاقات سياسية وشخصية تاريخية تعود الى فترة الكفاح المسلح ضد الأنظمة الدكتاتورية وخاصة البعثي ، وهنا أرى من المهم جدا ان نمييز بين الأحزاب الكردية الحاكمة وقضية الشعب الكردي العادلة، حيث أؤمن بحقه الكامل في تقرير مصيره في استفتاء عام حر وتحت إشراف دولي حول البقاء مع الدولة العراقية أو الانفصال وتشكيل دولة مستقلة.

بعد الانتفاضة الجماهيرية الكبيرة التى عمت معظم مدن العراق سنة 1991 ،سيطر الحزبان الكرديان على مقاليد السلطة والنفوذ في معظم اجزاء إقليم كردستان العراق، وكقوى طبقية برجوازية تحالفا مع بقايا النظام البعثي الفاشي من مستشارين – امراء افواج المرتزقة (الجحوش)- ، والعاملين في الاجهزة العسكرية والامنية الاخرى، ورؤساء العشائر الملطخة اياديهم بدماء ابناء الشعب العراقي. رسخ الحزبان سلطاتهم من خلال القمع والتهديد والاغتيالات والإفساد والترغيب وشراء الذمم، وأدى صراعهم على السلطة والنفوذ الى إدخال المجتمع الكردستاني في حرب داخلية طاحنة في تسعينيات القرن المنصرم، نافسوا فيها النظام البعثي في الجرائم التي ارتكبوها من قمع وقسوة ، إعدام الأسرى والجرحى، اعتقالات وتصفية والتعذيب الوحشي للسجناء، اعتقال وترحيل أعضاء الحزب الآخر....... الخ، وبعد سقوط النظام البعثي الفاشي في 2003 كانوا الحليف الرئيسي لقوى الإسلام السياسي، واشتركوا معهم في إدخال العراق في حرب أهلية مدمرة، تعزيز سلطة الميليشيات واطلاق يدها، الفقر والبطالة، الفساد والانتهاك المتواصل لحقوق الإنسان ، غض النظر عن انتهاك حقوق المرأة،وقمع الحريات الفردية والمدنية، وفرض نظام المحاصصة الدينية والقومية السيئ الصيت.... الخ وكانوا معهم في اجهاض ومحاربة اي مسعى لتوجه مدني وديمقراطي على مختلف الاصعدة.

مارس الحزبان الفساد المنظم بشكل كبير جدا منذ بداية استلامهم للسلطة في إقليم كردستان، وتم نهب مؤسسات الدولة والمال العام بشكل علني وفج، وتحول قادة الحزبان والمرتبطون بهم إلى طبقة من البرجوازية الطفيلية التى سخرت معظم ما هو موجود من ممتلكات الدولة وعوائدها لمصالحها الحزبية والشخصية والعشائرية، وازداد غناهما بعد سقوط النظام الدكتاتوري، حيث خصصت ميزانية لإقليم كردستان من عوائد النفط العراقي.



الكرد - بترو دولار و - اليسارية والديمقراطية المؤطرة - !!

ومكن ذلك الحزبين الكرديين من خلال استخدام أموال نهب المال العام والامتيازات المختلفة، إلى جر! الكثير من الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية إلى تأييد سياساتهم، او السكوت عن جرائمهم وفسادهم، أو على الأقل عندما يتم التطرق إليها تصنف على إنها - أخطاء ونواقص صغيرة - ومن العادي أن تحصل في بداية التجربة الديمقراطية الفتية و الرائدة !! في إقليم كردستان العراق.

أصبح الحزبان الكرديان ومؤسساتهما من - رعاة الثقافة والقيم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والمرأة!! - ويتم بشكل دائمي إحياء مؤتمرات ومهرجانات كبيرة ممولة بملايين الدولارات في الفنادق الراقية ذات الخمس نجوم!!، مثل ما كان يفعل النظام البعثي المقبور، لتجميل وجه حكمهم الكالح والقبيح، و يتم دعوة العشرات بل المئات من المثقفين والمفكرين العراقيين وحتى العرب، ويتنافس الحزبان في ذلك، في نفس الوقت الذي يحارب فيه الصوت التحرري لتقدميي وديمقراطيي ويساريي كردستان، وتقييد نشاطاتهم بشتى الطرق، وبنسب مختلفة في إقليم كردستان، حسب مستوى سيطرة الحزبين الحاكمين على المناطق، ولا يصرف اي نوع من التمويل للنشاطات الديمقراطية المستقلة المعارضة، التي تناهض استبدادهم وفسادهم وقمعهم، وتدافع عن المساواة و حقوق الإنسان والحريات والمدنية في الإقليم.

اعتقد أن السادة والسيدات المدعوين إلى تلك - المؤتمرات - في إقليم كردستان ، يرون بوضوح دكتاتورية البرزاني والطالباني وحزبيهما، يرون بوضوح الاستبداد والتسلط الشخصي والحزبي والعائلي والعشائري على المجتمع الكردستاني، يرون الفساد و الغنى والبذخ الفاحش لمسئولي الحزبين الحاكمين، ويتابعون بلا شك تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية حول الإقليم، ومع ان الكثير منهم شخصيات ديمقراطية ويسارية نزيهة ولها تاريخ نضالي يعتز به واكن لهم كل الاحترام الشخصي والسياسي، فمازال البعض منهم يدافع عنهم، و يلتزم الكثير الاخر الصمت الكامل او الجزئي عن تلك الجرائم والسياسات الفاسدة، التي لا تختلف عن سياسات الأنظمة الدكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق، أو عن السياسات التي يتم تعميمها في وسط وجنوب العراق.

للأسف الشديد استطاع الحزبان الكرديان من خلال التمويل والامتيازات، فرض نوع من - اليسارية والعلمانية والديمقراطية المؤطرة !!- على تيار كبير من الأحزاب والشخصيات في وسط وجنوب العراق، وفق مقاسهما و مصالحهما، واستطاع هذان الحزبان من الإستفادة منهم واستخدامهم، حسب مستوى علاقاتهم وصراعاتهم مع – الحكومة المركزية - أي قوى الإسلام السياسي الحاكمة، حيث يتم إضعافهم وتهميشهم عندما تكون لهم علاقة مستقرة مع بغداد، وتفعيلهم في مواجهة تلك الحكومة عندما تسوء العلاقات ويشتد الصراع على السلطة والنفوذ وتقسيم عوائد النفط، وكما نرى يقوم الطرفان والمطبلون لهم، بتغطية تلك الصراعات وإظهارها على انها صراع وطني وقومي، وحتى انه كصراع من اجل الحقوق والحريات الديمقراطية!!.




التيار اليساري والديمقراطي والموقف من الحزبين

هناك رأي بين طيف من اليساريين والديمقراطيين العراقيين يطرح انه هناك إمكانية العمل المشترك والتحالف مع الحزبين الكرديين في مجالات معينة، وخاصة بما يتعلق بمدنية وديمقراطية الدولة العراقية ومواجهة اسلمتها من قبل قوى الإسلام السياسي، أو مناهضة فرض نظام الحزب الواحد مرة أخرى، ولكن الواقع وتجارب السنوات الماضية أثبتت إنها إمكانية ضعيفة بل وشبه معدومة!، فالحزبان وقادتهما ذو بنية استبدادية و يهمهم مصالحهم الطبقية والحزبية قبل كل شيء، وهم مستعدون للمساومة على كل شيء، بما فيه تحويل كل وسط وجنوب العراق الى – جمهورية اسلامية – مقابل الحفاظ على تلك المصالح.
لذلك ارى انه لابد على القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية العراقية توضيح مواقفها بصراحة، وإدانة جرائم واستبداد وفساد الحزبين الكرديين، ودورهما الكبير في نظام المحاصصة الطائفية والقومية المعادي للديمقراطية والمدنية، اسوة مع ادانة والوقوف ضد استبداد وتسلط الاحزاب - الميلشيات الاسلامية والقومية في وسط وجنوب العراق سواء كانت في السلطة او المعارضة، ولابد من العمل المشترك مع يساريي وديمقراطيي الإقليم ، وإلا ستكون مصداقية توجهاتها المدافعة عن اليسار والديمقراطية موضع شك كبير وضعيفة، ليس أمام ساكني إقليم كردستان فحسب بل في عموم العراق، وستكون تحالفاتهم المباشرة وغير المباشرة مع الحزبين الكرديين، تكرارا لتجارب – التحالفات الجبهوية – الفاشلة والبائسة مع الانظمة والاحزاب الدكتاتورية والشمولية، التى دخلت فيها الكثير من الفصائل اليسارية والتقدمية في العالم العربي، وكانوا هم أول ضحاياها!.


-----------------------------------------------------
* الكرد - بترو دولار: اقصد به أموال نهب المال العام - ومعظمه من عوائد النفط - التي يستخدمها الحزبان الكرديان الحاكمان في إقليم كردستان العراق لتجميل وجه حكمهم الاستبدادي الكالح والقبيح!، والتغطية على فسادهم الشخصي والعائلي والحزبي.


22
رسالة مفتوحة إلى الرفيق حميد مجيد موسى - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

رزكار عقراوي
ماركسي مستقل

 

رسالة مفتوحة إلى الرفيق العزيز حميد مجيد موسى - سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

تحية شيوعية حارة أزفها إلى شخصكم الكريم، من رفيق يعتبر نفسه جزءً من الحزب، وفق مفهومي للعضوية المركبة في أكثر من فصيل يساري، وان كنت خارج صفوفه تنظيميا ومستقل سياسيا الآن.

أقدم عبركم التهاني الحارة، لرفيقاتي ورفاقي الأعزاء في الحزب الشيوعي العراقي، بمناسبة اختتام المؤتمر التاسع للحزب الذي افتتح في بغداد وأكمل في إقليم كردستان، مما يشكل عرسا و تحدياً شيوعياً ثوريا باسلاً، خاصةً في الظرف الحالي، أملا أن تكون لقراراته دورا ايجابيا ملهما للتجديد، وحافزا لتطوير عمل الحزب و تعزيز مكانته بين الجماهير الكادحة ،الأمر الذي سيقوي دور التيار اليساري والديمقراطي على مختلف الأصعدة، وأتطلع إلى أن يترجم شعار المؤتمر - دولة مدنية ديمقراطية اتحادية.. عدالة اجتماعية - إلى واقع عملي مؤثر، والذي من الممكن أن يكون شعارا ل - تحالف يساري- واسع في العراق.

رفيقي العزيز

أسمح لي أن أصارحكم – صراحة الرفيق لرفيقه - أنه قد أزعجني والمني كثيرا، بقاؤكم في القيادة للدورة القادمة، وبالتالي ما يقارب ربع قرن في منصب - السكرتير -، ومع إني أكن لكم كل الاحترام الشخصي والسياسي، واقدر كثيرا دوركم النضالي وتضحياتكم الكبيرة، وقيادتكم للحزب في العشرين السنة الماضية وفي وضع معقد وصعب جدا، ولكن ضرورة مبدأ التداولية و التجديد بعد تلك الفترة الطويلة من القيادة، و بجانب وضعكم الصحي الحساس والحرج، وعمركم المتقدم، فكل تلك الظروف مجتمعة ستعيق بوضوح سياسيا وتنظيميا وشخصيا، أن تكون - سكرتيرا- ل 4-5 سنوات القادمة، وأخشى أن ينعكس ذلك على أنشطة الحزب المختلفة أيضا.
ومع ذلك احترم رأي الرفيقات والرفاق الذين انتخبوك، وان كنت اختلف معهم في قرارهم، حيث اعتقد إنهم بذلك قد اضعفوا إمكانيات التجديد والتطوير في الحزب، ولابد ان هو بأمس الحاجة لذلك، وفرضوا مهمات شاقة على رفيق عزيز لا طاقة كافية له لتواكب التحديات الجسيمة على الأرض، بل من المفترض أن يكرم ويتقاعد، ويرتاح صحيا، مع الاستفادة القصوى من خبرته السياسية والتنظيمية الكبيرة كأحد ابرز مستشاري قيادة الحزب الجديدة.

سؤال بسيط، ماذا سيكون موقفكم، وموقف رفاقي ورفيقاتي في الحزب، إذا استمر- احتكر المالكي، أو أي شخص أخر في منصب رئيس الوزراء ل 25 سنة؟؟ هل سنقبل ذلك؟ الجواب كلا.
من مواقع اليسار نطرح دوما أهمية وضرورة ممارسة مبادئ الحرية والديمقراطية، والتداول السلمي للسلطة والتجديد، واحترام حق الاختلاف في الرأي، إذ نعتبر هذه المبادئ وغيرها جزءاً أساسياً من أهداف نضالنا الديمقراطي بمفهوم اليسار. و لذلك وعلينا قبل كل شيء أن نسأل أنفسنا، هل هذه الأمور موجودة في الأحزاب والمنظمات التي ننتمي إليها أو نعمل معها، قبل النضال من اجلها على صعيد المجتمع.
ومع إن أحزاب اليسار هي جزء من المجتمع وانعكاس لدرجة تطوره الديمقراطي والمعرفي ووعيه، ولكن ولابد من عملية تحديث ذاتية فعلية، ودمقرطة وشفافية على مختلف المستويات الفكرية والتنظيمية, و تغيير وتحديث الأنظمة الداخلية لأحزابنا اليسارية، بحيث توفر المزيد من الديمقراطية، وتحسن من فرص القيادة الجماعية وتضمن مبدأ التداولية، ومن الضروري جدا، أن يحدد تبوء المناصب القيادية بدورتين كحد أعلى، وحد أقصى 8 سنوات.

في حوار قيم مع احد رفاق الحزب المخلصين، أعطى مثلا رائعا لوصف ضعف التداولية في قيادة الحزب، حيث قال ( كنا نادي كرة قدم درجة أولى في العراق، ولظروف مختلفة موضوعية وذاتية، أصبحنا نادي درجة ثانية واستمر التراجع إلى الدرجة الثالثة والرابعة و الخامسة و..... ولكن للأسف المدرب وكابتن الفريق يرفضون الاستقالة أو تغييرهم، وفسح المجال للآخرين لإجراء ما يستلزم من تغييرات ضرورية لوقف التراجع، بحجة إن لاعبي - الفريق – متمسكين بهم! ولا يسمحون بذلك، فالمسؤولية لا يتحملها المدرب أو الكابتن، بل يلقون اللائمة على الذين لا يريدون تغييرهم !!.).

وأود هنا أن أشير هناك إلى الموقف الرائع للرفيق العزيز حسن مدن الأمين العام للمنبر التقدمي في افتتاح المؤتمر العام السادس للمنبر التقدمي -ابريل نيسان 2010-، ابرز فصائل اليسار في البحرين، الذي فسح المجال لامين عام جديد وفق النظام الداخلي بعد انتهاء دورتين له في قيادة المنبر:
((إعمالاً لأحكام النظام الداخلي لتنظيمنا الذي ينص على ألا تزيد ولاية الأمين العام عن دورتين انتخابيتين متتاليتين، فان هذه هي المرة الأخيرة التي أتحدث فيها أمامكم بصفتي أمينا عاما للمنبر التقدمي، بعد نحو عشر سنوات متواصلة، واجهنا فيها تحديات ومهام جسيمة في وضع متحول، وقد حققنا، خلال عملنا هذا، نجاحات ووقعنا في أخطاء، وعن النجاحات فنترك تقييمها للتاريخ، أما عن الأخطاء فلدينا كل الشجاعة في الاعتراف بها، وممارسة النقد الذاتي الآن ومستقبلاً. ))


رفيقي العزيز أبو داود

ومع هذا الخلل و التقصير التنظيمي المحدود! وهو عادي جدا فمن لا يعمل لا يخطأ، ويمكن دوما تصحيحه، الآن أو في المستقبل القريب، إلا إني سعيد جدا بأن مؤتمر الحزب قد أنهى أعماله بنجاح، وعزز ذلك من وحدة الحزب وانسجامه، ومن المفرح كثيرا انضمام عدد اكبر من النساء والشباب إلى القيادة، وان لم يكن بمستوى الطموح، وأقدم لهم تهاني خاصة، و أرى إن التطور مستمر ومتواصل وايجابي في آليات التنظيم والعمل الحزبي، كما أجد نفسي متلهفا للاطلاع على قرارات المؤتمر القيمة، خاصة البنود المتعلقة بالعمل والتنسيق والتحالف مع القوى اليسارية الأخرى في العراق، الذي أشرت إليه في خطابكم القيم في حفل افتتاح المؤتمر.

اكرر تهاني الحارة بنجاح المؤتمر التاسع، وأتمنى لكم، وللرفيقات والرفاق في قيادة الحزب، وعموم أعضاء الحزب الموفقية في أداء مهامهم، كما أتطلع أن تتقبل ملاحظاتي برحابة صدر، ولا اعتقد إنها ستقلل من مكانتكم ودوركم القدير، كأحد ابرز واهم قادة اليسار في العراق، أو من مكانة الحزب الشيوعي العراقي كأحد أهم الفصائل اليسارية العراقية، المناضلة جميعها، من اجل عالم أفضل لكل العراقيين.

تمنياتي لكم بالصحة والعافية

مع كل الاحترام والتقدير

رزكار عقراوي

23
العقدية الأولى لليسار الالكتروني

رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com


في يوم 09-12-2011  انهينا معا العقدية الأولى من عمر الحوار المتمدن الذي اعتبره من أهم باكورة انجازات وتطبيقات – اليسار الالكتروني- في العالم العربي، والذي استطاع بجهود تطوعية جماعية خلاقة أن يتحول إلى أوسع منبر لمعظم قوى اليسار والعلمانية الناطقة بالعربية وأكبرها. وكان للموقع دوره الإيجابي المؤثر في تغطية الأحداث الجارية ودعم الحركات الاحتجاجية والانتفاضات الشبابية والشعبية في "الربيع العربي"، واستطاع أن ينافس كبريات الصحف العربية ويتفوق على عدد كبير منها وبميزانية شهرية لا تتجاوز الإلف دولار!!.
وقد يتفق الكثيرون معي في أن الحوار المتمدن بعمره الفتي هو نجاح كبير ومهم للقوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية، واعتقد أن ذلك يعود لأسباب عديدة أود الإشارة إلى أهمها بهذه المناسبة العزيزة لأهميتها:

1- خطه اليساري المتفتح والمستقل الرافض للتعصب التنظيمي والشخصي، والمتفاعل مع الاتجاهات الفكرية الأخرى وفق قاعدة احترام الرأي الأخر والتحاور معه. كما ركز الحوار المتمدن على تنشيط القدرة على التفكير المستقل والتخلص من النمطية في التفكير أو الوقوع في فخ الجمود الفكري والسياسي واللغة السياسية المتعصبة أو ترديد النصوص النظرية التي لا تستجيب لمتطلبات التحولات المعرفية والعلمية الجارية على الصعيد العالمي مع الثبات على مواقفه المبدئية من اليسار والعلمانية.

2- تعدد المنابر اليسارية والعلمانية داخل الحوار المتمدن وبين كاتباته وكتابه أيضا ، إذ توجد داخل الحوار المتمدن توجهات يسارية مختلفة, و رغم الاختلافات الموجودة فأن الآراء تتفاعل في ما بينها بصورة إيجابية خلاقة عبر التحري عن نقاط الالتقاء. وقد أدى ذلك إلى تعزيز روح – فريق العمل اليساري - المثمر وانعكست هذه الروحية في كافة نشاطات وتوجهات الحوار المتمدن حيث تنشر فيه الآن كما هو معروف توجهات يسارية وعلمانية وديمقراطية مختلفة تهدف في معظمها إلى العدالة الاجتماعية وتحقيق المجتمع المدني العلماني وتُحترم فيه حقوق الإنسان الأساسية، والمساواة الكاملة للمرأة في كافة المجالات.... الخ.

3- الاستقلالية الذاتية في التمويل والتشدد الكبير في قبول الدعم الخارجي حتى من المنظمات الدولية المانحة، مع الرفض الكامل لقبول أي أنواع الدعم أو التعامل مع حكومات أو أحزاب لها دور في انتهاك حقوق الإنسان. وقد ركزنا ومنذ البداية على التمويل الذاتي من خلال تبرعات الكاتبات والكتاب والقارئات والقراء. وبعد نمو وتطور الحوار المتمدن, اعتمدنا على نشر دعايات على صفحات الموقع, سواء أكانت دعاية لشركة - گوگل- أو دعايات عامة.

4- تفاعلنا عبر مواكبتنا المتواصلة مع التقدم العلمي والتقني والمعرفي بالارتباط مع إمكانياتنا المحدودة. واستنادا إلى ذلك طورنا آليات العمل التنظيمي اليومي وقواعد النشر في الحوار المتمدن وكنا دوما نطلب - التغذية العكسية – من المتعاونين معنا كتابا أو قراءً بهدف الاستفادة من أرائهم القيمة، وتشخيص نواقصنا وسلبياتنا وتصحيحها ما أمكن.

5- المشاركة الواسعة للألوف من الكتاب والكاتبات بالنشر في الحوار المتمدن بمواضيع كان لها الدور الكبير في تطورنا ونجاحنا، وبعد إطلاقنا نظام التعليقات كان للقارئات والقراء الدور المهم في إضفاء الحيوية على المواضيع المنشورة والتفاعل والحوار مع الكتاب والكاتبات.

6- الإدارة الجماعية في الحوار المتمدن، حيث يساهم جميع الزميلات والزملاء في الإدارة اليومية وفي اتخاذ القرارات بشفافية حسب الإمكانيات ودرجة العمل في الأقسام المختلفة.


وفي الختام وبالنيابة عن زميلاتي وزملائي الأعزاء في إدارة الحوار المتمدن الذين افتخر بالعمل معهم أقدم الشكر الجزيل والامتنان لكل من ساهم معنا في بناء هذا الصرح اليساري الكبير في السنوات العشر الماضية بدءاً من كاتباتنا وكتابنا، قارئاتنا وقرائنا، الأصدقاء والمحبين، وكل من دعمنا ماديا ومعنويا، ومن انتقدنا وقيَّم وقوَّم عملنا من خلال تشخيص النواقص والأخطاء التي رافقت العمل وكذا الإيجابيات والنجاحات. لقد استفدنا حتى من أولئك الذين ناهضوا عملنا, إذ كانوا حافزاً لنا لنواصل ونكثف جهدنا لمواجهتهم عبر الحجة بالحجة!. وفي نفس الوقت نقدم اعتذارنا على أخطاءنا خلال السنوات العشر الماضية.

إننا سعداء بما أنجز من عمل حتى الآن, إذ نحن والكاتبات والكتاب والقارئات والقراء شركاء في تحقيقه, وسنبقى شركاء في العقد الجديد الذي ندشّنه في هذه الفترة بما يحمله من مشكلات وتناقضات وصراعات فكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية وإنسانية عامة من جهة,وبما يحفزنا جميعا على العمل الفكري والسياسي اليساري العلماني الديمقراطي الفاعل الجاد والحوار والنقاش البناء لطرح الحلول والمعالجات لهذه المشكلات والتناقضات والصراعات لصالح الإنسان وحقوقه الأساسية وعالم أفضل له, فهو الرأسمال الأثمن والقيمة العليا في هذا العالم من جهة ثانية.



24
تحية إلى مؤتمر قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في العراق
رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com
 
زميلاتي وزملائي الأعزاء

أقدم ابتداءً شكري الجزيل على دعوتكم الكريمة لحضور هذا المؤتمر المهم، وكان من دواعي سروري الكبير أن أكون معكم لولا ظروف خاصة أعاقت ذلك.
ينعقد مؤتمركم في أوضاع معقدة وحساسة يمر بها العراق وإقليم كردستان من حيث احتكار السلطة و سيادة حكم المحاصصة القومية والطائفية والفساد والاستبداد بمختلف أوجهه، وتنامي التفاوت الطبقي والاجتماعي، ويتزامن ذلك مع ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الكبيرة التي تعم العالم الرأسمالي المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة.
يعتبر مؤتمركم خطوة مهمة وأساسية في بناء تحالف ديمقراطي علماني واسع في العراق ويمكن أن يشكل الإطار الجامع لكل القوى الديمقراطية والتقدمية الذي طال انتظاره بل وتأخرنا في ذلك، وأرى إن نجاح هذا التحالف الديمقراطي يعتمد على:

1- مدي تبنيه للمطالب الجماهيرية والعمل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية والحريات وحقوق الإنسان وفضح الفساد والاستبداد وتوفير الخدمات.

2- توسيعه قوى التيار وقاعدته ليشمل اكبر عدد ممكن من القوى والشخصيات اليسارية والديمقراطية.

3- إدانة مواقف وسياسات كافة القوى السياسية المشتركة في الفساد والاستبداد وانتهاك حقوق الإنسان دون أي تميز أو استثناء لأي سبب كان، وإلا ستكون هناك ازدواجية في المواقف وسينعكس ذلك سلبا على مكانة التحالف في المجتمع العراقي.

4- إضفاء الأجواء الديمقراطية والشفافية والجماعية بصورة اكبر على عمل وآليات التيار الديمقراطي وعلى القوى المنضوية تحت لوائه.

5- تعزيز مكانة المرأة والشباب عموماً في مؤسسات التيار الديمقراطي واعتبار العمل من اجل مساواة المرأة الكاملة أحدى أهم مهماته الأساسية.

6 - توسيع تجربة التيار الديمقراطي لكي تشمل إقليم كردستان حيث إن الفساد والاستبداد السياسي واحتكار السلطة واضح ومعروف وبشهادة منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية .

ويهمني أن أشير إلى أن هيئة التنسيق قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في العراق قد قامت مشكورة بنشاط رائع وكبير في بناء التيار والترتيب لعقد هذا المؤتمر، ومن المؤكد بروز بعض النواقص هنا وهناك, إذ لم تشترك/تشرك كافة القوى والشخصيات الديمقراطية لأسباب مختلفة في هذه المشروع الحيوي. ومثل هذه النواقص محتملة خاصة وإن طريق النضال طويل والإمكانيات محدودة والضغوط غير قليلة وفي وضع سياسي معقد. ولكن يحدوني الأمل بأنكم ستتجاوزون ذلك وتستفيدون من التجارب السابقة، وسيتوسع التيار ويتطور عمله وآلياته إذا ما تضافرت كل الجهود المخلصة في إنجاح هذا التحالف الضروري والملح.

أتمنى لمؤتمركم كل النجاح والتوفيق بما يخدم الديمقراطية والعلمانية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان ومن المؤكد إن ذلك سيعزز من مكانة القوى اليسارية والديمقراطية في العراق بمختلف توجهاتها.

مع كل التقدير والاحترام.
رزكار عقراوي

**********************************
ملاحظة:
تليت الكلمة في مؤتمر قوى وشخصيات التيار الديمقراطي في العراق الذي عقد في بغداد- العراق يوم السبت  المصادف 22-10-2011 
 



25
إلى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي – تحية وتقدير

رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com

 
رفاقي ورفيقاتي في الحزب الشيوعي العراقي أقدم لكم التحايا الحارة بمناسبة التحضير لعقد المؤتمر التاسع للحزب الذي سينعقد في ظروف بالغة التعقيد مليئة بالمعوقات أمام نضال الشيوعيين واليساريين والديمقراطيين في العراق بفصائلهم المختلفة.
كما أقدم لكم وللرفاق والرفيقات في اللجنة المركزية الشكر الجزيل على دعوتي للمشاركة في إبداء الرأي حول الوثائق المطروحة للمؤتمر الذي سأطرحه من خلال ملاحظاتي هذه وقد طرحت الكثير منها في اللقاء المباشر الذي جمعنا مع رفاق الحزب في منظمة الدنمرك قبل أسبوع، وأثمن هذا التوجه الديمقراطي الجاد في إشراك عدد واسع من أصدقاء الحزب للمشاركة في تقييم سياسات الحزب ومن الضروري التطوير المتواصل في هذا المجال.

ملاحظات عامة
************************
طرحت قيادة الحزب الشيوعي العراقي وثيقتين مهمتين للنقاش العلني وهما:
برنامج الحزب الشيوعي العراقي
http://www.iraqicp.com/2010-12-30-11-06-41/279-2010-12-23-02-15-46.html
النظام الداخلي للحزب الشيوعي العراقي
http://www.iraqicp.com/2010-12-30-11-06-41/280-2010-12-23-02-17-11.html

اعتقد أنه كان من الضروري جدا أن تُطرح وثيقة أخرى للنقاش وهو التقرير ألانجازي و تقييم لسياسات الحزب في الفترة الماضية وخاصة بعد 2003 بنجاحاتها وإخفاقاتها وأسباب ذلك لكي تكون الأساس و الداعم لبرنامج وخطة عمل الحزب في الفترة القادمة، وارى من المهم أن يتحول ذلك إلى تقليد للشيوعيين بطرح تقييم سياساتهم بين كل مؤتمرين حيث إن برامجنا وعملنا لا بد أن يخضع إلى عملية نقد وتطوير وتجديد متواصل ومترابط بشكل وثيق مع التطور العلمي و السياسي و الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي.

وكان من الأفضل ولتعزيز التفاعل استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك والتويتر للنقاش حول وثائق المؤتمر والاستفادة من اكبر عدد ممكن من مستخدميها وخاصة الشباب الذين هم القوة الأساسية في أي تغيير جذري في مجتمعاتنا.
استنادا إلى منهج – اليسار الالكتروني – الذي أومن به اطرح بعض الملاحظات لرفاقي ورفيقاتي في الحزب وعسى أن تكون مفيدة ومناسبة لنضالهم الدؤوب والجدي بين الجماهير ولتطوير آليات التنظيم والإدارة في الحزب.


النظام الداخلي
************************

بشكل عام النظام الداخلي المطروح للنقاش قديم، وان أجريت بعض التعديلات هنا وهناك، ومازال متاثرأ بالتراث - السوفيتي - في مجال التنظيم الحزبي الذي يمتاز بالمركزية والهرمية المفرطة، ويحتاج المزيد من الدمقرطة والاستفادة من التطور العلمي والمعرفي الكبير الذي حصل في أنماط الإدارة والتنظيم السياسي والاستفادة من تجارب التحديث التي قامت بها الكثير من الأحزاب اليسارية في العالم.
اعتقد أن النظام الداخلي لأي حزب سيكون الأساس لسياساته إذا حكم أو شارك في حكم المجتمع وستعكس قواعد النظام الداخلي طرق وقواعد إدارته للحكم.

1- اسم الحزب ومنهج الحزب
اقترح تغيير اسم الحزب حيث إن برنامج الحزب الحالي هو قريب للاشتراكية الديمقراطية بغض النظر عن مدى صحته لهذه المرحلة أم لا أولا , وثانيا إن كلمة – الشيوعية – ارتبطت بالكثير من الأمور السلبية التي رافقت المعسكر الاشتراكي واعتقد إنها تعيق التحاق عدد غير قليل من الجماهير بالحزب، إن اسم الحزب ليس هو الأساس بل سياساته ودوره في المجتمع ومدى تبنيه لمطالب الفئات الكادحة فيه والدفاع عنها.

تغير المقطع الأول من النظام الداخلي إلى:
.يسترشد الحزب الشيوعي العراقي في سياسته وتنظيمه ونشاطه بالفكر الماركسي، والتراث الاشتراكي و التطور المعرفي والعلمي العقلاني للفكر اليساري والإنساني بشكل عام ، ساعياً لتطبيق ذلك بصورة مبدعة في ظروف العراق الملموسة، وبالاستناد إلى دراسة الواقع الطبقي والقومي والديني والسياسي والاقتصادي للمجتمع العراقي المعاصر والتطورات الجارية فيه، من اجل تحقيق مجتمع ديمقراطي علماني والعدالة الاجتماعية واكبر قدر ممكن من المساواة..


2- اللامركزية
المزيد من لامركزية في التنظيم والعمل الحزبي وإعطاء المنظمات القاعدية المزيد من الصلاحيات في إقرار سياسات وخطط العمل وفق اجتهاداتها وحاجات المناطق التي تعمل فيها.

3- شروط العضوية
اقترح تقسيم العضويه الى نوعين العضو النشط والعضو العادي
العضو العادي لا يشمله شرط (2ـ يعمل في احدى منظماته.) وإنما فقط قبول البرنامج و النظام الداخلي و الارتباط بالحزب ودفع الاشتراك ويكون العمل في احد المنظمات غير ملزما، وبالتالي تتوسع القاعدة الداعمة للحزب.


4- تعدد المنابر وحق التكتل، القيادة الجماعية وتداولية المناصب

- القبول بتعدد المنابر والاجتهادات الفكرية والتنظيمية المختلفة داخل الحزب وفق مبدأ الأكثرية والأقلية مع التزام الجميع بالسياسة العامة للحزب – خط الأكثرية -.
- لضمان وحدة الحزب والالتزام بالمبادئ الديمقراطية لابد من قبول حق التكتل داخل الحزب وحقها في استخدام القنوات الحزبية وإعلام الحزب أو إصدار إعلام خاص به للترويج لسياساتها واختلافاتها عن الخط الرسمي للحزب.

- نحن الشيوعيين لدينا تاريخ سلبي في تداولية المناصب القيادية! وأحيانا تحتكر المناصب القيادية مدى الحياة! لذلك لابد من التركيز على تداولية القيادة في كافة الهيئات واعتبارها بند رئيسي في النظام الداخلي بحيث لا يحق تبوء المناصب القيادية مهما كانت تسميتها لأكثر من دورتين انتخابيتين وحد أعلى 6- 8 سنوات وبالأخص منصب السكرتير وعضوية المكتب السياسي.

- إلغاء منصب السكرتير واستحداث منصب المنسق العام الذي يقوم بتنسيق إعمال اللجنة المركزية والمكتب السياسي دون ان أي أن يكون له أي صلاحيات فردية.

- تعزيز القيادة الجماعية في الحزب ومن الجنسين واستحداث منسقين او ناطقين باسم الحزب في المجالات المختلفة مثلا الناطق باسم الحزب في مجال ( الشباب، الاقتصاد، المرأة ، الدفاع، البرلمان........... الخ ) بحيث يتم تقاسم الصلاحيات و المسؤوليات والخبرات بين الكادر القيادي في الحزب بشكل جماعي ويتم التخصص والإبداع حسب المسؤوليات. وارى من الضروري إعلان أسماء أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي إذا ليس هناك مانع امني يعيق ذلك.


5- المرأة
العمل من اجل المساواة الكاملة للمرأة في الحزب وتطبيق التمييز الايجابي للمرأة، بتكريس حصة (كوتا) تصاعدية لها وتمكينها سياسيا وتنظيميا لحين تحقيق المساواة الفعلية والتامة في كافة الهيئات القاعدية والقيادية ونشاطاته المختلفة. واقترح ان يطبق الحزب نسبة كوتا 30% للمرأة من المؤتمر التاسع في كافة هيئات الحزب وخاصة القيادية.

6- الشباب
الشباب هم الطاقة الأكثر ثورية وتملك القدرات الكبيرة للمشاركة في عملية التغيير وقيادة نضال الحزب وتجديده، لذلك لابد من الاهتمام الكبير بالطاقات الشابة وتخصيص كوتا لها في المواقع القيادية بحيث يحدد أن يكون 50 % من أعمار أعضاء اللجنة المركزية اقل من 40 سنة.

7- الإعلام الحزبي
للأسف إعلام الحزب الشيوعي العراقي فيه نواقص كثيرة وأحادي الاتجاه ويعكس بشكل عام رأي القيادة فقط ونادرا ما تنشر آراء أخرى تختلف عنها أو تنتقدها, برأيي إن الإعلام الحزبي في أحزاب اليسار هو لكل الحزب وليس لقيادة الحزب فقط وبالتالي يحق لجميع الأعضاء والكتل داخل الحزب استخدامه للتعبير عن آرائها ولابد من خلق حالة حوار ايجابي بين الاتجاهات المختلفة والذي سيؤدي بلا شك إلى حالة تفاعل نشط داخل الحزب وبالتالي تطويره داخليا وخارجيا.

8- المؤتمر الوطني للحزب
- تعديل وإلغاء البنود الغير ديمقراطية
في المادة 16 المؤتمر الوطني للحزب اعتقد انه هناك مواد ضعيفة من الناحية الديمقراطية ومن الضروري إلغائها أو تعديلها لأنها تتيح للقيادة الحزبية ضمان نسبة لاباس بها من مندوبي المؤتمر دون انتخابات وبالتالي سيعيق ذلك إجراء اي تغييرات كبيرة في قيادة وسياسة الحزب.

البند الأول (ج- أعضاء اللجنة المركزية للحزب، وأعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني - العراق.) حيث لا يمكن ديمقراطيا ان يكون أعضاء القيادة السابقة أعضاء في المؤتمر دون انتخاب لذلك اقترح تعديلها الى (يحضر اعضاء اللجنة المركزية للحزب، وأعضاء اللجنتين المركزية والرقابة للحزب الشيوعي الكردستاني – العراق المؤتمر كمراقبين أو ضيوف للحوار حول السياسة والعمل الذي أُنجز في الفترة مابين المؤتمرين ولا يحق لهم التصويت إلا إذا قد تم انتخابهم للمؤتمر كمندوبين من قبل المنظمات التي يعملون فيها).

البند الثاني (د- المختصين والشخصيات الحزبية ممن تسميهم اللجنة المركزية كأعضاء للمؤتمر على أن تحظى هذه التسمية بمصادقة المؤتمر، وان لا تتجاوز نسبتهم الـ 10% من المندوبين المنتخبين. و يعتبر مراقباً كل من لا تجري مصادقة المؤتمر عليه منهم.) فهو غير ديمقراطي تماما و تنصيب فوقي، ومن الممكن أن يستخدم بشكل خاطئ وخاصة في حالات الضعف الديمقراطي للقيادة الحزبية وعدم إيمانها بالتداولية، لذلك لابد أن يكون كافة أعضاء المؤتمر منتخبين بشكل ديمقراطي وشفاف حيث سيمثلون العقل الجماعي للحزب الذي سيضع سياسة وبرنامج الحزب للمرحلة القادمة.

- للشفافية الكاملة وفي حالة توفر الظروف الأمنية المناسبة لابد من إرساء تقليد علنية المؤتمرات ومحاولة بثها تلفزيونيا، وإذا تعذر ذلك تسجليها ونشرها في اليوتيوب.

- الإشراف القضائي أو إشراف لجان محايدة على انتخابات مندوبي المؤتمر وكذلك انتخابات اللجنة المركزية.

- لتعزيز القيادة الجماعية والتعريف بالقادة المرشحين الجدد وتوجهاتهم لابد أن يقدم كل المرشحين برنامجهم لأعضاء الحزب والجماهير وينشر ذلك في الإعلام الحزبي والعام قبل المؤتمر.

- لضمان النزاهة الكاملة، المرشحون للمناصب القيادية الحزبية لابد أن يقدموا كشف بالذمة المالية الشخصية ومصادرها.

- لهيئة رئاسة المؤتمر دور كبير في إدارة المؤتمر بشكل حيادي لذلك لا يجوز أن تتكون من أعضاء القيادة، ولابد من تغييرها مرتين يوميا في فترة عقد المؤتمر.


برنامج الحزب الشيوعي العراقي
************************

-اعتقد إن البرنامج شامل وتفصيلي وغطى الكثير من توجهات الحزب في المجالات المختلفة، ولكن كان من الأفضل لو دُعم بالإحصائيات العراقية والدولية عن المجتمع العراقي.

- الحزب لا يعرّف نفسه بشكل واضح كحزب علماني ينادي بفصل الدين عن الدولة، وان تضمن برنامجه ذلك بشكل غير مباشر، لذلك لابد من طرح ذلك وخاصة في ظل تنامي دور قوى الإسلام السياسي وخاصة في جنوب ووسط العراق.

- ليس هناك أي إشارة إلى القوى اليسارية الأخرى في العراق واطر العمل معها، حيث يشير البرنامج إلى تعزيز العلاقة والتنسيق مع القوى اليسارية العربية والعالمية ولا يذكر العراقية، فهل ذلك يعود إلى عدم الاعتراف بوجودها، أم انه خطا غير مقصود؟ من الضروري جدا أن يقر المؤتمر التاسع سياسة واضحة للتحالف والتنسيق مع القوى الشيوعية واليسارية الأخرى في العراق والعمل على نقاط الالتقاء التي هي كثيرة جدا والحوار الحضاري المتبادل على نقاط الاختلاف.

- المرأة
اعتقد إن سياسة الحزب في مجال المرأة تراجعت نوعا ما في العقدين الأخيرين لذلك لابد من ايلاء اهتمام اكبر بها والمطالبة ليس فقط بالإبقاء على قانون الأحوال الشخصية لسنة 1959 فهو رغم أهميته فهو لا يضمن المساواة الكاملة , و لابد من العمل من اجل قانون جديد متطور يستند إلى اتفاقية - سيداو- بحيث يضمن المساواة الكاملة للمرأة في المجالات المختلفة. كذلك المطالبة ب – كوتا - نسائية في معظم هيئات الدولة القيادية.

- العلاقة مع التحالف الكردستاني
الحزب بحاجة إلى سياسة أوضح مع التحالف الكردستاني وخاصة مع الحزبين القومين الكرديين - الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني - الذي كان له معهم علاقات جبهوية مختلفة في فترة النضال ضد النظام ألبعثي, الحزبين الآن هم أحزاب سلطة ويمارسون الفساد والاستبداد بشكل واضح ولهم دور كبير في الأوضاع المزرية التي يمر بها العراق بالاشتراك مع قوى الإسلام السياسي والحركة القومية العربية والاحتلال, حيث مازالت لقيادة الحزب علاقات - تحالف – قويه معهم! ، و يندر أن ترى في إعلام الحزب نقدا لهذا القوى الفاسدة والمستبدة وبل يتم التعتيم أحيانا كثيرة على الانتهاكات الكبيرة لحقوق الإنسان و على اعتراضات واحتجاجات الجماهير في إقليم كردستان العراق , ووفقا لذلك مازال الحزب يدعم المادة 140 المنافية لحقوق المواطنة العراقية وبرأيي هي ليست إلا سياسة - تكريد – مقيتة في مواجهة سياسة - تعريب – المناطق الكردية الذي مارسته أنظمة الحكم القومية العروبية في العراق.

- إلغاء التجنيد الإجباري
اعتقد إن مطالبة الحزب بإعادة التجنيد الإجباري خاطئة و هي ضد رغبة الملايين من العراقيين الذين اكتوى بمأسي التجنيد الإجباري والحروب المدمرة لعقود عدة , ولا اعتقد إن بناء جيش ضخم بشكل إجباري هو من مهمات الشيوعيين لذلك اقترح إلغاء هذه المادة.

- إلغاء عقوبة الإعدام في العراق
تنامى عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام بشكل كبير وأصبح ذلك توجها عالميا إنسانيا لإلغاء هذه العقوبة الهمجية لذلك اقترح أن يتبنى الحزب إلغاء عقوبة الإعدام في العراق أو على الأقل إيقافها.


ماذا أتطلع من نتائج المؤتمر التاسع؟
************************
- حزب يساري قوي ذو برنامج واضح.
- يعمل من اجل بناء تحالف يساري كبير مع القوى اليسارية الأخرى في العراق ويكون لهذا التحالف دور مهم في تحالف ديمقراطي علماني أوسع.
- تطوير و دمقرطة النظام الداخلي للحزب بحيث يتيح المزيد من الديمقراطية الحزبية على كل الأصعدة.
- قيادة جديدة يكون للشباب والنساء دور ملموس فيها وتعزيز مبدأ تداولية القيادة.
- اعتذار للشعب العراقي عن فترة الجبهة مع حزب البعث.
- اعتذار إلى كل رفيقات ورفاق الحزب الذين أُبعدوا من أو تركوا الحزب بسبب ضعف آليات التنظيم والتحزب الديمقراطي وعدم قبول الرأي والرأي الآخر، وفتح صفحة جديدة معهم وبطرق مختلفة.
- سياسة واضحة للتحالفات السياسية وإعادة النظر الدورية فيها وفقا للتغييرات التي تطرأ في المجتمع والقوى التي يتحالف معها الحزب.


في الختام أتمنى لرفاقي ورفيقاتي في الحزب الشيوعي العراقي مؤتمرا ناجحا، واعتقد ان مقرراته ونتائجه لن يكون لها الأثر الكبير فقط على الحزب وتطويره وإنما على عموم الحركة اليسارية والديمقراطية في العراق.


 

26
حول - التيار الديمقراطي - في العراق!

رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com
 


 
منذ سنوات, وخاصة بعد سقوط النظام البعثي, طالبت الكثير من الشخصيات والجهات بضرورة توحيد الصف الديمقراطي-العلماني في العراق وتشكيل جبهة واسعة من كل القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية، حيث كانت القوى القومية والدينية وبقايا البعث سباقة في توحيد صفوفها في جبهات كبيرة رغم الاختلاف الكبير بينها، بل والاقتتال الدموي أحيانا، وكانت تتعامل بذكاء سياسي لأخذ نصيبها من السلطة السياسية وترسيخ مكانتها في المجتمع، واستطاعت ان تفرض نظام محاصصة طائفي- قومي مقيت في العراق وتعزيز مكانة ونفوذ الإسلام السياسي، طبعا بدعم ومباركة قوى الاحتلال.

للأسف لم تتصرف القوى اليسارية والعلمانية و الديمقراطية بحكمة كبيرة وكانت أسيرة إما لاوهام التحالف والتنسيق مع - الإخوة الكبار!- من القوى القومية والدينية أملا في الحصول على دعم مادي أو مقاعد وزارية أو برلمانية، أو كانت أسيرة خطاب سياسي استعلائي يقصي الأخر و لا ترى غير نفسها وتتغنى بأمجاد الماضي، وتعتقد إنها بمفردها يمكنها تغيير المجتمع وإحلال الديمقراطية والعدالة الاجتماعية دون الحاجة إلى أي نوع من التحالفات أو تنسيق مع القوى الأخرى التي لها توجهات فكرية وسياسية قريبة منها.
تزامنا مع الربيع الثوري الذي عم العالم العربي انطلقت احتجاجات جماهيرية واسعة في العراق وإقليم كردستان شاركت فيه معظم الفصائل والأحزاب اليسارية والديمقراطية والعلمانية. وكان لتلك الاحتجاجات والعمل الجماهيري المشترك على ارض الواقع وضغط القواعد دورها البارز في إقناع الكثير من قيادات تلك الأحزاب بضرورة التنسيق والعمل المشترك وخاصة إننا ألان في في الدقائق الأخيرة من الوقت الضائع, - إذ حسب قواعد كرة القدم, و لسنوات كان كل منا يود التهديف دون التنسيق مع زملائه في الفريق بل إن البعض ومن منطلق حسن النية! تصور ان الفريق الخصم غبياً وانه سيساعده في التهديف ضده! – لقد تأخرنا كثيرا و انشغلنا بالصراعات الداخلية والشخصية وأمراض التزعم والرغبة في الهيمنة ونبذ العمل المشترك و عدم الاعتراف بوجود الآخر بل والسعي لتسقيطه ومحاربته!.


تحالف مدنيون الانتخابي

ورغم ضرورة وأهمية التحالفات وكل الدعوات والنداءات الصادقة لم يتشكل أي نوع من التحالفات العريضة بين القوى الديمقراطية ماعدا بعض التجارب المحدودة التأثير مثل تحالف "مدنيون" الانتخابي. واعتقد انه كان خطوة مهمة وكان من الضروري مواصلة العمل وتوسيع قاعدته وقواه وتطويره. ومن هذا المنطلق لا بد ان نقيم هذا التحالف للاستفادة من التجربة ومن نواقصها ولكي نتجاوز أخطائها في المستقبل ونستطيع بناء تحالفات ديمقراطية- علمانية امتن وأوسع و تستمر لفترات أطول، ومن خلال تجربتي وعملي مع "مدنيون" كانت هناك نواقص أوجزها بـ:

1- كان في الأساس تحالف انتخابي فوقي هش بين ثلاثة أحزاب الاثنان منهم لهم وجود محدود جدا في العراق، ولم يوضحا برنامجهما بشكل دقيق، ولا اعتقد انه كانت لديهم القوى الثلاث الرغبة الفعلية لانضمام أحزاب أو منظمات جديدة إلى التحالف وتوسيعه.

2- لم تكن لـ "مدنيون" قيادة معلنة واقتصرت على ممثلي الأحزاب الثلاثة دون أن يكون للمستقلين من يمثلهم, وكان من الضروري أن تكون هناك شفافية اكبر في إدارة التحالف.

3- أهمل دور المستقلين بشكل كبير, بل تم استخدامهم دون أن يكون لهم دور في القرار أو القيادة.

4- لم تكن هناك استجابة ايجابية لمبادرات ورغبة بعض الجهات والشخصيات اليسارية والديمقراطية للانضمام إلى "مدنيون" وقد أعلن الكثير منهم دعمهم لها بشكل علني.

5- ومن الجدير بالملاحظة حصول منافسة حزبية ضيقة من كافة الأطراف الثلاثة على ترتيب أسماء ممثلي الأحزاب في القوائم, مما أخل كثيراً بالعمل المشترك في العديد من المحافظات.



التيار الديمقراطي في الداخل

في الأشهر الماضية بدأ العمل لتشكيل – التيار الديمقراطي – في بغداد والكثير من المحافظات وحسب علمي هي نفس القوى السابقة التي تشكل منها في السابق تحالف "مدنيون" مع العديد من الشخصيات الديمقراطية المستقلة. أتمنى أن لا تتكرر نفس الأخطاء السابقة في هذا المشروع المهم والضروري الذي يحتل اليوم أهمية خاصة. ولكن الوقائع على الأرض لا تبشر بنتائج إيجابية, إذ إنها تشير إلى نفس المجال الضيق الذي تتحرك فيه, وليس الشارع العريض الذي يفترض أن يتسع لكل القوى اليسارية والديمقراطية العلمانية في العراق, حيث نعلم جميعا ان القوى الديمقراطية تضم العشرات من الأحزاب و المنظمات الديمقراطية واليسارية والعلمانية، واعتقد إن حصر بناء أو تمثيل – التيار الديمقراطي - بجهات او أحزاب معينة سيعيق تطورها وتوسعها إلى خارج الإطارات الحزبية الذي أطلقتها ولن تحقق النتائج المرجوة منها. ومع هذا اعتبرها خطوة ايجابية جدا ولا بد من دعمها والمشاركة فيها وتطويرها، في نفس الوقت لا يحق لهم أصوليا وسياسيا الادعاء في أنهم فقط من يمثل التيار الديمقراطي في العراق و يصدرون بيانات باسم - قوي وشخصيات التيار الديمقراطي – دون تحديد أو ذكر من هي تلك القوي أو الشخصيات، الشفافية والدقة هنا مطلوبة في العمل الديمقراطي.
لكي نبني بالفعل تحالف واسع لقوي وشخصيات التيار الديمقراطي العلماني في العراق لا بد أن نحشد كافة طاقاتنا الممكنة من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين يسبقه الإقرار بوجود الأخر والاعتراف به واحترام الاختلافات الموجودة، ونبذ هيمنة حزب أو اتجاه معين أو تقديس الزعامات التقليدية، والعمل بشكل مشترك في لجنة تحضيرية موسعة تهيئ لمؤتمر أو اجتماع عام للقوى الديمقراطية والعلمانية في العراق دون أي إقصاء لهذا الطرف أو ذاك.
كانت مشاركة معظم القوى الديمقراطية والعلمانية فاعلة ومؤثرة في الاحتجاجات الجماهيرية الأخيرة التي انطلقت في الكثير من مدن العراق وإقليم كردستان وكان لها دورها المشهود في الدفاع عن المطالب الجماهيرية والحريات وإدانة الانتهاكات بكافة أشكالها.



التيار الديمقراطي في إقليم كردستان

في الأشهر الأخيرة انتفضت جماهير إقليم كردستان ضد الحكم الفاسد والمستبد للحزبين الكرديين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني, قوبلت تلك الاحتجاجات الجماهيرية بالقمع والعنف المفرط وتعرض الكثير من منظمي و قادة الاحتجاجات إلى الاعتقال والاختطاف والسجن والتعذيب الوحشي. نظام الحكم في إقليم كردستان ليس من منطلق الاختلاف الفكري فقط وإنما استنادا إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية ذات المصداقية، نظام استبدادي يسوده الفساد الفاحش والتفاوت الطبقي الكبير جدا والتقسيم الحزبي المطلق وانتهاك حقوق الإنسان بشكل كبير وبشكل خاص حق التعبير عن الرأي والتظاهر والصحافة وخاصة في محافظات أربيل ودهوك، إما في محافظة السليمانية فنتيجة لتطور الوعي الديمقراطي وقوة المعارضة بمختلف توجهاتها فرضت نوع من الحريات النسبية ومع محاولة السلطات الحاكمة المستمرة لتقيدها وتحجميها.
للأسف إن لبعض من قوى وشخصيات –التيار الديمقراطي- علاقات سياسية وشخصية جيدة مع الحزبين الحاكمين في إقليم كردستان وأحيانا داعمة لهم لأسباب كثيرة لن أتطرق إليها ألان!. ولكن اعتقد ان ذلك تجاوز على الجماهير والتيارات الديمقراطية في إقليم كردستان العراق وعلى القيم الديمقراطية من خلال التعامل مع مؤسسات فاسدة ومستبدة ولها دور كبير في ترسيخ نظام المحاصصة القومية والدينية المقيتة في العراق. لذلك أرى من الضروري جدا أن يوثق التيار الديمقراطي في وسط وجنوب العراق العلاقة مع القوى والأحزاب والشخصيات الديمقراطية المعارضة في إقليم كردستان ويدعم نضالها ضد الفساد والاستبداد والسيطرة الحزبية وبالعكس.
علمت من احد الزملاء في بغداد انه هناك نية لعقد مؤتمر للقوى الديمقراطية العراقية في أربيل برعاية – مسعود البرزاني -, اعتقد ان عقد المؤتمر في قاعة متواضعة في بغداد وبإمكانيات ذاتية سيكون له مصداقية حقيقة وستعكس صدق وحرص – المؤتمرين - على الديمقراطية في العراق وإقليم كردستان بدلا من عقده في فندق بخمس نجوم في أربيل او السليمانية بدولارات نهب المال العام المدفوعة من حزبي البارزاني والطالباني احد أكبر رموز الفساد الشخصي والعائلي والحزبي في تاريخ العراق الحديث، وكان لحزبيهم دور كبير في إدامة تشتت التيار الديمقراطي العراقي من خلال شراء ولاءات هذه الجهة- الشخصية او تلك وحتى تم استخدام البعض منهم في تجميل نظام حكمهم الكالح و في صراعهم على السلطة والنفوذ ضد القوى السياسية الأخرى.
.


التيار الديمقراطي في الخارج

في الآونة الأخيرة تشكلت أيضا الكثير من – التيارات الديمقراطية - في الخارج وأعلنت عن دعمها للتيار الديمقراطي في الداخل والبعض منها أعلن الاستقلالية الكاملة ولكن مع الرغبة في التنسيق والعمل المشترك مع كامل القوى والتيارات الديمقراطية في الداخل والخارج. مع تحفظي على طريقة بنائها حيث كانت معظمها بتوجيه من حزب سياسي معين والذي يحاول السيطرة على تلك - التيارات - في الخارج من خلال الهيمنة السياسية والشخصية وفرض توجهه السياسي عليها. اعتقد انه مشروع ايجابي وخطوة إلى الإمام، واعتقد لو انضمت إليها أحزاب وقوى ديمقراطية وعلمانية أخرى وعدد اكبر من المستقلين فمن المؤكد إنها ستتطور ديمقراطيا وبمزيد من الاستقلالية، طبعا لو كانت الإطراف المشتركة فيها صادقة وجادة في التنسيق و العمل الديمقراطي المشترك. من الممكن أن تلعب - التيارات الديمقراطية – في الخارج دور كبير في نقل التجارب الديمقراطية في مختلف المجالات إلى الداخل للاستفادة منها في الواقع العراقي حسب تطور مجتمعاتنا.
اعتقد انه من المهم جدا الآن إن تكون - التيارات الديمقراطية – في الخارج مستقلة عن تحالف – التيار الديمقراطي – في الداخل وتدعم الحركة الديمقراطية بمختلف أحزابها وتوجهاتها لحين تشكيل تيار واسع كبير يضم معظم القوى الديمقراطية في العراق, وإلا ستتحول إلى واجهات جماهيرية لحزب أو مجموعة أحزاب معينة المشكلة للـ- تيار الديمقراطي- في الداخل، وبالتالي ستتكرر الأخطاء السابقة وستفشل أيضا كما فشلت سابقاتها. وقد تجسد ذلك بوضوح في نشاطات معظمها وإصداراها بيانات تدعم تحركات أحزاب معينة في الداخل وتدين اعتقال المقربين منها، ولا تصدر أي موقف أو إدانة لانتهاكات أو اعتقال العشرات من أعضاء التيارات الديمقراطية الأخرى غير المنضوية تحت لواء – التيار الديمقراطي- وكذلك لم يكن لها موقف واضح في دعم الاحتجاجات الجماهيرية في إقليم كردستان.



دمقرطة قوى وأحزاب التيار الديمقراطي!

نتيجة لأنظمة الحكم الدكتاتورية المتعاقبة وسيادة الفكر الشمولي في العراق وضعف التطور والبناء الديمقراطي في السلطة والمعارضة، ترسخت الكثير من الممارسات غير الديمقراطية وحتى الاستبدادية في معظم الأحزاب السياسية العراقية ويشمل ذلك الأحزاب الديمقراطية والعلمانية واليسارية والتي ترفع لواء الديمقراطية الآن، لذلك اعتقد إن احد أهم أولويات تحالفات التيار الديمقراطي هي الترويج للفكر والثقافة والممارسة الديمقراطية، والعمل المؤسساتي وفصل السلطات وتداولية القيادة، وثقافة حقوق الإنسان والمرأة ليس فقط في المجتمع وإنما في الأحزاب والقوى المنضوية إليها، فعدد غير قليل منها ما زال يعمل وفق آليات تنظيم شمولية أحادية الفكر والتوجه، وبزعامات تقليدية لم تتغير لعشرات السنين. كما لا بد من صياغة لوائح عمل وأنظمة داخلية تتيح اكبر قدر ممكن من الاستقلالية والديمقراطية والتداولية والعمل الجماعي الشفاف وتقييد كافة أنواع الهيمنة السياسية والحزبية والفردية بأي شكل كانت.



هل نود بناء تحالفات واسعة أم منظمات - واجهة - حزبية جديدة؟

السؤال المهم الذي سيواجه أي فرد أو جهة قبل الدخول في التحالفات الواسعة للتيار الديمقراطي العلماني هو: هل نود بناء تنظيم مؤدلج باتجاه فكري-سياسي معين أو واجهة – ديمقراطية – للحزب الذي ينتمي إليه و وتكون تحت سيطرته وهيمنته، ام ان قوى هذا الحزب أو ذاك قد اقتنعت بأهمية وضرورة التنسيق و العمل المشترك ويود كل منهم العمل مع الآخرين لبناء حركة ديمقراطية علمانية واسعة متعددة الأطياف، تساهم في دعم الحراك الجماهيري والتحضير للمشاركة في الانتخابات المحلية والبرلمانية بقائمة ديمقراطية كبيرة من الممكن أن تحقق بعض النتائج التي قد تؤدي إلى تقليل سلطة ونفوذ قوى الاستبداد والمعادية للديمقراطية في العراق بمختلف إشكالها.


تحالف قوى اليسار

ومع اهتمامي الكبير بضرورة توحيد الصف الديمقراطي، أركز أكثر وأدعو ومنذ سنين إلى ضرورة التحالف والعمل المشترك بين القوي الماركسية واليسارية في العراق، من المؤكد ان - تحالف قوى اليسار العراقي- إذا تحقق, سيكون له دور مهم وكبير ليس فقط في تقوية التيار الديمقراطي والعلماني فحسب ، بل سيتجاوز ذلك في تعزيز وتقوية النضال الجماهيري من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية واكبر قدر ممكن من المساواة في المجتمع العراقي.
 
 

27
وماذا عن – طغاة – اليسار!! ؟

رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com
 
العالم العربي يعيش في المرحلة الراهنة أوضاعاً ثورية, وان كانت بدرجات متفاوتة، سقطت بعض أنظمة الحكم الدكتاتورية، والبعض الأخرى يصارع للبقاء باستخدام العنف والقمع الوحشي أو إجراء إصلاحات بطيئة. إلا إن السمة المميزة للوضع تؤكد أن بقاء النظم الشمولية والفاسدة أصبح مرفوضاً من جانب الجماهير الشعبية وموضع استهجانها, وهو تأكيد لتطور وعيها السياسي والاجتماعي بشكل كبير كنتيجة منطقية للثورة المعلوماتية والتفاعل السريع الذي أتاح ووفر أنواع جديدة من التواصل والتحشيد والتحرك الجماهيري من جهة, إضافة إلى فساد و قباحة ووقاحة تلك النظم في تعاملها الاستبدادي مع شعوبها من جهة أخرى.
الربيع الثوري الذي يعم المنطقة لم يهز الأنظمة الدكتاتورية فحسب, بل ووضع كل فكر ونمط تنظيم شمولي تحت تساؤل كبير, بما فيها قوى وأحزاب اليسار، حيث نشهد أجيالاً جديدة وخاصة من الشباب تستند في تفاعلها اليومي إلى التقنيات الحديثة والانترنت ويمكنها الوصول إلى المعلومات بسهوله وإلى التواصل الاجتماعي والتفاعل والحوار بشفافية عالية لم تعرفها البشرية من قبل.

البارحة كنت استمع إلى حوار سكرتير حزب يساري عربي مع إحدى الفضائيات من خلال اليوتيوب، وعندما سؤل حول سبب بقاءه في كرسي القيادة لما يقارب من عشرين عاماً ولم يتغير حتى الآن، أجاب انه لم يفرض نفسه بقوة أو باستخدام آليات خاصة وإنها استجابة لرغبة وقناعة أعضاء الحزب. ولا بد لنا من الإشارة, ومن خلال الواقع و المعطيات المتوفرة إلى إن الرفيق سكرتير هذا الحزب اليساري قد أوصل حزبه من خلال قيادته إلى مستويات قياسية في التراجع و الفشل السياسي بعد أن كان أحد أهم أحزاب ذلك البلد في القرن المنصرم. هذه الإجابة عن ذلك السؤال لم تكن غريبة وقد سمعتها من عدد كبير من الدكتاتوريين في العالم العربي, إذ كان جميعهم يدعي وجوده على رأس الحكم أو على قيادة هذا الحزب أو ذاك نتيجة خيار طوعي أو أنهم منتخبون من جماهير الشعب الواسعة أو من أعضاء أحزابهم, فالمسؤولية لا يتحملها الحاكم أو المسؤول, بل يلقون اللائمة على الذين لا يريدون تغييرهم !!.
مع انه لا يجوز بأي حال مقارنة بعض قادة اليسار الذين يتربعون على كرسي القيادة لعشرات السنين مع دكتاتوري المنطقة, حيث نعلم جيداً بأن الكثير منهم قد ضحي بالكثير واعتقل وعذب، ومنهم من استشهد. إلا إن المشكلة تكمن في مكان آخر, في حقيقة أن الكثير من المفاهيم وآليات التنظيم والإدارة متشابهة, سواء أكانت في نظام حكم دكتاتوري أم في حزب سياسي بغض النظر عن الاتجاه الفكري. ومن الطبيعي جدا أن يتحول هذا القائد الحزبي أو ذاك في حالة تسلم حزبه السلطة على مستبد بأمره ويتحول نظامه السياسي إلى نظام حكم شمولي دكتاتوري. ولنا في الدول العربية – الاشتراكية التوجه - وبلدان المعسكر الاشتراكي السابق تجارب كثيرة ومريرة في هذا الصدد.

ومما يؤسف له أن الكثير من فصائل اليسار في العالم العربي ما زالت ذات نمط تنظيم شمولي إلى ألان وتستند إلى آليات عمل وإدارة تعود إلى بدايات القرن المنصرم وفق - المركزية الديمقراطية بمفهومها اللينيني وتطويرات ستالين !- وان تم إجراء بعض الدمقرطة والشفافية هنا وهناك, فإنها في المحصلة النهائية لم تتغير في الجوهر. ويمكن أن أوجزها بما يلي:

1. ضعف الديمقراطية داخل الأحزاب وان وجدت فهي داخلية محدودة ومحتكرة ومسيطر عليها من قبل قيادات الأحزاب، وهذا النموذج يتناقض تماماً مع ضرورات خوض حوارات واسعة وعلنية ومؤثرة التي يفترض أن تجري حول مختلف الأمور في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعية مثل الفيسبوك والتويتر والتى أصبحت احد أسس الحوار الديمقراطي الحديث.
2. الكثير من قادة اليسار في العالم العربي ينافسون حكام وملوك العالم العربي في البقاء في كرسي القيادة، بل إن البعض منهم قدس إلى مرتبة – الآلهة – تحت ذريعة القيادات التاريخية، ظروف القمع والعمل السري، عدم وجود بديل لهم وحب الرفاق لهم!!.... الخ، وتبرر كل سياساتهم الفاشلة تحت ذريعة قوة الأعداء والمتربصين بالحزب وأي نقد جدي لهم يعني الوقوف مع – العدو وخيانة الحزب والقضية-.
3. مؤتمرات هذه الأحزاب ضعيفة التنظيم ولا يسبقها تحضير جيد، وهي بشكل عام تعقد لإدامة القيادات والسياسات السابقة ماعدا حالات محدودة جدا تكون القاعدة فيها ذات قوة وضغط كبيرين ترفض مواصلة العمل على النهج السابق في الخطاب السياسي والتنظيم أو إدارة شؤون هذه الأحزاب ومؤتمراتها.
4. رفض تعدد المنابر الفكرية والسياسية داخل الحزب الواحد ويفرض خط فكري واحد وفي العادة هو خط السكرتير – الأمين العام.... الخ مع مجموعة من القيادة, إذ يعاق وأحيانا يقصى وبطرق مختلفة أي طرح أخر ينتقد ذلك الخط أو يختلف معه. وهناك الكثير من الأمثلة التي يمكن إيرادها في هذا المجال.
5. عدم التفاعل مع الخارج وقلة القليلة من مواقع قوى اليسار العربي تسمح بنشر الرأي الأخر أو التعليقات والتصويت.
6. حق التكتل ممنوع بشكل عام ولا يحق للأقلية الحزبية طرح أرائها أو إصدار إعلام خاص بها.
7. تطبيق العقوبات الحزبية القاسية ابتداءً من التنبيه فالتجميد إلى الطرد أو الدفع باتجاه الاستقالة بسبب الاختلاف في الرأي وعدم الاتفاق مع القيادة الحزبية حتى لو أدى ذلك إلى إضعاف الحزب وهناك أمثلة كثيرة على مثل هذه الممارسات السلبية.
8. ضعف الشفافية في الأنشطة الداخلية والخارجية.
9. التعصب التنظيمي الحاد تجاه القوى اليسارية الأخرى ورفض التنسيق والعمل المشترك، وافتعال خلافات ليس لها أي علاقة بالواقع المادي للمجتمع وإنما صراعات نخبوية تحت ستار فكري- سياسي ضعيف لقيادات تهمها الشخصنة والإبراز التنظيمي والتكتلي وتنقل إلى الأعضاء طوعا أو قسرا، على حساب مصالح الحركة الاجتماعية الواسعة للفئات الكادحة ودور ومكانة اليسار في المجتمع.
10. معظم قيادات الأحزاب من الرجال ومعدل الأعمار 50 فما فوق، أي ضعف كبير جدا في وجود النساء والشباب في أحزاب سياسية يسارية تعرف نفسها في إنها الممثل الصادق والحقيقي لتطلعاتهم.
11. وللأسباب أعلاه فإنها تعاني من الجمود الفكري والتنظيمي وضعف العمل السياسي وبعيدة عن استخدام التقنيات والمفاهيم الحديثة وتكرر خطابا سياسيا ضعيفا هو نفسه يعاد إنتاجه منذ عشرات السنين. وأدى ذلك إلى تراجع شعبيتها بشكل متواصل ما عدا في حالات محدودة هنا وهناك، ومن المثير للاشمئزاز والاستهجان إننا نرى أن بعض من قيادات تلك الأحزاب ما زالت تتحالف وتؤيد وتدعم الأنظمة الدكتاتورية مثل النظامين السوري والليبي وتعتبر انتفاضة الجماهير ضدهم عمل تخريبي مدسوس من أعداء دول المقاومة, دول الصمود والتصدي!!، والبعض منها أيد في السابق النظام ألبعثي في العراق لكونه نظاماً معادياً – للامبريالية – رغم طبيعته الفاشية.

من مواقع اليسار نطرح دوما أهمية وضرورة ممارسة مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة واحترام حق الاختلاف في الرأي واحترام الرأي الأخر, إذ نعتبر هذه المبادئ وغيرها جزءاً أساسياً من أهداف نضالنا الديمقراطي بمفهوم اليسار. و لذلك وعلينا قبل كل شيء أن نسأل أنفسنا هل هذه الأمور موجودة في الأحزاب والمنظمات التي ننتمي إليها أو نعمل معها، قبل النضال من اجلها على صعيد المجتمع.

منظمات اليسار هي جزء من المجتمع وانعكاس لدرجة تطوره الديمقراطي والمعرفي ووعيه, ونشهد ألان حالة ثورية ايجابية تهز كل البنيان الشمولي في المنطقة، ولا بد لهذه الحركة أن تهز أحزاب اليسار أيضاً وتدفع بها إلى التغيير والتجديد. لذلك اعتقد انه عليها أن تمارس عملية تحديث ذاتية فعلية ودمقرطة وشفافية على مختلف المستويات الفكرية والتنظيمية, لابد إن نغير ونحدث بيتنا الداخلي – أحزابنا ومنظماتنا – وخارجيا بعلاقاتنا بفئات المجتمع وخاصة الكادحة، ودفاعنا عن مصالحهم وان نكون جزءا منهم, وهي الضمانة الفعلية والأساسية لكي نستطيع أن نلعب الدور المؤثر والمواكب لتطور الأحداث ومزاج الجماهير وحاجاته.
 

28
ثورات اليسار الالكتروني، تونس ومصر نموذجا.

رزكار عقراوي
 
ملاحظات سريعة

شهد العالم العربي في الأسابيع الماضية حدثين مهمين جدا وهما ثورة الشعب التونسي وإسقاط دكتاتورية بن علي, والانتفاضة الجماهيرية في مصر المتواصلة منذ أيام, والتي أدت إلى هزات سياسية كبيرة جدا ستتواصل تأثيراتها على كل الأنظمة الدكتاتورية، وعلى تنشيط وتقوية الاحتجاجات والانتفاضات الجماهيرية في عموم المنطقة.

اعتقد أن قوى -اليسار الالكتروني!- الغير المنظم هي التي فجرت هذه الثورات وكانت المحركة الأساسية لها، وقد استفادت من التطور التكنولوجي والمعرفي وطورت إشكال واليات نضالها السياسي والتنظيمي والفكري والإعلامي بما يلائم الوضع الحالي والتغييرات الكبيرة التي حدثت في العالم، وتميزت عن الحركات الجماهيرية الأخرى ب:

1. الاعتماد الكبير على الانترنت و تقنية المعلومات وبشكل فاعل جدا، باستخدام المواقع الالكترونية و شبكات التواصل الاجتماعية ، وبشكل خاص الفيسبوك والتويتر واليوتيوب من خلال:

- فضح والتحريض ضد الأنظمة الدكتاتورية وفسادها وممارساتها القمعية، وكانت للوثائق التي نشرتها موقع – ويكيليكس – دور مهما في تعزيز ذلك.

- إشراك عدد كبير جدا في التعبير عن الذات والانتهاكات المختلفة التي يتعرضون إليها، والنقاش والجدل الجدي من خلال شبكات التواصل الاجتماعي و البلوكات والمواقع الأخرى، والتي ساهمت في تقريب وجهات النظر المختلفة وكذلك تحديد المطالب الجماهيرية.

- تنظيم وتنسيق عمل المظاهرات وشعاراتها بين المجموعات المختلفة على صعيد البلاد، وحشد اكبر عدد ممكن من الجماهير وخاصة مستخدمي الانترنت والشبكات الاجتماعية.

- كان لليوتيوب دور كبير في نشر أفلام المظاهرات، واستبداد وعنف الأجهزة القمعية وبالتالي إيصال الحقائق إلى الرأي العام.

- ساهمت الكثير من المواقع الالكترونية بشكل كبير و مؤثر في دعم تلك الانتفاضات الجماهيرية وفي مختلف المجالات.

2. الشباب بشكل عام يقود تلك الانتفاضات متجاوزين بذلك الأطر الحزبية والزعامات التقليدية للمعارضة.

3. تمتعها بنضج سياسي كبير و مسؤول من خلال التنسيق والعمل المشترك بين الاتجاهات السياسية المختلفة من اجل أهداف جماهيرية عامة، مستمدة بشكل عام من جوهر الأفكار اليسارية والتقدمية مثل إسقاط الدكتاتوريات والحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان, مناهضة الظلم والفساد، توفير فرص العمل وحد ادني مناسب للأجور..... الخ.

4. عابرة ومتجاوزة للأطر الحزبية و تنبذ التعصب التنظيمي وتعمل بشكل مشترك من اجل مصالح حركة اجتماعية جماهيرية واسعة تتبني مطالب الفئات الكادحة المتعطشة للتغير.

5. المشاركة الواضحة للنساء وخاصة في تونس.

6. تشكيل لجان-مجالس شعبية تتولى إدارة المحلات والمناطق وحمايتها عند غياب المؤقت لدور الدولة ومؤسساتها في فترة الانتفاضة والانفلات الأمني.

من خلال التجربتين اعتقد انه من الضروري جدا أن تدرس القوى اليسارية والتقدمية دور وأهمية الانترنت، واستخدامه بشكل فاعل والوصول من خلاله إلى عدد كبير جدا من الجهات التي نستهدفها وخاصة الشباب، وهذا يستلزم تغييرا كبيرا جدا في الخطاب السياسي و آليات الحشد والتنظيم والعمل الحزبي والجماهيري بشكل عام.

كما يستلزم على - اليسار الالكتروني – تطوير آليات عمله وخطابه السياسي، وتنظيم نشاطه سواء كان من خلال اطر انترنتية أو على الأرض، من اجل طرح مفهوم جديد وحديث لليسار، وتنظيم العدد الهائل من الجماهير المحتجة الذين يحملون أفكاره ولكنها غير منظمة، وليس لها رؤية واضحة مشتركة تجمعهم إلى ألان. إضافة إلى ضرورة التوجه نحو التطوير المستمر في استخدام الانترنت والاستفادة من نواقص التجربتين، وكذلك كيفية مواجهة الحالات المختلفة والتصرف معها، مثلا كيف نتصرف عندما تغلق كافة خدمات الانترنت و الاتصالات الهاتفية مثلما فعل النظام المصري في الأيام الخيرة، مع إن ذلك غير ممكن إلا لأيام محدودة جدا ,لأن الانترنت أصبح اليوم من أحد الأدوات الأساسية والمركزية لتسيير الإدارة الحكومية و معظم النشاطات الاقتصاد الرأسمالي، ومن هنا يبرز ضرورة و أهمية وجود فضائية يسارية-علمانية تغطي وتوجه النضالات الجماهيرية في العالم العربي.

اعتقد ان اليسار لابد إن يطرح سياسات وخطاب عقلاني واقعي ينطلق من موازيين القوى الطبقية، والأولويات والضرورات المرحلية، وقدرة الفئات التي يدافع عنها، وتجنب الخطابات الايدولوجية الحادة او الاقصائية، وتخوين أو نفي هذا الطرف اليساري أو ذاك بسبب الاختلاف في المواقف و وجهات النظر. ومن هذا المنطلق أرى من الضروري جدا أن تعمل قوى اليسار مع الاتجاهات السياسية والفكرية المختلفة الأخرى من اجل إسقاط الدكتاتوريات المستبدة في بلداننا وإرساء حكم ديمقراطي مدني مؤسساتي كبرنامج للحد الأدنى، ولكن في نفس الوقت لابد عليها أن تستمر وتعمل بشكل مشترك وتنسق عملها من اجل مواصلة النضال بأفق اشتراكي من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية و المساواة الكاملة.



********************
حول اليسار الالكتروني
لتوضيح مفهوم - اليسار الالكتروني- الحق بالموضوع جوابي على السؤال المتعلق بذلك في الحوار المفتوح الذي أجريته في نهاية شهر ديسمبر 2010
********************

من الممكن أن يفهم مصطلح اليسار الالكتروني (E-Left) في انه تحويل مؤسسات وأحزاب اليسار من شكلها التقليدي إلى استخدام تقنية المعلومات والانترنت فقط ! ، ولكن باعتقادي انه يتجاوز ذلك، حيث انه طرح علمي حديث لمفهوم اليسار واليات عمله لكي تتلاءم مع التطور التكنولوجي والمعرفي للإنسانية في المجالات المختلفة.  وقد يكون المفهوم بهذا المعنى لم يتبلور بعد بشكل واضح حيث أن ذلك بالتأكيد يحتاج الى وقت وجهود جماعية، وخاصة على الصعيدين السياسي والنظري وهو موضوع مطروح للنقاش والتطوير لكل من يهمه تحديث اليسار والأفق الاشتراكي، و يعمل من اجل خيار سياسي اقتصادي اجتماعي أفضل وممكن للإنسان.
وفقا لذلك اطرح نقاط عامة أرى أن اليسار الالكتروني من الممكن أن يستند إليها:

1. حديث و يستند إلى التطور المعرفي والعلمي العقلاني للفكر اليساري والإنساني، و قادر على الاستفادة و استخدام التطور التكنولوجي والعلمي في عمله السياسي والتنظيمي والإعلامي والثقافي من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية واكبر قدر ممكن من المساواة في ضوء موازين القوى الطبقية و السياسية و مستوى تطور المجتمعات التي يعمل فيها، وبناء مجتمع مدني حر وديمقراطي علماني يحترم حقوق الإنسان.

2. يطرح سياسات عقلانية واقعية وينطلق من قدراته و قدرات الفئات التي يدافع عنها ودرجة تطور المجتمعات في تحديد مهماته العملية والمرحلية بالاستناد إلى العلوم الحديثة، لكي لا يبتعد بأهدافه وأطروحاته ويهيم في الأوهام أو النصوص النظرية الجامدة التي تقادم الكثير منها في الوقت الحاضر، والبعض منها عفا عليها الزمن، والتي للأسف حولت من قبل الكثير من اليساريين إلى – نصوص مقدسة- وحقائق مطلقة معصومة من الخطأ و صالحة لكل الأزمان والأمكنة، حيث إنها لا بد أن تخضع إلى عملية نقد وتطوير وتجديد متواصل ومترابط بشكل وثيق مع التطور العلمي و السياسي و الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والبيئي للإنسانية.

3. يتوجه بشكل رئيسي نحو الطاقات الشابة المتعطشة للتحديث والتغيير والعدالة والمساواة، ويري من الضروري الوصول إليها وحشد طاقاتها باستخدام التقنيات الحديثة التي يستخدمونها الآن، ويركز أيضا على القيادة الشابة التي لديها طاقات اكبر وهي ألأكثر مرونة وقبولا للتغيير والتحديث على كافة الأصعدة، ويطرح – كوتا – شبابية في مؤسساته المختلفة وخاصة القيادية.

4. يؤكد أن الإنسان وحقوقه الكاملة هي الأساس، وبمفهوم عالمي بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، ويبتعد في عمله وتحالفاته عن القوى الاستبدادية اليمينية و الدينية و القومية المتعصبة المناهضة لحقوق الإنسان الأساسية.

5. يؤمن بالمساواة الكاملة للمرأة و التميز الايجابي، بتكريس حصة (كوتا) تصاعدية في مؤسساته لحين تحقيق المساواة الفعلية والتامة، ويتوجه نحو تحقيق ذلك في كافة هيئاته القاعدية والقيادية ونشاطاته المختلفة.

6. يؤمن بتعدد المنابر والاجتهادات والكتل الفكرية والتنظيمية المختلفة داخل الحزب الواحد، ويرفض تقديس النصوص و عبادة وتأليه القادة بمن فيهم منظرو الماركسية واليسار وقادة الأحزاب، ولا يدعي احتكار الحقيقة. و يعمل على عقد مؤتمرات علنية مفتوحة بعد تحضير واسع يضمن مشاركة الجميع من الاتجاهات والكتل المختلفة داخل مؤسساته. ويلتزم بالجماعية في وضع وإقرار السياسات، واحترام الرأي والرأي الأخر ، يسار يرفض الشمولية ويؤمن بالعملية الديمقراطية والتداول الديمقراطي السلمي للسلطة. و يركز على التفاعل المتبادل مع الجماهير ودعوتهم للمشاركة في إقرار سياساته والحوار عليها و بشكل متواصل يطلب التغذية العكسية من فئات المجتمع المختلفة من اجل تقييم السياسات، و قياس مدى نجاحها.

7. للأسف ان الكثير من قادة اليسار في العالم العربي ينافسون حكام وملوك العالم العربي في البقاء في كرسي القيادة، بل أن البعض منهم حولها إلى - مملكات عائلية وراثية !- مما خلق حالة سلبية أضرت كثيرا باليسار وأدت إلى جمود نظري وعملي وتنظيمي وهو بعيد كل البعد عن التقاليد الديمقراطية اليسارية، لذلك يركز اليسار الالكتروني على تداولية القيادة ويعتبرها بند رئيسي في أنظمته الداخلية بحيث لا يحق تبوء المناصب القيادية لأكثر من دورتين انتخابيتين وحد أعلى 6- 8 سنوات. إن تجديد القيادات وعلى مختلف المستويات مهمة ضرورية باستمرار وليست رغبة عبثية و بدون فائدة كما تروج له بعض القيادات الحزبية التقليدية.

8. العالم بشكل عام يتجه نحو الشفافية، حيث التقنيات الحديثة أتاحت كسر حواجز الرقابة وحجب الحقائق عن الجماهير، لذلك يستند اليسار الالكتروني في عمله إلى الشفافية الكاملة في أنشطته الداخلية والخارجية ماعدا التي من الممكن أن تلحق ضررا امنيا به في الدول الاستبدادية. وتلتزم مؤسساته وقيادته و أعضائه بالشفافية المالية الكاملة على المستويين الحزبي و الشخصي.

9. يعمل في إطار حركة اجتماعية واسعة متجاوزة للأطر الحزبية ويرفض التعصب التنظيمي والمؤسساتي والنخبوي، ويعمل وينسق مع القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية الأخرى وفق نقاط الالتقاء المشتركة ويمارس الحوار الحضاري البناء حول الاختلافات. ويستخدم الإدارة الحديثة والبحث العلمي والتطور التقني والمعرفي في عصرنة آليات التنظيم الحزبي والنشاط السياسي والاتصال الداخلي والخارجي مع المجتمع ومكوناته.

10. ينمي قدرات أعضائه وقياداته في استيعاب التطور التكنولوجي والتقني، واستخدامها في المجالات المختلفة السياسية والإعلامية والتنظيمية، مما سيؤدي التي تطوير العمل كماً ونوعاً، وإلى تخفيض المصاريف في ظل الأزمة المالية المزمنة التي تعاني منها معظم فصائل اليسار. ويتوجه نحو اكتساب قدرات تقنية متقدمة وسريعة تتيح له الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجهة – أي المجموعات- التي يستهدفها وحشدها باستخدام التقنيات الحديثة، كما يستطيع مواجهة اختراقات الخصوم، وأحيانا الرد عندما يتطلب الأمر ذلك، إضافة إلى إمكانية اختراق شبكات الأنظمة الشمولية الحاكمة و خاصة الأمنية والسياسية عندما تقتضي الحاجة – تجربة ويكلكس مثلا-. ولا بد أن يكون في عملية تطوير مستمرة على الصعيدين التقني والمعلوماتي.



29
رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com

 
 
 
تقديم
 
السيدات والسادة الأكارم... الحضور الكريم
 
إنه ليوم سعيد جدا لكافة الزميلات والزملاء في الحوار المتمدن، وكاتباته وكتابه، ولكل محبيه ومؤازريه.
وإني لسعيد شخصيا أن امثل اليوم هيئة إدارة الحوار المتمدن التي تدير أحد أهم المواقع الرصينة حضورا في العالم العربي. ويسعدني أيضاً أن ابدأ كلمتي بتقديم  الشكر الجزيل لكافة الزميلات والزملاء في مؤسسة ابن رشد للفكر الحر على استضافتي اليوم ممثلا للحوار المتمدن لتسلم جائزة مؤسسة ابن الرشد للفكر الحر الممنوحة لموقع الحوار المتمدن بصفته الاعتبارية، وهو تقدير كبير لمكانة الموقع ودوره المتنامي والمؤثر في نشر وترويج الأفكار اليسارية والعلمانية والديمقراطية، وتشجيع ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الأخر.
إن هذه الجائزة المرموقة بكل المعاني التي نعتز بها تعني الكثير بالنسبة لنا، خاصة وأن جميع العاملين متطوعون بشكل كامل والبعض منهم يعمل أكثر من عشر ساعات يوميا إضافة إلى إعمالهم والتزاماتهم الخاصة.  في نفس الوقت فأن هذه الجائزة المعنوية الكبرى التي  تمنحها مؤسسة أبن رشد المعروفة بالمهنية العالية  وذات الدور الكبير في دعم الفكر الحر والديمقراطية والتمدن في العالم العربي, والتي نالها أعلام في الفكر والثقافة والإبداع , والثقة التي منحتمونا اياها هي مسؤولية وعبء إضافي على كاهل الزميلات والزملاء في إدارة الحوار المتمدن وستكون حافزا كبيرا لنا من اجل  إدامة و تطوير عملنا في كافة النواحي نوعا وكما.
   
الإعلام الكتروني
 
معظم عمل الحوار المتمدن هو الإعلام الإلكتروني، ولا بد لكي نوضح عملنا إن نتطرق إليه بشكل مختصر.
 لقد أصبح الإعلام الإلكتروني اليوم ينافس الإعلام الورقي بل هو في موقع يتجاوزه، إذ إن التوجه العالمي بشكل عام هو نحو الانترنت وتطبيقاته في المجالات المختلفة. وقد بينت أخر الإحصائيات في هذا الصدد ان هناك 14 مليون مشترك في الفيسبوك من العالم العربي وفي تزايد مستمر، في حين كل قراء الصحف العربية لا يتجاوز الثمانية ملايين نسمة.
كما هو معروف  يعتبر الكومبيوتر وتطبيقاته الأداة الأساسية للإعلام الإلكتروني الذي هو نتيجة تزاوج بين تكنولوجيا الاتصالات والانترنت من جهة ووسائل الإعلام من جهة أخرى.  لقد احدث هذا التطور الكبير تغييرا هائلا في مفاهيم الإعلام السائدة، وفرض واقعاً مختلفاً وجديداً على الصعيد الإعلامي والثقافي والفكري والسياسي، حيث تتحقق عبر عملية التحديث المستمر والمتواصل عملية تفاعل وتداخل نوعية وكمية  ، سريعة جدا بين المُرسل والمُستقِبل وبإمكانيات كبيرة ونوعية وهي في تطور مستمر. وكل هذا يؤكد إن الإعلام الإلكتروني أصبح اليوم هو الإعلام الرئيسي أو في طور ارتقائه لهذه المكانة المميزة.
 
   أرى بأن الإعلام الإلكتروني يتميز بخصائص, من أبرزها:
 
1.      ذو طابع ووجود عالمي يتخطى الحدود، يتجاوز القوانين المحلية والمرتكزة على تقييد حرية الصحافة والمعتقد والتعبير في معظم بلدان العالم العربي. ويتميز بسرعة تغطية الإحداث نقل الخبر بدون قيود وسهولة التصفح والحصول على المعلومة والبحث عنها.
 
2.      يعتبر الإعلام الإلكتروني الحر إعلاماً مفتوحاً بشكل كبير و نسبة كبيرة منه تتسم بالاستقلالية عن المؤسسات الحكومية. وهو نوعا ما مجاني وساهم إلى حدود معينة في إضعاف الهيمنة  الكبيرة لرأس المال والشركات الكبرى والحكومات على الإعلام في العالم العربي.
 
3.      الإعلام الإلكتروني كاسر للرقابة ومضاد لها، له دور مهم في إرساء الشفافية عالميا،  ويمكن أن يتبين ذلك من الضجة الكبيرة التي أثارها نشر الوثائق السرية الخاصة بالحرب في أفغانستان والعراق على موقع ويكيليكس مثلاً.
 
4.      نشط الرغبة في التعبير عن الذات و الحوار الحضاري، وروج لثقافة احترام الرأي الأخر عن طريق توفير فرص التفاعل والمداخلات المستمرة والتواصل بين الكاتب-والقارئ وبين القراء والقارئات أنفسهم وبطرق مختلفة. في نفس الوقت خفض الإعلام الالكتروني معايير الكتابة، لكن هذا قد يكون ثمنا لا بد منه لدمقرطة النشر وتوسيع قاعدة الكتابة وعدم اقتصارها على النخب.
 
5.      والإعلام الإلكتروني يتطور بوتائر سريعة ومتواصلة على الصعيد العالمي. ومن هنا فأن العالم العربي لم يعد معزولاً عن هذا التطور أيضاً ولكن بصورة نسبية. إذ أن المعلومات المتوفرة تشير إلى إن استخدام الانترنت في العالم العربي بدأ يتزايد بشكل كبير جدا، لأنه أصبح اليوم أحد الأدوات الأساسية لتسيير الاقتصاد الرأسمالي المعولم والإدارة الحكومية، وأصبح ظاهرة عالمية لا يمكن الاستغناء عنها.
 
اليسار الإلكتروني (E-Left)
 
 
معظم إعمال المجتمع  اتجهت وتحولت إلى نشاط إلكتروني، إذ أصبح ذلك احد الأدوات المركزية في النظام الرأسمالي العالمي الحالي والذي لا يمكن أن يستمر بدونها، وهو في عملية تطور مستمرة من كافة النواحي.  حيث:
E-Mail ,  E-Business ,   e-commerce ,   e-media ,  e-work ,  e-boock  , e-education ,  e-government  , e-democracy ,  e-election , ….. etc
 
في ضوء هذه التغييرات الجذرية الكبيرة كيف يتصرف اليسار ويتعامل معها؟ هل يستمر بالطرق التقليدية في التنظيم والدعاية والتحريض والإدارة والنشاط العام؟ أم يفترض أن يحاول الاستفادة من التطور التكنولوجي الكبير و يتلاءم معه؟ مثلا قوى الإسلام السياسي استطاعت أن تستخدم تقنية المعلومات بشكل بارع جدا، واستخدمتها في كافة المجالات، ولها النصيب الأكبر على شبكة الانترنت وباللغة العربية وحتى اللغات الأخرى، وامتلكت من الخبرة  ما مكنها  من أن  تشن حروباً تقينه وتمارس تخريباً متواصلاً ضد المختلفين عنها.
 
يتحتم ولابد من ولوج خضم هذا التطور الكبير, هذه الثورة المعلوماتية أو الإنفوميديا، كيساريين، أي العمل وفق مفهوم اليسار الإلكتروني  (E-Left)  من خلال الاستفادة القصوى من التطور التكنولوجي والمعرفي الذي يستلزم إعادة النظر وتطوير إشكال واليات النضال السياسي والتنظيمي والفكري والإعلامي بما يلائم الوضع الحالي والتغييرات الكبيرة التي حصلت في العالم والتي ستحصل لاحقاً. حيث لن  تستطيع قوى اليسار مواجهة الرأسمالية وأنظمة الاستبداد والقوى الدينية والقومية المتعصبة بخطاب وآليات عمل تعود إلى بدايات القرن المنصرم، خاصة وأن اليسار بكافة فصائله يمر بأزمة بنيوية عميقة وفي تراجع متواصل.

الآن، ونحن أمام الملايين، وخاصة الشباب، الذين يستخدمون تقنيات وتطبيقات الكترونية مختلفة مثل الإنترنت، التلفون النقال، آي فون، الفيسبوك، تويتر، اليوتيوب , المدونات... الخ، وكلها في تطور كبير واستخدام متزايد، لا بد من إبداع آليات جديدة في ضوء الإمكانيات الموجودة للوصول إليهم عبرها والتفاعل معهم  حول القضايا الأساسية والآنية التي تهم تغيير مجتمعاتنا، وخاصة  إننا نلاحظ إن العزوف عن  تداول المطبوع الورقي أصبح ظاهرة عامة، وهي طبيعية وستتزايد مع التطور التقني.
إذا لا بد من إيجاد بدائل جديدة باستخدام التطور التكنولوجي والمعرفي للإنسان لإيصال ما نريد كيساريين إلى أوسع الفئات وخاصة الشرائح التي نستهدف كسبهم إلى جانب القضايا الأساسية التي نطرحها من أجل تغيير المجتمع وتقدمه وازدهار حياته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وبيئياً, وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة,
يسار يطرح سياسات عقلانية واقعية تنطلق من قدراته و قدرات المجتمع والفئات التي يدافع عنها في تحديد مهماته العملية لكي لا يبتعد بأهدافه ويهيم في الأوهام أو النصوص النظرية الجامدة التي لا تقود إلا إلى إحباطات جديدة.ويؤكد على أن الإنسان وحقوقه الكاملة هي الأساس، وبمفهوم عالمي بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، يؤمن بالمساواة الكاملة للمرأة ويرسخ نسبة حصة (كوتا) تصاعدية لها في مؤسساته.
لتجاوز العقل الشمولي الذي ساد في الفكر اليساري, يتميز اليسار الالكتروني بقبول تعدد المنابر والاجتهادات المختلفة ، واحترام الرأي والرأي الأخر، ويرفض تقديس النصوص وتأليه القادة ، ولا يدعي احتكار الحقيقة، فهي ليست مطلقة، ويتوجه إلى التطوير المستمر في الفكر واليات التطبيق. ويستخدم الإدارة الحديثة والبحث العلمي والتطور التقني والمعرفي في عصرنه آليات العمل والنشاط في مختلف المجالات والتي ستؤدي التي تطوير العمل كماً ونوعاً، وإلى تخفيض المصاريف في ظل الأزمة المالية المزمنة التي يعاني منها اليسار.
 
 
الحوار المتمدن  نموذج لليسار والإعلام الالكتروني
 
 
من هنا أرى أن الحوار المتمدن ومواقعه ومراكزه هي احد أول واكبر أشكال النضال الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي والبيئي لقوى اليسار الإلكتروني المنظم في العالم العربي, وللحوار المتمدن هوية يسارية واضحة (E-Left) ويعتبرها احد ركائزه الرئيسية, حيث:
 
1.      حيث استخدم وابتكر مفاهيم جديدة وخاصة على الصعيد الإعلامي والثقافي والسياسي، واستفاد من نكسات اليسار وأخطاءه، واستند إلى التطور الإلكتروني والمعرفي ورقي الفكر اليساري والإنساني في مجال ثقافة وشرعة حقوق الإنسان.
 
2.      وتميز بقدرات تقنية سريعة أتاحت له الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجهة – أي المجموعات- التي يستهدفها وحشدها باستخدام التقنيات الحديثة.  وركز على مخاطبة كل فئات وقوى المجتمع وليس بعض النخب فيه، وإشراكها في القضايا المختلفة والحوار معها وعليها.
 
 
3.      هو منبر مفتوح لكافة اتجاهات اليسار والعلمانية و الديمقراطية والدينية المتنورة. وقد التزم بالانفتاح الكامل على الآراء المختلفة واحترام الرأي والرأي الأخر, بما فيها المنتقدة لليسار وتجاربه.
 
4.      وكان سباقا بدعوته للحوار والتنسيق بين الشخصيات و الفصائل اليسارية والعلمانية والديمقراطية المختلفة، داعيا إلى العمل المشترك وفقا لنقاط الالتقاء وداعما ومشجعا للحوار الحضاري على نقاط الاختلاف وفي كافة المجالات.
 
5.      رافضا للتعصب التنظيمي والمؤسساتي والنخبوي، ويعمل من اجل حركة اجتماعية واسعة متجاوزة للأطر الحزبية الضيقة. وبشكل متواصل كان يطلب التغذية العكسية من كتابه وكاتباته وقارئاته وقرائه من اجل تقييم عمله، و قياس مدى نجاحه وإمكانيات تطويره.
 
6.      الحوار المتمدن لم يجامل أو يهادن أنظمة الحكم الاستبدادية في العالم العربي أو يرضخ لمغرياتها أو يهاب من بطش أجهزتها القمعية، ونتيجة لذلك حجب في العديد من الدول العربية  ومنها ( السعودية , البحرين , تونس , الإمارات , سوريا , وألان في أجزاء من الكويت ) و قد صنف بكونه احد أكثر المواقع حجبا في  العالم العربي وتعرض إلى محاولات مختلفة لتخريبه وإيقافه واعتقل الكثير من كتابه، وهي شهادة نفتخر بها.
 
 
 
تأثير الحوار المتمدن
 
لقد استطاع الحوار المتمدن تحقيق الكثير و كان أحد الوسائل المهمة والمؤثرة في العالم العربي لنشر وترويج الأفكار اليسارية والتحررية والعلمانية والدينية المتنورة ومبادئ الحرية والديمقراطية، وقيم المجتمع المدني الحديث وقد تجسد ذلك في:
1 – تشجيع الحوار الحضاري الهادف والبناء بين الاتجاهات الفكرية والسياسية المختلفة وخاصة اليسارية والعلمانية والديمقراطية وفتح النقاش حول كافة المواضيع، بما فيه الحساسة جدا وبعيداً عن أية محرمات، من خلال:
•         طرح العشرات من الملفات والمحاور حول المواضيع المختلفة.
•         المئات من المواضيع لشارك-ي برأيك والتصويت
•         نظام التعليقات للقراء والقارئات.
•         إطلاق مشروع الحوار المفتوح بين ابرز كتابه وكاتباته من جهة، ومن جهة أخرى قرائه وقارئاته.
•         ورفض نشر المهاترات والإساءات المتبادلة، سواء أكانت بين بعض الكتاب أم بين الكتاب والمعلقين أحياناً، ووضَعَ نظاماً ناجحاً إلى حدود مناسبة يحد من مثل هذه التصرفات ويسعى على تطويرها.  وركز قدر الإمكان  على  الارتقاء بالمعايير الفكرية والأخلاقية للكتابة والحوار.
 
 
2 - فضح انتهاكات حقوق الإنسان بكافة أنواعها، والضغط على المنتهكين من أجل إيقافها من خلال الإشارة إليها ونشر المواضيع حولها، وقد لعبت حملاته الإلكترونية دورا كبيرة في فضح الاستبداد والانتهاكات، و كذلك الضغط من اجل إطلاق سراح الكثير من المعتقلين بسبب الرأي والمعتقد وحرية التعبير. وكان الحوار المتمدن في مقدمة المطالبين والمروجين لإلغاء عقوبة الإعدام في العالم العربي.

3 - إبراز قضية المرأة والعنف ضدها، ومساواتها الكاملة بالرجل.
 
4- ركز على حقوق الأطفال والشبيبة و ذوى الاحتياجات الخاصة.

5 - فتح المجال للألوف من الكاتبات والكتاب والقراء والقارئات للكتابة والحوار والمشاركة في عملية التغيير بعد أن سُدتْ عليهم بوجههم كل منافذ النشر في الإعلام الورقي أو حُدد لهم النشر وفق سياسات الحكومات التي تمول تلك الصحف، وقد بدأ المئات من الكتاب والكاتبات مسيرتهم الأولى مع نشوء وتطور الحوار المتمدن.
 
6- أصدر مجموعة من الكتب ولم يتمكن الاستمرار فيها لنقص التمويل.

7- كانت لمراكز الحوار المتمدن التخصصية دور مهم في تعزيز أهداف الحوار المتمدن ومن أبرزها مركز مساواة المرأة الذي له نشاطات كثيرة.
8- نشر ألوف من المواضيع الفنية والأدبية ذات التوجه التقدمي والإنساني.
 
9- فتح الحوار المتمدن بابا كبيرا لمناقشة الأمور التي كانت من المحظورات - التابو –  مثل نقد الدين والإلهة والفكر الديني بشكل صريح، المثلية الجنسية , وإلغاء عقوبة الإعدام , الاستبداد والأنظمة.... الخ
 
 
إحصائيات  الحوار المتمدن
 
بعض الإحصائيات المختصرة للحوار المتمدن إلى تاريخ كتابة الكلمة:
 
1.      ينشر ما يقارب 100 موضوع يوميا , 600 تعليق, و 2000 خبر.
2.      شارك في النشر فيه أكثر من 15 إلف كاتبة وكاتب.
3.      تم نشر أكثر من 200 إلف موضوع من كافة التخصصات
4.      معدل قراءة المواضيع الآن 160 ألف موضوع في اليوم الواحد.
5.      عدد زواره منذ بداية التأسيس والى ألان تجاوز 310 مليون زائر.
6.      عدد المواضيع المقروءة فيه يقارب 550 مليون.
7.      لديه أكثر من ثلاثة ألاف موقع فرعي لأبرز كتابه وكاتباته.
8.      شارك مليونا قاريء-ة تقريباً في التفاعل والحوار من خلال التعليقات، الحوار المفتوح، التصويت، الحملات، شارك برأيك...
 
 
 
أهم محطات الحوار المتمدن
 
 
2000 - بعيد إنهائي لدراستي في علوم الكومبيوتر اشتغلت في احد الشركات الدنمركية بوظيفة مبرمج ومطور للأنظمة , وكان احد امتيازات العمل هو منحنا اسم نطاق مجاني كموقع شخصي مع مساحة محدودة داخل احد سيرفرات العمل , وبالتالي قدمت اسمي الشخصي باعتباره الاسم الخاص لنطاق الموقع (rezgar.com) الذي بدأ , كموقع شخصي لي , في 15-12-2000.
2001 - بعد اعتزالي العمل الحزبي المنظم عام 2000, ترسخت لدي القناعة بضرورة الاستفادة من التطور التقني والانترنت واستخدام آليات حديثة للترويج ونشر القيم الإنسانية التقدمية ,ومناهضة الاستبداد والقمع بكافة إشكاله ومن أي جهة كان, وإنعاش الحوار الحضاري البناء , واحترام وسماع الرأي والرأي الآخر , والعمل المشترك بين الاتجاهات والشخصيات اليسارية والعلمانية والديمقراطية. ووفقا لذلك تم تطوير الموقع برمجيا وإداريا, حيث في  9 -12 -2001 تم إطلاق الحوار المتمدن - العدد الأول بشكله المنظم وهو العيد ميلاد الرسمي لموقع الحوار المتمدن. أدرته ومولته شخصيا في السنوات الأولى, وخلال فترة قصيرة أصبح احد أهم المواقع العربية في ذلك الوقت.
2002 - أغلق موقع الحوار المتمدن من قبل الشركة التي اعمل فيها لأن الموقع كان في - سيرفر -  مع مواقع لمجموعة من المؤسسات الكبيرة والوزارات الدنمركية ,حيث في منتصف عام 2002 كان ذلك السيرفر يتعطل و يتوقف كثيرا لكثرة الزوار على مواقعه وعند التحري عن أسباب ذلك وجدوا أن الحوار المتمدن فقط كان  يأخذ 95% من طاقة ذلك - السيرفر - بسبب تزايد عدد زواره المضطرد, مما أدى إلى اتخاذ قرار فوري من شركتي بإيقاف  - موقعي الشخصي الصغير! - , اضطرت في حينها إلى التوقف مؤقتا لحين تأجير مكان له في احد الشركات خاصة,  وقد ألغت وطردت الكثير من الشركات تأجير أماكن للمواقع , موقع الحوار المتمدن بسبب تزايد حجمه وعدد زواره الكبير بشكل متواصل.
2003 - إعادة تصميم الحوار المتمدن وإضافة خدمات جديدة.
2003 - إطلاق نظام الحملات التضامنية.
2004 -  تطور الحوار المتمدن نحو العمل الجماعي
في  سنة 2004 انضم أعضاء جدد للعمل في الحوار المتمدن وكانت نقلة وقفزة نوعية وكمية كبيرة حيث توسع بشكل اكبر واغتنى وتطور بأفكارهم ومشاركاتهم وعملهم التطوعي الدءوب والمخلص وساهم الجميع وبمستويات مختلفة حسب الطاقات والإمكانيات في ترسيخ وتطوير مكانة الحوار المتمدن. طاقم العمل الرائع يجمعه الإخلاص والعمل التطوعي من اجل قيم اليسار والديمقراطية والعلمانية ويعمل وفق قواعد النشر والعمل المتفق عليها. لقد تعززت قواعد العمل بآليات ديمقراطية شفافة , ولكن هذا لا يعني عدم وجود مشاكل أو اختلافات في وجهات النظر , إذ أن العمل التطوعي الكبير والمرهق واختلاف وجهات النظر أدى في أحيان كثيرة إلى بروز مشاكل على صعيد العمل والرؤية , ولكن الجميع بذلوا الكثير من الجهد لتجاوز تلك المشكلات ومعالجتها بروح ودية وديمقراطية وبأسلوب حضاري.
            يمكن الاطلاع علي زميلات وزملاء هيئة إدارة الحوار المتمدن  من خلال الرابط أدناه:
http://www.ahewar.org/about.asp
 
2004 - حجب موقع الحوار المتمدن في السعودية و تونس.
2004 - إطلاق مركز مساواة المرأة المتخصص في شؤون المرأة ومساواتها.
2004 - إطلاق مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي.
2004 - إطلاق مركز أبحاث ودراسات الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي.
2004 - إطلاق مركز دراسات وأبحاث الماركسية واليسار.
2004 - إطلاق خدمة المواقع الفرعية لأبرز كاتباته وكتابه ويصل عددها ألان إلى ما يقارب 3300 موقع فرعي.
2005 - بعيد تهديد الحوار المتمدن من قبل احد المليونيرات المتعصبين دينيا , تم المحاولة بكل الطرق تخريب وإيقاف عمل الحوار المتمدن , وبالفعل من خلال التخريب البرمجي تم إيقافه لمدة أسبوعين , وطلب الحوار المتمدن الدعم المادي من كتابا وكاتباته ومؤازريه من اجل  إيجار - سيرفر- خاص به  يمكنه من خلاله التحكم الكامل بالمسائل الأمنية التقنية, كانت الاستجابة رائعة وكبيرة جدا حيث حاول الجميع حسب إمكانيتهم دعم موقعهم في وجه التخريب, حيث أعيد العمل به و بسيرفره الخاص ذو الطاقات التقنية الكبيرة. للعلم أن الحوار المتمدن مع أعدائه الكثر لم يخترق إلى ألان ويعود ذلك إلى الصيانة والقواعد الأمنية  القوية والحس المسئول الملتزم للزميلات والزملاء  في إدارته.
2004 - حجب موقع الحوار المتمدن في دولة الإمارات.
2005 - إطلاق قسم الإخبار وإخبار التمدن.
2006 - إطلاق صحيفة مروج التمدن المختصة بالمواضيع الأدبية والفنية.
2006 - حجب موقع الحوار المتمدن في سوريا.
2006 - حجب موقع الحوار المتمدن في البحرين.
2007- 2006 اصدر الحوار المتمدن مجموعة من الكتب بدعم من مؤسسة أولف بالمة السويدية.
2007- إطلاق مركز حق الحياة لمناهضة عقوبة الإعدام.
2007 - تغيير نطاق موقع الحوار المتمدن من "rezgar.com" إلى " ahewar.org" , من أجل تحقيق المزيد من التطور الإداري وترسيخ آليات العمل الجماعي وإبراز الحوار المتمدن كمؤسسة ديمقراطية جماعية.
•         2008 -  إطلاق نظام للتعليقات على المواضيع.
•         2008 - إطلاق نظام شارك –ي برأيك والاستفتاءات.
•         2009 -  إطلاق مكتبة التمدن و يوتيوب التمدن.
•         2009 - إطلاق موقع الحوار المتمدن في شبكة تويتر.
•         2009-  إطلاق موقع ومجموعة الحوار المتمدن في الفسيبوك.
•         2010 - 2009  مركز مساواة المرأة  يبدأ مشروع الخط الساخن لحماية المرأة في كردستان العراق وبتمويل من قبل إحدى المنظمات النسائية الدانمركية و وبمشاركة –لوك- احد اكبر المنظمات الدنمركية المشرفة على إدارة 42 مأوى للنساء في الدنمرك , و منظمة اتحاد المرأة الأردنية, و منظمة تمكين المرأة في كردستان العراق.
•         2010 - إطلاق باب كاتبات وكتاب التمدن.
•         2010 حجب موقع الحوار المتمدن في أجزاء من الكويت وخاصة عن مشتركي شركة زين للاتصالات.
 
•         2010 - إطلاق مشروع حوارات التمدن في خطوة فريدة في العالم الانترنت الناطق بالعربية حيث يتم إجراء حوار تحريري مباشر بين ابرز الكتاب والكاتبات من جهة والقراء والقارئات من جهة أخرى وقد اشترك في الحوار إلى ألان ( د.كاظم حبيب, د.طارق حجي , د.نايف حواتمة , ياسين الحاج صالح ,الدكتورة نوال السعداوي , نادر قريط, د.محمد علي مقلد, د.برهان غليون, سلامة كيلة , د.امال قرامي , ..... الخ ) ولدى الحوار المتمدن برنامج للحوارات للأشهر القادمة.
•         2010 إطلاق باب دراسات وأبحاث التمدن.
 
 
للحوار المتمدن العشرات من المشاريع المستقبلية ولكنها بحاجة إلى التمويل والكادر للبدء بها, ومع شحة الإمكانيات المادية, استطاع الحوار المتمدن أن يتبوأ مكانة متقدمة بين المواقع الإعلامية في العالم العربي  بميزانية لا تتجاوز 20 دولارا شهريا في بداية تأسيسه وإلى ما يقارب إلف دولار شهريا فقط  الآن. ويمول الحوار المتمدن نفسه ذاتيا من الإعلانات العامة وإعلانات كوكول ومن تبرعات كتابه وكاتباته ومؤازريه ، وهو مستقل تنظيميا وسياسيا وإداريا عن كافة الحكومات والأحزاب، ويرفض كافة إشكال الدعم من مؤسسات مرتبطة بالأنظمة الاستبدادية، أو لها دور في انتهاك حقوق الإنسان وقمع الحريات، أو تضع شروطا للدعم تحد من حريته واستقلاليته.
 
من الممكن أن تكون الحوار المتمدن صغيرة الحجم من حيث الإدارة والكادر والإمكانيات المادية,  ولكنها في الواقع العملي هي احد اكبر المؤسسات الإعلامية في العالم العربي من حيث عدد الكتاب والكاتبات وكذلك القراء والتفاعل المتبادل، وبالتالي فهو من المؤسسات اليسارية الحديثة ذات التأثير الواضح والمعروف وخاصة على الصعيد الإعلامي والفكري والثقافي، وحتى السياسي-التحريضي.

تأسس الحوار المتمدن كمشروع شخصي، ومن ثم وبمرور السنين تحول إلى مؤسسة إعلامية وثقافية معروفة تدار جماعيا من قبل كوادر كفوءة وبشكل تطوعي كامل. طاقم إدارة الحوار المتمدن يعمل بشكل منسجم  يسوده الشفافية الكاملة ويتم إشراك الجميع في اتخاذ القرارات وإدارة العمل اليومي. وكان هذا أحد أهم أسباب نجاحه واستمراره رغم كل الصعوبات. في حين يكمن السبب الثاني في تعاظم عدد كتابه من النساء والرجال ومن مختلف الأعمار والاتجاهات، والذي تجاوز  خمسة عشر إلف كاتبة وكاتب إلى الآن، إضافة إلى تنامي عدد زائريه والمعجبين والمؤيدين لخطه اليساري الديمقراطي العلماني المستقل والمتفتح، وكذلك بسبب الدعم المعنوي والصادق من الكاتبات و الكتاب والزائرات والزائرين.
 مسيرتنا في السنوات التسع الماضية رافقتها الكثير من الصعوبات والمشاكل والأخطاء والخلافات الداخلية، التي تم قدر الإمكان التعامل معها وإيجاد الحلول المناسبة لها جماعيا.
 
 
في الختام
 
في الختام اكرر تقديم جزيل الشكر نيابة عن زميلاتي وزملائي في إدارة الحوار المتمدن إلى مؤسسة ابن رشد للفكر الحر على منحنا جائزتها القيمة لهذه السنة. نعتز بذلك ونعتبرها جائزة للعمل الجماعي التطوعي الخلاق وستكون بلا شك عامل دفع لمزيد من تحسين عمل الحوار المتمدن وتطويره.
 
 الشكر الجزيل إلى لجنة التحكيم التي اختارت الحوار المتمدن.

الشكر إلى جميع كاتباتنا و كتابنا، إلى جميع الزائرات والزائرين الذين رشحونا لنيل هذه الجائزة القيمة.

إن الجائزة ليست لنا فقط كهيئة إدارة الحوار المتمدن بل هي لجميع كاتباتنا وكتابنا وزوارنا ولكل القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية في العالم العربي، والذي كان الحوار المتمدن المنبر الواسع لجميعها دون استثناء.
 
نتطلع معا إلى المزيد من العمل المثمر والتطور والنجاح والمشاركة بشكل اكبر وفاعل في عملية التغيير والتنوير والتحديث ونشر الفكر اليساري والديمقراطي والعلماني في العالم العربي وعموم العالم.
 
أتمنى  بأن تكون هذه الجائزة التي نالها أعلام كبار كالراحلين أركون وأبو زيد والجابري دافعا للاستمرار والتطور  وليس استعجالا بالرحيل......
 
والشكر للجميع.
رزكار عقراوي
 
للمزيد حول الجائزة
http://www.ibn-rushd.org/typo3/cms/index.php?id=54&L=2

 
 
 


30
أسئلة مفتوحة إلى رفاقي في قيادة الحزب الشيوعي العراقي
حول التحالفات والعمل المشترك في ما بين قوى اليسار

 
منذ فترة يدور نقاش جاد وحيوي حول موضوعة العمل المشترك بين قوى اليسار العراقية باتجاهاته العديدة , إذ شاركت العديد من الأحزاب والمنظمات السياسية إلى جانب الكثير من الشخصيات السياسية والثقافية العراقية في الحوار , كما نشرت العشرات من المقالات حول ذات الموضوع. وعلى صعيد الأحزاب والمنظمات فقد أعلن مؤتمر حرية العراق , اتحاد الشيوعيين , الحزب الشيوعي العمالي العراقي وحركة اليسار الديمقراطي استعدادها للعمل المشترك , مع وجود بعض الاختلاف في الموقف , ولكنها كانت بشكل عام مواقف يسارية جيدة وتصب في الاتجاه الداعي إلى تطوير موقف التعاون والتحالف المشترك باتجاه إيجابي. كما قدم الكثير من الكتاب والشخصيات السياسية جملة من المداخلات القيمة التي كانت إغناءً كبيرا ومهما للموضوع الحيوي الذي يحتل اليوم أهمية بالغة بالنسبة لواقع ومستقبل اليسار العراقي.

يعتبر الحزب الشيوعي العراقي اكبر فصائل اليسار العراقي والذي يحمل إرثاً نضالياً طويلاً وخبرة كبيرة , ولكنه لم يطرح حتى الآن موقفا واضحا ورسميا إزاء موضوع التحالفات السياسية في ما بين قوى اليسار العراقي , في حين فعلت الفصائل الأخرى ذلك بوضوح. ومن جانبي اعتقد بأن حجم وتأريخ الحزب الشيوعي العراقي السياسي وسجله النضالي الكبير يفترض أن يتحمل مسؤولية القسط الأكبر من التشتت الذي يعاني منه اليسار في العراق حالياً وفي نفس الوقت تجميعه , ومن هنا أجد نفسي مضطراً على توجيه بعض الأسئلة المفتوحة إلى رفاقي في قيادة الحزب الشيوعي العراقي بشأن العمل المشترك راجياً منهم توضيح الأمر لصالح تحقيق وضوح الرؤية والشفافية بشأن واحدة من أهم قضايا التحالفات السياسية المهمة في المرحلة الراهنة:


1. هل يقر الحزب الشيوعي العراقي مبدأ تعدد منابر اليسار في العراق ؟

2. وإذا كان الجواب إيجاباً, فما ما هو موقف الحزب الشيوعي العراقي من وجود هذه الفصائل اليسارية الأخرى في الواقع العراقي الراهن؟

3. وهل يؤمن الحزب الشيوعي العراقي بأهمية وضرورة تحقيق التحالف مع قوى اليسار العراقية الأخرى أو التعاون والتنسيق المشترك معها؟

4. وهل للحزب الشيوعي العراقي برنامج محدد لتحقيق التعاون والتحالف مع قوى اليسار العراقية ؟

5. هل يعتقد بفائدة التحالف والعمل مع القوى القومية والطائفية الكبيرة, أم العمل من أجل تعزيز الصف اليساري وتقويته والتحالف مع القوى اليسارية والديمقراطية مهما كان حجمها؟ والعمل معا من اجل إقامة نظام علماني وديمقراطي وعصري في العراق؟

إن قراءاتي ومتابعتي المستمرة من موقع عملي السياسي والإعلامي فرضت علي طرح مثل هذه الأسئلة , إذ تكون لدي رأي يؤكد وجود كثرة من الشخصيات والقوى اليسارية في العراق وفي المنطقة التي ترغب في معرفة رد وموقف قيادة الحزب الشيوعي العراقي من التحالفات اليسارية , إذ أن جواب الحزب الشيوعي سيكون له دون أدنى ريب دوراً مهماً في توضيح سياسة هذا الحزب العريق , والذي كان له الدور الكبير ومازال في تقوية وترسيخ اليسار والقيم المدنية في المجتمع العراقي.


اعتقد أنه بإمكان اليسار العراقي تجاوز حالة الانقسام والتصارع والبدء بالحوار البناء, التنسيق والعمل المشترك و التحالفات السياسية , والاستفادة من تجارب الأخريين ومنها رفاقنا اليساريين في مصر الذين شكلوا التحالف الاشتراكي في 2006 من سبع منظمات وأحزاب يسارية وكذلك المبادرة المسئولة والمهمة التي طرحها الحزب الشيوعي اللبناني قبل فترة لعقد مؤتمر عام لقوى اليسار اللبناني «مؤتمر نهوض جديد لقوى اليسار» ‏ والذي واجه ويعمل في ظروف تشابه كثيرا الأوضاع المأساوية التي يمر بها المجتمع العراقي حاليا, من سيادة العنف والإرهاب والتعصب القومي والطائفي والاحتلال. ولكن من الواضح إن هذا مرهون بدور وموقف الحزب الشيوعي العراقي وباقي الفصائل اليسارية الأخرى , حيث نحن الآن في سباق مع الزمن ويجب أن لا يسبقنا وقد خسرنا الكثير إلى الان لتشتتنا!, لذلك يفترض علينا حشد قوانا وبسرعة, كل قوانا من أجل تعزيز وتقوية تيارنا اليساري والتحالف مع القوى العلمانية والديمقراطية في العراق.


رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com
ماركسي مستقل

************************************************
خبر مهم متعلق بالموضوع :
بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني يعقد مؤتمر لقوى اليسار اللبناني في قصر الاونسكو يومي السبت والاحد في 15 و16 اذار
وقد وجهت الدعوة لاكثر من 200 شخصية سياسية وفكرية وثقافية واقتصادية واجتماعية...الخ سيناقش المؤتمرون مجموعة من القضايا السياسية والاقتصادية ـ الاجتماعية على مستوى المنطقة ولبنان بهدف الوصول الى صياغة موحدة لقوى اليسار اللبناني، وبحث اشكال العمل المشترك فيما بينها وعلى الصعيد العربي، ووضع رزنامة عمل من شانها:

1 ـ تفعيل وتثبيت اللقاء اليساري الموحد وتكامله مع باقي القوى الوطنية والديمقراطية والعلمانية.
2 ـ العمل لكسر احتكار القوى الطائفية والمذهبية للمسرح السياسي اللبناني.
3 ـ العمل لتغيير النظام اللبناني باتجاه علماني وعصري وديمقراطي.

31
ليس تأييداً ل وفاء سلطان وإنما دفاعاً عن حق التعبير والمعتقد في مواجهة قوى الاستبداد
رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com

 
أثارت الرسوم الكاريكاتورية حول النبي محمد عاصفة من الرد الفعل العنيف في العالم العربي والإسلامي تحت ذريعة اهانة المقدسات والرموز الإسلامية. بغض النظر عن الأهداف الحقيقة لنشر تلك الرسوم الكاريكاتورية في الصحافة الدنمركية ومن ثم العالمية فهي نوع من حق التعبير السلمي عن ألرأي وان كان حادا ولا بد إن يُرد بالحوار الهادف وبالحجة والبينة أو حتى اللجوء إلى المحاكم وليس الرد باستخدام العنف والقتل والحرق والتهديدات النارية التي قام بها بعض قوى الإسلام السياسي من أنظمة حاكمة وأحزاب سياسية وجماعات متطرفة وقد استغلوا هذه الفرصة لتعزيز مكانتهم وسلطتهم القمعية وتحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية للجماهير وكذلك ترسيخ أفكار التعصب والاستبداد الديني في مواجهة الأفكار العلمانية والمدنية.

في أخر برنامج للاتجاه المعاكس حول تلك الرسوم والتي كانت الدكتورة وفاء سلطان احد الضيوف والتي حاولت إن تطرح وجهة نظر انتقاديه حول الموضوع مغايرة للتعصب الإسلامي السائد المسيطر على العالم الإسلامي , ومن الممكن إنها أرادت إن تبدأ مداخلتها بانتقاد أسس العنف والتعصب في الإسلام والتي مازال يروج لها بعد أن استطاعت الحركة اليسارية والعلمانية والليبرالية والمتدينة المتنورة في الغرب منذ فترة طويلة إن تقصي المسيحية ودورها السلطوي والدموي العنيف في المجتمع وفرض عليها تقبل واحترام الحقوق الديمقراطية والفردية, وأهمها حق التفكير بحرية والتعبير , وهما ما زالا بحاجة إلى تطوير كبير وتحريرهما من سيطرة طواغيت الإعلام والرأسمال وإتمام عملية فصل التام للدين عن الدولة. الزميل فيصل القاسم ومنذ البداية أعلن انحيازه إلى الطرف الإسلامي تناغما مع خط الجزيرة الحالي ومنحه معظم الوقت وبهدوء ودون مقاطعة وتم مقاطعة الدكتورة وفاء سلطان مرات عدة وللأسف تحول البرنامج إلى حوار حاد ومتشنج ومهاترات من الطرفين . نعم وفاء سلطان تعرضت بشكل حاد إلى ما يسمى للمقدسات وبغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي معها في التوقيت والأسلوب , فاعتقد إن لها وللجميع كل الحق في التعبير عن رأيهم السلمي حول ذلك الموضوع ونقد ركائز الإسلام وسائر الأديان والأفكار الأخرى .

اعتذار فضائية الجزيرة المخزي عن الحلقة المذكورة وعن مداخلة وفاء سلطان فيها يعني رضوخها للإسلام السياسي المتطرف واعترافها وتطبيقها الفعلي لاتفاقية - وثيقة تنظيم عمل الفضائيات - السيئة الصيت التي تبناها وزراء الإعلام العرب في اجتماع استثنائي بالقاهرة الشهر الماضي , والتي من المؤكد ستلحقها اتفاقية حول مواقع الانترنت والتي تتضمن عدم التجاوز على المقدسات من آلهة وأنبياء وذوات الجلالة والسمو والرئاسة !, وحماية المصالح العليا للدول العربية !! واعتقد إن الهدف الأساسي والرئيسي لهذه الوثيقة هو تحديد وتقييد حرية التعبير والصحافة في العالم العربي بعد أن كانت للثورة التكنو-إعلامية عامل كبير في تطويرها وخروجها من سيطرة حكومات وقوى القمع على مختلف إشكالها.

كماركسي من الممكن إن اختلف مع بعض الآراء السياسية للزميلة الدكتورة وفاء سلطان وخاصة موقفها من الجرائم الأمريكية والإسرائيلية, واتفق مع البعض الأخر و لكن في مواجهة قمع واستبداد الحكومات الدكتاتورية في المنطقة وعنف وتعصب الإسلام السياسي المتطرف , أتضامن معها و في حقها الكامل في طرح أرائها بكل حرية وأمان وان اختلفت معها , واعتقد إننا كيساريين وعلمانيين وديمقراطيين علينا إن نلتزم موقف الدفاع بقوة عن حق التعبير والمعتقد مهما كان دينا أو فكرا أو إلحادا , واستخدام الحوار الحضاري السلمي البناء في الوصول إلى الحقائق والابتعاد عن المهاترات والتشنجات والإساءات أو فرض القدسية على بعض المواضيع والأديان والشخصيات وعدم السماح بالتعرض لها , إذ أن النقد مهما كان قوياً وواضحاً وشفافاً يفترض أن يحترم الرأي والرأي الآخر. وان تقبل وسماع الرأي والرأي الآخر لا يمنع ولا يضعف النقد الموضوعي العقلاني والهادف والهادئ بأي حال, بل يستوجبه.

**********************************

الجزيرة تعتذر لمشاهديها عن الإساءة للإسلام بالاتجاه المعاكس
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/19840B5E-1347-4A29-B12E-0F3847836199.htm

32
مدنيون : يساريون , علمانيون , ديمقراطيون , تحرريون , جميعا ومعا من أجل الدولة الديمقراطية العلمانية المدنية.
رزكار عقراوي
برز في الفترة الأخيرة توجه ايجابي كبير ونشط للعمل المشترك بين القوى المدنية من يساريين وديمقراطيين وعلمانيين في العراق. وقد تجلى ذلك في عدد من النشاطات المهمة التي ترفع العمل من أجل التعاون والتنسيق إلى مستويات جديدة مثلاً:
لقاءات سياسية وحوارات ونقاشات فكرية واتصالات  بين الأطراف المختلفة , إعلان  قوى وأحزاب ومنظمات  يسارية وديمقراطية وعلمانية وليبرالية دعمها واستعدادها للعمل المشترك ، والذي سبق وأعقب بدء  حملة/حركة "نداء من اجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق"  - مدنيون -.
 
حملة ونداء "مدنيون" التي شارك في إطلاقها الحزب الوطني الديمقراطي والحزب الشيوعي العراقي والحركة الاشتراكية العربية بمشاركة المئات من الشخصيات السياسية والفكرية والاجتماعية، وتبع ذلك طرح مواقف سياسية داعمة وايجابية جدا مثل اتحاد الشيوعيين , حركة اليسار الديمقراطي العراقي , أو إبداء الاستعداد الكامل للعمل المشترك مثل موقف مؤتمر حرية العراق, وكذلك الدور  المتميز للكثير من الشخصيات السياسية  والفكرية الداعية للعمل المشترك وايجاد بديل انساني اخر للاوضاع في العراق مثل الإخوة  كاظم حبيب , سمير عادل , نزار عبدا لله  , حميد لفتة , صادق اطيمش , ياسين النصير, قاسم حسين صالح ,عبد العال حراك , عماد الأخرس, فرات المحسن ............ الخ.
 
إن لأغلبية التيارات اليسارية والديمقراطية واللبرالية العراقية  الآن رغبة جدية وحقيقية للعمل المشترك فيما بينها والبعض منها أعلن استعدادا واضحا لذلك و مواقف سياسية ناضجة ومتزنة , ولو – وللأسف - لا يزال هناك نوع من  الاستهانة والقصور في فهم أهمية ودور واليات التحالفات السياسية , و كذلك وجود التردد والتحفظ والتعصب التنظيمي والشخصي عند البعض الآخر ، وخاصة في مستويات قيادية، ولكن المواقف بشكل عام  تتجه نحو التغيّر وتبشر بالخير.
اعتقد أن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني المتردي  في العراق , والتقارب الكبير والمواقف السياسية الايجابية للقوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية , والتوجه المتنامي للقواعد الحزبية والدعم  الجماهيري العام  للعمل المشترك  سيفرض -عاجلا أم أجلا-  البدء بالتحالفات والتنسيق و إنهاء حالة التباعد والمنافسة المخلة الذي اضر كثيرا بالتيار اليساري والديمقراطي والعلماني على كل الأصعدة. وقد برز ذلك في الانتخابات الأخيرة مثلاً , إذ فقدت تلك التيارات مئات الألوف من الأصوات  نتيجة الاشتراك بعشرات القوائم اليسارية والديمقراطية المتشتتة ، وذلك بتحويل تلك الأصوات إلى القوائم الدينية والقومية الكبيرة , أو بعدم الاشتراك في الانتخابات ومقاطعتها. إن معظم هذه التيارات والقوى الآن متفقة على العمل من أجل دولة ديمقراطية علمانية مدنية في العراق.  نعم ، أنه من الواضح ثمة اختلافات في المفهوم وآليات العمل ولكن من المؤكد أنه من الممكن تقليصها خلال الحوار البناء و التنسيق والعمل اليومي المشترك على نقاط الالتقاء.
 
إن ّ حملة /حركة - مدنيون-  هي المبادرة الأولى  للعمل المشترك الواسع وهي آخذة بطريق التطور المستمر , كما أنها  باتت الآن تحظى بدعم تيار واسع من الأحزاب والقوى الديمقراطية وألوف المواطنين والمواطنات الذين شاركوا في الحملة من مختلف الاتجاهات السياسية ، منهم  يساريون , علمانيون , ديمقراطيون , تحرريون , إسلاميون  وقوميون متنورون , واعتقد إن بتطويرها وبتحويلها إلى حركة سياسية  واجتماعية ستصبح ذات تأثير أكبر و أهمية متعاظمة ، وسوف  تتحول إلى واجب و مهمة يتحملها كل ّ من يتطلع إلى دولة ديمقراطية علمانية مدنية حديثة في العراق.
واطرح هنا بعض المقترحات التي باعتقادي انها من الممكن ان تعزز من مكانة الحملة/الحركة وتطورها :

 -  تجنب فرض أو إعطاء دور خاص ومميز أو قيادي لاتجاه حزبي أو سياسي معين , أو إقصاء تيارات حزبية وسياسية أخرى ومنعها من المشاركة في الحملة/الحركة , ولا بد من تعزيز طابعها الجماهيري المستقل وذات الاتجاهات المختلفة , حيث إن تلك الممارسات الخاطئة أثبتت ضعفها و فشلها وأضفت المزيد من التشتت على القوى اليسارية والعلمانية والديمقراطية في العراق ومن الممكن أن تنعكس بشكل سلبي كبير على الحملة/الحركة وتطورها.
 
 - ضرورة تشكيل لجنة تنسيق معلنة للحملة/الحركة تتكون من الجهات التي أطلقت الحملة , والتي دعمتها أو انضمت إليها فيما بعد , والشخصيات المستقلة.  تقوم هذه اللجنة بمهام إدارتها وتطويرها والبدء بمشاريع متعلقة بخط الحملة/الحركة على أرض الواقع ، واعتقد أنه من الضروري للغاية أن تضم ّ تيارات واتجاهات وشخصيات يسارية وديمقراطية وعلمانية وليبرالية مختلفة ومن كلا الجنسين.
 
 -  حشد الطاقات لإنجاح الحملة/الحركة وتوجهاتها من خلال دعوة كافة الأطراف اليسارية والقوى الديمقراطية والعلمانية والمعتدلة الأخرى وكذلك النقابات ومنظمات المجتمع المدني للانضمام إلى الحملة ونشاطاتها المستقبلية , ودعمها ، و من الممكن إعلان تحفظاتهم إن وجدت والحوار عليها من اجل تطوير واغناء خط الحملة وحركة - مدنيون -. كما  أعتقد أن للكثير منهم  مواقف متقاربة من خط الحملة ، من الذين ابدوا الاستعداد للعمل المشترك دون شروط مسبقة من خلال الاتصالات والحوارات معهم  أو في المواقف المعلنة.
 
 - تكثيف الحوار والكتابة حول أهمية وضرورة العمل من أجل الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية في العراق وحركة - مدنيون- وأهدافها وآفاقها .
 
 - من الممكن أن يكون لحركة - مدنيون - موقع انترنت خاص بها يضم رابط الحملة والمواضيع المتعلقة بها من مختلف الاتجاهات وحتى المنتقدة للحملة بشكل بناء , و لقاءات و حوارات مع الشخصيات والقوى السياسية وعموم المشاركين في الحملة.  وان أمكن إصدار نشرة أسبوعية حول الحملة.
 
-  تفصيل الخطوط العامة التي طرحتها الحملة/الحركة وتعزيز وتوضيح خطها السياسي نحو الدولة الديمقراطية المدنية العلمانية ، والتمهيد والعمل من أجل تقوية حركة - مدنيون - تنظيميا وسياسيا وتوسيعها داخل وخارج العراق.
 
 - دراسة التجارب المشابهة للعمل المشترك في المنطقة مثل حركة - كفاية - في مصر والاستفادة منها.
 
رزكار عقراوي
rezgar1@yahoo.com
ماركسي مستقل

حملة/نــــــــــداء من اجل بناء الدولة الديمقراطية المدنية في العراق
http://www.ahewar.org/camp/i.asp?id=114

صفحات: [1]