عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - عبدالمسيح الحسيني

صفحات: [1]
1



مقدمة لتاريخ القومية الكلدانية والاثورية:     
       
نشات الحضارات الانسانية الاولى في المناطق التي كان يتوفرفيها الماء للشرب وللزراعة. في جنوب غرب اسيا وجدت منطقة الهلال الخصيب ارضها خصبة وصالحة لبناء المدن الاولى في تاريخ البشرية، خصبة في  تُربَتها لانتاج الغذاء وسط منطقة تحيطها صحراء قافرة لا ينبت فيها شيئاً. ولنفس السبب كانت المنطقة هدفا للهجوم وللاحتلال من قبل الشعوب المجاورة: شعوب الانضول (تركيا) من الشمال، العيلاميون (الفرس) من الشرق، الروم اليونانيون من الغرب، والعرب المسلمون من الجزيرة في الجنوب.
مع بداية البشرية على سطح الارض إن كانت حسب التاريخ الديني من آدم و حواء أوحسب نظرية التطور الطبيعي، في كلتا الحالتين من المنطقي جدا ان نتصوران الجماعة البشرية الاولى كانت صغيرة ومحدودة العدد  وتكلمت لغة واحدة بدائية ومحدودة الكلمات، وهكذا في العصور الاولى من التاريخ كانت الجماعات البشرية الاولى وإن إختلفت في تسمياتها من سومر، اكد، بابل وأشور لكن كلها إشتركت في حقيقة ثابتة واحدة هي انهم عاشوا على ارض ميزوبوتامية = بلاد بين النهرين = بلاد الرافدين وإنه كان لكل تلك الجماعات اسلوب بسيط ومُشابه في الحياة وهوإن مصدر رزقهم كان على الزراعة والصيد وثم تربية الماشية، الاختلاف الكبير كان في طبيعة الآلهة والاصنام التي  تعبدها تلك الجماعات. إذن يصح ان نقول ان الواقع الاجتماعي للحضارات الانسانية الاولى
City   مدينة  Civilian  مدني   Civilization مدنية او حضارة   
كان عبارة عن قبائل وعشائر تتمركز في هذه المدينة او تلك وتعيش على ارض واحدة ( دولة بالمفهوم الحديث) هي ميزوبوتامية، ولم تكن بصيغة  الشعوب الكبيرة في الدُوَلْ الحديثة التي تعيش في دُوَل متباعدة تختلف فيما بينها من حيث  جغرافية الارض والمناخ و روافد الاقتصاد و...الخ
الجماعات كانت تعيش بدافع غريزي يجعلها تتصارع  في حروب مستمرة فيما بينها من اجل االبقاء والسيطرة على ارض ومياه ميزوبوتامية.  وكان كلما إزداد نفوذ إحدى الجماعات، حصل توسع وإستعمال القوة من قبل تلك الجماعة  للسيطرة وإحتلال اراضي الجماعات الاخرى. وكان كلما تفوقت جماعة واحدة مدنياً او عسكريًا او سياسيا اصبح العصر يسمى باسمها. مثل هذاالتفوق هو اللذي جعل من العصر الفلاني سومريا والاخر اكديا (سِماته الاساسية اللغة الاكدية) او بابليا (سماته الاساسية العاصمة بابل وإدخال اللغة الارامية) او اشوريا (سماته الاساسية التفوق العسكري وإحتلال الاقاليم المجاورة)، دون ان يعني ذلك بانه كلما صعدت مجموعة واحدة الى السلطة تلاشت و انتهت المجاميع الاخرى. حالة شبيهة حدثت في العصر الحديث عندما إحتل العثمانيون البلدان العربية واراضي كردستان ومدن الكلدان والاثوريين، حيث كان يُطلق على كل تلك الاقاليم الواسعة التي إحتلها العثمانيون إسم واحد هوالامبراطورية العثمانية، دون ان يعني ذلك ان القوميات التي شملها الاحتلال العثماني (من العرب والاكراد والكلدان والاثوريين) ذابت او إنقرضت بفعل الاحتلال العثماني. الامبراطورية الاشورية ايضا في عصورها الاخيرة تميزت في الافراط في استعمال القوة العسكرية واحتلال مدن الكلدان وبلاد ارام والفينيقيون (لبنانيون القدماء) و مصر غربا وبلاد القوقاز شمالا، دون ان يعني ذلك ان الكلدان وغيرهم انتهوا من الوجود تحت الاحتلال الاشوري. لو كان كلدانيو اوور تلاشوا وإنتهوا امام الاحتلال الاشوري،  كيف صعد الكلدانيون الى الحكم في بابل الثانية بعد ان كانت بابل إحتُلت مرتين من قبل اشور؟ من اين اتوا الكلدانيون الجُدَد في بابل الثانية؟ كيف نستطيع ان نقطع التواصل التاريخي بين اوور الكلدانيين والكلدان في بابل الثانية؟

قبل البدء في الكلام عن تاريخ الكلدان والاثوريين هناك بديهات ومراجع تاريخية يجب الرجوع اليها عند الكلام عن تاريخ ميزوبوتامية(العراق القديم). وان لا كيف نتكلم ونقَيم عصراً يبتعد عن عالم اليوم الاف السنين.  لواهملنا الكتب التاريخية واهملنا الحقائق المحفوظة في المتاحف، عندها كل طرف يستطيع تحريف التاريخ لمصلحته والقول ان الواقع التاريخي لم يكن هكذا بل كان بشكل اخر ! هذا ما يحصل اليوم عند بعض الاثوريين عندما يرفضون الاستعانة بكتب التاريخ لمعرفة تاريخ الكلدان وجذورهم  في ميزوبوتامية الاف السنيين قبل الميلاد، ويصرون على القول ان مُصْطَلَح الكلدان تم إختراعه من قبل المبشريين الفرنسيين بعد القرن 16 ب.م. ولم يكن موجودا قبل ذلك.

1. الكتاب المقدس بقسميه العهد القديم والجديد يعتبر المرجع الاقوى والاكثر ثباتا (طُبع باستمرارعبر كل القرون) في سرد الوقائع والصراعات بين الشعوب القديمة السومرية والبابلية والاكدية والاشورية في ميزوبوتامية و الشعوب الارامية في سوريا و الفراعنة في مصر، ولا يوجد كتاب اخر ينافس الكتاب المقدس في سرد تلك الاحداث بتفاصيلها الدقيقة.

2. الدليل الوحيد على وجود لغة معينة في مرحلة تاريخية معينة هو المؤلفات والكتب التي كتبت بتلك اللغة في ذلك التاريخ. المؤلفات التي تركها لنا التاريخ القديم عن ميزبوتامية من اسفار العهد القديم هي مكتوبة اما بالارامية (سفر دانيال وعزرا) او بالعبرانية (باقي اسفار العهد القديم). بمعنى ان اللغات الحيوية التي استعملت في تلك العصور هي الارامية والعبرانية وثم الترجمات اليونانية بعد دخول الامبراطورية الرومانية اليونانية الى الدين المسيحي بعد القرن الميلادي الثالث. وهي تعتبر اليوم اللغات الثلاثة الاساسية في تلك العصور ولا يذكر التاريخ اطلاقا شيئا اسمه * اللغة الاشورية* لان لغة الاشوريين ايام عظمتهم كانت الاكدية والبابليون الكلدان ادخلوا اللغةالارامية من بلاد ارام (سوريا) الى ميزوبوتامية. والملاحظة العملية في هذا المجال هي ان طبعات الكتاب المقدس في اللغة العربية مثلا تذكر على الصفحة الاولى من الكتاب بانه ترجم من اللغات القديمة الاصلية العبرانية والارامية واليونانية.

3. عالم اليوم يسير ويتطور بمقاييس وقوانيين سياسية ليست مصاغة من الدين رغم التائقها مع الدين في الحفاظ على القيم الانسانية. لكن في العصور الوسطى وما سبقها فان الانتماء الديني للفرد كان هو المهم ويذكر قبل الانتماء القومي بل في كثير من الاحيان كان الفرد يُسَمى حسب انتماءه  الديني كي يفهم من خلاله الانتماء القومي لذلك الفرد. كان الدين هو يحرك الحياة و يحرك تفكير الناس وعواطفهم. من تعليمات الدين كانت تصاغ نصوص اقوانين ومناهج التربية والتعليم. اليهود مثلا ذكروا غالبا باسم الدين (يهود) ونادرا ذكروا باسم القومية العبرانية. اليوم المسلم التركي اوالعربي اوالفارسي ايضا يطرح نفسه كمسلم دون ان يذكر انتماءه القومي، لكن هذا لا يعني ان هذا المسلم التركي او العربي او الفارسي لا قومية له لانه لا يذكرها عندما يتكلم عن نفسه، بل السبب هوان مثل هؤلاء يعتزون بانتمائهم الديني اكثر من انتمائهم القومي. هذا بالظبط حصل مع الكلدان اذ ذكروا من باب انتمائهم الديني الكاثوليكي لان الخصوصية الدينية هي التي حافظت على هويتهم القومية وان لا كانوا قد انتهوا وانقرضوا امام هجوم الفرس والعرب.  لكن هذا لا يعني ان الكلدان نسوا يوما قوميتهم بل بالعكس لولا جهود الكلدان في طباعة الكتب الكنسية وتعليمها من جيل الى جيل لكانت اللغة الارامية (السريانية) قد انقرضت وزالت عن الوجود.
الاثوريون ايضا ذكروا مباشرةً بعد الانشقاق النسطوري من باب انتمائهم الديني كنساطرة. و توقف استعمال كلمة اشور واشوريون لمدة 17 قرنا هي الفترة بين الانشقاق النسطوري والحرب العالمية الاولى. في تلك الحرب  الاثوريون من تركيا (هكاري و طورعبدين) إشتركوا في الحرب حلفاء مع روسيا ضد وطنهم تركيا. لكن مع قيام الثورة البولشفية في روسيا انسحب الجيش الروسي  من الحرب للتفرغ للامور الداخلية المستَجَدة في روسيا. هكذا تخلت روسيا عن حماية الاثوريين فاصبحوا مع السريان والارمن عسكريين يتامىامام انتقام فرمان رئيس تركيا الجديد مصطفى كمال اتاتورك، فاضطروا الى الهرب من الََموت ونزحوا الىالعراق حيث تم إخلائهم الى معسكرات اللجوء في بعقوبة. في الحرب هُزِمَت الامبراطورية العثمانية وتم تفكيك اقاليمها الواسعة. وتم سلخ او قطع اقليم الموصل (نينوى) من الخارطة العثمانية وادخل الى الخارطة الجديدة للعراق. في  تلك الاوضاع الحساسة نشط اللاجئون الاثوريون النازحون من تركيا اتاتورك والموجودون في كمبات اللاجئين في بعقوبة، للمطالبة باقامة دولة جديدة لهم علىارض بلاد مابين النهرين (بت نهرين) في بقاع اقليم الموصل. قال الاثوريون للانكليز: حسناً فعلتم إذ قطعتم نينوى من خارطة تركيا،لكن لا تدمجوها مع العراق بل اعطوها لنا لنبني فيها دولتنا الجديدة لاننا لاجئون ليس لنا مسكنا في العراق وإن نينوى كانت عاصمة امبراطوريتنا الاشورية. وقف الانكليز من ذلك المطلب في حينها موقفا حذرا بسبب الواقع الجديد للموصل قوميا ودينيا، الا انهم رأوا فيه منفذا ايجابيا  للدخول الى المنطقة بحجة الدفاع عن الحقوق القومية للاقليات في العراق. هنا دور الانكليز تجاه الاثوريين كان مماثلا لدور فرنسا تجاه الكلدان في القرن 16. (التفاصيل في احداث الحرب العالمية الاولى)


4. لغات الحضارات القديمة:
مع بداية البشرية على سطح الارض،الجماعة البشرية الاولى كانت صغيرة ومحدودة العدد  وتكلمت لغة واحدة بدائية ومحدودة الكلمات كانت تتكون من مفردات الزراعة والصيد.  ثم مع زيادة عدد البشر وتطورهم، تطورت ايضا اللغة ودخلت اليها مفردات جديدة. عصرالتجارة والصناعة ادخل الى اللغة مُفردات التجارة والصناعة. والان في عصرنا،الانترنيت ادخل هو الاخر الكلمات الخاصة به الى كل اللغات. وهكذا كلما كانت اللغة قديمة اكثر كانت حروفها و مفرداتها اقل عددا. لذلك فأن اللغة الارامية تكون من 22 حرفا بينما العربية تتكون من 28 حرفا لان الارامية اقدم بكثير من العربية. وكانت اللغات السائدة في ميزوبوتامية نوعين: * لغة السومريين (لم تكن من اللغات السامية)  و* فروع اللغات السامية ( اكدية، ارامية، عبرية، عربية)
حروف وكلمات اللغة السومرية كانت تتكون من الصورالتي تحمل معنى الكلمة. تلتها اللغة الاكدية التي اجتاحت  كل بقاع ميزوبوتامية البابلية والاشورية قبل دخول اللغة الارامية. الاشوريون في ايام الحضارة الاشورية الاولى تكلموا اللغة الاكدية. ثم العمورين - وكانوا منتشرين في بلاد ارام غربي الفرات ويتكلمون الارامية-  يغزون  ميزوبوتامية ويبنون العاصمة بابل على نهر الفرات و يدخلون اللغة الارامية للمنطقة. بعدها اصبحت الارامية هي اللغة الجديدة للبابليين والاشوريين والبديلة عن اللغة الاكدية.  واستمرت الارامية لتكون اللغة السائدة في  كل بقاع ميزوبوتامية الى ايام الاحتلال الفارسي لميزوبوتامية اللذي ادخل اللغة الفارسية ايضا الى شرق الفرات. وبعد ذلك سقط الفرس في معركة القادسية امام فتوحات العرب المسلمين اللذين جعلوا من العربية اللغة السائدة في العراق. ولا يذكر التاريخ شيئاً اسمه( لغة اشورية).
باختصار الوجود القومي للكلدان في بابل  سبق عصر الاديان في ميزوبوتامية، ويمتد الى 3500سنة قبل الميلاد في سومر واكد وبابل. التاريخ يتكلم عن الكلدان وعن حمورابي وعن نبوخذنصرعندما كانت المنطقة كلها غارقة في الوثنية وقبل ظهور المسيحية بآلاف السنين اذ كانوا قوما وثنيا في ايام ابينا ابراهيم، ثم كلم الرب ابراهيم قائلا: اخرج من ارض ابائك االوثنيين من اوورالكلدانيين واصعد الى الارض التي ادلك عليها كي تستطيع ان تعبد الهك السماوي(سفر التكوين 11: 31 و 12: 1 ). وبعد المسيح اعتنق الكلدان والاشوريين المسيحية. وهكذا فان عُمرالدين المسيحي وطوائفه اقصربكثير من عُمرالقومية الكلدانية. ولا يجوزالخلط بين التركيبة القومية للكلدان وبين تركيبتهم الدينية ككاثوليك.  اذن كيف يمكن القول ان الكلدان ليسوا تركيبة قومية بل فقط طائفة دينية تعني الكاثوليك كما يدعي الاثورييون؟ وكيف ان كلمة الكلدان هي حديثة و تم *اختراعها* من قبل المبشريين الفرنسيين في القرن 16 عندما جاؤوا الى المنطقة للتبشير بالكثلكة؟ هل ان الفرنسيين والطليان واسبانيا كلدان لانهم كاثوليك؟ كيف يمكن لهذا التزوير او التصغير في عمر الكلدان ان ينجح  من 3500 سنة ق.م  حيث ذُكر الكلدان مع ذكر ابراهيم و اوور الى 1600سنة ب.م ، هذا التزوير في التايخ يبلغ اكثر من 4000 سنة.
وبالمقابل كان قد اطلق على الاثوريين تسمية النساطرة في زمن الانشقاق الدينى، ولم تستعمل كلمة الاشوري بعد ذلك وإختفت ل 17 قرنا لتظهر بعد الحرب العالمية الاولى بمساعدة الانكليز. اذن هل يمكن القول ان كلمة الاشوري هي * اختراع* انكليزي عندما بدأ الانكليز بدفع الاثوريين الى الواجهة السياسية بعد الحرب العالمية الاولى؟ (تفاصيل العلاقة بين الاثوريين والانكليز في الصفحة الخاصة بتطورات الحرب العالمية الاولى)

5. القومية هي عبارة عن شعور الانسان بالانتماء الى هذه القومية او تلك اكثر من كونها تُفرض او تُغَيَرعن طريق الاغراء اوالامتيازات. الكلدانيون او الفرد الكلداني هو اللذي يعبر ويقول عن انتماءه وماهية قوميته ولا يجوز ان  يَسْلُب الاخرون هذا الحق ويتكلموا نيابة عن الكلدان عن قومية الكلدان وانتمائهم التاريخي. مثلا هناك بعض الكلدان تحت تأثير الخوف كتبوا مرة في حقل القومية في الاحصاء السكاني (العربية) واخرون قالوا عن انفسهم عربا في سبيل الحصول على امتيازات او اراضي سكنية في هذه المدينة او تلك. لكن الان وبعد زوال تلك الظروف يصبح الكل قادرا على التعبير عن انتماءه الصحيح من دون غصب او إكراه من احد. 



بداية الحضارات / الالفيات والقرون قبل المسيح :
1. الحقبة السومرية: 1900-3500 ق.م  كلكامش(2750) بطل اسطوري يحكم باسم ملك اوروك.
    سلالة اوور الثالثة(2250) =الملك اورنمووالامير كوديا.
2. العيلاميون (الفرس)  2000 ق.م  يدمرون اوور.
3. البابليون على نهر الفرات والاشوريون على نهر دجلة:
    1900 البابليون الاوائل (العمورييون) من سوريا يقضون على  سومر
    1800 حمورابي على عرش بابل
    1600 هجوم الحثيين من جنوب تركيا ينهي حكم حمورابى.
    1500 اقوام من اناضول تنهي حكم اشورالاولى.
    1400 تصاعد نفوذ بابل = الملك كوريكالزو.
    1200 نبوخذنصر الاول(سلالة بابل الاولى) يطرد العيلاميين من ميزوبوتامية.
    1100 تجلتفلآسر الاول (1115-1077) يعزز قوة اشور الى حقبة جديدة.
    1000 قوة اشور التي بناها تجلتفلآسر الاول تتهشم امام هجوم الاراميين (الملك ادادنيناري الثاني) واقوام من
             جبل زاكروس
    900  اشورناصربال الثاني (883-859) يبني العاصمة الجديدة قالح عوضا عن اشور
    800  تجلتفلآسر الثاني  يوسع الامبراطورية من الخليج الفارسي الى مصر. تجلتفلآسر الثالث (747-728)
    700 اشورناصربال يوسع الامبراطورية من النيل الى جبال قوقاز. سنحاريب (704-681)
    600  نبوخذنصر الثاني (604-562) الكلدان يبنون بابل مجددا والقضاء على اشور.
    500  حكم الفرس في بابل وثم سقوطتهم امام فتوحات اسكندر الكبير.   



1. نشأت الحضارات الانسانية الاولى بين نهري دجلة والفرات بسبب خصوبة الارض و توفرالماء للزراعة  وتربية الماشية. الحضارة السومرية: نشأت 4000-2003 ق.م، السومرييون إتخذوا من اوور الكلدانيين عاصمة لهم. كانت اوور تقع في جنوب العراق على احد روافد نهرالفرات 250 كم جنوب بغداد، يسميها العهد القديم احيانا اوروك . وتسمى في عراق اليوم الورقاء. من مدن سومرالاخرى لكش وأريدو. السومريون ابتكروا الكتابة الخاصة بهم، حروف اللغة كانت تتكون من رسوم. لغتهم لم تكن من اللغات السامية وهم كتبوا اول ملحمة تاريخية باسم ملحمة كلكامش. من العاصمة اوور خرج ابو المؤمنين ابراهيم الى ارض كنعان، و.مع ذكر ابراهيم يبدأ ذكر الشعب الكلداني الاف السنين قبل المسيح بل ومنذ كتابة الصفحات الاولى من تاريخ البشرية على الكرة الارضية إلا ان الكلدان انذاك لم يكونوا على رأس الحكم (سفر التكوين 10: 8-12 ، 11: 28-32 ،  24: 10-  11). فكيف يقول البعض ان كلمة الكلدان (اخترعها) المبشرون الاوروبيون في القرن 16 ؟ من هم الكلدان اللذي يتحدث عنهم الكتاب المقدس في سفر التكوين وغيره؟ يذكر التاريخ اخبار القومية الكلدانيةعندما لم يكن في الوجود شيئ اسمه الدين المسيحي ولا المذهب الكاثوليكي، إذن كيف يمكن حصر كلمة الكلدان لِتَعني فقط المذهب الكاثوليكي كما يُقال في الكتابات السياسية للاثوريين الجدد.

2. الحضارة الاكدية: 2325-2281 ق.م الاكديون من شمال الجزيرة العربية تحركوا شمالا نحو سومر. سرجون الاكدي (سرجون الاول 2279-2335) اسقط سومر وهو مؤسس سلالة اكد.العاصمة اكد بنيت في المنطقة التي بنيت فيها فيما بعد بابل. اللغة الاكدية اول لغة سامية(نسبة الى سام بن نوح : العبرية والعربية والارامية) استُعملت في ميزوبوتامية واصبحت الاكدية في ما بعد لغة بابل واشور. في2400 ق.م و للمرة الاولى تم كتابة حروف اللغة الاكدية لكن باستعمال الخط المسماري. الملك حمورابي اَدخل تحسينات إملائية على كتابة اللغة. وفي ايام حمورابي كانت اللغة تتكون من 20 حرف صامت و8 حرف علة. الاكديون اول من صَنفوا الكلمات بحيث جمعوا كل الكلمات التي تبدأ في نفس الحرف في مجموعة واحدة، مثلا مجموعة حرف الف، وباء ، ومجموعة حرف د . وهذه كانت اول تجربة عملية لتأليف القواميس.
 مع انتشار اللغة الاكدية اصبحت تهدد اللغة الارامية في سوريا، إذ انها اصبحت الغة الرسمية لتبادل التجارة وتنظيم العلاقة بين القوى العظمى في ذلك الوقت. ومع  توسع الامبراطورية الاشورية كان الاراميون في سوريا قد ظعفوا بسبب الهجومات المستمرة عليهم من شعوب البحر(المتوسط حاليا). لذالك انفتحت شهية التوسع لدى الاشوريين غربا نحو بلاد ارام الظعيفة. وبعد احتلال بلاد ارام من قبل الاشوريين، عَمَد الاشوريون الى استعمال لغة الشعب الارامية كلغة بديلة للغة الاكدية وذلك لكسب عطف  شعوب ارام وحماية لغتهم الارامية من تغلغل اللغة االاكدية (اللغة الاكدية والارامية  تنتميان الى محور واحد هو اللغات السامية). إذن في هذه المرحلة الكلدانيون والاشوريون تحت حكم الاكديين ويتكلمون اللغة الاكدية، والاراميون في بلاد ارام يتكلمون الارامية.
بعد ذلك الشعوب الارامية من سوريا تتغلغل الى بابل. و رغم ان الاراميون اللذين دخلوا بابل اكتسبوا تراث البابليين وعبدوا آلهتهم، الا انهم جعلوا من الارامية اللغة السائدة في بابل عوضا عن الاكدية.
الملك اورنموا اقام السلالة السومرية الثالثة بعد اكد وعاصمتها اوور. ينتهي حكم سلالات اوور بهجوم العيلاميين من ايران القديم 2000 ق.م

3. حضارة بابل الاولى: 1900-1600 ق.م: العموريون( وهم اقوام سامية) والاراميون من صحراء سوريا يغزون ميزوبوتاميا ويقيمون فيها حضرات جديدة. العاصمة بابل نشات على الفرات وسط العراق في مكان اكد القديمة. العموريون عاشوا بامان مع السومريين الا انهم (العموريون) جلبوا معهم إله مردوخ وجعلوه فوق آلهة السومريين. في بابل بنيت واحدة من عجائب الدنية السبعة اي الجنائن المعلقة. السلالة الملكية البابلية الاولى تظمنت الملك حمورابي 1728-1686 اللذي كتب اول شريعة او دستور حكم في تاريخ البشرية المعروفة ب: العين بالعين والسن بالسن. ثم يحكم نبوخذنصرالاول 1130-1109 اللذي طرد العيلاميين (الايرانيين القدماء) اللذين كانوا قد اسقطوا الحضارة الاكدية وحكموا ميزوبوتامية.

4. الحثييون هم اقوام هندواوروبية من اسيا الصغرى (تركيا) حكموا في ميزوبوتامية بعد بابل الاولى واسقطوا حكم حمورابي في 1600 ق.م ولم تكن لغتهم سامية . حكموا بقوة بين 1600-1200 ثم ضعف نفوذ الحثييون الى ان سقطوا امام الاشوريين 717 ق.م


5. الحضارة الاشورية. نقرأ في سفر التكوين 10 الآية11:  من بابل خرج نمرود وبنى نينوى ورحبوت وقالح في أشور.  هذا النص يعني بوضوح ان نينوى- أشور كانت بمثابة فرع او توسُع عمراني من بابل وليس العكس بأن كلدان بابل هم فرع من اشور كما يزعم الاثوريون اليوم. إشتهرالاشوريون باستعمال الحديد المدبب (سيوف) كسلاح في حملاتهم العسكرية، هذا الى جانب استفادتهم من  فكرة العجلة التي اخترعها البابليون، اكتسبوا تقدما عسكريا (سلاح السيف والتنقل بعجلات تجرها الخيول) لم يكن متوفرا لغيرهم مما سَهلَ لهم احتلال الاقاليم المجاورة.  شهدت الحضارة الاشورية ثلاث عصور. اشورالاولى 1500-1375 ق.م بُنيت على نهر دجلة( أشوركات = الشرقاط = نهر أشور) لم تكن قوية سقطت امام هجوم اقوام من اناضول. اشور الثانية 1375-1047 توسعت في عهد تجلتفلآسر الاول (1112-1077) اللذي غزا بابل، لكن لم يستطع البقاء فيها بفعل هجوم الاراميين وقبائل من جبال زاكروز، اذ تم تحرير بابل وبعدها نشات الممالك الارامية الاولى في بابل (ارام النهرين) و دمشق وصوبا وحماة (سفر التكوين 24:10).
اشور الثالثة او الاخيرة 1100-612 ق.م تعاظمت في عهد اشرناصربال الثاني 883-858 اللذي نقل العاصمة الى قالح. بعدها إستأنفت رغبة التوسع الاشوري ايام شلمنصرالثالث 858-824 حيث تم احتلال سوريا وفلسطين في معركة قرقر. وفي عهد تجلتفلآسرالثاني وصلت حدود الامبراطورية الى مصر، ثم في عهد تجلتفلآسر الثالث 747-728 احتل دمشق وحكم بابل تحت اسم الملك فول. وفي فترة حكم سرجون الثاني 722-705 تمت السيادة على بابل والانتصار على الفلسطينيين والمصريين سنة671. اشوربانيبال 668-626 قضى على العيلاميين شرقا وغربا احتل صور و شمالا وصل الى جبال قوقاز. سقطت اشور الثالثة612 ق.م على يد الكلدانيين والميديين وبسقوطها انتهت عصورالحكم الاشوري ولم ترجع اشور بعد ذلك الى الحكم ابدا.
 باختصار الاحتلال الاشوري شمل الكلدان ودمشق الارامييين(سريان) ولبنان (مارونيون) وفلسطين ومصر وعيلام (ايران). هذه الخارطة الواسعة للاحتلال الاشوري التي مضى عليها3500 سنة ترتسم اليوم في الطموح السياسية للاثوريين الجدد ليقولوا ان كل تلك القوميات والاقاليم هم فروع او اشكال طائفية من القومية الاشورية ويجب ان يتركوا قوميتهم ويلبسوا القومية الاثورية.
 لغة الاشوريون الاولى كانت الاكدية، التي كانت ايضا لغة كل اقاليم ميزوبوتامية. قبل حكم بابل الاولى كانت الارامية لغة بلاد ارام او سوريا الحديثة، لكن بعد دخول الاراميين من سوريا الى ميزوبوتامية، حيث أقاموا  مملكة  بابل الاولى،عندها ادخَلَ الاراميون لغتهم الارامية الى بابل. ومن بابل انتشرت اللغة الارامية لتنتشر في كل اقاليم ميزوبوتامية الاخرى ومنها أشور(وفد سنحاريب يتكلم اللغة الارامية مع اليهود سفر الملوك الثاني 18: 17 و26 . و اشعيا 36:الاية 11و2 ) ولِتَحل محَل اللغة الاكدية.






6. حضارة بابل الثانية 626 – 439 ق.م.
في ايام مؤسسها نبوبولصر( والد نبوخذنصر) الكلدانيون من الجنوب والميديون من الشمال يهاجمون نينوى ويدمرونها سنة 612 ق.م. وهكذا ينتهي حكم اشور ولم يرجع الاشوريون بعد هذا السقوط ابدا الى الحكم في العراق القديم. لكن الكلدانيون رجعوا وحكموا المنطقة واقاموا مملكة بابل الثانية. بعد سقوط اخر امبراطورية اشورية وصعود الكلدان مرة اخرى الى الحكم في المنطقة وبعد ان تم اعلدة بناء بابل من قبل الكلدانين، يبدأ عصر مملكة بابل الثانية، و في كل النصوص التاريخية بعد إقامة بابل الثانية إستعملت كلمة بابل ككلمة مرادفة لكلمة الكلدان.
إذا لاحظوا الصراع على السلطة بين الاشوريين والبابليين( اشور ايام عظمتها احتلت بابل مرتين، الاولى في ايام حكم تجلتفلاسر الاول 1112 ق.م. والثانية في ايام حكم تجلتفلاسرالثالث سنة 729 ق.م. والان بابل الجديدة تُنهي حكم اشور وتُدَمِر نينوى)
ينتمي الىسلالة ملوك بابل الثانية نبوخذنصرالثاني(604-562 ق.م)اللذي احتل مملكة يهوذا في اسرائيل ودمر هيكل سليمان وسبى الاسرائيليون الى الاسر في بابل (587 ق.م). اليهود اثناء وجودهم في الأسر تعلموا الارامية ومعظم التاريخ اليهودي اللذي كُتب بعد السبي البابلي كُتب باللغة الارامية ومنه سفر عزرا. اليهود بقوا في الاسرفي بابل الى ان تم تحريرهم من قبل الملك الفارسي قورش 538 ق.م عندما سيطر الفرس على بابل والمنطقة في شرق الفرات. وفي عام 605 انتصر نبوخذنصر على المصريين ايام حكم الفرعون نَكو(609-594 ق.م)، فهيمن عل الاقاليم الغربية لاشور القديمة.  إذن لو استعملنا المنطق الاثوري في قراءة التاريخ نقول بما ان بابل الثانية هي التي انهت العصور الاشورية ودمرت نينوى، اذن الاثوريون يجب ان ينسوا اشور ويذوبوا في قومية الكلدان.

6. حقيقة تاريخية لصالح الاثوريين:

الكلدان ذُكروا بهذا الاسم منذ اوور الكلدانيين و ايام ابينا ابراهيم، اي 3500 سنة ق.م. ولكنهم حكموا بعد اشور الثالثة  لفترة قصيرة في بابل الثانية. الامبراطورية الاشورية بعد بابل الاولى حكمت المنطقة لفترة طويلة (اي 600 سنة) بين1200-612 ق.م. مقابل 70 سنة حكم للكلدانيين في بابل الثانية، لذلك فان النصوص التاريخية في الالفية الاولى قبل الميلاد تذكر اسم الاشورين اكثر من اسم الكلدان. لكن هذا لا يعني ان الكلدان يجب ان ينسوا قوميتهم ويتحولوا الى اشورين. حالة مماثلة حصلت بعد سقوط الدولة العربية العباسية وسيطرة العثمانيون 1516-1917. اذ بسبب حداثة الحقبة العثمانية في ذاكرة العراقيين اكثر من العصر العباسي، فان العراقيين  يذكرون ويتكلمون بدقة عن الحكم العثماني اكثر من الحكم العباسي. لكن هذا لا يجوز ان يعني إن العراق بلد عثماني وليس عربي او ان عرب العراق يجب ان يتركوا قوميتهم  ويتحولوا الى القومية العثمانية.

7. الحكم الفارسي 538-331 ق.م. بسقوط بابل الثانية على يد الملك الفارسي قورش يبدا الحكم الفارسي في ميزوبوتامية. في عهد الملك الفارسي داريوس الثاني والثالث 336-331 ق.م اجتاحت فتوحات الاسكندر الكبير آسية الصغرى وسورية ومصر حيث انهى الحكم الفارسي في المنطقة. بعد هذه المرحلة اقتسم النفوذ على ارض العراق امبراطوريتان الفارسية الى شرق الفرات وعاصمتهم الحدودية على النهر قطيسفون(المدائن) واليونانية الى غرب الفرات و مدينتهم الحدودية على النهر سلوقية. نهر الفرات كان يمثل الحدود الجغرافية بين القوتين اوالامبراطوريتين القويتين في العالم في ذلك الوقت.


الديانة المسيحية: ( إقرأ تفاصيل الانشقاق النسطوري وتفاصيل احداث الحرب العالمية الاولى)  
قبل المسيحية كانت اليهودية الديانة الوحيدة في العالم التي تؤمن بالله و كانت تُعتبر بأنها خاصة بالشعب اليهودي ( شعب الله المختار!).  لذا كان العالم قبل المسيحية يُقسَم الى نوعين من البشر 1.  يهود(مؤمنين باللله عبرالديانة اليهودية) و 2. الوثنيين، وكانت هذه الكلمة واسعة وتشمل كل القوميات والشعوب الغيرالمؤمنة بالله( = غير مؤمنة بالديانة اليهودية). الديانة المسيحية على العكس من اليهودية، اصبحت رسالة ودعوى مفتوحة لكل الشعوب والقوميات من شرق الارض الى غربها ( إذهبوا وتَلمِذوا كل الامم: انجيل متي 28 / الآية 19 ). وهذا اللذي حصل فعلا، إذ انتشرت المسيحية من فلسطين الى سوريا واسيا الصغرى (بلاد ارام والسريان)  ومن ثم شرقا عبر ميزوبوتامية(احفاد بابل واشور)الى الهند، وغربا الى بقاع الامبراطورية الرومانية (يونان واوروبا). بعد المسيحية اصبح الناس يُقسَمون ايضا على اساس الانتماء الديني الى: يهود، مسيحيين و وثنيين. امام الزحف المسيحي في العالم اصبح الانتماء القومي للناس بالمرتبة الثانية واقل اهمية من الانتماء للمسيحية. وبعد حصول الانشقاقات في الكنيسة المسيحية الواحدة حصلت الطوائف اوالمذاهب و إزدادالتعَصُب للدين و طوائفة بحيث إن الناس في كل طائفة اصبحوا يعتبرون ان إيمان طائفتهم هو الاصَح من الاخرين، وإتهمت الطوائف احيانا بعضها بعضاً بالهرطقة اوالخروج من الايمان القويم.
وهكذا بعد عصر الانشقاقات في الكنيسة وبسبب التعصب لهذه الطائفة او تلك، اصبح الناس يقسمون ويُسمَوْن حسب الانتماء الطائفي وليس الانتماء القومي. في بلاد مابين النهرين ايضاً  ضعُفت التسميات القومية مثل كلدان واثوريون وحل محلها تسميات 1. النساطرة وهم احفاد بابل واشوراللذين قبلوا المذهب النسطوري، إنتشَر في وقته فقط  شرق الفرات وبتشجيع الفرس بعيدا عن حدود الامبراطورية الرومانية و 2. اليعاقبة اللذين آمنوا بفكرة الطبيعة الواحدة التي نشرها الاسقف يعقوب البرادعي ( يعاقبة العراق احفاد بابل وأشور، ويعاقبة بلاد الشام احفاد بلاد ارام وفينيقيا). 

إذن يمكن الكلام عن تاريخ الكلدان والاثوريين  باختصار والقول بأنهم قبل المسيحية كانوا  شعبين مختلفين ابناء حضارتين متنافستين ومتصارعتين:  بابل على الفرات في وسط ميزوبوتامية واشورعلى دجلة  في شمال ميزوبوتامية.  المسيحية هي التي وحدت القوميتين (كلدان واشور) في اسم واحد هو المسيحيون و مع ابناء بني ارام في سوريا وابناء فينيقيا في لبنان (ابناء اربعة شعوب: كلدان واشور و بني ارام  وابناء فينيقيا) جمعتهم  في المسيحية. إستمرت المسيحية لموحدة في كنيسة واحدة الى عصر الانشقاقات، بعد الانشقاق إنقسمت المنطقة الى كنيستين : شرق الفرات في العراق الكنيسة النسطورية وغرب الفرات في بلاد الشام الكنيسة اليعقوبية. وبعد مجيئ المبشرين الكاثوليك من الكنيسة الغربية في اوروبا الى المنطقة لانعاش الايمان المسيحي ومعالجة الانشقاقات، رجع قسم كبير من الناس في الشعوب الاربعة (كلدان واشور و بني ارام  وابناء فينيقيا) الى المذهب الكاثوليكي لكنيسة اوروبا وسميوا في العراق الكلدان و في لبنان مارونيون وفي سوريا السريان الكاثوليك. واللذين إستمروا  في المذهب النسطوري  سُمِيوا بالنساطرة، . ولا يوجد نص تاريخي في الفترة  بين ايام نسطورس و الحرب العالمية الاولى يَستعمل كلمة الاشورين عند الكلام عن النساطرة.
وهكذا كلدان العراق هم المزيج من احفاد بابل وأشور اللذين توحدوا في الكنيسة المسيحية، ثم دخلوا المذهب النسطوري ايام الانشقاق الكنسي، ثم رجعوا (الاغلبية) الى الكثلكة بفعل المبشرين الغربين. لذالك لو طُُرحت اي مبادرة لجمع الكلدان والاثوريون بأسم واحد، فأن اسم الكلدان هو الجدير بلاستعمال لانه الاسم اللذي يجمع  الاغلبية من احفاد بابل واشور التي فيها حصلت التغيرات الجسيمة من الكنيسة الموحدة الى النسطورية ثم العودة الى الكثلكة. اما الاقلية التي بقت في المذهب النسطوري ولم ترجع الى الكثلكة فهم نساطرة لكن ايضاً مزيج من  احفاد بابل واشور. وهكذا لا يوجد اي تفسير منطقي في التاريخ يسمح بالقول ان الارث الحضاري المشترك  في المنطقة ( لابناء بابل واشور وارام وفينيقيا) والمتمثل  باللغة الارامية السريانية + الدين المسيحي هو حصة الاثوريون وحدهم او الكلدانيون وحدهم. ومن يطرح فكرة الاجتماع تحت اسم واحد فالفئة الصغيرة عدديا (اثوريون) يجب ان تتبع الفئة الكبيرة (الكلدان) وليس العكس.


الانشقاق النسطوري اللذي ألغى مصطلح اشور واشوريين (حل محلهم مصطلح نسطوري ونساطرة) لفترة 17 قرناً والى ايام الحرب العالمية الاولى :

سنة 428 م صعد الى السدة البطريركية في القسطنطينية البطريرك نسطورس وهو من مواليد مرعش في شمال سوريا. طرح نسطورس اجتهادا لاهوتيا حول مكانة مريم العذراء في اللاهوت المسيحي. قال نسطورس ان مريم العذراء هي فقط ام المسيح في الواجب الجسدي ( سفر التكوين 3: 15  اشعيا 7: 14 انجيل لوقا 1: 43  رؤية يوحنا 12: 1-6 ) وقال لا  يجوز تسميتها ام الرب. قسم كبير من الاشوريين والكلدان اقتنع بفكرة نسطورس واصبحوا نساطرة (قوميتان تبنت نفس المذهب الديني)، لكن الكنيسة المسيحية عقدت مجمعا في افسس سنة 431  م لدراسة افكار نسطوروس. رُفِضت الفكرة من قبل المجمع وعُزل نسطورس من السدة البطريركية و طرد الى  بتراء شرقي الاردن ثم الى صحراء ليبيا حيث مات منفردا.
كانت الامبرطورية الفارسية انذاك عدوا ومنافسا تقليديا للروم وكنيستهم. لذلك عندما سمع الفرس بخلاف نسطورس مع الكنيسة، فكروا باستغلال مشكلة نسطورس ضد عدوهم الروم وشجعوه على التمسك باراءه وخلافه مع الروم. الفرس دعوا نسطورس واتباعه على ترك بقاع الامبراطورية المسيحية الرومانية و رحبوا بهم الى بلاد فارس، حيث نالوا الدعم السياسي والمادي لتأسيس مذهب مسيحي مخالف و معادي لكنيسة الروم اليونانية. غاية الفرس كانت تفكيك وحدة الكنيسة لاضعفاف قوة العدو اليوناني. هكذا نشأ المذهب النسطوري بتشجيع و دعم اعداء المسيحية في ذلك اليوم اي الفرس. منذ ذلك العصر ترك معظم الاثوريون موطنهم حول نينوى ورحلوا الى بلاد فارس. بعد ذلك لم تستعمل كلمة الاشوريون واستعمل عوضا عنها تسمية النساطرة نسبة الى البطريرك نسطورس. وكان الاشوريون بعد استقرارهم  في بلاد فارس متحمسين لاستعمال  تسميتهم الدينية(النساطرة) اكثر من تسميتهم القومية (اشور) كي يفهم الفرس من خلال اسم النساطرة بانهم انشقوا عن كنيسة الروم (اعداء الفرس) وهكذا يحصلون على مزيدا من الترحاب والدعم في بلاد فارس (عدو عدوك صديقك). و هكذا زالت كلمة اشور و اشورييون عن الاستعمال لمدة 17 قرنا تمتد بين ايام نسطورس والحرب العالمية الاولى حيث تم اعادة الروح الى كلمة الاشوريين وشاع استعمالها عوضا عن كلمة النساطرة بدعم من انكلترا (قائدة العالم في ذلك الوقت) لاعادة الربط التاريخي بين اشور نينوى القديمة والاثوريين النساطرة اللذين ابتعدوا عن ميزوبوتامية وعن بقاع نينوى لفترة 17 قرنا عاشوها في عمق بلاد فارس وشرق تركيا. ولا يوجد نص تاريخي في الفترة  بين ايام نسطورس و الحرب العالمية الاولى يستعمل كلمة الاشورين عند الكلام عن النساطرة. و سميت كنيستهم منذ القرن 16 بالسريانية الشرقية لتشمل العراق وبلاد فارس ( لغة سريانية و عقيدة نسطورية) تمييزا عن الكنيسة السريانية الغربية في بلاد الشام ( لغة سريانية + عقيدة يعقوبية ) وكان للاسرى اللذين سباهم الملك الفارسي عند استلاءه على انطاكية 256-260 م دور اضافي في التبشير بالمسيحية(غير النسطورية) في بلاد فارس.

البدع الدينية الاخرى: بدعة الراهب اوطيخا:

 قال اوطيخا لا يجوزالقول عن يسوع المسيح بانه انسان كامل واله كامل في نفس الوقت لانه الوهية المسيح ذابت مع ناسوته (كيانه الانسانى) ونتج عن ذلك حالة او طبيعة خاصة فى يسوع المسيح هي بين الله والانسان. سميَ انصار هذا المبدا بانصار الطبيعة الواحدة (مونوفيزيت = باللغة اليونانية )  ومحليا سميوا باليعاقبة نسبة الى اسقف الرها يعقوب البرادعي  واسقف بُصرى ثاودوروس اللذين آمنا بالفكرة ونشروها في وقتها بين السريان والاقباط والارمن الا ان الجميع يؤمن اليوم مثل الكاثوليك بان في يسوع المسيح طبيعة بشرية كاملة( نام، تعب، تألم، حزن، فرِِح، تعرق،...) وطبيعة الهية بموجبها صنع المعجزات واقام الموتى وارجعهم للحياة.
لم يعترف مسيحيو بلاد فارس والعراق (شرق الفرات) بفكرة الطبيعة الواحدة وسُميوا منذ ذلك الحين بالسريان الشرقيين تمييزا عن السريان الغربيين (غرب الفرات- بلاد الشام).
 لاحظ بعد موجة البدع والانشقاقات لم يبقى في شرق وغرب الفرات الا عدد قليل من المسيحيين اللذين لم تؤثر عليهم البدع وبقوا محافظين على الايمان المسيحي الاصيل (قبل الانشقاقات) . هؤلاء سميوا بالمسيحيين الارثودوكس (معظمهم من بلاد الشام)  ومعناها الايمان الصحيح او المستقيم .الملكيون تسمية اخرى اطلقت على اللذين (معظمهم من اسيا الصغرى – تركيا) بقوا  مرتبطين بعقيدة كنيسة الملك (الامبراطور الروماني) في العاصمة قسطنطينية.

اللغة الارامية قبل وبعد المسيحية:

كلمة الارامية جائت من ارام، الابن الخامس لِ سام (سام هو الابن البكر لِ نوح. سفر التكوين 10:22).
كانت منطقة هلال الخصيب مكان حركة وهجرة الشعوب التي عاشت فيها. شعوب هذه المنطقة كانت تفتخر بانها تنتمي الى عمق التاريخ والى الاباء الاوليين اي الى ابراهيم ونسله. الا ان ارض اسرائيل كانت مميزة لان فيها المدينة المقدسة اورشليم اوالقدس. بنو ادوم سكنوا مرتفعاات سعير ووادي عربة والبتراء، الى الشمال مملكة مؤاب شرقي بحر الميت. ومملكة عمون (عمان الحالية) وفي شمال اسرائيل الممالك الارامية في دمشق و حماة.
وكانت رابطة القرابة واضحة بين هذه الممالك، اذ كان عمون ومؤاب ابنين لابن اخي ابراهيم، وادوم (عيسو) اخا ليعقوب. ولابان الارامي خال يعقوب وحماه. في الشمال الغربي كان الفينيقيون (لبنان) . وكانت لغة اسرائيل العبرية متميزة باعتبارها لغة التوراة ولغة العبادة عند اليهود.
الاراميون برزوا في القرن 14 ق.م (سفر اخبار الايام الاول 18: 5-6 وسفر عاموس 1: 3-5 ) ثم انتشروا شرقا وغربا وانشأوا في دمشق وحماة وميزوبوتامية ثم انتشرت لغتهم  بسرعة غربا على حساب اللغة الفينيقية والعبرية وشرقا لتحل محل اللغة الاكدية لغة الاشوريين (وفد سنحاريب يتكلم اللغة الارامية مع اليهود
سفر الملوك الثاني 18: 17 و26 . و اشعيا 36:الاية 11و2).  وانتشرت اللغة الارامية في البقاع الواقعة بين مصر واسيا الصغرى والى الهند . وكان اليهود اللذين لهم صلة القرابة مع الاراميين يتكلمون الارامية. واصبحت الارامية اللغة السائدة في المنطقة حتى لشعب فلسطين اللذي تحول من العبرية الى الارامية بين 721-500 ق.م  وهي الفترة بعدالاحتلال الاشوري  للمنطقة ( شلمنصرالثالث 858-824 احتل سوريا. وتجلتفلآسر الثالث 747-728 احتل دمشق) وثم فترة حكم نبوخذنصر الثاني (604-562) اللذي فيها حصل احتكاك اليهود مع اللغة الارامية عندما كانوا اسرى في بابل وبعدها كتب سفرا النبي دانيال وعزرا باللغة الارامية. النبي عزرا هو اللذي قاد اليهود الاسرى في رحلة العودة (عزرا 1: 1-11)  من بابل الى اسرائيل، حدث اطلاق سراح الاسرى بعد سقوط بابل بيد الفرس وحكم الملك  الفارسي قورش في ميزوبوتامية. و تكلم المسيح الارامية.  ثم تطور في اللغة الارامية لهجتان : اللهجة الغربية في سوريا ولبنان وفلسطين. واللهجة الشرقية في ميزوبوتامية.

انتشار المسيحية:
قبيل المسيحية كانت اللغة الارامية هي لغة الشعوب في فلسطين وسوريا ولبنان وغرب الفرات واسيا الصغرى،  وكانت هذه الشعوب تحت الاحتلال الروماني.  و عند اليهود كانت اللغة العبرية هي لغة الصلاة والارامية لغة التجارة والسياسة.  وفي شرق الفرات كان للفرس لغتهم الفارسية. ولغة المحتلين الرومان كانت اليونانية. في فلسطين كان هناك ثلاث لغات الارامية والعبرية واليونانية. 
ظهرت البشرىالمسيحية في اورشليم (القدس) ومنها وصلت الى سوريا. ثم اصبحت مدينة انطاكية السورية ثاني مدينة نشطة في التبشير بالمسيحية بعد اورشليم. في انطاكية تم تسمية اتباع يسوع المسيح بالمسيحيين. ومن انطاكية انتقلت البشرى الى اسيا الصغرى (تركيا) . وكانت اسيا الصغرى ايضا تحت حكم الاستعمار اليوناني الروماني عدى إمارة صغيرة هي الرها في شمال ميزوبوتامية التي كان لها حكم ذاتي واستقلال سياسي نسبي من السيطرة اليونانية. واصبحت الرها (اورفا الحالية في تركيا) مركزا مهما للتبشير بالمسيحية (179-214 ب.م).
في شرق الفرات كانت تحكم الامبراطورية الفارسية. الروم على غرب الفرات والفرس على شرق الفرات كانوا قوتين عظيمتين يتنافسان للسيطرة على المنطقة. وعندما  دخل الامبراطور الروماني قسطنطين الى الدين المسيحي في القرن الثالث واعلنت المسيحية دين الامبراطورية الرسمي. ثم اصبحت القسطنطينية ( نسبة الى اسم الملك قسطنطين = سميت اسطنبول بعد السيطرة العثمانية) عاصمة الامبراطورية وعاصمة الكنيسة. ومنذ 320 م اصبح يوم الاحد يوم العطلة الاسبوعية. وهكذا ازداد  نفوذ الروم في المنطقة على حساب الفرس بسبب التقاء المسيحيين المحليين مع المستعمر اليوناني في الدين المسيحي. هذه التطورات اثارت حفيظة الدولة الفارسية وازداد عداء الفرس للروم. حارب الفرس الديانة المسيحية، إذ اعتبروها ديانة الامبراطورية العدوة وظلت الزرادشتية هي الديانة الرسمية في بلاد فارس. ولم يستطع الفرس التأثير على قوة الامبراطورية المسيحية الجديدة الا من خلال تشجيع الانشقاق النسطوري فيما بعد.
كان في الكنيسة المسيحية انذاك ثلاث لغات: الارامية لغة الشعب المحلي صاحب الارض، العبرية لغة اليهود اللذين اعتنقوا المسيحية وثم اليونانية لغة كنيسة المستعمرين الروم اللذين اصبحوا مسيحيين. وبعد انتشار المسيحية غربا الى اوروبا كان الخلاف حول اللغة الاولى في الكنيسة هو احد اسباب الانشقاق بين كنيسة الروم اليونانية وكنيسة اوروبا اللاتينية. والسبب الثاني للانشقاق كان في اختيار العاصمة للكنيسة المسيحية.
 الروم اصروا  1. ان تكون اللغة اليونانية في المرتبة الاولى و 2. ان تبقى القسطنطينية هي العاصمة، بينما تمسكت اوروبا المسيحية باللغة اللاتينية وجعلت من روما العاصمة الغربية لاوروبا المسيحية اللاتينية. 
 

تطور اللغة الارامية في اسيا الصغرى وتسميتها باللغة السريانية:

 بعد وصول المسيحية الى سيا الصغرى، كانت اليونانية هي لغة الكنيسة في كل ارجاء اسيا الصغرى باستثناء الرها ، كانت الرها امارة صغيرة في شمال ميزوبوتامية تتمتع باسقلال سياسي نسبي من السيطرة اليونانية. هذه الامارة اعتنقت المسيحية في 179-214 م . واختارت اللغة الارامية لكنيستها لتكون كنيستها مستقلة ايضا من كنيسة الروم اليونانية. ويُذكر ان احد ملوكها (ابكرد) قبل تنصر الامارة وفي ايام السيد المسيح كان يعاني من مرض مزمن. فارسل الملك ابكرد وفدا الى المسيح يدعوه الى اللجوء الى مملكته اولا ليَنال الملك ابكرد الشفاء من المسيح، وثانيا كي يتخلص المسيح من مكايد اليهود.
ولم تلبث الرها ان اصبحت مركز اشعاع للديانة المسيحية. تطورت اللغة لارامية في الرها بشكل كبير و وكتب لها قواعدها لاول مرة واستعملت للكتابة والتاليف بشكل كبير. وفي الرها تم تاسيس اول معهد لاهوتي في تاريخ الكنيسة المسيحية. وفي الرها اللغة الارامية الحديثة سميت باللغة السريانية (لانها والدين المسيحي دخلتا اسيا الصغرى من سوريا). واصبحت السريانية بقواعدها (الارامية الحديثة) اللهجة الرسمية للمسيحيين في سوريا ولبنان وفلسطين واسيا الصغرى (عدى كنائس الروم ليونانيين).
من الرها دخلت المسيحية الى العراق (وكانت اللغة الارامية بلهجتها القديمة دخلت العراق القديم منذ حكم الكلدان في حضارة بابل. نتذكر هنا ان لغة الامبراطورية الاشورية الاولى والثانية كانت الاكدية الى ايام حكم تجلتفلآسر الاول 1115-1077  ثم تراجع نفوذ اشور تحت هجوم الارامين اللذين اجتاحوا المنطقة وادخلوا اليها اللغة الارامية لتحل محل الاكدية وحكموا في حضارة بابل الاولى. بعدها استمرت الارامية لتكون لغة احفاد بابل و اشور ايام حكم بابل الاولى (1900-1600 ق.م )  واشور الثالثة( 1100-612 ق.م ) وبابل الثانية (626-439 ) ، و استمرت اللغة الارامية الى جانب الفارسية في ميزوبوتامية ايام الفرس اللذين حكوا الى الشرق من نهرالفرات. ) بعد دخول المسيحية الى العراق حصل تطور ايجابي اخر في حياة ابناء بابل واشور، اذ ان احفاد كلا الحضارتين اعتنقوا الديانة المسيحية. اذن اصبح الدين المسيحي العامل الثاني المشترك بين احفاد بابل واشور، بعد ان كانوا قد  توحدوا في النطق باللغة الارامية بعد قيام بابل الاولى مباشرة.
بعد وفا ملك الرها القوي سنة 214 م فقدت كثير من استقلالها واجبرت على استعمال اللغة اليونانية واصبح بعد ذلك مستقبل اللغة الارامية في الرها مهددا ، لذلك تم نقل المعهد اللاهوتي فيها الى نصيبين الواقعة انذاك تحت حكم الامبراطورية الفارسية. ثم سيطرة الفرس على الرها الى انها عادت الى سيطرة الرومان ايام حكم السلالة المقدونية (886-1081 م) 

الفتوحات الاسلامية:

العرب المسلمون من الحجاز(السعودية حاليا) هاجموا الى الشمال واسقطوا الامب

صفحات: [1]