عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - bouras

صفحات: [1]
1
الحركة الأمازيغية: النشأة والمسارلمحة موجزة

إعداد: محمد المساوي

في تاريخ إيمازيغن...

منذ ما يزيد عن ثلاثة آلاف سنة والإنسان الأمازيغي يصنع تاريخه وحضارته العريقة على طول أرض شمال أفريقيا وعرضها، تاركا بصماته وآثاره في كل بقاع المنطقة، ما بين أحجار وواحات الصحراء الكبرى، وكهوف ومغارت جبال أهكار وتاسيلي والأطلس والريف. تنوعت هذه الآثار القديمة ما بين الرسوم بمختلف أنواعها، والتي تجسد جوانب من حياة قدماء الأمازيغ؛ من رعي وقطف وزراعة وحصاد وحروب... وغيرها من مظاهر وتجليات الحياة اليومية لإنسان المرحلة القديمة، وكذا معتقداته الروحية... إلى جانب الرسوم ترك لنا الأمازيغ القدماء ما يعد بآلاف القطع المنقوشة بحروف تيفيناغ التي عرفت صيغتها الأولى في المصادر التاريخية بالحروف اللوبية، ثم سميت بتيفيناغ في مرحلة لاحقة...

إذا كانت بعض المصادر التاريخية القديمة وكذا الاكتشافات والحفريات الأثرية الحديثة قد كشفت عن جزء من هذه الكنوز الثقافية والفنية، والتي أعادت رسم خريطة جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية لأجدادنا الأمازيغ، فإن منطقة تامازغا ما زالت في حاجة إلى مزيد من الجهود الجبارة لاستكشاف وانتشال ما تبقى من المواقع والقطع الأثرية لاستكمال ملامح الصورة الحقيقية لتاريخنا القديم. والمهمة الأساسية التي ينبغي الإنكباب عليها باستعجال وملحاحية هي فك شفرة الحروف الأمازيغية القديمة وبالتالي التمكن من قراءة القطع والوثائق الحجرية المكتوبة بحروف تيفيناغ اللوبية بمفردها، وذلك باعتبار أنه تم تفكيك الوثائق المزدوجة اللغة بالاعتماد على النص الأجنبي سواء كان إغريقيا أو لاتينيا أو بونيا. وهنا لا بد من تسجيل مفارقة غريبة وهي أنه في الوقت الذي تمكن فيه الباحثون وعلماء الآثار والكتابات القديمة من فك معظم إن لم يكن كل الكتابات القديمة حتى الكتابات الهيروغليفية، فإنهم لم يتمكنوا من فك سوى النزر القليل من الكتابات الأمازيغية، فهل يتعلق الأمر بصعوبة أصلية تجعل من المستحيل فك الرموز الأمازيغية القديمة؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تقصيرا أو بالأحرى عدم توفير الإمكانيات الكافية لتمويل مثل هذه المشاريع العلمية؟

رغم النقص الذي شاب عمليات البحث التاريخي في منطقة شمال أفريقا، فإن ما أنجز منها أعطى صورة واضحة عن الباع الحضاري الكبير لسكان المنطقة الأمازيغ ومساهمتهم الكبيرة في أحداث مختلف المراحل التاريخية التي مروا بها. رغم أن مختلف المصادر التاريخية التي كتبت عنهم خطت بأيادي أجنبية، هي في غالب الأحيان خصما بل وعدوا لإيمازيغن.

هذا إذا علمنا أن منطقة شمال أفريقيا قد عرفت -عبر تاريخها المديد- غزوات عسكرية متوالية، كانت تقودها أطماع القوى المجاورة في التمتع بل والاستئثار بخيراتها الوفيرة. فكانت الغزوات الفرعونية، التي أعقبتها مناوشات طويلة المدى، استطاع من بعدها الأمازيغ الاستيلاء على الحكم الفرعوني بتأسيس الأسرة الثانية والعشرين بقيادة الملك شيشونق.

كما تعرضت المنطقة لغزو الإمبراطورية الإغريقية اليونانية، خاصة المنطقة الشرقية من تامازغا، حيث يذكر التاريخ وصول الإمبراطور الإغريقي الإسكندر الأكبر إلى واحة سيوا حيث معبد الإله آمون لينعم ببركاته، في مسيرته الكبرى لإخضاع كل العالم القديم للسيطرة اليونانية.

ثم جاء دور الفينيقيين، اللذين عرفوا قيمة ما تزخر به المنطقة من خلال رحلاتهم التجارية التي وصلت إلى أقصى غرب تامازغا على المحيط الأطلسي، هذه الرحلات التجارية والاستكشافية التي خلدت من خلال رحلة حانون، المدونة في المصادر التاريخية القديمة. فقد قام الفينيقيون بتأسيس مدينة قرطاجة كنواة للإمبراطورية التي عرفت بنفس الإسم، والتي هيمنت على البحر الأبيض المتوسط وكادت في مراحل معينة أن تطيح بالإمبراطورية الرومانية، لولا تحالف الملك الأمازيغي ماسينيسا مع الرومان لتحطيم قرطاجة، كخطوة أولى لتحرير كل شمال أفريقيا من الغزو والتأثير الأجنبي، وهو الملك الذي عرف برفعه لشعار "أفريقيا للأفارقة"، وفي عهده عرفت اللغة الأمازيغية نقلة نوعية هامة ارتقت من خلالها لأن تنقش حروفها تيفيناغ على وجه العملة الرسمية لمملكة نوميديا.

بعد وفاة ماسينيسا والصراع على السلطة بين أبناءه وحفدته، هذا الصراع الذي حاولت من خلاله روما التدخل مباشرة في تحديد المصير السياسي لمملكة نوميديا خاصة ولعموم الممالك الأمازيغية، بعد تجريدها لجيوش جبارة للقضاء على الملك يوغورطن الذي قاد حربا تحررية حقيقية في مواجهة الأطماع الرومانية. فكان الدور على عصر الاحتلال الروماني لشمال أفريقيا، مسجلا بذلك أطول احتلال أجنبي في التاريخ القديم لتامازغا. رغم أن روما لم يطب لها المقام سوى في شريط ساحلي ضيق لم يتجاوز في القسم الغربي من الشمال الإفريقي مدينة وليلي. هذا الشريط الساحلي عملت القوات الرومانية للحفاظ عليه، على إحاطته بجدار عازل عرف ب "الليمس"، امتد لآلاف الكيلومترات من المحيط الأطلسي إلى شرق تامازغا.

وبعد صراع طويل وكفاح مستميت من طرف المقاومة الأمازيغية، وكذا بسبب عوامل دولية، تقهقر الاحتلال الروماني ليخلفه الغزو البيزنطي والوندالي، الذين لم يتمكنا من إطالة تواجدهما بالشمال الأفريقي.

وفي القرن السادس الميلادي، ومع ظهور الإسلام كدين جديد في منطقة شبه الجزيرة العربية، تمكن من تخليص العرب من تشتتهم وحروبهم القبلية، وتوحيدهم في اتجاه نشر الدين الجديد، مع ما يرافقه ويلازمه من موارد ومكاسب خيالية، نتيجة الفيء والجزية والخراج، توجهت جحافل الغزو العربي الأموي تجاه شمال أفريقيا. وقد لقيت مقاومة عنيفة من طرف الأمازيغ، جعلت المعارك في شمال أفريقيا تمتد لما يزيد عن ستين سنة...

وفي العصر الحديث كانت شمال أفريقيا قبلة ومطمعا للقوى الاستعمارية الأوربية، فاحتلت فرنسا الجزائر سنة 1830، وتونس سنة 1881، وليبيا سنة 1911، والمغرب بعد معاهد الحماية سنة 1912 بعد احتلال العديد من المواقع والثغور في فترات سابقة.

نتيجة لهذه السلسلة من الغزوات التي عرفها تاريخ إيمازيغن، تشكلت مقاومة أمازيغية عبر هذا التاريخ لكل الغزاة، الشيء الذي جعل من المقاومة قيمة من قيم الثقافة الأمازيغية. وقد شهد القرن العشرين قمة سيرورة هذه المقاومة التي كبدت المستعمرين خسائر فادحة... خاصة مقاومة أمازيغ الريف بقيادة البطل التاريخي محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي كان وبحق مدرسة لكل قوى التحرر عبر العالم...

في نشأة الحركة الأمازيغية

رغم هذا الزخم التاريخي لإمازيغن، فإنه بعد جلاء جيوش الاستعمار عن تامازغا، كان عليهم أن يعيشوا مواطنين بل رعايا من الدرجة الثانية، وذلك بعد أن رفضوا ما يسمى بمعاهدة "إيكس ليبان" خاصة من طرف محمد بن عبد الكريم الخطابي الذي وصفها بالخيانية، وكذا من طرف قادة جيش التحرير وعلى رأسهم الشهيد عباس لمساعدي، الذين رفضوا ترك سلاحهم قبل تحرير كل شمال أفريقيا، وذلك سيرا على نهج مؤسس جيش تحرير شمال أفريقيا الزعيم الخطابي...

فكان أن همشوا من الحياة السياسية والثقافية، بل ولمكر التاريخ اتهموا بالتعامل مع المستعمر، فحُمّلوا جريرة ما سمي "ظهيرا بربريا". وبالتالي وبعد تطبيق المبادئ الأربعة لما يسمى ب "الحركة الوطنية" في التعليم خاصة التعريب، أصبح أي حديث عن إيمازيغن كذات وهوية وثقافة وحضارة وتاريخ من قبيل المخططات الاستعمارية وغيرها من النعوت والألقاب التي كانت ترمي إلى إسكات الصوت الأمازيغي إلى الأبد...

فما كان للأمازيغ أبناء المقاومين، اللذين دخلوا المدارس الحديثة وتخرجوا عبر برامج التعريب القسري والإجباري، ورغما عنها، ما كان منهم سوى أن يعملوا بتؤدة وروية من أجل إعادة الاعتبار لتاريخهم وهويتهم وثقافتهم الأمازيغية. فكانت البداية بالعمل الجمعوي، فتأسست الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بالرباط سنة 1967 كجمعية تهتم بالتراث والفلكلور الأمازيغي وتعمل على محو الأمية... هذا في سياق دولي اتسم بالتحرر والثورة على القيم البائدة في كل أنحاء العالم... وأساسا كان تأسيس الأكاديمية الأمازيغية بباريس من طرف المناضلين الأمازيغيين القبائليين المهاجرين بفرنسا وعلى رأسهم موحند باسعود أعراب. هذه الأكاديمية التي كان لها دور جوهري وأساسي في بلورة وعي وخطاب أمازيغي جذري، كان من سماته الأساسية تجديد وإعادة إحياء حروف تيفيناغ الجديدة ونشرها على نطاق واسع، وتعبئة قوى جماهيرية واسعة خاصة في الجزائر والمغرب، هذا الأخير الذي عرف في نهاية السبعينات بروز العديد من الجمعيات الثقافية من قبيل الجمعية الجديدة للثقافة والفنون الشعبية بالرباط وجمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور وجمعية الجامعة الصيفية بأكادير وجمعية أمازيغ التي أسسها بمعية آخرين المرحوم علي صدقي أزايكو، الذي سيكون أول معتقل سياسي أمازيغي إثر اعتقاله بعد نشره لمقاله "من أجل مفهوم حقيقي لهويتنا الوطنية".

وإذا كانت الدورة الأولى لجمعية الجامعة الصيفية سنة 1980 بأكادير مناسبة لأول بروز علني للخطاب الأمازيغي في شكل ندوة وطنية، فإن الميثاق الثقافي للجمعية الجديدة التي ستعرف في التسعينات بتاماينوت، أحدث نقلة نوعية في الخطاب الأمازيغي باستناده على مفاهيم حقوق الإنسان ومبادئ النسبية والعقلانية والحداثة...

في تفعيل وتطوير المسار الفكري والنضالي للحركة الأمازيغية

بعد منع الدورة الثانية للجامعة الصيفية بأكادير سنة 1982، وبعد الجمود الذي طبع نشاط الحركة الجمعوية الأمازيغية على غرار الجمود العام الذي طبع الحياة السياسية المغربية طيلة عقد الثمانينات، استأنف النشاط الأمازيغي مع مطلع التسعينات، خاصة مع توقيع ميثاق أكادير في 5 غشت 1991 على هامش الدورة الرابعة للجامعة الصيفية بأكادير. هذا الميثاق الذي كان بمثابة أرضية نظرية للجمعيات الموقعة والمنظمة إليه فيما بعد، وكان حافزا لتطوير العمل الجمعوي الأمازيغي بالمغرب خاصة مع توقيع مذكرة حول الحقوق الثقافية الأمازيغية موجهة إلى المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان المنعقد بفيينا صيف 1993. وكذا توقيع رسالة إلى الأحزاب السياسية والحكومة والبرلمان في نفس التوقيت...

هذه الحركية نتج عنها تأسيس المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الأمازيغية بالمغرب في فبراير 1994، ليشكل أول إطار تنظيمي عرفي يجمع إيمازيغن. تأسس في البداية بحوالي تسعة جمعيات، والتي ستصل في نهاية 1996 إلى حوالي 32 جمعية. قام المجلس الوطني للتنسيق بدور هام وأساسي في تفعيل العمل الأمازيغي المشترك، وقد بدأ هذا التفعيل في إطار تعبئة الرأي العام الوطني والدولي للتضامن مع معتقلي جمعية تيليلي الذين اعتقلوا في ماي 1994 بسبب مشاركتهم في تظاهرة فاتح ماي ورفعهم للافتات مكتوبة بتيفيناغ وأخرى تطالب بإعادة الاعتبار للهوية والثقافة الأمازيغية... كما أن المجلس الوطني أصدر دورية أمزداي التي كانت تنشر وثائق الجمعيات الأمازيغية، وكذا مقالات تحليلية حول القضية الأمازيغية... وفي سياق التعديلات الدستورية لسنة 1996، وبعدما لم تدرج الأحزاب السياسية للمطالب الأمازيغية ضمن مذكراتها للقصر، قدم مجلس التنسيق مذكرة حول الأمازيغية والإصلاحات الدستورية سلمت للديوان الملكي، كما تم تنظيم ندوة صحفية حول ذات الموضوع بالرباط... غير أن عدم تضمن الدستور المقترح من طرف الملك لأي من مطالب الجمعيات الأمازيغية، اضطرت المجلس الوطني للتنسيق إلى إصدار بيان، قبيل التصويت على الدستور، يعلن فيه عدم رضى الجمعيات الأمازيغية على الدستور المقترح في ظل تغييب المطالب الأمازيغية العادلة والمشروعة.. واستعداده للنضال من أجل تحقيقها...

أمام اتساع دائرة الجمعيات المنضوية في مجلس التنسيق، طرحت مسألة القدرة الاستيعابية للمجلس أمام العدد الكبير من الجمعيات الموجودة على المستوى الوطني، والتي أبدت رغبتها في الانضمام للعمل الأمازيغي المشترك.

أمام هذا الوضع طرحت المسألة للنقاش بين جمعيات المجلس، فكانت الرؤى والتصورات مختلفة؛ ما بين مقترح الإبقاء على الطبيعة العرفية للمجلس مع تدقيق الضوابط التنظيمية، ومقترح تحويل المجلس إلى إطار قانوني ذو شخصية معنوية بتأسيس فدرالية أو كونفدرالية (تاضا)، وخيار العمل بجناحين السياسي والثقافي، ومقترح تأسيس تنظيمات وتنسيقات جهوية...

لدراسة هذه المقترحات والتصورات تم الاتفاق في مجلس التنسيق على عقد ندوة وطنية للتنسيق بالمعمورة في مارس 1997، تنكب على دراسة أفاق العمل الأمازيغي والأشكال التنظيمية الملائمة لفعل أمازيغي مؤثر وقوي وفعال. غير أن خلافات برزت في مراحل الإعداد للندوة خاصة حينما احتد النقاش حول طبيعة الإطار الذي من المزمع الخروج به من الندوة الوطنية... فكان الفشل هو مصير الاستعدادات ولم تنعقد الندوة الوطنية حول استراتيجيات التنسيق الوطني بين الجمعيات الأمازيغية بالمغرب. وبالتالي تشتت مجلس التنسيق الوطني بعد انسحاب العديد من الجمعيات ولا مبالاة البعض الآخر، رغم الإعلان عن تأسيس كونفدرالية "تاضا"...

كما كان للنزوع الجهوي لبعض الجمعيات داخل مجلس التنسيق دور أساسي في تقويض التنسيق الوطني، وتشتيت العمل الجمعوي الأمازيغي المشترك...

بعد هذه السيرورة برزت محاولة للتنسيق على أساس نقط محددة كان أبرزها مسيرة "تاوادا"، التي دعت إلى تفعيلها مجموعة من الجمعيات الوطنية والتنسيقات الجهوية والحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة.. غير أنها لم ترى النور بدورها بسبب اختلاف حسابات المكونات الجمعوية المشاركة في هذا المسار خاصة بعد الإعلان عن تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية...

في سنة 2000 كان للبيان حول ضرورة الاعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب، الذي حرره الأستاذ محمد شفيق، دور أساسي في تحريك الفعل الأمازيغي بالمغرب، سواء من خلال الندوات التي عقدتها الجمعيات الأمازيغية لمناقشة البيان، أو من خلال لقاءات ومؤتمرات البيان التي عرفت نقاشات حادة ومستفيضة حول الخيار التنظيمي للحركة الأمازيغية... هذه الخيارات التي يمكن تلخيصها في ثلاث تصورات؛ تحزيب القضية الأمازيغية من خلال تأسيس حزب سياسي يدافع عن القضية الأمازيغية في ظل تعنت الدولة والأحزاب السياسية في الاستجابة للمطالب الأمازيغية العادلة والمشروعة... وخيار تأسيس جمعية ذات طابع سياسي كمنتدى للنقاش السياسي حول الأمازيغية وبلورة التصورات السياسية حول الأمازيغية، تضم بين صفوفها جميع الفاعلين الأمازيغيين مستقلين ومنتمين لأحزاب سياسية... وخيار تأسيس حركة سياسية عبرت عنها ورقة "حركة إمغناس من أجل الحرية والديموقراطية"، ليست حزبا سياسيا باعتبار أنها لا تسعى للوصول إلى السلطة السياسية، وليست جمعية ذات طابع سياسي نخبوية الاتجاه أو صالون للنقاش السياسي، بل حركة سياسية مستقلة تمنع انخراط المنتمين حزبيا، وتعمل على تأطير الجماهير العريضة وتوعيتها بالقضية الأمازيغية وبالمطالب الديموقراطية للشعب المغربي... وقد كان هذا الخيار الأخير من اقتراح مناضلي الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة ومناضليها المتخرجين...

وبمناسبة ذكر الحركة الثقافية الأمازيغية، لا بد من الإشارة إلى هذا المكون الأساسي داخل الحركة الأمازيغية، فالحركة الثقافية الأمازيغية MCA تأسست في بداية التسعينات في مختلف الجامعات المغربية، وهي حركة مستقلة عن كل الانتماءات الحزبية وحتى عن الجمعيات الأمازيغية، وتعمل من داخل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب... وتمكنت فيما بعد منتصف التسعينات من عقد لقاءت وطنية توجت بتشكيل لجنة وطنية للتنسيق تغيرت تسميتها فيما بعد لتسمى بالتنسيقية الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية كجهاز تنفيذي للحركة الثقافية الأمازيغية بعد اللقاء أو المؤتمر الوطني اللذين ينعقدان كل سنة لتجديد الهيكل التنفيذي... وقد ساهمت MCA  بشكل أساسي في سيرورة الحركة الأمازيغية منذ منتصف التسعينات، سواء من خلال عمل مناضليها في الجمعيات الأمازيغية أو من خلال مشاركتها في الإعداد لمسيرة "تاوادا" أو في مساهمتها في لقاءات البيان الأمازيغي إلى غاية اللقاء الرابع الذي شهد انسحاب MCA ومناضليها...

وفي سياق البحث عن مخرج لتأزم الفعل النضالي الأمازيغي، كانت تظهر وتختفي العديد من التنظيمات والتنسيقات الجهوية. فظهرت للوجود كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بشمال المغرب في صيف 1998، والتي تم الإعداد لها منذ ما قبل فشل التنسيق الوطني... مما يعطي مصداقية للقراءات التي اعتبرت أن الكونفدرالية جاءت كمحاولة لإقبار مجلس التنسيق الوطني، خاصة إذا علمنا أن قانونها الأساسي يسمح بانضمام جمعيات من خارج منطقة الشمال... هذا وقد نظمت كونفدرالية الشمال منذ تأسيسها إلى الآن ندوة وحيدة –غير أنها ذات أهمية كبيرة- حول تدريس الأمازيغية، نشرت جزئيا في العدد الثاني من مجلة "حفريات مغربية"... وللإشارة لم تستطع بعد الكونفدرالية عقد مؤتمرها الأول رغم مرور ما يزيد عن سبع سنوات على تأسيسها في 1998...

كما تأسست كونفدرالية "تامونت إفوس" بالجنوب كإطار تنسيقي بين الجمعيات وفروع الجمعيات الأمازيغية بالجنوب المغربي... عقدت هذه الكونفدرالية بعض الندوات والأنشطة الثقافية وساهمت في بدايتها في تأطير العمل الجمعوي بالجنوب، غير أنها في الآونة الأخيرة عرفت العديد من التصدعات والانسحابات أثرت على مصداقيتها...

كما تأسست تنسيقية "أميافا" في وسط المغرب كإطار عرفي للتنسيق بين الجمعيات الأمازيغية... ساهمت نسبيا في توحيد الجهود الجمعوية بمنطقة الأطلس والجنوب الشرقي...

وعودة إلى منطقة الريف، وبموازاة مع الكونفدرالية تأسست "لجنة قاضي قدور" كإطار للتنسيق بين جمعيات الشمال خاصة في تنظيم وتخليد السنة الأمازيغية وكذا بعض الندوات الثقافية... غير أن الخلافات وسوء التفاهم بين الفعاليات الجمعوية التي كانت تحتضن المبادرة، ساهم في تقويض وتشتيت اللجنة...

وعلى المستوى الوطني وبعد غياب للتنسيق الوطني منذ 1997، عادت الفكرة لتخامر الجمعيات الأمازيغية التي شاركت في الندوة الأورو-تامازغا المنظمة في دجنبر 2003 بالرباط... فتم على هامش أشغال الندوة تشكيل لجنة لمتابعة ملف التنسيق الوطني، مهمتها الاتصال بالجمعيات الأمازيغية غير الحاضرة في الندوة الأورو-تامازغا، وكذا إعداد مشاريع الأوراق الفكرية والتنظيمية لمناقشتها في اللقاء الوطني الذي ضرب له موعد بعد سنة... وبالفعل انعقد اللقاء الوطني بتمارة في يناير 2005، غير أن عدم قيام لجنة المتابعة بمهامها الأساسية المتمثلة في الاتصال بالجمعيات وكذا توحيد الرؤى التنظيمية والفكرية... جعلت اللقاء يتمخض عن الإعلان عن تأسيس التنسيق الوطني "أمياواي إمازيغن" دون المصادقة على أية أوراق تنظيمية أو فكرية... وتم تشكيل سكرتارية وطنية مهمتها إعداد الأرضيات التنظيمية والفكرية، والاتصال بالجمعيات، وعقد ندوات جهوية لتدقيق المفاهيم والتصورات، وأعطيت لها مهلة سنة واحدة للإعداد للمؤتمر الوطني ل "أمياواي إيمازيغن" ...

وعلى المستوى الدولي، وبعد مؤتمر فيينا لحقوق الإنسان صيف 1994، برزت دينامية لتجميع وتوحيد صفوف الحركة الأمازيغية على المستوى الدولي، فظهرت على هامش لقاء دوارنونيز المخصص للسينما الأمازيغية فكرة تأسيس تنظيم أو منظمة دولية تجمع إيمازيغن على مستوى شمال أفريقيا والدياسبورا. في هذا اللقاء تشكلت لجنة تحضيرية للإعداد للمؤتمر التحضيري للكونغريس الأمازيغي العالمي، الذي عقد مؤتمره التحضيري الذي تحول إلى مؤتمر تأسيسي في بداية شتنبر 1995، ليعلن عن توحد إيمازيغن ولأول مرة في تاريخهم... انعقد المؤتمر الأول في جزر الكناري في صيف 1997، والمؤتمر الثاني في ليون بفرنسا صيف 1999، والمؤتمر الثالث بروبيكس صيف 2002، والمؤتمر الرابع ولأول مرة على أرض تامازغا عقد بمدينة الناظور بالريف في صيف 2005... ورغم الأهمية الكبرى لهذه المنظمة الدولية التي تجمع إيمازيغن، فإنه من الضروري الإشارة إلى محدودية وتواضع منجزاتها التي لم تتجاوز المستوى الرمزي... وذلك بطبيعة الحال لأسباب موضوعية وذاتية يمكن تلخيصها في غياب الموارد المالية...

من جانب آخر، فيما يتعلق بالمسألة الدستورية، صدرت في سنة 2004 وثيقتان حول الأمازيغية والدسترة. الأولى موقعة من طرف فعاليات أمازيغية، والثانية صدرت عن الجمعيات الأمازيغية بالريف. مما أثار من جديد مسألة الدسترة وأعادها إلى واجهة النضال الأمازيغي... خاصة وأن الأمر هذه المرة لم يعد يتمحور حول اللغة والثقافة فقط، بل تجاوزه لبلورة مطالب سياسية شاملة، باعتبار انخراط الحركة الأمازيغية في سيرورة النضال من أجل دمقرطة الدولة والمجتمع... فقد تضمنت الوثيقتان المطالبة بدستور ديموقراطي شكلا ومضمونا، يقر بالهوية الأمازيغية، وبالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، وكذا المطالبة بتحقيق دولة علمانية، فديرالية، وإقرار سمو المعاهدات والاتفاقيات الدولية على القانون الوطني، واعتبار الأعراف الأمازيغية مصدرا للتشريع...

غير أن هاتين الوثيقتين ورغم أهميتهما، تبقيان ناقصتين وعامتين، مما يستدعي تفعيل ورشات وموائد مستديرة لأجرأتهما، وبلورة تصورات دقيقة ومستفيضة حول عناوينهما العامة، من قبيل العلمانية- الديموقراطية- الفديرالية- الدستور الديموقراطي- الأعراف...

وفي هذا السياق جاء انعقاد لقاء الجمعيات الأمازيغية بالريف الموقعة على ميثاق الريف من أجل دسترة الأمازيغية، في ضيافة جمعية تافسوت للثقافة والتنمية بإمزورن يوم 12/09/2005...

كما أنه من الضروري العمل على دفع النقاش على المستوى الوطني، لبلورة وثيقة مطالب أمازيغية موحدة على هذا المستوى، وذلك لتوحيد صفوف الحركة الأمازيغية من جهة، ومن جهة أخرى لإعطاء مصداقية وقوة أكثر للخطاب الأمازيغي بشأن الدستور الديموقراطي...

هذه لمحة موجزة وسريعة حول نشأة الحركة الأمازيغية ومسارها النضالي والتنظيمي. تبقى عامة ومجملة لطبيعة الحيز المتاح لنشرها، غير أنها تبقى مادة نعتقد أنها مفيدة لكل من يريد أن يلقي نظرة بسيطة وسريعة على نشأة الحركة ومسارها، غير أنها لا تغني عن المزيد من التعمق لمن يرغب في تكوين نظرة أكثر دقة وعمقا...

منشور في مجلة تافسوت العدد الأول ربيع 2007


2
كلنا أغراب و في وطننا الذي هو المغرب الذي يخاول ان يفرض علينا مايريد نحن محرومين من أبسط شيء (التحدث بلغتنا الأمازيغية)
       مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور أخي

3

                    ترجمه من الفرنسية: مصطفى أنور والحسين بوالزيت اوماست
Du complexe au mythe: déconstruction de l’image politique d’Okba Ben Nfiaa     
                                    للمؤلف حسن بنعقية (تاويزا، عدد 94)

لن أقوم هنا بدراسة تاريخية كاملة لأنني لست مؤرخا، بل سأطور فقط فكرة انطلاقا من التقاء تاريخي، حضاري وثقافي مخل للتوازن بين المشرق (مطلع الجزيرة العربية) والمغرب (الغرب، تمازغا البربرية). سأبحث في الماضي الجماعي وقراءته للحصول على معرفة موضوعية حول تطور مجتمعنا منذ البداية إلى الآن. يجب ربط سياسة التعريب العنيفة والهمجية المعاصرة بالتواجد المشرقي الأول في أفريقيا الشمالية. سأحاول بيان منطق هذا التسلسل: عنف فردي (لرجل حرب) في البداية، وعنف عام من طرف المؤسسات النظامية الحالية.
يعتبر التاريخ الرسمي هذا الالتقاء بين المشرق والمغرب التقاء للسلم والاعتراف المتبادل والأخوة مع أنه قبل كل شيء تصادم عنيف لغويا وثقافيا، هذا الالتقاء الذي يظهر تارة كمزيج بين العروبة والإسلام، وتارة بين الأمازيغية والإسلام. ويبدو من الصعب إظهار العناصر المبينة لكل واحد من العالمين غير أنه من الضروري التذكير ببداية الالتقاء بينهما من أجل توضيح أكثر.
جاءت هذه الفكرة نتيجة قراءتي لنصين أحدهما بيوغرافي حول عقبة بن نافع الفهري، يمدح هذا الغازي السفاح (الملقب بممهد الطريق للعروبة) مدحا يخل بالرواية التاريخية لكثرته، والآخر لبثينة شعبان عنوانه «دروس الرباط» (الشرق الأوسط 29.11.2004)، والذي وصف وصفا حاسما عظمة العروبي «الفائقة» في المغرب حيث المغاربة متفوقون في حبهم للعروبة وكراهيتهم لذاتهم و(الأمازيغية).
من الصعب ترجمة أو شرح الانطباع الأول الذي نشعر به بعد اكتشافنا لهذه الشخصية. كيف يمكن أن تستمر شهرة هذا الاسم الشرقي في الفضاء المغاربي؟ لماذا كل هذه الحماسة في تسمية شوارع وأزقة أفريقيا الشمالية بهذا الاسم؟ وهل يمكن لهذه الوضعية اللاواقعية والمتناقضة أيضا أن توضح ما نسميه هنا بــ»عقدة عقبة»؟ هل يتعلق الأمر بعقدة مفترضة أو مقبولة أصبحت أسطورة؟ وماذا عن النقد أو القراءة النقدية التي يمكن لها أن توضح أن هذه العقدة الأفريقية الشمالية ليست إلا للنيل من «إمازيغن»؟ إن كل عقدة كبيرة ومؤلمة إذا لم تخضع لمعيار، أو تشرح ليتحرر منها العقل تصبح بالضرورة أسطورة تأسيسية للواقع. وهذا صحيح في حالة عقبة، المؤسس للعروبة في شمال إفريقيا.
1 ـ تعريف أول للأمازيغ
حول هذا الاتصال المخل للتوازن يمكن أن نتساءل منذ متى أصبح هذا المستبد الطاغي رمزا سياسيا في أفريقيا الشمالية؟ في الحقيقة كان ذلك منذ أن بدأ النظام المشرقي في المنطقة يؤسس لما هو مشروع بداية (العروبة) ومحرما لما هو غير مشروع (تيموزغا) منتهيا بتبديل لما هو أصلي (propre) بما هو دخيل (exogène).
في البداية لنحاول توضيح هذا الاتصال الأولي «الذي أخذ أبعادا خيالية»، والذي وقع بين المشرق والمغرب في الخيال المكتوب العربي. لقد كتب عنه الكثير ولا شيء في نفس الوقت: وصفه المؤرخون المشارقة على أنه بداية للسلام والحكمة والحب والأخوة على أرض متوحشة يسود فيها الكفر. كما أنهم وصفوا اعتناق الإسلام بكونه تلقائيا ومفيدا، وسهلا وفوريا، وأن كل هذا وقع بفضل ظهور التسامح والأخوة والمشاورة، وعلى أنه بعد أن عرف الشعب الأمازيغي تعدد الديانات من يهودية ومسيحية اعتنق الإسلام بافتخار جسدا وروحا مع الأخذ بالعروبة كوسيلة للخلاص.
كتب المؤرخ الشيح أبوعباس الناصري (حسب الجمان AlJaman): فتحت مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب وخضعت لحكم ابن العاص الذي استقبل ست مجموعات بربرية حلقت رؤوسهم ولحاهم.
ـ من أنتم وما تريدون؟
ـ نريد أن نسلم، ولقد أتينا لأن أسلافنا قد نصحونا بذلك.
فأرسلهم عمرو بن العاص إلى عمر مخبرا إياه بحالهم.
فكانت المحادثة بينهم بمساعدة مترجم كما يلي:
ـ من أنتم؟
ـ نحن ذرية الأمازيغ.
فسأل عمر مساعده:
ـ هل سبق لكم أن سمعتم بهؤلاء؟
ـ (قال كبير قريش): يا أمير المؤمنين، إن هؤلاء البربر هم ذرية بن قالس بن ألان الذي ذهب يوما بعد إن أغضب أباه وإخوته الذين صاحوا عليهم «اذهب! اذهب! (بر! بر!) (يعني اذهب إلى الأراضي القاحلة)
ـ (سألهم عمر) ما هي خصائص بلادكم؟
ـ نحن نشرف الفرس ونحتقر النساء.
ـ (فسألهم عمر) هل لديكم مدائن؟
ـ لا
ـ هل لديكم شرفاء يقودونكم؟
ـ لا
ـ آه يا رب! كنت مع النبي في إحدى الغزوات فلاحظت ضالة جيشنا فبكيت. فقال النبي: لا تقلق يا عمر، فإن الله سيشرف هذا الدين بشعب من المغرب لا يملك المدائن والصوامع والأسواق ولا الشرفاء لقيادته»، فأضاف عمر: «الحمد لله الذي أنعم علي برؤيتهم» فاستقبلهم وجعلهم في مقدمة جيوشه فكتب إلى عمرو بن العاص آمرا إياه بجعلهم في مقدمة المسلمين، فكانت أعدادهم كثيرة.»(1)
إذا فرضنا جدلا أن هذه الرواية صحيحة تاريخيا فإنه يمكن لنا أن نخلص ملاحظتنا كما يلي:
ـ هذا اللقاء الودي والأخوي على عكس اللقاء مع عقبة (المعاصر لعمرو بن العاص) الذي قام بذبح وإحراق وبتر «إخوانه» سكان تمازغا.
ـ إن اللقاء الأول بين إمازيغن والعرب وقع بالسفر الفعلي للشمال الأفريقيين (لزيارة شبه الجزيرة وطلب المساعدة الروحية)، وأيضا من خلال التبادل الرمزي (الترجمة الضرورية)، الشيء الذي يؤكد على مدى اختلاف الثقافتين.
ـ لم تحتو الرواية على أي شيء «إيجابي» يتعلق بهوية الشمال الأفريقي بل فقط على أوصاف «سلبية».
ـ يعتبر إمازيغن أنفسهم من «ذرية أمازيغ» في حين أن الآخرين يطلقون عليهم اسم «البربر» المشتقة من اللغة العربية «بر! بر! أي (اذهب! اذهب).
هذا اللقب الذي يمس بالهوية يصرح حول نوع العلاقة بين الدخلاء والسكان الأصليين. أو فقط مجرد خيال. وتستمر هذه المخادعة (أو المخاتلة) إلى يومنا هذا: فكل ما له صلة بالمغرب فهو دون المستوى وهذا راجع بالفعل إلى رؤية المشرق السلبية تجاه المغرب.
ـ في هذه الرواية أعطى الراوي صورة عن الأمازيغ: يحلق رأسه ولحيته. وهذا يعني التمكن من استعمال المعدن المستعمل في الحلاقة، إلى جانب العادة المتعلقة بالاهتمام بالنظافة المتجلي في عدم ترك الشعر...
ـ إن هذه الرواية تبين أكثر الفرق بين الثقافتين رغم أنه سيقصي شيئا فشيئا من خلالها. إن القطيعة بين العالمين لم تبين ولم توضح. وهذا النص الذي هو ذو صبغة إيديولوجية يحاول تحديد العلاقات بين العالمين نتيجة ظهور الإسلام: يجب على المغرب أن يكون تابعا للمشرق.
ـ يريد المؤلف (كالمؤرخ المغربي الذي استشهد بالنص) تزكية تبعية المغرب للمشرق).
لا ماضي لإمازيغن سوى الذي له العلاقة بالعرب، وعليه التوبة والرجوع إليه، (لكونه كان عاصيا لأبيه ولأخوته) والاعتراف بكون ماضيه «الأصلي». بعبارة أخرى إن الأمازيغي لم يكن إلا ذلك العربي الذي هاجر في حقب ما من التاريخ لكونه كان ملعونا من طرف أجداده.
ـ ينظر العرب إلى الأمازيغ نظرة دونية لكونه ملعونا من طرف «الأب المشترك بينهم». والهدف من هذه الرؤية هو التعريف انطلاقا من ذكريات عمر بهوية (عرق) غامضة ومنحطة، تحمل المشرق النير مسؤولية التكفل بها مع نهج أسلوب الرفض بقبول التنوع والاختلاف.
ـ هذه التزكية تشجع الرأي بكون الإسلام طبيعيا عند الشعوب، ومن جهة أخرى البحث عن الحكمة والحب من طرف هذا الشعب «الشمال الإفريقي».
ـ إن إمازيغن يرفضون ثقافتهم الأصلية (المدائن، الأسواق، الأشراف) أمام الخليفة وذلك احتراما لرغبة أجدادهم بغية الرجوع إلى «الأصل». كيف يمكن لهم أن يحققوا أمنية أسلافهم (إمغارن) في الوقت الذي ينفون وجود الأشراف الذين يرشدونهم؟ هنا نلاحظ تناقض هذه الرواية الهزلية.
ـ من خلال تعريفهم المزعوم المتعلق بتشريفهم للفرس وتحقيرهم للمرأة تظهر سلبية وعيهم بكيانهم أمام الآخرين. لن تكون ميزاتهم فريدة إلا بالمقارنة مع طرق الحياة الجماعية الأخرى، كيف يمكن إذن تطويرها بشكل واضح؟ في الحقيقة فإن الكاهنة دليل مناقض لهذه الميزة التي صاغها المؤرخ بشكل غير موضوعي. وفيما يتعلق بالميزة الأولى المتعلقة بتربية الفرس فهي صحيحة. فالنصوص التاريخية القديمة، خاصة هيرودوت في «التحقيق L’enquête» عبر بشكل واضح على هذه الحقيقة: اشتهر إمازيغن بكونهم مروضين وأفضل صانعي عربات الحرب.
ـ أن الخليفة عمر كان يجهل تاريخ إمازيغن (يفترض أنه رجل عارف)، هذا التاريخ الذي أساء إليه شيخ مساعد بأقواله الغير الدنيئة والعنصرية.
ـ في البداية ظهر الخليفة وكأنه يجهل تاريخ إمازيغن، إلا أنه تذكر بعد ذلك ما قاله النبي (ص) عن هذا الشعب الذي سيساهم في نشر الإسلام. هؤلاء البربر الذين لا يملكون ثقافة ولا حضارة، سيصبحون أفضل جنود للإسلام (تحت قيادة الآخرين لكن في الصفوف الأولى في ميدان المعركة) وهذا مستمر: الموت والتضحية دفاعا عن قضايا الآخرين.
ـ من جهة أخرى، فالنص عبارة عن إدانة لأسلوب حياة وقيم. فنبذ المدائن (ثقافة) والأشراف (المعرفة) والأسواق (الاقتصاد) هو بمثابة دعوة لغزو الغرب. والسوق الذي تسود فيه مبادلات هامة عبارة عن نظام سوسيو– اقتصادي هام.
ـ إن المؤرخين العرب لا يهتمون بتاتا بالموضوعية، إذ أن لديهم عقدة الانتصارات والبطولات الممجدة والأسطورية حولت إلى تاريخ مكتوب تطل عليه الأجيال المتتابعة، مما أدى إلى ترسيخ الأسطورة والخيال، وبالتالي النقطة التي يدور حولها تاريخ الغرب الأمازيغي والمتعلقة بفكرة «مشرق العرب الملعونين والمغضوب عليهم». ومن هنا جاءت الأسطورة التي أريد من خلالها شرح لغز «أصل» إمازيغن تاريخيا! وحسب هذه الفكرة التي هدفها الحط من قدر هؤلاء فإن إمازيغن مخطئون ومذنبون في حق آبائهم (العرب)، في حين أن علاقة هؤلاء (أي العرب) بالأجداد تتسم دوما بالعطف والاحترام. من هنا أيضا أتى الإحساس بالتفوق لدى المشارقة في علاقتهم مع «المغرب».
ـ يشكك الراوي هنا بشكل عام في قيمة إمازيغن «الثقافية والرمزية» كما فعل الغزاة المسيحيون عندما شككوا في الصفة الإنسانية للهنود Les indiens (الهندي عندهم بمثابة حيوان). فاللقاء (التصادم) الحضاري يمس بالتوازن بكشفه عن عمق الاختلاف.
إن الرواية غير صحيحة (خاطئة) لكونها جاءت عن طريق المنقول المتوارث وتشدد على التفوق والامتياز العرقي وهي بالتالي تؤيد الطبيعة القوية والناشئة التي تتصف بها العلاقة بين المشرق والمغرب. وفي هذا الصدد فإن رحلة المغاربيين إلى مصر المحتلة، وبعد ذلك إلى المشرق تبين مدى التدرج «الإداري» عند العرب...
ـ وأخيرا فإن هذا الالتقاء الأولي «الخيالي» دعم قصة عقبة التي جاءت على شكل نكتة وتأويلات مختلفة، الغرض منها النيل من قيمة (الشعب الأمازيغي) عند الغزاة العرب، هؤلاء الذين أتوا فيما بعد لنشر العقيدة الإسلامية. جذب الانتشار الغير الشامل لهذه العقيدة في بلاد المغرب المقاتلين المتعطشين إلى الغنائم والنساء. وكنتيجة لهذه العقدة الجديدة فإن السكان الأصليين أمام أمرين جديدين: الإسلام واللغة العربية.
كباقي الشعوب المستعمرة فإن إمازيغن أخذوا في النهاية بالإسلام ولكن لم يأخذوا بسهولة اللغة (وسيلة التواصل) لأنهم يملكون لغتهم الأصلية...
2 ـ عقبة: من درس تاريخي إلى التاريخ
لم يكن اعتناق إمازيغن للإسلام سهلا وسريعا لكون الدين الجديد بلغة غريبة عليهم، مما أدى إلى «الفتوحات» الطويلة التي عرفتها أفريقيا الشمالية بغية القضاء على النظام الأصلي، تم خلالها الخلط بين نشر العقيدة والاختطاف والاغتصاب والجري وراء الغنائم والفساد والإجرام. هذا النوع من الغزوات التي جاءت في شكل اجتياح وغارات لم تكن لتساهم في نشر الإيمان أكثر من العنف والإرهاب.
هدف البدو هو الحصول على الثروات في الغرب الأقصى وهذا شبيه بما وقع بأمريكا من طرف المسيحيين. وخلال هذه التجارب المؤلمة هيمنت الفلسفة التي تدعو إلى البحث عن الثروة وراء ذريعة نشر الإيمان والقضاء على السكان الأصليين من أجل تبديلهم بالمستعمرين الغزاة... وانطلاقا من هذا يمكن القول بأن عقبة وكريستوف كولومب من طينة واحدة هدفهم الوحيد هو الدمار والغزو... الشيء الذي يذكر بمقولة شيشيرون Cicéron(2) «تغلبنا على العالم بفضل الدين»... رغم أن أصل كلمة «religio» من relegare (جمع، ضم) أو أمر religare (ربط) فإن هدف رجال الدين والمبشرين هو القضاء على كل ثقافة تخالف ثقافتهم.
ولكن من هو عقبة؟ لقد اتفقت الكتب المدرسية في «المغرب» التي تسيطر عليها الإيديولوجية المشرقية على انه: «قائد عسكري كبير عشائري بالولادة، حامل للتنبؤات، محسن بالحيوانات، باني القيروان (ساحة المعركة) المدينة التونسية، كرس نفسه لنشر الإسلام، و...»
الداعي إلى التيقظ، الإخوة الحب، العدالة والسلام الأبدي بين الأخوة العرب. وتقول أيضا هذه النصوص التاريخية إن اسمه الشخصي يسوده غموض: فعقبة يشرح تارة «بنهاية» و»عتبة» تارة أخرى، إنها تسمية مبنية على شعور مسبق. ويعتقد أيضا أنه كان يريد عبور المحيط حيث سار بفرسه في اتجاه البحر حتى منعت المياه الحيوان المسكين من التقدم أكثر فصاح قائلا: «لو لم يكن هذا المحيط لغزوت الأرض بأكملها». ونسبت إليه كذلك هذه المقولة:»لقد نشرت الإسلام في جميع بقاع العالم»! في الواقع إن إيمانه لم يكن يعني التقوى بل كان مزيجا من الرغبة في الغزو، والذي يعني العنف والقيام بالمذابح باسم الله! إخضاع إمازيغن واضطهاد كل من لم يؤمن بالله يشكلان المهمة المزدوجة التي حملها عقبة لنفسه في شمال إفريقيا في الوقت الذي كان فيه السكان الأصليون منقسمين بين عبادة الأصنام والإيمان بالله (المسيحية واليهودية). يرى عقبة أن غزو هذه الأراضي جهاد في سبيل الله. وهكذا مات وهو يبحث عن «الشهادة» وعمره 65 عاما!
إن اللقاء «العنيف» بين المشرق والمغرب كان مسبوقا بأعمال تخريبية. ففي سنة 646، اتجه المقاتل ابن أبي سار وهو على رأس جيش قوي نحو أفريقيا (تونس) فخرب المدن والقرى في الوقت الذي كانت فيه المنطقة جزئيا تحت الحكم البيزنطي. ففرض هذا الغازي المشرقي على السكان مبلغا ماليا مهما كجزية (3) تدفع إليه طيلة عقدين من الزمن.
وفي سنة 666، جاء غاز آخر يدعى ابن هوادي على رأس جيش مهم فخاض المعارك في شمال إفريقيا وفرض على الناس الجزية كان غرضه الغنائم والعبيد (خاصة الأطفال والنساء). يستعمل الأطفال في تقوية الجيش لمحاربة الأمازيغ الغير المستسلمين، أما النساء فكن يستعملن للمتعة، وهنا يتضح أن كل هذه عوامل مغرية تجذب الغزاة (4) وكان هذا الإغراء كبيرا في ذلك العصر وهذا صحيح كذلك الآن إذ تستمر نفس الأحداث لكن في قوالب أخرى.
دخل عقبة، القائد العسكري الشاب، المشرق، بعد أن كان أسيرا لأبي المهاجر دينار، الحاكم الغير العربي (الأعجمي) على إفريقيا سنة 670. أدت سياسة هذا الأخير إلى إعادة السلام وإخماد الفتن في أفريقيا وكان نتيجة ذلك دخول أعداد كثيرة من الأمازيغ في الإسلام عن اقتناع دون وجود أي إحساس سلبي بتفوق العرب. لم يكن الوضع الجديد ليروق عقبة الذي اشتكى إلى الخليفة.
لقد منح وصول يزيد ابن الخليفة إلى الخلافة، فرصة لعقبة للرجوع إلى أفريقيا الشمالية سنة 628 حيث أصبح حاكما عليها قائلا: «أدركوها قبل أن يخربوها». غير أن لسان حال صاحب هذه الجملة المتعطش إلى الغنائم كان يقول «خربوها قبل أن يدركوها» لكون الأفارقة الذين أسلم جزء منهم كانوا على وشك التحرر من الغزو العربي، وأثر ذلك على الغنائم التي لم تعد تصل حكام المشرق. ونتج عن ذلك اضطهاد عقبة لإمازيغن، هؤلاء الأفارقة الأحرار، الذين كان يحتقرهم حيث كان يلقي القبض على النساء والأطفال لبيعهم في الأسواق المشرقية الشيء الذي من شأنه إدخال السرور على الحكام وترقية عقبة إلى منصب الحاكم فكان الأول في الوصول إلى الغرب الأقصى أي المغرب. وكان في طريقه يحاصر المدن والقرى ويأخذ من كل مدينة يغزوها ثلاثمائة وستين عبدا.
كانت لديه إستراتيجية خاصة به في إخضاع «الكفار» دون أن يحمل نفسه عناء إدخالهم إلى الإسلام وهي:
ـ يهاجم المدن فجأة خلال الليل أو دون سابق إنذار.
ـ لا يحترم الوعود والتعاقدات مع غير المسلمين.
ـ إذلال وإهانة العدو للنيل منه وإخضاعه.
ـ القضاء على الموارد لكي يستسلم العدو.
من بين هذه الأعمال الشنيعة التي قام بها ضد الأمازيغ: قطع أذنا لأمير قبيلة «ودان Weddan»؛ قطع أصابع لأمير «خاور Khawer» أذل وأهان أمير «جرما Jerma» حتى لا يتجرأ مرة أخرى على حمل السلاح ضد العرب. لحسن الحظ فإن هذه الانجازات وردت في النصوص العربية التاريخية التي تشيد بـ»عظمة» هذا المسلم الذي نقل الإيمان إلى المتوحشين. كم من «إنجازات» أخرى لم تذكر ولم تدون؟! هل يمكن القول بأنها انجازات أم جرائم حرب؟ هذه الشريعة أو(النظام)، الموروث من عقبة، لم ير العنصرية في شمال أفريقيا عندما سحبت الأمازيغية بافتخار من المدرسة، ومن وسائل الإعلام، ومن الإدارة ومن المؤسسات لأن الإساءة إلى الكيان الأمازيغي لم يكن عملا يفترض إدانته.
تذكرنا النصوص التاريخية «بالانجازات» الأخرى للمشرقي في شمال إفريقيا. ومن أجل دعم وتوطيد سمة «الصحابي عن طريق الولادة» تعليل إهانته وإذلاله للزعيم الأمازيغي كسيلة واتصف عقبة بكونه صاحب المعجزات:
أ ـ قدرة عقبة على التحدث مع الحيوانات
نسب إليه أنه كان يستطيع التحدث مع الحيوانات وأنه كان يحبها. ويعتقد أنه من خلال قيامه ببناء مدينة القيروان سنة 670 وسط تونس كقاعدة عسكرية للجيوش العربية الموجهة إلى الشمال والغرب طلب من الحيوانات الكائنة بالغابات المجاورة بإخلاء المكان حتى يتمكن من إحراق النواحي القريبة فغادر الأسد والغزال والطير في أمان.
ب ـ قدرته على الأحلام: «السامية»
حيث أنه يقدر على معرفة القبلة. وضعه حلم «سام» في اتصال مع الله الذي بين له اتجاه منارة القيروان. وسمع وفهم الصوت الذي بين له الموضع المناسب.
ج ـ قدرته على معاقبة المغاربي
وصفت هذه القدرة كثيرا في النصوص، ويتعلق الأمر بمشهد الخروف المذبوح. لدى عقبة حقد وضغينة في حق كسيلة وفي حق كل زعيم أمازيغي. وكان هذا الأخير زعيما أمازيغيا ذا تأثير واسع على قبائل شمال أفريقيا وساهم في نشر الإسلام. أسلم خلال حكم ابن المهاجر. مرة، أمر عقبة كسيلة بذبح الخرفان التي غنموها بعد انتصارهم على الأمازيغ، لكن هذا الأخير رأى في الأمر حسب النصوص، التاريخية، إهانة فرفض. وأرغمه عقبة على القيام بذلك مع المسح بيديه على لحيته بعد ذبحه لكل خروف الشيء الذي يعتبر تهديدا في الثقافة الأمازيغية. حذر ابن المهاجر، الذي يعرف الكثير عن التقاليد الامازيغية، عقبة من مغبة استهتاره، دون أن يعير هذا الأخير أي اهتمام لتحذيراته.
يبدو أن هناك ملاحظات وأسئلة يجب طرحها:
إن هذا النص غامض وغير منسجم إذ كيف يمكن لكسيلة تقييم عملية ذبح الأغنام في الوقت الذي قام فيه بمذبحة وسلب ونهب في حق ذوي جلدته بدون أي شعور بالذنب؟... إن الأمر، بالنسبة لنا، يتعلق بثورة ضد هيمنة العرب الذين لم يكن هدفهم سوى إذلال وإهانة العنصر الأمازيغي، الرد الفعلي الذي أتى على شكل إبادة منظمة.
بعد هذه الإهانة والإذلال التجأ كسيلة إلى الرومان واجتمع مع إمازيغن الآخرين الذين هم ضحايا أو أحسوا بظلم المشرقيين فهزموا عقبة وابن المهاجر في معركة وقعت سنة 683.(5) رغم أنه قضي على عقبة فإن عملية التعريب بالقوة والعنف استمرت. ويعتبر موت عقبة التي كثر ذكرها في الكتب المدرسية (رجل تقي قتله الخونة الأمازيغ!!!) الذنب الأول الذي أقدم عليه إمازيغن في خيال هذا المشرق المهيمن. وكفارة هذا الذنب عملية معلقة ودائما في الانتظار... إنه ذنب عظيم في حق سيد عربي من الواجب كفارته، وهذا الواجب ضروري وسائر المفعول إلى يومنا هذا.
وكان طارق بن زياد، الذي نظم حملة عسكرية سنة 711 في اتجاه شبه الجزيرة الإبيرية، أول من قام بهذه الكفارة (6). إنه النتيجة الأولى لعقدة عقبة: إنسان خاضع ومخلص يموت في خدمة العرب (الذين أعدموه في النهاية).
وأخيرا فإن عقبة لم يكن هو العامل في إسلام أي شمالي إفريقي، فهل يمكن لإيمازيغن قبوله كمخلص من الظلمات؟
3 ـ عقدة عقبة
يجسد عقبة التفوق العرقي للعرب في أفريقيا وإليه ترجع مسؤولية إذلال السكان الأصليين في المنطقة، هؤلاء الذين قاوموه ليس رفضا للإسلام، بل رفضا لهيمنة الغزاة. ونتج عن هذه السياسة التي اتسمت بالعنف إما المقاومة الكلية (ويكون هنا الأمازيغي المقاوم المناهض لهيمنة العرب ذلك الشخص الذي يرفض الإسلام ولا يستحق إلا الموت)، وإما القبول والرضا (وفي هذه الحالة فإن الأمازيغي يرى نفسه من السلالة العربية وبالتالي فإنه يمكن له استرداد مكانته باحتلال الصفوف الأولى في الجهاد) (رواية الجمان). وهناك مجموعة ثالثة وهي ستعاني أكثر من التعريب تتكون من إمازيغن المترددين بين النقطتين. ويشكل كسيلة خير مثال لهذه المجموعة. فهو قام ضد ذوي جلدته وبذلك قطع صلته بهم وبعد ذلك أباد الأتقياء المسلمين ففقد الجنة إلى الأبد. ومن هنا أتت تناقضات ومعاناة الإنسان الشمال الإفريقي التي من الصعب تجاوزها. هل هذه العقدة بمثابة «ظاهرة» في أفريقيا الشمالية؟
تصاب كل مجموعة بشرية تعرضت لصدمات نفسية بعقد نفسية إلى الأبد نتيجة حادثة تاريخية مؤثرة سلبيا على السلوك الجماعي، هذا السلوك الذي يرسخ كتابة فيما بعد تبعا لوجهة نظر سياسية معينة. لم ينفرد الغزو العربي بهذه الظاهرة بل ساهمت فيه كل الغزوات التي بترت إفريقيا. يوضح هذا الموروث التاريخي نوعية السلوك السياسي لإمازيغن الذين يخشون التعبير عما في أنفسهم وإلا فإنهم يقومون بذلك بشكل غير مباشر و( بلغة الغير). وبعبارة أخرى فإنهم يقعون في تعبير الغير آخذين بهوية غير طبيعية. هذا ليس تعبيرا عن النقص بل «التنقيص» كما لا يدل على أي إحساس تلقائي بذنب اقترفوه إلا أن تصرفات الغزاة تسعى إلى ترسيخ هذا الإحساس المرضي. إن هذه العقدة تحول دون القدرة على الاعتزاز بالنفس، وكنتيجة لهذه الصدمة فإن الأفريقي الشمالي يعيش واقعا متناقضا مع كيانه ويتجلى في كونه يرى «الأنا» كما لو كانت «ضد الأنا» وأن هذا الأخير جزء من هويته التعريفية، الشيء الذي يحول دون الاعتراف أو التعرف على كيانه. إن هذه العقدة تقف حجرة عثرة أمام كل محاولة في التواصل والتعبير والتدبير، وبالتالي فإنها تحدد العلاقات مع الآخر خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخارجية. يعيش الأمازيغي نوعا من القلق والغم في علاقته مع ذوي جلدته خوفا من الفراق: يلومهم ويعاتبهم لتخليهم عنه لوحده ليواجه الخطر السائد.
وتتجلى هذه العقدة كذلك في الانشغالات اليومية حيث تستحوذ الأخبار المتعلقة بالحوادث «البعيدة»، خاصة في المشرق على اهتماماته وتنسيه المأساة المحلية التي يعيشها. والغريب في الأمر أن بعض مقالات بثينة شعبان تشيد بكل سذاجة بهذا الواقع. كما يتجلى الأثر السلبي لهذه العقدة لدى الأحزاب المغاربية التي تراجعت عن الاقتراحات الديموقراطية... تأملوا على سبيل المثال هذه المقولة الشهيرة: «لن تكون هناك ديموقراطية في العالم العربي طالما ظلت فلسطين محتلة»! وفي حياتنا اليومية المعاشة نلاحظ أن «أمغار» (الذي كان في الماضي المسؤول والحكيم والنير تحول بسبب هذه العقدة الأليفة الى «شيخ» أو»جراي» (المرشد، المتربص والمدبر لكل محاولة ديموقراطية) الخ...
نرى الخصائص المميزة لعقدة عقبة كما يلي:
ـ مشكل الهوية.
ـ التلنيش والعقاب الذاتي Auto lynchage et autopunition
ـ الحكم السلبي على الذات
ـ احتقار الذات
ـ البحث عن إرضاء الآخر أو التعلق به
ـ عدم إمكانية إبداء الرأي أو الرفض أمام الآخر.
ـ انعدام الشعور أو الإحساس عندما يتعلق الأمر بأمازيغية الفرد
ـ عدم وجود الأمان، الخ...
تظهر من خلال هذه الأحداث عقد مختلفة وأفكار غير معلنة تميز المجتمع «العربوفوني» في شمال أفريقيا. ويوظف إمازيغن هذه العقد بشكل جيد لكونها تشكل تهديدا لمقاومتهم! ويعتقدون أنهم سيبطلون مفعولها بهذه الطريقة لكن ليس على المستوى الرمزي.
عقد «مشرقية» أخرى تظهر بسهولة في «المغرب الكبير» وعلى أشكال مختلفة... لتصبح أسطورة تأسيسية. وهكذا يتطور نوع من التبادل بين هذين القطبين في خدمة العنف الهوياتي؛ فكسيلة ملعون في كتب التاريخ لكونه يمثل مقاومة وصدا لاغتصاب الهوية.
وهناك أسئلة كثيرة أخرى تتعلق بغزو العرب لأفريقيا الشمالية.
4 ـ أسطورة عقبة
ما مفهوم الأسطورة؟ يقول لفيس ستراوس Levis Strauss إن ما يميز الأسطورة هو أنه في حالة التعرض لمشكل ما يتدخل الخيال لإعطائه تفسيرا كما لو كان هذا المشكل كباقي المشاكل ا»لأخرى الكوسمولوجية، الذاتية، الأدبية، القانونية، الاجتماعية، الخ وإعطاء تعليل شامل للكل (7). تنتشر هذه في كل مكان مسببة للعنف تجاه كل ما هو أصلي. في الحقيقة هي عبارة عن رواية ذات طبيعة دينية تحكي عن أحدا ث بعيدة في تاريخ «الفتوحات»(8). يرى مرسيا إلياد Mercia Eliad أن الأسطورة كقصة مقدسة تحكي حادثة وقعت في زمن معين، رمز أسطوري «للبدايات»(9). لقد وقف الزمن الأمازيغي مع مجيء عقبة كما تغير الفضاء إذ قام الغازي بإعادة تشكيل الزمن لكي يلائم مساره المحدد الفريد(10) فأصبح هذا التصور للزمن يومية فريدة في أفريقيا الشمالية، هذا التصور لمرور الوقت الذي يرى بعين مشرقية.
يعتقد أنه من خلال هذه الأسطورة يمكن تجاوز التناقض بين المشرق المهيمن والمغرب المهيمن عليه. وهكذا ظهرت أسطورة سمو ورفعة المشرق وفي الوقت الذي ينتشر فيه الإسلام بين السكان الأصليين تتقلص الهوية وتنمحي وينتشر الأجنبي ويتأصل، فأصبح لمفهوم الهوية معنى آخر، حينئذ أصبحت جزءا من الأجنبي ومن العروبة مما أدى إلى ظهور «ديناميكي» لرموز أجنبية. إن حيوية هذه الأسطورة تجاوزت المادي الملموس إلى تصورات ميتافيزيقية وبالتالي فإنها كجزء من الحقيقة الميتافيزيقية يلقن للعالم. من الواضح أن «قدسية» هذه الأسطورة التي هي أقرب إلى العروبة منها إلى الإسلام تتسم بكونها نوعا من الاستثمار «الإيديولوجي» الغير المألوف أو الغير القابل للفهم.
لكون الأسطورة ذات طابع ثقافي فإنها تعرف من خلال الثقافة في أشكال مختلفة. وهنا يمكن تعريف عقدة عقبة على أنها إحساس لا شعوري تسير في بالإنسان مجرى الدم وتظهر في حركاته وسكناته الواعية أو اللاواعية. وهكذا فإنه بإمكان هذه الأسطورة تنظيم ومناقشة وتوطيد وعقلنة حياة الإنسان الشمال أفريقي اليومية. بما أنه ليس في أسطورة عقبة أي خطاب عقلاني فإنها تلتجئ إلى التعليل الغير الشرعي تاريخيا. وهذا شيء ضروري للعربي في شمال أفريقيا بحيث أن هذا التذكير أو التعليل «التاريخي» يخلق في السكان الأصليين الإحساس بضرورة الامتثال والخضوع المتواصلين؛ يمكن تقليدها، واستثمارها في خطاب يدعم شرعيتها. فكل عمل سلبي أو مدمر للأمازيغية يخرج إلى الواقع هذه العقدة القديمة المدفونة في اللاشعور، الشيء الذي يجدد ويقوي مفعول الأسطورة.
إذا كانت العقدة تفهم عن طريق مرجعيتها بالموضوع فإن تأثيرها يقع سواء على العربفوني أو الأمازيغفوني، وبالتالي فإنه يسهل التكييف مع هذه الفكرة نتيجة الحتميات اللاشعورية. ويصبح تكرار صنيع عقبة (التعريب بالقوة والتغريب) شيئا طبيعيا، منطقيا ولا جدال فيه. وجاء غزاة آخرون «ليعمقوا» هذا الصنيع أو العمل الذي قام به عقبة لكي يظهر تحت اسم «الولاة» (الطاعة للسلطان) مع موسى بن نصير و»تأسيس الدولة» وإدريس الأول. وأدت هذه الأسطورة إلى الإلغاء النهائي والفعلي لتصارع الأفكار بين القطبين المتباينين. هكذا كان عقبة المؤسس للفكرة الأسطورية «المغرب العربي» وأسس مدينة القيروان (ساحة الحرب) التي هي بالفعل حسب المفكرين أساس العالم المغاربي.
تجسد هذه الفكرة التأسيسية القوة الأبدية وتعطي المصداقية لمؤسسة «العقابية». إنها غير إنسانية وتخلق أعمالا «خيالية»، غير ممكنة أو غير منطقية. إنها تتهم: إنها تذكر باستمرار [إمازيغن «الخونة» و»المجرمين» مما يؤدي في بعض الأحيان إلى استثناءات في الكيان (11).
5 ـ هيمنة أسطورة عقبة التأسيسية
إن الماضي يشرح الحاضر. هل توجد مؤسسة في شمال أفريقيا تحمل اسم كسيلة أو الكاهنة؟ ساد هذا النوع من الفكر الأسطوري في كل مكان، ويمكن القول إن هذا النفي أو الغياب يشير إلى أنه في زمان ما، وقع تقارب عنيف بين المشرق والمغرب أدى إلى استمرارية الروح المشرقية في شمال أفريقيا على حساب الشمال أفريقي الذي ليس له إلا أن ينسلخ عن هويته الطبيعية.
يتجلى تأثير هذه العقلية الموروثة (التي تسعى إلى الإطاحة بالأمازيغية) على جميع الأشكال. إنها تجربة جماعية تتكرر بدون انقطاع. فالأحزاب السياسية والمؤسسات، والإدارة، والقوانين، والدستور، والمدارس... كلها قامت بالدرجة الأولى على هذا الأساس. إن القائد العربي يجسد بصفة عامة هذه الحقبة الأسطورية حيث يتم غرس العروبة بشكل ميكانيكي في بلدان شمال إفريقيا. وتم الخلط بين الانتماء العرقي والإرث الإسلامي الكوني، الشيء الذي منح المصداقية لتأديب كل ما هو أصلي وتبديله لكونه قاوم النظام الدخيل.
تستر التعريب مع عقبة وراء عملية نشر الإسلام وكان لهذه العملية دلالتان في العلاقة بين المشرق والمغرب، وهي دلالتا الحضور والغياب. يتجلى الحضور في تجسيد استمرارية تعريب الأفريقيين الشماليين، أما الغياب عندما يصبح هذا المشروع مستحيلا سياسيا كما هو الحال بما يسمى «وحدة المغرب العربي». ولكون تونس البلد الذي استقر فيه عقبة، فإنها البلد الأكثر تأثيرا بمشروع التعريب الذي أريد من خلاله تغيير طبيعته الحقيقية. يعتبر عقبة الرائد أو ممهد الطريق للتعريب في شمال أفريقيا. وتتطور هذه الأسطورة يوما بعد يوم وفي كل مكان. إنه عمل يتكرر بإلحاح ويتم عن طريق العنف. ويمكن القول بأن الغزوات الأولى (التي تشبه الحملات الصليبية!) بدأت في شمال أفريقيا إلا أن هذا لم تعترف به كتب التاريخ. لقد تقاتل المسيحيون والمسلمون فيما بينهم على إمازيغن مما جعل هؤلاء ينسون أنفسهم باستثناء الرحل منهم الذين حافظوا على الهوية الأمازيغية الحرة الكاملة ولم يقدر على إخضاعهم المسيحيون ولا المسلمون. وحتى الكنيسة القوية المتأثرة بكتابات وأفكار الأسقف الأمازيغي سان أوكيستان Saint Augustin لم يكن لها تأثير كامل على السكان الأصليين الذين انجذبوا نحو الدوناتية donatisme . ومن جهة أخرى فإن مجيء عقبة العنيف المتشدد الذي كان مستمرا في الخيانة وبتر وتقطيع أنوف وآذان وأصابع إمازيغن لم يتمكن من النيل منهم: لقد اختار الأفريقيون الشماليون المذهب الخارجي.
يعتبر كل من يريد إظهار الحقيقة في شمال أفريقيا في هذه الأيام على أنه ضد الإسلام: كمحاولة لتأسيس حزب سياسي يدافع عن تراث إمازيغن، الدفاع عن حق التعبير بتمازيغت، ترجمة القرآن إلى اللغة الأم لإمازيغن، التحدث عن الهجوم المتوحش العربي وتهميش السكان الصليبيين الخ...
هذا الرفض لرؤية الحقيقة موروث منذ عهد عقبة المعرب والرافض للاختلاف. لقد شاد الجميع بالخطاب العروبي للأحزاب السياسية وجمعيات حقوق الإنسان وطبقة الانتلجانسيا (المفكرين)، هذا الخطاب الذي هو وليد الأحداث البعيدة والقريبة أثناء الغزو»العقابي». – إن التكفير عن الخطر بالنسبة لهم ضروري – يجب تزوير الحقائق وتزويد الناس بالأكاذيب لاستمالتهم- ظهور مشهد يبين عرقين متباينين، عرق راق ومتفوق وآخر عكس ذلك: الأول أقحم نفسه للقيادة (أي للسيطرة والهيمنة) - وادعاء وكذب في زي الحقيقة من ورائه جعل الآخر ينفي نفسه وينبذها لكونها مصدر الضلال. أما غيره فهو الجنة. هذه هي المعادلة المؤسسة للواقع. – بالتالي فإن أسطورة عقبة، هذه الأزمة المفتوحة على الغرب (وبالدرجة الأولى على شمال أفريقيا وفي هذه الأيام على أوربا وأمريكا) استمرت في تصاعدها الحلزوني، إنها بين «هنا» الجهنمي و»هناك» الفردوسي... يبدو أن الإيمان لا يضمن وحده كما تضمن اللغة هذا السفر أو الرحلة من «هنا» إلى»هناك»، من الجحيم الدنيوي إلى الجنة الأخروية التي طالما يحتاج إليها الملعونون.
في الختام
ربما كان هذا النص حول اللقاء بين المشرق والمغرب واقعيا أو كما قال كلود ليفي ستراوس «مرآة مكبرة» (أنظر خاتمة La potière jalouse) لأن الضرورة تدعو المشارقة الغزاة إلى نفي وجود المدائن، والأشراف والأسواق ولو كانت موجودة في الواقع من أجل إضفاء الشرعية على عملية الاحتلال والدمار. إذن فإن المشرقي يريد تأسيس مدينته بتعيين أشرافه واستغلال الأسواق المغاربية وإعادة البناء حسب نظرته. لم يكن قصدنا لندعو إلى ضرورة تعميم هذا التعريف»التاريخي» كشرح ملائم لشخصية «الشمال الإفريقي». ومع ذلك فإن السعادة الكاملة لشعب ما، مشرقيا كان أم مغاربيا، تكمن في عدم الجهل بنفسه. نحاول مراجعة التاريخ وإعادة النظر فيه لنقول إن العرب لم يكونوا محررين. إنهم اعتبروا شمال أفريقيا خالية، بل لم يكن في عادتهم محاولة فهم هذا العالم العاري في نظرهم الشمولي.
يجب رؤية البداية مع مجيء عقبة: قبله كانت شمال أفريقيا في فوضى لامتناهية!!! يعتبر وصوله بداية لتواصل حقيقي خاصة ذو أصل لغوي. ولنتذكر من أعماله تلك التي يطغى عليها العنف والقهر... لماذا لا يمكن لنا التحدث في هذا الموضوع بالإمبريالية اللغوية العربية في شمال إفريقيا كما نتحدث بالإمبريالية اللغوية الأوروبية في أمريكا؟ وأخيرا، لهذا الإرث المتعلق بأسطورة عقبة دور في تحريم ومراقبة كل إرادة في شمال أفريقيا تسعى إلى الاعتراف بذاتها، واكتشاف هويتها وفي تولية المشرق كسيد شرعي على عالم تنتهي حدوده على المحيط الأطلسي.
الإحالات:
(1).أبوعباس الناصري، الاستقصاء، مجلد1 دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997 ص: 130
(2).Cicéron, de Har. Resp
(3).تعتبر»الجزية» هم الغزاة العرب الوحيد قبل الاهتمام بنشر الإسلام نفسه فلقد أمر سكان برقة الليبية (22هجرية) بتأدية جزية ولوان ذلك سيقتضي بيع أولادهم وبعد ذلك فرضت على إمازيغن توات، وهكذا... وبإسلامه فإن الأمازيغي لم يود هذه الجزية الثقيلة ولم يتعرض لأي اعتداءات جسدية ولكنه لن يعرف الإسلام إلا بمقابل ضريبة نقدية.
(4).السيوطي، «تاريخ الخلفاء» ص:221
نذكر هنا من بين العديد من الاعترافات السلاطين ما قاله عبد الملك بن مروان (كل من يرغب أن يأخذ جارية للمتعة فليختر بربرية، كل من يرغب أن يختار جارية للإنجاب فعليه أن يختار فارسية، وكل من يرغب في جارية لمزاولة الأعمال فعليه أن يختار مسيحية)
(5).يمكننا إضافة هذه الأحداث في سنة 683 قام كسيلة بطرد الجيوش العربية من أفريقيا دون أن يعتدي على المسلمين بما في ذلك الأسرى (أطفال، نساء، وشيوخ) بل أمنهم. توفي سنة 686 في معركة ضد العرب قاومت الكاهنة (تهية) الغزاة بعد كسيلة وتوفيت في معركة ضدهم سنة 695. ويقال حسب النصوص التاريخية أنها سلمت أطفالها للغزاة!!!! وفي سنة 704 نهج موسى بن نصير سياسة أخرى في افريقيا الشمالية وهي «الولاء» وهي السياسة المتبعة الى الآن.
(6).انتهى نشر الإسلام في شمال أفريقيا في القرن الحادي عشر الا أن عملية التعريب استمرت بدون أية نتيجة (منذ اجتياح قبائل بني هلال ويني سليم) حدد الكثير من كتب التاريخ في 150000 عدد العرب في القرنين السابع والثامن خلال الاجتياحات الأولى وفي 200000 الهلاليين الذين أتوا من العربية خلال القرن الثامن.
(7).Claude Levis Strauss et Didier Eribon, De prés et de loin, Edition Odile Jacob, Paris,1988,p.194
(8).أصل كلمة mythe أسطورة من الفعل الإغريقي «muthein» (يتكلم، يتحدث) ومن الاسم «muthos» الذي يعني الكلام وبعد ذلك الحكاية المتواترة.
(9).Mercea Eliad, le mythe de l’éternel retour, Gallimard, Paris, 1969
(10).كانت السنة الأمازيغية قبل الاجتياحات والغزوات في انسجام مع طبيعة الشمال الأفريقية (أنظرM.P Nilson, Primitive Time Reckonning,Lund, 1929,)
(11).في حالة ما أرغم إمازيغن على اعتناق أساليب خارجية فإنهم يلتجأون الى التشدد ك: «الدوناتيزم» Donatisme في تعاملهم مع المسيحيين أوو»الخارجيزم» (مذهب الخوارج) ضد المسلمين المضطهدين...

 

4
وهنا تستوقفنا العديد من علامات الاستفهام. ما هو السبب في استمرار منع الأسماء الأمازيغية في عز المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مع العلم أن هناك حالتين منعتا أواخر يونيو ,2007 واحدة بالقنيطرة اسم "سيمان"، والأخرى بتزنيت سيفاو؟ لا سيما أن المغرب سبق له أن وقع على اتفاقية حقوق الطفل التي تنص في مادتها الثانية على "تحترم الدول الأطراف الحقوق الموضحة في هذه الاتفاقية، وتضمنها لكل طفل يخضع لولايتها دون أي نوع من أنواع التمييز بغض النظر عن عنصر الطفل أو والديه أو الوصي القانوني عليه أو لونهم أو جنسهم أو لغتهم". أما المادة السابعة فنذكر. "يسجل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في الاسم والحق في اكتساب الجنسية". هذه الظاهرة أثارت الرأي العام الوطني والدولي إذ تضمنتها تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية لأوضاع حقوق الإنسان في العالم، وأشارت إلى منع الأسماء الأمازيغية في المغرب. كما سبق أن أصدر المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بيانا طالب فيه اللجنة العليا للحالة المدنية بالتراجع عن منع المواطنين من حقهم في اختيار أسماء أبنائهم تماشيا مع ما تنص عليه مبادئ حقوق الإنسان، كما جاء في المذكرة التي رفعتها المنظمة المغربية لحقوق الإنسان إلى الوزير الأول. من جهتها اعتبرت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان والعصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان في بيانهما هذا السلوك انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان بالمغرب. الجمعيات الأمازيغية بدورها لم تتوانى عن انتقاد هذا القانون، حيث أصدرت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة بيانا بتاريخ 23 يونيو 2007 تجدد فيه مطالبها الرامية إلى حل اللجنة العليا للحالة المدنية وإلغاء كافة القرارات السلبية الصادرة عنها عبر رفع الحظر العملي عن الأسماء الأمازيغية.


5
أدب / رد: أتساءل....؟!
« في: 15:02 21/07/2007  »
 برابو ....برابو
.........................................
كلمات سلسة
.............................................
و التساؤل لا بد منه
......................................
التساؤل ممهد الطريق
.......................................
التساؤل شرط من شروط الحياة
                         

6
أدب / رد: حبّ بلا أمل
« في: 15:11 27/06/2007  »
..............................................


ماأصعب ان تحب من لا يحبك

.............................................

محنة عذاب قساوة

.............................................

حب من طرف واحد لا معنى له

..........................................

7
أدب / "بوراس فاقد الامل"
« في: 18:46 05/06/2007  »
     

    عندما يفقد الإنسان نفسه,تعزف الرياح ويرقص المطر, وأما السماء
فإنها ترفع يداها إلى القريب, راجيا منه أن يخفف من الالام.
    الحصان يطير,وكل شيئ مرير,لأنه افتقد الأمل,افتقد الإبتسامة,اه...
عن زمن الأوهام.
   كم من شيء تمناه الإنسان لنفسه،وكم من من شيء تحول الى الجحيم،
هذه  هي سنة الحياة، كم من اسد مات، كم من  كتكوت  ولدت ،وهذه هي
سنة الحياة.
  نعم.سوف احقق أمنيتها ولو أنني لا استطيع ولكن سأتظاهر بأنني حققت لها
الأمنية.

8
بقلم: محمد حداوي (عين اللوح، إفران)

ولد ميتا و لم ير النور، أعدوا له مهدا فكان له لحدا إذ قذفت به أمواج يمّ تامازغا إلى ساحل الغرباء. لم يدرك القوميوقراط أن التي خرج من رحمها هي تلك الحسناء الفاتنة التي اختطفت غدرا وزوّجت قسرا وحُوّل قصرها قبرا لا تستطيع أن تبرحه شبرا. لم يعقل غلاة القومية أن تامازغا لم ولن تنسى من انتهك عرضها واغتصب أرضها وشتت شمل إخوانها ولم يدخر جهدا في إقبار بطولات وملاحم أجدادها. أبدا لن تغفر الحسناء لمن عاث في الأرض فسادا وكتم أنفاس العباد وجعل أيام الفرح أيام حداد.

 ثلاثة عشر عاما والهلوسة تلازم مخيلات مريدى الزاوية الأرسلانية، فتراهم في شطحاتهم يداعبون طفلا في الخيال، يبتاعون له قصص داحس والغبراء في المواسم والأعياد، ويقيمون له كل عام حفلة ميلاد ويحسبونه حيا وهو في عداد الأموات. فلهم ولأمثالهم قال الشاعر:

 لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادي

ثلاثة عشر عاما وهم يبايعون ويباركون إمارة "المغرب العربي" على أرض تامازغا من ليبيا شرقا إلى أمور ايضان غربا. غريب أمر أصحاب الوجوه الشاحبة! إننا نشفق على بلادتهم كما أننا لا نود أن نزعجهم وهم غارقون قي سباتهم يغطون غطيطا جريا على عادة أهل الكهف. علاوة على ذلك عمل العروبيون على وضع خاتم في سبابة تامازغا يحمل عبارة: "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية"، أو ما يطلق عليه اختصارا: R.A.S.D بلغة موليير، مما يوحي ويحيل فونيتيكيا على كلمة "رصد" في العربية. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه الجمهورية الوهمية ما هي إلا كيانا/فيروسا تم زرعه في بلاد تامازغا لينخر جسمها الموشوم بالحسن والجمال ويعمل (هذا الكيان/الفيروس) كجهاز تنصت استخباراتي على غرار كيان بني صهيون. لقد حاولت ولازالت تحاول العشرة الأرسلانية جاهدة إضفاء صفة العروبية على موطن الأمازيغ ضدا على التاريخ والجغرافيا والمنطق، حيث عملت كل ما في وسعها لترسيخ أسطورة "المغرب العربي" في أذهان شعب أخذ منه القهر اللغوي والثقافي والهوياتي مأخذا. علاوة على ذلك دفنت الأمازيغية في مقبرة النسيان والحرمان وهي حية ترزق، إحياء لعادة الوأد التي ورثوها أبا عن جد من عرب ما قبل الإسلام. لكن الغربال لا يحجب الشمس، وشمس الحق ليست من عتمة الظلام في شيء. فسرعان ما يولي ليل التزييف والتزوير أدباره ويسقط قناع الافتراء.

إن شمال إفريقيا مهد الأمازيغية، كانت ولا تزال وستظل مفخرة الأمازيغ. فبالرغم من محاولات الطمس والمحو وتقتيل العادات والتقاليد والأعراف، لا زال هذا الشعب الأبي المقدام كالنسر فوق قمم الأطلس والهكّار وتيبيسي لا يبالي بنعيق الغربان، يحرس الجبال والسهول والوديان ويتنفس أريج زهور تامازغا. إن عرب الخليج يدركون تمام الإدراك أن المغاربة ليسوا عربا، مما يجعل العروبيين في مفترق الطرق، ويُظهر بشكل جلي أن مسألة القومية ما هي إلا حصان طروادة يستغله القوميون بشكل مكيافيلي لكسب عطف شيوخ عشائر البترودولار لقاء ثمن بخس من دولارات معدودة. إنه الاستجداء والتسول بأسمال عروبية، وللناس فيما يعشقون مذاهب.

وفى الختام أدعو كل العروبيين إلى الإسراع بتسجيل أنفسهم في مدرسة تاريخ الشعوب العريقة لكي يعرفوا هل هم عرب أقحاح أم عرب بالتبني، أم عرب من الدرجة الثانية، أم عرب بالتبعية، أم غير ذلك. وكذا ليعرفوا هل عبارة Made in Orient التي ألصقوها بعقولهم،  هي علامة هوياتية أصيلة أم لقيطة؟

9
المنبر الحر / ما قاله روسو صح
« في: 00:36 04/06/2007  »
        يعتبر روسو من رواد نظرية العقد الاجتماعي le contrat social ، إن كانت نظريته قد شكلت مرحلة حاسمة وأساسية في تطور فلسفة الحق وتجذيرها في الوعي الإنساني ، يرفض روسو فكرة هوبز حول طبيعة الإنسان العدوانية ، فهو يؤكد على الطبيعة الخيرة للإنسان وهي تشكل المرحلة الزمنية حيث عاش الإنسان في نوع من العدالة والمساواة وغياب الظلم والسيطرة ، والناس في هذه المرحلة كانوا أحرارا ، وبالتالي فتنازل الناس عن حريتهم وحقهم الطبيعي ليس لخروج من حالة الحرب الدائمة كمال حدد هوبز وإنما بسبب التطور الحضاري الذي يميز الإنسان كونه كائن قابل للاكتمال والتحسن ، فالإنسان ظل يطور وجوده حتى وصل إلى مرحلة المدنية التي قيدت حريته أخرجته من وضعه الطبيعي .
فروسو يرفض فكرة أن تأسيس الحقوق كان نتيجة لنزع الحرية الطبيعية ، لان قبول الناس بالسلطة العليا إنما لحماية حقوقهم وليس لنزعها ، وقد حاول روسو إيجاد أسس جديدة للحق في ضوء التطور الحاصل فكان أساس التعاقد ، عقد لا يلغي الحقوق أو التنازل عنها، وإنما العقد يجسد الإرادة العامة المركبة من مجموع الإرادات الفردية، وبالتالي يصبح أساس الحق هو الشعب نفسه .
فالانتقال من حالة الطبيعة إلى حالة التعاقد معناه الانتقال من حق القوة إلى قوة الحق ، من العيش من خلال الغريزة إلى العيش وفق قواعد العقل والمجتمع، وان كان الإنسان يفقد بعض الامتيازات التي كان يستمتع بها من الطبيعة، لكنه يصبح سيدا لنفسه وبدل أن يبقى سجين شهواته سيصبح سجين مؤسسات سياسية مع فرق بسيط هو إنه اختار سجنه بنفسه .
بروز أفكار العقد الاجتماعي، وان كانت بمضامين متباينة ل روسو لوك ، هوبز ، مونتسيكيو ) جسدت بعمق النظرة الجديدة للمجتمع والإنسان بالتأكيد على أن الاحتكام إلى الحق كقانون بفرض سلطته على الجميع ، وكإعلان عن الانتقال من مرحلة حق القوة إلى قوة الحق انتقال لتأسيس مجتمع مدني كمجتمع محكوم بالقانون لا بالقوة .مناقشة التصورات الفلسفية حول أساس الحق يحيلنا الى طرح تساؤل آخر حول مصدر شرعية الحقوق وكذا أساس قوتها ؟
 

10
أدب / لا تغيبي عني
« في: 17:45 12/11/2006  »
لا تغيبي عني...
فأنت ضلع من جسد
وعرق من عروقي
فأنت أميرة مملكتي
لا تكوتي قاسية عت رعيتي
لا تغيبي عني...
صوت غريب ينادي
في هاجسي,بصوت عالي
لا تغيبي عني...
نعم وردة في عصرنا الحالي
وهذا إعتراف مني
بإسمك الجميل أغني
وإليك أكتب شعري(تحت عنوان)
لا تغيبي عني...
من قبل لت أكن أعرف طريقي
وها أنا عرفت بداية دربي
فمن قبل لا طموح ولا هدف لي
ها أنت أصبحت  هدفي
لا تغيبي عني...لا تغيبي عني...
في حلبة السباق أجري
وعشرات من عدائين بجانبي
أنت هي جائزتي
لا تكونين لأحد من غيري
سوف أثرك آلاف بجانبي
بأرادتي...بعزيمتي
لا تغيبي عني...

11
نظراً لكثرة التساؤلات عن الأمازيغ (البربر)، وما يقصد باللفظ مازيغ أو بربر لغوياً، رأيت أن أكتب وأحاول الإجابة عن بعض هذه التساؤلات.
عرفت الشعوب المحيطة بالقارة الأفريقية الشعب الأمازيغي (البربري) منذ أقدم العصور، وكانت بين الأمازيغ وباقي شعوب هذه المنطقة علاقات تجارية وسياسية واسعة.
المصادر التاريخية ذكرت أن الأمازيغ سكنوا شمال أفريقيا منذ العصور الحجرية القديمة واستمرت حياتهم حتى هذه اللحظة، وهو ما تجلى في الرسومات والنقوش الصخرية التي تملأ الصحراء الكبرى، مثل التي توجد في منطقة زيغن زنككرا وبرجوج وجبل إنفوسن وتاسيلي… الخ. وهذه المناطق أغلبها توجد داخل ليبيا، وهي تعود إلى العشرة آلاف سنة الماضية، وخلال الستة آلاف سنة تحول الأمازيغ إلى منطقة النيل في أرض مصر وأسسوا حضارة النيل وهي أول حضارة إنسانية.
وعرف الأمازيغ في تلك الفترة بعدة أسماء وهي حسب الوجود القبلي مثل قبيلة الليبو أو الريبو، والتحنو والمشواش.. الخ، ومن وجهة نظري أرى أن الحروب التي كانت بين المصريين وقبائل الليبو والتحنو والمشواش إنما كانت حروبا بين الأخوة لغرض السيطرة على منابع النيل، وكانت حروبا بين القبائل المتحضرة والبدوية، وأن القبائل المصرية هي قبائل أمازيغية، وأن لفظ فرعون هو لفظ يطلق حتى على ملوك باقي القبائل مثل الليبو والمشواش مثل ما كان عليه الفرعون الملك شيشنق، وكان في الديانة المصرية الأمازيغية القديمة الفرعون هو الرب و هو الملك المطلق.
ولدي ملاحظة حول لفظ فرعون وهي أن حرف العين دخيل عليه وهو مستحدث، والأصح يكتب (أفراون)، لأن حرف العين والحاء والضاء حروف لا توجد في اللغة الأمازيغية، وبالتالي في اللغة المصرية لأنها لغات حامية وهي تختلف عن اللغات السامية الشرقية.
في اللغة الأمازيغية توجد عدة ألفاظ أرى أنها لها علاقة مع لفظ فرعون أو (فراون)، مثل اللفظ (افرن) وهو يعني اقطع أو اقلم، و (افرّان) أي القاطع وأن القطع والفتك هي من صفات الملوك والجبابرة، والفرعون معروف بهذه الصفات، واللفظ (إفار) أي حلق وسما إلى أعلى، والسمو من صفات الآلهة، و(افّر) بمعنى اختبئ والاختباء يكون من الخوف أي خوف الناس من الفرعون، ... الخ.
أما في الفترة الإغريقية فقد أطلق اسم ليبيا للدلالة على الأمازيغ، والذي شمل كل منطقة شمال أفريقيا، وهذا حسب ما استعمله المؤرخ الإغريقي هيرودوتس في القرن الخامس قبل الميلاد، ومع غزو العرب لشمال أفريقيا أطلق اسم "البربر" على الأمازيغ.
واسم "البربر" عند المؤرخين قديماً وحتى الآن لم يتبينوا من أين أتى ليطلق على البربر، هناك من ربطه بالرومان باللفظ (barbari) أي القوم المتوحشين الهمج، وهناك من ربطه بالعرب وقال إن أول استعماله أتى بعد الغزو العربي لأفريقيا، ربما بسبب أعجمية اللغة الأمازيغية حسب قول بعض المؤرخين العرب من قول: ما أكثر بربرتكم.
حسب ما جاء في لسان العرب لأبن منظور قال: البربرة كثرة الكلام، وقيل الصياح، وقد بربر إذا أهذى، وأيضا البربرة الصوت وكلام من غضب، وقد بربر مثل ثرثر، وقال بربر التيس للهياج أي صاح، وأيضا قيل البربر جيل من الناس إنهم من ولد بر ابن قيس بن عيلان، وقال ولا أدري كيف هذا!!، والبرابرة الجماعة منهم، وعن الفراء قال البربري الكثير الكلام بلا منفعة.
ولكن ابن حزم قال: هذا باطل لا شك فيه، وما علم النسابون لقيس ابناً اسمه بر أصلاً، ولا كان لحمير طريق الى بلاد البربر، إلا في تكاذيب مؤرخي اليمن.
في هذا الطرح أرجع اللفظ (بربر) إلى اللغة الأمازيغية، وليس له علاقة باللغة العربية وإنما أخذ منها، وفيما يلي سأشرح اشتقاقات هذا اللفظ وكيفية انتشاره في اللغة الأمازيغية.
توجد ملاحظة حول الإبدال في اللغة الأمازيغية لا بد من التحدث عنها هنا، لكي نوضح كيفية الإبدال والنحت، وهي تخص مجموعة من الحروف لها القابلية في التبادل مع بعضها فقط، وتتمثل في (w، g، j، b، d، y)، وكذلك وجود البدل بين حرف (r) و (l)، وسنذكر بعض الأمثلة فيما يلي : ـ اللفظ (berber) يعني التكلم بصوت عال، في الأصل هو (ber)، وله صورة أخرى هي اللفظ (werwer) يعني السرعة في الكلام وبصوت عال، في الأصل هو (wer)، ومنه اللفظ (werwer) أطلق على بندقية الصيد لقوت صوته، واللفظ (gerger) يعني الضحك بصوت عال وأصله (ger)، منه اللفظ (gur) وهو صوت ذكر الحمام، واللفظ (derder) للتكلم بكلام غير مرتب وأصله (der)، ومنه اللفظ (adrar) هو الجبل وهذا بسسب ارتفاعه، و (belbel) تطلق على صوت الجدي عند مطاردة العنز و الهياج، و اللفظ (gel) ويعني الحلف وهو برفع الصوت، و اللفظ (welwel) التكلم بصوت عال، ومنه أتى اللفظ (awal) أو (awar) إي القول، و (siwel) بمعنى ناد والمناداة طبعاً بصوت عال، وبسبب الارتفاع في الصوت والجسم أطلق على الأسد لفظ (war)، ولفظ (tawla) إي الحمّى وهو يسبب ارتفاع الحرارة... الخ.
أضف إلى هذا اللفظ (iberber) يطلق على الجرح الذي به انتفاخ وارتفع عن سطح الجلد، واللفظ (yebber) أو (yewwer) وهما بمعنى مغلي من الغليان، والغليان هو ارتفاع للشيء المغلي، واللفظ (abarar) يطلق على الشيء الضخم، ومع وجود النحت في الألفاظ (aberkus) وهو فحل الشاة، و(aberzuz) وهو فحل الأرانب، و (aberni) وهو الصقر، و (aberwal) وبصور أخرى (agerwal) المنقلب، وانقلاب الشيء هو السفلي يكون علويا.
أما الاسم ماريغ لغويا وحسب تفسر كثير من المؤرخين ومن كتبوا في معناه، فقد ذكروا أنه يطلق على الإنسان الحر، ولكن بدون إي إسناد لغوي أو تاريخي.
ولكن ما وصلت اليه من أفكار لغوية حول هذا اللفظ، قد تغير من المفهوم السائد لدى الكثيرين، في البداية سأبدأ في تفكيك اللفظ (مازيغ) إلى قسمين، القسم الأول هو حرف الميم وهو في الأمازيغية عند دخوله على الفعل يقوم بتحويل الفعل إلى اسم، مثلاً اللفظ (مادن) والذي يعني الغطاء وهو من الفعل (ادن) إي غطي،... الخ.
والقسم الثاني من اللفظ مازيغ هو (زيغ) والذي يعني اعتقد من الاعتقاد في الدين، وأحيانا يكتب (زيغن)، وأيضا يكتب (إزغ) والأصح هو (إزيغ) وهو في إحدى اللهجات بمعنى "أو" أو ربما، و مع وجود منطقة في الجنوب الليبي تسمى (زيغن) وهي توجد بها كثير من رسومات ما قبل التاريخ ربما تكون لها علاقة بالاعتقاد والدين، ومن هذا التحليل يكون الاسم مازيغ يطلق على الإنسان المتدين والمعتقد بالدين، ونحن لا يغيب عن أذهاننا من أن حياة الأمازيغ مليئة بالمعتقدات والديانات وكثرة الإلهة التي عبدوها، وحتى الآن مازال البعض من الأمازيغ يقوم بهذه الطقوس والمعتقدات.
وكذلك اللفظ (زازغ) وهو يطلق على طوق مصنوع من خيوط جلدية تدخل فيها عدة أنواع من العقيق، و قشور الحلزون، ويعلق حول الرقبة، وفي اعتقاد الأمازيغ قديماً أن كل نوع منه له فوائده، منها من يعمل على جلب الرزق والمال، ومنها من يعمل على الإخصاب، ومنها من يعمل على زيادة الحليب عند المرأة،.... الخ.
وحسب ما ذكر في كتاب التاريخ الليبي القديم (تقول الأسطورة إن الناسمونيين هم أمازيغ سكنوا الشرق الليبي كانوا يعتبرون العقيق حجرا سماوي الأصل وكانوا يخرجون للبحث عنه عندما يكون القمر بدراً.
اللفظ (زازغ) في الأصل كان (سازغ) مثل اللفظ (يسنز) تحول إلى (يزنز) أي باع بسبب الإبدال بين السين والزاي، وحرف السين عندما يدخل على الفعل يحوله إلى أداة الفعل، أي سازغ هو أداة الاعتقاد أو التدين والتقرب إلى الآلهة، ومازغ تعني الإنسان المتدين.
وأضف إلى ذلك اللفظ (الصيغة) أو (السيغة) وهو يطلق على الذهب والفضة، ونحن نعرف أن الفضة التي تلبسها النساء الامازيغيات قديما كلها ترمز إلى معتقدات وآلهة، منها الخميسة والقرون والحوت والمثلثات التي ترمز إلى آلهة تانيت... الخ، وهو نفسه اللفظ (سيغ) الذي يعني أشعل، وهو في الأصل كان يطلق للتعبد في المعابد، وبسبب ذهاب الأمازيغ إلى المسجد أو المعبد أو المعمورات والتي هي حجرات صغيرة مبنية من الأحجار، وكانت قديما تستعمل لعبادة الآلهة الأمازيغية القديمة مثل تانيت وامون.... الخ، ولغرض إشعال النار ومنها صار اللفظ زيغ أو سيغ ليدل على الضوء.
خلاصة ما سبق أن اللفظ (بربر) و (مازيغ) في الأصل هي ألفاظ أمازيغية تجمع بين معنيين، الأول (بربر _ berber) وهو يتعلق بالارتفاع أو التعالي، والضخامة والانتشار، ويتم التعبير عن هذه الأشياء باللسان الذي يصدر الصوت، وسبب تسمية (بربر) أن هذه الأمة العريقة كان لها شأن عظيم في العصور القديمة وقوتها وتعاليها يرجع إلى حضارة الأهرام في مصر، ومن معنى الضخامة والانتشار بسبب كثرة وانتشار الأمازيغ في شمال أفريقيا.
اللفظ (بربر) هو أمازيغي والأصل منه هو (بر) وهذه هي الصورة البدائية لهذا اللفظ منذ ظهور الألفاظ، وقبل أن تدخل عليه الحروف المتحركة، لهذا اللسان الأمازيغي كرر اللفظ لكي يكون بصورة متكاملة عند النطق ويسهل نطقه.
أما اللفظ مازيغ أطلق بسبب الاعتقاد والتدين، ونحن لا ننسى حياة الأمازيغ القديمة والتي كانت تزخر بالطقوس وكثرة المعبودات، وعرف الأمازيغ عبادة الحيوانات، وعبادة الظواهر الطبيعية مثل الآبار والأشجار والتلال والحجارة الكبيرة والسحب والعواصف والقمر والشمس والنجوم والسماء، ومن الأشياء المحرمة لديهم لحم البقر ولحم الخنزير، هذا في المراحل البدائية وبعد ذلك تطورت طرق العبادة إلى عبادة الآلهة ومنها الإله آش حسب النقوش في المعابد الفرعونية، والإلهة شاهيدد، والإله سينسفير، وبوسيدون إله البحر، وإله بسافون، وقرزول إله الشمس، والإله زيوس أمون، وهو كبش أمون المقدس، وتانيت.... الخ.
المراجع:
ــ قادة فتح المغرب العربي... تأليف محمود شيت خطاب.
ــ التاريخ الليبي القديم... تأليف عبد اللطيف محمود البرغوثي.
ــ لسان العرب... تأليف ابن منظور.
ــ القاموس الأمازيغي... محمد شفيق.

 
Copyright 2002 Tawiza. All rights reserved.
 
 

12
أدب / رد: الحب عمق
« في: 03:30 23/10/2006  »
الحب عمق
............
من الذي يعرف معنى"عمق"؟
.........................
الحب شيء غير مادي
............................
عمق وصف بلا برهان
......................
الحب أصبح الكل يتحدث به
.........................
لا أعرف السبب
........................
إذن على حق
................
الحب عمق
                          شكرا جزيلا
                           محمد بوراس

13
إنني مضرب عن البكاء
فمن منكم يحب البكاء
فالرجال لا تبكي
و يا اسفاه
سفاح أصبح زعيم الزعماء
سفاح جلاد جبار...
أصبح عظيم العظماء
على حساب من؟
بل على حساب دم الفقراء
الفقراء...الكرماء...
نعم...على حساب الضعفاء

إمتنعت عن البكاء
لأن الحاكم كان عميل العملاء
إمتنعت عن البكاء
لأنني لا أحب الغناء
سجنت
لأنني كتبت قصيدة الهجاء
تحت عنوان:
كفى من النساء
يا أمير الأمراء

إمتنعت عن البكاء
لأن الأحرار لا تحب الحذاء
فمن منكم يحب الحذاء
والضعيف تحت الحذاء
غدا سأبكي البكاء
لأنني فقدت زمن الأقوياء
وها أنا أشاهد ولادة زمن جديد
زمن الأوغاد و الأغبياء...
الزمن الجبناء

أني مضرب عن البكاء
فمن منكم يحب البكاء

14
أدب / القصيدة لا تقلقي
« في: 19:43 21/10/2006  »
تمهلي فلا تقلقي
تريثي فلا داعي لقلق
اني لا اخشى من المناجق
مادام الحريق يشب في الحدائق

لا احب العوائق
ما دام الحق في طريقي
لا احب النفاق
مادام الحق رفيقي

الحزن ليس صديقي
مادمت اتحدى الصواعق
ساركب الزوارق
واتحدى الغرق
والفشل للغرق

صفحات: [1]