عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - اثرا كادو

صفحات: [1]
1
في الذكرى الثامنة والأربعين لرحيل العلامة الخوري يوسف كادو

أثرا كادو
 

الكثير من أبناء القوش، وخاصة الكبار بالعمر قد سمعوا عن الخوري يوسف كادو (والمعروف بخوري كادو) ومنهم من حضر مجلسه الألقوشي الذي كان يرتقي الى مستوى المنتدى لما كان يطرحه الخوري من حِكَم ومعلومات طبية وتاريخية وعلمية وغيرها.
ولكن لو بحثنا في الكتب وعلى صفحات الأنترنت لا نرى كثيراً من المكتوب عن الخوري كادو، ونحن بدورنا لا نحمل الكثير من المعلومات عنه، عدا ورقة بمعلومات مختصرة عنه، وأوراق أخرى بموضوعين تذكر بعض التفاصيل عن حياته إستذكاراً لذكرى الأربعين (صلاة الأربعين) لوفاته، غير معروف كاتب أي منها، وسأذكر للقارئ الكريم بعض المعلومات التي أعلمها، وبعض المذكور من قبل بعض الكُتّاب من أبناء القوش وأبرزهم نبيل دمّان، وذلك لإستذكار هذا الرجل الشجاع والعلامة في ذكرى رحيله الثامنة والاربعون.
ولد الخوري يوسف كادو في القوش (5 آذار سنة 1892)، وهو ابن منصور (المعروف بـ"رابي مـﭽـو" 1846- 1929 والذي هو الشماس منصور سمعان كادو والد كل من استر وأسوما وﮔـوزيه وكتي والخوري يوسف ومليكي وعيسى والشماس ميخا، كان معلماً ومدير مدرسة لتعليم التلاميذ - مدرسة مار ميخا النوهدري، يعتبر بحق مؤسس المدرسة الحديثة في البلدة. اشتهر بشدته وقسوته مع الطلبة، وادخل عقوبة الفلقة لهم. مارس ايضا مهنة ساعور الكنيسة حتى عام 1908).
وخلّف الشمّاس ميخا كادو بعد أن تزوج گوزيه يلدكو (التي كانت المعروفة بجمالها الأخاذ) كل من: آسيا، فيرجين، سورية، نوئيل (توفي عندما كان عمره أقل من سنة)، منصور [والد كل من: منقذ (الذي رحل عنّا بحادث أليم) مهند، مرشد، مربد، ساناي وأثرا – كاتب المقال]، ونجيبة.
دخل الخوري يوسف المعهد الكهنوتي البطريركي في الموصل سنة 1908. سيّم كاهناً على يد السعيد الذكر البطريرك مار عمانوئيل الثاني في 27 حزيران سنة 1915. خدم في القوش. وكان معلماً في مدرستها ثم مديراً (في إبتدائية القوش، أول مدرسة رسمية في القوش، بعد أن أصبحت ألقوش ناحية سنة 1918). وكان كاهن جماعة. ومن مآثره  أيضاً تأسيسه لأخوية قلب يسوع في القوش. وهناك الكثير من القصص التي تحكى شجاعته وبطولاته في الوقوف أمام كل ما كان يحاول المس ببلدته القوش، وعرف ايضاً عن حكمته في التعامل مع أمور البلدة وأهلها.
إنتقل إلى بغداد بعد أن عيّن للخدمة في فيها سنة 1926. وكان فيها كاهن جماعة. ومرشداً للراهبات. ومرشداً لجمعية الرحمة الكلدانية. وحاكماً في المحاكم الكنسية. ووكيلاً باطريركياً.
عرف بعلمه وقدراته في ميدان اللغات (السريانية، العربية، الفرنسية والإنكليزية) والتاريخ والدين وأصوله وقواعده، وفي الطقس الكنسي.
وكذلك معرفته بطب الأعشاب، حيث كان يعلم بدواء لكل داء، وقد اورثنا البعض منها ولازلنا نمارسها ليومنا هذا، إذ علّم الكثير منها للعمة ريجو حنا عازو، وبالتالي إلى والدتي سعيدة عيسى يلدكو، كما ويذكر الكاتب نبيل يونس دمّان في مقاله "الطب الشعبي في القوش":
"كثير من كتب يونس أودو آلت إلى بيت كادو واستفاد منها الخوري يوسف كادو، ويعرف الكثيرون حيازته لكتب الأعشاب، حيث استخدمها في القوش وبغداد، كما وعرف الخوري بإدارته الجيدة وبمواقفه الشجاعة عندما تقتضي الضرورة".
رحل الخوري يوسف كادو عن هذه الحياة الوقتية وإنتقل إلى الحياة الأبدية في 20 أيار 1971 ببغداد.
قبل أن نعرض للقارئ الكريم الوثائق التي أتيحت لنا في أرشيف العائلة، والتي هي عبارة عن ثلاثة كتابات، أولها نبذة مختصرة عن حياة الخوري، والإثنتان الأخريتان هما نعي وتفاصيل عن حياة الخوري كادو وأعماله خلال حياته، نطلب من كل من يحمل أي تفاصيل أو قصص، ورقية كانت أم محكية، أن يزودنا بها لكي نجمع المعلومات الكافية عنه، لغرض نشر كتاب أو كتيّب عن حياته ومنجزاته وبطولاته دفاعاً عن أبناء القوش وأبناء رعيته في بغداد، والتي نعلم القليل منها، ولم نتأكد بعد من تفاصيل العديد منها، كما ونطلب من كنيستنا الكلدانية بشخص غبطة الكاردينال مار لويس ساكو والمطارنة الأجلاء والآباء الأفاضل في بطريركية الكنيسة الكلدانية أن يسمحوا لنا بأن نتفقد مكتبته الثمينة، أو ما تبقى منها، علّنا نستطيع أن نجد شيئاً نستنسخه ليُستفاد منه، إن كان من الجانب الطبي، العلمي، الديني أو اللغوي.
نعرض للقارئ الكريم الوثائق الثلاثة التي نحتفظ بها:
1- سيرة ذاتية مختصرة عن الخوري يوسف كادو (غير معلوم كاتبها):
فقيد الكنيسة والطائفة الخوري يوسف كادو
- ولد في القوش في 5 آذار سنة 1892.
- دخل المعهد الكهنوتي البطريركي في الموصل سنة 1908.
- رسم قارئاً في 15 أيار سنة 1909.
- نال درجة الشماس الرسائلي (ܗܝܘܦܕܝܩܢܐ) في 21 أيلول سنة 1913.
- نال درجة الشماس الإنجيلي (ܡܫܡܫܢܐ) في 28 أيار سنة 1915.
- سيم كاهناً على يد السعيد الذكر البطريرك مار عمانوئيل الثاني في 27 حزيران سنة 1915.
- خدم في القوش من سيامته الكهنوتية حتى سنة 1926. وكان معلماً في مدرستها ثم مديراً. وكان كاهن جماعة. ومن مآثره تأسيسه لأخوية قلب يسوع في القوش.
- عيّن للخدمة في بغداد سنة 1926. وكان فيها كاهن جماعة. ومرشداً للراهبات. ومرشداً لجمعية الرحمة الكلدانية. وحاكماً في المحاكم الكنسية. ووكيلاً باطريركياً.
2- سيرة مختصرة عن حياة الخوري يوسف كادو (غير معلوم كاتبها) في الذكرى الأربعين لرحيله:
في ذكرى العلامة الخوري يوسف كادو
ودعت الطائفة الكلدانية بقلوب ملؤها الأسى والحزن ركناً من أركانها الذين أسهموا في بنائها طيلة نصف قرن ويزيد ذلكم هو الفقيد الخوري يوسف كادو الذي عاجلته المنية يوم الخميس 20 / 5 / 1971 (يوم صعود السيد المسيح إلى السماء) وهو يؤدي واجبه الديني في دير الإبتداء لراهبات الكلدان في الزعفرانية، فشق نعيه على أبناء الطائفة الكلدانية بصورة خاصة وعلى كافة الطوائف بصورة عامة لما لهذا العلامة من باع طويل في خدمة الفقراء والمعوزين دون تفريق أو تمييز.
لقد خدم الفقيد الغالي طائفته أكثر من نصف قرن بكل تفاني وإخلاص. ونكران ذان دون ملل أو كلل مضحياً بكل ما لديه في سبيل إسعاد الآخرين.
سيّم كاهناً في سنة 1915 وانتقل إلى بغداد وكرس حياته لخدمة الدين وخدمة أبناء الطائفة، وإرتقى درجة الخورنة وأشغل نيابة الباطريركية مدة طويلة ورئاسة المحكمة الروحية، وكان مثالاً صالحاً لكل ما عهد إليه من أعمال.
كان رحمه الله سمح الطباع غيوراً محباً للخير أباً للفقراء والمعوزين قاضٍ لكل حاجاتهم مجنداً نفسه وكل طاقاته لخدمة الإنسانية.
لم يدخر لنفسه شيئاً بل وزع كل ما لديه للفقراء ولبيوت الله.
وقد شق نعيه على كل معارفه وبكاه الجميع بكاءً مريراً وودعوه بالحسرات إلى مثواه الأخير في كنيسة مار يوسف أسكنه الله فسيح جناته وألهم طائفته وآله وذويه جميل الصبر والسلوان ولتكن سيرته أمثولة خيرة نقتدي بها في هذه الحياة الزاخرة وسلام على روحه الطاهرة في جنة الخلد آمين
صلاة الأربعين
سيقام قداس جنائزي في الساعة الثامنة في كنيسة مار يوسف خربندة وذلك في الساعة ....... من يوم الجمعة المصادف 25 / 6 / 1971 عن روح الفقيد الراحل الخوري يوسف كادو، تقبل التعازي للرجال في الجمعية الخيرية الكلدانية خربندة وللنساء في دار إبن أخيه منصور كادو في الدورة.
3- نعي وسيرة مفصلة في ذكرى الأربعين لرحيل الخوري يوسف كادو (غير معلوم كاتبها):
في ذكرى الأربعين
للعلامة الخوري يوسف كادو
فقيد الكنيسة والطائفة الكلدانية
ودعت الطائفة والكنيسة الكلدانية بقلوب ملؤها الحزن والأسى، يوم الخميس المصادف 20 / 5 / 1971، علماً من أعلامها، وعالماً من علمائها الأفذاذ، وراعياً أميناً من رعاتها الغيورين الصالحين، وأباً من آبائها الغيارى، المرحوم الخوري يوسف كادو.
نشأته:
في 5 آذار من سنة 1892، وفي بلدة القوش الأثرية القديمة، موطن البطاركة والمطارنة الأجلاء، ولد الفقيد الراحل من عائلة دينية، ومن أبوين تقيين، وما أن أكمل السادسة عشر من عمره حتى أختير ليكون أحد تلامذة المعهد الكهنوتي الباطريركي في الموصل، حيث دخل المعهد المذكور سنة 1908، وهناك في ذلك المعهد، كان يوسف كادو نموذجاً للخلق والتقوى والإيمان، حيث نال رضاء رؤسائه، وضرب أروع الأمثلة للتلميذ الأكليريكي. ونال في المعهد المذكور عدة درجات دينية حتى يوم 27 حزيران سنة 1915، عندما سيّم كاهناً على يد السعيد الذكر المثلث الرحمة، الباطريرك عمانوئيل الثاني.
خدمته الكهنوتية:
بعد رسامته عيّن كاهناً في مسقط رأسه القوش فكان كاهناً لجماعتها، ومعلماً روحانياً لسكانها، بالإضافة إلى أنه كان معلماً ثم مديراً لمدرستها.
وهنا في بغداد شعر رؤساؤه بالفراغ، وبحاجة إلى شخصية قوية، وقديرة، تتمكن من رعاية الطائفة وخدمة الكنيسة، فوقع إختيار رؤسائه على الفقيد الراحل لما كان يتحلى به من صفات، فنقل إلى بغداد سنة 1926.
بدأ الفقيد الغالي حياته الكهنوتية في بغداد وهو كتلة متّقدة من الحيوية والنشاط، فملأ بجدارة الفراغ الذي كان تشكو منه طائفته وكنيسته، حيث كان يواصل عمله ككاهن وراعي ومربي في مختلف المجالات في بغداد بالإضافة إلى تنقله إلى المدن العديدة لإكمال الواجبات الدينية لأبناء الطائفة وغيرهم، كالحبانية وخانقين، والعمارة وغيرها، ضارباً بذلك أروع الأمثلة في التضحية ونكران الذات، معرضاً في ذلك حياته إلى المخاطر العديدة، ولكن الرب كان في عونه دوماً ويخلصه من كل الصعاب.
كان رحمه الله مثالاً رائعاً للكاهن التقي الورع، وهذه الصفات جعلت رؤسائه يختارونه مرشداً للراهبات ومرشداً لجمعية الرحمة الكلدانية ولسنين عديدة.
علمه:
لا ينكر أحد علم الفقيد العزيز سواء في ميدان اللغات أو التاريخ أو الدين وأصوله وبصورة خاصة الطقس الكلداني، ففي مجال اللغة الكلدانية، كان الفقيد الغالي، عالماً من علمائها، فكان متضلعاً فيها، سابراً خفاياها، معجماً من معاجمها، وكان يقصده مختلف الناس للحصول على معلومات تخص اللغة المذكورة. هذا بالإضافة إلى اللغة العربية والفرنسية والإنكليزية. وكما قلنا عن اللغة كان شأنه في التاريخ، حيث كان للفقيد الراحل إطلاع واسع فيه وخاصة التاريخ الكنسي.
ولم يقل علمه في قواعد الدين وأصوله عما ذكر آنفاً ولهذا عيّن رئيساً للمحاكم الطائفية آنذاك.
ولكل هذه المزايا والأعمال ولغيرها التي لا تعد ولا تحصى – كما قال غبطة البطريرك الحالي - أقول لكل هذه المزايا إختاره غبطة البطريرك آنذاك وكيلاً باطريركياً له في بغداد وتوابعها، ومثل الفقيد غبطته خير تمثيل وبكل جدارة وهمة، ثم أختير رئيساً لخورنة بغداد حيث رقّي إلى درجة الخوري (أركذياقون) من قبل مثلث الرحمة مار يوسف غنيمة.
وبنتيجة الإرهاق والتعب، والعمل المتواصل، إعتلت صحته في السنين الأخيرة مما إضطره أن تجرى له عدة عمليات جراحية، وأخيراً خصص له مركز في دير الإبتداء لراهبات الكلدان، يخدم هذا الدير ويكمل واجباته الروحية، إلى أن وافاه الأجل يوم الخميس الموافق 20 / 5 / 1971 المصادف يوم عيد صعود السيد المسيح إلى السماء.
توفي الفقيد الراحل وكانت وفاته خسارة عظيمة للطائفة وللكنيسة الكلدانية لا تعوّض، كما قال غبطة الباطريرك بولص شيخو في خطابه عندما أبّن الفقيد الغالي.
توفي الفقيد الراحل، وكأن السيد المسيح أبى إلا أن يأخذ عبده الصالح معه يوم صعوده إلى السماء ليقول له، أدخل أيها العبد الصالح والأمين، أدخل معي إلى ملكوت السماء.
توفي الفقيد الراحل، وهو فقير، نعم فقير، لأنه أراد أن يكون كذلك، وليشعر بشعور الفقراء، الذين طالما أحبهم، وأراد أن يعيش عيشتهم وغير بعيد عنهم، وذلك بزهده، فعاش وكأنه لا يملك شيئاً بالرغم من أنه كان يملك الكثير.
توفي الفقيد الراحل، وضرب بوفاته أروع الأمثلة للراعي الصالح، توفي غير مفكراً بنفسه، وبلباسه وبصحته، وبأسلوب حياته، بل مفكراً في بناء الكنائس ونشر الدين والفضيلة، ودعم المعهد الكهنوتي، والأيتام المعوزين وغيرهم.
توفي الفقيد الراحل بعد أن أمَّن أمنيته في الحياة والتي كانت أن تبنى كنيسة على إسمه ومن ماله الخاص كما أعلن ذلك غبطة الباطريرك في خطابه التأبيني للفقيد حيث قال (لقد أمن الفقيد الغالي ذلك وأودع المشروع إلى الباطريركية لتنفيذه بعد وفاته).
فإذهب، إذهب أيها الراعي الصالح إلى عالمك الجديد وأنت قرير العين، ناعم البال هادئه، تاركاً ذكراك العطرة ومآثرك، وأعمالك لتكون نبراساً ونوراً هادياً أمام من يتبعك إلى دار الأبدية، وألف سلام على روحك الطاهرة. آمين.
أخيراً وليس آخراً، نعرض لقارئ الكريم بعض الصور التي يظهر فيها الخوري كادو خلال حياته:


الخوري يوسف كادو في شبابه



من أرشيف جميل كليا


الخوري يوسف كادو في بغداد





   
من اليمين: المرحوم بطرس أودو (إبن أخت الخوري)، الخوري كادو، نجيبة كادو، إبنة المرحوم بطرس أودو، في القدس.

 



في حفل زفاف المرحوم منصور ميخا (إبن أخ الخوري)
الشخصيات الظاهرة وجوهها، من اليمين: منصور كادو، كريم كادو، الخوري يوسف كادو، مريم عوديش، يازي سكماني، باسمة عبيا، نجيبة كادو.




2
هل التسميات ام الافكار هي التي تنحر جسد شعبنا وامتنا ؟
مقال موجه للشباب (أبناء جيلي) الأحبة

أثرا كادو – القوش

أود في البداية أن أوضح للقارئ الكريم، ولأبناء شعبي الأحبة في أركان العالم الواسع بأن هذه الأسطر هي نداء استغاثة أكثر مما هي توضيح أو مقال للقراءة العابرة، لذا أرجو أن يُفهَم بالصورة الصحيحة، لكي نستفيق ونكسر عصا الساطور الذي يقطع شجرة وحدتنا، فجذور شجرة عائلتنا القومية واحدة، كما ان هذه الأسطر تتحدث عن وحدة شعبنا القومية، وليس لها أي رابط بالجانب الديني ولا المذهبي، فأرجو أن لا ينتهي بي المطاف بقراءة تعليقات تقول “نحن مسيحيون وبس…” او غيرها، نعم، مسيحيون ولنا الفخر بذلك، ولكن لنضع كل شيء في رفّه الخاص، فكل أمر له موضوعه ومكانته وقضيته. كما إن هذه الأسطر مكتوبة للقراء الشباب أكثر من غيرهم.

خلال تجربتي التي أعتبرها قصيرة جداً في العمل القومي والتي لا تتجاوز العقد من الزمان، التقيت بأعداد أستطيع أن أقول عنها كبيرة من أبناء شعبنا، بدءً ببغداد وصعوداً الى كركوك وأربيل ونينوى وسهلها ونوهدرا/ إتّوك إلى تركيا وأرمينيا وألمانيا بالإضافة إلى أبناء شعبنا في المهاجر والدول الغربية عبر وسائل الإتصال، توصلت إلى قناعة تامة، وهي بأن ما يفرقنا هي عقولنا وليست التسميات، رغم أن هذا السبب هو نتيجة لأحداث تاريخية طويلة بعراقة تاريخنا، ولكنه اليوم أصبح أحد أدوات التفرقة، وسأوضح ذلك للقارئ الكريم كما أفهمه من وجهة نظري، حيث انني لست بمؤرخ، ولا أختص بالتاريخ، ولكنني فقط أحاول أن اوصل لكم ما أؤمن به من خلال دلائل وبراهين.

دليل منطقي عن أننا شعب واحد :

لو عدنا للتاريخ قليلاً، ونتوقف خلال القرن التاسع عشر (أي ١٨٠٠-١٩٠٠) لوجدنا أن مصطلح القومية، كما طوّر حينذاك (كمصطلح كان موجوداً تاريخياً) قد ترجم وفسّر ووضع على أساس خمسة مقومات، والتي تدعى “مقومات القومية”، وهي : (الأرض المشتركة، اللغة المشتركة، التاريخ المشترك، العادات والتقاليد المشتركة، المصير المشترك)، حيث أن أي مجموعة تشترك بهذه المقومات تعتبر منحدرة من أصل واحد، وهي قومية واحدة تختلف عن نظيرتها بنفس الصفات.

لو فكرنا قليلاً، ولا نحتاج جهداً كبيراً، وفسرنا الكلمات أعلاه كل على حدى، وقارناها بأنفسنا :

الأرض المشتركة : كل الدلائل التاريخية والجينية كما إننا نشهد لليوم بأن هذه الأرض (بلاد ما بين النهرين) كان فيها شعب أصيل، وهو الذي أسس الحضارة فيها، كأول حضارة في العالم، وما زال يعيش فيها إلى يومنا هذا، مع بعض التغييرات الديموغرافية، أي بمعنى آخر، من طور عابدين (جنوب شرق تركيا) إلى جنوب العراق، وشمال إيران شرقاً إلى شمال سوريا غرباً كان يعيش فيها شعبنا وهي أرضه تاريخياً، بغض النظر عن أي تسمية تطلق أي مجموعة على نفسها، وهذا الأمر يدل على أن الأرض موحدة بين هذه المجموعة من الناس.

لنأتي على الكلمة الثانية، ونرى إن كانت مشتركة أم لا (اللغة المشتركة): هنا، سأتكلم عن ما هو إختصاصي، لذا أستأذن نفسي لإطالة هذه النقطة قليلاً، كما هي أحد المحاور التي تؤخذ كنقطة تفرقة وليس توحيد من قبل الذين لا يفقهون باللغة.

لو راجعنا الكتب المكتوبة بلغتنا، القديمة منها والحديثة، العلمية والأدبية والكنسية وغيرها، سنجد في جميعها، وعلى الإطلاق إثنان وعشرون حرفاً (رسماً) أصلياً فقط، ولن نجد غيرها، كما وسنجد أيضاً بأن لدينا ثلاث أشكال نرسم بها الحرف، وأكاديمياً تدعى (الاسطرنجيلي، الشرقي والغربي)، هذه الرسومات هي فقط خطوط وطرق لرسم الحرف لا أكثر، وشبيهتها بالعربية (الخط الكوفي، خط النسخ، خط الثلث وغيرها)، وإن قارنّاها باللغة الإنگليزية ستكون: الخط الإسطرنجيلي هو كالأحرف الكبيرة (كاپيتال ليترز Capital Letters)، والخط الشرقي هو كالأحرف الصغيرة (سمول ليترز Small Letters) أما الخط الغربي فهو شبيه بالمزج أو خط اليد/الكتابة (هاند رايتينگ Hand Writing).

أما القواعد، فهي موحدة بالكامل، في الفصحى، من الفعل والاسم والحرف وكل ما يرتبط بها، وكل مناطقنا لها لغة فصحى واحدة، ويمكن لأي شخص الدخول على أقرب كنيسة ليرى هذا الدليل بأم عينه، أما غير ذلك فهي لهجات، وللتأكد أكثر، ليس علينا سوى أن نجد أصل الكلمة الموجودة في أي لهجة ونجد بأن لها نفس الأصل، مثلاً: بيثا، بيّا، بَيتا، بيشا جميعها من الكلمة الفصحى (بَيثا).

نأتي على الحركات ولفظها: هناك فرق بسيط باللفظ والرسم في الحركات، حيث أن هناك سبع حركات، وجزمت وقلل عددها إلى خمس حركات، بدمج أربع حركات بحركتين (زلاما بشيقا + زلاما قشيا = ربوصو / رواحا + رواصا = عصوصو) وهذا كان لغرض التطوير اللغوي، ولكن يبدو ان ما أبقى على الحركات السبع هو التزام البعض بالتطور الذي حدث، وبقاء البعض الآخر على ما كانوا عليه، وهذا هو أيضاً ناتج عن بعد المسافات وقلة التواصل بين أبناء شعبنا الساكنين غرب الفرات وشرقه، حيث من هنا جاءت تسميتي اللهجتين (الغربية والشرقية).

اللهجات:

كل لغة عريقة يكون لديها لهجات متفرعة من اللغة الفصحى، فلو إستمعنا على العربية، مثلاً، لوجدنا إختلاف في كيفية إخراج الحرف ونغمته وفي الكثير من الأحيان إضافة أو حذف بعض الحروف بين منطقة وأخرى، فالسوري تختلف لهجته عن العراقي، وكذلك المصري وغيرها، وحتى داخل البلد الواحد، مثالاً في العراق، وهذا أمر طبيعي جداً، ولكن، في جميع هذه الدول العربية هناك لغة واحدة، وهي العربية الفصحى، وهذا الأمر ينطبق على الإنكليزية والعديد من اللغات الأخرى، ولو نظرنا بنفس النظرة على لغتنا الحبيبة، نرى بأن لدينا الأمر ذاته، حيث لكل بلدة أو مدينة، تقريباً، هناك لهجة تختلف عن الأخرى، ويزداد هذا الإختلاف قليلاً بين اللهجتين الغربية والشرقية، حيث يوجد إختلاف لفظي في طريقة لفظ حركة المد (زقابا) وكون لغتنا تحتوي على الكثير من الـ (زقابا) في كلماتها، ينتج عن ذلك عند المستمع إلى اللهجتين بأنهما مختلفتان تماماً، ولكن في الحقيقة، ليس هناك فرق، فقط لو ركزنا قليلاً وكان لنا إلمام قليل جداً بالكلمات الأصلية. وإن أحد الأسباب التي أدت إلى عدم إدراك أبناء شعبنا بأن لغتنا لا تختلف عن اللغات العالمية الأخرى وإنها لغة واحدة ولها لهجات هو جهلنا باللغة الفصحى، والتي ندعوها (سَـﭘرايا / سَبرويو – أي الأدبية أو كثوبونويو/كثابانايا – أي الكتابية)، وهذا الجهل باللغة له أسبابه بالتأكيد والعظيمة منها الإضطهاد الذي تعرض له شعبنا منذ آلاف السنين وإلى اليوم، من الجانب الإنساني، السياسي والديني.

التاريخ المشترك : إن تاريخ بلاد ما بين النهرين هو نفسه، وبدلائل علمية وأكاديمية، منذ العهد الأكدي مروراً بالبابلي والآشوري، فلو راجعنا ما كتبه المؤرخين والآثاريين أو زرنا أي من الآثار في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين، لوجدنا المشتركات أكثر من المتفرقات بكثير. كما أننا وشعورياً نحس بأن ما هو مرتبط بنا هو نفس التاريخ، حيث أن المواقف القومية الموحدة كانت تؤخذ مشتركةً بين مناطق شعبنا على الأغلب، وإن ما نظنه مختلف فقد جاء نتيجة للتزوير التاريخي الذي أحدثته الأنظمة الدكتاتورية العنصرية القومية والطائفية الدينية التي حكمت المنطقة، إن كانت عربية أو عثمانية واليوم كردية.

العادات والتقاليد المشتركة: هناك الكثير من العادات والتقاليد التي نمارسها لحد اليوم منها المرتبطة بالإحتفالات والتجمعات وكذلك في الأحزان، فلو ذكرنا على سبيل المثال وليس الحصر، الزواج والدبكات الشعبية، لوجدنا بأن الإختلافات هي بسيطة جداً، وهي نتيجة التأثير من المجتمعات والشعوب الأخرى التي نعيش معها في هذه الرقعة الجغرافية.

المصير المشترك: إن مصطلح “المصير” يعني لغوياً “ما ينتهي إليه الأمر” أي إذا حدث أمر معين في مجموعة معينة من الناس وفي مكان معين، ينتهي الأمر بجميعهم وفي جميع اماكنهم بنفس النتيجة، ولو أردنا أن نقارن ذلك بشعبنا، وعدنا بالتاريخ قليلاً إلى الوراء، ولحد اللحظة، لوجدنا بأن أي تقدم يحدث في منطقة معينة يسكن فيها شعبنا، تتأثر مناطق أخرى بصورة إيجابية، ولو حدثت مأساة في منطقة أخرى، نرى بأن تأثيرها ينتشر على المناطق الأخرى، وآخر مثال على ذلك هو احتلال داعش لمناطقنا التاريخية، حيث لم يأتي ليأخذ أرض أبناء الكنيسة السريانية ولا الكلدانية، ولا الشرقية القديمة أو المشرق الآشورية، بل كان تأثيره على أبناء شعبنا جميعا. ولو فكرنا قليلاً، ولا سامح الله، لو فرغ العراق من أبناء شعبنا، وبقيت، على سبيل المثال، بغديدا، التي يسكن فيها أكبر تجمع لأبناء شعبنا، هل يمكن لأهل بغديدا أن يستمرون في العيش؟ أم إن مصير بغديدا سيكون نفس مصير المناطق الأخرى؟!

إن مقومات القومية هي التي تجزم بشكل واضح وصريح بأن شعبنا واحد، عدا كونه واحداً في الدين، فإنه شعب واحد قومياً أيضاً، فله أرض ولغة واحدة، وتاريخ ومصير واحد وعاداتنا وتقاليدنا واحدة، فأين المتفرقات، عدا التي يزرعها المستفيدين من تقسيم شعبنا، وهم واضحون، وكما يقول المثل: فرق تسد!

أعود إلى النقطة التي ذكرتها اعلاه، وهي أن التفرقة التي بين أبناء شعبنا بسبب التسميات هي نتيجة، واليوم أصبحت سبباً كمبرر للتفرقة، حيث أن هذا الأمر له سوابق تاريخية، بدأت منذ قرون عديدة، وسببها كان من أجل السلطة والسيطرة لا أكثر، إن كان من الجانب الكنسي أو العشائري، ومؤخراً نتج ليصبح مناطقياً وقروياً أيضاً، وجميع هذه الأمور لا تدل بأن شعبنا لديه قوميات مختلفة، فلا المذهب الكنسي هو قومية ولا العشيرة ولا البلدة ولا غيرها! فالمجموعات القومية حول العالم على الإطلاق، منتشرة في مناطق معينة، وهذا أمر طبيعي، فلا يمكن لشعب كامل أن يسكن في قرية أو مدينة واحدة فقط، كما إن لدى الشعوب الأخرى مذاهب دينية مختلفة وفي أحيان أخرى أديان مختلفة، ولكنها شعوب واحدة وقوم واحد، لذا علينا فقط أن ندرك هذا الأمر، وفي حالة معرفتنا بأن أسباب هذه التفرقة ليست بأننا شعب مختلف، بل فقط هي بعض الإختلافات في أوساط شعب واحد، له قومية واحدة.

الإرتباط شعورياً… لو راجعنا أنفسنا وجدانياً، لوجدنا بأن أي خلل يحدث في أي منطقة يعيش فيها أبناء شعبنا نشعر بأن هذا الخلل قد مسّنا إلى درجة معينة، وبالطبع بنسب مختلفة، وهذا يدل على أننا مرتبطون وجدانياً، وبهذا يمكننا أن نجعل هذه النقطة إيجابية نُفَعِّلُها أكثر من أجل الوحدة القومية، وأذكر مثال واحد، ليس للحصر، ولكنه إيجابي فعلاً وحدث أمام أنظار أبناء شعبنا في القوش وتللسقف، حيث قبل سنين، كانت هناك أفكار مناطقية مقيتة بين البلدتين كانت تؤدي أحياناً إلى الجدال وأحياناً أخرى تصل الى نزاعات بين شباب البلدتين، ولكن بعد ما حدث خلال إحتلال داعش لسهل نينوى، وسكن أبناء تللسقف في القوش لفترة معينة، وجد أبناء البلدتين بأنهم لا يختلفون عن بعضهم، بل وكانت النتيجة إرتباط إجتماعي قوي بينهم، وهذا دليل بأننا لا نحتاج إلى الوحدة بل نحن شعب واحد، ولكن ما نحتاجه هو تغيير أفكارنا لا أكثر.

الحل… نظراً لما توصلت إليه والجزء الأكبر منه ذكرته في السطور أعلاه، هو أننا نحتاج إلى تغيير طريقة تفكيرنا، وليس محاولة التوحيد، فلو توحد فكر الشعب فلن يكون هناك أي مجموعة أو جهة تستطيع أن تفرق بينه، وليس هناك أي سبب منطقي مقنع يجعلنا نتصور بأننا شعوب مختلفة.

لذا، وإن سمحتم لي، أود أن اوضح الطريقة الأفضل لتغيير وجهة تفكيرنا، وهي بفهم الأمر المطروح ومن هو الذي طرحه، وليس التسمية التي تذكر، فمثلاً، لو طرح حدث معين ضد شعبنا، فالمهم هو طرح القضية، وليس تحت أي إسم يُطرح، ونفس الأمر يجب أن يكون عند طرح الحل، أو شيء إيجابي، فمثلاً: لو كان هناك عنوان لخبر، لا سامح الله، يقول: تعدي على القوش السريانية، هل من المعقول أن نتصور بأن الإسم هو أهم من الحدث نفسه؟ هل من المنطق أن نهاجم الناشر على طرحه لهذا الإسم، مع إننا لم نذكر هذه المشكلة في أي مكان! فما المشكلة إذا كان هذا الخبر أنتج توقف التعدي على القوش، مع إنه طرح تحت هذه التسمية أو تلك؟ فالأهم هو إيقاف التعدي، وليس ما هو اسم القوش.

ومثال آخر: لو كتب شيء سيء أو معلومات خاطئة عن بغديدا مثلاً، يجب علَّيَّ كإبن هذا الشعب أن أرفض هذا الأمر، إن كان قد لقّب الناشر بغديدا بالسريانية أو الكلدانية أو غيرها، فالإساءة إلى إحدى مناطق شعبنا هي قضية أكبر للتوقف عندها من أن أتحدث عن التسمية!

ولو ذكر أحد حدث أو موقف جيد عن نهله، مثلاً، فأنا أفتخر بذلك، لأن نهله هي إحدى قرى شعبي، بغض النظر عن ماذا لقّبها، إن كانت آشورية أو سريانية…

ولكن ما أتوقف عنده والأهم هو أن تلقّب إحدى مناطق شعبنا بالعربية أو الكردية أو غيرها من القوميات الأخرى غير التسميات التي نستعملها داخل بيتنا القومي (كلداني سرياني آشوري)، كأن يقول: تللسقف الكردية!!، ليس تعنصراً، ولكن إذا قبلنا بذلك، فنتيجته تغيير الهوية القومية لمناطقنا، وبالتالي هويتنا القومية، وسينتج مثل ما حدث في الكثير من المناطق التي تم تغييرها ديموغرافياً، إن كان في العراق أو إيران أو تركيا أو سوريا!

أذكر لكم أمر حدث لي خلال سفرتي في ألمانيا، والتي صادفت قبل دخول داعش إلى سهل نينوى بنحو ثلاثة أسابيع، حيث ليلة دخول داعش إلى سهل نينوى، حاول البعض من أبناء شعبنا في المهاجر أن ينشروا الخبر وفعل ما بوسعهم لجلب المساعدة، وكان هناك خبر في قناة رسمية أوروبية، عنوانه (حسبما أذكر): “سهل نينوى فارغ من الآشوريين لأول مرة منذ آلاف السنين“… هذا الخبر نُشر بعد بذل جهد كبير من قبل مجموعة ناشطين من أبناء شعبنا للضغط على إحدى القنوات الأوروبية الرسمية، لأن الإعلام كان مركزاً على ما يحدث في غزة يومها، وفي اليوم الثاني كانت المفاجئة، حيث إستقبلت القناة العشرات من الإيميلات من مجموعة (سأسمح لنفسي أن أدعوها متخلفة) من أبناء شعبنا يهاجمونهم على ذكر كلمة الآشوريين!!! هل يعقل هذا؟ هؤلاء الذين أرسلوا هذه الإيميلات لم يحركوا ساكناً عندما كان أبناء شعبهم بأيدي أخطر قوة إرهابية، ولكنهم تحركوا عندما قرأوا تسمية أخرى مغايرة لأفكارهم! هل هذا معقول؟!

إن ما يمر به شعبنا اليوم يهدد وجوده قومياً، وبالتالي دينياً، لذا علينا أن نركز على هذه النقطة، وهنا أقول قومياً لأن ارتباط الشعب بأرضه هو أمر قومي وليس ديني، إذ يمكن لأي منّا أن يمارس مسيحيته في أي بقعة في العالم حتى لو لم تكن أرضه التاريخية، ولكن لا يمكن أن نحافظ على قوميتنا (المقومات الخمسة) في أرض أخرى أو في بلدان أخرى، لأن النتيجة دائماً هي الإنصهار القومي في الشعب الأكثر عدداً.

لماذا لا نقول مسيحي، وكما يقول البعض “تُحل المشكلة”؟

جملة تطرح في الكثير من الأوقات، على أساس أن المتحدث يحاول حلحلة الموضوع، ولكن هذا هو أساس المشكلة، وأعتبرها الطريق الأسهل للتهرب من زيادة معرفة المتكلم عن أهم نقطة مؤثرة في وجود شعبنا التاريخي، الجواب لهذا السؤال هو واضح للجميع، ولكن الكثير منّا لا يرغب باستيعابه، هناك مشكلة في ذكر المسيحي فقط، نعم، وكما ذكرت مسبقاً، نفتخر بكوننا مسيحيون، ولكننا لسنا فقط شعب ديني لا حضارة ولا تاريخ له، بل إننا الشعب الذي أسس الحضارة، وهو من كتب تاريخ العالم، وأسس المدن والعلوم والمعارف وكل شيء قبل أن تفكر الشعوب الأخرى حتى بالخروج من كهوفها! كل شعوب العالم لها هويتان، أحداها قومية، وأخرى دينية، ولا تتضاربان، والآن، حتى الهوية الدينية قد تلاشت في بعض المجتمعات، ولكنهم محافظين على هويتهم القومية، لأنها الهوية التي تتمسك بما أنت عليه، وما عاشه أجدادك، وترسم على أسسها مستقبل شعبك في أرضك، لذا يجب علينا أن نعي بأن الهوية الدينية وحدها ليست كافية لتعبر عن ماهيّة شعبنا، بل علينا أن نذكر هويتنا القومية معها، كونهما، وخاصة في الشرق الأوسط، تكملان إحداهما الأخرى. كما إننا لو نظرنا قليلاً إلى الماضي، سنرى بأن إنحصار أنفسنا بالتسمية الدينية قد فتح الطريق للشعوب التي تجاورنا وسياسات بعضهم العنصرية، فتارة يدعوننا عرب مسيحيون، وأخرى كرد مسيحيون! مع إحترامنا لهذه القوميات، ولكنني أقدم وتاريخي أعظم في هذه الأرض، وليس منطقياً أن أقبل بأي تسمية أخرى عدا التي ترتبط تاريخياً وحضارياً بأرضي التاريخية!

عذراً على الإطالة، ولكن هذا أمر له تشعباته الكثيرة، وحاولت أن أقلل عدد الكلمات بالممكن، وأعلاه كان المختصر لها…

وفي النهاية أعود لأوكد بأن ما يفرقنا ليست التسميات بل طريقة تقبلنا لهذه التسميات، لذا علينا أن نقف في خندق واحد معاً ونعرف من هو العدو الحقيقي لشعبنا ونوقفه عند حده، من أجل حرية وكرامة الأجيال القادمة، ومهما كنّا نركز على التسميات وليس اللب، لن يكون هناك يوم نستطيع أن نوقف عدونا الحقيقي من التعدي على شعبنا… ولكم مني أجمل التحايا

القوش – سهل نينوى

3
في زيارته لمعسكر وحدات حماية سهل نينوى، سيادة المطران مار يوحنا بطرس موشي: "هذه أرضكم ما قبل المسيحية وإلى اليوم"
قال سيادة المطران مار يوحنا بطرس موشي مخاطباً المتدربين الجدد: "همنا أن تكونون أنتم الحماة والمحافظين على أرضكم وقراكم وأعراضكم، لأنها أرض آباؤكم من قبل المسيحية وإلى اليوم، ولم تغتصب من أحد".
كما ثنى على جهود الموجودين: "فخر لنا أن نرى أبناءنا قد نبتت فيهم روح المبادرة وتقديم النفس من أجل أرضه".
وأكد: يعتبر الكثيرين بأن ما تفعلونه خطر ومخيف، ووجودكم إذا عبر عن شيء، فهو يعبر عن إيمانكم وإصراركم على البقاء في أرضكم.
 وأضاف: تدريب الجندي هو شيء أساسي لجعل إمكانية ردعه للعدو وحماية أرضه ممكنة، ليعيشوا بأمان واستقرار.
واختتم: بارك الله فيكم، ونطلب من الله أن تدومون موحدين شعب واحد، من أجل الحماية والوصول إلى الهدف الواحد.
وجاءت زيارة المطران مار يوحنا بطرس موشي خلال الدورة التدريبية لوحدات حماية سهل نينوى بمرافقة الأبوين فارس تمس ومجيد عطالله، وكان ذلك بحضور العميد بهنام عبوش والعقيد جواد حبيب، وكلدو رمزي عضو لجنة الجهد العسكري للوحدات وعدد من ضباط الوحدة التدريبية.

صفحات: [1]